ميزان الحكمة (جزء 4) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ميزان الحكمة (جزء 4) - نسخه متنی

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: ميزان الحكمة
المؤلف: محمد الريشهري
الجزء: 4
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: دار الحديث
الطبعة: الأولى
سنة الطبع:
المطبعة: دار الحديث
الناشر: دار الحديث
ردمك: 964-90001-0-0
ملاحظات: التنقيح الثاني : 1416
ميزان الحكمة
أخلاقي، عقائدي، اجتماعي
سياسي، اقتصادي، أدبي
المجلد الرابع
محمد الري شهري

2753
الكتاب: ميزان الحكمة
المؤلف: محمد الري شهري
التنقيح الثاني: 1416 ه‍. ق
التحقيق: دار الحديث
الناشر: دار الحديث
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: الأولى
الكمية: 3000 نسخه
ثمن الدورة: 10000 تومان
الهاتف: 710010 - 710478 - 251 - 98 +، 929221 - 21 - 98 + فاكس: 21863 - 251 - 98 + ص. ب 3418 / 37185

2754
حرف اللام
469 - اللؤم... 2557
470 - اللباس... 2761
471 - اللجاج... 2769
472 - اللحية... 2773
473 - اللسان... 2775
474 - اللعن... 2783
475 - اللغو... 2789
476 - اللقطة... 2793
477 - اللقاء... 2795
478 - اللهو... 2801
479 - اللواط... 2807

2755
اللؤم
انظر:
عنوان / 458 " الكرم "، العفو: باب 2767.

2757
[3544]
اللؤم
- الإمام علي (عليه السلام): اللؤم أس (رأس - خ ل)
الشر (1).
- عنه (عليه السلام): اللؤم جماع المذام (2).
- عنه (عليه السلام): اللؤم مضاد لسائر الفضائل، وجامع
لجميع الرذائل والسوءات والدنايا (3).
- عنه (عليه السلام): اللؤم قبيح فلا تجعله لبسك (4).
- عنه (عليه السلام): اللؤم إيثار حب المال على لذة
الحمد والثناء (5).
- عنه (عليه السلام): من اللؤم سوء الخلق (6).
- عنه (عليه السلام): من علامات اللؤم الغدر
بالمواثيق (7).
- عنه (عليه السلام): من علامة اللؤم سوء الجوار (8).
- عنه (عليه السلام): من أقبح اللؤم غيبة الأخيار (9).
- عنه (عليه السلام): من جمع له مع الحرص على الدنيا
البخل بها فقد استمسك بعمودي اللؤم (10).
- الإمام الحسن (عليه السلام) - لما سئل عن اللؤم -:
قلة الندى، وأن ينطق بالخنى (11).
- عنه (عليه السلام) - أيضا في تفسير اللؤم -: إحراز
المرء نفسه، وإسلامه عرسه (12).
(انظر) باب 3546 حديث 17753.
[3545]
خصائص اللئيم
- الإمام علي (عليه السلام): اللئيم إذا بلغ فوق
مقداره تنكرت أحواله (13).
- عنه (عليه السلام): اللئيم يدرع العار، ويؤذي
الأحرار (14).
- عنه (عليه السلام): اللئيم لا يرجى خيره، ولا يسلم
من شره، ولا يؤمن غوائله (15).
- عنه (عليه السلام): اللئيم لا يستحيي (16).
- عنه (عليه السلام): اللئيم إذا قدر أفحش، وإذا
وعد أخلف (17).
- عنه (عليه السلام): اللئيم إذا أعطى حقد، وإذا
أعطي جحد (18).
- عنه (عليه السلام): اصطناع اللئيم أقبح رذيلة (19).
- عنه (عليه السلام): أفضل معروف اللئيم منع أذائه،
أقبح أفعال الكريم منع عطائه (20).
- عنه (عليه السلام): إياك أن تعتمد على اللئيم،
فإنه يخذل من اعتمد عليه (21).
- عنه (عليه السلام): كلما ارتفعت رتبة اللئيم نقص



(1) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(2) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(3) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(4) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(5) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(6) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(7) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(8) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(9) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(10) غرر الحكم: 569، 646، 2177، 1338، 1846، 9388، 9298، 9306، 9311، 9082.
(11) تحف العقول: 225، 226.
(12) تحف العقول: 225، 226.
(13) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(14) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(15) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(16) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(17) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(18) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(19) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(20) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
(21) غرر الحكم 1800، 1997، 1930، 1053، 1529، 1533، 1233، (3106 - 3107)، 2647.
2758
الناس عنده، والكريم ضد ذلك (1).
- عنه (عليه السلام): يستدل على اللئيم بسوء الفعل
وقبح الخلق وذميم البخل (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): وقع بين سلمان الفارسي
- رحمة الله عليه - وبين رجل خصومة، فقال
الرجل لسلمان: من أنت؟ وما أنت؟!.
فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة،
وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم
القيامة ونصبت الموازين فمن ثقلت موازينه فهو
الكريم، ومن خفت موازينه فهو اللئيم (3).
(انظر) باب 3547.
[3546]
ألأم الناس
- الإمام علي (عليه السلام): ألأم الناس المغتاب (4).
- عنه (عليه السلام): ألأم الخلق الحقد (5).
- عنه (عليه السلام): من أعظم اللؤم إحراز المرء
نفسه، وإسلامه عرسه (6).
[3547]
اللئام
- الإمام علي (عليه السلام): اللئام أصبر أجسادا،
الكرام أصبر أنفسا (7).
- عنه (عليه السلام): عادة اللئام والأغمار أذية
الكرام والأحرار (8).
- عنه (عليه السلام): بذل الوجه إلى اللئام
الموت الأكبر (9).
- عنه (عليه السلام): رضي بالحرمان طالب الرزق
من اللئام (10).
- عنه (عليه السلام): إذا حللت باللئام فاعتلل
بالصيام (11).
- عنه (عليه السلام): من اللئام تكون القسوة (12).



(1) غرر الحكم: 7199، 10967.
(2) غرر الحكم: 7199، 10967.
(3) الفقيه: 4 / 404 / 5874.
(4) غرر الحكم: 2911، 2917، 9347، (593 - 594).
(5) غرر الحكم: 2911، 2917، 9347، (593 - 594).
(6) غرر الحكم: 2911، 2917، 9347، (593 - 594).
(7) غرر الحكم: 2911، 2917، 9347، (593 - 594).
(8) غرر الحكم: 6246، 4446، 5146، 4012، 9253.
(9) غرر الحكم: 6246، 4446، 5146، 4012، 9253.
(10) غرر الحكم: 6246، 4446، 5146، 4012، 9253.
(11) غرر الحكم: 6246، 4446، 5146، 4012، 9253.
(12) غرر الحكم: 6246، 4446، 5146، 4012، 9253.
2759
(470)
اللباس
البحار: 79 / 295 - 324، وسائل الشيعة: 3 / 340، مستدرك الوسائل: 3 / 206.
كنز العمال: 15 / 307 - 326.
انظر:
عنوان / 257 " التشبه "، 74 " الجمال "، الخالق: باب 1083، النظافة: باب 3897.
الكبر: باب 3441، التقوى: 4159.

2761
[3548]
اللباس
الكتاب
* (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم
وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم
يذكرون) * (1).
* (ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية
تلبسونها) * (2).
(انظر) النحل: 14، الأعراف: 27، الأنبياء: 80.
- الإمام علي (عليه السلام): خذ عليك ثوبك ولا تمشوا
اعراة (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): البسوا من ثيابكم البياض،
فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أحسن ما زرتم الله عز وجل به في
قبوركم ومساجدكم البياض (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أحب ثيابكم إلى الله البياض،
فصلوا فيها وكفنوا فيها موتاكم (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): البسوا البياض، فإنه أطيب
وأطهر، وكفنوا فيه موتاكم (7).
- الإمام علي (عليه السلام): البسوا ثياب القطن،
فإنها لباس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو لباسنا (8).
- عنه (عليه السلام): البسوا الثياب من القطن، فإنه
لباس رسول (صلى الله عليه وآله) ولباسنا، ولم يكن يلبس
الصوف والشعر إلا من علة (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الكتان من لباس الأنبياء،
وهو ينبت اللحم (10).
[3549]
الاقتصاد في اللباس
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المتقين -:
منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد (11).
- عنه (عليه السلام): ولقد دخل موسى بن عمران ومعه
أخوه هارون (عليهما السلام) على فرعون، وعليهما مدارع
الصوف، وبأيديهما العصى، فشرطا له - إن أسلم -
بقاء ملكه، ودوام عزه.
فقال: ألا تعجبون من هذين يشرطان
لي دوام العز وبقاء الملك، وهما بما ترون
من حال الفقر والذل، فهلا القي عليهما أساورة
من ذهب؟ إعظاما للذهب وجمعه، واحتقارا
للصوف ولبسه! (12).



(1) الأعراف: 26.
(2) فاطر: 12.
(3) كنز العمال: 41106، 41102.
(4) كنز العمال: 41106، 41102.
(5) الترغيب والترهيب: 3 / 88 / 3.
(6) كنز العمال: 41117.
(7) الكافي: 6 / 5 44 / 2 وص 446 / 4 وص 450 / 2 وص 449 / 1.
(8) الكافي: 6 / 5 44 / 2 وص 446 / 4 وص 450 / 2 وص 449 / 1.
(9) الكافي: 6 / 5 44 / 2 وص 446 / 4 وص 450 / 2 وص 449 / 1.
(10) الكافي: 6 / 5 44 / 2 وص 446 / 4 وص 450 / 2 وص 449 / 1.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 193 و 192.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 193 و 192.
2762
- عنه (عليه السلام) - في صفة عيسى (عليه السلام) -: وإن شئت
قلت في عيسى بن مريم (عليه السلام)، فلقد كان يتوسد
الحجر، ويلبس الخشن (1).
- عنه (عليه السلام) - في صفة النبي (صلى الله عليه وآله) -: ولقد كان (صلى الله عليه وآله)
يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد،
ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني ألبس الغليظ،
وأجلس على الأرض، وأركب الحمار بغير
سرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي
فليس مني (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر! البس الخشن من
اللباس، والصفيق من الثياب، لئلا يجد الفخر
فيك مسلكا (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): خطب علي (عليه السلام) الناس
وعليه إزار كرباس غليظ مرقوع بصوف، فقيل
له في ذلك، فقال: يخشع القلب ويقتدي
به المؤمن (5).
- وفي رواية: رئي على علي (عليه السلام) إزار
خلق مرقوع، فقيل له في ذلك، فقال: يخشع له
القلب، وتذل به النفس، ويقتدي به المؤمنون (6).
- عقبة بن علقمة: دخلت على أمير
المؤمنين (عليه السلام) فإذا بين يديه لبن حامض قد آذاني
حموضته، وكسر يابسة، قلت: يا أمير المؤمنين!
أتأكل مثل هذا؟! فقال لي: يا أبا الجنود!
إني أدركت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل أيبس من هذا،
ويلبس أخشن من هذا، فإن لم آخذ بما أخذ به
رسول الله (صلى الله عليه وآله) خفت أن لا ألحق به (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نهي عن لبستين -:
المشهورة في حسنها، والمشهورة في قبحها (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نهى عن الشهرتين، دقة الثياب
وغلظها، ولينها وخشونتها، وطولها وقصرها،
ولكن سداد فيما بين ذلك واقتصاد (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المال مال الله يضعه
عند الرجل ودايع، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا
ويلبسوا قصدا (10).
- عنه (عليه السلام): البس ما لا تشتهر به ولا
يزري بك (11).
(انظر) الشهرة: باب 2127.
[3550]
خير لباس كل زمان لباس أهله
- حماد بن عثمان: كنت حاضرا عند أبي
عبد الله (عليه السلام) إذ قال له رجل: أصلحك الله، ذكرت أن
علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس الخشن، يلبس
القميص بأربعة دراهم، وما أشبه ذلك، ونرى
عليك اللباس الجيد!
قال: فقال له: إن علي بن أبي طالب (عليه السلام)
كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، ولو لبس مثل
ذلك اليوم لشهر به، فخير لباس كل زمان لباس



(1) نهج البلاغة: الخطبة 160.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 160.
(3) أمالي الطوسي: 531 / 1162 و 539 / 1162.
(4) أمالي الطوسي: 531 / 1162 و 539 / 1162.
(5) البحار: 79 / 312 / 14 و 313 / 14.
(6) البحار: 79 / 312 / 14 و 313 / 14.
(7) البحار: 79 / 314 / 14.
(8) كنز العمال: 41171، 41172.
(9) كنز العمال: 41171، 41172.
(10) البحار: 79 / 304 / 17.
(11) غرر الحكم: 2316.
2763
أهله، غير أن قائمنا إذا قام لبس ثياب علي (عليه السلام)
وسار بسيرته (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لعبيد بن زياد -:
إظهار النعمة أحب إلى الله من صيانتها، فإياك
أن تتزين إلا في أحسن زي قومك.
قال: فما رئي عبيد إلا في أحسن زي قومه
حتى مات (2).
- عنه (عليه السلام) - بعد ذكر لباس الإمام علي (عليه السلام) -:
هذا اللباس الذي ينبغي أن تلبسوه، ولكن لا نقدر
أن نلبس هذا اليوم، لو فعلنا لقالوا: مجنون، أو
لقالوا: مراء، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس (3).
- عنه (عليه السلام): بينا أنا في الطواف إذا رجل يجذب
ثوبي، فالتفت فإذا عباد البصري قال: يا جعفر بن
محمد! تلبس مثل هذا الثوب وأنت في الموضع
الذي أنت فيه من علي؟!
قال: قلت: ويلك! هذا ثوب قوهي اشتريته
بدينار وكسر، وكان علي (عليه السلام) في زمان يستقيم له
ما لبس، ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا
هذا لقال الناس: هذا مراء مثل عباد (4).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إن أهل الضعف من موالي
يحبون أن أجلس على اللبود وألبس الخشن،
وليس يحتمل الزمان ذلك (5).
- عنه (عليه السلام): والله لئن صرت إلى هذا الأمر
لآكلن الخبيث بعد الطيب، ولألبسن الخشن
بعد اللين، ولأتعبن بعد الدعة (6).
- عنه (عليه السلام) - لأحمد بن محمد بن أبي نصر -:
ما تقول في اللباس الخشن؟ فقلت: بلغني أن
الحسن كان يلبس، وأن جعفر بن محمد (عليه السلام) كان
يأخذ الثوب الجديد فيأمر به فيغمس في الماء.
فقال لي: البس وتجمل فإن علي بن
الحسين (عليه السلام) كان يلبس الجبة الخز بخمسمائة
درهم، والمطرف الخز بخمسين دينارا فيشتى
فيه، فإذا خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه، وتلا
هذه الآية * (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده
والطيبات من الرزق) * (7).
- سفيان الثوري: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أنت
تروي أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس
الخشن، وأنت تلبس القوهي والمروي، قال:
ويحك! إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان في زمان
ضيق، فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان أولى به (8).
(انظر) الجمال: 534.
التواضع: باب 4094.
[3551]
لباس الزينة ولباس العبادة
- عن أبي عباد: كان جلوس الرضا (عليه السلام) في
الصيف على حصير، وفي الشتاء على مسح (9)،



(1) الكافي: 6 / 444 / 15 و 440 / 15.
(2) الكافي: 6 / 444 / 15 و 440 / 15.
(3) مكارم الأخلاق: 1 / 248 / 736.
(4) البحار: 79 / 315 / 28.
(5) مكارم الأخلاق: 1 / 220 / 648.
(6) مكارم الأخلاق: 1 / 251 / 746.
(7) قرب الإسناد: 357 / 1277.
(8) مكارم الأخلاق: 1 / 218 / 642.
(9) المسح بالكسر: بساط من شعر يقعد عليه. كما في هامش
المصدر.
2764
ولبسه الغليظ من الثياب، حتى إذا برز للناس
تزين لهم (1).
- روي أن الرضا (عليه السلام) لبس الخز فوق
الصوف، فقال له بعض جهلة الصوفية لما
رأى عليه ثياب الخز: كيف تزعم أنك من
أهل الزهد وأنت على ما نراه من التنعم
بلباس الخز؟ فكشف (عليه السلام) عما تحته فرأوا
تحته ثياب الصوف، فقال: هذا لله، وهذا
للناس (2).
- كامل بن إبراهيم: دخلت على سيدي
أبي محمد (عليه السلام) نظرت إلى ثياب بياض ناعمة
عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته
يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة
الإخوان وينهانا عن لبس مثله! فقال متبسما:
يا كامل - وحسر عن ذراعيه، فإذا مسح
أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله،
وهذا لكم (3).
- مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى
أبا عبد الله (عليه السلام) وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان،
فقال: والله لآتينه ولأوبخنه، فدنا منه فقال:
يا بن رسول الله! ما لبس رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل هذا
اللباس ولا علي (عليه السلام) ولا أحد من آبائك، فقال له
أبو عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في زمان قتر
مقتر (4) وكان يأخذ لقتره واقتداره، وإن الدنيا
بعد ذلك أرخت عزاليها (5) فأحق أهلها بها
أبرارها، ثم تلا * (قل من حرم زينة الله التي
أخرج لعباده والطيبات من الرزق) * ونحن أحق
من أخذ منها ما أعطاه الله، غير أني يا ثوري
ما ترى علي من ثوب إنما ألبسه للناس، ثم
اجتذب يد سفيان فجرها إليه ثم رفع الثوب
الأعلى وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا،
فقال: هذا ألبسه لنفسي وما رأيته للناس، ثم
جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل
ذلك ثوب لين فقال: لبست هذا الأعلى للناس
ولبست هذا لنفسك تسرها (6).
[3552]
العمامة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): العمائم تيجان العرب (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عمم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عليا (عليه السلام) بيده، فسدلها من بين يديه وقصرها
من خلفه قدر أربع أصابع، ثم قال: أدبر
فأدبر، ثم قال: أقبل فأقبل، ثم قال: هكذا
تيجان الملائكة (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): كانت على الملائكة
العمائم البيض المرسلة يوم بدر (9).
- عن جابر: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخل عام



(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 178 / 1.
(2) البحار: 83 / 222 / 8.
(3) الغيبة الطوسي: 246 و 247 / 216.
(4) قتر على عياله تقتيرا: أي ضيق عليهم في المعاش. كما في
هامش المصدر.
(5) العزالي: جمع العزلاء مثل الحمراء، وهو فم المزادة، فقوله:
" أرخت " أي أرسلت، يريد شدة وقع المطر على
التشبيه بنزوله من أفواه المزادة. كما في هامش المصدر.
(6) الكافي: 6 / 442 / 8، (ص 461 / 5، كنز العمال: 41132).
(7) الكافي: 6 / 442 / 8، (ص 461 / 5، كنز العمال: 41132).
(8) الكافي: 6 / 461 / 4 و ح 3.
(9) الكافي: 6 / 461 / 4 و ح 3.
2765
الفتح مكة وعليه عمامة سوداء (1).
- عمرو بن حريث، عن أبيه: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله)
على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها
بين كتفيه (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ائتوا المساجد حسرا
ومعصبين، فإن العمائم تيجان المسلمين (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): العمائم وقار للمؤمن وعز للعرب،
فإذا وضعت العرب عمائمها وضعت عزها (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله أمدني يوم بدر وحنين
بملائكة يعتمون هذه العمة، إن العمامة حاجزة بين
الكفر والإيمان (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن فرق ما بيننا وبين المشركين
العمائم على القلانس (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تزال أمتي على الفطرة ما لبسوا
العمائم على القلانس (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تغطية الرأس بالنهار فقه،
وبالليل ريبة (8).
[3553]
الألبسة الممنوعة
الكتاب
* (جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من
ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) * (9).
* (يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين) * (10).
(انظر) الكهف: 31، الحج: 23.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كنتم تحبون حلية
الجنة وحريرها فلا تلبسوها في الدنيا (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من لبس الحرير في الدنيا لم
يلبسه في الآخرة (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يستمتع بالحرير من يرجو
أيام الله (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): حرم لباس الحرير والذهب على
ذكور أمتي وأحل لإناثهم (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يلبس الرجل الحرير
والديباج إلا في الحرب (15).
- الإمام علي (عليه السلام): عليكم بالصفيق من الثياب،
فإن من رق ثوبه رق دينه (16).
- عائشة: إن أسماء بنت أبي بكر دخلت
على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليها ثياب رقاق، فأعرض
عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا أسماء! إن المرأة
إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا
- وأشار إلى وجهه وكفيه - (17).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لبس ثوبا يباهي به
ليراه الناس لم ينظر الله إليه حتى ينزعه (18).



(1) سنن أبي داود: 4076، 4077.
(2) سنن أبي داود: 4076، 4077.
(3) كنز العمال: 41143، 41147، 41141، 41142، 41148، 41144.
(4) كنز العمال: 41143، 41147، 41141، 41142، 41148، 41144.
(5) كنز العمال: 41143، 41147، 41141، 41142، 41148، 41144.
(6) كنز العمال: 41143، 41147، 41141، 41142، 41148، 41144.
(7) كنز العمال: 41143، 41147، 41141، 41142، 41148، 41144.
(8) كنز العمال: 41143، 41147، 41141، 41142، 41148، 41144.
(9) فاطر: 33.
(10) الدخان: 53.
(11) كنز العمال: 41209.
(12) الترغيب والترهيب: 3 / 96 / 3 وص 97 / 10.
(13) الترغيب والترهيب: 3 / 96 / 3 وص 97 / 10.
(14) كنز العمال: 41210.
(15) الكافي: 6 / 453 / 1.
(16) البحار: 83 / 184 / 13.
(17) الترغيب والترهيب: 3 / 95 / 3.
(18) كنز العمال: 41203.
2766
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أخذ يلبس ثوبا ليباهي به
لينظر الناس إليه لم ينظر الله إليه حتى ينزعه (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من لبس مشهورا من الثياب أعرض
الله عنه يوم القيامة (2).
(انظر) الكبر: باب 3435 حديث 16946.



(1) كنز العمال: 41200.
(2) كنز العمال: 41202.
2767
(471)
اللجاج
البحار: 71 / 338 / الباب: 83.

2769
[3554]
اللجاجة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الخير عادة، والشر لجاجة (1).
- الإمام علي (عليه السلام): اللجاجة تسل الرأي (2).
- عنه (عليه السلام): اللجوج لا رأي له (3).
- عنه (عليه السلام): اللجاج يفسد الرأي (4).
- عنه (عليه السلام): ليس للجوج تدبير (5).
- عنه (عليه السلام): اللجاج بذر الشر (6).
- عنه (عليه السلام): اللجاج يشين النفس (7).
- عنه (عليه السلام): اللجاج ينتج الحروب ويوغر
القلوب (8).
- عنه (عليه السلام): اللجاج مثار الحروب (9).
- عنه (عليه السلام): إياك ومذموم اللجاج، فإنه
يثير الحروب (10).
- عنه (عليه السلام): اللجاج أكثر الأشياء مضرة في
العاجل والآجل (11).
- عنه (عليه السلام): اللجاجة تورث ما ليس للمرء
إليه حاجة (12).
- عنه (عليه السلام): راكب اللجاج متعرض للبلاء (13).
- عنه (عليه السلام): إياك أن تطيح بك مطية اللجاج (14).
- عنه (عليه السلام): إياك أن تجمح بك مطية اللجاج (15).
- عنه (عليه السلام): لا مركب أجمح من اللجاج (16).
- عنه (عليه السلام): احذر اللجاج تنج من كبوته (17).
- عنه (عليه السلام): اللجاج يكبو براكبه (18).
- عنه (عليه السلام): الإفراط في الملامة يشب نيران
اللجاجة (19).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياك واللجاجة، فإن
أولها جهل وآخرها ندامة (20).
- الإمام علي (عليه السلام): خير الأخلاق أبعدها
عن اللجاج (21).
- عنه (عليه السلام): جماع الشر اللجاج وكثرة
المماراة (22).
- عنه (عليه السلام): من لج وتمادى فهو الراكس
الذي ران الله على قلبه، وصارت دائرة السوء
على رأسه (23).
- عنه (عليه السلام): إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها،
أو التسقط (التساقط التثبط) فيها عند إمكانها،



(1) سنن ابن ماجة: 221.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 179.
(3) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(4) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(5) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(6) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(7) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(8) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(9) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(10) غرر الحكم: 887، 1078، 7478، 359، 375، 1718، 406، 2674.
(11) غرر الحكم: 2173، 1542، 5389.
(12) غرر الحكم: 2173، 1542، 5389.
(13) غرر الحكم: 2173، 1542، 5389.
(14) البحار: 77 / 208 / 1.
(15) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(16) غرر الحكم: 10737.
(17) البحار: 78 / 10 / 68.
(18) غرر الحكم: 1710.
(19) البحار: 77 / 212 / 1.
(20) تحف العقول: 14.
(21) غرر الحكم: 4975، 4795.
(22) غرر الحكم: 4975، 4795.
2770
أو اللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا
استوضحت، فضع كل أمر موضعه (1).
- عنه (عليه السلام): ثمرة اللجاج العطب (2).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 58 و 53.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 58 و 53.
(2) غرر الحكم: 4596.
2771
(472)
اللحية
البحار: 76 / 109 باب: 13.
وسائل الشيعة: 1 / 422 باب: 67.
صحيح مسلم: 1 / 221 باب: 16.

2773
(3555)
اللحية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحفوا الشوارب، وأعفوا
اللحى، ولا تتشبهوا باليهود (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن المجوس جزوا لحاهم
ووفروا شواربهم، وإنا نحن نجز الشوارب
ونعفي اللحى، وهي الفطرة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أحفوا الشوارب، وأعفوا
اللحى (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): خالفوا المشركين، احفوا
الشوارب، وأوفوا اللحى (4).



(1) البحار: 76 / 112 / 14.
(2) البحار: 76 / 112 / 14.
(3) صحيح مسلم: 1 / 222 / 259.
(4) صحيح مسلم: 1 / 222 / 259.
2774
(473)
اللسان
المحجة البيضاء: 5 / 190، 288.
انظر:
عنوان / 303 " الصمت "، 466 " الكلام "، 386 " البلاغة "، النفاق: باب 3935، 3936.
الصدق: باب 2195.

2775
[3556]
اللسان
- الإمام علي (عليه السلام): ما الإنسان لولا اللسان
إلا صورة ممثلة، أو بهيمة مهملة (1).
- عنه (عليه السلام): اللسان معيار أرجحه العقل
وأطاشه الجهل (2).
- عنه (عليه السلام): اللسان ميزان الإنسان (3).
- عنه (عليه السلام): ألا وإن اللسان بضعة من
الإنسان، فلا يسعده القول إذا امتنع ولا
يمهله النطق إذا اتسع (4).
- عنه (عليه السلام): ما من شئ أجلب لقلب الإنسان
من لسان، ولا أخدع للنفس من شيطان (5).
- عنه (عليه السلام): الإنسان لبه لسانه، وعقله دينه (6).
[3557]
المرء مخبوء تحت لسانه
- الإمام علي (عليه السلام): تكلموا تعرفوا، فإن المرء
مخبوء تحت لسانه (7).
- عنه (عليه السلام): المرء مخبوء تحت لسانه (8).
- عنه (عليه السلام): قلت أربعا أنزل الله تصديقي بها
في كتابه: قلت: المرء مخبوء تحت لسانه فإذا
تكلم ظهر، فأنزل الله تعالى: * (ولتعرفنهم في
لحن القول) * (9).
- عنه (عليه السلام): ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في
فلتات (10) لسانه وصفحات وجهه (11).
- عنه (عليه السلام): كلام الرجل ميزان عقله (12).
- عنه (عليه السلام): اللسان ترجمان الجنان (13).
- عنه (عليه السلام): الألسن تترجم عما تجنه
الضمائر (14).
- عنه (عليه السلام): يستدل على عقل كل امرئ بما
يجري على لسانه (15).
- عنه (عليه السلام): لسانك ترجمان عقلك (16).
- عنه (عليه السلام): إياك والكلام فيما لا تعرف طريقته
ولا تعلم حقيقته، فإن قولك يدل على عقلك،



(1) غرر الحكم: 9644.
(2) تحف العقول: 207.
(3) غرر الحكم: 1282.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 233، شرح نهج البلاغة لابن
أبي الحديد: 13 / 12.
(5) غرر الحكم: 9699.
(6) البحار: 78 / 56 / 119.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 392 و 148.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 392 و 148.
(9) البحار: 71 / 283 / 33.
(10) فلتات الكلام: زلاته وهفواته. المنجد: 592.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 26.
(12) غرر الحكم: 7234، 262، 1376، 10957.
(13) غرر الحكم: 7234، 262، 1376، 10957.
(14) غرر الحكم: 7234، 262، 1376، 10957.
(15) غرر الحكم: 7234، 262، 1376، 10957.
(16) البحار: 77 / 231 / 2.
2776
وعبارتك تنبئ عن معرفتك (1).
[3558]
ما يظهره اللسان من الخصال
- الإمام علي (عليه السلام): إن في الإنسان عشر خصال
يظهرها لسانه: شاهد يخبر عن الضمير، وحاكم
يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب،
وشافع يدرك به الحاجة، وواصف يعرف به
الأشياء، وأمير يأمر بالحسن، وواعظ ينهى عن
القبيح، ومعز تسكن به الأحزان، وحاضر تجلى به
الضغائن، ومونق تلتذ به الأسماع (2) (3).
[3559]
جمال الرجل فصاحة لسانه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الجمال في اللسان (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الجمال في الرجل اللسان (5).
- الإمام علي (عليه السلام): الجمال في اللسان،
والكمال في العقل (6).
- عنه (عليه السلام): صورة المرأة في وجهها،
وصورة الرجل في منطقه (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): جمال الرجل (8)
فصاحة لسانه (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ذلاقة اللسان رأس المال (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من عذب لسانه
زكى عقله (11).
- الإمام علي (عليه السلام): من علم لسانه أمره قومه (12).
(انظر) الجمال: باب 538.
[3560]
اللسان مفتاح الخير والشر
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن هذا اللسان مفتاح
كل خير وشر، فينبغي للمؤمن أن يختم على لسانه
كما يختم على ذهبه وفضته (13).
- عنه (عليه السلام): كان أبو ذر يقول: يا مبتغي العلم
إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم
على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك (14).
[3561]
دور اللسان في استقامة الإيمان
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يستقيم إيمان عبد حتى
يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم
لسانه (15).



(1) غرر الحكم: 2735.
(2) الكافي: 8 / 20 / 4، والبحار: 77 / 283 وفيه: " وحامد
تجلى به الضغائن، ومؤنق يلهي الأسماع ".
(3) الكافي: 8 / 20 / 4.
(4) البحار: 77 / 141 / 24.
(5) كنز العمال: 5164.
(6) البحار: 78 / 80 / 64 و 71 / 293 / 63.
(7) البحار: 78 / 80 / 64 و 71 / 293 / 63.
(8) في المصدر " جمال الرجال " والصحيح ما في المتن.
(9) كنز العمال: 28775.
(10) جامع الأخبار: 247 / 631.
(11) البحار: 78 / 278 / 113 و 71 / 293 / 63.
(12) البحار: 78 / 278 / 113 و 71 / 293 / 63.
(13) تحف العقول: 298.
(14) الكافي: 2 / 114 / 10.
(15) كنز العمال: 24925.
2777
- الإمام علي (عليه السلام): ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
" لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه،
ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " فمن استطاع
منكم أن يلقى الله تعالى وهو نقي الراحة من
دماء المسلمين وأموالهم سليم اللسان من
أعراضهم فليفعل (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أصبح ابن آدم أصبحت
الأعضاء كلها تستكفي اللسان، أي تقول:
إتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا،
وإن اعوججت اعوججنا (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء
كلها تكفر اللسان، فتقول: إتق الله فينا فإنما
نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت
اعوججنا (3).
(انظر) باب 3568 حديث 17915.
[3562]
لسان العاقل وراء قلبه
- الإمام علي (عليه السلام): لسان العاقل وراء قلبه،
لسان الجاهل مفتاح حتفه (4).
- عنه (عليه السلام): لسان العاقل وراء قلبه،
وقلب الأحمق وراء لسانه (5).
- الإمام العسكري (عليه السلام): قلب الأحمق في
فمه وفم الحكيم في قلبه (6).
- الإمام علي (عليه السلام): إن لسان المؤمن من
وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه، لأن
المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه،
فإن كان خيرا أبداه وإن كان شرا واراه، وإن
المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له
وماذا عليه (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لسان المؤمن وراء قلبه،
فإذا أراد أن يتكلم بشئ تدبره بقلبه ثم أمضاه
بلسانه، وإن لسان المنافق أمام قلبه، فإذا هم
بشئ أمضاه بلسانه ولم يتدبره بقلبه (8).
[3563]
حق اللسان
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): حق اللسان إكرامه
عن الخنا (9)، وتعويده الخير، وترك الفضول التي
لا فائدة لها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم (10).
(انظر) الكلام: باب 3531.
[3564]
سلامة الإنسان في حفظ اللسان
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): سلامة الإنسان في حفظ



(1) نهج البلاغة: الخطبة 176، شرح نهج البلاغة لابن
أبي الحديد: 10 / 28.
(2) المحجة البيضاء: 5 / 193.
(3) صحيح الترمذي: 2407.
(4) غرر الحكم: 7610 و 7611.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 40.
(6) البحار: 78 / 374 / 21.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(8) المحجة البيضاء: 5 / 195.
(9) الخنا بالتحريك: الفحش في القول النهاية: 2 / 86.
(10) البحار: 71 / 286 / 41.
2778
اللسان (1).
- الإمام علي (عليه السلام): حفظ اللسان وبذل
الإحسان من أفضل فضائل الإنسان (2).
- عنه (عليه السلام): من حفظ لسانه ستر الله عورته (3).
- عنه (عليه السلام): من حفظ لسانه أكرم نفسه (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): نجاة المؤمن في
حفظ لسانه (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يسلم أحد من الذنوب حتى
يخزن من لسانه (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): راحة الإنسان في حبس اللسان (7).
- الإمام علي (عليه السلام): من الإيمان حفظ اللسان (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما عمل من لم يحفظ لسانه (9).
- الإمام علي (عليه السلام): لا شئ أعود على
الإنسان من حفظ اللسان وبذل الإحسان (10).
(انظر) وسائل الشيعة: 8 / 532 باب 119 " وجوب
حفظ اللسان عما لا يجوز من الكلام ".
الحزن: باب 818 " ما يطرد الحزن " حديث 3786.
[3565]
زلة اللسان
- الإمام علي (عليه السلام): زلة اللسان أنكى من
إصابة السنان (11).
- عنه (عليه السلام): زلة اللسان أشد من جرح
السنان (12).
- عنه (عليه السلام): زلة اللسان تأتي على الإنسان (13).
- عنه (عليه السلام): زلة اللسان أشد هلاك (14).
- عنه (عليه السلام): احفظ رأسك من عثرة لسانك،
وازممه بالنهى والحزم والتقى والعقل (15).
- عنه (عليه السلام): المرء يعثر برجله فيبرى، ويعثر
بلسانه فيقطع رأسه (16).
- عنه (عليه السلام) - في الدعاء -: اللهم اغفر لي رمزات
الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وشهوات الجنان،
وهفوات اللسان (17).
[3566]
فتنة اللسان
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): فتنة اللسان أشد من ضرب
السيف (18).
- الإمام علي (عليه السلام): ضرب اللسان أشد من ضرب
السنان (19).
- عنه (عليه السلام): أملك حمية أنفك، وسورة حدك،
وسطوة يدك، وغرب لسانك (20).
- عنه (عليه السلام): حد اللسان أمضى من حد
السنان (21).



(1) البحار: 71 / 286 / 42.
(2) غرر الحكم: 4899.
(3) البحار: 71 / 283 / 36.
(4) غرر الحكم: 8005.
(5) البحار: 71 / 283 / 36.
(6) تحف العقول: 298.
(7) البحار: 71 / 286 / 42.
(8) غرر الحكم: 9277.
(9) البحار: 77 / 85 / 3.
(10) غرر الحكم: 10860، 5451.
(11) غرر الحكم: 10860، 5451.
(12) غرر الحكم: 5479، 5478، 5506، 2369.
(13) غرر الحكم: 5479، 5478، 5506، 2369.
(14) غرر الحكم: 5479، 5478، 5506، 2369.
(15) غرر الحكم: 5479، 5478، 5506، 2369.
(16) البحار: 71 / 293 / 63.
(17) نهج البلاغة: الخطبة 78.
(18) البحار: 71 / 286 / 42.
(19) البحار: 71 / 286 / 42.
(20) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(21) غرر الحكم: 4898.
2779
- عنه (عليه السلام): حد السنان يقطع الأوصال،
وحد اللسان يقطع الآجال (1).
- عنه (عليه السلام): طعن اللسان أمض من طعن
السنان (2).
(انظر) باب 3565.
الإسلام: باب 1869.
[3567]
خطر اللسان
- الإمام علي (عليه السلام): رب لسان أتى على إنسان (3).
- عنه (عليه السلام): كم من دم سفكه فم (4).
- عنه (عليه السلام): كم من إنسان أهلكه لسان (5).
- عنه (عليه السلام): رب كلمة سلبت نعمة، فاخزن
لسانك كما تخزن ذهبك وورقك (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): بلاء الإنسان من اللسان (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): البلاء موكل بالمنطق (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق
بها على نفسك (9).
[3568]
التحذير من مزالق اللسان
- الإمام علي (عليه السلام): اعلم أن اللسان كلب
عقور، إن خليته عقر (10).
- عنه (عليه السلام): اللسان سبع، إن خلي عنه عقر (11).
- عنه (عليه السلام): احذروا اللسان، فإنه سهم
يخطئ (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا أراد الله بعبد
خزيا أجرى فضيحته على لسانه (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سأله معاذ بن جبل
عما يدخله الجنة ويباعده عن النار، فأخبره
إلى أن قال -: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت:
بلى يا رسول الله، قال: كف عليك هذا وأشار إلى
لسانه.
قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
قال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على
وجوههم أو قال: على مناخرهم: إلا حصائد
ألسنتهم؟! (14).
- الإمام علي (عليه السلام): إن لسان ابن آدم يشرف
كل يوم على جوارحه فيقول: كيف أصبحتم؟
فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله
فينا! ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب بك
ونعاقب بك (15).
(انظر) باب 3561.
[3569]
حبس اللسان
- الإمام علي (عليه السلام): صلاح الإنسان في حبس



(1) غرر الحكم: 4897، 6011، 5309، 6928، 6929.
(2) غرر الحكم: 4897، 6011، 5309، 6928، 6929.
(3) غرر الحكم: 4897، 6011، 5309، 6928، 6929.
(4) غرر الحكم: 4897، 6011، 5309، 6928، 6929.
(5) غرر الحكم: 4897، 6011، 5309، 6928، 6929.
(6) البحار: 71 / 287 / 43 وص 286 / 42.
(7) البحار: 71 / 287 / 43 وص 286 / 42.
(8) البحار: 71 / 287 / 43 وص 286 / 42.
(9) الكافي: 2 / 114 / 7.
(10) البحار: 71 / 287 / 43.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 60.
(12) غرر الحكم: 2578.
(13) البحار: 78 / 228 / 101.
(14) الترغيب والترهيب: 3 / 528 / 23.
(15) البحار: 71 / 278 / 14.
2780
اللسان (1).
- عنه (عليه السلام): ما من شئ أحق بطول السجن من
اللسان (2).
- عنه (عليه السلام): احبس لسانك قبل أن يطيل حبسك
ويردي نفسك، فلا شئ أولى بطول سجن من
لسان يعدل عن الصواب ويتسرع إلى الجواب (3).
- عنه (عليه السلام): من سجن لسانه أمن من ندمه (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يعرف عبد حقيقة الإيمان
حتى يخزن من لسانه (5).
- الإمام علي (عليه السلام): ليخزن الرجل لسانه، فإن هذا
اللسان جموح بصاحبه، والله ما أرى عبدا يتقي
تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه (6).
- عنه (عليه السلام): اخزن لسانك وعد كلامك، يقل
كلامك إلا بخير (7).
[3570]
آفات اللسان
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أكثر خطايا ابن آدم في
لسانه (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أعظم الناس خطايا يوم القيامة
أكثرهم خوضا في الباطل (9).
- الإمام علي (عليه السلام): للكلام آفات (10).
(انظر) عنوان 51 " البهتان "، 381 " التعيير "، 215
" السب "، 407 " الفحش "، 474 " اللعن "، 398
" الغناء "، 400 " الغيبة "، 225 " السخرية "، 227
" السر "، 268 " الشعر "، 457 " الكذب "، 484
" المدح "، 489 " المزاح "، 488 " المراء "، 524
" النميمة "، 141 " الخصومة "، 123 " الحلف ".
البلاغة: باب 389. التوبة: باب 468. النفاق: باب
3935. السؤال (1): باب 1704. الكلام: باب
3514، 3515. " في الأخلاق المذمومة المختصة
باللسان " كنز العمال: 3 / 836، 889.
[3571]
عذاب اللسان
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يعذب الله اللسان بعذاب
لا يعذب به شيئا من الجوارح، فيقول: أي رب
عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا؟! فيقال له:
خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض
ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام، وانتهب بها
المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الكافر ليجر لسانه يوم
القيامة وراءه (12).
[3572]
النوادر
- الإمام علي (عليه السلام): لسان العلم الصدق، لسان
الجهل الخرق (13).



(1) غرر الحكم: 5809.
(2) البحار: 71 / 277 / 11.
(3) غرر الحكم: 2437، 8280.
(4) غرر الحكم: 2437، 8280.
(5) البحار: 71 / 298 / 71.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(7) البحار: 71 / 281 / 27.
(8) المحجة البيضاء: 5 / 194 وص 207.
(9) المحجة البيضاء: 5 / 194 وص 207.
(10) غرر الحكم: 7319.
(11) الكافي: 2 / 115 / 16.
(12) مسند ابن حنبل: 5675.
(13) غرر الحكم: 7612.
2781
- عنه (عليه السلام): لسان الصدق خير للمرء من المال
يورثه من لا يحمده (1).
- عنه (عليه السلام): إن اللسان الصالح - يجعله الله
تعالى للمرء في الناس - خير من المال يورثه
من لا يحمده (2).
- عنه (عليه السلام): لسان المقصر قصير (3).
- عنه (عليه السلام): أصدق القال ما نطق به
لسان الحال (4).
(انظر) الصدق / باب 2195.



(1) غرر الحكم: 7615.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 120.
(3) غرر الحكم: 7616، 3302.
(4) غرر الحكم: 7616، 3302.
2782
(474)
اللعن
البحار: 72 / 220 / باب: 106.
البحار: 72 / 208 / باب: 107.
وسائل الشيعة: 8 / 613 / باب 160.
كنز العمال: 3 / 614 - 877.
كنز العمال: 15 / 220.
وسائل الشيعة: 15 / 586.
انظر:
عنوان 215 " السب "، 407 " الفحش "، الرشوة: باب 1511، القرآن: باب 3311.

2783
[3573]
اللعن
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لعن المؤمن كقتله (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إني لم ابعث لعانا، وإنما
بعثت رحمة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يكون المؤمن لعانا (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء
يوم القيامة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن استطعت ألا تلعن شيئا فافعل (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما لعن رجل ناقته وهو يسير
معها -: أخرها عنا فقد استجيب لك (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من هذا اللاعن بعيره؟ انزل عنه
فلا تصحبنا بملعون، لا تدعوا على أنفسكم،
ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على
أموالكم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن امرأة لعنت ناقة لها، فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): خذوا متاعكم عنها، فأرسلوها
فإنها ملعونة (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا خرجت اللعنة من في صاحبها
نظرت، فإن وجدت مسلكا في الذي وجهت إليه،
وإلا عادت إلى الذي خرجت منه (11).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن اللعنة إذا خرجت من
صاحبها ترددت بينه وبين الذي يلعن، فإن
وجدت مساغا وإلا عادت إلى صاحبها وكان
أحق بها، فاحذروا أن تلعنوا مؤمنا فيحل بكم (12).
- روي أن نعيمان الأنصاري كان يؤتي به
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل قليل فيحده في معصية
يرتكبها، إلى أن أتي به يوما فحده، فلعنه رجل
وقال: ما أكثر ما يؤتي به رسول الله؟! فقال (عليه السلام): لا
تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله (13).
(انظر) الحد: باب 745.
[3574]
الملعونون
الكتاب
* (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون
على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا
لعنة الله على الظالمين) * (14).



(1) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(2) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(3) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(4) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(5) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(6) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(7) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(8) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(9) كنز العمال: (8182 - 8183)، 8176، 8185، 8178، 8180، 8172، 8179، 8195، 8172.
(10) كنز العمال: 8196، 8169.
(11) كنز العمال: 8196، 8169.
(12) البحار: 72 / 208 / 1.
(13) المحجة البيضاء: 8 / 70، أخرجه البخاري: 8 / 197،
وكان اسم الرجل عبد الله وكان يلقب حمارا. (كما في
هامش المصدر).
(14) هود: 18.
2784
* (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم
قاسية) * (1).
* (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا) * (2).
(انظر) النساء: 46، 52، 94، المائدة: 60، 78،
البقرة: 88، 159، 161، التوبة: 68، محمد:
23، الفتح: 6، النور: 7، الأعراف: 33،
الحجر: 35، ص: 78.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما قال له جرموز الهجيمي:
أوصني -: أوصيك أن لا تكون لعانا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تلعنوا بلعنة الله، ولا بغضب الله،
ولا بالنار (4).
- الإمام علي (عليه السلام): لعن الله الآمرين بالمعروف
التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لعن الله من كمه الأعمى عن
السبيل (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن الله من عمل عمل قوم لوط (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن الله من ذبح لغير الله (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن الله من ادعى إلى غير أبيه (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن الله المحلل والمحلل له، ومن
يوالي غير مواليه، ومن ادعى نسبا لا يعرف،
والمتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من
النساء بالرجال، ومن أحدث حدثا في الإسلام أو
آوى محدثا، ومن قتل غير قاتله أو ضرب غير
ضاربه، ومن لعن أبويه.
فقال رجل: يا رسول الله! أيوجد رجل يلعن
أبويه؟ فقال: نعم، يلعن آباء الرجال وأمهاتهم،
فيلعنون أبويه (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن الله الراشي، والمرتشي،
والماشي بينهما (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الأحبار من اليهود والرهبان
من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم، ثم
عموا بالبلاء (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ثلاثة لعنهم الله تعالى: رجل رغب
عن والديه، ورجل سعى بين رجل وامرأة يفرق
بينهما ثم يخلف عليها من بعده، ورجل سعى بين
المؤمنين بالأحاديث ليتباغضوا ويتحاسدوا (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إني لعنت سبعة لعنهم الله وكل
نبي مجاب قبلي، فقيل: ومن هم يا رسول الله؟
فقال: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله،
والمخالف لسنتي، والمستحل من عترتي ما حرم
الله، والمتسلط بالجبرية ليعز من أذل الله ويذل من
أعز الله، والمستأثر على المسلمين بفيئهم
مستحلا له، والمحرم ما أحل الله عز وجل (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): سبعة لعنتهم وكل نبي مجاب: الزائد
في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمستحل
حرمة الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله،



(1) المائدة: 109.
(2) الأحزاب: 64.
(3) كنز العمال: 9009، 8187.
(4) كنز العمال: 9009، 8187.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 129.
(6) مسند ابن حنبل: 2817، 17679.
(7) مسند ابن حنبل: 2817، 17679.
(8) مسند ابن حنبل: 2817، 17679.
(9) مسند ابن حنبل: 2817، 17679.
(10) الكافي: 8 / 71 / 27.
(11) البحار: 104 / 274 / 11.
(12) الترغيب والترهيب: 3 / 231 / 22.
(13) كنز العمال: 43930.
(14) البحار: 75 / 339 / 17.
2785
والتارك لسنتي، والمستأثر بالفئ، والمتجبر
بسلطانه ليعز من أذل الله ويذل من أعز الله (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب:
الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله،
والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي ما
حرم الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعزه
الله ويعز من أذله الله، والمستأثر بفئ المسلمين
المستحل له (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أحدث حدثا أو آوى محدثا
فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، قيل:
يا رسول الله! ما الحدث؟ قال: من جلد بغير حد أو
قتل بغير حق (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من
نظر إلى فرج امرأة لا تحل له، ورجلا خان أخاه
في امرأته، ورجلا احتاج الناس إليه ليفقههم
فسألهم الرشوة (4).
- الإمام علي (عليه السلام): لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشرة:
آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه،
والواشمة، والمستوشمة للحسن، ومانع الصدقة،
والمحلل، والمحلل له، وكان ينهى عن النوح ولم
يقل: لعن (5).
- لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من فرق بين الوالدة
وولدها (6).
- لعن رسول الله المحلل والمحلل له (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لعن رسول الله الرجل يلبس
لبسة المرأة (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن رسول الله الرجلة من النساء (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قطع
السدر (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ملعون ملعون من
ضرب والده أو والدته، ملعون ملعون
من عق والديه، ملعون ملعون قاطع
رحم (11).
- عنه (عليه السلام): المنجم ملعون، والكاهن
ملعون، والساحر ملعون، والمغنية ملعونة، ومن
آواها وآكل كسبها ملعون (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث ملعون ملعون
من فعلهن، المتغوط في ظل النزال،
والمانع الماء المنتاب، والساد الطريق
المسلوك (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ملعون ملعون من عبد الدينار
والدرهم (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لعن عبد الدينار والدرهم (15).



(1) كنز العمال: 44038.
(2) البحار: 75 / 339 / 16.
(3) كنز العمال: 44336.
(4) البحار: 103 / 54 / 28.
(5) كنز العمال: 14560.
(6) سنن ابن ماجة: 2250.
(7) سنن ابن ماجة: 1934 و 1935.
(8) سنن أبي داود: 4098 و 4099.
(9) سنن أبي داود: 4098 و 4099.
(10) سنن أبي داود: 5241.
(11) كنز الفوائد للكراجكي: 1 / 150.
(12) الخصال: 297 / 67.
(13) البحار: 104 / 255 / 10.
(14) الخصال: 129 / 132.
(15) سنن الترمذي: 2375.
2786
[3575]
الملعونون في الدنيا والآخرة
الكتاب
* (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا
والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) * (1).
* (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات
لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم) * (2).
(انظر) هود: 60، 99، القصص: 42.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة لعنوا في الدنيا
والآخرة، وأمنت الملائكة: رجل جعله الله ذكرا
فأنث نفسه وتشبه بالنساء، وامرأة جعلها الله
أنثى فتذكرت وتشبهت بالرجال، والذي يضل
الأعمى، ورجل حصور ولم يجعل الله حصورا إلا
يحيى بن زكريا (3).



(1) الأحزاب: 57.
(2) النور: 23.
(3) كنز العمال: 43981.
2787
(475)
اللغو
البحار: 72 / 264 باب: 115.
كنز العمال: 3 / 640 - 885.
انظر:
عنوان: 478 " اللهو "، الكلام: باب 3514، 3515، 3516.

2789
[3576]
اللغو
الكتاب
* (والذين هم عن اللغو معرضون) * (1).
* (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا
كراما) * (2).
(انظر) المائدة: 41، مريم: 62، القصص: 55، لقمان:
6، المدثر: 45، النبأ: 35، الشعراء: 224.
- الإمام علي (عليه السلام): كل قول ليس لله فيه
ذكر فلغو (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (والذين
هم عن اللغو معرضون) * -: هو أن يتقول الرجل
عليك بالباطل، أو يأتيك بما ليس فيك، فتعرض
عنه لله.
وفي رواية أخرى: أنه الغناء والملاهي (4).
- في تفسير القمي - في قوله تعالى: * (في
جنة عالية لا تسمع فيها لاغيه) * -:
الهزل والكذب (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعظم الناس قدرا من ترك
ما لا يعنيه (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من حسن إسلام المرء تركه ما
لا يعنيه (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): راحة النفس ترك ما لا يعنيها (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قم بالحق، ولا تعرض
لما نابك، واعتزل عما لا يعنيك (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إياك والدخول فيما
لا يعنيك فتذل (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ترك ما لا يعني زينة الورع (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في الدعاء -: اللهم ارحمني
بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن
أتكلف ما لا يعنيني (12).
- إدريس (عليه السلام) - من دعائه -: اللهم سل قلبي
عن كل شئ لا أتزوده إليك، ولا أنتفع به يوم
ألقاك، من حلال أو حرام (13).
- الإمام علي (عليه السلام): لا تعرض لما لا يعنيك
بترك ما يعنيك (14).
- عنه (عليه السلام) - من كتاب له إلى عبد الله بن



(1) المؤمنون: 3.
(2) الفرقان: 72.
(3) البحار: 78 / 92 / 101.
(4) مجمع البيان: 7 / 157.
(5) تفسير القمي: 2 / 418.
(6) أمالي الصدوق: 28 / 4.
(7) قرب الإسناد: 67 / 214.
(8) البحار: 74 / 167 / 32.
(9) الاختصاص: 230.
(10) البحار: 78 / 204 / 42.
(11) جامع الأخبار: 337 / 947.
(12) البحار: 92 / 294 / 6 و 98 / 99 / 2 و 78 / 7 / 59.
(13) البحار: 92 / 294 / 6 و 98 / 99 / 2 و 78 / 7 / 59.
(14) البحار: 92 / 294 / 6 و 98 / 99 / 2 و 78 / 7 / 59.
2790
العباس -: أما بعد! فاطلب ما يعنيك واترك
ما لا يعنيك، فإن في ترك مالا يعنيك درك
ما يعنيك (1).
- عنه (عليه السلام): من اشتغل بما لا يعنيه فاته
ما يعنيه (2).
- عنه (عليه السلام): من اطرع ما يعنيه، وقع إلى
ما لا يعنيه (3).
- عنه (عليه السلام): لا تقولن ما يوافق هواك وإن
قلته لهوا أو خلته لغوا، فرب لهو يوحش منك
حرا، ولغو يجلب عليك شرا (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تهيجوا وهج النار على
وجوهكم بالخوض فيما لا يعنيكم (5).
- الإمام علي (عليه السلام): رب لغو يجلب شرا (6).
- عنه (عليه السلام): اشتغال النفس بمالا يصحبها بعد
الموت من أكبر الوهن (7).
- عنه (عليه السلام): دعوا الفضول يجانبكم السفهاء (8).
- عنه (عليه السلام): من اشتغل بالفضول فاته من
مهمه المأمول (9).
- عنه (عليه السلام): من اشتغل بغير ضرورته فوته
ذلك منفعته (10).
- عنه (عليه السلام): من اشتغل بغير المهم ضيع الأهم (11).
- عنه (عليه السلام): من شغل نفسه بما لا يجب، ضيع
من أمره ما يجب (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يغرننك الناس
من نفسك، فإن الأمر يصل إليك من دونهم،
ولا تقطع النهار بكذا وكذا، فإن معك من
يحفظ عليك (13).
التفسير:
قوله تعالى: * (والذين هم عن اللغو معرضون) *
اللغو من الفعل هو ما لا فائدة فيه، ويختلف
باختلاف الأمور التي تعود عليها الفائدة،
فرب فعل هو لغو بالنسبة إلى أمر وهو بعينه مفيد
مجد بالنسبة إلى أمر آخر.
فاللغو من الأفعال في نظر الدين الأعمال
المباحة التي لا ينتفع بها في الآخرة أو في
الدنيا بحيث ينتهي أيضا إلى الآخرة، كالأكل
والشرب بداعي شهوة التغذي اللذين يتفرع
عليهما التقوي على طاعة الله وعبادته، فإذا كان
الفعل لا ينتفع به في آخرة ولا في دنيا تنتهي بنحو
إلى آخرة فهو اللغو، وبنظر أدق: هو ما عدا
الواجبات والمستحبات من الأفعال.
ولم يصف سبحانه المؤمنين بترك اللغو
مطلقا، فإن الإنسان في معرض العثرة
ومزلة الخطيئة، وقد عفا عن السيئات إذا
اجتنبت الكبائر كما قال: * (إن تجتنبوا كبائر
ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم
مدخلا كريما) * (14).



(1) تحف العقول: 218.
(2) غرر الحكم: 8520، 8689، 10270.
(3) غرر الحكم: 8520، 8689، 10270.
(4) غرر الحكم: 8520، 8689، 10270.
(5) تنبيه الخواطر: 2 / 116.
(6) غرر الحكم: 5290، 1982.
(7) غرر الحكم: 5290، 1982.
(8) البحار: 78 / 53 / 89.
(9) غرر الحكم: 8633، 8765، 8607.
(10) غرر الحكم: 8633، 8765، 8607.
(11) غرر الحكم: 8633، 8765، 8607.
(12) غرر الحكم: 8528.
(13) البحار: 71 / 181 / 37.
(14) النساء: 31.
2791
بل وصفهم بالإعراض عن اللغو دون مطلق
تركه، والإعراض يقتضي أمرا بالفعل يدعو إلى
الاشتغال به فيتركه الإنسان صارفا وجهه عنه إلى
غيره لعدم اعتداده به واعتنائه بشأنه، ولازمه
ترفع النفس عن الأعمال الخسيسة، واعتلاؤها
عن الاشتغال بما ينافي الشرف والكرامة، وتعلقها
بعظائم الأمور وجلائل المقاصد.
ومن حق الإيمان أن يدعو، إلى ذلك، فإن فيه
تعلقا بساحة العظمة والكبرياء ومنبع العزة والمجد
والبهاء والمتصف به لا يهتم إلا بحياة سعيدة أبدية
خالدة، فلا يشتغل إلا بما يستعظمه الحق، ولا
يستعظم ما يهتم به سفلة الناس وجهلتهم، وإذا
خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، وإذا مروا باللغو
مروا كراما.
ومن هنا يظهر أن وصفهم بالإعراض عن اللغو
كناية عن علو همتهم وكرامة نفوسهم (1).

2792
(476)
اللقطة
وسائل الشيعة: 17 / 347.

2793
[3577]
اللقطة
- الإمام الباقر (عليه السلام): لا يأكل الضالة إلا
الضالون (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في اللقطة -: لا تعرض
لها، فإن الناس لو تركوها لجاء صاحبها حتى
يأخذها (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما سئل عن اللقطة -:
يعرفها، فإن جاء صاحبها دفعها إليه وإلا حبسها
حولا، فإن لم يجئ صاحبها أو من يطلبها تصدق
بها، فإن جاء صاحبها بعد ما تصدق بها، إن شاء
اغترمها الذي كانت عنده وكان الأجر له (3).
(انظر) وسائل الشيعة: 17 / 349 باب " وجوب تعريف اللقطة
سنة إذا كانت أكثر من درهم ثم إن شاء تصدق بها، وإن شاء
حفظها لصاحبها، وإن شاء تصرف فيها ".

2794
(477)
اللقاء
لقاء الله سبحانه وتعالى
البحار: 6 / 124 باب: 4.
كنز العمال: 14 / 437.
المحجة البيضاء: 8 / 3، 101.
انظر:
عنوان 435 " المقربون "، الانس: باب 310، البلاء: باب 408.
الثواب: باب 472، المحبة (2): باب 671، المعرفة: (3): باب 2634 - 2638.
القلب: باب: 3390، 3391.

2795
[3578]
شوق اللقاء
الكتاب
* (وما أعجلك عن قومك يا موسى * قال هم أولاء على
أثري وعجلت إليك رب لترضى) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): الشوق شيمة الموقنين (2).
- عنه (عليه السلام): الشوق خلصان العارفين (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): المعرفة رأس مالي،
والعقل أصل ديني، والحب أثاثي، والشوق
مركبي، وذكر الله عز وجل أنيسي (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل ناجى موسى بن
عمران (عليه السلام) بمائة ألف كلمة وأربعة وعشرين ألف
كلمة، في ثلاثة أيام ولياليهن، ما طعم فيها
موسى ولا شرب فيها، فلما انصرف إلى بني
إسرائيل وسمع كلامهم مقتهم، لما كان وقع في
مسامعه من حلاوة كلام الله عز وجل (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في الدعاء -: أسألك
الرضا بالقضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة
النظر إلى وجهك، وشوقا إلى رؤيتك ولقائك (6).
- أبو الدرداء لكعب الأحبار: أخبرني
عن أخص آية في التوراة؟ فقال: يقول
الله عز وجل: طال شوق الأبرار إلى لقائي، وأنا
إلى لقائهم لأشد شوقا.
قال: ومكتوب إلى جانبها: " من طلبني
وجدني، ومن طلب غيري لم يجدني " فقال
أبو الدرداء: أشهد أني لسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقول هذا (7).
- في أخبار داود (عليه السلام) أن الله عز وجل أوحى
إليه: يا داود! إلى كم تذكر الجنة ولا تسألني
الشوق إلي؟ قال: يا رب من المشتاقون إليك؟
قال: إن المشتاقين إلي الذين صفيتهم من كل
كدر، وأنبهتهم بالحذر، وخرقت من قلوبهم إلي
خرقا ينظرون إلي (8).
- أيضا: قل لعبادي المتوجهين إلي
بمحبتي: ما ضركم إذا احتجبتم عن خلقي إذ
رفعت الحجاب فيما بيني وبينكم حتى تنظروا
إلي بعيون قلوبكم (9).
- أيضا: وانظر إلي ببصر قلبك، ولا تنظر بعينك
التي في رأسك إلى الذين حجبت عقولهم عني (10).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتاب له إلى معاوية -:
وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين



(1) طه: 83، 84.
(2) غرر الحكم: 663، 855.
(3) غرر الحكم: 663، 855.
(4) المحجة البيضاء: 8 / 101.
(5) الخصال: 642 / 20.
(6) مكارم الأخلاق: 2 / 31 / 2069.
(7) المحجة البيضاء: 8 / 58 وص 59 وص 61.
(8) المحجة البيضاء: 8 / 58 وص 59 وص 61.
(9) المحجة البيضاء: 8 / 58 وص 59 وص 61.
(10) المحجة البيضاء: 8 / 58 وص 59 وص 61.
2796
والأنصار... متسربلين سرابيل الموت، أحب
اللقاء إليهم لقاء ربهم (1).
- عنه (عليه السلام) - في حث أصحابه على القتال -:
من [ال‍] رائح إلى الله كالظمآن يرد الماء، الجنة تحت
أطراف العوالي! اليوم تبلى الأخبار! والله لأنا
أشوق إلى لقائهم منهم إلى ديارهم (2).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى أهل مصر -: وإني
إلى لقاء الله لمشتاق، وحسن ثوابه لمنتظر راج (3).
- عنه (عليه السلام): من يكن الله أمله يدرك غاية الأمل
والرجاء (4).
- عنه (عليه السلام): من أمل غير الله سبحانه أكذب
آماله (5).
- عنه (عليه السلام): ضاع من كان له مقصد غير الله (6).
(انظر) المحجة البيضاء: 27 " بيان أن أجل اللذات
وأعلاها معرفة الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم ".
[3579]
موجبات الشوق
- في أخبار داود (عليه السلام): إن الله عز وجل أوحى
إليه: يا داود! إني خلقت قلوب المشتاقين من
رضواني، ونعمتها بنور وجهي...
فقال داود: يا رب! بم نالوا منك هذا؟ قال:
بحسن الظن، والكف عن الدنيا وأهلها،
والخلوات بي ومناجاتهم لي، وإن هذا منزل
لا يناله إلا من رفض الدنيا وأهلها، ولم يشتغل
بشئ من ذكرها، وفرغ قلبه لي واختارني
على جميع خلقي، فعند ذلك أعطف عليه فأفرغ
نفسه له، وأكشف الحجاب فيما بيني وبينه، حتى
ينظر إلي نظر الناظر بعينه إلى الشئ (7).
- أيضا: يا داود! لو يعلم المدبرون عني
كيف انتظاري لهم، ورفقي بهم، وشوقي إلى ترك
معاصيهم، لماتوا شوقا إلي وتقطعت أوصالهم من
محبتي (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في الدعاء -: اللهم ارزقني
حبك، وحب من يحبك، وحب ما يقربني إلى
حبك، واجعل حبك أحب إلي من الماء البارد (9).
- الإمام علي (عليه السلام): شوقوا أنفسكم إلى نعيم
الجنة تحبوا الموت وتمقتوا الحياة (10).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل بماذا أحببت لقاء الله؟ -:
لما رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله
وأنبيائه علمت أن الذي أكرمني بهذا ليس
ينساني، فأحببت لقاءه (11).
(انظر) الموت: باب 3737.
[3580]
من أحب لقاء الله
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب لقاء الله أحب الله
لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه،



(1) نهج البلاغة: الكتاب 28، والخطبة 124، والكتاب 62.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 28، والخطبة 124، والكتاب 62.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 28، والخطبة 124، والكتاب 62.
(4) غرر الحكم: 8820، 8953، 5907.
(5) غرر الحكم: 8820، 8953، 5907.
(6) غرر الحكم: 8820، 8953، 5907.
(7) المحجة البيضاء: 8 / 59 - 60، ص 62، ص 5.
(8) المحجة البيضاء: 8 / 59 - 60، ص 62، ص 5.
(9) المحجة البيضاء: 8 / 59 - 60، ص 62، ص 5.
(10) غرر الحكم: 5779.
(11) البحار: 6 / 127 / 11.
(12) كنز العمال: 42121.
2797
ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قالوا: يا رسول الله!
كلنا نكره الموت! قال: ليس ذلك كراهية الموت،
ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله بما هو
صائر إليه، فليس شئ أحب إليه من أن يكون قد
لقي الله، فأحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن
الفاجر إذا حضر جاءه ما هو صائر إليه من الشر
فكره لقاء الله فكره الله لقاءه (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل: من أحب لقاء
الله أحب الله لقاءه، ومن أبغض لقاء الله أبغض الله
لقاءه؟ -: نعم.
فقلت: فوالله إنا لنكره الموت! فقال:
ليس ذلك حيث تذهب، إنما ذلك عند المعاينة إذا
رأى ما يحب فليس شئ أحب إليه من أن يتقدم،
والله يحب لقاءه وهو يحب لقاء الله حينئذ، وإذا
رأى ما يكره فليس شئ أبغض إليه من لقاء الله
والله عز وجل يبغض لقاءه (2).
- يحيى بن سابور: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) في
الميت تدمع عينه عند الموت، فقال: ذاك عند
معاينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيرى ما يسره [وما يحبه]
قال: ثم قال: أما ترى الرجل يرى ما يسره وما
يحب، فتدمع عينه ويضحك؟ (3).
- الإمام علي (عليه السلام): تمسكوا بما أمركم الله به، فما
بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى ما يحب إلا أن
يحضره رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما عند الله خير وأبقى،
وتأتيه البشارة من الله عز وجل فتقر عينه ويحب
لقاء الله (4).
- عنه (عليه السلام): لما أراد الله تبارك وتعالى قبض
روح إبراهيم (عليه السلام) أهبط إليه ملك الموت، فقال:
السلام عليك يا إبراهيم، قال: وعليك السلام
يا ملك الموت أداع أم ناع؟ قال: بل داع
يا إبراهيم فأجب!
قال إبراهيم (عليه السلام): فهل رأيت خليلا يميت
خليله؟... فقال الله جل جلاله: يا ملك الموت
اذهب إليه وقل له: هل رأيت حبيبا يكره لقاء
حبيبه؟ إن الحبيب يحب لقاء حبيبه (5).
وفي خبر:... فقال: يا ملك الموت
الآن فاقبض (6).
- عنه (عليه السلام): من اشتاق أدلج (7).
- عنه (عليه السلام): من اشتاق سلا (8).
- عنه (عليه السلام): من أحب لقاء الله سبحانه سلا
عن الدنيا (9).
[3581]
اللقاء في القرآن
- الإمام علي (عليه السلام) - وقد قال له رجل: إني قد
شككت في كتاب الله المنزل! -: هات ويحك ما
شككت فيه، قال: وأجد الله جل جلاله يقول * (بل
هم بلقاء ربهم كافرون) * (10) وذكر المؤمنين فقال:



(1) كنز العمال: 42198.
(2) معاني الأخبار: 236 / 1 و 236 / 2.
(3) معاني الأخبار: 236 / 1 و 236 / 2.
(4) الخصال: 614 / 10.
(5) أمالي الصدوق: 164 / 1.
(6) تنبيه الخواطر: 223.
(7) غرر الحكم: 9159، 7730، 8425.
(8) غرر الحكم: 9159، 7730، 8425.
(9) غرر الحكم: 9159، 7730، 8425.
(10) السجدة: 10.
2798
* (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه
راجعون) * (1) وقال: * (تحيتهم يوم يلقونه سلام) * (2)
وقال: * (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله
لآت) * (3) وقال: * (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل
عملا صالحا) * (4).
فمرة يخبر أنهم يلقونه، ومرة أنه
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ومرة
يقول: * (ولا يحيطون به علما) * فأنى ذلك يا أمير
المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع؟!
فقال (عليه السلام): وأما قوله: * (بل هم بلقاء ربهم
كافرون) * وذكر الله المؤمنين * (الذين يظنون أنهم
ملاقوا ربهم) * وقوله لغيرهم: * (إلى يوم يلقونه بما
أخلفوا الله ما وعدوه) * (5) وقوله * (فمن كان يرجو
لقاء ربه فليعمل عملا صالحا) * فأما قوله: * (بل هم
بلقاء ربهم كافرون) * يعني البعث فسماه الله
عز وجل لقاءه، وكذلك ذكر المؤمنين * (الذين
يظنون أنهم ملاقوا ربهم) * يعني يوقنون أنهم
يبعثون ويحشرون ويحاسبون ويجزون بالثواب
والعقاب، فالظن ههنا اليقين خاصة، وكذلك
قوله: * (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا
صالحا) * وقوله: * (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل
الله لآت) * يعني: من كان يؤمن بأنه مبعوث فإن
وعد الله لآت من الثواب والعقاب، فاللقاء ههنا
ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث، فافهم جميع ما
في كتاب الله من لقائه فإنه يعني بذلك البعث،
وكذلك قوله: * (تحيتهم يوم يلقونه سلام) * يعني أنه
لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون، قال:
فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك، فقد
حللت عني عقدة (6).



(1) البقرة: 46.
(2) الأحزاب: 44.
(3) العنكبوت: 5.
(4) الكهف: 110.
(5) التوبة: 77.
(6) التوحيد: 255 - 258 - 267.
2799
(478)
اللهو
البحار: 73 / 154 باب: 125.
كنز العمال: 15 / 211 - 231.
انظر:
عنوان 475 " اللغو "، 398 " الغناء "، الدنيا: باب 1226، الدين: باب 1309.
التجارة: باب 446.

2801
[3582]
اللهو
الكتاب
* (إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر
بينكم) * (1).
* (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن
سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب
مهين) * (2).
* (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما
قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير
الرازقين) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): عباد الله، أين الذين
عمروا فنعموا، وعلموا ففهموا، وانظروا
فلهوا؟! (4).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس، اتقوا الله، فما خلق
امرؤ عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو! (5).
- عنه (عليه السلام): ما خلق الله سبحانه أمرا عبثا
فيلهو، ما ترك الله سبحانه أمرا سدى فيلغو (6).
- عنه (عليه السلام): اهجر اللهو فإنك لم تخلق عبثا
فتلهو، ولم تترك سدى فتلغو (7).
- عنه (عليه السلام): أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا
أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر،
أو أكون أسوة لهم في جشوبة [خشونة] العيش!
فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة
المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها،
تكترش من أعلافها، وتلهو عما يراد بها، أو اترك
سدى، أو أهمل عابثا (8).
- عنه (عليه السلام): اللهو قوت الحماقة (9).
- عنه (عليه السلام): اللهو من ثمار الجهل (10).
- الإمام الهادي (عليه السلام): الهزل فكاهة السفهاء،
وصناعة الجهال (11).
- الإمام علي (عليه السلام): أفضل العقل مجانبة اللهو (12).
- عنه (عليه السلام): أعرضوا عن كل عمل بكم غنى عنه (13).
- عنه (عليه السلام): غشك من أرضاك بالباطل،
وأغراك بالملاهي والهزل (14).
- عنه (عليه السلام): لا تغرنك العاجلة بزور الملاهي،
فإن اللهو ينقطع ويلزمك ما اكتسبت من المآثم (15).
- عنه (عليه السلام): شر ما ضيع فيه العمر اللعب (11).
- عنه (عليه السلام): لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير



(1) الحديد: 20.
(2) لقمان: 6.
(3) الجمعة: 11.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 83، الحكمة 370.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 83، الحكمة 370.
(6) غرر الحكم: (9606، 9607)، 2435.
(7) غرر الحكم: (9606، 9607)، 2435.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 45.
(9) غرر الحكم: 937، 267.
(10) غرر الحكم: 937، 267.
(11) البحار: 78 / 369 / 4.
(12) غرر الحكم: 3001، 2558، 6415، 10363، 5729.
(13) غرر الحكم: 3001، 2558، 6415، 10363، 5729.
(14) غرر الحكم: 3001، 2558، 6415، 10363، 5729.
(15) غرر الحكم: 3001، 2558، 6415، 10363، 5729.
(16) غرر الحكم: 3001، 2558، 6415، 10363، 5729.
2802
العمل... إن سقم ظل نادما، وإن صح أمن لاهيا..
اللهو مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء (1).
[3583]
ثمرات اللهو
- الإمام علي (عليه السلام): اللهو يسخط الرحمن،
ويرضي الشيطان، وينسي القرآن (2).
- عنه (عليه السلام): مجالسة أهل اللهو ينسي القرآن،
ويحضر الشيطان (3).
- عنه (عليه السلام): اللهو يفسد عزائم الجد (4).
- عنه (عليه السلام): الأباطيل موقعة في الأضاليل (5).
- عنه (عليه السلام): أول اللهو لعب، وآخره حرب (6).
- عنه (عليه السلام): رب لهو يوحش حرا (7).
- عنه (عليه السلام): لا تفن عمرك في الملاهي،
فتخرج من الدنيا بلا أمل (8).
- عنه (عليه السلام): مجالس اللهو تفسد الإيمان (9).
[3584]
المستهتر باللهو
- الإمام علي (عليه السلام): أبعد الناس عن الصلاح
المستهتر باللهو (10).
- عنه (عليه السلام): أبعد الناس من النجاح المستهتر
باللهو والمزاح (11).
- عنه (عليه السلام): من كثر لهوه استحمق (12).
- عنه (عليه السلام): من كثر لهوه قل عقله (13).
- عنه (عليه السلام): لا يفلح من وله باللعب، واستهتر
باللهو والطرب (14).
- عنه (عليه السلام): لم يعقل من وله باللعب،
واستهتر باللهو والطرب (15).
[3585]
الإيمان واللهو
- الإمام الحسن (عليه السلام): المؤمن لا يلهو حتى
يغفل، فإذا تفكر حزن (16).
- الإمام علي (عليه السلام): المؤمن يعاف اللهو،
ويألف الجد (17).
- عنه (عليه السلام) - في صفة المؤمن -: مشغول
وقته (18).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - فيمن طلب الصيد
لاهيا -: وإن المؤمن لفي شغل عن ذلك،
شغله طلب الآخرة عن الملاهي - إلى أن قال: -
وإن المؤمن عن جميع ذلك لفي شغل، ماله
وللملاهي؟! فإن الملاهي تورث قساوة القلب
وتورث النفاق (19).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 150.
(2) البحار: 78 / 9 / 66 و 77 / 291 / 1.
(3) البحار: 78 / 9 / 66 و 77 / 291 / 1.
(4) غرر الحكم: 2165، 1274، 3132، 5291، 10360، 9815، 3067،.
(5) غرر الحكم: 2165، 1274، 3132، 5291، 10360، 9815، 3067،.
(6) غرر الحكم: 2165، 1274، 3132، 5291، 10360، 9815، 3067،.
(7) غرر الحكم: 2165، 1274، 3132، 5291، 10360، 9815، 3067،.
(8) غرر الحكم: 2165، 1274، 3132، 5291، 10360، 9815، 3067،.
(9) غرر الحكم: 2165، 1274، 3132، 5291، 10360، 9815، 3067،.
(10) غرر الحكم: 2165، 1274، 3132، 5291، 10360، 9815، 3067،.
(11) غرر الحكم: 3333، 7969، 8426، 10876، 7568.
(12) غرر الحكم: 3333، 7969، 8426، 10876، 7568.
(13) غرر الحكم: 3333، 7969، 8426، 10876، 7568.
(14) غرر الحكم: 3333، 7969، 8426، 10876، 7568.
(15) غرر الحكم: 3333، 7969، 8426، 10876، 7568.
(16) تنبيه الخواطر: 1 / 52.
(17) غرر الحكم: 1502.
(18) نهج البلاغة: الحكمة 333.
(19) مستدرك الوسائل: 13 / 216 / 15163.
2803
- في مجمع البيان: عن معمر قال: إن
الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا لنلعب، فقال: ما
للعب خلقنا، فأنزل الله فيه * (وآتيناه الحكم
صبيا) * وروي ذلك عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأله صفوان
الجمال عن صاحب هذا الأمر -: صاحب هذا
الأمر لا يلهو ولا يلعب، وأقبل أبو الحسن وهو
صغير ومعه بهمة عناق مكية ويقول لها: اسجدي
لربك، فاخذه أبو عبد الله (عليه السلام) وضمه إليه وقال:
بأبي أنت وأمي من لا يلهو ولا يلعب (2).
- الإمام علي (عليه السلام): عجبا لابن النابغة! يزعم
لأهل الشام أن في دعابة (3)، وأني امرؤ تلعابة،
أعافس وأمارس! لقد قال باطلا، ونطق آثما.. أما
والله إنه ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه
من قول الحق نسيان الآخرة (4).
[3586]
لهو المؤمن
- الإمام الباقر (عليه السلام): لهو المؤمن في ثلاثة
أشياء: التمتع بالنساء، ومفاكهة الإخوان،
والصلاة بالليل (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل لهو المؤمن باطل إلا
في ثلاث: في تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه،
وملاعبته امرأته، فإنهن حق (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): خير لهو المؤمن السباحة، وخير
لهو المرأة المغزل (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كل شئ ليس من ذكر الله لهو
ولعب، إلا أن يكون أربعة: ملاعبة الرجل امرأته،
وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين
الغرضين، وتعليم الرجل السباحة (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الهوا والعبوا، فإني أكره أن
يرى في دينكم غلظة (9).
أقول: لو صح الحديث فهو محمول على ما
تقدم من لهو المؤمن مما له فائدة.
[3587]
اللعب بالحمام
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحمامات الطيارات حاشية
المنافقين (10).
- الإمام علي (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله) رأى رجلا
يرسل طيرا، فقال: شيطان يتبع شيطانا (11).
- عن أنس بن مالك: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
رأى رجلا يطلب حماما فقال: شيطان يطلب
شيطانا (12).
- أبو هريرة: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأى رجلا يتبع
حمامة، فقال: شيطانا يتبع شيطانة (13).



(1) مجمع البيان: 6 / 781.
(2) البحار: 48 / 19 / 27.
(3) ذكر ابن أبي الحديد: إن أصل هذا الإشكال من عمر. راجع
شرح نهج البلاغة: 6 / 336.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 84، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
6 / 336.
(5) البحار: 76 / 59 / 5.
(6) الكافي: 5 / 50 / 13.
(7) كنز العمال: 40611، 40612، 40616.
(8) كنز العمال: 40611، 40612، 40616.
(9) كنز العمال: 40611، 40612، 40616.
(10) مستدرك الوسائل: 8 / 306 / 9512 و ح 9513 و 16 / 129 / 19360.
(11) مستدرك الوسائل: 8 / 306 / 9512 و ح 9513 و 16 / 129 / 19360.
(12) مستدرك الوسائل: 8 / 306 / 9512 و ح 9513 و 16 / 129 / 19360.
(13) سنن أبي داود: 4940.
2804
(479)
اللواط
البحار: 79 / 75 / الباب: 71.
وسائل الشيعة: 18 / 416.
البحار: 79 / 77 / الباب: 73.

2805
[3588]
اللواط
الكتاب
* (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها
من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون
النساء بل أنتم قوم مسرفون) * (1).
(انظر): الأنبياء: 74، 75، الشعراء: 174،
النمل: 54، العنكبوت: 28، 35.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أخوف ما أخاف على
أمتي من عمل قوم لوط (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من وجدتموه يعمل عمل قوم
لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من ألح في وطي الرجال لم
يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه (4).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أمكن أحد من نفسه
طائعا يلعب به إلا ألقى الله عليه شهوة النساء (5).
[3589]
علة تحريم اللواط
- الإمام الرضا (عليه السلام): علة تحريم الذكران للذكران
والإناث للإناث، لما ركب في الإناث وما طبع
عليه الذكران، ولما في إتيان الذكران الذكران
والإناث الإناث من انقطاع النسل، وفساد
التدبير، وخراب الدنيا (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأله الزنديق عن
علة تحريم اللواط -: من أجل أنه لو كان
إتيان الغلام حلالا لاستغنى الرجال عن النساء،
وكان فيه قطع النسل، وتعطيل الفروج، وكان في
إجازة ذلك فساد كثير.
قال: فلم حرم إتيان البهيمة؟
قال (عليه السلام): كره أن يضيع الرجل ماءه ويأتي
غير شكله، ولو أباح ذلك لربط كل رجل أتانا (7)
يركب ظهرها ويغشى فرجها، فكان يكون
في ذلك فساد كثير، فأباح ظهورها وحرم
عليهم فروجها، وخلق للرجال النساء ليأنسوا
بهن، ويسكنوا إليهن، ويكن موضع شهواتهم
وأمهات أولادهم (8).
- الإمام علي (عليه السلام): فرض الله الإيمان تطهيرا
من الشرك... وترك اللواط تكثيرا للنسل (9).



(1) الأعراف: 80، 81.
(2) الترغيب والترهيب: 3 / 285 / 1 وص 288 / 7.
(3) الترغيب والترهيب: 3 / 285 / 1 وص 288 / 7.
(4) ثواب الأعمال: 316 / 3 و 317 / 11.
(5) ثواب الأعمال: 316 / 3 و 317 / 11.
(6) علل الشرائع: 547 / 1.
(7) الأتان: الحمارة.
(8) البحار: 10 / 181 / 2.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 252.
2806
[3590]
الواطئ
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين... على ناكح يده، وعلى من
أتى الذكران من العالمين (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من يعمل من أمتي عمل قوم
لوط ثم يموت على ذلك فهو مؤجل إلى أن
يوضع في لحده، فإذا وضع فيه لم يمكث أكثر
من ثلاث حتى تقذفه الأرض إلى جملة قوم لوط
المهلكين فيحشر معهم (2).
- ميمون اللبان: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرئ
عنده آيات من هود، فلما بلغ * (وأمطرنا عليهم
حجارة من سجيل مسومة عند ربك وما هي من
الظالمين ببعيد) * فقال (عليه السلام): من مات مصرا على
اللواط فلم يتب يرميه الله بحجر من تلك الحجارة
يكون فيه منيته ولا يراه أحد (3).
[3591]
الموطوء
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله تعالى جعل شهوة
المؤمن في صلبه، وجعل شهوة الكافر في دبره (4).
- عنه (عليه السلام): ما كان في شيعتنا فلا يكون فيهم
ثلاثة أشياء: لا يكون فيهم من يسأل بكفه،
ولا يكون فيهم بخيل، ولا يكون فيهم من يؤتى
في دبره (5).
- عنه (عليه السلام): حرم الله على كل دبر مستنكح
الجلوس على إستبرق الجنة (6).
(انظر) عنوان 257 " التشبه ".

2807
حرف الميم
480 - الملامة... 2811
481 - الأمثال... 2815
482 - التمثال... 2847
483 - الامتحان... 2851
484 - المدح... 2859
485 - المرأة... 2867
486 - المروءة... 2877
487 - المرض... 2883
488 - المراء... 2891
489 - المزاح... 2895
490 - المسخ... 2899
491 - المشي... 2907
492 - المكر... 2911
493 - التملق... 2917
494 - الملك... 2919
495 - الملائكة... 2929
496 - الملكوت... 2939
497 - الإملاء... 2947
498 - الاستمناء... 2941
499 الموت... 2953
500 - المال... 2981

2809
(480)
الملامة
انظر:
النفس: باب 3917، الخوف: باب 1145.

2811
[3592]
ملامة النفس
الكتاب
* (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد
الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا
أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا
أنفسكم...) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): لا يحمد حامد إلا ربه، ولا يلم
لائم إلا نفسه (2).
- المسيح (عليه السلام): يا عبيد السوء! تلومون الناس
على الظن، ولا تلومون أنفسكم على اليقين؟! (3).
- الإمام علي (عليه السلام): من وضع نفسه مواضع
التهمة فلا يلومن من أساء به الظن (4).
[3593]
رب ملوم لا ذنب له
- الإمام الحسن (عليه السلام) - في وصف أخ له -: كان
لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله، حتى
يرى اعتذارا (5).
- الإمام علي (عليه السلام): كان لي فيما مضى أخ في
الله... وكان لا يلوم أحدا على ما يجد العذر في
مثله، حتى يسمع اعتذاره (6).
- عنه (عليه السلام): رب ملوم ولا ذنب له (7).
- عنه (عليه السلام) - من كتاب له إلى معاوية -: وما
كنت لأعتذر من أني كنت أنقم عليه أحداثا، فإن
كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له، فرب ملوم
لا ذنب له (8).
[3594]
العتاب وآدابه
- الإمام علي (عليه السلام): العتاب (9) حياة المودة (10).
- عنه (عليه السلام): لا تعاتب الجاهل فيمقتك، وعاتب
العاقل يحببك (11).
- عنه (عليه السلام): إذا عاتبت فاستبق (12).
- عنه (عليه السلام) - من وصاياه لابنه الحسن (عليه السلام) -: وإن
أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك
بقية يرجع إليها إن بدا له ذلك يوما ما (13).
- عنه (عليه السلام): أبق لرضاك من غضبك، وإذا



(1) إبراهيم: 22.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 16.
(3) البحار: 14 / 305 / 17.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 159.
(5) البحار: 69 / 295 / 24.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 289.
(7) غرر الحكم: 5339.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 28.
(9) عاتبه على كذا: لامه. المنجد: 485.
(10) غرر الحكم: 315، 10215، 3977.
(11) غرر الحكم: 315، 10215، 3977.
(12) غرر الحكم: 315، 10215، 3977.
(13) نهج البلاغة: الكتاب 31.
2812
طرت فقع شكيرا (1).
- عنه (عليه السلام): لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك
تلفا، أحبب حبيبك هونا ما، وأبغض بغيضك
هونا ما (2).
(انظر) العشرة: باب 2734.
[3595]
الإفراط في الملامة
- الإمام علي (عليه السلام): الإفراط في الملامة يشب
نار اللجاجة (3).
- عنه (عليه السلام): إياك أن تكرر العتب، فإن ذلك
يغري بالذنب، ويهون العتب (4).
- عنه (عليه السلام): لا تكثرن العتاب، فإنه يورث
الضغينة، ويدعو إلى البغضاء (5).
- عنه (عليه السلام): كثرة العتاب تؤذن بالارتياب (6).



(1) غرر الحكم: 2340.
(2) البحار: 74 / 178 / 18.
(3) غرر الحكم: 1768، 3748، 10412، 7111.
(4) غرر الحكم: 1768، 3748، 10412، 7111.
(5) غرر الحكم: 1768، 3748، 10412، 7111.
(6) غرر الحكم: 1768، 3748، 10412، 7111.
2813
(481)
الأمثال
سنن الترمذي: 5 / 144 " كتاب الأمثال ".
انظر:
الربا: باب 1432، الحياء: باب 994.

2815
[3596]
الأمثال
الكتاب
* (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا
العالمون) * (1).
* (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى
أكثر الناس الا كفورا) * (2).
* (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان
الانسان أكثر شئ جدلا) * (3).
* (ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين
خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين) * (4).
- الإمام علي (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى
الله الذي ضرب الأمثال، ووقت لكم الآجال (5).
- عنه (عليه السلام): ضروب الأمثال تضرب لأولي
النهى والألباب (6).
- عنه (عليه السلام): لأهل الاعتبار تضرب الأمثال (7).
- عنه (عليه السلام): للاعتبار تضرب الأمثال (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن صحف إبراهيم -
كانت أمثالا كلها (9).
- الإمام علي (عليه السلام):... وبعث إلى الجن
والإنس رسله، ليكشفوا لهم عن غطائها،
وليحذروهم من ضرائها، وليضربوا لهم أمثالها (10).
- عنه (عليه السلام): فيالها أمثالا صائبة، ومواعظ
شافية، لو صادفت قلوبا زاكية، وأسماعا واعية،
وآراء عازمة، وألبابا حازمة (11).
[3597]
حكم الأمثال
- الإمام علي (عليه السلام): إن الأمور إذا اشتبهت
اعتبر آخرها بأولها (12).
- عنه (عليه السلام) - لابنه الحسن (عليه السلام) -: استدل على ما
لم يكن بما قد كان، فإن الأمور أشباه (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): والله ما يساوي ما مضى من
دنياكم هذه بأهداب (14) بردي هذا، ولما بقي منها
أشبه بما مضى من الماء بالماء (15).
- الإمام علي (عليه السلام): إذا دعاك القرآن إلى



(1) العنكبوت: 43.
(2) الإسراء: 89.
(3) الكهف: 54.
(4) النور: 34.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 83.
(6) غرر الحكم: 5908.
(7) غرر الحكم: 7629، 7330.
(8) غرر الحكم: 7629، 7330.
(9) الترغيب والترهيب: 3 / 188 / 24.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 183 و 83، والحكمة 76، والكتاب 31.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 183 و 83، والحكمة 76، والكتاب 31.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 183 و 83، والحكمة 76، والكتاب 31.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 183 و 83، والحكمة 76، والكتاب 31.
(14) الأهداب: جمع هدب وهو خمل الثوب وطرته. كما في هامش
البحار.
(15) أعلام الدين: 341 / 28.
2816
خلة جميلة فخذ نفسك بأمثالها (1).
- عنه (عليه السلام): أعقل ذلك، فإن المثل دليل
على شبهه (2).
- عنه (عليه السلام) - في خطبة القاصعة -: وإن عندكم
الأمثال من بأس الله وقوارعه، وأيامه ووقائعه،
فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه، وتهاونا
ببطشه، ويأسا من بأسه (3).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: فاعتبروا بحال ولد
إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل (عليهم السلام)، فما
أشد اعتدال الأحوال، وأقرب اشتباه الأمثال (4).
(انظر) عنوان: 332 " العبرة ".
[3598]
مثل الحق والباطل
الكتاب
* (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل
السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية
أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد
فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك
يضرب الله الأمثال) * (5).
(انظر) الحق: باب 886.
الباطل: باب 360.
[3599]
مثل الطريق إلى الله
الكتاب
* (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا
السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم
تتقون) * (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله ضرب مثلا صراطا
مستقيما، على كنفي الصراط داران لهما أبواب
مفتحة، على الأبواب ستور وداع يدعو على رأس
الصراط، وداع يدعو فوقه، والله يدعو إلى دار
السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم،
والأبواب التي على كنفي الصراط حدود الله، فلا
يقع أحد في حدود الله حتى يكشف الستر، والذي
يدعو من فوقه واعظ ربه (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ضرب الله صراطا مستقيما، وعلى
جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة،
وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط
داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا
ولا تتفرقوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا
أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال:
ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط
الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة
محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط
كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله تعالى في
قلب كل مسلم (8).
- ابن مسعود: خط رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطا بيده ثم
قال: هذا سبيل الله مستقيما، ثم خط خطوطا عن
يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال: وهذه السبل
ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه،



(1) غرر الحكم: 4143.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 153 و 192 و 192.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 153 و 192 و 192.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 153 و 192 و 192.
(5) الرعد: 17.
(6) الأنعام: 153.
(7) صحيح الترمذي: 2859.
(8) الدر المنثور: 1 / 39.
2817
ثم قرأ * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل...) * (1).
(انظر) عنوان: 218 " السبيل "، عنوان: 293 " الصراط ".
الإمامة (1): باب 125.
[3600]
مثل النبي وأمته ورسالته
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثلي ومثلكم كمثل رجل
أوقد نارا فجعل الفراش والجنادب يقعن فيها وهو
يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم
تفلتون من يدي (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا
عدوا يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم، فبينما هم
كذلك أبصر العدو فأقبل لينذرهم وخشي ليدركهم
العدو (3) قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه، أيها
الناس اتيتم ثلاث مرات (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما مثلي ومثلكم ومثل الأنبياء
كمثل قوم سلكوا مفازة غبراء، لا يدرون ما قطعوا
منها أكثر أم ما بقي، فحسر ظهورهم ونفذ زادهم
وسقطوا بين ظهراني المفازة فأيقنوا بالهلكة،
فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة
يقطر رأسه فقالوا: إن هذا حديث عهد بالريف
فانتهى إليهم فقال: مالكم يا هؤلاء؟ قالوا:
ما ترى حسر ظهرنا ونفد زادنا وسقطنا
بين ظهراني المفازة، ولا ندري ما قطعنا
منه أكثر أم ما بقي علينا؟ قال: ما تجعلون
لي إن أوردتكم ماء روى ورياضا خضرا؟
قالوا نجعل لك حكمك...
فأوردهم رياضا خضرا وماء روى
فمكث يسيرا فقال: هلموا إلى رياض
أعشب من رياضكم، وماء أروى من مائكم،
فقال جل القوم: ما قدرنا على هذا حتى
كدنا ألا نقدر عليه، وقالت طائفة منهم:
ألستم قد جعلتم لهذا الرجل عهودكم ومواثيقكم
أن لا تعصوه وقد صدقكم في أول حديثه،
وآخر حديثه مثل أوله، فراح وراحوا معه
فأوردهم رياضا خضرا وماء روى، وأتى
الآخرين العدو من تحت ليلتهم فأصبحوا
ما بين قتيل وأسير (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثلي ومثل ما بعثني الله به
كمثل رجل أتى قوما فقال: يا قوم إني
رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير
العريان فالنجاء النجاء! فأطاعته طائفة
من قوم فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا،
وكذبته طائفة منهم فأصبحوا مكانه فصبحهم
الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من
أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني
وكذب بما جئت به من الحق (6).
(انظر) الترغيب والترهيب: 4 / 452، 453.
صحيح مسلم: 4 / 1787 باب 5 - 7.



(1) الدر المنثور: 3 / 385.
(2) كنز العمال: 31920.
(3) كذا، وفي المنتخب " وخشي أن يدركه العدو ". كما في هامش
كنز العمال.
(4) كنز العمال: 1022.
(5) كنز العمال: 1015، 914.
(6) كنز العمال: 1015، 914.
2818
[3601]
مثل النبي والساعة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثلي ومثل الساعة كفرسي
رهان، مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه
قومه طليعة، فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه:
أتيتم أتيتم! أنا ذاك أنا ذاك! (1).
(انظر) المعاد (1): باب 2974 " اقتربت الساعة ".
[3602]
مثل القرآن
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل القرآن ومثل الناس
كمثل الأرض والغيث، بينما الأرض ميتة هامدة
إذ أرسل الله عليها الغيث فاهتزت، ثم يرسل
الوابل فتهتز وتربو، ثم لا يزال يرسل الأودية
حتى تبذر وتنبت ويزهو نباتها ويخرج الله ما فيها
من زينتها ومعايش الناس والبهائم، وكذلك فعل
هذا القرآن بالناس (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل ما بعثني الله به من الهدى
والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها
نقية قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير،
وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها
الناس فشربوا منها وسقوا ورعوا وأصاب طائفة
منها أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء
ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله
ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من
لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي
أرسلت به (3).
[3603]
مثل أمة النبي
الكتاب
* (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار
رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله
ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك
مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه
فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع
ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات
منهم مغفرة وأجرا عظيما) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل أمتي كالمطر،
يجعل الله تعالى في أوله خيرا، وفي آخره خيرا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى
أوله خير أم آخره (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما مثل هذه الأمة كمثل
الغيث لا يدرى أوله خير أم آخره، وبين ذلك نهج
أعوج لست منه وليس مني (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثلكم أيتها الأمة كمثل عسكر
قد سار أولهم ونودي بالرحيل، فما أسرع ما
يلحق آخرهم بأولهم! والله لا الدنيا في الآخرة



(1) كنز العمال: 38332، 2457.
(2) كنز العمال: 38332، 2457.
(3) كنز العمال: 897.
(4) الفتح: 29.
(5) كنز العمال: 34569.
(6) سنن الترمذي: 2869.
(7) كنز العمال: 16 / 196 / 44216.
2819
إلا كنفحة أرنب، الحد الحد عباد الله! واستعينوا
بالله ربكم (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما مثل هذه الأمة مثل
حديقة أطعم منها فوجا عاما ثم فوجا عاما، فلعل
آخرها فوجا أن يكون أثبتها أصلا وأحسنها فرعا
وأحلاها جنى، وأكثرها خيرا وأوسعها عدلا
وأطولها ملكا (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل أمتي كحديقة قام عليها
صاحبها، فاحتدر رواكيها وهيأ مساكنها وحلق
سعفها، فأطعم عاما فوجا وعاما فوجا، فلعل
آخرهما طعما أن يكون أجودهما قنوانا
وأطولهما شمراخا، والذي بعثني بالحق! ليجدن
عيسى بن مريم في أمتي خلفا من حواريه (3).
[3604]
مثل أهل بيت النبي
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل أهل بيتي مثل سفينة
نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما مثل أهل بيتي فيكم
كمثل سفينة نوح (عليه السلام)، من دخلها نجا، ومن
تخلف عنها غرق (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما مثل أهل بيتي فيكم
كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف
عنها هلك (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل أهل بيتي فيكم كمثل
سفينة نوح، فمن قوم نوح من ركب فيها نجا
ومن تخلف عنها هلك، ومثل باب حطة في
بني إسرائيل (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن مثل أهل بيتي في أمتي
كمثل سفينة نوح، في قومه من ركبها نجا ومن
تركها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من دان بديني وسلك منهاجي
واتبع سنتي، فليدن بتفضيل الأئمة من
أهل بيتي على جميع أمتي، فإن مثلهم في
هذه الأمة مثل باب حطة في بني إسرائيل (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - فيما سمعه أبو ذر -: إنما مثل
أهل بيتي في هذه الأمة كمثل سفينة نوح، من
ركبها نجا ومن تركها هلك.
وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: اجعلوا أهل بيتي
منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من
الرأس، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس،
ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: يا علي! أنا مدينة
الحكمة وأنت بابها... مثلك ومثل الأئمة من ولدك
[بعدي] مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن
تخلف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلما
غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة (11).



(1) كنز العمال: 43163، (16 / 196 / 44216)، 34570، 34151.
(2) كنز العمال: 43163، (16 / 196 / 44216)، 34570، 34151.
(3) كنز العمال: 43163، (16 / 196 / 44216)، 34570، 34151.
(4) كنز العمال: 43163، (16 / 196 / 44216)، 34570، 34151.
(5) أمالي الطوسي: 349 / 721.
(6) كنز العمال: 34169.
(7) كنز العمال: 34170.
(8) الاحتجاج: 1 / 361 / 58.
(9) أمالي الصدوق: 69 / 6.
(10) أمالي الطوسي: 482 / 1053.
(11) كمال الدين: 241 / 65.
2820
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: يا علي! مثلك في
أمتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف
عنها غرق (1).
- الإمام علي (عليه السلام): إن مثلنا فيكم كمثل
الكهف لأصحاب الكهف وكباب حطة، وهو باب
السلم فادخلوا في السلم كافة (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى -:
* (وبئر معطلة وقصر مشيد) *: البئر المعطلة الإمام
الصامت، والقصر المشيد الإمام الناطق (3).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن قول الله عز وجل:
* (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة
فيها مصباح) * -: هو مثل ضربه الله لنا، فالنبي (صلى الله عليه وآله)
والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين من دلالات
الله وآياته التي يهتدى بها إلى التوحيد ومصالح
الدين وشرائع الإسلام والفرائض والسنن (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في تفسير الآية -
* (المشكاة) * نور العلم في صدر نبي الله (صلى الله عليه وآله)
* (المصباح في زجاجة) * الزجاجة صدر علي (عليه السلام)،
صار علم النبي (صلى الله عليه وآله) إلى صدر علي (عليه السلام) (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أنا فرع من فروع
الزيتونة، وقنديل من قناديل بيت النبوة، وأديب
السفرة، وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح
المشكاة التي فيها نور النور، وصفو الكلمة الباقية
في عقب المصطفين إلى يوم الحشر (6).
- الإمام الهادي (عليه السلام) - في الزيارة الجامعة -:
خلقكم أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين، حتى من
علينا فجعلكم الله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر
فيها اسمه (7).
- الإمام علي (عليه السلام): إنما مثلي بينكم
كمثل السراج في الظلمة، يستضئ به
من ولجها (8).
(انظر) البحار: 23 / 304 باب 18.
البحار: 23 / 119 - 126.
[3605]
المثل الأعلى
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نحن كلمة التقوى، وسبيل
الهدى، والمثل الأعلى، والحجة العظمى،
والعروة الوثقى (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: يا علي! أنت
حجة الله، وأنت باب الله، وأنت الطريق إلى الله،
وأنت النبأ العظيم، وأنت الصراط المستقيم، وأنت
المثل الأعلى (10).
- الإمام الهادي (عليه السلام) - في الزيارة الجامعة -:
السلام على أئمة الهدى، ومصابيح الدجى،
وأعلام التقى، وذوي النهى، وأولي
الحجى، وكهف الورى، وورثة الأنبياء
والمثل الأعلى (11).
(انظر) باب: 3612، 3613.



(1) الخصال: 573.
(2) الغيبة للنعماني: 44.
(3) معاني الأخبار: 111 / 2.
(4) التوحيد: 157 / 2، 158 / 4.
(5) التوحيد: 157 / 2، 158 / 4.
(6) أمالي الصدوق: 490 / 9.
(7) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 275 / 1.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 187.
(9) نور الثقلين: 4 / 181 / 47.
(10) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 6 / 13 وص 273 / 1.
(11) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 6 / 13 وص 273 / 1.
2821
[3606]
مثل الكلمة الطيبة
* (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة
أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين
بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم
يتذكرون) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (كشجرة
طيبة) * -: رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصلها، وأمير
المؤمنين (عليه السلام) فرعها، والأئمة من ذريتهما
أغصانها، وعلم الأئمة ثمرتها، وشيعتهم
المؤمنون ورقها (2).
- الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) - في قول الله:
* (ضرب الله مثلا كلمة طيبة) * -: يعني النبي (صلى الله عليه وآله)
والأئمة من بعده هم الأصل الثابت، والفرع الولاية
لمن دخل فيها (3).
قال العلامة الطباطبائي في الميزان بعد نقل
الرواية الأولى: أقول: والرواية مبنية على كون
المراد بالكلمة الطيبة هو النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد أطلقت
الكلمة في كلامه على الإنسان كقوله: * (بكلمة منه
اسمه المسيح عيسى ابن مريم) * (4)، ومع ذلك
فالرواية من باب التطبيق، ومن الدليل عليه
اختلاف الروايات في كيفية التطبيق، ففي بعضها
أن الأصل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والفرع علي (عليه السلام)
والأغصان الأئمة (عليهم السلام) والثمرة علمهم والورق
الشيعة كما في هذه الرواية، وفي بعضها أن
الشجرة رسول الله وفرعها علي والغصن فاطمة
وثمرها أولادها وورقها شيعتنا كما فيما رواه
الصدوق عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)، وفي بعضها
أن النبي والأئمة هم الأصل الثابت والفرع الولاية
لمن دخل فيها كما في الكافي بإسناده عن محمد
الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (5).
التفسير:
واختلفوا في الآية أولا في المراد من الكلمة
الطيبة، فقيل: هي شهادة أن لا إله إلا الله،
وقيل: الإيمان، وقيل: القرآن، وقيل: مطلق
التسبيح والتنزيه، وقيل: الثناء على الله مطلقا،
وقيل: كل كلمة حسنة، وقيل: جميع الطاعات،
وقيل: المؤمن.
وثانيا في المراد من الشجرة الطيبة، فقيل:
النخلة وهو قول الأكثرين، وقيل: شجرة جوز
الهند، وقيل: كل شجرة تثمر ثمرة طيبة كالتين
والعنب والرمان، وقيل: شجرة صفتها ما وصفه الله
وإن لم تكن موجودة بالفعل.
ثم اختلفوا في المراد بالحين، فقيل: شهران،
وقيل: ستة أشهر، وقيل: سنة كاملة، وقيل: كل
غداة وعشي، وقيل: جميع الأوقات.
والاشتغال بأمثال هذه المشاجرات مما
يصرف الإنسان عما يهمه من البحث عن معارف
كتاب الله، والحصول على مقاصد الآيات الكريمة



(1) إبراهيم: 24، 25.
(2) الكافي: 1 / 428 / 80.
(3) تفسير العياشي: 2 / 224 / 10.
(4) آل عمران: 45.
(5) الميزان: 12 / 63.
2822
وأغراضها.
والذي يعطيه التدبر في الآيات أن
المراد بالكلمة الطيبة - التي شبهت بشجرة
طيبة من صفتها كذا وكذا - هو الاعتقاد الحق
الثابت، فإنه تعالى يقول بعد وهو كالنتيجة
المأخوذة من التمثيل: * (يثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة...) *
الآية والقول هي الكلمة ولا كل كلمة بما هي لفظ،
بل بما هي معتمدة على اعتقاد وعزم يستقيم عليه
الإنسان ولا يزيغ عنه عملا.
وقد تعرض تعالى لما يقرب من هذا المعنى
في مواضع من كلامه كقوله: * (إن الذين قالوا ربنا
الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم
يحزنون) * (1)، وقوله: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم
استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا
ولا تحزنوا) * (2)، وقوله: * (إليه يصعد الكلم الطيب
والعمل والصالح يرفعه) * (3).
وهذا القول والكلمة الطيبة هو الذي يرتب
تعالى عليه تثبيته في الدنيا والآخرة أهله،
وهم الذين آمنوا ثم يقابله بإضلال الظالمين،
ويقابله بوجه آخر بشأن المشركين، وبهذا يظهر
أن المراد بالممثل هو كلمة التوحيد وشهادة أن
لا إله إلا الله حق شهادته.
فالقول بالوحدانية والاستقامة عليه هو حق
القول الذي له أصل ثابت محفوظ عن كل تغير
وزوال وبطلان وهو الله عز اسمه أو أرض
الحقائق، وله فروع نشأت ونمت من غير
عائق يعوقه عن ذلك من عقائد حقة فرعية
وأخلاق زاكية وأعمال صالحة يحيى بها المؤمن
حياته الطيبة ويعمر بها العالم الإنساني
حق عمارته، وهي التي تلائم سير النظام الكوني
الذي أدى إلى ظهور الإنسان بوجوده المفطور
على الاعتقاد الحق والعمل الصالح.
والكمل من المؤمنين - وهم الذين قالوا:
ربنا الله ثم استقاموا فتحققوا بهذا القول
الثابت والكلمة الطيبة - مثلهم كمثل قولهم
الذي ثبتوا لا يزال الناس منتفعين بخيرات
وجودهم ومنعمين ببركاتهم. وكذلك كل كلمة
حقة وكل عمل صالح مثله هذا المثل، له
أصل ثابت وفروع رشيده وثمرات طيبة مفيدة
نافعة.
فالمثل المذكور في الآية يجري في الجميع
كما يؤيده التعبير بكلمة طيبة بلفظ النكرة،
غير أن المراد في الآية على ما يعطيه السياق هو
أصل التوحيد الذي يتفرع عليه سائر الاعتقادات
الحقة، وينمو عليه الأخلاق الزاكية وتنشأ منه
الأعمال الصالحة.
ثم ختم الله سبحانه الآية بقوله: * (ويضرب الله
الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) * ليتذكر به المتذكر
أن لا محيص لمريد السعادة عن التحقق بكلمة
التوحيد والاستقامة عليها (4).
(انظر) البحار: 24 / 136 باب 44.



(1) الأحقاف: 13.
(2) حم السجدة: 30.
(3) فاطر: 10.
(4) الميزان: 12 / 51.
2823
[3607]
مثل الكلمة الخبيثة
الكتاب
* (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق
الأرض مالها من قرار) * (1).
* (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا
التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن
ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) * (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (ضرب الله مثلا... الآيتين) * -: هذا مثل ضربه
الله لأهل بيت نبيه ولمن عاداهم، هو مثل كلمة
خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض
مالها من قرار (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (والشجرة الملعونة...) * -: يعني بني
أمية (4).
- في تفسير القمي في قوله: * (وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة
الملعونة في القرآن) * -: نزلت لما رأى النبي
في نومه كأن قرودا تصعد منبره فساءه ذلك وغمه
غما شديدا، فأنزل الله: * (وما جعلنا الرؤيا التي
أريناك إلا فتنة لهم... والشجرة الملعونة...) *...
وهم بنو أمية (5).
[3608]
مثل المؤمن
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (الله
نور السماوات والأرض - إلى قوله - ويضرب الله
الأمثال للناس) * -: فهذا مثل ضربه الله للمؤمن،
قال: فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور، مدخله
نور، ومخرجه نور، وعلمه نور، وكلامه نور،
ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن كمثل العطار،
إن جالسته نفعك، وإن ماشيته نفعك، وإن
شاركته نفعك (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن مثل النخلة، ما أخذت
منها من شئ نفعك (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل الرجل المسلم مثل شجرة
خضراء لا يسقط ورقها ولايتحات، وهي
النخلة (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن مثل السنبلة،
تميل أحيانا وتقوم أحيانا (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم
مرة وتحمر مرة، ومثل الكافر مثل الأرزة
لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن مثل الخامة تحمر
مرة وتصفر أخرى، والكافر كالأرزة (12).



(1) إبراهيم: 26.
(2) الإسراء: 60.
(3) تفسير العياشي: 2 / 225 / 15 وص 297 / 93.
(4) تفسير العياشي: 2 / 225 / 15 وص 297 / 93.
(5) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 21.
(6) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 103.
(7) كنز العمال: 726، 727، 791، 730، 732، 731.
(8) كنز العمال: 726، 727، 791، 730، 732، 731.
(9) كنز العمال: 726، 727، 791، 730، 732، 731.
(10) كنز العمال: 726، 727، 791، 730، 732، 731.
(11) كنز العمال: 726، 727، 791، 730، 732، 731.
(12) كنز العمال: 726، 727، 791، 730، 732، 731.
2824
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن كمثل خامة الزرع
من حيث أتتها الريح كفأتها فإذا سكنت اعتدلت،
وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء، ومثل الفاجر
كالأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال
الرياح تفيؤ، ولا يزال المؤمن يصيبه بلاء،
ومثل المنافق مثل الشجرة الأرز لا تهتز حتى
تستحصد (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن كمثل النحلة، إن
أكلت أكلت طيبا، وإن وضعت وضعت طيبا، وإن
وقعت على عود نخر لم تكسره (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن مثل سبيكة الذهب إن
نفخت عليها احمرت، وإن وزنت لم تنقص (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن كالبيت الخرب في
الظاهر، فإذا دخلته وجدته مؤنقا ومثل الفاجر
كمثل القبر المشرف المجصص يعجب من رآه
وجوفه ممتلئ نتنا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل
الفرس في آخيته يجول ثم يرجع إلى آخيته، وإن
المؤمن يسهو ثم يرجع (6).
[3609]
مثل الكافر
الكتاب
* (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا
دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون) * (7).
* (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع
هل يستويان مثلا أفلا تذكرون) * (8).
* (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به
الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ
ذلك هو الضلال البعيد) * (9).
* (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه
الظمآن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده
فوفاه حسابه والله سريع الحساب * أو كظلمات في بحر
لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات
بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم
يجعل الله له نورا فما له من نور) * (10).
* (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم
مقمحون * وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا
فأغشيناهم فهم لا يبصرون) * (11).
التفسير:
المثل هو الكلام السائر، والمثل هو الوصف
كقوله تعالى: * (انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا
فلا يستطيعون سبيلا) * (12)، والنعيق صوت الراعي
لغنمه زجرا، يقال: نعق الراعي بالغنم ينعق نعيقا
إذا صاح بها زجرا، والنداء مصدر نادى ينادي
مناداة، وهو أخص من الدعاء ففيه معنى الجهر



(1) كنز العمال: 733.
(2) سنن الترمذي: 2866.
(3) كنز العمال: 735.
(4) كنز العمال: 735.
(5) كنز العمال: 736، 827 نحوه.
(6) الترغيب والترهيب: 4 / 90 / 10.
(7) البقرة: 171.
(8) هود: 24.
(9) إبراهيم: 18.
(10) النور: 39، 40.
(11) يس: 8، 9.
(12) الفرقان: 9.
2825
بالصوت ونحوه بخلاف الدعاء.
والمعنى - والله أعلم - ومثلك في دعاء الذين
كفروا كمثل الذي ينعق من البهائم بما لا يسمع
من نعيقه إلا دعاء ونداء ما، فينزجر بمجرد
قرع الصوت سمعه من غير أن يعقل شيئا، فهم
صم لا يسمعون كلاما يفيدهم، وبكم لا يتكلمون
بما يفيد معنى، وعمي لا يبصرون شيئا فهم
لا يعقلون شيئا، لأن الطرق المؤدية إلى التعقل
مسدودة عليهم.
ومن ذلك يظهر أن في الكلام قلبا أو عناية
أخرى يعود إليه، فإن المثل بالذي ينعق بما
لا يسمع إلا دعاء ونداء مثل الذي يدعوهم إلى
الهدى لا مثل الكافرين المدعوين إلى الهدى،
إلا أن الأوصاف الثلاثة التي استنتج واستخرج
من المثل وذكرت بعده - وهي قوله: * (صم بكم
عمي فهم لا يعقلون) * - لما كانت أوصافا للذين
كفروا لا لمن يدعوهم إلى الحق استوجب ذلك أن
ينسب المثل إلى الذين كفروا لا إلى رسول الله
تعالى، فأنتج ما أشبه القلب (1).
" قوله تعالى: * (مثل الذين كفروا بربهم
أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم
عاصف...) * إلى آخر الآية، يوم عاصف شديد
الريح، تمثيل لأعمال الكفار من حيث تترتب
نتائجها عليها، وبيان أنها حبط باطلة لا أثر لها من
جهة السعادة، فهو كقوله تعالى: * (وقدمنا إلى ما
عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) * (2)،
فأعمالهم كذرات من الرماد اشتدت به الريح في
يوم شديد الريح فنثرته ولم يبق منه شيئا، هذا
مثلهم من جهة أعمالهم.
ومن هنا يظهر أن لا حاجة إلى تقدير شئ
في الكلام وإرجاعه إلى مثل قولنا: مثل أعمال
الذين كفروا... إلخ، والظاهر أن الآية ليست من
تمام كلام موسى، بل هي كالنتيجة المحصلة من
كلامه المنقول (3).
قوله تعالى: * (والذين كفروا أعمالهم كسراب
بقيعة يحسبه الظمآن ماء...) * إلى آخر الآية،
السراب هو ما يلمع في المفازة كالماء ولا حقيقة
له، والقيع والقاع هو المستوي من الأرض،
ومفرداهما القيعة والقاعة كالتينة والتمرة،
والظمآن هو العطشان.
لما ذكر سبحانه المؤمنين ووصفهم بأنهم
ذاكرون له في بيوت معظمة لا تلهيهم عنه تجارة
ولا بيع، وأن الله الذي هو نور السماوات والأرض
يهديهم بذلك إلى نوره فيكرمهم بنور معرفته،
قابل ذلك بذكر الذين كفروا فوصف أعمالهم تارة
بأنها لا حقيقة لها كسراب بقيعة فلا غاية لها تنتهي
إليها، وتارة بأنها كظلمات بعضها فوق بعض لا نور
معها وهي حاجزة عن النور، وهذه الآية هي التي
تتضمن الوصف الأول.
فقوله: * (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة
يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) *
شبه أعمالهم - وهي التي يأتون بها من قرابين
وأذكار وغيرهما من عباداتهم يتقربون بها إلى

2826
آلهتهم - بسراب بقيعة يحسبه الإنسان ماء
ولا حقيقة له يترتب عليها ما يترتب على الماء
من رفع العطش وغير ذلك.
وإنما قيل: * (يحسبه الظمآن ماء) * مع
أن السراب يتراءى ماء لكل راء، لأن المطلوب
بيان سيره إليه ولا يسير إليه إلا الظمآن يدفعه
إليه ما به من ظمأ، ولذلك رتب عليه قوله: * (حتى
إذا جاءه لم يجده شيئا) * كأنه قيل: كسراب بقيعة
يتخيله الظمآن ماء فيسير إليه ويقبل نحوه ليرتوي
ويرفع عطشه به، ولا يزال يسير حتى إذا جاءه لم
يجده شيئا.
والتعبير بقوله: * (جاءه) * دون أن يقال: بلغه
أو وصل إليه أو انتهى إليه ونحوها، للإيماء إلى
أن هناك من يريد مجيئه وينتظره انتظارا وهو الله
سبحانه، ولذلك أردفه بقوله: * (ووجد الله عنده
فوفاه حسابه) * فأفاد أن هؤلاء، يريدون بأعمالهم
الظفر بأمر تبعثهم نحوه فطرتهم وجبلتهم وهو
السعادة التي يريدها كل إنسان بفطرته وجبلته
لكن أعمالهم لا توصلهم إليه، ولا أن الآلهة التي
يبتغون بأعمالهم جزاء حسنا منهم لهم حقيقة، بل
الذي ينتهي إليه أعمالهم ويحيط هو بها ويجزيهم
هو الله سبحانه فيوفيهم حسابهم، وتوفية
الحساب كناية عن الجزاء بما يستوجبه حساب
الأعمال وإيصال ما يستحقه صاحب الأعمال.
ففي الآية تشبيه أعمالهم بالسراب،
وتشبيههم بالظمآن الذي يريد الماء وعنده عذب
الماء لكنه يعرض عنه ولا يصغي إلى مولاه الذي
ينصحه ويدعوه إلى شربه بل يحسب السراب ماء
فيسير إليه ويقبل نحوه، وتشبيه مصيرهم إلى الله
سبحانه بحلول الآجال وعند ذلك تمام الأعمال
بالظمآن السائر إلى السراب إذا جاءه وعنده مولاه
الذي كان ينصحه ويدعوه إلى شرب الماء.
فهؤلاء قوم الهوا عن ذكر ربهم والأعمال
الصالحة الهادية إلى نوره وفيه سعادتهم وحسبوا
أن سعادتهم عند غيره من الآلهة الذين يدعونهم،
والأعمال المقربة إليهم وفيها سعادتهم فأكبوا
على تلك الأعمال السرابية واستوفوا بما يمكنهم
أن يأتوا بها مدة أعمارهم حتى حلت آجالهم
وشارفوا الدار الآخرة فلم يجدوا شيئا مما
يؤملونه من أعمالهم ولا أثرا من ألوهية آلهتهم
فوفاهم الله حسابهم والله سريع الحساب.
وقوله: * (والله سريع الحساب) * إنما
هو لإحاطة علمه بالقليل والكثير والحقير
والخطير والدقيق والجليل والمتقدم والمتأخر
على حد سواء.
واعلم أن الآية وإن كان ظاهرها بيان حال
الكفار من أهل الملل وخاصة المشركين من
الوثنيين، لكن البيان جار في غيرهم من منكري
الصانع، فإن الإنسان كائنا من كان يرى لنفسه
سعادة في الحياة، ولا يرتاب أن الوسيلة إلى نيلها
أعماله التي يأتي بها، فإن كان ممن يقول بالصانع
ويراه المؤثر في سعادته بوجه من الوجوه توسل
بأعماله إلى تحصيل رضاه والفوز بالسعادة التي
يقدرها له، وإن كان ممن ينكره وينهي التأثير إلى
غيره توسل بأعماله إلى توجيه ما يقول به من
المؤثر كالدهر والطبيعة والمادة نحو سعادة حياته

2827
الدنيا التي لا يقول بما وراءها.
فهؤلاء يرون المؤثر الذي بيده سعادة حياتهم
غيره تعالى، ولا مؤثر غيره ويرون مساعيهم
الدنيوية موصلة لهم إلى سعادتهم وليست إلا
سرابا لا حقيقة له، ولا يزالون يسعون حتى إذا تم
ما قدر لهم من الأعمال بحلول ما سمي لهم من
الآجال لم يجدوا عندها شيئا، وعاينوا أن ما كانوا
يتمنون منها لم يكن إلا طائف خيال أو حلم نائم،
وعند ذلك يوفيهم الله حسابهم والله سريع
الحساب.
قوله تعالى: * (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه
موج من فوقه موج من فوقه سحاب) * تشبيه ثان
لأعمالهم يظهر به أنها حجب متراكمة على قلوبهم
تحجبهم عن نور المعرفة، وقد تكرر في كلامه
تعالى أنهم في الظلمات كقوله: * (والذين كفروا
أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى
الظلمات) * (1) وقوله: * (كمن مثله في الظلمات
ليس بخارج منها) * (2) وقوله: * (كلا بل ران على
قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا إنهم عن ربهم
يومئذ لمحجوبون) * (3).
وقوله: * (أو كظلمات في بحر لجي) * معطوف
على " سراب " في الآية السابقة، والبحر اللجي هو
البحر المتردد أمواجه منسوب إلى لجة البحر
وهي تردد أمواجه، والمعنى أعمالهم كظلمات
كائنة في بحر لجي.
وقوله: * (يغشاه موج من فوقه موج من فوقه
سحاب) * صفة البحر جئ بها لتقرير الظلمات
المفروضة فيه، فصفته أنه يغشاه ويحيط به موج
كائن من فوقه موج آخر كائن من فوقه سحاب
يحجبنه جميعا من الاستضاءة بأضواء الشمس
والقمر والنجوم.
وقوله: * (ظلمات بعضها فوق بعض) * تقرير لبيان
أن المراد بالظلمات المفروضة الظلمات المتراكمة
بعضها على بعض دون المتفرقة، وقد أكد ذلك
بقوله: * (إذا أخرج يده لم يكد يراها) * فإن أقرب ما
يشاهده الإنسان منه هو نفسه، وهو أقدر على
رؤية يده منه على سائر أعضائه، لأنه يقربها تجاه
باصرته كيفما أراد، فإذا أخرج يده ولم يكد يراها
كانت الظلمة بالغة.
فهؤلاء وهم سائرون إلى الله وصائرون إليه من
جهة أعمالهم كراكب بحر لجي يغشاه موج من
فوقه موج من فوقه سحاب في ظلمات متراكمة
كأشد ما يكون ولا نور هناك يستضئ به فيهتدي
إلى ساحل النجاة " (4).
قوله تعالى: * (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا
فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) * الأعناق جمع
عنق بضمتين وهو الجيد، والأغلال جمع غل
بالكسر وهي على ما قيل ما تشد به اليد إلى العنق
للتعذيب والتشديد، ومقمحون اسم مفعول من
الإقماح وهو رفع الرأس، كأنهم قد ملأت الأغلال
ما بين صدورهم إلى أذقانهم فبقيت رؤوسهم
مرفوعة إلى السماء لا يتأتى لهم أن ينكسوها



(1) البقرة: 257.
(2) الأنعام: 122.
(3) المطففين: 14 - 15.
(4) الميزان: 15 / 130.
2828
فينظروا إلى ما بين أيديهم من الطريق فيعرفوها
ويميزوها من غيرها. وتنكير قوله: " أغلالا "
للتفخيم والتهويل. والآية في مقام التعليل لقوله
السابق: * (فهم لا يؤمنون) *.
قوله تعالى: * (وجعلنا من بين أيديهم سدا
ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) *
السد الحاجز بين الشيئين، وقوله: * (من بين
أيديهم ومن خلفهم) * كناية عن جميع الجهات،
والغشي والغشيان التغطية يقال: غشيه كذا أي
غطاه، وأغشى الأمر فلانا أي جعل الأمر يغطيه،
والآية متممة للتعليل السابق، وقوله: * (جعلنا) *
معطوف على * (جعلنا) * المتقدم.
وعن الرازي في تفسيره في معنى التشبيه في
الآيتين: أن المانع عن النظر في الآيات قسمان:
قسم يمنع عن النظر في الأنفس فشبه ذلك بالغل
الذي يجعل صاحبه مقمحا لا يرى نفسه ولا يقع
بصره على بدنه، وقسم يمنع عن النظر في الآفاق
فشبه ذلك بالسد المحيط، إن المحاط بالسد لا يقع
نظره على الآفاق فلا يظهر له ما فيها من الآيات،
فمن ابتلي بهما حرم عن النظر بالكلية.
ومعنى الآيتين أنهم لا يؤمنون لأنا جعلنا في
أعناقهم أغلالا نشد بها أيديهم على أعناقهم فهي
إلى الأذقان فهم مرفوعة رؤوسهم باقون على تلك
الحال، وجعلنا من جميع جهاتهم سدا فجعلناه
يغطيهم فهم لا يبصرون فلا يهتدون، ففي الآيتين
تمثيل لحالهم في حرمانهم من الاهتداء إلى
الإيمان وتحريمه تعالى عليهم ذلك جزاء لكفرهم
وغوايتهم وطغيانهم في ذلك.
وقد تقدم في قوله تعالى: * (إن الله لا يستحيي
أن يضرب مثلا) * (1) في الجزء الأول من الكتاب أن
ما وقع في القرآن الكريم من هذه الأوصاف
ونظائرها التي وصف بها المؤمنون والكفار
يكشف عن حياة أخرى للإنسان في باطن هذه
الحياة الدنيوية مستورة عن الحس المادي ستظهر
له إذا انكشفت الحقائق بالموت أو البعث، وعليه
فالكلام في أمثال هذه الآيات جار في مجرى
الحقيقة دون المجاز كما عليه القوم (2).
(انظر) الكفر: باب 3449.
[3610]
مثل المشرك
الكتاب
* (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل
العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت
لو كانوا يعلمون) * (3).
* (حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما
خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان
سحيق) * (4).
* (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا
سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم
لا يعلمون) * (5).



(1) البقرة: 26.
(2) الميزان: 17 / 64.
(3) العنكبوت: 41.
(4) الحج: 31.
(5) الزمر: 29.
2829
* (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن
رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل
يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون * وضرب الله مثلا
رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه
أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل
وهو على صراط مستقيم) * (1).
التفسير:
العناية في قوله: * (مثل الذين اتخذوا) *... إلخ
باتخاذ الأولياء من دون الله، ولذا جئ بالموصول
والصلة، كما أن العناية في قوله: * (كمثل
العنكبوت اتخذت بيتا) * إلى اتخاذها البيت،
فيؤول المعنى إلى أن صفة المشركين في اتخاذهم
من دون الله أولياء كصفة العنكبوت في اتخاذها
بيتا له نبأ، وهو الوصف الذي يدل عليه تنكير
* (بيتا) *. ويكون قوله: * (إن أوهن البيوت لبيت
العنكبوت) * بيانا لصفة البيت الذي أخذته
العنكبوت، ولم يقل: إن أوهن البيوت لبيتها كما
هو مقتضى الظاهر أخذا للجملة بمنزلة المثل
السائر الذي لا يتغير.
والمعنى أن اتخاذهم من دون الله أولياء - وهم
آلهتهم الذين يتولونهم ويركنون إليهم - كاتخاذ
العنكبوت بيتا هو أوهن البيوت، إذ ليس له من
آثار البيت إلا اسمه لا يدفع حرا ولا بردا ولا يكن
شخصا ولا يقي من مكروه، كذلك ليس لولاية
أوليائهم إلا الاسم فقط لا ينفعون ولا يضرون
ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا.
ومورد المثل: هو اتخاذ المشركين آلهة من
دون الله، فتبديل الآلهة من الأولياء لكون السبب
الداعي لهم إلى اتخاذ الآلهة زعمهم أن لهم ولاية
لأمرهم وتدبيرا لشأنهم من جلب الخير إليهم
ودفع الشر عنهم والشفاعة في حقهم.
والآية - مضافا إلى إيفاء هذه النكتة - تشمل
بإطلاقها كل من اتخذ في أمر من الأمور وشأن من
الشؤون وليا من دون الله يركن إليه ويراه مستقلا
في أثره الذي يرجوه منه وإن لم يعد من الأصنام
إلا أن يرجع ولايته إلى ولاية الله كولاية الرسول
والأئمة والمؤمنين كما قال تعالى: * (وما يؤمن
أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) * (2).
وقوله: * (لو كانوا يعلمون) * أي لو كانوا
يعلمون أن مثلهم كمثل العنكبوت ما اتخذوهم
أولياء. كذا قيل (3).
قوله تعالى: * (وتلك الأمثال نضربها للناس
وما يعقلها إلا العالمون) * (4) يشير إلى أن الأمثال
المضروبة في القرآن على أنها عامة تقرع أسماع
عامة الناس، لكن الإشراف على حقيقة معانيها
ولب مقاصدها خاصة لأهل العلم ممن يعقل
حقائق الأمور ولا ينجمد على ظواهرها. والدليل
على هذا المعنى قوله: * (وما يعقلها) * دون أن
يقول: وما يؤمن بها أوما في معناه.
فالأمثال المضروبة في كلامه تعالى يختلف
الناس في تلقيها باختلاف أفهامهم، فمن سامع
لاحظ له منها إلا تلقي ألفاظها وتصور



(1) النحل: 75، 76.
(2) يوسف: 106.
(3) الميزان: 16 / 130.
(4) العنكبوت: 43.
2830
مفاهيمها الساذجة من غير تعمق فيها وسبر
لأغوارها، ومن سامع يتلقى بسمعه ما يسمعه
هؤلاء ثم يغور في مقاصدها العميقة ويعقل
حقائقها الأنيقة.
وفيه تنبيه على أن تمثيل اتخاذهم أولياء من
دون الله باتخاذ العنكبوت بيتا هو أوهن البيوت
ليس مجرد تمثيل شعري ودعوى خالية من
البينة، بل متك على حجة برهانية وحقيقة حقة
ثابتة وهي التي تشير إليه الآية التالية (1).
[3611]
مثل المنافق
الكتاب
* (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله
ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) * (2).
* (أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق
يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت
والله محيط بالكافرين) * (3).
* (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن
يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن والمنافق والكافر
كمثل رهط ثلاثة وقعوا إلى نهر، فوقع المؤمن
فقطع، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد أن يصل إلى
المؤمن ناداه الكافر أن هلم إلي فإني أخشى
عليك، وناداه المؤمن أن هلم إلي فإن عندي
وعندي يحظى له ما عنده، فما زال المنافق يتردد
بينهما حتى أتى عليه أذى فغرقه، وإن المنافق
لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت
وهو كذلك (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المنافق كمثل الشاة العائرة
بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة
لا تدري أيهما تتبع (6).
- الإمام علي (عليه السلام): مثل المنافق كالحنظلة،
الخضرة أوراقها، المر مذاقها (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل المنافق مثل جذع النخل
أراد صاحبه أن ينتفع به في بعض بنائه فلم يستقم
له في الموضع الذي أراد، فحوله في موضع آخر
فلم يستقم له، فكان آخر ذلك أن أحرقه بالنار (8).
التفسير:
قوله تعالى: * (مثلهم كمثل الذي استوقد
نارا...) * إلخ مثل يمثل به حالهم، أنهم كالذي وقع
في ظلمة عمياء لا يتميز فيها خير من شر ولا نافع
من ضار، فتسبب لرفعها بسبب من أسباب
الاستضاءة كنار يوقدها فيبصر بها ما حولها، فلما
توقدت وأضاءت ما حولها أخمدها الله بسبب من
الأسباب كريح أو مطر أو نحوهما، فبقي فيما كان
عليه من الظلمة وتورط بين ظلمتين: ظلمة كان
فيها وظلمة الحيرة وبطلان السبب.
وهذه حال المنافق، يظهر الإيمان فيستفيد



(1) الميزان: 16 / 132.
(2) البقرة: 17، 19.
(3) البقرة: 17، 19.
(4) النساء: 143.
(5) كنز العمال: 869، 852.
(6) كنز العمال: 869، 852.
(7) غرر الحكم: 9878.
(8) الكافي: 2 / 396 / 5.
2831
بعض فوائد الدين باشتراكه مع المؤمنين في
مواريثهم ومناكحهم وغيرهما حتى إذا حان حين
الموت وهو الحين الذي فيه تمام الاستفادة من
الإيمان - ذهب الله بنوره وأبطل ما عمله وتركه في
ظلمة لا يدرك فيها شيئا ويقع بين الظلمة الأصلية
وما أوجده من الظلمة بفعاله.
وقوله تعالى: * (أو كصيب من السماء...) * إلخ
الصيب هو المطر الغزير، والبرق معروف، والرعد
هو الصوت الحادث من السحاب عند الإبراق،
والصاعقة هي النازلة من البروق.
وهذا مثل ثان يمثل به حال المنافقين في
إظهارهم الإيمان، أنهم كالذي أخذه صيب
السماء ومعه ظلمة تسلب عنه الإبصار والتمييز،
فالصيب يضطره إلى الفرار والتخلص، والظلمة
تمنعه ذلك، والمهولات من الرعد والصاعقة
محيطة به، فلا يجد مناصا من أن يستفيد بالبرق
وضوئه وهو غير دائم ولا باق متصل كلما أضاء له
مشى وإذا أظلم عليه قام.
وهذه حال المنافق، فهو لا يحب الإيمان
ولا يجد بدا من إظهاره، ولعدم المواطأة بين
قلبه ولسانه لا يستضئ له طريقه تمام
الاستضاءة، فلا يزال يخبط خبطا بعد خبط ويعثر
عثرة بعد عثرة فيمشي قليلا ويقف قليلا ويفضحه
الله بذلك، ولو شاء الله لذهب بسمعه وبصره
فيفتضح من أول يوم (1).
قوله تعالى: * (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء
متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان...) *
إلخ، قال الراغب: الشكس - بالفتح فالكسر -
سئ الخلق، وقوله: * (شركاء متشاكسون) * أي
متشاجرون لشكاسة خلقهم. انتهي وفسروا
السلم بالخالص الذي لا يشترك فيه كثيرون.
مثل ضربه الله للمشرك الذي يعبد أربابا
وآلهة مختلفين فيشتركون فيه وهم متنازعون
فيأمره هذا بما ينهاه عنه الآخر وكل يريد أن
يتفرد فيه ويخصه بخدمة نفسه، وللموحد الذي
هو خالص لمخدوم واحد لا يشاركه فيه غيره
فيخدمه فيما يريد منه من غير تنازع يؤدي إلى
الحيرة، فالمشرك هو الرجل الذي فيه شركاء
متشاكسون، والموحد هو الرجل الذي هو سلم
لرجل. لا يستويان بل الذي هو سلم لرجل أحسن
حالا من صاحبه.
وهذا مثل ساذج ممكن الفهم لعامة الناس
لكنه عند المداقة يرجع إلى قوله تعالى: * (لو كان
فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * (2) وعاد برهانا على نفي
تعدد الأرباب والآلهة.
وقوله: * (الحمد لله) * ثناء لله بما أن عبوديته
خير من عبودية من سواه.
وقوله: * (بل أكثرهم لا يعلمون) * مزية عبادته
على عبادة غيره على ماله من الظهور التام لمن
له أدنى بصيرة (3).
قوله تعالى: * (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا
لا يقدر على شئ...) * إلى آخر الآية، ما في
الآية من المثل المضروب يفرض عبدا مملوكا

2832
لا يقدر على شئ، وآخر رزق من الله رزقا حسنا
ينفق منه سرا وجهرا، ثم يسأل هل يستويان؟!
واعتبار التقابل بين المفروضين يعطي أن كلا من
الطرفين مقيد بخلاف ما في الآخر من الوصف مع
تبيين الأوصاف بعضها لبعض.
فالعبد المفروض مملوك غير مالك لا لنفسه
ولا لشئ من متاع الحياة وهو غير قادر على
التصرف في شئ من المال، والذي فرض قباله
حر يملك نفسه وقد رزقه الله رزقا حسنا، وهو
ينفق منه سرا وجهرا على قدرة منه على التصرف
بجميع أقسامه.
وقوله: * (هل يستوون) * سؤال عن تساويهما، ومن
البديهي أن الجواب هو نفي التساوي، ويثبت به
أن الله سبحانه - وهو المالك لكل شئ المنعم
بجميع النعم - لا يساوي شيئا من خلقه وهم
لا يملكون لا أنفسهم ولا غيرهم ولا يقدرون على
شئ من التصرف، فمن الباطل قولهم: إن مع الله
آلهة غيره وهم من خلقه.
والتعبير بقوله: * (يستوون) * دون أن يقال:
يستويان، للدلالة على أن المراد من ذلك الجنس
من غير أن يختص بمولى وعبد معينين كما قيل.
وقوله: * (الحمد لله) * أي له عز اسمه جنس
الحمد وحقيقته، وهو الثناء على الجميل
الاختياري، لأن جميل النعمة من عنده ولا يحمد
إلا الجميل فله تعالى كل الحمد كما أن له جنسه،
فافهم ذلك.
والجملة من تمام الحجة، ومحصلها: أنه
لا يستوي المملوك الذي لا يقدر أن يتصرف في
شئ وينعم بشئ، والمالك الذي يملك الرزق
ويقدر على التصرف فيه فيتصرف وينعم كيف
شاء، والله سبحانه هو المحمود بكل حمد إذ ما من
نعمة إلا وهي من خلقه فله كل صفة يحمد عليها
كالخلق والرزق والرحمة والمغفرة والإحسان
والإنعام وغيرها، فله كل ثناء جميل، وما يعبدون
من دونه مملوك لا يقدر على شئ فهو سبحانه
الرب وحده دون غيره.
وقد قيل: إن الحمد في الآية شكر على نعمه
تعالى، وقيل: حمد على تمام الحجة وقوتها،
وقيل: تلقين للعباد ومعناه قالوا: الحمد لله الذي
دلنا على توحيده وهدانا إلى شكر نعمه، وهي
وجوه لا يعبأ بها.
وقوله: * (بل أكثرهم لا يعلمون) * أي أكثر
المشركين لا يعلمون أن النعمة كلها لله لا يملك
غيره شيئا ولا يقدر على شئ، بل يثبتون
لأوليائهم شيئا من الملك والقدرة على سبيل
التفويض فيعبدونهم طمعا وخوفا، هذا حال
أكثرهم وأما أقلهم من الخواص فإنهم على علم
من الحق لكنهم يحيدون عنه بغيا وعنادا.
وقد تبين مما تقدم أن الآية مثل مضروب
في الله سبحانه وفيمن يزعمونه شريكا له في
الربوبية: وقيل: إنها مثل تمثل به حال
الكافر المخذول والمؤمن الموفق، فإن الكافر
لإحباط عمله وعدم الاعتداد بأعماله كالعبد
المملوك الذي لا يقدر على شئ فلا يعد له إحسان
وإن أنفق وبالغ، بخلاف المؤمن الذي يوفقه الله
لمرضاته ويشكر مساعيه، فهو ينفق مما عنده

2833
من الخير سرا وجهرا.
وفيه: أنه لا يلائم سياق الاحتجاج الذي
للآيات، وقد تقدم أن الآية إحدى الآيات الثلاث
المتوالية التي تتعرض لغرض تعداد النعم الإلهية،
وهي تذكر بالتوحيد بمثل يقيس حال من ينعم
بجميع النعم من حال من لا يملك شيئا ولا يقدر
على شئ، فيستنتج أن الرب هو المنعم لاغير.
قوله تعالى: * (وضرب الله مثلا رجلين
أحدهما أبكم...) * إلى آخر الآية. قال في
المجمع: الأبكم الذي يولد أخرس لا يفهم
ولا يفهم، وقيل: الأبكم الذي لا يقدر أن يتكلم،
والكل الثقل، يقال: كل عن الأمر يكل كلا إذا ثقل
عليه فلم ينبعث فيه، وكلت السكين كلولا إذا
غلظت شفرتها، وكل لسانه إذا لم ينبعث في القول
لغلظه وذهاب حده، فالأصل فيه الغلظ المانع من
النفوذ، والتوجيه: الإرسال في وجه من الطريق،
يقال: وجهته إلى موضع كذا فتوجه إليه. انتهى.
فقوله: * (وضرب الله مثلا رجلين) * مقايسة
أخرى بين رجلين مفروضين متقابلين في
أوصافهما المذكورة.
وقوله: * (أحدهما أبكم لا يقدر على شئ) *
أي محروم من أن يفهم الكلام ويفهم غيره بالكلام
لكونه أبكم لا يسمع ولا ينطق فهو فاقد لجميع
الفعليات والمزايا التي يكتسبها الإنسان من
طريق السمع الذي هو أوسع الحواس نطاقا، به
يتمكن الإنسان من العلم بأخبار من مضى وما
غاب عن البصر من الحوادث وما في ضمائر
الناس ويعلم العلوم والصناعات، وبه يتمكن من
إلقاء ما يدركه من المعاني الجليلة والدقيقة إلى
غيره، ولا يقوى الأبكم على درك شئ منها إلا
النزر اليسير مما يساعد عليه البصر بإعانة من
الإشارة.
فقوله: * (لا يقدر على شئ) * مخصص عمومه
بالأبكم، أي لا يقدر على شئ مما يقدر عليه غير
الأبكم، وهو جملة ما يحرمه الأبكم من تلقي
المعلومات وإلقائها.
وقوله: * (وهو كل على مولاه) * أي ثقل وعيال
على من يلي ويدبر أمره، فهو لا يستطيع أن يدبر
أمر نفسه، وقوله: * (أينما يوجهه لا يأت بخير) * أي
إلى أي جهة أرسله مولاه لحاجة من حوائج نفسه
أو حوائج مولاه لم يقدر على رفعها فهو لا يستطيع
أن ينفع غيره كما لا ينفع نفسه، فهذا - أعني قوله:
* (أحدهما أبكم لا يقدر على شئ...) * إلخ - مثل
أحد الرجلين، ولم يذكر سبحانه مثل الآخر
لحصول العلم به من قوله: * (هل يستوي هو ومن
يأمر بالعدل...) * إلخ، وفيه إيجاز لطيف.
وقوله: * (هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل
وهو على صراط مستقيم) * فيه إشارة إلى وصف
الرجل المفروض، وسؤال عن استوائهما إذا
قويس بينهما وعدمه.
أما الوصف فقد ذكر له منه آخر ما يمكن أن
يتلبس به غير الأبكم من الخير والكمال الذي
يحلي نفسه ويعدو إلى غيره وهو العدل الذي هو
التزام الحد الوسط في الأعمال واجتناب الإفراط
والتفريط، فإن الأمر بالعدل إذا جرى على حقيقته
كان لازمه أن يتمكن الصلاح من نفس الإنسان،

2834
ثم ينبسط على أعماله فيلتزم الاعتدال في
الأمور، ثم يحب انبساطه على أعمال غيره من
الناس فيأمرهم بالعدل، وهو - كما عرفت - مطلق
التجنب عن الإفراط والتفريط أي العمل الصالح
أعم من العدل في الرعية.
ثم وصفه بقوله: * (وهو على صراط مستقيم) *
وهو السبيل الواضح الذي يهدي سالكيه إلى
غايتهم من غير عوج، والإنسان الذي هو في
مسير حياته على صراط مستقيم يجري في
أعماله على الفطرة الإنسانية من غير أن يناقض
بعض أعماله بعضا أو يتخلف عن شئ مما يراه
حقا، وبالجملة: لا تخلف ولا اختلاف في أعماله.
وتوصيف هذا الرجل المفروض الذي يأمر
بالعدل بكونه على صراط مستقيم يفيد أولا: أن
أمره بالعدل ليس من أمر الناس بالبر ونسيان
نفسه، بل هو مستقيم في أحواله وأعماله يأتي
بالعدل كما يأمر به. وثانيا: أن أمره بالعدل ليس
ببدع منه من غير أصل فيه يبتني عليه، بل هو في
نفسه على مستقيم الصراط، ولازمه أن يحب
لغيره ذلك فيأمرهم أن يلتزموا وسط الطريق
ويجتنبوا حاشيتي الإفراط والتفريط.
وأما السؤال - أعني ما في قوله: * (هل يستوي هو
ومن يأمر بالعدل...) * إلخ - فهو سؤال لا جواب له
إلا النفي لاشك فيه، وبه يثبت أن ما يعبدونه من
دون الله من الأصنام والأوثان - وهو مسلوب
القدرة لا يستطيع أن يهتدي من نفسه ولا أن يهدي
غيره - لا يساوي الله تعالى وهو على صراط
مستقيم في نفسه هاد لغيره بإرسال الرسل
وتشريع الشرائع.
ومنه يظهر أن هذا المثل المضروب في الآية
في معنى قوله تعالى: * (أفمن يهدي إلى الحق أحق
أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف
تحكمون) * (1) فالله سبحانه على صراط مستقيم
في صفاته وأفعاله، ومن استقامة صراطه أن يجعل
لما خلقه من الأشياء غايات تتوجه إليها فلا يكون
الخلق باطلا، كما قال: * (وما خلقنا السماوات
والأرض وما بينهما باطلا) * وأن يهدي كلا إلى
غايته التي تخصه كما خلقها وجعل لها غاية، كما
قال: * (الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * (2)،
فيهدي الإنسان إلى سبيل قاصد كما قال: * (وعلى
الله قصد السبيل) * (3)، وقال: * (إنا هديناه
السبيل) * (4).
وهذا أصل الحجة على النبوة والتشريع،
وقد مر تمامه في أبحاث النبوة في الجزء الثاني
وفي قصص نوح في الجزء العاشر من الكتاب.
فقد تحصل: أن الغرض من المثل المضروب
في الآية إقامة حجة على التوحيد مع إشارة
إلى النبوة والتشريع.
وقيل: إنه مثل مضروب فيمن يؤمل منه الخير
ومن لا يؤمل منه، وأصل الخير كله من الله تعالى
فكيف يستوي بينه وبين شئ سواه في العبادة؟!
وفيه: أن المورد أخص من ذلك، فهو مثل



(1) يونس: 35.
(2) طه: 50.
(3) النحل: 9.
(4) الدهر: 3.
2835
مضروب فيمن هو على خير في نفسه وهو يأمر
بالعدل وهو شأنه تعالى دون غيره، على أنهم
لا يساوون بينه وبين غيره في العبادة بل يتركونه
ويعبدون غيره.
وقيل: إنه مثل مضروب في المؤمن
والكافر، فالأبكم هو الكافر والذي يأمر
بالعدل هو المؤمن.
وفيه: أن صحة انطباق الآية على المؤمن
والكافر بل على كل من يأمر بالعدل ومن يسكت
عنه وجريها فيهما أمر، ومدلولها من جهة وقوعها
في سياق تعداد النعم والاحتجاج على التوحيد
وما يلحق به من الأصول أمر آخر، والذي تفيده
بالنظر إلى هذه الجهة أن مورد المثل هو الله
سبحانه وما يعبدون من دونه لاغير (1).
(انظر) عنوان: 520 " النفاق ".
[3612]
مثل للذين كفروا
الكتاب
* (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط
كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم
يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع
الداخلين) * (2).
التفسير:
قوله تعالى: * (ضرب الله مثلا للذين كفروا
امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من
عبادنا صالحين فخانتاهما...) * الخ، قال
الراغب: الخيانة والنفاق واحد، إلا أن الخيانة
تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، والنفاق
يقال اعتبارا بالدين، ثم يتداخلان فالخيانة
مخالفة الحق بنقض العهد في السر، ونقيض
الخيانة الأمانة، يقال: خنت فلانا وخنت أمانة
فلان. انتهى.
وقوله: * (للذين كفروا) * إن كان متعلقا بالمثل
كان المعنى: ضرب الله مثلا يمثل به حال الذين
كفروا أنهم لا ينفعهم الاتصال بالعباد الصالحين،
وإن كان متعلقا بضرب كان المعنى: ضرب الله
الامرأتين وما انتهت إليه حالهما مثلا للذين كفروا
ليعتبروا به ويعلموا أنهم لا ينفعهم الاتصال
بالصالحين من عباده وأنهم بخيانتهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
من أهل النار لا محالة.
وقوله: * (امرأة نوح وامرأة لوط) * مفعول
" ضرب "، والمراد بكونهما تحتهما زوجيتهما
لهما.
وقوله: * (فلم يغنيا عنهما من الله شيئا) *
ضمير التثنية الأولى للعبدين، والثانية للامرأتين،
والمراد أنه لم ينفع المرأتين زوجيتهما للعبدين
الصالحين (3).
[3613]
مثل للذين آمنوا
الكتاب
الأمثال 2837
* (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت



(1) الميزان: 12 / 299.
(2) التحريم: 10.
(3) الميزان: 19 / 343.
2836
رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله
ونجني من القوم الظالمين) * (1).
- سلمان: كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس،
فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها،
وكانت ترى بيتها في الجنة (2).
- أبو هريرة: إن فرعون وتد لامرأته
أربعة أوتاد وأضجعها على صدرها، وجعل على
صدرها رحى، واستقبل بهما عين الشمس،
فرفعت رأسها إلى السماء فقالت: * (رب ابن لي
عندك بيتا في الجنة...) * ففرج الله عن بيتها في
الجنة فرأته (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل نساء أهل الجنة:
خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)،
ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة
فرعون (4).
[3614]
مثل المؤمن وأخيه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن وأخيه كمثل
الكفين تنقي أحدهما الأخرى (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه
عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل مؤمن لا يرعى حقوق إخوانه
المؤمنين كمثل من حواسه كلها صحيحة، فهو
لا يتأمل بعقله، ولا يبصر بعينه، ولا يسمع باذنه،
ولا يعبر بلسانه عن حاجته، ولا يدفع المكاره عن
نفسه بالإدلاء بحججه، ولا يبطش لشئ بيديه،
ولا ينهض إلى شئ برجليه، فذلك قطعة لحم قد
فاتته المنافع، وصار غرضا لكل المكاره، فكذلك
المؤمن إذا جهل حقوق إخوانه فاته ثواب
حقوقهم، فكان كالعطشان بحضرة الماء البارد
فلم يشرب حتى طفى... فإذا هو سليب كل نعمة،
مبتلى بكل آفة (7).
(انظر) الأخ: باب 34.
[3615]
مثل القائم على حدود الله
والمداهن فيها
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل القائم على حدود الله
والمداهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في
البحر، فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم
أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء
مروا على من فوقهم، فقال الذين في أعلاها
لا ندعهم يصعدون فيؤذونا، فقالوا: لو أنا خرقنا
في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم
وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم
نجوا ونجوا جميعا (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مدهن في حدود الله والراكب
حدود الله عز وجل والآمر بها والناهي عنها كمثل
قوم استهموا على سفينة من سفن البحر، فأصاب



(1) التحريم: 11.
(3) الدر المنثور: 8 / 229 و 8 / 229.
(4) الدر المنثور: 8 / 229 و 8 / 229.
(5) كنز العمال: 765، 737.
(6) كنز العمال: 765، 737.
(7) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 320 / 162.
(8) كنز العمال: 5533.
2837
بعضهم مؤخر السفينة وأبعدها عن المرفق وكانوا
سفهاء، فكانوا إذا أتوا على رحال القوم آذوهم،
فقالوا: نحن أقرب أهل السفينة من المرفق
وأبعدها من الماء، وبيننا وبين المرفق أن
نخرق السفينة ثم نسده إذا استقينا منه،
فقال ضرباؤه من السفهاء: فادخل فدخل فأهوى
إلى فاس يضرب به عرض السفينة، فأشرف عليه
رجل منهم ونشده ما تصنع؟! قال: نحن أقربكم
إلى المرفق وأبعدكم منه، أخرق دف هذه السفينة،
فإذا استقينا سددناه، قال: لا تفعل، فإنك إذا
تهلك ونهلك (1).
(انظر) الحدود: باب 737.
المداهنة: باب 1275.
[3616]
مثل قارئ القرآن
- الإمام علي (عليه السلام): مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن
كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل
المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها
طيب ولا ريح لها (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن
كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل
الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها
مر ولا ريح لها (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المنافق الذي يقرأ القرآن
كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل
المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ريحها
مر وطعمها مر (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يقرأ القرآن ولا يحسن
الفرائض كالبرنس لا رأس له (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يقرأ القرآن ولا يفرض
مثل الذي ليس له رأس (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن مثل القرآن لمن تعلم فقرأه
وقام به كمثل جراب محشو مسكا يفوح ريحه في
كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه
كمثل جراب اوكي على مسك (7).
- يحيى بن زكريا (عليه السلام): يا بني إسرائيل! إن
الله تعالى يأمركم أن تقرأوا الكتاب، ومثل ذلك
كمثل قوم في حصنهم سار إليهم عدوهم وقد
تبدوا له في كل ناحية من نواحي الحصن قوم،
فليس يأتيهم عدوهم من ناحية إلا وجد من
يردهم من حصنهم، وكذلك من يقرأ القرآن لا يزال
في حرز وحصن (8).
(انظر) القرآن: باب 3305، 3307، 3308.
[3617]
مثل حافظ القرآن
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن مثل صاحب القرآن
كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها
أمسكها، وإن أطلقها ذهبت (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل القرآن كمثل الإبل المعقلة،



(1) كنز العمال: 5597.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 10 / 20.
(3) كنز العمال: 2337.
(4) سنن الترمذي: 2865.
(5) كنز العمال: 28929، 28931، 2269، 2438، 2754.
(6) كنز العمال: 28929، 28931، 2269، 2438، 2754.
(7) كنز العمال: 28929، 28931، 2269، 2438، 2754.
(8) كنز العمال: 28929، 28931، 2269، 2438، 2754.
(9) كنز العمال: 28929، 28931، 2269، 2438، 2754.
2838
إن تعاهد صاحبها عقلها أمسكها، وإن أغفلها
ذهبت، وإذا قام صاحب القرآن يقرأه آناء الليل
وآناء النهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه (1).
(انظر) القرآن: باب 3300، 3301.
[3618]
مثل المجاهد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل المجاهد في سبيل الله -
والله أعلم بمن يجاهد في سبيله - كمثل الصائم
القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صدقة
حتى يرجع، وتوكل الله تعالى للمجاهد في سبيله
إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع
أجر أو غنيمة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المجاهد في سبيل الله مثل
الصائم نهاره القائم ليله حتى يرجع متى يرجع (3).
(انظر) الجهاد (1): باب 572.
[3619]
مثل الذي يغزو ويأخذ الجعل
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الذين يغزون من أمتي
ويأخذون الجعل يتقوون على عدوهم مثل أم
موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها (4).
[3620]
مثل الصلوات الخمس
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الصلوات الخمس
كمثل نهر جار عذب على باب أحدكم يغتسل
فيه كل يوم خمس مرات، فما يبقي ذلك
من الدنس (1).
(انظر) كنز العمال: 7 / 309، 310.
الصلاة: باب 2272.
[3621]
مثل الجليس
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الجليس الصالح
والجليس السوء مثل صاحب المسك وكير
الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه
أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك
أو تجد منه ريحا خبيثة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل الجليس الصالح مثل العطار
إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه، ومثل
الجليس السوء مثل ألقين إن لم يحرق ثوبك
أصابك من ريحه (7).
(انظر) الصديق: باب 2205.
[3622]
مثل المنفق في سبيل الله
الكتاب
* (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة
أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف
لمن يشاء والله واسع عليم) * (8).
* (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله



(1) كنز العمال: 2855، 10626، 10650، 10779، 18931، 24675، 24736.
(2) كنز العمال: 2855، 10626، 10650، 10779، 18931، 24675، 24736.
(3) كنز العمال: 2855، 10626، 10650، 10779، 18931، 24675، 24736.
(4) كنز العمال: 2855، 10626، 10650، 10779، 18931، 24675، 24736.
(5) كنز العمال: 2855، 10626، 10650، 10779، 18931، 24675، 24736.
(6) كنز العمال: 2855، 10626، 10650، 10779، 18931، 24675، 24736.
(7) كنز العمال: 2855، 10626، 10650، 10779، 18931، 24675، 24736.
(8) البقرة: 261.
2839
وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت
أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون
بصير) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل البخيل والمتصدق مثل
رجلين عليهما جنتان من حديد، إذا هم المتصدق
بصدقة اتسعت عليه حتى تعفي أثره، وإذا هم
البخيل بصدقة تقلصت عليه، وانضمت يداه إلى
تراقيه، وانقبضت كل حلقة إلى صاحبتها - قال أبو
هريرة راوي الحديث - فسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقول: فيجهد أن يوسعها فلا يستطيع (2).
(انظر) صحيح مسلم: 2 / 709 باب 23.
عنوان 521 " الإنفاق ".
[3623]
مثل المرائي في الصدقة
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن
والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم
الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه
صلدا لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدي القوم
الكافرين) * (3).
* (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها
صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم
الله ولكن أنفسهم يظلمون) * (4).
[3624]
مثل الذي يتصدق من الحرام
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يصيب المال
من الحرام ثم يتصدق به لم يقبل الله منه إلا
كما يتقبل من الزانية التي تؤتى ثم تصدق به
على المرضى (5).
[3625]
مثل الحسنة بعد السيئة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يعمل السيئات ثم
يعمل الحسنات كمثل رجل عليه درع ضيقة قد
خنقته، فكلما عمل حسنة انتقضت حلقة ثم
أخرى حتى يخرج إلى الأرض (6).
[3626]
مثل العلماء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن مثل العلماء كمثل النجوم
في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا
انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن مثل العلماء في الأرض كمثل
النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر
والبحر، فإذا طمست أوشك أن تضل الهداة (8).
- الإمام علي (عليه السلام): ألا إن مثل آل محمد (صلى الله عليه وآله)
كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم،
فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم



(1) البقرة: 265.
(2) صحيح مسلم: 709 / 1021.
(3) البقرة: 264.
(4) آل عمران: 117.
(5) كنز العمال: 9262، 10355، 28769.
(6) كنز العمال: 9262، 10355، 28769.
(7) كنز العمال: 9262، 10355، 28769.
(8) البحار: 2 / 25 / 85.
2840
(أتاكم) ما كنتم تأملون (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن النجوم في السماء أمان
من الغرق، وأهل بيتي أمان لامتي من الضلالة
في أديانهم (2).
(انظر) البحار: 24 / 119 باب 41.
[3627]
مثل العلم بلا عمل
- الإمام علي (عليه السلام): علم بلا عمل كشجر
بلا ثمر (3).
- عنه (عليه السلام): علم بلا عمل كقوس بلا وتر (4).
[3628]
مثل العالم بلا عمل
الكتاب
* (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل
الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات
الله والله لا يهدي القوم الظالمين) * (5).
* (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها
فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه
بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب
إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين
كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) * (6).
(انظر) المؤمن: 82، الشورى: 14.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل العالم الذي يعلم
الناس الخير وينسى نفسه مثل الفتيلة تضئ
للناس وتحرق نفسها (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يعلم الخير ولا يعمل
به مثل السراج يضئ للناس ويحرق نفسه (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل من يعلم الناس الخير
وينسى نفسه كمثل المصباح الذي يضئ
للناس ويحرق نفسه (9).
- المسيح (عليه السلام): يا عبيد الدنيا! مثلكم
كمثل القبور المشيدة! يعجب الناظر ظهرها،
وداخلها عظام الموتى، مملوءة خطايا (10).
- عنه (عليه السلام): يا عبيد الدنيا! إنما مثلكم
كمثل السراج يضئ للناس ويحرق نفسه (11).
- عنه (عليه السلام): لا تكونوا كالمنخل يخرج الدقيق
الطيب ويمسك النخالة، كذلك أنتم تخرجون
الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في
صدوركم (12).
- عنه (عليه السلام): ماذا يغني عن البيت المظلم
أن يوضع السراج فوق ظهره وجوفه وحش
مظلم؟ كذلك لا يغني عنكم أن يكون نور
العلم بأفواهكم وأجوافكم منه وحشة معطلة!
فأسرعوا إلى بيوتكم المظلمة فأنيروا فيها (13).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 100.
(2) البحار: 23 / 123 / 47.
(3) غرر الحكم: 6290، 6291.
(4) غرر الحكم: 6290، 6291.
(5) الجمعة: 5.
(6) الأعراف: 175، 176.
(7) كنز العمال: 28975.
(8) البحار: 2 / 38 / 56.
(9) كنز العمال: 44015.
(10) البحار: 14 / 305 / 17.
(11) تحف العقول: 501، 510.
(12) تحف العقول: 501، 510.
(13) تحف العقول: 506.
2841
- عنه (عليه السلام): يا عبيد الدنيا! تحملون السراج
في ضوء الشمس وضوؤها كان يكفيكم، وتدعون
أن تستضيؤوا بها في الظلم ومن أجل ذلك سخرت
لكم! كذلك استضأتم بنور العلم لأمر الدنيا وقد
كفيتموه، وتركتم أن تستضيؤوا به لأمر الآخرة
ومن أجل ذلك أعطيتموه (1).
- الإمام علي (عليه السلام): إن العالم العامل بغير
علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله،
بل الحجة عليه أعظم، والحسرة له ألزم، وهو
عند الله ألوم (2).
(انظر) العلم: باب 2888 - 2899.
[3629]
مثل العالم الذي لا يحدث بعلمه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يتعلم العلم
ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا
ينفق منه (3).
(انظر) العلم: باب 2858.
[3630]
مثل العابد الذي لا يتفقه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل العابد الذي لا يتفقه
كمثل الذي يبني بالليل ويهدم بالنهار (4).
(انظر) العبادة: باب 2491.
الفقه: باب 3246.
[3631]
مثل الذي يتعلم في صغره
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يتعلم في صغره
كالنقش في الحجر، ومثل الذي يتعلم في كبره
كالذي يكتب على الماء (5).
(انظر) الشباب: باب 1944.
[3632]
مثل الذي لا يحدث إلا بشر
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يجلس
يسمع الحكمة ولا يحدث عن صاحبه إلا
بشر ما يسمع، كمثل رجل أتى راعيا فقال:
يا راعي أجزرني شاة من غنمك، قال: اذهب
فخذ باذن خيرها شاة، فذهب فأخذ باذن
كلب الغنم (6).
[3633]
مثل الحاجة إلى من
أصاب المال حديثا
الأمثال 2843
- الإمام الباقر (عليه السلام): إنما مثل الحاجة إلى من
أصاب ماله حديثا كمثل الدرهم في فم الأفعى،
أنت إليه محوج، وأنت منها على خطر (7).
(انظر) الحاجة: باب 972.



(1) البحار: 14 / 308 / 17.
(2) البحار: 2 / 36 / 45، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 /
221.
(3) كنز العمال: 28995، 28930.
(4) كنز العمال: 28995، 28930.
(5) كنز العمال: 29336، 29014.
(6) كنز العمال: 29336، 29014.
(7) تحف العقول: 294.
2842
[3634]
مثل الذي يعود في عطيته
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن مثل الذي يعود في
عطيته كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء، ثم عاد
في قيئه فأكله (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ليس لنا مثل السوء، العائد في
هبته كالكلب يعود في قيئه (2).
[3635]
مثل الأمل والأجل
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل تدرون ما هذه وما
هذه ورمى بحصاتين، قالوا: الله ورسوله أعلم،
قال: هذاك الأمل وهذاك الأجل (3).
- في شرح صحيح الترمذي:... الربيع بن
خثيم عن عبد الله واللفظ للبخاري: خط النبي (صلى الله عليه وآله)
خطا مربعا وخط خطا في الوسط وخط خططا
صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه، فقال:
هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به، وهذا الذي هو
خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن
أخطأه هذا نهشه هذا.
وفيه: عن أنس خط النبي (صلى الله عليه وآله) خطوطا،
وقال: هذا الأمل وهذا الأجل، فبينما هو كذلك إذ
جاءه الخط الأقرب المعنى.
قال ابن العربي (رحمه الله): لم يتقن البخاري هذا
الحديث، فإنه مهد ثلاثة معاني وهي الخط المربع
واحد والخط الذي في وسطه اثنان والخطط
الصغار ثلاثة، ثم قال: أعطي لكل ممهد مثاله،
فقال: هذا الإنسان واحد، وهذا أجله محيط به
اثنان، وهذا الذي هو خارج أمله ثلاثة، وهذه
الخطط الصغار الأعراض أربعة.
وإنما صوابه ما رواه غيره، قال عبد الله: خط
لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطا مربعا وخطا وسط الخط
المربع وخط خطوطا إلى جانب الخط الذي في
وسط المربع وخطا خارج الخط المربع ثم قال:
أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا
الخط الأوسط الإنسان والخطوط التي إلى جانبه
الأعراض، والأعراض تنهشه من كل مكان إن
أخطأه هذا أصابه هذا، والخط المربع الأجل
المحيط به والخط الخارج البعيد الأمل وهذه
صورته:
الأمل
الإنسان
وقد روي عن أبي سعيد الخدري قال: غرس "
عودا بين يديه وآخر إلى جانبه وآخر بعده، وقال
أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا
الإنسان وهذا الأمل، فتعاطى الأمل فيختلجه
الأجل دون الأمل وهذه صورته (4).



(1) كنز العمال: 46163، 46167.
(2) كنز العمال: 46163، 46167.
(3) سنن الترمذي: 2870.
(4) عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي: 10 / 318.
2843
الإنسان الأجل الأمل
- عن ابن مسعود (رضي الله عنه): خط (1) النبي (صلى الله عليه وسلم) خطا
مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط
خطوطا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه
الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله
محيط به أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارج
أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه
هذا نهشه (2) هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا. رواه
البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة.
وهذا صورة ما خط (صلى الله عليه وسلم) ص 367 - 2. ع (3):
أجله
أجله الإنسان أجله وأمله
الأعراض
- أنس: خط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطا، وقال: هذا
الإنسان، وخط إلى جنبه خطا وقال: هذا
أجله، وخط آخر بعيدا منه فقال: هذا الأمل،
فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب (4). رواه البخاري
واللفظ له، والنسائي بنحوه (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا ابن آدم وهذا أجله،
ووضع يده عند قفاه ثم بسطها وقال: وثم أمله (6)،
وثم أمله. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه،
ورواه النسائي أيضا وابن ماجة بنحوه (7).
[3636]
- في حديث المعراج: يا أحمد لا تزين بلبس
اللباس وطيب الطعام ولين الوطاء، فان النفس
مأوى كل شر، ورفيق كل سوء تجرها إلى طاعة
الله وتجرك إلى معصيته، وتخالف في طاعته
وتطيعك فيما تكره، وتطغى إذا شبعت وتشكو إذا



(1) يوضح النبي (صلى الله عليه وسلم) تقارب الإنسان بأجله وأمله ورزقه وما يصيبه
في دنياه، فهذا مرة يناله وغدا يبعد عنه وهكذا حتى يأخذ
حظه وما قدر له ثم يفنى.
(2) تناوله من بعيد كنهش الحية، وقيل: قبض عليه وعضه ثم نثره،
يقال: نهشته الحية ونهشه الكلب: أي الإنسان هدف لثلاثة:
أ - عمره. ب - أمانيه. ج - رزقه.
والعاقل الصالح يوجه دفة سفينتها إلى وجوه البر وفعل
الخير لتصل إلى بر السلامة، فينتهي من الحياة وثمار أعماله
أينعت ودوحات خلاله أزهرت فيجنيها فرحا مسرورا، كما قال
تعالى: * (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم
ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) * 32 من سورة النحل، كما في
هامش الترغيب الترهيب.
(3) الترغيب والترهيب: 4 / 244 / 21.
(4) أي هو سارح في بحار أمانيه الحلوة في الدنيا يشيد قصرا
ويشتري ضيعة ويعلم أولاده وهكذا من حلاوة الدنيا. فيهجم
عليه الأقرب الموت الخاطف، فالكيس من انتهز فرصة صحته
وغناه وعمل لمولاه ادخارا لآخرته، كما في هامش الترغيب
والترهيب.
(5) الترغيب والترهيب: 4 / 244 / 22.
(6) يجاور ابن آدم أجله وهما متلاصقان متقاربان متصاحبان،
ويليهما الأمل الذي يحبب إليه الكد في الدنيا والجد ويجمع
المال ليفعل كيت وكيت، وهكذا من صنوف الأفكار.
إن الله تعالى أباح الجد في الدنيا والعمل والسعي لطلب
الرزق والربح، ولكن التحذير من طول الأمل الذي فيه الغفلة
عن الله وضياع حقوق الله والتقصير في واجب الله فلا صلاة
ولا صوم ولا صدقة ولا خير يفعل أبدا ما، وتعلل النفس بكثرة
الخير ووفرته ولا يوجد في حلال هذا عمل صالح لله. هذا
المنهي عنه فقط، وهذا الأمل الكاذب والسراب الخادع، كما
في هامش الترغيب والترهيب.
(7) الترغيب والترهيب: 4 / 245 / 23.
2844
جاعت، وتغضب إذا افتقرت وتتكبر إذا استغنيت،
وتنسى إذا كبرت وتغفل إذا آمنت، وهي قرينة
الشيطان.
ومثل النفس كمثل النعامة، تأكل الكثير
وإذا حمل عليها لا تطير، ومثل الدفلي (1)،
لونه حسن وطعمه مر (2).
[3637]
مثل الدنيا
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - للضحاك بن سفيان -:
يا ضحاك! ما طعامك؟ قال: يا رسول الله اللحم
واللبن، قال: ثم يصير إلى ماذا؟ قال: إلى
ما قد علمت! قال: فإن الله تعالى ضرب ما يخرج
من ابن آدم مثلا للدنيا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن مطعم ابن آدم جعل
مثلا للدنيا وإن قزحه وملحه، فانظر إلى
ما يصير (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما جاء قوم إليه فسألهم -:
ألكم طعام؟ قالوا: نعم، قال: فلكم شراب؟ قالوا:
نعم، قال: وتبردونه؟ قالوا: نعم، قال:
فإن معادهما كمعاد الدنيا، يقوم أحدكم إلى خلف
بيته فيمسك أنفه من نتنه (5).
(انظر) الدنيا: باب 1253 - 1263.
[3638]
مثل الحريص على الدنيا
- الإمام الباقر (عليه السلام): مثل الحريص على الدنيا
مثل دودة القز، كلما ازدادت من القز على نفسها
لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما (6).
(انظر) عنوان: 104 " الحرص ".
[3639]
مثل حبط الحسنات
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا المظالم ما استطعتم، فإن
الرجل يجئ يوم القيامة بحسنات يرى أنها
ستنجيه، فما يزال عند ذلك يقول: إن لفلان قبلك
مظلمة فيقال: امحو من حسناته فما تبقى له
حسنة، ومثل ذلك كمثل سفر نزلوا بفلاة من
الأرض ليس معهم حطب، فتفرق القوم فاحتطبوا
للنار وانضجوا ما أرادوا، فكذلك الذنوب (7).
(انظر) عنوان: 94 " الحبط ".
[3640]
مثل الذاكر
- يحيى (عليه السلام): وآمركم أن تذكروا الله فإن
مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره
سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز



(1) الدفلي: نبت زهره كالورد الأحمر، يقال له بالفارسية: " خر
زهره " القاموس المحيط: 3 / 376.
(2) إرشاد القلوب: 201.
(3) الترغيب والترهيب: 4 / 174 / 44 و ح 45 وص 173 / 43.
(4) الترغيب والترهيب: 4 / 174 / 44 و ح 45 وص 173 / 43.
(5) الترغيب والترهيب: 4 / 174 / 44 و ح 45 وص 173 / 43.
(6) الكافي: 2 / 316 / 7.
(7) كنز العمال: 10328.
2845
نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من
الشيطان إلا بذكر الله (1).
(انظر) الذكر: باب 1340.
الشيطان: باب 2016، 2019.



(1) سنن الترمذي: 2863.
2846
(482)
التمثال
وسائل الشيعة: 3 / 560 باب 3 و 563 باب 4 " التماثيل ".
سنن أبي داود: 4 / 72 " باب في الصور ".
صحيح مسلم: 3 / 1664 باب 26 " تحريم تصوير صورة الحيوان ".

2847
[3641]
التمثال
الكتاب
* (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان
كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من
عبادي الشكور) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني
جبرئيل وقال: يا محمد! إن ربك يقرئك السلام
وينهى عن تزويق البيوت.
قال أبو بصير: فقلت: وما تزويق البيوت؟
فقال: تصاوير التماثيل (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبرئيل فقال:
يا محمد! إن ربك ينهى عن التماثيل (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) لما بعثه إلى المدينة -:
لا تدع صورة إلا محوتها (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة
ولا كلب ولا جنب (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب
ولا تمثال (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أتاني جبريل (عليه السلام) فقال لي: أتيتك
البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان
على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه
تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال
الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر
بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين
توطآن، ومر بالكلب فليخرج (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة النبي (صلى الله عليه وآله) -:...
ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير
فيقول: يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيبيه عني،
فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها،
فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها من
نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه (8).
- عائشة: كان لنا ستر فيه تمثال طائر،
وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال لي رسول
الله (صلى الله عليه وآله): حولي هذا، فإني كلما دخلت فرأيته
ذكرت الدنيا (9).
- عائشة: دخل النبي (صلى الله عليه وآله) علي وقد
سترت نمطا فيه تصاوير، فنحاه، فاتخذت
منه وسادتين (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أشد الناس عذابا



(1) سبأ: 13.
(2) الكافي: 6 / 526 / 1.
(3) المحاسن: 2 / 453 / 2563.
(4) الكافي: 6 / 528 / 14.
(5) سنن أبي داود: 4152، 4153، 4158.
(6) سنن أبي داود: 4152، 4153، 4158.
(7) سنن أبي داود: 4152، 4153، 4158.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 160.
(9) صحيح مسلم: 2107، 2107.
(10) صحيح مسلم: 2107، 2107.
2848
يوم القيامة المصورون (1).
- مسلم بن صبيح: كنت مع مسروق في
بيت فيه تماثيل مريم، فقال مسروق: هذا تماثيل
كسرى، فقلت: لا، هذا تماثيل مريم، فقال
مسروق: أما إني سمعت عبد الله بن مسعود يقول:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشد الناس عذابا يوم القيامة
المصورون (2).
- ابن عباس - لما استفتاه رجل وهو
يصور الصور -: ادن مني، فدنا منه، ثم قال: ادن
مني فدنا حتى وضع يده على رأسه، قال: أنبئك
بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سمعت رسول الله
يقول: كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة
صورها نفسا فتعذبه في جهنم، وقال: إن كنت
لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صور صورة في الدنيا
كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة،
وليس بنافخ (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من مثل تمثالا كلف
يوم القيامة أن ينفخ فيه الروح (5).
- عنه (عليه السلام) - لما سأله محمد بن مسلم عن
تماثيل الشجر والشمس والقمر -: لا بأس ما
لم يكن شيئا من الحيوان (6).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (يعملون له ما
يشاء...) * -: والله ما هي تماثيل الرجال
والنساء، ولكنها تماثيل الشجر وشبهه (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سئل عن التماثيل
التي في بيوتهم -: هذه للنساء أو بيوت النساء (8).



(1) صحيح مسلم: 2109، 2110.
(2) صحيح مسلم: 2109، 2110.
(3) صحيح مسلم: 2109، 2110.
(4) صحيح مسلم: 2109، 2110.
(5) الكافي: 6 / 527 / 4.
(6) المحاسن: 2 / 458 / 2581.
(7) الكافي: 6 / 527 / 7.
(8) المحاسن: 2 / 460 / 2588.
2849
(483)
الامتحان
البحار: 5 / 210 باب 8 " التمحيص والاستدراج والابتلاء والاختبار ".
انظر:
الأخ: باب 56، البلاء: باب 395، وباب 396، الصديق: باب 2214.
وباب 2215، العقل: باب 2816، عنوان 64 " التجربة ".

2851
[3642]
الامتحان
الكتاب
* (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك
الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر
عظيم) * (1).
* (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات
فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات
فلا ترجعوهن إلى الكفار...) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): إن أمرنا صعب مستصعب،
لا يحمله إلا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان (3).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الأنبياء (عليهم السلام) والأولياء -:
قد اختبرهم الله بالمخمصة، وابتلاهم بالمجهدة،
وامتحنهم بالمخاوف (4).
- عنه (عليه السلام) - في سؤال الميت في القبر -: حتى إذا
انصرف المشيع، ورجع المتفجع [مفج]، اقعد في
حفرته نجيا لبهتة السؤال، وعثرة الامتحان (5).
- عنه (عليه السلام): اخبر تقله (6).
قال الرضي: ومن الناس من يروي هذا
للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومما يقوي أنه من كلام أمير
المؤمنين (عليه السلام) ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي،
قال المأمون: لولا أن عليا قال: " اخبر تقله "
لقلت: أقله تخبر.
- الإمام الصادق (عليه السلام): خالط الناس تخبرهم،
ومتى تخبرهم تقلهم (7).
- الإمام علي (عليه السلام): عند الامتحان يكرم الرجل
أو يهان (8).
- عنه (عليه السلام): يمتحن الرجل بفعله لا بقوله (9).
- عنه (عليه السلام): ثلاث يمتحن بها عقول الرجال،
هن: المال، والولاية، والمصيبة (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): امتحنوا شيعتنا
عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم
عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها عند
عدونا، وإلى أموالهم كيف مواساتهم
لإخوانهم فيها (11).
- عنه (عليه السلام): ما أعطي عبد من الدنيا إلا
اعتبارا، وما زوي عنه إلا اختبارا (12).
- الإمام علي (عليه السلام): ستة تختبر بها أخلاق
الرجال: الرضا، والغضب، والأمن، والرهب،
والمنع، والرغب (13).



(1) الحجرات: 3.
(2) الممتحنة: 10.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 189 و 192 و 83.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 189 و 192 و 83.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 189 و 192 و 83.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 434.
(7) الكافي: 8 / 176 / 196.
(8) غرر الحكم: 6206، 11026، 4664.
(9) غرر الحكم: 6206، 11026، 4664.
(10) غرر الحكم: 6206، 11026، 4664.
(11) الخصال: 103 / 62.
(12) الكافي: 2 / 261 / 6.
(13) غرر الحكم: 5631.
2852
- عنه (عليه السلام): الولايات مضامير الرجال (1).
- عنه (عليه السلام): الأعمال بالخبرة (2).
كلام في الامتحان وحقيقته:
لا ريب أن القرآن الكريم يخص أمر الهداية
بالله سبحانه، غير أن الهداية فيه لا تنحصر في
الهداية الاختيارية إلى سعادة الآخرة أو الدنيا،
فقد قال تعالى فيما قال: * (الذي أعطى كل شئ
خلقه ثم هدى) * (3) فعمم الهداية لكل شئ من
ذوي الشعور والعقل وغيرهم، وأطلقها أيضا من
جهة الغاية، وقال أيضا: * (الذي خلق فسوى *
والذي قدر فهدى) * (4)، والآية من جهة الإطلاق
كسابقتها.
ومن هنا يظهر أن هذه الهداية غير الهداية
الخاصة التي تقابل الإضلال، فإن الله سبحانه
نفاها وأثبت مكانها الضلال في طوائف، والهداية
العامة لا تنفى عن شئ من خلقه، قال تعالى:
* (والله لا يهدي القوم الظالمين) * (5) وقال: * (والله
لا يهدي القوم الفاسقين) * (6) إلى غير ذلك من
الآيات الكثيرة.
وكذا يظهر أيضا أن الهداية المذكورة
غير الهداية بمعنى إراءة الطريق العامة للمؤمن
والكافر كما في قوله تعالى: * (إنا هديناه السبيل
إما شاكرا وإما كفورا) * (7) وقوله: * (وأما ثمود
فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) * (8) فإن
ما في هاتين الآيتين ونظائرهما من الهداية لا يعم
غير أرباب الشعور والعقل، وقد عرفت أن ما في
قوله: * (ثم هدى) * وقوله: * (والذي قدر فهدى) *
عام من حيث المورد والغاية جميعا. على أن
الآية الثانية تفرع الهداية على التقدير، والهداية
الخاصة لا تلائم التقدير الذي هو تهيئة الأسباب
والعلل لسوق الشئ إلى غاية خلقته، وإن كانت
تلك الهداية أيضا من جهة النظام العام في العالم
داخلة في حيطة التقدير لكن النظر غير النظر،
فافهم ذلك.
وكيف كان فهذه الهداية العامة هي هدايته
تعالى كل شئ إلى كمال وجوده، وإيصاله إلى
غاية خلقته، وهي التي بها نزوع كل شئ إلى ما
يقتضيه قوام ذاته من نشوء واستكمال وأفعال
وحركات وغير ذلك، وللكلام ذيل طويل
سنشرحه إن ساعدنا التوفيق إن شاء الله العزيز.
والغرض أن كلامه تعالى يدل على أن الأشياء
إنما تنساق إلى غاياتها وآجالها بهداية عامة إلهية
لا يشذ عنها شاذ، وقد جعلها الله تعالى حقا لها
على نفسه وهو لا يخلف الميعاد، كما قال تعالى:
* (إن علينا للهدى * وإن لنا للآخرة والأولى) * (9)
والآية كما ترى تعم بإطلاقها الهداية الاجتماعية
للمجتمعات والهداية الفردية مضافة إلى ما تدل



(1) نهج البلاغة: الحكمة 441، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
20 / 88.
(2) غرر الحكم: 37.
(3) طه: 50.
(4) الأعلى: 2، 3.
(5) الجمعة: 5.
(6) الصف: 5.
(7) الإنسان: 3.
(8) فصلت: 17.
(9) الليل: 12، 13.
2853
عليه الآيتان السابقتان.
فمن حق الأشياء على الله تعالى هدايتها
تكوينا إلى كمالها المقدر لها وهدايتها إلى كمالها
المشرع لها، وقد عرفت فيما مر من مباحث النبوة
أن التشريع كيف يدخل في التكوين وكيف يحيط
به القضاء والقدر، فإن النوع الإنساني له نوع
وجود لا يتم أمره إلا بسلسلة من الأفعال
الاختيارية الإرادية التي لا تقع إلا عن اعتقادات
نظرية وعملية، فلابد أن يعيش تحت قوانين حقة
أو باطلة جيدة أو ردية، فلابد لسائق التكوين أن
يهيئ له سلسلة من الأوامر والنواهي (الشريعة)
وسلسلة أخرى من الحوادث الاجتماعية
والفردية حتى يخرج بتلاقيه معهما ما في قوته إلى
الفعل فيسعد أو يشقى ويظهر ما في مكمن
وجوده، وعند ذلك ينطبق على هذه الحوادث
وهذا التشريع اسم المحنة والبلاء ونحوهما.
توضيح ذلك: أن من لم يتبع الدعوة الإلهية
واستوجب لنفسه الشقاء فقد حقت عليه كلمة
العذاب إن بقي على تلك الحال، فكل ما يستقبله
من الحوادث المتعلقة بها الأوامر والنواهي الإلهية
ويخرج بها من القوة إلى الفعل تتم له بذلك فعلية
جديدة من الشقاء وإن كان راضيا بما عنده
مغرورا بما يجده، فليس ذلك إلا مكرا إلهيا، فإنه
يشقيهم بعين ما يحسبونه سعادة لأنفسهم ويخيب
سعيهم فيما يظنونه فوزا لأنفسهم، قال تعالى:
* (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) * (1) وقال:
* (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) * (2) وقال:
* (ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم
وما يشعرون) * (3) وقال: * (سنستدرجهم من حيث
لا يعلمون * واملي لهم إن كيدي متين) * (4) فما
يتبجح به المغرور الجاهل بأمر الله أنه سبق ربه
فيما أراده منه بالمخالفة والتمرد فإنه يعينه على
نفسه فيما أراده، قال تعالى: * (أم حسب الذين
يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون) * (5)
ومن أعجب الآيات في هذا الباب قوله تعالى:
* (فلله المكر جميعا) * (6).
فجميع هذه المماكرات والمخالفات والمظالم
والتعديات - التي تظهر من هؤلاء بالنسبة
إلى الوظائف الدينية، وكل ما يستقبلهم من
حوادث الأيام، ويظهر بها منهم ما أضمروه في
قلوبهم، ودعتهم إلى ذلك أهواؤهم - مكر إلهي
وإملاء واستدراج، فإن من حقهم على الله أن
يهديهم إلى عاقبة أمرهم وخاتمته وقد فعل، والله
غالب على أمره.
وهذه الأمور بعينها إذا نسبت إلى
الشيطان كانت أقسام الكفر والمعاصي إغواء
منه لهم، والنزوع إليها دعوة ووسوسة
ونزعة ووحيا وإضلالا، والحوادث الداعية
وما يجري مجراها زينة له ووسائل وحبائل
وشبكات منه على ما سيجئ بيانه في سورة



(1) آل عمران: 54.
(2) فاطر: 43.
(3) الأنعام: 123.
(4) الأعراف: 182، 183.
(5) العنكبوت: 4.
(6) الرعد: 42.
2854
الأعراف إن شاء الله تعالى.
وأما المؤمن الذي رسخ في قلبه الإيمان، فما
تظهر منه من الطاعات والعبادات وكذا الحوادث
التي تستقبله فيظهر منه عندها ذلك، ينطبق عليها
مفهوم التوفيق والولاية الإلهية والهداية بالمعنى
الأخص نوع انطباق، قال تعالى: * (والله يؤيد
بنصره من يشاء) * (1) وقال: * (والله ولي المؤمنين) * (2)
وقال: * (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من
الظلمات إلى النور) * (3) وقال: * (يهديهم ربهم
بإيمانهم) * (4) وقال: * (أو من كان ميتا فأحييناه
وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) * (5)، هذا إذا
نسبت هذه الأمور إلى الله سبحانه، وأما إذا نسبت
إلى الملائكة فتسمى تأييدا وتسديدا منهم، قال
تعالى: * (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم
بروح منه) * (6).
ثم إنه كما أن الهداية العامة تصاحب
الأشياء من بدء كونها إلى آخر أحيان وجودها
ما دامت سالكة سبيل الرجوع إلى الله سبحانه
كذلك المقادير تدفعها من ورائها كما هو ظاهر
قوله تعالى: * (والذي قدر فهدى) * (7)، فإن المقادير
التي تحملها العلل والأسباب المحتفة بوجود
الشئ هي التي تحول الشئ من حال أولى
إلى حال ثانية وهلم جرا، فهي لا تزال تدفع
الأشياء من ورائها.
وكما أن المقادير تدفعها من ورائها كذلك
الآجال - وهي آخر ما ينتهي إليه وجود الأشياء -
تجذبها من أمامها، كما يدل عليه قوله تعالى:
* (ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا
بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا
معرضون) * (8) فإن الآية تربط الأشياء بغاياتها
وهي الآجال، والشيئان المرتبطان إذا قوي
أحدهما على الآخر كان حاله بالنسبة إلى قرينه
هو المسمى جذبا، والآجال المسماة أمور
ثابتة غير متغيرة، فهي تجذب الأشياء من
أمامها وهو ظاهر.
فالأشياء محاطة بقوى إلهية: قوة تدفعها،
وقوة تجذبها، وقوة تصاحبها وتربيها، وهي
القوى الأصلية التي تثبتها القرآن الكريم غير
القوى الحافظة والرقباء والقرناء كالملائكة
والشياطين وغير ذلك.
ثم إنا نسمي نوع التصرفات في الشئ
- إذا قصد به مقصد لا يظهر حاله بالنسبة إليه هل له
صلوحه أوليس له؟ بالامتحان والاختبار، فإنك
إذا جهلت حال الشئ أنه هل يصلح لأمر كذا أو
لا يصلح، أو علمت باطن أمره ولكن أردت أن
يظهر منه ذلك، أوردت عليه أشياء مما يلائم
المقصد المذكور حتى يظهر حاله بذلك هل يقبلها
لنفسه أو يدفعها عن نفسه، وتسمى ذلك امتحانا
واختبارا واستعلاما لحاله أو ما يقاربها من
الألفاظ. وهذا المعنى بعينه ينطبق على التصرف



(1) آل عمران: 13، 68.
(2) آل عمران: 13، 68.
(3) البقرة: 257.
(4) يونس: 9.
(5) الأنعام: 122.
(6) المجادلة: 22.
(7) الأعلى: 3.
(8) الأحقاف: 3.
2855
الإلهي بما يورده من الشرائع والحوادث الجارية
على اولي الشعور والعقل من الأشياء كالإنسان،
فإن هذه الأمور يظهر بها حال الإنسان بالنسبة إلى
المقصد الذي يدعى إليه الإنسان بالدعوة الدينية،
فهي امتحانات إلهية.
وإنما الفرق بين الامتحان الإلهي وما
عندنا من الامتحان أنا لا نخلو غالبا عن الجهل
بما في باطن الأشياء فنريد بالامتحان استعلام
حالها المجهول لنا، والله سبحانه يمتنع عليه
الجهل وعنده مفاتح الغيب. فالتربية العامة
الإلهية للإنسان من جهة دعوته إلى حسن العاقبة
والسعادة امتحان، لأنه يظهر ويتعين بها
حال الشئ أنه من أهل أي الدارين دار الثواب
أو دار العقاب؟.
ولذلك سمى الله تعالى هذا التصرف الإلهي
من نفسه - أعني التشريع وتوجيه الحوادث - بلاء
وابتلاء وفتنة، فقال بوجه عام: * (إنا جعلنا
ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن
عملا) * (1) وقال: * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة
أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا) * (2) وقال:
* (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) * (3) وكأنه يريد به ما
يفصله قوله: * (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه
فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما
ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن) * (4) وقال
* (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) * (5) وقال:
* (ولكن ليبلو بعضكم ببعض) * (6) وقال: * (كذلك
نبلوهم بما كانوا يفسقون) * (7) وقال: * (وليبلي
المؤمنين منه بلاء حسنا) * (8) وقال: * (أحسب
الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون *
ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين
صدقوا وليعلمن الكاذبين) * (9).
وقال في مثل إبراهيم: * (وإذ ابتلى إبراهيم
ربه بكلمات) * (10) وقال في قصة ذبح إسماعيل:
* (إن هذا لهو البلاء المبين) * (11) وقال في موسى:
* (وفتناك فتونا) * (12) إلى غير ذلك من الآيات.
والآيات كما ترى تعمم المحنة والبلاء لجميع
ما يرتبط به الإنسان من وجوده وأجزاء وجوده
كالسمع والبصر والحياة، والخارج من وجوده
المرتبط به بنحو كالأولاد والأزواج والعشيرة
والأصدقاء والمال والجاه وجميع ما ينتفع به نوع
انتفاع، وكذا مقابلات هذه الأمور كالموت وسائر
المصائب المتوجهة إليه، وبالجملة: الآيات تعد
كل ما يرتبط به الإنسان من أجزاء العالم وأحوالها
فتنة وبلاء من الله سبحانه بالنسبة إليه.
وفيها تعميم آخر من حيث الأفراد، فالكل



(1) الكهف: 7.
(2) الدهر: 2.
(3) الأنبياء: 35.
(4) الفجر: 15، 16.
(5) التغابن: 15.
(6) محمد (صلى الله عليه وآله): 4.
(7) الأعراف: 163.
(8) الأنفال: 17.
(9) العنكبوت: 2، 3.
(10) البقرة: 124.
(11) الصافات: 106.
(12) طه: 40.
2856
مفتنون مبتلون من مؤمن أو كافر، وصالح
أو طالح، ونبي أو من دونه، فهي سنة جارية
لا يستثنى منها أحد.
فقد بان أن سنة الامتحان سنة إلهية جارية،
وهي سنة عملية متكئة على سنة أخرى تكوينية،
وهي سنة الهداية العامة الإلهية من حيث تعلقها
بالمكلفين كالإنسان وما يتقدمها وما يتأخر عنها
أعني القدر والأجل كما مر بيانه.
ومن هنا يظهر أنها غير قابلة للنسخ، فإن
انتساخها عين فساد التكوين وهو محال، ويشير
إلى ذلك ما يدل من الآيات على كون الخلقة على
الحق، وما يدل على كون البعث حقا، كقوله
تعالى: * (ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما
إلا بالحق وأجل مسمى) * (1) وقوله تعالى:
* (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا
لا ترجعون) * (2) وقوله تعالى: * (وما خلقنا
السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما
خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون) * (3)
وقوله تعالى: * (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله
لآت) * (4) إلى غيرها، فإن جميعها تدل على أن
الخلقة بالحق وليست باطلة مقطوعة عن الغاية،
وإذا كانت أمام الأشياء غايات وآجال حقة ومن
ورائها مقادير حقة ومعها هداية حقة فلا مناص
عن تصادمها عامة، وابتلاء أرباب التكليف منها
خاصة بأمور يخرج بالاتصال بها ما في قوتها
- من الكمال والنقص والسعادة والشقاء - إلى
الفعل، وهذا المعنى في الإنسان المكلف بتكليف
الدين امتحان وابتلاء، فافهم ذلك.
ويظهر مما ذكرناه معنى المحق والتمحيص
أيضا، فإن الامتحان إذا ورد على المؤمن فأوجب
امتياز فضائله الكامنة من الرذائل، أو ورد على
الجماعة فاقتضى امتياز المؤمنين من المنافقين
والذين في قلوبهم مرض، صدق عليه اسم
التمحيص وهو التمييز.
وكذا إذا توالت الامتحانات الإلهية على
الكافر والمنافق وفي ظاهرهما صفات وأحوال
حسنة مغبوطة فأوجبت تدريجا ظهور ما في
باطنهما من الخبائث، وكلما ظهرت خبيثة أزالت
فضيلة ظاهرية كان ذلك محقا له أي إنفادا
تدريجيا لمحاسنها، قال تعالى: * (وتلك الأيام
نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ
منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص
الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) * (5).
وللكافرين محق آخر من جهة ما يخبره تعالى أن
الكون ينساق إلى صلاح البشر وخلوص الدين
لله، قال تعالى: * (والعاقبة للتقوى) * (6) وقال: * (أن
الأرض يرثها عبادي الصالحون) * (7) (8).

2857
(484)
المدح
كنز العمال: 3 / 651 - 878 " المدح ".
كنز العمال: 3 / 653 - 879 " مباح المدح ".
وسائل الشيعة: 12 / 132 باب 43 " تحريم مدح الظالم ".
البحار: 72 / 323 باب 118 " ذم السمعة والاغترار بمدح الناس ".
البحار: 73 / 294 باب 134 " النهي عن المدح والرضا به ".
كنز العمال: 3 / 459 - 809 " حب المدح ".
انظر:
عنوان: 493 " التملق "، الشهرة: باب 2125، الرضا (2): باب 1526، الصدق: باب 2195.

2859
[3643]
أهل الوصف الجميل
- الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته
القائلون (1).
- عنه (عليه السلام): اللهم أنت أهل الوصف الجميل،
والتعداد الكثير، إن تؤمل فخير مأمول، وإن
ترج فخير (فأكرم) مرجو، اللهم وقد بسطت لي
فيما لا أمدح به غيرك، ولا اثني به على أحد
سواك، ولا أوجهه إلى معادن الخيبة ومواضع
الريبة، وعدلت بلساني عن مدائح الآدميين،
والثناء على المربوبين المخلوقين... اللهم
وهذا مقام من أفردك بالتوحيد الذي هو لك، ولم
ير مستحقا لهذه المحامد والممادح غيرك (2).
(انظر) الحمد: باب 951، الشهرة: باب 2125.
الصدق: باب 2195، باب 3648.
[3644]
ذم المدح
- الإمام علي (عليه السلام): قلما ينصف اللسان في
نشر قبيح أو إحسان (3).
- عنه (عليه السلام): إن مادحك لخادع لعقلك غاش لك
في نفسك بكاذب الإطراء وزور الثناء، فإن
حرمته نوالك أو منعته إفضالك وسمك بكل
فضيحة ونسبك إلى كل قبيحة (4).
- الإمام الحسن (عليه السلام) - لما سأله رجل أن
يخيله (5) -: إياك أن تمدحني فأنا أعلم بنفسي
منك، أو تكذبني فإنه لا رأي لمكذوب، أو تغتاب
عندي أحدا. فقال له الرجل: ائذن لي في
الانصراف، فقال (عليه السلام): نعم إذا شئت (6).
- المقداد بن عمرو: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن
نحثو في وجوه المداحين التراب (7).
- جاء رجل فأثنى على عثمان في وجهه،
فأخذ المقداد بن الأسود ترابا فحثا في وجهه،
وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا لقيتم المداحين
. فاحثوا في وجوههم التراب (8).
- روي أن رجلا مدح رجلا عند النبي (صلى الله عليه وآله)،
فقال: ويحك! قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما
أفلح، ثم قال: إن كان لابد أحدكم مادحا أخاه
فليقل: أحب فلانا ولا أزكي على الله أحدا،
حسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك (9).
- إن رجلا أثنى على رجل عند النبي (صلى الله عليه وآله)،



(1) نهج البلاغة: الخطبة 1 و 91.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 1 و 91.
(3) غرر الحكم: 6724، 3602.
(4) غرر الحكم: 6724، 3602.
(5) في بعض النسخ: [يعظه] مكان يخيله، أي يغيره، وهو أيضا
كناية عن الموعظة. كما في هامش تحف العقول.
(6) تحف العقول: 236.
(7) سنن ابن ماجة: 3742.
(8) سنن أبي داود: 4804.
(9) المحجة البيضاء: 5 / 283.
2860
فقال له: قطعت عنق صاحبك، ثلاث مرات، ثم
قال: إذا مدح أحدكم صاحبه لا محالة فليقل: إني
أحسبه كما يريد أن يقول، ولا أزكيه على الله (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ويحك! قطعت ظهر أخيك،
والله لو سمعها ما أفلح أبدا، إذا أثنى أحدكم على
أخيه فليقل: إن فلانا، ولا أزكي على الله أحدا (2).
- إن رجلا مدح رجلا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله):
لا تسمعه فتهلكه، لو سمعك لم يفلح (3).
- أم العلاء: لما مات عثمان بن مظعون (رضي الله عنه)
قلت: رحمة الله عليك أبا السائب، شهادتي عليك
لقد أرمك الله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وما يدريك أن
الله أكرمه؟! أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني
لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما
يفعل بي ولا بكم، قالت أم العلاء: فوالله ما أزكي
بعده أحدا (4).
[3645]
عاقبة المدح
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم والمدح، فإنه الذبح (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إياكم والتمادح، فإنه الذبح (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو مشى رجل إلى رجل بسكين
مرهف كان خيرا له من أن يثني عليه في وجهه (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا مدحت أخاك في وجهه
فكأنما أمررت على حلقه الموسى (8).
- الإمام علي (عليه السلام): من مدحك فقد ذبحك (9).
[3646]
ذم الاغترار بالمدح
- الإمام علي (عليه السلام): أيها الناس! اعلموا أنه
ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه،
ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا تغتر بقول الجاهل
ولا بمدحه فتكبر وتجبر وتعجب بعملك، فإن
أفضل العمل العبادة والتواضع (11).
- الإمام علي (عليه السلام): أجهل الناس المغتر
بقول مادح متملق، يحسن له القبيح، ويبغض
إليه النصيح (12).
- عنه (عليه السلام): كم من مغرور بحسن القول فيه،
كم من مفتون بالثناء عليه (13).
(انظر) عنوان: 386 " الغرور ".
[3647]
الاختصار في المدح
- الإمام علي (عليه السلام): إذا مدحت فاختصر،
إذا ذممت فاقتصر (14).
- عنه (عليه السلام): أكبر الحمق الإغراق في



(1) سنن أبي داود: 4805.
(2) كنز العمال: 8336، 8339.
(3) كنز العمال: 8336، 8339.
(4) الدر المنثور: 7 / 436.
(5) كنز العمال: 8331، 8330.
(6) كنز العمال: 8331، 8330.
(7) المحجة البيضاء: 5 / 284.
(8) المحجة البيضاء: 5 / 283.
(9) غرر الحكم: 7766.
(10) تحف العقول: 208، 304.
(11) تحف العقول: 208، 304.
(12) غرر الحكم: 3262، (6932 - 6931)، (3983 - 3984).
(13) غرر الحكم: 3262، (6932 - 6931)، (3983 - 3984).
(14) غرر الحكم: 3262، (6932 - 6931)، (3983 - 3984).
2861
المدح والذم (1).
- عنه (عليه السلام): كثرة الثناء ملق يحدث الزهو
ويدني من العزة (2).
- عنه (عليه السلام): احترسوا من سورة الإطراء (3)
والمدح، فإن لهما ريحا خبيثة في القلب (4).
- عنه (عليه السلام): الإطراء يحدث الزهو ويدني
من الغرة (5).
- عنه (عليه السلام): حب الإطراء والمدح من أوثق
فرص الشيطان (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حب الإطراء والثناء يعمي
ويصم عن الدين، ويدع الديار بلاقع (7).
[3648]
في جواب المادح
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - للأسود بن سريع وقد قال
شعرا في الثناء على الله ومدح النبي (صلى الله عليه وآله) -: أما
ما أثنيت فيه على الله فهاته، وأما ما مدحتني
فيه فدعه (8).
- الإمام علي (عليه السلام) - وقد أجابه رجل من أصحابه
بكلام طويل يكثر فيه الثناء عليه، ويذكر سمعه
وطاعته له -: إن من حق من عظم جلال الله
سبحانه في نفسه وجل موضعه من قلبه أن يصغر
عنده - لعظم ذلك - كل ما سواه...
وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح
الناس أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم
على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم
أني أحب الإطراء واستماع الثناء، ولست - بحمد
الله - كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته
انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من
العظمة والكبرياء، وربما استحلى الناس الثناء بعد
البلاء، فلا تثنوا علي بجميل ثناء لإخراجي نفسي
إلى الله سبحانه وإليكم من التقية [البقية] في
حقوق لم أفرغ من أدائها وفرائض لابد من
إمضائها فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة،
ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة،
ولا تخالطوني بالمصانعة (9).
- الإمام الهادي (عليه السلام) - لبعض وقد أكثر من
إفراط الثناء عليه -: أقبل علي ما شأنك! فإن كثرة
الثناء تهجم على الظنة، وإذا حللت من أخيك في
محل الثقة فاعدل عن الملقى إلى حسن النية (10).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما مدحه قوم في
وجهه -: اللهم إنك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم
بنفسي منهم، اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون،
واغفر لنا مالا يعلمون (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا اثني عليك في وجهك
فقل: اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما
لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون (12).



(1) غرر الحكم: 2985، 7119.
(2) غرر الحكم: 2985، 7119.
(3) أطرى إطراء فلانا: أحسن الثناء عليه وبالغ في مدحه، فكأنه
جعله غضا. المنجد: 465.
(4) غرر الحكم: 2539، 1367، 4877.
(5) غرر الحكم: 2539، 1367، 4877.
(6) غرر الحكم: 2539، 1367، 4877.
(7) تنبيه الخواطر: 2 / 122.
(8) كنز العمال: 8346.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 216.
(10) الدرة الباهرة: 42.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 100.
(12) تحف العقول: 12.
2862
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المتقين -: إذا
زكي أحد منهم خاف مما يقال له، فيقول: أنا أعلم
بنفسي من غيري، وربي أعلم بي مني بنفسي!
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما
يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): المؤمن يصمت
ليسلم، وينطق ليغنم... إن زكي خاف مما يقولون،
ويستغفر الله لما لا يعلمون، لا يغره قول من جهله،
ويخاف إحصاء ما عمله (2).
[3649]
مدح الرجل بما ليس فيه
الكتاب
* (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن
يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب
ولهم عذاب أليم) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): إياك أن تثني على
أحد بما ليس فيه، فإن فعله يصدق عن وصفه
ويكذبك (4).
- عنه (عليه السلام): مادح الرجل بما ليس فيه
مستهزئ به (5).
- عنه (عليه السلام): مادحك بما ليس فيك مستهزئ بك،
فإن لم تسعفه بنوالك بالغ في ذمك
وهجائك (6).
- عنه (عليه السلام): من اثني عليه بما ليس فيه
سخر به (7).
- عنه (عليه السلام): من مدحك بما ليس فيك فهو ذم لك
إن عقلت (8).
- عنه (عليه السلام): من مدحك بما ليس فيك فهو خليق
أن يذمك بما ليس فيك (9).
- عنه (عليه السلام): احذر من يطربك بما ليس فيك
فيوشك أن تنهتك بما ليس فيك (10).
- عنه (عليه السلام): عجبت لمن يقال: إن فيه الشر الذي
يعلم أنه فيه كيف يسخط! عجبت لمن يوصف
بالخير الذي يعلم أنه ليس فيه كيف يرضى! (11).
- عنه (عليه السلام): طلب الثناء بغير استحقاق خرق (12).
- الإمام العسكري (عليه السلام): من مدح غير المستحق
فقد قام مقام المتهم (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بن مسعود! إذا مدحك
الناس فقالوا: إنك تصوم النهار وتقوم الليل وأنت
على غير ذلك فلا تفرح بذلك، فإن الله تعالى
يقول: * (ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا
ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم
بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم) * (14).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر -: الصق
بأهل الورع والصدق، ثم رضهم على ألا يطروك،
ولا يبجحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الإطراء



(1) نهج البلاغة: الخطبة 193.
(2) الكافي: 2 / 231 / 3.
(3) آل عمران: 188.
(4) غرر الحكم: 2714، 9780، 9838.
(5) غرر الحكم: 2714، 9780، 9838.
(6) غرر الحكم: 2714، 9780، 9838.
(7) غرر الحكم: 8831، 9042، 8658.
(8) غرر الحكم: 8831، 9042، 8658.
(9) غرر الحكم: 8831، 9042، 8658.
(10) تنبيه الخواطر: 2 / 17.
(11) غرر الحكم: (6281 - 6282)، 5992.
(12) غرر الحكم: (6281 - 6282)، 5992.
(13) أعلام الدين: 313.
(14) مكارم الأخلاق: 2 / 353 / 2660.
2863
تحدث الزهو، وتدني من العزة [الغرة] (1).
[3650]
ذم الفرح بالمدح
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لجابر بن يزيد الجعفي -:
إن مدحت فلا تفرح، وإن ذممت فلا تجزع وفكر
فيما قيل فيك، فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك
فسقوطك من عين الله جل وعز عند غضبك من
الحق أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك
من أعين الناس، وإن كنت على خلاف ما قيل فيك
فثواب اكتسبته من غير أن يتعب بدنك.
واعلم بأنك لا تكون لنا وليا حتى لو اجتمع
عليك أهل مصرك وقالوا: إنك رجل سوء لم
يحزنك ذلك، ولو قالوا: إنك رجل صالح لم يسرك
ذلك، ولكن أعرض نفسك على كتاب الله، فإن
كنت سالكا سبيله، زاهدا في تزهيده، راغبا في
ترغيبه، خائفا من تخويفه، فاثبت وأبشر، فإنه
لا يضرك ما قيل فيك، وإن كنت مبائنا للقرآن
فماذا الذي يغرك من نفسك (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يصير العبد عبدا خالصا
لله تعالى حتى يصير المدح والذم عنده سواء، لأن
الممدوح عند الله لا يصير مذموما بذمهم، وكذلك
المذموم، ولا تفرح بمدح أحد فإنه لا يزيد في
منزلتك عند الله، ولا يغنيك عن المحكوم لك
والمقدور عليك، ولا تحزن أيضا بذم أحد
فإنه لا ينقص عنك ذرة (3).
[3651]
التحذير من مدح الفاجر
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله ليغضب إذا
مدح الفاسق (4).
- الإمام علي (عليه السلام): أعظم اللؤم حمد المذموم (5).
- عنه (عليه السلام): من أقبح المذام مدح اللئام (6).
- عنه (عليه السلام): أكبر الأوزار تزكية الأشرار (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا مدح الفاجر اهتز العرش
وغضب الرب (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من مدح سلطانا جائرا
وتخفف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه
إلى النار (9).
- الإمام الباقر (عليه السلام): كم من رجل قد لقي
رجلا فقال له: كب الله عدوك، وماله من عدو
إلا الله (10).
- الإمام علي (عليه السلام): شر الثناء ما جرى على
ألسنة الأشرار، خير الثناء ما جرى على
ألسنة الأبرار (11).



(1) نهج البلاغة: الكتاب: 53، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
17 / 44.
(2) تحف العقول: 284.
(3) مصباح الشريعة: 264.
(4) المحجة البيضاء: 5 / 283.
(5) غرر الحكم: 2978، 9268، 2968.
(6) غرر الحكم: 2978، 9268، 2968.
(7) غرر الحكم: 2978، 9268، 2968.
(8) تحف العقول: 46.
(9) أمالي الصدوق: 347 / 1.
(10) تحف العقول: 294.
(11) غرر الحكم: 5698، 4956.
2864
[3652]
النهي عن تزكية النفس
الكتاب
* (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم إن
ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ
أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم
بمن اتقى) * (1).
* (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من
يشاء ولا يظلمون فتيلا) * (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن قول
الله عز وجل: * (فلا تزكوا...) * -: قول الإنسان:
صليت البارحة وصمت أمس ونحو هذا، ثم
قال (عليه السلام): إن قوما كانوا يصبحون فيقولون: صلينا
البارحة وصمنا أمس، فقال علي (عليه السلام): لكني أنام
الليل والنهار، ولو أجد بينهما شيئا لنمته (3).
- الإمام علي (عليه السلام): أقبح الصدق ثناء الرجل
على نفسه (4).
- عنه (عليه السلام): من مدح نفسه ذبحها (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قال: إني خير الناس
فهو من شر الناس، ومن قال: إني في الجنة
فهو في النار (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتاب له إلى معاوية -:
ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه،
لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين،
ولا تمجها آذان السامعين (7).
[3653]
موارد جواز تزكية النفس
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد سأله سفيان عن
جواز تزكية الرجل نفسه -: نعم إذا اضطر إليه، أما
سمعت قول يوسف: * (اجعلني على خزائن
الأرض إني حفيظ عليم) * وقول العبد الصالح:
* (أنا لكم ناصح أمين) * (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - ليهودي قام بين يديه وهو
يحد النظر إليه -: يا يهودي ما حاجتك؟ قال: أنت
أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله،
وأنزل عليه التوراة والعصا، وفلق له البحر، وأظله
بالغمام؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إنه يكره للعبد أن
يزكي نفسه، ولكني أقول: إن آدم (عليه السلام) لما أصاب
الخطيئة كانت توبته أن قال: اللهم إني أسألك بحق
محمد وآل محمد لما غفرت لي، فغفرها الله له (9).



(1) النجم: 32.
(2) النساء: 49.
(3) معاني الأخبار: 243 / 1.
(4) غرر الحكم: 2942، 9104.
(5) غرر الحكم: 2942، 9104.
(6) النوادر للراوندي: 11.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 28، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
15 / 182.
(8) تحف العقول: 374.
(9) أمالي الصدوق: 181 / 4.
2865
(485)
المرأة
كنز العمال: 16 / 381، 600 " ترهيبات وترغيبات تختص بالنساء ".
وسائل الشيعة: 14 / 161 باب 123 " جملة من الأحكام المختصة بالنساء ".
انظر:
عنوان: 95 " الحجاب "، 207 " الزواج "، الحرب: باب 771، الطيب: باب 2435.
الزواج: باب 1653.

2867
[3654]
تساوي الرجل والمرأة في القرآن
الكتاب
* (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات
والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات
والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات
والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا
والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) * (1).
- مقاتل بن حيان: لما رجعت أسماء
بنت عميس من الحبشة مع زوجها جعفر بن
أبي طالب دخلت على نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فقالت: هل فينا شئ من القرآن؟ قلن:
لا، فأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله إن
النساء لفي خيبة وخسار! فقال: ومم ذلك؟
قالت: لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال،
فأنزل الله تعالى هذه الآية - يعني: * (إن
المسلمين والمسلمات...) * (2) -.
بحث فلسفي ومقايسة:
المشاهدة والتجربة تقضيان أن الرجل والمرأة
فردان من نوع جوهري واحد وهو الإنسان، فإن
جميع الآثار المشهودة في صنف الرجل مشهودة
في صنف المرأة من غير فرق، وبروز آثار النوع
يوجب تحقق موضوعه بلا شك. نعم يختلف
الصنف بشدة وضعف في بعض الآثار المشتركة
وهو لا يوجب بطلان وجود النوعية في الفرد،
وبذلك يظهر أن الاستكمالات النوعية الميسورة
لأحد الصنفين ميسورة في الآخر، ومنها
الاستكمالات المعنوية الحاصلة بالإيمان
والطاعات والقربات، وبذلك يظهر عليك أن
أحسن كلمة وأجمعها في إفادة هذا المعنى قوله
سبحانه: * (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر
أو أنثى بعضكم من بعض) *.
وإذا قايست ذلك إلى ما ورد في التوراة بان لك
الفرق بين موقعي الكتابين، ففي سفر الجامعة من
التوراة: درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب
حكمة وعقلا، ولأعرف الشر أنه جهالة والحماقة
أنها جنون، فوجدت أمر من الموت المرأة التي
هي شباك، وقلبها أشراك، ويداها قيود، إلى أن
قال: رجلا واحدا بين ألف وجدت، أما امرأة
فبين كل أولئك لم أجد.
وقد كانت أكثر الأمم القديمة لا ترى قبول
عملها عند الله سبحانه، وكانت تسمى في اليونان
رجسا من عمل الشيطان، وكانت ترى الروم
وبعض اليونان أن ليس لها نفس مع كون الرجل ذا
نفس مجردة إنسانية، وقرر مجمع فرنسا



(1) الأحزاب: 35.
(2) نور الثقلين: 4 / 277.
2868
سنة (586 م) بعد البحث الكثير في أمرها
أنها إنسان لكنها مخلوقة لخدمة الرجل،
وكانت في إنجلترا قبل مائة سنة تقريبا لا تعد
جزء المجتمع الإنساني، فارجع في ذلك إلى
كتب الآراء والعقائد وآداب الملل تجد فيها
عجائب من آرائهم (1).
(انظر) الميزان: 2 / 260 " بحث علمي ".
[3655]
وافدة النساء إلى النبي (صلى الله عليه وآله)
- أخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد
الأنصارية أنها أتت النبي (صلى الله عليه وآله) وهو بين
أصحابه، فقالت: بأبي أنت وأمي! إني
وافدة النساء إليك، واعلم - نفسي لك الفداء -
أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت
بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي، إن
الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا
بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء
محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى
شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر
الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة
المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج،
وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل
منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا
لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم
أموالكم (2) فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟.
فالتفت النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أصحابه بوجهه كله ثم
قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من
مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول
الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا!.
فالتفت النبي (صلى الله عليه وآله) إليها ثم قال لها: انصرفي
أيتها المرأة، وأعلمي من خلفك من النساء أن
حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته
واتباعها موافقته يعدل ذلك كله. فأدبرت المرأة
وهي تهلل وتكبر استبشارا (3).
- أبو سعيد الخدري: جاءت امرأة إلى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال
بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتك فيه
تعلمنا مما علمك الله؟ قال: اجتمعن يوم
كذا وكذا في موضع كذا وكذا، فاجتمعن، فأتاهن
النبي (صلى الله عليه وآله) فعلمهن مما علمه الله (4).
قال العلامة الطباطبائي في الميزان في
تبيين حديث أسماء بنت يزيد: يظهر من التأمل
فيه وفي نظائره - الحاكية عن دخول النساء على
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتكليمهن إياه فيما يرجع إلى
شرائع الدين، ومختلف ما قرره الإسلام في
حقهن - أنهن على احتجابهن واختصاصهن
بالأمور المنزلية من شؤون الحياة غالبا لم
يكن ممنوعات من المراودة إلى ولي الأمر،
والسعي في حل ما ربما كان يشكل عليهن، وهذه
حرية الإعتقاد التي باحثنا فيها في ضمن الكلام
في المرابطة الإسلامية في آخر سورة آل عمران.

2869
ويستفاد منه ومن نظائره أيضا:
أولا: أن الطريقة المرضية في حياة المرأة في
الإسلام أن تشتغل بتدبير أمور المنزل الداخلية
وتربية الأولاد، وهذه وإن كانت سنة مسنونة غير
مفروضة لكن الترغيب والتحريض الندبي -
والظرف ظرف الدين، والجو جو التقوى - وابتغاء
مرضاة الله، وإيثار مثوبة الآخرة على عرض
الدنيا، والتربية على الأخلاق الصالحة للنساء
كالعفة والحياء ومحبة الأولاد، والتعلق بالحياة
المنزلية، كانت تحفظ هذه السنة.
وكان الاشتغال بهذه الشؤون والاعتكاف
على إحياء العواطف الطاهرة المودعة في
وجودهن يشغلهن عن الورود في مجامع الرجال،
واختلاطهن بهم في حدود ما أباح الله لهن،
ويشهد بذلك بقاء هذه السنة بين المسلمين على
ساقها قرونا كثيرة بعد ذلك حتى نفذ فيهن
الاسترسال الغربي المسمى بحرية النساء في
المجتمع، فجرت إليهن وإليهم هلاك الأخلاق
وفساد الحياة وهم لا يشعرون، وسوف يعلمون،
ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتح الله عليهم
بركات من السماء، وأكلوا من فوقهم ومن تحت
أرجلهم ولكن كذبوا فاخذوا.
وثانيا: أن من السنة المفروضة في الإسلام
منع النساء من القيام بأمر الجهاد كالقضاء
والولاية.
وثالثا: أن الإسلام لم يهمل أمر هذه
الحرمانات كحرمان المرأة من فضيلة الجهاد في
سبيل الله دون أن تداركها وجبر كسرها بما يعادلها
عنده بمزايا وفضائل فيها مفاخر حقيقية، كما أنه
جعل حسن التبعل مثلا جهادا للمرأة، وهذه
الصنائع والمكارم أوشك أن لا يكون لها عندنا
- وظرفنا هذا الظرف الحيوي الفاسد - قدر، لكن
الظرف الإسلامي الذي يقوم الأمور بقيمها
الحقيقية، ويتنافس فيه في الفضائل الإنسانية
المرضية عند الله سبحانه، وهو يقدرها حق
قدرها، يقدر لسلوك كل إنسان مسلكه الذي ندب
إليه، وللزومه الطريق الذي خط له من القيمة ما
يتعادل فيه أنواع الخدمات الإنسانية وتتوازن
أعمالها، فلا فضل في الإسلام للشهادة في معركة
القتال والسماحة بدماء المهج - على ما فيه من
الفضل - على لزوم المرأة وظيفتها في الزوجية،
وكذا لافخار لوال يدير رحى المجتمع الحيوي،
ولا لقاض يتكي على مسند القضاء، وهما
منصبان ليس للمتقلد بهما في الدنيا - لو عمل فيما
عمل بالحق وجرى فيما جرى على الحق - إلا
تحمل أثقال الولاية والقضاء، والتعرض لمهالك
ومخاطر تهددهما حينا بعد حين في حقوق من
لا حامي له إلا رب العالمين - وإن ربك
لبالمرصاد - فأي فخر لهؤلاء على من منعه الدين
الورود موردهما، وخط له خطا وأشار إليه بلزومه
وسلوكه؟!
فهذه المفاخر إنما يحييها ويقيم صلبها - بإيثار
الناس لها - نوع المجتمع الذي يربي أجزاءه على
ما يندب إليه من غير تناقض، واختلاف الشؤون
الاجتماعية والأعمال الإنسانية بحسب اختلاف
المجتمعات في أجوائها مما لا يسع أحدا إنكاره.

2870
هو ذا الجندي الذي يلقي بنفسه في أخطر
المهالك، وهو الموت في منفجر القنابل المبيدة
ابتغاء ما يراه كرامة ومزيدا، وهو زعمه أن سيذكر
اسمه في فهرس من فدا بنفسه وطنه، ويفتخر
بذلك على كل ذي فخر في عين ما يعتقد بأن
الموت فوت وبطلان، وليس إلا بغية وهمية
وكرامة خرافية. وكذلك ما تؤثره هذه الكواكب
الظاهرة في سماء السينماءات ويعظم قدرهن
بذلك الناس تعظيما لا يكاد يناله رؤساء
الحكومات السامية، وقد كان ما يعتورنه من
الشغل وما يعطين من أنفسهن للملأ دهرا طويلا
في المجتمعات الإنسانية أعظم ما يسقط به قدر
النساء، وأشنع ما يعيرن به، فليس ذلك كله إلا أن
الظرف من ظروف الحياة يعين ما يعينه على أن
يقع من سواد الناس موقع القبول ويعظم الحقير
ويهون الخطير، فليس من المستبعد أن يعظم
الإسلام أمورا نستحقرها ونحن في هذه الظروف
المضطربة، أو يحقر أمورا نستعظمها ونتنافس
فيها، فلم يكن الظرف في صدر الإسلام إلا ظرف
التقوى وإيثار الآخرة على الأولى (1).
[3656]
قوامة الرجال على النساء
الكتاب
* (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم
على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - من وصيته لعسكره قبل
لقاء العدو بصفين -: ولا تهيجوا النساء بأذى
وإن شتمن أعراضكم، وسببن أمراءكم، فإنهن
ضعيفات القوى والأنفس والعقول، إن كنا لنؤمر
بالكف عنهن وإنهن لمشركات، وإن كان الرجل
ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر أو الهراوة
فيعير بها وعقبه من بعده (3).
- عنه (عليه السلام) - من خطبة له في حرب الجمل -:
ولا تهيجوا امرأة بأذى... وإن كان الرجل
ليتناول المرأة بالهراوة والجريدة فيعير بها
وعقبه من بعده (4).
- عبد الله بن جندب عن أبيه: أن عليا (عليه السلام)
كان يأمرنا في كل موطن لقينا معه عدوه،
فيقول:... ولا تهيجوا امرأة... وإن كان الرجل
ليتناول المرأة في الجاهلية بالهراوة أو الحديد
فيعير بها عقبه من بعده (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - بعد فراغه من حرب
الجمل -: معاشر الناس! إن النساء نواقص
الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول: فأما
نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في
أيام حيضهن، وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين
كشهادة الرجل الواحد، وأما نقصان حظوظهن
فمواريثهن على الأنصاف من مواريث الرجال (6).
التفسير:
قوله تعالى: * (الرجال قوامون على النساء
بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من

2871
أموالهم) * القيم هو الذي يقوم بأمر غيره،
والقوام والقيام مبالغة منه.
والمراد بما فضل الله بعضهم على بعض هو
ما يفضل ويزيد فيه الرجال بحسب الطبع على
النساء، وهو زيادة قوة التعقل فيهم، وما
يتفرع عليه من شدة البأس والقوة والطاقة
على الشدائد من الأعمال ونحوها، فإن حياة
النساء حياة إحساسية عاطفية مبنية على الرقة
واللطافة، والمراد بما أنفقوا من أموالهم ما أنفقوه
في مهورهن ونفقاتهن.
وعموم هذه العلة يعطي أن الحكم المبني
عليها - أعني قوله: * (الرجال قوامون على
النساء) * - غير مقصور على الأزواج بأن يختص
القوامية بالرجل على زوجته، بل الحكم مجعول
لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامة
التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعا، فالجهات
العامة الاجتماعية التي ترتبط بفضل الرجال
كجهتي الحكومة والقضاء مثلا اللذين يتوقف
عليهما حياة المجتمع، وإنما يقومان بالتعقل الذي
هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء، وكذا
الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدة وقوة التعقل،
كل ذلك مما يقوم به الرجال على النساء.
وعلى هذا فقوله: * (الرجال قوامون على
النساء) * ذو إطلاق تام، وأما قوله بعد:
* (فالصالحات قانتات) * إلخ الظاهر في
الاختصاص بما بين الرجل وزوجته على
ما سيأتي فهو فرع من فروع هذا الحكم المطلق
وجزئي من جزئياته مستخرج منه من غير أن
يتقيد به إطلاقه.
قوله تعالى: * (فالصالحات قانتات حافظات
للغيب بما حفظ الله) * المراد بالصلاح معناه
اللغوي، وهو ما يعبر عنه بلياقة النفس. والقنوت
هو دوام الطاعة والخضوع.
ومقابلتها لقوله: * (واللاتي تخافون
نشوزهن...) * إلخ تفيد أن المراد بالصالحات
الزوجات الصالحات، وأن هذا الحكم مضروب
على النساء في حال الازدواج لا مطلقا، وأن
قوله: * (قانتات حافظات) * - الذي هو إعطاء للأمر
في صورة التوصيف، أي ليقنتن وليحفظن - حكم
مربوط بشؤون الزوجية والمعاشرة المنزلية، وهذا
مع ذلك حكم يتبع في سعته وضيقه علته أعني
قيمومة الرجل على المرأة قيمومة زوجية، فعليها
أن تقنت له وتحفظه فيما يرجع إلى ما بينهما من
شؤون الزوجية.
وبعبارة أخرى: كما أن قيمومة قبيل الرجال
على قبيل النساء في المجتمع إنما تتعلق بالجهات
العامة المشتركة بينهما المرتبطة بزيادة تعقل
الرجل وشدته في البأس وهي جهات الحكومة
والقضاء والحرب - من غير أن يبطل بذلك ما
للمرأة من الاستقلال في الإرادة الفردية وعمل
نفسها بأن تريد ما أحبت وتفعل ما شاءت من غير
أن يحق للرجل أن يعارضها في شئ من ذلك في
غير المنكر فلا جناح عليهم فيما فعلن في
أنفسهن بالعروف - كذلك قيمومة الرجل لزوجته
ليست بأن لا تنفذ للمرأة فيما تملكه إرادة
ولا تصرف، ولا أن لا تستقل المرأة في حفظ

2872
حقوقها الفردية والاجتماعية والدفاع عنها
والتوسل إليها بالمقدمات الموصلة إليها،
بل معناها أن الرجل إذ كان ينفق ما ينفق من
ماله بإزاء الاستمتاع فعليها أن تطاوعه وتطيعه
في كل ما يرتبط بالاستمتاع والمباشرة عند
الحضور، وأن تحفظه في الغيب فلا تخونه عند
غيبته بأن توطأ فراشه غيره، وأن تمتع لغيره
من نفسها ما ليس لغير الزوج التمتع منها بذلك،
ولا تخونه فيما وضعه تحت يدها من المال
وسلطها عليه في ظرف الازدواج والاشتراك في
الحياة المنزلية (1).
كلام في معنى قيمومة الرجال على النساء:
تقوية القرآن الكريم لجانب العقل الإنساني
السليم - وترجيحه إياه على الهوى واتباع
الشهوات، والخضوع لحكم العواطف
والإحساسات الحادة، وحضه وترغيبه في
اتباعه، وتوصيته في حفظ هذه الوديعة
الإلهية عن الضيعة - مما لا ستر عليه، ولا حاجة
إلى إيراد دليل كتابي يؤدي إليه، فقد تضمن
القرآن آيات كثيرة متكثرة في الدلالة على ذلك
تصريحا وتلويحا وبكل لسان وبيان.
ولم يهمل القرآن مع ذلك أمر العواطف الحسنة
الطاهرة، ومهام آثارها الجميلة التي يتربى بها
الفرد، ويقوم بها صلب المجتمع، كقوله: * (أشداء
على الكفار رحماء بينهم) * (2) وقوله: * (لتسكنوا
إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) * (3) وقوله: * (قل
من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من
الرزق) * (4) لكنه عدلها بالموافقة لحكم العقل،
فصار اتباع حكم هذه العواطف والميول اتباعا
لحكم العقل.
وقد مر في بعض المباحث السابقة أن من
حفظ الإسلام لجانب العقل وبنائه أحكامه
المشرعة على ذلك أن جميع الأعمال والأحوال
والأخلاق التي تبطل استقامة العقل في حكمه،
وتوجب خبطه في قضائه وتقويمه لشؤون
المجتمع - كشرب الخمر والقمار وأقسام
المعاملات الغررية والكذب والبهتان والافتراء
والغيبة - كل ذلك محرمة في الدين.
والباحث المتأمل يحدس من هذا المقدار أن
من الواجب أن يفوض زمام الأمور الكلية
والجهات العامة الاجتماعية - التي ينبغي أن
تدبرها قوة التعقل، ويجتنب فيها من حكومة
العواطف والميول النفسانية - كجهات الحكومة
والقضاء والحرب إلى من يمتاز بمزيد العقل
ويضعف فيه حكم العواطف، وهو قبيل الرجال
دون النساء.
وهو كذلك، قال الله تعالى: * (الرجال قوامون
على النساء) * والسنة النبوية التي هي ترجمان
البيانات القرآنية بينت ذلك كذلك، وسيرته (صلى الله عليه وآله وسلم)
جرت على ذلك أيام حياته، فلم يول امرأة على
قوم، ولا أعطى امرأة منصب القضاء، ولا دعاهن
إلى غزاة بمعنى دعوتهن إلى أن يقاتلن.



(1) الميزان: 4 / 343.
(2) الفتح: 29.
(3) الروم: 21.
(4) الأعراف: 32.
2873
وأما غيرها من الجهات كجهات التعليم
والتعلم والمكاسب والتمريض والعلاج وغيرها
- مما لا ينافي نجاح العمل فيها مداخلة
العواطف - فلم تمنعهن السنة ذلك، والسيرة
النبوية تمضي كثيرا منها، والكتاب أيضا لا يخلو
من دلالة على إجازة ذلك في حقهن، فإن ذلك
لازم ما أعطين من حرية الإرادة والعمل في كثير
من شؤون الحياة، إذ لا معنى لإخراجهن من تحت
ولاية الرجال وجعل الملك لهن بحيالهن ثم النهي
عن قيامهن بإصلاح ما ملكته أيديهن بأي نحو
من الإصلاح، وكذا لا معنى لجعل حق الدعوى أو
الشهادة لهن ثم المنع عن حضورهن عند الوالي
أو القاضي وهكذا. اللهم إلا فيما يزاحم حق
الزوج، فإن له عليها قيمومة الطاعة في الحضور
والحفظ في الغيبة، ولا يمضي لها من شؤونها
الجائزة ما يزاحم ذلك (1).
(انظر) الكمال: باب 3535. باب 3658.
[3657]
خيار خصال النساء
- الإمام علي (عليه السلام): خيار خصال النساء شرار
خصال الرجال: الزهو، والجبن، والبخل،
فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها،
وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها،
وإذا كانت جبانة فرقت من كل شئ
يعرض لها (2).
[3658]
النهي عن تولية المرأة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لن يفلح قوم ولوا أمرهم
امرأة (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لن يفلح قوم تملكهم امرأة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لن يفلح قوم أسندوا أمرهم
إلى امرأة (5).
- الإمام علي (عليه السلام): كل امرئ تدبره امرأة
فهو ملعون (6).
- أبو بكرة: عصمني الله بشئ سمعته
من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما هلك كسرى قال: من
استخلفوا؟ قالوا: ابنته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.
قال: فلما قدمت عائشة - تعني البصرة -
ذكرت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعصمني الله به (7).
- أبو بكرة: لما قدم طلحة والزبير
البصرة تقلدت سيفي وأنا أريد نصرهما،
فدخلت على عائشة وإذا هي تأمر وتنهى،
وإذا الأمر أمرها، فذكرت حديثا كنت سمعته عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله): لن يفلح قوم تدبر أمرهم امرأة،
فانصرفت واعتزلتهم (8).



(1) الميزان: 4 / 346.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 234.
(3) صحيح البخاري: 4163.
(4) مسند ابن حنبل: 20540.
(5) تحف العقول: 35.
(6) البحار: 103 / 228 / 25.
(7) سنن الترمذي: 2262.
(8) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6 / 227.
2874
أقول: قال ابن أبي الحديد: وقد روي هذا
الخبر على صورة أخرى: إن قوما يخرجون بعدي
في فئة، رأسها امرأة، لا يفلحون أبدا.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان امراؤكم خياركم،
وأغنياؤكم سمحاؤكم، وأموركم شورى بينكم،
فظهر الأرض خير لكم من بطنها.
وإذا كان امراؤكم شراركم، وأغنياؤكم
بخلاؤكم، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض
خير لكم من ظهرها (1).
- الإمام علي (عليه السلام): ولا تملك المرأة من أمرها
ما جاوز نفسها، فإن المرأة ريحانة وليست
بقهرمانة، ولا تعد بكرامتها نفسها، ولا تطمعها
في أن تشفع لغيرها (2).
[3659]
مدح حب النساء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلما ازداد العبد إيمانا
ازداد حبا للنساء (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كل من اشتد لنا حبا
اشتد للنساء حبا وللحلواء (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حبب إلي من الدنيا
النساء والطيب (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أخلاق الأنبياء (عليهم السلام)
حب النساء (6).
[3660]
ذم حب النساء
- الإمام علي (عليه السلام): الفتن ثلاث: حب النساء
وهو سيف الشيطان... فمن أحب النساء لم
ينتفع بعيشه (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول ما عصي الله تبارك
وتعالى بست خصال: حب الدنيا، وحب
الرئاسة، وحب الطعام، وحب النساء، وحب
النوم، وحب الراحة (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما لإبليس جند أعظم من
النساء والغضب (9).
- الإمام علي (عليه السلام): النساء أعظم الفتنتين (10).
[3661]
الاستهتار بالنساء
- الإمام علي (عليه السلام): إياك وكثرة الوله بالنساء،
والإغراء بلذات الدنيا، فإن الوله بالنساء
ممتحن، والغري باللذات ممتهن (11).
- عنه (عليه السلام): الاستهتار بالنساء شيمة النوكى (12).
- عنه (عليه السلام): لا تكثرن الخلوة بالنساء
فيمللنك وتملهن، واستبق من نفسك وعقلك



(1) سنن الترمذي: 2266.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(3) النوادر للراوندي: 12.
(4) مستطرفات السرائر: 143 / 8.
(5) سنن النسائي: 7 / 61.
(6) الكافي: 5 / 320 / 1.
(7) الخصال: 113 / 91 و 330 / 27.
(8) الخصال: 113 / 91 و 330 / 27.
(9) الكافي: 5 / 515 / 5.
(10) غرر الحكم: 1680، 2721، 1317.
(11) غرر الحكم: 1680، 2721، 1317.
(12) غرر الحكم: 1680، 2721، 1317.
2875
بالإبطاء عنهن (1).
- عنه (عليه السلام): تسربل الحياء، وادرع الوفاء،
واحفظ الإخاء، وأقلل محادثة النساء، يكمل
لك السناء (2).
- عنه (عليه السلام): لا تنازع السفهاء، ولا تستهتر
بالنساء، فإن ذلك يزري بالعقلاء (3).
[3662]
المرأة (م)
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من صباح إلا وملكان
يناديان: ويل للرجال من النساء، وويل للنساء
من الرجال (4).
- الإمام علي (عليه السلام): صيانة المرأة أنعم لحالها
وأدوم لجمالها (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فلا يبيت في موضع يسمع نفسه امرأة
ليست له بمحرمة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يخلون رجل بامرأة إلا كان
ثالثهما الشيطان (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ليس على النساء أذان
ولا إقامة، ولا جمعة ولا جماعة (8).
(انظر): وسائل الشيعة: 14 / 161 باب 123.



(1) غرر الحكم: 10414، 4536، 10422.
(2) غرر الحكم: 10414، 4536، 10422.
(3) غرر الحكم: 10414، 4536، 10422.
(4) الترغيب والترهيب: 3 / 37 / 12.
(5) غرر الحكم: 5820.
(6) تنبيه الخواطر: 2 / 91.
(7) الترغيب والترهيب: 3 / 38 / 14.
(8) وسائل الشيعة: 4 / 638.
2876
(486)
المروءة
البحار: 76 / 311 باب 59 " معنى الفتوة والمروة ".
كنز العمال: 3 / 408، 788 " المروءة ".
انظر:
عنوان: 405 " الفتوة "، السفر: باب 1828.

2877
[3663]
المروءة
- الإمام علي (عليه السلام): المروءة اسم جامع لسائر
الفضائل والمحاسن (1).
- عنه (عليه السلام): المروءة تحث على المكارم (2).
- عنه (عليه السلام): المروءة تمنع من كل دنية (3).
- عنه (عليه السلام): المروءة من كل خناء عرية برية (4).
- عنه (عليه السلام): المروءة من كل لؤم برية (5).
- عنه (عليه السلام): المروءة برية من الخناء والغدر (6).
- عنه (عليه السلام): ميزة الرجل عقله، وجماله
مروءته (7).
- عنه (عليه السلام): ما حمل الرجل حملا أثقل
من المروءة (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): مروءة الرجل في
نفسه نسب لعقبه وقبيلته (9).
- الإمام علي (عليه السلام): على قدر شرف النفس
تكون المروءة (10).
- عنه (عليه السلام): مروءة الرجل على قدر عقله (11).
[3664]
تفسير المروءة (1)
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل من ثقيف -: يا أخا
ثقيف! ما المروءة فيكم؟ قال: يا رسول الله
الإنصاف والإصلاح، قال: وكذلك هي فينا (12).
- الإمام علي (عليه السلام) - لفتيان من قريش يتذاكرون
المروءة -: ما تذاكرون؟ قالوا: المروءة،
فقال: على الإنصاف والتفضل (13).
- عنه (عليه السلام) - لقوم يتحدثون -: فيم أنتم؟ فقالوا:
نتذاكر المروءة، فقال: أو ما كفاكم الله في كتابه
إذ يقول: * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) * فالعدل
الإنصاف، والإحسان التفضل، فما بعد هذا؟! (14).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن المروءة -: لا تفعل
شيئا في السر تستحيي منه في العلانية (15).
- الإمام الحسن (عليه السلام) - لما سأله معاوية عن
الكرم والنجدة والمروءة - أما الكرم فالتبرع
بالمعروف، والإعطاء قبل السؤال، والإطعام في
المحل... وأما المروءة فحفظ الرجل دينه،
وإحرازه نفسه من الدنس، وقيامه بضيعته، وأداء
الحقوق، وإفشاء السلام (16).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن المروءة -: حفظ



(1) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(2) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(3) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(4) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(5) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(6) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(7) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(8) غرر الحكم: 2178، 1296، 1475، 1188، 1476، 1486، 9749، 9658.
(9) كشف الغمة: 2 / 420.
(10) غرر الحكم: 6177، 9777.
(11) غرر الحكم: 6177، 9777.
(12) كنز العمال: 8763، 8762، 4475.
(13) كنز العمال: 8763، 8762، 4475.
(14) كنز العمال: 8763، 8762، 4475.
(15) تحف العقول: 223.
(16) نزهة الناظر: 79 / 32.
2878
الدين، وإعزاز النفس، ولين الكنف، وتعهد
الصنيعة، وأداء الحقوق، والتحبب إلى الناس (1).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: شح الرجل على دينه،
وإصلاحه ماله، وقيامه بالحقوق (2).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: العفاف في الدين، وحسن
التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لمن حضره -: ما المروءة؟
فتكلموا، فقال (عليه السلام): المروءة أن لا تطمع فتذل،
وتسأل فتقل، ولا تبخل فتشتم، ولا تجهل
فتخصم (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن المروءة -:
لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك من
حيث أمرك (5).
[3665]
تفسير المروءة (2)
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل من ثقيف -: ما
المروءة فيكم؟ فقال: الصلاح في الدين، وإصلاح
المعيشة، وسخاء النفس، وحسن الخلق، فقال:
كذلك هي فينا (6).
- الإمام علي (عليه السلام): المروءة العدل في الإمرة،
والعفو مع القدرة، والمواساة في العشرة (7).
- عنه (عليه السلام): المروءة اجتناب الدنية (8).
- عنه (عليه السلام): المروءة إنجاز الوعد (9).
- الإمام الحسين (عليه السلام): الوفاء مروءة (10).
- الإمام علي (عليه السلام): المروءة اجتناب الرجل
ما يشينه، واكتسابه ما يزينه (11).
- عنه (عليه السلام): المروءة تعهد ذوي الأرحام (12).
- عنه (عليه السلام): المروءة بث المعروف، وقرى
الضيوف (13).
- عنه (عليه السلام): على قدر المروءة تكون السخاوة (14).
- عنه (عليه السلام): المروءة القناعة والتجمل (15).
- عنه (عليه السلام): التجمل مروءة ظاهرة (16).
- عنه (عليه السلام): من أمات شهوته أحيى مروءته (17).
- عنه (عليه السلام): حسب الرجل عقله، ومروءته
خلقه (18).
- عنه (عليه السلام): ثلاث فيهن المروءة: غض الطرف،
وغض الصوت، ومشي القصد (19).
- عنه (عليه السلام): ثلاثة هن المروءة: جود مع قلة،
واحتمال من غير مذلة، وتعفف عن المسألة (20).
- عنه (عليه السلام): نظام المروءة في مجاهدة أخيك
على طاعة الله سبحانه، وصده عن معاصيه، وأن
يكثر على ذلك ملامه (21).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المروءة مروءتان:
مروءة الحضر، ومروءة السفر، فأما مروءة
الحضر فتلاوة القرآن، وحضور المساجد،



(1) تحف العقول: 225، 235.
(2) تحف العقول: 225، 235.
(3) معاني الأخبار: 258 / 5.
(4) تحف العقول: 293، 359.
(5) تحف العقول: 293، 359.
(6) تاريخ اليعقوبي: 2 / 98.
(7) غرر الحكم: 2112، 968.
(8) غرر الحكم: 2112، 968.
(9) غرر الحكم: 845.
(10) كشف الغمة: 2 / 242.
(11) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(12) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(13) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(14) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(15) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(16) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(17) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(18) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(19) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(20) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
(21) غرر الحكم: 1815، 2132، 2171، 6176، 363، 320، 8359، 4891، 4660، 4669، 9997.
2879
وصحبة أهل الخير، والنظر في الفقه، وأما
مروءة السفر فبذل الزاد، والمزاح في غير ما
يسخط الله، وقلة الخلاف على من صحبك، وترك
الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم (1).
[3666]
ما يعد من المروءة
- الإمام علي (عليه السلام): من المروءة العمل لله
فوق الطاقة (2).
- عنه (عليه السلام): من المروءة تعهد الجيران (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من المروءة أن ينصت الأخ
لأخيه إذا حدثه (4).
- الإمام علي (عليه السلام): من المروءة أن تقتصد
فلا تسرف، وتعد فلا تخلف (5).
- عنه (عليه السلام): من المروءة احتمال جنايات
الإخوان (6).
- عنه (عليه السلام): من المروءة أنك إذا سئلت أن
تتكلف، وإذا سألت أن تخفف (7).
- عنه (عليه السلام): غض الطرف من المروءة (8).
- عنه (عليه السلام): إخفاء الفاقة والأمراض
من المروءة (9).
- عنه (عليه السلام): من شرائط المروءة التنزه
عن الحرام (10).
- عنه (عليه السلام): غض الطرف من المروءة (11).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): من مروءة الرجل أن
يكون دوابه سمانا (12).
- عنه (عليه السلام): من المروءة فراهة الدابة (13).
- الإمام علي (عليه السلام): يستدل على المروءة
بكثرة الحياء، وبذل الندى، وكف الأذى (14).
- عنه (عليه السلام): يستدل على مروءة الرجل
ببث المعروف، وبذل الإحسان، وترك
الامتنان (15).
[3667]
جماع المروءة
- الإمام علي (عليه السلام): جماع المروءة أن
لا تعمل في السر ما تستحيي منه في
العلانية (16).
- عنه (عليه السلام): ثلاثة هن المروءة: جود مع
قلة، واحتمال من غير مذلة، وتعفف
عن المسألة (17).
- عنه (عليه السلام): خصلتان فيهما جماع
المروءة: اجتناب الرجل ما يشينه، واكتسابه
ما يزينه (18).
- عنه (عليه السلام): ثلاث هن جماع المروءة: عطاء
من غير مسألة، ووفاء من غير عهد، وجود
مع إقلال (19).



(1) معاني الأخبار: 258 / 8.
(2) غرر الحكم: 9303 راجع عنوان 82 " الجهاد (3) "، 9281.
(3) غرر الحكم: 9303 راجع عنوان 82 " الجهاد (3) "، 9281.
(4) كنز العمال: 7177.
(5) غرر الحكم: 9425، 9444، 9424، 6396، 1146، 9337.
(6) غرر الحكم: 9425، 9444، 9424، 6396، 1146، 9337.
(7) غرر الحكم: 9425، 9444، 9424، 6396، 1146، 9337.
(8) غرر الحكم: 9425، 9444، 9424، 6396، 1146، 9337.
(9) غرر الحكم: 9425، 9444، 9424، 6396، 1146، 9337.
(10) غرر الحكم: 9425، 9444، 9424، 6396، 1146، 9337.
(11) غرر الحكم: 6396.
(12) الكافي: 6 / 479 / 9.
(13) الكافي: 6 / 479 / 9.
(14) غرر الحكم: 10966، 10974، 4785، 4669، 5081، 4667.
(15) غرر الحكم: 10966، 10974، 4785، 4669، 5081، 4667.
(16) غرر الحكم: 10966، 10974، 4785، 4669، 5081، 4667.
(17) غرر الحكم: 10966، 10974، 4785، 4669، 5081، 4667.
(18) غرر الحكم: 10966، 10974، 4785، 4669، 5081، 4667.
(19) غرر الحكم: 10966، 10974، 4785، 4669، 5081، 4667.
2880
[3668]
أول المروءة وآخرها
- الإمام علي (عليه السلام): أول المروءة طاعة
الله، وآخرها التنزه عن الدنايا (1).
- عنه (عليه السلام): أول المروءة البشر،
وآخرها استدامة البر (2).
- عنه (عليه السلام): أول المروءة طلاقة الوجه،
وآخرها التودد إلى الناس (3).
- عنه (عليه السلام): الضيافة رأس المروءة (4).
- عنه (عليه السلام): الصيانة رأس المروءة (5).
- عنه (عليه السلام): أصل المروءة الحياء، وثمرتها
العفة (6).
[3669]
ما به تمام المروءة
- الإمام علي (عليه السلام): لا تتم مروءة الرجل حتى
يتفقه [في دينه]، ويقتصد في معيشته،
ويصبر على النائبة إذا نزلت به، ويستعذب مرارة
إخوانه (7).
- عنه (عليه السلام): من تمام المروءة التنزه عن الدنية (8).
- عنه (عليه السلام): من تمام المروءة أن تنسى الحق
لك وتذكر الحق عليك (9).
- عنه (عليه السلام): حسب المرء من كمال المروءة
تركه ما لا يجمل به (10).
- عنه (عليه السلام): بالرفق تتم المروءة (11).
- عنه (عليه السلام): بالصدق تكمل المروءة (12).
- عنه (عليه السلام): لا تكمل المروءة إلا للبيب (13).
- عنه (عليه السلام): بالصدق والوفاء تكمل المروءة
لأهلها (14).
- عنه (عليه السلام): من صبر على شهوته تناهى
في المروءة (15).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): استنماء المال
تمام المروءة (16).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): المروءة إصلاح المال (17).
[3670]
أشرف المروءة وأفضلها
- الإمام علي (عليه السلام): أشرف المروءة حسن
الاخوة (18).
- عنه (عليه السلام): أشرف المروءة ملك الغضب
وإماتة الشهوة (19).
- عنه (عليه السلام): أفضل المروءة استقبال الرجل
ماء وجهه (20).



(1) غرر الحكم: 3195، 3292، 3290، 528.
(2) غرر الحكم: 3195، 3292، 3290، 528.
(3) غرر الحكم: 3195، 3292، 3290، 528.
(4) غرر الحكم: 3195، 3292، 3290، 528.
(5) تحف العقول: 214.
(6) غرر الحكم: 3101.
(7) تحف العقول: 223.
(8) غرر الحكم: 9369.
(9) غرر الحكم: 9409.
(10) البحار: 78 / 80 / 66.
(11) غرر الحكم: 4201، 4224، 10609، 4307، 8224.
(12) غرر الحكم: 4201، 4224، 10609، 4307، 8224.
(13) غرر الحكم: 4201، 4224، 10609، 4307، 8224.
(14) غرر الحكم: 4201، 4224، 10609، 4307، 8224.
(15) غرر الحكم: 4201، 4224، 10609، 4307، 8224.
(16) تحف العقول: 283.
(17) كنز العمال: 7178.
(18) غرر الحكم: 2986، 3102، 3155.
(19) غرر الحكم: 2986، 3102، 3155.
(20) غرر الحكم: 2986، 3102، 3155.
2881
- عنه (عليه السلام): أفضل المروءة احتمال جنايات
الإخوان (1).
- عنه (عليه السلام): أفضل المروءة مواساة الإخوان
بالأموال، ومساواتهم في الأحوال (2).
- عنه (عليه السلام): من أفضل المروءة صلة الرحم (3).
- عنه (عليه السلام): من أفضل المروءة صيانة الحزم (4).
- عنه (عليه السلام): مباينة العوام من أفضل المروءة (5).
- عنه (عليه السلام): أحسن المروءة حفظ الود (6).
[3671]
من لا مروءة له
- الإمام علي (عليه السلام): اللئيم لا مروءة له (7).
- عنه (عليه السلام): لا مروءة مع شح (8).
- عنه (عليه السلام): من لا دين له لا مروءة له، من
لا مروءة له لا همة له (9).
- عنه (عليه السلام): بخس مروءته من ضعف يقينه (10).
- عنه (عليه السلام): لم يتصف بالمروءة من لم يرع ذمة
أوليائه، وينصف أعداءه (11).
- عنه (عليه السلام): الحرص يزري بالمروءة (12).
- الإمام الحسن (عليه السلام): لا مروءة لمن لا همة له (13).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): لا دين لمن لا مروءة له،
ولا مروءة لمن لا عقل له (14).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس من المروءة الربح
على الإخوان (15).
- الإمام علي (عليه السلام): من أفضل الدين المروءة،
ولا خير في دين ليس له مروءة (16).
[3672]
العفو عن عثرات ذوي المروءة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تجاوزوا لذوي المروءة
عن عثراتهم، فوالذي نفسي بيده إن أحدهم ليعثر
وإن يده لفي يد الله (17).
- الإمام علي (عليه السلام): أقيلوا ذوي المروءات
عثراتهم، فما يعثر منهم عاثر إلا ويد الله بيده
يرفعه (18).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تجافوا عن عقوبة ذي
المروءة إلا في حد من حدود الله (19).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ادرأوا الحدود بالشبهات، وأقيلوا
الكرام عثراتهم إلا في حد من حدود الله (20).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اهتبلوا العفو عن عثرات ذوي
المروءات (21).



(1) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(2) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(3) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(4) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(5) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(6) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(7) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(8) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(9) غرر الحكم: 3116، 3314، 9384، 9398، 9775، 3017، 1012، 10521، (7930 - 7931).
(10) تحف العقول: 201.
(11) غرر الحكم: 7540، 1108.
(12) غرر الحكم: 7540، 1108.
(13) البحار: 78 / 111 / 6.
(14) تحف العقول: 389.
(15) كنز العمال: 7176.
(16) غرر الحكم: 9368.
(17) كنز العمال: 12984.
(18) نهج البلاغة: الحكمة 20.
(19) كنز العمال: 12980، 12972، 12978.
(20) كنز العمال: 12980، 12972، 12978.
(21) كنز العمال: 12980، 12972، 12978.
2882
(487)
المرض
البحار: 81 / 170 باب 1 " العافية والمرض ".
البحار: 81 / 202 باب 2 " آداب المريض ".
البحار: 81 / 214 باب 4 " عيادة المريض ".
وسائل الشيعة: 2 / 621 " أبواب الاحتضار ".
انظر:
عنوان: 50 " البلاء "، 305 " المصيبة "، 363 " العافية "، 166 " الدواء "، 317 " الطب ".
الذنب: باب 1387، الزكاة: باب 1587، الصدقة: باب 2225، القلب: باب 3403، 3404.
الهوى: باب 4037.

2883
[3673]
المرض
- الإمام علي (عليه السلام): المرض حبس البدن (1).
- عنه (عليه السلام): المرض أحد الحبسين (2).
- عنه (عليه السلام): ليس للأجسام نجاة من الأسقام (3).
- عنه (عليه السلام): لا رزية أعظم من دوام سقم
الجسد (4).
- عن الأشعري عن صالح يرفعه بإسناده قال:
أربعة القليل منها كثير: النار القليل منها كثير،
والنوم القليل منه كثير، والمرض القليل منه كثير،
والعداوة القليل منها كثير (5).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - دعاؤه عند
المرض -: اللهم لك الحمد على ما لم أزل
أتصرف فيه من سلامة بدني، ولك الحمد على ما
أحدثت بي من علة في جسدي، فما أدري
يا إلهي أي الحالين أحق بالشكر لك، وأي
الوقتين أولى بالحمد لك، أوقت الصحة... أم
وقت العلة التي محصتني بها؟ (6).
- الإمام علي (عليه السلام): ألا وإن من البلاء
الفاقة، وأشد من الفاقة مرض البدن، وأشد
من مرض البدن مرض القلب، ألا وإن من صحة
البدن تقوى القلب (7).
- عنه (عليه السلام): مسكين ابن آدم: مكتوم
الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه
البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة (8).
- عنه (عليه السلام): من صحة الأجسام تولد الأسقام (9).
- عنه (عليه السلام) - وقد قيل له: كيف نجدك يا أمير
المؤمنين؟ -: كيف يكون حال من يفنى ببقائه،
ويسقم بصحته، ويؤتى من مأمنه! (10).
- عنه (عليه السلام): فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره،
وخلدهم في داره، حيث لا يظعن النزال،
ولا تتغير بهم الحال، ولا تنوبهم الأفزاع،
ولا تنالهم الأسقام (11).
[3674]
المرض لا أجر فيه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة
ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله به خطيئته (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لام العلاء لما عادها وهي



(1) غرر الحكم: 370، 1636، 7459، 10726.
(2) غرر الحكم: 370، 1636، 7459، 10726.
(3) غرر الحكم: 370، 1636، 7459، 10726.
(4) غرر الحكم: 370، 1636، 7459، 10726.
(5) الخصال: 238 / 84.
(6) الصحيفة السجادية: الدعاء 15.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 388 و 419.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 388 و 419.
(9) غرر الحكم: 9269.
(10) نهج البلاغة: الحكمة 115، والخطبة 109.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 115، والخطبة 109.
(12) الترغيب والترهيب: 4 / 292 / 55.
2884
مريضة -: يا أم العلاء! أبشري، فإن مرض
المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار
خبث الحديد والفضة (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): المريض تحات خطاياه كما
يتحات ورق الشجر (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): عجبت من المؤمن وجزعه من
السقم، ولو يعلم ماله في السقم من الثواب لأحب
أن لا يزال سقيما حتى يلقى ربه عز وجل (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما رفع رأسه إلى السماء
فتبسم وقد سئل عن ذلك -: نعم عجبت لملكين
هبطا من السماء إلى الأرض يلتمسان عبدا
مؤمنا صالحا في مصلى كان يصلي فيه ليكتبا
له عمله في يومه وليلته فلم يجداه في مصلاه،
فعرجا إلى السماء فقالا: ربنا عبدك المؤمن
فلان التمسناه في مصلاه لنكتب له عمله ليومه
وليلته فلم نصبه فوجدناه في حبالك؟ فقال
الله عز وجل: اكتبا لعبدي مثل ما كان يعمله في
صحته من الخير في يومه وليلته ما دام في
حبالي، فإن علي أن أكتب له أجر ما كان يعمله
في صحته إذا حبسته عنه (4).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إذا مرض المؤمن أوحى
الله عز وجل إلى صاحب الشمال لا تكتب على
عبدي ما دام في حبسي ووثاقي ذنبا، ويوحي
إلى صاحب اليمين أن اكتب لعبدي ما كنت تكتبه
في صحته من الحسنات (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن العبد إذا كان على طريقة
حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به:
اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه أو
أكفته (6) إلي (7).
- الإمام الباقر أو الإمام الصادق (عليهما السلام): سهر
ليلة من مرض أو وجع أفضل وأعظم أجرا من
عبادة سنة (8).
- الإمام علي (عليه السلام) - لبعض أصحابه في علة
اعتلها -: جعل الله ما كان من شكواك حطا
لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه، ولكنه يحط
السيئات، ويحتها حت الأوراق، وإنما الأجر في
القول باللسان والعمل بالأيدي والأقدام، وإن الله
سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من
يشاء من عباده الجنة (9) (10).
تبيين:
قال الرضي: وأقول: صدق (عليه السلام)، إن المرض
لا أجر فيه، لأنه ليس من قبيل ما يستحق
عليه العوض، لأن العوض يستحق على ما كان
في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام
والأمراض وما يجري مجرى ذلك، والأجر
والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل
العبد، فبينهما فرق قد بينه (عليه السلام)، كما يقتضيه
علمه الثاقب ورأيه الصائب. انتهى كلامه.



(1) الترغيب والترهيب: 4 / 293 / 57 و ح 56.
(2) الترغيب والترهيب: 4 / 293 / 57 و ح 56.
(3) التوحيد: 401 / 3.
(4) الكافي: 3 / 113 / 1 وص 114 / 7.
(5) الكافي: 3 / 113 / 1 وص 114 / 7.
(6) أي أضمه إلي وأقبضه. كما في الترغيب والترهيب.
(7) الترغيب والترهيب: 4 / 289 / 49.
(8) الكافي: 3 / 114 / 6.
(9) وفي معناه ما رواه المفيد عن أبي جعفر الجواد عن آبائه عن
أمير المؤمنين (عليهم السلام)، فراجع: البحار: 71 / 366 / 16.
(10) نهج البلاغة: الحكمة 42.
2885
أقول: الأحاديث في أجر المرض كما
لاحظت طائفتان: طائفة منها تدل على
أن المرض لا أجر فيه ولكن يحط السيئات،
وطائفة منها تدل على أن فيه الأجر والثواب،
وعندي أن الحديث الأخير المروي عن مولانا
أمير المؤمنين (عليه السلام) قد جمع بين الطائفتين، لأنه (عليه السلام)
يقول في صدر الحديث: المرض لا أجر فيه...
ويقول في ذيله: إن الله سبحانه يدخل
بصدق النية....
فينطبق الصدر على ما تدل عليه الطائفة
الأولى، وينطبق الذيل على ما تدل عليه الطائفة
الثانية، لأنه يدل على أن النية الصادقة
والسريرة الصالحة موجبتان للأجر ودخول
الجنة، وقد صرحت الأحاديث التي تدل على
وجود الأجر في المرض بأنه يكتب للمريض
ما كان يعمله في صحته من الأعمال الصالحة،
وبعبارة أخرى: يكتب للمريض ما نوى أن يفعل
من الصالحات لو لم يكن مريضا، فتأمل.
(انظر) وسائل الشيعة: 2 / 621 باب 1.
الذنب: باب 1387.
[3675]
كتمان المرض
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنوز البر: كتمان
المصائب، والأمراض، والصدقة (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أربع من كنوز الجنة: كتمان
الفاقة، وكتمان الصدقة، وكتمان المصيبة،
وكتمان الوجع (2).
- الإمام علي (عليه السلام): كان لي فيما مضى أخ في
الله، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في
عينه... وكان لا يشكو وجعا إلا عند برئه (3).
- أوحى الله إلى عزير (عليه السلام): وإذا نزلت إليك
بلية فلا تشك إلى خلقي، كما لا أشكوك إلى
ملائكتي عند صعود مساوئك وفضائحك (4).
(انظر) البر: باب 342.
وسائل الشيعة: 2 / 626 باب 3.
[3676]
من مرض ولم يشك
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: من
مرض ثلاثا فلم يشك إلى أحد من عواده
أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه،
فإن عافيته عافيته ولا ذنب له، وإن قبضته
قبضته إلى رحمتي (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من مرض يوما وليلة فلم يشك
إلى عواده بعثه الله يوم القيامة مع خليله
إبراهيم خليل الرحمن حتى يجوز الصراط
كالبرق اللامع (6).
- الإمام علي (عليه السلام): من كتم وجعا أصابه
ثلاثة أيام من الناس وشكا إلى الله، كان حقا



(1) مستدرك الوسائل: 2 / 68 / 1435.
(2) مستدرك الوسائل: 2 / 68 / 1435.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 289.
(4) مستدرك الوسائل: 2 / 68 / 1435.
(5) الكافي: 3 / 115 / 1.
(6) أمالي الصدوق: 351 / 1.
2886
على الله أن يعافيه منه (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من كتم بلاء ابتلي به
من الناس وشكا ذلك إلى الله عز وجل، [كان] حقا
على الله أن يعافيه من ذلك البلاء (2).
- الإمام علي (عليه السلام): المريض في سجن الله ما لم
يشك إلى عواده تمحى سيئاته (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ليست الشكاية أن
يقول الرجل: مرضت البارحة، أو وعكت
البارحة، ولكن الشكاية أن يقول: بليت بما لم
يبل به أحد (4).
(انظر) عنوان: 277 " الشكوى ".
[3677]
من كتم الأطباء مرضه
- الإمام علي (عليه السلام): من كتم الأطباء مرضه
خان بدنه (5).
- عنه (عليه السلام): من كتم مكنون دائه عجز طبيبه
عن شفائه (6).
[3678]
كفى بالسلامة داء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفى بالسلامة دارا (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله يبغض العفرية النفرية الذي
لم يرزء في جسمه ولا ماله (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لأعرابي مر عليه -: أتعرف أم
ملدم؟ قال: وما أم ملدم؟ قال: صداع يأخذ
الرأس وسخونة في الجسد، فقال الأعرابي: ما
أصابني هذا قط، فلما مضى قال: من سره أن ينظر
إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا (9).
- الإمام الباقر (عليه السلام): الجسد إذا لم يمرض أشر،
ولا خير في جسد لا يمرض بأشر (10).
- الإمام علي (عليه السلام) - من دعائه يوم الهرير -:
اللهم إني أعوذ بك... من سقم يشغلني، ومن
صحة تلهيني (11).
- داود (عليه السلام) - كان يقول -: اللهم لا مرض
يضنيني، ولا صحة تنسيني، ولكن بين ذلك (12).
(انظر) عنوان: 288 " الصحة ".
البلاء: باب 403.
[3679]
وجوه المرض
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأله زنديق عن
علة استحقاق الطفل الصغير ما يصيبه من
الأوجاع والأمراض بلا ذنب عمله ولا جرم سلف
منه؟ -: إن المرض على وجوه شتى: مرض



(1) الخصال: 630 / 10.
(2) مستدرك الوسائل: 2 / 69 / 1436 و ح 1437.
(3) مستدرك الوسائل: 2 / 69 / 1436 و ح 1437.
(4) البحار: 81 / 202 / 2.
(5) غرر الحكم: 8545، 8612.
(6) غرر الحكم: 8545، 8612.
(7) تنبيه الخواطر: 2 / 7.
(8) الدعوات للراوندي: 172 / 482.
(9) البحار: 81 / 176 / 14.
(10) الكافي: 3 / 114 / 8.
(11) مهج الدعوات: 101.
(12) الدعوات للراوندي: 134 / 334.
2887
بلوى، ومرض عقوبة، ومرض جعل علة للفناء،
وأنت تزعم أن ذلك من أغذية ردية، وأشربة
وبية (1)، أو علة كانت بأمه، وتزعم أن من
أحسن السياسة لبدنه وأجمل النظر في أحوال
نفسه وعرف الضار مما يأكل من النافع،
لم يمرض.
وتميل في قولك إلى من يزعم أنه لا يكون
المرض والموت إلا من المطعم والمشرب، قد
مات أرسطا طاليس معلم الأطباء، وأفلاطون
رئيس الحكماء، وجالينوس شاخ (2) ودق بصره،
وما دفع الموت حين نزل بساحته (3).
[3680]
عيادة المريض
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): عائد المريض يخوض
في الرحمة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا عاد الرجل أخاه المريض
فإنه في مخرفة (5) الجنة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): عائد المريض في مخرفة الجنة،
فإذا جلس عنده غمرته الرحمة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من عاد مريضا شيعه
سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يرجع إلى
منزله (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل يقول يوم
القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني؟
قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟!
قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده،
أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟! (9).
(انظر) وسائل الشيعة: 2 / 633 باب 10 - 13.
[3681]
أدب العيادة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير العيادة أخفها (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أعظم العيادة أجرا أخفها (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): عد من لا يعودك، واهد من
لا يهدي لك (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أغبوا في العيادة وأربعوا (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): العيادة فواق ناقة (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): العيادة قدر فواق ناقة
أو حلب ناقة (15).
- الإمام علي (عليه السلام): إن من أعظم العواد
أجرا عند الله عز وجل لمن إذا عاد أخاه خفف
الجلوس، إلا أن يكون المريض يحب ذلك



(1) أي ما كثر فيه الوباء، والوباء: كل مرض عام. كما في هامش
البحار: 10 / 172.
(2) شاخ: صار شيخا. والشيخ: من استبانت فيه السن وظهر عليه
الشيب. كما في هامش البحار: 10 / 172.
(3) الاحتجاج: 2 / 225.
(4) كنز العمال: 25141.
(5) أي أن العائد فيما يحوز من الثواب كأنه على نخل
الجنة يخترف ثمارها. النهاية: 2 / 24.
(6) كنز العمال: 25166، 25127.
(7) كنز العمال: 25166، 25127.
(8) الكافي: 3 / 120 / 2.
(9) الترغيب والترهيب: 4 / 317 / 3.
(10) كنز العمال: 25139، 25149، 25150، 25152، 25155.
(11) كنز العمال: 25139، 25149، 25150، 25152، 25155.
(12) كنز العمال: 25139، 25149، 25150، 25152، 25155.
(13) كنز العمال: 25139، 25149، 25150، 25152، 25155.
(14) كنز العمال: 25139، 25149، 25150، 25152، 25155.
(15) الكافي: 3 / 118 / 2.
2888
ويريده ويسأله ذلك (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): تمام العيادة للمريض
أن تضع يدك على ذراعه وتعجل القيام من عنده،
فإن عيادة النوكى أشد على المريض من وجعه (2).
- مولى لجعفر بن محمد (عليهما السلام): مرض بعض
مواليه فخرجنا إليه نعوده ونحن عدة من
موالي جعفر، فاستقبلنا جعفر (عليه السلام) في بعض
الطريق، فقال لنا: أين تريدون؟ فقلنا:
نريد فلانا نعوده، فقال لنا: قفوا، فوقفنا،
فقال: مع أحدكم تفاحة، أو سفرجلة، أو أترجة،
أو لعقة من طيب، أو قطعة من عود بخور؟ فقلنا:
ما معنا شئ من هذا، فقال: أما تعلمون أن
المريض يستريح إلى كل ما ادخل به عليه؟! (3).
[3682]
حكمة العيادة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): عودوا المريض واتبعوا
الجنازة يذكركم الآخرة (4).
[3683]
التمرض
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد قيل له: أترى هذا
الخلق كلهم من الناس؟ -: ألق منهم التارك
للسواك... والمتمرض من غير علة، والمتشعث
من غير مصيبة (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اثنان عليلان: صحيح محتم،
وعليل مخلط (6).
[3684]
المرض (م)
- الإمام علي (عليه السلام): لا تكن ممن يرجو
الآخرة بغير العمل... إن سقم ظل نادما،
وإن صح أمن لاهيا، يعجب بنفسه إذا عوفي،
ويقنط إذا ابتلي (7).
- عنه (عليه السلام): إن سقم فهو نادم على ترك
العمل، وإن صح أمن مغترا فأخر العمل (8).
- عنه (عليه السلام): إن مرض أخلص وأناب (9).
- عنه (عليه السلام): كم دنف نجا، وصحيح هوى؟! (10).
- عنه (عليه السلام): هل ينتظر أهل غضاضة الصحة إلا
نوازل السقم (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن المشي للمريض
نكس، إن أبي (عليه السلام) كان إذا اعتل جعل في ثوب
فحمل لحاجته يعني الوضوء، وذاك أنه كان يقول:
إن المشي للمريض نكس (12).



(1) الكافي: 3 / 118 / 6 و ح 4 و 3.
(2) الكافي: 3 / 118 / 6 و ح 4 و 3.
(3) الكافي: 3 / 118 / 6 و ح 4 و 3.
(4) كنز العمال: 25143.
(5) وسائل الشيعة: 2 / 660.
(6) مكارم الأخلاق: 2 / 179 / 2463.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 150.
(8) غرر الحكم: 3731، 3731، 7233، 10035.
(9) غرر الحكم: 3731، 3731، 7233، 10035.
(10) غرر الحكم: 3731، 3731، 7233، 10035.
(11) غرر الحكم: 3731، 3731، 7233، 10035.
(12) الكافي: 8 / 291 / 444.
2889
(488)
المراء
كنز العمال: 3 / 642، 882 " المراء والجدال ".
وسائل الشيعة: 8 / 567 باب 135 " كراهة المراء والخصومة ".
البحار: 73 / 396 باب 145 " القسوة والخرق والمراء... ".
البحار: 2 / 124 باب 17 " ما جاء في تجويز المجادلة... والنهي عن المراء ".
انظر:
عنوان: 63 " الجدال "، 141 " الخصومة "، 515 " المناظرة ".

2891
[3685]
ذم المراء وآثاره
الكتاب
* (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة
سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم
كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم
إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا) * (1).
* (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا
مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في
الساعة لفي ضلال بعيد) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): إياكم والمراء والخصومة،
فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت
عليهما النفاق (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إياك والمراء فإنه يحبط
عملك، وإياك والجدال فإنه يوبقك، وإياك وكثرة
الخصومات فإنها تبعدك من الله (4).
- الإمام الهادي (عليه السلام): المراء يفسد الصداقة
القديمة، ويحلل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه
أن تكون فيه المغالبة، والمغالبة أس أسباب
القطيعة (5).
- الإمام العسكري (عليه السلام): لا تمار فيذهب بهاؤك،
ولا تمازح فيجترأ عليك (6).
- الإمام علي (عليه السلام): ثمرة المراء الشحناء (7).
- عنه (عليه السلام): من ضن بعرضه فليدع المراء (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذروا المراء فإن المؤمن
لا يماري، ذروا المراء فإن المماري قد
تمت خسارته (9).
- الإمام علي (عليه السلام): المراء بذر الشر (10).
- عنه (عليه السلام): من صح يقينه زهد في المراء (11).
- عنه (عليه السلام): ستة لا يمارون: الفقيه، والرئيس،
والدني، والبذي، والمرأة، والصبي (12).
[3686]
النهي عن المراء ولو كان مع الحق
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يستكمل عبد حقيقة
الإيمان حتى يدع المراء وإن كان محقا (13).



(1) الكهف: 22.
(2) الشورى: 18.
(3) الكافي: 2 / 300 / 1.
(4) تحف العقول: 309.
(5) أعلام الدين: 311.
(6) تحف العقول: 486.
(7) غرر الحكم: 4607.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 362، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
19 / 280.
(9) البحار: 2 / 138 / 54.
(10) غرر الحكم: 393، 8709، 5634.
(11) غرر الحكم: 393، 8709، 5634.
(12) غرر الحكم: 393، 8709، 5634.
(13) منية المريد: 171.
2892
- الإمام علي (عليه السلام): لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان
حتى يدع المراء وهو محق (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا زعيم ببيت في ربض
الجنة، وبيت في وسط الجنة، وبيت في أعلى
الجنة، لمن ترك المراء وإن كان محقا، ولمن ترك
الكذب وإن كان هازلا، ولمن حسن خلقه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ذروا المراء، فأنا زعيم بثلاثة
أبيات في الجنة في رباضها ووسطها وأعلاها لمن
ترك المراء وهو صادق (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا زعيم ببيت في ربض (4) الجنة
لمن ترك المراء وهو محق، وببيت في وسط
الجنة لمن ترك الكذب وهو مازح، وببيت في
أعلى الجنة لمن حسنت سريرته (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من ترك المراء وهو مبطل بني له
بيت في ربض الجنة، ومن تركه وهو محق بني له
في وسطها، ومن حسن خلقه بني له في أعلاها (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أورع الناس من ترك المراء وإن
كان محقا (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن من التواضع... أن
يترك المراء وإن كان محقا (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ترك المراء وهو محق
بني له بيت في أعلى الجنة، ومن ترك المراء
وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة (9).
[3687]
من لا ينبغي مماراته
- الإمام الحسين (عليه السلام): لا تمارين حليما ولا
سفيها، فإن الحليم يقليك والسفيه يؤذيك (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا تمارين حليما ولا
سفيها، فإن الحليم يقليك والسفيه يؤذيك (11).
- عنه (عليه السلام): من ماري حليما أقصاه، ومن ماري
سفيها أرداه (12).
- عنه (عليه السلام): وصية ورقة بن نوفل لخديجة بنت
خويلد (عليها السلام) إذا دخل عليها يقول لها: يا بنت أخي
لا تماري جاهلا ولا عالما، فإنك متى ماريت
جاهلا آذاك، ومتى ماريت عالما منعك علمه (13).
- الإمام الرضا (عليه السلام): لا تمارين العلماء
فيرفضوك، ولا تمارين السفهاء فيجهلوا عليك (14).
(انظر) السفه: باب 1838.
[3688]
آثار كثرة المراء
- الإمام علي (عليه السلام): سبب الشحناء كثرة
المراء (15).



(1) كنز العمال: 9024.
(2) الخصال: 144 / 170.
(3) الترغيب والترهيب: 1 / 131 / 2.
(4) ربض الجنة: هو بفتح الراء والباء الموحدة وبالضاد المعجمة،
وهو ما حولها. كما في الترغيب والترهيب.
(5) الترغيب والترهيب: 1 / 131 / 1 وص 130 / 1.
(6) الترغيب والترهيب: 1 / 131 / 1 وص 130 / 1.
(7) أمالي الصدوق: 28 / 4.
(8) معاني الأخبار: 381 / 9.
(9) منية المريد: 170.
(10) البحار: 78 / 127 / 10.
(11) الكافي: 2 / 301 / 4.
(12) أمالي الطوسي: 225 / 391 و 302 / 598.
(13) أمالي الطوسي: 225 / 391 و 302 / 598.
(14) الاختصاص: 245.
(15) غرر الحكم: 5524.
2893
- عنه (عليه السلام): من كثر مراؤه لم يأمن الغلط (1).
- عنه (عليه السلام): جماع الشر اللجاج وكثرة
المماراة (2).
- عنه (عليه السلام): لا محبة مع كثرة مراء (3).
- عنه (عليه السلام): من كثر مراؤه بالباطل دام عماؤه
عن الحق (4).
- عنه (عليه السلام): الشك على أربع شعب: على
التماري، والهول، والتردد، والاستسلام، فمن
جعل المراء ديدنا (5) [دينا] لم يصبح ليله (6).



(1) غرر الحكم: 8115، 4795، 10532، 8853.
(2) غرر الحكم: 8115، 4795، 10532، 8853.
(3) غرر الحكم: 8115، 4795، 10532، 8853.
(4) غرر الحكم: 8115، 4795، 10532، 8853.
(5) الديدن: العادة. لم يصبح ليله: أي لم يخرج من ظلام الشك إلى
نهار اليقين. كما في نهج البلاغة صبحي الصالح.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 31.
2894
(489)
المزاح
كنز العمال: 3 / 648، 650 " المرخص من المزاح ".
كنز العمال: 3 / 880 " المزاح المحمود ".
البحار: 76 / 58 باب 106 " الدعابة والمزاح والضحك ".
البحار: 16 / 294 باب 10 " مزاح النبي (صلى الله عليه وآله) ".
انظر:
الضحك: باب 2368.

2895
[3689]
مدح المزاح
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني أمزح ولا أقول إلا حقا (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): المؤمن دعب لعب، والمنافق
قطب غضب (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): مامن مؤمن إلا وفيه
دعابة، قلت - الرواي -: وما الدعابة؟ قال:
المزاح (3).
- عنه (عليه السلام) - ليونس الشيباني -: كيف مداعبة
بعضكم بعضا؟ قلت: قليل، قال: فلا تفعلوا (4)،
فإن المداعبة من حسن الخلق، وإنك لتدخل بها
السرور على أخيك، ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يداعب الرجل يريد أن يسره (5).
- أتت امرأة عجوز إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله):
لا تدخل الجنة عجوز فبكت، فقال: إنك لست
يومئذ بعجوز، قال الله تعالى: * (إنا أنشأناهن
إنشاءا فجعلناهن أبكارا) * (6).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - وقد سأله معمر بن خلاد
عن الكلام يجري بين قوم فيمزحون
ويضحكون -: لا بأس ما لم يكن، فظننت أنه
عنى الفحش. ثم قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأتيه
الأعرابي فيهدي له الهدية، ثم يقول مكانه: أعطنا
ثمن هديتنا فيضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان إذا اغتم
يقول: ما فعل الأعرابي ليته أتانا (7).
- أنس: إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول
الله! احملني، قال النبي (صلى الله عليه وآله): إنا حاملوك على
ولد ناقة! قال: وما أصنع بولد الناقة؟! فقال
النبي (صلى الله عليه وآله): وهل تلد الإبل إلا النوق (8)!
- عوف بن مالك الأشجعي: أتيت رسول
الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم،
فسلمت فرد وقال: ادخل، فقلت: أكلي يا رسول
الله؟! قال: كلك، فدخلت (9).
- زيد بن أسلم: أن امرأة يقال لها: أم
أيمن جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: إن زوجي
يدعوك، فقال: ومن هو، أهو الذي بعينه بياض؟
فقالت: والله ما بعينه بياض! فقال: بلى إن
بعينه بياضا، فقالت: لا والله! فقال (صلى الله عليه وآله): ما
من أحد إلا وبعينه بياض، أراد به البياض
المحيط بالحدقة (10).



(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6 / 330.
(2) تحف العقول: 49.
(3) الكافي: 2 / 663 / 2.
(4) أي فلا تفعلوا ما تفعلون من قلة المداعبة بل كونوا على حد
الوسط. كما في هامش الكافي.
(5) الكافي: 2 / 663 / 3.
(6) تنبيه الخواطر: 1 / 112.
(7) الكافي: 2 / 663 / 1.
(8) سنن أبي داود: 4998، 5000.
(9) سنن أبي داود: 4998، 5000.
(10) تنبيه الخواطر: 1 / 112.
2896
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن الله عز وجل يحب
المداعب في الجماعة بلا رفث (1).
[3690]
ذم المزاح
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! لا تمزح فيذهب
بهاؤك، ولا تكذب فيذهب نورك (2).
- الإمام علي (عليه السلام): ما مزح امرؤ [رجل] مزحة
إلا مج من عقله مجة (3).
- عنه (عليه السلام): المزاح يورث الضغائن (4).
- عنه (عليه السلام): دع المزاح، فإنه لقاح الضغينة (5).
- عنه (عليه السلام): من مزح استخف به (6).
- عنه (عليه السلام): لكل شئ بذر، وبذر العداوة
المزاح (7).
- عنه (عليه السلام): آفة الهيبة المزاح (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المزاح السباب
الأصغر (9).
- الإمام علي (عليه السلام): إياكم والمزاح، فإنه
يجر السخيمة ويورث الضغينة، وهو السب
الأصغر (10).
- عنه (عليه السلام): لا تمزح فيذهب نورك (11).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إياك والمزاح،
فإنه يذهب بنور إيمانك، ويستخف
بمروءتك (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إياكم والمزاح،
فإنه يذهب بماء الوجه ومهابة الرجال (13).
- أبو الحسن، وكان عقبيا بدريا:
كنا جلوسا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقام رجل ونسي
نعليه، فأخذهما رجل فوضعهما تحته فرجع
الرجل فقال: نعلي، فقال القوم: ما
رأيناهما، فقال: هو ذه، فقال: فكيف
بروعة المؤمن؟! فقال: يا رسول الله إنما
صنعته لاعبا، فقال: فكيف بروعة المؤمن؟! -
مرتين أو ثلاثا (14).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يبلغ العبد صريح
الإيمان حتى يدع المزاح والكذب، ويدع
المراء وإن كان محقا (15).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا أحببت رجلا فلا
تمازحه ولا تماره (16).
- عنه (عليه السلام): لا تمازح فيجترأ عليك (17).



(1) الكافي: 2 / 663 / 4، أريد به الفحش من القول، وفي بعض
النسخ " يحب المداعبة ". كما في هامش الكافي.
(2) مكارم الأخلاق: 2 / 321 / 2656.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 450، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد:
20 / 100.
(4) تحف العقول: 86.
(5) غرر الحكم: 5134.
(6) البحار: 77 / 235 / 3.
(7) غرر الحكم: 7316، 3943.
(8) غرر الحكم: 7316، 3943.
(9) الكافي: 2 / 665 / 15.
(10) الكافي: 2 / 664 / 12.
(11) أمالي الصدوق: 436 / 3.
(12) الفقيه: 4 / 408 / 5885.
(13) الكافي: 2 / 665 / 16.
(14) 3 / 484 / 5 وص 594 / 20.
(15) 3 / 484 / 5 وص 594 / 20.
(16) الكافي: 2 / 664 / 9 وص 665 / 18.
(17) الكافي: 2 / 664 / 9 وص 665 / 18.
2897
[3691]
الهزل
- الإمام علي (عليه السلام): رب هزل (1) عاد جدا (2).
- عنه (عليه السلام): إرهب تحذر، ولا تهزل فتحتقر (3).
- عنه (عليه السلام): احذر الهزل واللعب وكثرة المزح
والضحك والترهات (4).
- عنه (عليه السلام): غلبة الهزل تبطل عزيمة الجد (5).
- عنه (عليه السلام): من كثر هزله استجهل (6).
- عنه (عليه السلام): كثرة الهزل آية الجهل (7).
- عنه (عليه السلام): من كثر هزله بطل جده (8).
- عنه (عليه السلام): من جعل ديدنه الهزل لم
يعرف جده (9).
- عنه (عليه السلام): من غلب عليه الهزل فسد عقله (10).
- عنه (عليه السلام): من قل عقله كثر هزله (11).
- عنه (عليه السلام): الكامل من غلب جده هزله (12).
- عنه (عليه السلام): أعقل الناس من غلب جده هزله،
واستظهر على هواه بعقله (13).
[3692]
كثرة المزاح
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كثرة المزاح يذهب
بماء الوجه (14).
- الإمام علي (عليه السلام): كثرة المزاح تسقط الهيبة (15).
- عنه (عليه السلام): من كثر مزاحه قلت هيبته (16).
- عنه (عليه السلام): كثرة المزاح تذهب البهاء،
وتوجب الشحناء (17).
- عنه (عليه السلام): من كثر مزاحه استجهل (18).
- عنه (عليه السلام): من كثر مزاحه استحمق (19).
- عنه (عليه السلام): من كثر مزحه قل وقاره (20).
- عنه (عليه السلام): من كثر مزاحه لم يخل من حاقد
عليه ومستخف به (21).
- عنه (عليه السلام): في السفه وكثرة المزاح الخرق (22).
- عنه (عليه السلام): الإفراط في المزح خرق (23).
(انظر) وسائل الشيعة: 8 / 480 باب 83.



(1) هزل في كلامه هزلا: مزح، وهو ضد الجد. كما في هامش
تحف العقول.
(2) تحف العقول: 85.
(3) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(4) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(5) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(6) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(7) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(8) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(9) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(10) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(11) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(12) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(13) غرر الحكم: 2300، 2603، 6416، 7972، 7129، 8356، 8101، 8429، 8556، 2197، 3355.
(14) أمالي الصدوق: 223 / 4.
(15) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(16) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(17) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(18) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(19) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(20) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(21) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(22) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
(23) غرر الحكم: 7101، 8095، 7126، 7883، 7950، 8432، 8930، 6523، 1184.
2898
(490)
المسخ
البحار: 14 / 49 باب 4 " قصة أصحاب السبت ".
كنز العمال: 6 / 178 " المسوخ ".

2899
[3693]
المسخ
الكتاب
* (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم
كونوا قردة خاسئين * فجعلناها نكالا لما بين يديها وما
خلفها وموعظة للمتقين) * (1).
(انظر) النساء: 47، 154، الأعراف: 166، النحل: 124.
- الإمام الباقر (عليه السلام): وكان من السنة والسبيل
التي أمر الله عز وجل بها موسى (عليه السلام) أن جعل الله
عليهم السبت، وكان من أعظم السبت ولم يستحل
أن يفعل ذلك من خشية الله أدخله الله الجنة، ومن
استخف بحقه واستحل ما حرم الله عليه من عمل
الذي نهاه الله عنه فيه أدخله الله عز وجل النار،
وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها
وأكلوها يوم السبت غضب الله عليهم، من غير أن
يكونوا أشركوا بالرحمن ولا شكوا في شئ مما
جاء به موسى (عليه السلام). قال الله عز وجل: * (ولقد علمتم
الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا
قردة خاسئين) * (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قول الله عز وجل:
* (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان
داود وعيسى بن مريم) * قال -: الخنازير على
لسان داود، والقردة على لسان عيسى بن
مريم (عليهما السلام) (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): وجدنا في كتاب علي (عليه السلام)
أن قوما من أهل أيكة من قوم ثمود، وأن الحيتان
كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم
في ذلك، فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم
وقدام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم، فبادروا
إليها فأخذوا يصطادونها فلبثوا في ذلك ما شاء
الله، لا ينهاهم عنها الأحبار ولا يمنعهم العلماء من
صيدها، ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم إنما
نهيتم عن أكلها يوم السبت فلم تنهوا عن صيدها،
فاصطادوا يوم السبت وكلوها فيما سوى ذلك من
الأيام، فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها، فعتت،
وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين، فقالوا:
ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرضوا لخلاف أمره،
واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت فلم
تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: * (لم تعظون
قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا) *، فقالت
الطائفة التي وعظتهم: * (معذرة إلى ربكم ولعلهم
يتقون) * قال: فقال الله جل وعز: * (فلما نسوا ما
ذكروا به) * يعني لما تركوا ما وعظوا به مضوا على
الخطيئة، فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله
لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه



(1) البقرة: 65، 66.
(2) الكافي: 2 / 29 / 1 و 8 / 200 / 240.
(3) الكافي: 2 / 29 / 1 و 8 / 200 / 240.
2900
التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء
فيعمنا معكم، قال: فخرجوا عنهم من المدينة
مخافة أن يصيبهم البلاء، فنزلوا قريبا من
المدينة فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء
الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل
المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت،
فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها خبر
واحد، فوضعوا سلما على سور المدينة ثم
أصعدوا رجلا منهم، فأشرف على المدينة فنظر
فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، فقال الرجل
لأصحابه: يا قوم أرى والله عجبا! قالوا: وما
ترى؟ قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون
ولها أذناب، فكسروا الباب، قال: فعرفت القردة
أنسابها من الإنس، ولم تعرف الإنس أنسابها من
القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟
فقال علي (عليه السلام): والذي فلق الحبة وبرأ
النسمة إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة
لا ينكرون ولا يغيرون بل تركوا ما أمروا
به فتفرقوا، وقد قال الله عز وجل: * (فبعدا
للقوم الظالمين) * فقال الله: * (أنجينا الذين
ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب
بئيس بما كانوا يفسقون) * (1).
أقول: قال العلامة الطباطبائي بعد تفسير
آيات 63 - 74 من سورة البقرة تحت عنوان:
بحث فلسفي:
السورة كما ترى مشتملة على عدة من الآيات
المعجزة في قصص بني إسرائيل وغيرهم، كفرق
البحر وإغراق آل فرعون في قوله تعالى: * (وإذ
فرقنا بكم البحر وأغرقنا آل فرعون...) * الآية،
وأخذ الصاعقة بني إسرائيل وإحيائهم بعد الموت
في قوله تعالى: * (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن
لك...) * الآية، وتظليل الغمام وإنزال المن
والسلوى عليهم في قوله تعالى: * (وظللنا عليكم
الغمام...) * الآية، وانفجار العيون من الحجر في
قوله تعالى: * (وإذ استسقى موسى لقومه...) *
الآية، ورفع الطور فوقهم في قوله تعالى: * (ورفعنا
فوقكم الطور...) * الآية، ومسخ قوم منهم في قوله
تعالى: * (فقلنا لهم كونوا قردة...) * الآية، وإحياء
القتيل ببعض البقرة المذبوحة في قوله: * (فقلنا
اضربوه ببعضها...) * الآية، وكإحياء قوم آخرين
في قوله: * (ألم تر إلى الذين خرجوا من
ديارهم...) * الآية، وكإحياء الذي مر على قرية
خربة في قوله: * (أو كالذي مر على قرية وهي
خاوية على عروشها...) * الآية، وكإحياء الطير بيد
إبراهيم في قوله تعالى: * (وإذ قال إبراهيم رب
أرني كيف تحيي الموتى...) * الآية، فهذه اثنتا
عشرة آية معجزة خارقة للعادة جرت أكثرها في
بني إسرائيل ذكرها القرآن، وقد بينا فيما مر
إمكان وقوع المعجزة وأن خوارق العادات جائزة
الوقوع في الوجود، وهي مع ذلك ليست ناقضة
لقانون العلية والمعلولية الكلي، وتبين به أن
لا دليل على تأويل الآيات الظاهرة في وقوع
الإعجاز وصرفها عن ظواهرها ما دامت الحادثة
ممكنة، بخلاف المحالات كانقسام الثلاثة
بمتساويين وتولد مولود يكون أبا لنفسه،

2901
فإنه لا سبيل إلى جوازها.
نعم تختص بعض المعجزات كإحياء الموتى
والمسخ ببحث آخر، فقد قيل: إنه قد ثبت في
محله أن الموجود الذي له قوة الكمال والفعلية إذا
خرج من القوة إلى الفعل فإنه يستحيل بعد ذلك
رجوعه إلى القوة ثانيا، وكذلك كل ما هو أكمل
وجودا فإنه لا يرجع في سيره الاستكمالي إلى
ما هو أنقص وجودا منه من حيث هو كذلك.
والإنسان بموته يتجرد بنفسه عن المادة فيعود
موجودا مجردا مثاليا أو عقليا، وهاتان الرتبتان
فوق مرتبة المادة، والوجود فيهما أقوى من
الوجود المادي، فمن المحال أن تتعلق النفس بعد
موتها بالمادة ثانيا، وإلا لزم رجوع الشئ إلى
القوة بعد خروجه إلى الفعل وهو محال، وأيضا
الإنسان أقوى وجودا من سائر أنواع الحيوان،
فمن المحال أن يعود الإنسان شيئا من سائر أنواع
الحيوان بالمسخ.
أقول: ما ذكره من استحالة رجوع ما بالقوة
بعد خروجه إلى الفعل إلى القوة ثانيا حق لا ريب
فيه، لكن عود الميت إلى حياته الدنيا ثانيا في
الجملة وكذا المسخ ليسا من مصاديقه. بيان ذلك:
أن المحصل من الحس والبرهان أن الجوهر
النباتي المادي إذا وقعت في صراط الاستكمال
الحيواني فإنه يتحرك إلى الحيوانية، فيتصور
بالصورة الحيوانية وهي صورة مجردة بالتجرد
البرزخي، وحقيقتها إدراك الشئ نفسه بإدراك
جزئي خيالي، وهذه الصورة وجود كامل للجوهر
النباتي وفعلية لهذه القوة تلبس بها بالحركة
الجوهرية، ومن المحال أن ترجع يوما إلى
الجوهر المادي فتصير إياه إلا أن تفارق مادتها
فتبقى المادة مع صورة مادية كالحيوان تموت
فيصير جسدا لا حراك به.
ثم إن الصورة الحيوانية مبدأ لأفعال إدراكية
تصدر عنها، وأحوال علمية تترتب عليها، تنتقش
النفس بكل واحد من تلك الأحوال بصدورها
منها، ولا يزال نقش عن نقش، وإذا تراكمت من
هذه النقوش ما هي متشاكلة متشابهة تحصل
نقش واحد وصار صورة ثابتة غير قابلة للزوال
وملكة راسخة، وهذه صورة نفسانية جديدة
يمكن أن يتنوع بها نفس حيواني فتصير حيوانا
خاصا ذا صورة خاصة منوعة كصورة المكر
والحقد والشهوة والوفاء والافتراس وغير ذلك،
وإذا لم تحصل ملكة بقي النفس على مرتبتها
الساذجة السابقة، كالنبات إذا وقفت عن حركتها
الجوهرية بقي نباتا ولم يخرج إلى الفعلية
الحيوانية، ولو أن النفس البرزخية تتكامل من
جهة أحوالها وأفعالها بحصول الصورة دفعة
لانقطعت علقتها مع البدن في أول وجودها لكنها
تتكامل بواسطة أفعالها الإدراكية المتعلقة بالمادة
شيئا فشيئا حتى تصير حيوانا خاصا إن عمر العمر
الطبيعي أو قدرا معتدا به، وإن حال بينه وبين
استتمام العمر الطبيعي أو القدر المعتد به مانع
كالموت الاخترامي بقي على ما كان عليه من
سذاجة الحيوانية.
المسخ 2903
ثم إن الحيوان إذا وقعت في صراط الانسانية -
وهي الوجود الذي يعقل ذاته تعقلا كليا مجردا

2902
عن المادة ولوازمها من المقادير والألوان
وغيرهما - خرج بالحركة الجوهرية من فعلية
المثال التي هي قوة العقل إلى فعلية التجرد العقلي،
وتحققت له صورة الإنسان بالفعل، ومن المحال
أن تعود هذه الفعلية إلى قوتها التي هي التجرد
المثالي على حد ما ذكر في الحيوان.
ثم إن لهذه الصورة أيضا أفعالا وأحوالا
تحصل بتراكمها التدريجي صورة خاصة جديدة
توجب تنوع النوعية الإنسانية على حد ما ذكر
نظيره في النوعية الحيوانية.
إذا عرفت ما ذكرناه ظهر لك أنا لو فرضنا
إنسانا رجع بعد موته إلى الدنيا وتجدد لنفسه
التعلق بالمادة وخاصة المادة التي كانت متعلقة
نفسه من قبل لم يبطل بذلك أصل تجرد نفسه فقد
كانت مجردة قبل انقطاع العلقة ومعها أيضا وهي
مع التعلق ثانيا حافظة لتجردها، والذي كان لها
بالموت أن الأداة التي كانت رابطة فعلها بالمادة
صارت مفقودة لها فلا تقدر على فعل مادي
كالصانع إذا فقد آلات صنعته والأدوات اللازمة
لها، فإذا عادت النفس إلى تعلقها الفعلي بالمادة
أخذت في استعمال قواها وأدواتها البدنية
ووضعت ما اكتسبتها من الأحوال والملكات
بواسطة الأفعال فوق ما كانت حاضرة وحاصلة
لها من قبل، واستكملت بها استكمالا جديدا من
غير أن يكون ذلك منه رجوعا قهقري وسيرا
نزوليا من الكمال إلى النقص، ومن الفعل إلى
القوة.
فإن قلت: هذا يوجب القول بالقسر الدائم مع
ضرورة بطلانه، فإن النفس المجردة المنقطعة عن
البدن لو بقي في طباعها إمكان الاستكمال من
جهة الأفعال المادية بالتعلق بالمادة ثانيا كان
بقاؤها على الحرمان من الكمال إلى الأبد حرمانا
عما تستدعيه بطباعها، فما كل نفس براجعة إلى
الدنيا بإعجاز أو خرق عادة، والحرمان المستمر
قسر دائم.
قلت: هذه النفوس التي خرجت من القوة إلى
الفعل في الدنيا واتصلت إلى حد وماتت عندها
لا تبقى على إمكان الاستكمال اللاحق دائما، بل
يستقر على فعليتها الحاضرة بعد حين أو تخرج
إلى الصورة العقلية المناسبة لذلك وتبقى على
ذلك، وتزول الإمكان المذكور بعد ذلك،
فالإنسان الذي مات وله نفس ساذجة غير أنه
فعل أفعالا وخلط عملا صالحا وآخر سيئا لو
عاش حينا أمكن أن يكتسب على نفسه الساذجة
صورة سعيدة أو شقية، وكذا لو عاد بعد الموت إلى
الدنيا وعاش أمكن أن يكتسب على صورته
السابقة صورة خاصة جديدة، وإذا لم يعد فهو في
البرزخ مثاب أو معذب بما كسبته من الأفعال
حتى يتصور بصورة عقلية مناسبة لصورته
السابقة المثالية، وعند ذلك يبطل الإمكان
المذكور ويبقى إمكانات الاستكمالات العقلية،
فإن عاد إلى الدنيا كالأنبياء والأولياء لو عادوا إلى
الدنيا بعد موتهم أمكن أن يحصل صورة أخرى
عقلية من ناحية المادة والأفعال المتعلقة بها،
ولو لم يعد فليس له إلا ما كسب من الكمال
والصعود في مدارجه والسير في صراطه، هذا.

2903
ومن المعلوم أن هذا ليس قسرا دائما، ولو
كان مجرد حرمان موجود عن كماله الممكن له
بواسطة عمل عوامل وتأثير علل مؤثرة قسرا
دائما لكان أكثر حوادث هذا العالم - الذي هو دار
التزاحم وموطن التضاد - أو جميعها قسرا دائما،
فجميع أجزاء هذا العالم الطبيعي مؤثرة في
الجميع، وإنما القسر الدائم أن يجعل في غريزة
نوع من الأنواع اقتضاء كمال من الكمالات أو
استعداد ثم لا يظهر أثر ذلك دائما إما لأمر في
داخل ذاته أو لأمر من خارج ذاته متوجه إلى
إبطاله بحسب الغريزة، فيكون تغريز النوع
المقتضي أو المستعد للكمال تغريزا باطلا
وتجبيلا هباء لغوا فافهم ذلك، وكذا لو فرضنا
إنسانا تغيرت صورته إلى صورة نوع آخر من
أنواع الحيوان كالقرد والخنزير فإنما هي صورة
على صورة، فهو إنسان خنزير أو إنسان قردة،
لا إنسان بطلت انسانيته وحلت الصورة الخنزيرية
أو القردية محلها، فالإنسان إذا كسب صورة من
صور الملكات تصورت نفسه بها، ولا دليل على
استحالة خروجها في هذه الدنيا من الكمون إلى
البروز على حد ما ستظهر في الآخرة بعد الموت،
وقد مر أن النفس الإنسانية في أول حدوثها على
السذاجة يمكن أن تتنوع بصورة خاصة تخصصها
بعد الإبهام وتقيدها بعد الإطلاق والقبول،
فالممسوخ من الإنسان إنسان ممسوخ لا أنه
ممسوخ فاقد للإنسانية، هذا.
ونحن نقرأ في المنشورات اليومية من أخبار
المجامع العلمية بأوروبا وأمريكا ما يؤخذ جواز
الحياة بعد الموت، وتبدل صورة الإنسان بصورة
المسخ، وإن لم نتكل في هذه المباحث على أمثال
هذه الأخبار، لكن من الواجب على الباحثين من
المحصلين أن لا ينسوا اليوم ما يتلونه بالأمس.
فإن قلت: فعلى هذا فلا مانع من القول
بالتناسخ.
قلت: كلا، فإن التناسخ - وهو تعلق
النفس المستكملة بنوع كمالها بعد مفارقتها البدن
ببدن آخر - محال، فإن هذا البدن إن كان ذا
نفس استلزم التناسخ تعلق نفسين ببدن واحد،
وهو وحدة الكثير وكثرة الواحد، وإن لم تكن ذا
نفس استلزم رجوع ما بالفعل إلى القوة كرجوع
الشيخ إلى الصبا، وكذلك يستحيل تعلق نفس
إنساني مستكملة مفارقة ببدن نباتي أو حيواني
بما مر من البيان (1).
[3694]
نفي النسل عن المسوخ
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى لم يجعل
لمسخ نسلا ولا عقبا، وقد كانت القردة
والخنازير قبل ذلك (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما مسخ الله من شئ فكان له
عقب ونسل (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله لم يمسخ شيئا فيدع له
نسلا أو عاقبة (4).



(1) الميزان: 1 / 205 - 209.
(2) كنز العمال: 40022، 40024.
(3) كنز العمال: 40022، 40024.
(4) مسند ابن حنبل: 3700.
2904
أقول: في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى:
* (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت...) *
عن ابن عباس قال: فمسخهم الله تعالى عقوبة
لهم، وكانوا يتعاوون وبقوا ثلاثة أيام لم
يأكلوا ولم يشربوا ولم يتناسلوا، ثم أهلكهم
الله تعالى وجاءت ريح فهبت بهم وألقتهم في
الماء، وما مسخ الله أمة إلا أهلكها، وهذه القردة
والخنازير ليست من نسل أولئك، ولكن مسخ
أولئك على صورة هؤلاء، يدل عليه إجماع
المسلمين على أنه ليس في القردة والخنازير
من هو من أولاد آدم، ولو كانت من أولاد
الممسوخين لكانت من بني آدم. وقال مجاهد: لم
يمسخوا قردة وإنما هو مثل ضربه الله كما قال:
* (كمثل الحمار يحمل أسفارا) *، وحكي عنه أيضا
أنه مسخت قلوبهم، فجعلت كقلوب القردة
لا تقبل وعظا ولا تتقي زجرا، وهذان القولان
يخالفان الظاهر الذي أكثر المفسرين عليه من غير
ضرورة تدعو إليه (1).



(1) تفسير مجمع البيان: 1 / 264.
2905
(491)
المشي
البحار: 76 / 301 باب 57 " آداب المشي ".

2907
[3695]
أدب المشي
الكتاب
* (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا
خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) * (1).
* (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر
الأصوات لصوت الحمير) * (2).
- ابن عباس: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا مشى مشى
مشيا يعرف أنه ليس بمشي عاجز ولا بكسلان (3).
- الإمام علي (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا
مشى تكفأ تكفؤا كأنما يتقلع من صبب، لم
أر قبله ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله) (4).
- كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا مشى لا يجاوز
يده فخذه، ولا يخطر بيده، وعليه السكينة
والخشوع (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان - علي بن
الحسين (عليهما السلام) - لا تسبق يمينه شماله (6).
- عنه (عليه السلام): كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يمشي
مشية كأن على رأسه الطير، لا يسبق يمينه
شماله (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): سرعة المشي يذهب ببهاء
المؤمن (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المشي المستعجل يذهب
ببهاء المؤمن، ويطفئ نوره (9).
- عنه (عليه السلام): خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) على
أصحابه وهو راكب، فمشوا خلفه، فالتفت إليهم،
فقال: لكم حاجة؟ فقالوا: لا يا أمير المؤمنين،
ولكنا نحب أن نمشي معك، فقال لهم: انصرفوا
فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب
ومذلة للماشي.
قال: وركب مرة أخرى فمشوا خلفه، فقال:
انصرفوا فإن خفق النعال خلف أعقاب الرجال
مفسدة لقلوب النوكى (10).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما ورد الكوفة قادما من
صفين... أقبل حرب يمشي معه، وهو (عليه السلام)
راكب -: ارجع، فإن مشي مثلك مع مثلي
فتنة للوالي، ومذلة للمؤمن (11).
- عنه (عليه السلام) - في صفة المتقين -:
منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد،



(1) الفرقان: 63.
(2) لقمان: 19.
(3) مكارم الأخلاق: 1 / 60 / 52 وص 59 / 50.
(4) مكارم الأخلاق: 1 / 60 / 52 وص 59 / 50.
(5) البحار: 46 / 98 / 86.
(6) أمالي الطوسي: 673 / 1419.
(7) المحاسن: 1 / 215 / 393.
(8) تحف العقول: 36، 371.
(9) تحف العقول: 36، 371.
(10) المحاسن: 2 / 470 / 2632.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 322.
2908
ومشيهم التواضع (1).
[3696]
النهي عن المشي مرحا
الكتاب
* (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن
تبلغ الجبال طولا) * (2).
* (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن
الله لا يحب كل مختال فخور) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الطاووس -: يمشي
مشي المرح المختال، ويتصفح ذنبه وجناحيه،
فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مشى على الأرض
اختيالا لعنته الأرض ومن تحتها ومن فوقها (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من تعظم في نفسه أو اختال في
مشيته، لقي الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبان (6).
- الإمام علي (عليه السلام): اعتم أبو دجانة الأنصاري
وأرخى عذبة العمامة من خلفه بين كتفيه، ثم
جعل يتبختر بين الصفين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن
هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا عند القتال (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن أبا دجانة الأنصاري
اعتم يوم أحد بعمامة له، وأرخى عذبة العمامة
بين كتفيه حتى جعل يتبختر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إن هذه لمشية يبغضها الله عز وجل إلا عند
القتال في سبيل الله (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا مشت أمتي المطيطاء،
وخدمتهم فارس والروم، كان بأسهم بينهم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا مشت أمتي المطيطاء،
وخدمتهم فارس والروم، سلط بعضهم على
بعض (10).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما مر عليه أسود وهو
ينزع في مشيته -: إنه لجبار، قلت - الراوي -:
إنه سائل، قال: إنه جبار (11).
(انظر) الكبر: باب 3436.



(1) نهج البلاغة: الخطبة 193.
(2) الإسراء: 37.
(3) لقمان: 18
(4) نهج البلاغة: الخطبة 165.
(5) ثواب الأعمال: 324 / 1.
(6) الترغيب والترهيب: 3 / 569 / 38.
(7) النوادر للراوندي: 20.
(8) الكافي: 5 / 8 / 13.
(9) معاني الأخبار: 301 / 1.
(10) الترغيب والترهيب: 3 / 570 / 39.
(11) المحاسن: 1 / 215 / 393.
2909
(492)
المكر
كنز العمال: 3 / 545 " المكر والخديعة ".
البحار: 75 / 283 باب 72 " المكر والخديعة والغش ".
وسائل الشيعة: 8 / 570 باب 137 " تحريم المكر والحسد والغش والخيانة ".
انظر:
عنوان: 131 " الحيلة "، 154 " الخيانة "، 385 " الغدر "، 389 " الغش "، الحرب: باب 765.

2911
[3697]
المكر
الكتاب
* (ومكروا مكرا كبارا) * (1).
(انظر) فاطر: 10 - 43 / المؤمن: 25 / الطور: 42 - 46.
- الإمام علي (عليه السلام): آفة الذكاء المكر (2).
- عنه (عليه السلام): المكر بمن ائتمنك كفر (3).
- عنه (عليه السلام): المكر لؤم، الخديعة شؤم (4).
- عنه (عليه السلام): المكر والغل مجانبا الإيمان (5).
- عنه (عليه السلام): المكر شيمة المردة (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس منا من ماكر مسلما (7).
- الإمام علي (عليه السلام): المكور شيطان في صورة
إنسان (8).
- عنه (عليه السلام): لا أمانة لمكور (9).
- عنه (عليه السلام): من مكر حاق به مكره (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاث من كن فيه كن
عليه: المكر، والنكث، والبغي، وذلك قول الله:
* (ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله) * * (فانظر كيف
كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم
أجمعين) *، وقال جل وعز: * (ومن نكث فإنما
ينكث على نفسه) *، وقال: * (يا أيها الناس إنما
بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا) * (11).
- الإمام علي (عليه السلام): من مكر بالناس رد الله
سبحانه مكره في عنقه (12).
- عنه (عليه السلام): من أعظم المكر تحسين الشر (13).
- عنه (عليه السلام): من أمن المكر لقي الشر (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن كان العرض على الله
حقا فالمكر لماذا؟! (15).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المتقين -:
بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن
دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة،
ولا دنوه بمكر وخديعة (16).
- عنه (عليه السلام) - للخوارج وقد خرج إلى
معسكرهم وهم مقيمون على إنكار الحكومة -:
ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة،
ومكرا وخديعة: إخواننا وأهل دعوتنا، استقالونا
واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه، فالرأي
القبول منهم والتنفيس عنهم؟ فقلت لكم:
هذا أمر ظاهره إيمان وباطنه عدوان، وأوله
رحمة وآخره ندامة (17).



(1) نوح: 22.
(2) غرر الحكم: 3920، 1165، 105، 1594، 623.
(3) غرر الحكم: 3920، 1165، 105، 1594، 623.
(4) غرر الحكم: 3920، 1165، 105، 1594، 623.
(5) غرر الحكم: 3920، 1165، 105، 1594، 623.
(6) غرر الحكم: 3920، 1165، 105، 1594، 623.
(7) ثواب الأعمال: 320 / 1.
(8) غرر الحكم: 1465، 10441، 7834.
(9) غرر الحكم: 1465، 10441، 7834.
(10) غرر الحكم: 1465، 10441، 7834.
(11) تحف العقول: 317.
(12) غرر الحكم: 8832، 9260، 8373.
(13) غرر الحكم: 8832، 9260، 8373.
(14) غرر الحكم: 8832، 9260، 8373.
(15) الخصال: 450 / 55.
(16) نهج البلاغة: الخطبة 193 و 122.
(17) نهج البلاغة: الخطبة 193 و 122.
2912
[3698]
المكر والخديعة في النار
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): المكر والخديعة في النار (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): المكر والخديعة والخيانة في
النار (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ملعون من ضار مؤمنا أو مكر به (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من كان مسلما فلا يمكر ولا يخدع
فإني سمعت جبرئيل (عليه السلام) يقول: إن المكر
والخديعة في النار (4).
- الإمام علي (عليه السلام): إن المكر والخديعة في
النار، فكونوا من الله عز وجل ومن صولته على
حذر... (5).
- عنه (عليه السلام): لولا أن المكر والخديعة في النار
لكنت أمكر العرب (6).
- عنه (عليه السلام): لولا أن المكر والخديعة في النار
لكنت أمكر الناس (7).
- عنه (عليه السلام): لولا أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقول: إن المكر والخديعة والخيانة في النار
لكنت أمكر العرب (8).
- عنه (عليه السلام): لولا التقى كنت أدهى العرب (9).
قال المجلسي رضوان لله عليه في تبيين
حديث 18648: بيان: في القاموس: المكر
الخديعة، وقال: خدعه كمنعه خدعا ويكسر: ختله
وأراد به المكروه من حيث لا يعلم، كاختدعه
فانخدع، والاسم الخديعة، وقال الراغب: المكر
صرف الغير عما يقصده بحيلة، وذلك ضربان:
مكر محمود، وهو أن يتحرى بذلك فعل جميل،
وعلى ذلك قال الله عز وجل: * (والله خير
الماكرين) *، ومذموم، وهو أن يتحرى به فعل
قبيح، قال تعالى: * (ولا يحيق المكر السيئ إلا
بأهله) * وقال في الأمرين: * (ومكروا مكرا ومكرنا
مكرا وهم لا يشعرون) * وقال بعضهم: من مكر الله
تعالى إمهال العبد وتمكينه من أعراض الدنيا،
ولذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من وسع عليه دنياه
ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن عقله، وقال:
الخداع إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على
خلاف ما يخفيه. انتهى.
وفي المصباح: خدعته خدعا فانخدع،
والخدع بالكسر اسم منه، والخديعة مثله،
والفاعل خدوع مثل رسول، وخداع أيضا
وخادع، والخدعة بالضم ما يخدع به الإنسان مثل
اللعبة لما يلعب به. انتهي.
وربما يفرق بينهما حيث اجتمعا بأن يراد
بالمكر احتيال النفس واستعمال الرأي فيما يراد
فعله مما لا ينبغي، وإرادة إظهار غيره، وصرف
الفكر في كيفيته، وبالخديعة إبراز ذلك في
الوجود وإجراؤه على من يريد، وكأنه (عليه السلام) إنما
قال ذلك لأن الناس كانوا ينسبون معاوية لعنه الله



(1) كنز العمال: 7819، 7820، 7821.
(2) كنز العمال: 7819، 7820، 7821.
(3) كنز العمال: 7819، 7820، 7821.
(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 50 / 194.
(5) نهج السعادة: 2 / 318.
(6) ثواب الأعمال: 320 / 2.
(7) الكافي: 2 / 336 / 1.
(8) ثواب الأعمال: 320 / 3.
(9) تحف العقول: 99.
2913
إلى الدهاء والعقل، وينسبونه (عليه السلام) إلى ضعف
الرأي، لما كانوا يرون من إصابة حيل معاوية
المبنية على الكذب والغدر والمكر، فبين (عليه السلام)
أنه أعرف بتلك الحيل منه، ولكنها لما كانت
مخالفة لأمر الله ونهيه فلذا لم يستعملها، كما
روى السيد (رضي الله عنه) في نهج البلاغة عنه صلوات الله
عليه أنه قال: ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر
أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى
حسن الحيلة، مالهم قاتلهم الله؟! قد يرى الحول
القلب وجه الحيلة، ودونه مانع من أمر الله ونهيه،
فيدعها رأي العين بعد القدرة عليها، وينتهز
فرصتها من لا حريجة له في الدين.
والحريجة التقوى، وقال بعض الشراح في
تفسير هذا الكلام: وذلك لجهل الفريقين بثمرة
الغدر، وعدم تمييزهم بينه وبين الكيس، فإنه
لما كان الغدر هو التفطن بوجه الحيلة وإيقاعها
على المغدور به، وكان الكيس هو التفطن بوجه
الحيلة والمصالح فيما ينبغي، كانت بينهما
مشاركة في التفطن بالحيلة واستخراجها بالآراء،
إلا أن تفطن الغادر بالحيلة التي هو غير موافقة
للقوانين الشرعية والمصالح الدينية، والكيس هو
التفطن بالحيلة الموافقة لهما، ولدقة الفرق بينهما
يلبس الغادر غدره بالكيس وينسبه الجاهلون إلى
حسن الحيلة كما نسب ذلك إلى معاوية وعمرو بن
العاص والمغيرة بن شعبة وأضرابهم، ولم يعلموا
أن حيلة الغادر تخرجه إلى رذيلة الفجور، وأنه
لا حسن لحيلة جرت إلى رذيلة، بخلاف حيلة
الكيس ومصلحته فإنها تجر إلى العدل. انتهى.
وقد صرح (عليه السلام) بذلك في مواضع يطول ذكرها،
وكونه (عليه السلام) أعرف بتلك الأمور وأقدر عليها ظاهر،
لأن مدار المكر على استعمال الفكر في درك
الحيل، ومعرفة طرق المكروهات، وكيفية
إيصالها إلى الغير على وجه لا يشعر به، وهو (عليه السلام)
لسعة علمه كان أعرف الناس بجميع الأمور،
والمراد بكونهما في النار كون المتصف بهما فيها،
والإسناد على المجاز (1).
(انظر) الحرب: باب 765.
[3699]
مكر الله
الكتاب
* (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو
يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) * (2).
* (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظر
كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): من أمن مكر الله هلك (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا رأيتم العبد
يتفقد الذنوب من الناس ناسيا لذنبه فاعلموا
أنه قد مكر به (5).
- الإمام علي (عليه السلام): لا تأمنن على خير هذه
الأمة عذاب الله لقوله تعالى: * (فلا يأمن مكر الله



(1) البحار: 75 / 286.
(2) الأنفال: 30.
(3) النمل: 50، 51.
(4) غرر الحكم: 8375.
(5) تحف العقول: 364.
2914
إلا القوم الخاسرون) *، ولا تيأسن لشر هذه الأمة
من روح الله لقوله تعالى: * (إنه لا ييأس من روح الله
إلا القوم الكافرون) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - كان يدعو -: رب أعني
ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي،
وامكر لي ولا تمكر علي (2).
(انظر) الخوف: باب 1146.
الذنب: باب 1375.
الفقه: باب 3241.
الامتحان: باب 3642.



(1) نهج البلاغة: الحكمة 377.
(2) سنن الترمذي: 3551.
2915
(493)
التملق
كنز العمال: 3 / 455 " التملق ".
انظر:
عنوان: 484 " المدح ".

2917
[3700]
التحذير من الملق
- الإمام علي (عليه السلام): إياك والملق، فإن الملق
ليس من خلائق الإيمان (1).
- عنه (عليه السلام): ليس الملق من خلق الأنبياء (2).
- عنه (عليه السلام): أدوأ الداء الصلف (3).
- عنه (عليه السلام): من كثر ملقه لم يعرف بشره (4).
- عنه (عليه السلام): كثرة الثناء ملق، يحدث
الزهو ويدني من العزة (5).
- عنه (عليه السلام): إنما يحبك من لا يتملقك،
ويثني عليك من لا يسمعك (6).
- عنه (عليه السلام): الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق،
والتقصير عن الاستحقاق عي أو حسد (7).
- عنه (عليه السلام): ليس من أخلاق المؤمن التملق
ولا الحسد إلا في طلب العلم (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة
يبغضهم الله، أما الذين يحبهم الله: فقوم ساروا
ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إلى أحدهم مما
يعدل به نزلوا، فوضعوا رؤوسهم، فقام يتملقني
ويتلو آياتي... (9).



(1) غرر الحكم: 2696، 7453، 2858، 7963، 7119، 3875.
(2) غرر الحكم: 2696، 7453، 2858، 7963، 7119، 3875.
(3) غرر الحكم: 2696، 7453، 2858، 7963، 7119، 3875.
(4) غرر الحكم: 2696، 7453، 2858، 7963، 7119، 3875.
(5) غرر الحكم: 2696، 7453، 2858، 7963، 7119، 3875.
(6) غرر الحكم: 2696، 7453، 2858، 7963، 7119، 3875.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 347، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
19 / 262.
(8) كنز العمال: 29364.
(9) الترغيب والترهيب: 4 / 79 / 7.
2918
(494)
الملك
البحار: 75 / 335 باب 81 " أحوال الملوك والامراء ".
انظر:
عنوان 500 " المال ".
عنوان 19 " الأمارة "، 22 " الإمامة "، 240 " السلطان "، 541 " الوزارة "، 560 " الولاية (1) ".
الفساد: باب 3203 " المفسدون في القرآن (9) "، الفقر: باب 3236 " الفقراء ملوك الجنة ".

2919
[3701]
مالك الملك
الكتاب
* (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع
الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك
الخير إنك على كل شئ قدير) * (1).
* (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن
يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور) * (2).
* (ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير) * (3).
* (ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة
يومئذ يخسر المبطلون) * (4).
* (ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء
ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما) * (5).
* (فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن
يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما) * (6).
* (فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش
الكريم) * (7).
* (هو الله الذي لا إله الا هو الملك القدوس السلام
المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما
يشركون) * (8).
* (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم
لها مالكون) * (9).
- الإمام علي (عليه السلام): كل مالك غيره مملوك (10).
- عنه (عليه السلام) - في تفسير لا حول ولا قوة إلا
بالله -: إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك إلا
ما ملكنا، فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا،
ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اشتد غضب الله على من زعم
أنه ملك الأملاك، لا ملك إلا الله عز وجل (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أغيظ رجل على الله يوم القيامة
وأخبثه وأغيظه عليه رجل كان يسمى ملك
الأملاك، لا ملك إلا الله (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى
ملك الأملاك. زاد ابن أبي شيبة في روايته:
لا مالك إلا الله عز وجل، قال الأشعثي: قال
سفيان: مثل شاهان شاه (14).
أقول: قال العلامة الطباطبائي بعد تفسير



(1) آل عمران: 26.
(2) الشورى: 49.
(3) النور: 42.
(4) الجاثية: 27.
(5) الفتح: 14.
(6) طه: 114.
(7) المؤمنون: 116.
(8) الحشر: 23.
(9) يس: 71.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 65، والحكمة 404.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 65، والحكمة 404.
(12) كنز العمال: 45244، 45271.
(13) كنز العمال: 45244، 45271.
(14) صحيح مسلم: 2143.
2920
قوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل...) * (1) في أن المالكية من الأصول
الثابتة الاجتماعية ما نصه:
بحث علمي اجتماعي:
كل ما بين أيدينا من الموجودات المكونة،
ومنها النبات والحيوان والإنسان، فإنه يتصرف
في الخارج عن دائرة وجوده مما يمكن أن ينتفع
به في إبقاء وجوده لحفظ وجوده وبقائه، فلا خبر
في الوجود عن موجود غير فعال، ولا خبر عن
فعل يفعله فاعله لا لنفع يعود إليه، فهذه أنواع
النبات تفعل ما تفعل لتنتفع به لبقائها ونشوئها و
توليد مثلها، وكذلك أقسام الحيوان والإنسان
تفعل ما تفعل لتنتفع به بوجه ولو انتفاعا خياليا أو
عقليا، فهذا مما لا شبهة فيه.
وهذه الفواعل التكوينية تدرك بالغريزة
الطبيعية والحيوان والإنسان بالشعور الغريزي أن
التصرف في المادة لرفع الحاجة الطبيعية
والانتفاع في حفظ الوجود والبقاء لا يتم للواحد
منها إلا مع الاختصاص، بمعنى أن الفعل الواحد
لا يقوم بفاعلين، فهذا حاصل الأمر وملاكه،
ولذلك فالفاعل من الإنسان أو ما ندرك ملاك
أفعاله فإنه يمنع عن المداخلة في أمره والتصرف
فيما يريد هو التصرف فيه، وهذا أصل
الاختصاص الذي لا يتوقف في اعتباره إنسان،
وهو معنى اللام الذي في قولنا: لي هذا ولك ذلك،
ولي أن أفعل كذا ولك أن تفعل كذا.
ويشهد به ما نشاهده من تنازع الحيوان فيما
حازه من عش أو كن أو وكر أو ما اصطاده أو
وجده مما يتغذى به أو ما ألفه من زوج ونحو
ذلك، وما نشاهده من تشاجر الأطفال فيما حازوه
من غذاء ونحوه حتى الرضيع يشاجر الرضيع على
الثدي، ثم إن ورود الإنسان في ساحة الاجتماع
بحكم فطرته وقضاء غريزته لا يستحكم به إلا ما
أدركه بأصل الفطرة إجمالا، ولا يوجب إلا
إصلاح ما كان وضعه أولا وترتيبه وتعظيمه في
صورة النواميس الاجتماعية الدائرة، وعند ذلك
يتنوع الاختصاص الإجمالي المذكور أنواعا
متفرقة ذوات أسام مختلفة، فيسمى الاختصاص
المالي بالملك وغيره بالحق وغير ذلك.
وهم وإن أمكن أن يختلفوا في تحقق الملك
من جهة أسبابه كالوراثة والبيع والشراء والغصب
بقوة السلطان وغير ذلك، أو من جهة الموضوع
الذي هو المالك كالإنسان الذي هو بالغ أو صغير
أو عاقل أو سفيه أو فرد أو جماعة إلى غير ذلك
من الجهات، فيزيدوا في بعض وينقصوا من
بعض، ويثبتوا لبعض وينفوا عن بعض، لكن أصل
الملك في الجملة مما لا مناص لهم عن اعتباره،
ولذلك نرى أن المخالفين للملك يسلبونه عن
الفرد وينقلونه إلى المجتمع أو الدولة الحاكمة
عليهم وهم مع ذلك غير قادرين على سلبه عن
الفرد من أصله ولن يقدروا على ذلك فالحكم
فطري، وفي بطلان الفطرة فناء الانسان.
وسنبحث فيما يتعلق بهذا الأصل الثابت من
حيث أسبابه كالتجارة والربح والإرث والغنيمة
والحيازة، ومن حيث الموضوع كالبالغ والصغير



(1) البقرة: 188.
2921
وغيرهما في موارد يناسب ذلك إن شاء
الله العزيز (1).
وقال بعد تفسير قوله تعالى: * (قل اللهم مالك
الملك...) * (2) في معنى الملك واعتباره، ما نصه:
بحث علمي:
قد تقدم في بعض ما مر من الأبحاث السابقة:
أن اعتبار أصل الملك - بالكسر - من الاعتبارات
الضرورية التي لاغنى للبشر عنها في حال سواء
كان منفردا أو مجتمعا، وأن أصله ينتهي إلى
اعتبار الاختصاص، فهذا حال الملك - بالكسر -.
وأما الملك - بالضم - وهو السلطنة على
الأفراد فهو أيضا من الاعتبارات الضرورية التي
لاغنى للإنسان عنها، لكن الذي يحتاج إليه
ابتداءا هو الاجتماع من حيث تألفه من أجزاء
كثيرة مختلفة المقاصد متبائنة الإرادات دون
الفرد من حيث إنه فرد، فإن الأفراد المجتمعين
لتبائن إراداتهم واختلاف مقاصدهم لا يلبثون
دون أن يقع الاختلاف بينهم فيتغلب كل على
الآخرين في أخذ ما بأيديهم، والتعدي على
حومة حدودهم وهضم حقوقهم فيقع الهرج
والمرج، ويصير الاجتماع الذي اتخذوه وسيلة
إلى سعادة الحياة ذريعة إلى الشقاء والهلاك،
ويعود الدواء داءا، ولا سبيل إلى رفع هذه الغائلة
الطارية إلا بجعل قوة قاهرة على سائر القوى
مسيطرة على جميع الأفراد المجتمعين حتى تعيد
القوى الطاغية المستعلية إلى حاق الوسط، وترفع
الدانية المستهلكة إليه أيضا، فتتحد جميع القوى
من حيث المستوى، ثم تضع كل واحدة منها في
محلها الخاص وتعطي كل ذي حق حقه.
ولما لم تكن الإنسانية في حين من الأحيان
خالية الذهن عن فكر الاستخدام - كما مر بيانه
سالفا - لم يكن الاجتماعات في الأعصار السالفة
خالية عن رجال متغلبين على الملك مستعلين
على سائر الأفراد المجتمعين ببسط الرقية
والتملك على النفوس والأموال، وكانت بعض
فوائد الملك الذي ذكرناه - وهو وجود من يمنع
عن طغيان بعض الأفراد على بعض - يترتب على
وجود هذا الصنف من المتغلبين المستعلين
المتظاهرين باسم الملك في الجملة وإن كانوا هم
أنفسهم وأعضادهم وجلاوزتهم قوى طاغية من
غير حق مرضي، وذلك لكونهم مضطرين إلى
حفظ الأفراد في حال الذلة والاضطهاد حتى
لا يتقوى من يثب على حقوق بعض الأفراد فيثب
يوما عليهم أنفسهم، كما أنهم أنفسهم وثبوا على
ما في أيدي غيرهم.
وبالجملة: بقاء جل الأفراد على حال التسالم
خوفا من الملوك المسيطرين عليهم كان يصرف
الناس عن الفكر في اعتبار الملك الاجتماعي،
وإنما يشتغلون بحمد سيرة هؤلاء المتغلبين إذا لم
يبلغ تعديهم مبلغ جهدهم، ويتظلمون ويشتكون
إذا بلغ بهم الجهد وحمل عليهم من التعدي ما
يفوق طاقتهم.
نعم ربما فقدوا بعض هؤلاء المتسمين
بالملوك والرؤساء بهلاك أو قتل أو نحو ذلك،

2922
وأحسوا بالفتنة والفساد، وهددهم اختلال النظم
ووقوع الهرج، فبادروا إلى تقديم بعض اولي
الطول والقوة منهم وألقوا إليه زمام الملك، فصار
ملكا يملك أزمة الأمور، ثم يعود الأمر على ما
كان عليه من التعدي والتحميل.
ولم تزل الاجتماعات على هذه الحال برهة
بعد برهة حتى تضجرت من سوء سير هؤلاء
المتسمين بالملوك في مظالمهم باستبدادهم في
الرأي وإطلاقهم فيما يشاؤون، فوضعت قوانين
تعين وظائف الحكومة الجارية بين الأمم
وأجبرت الملوك باتباعها وصار الملك ملكا
مشروطا بعد ما كان مطلقا، واتحد الناس على
التحفظ على ذلك وكان الملك موروثا.
ثم أحست اجتماعات ببغي ملوكهم وسوء
سيرهم، ولا سبيل إليهم بعد ركوب أريكة الملك
وتثبيتهم كون الملك موهبة غير متغيرة موروثة،
فبدلوا الملك برئاسة الجمهور، فانقلب الملك
المؤبد المشروط إلى ملك مؤجل مشروط، وربما
وجد في الأقوام والأمم المختلفة أنواع من الملك
دعاهم إلى وضعه الفرار عن المظالم التي
شاهدوها ممن بيده زمام أمرهم، وربما حدث
في مستقبل الأيام ما لم ينتقل أفهامنا إليه
إلى هذا الآن.
لكن الذي يتحصل من جميع هذه المساعي
التي بذلتها الاجتماعات في سبيل إصلاح هذا
الأمر - أعني إلقاء زمام الأمة إلى من يدبر أمرها،
ويجمع شتات إراداتها المتضادة وقواها
المتنافية - أن لاغنى للمجتمع الإنساني عن هذا
المقام وهو مقام الملك وإن تغيرت أسماؤه،
وتبدلت شرائطه بحسب اختلاف الأمم ومرور
الأيام، فإن طروق الهرج والمرج واختلال أمر
الحياة الاجتماعية على جميع التقادير من لوازم
عدم اجتماع أزمة الإرادات والمقاصد في إرادة
واحدة لإنسان واحد أو مقام واحد.
وهذا هو الذي تقدم في أول الكلام: أن
الملك من الاعتبارات الضرورية في الاجتماع
الإنساني.
وهو مثل سائر الموضوعات الاعتبارية التي
لم يزل الاجتماع بصدد تكميلها وإصلاحها ورفع
نواقصها وآثارها المضادة لسعادة الإنسانية.
وللنبوة في هذا الإصلاح السهم الأوفى، فإن
من المسلم في علم الاجتماع أن انتشار قول ما
من الأقوال بين العامة - وخاصة إذا كان مما يرتبط
بالغريزة، ويستحسنه القريحة، ويطمأن إليه
النفوس المتوقعة - أقوى سبب لتوحيد الميول
المتفرقة وجعل الجماعات المتشتتة يدا واحدا
تقبض وتبسط بإرادة واحدة لا يقوم لها شئ.
ومن الضروري أن النبوة منذ أقدم عهود
ظهورها تدعو الناس إلى العدل، وتمنعهم عن
الظلم، وتندبهم إلى عبادة الله والتسليم له،
وتنهاهم عن اتباع الفراعنة الطاغين، والنماردة
المستكبرين المتغلبين، ولم تزل هذه الدعوة بين
الأمم منذ قرون متراكمة جيلا بعد جيل وأمة بعد
أمة وإن اختلفت بحسب السعة والضيق باختلاف
الأمم والأزمنة، ومن المحال أن يلبث مثل هذا
العامل القوي بين الاجتماعات الإنسانية قرونا

2923
متمادية وهو منعزل عن الأثر خال عن الفعل.
وقد حكى القرآن الكريم في ذلك شيئا
كثيرا من الوحي المنزل على الأنبياء (عليهم السلام)
كما حكى عن نوح فيما يشكوه لربه: * (رب إنهم
عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا
خسارا * ومكروا مكرا كبارا * وقالوا لا تذرن
آلهتكم) * (1)، وكذا ما وقع بينه وبين عظماء قومه
من الجدال على ما يحكيه القرآن، قال تعالى:
* (قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما
علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على
ربي لو تشعرون) * (2)، وقول هود (عليه السلام) لقومه:
* (أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع
لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم
جبارين) * (3)، وقول صالح (عليه السلام) لقومه: * (فاتقوا الله
وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين
يفسدون في الأرض ولا يصلحون) * (4)...
وأما أن الملك - بالضم - من ضروريات
المجتمع الإنساني فيكفي في بيانه أتم بيان
قوله تعالى بعد سرد قصة طالوت: * (ولولا دفع الله
الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو
فضل على العالمين) * (5)، وقد مر بيان كيفية دلالة
الآية بوجه عام.
وفي القرآن آيات كثيرة تتعرض للملك
والولاية وافتراض الطاعة ونحو ذلك، وأخرى
تعده نعمة وموهبة كقوله تعالى: * (وآتيناهم ملكا
عظيما) * (6)، وقوله تعالى: * (وجعلكم ملوكا
وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين) * (7)، وقوله
تعالى: * (والله يؤتي ملكه من يشاء) * (8)، إلى غير
ذلك من الآيات.
غير أن القرآن إنما يعده كرامة إذا اجتمع
مع التقوى، لحصره الكرامة على التقوى من بين
جميع ما ربما يتخيل فيه شئ من الكرامة من
مزايا الحياة، قال تعالى: * (يا أيها الناس
إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا
وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * (9)،
والتقوى حسابه على الله ليس لأحد أن يستعلي به
على أحد، فلا فخر لأحد على أحد بشئ، لأنه
إن كان أمرا دنيويا فلا مزية لأمر دنيوي
ولا قدر إلا للدين، وإن كان أمرا أخرويا فأمره
إلى الله سبحانه، وعلى الجملة: لا يبقى للإنسان
المتلبس بهذه النعمة - أعني الملك - في نظر رجل
مسلم إلا تحمل الجهد ومشقة التقلد والأعباء،
نعم له عند ربه عظيم الأجر ومزيد الثواب إن لازم
صراط العدل والتقوى.
وهذا هو روح السيرة الصالحة التي لازمها
أولياء الدين، وسنشبع إن شاء الله العزيز هذا
المعنى في بحث مستقل في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
والطاهرين من آله الثابتة بالآثار الصحيحة،



(1) نوح: 21 - 23.
(2) الشعراء: (111 - 113)، (128 - 130).
(3) الشعراء: (111 - 113)، (128 - 130).
(4) الشعراء: 150 - 152.
(5) البقرة: 251.
(6) النساء: 54.
(7) المائدة: 20.
(8) البقرة: 247.
(9) الحجرات: 13.
2924
وأنهم لم ينالوا من ملكهم إلا أن يثوروا على
الجبابرة في فسادهم في الأرض، ويعارضوهم
في طغيانهم واستكبارهم.
ولذلك لم يدع القرآن الناس إلى الاجتماع
على تأسيس الملك وتشييد بنيان القيصرية
والكسروية، وإنما تلقى الملك شأنا من الشؤون
اللازمة المراعاة في المجتمع الإنساني نظير
التعليم أو إعداد القوة لإرهاب الكفار.
بل إنما دعا الناس إلى الاجتماع والاتحاد
والاتفاق على الدين، ونهاهم عن التفرق والشقاق
فيه، وجعله هو الأصل، فقال تعالى: * (وأن هذا
صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق
بكم عن سبيله) * (1)، وقال تعالى: * (قل يا أهل
الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن
لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا
بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا
بأنا مسلمون) * (2)، فالقرآن - كما ترى - لا يدعو
الناس إلا إلى التسليم لله وحده، ويعتبر من
المجتمع المجتمع الديني، ويدحض ما دون ذلك
من عبادة الأنداد، والخضوع لكل قصر مشيد،
ومنتدى رفيع، وملك قيصري وكسروي، والتفرق
بإفراز الحدود وتفريق الأوطان وغير ذلك (3).
وقال رضوان الله تعالى عليه في استناد الملك
وسائر الأمور الاعتبارية إلى الله سبحانه:
بحث فلسفي:
لا ريب أن الواجب تعالى هو الذي تنتهي إليه
سلسلة العلية في العالم، وأن الرابطة بينه
وبين العالم جزءا وكلا هي رابطة العلية، وقد تبين
في أبحاث العلة والمعلول أن العلية إنما هي
في الوجود، بمعنى أن الوجود الحقيقي في
المعلول هو المترشح من وجود علته، وأما
غيره كالماهية فهو بمعزل عن الترشح والصدور
والافتقار إلى العلة، وينعكس بعكس النقيض إلى
أن ما لا وجود حقيقي له فليس بمعلول ولامنته
إلى الواجب تعالى.
ويشكل الأمر في استناد الأمور الاعتبارية
المحضة إليه تعالى، إذ لا وجود حقيقي لها
أصلا، وإنما وجودها وثبوتها ثبوت اعتباري
لا يتعدى ظرف الاعتبار والوضع وحيطة الفرض،
وما يشتمل عليه الشريعة من الأمر والنهي
والأحكام والأوضاع كلها أمور اعتبارية
فيشكل نسبتها إليه تعالى، وكذا أمثال الملك
والعز والرزق وغير ذلك.
والذي تحل به العقدة أنها وإن كانت عارية
عن الوجود الحقيقي إلا أن لها آثارا هي الحافظة
لأسمائها كما مر مرارا، وهذه الآثار أمور حقيقية
مقصودة بالاعتبار ولها نسبة إليه تعالى، فهذه
النسبة هي المصححة لنسبتها، فالملك الذي بيننا
أهل الاجتماع وإن كان أمرا اعتباريا وضعيا
لا نصيب لمعناه من الوجود الحقيقي - وإنما هو
معنى متوهم لنا جعلناه وسيلة إلى البلوغ إلى آثار
خارجية لم يكن يمكننا البلوغ إليها لولا فرض
هذا المعنى الموهوم وتقديره، وهي قهر المتغلبين



(1) الأنعام: 153.
(2) آل عمران: 64.
(3) الميزان: 3 / 144 - 149.
2925
وأولي السطوة والقوة من أفراد الاجتماع الواثبين
على حقوق الضعفاء والخاملين، ووضع كل من
الأفراد في مقامه الذي له، وإعطاء كل ذي حق
حقه، وغير ذلك. لكن لما كان حقيقة معنى الملك
واسمه باقيا ما دامت هذه الآثار الخارجية باقية
مترتبة عليه فاستناد هذه الآثار الخارجية إلى
عللها الخارجية هو عين استناد الملك إليه،
وكذلك القول في العزة الاعتبارية وآثارها
الخارجية واستنادها إلى عللها الحقيقية، وكذلك
الأمر في غيرها كالأمر والنهي والحكم والوضع
ونحو ذلك.
ومن هنا يتبين: أن لها جميعا استنادا إلى
الواجب تعالى باستناد آثارها إليه على حسب ما
يليق بساحة قدسه وعزه (1).
(انظر) المال: باب 3763.
[3702]
خلطة الملوك
- الإمام الصادق (عليه السلام): ليس للبحر جار،
ولا للملك صديق، ولا للعافية ثمن (2).
- عنه (عليه السلام) - وقد قيل في مجلسه: جاور ملكا
أو بحرا -: هذا كلام محال، لا يجاور ملكا
ولا بحرا، لأن الملك يؤذيك، والبحر لا يرويك (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقل الناس وفاء الملوك،
وأقل الناس صديقا الملك [صدقا المملوك]...،
وأشقى الناس المملوك (4).
- الإمام علي (عليه السلام): لا ترغب في خلطة الملوك،
فإنهم يستكثرون من الكلام رد السلام،
ويستقلون من العقاب ضرب الرقاب (5).
- عنه (عليه السلام): لا تكثرن الدخول على الملوك،
فإنهم إن صحبتهم ملوك، وإن نصحتهم غشوك (6).
- عنه (عليه السلام): المكانة من الملوك مفتاح المحنة
وبذر الفتنة (7).
- عنه (عليه السلام): لا تطمعن في مودة الملوك، فإنهم
يوحشونك آنس ما تكون بهم، ويقطعونك أقرب
ما تكون إليهم (8).
(انظر) السلطان: باب 1854.
[3703]
إذا ملك الأراذل
الكتاب
* (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا
أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون) * (9).
- الإمام علي (عليه السلام): إذا ملك الأراذل هلك
الأفاضل (10).
- عنه (عليه السلام): إذا استولى اللئام اضطهد الكرام (11).
- عنه (عليه السلام): من ملك استأثر (12).



(1) الميزان: 3 / 149 - 150.
(2) الخصال: 223 / 51.
(3) الدرة الباهرة: 35.
(4) أمالي الصدوق: 28 / 4.
(5) غرر الحكم: 10323، 10321، 2184، 10431.
(6) غرر الحكم: 10323، 10321، 2184، 10431.
(7) غرر الحكم: 10323، 10321، 2184، 10431.
(8) غرر الحكم: 10323، 10321، 2184، 10431.
(9) النمل: 34.
(10) غرر الحكم: 4033، 4035.
(11) غرر الحكم: 4033، 4035.
(12) نهج البلاغة: الحكمة 160.
2926
[3704]
خير الملوك
- الإمام علي (عليه السلام): أجل الملوك من ملك
نفسه وبسط العدل (1).
- عنه (عليه السلام): أعقل الملوك من ساس نفسه
للرعية بما يسقط عنه حجتها، وساس الرعية
بما تثبت به حجته عليها (2).
- عنه (عليه السلام): خير الامراء من كان على
نفسه أميرا (3).
- عنه (عليه السلام): خير الملوك من أمات الجور
وأحيى العدل (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أفضل الملوك من
أعطي ثلاث خصال: الرأفة، والجود، والعدل (5).
- الإمام علي (عليه السلام): أفضل الملوك من حسن
فعله ونيته، وعدل في جنده ورعيته (6).
- عنه (عليه السلام): أحسن الملوك حالا من حسن
عيش الناس في عيشه، وعم رعيته بعدله (7).
[3705]
الملك (م)
- الإمام علي (عليه السلام): حق على الملك أن يسوس
نفسه قبل جنده (8).
- عنه (عليه السلام): من جعل ملكه خادما لدينه انقاد
له كل سلطان، من جعل دينه خادما لملكه طمع
فيه كل إنسان (9).
- عنه (عليه السلام): تاج الملك عدله (10).
- عنه (عليه السلام): إذا فسد الزمان ساد اللئام (11).
- عنه (عليه السلام): خور السلطان أشد على الرعية
من جور السلطان (12).
- عنه (عليه السلام): غضب الملوك رسول الموت (13).
- عنه (عليه السلام): ملوك الدنيا والآخرة الفقراء
الراضون (14).
- عنه (عليه السلام): ملوك الجنة الأتقياء
والمخلصون (15).
- عنه (عليه السلام): آفة الملوك سوء السيرة، آفة
الوزراء خبث السريرة (16).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشقى الناس الملوك (17).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ملك الأرض كلها
أربعة: مؤمنان وكافران: فأما المؤمنان
فسليمان بن داود (عليهما السلام) وذو القرنين، والكافران
نمرود وبخت نصر (18).
- عنه (عليه السلام): وجدنا بطانة السلطان ثلاث
طبقات: طبقة موافقة للخير وهي بركة عليها
وعلى السلطان وعلى الرعية، وطبقة غايتها
المخاماة على ما في أيديها فتلك لا محمودة
ولا مذمومة، بل هي إلى الذم أقرب، وطبقة

2927
موافقة للشر وهي مشؤومة مذمومة عليها
وعلى السلطان (1).
- الإمام علي (عليه السلام): إنما الناس مع الملوك
والدنيا، إلا من عصم الله (2).
- عنه (عليه السلام): إذا بنى الملك على قواعد
العدل ودعم بدعائم العقل، نصر الله مواليه
وخذل معاديه (3).

2928
(495)
الملائكة
البحار: 59 / 144 باب 23 " حقيقة الملائكة وصفاتهم ".
كنز العمال: 6 / 136 " خلق الملائكة ".
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6 / 431 " أبحاث تتعلق بالملائكة ".
البحار: 5 / 319 باب 17 " الملائكة يكتبون الأعمال ".
انظر:
الحياء: باب 996، العلم: باب 2851، الموت: باب 3726.

2929
[3706]
خلقة الملائكة
الكتاب
* (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة
رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما
يشاء إن الله على كل شئ قدير) * (1).
* (فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا
الملائكة إناثا وهم شاهدون) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): ثم خلق سبحانه لإسكان
سماواته، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته،
خلقا بديعا من ملائكته، وملأ بهم فروج فجاجها،
وحشا بهم فتوق أجوائها [أجوابها] (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل خلق
الملائكة من النور (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلق الملائكة من نور،
وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم
مما وصف لكم (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): خلق الله الملائكة من نور، وإن
منهم لملائكة أصغر من الذباب (6).
[3707]
كثرة الملائكة
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما خلق الله خلقا أكثر
من الملائكة... (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من شئ مما خلق الله
أكثر من الملائكة (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): والذي نفسي بيده!
لملائكة الله في السماوات (9) أكثر من عدد التراب
في الأرض، وما في السماء موضع قدم إلا
وفيها ملك يسبحه ويقدسه، ولا في الأرض شجر
ولا مدر إلا وفيها ملك موكل بها (10).
- الإمام علي (عليه السلام): ليس في أطباق السماء
موضع إهاب إلا وعليه ملك ساجد، أو ساع
حافد، يزدادون على طول الطاعة بربهم علما،
وتزداد عزة ربهم في قلوبهم عظما (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما قرأ * (هل أتى...) * حتى



(1) فاطر: 1.
(2) الصافات: 149، 150.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 91.
(4) الاختصاص: 109.
(5) كنز العمال: 15156، 15175.
(6) كنز العمال: 15156، 15175.
(7) أمالي الطوسي: 214 / 372.
(8) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 206.
(9) كذا في المصدر، لكن في نسختين من الكتاب " في الأرض ".
كما في هامش البحار.
(10) البحار: 59 / 176 / 7.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 91، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
6 / 425.
2930
ختمها -: إني أرى ما لا ترون، وأسمع
ما لا تسمعون، أطت (1) السماء وحق لها أن تئط،
ما فيها موضع قدم إلا ملك واضع جبهته ساجدا
لله... رواه البخاري باختصار والترمذي إلا
أنه قال: " ما فيها موضع أربع أصابع " والحاكم
واللفظ له (2).
[3708]
صفة الملائكة
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الملائكة -:
هم أعلم خلقك بك، وأخوفهم لك، وأقربهم منك،
لم يسكنوا الأصلاب، ولم يضمنوا الأرحام، ولم
يخلقوا من ماء مهين، ولم يتشعبهم ريب المنون،
وإنهم على مكانهم منك، ومنزلتهم عندك،
واستجماع أهوائهم فيك، وكثرة طاعتهم لك،
وقلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا كنه ما خفي
عليهم منك لحقروا أعمالهم (3).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: وملائكة خلقتهم
وأسكنتهم سماواتك، فليس فيهم فترة،
ولا عندهم غفلة، ولا فيهم معصية، هم أعلم
خلقك بك، وأخوف خلقك منك، وأقرب خلقك
إليك، وأعملهم بطاعتك، لا يغشاهم نوم العيون،
ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، لم يسكنوا
الأصلاب، ولم تتضمنهم (4) الأرحام، ولم
تخلقهم من ماء مهين، أنشأتهم إنشاءا فأسكنتهم
سماواتك (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الملائكة لا يأكلون،
ولا يشربون، ولا ينكحون، وإنما يعيشون
بنسيم العرش (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - فيما احتج به على
المشركين -: والملك لا تشاهده حواسكم،
لأنه من جنس هذا الهواء لأعيان منه، ولو
شاهدتموه بأن يزداد في قوى أبصاركم لقلتم،
ليس هذا ملكا بل هذا بشر (7).
[3709]
أصناف الملائكة
الكتاب
* (والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات
ذكرا) * (8).
* (والمرسلات عرفا * فالعاصفات عصفا *
والناشرات نشرا * فالفارقات فرقا * فالملقيات ذكرا *
عذرا أو نذرا) * (9).
* (والنازعات غرقا * والناشطات نشطا *
والسابحات سبحا * فالسابقات سبقا * فالمدبرات
أمرا) * (10).



(1) في النهاية: الأطيط صوت الأقتاب، وأطيط الإبل أصواتها
وحنينها، إي إن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت...،
البحار: 59 / 199.
(2) الترغيب والترهيب: 4 / 264 / 16.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 109.
(4) في البحار 59 / 175 / 6: لم تضمهم.
(5) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 207 وص 206.
(6) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 207 وص 206.
(7) البحار: 59 / 171 / 1.
(8) الصافات: 1، 3.
(9) المرسلات: 1 - 6.
(10) النازعات: 1 - 5.
2931
- الإمام علي (عليه السلام): ثم فتق ما بين السماوات
العلا، فملأهن أطوارا من ملائكته: منهم
سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون
لا يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم
نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان،
ولا غفلة النسيان.
ومنهم امناء على وحيه وألسنة إلى رسله،
ومختلفون [مترددون] بقضائه وأمره.
ومنهم الحفظة لعباده، والسدنة [السندة]
لأبواب جنانه.
ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم،
والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة
من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش
أكتافهم، ناكسة دونه أبصارهم، متلفعون تحته
بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب
العزة وأستار القدرة، لا يتوهمون ربهم
بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين
[المخلوقين]، ولا يحدونه بالأماكن،
ولا يشيرون إليه بالنظائر (1).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الملائكة -: وأنشأهم
على صور مختلفات، وأقدار متفاوتات
[مؤتلفات]، اولي أجنحة تسبح جلال عزته،
لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه...
ومنهم من هو في خلق الغمام الدلح،
وفي عظم الجبال الشمخ، وفي قترة الظلام
الأيهم [أبهم].
ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض
السفلى، فهي كرايات بيض قد نفذت في مخارق
الهواء، وتحتها ريح هفافة تحبسها على حيث
انتهت من الحدود المتناهية، قد استفرغتهم
أشغال عبادته (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): خلق الله الملائكة
مختلفة، وقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) جبرئيل وله
ستمائة جناح، على ساقه الدر مثل القطر على
البقل، قد ملأ ما بين السماء والأرض.
وقال: إذا أمر الله ميكائيل بالهبوط إلى الدنيا
صارت رجله اليمنى في السماء السابعة والأخرى
في الأرض السابعة (3).
- عنه (عليه السلام): إن لله ملائكة ركعا إلى يوم القيامة،
وإن لله ملائكة سجدا إلى يوم القيامة (4).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في الصلاة على
حملة العرش وكل ملك مقرب -: اللهم وحملة
عرشك الذين لا يفترون من تسبيحك، ولا يسأمون
من تقديسك، ولا يستحسرون من عبادتك،
ولا يؤثرون التقصير على الجد في أمرك،
ولا يغفلون عن الوله إليك، وإسرافيل صاحب
الصور الشاخص الذي ينتظر منك الإذن وحلول
الأمر فينبه بالنفخة صرعى رهائن القبور،
وميكائيل ذو الجاه عندك والمكان الرفيع من
طاعتك، وجبريل الأمين على وحيك المطاع في
أهل سماواتك المكين لديك المقرب عندك،
والروح الذي هو على ملائكة الحجب والروح
الذي هو من أمرك.



(1) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 91، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6 / 423.
(3) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 206.
(4) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 206.
2932
فصل عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم
من سكان سماواتك وأهل الأمانة على رسالاتك،
والذين لا تدخلهم سأمة من دؤوب، ولا إعياء من
لغوب، ولا فتور، ولا تشغلهم عن تسبيحك
الشهوات، ولا يقطعهم عن تعظيمك سهو الغفلات،
الخشع الأبصار فلا يرومون النظر إليك، النواكس
الأذقان الذين قد طالت رغبتهم فيما لديك،
المستهترون بذكر آلائك، والمتواضعون دون
عظمتك وجلال كبريائك، والذين يقولون إذا
نظروا إلى جهنم تزفر على أهل معصيتك:
" سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ".
فصل عليهم... وعلى الروحانيين من
ملائكتك، وأهل الزلفة عندك، وحمال الغيب إلى
رسلك، والمؤتمنين على وحيك، وقبائل
الملائكة الذين اختصصتهم لنفسك، وأغنيتهم عن
الطعام والشراب بتقديسك، وأسكنتهم بطون
أطباق سماواتك، والذين على أرجائها إذا نزل
الأمر بتمام وعدك.
وخزان المطر، وزواجر السحاب، والذي
بصوت زجره يسمع زجل الرعود، وإذا سبحت به
حفيفة السحاب التمعت صواعق البروق،
ومشيعي الثلج والبرد، والهابطين مع قطر المطر إذا
نزل، والقوام على خزائن الرياح، والموكلين
بالجبال فلا تزول، والذين عرفتهم مثاقيل المياه
وكيل ما تحويه لواعج الأمطار وعوالجها، ورسلك
من الملائكة إلى أهل الأرض بمكروه ما ينزل من
البلاء ومحبوب الرخاء.
والسفرة الكرام البررة، والحفظة الكرام
الكاتبين، وملك الموت وأعوانه، ومنكر ونكير،
ورومان فتان القبور، والطائفين بالبيت المعمور،
ومالك والخزنة، ورضوان وسدنة الجنان، والذين
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون،
والذين يقولون: سلام عليكم بما صبرتم فنعم
عقبى الدار، والزبانية الذين إذا قيل لهم: * (خذوه
فغلوه ثم الجحيم صلوه) * ابتدروه سراعا ولم
ينظروه، ومن أوهمنا ذكره ولم نعلم مكانه منك
وبأي أمر وكلته، وسكان الهواء والأرض والماء،
ومن منهم على الخلق.
فصل عليهم يوم تأتي كل نفس معها سائق
وشهيد، وصل عليهم صلاة تزيدهم كرامة على
كرامتهم وطهارة على طهارتهم (1).
كلام في الملائكة:
تكرر ذكر الملائكة في القرآن الكريم، ولم
يذكر منهم بالتسمية إلا جبريل وميكايل،
وما عداهما مذكور بالوصف كملك الموت والكرام
الكاتبين والسفرة الكرام البررة والرقيب والعتيد
وغير ذلك.
والذي ذكره الله سبحانه في كلامه - وتشايعه
الأحاديث السابقة - من صفاتهم وأعمالهم هو
أولا أنهم موجودات مكرمون هم وسائط بينه
تعالى وبين العالم المشهود، فما من حادثة أو
واقعة صغيرة أو كبيرة إلا وللملائكة فيها شأن
وعليها ملك موكل أو ملائكة موكلون بحسب ما
فيها من الجهة أو الجهات، وليس لهم في ذلك



(1) الصحيفة السجادية: الدعاء 3.
2933
شأن إلا إجراء الأمر الإلهي في مجراه أو تقريره
في مستقره، كما قال تعالى: * (لا يسبقونه بالقول
وهم بأمره يعملون) * (1).
وثانيا: أنهم لا يعصون الله فيما أمرهم به،
فليست لهم نفسية مستقلة ذات إرادة مستقلة تريد
شيئا غير ما أراد الله سبحانه فلا يستقلون بعمل
ولا يغيرون أمرا حملهم الله إياه بتحريف أو زيادة
أو نقصان، قال تعالى: * (لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يؤمرون) * (2).
وثالثا: أن الملائكة على كثرتهم على مراتب
مختلفة علوا ودنوا، فبعضهم فوق بعض وبعضهم
دون بعض، فمنهم آمر مطاع ومنهم مأمور مطيع
لأمره، والآمر منهم آمر بأمر الله حامل له إلى
المأمور والمأمور مأمور بأمر الله مطيع له، فليس
لهم من أنفسهم شئ البتة، قال تعالى: * (وما منا إلا
له مقام معلوم) * (3) وقال: * (مطاع ثم أمين) * (4)،
وقال: * (قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق) * (5).
ورابعا: أنهم غير مغلوبين لأنهم إنما يعملون
بأمر الله وإرادته * (وما كان الله ليعجزه من شئ في
السماوات ولا في الأرض) * (6)، وقد قال الله: * (والله
غالب على أمره) * (7)، وقال: * (إن الله بالغ أمره) * (8).
ومن هنا يظهر أن الملائكة موجودات منزهة
في وجودهم عن المادة الجسمانية التي هي في
معرض الزوال والفساد والتغير، ومن شأنها
الاستكمال التدريجي الذي تتوجه به إلى غايتها،
وربما صادفت الموانع والآفات فحرمت الغاية
وبطلت دون البلوغ إليها.
ومن هنا يظهر أن ما ورد في الروايات من
صور الملائكة وأشكالهم وهيآتهم الجسمانية كما
تقدم نبذة منها في البحث الروائي السابق إنما
هو بيان تمثلاتهم وظهوراتهم للواصفين من
الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وليس من التصور والتشكل
في شئ، ففرق بين التمثل والتشكل، فتمثل
الملك إنسانا هو ظهوره لمن يشاهده في صورة
الإنسان، فهو في ظرف المشاهدة والإدراك ذو
صورة الإنسان وشكله، وفي نفسه والخارج من
ظرف الإدراك ملك ذو صورة ملكية، وهذا
بخلاف التشكل والتصور فإنه لو تشكل بشكل
الإنسان وتصور بصورته صار إنسانا في نفسه من
غير فرق بين ظرف الإدراك والخارج عنه، فهو
إنسان في العين والذهن معا، وقد تقدم كلام في
معنى التمثل في تفسير سورة مريم.
ولقد صدق الله سبحانه ما تقدم من معنى
التمثل في قوله في قصة المسيح ومريم:
* (فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا) * (9)
وقد تقدم تفسيره.
وأما ما شاع في الألسن أن الملك جسم لطيف
يتشكل بأشكال مختلفة إلا الكلب والخنزير،



(1) الأنبياء: 27.
(2) التحريم: 6.
(3) الصافات: 164.
(4) التكوير: 21.
(5) سبأ: 23.
(6) فاطر: 44.
(7) يوسف: 21.
(8) الطلاق: 3.
(9) مريم: 17.
2934
والجن جسم لطيف يتشكل بأشكال مختلفة حتى
الكلب والخنزير، فمما لا دليل عليه من عقل
ولا نقل من كتاب أو سنة معتبرة، وأما ما
ادعاه بعضهم من إجماع المسلمين على ذلك -
فمضافا إلى منعه - لا دليل على حجيته في
أمثال هذه المسائل الاعتقادية (1).
كلام في أن الملائكة وسائط في التدبير:
الملائكة وسائط بينه تعالى وبين الأشياء بدءا
وعودا على ما يعطيه القرآن الكريم، بمعني أنهم
أسباب للحوادث فوق الأسباب المادية في العالم
المشهود قبل حلول الموت والانتقال إلى نشأة
الآخرة وبعده.
أما في العود - أعني حال ظهور آيات
الموت وقبض الروح وإجراء السؤال وثواب
القبر وعذابه وإماتة الكل بنفخ الصور وإحيائهم
بذلك والحشر وإعطاء الكتاب ووضع الموازين
والحساب والسوق إلى الجنة والنار - فوساطتهم
فيها غني عن البيان، والآيات الدالة على ذلك
كثيرة لا حاجة إلى إيرادها، والأخبار المأثورة
فيها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) فوق
حد الإحصاء.
وكذا وساطتهم في مرحلة التشريع من النزول
بالوحي ودفع الشياطين عن المداخلة فيه
وتسديد النبي وتأييد المؤمنين وتطهيرهم
بالاستغفار.
وأما وساطتهم في تدبير الأمور في هذه
النشأة فيدل عليها ما في مفتتح هذه السورة من
إطلاق قوله: * (والنازعات غرقا * والناشطات
نشطا * والسابحات سبحا * فالسابقات سبقا *
فالمدبرات أمرا) * بما تقدم من البيان.
وكذا قوله تعالى: * (جاعل الملائكة رسلا
اولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع) * (2) الظاهر
بإطلاقه - على ما تقدم من تفسيره - في أنهم
خلقوا وشأنهم أن يتوسطوا بينه تعالى وبين خلقه
ويرسلوا لإنفاذ أمره الذي يستفاد من قوله تعالى
في صفتهم: * (بل عباد مكرمون * لا يسبقونه
بالقول وهم بأمره يعملون) * (3)، وقوله: * (يخافون
ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) * (4) وفي جعل
الجناح لهم إشارة ذلك.
فلا شغل للملائكة إلا التوسط بينه تعالى وبين
خلقه بإنفاذ أمره فيهم، وليس ذلك على سبيل
الاتفاق بأن يجري الله سبحانه أمرا بأيديهم ثم
يجري مثله لا بتوسيطهم فلا اختلاف ولا تخلف
في سنته تعالى: * (إن ربي على صراط
مستقيم) * (5)، وقال: * (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن
تجد لسنة الله تحويلا) * (6).
ومن الوساطة كون بعضهم فوق بعض مقاما
وأمر العالي منهم السافل بشئ من التدبير، فإنه
في الحقيقة توسط من المتبوع بينه تعالى وبين
تابعه في إيصال أمر الله تعالى، كتوسط ملك
الموت في أمر بعض أعوانه بقبض روح من



(1) الميزان: 17 / 12.
(2) فاطر: 1.
(3) الأنبياء: 26 - 27.
(4) النحل: 50.
(5) هود: 56.
(6) فاطر: 43.
2935
الأرواح، قال تعالى حاكيا عن الملائكة: * (وما منا
إلا له مقام معلوم) * (1)، وقال: * (مطاع ثم أمين) * (2)،
وقال: * (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال
ربكم قالوا الحق) * (3).
ولا ينافي هذا الذي ذكر - من توسطهم بينه
تعالى وبين الحوادث، أعني كونهم أسبابا تستند
إليها الحوادث - استناد الحوادث إلى أسبابها
القريبة المادية، فإن السببية طولية لا عرضية، أي
إن السبب القريب سبب للحادث، والسبب البعيد
سبب للسبب.
كما لا ينافي توسطهم واستناد الحوادث
إليهم استناد الحوادث إليه تعالى وكونه هو
السبب الوحيد لها جميعا على ما يقتضيه توحيد
الربوبية، فإن السببية طولية كما سمعت
لا عرضية، ولا يزيد استناد الحوادث إلى
الملائكة استنادها إلى أسبابها الطبيعية
القريبة، وقد صدق القرآن الكريم استناد
الحوادث إلى الحوادث الطبيعية كما صدق
استنادها إلى الملائكة.
وليس لشئ من الأسباب استقلال قباله
تعالى حتى ينقطع عنه فيمنع ذلك استناد
ما استند إليه إلى الله سبحانه على ما يقول
به الوثنية من تفويضه تعالى تدبير الأمر
إلى الملائكة المقربين، فالتوحيد القرآني
ينفي الاستقلال عن كل شئ من كل جهة:
لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا
ولا حياة ولا نشورا.
فمثل الأشياء في استنادها إلى أسبابها
المترتبة القريبة والبعيدة وانتهائها إلى الله سبحانه
بوجه بعيد كمثل الكتابة يكتبها الإنسان بيده
وبالقلم، فللكتابة استناد إلى القلم، ثم إلى
اليد التي توسلت إلى الكتابة بالقلم، وإلى
الإنسان الذي توسل إليها باليد وبالقلم، والسبب
بحقيقة معناه هو الإنسان المستقل بالسببية، من
غير أن ينافي سببيته استناد الكتابة بوجه إلى
اليد وإلى القلم.
ولا منافاة أيضا بين ما تقدم أن شأن الملائكة
هو التوسط في التدبير وبين ما يظهر من كلامه
تعالى أن بعضهم أو جميعهم مداومون على عبادته
تعالى وتسبيحه والسجود له، كقوله: * (ومن
عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون *
يسبحون الليل والنهار لا يفترون) * (4)، وقوله: * (إن
الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته
ويسبحونه وله يسجدون) * (5).
وذلك لجواز أن تكون عبادتهم وسجودهم
وتسبيحهم عين عملهم في التدبير وامتثالهم
الأمر الصادر عن ساحة العزة بالتوسط، كما
ربما يومئ إليه قوله تعالى: * (ولله يسجد ما
في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة
وهم لا يستكبرون) * (6) (7).



(1) الصافات: 164.
(2) التكوير: 21.
(3) سبأ: 23.
(4) الأنبياء: 19، 20.
(5) الأعراف: 206.
(6) النحل: 49.
(7) الميزان: 20 / 182.
2936
[3710]
الملائكة الحفظة
الكتاب
* (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى
إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون) * (1).
* (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه
من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ومالهم من دونه
من وال) * (2).
* (وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما
تفعلون) * (3).
- في تفسير القمي: * (وإن عليكم لحافظين) *
قال: الملكان الموكلان بالإنسان * (كراما كاتبين) *
يكتبون الحسنات والسيئات (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأله زنديق عن
علة الملائكة الموكلين والله عالم السر وما هو
أخفي! -: استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على
خلقه، ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على
طاعة الله مواظبة، وعن معصيته أشد انقباضا،
وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوى
وكف، فيقول: ربي يراني وحفظتي علي بذلك
تشهد، وإن الله برأفته ولطفه أيضا وكلهم بعباده
يذبون عنهم مردة الشياطين وهوام الأرض
وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله، إلى أن
يجئ أمر الله عز وجل (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (له معقبات
من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) * -:
بأمر الله من أن يقع في ركي، أو يقع عليه حائط، أو
يصيبه شئ، حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه
يدفعونه إلى المقادير، وهما ملكان يحفظانه
بالليل، وملكان يحفظانه بالنهار يتعاقبان (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - عن عبد الأعلى مولى آل
سام لما قال له: قول الله عز وجل: * (إنما نعد لهم
عدا) * (7)؟ -: ما هو عندك؟ قلت: عدد الأيام،
قال: إن الآباء والأمهات يحصون ذلك، لا ولكنه
عدد الأنفاس (8).
(انظر) المراقبة: باب 1537.
المعاد (3): باب 2990.
[3711]
خصائص الملائكة
- داود بن فرقد العطار قال: قال لي بعض
أصحابنا: أخبرني عن الملائكة أينامون؟ قلت:
لا أدري، فقال: يقول الله عز وجل: * (يسبحون
الليل والنهار لا يفترون) * ثم قال: ألا اطرفك عن
أبي عبد الله (عليه السلام) فيه بشئ؟ [قال:] فقلت: بلى،
فقال: سئل عن ذلك فقال: مامن حي إلا وهو



(1) الأنعام: 61.
(2) الرعد: 11.
(3) الانفطار: 10 - 12.
(4) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 409.
(5) الاحتجاج: 2 / 242.
(6) البحار: 59 / 179 / 16.
(7) مريم: 84.
(8) الكافي: 3 / 259 / 33.
2937
ينام ما خلا الله وحده عز وجل، والملائكة
ينامون، فقلت: يقول الله عز وجل: * (يسبحون
الليل والنهار لا يفترون) *؟ فقال: أنفاسهم
تسبيح (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن أكل
الملائكة وشربهم ونكاحهم -: لا، إنهم يعيشون
بنسيم العرش، فقيل له: ما العلة في نومهم؟ فقال:
فرقا بينهم وبين الله عز وجل، لأن الذي لا تأخذه
سنة ولا نوم هو الله (2).
(انظر) باب: 3708 حديث 18710.
[3712]
البيوت التي لا تدخلها الملائكة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني فقال:
إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب،
ولا تمثال جسد، ولا إناء يبال فيه (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قال جبرئيل (عليه السلام): يا
رسول الله! إنا لا ندخل بيتا فيه صورة إنسان،
ولا بيتا يبال فيه، ولا بيتا فيه كلب (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبرئيل (عليه السلام) فقال:
يا محمد! كيف تنزل عليكم وأنتم لا تستاكون ولا
تستنجون بالماء ولا تغتسلون براجمكم (5)؟!.



(1) كمال الدين: 666 / 8.
(2) البحار: 59 / 193 / 54.
(3) الخصال: 138 / 155.
(4) الكافي: 3 / 393 / 26.
(5) النوادر للراوندي: 40 قال في النهاية: فيه من الفطرة غسل
البراجم، هي العقد التي في ظهور الأصابع يجتمع فيها الوسخ،
الواحدة " برجمة " بالضم. البحار: 59 / 192.
2938
(496)
الملكوت
البحار: 12 / 56 باب 3 " إراءة إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات والأرض ".

2939
[3713]
الملكوت
الكتاب
* (أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما
خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي
حديث بعده يؤمنون) * (1).
* (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض
وليكون من الموقنين) * (2).
* (فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه
ترجعون) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): سبحانك ما أعظم ما نرى
من خلقك! وما أصغر كل عظيمة في جنب
قدرتك! وما أهول ما نرى من ملكوتك! وما أحقر
ذلك فيما غاب عنا من سلطانك! (4).
- عنه (عليه السلام): الذي ابتدع الخلق على غير
مثال امتثله... وأرانا من ملكوت قدرته،
وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف
الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوته،
ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته... (5).
- عنه (عليه السلام): هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام
لتدرك منقطع قدرته، وحاول الفكر المبرأ من
خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات
غيوب ملكوته... ردعها وهي تجوب مهاوي
سدف الغيوب... (6).
- عنه (عليه السلام): ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته،
وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته، خلقا بديعا
من ملائكته... (7).
- عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف
عن كنه معرفته، وردعت عظمته العقول، فلم تجد
مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته! (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (وكذلك
نري إبراهيم...) * -: كشط له عن الأرض ومن
عليها، وعن السماء ومن فيها، والملك الذي
يحملها، والعرش ومن عليه، وفعل ذلك برسول
الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) (9).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - أيضا -: كشط له عن
الأرض حتى رآها ومن فيها، وعن السماء حتى
رآها ومن فيها، والملك الذي يحملها، والعرش
ومن عليه، وكذلك اري صاحبكم (10).
- زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في
قول الله: " وكذلك... " فقال أبو جعفر (عليه السلام): كشط له
عن السماوات حتى نظر إلى العرش وما عليه،



(1) الأعراف: 185.
(2) الأنعام: 75.
(3) يس: 83.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 109.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 91، 155.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 91، 155.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 91، 155.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 91، 155.
(9) تفسير علي بن إبراهيم: 1 / 205.
(10) البحار: 12 / 72 / 15.
2940
قال: والسماوات والأرض والعرش والكرسي؟
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كشط له عن الأرض حتى
رآها، وعن السماء وما فيها، والملك الذي
يحملها، والكرسي وما عليه (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - أيضا -: أعطي بصره من
القوة ما نفذ السماوات فرأى ما فيها، ورأي العرش
وما فوقه، ورأي ما في الأرض وما تحتها (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - أيضا -: كشط
لإبراهيم (عليه السلام) السماوات السبع حتى نظر إلى
ما فوق العرش، وكشط له الأرض حتى رأى ما
في الهواء، وفعل بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل ذلك، وإني
لأرى صاحبكم والأئمة من بعده قد فعل بهم
مثل ذلك (3).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (ثم
دنا فتدلي فكان قاب قوسين أو أدنى) * -: ذاك
رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنا من حجب النور فرأى ملكوت
السماوات، ثم تدلى (صلى الله عليه وآله) فنظر من تحته إلى
ملكوت الأرض، حتى ظن أنه في القرب من
الأرض كقاب قوسين أو أدنى.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن إبراهيم الخليل لما
رفع في الملكوت وذلك قول ربي: * (وكذلك نري
إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من
الموقنين) * قوى الله بصره لما رفعه دون
السماء حتى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين
ومستترين، فرأى رجلا وامرأة على فاحشة فدعا
عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فدعا
عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فدعا
عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فهم
بالدعاء عليهما بالهلاك فأوحى الله إليه:
يا إبراهيم اكفف دعوتك عن عبادي وإمائي،
فإني أنا الغفور الرحيم الجبار الحليم
لا تضرني ذنوب عبادي كما لا تنفعني طاعتهم،
ولست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك، فاكفف
دعوتك عن عبادي فإنما أنت عبد نذير، لا شريك
في المملكة، ولا مهيمن علي (5) ولا على عبادي،
وعبادي معي بين خلال (6) ثلاث: إما تابوا إلي
فتبت عليهم وغفرت ذنوبهم وسترت عيوبهم،
وإما كففت عنهم عذابي لعلمي بأنه سيخرج من
أصلابهم ذريات مؤمنون فارفق بالآباء الكافرين،
وأتأنى بالأمهات الكافرات، وأرفع عنهم عذابي
ليخرج ذلك المؤمن (7) من أصلابهم، فإذا تزايلوا
حق بهم عذابي وحاق بهم بلائي،
وإن لم يكن هذا ولا هذا فإن الذي أعددته لهم من
عذابي أعظم مما تريدهم به، فإن عذابي لعبادي
على حسب جلالي وكبريائي، يا إبراهيم! فخل
بيني وبين عبادي فإني أرحم بهم منك، وخل
بيني وبين عبادي فإني أنا الجبار الحليم
العلام الحكيم، ادبرهم بعلمي، وانفذ فيهم
قضائي وقدري (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لما رأى إبراهيم (عليه السلام)



(1) تفسير العياشي: 1 / 364 / 35 و ح 36.
(2) تفسير العياشي: 1 / 364 / 35 و ح 36.
(3) البحار: 12 / 72 / 18.
(4) هيمن فلان على كذا: صار رقيبا عليه وحافظا. كما في هامش البحار.
(5) الخلال: الخصال.
(6) في نسخة: ليخرج أولئك المؤمنون. كما في هامش البحار.
(7) البحار: 12 / 60 / 5.
2941
ملكوت السماوات والأرض التفت فرأى رجلا
يزني فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر فدعا عليه
فمات، حتى رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا،
فأوحى الله عز ذكره إليه: يا إبراهيم! إن دعوتك
مجابة فلا تدع على عبادي فإني لو شئت لم
أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف:
عبدا يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه، وعبدا يعبد
غيري فلن يفوتني، وعبدا عبد غيري فاخرج من
صلبه من يعبدني (1).
التفسير:
قوله تعالى: * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت
السماوات والأرض...) * إلخ، ظاهر السياق أن
تكون الإشارة بقوله: " كذلك " إلى ما تضمنته الآية
السابقة: * (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ
أصناما آلهة إني أراك...) * إلخ، أنه (عليه السلام) اري الحق
في ذلك، فالمعنى: على هذا المثال من الإراءة
نري إبراهيم ملك السماوات والأرض.
وبمعونة هذه الإشارة ودلالة قوله في الآية
التالية: * (فلما جن عليه الليل) * الدالة على ارتباط
ما بعده بما قبله، يظهر أن قوله: " نري " لحكاية
الحال الماضية كقوله تعالى: * (ونريد أن نمن على
الذين استضعفوا في الأرض) * (2).
فالمعنى: أنا أرينا إبراهيم ملكوت السماوات
والأرض فبعثه ذلك أن حاج أباه وقومه في أمر
الأصنام وكشف له ضلالهم، وكنا نمده بهذه العناية
والموهبة وهي إراءة الملكوت، وكان على هذه
الحال حتى جن عليه الليل ورأي كوكبا.
وبذلك يظهر أن ما يتراءى من بعضهم: أن
قوله: * (وكذلك نري...) * إلخ، كالمعترضة
لا يرتبط بما قبله ولا بما بعده، وكذا قول بعضهم:
إن إراءة الملكوت أول ما ظهر من أمرها في
إبراهيم (عليه السلام) أنه لما جن عليه الليل رآى كوكبا...
إلخ، فاسد لا ينبغي أن يصار إليه.
وأما ملكوت السماوات والأرض فالملكوت
هو الملك مصدر كالطاغوت والجبروت، وإن كان
آكد من حيث المعنى بالنسبة إلى الملك
كالطاغوت والجبروت بالنسبة إلى الطغيان
والجبر أو الجبران.
والمعنى الذي يستعمله فيه القرآن هو
المعنى اللغوي بعينه من غير تفاوت كسائر
الألفاظ المستعملة في كلامه تعالى، غير
أن المصداق غير المصداق، وذلك أن الملك
والملكوت وهو نوع من السلطنة إنما هو
فيما عندنا معنى افتراضي اعتباري بعثنا
إلى اعتباره الحاجة الاجتماعية إلى نظم
الأعمال والأفراد نظما يؤدي إلى الأمن
والعدل والقوة الاجتماعيات، وهو في نفسه
يقبل النقل والهبة والغصب والتغلب كما لا نزال
نشاهد ذلك في المجتمعات الإنسانية.
وهذا المعنى على أنه وضعي اعتباري وإن
أمكن تصويره في مورده تعالى من جهة أن الحكم
الحق في المجتمع البشري لله سبحانه كما قال
تعالى: * (إن الحكم إلا لله) * (3) وقال: * (له الحمد



(1) الكافي: 8 / 305 / 473.
(2) القصص: 5.
(3) الأنعام: 57.
2942
في الأولى والآخرة وله الحكم) * (1) لكن تحليل
معنى هذا الملك الوضعي يكشف عن ثبوت ذلك
في الحقائق ثبوتا غير قابل للزوال والانتقال، كما
أن الواحد منا يملك نفسه بمعنى أنه هو الحاكم
المسلط المتصرف في سمعه وبصره وسائر قواه
وأفعاله، بحيث إن سمعه إنما يسمع وبصره إنما
يبصر بتبع إرادته وحكمه، لابتبع إرادة غيره من
الأناسي وحكمه، وهذا معنى حقيقي لا نشك في
تحققه فينا مثلا تحققا لا يقبل الزوال والانتقال كما
عرفت، فالإنسان يملك قوى نفسه وأفعال نفسه
وهي جميعا تبعات وجوده قائمة به غير مستقلة
عنه ولا مستغنية عنه، فالعين إنما تبصر بإذن من
الإنسان الذي يبصر بها، وكذا السمع يسمع بإذن
منه، ولولا الإنسان لم يكن بصر ولا إبصار
ولا سمع ولا استماع، كما أن الفرد من المجتمع
إنما يتصرف فيما يتصرف فيه بإذن من الملك أو
ولي الأمر، ولو لم تكن هذه القوة المدبرة التي
تتوحد عندها أزمة المجتمع لم يكن اجتماع، ولو
منع عن تصرف من التصرفات الفردية لم يكن له
أن يتصرف ولا نفذ منه ذلك، ولا شك أن هذا
المعنى بعينه موجود لله سبحانه الذي إليه تكوين
الأعيان وتدبير النظام، فلا غنى لمخلوق عن
الخالق عز اسمه لا في نفسه ولا في توابع نفسه من
قوى وأفعال، ولا استقلال له لا منفردا ولا في
حال اجتماعه مع سائر أجزاء الكون وارتباط
قوى العالم وامتزاج بعضها ببعض امتزاجا يكون
هذا النظام العام المشاهد.
قال تعالى: * (قل اللهم مالك الملك) * (2) وقال
تعالى: * (لله ملك السماوات والأرض) * (3) وقال
تعالى: * (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل
شئ قدير * الذي خلق الموت والحياة - إلى أن
قال - الذي خلق سبع سماوات طباقا) * (4)
والآيات - كما ترى - تعلل الملك بالخلق، فكون
وجود الأشياء منه وانتساب الأشياء بوجودها
وواقعيتها إليه تعالى هو الملاك في تحقق ملكه،
وهو بمعنى ملكه الذي لا يشاركه فيه غيره
ولا يزول عنه إلى غيره، ولا يقبل نقلا ولا تفويضا
يغني عنه تعالى وينصب غيره مقامه.
وهذا هو الذي يفسر به معنى الملكوت في
قوله: * (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن
فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كل
شئ) * (5) فالآية الثانية تبين أن ملكوت كل شئ
هو كلمة " كن " الذي يقوله الحق سبحانه له، وقوله
فعله، وهو إيجاده له.
فقد تبين أن الملكوت هو وجود الأشياء من
جهة انتسابها إلى الله سبحانه وقيامها به، وهذا أمر
لا يقبل الشركة ويختص به سبحانه وحده،
فالربوبية التي هي الملك والتدبير لاتقبل تفويضا
ولا تمليكا انتقاليا.
ولذلك كان النظر في ملكوت الأشياء يهدي
الإنسان إلى التوحيد هداية قطعية، كما قال
تعالى: * (أو لم ينظروا في ملكوت السماوات



(1) القصص: 70.
(2) آل عمران: 26.
(3) المائدة: 120.
(4) الملك: 1 - 3.
(5) يس: 82، 83.
2943
والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن
يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده
يؤمنون) * (1) والآية - كما ترى - تحاذي أول سورة
الملك المنقول آنفا.
فقد بان أن المراد بإراءة إبراهيم ملكوت
السماوات والأرض - على ما يعطيه التدبر في
سائر الآيات المربوطة بها - هو توجيهه تعالى
نفسه الشريفة إلى مشاهدة الأشياء من جهة
استناد وجودها إليه، وإذ كان استنادا لا يقبل
الشركة لم يلبث دون أن حكم عليها أن ليس
لشئ منها أن يرب غيره ويتولى تدبير النظام
وأداء الأمور، فالأصنام تماثيل عملها الإنسان
وسماها أسماء لم ينزل الله عليها من سلطان، وما
هذا شأنه لا يرب الإنسان ولا يملكه وقد عملته يد
الإنسان، والأجرام العلوية كالكوكب والقمر
والشمس تتحول عليها الحال فتغيب عن الإنسان
بعد حضورها، وما هذا شأنه لا يكون له الملك
وتولي التدبير تكوينا كما سيجئ بيانه.
قوله تعالى: * (وليكون من الموقنين) * اللام
للتعليل، والجملة معطوفة على أخرى محذوفة،
والتقدير: ليكون كذا وكذا وليكون من الموقنين.
واليقين هو العلم الذي لا يشوبه شك بوجه
من الوجوه، ولعل المراد به أن يكون على
يقين بآيات الله على حد ما في قوله: * (وجعلنا
منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا
بآياتنا يوقنون) * (2) وينتج ذلك اليقين بأسماء الله
الحسنى وصفاته العليا.
وفي معنى ذلك ما أنزله في خصوص
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي
باركنا حوله لنريه من آياتنا) * (3) وقال: * (ما زاغ
البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه
الكبرى) * (4) وأما اليقين بذاته المتعالية فالقرآن
يجله تعالى أن يتعلق به شك أو يحيط به علم،
وإنما يسلمه تسليما.
وقد ذكر في كلامه تعالى من خواص العلم
اليقيني بآياته تعالى انكشاف ما وراء ستر الحس
من حقائق الكون على ما يشاء الله تعالى، كما في
قوله: * (كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون
الجحيم) * (5) وقوله: * (كلا إن كتاب الأبرار لفي
عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم *
يشهده المقربون) * (6).
[3714]
حجب الملكوت
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في ليلة الإسراء -: فلما
نزلت وانتهيت إلى سماء الدنيا نظرت أسفل مني،
فإذا أنا برهج ودخان وأصوات، فقلت: ما هذا
يا جبريل؟ قال: وهذه الشياطين يحومون على
أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت

2944
السماوات والأرض، ولولا ذلك لرأت العجائب (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لولا أن الشياطين يحومون على
قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): طوبى للمساكين بالصبر، وهم
الذين يرون ملكوت السماوات والأرض (3).
(انظر) القلب: باب 3390، 3399.

2945
(497)
الإملاء
البحار: 73 / 377 باب 139 " الإملاء والإمهال على الكفار ".
البحار: 73 / 387 باب 141 " وقت ما يغلظ على العبد في المعاصي
واستدراج الله تعالى ".
انظر:
البلاء: باب 403، النعمة: باب 3910، الظلم: باب 2457، عنوان: 483 " الامتحان ".

2947
[3715]
الإملاء
الكتاب
* (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير
لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب
مهين) * (1).
* (وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم
أخذتهم فكيف كان نكير * فكأين من قرية أهلكناها وهي
ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر
مشيد * أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون
بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الابصار ولكن
تعمى القلوب التي في الصدور * ويستعجلونك بالعذاب
ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كالف سنة مما
تعدون * وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها
وإلي المصير) * (2).
(انظر) آل عمران: 196، 197، المائدة: 71، الأنعام: 44،
الأعراف: 94، 95، 182، 183، التوبة: 85،
يونس: 11، هود: 48، الرعد: 32، الحجر: 3،
النحل: 61، الكهف: 58، مريم: 84، طه: 129 -
131، الأنبياء: 44، 111، المؤمنون: 54، 55،
الفرقان: 18، الشعراء: 146، 205 - 207،
العنكبوت: 53، لقمان: 24، فاطر: 45، يس: 43،
44، المؤمن: 4، 5، فصلت: 45، الشورى: 21،
الزخرف: 29، الذاريات: 43، 44، القلم: 45،
المدثر: 11، 16، المرسلات: 46، الطارق: 15، 17.
- الإمام علي (عليه السلام): ما ابتلى الله أحدا بمثل
الإملاء له (3).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - وقد قال الحسين بن
الحسن: إني تركت ابن قياما (4) من أعدى خلق الله
لك -: ذلك شر له، قلت: ما أعجب ما أسمع منك
جعلت فداك! قال: أعجب من ذلك إبليس، كان
في جوار الله عز وجل في القرب منه، فأمره فأبى
وتعزز وكان من الكافرين، فأملى الله له، والله ما
عذب الله بشئ أشد من الإملاء، والله يا حسين ما
عذبهم الله بشئ أشد من الإملاء (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام): أملى الله عز وجل لفرعون ما
بين الكلمتين: قوله: * (أنا ربكم الأعلى) * وقوله:
* (ما علمت لكم من إله غيري) * أربعين سنة ثم
أخذه الله نكال الآخرة والأولى، وكان بين أن قال
الله عز وجل لموسى وهارون (عليهما السلام): * (قد أجيبت
دعوتكما) * وبين أن عرفه الله تعالى الإجابة
أربعين سنة (6).
- يزيد بن ميسرة: أجد فيما أنزل الله على



(1) آل عمران: 178.
(2) الحج: 44 - 48.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 116، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
18 / 281.
(4) هو الحسين بن قياما الواقفي، كان يجحد أبا الحسن الرضا (عليه السلام)،
كما في هامش البحار.
(5) البحار: 5 / 216 / 3.
(6) الخصال: 2 / 539 / 11.
2948
موسى: أيفرح عبدي المؤمن أن أبسط له الدنيا
وهو أبعد له مني، أو يجزع عبدي المؤمن أن
أقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني، ثم تلا:
* (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين *
نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): وطال الأمد بهم
ليستكملوا الخزي، ويستوجبوا الغير (2).
التفسير:
قوله تعالى: * (ولا يحسبن الذين كفروا...) *
لما طيب نفس نبيه في مسارعة الكفار في
كفرهم - أن ذلك في الحقيقة تسخير إلهي لهم
لينساقوا إلى حيث لا يبقى لهم حظ في الآخرة -
عطف الكلام إلى الكفار أنفسهم، فبين أنه لا ينبغي
لهم أن يفرحوا بما يجدونه من الإملاء والإمهال
الإلهي، فإن ذلك سوق لهم بالاستدراج إلى زيادة
الإثم، ووراء ذلك عذاب مهين ليس معه إلا
الهوان، كل ذلك بمقتضى سنة التكميل (3).



(1) الدر المنثور: 6 / 104.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 150.
(3) الميزان: 4 / 79.
2949
(498)
الاستمناء
البحار: 79 / 95 باب 80 " الاستمناء ".
البحار: 104 / 30 باب 32 " الخضخضة والاستمناء ".
وسائل الشيعة: 18 / 574 باب 3 " من استمنى فعليه التعزير ".

2951
[3716]
الاستمناء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين على من انتقض شيئا من حقي... وعلى
ناكح البهيمة، وعلى ناكح يده (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاثة لا يكلمهم الله
يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم
عذاب أليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه،
والمنكوح في دبره (2).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن الخضخضة -: إثم
عظيم قد نهى الله تعالى عنه في كتابه، وفاعله
كناكح نفسه، ولو علمت بمن يفعله ما أكلت معه،
فقال السائل: فبين لي يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من
كتاب الله نهيه؟ فقال: قول الله: * (فمن ابتغى وراء
ذلك فأولئك هم العادون) * وهو مما وراء ذلك (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ناكح الكف ملعون (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام)
اتي برجل عبث بذكره، فضرب يده حتى
احمرت، ثم زوجه من بيت المال (5).
(انظر) وسائل الشيعة: 18 / 574 باب 3.



(1) كنز العمال: 44057.
(2) البحار: 79 / 95 / 1 و 104 / 30 / 1.
(3) البحار: 79 / 95 / 1 و 104 / 30 / 1.
(4) عوالي اللآلي: 1 / 260 / 38.
(5) الكافي: 7 / 265 / 25.
2952
(499)
الموت
البحار: 6 / 116 باب 1 " حكمة الموت وحقيقته ".
كنز العمال: 15 / 542 - 758 " كتاب الموت وأحوال تقع بعده ".
وسائل الشيعة: 2 / 621 " أبواب الاحتضار ".
البحار: 81 / 170 - 397، 82 / 1 - 186 " أبواب الجنائز ".
انظر:
عنوان: 4 " الأجل "، 35 " البرزخ "، 427 " القبر "، 374 " المعاد "، 209 " زيارة القبور ".
279 " الشهادة "، 305 " المصيبة "، الحج: باب 706، الذنب: باب 1387، الزكاة: باب 1581.
العلم: باب 2844، الفقر: باب 3221، 3230، الصدقة: باب 3334.

2953
[3717]
الموت
الكتاب
* (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا
وهو العزيز الغفور) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): لكل حي موت (2).
- عنه (عليه السلام): الموت أول عدل الآخرة (3).
- عنه (عليه السلام): بالموت تختم الدنيا (4).
- عنه (عليه السلام): الموت باب الآخرة (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا مات أحدكم فقد
قامت قيامته، فاعبدوا الله كأنكم ترونه،
واستغفروه كل ساعة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا مات أحدكم فقد قامت
قيامته، يرى ما له من خير وشر (7).
- الإمام علي (عليه السلام): وخلق الآجال فأطالها
وقصرها، وقدمها وأخرها ووصل بالموت
أسبابها، وجعله خالجا لأشطانها (8)، وقاطعا
لمرائر أقرانها (9).
- عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي شرع الإسلام
فسهل شرائعه لمن ورده... التصديق منهاجه،
والصالحات مناره، والموت غايته، والدنيا
مضماره، والقيامة حلبته، والجنة سبقته (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا النذير، والموت المغير،
والساعة الموعد (11).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الموت هادم لذاتكم،
ومكدر شهواتكم، ومباعد طياتكم، زائر غير
محبوب، وقرن غير مغلوب، وواتر غير مطلوب،
قد أعلقتكم حبائله... فيوشك أن تغشاكم دواجي
ظلله، واحتدام علله (12).
- عنه (عليه السلام): إن لله ملكا ينادي في كل يوم:
لدوا للموت، واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت الموت! ألا ولابد
من الموت، جاء الموت بما فيه، جاء بالروح
والراحة والكرة المباركة إلى جنة عالية لأهل
دار الخلود، الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم،
وجاء الموت بما فيه بالشقوة والندامة وبالكرة



(1) الملك: 2.
(2) غرر الحكم: 7286، 1435.
(3) غرر الحكم: 7286، 1435.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 156.
(5) غرر الحكم: 319.
(6) كنز العمال: 42748، 42123.
(7) كنز العمال: 42748، 42123.
(8) خالجا: جاذبا. لأشطانها جمع شطن - كسبب - وهو الحبل
الطويل، شبه به الأعمار الطويلة. النهاية: 2 / 475.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 91 المرائر: جمع مريرة وهو من الحبال ما
لطف وطال واشتد فتله. لسان العرب: 5 / 170. والأقران:
جمع قرن - بالتحريك - وهو الحبل يجمع به بعيران.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 106.
(11) تنبيه الخواطر: 1 / 280.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 230، والحكمة 132.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 230، والحكمة 132.
2954
الخاسرة إلى نار حامية لأهل دار الغرور، الذين
كان لها سعيهم وفيها رغبتهم (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من مات على شئ بعثه الله عليه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يبعث كل عبد على ما مات عليه.
- عنه (صلى الله عليه وآله): المسلم إذا حضرته الوفاة سلمت
الأعضاء بعضها على بعض، تقول: عليك السلام
تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة (3).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إن أوحش ما يكون هذا
الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن
أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة
وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار
الدنيا... (4).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): أشد ساعات ابن
آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك
الموت، والساعة التي يقوم فيها من قبره،
والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك
وتعالى، فإما إلى الجنة، وإما إلى النار... (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن قوما أتوا نبيا
فقالوا: ادع لنا ربك يرفع عنا الموت، فدعا
لهم فرفع الله تبارك وتعالى عنهم الموت، وكثروا
حتى ضاقت بهم المنازل وكثر النسل، وكان
الرجل يصبح فيحتاج أن يطعم أباه وأمه وجده
وجد جده ويرضيهم (6) ويتعاهدهم، فشغلوا عن
طلب المعاش، فأتوه فقالوا: سل ربك أن يردنا إلى
آجالنا التي كنا عليها، فسأل ربه عز وجل فردهم
إلى آجالهم (7).
- عنه (عليه السلام): إن قوما فيما مضي قالوا لنبي
لهم: ادع لنا ربك يرفع عنا الموت، فدعا لهم
فرفع الله عنهم الموت، فكثروا حتى ضاقت عليهم
المنازل وكثر النسل، ويصبح الرجل يطعم أباه
وجده وأمة (8) وجد جده ويوضيهم، ويتعاهدهم
فشغلوا عن طلب المعاش، فقالوا: سل لنا ربك أن
يردنا إلى حالنا التي كنا عليها، فسأل نبيهم
ربه فردهم إلى حالهم (9).
التفسير:
قوله تعالى: * (الذي خلق الموت والحياة
ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) *
الحياة كون الشئ بحيث يشعر ويريد، والموت
عدم ذلك، لكن الموت - على ما يظهر من تعليم
القرآن - انتقال من نشأة من نشآت الحياة إلى
نشأة أخرى كما تقدم استفادة ذلك من قوله تعالى:
* (نحن قدرنا بينكم الموت - إلى قوله - فيما
لا تعلمون) * (10)، فلا مانع من تعلق الخلق بالموت
كالحياة.
على أنه لو اخذ عدميا كما عند العرف
فهو عدم ملكة الحياة وله حظ من الوجود
يصحح تعلق الخلق به، كالعمى من البصر



(1) الكافي: 3 / 257 / 27.
(2) كنز العمال: 42721، 42184.
(3) كنز العمال: 42721، 42184.
(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 257 / 11.
(5) الخصال: 119 / 108.
(6) وفي البحار: 6 / 116 / 1: ويوضيهم أي ينظفهم.
(7) التوحيد: 401 / 4.
(8) كذا في المصدر، والظاهر " أمه ".
(9) الكافي: 3 / 260 / 36.
(10) الواقعة: 60، 61.
2955
والظلمة من النور.
وقوله: * (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * غاية
خلقه تعالى الموت والحياة، والبلاء الامتحان،
والمراد أن خلقكم هذا النوع من الخلق - وهو
أنكم تحيون ثم تموتون - خلق مقدمي امتحاني
يمتاز به منكم من هو أحسن عملا من غيره، ومن
المعلوم أن الامتحان والتمييز لا يكون إلا لأمر ما
يستقبلكم بعد ذلك وهو جزاء كل بحسب عمله.
وفي الكلام مع ذلك إشارة إلى أن المقصود
بالذات من الخلقة هو إيصال الخير من الجزاء،
حيث ذكر حسن العمل وامتياز من جاء بأحسنه،
فالمحسنون عملا هم المقصودون بالخلقة
وغيرهم مقصودون لأجلهم.
وقد ذيل الكلام بقوله: * (وهو العزيز الغفور) *
فهو العزيز لأن الملك والقدرة المطلقين له وحده،
فلا يغلبه غالب وما أقدر أحدا على مخالفته إلا
بلاء وامتحانا وسينتقم منهم، وهو الغفور لأنه
يعفو عن كثير من سيئاتهم في الدنيا وسيغفر كثيرا
منها في الآخرة كما وعد.
وفي التذييل بالاسمين مع ذلك تخويف
وتطميع على ما يدعو إلى ذلك سياق الدعوة.
واعلم أن مضمون الآية ليس مجرد دعوى
خالية عن الحجة يراد به التلقين كما ربما
يتوهم بل هي مقدمة قريبة من الضرورة - أو
هي ضرورية - تستدعي الحكم بضرورة البعث
للجزاء، فإن الإنسان المتلبس بهذه الحياة
الدنيوية الملحوقة للموت لا يخلو من أن يحصل
له وصف حسن العمل أو خلافه، وهو مجهز
بحسب الفطرة بما لولا عروض عارض السوء
لساقه إلى حسن العمل، وقلما يخلو إنسان من
حصول أحد الوصفين كالأطفال ومن في
حكمهم.
والوصف الحاصل المترتب على وجود
الشئ الساري في أغلب أفراده غاية في وجوده
مقصودة في إيجاده، فكما أن الحياة النباتية
لشجرة كذا إذ كانت تؤدي في الغالب إلى إثمارها
ثمرة كذا يعد ذلك غاية لوجودها مقصودة منها
كذلك حسن العمل والصلاح غاية لخلق الإنسان،
ومن المعلوم أيضا أن الصلاح وحسن العمل لو
كان مطلوبا لكان مطلوبا لغيره لا لنفسه،
والمطلوب بالذات الحياة الطيبة التي لا يشوبها
نقص ولا يعرضها لغو ولا تأثيم، فالآية في معنى
قوله: * (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر
والخير فتنة) * (1).
[3718]
اليقين بالموت
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما خلق الله عز وجل
يقينا لاشك فيه أشبه بشك لا يقين فيه
من الموت (2).
- الإمام علي (عليه السلام): ما رأيت إيمانا مع يقين
أشبه منه بشك على هذا الإنسان، إنه كل
يوم يودع إلى القبور، ويشيع، وإلى غرور



(1) الميزان: 19 / 349 والآية، الأنبياء: 35.
(2) الفقيه: 1 / 194 / 596.
2956
الدنيا يرجع، وعن الشهوة والذنوب لا يقلع،
فلو لم يكن لابن آدم المسكين ذنب يتوكفه
ولا حساب يقف عليه إلا موت يبدد شمله ويفرق
جمعه ويوتم ولده، لكان ينبغي له أن يحاذر ما
هو فيه بأشد النصب والتعب (1).
- عنه (عليه السلام): عجبت لمن نسي الموت، وهو
يرى الموتى (2).
[3719]
في كل وقت موت
- الإمام علي (عليه السلام): في كل نفس موت (3).
- عنه (عليه السلام): في كل وقت فوت (4).
- عنه (عليه السلام): في كل لحظة أجل (5).
- عنه (عليه السلام): نفس المرء خطاه إلى أجله (6).
(انظر) العمر: باب 2924.
[3720]
الإنسان طريد الموت
الكتاب
* (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم
القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما
الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) * (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - من وصاياه لابنه
الحسن (عليه السلام) -: اعلم يا بني أنك إنما خلقت
للآخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت
لا للحياة، وأنك في قلعة ودار بلغة وطريق إلى
الآخرة، وأنك طريد الموت الذي لا ينجو منه
هاربه، ولا يفوته طالبه، ولابد أنه مدركه، فكن
منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة قد
كنت تحدث نفسك منها بالتوبة فيحول بينك وبين
ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك (8).
- عنه (عليه السلام): لو أن أحدا يجد إلى البقاء سلما
أو لدفع الموت سبيلا لكان ذلك سليمان بن
داود (عليه السلام)، الذي سخر له ملك الجن والإنس مع
النبوة، وعظيم الزلفة، فلما استوفى طعمته
واستكمل مدته رمته قسي الفناء بنبال الموت،
وأصبحت الديار منه خالية، والمساكن معطلة،
وورثها قوم آخرون (9).
- عنه (عليه السلام): أنتم طرداء الموت، إن أقمتم
له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم
من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم (10).
- عنه (عليه السلام): إن الموت لمعقود بنواصيكم،
والدنيا تطوى من خلفكم (11).
- عنه (عليه السلام): الموت ألزم لكم من ظلكم،
وأملك بكم من أنفسكم (12).
- عنه (عليه السلام): كل معدود منقض، وكل
متوقع آت (13).



(1) البحار: 6 / 137 / 40.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 126.
(3) غرر الحكم: 6455، 6456، 6457.
(4) غرر الحكم: 6455، 6456، 6457.
(5) غرر الحكم: 6455، 6456، 6457.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 74.
(7) آل عمران: 185.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 182، والكتاب 27.
(9) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 182، والكتاب 27.
(10) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 182، والكتاب 27.
(11) غرر الحكم: 3614، 1961.
(12) غرر الحكم: 3614، 1961.
(13) البحار: 73 / 128 / 131.
2957
- عنه (عليه السلام): لكل ذي رمق قوت، ولكل حبة
آكل، وأنت قوت الموت (1).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس كل امرئ لاق في
فراره ما منه يفر، والأجل مساق النفس إليه،
والهرب منه موافاته (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (قل
إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم...) * -:
تعد السنين، ثم تعد الشهور، ثم تعد الأيام،
ثم تعد الساعات، ثم تعد النفس * (فإذا جاء أجلهم
لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): ووأي على نفسه ألا يضطرب
شبح مما أولج فيه الروح، إلا وجعل الحمام
موعده، والفناء غايته (4).
- عنه (عليه السلام): ما ينجو من الموت من خافه،
ولا يعطى البقاء من أحبه (5).
- عنه (عليه السلام): إن الموت طالب حثيث لا يفوته
المقيم، ولا يعجزه الهارب (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل الذي يفر من
الموت كالثعلب تطلبه الأرض بدين فجعل
يسعى، حتى إذا أعيى وانبهر دخل جحره،
فقالت له الأرض عند سبلته: ديني ديني
يا ثعلب! فخرج له حصاص، فلم يزل كذلك حتى
انقطعت عنقه فمات (7).
[3721]
اقتراب الرحيل
- الإمام علي (عليه السلام): احذروا عباد الله الموت
وقربه، وأعدوا له عدته، فإنه يأتي بأمر عظيم
وخطب جليل، بخير لا يكون معه شر أبدا، أو شر
لا يكون معه خير أبدا، فمن أقرب إلى الجنة من
عاملها! ومن أقرب إلى النار من عاملها! (8).
- عنه (عليه السلام): إذا كنت في إدبار والموت في
إقبال فما أسرع الملتقى (9).
- عنه (عليه السلام): من رأى الموت بعين يقينه
رآه قريبا (10).
- عنه (عليه السلام): الأمر قريب والاصطحاب قليل (11).
- عنه (عليه السلام): الرحيل وشيك (12).
- عنه (عليه السلام): لا غائب أقرب من الموت (13).
- عنه (عليه السلام): غائب الموت أحق منتظر،
وأقرب قادم (14).
- عنه (عليه السلام): إن غاية تنقصها اللحظة
وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدة، وإن غائبا
يحدوه الجديدان لحري بسرعة الأوبة (15).
- عنه (عليه السلام): أوقات الدنيا وإن طالت قصيرة،



(1) تحف العقول: 98.
(2) البحار: 6 / 126 / 7.
(3) الكافي: 3 / 262 / 44.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 165 و 38 و 123.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 165 و 38 و 123.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 165 و 38 و 123.
(7) كنز العمال: 42145.
(8) نهج البلاغة: الكتاب: 27، والحكمة 29.
(9) نهج البلاغة: الكتاب: 27، والحكمة 29.
(10) غرر الحكم: 8258.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 168، و 187.
(12) نهج البلاغة: الحكمة 168، و 187.
(13) البحار: 71 / 263 / 2.
(14) غرر الحكم: 6429.
(15) البحار: 78 / 70 / 31.
2958
والمتعة بها وإن كثرت يسيرة (1).
- عنه (عليه السلام): كل متوقع آت، كل آت فكأن
قد كان (2).
- عنه (عليه السلام): ما أقرب الحياة من الموت (3).
- عنه (عليه السلام): ما أقرب الحي من الميت للحاقه
به، ما أبعد الميت من الحي لانقطاعه عنه (4).
[3722]
تفسير الموت
- الإمام علي (عليه السلام) - وقد سئل عن تفسير
الموت -: على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة أمور
يرد عليه: إما بشارة بنعيم الأبد، وإما بشارة
بعذاب الأبد، وإما تحزين وتهويل وأمر [ه] مبهم،
لا يدري من أي الفرق هو... (5).
- الإمام الحسن (عليه السلام) - أيضا -: أعظم سرور
يرد على المؤمنين إذ نقلوا عن دار النكد إلى
نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذ
نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد (6).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): لما اشتد الأمر
بالحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) نظر إليه
من كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنهم كلما اشتد
الأمر تغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجبت
قلوبهم، وكان الحسين (عليه السلام) وبعض من معه من
خصائصه تشرق ألوانهم وتهدي جوارحهم
وتسكن نفوسهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا
لا يبالي بالموت! فقال لهم الحسين (عليه السلام):
صبرا بني الكرام! فما الموت إلا قنطرة
تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة
والنعيم الدائمة، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن
إلى قصر؟! (7).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن الموت -: للمؤمن
كنزع ثياب وسخة قملة، وفك قيود وأغلال
ثقيلة، والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح،
وأوطئ المراكب، وآنس المنازل، وللكافر
كخلع ثياب فاخرة، والنقل عن منازل أنيسة،
والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها، وأوحش
المنازل، وأعظم العذاب (8).
- الإمام الجواد (عليه السلام) - لما سئل عن الموت -:
هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل
مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة، فمن رأى
في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر
قدره، ومن أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره،
فكيف حال فرح في النوم ووجل فيه؟ هذا
هو الموت فاستعدوا له (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - أيضا -: للمؤمن
كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب
والألم كله عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ
العقارب وأشد!.
قيل: فإن قوما يقولون: إنه أشد من نشر
بالمناشير! وقرض بالمقاريض! ورضخ
بالأحجار! وتدوير قطب الأرحية على



(1) غرر الحكم: 2188، (6852 - 6861)، 487 9، (9598 - 9599).
(2) غرر الحكم: 2188، (6852 - 6861)، 487 9، (9598 - 9599).
(3) غرر الحكم: 2188، (6852 - 6861)، 487 9، (9598 - 9599).
(4) غرر الحكم: 2188، (6852 - 6861)، 487 9، (9598 - 9599).
(5) معاني الأخبار: 288 / 2 و ح 3.
(6) معاني الأخبار: 288 / 2 و ح 3.
(7) معاني الأخبار: 288 / 3 و 289 / 4 و 289 / 5.
(8) معاني الأخبار: 288 / 3 و 289 / 4 و 289 / 5.
(9) معاني الأخبار: 288 / 3 و 289 / 4 و 289 / 5.
2959
الأحداق (1)! قال: كذلك هو على بعض الكافرين
والفاجرين... (2).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لما دخل على رجل
قد غرق في سكرات الموت: الموت هو
المصفاة يصفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون
آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي
عليهم، ويصفي الكافرين من حسناتهم
فيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم، وهو
آخر ثواب حسنة تكون لهم... (3).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - في عيادة رجل
من أصحابه -: كيف تجدك؟ قال: لقيت الموت
بعدك! - يريد ما لقيه من شدة مرضه - فقال: كيف
لقيته؟ فقال: أليما شديدا، فقال: ما لقيته، إنما
لقيت ما ينذرك به ويعرفك بعض حاله... (4).
- الإمام الجواد (عليه السلام) - لما سئل عن علة كراهة
الموت -: لأنهم جهلوه فكرهوه، ولو عرفوه
وكانوا من أولياء الله عز وجل لأحبوه، ولعلموا أن
الآخرة خير لهم من الدنيا، ثم قال (عليه السلام): يا أبا
عبد الله ما بال الصبي والمجنون يمتنع من الدواء
المنقي لبدنه والنافي للألم عنه؟ قال: لجهلهم بنفع
الدواء، قال: والذي بعث محمدا بالحق نبيا إن من
استعد للموت حق الاستعداد فهو أنفع له من هذا
الدواء لهذا المتعالج، أما إنهم لو عرفوا ما يؤدي
إليه الموت من النعيم لاستدعوه وأحبوه أشد ما
يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات
واجتلاب السلامات (5).
- الإمام العسكري (عليه السلام): دخل علي بن
محمد (عليهما السلام) على مريض من أصحابه وهو يبكي
ويجزع من الموت، فقال له: يا عبد الله تخاف من
الموت لأنك لا تعرفه، أرأيتك إذا اتسخت
وتقذرت وتأذيت من كثرة القذر والوسخ عليك
وأصابك قروح وجرب وعلمت أن الغسل في
حمام يزيل ذلك كله أما تريد أن تدخله فتغسل
ذلك عنك أو ما تكره أن لا تدخله فيبقى ذلك
عليك؟ قال: بلى يا ابن رسول الله، قال: فذاك
الموت هو ذلك الحمام، وهو آخر ما بقي عليك
من تمحيص ذنوبك وتنقيتك من سيئاتك، فإذا
أنت وردت عليه وجاوزته فقد نجوت من كل غم
وهم وأذى، ووصلت إلى كل سرور وفرح،
فسكن الرجل واستسلم ونشط وغمض عين
نفسه ومضى لسبيله (6).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن الموت -: هو
التصديق بما لا يكون، حدثني أبي عن أبيه عن
جده عن الصادق (عليه السلام) قال: إن المؤمن إذا مات لم
يكن ميتا فإن الميت هو الكافر... (7).
[3723]
موت المؤمن
الكتاب
* (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام
عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) * (8).



(1) في معاني الأخبار " في الأحداق ": 287 / 1.
(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 274 / 9.
(3) معاني الأخبار: 289 / 6 و ح 7.
(4) معاني الأخبار: 289 / 6 و ح 7.
(5) معاني الأخبار: 290 / 8 و 290 / 9 و 290 / 10.
(6) معاني الأخبار: 290 / 8 و 290 / 9 و 290 / 10.
(7) معاني الأخبار: 290 / 8 و 290 / 9 و 290 / 10.
(8) النحل: 32.
2960
* (يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية
مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي) * (1).
* (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون *
الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا
وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما شبهت خروج المؤمن
من الدنيا إلا مثل خروج الصبي من بطن أمه
من ذلك الغم والظلمة إلى روح الدنيا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن ملك الموت ليقف من المؤمن
عند موته موقف العبد الذليل من المولى، فيقوم
وأصحابه لا يدنو [ن] منه حتى يبدأه بالتسليم
ويبشره بالجنة (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أما المؤمن فما
يحس بخروجها، وذلك قول الله سبحانه وتعالى:
* (يا أيتها النفس...) *
ذلك لمن كان ورعا مواسيا لإخوانه
وصولا لهم (5).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (لهم البشرى
في الحياة الدنيا) * -: هو أن يبشراه بالجنة
عند الموت، يعني محمدا وعليا (عليهما السلام) (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أشد شيعتنا لنا حبا
يكون خروج نفسه كشرب أحدكم في يوم الصيف
الماء البارد الذي ينتفع به القلوب، وإن سائرهم
ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما كانت
عينه بموته (7).
- في حديث المعراج: وإذا كان العبد في حالة
الموت يقوم على رأسه ملائكة، بيد كل ملك كأس
من ماء الكوثر وكأس من الخمر يسقون روحه
حتى تذهب سكرته ومرارته، ويبشرونه بالبشارة
العظمى ويقولون له: طبت وطاب مثواك، إنك
تقدم على العزيز الحكيم الحبيب القريب (8)...
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول ما يبشر به المؤمن روح
وريحان وجنة نعيم، وأول ما يبشر به المؤمن أن
يقال له: أبشر ولي الله برضاه والجنة! قدمت خير
مقدم، قد غفر الله لمن شيعك، واستجاب لمن
استغفر لك، وقبل من شهد لك (9).
(انظر) باب 3726 حديث 18836.
[3724]
الموت ريحانة المؤمن
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت ريحانة المؤمن (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تحفة المؤمن الموت (11).
- الإمام علي (عليه السلام): أفضل تحفة المؤمن
الموت (12).
- عنه (عليه السلام): ما أنفع الموت لمن أشعر الإيمان



(1) الفجر: 27 - 30.
(2) يونس: 62 - 64.
(3) كنز العمال: 42212.
(4) الفقيه: 1 / 135 / 365.
(5) المحاسن: 1 / 283 / 558.
(6) البحار: 6 / 191 / 36.
(7) البحار: 6 / 162 / 30.
(8) راجع تمام الحديث. البحار: 77 / 27 / 6.
(9) كنز العمال: 42355، 42136، 42110.
(10) كنز العمال: 42355، 42136، 42110.
(11) كنز العمال: 42355، 42136، 42110.
(12) غرر الحكم: 3365.
2961
والتقوى قلبه (1).
- عنه (عليه السلام): لا مريح كالموت (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت غنيمة (3).
- الإمام علي (عليه السلام): في الموت راحة السعداء (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت كفارة لكل مسلم (5).
[3725]
موت الكافر
الكتاب
* (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا
السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم
تعملون) * (6).
* (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم
وأدبارهم) * (7).
(انظر) النساء: 97، الأنفال: 7، ق: 29.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): وإن كان لأوليائنا معاديا،
ولأعدائنا مواليا، ولأضدادنا بألقابنا ملقبا، فإذا
جاءه ملك الموت لنزع روحه مثل الله عز وجل
لذلك الفاجر سادته الذين اتخذهم أربابا من دون
الله، عليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم
يهلكه، ولا يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا
طاقة له به. فيقول له ملك الموت: يا أيها
الفاجر الكافر تركت أولياء الله إلى أعدائه،
فاليوم لا يغنون عنك شيئا، ولا تجد إلى مناص
سبيلا، فيرد عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على
أهل الدنيا لأهلكهم (8).
- الإمام علي (عليه السلام): إن في الموت لراحة لمن كان
عبد شهوته وأسير أهويته، لأنه كلما طالت حياته
كثرت سيئاته وعظمت على نفسه جناياته (9).
(انظر) باب: 3722، 3735.
[3726]
ملك الموت
الكتاب
* (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى
إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون) * (10).
* (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في
منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى
إلى أجل مسمى إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون) * (11).
* (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم
ترجعون) * (12).
(انظر) الأعراف: 37، يونس: 104، النحل: 28، 32.
- الإمام علي (عليه السلام) - للزنديق الذي ادعى التناقض
في القرآن -: * (الله يتوفى الأنفس حين موتها) *
وقوله: * (يتوفاكم ملك الموت) * و * (توفته رسلنا) *



(1) غرر الحكم: 9638، 10497.
(2) غرر الحكم: 9638، 10497.
(3) كنز العمال: 44144.
(4) غرر الحكم: 6502.
(5) كنز العمال: 42122.
(6) النحل: 28.
(7) محمد (صلى الله عليه وآله): 27.
(8) البحار: 6 / 175 / 1.
(9) غرر الحكم: 3593.
(10) الأنعام: 61.
(11) الزمر: 42.
(12) السجدة: 11.
2962
و * (تتوفاهم الملائكة طيبين) * و * (الذين تتوفاهم
الملائكة ظالمي أنفسهم) * فهو تبارك وتعالى أجل
وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله
وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون... فمن
كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة
الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولى قبض
روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من
ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره،
وفعلهم فعله، وكل ما يأتونه منسوب إليه، وإذا
كان فعلهم فعل ملك الموت، وفعل ملك الموت
فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء (1).
- عنه (عليه السلام): فإن الله تبارك وتعالى يدبر
الأمور كيف يشاء، ويوكل من خلقه من يشاء بما
يشاء، أما ملك الموت فإن الله يوكله بخاصة
من يشاء من خلقه، ويوكل رسله من الملائكة
خاصة بمن يشاء من خلقه، والملائكة الذين
سماهم الله عز ذكره وكلهم بخاصة من يشاء من
خلقه، إنه تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء،
وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره
لكل الناس، لأن منهم القوي والضعيف، ولأن منه
ما يطاق حمله، ومنه ما لا يطاق حمله إلا من يسهل
الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه. وإنما
يكفيك أن تعلم أن الله المحيي المميت، وأنه
يتوفى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من
ملائكته وغيرهم (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في بيان الآيات -: إن
الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من
الملائكة يقبضون الأرواح، بمنزلة صاحب
الشرطة له أعوان من الإنس يبعثهم في حوائجه
فتتوفاهم الملائكة، ويتوفاهم ملك الموت من
الملائكة مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله عز وجل
من ملك الموت (3).
- عنه (عليه السلام): قيل لملك الموت (عليه السلام): كيف تقبض
الأرواح وبعضها في المغرب وبعضها في المشرق
في ساعة واحدة؟.
فقال: أدعوها فتجيبني. قال: وقال ملك
الموت (عليه السلام): إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي
أحدكم، يتناول منها ما يشاء، والدنيا عندي
كالدرهم في كف أحدكم يقلبه كيف شاء (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وقد نظر إلى ملك الموت
عند رأس رجل من الأنصار -: يا ملك
الموت! ارفق بصاحبي فإنه مؤمن، فقال
ملك الموت: طب نفسا وقر عينا، واعلم أني
بكل مؤمن رفيق واعلم يا محمد أني لأقبض
روح ابن آدم فإذا صرخ صارخ من أهله قمت في
الدار ومعي روحه فقلت: ما هذا الصارخ؟! والله
ما ظلمناه، ولا سبقنا أجله، ولا استعجلنا قدره،
وما لنا في قبضه من ذنب، وإن ترضوا بما صنع
الله تؤجروا، وإن تحزنوا وتسخطوا تأثموا
وتؤزروا (5).
(انظر) البحار: 6 / 139 باب 5.



(1) البحار: 6 / 140 / 1.
(2) التوحيد: 268.
(3) الفقيه: 1 / 136 / 368.
(4) البحار: 6 / 144 / 13.
(5) كنز العمال: 42810.
2963
[3727]
موت الأبرار وموت الفجار
- الإمام علي (عليه السلام): موت الأبرار راحة لأنفسهم،
وموت الفجار راحة للعالم (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مستريح ومستراح منه،
العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى
رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد
والبلاد والشجر والدواب (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الناس اثنان: واحد أراح،
وآخر استراح، فأما الذي استراح فالمؤمن
إذا مات استراح من الدنيا وبلائها، وأما الذي
أراح فالكافر إذا مات أراح الشجر والدواب
وكثيرا من الناس (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - عندما قيل له: مات فلان
فاستراح -: إنما استراح من غفر له (4).
[3728]
ذكر الموت
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل الزهد في الدنيا
ذكر الموت، وأفضل العبادة التفكر، فمن أثقله
ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنة (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت،
وأفضل العبادة ذكر الموت، وأفضل التفكر ذكر
الموت، فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة
من رياض الجنة (6).
- الإمام الهادي (عليه السلام): اذكر مصرعك بين يدي
أهلك، ولا طبيب يمنعك، ولا حبيب ينفعك (7).
- الإمام علي (عليه السلام): اذكروا هادم اللذات،
ومنغص الشهوات، وداعي الشتات، اذكروا مفرق
الجماعات، ومباعد الأمنيات، ومدني المنيات،
والمؤذن بالبين والشتات (8).
- في الزبور: من فزع نفسه بالموت هانت
عليه الدنيا (9).
- الإمام علي (عليه السلام): من ذكر الموت رضي
من الدنيا باليسير (10).
- عنه (عليه السلام): كيف تنسى الموت وآثاره
تذكرك؟! (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ذكر الموت يميت
الشهوات في النفس، ويقلع منابت الغفلة،
ويقوي القلب بمواعد الله، ويرق الطبع، ويكسر
أعلام الهوى... (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - حينما سئل " هل يحشر
مع الشهداء أحد " -: نعم من يذكر الموت في
اليوم والليلة عشرين مرة (8).



(1) البحار: 82 / 181 / 28.
(2) كنز العمال: 42769.
(3) الخصال: 39 / 21.
(4) كنز العمال: 42771، 42104.
(5) كنز العمال: 42771، 42104.
(6) جامع الأخبار: 473 / 1334.
(7) البحار: 78 / 370 / 4.
(8) غرر الحكم: 2575، 2576.
(9) البحار: 77 / 41 / 8.
(10) غرر الحكم: 8843، 6990.
(11) غرر الحكم: 8843، 6990.
(12) البحار: 6 / 133 / 32.
(13) تنبيه الخواطر: 1 / 268.
2964
- عنه (صلى الله عليه وآله) - وقد مر بمجلس قد استعلاه
الضحك -: شوبوا مجلسكم بذكر مكدر اللذات،
قالوا: وما مكدر اللذات، قال: الموت (1).
- الإمام علي (عليه السلام): أوصيكم بذكر الموت
وإقلال الغفلة عنه، وكيف غفلتكم عما ليس
يغفلكم، وطمعكم فيمن ليس يمهلكم! فكفى
واعظا بموتى عاينتموهم (2).
(انظر) الزهد: باب 1617.
[3729]
الحث على الإكثار من ذكر الموت
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثروا من ذكر هادم اللذات،
فقيل: يا رسول الله فما هادم اللذات؟ قال:
الموت، فإن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكرا
للموت، وأشدهم له استعدادا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أكثروا ذكر الموت، فإنه يمحص
الذنوب ويزهد في الدنيا، فإن ذكرتموه عند
الغنى هدمه، وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم
بعيشكم (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أكثروا ذكر الموت، فما من عبد
أكثر ذكره إلا أحيى الله قلبه وهون عليه الموت (5).
- الإمام علي (عليه السلام): أكثروا ذكر الموت،
ويوم خروجكم من القبور، وقيامكم بين يدي
الله عز وجل، تهون عليكم المصائب (6).
- أنس: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر بمجلس وهم
يضحكون فقال -: أكثروا ذكر هادم اللذات،
أحسبه قال: فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش
إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثروا ذكر هادم اللذات،
فإنه لا يكون في كثير إلا قلله، ولا في قليل
إلا أجزاه (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أكثر ذكر الموت يسلك عما
سواه (9).
- الإمام علي (عليه السلام): أكثروا ذكر الموت عندما
تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت
واعظا، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما يوصي
أصحابه بذكر الموت فيقول: أكثروا ذكر الموت،
فإنه هادم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أكثروا ذكر الموت، فإنه
ما أكثر ذكر الموت إنسان إلا زهد في الدنيا (11).
- الإمام علي (عليه السلام) - لابنه الحسن (عليه السلام) -:
يا بني أكثر من ذكر الموت، وذكر ما تهجم
عليه وتفضي بعد الموت إليه، حتى يأتيك (12) وقد
أخذت منه حذرك وشددت له أزرك، ولا يأتيك
بغتة فيبهرك (13).
- عنه (عليه السلام): من أكثر من ذكر الموت قلت



(1) تنبيه الخواطر: 1 / 268.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 188.
(3) البحار: 82 / 167 / 3.
(4) كنز العمال: 42098، 42105.
(5) كنز العمال: 42098، 42105.
(6) الخصال: 616 / 10.
(7) الترغيب والترهيب: 4 / 236 / 3.
(8) كنز العمال: 42096، 42094.
(9) كنز العمال: 42096، 42094.
(10) أمالي الطوسي: 28 / 31.
(11) البحار: 82 / 168 / 3.
(12) في البحار: " واجعله أمامك حيث [تراه حتى] يأتيك وقد
أخذت منه حذرك " البحار: 77 / 205.
(13) نهج البلاغة: الكتاب 31.
2965
في الدنيا رغبته (1).
- عنه (عليه السلام): من أكثر من ذكر الموت رضي
من الدنيا بالكفاف (2).
(انظر) القلب: باب 3410.
[3730]
الاستعداد للموت
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لطارق بن عبد الله
المحاربي -: يا طارق! استعد للموت قبل
نزول الموت (3).
- الإمام علي (عليه السلام): استعدوا للموت فقد
أظلكم، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا، وعلموا
أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا...
وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا
الموت أن ينزل به... نسأل الله سبحانه أن يجعلنا
وإياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصر به عن طاعة
ربه غاية، ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة (4).
- عنه (عليه السلام): ترحلوا فقد جد بكم، واستعدوا
للموت فقد أظلكم (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): هول لا تدري متى
يغشاك، ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك (6).
- الإمام علي (عليه السلام): إن أمرا لاتعلم متى
يفجأك ينبغي أن تستعد له قبل أن يغشاك (7).
- عنه (عليه السلام): أسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل
أن يدعى بكم (8).
- عنه (عليه السلام): إن العاقل ينبغي أن يحذر الموت
في هذه الدار، ويحسن له التأهب قبل أن يصل إلى
دار يتمنى فيها الموت فلا يجده (9).
- عنه (عليه السلام): إذا كان هجوم الموت لا يؤمن،
فمن العجز ترك التأهب له (10).
- عنه (عليه السلام): تارك التأهب للموت واغتنام
المهل غافل عن هجوم الأجل، ترحلوا فقد جد
بكم، واستعدوا للموت فقد أظلكم (11).
- عنه (عليه السلام): اعلم أن أمامك عقبة كؤودا
المخف فيها أحسن حالا [امرأ] من المثقل،
والمبطئ عليها أقبح حالا من المسرع...
فارتد لنفسك قبل نزولك، ووطئ المنزل قبل
حلولك (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن النور إذا دخل
الصدر انفسح، قيل: هل لذلك من علم يعرف به؟
قال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة
إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله (13).
- الإمام علي (عليه السلام): إياك أن ينزل بك الموت
وأنت آبق عن ربك في طلب الدنيا (14).
- عنه (عليه السلام): إن وراءك طالبا حثيثا من
الموت، فلا تغفل (15).



(1) غرر الحكم: 8766، 8662.
(2) غرر الحكم: 8766، 8662.
(3) كنز العمال: 42140.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 64.
(5) غرر الحكم: 4514.
(6) الدعوات للراوندي: 236 / 653.
(7) غرر الحكم: 3468.
(8) غرر الحكم: 2492، 3611، 4093، (4513 - 4514).
(9) غرر الحكم: 2492، 3611، 4093، (4513 - 4514).
(10) غرر الحكم: 2492، 3611، 4093، (4513 - 4514).
(11) غرر الحكم: 2492، 3611، 4093، (4513 - 4514).
(12) نهج البلاغة: الكتاب 31، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16 / 85.
(13) كنز العمال: 302.
(14) غرر الحكم: 2700، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 18 / 42.
(15) غرر الحكم: 3814.
2966
- عنه (عليه السلام): من استعد لسفره قر عينا بحضره (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ارتقب الموت سارع
في الخيرات (2).
- الإمام علي (عليه السلام): إن قادما يقدم بالفوز
أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة (3).
- عنه (عليه السلام): أزهد في الدنيا واعزف عنها،
وإياك أن ينزل بك الموت وأنت آبق من ربك في
طلبها فتشقى (4).
- إبراهيم (عليه السلام) - لما دنى وفاته -: هلا
أرسلت إلي رسولا حتى [أخذت أهبة الموت]،
قال له: أوما علمت أن الشيب رسولي (5).
- الإمام علي (عليه السلام): عجبت لمن يرى أنه
ينقص كل يوم في نفسه وعمره وهو لا يتأهب
للموت (6).
- عنه (عليه السلام): لا تكن ممن يرجو الآخرة
بغير العمل... يخشى الموت، ولا يبادر الفوت (7).
- عنه (عليه السلام): بادروا الموت وغمراته، وامهدوا
له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله (8).
- عنه (عليه السلام): بادروا الموت الذي إن
هربتم منه أدرككم، وإن أقمتم أخذكم،
وإن نسيتموه ذكركم (9).
- عنه (عليه السلام): بادروا أمر العامة (10) وخاصة
أحدكم وهو الموت، فإن الناس أمامكم، وإن
الساعة تحدوكم من خلفكم، تخففوا تلحقوا،
فإنما ينتظر بأولكم آخركم (11).
[3731]
من عد غدا من أجله
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أصلحوا الدنيا واعملوا
لآخرتكم كأنكم تموتون غدا (12).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أنزل الموت حق منزلته
من عد غدا من أجله (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عد غدا من أجله فقد
أساء صحبة الموت (14).
[3732]
التزود للآخرة
الكتاب
* (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا



(1) غرر الحكم: 9211
(2) البحار: 77 / 171 / 7.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 64، شرح نهج البلاغة لابن أبي
الحديد: 5 / 145.
(4) غرر الحكم: 2398.
(5) الدعوات للراوندي: 239 / 670.
(6) غرر الحكم: 6253.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 150، والخطبة 190.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 150، والخطبة 190.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 203.
(10) قال ابن أبي الحديد: ثم أمر بمبادرة الموت، وسماه الواقعة
العامة لأنه يعم الحيوان كله، ثم سماه خاصة أحدكم لأنه وإن
كان عاما إلا أن له مع كل إنسان بعينه خصوصية زائدة على ذلك
العموم. قوله: " فإن الناس أمامكم " أي قد سبقوكم. والساعة
تسوقكم من خلفكم، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9 / 289.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 167.
(12) كنز العمال: 42111.
(13) الكافي: 3 / 259 / 30.
(14) البحار: 77 / 153 / 120.
2967
رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير
يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي
الألباب) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): تزودوا في الدنيا من
الدنيا ما تحرزون [تحوزون - خ - ل] به
أنفسكم غدا (2).
- عنه (عليه السلام): تزودوا في أيام الفناء لأيام
البقاء، قد دللتم على الزاد، وأمرتم بالظعن،
وحثثتم على المسير (3).
- عنه (عليه السلام): عليكم بالجد والاجتهاد، والتأهب
والاستعداد، والتزود في منزل الزاد (4).
- عنه (عليه السلام): فليعمل العامل منكم في أيام
مهله قبل إرهاق أجله... وليتزود من دار ظعنه
لدار إقامته (5).
- عنه (عليه السلام): ألستم في مساكن من كان قبلكم
أطول أعمارا، وأبقى آثارا... تعبدوا للدنيا أي
تعبد، وآثروها أي إيثار، ثم ظعنوا عنها بغير زاد
مبلغ ولا ظهر قاطع (6).
- عنه (عليه السلام): إن الدنيا دار صدق لمن
صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن
تزود منها (7).
- عنه (عليه السلام): إنما الدنيا منتهى بصر الأعمى،
لا يبصر مما وراءها شيئا، والبصير ينفذها بصره
ويعلم أن الدار وراءها، فالبصير منها شاخص،
والأعمى إليها شاخص، والبصير منها متزود،
والأعمى لها متزود (8).
- عنه (عليه السلام): إن الدنيا لم تخلق لكم دار مقام،
بل خلقت لكم مجازا لتزودوا منها الأعمال إلى
دار القرار (9).
- عنه (عليه السلام): رحم الله امرأ... اغتنم المهل،
وبادر الأجل، وتزود من العمل (10).
- عنه (عليه السلام): إنك لن يغني عنك بعد الموت
إلا صالح عمل قدمته، فتزود من صالح العمل (11).
- عنه (عليه السلام): لا خير في شئ من أزوادها (12)
إلا التقوى (13).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله التي
هي الزاد وبها المعاذ [المعاد - خ - ل]: زاد مبلغ،
ومعاذ منجح (14).
- عنه (عليه السلام) - إذا صلى العشاء الآخرة ينادي
الناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد -:
أيها الناس تجهزوا رحمكم الله، فقد نودي فيكم
بالرحيل، فما التعرج على الدنيا بعد نداء فيها
بالرحيل؟! تجهزوا رحمكم الله، وانتقلوا بأفضل
ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى (15).
- عنه (عليه السلام) - أنه كان ينادي في كل ليلة حين
يأخذ الناس مضاجعهم للمنام بصوت يسمعه كافة
أهل المسجد ومن جاوره من الناس -: تزودوا
رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلوا



(1) البقرة: 197.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 28 و 157 و 230 و 86 و 111، والحكمة 131.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 28 و 157 و 230 و 86 و 111، والحكمة 131.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 28 و 157 و 230 و 86 و 111، والحكمة 131.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 28 و 157 و 230 و 86 و 111، والحكمة 131.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 28 و 157 و 230 و 86 و 111، والحكمة 131.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 28 و 157 و 230 و 86 و 111، والحكمة 131.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 133 و 132 و 76.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 133 و 132 و 76.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 133 و 132 و 76.
(11) غرر الحكم: 3815.
(12) الضمير راجع إلى الدنيا.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 111 و 114.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 111 و 114.
(15) البحار: 77 / 391 / 12.
2968
العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما
يحضركم من الزاد، فإن أمامكم عقبة كؤودا
ومنازل مهولة... (1).
- عنه (عليه السلام) - وكان كثيرا ما ينادي به أصحابه -:
تجهزوا رحمكم الله! فقد نودي فيكم بالرحيل،
وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما
بحضرتكم من الزاد، فإن أمامكم عقبة كؤودا،
ومنازل مخوفة مهولة، لابد من الورود عليها،
والوقوف عندها... فقطعوا علائق الدنيا
واستظهروا بزاد التقوى (2).
- عنه (عليه السلام) - لرجل ذم الدنيا كل الذم -: أيها
الذام للدنيا، أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة
عليك؟... ثم التفت إلى أهل المقابر فقال: يا أهل
التربة، ويا أهل الغربة، أما المنازل فقد سكنت،
وأما الأموال فقد قسمت، وأما الأزواج فقد
نكحت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟
ثم أقبل على أصحابه فقال: والله لو اذن لهم في
الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى (3).
- عنه (عليه السلام) - وقد مر على المقابر -: السلام
عليكم يا أهل القبور، أنتم لنا سلف، ونحن لكم
خلف، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أما المساكن
فسكنت، وأما الأزواج فنكحت، وأما الأموال
فقسمت، هذا خبر ما عندنا، فليت شعري ما خبر
ما عندكم؟ ثم قال: أما إنهم إن نطقوا لقالوا:
وجدنا التقوى خير زاد (4).
- عنه (عليه السلام) - لما أشرف على القبور وهو
يرجع من صفين -: يا أهل الديار الموحشة،
والمحال المقفرة، والقبور المظلمة، يا أهل
التربة، يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة، يا أهل
الوحشة، أنتم لنا فرط سابق، ونحن لكم تبع
لاحق. أما الدور فقد سكنت، وأما الأزواج فقد
نكحت، وأما الأموال فقد قسمت. هذا خبر ما
عندنا، فما خبر ما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه
فقال: أما لو اذن لهم في الكلام لأخبروكم أن
* (خير الزاد التقوى) * (5).
- عنه (عليه السلام): آه! من قلة الزاد، وطول الطريق،
وبعد السفر، وعظيم المورد! (6).
[3733]
تفسير الاستعداد للموت
- الإمام علي (عليه السلام) - لما سئل عن الاستعداد
للموت -: أداء الفرائض، واجتناب المحارم،
والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على
الموت أم وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي
طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه (7).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لما سئل عن خير
الموت -: أن يكون قد فرغ من أبنيته ودوره
وقصوره، قيل: وكيف ذلك؟ قال: أن يكون من
ذنوبه تائبا، وعلى الخيرات مقيما، يرد على



(1) الإرشاد: 1 / 234.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 204، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 11 / 5.
(3) أمالي الطوسي: 594 / 1231.
(4) البحار: 78 / 71 / 35.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 130، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
18 / 322.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 77.
(7) أمالي الصدوق: 97 / 8.
2969
الله حبيبا كريما (1).
- عنه (عليه السلام): إنما الاستعداد للموت تجنب
الحرام، وبذل الندى والخير (2).
[3734]
تمني الموت
الكتاب
* (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون
الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبدا
بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين) * (3).
(انظر) الجمعة: 6، 7، آل عمران: 143.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يتمنى أحدكم الموت (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل
به، فإن كان ولابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني
ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة
خيرا لي (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يدعون أحدكم بالموت لضر
نزل به، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة
خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يتمنين أحدكم الموت بضر
نزل به (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما دخل على العباس وهو يشتكي
فيتمنى الموت -: يا عباس عم رسول الله! لا تتمن
الموت، إن كنت محسنا تزداد إحسانا إلى
إحسانك خير لك، وإن كنت مسيئا فإن تؤخر
تستعتب من إساءتك خير لك، لا تتمن الموت (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا سعد! أعندي تمنى الموت!
لئن كنت خلقت للنار وخلقت لك ما النار شئ
يستعجل إليها، ولئن خلقت للجنة وخلقت لك لأن
يطول عمرك ويحسن عملك خير لك (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تمنوا الموت، فإنه يقطع العمل،
ولا يعد الرجل فيستعتب (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تمنوا الموت، فإن هول
المطلع (11) شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر
العبد، ويرزقه الله الإنابة (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يتمنى أحدكم الموت إلا أن
يثق بعمله (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يتمنين أحدكم الموت، فإنه
لا يدري ما قدم لنفسه (14).
- الإمام علي (عليه السلام) - للحارث الهمذاني -:
وأكثر ذكر الموت وما بعد الموت، ولا تتمن
الموت إلا بشرط وثيق (15).
- سلمان: لولا السجود لله، ومجالسة قوم
يتلفظون طيب الكلام كما يتلفظ طيب التمر،



(1) البحار: 71 / 267 / 17.
(2) علل الشرائع: 231 / 5.
(3) البقرة: 94، 95.
(4) كنز العمال: 42152.
(5) الترغيب والترهيب: 4 / 257 / 54.
(6) سنن أبي داود: 3108.
(7) الدعوات للراوندي: 122 / 296.
(8) الترغيب والترهيب: 4 / 256 / 50.
(9) كنز العمال: 42155، 42147.
(10) كنز العمال: 42155، 42147.
(11) القيامة.
(12) كنز العمال: 42149، 42153، 42154.
(13) كنز العمال: 42149، 42153، 42154.
(14) كنز العمال: 42149، 42153، 42154.
(15) نهج البلاغة: الكتاب 69.
2970
لتمنيت الموت (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لرجل يتمنى الموت -:
تمن الحياة لتطيع لا لتعصي، فلأن تعيش فتطيع
خير لك من أن تموت فلا تعصي ولا تطيع (2).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - أيضا -: هل بينك وبين
الله قرابة يحابيك لها؟ قال: لا، قال: فهل لك
حسنات قدمتها تزيد على سيئاتك؟ قال:
لا، قال: فأنت إذا تتمنى هلاك الأبد! (3).
[3735]
سكرة الموت
الكتاب
* (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه
تحيد) * (4).
* (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون
وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق) * (5).
* (كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق *
والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق) * (6).
(انظر) النساء: 97، محمد (صلى الله عليه وآله): 27، الواقعة: 83، 94.
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المأخوذين على
الغرة -: اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة
الفوت، ففترت لها أطرافهم، وتغيرت لها ألوانهم.
ثم ازداد الموت فيهم ولوجا، فحيل بين
أحدهم وبين منطقه، وإنه لبين أهله ينظر ببصره
ويسمع باذنه على صحة من عقله وبقاء من لبه،
يفكر فيم أفنى عمره، وفيم أذهب دهره! ويتذكر
أموالا جمعها، أغمض في مطالبها، وأخذها من
مصرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها،
وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون
فيها، ويتمتعون بها، فيكون المهنأ لغيره والعب ء
على ظهره، والمرء قد غلقت [علقت] رهونه بها،
فهو يعض يده ندامة على ما أصحر له عند الموت
من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره،
ويتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد
حازها دونه!
فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط
لسانه سمعه، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه، ولا
يسمع بسمعه، يردد طرفه بالنظر في وجوههم،
يرى حركات ألسنتهم، ولا يسمع رجع كلامهم.
ثم ازداد [زاد] الموت التياطا به، فقبض بصره
كما قبض سمعه، وخرجت الروح من جسده،
فصار جيفة بين أهله... (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): احضروا موتاكم ولقنوهم
" لا إله إلا الله " وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من
الرجال والنساء يتحير عند ذلك المصرع، وإن
الشيطان أقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك
المصرع، والذي نفسي بيده! لمعاينة ملك الموت
أشد من ألف ضربة بالسيف، والذي نفسي بيده!
لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل



(1) الزهد للحسين بن سعيد: 79 / 212.
(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 3 / 3.
(3) كشف الغمة: 3 / 42.
(4) ق: 19.
(5) الأنفال: 50.
(6) القيامة: 26 - 30.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 109.
2971
عرق منه على حياله (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أدنى جبذات الموت بمنزلة
مائة ضربة بالسيف (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن أهون الموت بمنزلة حسكة
كانت في صوف، فهل تخرج الحسكة من الصوف
إلا ومعها صوف (3).
- الإمام علي (عليه السلام): إن للموت لغمرات هي
أفظع من أن تستغرق بصفة، أو تعتدل على عقول
أهل الدنيا (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أن البهائم يعلمن من
الموت ما تعلمون أنتم، ما أكلتم منها سمينا! (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو علمت البهائم من الموت ما
علم ابن آدم ما أكلوا منها لحما سمينا (6).
- الإمام علي (عليه السلام): فإنكم لو قد عاينتم
ما قد عاين من مات منكم لجزعتم ووهلتم،
وسمعتم وأطعتم، ولكن محجوب عنكم ما قد
عاينوا، وقريب ما يطرح الحجاب! (7).
[3736]
ما يهون الموت وسكراته
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): قدم مالك أمامك يسرك
اللحاق به (8).
- الإمام علي (عليه السلام): شوقوا أنفسكم إلى نعيم
الجنة تحبوا الموت وتمقتوا الحياة (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل وهو يوصيه -: أقلل
من الشهوات يسهل عليك الفقر، وأقلل من
الذنوب يسهل عليك الموت (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أحب أن يخفف
الله عز وجل عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته
وصولا وبوالديه بارا، فإذا كان كذلك هون
الله عز وجل عليه سكرات الموت ولم يصبه في
حياته فقر أبدا (11).
(انظر) البحار: 6 / 145 باب 6.
التعيير: باب 3024.
[3737]
علة كراهة الموت
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل سأله عن علة كراهة
الموت -: ألك مال؟ قال: نعم، قال: فقدمته؟
قال: لا، قال: فمن ثم لا تحب الموت (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: هل لك مال؟ فقدم
مالك بين يديك، فإن المرء مع ماله، إن قدمه أحب
أن يلحقه، وإن خلفه أحب أن يتخلف معه (13).



(1) كنز العمال: 42158، 42208، 42174.
(2) كنز العمال: 42158، 42208، 42174.
(3) كنز العمال: 42158، 42208، 42174.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 221، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
11 / 152.
(5) أمالي الطوسي: 453 / 1011.
(6) كنز العمال: 42142.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 20.
(8) أعلام الدين: 344 / 37.
(9) غرر الحكم: 5779.
(10) أعلام الدين: 344 / 37.
(11) أمالي الطوسي: 432 / 967.
(12) الخصال: 13 / 47.
(13) كنز العمال: 42139.
2972
- الإمام الحسن (عليه السلام) - أيضا -: لأنكم أخربتم
آخرتكم، وعمرتم دنياكم، وأنتم تكرهون النقلة
من العمران إلى الخراب (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): جاء رجل إلى أبي
ذر فقال: يا أبا ذر مالنا نكره الموت؟ فقال:
لأنكم عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة، فتكرهون
أن تنقلوا من عمران إلى خراب (2).
(انظر) باب: 3722 حديث 18812، 18813.
[3738]
رؤية المحتضر لما أعد له في الآخرة
- الإمام علي (عليه السلام) - لمحمد بن أبي بكر لما
ولاه مصر -: احذروا يا عباد الله الموت وسكرته،
وأعدوا له عدته، فإنه يفجأكم بأمر عظيم، بخير
لا يكون معه شر أبدا، أو بشر لا يكون معه خير
أبدا... إنه ليس أحد من الناس تفارق روحه
جسده حتى يعلم أي المنزلتين يصل، إلى الجنة أم
إلى النار، أعدو هو لله أم ولي [له]، فإن كان وليا
لله فتحت له أبواب الجنة وشرعت له طرقها ورأي
ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل ووضع عنه
كل ثقل، وإن كان عدوا لله فتحت له أبواب النار
وشرعت له طرقها ونظر إلى ما أعد الله له فيها،
فاستقبل كل مكروه وترك كل سرور.
كل هذا يكون عند الموت، وعنده يكون
اليقين، قال الله عز اسمه: * (الذين تتوفاهم
الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة
بما كنتم تعملون) * ويقول: * (الذين تتوفاهم
الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل
من سوء...) *... (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (فلولا
إذا بلغت الحلقوم... إن كنتم صادقين) * -:
إنها إذا بلغت الحلقوم ثم اري منزله من الجنة
فيقول: ردوني إلى الدنيا حتى اخبر أهلي بما
أرى، فيقال له: ليس إلى ذلك سبيل (4).
[3739]
تمثل النبي والأئمة للمحتضر
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل هل يكره
المؤمن على قبض روحه؟ -: لا والله إنه إذا أتاه
ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك، فيقول
له ملك الموت: يا ولي الله لا تجزع، فوالذي بعث
محمدا (صلى الله عليه وآله) لأنا أبر بك وأشفق عليك من والد
رحيم لو حضرك، افتح عينك فانظر، قال: ويمثل
له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن
والحسين والأئمة من ذريتهم (عليهم السلام) فيقال له: هذا
رسول الله و... رفقاؤك... فما شئ أحب إليه
من استلال روحه واللحوق بالمنادي (5).
- الحارث الهمداني: أتيت أمير المؤمنين (عليه السلام)
ذات يوم نصف النهار فقال: ما جاء بك؟ قلت:
حبك والله، قال (عليه السلام): إن كنت صادقا لتراني في



(1) معاني الأخبار: 390 / 29.
(2) الكافي: 2 / 458 / 20.
(3) أمالي المفيد: 263.
(4) الكافي: 3 / 135 / 15 وص 127 / 2.
(5) الكافي: 3 / 135 / 15 وص 127 / 2.
2973
ثلاثة مواطن: حيث تبلغ نفسك هذه - وأومأ بيده
إلى حنجرته - وعند الصراط، وعند الحوض (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما يموت موال لنا
مبغض لأعدائنا إلا ويحضره رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وأمير المؤمنين والحسن والحسين صلوات
الله عليهم فيرونه ويبشرونه، وإن كان غير
موال لنا يراهم بحيث يسوؤه، والدليل
على ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لحارث
الهمداني:
يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا (2)
- عنه (عليه السلام): ما من مؤمن يحضره الموت
إلا رأى محمدا وعليا (عليهما السلام) حيث تقر
عينه، ولا مشرك يموت إلا رآهما حيث
يسوؤه (3).
- الإمام علي (عليه السلام): من أحبني وجدني عند
مماته بحيث يحب، ومن أبغضني وجدني عند
مماته بحيث يكره (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): انظروا من تحادثون؟
فإنه ليس من أحد ينزل به الموت إلا مثل
له أصحابه إلى الله إن كانوا خيارا فخيارا وإن
كانوا شرارا فشرارا، وليس أحد يموت إلا تمثلت
له عند موته (5).
(انظر) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
1 / 299، البحار: 6 / 173 باب 7.
القلب: باب 3390.
[3740]
ما بعد الموت
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما الموت فيما بعده إلا
كنطحة عنز (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لم يلق ابن آدم شيئا قط منذ
خلقه الله أشد عليه من الموت، ثم إن الموت
لأهون مما بعده (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كفى بالموت طامة يا جبرئيل!
فقال جبرئيل: إن ما بعد الموت أطم وأطم
من الموت (8).
- الإمام علي (عليه السلام): يا عباد الله ما بعد الموت لمن
لم يغفر له أشد من الموت، القبر فاحذروا ضيقه
وضنكه وظلمته وغربته... (9).
[3741]
ميت الأحياء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس من مات فاستراح
بميت، إنما الميت ميت الأحياء (10).
- الإمام علي (عليه السلام): الجاهل ميت بين الأحياء (11).
- عنه (عليه السلام): وآخر قد تسمى عالما وليس به...
فالصورة صورة إنسان، والقلب قلب حيوان،
لا يعرف باب الهدى فيتبعه، ولا باب العمى



(1) الدعوات للراوندي: 249 / 699.
(2) البحار: 6 / 180 / 8 و 82 / 174 / 8.
(3) البحار: 6 / 180 / 8 و 82 / 174 / 8.
(4) صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 86 / 203.
(5) الكافي: 2 / 638 / 3.
(6) كنز العمال: 42214، 42209.
(7) كنز العمال: 42214، 42209.
(8) نور الثقلين: 5 / 506 / 42.
(9) أمالي الطوسي: 28 / 31 و 310 / 625.
(10) أمالي الطوسي: 28 / 31 و 310 / 625.
(11) غرر الحكم: 2118.
2974
فيصد عنه، وذلك ميت الأحياء! (1).
- عنه (عليه السلام): الكذاب والميت سواء، فإن
فضيلة الحي على الميت الثقة به، فإذا لم
يوثق بكلامه بطلت حياته (2).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الزهاد -: ويرون أهل
الدنيا يعظمون موت أجسادهم، وهم أشد إعظاما
لموت قلوب أحيائهم (3).
- عنه (عليه السلام) - في ذكر فتنة بني أمية -:
كان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا،
وأوساطه اكالا، وفقراؤه أمواتا (4).
(انظر) المعروف (2): باب 2699، العدل: باب
2546، المجالسة: باب 526، الفقر:
باب 3221، 3230، القلب: باب 3406.
[3742]
حي الأموات
- الإمام الحسين (عليه السلام) - في مسيره إلى
كربلاء -: إني لا أرى الموت إلا سعادة،
ولا الحياة مع الظالمين إلا برما (5).
- الإمام علي (عليه السلام): لم يمت من ترك أفعالا
يقتدى بها من الخير، من نشر حكمة ذكر بها (6).
(انظر) الشهادة: باب 2112.
العلم: باب 2840.
الحياة: باب 978، 980.
باب: 3748.
[3743]
موت الفجأة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): موت الفجأة أخذة أسف (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): موت الفجأة راحة للمؤمن،
وأخذة أسف للفاجر (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): موت الفجأة راحة للمؤمن
وحسرة للكافر (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن موت الفجأة تخفيف
عن المؤمن، وأخذة أسف (10) عن الكافر (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): موت الفجأة تخفيف على
المؤمنين، ومسخطة على الكافرين (12).
- الإمام علي (عليه السلام): والله ما فجأني من
الموت وارد كرهته، ولا طالع أنكرته، وما
كنت إلا كقارب ورد، وطالب وجد،
وما عند الله خير للأبرار (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مات داود النبي (عليه السلام) يوم
السبت مفجوءا فأظلته الطير بأجنحتها، ومات
موسى كليم الله (عليه السلام) في التيه، فصاح صائح من
السماء مات موسى (عليه السلام) وأي نفس لا تموت؟ (14).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من مات دون الأربعين



(1) نهج البلاغة: الخطبة 87، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6 / 372.
(2) غرر الحكم: 2104.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 230 و 108.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 230 و 108.
(5) تحف العقول: 245.
(6) كنز الفوائد للكراجكي: 1 / 349.
(7) كنز العمال: 42702، 42703.
(8) كنز العمال: 42702، 42703.
(9) مكارم الأخلاق: 2 / 327 / 2656.
(10) الأسف: الغضب.
(11) الكافي: 3 / 112 / 5.
(12) كنز العمال: 42775.
(13) نهج البلاغة: الكتاب 23.
(14) الكافي: 3 / 111 / 4.
2975
فقد اخترم، ومن مات دون أربعة عشر يوما
فموته موت فجأة (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أشراط الساعة أن
يفشو الفالج وموت الفجأة (2).
[3744]
تشييع الجنازة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أول ما يجازى به
المؤمن بعد موته أن يغفر لجميع من تبع جنازته (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أول ما يتحف به
المؤمن يغفر لمن تبع جنازته (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إذا ادخل المؤمن
قبره نودي: ألا إن أول حبائك الجنة،
وحباء من تبعك المغفرة (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ينبغي لأولياء الميت
أن يؤذنوا إخوان الميت بموته، فيشهدون
جنازته ويصلون عليه، فيكسب لهم الأجر
ويكسب لميته الاستغفار (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): سر سنتين بر والديك،
سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا،
سر ميلين شيع جنازة (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من شيع جنازة
امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات،
ولم يقل شيئا إلا قال الملك: ولك مثل ذلك (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من ميت يوضع على
سريره فيخطى به ثلاث خطى إلا نادى بصوت
يسمعه من يشاء الله: يا إخوتاه! ويا حملة
نعشاه! لا تغرنكم الدنيا كما غرتني!
ولا يلعبن بكم الزمان كما لعب بي! اترك
ما تركت لذريتي ولا يحملون عني خطيئتي،
وأنتم تشيعوني ثم تتركوني والجبار
يخاصمني (9) (10).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سئل عن إجابة
الدعوة إلى الجنازة أو الوليمة؟ -: يجيب
الجنازة، فإن حضور الجنازة يذكر الموت
والآخرة، وحضور الولائم يلهي عن ذلك (11).
(انظر) الزواج: باب 1665.
كنز العمال: 15 / 588.
وسائل الشيعة: 2 / 820 باب 2.
[3745]
أدب التشييع
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالسكينة، عليك
بالقصد في المشي بجنائزكم (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما مروا بجنازة تمخض
كما يمخض الزق -: عليكم بالسكينة!



(1) الكافي: 3 / 119 / 1 وص 261 / 39.
(2) الكافي: 3 / 119 / 1 وص 261 / 39.
(3) كنز العمال: 42310.
(4) الكافي: 3 / 173 / 3 وص 172 / 1.
(5) الكافي: 3 / 173 / 3 وص 172 / 1.
(6) علل الشرائع: 301 / 1.
(7) النوادر للراوندي: 5.
(8) أمالي الصدوق: 181 / 3.
(9) راجع البحار: 6 / 258 / 94، وص 259 / 96.
(10) كنز العمال: 42357.
(11) البحار: 81 / 284 / 40.
(12) أمالي الطوسي: 383 / 827.
2976
عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم (1).
- كان رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا تبع جنازة غلبته
كآبة، وأكثر حديث النفس، وأقل الكلام (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر! إذا تبعت جنازة
فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع،
واعلم أنك لاحق به (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إذا كنت في جنازة
فكن كأنك أنت المحمول، وكأنك سألت ربك
الرجعة إلى الدنيا لتعمل عمل من عاش، فإن
الدنيا عند العلماء مثل الظل (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا حملت جنازة فكن
كأنك أنت المحمول، أو كأنك سألت ربك الرجوع
إلى الدنيا لتعمل، فانظر ماذا تستأنف، ثم
قال: عجبا لقوم حبس أولهم على آخرهم، ثم
نادى مناد فيهم بالرحيل وهم يلعبون (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل أهل الجنازة أكثرهم
فيه ذكرا ومن لم يجلس حتى توضع، وأوفاهم
مكيالا من حثا عليها ثلاثا (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما تبع جنازة فسمع
رجلا يضحك -: كأن الموت فيها على غيرنا
كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب،
وكأن الذي نرى من الأموات سفر عما قليل
إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم
كأنا مخلدون بعدهم، ثم قد نسينا كل واعظ
وواعظة، ورمينا بكل فادح وجائحة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): شيع أمير المؤمنين (عليه السلام)
جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها وبكوا،
فقال: ما تبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم
لأذهلهم ذلك عن البكاء عليه، أما والله إن له إليهم
لعودة ثم عودة، حتى لا يبقي منهم أحدا (8).
(انظر) وسائل الشيعة: 2 / 822 باب 3 - 10.
[3746]
الدفن
- الإمام الرضا (عليه السلام): إنما امر بدفن
الميت لئلا يظهر الناس على فساد جسده،
وقبح منظره، وتغير رائحته، ولا يتأذى
الأحياء بريحه وما يدخل عليه من الآفة
والفساد، وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء،
فلا يشمت عدوه ولا يحزن صديقه (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادفنوا موتاكم وسط قوم
صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء
كما يتأذى الحي بجار السوء (10).
- الإمام علي (عليه السلام): أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن
ندفن موتانا وسط قوم صالحين، فإن الموتى
يتأذون بجار السوء كما يتأذى به الأحياء (11).



(1) كنز العمال: 42885.
(2) الدعوات للراوندي: 259 / 736.
(3) مكارم الأخلاق: 2 / 371 / 2661.
(4) الزهد للحسين بن سعيد: 50 / 133 و 77 / 208.
(5) الزهد للحسين بن سعيد: 50 / 133 و 77 / 208.
(6) كنز العمال: 42349.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 122.
(8) البحار: 78 / 65 / 2.
(9) وسائل الشيعة: 2 / 819 / 1.
(10) كنز العمال: 42371، 42916.
(11) كنز العمال: 42371، 42916.
2977
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن المؤمن إذا مات
تجملت المقابر لموته، فليس منها بقعة
إلا وهي تتمنى أن يدفن فيها، وإن الكافر
إذا مات أظلمت المقابر لموته، وليس منها بقعة
إلا وهي تستجير بالله أن لا يدفن فيها (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا مات الميت في الغداة
فلا يقيلن إلا في قبره، وإذا مات بالعشي
فلا يبيتن إلا في قبره (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا مات أحدكم فلا تحبسوه
وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه
بفاتحة البقرة، وعند رجليه بخاتمة البقرة (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا مات الميت أول النهار
فلا يقيل إلا في قبره (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا
أن تضطروا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن أرحم ما يكون الله بالعبد
إذا وضع في حفرته (6).
(انظر) وسائل الشيعة: 2 / 819 باب 1.
[3747]
أشد من الموت
- الإمام علي (عليه السلام): أشد من الموت طلب
الحاجة من غير أهلها (7).
- عنه (عليه السلام): أشد من الموت ما يتمنى
الخلاص منه بالموت (8).
- الإمام العسكري (عليه السلام): خير من الحياة ما
إذا فقدته أبغضت الحياة، وشر من الموت ما
إذا نزل بك أحببت الموت (9).
(انظر) باب: 3740.
[3748]
ما يتبع الإنسان بعد الموت
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يتبع الميت ثلاثة: أهله
وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد،
يرجع أهله وماله، ويبقى عمله (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن مما يلحق المؤمن من
عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره،
وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو
مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو
نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في
صحته وحياته تلحقه من بعد موته (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أربعة تجري عليهم أجورهم
بعد الموت: رجل مات مرابطا (12) في سبيل الله،
ورجل علم علما فأجره يجري عليه ما عمل به،
ورجل أجرى صدقة فأجرها له ما جرت، ورجل
ترك ولدا صالحا يدعو له (13).



(1) كنز العمال: 42375، 42389، 42390.
(2) كنز العمال: 42375، 42389، 42390.
(3) كنز العمال: 42375، 42389، 42390.
(4) الكافي: 3 / 138 / 2.
(5) كنز العمال: 42385، 42386.
(6) كنز العمال: 42385، 42386.
(7) غرر الحكم: 3213.
(8) غرر الحكم: 3366.
(9) تحف العقول: 489.
(10) كنز العمال: 42761.
(11) الترغيب والترهيب: 1 / 99 / 24.
(12) أي: مقيما في مكان الغزو ليحارب في سبيل رفعة الدين، كما
في هامش الترغيب والترهيب.
(13) الترغيب والترهيب: 1 / 119 / 7.
2978
- الإمام الصادق (عليه السلام): ستة يلحقن المؤمن
بعد وفاته: ولد يستغفر له، ومصحف يخلفه،
وغرس يغرسه، وصدقة ماء يجريه، وقليب
يحفره، وسنة يؤخذ بها من بعده (1).
(انظر) الصديق: باب 2119.
العمل (1): باب 2938.
العمل (3): باب 2961.
القبر: باب 3268.
السنة: باب 1913.
عنوان: 555 " الوقف ".



(1) الفقيه: 1 / 185 / 555.
2979
(500)
المال
البحار: 73 / 135 باب 123 " حب المال ".
انظر:
عنوان: 29 " البخل "، 104 " الحرص "، 151 " الخمس "، 185 " الرزق "، 292 " الصدقة ".
422 " الفقر "، 397 " الغنى "، 440 " الإقتصاد "، 521 " الإنفاق "، 202 " الزكاة ".
450 " القناعة "، 404 " الفتنة "، العلم: باب 2835، 2848، المعرفة (3): باب 2657.
الغنى: باب 3119، العزة: باب 2706، الشركة: باب 1999، الحلال: باب 938.
الزواج: باب 1641، الموت: باب 3748، الإمامة (3): باب 252.

2981
[3749]
المال مادة الشهوات
الكتاب
* (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات
الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): المال مادة الشهوات (2).
- عنه (عليه السلام): المال نهب الحوادث (3).
- عنه (عليه السلام): المال يقوي الآمال (4).
- عنه (عليه السلام): المال سلوة الوارث (5).
- عنه (عليه السلام): المال للفتن سبب، وللحوادث
سلب (6).
- عنه (عليه السلام): المال داعية التعب، ومطية
النصب (7).
- عنه (عليه السلام): المال يكرم صاحبه في الدنيا،
ويهينه عند الله سبحانه (8).
- عنه (عليه السلام): المال يرفع صاحبه في الدنيا،
ويضعه في الآخرة (9).
- عنه (عليه السلام): المال وبال على صاحبه إلا
ما قدم منه (10).
- عنه (عليه السلام): المال فتنة النفس ونهب الرزايا (11).
- عنه (عليه السلام): أنا يعسوب المؤمنين، والمال
يعسوب الظلمة، والمال لا يروس إنما
يراس به (12).
- عنه (عليه السلام): أنا يعسوب المؤمنين، والمال
يعسوب الفجار (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الدينار والدرهم أهلكا
من كان قبلكم، وهما مهلكاكم (14).
- ابن مسعود - أنه كان يعطي الناس
عطاءهم، فجاءه رجل فأعطاه ألف درهم، ثم
قال -: خذها، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
إنما أهلك من كان قبلكم الدينار والدرهم،
وهما مهلكاكم (15).
- الإمام علي (عليه السلام): إن مالك لحامدك في
حياتك، ولذامك بعد وفاتك (16).
- عنه (عليه السلام): صاحب المال متعوب (17).
- عنه (عليه السلام): القنية ينبوع الأحزان (18).
- عنه (عليه السلام): بقدر القنية يتضاعف الحزن
والغموم (19).



(1) الكهف: 46.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 58.
(3) غرر الحكم: 377، 577، 378، 1448، 1449، 1836.
(4) غرر الحكم: 377، 577، 378، 1448، 1449، 1836.
(5) غرر الحكم: 377، 577، 378، 1448، 1449، 1836.
(6) غرر الحكم: 377، 577، 378، 1448، 1449، 1836.
(7) غرر الحكم: 377، 577، 378، 1448، 1449، 1836.
(8) غرر الحكم: 377، 577، 378، 1448، 1449، 1836.
(9) غرر الحكم: 1885، 1957، 1988.
(10) غرر الحكم: 1885، 1957، 1988.
(11) غرر الحكم: 1885، 1957، 1988.
(12) معاني الأخبار: 314.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 316.
(14) الكافي: 2 / 316 / 6.
(15) الترغيب والترهيب: 4 / 182 / 69.
(16) غرر الحكم: 3465، 5830، 395، 4278.
(17) غرر الحكم: 3465، 5830، 395، 4278.
(18) غرر الحكم: 3465، 5830، 395، 4278.
(19) غرر الحكم: 3465، 5830، 395، 4278.
2982
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لكل أمة عجل،
وعجل هذه الأمة الدينار والدرهم (1).
[3750]
المال مصيدة إبليس
الكتاب
* (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب
عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد
وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) * (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الشيطان يدير ابن
آدم في كل شئ، فإذا أعياه جثم له عند
المال فأخذ برقبته (3).
- عنه (عليه السلام): يقول إبليس لعنه الله: ما أعياني
في ابن آدم فلن يعييني منه واحدة من ثلاث: أخذ
مال من غير حله، أو منعه من حقه، أو وضعه
في غير وجهه (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الشيطان لعنه الله: لن
يسلم مني صاحب المال من إحدى ثلاث أغدو
عليه بهن وأروح: أخذه من غير حله، وإنفاقه
في غير حقه، واحببه إليه فيمنعه من حقه (5).
- ابن عباس: إن أول درهم ودينار ضربا
في الأرض نظر إليهما إبليس، فلما عاينهما
أخذهما فوضعهما على عينه، ثم ضمهما إلى
صدره ثم صرخ صرخة، ثم ضمهما إلى صدره
ثم قال: أنتما قرة عيني وثمرة فؤادي، ما أبالي
من بني آدم إذا أحبوكما أن لا يعبدوا وثنا، حسبي
من بني آدم أن يحبوكما (6).
(انظر) عنوان: 267 " الشيطان ".
[3751]
آثار حب المال
الكتاب
* (وتحبون المال حبا جما) * (7).
- الإمام علي (عليه السلام): حب المال سبب الفتن (8).
- عنه (عليه السلام): حب المال يفسد المآل (9).
- عنه (عليه السلام): المال يفسد المآل، ويوسع
الآمال (10).
- عنه (عليه السلام): حب المال يقوي الآمال،
ويفسد الأعمال (11).
- عنه (عليه السلام): حب المال يوهن الدين،
ويفسد اليقين (12).
- المسيح (عليه السلام): لا تنظروا إلى أموال أهل
الدنيا، فإن بريق أموالهم يذهب بنور إيمانكم (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - بينما هو جالس إذ قام
أعرابي فيه جفاء فقال: أكلتنا الضبع؟ -: غير ذلك
أخوف عليكم حين تصب عليكم الدنيا صبابا (14)



(1) المحجة البيضاء: 7 / 328.
(2) الإسراء: 64.
(3) الكافي: 2 / 315 / 4.
(4) الخصال: 132 / 141.
(5) الترغيب والترهيب: 4 / 182 / 68.
(6) مستدرك الوسائل: 12 / 63 / 13515.
(7) الفجر: 20.
(8) غرر الحكم: 4871، 4874، 1427، 4875، 4876.
(9) غرر الحكم: 4871، 4874، 1427، 4875، 4876.
(10) غرر الحكم: 4871، 4874، 1427، 4875، 4876.
(11) غرر الحكم: 4871، 4874، 1427، 4875، 4876.
(12) غرر الحكم: 4871، 4874، 1427، 4875، 4876.
(13) المحجة البيضاء: 7 / 328.
(14) الترغيب والترهيب: 4 / 183 / 73.
2983
صبابا (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة عيسى (عليه السلام) -:
ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه [يخزنه]،
ولا مال يلفته (2).
- عنه (عليه السلام): إذا أحب الله سبحانه عبدا بغض
إليه المال وقصر منه الآمال، إذا أراد الله بعبد شرا
حبب إليه المال وبسط منه الآمال (3).
(انظر) السكر: باب 1843.
[3752]
حب المال من الحلال
الكتاب
* (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا
الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على
المتقين) * (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا خير فيمن لا يحب
جمع المال من الحلال، فيكف به وجهه ويقضي
به دينه (5).
- عنه (عليه السلام): لا خير فيمن لا يحب جمع المال
من حلال، يكف به وجهه ويقضي به دينه ويصل
به رحمه (6).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): استثمار المال
تمام المروة (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من المروءة استصلاح
المال (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عليك بإصلاح المال،
فإن فيه منبهة (8) للكريم واستغناء عن اللئيم (9).
- الإمام علي (عليه السلام): لم يكتسب مالا من
لم يصلحه (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم المال الصالح
للرجل الصالح (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): نعم العون الدنيا
على الآخرة (12).
- الإمام علي (عليه السلام): الغنى يسود غير السيد،
المال يقوي غير الأيد (13).
- عنه (عليه السلام): الدولة ترد خطأ صاحبها
صوابا، وصواب ضده خطاءا (14).
- عنه (عليه السلام): الغنى في الغربة وطن، والفقر
في الوطن غربة (15).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): سباب المؤمن فسق، وقتاله
كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله
كحرمة دمه (16).



(1) الترغيب والترهيب: 4 / 183 / 73.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 160
(3) غرر الحكم: (4110 - 4111).
(4) البقرة: 180.
(5) ثواب الأعمال: 215 / 1.
(5) الكافي: 5 / 72 / 5 و 1 / 20 / 12.
(6) الكافي: 5 / 72 / 5 و 1 / 20 / 12.
(7) الفقيه: 3 / 166 / 3616.
(8) منبهة: أي مشرفة ومعلاة، من النباهة يقال: نبه ينبه إذا صار
نبيها شريفا. النهاية: 5 / 11.
(9) الكافي: 5 / 88 / 6.
(10) غرر الحكم: 7543.
(11) تنبيه الخواطر: 1 / 158.
(12) الكافي: 5 / 72 / 8.
(13) غرر الحكم: (460 - 461)، 1806.
(14) غرر الحكم: (460 - 461)، 1806.
(15) نهج البلاغة: الحكمة 56.
(16) الفقيه: 3 / 569 / 4946.
2984
(انظر) الشهادة (2): باب 2119.
[3753]
كثرة المال
الكتاب
* (ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر) * (1).
* (ويل لكل همزة لمزة * الذي جمع مالا وعدده *
يحسب أن ماله أخلده) * (2).
* (ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا *
وبنين شهودا) * (3).
* (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في
سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) * (4).
(انظر) القصص: 76، 82، المعارج: 17، 18،
الكهف: 34، الحديد: 20، التوبة: 69،
يونس: 88، سبأ: 35.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما قرب عبد من سلطان إلا
تباعد من الله تعالى، ولا كثر ماله إلا اشتد حسابه،
ولا كثر تبعه إلا كثر شياطينه (5).
- الإمام علي (عليه السلام): كثرة المال تفسد القلوب
وتنشئ الذنوب (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): أتى أبا ذر رجل فبشره
بغنم له قد ولدت، فقال: يا أبا ذر! أبشر فقد ولدت
غنمك وكثرت! فقال: ما يسرني كثرتها فما أحب
ذلك! فما قل وكفى أحب إلى مما كثر وألهى (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما مشى في حرة بالمدينة
حتى استقبل أحد ومعه أبو ذر -: ما يسرني
أن عندي مثل أحد هذا ذهبا تمضي عليه ثالثة
وعندي منه دينار إلا شئ أرصده لدين، إلا
أن أقول في عباد الله: هكذا وهكذا وهكذا عن
يمينه وعن شماله وعن خلفه. ثم سار فقال: إن
الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال:
هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن
خلفه وقليل ما هم (8).
- أبو ذر: خرجت ليلة من الليالي فإذا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمشي وحده وليس معه إنسان،
فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد.
قال: فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت
فرآني فقال: من هذا؟ قلت: أبو ذر جعلني
الله فداك، قال: يا أبا ذر! تعال، فمشيت معه
ساعة فقال: إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة،
إلا من أعطاه الله خيرا فنفح منه بيمينه وشماله
وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا.
قال: فمشيت معه ساعة، فقال لي: اجلس
هاهنا، وأجلسني في قاع حوله حجارة فقال لي:
اجلس حتى أرجع إليك، قال: فانطلق في الحرة
حتى لم أره وتوارى عني (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما أعطى الله عبدا ثلاثين
ألفا وهو يريد به خيرا، وقال: ما جمع رجل قط



(1) التكاثر: 1، 2.
(2) الهمزة: 1 - 3.
(3) المدثر: 11 - 13.
(4) التوبة: 34.
(5) النوادر للراوندي: 4.
(6) غرر الحكم: 7109.
(7) البحار: 74 / 102 / 57.
(8) الترغيب والترهيب: 4 / 184 / 75.
(9) التوحيد: 409 / 9.
2985
عشرة آلاف درهم من حل، وقد يجمعها لأقوام،
إذا أعطى القوت ورزق العمل فقد جمع الله له
الدنيا والآخرة (1).
- الإمام علي (عليه السلام): ليس الخير أن يكثر مالك
وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، وأن يعظم
حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك (2).
- عنه (عليه السلام): تكثرك بما لا يبقى لك ولا تبقى
له من أعظم الجهل (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما كثر مال رجل قط إلا
عظمت الحجة لله تعالى عليه، فإن قدرتم أن
تدفعوها عن أنفسكم فافعلوا، فقيل: بماذا؟
قال: بقضاء حوائج إخوانكم من أموالكم (4).
- عنه (عليه السلام): فيما ناجى الله تعالى به موسى (عليه السلام):
لا تغبط أحدا بكثرة المال، فإن مع كثرة
المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق (5).
- عنه (عليه السلام): طلبت فراغ القلب فوجدته في
قلة المال (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أخشى عليكم الفقر،
ولكني أخشى عليكم التكاثر (7).
- الإمام الرضا (عليه السلام): لا يجتمع المال إلا
بخصال خمس: ببخل شديد، وأمل طويل،
وحرص غالب، وقطيعة الرحم، وإيثار الدنيا
على الآخرة (8).
- الإمام علي (عليه السلام): فلا يغرنك سواد الناس
من نفسك، وقد رأيت من كان قبلك ممن جمع
المال، وحذر الإقلال، وأمن العواقب - طول
أمل واستبعاد أجل - كيف نزل به الموت فأزعجه
عن وطنه... أما رأيتم الذين يأملون بعيدا،
ويبنون مشيدا، ويجمعون كثيرا! كيف أصبحت
بيوتهم قبورا، وما جمعوا بورا، وصارت أموالهم
للوارثين، وأزواجهم لقوم آخرين! (9).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سئل عن الدنانير
والدراهم وما على الناس فيها -: هي خواتيم
الله في أرضه، جعلها الله مصلحة لخلقه وبها
تستقيم شؤونهم ومطالبهم، فمن أكثر له منها فقام
بحق الله تعالى فيها وأدى زكاتها فذاك الذي
طابت وخلصت له، ومن أكثر له منها فبخل بها ولم
يؤد حق الله فيها واتخذ منها الآنية فذاك الذي حق
عليه وعيد الله عز وجل في كتابه، قال الله: * (يوم
يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم
وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم
فذوقوا ما كنتم تكنزون) * (10).
كلام في معنى الكنز:
لا ريب أن المجتمع الذي أوجده الإنسان
بحسب طبعه الأولي إنما يقوم بمبادلة المال
والعمل، ولولا ذلك لم يعش المجتمع الإنساني

2986
ولا طرفة عين، فإنما يتزود الإنسان من مجتمعه
بأن يحرز أمورا من أوليات المادة الأرضية
ويعمل عليها ما يسعه من العمل ثم يقتني من
ذلك لنفسه ما يحتاج إليه، ويعوض ما يزيد على
حاجته من سائر ما يحتاج إليه مما عند غيره
من أفراد المجتمع، كالخباز يأخذ لنفسه من
الخبز ما يقتات به ويعوض الزائد عليه من الثوب
الذي نسجه النساج... وهكذا، فإنما أعمال
المجتمعين في ظرف اجتماعهم بيع وشرى
ومبادلة ومعاوضة.
والذي يتحصل من الأبحاث الاقتصادية أن
الإنسان الأولي كان يعوض في معاملاته العين
بالعين من غير أن يكونوا متنبهين لأزيد من
ذلك، غير أن النسب بين الأعيان كانت تختلف
عندهم باشتداد الحاجة وعدمه، وبوفور الأعيان
المحتاج إليها وإعوازها، فكلما كانت العين أمس
بحاجة الإنسان أو قل وجودها توفرت الرغبات
إلى تحصيلها، وارتفعت نسبتها إلى غيرها، وكلما
بعدت عن مسيس الحاجة أو ابتذلت بالكثرة
والوفور انصرفت النفوس عنها وانخفضت نسبتها
إلى غيرها، وهذا هو أصل القيمة.
ثم إنهم عمدوا إلى بعض الأعيان العزيزة
الوجود عندهم فجعلوها أصلا في القيمة تقاس
إليه سائر الأعيان المالية بمالها من مختلف
النسب كالحنطة والبيضة والملح، فصارت مدارا
تدور عليها المبادلات السوقية، وهذه السليقة
دائرة بينهم في بعض المجتمعات الصغيرة في
القرى وبين القبائل البدوية حتى اليوم.
ولم يزالوا على ذلك حتى ظفروا ببعض
الفلزات كالذهب والفضة والنحاس ونحوها،
فجعلوها أصلا إليه يعود نسب سائر الأعيان من
جهة قيمها، ومقياسا واحدا يقاس إليها غيرها،
فهي النقود القائمة بنفسها وغيرها يقوم بها.
ثم آل الأمر إلى أن يحوز الذهب المقام الأول
والفضة تتلوه، ويتلوها غيرهما، وسكت الجميع
بالسكك الملوكية أو الدولية، فصارت دينارا
ودرهما وفلسا وغير ذلك بما يطول شرحه على
خروجه من غرض البحث.
فلم يلبث النقدان حتى عادا أصلا في القيمة
بهما يقوم كل شئ، وإليهما يقاس ما عند الإنسان
من مال أو عمل، وفيهما يرتكز ارتفاع كل حاجة
حيوية، وهما ملاك الثروة والوجد كالمتعلق بهما
روح المجتمع في حياته يختل أمره باختلال
أمرهما، إذا جريا في سوق المعاملات جرت
المعاملات بجريانهما، وإذا وقفا وقفت.
وقد أوضحت ما عليهما من الوظيفة المحولة
إليهما في المجتمعات الإنسانية - من حفظ قيم
الأمتعة والأعمال، وتشخيص نسب بعضها إلى
بعض - الأوراق الرسمية الدائرة اليوم فيما بين
الناس كالبوند والدولار وغيرهما والصكوك
البنجية المنتشرة فإنها تمثل قيم الأشياء من غير
أن تتضمن عينية لها قيمة في نفسها، فهي قيم
خالصة مجردة تقريبا.
فالتأمل في مكانة الذهب والفضة الاجتماعية
- بما هما نقدان حافظان للقيم، ومقياسان يقاس
إليهما الأمتعة والأموال بمالها من النسب الدائرة

2987
بينها - تنور أنهما ممثلان لنسب الأشياء بعضها
إلى بعض، وإذ كانت بحسب الاعتبار ممثلات
للنسب - وإن شئت فقل: نفس النسب - تبطل
النسب ببطلان اعتبارها، وتحبس بحبسها ومنع
جريانها، وتقف بوقوفها.
وقد شاهدنا في الحربين العالميين الأخيرين
ماذا أوجده بطلان اعتبار نقود بعض الدول -
كالمنات في الدولة التزارية والمارك في الجرمن -
من البلوى وسقوط الثروة واختلال أمر الناس في
حياتهم، والحال في كنزهما ومنع جريانهما بين
الناس هذا الحال.
وإلى ذلك يشير قول أبي جعفر (عليه السلام) في رواية
الأمالي المتقدمة: جعلها الله مصلحة لخلقه، وبها
يستقيم شؤونهم ومطالبهم.
ومن هنا يظهر أن كنزهما إبطال لقيم الأشياء
وإماتة لما في وسع المكنوز منهما من إحياء
المعاملات الدائرة وقيام السوق في المجتمع على
ساقه، وببطلان المعاملات وتعطل الأسواق تبطل
حياة المجتمع، وبنسبة مالها من الركود والوقوف
تقف وتضعف.
لست أريد خزنهما في مخازن تختص بهما،
فإن حفظ نفائس الأموال وكرائم الأمتعة من
الضيعة من الواجبات التي تهدي إليه الغريزة
الإنسانية ويستحسنه العقل السليم، فكلما جرت
وجوه النقد في سبيل المعاملات كيفما كان فهو،
وإذا رجعت فمن الواجب أن تختزن وتحفظ من
الضيعة وما يهددها من أيادي الغصب والسرقة
والغيلة والخيانة.
وإنما أعني به كنزهما وجعلهما في معزل
عن الجريان في المعاملات السوقية والدوران
لإصلاح أي شأن من شؤون الحياة ورفع الحوائج
العاكفة على المجتمع كإشباع جائع وإرواء
عطشان وكسوة عريان وربح كاسب وانتفاع
عامل ونماء مال وعلاج مريض وفك أسير وإنجاء
غريم والكشف عن مكروب والتفريج عن مهموم
وإجابة مضطر والدفع عن بيضة المجتمع الصالح
وإصلاح ما فسد من الجو الاجتماعي وهي موارد
لا تحصى واجبة أو مندوبة أو مباحة لا يتعدى
فيها حد الاعتدال إلى جانبي الإفراط والتفريط
والبخل والتبذير، والمندوب من الإنفاق وإن
لم يكن في تركه مأثم ولا إجرام شرعا ولا عقلا
غير أن التسبب إلى إبطال المندوبات من
رأس والاحتيال لرفع موضوعها من أشد الجرم
والمعصية.
اعتبر ذلك فيما بين يديك من الحياة اليومية
بما يتعلق به من شؤون المسكن والمنكح والمأكل
والمشرب والملبس تجد أن ترك النفل المستحب
من شؤون الحياة والمعاش والاقتصار دقيقا
على الضروري منها - الذي هو بمنزلة الواجب
الشرعي - يوجب اختلال أمر الحياة اختلالا
لا يجبره جابر ولا يسد طريق الفساد فيه ساد.
المال 2989
وبهذا البيان يظهر أن قوله تعالى: * (والذين
يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله
فبشرهم بعذاب أليم) * ليس من البعيد أن يكون
مطلقا يشمل الإنفاق المندوب بالعناية التي
مرت، فإن في كنز الأموال رفعا لموضوع

2988
الإنفاق المندوب كالانفاق الواجب، لا مجرد عدم
الإنفاق مع صلاحية الموضوع لذلك.
وبذلك يتبين أيضا معنى ما خاطب به أبو ذر
عثمان بن عفان لما دخل عليه على ما تقدم في
رواية الطبري حيث قال له: لا ترضوا من الناس
بكف الأذى حتى يبذلوا المعروف، وقد ينبغي
لمؤدي الزكاة أن لا يقتصر عليها حتى يحسن إلى
الجيران والإخوان ويصل القرابات.
فإن لفظه كالصريح أو هو صريح في أنه لا يرى كل
إنفاق فيما يفضل من المؤنة بعد الزكاة واجبا،
وأنه يقسم الإنفاق في سبيل الله إلى ما يجب وما
ينبغي، غير أنه يعترض بانقطاع سبل الإنفاق من
غير جهة الزكاة وانسداد باب الخيرات بالكلية،
وفي ذلك إبطال غرض التشريع وإفساد المصلحة
العامة المشرعة.
يقول: ليست هي حكومة استبدادية
قيصرانية أو كسروانية، لا وظيفة لها إلا بسط
الأمن وكف الأذى بالمنع عن إيذاء بعض الناس
بعضا، ثم الناس أحرار فيما فعلوا غير ممنوعين
عما اشتهوا من عمل أفرطوا أو فرطوا، أصلحوا أو
أفسدوا، اهتدوا أو ضلوا وتاهوا، والمتقلد
لحكومتهم حر فيما عمل ولا يسأل عما يفعل.
وإنما هي حكومة اجتماعية دينية لا ترضى
عن الناس بمجرد كف الأذى، بل تسوق الناس
في جميع شؤون معيشتهم إلى ما يصلح لهم
ويهيئ لكل من طبقات المجتمع - من أميرهم
ومأمورهم ورئيسهم ومرؤوسهم ومخدومهم
وخادمهم وغنيهم وفقيرهم وقويهم وضعيفهم - ما
يسع له من سعادة حياتهم، فترفع حاجة الغني
بإمداد الفقير وحاجة الفقير بمال الغني، وتحفظ
مكانة القوي باحترام الضعيف وحياة الضعيف
برأفة القوي ومراقبته، ومصدرية العالي بطاعة
الداني وطاعة الداني بنصفة العالي وعدله، ولا يتم
هذا كله إلا بنشر المبرات وفتح باب الخيرات،
والعمل بالواجبات على ما يليق بها والمندوبات
على ما يليق بها، وأما القصر على القدر الواجب
وترك الإنفاق المندوب من رأس فإن فيه هدما
لأساس الحياة الدينية، وإبطالا لغرض الشارع،
وسيرا حثيثا إلى نظام مختل وهرج ومرج وفساد
عريق لا يصلحه شئ، كل ذلك عن المسامحة في
إحياء غرض الدين، والمداهنة مع الظالمين * (إلا
تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) *.
وكذلك قول أبي ذر لمعاوية فيما تقدم من
رواية الطبري: ما يدعوك إلى أن تسمي مال
المسلمين مال الله؟ قال: يرحمك الله يا أبا ذر
ألسنا عباد الله والمال ماله والخلق خلقه والأمر
أمره؟ قال: فلا تقله.
فإن الكلمة التي كان يقولها معاوية وعماله
ومن بعده من خلفاء بني أمية وإن كانت كلمة حق
وقد رويت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويدل عليها كتاب الله،
لكنهم كانوا يستنتجون منه خلاف ما يريده الله
سبحانه، فإن المراد به أن المال لا يختص به أحد
بعزة أو قوة أو سيطرة وإنما هو لله ينفق في سبيله
على حسب ما عينه من موارد إنفاقه، فإن كان مما
اقتناه الفرد بكسب أو إرث أو نحوهما فله حكمه،
وإن كان مما حصلته الحكومة الإسلامية من

2989
غنيمة أو جزية أو خراج أو صدقات أو نحو ذلك
فله أيضا موارد إنفاق معينة في الدين، وليس في
شئ من ذلك لوالي الأمر أن يخص نفسه أو
واحدا من أهل بيته بشئ يزيد على لازم مؤنته
فضلا أن يكنز الكنوز ويرفع به القصور ويتخذ
الحجاب ويعيش عيشة قيصر وكسرى.
وأما هؤلاء فإنما كانوا يقولونه دفعا
لاعتراض الناس عليهم - في صرف مال
المسلمين في سبيل شهواتهم وبذله فيما لا يرضى
الله، ومنعه أهليه ومستحقيه - أن المال للمسلمين
تصرفونه في غير سبيلهم! فيقولون: إن المال مال
الله ونحن امناؤه نعمل فيه بما نراه، فيستبيحون
بذلك اللعب بمال الله كيف شاؤوا، ويستنتجون به
صحة عملهم فيه بما أرادوا، وهو لا ينتج إلا
خلافه، ومال الله ومال المسلمين بمعنى واحد،
وقد أخذوهما لمعنيين اثنين يدفع أحدهما
الآخر.
ولو كان مراد معاوية بقوله: " المال مال الله "
هو الصحيح من معناه لم يكن معنى لخروج أبي ذر
من عنده وندائه في الملأ من الناس: بشر
الكانزين بكي في الجباه وكي في الجنوب وكي
في الظهور.
على أن معاوية قد قال لأبي ذر: إنه يرى أن
آية الكنز خاصة بأهل الكتاب، وربما كان من
أسباب سوء ظنه بهم إصرارهم عند كتابة مصحف
عثمان أن يحذفوا الواو من قوله: * (والذين
يكنزون الذهب...) * إلخ حتى هددهم أبي بالقتال
إن لم يلحقوا الواو فألحقوها، وقد مرت الرواية.
فالقصة في حديث الطبري عن سيف عن
شعيب وإن سيقت بحيث تقضي على أبي ذر بأنه
كان مخطئا فيما اجتهد به - كما اعترف به الطبري
في أول كلامه - غير أن أطراف القصة تقضي
بإصابته.
وبالجملة: فالآية تدل على حرمة كنز الذهب
والفضة فيما كان هناك سبيل لله يجب إنفاقه فيه،
وضرورة داعية إليه لمستحقي الزكاة مع الامتناع
من تأديتها، والدفاع الواجب مع عدم النفقة
وانقطاع سبيل البر والإحسان بين الناس.
ولا فرق في تعلق وجوب الإنفاق بين المال
الظاهر الجاري في الأسواق وبين الكنز المدفون
في الأرض، غير أن الكنز يختص بشئ زائد وهو
خيانة ولي الأمر في ستر المال وغروره، كما تقدم
ذكره في البيان المتقدم (1).
[3754]
النهي عن عبودية المال
- الإمام الحسين (عليه السلام): مالك إن لم يكن لك
كنت له، فلا تبق عليه فإنه لا يبقي عليك، وكله
قبل أن يأكلك! (2).
أقول: ولنعم ما قيل في تفسير الزهد
أنه " ليس الزهد أن لا تملك شيئا، بل الزهد
أن لا يملكك شئ ".
[3755]
حق المال على صاحبه
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): أما حق مالك فأن



(1) الميزان: 9 / 261 - 266.
(2) الدرة الباهرة: 29.
2990
لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في
وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك،
فاعمل فيه بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء
بالحسرة والندامة مع السعة (1).
(انظر) باب: 3758، 3759.
[3756]
أصناف الناس في جمع المال
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تكون أمتي في الدنيا
ثلاثة أطباق: أما الطبق الأول فلا يحبون جمع
المال وادخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره،
وإنما رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر عورة،
وغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فأولئك الآمنون
الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأما الطبق الثاني فإنهم يحبون جمع
المال من أطيب وجوهه وأحسن سبله، يصلون به
أرحامهم، ويبرون به إخوانهم ويواسون به
فقراءهم، ولعض أحدهم على الرضف أيسر عليه
من أن يكتسب درهما من غير حله، أو يمنعه من
حقه أن يكون له خازنا إلى حين موته، فأولئك
الذين إن نوقشوا عذبوا وإن عفي عنهم سلموا.
وأما الطبق الثالث فإنهم يحبون جمع المال
مما حل وحرم، ومنعه مما افترض ووجب، إن
أنفقوه أنفقوا إسرافا وبدارا، وإن أمسكوه أمسكوا
بخلا واحتكارا، أولئك الذين ملكت الدنيا زمام
قلوبهم حتى أوردتهم النار بذنوبهم (2).
[3757]
من يرى ماله في ميزان غيره
- الإمام علي (عليه السلام): إن أعظم الحسرات يوم
القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة الله،
فورثه رجل فأنفقه في طاعة الله سبحانه، فدخل
به الجنة ودخل الأول به النار (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) * -:
هو الرجل يدع المال لا ينفقه في طاعة الله
بخلا، ثم يموت فيدعه لمن هو يعمل به
في طاعة الله أو في معصيته، فإن عمل به
في طاعة الله رآه في ميزان غيره فزاده حسرة
وقد كان المال له، أو من عمل به في معصية
الله قواه بذلك المال حتى أعمل به في
معاصي الله (4).
- الإمام الباقر أو الصادق (عليهما السلام) - أيضا -: الرجل
يكسب مالا فيحرم أن يعمل خيرا، فيموت فيرثه
غيره فيعمل فيه عملا صالحا، فيرى الرجل ما
كسب حسنات في ميزان غيره (5).
- الإمام علي (عليه السلام): يا بن آدم! كن وصي
نفسك في مالك، واعمل فيه ما تؤثر أن يعمل
فيه من بعدك (6).
(انظر) الحسرة: باب 857.



(1) الخصال: 569.
(2) أعلام الدين: 341 / 29.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 429.
(4) تفسير العياشي: 1 / 72 / 144.
(5) أمالي المفيد: 205 / 35.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 254.
2991
[3758]
من كسب مالا من غير حله
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كسب مالا من غير حله
أفقره الله (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: من لم يبال من
أي باب اكتسب الدينار والدرهم لم ابال يوم
القيامة من أي أبواب النار أدخلته (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من لم يبال من أين اكتسب المال
لم يبال الله من أين أدخله النار (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من اكتسب مالا من غير حله
كان راده إلى النار (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من كسب مالا من غير
حله سلط عليه البناء والطين والماء (5).
- عنه (عليه السلام): إن لله تبارك وتعالى بقاعا
تسمى المنتقمة، فإذا أعطى الله عبدا مالا
ثم لم يخرج حق الله عز وجل منه سلط الله
عليه بقعة من تلك البقاع فأتلف ذلك المال
فيها ثم مات وتركها (6).
- الإمام علي (عليه السلام): من يكسب مالا من غير
حقه يصرفه في غير أجره (7).
- عنه (عليه السلام): من يكتسب مالا من غير حله
يصرفه في غير حقه (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من طلب المال بغير
حق حرم بقاؤه له بحق (9).
- عنه (عليه السلام) - لما دخل عليه قوم من
أهل خراسان فقال ابتداء -: من جمع
مالا من مهاوش أذهبه الله في نهابر، فقالوا:
جعلنا فداك لانفهم هذا الكلام، فقال (عليه السلام): " از باد
آيد بدم بشود " (10).
(انظر) وسائل الشيعة: 6 / 20 باب 5.
عنوان: 124 " الحلال ".
[3759]
من وضع ماله في غير حقه
- الإمام علي (عليه السلام): من كان له مال فإياه
والفساد، فإن اعطاءك المال في غير وجهه
تبذير (11) وإسراف، وهو يرفع ذكر صاحبه في
الناس، ويضعه عند الله. ولم يضع امرء ماله في
غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه شكرهم وكان
خيره لغيره، فإن بقي معه منهم من يريه الود
ويظهر له الشكر فإنما هو ملق وكذب (12).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إن الله عز وجل يبغض



(1) أمالي الطوسي: 182 / 306.
(2) الإختصاص: 249.
(3) البحار: 103 / 13 / 63.
(4) الإختصاص: 249.
(5) المحاسن: 2 / 445 / 2528.
(6) تنبيه الخواطر: 2 / 10.
(7) تحف العقول: 94.
(8) غرر الحكم: 8883.
(9) تحف العقول: 321.
(10) البحار: 47 / 84 / 77.
(11) في بعض النسخ: " في غيره " وفي الأمالي: " غير حقه تبذير ".
كما في هامش المصدر.
(12) تحف العقول: 185.
2992
القيل والقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إذا حدثتكم بشئ
فاسألوني عن كتاب الله، ثم قال في حديثه:
إن الله نهى عن القيل والقال، وفساد المال،
وكثرة السؤال. فقالوا: يا ابن رسول الله وأين
هذا من كتاب الله؟ قال: إن الله عز وجل يقول
في كتابه: * (لا خير في كثير من نجواهم...) * (2)
وقال: * (لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل
الله لكم قياما) * (3) وقال: * (لا تسألوا عن أشياء
إن تبد لكم تسؤكم) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله كره لكم ثلاثا:
قيل وقال وإضاعة المال، وكثرة السؤال (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ليس الزهادة في الدنيا بتحريم
الحلال، ولا في إضاعة المال (6).
[3760]
المال ما أفاد الرجال
- الإمام علي (عليه السلام): المال ما أفاد الرجال (7).
- عنه (عليه السلام): من جمع المال لينفع به الناس
أطاعوه، ومن جمع لنفسه أضاعوه (8).
- عنه (عليه السلام): المال يكرم صاحبه ما بذله،
ويهينه ما بخل به (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لك في مالك ثلاثا
شركاء: أنت، والتلف، والوارث، فإن استطعت
أن لا تكون أعجزهم فافعل (11).
- الإمام علي (عليه السلام): المال لا ينفعك حتى
يفارقك (12).
- عنه (عليه السلام): إن إعطاء هذا المال قنية،
وإن إمساكه فتنة (13).
- عنه (عليه السلام): المال وبال على صاحبه إلا
ما قدم منه (14).
- عنه (عليه السلام): إن إنفاق هذا المال في طاعة
الله أعظم نعمة، وإن إنفاقه في معاصيه
أعظم محنة (15).
- عنه (عليه السلام): إن العبد إذا مات قالت الملائكة:
ما قدم؟ وقال الناس: ما أخر؟ فقدموا فضلا يكن
لكم، ولا تؤخروا كيلا يكون حسرة عليكم، فإن
المحروم من حرم خير ماله، والمغبوط من ثقل
بالصدقات والخيرات موازينه (16).
- عنه (عليه السلام): أمسك من المال بقدر ضرورتك،
وقدم الفضل ليوم حاجتك (17).
[3761]
أفضل المال
- الإمام علي (عليه السلام): أفضل المال ما وقي به



(1) الكافي: 5 / 301 / 5.
(2) النساء: 114، 5.
(3) النساء: 114، 5.
(4) الكافي: 5 / 300 / 2 والآية: المائدة: 101.
(5) صحيح البخاري: 1407.
(6) سنن ابن ماجة: 4100.
(8) غرر الحكم: 508، 8576.
(9) غرر الحكم: 508، 8576.
(10) غرر الحكم: 1838.
(11) كنز العمال: 161147.
(12) غرر الحكم: 1452، 3391، 1957، 3392.
(13) غرر الحكم: 1452، 3391، 1957، 3392.
(14) غرر الحكم: 1452، 3391، 1957، 3392.
(15) غرر الحكم: 1452، 3391، 1957، 3392.
(16) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 298 / 56.
(17) نهج البلاغة: الكتاب 21.
2993
العرض، وقضيت به الحقوق (1).
- عنه (عليه السلام): خير مالك ما أعانك على
حاجتك (2).
- الإمام الرضا (عليه السلام): خير مال المرء ذخائر
الصدقة (3).
- الإمام علي (عليه السلام): أفضل المال ما قضيت
به الحقوق (4).
- عنه (عليه السلام): أفضل المال ما استرق به
الأحرار (5).
- عنه (عليه السلام): أفضل الأموال ما استرق
به الرجال (6).
- عنه (عليه السلام): أفضل الأموال أحسنها أثرا
عليك (7).
- عنه (عليه السلام): إن خير المال ما كسب ثناء
وشكرا، وأوجب ثوابا وأجرا (8).
- عنه (عليه السلام): إن خير المال ما أورثك ذخرا
وذكرا، وأكسبك حمدا وأجرا (9).
- عنه (عليه السلام): خير أموالك ما كفاك (10).
[3762]
أنفع المال
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا مال أنفع من القنوع
باليسير المجزي (11).
- الإمام علي (عليه السلام): لا مال أعود من العقل (12).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): سئل أبو ذر ما مالك؟
قال: عملي، قيل له: إنما نسألك عن
الذهب والفضة؟ فقال: ما أصبح فلا أمسي
وما أمسي فلا أصبح، لنا كندوج نرفع فيه
خير متاعنا، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كندوج
المؤمن قبره (13).
- الإمام علي (عليه السلام): المال لا ينفعك حتى
يفارقك (14).
(انظر) الدنيا: باب 1238 حديث 5924.
[3763]
المال مال الله
الكتاب
* (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * (15).
* (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع
الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك
الخير إنك على كل شئ قدير) * (16).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المال مال الله عز وجل،
جعله ودائع عند خلقه، وأمرهم أن يأكلوا منه
قصدا، ويشربوا منه قصدا، ويلبسوا منه قصدا،
وينكحوا منه قصدا، ويركبوا منه قصدا، ويعودوا
بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، فمن تعدى



(1) البحار: 78 / 7 / 60 وص 12 / 70.
(2) البحار: 78 / 7 / 60 وص 12 / 70.
(3) تنبيه الخواطر: 2 / 182.
(4) غرر الحكم: 3250، 2953، 2955، 3145، 3572، 3600، 5034.
(5) غرر الحكم: 3250، 2953، 2955، 3145، 3572، 3600، 5034.
(6) غرر الحكم: 3250، 2953، 2955، 3145، 3572، 3600، 5034.
(7) غرر الحكم: 3250، 2953، 2955، 3145، 3572، 3600، 5034.
(8) غرر الحكم: 3250، 2953، 2955، 3145، 3572، 3600، 5034.
(9) غرر الحكم: 3250، 2953، 2955، 3145، 3572، 3600، 5034.
(10) غرر الحكم: 3250، 2953، 2955، 3145، 3572، 3600، 5034.
(11) البحار: 69 / 400 / 93.
(12) البحار: 1 / 94 / 24.
(13) أمالي الطوسي: 702 / 1501.
(14) غرر الحكم: 1452.
(15) النور: 33.
(16) آل عمران: 26.
2994
ذلك كان ما أكله حراما، وما شرب منه
حراما وما لبسه منه حراما، وما نكحه منه
حراما، وما ركبه منه حراما (1).
- عنه (عليه السلام): أترى الله أعطى من أعطى من كرامته
عليه، ومنع من منع من هوان به عليه؟! لا!
ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع،
وجوز لهم أن يأكلوا قصدا، ويلبسوا قصدا،
وينكحوا قصدا، ويركبوا قصدا، ويعودوا بما
سوى ذلك على فقراء المؤمنين، ويلموا به
شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا،
ويشرب حلالا، ويركب وينكح حلالا، ومن عدا
ذلك كان عليه حراما.
ثم قال: * (لا تسرفوا إنه لا يحب
المسرفين) * أترى الله ائتمن رجلا على مال،
له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم ويجزيه
فرس بعشرين درهما؟ ويشتري جارية بألف
دينار ويجزيه بعشرين دينارا؟ وقال:
* (لا تسرفوا...) * (2).
- عنه (عليه السلام): إنما أعطاكم الله هذه الفضول
من الأموال لتوجهوها حيث وجهها الله عز وجل،
ولم يعطكموها لتكنزوها (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وهو يقرأ * (ألهاكم
التكاثر) * -: يقول ابن آدم: مالي مالي،
وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت،
أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟! (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يقول العبد: مالي مالي،
وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى،
أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى، ما سوى ذلك
فهو ذاهب وتاركه للناس (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يقول ابن آدم: ملكي ملكي،
ومالي مالي، يا مسكين! أين كنت حيث كان
الملك ولم تكن، وهل لك إلا ما أكلت فأفنيت،
أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت؟! إما
مرحوم به وإما معاقب عليه، فاعقل أن لا يكون
مال غيرك أحب إليك من مالك (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يقول ابن آدم: مالي مالي،
هل لك من مالك إلا ما تصدقت فأبقيت، أو
أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت؟! (7).
(انظر) المعرفة (3): باب 2657 " مالك ".
الملك: باب 3701 " مالك الملك ".
[3764]
تساوي الناس في مال الله
2996 ميزان الحكمة
- أبو جعفر الإسكافي: ثم بويع - يعني
الإمام علي (عليه السلام) - وصعد المنبر في اليوم الثاني
من يوم البيعة، وهو يوم السبت لإحدى عشرة ليلة
بقين من ذي الحجة فحمد الله وأثنى عليه... ثم
التفت (عليه السلام) يمينا وشمالا، فقال: ألا لا يقولن رجال
منكم غدا: قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار،
وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة،



(1) البحار: 103 / 16 / 74 و 79 / 304 / 17.
(2) البحار: 103 / 16 / 74 و 79 / 304 / 17.
(3) الفقيه: 2 / 57 / 1693.
(4) الترغيب والترهيب: 4 / 172 / 37.
(5) الترغيب والترهيب: 4 / 172 / 36.
(6) البحار: 71 / 356 / 17.
(7) تنبيه الخواطر: 1 / 156.
2995
واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا
وشنارا، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه،
وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون
ذلك ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب
حقوقنا! ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه يرى أن
الفضل له على من سواه لصحبته، فإن الفضل النير
غدا عند الله، وثوابه وأجره على الله. وأيما رجل
استجاب لله وللرسول، فصدق ملتنا، ودخل في
ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق
الإسلام وحدوده.
فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم
بالسوية لا فضل فيه لأحد على أحد، وللمتقين
عند الله غدا أحسن الجزاء وأفضل الثواب، لم
يجعل الله الدنيا للمتقين أجرا ولا ثوابا وما
عند الله خير للأبرار (1).
- الإمام علي (عليه السلام): أما هذا الفئ فليس
لأحد على أحد فيه أثرة وقد فرغ الله من قسمته،
فهو مال الله وأنتم عباد الله المسلمون (2).
- عنه (عليه السلام) - من كتاب له إلى مصقلة بن
هبيرة الشيباني، وهو عامله على أردشير
خرة -: ألا وإن حق من قبلك وقبلنا من
المسلمين في قسمة هذا الفئ سواء، يردون
عندي عليه ويصدرون عنه (3).
- عنه (عليه السلام) - لما عوتب على التسوية في
العطاء -: أتأمروني (أتأمرونني) أن أطلب
النصر بالجور فيمن وليت عليه؟! والله لا أطور به
ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما! لو
كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال
مال الله! (4).
- عنه (عليه السلام) - وقام خطيبا بالمدينة حين
ولي الخلافة -: يا معشر المهاجرين والأنصار!
يا معشر قريش! اعلموا - والله - أني أرزؤكم
من فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب، أفتروني
مانعا نفسي وولدي ومعطيكم؟! ولأسوين بين
الأسود والأحمر.
فقام إليه (أخوه) عقيل بن أبي طالب فقال:
لتجعلني وأسودا من سودان المدينة واحدا؟!
فقال له: اجلس رحمك الله تعالى، أما كان ههنا
من يتكلم غيرك؟ وما فضلك عليهم إلا بسابقة
أو تقوى!! (5).
- بعث أسامة بن زيد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام):
أن ابعث علي بعطائي، فوالله لتعلم أنك لو كنت
في فم أسد لدخلت معك، فكتب (عليه السلام) إليه: إن هذا
المال لمن جاهد عليه، ولكن هذا مالي بالمدينة
فأصب منه ما شئت (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - لعبد الله بن زمعة لما طلب
منه مالا في خلافته -: إن هذا المال ليس لي
ولا لك، وإنما هو فئ للمسلمين وجلب (حلب)
أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل



(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 / 36 - 37 وص 40.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 / 36 - 37 وص 40.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 43، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
16 / 175.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 126.
(5) نهج السعادة: 1 / 212.
(6) البحار: 100 / 58 / 3.
2996
حظهم، وإلا فجناة أيديهم لا تكون
لغير أفواههم (1).
- أبو إسحاق الهمداني: إن امرأتين أتتا
عليا (عليه السلام)، إحداهما من العرب، والأخرى
من الموالي، فسألتاه فدفع إليهما
دراهم وطعاما بالسواء، فقالت إحداهما: إني
امرأة من العرب وهذه من العجم، فقال علي (عليه السلام):
والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفئ فضلا
على بني إسحاق (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن قسم بيت
المال -: أهل الإسلام هم أبناء الإسلام
اسوي بينهم في العطاء، وفضائلهم بينهم
وبين الله، أجعلهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد
منهم لفضله وصلاحه في الميراث على آخر
ضعيف منقوص (3).
- ابن دأب: ولى أمير المؤمنين (عليه السلام) بيت
مال المدينة عمار بن ياسر وأبا الهيثم ابن
التيهان، فكتب: العربي والقرشي والأنصاري
والعجمي وكل من كان في الإسلام من قبائل
العرب وأجناس العجم [سواء]، فأتاه سهل بن
حنيف بمولى له أسود فقال: كم تعطي هذا؟ فقال
له أمير المؤمنين (عليه السلام): كم أخذت أنت؟ قال: ثلاثة
دنانير وكذلك أخذ الناس، قال: فأعطوا مولاه
مثل ما أخذ ثلاثة دنانير (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى
أشرك بين الأغنياء والفقراء في الأموال،
فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في كتاب له إلى قثم بن
العباس وهو عامله على مكة -: وانظر إلى ما
اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من
ذوي العيال والمجاعة، مصيبا به مواضع الفاقة
والخلات، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا
لنقسمه فيمن قبلنا (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إذا قام قائمنا اضمحلت
القطائع فلا قطائع (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - فيما رده على المسلمين
من قطائع عثمان بن عفان -: والله لو وجدته قد
تزوج به النساء وملك (تملك) به الإماء لرددته،
فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور
عليه أضيق! (8).
- عنه (عليه السلام) - في عهده إلى الأشتر -: ولكنني
آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها،
فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا (9).
[3765]
الإمام علي (عليه السلام) وبيت المال
- كان علي (عليه السلام) يكنس بيت المال كل
جمعة، ويصلي فيه ركعتين، ويقول: ليشهد



(1) نهج البلاغة: الخطبة 232، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
13 / 10.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 200.
(3) وسائل الشيعة: 11 / 81 / 3.
(4) الإختصاص: 152.
(5) الكافي: 3 / 545 / 3.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 67.
(7) قرب الإسناد: 80 / 260.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 15، والكتاب 62.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 15، والكتاب 62.
2997
لي يوم القيامة (1).
- إن عليا كان يكنس بيت المال ثم يصلي
فيه، رجاء أن يشهد له يوم القيامة أنه لم يحبس
فيه المال عن المسلمين (2).
- إن عليا (عليه السلام) كان يكنس بيت المال كل
يوم جمعة ثم ينضحه بالماء ثم يصلي فيه
ركعتين، ثم يقول: تشهدان لي يوم القيامة (3).
- الإمام علي (عليه السلام): كان خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لا يحبس شيئا لغد، وكان أبو بكر يفعل، وقد
رأى عمر في ذلك أن دون الدواوين، وأخر
المال من سنة إلى سنة، وأما أنا فأصنع كما
صنع خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال الراوي الضحاك بن مزاحم: وكان علي
يعطيهم من الجمعة، إلى الجمعة وكان يقول:
هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه (4)
- عبد الرحمن بن عجلان: كان علي (عليه السلام)
يقسم بين الناس الأبزار والحرف (5)، والكمون،
وكذا وكذا (6).
- الشعبي: دخلت الرحبة بالكوفة - وأنا غلام -
في غلمان، فإذا أنا بعلي (عليه السلام) قائما على صبرتين (7)
من ذهب وفضة، ومعه مخفقة، وهو يطرد الناس
بمخفقته ثم يرجع إلى المال فيقسمه بين
الناس، حتى لم يبق منه شئ.
ثم انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلا
ولا كثيرا، فرجعت إلى أبي فقلت له:
لقد رأيت اليوم خير الناس أو أحمق الناس،
قال: من هو يا بني؟ قلت: علي بن أبي
طالب أمير المؤمنين، رأيته يصنع كذا،
فقصصت عليه، فبكى وقال: يا بني! بل رأيت
خير الناس (8).
- زاذان: انطلقت مع قنبر إلى علي (عليه السلام)
فقال: قم يا أمير المؤمنين فقد خبأت لك خبيئة،
قال: فما هو؟ قال: قم معي، فقام وانطلق
إلى بيته فإذا باسنة (9) مملوءة جامات من ذهب
وفضة، فقال: يا أمير المؤمنين إنك لا تترك
شيئا إلا قسمته فادخرت هذا لك! قال علي (عليه السلام):
لقد أحببت أن تدخل بيتي نارا كثيرة! فسل
سيفه فضربها، فانتثرت من بين إناء مقطوع
نصفه أو ثلثه، ثم قال: أقسموه بالحصص ففعلوا،
فجعل يقول:
هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه
يا بيضاء [غري غيري] ويا صفراء غري
غيري (10).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن عليا أتى بالمال
فأقعد بين يديه الوزان والنقاد، فكوم كومة



(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 199.
(2) كنز العمال: 36546.
(3) وسائل الشيعة: 11 / 83 / 2 و ح 3.
(4) وسائل الشيعة: 11 / 83 / 2 و ح 3.
(5) الحرف بالضم: الخردل، كما في هامش المصدر.
(6) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 199.
(7) الصبرة بالضم: ما جمع من الطعام بلا كيل ولا وزن، كما في
هامش المصدر.
(8) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 198.
(9) الباسنة: جوالق غليظ من مشاقة الكتان، كما في هامش المصدر.
(10) الغارات: 1 / 55.
2998
من ذهب وكومة من فضة فقال:
يا حمراء ويا بيضاء! احمري * وابيضي وغري غيري
هذا جناي وخياره فيه وكل * جان يده إلى فيه (1)
- أبو صالح السمان: رأيت عليا دخل
بيت المال فرأى فيه شيئا فقال: لا أرى هذا
هاهنا وبالناس إليه حاجة! فأمر به فقسم
وأمر بالبيت فكنس ونضح فصلى فيه، أو قال
فيه، يعني نام (2).
- كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أعطى ما في
بيت المال أمر فكنس ثم صلى فيه، ثم يدعو
فيقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من
ذنب يحبط العمل، وأعوذ بك من ذنب يعجل
النقم، وأعوذ بك من ذنب يمنع الدعاء، وأعوذ بك
من ذنب يهتك العصمة، وأعوذ بك من ذنب يورث
الندم، وأعوذ بك من ذنب تحبس القسم (3).
(انظر) السؤال (2): باب 1723.
[3766]
ما ينبغي لعمال الدولة للحفاظ
على بيت المال
- الإمام علي (عليه السلام) - فيما كتب إلى عماله -:
ادقوا أقلامكم، وقاربوا بين سطوركم،
واحذفوا عني فضولكم، واقصدوا قصد المعاني،
وإياكم والإكثار، فإن أموال المسلمين
لا تحتمل الإضرار (4).
[3767]
شر الأموال
- الإمام علي (عليه السلام): شر الأموال ما لم يخرج
منه حق الله سبحانه (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى
يبعث يوم القيامة ناسا من قبورهم مشدودة
أيديهم إلى أعناقهم، لا يستطيعون أن يتناولوا
بها قيس أنملة، معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا
شديدا، يقولون: هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا
من خير كثير، هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا
حق الله في أموالهم (6).
- الإمام علي (عليه السلام): شر المال ما لم ينفق في
سبيل الله منه، ولم تؤد زكاته (7).
- عنه (عليه السلام): شر الأموال ما لم يغن عن
صاحبه (8).
- عنه (عليه السلام): شر الأموال ما أكسب المذام (9).
(انظر) الزكاة: باب 1581، 1582.
وسائل الشيعة: 6 / 25 باب 6.

2999
حرف النون
501 - النبوة (1): النبوة العامة... 3003
502 - النبوة (2): النبوة الخاصة (1)... 3025
503 - النبوة (3): النبوة الخاصة (2)... 3185
504 - النبوة (4): خصائص نبينا صلى الله عليه وآله وسلم... 3215
505 - النجوم... 3243
506 - النجوى... 3249
507 - المناجاة... 3251
508 - النجاة... 3259
509 - النحو... 3265
510 - الندم... 3269
511 - النذر... 3273
512 - النصح 3277

3001
513 - الانصاف... 3283
514 - النظر... 3287
515 - المناظرة... 3295
516 - النظافة... 3301
517 - النظم... 3305
518 - النعمة... 3307
519 - النفس... 3321
520 - النفاق... 3337
521 - الانفاق... 3349
522 - الأنفال... 3359
523 - النافلة... 3365
524 - النميمة... 3367
525 - المناهى... 3371
526 - النور... 3385
527 - الناس... 3393
528 - النوم... 3403
529 - النية... 3409

3002
(501)
النبوة (1)
النبوة العامة
البحار: 11 / 1 باب 1 " معنى النبوة وعلة بعثة الأنبياء... ".
كنز العمال: 11 / 480 " في فضائل الأنبياء ".
كنز العمال: 11 / 474 " بعض خصائص الأنبياء ".
انظر:
عنوان: 47 " التبليغ "، 187 " الرسول "، 336 " المعجزة "، العلم: باب 2837.
وباب 2838، وباب 2850 " طالب العلم والنبوة "، الكتاب: باب 3449، الأمثال: باب 3640.
الرؤيا: باب 1398 " المبشرات "، وباب 1399.

3003
[3768]
الدعوة إلى الله
الكتاب
* (يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من
ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم) * (1).
* (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا
دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه
وأنه إليه تحشرون) * (2).
* (استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من
الله مالكم من ملجأ يومئذ ومالكم من نكير) * (3).
* (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى
صراط مستقيم) * (4).
- الإمام علي (عليه السلام): رحم الله امرأ سمع
حكما فوعى، ودعي إلى رشاد فدنا، وأخذ
بحجزة هاد فنجا (5).
- عنه (عليه السلام): دعيتم إلى الأمر الواضح، فلا
يصم عن ذلك إلا أصم، ولا يعمى عن ذلك
إلا أعمى (6).
- عنه (عليه السلام): اعملوا رحمكم الله، على أعلام
بينة، فالطريق نهج (7)، يدعو إلى دار السلام (8).
- عنه (عليه السلام): وناظر قلب اللبيب به يبصر
أمده، ويعرف غوره ونجده، داع دعا،
وراع رعا، فاستجيبوا للداعي [الراعي]،
واتبعوا الراعي (9).
- عنه (عليه السلام): ألا وإن هذه الدنيا التي
أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها، وأصبحت
تغضبكم وترضيكم، ليست بداركم، ولا منزلكم
الذي خلقتم له ولا الذي دعيتم إليه...
فدعوا غرورها لتحذيرها، وأطماعها
لتخويفها، وسابقوا فيها إلى الدار التي
دعيتم إليها (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وجه تسميته بالداعي -:
وأما الداعي، فإني أدعو الناس إلى دين
ربي عز وجل (11).
- الإمام علي (عليه السلام): اعلموا أنكم إن اتبعتم
الداعي لكم، سلك بكم منهاج الرسول،
وكفيتم مؤونة الاعتساف، ونبذتم الثقل
الفادح عن الأعناق (12).
(انظر) الأمثال: باب 3599، 3600.



(1) الأحقاف: 31.
(2) الأنفال: 24.
(3) الشورى: 47.
(4) يونس: 25.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 76.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(7) أي واضح.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 94 و 154 و 173.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 94 و 154 و 173.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 94 و 154 و 173.
(11) البحار: 16 / 94 / 28.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 166.
3004
[3769]
إنما يستجيب الذين يسمعون
الكتاب
* (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله
ثم إليه يرجعون) * (1).
* (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم
ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي
القوم الظالمين) * (2).
* (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله
وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون) * (3).
* (ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في
الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في
ضلال مبين) * (4).
- الإمام علي (عليه السلام): سبحانك خالقا ومعبودا!
بحسن بلائك عند خلقك خلقت دارا، وجعلت
فيها مأدبة: مشربا ومطعما وأزواجا وخدما
وقصورا وأنهارا وزروعا وثمارا. ثم أرسلت
داعيا يدعو إليها، فلا الداعي أجابوا،
ولا فيما رغبت رغبوا، ولا إلى ما شوقت إليه
اشتاقوا! أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها،
واصطلحوا على حبها (5).
(انظر) القلب: باب 3395 - 3406.
[3770]
فلسفة النبوة
1 - التكامل
* (وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر
من شئ قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا
وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا
وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في
خوضهم يلعبون) * (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - للزنديق الذي سأله
من أين أثبت الأنبياء؟ -: إنا لما أثبتنا
أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع
ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز
أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، فيباشرهم
ويباشروه، ويحاجهم ويحاجوه، ثبت أن له
سفراء في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه وعباده،
ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم، وما به بقاؤهم
وفي تركه فناؤهم.
فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم
في خلقه والمعبرون عنه جل وعز وهم
الأنبياء (عليهم السلام) وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين
بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس
- على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب -
في شئ من أحوالهم، مؤيدين من عند الحكيم
العليم بالحكمة (7).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - في علة وجوب معرفة



(1) الأنعام: 36.
(2) القصص: 50.
(3) هود: 14.
(4) الأحقاف: 32.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 109.
(6) الأنعام: 91.
(7) الكافي: 1 / 168 / 1.
3005
الرسل والإقرار بهم والإذعان لهم بالطاعة -:
لأنه لما لم يكن في خلقهم وقواهم ما يكملوا (1)
لمصالحهم، وكان الصانع متعاليا عن أن يرى،
وكان ضعفهم وعجزهم عن إدراكه ظاهرا، لم يكن
بد من رسول بينه وبينهم معصوم يؤدي إليهم
أمره ونهيه وأدبه، ويقفهم على ما يكون به إحراز
منافعهم ودفع مضارهم، إذ لم يكن في خلقهم ما
يعرفون به ما يحتاجون إليه منافعهم ومضارهم.
فلو لم يجب عليهم معرفته وطاعته لم
يكن لهم في مجئ الرسول منفعة ولا سد
حاجة، ولكان يكون إتيانه عبثا لغير منفعة
ولا صلاح، وليس هذا من صفة الحكيم الذي
أتقن كل شئ (2).
2 - إنقاذ الإنسان من ولاية الطواغيت
الكتاب
* (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله
واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت
عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة
المكذبين) * (3).
* (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى
الله لهم البشرى فبشر عباد) * (4).
(انظر) الأنبياء: 25.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - من كتابه إلى أهالي
نجران -: بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، من
محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران،
إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله إبراهيم
وإسحاق ويعقوب، أما بعد فإني أدعوكم إلى
عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية
الله من ولاية العباد (5).
- الإمام علي (عليه السلام): فبعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق،
ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته،
ومن طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بينه
وأحكمه، ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه، وليقروا
به بعد إذ جحدوه، وليثبتوه بعد إذ أنكروه (6).
- عنه (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى بعث
محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق ليخرج عباده من عبادة عباده
إلى عبادته، ومن عهود عباده إلى عهوده،
ومن طاعة عباده إلى طاعته، ومن ولاية عباده
إلى ولايته (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في رسالته إلى بعض
خلفاء بني أمية -: ومن ذلك ما ضيع
الجهاد الذي فضله الله عز وجل على الأعمال...
اشترط عليهم فيه حفظ الحدود، وأول ذلك
الدعاء إلى طاعة الله من طاعة العباد، وإلى
عبادة الله من عبادة العباد، وإلى ولاية الله من
ولاية العباد (8).



(1) في العلل: لما لم يكتف في خلقهم وقواهم ما يثبتون به لمباشرة
الصانع عز وجل حتى يكلمهم ويشافههم، وكان الصانع إلخ.
وفي الخصال: ما يكملون به مصالحهم. كما في هامش البحار.
(2) البحار: 11 / 40 / 40.
(3) النحل: 36.
(4) الزمر: 17.
(5) البحار: 21 / 285.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 147، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
9 / 103.
(7) الكافي: 8 / 386 / 586.
(8) وسائل الشيعة: 11 / 6 / 8.
3006
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعثت لرفع قوم ووضع
آخرين (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله بعثني أن أقتل جميع
ملوك الدنيا، وأجر الملك إليكم، فأجيبوني
إلى ما أدعوكم إليه تملكوا بها العرب، وتدين لكم
بها العجم، وتكونوا ملوكا في الجنة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما جمع خاصة أهله في ابتداء
الدعوة وبين لهم آية النبوة -: يا بني عبد المطلب!
إن الله بعثني إلى الخلق كافة وبعثني إليكم خاصة،
فقال عز وجل: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * وأنا
أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان،
ثقيلتين في الميزان، تملكون بهما العرب والعجم،
وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنة،
وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلا الله
وأني رسول الله (3).
- لما رأت قريش ظهور الإسلام وجلوس
المسلمين حول الكعبة سقط في أيديهم، فمشوا
إلى أبي طالب... قالوا: فأرسل إليه فلنعطه
النصف، فأرسل إليه أبو طالب، فجاء رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا ابن أخي هؤلاء عمومتك
وأشراف قومك وقد أرادوا ينصفونك، فقال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): قولوا أسمع.
قالوا: تدعنا وآلهتنا، وندعك وإلهك، قال
أبو طالب: قد أنصفك القوم فاقبل منهم.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أرأيتم إن أعطيتكم هذه
هل أنتم معطي كلمة إن أنتم تكلمتم بها ملكتم
بها العرب ودانت لكم بها العجم؟
فقال أبو جهل: إن هذه لكلمة مربحة،
نعم وأبيك لنقولنها وعشر أمثالها!
قال: قولوا: لا إله إلا الله، فاشمأزوا
ونفروا منها وغضبوا وقاموا (4).
- أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة ثلاث سنين من
أول نبوته مستخفيا، ثم أعلن في
الرابعة فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين...
حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة
قبيلة ويقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله
إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب وتذل
لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكا في الجنة
وأبو لهب وراءه يقول: لا تطيعوه فإنه
صابئ كاذب (5).
(انظر) الطغيان: باب 3412.
3 - تعليم الكتاب والحكمة
الكتاب
* (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم
آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من
قبل لفي ضلال مبين) * (6).
* (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك
ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز
الحكيم) * (7).
(انظر) البقرة: 151، آل عمران: 164.



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 192.
(2) البحار: 18 / 234 / 77.
(3) الإرشاد: 1 / 49.
(4) الطبقات الكبرى: 1 / 202 وص 216.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 202 وص 216.
(6) الجمعة: 2.
(7) البقرة: 129.
3007
- الإمام الكاظم (عليه السلام): ما بعث الله أنبياءه
ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم
استجابة أحسنهم معرفة لله، وأعلمهم بأمر الله
أحسنهم عقلا، وأعقلهم أرفعهم درجة في
الدنيا والآخرة (1).
- الإمام علي (عليه السلام): وبعث إلى الجن والإنس
رسله ليكشفوا لهم عن غطائها، وليحذروهم من
ضرائها، وليضربوا لهم أمثالها، وليبصروهم
عيوبها، وليهجموا عليهم بمعتبر من تصرف
مصاحها وأسقامها، وحلالها وحرامها، وما أعد
الله سبحانه للمطيعين منهم والعصاة من جنة ونار،
وكرامة وهوان (2).
(انظر) عنوان: 122 " الحكمة "، 365
" العقل "، 367 " العلم ".
4 - تزكية الأخلاق
الكتاب
* (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم
آياته ويزكيهم) * (3).
* (يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز
الحكيم) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعثت بمكارم الأخلاق
ومحاسنها (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما بعثت لأتمم حسن الأخلاق (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى بعثني بتمام مكارم
الأخلاق، وكمال محاسن الأعمال (9).
(انظر) عنوان 149 " الخلق "، 203
" التزكية "، 519 " النفس ".
5 - إخراج الناس من الظلمات إلى النور
الكتاب
* (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من
الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لايات لكل
صبار شكور) * (10).
* (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات
إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) * (11).
* (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام
ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى
صراط مستقيم) * (12).
- الإمام علي (عليه السلام): فبعث فيهم رسله وواتر إليهم
أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم
منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا
لهم دفائن العقول، ويروهم آيات المقدرة (13).
- عنه (عليه السلام) - في صفة القرآن -: لا تكشف
الظلمات إلا به (14).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الإسلام -: فيه مرابيع



(1) البحار: 1 / 136 / 30.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 183، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
10 / 113.
(3) الجمعة: 2.
(4) البقرة: 129.
(5) البحار: 16 / 287 / 142.
(6) كنز العمال: 31969.
(7) الطبقات الكبرى: 1 / 193.
(8) كنز العمال: 31996، 31947.
(9) كنز العمال: 31996، 31947.
(10) إبراهيم: 5، 1.
(11) إبراهيم: 5، 1.
(12) المائدة: 16.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 1 و 18.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 1 و 18.
3008
النعم، ومصابيح الظلم، لا تفتح الخيرات إلا
بمفاتيحه، ولا تكشف الظلمات إلا بمصابيحه (1).
- عنه (عليه السلام): وما برح لله - عزت آلاؤه - في
البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات، عباد
ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم،
فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع
والأفئدة، يذكرون بأيام الله، ويخوفون مقامه،
بمنزلة الأدلة في الفلوات [القلوب]، من أخذ
القصد حمدوا إليه طريقه، وبشروه بالنجاة، ومن
أخذ يمينا وشمالا ذموا إليه الطريق، وحذروه من
الهلكة، وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات،
وأدلة تلك الشبهات (2).
- عنه (عليه السلام): إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه
الله على نفسه... فخرج من صفة العمى ومشاركة
أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى...
مصباح ظلمات، كشاف عشوات [غشوات]،
مفتاح مبهمات، دفاع معضلات، دليل فلوات (3).
- عنه (عليه السلام) - في صفة النبي (صلى الله عليه وآله) -: اختاره
من شجرة الأنبياء، ومشكاة الضياء، وذؤابة
العلياء، وسرة البطحاء، ومصابيح الظلمة،
وينابيع الحكمة (4).
(انظر) عنوان: 526 " النور ".
6 - قيام الناس بالقسط
الكتاب
* (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب
والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس
شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله
بالغيب إن الله قوي عزيز) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الله سبحانه -: الذي
صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام
بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه (6).
- عنه (عليه السلام) - في صفة أهل الذكر -: يأمرون
بالقسط ويأتمرون به، وينهون عن المنكر
ويتناهون عنه (7).
(انظر) عنوان 119 " الحق "، 338
" العدل "، 329 " الظلم ".
7 - وضع الإصر والأغلال
الكتاب
* (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه
مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف
وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم
الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم
فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي
أنزل معه أولئك هم المفلحون) * (8).
التفسير:
قوله تعالى: * (الذين يتبعون الرسول النبي
الأمي...) * قال الراغب في المفردات: الإصر عقد
الشئ وحبسه بقهره، يقال: أصرته فهو مأصور،
والمأصر والمأصر - بفتح الصاد وكسرها - محبس
السفينة، قال تعالى: * (ويضع عنهم إصرهم) * أي
الأمور التي تثبطهم وتقيدهم عن الخيرات، وعن
الوصول إلى الثوابات، وعلى ذلك: * (ولا تحمل



(1) نهج البلاغة: الخطبة 152 و 222 و 87 و 108.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 152 و 222 و 87 و 108.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 152 و 222 و 87 و 108.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 152 و 222 و 87 و 108.
(5) الحديد: 25.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 185 و 222.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 185 و 222.
(8) الأعراف: 157.
3009
علينا إصرا) * وقيل: ثقلا، وتحقيقه ما ذكرت.
انتهى. والأغلال جمع غل، وهو ما يقيد به...
وذكره (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الأوصاف الثلاث: الرسول
النبي الأمي، ولم يجتمع له في موضع من كلامه
تعالى إلا في هذه الآية والآية التالية، مع قوله
تعالى بعده: * (الذي يجدونه مكتوبا عندهم في
التوراة والإنجيل) * تدل على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان
مذكورا فيهما معرفا بهذه الأوصاف الثلاث.
ولولا أن الغرض من توصيفه بهذه الثلاث هو
تعريفه بما كانوا يعرفونه به من النعوت المذكورة له
في كتابيهم لما كانت لذكر الثلاث - الرسول النبي
الأمي - وخاصة الصفة الثالثة نكتة ظاهرة.
وكذلك ظاهر الآية يدل أو يشعر بأن قوله:
* (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر) * إلى
آخر الأمور الخمسة التي وصفه (صلى الله عليه وآله وسلم) بها في الآية
من علائمه المذكورة في الكتابين، وهي مع ذلك
من مختصات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وملته البيضاء فإن الأمم
الصالحة وإن كانوا يقومون بوظيفة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر كما ذكره تعالى من
أهل الكتاب في قوله: * (ليسوا سواء من أهل
الكتاب أمة قائمة - إلى أن قال - ويأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في
الخيرات وأولئك من الصالحين) * (1).
وكذلك تحليل الطيبات وتحريم الخبائث في
الجملة من جملة الفطريات التي أجمع عليها
الأديان الإلهية، وقد قال تعالى: * (قل من
حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات
من الرزق) * (2).
وكذلك وضع الإصر والأغلال وإن كان مما
يوجد في الجملة في شريعة عيسى (عليه السلام) كما يدل
عليه قوله فيما حكى الله عنه في القرآن الكريم:
* (ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم
بعض الذي حرم عليكم) * (3) ويشعر به قوله خطابا
لبني إسرائيل: * (قد جئتكم بالحكمة ولابين لكم
بعض الذي تختلفون فيه) * (4).
إلا أنه لا يرتاب ذو ريب في أن الدين
الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتاب من عند الله
مصدق لما بين يديه من الكتب السماوية -
وهو دين الإسلام - هو الدين الوحيد الذي نفخ
في جثمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل
ما يسعه من روح الحياة، وبلغ به من حد الدعوة
الخالية إلى درجة الجهاد في سبيل الله بالأموال
والنفوس، وهو الدين الوحيد الذي أحصى جميع
ما يتعلق به حياة الإنسان من الشؤون والأعمال
ثم قسمها إلى طيبات فأحلها، وإلى خبائث
فحرمها، ولا يعادله في تفصيل القوانين المشرعة
أي شريعة دينية وقانون اجتماعي، وهو الدين
الذي نسخ جميع الأحكام الشاقة الموضوعة على
أهل الكتاب واليهود خاصة، وما تكلفها
علماؤهم وابتدعها أحبارهم ورهبانهم من
الأحكام المبتدعة.



(1) آل عمران: 114.
(2) الأعراف: 32.
(3) آل عمران: 50.
(4) الزخرف: 63.
3010
فقد اختص الإسلام بكمال هذه الأمور
الخمسة وإن كانت توجد في غير نماذج من ذلك.
على أن كمال هذه الأمور الخمسة في هذه
الملة البيضاء أصدق شاهد وأبين بينة على صدق
الناهض بدعوتها (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو لم تكن تذكر أمارات
له في الكتابين فإن شريعته كمال شريعة الكليم
والمسيح (عليه السلام) وهل يطلب من شريعة حقة إلا
عرفانها المعروف وإنكارها المنكر، وتحليلها
الطيبات، وتحريمها الخبائث، وإلغاؤها كل إصر
وغل؟ وهي تفاصيل الحق الذي يدعو إليه
الشرائع الإلهية، فليعترف أهل التوراة والإنجيل
أن الشريعة التي تتضمن كمال هذه الأمور
بتفاصيلها هي عين شريعتهم في مرحلة كاملة.
وبهذا البيان يظهر أن قوله تعالى: * (يأمرهم
بالمعروف وينهاهم عن المنكر) * الآية، يفيد
بمجموعه معنى تصديقه لما في كتابيهم من شرائع
الله تعالى كأنه قيل: مصدقا لما بين يديه كما
في قوله تعالى: * (ولما جاءهم رسول من عند الله
مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب
كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون) * (1)
وقوله: * (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما
معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا
فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على
الكافرين) * (2) يريد مجئ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكمال ما في
كتابهم من الشريعة مصدقا له ثم كفرهم به وهم
يعلمون أنه المذكور في كتبهم المبشر به بلسان
أنبيائهم كما حكى سبحانه عن المسيح في قوله:
* (يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا
لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من
بعدي اسمه أحمد) * (3) (4).
8 - رفع الاختلاف
الكتاب
* (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين
ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس
فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما
جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما
اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى
صراط مستقيم) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): انظروا إلى مواقع نعم
الله عليهم حين بعث إليهم رسولا فعقد بملته
طاعتهم، وجمع على دعوته ألفتهم: كيف نشرت
النعمة عليهم جناح كرامتها، وأسالت لهم جداول
نعيمها، والتفت الملة بهم في عوائد بركتها،
فأصبحوا في نعمتها غرقين! (6).
التفسير:
قال العلامة الطباطبائي في تفسير قوله تعالى:
* (كان الناس أمة واحدة...) *: الآية تبين
السبب في تشريع أصل الدين وتكليف النوع
الإنساني به، وسبب وقوع الاختلاف فيه ببيان:
أن الإنسان - وهو نوع مفطور على الاجتماع
والتعاون - كان في أول اجتماعه أمة واحدة،



(1) البقرة: 101، 89.
(2) البقرة: 101، 89.
(3) الصف: 6.
(4) الميزان: 8 / 278.
(5) البقرة: 213.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 192 انظر تمام الكلام.
3011
ثم ظهر فيه بحسب الفطرة الاختلاف في اقتناء
المزايا الحيوية، فاستدعى ذلك وضع قوانين
ترفع الاختلافات الطارئة والمشاجرات في لوازم
الحياة، فألبست القوانين الموضوعة لباس الدين،
وشفعت بالتبشير والإنذار: بالثواب والعقاب،
وأصلحت بالعبادات المندوبة إليها ببعث النبيين،
وإرسال المرسلين، ثم اختلفوا في معارف
الدين أو أمور المبدأ والمعاد، فاختل بذلك
أمر الوحدة الدينية، وظهرت الشعوب والأحزاب
وتبع ذلك الاختلاف في غيره، ولم يكن هذا
الاختلاف الثاني إلا بغيا من الذين أوتوا
الكتاب وظلما وعتوا منهم بعد ما تبين لهم أصوله
ومعارفه، وتمت عليهم الحجة، فالاختلاف
اختلافان: اختلاف في أمر الدين مستند إلى
بغي الباغين دون فطرتهم وغريزتهم، واختلاف
في أمر الدنيا وهو فطري وسبب لتشريع الدين،
ثم هدى الله سبحانه المؤمنين إلى الحق
المختلف فيه بإذنه، والله يهدي من يشاء
إلى صراط مستقيم.
فالدين الإلهي هو السبب الوحيد لسعادة هذا
النوع الإنساني، والمصلح لأمر حياته، يصلح
الفطرة بالفطرة، ويعدل قواها المختلفة عند
طغيانها، وينظم للإنسان سلك حياته الدنيوية
والأخروية، والمادية والمعنوية، فهذا إجمال
تاريخ حياة هذا النوع - الحياة الاجتماعية
والدينية - على ما تعطيه هذه الآية الشريفة. وقد
اكتفت في تفصيل ذلك بما تفيده متفرقات الآيات
القرآنية النازلة في شؤون مختلفة (1).
9 - الهداية إلى سبل السلام
الكتاب
* (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام
ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى
صراط مستقيم) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الله تعالى خصكم
بالإسلام، واستخلصكم له، وذلك لأنه اسم
سلامة وجماع كرامة (3).
- عنه (عليه السلام) - في وصف السالك الطريق إلى
الله سبحانه -: وبرق له لامع كثير البرق، فأبان
له الطريق، وسلك به السبيل، وتدافعته الأبواب
إلى باب السلامة ودار الإقامة (4).
- عنه (عليه السلام): إن تقوى الله دواء داء قلوبكم،
وبصر عمى أفئدتكم، وشفاء مرض أجسادكم (5).
التفسير:
النبوة / (1) النبوة العامة 3013
قوله تعالى: * (يهدي به الله من اتبع رضوانه
سبل السلام) * الباء في قوله: " به " للآلة،
والضمير عائد إلى الكتاب أو إلى النور سواء أريد
به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو القرآن فمآل الجميع واحد، فإن
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد الأسباب الظاهرية في مرحلة
الهداية، وكذا القرآن وحقيقة الهداية قائمة به،
قال تعالى: * (إنك لا تهدي من أحببت ولكن
الله يهدي من يشاء) * (6)، وقال: * (وكذلك أوحينا
إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب



(1) الميزان: 2 / 111 انظر تمام الكلام.
(3) المائدة: 16.
(3) نهج البلاغة: الخطبة: 152، 220، 198.
(4) نهج البلاغة: الخطبة: 152، 220، 198.
(5) نهج البلاغة: الخطبة: 152، 220، 198.
(6) القصص: 56.
3012
ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء
من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم
صراط * الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض
ألا إلى الله تصير الأمور) * (1) والآيات كما ترى تنسب
الهداية إلى القرآن وإلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في عين أنها
ترجعها إلى الله سبحانه، فهو الهادي حقيقة وغيره
سبب ظاهري مسخر لإحياء أمر الهداية.
وقد قيد تعالى قوله: * (يهدي به الله) * بقوله:
* (من اتبع رضوانه) * ويؤول إلى اشتراط فعلية
الهداية الإلهية باتباع رضوانه، فالمراد بالهداية هو
الإيصال إلى المطلوب، وهو أن يورده الله تعالى
سبيلا من سبل السلام أو جميع السبل أو أكثرها
واحدا بعد آخر.
وقد أطلق تعالى السلام، فهو السلامة
والتخلص من كل شقاء يختل به أمر سعادة الحياة
في دنيا أو آخرة، فيوافق ما وصف القرآن الإسلام
لله والإيمان والتقوى بالفلاح والفوز والأمن ونحو
ذلك، وقد تقدم في الكلام على قوله تعالى:
* (اهدنا الصراط المستقيم) * (2) في الجزء الأول
من الكتاب أن الله سبحانه بحسب اختلاف حال
السائرين من عباده سبلا كثيرة تتحد الجميع في
طريق واحد منسوب إليه تعالى يسميه في كلامه
بالصراط المستقيم قال تعالى: * (والذين جاهدوا
فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) * (3)،
وقال تعالى: * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * (4)
فدل على أن له سبلا كثيرة، لكن الجميع تتحد
في الإيصال إلى كرامته تعالى من غير أن تفرق
سالكيها ويبين كل سبيل سالكيه عن سالكي
غيره من السبل كما هو شأن غير صراطه تعالى
من السبل.
فمعنى الآية - والله العالم -: يهدي الله
سبحانه ويورد بسبب كتابه أو بسبب نبيه من اتبع
رضاه سبلا من شأنها أنه يسلم من سار فيها من
شقاء الحياة الدنيا والآخرة، وكل ما تتكدر به
العيشة السعيدة.
فأمر الهداية إلى السلام والسعادة يدور
مدار اتباع رضوان الله، وقد قال تعالى:
* (ولا يرضى لعباده الكفر) * (5)، وقال: * (فإن
الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) * (6) ويتوقف
بالأخرة على اجتناب سبيل الظلم والانخراط في
سلك الظالمين، وقد نفى الله سبحانه عنهم هدايته
وآيسهم من نيل هذه الكرامة الإلهية بقوله:
* (والله لا يهدي القوم الظالمين) * (7) فالآية -
أعني قوله: * (يهدي به الله من اتبع رضوانه
سبل السلام) * تجري بوجه مجرى قوله: * (الذين
آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم
الأمن وهم مهتدون) * (8) (9).



(1) الشورى: 52، 53.
(2) الحمد: 6.
(3) العنكبوت: 69.
(4) الأنعام: 153.
(4) الزمر: 7.
(6) التوبة: 96.
(7) الجمعة: 5.
(8) الأنعام: 82.
(9) الميزان: 5 / 244.
3013
10 - إتمام الحجة
الكتاب
* (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله
حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) * (1).
(انظر) الأنعام: 130، الملك: 8 - 10.
- الإمام علي (عليه السلام): بعث الله رسله بما خصهم
به من وحيه، وجعلهم حجة له على خلقه، لئلا
تجب الحجة لهم بترك الإعذار إليهم، فدعاهم
بلسان الصدق إلى سبيل الحق (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن فلسفة
النبوة -: لئلا يكون للناس على الله حجة من
بعد الرسل، ولئلا يقولوا: ما جاءنا من بشير
ولا نذير، ولتكون حجة الله عليهم، ألا تسمع
الله عز وجل يقول حكاية عن خزنة جهنم
واحتجاجهم على أهل النار بالأنبياء والرسل:
* (ألم يأتكم نذير...) * الآية؟! (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعث إليهم الرسل لتكون
له الحجة البالغة على خلقه، ويكون رسله إليهم
شهداء عليهم، وابتعث فيهم النبيين مبشرين
ومنذرين ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من
حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما
جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروا،
ويوحدوه بالإلهية بعد ما عضدوا (4).
- الإمام علي (عليه السلام): وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله)
عبده ورسوله، أرسله لإنفاذ أمره، وإنهاء
عذره، وتقديم نذره (5).
بحث فلسفي:
مسألة النبوة العامة بالنظر إلى كون النبوة
نحو تبليغ للأحكام وقوانين مجعولة مشرعة
- وهي أمور اعتبارية غير حقيقية - وإن
كانت مسألة كلامية غير فلسفية، فإن البحث
الفلسفي إنما ينال الأشياء من حيث وجوداتها
الخارجية وحقائقها العينية ولا يتناول الأمور
المجعولة الاعتبارية، لكنها بالنظر إلى جهة
أخرى مسألة فلسفية وبحث حقيقي، وذلك أن
المواد الدينية: من المعارف الأصلية والأحكام
الخلقية والعملية لها ارتباط بالنفس الإنسانية
من جهة أنها تثبت فيها علوما راسخة أو أحوالا
تؤدي إلى ملكات راسخة، وهذه العلوم
والملكات تكون صورا للنفس الإنسانية تعين
طريقها إلى السعادة والشقاوة، والقرب والبعد
من الله سبحانه، فإن الإنسان بواسطة الأعمال
الصالحة والاعتقادات الحقة الصادقة يكتسب
لنفسه كمالات لا تتعلق إلا بما هئ له عند الله
سبحانه من القرب والزلفى والرضوان والجنان،
وبواسطة الأعمال الطالحة والعقائد السخيفة
الباطلة يكتسب لنفسه صورا لا تتعلق إلا بالدنيا
الداثرة وزخارفها الفانية ويؤديها ذلك أن ترد بعد
مفارقة الدنيا وانقطاع الاختيار إلى دار البوار



(1) النساء: 165.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 144، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
9 / 84.
(3) البحار: 11 / 39 / 37.
(4) التوحيد: 45 / 4.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 83.
3014
ومهاد النار، وهذا سير حقيقي.
وعلى هذا فالمسألة حقيقية، والحجة
التي ذكرناها في البيان السابق واستفدناها
من الكتاب العزيز حجة برهانية.
توضيح ذلك: أن هذه الصور للنفس الإنسانية
الواقعة في طريق الاستكمال، والإنسان نوع
حقيقي بمعنى أنه موجود حقيقي مبدأ لآثار
وجودية عينية، والعلل الفياضة للموجودات
أعطتها قابلية النيل إلى كمالها الأخير في
وجودها بشهادة التجربة والبرهان، والواجب
تعالى تام الإفاضة فيجب أن يكون هناك إفاضة
لكل نفس مستعدة بما يلائم استعدادها من
الكمال، ويتبدل به قوتها إلى الفعلية، من
الكمال الذي يسمى سعادة إن كانت ذات صفات
حسنة وملكات فاضلة معتدلة، أو الذي يسمى
شقاوة إن كانت ذات رذائل وهيئات ردية.
وإذ كانت هذه الملكات والصور حاصلة لها
من طريق الأفعال الاختيارية المنبعثة عن اعتقاد
الصلاح والفساد، والخوف والرجاء، والرغبة إلى
المنافع والرهبة من المضار، وجب أن تكون هذه
الإفاضة أيضا متعلقة بالدعوة الدينية بالتبشير
والإنذار والتخويف والتطميع، لتكون شفاء
للمؤمنين فيكملوا به في سعادتهم، وخسارا
للظالمين فيكملوا به في شقاوتهم، والدعوة
تحتاج إلى داع يقدم بها، وهو النبي المبعوث
من عنده تعالى.
فإن قلت: كفى في الدعوة ما يدعو إليه العقل
من اتباع الإنسان للحق في الاعتقاد والعمل،
وسلوكه طريق الفضيلة والتقوى، فأي حاجة
إلى بعث الأنبياء؟!.
قلت: العقل الذي يدعو إلى ذلك ويأمر به
هو العقل العملي الحاكم بالحسن والقبح، دون
العقل النظري المدرك لحقائق الأشياء كما مر
بيانه سابقا، والعقل العملي يأخذ مقدمات
حكمه من الإحساسات الباطنة، والإحساسات
التي هي بالفعل في الإنسان في بادي حاله
هي إحساسات القوى الشهوية والغضبية، وأما
القوة الناطقة القدسية فهي بالقوة، وقد مر
أن هذا الإحساس الفطري يدعو إلى الاختلاف،
فهذه التي بالفعل لا تدع الإنسان يخرج من القوة
إلى الفعل كما هو مشهود من حال الإنسان، فكل
قوم أو فرد فقد التربية الصالحة عاد عما قليل
إلى التوحش والبربرية مع وجود العقل فيهم
وحكم الفطرة عليهم، فلا غناء عن تأييد إلهي
بنبوة تؤيد العقل (1).
(انظر) عنوان 97 " الحجة ".
[3771]
النبوة والتاريخ
وجوب الاعتقاد بجميع الأنبياء
الكتاب
* (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا
خلا فيها نذير) * (2).



(1) الميزان: 2 / 147.
(2) فاطر: 24.
3015
* (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم
وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى
وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم
ونحن له مسلمون) * (1).
* (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا
بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض
ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون
حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): ولم يخل الله سبحانه خلقه
من نبي مرسل، أو كتاب منزل، أو حجة لازمة،
أو محجة قائمة، رسل لا تقصر بهم قلة عددهم،
ولا كثرة المكذبين لهم، من سابق سمي له
من بعده، أو غابر عرفه من قبله (3).
- عنه (عليه السلام): ولم يخلهم بعد أن قبضه - يعني
آدم (عليه السلام) - مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته، ويصل
بينهم وبين معرفته، بل تعاهدهم بالحجج على
ألسن الخيرة من أنبيائه ومتحملي ودائع رسالاته
قرنا فقرنا، حتى تمت بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) حجته (4).
- عنه (عليه السلام): كلما مضى منهم سلف قام منهم
بدين الله خلف، حتى أفضت كرامة الله سبحانه
وتعالى إلى محمد (صلى الله عليه وآله) (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): اعلموا أنه لو أنكر
رجل عيسى بن مريم وأقر بمن سواه من الرسل
لم يؤمن (6).
[3772]
أصناف الأنبياء
الكتاب
* (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء
حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي
حكيم) * (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام): الأنبياء على خمسة أنواع:
منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة فيعلم
ما عنى به، ومنهم من ينبأ في منامه مثل يوسف
وإبراهيم، ومنهم من يعاين، ومنهم من ينكت في
قلبه ويوقر في اذنه (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الأنبياء والمرسلون
على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو
غيرها. ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت
ولا يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه
إمام، مثل ما كان إبراهيم على لوط (عليهما السلام). ونبي
يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك، وقد
ارسل إلى طائفة قلوا أو كثروا، كيونس، قال
الله ليونس: * (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) *
قال: يزيدون: ثلاثين ألفا، وعليه إمام. والذي
يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة
وهو إمام مثل اولي العزم، وقد كان إبراهيم (عليه السلام)
نبيا وليس بإمام حتى قال الله: * (إني جاعلك



(1) البقرة: 136.
(2) النساء: 150، 151.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 1، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 113.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 91، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 / 3.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 94، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 / 62.
(6) الكافي: 1 / 182 / 6.
(7) الشورى: 51.
(8) تفسير العياشي: 2 / 166 / 3.
3016
للناس إماما...) * (1).
(انظر) الكافي: 1 / 174 باب " طبقات الأنبياء "، 176
باب " الفرق بين الرسول والنبي والمحدث ".
البحار: 18 / 244 باب 2.
الميزان: 2 / 139 " كلام في النبوة ".
[3773]
عدة الأنبياء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سأله أبو ذر عن عدة
الأنبياء -: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف
نبي، قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة
وثلاثة عشر جماء غفيراء، قلت: من كان أول
الأنبياء؟ قال: آدم (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): خلق الله عز وجل مائة ألف نبي
وأربعة وعشرين ألف نبي، أنا أكرمهم على الله
ولا فخر، وخلق الله عز وجل مائة ألف وصي
وأربعة وعشرين ألف وصي، فعلي أكرمهم
على الله وأفضلهم (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): النبيون مائة ألف وأربعة
وعشرون ألف نبي، والمرسلون ثلاثمائة وثلاثة
عشر، وآدم نبي مكلم (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن عدة الأنبياء -:
مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك
ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بعثت على أثر ثمانية آلاف
من الأنبياء، منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إني خاتم ألف نبي أو أكثر (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): بعث الله مائة ألف
نبي وأربعة وأربعين ألف نبي (8).
تبيين:
إن القرآن صريح في أن الأنبياء كثيرون
وأن الله سبحانه لم يقصص الجميع في كتابه،
قال تعالى: * (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم
من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك) * (9)
إلى غير ذلك، والذين قصهم الله تعالى في
كتابه بالاسم بضعة وعشرون نبيا وهم: آدم،
ونوح، وإدريس، وهود، وصالح، وإبراهيم،
ولوط، وإسماعيل، واليسع، وذو الكفل، وإلياس،
ويونس، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وشعيب،
وموسى، وهارون، وداود، وسليمان، وأيوب،
وزكريا، ويحيى، وإسماعيل صادق الوعد،
وعيسى، ومحمد صلى الله عليهم أجمعين.
وهناك عدة لم يذكروا بأسمائهم بل بالتوصيف
والكناية، قال سبحانه: * (ألم تر إلى الملأ
من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي
لهم ابعث لنا ملكا) * (10) وقال تعالى: * (أو كالذي
مر على قرية وهي خاوية على عروشها) * (11)،
وقال تعالى: * (إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما



(1) الكافي: 1 / 174 / 1.
(2) الخصال: 524 / 13.
(3) أمالي الصدوق: 196 / 11.
(4) كنز العمال: 32276، 32277.
(5) كنز العمال: 32276، 32277.
(6) كنز العمال: 32280، 32281.
(7) كنز العمال: 32280، 32281.
(8) البحار: 16 / 352 / 35.
(9) المؤمن: 78.
(10) البقرة: 246، 259.
(11) البقرة: 246، 259.
3017
فعززنا بثالث) * (1)، وقال تعالى: * (فوجدا عبدا
من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا
علما) * (2)، وقال تعالى: * (والأسباط) * (3)، وهناك
من لم يتضح كونه نبيا كفتى موسى في قوله تعالى:
* (وإذ قال موسى لفتاه) * (4)، ومثل ذي القرنين
وعمران أبي مريم وعزير من المصرح بأسمائهم.
وبالجملة: لم يذكر في القرآن لهم عدد
يقفون عنده، والذي يشتمل من الروايات على
بيان عدتهم آحاد مختلفة المتون وأشهرها رواية
أبي ذر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن الأنبياء مائة وأربعة
وعشرون ألف نبي، والمرسلون منهم ثلاثمائة
وثلاثة عشر نبيا (5).
(انظر) الدر المنثور: 2 / 746.
البحار: 11 / 13 / 11، 41 / 43 / 11،
43 / 48 / 11، 58 / 61.
[3774]
أولو العزم
الكتاب
* (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا
تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا
ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) * (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): أولو العزم من الرسل
خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى،
ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين (7).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لبعض أصحابه -:
منهم خمسة أولو العزم من الرسل، قلنا: من هم؟
قال: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد
صلى الله عليهم، قلنا له: ما معنى أولو العزم؟ قال:
بعثوا إلى شرق الأرض وغربها، جنها وإنسها (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): سادة النبيين والمرسلين
خمسة، وهم أولو العزم من الرسل وعليهم دارت
الرحى: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد
صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء (9).
- عنه (عليه السلام) - لما سأله سماعة بن مهران عن
قوله تعالى: * (فاصبر كما صبر أولو العزم
من الرسل) * -: نوح، وإبراهيم، وموسى،
وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم،
قلت: كيف صاروا اولي العزم؟ قال: لأن
نوحا بعث بكتاب وشريعة، وكل من جاء بعد نوح
أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء
إبراهيم (عليه السلام) بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح
لا كفرا به... الخبر (10).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إنما سمي أولو العزم
اولي العزم لأنهم كانوا أصحاب الشرائع والعزائم،
وذلك أن كل نبي بعد نوح (عليه السلام) كان على شريعته
ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل،
وكل نبي كان في أيام إبراهيم وبعده كان



(1) يس: 14.
(2) الكهف: 65.
(3) البقرة: 136.
(4) الكهف: 60.
(5) الميزان: 2 / 140، 141.
(6) الأحقاف: 35.
(7) الخصال: 300 / 73.
(8) البحار: 11 / 33 / 25.
(9) الكافي: 1 / 175 / 3 و 2 / 17 / 2.
(10) الكافي: 1 / 175 / 3 و 2 / 17 / 2.
3018
على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى
زمن موسى، وكل نبي كان في زمن موسى وبعده
كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى
أيام عيسى (عليه السلام)، وكل نبي كان في أيام عيسى (عليه السلام)
وبعده كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعا
لكتابه إلى زمن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، فهؤلاء الخمسة
أولو العزم، فهم أفضل الأنبياء والرسل (عليهم السلام) (1).
[3775]
آباء الأنبياء
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصف الأنبياء (عليهم السلام) -:
استودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير
مستقر، تناسختهم [تناسلتهم] كرائم الأصلاب
إلى مطهرات الأرحام، كلما مضى منهم سلف،
قام منهم بدين الله خلف، حتى أفضت كرامة الله
سبحانه وتعالى إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، فأخرجه من
أفضل المعادن منبتا، وأعز الأرومات مغرسا،
من الشجرة التي صدع منها أنبياءه، وانتجب
(انتخب) منها امناءه، عترته خير العتر،
وأسرته خير الأسر، وشجرته خير الشجر (2).
- عنه (عليه السلام): وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وسيد عباده، كلما نسخ الله الخلق فرقتين
جعله في خيرهما، لم يسهم فيه عاهر، ولا ضرب
فيه فاجر (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما خرجت من نكاح ولم
أخرج من سفاح، من لدن آدم لم يصبني
من سفاح أهل الجاهلية شئ لم أخرج إلا
من طهره (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): خرجت من لدن آدم من نكاح
غير سفاح (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نقلنا من الأصلاب الطاهرة
إلى الأرحام الزكية (6).
- في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى:
* (وتقلبك في الساجدين) *... وقيل: معناه وتقلبك
في أصلاب الموحدين من نبي إلى نبي حتى
أخرجك نبيا، عن ابن عباس في رواية عطا
وعكرمة، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله
صلوات الله عليهما، قالا: في أصلاب النبيين نبي
بعد نبي، حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح
غير سفاح من لدن آدم (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (الذي
يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين) * -:
يراك حين تقوم بأمره، وتقلبك في أصلاب
الأنبياء نبي بعد نبي (8).
[3776]
خصائص الأنبياء
الكتاب
* (أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين) * (9).



(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 80 / 13.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 94 و 214.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 94 و 214.
(4) الطبقات الكبرى: 1 / 60.
(5) كنز العمال: 31870.
(6) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 / 63.
(7) تفسير مجمع البيان: 7 / 323.
(8) البحار: 16 / 374 / 84.
(9) الأعراف: 68.
3019
* (أن أدوا إلى عباد الله إني لكم رسول أمين) * (1).
* (إني لكم رسول أمين) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الأنبياء (عليهم السلام) -:
كانوا قوما مستضعفين، قد اختبرهم الله
بالمخمصة، وابتلاهم بالمجهدة، وامتحنهم
بالمخاوف، ومخضهم بالمكاره... ولقد دخل
موسى بن عمران ومعه أخوه هارون عليهما
السلام على فرعون وعليهما مدارع الصوف،
وبأيديهما العصي...
ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم
أن يفتح لهم كنوز الذهبان، ومعادن العقيان،
ومغارس الجنان... لفعل، ولو فعل لسقط البلاء،
وبطل الجزاء...
ولكن الله سبحانه جعل رسله اولي قوة في
عزائمهم، وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم،
مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة
تملأ الأبصار والأسماع أذى (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل لم
يبعث رسله حيث بعثها ومعها ذهب ولا فضة،
ولكن بعثها بالكلام (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء أمرنا
أن نكلم الناس على قدر عقولهم (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
العباد بكنه عقله قط، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس
على قدر عقولهم (6).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): ما بعث الله عز وجل نبيا
ولا وصيا إلا سخيا (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما بعث الله عز وجل
نبيا إلا حسن الصوت (8).
- قتادة: ما بعث الله نبيا قط إلا بعثه
حسن الوجه، حسن الصوت (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم يبعث الله عز وجل نبيا
إلا بلغة قومه (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما بعث الله نبيا إلا شابا (11).
- الإمام علي (عليه السلام): رؤيا الأنبياء وحي (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأنبياء تنام أعينهم
ولا تنام قلوبهم (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا
ولا تنام قلوبنا (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء تنام عيوننا
ولا تنام قلوبنا، ونرى من خلفنا كما نرى من
بين أيدينا (15).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تنام عيناي ولا ينام قلبي (16).



(1) الدخان: 18.
(2) الشعراء: 107، 125، 143، 162، 178.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 192، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
13 / 151.
(4) الكافي: 8 / 148 / 128.
(5) البحار: 77 / 140 / 19.
(6) الكافي: 8 / 268 / 394 و 4 / 39 / 4 و 2 / 616 / 10.
(7) الكافي: 8 / 268 / 394 و 4 / 39 / 4 و 2 / 616 / 10.
(8) الكافي: 8 / 268 / 394 و 4 / 39 / 4 و 2 / 616 / 10.
(9) الطبقات الكبرى: 1 / 376.
(10) كنز العمال: 32228، 32233.
(11) كنز العمال: 32228، 32233.
(12) البحار: 11 / 64 / 4.
(13) كنز العمال: 32248، 31993.
(14) كنز العمال: 32248، 31993.
(15) البحار: 16 / 172 / 7.
(16) كنز العمال: 32249.
3020
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا ينبغي لنبي إذا أخذ آلات
الحرب فأذن في الناس بالخروج إلى العدو أن
يرجع حتى يقاتل (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد أن
لبسها حتى يحكم الله عز وجل بينه وبين عدوه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته
أن يضعها حتى يقاتل (3) (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن أشد الناس بلاء
الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، ثم الذين
يلونهم، ثم الأمثل فالأمثل (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لرجل يقول اللهم
إني أسألك من رزقك الحلال -: سألت قوت
النبيين! قل: اللهم إني أسألك رزقا
واسعا طيبا من رزقك (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لرجل يقول: اللهم
إني أسألك رزقا طيبا -: هيهات هيهات!
هذا قوت الأنبياء، ولكن سل ربك رزقا لا يعذبك
عليه يوم القيامة، هيهات إن الله يقول: * (يا أيها
الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) * (7).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى: * (يا أيها
الرسل كلوا من الطيبات) * -: الرزق الحلال (8).
(انظر) الرزق: باب 1502.
البلاء: باب 397.
[3777]
الأنبياء ورعي الغنم
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من نبي إلا وقد
رعى الغنم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم،
قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا كنت أرعاها
لأهل مكة بالقراريط (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما بعث الله نبيا قط
حتى يسترعيه الغنم، يعلمه بذلك رعية الناس (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعث داود وهو راعي غنم،
وبعث موسى وهو راعي غنم، وبعثت أنا وأنا
أرعى غنما لأهلي بجياد (12).
- عمار: كنت أرعى غنيمة أهلي، وكان
محمد (صلى الله عليه وآله) يرعى أيضا، فقلت: يا محمد! هل
لك في فخ فإني تركتها روضة برق؟ قال: نعم،
فجئتها من الغد وقد سبقني محمد (صلى الله عليه وآله) وهو قائم



(1) كنز العمال: 32251، 32250.
(2) كنز العمال: 32251، 32250.
(3) ذكر ابن هشام في سيرته في غزوة أحد:... فلم يزل الناس
برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى
دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيته فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة
حين فرغ من الصلاة... ثم خرج عليهم، وقد ندم الناس
، وقالوا: استكرهنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولم يكن لنا ذلك.
فلما خرج عليهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالوا: يا رسول
الله استكرهناك ولم يكن ذلك لنا، فإن شئت فاقعد صلى الله عليك،
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها
حتى يقاتل، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ألف من أصحابه. السيرة:
3 / 67، 68.
(4) كنز العمال: 32232.
(5) أمالي الطوسي: 659 / 1363.
(6) البحار: 11 / 68 / 23.
(7) البحار: 11 / 58 / 63 و ح 62.
(8) البحار: 11 / 58 / 63 و ح 62.
(9) كنز العمال: 9242، 9243.
(10) كنز العمال: 9242، 9243.
(11) علل الشرائع: 32 / 2.
(12) كنز العمال: 32326.
3021
يذود غنمه عن الروضة، قال: إني كنت
واعدتك فكرهت أن أرعى قبلك (1).
- جابر بن عبد الله: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بمر الظهران يرعى الكباش، وأن رسول الله
قال: عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه، قالوا:
نرعى الغنم؟ قال: نعم، وهل نبي إلا رعاها؟! (2).
- ابن عباس: كان آدم (عليه السلام) حراثا، وكان
إدريس خياطا، وكان نوح نجارا، وكان هود
تاجرا، وكان إبراهيم راعيا، وكان داود زرادا،
وكان سليمان خواصا، وكان موسى أجيرا، وكان
عيسى سياحا، وكان محمد (صلى الله عليه وآله) شجاعا جعل
رزقه تحت رمحه (3).
(انظر) الزراعة: باب 1574.
[3778]
من أخلاق الأنبياء
- الإمام الصادق (عليه السلام): أربعة من أخلاق
الأنبياء (عليهم السلام): البر، والسخاء، والصبر على
النائبة، والقيام بحق المؤمن (4).
- الإمام الرضا (عليه السلام): من أخلاق الأنبياء
التنظف (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أخلاق النبيين والصديقين
البشاشة إذا تراؤوا، والمصافحة إذا تلاقوا (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أخلاق الأنبياء
صلى الله عليهم حب النساء (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حبب إلي من الدنيا
النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة (8).
- الإمام الرضا (عليه السلام): من أخلاق الأنبياء (عليهم السلام)
الطيب (9).
- عنه (عليه السلام): الطيب من أخلاق الأنبياء (10).
(انظر) السخاء: باب 1775.
[3779]
أولى الناس بالأنبياء
الكتاب
* (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي
والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) * (11).
- الإمام علي (عليه السلام): أقرب الناس من الأنبياء
أعملهم بما أمروا به (12).
- عنه (عليه السلام): أشبه الناس بأنبياء الله أقولهم
للحق، وأصبرهم على العمل به (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقرب الناس من درجة النبوة
أهل الجهاد وأهل العلم، لأن أهل الجهاد
يجاهدون على ما جاءت به الرسل، وأما أهل
العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الأنبياء (14).



(1) قصص الأنبياء: 285 / 378 و 284 / 377.
(2) قصص الأنبياء: 285 / 378 و 284 / 377.
(3) الدر المنثور: 1 / 139.
(4) تحف العقول: 375، 442.
(5) تحف العقول: 375، 442.
(6) تنبيه الخواطر: 1 / 29.
(7) الكافي: 5 / 320 / 1.
(8) الطبقات الكبرى: 1 / 398.
(9) مكارم الأخلاق: 1 / 102 / 200.
(10) الكافي: 6 / 510 / 1.
(11) آل عمران: 68.
(12) غرر الحكم: 3057، 3172.
(13) غرر الحكم: 3057، 3172.
(14) كنز العمال: 10647.
3022
- الإمام علي (عليه السلام): إن أولى الناس بالأنبياء
أعلمهم بما جاؤوا به، ثم تلا * (إن أولى الناس
بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين
آمنوا...) * الآية، ثم قال: إن ولي محمد من
أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد
من عصى الله وإن قربت قرابته (1).
- عنه (عليه السلام): ما أعظم فوز من اقتفى أثر النبيين (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (إن
أولى الناس بإبراهيم...) * -: هم الأئمة (عليهم السلام)
ومن اتبعهم (3).
- عنه (عليه السلام): والله لكأني أنظر إلى القائم (عليه السلام)
وقد أسند ظهره إلى الحجر ثم ينشد الله حقه،
ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني في الله
فأنا أولى بالله، أيها الناس من يحاجني بآدم
فأنا أولى بآدم، أيها الناس من يحاجني في
نوح فأنا أولى بنوح، أيها الناس من يحاجني في
إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن القائم إذا خرج
دخل المسجد الحرام فيستقبل الكعبة، ويجعل
ظهره إلى المقام ثم يصلي ركعتين ثم يقوم
فيقول: يا أيها الناس أنا أولى الناس بآدم،
يا أيها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم،
يا أيها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها
الناس أنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله). ثم يرفع يديه
إلى السماء فيدعو ويتضرع حتى يقع على وجهه،
وهو قوله عز وجل: * (أمن يجيب المضطر إذا
دعاه...) * (5).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 96، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
18 / 252.
(2) غرر الحكم: 9557.
(3) الكافي: 1 / 416 / 20.
(4) نور الثقلين: 1 / 353 / 186.
(5) البحار: 51 / 59 / 56.
3023
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
1 - آدم عليه السلام
البحار: 11 - 14 " أبواب تاريخ الأنبياء (عليهم السلام) ".
البحار: 11 / 97 " أبواب قصص آدم وحواء ".
كنز العمال: 6 / 125 - 162 " خلق آدم (عليه السلام) ".
البحار: 11 / 218 باب 5 " تزويج آدم وحواء ".

3025
[3780]
آدم عليه السلام
الكتاب
* (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء
واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان
عليكم رقيبا) * (1).
* (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن
نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون *
وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال
أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك
لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم
أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم
إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما
كنتم تكتمون) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الناس ولد آدم، وآدم
من تراب (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من
جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض،
جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك،
والسهل والحزن والخبيث والطيب وبين ذلك (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة خلق آدم (عليه السلام) -:
ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها،
وعذبها وسبخها، تربة سنها [سناها] بالماء
حتى خلصت، ولاطها بالبلة حتى لزبت،
فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول، وأعضاء
وفصول، أجمدها حتى استمسكت، وأصلدها
حتى صلصلت، لوقت معدود وأمد [أجل] معلوم.
ثم نفخ فيها من روحه فمثلت [فتمثلت] إنسانا ذا
أذهان يجيلها وفكر يتصرف بها... معجونا بطينة
الألوان المختلفة، والأشباه المؤتلفة [متفقة]،
والأضداد المتعادية، والأخلاط المتباينة، من
الحر والبرد، والبلة والجمود (5).
- عنه (عليه السلام): إن آدم خلق من أديم الأرض،
فيه الطيب والصالح والردي، وكل ذلك أنت
راء في ولده (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن آدم لم سمي
آدم -: لأنه خلق من طين الأرض وأديمها.
قال: فآدم خلق من طين كله أو طين واحد؟
قال: بل من الطين كله، ولو خلق من طين
واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا
على صورة واحدة.



(1) النساء: 1.
(2) البقرة: 30 - 33.
(3) كنز العمال: 15134.
(4) كنز العمال: 15126.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(6) كنز العمال: 15227.
3026
قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب
فيه أبيض، وفيه أخضر، وفيه أشقر، وفيه
أغبر، وفيه أحمر، وفيه أزرق، وفيه عذب،
وفيه ملح، وفيه خشن، وفيه لين، وفيه أصهب (1).
فلذلك صار الناس فيهم لين، وفيهم خشن، وفيهم
أبيض، وفيهم أصفر وأحمر وأصهب وأسود على
ألوان التراب (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما سئل عن وجه تسمية
آدم وحواء -: إنما سمي آدم آدم لأنه
خلق من أديم الأرض، وذلك أن الله تبارك وتعالى
بعث جبرئيل (عليه السلام) وأمره أن يأتيه من أديم الأرض
بأربع طينات: طينة بيضاء، وطينه حمراء، وطينة
غبراء، وطينة سوداء، وذلك من سهلها وحزنها.
ثم أمره أن يأتيه بأربع مياه: ماء عذب، وماء
ملح، وماء مر، وماء منتن، ثم أمره أن يفرغ
الماء في الطين، وأدمه الله بيده (3) فلم يفضل شئ
من الطين يحتاج إلى الماء، ولا من الماء شئ
يحتاج إلى الطين. فجعل الماء العذب في حلقه،
وجعل الماء المالح في عينيه، وجعل الماء المر
في اذنيه، وجعل الماء المنتن في أنفه.
وإنما سميت حواء حواء لأنها خلقت
من الحيوان (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إنما سمي آدم آدم
لأنه خلق من أديم الأرض (5).
- عنه (عليه السلام): سميت حواء حواء لأنها خلقت
من حي، قال الله عز وجل: * (خلقكم من نفس
واحدة وخلق منها زوجها) * (6).
- أبو المقدام: سألت أبا جعفر (عليه السلام) من
أي شئ خلق الله حواء -: أي شئ يقول هذا
الخلق؟ قلت: يقولون: إن الله خلقها من ضلع من
أضلاع آدم. فقال: كذبوا، كان يعجزه أن يخلقها
من غير ضلعه؟ فقلت: جعلت فداك يا بن رسول
الله من أي شئ خلقها؟ فقال: أخبرني أبي عن
آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله: إن الله تبارك وتعالى
قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه - وكلتا يديه
يمين - فخلق منها آدم، وفضلت فضلة من الطين
فخلق منها حواء (7).
- الإمام علي (عليه السلام):... فلما مهد أرضه، وأنفذ
أمره، اختار آدم (عليه السلام) خيرة من خلقه، وجعله أول
جبلته (8) (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله لما أخرج آدم من
الجنة زوده من ثمار الجنة، وعلمه صنعة
كل شئ (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تلعنوا الحاكة، فإن أول من
حاك أبوكم آدم (11).



(1) الأشقر: الشديد الحمرة: وقال الفيروزآبادي: الصهب محركة:
حمرة أو شقرة في الشعر كالصهبة، والأصهب: بعير ليس بشديد
البياض، كما في البحار: 11 / 101.
(2) علل الشرائع: 471 / 33.
(3) قال الجوهري: الأدم: الألفة والاتفاق، يقال: آدم الله بينهما أي
أصلح وألف، وكذلك أدم الله بينهما، فعل وأفعل بمعنى، انتهى،
واليد هنا بمعنى القدرة. كما في هامش البحار.
(4) البحار: 11 / 102 / 7.
(5) علل الشرائع: 14 / 1 و 16 / 1.
(6) علل الشرائع: 14 / 1 و 16 / 1.
(7) البحار: 11 / 116 / 46.
(8) أي خلقته.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 91.
(10) الدر المنثور: 1 / 137.
(11) كنز العمال: 8190.
3027
كلام في أن النسل الحاضر ينتهي إلى
آدم وزوجته:
ربما قيل: إن اختلاف الألوان في أفراد
الإنسان - وعمدتها البياض كلون أهل النقاط
المعتدلة من آسيا وأوربا، والسواد كلون
أهل إفريقيا الجنوبية، والصفرة كلون أهل
الصين واليابان، والحمرة كلون الهنود
الأمريكيين - يقضي بانتهاء النسل في كل لون
إلى غير ما ينتهي إليه نسل اللون الآخر، لما في
اختلاف الألوان من اختلاف طبيعة الدماء، وعلى
هذا فالمبادي الأول لمجموع الأفراد لا ينقصون
من أربعة أزواج للألوان الأربعة.
وربما يستدل عليه بأن قارة أمريكا انكشفت
ولها أهل، وهم منقطعون عن الإنسان القاطن في
نصف الكرة الشرقي بالبعد الشاسع الذي بينهما
انقطاعا لا يرجي ولا يحتمل معه أن النسلين
يتصلان بانتهائهما إلى أب واحد وأم واحدة.
والدليلان - كما ترى - مدخولان:
أما مسألة اختلاف الدماء باختلاف الألوان
فلأن الأبحاث الطبيعية اليوم مبنية على
فرضية التطور في الأنواع، ومع هذا البناء
كيف يطمأن بعدم استناد اختلاف الدماء فاختلاف
الألوان إلى وقوع التطور في هذا النوع،
وقد جزموا بوقوع تطورات في كثير من الأنواع
الحيوانية كالفرس والغنم والفيل وغيرها، وقد
ظفر البحث والفحص بآثار أرضية كثيرة يكشف
عن ذلك؟ على أن العلماء اليوم لا يعتنون بهذا
الاختلاف ذاك الاعتناء (1).
وأما مسألة وجود الإنسان فيما وراء البحار
فإن العهد الإنساني على ما يذكره علماء
الطبيعة يزهو إلى ملايين من السنين، والذي
يضبطه التاريخ النقلي لا يزيد على ستة آلاف
سنة، وإذا كان كذلك فما المانع من حدوث
حوادث فيما قبل التاريخ تجزي قارة أمريكا عن
سائر القارات، وهناك آثار أرضية كثيرة تدل
على تغييرات هامة في سطح الأرض بمرور
الدهور من تبدل بحر إلى بر وبالعكس، وسهل
إلى جبل وبالعكس، وما هو أعظم من ذلك كتبدل
القطبين والمنطقة على ما يشرحه علوم طبقات
الأرض والهيئة والجغرافيا، فلا يبقى لهذا
المستدل إلا الاستبعاد فقط. هذا.
وأما القرآن فظاهره القريب من النص أن هذا
النسل الحاضر المشهود من الإنسان ينتهي
بالارتقاء إلى ذكر وأنثى هما الأب والام لجميع
الأفراد، أما الأب فقد سماه الله تعالى في كتابه
بآدم، وأما زوجته فلم يسمها في كتابه، ولكن
الروايات تسميها حواء كما في التوراة الموجودة،
قال تعالى: * (وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم
جعل نسله من سلالة من ماء مهين) * (2).
وقال تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل
آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * (3)



(1) وقد ورد في الجرائد في هذه الأيام: أن جمعا من الأطباء قد
اكتشفوا فورمول طبي يغير به لون بشرة الإنسان كالسواد إلى
البياض مثلا.
(2) ألم السجدة: 7، 8.
(3) آل عمران: 59.
3028
وقال تعالى: * (وإذ قال ربك للملائكة إني
جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من
يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك
ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون * وعلم آدم
الأسماء كلها...) * الآية (1) وقال تعالى: * (إذ قال
ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته
ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين...) *
الآيات (2)، فإن الآيات - كما ترى - تشهد بأن سنة
الله في بقاء هذا النسل أن يتسبب إليه بالنطفة،
لكنه أظهره حينما أظهره بخلقه من تراب، وأن
آدم خلق من تراب وأن الناس بنوه، فظهور
الآيات في انتهاء هذا النسل إلى آدم وزوجته مما
لا ريب فيه وإن لم تمتنع من التأويل.
وربما قيل: إن المراد بآدم في آيات الخلقة
والسجدة آدم النوعي دون الشخصي، كأن مطلق
الإنسان - من حيث انتهاء خلقه إلى الأرض، ومن
حيث قيامه بأمر النسل والإيلاد - سمي بآدم،
وربما استظهر ذلك من قوله تعالى: * (ولقد
خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم) * (3) فإنه لا يخلو عن إشعار بأن الملائكة إنما
أمروا بالسجدة لمن هيأه الله لها بالخلق والتصوير،
وقد ذكرت الآية أنه جميع الأفراد لا شخص
إنساني واحد معين، حيث قال: * (ولقد خلقناكم
ثم صورناكم) * وهكذا قوله تعالى: * (قال يا إبليس
ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي - إلى أن قال: -
قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته
من طين - إلى أن قال: - قال فبعزتك لأغوينهم
أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين) * (4) حيث
أبدل ما ذكره مفردا أولا من الجمع ثانيا.
ويرده - مضافا إلى كونه على خلاف ظاهر ما
نقلناه من الآيات - ظاهر قوله تعالى - بعد سرد
قصة آدم وسجدة الملائكة وإباء إبليس - في
سورة الأعراف: * (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان
كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما
ليريهما سوآتهما) * (5) فظهور الآية في شخصية آدم
مما لا ينبغي أن يرتاب فيه.
وكذا قوله تعالى: * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت
طينا * قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن
أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا
قليلا) * (6) وكذا الآية المبحوث عنها: * (يا أيها
الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم أن نفس واحدة
وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا
ونساء...) * الآية بالتقريب الذي مر بيانه.
فالآيات - كما ترى - تأبى أن يسمى الإنسان
آدم باعتبار وابن آدم باعتبار آخر، وكذا تأبى
أن تنسب الخلقة إلى التراب باعتبار وإلى
النطفة باعتبار آخر، وخاصة في مثل قوله
تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه
من تراب ثم قال له كن فيكون...) * الآية، وإلا
لم يستقم استدلال الآية على كون خلقة عيسى



(1) البقرة: 30، 31.
(2) ص: 71، 72.
(3) الأعراف: 11.
(4) ص: 82، 83.
(5) الأعراف: 27.
(6) الإسراء: 61، 62.
3029
خلقة استثنائية ناقضة للعادة الجارية. فالقول
بآدم النوعي في حد التفريط، والإفراط
- الذي يقابله - قول بعضهم: إن القول بخلق
أزيد من آدم واحد كفر. ذهب إليه زين العرب من
علماء أهل السنة (1).
كلام في أن الإنسان نوع مستقل غير متحول
من نوع آخر:
الآيات السابقة تكفي مؤونة هذا البحث،
فإنها تنهي هذا النسل الجاري بالنطفة
إلى آدم وزوجته وتبين أنهما خلقا من تراب،
فالإنسانية تنتهي إليهما وهما لا يتصلان بآخر
يماثلهما أو يجانسهما وإنما حدثا حدوثا.
والشائع اليوم عند الباحثين عن طبيعة
الإنسان أن الإنسان الأول فرد تكامل إنسانا،
وهذه الفرضية بخصوصها وإن لم يتسلمها الجميع
تسلما يقطع الكلام، واعترضوا عليه بأمور كثيرة
مذكورة في الكتب، لكن أصل الفرضية - وهي أن
الإنسان حيوان تحول إنسانا - مما تسلموه وبنوا
عليه البحث عن طبيعة الإنسان.
فإنهم فرضوا أن الأرض - وهي أحد الكواكب
السيارة - قطعة من الشمس مشتقة منها، وقد
كانت في حال الاشتعال والذوبان ثم أخذت في
التبرد من تسلط عوامل البرودة، وكانت تنزل
عليها أمطار غزيرة وتجري عليها السيول
وتتكون فيها البحار، ثم حدثت تراكيب مائية
وأرضية فحدثت النباتات المائية، ثم حدثت
بتكامل النبات واشتمالها على جراثيم الحياة
السمك وسائر الحيوان المائي، ثم السمك
الطائر ذو الحياتين، ثم الحيوان البري،
ثم الإنسان، كل ذلك بتكامل عارض للتركيب
الأرضي الموجود في المرتبة السابقة يتحول
به التركيب في صورته إلى المرتبة اللاحقة،
فالنبات ثم الحيوان المائي ثم الحيوان
ذو الحياتين ثم الحيوان البري ثم الإنسان
على الترتيب. هذا.
كل ذلك لما يشاهد من الكمال المنظم في
بنيها نظم المراتب الآخذة من النقص إلى الكمال،
ولما يعطيه التجريب في موارد جزئية التطور.
وهذه فرضية افترضت لتوجيه ما يلحق بهذه
الأنواع من الخواص والآثار من غير قيام دليل
عليها بالخصوص ونفي ما عداها، مع إمكان
فرض هذه الأنواع متبائنة من غير اتصال بينها
بالتطور وقصر التطور على حالات هذه الأنواع
دون ذواتها وهي التي جرى فيها التجارب، فإن
التجارب لم يتناول فردا من أفراد هذه الأنواع
تحول إلى فرد من نوع آخر كقردة إلى إنسان،
وإنما يتناول بعض هذه الأنواع من حيث خواصها
ولوازمها وأعراضها.
واستقصاء هذا البحث يطلب من غير هذا
الموضع، وإنما المقصود الإشارة إلى
أنه فرض افترضوه لتوجيه ما يرتبط به من
المسائل من غير أن يقوم عليه دليل قاطع،
فالحقيقة التي يشير إليها القرآن الكريم
من كون الإنسان نوعا مفصولا عن سائر الأنواع
غير معارضة بشئ علمي (2).



(1) الميزان: 4 / 141 وص 143.
(2) الميزان: 4 / 141 وص 143.
3030
[3781]
زواج بني آدم
- الإمام الرضا (عليه السلام) - وقد سأله البزنطي عن
كيفية تناسل الناس من آدم -: حملت حواء
هابيل وأختا له في بطن، ثم حملت في البطن
الثاني قابيل وأختا له في بطن، فزوج هابيل
التي مع قابيل، وتزوج قابيل التي مع هابيل،
ثم حدث التحريم بعد ذلك (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في احتجاجه
مع قرشي يصف فيه تزويج هابيل بلوزا أخت
قابيل، وتزويج قابيل بإقليما أخت هابيل فقال
له القرشي: فأولداهما؟! -: نعم، فقال له
القرشي: فهذا فعل المجوس اليوم! قال: فقال
علي بن الحسين (عليهما السلام): إن المجوس إنما فعلوا ذلك
بعد التحريم من الله. ثم قال له علي بن
الحسين (عليهما السلام): لا تنكر هذا إنما هي شرايع جرت،
أليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلها له؟!
فكان ذلك شريعة من شرايعهم، ثم أنزل الله
التحريم بعد ذلك (2).
كلام في تناسل الطبقة الثانية من الإنسان:
الطبقة الأولى من الإنسان وهي آدم وزوجته
تناسلت بالازدواج، فأولدت بنين وبنات إخوة
وأخوات، فهل نسل هؤلاء بالازدواج بينهم وهم
إخوة وأخوات أو بطريق غير ذلك؟ ظاهر إطلاق
قوله تعالى: * (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء...) *
الآية - على ما تقدم من التقريب - أن النسل
الموجود من الإنسان إنما ينتهي إلى آدم وزوجته
من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكر أو
أنثى ولم يذكر القرآن للبث إلا إياهما،
ولو كان لغيرهما شركة في ذلك لقال: وبث منهما
ومن غيرهما، أو ذكر ذلك بما يناسبه من اللفظ،
ومن المعلوم أن انحصار مبدأ النسل في آدم
وزوجته يقضي بازدواج بنيهما من بناتهما.
وأما الحكم بحرمته في الإسلام وكذا في
الشرائع السابقة عليه على ما يحكى فإنما
هو حكم تشريعي يتبع المصالح والمفاسد
لا تكويني غير قابل للتغيير، وزمامه بيد الله
سبحانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فمن
الجائز أن يبيحه يوما لاستدعاء الضرورة ذلك ثم
يحرمه بعد ذلك لارتفاع الحاجة واستيجابه
انتشار الفحشاء في المجتمع.
والقول بأنه على خلاف الفطرة وما شرعه الله
لأنبيائه دين فطري - قال تعالى: * (فأقم وجهك
للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها
لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) * (3) - فاسد،
فإن الفطرة لا تنفيه ولا تدعو إلى خلافه من جهة
تنفرها عن هذا النوع من المباشرة - مباشرة الأخ
الأخت - وإنما تبغضه وتنفيه من جهة تأديته
إلى شيوع الفحشاء والمنكر وبطلان غريزة العفة
بذلك وارتفاعها عن المجتمع الإنساني، ومن
المعلوم أن هذا النوع من التماس والمباشرة



(1) قرب الإسناد: 366 / 1311.
(2) الاحتجاج: 2 / 142 / 180.
(3) الروم: 30.
3031
إنما ينطبق عليه عنوان الفجور والفحشاء في
المجتمع العالمي اليوم، وأما المجتمع يوم ليس
هناك بحسب ما خلق الله سبحانه إلا الإخوة
والأخوات - والمشية الإلهية متعلقة بتكثرهم
وانبثاثهم - فلا ينطبق عليه هذا العنوان.
والدليل على أن الفطرة لا تنفيه من جهة النفرة
الغريزية: تداوله بين المجوس أعصارا طويلة
على ما يقصه التاريخ، وشيوعه قانونيا في روسيا
على ما يحكى وكذا شيوعه سفاحا من غير طريق
الازدواج القانوني في أوربا (1).
وربما يقال: إنه مخالف للقوانين الطبيعية
وهي التي تجري في الإنسان قبل عقده المجتمع
الصالح لإسعاده، فإن الاختلاط والاستيناس في
المجتمع المنزلي يبطل غريزة التعشق والميل
الغريزي بين الإخوة والأخوات كما ذكره بعض
علماء الحقوق (2).
وفيه: أنه ممنوع كما تقدم أولا، ومقصور
في صورة عدم الحاجة الضرورية ثانيا،
ومخصوص بمالا تكون القوانين الوضعية
غير الطبيعية حافظة للصلاح الواجب الحفظ
في المجتمع، ومتكفلة لسعادة المجتمعين،
وإلا فمعظم القوانين المعمولة والأصول الدائرة
في الحياة اليوم غير طبيعية (3).
[3782]
ما أوحي إلى آدم
- الإمام الباقر (عليه السلام): أوحى الله تبارك وتعالى
إلى آدم (عليه السلام): يا آدم: إني أجمع لك الخير كله
في أربع كلمات: واحدة منهن لي، وواحدة لك،
وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك
وبين الناس، فأما التي لي فتعبدني ولا تشرك
بي شيئا، وأما التي لك فأجازيك بعملك أحوج ما
تكون إليه، وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء
وعلي الإجابة، وأما التي فيما بينك وبين الناس
فترضى للناس ما ترضى لنفسك (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى
آدم (عليه السلام): إني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات،
قال: يا رب وما هن؟ قال: واحدة لي، وواحدة
لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك
وبين الناس، فقال: يا رب بينهن لي حتى
أعلمهن، فقال: أما التي لي فتعبدني [و]
لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فأجزيك (5) بعملك
أحوج ما تكون إليه، وأما التي بيني وبينك فعليك
الدعاء وعلي الإجابة، وأما التي بينك وبين الناس
فترضى للناس ما ترضاه لنفسك (6).
- السيد في سعد السعود: وجدت في صحف
إدريس النبي (عليه السلام) عند ذكر أحوال آدم على نبينا
وآله وعليه السلام ما هذا لفظه: حتى إذا كان

3032
الثلث الأخير من الليل ليلة الجمعة لسبع
وعشرين خلت من شهر رمضان أنزل الله عليه
كتابا بالسريانية وقطع الحروف في إحدى
وعشرين ورقة، وهو أول كتاب أنزله الله في
الدنيا، حذا الله عليه الألسن كلها، فكان فيه
ألف ألف لسان لا يفهم فيه أهل لسان عن أهل
لسان حرفا واحدا بغير تعليم، فيه دلائل الله
وفروضه، وأحكامه وشرائعه، وسننه وحدوده (1).
- سلمان: لما خلق الله آدم! قال: يا آدم
واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك،
فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما
التي لك فما عملت من شئ جزيتك به وأن أغفر
فأنا غفور رحيم، وأما التي بيني وبينك فمنك
المسألة والدعاء وعلي الإجابة والعطاء (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أهبط الله آدم إلى الأرض
مكث فيها ما شاء الله أن يمكث، ثم قال له بنوه:
يا أبانا تكلم، فقام خطيبا في أربعين ألفا من
ولده وولد ولده فقال: إن الله أمرني فقال: يا آدم
أقلل كلامك ترجع إلى جواري (3).

3033
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
(2) إدريس عليه السلام
البحار: 11 / 270 باب 9 " قصص إدريس ".
كنز العمال: 11 / 489 " إدريس ".

3035
[3783]
إدريس (عليه السلام)
الكتاب
* (واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا *
ورفعناه مكانا عليا) * (1).
* (وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين *
وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنزل الله على إدريس
ثلاثين صحيفة (3) (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): مسجد السهلة موضع
بيت إدريس النبي (عليه السلام) الذي كان يخيط فيه (5).
- عنه (عليه السلام): إذا دخلت الكوفة فأت
مسجد السهلة فصل فيه، واسأل الله حاجتك
لدينك ودنياك، فإن مسجد السهلة بيت
إدريس (عليه السلام) الذي كان يخيط فيه ويصلي فيه (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول من خط بالقلم إدريس (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر! أربعة من الأنبياء
سريانيون: آدم، وشيث، واخنوخ - وهو
إدريس (عليه السلام)، وهو أول من خط بالقلم -
ونوح (عليه السلام) (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): قال: وسمي إدريس
لكثرة دراسته الكتب (9).
قصة إدريس النبي (عليه السلام):
لم يذكر (عليه السلام) في القرآن إلا في الآيتين
من سورة مريم: * (واذكر في الكتاب إدريس إنه
كان صديقا نبيا * ورفعناه مكانا عليا) * (10)
وفي قوله: * (وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل
من الصابرين * وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من
الصالحين) * (11).
وفي الآيات ثناء منه تعالى عليه جميل، فقد
عده نبيا وصديقا ومن الصابرين ومن الصالحين
وأخبر أنه رفعه مكانا عليا...
ويسمى (عليه السلام) بهرمس، قال القفطي في كتاب
إخبار العلماء بأخبار الحكماء في ترجمة
إدريس: اختلف الحكماء في مولده ومنشئه
وعمن أخذ العلم قبل النبوة فقالت فرقة: ولد
بمصر وسموه هرمس الهرامسة، ومولده بمنف،
وقالوا: هو باليونانية إرميس وعرب بهرمس،

3036
ومعنى إرميس عطارد.
وقال آخرون: اسمه باليونانية طرميس، وهو
عند العبرانيين خنوخ، وعرب أخنوخ، وسماه
الله عز وجل في كتابه العربي المبين إدريس.
وقال هؤلاء: إن معلمه اسمه الغوثاذيمون
وقيل: أغثاذيمون المصري، ولم يذكروا من
كان هذا الرجل، إلا أنهم قالوا: إنه أحد
الأنبياء اليونانيين والمصريين، وسموه أيضا
اورين الثاني وإدريس عندهم اورين الثالث،
وتفسير غوثاذيمون السعيد الجد، وقالوا: خرج
هرمس من مصر وجاب الأرض كلها ثم عاد إليها
ورفعه الله إليه بها، وذلك بعد اثنين وثمانين
سنة من عمره.
وقالت فرقة أخرى: إن إدريس ولد ببابل
ونشأ بها وأنه أخذ في أول عمره بعلم شيث بن
آدم وهو جد جد أبيه، لأن إدريس ابن يارد بن
مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث. قال
الشهرستاني: إن أغثاذيمون هو شيث.
ولما كبر إدريس آتاه الله النبوة فنهى
المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة آدم
وشيث، فأطاعه أقلهم وخالفه جلهم، فنوى
الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك، فثقل
عليهم الرحيل من أوطانهم فقالوا له: وأين نجد إذا
رحلنا مثل بابل؟ - وبابل بالسريانية النهر وكأنهم
عنوا بذلك دجلة والفرات - فقال: إذا هاجرنا لله
رزقنا غيره.
فخرج وخرجوا وساروا إلى أن وافوا هذا
الإقليم الذي سمي بابليون، فرأوا النيل ورأوا
واديا خاليا من ساكن، فوقف إدريس على النيل
وسبح الله وقال لجماعته: بابليون، واختلف في
تفسيره فقيل: نهر كبير، وقيل: نهر كنهركم،
وقيل: نهر مبارك، وقيل: إن " يون " في السريانية
مثل أفعل التي للمبالغة في كلام العرب، وكأن
معناه نهر أكبر، فسمي الإقليم عند جميع الأمم
بابليون، وسائر فرق الأمم على ذلك إلا العرب
فإنهم يسمونه إقليم مصر نسبة إلى مصر بن حام
النازل به بعد الطوفان، والله أعلم بكل ذلك.
وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الخلائق
إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله
عز وجل، وتكلم الناس في أيامه باثنين وسبعين
لسانا، وعلمه الله عز وجل منطقهم ليعلم كل فرقة
منهم بلسانها، ورسم لهم تمدين المدن، وجمع له
طالبي العلم بكل مدينة فعرفهم السياسة المدنية
وقرر لهم قواعدها، فبنت كل فرقة من الأمم مدنا
في أرضها، وكانت عدة المدن التي أنشئت في
زمانه مائة مدينة وثماني وثمانين مدينة أصغرها
الرها وعلمهم العلوم.
وهو أول من استخرج الحكمة وعلم النجوم،
فإن الله عز وجل أفهمه سر الفلك وتركيبه ونقط
اجتماع الكواكب فيه وأفهمه عدد السنين
والحساب، ولولا ذلك لم تصل الخواطر
باستقرائها إلى ذلك.
وأقام للأمم سننا في كل إقليم تليق كل سنة
بأهلها، وقسم الأرض أربعة أرباع، وجعل على
كل ربع ملكا يسوس أمر المعمور من ذلك الربع،
وتقدم إلى كل ملك بأن يلزم أهل كل ربع بشريعة

3037
سأذكر بعضها، وأسماء الأربعة الملوك الذين
ملكوا: الأول إيلاوس وتفسيره الرحيم، والثاني
أوس، والثالث سقلبيوس، والرابع أوس آمون،
وقيل: إيلاوس آمون، وقيل: يسيلوخس وهو
آمون الملك. انتهى موضع الحاجة.
وهذه أحاديث وأنباء تنتهي إلى ما قبل التاريخ
لا يعول عليها ذاك التعويل، غير أن بقاء ذكره
الحي بين الفلاسفة وأهل العلم جيلا بعد جيل
وتعظيمهم له واحترامهم لساحته وإنهاءهم أصول
العلم إليه، يكشف عن أنه من أقدم أئمة العلم
الذين ساقوا العالم الإنساني إلى ساحة التفكر
الاستدلالي والإمعان في البحث عن المعارف
الإلهية أو هو أولهم (عليه السلام) (1).
(انظر) المحبة (2): باب 665 حديث 3132.

3038
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
(3) - نوح عليه السلام
البحار: 11 / 285 باب 1، 2، 3 " قصص نوح (عليه السلام) ".
كنز العمال: 11 / 512، 12 / 476 " نوح ".

3039
[3784]
نوح عليه السلام
* (لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله
مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) * (1).
* (واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر
عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت) * (2).
(انظر) هود: 25 - 48، الأنبياء: 76، 77،
المؤمنون: 23 - 30، الشعراء: 105 -
122، العنكبوت: 14، 15، الصافات:
75 - 82، الذاريات: 46، القمر: 9 - 17،
التحريم: 10، نوح: 1 - 28.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول نبي ارسل نوح (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): كانت شريعة نوح (عليه السلام)
أن يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد
وهي الفطرة التي فطر الناس عليها، وأخذ ميثاقه
على نوح (عليه السلام) والنبيين أن يعبدوا الله ولا يشركوا
به شيئا، وأمره بالصلاة والأمر والنهي
والحرام والحلال، ولم يفرض عليه أحكام حدود
ولا فرض مواريث، فهذه شريعته (4).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (وما آمن معه
إلا قليل) * -: كانوا ثمانية (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان بين آدم وبين
نوح (عليهما السلام) عشرة آباء كلهم أنبياء (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول الأنبياء آدم ثم
نوح، وبينهما عشرة آباء (7).
- أبو أمامة الباهلي: إن رجلا قال:
يا رسول الله! أنبي كان آدم؟ قال: نعم مكلم،
قال: كم بينه وبين نوح؟ قال: عشرة قرون، قال:
كم بين نوح وبين إبراهيم؟ قال: عشرة قرون،
قال: يا رسول الله! كم الأنبياء؟ قال: مائة
ألف وأربعة وعشرون ألفا، قال: يا رسول الله!
كم كانت الرسل من ذلك؟ قال: ثلاثمائة وخمسة
عشر جما غفيرا (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن نوحا (عليه السلام) لما غرس
النوى مر عليه قومه فجعلوا يضحكون ويسخرون
ويقولون: قد قعد غراسا! حتى إذا طال النخل
وكان جبارا طوالا قطعه ثم نحته فقالوا: قد قعد
نجارا، ثم ألفه فجعله سفينة فمروا عليه فجعلوا
يضحكون ويسخرون ويقولون: قد قعد ملاحا في
فلاة من الأرض! حتى فرغ منها (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعث الله نوحا لأربعين سنة،



(1) الأعراف: 59.
(2) يونس: 71.
(3) كنز العمال: 32391.
(4) البحار: 11 / 331 / 53 وص 336 / 64.
(5) البحار: 11 / 331 / 53 وص 336 / 64.
(6) نور الثقلين: 4 / 62 / 71.
(7) كنز العمال: 32274.
(8) الدر المنثور: 1 / 126.
(9) الكافي: 8 / 283 / 425.
3040
ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما
يدعوهم، وعاش بعد الطوفان سنة حتى كثر
الناس وفشوا (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة
وخمسمائة سنة، منها ثمانمائة وخمسون سنة
قبل أن يبعث، وألف سنة إلا خمسين عاما
وهو في قومه يدعوهم، ومائتا سنة في عمل
السفينة، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة
ونضب الماء، فمصر الأمصار وأسكن ولده
البلدان. ثم إن ملك الموت جاءه وهو في
الشمس فقال: السلام عليك، فرد عليه نوح
وقال له: ما جاء بك يا ملك الموت؟ فقال:
جئت لأقبض روحك، فقال له: تدعني أدخل من
الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم، فتحول
نوح (عليه السلام) ثم قال: يا ملك الموت! فكأن ما مر
بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل،
فامض لما أمرت به، قال: فقبض روحه (عليه السلام) (2).
أبحاث حول قصة نوح في فصول وهي
أبحاث قرآنية وروائية وتاريخية
الإشارة إلى قصته:
ذكر اسمه (عليه السلام) في القرآن في بضع وأربعين
موضعا يشار فيها إلى شئ من قصته إجمالا أو
تفصيلا، ولم تستوف قصته (عليه السلام) في شئ منها
استيفاء على نهج الاقتصاص التاريخي بذكر نسبه
وبيته ومولده ومسكنه ونشوئه وشغله وعمره
ووفاته ومدفنه وسائر ما يتعلق بحياته الشخصية،
لما أن القرآن لم ينزل كتاب تاريخ يقتص تواريخ
الناس من بر أو فاجر، وإنما هو كتاب هداية يصف
للناس ما فيه سعادتهم، ويبين لهم الحق
الصريح ليأخذوا به فيفوزوا في حياتهم الدنيا
والآخرة، وربما أشار إلى طرف من قصص
الأنبياء والأمم لتظهر به سنة الله في عباده،
ويعتبر به من شملته العناية ووفق للكرامة، وتتم
به الحجة على الباقين.
وقد فصلت قصة نوح (عليه السلام) في ست من السور
القرآنية وهي سورة الأعراف، وسورة هود،
وسورة المؤمنون، وسورة الشعراء، وسورة
القمر، وسورة نوح، وأكثرها تفصيلا سورة
هود التي ذكرت قصته (عليه السلام) فيها في خمس
وعشرين آية (25 - 49).
قصته (عليه السلام) في القرآن:
بعثه وإرساله:
كان الناس بعد آدم (عليه السلام) يعيشون أمة واحدة
على بساطة وسذاجة وهم على الفطرة الإنسانية،
حتى فشا فيهم روح الاستكبار وآل إلى استعلاء
البعض على البعض تدريجيا واتخاذ بعضهم بعضا
أربابا، وهذه هي النواة الأصلية التي لو نشأت
واخضرت وأينعت لم تثمر إلا دين الوثنية
والاختلاف الشديد بين الطبقات الاجتماعية
باستخدام القوي للضعيف، واسترقاق العزيز
واستدراره للذليل، وحدوث المنازعات
والمشاجرات بين الناس.
فشاع في زمن نوح (عليه السلام) الفساد في الأرض،
وأعرض الناس عن دين التوحيد وعن سنة العدل

3041
الاجتماعي، وأقبلوا على عبادة الأصنام، وقد
سمى الله سبحانه منها ودا وسواعا ويغوث ويعوق
ونسرا (سورة نوح).
وتباعدت الطبقات، فصار الأقوياء بالأموال
والأولاد يضيعون حقوق الضعفاء، والجبابرة،
يستضعفون من دونهم ويحكمون عليهم بما تهواه
أنفسهم (الأعراف - هود - نوح).
فبعث الله نوحا (عليه السلام) وأرسله إليهم بالكتاب
والشريعة يدعوهم إلى توحيد الله سبحانه وخلع
الأنداد والمساواة فيما بينهم (البقرة: 213)
بالتبشير والإنذار.
دينه وشريعته (عليه السلام):
كان (عليه السلام) يدعوهم إلى توحيد الله سبحانه
ورفض الشركاء (كما يظهر من جميع قصصه
القرآنية) والإسلام لله (كما يظهر من سورتي
نوح ويونس وسورة آل عمران آية 19) والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر (كما يظهر من سورة
هود آية 27) والصلاة (كما يظهر من آية 103 من
سورة النساء وآية 8 من سورة الشورى)
والمساواة والعدالة وأن لا يقربوا الفواحش
والمنكرات وصدق الحديث والوفاء بالعهد
(سورة الأنعام آية 151، 152) وهو (عليه السلام) أول من
حكي عنه في القرآن التسمية باسم الله في الأمور
الهامة (سورة هود آية 41).
اجتهاده (عليه السلام) في دعوته:
وكان (عليه السلام) يدعو قومه إلى الإيمان بالله
وآياته، ويبذل في ذلك غاية وسعه،
فيندبهم إلى الحق ليلا ونهارا وإعلانا وإسرارا،
فلا يجيبونه إلا بالعناد والاستكبار، وكلما
زاد في دعائهم زادوا في عتوهم وكفرهم،
ولم يؤمن به غير أهله وعدة قليلة من غيرهم،
حتى أيس من إيمانهم وشكا ذلك إلى ربه
وطلب منه النصر (سورة نوح والقمر
والمؤمنون).
لبثه في قومه:
لبث (عليه السلام) في قومه ألفا إلا خمسين عاما
يدعوهم إلى الله سبحانه، فلم يجيبوه
إلا بالهزء والسخرية ورميه بالجنون وأنه
يقصد به أن يتفضل عليهم حتى استنصر ربه
(سورة العنكبوت)، فأوحى إليه ربه أنه
لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن وعزاه
فيهم (سورة هود)، فدعا عليهم بالتبار والهلاك
وأن يطهر الله الأرض منهم عن آخرهم (سورة
نوح)، فأوحى الله إليه أن أصنع الفلك بأعيننا
ووحينا (سورة هود).
صنعه (عليه السلام) الفلك:
النبوة (2) / (1) النبوة الخاصة / (2) نوح (عليه السلام) 3043
أمره الله تعالى أن يصنع الفلك بتأييده
سبحانه وتسديده فأخذ في صنعها، وكان
القوم يمرون عليه طائفة بعد طائفة فيسخرون
منه وهو يصنعها على بسيط الأرض من غير ماء،
ويقول (عليه السلام): * (إن تسخروا منا فإنا نسخر
منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه
عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) *
(سورة هود)، وقد نصب الله لنزول العذاب
علما وهو أن يفور الماء من التنور (سورتا
هود والمؤمنون).

3042
نزول العذاب ومجئ الطوفان:
حتى إذا تمت صنعة الفلك وجاء أمر الله وفار
التنور أوحى الله تعالى إليه أن يحمل في السفينة
من كل من الحيوان زوجين اثنين، وأن يحمل
أهله إلا من سبق عليه القول الإلهي بالغرق وهو
امرأته الخائنة وابنه الذي تخلف عن ركوب
السفينة، وأن يحمل الذين آمنوا (سورتا هود
والمؤمنون)، فلما حملهم وركبوا جميعا فتح الله
أبواب السماء بماء منهمر وفجر الأرض عيونا
فالتقى الماء على أمر قد قدر (سورة القمر) وعلا
الماء وارتفعت السفينة عليه وهي تسير في موج
كالجبال (سورة هود) فأخذ الناس الطوفان وهم
ظالمون، وقد أمره الله تعالى إذا استوى هو ومن
معه على الفلك أن يحمد الله على ما نجاه من
القوم الظالمين وأن يسأله البركة في نزوله فيقول:
الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين، ويقول:
رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.
قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض:
فلما عم الطوفان وأغرق الناس (كما يظهر
من سورة الصافات آية 77) أمر الله الأرض أن
تبلع ماءها والسماء أن تقلع وغيض الماء و
استوت السفينة على جبل الجودي وقيل: بعدا
للقوم الظالمين، وأوحي إلى نوح (عليه السلام) أن اهبط
إلى الأرض بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم
ممن معك فلا يأخذهم بعد هذا طوفان عام،
ومنهم أمم سيمتعهم الله بأمتعة الحياة ثم
يمسهم عذاب أليم، فخرج هو ومن معه ونزلوا
الأرض يعبدون الله بالتوحيد والإسلام، وتوارثت
ذريته (عليه السلام) الأرض وجعل الله ذريته هم الباقين
(سورتا هود والصافات).
قصة ابن نوح الغريق:
كان نوح (عليه السلام) عندما ركب السفينة لم يركبها
واحد من أبنائه، وكان لا يصدق أباه في أن من
تخلف عنها فهو غريق لا محالة، فرآه أبوه وهو
في معزل فناداه: يا بني اركب معنا ولا تكن مع
الكافرين، فرد على أبيه قائلا: سآوي إلى جبل
يعصمني من الماء، قال نوح (عليه السلام): لا عاصم اليوم
من الله إلا من رحم - يريد أهل السفينة - فلم
يلتفت الابن إلى قوله وحال بينهما الموج فكان
من المغرقين.
ولم يكن نوح (عليه السلام) يعلم منه إبطان الكفر كما
كان يعلم ذلك من امرأته، ولو كان علم ذلك لم
يحزنه أمره وهو القائل في دعائه: * (رب لا تذر
على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم
يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) * (1)
الدعاء، وهو القائل: * (فافتح بيني وبينهم فتحا
ونجني ومن معي من المؤمنين) * (2) وقد سمع قوله
تعالى فيما أوحى إليه: * (ولا تخاطبني في الذين
ظلموا إنهم مغرقون) * (3).
فوجد نوح (عليه السلام) وحزن فنادى ربه من وجده
قائلا: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك
الحق وعدتني بإنجاء أهلي وأنت أحكم
الحاكمين لا تجور في حكمك ولا تجهل في



(1) نوح: 27.
(2) الشعراء: 118.
(3) هود: 37.
3043
قضائك، فما الذي جرى على ابني؟ فأخذته
العناية الإلهية وحالت بينه وبين أن يصرح
بالسؤال في نجاة ابنه - وهو سؤال لما ليس له
به علم - وأوحى الله إليه: يا نوح إنه ليس من
أهلك إنه عمل غير صالح، فإياك أن تواجهني
فيه بسؤال النجاة فيكون سؤالا فيما ليس لك به
علم، إني أعظك أن تكون من الجاهلين.
فانكشف الأمر لنوح (عليه السلام) والتجأ إلى ربه تعالى
قائلا: رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي
به علم، أسألك أن تشملني بعنايتك وتستر علي
بمغفرتك، وتعطف علي برحمتك، ولولا ذلك
لكنت من الخاسرين.
خصائص نوح (عليه السلام):
هو (عليه السلام) أول اولي العزم سادة الأنبياء،
أرسله الله إلى عامة البشر بكتاب وشريعة،
فكتابه أول الكتب السماوية، المشتملة على
شرائع الله، وشريعته أول الشرائع الإلهية.
وهو (عليه السلام) الأب الثاني للنسل الحاضر من
الإنسان، إليه ينتهي أنسابهم والجميع ذريته
لقوله تعالى: * (وجعلنا ذريته هم الباقين) * (1)
وهو (عليه السلام) أبو الأنبياء المذكورين في القرآن ما عدا
آدم وإدريس (عليهما السلام)، قال تعالى: * (وتركنا عليه
في الآخرين) * (2).
وهو (عليه السلام) أول من فتح باب التشريع وأتى
بكتاب وشريعة، وكلم الناس بمنطق العقل
وطريق الاحتجاج مضافا إلى طريق الوحي،
فهو الأصل الذي ينتهي إليه دين التوحيد
في العالم، فله المنة على جميع الموحدين إلى
يوم القيامة، ولذلك خصه الله تعالى بسلام عام لم
يشاركه فيه أحد غيره، فقال عز من قائل: * (سلام
على نوح في العالمين) * (3).
* (وقد اصطفاه الله على العالمين) * (4) * (وعده
من المحسنين) * (5) * (وسماه عبدا شكورا) * (6)
* (وعده من عباده المؤمنين) * (7) * (وسماه عبدا
صالحا) * (8) وآخر ما نقل من دعائه قوله: * (رب
اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا
وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا
تبارا) * (9) (10).
ومما يناسب هذا المقام ما نشره
بعض جرائد (11) طهران في هذه الأيام وملخصه:
أن جماعة من رجال العلم من أمريكا بهداية
من بعض رجال الجند التركي عثروا في بعض
قلل جبل آراراط في شرقي تركيا في مرتفع
1400 قدم على قطعات أخشاب يعطي القياس
أنها قطعات متلاشية من سفينة قديمة وقعت
هناك تبلغ بعض هذه القطعات من القدمة 2500
قبل الميلاد.



(1) الصافات: 77، 78.
(2) الصافات: 77، 78.
(3) الصافات: 79.
(4) آل عمران: 33.
(5) الأنعام: 84، الصافات: 80.
(6) الإسراء: 3.
(7) الصافات: 81.
(8) التحريم: 10.
(9) نوح: 28.
(10) الميزان: 10 / 247.
(11) جريدة كيهان المنتشرة أول سبتامبر 1962 المطابق لغرة ربيع
الأول 1382 الهجرية القمرية، عن لندن. آسوشيتدپرس.
3044
والقياس يعطي أنها قطعات من سفينة يعادل
حجمه ثلثي حجم مركب " كوئين ماري "
الإنجليزية التي طولها 1019 قدما وعرضها 118
قدما، وقد حملت الأخشاب إلى سانفراسيسكو
لتحقيق أمرها وأنها هل تقبل الانطباق على
ما تعتقده أرباب النحل من سفينة نوح (عليه السلام)؟
عمره (عليه السلام) الطويل:
القرآن الكريم يدل على أنه (عليه السلام) عمر طويلا،
وأنه دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم
إلى الله سبحانه، وقد استبعده بعض الباحثين لما
أن الأعمار الإنسانية لا تتجاوز في الأغلب المائة
أو المائة والعشرين سنة، حتى ذكر بعضهم أن
القدماء كانوا يعدون كل شهر من الشهور سنة،
فالألف سنة إلا خمسين عاما يعدل ثمانين سنة إلا
عشرة شهور. وهو بعيد غايته.
وذكر بعضهم أن طول عمره (عليه السلام) كان كرامة له
خارقة للعادة، قال الثعلبي في قصص الأنبياء في
خصائصه (عليه السلام): وكان أطول الأنبياء عمرا وقيل له:
أكبر الأنبياء وشيخ المرسلين، وجعل معجزته في
نفسه لأنه عمر ألف سنة ولم ينقص له سن ولم
تنقص له قوة. انتهى.
والحق أنه لم يقم حتى الآن دليل على امتناع
أن يعمر الإنسان مثل هذه الأعمار، بل الأقرب في
الاعتبار أن يعمر البشر الأولي بأزيد من الأعمار
الطبيعية اليوم بكثير، لما كان لهم من بساطة
العيش وقلة الهموم وقلة الأمراض المسلطة علينا
اليوم وغير ذلك من الأسباب الهادمة للحياة،
ونحن كلما وجدنا معمرا عمر مائة وعشرين إلى
مائة وستين وجدناه بسيط العيش قليل الهم
ساذج الفهم، فليس من البعيد أن يرتقي بعض
الأعمار في السابقين إلى مئات من السنين.
على أن الاعتراض على كتاب الله في مثل
عمر نوح (عليه السلام) - وهو يذكر من معجزات الأنبياء
الخارقة للعادة شيئا كثيرا - لعجيب. وقد تقدم
كلام في المعجزة في الجزء الأول من الكتاب.
أين هو جبل الجودي:
ذكروا أنه بديار بكر من موصل في جبال
تتصل بجبال أرمينية، وقد سماه في التوراة
أراراط. قال في القاموس: والجودي جبل
بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح (عليه السلام)، ويسمى
في التوراة أراراط. انتهى، وقال في مراصد
الاطلاع: الجودي مشددة جبل مطل على جزيرة
ابن عمر في شرقي دجلة من اعمال الموصل
استوت عليه سفينة نوح لما نضب الماء.
ربما قيل: هب أنه أغرق قوم نوح بذنبهم
فما هو ذنب سائر الحيوان الذي على الأرض
حيث هلكت بطاغية المياه؟ وهذا من أسقط
الاعتراض، فما كل هلاك ولو كان عاما عقوبة
وانتقاما، والحوادث العامة التي تهلك الألوف
ثم الألوف مثل الزلازل والطوفانات والوباء
والطاعون كثير الوقوع في الدهر، ولله فيما
يقضي حكم (1).

3045
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
(4) هود عليه السلام
البحار: 11 / 343 باب 4 " قصة هود وقومه ".
كنز العمال: 11 / 513، 12 / 479 " هود ".

3047
[3785]
هود (عليه السلام)
الكتاب
* (وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم
من إله غيره أفلا تتقون) * (1).
(انظر) هود: 50 - 60، المؤمنون: 31 - 41،
الشعراء: 123، 140، السجدة: 13 -
16، الأحقاف: 21 - 26، الذاريات: 41 -
42، القمر: 18 - 22، الحاقة 4 - 8،
الفجر: 6 - 8.
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن نوحا (عليه السلام) لما
انقضت نبوته واستكملت أيامه أوحى الله عز وجل
إليه أن يا نوح قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك
فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر
وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من
ذريتك...
وبشر نوح ساما بهود (عليه السلام)، وكان فيما بين
نوح وهود من الأنبياء (عليهم السلام).
وقال نوح: إن الله باعث نبيا يقال له:
هود، وإنه يدعو قومه إلى الله عز وجل فيكذبونه
والله عز وجل مهلكهم بالريح، فمن أدركه منكم
فليؤمن به وليتبعه فإن الله عز وجل ينجيه من
عذاب الريح (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لما بعث الله عز وجل هودا
أسلم له العقب من ولد سام، وأما الآخرون فقالوا:
من أشد منا قوة؟! فاهلكوا بالريح العقيم،
وأوصاهم هود وبشرهم بصالح (عليه السلام) (3).
كلام في قصة هود
1 - عاد قوم هود:
هؤلاء قوم من العرب من بشر ما قبل التاريخ
كانوا يسكنون الجزيرة انقطعت أخبارهم
وانمحت آثارهم لا يحفظ التاريخ من حياتهم إلا
أقاصيص لا يطمئن إليها، وليس في التوراة
الموجودة منهم ذكر.
والذي يذكره القرآن الكريم من قصتهم هو
أن عادا - وربما يسميهم عادا الأولى
(النجم: 50) وفيه إشارة إلى أن هناك عادا
ثانية - كانوا قوما يسكنون الأحقاف (4) من شبه
جزيرة العرب (الأحقاف: 21) بعد قوم نوح
(الأعراف: 69).
كانت لهم أجساد طويلة (القمر: 20،
الحاقة: 7) وكانوا ذوي بسطة في



(1) الأعراف: 65.
(2) الكافي: 8 / 115 / 92.
(3) كمال الدين: 136 / 5.
(4) الأحقاف: جمع حقف وهو الرمل المعوج، والأحقاف المذكور
في الكتاب العزيز واد بين عمان وأرض مهرة، وقيل: من عمان
إلى حضرموت، وهي رمال مشرفة على البحر بالشحر، وقال
الضحاك: الأحقاف جبل بالشام (المراصد). كما في هامش
المصدر.
3048
الخلق (الأعراف: 69) اولي قوة وبطش شديد
(فصلت: 15، الشعراء: 130) وكان لهم تقدم
ورقي في المدنية والحضارة، لهم بلاد عامرة
وأراض خصبة ذات جنات ونخيل وزروع ومقام
كريم (الشعراء وغيرها)، وناهيك في رقيهم
وعظيم مدنيتهم قوله تعالى في وصفهم:
* (ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد *
التي لم يخلق مثلها في البلاد) * (1).
لم يزل القوم يتنعمون بنعمة الله حتى غيروا
ما بأنفسهم، فتعرقت فيهم الوثنية وبنوا بكل ريع
آية يعبثون، واتخذوا مصانع لعلهم يخلدون،
وأطاعوا طغاتهم المستكبرين، فبعث الله إليهم
أخاهم هودا يدعوهم إلى الحق ويرشدهم إلى أن
يعبدوا الله ويرفضوا الأوثان ويعملوا بالعدل
والرحمة (الشعراء: 130) فبالغ في وعظهم وبث
النصيحة فيهم، وأنار الطريق وأوضح السبيل،
وقطع عليهم العذر، فقابلوه بالإباء والامتناع،
وواجهوه بالجحد والإنكار، ولم يؤمن به إلا
شرذمة منهم قليلون، وأصر جمهورهم على البغي
والعناد، ورموه بالسفه والجنون، وألحوا عليه بأن
ينزل عليهم العذاب الذي كان ينذرهم ويتوعدهم
به، قال: * (إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به
ولكني أراكم قوما تجهلون) * (2).
فأنزل الله عليهم العذاب وأرسل إليهم الريح
العقيم ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته
كالرميم (الذاريات: 42) ريحا صرصرا في أيام
نحسات سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى
القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية
(الحاقة: 7) وكانت تنزع الناس كأنهم أعجاز
نخل منقعر (القمر: 20).
وكانوا بادئ ما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم
استبشروا وقالوا: عارض ممطرنا، وقد أخطأوا،
بل كان هو الذي استعجلوا به ريح فيها عذاب أليم
تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا
مساكنهم (الأحقاف: 25)، فأهلكهم الله عن
آخرهم وأنجى هودا والذين آمنوا معه برحمة
منه (هود: 58).
2 - شخصية هود المعنوية:
وأما هود (عليه السلام) فهو من قوم عاد وثاني الأنبياء
الذين انتهضوا للدفاع عن الحق ودحض الوثنية
ممن ذكر الله قصته وما قاساه من المحنة والأذى
في جنب الله سبحانه، وأثنى عليه بما أثنى على
رسله الكرام وأشركه بهم في جميل الذكر عليه
سلام الله (3).



(1) الفجر: 6 - 8.
(2) الأحقاف: 23.
(3) الميزان: 10 / 307.
3049
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
5 - صالح عليه السلام
البحار: 11 / 370 باب 6 " قصة صالح ".
كنز العمال: 11 / 499 " صالح ".

3051
[3786]
صالح (عليه السلام)
الكتاب
* (وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله
مالكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله
لكم آية) * (1).
(انظر) هود: 61 - 68، الحجر: 80 - 84، الشعراء:
141 - 159، النمل: 45 - 53، السجدة: 17،
18، الذاريات: 42 - 45، القمر: 23 - 32،
الحاقة: 4، 5، الفجر: 9، الشمس: 11 - 15.
- الإمام علي (عليه السلام): أيها الناس إنما يجمع
الناس الرضى والسخط، وإنما عقر ناقة ثمود
رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا،
فقال سبحانه: * (فعقروها فأصبحوا نادمين) * فما
كان إلا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة
المحماة في الأرض الخوارة (2).
- أبو مطر: لما ضرب ابن ملجم الفاسق لعنه
الله أمير المؤمنين (عليه السلام) قال له الحسن: أقتله؟
قال: لا ولكن احبسه، فإذا مت فاقتلوه، وإذا
مت فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي:
هود وصالح (3).
كلام في قصة صالح في فصول:
1 - ثمود قوم صالح (عليه السلام):
ثمود قوم من العرب العاربة كانوا يسكنون
وادي القرى بين المدينة والشام، وهم من بشر
ما قبل التاريخ لا يضبط التاريخ إلا شيئا
يسيرا من أخبارهم، ولقد عفت الدهور آثارهم
فلا اعتماد على ما يذكر من جزئيات قصصهم.
والذي يقصه كتاب الله من أخبارهم أنهم
كانوا أمة من العرب على ما يدل عليه اسم
نبيهم وقد كان منهم (هود: 61) نشأوا بعد
قوم عاد، ولهم حضارة ومدنية يعمرون الأرض
ويتخذون من سهولها قصورا وينحتون من الجبال
بيوتا آمنين (الأعراف: 74)، ومن شغلهم
الفلاحة بإجراء العيون وإنشاء الجنات
والنخيل والحرث (الشعراء: 148).
كانت ثمود تعيش على سنة الشعوب
والقبائل، يحكم فيهم سادتهم وشيوخهم،
وقد كانت في المدينة التي بعث فيها صالح
تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون
(النمل: 48) فطغوا في الأرض وعبدوا
الأصنام وأفرطوا عتوا وظلما.
2 - بعثة صالح (عليه السلام):
لما نسيت ثمود ربها وأسرفوا في أمرهم
أرسل الله إليهم صالحا النبي (عليه السلام)، وكان
من بيت الشرف والفخار معروفا بالعقل



(1) الأعراف: 73.
(2) نهج البلاغة: الخطبة: 201.
(3) البحار: 11 / 379 / 4.
3052
والكفاية (هود: 62، النمل: 49) فدعاهم
إلى توحيد الله سبحانه وأن يتركوا عبادة
الأصنام وأن يسيروا في مجتمعهم بالعدل
والإحسان، ولا يعلوا في الأرض ولا يسرفوا
ولا يطغوا وأنذرهم بالعذاب (هود، الشعراء،
الشمس وغيرها).
فقام (عليه السلام) بالدعوة إلى دين الله بالحكمة
والموعظة الحسنة وصبر على الأذى في
جنب الله فلم يؤمن به إلا جماعة قليلة
من ضعفائهم (الأعراف: 75) وأما الطغاة
المستكبرون وعامة من تبعهم فأصروا على
كفرهم واستذلوا الذين آمنوا به ورموه
بالسفاهة والسحر (الأعراف: 66، الشعراء:
153، النمل: 47). وطلبوا منه البينة
على مقاله، وسألوه آية معجزة تدل على
صدقه في دعوى الرسالة، واقترحوا له أن يخرج
لهم من صخر الجبل ناقة، فأتاهم بناقة على
ما وصفوها به، وقال لهم: إن الله يأمركم أن
تشربوا من عين مائكم يوما وتكفوا عنها يوما
فتشربها الناقة، فلها شرب يوم ولكم شرب يوم
معلوم، وأن تذروها تأكل في أرض الله كيف
شاءت ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب
(الأعراف: 72، هود: 64، الشعراء: 156).
وكان الأمر على ذلك حينا، ثم إنهم
طغوا ومكروا وبعثوا أشقاهم لقتل الناقة
فعقرها، وقالوا لصالح: ائتنا بما تعدنا إن كنت من
الصادقين، قال صالح (عليه السلام): تمتعوا في داركم ثلاثة
أيام ذلك وعد غير مكذوب (هود: 65).
ثم مكرت شعوب المدينة وأرهاطها بصالح
وتقاسموا بينهم لنبيتنه وأهله ثم نقولن لوليه:
ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون، ومكروا مكرا
ومكر الله مكرا وهم لا يشعرون (النمل: 50)
فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون (الذاريات: 44)
والرجفة والصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين،
فتولى عنهم وقال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالة
ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين
(الأعراف: 79، هود: 67) وأنجى الله الذين
آمنوا وكانوا يتقون (فصلت: 18) ونادى بعدهم
المنادي الإلهي: ألا إن ثمود كفروا ربهم
ألا بعدا لثمود.
3 - شخصية صالح (عليه السلام):
لم يرد لهذا النبي الصالح في التوراة الحاضرة
ذكر، كان (عليه السلام) من قوم ثمود ثالث الأنبياء
المذكورين في القرآن بالقيام بأمر الله والنهضة
للتوحيد على الوثنية، يذكره الله تعالى بعد نوح
وهود، ويحمده ويثني عليه بما أثنى به على
أنبيائه ورسله، وقد اختاره وفضله كسائرهم على
العالمين عليه وعليهم السلام (1).



(1) الميزان: 10 / 317.
3053
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
6 - إبراهيم عليه السلام
البحار: 12 / 1، 140 " أبواب قصص إبراهيم (عليه السلام) ".
كنز العمال: 11 / 483، 12 / 474 " إبراهيم ".
انظر:
الشيب: باب 2146 " أول من شاب ".

3055
[3787]
إبراهيم (عليه السلام)
الكتاب
* (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن
واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا) * (1).
* (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان
من المشركين) * (2).
* (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني
جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي
الظالمين) * (3).
(انظر) آل عمران: 65 - 68، النحل: 120 - 123،
البقرة: 125 - 132، 258، 260، الأنعام:
74 - 84، التوبة: 114، مريم: 41 - 48،
الأنبياء: 51 - 73، الشعراء: 69 - 87،
العنكبوت: 16 - 18، 24، 27، الصافات:
83 - 113، الزخرف: 26 - 28، الممتحنة: 4،
5، النجم: 36 - 38، الأعلى: 18، 19، هود:
69 - 76، إبراهيم: 35 - 41، الحج: 26، 27.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما إبراهيم فانظروا
إلى صاحبكم (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى
اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وإن
الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، وإن الله اتخذه
رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وإن الله اتخذه خليلا
قبل أن يجعله إماما، فلما جمع له الأشياء قال:
* (إني جاعلك للناس إماما) * (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتي بإبراهيم يوم النار
إلى النار، فلما أبصرها قال: حسبنا الله
ونعم الوكيل (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): قولنا: إن إبراهيم خليل الله فإنما
هو مشتق من الخلة أو الخلة، فأما الخلة فإنما
معناها الفقر والفاقة، وقد كان خليلا إلى ربه فقيرا
وإليه منقطعا وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا،
وذلك لما أريد قذفه في النار فرمى المنجنيق
فبعث الله إلى جبرئيل (عليه السلام) فقال له: أدرك عبدي،
فجاءه فلقيه في الهواء، فقال: كلفني ما
بدا لك قد بعثني الله لنصرتك، فقال: بل حسبي الله
ونعم الوكيل، إني لا أسأل غيره ولا حاجة إلا
إليه، فسماه خليله أي فقيره ومحتاجه والمنقطع
إليه عمن سواه (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام): اتخذ الله عز وجل إبراهيم
خليلا لأنه لم يرد أحدا، ولم يسأل أحدا غير الله
عز وجل (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما اتخذ الله إبراهيم خليلا



(1) النساء: 125.
(2) النحل: 123.
(3) البقرة: 124.
(4) كنز العمال: 32289.
(5) الكافي: 1 / 175 / 2.
(6) كنز العمال: 32288.
(7) نور الثقلين: 1 / 554 / 582.
(8) علل الشرائع: 34 / 2.
3056
إلا لإطعامه الطعام، وصلاته بالليل
والناس نيام (1).
- حسان بن عطية: أول من رتب العسكر
في الحرب ميمنة وميسرة وقلبا إبراهيم (عليه السلام)
لما سار لقتال الذين أسروا لوطا (عليه السلام) (2) (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى اختار
من كل شئ أربعة:... اختار من الأنبياء أربعة
للسيف إبراهيم: وداود، وموسى، وأنا (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (إن إبراهيم
لأواه حليم) * -: إن الأواه: الدعاء (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - أيضا -: دعاء (6).
كلام في قصة إبراهيم (عليه السلام) وشخصيته:
وفيه أبحاث مختلفة قرآنية وأخرى علمية
وتاريخية وغير ذلك:
قصة إبراهيم (عليه السلام) في القرآن:
كان إبراهيم (عليه السلام) في طفوليته إلى أوائل
تمييزه يعيش في معزل من مجتمع قومه، ثم
خرج إليهم ولحق بأبيه فوجده وقومه يعبدون
الأصنام، فلم يرتض منه ومنهم ذلك، وقد كانت
فطرته طاهرة زاكية مؤيدة من الله سبحانه بالشهود
الحق وإراءة ملكوت كل شئ، وبالجملة:
وبالقول الحق والعمل الصالح.
فأخذ يحاج أباه في عبادته الأصنام ويدعوه
إلى رفضها وتوحيد الله سبحانه واتباعه حتى
يهديه إلى مستقيم الصراط ويبعده من ولاية
الشيطان، ولم يزل يحاجه ويلح عليه حتى
زبره وطرده عن نفسه، وأوعده أن يرجمه إن لم
ينته عن ذكر آلهته بسوء والرغبة منها، فتلطف
إبراهيم (عليه السلام) إرفاقا به وحنانا عليه - وقد كان
ذا خلق كريم وقول مرضي - فسلم عليه ووعده
أن يستغفر له ويعتزله وقومه وما يعبدون من
دون الله (مريم: 41 - 48).
وقد كان من جانب آخر يحاج القوم في أمر
الأصنام (الأنبياء: 51 - 56، الشعراء: 69 - 77،
الصافات: 83 - 87) ويحاج أقواما آخرين منهم
يعبدون الشمس والقمر والكوكب في أمرها حتى
ألزمهم الحق، وشاع خبره في الانحراف عن
الأصنام والآلهة (الأنعام: 74 - 82) حتى خرج
القوم ذات يوم إلى عبادة جامعة خارج البلد
واعتل هو بالسقم فلم يخرج معهم وتخلف عنهم
فدخل بيت الأصنام فراغ على آلهتهم ضربا
باليمين فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه
يرجعون، فلما تراجعوا وعلموا بما حدث بآلهتهم
وفتشوا عمن ارتكب ذلك قالوا: سمعنا فتى
يذكرهم يقال له: إبراهيم.
فأحضروه إلى مجمعهم فأتوا به على أعين
الناس لعلهم يشهدون، فاستنطقوه فقالوا:
أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال: بل
فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون، وقد
كان أبقى كبير الأصنام ولم يجذه ووضع الفأس
على عاتقه أو ما يقرب من ذلك ليشهد الحال



(1) علل الشرائع: 35 / 4.
(2) راجع الجهاد: باب 573.
(3) الدر المنثور: 1 / 282.
(4) الخصال: 225 / 58.
(5) البحار: 12 / 12 / 31 و ح 32.
(6) البحار: 12 / 12 / 31 و ح 32.
3057
على أنه هو الذي كسر سائر الأصنام.
وإنما قال (عليه السلام) ذلك وهو يعلم أنهم لا يصدقونه
على ذلك وهم يعلمون أنه جماد لا يقدر على ذلك
لكنه قال ما قال ليعقبه بقوله: فاسألوهم
إن كانوا ينطقون حتى يعترفوا بصريح القول بأنهم
جمادات لا حياة لهم ولا شعور، ولذلك لما سمعوا
قوله رجعوا إلى أنفسهم فقالوا: إنكم أنتم
الظالمون ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما
هؤلاء ينطقون، قال: أفتعبدون من دون الله مالا
يضركم ولا ينفعكم أف لكم ولما تعبدون من دون
الله أفلا تعقلون أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم
وما تعملون.
قالوا: حرقوه وانصروا آلهتكم، فبنوا له بنيانا
وأسعروا فيه جحيما من النار وقد تشارك في أمره
الناس جميعا وألقوه في الجحيم، فجعله الله بردا
عليه وسلاما وأبطل كيدهم (الأنبياء: 57 - 70،
الصافات: 88 - 98) وقد ادخل في خلال هذه
الأحوال على الملك، وكان يعبده القوم ويتخذونه
ربا، فحاج إبراهيم في ربه فقال إبراهيم: ربي
الذي يحيي ويميت فغالطه الملك وقال: أنا أحيي
وأميت كقتل الأسير وإطلاقه، فحاجه إبراهيم
بأصرح ما يقطع مغالطته فقال: إن الله يأتي
بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت
الذي كفر (البقرة: 258).
ثم لما أنجاه الله من النار أخذ يدعو إلى الدين
الحنيف دين التوحيد فآمن له شرذمة قليلة، وقد
سمى الله تعالى منهم لوطا ومنهم زوجته التي
هاجر بها، وقد كان تزوج بها قبل الخروج من
الأرض إلى الأرض المقدسة (1).
ثم تبرأ هو (عليه السلام) ومن معه من المؤمنين من
قومهم، وتبرأ هو من آزر الذي كان يدعوه
أبا ولم يكن بوالده الحقيقي (2)، وهاجر ومعه
زوجته ولوط إلى الأرض المقدسة ليدعو الله
سبحانه من غير معارض يعارضه من قومه الجفاة
الظالمين (الممتحنة: 4، الأنبياء: 71)
وبشره الله سبحانه هناك بإسماعيل وبإسحاق
ومن وراء إسحاق يعقوب وقد شاخ وبلغه كبر
السن فولد له إسماعيل ثم ولد له إسحاق،
وبارك الله سبحانه فيه وفي ولديه وأولادهما.
ثم إنه (عليه السلام) بأمر من ربه ذهب إلى أرض مكة
وهي واد غير ذي زرع، فأسكن فيه ولده
إسماعيل وهو صبي ورجع إلى الأرض المقدسة،
فنشأ إسماعيل هناك واجتمع عليه قوم من العرب
القاطنين هناك وبنيت بذلك بلدة مكة.
وكان (عليه السلام) ربما يزور إسماعيل في أرض
مكة قبل بناء مكة والبيت وبعد ذلك (البقرة:
126، إبراهيم: 35 - 41) ثم بنى بها الكعبة
البيت الحرام بمشاركة من إسماعيل وهي أول
بيت وضع للناس من جانب الله مباركا وهدى
للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم

3058
ومن دخله كان آمنا (البقرة: 127 - 129،
آل عمران: 96 - 97) وأذن في الناس بالحج
وشرع نسك الحج (الحج 26 - 30).
ثم أمره الله بذبح ولده إسماعيل (عليه السلام) فخرج
معه للنسك فلما بلغ معه السعي قال:
يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك، قال:
يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من
الصابرين، فلما أسلما وتله للجبين نودي أن
يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، وفداه الله سبحانه
بذبح عظيم (الصافات: 101 - 107).
وآخر ما قص القرآن الكريم من قصصه (عليه السلام)
أدعيته في بعض أيام حضوره بمكة المنقولة في
سورة إبراهيم (آية 35 - 41) وآخر ما ذكر فيها
قوله (عليه السلام): * (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم
يقوم الحساب) *.
منزلة إبراهيم عند الله سبحانه وموقفه
العبودي:
أثنى الله تعالى على إبراهيم (عليه السلام) في كلامه
أجمل ثناء، وحمد محنته في جنبه أبلغ الحمد،
وكرر ذكره باسمه في نيف وستين موضعا من
كتابه، وذكر من مواهبه ونعمه عليه شيئا كثيرا.
وهاك جملا من ذلك: آتاه الله رشده من قبل
(الأنبياء: 51) واصطفاه في الدنيا وإنه في
الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه: أسلم قال:
أسلمت لرب العالمين (البقرة: 130، 131) وهو
الذي وجه وجهه إلى ربه حنيفا وما كان من
المشركين (الأنعام: 79) وهو الذي اطمأن قلبه
بالله وأيقن به بما أراه الله من ملكوت السماوات
والأرض (البقرة: 260، الأنعام: 75).
واتخذه الله خليلا (النساء: 125) وجعل
رحمته وبركاته عليه وعلى أهل بيته ووصفه
بالتوفية (النجم: 37) ومدحه بأنه حليم أواه منيب
(هود: 73 - 75) ومدحه أنه كان أمة قانتا لله حنيفا
ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه
إلى صراط مستقيم وآتاه في الدنيا حسنة وإنه في
الآخرة لمن الصالحين (النحل: 120 - 122).
وكان صديقا نبيا (مريم: 41) وعده الله من
عباده المؤمنين ومن المحسنين وسلم عليه
(الصافات: 83 - 111) وهو من الذين وصفهم
بأنهم أولو الأيدي والأبصار وأنه أخلصهم
بخالصة ذكرى الدار (ص: 45، 46) وقد جعله الله
للناس إماما (البقرة: 124) وجعله أحد الخمسة
اولي العزم الذين آتاهم الكتاب والشريعة
(الأحزاب: 7، الشورى: 13، الأعلى: 18، 19)
وآتاه الله العلم والحكمة والكتاب والملك والهداية
وجعلها كلمة باقية في عقبه (النساء: 54، الأنعام:
74 - 90، الزخرف: 28) وجعل في ذريته النبوة
والكتاب (الحديد: 26) وجعل له لسان صدق في
الآخرين (الشعراء: 84، مريم: 50).
فهذه جمل ما منحه الله سبحانه من المناصب
الإلهية ومقامات العبودية ولم يفصل القرآن
الكريم في نعوت أحد من الأنبياء والرسل المكرمين
وكراماتهم ما فصل من نعوته وكراماته (عليه السلام).
وليراجع في تفسير كل من مقاماته المذكورة
إلى ما شرحناه في الموضع المختص به فيما تقدم
أو سنشرحه إن شاء الله تعالى، فالاشتغال به ههنا

3059
يخرجنا عن الغرض المعقود له هذه الأبحاث.
وقد حفظ الله سبحانه حياته الكريمة
وشخصيته الدينية بما سمى هذا الدين القويم
بالإسلام كما سماه (عليه السلام) ونسبه إليه، قال تعالى:
* (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين
من قبل) * (1) وقال: * (قل إنني هداني ربي
إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم
حنيفا وما كان من المشركين) * (2).
وجعل الكعبة البيت الحرام الذي بناها قبلة
للعالمين وشرع مناسك الحج وهي في حقيقة
أعمال ممثلة لقصة إسكانه ابنه وأم ولده
وتضحية ابنه إسماعيل وما سعى به إلى ربه
والتوجه له وتحمل الأذى والمحنة في ذاته كما
تقدمت الإشارة إليه في تفسير قوله تعالى: * (وإذ
جعلنا البيت مثابة للناس...) * (3) الآية في الجزء
الأول من الكتاب.
أثره المبارك في المجتمع البشري:
ومن مننه (عليه السلام) السابغة أن دين التوحيد ينتهي
إليه أينما كان وعند من كان، فإن الدين
المنعوت بالتوحيد اليوم هو دين اليهود، وينتهي
إلى الكليم موسى بن عمران (عليه السلام) وينتهي نسبه إلى
إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (عليه السلام)، ودين
النصرانية وينتهي إلى المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام)
وهو من ذرية إبراهيم (عليه السلام)، ودين الإسلام
والصادع به هو محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وينتهي
نسبه إلى إسماعيل الذبيح بن إبراهيم الخليل (عليهما السلام)،
فدين التوحيد في الدنيا أثره الطيب المبارك،
ويشاهد في الإسلام من شرائعه الصلاة والزكاة
والحج، وإباحة لحوم الأنعام، والتبري من
أعداء الله، والسلام، والطهارات العشر الحنيفية
البيضاء، خمس (4) منها في الرأس وخمس منها
في البدن: أما التي في الرأس فأخذ الشارب
وإعفاء اللحى وطم الشعر والسواك والخلال، وأما
التي في البدن فحلق الشعر من البدن والختان
وتقليم الأظفار والغسل من الجنابة والطهور
بالماء.
والبحث المستوفي يؤيد أن السنن الصالحة
من الاعتقاد والعمل في المجتمع البشري كائنة
ما كانت من آثار النبوة الحسنة كما تكررت
الإشارة إليه في المباحث المتقدمة، فإبراهيم (عليه السلام)
الأيادي الجميلة على جميع البشر اليوم علموا
بذلك أو جهلوا (5).



(1) الحج: 78.
(2) الأنعام: 161.
(3) البقرة: 125.
(4) رواها في مجمع البيان نقلا عن تفسير القمي.
(5) الميزان: 7 / 215، انظر تمام الكلام.
3060
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
7 - لوط عليه السلام
البحار: 12 / 140 باب 7 " قصص لوط (عليه السلام) ".
كنز العمال: 11 / 505 " لوط (عليه السلام) ".

3061
[3788]
لوط (عليه السلام)
الكتاب
* (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها
من أحد من العالمين) * (1).
(انظر) هود: 77 - 83، الحجر: 51 - 77، الأنبياء: 74،
75، الشعراء: 160 - 175، النمل: 54 - 58،
العنكبوت: 28 - 35، الصافات: 133 - 138،
الذاريات: 31 - 37، القمر: 33 - 40، التحريم: 10.
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما بعث الله نبيا بعد
لوط إلا في عز من قومه (2) (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): وأما القرية التي أمطرت
مطر السوء فهي سدوم قرية قوم لوط، أمطر الله
عليهم حجارة من سجيل يقول: من طين (4).
- عنه (عليه السلام) - لما سأله أبو بصير عن استعاذة
النبي من البخل -: نعم يا أبا محمد في
كل صباح ومساء، ونحن نتعوذ بالله من البخل،
يقول الله: * (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم
المفلحون) * وسأخبرك عن عاقبة البخل، إن قوم
لوط كانوا أهل قرية أشحاء على الطعام، فأعقبهم
البخل داء لا دواء له في فروجهم، فقلت: وما
أعقبهم؟ فقال: إن قرية قوم لوط كانت على طريق
السيارة إلى الشام ومصر، فكانت السيارة تنزل
بهم فيضيفونهم، فلما كثر ذلك عليهم ضاقوا بذلك
ذرعا بخلا ولوما، فدعاهم البخل إلى أن كانوا
إذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير شهوة بهم إلى
ذلك، وإنما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتى
ينكل (5) النازل عنهم، فشاع أمرهم في القرية
وحذرهم النازلة فأورثهم البخل بلاء
لا يستطيعون دفعه عن أنفسهم من غير شهوة لهم
إلى ذلك، حتى صاروا يطلبونه من الرجال في
البلاد ويعطونهم عليه الجعل. ثم قال: فأي
داء أدأى من البخل ولا أضر عاقبة
ولا أفحش عند الله تعالى؟ قال أبو بصير: فقلت
له: جعلت فداك فهل كان أهل قرية لوط كلهم
هكذا يعملون؟ فقال: نعم إلا أهل بيت منهم من
المسلمين، أما تسمع لقوله تعالى: * (فأخرجنا من
كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من
المسلمين) * (6).
كلام في قصة لوط وقومه في فصول:
1 - قصته وقصة قومه في القرآن:
كان لوط (عليه السلام) من كلدان في أرض بابل
ومن السابقين الأولين ممن آمن بإبراهيم (عليه السلام)،



(1) الأعراف: 80.
(2) روي في كنز العمال عن أبي هريرة: ما بعث الله بعده نبيا إلا في
ثروة من قومه. ح 32361، والصحيح ما في المتن.
(3) البحار: 12 / 157 / 8 وص 152 / 5.
(4) البحار: 12 / 157 / 8 وص 152 / 5.
(5) نكل عنه: نكص وأحجم عنه.
(6) علل الشرائع: 548 / 4.
3062
آمن به وقال: * (إني مهاجر إلى ربي) * (1)
فنجاه الله مع إبراهيم إلى الأرض المقدسة
أرض فلسطين (2)، فنزل في بعض بلادها وهي
مدينة سدوم على ما في التواريخ والتوراة
وبعض الروايات.
وكان أهل المدينة وما والاها من المدائن
- وقد سماها الله في كلامه ب‍ المؤتفكات (3) -
يعبدون الأصنام، ويأتون بالفاحشة: اللواط،
وهم أول قوم شاع فيهم ذلك (4) حتى كانوا يأتون به
في نواديهم من غير إنكار (5)، ولم يزل تشيع
الفاحشة فيهم حتى عادت سنة قومية ابتلت به
عامتهم وتركوا النساء وقطعوا السبيل (6).
فأرسل الله لوطا إليهم (7) فدعاهم إلى تقوى
الله وترك الفحشاء والرجوع إلى طريق الفطرة
وأنذرهم وخوفهم فلم يزدهم إلا عتوا، ولم
يكن جوابهم إلا أن قالوا: ائتنا بعذاب الله
إن كنت من الصادقين، وهددوه بالإخراج من
بلدتهم وقالوا له: * (لئن لم تنته يا لوط لتكونن
من المخرجين) * (8) و * (قالوا أخرجوا آل لوط من
قريتكم إنهم أناس يتطهرون) * (9).
2 - عاقبة أمرهم:
لم يزل لوط (عليه السلام) يدعوهم إلى سبيل الله
وملازمة سنة الفطرة وترك الفحشاء وهم يصرون
على عمل الخبائث، حتى استقر بهم الطغيان
وحقت عليهم كلمة العذاب، فبعث الله رسلا من
الملائكة المكرمين لإهلاكهم، فنزلوا أولا على
إبراهيم (عليه السلام) وأخبروه بما أمرهم الله به من إهلاك
قوم لوط، فجادلهم إبراهيم (عليه السلام) لعله يرد بذلك
عنهم العذاب، وذكرهم بأن فيهم لوطا، فردوا
عليه بأنهم أعلم بموقع لوط وأهله، وأنه قد جاء
أمر الله وأن القوم آتيهم عذاب غير مردود (10).
فمضوا إلى لوط في صور غلمان مرد ودخلوا
عليه ضيفا، فشق ذلك على لوط وضاق بهم ذرعا
لما كان يعلم من قومه أنهم سيتعرضون لهم
وأنهم غير تاركيهم البتة فلم يلبث دون أن
سمع القوم بذلك وأقبلوا يهرعون إليه وهم
يستبشرون وهجموا على داره، فخرج إليهم وبالغ
في وعظهم واستثار فتوتهم ورشدهم حتى عرض
عليهم بناته وقال: يا قوم إن هؤلاء بناتي هن
أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي، ثم
استغاث وقال: أليس منكم رجل رشيد؟! فردوا
عليه أنه ليس لهم في بناته إربة وأنهم غير
تاركي أضيافه البتة حتى أيس لوط و * (قال لو أن
لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) * (11).
قالت الملائكة عند ذلك: يا لوط إنا رسل ربك
طب نفسا إن القوم لن يصلوا إليك، فطمسوا أعين
القوم فعادوا عميانا يتخبطون وتفرقوا (12).
ثم أمروا لوطا (عليه السلام) أن يسري بأهله من ليلته
بقطع من الليل ويتبع أدبارهم، ولا يلتفت



(1) العنكبوت: 26.
(2) الأنبياء: 71.
(3) التوبة: 70.
(4) الأعراف: 80.
(5) العنكبوت: 29.
(6) العنكبوت: 29.
(7) الشعراء: 162، 167.
(8) الشعراء: 162، 167.
(9) النمل: 56.
(10) العنكبوت: 32، هود: 76.
(11) هود: 80.
(12) القمر: 37.
3063
منهم أحد إلا امرأته فإنه مصيبها ما أصابهم،
وأخبروه أنهم سيهلكون القوم مصبحين (1).
فأخذت الصيحة القوم مشرقين، وأرسل الله
عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك
للمسرفين، وقلب مدائنهم عليهم فجعل عاليها
سافلها، وأخرج من كان فيها من المؤمنين فلم
يجد فيها غير بيت من المسلمين وهو بيت
لوط وترك فيها آية للذين يخافون العذاب
الأليم (2).
وفي اختصاص الإيمان والإسلام بيت
لوط (عليه السلام) وشمول العذاب لمدائنهم دلالة أولا على
أن القوم كانوا كفارا غير مؤمنين وثانيا: على أن
الفحشاء ما كانت شائعة فيما بين الرجال منهم
فحسب، إذ لو كان الأمر على ذلك والنساء
بريئات منها وكان لوط يدعو الناس إلى الرجوع
إلى سبيل الفطرة وسنة الخلقة التي هي مواصلة
الرجال والنساء لاتبعته عدة من النساء واجتمعن
حوله وآمن به طبعا، ولم يذكر من ذلك شئ في
كلامه سبحانه. وفي ذلك تصديق ما تقدم في
الأخبار المأثورة أن الفحشاء شاعت بينهم،
واكتفى الرجال بالرجال باللواط، والنساء بالنساء
بالسحق.
3 - شخصية لوط المعنوية:
كان (عليه السلام) رسولا من الله إلى أهل المؤتفكات
وهي مدينة سدوم وما والاها من المدائن، ويقال:
كانت أربع مدائن: سدوم وعمورة وصوغر
وصبوييم، وقد أشركه في جميع المقامات
الروحية التي وصف بها أنبياءه الكرام.
ومما وصفه به خاصة ما في قوله: * (ولوطا
آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت
تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين *
وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين) * (3).
4 - لوط وقومه في التوراة:
ذكرت التوراة (4) أن لوطا كان ابن أخي أبرام
- إبراهيم - هاران بن تارخ، وكان هو وأبرام في
بيت تارخ في أور الكلدانيين، ثم هاجر تارخ أورا
قاصدا أرض الكنعانيين، فأقام بلدة حاران ومعه
أبرام ولوط ومات هناك.
ثم إن أبرام بأمر من الرب خرج من حاران
ومعه لوط ولهما مال كثير وغلمان اكتسبا ذلك في
حاران فأتى أرض كنعان، وكان يرتحل أبرام
ارتحالا متواليا نحو الجنوب، ثم أتى مصر، ثم
صعد من هناك جنوبا نحو بيت إيل فأقام هناك.
ولوط السائر مع أبرام أيضا كان له غنم وبقر
وخيام، ولم يحتملهما الأرض أن يسكنا ووقعت
مخاصمة بين رعاة مواشيهما فتفرقا فأحذرا من
وقوع النزاع والتشاجر، فاختار لوط دائرة الأردن
وسكن في مدن الدائرة ونقل خيامه إلى سدوم،
وكان أهل سدوم أشرارا وخطاة لدى الرب جدا،
ونقل أبرام خيامه وأقام عند بلوطات ممرا التي
في حبرون.
ثم وقعت حرب بين ملوك سدوم وعمورة
وإدمة وصبوييم وصوغر من جانب، وأربعة من



(1) هود: 81، الحجر: 66.
(2) الذاريات: 37 وغيرها.
(3) الأنبياء: 74، 75.
(4) الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر من سفر التكوين.
3064
جيرانهم من جانب، انهزم فيها ملك سدوم ومن
معه من الملوك، وأخذ العدو جميع أملاك سدوم
وعمورة وجميع أطعمتهم، واسر لوط فيمن أسر
وسبي جميع أمواله، وانتهى الخبر إلى أبرام فخرج
فيمن معه من الغلمان - وكانوا يزيدون على ثلاث
مائة - فحاربهم وهزمهم، وأنجى لوطا وجميع
أمواله من الأسر والسبي، ورده إلى مكانه الذي
كان مقيما فيه (ملخص ما في التوراة من صدر
قصة لوط).
قالت التوراة (1): وظهر له - لأبرام - الرب عند
بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت
حر النهار، فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال
واقفون لديه. فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب
الخيمة وسجد إلى الأرض. وقال: يا سيد إن كنت
قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك،
ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت
هذه الشجرة، فآخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم
ثم تجتازون لأنكم قد مررتم على عبدكم، فقالوا:
هكذا نفعل كما تكلمت.
فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة وقال:
أسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميدا اعجني
واصنعي خبز ملة، ثم ركض إبراهيم إلى البقر
وأخذ عجلا رخصا وجيدا وأعطاه للغلام فأسرع
ليعمله، ثم أخذ زبدا ولبنا والعجل الذي عمله
ووضعها قدامهم. وإذ كان هو واقفا لديهم تحت
الشجرة أكلوا. وقالوا له: أين سارة امرأتك، فقال:
ها هي في الخيمة، فقال: إني أرجع إليك نحو
زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن. وكانت
سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه. وكان
إبراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام. وقد
انقطع أن يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت
سارة في باطنها قائلة: أبعد فنائي يكون لي تنعم
وسيدي قد شاخ؟ فقال الرب لإبراهيم: لماذا
ضحكت سارة قائلة: أفبالحقيقة ألد وأنا قد
شخت؟ هل يستحيل على الرب شئ؟ في
الميعاد أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة
ابن، فأنكرت سارة قائلة: لم أضحك، لأنها
خافت. فقال: لا، بل ضحكت.
ثم قام الرجال من هناك وتطلعوا نحو سدوم،
وكان إبراهيم ماشيا معهم ليشيعهم، فقال الرب:
هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟ وإبراهيم
يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع أمم
الأرض. لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من
بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا،
لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به.
فقال الرب: إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر
وخطيئتهم قد عظمت جدا، أنزل وأرى هل فعلوا
بالتمام حسب صراخها الآتي إلي وإلا فأعلم.
وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم.
وأما إبراهيم فكان لم يزل قائما أمام الرب.
فتقدم إبراهيم وقال: أفتهلك البار مع الأثيم؟
عسى أن يكون خمسون برا في المدينة، أفتهلك
المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارا
الذين فيه؟ حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر



(1) الإصحاح الثامن عشر من سفر التكوين.
3065
أن تميت البار مع الأثيم فيكون البار كالأثيم،
حاشاك. أديان كل الأرض لا يصنع عدلا؟ فقال
الرب: إن وجدت في سدوم خمسين بارا في
المدينة فإني أصفح عن المكان كله من أجلهم.
فأجاب إبراهيم وقال: إني قد شرعت أكلم
المولى وأنا تراب ورماد ربما نقص الخمسون بارا
خمسة أتهلك كل المدينة بالخمسة؟ فقال الرب:
لا أهلك إن وجدت هناك خمسة وأربعين. فعاد
يكلمه أيضا وقال: عسى أن يوجد هناك أربعون،
فقال: لا أفعل من أجل الأربعين. فقال: لا يسخط
المولى فأتكلم عسى أن يوجد هناك ثلاثون،
فقال: لا أفعل إن وجدت هناك ثلاثين، فقال: إني
قد شرعت أكلم المولى عسى أن يوجد هناك
عشرون، فقال: لا أهلك من أجل العشرين.
فقال: لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرة
فقط عسى أن يوجد هناك عشرة، فقال: لا أهلك
من أجل العشرة. وذهب الرب عندما فرغ من
الكلام مع إبراهيم ورجع إبراهيم إلى مكانه.
فجاء (1) الملاكان إلى سدوم مساء وكان لوط
جالسا في باب سدوم، فلما رآهما لوط قام
لاستقبالهما وسجد بوجهه إلى الأرض، وقال:
يا سيدي ميلا إلى بيت عبدكما وبيتا واغسلا
أرجلكما ثم تبكران وتذهبان في طريقكما،
فقالا: لا بل في الساحة نبيت، فألح عليهما جدا،
فمالا إليه ودخلا بيته، فصنع لهما ضيافة وخبزا
فطيرا فأكلا.
وقبل ما اضطجعا أحاط بالبيت رجال المدينة
رجال سدوم من الحدث إلى الشيخ كل الشعب من
أقصاها، فنادوا لوطا وقالوا له: أين الرجلان
اللذان دخلا إليك الليلة؟ أخرجهما إلينا لنعرفهما،
فخرج إليهم لوط إلى الباب وأغلق الباب وراءه،
وقال: لا تفعلوا شرا يا إخوتي، هوذا لي ابنتان لم
يعرفا رجلا اخرجهما إليكم فافعلوا بهما كما
يحسن في عيونكم، وأما هذان الرجلان فلا تفعلوا
بهما شيئا لأنهما قد دخلا تحت ظل سقفي.
فقالوا: ابعد إلى هناك. ثم قالوا: جاء
هذا الإنسان ليتغرب وهو يحكم حكما، الآن
نفعل بك شرا أكثر منهما، فألحوا على الرجل
لوط جدا وتقدموا ليكسروا الباب، فمد الرجلان
أيديهما وأدخلا لوطا إليهما إلى البيت وأغلقا
الباب، وأما الرجال الذين على باب البيت
فضرباهم بالعمى من الصغير إلى الكبير فعجزوا
عن أن يجدوا الباب.
وقال الرجلان للوط: من لك أيضا ههنا
أصهارك وبنيك وبناتك وكل من لك في المدينة
أخرج من المكان، لأننا مهلكان هذا المكان إذ قد
عظم صراخهم أمام الرب فأرسلنا الرب لنهلكهم،
فخرج لوط وكلم أصهاره الآخذين بناته وقال:
قوموا اخرجوا من هذا المكان لأن الرب مهلك
المدينة، فكان كمازح في أعين أصهاره.
ولما طلع الفجر كان الملاكان يعجلان لوطا
قائلين: قم خذ امرأتك وابنتيك الموجودتين لئلا
تهلك بإثم المدينة، ولما توانى أمسك الرجلان
بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه لشفقة الرب عليه
وأخرجاه وضعاه خارج المدينة.

3066
وكان لما أخرجاهم إلى خارج أنه قال:
اهرب لحياتك، لا تنظر إلى ورائك ولا تقف في
كل الدائرة. اهرب إلى الجبل لئلا تهلك،
فقال لهما لوط: لا يا سيد هو ذا عبدك قد وجد
نعمة في عينيك وعظمت لطفك الذي صنعت إلي
باستبقاء نفسي، وأنا لا أقدر أن أهرب إلى
الجبل لعل الشر يدركني فأموت، هو ذا المدينة
هذه قريبة للهرب إليها، وهي صغيرة أهرب إلى
هناك أليست هي صغيره فتحيا نفسي، فقال له:
إني قد رفعت وجهك في هذا الأمر أيضا أن لا
أقلب المدينة التي تكلمت عنها، أسرع اهرب إلى
هناك لأني لا أستطيع أن أفعل شيئا حتى تجئ
إلى هناك، لذلك دعي اسم المدينة صوغر.
وإذا أشرقت الشمس على الأرض دخل لوط
إلى صوغر فأمطر الرب على سدوم وعمورة
كبريتا ونارا من عند الرب من السماء،
وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان
المدن ونبات الأرض، ونظرت امرأته من ورائه
فصارت عمود ملح.
وبكر إبراهيم في الغد إلى المكان الذي وقف
فيه أمام الرب وتطلع نحو سدوم وعمورة ونحو
كل أرض الدائرة، ونظر وإذا دخان الأرض يصعد
كدخان الأتون. وحدث لما أخرب الله مدن
الدائرة أن الله ذكر إبراهيم. وأرسل لوطا من وسط
الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط.
وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل
وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر،
فسكن في المغارة هو وابنتاه، وقالت البكر
للصغيرة: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل
ليدخل علينا كعادة كل الأرض، هلم نسقي أبانا
خمرا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلا، فسقتا
أباهما خمرا في تلك الليلة، ودخلت البكر
واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها
ولا بقيامها، وحدث في الغد أن البكر قالت
للصغيرة: إني قد اضطجعت البارحة مع أبي،
نسقيه خمرا الليلة أيضا فادخلي اضطجعي معه
فنحيي من أبينا نسلا. فسقتا أباهما خمرا في تلك
الليلة أيضا، وقامت الصغيرة واضطجعت معه. ولم
يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. فحبلت ابنتا لوط
من أبيهما، فولدت البكر ابنا ودعت اسمه موآب
وهو أبو الموآبيين إلى اليوم، والصغيرة أيضا
ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي وهو أبو بني
عمون إلى اليوم. انتهى.
هذا ما قصته التوراة في لوط وقومه نقلناه
على طوله ليتضح به ما تخالف القرآن الكريم من
وجه القصة ومن وجوه غيرها.
ففيها كون الملك المرسل للبشرى والعذاب
ملكين اثنين، وقد عبر القرآن بالرسل بلفظ
الجمع وأقله ثلاثة.
وفيها أن أضياف إبراهيم أكلوا مما صنعه
وقدمه إليهم، والقرآن ينفي ذلك ويقص أن إبراهيم
خاف إذ رأى أن أيديهم لا تصل إليه.
وفيها إثبات بنتين للوط، والقرآن يعبر
بلفظ البنات. وفيها كيفية إخراج الملائكة
لوطا وكيفية تعذيب القوم وصيرورة المرأة عمودا
من ملح وغير ذلك.

3067
وفيها نسبة التجسم صريحة إلى الله سبحانه،
وما ذكرته من قصة لوط مع بنتيه أخيرا،
والقرآن ينزه ساحة الحق سبحانه عن التجسم
ويبرئ أنبياءه ورسله عن ارتكاب ما لا يليق
بساحة قدسهم (1).



(1) الميزان: 10 / 352.
3068
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
8 - ذو القرنين عليه السلام
البحار: 12 / 172 باب 8 " قصص ذي القرنين ".

3069
[3789]
ذو القرنين (عليه السلام)
الكتاب
* (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه
ذكرا * إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ
سببا) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ملك الأرض كلها أربعة:
مؤمنان وكافران: فأما المؤمنان فسليمان بن داود
وذو القرنين، والكافران نمرود وبخت نصر، واسم
ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن ذا القرنين كان عبدا صالحا
جعله الله عز وجل حجة على عباده، فدعا قومه
إلى الله وأمرهم بتقواه فضربوه على قرنه، فغاب
عنهم زمانا حتى قيل: مات أو هلك بأي واد
سلك؟ ثم ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه
الآخر، وفيكم من هو على سنته، وإن الله عز وجل
مكن لذي القرنين في الأرض وجعل له من كل
شئ سببا، وبلغ المغرب والمشرق، وإن الله تبارك
وتعالى سيجري سنته في القائم من ولدي،
فيبلغه شرق الأرض وغربها حتى لا يبقي منهلا
ولا موضعا من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين إلا
وطئه، ويظهر الله عز وجل له كنوز الأرض
ومعادنها، وينصره بالرعب، فيملأ الأرض به
عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما (3).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما سئل عن ذي القرنين
أنبيا كان أم ملكا -: لا نبيا ولا ملكا، بل
عبدا أحب الله فأحبه الله، ونصح لله فنصح له،
فبعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الأيمن،
فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب، ثم بعثه الثانية
فضربوه على قرنه الأيسر فغاب عنهم ما شاء الله
أن يغيب، ثم بعثه الله الثالثة فمكن الله له
في الأرض، وفيكم مثله - يعني نفسه - (4).
- عنه (عليه السلام): إن ذا القرنين لم يكن نبيا
ولا رسولا، كان عبدا أحب الله فأحبه، وناصح
الله فنصحه، دعا قومه فضربوه على أحد قرنيه
فقتلوه، ثم بعثه الله فضربوه على قرنه
الآخر فقتلوه (5).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن ذي القرنين ما كان
قرناه؟ -: لعلك تحسب كان قرنه ذهبا أو فضة،
أو كان نبيا؟! بل كان عبدا صالحا بعثه الله إلى
أناس فدعاهم إلى الله وإلى الخير، فقام رجل منهم
فضرب قرنه الأيسر فمات، ثم بعثه فأحياه وبعثه
إلى أناس فقام رجل فضرب قرنه الأيمن فمات،
فسماه ذا القرنين (6).



(1) الكهف: 83، 84.
(2) الخصال: 255 / 130.
(3) كمال الدين: 394 / 4.
(4) البحار: 12 / 178 / 5 وص 196 / 24 وص 197 / 26.
(5) البحار: 12 / 178 / 5 وص 196 / 24 وص 197 / 26.
(6) البحار: 12 / 178 / 5 وص 196 / 24 وص 197 / 26.
3070
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن ذي القرنين أنبيا
كان أم ملكا؟ وعن قرنه أمن ذهب كان أم من
فضة؟ -: لم يكن نبيا ولا ملكا، ولم يكن
قرناه من ذهب ولا فضة، ولكنه كان عبدا أحب
الله فأحبه الله، ونصح لله فنصحه الله، وإنما سمي ذا
القرنين لأنه دعا قومه إلى الله عز وجل فضربوه
على قرنه فغاب عنهم حينا، ثم عاد إليهم فضرب
على قرنه الآخر، وفيكم مثله (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن ذا القرنين لم يكن
نبيا، ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه
الله، وناصح لله فناصحه الله، أمر قومه بتقوى الله
فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا، ثم رجع
إليهم فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو
على سنته (2).
- الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) - لما سئلا
عن منزلتهما وعمن يشبهان ممن مضى -:
صاحب موسى وذو القرنين، كانا عالمين ولم
يكونا نبيين (3).
كلام حول قصة ذي القرنين:
وهو بحث قرآني وتاريخي في فصول:
1 - قصة ذي القرنين في القرآن:
لم يعترض لاسمه ولا لتاريخ زمان ولادته
وحياته ولا لنسبه وسائر مشخصاته على ما
هو دأبه في ذكر قصص الماضين، بل اكتفى
على ذكر ثلاث رحلات منه: فرحلة أولى
إلى المغرب حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها
تغرب في عين حمئة (أو حامية) ووجد عندها
قوما، ورحلة ثانية إلى المشرق حتى إذا بلغ مطلع
الشمس وجدها تطلع على قوم لم يجعل الله لهم
من دونها سترا، ورحلة ثالثة حتى إذا بلغ بين
السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون
قولا، فشكوا إليه إفساد يأجوج ومأجوج في
الأرض، وعرضوا عليه أن يجعلوا له خرجا على
أن يجعل بين القوم وبين يأجوج ومأجوج سدا،
فأجابهم إلى بناء السد ووعدهم أن يبني لهم فوق
ما يأملون، وأبى أن يقبل خرجهم وإنما طلب
منهم أن يعينوه بقوة، وقد أشير منها في القصة إلى
الرجال وزبر الحديد والمنافخ والقطر.
والخصوصيات والجهات الجوهرية التي
تستفاد من القصة هي أولا: أن صاحب القصة كان
يسمى قبل نزول قصته في القرآن - بل حتى في
زمان حياته - بذي القرنين كما يظهر في سياق
القصة من قوله: * (يسألونك عن ذي القرنين) *
* (قلنا يا ذا القرنين) * * (وقالوا يا ذا القرنين) *.
وثانيا: أنه كان مؤمنا بالله واليوم الآخر
ومتدينا بدين الحق كما يظهر من قوله: * (هذا
رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء
وكان وعد ربي حقا) * وقوله: * (أما من ظلم فسوف
نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا * وأما
من آمن وعمل صالحا...) * إلخ، ويزيد في كرامته
الدينية أن قوله تعالى: * (قلنا يا ذا القرنين إما
أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا) * يدل على
تأييده بوحي أو إلهام أو نبي من أنبياء الله



(1) علل الشرائع: 39 / 1.
(2) كمال الدين: 393 / 1.
(3) البحار: 12 / 197 / 25.
3071
كان عنده يسدده بتبليغ الوحي.
وثالثا: أنه كان ممن جمع الله له خير الدنيا
والآخرة، أما خير الدنيا فالملك العظيم الذي بلغ
به مغرب الشمس ومطلعها فلم يقم له شئ وقد
ذلت له الأسباب، وأما خير الآخرة فبسط العدل
وإقامة الحق والصفح والعفو والرفق وكرامة النفس
وبث الخير ودفع الشر، وهذا كله مما يدل عليه
قوله تعالى: * (إنا مكنا له في الأرض وآتيناه
من كل شئ سببا) * مضافا إلى ما يستفاد من
سياق القصة من سيطرته الجسمانية والروحانية.
ورابعا: أنه صادف قوما ظالمين بالمغرب
فعذبهم.
وخامسا: أن الردم الذي بناه هو في غير
مغرب الشمس ومطلعها، فإنه بعدما بلغ مطلع
الشمس أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين. ومن
مشخصات ردمه - مضافا إلى كونه واقعا في غير
المغرب والمشرق - أنه واقع بين جبلين
كالحائطين، وأنه ساوى بين صدفيهما، وأنه
استعمل في بنائه زبر الحديد والقطر، ولا محالة
هو في مضيق هو الرابط بين ناحيتين من نواحي
الأرض المسكونة.
2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج:
في أخبار الماضين لم يذكر القدماء من
المؤرخين في أخبارهم ملكا يسمى في عهده
بذي القرنين أو ما يؤدي معناه من غير اللفظ
العربي، ولا يأجوج ومأجوج بهذين اللفظين، ولا
سدا ينسب إليه باسمه، نعم ينسب إلى بعض ملوك
حمير من اليمنيين أشعار في المباهاة يذكر فيها ذا
القرنين وأنه من أسلافه التبابعة، وفيها
ذكر سيره إلى المغرب والمشرق وسد يأجوج
ومأجوج، وسيوافيك نبذة منها في بعض
الفصول الآتية.
وورد ذكر " مأجوج " و " جوج ومأجوج " في
مواضع من كتب العهد العتيق، ففي الإصحاح (1)
العاشر من سفر التكوين من التوراة: وهذه مواليد
بني نوح: سام وحام ويافث، وولد لهم بنون بعد
الطوفان بنو يافث جومر ومأجوج ومادي وباوان
ونوبال وماشك ونبراس.
وفي كتاب حزقيال (2) الإصحاح الثامن
والثلاثون: وكان إلى كلام الرب قائلا:
يا بن آدم اجعل وجهك على جوج أرض مأجوج
رئيس روش ما شك ونوبال، وتنبأ عليه وقل:
هكذا قال السيد الرب: ها أنا ذا عليك
يأجوج رئيس روش وماشك ونوبال وارجعك
وأضع شكائم في فكيك وأخرجك أنت وكل
جيشك خيلا وفرسانا كلهم لابسين أفخر لباس
جماعة عظيمة مع أتراس ومجان كلهم ممسكين
السيوف، فارس وكوش وفوط معهم كلهم بمجن
وخوذة، وجومر وكل جيوشه، وبيت نوجرمه من
أقاصي الشمال مع كل جيشه شعوبا كثيرين معك.
قال: لذلك تنبأ يا بن آدم وقل لجوج: هكذا
قال السيد الرب في ذلك اليوم عند سكنى شعب
إسرائيل آمنين، أفلا تعلم وتأتي من موضعك



(1) كتب العهدين مطبوعة بيروت سنة 1870، ومنها نقل سائر ما
نقل في هذه الفصول.
(2) وكان بين اليهود أيام أسارتهم ببابل.
3072
من أقاصي الشمال إلخ.
وقال في الإصحاح التاسع والثلاثين ماضيا
في الحديث السابق: وأنت يا بن آدم تنبأ على
جوج وقل: هكذا قال السيد الرب، ها أنا ذا عليك
يأجوج رئيس روش ما شك ونوبال وأردك
وأقودك وأصعدك من أقاصي الشمال، وآتي بك
على جبال إسرائيل، وأضرب قوسك من يدك
اليسرى واسقط سهامك من يدك اليمنى، فتسقط
على جبال إسرائيل أنت وكل جيشك والشعوب
الذين معك أبذلك مأكلا للطيور الكاسرة من كل
نوع ولوحوش الحفل، على وجه الحفل تسقط
لأني تكلمت بقول السيد الرب، وأرسل نارا على
مأجوج وعلى الساكنين في الجزائر آمنين
فيعلمون أني أنا الرب إلخ.
وفي رؤيا يوحنا في الإصحاح العشرين:
ورأيت ملاكا نازلا من السماء معه مفتاح الهاوية
وسلسلة عظيمة على يده، فقبض على التنين
الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان، وقيده
ألف سنة، وطرحه في الهاوية وأغلق عليه وختم
عليه لكيلا يضل الأمم فيما بعد حتى تتم الألف
سنة، وبعد ذلك لابد أن يحل زمانا يسيرا.
قال: ثم متى تمت الألف سنة لن يحل
الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الأمم الذين في
أربع زوايا الأرض جوج ومأجوج ليجمعهم
للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر، فصعدوا
على عرض الأرض وأحاطوا بمعسكر القديسين
وبالمدينة المحبوبة، فنزلت نار من عند الله من
السماء وأكلتهم، وإبليس الذي كان يضلهم طرح
في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي
الكذاب وسيعذبون نهارا وليلا إلى أبد الآبدين.
ويستفاد منها أن " مأجوج " أو " جوج
ومأجوج " أمة أو أمم عظيمة كانت قاطنة في
أقاصي شمال آسيا من معمورة الأرض يومئذ،
وأنهم كانوا أمما حربية معروفة بالمغازي
والغارات.
ويقرب حينئذ أن يحدس أن ذا القرنين هذا هو
أحد الملوك العظام الذين سدوا الطريق على هذه
الأمم المفسدة في الأرض، وأن السد المنسوب
إليه يجب أن يكون فاصلا بين منطقة شمالية من
قارة آسيا وجنوبها كحائط الصين أو سد باب
الأبواب أو سد " داريال " أو غير هذه.
وقد تسلمت تواريخ الأمم اليوم من أن ناحية
الشمال الشرقي من آسيا وهي الأحداب
والمرتفعات في شمال الصين كانت موطنا لامة
كبيرة بدوية همجية لم تزل تزداد عددا وتكثر
سوادا فتكر على الأمم المجاورة لها كالصين،
وربما نسلت من أحدابها وهبطت إلى بلاد آسيا
الوسطى والدنيا وبلغت إلى شمال اوربه، فمنهم
من قطن في أراض أغار عليها كأغلب سكنة
اوربه الشمالية فتمدين بها واشتغل بالزراعة
والصناعة، ومنهم من رجع ثم عاد وعاد (1).
وهذا أيضا مما يؤيد ما استقربناه آنفا أن



(1) وذكر بعضهم أن يأجوج ومأجوج هم الأمم الذين كانوا يشغلون الجزء
الشمالي من آسيا، تمتد بلادهم من التبت والصين إلى المحيط المنجمد
الشمالي، وتنتهي غربا بما يلي بلاد تركستان. ونقل ذلك عن فاكهة الخلفاء
وتهذيب الأخلاق لابن مسكويه ورسائل إخوان الصفا.
3073
السد الذي نبحث عنه هو أحد الأسداد
الموجودة في شمال آسيا الفاصلة بين
الشمال وجنوبه (1).



(1) الميزان: 13 / 378، انظر تمام الكلام.
3074
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
9 - يعقوب ويوسف عليهما السلام
البحار: 12 / 216 باب 9 " قصص يعقوب ويوسف ".
كنز العمال: 11 / 514، 12 / 478 " يوسف ".

3075
[3790]
يعقوب ويوسف (عليهما السلام)
الكتاب
* (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله
اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون * أم كنتم
شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من
بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) * (1).
(انظر) يوسف: 3 - 102، مريم: 49.
- لما قدم يعقوب على يوسف (عليهما السلام) خرج
يوسف (عليه السلام) فاستقبله في موكبه، فمر بامرأة العزيز
وهي تعبد في غرفة لها، فلما رأته عرفته فنادته
بصوت حزين: أيها الراكب طال ما أحزنتني، ما
أحسن التقوى كيف حررت العبيد؟! وما أقبح
الخطيئة كيف عبدت الأحرار؟! (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعطي يوسف شطر الحسن (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الكريم ابن الكريم ابن الكريم
ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): رحم الله أخي يوسف، لو أنا أتاني
الرسول بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة حين
قال: * (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة) * (5).
كلام في قصة يوسف (عليه السلام):
ما أثنى الله عليه ومنزلته المعنوية:
كان (عليه السلام) من المخلصين وكان صديقا وكان من
المحسنين، وقد آتاه الله حكما وعلما وعلمه من
تأويل الأحاديث، وقد اجتباه الله وأتم نعمته عليه
وألحقه بالصالحين (سورة يوسف) وأثنى عليه بما
أثنى على آل نوح وإبراهيم (عليهما السلام) من الأنبياء وقد
ذكره فيهم (سورة الأنعام).
قصته في التوراة الحاضرة:
قالت التوراة (6): وكان بنو يعقوب اثني عشرة:
بنوليئة: راوبين بكر يعقوب، وشمعون، ولاوي،
ويهودا، ويساكر، وزنولون، وابنا راحيل: يوسف،
وبنيامين، وابنا بلهة جارية راحيل: دان، ونفتالي،
وابنا زلفة جارية ليئة: جاد، وأشير. هؤلاء بنو
يعقوب الذين ولدوا في فدان أرام.
قالت (7): يوسف إذ كان ابن سبع عشرة سنة
كان يرعى مع إخوته الغنم وهو غلام عند بني
بلهة وبني زلفة امرأتي أبيه، وأتى يوسف بنميمتهم

3076
الردية إلى أبيهم، وأما إسرائيل فأحب يوسف
أكثر من سائر بنيه لأنه ابن شيخوخته فصنع له
قميصا ملونا فلما رأى إخوته أن أباهم أحبه
أكثر من جميع إخوته أبغضوه ولم يستطيعوا أن
يكلموه بسلام.
وحلم يوسف حلما فأخبر إخوته فازدادوا
أيضا بغضا له، فقال لهم: اسمعوا هذا الحلم
الذي حلمت: فها نحن حازمون حزما في الحفل،
وإذا حزمتي قامت وانتصبت فاحتاطت حزمكم
وسجدت لحزمتي. فقال له إخوته: ألعلك تملك
علينا ملكا أم تتسلط علينا تسلطا، وازدادوا
أيضا بغضا له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه.
ثم حلم أيضا حلما آخر وقصه على إخوته
فقال: إني قد حلمت حلما أيضا وإذا الشمس
والقمر وأحد عشر كوكبا ساجدة لي، وقصه
على أبيه وعلى إخوته فانتهره أبوه وقال له:
ما هذا الحلم الذي حلمت؟ هل يأتي أنا وأمك
وإخوتك لنسجد لك إلى الأرض، فحسده إخوته
وأما أبوه فحفظ الأمر.
ومضى إخوته ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم،
فقال إسرائيل ليوسف: أليس إخوتك يرعون عند
شكيم؟ تعال فارسلك إليهم، فقال له: ها أنا ذا
فقال له: اذهب انظر سلامة إخوتك وسلامة الغنم
ورد لي خبرا، فأرسله من وطاء حبرون فأتى إلى
شكيم فوجده رجل وإذا هو ضال في الحفل فسأله
الرجل قائلا: ماذا تطلب؟ فقال: أنا طالب إخوتي
أخبرني أين يرعون؟ فقال الرجل: قد ارتحلوا من
هنا لأني سمعتهم يقولون: لنذهب إلى دوثان،
فذهب يوسف وراء إخوته فوجدهم في دوثان،
فلما أبصروه من بعيد قبل ما اقترب إليهم احتالوا
له ليميتوه، فقال بعضهم لبعض: هو ذا هذا صاحب
الأحلام قادم، فالآن هلم نقتله ونطرحه في
إحدى هذه الآبار، ونقول: وحش ردي أكله
فنرى ماذا يكون أحلامه؟
فسمع راوبين وأنقذه من أيديهم وقال:
لا نقتله، وقال لهم راوبين: لا تسفكوا دما اطرحوه
في هذه البئر التي في البرية ولا تمدوا إليه يدا لكي
ينقذه من أيديهم ليرده إلى أبيه، فكان لما جاء
يوسف إلى إخوته أنهم خلعوا عن يوسف قميصه
القميص الملون الذي عليه وأخذوه وطرحوه في
البئر، وأما البئر فكانت فارغة ليس فيها ماء.
ثم جلسوا ليأكلوا طعاما فرفعوا عيونهم
ونظروا وإذا قافلة إسماعيليين مقبلة من جلعاد،
وجمالهم حاملة كتيراء وبلسانا ولادنا ذاهبين
لينزلوا بها إلى مصر، فقال يهوذا لإخوته: ما
الفائدة أن نقتل أخانا ونخفي دمه؟ تعالوا فنبيعه
للإسماعيليين ولا تكن أيدينا عليه لأنه أخونا
ولحمنا، فسمع له إخوته.
واجتاز رجال مديانيون تجار فسحبوا يوسف
وأصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعيليين
بعشرين من الفضة فأتوا بيوسف إلى مصر، ورجع
راوبين إلى البئر وإذا يوسف ليس في البئر،
فمزق ثيابه ثم رجع إلى إخوته وقال: الولد ليس
موجودا، وأنا إلى أين أذهب؟
فأخذوا قميص يوسف وذبحوا تيسا من
المعزى وغمسوا القميص في الدم، وأرسلوا

3077
القميص الملون وأحضروه إلى أبيهم وقالوا:
وجدنا هذا، حقق أقميص ابنك هو أم لا؟ فتحققه
وقال: قميص ابني، وحش ردي أكله افترس
يوسف افتراسا، فمزق يعقوب ثيابه ووضع مسحا
على حقويه وناح على ابنه أياما كثيرة، فقام
جميع بنيه وجميع بناته ليعزوه فأبى أن يتعزى
وقال: إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية
وبكى عليه أبوه.
قالت التوراة (1): وأما يوسف فأنزل إلى مصر
واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط
رجل مصري من يد الإسماعيليين الذين أنزلوه
إلى هناك، وكان الرب مع يوسف فكان رجلا
ناجحا وكان في بيت سيده المصري.
ورأي سيده أن الرب معه، وأن كل ما
يصنع كان الرب ينجحه بيده، فوجد يوسف نعمة
في عينيه وخدمه فوكله إلى بيته ودفع إلى يده
كل ما كان له، وكان من حين وكله على بيته
وعلى كل ما كان له أن الرب بارك بيت المصري
بسبب يوسف، وكانت بركة الرب على كل ما كان
له في البيت وفي الحفل، فترك كل ما كان له
في يد يوسف ولم يكن معه يعرف شيئا إلا
الخبز الذي يأكل، وكان يوسف حسن الصورة
وحسن المنظر.
وحدث بعد هذه الأمور أن امرأة سيده رفعت
عينيها إلى يوسف وقالت: اضطجع معي فأبى،
وقال لامرأة سيده: هوذا سيدي لا يعرف معي ما
في البيت، وكل ماله قد دفعه إلى يدي ليس هو في
هذا البيت، ولم يمسك عني شيئا غيرك لأنك
امرأته فكيف أصنع هذا الشر العظيم؟ واخطئ إلى
الله؟ وكان إذ كلمت يوسف يوما فيوما أنه لم
يسمع لها أن يضطجع بجانبها ليكون معها.
ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت
ليعمل عمله ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك
في البيت، فأمسكته بثوبه قائلة: اضطجع معي،
فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج إلى خارج،
وكان لما رأت أنه ترك ثوبه في يدها وهرب إلى
خارج أنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلة:
انظروا! قد جاء إلينا برجل عبراني ليداعبنا. دخل
إلي ليضطجع معي فصرخت بصوت عظيم، وكان
لما سمع أني رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبه
بجانبي وهرب وخرج إلى خارج.
فوضعت ثوبه بجانبها حتى جاء سيده إلى بيته
فكلمته بمثل هذا الكلام قائلة: دخل إلي العبد
العبراني الذي جئت به إلينا ليداعبني، وكان لما
رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي
وهرب إلى خارج.
فكان لما سمع سيده كلام امرأته الذي كلمته
به - قائلة بحسب هذا الكلام صنع بي عبدك - أن
غضبه حمي، فأخذ يوسف سيده ووضعه في بيت
السجن المكان الذي كان أسرى الملك محبوسين
فيه، وكان هناك في بيت السجن.
ولكن الرب كان مع يوسف وبسط، إليه لطفا
وجعل نعمة له في عيني رئيس بيت السجن، فدفع
رئيس بيت السجن إلى يد يوسف جميع الأسرى
الذين في بيت السجن، وكل ما كانوا يعملون



(1) الإصحاح 39 من سفر التكوين.
3078
هناك كان هو العامل، ولم يكن رئيس بيت السجن
ينظر شيئا البتة مما في يده، لأن الرب
كان معه، ومهما صنع كان الرب ينجحه.
ثم ساقت التوراة (1) قصة صاحبي السجن
ورؤياهما ورؤيا فرعون مصر، وملخصه: أنهما
كانا رئيس سقاة فرعون ورئيس الخبازين أذنباه
فحبسهما فرعون في سجن رئيس الشرط عند
يوسف، فرأى رئيس السقاة في منامه أنه يعصر
خمرا، والآخر أن الطير تأكل من طعام حمله على
رأسه، فاستفتيا يوسف فعبر رؤيا الأول برجوعه
إلى سقي فرعون شغله السابق، والثاني بصلبه
وأكل الطير من لحمه، وسأل الساقي أن يذكره
عند فرعون لعله يخرج من السجن، لكن الشيطان
أنساه ذلك.
ثم بعد سنتين رأى فرعون في منامه سبع
بقرات سمان حسنة المنظر خرجت من نهر، وسبع
بقرات مهزولة قبيحة المنظر وقفت على الشاطئ
فأكلت المهازيل السمان، فاستيقظ فرعون، ثم
نام فرأى سبع سنابل خضر حسنة سمينة، وسبع
سنابل رقيقة ملفوحة بالريح الشرقية نابتة
وراءها، فأكلت الرقيقة السمينة، فهال فرعون
ذلك وجمع سحرة مصر وحكماءها وقص عليهم
رؤياه فعجزوا عن تعبيره.
وعند ذلك ادكر رئيس السقاة يوسف فذكره
لفرعون وذكر ما شاهده من عجيب تعبيره للمنام
فأمر فرعون بإحضاره، فلما ادخل عليه كلمه
واستفتاه فيما رآه في منامه مرة بعد أخرى فقال
يوسف لفرعون: حلم فرعون واحد قد أخبر الله
فرعون بما هو صانع: البقرات السبع الحسنة
في سبع سنين وسنابل سبع الحسنة في سبع سنين
هو حلم واحد، والبقرات السبع الرقيقة القبيحة
التي طلعت وراءها هي سبع سنين والسنابل السبع
الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية يكون سبع
سنين جوعا.
هو الأمر الذي كلمت به فرعون قد أظهر
الله لفرعون ما هو صانع، هو ذا سبع سنين قادمة
شبعا عظيما في كل أرض مصر، ثم تقوم بعدها
سبع سنين جوعا، فينسى كل السبع في أرض
مصر ويتلف الجوع الأرض، ولا يعرف السبع في
الأرض من أجل ذلك الجوع بعده لأنه يكون
شديدا جدا، وأما عن تكرار الحلم على
فرعون مرتين فلأن الأمر مقرر من عند الله
والله مسرع لصنعه.
فالآن لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما
ويجعله على أرض مصر يفعل فرعون فيوكل
نظارا على الأرض، ويأخذ خمس غلة أرض
مصر في سبع سني الشبع فيجمعون جميع طعام
هذه السنين الجيدة القادمة، ويخزنون قمحا
تحت يد فرعون طعاما في المدن ويحفظونه
فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سني
الجوع التي تكون في أرض مصر، فلا تنقرض
الأرض بالجوع.
قالت التوراة ما ملخصة إن فرعون استحسن
كلام يوسف وتعبيره وأكرمه وأعطاه إمارة
المملكة في جميع شؤونها، وخلع عليه بخاتمه،



(1) الإصحاح 41 من سفر التكوين.
3079
وألبسه ثياب بوص، ووضع طوق ذهب في عنقه،
وأركبه في مركبته الخاصة ونودي أمامه: أن
اركعوا، وأخذ يوسف يدبر الأمور في سني
الخصب ثم في سني الجدب أحسن إدارة.
ثم قالت التوراة (1) ما ملخصه: إنه لما
عمت السنة أرض كنعان أمر يعقوب بنيه أن
يهبطوا إلى مصر فيأخذوا طعاما، فساروا
ودخلوا على يوسف فعرفهم وتنكر لهم وكلمهم
بجفاء وسألهم من أين جئتم؟ قالوا: من أرض
كنعان لنشتري طعاما، قال يوسف: بل جواسيس
أنتم جئتم إلى أرضنا لتفسدوها، قالوا: نحن
جميعا أبناء رجل واحد في كنعان كنا اثني عشر
أخا فقد منا واحد وبقي أصغرنا هاهو اليوم عند
أبينا، والباقون بحضرتك، ونحن جميعا امنا
لا نعرف الفساد والشر.
قال يوسف: لا وحياة فرعون نحن نراكم
جواسيس، ولا نخلي سبيلكم حتى تحضرونا
أخاكم الصغير حتى نصدقكم فيما تدعون،
فأمر بهم فحبسوا ثلاثة أيام، ثم أحضرهم وأخذ
من بينهم شمعون وقيده أمام عيونهم، وأذن لهم أن
يرجعوا إلى كنعان ويجيؤوا بأخيهم الصغير.
ثم أمر أن يملأ أوعيتهم قمحا وترد فضة كل
واحد منهم إلى عدله ففعل، فرجعوا إلى أبيهم
وقصوا عليه القصص، فأبى يعقوب أن يرسل
بنيامين معهم وقال: أعدمتموني الأولاد: يوسف
مفقود وشمعون مفقود وبنيامين تريدون أن
تأخذوه لا يكون ذلك أبدا، وقال: قد أسأتم في
قولكم للرجل: إن لكم أخا تركتموه عندي، قالوا:
إنه سأل عنا وعن عشيرتنا قائلا: هل أبوكم حي
بعد؟ وهل لكم أخ آخر فأخبرناه كما سألنا، وما
كنا نعلم أنه سيقول: جيئوا إلي بأخيكم.
فلم يزل يعقوب يمتنع حتى أعطاه يهوذا
الموثق أن يرد إليه بنيامين فأذن في ذهابهم به
معهم، وأمرهم أن يأخذوا من أحسن متاع
الأرض هدية إلى الرجل، وأن يأخذوا معهم أصرة
الفضة التي ردت إليهم في أوعيتهم ففعلوا.
ولما وردوا مصر لقوا وكيل يوسف على أموره
وأخبروه بحاجتهم وأن بضاعتهم ردت إليهم في
رحالهم وعرضوا له هديتهم، فرحب بهم وأكرمهم
وأخبرهم أن فضتهم لهم، وأخرج إليهم شمعون
الرهين، ثم أدخلهم على يوسف فسجدوا له
وقدموا إليه هديتهم، فرحب بهم واستفسرهم عن
حالهم وعن سلامة أبيهم، وعرضوا عليه أخاهم
الصغير فأكرمه ودعا له، ثم أمر بتقديم الطعام فقدم
له وحده، ولهم وحدهم، ولمن عنده من
المصريين وحدهم.
ثم أمر وكيله أن يملأ أوعيتهم طعاما وأن
يدس فيها هديتهم وأن يضع طاسة في عدل
أخيهم الصغير ففعل، فلما أضاء الصبح من غد
شدوا الرحال على الحمير وانصرفوا.
فلما خرجوا من المدينة ولما يبتعدوا قال
لوكيله: أدرك القوم وقل لهم: بئس ما صنعتم
جازيتم الإحسان بالإساءة سرقتم طاس سيدي
الذي يشرب فيه ويتفأل به فتبهتوا من استماع هذا
القول وقالوا: حاشانا من ذلك، هو ذا الفضة

3080
التي وجدناها في أفواه عدالنا جئنا بها إليكم من
كنعان فكيف نسرق من بيت سيدك فضة أو ذهبا،
من وجد الطاس في رحله يقتل ونحن جميعا
عبيد سيدك، فرضي بما ذكروا له من الجزاء
فبادروا إلى عدولهم، وأنزل كل واحد منهم عدله
وفتحه فأخذ يفتشها وابتدأ من الكبير حتى انتهى
إلى الصغير وأخرج الطاس من عدله.
فلما رأى ذلك إخوته مزقوا ثيابهم ورجعوا
إلى المدينة ودخلوا على يوسف وأعادوا عليه
قولهم معتذرين معترفين بالذنب وعليهم سيماء
الصغار والهوان والخجل، فقال: حاشا أن نأخذ
إلا من وجد متاعنا عنده، وأما أنتم فارجعوا
بسلام إلى أبيكم.
فتقدم إليه يهوذا وتضرع إليه واسترحمه وذكر
له قصتهم مع أبيهم حين أمرهم يوسف بإحضار
بنيامين، فسألوا أباهم ذلك فأبى أشد الإباء حتى
آتاه يهوذا الميثاق على أن يرد بنيامين إليه، وذكر
أنهم لا يستطيعون أن يلاقوا أباهم وليس معهم
بنيامين، وأن أباهم الشيخ لو سمع منهم ذلك لمات
من وقته، ثم سأله أن يأخذه مكان بنيامين عبدا
لنفسه ويطلق بنيامين لتقر بذلك عين أبيهم
المستأنس به بعد فقد أخيه من أمه يوسف.
قالت التوراة: فلم يستطع يوسف أن يضبط
نفسه لدى جميع الواقفين عنده، فصرخ أخرجوا
كل إنسان عني، فلم يقف أحد عنده حين عرف
يوسف إخوته بنفسه، فأطلق صوته بالبكاء فسمع
المصريون وسمع بيت فرعون، وقال يوسف
لإخوته: أنا يوسف أحي أبي بعد؟ فلما يستطع
إخوته أن يجيبوه لأنهم ارتاعوا منه.
وقال يوسف لإخوته: تقدموا إلي، فتقدموا
فقال: أنا يوسف أخوكم الذي بعتموه إلى مصر،
والآن لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى
هنا لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم لأن
للجوع في الأرض الآن سنتين وخمس سنين
أيضا لا يكون فيها فلاحة ولا حصاد، فقد أرسلني
الله قدامكم ليجعل لكم بقية في الأرض وليستبقي
لكم نجاة عظيمة، فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى
هنا بل الله، وهو قد جعلني أبا لفرعون وسيدا لكل
بيته ومتسلطا على كل أرض مصر.
أسرعوا واصعدوا إلى أبي وقولوا له: هكذا
يقول ابنك يوسف: انزل إلي لا تقف فتسكن في
أرض جاسان وتكون قريبا مني أنت وبنوك
وبنو بيتك وغنمك وبقرك وكل مالك، وأعولك
هناك لأنه يكون أيضا خمس سنين جوعا لئلا
تفتقر أنت وبيتك وكل مالك، وهو ذا عيونكم ترى
وعينا أخي بنيامين أن فمي هو الذي يكلمكم،
وتخبرون أني بكل مجدي في مصر وبكل ما
رأيتم وتستعجلون وتنزلون بأبي إلى هنا، ثم وقع
على عين بنيامين أخيه وبكى، وبكى بنيامين
على عنقه، وقبل جميع إخوته وبكى عليهم.
ثم قالت التوراة ما ملخصه: إنه جهزهم
أحسن التجهيز وسيرهم إلى كنعان، فجاؤوا أباهم
وبشروه بحياة يوسف وقصوا عليه القصص، فسر
بذلك وسار بأهله جميعا إلى مصر وهم جميعا
سبعون نسمة، ووردوا أرض جاسان من مصر،
وركب يوسف إلى هناك يستقبل أباه، ولقيه قادما

3081
فتعانقا وبكى طويلا، ثم أنزله وبنيه وأقرهم
هناك وأكرمهم فرعون إكراما بالغا وآمنهم
وأعطاهم ضيعة في أفضل بقاع مصر، وعالهم
يوسف ما دامت السنون المجدبة، وعاش يعقوب
في أرض مصر بعد لقاء يوسف سبع عشرة سنة.
هذا ما قصته التوراة من قصة يوسف فيما
يحاذي القرآن، أوردناها ملخصة إلا في
بعض فقراتها لمسيس الحاجة (1).



(1) الميزان: 11 / 260.
3082
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
10 - أيوب عليه السلام
البحار: 12 / 339 باب 10 " قصص أيوب ".
كنز العمال: 11 / 491 " أيوب ".

3083
[3791]
أيوب (عليه السلام)
الكتاب
* (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم
الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه
أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) * (1).
(انظر) ص: 41 - 44.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان أيوب أحلم الناس،
وأصبر الناس، وأكظم الناس لغيظ (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل لأيوب: أتدري
ما كان جرمك إلي حتى ابتليتك؟ قال:
يا رب! قال: لأنك دخلت على فرعون
فادهنت بكلمتين (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أوحى الله عز وجل إلى أيوب (عليه السلام):
هل تدري ما ذنبك إلي حين أصابك البلاء؟
قال: لا، قال: إنك دخلت على فرعون
فداهنت في كلمتين (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن أيوب ابتلي
من غير ذنب (5).
- عنه (عليه السلام): ابتلي أيوب سبع سنين بلا ذنب (6).
- عنه (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى ابتلى أيوب (عليه السلام)
بلا ذنب، فصبر حتى عير وإن الأنبياء لا يصبرون
على التعيير (7).
- ابن عباس: إن امرأة أيوب (عليه السلام) قالت له يوما:
لو دعوت الله أن يشفيك؟ فقال: ويحك كنا في
النعماء سبعين عاما فهلم نصبر في الضراء مثلها!
قال: فلم يمكث بعد ذلك إلا يسيرا حتى عوفي (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما سأل أيوب (عليه السلام) العافية
في شئ من بلائه (9).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): أخذ الناس ثلاثة من
ثلاثة: أخذوا الصبر عن أيوب (عليه السلام)، والشكر عن
نوح (عليه السلام)، والحسد من بني يعقوب (10).
كلام في قصة أيوب (عليه السلام) في فصول:
1 - قصته في القرآن:
لم يذكر من قصته في القرآن إلا ابتلاؤه بالضر
في نفسه وأولاده، ثم تفريجه تعالى بمعافاته
وإيتائه أهله ومثلهم معهم رحمة منه وذكرى
للعابدين (الأنبياء: 83، 84، ص: 41 - 44).
2 - جميل ثنائه:
ذكره تعالى في زمرة الأنبياء من ذرية
إبراهيم (عليهم السلام) في سورة الأنعام وأثنى عليهم

3084
بكل ثناء جميل (الأنعام: 84 - 90) وذكره
في سورة ص فعده صابرا ونعم العبد
وأوابا (ص: 44).
3 - قصته في الروايات:
في تفسير القمي: حدثني أبي عن ابن
فضال عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي
بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن بلية
أيوب التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة
كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عز وجل عليه بها
في الدنيا وأدى شكرها، وكان في ذلك الزمان
لا يحجب إبليس دون العرش فلما صعد ورأي
شكر نعمة أيوب حسده إبليس، فقال: يا رب!
إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا
بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى
إليك شكر نعمة أبدا، فسلطني على دنياه حتى
تعلم أنه لم يؤد إليه شكر نعمة أبدا، فقيل له:
قد سلطتك على ماله وولده.
قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا
إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، وقال:
فسلطني على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء
مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب لله
شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على غنمه
فأهلكها، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال:
يا رب سلطني على بدنه، فسلطه على بدنه ما خلا
عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة
من قرنه إلى قدمه.
فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد الله ويشكره
حتى وقع في بدنه الدود، فكانت تخرج من بدنه
فيردها فيقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي
خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجه أهل القرية من
القرية وألقوه في المزبلة خارج القرية.
وكانت امرأته رحمة بنت أفراييم بن يوسف
ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام
وعليها يتصدق من الناس وتأتيه بما تجده.
قال: فلما طال عليه البلاء ورأي إبليس صبره
أتى أصحابا لأيوب كانوا رهبانا في الجبال وقال
لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن
بليته، فركبوا بغالا شهبا وجاؤوا، فلما دنوا منه
نفرت بغالهم من نتن ريحه، فنظر بعضهم إلى بعض
ثم مشوا إليه وكان فيهم شاب حدث السن،
فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل
الله يهلكنا إذا سألناه، وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء
الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره.
فقال أيوب: وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت
طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض
لي أمران كلاهما طاعة الله إلا أخذت بأشدهما
على بدني، فقال الشاب: سوءة لكم عيرتم نبي الله
حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها.
فقال أيوب: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك
لأدليت بحجتي، فبعث الله إليه غمامة فقال: يا
أيوب أدل بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم، وها
أنا ذا قريب ولم أزل.
فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي
أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما
على نفسي، ألم أحمدك؟! ألم أشكرك؟!
ألم أسبحك؟!.

3085
قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان:
يا أيوب من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون؟
وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون؟
أتمن على الله بما لله فيه المنة عليك؟ قال: فأخذ
التراب ووضعه في فيه ثم قال: لك العتبى يا رب،
أنت فعلت ذلك بي.
فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله فخرج
الماء فغسله بذلك الماء فعاد أحسن ما كان
وأطرأ، وأنبت الله عليه روضة خضراء، ورد
عليه أهله وماله وولده وزرعه، وقعد معه
الملك يحدثه ويؤنسه.
فأقبلت امرأته معها الكسرة (1) فلما انتهت إلى
الموضع إذا الموضع متغير وإذا رجلان جالسان
فبكت وصاحت وقالت: يا أيوب ما دهاك؟
فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته وقد رد الله عليه
بدنه ونعمه سجدت لله شكرا، فرأى ذؤابتها
مقطوعة وذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما
تحمله إلى أيوب من الطعام - وكانت حسنة
الذوائب - فقالوا لها: تبيعينا ذؤابتك هذه حتى
نعطيك؟ فقطعتها ودفعتها إليهم وأخذت منهم
طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب
وحلف عليها أن يضربها مائة، فأخبرته أنه كان
سببه كيت وكيت، فاغتم أيوب من ذلك فأوحى
الله عز وجل * (إليه خذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا
تحنث) *، فأخذ عذقا مشتملا على مائة شمراخ
فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.
أقول: وروي عن ابن عباس ما يقرب منه،
وعن وهب أن امرأته كانت بنت ميشا بن يوسف،
والرواية - كما ترى - تذكر ابتلاءه بما تتنفر عنه
الطباع، وهناك من الروايات ما يؤيد ذلك، لكن
بعض الأخبار المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)
ينفي ذلك وينكره أشد الإنكار كما يأتي.
وعن الخصال: القطان عن السكري عن
الجوهري عن ابن عمارة عن أبيه عن جعفر بن
محمد عن أبيه (عليهم السلام) قال: إن أيوب (عليه السلام) ابتلي سبع
سنين من غير ذنب، وإن الأنبياء لا يذنبون لأنهم
معصومون مطهرون لا يذنبون ولا يزيغون ولا
يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا.
وقال: إن أيوب من جميع ما ابتلي به لم تنتن
له رائحة، ولا قبحت له صورة، ولا خرجت منه
مدة من دم ولا قيح، ولا استقذره أحد رآه،
ولا استوحش منه أحد شاهده، ولا تدود شئ
من جسده، وهكذا يصنع الله عز وجل بجميع من
يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه.
وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر
أمره، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد
والفرج، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أعظم الناس بلاء
الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.
وإنما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه
على جميع الناس لئلا يدعوا له الربوبية إذا
شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه
متى شاهدوه، وليستدلوا بذلك على أن الثواب من
الله على ضربين: استحقاق واختصاص، ولئلا
يحتقروا ضعيفا لضعفه ولا فقيرا لفقره ولا مريضا
لمرضه، وليعلموا أنه يسقم من يشاء ويشفي

3086
من يشاء متى شاء كيف شاء بأي سبب شاء،
ويجعل ذلك عبرة لمن شاء وشقاوة لمن شاء
وسعادة لمن شاء، وهو عز وجل في جميع ذلك
عدل في قضائه، وحكيم في أفعاله لا يفعل بعباده
إلا الأصلح لهم ولا قوة لهم إلا به.
وفي تفسير القمي - في قوله تعالى: * (ووهبنا
له أهله ومثلهم معهم...) * الآية - قال: فرد الله عليه
أهله الذين ماتوا قبل البلاء، ورد عليه أهله الذين
ماتوا بعد ما أصابهم البلاء، كلهم أحياهم الله له
فعاشوا معه.
وسئل أيوب بعد ما عافاه الله: أي شئ كان
أشد عليك مما مر؟ فقال: شماتة الأعداء.
وفي المجمع - في قوله تعالى: * (أني مسني
الشيطان...) * الآية -: قيل: إنه اشتد مرضه حتى
تجنبه الناس، فوسوس الشيطان إلى الناس أن
يستقذروه ويخرجوه من بينهم ولا يتركوا امرأته
التي تخدمه أن تدخل عليهم، فكان أيوب يتأذى
بذلك ويتألم به، ولم يشك الألم الذي كان من أمر
الله سبحانه. قال قتادة: دام ذلك سبع سنين،
وروي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1).

3087
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
11 - شعيب عليه السلام
البحار: 12 / 273 باب 11 " قصص شعيب ".
كنز العمال: 11 / 498، 12 / 480 " شعيب ".

3089
[3792]
شعيب
الكتاب
* (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله
مالكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل
والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في
الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين *
الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا
كانوا هم الخاسرين) * (1).
(انظر) هود: 84 - 95، الحجر: 78، 79، الشعراء: 176 -
190، القصص: 45، العنكبوت: 36، 37، ق: 14.
- الإمام الصادق (عليه السلام): لم يبعث الله عز وجل من
العرب إلا خمسة أنبياء: هودا وصالحا وإسماعيل
وشعيبا ومحمدا خاتم النبيين صلوات الله عليهم،
وكان شعيب بكاء (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان شعيب خطيب الأنبياء (3).
- صاحب الكامل: قيل إن اسم شعيب:
يثرون بن صيفون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن
إبراهيم، وقيل: هو شعيب بن ميكيل من ولد
مدين، وقيل: لم يكن شعيب من ولد إبراهيم
وإنما هومن ولد بعض من آمن بإبراهيم وهاجر
معه إلى الشام ولكنه ابن بنت لوط، فجدة شعيب
ابنة لوط، وكان ضرير البصر، وهو معنى قوله:
* (وإنا لنراك فينا ضعيفا) * إي ضرير البصر، وكان
النبي (صلى الله عليه وآله) إذا ذكره قال: " ذاك خطيب الأنبياء "
بحسن مراجعته قومه (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى
شعيب النبي (عليه السلام): أني معذب من قومك مائة ألف،
أربعين ألفا من شرارهم، وستين ألفا من خيارهم،
فقال (عليه السلام): يا رب! هؤلاء الأشرار فما بال
الأخيار؟ فأوحى الله عز وجل إليه: داهنوا
أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي (5).
- إن شعيبا وأيوب صلوات الله عليهما وبلعم
ابن باعورا كانوا من ولد رهط، آمنوا لإبراهيم
يوم احرق فنجا، وهاجروا معه إلى الشام،
فزوجهم بنات لوط، فكل نبي كان قبل بني
إسرائيل وبعد إبراهيم صلوات الله عليه من نسل
أولئك الرهط، فبعث الله شعيبا إلى أهل مدين ولم
يكونوا فصيلة شعيب ولا قبيلته التي كان منها،
ولكنهم كانوا أمة من الأمم بعث إليهم شعيب
صلوات الله عليه، وكان عليهم ملك جبار لا يطيقه
أحد من ملوك عصره، وكانوا ينقصون المكيال
والميزان، ويبخسون الناس أشياءهم، مع كفرهم



(1) الأعراف: 85، 92.
(2) قصص الأنبياء: 145 / 157.
(3) نور الثقلين: 2 / 394 / 203.
(4) البحار: 12 / 387.
(5) الكافي: 5 / 56 / 1.
3090
بالله وتكذيبهم لنبيه وعتوهم، وكانوا يستوفون إذا
اكتالوا لأنفسهم أو وزنوا له، فكانوا في سعة من
العيش، فأمرهم الملك باحتكار الطعام ونقص
مكائيلهم وموازينهم، ووعظهم شعيب فأرسل
إليه الملك: ما تقول فيما صنعت؟ أراض أم أنت
ساخط؟ فقال شعيب: أوحى الله تعالى إلي أن
الملك إذا صنع مثل ما صنعت يقال له: ملك فاجر،
فكذبه الملك وأخرجه وقومه من مدينته، قال الله
تعالى حكاية عنهم: * (لنخرجنك يا شعيب والذين
آمنوا معك من قريتنا) * فزادهم شعيب في الوعظ،
فقالوا: * (يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد
آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء) * فآذوه بالنفي
من بلادهم، فسلط الله عليهم الحر والغيم حتى
أنضجهم، فلبثوا فيه تسعة أيام، وصار ماؤهم
حميما لا يستطيعون شربه، فانطلقوا إلى غيضة (1)
لهم وهو قوله تعالى: * (وأصحاب الأيكة) * فرفع
الله لهم سحابة سوداء فاجتمعوا في ظلها، فأرسل
الله عليهم نارا منها فأحرقتهم فلم ينج منهم أحد،
وذلك قوله تعالى: * (فأخذهم عذاب يوم الظلة) *
وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ذكر عنده شعيب قال: ذلك
خطيب الأنبياء يوم القيامة، فلما أصاب قومه ما
أصابهم لحق شعيب والذين آمنوا معه بمكة، فلم
يزالوا بها حتى ماتوا.
والرواية الصحيحة أن شعيبا (عليه السلام) صار منها إلى
مدين فأقام بها، وبها لقيه موسى بن عمران
صلوات الله عليهما (2).
- ابن عباس: إن الله تعالى بعث شعيبا إلى قومه
وكان لهم ملك فأصابه منهم بلاء، فلما رأى الملك
أن القوم قد خصبوا أرسل إلى عماله فحبسوا على
الناس الطعام، وأغلوا أسعارهم، ونقصوا
مكائيلهم وموازينهم، وبخسوا الناس أشياءهم،
وعتوا عن أمر ربهم، فكانوا مفسدين في الأرض.
فلما رأى ذلك شعيب صلوات الله عليه قال لهم:
* (لا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني
أخاف عليكم عذاب يوم محيط) * فأرسل الملك
إليه بالإنكار، فقال شعيب: إني منهي في كتاب الله
تعالى والوحي الذي أوحى الله إلي به أن الملك إذا
كان بمنزلتك التي نزلتها ينزل الله بساحته نقمته،
فلما سمع الملك ذلك أخرجه من القرية، فأرسل
الله إليهم سحابة فأظلتهم، فأرسل عليهم في
بيوتهم السموم، وفي طريقهم الشمس الحارة وفي
القرية، فجعلوا يخرجون من بيوتهم وينظرون إلى
السحابة التي قد أظلتهم من أسفلها، فانطلقوا
سريعا كلهم إلى أهل بيت كانوا يوفون المكيال
والميزان ولا يبخسون الناس أشياءهم، فنصحهم
الله وأخرجهم من بين العصاة، ثم أرسل على أهل
القرية من تلك السحابة عذابا ونارا فأهلكتهم،
وعاش شعيب صلوات الله عليه مائتين واثنين
وأربعين سنة (3).
- شداد بن أوس: بكى شعيب من حب الله
عز وجل حتى عمي، فرد الله إليه بصره وأوحى الله
إليه: يا شعيب! ما هذا البكاء؟ أشوقا إلى الجنة أو
فرقا من النار؟ قال: إلهي وسيدي! أنت تعلم ما
أبكي شوقا إلى جنتك ولا فرقا من النار،



(1) الغيضة: مجتمع الشجر في مغيض الماء، والمغيض: مجتمع
الماء. كما في هامش البحار: 120 / 385.
(2) قصص الأنبياء: 146 / 159 و 146 / 158.
(3) قصص الأنبياء: 146 / 159 و 146 / 158.
3091
ولكن اعتقدت حبك بقلبي، فإذا أنا نظرت إليك
فما أبالي ما الذي صنع بي.
فأوحى الله إليه: يا شعيب! إن يك ذلك حقا
فهنيئا لك لقائي يا شعيب، ولذلك أخدمتك موسى
ابن عمران كليمي (1).
كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن
في فصول:
1 - هو (عليه السلام) ثالث الرسل من العرب الذين
ذكرت أسماؤهم في القرآن وهم هود وصالح
وشعيب ومحمد (عليهم السلام)، ذكر الله تعالى طرفا من
قصصه في سور الأعراف وهود والشعراء
والقصص والعنكبوت.
كان (عليه السلام) من أهل مدين - مدينة في طريق
الشام من الجزيرة - وكان معاصرا لموسى (عليه السلام)،
وقد زوجه إحدى ابنتيه على أن يأجره ثماني
حجج وإن أتم عشرا فمن عنده (القصص: 27)
فخدمه موسى عشر سنين ثم ودعه وسار بأهله
إلى مصر.
وكان قومه من أهل مدين يعبدون الأصنام،
وكانوا قوما منعمين بالأمن والرفاهية والخصب
ورخص الأسعار، فشاع الفساد بينهم والتطفيف
بنقص المكيال والميزان (هود: 84 وغيرها)
فأرسل الله إليهم شعيبا وأمره أن ينهاهم عن عبادة
الأصنام وعن الفساد في الأرض ونقص المكيال
والميزان، فدعاهم إلى ما امر به، ووعظهم بالإنذار
والتبشير، وذكرهم ما أصاب قوم نوح وقوم هود
وقوم صالح وقوم لوط.
وبالغ (عليه السلام) في الاحتجاج عليهم وعظتهم فلم
يزدهم إلا طغيانا وكفرا وفسوقا (الأعراف وهود
وغيرهما من السور) ولم يؤمنوا به إلا عدة قليلة
منهم، فأخذوا في إيذائهم والسخرية بهم
وتهديدهم عن اتباع شعيب (عليه السلام)، وكانوا يقعدون
بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله من
آمن به ويبغونها عوجا (الأعراف: 86).
وأخذوا يرمونه (عليه السلام) بأنه مسحور وأنه كاذب
(الشعراء: 185، 186) وأخافوه بالرجم،
وهددوه والذين آمنوا به بالإخراج من قريتهم أو
ليعودن في ملتهم (الأعراف: 88) ولم يزالوا به
حتى أيأسوه من إيمانهم فتركهم وأنفسهم
(هود: 93) ودعا الله بالفتح قال: ربنا افتح بيننا
وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.
فأرسل الله إليهم عذاب يوم الظلة
(الشعراء: 189) وقد كانوا يستهزؤون به أن
أسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من
الصادقين وأخذتهم الصيحة (هود: 94) والرجفة
(الأعراف: 91، العنكبوت: 37) فأصبحوا في
ديارهم جاثمين، ونجى شعيبا ومن معه من
المؤمنين (هود: 94) فتولى عنهم وقال: يا قوم
لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف
آسى على قوم كافرين (الأعراف: 93).
2 - شخصيته المعنوية:
كان (عليه السلام) من زمرة الرسل المكرمين، وقد
أشركه الله تعالى فيما أثناهم به من الثناء
الجميل في كتابه، وقد حكى عنه فيما كلم



(1) كنز العمال: 35580.
3092
به قومه - وخاصة في سور الأعراف وهود
والشعراء - شيئا كثيرا من حقائق المعارف والعلوم
الإلهية والأدب البارع مع ربه ومع الناس.
وقد سمى نفسه الرسول الأمين (الشعراء:
178) ومصلحا (هود: 88) وأنه من الصالحين
(الشعراء: 27) فحكى الله ذلك عنه حكاية إمضاء،
وقد خدمه الكليم موسى بن عمران (عليه السلام) زهاء عشر
سنين سلام الله عليه.
3 - ذكره في التوراة:
لم تقص التوراة قصته مع قومه، وإنما أشارت
إليه في ضمن ما ذكرت قصة قتل موسى القبطي
وفراره من مصر إلى مديان (القصة) فسمته
" رعوئيل كاهن مديان " (1).
(انظر) المحبة (2) باب 665.



(1) الميزان: 10 / 377، الإصحاح الثاني من سفر الخروج من
التوراة. كما في الهامش.
3093
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
12 - موسى وهارون عليهما السلام
البحار: 13 / 1 - 376 " قصص موسى وهارون (عليهما السلام) ".
كنز العمال: 11 / 505، 12 / 476 " موسى (عليه السلام) ".
انظر:
الإخلاص: باب 1033 " حديث من إخلاص موسى (عليه السلام) ".

3095
[3793]
موسى وهارون (عليهما السلام)
الكتاب
* (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا
للمتقين) * (1).
* (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم
نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما) * (2).
(انظر) البقرة: 49 - 93، هود: 17، 110، المائدة:
20 - 26، إبراهيم: 5 - 8، مريم: 51 - 53،
السجدة: 23، 24، الأحزاب: 69، الصافات:
114 - 122، المؤمن: 53، 54، فصلت: 45،
الأحقاف: 12، القصص: 3 - 46، الأنفال:
52 - 54، يونس: 75 - 93، الإسراء: 101 -
104، طه: 9 - 97، المؤمنون: 45 - 49،
الشعراء: 10، 68، ص: 12، المؤمن: 23 -
46، الزخرف: 46 - 56، التحريم: 11،
الأعراف: 103 - 156، 159 - 162، الدخان:
17 - 33، الذاريات: 38، 45، الصف: 5،
المزمل: 15، 16، النازعات: 15، 26.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني رأيت عيسى وموسى
وإبراهيم، فأما عيسى فجعد أحمر عريض
الصدر، وأما موسى فآدم جسيم سبط كأنه
من رجال الزط، فقالوا له: إبراهيم؟ فقال: انظروا
إلى صاحبكم، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كن لما لا ترجو أرجى
منك لما ترجو، فإن موسى (عليه السلام) ذهب يقتبس نارا
فانصرف إليهم وهو نبي مرسل (4).
- الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله... الذي كلم موسى
تكليما، وأراه من آياته عظيما، بلا جوارح ولا
أدوات، ولا نطق ولا لهوات (5).
- عنه (عليه السلام): وإن شئت ثنيت بموسى كليم
الله (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول: * (رب إني لما أنزلت إلي
من خير فقير) * والله، ما سأله إلا خبزا يأكله،
لأنه كان يأكل بقلة الأرض (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلم الله موسى ببيت لحم (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أوحى الله إلى موسى بن
عمران (عليه السلام): أتدري يا موسى لم انتجبتك من
خلقي واصطفيتك لكلامي؟ فقال: لا، يا رب،
فأوحى الله إليه: إني اطلعت إلى الأرض
فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما كلم الله موسى كان يبصر
دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء من
مسيرة عشرة فراسخ (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى اختار من



(1) الأنبياء: 48.
(2) النساء: 164.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 417.
(4) البحار: 13 / 31 / 3.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 182 و 160.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 182 و 160.
(7) كنز العمال: 32364.
(8) أمالي الطوسي: 165 / 275.
(9) كنز العمال: 32381.
3096
كل شئ أربعة:... واختار من الأنبياء أربعة
للسيف: إبراهيم، وداود، وموسى، وأنا (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أول نبي من بني إسرائيل موسى،
وآخرهم عيسى، وستمائة نبي (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أكثروا من الصلاة على موسى، فما
رأيت أحدا من الأنبياء أحوط على أمتي منه (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بعث موسى وهو يرعى غنما على
أهله، وبعثت أنا وأنا أرعى غنما لأهلي بجياد (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن فرعون لما وقف على
أن زوال ملكه على يد موسى أمر بإحضار الكهنة،
فدلوه على نسبه وأنه من بني إسرائيل، فلم يزل
يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من بني إسرائيل
حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود،
وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله
تبارك وتعالى إياه (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الأنبياء يتكاثرون بأممهم
وكثرتهم إلا موسى بن عمران (6).
كلام حول قصص موسى وهارون (عليهما السلام)
في فصول:
1 - منزلة موسى عند الله وموقفه العبودي:
كان (عليه السلام) أحد الخمسة اولي العزم الذين هم
سادة الأنبياء ولهم كتاب وشريعة، كما خصهم
الله تعالى بالذكر في قوله: * (وإذ أخذنا من
النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى
وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) * (7)،
وقال: * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا
والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم
وموسى وعيسى) * (8).
ولقد امتن الله سبحانه عليه وعلى أخيه في
قوله: * (ولقد مننا على موسى وهارون) * (9) وسلم
عليهما في قوله: * (سلام على موسى
وهارون) * (10)، وأثنى على موسى (عليه السلام) بأجمل
الثناء في قوله: * (واذكر في الكتاب موسى إنه كان
مخلصا وكان رسولا نبيا * وناديناه من جانب الطور
الأيمن وقربناه نجيا) * (11) وقال: * (وكان عند الله
وجيها) * (12)، وقال * (وكلم الله موسى تكليما) * (13).
وذكره في جملة من ذكرهم من الأنبياء في
سورة الأنعام (الآية 84 - 88) فأخبر أنهم
كانوا محسنين صالحين، وأنه فضلهم على
العالمين واجتباهم وهداهم إلى صراط مستقيم،
وذكره في جملة الأنبياء في سورة مريم ثم ذكر
في الآية 58 منها أنهم الذين أنعم الله عليهم.
فاجتمع بذلك له (عليه السلام) معنى الإخلاص والتقريب
والوجاهة والإحسان والصلاح والتفضيل
والاجتباء والهداية والإنعام، وقد مر البحث
عن معاني هذه الصفات في مواضع تناسبها من



(1) الخصال: 225 / 58.
(2) البحار: 13 / 7 / 5.
(3) كنز العمال: 32367 و 32378.
(4) كنز العمال: 32367 و 32378.
(5) البحار: 13 / 47 / 15.
(6) كنز العمال: 32390.
(7) الأحزاب: 7.
(8) الشورى: 13.
(9) الصافات: 114، 120.
(10) الصافات: 114، 120.
(11) مريم: 51، 52.
(12) الأحزاب: 69.
(13) النساء: 164.
3097
هذا الكتاب، وكذا البحث عن معنى النبوة
والرسالة والتكليم.
وذكر الكتاب النازل عليه وهو التوراة
فوصفها بأنها إمام ورحمة (سورة الأحقاف: 12)
وبأنها فرقان وضياء وذكر (الأنبياء: 48) وبأن
فيها هدى ونور (المائدة: 44) وقال: * (وكتبنا
له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا
لكل شئ) * (1).
غير أنه تعالى ذكر في مواضع من كلامه أنهم
حرفوها واختلفوا فيها، وقصة بخت نصر وفتحه
فلسطين ثانيا - وهدمه الهيكل، وإحراقه التوراة،
وحشره اليهود إلى بابل سنة خمس مائة وثمان
وثمانين قبل المسيح، ثم فتح كورش الملك بابل
سنة خمس مائة وثمان وثلاثين قبل المسيح،
وإذنه لليهود أن يرجعوا إلى فلسطين ثانيا، وكتابة
عزراء الكاهن التوراة لهم معروف في التواريخ،
وقد تقدمت الإشارة إليه في الجزء الثالث من
الكتاب في قصص المسيح (عليه السلام).
2 - قصص موسى (عليه السلام) في القرآن:
هو (عليه السلام) أكثر الأنبياء ذكرا في القرآن الكريم،
فقد ذكر اسمه - على ما عدوه - في مائة وستة
وستين موضعا من كلامه تعالى، وأشير إلى قصته
إجمالا أو تفصيلا في أربع وثلاثين سورة من سور
القرآن، وقد اختص من بين الأنبياء بكثرة
المعجزات، وقد ذكر في القرآن شئ كثير من
معجزاته الباهرة كصيرورة عصاه ثعبانا، واليد
البيضاء، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع،
والدم، وفلق البحر، وإنزال المن والسلوى،
وانبجاس العيون من الحجر بضرب العصا، وإحياء
الموتى، ورفع الطور فوق القوم، وغير ذلك.
وقد ورد في كلامه تعالى طرف من قصصه (عليه السلام)
من دون استيفائها في كل ما دق وجل، بل
بالاقتصار على فصول منها يهم ذكرها لغرض
الهداية والإرشاد على ما هو دأب القرآن الكريم
في الإشارة إلى قصص الأنبياء وأممهم.
وهذه الفصول التي فيها كليات قصصه هي: أنه
تولد بمصر في بيت إسرائيلي حينما كانوا يذبحون
المواليد الذكور من بني إسرائيل بأمر فرعون،
وجعلت أمه إياه في تابوت وألقته في البحر، وأخذ
فرعون إياه ثم رده إلى أمه للإرضاع والتربية ونشأ
في بيت فرعون.
ثم بلغ أشده وقتل القبطي وهرب من مصر إلى
مدين خوفا من فرعون وملئه أن يقتلوه قصاصا.
ثم مكث في مدين عند شعيب النبي (عليه السلام)
وتزوج إحدى بنتيه.
ثم لما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس
من جانب الطور نارا وقد ضلوا الطريق في ليلة
شاتية، فأوقفهم مكانهم وذهب إلى النار ليأتيهم
بقبس أو يجد على النار هدى، فلما أتاها ناداه الله
من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من
الشجرة، وكلمه واجتباه وآتاه معجزة العصا واليد
البيضاء في تسع آيات، واختاره للرسالة إلى
فرعون وملئه وإنجاء بني إسرائيل وأمره بالذهاب
إليه.
فأتى فرعون ودعاه إلى كلمة الحق وأن يرسل

3098
معه بني إسرائيل ولا يعذبهم، وأراه آية العصا
واليد البيضاء فأبى وعارضه بسحر السحرة وقد
جاؤوا بسحر عظيم من ثعابين وحيات، فألقى
عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون، فالقي السحرة
ساجدين قالوا: آمنا برب العالمين رب موسى
وهارون، وأصر فرعون على جحوده وهدد
السحرة ولم يؤمن.
فلم يزل موسى (عليه السلام) يدعوه وملأه ويريهم الآية
بعد الآية كالطوفان والجراد والقمل
والضفادع والدم آيات مفصلات وهم يصرون
على استكبارهم، وكلما وقع عليهم الرجز قالوا:
يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت
عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل،
فلما كشف الله عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه
إذا هم ينكثون.
فأمره الله أن يسري بني إسرائيل ليلا فساروا
حتى بلغوا ساحل البحر، فعقبهم فرعون بجنوده،
فلما تراءى الفريقان قال أصحاب موسى: إنا
لمدركون، قال: كلا إن معي ربي سيهدين،
فامر بأن يضرب بعصاه البحر فانفلق الماء
فجاوزوا البحر، وأتبعهم فرعون وجنوده حتى
إذا اداركوا فيها جميعا أطبق الله عليهم الماء
فأغرقهم عن آخرهم.
ولما أنجاهم الله من فرعون وجنوده
وأخرجهم إلى البر ولا ماء فيه ولا كلأ أكرمهم الله
فأنزل الله عليهم المن والسلوى، وأمر موسى
فضرب بعصاه الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة
عينا قد علم كل أناس مشربهم، فشربوا منها
وأكلوا منهما وظللهم الغمام.
ثم واعد الله موسى أربعين ليلة لنزول التوراة
بجبل الطور، فاختار قومه سبعين رجلا ليسمعوا
تكليمه تعالى إياه، فسمعوا ثم قالوا: لن نؤمن لك
حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة وهم
ينظرون، ثم أحياهم الله بدعوة موسى، ولما تم
الميقات أنزل الله عليه التوراة وأخبره أن السامري
قد أضل قومه بعده فعبدوا العجل.
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا فأحرق
العجل ونسفه في اليم وطرد السامري وقال له:
اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لامساس، وأما
القوم فامروا أن يتوبوا ويقتلوا أنفسهم، فتيب
عليهم بعد ذلك، ثم استكبروا عن قبول شريعة
التوراة حتى رفع الله الطور فوقهم.
ثم إنهم ملوا المن والسلوى وقالوا: لن نصبر
على طعام واحد، وسألوه أن يدعو ربه أن يخرج
لهم مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها
وعدسها وبصلها، فامروا أن يدخلوا الأرض
المقدسة التي كتب الله لهم فأبوا، فحرمها الله عليهم
وابتلاهم بالتيه يتيهون في الأرض أربعين سنة.
ومن قصص موسى (عليه السلام) ما ذكره الله في سورة
الكهف من مضيه مع فتاه إلى مجمع البحرين للقاء
العبد الصالح وصحبته حتى فارقه.
3 - منزلة هارون (عليه السلام) عند الله وموقفه العبودي:
أشركه الله تعالى مع موسى (عليهما السلام) في سورة
الصافات في المن وإيتاء الكتاب والهداية
إلى الصراط المستقيم وفي التسليم وأنه

3099
من المحسنين ومن عباده المؤمنين (الصافات:
114 - 122) وعده مرسلا (طه: 47) ونبيا (مريم:
53) وأنه ممن أنعم عليهم (مريم: 58) وأشركه مع
من عدهم من الأنبياء في سورة الأنعام في
صفاتهم الجميلة من الإحسان والصلاح والفضل
والاجتباء والهداية (الأنعام: 84 - 88).
وفي دعاء موسى ليلة الطور: * (واجعل
لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به
أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك
كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا) * (1).
وكان (عليه السلام) ملازما لأخيه في جميع مواقفه،
يشاركه في عامة أمره، ويعينه على
جميع مقاصده.
ولم يرد في القرآن الكريم مما يختص به من
القصص إلا خلافته لأخيه حين غاب عن القوم
للميقات، وقال لأخيه هارون: اخلفني في قومي
وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين، ولما رجع
موسى إلى قومه غضبان أسفا وقد عبدوا العجل
ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه، قال:
ابن أم! إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا
تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين،
قال: رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك
وأنت أرحم الراحمين.
4 - قصة موسى (عليه السلام) في التوراة الحاضرة:
قصصه (عليه السلام) موضوعة فيما عدا السفر الأول
من أسفار التوراة الخمسة، وهي سفر الخروج
وسفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية، تذكر
فيها تفاصيل قصصه (عليه السلام) من حين ولادته إلى حين
وفاته وما أوحي إليه من الشرائع والأحكام.
غير أن فيها اختلافات في سرد القصة مع
القرآن في أمور غير يسيرة.
ومن أهمها أنها تذكر أن نداء موسى وتكليمه
من الشجرة كان في أرض مدين قبل أن يسير
بأهله، وذلك حين كان يرعى غنم يثرون (2) حمية
كاهن مديان، فساق الغنم إلى وراء البرية وجاء
إلى جبل الله حوريب، وظهر له ملاك الرب بلهيب
نار من وسط عليقة، فناداه الله وكلمه بما كلمه
وأرسله إلى فرعون لإنجاء بني إسرائيل (3).
ومنها ما ذكرت أن فرعون الذي ارسل
إليه موسى غير فرعون الذي أخذ موسى ورباه
ثم هرب منه موسى لما قتل القبطي خوفا
من القصاص (4).
ومنها أنها لم تذكر إيمان السحرة لما ألقوا
عصيهم فصارت حيات فتلقفتها عصا موسى، بل
تذكر أنهم كانوا عند فرعون وعارضوا موسى في
آيتي الدم والضفادع، فأتوا بسحرهم مثل ما أتى
به موسى (عليه السلام) معجزة (5).
ومنها أنها تذكر أن الذي صنع لهم العجل
فعبدوه هو هارون النبي أخو موسى (عليه السلام)، وذلك
أنه لما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول
من الجبل اجتمع الشعب على هارون وقالوا له: قم



(1) طه: 29 - 35.
(2) تسمي التوراة أبا زوجة موسى يثرون كاهن مديان.
(3) الإصحاح الثالث من سفر الخروج.
(4) سفر الخروج، الإصحاح الثاني. الآية 23.
(5) الإصحاح السابع والثامن من سفر الخروج.
3100
اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن هذا (موسى)
الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا
أصابه؟ فقال لهم هارون: انزعوا أقراط الشعب
التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني
بها، فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في
آذانهم وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من
أيديهم وصوره بالإزميل فصبغه عجلا مسبوكا،
فقالوا: أهذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك
من أرض مصر؟! (1).
وفي الآيات القرآنية تعريضات للتوراة في
هذه المواضع من قصصه (عليه السلام) غير خفية على
المتدبر فيها.
وهناك اختلافات جزئية كثيرة كما وقع في
التوراة في قصة قتل القبطي أن المتضاربين
ثانيا كانا جميعا إسرائيليين (2).
وأيضا وقع فيها أن الذي ألقى العصا فتلقفت
حيات السحرة هو هارون ألقاها بأمر موسى،
وأيضا لم تذكر فيها قصة انتخاب السبعين رجلا
للميقات ونزول الصاعقة عليهم وإحيائهم بعده.
وأيضا فيها أن الألواح - التي كانت مع موسى
لما نزل من الجبل وألقاها - كانت لوحين من حجر
وهما لوحا الشهادة (3)، إلى غير ذلك من
الاختلافات (4).



(1) الإصحاح الثاني والثلاثون من سفر الخروج.
(2) الإصحاح الثاني من سفر الخروج.
(3) الإصحاح الثاني والثلاثون من سفر الخروج.
(4) الميزان: 16 / 40.
3101
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
13 - موسى والخضر عليهما السلام
البحار: 13 / 278 باب 10 " قصص موسى والخضر (عليهما السلام) ".
كنز العمال: 15 / 157 " قصة موسى والخضر ".
انظر:
الوصية: باب 4077 " وصايا الخضر لموسى ".

3103
[3794]
موسى والخضر (عليهما السلام)
الكتاب
* (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع
البحرين أو أمضي حقبا... وأما الجدار فكان لغلامين
يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما
صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما
رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع
عليه صبرا) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الخضر كان
نبيا مرسلا، بعثه الله تبارك وتعالى إلى قومه
فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله
وكتبه، وكانت آيته أنه كان لا يجلس على خشبة
يابسة ولا أرض بيضاء إلا أزهرت خضرا، وإنما
سمي خضرا لذلك (2).
- إنما سمي الخضر لأنه جلس على
أرض بيضاء فاهتزت خضراء فسمي الخضر
لذلك، وهو أطول الآدميين عمرا (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): رحم الله أخي موسى استحيا
فقال ذلك، لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب
الأعاجيب (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام) أو الإمام الصادق (عليه السلام): لو
صبر موسى لأراه العالم سبعين أعجوبة (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): رحمة الله علينا وعلى موسى،
لو صبر لرأى من صاحبه العجب ولكنه قال: * (إن
سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من
لدني عذرا) * (6).
- الحسن بن سعيد اللحمي: ولدت لرجل من
أصحابنا جارية، فدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) فرآه
متسخطا لها، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أرأيت لو أن
الله أوحى إليك: إني أختار لك أو تختار لنفسك ما
كنت تقول؟ قال: كنت أقول: يا رب تختار لي،
قال: فإن الله قد اختار لك.
ثم قال: إن الغلام الذي قتله العالم حين كان
مع موسى في قول الله: * (فأردنا أن يبدلهما ربهما
خيرا منه زكاة وأقرب رحما) * قال: فأبدلهما
جارية ولدت سبعين نبيا (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام): كان وصي موسى بن عمران
يوشع بن نون، وهو فتاه الذي ذكره الله في كتابه (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): مسجد السهلة مناخ
الراكب، قيل: ومن الراكب؟ قال: الخضر (عليه السلام) (9).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إن الخضر شرب من ماء
الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور،



(1) الكهف: 60 - 82.
(2) علل الشرائع: 59 / 1.
(3) البحار: 13 / 303 / 24.
(4) كنز العمال: 32404، 32402.
(5) البحار: 13 / 284 / 1 وص 301 / 21.
(6) كنز العمال: 32379.
(7) البحار: 13 / 311 / 46 وص 303 / 27 و ح 25.
(8) البحار: 13 / 311 / 46 وص 303 / 27 و ح 25.
(9) البحار: 13 / 311 / 46 وص 303 / 27 و ح 25.
3104
وإنه ليأتينا فيسلم فنسمع صوته ولا نرى
شخصه، وإنه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره
منكم فليسلم عليه، وإنه ليحضر الموسم كل
سنة فيقضي جميع المناسك ويقف بعرفة فيؤمن
على دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة
قائمنا في غيبته، ويصل به وحدته (1).
بحث تاريخي في فصلين:
1 - قصة موسى والخضر في القرآن:
أوحى الله سبحانه إلى موسى أن هناك عبدا
من عباده عنده من العلم ما ليس عند موسى،
وأخبره أنه إن انطلق إلى مجمع البحرين وجده
هناك، وهو بالمكان الذي يحيى فيه الحوت
الميت (أو يفتقد فيه الحوت).
فعزم موسى أن يلقى العالم ويتعلم منه بعض
ما عنده إن أمكن، وأخبر فتاه عما عزم عليه،
فخرجا قاصدين مجمع البحرين وقد حملا معهما
حوتا ميتا وذهبا حتى بلغا مجمع البحرين وقد
تعبا وكانت هناك صخرة على شاطئ البحر فأويا
إليها ليستريحا هنيئة وقد نسيا حوتهما وهما في
شغل منه، وإذا بالحوت اضطرب ووقع في البحر
حيا، أو وقع فيه وهو ميت، وغار فيه والفتى
يشاهده ويتعجب من أمره، غير أنه نسي أن يذكره
لموسى حتى تركا الموضع وانطلقا حتى جاوزا
مجمع البحرين وقد نصبا، فقال له موسى: آتنا
غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فذكر الفتى
ما شاهده من أمر الحوت، وقال لموسى: إنا إذ
أوينا إلى الصخرة حي الحوت ووقع في البحر
يسبح فيه حتى غار وكنت أريد أن أذكر لك أمره
لكن الشيطان أنسانيه (أو إني نسيت الحوت عند
الصخرة فوقع في البحر وغار فيه).
قال موسى: ذلك ما كنا نبغي ونطلب فلنرجع
إلى هناك فارتدا على آثارهما قصصا، فوجدا
عبدا من عباد الله آتاه الله رحمة من عنده وعلمه
علما من لدنه فعرض عليه موسى وسأله أن يتبعه
فيعلمه شيئا ذا رشد مما علمه الله. قال العالم: إنك
لن تستطيع معي صبرا على ما تشاهده من أعمالي
التي لا علم لك بتأويلها، وكيف تصبر على ما لم
تحط به خبرا؟! فوعده موسى أن يصبر ولا يعصيه
في أمر إن شاء الله، فقال له العالم بانيا على ما طلبه
منه ووعده به: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ
حتى احدث لك منه ذكرا.
فانطلق موسى والعالم حتى ركبا سفينة وفيها
ناس من الركاب وموسى خالي الذهن عما في
قصد العالم، فخرق العالم السفينة خرقا لا يؤمن
معه الغرق، فأدهش ذلك موسى وأنساه ما وعده
فقال للعالم: أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا
إمرا، قال له العالم: ألم أقل: إنك لن تستطيع معي
صبرا؟ فاعتذر إليه موسى بأنه نسي ما وعده من
الصبر قائلا: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني
من أمري عسرا.
فانطلقا فلقيا غلاما فقتله العالم، فلم يملك
موسى نفسه دون أن تغير وأنكر عليه ذلك قائلا:
أقتلت نفسا زكية بغير نفس؟ لقد جئت شيئا
نكرا، قال له العالم ثانيا: ألم أقل لك:



(1) كمال الدين: 390 / 4.
3105
إنك لن تستطيع معي صبرا؟! فلم يكن عند موسى
ما يعتذر به ويمتنع به عن مفارقته ونفسه غير
راضية بها، فاستدعى منه مصاحبة مؤجلة بسؤال
خر إن أتى به كان له فراقه واستمهله قائلا:
إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت
من لدني عذرا، وقبله العالم.
فانطلقا حتى أتيا قرية وقد بلغ بهما الجوع
فاستطعما أهلها فلم يضيفهما أحد منهم، وإذا
بجدار فيها يريد أن ينقض ويتحذر منه الناس
فأقامه العالم، قال له موسى: لو شئت لاتخذت
على عملك منهم أجرا فتوسلنا به إلى سد الجوع،
فنحن في حاجة إليه والقوم لا يضيفوننا.
فقال له العالم: هذا فراق بيني وبينك سأنبئك
بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، ثم قال: أما
السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر
ويتعيشون بها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة
غصبا، فخرقتها لتكون معيبة لا يرغب فيها.
وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين،
ولو أنه عاش لأرهقهما بكفره وطغيانه فشملتهما
الرحمة الإلهية، فأمرني أن أقتله ليبدلهما ولدا
خيرا منه زكاة وأقرب رحما فقتلته.
وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة
وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما
صالحا، فشملتهما الرحمة الإلهية لصلاح أبيهما،
فأمرني أن أقيمه فيستقيم حتى يبلغا أشدهما
ويستخرجا كنزهما، ولو انقض لظهر أمر الكنز
وانتهبه الناس.
قال: وما فعلت الذي فعلت عن أمري بل
عن أمر من الله، وتأويلها ما أنبأتك به، ثم
فارق موسى.
2 - قصة الخضر (عليه السلام):
لم يرد ذكره في القرآن إلا ما في قصة رحلة
موسى إلى مجمع البحرين، ولا ذكر شئ من
جوامع أوصافه إلا ما في قوله تعالى: * (فوجدا
عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه
من لدنا علما) * (1) من السورة، والذي يتحصل من
الروايات النبوية أو الواردة من طرق أئمة أهل
البيت في قصته ففي رواية محمد بن عمارة عن
الصادق (عليه السلام) أن الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله
تبارك وتعالى إلى قومه فدعاهم إلى توحيده
والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه، وكان آيته
أنه لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء
إلا أزهرت خضراء، وإنما سمي خضرا لذلك،
وكان اسمه تاليا بن مالك بن عابر بن ارفخشد بن
سام بن نوح... الحديث. ويؤيد ما ذكر من وجه
تسميته ما في الدر المنثور عن عدة من أرباب
الجوامع عن ابن عباس وأبي هريرة عن
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنما سمي الخضر خضرا لأنه
صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء.
وفي بعض الأخبار - كما فيما رواه العياشي
عن بريد عن أحدهما (عليهما السلام) -: الخضر وذو القرنين
كانا عالمين ولم يكونا نبيين... الحديث،
لكن الآيات النازلة في قصته مع موسى لا تخلو



(1) الكهف: 65.
3106
عن ظهور في كونه نبيا، كيف؟! وفيها نزول
الحكم عليه.
ويظهر من أخبار متفرقة عن أئمة أهل
البيت (عليهم السلام) أنه حي لم يمت بعد، وليس بعزيز على
الله سبحانه أن يعمر بعض عباده عمرا طويلا إلى
أمد بعيد، ولا أن هناك برهانا عقليا يدل على
استحالة ذلك.
وقد ورد في سبب ذلك في بعض الروايات (1)
من طرق العامة أنه ابن آدم لصلبه ونسئ له في
أجله حتى يكذب الدجال، وفي بعضها (2) أن
آدم (عليه السلام) دعا له بالبقاء إلى يوم القيامة، وفي عدة
روايات من طرق الفريقين أنه شرب من عين
الحياة التي هي في الظلمات حين دخلها ذو
القرنين في طلبها وكان الخضر في مقدمته فرزقه
الخضر ولم يرزقه ذو القرنين، وهذه وأمثالها آحاد
غير قطعية من الأخبار لا سبيل إلى تصحيحها
بكتاب أو سنة قطعية أو عقل.
وقد كثرت القصص والحكايات وكذا
الروايات في الخضر بما لا يعول عليها ذو لب،
كرواية خصيف (3): أربعة من الأنبياء أحياء اثنان
في السماء: عيسى وإدريس، واثنان في الأرض
الخضر وإلياس، فأما الخضر فإنه في البحر، وأما
صاحبه فإنه في البر.
ورواية (4) العقيلي عن كعب قال: الخضر على
منبر بين البحر الأعلى والبحر الأسفل، وقد أمرت
دواب البحر أن تسمع له وتطيع، وتعرض عليه
الأرواح غدوة وعشية.
ورواية (5) كعب الأحبار أن الخضر بن عاميل
ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ بحر الهند وهو
بحر الصين فقال لأصحابه: يا أصحابي أدلوني،
فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد، فقالوا:
يا خضر ما رأيت؟ فلقد أكرمك الله وحفظ لك
نفسك في لجة هذا البحر، فقال: استقبلني ملك
من الملائكة فقال لي: أيها الآدمي الخطاء إلى
أين؟ ومن أين؟ فقلت: إني أردت أن أنظر عمق
هذا البحر، فقال لي: كيف؟ وقد أهوى رجل من
زمان داود (عليه السلام) لم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة،
وذلك منذ ثلاث مائة سنة، إلى غير ذلك من
الروايات المشتملة على نوادر القصص (6).



(1) الدر المنثور عن الدارقطني وابن عساكر عن ابن عباس.
(2) الدر المنثور عن ابن عساكر عن ابن إسحاق.
(3) الدر المنثور عن ابن شاهين عنه.
(4) الدر المنثور عنه.
(5) الدر المنثور عن أبي الشيخ في العظمة وأبي نعيم في الحلية عنه.
(6) الميزان: 13 / 350.
3107
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
14 - إسماعيل عليه السلام
البحار: 13 / 388 باب 15 " قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد ".

3109
[3795]
إسماعيل (عليه السلام)
الكتاب
* (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد
وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة
وكان عند ربه مرضيا) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن إسماعيل الذي قال الله
عز وجل في كتابه: * (واذكر في الكتاب
إسماعيل...) * لم يكن إسماعيل بن إبراهيم، بل
كان نبيا من الأنبياء بعثه الله عز وجل إلى قومه،
فأخذوه فسلخوا فروة (2) رأسه ووجهه، فأتاه ملك
فقال: إن الله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي
أسوة بما يصنع بالحسين (عليه السلام) (3).
- عنه (عليه السلام): إن إسماعيل كان رسولا نبيا، سلط
عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه،
فأتاه رسول من رب العالمين، فقال له: ربك
يقرئك السلام ويقول: قد رأيت ما صنع بك وقد
أمرني بطاعتك فمرني بما شئت، فقال: يكون لي
بالحسين بن علي (عليهما السلام) أسوة (4).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لسليمان الجعفري -:
أتدري لم سمي إسماعيل صادق الوعد؟
قال: قلت: لا أدري، قال: وعد رجل فجلس
له حولا ينتظره (5).
- في تفسير القمي في قوله تعالى: * (واذكر
في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد) *
قال: وعد وعدا فانتظر صاحبه سنة، وهو
إسماعيل بن حزقيل (6).
أقول: قال العلامة الطباطبائي رضوان الله
عليه بعد نقل الحديث: وعده (عليه السلام) - وهو أن يثبت
في مكانه في انتظار صاحبه - كان مطلقا لم يقيده
بساعة أو يوم ونحوه، فألزمه مقام الصدق أن يفي
به بإطلاقه، ويصبر نفسه في المكان الذي وعد
صاحبه أن يقيم فيه حتى يرجع إليه.
وصفة الوفاء - كسائر الصفات النفسانية من
الحب والإرادة والعزم والإيمان والثقة والتسليم -
ذات مراتب مختلفة باختلاف العلم واليقين، فكما
أن من الإيمان ما يجتمع مع أي خطيئة وإثم وهو
أنزل مراتبه ولا يزال ينمو ويصفو حتى يخلص من
كل شرك خفي فلا يتعلق القلب بشئ غير الله ولو
بالتفات إلى من دونه وهو أعلى مراتبه كذلك
الوفاء بالوعد ذو مراتب، فمن مراتبه في المقال
مثلا إقامة ساعة أو ساعتين حتى تعرض حاجة
أخرى توجب الانصراف إليها وهو الذي يصدق



(1) مريم: 54، 55.
(2) الفروة: لبس، جلدة الرأس. القاموس: 4 / 373.
(3) علل الشرائع: 77 / 2.
(4) علل الشرائع: 78 / 3 و 77 / 1.
(5) علل الشرائع: 78 / 3 و 77 / 1.
(6) تفسير علي ابن إبراهيم: 2 / 51.
3110
عليه الوفاء عرفا، وأعلى منه مرتبة الإقامة
بالمكان حتى يوأس من رجوع الصديق إليه عادة
بمجئ الليل ونحوه فيقيد به إطلاق الوعد،
وأعلى منه مرتبة الأخذ بإطلاق القول والإقامة
حتى يرجع وإن طال الزمان، فالنفوس القوية التي
تراقب قولها وفعلها لا تلقي من القول إلا ما في
وسعها أن تصدقه بالفعل، ثم إذا لفظت لم يصرفها
عن إتمام الكلمة وإنفاذ العزيمة أي صارف.
وفي الرواية أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعد بعض
أصحابه بمكة أن ينتظره عند الكعبة حتى يرجع
إليه، فمضى الرجل لشأنه ونسي الأمر، فبقي (صلى الله عليه وآله)
ثلاثة أيام هناك ينتظره، فاطلع بعض الناس عليه
فأخبر الرجل بذلك فجاء واعتذر إليه، وهذا مقام
الصديقين لا يقولون إلا ما يفعلون (1).



(1) الميزان: 14 / 65.
3111
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
15 - إلياس عليه السلام
البحار: 13 / 392 باب 16 " قصة إلياس وإليا واليسع (عليهم السلام) ".

3113
[3796]
إلياس (عليه السلام)
الكتاب
* (وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون
* أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب
آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله
المخلصين * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على
إل ياسين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا
المؤمنين) * (1).
* (وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من
الصالحين) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالكرفس، فإنه طعام
إلياس واليسع ويوشع بن نون (3).
كلام في قصة إلياس (عليه السلام):
1 - قصته في القرآن:
لم يذكر اسمه (عليه السلام) في القرآن الكريم إلا في هذا
الموضع وفي سورة الأنعام عند ذكر هداية الأنبياء
حيث قال: * (وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل
من الصالحين) * (4).
ولم يذكر تعالى من قصته في هذه السورة إلا
أنه كان يدعو إلى عبادة الله سبحانه قوما كانوا
يعبدون بعلا، فآمن به وأخلص الإيمان قوم منهم،
وكذبه آخرون وهم جل القوم وإنهم لمحضرون.
وقد أثنى الله سبحانه عليه في سورة الأنعام
بما أثنى به على الأنبياء عامة، وأثنى عليه في
هذه السورة بأنه من عباده المؤمنين المحسنين
وحياه بالسلام بناء على القراءة المشهورة * (سلام
على إل ياسين) *.
2 - الأحاديث فيه:
ورد فيه (عليه السلام) أخبار مختلفة متهافتة كغالب
الأخبار الواردة في قصص الأنبياء الحاكية
للعجائب، كالذي روي عن ابن مسعود أن إلياس
هو إدريس، وما عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن
الخضر هو إلياس، وما عن وهب وكعب الأحبار
وغيرهما أن إلياس حي لا يموت إلى النفخة
الأولى، وما عن وهب أن إلياس سأل الله أن يريحه
من قومه فأرسل الله إليه دابة كهيئة الفرس في لون
النار فوثب إليه فانطلق به فكساه الله الريش والنور
وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار في
الملائكة، وما عن كعب الأحبار أن إلياس صاحب
الجبال والبر، وأنه الذي سماه الله بذي النون، وما
عن الحسن أن إلياس موكل بالفيافي والخضر
موكل بالجبال، وما عن أنس أن إلياس لاقى



(1) الصافات: 123 - 132.
(2) الأنعام: 85.
(3) البحار: 13 / 397 / 3.
(4) الأنعام: 85.
3114
النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض أسفاره فقعدا يتحدثان ثم نزل
عليهما مائدة من السماء فأكلا وأطعماني، ثم
ودعه وودعني ثم رأيته مر على السحاب نحو
السماء... إلى غير ذلك (1).
وفي بعض أخبار الشيعة أنه (عليه السلام) حي مخلد (2)
لكنها ضعاف وظاهر آيات القصة لا يساعد عليه.
وفي البحار في قصة إلياس (عليه السلام) عن قصص
الأنبياء بالإسناد عن الصدوق بإسناده إلى وهب
بن منبه، ورواه الثعلبي في العرائس عن ابن
إسحاق وعلماء الأخبار أبسط منه - والحديث
طويل جدا وملخصه - أنه بعد انشعاب ملك بني
إسرائيل وتقسمه بينهم سار سبط منهم إلى بعلبك،
وكان لهم ملك منهم يعبد صنما اسمه بعل ويحمل
الناس على عبادته.
وكانت له مرأة فاجرة قد تزوجت قبله بسبعة
من الملوك وولدت تسعين ولدا سوى أبناء
الأبناء، وكان الملك يستخلفها إذا غاب فتقضي
بين الناس، وكان له كاتب مؤمن حكيم قد خلص
من يدها ثلاث مائة مؤمن تريد قتله، وكان في
جوار قصر الملك رجل مؤمن له بستان وكان
الملك يحترم جواره ويكرمه.
ففي بعض ما غاب الملك قتلت المرأة الجار
المؤمن وغصبت بستانه، فلما رجع وعلم به
عاتبها فاعتذرت إليه وأرضته فآلى الله تعالى على
نفسه أن ينتقم منهما إن لم يتوبا، فأرسل إليهم
إلياس (عليه السلام) يدعوهم إلى عبادة الله وأخبرهما بما
آلى الله، فاشتد غضبهم عليه وهموا بتعذيبه وقتله،
فهرب منهم إلى أصعب جبل هناك، فلبث فيه سبع
سنين يعيش بنبات الأرض وثمار الشجر.
فأمرض الله ابنا للملك يحبه حبا شديدا
فاستشفع ببعل فلم ينفعه، فقيل له: إنه غضبان
عليك إن لم تقتل إلياس، فأرسل إليه فئة من قومه
ليخدعوه ويقبضوا عليه، فأرسل الله إليهم نارا
فأحرقتهم، ثم أرسل إليه فئة أخرى من ذوي
البأس مع كاتبه المؤمن، فذهب معه إلياس صونا
له من غضب الملك، لكن الله سبحانه أمات ابنه
فشغله حزنه عن إلياس فرجع سالما.
ثم لما طال الأمر نزل إلياس من الجبل
واستخفى عند أم يونس بن متى في بيتها ويونس
طفل رضيع، ثم خرج بعد ستة أشهر إلى الجبل
ثانيا واتفق أن مات بعده يونس، ثم أحياه الله
بدعاء إلياس بعد ما خرجت أمه في طلبه فوجدته
فتضرعت إليه.
ثم إنه سأل الله أن ينتقم له من بني إسرائيل
ويمسك عنهم الأمطار، فأجيب وسلط الله عليهم
القحط فأجهدوا سنين فندموا فجاؤوه فتابوا
وأسلموا، فدعا الله فأرسل عليهم المطر فسقاهم
وأحيا بلادهم، فشكوا إليه هدم الجدران وعدم
البذر من الحبوب، فأوحي إليه أن يأمرهم أن
يبذروا الملح فأنبت لهم الحمص، وأن يبذروا
الرمل فأنبت لهم منه الدخن.
ثم لما كشف الله عنهم الضر نقضوا العهد
وعادوا إلى أخبث ما كانوا عليه، فأمل ذلك
إلياس فدعا الله أن يريحه منهم، فأرسل الله إليه

3115
فرسا من نار فوثب عليه إلياس فرفعه الله إلى
السماء وكساه الريش والنور فكان مع الملائكة.
ثم سلط الله على الملك وامرأته عدوا
فقصدهما وظهر عليهما فقتلهما وألقى جيفتهما
في بستان ذلك الرجل المؤمن الذي قتلاه
وغصبوا بستانه.
وأنت بالتأمل فيما تقصه الرواية لا ترتاب
في ضعفها (1).

3116
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
16 - اليسع عليه السلام
البحار: 13 / 392 باب 16 " قصة إلياس وإليا واليسع (عليهم السلام) ".

3117
[3797]
اليسع (عليه السلام)
الكتاب
* (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من
الأخيار) * (1).
* (وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا
على العالمين) * (2).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - فيما احتج به على جاثليق
النصارى -: إن اليسع قد صنع مثل ما صنع
عيسى (عليه السلام): مشى على الماء، وأحيا الموتى، وأبرأ
الأكمه والأبرص، فلم تتخذه أمته ربا (3).



(1) ص: 48.
(2) الأنعام: 86.
(3) الاحتجاج: 2 / 407 / 307.
3118
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
17 - ذو الكفل عليه السلام
البحار: 13 / 404 باب 17 " قصص ذي الكفل ".

3119
[3798]
ذو الكفل (عليه السلام)
الكتاب
* (وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين *
وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين) * (1).
* (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من
الأخيار) * (2).
- الإمام الجواد (عليه السلام) - لما سأله عبد العظيم
الحسني عن ذي الكفل ما اسمه؟ وهل كان
من المرسلين؟ -: بعث الله تعالى جل ذكره
مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي،
المرسلون منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وإن
ذا الكفل منهم صلوات الله عليهم، وكان بعد
سليمان بن داود (عليه السلام)، وكان يقضي بين الناس كما
كان يقضي داود، ولم يغضب إلا لله عز وجل،
وكان اسمه عويديا، وهو الذي ذكره الله تعالى
جلت عظمته في كتابه حيث قال: * (واذكر
إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار) * (3).
بيان: قال الشيخ أمين الدين الطبرسي: أما
ذو الكفل فاختلف فيه، فقيل: إنه كان رجلا
صالحا ولم يكن نبيا، ولكنه تكفل لنبي صوم
النهار وقيام الليل وأن لا يغضب ويعمل بالحق،
فوفى بذلك فشكر الله ذلك له، عن أبي موسى
الأشعري وقتادة ومجاهد. وقيل: هو نبي اسمه
ذو الكفل، عن الحسن، قال: ولم يقص الله خبره
مفصلا. وقيل: هو إلياس، عن ابن عباس. وقيل:
كان نبيا وسمي ذا الكفل بمعنى أنه ذو الضعف فله
ضعف ثواب غيره ممن هو في زمانه لشرف عمله،
عن الجبائي. وقيل: هو اليسع بن خطوب الذي
كان مع إلياس، وليس اليسع الذي ذكره الله في
القرآن، تكفل لملك جبار إن هو تاب دخل الجنة،
ودفع إليه كتابا بذلك، فتاب الملك وكان اسمه
كنعان، فسمي ذا الكفل، والكفل في اللغة: الخط.
وفي كتاب النبوة بالإسناد عن عبد العظيم بن
عبد الله الحسني وذكر نحوا مما مر. انتهى.
وقال البيضاوي: وذا الكفل يعني إلياس،
وقيل: يوشع، وقيل: زكريا.
أقول: وقال بعض المؤرخين: إنه بشر بن
أيوب الصابر، وذهب أكثرهم إلى أنه كان وصي
اليسع، وقد مر في الباب الأول أنه يوشع، وقد مر
منا فيه كلام، وإنما أوردناه في تلك المرتبة تبعا
لأكثر المؤرخين، وإن كان يظهر من الخبر أنه كان
بعد سليمان (عليه السلام)، وذكر المسعودي أن حزقيل
وإلياس وذا الكفل وأيوب كانوا بعد سليمان (عليه السلام)
وقبل المسيح (عليه السلام).
وقال الثعلبي في كتاب العرائس: وقال



(1) الأنبياء: 85، 86.
(2) ص: 48.
(3) قصص الأنبياء: 213 / 277.
3120
بعضهم: ذو الكفل بشر بن أيوب الصابر، بعثه
الله بعد أبيه رسولا إلى أرض الروم، فآمنوا به
وصدقوه واتبعوه، ثم إن الله تعالى أمره بالجهاد
فكاعوا عن ذلك وضعفوا، وقالوا: يا بشر! إنا قوم
نحب الحياة ونكره الموت، ومع ذلك نكره أن
نعصي الله ورسوله، فإن سألت الله تعالى أن يطيل
أعمارنا ولا يميتنا إلا إذا شئنا لنعبده ونجاهد
أعداءه، فقال لهم بشر بن أيوب: لقد سألتموني
عظيما وكلفتموني شططا.
ثم إنه قام وصلى ودعا وقال: إلهي أمرتني
أن نجاهد (1) أعداءك، وأنت تعلم أني لا أملك إلا
نفسي، وإن قومي قد سألوني ما أنت أعلم به مني،
فلا تأخذني (2) بجريرة غيري، فإني أعوذ برضاك
من سخطك، وبعفوك من عقوبتك. قال: وأوحى
الله تعالى إليه: يا بشر! إني سمعت مقالة قومك،
وإني قد أعطيتهم ما سألوني، فطولت أعمارهم فلا
يموتون إلا إذا شاؤوا، فكن كفيلا لهم مني بذلك،
فبلغهم بشر رسالة الله فسمي ذا الكفل.
ثم إنهم توالدوا وكثروا ونموا حتى ضاقت بهم
بلادهم، وتنغصت عليهم معيشتهم، وتأذوا
بكثرتهم، فسألوا بشرا أن يدعو الله تعالى أن
يردهم إلى آجالهم، فأوحى الله تعالى إلى بشر: أما
علم قومك أن اختياري لهم خير من اختيارهم
لأنفسهم؟! ثم ردهم إلى أعمارهم فماتوا
بآجالهم، قال: فلذلك كثرت الروم حتى يقال: إن
الدنيا خمسة أسداسها الروم، وسموا روما لأنهم
نسبوا إلى جدهم روم بن عيص بن إسحاق بن
إبراهيم (عليه السلام)، قال وهب: وكان بشر بن أيوب مقيما
بالشام عمره حتى مات، وكان عمره خمسا
وتسعين سنة (3).
وقال السيد ابن طاوس في سعد السعود:
قيل: إنه تكفل لله تعالى جل جلاله أن لا يغضبه
قومه فسمي ذو الكفل، وقيل: تكفل لنبي من
الأنبياء أن لا يغضب فاجتهد إبليس أن يغضبه
بكل طريق فلم يقدر، فسمي ذو الكفل لوفائه
لنبي زمانه أنه لا يغضب (4).



(1) في المصدر: قال: إلهي أمرتني بتبليغ الرسالة فبلغتها
، وأمرتني أن أجاهد. كما في هامش البحار.
(2) في المصدر: فلا تؤاخذني. كما في هامش البحار.
(3) العرائس: 95، وذيل الخبر لا يلائم ما تقدم مما أعطاهم الله من
طول العمر حتى ضاقت عليهم الأرض من كثرة الأولاد. كما في
هامش البحار.
(4) البحار: 13 / 406 / 2.
3121
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
18 - لقمان عليه السلام
البحار: 13 / 408 باب 18 " قصص لقمان وحكمه ".

3123
[3799]
لقمان (عليه السلام)
الكتاب
* (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر
فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد) * (1).
- إن مولاه - يعني لقمان - دعاه فقال: اذبح
شاة فأتني بأطيب مضغتين منها، فذبح شاة وأتاه
بالقلب واللسان (2)، فسأله عن ذلك فقال: إنهما
أطيب شئ إذا طابا وأخبث شئ إذا خبثا (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حقا أقول: لم يكن لقمان
نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين،
أحب الله فأحبه ومن عليه بالحكمة.
كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء:
يا لقمان! هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض
تحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت إن
خيرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء،
وإن عزم علي فسمعا وطاعة، فإني أعلم أنه
إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني.
فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لم يا لقمان؟
قال: لأن الحكم أشد المنازل وآكدها يغشاه الظلم
من كل مكان، إن وقي فبالحري أن ينجو، وإن
أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا
ذليلا وفي الآخرة شريفا خير من أن يكون في
الدنيا شريفا وفي الآخرة ذليلا، ومن يختر الدنيا
على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة.
فتعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة
فاعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يوازر
داود بحكمته، فقال له داود: طوبى لك يا لقمان
أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأل حماد عن
لقمان وحكمته -: أما والله ما أوتي لقمان
الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في
جسم ولاجمال.
ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا
في الله، ساكتا سكينا، عميق النظر، طويل الفكر،
حديد النظر، مستعبرا بالعبر، لم ينم نهارا
قط، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط
ولا اغتسال لشدة تستره وعمق نظره وتحفظه في
أمره، ولم يضحك من شئ قط مخافة الإثم، ولم
يغضب قط، ولم يمازح إنسانا قط، ولم يفرح
بشئ إن أتاه من أمر الدنيا ولا حزن منها على
شئ قط، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد
الكثيرة، وقدم أكثرهم أفراطا فما بكي على

3124
موت أحد منهم، ولم يمر برجلين يختصمان
أو يقتتلان إلا أصلح بينهما ولم يمض عنهما
حتى يحابا، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه
إلا سأل عن تفسيره وعمن أخذه، وكان يكثر
مجالسة الفقهاء والحكماء، وكان يغشي القضاة
والملوك والسلاطين فيرثي للقضاة ما ابتلوا
به، ويرحم للملوك والسلاطين لعزتهم بالله
وطمأنينتهم في ذلك، ويعتبر ويتعلم ما يغلب
به نفسه ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان،
فكان يداوي قلبه بالفكر، ويداوي نفسه بالعبر،
وكان لا يظعن إلا فيما ينفعه، فبذلك أوتي
الحكمة ومنح العصمة.
فإن الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة
حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة فنادوا
لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا: يا لقمان!
هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم
بين الناس؟ فقال لقمان: إن أمرني الله
بذلك فالسمع والطاعة، لأنه إن فعل بي
ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وإن هو
خيرني قبلت العافية.
فقالت الملائكة: يا لقمان لم قلت ذلك؟ قال:
لأن الحكم بين الناس من أشد المنازل من الدين
وأكثرها فتنا وبلاءا ما يخذل ولا يعان ويغشاه
الظلم من كل مكان، وصاحبه فيه بين أمرين إن
أصاب فيه الحق فبالحري أن يسلم، وإن أخطأ
أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا
وضعيفا كان أهون عليه في المعاد أن يكون فيه
حكما سريا شريفا، ومن اختار الدنيا على الآخرة
يخسرهما كلتيهما تزول هذه ولا تدرك تلك.
قال: فتعجبت الملائكة من حكمته
واستحسن الرحمن منطقه، فلما أمسى وأخذ
مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشاه بها
من قرنه إلى قدمه وهو نائم وغطاه بالحكمة
غطاءا، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه،
وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويثبتها فيها.
قال: فلما أوتي الحكم بالخلافة ولم يقبلها أمر
الله الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها ولم
يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله الخلافة في
الأرض وابتلي فيها غير مرة وكل ذلك يهوي في
الخطأ يقبله الله ويغفر له، وكان لقمان يكثر زيارة
داود (عليه السلام) ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه،
وكان داود يقول له: طوبى لك يا لقمان أوتيت
الحكمة وصرفت عنك البلية، وأعطي داود
الخلافة وابتلي بالحكم والفتنة.
ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) * (وإذ قال لقمان
لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك
لظلم عظيم) * قال: فوعظ لقمان لابنه بآثار حتى
تفطر وانشق.
وكان فيما وعظه به - يا حماد - أن قال: يا بني
إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت
الآخرة، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار
أنت عنها متباعد، يا بني جالس العلماء وزاحمهم
بركبتيك، لا تجادلهم فيمنعوك، وخذ من الدنيا
بلاغا ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس،
ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، وصم صوما
يقطع شهوتك، ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة،

3125
فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام.
يا بني إن الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم
كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان، واجعل
شراعها التوكل، واجعل زادك فيها تقوى الله، فإن
نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك.
يا بني إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا، ومن
غني بالأدب اهتم به، ومن اهتم به تكلف علمه،
ومن تكلف علمه اشتد طلبه، ومن اشتد طلبه
أدرك منفعته، فاتخذه عادة فإنك تخلف في
سلفك، وتنفع به من خلفك، ويرتجيك فيه راغب،
ويخشى صولتك راهب، وإياك والكسل عنه
والطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن
على الآخرة، وإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد
غلبت على الآخرة، واجعل في أيامك ولياليك
وساعاتك لنفسك نصيبا في طلب العلم، فإنك لن
تجد له تضييعا أشد من تركه، ولا تمارين فيه
لجوجا، ولا تجادلن فقيها، ولا تعادين سلطانا،
ولا تماشين ظلوما ولا تصادقنه، ولا تصاحبن
فاسقا نطفا (1)، ولا تصاحبن متهما، واخزن علمك
كما تخزن ورقك (2).
يا بني خف الله خوفا لو أتيت القيامة ببر
الثقلين خفت أن يعذبك، وارج الله رجاء لو وافيت
القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر لك.
فقال له ابنه: يا أبت كيف أطيق هذا وإنما لي
قلب واحد؟ فقال له لقمان: يا بني لو استخرج
قلب المؤمن فشق لوجد فيه نورين: نورا للخوف
ونورا للرجاء، لو وزنا لما رجح أحدهما على
الآخر بمثقال ذرة، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال
الله، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله، ومن لم
يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فإن هذه
الأخلاق تشهد بعضها لبعض.
فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا
ناصحا، ومن عمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله
صادقا، ومن أطاع الله خافه، ومن خافه فقد
أحبه، ومن أحبه اتبع أمره، ومن اتبع أمره
استوجب جنته ومرضاته، ومن لم يتبع رضوان الله
فقد هان عليه سخطه نعوذ بالله من سخط الله.
يا بني لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها،
فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها، ألا ترى أنه
لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين، ولم يجعل بلاءها
عقوبة للعاصين؟! (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قيل للقمان: ما الذي
أجمعت عليه من حكمتك؟ قال: لا أتكلف ما قد
كفيته، ولا أضيع ما وليته (4).
- لقمان (عليه السلام) - لابنه وهو يعظه -: يا بني إن
تك في شك من الموت فارفع عن نفسك النوم ولن
تستطيع ذلك، وإن كنت في شك من البعث فادفع
عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك، فإنك إذا
فكرت علمت أن نفسك بيد غيرك، وإنما النوم
بمنزلة الموت، وإنما اليقظة بعد النوم بمنزلة
البعث بعد الموت....



(1) نطف ككتف: الرجل المريب. كما في هامش المصدر.
(2) ورق: مثلث الواو بسكون الراء: الدراهم المضروبة جمع أوراق
ووراق. كما في هامش المصدر.
(3) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 162.
(4) قرب الإسناد: 72 / 232.
3126
يا بني لا تقترب فيكون أبعد لك، ولا تبعد
فتهان، كل دابة تحب مثلها وابن آدم لا يحب
مثله (1)! لا تنشر برك إلا عند باغيه، وكما
ليس بين الكبش والذئب خلة كذلك ليس بين
البار والفاجر خلة، من يقترب من الرفث يعلق به
بعضه، كذلك من يشارك الفاجر يتعلم من طرقه،
من يحب المراء يشتم، ومن يدخل مدخل السوء
يتهم، ومن يقارن قرين السوء لا يسلم، ومن
لا يملك لسانه يندم....
يا بني صاحب مائة ولا تعاد واحدا، يا بني
إنما هو خلاقك وخلقك، فخلاقك دينك،
وخلقك بينك وبين الناس، فلا ينقصن تعلم
محاسن الأخلاق.
ويا بني كن عبدا للأخيار ولا تكن ولدا
للأشرار، يا بني عليك بأداء الأمانة تسلم
دنياك وآخرتك، وكن أمينا فإن الله تعالى
لا يحب الخائنين، يا بني لا تر الناس أنك تخشى
الله وقلبك فاجر (2).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: يا بني إن الناس قد جمعوا
قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من
جمعوا له، وإنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل
ووعدت عليه أجرا، فأوف عملك واستوف
أجرك، ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت
في زرع أخضر فأكلت حتى سمن فكان حتفها (3)
عند سمنها، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على
نهر جزت عليها، وتركتها ولم ترجع إليها آخر
الدهر، أخربها ولا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها.
واعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله
عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك
فيما أفنيته، ومالك مما اكتسبته، وفيما أنفقته،
فتأهب لذلك وأعد له جوابا، ولا تأس على ما
فاتك من الدنيا، فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه،
وكثيرها لا يؤمن بلاؤه، فخذ حذرك، وجد في
أمرك، واكشف الغطاء عن وجهك، وتعرض
لمعروف ربك، وجدد المتوبة في قلبك،
واكمش (4) في فراغك قبل أن يقصد قصدك،
ويقضي قضاؤك، ويحال بينك وبين ما تريد (5).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: يا بني إياك والضجر وسوء
الخلق وقلة الصبر، فلا يستقيم على هذه الخصال
صاحب، والزم نفسك التؤدة (6) في أمورك، وصبر
على مؤونات الإخوان نفسك، وحسن مع جميع
الناس خلقك.
يا بني إن عدمك ما تصل به قرابتك وتتفضل به
على إخوتك فلا يعدمنك حسن الخلق وبسط
البشر، فإن من أحسن خلقه أحبه الأخيار وجانبه
الفجار، واقنع بقسم الله لك يصف عيشك، فإن
أردت أن تجمع عز الدنيا فاقطع طمعك مما في
أيدي الناس، فإنما بلغ الأنبياء والصديقون ما
بلغوا بقطع طمعهم (7).



(1) أي أن ابن آدم لا يحب أن يكافيه غيره في مزية من المزايا.
(2) قصص الأنبياء: 190 / 239.
(3) حتفها: أي هلاكها، وسمن يسمن سمنا: كثر شحمه. كما في
هامش المصدر.
(4) الكمش: السعي، أي أسرع وعجل. كما في هامش المصدر.
(5) الكافي: 2 / 134 / 20.
(6) التؤدة - ساكنة وتفتح -: التأني والتمهل والرزانة. كما في لسان العرب.
(7) قصص الأنبياء: 195 / 244.
3127
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
19 - إشمويل عليه السلام
البحار: 13 / 435 باب 19 " قصة إشمويل وطالوت وجالوت ".

3129
[3800]
إشمويل (عليه السلام)
الكتاب
* (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بعد موسى إذ
قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل
عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا
نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما
كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم
بالظالمين * وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت
ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه
ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده
بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله
واسع عليم * وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم
التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى
وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم
مؤمنين * فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم
بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني
إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما
جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم
بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من
فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين *
ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا
وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم
بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه
مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت
الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) * (1).
- تفسير مجمع البيان - في قوله تعالى: * (إذ
قالوا لنبي لهم) * -: اختلف في ذلك النبي، فقيل:
اسمه... شمعون بن صفية من ولد لاوي بن
يعقوب، عن السدي. وقيل: هو يوشع بن نون بن
افراثيم ابن يوسف بن يعقوب، عن قتادة. وقيل:
هو إشمويل، وهو بالعربية إسماعيل، عن أكثر
المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) (2).
- تفسير القمي: أبي عن النضر عن يحيى
الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن
أبي جعفر (عليه السلام): إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا
بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم،
وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه،
وروي أنه أرميا النبي، فسلط الله عليهم جالوت
وهو من القبط، فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم
من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم،
ففزعوا إلى نبيهم وقالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا
نقاتل في سبيل الله، وكانت النبوة في بني إسرائيل
في بيت، والملك والسلطان في بيت آخر، لم
يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت واحد، فمن
ذلك قالوا: * (ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله) *



(1) البقرة: 246 - 251.
(2) مجمع البيان: 2 / 610.
3130
فقال لهم نبيهم: * (هل عسيتم إن كتب عليكم
القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل
الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) * وكان كما قال
الله تبارك وتعالى: * (فلما كتب عليهم القتال تولوا
إلا قليلا منهم...) * فقال لهم نبيهم: * (إن الله قد
بعث لكم طالوت ملكا) * فغضبوا من ذلك وقالوا:
* (أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه
ولم يؤت سعة من المال) * وكانت النبوة في ولد
لاوي، والملك في ولد يوسف، وكان طالوت من
ولد ابن يامين أخي يوسف لامه، لم يكن من بيت
النبوة ولا من بيت المملكة، فقال لهم نبيهم:
* (إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم
والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع
عليم) * وكان أعظمهم جسما، وكان شجاعا قويا،
وكان أعلمهم، إلا أنه كان فقيرا فعابوه
بالفقر، فقالوا: * (لم يؤت سعة من المال) * فقال لهم
نبيهم: * (إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه
سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل
هارون تحمله الملائكة) * وكان التابوت الذي
أنزله الله على موسى فوضعته فيه أمه وألقته في
اليم، فكان في بني إسرائيل يتبركون به، فلما
حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه
وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع
وصيه، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به،
وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزل
بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم،
فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه
الله عنهم، فلما سألوا النبي وبعث الله إليهم طالوت
ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت، كما قال
الله: * (إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة
من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون
تحمله الملائكة) * قال: البقية: ذرية الأنبياء،
وقوله: * (فيه سكينة من ربكم) * فإن التابوت كان
يوضع بين يدي العدو وبين المسلمين فتخرج منه
ريح طيبة لها وجه كوجه الإنسان (1).
- وفيه: حدثني أبي عن الحسن بن خالد عن
الرضا (عليه السلام): السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه
الإنسان، فكان إذا وضع التابوت بين يدي
المسلمين والكفار، فإن تقدم التابوت رجل
لا يرجع حتى يقتل أو يغلب، ومن رجع عن
التابوت كفر وقتله الإمام، فأوحى الله إلى نبيهم إن
جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى (عليه السلام)،
وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب (عليه السلام) اسمه داود
ابن آسي (2)، وكان آسي راعيا وكان له عشرة بنين
أصغرهم داود، فلما بعث طالوت إلى بني إسرائيل
وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى آسي أن أحضر
ولدك، فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده
فألبسه درع موسى (عليه السلام) منهم من طالت عليه،
ومنهم من قصرت عنه، فقال لآسي: هل خلفت
من ولدك أحدا؟ قال: نعم أصغرهم تركته في الغنم
يرعاها، فبعث إليه ابنه فجاء به، فلما دعي أقبل
ومعه مقلاع، قال: فنادته ثلاث صخرات في



(1) البحار: 13 / 439 / 4.
(2) في نسخة " اشي " وفي أخرى " اسي " وكذا فيما بعده، وفي
تاريخ اليعقوبي والطبري والعرائس والمحبر ومجمع البيان
" إيشا " كما في المتن، وفي قاموس التوراة " يسا " راجع ما يأتي
بعد ذلك في باب قصة داود. كما في هامش البحار: 13 / 440.
3131
طريقه فقالت: يا داود خذنا، فأخذها في مخلاته،
وكان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا، فلما
جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوت
عليه، ففصل طالوت بالجنود، وقال لهم نبيهم:
يا بني إسرائيل إن الله مبتليكم بنهر في هذه
المفازة، فمن شرب منه فليس من حزب الله، ومن
لم يشرب منه فإنه من حزب الله إلا من اغترف
غرفة بيده، فلما وردوا النهر أطلق الله لهم أن
يغرف كل واحد منهم غرفة بيده * (فشربوا منه إلا
قليلا منهم) * فالذين شربوا منه كانوا ستين ألفا،
وهذا امتحان امتحنوا به كما قال الله.
وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: القليل
الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاث مائة وثلاثة
عشر رجلا، فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود
جالوت قال الذين شربوا منه: * (لا طاقة لنا اليوم
بجالوت وجنوده) * وقال الذين لم يشربوا: * (ربنا
أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم
الكافرين) * فجاء داود (عليه السلام) حتى وقف بحذاء
جالوت وكان جالوت على الفيل، وعلى رأسه
التاج وفي [جبهته] (1) ياقوت يلمع نوره، وجنوده
بين يديه، فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا
فرمى به في ميمنة جالوت فمر في الهواء ووقع
عليهم فانهزموا، وأخذ حجرا آخر فرمى به في
ميسرة جالوت فوقع عليهم فانهزموا، ورمى
جالوت بحجر ثالث فصك (2) الياقوتة في جبهته
ووصل إلى دماغه ووقع إلى الأرض ميتا، وهو
قوله: * (فهزموهم بإذن الله وقتل داود
جالوت...) * (3).
- ابن الأثير في الكامل: لما انقطع إلياس عن
بني إسرائيل بعث الله اليسع، فكان فيهم ما شاء الله
ثم قبضه الله... إلى أن بعث الله إشمويل، وملكهم
طالوت ورد عليهم التابوت، وكانت مدة ما بين
وفاة يوشع إلى أن رجعت النبوة إلى إشمويل
أربعمائة سنة وستين سنة.
وكان من خبر إشمويل أن بني إسرائيل لما
طال عليهم البلاء وطمع فيهم الأعداء... فدعوا الله
أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه، وكان سبط النبوة
هلكوا فلم يبق منهم غير امرأة حبلى... فولدت
غلاما سمته إشمويل، ومعناه سمع الله دعائي (4).



(1) ما بين المعقوفتين أخذناه من البحار.
(2) صكه: ضربه شديدا. كما في هامش البحار: 13 / 441.
(3) تفسير القمي: 1 / 82.
(4) البحار: 13 / 452.
3132
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
20 - داود عليه السلام
البحار: 14 / 1 " أبواب قصص داود (عليه السلام) ".
البحار: 14 / 33 باب 3 " ما أوحي إلى داود (عليه السلام) ".
كنز العمال: 11 / 493 " داود (عليه السلام) ".
البحار: 14 / 19 باب 2 " قصة داود واوريا (عليهما السلام) ".
انظر:
الصبر: باب 2171.

3133
[3801]
داود (عليه السلام)
الكتاب
* (اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه
أواب... يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين
الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن
الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم
الحساب) * (1).
* (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها
عبادي الصالحون) * (2).
(انظر) النساء: 163، الإسراء: 55، المائدة:
78، 79، الأنعام: 84، الأنبياء: 78 -
80، النمل: 15، سبأ: 10، 11.
- الإمام علي (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى
داود (عليه السلام): أنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت
المال ولا تعمل بيدك شيئا، قال: فبكى داود (عليه السلام)،
فأوحى الله عز وجل إلى الحديد: أن لن لعبدي
داود، فلان، فألان الله تعالى له الحديد، فكان
يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل (عليه السلام)
ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين
ألفا، واستغنى عن بيت المال (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى
أوحى إلى داود (عليه السلام): مالي أراك وحدانا؟ قال:
هجرت الناس وهجروني فيك، قال: فمالي أراك
ساكتا؟ قال: خشيتك أسكتتني، قال: فمالي أراك
نصبا؟ قال: حبك أنصبني، قال: فما لي أراك
فقيرا وقد أفدتك؟ قال: القيام بحقك أفقرني،
قال: فمالي أراك متذللا؟ قال: عظيم جلالك الذي
لا يوصف ذللني، وحق ذلك لك يا سيدي. قال الله
جل جلاله: فأبشر بالفضل مني، فلك ما تحب يوم
تلقاني، خالط الناس وخالقهم بأخلاقهم وزايلهم
في أعمالهم تنل ما تريد مني يوم القيامة (4).
- عنه (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام):
يا داود! بي فافرح، وبذكري فتلذذ، وبمناجاتي
فتنعم، فعن قليل أخلي الدار عن الفاسقين،
وأجعل لعنتي على الظالمين (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوحى الله عز وجل إلى
داود (عليه السلام): يا داود! كما لا تضيق الشمس على من
جلس فيها كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل
فيها، وكمالا تضر الطيرة من لا يتطير منها كذلك
لا ينجو من الفتنة المتطيرون (6).
- روي أن الله أوحى إلى داود (عليه السلام): من أحب
حبيبا صدق قوله، ومن أنس بحبيب قبل قوله



(1) ص: 17 - 26.
(2) الأنبياء: 105.
(3) الفقيه: 3 / 162 / 3594.
(4) أمالي الصدوق: 164 / 1.
(5) روضة الواعظين: 505.
(6) أمالي الصدوق: 251 / 12.
3134
ورضي فعله، ومن وثق بحبيب اعتمد عليه،
ومن اشتاق إلى حبيب جد في السير إليه، يا داود
ذكري للذاكرين، وجنتي للمطيعين، وزيارتي
للمشتاقين، وأنا خاصة للمحبين (1).
- روي أن داود (عليه السلام) خرج مصحرا منفردا،
فأوحى الله إليه: يا داود مالي أراك وحدانيا؟
فقال: إلهي اشتد الشوق مني إلى لقائك،
وحال بيني وبين خلقك، فأوحى الله إليه:
ارجع إليهم فإنك إن تأتني بعبد آبق اثبتك
في اللوح حميدا (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله تعالى أوحى
إلى داود (عليه السلام): أن بلغ قومك أنه ليس من عبد
منهم آمره بطاعتي فيطيعني إلا كان حقا علي
أن أعينه على طاعتي، فإن سألني أعطيته،
وإن دعاني أجبته، وإن اعتصم بي عصمته، وإن
استكفاني كفيته، وإن توكل علي حفظته، وإن
كاده جميع خلقي كدت دونه (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان داود أعبد البشر (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كان الناس يعودون داود ويظنون
أن به مرضا، وما به إلا شدة الخوف من الله تعالى (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام): وأما داود فملك ما
بين الشامات إلى بلاد إصطخر، وكذلك كان
ملك سليمان (6).
- عنه (عليه السلام): إن داود النبي صلوات الله عليه
كان ذات يوم في محرابه إذ مرت به دودة حمراء
صغيرة تدب حتى انتهت إلى موضع سجوده، فنظر
إليها داود وحدث في نفسه: لم خلقت هذه
الدودة؟ فأوحى الله إليها: تكلمي، فقالت
له: يا داود هل سمعت حسي أو استبنت على صفا
أثري؟ فقال لها داود: لا، قالت: فإن الله
يسمع دبيبي ونفسي وحسي ويرى أثر مشيي،
فاخفض من صوتك (7).
- داود (عليه السلام): لأعبدن الله اليوم عبادة ولأقرأ
قراءة أحب لم أفعل مثلها قط، فدخل محرابه
ففعل، فلما فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في
المحراب، فقال له: يا داود أعجبك اليوم ما
فعلت من عبادتك وقراءتك؟ فقال: نعم، فقال:
لا يعجبنك، فإني أسبح الله في كل ليلة ألف
تسبيحة يتشعب لي مع كل تسبيحة ثلاثة آلاف
تحميدة، وإني لأكون في قعر الماء فيصوت الطير
في الهواء فأحسبه جائعا فأطفو له على الماء
ليأكلني ومالي ذنب (8).
بحث روائي:
روى في الدر المنثور بطريق عن أنس
وعن مجاهد والسدي وبعدة طرق عن ابن عباس
قصة دخول الخصم على داود (عليه السلام) على اختلاف ما
في الروايات، وروى مثلها القمي في
تفسيره ورواها في العرائس وغيره، وقد لخصها
في مجمع البيان كما يأتي:
إن داود كان كثير الصلاة فقال: يا رب
فضلت علي إبراهيم فاتخذته خليلا، وفضلت

3135
علي موسى فكلمته تكليما، فقال: يا داود! إنا
ابتليناهم بما لم نبتلك بمثله فإن شئت ابتليتك،
فقال: نعم يا رب فابتلني.
فبينا هو في محرابه ذات يوم إذ وقعت حمامة
فأراد أن يأخذها فطارت إلى كوة المحراب،
فذهب ليأخذها فاطلع من الكوة فإذا امرأة أوريا
بن حيان تغتسل فهواها وهم بتزويجها، فبعث
باوريا إلى بعض سراياه وأمر بتقديمه أمام التابوت
الذي فيه السكينة ففعل ذلك وقتل.
فلما انقضت عدتها تزوجها وبنى بها فولد له
منها سليمان، فبينا هو ذات يوم في محرابه إذ
دخل عليه رجلان ففزع منهما، فقالا: لا تخف
خصمان بغى بعضنا على بعض - إلى قوله - وقليل
ما هم، فنظر أحد الرجلين إلى صاحبه ثم ضحك،
فتنبه داود على أنهما ملكان بعثهما الله إليه في
صورة خصمين ليبكتاه على خطيئته، فتاب
وبكى حتى نبت الزرع من كثرة دموعه.
ثم قال في المجمع - ونعم ما قال -: إنه مما
لا شبهة في فساده، فإن ذلك مما يقدح في
العدالة، فكيف يجوز أن يكون أنبياء الله - الذين
هم امناؤه على وحيه وسفراؤه بينه وبين خلقه -
بصفة من لاتقبل شهادته وعلى حالة تنفر عن
الاستماع إليه والقبول منه.
أقول: والقصة مأخوذة من التوراة، غير أن
التي فيها أشنع وأفظع، فعدلت بعض التعديل على
ما سيلوح لك.
ففي التوراة ما ملخصه: وكان في وقت المساء
أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت
الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم
وكانت المرأة جميلة المنظر جدا، فأرسل داود
وسأل عن المرأة فقيل: إنها بتشبع امرأة أوريا
الحثي، فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت عليه
فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها، ثم رجعت
إلى بيتها وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود
أنها حبلى.
وكان أوريا في جيش لداود يحاربون بني
عمون، فكتب داود إلى يوآب أمير جيشه يأمره
بإرسال أوريا إليه، ولما أتاه وأقام عنده أياما كتب
مكتوبا إلى يوآب وأرسله بيد أوريا، وكتب في
المكتوب يقول: اجعلوا أوريا في وجه الحرب
الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت،
ففعل به ذلك فقتل، وأخبر داود بذلك.
فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات ندبت
بعلها، ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى
بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنا، وأما الأمر
الذي فعله داود فقبح في عيني الرب.
فأرسل الرب ناثان النبي إلى داود، فجاء إليه
وقال له: كان رجلان في مدينة واحدة واحد منهما
غني والآخر فقير، وكان للغني غنم وبقر كثيرة
جدا، وأما الفقير فلم يكن له شئ إلا نعجة واحدة
صغيرة قد اقتناها ورباها، فجاء ضيف إلى الرجل
الغني فعفا أن يأخذ من غنمه ومن بقره ليهئ
للضيف الذي جاء إليه، فأخذ نعجة الرجل الفقير
وهيأ لضيفه، فحمي غضب داود على الرجل جدا
وقال لناثان: حي هو الرب، إنه يقتل الرجل

3136
الفاعل ذلك وترد النعجة أربعة أضعاف، لأنه فعل
هذا الأمر ولأنه لم يشفق.
فقال ناثان لداود: أنت هو الرجل يعاتبك
الرب ويقول: سأقيم عليك الشر من بيتك، وآخذ
نساءك أمام عينيك وأعطيهن لقريبك فيضطجع
معهن قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس، جزاء
لما فعلت باوريا وامرأته.
فقال داود لناثان: قد أخطأت إلى الرب،
فقال ناثان لداود: الرب أيضا قد نقل عنك
خطيئتك، لا تموت غير أنه من أجل أنك قد
جعلت بهذا الأمر أعداء الرب يشمتون فالابن
المولود لك من المرأة يموت، فأمرض الله الصبي
سبعة أيام ثم قبضه ثم ولدت مرأة أوريا بعده
لداود ابنه سليمان (1).
وفي العيون في باب مجلس الرضا عند
المأمون مع أصحاب الملل والمقالات: قال
الرضا (عليه السلام) لابن جهم: وأما داود فما يقول من
قبلكم فيه؟ قال: يقولون: إن داود كان يصلي
في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة طير
أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته
وقام يأخذ الطير إلى الدار فخرج في إثره فطار
الطير إلى السطح، فصعد في طلبه فسقط الطير في
دار أوريا ابن حيان، فاطلع داود في إثر الطير
فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها
وكان قد أخرج أوريا في بعض غزواته، فكتب إلى
صاحبه أن قدم أوريا أمام التابوت، فقدم فظفر
أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود، فكتب
إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل أوريا،
وتزوج داود بامرأته.
قال: فضرب الرضا (عليه السلام) يده على جبهته وقال:
إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من
أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في إثر
الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل.
فقال: يا بن رسول الله ما كانت خطيئته؟ فقال:
ويحك إن داود (عليه السلام) إنما ظن أنه ما خلق الله خلقا
هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكين
فسورا المحراب، فقال: * (خصمان بغى بعضنا
على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا
إلى سواء الصراط إن هذا أخي له تسع وتسعون
نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في
الخطاب) * فعجل داود على المدعى عليه فقال:
* (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) * ولم يسأل
المدعي البينة على ذلك، ولم يقبل على المدعى
عليه فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم
الحكم لا ما ذهبتم إليه، ألا تسمع الله عز وجل
يقول: * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض
فاحكم بين الناس بالحق...) * إلى آخر الآية.
فقال: يا بن رسول الله قصته مع أوريا؟ قال
الرضا (عليه السلام): إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات
بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا، فأول من أباح الله
عز وجل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود (عليه السلام)،
فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها،
فذلك الذي شق على الناس من قتل أوريا.
وفي أمالي الصدوق بإسناده إلى أبي
عبد الله (عليه السلام) أنه قال لعلقمة: إن رضا الناس لا يملك



(1) ملخص من الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر من صموئيل الثاني.
3137
وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى
أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوريا
فهواها، وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل
ثم تزوج بها؟!... الحديث (1).
(انظر) باب 3787 حديث 19302.



(1) الميزان: 17 / 198.
3138
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
21 - سليمان عليه السلام
البحار: 14 / 65 باب 5 " قصص سليمان (عليه السلام) ".
البحار: 14 / 130 باب 10 " ما أوحي إلى سليمان (عليه السلام) ".
كنز العمال: 11 / 496 " سليمان (عليه السلام) ".

3139
[3802]
سليمان (عليه السلام)
الكتاب
* (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا
منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل
المبين) * (1).
(انظر) النساء: 163، الأنعام: 84، الأنبياء: 81،
82، سبأ: 12، 13، ص: 30 - 40،
النمل: 17 - 44، البقرة: 102.
- الإمام علي (عليه السلام): لو أن أحدا يجد إلى البقاء
سلما، أو لدفع الموت سبيلا، لكان ذلك سليمان
ابن داود (عليه السلام)، الذي سخر له ملك الجن والإنس،
مع النبوة وعظيم الزلفة، فلما استوفى طعمته،
واستكمل مدته، رمته قسي الفناء بنبال الموت،
وأصبحت الديار منه خالية، والمساكن معطلة،
وورثها قوم آخرون (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان سليمان (عليه السلام) يطعم
أضيافه اللحم بالحواري، وعياله الخشكار،
ويأكل هو الشعير [غير] منخول (3).
- عنه (عليه السلام): أول من كساه - يعني البيت - الثياب
سليمان بن داود (عليهما السلام)، كساه القباطي (4).
- عنه (عليه السلام): إن أول من اتخذ السكر سليمان
ابن داود (عليهما السلام) (5).
- عنه (عليه السلام): آخر من يدخل الجنة من النبيين
سليمان بن داود (عليه السلام)، وذلك لما أعطي في الدنيا (6).
- سليمان (عليه السلام) - لما رأى عصفورا يقول
لعصفورة: لم تمنعين نفسك مني؟ ولو شئت
أخذت قبة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر،
فقال له وهو يتبسم -: أتطيق أن تفعل ذلك؟!
فقال: لا يا رسول الله، ولكن المرء قد يزين نفسه
ويعظمها عند زوجته، والمحب لايلام على ما
يقول، فقال سليمان (عليه السلام) للعصفورة: لم تمنعينه من
نفسك وهو يحبك؟ فقالت: يا نبي الله إنه ليس
محبا ولكنه مدع، لأنه يحب معي غيري، فأثر
كلام العصفورة في قلب سليمان وبكى بكاء
واحتجب عن الناس أربعين يوما يدعو الله أن
يفرغ قلبه لمحبته وأن لا يخالطها بمحبة غيره (7).
- عنه (عليه السلام): أوتينا ما أوتي الناس وما لم يؤتوا،
وعلمنا ما علم الناس وما لم يعلموا، فلم نجد شيئا
أفضل من خشية الله في الغيب والمشهد، والقصد
في الغنى والفقر، وكلمة الحق في الرضا والغضب،
والتضرع إلى الله عز وجل على كل حال (8).



(1) النمل: 16.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 182.
(3) الدعوات للراوندي: 142 / 363.
(4) الفقيه: 2 / 235 / 2286.
(5) الكافي: 6 / 333 / 7.
(6) مستطرفات السرائر: 41 / 7.
(7) البحار: 14 / 95 / 3.
(8) الخصال: 241 / 91.
3140
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن سليمان بن داود (عليه السلام)
قال ذات يوم لأصحابه: إن الله تبارك وتعالى
قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، سخر
لي الريح والإنس والجن والطير والوحوش،
وعلمني منطق الطير، وآتاني من كل شئ، ومع
جميع ما أوتيت من الملك ما تم لي سروري يوم
إلى الليل، وقد أحببت أن أدخل قصري في غد
فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي، فلا تأذنوا لأحد
علي لئلا يرد علي ما ينغص علي يومي، قالوا:
نعم، فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى
أعلى موضع من قصره، ووقف متكئا على عصاه
ينظر إلى ممالكه مسرورا بما أوتي فرحا بما أعطي
إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج
عليه من بعض زوايا قصره، فلما أبصر سليمان
قال له: من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن
أخلو فيه اليوم؟ وبإذن من دخلت؟ فقال
الشاب: أدخلني هذا القصر ربه وبإذنه دخلت،
فقال: ربه أحق به مني فمن أنت؟ قال: أنا ملك
الموت، قال: وفيما جئت؟ قال: جئت لأقبض
روحك، قال: امض لما أمرت به فهذا يوم سروري
وأبى الله عز وجل أن يكون لي سرور دون لقائه،
فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على
عصاه، فبقي سليمان متكئا على عصاه وهو
ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه وهم يقدرون
أنه حي، فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال: إن
سليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام
الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يشرب ولم يأكل،
إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده، وقال قوم:
إن سليمان ساحر وإنه يرينا أنه واقف متكئ
على عصاه، يسحر أعيننا وليس كذلك، وقال
المؤمنون: إن سليمان، هو عبد الله ونبيه يدبر الله
أمره بما شاء، فلما اختلفوا بعث الله عز وجل
الأرضة فدبت في عصاة سليمان فلما أكلت
جوفها انكسرت العصا وخر سليمان (عليه السلام) من قصره
على وجهه (1).
كلام في قصة سليمان (عليه السلام):
1 - ما ورد من قصصه في القرآن:
لم يرد من قصصه (عليه السلام) في القرآن الكريم إلا
نبذة يسيرة، غير أن التدبر فيها يهدي إلى عامة
قصصه ومظاهر شخصيته الشريفة.
منها: وراثته لأبيه داود، قال تعالى:
* (ووهبنا لداود سليمان) * (2)، وقال: * (وورث
سليمان داود) * (3).
ومنها: إيتاؤه الملك العظيم وتسخير
الجن والطير والريح له وتعليمه منطق الطير،
وقد تكرر ذكر هذه النعم في كلامه تعالى
كما في سورة البقرة الآية 102، والأنبياء
الآية 81، والنمل الآية 16 - 18، وسبأ الآية 12 -
13، وص الآية 35 - 39.
ومنها: الإشارة إلى قصة إلقاء جسد على
كرسيه كما في سورة ص الآية 33.
ومنها: الإشارة إلى عرض الصافنات الجياد
عليه كما في سورة ص الآية 31 - 33.



(1) علل الشرائع: 73 / 2.
(2) ص: 30.
(3) النمل: 16.
3141
ومنها: الإشارة إلى تفهيمه الحكم في الغنم
التي نفشت في الحرث كما في سورة الأنبياء
الآية 78، 79.
ومنها: الإشارة إلى حديث النملة كما في
سورة النمل الآية 18، 19.
ومنها: قصة الهدهد وما يتبعها من قصته (عليه السلام)
مع ملكة سبأ، سورة النمل الآية 20 - 44.
ومنها: الإشارة إلى كيفية موته (عليه السلام) كما في
سورة سبأ الآية 14...
2 - الثناء عليه في القرآن:
ورد اسمه (عليه السلام) في بضعة عشر موضعا من
كلامه تعالى، وقد أكثر الثناء عليه فسماه عبدا
أوابا، قال تعالى: * (نعم العبد إنه أواب) * (1)،
ووصفه بالعلم والحكم، قال تعالى: * (ففهمناها
سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) * (2)، وقال:
* (ولقد آتينا داود وسليمان علما) * (3)، وقال:
* (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير) * (4)، وعده
من النبيين المهديين، قال تعالى: * (وأيوب
ويونس وهارون وسليمان) * (5)، وقال: * (ونوحا
هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان) * (6).
3 - ذكره (عليه السلام) في العهد العتيق:
وقعت قصته في كتاب الملوك الأول، وقد
أطيل فيه في حشمته وجلالة أمره وسعة ملكه
ووفور ثروته وبلوغ حكمته، غير أنه لم يذكر فيه
شئ من قصصه المشار إليها في القرآن إلا ما ذكر
أن ملكة سبأ لما سمعت خبر سليمان وبنائه بيت
الرب بأورشليم وما أوتيه من الحكمة أتت إليه
ومعها هدايا كثيرة، فلاقته وسألته عن مسائل
تمتحنه بها فأجاب عنها ثم رجعت (7).
وقد أساء العهد العتيق القول فيه (عليه السلام)، فذكر (8)
أنه (عليه السلام) انحرف في آخر عمره عن عبادة الله إلى
عبادة الأصنام، فسجد لأوثان كانت تعبدها بعض
أزواجه.
وذكر أن والدته كانت زوج أوريا الحتي
فعشقها داود (عليه السلام) ففجر بها فحبلت منه، فاحتال
في قتل زوجها أوريا حتى قتل في بعض
الحروب، فضمها إلى أزواجه فحبلت منه ثانيا
وولدت له سليمان.
والقرآن الكريم ينزه ساحته (عليه السلام) عن أول
الرميتين بما ينزه به ساحة جميع الأنبياء بالنص
على هدايتهم وعصمتهم، وقال فيه خاصة: * (وما
كفر سليمان) * (9).
وعن الثانية بما يحكيه من دعائه (عليه السلام) لما سمع
قول النملة: * (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي
أنعمت علي وعلى والدي) * (10) فقد بينا في تفسيره
أن فيه دلالة على أن والدته كانت من أهل



(1) ص: 30.
(2) الأنبياء: 79.
(3) النمل: 15.
(4) النمل: 16.
(5) النساء: 163.
(6) الأنعام: 84.
(7) الإصحاح العاشر من الملوك الأول.
(8) الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر من كتاب صموئيل الثاني.
(9) البقرة: 102.
(10) النمل: 19.
3142
الصراط المستقيم الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين.
4 - الروايات الواردة في قصصه (عليه السلام):
الأخبار المروية في قصصه - وخاصة
في قصة الهدهد وما يتبعها من أخباره مع
ملكة سبأ - يتضمن أكثرها أمورا غريبة قلما
يوجد نظائرها في الأساطير الخرافية يأباها العقل
السليم ويكذبها التاريخ القطعي، وأكثرها مبالغة
ما روي عن أمثال كعب ووهب.
وقد بلغوا من المبالغة أن ما رووا أنه (عليه السلام) ملك
جميع الأرض، وكان ملكه سبعمائة سنة، وأن
جميع الإنس والجن والوحش والطير كانوا
جنوده، وأنه كان يوضع في مجلسه حول عرشه
ستمائة ألف كرسي يجلس عليها ألوف من النبيين
ومئات الألوف من امراء الإنس والجن.
وأن ملكة سبأ كانت أمها من الجن،
وكانت قدمها كحافر الحمارة، وكانت تستر
قدميها عن أعين النظار، حتى كشفت عن ساقيها
حينما أرادت دخول الصرح فبان أمرها، وقد بلغ
من شوكتها أنه كان تحت يدها أربعمائة ملك
كل ملك على كورة، تحت يد كل ملك أربعمائة
ألف مقاتل، ولها ثلاث مائة وزير يدبرون ملكها،
ولها اثنا عشر ألف قائد تحت يد كل قائد اثنا
عشر ألف مقاتل... إلى غير ذلك من أعاجيب
الأخبار التي لا يسعنا إلا أن نعدها من
الإسرائيليات ونصفح عنها (1).



(1) الميزان: 15 / 367.
3143
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
22 - حنظلة عليه السلام
البحار: 14 / 148 باب 13 " قصة أصحاب الرس وحنظلة (عليهما السلام) ".

3145
[3803]
حنظلة (عليه السلام)
الكتاب
* (وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك
كثيرا) * (1).
(انظر) الحج: 45، ق: 12.
- في مجمع البيان - في قوله تعالى:
* (وأصحاب الرس) * -: وهو بئر رسوا فيها نبيهم
أي ألقوه فيها، عن عكرمة... وقيل: كان لهم
نبي يسمى حنظلة فقتلوه فاهلكوا، عن سعيد بن
جبير والكلبي. وقيل: هم أصحاب رس، والرس
بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار فنسبوا إليها،
عن كعب ومقاتل. وقيل: هم أصحاب الرس كان
نساؤهم سحاقات، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن السحق -:
حدها حد الزاني، فقالت امرأة: ما ذكر الله
عز وجل ذلك في القرآن؟ قال: بلى، قالت: وأين
هو؟ قال: هو أصحاب الرس (3).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لما سئل عن أصحاب
الرس: من هم، وممن هم، وأي قوم كانوا؟ -:
كانا رسين: أما أحدهما فليس الذي ذكره الله في
كتابه، كان أهله أهل بدو وأصحاب شاة وغنم،
فبعث الله تعالى إليهم صالح النبي رسولا فقتلوه،
وبعث إليهم رسولا آخر فقتلوه، ثم بعث إليهم
رسولا آخر وعضده بولي فقتل الرسول، وجاهد
الولي حتى أفحمهم...
وأما الذين ذكرهم الله في كتابه فهم قوم كان
لهم نهر يدعى الرس، وكان فيها أمياه كثيرة،
فسأله رجل: وأين الرس؟ فقال: هو نهر بمنقطع
آذربيجان، وهو بين حد أرمينية (4) وآذربيجان،
وكانوا يعبدون الصلبان، فبعث الله إليهم ثلاثين
نبيا في مشهد واحد فقتلوهم جميعا، فبعث الله
إليهم نبيا وبعث معه وليا فجاهدهم، وبعث الله
ميكائيل في أوان وقوع الحب والزرع فأنضب
ماءهم، فلم يدع عينا ولا نهرا ولا ماء إلا أيبسه،
وأمر ملك الموت فأمات مواشيهم، وأمر الله
الأرض فابتلعت ما كان لهم من تبر أو فضة أو آنية
- فهو لقائمنا (عليه السلام) إذا قام - فماتوا كلهم جوعا
وعطشا وبكاء، فلم يبق منهم باقية، وبقي منهم
قوم مخلصون فدعوا الله أن ينجيهم بزرع وماشية
وماء، ويجعله قليلا لئلا يطغوا، فأجابهم الله إلى
ذلك لما علم من صدق نياتهم، ثم عاد القوم إلى
منازلهم فوجدوها قد صارت أعلاها أسفلها،
وأطلق الله لهم نهرهم، وزادهم فيه على ما سألوا،



(1) الفرقان: 38.
(2) مجمع البيان: 7 / 266.
(3) ثواب الأعمال: 318 / 14.
(4) بكسر أوله ويفتح، وتخفيف الياء الأخيرة وقد يشدد: اسم لصقع عظيم
واسع في جهة شمال إيران. كما في هامش البحار: 14 / 154.
3146
فقاموا على الظاهر والباطن في طاعة الله،
حتى مضى أولئك القوم وحدث نسل بعد ذلك
أطاعوا الله في الظاهر ونافقوه في الباطن،
وعصوا بأشياء شتى، فبعث الله من أسرع فيهم
القتل، فبقيت شرذمة منهم فسلط الله عليهم
الطاعون فلم يبق منهم أحد وبقي نهرهم ومنازلهم
مائتي عام لا يسكنها أحد، ثم أتى
الله تعالى بقوم بعد ذلك فنزلوها وكانوا صالحين،
ثم أحدث قوم منهم فاحشة واشتغل الرجال
بالرجال والنساء بالنساء فسلط الله عليهم صاعقة
فلم يبق منهم باقية (1).

3147
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
23 - شعيا وحيقوق عليهما السلام
البحار: 14 / 161 باب 14 " قصة شعيا وحيقوق (عليهما السلام) ".

3149
[3804]
شعيا وحيقوق (عليهما السلام)
- الإمام الرضا (عليه السلام) - للجاثليق -: يا نصراني
كيف علمك بكتاب شعيا؟ قال: أعرفه حرفا
حرفا، قال لهما - للجاثليق ورأس الجالوت -:
أتعرفان هذا من كلامه: يا قوم إني رأيت صورة
راكب الحمار لابسا جلابيب النور، ورأيت راكب
البعير ضوؤه مثل ضوء القمر؟ فقالا: قد قال ذلك
شعيا، و... قال شعيا النبي فيما تقول أنت
وأصحابك في التوراة: رأيت راكبين أضاء لهما
الأرض أحدهما على حمار والآخر على جمل،
فمن راكب الحمار، ومن راكب الجمل؟ قال رأس
الجالوت: لا أعرفهما، فخبرني بهما؟ قال (عليه السلام):
أما راكب الحمار فعيسى وأما راكب الجمل
فمحمد (صلى الله عليه وآله)، أتنكر هذا من التوراة؟ قال: لا ما
أنكره.
ثم قال الرضا (عليه السلام): هل تعرف حيقوق
النبي (عليه السلام)؟ قال: نعم إني به لعارف، قال: فإنه
قال - وكتابكم ينطق به -: جاء الله تعالى بالبيان
من جبل فاران، وامتلأت السماوات من تسبيح
أحمد وأمته، يحمل خيله في البحر كما يحمل
في البر، يأتينا بكتاب جديد بعد خراب بيت
المقدس - يعني بالكتاب القرآن - أتعرف هذا
وتؤمن به؟ قال رأس الجالوت: قد قال ذلك
حيقوق النبي (عليه السلام) ولا ننكر قوله (1).

3150
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
24 - زكريا عليه السلام
البحار: 14 / 163 باب 15 " قصص زكريا ويحيى ".
كنز العمال: 11 / 495 " زكريا ".

3151
[3805]
زكريا (عليه السلام)
الكتاب
* (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير
الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له
زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا
ورهبا وكانوا لنا خاشعين) * (1).
(انظر) آل عمران: 38، 41، مريم: 1 - 15.
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن زكريا كان خائفا
فهرب فالتجأ إلى شجرة فانفرجت له وقالت: يا
زكريا ادخل في، فجاء حتى دخل فيها، فطلبوه
فلم يجدوه، وأتاهم إبليس - وكان رآه - فدلهم
عليه فقال لهم: هو في هذه الشجرة فاقطعوها،
وقد كانوا يعبدون تلك الشجرة فقالوا: لا نقطعها،
فلم يزل بهم حتى شقوها وشقوا زكريا (عليه السلام) (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خرجت بنو إسرائيل في طلب
زكريا ليقتلوه، فخرج هاربا في البرية،
فانفرجت له شجرة فدخل فيها فبقيت هدبة من
ثوبه، فجاؤوا حتى قاموا عليها فنشروه
بالمنشار (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كان زكريا نجارا (4).
قصة زكريا في القرآن:
وصفه (عليه السلام):
وصفه الله سبحانه في كلامه بالنبوة والوحي،
ووصفه في أول سورة مريم بالعبودية، وذكره في
سورة الأنعام في عداد الأنبياء، وعده من
الصالحين، ثم من المجتبين - وهم المخلصون -
والمهديين.
تاريخ حياته:
لم يذكر من أخباره في القرآن إلا دعاؤه
لطلب الولد واستجابته وإعطاؤه يحيى (عليهما السلام)، وذلك
بعد ما رأى من أمر مريم في عبادتها وكرامتها
عند الله ما رأى.
فذكر سبحانه أن زكريا تكفل مريم لفقدها
أباها عمران، ثم لما نشأت اعتزلت عن الناس
واشتغلت بالعبادة في محراب لها في المسجد،
وكان يدخل عليها زكريا يتفقدها * (كلما دخل
عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا
مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق
من يشاء بغير حساب) *.
هنالك دعا زكريا ربه وسأله أن يهب له
من امرأته ذرية طيبة، وكان هو شيخا فانيا
وامرأته عاقرا، فاستجيب له ونادته الملائكة وهو
قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بغلام



(1) الأنبياء: 89، 90.
(2) قصص الأنبياء: 217 / 284.
(3) كنز العمال: 32330، 32329.
(4) كنز العمال: 32330، 32329.
3152
اسمه يحيى، فسأل ربه آية لتطمئن نفسه أن النداء
من جانبه سبحانه، فقيل له: إن آيتك أن يعتقل
لسانك فلا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا، وكان
كذلك، وخرج على قومه من المحراب وأشار
إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا، وأصلح الله له زوجه
فولدت له يحيى (عليهما السلام) (آل عمران: 37 - 41،
مريم: 2 - 11، الأنبياء: 89، 90).
ولم يذكر في القرآن مآل أمره (عليه السلام) وكيفية
ارتحاله، لكن وردت أخبار متكاثرة من طرق
العامة والخاصة أن قومه قتلوه، وذلك
أن أعداءه قصدوه بالقتل فهرب منهم والتجأ
إلى شجرة، فانفرجت له فدخل جوفها ثم
التأمت، فدلهم الشيطان عليه وأمرهم أن
ينشروا الشجرة بالمنشار، ففعلوا وقطعوه نصفين
فقتل (عليه السلام) عند ذلك.
وقد ورد في بعض الأخبار أن السبب في قتله
أنهم اتهموه في أمر مريم وحبلها بالمسيح،
وقالوا: هو وحده كان المتردد إليها الداخل
عليها، وقيل غير ذلك (1).



(1) الميزان: 14 / 27.
3153
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
25 - يحيى عليه السلام
البحار: 14 / 163 باب 15 " قصص زكريا ويحيى (عليهما السلام) ".
كنز العمال: 11 / 520 " يحيى (عليه السلام) ".

3155
[3806]
يحيى (عليه السلام)
الكتاب
* (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له
من قبل سميا... يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم
صبيا * وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا * وبرا بوالديه
ولم يكن جبارا عصيا * وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت
ويوم يبعث حيا) * (1).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إن أوحش ما يكون
هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج
من بطن أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين
الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها
في دار الدنيا.
وقد سلم الله عز وجل على يحيى (عليه السلام) في هذه
الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال: * (وسلام عليه
يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) *، وقد سلم
عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة
المواطن فقال: * (والسلام علي يوم ولدت ويوم
أموت ويوم ابعث حيا) * (2).
- يحيى (عليه السلام) - لعيسى بن مريم -: أنت روح الله
وكلمته وأنت خير مني، فقال عيسى: بل أنت خير
مني، سلم الله عليك وسلمت على نفسي (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): رحم الله أخي يحيى حين
دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير فقال: أللعب
خلقت؟! فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله (4).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): كان يحيى بن زكريا (عليهما السلام)
يبكي ولا يضحك، وكان عيسى بن مريم (عليهما السلام)
يضحك ويبكي، وكان الذي يصنع عيسى (عليه السلام)
أفضل من الذي كان يصنع يحيى (عليه السلام) (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): في حديث ليحيى (عليه السلام)
مع الشيطان: قال يحيى (عليه السلام): فهل ظفرت بي ساعة
قط؟ قال: لا، ولكن فيك خصلة تعجبني، قال
يحيى: فما هي؟ قال: أنت رجل أكول، فإذا
أفطرت أكلت وبشمت فيمنعك ذلك من بعض
صلاتك وقيامك بالليل، قال يحيى (عليه السلام): فإني
أعطي الله عهدا أني لا أشبع من الطعام حتى
ألقاه، قال له إبليس: وأنا أعطي الله عهدا
أني لا أنصح مسلما حتى ألقاه، ثم خرج فما عاد
إليه بعد ذلك (6).
- عنه (عليه السلام): إن رجلا جاء إلى عيسى بن
مريم (عليه السلام) (7) فقال له: يا روح الله إني زنيت



(1) مريم: 7 - 15.
(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 257 / 11.
(3) كنز العمال: 32273، 32425.
(4) كنز العمال: 32273، 32425.
(5) الكافي: 2 / 665 / 20.
(6) أمالي الطوسي: 340 / 692.
(7) المقصود في عيسى بن مريم هو الإمام علي (عليه السلام) وهذا التعبير
للتقية، كما في هامش الفقيه.
3156
فطهرني... فلما اجتمع واجتمعوا وصار الرجل
في الحفرة نادى الرجل: لا يحدني من لله في
جنبه حد، فانصرف الناس كلهم إلا يحيى
وعيسى (عليهما السلام)، فدنا منه يحيى (عليه السلام) فقال له: يا مذنب
عظني؟! فقال له: لا تخلين بين نفسك وبين
هواها فترديك، قال: زدني، قال: لا تعيرن
خاطئا بخطيئته، قال: زدني، قال: لا تغضب،
قال: حسبي (1).
قصة يحيى (عليه السلام) في القرآن:
1 - الثناء عليه:
ذكره الله في بضعة مواضع من كلامه وأثنى
عليه ثناء جميلا، فوصفه بأنه كان مصدقا بكلمة
من الله وهو تصديقه بنبوة المسيح، وأنه كان سيدا
يسود قومه، وأنه كان حصورا لا يأتي النساء،
وكان نبيا ومن الصالحين (2) ومن المجتبين - وهم
المخلصون - ومن المهديين (3) وأن الله هو سماه
بيحيى ولم يجعل له من قبل سميا، وأمره بأخذ
الكتاب بقوة وآتاه الحكم صبيا، وسلم عليه يوم
ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا (4) ومدح بيت
زكريا بقوله: * (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات
ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) * (5) وهم
يحيى وأبوه وأمه.
2 - تاريخ حياته:
ولد (عليه السلام) لأبويه على خرق العادة، فقد كان أبوه
شيخا فانيا وأمه عاقرا فرزقهما الله يحيى وهما
آئسان من الولد، وأخذ بالرشد والعبادة والزهد
في صغره وآتاه الله الحكم صبيا، وقد تجرد
للتنسك والزهد والانقطاع فلم يتزوج قط
ولا ألهاه شئ من ملاذ الدنيا.
وكان معاصرا لعيسى بن مريم (عليه السلام) وصدق
نبوته، وكان سيدا في قومه تحن
إليه القلوب وتميل إليه النفوس ويجتمع
إليه الناس فيعظهم ويدعوهم إلى التوبة
ويأمرهم بالتقوى حتى استشهد (عليه السلام).
ولم يرد في القرآن مقتله (عليه السلام)، والذي
ورد في الأخبار أنه كان السبب في قتله
أن امرأة بغيا افتتن بها ملك بني إسرائيل
وكان يأتيها، فنهاه يحيى ووبخه على ذلك
- وكان مكرما عند الملك يطيع أمره ويسمع قوله -
فأضمرت المرأة عداوته وطلبت من الملك رأس
يحيى وألحت عليه، فأمر به فذبح وأهدى
إليها رأسه.
وفي بعض الأخبار أن التي طلبت
منه رأس يحيى كانت ابنة أخي الملك، وكان
يريد أن يتزوج بها فنهاه يحيى عن ذلك،
فزينتها أمها بما يأخذ بمجامع قلب الملك
وأرسلتها إليه، ولقنتها إذا منح الملك
عليها بسؤال حاجة أن تسألها رأس يحيى
ففعلت، فذبح (عليه السلام) ووضع رأسه في طست من
ذهب واهدي إليها.
وفي الروايات نوادر كثيرة من زهده
وتنسكه وبكائه من خشية الله ومواعظه وحكمه.



(1) الفقيه: 4 / 33 / 5019.
(2) آل عمران: 39.
(3) الأنعام: 85 - 87.
(4) مريم: 2 - 15.
(5) الأنبياء: 90.
3157
3 - قصة زكريا ويحيى في الإنجيل:
قال (1): كان في أيام هيرودس ملك اليهودية
كاهن اسمه زكريا من فرقة أبيا وامرأته من بنات
هارون واسمها إليصابات، وكان كلاهما بارين
أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه
بلا لوم. ولم يكن لهما ولد إذ كانت إليصابات
عاقرا وكانا كلاهما متقدمين في أيامهما.
فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله -
حسب عادة الكهنوت - أصابته القرعة أن يدخل
إلى هكيل الرب ويبخر، وكان كل جمهور الشعب
يصلون خارجا وقت البخور، فظهر له ملاك الرب
واقفا عن يمين مذبح البخور، فلما رآه زكريا
اضطرب ووقع عليه خوف، فقال له الملاك
لا تخف يا زكريا، لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك
إليصابات ستلد ابنا وتسميه يوحنا.
ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون
بولادته، لأنه يكون عظيما أمام الرب وخمرا
ومسكرا لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح
القدس، ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب
إلههم، ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب
الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي
يهيئ للرب شعبا مستعدا.
فقال زكريا للملاك: كيف أعلم هذا لأني أنا
شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها؟ فأجاب الملاك
وقال: أنا جبريل الواقف قدام الله، وأرسلت
لأكلمك وأبشرك بهذا، وها أنت تكون صامتا
ولا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذي يكون فيه هذا،
لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته.
وكان الشعب منتظرين زكريا ومتعجبين من
إبطائه في الهيكل، فلما خرج لم يستطع أن
يكلمهم، ففهموا أنه قد رأى رؤيا في الهيكل
فكان يومي إليهم وبقي صامتا، ولما كملت أيام
خدمته مضى إلى بيته، وبعد تلك الأيام حبلت
إليصابات امرأته وأخفت نفسها خمسة أشهر
قائلة: هكذا قد فعل بي الرب في الأيام التي فيها
نظر إلي لينزع عاري بين الناس.
إلى أن قال: وأما إليصابات فتم زمانها لتلد
فولدت ابنا، وسمع جيرانها وأقرباؤها أن الرب
عظم رحمته لها ففرحوا معها. وفي اليوم جاؤوا
ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا فأجابت
أمه وقالت: لابل يسمى يوحنا: فقالوا لها ليس
أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم. ثم أومأوا
إلى أبيه ماذا يريد أن يسمي، فطلب لوحا وكتب
قائلا: اسمه يوحنا، فتعجب الجميع، وفي الحال
انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله، فوقع خوف
على كل جيرانهم، وتحدث بهذه الأمور جميعها
في كل جبال اليهودية، فأودعها جميع السامعين
في قلوبهم قائلين: أترى ماذا يكون هذا الصبي
وكانت يد الرب معه. وامتلأ زكريا أبوه من الروح
القدس وتنبأ... إلخ.
وفيه (2): وفي السنة الخامسة عشرة من
سلطنة طيباريوس قيصر - إذ كان بيلاطس النبطي
واليا على اليهودية، وهيرودس رئيس ربع على
الجليل، وفيلبس أخوه رئيس ربع على إيطورية



(1) إنجيل لوقا، الإصحاح الأول 5.
(2) إنجيل لوقا، الإصحاح الثالث 1.
3158
وكورة تراخوتينس، وليسانيوس رئيس ربع على
الأبلية في أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا -
كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية.
فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن
يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. كما
هو مكتوب في سفر أقوال أشعيا النبي القائل:
" صوت خارج في البرية أعدوا طريق الرب
اصنعوا سبله مستقيمة، كل واد يمتلئ،
وكل جبل وأكمة ينخفض، وتصير المعوجات
مستقيمة والشعاب طرقا سهلة، ويبصر كل
بشر خلاص الله.
وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليعمدوا
منه: يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من
الغضب الآتي، فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة، ولا
تبتدؤا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبا، لأني
أقول لكم: إن الله قادر على أن يقيم من هذه
الحجارة أولادا لإبراهيم، والآن قد وضعت
الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع
ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار.
وسأله الجموع قائلين: فماذا نفعل؟ فأجاب
وقال لهم: من له ثوبان فليعط من ليس له، ومن له
طعام فليفعل هكذا، وجاء عشارون أيضا ليعمدوا
فقالوا له: يا معلم ماذا نفعل؟ فقال لهم: لا تستوفوا
أكثر مما فرض لكم، وسأله جنديون أيضا قائلين:
وماذا نفعل نحن؟ فقال لهم: لا تظلموا أحدا،
ولا تشوا بأحد، واكتفوا بعلائفكم.
وإذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون في
قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح، أجاب يوحنا
الجميع قائلا: أنا اعمدكم بماء، ولكن يأتي من هو
أقوى مني - الذي لست أهلا أن أحل سيور
حذائه - هو سيعمدكم بروح القدس ونار الذي
رفشه في يده، وسينقي بيدره ويجمع القمح إلى
مخزنه، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ، وبأشياء
اخر كثيرة كان يعظ الشعب ويبشرهم.
أما هيرودس رئيس الربع فإذا توبخ منه
لسبب هيروديا امرأة فيلبس أخيه ولسبب جميع
الشرور التي كان هيرودس يفعلها زاد هذا أيضا
على الجميع أنه حبس يوحنا في السجن. ولما
اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا.
وفيه (1): أن هيرودس نفسه كان قد أرسل
وأمسك يوحنا وأوثقه في السجن من أجل
هيروديا امرأة فيلبس أخيه إذ كان قد تزوج بها،
لأن يوحنا كان يقول لهيرودس: لا يحل أن تكون
لك امرأة أخيك، فحنقت هيروديا عليه وأرادت
أن تقتله ولم تقدر، لأن هيرودس كان يهاب
يوحنا عالما أنه رجل بار وقديس وكان يحفظه،
وإذ سمعه فعل كثيرا وسمعه بسرور.
وإذ كان يوم موافق لما صنع هيرودس في
مولده عشاء لعظمائه وقواد الألوف ووجوه
الجليل، دخلت ابنة هيروديا ورقصت، فسرت
هيرودس والمتكئين معه. فقال الملك للصبية:
مهما أردت اطلبي مني فأعطيك، وأقسم لها أن
مهما طلبت مني لأعطينك حتى نصف مملكتي،
فخرجت وقالت لامها: ماذا أطلب؟ فقالت: رأس
يوحنا المعمدان، فدخلت للوقت بسرعة إلى



(1) إنجيل مرقس الإصحاح السادس 17 - 29 نقلا عن الميزان.
3159
الملك وطلبت قائلة: أريد أن تعطيني حالا رأس
يوحنا المعمدان على طبق، فحزن الملك جدا،
ولأجل الأقسام والمتكئين لم يرد أن يردها.
فللوقت أرسل الملك سيافا وأمر أن يؤتى
برأسه، فمضى وقطع رأسه في السجن وأتى
برأسه على طبق وأعطاه للصبية والصبية أعطته
لامها، ولما سمع تلاميذه جاؤوا ورفعوا جثته
ووضعوها في قبر. انتهى.
وليحيى (عليه السلام) أخبار أخر متفرقة في الأناجيل
لا تتعدى حدود ما أوردناه، وللمتدبر الناقد أن
يطبق ما نقلناه من الأناجيل على ما تقدم حتى
يحصل على موارد الاختلاف (1).



(1) الميزان: 14 / 28.
3160
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
26 - عيسى عليه السلام
البحار: 14 / 191 - 350 " أبواب قصص عيسى وأمه (عليهما السلام) ".
البحار: 14 / 206 باب 17 " ولادة عيسى (عليه السلام) ".
البحار: 14 / 283 باب 21 " مواعظ عيسى (عليه السلام) ".
كنز العمال: 11 / 500 " عيسى (عليه السلام) ".

3161
[3807]
عيسى (عليه السلام)
الكتاب
* (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم
قال له كن فيكون) * (1).
* (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول
الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين
اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن
وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا
حكيما * وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم
القيامة يكون عليهم شهيدا) * (2).
(انظر) آل عمران: 35 - 58، مريم: 16 - 34،
البقرة: 87، 253، المائدة: 110 - 118،
المؤمنون: 50، الزخرف: 57 - 65،
الصف: 6، 14، الحديد: 27.
التفسير:
قوله تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم
خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * تلخيص
لموضع الحاجة مما ذكره من قصة عيسى في
تولده تفصيلا، والإيجاز بعد الإطناب - وخاصة
في مورد الاحتجاج والاستدلال - من مزايا
الكلام. والآيات نازلة في الاحتجاج ومتعرضة
لشأن وفد النصارى نصارى نجران، فكان من
الأنسب أن يوجز البيان في خلقته بعد الإطناب
في قصته، ليدل على أن كيفية ولادته لا تدل على
أزيد من كونه بشرا مخلوقا نظير آدم (عليه السلام)، فليس
من الجائز أن يقال فيه أزيد وأعظم مما قيل في
آدم، وهو أنه بشر خلقه الله من غير أب.
فمعنى الآية: أن مثل عيسى عند الله، أي
وصفه الحاصل عنده تعالى، أي ما يعلمه الله تعالى
من كيفية خلق عيسى الجاري بيده: أن كيفية
خلقه يضاهي كيفية خلق آدم، وكيفية خلقه أنه
جمع أجزاءه من تراب ثم قال له: كن، فتكون
تكونا بشريا من غير أب.
فالبيان بحسب الحقيقة منحل إلى حجتين،
تفي كل واحدة منهما على وحدتها بنفي الألوهية
عن المسيح (عليه السلام): إحداهما: أن عيسى مخلوق لله -
على ما يعلمه الله، ولا يضل في علمه - خلقة بشر
وإن فقد الأب، ومن كان كذلك كان عبدا لا ربا.
وثانيهما: أن خلقته لا تزيد على خلقة آدم،
فلو اقتضى سنخ خلقه أن يقال بألوهيته بوجه
لاقتضى خلق آدم ذلك، مع أنهم لا يقولون بها فيه،
فوجب أن لا يقولوا بها في عيسى (عليه السلام) أيضا،
لمكان المماثلة.
ويظهر من الآية أن خلقة عيسى كخلقة آدم
خلقة طبيعية كونية، وإن كانت خارقة للسنة
الجارية في النسل، وهي حاجة الولد في



(1) آل عمران: 59.
(2) النساء: 157 - 159.
3162
تكونه إلى والد.
والظاهر أن قوله: * (فيكون) *، أريد به حكاية
الحال الماضية، ولا ينافي ذلك دلالة قوله: * (ثم
قال له كن) * على انتفاء التدريج، فإن النسبة
مختلفة، فهذه الموجودات بأجمعها - أعم من
التدريجي الوجود وغيره - مخلوقة لله سبحانه
موجودة بأمره الذي هو كلمة كن كما قال تعالى:
* (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * (1)،
وكثير منها تدريجية الوجود إذا قيست حالها إلى
أسبابها التدريجية، وأما إذا لوحظ بالقياس إليه
تعالى فلا تدريج هناك ولا مهلة كما قال تعالى:
* (وما أمرنا إلا لله واحدة كلمح بالبصر) * (2)،
وسيجئ زيادة توضيح لهذا المعنى إن شاء الله
تعالى في محله المناسب له.
على أن عمدة ما سيق لبيانه قوله: * (ثم
قال له كن) * أنه تعالى لا يحتاج في خلق شئ
إلى الأسباب حتى يختلف حال ما يريد خلقه من
الأشياء بالنسبة إليه تعالى بالإمكان والاستحالة،
والهوان والعسر، والقرب والبعد، باختلاف أحوال
الأسباب الدخيلة في وجوده، فما أراده وقال
له: كن كان، من غير حاجة إلى الأسباب
الدخيلة عادة (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول نبي من بني إسرائيل
موسى، وآخرهم عيسى وستمائة نبي (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أول أنبياء بني إسرائيل موسى،
وآخرهم عيسى (5).
- المسيح (عليه السلام) - لما سئل من أدبك؟ -: ما
أدبني أحد، رأيت قبح الجهل فجانبته (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة عيسى (عليه السلام) -:
وإن شئت قلت في عيسى بن مريم (عليه السلام)، فلقد كان
يتوسد الحجر، ويلبس الخشن، ويأكل الجشب،
وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر،
وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها،
وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم،
ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه (يخزنه)،
ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه،
وخادمه يداه! (7).
- المسيح (عليه السلام): خادمي يداي، ودابتي رجلاي،
وفراشي الأرض، ووسادي الحجر، ودفئي في
الشتاء مشارق الأرض... أبيت وليس لي شئ،
وأصبح (8) وليس لي شئ، وليس على وجه
الأرض أحد أغنى مني (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالعدس، فإنه مبارك
مقدس، يرقق القلب، ويكثر الدمعة، وقد بارك
فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى بن مريم (عليه السلام) (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كان طعام عيسى الباقلاء حتى



(1) يس: 82.
(2) القمر: 50.
(3) الميزان: 3 / 212.
(4) الخصال: 524 / 13.
(5) كنز العمال: 32269.
(6) تنبيه الخواطر: 1 / 96.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 160.
(8) في المصدر: أبيت وليس معي شئ، وأصبحت وليس لي
شئ. كما في هامش البحار.
(9) البحار: 14 / 239 / 17.
(10) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 41 / 136.
3163
رفع، ولم يأكل عيسى شيئا غيرته النار
حتى رفع (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا أم أيمن! أما علمت أن أخي
عيسى كان لا يخبئ عشاء لغداء ولا غداء
لعشاء؟! يأكل من ورق الشجر، ويشرب من ماء
المطر، يلبس المسوح، ويبيت حيث يمسي،
ويقول: يأتي كل يوم برزقه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): رأيت عيسى بن مريم فإذا هو رجل
أبيض مبطن (3) مثل السيف (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان بين داود وعيسى بن
مريم (عليهم السلام) أربع مائة سنة، وكان شريعة عيسى أنه
بعث بالتوحيد والإخلاص، وبما أوصي به نوح
وإبراهيم وموسى، وانزل عليه الإنجيل، واخذ
عليه الميثاق الذي اخذ على النبيين.
وشرع له في الكتاب إقام الصلاة مع الدين،
والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر،
وتحريم الحرام، وتحليل الحلال، وانزل عليه
في الإنجيل مواعظ وأمثال [وحدود] ليس فيها
قصاص ولا أحكام حدود، ولا فرض مواريث.
وانزل عليه تخفيف ما كان نزل على
موسى (عليه السلام) في التوراة، وهو قول الله في الذي
قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل: * (ولأحل لكم
بعض الذي حرم عليكم) *.
وأمر عيسى من معه ممن اتبعه من المؤمنين
أن يؤمنوا بشريعة التوراة والإنجيل (5).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى نقلا عن عيسى (عليه السلام):
* (وجعلني مباركا أينما كنت) * -: نفاعا (6).
- الإمام الرضا (عليه السلام): كان نقش خاتم عيسى (عليه السلام)
حرفين اشتقهما من الإنجيل: طوبى لعبد ذكر الله
من أجله، وويل لعبد نسي الله من أجله (7).
كلام في قصة عيسى (عليه السلام):
1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟
كانت أم المسيح مريم بنت عمران حملت
بها أمها، فنذرت أن تجعل ما في بطنها إذا
وضعته محررا يخدم المسجد، وهي تزعم أن ما
في بطنها ذكور، فلما وضعتها وبان لها أنها
أنثى حزنت وتحسرت ثم سمتها مريم أي
الخادمة، وقد كان توفي أبوها عمران قبل
ولادتها، فأتت بها المسجد تسلمها للكهنة وفيهم
زكريا فتشاجروا في كفالتها، ثم اصطلحوا على
القرعة وساهموا فخرج لزكريا فكفلها، حتى إذا
أدركت ضرب لها من دونهم حجابا فكانت تعبد
الله سبحانه فيها لا يدخل عليها إلا زكريا،
وكلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها
رزقا، قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت: هو
من عند الله، والله يرزق من يشاء بغير حساب، وقد
كانت (عليها السلام) صديقة، وكانت معصومة بعصمة الله،
طاهرة، مصطفاة، محدثة، حدثها الملائكة بأن
الله اصطفاها وطهرها، وكانت من القانتين ومن

3164
آيات الله للعالمين (سورة آل عمران آية 35 - 44،
سورة مريم آية 16، سورة الأنبياء آية 91، سورة
التحريم آية 12).
ثم إن الله تعالى أرسل إليها الروح
وهي محتجبة فتمثل لها بشرا سويا، وذكر لها
أنه رسول من ربها ليهب لها بإذن الله ولدا من
غير أب، وبشرها بما سيظهر من ولدها من
المعجزات الباهرة، وأخبرها أن الله سيؤيده بروح
القدس، ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة
والإنجيل، ورسولا إلى بني إسرائيل ذا الآيات
البينات، وأنبأها بشأنه وقصته ثم نفخ الروح
فيها فحملت بها حمل المرأة بولدها (الآيات من
آل عمران: 35 - 44).
ثم انتبذت مريم به مكانا قصيا، فأجاءها
المخاض إلى جذع النخلة، قالت: يا ليتني
مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا، فناداها من
تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا،
وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا
جنيا، فكلي واشربي وقري عينا فإما
ترين من البشر أحدا فقولي: إني نذرت للرحمن
صوما فلن أكلم اليوم إنسيا، فأتت به قومها
تحمله (سورة مريم: 20 - 27) وكان حمله
ووضعه وكلامه وسائر شؤون وجوده من سنخ ما
عند سائر الأفراد من الإنسان.
فلما رآها قومها - والحال هذه - ثاروا عليها
بالطعنة واللوم بما يشهد به حال امرأة حملت
ووضعت من غير بعل، وقالوا: يا مريم لقد جئت
شيئا فريا، يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء
وما كانت أمك بغيا، فأشارت إليه، قالوا:
كيف نكلم من كان في المهد صبيا؟ قال: إني
عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني
مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة
ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا
شقيا، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم
ابعث حيا (سورة مريم آية 27 - 33) فكان هذا
الكلام منه (عليه السلام) كبراعة الاستهلال بالنسبة إلى ما
سينهض على البغي والظلم، وإحياء شريعة
موسى (عليه السلام) وتقويمه، وتجديد ما اندرس من
معارفه، وبيان ما اختلفوا فيه من آياته.
ثم نشأ عيسى (عليه السلام) وشب وكان هو وأمه على
العادة الجارية في الحياة البشرية يأكلان
ويشربان، وفيهما ما في سائر الناس من عوارض
الوجود إلى آخر ما عاشا.
ثم إن عيسى (عليه السلام) أوتي الرسالة إلى بني
إسرائيل فانبعث يدعوهم إلى دين التوحيد،
ويقول: إني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق
لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا
بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى
بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في
بيوتكم، إن في ذلك لآية لكم، إن الله هو ربي
وربكم فاعبدوه.
وكان يدعوهم إلى شريعته الجديدة وهو
تصديق شريعة موسى (عليه السلام)، إلا أنه نسخ بعض ما
حرم في التوراة تشديدا على اليهود، وكان يقول:
إني قد جئتكم بالحكمة ولابين لكم بعض الذي
تختلفون فيه، وكان يقول: يا بني إسرائيل

3165
إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من
التوراة مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.
وأنجز (عليه السلام) ما ذكره لهم من المعجزات كخلق
الطير، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمه
والأبرص، والإخبار عن المغيبات بإذن الله.
ولم يزل يدعوهم إلى توحيد الله وشريعته
الجديدة حتى أيس من إيمانهم، لما شاهد من
عتو القوم وعنادهم واستكبار الكهنة والأحبار
عن ذلك، فانتخب من الشرذمة التي آمنت به
الحواريين أنصارا له إلى الله.
ثم إن اليهود ثاروا عليه يريدون قتله فتوفاه
الله ورفعه إليه، وشبه لليهود: فمن زاعم أنهم
قتلوه، ومن زاعم أنهم صلبوه، ولكن شبه لهم
(آل عمران آية 45 - 58، الزخرف آية 63 - 65،
الصف آية 6 و 14، المائدة آية 110 و 111،
النساء آية 157 و 158) فهذه جمل ما قصه القرآن
في عيسى بن مريم وأمه.
2 - منزلة عيسى (عليه السلام) عند الله وموقفه في نفسه:
كان (عليه السلام) عبدا لله وكان نبيا (سورة مريم
آية 30) وكان رسولا إلى بني إسرائيل
(آل عمران آية 49) وكان واحدا من الخمسة
اولي العزم صاحب شرع وكتاب وهو الإنجيل
(الأحزاب آية 7، الشورى آية 13، المائدة
آية 46) وكان سماه الله بالمسيح عيسى (آل
عمران آية 45) وكان كلمة لله وروحا منه (النساء
آية 171) وكان إماما (الأحزاب آية 7) وكان
من شهداء الأعمال (النساء آية 159،
المائدة آية 117) وكان مبشرا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
(الصف آية 6) وكان وجيها في الدنيا والآخرة
ومن المقربين (آل عمران آية 45) وكان من
المصطفين (آل عمران آية 33) وكان من
المجتبين، وكان من الصالحين (الأنعام آية 85 -
87) وكان مباركا أينما كان، وكان زكيا، وكان آية
للناس ورحمة من الله وبرا بوالدته، وكان مسلما
عليه (مريم آية 19 - 33) وكان ممن علمه الله
الكتاب والحكمة (آل عمران آية 48).
فهذه اثنتان وعشرون خصلة من مقامات
الولاية هي جمل ما وصف الله به هذا النبي
المكرم ورفع بها قدره، وهي على قسمين:
اكتسابية كالعبودية والقرب والصلاح،
واختصاصية، وقد شرحنا كلا منها في الموضع
المناسب له من هذا الكتاب بما نطيق فهمه،
فليرجع فيها إلى مظانها منه.
3 - ما الذي قاله عيسى (عليه السلام)؟ وما الذي قيل فيه؟
ذكر القرآن أن عيسى كان عبدا رسولا، وأنه
لم يدع لنفسه ما نسبوه إليه، ولا تكلم معهم إلا
بالرسالة، كما قال تعالى: * (وإذ قال الله يا عيسى
ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين
من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما
ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في
نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام
الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا
الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم
فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على
كل شئ شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر
لهم فإنك أنت العزيز الحكيم * قال الله هذا

3166
يوم ينفع الصادقين صدقهم) * (1).
وهذا الكلام العجيب الذي يشتمل من
العبودية على عصارتها، ويتضمن من بارع الأدب
على مجامعه، يفصح عما كان يراه عيسى
المسيح (عليه السلام) من موقفه نفسه تلقاء ربوبية ربه،
وتجاه الناس وأعمالهم، فذكر أنه كان يرى نفسه
بالنسبة إلى ربه عبدا لا شأن له إلا الامتثال، لا يرد
إلا عن أمر، ولا يصدر إلا عن أمر، ولم يؤمر إلا
بالدعوة إلى عبادة الله وحده، ولم يقل لهم إلا ما
امر به: أن اعبدوا الله ربي وربكم.
ولم يكن له من الناس إلا تحمل الشهادة على
أعمالهم فحسب، وأما ما يفعله الله فيهم وبهم يوم
يرجعون إليه فلا شأن له في ذلك، غفر أو عذب.
فإن قلت: فما معنى ما تقدم في الكلام على
الشفاعة: أن عيسى (عليه السلام) من الشفعاء يوم القيامة
يشفع فيشفع؟
قلت: القرآن صريح أو كالصريح في ذلك،
قال تعالى: * (ولا يملك الذين يدعون من دونه
الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) * (2)، وقد
قال تعالى فيه: * (ويوم القيامة يكون عليهم
شهيدا) * (3)، وقال تعالى: * (وإذ علمتك الكتاب
والحكمة والتوراة والإنجيل) * (4)، وقد تقدم إشباع
الكلام في معنى الشفاعة، وهذا غير التفدية التي
يقول بها النصارى، وهي إبطال الجزاء بالفدية
والعوض، فإنها تبطل السلطنة المطلقة الإلهية
على ما سيجئ من بيانه، والآية إنما تنفي ذلك،
وأما الشفاعة فالآية غير متعرضة لأمرها لا إثباتا
ولا نفيا، فإنها لو كانت بصدد إثباتها - على
منافاته للمقام (5) - لكان حق الكلام أن يقال: وإن
تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم، ولو كانت
بصدد نفيها لم يكن لذكر الشهادة على الناس
وجه، وهذا إجمال ما سيأتي في تفسير الآيات
تفصيله إن شاء الله تعالى.
وأما ما قاله الناس في عيسى (عليه السلام)، فإنهم
وإن تشتتوا في مذاهبهم بعده واختلفوا
في مسالكهم بما ربما جاوز السبعين من حيث
كليات ما اختلفوا فيه، وجزئيات المذاهب
والآراء كثيرة جدا، لكن القرآن إنما يهتم
بما قالوا به في أمر عيسى نفسه وأمه لمساسه
بأساس التوحيد الذي هو الغرض الوحيد فيما
يدعو إليه القرآن الكريم والدين الفطري
القويم، وأما بعض الجزئيات - كمسألة
التحريف، ومسألة التفدية - فلم يهتم به
ذاك الاهتمام.
والذي حكاه القرآن الكريم عنهم أو نسبه
إليهم ما في قوله تعالى: * (وقالت النصارى المسيح
ابن الله) * (6) وما في معناه كقوله تعالى: * (وقالوا
اتخذ الرحمن ولدا سبحانه) * (7)، وما في قوله
تعالى: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح



(1) المائدة: 116 - 119.
(2) الزخرف: 86.
(3) النساء: 159.
(4) المائدة: 110.
(5) فإن المقام مقام التذلل دون الاسترسال.
(6) التوبة: 30.
(7) الأنبياء: 26.
3167
ابن مريم) * (1)، وما في قوله تعالى: * (لقد كفر الذين
قالوا إن الله ثالث ثلاثة) * (2)، وما في قوله تعالى:
* (ولا تقولوا ثلاثة) * (3).
وهذه الآيات وإن اشتملت بظاهرها على
كلمات مختلفة ذوات مضامين ومعان متفاوتة،
ولذلك ربما حملت (4) على اختلاف المذاهب في
ذلك كمذهب الملكانية القائلين بالبنوة الحقيقية،
والنسطورية القائلين بأن النزول والبنوة من قبيل
إشراق النور على جسم شفاف كالبلور،
واليعقوبية القائلين بأنه من الانقلاب، وقد انقلب
الإله سبحانه لحما ودما.
لكن الظاهر أن القرآن لا يهتم بخصوصيات
مذاهبهم المختلفة، وإنما يهتم بكلمة واحدة
مشتركة بينهم جميعا وهو البنوة، وأن المسيح من
سنخ الإله سبحانه، وما يتفرع عليه من حديث
التثليث وإن اختلفوا في تفسيرها اختلافا كثيرا،
وتعرقوا في المشاجرة والنزاع، والدليل على ذلك
وحدة الاحتجاج الوارد عليهم في القرآن لسانا.
بيان ذلك: أن التوراة والأناجيل الحاضرة
جميعا تصرح بتوحيد الإله تعالى من جانب،
والإنجيل يصرح بالبنوة من جانب آخر، وصرح
بأن الابن هو الأب لا غير.
ولم يحملوا البنوة الموجودة فيه على
التشريف والتبريك مع ما في موارد منه من
التصريح بذلك كقوله: " وأنا أقول لكم: أحبوا
أعداءكم، وباركوا على لاعنيكم، وأحسنوا إلى
من أبغضكم، وصلوا على من يطردكم ويعسفكم،
كيما تكونوا بني أبيكم الذي في السماوات، لأنه
المشرق شمسه على الأخيار والأشرار، والممطر
على الصديقين والظالمين، وإذا أحببتم من
يحبكم فأي أجر لكم؟ أليس العشارون يفعلون
كذلك؟! وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأي فضل
لكم؟ أليس كذلك يفعل الوثنيون؟! كونوا كاملين
مثل أبيكم السماوي فهو كامل " آخر الإصحاح
الخامس من إنجيل متى (5).
وقوله أيضا: " فليضئ نوركم قدام الناس
ليروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في
السماوات " إنجيل متى - الإصحاح الخامس.
وقوله أيضا: " لا تصنعوا جميع مراحمكم قدام
الناس كي يروكم، فليس لكم أجر عند أبيكم
الذي في السماوات ".
وقوله أيضا في الصلاة: " وهكذا تصلون أنتم،
يا أبانا الذي في السماوات يتقدس اسمك... إلخ ".
وقوله أيضا: " فإن غفرتم للناس خطاياهم
غفر لكم أبوكم السمايي خطاياكم " كل ذلك في
الإصحاح السادس من إنجيل متى.
وقوله: " وكونوا رحماء مثل أبيكم الرحيم "
إنجيل لوقا - الإصحاح السادس.
وقوله لمريم المجدلية: " امضي إلى إخوتي
وقولي لهم: إني صاعد إلى أبي الذي هو



(1) المائدة: 72.
(2) المائدة: 73.
(3) النساء: 171.
(4) كما فعله الشهرستاني في الملل والنحل.
(5) النسخة العربية المطبوعة سنة 1811 ميلادية، وعنها ننقل جميع
ما ننقله في هذا البحث عن كتب العهد العربية.
3168
أبوكم، وإلهي الذي هو إلهكم " إنجيل يوحنا -
الإصحاح العشرون.
فهذه وأمثالها من فقرات الأناجيل تطلق لفظ
الأب على الله تعالى وتقدس بالنسبة إلى عيسى
وغيره جميعا كما ترى بعناية التشريف ونحوه.
وإن كان ما في بعض الموارد منها يعطي أن
هذه البنوة والأبوة نوع من الاستكمال المؤدي إلى
الاتحاد كقوله: " تكلم اليسوع بهذا ورفع عينيه
إلى السماء، فقال: يا أبة قد حضرت الساعة فمجد
ابنك ليمجدك ابنك " ثم ذكر دعاءه لرسله من
تلامذته ثم قال: " ولست أسأل في هؤلاء فقط، بل
وفي الذين يؤمنون بي بقولهم ليكونوا بأجمعهم
واحدا، كما أنك يا أبت ثابت في وأنا أيضا فيك
ليكونوا أيضا فينا واحدا، ليؤمن العالم أنك
أرسلتني وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني،
ليكونوا واحدا كما نحن واحد أنا فيهم وأنت في،
ويكونوا كاملين لواحد لكي يعلم العالم أنك
أرسلتني وأنني أحببتهم كما أحببتني " إنجيل
يوحنا - الإصحاح السابع عشر.
لكن وقع فيها أقاويل يتأبى ظواهرها عن
تأويلها إلى التشريف ونحوه كقوله: " قال له توما:
يا سيد! ما نعلم أين تذهب، وكيف نقدر أن نعرف
الطريق؟ قال له يسوع: أنا هو الطريق والحق
والحياة، لا يأتي أحد إلى أبي إلا بي، لو كنتم
تعرفونني لعرفتم أبي أيضا ومن الآن تعرفونه وقد
رأيتموه أيضا، قال له فيلبس: يا سيد أرنا الأب
وحسبنا، قال له يسوع: أنا معكم كل هذا الزمان
ولم تعرفني يا فيلبس؟ من رآني فقد رأى الأب
فكيف تقول أنت: أرنا الأب؟ أما تؤمن أني في
أبي وأبي في؟ وهذا الكلام الذي أقوله لكم ليس
هو من ذاتي وحدي، بل أبي الحال في هو يفعل
هذه الأفعال، آمنوا بي، أنا في أبي وأبي في "
إنجيل يوحنا - الإصحاح الرابع عشر.
وقوله: " لكني خرجت من الله وجئت،
ولم آت من عندي بل هو أرسلني " إنجيل
يوحنا - الإصحاح الثامن.
وقوله: " أنا وأبي واحد نحن " إنجيل
يوحنا - الإصحاح العاشر.
وقوله لتلامذته: " اذهبوا وتلمذوا كل الأمم
وعمدوهم (1) باسم الأب والابن وروح القدس "
إنجيل متى - الإصحاح الثامن والعشرون.
وقوله: " في البدء كان الكلمة والكلمة كان
عند الله، والله كان الكلمة منذ البدء، كان هذا
عند الله، كل به كان، وبغيره لم يكن شئ مما
كان، به كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس "
إنجيل يوحنا - الإصحاح الأول.
فهذه الكلمات وما يماثلها مما وقع في
الإنجيل هي التي دعت النصارى إلى القول
بالتثليث في الوحدة.
والمراد به حفظ " أن المسيح ابن الله " مع
التحفظ على التوحيد الذي نص عليه المسيح
في تعليمه كما في قوله: " إن أول كل الوصايا:
اسمع يا إسرائيل! الرب إلهك إله واحد هو " إنجيل
مرقس - الإصحاح الثاني عشر.



(1) التعميد نوع من التغسيل عند النصارى يتطهر به المغتسل من
الذنوب، وهو من فرائض الكنيسة.
3169
ومحصل ما قالوا به - وإن كان لا يرجع
إلى محصل معقول -: أن الذات جوهر واحد له
أقانيم ثلاث، والمراد بالأقنوم هو الصفة التي هي
نحو ظهور الشئ وبروزه وتجليه لغيره، وليست
الصفة غير الموصوف، والأقانيم الثلاث هي:
أقنوم الوجود، وأقنوم العلم وهو الكلمة، وأقنوم
الحياة وهو الروح.
وهذه الأقانيم الثلاث هي: الأب والابن
والروح القدس: والأول أقنوم الوجود، والثاني
أقنوم العلم والكلمة، والثالث أقنوم الحياة،
فالابن - وهو الكلمة وأقنوم العلم - نزل من عند
أبيه وهو أقنوم الوجود بمصاحبة روح القدس
وهو أقنوم الحياة التي بها يستنير الأشياء.
ثم اختلفوا في تفسير هذا الجمال اختلافا
عظيما أوجب تشتتهم وانشعابهم شعبا ومذاهب
كثيرة تجاوز السبعين، وسيأتيك نبأها على قدر
ما يلائم حال هذا الكتاب.
إذا تأملت ما قدمناه عرفت: أن ما يحكيه
القرآن عنهم، أو ينسبه إليهم - بقوله: * (وقالت
النصارى المسيح ابن الله...) * الآية وقوله: * (لقد
كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم...) *
وقوله: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة...) *
وقوله: * (ولا تقولوا ثلاثة انتهوا...) * - كل ذلك
يرجع إلى معنى واحد وهو تثليث الوحدة هو
المشترك بين جميع المذاهب المستحدثة في
النصرانية، وهو الذي قدمناه في معنى تثليث
الوحدة. وإنما اقتصر فيه على هذا المعنى
المشترك لأن الذي يرد على أقوالهم في خصوص
المسيح (عليه السلام) على كثرتها وتشتتها مما يحتج به
القرآن أمر واحد يرد على وتيرة واحدة كما
سيتضح (1).



(1) الميزان: 3 / 279 انظر تمام الكلام.
3170
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
27 - إرميا عليه السلام
البحار: 14 / 351 باب 25 " قصص إرميا ودانيال وعزير ".
كنز العمال: 12 / 481 " دانيال ".
كنز العمال: 11 / 500 " عزير ".

3171
[3808]
إرميا (عليه السلام)
الكتاب
* (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها
قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها...) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أمات الله أرمياء النبي (عليه السلام)
الذي نظر إلى خراب بيت المقدس وما حوله حين
غزاهم بخت نصر، وقال: أنى يحيي هذه الله بعد
موتها؟ فأماته الله مائة عام ثم أحياه، ونظر إلى
أعضائه كيف تلتئم وكيف تلبس اللحم، وإلى
مفاصله وعروقه كيف توصل، فلما استوى قاعدا
قال: * (أعلم أن الله على كل شئ قدير) * (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سأله عالم نصراني عن
رجل دنا من امرأته فحملت باثنين، حملتهما
جميعا في ساعة واحدة، وولدتهما في ساعة
واحدة، وماتا في ساعة واحدة، ودفنا في قبر
واحد، عاش أحدهما خمسين ومائة سنة وعاش
الآخر خمسين سنة، من هما؟ -: عزير وعزرة،
كانا حملت أمهما بهما على ما وصفت ووضعتهما
على ما وصفت وعاش عزير وعزرة كذا وكذا
سنة، ثم أمات الله تبارك وتعالى عزيرا مائة سنة،
ثم بعث وعاش مع عزرة هذه الخمسين سنة،
وماتا كلاهما في ساعة واحدة (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوحى الله إلى أخي العزير:
يا عزير! إن أصابتك مصيبة فلا تشكني إلى
خلقي، فقد أصابني منك مصائب كثيرة ولم
أشكك إلى ملائكتي.
يا عزير! اعصني بقدر طاقتك على عذابي،
وسلني حوائجك على مقدار عملك، ولا تأمن
مكري حتى تدخل جنتي، فاهتز عزير يبكي،
فأوحى الله إليه: لا تبك يا عزير! فإن عصيتني
بجهلك غفرت لك بحلمي، لأني حليم لا أعجل
بالعقوبة على عبادي وأنا أرحم الراحمين (4).



(1) البقرة: 259.
(2) الاحتجاج: 2 / 230 / 223.
(3) الكافي: 8 / 123 / 94.
(4) كنز العمال: 32341.
3172
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
28 - يونس عليه السلام
البحار: 14 / 379 باب 26 " قصص يونس وأبيه متى "
كنز العمال: 11 / 518، 12 / 476 " يونس ".

3173
[3809]
يونس (عليه السلام)
الكتاب
* (وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك
المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت
وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه
إلى يوم يبعثون * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا
عليه شجرة من يقطين * وأرسلناه إلى مائة ألف أو
يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلى حين) * (1).
(انظر) يونس: 98، الأنبياء: 87، 88، القلم: 48 - 50.
- الإمام علي (عليه السلام) - لما سأله بعض اليهود عن
سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه -: يا يهودي
أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه
فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا
عند الله خير من يونس بن متى (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا ينبغي لنبي أن يقول: أنا خير
عند الله خير من يونس بن متى (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وهو رافع يده إلى
السماء -: رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين
أبدا لا أقل من ذلك ولا أكثر.
قال - ابن أبي يعفور -: فما كان بأسرع من أن
تحدر الدموع من جوانب لحيته، ثم أقبل علي
فقال: يا بن أبي يعفور إن يونس بن متى وكله الله
عز وجل إلى نفسه أقل من طرفة عين فأحدث
ذلك الذنب، قلت: فبلغ به كفرا أصلحك الله؟ قال:
لا، ولكن الموت على تلك الحال هلاك (5).
كلام في قصة يونس (عليه السلام) في فصول:
1 - لم يتعرض القرآن الكريم إلا لطرف من
قصته وقصة قومه، فقد تعرض في سورة الصافات
لإرساله ثم إباقه وركوبه الفلك والتقام الحوت له
ثم نجاته وإرساله إلى القوم وإيمانهم، قال تعالى:
* (وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك
المشحون...) * الآيات.
وفي سورة الأنبياء لتسبيحه في بطن الحوت
وتنجيته، قال تعالى: * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا
فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله
إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين *
فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي
المؤمنين) * (6).
وفي سورة ن لندائه مكظوما وخروجه من
بطنه واجتبائه، قال تعالى: * (فاصبر لحكم ربك



(1) الصافات: 139 - 148.
(2) البحار: 14 / 382 / 2.
(3) كنز العمال: 32422.
(4) كنز العمال: 32423.
(5) الكافي: 2 / 581 / 15.
(6) الأنبياء: 87، 88.
3174
ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم *
لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو
مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين) * (1).
وفي سورة يونس لإيمان قومه وكشف
العذاب، عنهم قال تعالى: * (فلولا كانت قرية
آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا
كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا
ومتعناهم إلى حين) * (2).
وخلاصة ما يستفاد من الآيات بضم بعضها
إلى بعض واعتبار القرائن الحافة بها: أن
يونس (عليه السلام) كان من الرسل أرسله الله تعالى إلى
قومه وهم جمع كثير يزيدون على مائة ألف
فدعاهم فلم يجيبوه إلا بالتكذيب والرد،
حتى جاءهم عذاب أوعدهم به يونس ثم خرج
من بينهم.
فلما أشرف عليهم العذاب وشاهدوه مشاهدة
عيان أجمعوا على الإيمان والتوبة إلى الله
سبحانه، فكشف الله عنهم عذاب الخزي في
الحياة الدنيا.
ثم إن يونس (عليه السلام) استخبر عن حالهم فوجد
العذاب انكشف عنهم - وكأنه لم يعلم بإيمانهم
وتوبتهم - فلم يعد إليهم وذهب لوجهه على ما به
من الغضب والسخط عليهم فكان ظاهر حاله حال
من يأبق من ربه مغاضبا عليه ظانا أنه لا يقدر
عليه، وركب البحر في فلك مشحون.
فعرض لهم حوت عظيم لم يجدوا بدا من أن
يلقوا إليه واحدا منهم يبتلعه وينجو الفلك بذلك،
فساهموا وقارعوا فيما بينهم فأصابت يونس (عليه السلام)،
فألقوه في البحر فابتلعه الحوت ونجت السفينة.
ثم إن الله سبحانه حفظه حيا سويا في
بطنه أياما وليالي، ويونس (عليه السلام) يعلم أنها
بلية ابتلاه الله بها مؤاخذة بما فعل، وهو ينادي
في بطنه أن * (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت
من الظالمين) *.
فاستجاب الله له فأمر الحوت أن يلفظه فنبذه
بالعراء وهو سقيم، فأنبت الله سبحانه عليه شجرة
من يقطين يستظل بأوراقها، ثم لما استقامت
حاله أرسله إلى قومه، فلبوا دعوته وآمنوا به
فمتعهم الله إلى حين.
والأخبار الواردة من طرق أئمة أهل
البيت (عليهم السلام) على كثرتها، وبعض الأخبار من طرق
أهل السنة، مشتركة المتون في قصة يونس (عليه السلام)
على النحو الذي يستفاد من الآيات، وإن اختلفت
في بعض الخصوصيات الخارجة عن ذلك (3).
2 - قصته عند أهل الكتاب: هو (عليه السلام) مذكور
باسم يوناه بن إمتاي في مواضع من العهد القديم،
وكذا في مواضع من العهد الجديد أشير في بعضها
إلى قصة لبثه في بطن الحوت، لكن لم تذكر قصته
الكاملة في شئ منهما.
ونقل الآلوسي في روح المعاني في قصته
عند أهل الكتاب ويؤيده ما في بعض كتبهم



(1) القلم: 48 - 50.
(2) يونس: 98.
(3) قال العلامة الطباطبائي: ولذلك لم نوردها لأنها في نفسها آحاد
لا حجية لها في مثل المقام ولا يمكن تصحيح خصوصياتها
بالآيات، وهو ظاهر لمن راجعها.
3175
من إجمال (1) القصة:
أن الله أمره بالذهاب إلى دعوة أهل نينوى (2)
وكانت إذ ذاك عظيمة جدا لا يقطع إلا في نحو
ثلاثة أيام وكانوا قد عظم شرهم وكثر فسادهم،
فاستعظم الأمر وهرب إلى ترسيس (3)، فجاء
يافا (4) فوجد سفينة يريد أهلها الذهاب بها إلى
ترسيس، فاستأجر وأعطى الأجرة وركب
السفينة، فهاجت ريح عظيمة وكثرت الأمواج
وأشرفت السفينة على الغرق.
ففزع الملاحون ورموا في البحر بعض الأمتعة
لتخف السفينة، وعند ذلك نزل يونس إلى بطن
السفينة ونام حتى علا نفسه فتقدم إليه الرئيس
فقال له: ما بالك نائما؟ قم وادع إلهك لعله
يخلصنا مما نحن فيه ولا يهلكنا.
وقال بعضهم لبعض: تعالوا: نتقارع لنعرف من
أصابنا هذا الشر بسببه، فتقارعوا فوقعت القرعة
على يونس فقالوا له: أخبرنا ماذا عملت؟ ومن
أين جئت؟ وإلى أين تمضي؟ ومن أي كورة أنت؟
ومن أي شعب أنت؟ فقال لهم: أنا عبد الرب إله
السماء خالق البر والبحر وأخبرهم خبره فخافوا
خوفا عظيما وقالوا له: لم صنعت ما صنعت؟
يلومونه على ذلك.
ثم قالوا له: ما نصنع الآن بك؟ ليسكن
البحر عنا؟ فقال: ألقوني في البحر يسكن فإنه
من أجلي صار هذا الموج العظيم فجهد الرجال أن
يردوه إلى البر فلم يستطيعوا فأخذوا يونس وألقوه
في البحر لنجاة جميع من في السفينة فسكن
البحر وأمر الله حوتا عظيما فابتلعه فبقي في بطنه
ثلاثة أيام وثلاث ليال وصلى في بطنه إلى ربه
واستغاث به فأمر سبحانه الحوت فألقاه إلى
اليبس ثم قال له: قم وامض إلى نينوى وناد في
أهلها كما أمرتك من قبل.
فمضى (عليه السلام) ونادى وقال: يخسف نينوى بعد
ثلاثة أيام فآمنت رجال نينوى بالله ونادوا بالصيام
ولبسوا المسوح جميعا ووصل الخبر إلى الملك
فقام عن كرسيه ونزع حلته ولبس مسحا وجلس
على الرماد ونودي أن لا يذق أحد من الناس
والبهائم طعاما ولا شرابا وجأروا إلى الله تعالى
ورجعوا عن الشر والظلم فرحمهم الله ولم ينزل
بهم العذاب.
فحزن يونس وقال: إلهي من هذا هربت، فإني
علمت أنك الرحيم الرؤف الصبور التواب. يا رب
خذ نفسي فالموت خير لي من الحياة فقال: يا
يونس حزنت من هذا جدا؟ فقال: نعم يا رب.
وخرج يونس وجلس مقابل المدينة وصنع له
هناك مظلة وجلس تحتها إلى أن يرى ما يكون في
المدينة؟ فأمر الله يقطينا فصعد على رأسه ليكون
ضلا له من كربه ففرح باليقطين فرحا عظيما وأمر
الله تعالى دودة فضربت اليقطين فجف ثم هبت
ريح سموم وأشرقت الشمس على رأس يونس
فعظم الأمر عليه واستطاب الموت.
فقال الرب: يا يونس أحزنت جدا على



(1) قاموس الكتاب المقدس.
(2) كانت مدينة عظيمة من مدائن آشور على ساحل دجلة.
(3) اسم مدينة.
(4) مدينة في الأرض المقدسة.
3176
اليقطين؟ فقال: نعم يا رب حزنت جدا فقال
تعالى: حزنت عليه وأنت لم تتعب فيه ولم تربه بل
صار من ليلته وهلك من ليلته فأنا لا أشفق على
نينوى المدينة العظيمة التي فيها أكثر من اثنا عشر
ربوة من الناس؟ قوم لا يعلمون يمينهم ولا
شمالهم وبهائمهم كثيرة انتهى.
وجهات اختلاف القصة مع ما يستفاد من
القرآن الكريم ظاهرة كالفرار من الرسالة وعدم
رضاه برفع العذاب عنهم مع علمه بإيمانهم
وتوبتهم.
فإن قلت: نظير ذلك وارد في القرآن الكريم
كنسبة الإباق إليه في سورة الصافات وكذا
مغاضبته وظنه أن الله لن يقدر عليه على ما في
سورة الأنبياء.
قلت: بين النسبتين فرق فكتبهم المقدسة
أعني العهدين لا تأبى عن نسبة المعاصي حتى
الكبائر الموبقة إلى الأنبياء (عليهم السلام) فلا موجب
لتوجيه ما نسب من المعاصي إليه بما يخرج به عن
كونه معصية بخلاف القرآن الكريم فإنه ينزه
ساحتهم عن لوث المعاصي حتى الصغائر فما ورد
فيه مما يوهم ذلك يحمل على أحسن الوجوه بهذه
القرينة الموجبة ولذا حملنا قوله: * (إذ أبق) *
وقوله: * (مغاضبا فظن أن لن نقدر) * على حكاية
الحال وإيهام فعله.
3 - ثناؤه تعالى عليه: أثنى الله سبحانه عليه
بأنه من المؤمنين (سورة الأنبياء 88) وأنه اجتباه
وقد عرفت أن اجتباءه إخلاصه العبد لنفسه
خاصة، وأنه جعله من الصالحين (سورة ن: 50)
وعده في سورة الأنعام فيمن عده من الأنبياء
وذكر أنه فضلهم على العالمين وأنه هداهم إلى
صراط مستقيم (سورة الأنعام: 87) (1).



(1) الميزان: 17 / 165.
3177
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
29 - جرجيس عليه السلام
البحار: 14 / 445 باب 29 " قصة جرجيس (عليه السلام) ".

3179
[3810]
جرجيس (عليه السلام)
- ابن عباس: بعث الله تعالى جرجيس (عليه السلام) إلى
ملك بالشام يقال له: دازانة (1) يعبد صنما، فقال له:
أيها الملك اقبل نصيحتي، لا ينبغي للخلق أن
يعبدوا غير الله تعالى، ولا يرغبوا إلا إليه، فقال له
الملك: من أي أرض أنت؟ قال: من الروم قاطنين
بفلسطين، فأمر بحبسه، ثم مشط جسده بأمشاط
من حديد حتى تساقط لحمه (2).



(1) في بعض النسخ وعن بعض المصادر: راذانة، وفي البحار:
داذانة. كما في هامش قصص الأنبياء.
(2) قصص الأنبياء: 238 / 307 انظر تمام الحديث.
3180
(502)
النبوة (2)
النبوة الخاصة (1)
30 - خالد بن سنان عليه السلام
البحار: 14 / 448 باب 30 " قصة خالد بن سنان العبسي (عليه السلام) ".

3181
[3811]
خالد بن سنان (عليه السلام)
- الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام): جاءت ابنة
خالد بن سنان العبسي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها:
مرحبا يا ابنة أخي، وصافحها وأدناها وبسط لها
رداءه، ثم أجلسها إلى جنبه ثم قال: هذه ابنة نبي
ضيعه قومه خالد بن سنان العبسي، وكان اسمها
محياة ابنة خالد بن سنان (1).
أقول: في بعض الأخبار أنه لم يكن نبيا،
وقال المجلسي رضوان الله عليه: الأخبار الدالة
على نبوته أقوى وأكثر.
[3812]
أنبياء لهم اسمان
- الإمام علي (عليه السلام) - لما سئل عن ستة من الأنبياء
لهم اسمان -: يوشع بن نون (عليه السلام) وهو ذو الكفل،
ويعقوب بن إسحاق (عليه السلام) وهو إسرائيل، والخضر (عليه السلام)
وهو حلقيا، ويونس (عليه السلام) وهو ذو النون،
وعيسى (عليه السلام) وهو المسيح، ومحمد (صلى الله عليه وآله) وهو أحمد
صلوات الله عليهم (2).
[3813]
ما ورد بلفظ نبي من الأنبياء
الكتاب
* (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما
أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب
الصابرين) * (3).
(انظر) الأنعام: 10، 34، 42، 112، الأعراف: 4،
5، يونس: 47، هود: 100، 102، 116،
117، الرعد: 32، الإسراء: 17، مريم: 98،
طه: 128، الأنبياء: 11 - 15، 41، الحج: 48،
52 - 54، النمل: 69، القصص: 58، 59،
السجدة: 26، سبأ: 34، 35، ص: 3، المؤمن:
21، 22، الزخرف: 6، 7، 23 - 25، ق: 36،
الذاريات: 52، التغابن: 5، 6.
- الإمام الباقر (عليه السلام): كان ما بين آدم وبين نوح
من الأنبياء مستخفين ومستعلنين، ولذلك خفي
ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمي من
استعلن من الأنبياء، وهو قول الله... * (ورسلا لم
نقصصهم عليك) * يعني اسم المستخفين كما
سميت المستعلنين من الأنبياء (4).
- عنه (عليه السلام): وكان من بين آدم ونوح من الأنبياء
مستخفين، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم
يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء صلوات
الله عليهم أجمعين، وهو قول الله عز وجل:



(1) كمال الدين: 660 / 3.
(2) البحار: 16 / 90 / 22.
(3) آل عمران: 146.
(4) تفسير العياشي: 1 / 285 / 306.
3182
* (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم
نقصصهم عليك) * يعني لم اسم المستخفين كما
سميت المستعلنين من الأنبياء (عليهم السلام) (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): يا عبد الحميد! إن لله
رسلا مستعلنين، ورسلا مستخفين، فإذا سألته
بحق المستعلنين فسله بحق المستخفين (2).
- الإمام الرضا (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى نبي
من أنبيائه: إذا أصبحت فأول شئ يستقبلك
فكله، والثاني فاكتمه، والثالث فاقبله، والرابع
فلا تؤيسه، والخامس فاهرب منه. فلما أصبح
مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف وقال:
أمرني ربي عز وجل أن آكل هذا، وبقي متحيرا،
ثم رجع إلى نفسه وقال: إن ربي جل جلاله
لا يأمرني إلا بما أطيق، فمشى إليه ليأكله، فكلما
دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها
فوجدها أطيب شئ أكله، ثم مضى فوجد طستا
من ذهب فقال له: أمرني ربي أن أكتم هذا،
فحفر له حفرة وجعله فيها وألقى عليه التراب، ثم
مضى فالتفت فإذا بالطست قد ظهر قال: قد فعلت
ما أمرني ربي عز وجل فمضى، فإذا هو بطير
وخلفه بازي فطاف الطير حوله فقال: أمرني
ربي عز وجل أن أقبل هذا، ففتح كمه فدخل
الطير فيه، فقال له البازي: أخذت صيدي وأنا
خلفه منذ أيام، فقال: إن ربي عز وجل
أمرني أن لا أويس هذا، فقطع من فخذه قطعة
فألقاها إليه ثم مضى، فلما مضى إذا هو
بلحم ميتة منتن مدود، فقال: أمرني
ربي عز وجل أن أهرب من هذا، فهرب منه
ورجع. فرأى في المنام كأنه قد قيل له:
إنك قد فعلت ما أمرت به، فهل تدري ما
ذاك كان؟ قال: لا، قيل له: أما الجبل فهو
الغضب، لعبد إذا غضب لم ير نفسه وجهل قدره
من عظم الغضب، فإذا حفظ نفسه وعرف قدره
وسكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة
التي أكلها، وأما الطست فهو العمل
الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى
الله عز وجل إلا أن يظهره ليزينه به مع
ما يدخر له من ثواب الآخرة، وأما الطير
فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل
نصيحته، وأما البازي فهو الرجل الذي يأتيك
في حاجة فلا تؤيسه، وأما اللحم المنتن فهو
الغيبة فاهرب منها (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن المجوس
أكان لهم نبي -: نعم، أما بلغك كتاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أهل مكة... فكتب إليهم
النبي (صلى الله عليه وآله): أن المجوس كان لهم نبي فقتلوه،
وكتاب أحرقوه، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني
عشر ألف جلد ثور (5).
(انظر) البحار: 14 / 451 باب 31.
باب 3773.



(1) الكافي: 8 / 115 / 92 والمراد بالرواية على أي حال أن الله
تعالى لم يذكر قصة المستخفين أصلا ولا سماهم، كما قص بعض
قصص المستعلنين وسمى من سمى منهم، ومن الجائز أن يكون
قوله: " يعني لم اسم... " من كلام الراوي. الميزان: 5 / 146.
(2) كمال الدين: 21.
(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 275 / 12.
(5) الكافي: 3 / 567 / 4.
3183
[3814]
الفترة
الكتاب
* (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة
من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم
بشير ونذير والله على كل شئ قدير) * (1).
- في تفسير القمي في قوله تعالى: * (على فترة
من الرسل) * قال علي (عليه السلام): انقطاع من الرسل (2).
- أبو الربيع: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في
السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك وكان
معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي
جعفر (عليه السلام) في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس.
فقال نافع: يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد
تداك عليه الناس؟
فقال: هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد
ابن علي!.
فقال: أشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل
لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي
نبي، قال: فاذهب إليه وسله لعلك تخجله.
فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم
أشرف على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا محمد بن
علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور
والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها، وقد جئت
أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي
نبي أو ابن نبي.
فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه فقال: سل عما بدا
لك، فقال: أخبرني كم بين عيسى وبين محمد (صلى الله عليه وآله)
من سنة؟.
قال: أخبرك بقولي أو بقولك؟ قال: أخبرني
بالقولين جميعا، قال: أما في قولي فخمسمائة
سنة، وأما في قولك فستمائة سنة (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان بين عيسى وبين
محمد (عليهما السلام) خمسمائة عام، منها مائتان وخمسون
عاما ليس فيها نبي ولا عالم ظاهر... كانوا
متمسكين بدين عيسى (عليه السلام) (4).



(1) المائدة: 19.
(2) تفسير علي بن إبراهيم: 1 / 164.
(3) الكافي: 8 / 120 / 93.
(4) كمال الدين: 161 / 20.
3184
(503)
النبوة (3)
النبوة الخاصة (2)
البحار: 15 - 22 " أبواب تاريخ نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) ".
كنز العمال: 12 / 347 " فضائل النبي (صلى الله عليه وآله) ".
البحار: 18 / 244 باب 2 " كيفية صدور الوحي ".
انظر:
عنوان: 52 " المباهلة "، 530 " الهجرة "، الرؤيا: باب 1400، الأمثال: باب 3600 - 3603.
التكلف: باب 3509، الدين: باب 1317.

3185
[3815]
محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
الكتاب
* (محمد رسول الله) * (1).
* (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم
حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) * (2).
* (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك
بعبادة ربه أحدا) * (3).
* (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا *
وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) * (4).
- حذيفة: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في سكة
من سكك المدينة: أنا محمد، وأحمد، والحاشر،
والمقفي، ونبي الرحمة (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا
الماحي الذي يمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي
يحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب - والعاقب
الذي ليس بعده نبي - (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أشبه الناس بآدم، وإبراهيم
أشبه الناس بي خلقه وخلقه، وسماني الله من
فوق عرشه عشرة أسماء، وبين الله وصفي،
وبشرني على لسان كل رسول بعثه الله إلى قومه،
وسماني ونشر في التوراة اسمي، وبث ذكري في
أهل التوراة والإنجيل، وعلمني كتابه، ورفعني
في سمائه، وشق لي اسما من أسمائه، فسماني
محمدا وهو محمود، وأخرجني في خير قرن من
أمتي، وجعل اسمي في التوراة أحيد، فبالتوحيد
حرم أجساد أمتي على النار، وسماني في الإنجيل
أحمد، فأنا محمود في أهل السماء، وجعل أمتي
الحامدين، وجعل اسمي في الزبور ماحي، محى
الله عز وجل بي من الأرض عبادة الأوثان، وجعل
اسمي في القرآن محمدا، فأنا محمود في جميع (7)
القيامة في فصل القضاء، لا يشفع أحد غيري،
وسماني في القيامة حاشرا، يحشر الناس على
قدمي، وسماني الموقف، أوقف الناس بين يدي
الله عز وجل، وسماني العاقب، أنا عقب النبيين
ليس بعدي رسول، وجعلني رسول الرحمة
ورسول التوبة ورسول الملاحم والمقتفى (8)،
قفيت النبيين جماعة، وأنا المقيم الكامل
الجامع، ومن علي ربي وقال لي: يا محمد



(1) الفتح: 29.
(2) التوبة: 128.
(3) الكهف: 110.
(4) الأحزاب: 45، 46.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 104.
(6) صحيح مسلم: 2354.
(7) في معاني الأخبار: 5 / 1 " جميع أهل القيامة ".
(8) في معاني الأخبار: 5 / 1 " المقفى ".
3186
صلى الله عليك فقد أرسلت كل رسول إلى أمته
بلسانها، وأرسلتك إلى كل أحمر وأسود من
خلقي، ونصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحدا،
وأحللت لك الغنيمة ولم تحل لأحد قبلك،
وأعطيتك لك ولامتك كنزا من كنوز عرشي:
فاتحة الكتاب، وخاتمة سورة البقرة، وجعلت لك
ولامتك الأرض كلها مسجدا وترابها طهورا
وأعطيت لك ولامتك التكبير، وقرنت ذكرك
بذكري حتى لا يذكرني أحد من أمتك إلا ذكرك مع
ذكري، فطوبى لك يا محمد ولامتك (1).
توضيح: قال شارح الشفاء للقاضي عياض:
أحيد بضم الهمزة، وفتح المهملة، وسكون
التحتية، فدال مهملة، وقيل: بفتح الهمزة،
وسكون المهملة، وفتح التحتية، قال: سميت
أحيد لأني أحيد بأمتي عن نار جهنم، أي
أعدل بهم، انتهى (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما سأله يهودي عن وجه
تسميته بمحمد وأحمد وأبي القاسم وبشير
ونذير وداع؟ -: أما محمد فإني محمود
في الأرض، وأما أحمد فإني محمود في السماء،
وأما أبو القاسم فإن الله عز وجل يقسم يوم القيامة
قسمة النار، فمن كفر بي من الأولين والآخرين
ففي النار، ويقسم قسمة الجنة، فمن آمن بي وأقر
بنبوتي ففي الجنة، وأما الداعي فإني أدعو
الناس إلى دين ربي عز وجل، وأما النذير فإني
أنذر بالنار من عصاني، وأما البشير فإني ابشر
بالجنة من أطاعني (3).
[3816]
خاتم النبيين
الكتاب
* (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله
وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس [إنه] لا نبي بعدي،
ولا سنة بعد سنتي، فمن ادعى ذلك فدعواه
وبدعته في النار، ومن ادعى ذلك فاقتلوه (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مثلي في النبيين كمثل رجل بنى
دارا فأحسنها وأكملها وأجملها وترك فيها موضع
لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان
ويعجبون منه ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة!
فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما بعثت فاتحا وخاتما (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أول الرسل آدم، وآخرهم محمد (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنه سيكون في أمتي كذابون
ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم
النبيين لا نبي بعدي (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز ذكره ختم
بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدا، وختم
بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدا (10).



(1) علل الشرائع: 127 / 3.
(2) البحار: 16 / 93 / 27.
(3) معاني الأخبار: 52 / 2.
(4) الأحزاب: 40.
(5) أمالي المفيد: 53 / 15.
(6) كنز العمال: 31981، 31994، 32269، 31761.
(7) كنز العمال: 31981، 31994، 32269، 31761.
(8) كنز العمال: 31981، 31994، 32269، 31761.
(9) كنز العمال: 31981، 31994، 32269، 31761.
(10) الكافي: 1 / 269 / 3.
3187
- عنه (عليه السلام): حتى جاء محمد (صلى الله عليه وآله) فجاء بالقرآن
وبشريعته ومنهاجه، فحلاله حلال إلى يوم
القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة (1).
- الإمام علي (عليه السلام): إلى أن بعث الله سبحانه
محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لإنجاز عدته، وإتمام
نبوته (2).
- عنه (عليه السلام) - في صفة النبي (صلى الله عليه وآله) -: أمين وحيه،
وخاتم رسله، وبشير رحمته، ونذير نقمته (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا العاقب الذي ليس
بعده نبي (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا خاتم النبيين، وعلي
خاتم الوصيين (5).
(انظر) صحيح مسلم: 4 / 1790 باب 7.
[3817]
شهادة الله على نبوته
الكتاب
* (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة
يشهدون وكفى بالله شهيدا) * (6).
* (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره
على الدين كله وكفى بالله شهيدا) * (7).
* (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده
خبيرا بصيرا) * (8).
* (قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في
السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله
أولئك هم الخاسرون) * (9).
* (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من
الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني
وبينكم وهو الغفور الرحيم) * (10).
* (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم
وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم
لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله
واحد وإنني برئ مما تشركون) * (11).
- الكلبي: أتى أهل مكة النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: ما
وجد الله رسولا غيرك؟! ما نرى أحدا يصدقك
فيما تقول، ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى
فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر، فأرنا من يشهد
أنك رسول الله كما تزعم، فنزل: * (قل أي شئ
أكبر شهادة...) * الآية، وقالوا: العجب أن الله تعالى
لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي
طالب، فنزل: * (الر تلك آيات الكتاب الحكيم *
أكان للناس عجبا...) * الآيات (12) (13).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى * (قل أي
شئ أكبر شهادة...) * -: وذلك أن مشركي أهل
مكة قالوا: يا محمد ما وجد الله رسولا يرسله



(1) الكافي: 2 / 17 / 2.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 1 و 173.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 1 و 173.
(4) الطبقات الكبرى: 1 / 105.
(5) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 74 / 345. انظر الإمامة: باب 186.
(6) النساء: 166.
(7) الفتح: 28.
(8) الإسراء: 96.
(9) العنكبوت: 52.
(10) الأحقاف: 8.
(11) الأنعام: 19.
(12) يونس: 1 و 2.
(13) البحار: 18 / 235 / 78.
3188
غيرك؟ ما نرى أحدا يصدقك بالذي تقول، وذلك
في أول ما دعاهم وهو يومئذ بمكة، قالوا: ولقد
سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك
ذكر عندهم، فأتنا بمن يشهد أنك رسول الله؟ قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (الله بيني وبينكم...) * الآية (1).
تبيين:
يمكن أن نتصور شهادة الله تعالى على نبوة
الأنبياء عن طريقين:
أ - الشهادة القولية.
ب - الشهادة العملية.
والشهادة القولية يمكن أن تكون على لونين:
1 - الوحي والإلهام: يمكن لله تعالى أن يعلن
للناس عن نبوة شخص ما، ويقدم الشهادة على
نبوته بواسطة الوحي والإلهام، غير أن الاستعانة
بهذا الطريق تكون في دائرة الإمكان حينما يتوفر
الناس على استعداد تلقي الوحي والإلهام.
وبعبارة أخرى: إن الإشكال ليس من جهة
المرسل، بل من جهة المستقبل، فإذا كان
المستقبل - الذي هو الناس - قادرا على تلقي
كلام الله أمكن أن يرسل الله تعالى لهم نداءه بصدد
نبوة نبيه، وبشكل مباشر.
ويستفاد من القرآن الكريم أن الله تعالى
استخدم هذا الأسلوب بصدد نبوة بعض الأنبياء،
كما هو الحال بالنسبة لنبوة عيسى لدى
الحواريين، حيث يقول: * (وإذ أوحيت إلى
الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد
بأننا مسلمون) * (2).
2 - المعجزة القولية: يختص الطريق الأول
بأولئك النفر الذين استبعدوا حجب المعرفة
القلبية، وأمكنهم الارتباط بالمصدر عن طريق
القلب بغية أن يتوفروا على حقائق المعرفة.
غير أن الطريق الثاني طريق عام، يعني يمكن
بواسطة هذا الطريق أن تستعين عامة الناس الذين
ليست لديهم القدرة على المعرفة القلبية.
وهذا الطريق عبارة عن أن الله تعالى يشهد
على نبوة نبيه بواسطة مقال معجز بذاته، يعني أن
عامة الناس تفهم بوضوح أن هذا الكلام ليس
كلاما بشريا، وأن الإنسان مهما ارتقى في مدارج
العلم والثقافة والأدب لا يقدر أن يأتي بمثل هذا
الحديث.
أما الشهادة العملية فيمكن أن تكون على
لونين أيضا:
1 - المعجزة: وهي عبارة عن فعل يدل على
ارتباط مدعي النبوة بالله تعالى، ومن هنا يعبر
القرآن الكريم عن هذا الفعل بالآية والبينة، نظير
إلقاء العصا وإحياء الموتى.
على هذا الأساس فإذا توفر مدعي النبوة على
معجزة فهي - أي المعجزة - شهادة عملية من قبل
الله تعالى على صدق المدعي.
2 - التقرير: إذا افترضنا أن شخصا قدم نفسه
للناس بوصفه ممثلا لشخصية ما، وألقى على
الناس في حضور تلك الشخصية بيانا يدعي فيه
أنه من قبلها، والتزمت تلك الشخصية الصمت
دون عذر، فمثل هذا السكوت والصمت تقرير



(1) البحار: 18 / 234 / 76.
(2) سورة المائدة: 111.
3189
وشهادة عملية من قبل تلك الشخصية على صدق
نيابة المدعي وصحة بيانه.
في ضوء ما تقدم: فإذا قدم فرد ما نفسه بوصفه
رسول الله تعالى، وطرح نبوته - بشكل من
الأشكال - بين يدي مبدع العالم، ولم تذعن لنبوته
عامة الناس فحسب، بل صدقه العلماء، ولم يبطل
الله تعالى ادعاءه أمام الناس عن طريق واضح،
فمثل هذا السكوت شهادة عملية وتقرير وتأييد
لصحة ادعائه.
ما هو الطريق الذي استخدمه الله تعالى
للشهادة على نبوة نبي الإسلام؟
بعد أن اتضح مفهوم شهادة الله تعالى يتحتم أن
نلاحظ: أي طريق من الطرق المذكورة استخدمه
الله تعالى لتصديق وتأييد نبوة نبي الإسلام؟
من خلال ملاحظة سيرة نبي الإسلام يتضح
أن الله تعالى دعم صحة نبوته بالطرق الأربعة
المتقدمة، وشهد بواسطة تلك الطرق على نبوته.
وتفصيل هذا البحث تجده فيما كتبته تحت
عنوان: " معرفة محمد (صلى الله عليه وآله) ".
[3818]
شهادة العلم
الكتاب
* (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو
الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد) * (1).
* (وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به
فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط
مستقيم) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): العلم حياة الإسلام وعماد
الإيمان (3).
- الإمام علي (عليه السلام): الإيمان والعلم أخوان
توأمان، ورفيقان لا يفترقان (4).
تبيين:
تدل الآيات والروايات المحررة على أن نبوة
رسول الإسلام ظاهرة علمية، تنسجم والمعايير
العقلية، والعلاقة بين العلم والإيمان - من حيث
الأساس - علاقة لاتقبل الانفصال.
بالنسبة لتفسير ماهية التلاحم بين العلم
والإيمان يتحتم الالتفات إلى ما يلي:
1 - أن مفهوم العلم من خلال الكتاب والسنة
يعني البصيرة العلمية.
2 - البصيرة العلمية هي إحساس ونور ورؤية
تهدي كل العلوم والمدركات الإنسانية، يعني
تضع العلم في طريق تكامل الفرد والمجتمع
الإنساني. وبعبارة أخرى: البصيرة العلمية هي
جوهر وروح العلم.
3 - يحترم الإسلام ويقيم كل فروع المعرفة،
شريطة أن تكون توأم البصيرة العلمية، وأن
تستهدف رشد الإنسانية وتكاملها.
4 - أن العلم المجرد عن البصيرة العلمية،

3190
يفضي إلى انحطاط وسقوط الإنسان، سواء في
ذلك علم التوحيد وغيره من العلوم، بل العلم بلا
بصيرة علمية ليس بعلم، حيث يفقد مزية العلم
التي هي رشد الإنسان وتكامله.
5 - العلم بعامته حينما تصحبه البصيرة
العلمية هو " علم التوحيد "، ولذا يرى القرآن
الكريم أن العلم عامة يستتبع الخوف والخشية من
الله: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) *.
يستنتج مفهومان من الآية أعلاه:
أ - أن المعني بالعلم هو البصيرة العلمية
بالمعنى الذي أوضحناه، إذ أن كل علم من العلوم
- حتى علم التوحيد - ما لم يكن متوفرا على روح
وجوهر العلم لا يبعث على الخشية.
ب - أن العلاقة بين العلم والإيمان تلاحمية
لاتقبل الانفصال، بمعنى أنه لا يمكن أن يبصر
الإنسان العالم كما هو، ولا يرى يد الله وصنعته.
من هنا يضع القرآن الكريم العلماء في صف
الملائكة بوصفهم شهودا على وحدانية مبدع
العالم: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة
وأولو العلم) *.
6 - العلم - بالمفهوم المتقدم - ليس
توأم الإيمان بالتوحيد فحسب، بل يصاحب
الإيمان بالنبوة أيضا، إذ كما يستحيل
أن يرى الإنسان العالم ولا ينتهي إلى الإيمان
بالله، كذلك لا يمكن أن يرى إنسان العالم وصانعه
ويعرف موقعه من الكون ثم لا يؤمن برسالة الله
التي تهدي إلى حكمة الإبداع: * (وما قدروا
الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر
من شئ) * وقد أثبتنا في بحث " النبوة العامة "
أن نفي النبوة يعادل نفي التوحيد.
7 - العلم - بالمفهوم المتقدم - ليس
توأم الإيمان بالتوحيد والنبوة العامة
فحسب، بل يصاحب الإيمان بالنبوة الخاصة
أيضا، يعني أن الإنسان حينما يتوفر على
البصيرة العلمية، ويرى الله في ضوء نور
المعرفة، ومن خلال ملاحظة آثار الوجود،
يمكنه بيسر أن يعرف رسل الله الواقعيين
على أساس نفس البصيرة العلمية وفي
ضوء عين المعرفة، ومن خلال ملاحظة
آثار النبوة.
غير أن الرؤية تبلغ في بعض الأحيان
درجة من القوة، بحيث يشاهد الإنسان نور
النبوة في شخص الرسول بواسطة الرؤية
القلبية، كما حصل ذلك بالنسبة للإمام
علي (عليه السلام) في رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) حيث يقول (عليه السلام):
" أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح
النبوة "، ومثل هذه المعرفة تدعى: المعرفة
القلبية والكشف والشهود الباطني.
ولا ترقى الرؤية في أحيان أخرى لتلك
المرتبة، بل يلاحظ الإنسان بواسطة الرؤية العقلية
آثار النبوة ودلائلها في شخص الرسول، وتدعى
مثل هذه المعرفة: المعرفة العقلية.
وكلا لوني المعرفة - من زاوية قرآنية - معرفة
علمية، تنتسب إلى البصيرة العلمية. وتفصيل هذا
البحث يمكنك أن تلاحظه فيما كتبته تحت عنوان
" المعرفة العلمية لمحمد (صلى الله عليه وآله) ".
المعرفة القلبية للنبوة من وجهة

3191
نظر الغزالي:
يرى الغزالي في كتابه " المنقذ من الضلال ":
أن أفضل طرق معرفة أنبياء الله وأكثرها قطعية هو
المعرفة القلبية والكشف والشهود الباطني، وهو
كذلك، فالشخص الذي يرى من خلال بصيرته
القلبية، ويلاحظ نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) بطريقة علوية،
فهو مضافا إلى استغنائه عن أي دليل لإثبات نبوة
محمد (صلى الله عليه وآله) يبلغ أرقى درجات المعرفة والبصيرة.
(انظر) التقوى: باب 4174.
[3819]
شهادة شاهد منه
الكتاب
* (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن
قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن
يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه
الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) * (1).
* (ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله
شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) * (2).
التفسير:
قوله تعالى: * (أفمن كان على بينة من ربه
ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما
ورحمة) * الجملة تفريع على ما مضى من الكلام
الذي هو في محل الاحتجاج على كون القرآن
كتابا منزلا من عند الله سبحانه، و " من " مبتدأ
خبره محذوف، والتقدير: كغيره، أو ما يؤدي
معناه، والدليل عليه قوله تلوا: * (أولئك يؤمنون به
ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) *.
والاستفهام إنكاري، والمعنى: ليس من كان
كذا وكذا كغيره ممن ليس كذلك، وأنت على هذه
الصفات، فلا تك في مرية من القرآن.
وقوله: * (على بينة من ربه) * البينة صفة
مشبهة معناها: الظاهرة الواضحة، غير أن
الأمور الظاهرة الواضحة ربما أوضحت ما ينضم
إليها ويتعلق بها كالنور الذي هو بين ظاهر
ويظهر به غيره، ولذلك كثر استعمال البينة فيما
يتبين به غيره كالحجة والآية، ويقال للشاهد على
دعوى المدعي: بينة.
وقد سمى الله تعالى الحجة بينة كما في
قوله: * (ليهلك من هلك عن بينة) * (3) وسمى آيته
بينة كما في قوله: * (قد جاءتكم بينة من ربكم
هذه ناقة الله لكم) * (4) وسمى البصيرة الخاصة
الإلهية التي أوتيها الأنبياء بينة كما في
قوله حكاية عن نوح (عليه السلام): * (يا قوم أرأيتم إن كنت
على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده) * (5)
أو مطلق البصيرة الإلهية كما هو ظاهر قوله
تعالى: * (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين
له سوء عمله واتبعوا أهواءهم) * (6) وقد قال تعالى
في معناه: * (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له
نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات



(1) هود: 17.
(2) الرعد: 43.
(3) الأنفال: 42.
(4) الأعراف: 73.
(5) هود: 28.
(6) محمد (صلى الله عليه وآله): 14.
3192
ليس بخارج منها) * (1).
والظاهر أن المراد بالبينة في المقام هو
هذا المعنى الأخير العام بقرينة قوله بعد:
* (أولئك يؤمنون به) * وإن كان المراد به بحسب
المورد هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن الكلام مسوق ليتفرع
عليه قوله: * (فلا تك في مرية منه) * فالمراد بها
البصيرة الإلهية التي أوتيها النبي (عليه السلام)
لا نفس القرآن النازل عليه، فإنه لا يحسن ظاهرا
أن يتفرع عليه قوله: * (فلا تك في مرية منه) *
وهو ظاهر، ولا ينافيه كون القرآن في نفسه بينة
من الله من جهة كونه آية منه تعالى كما في قوله:
* (قل إني على بينة من ربي وكذبتم به) * (2)،
فإن المقام غير المقام.
وبما مر يظهر أن قول من يقول: إن
المراد ب‍ * (من كان...) * إلخ، النبي خاصة
إرادة استعمالية ليس في محله، وإنما هو
مراد بحسب انطباق المورد. وكذا قول من قال:
إن المراد به المؤمنون من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا
دليل على التخصيص.
ويظهر أيضا فساد القول بأن المراد بالبينة
هو القرآن، وكذا القول بأنها حجة العقل
وأضيفت إلى الرب تعالى لأنه ينصب الأدلة
العقلية والنقلية.
ووجه فساده أنه لا دليل على التخصيص،
ولا تقاس البينة القائمة للنبي (عليه السلام) من
ناحيته تعالى بالتعريف الإلهي القائم لنا من
ناحية العقول.
وقوله تعالى: * (ويتلوه شاهد منه) * المراد
بالشهادة تأدية الشهادة التي تفيد صحة
الأمر المشهود له، دون تحملها، فإن المقام مقام
تثبيت حقية القرآن، وهو إنما يناسب الشهادة
بمعنى التأدية لا بمعنى التحمل.
والظاهر أن المراد بهذا الشاهد بعض من أيقن
بحقية القرآن وكان على بصيرة إلهية من أمره
فآمن به عن بصيرته وشهد بأنه حق منزل من
عند الله تعالى كما يشهد بالتوحيد والرسالة، فإن
شهادة الموقن البصير على أمر تدفع عن الإنسان
مرية الاستيحاش وريب التفرد، فإن الإنسان إذا
أذعن بأمر وتفرد فيه ربما أوحشه التفرد فيه إذا لم
يؤيده أحد في القول به، أما إذا قال به غيره من
الناس وأيد نظره في ذلك زالت عنه الوحشة
وقوي قلبه وارتبط جأشه، وقد احتج تعالى
بما يماثل هذا المعنى في قوله: * (قل أرأيتم إن كان
من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني
إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم) * (3).
وعلى هذا فقوله: " يتلوه " من التلو لا من
التلاوة، والضمير فيه راجع إلى " من " أو إلى
" بينة " باعتبار أنه نور أو دليل، ومآل الوجهين
واحد، فإن الشاهد الذي يلي صاحب البينة يلي
بينته كما يلي نفسه، والضمير في قوله: " منه "
راجع إلى " من " دون قوله: " ربه "، وعدم رجوعه
إلى البينة ظاهر، ومحصل المعنى: من كان على
بصيرة إلهية من أمر ولحق به من هو من نفسه
فشهد على صحة أمره واستقامته.



(1) الأنعام: 122، 57.
(2) الأنعام: 122، 57.
(3) الأحقاف: 10.
3193
وعلى هذا الوجه ينطبق ما ورد في روايات
الفريقين أن المراد بالشاهد: علي (عليه السلام) إن
أريد به أنه المراد بحسب انطباق المورد لا بمعنى
الإرادة الاستعمالية (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في قوله تعالى: * (أفمن
كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * -:
على بينة من ربه وأنا شاهد منه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): * (أفمن كان على بينة من ربه) *
أنا، * (ويتلوه شاهد منه) * علي (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا على بينة من ربه، وعلي
الشاهد منه (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - أنه كان يوم الجمعة
يخطب على المنبر -: والذي فلق الحبة وبرأ
النسمة مامن رجل من قريش جرت عليه
المواسي إلا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله
عز وجل، أعرفها كما أعرفه، فقام إليه رجل فقال:
يا أمير المؤمنين ما آيتك التي نزلت فيك؟ فقال:
إذا سألت فافهم ولا عليك أن لا تسأل عنها غيري،
أقرأت سورة هود؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين،
قال: فسمعت الله عز وجل يقول: * (أفمن كان على
بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) *؟ قال: نعم، قال:
فالذي على بينة من ربه محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
والذي يتلوه شاهد منه وهو الشاهد وهو منه علي
ابن أبي طالب، وأنا الشاهد وأنا منه (صلى الله عليه وآله وسلم) (5).
- عنه (عليه السلام) - لرجل سأله عن أفضل منقبة له -:
ما أنزل الله في كتابه، قال: وما أنزل فيك؟ قال:
* (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) *
قال (6): أنا الشاهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (7).
- عنه (عليه السلام): لو كسرت لي وسادة (8) فقعدت
عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم،
وأهل الإنجيل بإنجيلهم، وأهل الزبور بزبورهم،
وأهل الفرقان بفرقانهم، بقضاء يصعد إلى الله
يزهر (9)، والله ما نزلت آية في كتاب الله في ليل
أو نهار إلا وقد علمت فيمن أنزلت، ولا أحد
ممن مر على رأسه المواسي من قريش إلا وقد
نزلت فيه آية من كتاب الله تسوقه إلى الجنة أو
إلى النار، فقام إليه رجل فقال: يا أمير
المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك؟ قال له:
أما سمعت الله يقول: * (أفمن كان على بينة من ربه
ويتلوه شاهد منه) * قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بينة
من ربه وأنا شاهد له [فيه] وأتلوه معه (10).
- عنه (عليه السلام) - وهو على المنبر -: ما من رجل
من قريش إلا قد نزلت فيه آية أو آيتان،
فقال رجل ممن تحته (11): فما نزل فيك أنت؟
فغضب ثم قال: أما لو لم تسألني (12) على رؤوس



(1) الميزان: 10 / 183 / 185.
(2) كنز العمال: 4439، 4440.
(3) كنز العمال: 4439، 4440.
(4) البحار: 35 / 393 / 17.
(5) أمالي الطوسي: 371 / 800.
(6) ليست كلمة " قال " في المصدر، كما في هامش البحار.
(7) البحار: 35 / 387 / 4.
(8) كسر الوسادة: ثناها واتكأ عليها. والوسادة: المخدة، المتكأ.
(9) أي يتلألأ. وهو كناية عن إحكامه بحيث لا يعتريه الزلل والخطأ.
(11) البحار: 35 / 387 / 5.
(12) في المصدر: ممن يحبه. وهو وهم، فإن الرجل ابن الكواء وكان
قد جلس تحت المنبر، كما في هامش البحار.
(7) في المصدر: أما أنك لو لم تسألني، كما في هامش البحار.
3194
القوم ما حدثتك، ويحك هل تقرأ سورة هود؟
ثم قرأ (عليه السلام) * (أفمن كان على بينة من ربه
ويتلوه شاهد منه) * رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بينة وأنا
شاهد منه.
أقول: قال ابن بطريق في المستدرك:
روى الحافظ أبو نعيم بإسناده إلى عباد
مثله، وروى أبو مريم مثله، والصباح بن
يحيى وعبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن
المنهال بن عمرو مثله (1).
- عنه (عليه السلام): ما أحد جرت عليه المواسي إلا
وقد أنزل الله فيه قرآنا، فقام إليه رجل من
مبغضيه فقال له: فما أنزل الله تعالى فيك؟
فقام الناس إليه يضربونه، فقال: دعوه،
أتقرأ سورة هود؟ فقال: نعم، قال: فقرأ (عليه السلام)
* (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) *
ثم قال: الذي كان على بينة من ربه محمد (صلى الله عليه وآله)،
والشاهد الذي يتلوه أنا (2).
- عنه (عليه السلام): ما من رجل من قريش إلا نزل فيه
طائفة من القرآن، فقال رجل: ما نزل فيك؟ قال:
أما تقرأ سورة هود؟ * (أفمن كان على بينة من ربه
ويتلوه شاهد منه) * رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بينة من ربه
وأنا شاهد منه. وأخرج ابن مردويه وابن عساكر
عن علي (عليه السلام) في الآية قال: قال (عليه السلام): رسول
الله (صلى الله عليه وآله) على بينة من ربه وأنا شاهد منه. قال:
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن علي (عليه السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (أفمن كان على بينة
من ربه) *: أنا * (ويتلوه شاهد منه) * علي (3).
بيان: أقول: روى العلامة مثل ذلك من
طريق الجمهور، وقال السيد ابن طاووس
في كتاب سعد السعود: وقد روي أن المقصود
بقوله جل جلاله: * (شاهد منه) * هو علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، محمد بن العباس بن مروان في كتابه
من ستة وستين طريقا بأسانيدها (4).
- عنه (عليه السلام): مامن رجل من قريش إلا وقد
أنزلت فيه آية أو آيتان من كتاب الله، فقال
رجل من القوم فما [ا] نزل فيك يا أمير المؤمنين؟
فقال: أما تقرأ الآية التي في هود: * (أفمن كان
على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * محمد (صلى الله عليه وآله)
على بينة من ربه، وأنا الشاهد (5).
- عنه (عليه السلام): * (أفمن كان على بينة من ربه) *
[محمد] * (ويتلوه شاهد) * أنا (6).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (أفمن كان على
بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * -: رسول الله (صلى الله عليه وآله)
على بينة من ربه، وأنا الشاهد (7).
- عبد الله بن عطاء: كنت جالسا مع أبي
جعفر (عليه السلام) في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فرأيت ابن
عبد الله بن سلام جالسا في ناحية، فقلت لأبي
جعفر (عليه السلام): زعموا أن أبا هذا الذي عنده
علم الكتاب، فقال: لا، إنما ذاك أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) نزل فيه
* (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) *
فالنبي (صلى الله عليه وآله) على بينة من ربه، وأمير المؤمنين



(1) البحار: 35 / 392 / 15.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 287.
(3) البحار: 35 / 393 / 18 وص 388 / 7 و ح 8.
(4) البحار: 35 / 393 / 18 وص 388 / 7 و ح 8.
(5) البحار: 35 / 393 / 18 وص 388 / 7 و ح 8.
(6) البحار: 35 / 393 / 18 وص 388 / 7 و ح 8.
(7) البحار: 35 / 393 / 18 وص 388 / 7 و ح 8.
3195
علي بن أبي طالب شاهد منه (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): الذي على بينة من
ربه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والذي تلاه من بعده الشاهد
منه أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم أوصياؤه واحدا
بعد واحد (2).
- في معاهدة الحديبية: ورجع حفص بن
الأحنف وسهيل بن عمرو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فقالا: يا محمد! قد أجابت قريش إلى ما
اشترطت عليهم من إظهار الإسلام وأن لا يكره
أحد على دينه، فدعا رسول الله بالمكتب ودعا
أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: اكتب.
فكتب أمير المؤمنين (عليه السلام) بسم الله الرحمن
الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: لا نعرف الرحمن،
اكتب كما كان يكتب آباؤك " باسمك اللهم " فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): اكتب " باسمك اللهم " فإنه اسم من
أسماء الله، ثم كتب: هذا ما تقاضى عليه محمد
رسول الله (صلى الله عليه وآله) والملأ من قريش، فقال سهيل بن
عمرو: لو علمنا أنك رسول الله ما حاربناك، اكتب
هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله، أتأنف من
نسبك يا محمد؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا رسول الله
وإن لم تقروا، ثم قال: امح يا علي واكتب محمد بن
عبد الله، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أمحو اسمك
من النبوة أبدا، فمحاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده ثم كتب:
هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله والملأ من
قريش وسهيل بن عمرو، اصطلحوا على وضع
الحرب بينهم عشر سنين، على أن يكف بعضنا
عن بعض، وعلى أنه لا إسلال ولا إغلال، وأن
بيننا وبينهم غيبة مكفوفة، وأنه من أحب أن
يدخل في عهد محمد وعقده فعل، وأن من أحب
أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل، وأنه من
أتى من قريش إلى أصحاب محمد بغير إذن وليه
يرده إليه، وأنه من أتى قريشا من أصحاب محمد
لم يرده إليه، وأن يكون الإسلام ظاهرا بمكة لا
يكره أحد على دينه ولا يؤذى ولا يعير، وأن
محمدا يرجع عنهم عامه هذا وأصحابه ثم يدخل
علينا في العام القابل مكة، فيقيم فيها ثلاثة أيام،
ولا يدخل عليها بسلاح إلا سلاح المسافر
السيوف في القراب، وكتب علي بن أبي طالب
وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إنك أبيت أن
تمحو اسمي من النبوة، فوالذي بعثني بالحق نبيا
لتجيبن أبناءهم إلى مثلها وأنت مضيض مضطهد،
فلما كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب: " هذا
ما اصطلح عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
ومعاوية بن أبي سفيان " فقال عمرو بن العاص: لو
علمنا أنك أمير المؤمنين ما حاربناك، ولكن اكتب
هذا ما اصطلح عليه علي بن أبي طالب ومعاوية
ابن أبي سفيان، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): صدق الله
وصدق رسوله (صلى الله عليه وآله)، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك،
ثم كتب الكتاب (3).
أقول: عن محمد بن كعب أن كاتب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الصلح كان علي بن أبي طالب (عليه السلام)،
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): اكتب هذا ما صالح عليه
محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو. فجعل علي (عليه السلام)



(1) البحار: 35 / 391 / 13 وص 388 / 6.
(2) البحار: 35 / 391 / 13 وص 388 / 6.
(3) تفسير القمي: 2 / 312.
3196
يتلكأ ويأبى أن يكتب إلا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فإن لك مثلها تعطيها وأنت
مضطهد، فكتب ما قالوا (1).
وفي نقل: فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): امحها يا علي،
فقال: يا رسول الله إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك
من النبوة، قال له: فضع يدي عليها، فمحاها
رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده، وقال لأمير المؤمنين (عليه السلام):
ستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض، ثم
تمم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكتاب (2).
- الإمام علي (عليه السلام): لما كان يوم القضية (3)
حين رد المشركون النبي (صلى الله عليه وآله) ومن معه ودافعوه
عن المسجد أن يدخلوه، فهادنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فكتبوا بينهم كتابا، قال علي (عليه السلام): فكنت
أنا الذي كتب، فكتبت: باسمك اللهم هذا
كتاب بين محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين قريش، فقال
سهيل بن عمرو: لو أقررنا أنك رسول الله لم
ينازعك أحد، فقلت: بل هو رسول الله وأنفك
راغم، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): اكتب له ما
أراد ستعطي يا علي بعدي مثلها، قال:
فلما كتبت الصلح بيني وبين أهل الشام
فكتبت: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب
بين علي أمير المؤمنين وبين معاوية بن
أبي سفيان، فقال معاوية وعمرو بن العاص:
لو علمنا أنك أمير المؤمنين لم ننازعك،
فقلت: اكتبوا ما رأيتم، فعلمت أن قول رسول
الله (صلى الله عليه وآله) قد جاء حقا (4).
(انظر) باب 3822، البحار: 20 / 333، و 368،
و 371، تاريخ دمشق لابن عساكر: 3 / 152،
الكافي: 8 / 326، نهج السعادة: 2 / 273 / 230.
[3820]
شهادة الأنبياء
الكتاب
* (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله
إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول
يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا
سحر مبين * ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو
يدعى إلى الاسلام والله لا يهدي القوم الظالمين) * (5).
* (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه
مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) * (6).
(انظر) البقرة: 89، 101، 129، 146، آل عمران: 81 و 82.
- في مناظرة الرضا (عليه السلام) أصحاب الملل
والمقالات -:
قال رأس الجالوت: من أين تثبت نبوة
محمد - (صلى الله عليه وآله) -؟
قال الرضا (عليه السلام): شهد بنبوته موسى بن
عمران، وعيسى بن مريم، وداود خليفة
الله في الأرض (عليهم السلام).
فقال له: أثبت قول موسى بن عمران!
قال الرضا (عليه السلام): تعلم يا يهودي أن موسى أوصى
بني إسرائيل فقال له: إنه سيأتيكم نبي

3197
من إخوانكم فيه فصدقوا، ومنه فاسمعوا، فهل
تعلم أن لبني إسرائيل إخوة غير ولد إسماعيل،
إن كنت تعرف قرابة إسرائيل من إسماعيل
والنسب الذي بينهما من قبل إبراهيم (عليه السلام)؟
فقال رأس الجالوت: هذا قول موسى
لا ندفعه.
فقال له الرضا (عليه السلام): هل جاءكم من إخوة بني
إسرائيل نبي غير محمد (صلى الله عليه وآله)؟
قال: لا.
فقال الرضا (عليه السلام): أفليس قد صح هذا عندكم؟
قال: نعم. ولكني أحب أن تصححه لي
من التوراة.
فقال له الرضا (عليه السلام): هل تنكر أن التوراة
تقول لكم: جاء النور من قبل طور سيناء،
وأضاء للناس من جبل ساعير، واستعلن علينا
من جبل فاران؟
قال رأس الجالوت: أعرف هذه الكلمات وما
أعرف تفسيرها.
قال الرضا (عليه السلام): أنا أخبرك به، أما قوله:
جاء النور من قبل طور سيناء: فذلك وحي الله
تبارك وتعالى الذي أنزله على موسى على جبل
طور سيناء، وأما قوله: وأضاء للناس في جبل
ساعير: فهو الجبل الذي أوحى الله عز وجل إلى
عيسى بن مريم (عليه السلام) وهو عليه، وأما قوله:
واستعلن علينا من جبل فاران: فذاك جبل من
جبال مكة، وبينه وبينها يومان أو يوم.
قال شعيا النبي - فيما تقول أنت وأصحابك في
التوراة -: رأيت راكبين أضاء لهما الأرض،
أحدهما على حمار، والآخر على جمل، فمن
راكب الحمار ومن راكب الجمل؟
قال رأس الجالوت: لا أعرفهما، فخبرني
بهما!.
قال: أما راكب الحمار فعيسى، وأما راكب
الجمل فمحمد (صلى الله عليه وآله)، أتنكر هذا من التوراة؟
قال: لا ما أنكره.
ثم قال الرضا (عليه السلام): هل تعرف حيقوق
النبي (عليه السلام)؟
قال: نعم إني به لعارف!
قال: فإنه قال - وكتابكم ينطق به -: جاء الله
تعالى بالبيان من جبل فاران، وامتلأت السماوات
من تسبيح أحمد وأمته، يحمل خيله في البحر كما
يحمل في البر، يأتينا بكتاب جديد بعد خراب
بيت المقدس - يعني بالكتاب: القرآن - أتعرف
هذا وتؤمن به؟
قال رأس الجالوت: قد قال ذلك حيقوق
النبي (عليه السلام) ولا ننكر قوله.
قال الرضا (عليه السلام): فقد قال داود (عليه السلام) في
زبوره - وأنت تقرأه -: اللهم ابعث مقيم السنة
بعد الفترة، فهل تعرف نبيا أقام السنة بعد الفترة
غير محمد (صلى الله عليه وآله)؟
قال رأس الجالوت: هذا قول داود نعرفه
ولا ننكره، ولكن عنى بذلك عيسى (عليه السلام)، وأيامه
هي الفترة.
قال الرضا (عليه السلام): جهلت أن عيسى لم يخالف

3198
السنة، وكان موافقا لسنة التوراة حتى
رفعه الله إليه، وفي الإنجيل مكتوب: إن ابن
البرة ذاهب و (الفارقليطا) جائي من بعده، وهو
يخفف الآصار، ويفسر لكم كل شئ، ويشهد لي
كما شهدت له، أنا جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم
بالتأويل، أتؤمن بهذا في الإنجيل؟.
قال: نعم، لا أنكره (1).
- سأل النبي (صلى الله عليه وآله) اليهود فقال: أسألكم بكتابكم
الذي تقرؤون هل تجدونه قد بشر بي عيسى أن
يأتيكم رسول اسمه أحمد؟ فقالوا: اللهم وجدناك
في كتابنا ولكنا كرهناك لأنك تستحل الأموال
وتهرق الدماء، فأنزل الله: * (من كان عدوا لله
وملائكته ورسله...) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن بدء أمره -:
دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه
يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام (3).
- الإمام علي (عليه السلام):... إلى أن بعث الله سبحانه
محمدا (صلى الله عليه وآله) مأخوذا على النبيين ميثاقه، مشهورة
سماته (4).
- أوحى الله إلى يعقوب أني أبعث من ذريتك
ملوكا وأنبياء حتى أبعث النبي الحرمي الذي
تبني أمته هيكل بيت المقدس، وهو خاتم
الأنبياء، واسمه أحمد (5).
- الشعبي: في مجلة إبراهيم (عليه السلام): إنه
كائن من ولدك شعوب وشعوب، حتى يأتي النبي
الأمي الذي يكون خاتم الأنبياء (6).
- كعب: إن نعت محمد (صلى الله عليه وآله) في التوراة: محمد
عبدي المختار، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب
في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن
يعفو ويغفر، مولده بمكة، ومهاجره بالمدينة،
وملكه بالشام (7).
- عبد الحميد بن جعفر عن أبيه: كان الزبير بن
باطا - وكان أعلم اليهود - يقول: إني وجدت
سفرا كان أبي يختمه علي، فيه ذكر أحمد
نبي يخرج بأرض القرظ صفته كذا وكذا، فتحدث
به الزبير بعد أبيه والنبي (صلى الله عليه وآله) لم يبعث، فما هو
إلا أن سمع بالنبي (صلى الله عليه وآله) قد خرج بمكة حتى
عمد إلى ذلك السفر فمحاه وكتم شأن النبي (صلى الله عليه وآله)
وقال: ليس به (8).
- أبو نملة - أيضا -: كانت يهود بني قريظة
يدرسون ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كتبهم، ويعلمونه
الولدان بصفته واسمه ومهاجره إلينا، فلما ظهر
رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسدوا وبغوا وقالوا: ليس به (9).
- قدم وفد نجران - وفيهم أبو الحارث بن
علقمة بن ربيعة، له علم بدينهم ورئاسة، وكان
أسقفهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وله فيهم
قدر - فعثرت به بغلته، فقال أخوه: تعس
الأبعد، يريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال أبو الحارث:
بل تعست أنت، أتشتم رجلا من المرسلين؟!
إنه الذي بشر به عيسى وإنه لفي التوراة!
قال: فما يمنعك من دينه؟ قال: شرفنا هؤلاء



(1) الاحتجاج: 2 / 414 / 307.
(2) الدر المنثور: 1 / 225 وص 334.
(3) الدر المنثور: 1 / 225 وص 334.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 163 وص 360 و 159 و 160.
(6) الطبقات الكبرى: 1 / 163 وص 360 و 159 و 160.
(7) الطبقات الكبرى: 1 / 163 وص 360 و 159 و 160.
(8) الطبقات الكبرى: 1 / 163 وص 360 و 159 و 160.
(9) الطبقات الكبرى: 1 / 163 وص 360 و 159 و 160.
3199
القوم وأكرمونا ومولونا، وقد أبوا
إلا خلافه (1).
(انظر) البحار: 15 / 174 باب 2.
الطبقات الكبرى: 1 / 360.
أنيس الأعلام: 5 / 48، 186.
[3821]
شهادة علماء أهل الكتاب
الكتاب
* (أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني
إسرائيل) * (2).
* (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم
تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا
فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من
الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين) * (3).
* (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد
شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله
لا يهدي القوم الظالمين) * (4).
- عمر بن الخطاب - لعبد الله بن سلام، لما
نزل قوله تعالى: * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه
كما يعرفون أبناءهم...) * -: هل تعرفون محمدا
في كتابكم؟ قال: نعم والله نعرفه بالنعت الذي
نعته الله لنا إذا رأيناه فيكم، كما يعرف أحدنا ابنه
إذا رآه مع الغلمان، والذي يحلف به ابن سلام لأنا
بمحمد هذا أشد معرفة مني بابني (5).
- ابن عباس: بعثت قريش النضر بن الحارث
بن علقمة وعقبة بن أبي معيط وغيرهما إلى يهود
يثرب وقالوا لهم: سلوهم عن محمد، فقدموا
المدينة فقالوا: أتيناكم لأمر حدث فينا منا غلام
يتيم حقير يقول قولا عظيما يزعم أنه رسول
الرحمن، ولا نعرف الرحمن إلا رحمان اليمامة.
قالوا: صفوا لنا صفته، فوصفوا لهم، قالوا:
فمن تبعه منكم؟ قالوا: سفلتنا، فضحك حبر
منهم، وقال: هذا النبي الذي نجد نعته ونجد قومه
أشد الناس له عداوة (6).
التفسير:
قوله تعالى: * (أولم يكن لهم آية أن يعلمه
علماء بني إسرائيل) * ضمير " أن يعلمه " لخبر
القرآن أو خبر نزوله على النبي (صلى الله عليه وآله)، أي أولم يكن
علم علماء بني إسرائيل بخبر القرآن أو نزوله
عليك على سبيل البشارة في كتب الأنبياء
الماضين آية للمشركين على صحة نبوتك،
وكانت اليهود تبشر بذلك وتستفتح على العرب
به، كما مر في قوله تعالى: * (وكانوا من قبل
يستفتحون على الذين كفروا) * (7).
وقد أسلم عدة من علماء اليهود في عهد
النبي (صلى الله عليه وآله) واعترفوا بأنه مبشر به في كتبهم،
والسورة من أوائل السور المكية النازلة قبل
الهجرة ولم تبلغ عداوة اليهود للنبي (صلى الله عليه وآله) مبلغها
بعد الهجرة، وكان من المرجو أن ينطقوا ببعض ما



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 164.
(2) الشعراء: 197.
(3) المائدة: 83، 84.
(4) الأحقاف: 10.
(5) البحار: 15 / 180 / 2.
(6) الطبقات الكبرى: 1 / 165.
(7) البقرة: 89.
3200
عندهم من الحق ولو بوجه كلي (1).
قوله تعالى: * (قل أرأيتم إن كان من
عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل
على مثله فآمن واستكبرتم...) * إلخ، ضمائر
" كان " و " به " و " مثله " - على ما يعطيه السياق -
للقرآن، وقوله: " وشهد شاهد من بني إسرائيل... "
إلخ، معطوف على الشرط ويشاركه في الجزاء،
والمراد بمثل القرآن مثله من حيث مضمونه
في المعارف الإلهية وهو كتاب التوراة
الأصلية التي نزلت على موسى (عليه السلام)، وقوله:
" فآمن واستكبرتم " أي فآمن الشاهد الإسرائيلي
المذكور بعد شهادته.
وقوله * (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) *
تعليل للجزاء المحذوف دال عليه، والظاهر
أنه " ألستم ضالين " لا ما قيل: إنه " ألستم
ظلمتم " لأن التعليل بعدم هداية الله الظالمين
إنما يلائم ضلالهم لا ظلمهم، وإن كانوا متصفين
بالوصفين جميعا.
والمعنى: قل للمشركين: أخبروني إن
كان هذا القرآن من عند الله - والحال أنكم كفرتم
به - وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثل ما
في القرآن من المعارف، فآمن هو واستكبرتم
أنتم ألستم في ضلال؟ فإن الله لا يهدي
القوم الظالمين.
والذي شهد على مثله فآمن على ما في بعض
الأخبار هو عبد الله بن سلام من علماء اليهود،
والآية على هذا مدنية لا مكية لأنه ممن
آمن بالمدينة، وقول بعضهم - من الجائز أن يكون
التعبير بالماضي في قوله: * (وشهد شاهد من بني
إسرائيل فآمن) * لتحقق الوقوع والقصة واقعة في
المستقبل - سخيف، لأنه لا يلائم كون الآية في
سياق الاحتجاج، فالمشركون ما كانوا ليسلموا
للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صدقه فيما يخبرهم به من الأمور
المستقبلة (2).
[3822]
محمد عن لسان محمد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا أديب الله وعلي أديبي (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا رحمة مهداة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا دعوة إبراهيم، قال وهو يرفع
القواعد من البيت: * (ربنا وابعث فيهم رسولا
منهم...) * (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا دعوة إبراهيم، وكان آخر من
بشر بي عيسى بن مريم (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا فئة المسلمين (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا سيد ولد آدم ولا فخر (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا سيد ولد آدم يوم القيامة
ولا فخر (10).



(1) الميزان: 15 / 320 و 18 / 194.
(2) الميزان: 15 / 320 و 18 / 194.
(3) مكارم الأخلاق: 1 / 51 / 19. راجع الأدب: باب 73.
(4) كنز العمال: 31995.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 192.
(6) كنز العمال: 31833، 31889، 31887.
(7) كنز العمال: 31833، 31889، 31887.
(8) كنز العمال: 31833، 31889، 31887.
(9) البحار: 8 / 48 / 51.
(10) كنز العمال: 31882.
3201
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أول من تنشق عنه الأرض (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا، وأنا
خطيبهم إذ وفدوا، وأنا مبشرهم إذا أيسوا (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا قائد المرسلين ولا فخر،
وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وأنا أول شافع
وأول مشفع ولا فخر (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أول من يدق باب الجنة (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أول وافد على العزيز الجبار
يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم
أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء
أولاد علات (7)، وليس بيني وبينه نبي (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في
الدنيا والآخرة ليس بيني وبينه نبي، والأنبياء
أولاد علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا محمد، وأحمد، أنا رسول
الرحمة، أنا رسول الملحمة، أنا المقفي والحاشر،
بعثت بالجهاد ولم ابعث بالزراع (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أعربكم، أنا من قريش
ولساني لسان بني سعد بن بكر (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا أتقاكم لله، وأعلمكم
لحدود الله (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): فضلت بأربع... ونصرت بالرعب
مسيرة شهر، يسير بين يدي (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): فضلت على الأنبياء بأربع: أرسلت
إلى الناس كافة، وجعلت لي الأرض كلها ولامتي
مسجدا وطهورا... ونصرت بالرعب مسيرة شهر
يقذفه في قلوب أعدائي، وأحل لنا الغنائم (15).
- عنه (صلى الله عليه وآله): قال لي الله جل جلاله: ونصرتك
بالرعب الذي لم أنصر به أحدا قبلك (16).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي:
جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحل لي
المغنم، ونصرت بالرعب، وأعطيت جوامع الكلم،
وأعطيت الشفاعة (17).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما سئل عن معنى
قول النبي (صلى الله عليه وآله): أنا ابن الذبيحين -:
يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) وعبد الله
ابن عبد المطلب (18).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في فضله على إبراهيم (عليه السلام) -:



(1) كنز العمال: 31879، 31878، 31877، 31883، 31886.
(2) كنز العمال: 31879، 31878، 31877، 31883، 31886.
(3) كنز العمال: 31879، 31878، 31877، 31883، 31886.
(4) كنز العمال: 31879، 31878، 31877، 31883، 31886.
(5) كنز العمال: 31879، 31878، 31877، 31883، 31886.
(6) الكافي: 2 / 600 / 4.
(7) أولاد علات... هم الاخوة لأب من أمهات شتى، وأما الاخوة
من الأبوين فيقال لهم: أولاد الأعيان، قال جمهور العلماء:
معنى الحديث: أصل إيمانهم واحد، وشرائعهم مختلفة، فإنهم
متفقون في أصول التوحيد. كما في هامش صحيح مسلم.
(8) صحيح مسلم: 2365.
(9) كنز العمال: 32346.
(10) الطبقات الكبرى: 1 / 105.
(11) الطبقات الكبرى: 1 / 113.
(12) كنز العمال: 31964، 31991.
(13) كنز العمال: 31964، 31991.
(14) الخصال: 201 / 14.
(15) الدر المنثور: 2 / 343.
(16) نور الثقلين: 1 / 402 / 397.
(17) البحار: 16 / 313 / 1، 16 / 322 / 2 نحوه.
(18) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 210 / 1.
3202
إن كان إبراهيم (عليه السلام) خليله فأنا محمد حبيبه (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أما والله! إني لأمين في السماء
وأمين في الأرض (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله خلقا أفضل مني، ولا
أكرم عليه مني (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إني كنت أول من آمن بربي، وأول
من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم
على أنفسهم ألست بربكم، فكنت أنا أول نبي (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كنت أول الناس في الخلق،
وآخرهم في البعث (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أعطيت خمسا لم يعطهن نبي كان
قبلي: أرسلت إلى الأبيض والأسود والأحمر،
وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، ونصرت
بالرعب، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد - أو
قال: لنبي - قبلي، وأعطيت جوامع الكلم (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أعطيت جوامع الكلم، واختصر لي
الكلام اختصارا (7).
- الإمام علي (عليه السلام): قيل للنبي (صلى الله عليه وآله): هل عبدت
وثنا قط؟ قال: لا، قالوا: فهل شربت خمرا قط؟
قال: لا، وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر
وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني فيما لم يوح
إلي كأحدكم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما أنا بشر مثلكم، وإن
الظن يخطئ ويصيب، ولكن ما قلت لكم، قال
الله، فلن أكذب على الله (10).
[3823]
محمد عن لسان علي
- الإمام علي (عليه السلام) - لما سئل عن صفة النبي (صلى الله عليه وآله)
وهو محتب بحمائل سيفه في مسجد الكوفة -:
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبيض اللون مشربا حمرة،
أدعج العين، سبط الشعر، كث اللحية، سهل الخد،
ذا وفرة، دقيق المسربة، كأن عنقه إبريق فضة، له
شعر من لبته إلى سرته يجري كالقضيب، ليس في
بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكف والقدم، إذا
مشى كأنما ينحدر من صبب، وإذا قام كأنما ينقلع
من صخر، إذا التفت التفت جميعا، كأن عرقه في
وجهه اللؤلؤ، ولريح عرقه أطيب من المسك
الأذفر، ليس بالقصير ولا بالطويل، ولا بالعاجز
ولا اللئيم، لم أر قبله ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله وسلم) (11).
- عنه (عليه السلام): ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن أن كان
فطيما أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق
المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره...
ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء (حراء)،
فأراه، ولا يراه غيري.
ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير



(1) الاحتجاج: 1 / 110 / 29.
(2) كنز العمال: 32147.
(3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 262 / 22.
(4) الكافي: 2 / 10 / 1.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 149.
(6) أمالي الطوسي: 484 / 1059.
(7) كنز العمال: 44087، 35439.
(8) كنز العمال: 44087، 35439.
(9) كنز العمال: 32181، 32180.
(10) كنز العمال: 32181، 32180.
(11) الطبقات الكبرى: 1 / 410.
3203
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور
الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة.
ولقد سمعت رنة (رنة) الشيطان حين نزل
الوحي عليه (صلى الله عليه وآله)، فقلت: يا رسول الله ما
هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس
من عبادته، إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى،
إلا أنك لست بنبي، ولكنك لوزير، وإنك
لعلى خير.
ولقد كنت معه (صلى الله عليه وآله) لما أتاه الملأ من قريش
فقالوا له: يا محمد، إنك قد ادعيت عظيما
لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك، ونحن نسألك
أمرا إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنك
نبي ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر
كذاب. فقال (صلى الله عليه وآله): وما تسألون؟ قالوا: تدعو لنا
هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك،
فقال (صلى الله عليه وآله): إن الله على كل شئ قدير، فإن فعل الله
لكم ذلك أتؤمنون وتشهدون بالحق؟ قالوا: نعم،
قال: فإني سأريكم ما تطلبون، وإني لأعلم
أنكم لا تفيئون إلى خير، وإن فيكم من يطرح
في القليب، ومن يحزب الأحزاب. ثم قال (صلى الله عليه وآله):
يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر،
وتعلمين أني رسول الله، فانقلعي بعروقك حتى
تقفي بين يدي بإذن الله. فوالذي بعثه بالحق
لانقلعت بعروقها، وجاءت ولها دوي شديد،
وقصف كقصف أجنحة الطير، حتى وقفت بين
يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرفرفة، وألقت بغصنها
الأعلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وببعض أغصانها
على منكبي، وكنت عن يمينه (صلى الله عليه وآله)، فلما نظر
القوم إلى ذلك قالوا - علوا واستكبارا -:
فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها، فأمرها بذلك،
فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشده دويا،
فكادت تلتف برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا - كفرا
وعتوا -: فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه
كما كان، فأمره (صلى الله عليه وآله) فرجع، فقلت أنا: لا إله
إلا الله، إني أول مؤمن بك يا رسول الله،
وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر
الله تعالى تصديقا بنبوتك، وإجلالا لكلمتك، فقال
القوم كلهم: بل ساحر كذاب، عجيب السحر
خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلا مثل
هذا! (يعنونني) وإني لمن قوم لا تأخذهم في
الله لومة لائم، سيماهم سيما الصديقين، وكلامهم
كلام الأبرار، عمار الليل ومنار النهار.
متمسكون بحبل القرآن، يحيون سنن الله وسنن
رسوله، لا يستكبرون ولا يعلون، ولا يغلون
ولا يفسدون. قلوبهم في الجنان، وأجسادهم
في العمل! (1).
- عنه (عليه السلام): كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) صبيحة
الليلة التي أسري به فيها وهو بالحجر يصلي،
فلما قضى صلاته وقضيت صلاتي سمعت رنة
شديدة، فقلت: يا رسول الله! ما هذه الرنة؟
قال: ألا تعلم! هذا رنة الشيطان، علم أني
أسري بي الليلة إلى السماء، فأيس من أن يعبد
في هذه الأرض.
وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما يشابه هذا، لما
بايعه الأنصار السبعون ليلة العقبة، سمع من



(1) نهج البلاغة: الخطبة 192.
3204
العقبة صوت عال في جوف الليل: يا أهل
مكة، هذا مذمم والصباة معه قد أجمعوا
على حربكم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للأنصار: ألا
تسمعون ما يقول! هذا أزب العقبة - يعني
شيطانها - (1).
قال: وأما أمر الشجرة التي دعاها رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فالحديث الوارد فيها كثير مستفيض، قد
ذكره المحدثون في كتبهم، وذكره المتكلمون في
معجزات الرسول (صلى الله عليه وآله)، والأكثرون رووا الخبر فيها
على الوضع الذي جاء في خطبة أمير المؤمنين،
ومنهم من يروي ذلك مختصرا أنه دعا شجرة
فأقبلت تخد إليه الأرض (2).
- عنه (عليه السلام): كنت مع النبي (صلى الله عليه وآله) بمكة فخرجنا في
بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا مدر ولا شجر
إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله (3).
- عنه (عليه السلام): لقد رأيتني أدخل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)
الوادي فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال: السلام
عليك يا رسول الله، وأنا أسمعه (4).
- عنه (عليه السلام): حتى بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) شهيدا
وبشيرا ونذيرا خير البرية طفلا، وأنجبها كهلا،
وأطهر المطهرين شيمة، وأجود المستمطرين
ديمة (5).
- عنه (عليه السلام): اختاره من شجرة الأنبياء، ومشكاة
الضياء، وذؤابة العلياء، وسرة البطحاء،
ومصابيح الظلمة، وينابيع الحكمة (6).
- عنه (عليه السلام) - في ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) -: حتى
أورى قبسا لقابس، وأنار علما لحابس، فهو
أمينك المأمون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك
نعمة، ورسولك بالحق رحمة (7).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: حتى أورى قبس
القابس، وأضاء الطريق للخابط، وهديت به
القلوب بعد خوضات الفتن والآثام، وأقام
بموضحات الأعلام، ونيرات الأحكام (8).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: فلقد صدع بما امر به،
وبلغ رسالات ربه، فأصلح الله به ذات البين،
وآمن به السبل، وحقن به الدماء، وألف به
بين ذوي الضغائن الواغرة في الصدور، حتى
أتاه اليقين (9).
- عنه (عليه السلام): لا عرض له أمران إلا أخذ
بأشدهما (10).
- عنه (عليه السلام): ما برأ الله نسمة خيرا من
محمد (صلى الله عليه وآله) (11).
- عنه (عليه السلام): ابتعثه بالنور المضئ، والبرهان
الجلي، والمنهاج البادي، والكتاب الهادي.
أسرته خير أسرة، وشجرته خير شجرة، أغصانها



(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13 / 209 وص 214.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13 / 209 وص 214.
(3) كنز العمال: 35370، 35436.
(4) كنز العمال: 35370، 35436.
(5) نهج البلاغة: الخطبة: 105، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
7 / 117.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 108، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
7 / 182.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 106، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
7 / 173.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 72.
(9) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 309.
(10) مكارم الأخلاق: 1 / 61 / 55.
(11) الكافي: 1 / 440 / 2.
3205
معتدلة، وثمارها متهدلة، مولده بمكة،
وهجرته بطيبة (1).
- عنه (عليه السلام): حتى أفضت كرامة الله سبحانه
وتعالى إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، فأخرجه من أفضل
المعادن منبتا، وأعز الأرومات مغرسا، من
الشجرة التي صدع منها أنبياءه، وانتجب (انتخب)
منها امناءه... سيرته القصد، وسنته الرشد،
وكلامه الفصل، وحكمه العدل (2).
- عنه (عليه السلام): طبيب دوار بطبه، قد أحكم مراهمه،
وأحمى (أمضى) مواسمه، يضع ذلك حيث
الحاجة إليه، من قلوب عمي، وآذان صم، وألسنة
بكم، متتبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة،
لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، ولم يقدحوا بزناد
العلوم الثاقبة، فهم في ذلك كالأنعام السائمة،
والصخور القاسية (3).
- عنه (عليه السلام): وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
دعا إلى طاعته، وقاهر أعداءه جهادا عن دينه،
لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه، والتماس
لإطفاء نوره (4).
- عنه (عليه السلام): إن الله سبحانه بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)
نذيرا للعالمين، ومهيمنا على المرسلين (5).
- عنه (عليه السلام): أرسله داعيا إلى الحق وشاهدا على
الخلق، فبلغ رسالات ربه غير وان ولا مقصر،
وجاهد في الله أعداءه غير واهن ولا معذر، إمام
من اتقى، وبصر (بصيرة) من اهتدى (6).
- عنه (عليه السلام): أرسله بوجوب الحجج، وظهور
الفلج، وإيضاح المنهج، فبلغ الرسالة صادعا
بها، وحمل على المحجة دالا عليها (7).
- عنه (عليه السلام): أرسله بحجة كافية، وموعظة
شافية، ودعوة متلافية (8).
- عنه (عليه السلام): أرسله بالضياء، وقدمه في
الاصطفاء، فرتق به المفاتق، وساور به المغالب،
وذلل به الصعوبة، وسهل به الحزونة، حتى سرح
الضلال عن يمين وشمال (9).
- عنه (عليه السلام): أرسله بأمره صادعا (ناطفا)،
وبذكره ناطقا (قاطعا)، فأدى أمينا، ومضى
رشيدا، وخلف فينا راية الحق (10).
- عنه (عليه السلام): أشهد أن محمدا عبده ورسوله،
أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب
المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع، والأمر
الصادع، إزاحة للشبهات، واحتجاجا بالبينات،
وتحذيرا بالآيات، وتخويفا بالمثلات، والناس
في فتن انجذم (انحذم) فيها حبل الدين (11).
- عنه (عليه السلام) - وهو يلي غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وتجهيزه -: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد
انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة
والإنباء وأخبار السماء.
خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك،
وعممت حتى صار الناس فيك سواء...
بأبي أنت وأمي! اذكرنا عند ربك،
واجعلنا من بالك (12).
- عنه (عليه السلام): اللهم... اجعل شرائف صلواتك،



(1) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 161 و 94 و 108 و 190، والكتاب 62، والخطبة 116 و 185 و 161 و 213 و 100 و 2 و 235.
3206
ونوامي بركاتك، على محمد عبدك ورسولك،
الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمعلن
الحق بالحق...
اللهم افسح له مفسحا في ظلك، واجزه
مضاعفات الخير من فضلك، اللهم وأعل على
بناء البانين بناءه، وأكرم لديك منزلته، وأتمم له
نوره، واجزه من ابتعاثك له، مقبول الشهادة،
مرضي المقالة، ذا منطق عدل، وخطبة فصل (1).
- عنه (عليه السلام): إنما أنا عبد من عبيد محمد (صلى الله عليه وآله) (2).
(انظر) باب 3818.
[3824]
العالم حين البعثة
- الإمام علي (عليه السلام): بعثه والناس ضلال
في حيرة، وحاطبون (خابطون) في فتنة،
قد استهوتهم الأهواء، واستزلتهم
الكبرياء (3).
- عنه (عليه السلام): أضاءت به البلاد بعد الضلالة
المظلمة، والجهالة الغالبة، والجفوة
الجافية، والناس يستحلون الحريم، ويستذلون
الحكيم (الحليم)، يحيون على فترة، ويموتون
على كفرة (4).
- عنه (عليه السلام): بعثه حين لاعلم قائم، ولا منار
ساطع، ولا منهج واضح (5).
- عنه (عليه السلام): ابتعثه والناس يضربون في غمرة،
ويموجون في حيرة، قد قادتهم أزمة الحين،
واستغلقت على أفئدتهم أقفال الرين (6).
- عنه (عليه السلام): أرسله وأعلام الهدى دارسة،
ومناهج الدين طامسة، فصدع بالحق،
ونصح للخلق (7).
- عنه (عليه السلام): إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) وليس أحد
من العرب يقرأ كتابا، ولا يدعي نبوة، فساق
الناس حتى بوأهم محلتهم، وبلغهم منجاتهم (8).
- عنه (عليه السلام): أما بعد، فإن الله سبحانه بعث
محمدا (صلى الله عليه وآله) وليس أحد من العرب يقرأ كتابا،
ولا يدعي نبوة ولا وحيا، فقاتل بمن أطاعه من
عصاه، يسوقهم إلى منجاتهم (9).
- عنه (عليه السلام): وأهل الأرض (الأرضين) يومئذ
ملل متفرقة، وأهواء منتشرة، وطرائق (طوائف)
متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه،
أو مشير إلى غيره، فهداهم به من الضلالة (10).
- عنه (عليه السلام): أرسله على حين فترة من الرسل،
وطول هجعة من الأمم، وانتقاض من المبرم (11).
- عنه (عليه السلام): أرسله على حين فترة من الرسل،



(1) نهج البلاغة: الخطبة 72.
(2) التوحيد: 174 / 3.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 95، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 / 66.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 151، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
9 / 137.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 196، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
10 / 176.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 191، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
13 / 115.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 195 و 33 و 104 و 1.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 195 و 33 و 104 و 1.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 195 و 33 و 104 و 1.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 195 و 33 و 104 و 1.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 158، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
9 / 217.
3207
وهفوة عن العمل، وغباوة (عباوة) من الأمم (1).
- عنه (عليه السلام): أرسله على حين فترة من الرسل،
وتنازع من الألسن، فقفى به الرسل، وختم
به الوحي (2).
- عنه (عليه السلام): أرسله على حين فترة من
الرسل، وطول هجعة من الأمم، واعتزام
من الفتن، وانتشار من الأمور، وتلظ (تلظى)
من الحروب، والدنيا كاسفة النور، ظاهرة
الغرور، على حين اصفرار من ورقها، وإياس
من ثمرها (3).
- عنه (عليه السلام): إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) نذيرا
للعالمين، وأمينا على التنزيل، وأنتم معشر
العرب على شر دين، وفي شر دار، منيخون
بين حجارة خشن، وحيات صم، تشربون
الكدر، وتأكلون الجشب، وتسفكون دماءكم،
وتقطعون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة،
والآثام بكم معصوبة (4).
- عنه (عليه السلام): إن الله سبحانه بعث محمدا (صلى الله عليه وآله)
بالحق حين دنا من الدنيا الانقطاع،
وأقبل من الآخرة الاطلاع، وأظلمت بهجتها
بعد إشراق، وقامت بأهلها على ساق،
وخشن منها مهاد، وأزف منها قياد، في
انقطاع من مدتها، واقتراب من أشراطها،
وتصرم من أهلها (5).
[3825]
عالمية رسالة محمد
الكتاب
* (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم
وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم
لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله
واحد وإنني برئ مما تشركون) * (6).
* (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن
أكثر الناس لا يعلمون) * (7).
* (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له
ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا
بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته
واتبعوه لعلكم تهتدون) * (8).
* (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * (9).
* (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره
على الدين كله ولو كره المشركون) * (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من بلغه القرآن فكأنما
شافهته به، ثم قرأ * (وأوحي إلي هذا
القرآن لأنذركم به ومن بلغ) * (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا رسول من أدركت حيا ومن
يولد بعدي (12).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 94، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7 / 62.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 133، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
8 / 274.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 89 و 26 و 198.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 89 و 26 و 198.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 89 و 26 و 198.
(6) الأنعام: 19.
(7) سبأ: 28.
(8) الأعراف: 158.
(9) الأنبياء: 107.
(10) التوبة: 33.
(11) الدر المنثور: 3 / 257.
(12) الطبقات الكبرى: 1 / 191.
3208
- عنه (صلى الله عليه وآله): أرسلت إلى الناس كافة، وبي
ختم النبيون (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بعث كل نبي كان قبلي إلى
أمته بلسان قومه، وبعثني إلى كل أسود
وأحمر بالعربية (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أعطيت خمسا لم يعطهن نبي
كان قبلي: أرسلت إلى الأبيض والأسود
والأحمر (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى
أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) شرائع نوح وإبراهيم وموسى
وعيسى (عليهم السلام)... وأرسله كافة إلى الأبيض
والأسود، والجن والإنس (4).
[3826]
مراسلاته
- إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رجع من الحديبية في
ذي الحجة سنة ست أرسل الرسل إلى الملوك
يدعوهم إلى الإسلام وكتب إليهم كتبا، فقيل:
يا رسول الله! إن الملوك لا يقرأون كتابا إلا
مختوما، فاتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يومئذ خاتما من
فضة فصه منه، نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول
الله، وختم به الكتب، فخرج ستة نفر منهم في يوم
واحد، وذلك في المحرم سنة سبع، وأصبح كل
رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم،
فكان أول رسول بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عمرو بن
أمية الضمري إلى النجاشي، وكتب إليه كتابين
يدعوه في أحدهما إلى الإسلام ويتلو عليه
القرآن، فأخذ كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعه على
عينيه، ونزل من سريره فجلس على الأرض
تواضعا، ثم أسلم وشهد شهادة الحق وقال: لو
كنت أستطيع أن آتيه لأتيته، وكتب إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بإجابته وتصديقه وإسلامه - على يدي
جعفر بن أبي طالب - لله رب العالمين، وفي
الكتاب الآخر يأمره أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي
سفيان بن حرب، وكانت قد هاجرت إلى أرض
الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي
فتنصر هناك ومات، وأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في
الكتاب أن يبعث إليه بمن قبله من أصحابه
ويحملهم، ففعل، فزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان
وأصدق عنه أربعمائة دينار، وأمر بجهاز
المسلمين وما يصلحهم، وحملهم في سفينتين مع
عمرو بن أمية الضمري، ودعا بحق من عاج فجعل
فيه كتابي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال: لن تزال الحبشة
بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرها (5).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، دحية بن خليفة
الكلبي - وهو أحد الستة - إلى قيصر يدعوه إلى
الإسلام، وكتب معه كتابا وأمره أن يدفعه إلى
عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر، فدفعه عظيم
بصرى إليه وهو يومئذ بحمص، وقيصر يومئذ
ماش في نذر كان عليه: إن ظهرت الروم على
فارس أن يمشي حافيا من قسطنطينية إلى إيلياء،
فقرأ الكتاب وأذن لعظماء الروم في دسكرة



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 192.
(2) البحار: 16 / 316 / 6.
(3) أمالي الطوسي: 484 / 1059.
(4) المحاسن: 1 / 448 / 1035.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 258.
3209
له بحمص فقال: يا معشر الروم هل لكم في
الفلاح والرشد، وأن يثبت لكم ملككم وتتبعون
ما قال عيسى بن مريم؟ قالت الروم: وما ذاك أيها
الملك؟ قال: تتبعون هذا النبي العربي،
قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش وتناحزوا
ورفعوا الصليب، فلما رأى هرقل ذلك منهم يئس
من إسلامهم وخافهم على نفسه وملكه، فسكنهم
ثم قال: إنما قلت لكم ما قلت أختبركم لأنظر
كيف صلابتكم في دينكم، فقد رأيت منكم الذي
أحب، فسجدوا له (1).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الله بن حذافة
السهمي - وهو أحد الستة - إلى كسرى يدعوه إلى
الإسلام وكتب معه كتابا، قال عبد الله: فدفعت إليه
كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرئ عليه، ثم أخذه
فمزقه، فلما بلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اللهم
مزق ملكه! وكتب كسرى إلى باذان عامله على
اليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا
الرجل الذي بالحجاز فليأتياني بخبره، فبعث
باذان قهرمانه ورجلا آخر وكتب معهما كتابا،
فقدما المدينة فدفعا كتاب باذان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعاهما إلى الإسلام
وفرائصهما ترعد، وقال: ارجعا عني يومكما هذا
حتى تأتياني الغد فأخبركما بما أريد، فجاءاه
من الغد، فقال لهما: أبلغا صاحبكما أن ربي
قد قتل ربه كسرى في هذه الليلة لسبع ساعات
مضت منها، وهي ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين
من جمادي الأولى سنة سبع، وأن الله تبارك
وتعالى سلط عليه ابنه شيرويه فقتله، فرجعا إلى
باذان بذلك فأسلم هو والأبناء الذين باليمن (2).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حاطب بن أبي بلتعة
اللخمي - وهو أحد الستة - إلى المقوقس صاحب
الإسكندرية عظيم القبط يدعوه إلى الإسلام
وكتب معه كتابا، فأوصل إليه كتاب رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقرأه وقال له خيرا، وأخذ الكتاب
فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى
جاريته، وكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قد علمت أن نبيا
قد بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشأم، وقد أكرمت
رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في
القبط عظيم، وقد أهديت لك كسوة وبغلة تركبها،
ولم يزد على هذا ولم يسلم، فقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
هديته، وأخذ الجاريتين مارية أم إبراهيم ابن
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأختها سيرين، وبغلة بيضاء لم
يكن في العرب يومئذ غيرها وهي دلدل، وقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ضن الخبيث بملكه ولا بقاء
لملكه، قال حاطب: كان لي مكرما في الضيافة
وقلة اللبث ببابه، ما أقمت عنده إلا خمسة أيام (3).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شجاع بن وهب
الأسدي - وهو أحد الستة - إلى الحارث بن أبي
شمر الغساني يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابا،
قال شجاع: فأتيت إليه وهو بغوطة دمشق، وهو
مشغول بتهيئة الإنزال والألطاف لقيصر، وهو جاء
من حمص إلى إيلياء، فأقمت على بابه يومين أو
ثلاثة فقلت لحاجبه: إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
إليه، فقال: لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 259 و 1 / 260.
(2) الطبقات الكبرى: 1 / 259 و 1 / 260.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 259 و 1 / 260.
3210
وكذا، وجعل حاجبه - وكان روميا اسمه مري -
يسألني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكنت أحدثه عن
صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما يدعو إليه، فيرق حتى
يغلبه البكاء ويقول: إني قد قرأت الإنجيل فأجد
صفة هذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعينه، فأنا أؤمن به وأصدقه
وأخاف من الحارث أن يقتلني، وكان يكرمني
ويحسن ضيافتي، وخرج الحارث يوما فجلس
ووضع التاج على رأسه، فأذن لي عليه، فدفعت
إليه كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقرأه ثم رمى به وقال:
من ينتزع مني ملكي؟ أنا سائر إليه ولو كان باليمن
جئته، علي بالناس! فلم يزل يفرض حتى قام،
وأمر بالخيول تنعل، ثم قال: أخبر صاحبك ما
ترى، وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عزم
عليه، فكتب إليه قيصر: ألا تسير إليه واله عنه
ووافني بإيلياء، فلما جاءه جواب كتابه دعاني
فقال: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ فقلت:
غدا، فأمر لي بمائة مثقال ذهب، ووصلني مري،
وأمر لي بنفقة وكسوة، وقال: أقرئ رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مني السلام، فقدمت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
فأخبرته، فقال: باد ملكه! وأقرأته من مري
السلام وأخبرته بما قال، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
صدق، ومات الحارث بن أبي شمر عام الفتح (1).
- وكان فروة بن عمرو الجذامي عاملا لقيصر
على عمان من أرض البلقاء، فلم يكتب إليه
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأسلم فروة وكتب إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بإسلامه وأهدى له، وبعث من عنده
رسولا من قومه يقال له: مسعود بن سعد، فقرأ
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابه وقبل هديته، وكتب إليه
جواب كتابه، وأجاز مسعودا باثنتي عشرة أوقية
ونش، وذلك خمسمائة درهم (2).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سليط بن عمرو
العامري - وهو أحد الستة - إلى هوذة بن علي
الحنفي يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابا، فقدم
عليه وأنزله وحباه، وقرأ كتاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ورد
ردا دون رد، وكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أحسن ما
تدعو إليه وأجمله، وأنا شاعر قومي وخطيبهم،
والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر
أتبعك، وأجاز سليط بن عمرو بجائزة وكساه
أثوابا من نسج هجر، فقدم بذلك كله على
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبره عنه بما قال، وقرأ كتابه وقال:
لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت، باد وباد ما
في يديه! فلما انصرف من عام الفتح جاءه
جبرئيل فأخبراه أنه قد مات (3).
- أبو سفيان:... بينا أنا بالشام إذ جئ
بكتاب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هرقل... فقال
هرقل: هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي
يزعم أنه نبي؟
قالوا: نعم.
قال: فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا
على هرقل فأجلسنا بين يديه... وأجلسوا
أصحابي خلفي...
ثم قال لترجمانه: سله، كيف حسبه فيكم؟
قال: قلت: هو فينا ذو حسب، قال: فهل كان من
آبائه ملك؟ قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه
بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال:



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 261 وص 262.
(2) الطبقات الكبرى: 1 / 261 وص 262.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 261 وص 262.
3211
ومن يتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال:
قلت: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟
قلت: لا، بل يزيدون، قال: هل يرتد أحد
منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قلت:
لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم، قال:
فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب
بيننا وبينه سجالا، يصيب منا ونصيب منه، قال:
فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري
ما هو صانع فيها... قال: فهل قال هذا القول أحد
قبله؟ قال: قلت: لا...
قال: إن يكن ما تقول فيه حقا فإنه نبي،
وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنه منكم،
ولو أني أعلم أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو
كنت عنده لغسلت عن قدميه، وليبلغن ملكه
ما تحت قدمي.
قال: ثم دعا بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقرأه، فإذا
فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول
الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع
الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام،
أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن
توليت فإن عليك إثم الأيسيين، يا أهل الكتاب
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد
إلا الله ولا نشرك به (1).
فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات
عنده وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا، فقلت
لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر أمر ابن
أبي كبشة (2).
- دحية الكلبي: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكتاب
إلى قيصر، فأرسل إلى الأسقف فأخبره
بمحمد (صلى الله عليه وآله) وكتابه، فقال: هذا النبي الذي
كنا ننتظره بشرنا به عيسى بن مريم، فقال
الأسقف: أما أنا فمصدقه ومتبعه، فقال قيصر:
أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي، ثم قال قيصر:
التمسوا لي من قومه هاهنا أحدا أسأله عنه، وكان
أبو سفيان وجماعة من قريش دخلوا الشام تجارا
فأحضرهم، قال: ليدن مني أقربكم نسبا به، فأتاه
أبو سفيان فقال: أنا سائل عن هذا الرجل الذي
يقول: إنه نبي، ثم قال لأصحابه: إن كذب
فكذبوه، قال أبو سفيان: لولا الحياء أن يأثر
أصحابي عني الكذب لأخبرته بخلاف ما هو
عليه، فقال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: ذو نسب،
قال: هل قال هذا القول منكم أحد؟ قلت: لا،
قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل؟ قلت: لا،
قال: فأشراف الناس اتبعوه أو ضعفاؤهم؟ قلت:
ضعفاؤهم، قال: [فهل] يزيدون أو ينقصون؟
قلت: يزيدون، قال: يرتد أحد منهم سخطا
لدينه؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا،
قال: فهل قاتلكم؟ قلت: نعم، قال: فكيف
حربكم وحربه؟ قلت: ذو سجال: مرة له ومرة
عليه، قال: هذه آية النبوة، قال: فما يأمركم؟
قلت: يأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا،
وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة
والصوم والعفاف والصدق وأداء الأمانة والوفاء
بالعهد، قال: هذه صفة نبي، وقد كنت أعلم
أنه يخرج ولم أظن أنه منكم، فإنه يوشك



(1) آل عمران: 64.
(2) صحيح مسلم: 1773.
3212
أن يملك ما تحت قدمي هاتين، ولو أرجو أن
أخلص إليه لتجشمت لقياه، ولو كنت عنده
لغسلت قدميه، وإن النصارى اجتمعوا على
الأسقف ليقتلوه، فقال: اذهب إلى صاحبك فاقرأ
عليه سلامي وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله،
وأن محمدا رسول الله، وأن النصارى أنكروا ذلك
علي، ثم خرج إليهم فقتلوه (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - فيما كتب إلى ملك الروم -:
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله عبده
ورسوله إلى هرقل عظيم الروم وسلام على من
اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية
الإسلام، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك
مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسين
(الأريسين خ - ل) (2) ويا أهل الكتاب تعالوا إلى
كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به
شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله،
فإن تولوا فقولوا: اشهدوا بأنا مسلمون (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - كتب إلى كسرى -: من محمد
رسول الله إلى كسرى بن هرمزد، أما بعد فأسلم
تسلم، وإلا فأذن بحرب من الله ورسوله، والسلام
على من اتبع الهدى.
فلما وصل إليه الكتاب مزقه واستخف به،
وقال: من هذا الذي يدعوني إلى دينه، ويبدأ
باسمه قبل اسمي؟! وبعث إليه بتراب فقال (صلى الله عليه وآله):
مزق الله ملكه كما مزق كتابي، أما إنه [إنكم - خ ل]
ستمزقون ملكه، وبعث إلي بتراب أما إنكم
ستملكون أرضه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عبد الله بن حذافة بن قيس إلى كسرى بن هرمز
ملك فارس، وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، من
محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام
على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله...
وأدعوك بداعية الله عز وجل، فإني رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحق
القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت
فإن إثم المجوس عليك (5).
- إن كسرى كتب إلى فيروز الديلمي - وهو من
بقية أصحاب سيف بن ذي يزن -: أن احمل إلي
هذا العبد الذي يبدأ باسمه قبل اسمي، فاجترأ
علي ودعاني إلى غير ديني، فأتاه فيروز وقال
له: إن ربي أمرني أن آتيه بك، فقال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): إن ربي أخبرني أن ربك قتل البارحة،
فجاء الخبر أن ابنه شيرويه [وثب عليه] فقتله في
تلك الليلة، فأسلم فيروز ومن معه، فلما خرج
الكذاب العبسي أنفذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليقتله،
فتسلق سطحا فلوى عنقه فقتله (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - فيما كتبه لجماع كانوا في
جبل تهامة قد غصبوا المارة من كنانة ومزينة
والحكم والقارة ومن اتبعهم من العبيد، فلما ظهر
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفد منهم وفد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فكتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) -: بسم الله الرحمن



(1) الخرائج والجرائح: 1 / 131 / 217.
(2) قال المجلسي: قوله: إثم الأريسيين هكذا أورده جل الرواة،
وروي " اليريسين " وروي " الأريسين "... معناه أن عليك إثم
رعاياك ممن صددته عن الإسلام... كما في المصدر.
(3) البحار: 20 / 386 / 8 وص 381 / 7 وص 389 / 8.
(4) البحار: 20 / 386 / 8 وص 381 / 7 وص 389 / 8.
(5) البحار: 20 / 386 / 8 وص 381 / 7 وص 389 / 8.
(6) الخرائج والجرائح: 1 / 64 / 111.
3213
الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي رسول الله
لعباد الله العتقاء، إنهم إن آمنوا وأقاموا
الصلاة وآتوا الزكاة فعبدهم حر ومولاهم محمد،
ومن كان منهم من قبيلة لم يرد إليها، وما كان
فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم، وما
كان لهم من دين في الناس رد إليهم ولا ظلم
عليهم ولا عدوان، وإن لهم على ذلك ذمة الله
وذمة محمد، والسلام عليكم (1).
- أنس: إن نبي الله (صلى الله عليه وآله) كتب إلى كسرى،
وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار،
يدعوهم إلى الله تعالى، وليس بالنجاشي الذي
صلى عليه النبي (صلى الله عليه وآله) (2).
- ابن عباس: إن كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إلى الكفار: * (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا
وبينكم...) * الآية (3).
(انظر) البحار: 20 / 377 باب 21.
الطبقات الكبرى: 1 / 258.



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 278.
(2) صحيح مسلم: 1774.
(3) الدر المنثور: 2 / 234.
3214
(504)
النبوة (4)
خصائص نبينا (صلى الله عليه وآله)
البحار: 16 / 194 باب 9 " مكارم أخلاقه وسيره وسننه (صلى الله عليه وآله) ".
البحار: 16 / 294 باب 10 " مزاحه وضحكه (صلى الله عليه وآله) ".
البحار: 16 / 299 باب 11 " فضائله وخصائصه (صلى الله عليه وآله) ".
كنز العمال: 12 / 451 " الخصائص ".
انظر:
الخلق: باب 1102، السنة: باب 1916، السلاح: باب 1852، الأمثال: باب 3600 - 3603.

3215
[3827]
أسرة الرسول
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الأنبياء -:
فاستودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير
مستقر... حتى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى
إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، فأخرجه من أفضل المعادن منبتا،
وأعز الأرومات مغرسا، من الشجرة التي صدع
منها أنبياءه، وانتجب (انتخب) منها امناءه. عترته
خير العتر، وأسرته خير الأسر، وشجرته خير
الشجر، نبتت في حرم، وبسقت في كرم، لها فروع
طوال، وثمر لا ينال (1).
- عنه (عليه السلام): أسرته خير أسرة، وشجرته
خير شجرة، أغصانها معتدلة، وثمارها متهدلة،
مولده بمكة، وهجرته بطيبة، علا بها ذكره، وامتد
منها صوته (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا محمد بن عبد الله بن
عبد المطلب، إن الله تعالى خلق الخلق فجعلني
في خيرهم، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في
خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في
خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في
خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى خلق خلقه فجعلهم
فريقين فجعلني في خير الفريقين، ثم جعلهم
قبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم جعلهم بيوتا
فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم قبيلة
وخيركم بيتا (4).
- الإمام علي (عليه السلام): أشهد أن محمدا عبده
ورسوله، وسيد عباده، كلما نسخ الله الخلق
فرقتين جعله في خيرهما (5).
(انظر) باب 3775.
[3828]
خصائص الرسول
1 - يتيم
الكتاب
* (ألم يجدك يتيما فآوى) * (6).
- كان (صلى الله عليه وآله) مات أبوه وهو في بطن أمه أو بعد
ولادته بمدة قليلة، ماتت أمه وهو ابن سنتين،
ومات جده وهو ابن ثماني سنين (7).
- ابن عباس - لما سئل عن قول الله: * (ألم
يجدك يتيما فآوى) * -: إنما سمي يتيما لأنه
لم يكن له نظير على وجه الأرض من الأولين



(1) نهج البلاغة: الخطبة 94 و 161.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 94 و 161.
(3) كنز العمال: 31950، 31949.
(4) كنز العمال: 31950، 31949.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 214.
(6) الضحى: 6.
(7) البحار: 16 / 137.
3216
والآخرين، فقال عز وجل ممتنا عليه نعمه: * (ألم
يجدك يتيما) * أي وحيدا لا نظير لك، * (فآوى) *
إليك الناس، وعرفهم فضلك حتى عرفوك (1).
- الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) - في قوله تعالى:
* (ألم يجدك يتيما فآوى) * -: اليتيم الذي لا مثل
له، ولذلك سميت الدرة: اليتيمة، لأنه
لا مثل لها (2).
- الإمام الرضا (عليه السلام): قال الله عز وجل لنبيه
محمد (صلى الله عليه وآله): * (ألم يجدك يتيما فآوى) * يقول: ألم
يجدك وحيدا فآوى إليك الناس (3).
- الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) - في قول الله
تعالى: * (ألم يجدك يتيما فآوى) * -: أي فآوى
إليك الناس (4).
[3829]
2 - فقير
الكتاب
* (ووجدك عائلا فأغنى) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الأنبياء -:
كانوا قوما مستضعفين، قد اختبرهم الله
بالمخمصة، وابتلاهم بالمجهدة... ولكن الله
سبحانه جعل رسله اولي قوة في عزائمهم،
وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع قناعة
تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة تملأ
الأبصار والأسماع أذى (6).
- كان فيه خصال الضعفاء، ومن كان فيه
بعضها لا ينظم أمره: كان يتيما فقيرا ضعيفا
وحيدا غريبا، بلا حصار ولا شوكة، كثير الأعداء،
ومع جميع ذلك تعالى مكانه وارتفع شأنه، فدل
على نبوته (صلى الله عليه وآله)، وكان الجلف (7) البدوي يرى
وجهه الكريم فيقول: والله ما هذا وجه كذاب،
وكان (صلى الله عليه وآله) ثابتا في الشدائد وهو مطلوب، وصابرا
على البأساء والضراء وهو مكروب محروب،
وكان زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة،
فثبت له الملك (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الفقر فخري (9).
(انظر) حديث: 19596.
الفقر: باب 3222.
الدنيا: باب 1224.
[3830]
3 - أمي
الكتاب
* (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك
إذا لارتاب المبطلون) * (10).
* (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما
الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء



(1) علل الشرائع: 130 / 1.
(2) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 427.
(3) البحار: 16 / 142 / 5 و ح 6.
(4) البحار: 16 / 142 / 5 و ح 6.
(5) الضحى: 8.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 192.
(7) الجلف: الغليظ الجافي. القاموس المحيط: 3 / 124.
(8) البحار: 16 / 175 / 19.
(9) جامع الأخبار: 302 / 828.
(10) العنكبوت: 48.
3217
من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) * (1).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - من محاوراته مع أهل
الأديان، في إثبات نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) -: ومن آياته
أنه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا، لم يتعلم كتابا
ولم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه
قصص الأنبياء (عليهم السلام) وأخبارهم حرفا حرفا،
وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة (2).
راجع كتاب " پيامبر أمي " تأليف الأستاذ
الشهيد المطهري.
البحار: 16 / 132، 135.
باب 3848.
[3831]
4 - على خلق عظيم
الكتاب
* (وإنك لعلى خلق عظيم) * (3).
- كان النبي (صلى الله عليه وآله) قبل المبعث موصوفا بعشرين
خصلة من خصال الأنبياء، لو انفرد واحد بأحدها
لدل على جلاله، فكيف من اجتمعت فيه! كان نبيا
أمينا صادقا، حاذقا، أصيلا نبيلا، مكينا،
فصيحا، نصيحا، عاقلا، فاضلا، عابدا، زاهدا،
سخيا، مكيا، قانعا، متواضعا، حليما، رحيما،
غيورا، صبورا، موافقا، مرافقا، لم يخالط منجما
ولا كاهنا ولا عيافا (4).
- أنس: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحسن الناس
خلقا (5).
- عائشة - لما سئلت عن خلق النبي (صلى الله عليه وآله) في
بيته -: كان أحسن الناس خلقا، لم يكن فاحشا
ولا متفحشا، ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي
بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح (6).
- كعب الأحبار: - لما سئل عن نعت النبي (صلى الله عليه وآله)
في التوراة -: نجده محمد بن عبد الله... ليس
بفحاش ولا بصخاب في الأسواق، ولا يكافئ
بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر (7).
- عنه: إنا نجد في التوراة: محمد النبي
المختار لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب في
الأسواق، ولا يجزي السيئة السيئة، ولكن
يعفو ويغفر (8).
- إن رهطا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) اجتمعوا
فقالوا: لو أرسلنا إلى أمهات المؤمنين فسألناهن
عما نحلوا عليه - يعني النبي (صلى الله عليه وآله) - من العمل لعلنا
أن نقتدي به، فأرسلوا إلى هذه ثم هذه، فجاء
الرسول بأمر واحد: إنكم تسألون عن خلق
نبيكم (صلى الله عليه وآله) وخلقه القرآن، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يبيت
يصلي وينام، ويصوم ويفطر، ويأتي أهله (9).
- عن إبراهيم بن محمد من ولد علي (عليه السلام) قال:
كان علي (عليه السلام) إذا نعت النبي (صلى الله عليه وآله) قال: وهو خاتم
النبيين، أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا،
وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس ذمة، وألينهم
عريكة، وأكرمهم عشرة. [من رآه بديهة هابه،



(1) الشورى: 52.
(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 167.
(3) القلم: 4.
(4) البحار: 16 / 175 / 19، العياف: المتكهن، الذي يعمل العيافة
أي زجر الطير. من هامش المصدر.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 364 وص 365 وص 360 وص 364.
(6) الطبقات الكبرى: 1 / 364 وص 365 وص 360 وص 364.
(7) الطبقات الكبرى: 1 / 364 وص 365 وص 360 وص 364.
(8) الطبقات الكبرى: 1 / 364 وص 365 وص 360 وص 364.
(9) الطبقات الكبرى: 1 / 364 وص 365 وص 360 وص 364.
3218
ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم
أر قبله ولا بعده مثله] (1).
- عائشة: ما خير رسول الله (صلى الله عليه وآله) في
أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما،
فإن كان إثما كان أبعد الناس منه (2).
- الإمام علي (عليه السلام):... ولا عرض له أمران إلا
أخذ بأشدهما (3).
- محمد بن الحنفية: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لا يكاد يقول لشئ: لا، فإذا هو سئل فأراد أن
يفعل، قال: نعم، وإذا لم يرد أن يفعل سكت، فكان
قد عرف ذلك منه (4).
- عائشة: كان (صلى الله عليه وآله) ألين الناس، وأكرم
الناس، وكان رجلا من رجالكم إلا أنه كان
ضحاكا بساما (5).
- كان (صلى الله عليه وآله) لا يقوم ولا يجلس إلا على
ذكر الله (6).
- عبد الله بن الحارث: ما رأيت أحدا
أكثر تبسما من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (7).
- سعيد المقبري: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا
عمل عملا أثبته ولم يكونه يعمل به مرة
ويدعه مرة (8).
- عطاء بن يسار: إن جبريل أتى النبي (صلى الله عليه وآله)
وهو بأعلى مكة يأكل متكئا فقال له: يا محمد
أكل الملوك! فجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما أكل نبي الله (صلى الله عليه وآله)
وهو متكئ منذ بعثه الله عز وجل، وكان يكره
أن يتشبه بالملوك، ونحن لا نستطيع أن نفعل (10).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة النبي (صلى الله عليه وآله) -:
كان أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا،
وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم
عريكة، وأكرمهم عشرة، ومن رآه بديهة
هابه، ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أر قبله
ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله وسلم) (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): جاء رجل إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وقد بلي ثوبه، فحمل إليه اثني عشر
درهما، فقال: يا علي خذ هذه الدراهم فاشتر
لي ثوبا ألبسه، قال علي (عليه السلام): فجئت إلى السوق
فاشتريت له قميصا باثني عشر درهما، وجئت به
إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنظر إليه فقال: يا علي
غير هذا أحب إلي، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت:
لا أدري، فقال: انظر، فجئت إلى صاحبه فقلت:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد كره هذا يريد ثوبا دونه (12)
فأقلنا فيه، فرد علي الدراهم، وجئت به (13)
إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمشى معي إلى السوق ليبتاع
قميصا، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق
تبكي، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما شأنك؟ قالت:



(1) كتاب الغارات: 1 / 167.
(2) الطبقات الكبرى: 1 / 366.
(3) مكارم الأخلاق: 1 / 61 / 55.
(4) الطبقات الكبرى: 1 / 368 وص 365.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 368 وص 365.
(6) البحار: 16 / 228 / 34.
(7) الطبقات الكبرى: 1 / 372 وص 379.
(8) الطبقات الكبرى: 1 / 372 وص 379.
(9) الطبقات الكبرى: 1 / 380.
(10) الكافي: 6 / 272 / 8.
(11) مكارم الأخلاق: 1 / 51 / 20.
(12) في الخصال: يريد غيره. كما في هامش البحار.
(13) في الخصال: فجئت بها. كما في هامش البحار.
3219
يا رسول الله إن أهل بيتي (1) أعطوني أربعة
دراهم لأشتري لهم بها حاجة فضاعت فلا أجسر
أن أرجع إليهم، فأعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربعة
دراهم، وقال: ارجعي إلى أهلك، ومضى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم،
ولبسه وحمد الله، وخرج فرأى رجلا عريانا
يقول: من كساني كساه الله من ثياب الجنة، فخلع
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قميصه الذي اشتراه وكساه السائل،
ثم رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة التي بقيت
قميصا آخر، فلبسه وحمد الله ورجع إلى منزله،
وإذا الجارية قاعدة على الطريق (2)، فقال لها
رسول الله (صلى الله عليه وآله): مالك لا تأتين أهلك؟ قالت:
يا رسول الله إني قد أبطأت عليهم وأخاف (3) أن
يضربوني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مري بين يدي
ودليني على أهلك، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى
وقف على باب دارهم، ثم قال: السلام عليكم
يا أهل الدار، فلم يجيبوه، فأعاد السلام فلم
يجيبوه، فأعاد السلام فقالوا: عليك السلام
يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال لهم:
مالكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني؟
قالوا: يا رسول الله سمعنا سلامك فأحببنا أن
تستكثر منه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن هذه الجارية
أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا: يا رسول الله
هي حرة لممشاك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحمد لله،
ما رأيت اثني عشر درهما أعظم بركة من هذه،
كسى الله بها عريانين، وأعتق بها نسمة (4).
(انظر) الخلق: باب 1102.
[3832]
5 - أمين
الكتاب
* (مطاع ثم أمين) * (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما والله إني لأمين في
السماء وأمين في الأرض (6).
- ومن أسمائه (صلى الله عليه وآله): الأمين، وهو مأخوذ
من الأمانة وأدائها وصدق الوعد، وكانت
العرب تسميه بذلك قبل مبعثه، لما شاهدوه من
أمانته، وكل من أمنت منه الخلف والكذب فهو
أمين، ولهذا وصف به جبرئيل (عليه السلام) فقال: * (مطاع
ثم أمين) * (7).
- كانت قريش تسمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن
ينزل عليه الوحي: الأمين (8).
- قال ابن إسحاق - في بناء الكعبة
قبل البعثة -: ثم إن القبائل من قريش جمعت
الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع على حدة، ثم
بنوها، حتى بلغ البنيان موضع الركن - يعني
الحجر الأسود - فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن
ترفعه إلى موضعه دون الأخرى...



(1) في الخصال: إن أهلي أعطوني. كما في هامش البحار.
(2) في الخصال: فإذا الجارية قاعدة على الطريق تبكي. كما في
هامش البحار.
(3) الخصال: خال عن العاطف. كما في هامش البحار.
(4) البحار: 16 / 214 / 1.
(5) التكوير: 21.
(6) كنز العمال: 32147.
(7) البحار: 16 / 118 / 44.
(8) السيرة النبوية لابن هشام: 1 / 210.
3220
ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا
وتناصفوا، فزعم بعض أهل الرواية: أن أبا أمية بن
المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان عامئذ
أسن قريش كلها، قال: يا معشر قريش، اجعلوا
بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب
هذا المسجد يقضي بينكم فيه، ففعلوا. فكان أول
داخل عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رأوه قالوا: هذا
الأمين، رضينا، هذا محمد.
فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال (صلى الله عليه وآله):
هلم إلي ثوبا، فاتي به، فأخذ الركن فوضعه فيه
بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب،
ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه
وضعه هو بيده، ثم بنى عليه (1).
-... فلما انتهوا إلى حيث يوضع الركن من
البيت قالت كل قبيلة: نحن أحق بوضعه،
واختلفوا حتى خافوا القتال، ثم جعلوا بينهم أول
من يدخل من باب بني شيبة فيكون هو الذي
يضعه، وقالوا: رضينا وسلمنا، فكان رسول
الله (صلى الله عليه وآله) أول من دخل من باب بني شيبة، فلما رأوه
قالوا: هذا الأمين، قد رضينا بما قضى بيننا (2).
- أيضا في صفة النبي (صلى الله عليه وآله): كان رجلا أفضل
قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكرمهم مخالطة،
وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما وأمانة،
وأصدقهم حديثا، وأبعدهم من الفحش والأذى،
ومارئي ملاحيا ولا مماريا أحدا، حتى سماه
قومه الأمين، لما جمع الله له من الأمور الصالحة
فيه، فلقد كان الغالب عليه بمكة الأمين (3).
- ابن إسحاق: وكانت خديجة بنت خويلد
امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال
في مالها وتضاربهم إياه بشئ تجعله لهم، وكانت
قريش قوما تجارا، فلما بلغها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم
أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في
مال لها إلى الشام تاجرا (4).
[3833]
6 - صادق
- ابن عباس: لما أنزلت: * (وأنذر عشيرتك
الأقربين) * صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الصفا فقال:
يا معشر قريش! فقالت قريش: محمد على الصفا
يهتف، فأقبلوا واجتمعوا فقالوا: مالك يا محمد؟
قال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا
الجبل أكنتم تصدقونني؟ قالوا: نعم أنت عندنا
غير متهم وما جربنا عليك كذبا قط، قال: فإني
نذير لكم بين يدي عذاب شديد، يا بني عبد
المطلب يا بني عبد مناف يا بني زهرة - حتى عدد
الأفخاذ من قريش - إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي
الأقربين، وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة
ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا: لا إله إلا
الله، قال: يقول أبو لهب: تبا لك سائر اليوم! ألهذا
جمعتنا! فأنزل الله تبارك وتعالى: * (تبت يدا أبي
لهب وتب...) * السورة كلها (5).



(1) سيرة ابن هشام: 1 / 209.
(2) الطبقات الكبرى: 1 / 146 وص 121.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 146 وص 121.
(4) سيرة ابن هشام: 1 / 199.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 200.
3221
- روي أنه لما نزل قوله: * (وأنذر
عشيرتك الأقربين) * صعد رسول الله ذات يوم
الصفا فقال: يا صباحاه، فاجتمعت إليه
قريش فقالوا: مالك؟ قال: أرأيتكم إن
أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم
ما كنتم تصدقونني؟ قالوا: بلى، قال:
فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد،
فقال أبو لهب: تبا لك ألهذا دعوتنا؟! فنزلت
سورة تبت (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس إن الرائد
لا يكذب أهله، ولو كنت كاذبا لما كذبتكم،
والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله
إليكم حقا خاصة، وإلى الناس عامة، والله
لتموتون كما تنامون، ولتبعثون كما تستيقظون،
ولتحاسبون كما تعملون، ولتجزون بالإحسان
إحسانا وبالسوء سوءا، وإنها الجنة
أبدا والنار أبدا (2).
- ابن جرير: لما كان النبي (صلى الله عليه وآله) يعرض
نفسه على القبائل جاء إلى بني كلاب فقالوا:
نبايعك على أن يكون لنا الأمر بعدك، فقال:
الأمر لله فإن شاء كان فيكم أو في غيركم، فمضوا
ولم يبايعوه وقالوا: لا نضرب لحربك بأسيافنا ثم
تحكم علينا غيرنا! (3).
- عامر بن الطفيل - للنبي وقد أراد
به غيلة -: يا محمد ما لي إن أسلمت؟
فقال (صلى الله عليه وآله): لك ما للإسلام، وعليك ما على
الإسلام، فقال: ألا تجعلني الوالي من بعدك؟
قال: ليس لك ذلك ولا لقومك، ولكن لك أعنة
الخيل تغزو في سبيل الله (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أحسن الحديث أصدقه (5).
(انظر) الشرك: باب 1990.
[3834]
7 - أبغض الخلق إليه الكذب
- كان أبغض الخلق إليه - يعني
النبي (صلى الله عليه وآله) - الكذب (6).
- كان إذا اطلع على أحد من أهل
بيته كذب كذبة لم يزل معرضا عنه حتى
يحدث توبة (7).
- عائشة: ما كان من خلق أبغض إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) من الكذب، ما اطلع على أحد من ذاك
بشئ فيخرج من قلبه حتى يعلم أنه قد
أحدث توبة. رواه أحمد والبزار واللفظ له،
وابن حبان في صحيحه، ولفظه قالت:
ما كان من خلق أبغض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
من الكذب، ولقد كان الرجل يكذب عنده
الكذبة، فما يزال في نفسه حتى يعلم
أنه قد أحدث فيها توبة. ورواه الحاكم
وقال: صحيح الإسناد، ولفظه قالت:
ما كان شئ أبغض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من



(1) البحار: 18 / 197 / 30. راجع الدر المنثور: 6 / 326.
(2) البحار: 18 / 197 / 30.
(3) المناقب لابن شهرآشوب: 1 / 257.
(4) المناقب لابن شهرآشوب: 1 / 257.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 115.
(6) كنز العمال: 18379، 18381.
(7) كنز العمال: 18379، 18381.
3222
الكذب، وما جربه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أحد وإن
قل، فيخرج له من نفسه حتى يجدد له توبة (1).
- عنها: ما كان خلق أبغض إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) من الكذب، وما اطلع منه على شئ عند
أحد من أصحابه فيبخل له من نفسه حتى يعلم أن
أحدث توبة (2).
- عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
المدينة انجفل الناس إليه، وقيل: قدم رسول
الله (صلى الله عليه وآله) قال: فجئت في الناس لأنظر إليه، قال:
فلما رأيت وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا وجهه ليس
بوجه كذاب، قال: فكان أول شئ سمعته يتكلم
به أن قال: يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا
الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام،
وادخلوا الجنة بسلام (3).
(انظر) الكذب: باب 3461، 3467.
[3835]
8 - عادل
الكتاب
* (فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم
وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله
ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم
الله يجمع بيننا وإليه المصير) * (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقسم لحظاته بين أصحابه، ينظر إلى ذا وينظر
إلى ذا بالسوية (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه إلى بعض عماله -:
وآس (6) بينهم في اللحظة والنظرة، والإشارة
والتحية، حتى لا يطمع العظماء في حيفك،
ولا ييأس الضعفاء من عدلك، والسلام (7).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى محمد بن أبي
بكر -: وآس بينهم في اللحظة والنظرة،
حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا ييأس
الضعفاء من عدلك عليهم (8).
- عنه (عليه السلام): إن يهوديا كان له على رسول الله (صلى الله عليه وآله)
دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي
ما أعطيك، فقال: فإني لا أفارقك يا محمد
حتى تقضيني، فقال: إذا أجلس معك، فجلس
معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر
والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول
الله (صلى الله عليه وآله) إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا:
يا رسول الله يهودي يحبسك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): لم
يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره،
فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في
سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا
لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في
التوراة: محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره



(1) الترغيب والترهيب: 3 / 597 / 31.
(2) الطبقات الكبرى: 1 / 378 وص 235.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 378 وص 235.
(4) الشورى: 15.
(5) الكافي: 8 / 268 / 393. راجع الخوارج: باب 1008 حديث
4647، 4648.
(6) أي شارك بينهم واجعلهم سواء. كما في نهج البلاغة الدكتور
صبحي الصالح.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 46 و 27.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 46 و 27.
3223
بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب،
ولا متزين (1) بالفحش، ولاقول الخناء، وأنا أشهد
أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذا مالي،
فاحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير
المال، ثم قال (عليه السلام): (2) كان فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عباءة، وكانت مرفقته أدم حشوها ليف، فثنيت له
ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الفراش
الليلة الصلاة، فأمر (عليه السلام) أن يجعل بطاق واحد (3).
[3836]
9 - شجاع
- الإمام علي (عليه السلام): لقد رأيتني يوم بدر ونحن
نلوذ بالنبي (صلى الله عليه وآله) وهو أقربنا إلى العدو، وكان من
أشد الناس يومئذ بأسا (4).
- عنه (عليه السلام): كنا إذا احمر البأس ولقي القوم
القوم اتقينا برسول الله، فما يكون أحد أقرب إلى
العدو منه (5).
- عنه (عليه السلام): كنا إذا حمي البأس ولقي القوم
اتقينا برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فما يكون منا أحد أقرب
إلى العدو منه (6).
- البراء بن عازب: كنا إذا احمر البأس نتقي
برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإن الشجاع للذي يحاذي به (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لما نزلت * (لا تكلف إلا
نفسك) * كان أشجع الناس من لاذ برسول الله عليه
وآله السلام (8).
- أنس: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحسن الناس،
وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع
أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قبل الصوت،
فتلقاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) راجعا - وقد سبقهم إلى
الصوت - وهو على فرس لأبي طلحة عرى، في
عنقه السيف وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا (9).
[3837]
10 - رحيم
الكتاب
* (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم
حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) * (10).
* (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ
القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم
وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب
المتوكلين) * (11).
- أنس: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا فقد الرجل من
إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائبا دعا له،
وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده (12).
(انظر) عنوان: 180 " الرحم "، 181 " الرحمة ".
الوالد والولد: باب 4196.



(1) ولا صخاب، ولا مترين خ ل.
(2) في المصدر: ثم قال علي (عليه السلام).
(3) البحار: 16 / 216 / 5.
(4) مكارم الأخلاق: 1 / 53 / 25 و ح 26.
(5) مكارم الأخلاق: 1 / 53 / 25 و ح 26.
(6) كنز العمال: 35463، 35347.
(7) كنز العمال: 35463، 35347.
(8) البحار: 16 / 340 / 31.
(9) صحيح مسلم: 2307.
(10) التوبة: 128.
(11) آل عمران: 159.
(12) مكارم الأخلاق: 1 / 55 / 34.
3224
[3838]
11 - حليم
- أنس: كنت أمشي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه
برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي
فجذبه بردائه جذبة شديدة، فنظرت إلى صفحة
عنق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد أثر بها حاشية الرداء من
شدة جذبته. ثم قال: يا محمد! مر لي من
مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر
له بعطاء (1).
[3839]
12 - حيي
- كان (صلى الله عليه وآله) أشد حياء من العذراء في خدرها (2).
- أبو سعيد الخدري: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد
حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره
شيئا عرفناه في وجهه (3).
- عنه: كان رسول الله حييا لا يسأل شيئا
إلا أعطاه (4).
(انظر) صحيح مسلم: 4 / 1809 باب 16.
[3840]
13 - متواضع
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى أوحى إلي
أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد،
ولا يبغي أحد على أحد (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن جبرئيل (عليه السلام) أتى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فخيره، وأشار عليه بالتواضع، وكان له
ناصحا، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل أكلة العبد،
ويجلس جلسة العبد تواضعا لله تبارك وتعالى (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): ولقد أتاه جبرئيل (عليه السلام)
بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات يخيره من
غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعد الله له يوم
القيامة شيئا، فيختار التواضع لربه جل وعز (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد هبط علي ملك من السماء
ما هبط على نبي قبلي ولا يهبط على أحد بعدي
وهو إسرافيل وعندي جبريل، فقال: السلام
عليك يا محمد! ثم قال: أنا رسول ربك إليك
أمرني أن أخيرك إن شئت نبيا عبدا، وإن شئت نبيا
ملكا؟ فنظرت إلى جبريل فأومى جبريل إلي أن
تواضع، فقلت: نبيا عبدا (8).
- أنس بن مالك: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقعد على
الأرض، ويأكل على الأرض، ويجيب دعوة
المملوك، ويقول: لو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو
أهدي إلي كراع لقبلت، وكان يعقل شاته (9).
- حمزة بن عبد الله بن عتبة: كانت في النبي (صلى الله عليه وآله)
خصال ليست في الجبارين، كان لا يدعوه أحمر
ولا أسود من الناس إلا أجابه، وكان ربما



(1) الترغيب والترهيب: 3 / 418 / 20.
(2) كنز العمال: 17817.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 368.
(4) مكارم الأخلاق: 1 / 50 / 15.
(5) كنز العمال: 5722.
(6) الكافي: 8 / 131 / 101 وص 130 / 100.
(7) الكافي: 8 / 131 / 101 وص 130 / 100.
(8) كنز العمال: 32027.
(9) الطبقات الكبرى: 1 / 371.
3225
وجد تمرة ملقاة فيأخذها فيهوي بها إلى فيه وإنه
ليخشى أن تكون من الصدقة، وكان يركب الحمار
عريا ليس عليه شئ (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): آكل كما يأكل العبد،
وأجلس كما يجلس العبد، فإنما أنا عبد.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يجلس محتفزا (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل
أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، وكان يأكل على
الحضيض، وينام على الحضيض (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): مرت امرأة بذية برسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يأكل وهو جالس على الحضيض،
فقالت: يا محمد! والله إنك لتأكل أكل العبد،
وتجلس جلوسه، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويحك
وأي عبد أعبد مني؟ قالت: فناولني لقمة من
طعامك، فناولها، فقالت: لا والله إلا التي في فيك،
فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللقمة من فمه فناولها (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خمس لا أدعهن حتى
الممات: الأكل على الحضيض مع العبيد،
وركوبي الحمار مؤكفا، وحلبي العنز بيدي،
ولبس الصوف، والتسليم على الصبيان، لتكون
سنة من بعدي (5).
- كان النبي (صلى الله عليه وآله) يجالس الفقراء، ويؤاكل
المساكين (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن المساكين كانوا
يبيتون في المسجد على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فأفطر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المساكين الذين في المسجد
ذات ليلة عند المنبر في برمة فأكل منها ثلاثون
رجلا، ثم ردت إلى أزواجه شبعهن (7).
- يزيد بن عبد الله بن قسيط: كان أهل الصفة
ناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا منازل لهم،
فكانوا ينامون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في
المسجد ويظلون فيه مالهم مأوى غيره، فكان
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعوهم إليه بالليل إذا تعشى
فيفرقهم على أصحابه، وتتعشى طائفة منهم مع
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى جاء الله تعالى بالغنى (8).
- أبو ذر: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس بين
ظهراني أصحابه، فيجئ الغريب فلا يدري أيهم
هو حتى يسأل، فطلبنا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أن يجعل
مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكانا من
طين، وكان يجلس عليه ونجلس بجانبيه (9).
- ابن مسعود: أتى النبي (صلى الله عليه وآله) رجل يكلمه
فأرعد، فقال: هون عليك فلست بملك (10).
- أبو مسعود: أتى النبي (صلى الله عليه وآله) رجل فكلمه،
فجعل ترعد فرائصه، فقال له: هون عليك فإني
لست بملك، إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد (11).
- أنس بن مالك: كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) شربة
يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت
واحدة... فهيأتها له (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة فاحتبس



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 370 وص 371.
(2) الطبقات الكبرى: 1 / 370 وص 371.
(3) المحاسن: 2 / 244 / 1759 وص 245 / 1760.
(4) المحاسن: 2 / 244 / 1759 وص 245 / 1760.
(5) أمالي الصدوق: 68 / 2.
(6) البحار: 16 / 228 / 34.
(7) قرب الإسناد: 148 / 536.
(8) الطبقات الكبرى: 1 / 255.
(9) مكارم الأخلاق: 1 / 48 / 8 و 1 / 48 / 7.
(10) مكارم الأخلاق: 1 / 48 / 8 و 1 / 48 / 7.
(11) سنن ابن ماجة: 3312.
3226
النبي (صلى الله عليه وآله) فظننت أن بعض أصحابه دعاه،
فشربتها حين احتبس، فجاء بعد العشاء بساعة
فسألت بعض من كان معه هل كان النبي (صلى الله عليه وآله) أفطر
في مكان أو دعاه أحد؟ فقال: لا، فبت بليلة
لا يعلمها إلا الله غم أن يطلبها مني النبي (صلى الله عليه وآله)
ولا يجدها فيبيت جائعا، فأصبح صائما وما
سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة (1).
- عنه: خدمت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر سنين،
والله! ما قال لي: افا قط، ولا قال لي لشئ:
لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟ (2).
- عنه: لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة أخذ أبو
طلحة بيدي، فانطلق بي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
يا رسول الله! إن أنسا غلام كيس فليخدمك، قال:
فخدمته في السفر والحضر، والله! ما قال لي لشئ
صنعته: لم صنعت هذا هكذا؟ ولا لشئ لم
أصنعه: لم لم تصنع هكذا؟ (3).
[3841]
14 - متوكل
- جابر بن عبد الله: غزونا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)
غزوة قبل نجد، فأدركنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في واد
كثير العضاه (4)، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت شجرة
فعلق سيفه بغصن من أغصانها. قال: وتفرق
الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال:
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن رجلا أتاني وأنا نائم،
فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي،
فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده، فقال لي:
من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، ثم قال
في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله،
فشام السيف فها هوذا جالس. ثم لم يعرض له
رسول الله (صلى الله عليه وآله) (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله)
في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير
واد، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه
فرآه رجل من المشركين والمسلمون قيام
على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع
السيل، فقال رجل من المشركين لقومه: أنا
أقتل محمدا، فجاء وشد على رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بالسيف، ثم قال: من ينجيك مني يا محمد؟
فقال: ربي وربك، فنسفه جبرئيل (عليه السلام) عن
فرسه فسقط على ظهره، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وأخذ السيف وجلس على صدره وقال: من
ينجيك مني يا غورث؟ فقال: جودك
وكرمك يا محمد، فتركه فقام وهو يقول: والله
لأنت خير مني وأكرم (6).
[3842]
15 - صابر
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أوذي أحد مثل ما
أوذيت في الله (7).



(1) مكارم الأخلاق: 1 / 78 / 122.
(2) صحيح مسلم: 2309، 2309.
(3) صحيح مسلم: 2309، 2309.
(4) العضاه: هي كل شجرة ذات شوك. كما في هامش صحيح مسلم.
(5) صحيح مسلم: 4 / 1786 / 843.
(6) الكافي: 8 / 127 / 97.
(7) كنز العمال: 5818.
3227
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما أوذي أحد ما أوذيت (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لقد أوذيت في الله وما يؤذي أحد،
وأخفت الله وما يخاف أحد، ولقد أتت علي
ثلاثون من يوم وليلة ومالي ولبلال طعام يأكله ذو
كبد إلا شئ يواريه إبط بلال (2).
- إسماعيل بن عياش: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أصبر الناس على أوزار الناس (3).
- طارق المحاربي: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بسوق ذي المجاز، فمر وعليه جبة له حمراء
وهو ينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس! قولوا:
لا إله إلا الله تفلحوا، ورجل يتبعه بالحجارة وقد
أدمى كعبيه وعرقوبيه (4) وهو يقول: يا أيها الناس!
لا تطيعوه فإنه كذاب.
قلت: من هذا؟ قالوا: غلام من بني عبد
المطلب، قلت: فمن هذا يتبعه يرميه؟ قالوا:
هذا عمه عبد العزى - وهو أبو لهب - (5).
- منيب: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الجاهلية
وهو يقول: يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا
لله تفلحوا، فمنهم من تفل في وجهه، ومنهم
من حثى عليه التراب، ومنهم من سبه،
فأقبلت جارية بعس من ماء فغسل وجهه
ويديه وقال: يا بنية! اصبري ولا تحزني
على أبيك غلبة ولا ذلا.
فقلت: من هذه؟ فقالوا: زينب بنت رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وهي جارية وصيفة (6).
- ابن مسعود: كأني أنظر إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه
فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:
اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (7).
[3843]
16 - زاهد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وقد قيل له: لو اتخذت فراشا
وهو على حصير قد أثر في جنبيه -: ما لي
وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب
سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة
من نهار ثم راح وتركها (8).
- وفي خبر آخر: فلما جلس النبي (صلى الله عليه وآله) قد
أثر الحصير في جنبه فقال عمر: أما أنا فأشهد
أنك رسول الله ولأنت أكرم على الله من قيصر
وكسرى، وهما فيما هما فيه من الدنيا وأنت على
الحصير قد أثر في جنبك، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما
ترضى أن يكون لهم الدنيا ولنا الآخرة (9).
- عمر: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو على
حصير قال: فجلست، فإذا عليه إزاره، وليس
عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه،
وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، وقرظ في
ناحية في الغرفة، وإذا إهاب معلق،



(1) كنز العمال: 5817، 16678.
(2) كنز العمال: 5817، 16678.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 378.
(4) العرقوب: عصب موثق خلف الكعبين. كما في هامش كنز العمال.
(5) كنز العمال: 35538.
(6) كنز العمال: 35541.
(7) الترغيب والترهيب: 3 / 419 / 21.
(8) مكارم الأخلاق: 1 / 64 / 65.
(9) البحار: 16 / 257 / 37.
3228
فابتدرت عيناي، فقال: ما يبكيك يا ابن
الخطاب؟ فقال: يا نبي الله ومالي لا أبكي
وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك
لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك كسرى وقيصر في
الثمار والأنهار، وأنت نبي الله وصفوته، وهذه
خزانتك؟! قال: يا ابن الخطاب أما ترضى أن
تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟! (1).
- عنه - أيضا -: استأذنت على رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فدخلت عليه في مشربة (2) وإنه لمضطجع
على خصفة إن بعضه لعلى التراب، وتحت
رأسه وسادة محشوة ليفا، وإن فوق رأسه
لإهابا عطنا، وفي ناحية المشربة قرظ،
فسلمت عليه فجلست، فقلت: أنت نبي الله
وصفوته وكسرى وقيصر على سرر الذهب
وفرش الديباج والحرير؟! فقال: أولئك عجلت
لهم طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع، وإنا قوم
أخرت لنا طيباتنا في آخرتنا (3).
- عائشة: دخل أبو بكر وعمر عليه...
فقال (صلى الله عليه وآله): لا تقولا هذا، فإن فراش كسرى
وقيصر في النار، وإن فراشي وسريري هذا
عاقبته إلى الجنة (4).
- جندب بن سفيان: أصابت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
أشاءة نخلة فأدمت إصبعه فقال: ما هي إلا
إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت، قال: فحمل
فوضع على سرير له مرمول بشرط، ووضع تحت
رأسه مرفقة من أدم محشوة بليف، فدخل
عليه عمر وقد أثر الشريط بجنبه فبكى عمر،
فقال: ما يبكيك؟ قال: يا رسول الله ذكرت
كسرى وقيصر يجلسون على سرر الذهب
ويلبسون السندس والإستبرق، أو قال:
الحرير والإستبرق، فقال: أما ترضون أن تكون
لكم الآخرة ولهم الدنيا؟ قال: وفي البيت أهب
لها ريح، فقال: لو أمرت بهذه فأخرجت، فقال:
لا، متاع الحي، يعني الأهل (5).
- جاءه (صلى الله عليه وآله) ابن خولي بإناء فيه عسل ولبن،
فأبى أن يشربه، فقال: شربتان في شربة؟
وإناءان في إناء واحد؟ فأبى أن يشربه، ثم
قال: ما أحرمه، ولكني أكره الفخر والحساب
بفضول الدنيا غدا، وأحب التواضع، فإن من
تواضع لله رفعه الله (6).
- يزيد بن قسيط: إن النبي (صلى الله عليه وآله) اتي بسويق
من سويق اللوز، فلما خيف له قال: ماذا؟ قالوا:
سويق اللوز، قال: أخروه عني هذا شراب
المترفين (7).
- أبو صخر: اتي النبي (صلى الله عليه وآله) بسويق لوز، فقال
لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): أخروه هذا شراب المترفين (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما كان شئ أحب إلى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أن يظل [يصل - خ] جائعا
خائفا في الله (9).



(1) الترغيب والترهيب: 4 / 199 / 120.
(2) الغرفة، كذا في النهاية. كما في هامش الترغيب والترهيب.
(3) الترغيب والترهيب: 4 / 200 / 120 وص 201 / 121.
(4) الترغيب والترهيب: 4 / 200 / 120 وص 201 / 121.
(5) الطبقات الكبرى: 1 / 466.
(6) مكارم الأخلاق: 1 / 79 / 124.
(7) الطبقات الكبرى: 1 / 395.
(8) الطبقات الكبرى: 1 / 395.
(9) الكافي: 8 / 129 / 99.
3229
- عنه (عليه السلام): ما أعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شئ
من الدنيا إلا أن يكون فيها جائعا خائفا (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم
يورث دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة ولا
شاة ولا بعيرا، ولقد قبض (صلى الله عليه وآله) وإن درعه مرهونة
عند يهودي من يهود المدينة بعشرين صاعا من
شعير استسلفها نفقة لأهله (2).
- ابن عباس: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) توفي
ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود على ثلاثين
صاعا من شعير، أخذها رزقا لعياله (3).
- عمرو بن الحارث: ما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة
ولا شيئا، إلا بغلته البيضاء التي كان
يركبها وسلاحه، وأرضا جعلها لابن السبيل
صدقة (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام):... مات رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وعليه دين (5).
(انظر) الدنيا: باب 1224.
[3844]
17 - تقديمه نفسه وأهل بيته
في البلاء
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه إلى معاوية -:
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا احمر البأس وأحجم الناس
قدم أهل بيته، فوقى بهم أصحابه حر السيوف
والأسنة، فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر، وقتل
حمزة يوم أحد، وقتل جعفر يوم مؤتة (6).
(انظر) باب 3836.
عنوان: 52 " المباهلة ".
[3845]
18 - إيثاره الناس على
نفسه وأهل بيته
- عائشة: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة
متوالية، ولو شئنا لشبعنا، ولكنه كان يؤثر
على نفسه (7).
- عنها: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثة أيام
متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شئنا لشبعنا، ولكنا
كنا نؤثر على أنفسنا (8).
- ابن عباس: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبيت
الليالي المتتابعة وأهله طاويا لا يجدون عشاء،
وإنما كان أكثر خبزهم الشعير (9).
- عائشة: ما شبع آل محمد من خبز الشعير
يومين متتابعين حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) (10).
- أنس بن مالك: إن فاطمة (عليها السلام) ناولت
النبي (صلى الله عليه وآله) كسرة من خبز شعير، فقال لها: هذا أول
طعام أكله أبوك منذ ثلاثة أيام (11).



(1) الكافي: 2 / 129 / 7.
(2) قرب الإسناد: 91 / 304.
(3) مكارم الأخلاق: 1 / 65 / 66.
(4) الترغيب والترهيب: 4 / 204 / 132.
(5) الكافي: 5 / 93 / 2.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 9.
(7) الترغيب والترهيب: 4 / 188 / 86.
(8) المحجة البيضاء: 6 / 79.
(9) الترغيب والترهيب: 4 / 187 / 82 و ح 83 وص 188 / 87.
(10) الترغيب والترهيب: 4 / 187 / 82 و ح 83 وص 188 / 87.
(11) الترغيب والترهيب: 4 / 187 / 82 و ح 83 وص 188 / 87.
3230
- كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يواسي الناس بنفسه
حتى جعل يرقع إزاره بالأدم، وما جمع بين غداء
وعشاء ثلاثة أيام ولاء حتى لحق بالله عز وجل (1).
- عائشة: ما شبع آل محمد غداء وعشاء من
خبز الشعير ثلاثة أيام متتابعات حتى لحق بالله (2).
- ابن عباس: والله لقد كان يأتي على آل
محمد (صلى الله عليه وآله) الليالي ما يجدون فيها عشاء (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لمحمد بن مسلم -:
يا محمد! لعلك ترى أنه - يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) -
شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية من أن بعثه
الله إلى أن قبضه؟ ثم رد على نفسه، ثم قال:
لا والله ما شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية منذ
بعثه الله إلى أن قبضه.
أما إني لا أقول: إنه كان لا يجد، لقد كان
يجيز الرجل الواحد بالمائة من الإبل، فلو أراد أن
يأكل لأكل (4).
(انظر) الإيثار: باب 3.
[3846]
19 - عدم غضبه لنفسه
- كان النبي (صلى الله عليه وآله) يغضب لربه، ولا يغضب
لنفسه (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصف النبي (صلى الله عليه وآله) -:
ما انتصر لنفسه من مظلمة حتى تنتهك محارم الله،
فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى (6).
- عائشة: ما ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا
قط بيده، ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد
في سبيل الله، وما نيل منه شئ قط فينتقم من
صاحبه، إلا أن ينتهك شئ من محارم الله
فينتقم لله عز وجل (7).
- عنها: ما انتقم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنفسه إلا
أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله (8).
- الإمام الحسن (عليه السلام): سألت خالي هند بن
أبي هالة (9) التميمي - وكان وصافا - عن
حلية رسول الله (صلى الله عليه وآله)... فقال: لا تغضبه الدنيا
وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد،
ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له، لا يغضب
لنفسه ولا ينتصر لها (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): انهزم الناس يوم أحد
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فغضب غضبا شديدا، قال:
وكان إذا غضب انحدر عن جبينيه مثل اللؤلؤ
من العرق (11).
- عائشة: كان رسول الله إذا ذكر خديجة
لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها



(1) الترغيب والترهيب: 4 / 192 / 100.
(2) الطبقات الكبرى: 1 / 401 وص 402.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 401 وص 402.
(4) الكافي: 8 / 130 / 100.
(5) البحار: 16 / 227 / 34.
(6) مكارم الأخلاق: 1 / 61 / 55.
(7) صحيح مسلم: 2328.
(8) الطبقات الكبرى: 1 / 366.
(9) هو هند بن أبي هالة التميمي، ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
أمه خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، شهد بدرا وقيل: بل شهد
أحدا، وكان وصافا لحلية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشمائله وأوصافه.
كما في هامش البحار: 16 / 148.
(10) الطبقات الكبرى: 1 / 422، 423.
(11) الكافي: 8 / 110 / 90.
3231
ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك
الله من كبيرة السن! قالت: فرأيت رسول الله
غضب غضبا شديدا، فسقطت في يدي (1)، فقلت:
اللهم إنك إن أذهبت بغضب رسولك (صلى الله عليه وآله) لم أعد
بذكرها بسوء ما بقيت (2).
قالت: فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لقيت قال:
كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كفر الناس،
وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ
كذبني الناس، ورزقت مني (3) حيث حرمتموه،
قالت: فغدا وراح علي بها شهرا (4).
[3847]
20 - إجهاد نفسه في العبادة
الكتاب
* (طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): لما نزل على النبي (صلى الله عليه وآله)
* (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا) * قام الليل
كله حتى تورمت قدماه، فجعل يرفع رجلا ويضع
رجلا، فهبط عليه جبريل فقال: * (طه) * يعني
الأرض بقدميك يا محمد * (ما أنزلنا عليك القرآن
لتشقى) * وأنزل * (فاقرأوا ما تيسر من القرآن) * (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
في بيت أم سلمة في ليلتها، ففقدته من
الفراش، فدخلها في ذلك ما يدخل النساء،
فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت
إليه وهو في جانب من البيت قائم رافع يديه (7)
يبكي وهو يقول: " اللهم لا تنزع مني صالح
ما أعطيتني أبدا... اللهم ولا تكلني إلى
نفسي طرفة عين أبدا.
قال: فانصرفت أم سلمة تبكي حتى انصرف
رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبكائها، فقال لها: ما يبكيك
يا أم سلمة؟ فقالت: بأبي أنت وأمي
يا رسول الله! ولم لا أبكي وأنت بالمكان الذي
أنت به من الله، قد غفر الله لك ما تقدم عن ذنبك
وما تأخر...؟! فقال: يا أم سلمة وما يؤمنني؟
وإنما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين
وكان منه ما كان (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند
عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب
نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر؟ فقال: يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا؟ (9).
- بكر بن عبد الله: إن عمر بن الخطاب دخل
على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو موقوذ - أو قال: محموم -
فقال له عمر: يا رسول الله ما أشد وعكك؟
فقال: ما منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين
سورة فيهن السبع الطوال، فقال عمر: يا رسول
الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وأنت



(1) أي ندمت على ذلك. كما في هامش البحار.
(2) في المصدر: لم أعد لذكر لها بسوء ما بقيت. كما في هامش البحار.
(3) في المصدر: ورزقت مني الولد. كما في هامش البحار.
(4) البحار: 16 / 12 / 12.
(5) طه: 1، 2.
(6) راجع الميزان: 14 / 126.
(7) في المصدر: قائما رافعا يديه. كما في هامش البحار.
(8) البحار: 16 / 217 / 6. راجع: 14 / 384 - 387.
(9) الكافي: 2 / 95 / 6.
3232
تجهد هذا الاجتهاد؟ فقال: يا عمر! أفلا أكون
عبدا شكورا؟! (1).
- طاووس الفقيه: رأيت في الحجر
زين العابدين (عليه السلام) يصلي ويدعو عبيدك ببابك،
أسيرك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك،
يشكو إليك ما لا يخفى عليك. وفي خبر: لا تردني
عن بابك.
وأتت فاطمة بنت علي بن أبي طالب:
إلى جابر بن عبد الله فقالت له: يا صاحب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) إن لنا عليكم حقوقا، ومن حقنا عليكم أن
إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه
الله، وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا علي بن
الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم أنفه، ونقبت
جبهته وركبتاه وراحتاه، أذاب نفسه في العبادة.
فأتى جابر إلى بابه واستأذن، فلما دخل عليه
وجده في محرابه قد أنضته (2) العبادة، فنهض علي
فسأله عن حاله سؤالا حفيا، ثم أجلسه بجنبه، ثم
أقبل جابر يقول: يا بن رسول الله أما علمت أن الله
إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار
لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته
نفسك؟! فقال له علي بن الحسين: يا صاحب
رسول الله أما علمت أن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد
غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم
يدع الاجتهاد له، وتعبد - بأبي هو وأمي -
حتى انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له:
أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟.
فلما نظر إليه جابر وليس يغني فيه قول، قال:
يا ابن رسول الله البقيا على نفسك، فإنك من أسرة
بهم يستدفع البلاء، وبهم تستكشف اللأواء، وبهم
تستمسك السماء، فقال: يا جابر لا أزال على
منهاج أبوي مؤتسيا بهما حتى ألقاهما، فأقبل
جابر على من حضر فقال لهم: ما رؤي من أولاد
الأنبياء مثل علي بن الحسين، إلا يوسف بن
يعقوب، والله لذرية علي بن الحسين أفضل من
ذرية يوسف (3).
[3848]
اتهامه من قبل الأعداء
الكتاب
* (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي
يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين * إن الذين لا
يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم) * (4).
* (ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون) * (5).
* (فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون * أم
يقولون شاعر نتربص به ريب المنون * قل تربصوا فإني
معكم من المتربصين * أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم
طاغون * أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديث
مثله إن كانوا صادقين) * (6).



(1) أمالي الطوسي: 403 / 903.
(2) الإنضاء: الإبلاء، ورجل أنضته العبادة أبلته وأهزلته. كما في
هامش البحار.
(3) البحار: 46 / 78 / 75.
(4) النحل: 103، 104.
(5) الدخان: 14.
(6) الطور: 29 - 34.
3233
* (إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما
تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب
العالمين * ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لاخذنا منه
باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه
حاجزين) * (1).
* (وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون *
لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين * ما ننزل
الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين) * (2).
* (ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون * بل
جاء بالحق وصدق المرسلين) * (3).
* (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني
رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا
برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات
قالوا هذا سحر مبين) * (4).
* (اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية
يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) * (5).
* (ثم أدبر واستكبر * فقال إن هذا إلا سحر يؤثر (6) *.
* (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا
ساحر أو مجنون) * (7).
التفسير:
عن ابن عباس قال: قالت قريش: إن القرآن
ليس من عند الله وإنما يعلمه بلعام، وكان قينا
بمكة روميا نصرانيا، وقال الضحاك: أراد
به سلمان، وقال مجاهد: عبدا لبني الحضرمي
يقال له: يعيش، فنزل: * (ولقد نعلم أنهم يقولون
إنما يعلمه بشر...) * (8).
وقال العلامة الطباطبائي في تفسير
الآية ما نصه:
قوله تعالى: * (ولقد نعلم أنهم يقولون
إنما يعلمه بشر) * افتراء آخر منهم على النبي (صلى الله عليه وآله)
وهو قولهم: * (إنما يعلمه بشر) * وهو - كما يلوح
إليه سياق اعتراضهم وما ورد في الجواب عنه -
أنه كان هناك رجل أعجمي غير فصيح في منطقه
عنده شئ من معارف الأديان وأحاديث النبوة
ربما لاقاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاتهموه بأنه يأخذ
ما يدعيه وحيا منه والرجل هو الذي يعلمه،
وهو الذي حكاه الله تعالى من قولهم: * (إنما
يعلمه بشر) * وفي القول إيجاز، وتقديره:
إنما يعلمه بشر وينسب ما تعلمه منه إلى الله
افتراء عليه، وهو ظاهر.
ومن المعلوم أن الجواب عنه بمجرد أن لسان
الرجل أعجمي والقرآن عربي مبين لا يحسم مادة
الشبهة من أصلها، لجواز أن يلقي إليه المطالب
بلسانه الأعجمي ثم يسبكها هو (صلى الله عليه وآله وسلم) ببلاغة منطقه
في قالب العربية الفصيحة، بل هذا هو الأسبق إلى
الذهن من قولهم: * (إنما يعلمه بشر) * حيث عبروا
عن ذلك بالتعليم دون التلقين والإملاء، والتعليم
أقرب إلى المعاني منه إلى الألفاظ.
وبذلك يظهر أن قوله: * (لسان الذي يلحدون
إليه - إلى قوله - مبين) * ليس وحده جوابا

3234
عن شبهتهم، بل ما يتلوه من الكلام إلى تمام آيتين
من تمام الجواب.
وملخص الجواب مأخوذ من جميع الآيات
الثلاث أن ما اتهمتموه به أن بشرا يعلمه
ثم هو ينسبه إلى الله افتراء إن أردتم أنه
يعلمه القرآن بلفظه بالتلقين عليه وأن القرآن
كلامه لا كلام الله، فجوابه أن هذا الرجل لسانه
أعجمي وهذا القرآن عربي مبين.
وإن أردتم أن الرجل يعلمه معاني
القرآن - واللفظ لا محالة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو ينسبه
إلى الله افتراء عليه، فالجواب عنه أن الذي
يتضمنه القرآن معارف حقة لا يرتاب ذو لب فيها
وتضطر العقول إلى قبولها قد هدى الله النبي
إليها، فهو مؤمن بآيات الله، إذ لو لم يكن مؤمنا
لم يهده الله والله لا يهدي من لا يؤمن بآياته، وإذ
كان مؤمنا بآيات الله فهو لا يفتري على الله
الكذب، فإنه لا يفتري عليه إلا من لا يؤمن
بآياته، فليس هذا القرآن بمفترى، ولا مأخوذا
من بشر ومنسوبا إلى الله سبحانه كذبا.
فقوله: * (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي
وهذا لسان عربي مبين) * جواب عن أول شقي
الشبهة، وهو أن يكون القرآن بلفظه مأخوذا
من بشر على نحو التلقين، والمعنى: أن لسان
الرجل الذي - يلحدون أي يميلون - إليه وينوونه
بقولهم: * (إنما يعلمه بشر) * أعجمي أي غير
فصيح بين، وهذا القرآن المتلو عليكم لسان
عربي مبين، وكيف يتصور صدور بيان عربي بليغ
من رجل أعجمي اللسان؟
وقوله: * (إن الذين لا يؤمنون...) * إلى آخر
الآيتين جواب عن ثاني شقي الشبهة، وهو أن
يتعلم منه المعاني ثم ينسبها إلى الله افتراء.
والمعنى: أن الذين لا يؤمنون بآيات الله
ويكفرون بها لا يهديهم الله إليه وإلى معارفه
الحقة الظاهرة ولهم عذاب أليم، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
مؤمن بآيات الله لأنه مهدي بهداية الله، وإنما
يفتري الكذب وينسبه إلى الله الذين لا يؤمنون
بآيات الله وأولئك هم الكاذبون المستمرون على
الكذب، وأما مثل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المؤمن بآيات الله
فإنه لا يفتري الكذب ولا يكذب، فالآيتان
كنايتان عن أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مهدي بهداية الله مؤمن
بآياته، ومثله لا يفتري ولا يكذب.
والمفسرون قطعوا الآيتين عن الآية الأولى،
وجعلوا الآية الأولى هي الجواب الكامل عن
الشبهة، وقد عرفت أنها لا تفي بتمام الجواب.
ثم حملوا قوله: * (وهذا لسان عربي مبين) * على
التحدي بإعجاز القرآن في بلاغته، وأنت تعلم
أن لا خبر في لفظ الآية عن أن القرآن معجز
في بلاغته ولا أثر عن التحدي، ونهاية ما فيه
أنه عربي مبين لا وجه لأن يفصح عنه
ويلفظه أعجمي.
ثم حملوا الآيتين التاليتين على تهديد أولئك
الكفرة بآيات الله الرامين لرسوله (صلى الله عليه وآله) بالافتراء،
ووعيدهم بالعذاب الأليم، وقلب الافتراء
والكذب إليهم بأنهم أولى بالافتراء والكذب بما
أنهم لا يؤمنون بآيات الله فإن الله لم يهدهم.
ثم تكلموا بالبناء عليه في مفردات الآيتين

3235
بما يزيد في الابتعاد عن حق المعنى.
وقد عرفت أن ذلك يؤدي إلى عدم كفاية
الجواب في حسم الإشكال من أصله (1).
وقال في مبحث إعجاز القرآن في تحديه
بمن أنزل عليه ما نصه: وقد تحدى بالنبي
الأمي الذي جاء بالقرآن المعجز في لفظه
ومعناه، ولم يتعلم عند معلم ولم يترب عند
مرب بقوله تعالى: * (قل لو شاء الله ما تلوته
عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من
قبله أفلا تعقلون) * (2)، فقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) بينهم وهو
أحدهم لا يتسامى في فضل ولا ينطق بعلم حتى
لم يأت بشئ من شعر أو نثر نحوا من أربعين
سنة وهو ثلثا عمره لا يحوز تقدما ولا يرد عظيمة
من عظائم المعالي ثم أتى بما أتي به دفعة،
فأتي بما عجزت عنه فحولهم وكلت دونه ألسنة
بلغائهم، ثم بثه في أقطار الأرض فلم يجترئ
على معارضته معارض من عالم أو فاضل أو ذي
لب وفطانة.
وغاية ما أخذوه عليه: أنه سافر إلى
الشام للتجارة فتعلم هذه القصص ممن هناك من
الرهبان ولم يكن أسفاره إلى الشام إلا عمه
أبي طالب قبل بلوغه، وإلا مع ميسرة مولى
خديجة وسنه يومئذ خمسة وعشرون، وهو مع
من يلازمه في ليله ونهاره، ولو فرض محالا ذلك
فما هذه المعارف والعلوم؟ ومن أين هذه الحكم
والحقائق؟ وممن هذه البلاغة في البيان الذي
خضعت له الرقاب وكلت دونه الألسن الفصاح؟
وما أخذوه عليه أنه كان يقف على قين بمكة
من أهل الروم كان يعمل السيوف ويبيعها، فأنزل
الله سبحانه: * (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما
يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا
لسان عربي مبين) * (3).
وما قالوا عليه أنه يتعلم بعض ما يتعلم
من سلمان الفارسي وهو من علماء الفرس عالم
بالمذاهب والأديان، مع أن سلمان إنما آمن
به في المدينة، وقد نزل أكثر القرآن بمكة
وفيها من جميع المعارف الكلية والقصص ما نزلت
منها بمدينة بل أزيد، فما الذي زاده إيمان
سلمان وصحابته؟
على أن من قرأ العهدين وتأمل ما فيهما ثم
رجع إلى ما قصه القرآن من تواريخ الأنبياء
السالفين وأممهم رأى أن التاريخ غير التاريخ
والقصة غير القصة، ففيهما عثرات وخطايا لأنبياء
الله الصالحين تنبو الفطرة وتتنفر من أن تنسبها إلى
المتعارف من صلحاء الناس وعقلائهم، والقرآن
يبرئهم منها، وفيها أمور أخرى لا يتعلق بها معرفة
حقيقية ولا فضيلة خلقية ولم يذكر القرآن منها إلا
ما ينفع الناس في معارفهم وأخلاقهم وترك الباقي
وهو الأكثر (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): أقبل أبو جهل بن هشام
ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب
فقالوا: إن ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا،



(1) الميزان: 12 / 347.
(2) يونس: 16.
(3) النحل: 103.
(4) الميزان: 1 / 63.
3236
فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه،
قال: فبعث أبو طالب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعاه،
فلما دخل النبي (صلى الله عليه وآله) لم ير في البيت إلا مشركا،
فقال: السلام على من اتبع الهدى، ثم جلس،
فخبره أبو طالب بما جاؤوا له، فقال: أوهل
لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب
ويطأون أعناقهم؟ فقال أبو جهل: نعم وما هذه
الكلمة؟ فقال: تقولون: لا إله إلا الله،
قال: فوضعوا أصابعهم في آذانهم، وخرجوا هرابا
وهم يقولون: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة
إن هذا إلا اختلاق فأنزل الله في قولهم: * (ص *
والقرآن ذي الذكر - إلى قوله - إلا اختلاق) * (1).
- في تفسير القمي: * (وعجبوا أن جاءهم
منذر منهم) * قال: نزلت بمكة، لما أظهر رسول
الله (صلى الله عليه وآله) الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي
طالب فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد
سفه أحلامنا، وسب آلهتنا وأفسد شبابنا،
وفرق جماعتنا، فإن كان الذي يحمله على ذلك
العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في
قريش ونملكه علينا، فأخبر أبو طالب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) بذلك، فقال: لو وضعوا الشمس في يميني
والقمر في يساري ما أردته، ولكن يعطوني
كلمة يملكون بها العرب، ويدين لهم بها العجم،
ويكونون ملوكا في الجنة، فقال لهم أبو طالب
ذلك، فقالوا: نعم وعشر كلمات، فقال لهم رسول
الله (صلى الله عليه وآله) تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول
الله، فقالوا: ندع ثلاث مائة وستين إلها ونعبد
إلها واحدا؟! فأنزل الله سبحانه: * (وعجبوا أن
جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر
كذاب - إلى قوله - إلا اختلاق) * أي تخليط (2).
- كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكف عن عيب آلهة
المشركين، ويقرأ عليهم القرآن، وكان الوليد بن
المغيرة من حكام العرب يتحاكمون إليه في
الأمور، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف
دينار يتجر بها، وملك القنطار، وكان عم أبي
جهل، فقالوا له: يا عبد شمس ما هذا الذي يقول
محمدا؟ أسحر، أم كهانة، أم خطب؟ فقال:
دعوني أسمع كلامه، فدنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو
جالس في الحجر فقال: يا محمد أنشدني شعرك،
فقال: ما هو بشعر ولكنه كلام الله الذي بعث أنبياءه
ورسله، فقال: أتل، فقرأ: بسم الله الرحمن
الرحيم، فلما سمع الرحمن استهزأ منه وقال:
تدعو إلى رجل باليمامة باسم الرحمن؟! قال: لا
ولكني أدعو إلى الله وهو الرحمن الرحيم، ثم
افتتح حم السجدة، فلما بلغ إلى قوله: * (فإن
أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد
وثمود) * (3) وسمعه، اقشعر جلده وقامت كل شعرة
في بدنه، وقام ومشى إلى بيته ولم يرجع إلى
قريش، فقالوا: صبأ أبو عبد شمس إلى دين
محمد، فاغتمت قريش وغدا عليه أبو جهل فقال:
فضحتنا يا عم، قال: يا بن أخي ما ذاك وإني على
دين قومي، ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه
الجلود، قال أفشعر هو؟ قال: ما هو بشعر،



(1) الكافي: 2 / 649 / 5.
(2) البحار: 18 / 182 / 12.
(3) فصلت: 13.
3237
قال: فخطب؟ قال: لا، إن الخطب كلام متصل،
وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا، له طلاوة،
قال: فكهانة هو؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال:
دعني أفكر فيه، فلما كان من الغد قالوا: يا عبد
شمس ما تقول؟ قال: قولوا: هو سحر، فإنه آخذ
بقلوب الناس، فأنزل الله تعالى فيه: * (ذرني ومن
خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين
شهودا - إلى قوله - عليها تسعة عشر) * (1).
وفي حديث حماد بن زيد عن أيوب عن
عكرمة قال: جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اقرأ علي، فقال: * (إن الله يأمر
بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن
الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم
تذكرون) * (2) فقال: أعد، فأعاد، فقال: والله إن
له لحلاوة وطلاوة (3)، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله
لمغدق، وما هذا بقول بشر (4).
- ابن عباس: إن الوليد بن المغيرة أتى
قريشا فقال: إن الناس يجتمعون غدا بالموسم
وقد فشا أمر هذا الرجل في الناس وهم يسألونكم
عنه فما تقولون؟ فقال أبو جهل: أقول: إنه
مجنون، وقال أبو لهب: أقول: إنه شاعر، وقال
عقبة بن أبي معيط: أقول: إنه كاهن، فقال
الوليد: بل أقول: هو ساحر، يفرق بين الرجل
والمرأة وبين الرجل وأخيه وأبيه، فأنزل الله
تعالى: * (ن * والقلم...) * الآية، وقوله: * (وما
هو بقول شاعر...) * الآية (5).
أقول: في البحار عن مناقب ابن شهرآشوب:
لما قالت قريش: إنه ساحر علمنا أنه قد
أراهم ما لم يقدروا على مثله، وقالوا: هذا
مجنون، لما هجم منه على شئ لم يفكر في
عاقبته منهم، وقالوا: هو كاهن، لأنه أنبأ
بالغائبات، وقالوا: معلم، لأنه قد أنبأهم
بما يكتمونه من أسرارهم، فثبت صدقه من حيث
قصدوا تكذيبه (6).
في تعداد أزواج النبي:
قال العلامة الطباطبائي في الميزان:
ومما اعترضوا عليه تعدد زوجات
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قالوا: إن تعدد الزوجات لا يخلو
في نفسه عن الشره والانقياد لداعي الشهوة،
وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقنع بما شرعه لامته من الأربع حتى
تعدى إلى التسع من النسوة.
والمسألة ترتبط بآيات متفرقة كثيرة في
القرآن، والبحث من كل جهة من جهاتها يجب
أن يستوفى عند الكلام على الآية المربوطة بها،
ولذلك أخرنا تفصيل القول إلى محاله المناسبة
له، وإنما نشير ههنا إلى ذلك إشارة
إجمالية، فنقول:
من الواجب أن يلفت نظر هذا المعترض
المستشكل إلى أن قصة تعدد زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ليست على هذه السذاجة - أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالغ في حب
النساء حتى أنهى عدة أزواجه إلى تسع نسوة -



(1) المدثر: 11 - 30.
(2) النحل: 90.
(3) الطلاوة مثلثة: الحسن والبهجة والقبول، القاموس المحيط: 4 / 357.
(4) قصص الأنبياء: 319 / 425، 426.
(5) البحار: 18 / 198 / 31 و 16 / 175 / 19.
(6) البحار: 18 / 198 / 31 و 16 / 175 / 19.
3238
بل كان اختياره لمن اختارها منهن على نهج
خاص في مدى حياته، فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) كان تزوج - أول
ما تزوج - بخديجة رضي الله عنها، وعاش معها
مقتصرا عليها نيفا وعشرين سنة وهي ثلثا عمره
الشريف بعد الازدواج، منها ثلاث عشرة سنة بعد
نبوته قبل الهجرة من مكة، ثم هاجر إلى
المدينة وشرع في نشر الدعوة وإعلاء كلمة
الدين، وتزوج بعدها من النساء منهن البكر
ومنهن الثيب، ومنهن الشابة ومنهن العجوز
والمكتهلة، وكان على ذلك ما يقرب من عشرة
سنين، ثم حرم عليه النساء بعد ذلك إلا
من هي في حبالة نكاحه. ومن المعلوم أن
هذا الفعال على هذه الخصوصيات لا يقبل
التوجيه بمجرد حب النساء والولوع بهن
والوله بالقرب منهن، فأول هذه السيرة
وآخرها يناقضان ذلك.
على أنا لا نشك - بحسب ما نشاهده من العادة
الجارية - أن المتولع بالنساء المغرم بحبهن
والخلاء بهن والصبوة إليهن مجذوب إلى الزينة،
عشيق للجمال، مفتون بالغنج والدلال، حنين إلى
الشباب ونضارة السن وطراوة الخلقة، وهذه
الخواص أيضا لا تنطبق على سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه
بنى بالثيب بعد البكر وبالعجوز بعد الفتاة الشابة،
فقد بنى بأم سلمة وهي مسنة، وبنى بزينب بنت
جحش وسنها يومئذ يربو على خمسين بعد
ما تزوج بمثل عائشة وأم حبيبة... وهكذا.
وقد خير (صلى الله عليه وآله وسلم) نساءه بين التمتيع والسراح
الجميل - وهو الطلاق - إن كن يردن الدنيا
وزينتها، وبين الزهد في الدنيا وترك التزيين
والتجمل إن كن يردن الله ورسوله والدار الآخرة،
على ما يشهد به قوله تعالى في القصة: * (يا أيها
النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا
وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا
جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار
الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا
عظيما) * (1) وهذا المعنى أيضا - كما ترى - لا
ينطبق على حال رجل مغرم بجمال النساء صاب
إلى وصالهن.
فلا يبقى حينئذ للباحث المتعمق إذا أنصف
إلا أن يوجه كثرة ازدواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما بين أول
أمره وآخر أمره بعوامل اخر غير عامل الشره
والشبق والتلهي.
فقد تزوج (صلى الله عليه وآله وسلم) ببعض هؤلاء الأزواج
اكتسابا للقوة وازديادا للعضد والعشيرة، وببعض
هؤلاء استمالة للقلوب وتوقيا من بعض الشرور،
وببعض هؤلاء ليقوم على أمرها بالإنفاق وإدارة
المعاش، وليكون سنة جارية بين المؤمنين في
حفظ الأرامل والعجائز من المسكنة والضيعة.
وببعضها لتثبيت حكم مشروع وإجرائه
عملا لكسر السنن المنحطة والبدع الباطلة
الجارية بين الناس، كما في تزوجه بزينب
بنت جحش وقد كانت زوجة لزيد بن حارثة ثم
طلقها زيد، وقد كان زيد هذا يدعى ابن رسول
الله على نحو التبني، وكانت زوجة المدعو ابنا
عندهم كزوجة الابن الصلبي لا يتزوج بها الأب،

3239
فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونزل فيها الآيات.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوج لأول مرة بعد وفاة خديجة
بسودة بنت زمعة وقد توفي عنها زوجها
بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية،
وكانت سودة هذه مؤمنة مهاجرة، ولو رجعت
إلى أهلها وهم يومئذ كفار لفتنوها كما فتنوا
غيرها من المؤمنين والمؤمنات بالزجر والقتل
والإكراه على الكفر.
وتزوج بزينب بنت خزيمة بعد قتل زوجها
عبد الله بن جحش في أحد، وكانت من السيدات
الفضليات في الجاهلية تدعى أم المساكين،
لكثرة برها للفقراء والمساكين وعطوفتها بهم،
فصان بازدواجها ماء وجهها.
وتزوج بأم سلمة واسمها هند، وكانت من
قبل زوجة عبد الله أبي سلمة ابن عمة النبي
وأخيه من الرضاعة أول من هاجر إلى الحبشة،
وكانت زاهدة فاضلة ذات دين ورأي، فلما
توفي عنها زوجها كانت مسنة ذات أيتام فتزوج
بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وتزوج بصفية بنت حيي بن أخطب سيد بني
النظير، قتل زوجها يوم خيبر وقتل أبوها مع
بني القريظة، وكانت في سبي خيبر فاصطفاها
وأعتقها وتزوج بها، فوقاها بذلك من الذل
ووصل سببه ببني إسرائيل.
وتزوج بجويرية واسمها برة بنت الحارث
سيد بني المصطلق، بعد وقعة بني المصطلق
وقد كان المسلمون أسروا منهم مائتي بيت
بالنساء والذراري، فتزوج (صلى الله عليه وآله وسلم) بها، فقال
المسلمون هؤلاء أصهار رسول الله لا ينبغي
أسرهم وأعتقوهم جميعا، فأسلم بنو المصطلق
بذلك، ولحقوا عن آخرهم بالمسلمين وكانوا
جما غفيرا، وأثر ذلك أثرا حسنا في سائر العرب.
وتزوج بميمونة واسمها برة بنت الحارث
الهلالية، وهي التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
بعد وفاة زوجها الثاني أبي رهم بن عبد
العزى، فاستنكحها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتزوج بها
وقد نزل فيها القرآن.
وتزوج بأم حبيبة واسمها رملة بنت أبي
سفيان، وكانت زوجة عبيد الله بن جحش وهاجر
معها إلى الحبشة الهجرة الثانية فتنصر
عبيد الله هناك وثبتت هي على الإسلام، وأبوها
أبو سفيان يجمع الجموع على الإسلام يومئذ،
فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحصنها.
وتزوج بحفصة بنت عمر وقد قتل زوجها
خنيس بن حذاقة ببدر وبقيت أرملة.
وتزوج بعائشة بنت أبي بكر وهي بكر.
فالتأمل في هذه الخصوصيات - مع ما تقدم
في صدر الكلام من جمل سيرته في أول أمره
وآخره وما سار به من الزهد وترك الزينة وندبه
نساءه إلى ذلك - لا يبقي للمتأمل موضع شك في
أن ازدواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بمن تزوج بها من النساء لم يكن
على حد غيره من عامة الناس.
أضف إلى ذلك جمل صنائعه (صلى الله عليه وآله وسلم) في
النساء، وإحياء ما كانت قرون الجاهلية وأعصار
الهمجية أماتت من حقوقهن في الحياة، وأخسرته
من وزنهن في المجتمع الإنساني، حتى روي

3240
أن آخر ما تكلم به (صلى الله عليه وآله وسلم) هو توصيتهن لجامعة
الرجال، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الصلاة الصلاة، وما ملكت
أيمانكم لا تكلفوهم مالا يطيقون، الله الله في
النساء فإنهن عوان في أيديكم... الحديث.
وكانت سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) في العدل بين نسائه
وحسن معاشرتهن ورعاية جانبهن مما يختص
به (صلى الله عليه وآله وسلم) - على ما سيأتي شذرة منه في الكلام
على سيرته في مستقبل المباحث إن شاء الله -
وكان حكم الزيادة على الأربع كصوم الوصال من
مختصاته التي منعت عنها الأمة، وهذه الخصال
وظهورها على الناس هي التي منعت أعداءه من
الاعتراض عليه بذلك مع تربصهم الدوائر به (1).



(1) الميزان: 4 / 195.
3241
(505)
النجوم
البحار: 58 / 217 باب 10 " علم النجوم والعمل به "
وسائل الشيعة: 12 / 101 باب 24 " عدم جواز تعلم النجوم ".
وسائل الشيعة: 8 / 268 باب 14 " تحريم العمل بعلم النجوم ".

3243
[3849]
علم النجوم
الكتاب
* (فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم) * (1).
* (فلا أقسم بمواقع النجوم) * (2).
التفسير:
قوله تعالى: * (فنظر نظرة في النجوم *
فقال إني سقيم) * لا شك أن ظاهر الآيتين
أن إخباره (عليه السلام) بأنه سقيم مرتبط بنظرته في
النجوم ومبني عليه، ونظرته في النجوم
إما لتشخيص الساعة وخصوص الوقت كمن به
حمى ذات نوبة يعين وقتها بطلوع كوكب أو
غروبها أو وضع خاص من النجوم، وإما للوقوف
على الحوادث المستقبلة التي كان المنجمون
يرون أن الأوضاع الفلكية تدل
عليها، وقد كان الصابئون مبالغين فيها وكان
في عهده (عليه السلام) منهم جم غفير.
فعلى الوجه الأول لما أراد أهل المدينة
أن يخرجوا كافة إلى عيد لهم، نظر إلى
النجوم وأخبرهم أنه سقيم ستعتريه العلة
فلا يقدر على الخروج معهم.
وعلى الوجه الثاني نظر (عليه السلام) حينذاك إلى
النجوم نظرة المنجمين، فأخبرهم أنها تدل على
أنه سيسقم فليس في وسعه الخروج معهم.
وأول الوجهين أنسب لحاله (عليه السلام) وهو في
إخلاص التوحيد بحيث لا يرى لغيره تعالى
تأثيرا، ولا دليل لنا قويا يدل على
أنه (عليه السلام) لم يكن به في تلك الأيام سقم أصلا،
وقد أخبر القرآن بإخباره بأنه سقيم، وذكر
سبحانه قبيل ذلك أنه جاء ربه بقلب سليم، فلا
يجوز عليه كذب ولا لغو من القول.
ولهم في الآيتين وجوه أخر أوجهها
أن نظرته في النجوم وإخباره بالسقم من
المعاريض في الكلام، والمعاريض أن يقول
الرجل شيئا يقصد به غيره ويفهم منه غير ما
يقصده، فلعله نظر (عليه السلام) في النجوم نظر الموحد في
صنعه تعالى يستدل به عليه تعالى وعلى وحدانيته
وهم يحسبون أنه ينظر إليها نظر
المنجم فيها ليستدل بها على الحوادث، ثم
قال: إني سقيم، يريد أنه سيعتريه سقم،
فإن الإنسان لا يخلو في حياته من سقم ما ومرض
ما، كما قال: * (وإذا مرضت فهو يشفين) * الشعراء:
80، وهم يحسبون أنه يخبر عن
سقمه يوم يخرجون فيه لعيد لهم، والمرجح
عنده لجميع ذلك ما كان يهتم به من الرواغ



(1) الصافات: 88، 89.
(2) الواقعة: 75.
3244
إلى أصنامهم وكسرها.
لكن هذا الوجه مبني على أنه كان صحيحا
غير سقيم يومئذ، وقد سمعت أن لا دليل يدل
عليه. على أن المعاريض غير جائزة على
الأنبياء، لارتفاع الوثوق بذلك عن قولهم (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لمحمد بن يحيى
الخثعمي لما سأله عن النجوم حق هي؟ -:
نعم، فقلت له: وفي الأرض من يعلمها؟ قال: نعم،
وفي الأرض من يعلمها (2).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن علم النجوم -:
هو علم من علم الأنبياء، قال - الراوي -: فقلت:
كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يعلمه؟ فقال: كان
أعلم الناس به (3).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - فيما جرى بينه وبين
هارون -: ولولا أن النجوم صحيحة ما مدحها
الله عز وجل، والأنبياء (عليهم السلام) كانوا عالمين بها،
وقد قال الله تعالى في حق إبراهيم خليل
الرحمن (عليه السلام): * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت
السماوات والأرض وليكون من الموقنين) *
الأنعام: 75، وقال في موضع آخر: * (فنظر
نظرة في النجوم فقال إني سقيم) * الصافات: 89،
فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها وما
قال: إني سقيم، وإدريس (عليه السلام) كان أعلم أهل زمانه
بالنجوم، والله تعالى قد أقسم بمواقع النجوم وإنه
لقسم لو تعلمون عظيم (4).
- الإمام علي (عليه السلام): من اقتبس علما من
علم النجوم من حملة القرآن ازداد به
إيمانا ويقينا، ثم تلا: * (إن في اختلاف
الليل والنهار) * (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عما اشتهر
بين الناس من حرمة النظر في النجوم وعن ضرره
بالدين -: ليس كما يقولون، لا تضر بدينك، ثم
قال: إنكم تنظرون في شئ منها كثيره لا يدرك،
وقليله لا ينتفع به (6).
- عنه (عليه السلام) - لما سأله زنديق عن علم النجوم -:
هو علم قلت منافعه وكثرت مضراته، لأنه لا يدفع
به المقدور ولا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم
بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو
بخير لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء



(1) الميزان: 17 / 148 - 149.
(2) البحار: 58 / 249 / 30 وص 235 / 15.
(3) البحار: 58 / 249 / 30 وص 235 / 15.
(4) البحار: 58 / 252 / 36.
(5) البحار: 58 / 254 / 41.
(6) الكافي: 8 / 195 / 233. في كتاب المكاسب في مبحث
التنجيم: يجوز الإخبار بحدوث الأحكام عند الاتصالات
والحركات المذكورة، بأن يحكم بوجود كذا في المستقبل عند
الوضع المعين من القرب والبعد والمقابلة والاقتران
بين الكوكبين إذا كان على وجه الظن... بل الظاهر حينئذ جواز
الإخبار على وجه القطع إذا استند إلى تجربة قطعية، إذ لا حرج
على من حكم قطعا بالمطر في هذه الليلة نظرا إلى ما جربه من
نزول كلبه عن السطح إلى داخل البيت مثلا، كما حكي أنه اتفق
ذلك لمروج هذا العلم بل محييه نصير الملة والدين حيث نزل في
بعض أسفاره على طحان له طاحونة خارج البلد، فلما دخل
منزله صعد السطح لحرارة الهواء فقال له صاحب المنزل: انزل
ونم في البيت تحفظا من المطر، فنظر المحقق إلى الأوضاع
الفلكية فلم ير شيئا فيما هو مظنة للتأثير في المطر،
فقال صاحب المنزل: إن لي كلبا ينزل في كل ليلة يحس المطر فيها
إلى البيت، فلم يقبل منه المحقق ذلك وبات فوق السطح فجاءه
المطر في الليل وتعجب المحقق. المكاسب: 25.
3245
لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في
علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه (1).
- عنه (عليه السلام): كان بيني وبين رجل قسمة
أرض، وكان الرجل صاحب نجوم، وكان يتوخى
ساعة السعود، فيخرج فيها وأخرج أنا في ساعة
النحوس، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين،
فضرب الرجل يده اليمنى على اليسرى ثم قال:
ما رأيت كاليوم قط، قلت: ويل الآخر وما ذاك؟
قال: إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة
النحوس وخرجت أنا في ساعة السعود، ثم
قسمنا فخرج لك خير القسمين؟.
فقلت: ألا أحدثك بحديث حدثني به أبي؟
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يدفع الله عنه
نحس يومه فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها
عنه نحس يومه، ومن أحب أن يذهب الله عنه
نحس ليلته فليفتتح ليلته بصدقة يدفع الله عنه
نحس ليلته.
فقلت: وإني افتتحت خروجي بصدقة، فهذا
خير لك من علم النجوم (2).
- عنه (عليه السلام) - في دعاء الاستخارة بعد الفراغ
من صلاتها -: اللهم إنك خلقت أقواما
يلجؤون إلى مطالع النجوم لأوقات حركاتهم
وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ
إليك من اللجأ إليها ومن طلب الاختيارات
بها، وأتيقن أنك لم تطلع أحدا على غيبك
في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى
تحصيل أفاعيلها.
وإنك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها
على السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن
النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود، لأنك
تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب (3).
- عبد الملك بن أعين: قلت لأبي
عبد الله (عليه السلام): إني قد ابتليت بهذا العلم، فأريد
الحاجة، فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر
جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت الطالع الخير
ذهبت في الحاجة، فقال لي: تقضي؟ قلت: نعم،
قال: أحرق كتبك (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما قال له رجل يستخدم علم
النجوم: إن سرت في هذا الوقت خشيت أن لا
تظفر بمرادك -: أتزعم أنك تهدي إلى
الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء؟
وتخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به
الضر؟ فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن،
واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب،
ودفع المكروه...
ثم أقبل (عليه السلام) على الناس فقال: أيها الناس!
إياكم وتعلم النجوم إلا ما يهتدى به
في بر أو بحر، فإنها تدعو إلى الكهانة،
والمنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر
كالكافر، والكافر في النار، سيروا
على اسم الله (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المنجم كالكاهن،



(1) البحار: 58 / 223 / 3.
(2) الكافي: 4 / 6 / 9.
(3) البحار: 58 / 229 / 12.
(4) الفقيه: 2 / 267 / 2402.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 79.
3246
والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر
في النار (1).
أقول: ما يدل على تحريم التنجيم يختص
بما إذا اعتقد المنجم تأثير الحركات في
الكائنات، ولا مؤثر في الوجود إلا الله سبحانه،
وأما إذا اعتقد ربط الحركات بالحوادث من قبيل
ربط الكاشف والمكشوف فلا دليل على حرمته،
بل قال الشيخ الأنصاري رضوان الله تعالى عليه:
الظاهر أن هذا الاعتقاد لم يقل أحد بكونه
كفرا... فراجع تمام كلامه في التنجيم في
المكاسب المحرمة.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما انصرف الناس بعد صلاة
الصبح في الحديبية في أثر سماءة كانت من
الليل -: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا:
الله ورسوله أعلم، قال: إن ربكم يقول: من عبادي
مؤمن بي وكافر بالكواكب، وكافر بي ومؤمن
بالكواكب، فمن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته
فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب، ومن قال: مطرنا
بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب.
قال الشهيد: هذا محمول على اعتقاد
مدخليتها في التأثير، والنوء سقوط كوكب في
المغرب وطلوع رقيبه في المشرق (2).

3247
(506)
النجوى
انظر:
الرؤيا: باب 1404.

3249
[3850]
النجوى
الكتاب
* (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله
علام الغيوب) * (1).
(انظر): الإسراء: 47، طه 62، الأنبياء: 3، المجادلة: 7،
10، 12، 13، النساء: 114، الزخرف: 80.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى
اثنان دون الثالث (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى
رجلان دون الآخر حتى يختلطوا بالناس،
فإن ذلك يحزنه (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا كان القوم ثلاثة
فلا يتناجى منهم اثنان دون صاحبهما، فإن
ذلك [م‍] ما يحزنه ويؤذيه (4).
- الإمام علي (عليه السلام): الكتمان ملاك النجوى (5).
- عنه (عليه السلام): أفضل النجوى ما كان على
الدين والتقى، وأسفر عن اتباع الهدى
ومخالفة الهوى (6).
- عنه (عليه السلام): لا خير في المناجاة إلا
لرجلين: عالم ناطق، أو مستمع واع (7).

3250
(507)
المناجاة
البحار: 13 / 323 باب 11 " ما ناجى به موسى (عليه السلام) ربه ".
البحار: 94 / 89 باب 32 " أدعية المناجاة ".
انظر:
الأدب: باب 68.

3251
[3851]
المناجاة
- الإمام الصادق (عليه السلام): أوحى الله تعالى
إلى داود (عليه السلام): بي فافرح، وبذكري فتلذذ،
وبمناجاتي فتنعم (1).
- الإمام علي (عليه السلام): في المناجاة سبب النجاة (2).
- عنه (عليه السلام): من لزم الخلوة بربه فقد حصل
في الحمى الأمنع والعيش الأمتع، واعلم
أنه لا ينال ما عند الله إلا بنفس جاهدة
وعين شاهدة (3).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في المناجاة -:
اللهم احملنا في سفن نجاتك، ومتعنا بلذيذ
مناجاتك، وأوردنا حياض حبك، وأذقنا حلاوة
ودك وقربك (4).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: فبك إلى لذيذ مناجاتك
وصلوا، ومنك أقصى مقاصدهم حصلوا (5).
- عنه (عليه السلام) - من دعائه في يوم عرفة -: وزين
لي التفرد بمناجاتك بالليل والنهار (6).
- الإمام علي (عليه السلام): وما برح لله - عزت آلاؤه -
في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات،
عباد ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات
عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار
والأسماع والأفئدة (7).
(انظر): المراقبة: باب 1544.
[3852]
فضل المناجاة في ظلم الليل
- الإمام الباقر (عليه السلام): تعرض للرحمة
وعفو الله بحسن المراجعة، واستعن على
حسن المراجعة بخالص الدعاء والمناجاة
في الظلم (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله جل جلاله أوحى
إلى الدنيا: أتعبي من خدمك وأخدمي
من رفضك، وإن العبد إذا تخلى بسيده
في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله النور
في قلبه، فإذا قال: يا رب! ناداه الجليل
جل جلاله لبيك عبدي سلني أعطك، وتوكل
علي أكفك.
ثم يقول جل جلاله للملائكة: ملائكتي!
انظروا إلى عبدي قد تخلى بي في جوف
الليل المظلم، والبطالون لاهون، والغافلون
ينامون، اشهدوا أني قد غفرت له (9).

3252
[3853]
مناجاة الإمام علي (عليه السلام)
- عروة بن الزبير: كنا جلوسا في مسجد
النبي (صلى الله عليه وآله) فتذاكرنا أحوال أهل بدر وبيعة
الرضوان، فقال أبو الدرداء: يا قوم ألا
أخبركم بأقل القوم مالا، وأكثرهم ورعا،
وأشدهم اجتهادا في العبادة؟ قالوا: من
هو؟ قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال: فوالله إن كان في جماعة ذلك المجلس
إلا معرض عنه بوجهه، ثم انتدب له رجل
من الأنصار يقال له: عويمر فقال: لقد تكلمت
بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها.
فقال أبو الدرداء: يا قوم إني قائل ما
رأيت وليقل كل واحد منكم ما رأى، رأيت
وشاهدت علي بن أبي طالب بسويحات بني
النجار وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممن
يليه وقد استتر ببعيلات النخل فافتقدته وبعد
علي مكانه فقلت: لحق بمنزله، فإذا بصوت
حزين ونغمة شجي وهو يقول: إلهي كم من موبقة
حلمت عن مقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة
تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في
عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا
مؤمل غير غفرانك، ولا أنا راج غير رضوانك،
فشغلني الصوت واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن
أبي طالب بعينه، فاستترت لأسمع كلامه
وأخملت الحركة فركع ركعات في جوف الليل
الغابر، ثم فرغ إلى الدعاء والتضرع والبكاء
والبث والشكوى، فكان مما ناجى به الله عز وجل
أن قال: اللهم إني أفكر في عفوك فتهون
علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم
علي بليتي، ثم قال: آه إن قرأت في الصحف
سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها فتقول: خذوه،
فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه
قبيلته، ترحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء.
ثم قال: آه من نار تنضج الأكباد والكلى،
آه من نار نزاعة للشوى، آه من غمرة في ملهبات
لظى، ثم أمعن في البكاء فلم أسمع
له حسا ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول
السهر أوقظه لصلاة الفجر، قال أبو الدرداء: فأتيته
فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك
وزويته فلم ينزو، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون
مات والله علي بن أبي طالب، فأتيت منزله مبادرا
أنعاه إليهم، فقالت فاطمة: يا أبا الدرداء ما كان من
شأنه وقصته؟ فأخبرتها الخبر، فقالت: هي والله يا
أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله
تعالى، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق
ونظر إلي وأنا أبكي فقال: ما بكاؤك يا أبا الدرداء؟
فقلت: مما أراه تنزله بنفسك، فقال: يا أبا الدرداء!
فكيف لو رأيتني وقد دعي بي إلى الحساب،
وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة
غلاظ شداد وزبانية فظاظ، وأوقفت بين يدي
الجبار، وقد أسلمني الأحباء ورحمني أهل الدنيا
لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا يخفى عليه
خافية، قال أبو الدرداء: فوالله ما رأيت ذلك لأحد

3253
من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - في مناجاته -: إلهي
كأني بنفسي قد أضجعت في حفرتها،
وانصرف عنها المشيعون من جيرتها، وبكى
الغريب عليها لغربتها (2).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: إلهي صل على محمد وآل
محمد، وارحمني إذا انقطع من الدنيا
أثري، وامتحى من المخلوقين ذكري، وصرت
في المنسيين كمن قد نسي.
إلهي كبرت سني، ورق جلدي، ودق
عظمي، ونال الدهر مني، واقترب أجلي، ونفدت
أيامي، وذهبت شهواتي، وبقيت تبعاتي...
إلهي أقمت على قنطرة من قناطر الأخطار،
مبلوا بالأعمال والاعتبار، فأنا الهالك إن
لم تعن علينا بتخفيف الأثقال...
إلهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا،
وسمع الزاهدون بسعة رحمتك فقنعوا، وسمع
المولون عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع
المجرمون بسعة غفرانك فطمعوا، وسمع
المؤمنون بكرم عفوك وفضل عوارفك فرغبوا...
إلهي إن أخطأت طريق النظر لنفسي بما
فيه كرامتها، فقد أصبت طريق الفزع إليك بما
فيه سلامتها...
إلهي كيف تفرح بصحبة الدنيا صدورنا،
وكيف تلتئم في غمراتها أمورنا، وكيف يخلص لنا
فيها سرورنا، وكيف يملكنا باللهو واللعب
غرورنا، وقد دعتنا باقتراب الآجال قبورنا...
إلهي ليس تشبه مسألتي مسألة السائلين،
لأن السائل إذا منع امتنع عن السؤال، وأنا
لا غناء بي عما سألتك على كل حال...
إلهي أدعوك دعاء ملح لا يمل دعاء مولاه،
وأتضرع إليك تضرع من قد أقر على نفسه
بالحجة في دعواه...
ثم أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) على نفسه يعاتبها،
ويقول: أيها المناجي ربه بأنواع
الكلام، والطالب منه مسكنا في دار السلام،
والمسوف بالتوبة عاما بعد عام، ما أراك منصفا
لنفسك من بين الأنام، فلو رافعت نومك يا غافلا
بالقيام، وقطعت يومك بالصيام، واقتصرت على
القليل من لعق الطعام، وأحييت مجتهدا ليلك
بالقيام، كنت أحرى أن تنال أشرف المقام (3).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: اللهم إني أسألك
الأمان الأمان يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من
أتى الله بقلب سليم (4).
[3854]
مناجاة الإمام الحسين (عليه السلام)
- إنه - يعني الحسين (عليه السلام) - ساير أنس بن
مالك فأتى قبر خديجة فبكى، ثم قال: اذهب
عني، قال أنس: فاستخفيت عنه فلما طال



(1) تنبيه الخواطر: 2 / 156.
(2) الدعوات للراوندي: 180 / 497.
(3) البحار: 94 / 99 / 14 وص 109 / 15.
(4) البحار: 94 / 99 / 14 وص 109 / 15.
3254
وقوفه في الصلاة سمعته قائلا:
يا رب يا رب أنت مولاه * فارحم عبيدا إليك ملجاه
يا ذا المعالي عليك معتمدي * طوبى لمن كنت أنت مولاه
طوبى لمن كان خادما أرقا * يشكو إلى ذي الجلال بلواه
وما به علة ولا سقم * أكثر من حبه لمولاه
إذا اشتكى بثه وغصته * أجابه الله ثم لباه
إذا ابتلى بالظلام مبتهلا * أكرمه الله ثم أدناه
فنودي:
لبيك عبدي وأنت في كنفي * وكلما قلت قد علمناه
صوتك تشتاقه ملائكتي * فحسبك الصوت قد سمعناه
دعاك عندي يجول في حجب * فحسبك الستر قد سفرناه
لو هبت الريح من جوانبه * خر صريعا لما تغشاه
سلني بلا رغبة ولا رهب * ولا حساب إني أنا الله (1)
[3855]
مناجاة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
- حماد بن حبيب العطار الكوفي:
خرجنا حجاجا فرحلنا من زبالة ليلا، فاستقبلنا
ريح سوداء مظلمة، فتقطعت القافلة فتهت في تلك
الصحاري والبراري فانتهيت إلى واد قفر، فلما أن
جنني الليل آويت إلى شجرة عادية، فلما أن
اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل، عليه أطمار
بيض، تفوح منه رائحة المسك، فقلت في نفسي:
هذا ولي من أولياء الله متى ما أحس بحركتي
خشيت نفاره وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله،
فأخفيت نفسي ما استطعت، فدنا إلى الموضع
فتهيأ للصلاة، ثم وثب قائما وهو يقول: يا من
أحار كل شئ ملكوتا، وقهر كل شئ جبروتا،
ألج قلبي فرح الإقبال عليك، وألحقني بميدان
المطيعين لك.
قال: ثم دخل في الصلاة، فلما أن رأيته قد
هدأت أعضاؤه وسكنت حركاته، قمت إلى
الموضع الذي تهيأ منه للصلاة فإذا بعين تفيض
بماء أبيض، فتهيأت للصلاة ثم قمت خلفه، فإذا
أنا بمحراب كأنه مثل في ذلك الموقف! فرأيته
كلما مر بآية فيها ذكر الوعد والوعيد يرددها
بأشجان الحنين، فلما أن تقشع الظلام وثب قائما
وهو يقول: يامن قصده الطالبون فأصابوه مرشدا،
وأمه الخائفون فوجدوه متفضلا، ولجأ إليه
العابدون فوجدوه نوالا، فخفت أن يفوتني
شخصه، وأن يخفى علي أثره، فتعلقت به، فقلت
له: بالذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدة
شوق لذيذ الرعب، إلا ألحقتني منك جناح
رحمة، وكنف (2) رقة؟ فإني ضال، وبعيني كلما
صنعت، وباذني كلما نطقت، فقال: لو صدق
توكلك ما كنت ضالا، ولكن اتبعني واقف أثري،



(1) البحار: 44 / 193 / 5.
(2) الكنف محركة: الجانب، الظل، يقال: أنت في كنف الله أي في
حرزه ورحمته. كما في هامش البحار.
3255
فلما أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي فتخيل
إلي أن الأرض تمد من تحت قدمي، فلما
انفجر عمود الصبح قال لي: أبشر فهذه مكة،
قال: فسمعت الصيحة ورأيت المحجة، فقلت:
بالذي ترجوه يوم الآزفة ويوم الفاقة، من
أنت؟ فقال لي: أما إذا أقسمت علي فأنا
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات
الله عليهم (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - من مناجاة له تعرف
بالصغرى -: اللهم صل على محمد وآل محمد،
واجعلنا من الذين شربوا بكأس الصفاء، فأورثهم
الصبر على طول البلاء، فقرت أعينهم بما وجدوا
من العين، حتى تولهت قلوبهم في الملكوت،
وجالت بين سرائر حجب الجبروت، ومالت
أرواحهم إلى ظل برد المشتاقين، في رياض
الراحة، ومعدن العز، وعرصات المخلدين (2).
- عنه (عليه السلام) - وهو متعلق بأستار الكعبة -: نامت
العيون، وعلت النجوم، وأنت الملك الحي القيوم،
غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها،
وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إلي
برحمتك يا أرحم الراحمين، ثم أنشأ يقول:
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
قد نام وفدك حول البيت قاطبة * وأنت وحدك يا قيوم لم تنم
أدعوك رب دعاء قد أمرت به * فارحم بكائي بحق البيت والحرم
إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف * فمن يجود على العاصين بالنعم (3)
- عنه (عليه السلام) - وهو يطوف من العشاء إلى السحر
ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق السماء بطرفه،
وقال -: إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت
عيون أنامك، وأبوابك مفتحات للسائلين، جئتك
لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد (صلى الله عليه وآله)
في عرصات القيامة، ثم بكى وقال: وعزتك
وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما
عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك، ولا بنكالك
جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولكن سولت لي
نفسي وأعانني على ذلك سترك المرخى به علي،



(1) فتح الأبواب: 246.
(2) البحار: 94 / 127 / 19.
(3) البحار: 46 / 80 / 75. هذه الأبيات أنشدها الإمام زين
العابدين (عليه السلام) ولم ينشئها، إذ أن البيت الأول والثاني والرابع
منها عين ما ورد من شعر منازل الذي فلج نصفه وشل بسبب
دعاء أبيه عليه عند البيت الحرام، ولما تضرع منازل إلى أبيه
بالعفو عنه وأقنعه بإتيان البيت الحرام ليستغفر له ونفرت به الناقة
في الطريق وهلك، جاء منازل إلى البيت مستغيثا ومستجيرا،
فكان من قوله في جوف الليل:
يامن يجيب دعا المضطر في الحرم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا * يدعو وعينك يا قيوم لم تنم
هب لي بجودك فضل العفو عن جرمي * يامن أشار إليه الخلق في الحرم
إن كان عفوك لا يلقاه ذو سرف * فمن يجود على العاصين بالنعم
فسمعه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأغاثه وعلمه الدعاء
المعروف بدعاء (المشلول).
وقد ذكر الحديث كله والشعر والدعاء
العلامة المجلسي (رحمه الله) في المجلد التاسع من البحار ص 562 طبع
الكمباني نقلا عن مهج الدعوات، ويوجد فيه في ص 151 طبع
إيران سنة 1323. كما في هامش البحار.
3256
فالآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من
أعتصم إن قطعت حبلك عني؟ فوا سوأتاه غدا من
الوقوف بين يديك، إذا قيل للمخفين: جوزوا،
وللمثقلين: حطوا، أمع المخفين أجوز؟ أم مع
المثقلين أحط؟ ويلي كلما طال عمري كثرت
خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن أستحيي من
ربي؟! ثم بكى وأنشأ يقول:
أتحرقني بالنار يا غاية المنى * فأين رجائي ثم أين محبتي
أتيت بأعمال قباح زرية * وما في الورى خلق جنى كجنايتي
ثم بكى وقال: سبحانك تعصى كأنك لا ترى،
وتحلم كأنك لم تعص، تتودد إلى خلقك
بحسن الصنيع كأن بك الحاجة إليهم،
وأنت يا سيدي الغني عنهم، ثم خر إلى
الأرض ساجدا.
قال - طاووس -: فدنوت منه وشلت برأسه
ووضعته على ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي
على خده، فاستوى جالسا وقال: من الذي
أشغلني عن ذكر ربي؟ فقلت: أنا طاووس يا بن
رسول الله ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن
نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون، أبوك
الحسين بن علي، وأمك فاطمة الزهراء،
وجدك رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
قال: فالتفت إلي وقال: هيهات هيهات
يا طاووس، دع عني حديث أبي وأمي وجدي،
خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبدا
حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولدا
قرشيا، أما سمعت قوله تعالى: * (فإذا نفخ في
الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) *
والله لا ينفعك غدا إلا تقدمة تقدمها من
عمل صالح (1).
- طاووس اليماني: رأيت رجلا يصلي
في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي
في دعائه، فجئته حين فرغ من الصلاة، فإذا
هو علي بن الحسين (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول
الله رأيتك على حالة كذا، ولك ثلاثة أرجو أن
تؤمنك من الخوف، أحدها: أنك ابن رسول الله،
والثاني: شفاعة جدك، والثالث: رحمة الله،
فقال: يا طاووس! أما أني ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فلا يؤمنني، وقد سمعت الله تعالى يقول: * (فلا
أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) * وأما شفاعة
جدي فلا تؤمنني، لأن الله تعالى يقول:
* (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) * وأما رحمة الله فإن
الله تعالى يقول: * (إنها قريبة من المحسنين) * ولا
أعلم أني محسن (2).
- أيضا -: مررت بالحجر فإذا أنا بشخص
راكع وساجد، فتأملته فإذا هو علي بن
الحسين (عليه السلام)... فجعلت أرقبه حتى فرغ من
صلاته، ورفع باطن كفيه إلى السماء وجعل يقول:
سيدي سيدي، هذه يداي قد مددتهما إليك
بالذنوب مملوءة، وعيناي بالرجاء ممدودة (3).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - كان يدعو بهذا
الدعاء -: إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك، لو
أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك

3257
دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة في كل طرفة عين
سرمد الأبد بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين،
لكنت مقصرا في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من
نعمتك علي.
ولو أني كربت معادن حديد الدنيا بأنيابي،
وحرثت أرضها بأشفار عيني، وبكيت من
خشيتك مثل بحور السماوات والأرضين دما
وصديدا، لكان ذلك قليلا في كثير ما
يجب من حقك علي (1).
- عنه (عليه السلام): إلهنا وسيدنا ومولانا لو بكينا
حتى تسقط أشفارنا، وانتحبنا حتى ينقطع
أصواتنا، وقمنا حتى تيبس أقدامنا، وركعنا
حتى تنخلع أوصالنا، وسجدنا حتى تتفقأ
أحداقنا، وأكلنا تراب الأرض طول أعمارنا،
وذكرناك حتى تكل ألسنتنا، ما استوجبنا بذلك
محو سيئة من سيئاتنا (2).
- عنه (عليه السلام): يا إلهي لو بكيت إليك حتى
تسقط أشفار عيني، وانتحبت حتى ينقطع صوتي،
وقمت لك حتى تتنشر قدماي، وركعت لك حتى
ينخلع صلبي، وسجدت لك حتى تتفقأ حدقتاي،
وأكلت تراب الأرض طول عمري، وشربت ماء
الرماد آخر دهري، وذكرتك في خلال ذلك حتى
يكل لساني، ثم لم أرفع طرفي إلى آفاق
السماء استحياء منك، ما استوجبت بذلك محو
سيئة واحدة من سيئاتي، وإن كنت تغفر لي
حين أستوجب مغفرتك، وتعفو عني حين أستحق
عفوك، فإن ذلك غير واجب لي باستحقاق (1).
- عنه (عليه السلام): يا راحم رنة العليل، ويا عالم
ما تحت خفي الأنين، اجعلني من السالمين في
حصنك الذي لا ترومه الأعداء (2).

3258
(508)
النجاة
البحار: 70 / 5 باب 41 " المنجيات والمهلكات ".
انظر:
عنوان 425 " الفلاح "، 535 " الهلاك "، العفو (2): باب 2769، العمل: باب 2952.
الرياء: باب 1411.

3259
[3856]
المنجيات
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من
عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل
الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون *
يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار
ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى
تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين) * (1).
* (ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون) * (2).
(انظر) مريم: 72، الزمر 61، النمل: 53،
يونس: 103، الأنبياء: 88.
- الإمام علي (عليه السلام): رحم الله امرأ [عبدا]
سمع حكما فوعى، ودعي إلى رشاد فدنا،
وأخذ بحجزة هاد فنجا (3).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) -:
واعلم يا بني أن أحدا لم ينبئ عن الله سبحانه
كما أنبأ عنه الرسول (صلى الله عليه وآله) فارض به رائدا، وإلى
النجاة قائدا (4).
- عنه (عليه السلام): وما برح لله - عزت آلاؤه - في
البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات،
عباد ناجاهم في فكرهم... بمنزلة الأدلة في
الفلوات [القلوب]، من أخذ القصد حمدوا إليه
طريقه، وبشروه بالنجاة، ومن أخذ يمينا وشمالا
ذموا إليه الطريق، وحذروه من الهلكة (5).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس شقوا أمواج الفتن
بسفن النجاة (6).
- الإمام الحسين (عليه السلام): دخلت على رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أبي بن كعب، فقال لي رسول
الله (صلى الله عليه وآله): مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات
والأرض، فقال له أبي: وكيف يكون يا رسول الله
زين السماوات والأرض أحد غيرك؟! فقال له: يا
أبي! والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي
في السماء أكبر منه في الأرض، فإنه مكتوب عن
يمين العرش: مصباح هاد وسفينة نجاة (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لعلي (عليه السلام) -:
يا علي! ثلاث درجات، وثلاث كفارات، وثلاث
مهلكات، وثلاث منجيات:... أما المنجيات:
فخوف الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى
والفقر، وكلمة العدل في الرضا والسخط (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ثلاث منجيات: العدل في الرضا
والغضب، والقصد في الغنى والفقر، ومخافة الله
في السر والعلانية (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا علي! ثلاث موبقات وثلاث
منجيات، فأما الموبقات: فهوى متبع، وشح



(1) الصف: 10 - 13.
(2) فصلت: 18.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 76، والكتاب 31، والخطبة 222 و 5.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 76، والكتاب 31، والخطبة 222 و 5.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 76، والكتاب 31، والخطبة 222 و 5.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 76، والكتاب 31، والخطبة 222 و 5.
(7) كمال الدين: 265 / 11.
(8) مكارم الأخلاق: 2 / 325 / 2656.
(9) كنز العمال: 43867.
3260
مطاع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات:
فالعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى
والفقر، وخوف الله في السر والعلانية كأنك
تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث منجيات وثلاث
مهلكات، قالوا: يا رسول الله ما المنجيات؟
قال (صلى الله عليه وآله): خوف الله في السر = كأنك تراه، فإن لم
تكن تراه فإنه يراك، والعدل في الرضا والغضب،
والقصد في الغنى والفقر (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نجى المخفون، وهلك
المثقلون (3).
- الإمام علي (عليه السلام): الزموا الحق تلزمكم
النجاة (4).
- عنه (عليه السلام): النجاة مع الإيمان (5).
- عنه (عليه السلام): ثلاث فيهن النجاة: لزوم الحق،
وتجنب الباطل، وركوب الجد (6).
- عنه (عليه السلام) - في التزهيد في الدنيا -:
وذلك زمان لا ينجو فيه إلا كل مؤمن نومة،
إن شهد لم يعرف، وإن غاب لم يفتقد، أولئك
مصابيح الهدى (7).
- عنه (عليه السلام): الناس ثلاثة: فعالم رباني،
ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع (8).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الإسلام -: فجعله أمنا
لمن علقه، وسلما لمن دخله [عقله]... ونجاة
لمن صدق (9).
- عنه (عليه السلام): عليكم بكتاب الله، فإنه الحبل
المتين، والنور المبين، والشفاء النافع، والري
الناقع، والعصمة للمتمسك، والنجاة للمتعلق (10).
- عنه (عليه السلام): اجعل الدين كهفك، والعدل سيفك،
تنج من كل سوء، وتظفر على كل عدو (11).
- الإمام الحسن (عليه السلام): دخلت على أمير
المؤمنين (عليه السلام) وهو يجود بنفسه لما ضربه
ابن ملجم، فجزعت لذلك، فقال لي:
أتجزع؟ فقلت: وكيف لا أجزع وأنا أراك
على حالك هذه؟!
فقال (عليه السلام): ألا أعلمك خصالا أربع إن أنت
حفظتهن نلت بهن النجاة، وإن أنت ضيعتهن
فاتك الداران؟ يا بني! لا غنى أكبر من العقل،
ولا فقر مثل الجهل، ولا وحشة أشد من العجب،
ولا عيش ألذ من حسن الخلق (12).
- الإمام علي (عليه السلام): إن كنتم للنجاة طالبين
فارفضوا الغفلة واللهو، والزموا الاجتهاد
والجد (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث منجيات: تكف
لسانك، وتبكي على خطيئتك، وتلزم بيتك (14).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): ثلاث منجيات



(1) تحف العقول: 8.
(2) المحاسن: 1 / 62 / 3.
(3) البحار: 77 / 55 / 3.
(4) غرر الحكم: 2485، 891، 4661.
(5) غرر الحكم: 2485، 891، 4661.
(6) غرر الحكم: 2485، 891، 4661.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 103، والحكمة 147.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 103، والحكمة 147.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 106 و 156.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 106 و 156.
(11) غرر الحكم: 2433.
(12) البحار: 78 / 111 / 6.
(13) غرر الحكم: 3741.
(14) الخصال: 1 / 85 / 13.
3261
للمؤمن: كف لسانه عن الناس واغتيابهم،
وإشغاله نفسه بما ينفعه لآخرته ودنياه،
وطول البكاء على خطيئته (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المنجيات: إطعام
الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل
والناس نيام (2).
- الإمام علي (عليه السلام): النجاة مع الصدق (3).
- عنه (عليه السلام): قد نجا من وحد (4).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): إن أنجاكم من
عذاب الله أشدكم خشية لله (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كم من عاقل عقل عن الله
أمره وهو حقير عند الناس دميم المنظر ينجو
غدا، وكم من ظريف اللسان جميل المنظر عظيم
الشأن هالك غدا في يوم القيامة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن النجاة -:
أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك
على خطيئتك (7).
- الإمام علي (عليه السلام): خذ ما يبقى لك مما
لا تبقى له، وتيسر لسفرك، وشم (8) برق النجاة،
وارحل مطايا التشمير (9).
(انظر) الرياء: باب 1411.
عنوان 556 " التقوى ".
[3857]
من لا ينجو
- الإمام الصادق (عليه السلام): إني لأرجو النجاة
لهذه الأمة لمن عرف حقنا منهم، إلا لأحد
ثلاثة: صاحب سلطان جائر، وصاحب هوى،
والفاسق المعلن (10).
- الإمام علي (عليه السلام): لن يدرك النجاة من
لم يعمل بالحق (11).
- عنه (عليه السلام): من لا دين له لا نجاة له (12).
- عنه (عليه السلام): من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع (13).
[3858]
صعوبة النجاة وسهولتها
- الإمام علي (عليه السلام): إذا صعدت روح المؤمن
إلى السماء تعجبت الملائكة وقالت: عجبا! كيف
نجا من دار فسد فيها خيارنا (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أنتم والله نور في ظلمات
الأرض والله إن أهل السماء لينظرون إليكم في
ظلمات الأرض، كما تنظرون أنتم إلى الكوكب
الدري في السماء، وإن بعضهم ليقول لبعض:
يا فلان عجبا لفلان كيف أصاب هذا الأمر؟! وهو
قول أبي (عليه السلام): والله ما أعجب ممن هلك كيف



(1) البحار: 78 / 140 / 30.
(2) المحاسن: 2 / 141 / 1365.
(3) غرر الحكم: 799، 6630.
(4) غرر الحكم: 799، 6630.
(5) الكافي: 8 / 69 / 24.
(6) كنز العمال: 5940.
(7) الترغيب والترهيب: 4 / 232 / 20.
(8) شام البرق: لمحه. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 223.
(10) الخصال: 119 / 107.
(11) غرر الحكم: 7430، 8761.
(12) غرر الحكم: 7430، 8761.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 189.
(14) غرر الحكم: 4091.
3262
هلك، ولكن أعجب ممن نجا كيف نجا (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لما سمع
قول الحسن البصري: ليس العجب ممن هلك
كيف هلك، وإنما العجب ممن نجا كيف
نجا -: أنا أقول: ليس العجب ممن نجا
كيف نجا، وأما العجب ممن هلك كيف هلك مع
سعة رحمة الله! (2).



(1) الكافي: 8 / 275 / 415.
(2) البحار: 78 / 153 / 17.
3263
(509)
النحو
كنز العمال: 10 / 283 " علم النحو ".
انظر:
عنوان 46 " البلاغة "، 420 " الفصاحة ".

3265
[3859]
علم النحو
- أبو الأسود الدؤلي (1): دخلت على علي بن
أبي طالب فرأيته مطرقا متفكرا، فقلت: فيم
تفكر يا أمير المؤمنين؟ قال: إني سمعت
ببلدكم هذا لحنا فأردت أن أصنع كتابا في أصول
العربية، فقلت: إذا فعلت هذا أحييتنا وبقيت
فينا هذه اللغة.
ثم أتيته بعد ثلاث فألقى إلي صحيفة فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم، الكلام كله اسم وفعل
وحرف: فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما
أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى
ليس باسم ولا فعل.
ثم قال لي: تتبعه وزد فيه ما وقع لك،
واعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة: ظاهر،
ومضمر، وشئ ليس بظاهر ولا مضمر، وإنما
يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر
ولا مضمر.
قال أبو الأسود: فجمعت عنه أشياء وعرضتها
عليه، فكان من ذلك حروف النصب فذكرت
منها: إن، وأن، وليت، ولعل، وكأن، ولم أذكر
لكن فقال لي: لم تركتها؟ فقلت: لم أحسبها منها،
فقال: بلى هي منها، فزاد لي فيها (2).
- صعصعة بن صوحان: جاء أعرابي إلى
علي ابن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين! كيف
تقرأ هذا الحرف " لا يأكله إلا الخاطون " كل والله
يخطو؟ فتبسم علي وقال: " لا يأكله [إلا]
الخاطئون " قال: صدقت يا أمير المؤمنين ما كان
ليسلم عبده، ثم التفت علي إلى أبي الأسود
الدؤلي فقال: إن الأعاجم قد دخلت في الدين
كافة، فضع للناس شيئا يستدلون به على صلاح
ألسنتهم، فرسم له الرفع والنصب والخفض (3).
[3860]
إعراب الأعمال
- الإمام علي (عليه السلام): إنكم إلى إعراب
الأعمال، أحوج منكم إلى إعراب الأقوال (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): تجد الرجل لا يخطئ بلام
ولا واو خطيبا مصقعا (5) ولقلبه أشد ظلمة من
الليل المظلم، وتجد الرجل لا يستطيع يعبر عما



(1) هو: ظالم بن عمرو بن سفيان... ويقال: اسمه عمرو بن عثمان،
ثقة، وهو أول من تكلم في النحو، توفي سنة (69) وهو من كبار
التابعين، وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب لابن
حجر (12 / 11). كما في هامش كنز العمال.
(2) كنز العمال: 29456، 29457.
(3) كنز العمال: 29456، 29457.
(4) غرر الحكم: 3828.
(5) مصقع بالسين والصاد كمنبر: البليغ، أو عالي الصوت، أو من
لا يرتج عليه في كلامه. كما في هامش المصدر.
3266
في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كما يزهر المصباح (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - لرجل ذكر أن بلالا
جعل يلحن في كلامه، وآخر يضحك منه -:
يا عبد الله! إنما يراد بإعراب الكلام تقويمه لتقويم
الأعمال وتهذيبها، ما ينفع فلانا إعرابه وتقويم
كلامه إذا كانت أفعاله ملحونة أقبح
لحن؟! وماذا يضر بلالا لحنه في كلامه إذا
كانت أفعاله مقومة أحسن تقويم مهذبة أحسن
تهذيب؟! (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الرجل الأعجمي من
أمتي ليقرأ القرآن بعجمية، فترفعه
الملائكة على عربية (3).
[3861]
ذم الانهماك في طلب النحو
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من انهمك في طلب النحو
سلب الخشوع (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من انهمك في طلب العربية
سلب الخشوع (5).
(انظر) البلاغة: باب 389.



(1) الكافي: 2 / 422 / 1.
(2) تنبيه الخواطر: 2 / 102.
(3) الكافي: 2 / 619 / 1.
(4) البحار: 1 / 218 / 37.
(5) كنز العمال: 7922.
3267
(510)
الندم
انظر:
عنوان 113 " الحسرة "، 139 " الخسران "، 384 " الغبن "، التوبة: باب 457.
الاعتذار: باب 2573، 2575، العلم: باب 2895.

3269
[3862]
ما يؤمن من الندامة
- الإمام علي (عليه السلام): التدبير قبل العمل
يؤمن الندم (1).
- عنه (عليه السلام): من أقل الاسترسال سلم، من
أكثر الاسترسال ندم (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): قف عند كل أمر
حتى تعرف مدخله من مخرجه، قبل أن تقع
فيه فتندم (3).
(انظر): الحزم: باب 810.
[3863]
ما يورث الندامة
- الإمام علي (عليه السلام): إن المرء على ما قدم
قادم، وعلى ما خلف نادم (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من لم يرغب في المعروف
ابتلي بالندامة (5).
- الإمام العسكري (عليه السلام): من يزرع خيرا
يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة (6).
- الإمام علي (عليه السلام): ثمرة التفريط الندامة،
وثمرة الحزم السلامة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاثة تعقب الندامة:
المباهاة، والمفاخرة، والمعازة (8).
- الإمام علي (عليه السلام): إن معصية الناصح
الشفيق العالم المجرب تورث الحسرة،
وتعقب الندامة (9).
- عنه (عليه السلام): أشد الناس ندامة وأكثرهم
ملامة: العجل النزق الذي لا يدركه عقله إلا
بعد فوت أمره (10).
- عنه (عليه السلام): ألا وإن شرائع الدين واحدة،
وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق وغنم، ومن وقف
عنها ضل وندم (11).
- عنه (عليه السلام) - من كتاب له إلى معاوية -:
احذر يوما يغتبط فيه من أحمد عاقبة عمله،
ويندم من أمكن الشيطان من قياده فلم يجاذبه (12).
- عنه (عليه السلام) - في صفة المأخوذين على الغرة
عند الموت -: ويتذكر أموالا جمعها، أغمض
في مطالبها... فهو يعض يده ندامة على ما
أصحر له عند الموت من أمره (13).
- عنه (عليه السلام): نسأل الله سبحانه أن يجعلنا



(1) غرر الحكم: 1417، (7774 - 7775).
(2) غرر الحكم: 1417، (7774 - 7775).
(3) تحف العقول: 304.
(4) غرر الحكم: 3506.
(5) تحف العقول: 319.
(6) البحار: 78 / 373 / 19.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 181.
(8) تحف العقول: 320.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 35.
(10) غرر الحكم: 3308.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 120، والكتاب 48، والخطبة 109.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 120، والكتاب 48، والخطبة 109.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 120، والكتاب 48، والخطبة 109.
3270
وإياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصر
[تقتصروا] به عن طاعة ربه غاية، ولا تحل
به بعد الموت ندامة ولا كآبة (1).
(انظر) الغضب: باب 3072.
[3864]
ندامة القيامة
* (ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به
وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط
وهم لا يظلمون) * (2).
(انظر) سبأ: 33.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بن مسعود! أكثر
من الصالحات والبر، فإن المحسن
والمسئ يندمان، يقول المحسن: يا ليتني
ازددت من الحسنات، ويقول المسئ:
قصرت، وتصديق ذلك قوله تعالى:
* (ولا أقسم بالنفس اللوامة) * (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما من أحد يموت إلا ندم،
إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد، وإن
كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): شر الندامة ندامة يوم القيامة (5).
- الإمام علي (عليه السلام): عند معاينة أهوال القيامة
تكثر من المفرطين الندامة (6).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 64.
(2) يونس: 54.
(3) مكارم الأخلاق: 2 / 353 / 2660.
(4) كنز العمال: 42716.
(5) أمالي الصدوق: 395.
(6) غرر الحكم: 6220.
3271
(551)
النذر
البحار: 104 / 213 باب 4 " أحكام اليمين والنذر والعهد ".
وسائل الشيعة: 16 / 182 " كتاب النذر والعهد ".
كنز العمال: 16 / 733 " كتاب النذر ".
سنن أبي داود: 3 / 231، 242 " النهي عن النذر ".

3273
[3865]
النذر
الكتاب
* (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني
محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم) * (1).
* (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه
وما للظالمين من أنصار) * (2).
* (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره
مستطيرا) * (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (يوفون
بالنذر) * -: مرض الحسن والحسين وهما صبيان
صغيران، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه رجلان،
فقال أحدهما: يا أبا الحسن لو نذرت في
ابنيك نذرا إن عافاهما الله، فقال: أصوم ثلاثة
أيام شكرا لله عز وجل، وكذلك قالت فاطمة،
وكذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافية
فأصبحوا صياما (4).
- قد روى الخاص والعام أن الآيات من
هذه السورة - يعني سورة هل أتى - وهي قوله:
* (إن الأبرار يشربون - إلى قوله - وكان سعيكم
مشكورا) * نزلت في علي وفاطمة والحسن
والحسين (عليهم السلام) وجارية لهم تسمى فضة، وهو
المروي عن ابن عباس ومجاهد وأبي صالح.
[والقصة طويلة] جملتها أنهم قالوا:
مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) فعادهما جدهما (صلى الله عليه وآله)
ووجوه العرب وقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت
على ولديك نذرا، فنذر صوم ثلاثة أيام إن
شفاهما الله سبحانه، ونذرت فاطمة (عليها السلام) كذلك،
وكذلك فضة، فبرءا وليس عندهم شئ،
فاستقرض علي (عليه السلام) ثلاثة أصوع من شعير من
يهودي - وروي أنه أخذها ليغزل له صوفا - وجاء
به إلى فاطمة (عليها السلام) فطحنت صاعا منها فاختبزته،
وصلى علي المغرب وقربته إليهم، فأتاهم
مسكين يدعو لهم وسألهم فأعطوه ولم يذوقوا إلا
الماء.
فلما كان اليوم الثاني أخذت صاعا فطحنته
وخبزته وقدمته إلى علي (عليه السلام)، فإذا يتيم في
الباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء.
فلما كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي
فطحنته واختبزته وقدمته إلى علي (عليه السلام) فإذا أسير
بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء.
فلما كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى
علي (عليه السلام) ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى



(1) آل عمران: 35.
(2) البقرة: 270.
(3) الدهر: 7.
(4) وسائل الشيعة: 16 / 190 / 5.
3274
النبي (صلى الله عليه وآله) وبهما ضعف، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ونزل جبرئيل (عليه السلام) بسورة هل أتى (1).
- ابن عباس: إن الحسن والحسين
مرضا فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ناس معه،
فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك
[ولديك ظ]، فنذر علي وفاطمة وفضة
جارية لهما إن برءا مما بهما أن يصوموا
ثلاثة أيام، فشفيا وما معهم شئ، فاستقرض
علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث
أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعا واختبزت
خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين
أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل وقال: السلام
عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين
المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة،
فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا
صياما، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم
وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في
الثالثة ففعلوا مثل ذلك.
فلما أصبحوا أخذ علي بيد الحسن والحسين
وأقبلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما أبصرهم وهم
يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال: ما أشد
ما يسوءني ما أرى بكم، فانطلق معهم فرأى
فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها
[بطنها بظهرها ظ] وغارت عيناها فساءه ذلك،
فنزل جبرئيل وقال: خذها يا محمد هناك الله
في أهل بيتك فأقرأه السورة (2).
[3866]
كراهة الإيجاب على النفس
- الإمام الباقر (عليه السلام) أو الإمام الصادق (عليه السلام):
لا توجب على نفسك الحقوق واصبر على
النوائب (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأله إسحاق بن
عمار عن ركعتين جعلهما على نفسه شكرا لله في
السفر والحضر، هل يصليهما في السفر بالنهار؟ -:
نعم: ثم قال: إني لأكره الإيجاب، أن
يوجب الرجل على نفسه. قلت: إني لم اجعلهما
لله علي، إنما جعلت ذلك على نفسي اصليها
شكرا لله ولم أوجبهما على نفسي، أفأدعهما إذا
شئت؟ قال: نعم (4).
(انظر) وسائل الشيعة: 16 / 189 باب 6.
[3867]
ما ورد في أن النذر لا يرد شيئا
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - فيما نهى أصحابه عن
النذر -: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج
به من الشحيح (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: النذر لا يقدم شيئا
ولا يؤخره، وإنما يستخرج به من البخيل (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: لا تنذروا، فإن النذر



(1) مجمع البيان: 10 / 611.
(2) تفسير الميزان: 20 / 132.
(3) الكافي: 4 / 33 / 3.
(4) وسائل الشيعة: 16 / 189 / 1.
(5) صحيح مسلم: 1639.
(6) صحيح مسلم: 1639.
3275
لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به
من البخيل (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: إنه لا يأتي بخير،
وإنما يستخرج به من البخيل (2).
تبيين
قال المازري: يحتمل أن يكون سبب النهي
عن النذر كون الناذر يصير ملتزما له، فيأتي
به تكلفا بغير نشاط، وقال القاضي عياض:
ويحتمل أن النهي لكونه قد يظن بعض الجهلة أن
النذر يرد القدر ويمنع من حصول المقدر، فنهى
عنه خوفا من جاهل يعتقد ذلك (3).
أقول: لا مانع من أن يكون النذر - مثل
الصدقة والدعاء - يرد القضاء، وقد مر
في أبواب الدعاء أنه يرد القضاء وقد ابرم
إبراما، والأحاديث المذكورة في الباب - مضافا
إلى ضعف أسانيدها - ظاهرها ينافي ظاهر
الكتاب وما رواه الفريقان في نذر الإمام أمير
المؤمنين (عليه السلام) للحسنين، فيجب طرحها، أو حملها
على موارد خاصة، أو ما مر في باب 3867.



(1) صحيح مسلم: 1640، 1639.
(2) صحيح مسلم: 1640، 1639.
(3) في هامش صحيح مسلم: 3 / 1261 / 1.
3276
(512)
النصح
البحار: 75 / 65 باب 43 " النصيحة للمسلمين ".
وسائل الشيعة: 11 / 594 باب 35، 36 " وجوب نصيحة المؤمن ".
مستدرك الوسائل: 12 / 429 باب 36 " تحريم ترك نصيحة المؤمن ".
كنز العمال: 3 / 412 - 791.
انظر:
عنوان 551 " الموعظة "، 281 " الشورى "، الأمانة: باب 300، الأخ: باب 57.

3277
[3868]
النصيحة
الكتاب
* (أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا
تعلمون) * (1).
* (أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين) * (2).
(انظر) الأعراف: 79، 93، التوبة: 91.
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) كان
عبدا ناصحا لله عز وجل فنصحه، وأحب الله
عز وجل فأحبه (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: أحب ما
تعبد لي به عبدي، النصح لي (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من لا يهتم بأمر المسلمين فليس
منهم، ومن لم يصبح ويمس ناصحا لله ولرسوله
ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لأصحابه -: الدين النصيحة،
قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله،
ولأئمة المسلمين، وعامتهم (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن أعظم الناس منزلة عند الله
يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من يضمن لي خمسا أضمن
له الجنة؟: النصيحة لله عز وجل، والنصيحة
لرسوله، والنصيحة لكتاب الله، والنصيحة لدين
الله، والنصيحة لجماعة المسلمين (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): يجب للمؤمن على
المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب (9).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أخلص المودة من
لم ينصح (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عليكم بالنصح لله
في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنسك الناس نسكا أنصحهم
جيبا (12)، وأسلمهم قلبا لجميع المسلمين (13).
- الإمام علي (عليه السلام): امحض أخاك النصيحة،
حسنة كانت أو قبيحة (14).
- عنه (عليه السلام): ابذل لصديقك نصحك،
ولمعارفك معونتك، ولكافة الناس بشرك (15).



(1) الأعراف: 62، 68.
(2) الأعراف: 62، 68.
(3) الكافي: 8 / 146 / 123.
(4) الترغيب والترهيب: 2 / 577 / 16 و ح 17.
(5) الترغيب والترهيب: 2 / 577 / 16 و ح 17.
(6) صحيح مسلم: 55.
(7) الكافي: 2 / 208 / 5.
(8) مشكاة الأنوار: 310.
(9) الكافي: 2 / 208 / 2.
(10) غرر الحكم: 9580.
(11) الكافي: 2 / 208 / 6.
(12) يعني أشدهم عبادة أكثرهم أمانة، يقال: رجل ناصح الجيب أي
أمين لا غش فيه، والجيب الصدر والقلب، ورجل ناصح الجيب
أي نقي القلب. كما في هامش الكافي.
(13) الكافي: 2 / 163 / 2.
(14) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(15) غرر الحكم: 2466.
3278
- عنه (عليه السلام): النصح يثمر المحبة (1).
- عنه (عليه السلام): النصيحة تثمر الود (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لينصح الرجل منكم أخاه
كنصيحته لنفسه (3).
- الإمام علي (عليه السلام): النصيحة من أخلاق
الكرام (4).
- عنه (عليه السلام): المؤمن غريزته النصح (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المؤمن أخو المؤمن
يحق عليه نصيحته (6).
- الإمام علي (عليه السلام): أيها الناس! إن
لي عليكم حقا ولكم علي حق، فأما حقكم
علي فالنصيحة لكم... وأما حقي عليكم
فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد
والمغيب (7).
- عنه (عليه السلام): ليس على الإمام إلا ما حمل من
أمر ربه: الإبلاغ في الموعظة، والاجتهاد
في النصيحة (8).
- عنه (عليه السلام): من واجب حقوق الله على عباده
النصيحة بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة
الحق بينهم (9).
- عنه (عليه السلام) - في الصالحين من أصحابه -:
أنتم الأنصار على الحق، والإخوان في الدين...
فأعينوني بمناصحة خلية [جلية] من الغش (10).
[3869]
حق الناصح والمستنصح
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): حق المستنصح
أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة
له والرفق به، وحق الناصح أن تلين له جناحك
وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى الصواب حمدت
الله عز وجل، وإن لم يوافق رحمته، ولم تتهمه
وعلمت أنه أخطأ، ولم تؤاخذه بذلك إلا
أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من
أمره على حال (11).
- الإمام علي (عليه السلام): مناصحك مشفق عليك،
محسن إليك، ناظر في عواقبك، مستدرك
فوارطك، ففي طاعته رشادك، وفي مخالفته
فسادك (12).
- عنه (عليه السلام) - من كتاب له إلى أهل البصرة -:
مع أني عارف لذي الطاعة منكم فضله، ولذي
النصيحة حقه (13).
[3870]
علامة الناصح
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما علامة الناصح فأربعة:
يقضي بالحق، ويعطي الحق من نفسه، ويرضى
للناس ما يرضاه لنفسه، ولا يعتدي على أحد (14).



(1) غرر الحكم: 614، 844.
(2) غرر الحكم: 614، 844.
(3) الكافي: 2 / 208 / 4.
(4) غرر الحكم: 1298.
(5) مستدرك الوسائل: 12 / 430 / 14529 و 9 / 41 / 10148.
(6) مستدرك الوسائل: 12 / 430 / 14529 و 9 / 41 / 10148.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 34، 105، 216، 118.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 34، 105، 216، 118.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 34، 105، 216، 118.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 34، 105، 216، 118.
(11) الخصال: 570 / 1.
(12) غرر الحكم: 9839.
(13) نهج البلاغة: الكتاب 29.
(14) تحف العقول: 20.
3279
- الإمام الجواد (عليه السلام): حسب المرء... من
نصحه نهيه عما لا يرضاه لنفسه (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): النصيحة من
الحاسد محال (2).
- الإمام علي (عليه السلام): لا ينصح اللئيم أحدا إلا
عن رغبة أو رهبة، فإذا زالت الرغبة والرهبة عاد
إلى جوهره (3).
- عنه (عليه السلام): ربما نصح غير الناصح وغش
المستنصح (4).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): كثرة النصح
يدعو إلى التهمة (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر -:
ولا تعجلن إلى تصديق ساع، فإن الساعي غاش
وإن تشبه بالناصحين (6).
[3871]
أنصح الناس
- الإمام علي (عليه السلام): إن أنصح الناس أنصحهم
لنفسه، وأطوعهم لربه (7).
- عنه (عليه السلام): إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم
لربه، وإن أغشهم لنفسه أعصاهم لربه (8).
- عنه (عليه السلام): إن أنصحكم لنفسه أطوعكم
لربه، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه (9).
- عنه (عليه السلام): من نصح نفسه كان جديرا بنصح
غيره، من غش نفسه كان أغش لغيره (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما ناصح الله عبد مسلم
في نفسه، فأعطى الحق منها وأخذ الحق لها،
إلا أعطي خصلتين: رزقا من الله عز وجل يقنع به
ورضى عن الله ينجيه (11).
- الإمام علي (عليه السلام): من أمرك بإصلاح نفسك فهو
أحق من تطيعه (12).
- عنه (عليه السلام): نحن أفصح، وأنصح، وأصبح (13).
[3872]
من لا ينتفع بالنصيحة
الكتاب
* (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان
الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) * (14).
- الإمام علي (عليه السلام): كيف ينتفع بالنصيحة من
يلتذ بالفضيحة؟! (15).
- عنه (عليه السلام): لا تنتصح بمن فاته العقل،
ولا تثق بمن خانه الأصل، فإن من فاته العقل



(1) كشف الغمة: 3 / 138.
(2) البحار: 78 / 194 / 9.
(3) غرر الحكم: 10910.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(5) الدرة الباهرة: 30.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(7) غرر الحكم: 3515.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 86.
(9) أمالي المفيد: 206 / 38.
(10) غرر الحكم: 9043، 9044.
(11) الخصال: 46 / 47.
(12) غرر الحكم: 8566.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 120.
(14) هود: 34.
(15) غرر الحكم: 7008.
3280
يغش من حيث ينصح، ومن خانه الأصل يفسد
من حيث يصلح (1).
(انظر) الموعظة: باب 4140.
[3873]
قبول النصيحة
- الإمام علي (عليه السلام): اتعظوا بمواعظ الله،
واقبلوا نصيحة الله... واعلموا أن هذا القرآن
هو الناصح الذي لا يغش... واستنصحوه على
أنفسكم، واتهموا عليه آراءكم، واستغشوا
فيه أهواءكم (2).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس! إنه من استنصح
الله وفق (3).
- عنه (عليه السلام): تمسك بحبل القرآن واستنصحه (4).
- عنه (عليه السلام): اسمعوا النصيحة ممن أهداها
إليكم، واعقلوها على أنفسكم (5).
- عنه (عليه السلام): أشفق الناس عليك أعونهم لك
على صلاح نفسك، وأنصحهم لك في دينك (6).
- عنه (عليه السلام): طوبى لمن أطاع ناصحا
يهديه، وتجنب غاويا يرديه (7).
- عنه (عليه السلام): قد نصحتم فانتصحوا،
وبصرتم فأبصروا، وأرشدتم فاسترشدوا (8).
- عنه (عليه السلام): ليكن أحب الناس إليك
المشفق الناصح (9).
- عنه (عليه السلام): من خالف النصح هلك (10).
- عنه (عليه السلام): من عصى نصيحه نصر ضده (11).
- عنه (عليه السلام): من نصحك فقد أنجدك (12).
- عنه (عليه السلام): من قبل النصيحة أمن من
الفضيحة (13).
- عنه (عليه السلام): من أكبر التوفيق الأخذ
بالنصيحة (14).
- عنه (عليه السلام): من أمرك بإصلاح نفسك فهو
أحق من تطيعه (15).
- عنه (عليه السلام): من أقبل على النصيح أعرض عن
القبيح، من استغش النصيح غشيه القبيح (16).
- عنه (عليه السلام): من أعرض عن نصيحة الناصح
احرق بمكيدة الكاشح (17).
- عنه (عليه السلام): مرارة النصح أنفع من
حلاوة الغش (18).
- عنه (عليه السلام): لا تردن على النصيح،
ولا تستغشن المشير (19)
- عنه (عليه السلام): لا خير في قوم ليسوا بناصحين
ولا يحبون الناصحين (20).
- الإمام الباقر (عليه السلام): اتبع من يبكيك
وهو لك ناصح، ولا تتبع من يضحكك وهو
لك غاش (21).



(1) غرر الحكم: 10399.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 176 و 147، والكتاب 69.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 176 و 147، والكتاب 69.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 176 و 147، والكتاب 69.
(5) غرر الحكم: 2494، 3373، 5944، 6683، 7386.
(6) غرر الحكم: 2494، 3373، 5944، 6683، 7386.
(7) غرر الحكم: 2494، 3373، 5944، 6683، 7386.
(8) غرر الحكم: 2494، 3373، 5944، 6683، 7386.
(9) غرر الحكم: 2494، 3373، 5944، 6683، 7386.
(10) غرر الحكم: 7743، 8355، 7767، 8344، 9305، 8566،
(8683 - 8684)، 8697، 9799، 10279، 10884.
(11) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(12) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(13) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(14) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(15) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(16) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(17) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(18) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(19) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(20) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(21) المحاسن: 2 / 440 / 2526.
3281
(513)
الإنصاف
البحار: 75 / 24 باب 35 " الإنصاف والعدل ".
انظر:
عنوان 338 " العدل ".

3283
[3874]
الإنصاف
- الإمام علي (عليه السلام): الإنصاف أفضل الفضائل (1).
- عنه (عليه السلام): نظام الدين خصلتان: إنصافك
من نفسك، ومواساة إخوانك (2).
- عنه (عليه السلام): الإنصاف أفضل الشيم (3).
- عنه (عليه السلام): إن أعظم المثوبة مثوبة الإنصاف (4).
- عنه (عليه السلام): الإنصاف زين الإمرة (5).
- عنه (عليه السلام): الإنصاف يستديم المحبة (6).
- عنه (عليه السلام): الإنصاف يألف القلوب (7).
- عنه (عليه السلام): الإنصاف يرفع الخلاف،
ويوجب الايتلاف (8).
- عنه (عليه السلام): الإنصاف شيمة الأشراف (9).
- عنه (عليه السلام): الإنصاف راحة (10).
- عنه (عليه السلام): تاج الرجل عفافه، وزينه
إنصافه (11).
- عنه (عليه السلام): بالنصفة تدوم الوصلة (12).
- عنه (عليه السلام): من منع الإنصاف سلبه
الله الإمكان (13).
- عنه (عليه السلام): من كثر إنصافه تشاهدت
النفوس بتعديله (14).
- عنه (عليه السلام): بالنصفة يكثر المواصلون (15).
- عنه (عليه السلام): المنصف كثير الأولياء والأوداء (16).
- عنه (عليه السلام): المنصف كريم، الظالم لئيم (17).
- عنه (عليه السلام): قلما ينصف اللسان في نشر قبيح
أو إحسان (18).
- عنه (عليه السلام): زكاة القدرة الإنصاف (19).
- عنه (عليه السلام): عامل سائر الناس بالإنصاف،
وعامل المؤمنين بالإيثار (20).
[3875]
العدل والإنصاف
- الإمام الباقر (عليه السلام): لا عدل كالإنصاف (21).
- الإمام علي (عليه السلام): إن من العدل أن تنصف
في الحكم وتجتنب الظلم (22).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى * (إن الله يأمر
بالعدل والإحسان) * -: العدل: الإنصاف،
والإحسان: التفضل (23).
(انظر) العدل: باب 2547.



(1) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(2) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(3) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(4) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(5) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(6) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(7) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(8) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(9) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(10) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(11) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(12) غرر الحكم: 805، 9983، 971، 3387، 923، 1076، 1130، 1702، 570، 16، 4495، 4190.
(13) غرر الحكم: 8394، 8408.
(14) غرر الحكم: 8394، 8408.
(15) نهج البلاغة: الحكمة 224.
(16) غرر الحكم: 2116، 54، 6724، 5448، 6342.
(17) غرر الحكم: 2116، 54، 6724، 5448، 6342.
(18) غرر الحكم: 2116، 54، 6724، 5448، 6342.
(19) غرر الحكم: 2116، 54، 6724، 5448، 6342.
(20) غرر الحكم: 2116، 54، 6724، 5448، 6342.
(21) البحار: 78 / 165 / 1.
(22) غرر الحكم: 3441.
(23) نهج البلاغة: الحكمة 231.
3284
[3876]
الحث على إنصاف من لا ينصف
- الإمام الصادق (عليه السلام): ليس من الإنصاف مطالبة
الإخوان بالإنصاف (1).
- الإمام علي (عليه السلام): المؤمن ينصف من
لا ينصفه (2).
- عنه (عليه السلام): أعدل الناس من أنصف من ظلمه (3).
- عنه (عليه السلام): إن من فضل الرجل أن ينصف من
نفسه، ويحسن إلى من أساء إليه (4).
- عنه (عليه السلام): أجور السيرة أن تنتصف من
الناس ولا تعاملهم به (5).
(انظر) المكافاة: باب 3504.
[3877]
الانتصاف من النفس
- الإمام علي (عليه السلام): غاية الإنصاف أن
ينصف المرء نفسه (6).
- عنه (عليه السلام): إن أفضل الإيمان إنصاف
الرجل من نفسه (7).
- عنه (عليه السلام): أنصف الناس من أنصف من نفسه
من غير حاكم عليه (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة لا تطيقها هذه
الأمة: المواساة للأخ في ماله، وإنصاف
الناس من نفسه، وذكر الله على كل حال (9).
- الإمام علي (عليه السلام): الإنصاف من النفس كالعدل
في الإمرة (10).
- عنه (عليه السلام): إنك إن أنصفت من نفسك
أزلفك الله (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أنصف الناس
من نفسه رضي به حكما لغيره (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لابن مسعود -:
يا بن مسعود! أنصف الناس من نفسك، وأنصح
الأمة وارحمهم، فإذا كنت كذلك وغضب الله على
أهل بلدة أنت فيها وأراد أن ينزل عليهم العذاب
نظر إليك فرحمهم بك، يقول الله تعالى: * (وما كان
ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) * (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من واسى الفقير، وأنصف الناس
من نفسه، فذلك المؤمن حقا (14).
- الإمام علي (عليه السلام): ألا إنه من ينصف الناس
من نفسه لم يزده الله إلا عزا (15).
- الإمام الجواد (عليه السلام): حسب المرء... من عقله
إنصافه من نفسه... ومن إنصافه قبوله الحق إذا
بان له (16).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن لله جنة لا يدخلها



(1) أمالي الطوسي: 280 / 537.
(2) غرر الحكم: 1410، 3186، 3481، 3171، 6367، 3439، 3345.
(3) غرر الحكم: 1410، 3186، 3481، 3171، 6367، 3439، 3345.
(4) غرر الحكم: 1410، 3186، 3481، 3171، 6367، 3439، 3345.
(5) غرر الحكم: 1410، 3186، 3481، 3171، 6367، 3439، 3345.
(6) غرر الحكم: 1410، 3186، 3481، 3171، 6367، 3439، 3345.
(7) غرر الحكم: 1410، 3186، 3481، 3171، 6367، 3439، 3345.
(8) غرر الحكم: 1410، 3186، 3481، 3171، 6367، 3439، 3345.
(9) البحار: 75 / 27 / 11.
(10) غرر الحكم: 1951، 3803.
(11) غرر الحكم: 1951، 3803.
(12) البحار: 75 / 25 / 4.
(13) مكارم الأخلاق: 2 / 360 / 2660.
(14) الخصال: 47 / 48.
(15) الكافي: 2 / 144 / 4.
(16) كشف الغمة: 3 / 138.
3285
إلا ثلاثة، أحدهم من حكم في نفسه بالحق (1).
- الإمام علي (عليه السلام): أنصف الناس من
نفسك وأهلك وخاصتك ومن لك فيه هوى،
وأعدل في العدو والصديق (2).
- عنه (عليه السلام): أنصف من نفسك قبل أن ينتصف
منك، فإن ذلك أجل لقدرك، وأجدر برضا ربك (3).
- عنه (عليه السلام) - من كتاب له إلى عماله -:
فأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم،
فإنكم خزان الرعية، ووكلاء الأمة،
وسفراء الأئمة (4).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه للأشتر -: وشح
بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس
[الأنفس] الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت...
أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن
خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك،
فإنك إلا تفعل تظلم!...
وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم
ممن تقتحمه العيون، وتحقره الرجال، ففرغ
لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع، فليرفع
إليك أمورهم، ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى
الله يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج
إلى الإنصاف من غيرهم، وكل فأعذر إلى الله في
تأدية حقه إليه (5).
(انظر) الذكر: باب 1342 حديث 6464، 6455.
القضاء: باب 3367.
[3878]
من لا ينتصف
- الإمام علي (عليه السلام): ثلاثة لا ينتصفون من
ثلاثة أبدا: العاقل من الأحمق، والبر من
الفاجر، والكريم من اللئيم (6).
- عنه (عليه السلام): لا ينتصف البر من الفاجر،
لا ينتصف عالم من جاهل (7).



(1) الكافي: 2 / 148 / 19.
(2) غرر الحكم: 2403، 2456.
(3) غرر الحكم: 2403، 2456.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 51 و 53.
(5) نهج البلاغة: الكتاب 51 و 53.
(6) غرر الحكم: 4674، (10732 - 10733).
(7) غرر الحكم: 4674، (10732 - 10733).
3286
(514)
النظر
البحار: 104 / 31 باب 33 " من يحل النظر إليه ومن لا يحل ".
البحار: 104 / 43 باب 35 " النظر إلى امرأة يريد تزويجها ".

3287
[3879]
العين رائد القلب
- الإمام علي (عليه السلام): العيون طلائع القلوب (1).
- عنه (عليه السلام): العين بريد القلب (2).
- عنه (عليه السلام): اللحظ رائد الفتن (3).
- عنه (عليه السلام): العين رائد الفتن (4).
- عنه (عليه السلام): العين جاسوس القلب وبريد
العقل (5).
- عنه (عليه السلام): لحظ الإنسان رائد قلبه (6).
- عنه (عليه السلام): القلب مصحف (7) البصر (8).
[3880]
العيون مصائد الشيطان
- الإمام علي (عليه السلام): العيون مصائد الشيطان (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم وفضول النظر،
فإنه يبذر الهوى، ويولد الغفلة (10).
- الإمام علي (عليه السلام): ليس في البدن شئ
أقل شكرا من العين، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم
عن ذكر الله عز وجل (11).
- عنه (عليه السلام): عمى البصر خير من كثير
من النظر (12).
- عنه (عليه السلام): إذا أبصرت العين الشهوة عمي
القلب عن العاقبة (13).
- الإمام الصادق (عليه السلام): يا بن جندب! إن
عيسى بن مريم (عليه السلام) قال لأصحابه...: إياكم
والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة وكفى بها
لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم
يجعل بصره في عينه (14).
- المسيح (عليه السلام): إياكم والنظر إلى المحذورات،
فإنها بذر الشهوات ونبات الفسق (15).
(انظر) الشيطان: باب 2022.
الدنيا: باب 1224 حديث 5849.
[3881]
من أطلق ناظره
- الإمام علي (عليه السلام): من أطلق ناظره أتعب



(1) غرر الحكم: 405، 368، 1047، 366.
(2) غرر الحكم: 405، 368، 1047، 366.
(3) غرر الحكم: 405، 368، 1047، 366.
(4) غرر الحكم: 405، 368، 1047، 366.
(5) البحار: 104 / 41 / 52.
(6) غرر الحكم: 7626.
(7) أي ما يتناوله البصر يحفظ في القلب كأنه يكتب فيه. كما في
هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 409.
(9) غرر الحكم: 950.
(10) البحار: 72 / 199 / 29.
(11) الخصال: 629 / 10.
(12) تحف العقول: 95.
(13) غرر الحكم: 4063.
(14) تحف العقول: 305.
(15) البحار: 104 / 42 / 52.
3288
حاضره، من تتابعت لحظاته دامت حسراته (1).
- عنه (عليه السلام): من أطلق طرفه كثر أسفه (2).
- عنه (عليه السلام): من أطلق طرفه جلب حتفه (3).
- عنه (عليه السلام): كم من نظرة جلبت حسرة (4).
- عنه (عليه السلام): رب صبابة غرست من لحظة (5).
- عنه (عليه السلام): كم من صبابة اكتسبت من لحظة (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كم من نظرة أورثت
حسرة طويلة (7).
[3882]
من غض طرفه
- الإمام علي (عليه السلام): من غض طرفه أراح قلبه (8).
- عنه (عليه السلام): من غض طرفه قل أسفه وأمن
تلفه (9).
- عنه (عليه السلام): نعم صارف الشهوات غض
الأبصار (10).
- عنه (عليه السلام): من عفت أطرافه حسنت
أوصافه (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): غضوا أبصاركم ترون
العجائب (12).
(انظر) باب 3889.
الحرب: باب 763 حديث 3490.
[3883]
ذم اللهو من النظر
- الإمام علي (عليه السلام): كل قول ليس لله فيه ذكر
فلغو، وكل صمت ليس فيه فكر فسهو، وكل نظر
ليس فيه اعتبار فلهو (13).
- عنه (عليه السلام): إن المؤمن إذا نظر اعتبر،
وإذا سكت تفكر، وإذا تكلم ذكر...
والمنافق إذا نظر لها، وإذا سكت سها، وإذا
تكلم لغا (14).
- يحيى (عليه السلام): الموت أحب إلي من نظرة
لغير واجب (15).
[3884]
من يكون النظر إليه عبادة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): النظر إلى العالم عبادة،
والنظر إلى الإمام المقسط عبادة، والنظر إلى
الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر إلى الأخ
توده في الله عز وجل عبادة (16).
- عنه (صلى الله عليه وآله): النظر في ثلاثة أشياء عبادة:
النظر في وجه الوالدين، وفي المصحف،
وفي البحر (17).
(انظر) العلم: باب 2845.



(1) البحار: 104 / 38 / 33.
(2) تحف العقول: 97.
(3) غرر الحكم: 9124.
(4) البحار: 71 / 293 / 63.
(5) غرر الحكم: 5314، 6939.
(6) غرر الحكم: 5314، 6939.
(7) الكافي: 5 / 559 / 12.
(8) غرر الحكم: 9122، 9125، 9924، 9050.
(9) غرر الحكم: 9122، 9125، 9924، 9050.
(10) غرر الحكم: 9122، 9125، 9924، 9050.
(11) غرر الحكم: 9122، 9125، 9924، 9050.
(12) البحار: 104 / 41 / 52.
(13) البحار: 78 / 92 / 101.
(14) تحف العقول: 212.
(15) البحار: 104 / 42 / 52 و 74 / 73 / 59.
(16) البحار: 104 / 42 / 52 و 74 / 73 / 59.
(17) صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 90 / 19.
3289
[3885]
الحث على غض البصر
الكتاب
* (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا
فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل
للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا
يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم...) * -: كل
آية في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا إلا
هذه الآية، فإنها من النظر، فلا يحل لرجل مؤمن
أن ينظر إلى فرج أخيه، ولا يحل للمرأة أن تنظر
إلى فرج أختها (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام): استقبل شاب من الأنصار
امرأة بالمدينة - وكان النساء يتقنعن خلف
آذانهن - فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت
نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان
فجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم في
الحائط أو زجاجة فشق وجهه، فلما مضت المرأة
نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه، فقال:
والله لآتين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولأخبرنه، قال: فأتاه،
فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له: ما هذا؟ فأخبره،
فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: * (قل
للمؤمنين...) * (3).
- عنه (عليه السلام): لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا ينظر
إلى فرج امرأة لا تحل له (4).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - مما كتب في جواب
مسائل محمد بن سنان -: وحرم النظر إلى
شعور النساء المحجوبات بالأزواج وإلى غيرهن
من النساء، لما فيه من تهييج الرجال، وما يدعو
التهييج إليه من الفساد والدخول فيما لا يحل
ولا يجمل، وكذلك ما أشبه الشعور، إلا الذي
قال الله تعالى: * (والقواعد من النساء...) *... فلا
بأس بالنظر إلى شعور مثلهن (5).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي
الأمين) * -: قال لها شعيب (عليه السلام): يا بنية هذا
قوي قد عرفتيه برفع الصخرة، الأمين من أين
عرفتيه؟ قالت: يا أبت إني مشيت قدامه،
فقال: امشي من خلفي فإن ضللت فأرشديني إلى
الطريق فإنا قوم لا ننظر في أدبار النساء (6).
- وفي نقل: فقال لها شعيب: أما
قوته فقد عرفته بسقي الدلو وحده، فبم
عرفت أمانته؟ فقالت: إنه قال لي: تأخري
عني ودليني على الطريق فإنا من قوم
لا ينظرون في أدبار النساء، عرفت أنه ليس
من القوم الذين ينظرون في أعجاز النساء،
فهذه أمانته (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل عضو من ابن آدم



(1) النور: 30، 31.
(2) تفسير القمي: 2 / 101.
(3) الكافي: 5 / 521 / 5.
(4) الكافي: 5 / 559 / 14.
(5) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 97.
(6) الفقيه: 4 / 19 / 4974.
(7) البحار: 13 / 29 / 2.
3290
حظ من الزنا: العين زناها النظر (1).
(انظر) الزنا: باب 1601.
الصلاة: باب 2295 حديث 10356.
الحجاب: باب 691 حديث 3254.
[3886]
خائنة الأعين
الكتاب
* (يعلم خائنة الأعين (2) وما تخفي الصدور) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): قسم أرزاقهم، وأحصى
آثارهم وأعمالهم، وعدد أنفسهم، وخائنة
أعينهم، وما تخفي صدورهم من الضمير (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى:
* (يعلم خائنة الأعين) * -: ألم تر - إلى الرجل ينظر إلى
الشئ وكأنه لا ينظر إليه! فذلك خائنة الأعين (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لأصحابه يوم فتح مكة وقد
جاء عثمان بعبد الله بن سعد بن أبي سرح يستأمنه
منه وكان (صلى الله عليه وآله) قبل ذلك أهدر دمه وأمر بقتله، فلما
رأى عثمان استحيى من رده وسكت طويلا ليقتله
بعض المؤمنين، ثم أمنه بعد تردد المسألة من
عثمان - أما كان منكم رجل رشيد يقوم إلى هذا
فيقتله؟ فقال له عباد بن بشر: يا رسول الله
إن عيني ما زالت في عينك انتظارا أن تومئ
فأقتله، فقال (عليه السلام): إن الأنبياء لا يكون لهم
خائنة أعين (6).
[3887]
موارد جواز النظر إلى النساء
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا بأس بالنظر إلى رؤوس
أهل التهامة، والأعراب، وأهل السواد، والعلوج،
لأنهم إذا نهوا لا ينتهون.
قال: والمجنونة والمغلوبة على عقلها،
ولا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم
يتعمد ذلك (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا حرمة لنساء أهل الذمة
أن ينظر إلى شعورهن وأيديهن (8).
(انظر) وسائل الشيعة: 14 / 145 باب 109، 110،
112، 113، البحار: 104 / 43 باب 35.
[3888]
من ملأ عينه من حرام
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ملأ عينه من حرام ملأ الله
عينه يوم القيامة من النار، إلا أن يتوب ويرجع (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اشتد غضب الله عز وجل على
امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها
أو غير ذي محرم منها (10).



(1) جامع الأخبار: 408 / 1129.
(2) أي خيانتها وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، عن
مجاهد وقتادة. مجمع البيان: 8 / 807.
(3) المؤمن: 19.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 90.
(5) معاني الأخبار: 147.
(6) نور الثقلين: 4 / 517 / 35.
(7) الكافي: 5 / 524 / 1.
(8) الكافي: 5 / 524 / 1.
(9) البحار: 76 / 334 / 1.
(10) ثواب الأعمال: 338 / 1.
3291
[3889]
غض البصر وحلاوة العبادة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من مسلم ينظر امرأة
أول رمقة ثم يغض بصره إلا أحدث الله تعالى
له عبادة يجد حلاوتها في قلبه (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): النظر سهم مسموم من سهام
إبليس، فمن تركها خوفا من الله أعطاه الله
إيمانا يجد حلاوته في قلبه (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): النظرة سهم من
سهام إبليس مسموم، من تركها لله عز وجل
لا لغيره أعقبه الله إيمانا يجد طعمه (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وهو يحدث عن ربه -:
النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها
من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما من مسلم ينظر إلى محاسن
امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد
حلاوتها في قلبه (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من نظر إلى امرأة
فرفع بصره إلى السماء أو غمض بصره لم
يرتد إليه بصره، حتى يزوجه الله من
الحور العين (6).
(انظر) باب 379 حديث 1840.
[3890]
النظرة الأولى خطا والثانية عمد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: يا علي لك
أول نظرة، والثانية عليك ولا لك (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: يا علي إن لك كنزا
في الجنة، وإنك ذو قرنيها، فلا تتبع النظرة النظرة،
فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياك والنظرة بعد النظرة،
فإن الأولى لك والثانية عليك (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): النظرة الأولى خطأ، والثانية
عمد، والثالثة تدمر (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أول النظرة لك، والثانية
عليك ولا لك، والثالثة فيها الهلاك (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تتبع النظرة النظرة،
لك الأولى وعليك الآخرة (12).
- جرير: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن نظرة
الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري (13).
- الإمام الصادق (عليه السلام): النظرة بعد النظرة تزرع
في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة (14).
- الإمام علي (عليه السلام): لكم أول نظرة إلى المرأة،



(1) كنز العمال: 13059.
(2) البحار: 104 / 38 / 34.
(3) الفقيه: 4 / 18 / 4969.
(4) الترغيب والترهيب: 3 / 34 / 1 و ح 2.
(5) الترغيب والترهيب: 3 / 34 / 1 و ح 2.
(6) مكارم الأخلاق: 1 / 505 / 1747.
(7) الفقيه: 4 / 19 / 4971.
(8) الترغيب والترهيب: 3 / 35 / 6.
(9) كنز العمال: 13072، 13073.
(10) كنز العمال: 13072، 13073.
(11) الفقيه: 3 / 474 / 4658.
(12) كنز العمال: 13639، 13641.
(13) كنز العمال: 13639، 13641.
(14) الفقيه: 4 / 18 / 4970.
3292
فلا تتبعوها بنظرة أخرى واحذروا الفتنة (1).
[3891]
من رأى امرأة تعجبه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس! إنما النظرة من
الشيطان، فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله (2).
- الإمام علي (عليه السلام): إذا رأى أحدكم امرأة
تعجبه فليأت أهله، فإن عند أهله مثل ما رأى،
ولا يجعلن للشيطان إلى قلبه سبيلا، وليصرف
بصره عنها، فإن لم تكن له زوجة فليصل
ركعتين ويحمد الله كثيرا، ويصلي على النبي
وآله، ثم ليسأل الله من فضله فإنه يبيح له
برأفته ما يغنيه (3).
- عنه (عليه السلام) - لما كان جالسا في أصحابه فمرت
بهم امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم -: إن
أبصار هذه الفحول طوامح (4)، وإن ذلك سبب
هبابها (5)، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه
فليلامس [فليلمس] أهله، فإنما هي امرأة
كامرأته. فقال رجل من الخوارج: " قاتله الله
كافرا ما أفقهه " فوثب القوم ليقتلوه، فقال (عليه السلام):
رويدا إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب (6).
[3892]
ما يستعان به على غض البصر
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما اعتصم أحد بمثل
ما اعتصم بغض البصر، فإن البصر لا يغض
عن محارم الله إلا وقد سبق إلى قلبه مشاهدة
العظمة والجلال.
وسئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
بما يستعان على غمض البصر؟ فقال: بالخمود
تحت سلطان المطلع على سترك (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الراغبين في
الله سبحانه بعد ذكر أصناف أهل الدنيا -:
وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع، وأراق
دموعهم خوف المحشر، فهم بين شريد ناد،
وخائف مقموع، وساكت مكعوم، وداع مخلص،
وثكلان موجع (8).
- عنه (عليه السلام) - في صفة المتقين -: غضوا
أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم
على العلم النافع لهم (9).
[3893]
ما يجلي البصر
- الإمام الكاظم (عليه السلام): ثلاثة يجلون البصر:
النظر إلى الخضرة، والنظر إلى الماء الجاري،



(1) الخصال: 632 / 10.
(2) الفقيه: 4 / 19 / 4975.
(3) البحار: 10 / 115 / 1.
(4) طمح بصره إليه: ارتفع ونظره شديدا، طمحت المرأة على
زوجها: جمحت، فهي طامح، ج طوامح. المنجد: 471.
(5) هبابها بالفتح: أي هيجان هذه الفحول لملامسة الأنثى. كما في
هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 420.
(7) البحار: 104 / 41 / 52.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 32 و 193.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 32 و 193.
3293
والنظر إلى الوجه الحسن (1).
- الإمام علي (عليه السلام): الطيب نشرة (2)،
والعسل نشرة، والركوب نشرة، والنظر
إلى الخضرة نشرة (3).
(انظر) الذكر: باب 1340.
القلب: باب 3410، 3411.



(1) المحاسن: 2 / 461 / 2596.
(2) النشرة: ما يوجب انبساط الأعصاب بعد ما أصابها علة، وقد
يطلق على العوذات والرقي يعالج بها المجنون والمريض. كما
في هامش البحار: 79 / 289 / 4.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 400.
3294
(515)
المناظرة
البحار: 9 / 255، 344، 10 " احتجاجات الرسول والأئمة (عليهم السلام) ".
المحجة البيضاء: 1 / 98 " سبب اقبال الخلق على المناظرة ".
المحجة البيضاء: 1 / 99 " شروط المناظرة وآدابها ".
المحجة البيضاء: 1 / 102 " آفات المناظرة ".
انظر:
عنوان 63 " الجدال "، 97 " الحجة "، 141 " الخصومة "، 448 " المراء ".

3295
[3894]
المناظرة
- حمزة ومحمد ابنا حمران: اجتمعنا عند
أبي عبد الله (عليه السلام) في جماعة من أجلة مواليه،
وفينا حمران بن أعين، فخضنا في المناظرة
وحمران ساكت، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): مالك
لا تتكلم يا حمران؟ قال: يا سيدي آليت
على نفسي أني لا أتكلم في مجلس تكون
فيه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إني قد أذنت لك
في الكلام فتكلم (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأله الطيار
عن كراهة مناظرة الناس -: أما كلام مثلك فلا
يكره، من إذا طار يحسن أن يقع، وإن وقع يحسن
أن يطير، فمن كان هكذا لا نكرهه (2).
- عنه (عليه السلام) - لما قال له عبد الأعلى: إن
الناس يعيبون علي بالكلام، وأنا أكلم
الناس -: أما مثلك من يقع ثم يطير فنعم،
وأما من يقع ثم لا يطير فلا (3).
- عنه (عليه السلام) - لأبي جعفر الأحول -: ما فعل
ابن الطيار؟ فقلت: توفي، فقال: رحمه الله،
أدخل الله عليه الرحمة والنضرة، فإنه كان يخاصم
عنا أهل البيت (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته لكميل -:
يا كميل! في كل صنف قوم أرفع من قوم، فإياك
ومناظرة الخسيس منهم، وإن أسمعوك فاحتمل
وكن من الذين وصفهم الله تعالى بقوله: * (وإذا
خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) * (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث) * -:
لم يحكما، إنما كانا يتناظران * (ففهمناها
سليمان) * (6).
- عبد الله بن نافع الأزرق - أنه كان يقول -:
لو أني علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه
المطايا يخصمني أن عليا قتل أهل النهروان وهو
لهم غير ظالم لرحلت إليه، فقيل له: ولا ولده؟
فقال: أفي ولده عالم؟ فقيل له: هذا أول جهلك
وهم يخلون من عالم؟! قال: فمن عالمهم اليوم؟
قيل: محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)،
قال: فرحل إليه في صناديد أصحابه حتى أتى
المدينة فاستأذن على أبي جعفر (عليه السلام)، فقيل له:
هذا عبد الله بن نافع، فقال: وما يصنع بي وهو
يبرأ مني ومن أبي طرفي النهار؟ فقال له أبو
بصير الكوفي: جعلت فداك إن هذا يزعم أنه
لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه
يخصمه أن عليا (عليه السلام) قتل أهل النهروان وهو لهم
غير ظالم لرحل إليه، فقال له أبو جعفر (عليه السلام):



(1) معاني الأخبار: 212 / 1.
(2) البحار: 2 / 136 / 39 و ح 38 و 41.
(3) البحار: 2 / 136 / 39 و ح 38 و 41.
(4) البحار: 2 / 136 / 39 و ح 38 و 41.
(5) بشارة المصطفى: 26.
(6) المحاسن: 1 / 432 / 1001.
3296
أتراه جاءني مناظرا؟ قال: نعم، قال:
يا غلام اخرج فحط رحله وقل له: إذا كان
الغد فأتنا، قال: فلما أصبح عبد الله بن
نافع غدا في صناديد (1) أصحابه وبعث أبو
جعفر (عليه السلام) إلى جميع أبناء المهاجرين والأنصار
فجمعهم ثم خرج إلى الناس في ثوبين ممغرين (2)
وأقبل على الناس كأنه فلقة قمر (3) فقال:
الحمد لله محيث الحيث (4) ومكيف الكيف
ومؤين الأين (5) الحمد الله الذي * (لا تأخذه سنة
ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض...) * إلى
آخر الآية، وأشهد أن لا إله إلا الله [وحده لا شريك
له]، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله اجتباه
وهداه إلى صراط مستقيم، الحمد لله الذي أكرمنا
بنبوته واختصنا بولايته، يا معشر أبناء المهاجرين
والأنصار من كانت عنده منقبة في علي بن أبي
طالب (عليه السلام) فليقم وليتحدث.
قال: فقام الناس فسردوا (6) تلك المناقب
- فقال عبد الله: أنا أروى لهذه المناقب من هؤلاء
وإنما أحدث علي الكفر بعد تحكيمه الحكمين -
حتى انتهوا في المناقب إلى حديث خيبر
" لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى
يفتح الله على يديه " فقال أبو جعفر (عليه السلام): ما تقول
في هذا الحديث؟! فقال: هو حق لا شك فيه
ولكن أحدث الكفر بعد.
فقال له أبو جعفر (عليه السلام): ثكلتك أمك أخبرني
عن الله عز وجل أحب علي بن أبي طالب يوم
أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم
يعلم؟ قال ابن نافع: أعد علي، فقال له أبو
جعفر (عليه السلام): أخبرني عن الله جل ذكره أحب علي
ابن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل
النهروان أم لم يعلم؟ قال: إن قلت: لا، كفرت
قال: فقال: قد علم، قال: فأحبه الله على أن يعمل
بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته؟ فقال: على أن
يعمل بطاعته، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): فقم
مخصوما، فقام وهو يقول: حتى يتبين لكم الخيط
الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، الله أعلم
حيث يجعل رسالته (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى -:
* (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها
المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما
فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون) * -:
بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية فجاءهم
بما لا يعرفون، فغلظوا عليهما فأخذوهما
وحبسوهما في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث

3297
فدخل المدينة فقال: أرشدوني إلى باب الملك،
قال: فلما وقف على باب الملك قال: أنا رجل
كنت أتعبد في فلاة من الأرض وقد أحببت أن
أعبد إله الملك فأبلغوا كلامه الملك، فقال:
أدخلوه إلى بيت الآلهة فأدخلوه فمكث سنة مع
صاحبيه، فقال: بهذا ينقل قوم من دين إلى دين
بالحذق [بالحرف ط] أفلا رفقتما، ثم قال لهما:
لا تقران بمعرفتي ثم ادخل على الملك: فقال له
الملك: بلغني أنك كنت تعبد إلهي فلم أزل وأنت
أخي فاسألني حاجتك! قال: ما لي حاجة أيها
الملك ولكن رأيت رجلين في بيت الآلهة فما
بالهما؟ قال الملك: هذان رجلان أتياني ببطلان
ديني ويدعواني إلى إله سماوي، فقال: أيها الملك
فمناظرة جميلة! فإن يكن الحق لهما اتبعناهما،
وإن يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا، فكان لهما
ما لنا وما عليهما ما علينا.
قال: فبعث الملك إليهما، فلما دخلا إليه قال
لهما صاحبهما: ما الذي جئتما به؟ قالا: جئنا
ندعوا إلى عبادة الله الذي خلق السماوات
والأرض ويخلق في الأرحام ما يشاء ويصور
كيف يشاء وأنبت الأشجار والأثمار وأنزل القطر
من السماء.
قال: فقال لهما: أإلهكما هذا الذي تدعوان
إليه وإلى عبادته إن جئنا بأعمى يقدر أن يرده
صحيحا؟ قالا: إن سألناه أن يفعل فعل إن شاء،
قال أيها الملك علي بأعمى لم يبصر قط، قال فاتي
به، فقال لهما: ادعوا إلهكما أن يرد بصر هذا، فقاما
وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر إلى
السماء، فقال: أيها الملك علي بأعمى آخر، قال:
فاتي به قال: فسجد سجدة ثم رفع رأسه فإذا
الأعمى الآخر بصير، فقال: أيها الملك حجة
بحجة، علي بمقعد، فاتي به فقال لهما مثل ذلك،
فصليا ودعوا الله فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه
وقام يمشي، فقال: أيها الملك علي بمقعد آخر،
فاتي به فصنع به كما صنع أول مرة فانطلق المقعد،
فقال: أيها الملك قد أوتينا بحجتين وأتينا بمثله،
ولكن بقي شئ واحد فإن هما فعلاه دخلت معهما
في دينهما.
ثم قال: أيها الملك بلغني أنه كان للملك ابن
واحد ومات فإن أحياه إلههما دخلت معهما في
دينهما، فقال له الملك: وأنا أيضا معك، ثم قال
لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن
الملك فادعوا إلهكما فيحييه، قال فخرا إلى
الأرض ساجدين لله وأطالا السجود ثم رفعا
رأسيهما وقالا للملك: ابعث إلى قبر ابنك تجده قد
قام من قبره إن شاء الله، قال: فخرج الناس
ينظرون فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه
من التراب، قال فاتي به الملك فعرف أنه ابنه،
فقال له: ما حالك يا بني؟ قال كنت ميتا فرأيت
رجلين من بين يدي ربي الساعة ساجدين
يسألانه أن يحييني فأحياني، قال: تعرفهما إذا
رأيتهما؟ قال نعم، قال: فاخرج الناس جملة إلى
الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له
أبوه: انظر فيقول: لا، لا، ثم مروا عليه بأحدهما
بعد جمع كثير، فقال: هذا أحدهما وأشار بيده
إليه، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى

3298
صاحبه الآخر فقال: وهذا الآخر، قال: فقال النبي
صاحب الرجلين: أما أنا فقد آمنت بإلهكما
وعلمت أن ما جئتما به هو الحق، قال: فقال
الملك: وأنا أيضا آمنت بإلهكما ذلك، وآمن أهل
مملكته كلهم (1).
[3895]
جواب الإمام لمن دعاه
إلى المناظرة
- الإمام الحسين (عليه السلام) - لرجل قال له: اجلس
حتى نتناظر في الدين -: يا هذا أنا بصير بديني
مكشوف علي هداي، فإن كنت جاهلا بدينك
فاذهب واطلبه، ما لي وللمماراة؟! وإن الشيطان
ليوسوس للرجل ويناجيه ويقول: ناظر الناس في
الدين كيلا يظنوا بك العجز والجهل (2).
(انظر) عنوان 63 " الجدال "، 141 " الخصومة "،
488 " المراء ".



(1) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 212.
(2) البحار: 2 / 135 / 32.
3299
(516)
النظافة
انظر:
عنوان 74 " الجمال "، 210 " الزينة "، 322 " الطهارة "، 328 " الظفر "، النوم: باب 3978.

3301
[3896]
الحث على النظافة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله طيب يحب الطيب،
نظيف يحب النظافة (1).
- الإمام علي (عليه السلام): تنظفوا بالماء من النتن
الريح الذي يتأذى به، تعهدوا أنفسكم، فإن
الله عز وجل يبغض من عباده القاذورة الذي يتأنف
به من جلس إليه (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): طهروا هذه الأجساد طهركم
الله، فإنه ليس عبد يبيت طاهرا إلا بات معه
ملك في شعاره، ولا يتقلب ساعة من الليل إلا
قال: اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهرا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بئس العبد القاذورة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): هلك المتقذرون (5).
- جابر بن عبد الله: أتانا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره، فقال:
أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره؟! ورأي
رجلا آخر [و] عليه ثياب وسخة فقال: أما
كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟! (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل شعث شعر رأسه،
وسخة ثيابه، سيئة حاله: من الدين
المتعة وإظهار النعمة (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام): كنس البيوت ينفي الفقر (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): غسل الإناء وكسح الفناء
مجلبة للرزق (9).
- الإمام علي (عليه السلام): لا تؤوا التراب خلف الباب،
فإنه مأوى الشيطان (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تبيتوا القمامة في
بيوتكم وأخرجوها نهارا، فإنها مقعد
الشيطان (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بيت الشياطين من بيوتكم بيت
العنكبوت (12).
- الإمام علي (عليه السلام): نظفوا بيوتكم من
حوك العنكبوت، فإن تركه في البيت
يورث الفقر (13).



(1) صحيح الترمذي: 2799.
(2) الخصال: 620 / 10.
(3) كنز العمال: 26003.
(4) الكافي: 6 / 439 / 6.
(5) كنز العمال: 7422.
(6) سنن أبي داود: 4062.
(7) الكافي: 6 / 439 / 5.
(8) وسائل الشيعة: 3 / 571 / 2.
(9) الخصال: 54 / 73.
(10) وسائل الشيعة: 3 / 572 / 3.
(11) الفقيه: 4 / 5 / 4968.
(12) الكافي: 6 / 532 / 11.
(13) وسائل الشيعة: 3 / 575 / 2.
3302
[3897]
الإسلام والنظافة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تنظفوا بكل ما استطعتم،
فإن الله تعالى بنى الإسلام على النظافة، ولن
يدخل الجنة إلا كل نظيف (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الإسلام نظيف فتنظفوا، فإنه
لا يدخل الجنة إلا نظيف (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب الناسك النظيف (3).
- الإمام الرضا (عليه السلام): من أخلاق الأنبياء
التنظف (4).
[3898]
الحث على نظافة اللباس
- الإمام علي (عليه السلام): النظيف من الثياب يذهب
الهم والحزن، وهو طهور للصلاة (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اتخذ ثوبا فلينظفه (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا عائشة! اغسلي هذين
الثوبين، أما علمت أن الثوب يسبح، فإذا اتسخ
انقطع تسبيحه (7).
(انظر) وسائل الشيعة: 3 / 346 باب 6.
النعمة: باب 3911 حديث 20133.



(1) كنز العمال: 26002، 26007، 26000.
(2) كنز العمال: 26002، 26007، 26000.
(3) كنز العمال: 26002، 26007، 26000.
(4) البحار: 78 / 335 / 4.
(5) الكافي: 6 / 444 / 14 وص 441 / 3.
(6) الكافي: 6 / 444 / 14 وص 441 / 3.
(7) كنز العمال: 26009.
3303
(517)
النظم
نظر:
الإمامة: باب 134، الدين: باب 1296.

3305
[3899]
النظم
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته للحسن
والحسين (عليهما السلام) لما ضربه ابن ملجم لعنه الله:
أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي،
بتقوى الله ونظم أمركم (1).
- النعمان بن بشير: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسوي
صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح حتى
رأى أنا قد غفلنا عنه، ثم خرج يوما فقام
حتى كاد أن يكبر فرأى رجلا باديا صدره،
فقال: عباد الله لتسوون صفوفكم أو ليخالفن
الله بين وجوهكم (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة القرآن: ألا
إن فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي،
ودواء دائكم، ونظم ما بينكم (3).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 47.
(2) تنبيه الخواطر: 2 / 267.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 158.
3306
(518)
النعمة
البحار: 72 / 339 باب 121 " كفران النعم ".
انظر:
البلاء: باب 401، الشكر: باب 2061، 2067، الحسد: باب 847، المحبة (2): باب 673.
الدنيا: باب 1266، الرزق: باب 1266.

3307
[3900]
نعم الله لا تحصى
الكتاب
* (وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا
تحصوها إن الانسان لظلوم كفار) * (1).
* (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور
رحيم) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته
القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون (3).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - كان إذا قرأ هذه
الآية * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * يقول:
سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا
المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في
أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم بأنه لا يدركه،
فشكر جل وعز معرفة العارفين بالتقصير عن
معرفة شكره فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، كما
علم علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله إيمانا،
علما منه أنه قد (4) وسع العباد فلا يتجاوز ذلك،
فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته، وكيف
يبلغ مدى عبادته من لا مدى له ولا كيف؟! تعالى
الله عن ذلك علوا كبيرا (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته لكميل:
يا كميل! إنه لا تخلو من نعمة الله عز وجل عندك
وعافيته، فلا تخل من تحميده وتمجيده وتسبيحه
وتقديسه وشكره وذكره على كل حال (6).
- عنه (عليه السلام): لم تخل من لطفه مطرف عين، في
نعمة يحدثها لك، أو سيئة يسترها عليك، أو بلية
يصرفها عنك (7).
- عنه (عليه السلام): الحمد لله غير مقنوط من رحمته،
ولا مخلو من نعمته (8).
- عنه (عليه السلام) - في بيان قدرة الله: سبحانك ما
أعظم شأنك!... وما أسبغ نعمك في الدنيا، وما
أصغرها في نعم الآخرة (9).
- عنه (عليه السلام): لو فكروا في عظيم القدرة،
وجسيم النعمة، لرجعوا إلى الطريق، وخافوا
عذاب الحريق، ولكن القلوب عليلة، والبصائر
مدخولة! (10).
[3901]
النعم الظاهرة والباطنة
الكتاب
* (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في



(1) إبراهيم: 34.
(2) النحل: 18.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(4) القد: القدر. كما في هامش المصدر.
(5) الكافي: 8 / 394 / 592.
(6) بشارة المصطفى: 28.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 223 و 45 و 109 و 185.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 223 و 45 و 109 و 185.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 223 و 45 و 109 و 185.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 223 و 45 و 109 و 185.
3308
الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من
يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) * (1).
- في مجمع البيان: عن ابن عباس سألت
النبي (صلى الله عليه وآله) عن قوله تعالى: * (ظاهرة وباطنة) *
فقال: يا بن عباس! أما ما ظهر فالإسلام،
وما سوى الله من خلقك، وما أفاض عليك من
الرزق، واما ما بطن فستر مساوئ عملك ولم
يفضحك به، يا بن عباس إن الله تعالى يقول:
ثلاثة جعلتهن للمؤمن ولم تكن له: صلاة
المؤمنين عليه من بعد انقطاع عمله، وجعلت له
ثلث ماله اكفر به عنه خطاياه، والثالث: سترت
مساوئ عمله ولم أفضحه بشئ منه ولو أبديتها
عليه لنبذه أهله فمن سواهم...
وقال الباقر (عليه السلام): النعمة الظاهرة النبي (صلى الله عليه وآله)
وما جاء به النبي من معرفة الله عز وجل وتوحيده،
وأما النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت وعقد
مودتنا ولا تنافي بين هذه الأقوال وكلها نعم الله،
ويجوز حمل الآية على الجميع (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - أيضا: أما الظاهرة فما
سوى من خلقك، وأما الباطنة فما ستر من
عورتك، ولو أبداها لقلاك أهلك فمن سواهم (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا: أما الظاهرة فالإسلام، وما
حسن من خلقك، وما أسبغ عليك من الرزق، وأما
الباطنة يا بن عباس فما ستر عليك من عيوبك (4).
- الإمام الكاظم (صلى الله عليه وآله) - أيضا: النعمة الظاهرة
الإمام الظاهر، والباطنة الإمام الغائب (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في ذكر النبي (صلى الله عليه وآله): فهو
أمينك المأمون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك
نعمة، ورسولك بالحق رحمة (6).
- عنه (عليه السلام) - أيضا: فما أعظم منة الله
عندنا حين أنعم علينا به سلفا نتبعه، وقائدا
نطأ عقبه! (7).
- عنه (عليه السلام): كفى بالقناعة ملكا، وبحسن
الخلق نعيما (8).
- عنه (عليه السلام): إن من النعمة تعذر المعاصي (9).
- عنه (عليه السلام): إن لله تعالى في السراء نعمة
الإفضال، وفي الضراء نعمة التطهير (10).
(انظر) البلاء: باب 401 - 404.
[3902]
أول النعم وأعظمها
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام): قل ما أول
نعمة أبلاك الله عز وجل وأنعم عليك بها؟ قال:
أن خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا مذكورا،
قال: صدقت (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما أنعم الله على
عبد أجل من أن لا يكون في قلبه مع
الله عز وجل غيره (12).



(1) لقمان: 20.
(2) مجمع البيان: 8 / 501.
(3) الدر المنثور: 6 / 525.
(4) كنز العمال: 3024.
(5) كمال الدين: 368 / 6.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 106 و 160 والحكمة 229.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 106 و 160 والحكمة 229.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 106 و 160 والحكمة 229.
(9) غرر الحكم: 3395، 3529.
(10) غرر الحكم: 3395، 3529.
(11) نور الثقلين: 4 / 213 / 85.
(12) تنبيه الخواطر: 2 / 108.
3309
- الإمام علي (عليه السلام): إن من النعم سعة
المال، وأفضل من سعة المال صحة البدن،
وأفضل من صحة البدن تقوى القلب (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): لا نعمة كالعافية،
ولا عافية كمساعدة التوفيق (2).
- الإمام علي (عليه السلام): فإن الله سبحانه قد امتن على
جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه
الألفة التي ينتقلون في ظلها، ويأوون إلى كنفها،
بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنها
أرجح من كل ثمن، وأجل من كل خطر (3).
(انظر) النعمة: باب 3912.
[3903]
الحث على ذكر نعم الله
الكتاب
* (يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق
غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى
تؤفكون) * (4).
* (واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب
والحكمة) * (5).
* (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين
قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) * (6).
* (أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم
لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم
في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) * (7).
* (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في
الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال
بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) * (8).
(انظر) المائدة: 7، 11، 20، إبراهيم: 6،
الأحزاب: 9، البقرة: 40، 47، 122.
- الإمام علي (عليه السلام): فبعث فيهم رسله، وواتر
إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته،
ويذكروهم منسي نعمته (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في قوله تعالى: * (وذكرهم
بأيام الله) *: بنعم الله وآلائه (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): - أيضا: أيام الله نعماؤه،
وبلاؤه مثلاته سبحانه (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - أيضا: بآلائه
يعني نعمه (12).
[3904]
من أنعم الله عليهم
الكتاب
* (الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم
الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط
المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب



(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 19 / 337.
(2) تحف العقول: 286.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 192.
(4) فاطر: 3.
(5) البقرة: 231.
(6) آل عمران: 103.
(7) الأعراف: 69، 74.
(8) الأعراف: 69، 74.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(10) الدر المنثور: 5 / 6.
(11) الميزان: 12 / 9.
(12) تفسير العياشي: 2 / 222 / 2.
3310
عليهم ولا الضالين) * (1).
* (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية
آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل
ممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا
سجدا وبكيا) * (2).
* (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقا) * (3).
* (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون
والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا
وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) * (4).
- الإمام علي (عليه السلام): جاء رجل من الأنصار إلى
النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله ما أستطيع فراقك،
وإني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي،
وأقبل حتى أنظر إليك حبا لك، فذكرت إذا كان
يوم القيامة وأدخلت الجنة فرفعت في أعلى
عليين، فكيف لي بك يا نبي الله؟ فنزلت: * (ومن
يطع الله والرسول...) * فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) الرجل
فقرأها عليه وبشره بذلك (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لأبي بصير، إذ دخل
عليه وقد أخذه النفس: يا أبا محمد! ما
هذه النفس العالي؟ قال: جعلت فداك يا بن رسول
الله كبرت سني، ودق عظمي، واقترب أجلي،
ولست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد وإنك
لتقول هذا؟ فقال: جعلت فداك وكيف لا أقول
هذا؟ فذكر كلاما، ثم قال: يا أبا محمد لقد
ذكر [ك] الله في كتابه المبين: * (أولئك مع الذين
أنعم الله عليهم من النبيين...) * فرسول الله (صلى الله عليه وآله) في
الآية النبيين، ونحن في هذا الموضع الصديقين
والشهداء، وأنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما
سماكم الله يا أبا محمد (6).
(انظر) المحبة (4): باب 682.
الشهادة (2): باب 2121.
البحار: 24 / 30 باب 26.
[3905]
الغفلة عن النعم
- الإمام علي (عليه السلام): من كان في النعمة جهل
قدر البلية (7).
- الإمام الحسن (عليه السلام): تجهل النعم ما أقامت،
فإذا ولت عرفت (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعمتان مفتون فيهما كثير
من الناس: الفراغ والصحة (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): خصلتان كثير من الناس مفتون
فيهما: الصحة والفراغ (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الصحة والفراغ نعمتان
مكفورتان (11).



(1) الفاتحة.
(2) مريم: 58.
(3) النساء: 69.
(4) الحديد: 19.
(5) أمالي الطوسي: 621 / 1280.
(6) البحار: 24 / 32 / 7.
(7) البحار: 78 / 21 / 70.
(8) البحار: 78 / 115 / 12.
(9) الخصال: 1 / 34 / 7.
(10) البحار: 81 / 170 / 2 و 77 / 168 / 4.
(11) البحار: 81 / 170 / 2 و 77 / 168 / 4.
3311
- عنه (صلى الله عليه وآله): نعمتان مكفورتان: الأمن
والعافية (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كم من منعم عليه
وهو لا يعلم (2).
- الإمام علي (عليه السلام): إنما يعرف قدر النعم
بمقاساة ضدها (3).
[3906]
احسان مجاورة النعم
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحسنوا مجاورة النعم،
لا تملوها ولا تنفروها، فإنها قلما نفرت
من قوم فعادت إليهم (4).
- الإمام علي (عليه السلام): أحسنوا صحبة النعم
قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها
بما عمل فيها (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أحسنوا جوار النعم،
واحذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنها
لم تنتقل عن أحد قط فكادت أن ترجع إليه (6).
- الإمام الرضا (عليه السلام): أحسنوا جوار النعم، فإنها
وحشية ما نأت (7) عن قوم فعادت إليهم (8).
- الإمام الهادي (عليه السلام): ألقوا النعم بحسن
مجاورتها، والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها،
واعلموا أن النفس أقبل شئ لما أعطيت، وأمنع
شئ لما منعت (9).
- الإمام علي (عليه السلام): احذروا نفار النعم، فما
كل شارد بمردود (10).
[3907]
ما يوجب بقاء النعم
الكتاب
* (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم
بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما
كانوا يكسبون) * (11).
* (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم
من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة
مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون) * (12).
* (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم) * (13).
- الإمام علي (عليه السلام): من أخذ بالتقوى عزبت عنه
الشدائد بعد دنوها... وهطلت عليه الكرامة بعد
قحوطها، وتحدبت (14) عليه الرحمة بعد نفورها،



(1) البحار: 81 / 170 / 1.
(2) الخصال: 223 / 51.
(3) غرر الحكم: 3879.
(4) كنز الفوائد للكراجكي: 2 / 162.
(5) علل الشرائع: 464 / 2.
(6) أمالي الطوسي: 246 / 431.
(7) نأت عن قوم: أي بعدت عنه. كما في هامش البحار.
(8) البحار: 78 / 341 / 41.
(9) أعلام الدين: 312.
(10) نهج البلاغة: الحكمة 246.
(11) الأعراف: 96.
(12) المائدة: 66.
(13) الأنفال: 53.
(14) تحدب عليه: عطف. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور
صبحي الصالح.
3312
وتفجرت عليه النعم بعد نضوبها (1)، ووبلت
عليه البركة بعد إرذاذها (2).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الإسلام: فيه
مرابيع النعم (3)، ومصابيح الظلم، لا تفتح
الخيرات إلا بمفاتيحه، ولا تكشف الظلمات
إلا بمصابيحه (4).
- عنه (عليه السلام): أحسن الناس حالا في النعم
من استدام حاضرها بالشكر، وارتجع فائتها
بالصبر (5).
- عنه (عليه السلام): إذا وصلت إليكم أطراف النعم
فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر (6).
- الإمام الرضا (عليه السلام): استعمال العدل والإحسان
مؤذن بدوام النعمة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا تدوم النعم إلا بعد
ثلاث [إلا بثلاث - خ ل] معرفة بما يلزم لله سبحانه
فيها، وأداء شكرها، والتعب فيها (8).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): من اقتصد وقنع بقيت
عليه النعمة، ومن بذر وأسرف زالت عنه النعمة (9).
- الإمام علي (عليه السلام): من بسط يده بالإنعام
حصن نعمته من الإنصرام (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لله عبادا اختصهم
بالنعم، يقرها فيهم ما بذلوها للناس، فإذا منعوها
حولها منهم إلى غيرهم (11).
- الإمام علي (عليه السلام): نعم الله على العبد
مجلبة لحوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما
يجب عرضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما
يجب عرضها للزوال والفناء (12).
- عنه (عليه السلام): من كثرت نعم الله عليه كثرت
حوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يجب فيها
عرضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب
عرضها للزوال والفناء (13).
- عنه (عليه السلام): يا أيها الناس! إن لله في كل
نعمة حقا، فمن أداه زاده، ومن قصر عنه خاطر
بزوال النعمة وتعجل العقوبة، فليراكم الله من
النعمة وجلين كما يراكم من الذنوب فرقين (14).
- عنه (عليه السلام): إن من حق من عظم جلال الله
سبحانه في نفسه، وجل موضعه من قلبه، أن
يصغر عنده - لعظم ذلك - كل ما سواه، وإن
أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه،
ولطف إحسانه إليه، فإنه لم تعظم نعمة الله



(1) نضب الماء نضوبا: غار وذهب في الأرض، ونضوب النعمة: قلتها أو
زوالها. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 198. وبلت السماء: أمطرت مطرا شديدا، أرذت
- بتشديد الذال - ارذاذا: مطرت ضعيفا في سكون كأنه الغبار المتطاير.
كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(3) مرابيع: جمع مرباع - بكسر الميم -: المكان ينبت نبته في أول
الربيع. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 152.
(5) غرر الحكم: 3282.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 13، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
18 / 116.
(7) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 24 / 52.
(8) تحف العقول: 318.
(9) البحار: 78 / 327 / 4.
(10) غرر الحكم: 8559.
(11) البحار: 75 / 353 / 62.
(12) مطالب السؤل: 57.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 372.
(14) البحار: 78 / 43 / 36.
3313
على أحد إلا ازداد حق الله عليه عظما (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من عظمت نعمة الله عليه
اشتدت مؤونة الناس عليه، فاستديموا النعمة
باحتمال المؤونة ولا تعرضوها للزوال، فقل من
زالت عنه النعمة فكادت أن تعود إليه (2).
- الإمام علي (عليه السلام): رب كلمة سلبت نعمة،
وجلبت نقمة (3).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه للأشتر حين ولاه
مصر: إياك والدماء وسفكها بغير حلها،
فإنه ليس شئ أدنى لنقمة، ولا أعظم لتبعة،
ولا أحرى بزوال نعمة، وانقطاع مدة، من سفك
الدماء بغير حقها (4).
- عنه (عليه السلام) - أيضا: وليس شئ أدعى إلى
تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم،
فإن الله سميع دعوة المضطهدين (المظلومين)،
وهو للظالمين بالمرصاد (5).
- عنه (عليه السلام): ما أنعم الله على عبد نعمة فظلم
فيها، إلا كان حقيقا أن يزيلها عنه (6).
- عنه (عليه السلام): وأيم الله، ما كان قوم قط في
غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب
اجترحوها، لأن الله ليس بظلام للعبيد،
ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول
عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم،
ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد،
وأصلح لهم كل فاسد (7).
- عنه (عليه السلام): إن للطاعة أعلاما واضحة...
من نكب عنها جار عن الحق، وخبط في التيه،
وغير الله نعمته، وأحل به نقمته (8).
- عنه (عليه السلام): إذا أراد الله سبحانه إزالة نعمة
عن عبد كان أول ما يغير عنه عقله، وأشد شئ
عليه فقده (9).
(انظر) الذنب: باب 1379.
النبوة (1): باب 3770 حديث 19181.
وسائل الشيعة: 11 / 549 باب 14.
[3908]
الاستعانة بنعم الله على معاصيه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله تبارك وتعالى:
يا بن آدم ما تنصفني! أتحبب إليك بالنعم
وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري عليك منزل
وشرك إلي صاعد (10).
- في زبور داود (عليه السلام) يقول الله تعالى: يا بن
آدم! تسألني وأمنعك لعلمي بما ينفعك، ثم
تلح علي بالمسألة فأعطيك ما سألت، فتستعين
به على معصيتي (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن أردت أن يختم بخير
عملك حتى تقبض وأنت في أفضل الأعمال،
فعظم لله حقه أن لا تبذل نعماءه في معاصيه (12).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 216.
(2) الكافي: 4 / 37 / 1.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 381، والكتاب 53.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 381، والكتاب 53.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 381، والكتاب 53.
(6) غرر الحكم: 9710.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 178، والكتاب 30.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 178، والكتاب 30.
(9) غرر الحكم: 4125.
(10) البحار: 77 / 19 / 2 و 73 / 365 / 98.
(11) البحار: 77 / 19 / 2 و 73 / 365 / 98.
(12) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 4 / 8.
3314
- الإمام علي (عليه السلام): أقل ما يلزمكم لله ألا
تستعينوا بنعمه على معاصيه (1).
- عنه (عليه السلام) - لكميل: ها إن هاهنا
لعلما جما (وأشار إلى صدره) لو أصبت له حملة!
بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة
الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده،
وبحججه على أوليائه (2).
(انظر) الشكر: باب 2061.
[3909]
من لم ير النعمة إلا
في مطعم أو مشرب
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم ير الله عز وجل عليه
نعمة إلا في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد
قصر عمله ودنا عذابه (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من لم يعرف لله عليه نعمة إلا
في مطعم أو مشرب قصر عمله ودنا عذابه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من لم يعلم فضل نعم الله عليه إلا
في مطعمه ومشربه فقد قصر علمه ودنا عذابه (5).
(انظر) الحساب: باب 836.
[3910]
تتابع النعم والاستدراج
الكتاب
* (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير
لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب
مهين) * (6).
- الإمام علي (عليه السلام): يا بن آدم! إذا رأيت ربك
سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره (7).
- عنه (عليه السلام): كم من مبتلى بالنعماء (8).
- عنه (عليه السلام): كم من مستدرج بالإحسان
إليه، ومغرور بالستر عليه، ومفتون بحسن القول
فيه، وما ابتلى الله أحدا بمثل الإملاء له (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كم من مغرور بما قد
أنعم الله عليه، وكم من مستدرج بستر الله عليه،
وكم من مفتون بثناء الناس عليه (10).
- الإمام علي (عليه السلام): أيها الناس ليركم الله
من النعمة وجلين كما يراكم من النقمة فرقين، إنه
من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا
فقد أمن مخوفا، ومن ضيق عليه في ذات يده فلم
ير ذلك اختبارا فقد ضيع مأمولا (11).
- عنه (عليه السلام): رب منعم عليه في نفسه
مستدرج بالإحسان إليه، ورب مبتلى عند
الناس مصنوع له (12).
- عنه (عليه السلام): رب منعم عليه مستدرج
بالنعمى، ورب مبتلى مصنوع له بالبلوى (13).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 330 و 147.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 330 و 147.
(3) الكافي: 2 / 316 / 5.
(4) الزهد للحسين بن سعيد: 47 / 125.
(5) البحار: 70 / 19 / 16.
(6) آل عمران: 178.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 25.
(8) غرر الحكم: 6951.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 116.
(10) الكافي: 2 / 452 / 4.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 358.
(12) البحار: 77 / 408 / 38.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 273.
3315
- الإمام الصادق (عليه السلام): احذروا سطوات الله
بالليل والنهار، فقلت - يعني زيد الشحام:
وما سطوات الله؟ فقال: أخذه على المعاصي (1).
- الإمام الحسين (عليه السلام): الاستدراج من الله
سبحانه لعبده أن يسبغ عليه النعم ويسلبه
الشكر (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما قيل له: سألت
الله أن يرزقني مالا وولدا ودارا فرزقني،
وقد خفت أن يكون ذلك استدراجا -: أما والله
مع الحمد فلا (3).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (سنستدرجهم
من حيث لا يعلمون) *: هو العبد يذنب الذنب،
فتجدد له النعمة معه، تلهيه تلك النعمة عن
الاستغفار من ذلك الذنب (4).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن الاستدراج:
هو العبد يذنب الذنب، فيملى له ويجدد له
عندها النعم، فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب،
فهو مستدرج من حيث لا يعلم (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة أهل الدنيا:
سلكت بهم الدنيا طريق العمى، وأخذت
بأبصارهم عن منار الهدى، فتاهوا في حيرتها،
وغرقوا في نعمتها، واتخذوها ربا (6).
- عنه (عليه السلام): اتقوا سكرات النعمة، واحذروا
بوائق النقمة (7).
- عنه (عليه السلام) - في ذكر الملاحم: ذاك حيث
تسكرون من غير شراب، بل من النعمة والنعيم (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم والتنعم، فإن عباد
الله ليسوا بالمتنعمين (9).
- الإمام علي (عليه السلام): نسأل الله سبحانه أن يجعلنا
وإياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصر (تقتصروا)
به عن طاعة ربه غاية، ولا تحل به بعد الموت
ندامة ولا كآبة (10).
(انظر) عنوان 497 " الإملاء ".
[3911]
التحدث بنعمة الله
الكتاب
* (وأما بنعمة ربك فحدث) * (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب أن يرى أثر
نعمته على عبده (12).
- أبو الأحوص عن أبيه: أتيت النبي (صلى الله عليه وآله)
في ثوب دون، فقال: ألك مال؟ قال: نعم،
قال: من أي المال؟ قال: قد آتاني الله من
الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: فإذا آتاك
الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته (13).
- أيضا: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآني



(1) أمالي المفيد: 184 / 8.
(2) البحار: 78 / 117 / 7.
(3) الكافي: 2 / 97 / 17 وص 452 / 3 و ح 2.
(4) الكافي: 2 / 97 / 17 وص 452 / 3 و ح 2.
(5) الكافي: 2 / 97 / 17 وص 452 / 3 و ح 2.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 151.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 151.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 187.
(9) كنز العمال: 6111، 6308.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 64.
(11) الضحى: 11.
(12) صحيح الترمذي: 2819.
(13) سنن أبي داود: 4063.
3316
سئ الهيئة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): هل لك من
شئ؟ قال: نعم من كل المال قد آتاني الله،
فقال: إذا كان لك مال فلير عليك (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه إلى الحارث
الهمذاني: واستصلح كل نعمة أنعمها الله
عليك، ولا تضيعن نعمة من نعم الله عندك، ولير
عليك أثر ما أنعم الله به عليك (2).
- عنه (عليه السلام) - في احتجاجه على عاصم بن
زياد حين لبس العباء وترك الملاء، وشكاه
أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه
قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، - علي بعاصم بن
زياد، فجئ به، فلما رآه عبس في وجهه، فقال
له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟
أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها،
أنت أهون على الله من ذلك، أوليس الله يقول:
* (والأرض وضعها للأنام * فيها فاكهة والنخل
ذات الأكمام) * (3) أوليس [الله] يقول: * (مرج
البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان
- إلى قوله - يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * فبالله
لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها
بالمقال، وقد قال الله عز وجل: * (وأما بنعمة ربك
فحدث) * (4) فقال عاصم: يا أمير المؤمنين فعلى ما
اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك
على الخشونة؟ فقال: ويحك إن الله عز وجل
فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة
الناس، كيلا يتبيغ (12) بالفقير فقره، فألقى عاصم
بن زياد العباء ولبس الملاء (13).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لعبيد بن زياد:
إظهار النعمة أحب إلى الله من صيانتها، فإياك
أن تتزين إلا في أحسن زي قومك، قال - بريد بن
معاوية: فما رئي عبيد إلا في أحسن زي
قومه حتى مات (14).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الله جميل يحب الجمال،
ويحب أن يرى أثر النعمة على عبده (15).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا أنعم الله على عبده
بنعمة فظهرت عليه سمي حبيب الله محدثا بنعمة
الله، وإذا أنعم الله على عبد بنعمة فلم تظهر عليه
سمي بغيض الله مكذبا بنعمة الله (16).
- عنه (عليه السلام): إني لأكره للرجل أن يكون عليه
نعمة من الله فلا يظهرها (17).
- عنه (عليه السلام): إن الله تعالى يحب الجمال
والتجميل، ويبغض البؤس والتباؤس، فإن الله
عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى
عليه أثرها، قيل: وكيف ذلك؟ قال: ينظف ثوبه،
ويطيب ريحه، ويجصص داره، ويكنس أفنيته،
حتى أن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر
ويزيد في الرزق (18).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (وأما بنعمة



(1) سنن النسائي: 8 / 196.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 69.
(3) الآيات في سورة الرحمن: 10، 11، 19 - 22.
(4) الضحى: 11.
(12) التبيغ: الهيجان والغلبة. وفي بعض النسخ [يبيغ بالفقير].
(13) الكافي: 1 / 410 / 3 و 6 / 440 / 15 وص 438 / 1 و ح 2 وص 439 / 9.
(14) الكافي: 1 / 410 / 3 و 6 / 440 / 15 وص 438 / 1 و ح 2 وص 439 / 9.
(15) الكافي: 1 / 410 / 3 و 6 / 440 / 15 وص 438 / 1 و ح 2 وص 439 / 9.
(16) الكافي: 1 / 410 / 3 و 6 / 440 / 15 وص 438 / 1 و ح 2 وص 439 / 9.
(17) الكافي: 1 / 410 / 3 و 6 / 440 / 15 وص 438 / 1 و ح 2 وص 439 / 9.
(18) أمالي الطوسي: 275 / 526.
3317
ربك فحدث) *: الذي أنعم عليك بما فضلك،
وأعطاك وأحسن إليك، ثم قال: فحدث بدينه وما
أعطاه الله وما أنعم به عليه (1).
- أيضا: معناه اذكر نعمة الله وأظهرها
وحدث بها، وفي الحديث: " من لم يشكر الناس
لم يشكر الله، ومن لم يشكر القليل لم يشكر
الكثير، والتحدث بنعمة الله شكر وتركه كفر "...
قال الصادق (عليه السلام): معناه فحدث بما أعطاك الله
وفضلك ورزقك وأحسن إليك وهداك (2).
- الإمام الحسين (عليه السلام) - أيضا: أمره أن يحدث
بما أنعم الله به عليه في دينه (3).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه إلى معاوية: ألا
ترى - غير مخبر لك، ولكن بنعمة الله احدث - أن
قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين
والأنصار، ولكل فضل، حتى إذا استشهد شهيدنا
قيل: سيد الشهداء (4).
[3912]
تمام النعمة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أمسى وأصبح وعنده
ثلاث فقد تمت عليه النعمة في الدنيا: من أصبح
وأمسى معافى في بدنه، آمنا في سربه، عنده
قوت يومه، فإن كانت عنده الرابعة فقد تمت عليه
النعمة في الدنيا والآخرة، وهو الإيمان (5).
- الإمام علي (عليه السلام): من كمال النعم وفور العقل (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): النعيم في الدنيا
الأمن وصحة الجسم، وتمام النعمة في الآخرة
دخول الجنة، وما تمت النعمة على عبد قط
لم يدخل الجنة (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بن آدم! هل تدري ما
تمام النعمة؟ فإن من تمام النعمة الفوز من
النار ودخول الجنة (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تمام النعمة دخول الجنة والفوز
من النار (9).
- الإمام علي (عليه السلام): كل نعيم دون الجنة فهو
محقور، وكل بلاء دون النار عافية (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل يدعو ويسأل الله تمام
النعمة: أي شئ تمام النعمة؟ قال: دعوة
دعوت بها أرجو بها الخير، قال: فإن من تمام
النعمة دخول الجنة والفوز من النار (11).
- الإمام علي (عليه السلام): بالتواضع تتم النعمة (12).
- عنه (عليه السلام): استتموا نعمة الله عليكم بالصبر
على طاعة الله، والمحافظة على ما استحفظكم
من كتابه (13).
- عنه (عليه السلام): استتموا نعم الله عليكم بالصبر
على طاعته، والمجانبة لمعصيته (14).



(1) الكافي: 2 / 94 / 5.
(2) مجمع البيان: 10 / 768.
(3) البحار: 78 / 118 / 11.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 28.
(5) تحف العقول: 36.
(6) غرر الحكم: 9300.
(7) معاني الأخبار: 408 / 87.
(8) كنز العمال: 2964، 2965.
(9) كنز العمال: 2964، 2965.
(10) نهج البلاغة: الحكمة 387.
(11) صحيح الترمذي: 3527.
(12) نهج البلاغة: الحكمة 224، والخطبة 173 و 188.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 224، والخطبة 173 و 188.
(14) نهج البلاغة: الحكمة 224، والخطبة 173 و 188.
3318
- عنه (عليه السلام): احمده استتماما لنعمته،
واستسلاما لعزته، واستعصاما من معصيته (1).
[3913]
كفران النعم
الكتاب
* (وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو
قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه
كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون) * (2).
(انظر) هود: 9، 10، يونس 21، 23، إبراهيم: 28،
34، النحل: 53، 55، 71، 83، 112،
الإسراء: 67، 69، الكهف: 32، 45، الحج:
66، العنكبوت: 65، 67، الروم: 33، 34،
51، لقمان: 31، 32، سبأ: 15، 19، الزمر 3 -
8، فصلت: 49، 51، الشورى: 48، الدهر:
3، عبس: 17، 23، العاديات: 6.
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن قوما كان في بني
إسرائيل يؤتى له من طعامهم حتى جعلوا منه
تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها، فلم
يزل (3) الله بهم حتى اضطروا إلى التماثيل، يتبعونها
ويأكلون منها، وهو قول الله: * (ضرب الله مثلا قرية
كانت آمنة... فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس
الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) * (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (فقالوا
ربنا باعد بين أسفارنا فظلموا أنفسهم...) *:
هؤلاء قوم كان له قرى متصلة ينظر بعضهم إلى
بعض، وأنهار جارية، وأموال ظاهرة، فكفروا
بأنعم الله وغيروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عز وجل
عليهم سيل العرم فغرق قراهم وأخرب ديارهم
وأذهب بأموالهم وأبدلهم مكان جناتهم جنتين
ذواتي اكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل،
ثم قال الله عز وجل: * (ذلك جزيناهم بما كفروا
وهل نجازي إلا الكفور) * (5).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لأحمد بن محمد بن أبي
نصر لما ذكر له شيئا: اصبر، فإني
أرجو أن يصنع الله لك إن شاء الله.
ثم قال: فوالله ما أخر الله عن المؤمن من
هذه الدنيا خير له مما عجل له فيها. ثم صغر
الدنيا وقال: أي شئ هي؟!، ثم قال: إن
صاحب النعمة على خطر، إنه يجب عليه حقوق
الله فيها، والله إنه لتكون علي النعم من
الله عز وجل فما أزال منها على وجل - وحرك يده -
حتى اخرج من الحقوق التي تجب لله علي فيها.
فقلت: جعلت فداك أنت في قدرك
تخاف هذا؟! قال: نعم، فأحمد ربي على ما
من به علي (6).
- الإمام علي (عليه السلام): اضرب بطرفك حيث
شئت من الناس، فهل تبصر (تنظر) إلا فقيرا يكابد
فقرا، أو غنيا بدل نعمة الله كفرا، أو بخيلا اتخذ
البخل بحق الله وفرا (7).
(انظر) وسائل الشيعة: 11 / 248 باب 44، 539 باب 8.
الإحسان: باب 873.



(1) نهج البلاغة: الخطبة 2.
(2) يونس: 12.
(3) في البحار: فلم ينزل الله.
(4) تفسير العياشي: 2 / 273 / 78.
(5) الكافي: 8 / 395 / 596.
(6) الكافي: 3 / 502 / 19.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 129.
3319
(519)
النفس
البحار: 70 / 62 باب 45 " مراتب النفس ".
البحار: 71 / 358 باب 88 " من ملك نفسه عند الرغبة والرهبة ".
البحار: 61 / 245 باب 46 " قوى النفس ومشاعرها من الحواس
الظاهرة والباطنة ".
انظر:
عنوان 198 " الروح "، 445 " القلب "، 346 " معرفة النفس "، 537 " الهوى "، 203 " التزكية "،
193 " المراقبة "، الحساب: باب 827، 832، الخسران: باب 1018، الشر: باب 1976.
المداهنة: باب 1277، الذكر: باب 1340، السياسة: باب 1933، الصديق: باب 2200، 2201.
الطب: باب 2407، الطهارة: باب 2425، العجز: باب 2533، العداوة: باب 2561.
العقل: باب 2794، العيب: باب 3010 - 3014، الغش: باب 3067، الغنى: باب 3015.
الأمثال: 3636، الشجاعة: باب 1959.

3321
[3914]
النفس
الكتاب
* (ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): إن النفس لجوهرة ثمينة،
من صانها رفعها، ومن ابتذلها وضعها (2).
- عنه (عليه السلام): ليس على وجه الأرض أكرم
على الله سبحانه من النفس المطيعة لأمره (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله * (ونفس وما
سواها) *: خلقها وصورها، وقوله: * (فألهمها
فجورها وتقواها) * أي عرفها وألهمها، ثم
خيرها فاختارت (4).
- الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام) - في
قوله: * (فألهمها فجورها وتقواها) *: بين لها ما
تأتي وما تترك (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - أيضا: بين لها ما
تأتي وما تترك (6).
- الإمام على (عليه السلام): العلم قائد، والعمل سائق،
والنفس حرون (7).
- عنه (عليه السلام): النفوس طلقة، لكن
أيدي العقول تمسك أعنتها عن النحوس (8).
- عنه (عليه السلام): اللهم داحي المدحوات،
وداعم المسموكات، وجابل القلوب على فطرتها:
شقيها وسعيدها (9).
تجرد النفس:
قال العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه
بعد تفسير قوله تعالى: * (ولا تقولوا لمن يقتل
في سبيل الله أموات بل أحياء) * (10): ويتبين بالتدبر
في الآية وسائر الآيات التي ذكرناها حقيقة أخرى
أوسع من ذلك، وهي تجرد النفس، بمعنى كونها
أمرا وراء البدن وحكمها غير حكم البدن وسائر
التركيبات الجسمية، لها نحو اتحاد بالبدن
تدبرها بالشعور والإرادة وسائر الصفات
الإدراكية، والتدبر في الآيات السابقة الذكر
يجلي هذا المعنى، فإنها تفيد أن الإنسان بشخصه
ليس بالبدن، لا يموت بموت البدن، ولا يفنى
بفنائه وانحلال تركيبه وتبدد أجزائه، وأنه يبقى
بعد فناء البدن في عيش هنئ دائم ونعيم مقيم، أو
في شقاء لازم وعذاب أليم، وأن سعادته في هذه
العيشة وشقاءه فيها مرتبطة بسنخ ملكاته



(1) الشمس: 7، 8.
(2) غرر الحكم: 3494، 7530.
(3) غرر الحكم: 3494، 7530.
(4) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 424.
(5) مجمع البيان: 10 / 755.
(6) نور الثقلين: 5 / 586 / 6.
(7) تحف العقول: 208، الحرون من الخيل: الذي لا ينقاد لراكبه،
فإذا استدر جريه وقف. كما في هامش المصدر.
(8) غرر الحكم: 2048.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 72.
(10) البقرة: 154.
3322
وأعماله، لا بالجهات الجسمانية والأحكام
الاجتماعية.
فهذه معان تعطيها هذه الآية الشريفة، وواضح
أنها أحكام تغاير الأحكام الجسمانية، وتتنافى
الخواص المادية الدنيوية من جميع جهاتها،
فالنفس الإنسانية غير البدن.
ومما يدل عليه من الآيات قوله تعالى:
* (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في
منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل
الأخرى) * (1)، والتوفي والاستيفاء هو أخذ الحق
بتمامه وكماله، وما تشتمل عليه الآية - من الأخذ
والإمساك والإرسال - ظاهر في المغايرة بين
النفس والبدن.
ومن الآيات قوله تعالى: * (وقالوا أإذا ضللنا
في الأرض أإنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم
كافرون * قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم
ثم إلى ربكم ترجعون) * (2)، ذكر سبحانه شبهة من
شبهات الكفار المنكرين للمعاد، وهو أنا بعد
الموت وانحلال تركيب أبداننا تتفرق أعضاؤنا،
وتبدد أجزاؤنا، وتتبدل صورنا فنضل في
الأرض، ويفقدنا حواس المدركين، فكيف يمكن
أن نقع ثانيا في خلق جديد؟ وهذا استبعاد
محض، وقد لقن تعالى على رسوله: الجواب عنه،
بقوله: * (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل
بكم...) * الآية، وحاصل الجواب: أن هناك ملكا
موكلا بكم هو يتوفاكم ويأخذكم، ولا يدعكم
تضلوا وأنتم في قبضته وحفاظته، وما
تضل في الأرض إنما هو أبدانكم لا نفوسكم
التي هي المدلول عليها بلفظ " كم " فإنه
يتوفاكم.
ومن الآيات قوله تعالى: * (ونفخ فيه
من روحه...) * الآية (3) ذكره في خلق الإنسان
ثم قال تعالى: * (يسألونك عن الروح قل الروح
من أمر ربي) * (4) فأفاد أن الروح من سنخ أمره،
ثم عرف الأمر في قوله تعالى: * (إنما أمره
إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون * فسبحان
الذي بيده ملكوت كل شئ) * (5) فأفاد أن الروح
من الملكوت، وأنها كلمة " كن " ثم عرف الأمر
بتوصيفه بوصف آخر بقوله: * (وما أمرنا إلا واحدة
كلمح بالبصر) * (6)، والتعبير بقوله: * (كلمح بالبصر) *
يعطي أن الأمر الذي هو كلمة " كن " موجود دفعي
الوجود غير تدريجية، فهو يوجد من غير اشتراط
وجوده وتقييده بزمان أو مكان، ومن هنا يتبين
أن الأمر - ومنه الروح - شئ غير جسماني
ولا مادي، فإن الموجودات المادية الجسمانية
من أحكامها العامة أنها تدريجية الوجود،
مقيدة بالزمان والمكان، فالروح التي للإنسان
ليس بمادية جسمانية، وإن كان لها تعلق بها.
وهناك آيات تكشف عن كيفية هذا
التعلق، فقد قال تعالى: * (منها خلقناكم) * (7)،



(1) الزمر: 42.
(2) السجدة: 10، 11.
(3) السجدة: 9.
(4) الإسراء: 85.
(5) يس: 82، 83.
(6) القمر: 50.
(7) طه: 55.
3323
وقال تعالى: * (خلق الإنسان من صلصال
كالفخار) * (1)، وقال تعالى: * (وبدأ خلق
الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من
ماء مهين) * (2)، ثم قال سبحانه وتعالى: * (ولقد
خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه
نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة
فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما
فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر
فتبارك الله أحسن الخالقين) * (3)، فأفاد أن الإنسان
لم يكن إلا جسما طبيعيا يتوارد عليه صور
مختلفة متبدلة، ثم أنشأ الله هذا الذي هو
جسم جامد خامد خلقا آخر ذا شعور وإرادة،
يفعل أفعالا من الشعور والإرادة والفكر والتصرف
في الأكوان والتدبير في أمور العالم بالنقل
والتبديل والتحويل... إلى غير ذلك مما لا يصدر
عن الأجسام والجسمانيات، فلا هي جسمانية،
ولا موضوعها الفاعل لها.
فالنفس بالنسبة إلى الجسم الذي ينتهي أمره
إلى إنشائها - وهو البدن الذي تنشأ منه النفس -
بمنزلة الثمرة من الشجرة والضوء من الدهن بوجه
بعيد، وبهذا يتضح كيفية تعلقها بالبدن ابتداءا، ثم
بالموت تنقطع العلقة وتبطل المسكة، فهي في
أول وجودها عين البدن، ثم تمتاز بالإنشاء منه،
ثم تستقل عنه بالكلية، فهذا ما تفيده الآيات
الشريفة المذكورة بظهورها، وهناك آيات كثيرة
تفيد هذه الحقيقة بالإيماء والتلويح، يعثر
عليها المتدبر البصير، والله الهادي (4).
[3915]
شباب النفس عند الكبر
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نفس ابن آدم شابة ولو
التقت ترقوتاه من الكبر، إلا من امتحن الله
قلبه للتقوى وقليل ما هم (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الشيخ شاب في طلب الدنيا
وإن التفت ترقوتاه من الكبر، إلا الذين اتقوا
وقليل ما هم (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): قلب الشيخ شاب في حب اثنتين:
في حب الحياة، وكثرة المال (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يهرم ابن آدم ويشب منه اثنتان:
الحرص على المال، والحرص على العمر (8).
[3916]
النفس الأمارة
الكتاب
* (وما أبرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم
ربي إن ربي غفور رحيم) * (9).
- الإمام علي (عليه السلام): النفس الأمارة المسولة
تتملق تملق المنافق، وتتصنع بشيمة الصديق



(1) الرحمن: 14.
(2) السجدة: 7، 8.
(3) الخصال: 138 / 155.
(4) تفسير الميزان: 1 / 350.
(5) كنز العمال: 5671.
(6) تنبيه الخواطر: 1 / 278.
(7) سنن ابن ماجة: 4233، 4234.
(8) سنن ابن ماجة: 4233، 4234.
(9) يوسف: 53.
3324
الموافق، حتى إذا خدعت وتمكنت تسلطت
تسلط العدو، وتحكمت تحكم العتو،
فأوردت موارد السوء (1).
- عنه (عليه السلام): إن النفس لأمارة بالسوء والفحشاء،
فمن ائتمنها خانته، ومن استنام إليها أهلكته،
ومن رضي عنها أوردته شر المورد (2).
- عنه (عليه السلام): إن هذه النفس لأمارة بالسوء،
فمن أهملها جمحت به إلى المآثم (3).
- عنه (عليه السلام): إن نفسك لخدوع، إن تثق بها
يقتدك الشيطان إلى ارتكاب المحارم (4).
- عنه (عليه السلام): كن أوثق ما تكون بنفسك، أحذر
ما تكون من خداعها (5).
- عنه (عليه السلام) - وقد مر بقتلى الخوارج
يوم النهروان: بؤسا لكم، لقد ضركم من
غركم، فقيل له: من غرهم يا أمير المؤمنين؟
فقال: الشيطان المضل، والأنفس الأمارة
بالسوء، غرتهم بالأماني، وفسحت لهم
بالمعاصي، ووعدتهم الإظهار، فاقتحمت
بهم النار (6).
- عنه (عليه السلام): ما من معصية الله شئ إلا يأتي
في شهوة، فرحم الله امرأ نزع عن شهوته، وقمع
هوى نفسه، فإن هذه النفس أبعد شئ منزعا،
وإنها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى (7).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما ولاه مصر:
أمره بتقوى الله وايثار طاعته... وأمره أن يكسر
نفسه من الشهوات، ويزعها عند الجمحات (8)،
فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله...
فاملك هواك، وشح بنفسك عما لا يحل لك،
فإن الشح بالنفس (الأنفس) الإنصاف منها فيما
أحبت أو كرهت (9).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى معاوية: إن
نفسك قد أولجتك شرا، وأقحمتك غيا، وأوردتك
المهالك، وأوعرت عليك المسالك (10).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في المناجاة:
إلهي إليك أشكو نفسا بالسوء أمارة، وإلى
الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة،... كثيرة
العلل، طويلة الأمل، إن مسها الشر تجزع،
وإن مسها الخير تمنع، ميالة إلى اللعب واللهو،
مملوة بالغفلة والسهو، تسرع بي إلى الحوبة،
وتسوفني بالتوبة (11).
- عنه (عليه السلام) - أيضا: وأوهن قوتنا عما
يسخطك علينا، ولا تخل في ذلك بين نفوسنا
واختيارها، فإنها مختارة للباطل إلا ما
وفقت، أمارة بالسوء إلا ما رحمت (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا فرغت من صلاتك



(1) غرر الحكم: 2106، 3491، 3489، 3490، 7170.
(2) غرر الحكم: 2106، 3491، 3489، 3490، 7170.
(3) غرر الحكم: 2106، 3491، 3489، 3490، 7170.
(4) غرر الحكم: 2106، 3491، 3489، 3490، 7170.
(5) غرر الحكم: 2106، 3491، 3489، 3490، 7170.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 323، والخطبة 176.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 323، والخطبة 176.
(8) الجمحات: منازعات النفس إلى شهواتها ومآربها. كما في
هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(9) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(10 و 11) نهج البلاغة: الكتاب 30. أولجتك: أدخلتك. أقحمتك:
رمت بك. الغي: ضد الرشاد. أوعرت: أخشنت وصعبت.
كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(11) البحار: 94 / 143.
(12) الصحيفة السجادية: الدعاء 9.
3325
فقل: اللهم... أسألك أن تعصمني من معاصيك،
ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ما أحييتني،
لا أقل من ذلك ولا أكثر، إن النفس لأمارة بالسوء
إلا ما رحمت يا أرحم الراحمين (1).
(انظر) الأدب: باب 64 حديث 351.
الأمثال: 3636.
[3917]
النفس اللوامة
الكتاب
* (ولا أقسم بالنفس اللوامة) * (2).
- ابن عباس - في قوله تعالى: * (بالنفس
اللوامة) *: التي تلوم على الخير والشر،
تقول: لو فعلت كذا وكذا (3).
- ابن عباس - أيضا: تندم على ما فات
وتلوم عليه (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لابن مسعود!:
يا بن مسعود أكثر من الصالحات والبر، فإن
المحسن والمسئ يندمان، يقول المحسن: يا
ليتني ازددت من الحسنات، ويقول المسئ:
قصرت، وتصديق ذلك قوله تعالى: * (ولا اقسم
بالنفس اللوامة) * (5).
التفسير:
في قوله: * (ولا اقسم بالنفس اللوامة) *
إقسام ثان على ما يقتضيه السياق ومشاكلة
اللفظ، فلا يعبأ بما قيل: إنه نفي الإقسام
وليس بقسم، والمراد أقسم بيوم القيامة ولا اقسم
بالنفس اللوامة.
والمراد بالنفس اللوامة نفس المؤمن التي
تلومه في الدنيا على المعصية والتثاقل في
الطاعة، وتنفعه يوم القيامة.
وقيل: المراد به النفس الإنسانية أعم
من المؤمنة الصالحة والكافرة الفاجرة، فإنها تلوم
الإنسان يوم القيامة، أما الكافرة فإنها تلومه على
كفره وفجوره، وأما المؤمنة فإنها تلومه على قلة
الطاعة وعدم الاستكثار من الخير.
وقيل: المراد نفس الكافر الذي تلومه يوم
القيامة على ما قدمت من كفر ومعصية، قال
تعالى: * (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) * (6).
ولكل من الأقوال وجه (7).
[3918]
نفسك مطيتك
- الإمام علي (عليه السلام): إن نفسك مطيتك، إن
أجهدتها قتلتها، وإن رفقت بها أبقيتها (8).
- عنه (عليه السلام): إن النفس حمضة والاذن مجاجة،
فلا تجب فهمك بالإلحاح على قلبك فإن لكل
عضو من البدن استراحة (4).
(انظر) الرفق: باب 1532.
العبادة: باب 1533.



(1) الكافي: 3 / 345 / 26.
(2) القيامة: 2.
(3) الدر المنثور: 8 / 343.
(4) الدر المنثور: 8 / 343.
(5) مكارم الأخلاق: 2 / 353 / 2660.
(6) يونس: 54.
(7) تفسير الميزان: 20 / 103.
(8) غرر الحكم: 3643، 3603.
(9) غرر الحكم: 3643، 3603.
3326
[3919]
تعليم النفس وتأديبها وتهذيبها
الكتاب
* (ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد
أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): من نصب نفسه للناس إماما
فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه
بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها
أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم (2).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس تولوا من أنفسكم
تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها (3).
- عنه (عليه السلام): الاشتغال بتهذيب النفس أصلح (4).
- عنه (عليه السلام): خير النفوس أزكاها (5).
- عنه (عليه السلام): ذروة الغايات لا ينالها إلا
ذوو التهذيب والمجاهدات (6).
- عنه (عليه السلام): سياسة النفس أفضل سياسة (7).
- عنه (عليه السلام): كلما ازداد علم الرجل زادت عنايته
بنفسه، وبذل في رياضتها وصلاحها جهده (8).
- عنه (عليه السلام): المرء حيث وضع نفسه برياضته
وطاعته، فإن نزهها تنزهت، وإن
دنسها تدنست (9).
- عنه (عليه السلام): الرجل حيث اختار لنفسه، إن
صانها ارتفعت، وإن ابتذلها اتضعت (10).
- عنه (عليه السلام): قلوب العباد الطاهرة مواضع نظر
الله سبحانه، فمن طهر قلبه نظر إليه (11).
- عنه (عليه السلام): النزاهة من شيم النفوس
الطاهرة (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): احمل نفسك لنفسك،
فإن لم تفعل لم يحملك غيرك (13).
- الإمام علي (عليه السلام): اشتغالك بمعايب نفسك
يكفيك العار (14).
الأخلاق:
اعلم أن إصلاح أخلاق النفس وملكاتها
في جانبي العلم والعمل، واكتساب الأخلاق
الفاضلة، وإزالة الأخلاق الرذيلة، إنما
هو بتكرار الأعمال الصالحة المناسبة لها
ومزاولتها، والمداومة عليها، حتى تثبت في
النفس من الموارد الجزئية علوم جزئية وتتراكم
وتنتقش في النفس انتقاشا متعذر الزوال أو
متعسرها، مثلا: إذا أراد الإنسان إزالة صفة
الجبن واقتناء ملكة الشجاعة كان عليه أن يكرر
الورود في الشدائد والمهاول التي تزلزل القلوب
وتقلقل الأحشاء، وكلما ورد في مورد منها
وشاهد أنه كان يمكنه الورود فيه وأدرك لذة
الإقدام وشناعة الفرار والتحذر انتقشت نفسه
بذلك انتقاشا بعد انتقاش حتى تثبت فيها ملكة
الشجاعة، وحصول هذه الملكة العلمية وإن لم
يكن في نفسه بالاختيار لكنه بالمقدمات
الموصلة إليه - كما عرفت - اختياري كسبي.



(1) الشمس: 7 - 10.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 73 و 359.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 73 و 359.
(4) غرر الحكم: 1319، 4980، 5190، 5589، 7204، 1905، 1906.
(5) غرر الحكم: 1319، 4980، 5190، 5589، 7204، 1905، 1906.
(6) غرر الحكم: 1319، 4980، 5190، 5589، 7204، 1905، 1906.
(7) غرر الحكم: 1319، 4980، 5190، 5589، 7204، 1905، 1906.
(8) غرر الحكم: 1319، 4980، 5190، 5589، 7204، 1905، 1906.
(9) غرر الحكم: 1319، 4980، 5190، 5589، 7204، 1905، 1906.
(10) غرر الحكم: 1319، 4980، 5190، 5589، 7204، 1905، 1906.
(11) غرر الحكم: 6777، 1434.
(12) غرر الحكم: 6777، 1434.
(13) الكافي: 2 / 454 / 5.
(14) غرر الحكم: 1483.
3327
إذا عرفت ما ذكرناه علمت أن الطريق
إلى تهذيب الأخلاق واكتساب الفاضلة منها
أحد مسلكين:
المسلك الأول: تهذيبها بالغايات الصالحة
الدنيوية، والعلوم والآراء المحمودة عند الناس،
كما يقال: إن العفة وقناعة الإنسان بما عنده
والكف عما عند الناس توجب العزة والعظمة في
أعين الناس والجاه عند العامة، وإن الشره يوجب
الخصاصة والفقر، وإن الطمع يوجب ذلة النفس
المنيعة، وإن العلم يوجب إقبال العامة والعزة
والوجاهة والانس عند الخاصة، وإن العلم بصر
يتقي به الإنسان كل مكروه، ويدرك كل محبوب،
وإن الجهل عمى، وإن العلم يحفظك وأنت تحفظ
المال وإن الشجاعة ثبات يمنع النفس عن التلون
والحمد من الناس على أي تقدير سواء غلب
الإنسان أو غلب عليه بخلاف الجبن والتهور، وإن
العدالة راحة النفس عن الهمم المؤذية، وهي
الحياة بعد الموت ببقاء الاسم وحسن الذكر
وجميل الثناء والمحبة في القلوب.
وهذا هو المسلك المعهود الذي رتب عليه
علم الأخلاق، والمأثور من بحث الأقدمين من
يونان وغيرهم فيه.
ولم يستعمل القرآن هذا المسلك الذي بناؤه على
انتخاب الممدوح عند عامة الناس عن المذموم
عندهم، والأخذ بما يستحسنه الاجتماع وترك ما
يستقبحه، نعم ربما جرى عليه كلامه تعالى فيما
يرجع بالحقيقة إلى ثواب أخروي أو عقاب
أخروي كقوله تعالى: * (وحيث ما كنتم فولوا
وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم
حجة) * (1)، دعا سبحانه إلى العزم والثبات،
وعلله بقوله: * (لئلا يكون) * وكقوله تعالى: * (ولا
تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا) * (2)،
دعا سبحانه إلى الصبر وعلله بأن تركه وإيجاد
النزاع يوجب الفشل وذهاب الريح وجرأة العدو،
وقوله تعالى: * (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن
عزم الأمور) * (3) دعا إلى الصبر والعفو، وعلله
بالعزم والإعظام.
المسلك الثاني: الغايات الأخروية، وقد كثر
ذكرها في كلامه تعالى، كقوله سبحانه: * (إن الله
اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم
الجنة) * (4)، وقوله تعالى: * (إنما يوفى الصابرون
أجرهم بغير حساب) * (5)، وقوله تعالى: * (إن
الظالمين لهم عذاب أليم) * (6)، وقوله تعالى: * (الله
ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور
والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من
النور إلى الظلمات) * (7)، وأمثالها كثيرة على
اختلاف فنونها.
ويلحق بهذا القسم نوع آخر من الآيات،
كقوله تعالى: * (ما أصاب من مصيبة في الأرض
ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها

3328
إن ذلك على الله يسير) * فإن الآية دعت إلى ترك
الأسى والفرح بأن الذي أصابكم ما كان ليخطئكم
وما أخطأكم ما كان ليصيبكم، لاستناد الحوادث
إلى قضاء مقضي وقدر مقدر، فالأسى والفرح لغو
لا ينبغي صدوره من مؤمن يؤمن بالله الذي بيده
أزمة الأمور، كما يشير إليه قوله تعالى: * (ما
أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد
قلبه) * فهذا القسم من الآيات أيضا نظير القسم
السابق الذي يتسبب فيه إلى إصلاح الأخلاق
بالغايات الشريفة الأخروية، وهي كمالات
حقيقية غير ظنية يتسبب فيه إلى إصلاح الأخلاق
بالمبادئ السابقة - الحقيقية من القدر والقضاء
والتخلق بأخلاق الله والتذكر بأسماء الله الحسنى
وصفاته العليا ونحو ذلك.
فان قلت: التسبب بمثل القضاء والقدر يوجب
بطلان أحكام هذه النشأة الاختيارية، وفي ذلك
بطلان الأخلاق الفاضلة، واختلال نظام هذه
النشأة الطبيعية، فإنه لو جاز الاستناد في إصلاح
صفة الصبر والثبات وترك الفرح والأسى - كما
استفيد من الآية السابقة - إلى كون الحوادث
مكتوبة في لوح محفوظ ومقضية بقضاء محتوم،
أمكن الاستناد إلى ذلك في ترك طلب الرزق،
وكسب كل كمال مطلوب، والإتقاء عن كل رذيلة
خلقية وغير ذلك، فيجوز حينئذ أن نقعد عن طلب
الرزق والدفاع عن الحق ونحو ذلك بأن الذي
سيقع منه مقضي مكتوب، وكذا يجوز أن نترك
السعي في كسب كل كمال وترك كل نقص
بالاستناد إلى حتم القضاء وحقيقة الكتاب، وفي
ذلك بطلان كل كمال.
قلت: قد ذكرنا في البحث عن القضاء ما
يتضح به الجواب عن هذا الإشكال، فقد ذكرنا ثم
أن الأفعال الإنسانية من أجزاء علل الحوادث،
ومن المعلوم أن المعاليل والمسببات يتوقف
وجودها على وجود أسبابها وأجزاء أسبابها،
فقول القائل: إن الشبع إما مقضي الوجود وإما
مقضي العدم، وعلى كل حال فلا تأثير للأكل،
غلط فاحش، فإن الشبع فرض تحققه في الخارج
لا يستقيم إلا بعد فرض تحقق الأكل الاختياري
الذي هو أحد أجزاء علله، فمن الخطاء أن يفرض
الإنسان معلولا من المعاليل، ثم يحكم بإلغاء علله
أو شئ من أجزاء علله.
فغير جايز أن يبطل الإنسان حكم الاختيار
الذي عليه مدار حياته الدنيوية، وإليه تنتسب
سعادته وشقاؤه، وهو أحد أجزاء علل الحوادث
التي تلحق وجوده من أفعاله أو الأحوال
والملكات الحاصلة من أفعاله، غير أنه كما
لا يجوز له إخراج إرادته واختياره من زمرة
العلل، وإبطال حكمه في التأثير، كذلك لا يجوز له
أن يحكم بكون اختياره سببا وحيدا وعلة تامة
إليه تستند الحوادث، من غير أن يشاركه شئ
آخر من أجزاء العالم والعلل الموجودة فيه التي
في رأسها الإرادة الإلهية، فإنه يتفرع عليه كثير
من الصفات المذمومة كالعجب والكبر والبخل
والفرح والأسى والغم... ونحو ذلك
يقول الجاهل: أنا الذي فعلت كذا، وتركت
كذا فيعجب بنفسه أو يستكبر على غيره أو يبخل

3329
بماله، وهو جاهل بأن بقية الأسباب الخارجة عن
اختياره الناقص - وهي ألوف وألوف - لو لم يمهد
له الأمر لم يسد اختياره شيئا، ولا أغنى عن
شئ. يقول الجاهل: لو أني فعلت كذا لما
تضررت بكذا، أو لما فات عني كذا، وهو جاهل
بأن هذا الفوت أو الموت يستند عدمه - أعني
الربح أو العافية، أو الحياة - إلى ألوف وألوف
من العلل يكفي في انعدامها - أعني في تحقق
الفوات أو الموت - انعدام واحد منها، وإن كان
اختياره موجودا. على أن نفس اختيار الإنسان
مستند إلى علل كثيرة خارجة عن اختيار
الإنسان، فالاختيار لا يكون بالاختيار.
فإذا عرفت ما ذكرنا - وهو حقيقة قرآنية
يعطيها التعليم الإلهي كما مر - ثم تدبرت
في الآيات الشريفة التي في المورد، وجدت أن
القرآن يستند إلى القضاء المحتوم والكتاب
المحفوظ في إصلاح بعض الأخلاق دون بعض.
فما كان من الأفعال أو الأحوال والملكات
يوجب استنادها إلى القضاء والقدر إبطال حكم
الاختيار فإن القرآن لا يستند إليه، بل يدفعه كل
الدفع، كقوله تعالى: * (وإذا فعلوا فاحشة قالوا
وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر
بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) * (1).
وما كان منها يوجب سلب استنادها إلى
القضاء إثبات استقلال اختيار الإنسان في التأثير،
وكونه سببا تاما غير محتاج في التأثير، ومستغنيا
عن غيره، فإنه يثبت استناده إلى القضاء ويهدي
الإنسان إلى مستقيم الصراط الذي لا يخطئ
بسالكه، حتى ينتفي عنه رذائل الصفات التي
تتبعه كإسناد الحوادث إلى القضاء كي لا يفرح
الإنسان بما وجده جهلا، ولا يحزن بما فقده
جهلا، كما في قوله تعالى: * (وآتوهم من مال الله
الذي آتاكم) * (2)، فإنه يدعو إلى الجود بإسناد
المال إلى إيتاء الله تعالى، وكما في قوله تعالى:
* (ومما رزقناهم ينفقون) * (3)، فإنه يندب إلى
الإنفاق بالاستناد إلى أنه من رزق الله تعالى، وكما
في قوله تعالى: * (فلعلك باخع نفسك على آثارهم
إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا إنا جعلنا ما على
الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) * (4)،
نهى رسوله (صلى الله عليه وآله) عن الحزن والغم استنادا إلى أن
كفرهم ليس غلبة منهم على الله سبحانه، بل ما
على الأرض من شئ أمور مجعولة عليها للابتلاء
والامتحان إلى غير ذلك.
وهذا المسلك - أعني الطريقة الثانية
في إصلاح الأخلاق - طريقة الأنبياء، ومنه
شئ كثير في القرآن، وفيما ينقل إلينا من
الكتب السماوية.
وهاهنا مسلك ثالث مخصوص بالقرآن
الكريم لا يوجد في شئ مما نقل إلينا من الكتب
السماوية، وتعاليم الأنبياء الماضين سلام الله
عليهم أجمعين، ولا في المعارف المأثورة من
الحكماء الإلهيين، وهو تربية الإنسان وصفا



(1) الأعراف: 28.
(2) النور: 33.
(3) البقرة: 3.
(4) الكهف: 7.
3330
وعلما باستعمال علوم ومعارف لا يبقى معها
موضوع الرذائل، وبعبارة أخرى: إزالة الأوصاف
الرذيلة بالرفع لا بالدفع.
وذلك كما أن كل فعل يراد به غير الله سبحانه
فالغاية المطلوبة منه إما عزة في المطلوب يطمع
فيها، أو قوة يخاف منها ويحذر عنها، لكن الله
سبحانه يقول: * (إن العزة لله جميعا) * (1)، ويقول:
* (إن القوة لله جميعا) * (2)، والتحقق بهذا العلم الحق
لا يبقي موضوعا لرياء، ولا سمعة، ولا خوف من
غير الله، ولا رجاء لغيره، ولا ركون إلى غيره،
فهاتان القضيتان إذا صارتا معلومتين للإنسان
تغسلان كل ذميمة - وصفا أو فعلا - عن الإنسان
تحليان نفسه بحلية ما يقابلها من الصفات
الكريمة الإلهية من التقوى بالله، والتعزز بالله
وغيرهما من مناعة وكبرياء واستغناء وهيبة إلهية
ربانية.
وأيضا قد تكرر في كلامه تعالى أن الملك لله،
وأن له ملك السماوات والأرض، وأن له ما في
السماوات والأرض، وقد مر بيانه مرارا، وحقيقة
هذا الملك - كما هو ظاهر - لا تبقي لشئ من
الموجودات استقلالا دونه، واستغناء عنه بوجه
من الوجوه، فلا شئ إلا وهو سبحانه المالك
لذاته ولكل ما لذاته، وإيمان الإنسان بهذا
الملك وتحققه به يوجب سقوط جميع الأشياء
ذاتا ووصفا وفعلا عنده عن درجة الاستقلال،
فهذا الإنسان لا يمكنه أن يريد غير وجهه تعالى،
ولا أن يخضع لشئ، أو يخاف أو يرجو شيئا، أو
يلتذ أو يبتهج بشئ، أو يركن إلى شئ، أو يتوكل
على شئ، أو يسلم لشئ، أو يفوض إلى شئ،
غير وجهه تعالى. وبالجملة: لا يريد ولا يطلب
شيئا إلا وجهه الحق الباقي بعد فناء كل شئ،
ولا يعرض إعراضا ولا يهرب إلا عن الباطل الذي
هو غيره الذي لا يرى لوجوده وقعا ولا يعبأ به
قبال الحق الذي هو وجود باريه جل شأنه.
وكذلك قوله تعالى: * (الله لا إله إلا هو له
الأسماء الحسنى) * (3)، وقوله: * (ذلكم الله ربكم
لا إله إلا هو خالق كل شئ) * (4)، وقوله: * (الذي
أحسن كل شئ خلقه) * (5)، وقوله: * (وعنت
الوجوه للحي القيوم) * (6)، وقوله: * (كل له
قانتون) * (7)، وقوله: * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا
إياه) * (8)، وقوله: * (أولم يكف بربك أنه على كل
شئ شهيد) * (9) وقوله: * (ألا إنه بكل شئ
محيط) * (10)، وقوله: * (وأن إلى ربك المنتهى) * (11).
ومن هذا الباب الآيات التي نحن فيها وهي
قوله تعالى: * (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم
مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون...) * إلى
آخرها، فإن هذه الآيات وأمثالها مشتملة على
معارف خاصة إلهية ذات نتائج خاصة حقيقية



(1) يونس: 65.
(2) البقرة: 165.
(3) طه: 8.
(4) الأنعام: 102.
(5) السجدة: 7.
(6) طه: 111.
(7) البقرة: 116.
(8) الإسراء: 23.
(9) فصلت: 53.
(10) فصلت: 54.
(11) النجم: 42.
3331
لا تشابه تربيتها نوع التربية التي يقصدها حكيم
أخلاقي في فنه، ولا نوع التربية التي سنها
الأنبياء في شرائعهم، فإن المسلك الأول كما
عرفت مبني على العقائد العامة الاجتماعية
في الحسن والقبح، والمسلك الثاني مبني على
العقائد العامة الدينية في التكاليف العبودية
ومجازاتها، وهذا المسلك الثالث مبني على
التوحيد الخالص الكامل الذي يختص به الإسلام
على مشرعه وآله أفضل الصلاة، هذا.
فإن تعجب فعجب قول بعض المستشرقين
من علماء الغرب في تاريخه الذي يبحث فيه عن
تمدن الإسلام، وحاصله: أن الذي يجب للباحث
أن يعتني به هو البحث عن شؤون المدينة التي
بسطتها الدعوة الدينية الإسلامية بين الناس من
متبعيها، والمزايا والخصائص التي خلفها وورثها
فيهم من تقدم الحضارة وتعالي المدنية، وأما
المعارف الدينية التي يشتمل عليها الإسلام فهي
مواد أخلاقية يشترك فيها جميع النبوات، ويدعو
إليها جميع الأنبياء، هذا.
وأنت بالإحاطة بما قدمناه من البيان تعرف
سقوط نظره وخبط رأيه، فإن النتيجة فرع
لمقدمتها، والآثار الخارجية المترتبة على
التربية إنما هي مواليد ونتائج لنوع العلوم
والمعارف التي تلقاها المتعلم المتربي، وليسا
سواء قول يدعو إلى حق نازل وكمال متوسط
وقول يدعو إلى محض الحق وأقصى الكمال،
وهذا حال هذا المسلك الثالث، فأول المسالك
يدعو إلى الحق الاجتماعي، وثانيها يدعو إلى
الحق الواقعي والكمال الحقيقي الذي فيه سعادة
الإنسان في حياته الآخرة، وثالثها يدعو إلى الحق
الذي هو الله، ويبني تربيته على أن الله سبحانه
واحد لا شريك له، وينتج العبودية المحضة، وكم
بين المسالك من فرق!.
وقد أهدى هذا المسلك إلى الاجتماع
الإنساني جما غفيرا من العباد الصالحين،
والعلماء الربانيين، والأولياء المقربين رجالا
ونساء، وكفى بذلك شرفا للدين.
على أن هذا المسلك ربما يفترق عن
المسلكين الآخرين بحسب النتائج، فإن بناءه
على الحب العبودي، وإيثار جانب الرب على
جانب العبد، ومن المعلوم أن الحب والوله والتيم
ربما يدل الإنسان المحب على أمور لا يستصوبه
العقل الاجتماعي الذي هو ملاك الأخلاق
الاجتماعية، أو الفهم العام العادي الذي هو
أساس التكاليف العامة الدينية، فللعقل أحكام،
وللحب أحكام، وسيجئ توضيح هذا المعنى في
بعض الأبحاث الآتية إن شاء الله تعالى (1).
[3920]
أنفع التحقيق
- الإمام علي (عليه السلام): استدراك فساد النفس
من أنفع التحقيق (2).
- عنه (عليه السلام): من استدرك فوارطه أصلح (3).



(1) تفسير الميزان: 1 / 354.
(2) غرر الحكم: 1480، 7809.
(3) غرر الحكم: 1480، 7809.
3332
- عنه (عليه السلام): المستدرك على شفا صلاح (1).
- عنه (عليه السلام): حسن الاستدراك عنوان الصلاح (2).
- عنه (عليه السلام): ما أبعد الاستدراك من الفوت (3).
- عنه (عليه السلام): تدارك في آخر عمرك ما أضعته في
أوله، تسعد بمنقلبك (4).
[3921]
سبب صلاح النفس
- الإمام علي (عليه السلام): سبب صلاح النفس العزوف
عن الدنيا (5).
- عنه (عليه السلام): املكوا أنفسكم بدوام جهادها (6).
- عنه (عليه السلام): صلاح النفس مجاهدة الهوى (7).
- عنه (عليه السلام): لا تترك الاجتهاد في إصلاح نفسك،
فإنه لا يعينك إلا الجد (8).
- عنه (عليه السلام): أعون شئ على صلاح النفس
القناعة (9).
- عنه (عليه السلام): كيف يستطيع صلاح نفسه من لا
يقنع بالقليل! (10).
- عنه (عليه السلام): إذا رغبت في صلاح نفسك فعليك
بالاقتصاد والقنوع والتقلل (11).
- عنه (عليه السلام): إذا صعبت عليك نفسك فاصعب لها
تذل لك، وخادع نفسك عن نفسك تنقد لك (12).
- عنه (عليه السلام): فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء،
وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء، والخلق
أشكال فكل يعمل على شاكلته (13).
- عنه (عليه السلام): إن تقوى الله دواء داء قلوبكم...
وطهور دنس أنفسكم (14).
- عنه (عليه السلام) - من وصيته لشريح بن هاني،
لما جعله على مقدمته إلى الشام: اعلم أنك
إن لم تردع (ترتدع) نفسك عن كثير مما تحب -
مخافة مكروه - سمت (15) بك الأهواء إلى كثير من
الضرر، فكن لنفسك مانعا رادعا (16)، ولنزوتك
عند الحفيظة واقما قامعا (17).
- عنه (عليه السلام): سبب صلاح النفس الورع (18).
- عنه (عليه السلام): أقبل على نفسك بالإدبار عنها (19).
- عنه (عليه السلام): ينبغي لمن أراد صلاح نفسه وإحراز
دينه أن يجتنب مخالطة أبناء الدنيا (20).
- عنه (عليه السلام): أرجى الناس صلاحا من إذا وقف
على مساويه سارع إلى التحول عنها (21).
- عنه (عليه السلام): من ذم نفسه أصلحها، من مدح
نفسه ذبحها (22).
- عنه (عليه السلام): دواء النفس الصوم عن الهوى،



(1) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(2) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(3) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(4) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(5) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(6) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(7) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(8) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(9) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(10) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(11) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(12) غرر الحكم: 1218، 4867، 9488، 4572، 5528، 2489، 5805، 10365، 3191، 6979، 4172، 4107.
(13) البحار: 78 / 82 / 78.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 198.
(15) سمت: أي ارتفعت.
(16) وفي نهج السعادة: 2 / 116، أنه (عليه السلام)... دعا زياد بن النضر،
وشريح بن هاني... ثم أوصى زيادا وقال:... اعلم أنك إن لم تزع
نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروهه سمت بك الأهواء إلى
كثير من الضر، فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان.
(17) نهج البلاغة: الكتاب 56. النزوة: من نزا ينزو نزوا: أي وثب،
الحفيظة: الغضب، وقمه فهو وأقم: أي قهره، قمعه: رده وكسره.
كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(18) غرر الحكم: 5547، 2434، 10951، 3344، (9103 - 9104).
(19) غرر الحكم: 5547، 2434، 10951، 3344، (9103 - 9104).
(20) غرر الحكم: 5547، 2434، 10951، 3344، (9103 - 9104).
(21) غرر الحكم: 5547، 2434، 10951، 3344، (9103 - 9104).
3333
والحمية عن لذات الدنيا (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في الدعاء: اللهم
صل على محمد وآله وادرأ عني بلطفك، واغذني
بنعمتك، وأصلحني بكرمك، وداوني بصنعك (2).
(انظر) الذكر: باب 1340.
الورع: باب 4059.
التقوى: باب 4161، 4164.
الحساب: باب 832.
عنوان 193 " المراقبة "، 200 " الرياضة ".
[3922]
الاستعانة بالحق على النفس
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن الطريق
إلى معرفة الحق: معرفة النفس - إلى أن
قال: فكيف الطريق إلى ذلك؟ قال: الاستعانة
بالحق على النفس (3).
- الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله الواصل
الحمد بالنعم والنعم بالشكر، نحمده على
آلائه، كما نحمده على بلائه، ونستعينه على
هذه النفوس البطاء عما أمرت به، السراع
إلى ما نهيت عنه (4).
- عنه (عليه السلام): والله المستعان على نفسي
وأنفسكم (5).
- عنه (عليه السلام): أقول ما تسمعون، والله
المستعان على نفسي وأنفسكم، وهو حسبنا
ونعم الوكيل (6).
[3923]
من لم يهذب نفسه
- الإمام علي (عليه السلام): من لم يهذب نفسه لم
ينتفع بالعقل (7).
- عنه (عليه السلام): من لم يتدارك نفسه بإصلاحها
أعضل داؤه، وأعيا شفاؤه، وعدم الطبيب (8).
- عنه (عليه السلام): من لم يهذب نفسه فضحه
سوء العادة (9).
- عنه (عليه السلام): من لم يسس نفسه أضاعها (10).
- عنه (عليه السلام): أعجز الناس من عجز عن
إصلاح نفسه (11).
- عنه (عليه السلام): أعجز الناس من قدر على أن
يزيل النقص عن نفسه ولم يفعل (12).
- عنه (عليه السلام): من أصلح نفسه ملكها، من أهمل
نفسه أهلكها (13).
- عنه (عليه السلام): من لم يتعاهد النقص من نفسه
غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت
خير له (14).
- عنه (عليه السلام): من أهمل نفسه أفسد أمره (15).



(1) غرر الحكم: 5153.
(2) الصحيفة السجادية: الدعاء 20، انظر تمام الحديث في المعرفة:
باب 2598 حديث 11927.
(3) البحار: 70 / 72 / 23.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 114 و 133.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 114 و 133.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 183.
(7) غرر الحكم: 8972، 9025، 9170، 8193، 3189، 3177، (7781 - 7782).
(8) غرر الحكم: 8972، 9025، 9170، 8193، 3189، 3177، (7781 - 7782).
(9) غرر الحكم: 8972، 9025، 9170، 8193، 3189، 3177، (7781 - 7782).
(10) غرر الحكم: 8972، 9025، 9170، 8193، 3189، 3177، (7781 - 7782).
(11) غرر الحكم: 8972، 9025، 9170، 8193، 3189، 3177، (7781 - 7782).
(12) غرر الحكم: 8972، 9025، 9170، 8193، 3189، 3177، (7781 - 7782).
(13) غرر الحكم: 8972، 9025، 9170، 8193، 3189، 3177، (7781 - 7782).
(14) أمالي الصدوق: 322 / 4.
(15) غرر الحكم: 8554.
3334
- عنه (عليه السلام): من سامح نفسه فيما يحب أتعبه
فيما يكره (1).
- عنه (عليه السلام): كيف يصلح غيره من لا
يصلح نفسه! (2).
- عنه (عليه السلام): كيف يهدي غيره من يضل نفسه! (3).
- عنه (عليه السلام): كيف ينصح غيره من يغش نفسه! (4).
- عنه (عليه السلام): كيف يعدل في غيره من يظلم
نفسه! (5).
- عنه (عليه السلام): لا تطلبن طاعة غيرك وطاعة
نفسك عليك ممتنعة (6).
[3924]
ترخيص النفس في مطاوعة الهوى
- الإمام علي (عليه السلام): لا ترخصوا لأنفسكم
فتذهب بكم الرخص مذاهب الظلمة، ولا تداهنوا
فيهجم بكم الإدهان على المعصية (7).
- عنه (عليه السلام): لا ترخص لنفسك في مطاوعة
الهوى وإيثار لذات الدنيا، فيفسد دينك
ولا يصلح، وتخسر نفسك ولا تربح (8).
[3925]
آثار كرامة النفس
- الإمام علي (عليه السلام): من كرمت عليه نفسه لم
يهنها بالمعصية (9).
- عنه (عليه السلام): من كرمت عليه نفسه هانت
عليه شهوته (10).
- عنه (عليه السلام): من كرمت نفسه صغرت الدنيا
في عينه (11).
- عنه (عليه السلام): من كرمت نفسه قل شقاقه
وخلافه (12).
- عنه (عليه السلام): النفس الكريمة لا تؤثر
فيها النكبات (13).
- عنه (عليه السلام): النفس الشريفة لا يثقل
عليها المؤنات (14).
[3926]
آفة النفس
- الإمام علي (عليه السلام): آفة النفس الوله بالدنيا (15).
- عنه (عليه السلام): رأس الآفات الوله باللذات (16).
- عنه (عليه السلام): خدمة الجسد إعطاؤه ما يستدعيه
من الملاذ والشهوات والمقتنيات، وفي ذلك
هلاك النفس (17).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا تدع النفس وهواها،
فإن هواها [في] رداها، وترك النفس وما تهوى
أذاها، وكف النفس عما تهوى دواها (18).

3335
(520)
النفاق
البحار: 72 / 172 باب 103 " النفاق ".
البحار: 75 / 202 باب 63 " ذو اللسانين ".
كنز العمال: 1 / 367 " صفات المنافقين ".
كنز العمال: 3 / 567، 838 " ذو اللسانين ".
انظر:
الإمامة: باب 170، الخشوع: باب 1025، الذكر: باب 1340، الإسلام: باب 1880.
الأمثال: 3611.

3337
[3927]
النفاق
الكتاب
* (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما
أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): النفاق يفسد الإيمان (2).
- عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك (3).
- عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن النفاق يبدو لمظة سوداء،
فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا
استكمل النفاق اسود القلب (5).
(انظر) الذنب: باب 1378.
[3928]
النفاق شين الأخلاق
- الإمام علي (عليه السلام): النفاق شين الأخلاق (6).
- عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا،
وباطنا منافقا! (7).
- عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون
ذا وجهين! (8).
- عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق (9).
(انظر) الرياء: باب 1406، 1407.
[3929]
علة النفاق
- الإمام علي (عليه السلام): نفاق المرء من ذل
يجده في نفسه (10).
- عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل (11).
- عنه (عليه السلام): الكذب يؤدي إلى النفاق (12).
(انظر) الكذب: باب 3462.
الكبر: باب 3439.
[3930]
صفة المنافق
- الإمام علي (عليه السلام): المنافق لنفسه مداهن،
وعلى الناس طاعن (13).
- عنه (عليه السلام): المنافق قوله جميل، وفعله
الداء الدخيل (14).
- عنه (عليه السلام): المنافق لسانه يسر، وقلبه يضر (15).
- عنه (عليه السلام): المنافق وقح غبي، متملق شقي (16).
- عنه (عليه السلام): المنافق مكور مضر مرتاب (17).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المنافق لا يرغب فيما



(1) التوبة: 77.
(2) غرر الحكم: 741، 483، 739.
(3) غرر الحكم: 741، 483، 739.
(4) غرر الحكم: 741، 483، 739.
(5) كنز العمال: 1734.
(6) غرر الحكم: 735، 9559.
(7) غرر الحكم: 735، 9559.
(8) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(9) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(10) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(11) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(12) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(13) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(14) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(15) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(16) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
(17) غرر الحكم: 9663، 969، 9988، 1196، 1181، 2008، 1578، 1576، 1853، 1289.
3338
قد سعد به المؤمنون، والسعيد يتعظ بموعظة
التقوى وإن كان يراد بالموعظة غيره (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): المنافق من إذا وعد
أخلف، وإذا فعل أفشى (2)، وإذا قال كذب، وإذا
ائتمن خان، وإذا رزق طاش، وإذا منع عاش (3).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): المنافق ينهى
ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، إذا قام في
الصلاة اعترض، وإذا ركع ربض، وإذا سجد نقر،
وإذا جلس شغر، يمسي وهمه الطعام وهو مفطر،
ويصبح وهمه النوم ولم يسهر، إن حدثك كذبك،
وإن وعدك أخلفك، وإن ائتمنته خانك، وإن
خالفته اغتابك (4).
- الإمام علي (عليه السلام): المنافق إذا نظر لها،
وإذا سكت سها، وإذا تكلم لغا، وإذا استغنى
طغا، وإذا أصابته شدة ضغا، فهو قريب السخط
بعيد الرضا، يسخطه على الله اليسير، ولا يرضيه
الكثير، ينوي كثيرا من الشر ويعمل بطائفة منه،
ويتلهف على ما فاته من الشر كيف لم يعمل به! (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): المنافق يملك عينيه يبكي
كما يشاء (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بكاء المؤمن من قلبه، وبكاء
المنافق من هامته (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أكثر منافقي أمتي قراؤها (8).
[3931]
علائم النفاق
- الإمام الصادق (عليه السلام): أربع من علامات النفاق:
قساوة القلب، وجمود العين، والإصرار على
الذنب، والحرص على الدنيا (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): آية المنافق ثلاث: إذا حدث
كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه فهو منافق، وإن
كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق
حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد
أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه كان منافقا خالصا،
ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من
النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث
كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ثلاث من كن فيه كان منافقا وإن
صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا ائتمن خان،
وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، إن
الله عز وجل قال في كتابه: * (إن الله لا يحب
الخائنين) * وقال: * (أن لعنة الله عليه إن كان من
الكاذبين) * وفي قوله عز وجل: * (واذكر في



(1) الكافي: 8 / 151 / 132.
(2) في المصدر: أساء.
(3) البحار: 72 / 207 / 8.
(4) أمالي الصدوق: 399 / 12.
(5) تحف العقول: 212.
(6) كنز العمال: 854، 850.
(7) كنز العمال: 854، 850.
(8) كنز العمال: 28972.
(9) الإختصاص: 228.
(10) الترغيب والترهيب: 4 / 9 / 13.
(11) الخصال: 254 / 129.
(12) كنز العمال: 849.
3339
الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان
رسولا نبيا) * (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): للمنافق ثلاث علامات: إذا
حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): آية المنافق ثلاث: إذا حدث
كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): للمنافق ثلاث علامات:
يخالف لسانه قلبه، وقلبه فعله، وعلانيته
سريرته (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): للمنافقين علامات يعرفون
بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم نهمة، وغنيمتهم
غلول، لا يقربون المساجد إلا هجرا، ولا يأتون
الصلاة إلا دبرا، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون،
خشب بالليل سخب بالنهار (5).
[3932]
خصائص المنافقين
الكتاب
* (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا
إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا
قليلا * مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن
يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * (6).
(انظر) البقرة: 8، 20، آل عمران: 167، 168، النساء:
61، 138، 145، العنكبوت: 10، 11، محمد:
30، المجادلة: 14، 16، المنافقون.
- الإمام علي (عليه السلام): أحذركم أهل النفاق،
فإنهم الضالون المضلون، والزالون المزلون،
يتلونون ألوانا، ويفتنون افتنانا، ويعمدونكم بكل
عماد، ويرصدونكم (يسدونكم) بكل مرصاد.
قلوبهم دوية، وصفاحهم نقية، يمشون
الخفاء، ويدبون الضراء، وصفهم دواء،
وقولهم شفاء، وفعلهم الداء العياء، حسدة الرخاء،
ومؤكدو (مولدو) البلاء، ومقنطو الرجاء، لهم
بكل طريق صريع، وإلى كل قلب شفيع، ولكل
شجو دموع.
يتقارضون الثناء، ويتراقبون الجزاء، إن
سألوا (ساقوا) ألحفوا، وإن عذلوا كشفوا، وإن
حكموا أسرفوا.
قد أعدوا لكل حق باطلا، ولكل قائم مائلا،
ولكل حي قاتلا، ولكل باب مفتاحا، ولكل ليل
مصباحا، يتوصلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به
أسواقهم، وينفقوا به أعلاقهم، يقولون فيشبهون،
ويصفون فيموهون، قد هونوا الطريق (الدين)،
وأضلعوا المضيق، فهم لمة الشيطان، وحمة
النيران: * (أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب
الشيطان هم الخاسرون) * (7).
- عنه (عليه السلام): بالكذب يتزين أهل النفاق (8).
- عنه (عليه السلام): عادة المنافقين تهزيع الأخلاق (9).
- عنه (عليه السلام): علم المنافق في لسانه، علم
المؤمن في عمله (10).



(1) الكافي: 2 / 290 / 8.
(2) قرب الإسناد: 28 / 92.
(3) كنز العمال: 842.
(4) الخصال: 121 / 113.
(5) كنز العمال: 862.
(6) النساء: 142، 143.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 194.
(8) غرر الحكم: 4222، 6244، (6288 - 6289).
(9) غرر الحكم: 4222، 6244، (6288 - 6289).
(10) غرر الحكم: 4222، 6244، (6288 - 6289).
3340
- عنه (عليه السلام): كثرة الوفاق نفاق، كثرة
الخلاف شقاق (1).
- عنه (عليه السلام): ورع المنافق لا يظهر إلا
على لسانه (2).
- عنه (عليه السلام): لا تلتمس الدنيا بعمل الآخرة،
ولا تؤثر العاجلة على الآجلة، فإن ذلك شيمة
المنافقين وسجية المارقين (3).
- عنه (عليه السلام): وإن لسان المؤمن من وراء قلبه،
وإن قلب المنافق من وراء لسانه (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من خالفت سريرته علانيته
فهو منافق كائنا من كان (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما زاد خشوع الجسد على ما في
القلب فهو عندنا نفاق (6).
- الإمام علي (عليه السلام): لو ضربت خيشوم المؤمن
بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو
صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني
ما أحبني، وذلك أنه قضي فانقضى على لسان
النبي الأمي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه قال: يا علي
لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق (7).
[3933]
أظهر الناس نفاقا
- الإمام علي (عليه السلام): أظهر الناس نفاقا من
أمر بالطاعة ولم يعمل بها، ونهى عن المعصية
ولم ينته عنها (8).
- عنه (عليه السلام): أشد الناس نفاقا من أمر
بالطاعة ولم يعمل بها، ونهى عن المعصية
ولم ينته عنها (9).
[3934]
التحذير من المنافق المنطيق
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني لا أتخوف على
أمتي مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن
فيحجره إيمانه، وأما المشرك فيقمعه
كفره، ولكن أتخوف عليكم منافقا عالم
اللسان، يقول ما تعرفون، ويعمل
ما تنكرون (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن أخوف ما أخاف عليكم
بعدي كل منافق عليم اللسان (11).
- الإمام علي (عليه السلام): ولقد قال لي رسول
الله (صلى الله عليه وآله): إني لا أخاف على أمتي مؤمنا
ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه،
وأما المشرك فيقمعه الله بشركه، ولكني
أخاف عليكم كل منافق الجنان، عالم
اللسان، يقول ما تعرفون، ويفعل
ما تنكرون (12).
(انظر) الأمة: باب 127، 128.



(1) غرر الحكم: (7083 - 7084)، 10130، 10405.
(2) غرر الحكم: (7083 - 7084)، 10130، 10405.
(3) غرر الحكم: (7083 - 7084)، 10130، 10405.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(5) البحار: 72 / 207 / 8.
(6) الكافي: 2 / 396 / 6.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 45.
(8) غرر الحكم: 3214، 3309.
(9) غرر الحكم: 3214، 3309.
(10) كنز العمال: 29046.
(11) الترغيب والترهيب: 1 / 127 / 18.
(12) نهج البلاغة: الكتاب 27.
3341
[3935]
دعائم النفاق
- الإمام علي (عليه السلام): النفاق على أربع
دعائم: على الهوى، والهوينا (1)،
والحفيظة، والطمع.
فالهوى على أربع شعب: على البغي،
والعدوان، والشهوة، والطغيان، فمن بغى
كثرت غوائله وتخلى منه وقصر عليه (2)، ومن
اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه، ولم
يملك نفسه عن الشهوات ومن لم يعدل نفسه في
الشهوات خاض في الخبيثات، ومن طغى ضل
على عمد (3) بلا حجة.
والهوينا على أربع شعب: على الغرة،
والأمل، والهيبة، والمماطلة، وذلك بأن
الهيبة ترد عن الحق، والمماطلة تفرط في
العمل حتى يقدم عليه الأجل، ولولا الأمل علم
الإنسان حسب ما هو فيه (4)، ولو علم حسب ما هو
فيه مات خفاتا من الهول والوجل، والغرة
تقصر بالمرء عن العمل.
والحفيظة على أربع شعب: على الكبر
والفخر والحمية (5) والعصبية، فمن استكبر
أدبر عن الحق، ومن فخر فجر، ومن حمى
أصر على الذنوب، ومن أخذته العصبية جار،
فبئس الأمر أمر بين إدبار وفجور وإصرار وجور
على الصراط.
والطمع على أربع شعب: الفرح، والمرح،
واللجاجة، والتكاثر، فالفرح مكروه عند الله،
والمرح خبلاء، واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى
حمل الآثام، والتكاثر لهو ولعب وشغل واستبدال
الذي هو أدنى بالذي هو خير.
فذلك النفاق ودعائمه وشعبه (6).
(انظر) الكفر: باب 3469.
[3966]
ذم ذي اللسانين
- قال الله تبارك وتعالى لعيسى بن مريم (عليه السلام):
يا عيسى! ليكن لسانك في السر والعلانية
لسانا واحدا، وكذلك قلبك، إني أحذرك
نفسك، وكفى بي خبيرا، لا يصلح لسانان في فم
واحد، ولا سيفان في غمد واحد، ولا قلبان في



(1) الهوينا: تصغير الهونى، تأنيث الأهون، وهو من الهون: الرفق
واللين والتثبت، والمراد هنا: التهاون في أمر الدين وترك
الاهتمام فيه، والحفيظة: الغضب والحمية. كما في هامش الكافي.
(2) في بعض النسخ [ونصر عليه]. كما في هامش الكافي.
(3) في بعض النسخ [على عمل]. كما في هامش الكافي.
(4) الحسب بالتحريك: القدر والعدد. والخفات بضم الخاء المعجمة:
الموت فجأة. كما في هامش الكافي.
(5) قال الراغب: عبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية
فقيل: حميت على فلان أي غضبت عليه، قال تعالى: * (حمية
الجاهلية) * والعصبة: الأقارب من جهة الأب،
والعصبية حمايتهم والدفع عنهم، والتعصب المحاماة والمدافعة،
وهي والحمية من توابع الكبر، وكان الفرق بينهما بأن الحمية للنفس
والعصبية للأقارب، أو الحمية للأهل والعصبية للأقارب. كما في
هامش الكافي.
(6) الكافي: 2 / 393.
3342
صدر واحد، وكذلك الأذهان (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): بئس العبد عبد يكون
ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا
ويأكله غائبا، إن أعطي حسده، وإن
ابتلي خذله (2).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - في وصيته لهشام:
يا هشام! بئس العبد عبد يكون ذا وجهين
وذا لسانين، يطري أخاه إذا شاهده، ويأكله
إذا غاب عنه، إن أعطي حسده، وإن
ابتلي خذله (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): بئس العبد عبد همزة
لمزة، يقبل بوجه ويدبر بآخر (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة لا ينظر الله إليهم
يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم:...
ورجل استقبلك بود صدره فيواري [وقلبه]
ممتلئ غشا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من مدح أخاه المؤمن في
وجهه واغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما
من العصمة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تجدون شر الناس ذا الوجهين،
الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه (7).
(انظر) وسائل الشيعة: 8 / 581 باب 143.
[3937]
صفة حشر المنافقين وعاقبتهم
* (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا
انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا
نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة
وظاهره من قبله العذاب) * (8).
* (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم
خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) * (9).
* (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم
نصيرا) * (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يجئ يوم القيامة ذو
الوجهين دالعا لسانه في قفاه، وآخر من قدامه،
يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده، ثم يقال له: هذا
الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين، يعرف
بذلك يوم القيامة (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من لقي الناس
بوجه وعابهم بوجه جاء يوم القيامة وله
لسانان من نار (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذو الوجهين في الدنيا
يأتي يوم القيامة وله وجهان من نار (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من كان ذا لسانين جعل الله له



(1) الكافي: 2 / 343 / 3.
(2) أمالي الصدوق: 277 / 18.
(3) تحف العقول: 395.
(4) البحار: 75 / 203 / 2.
(5) تفسير العياشي: 1 / 179 / 69.
(6) أمالي الصدوق: 466 / 21.
(7) الترغيب والترهيب: 3 / 602 / 1.
(8) الحديد: 13.
(9) التوبة: 68.
(10) النساء: 145.
(11) الخصال: 38 / 16.
(12) أمالي الصدوق: 277 / 19.
(13) الترغيب والترهيب: 3 / 603 / 3.
3343
يوم القيامة لسانين من نار (1).
[3938]
ما لا تجتمع في
المنافقين من الخصال
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خصلتان لا يكونان في
منافق: حسن سمت، ولا فقه في الدين (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): خصلتان لا يجتمعان في
المنافق: سمت حسن، وفقه في سنة (3).
- عنه (عليه السلام): لا يجمع الله لمنافق ولا فاسق حسن
السمت والفقه وحسن الخلق أبدا (4).
- عنه (عليه السلام) - لرجل سأله: أتخاف علي أن أكون
منافقا؟: إذا خلوت في بيتك نهارا أو ليلا
أليس تصلي؟ فقال: بلى، قال: فلمن تصلي؟
فقال: لله عز وجل، قال: فكيف تكون منافقا وأنت
تصلي لله عز وجل لا لغيره؟! (5).
[3939]
ما يذهب بالنفاق
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصلاة علي وعلى أهل
بيتي تذهب بالنفاق (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ارفعوا أصواتكم بالصلاة
علي، فإنها تذهب بالنفاق (7).
كلام حول النفاق في صدر الإسلام:
يهتم القرآن بأمر المنافقين اهتماما بالغا،
ويكر عليهم كرة عنيفة بذكر مساوي أخلاقهم
وأكاذيبهم وخدائعهم ودسائسهم والفتن التي
أقاموها على النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى المسلمين، وقد
تكرر ذكرهم في السور القرآنية كسورة البقرة وآل
عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة
والعنكبوت والأحزاب والفتح والحديد والحشر
والمنافقون والتحريم.
وقد أوعدهم الله في كلامه أشد الوعيد ففي
الدنيا بالطبع على قلوبهم، وجعل الغشاوة على
سمعهم وعلى أبصارهم، وإذهاب نورهم وتركهم
في ظلمات لا يبصرون وفي الآخرة، بجعلهم في
الدرك الأسفل من النار.
وليس ذلك إلا لشدة المصائب التي أصابت
الإسلام والمسلمين من كيدهم ومكرهم وأنواع
دسائسهم، فلم ينل المشركون واليهود والنصارى
من دين الله ما نالوه، وناهيك فيهم قوله تعالى
لنبيه (صلى الله عليه وآله) يشير إليهم: * (هم العدو فاحذرهم) *
المنافقون: 4.
وقد ظهر آثار دسائسهم ومكائدهم أوائل
ما هاجر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة، فورد ذكرهم
في سورة البقرة وقد نزلت - على ما قيل - على
رأس ستة أشهر من الهجرة، ثم في السور الأخرى
النازلة بعد بالإشارة إلى أمور من دسائسهم



(1) الترغيب والترهيب: 3 / 604 / 5.
(2) كنز العمال: 776.
(3) تحف العقول: 367، 370.
(4) تحف العقول: 367، 370.
(5) معاني الأخبار: 142 / 1.
(6) الكافي: 2 / 492 / 8.
(7) الكافي: 2 / 493 / 13.
3344
وفنون من مكائدهم، كانسلالهم من الجند
الإسلامي يوم أحد وهم ثلثهم تقريبا، وعقدهم
الحلف مع اليهود، واستنهاضهم على المسلمين،
وبنائهم مسجد الضرار، وإشاعتهم حديث الإفك،
وإثارتهم الفتنة في قصة السقاية وقصة العقبة...
إلى غير ذلك مما تشير إليه الآيات، حتى بلغ
أمرهم في الإفساد وتقليب الأمور على النبي (صلى الله عليه وآله)
إلى حيث هددهم الله بمثل قوله: * (لئن لم ينته
المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون
في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها
إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا
تقتيلا) * (1).
وقد استفاضت الأخبار وتكاثرت في أن
عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه من المنافقين
وهم الذين كانوا يقلبون الأمور على النبي (صلى الله عليه وآله)
ويتربصون به الدوائر، وكانوا معروفين عند
المؤمنين يقربون من ثلث القوم، وهم الذين
خذلوا المؤمنين يوم أحد فانمازوا منهم ورجعوا
إلى المدينة قائلين: لو نعلم قتالا لاتبعناكم
وهم عبد الله بن أبي وأصحابه.
ومن هنا ذكر بعضهم أن حركة النفاق
بدأت بدخول الإسلام المدينة واستمرت إلى
قرب وفاة النبي (صلى الله عليه وآله).
هذا ما ذكره جمع منهم، لكن التدبر
في حوادث زمن النبي (صلى الله عليه وآله) والإمعان في الفتن
الواقعة بعد الرحلة والاعتناء بطبيعة الاجتماع
الفعالة يقضي عليه بالنظر:
أما أولا: فلا دليل مقنعا على عدم تسرب
النفاق في متبعي النبي (صلى الله عليه وآله) المؤمنين بمكة
قبل الهجرة، وقول القائل: ان النبي (صلى الله عليه وآله)
والمسلمين بمكة قبل الهجرة لم يكونوا من القوة
ونفوذ الأمر وسعة الطول بحيث يهابهم الناس
ويتقوهم أو يرجوا منهم خيرا حتى يظهروا لهم
الإيمان ظاهرا ويتقربوا منهم بالإسلام، وهم
مضطهدون مفتنون معذبون بأيدي صناديد قريش
ومشركي مكة المعادين لهم المعاندين للحق،
بخلاف حال النبي (صلى الله عليه وآله) بالمدينة بعد الهجرة
فإنه (صلى الله عليه وآله) هاجر إليها وقد كسب أنصارا من الأوس
والخزرج واستوثق من أقوياء رجالهم أن يدفعوا
عنهم كما يدفعون عن أنفسهم وأهليهم، وقد دخل
الإسلام في بيوت عامتهم فكان مستظهرا بهم
على العدة القليلة الذين لم يؤمنوا به وبقوا على
شركهم، ولم يكن يسعهم أن يعلنوا مخالفتهم
ويظهروا شركهم فتوقوا الشر بإظهار الإسلام،
فآمنوا به ظاهرا وهم على كفرهم باطنا، فدسوا
الدسائس ومكروا ما مكروا.
غير تام، فما القدرة والقوة المخالفة
المهيبة ورجاء الخير بالفعل والاستدرار المعجل
علة منحصرة للنفاق حتى يحكم بانتفاء النفاق
لانتفائها، فكثيرا ما نجد في المجتمعات رجالا
يتبعون كل داع ويتجمعون إلى كل ناعق،
ولا يعبؤون بمخالفة القوى المخالفة القاهرة
الطاحنة، ويعيشون على خطر مصرين على ذلك
رجاء أن يوفقوا يوما لإجراء مرامهم ويتحكموا
على الناس باستقلالهم بإدارة رحى المجتمع
والعلو في الأرض، وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) يذكر



(1) الأحزاب: 61.
3345
في دعوته لقومه أن لو آمنوا به واتبعوه
كانوا ملوك الأرض.
فمن الجائز عقلا أن يكون بعض من آمن
به يتبعه في ظاهر دينه طمعا في البلوغ بذلك
إلى أمنيته وهي التقدم والرئاسة والاستعلاء،
والأثر المترتب على هذا النوع من النفاق ليس
هو تقليب الأمور وتربص الدوائر على الإسلام
والمسلمين وإفساد المجتمع الديني، بل
تقويته بما أمكن وتفديته بالمال والجاه
لينتظم بذلك الأمور ويتهيأ لاستفادته منه
واستدراره لنفع شخصه..
نعم يمكر مثل هذا المنافق بالمخالفة
والمضادة فيما إذا لاح من الدين مثلا ما
يخالف أمنية تقدمه وتسلطه، إرجاعا للأمر
إلى سبيل ينتهي إلى غرضه الفاسد.
وأيضا من الممكن أن يكون بعض المسلمين
يرتاب في دينه فيرتد ويكتم ارتداده، كما
مرت الإشارة إليه في قوله تعالى: * (ذلك بأنهم
آمنوا ثم كفروا...) * الآية، وكما يظهر من لحن مثل
قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم
عن دينه فسوف يأتي الله بقوم) * (1).
وأيضا الذين آمنوا من مشركي مكة يوم
الفتح لا يؤمن أكثرهم أن لا يؤمنوا إيمان صدق
وإخلاص، ومن البديهي عند من تدبر في حوادث
سني الدعوة أن كفار مكة وما والاها - وخاصة
صناديد قريش - ما كانوا ليؤمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) لولا
سواد جنود غشيتهم وبريق سيوف مسلطة فوق
رؤوسهم يوم الفتح، وكيف يمكن مع ذلك القضاء
بأنه حدث في قلوبهم - والظرف هذا الظرف -
نور الإيمان وفي نفوسهم الإخلاص واليقين
فآمنوا بالله طوعا عن آخرهم ولم يدب فيهم
دبيب النفاق أصلا.
وأما ثانيا: فلأن استمرار النفاق إلى
قرب رحلة النبي (صلى الله عليه وآله) وانقطاعه عند ذلك ممنوع،
نعم انقطع الخبر عن المنافقين بالرحلة وانعقاد
الخلافة وانمحى أثرهم، فلم يظهر منهم ما
كان يظهر من الآثار المضادة والمكائد
والدسائس المشؤومة.
فهل كان ذلك لأن المنافقين وفقوا للإسلام
وأخلصوا الإيمان عن آخرهم برحلة النبي (صلى الله عليه وآله)
وتأثرت قلوبهم من موته ما لم يتأثر
بحياته؟ أو أنهم صالحوا أولياء الحكومة
الإسلامية على ترك المزاحمة بأن يسمح لهم
ما فيه أمنيتهم مصالحة سرية بعد الرحلة أو
قبلها؟ أو أنه وقع هناك تصالح اتفاقي بينهم
وبين المسلمين فوردوا جميعا في مشرعة سواء
فارتفع التصاك والتصادم؟.
ولعل التدبر الكافي في حوادث آخر عهد
النبي (صلى الله عليه وآله) والفتن الواقعة بعد رحلته يهدي
إلى الحصول على جواب شاف لهذه الأسئلة.
والذي أوردناه في هذا الفصل إشارة إجمالية
إلى سبيل البحث (2).
أقول: وقال العلامة في تفسير قوله تعالى:



(1) المائدة: 54.
(2) تفسير الميزان: 19 / 287.
3346
* (وليقول الذين في قلوبهم مرض) * (1): " ذنابة لما
تقدم من الكلام في النفاق ":
ذكر بعضهم أن قوله تعالى: * (وليقول الذين
في قلوبهم مرض...) * الآية - بناء على أن
السورة بتمامها مكية، وأن النفاق إنما حدث
بالمدينة - إخبار عما سيحدث من المغيبات بعد
الهجرة. انتهى.
أما كون السورة بتمامها مكية فهو المتعين
من طريق النقل، وقد ادعي عليه إجماع
المفسرين، وما نقل عن مقاتل أن قوله:
* (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة...) * الآية
مدني لم يثبت من طريق النقل، وعلى فرض
الثبوت هو قول نظري مبني على حدوث النفاق
بالمدينة والآية تخبر عنه.
وأما حديث حدوث النفاق بالمدينة فقد
أصر عليه بعضهم محتجا عليه بأن النبي (صلى الله عليه وآله)
والمسلمين لم يكونوا قبل الهجرة من القوة
ونفوذ الأمر وسعة الطول بحيث يهابهم الناس أو
يرجى منهم خير حتى يتقوهم ويظهروا لهم
الإيمان ويلحقوا بجمعهم مع إبطان الكفر، وهذا
بخلاف حالهم بالمدينة بعد الهجرة.
والحجة غير تامة كما أشرنا إليه في
تفسير سورة المنافقون في كلام حول النفاق،
فإن علل النفاق ليست تنحصر في المخافة
والاتقاء أو الاستدرار من خير معجل، فمن
علله الطمع ولو في نفع مؤجل، ومنها
العصبية والحمية، ومنها استقرار العادة،
ومنها غير ذلك.
ولا دليل على انتفاء جميع هذه العلل عن
جميع من آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله) بمكة قبل الهجرة،
وقد نقل عن بعضهم أنه آمن ثم رجع أو آمن عن
ريب ثم صلح.
على أنه تعالى يقول: * (ومن الناس من
يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل
فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك
ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم
بما في صدور العالمين وليعلمن الله الذين
آمنوا وليعلمن المنافقين) * (2).
والآيتان في سورة مكية وهي سورة
العنكبوت، وهما ناطقتان بوجود النفاق فيها،
ومع الغض عن كون السورة مكية فاشتمال الآية
على حديث الإيذاء في الله والفتنة أصدق شاهد
على نزول الآيتين بمكة، فلم يكن بالمدينة
إيذاء في الله وفتنة، واشتمال الآية على قوله:
* (ولئن جاء نصر من ربك...) * إلخ لا يدل على
النزول بالمدينة فللنصر مصاديق أخرى غير الفتح
المعجل.
واحتمال أن يكون المراد بالفتنة ما
وقعت بمكة بعد الهجرة غير ضائر، فإن
هؤلاء المفتونين بمكة بعد الهجرة إنما
كانوا من الذين آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) قبل الهجرة
وإن أوذوا بعدها.
وعلى مثل ذلك ينبغي أن يحمل قوله تعالى:
* (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه



(1) المدثر: 1 - 3.
(2) العنكبوت: 11.
3347
خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب
على وجهه) * (1) إن كان المراد بالفتنة العذاب
وإن كانت السورة مدنية (2).



(1) الحج: 11.
(2) الميزان: 20 / 90.
3348
(521)
الإنفاق
انظر:
عنوان 226 " السخاء "، 292 " الصدقة "، 500 " المال "، 202 " الزكاة ".
الحج: باب 700، الحسرة: باب 858، العلم: باب 2854.
الغنى: باب 3117، الأمثال: باب 3622، 3623.

3349
[3940]
الإنفاق
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن
يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم
الظالمون) * (1).
* (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين
فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) * (2).
(انظر) البقرة: 261 - 265، الدهر: 8.
- الإمام علي (عليه السلام): إن إنفاق هذا المال في
طاعة الله أعظم نعمة، وإن إنفاقه في معاصيه
أعظم محنة (3).
- عنه (عليه السلام): طوبى لمن أنفق الفضل من ماله
وأمسك الفضل من كلامه (4).
- عنه (عليه السلام): طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب
كسبه، وصلحت سريرته (سيرته)، وحسنت
خليقته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل
من لسانه (5).
- عنه (عليه السلام): إنكم إلى إنفاق ما اكتسبتم
أحوج منكم إلى اكتساب ما تجمعون (6).
- عنه (عليه السلام): إنكم إلى إجراء ما أعطيتم
أشد حاجة من السائل إلى ما أخذ منكم (7).
- عنه (عليه السلام): إنكم أغبط بما بذلتم من
الراغب إليكم فيما وصله منكم (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ملعون ملعون من
وهب الله له مالا فلم يتصدق منه بشئ (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أرض القيامة نار ما خلا
ظل المؤمن، فان صدقته تظله (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أعطى درهما في سبيل الله
كتب الله له سبعمائة حسنة (11).
- الإمام على (عليه السلام): الصدقة تنمى عند الله (12).
- الإمام الباقر (عليه السلام): لا تعطي العطية تلتمس
أكثر منها (13).
كلام في الزكاة وسائر الصدقة:
الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية وسائر
الأبحاث المرتبطة بها جعلت اليوم حاجة
المجتمع من حيث إنه مجتمع إلى مال يختص

3350
به ويصرف لرفع حوائجه العامة في صف
البديهيات التي لا يشك فيها شاك ولا يداخلها
ريب، فكثير من المسائل الاجتماعية
والاقتصادية - ومنها هذه المسألة - كانت
في الأعصار السالفة مما يغفل عنها عامة
الناس ولا يشعرون بها إلا شعورا فطريا
إجماليا، وهي اليوم من الأبجديات التي
يعرفها العامة والخاصة.
غير أن الإسلام - بحسب ما بين من نفسية
الاجتماع وهويته، وشرع من الأحكام المالية
الراجعة إليها، والأنظمة والقوانين التي رتبها في
أطرافها ومتونها - له اليد العليا في ذلك.
فقد بين القرآن الكريم أن الاجتماع يصيغ
من عناصر الأفراد المجتمعين صيغة جديدة،
فيكون منهم هوية جديدة حية هي المجتمع،
وله من الوجود والعمر والحياة والموت والشعور
والإرادة والضعف والقوة والتكليف والإحسان
والإساءة والسعادة والشقاوة أمثال أو نظائر ما
للإنسان الفرد، وقد نزلت في بيان ذلك كله آيات
كثيرة قرآنية كررنا الإشارة إليها في خلال
الأبحاث السابقة.
وقد عزلت الشريعة الإسلامية سهما من منافع
الأموال وفوائدها للمجتمع كالصدقة الواجبة التي
هي الزكاة وكالخمس من الغنيمة ونحوها، ولم
يأت في ذلك ببدع، فإن القوانين والشرائع السابقة
عليها كشريعة حمورابي وقوانين الروم القديم
يوجد فيها أشياء من ذلك، بل سائر السنن القومية
في أي عصر وبين أية طائفة دارت لا يخلو عن
اعتبار جهة مالية لمجتمعها، فالمجتمع كيفما كان
يحس بالحاجة المالية في سبيل قيامه ورشده.
غير أن الشريعة الإسلامية تمتاز في ذلك من
سائر السنن والشرائع بأمور يجب إمعان النظر فيها
للحصول على غرضها الحقيقي ونظرها المصيب
في تشريعها وهي:
أولا: أنها اقتصرت في وضع هذا النوع من
الجهات المالية على كينونة الملك وحدوثه
موجودا ولم يتعد ذلك، وبعبارة أخرى: إذا حدثت
مالية في ظرف من الظروف كغلة حاصلة عن
زراعة أو ربح عائد من تجارة أو نحو ذلك بادرت
فوضعت سهما منها ملكا للمجتمع وبقية السهام
ملكا لمن له رأس المال أو العمل مثلا، وليس
عليه إلا أن يرد مال المجتمع وهو السهم إليه.
بل ربما كان المستفاد من أمثال قوله تعالى:
* (خلق لكم ما في الأرض جميعا) * البقرة: 29،
وقوله: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله
لكم قياما) * النساء: 5، أن الثروة الحادثة عند
حدوثها للمجتمع بأجمعها، ثم اختص سهم منها
للفرد الذي نسميه المالك أو العامل، وبقي
سهم - أعني سهم الزكاة أو سهم الخمس - في ملك
المجتمع كما كان، فالمالك الفرد مالك في طول
مالك وهو المجتمع، وقد تقدم بعض البحث عن
ذلك في تفسير الآيتين.
وبالجملة: فالذي وضعته الشريعة من الحقوق
المالية كالزكاة والخمس مثلا إنما وضعته في
الثروة الحادثة عند حدوثها، فشركت المجتمع مع
الفرد من رأس، ثم الفرد في حرية من ماله

3351
المختص به يضعه حيث يشاء من أغراضه
المشروعة من غير أن يعترضه في ذلك معترض،
إلا أن يدهم المجتمع من المخاطر العامة
ما يجب معه صرف شئ من رؤوس الأموال في
سبيل حفظ حياته كعدو هاجم يريد أن يهلك
الحرث والنسل، والمخمصة العامة التي
لا تبقي ولا تذر.
وأما الوجوه المالية المتعلقة بالنفوس
أو الضياع والعقار أو الأموال التجارية
عند حصول شرائط أو في أحوال خاصة كالعشر
المأخوذ في الثغور ونحو ذلك، فإن
الإسلام لا يرى ذلك بل يعده نوعا من
الغصب وظلما يوجب تحديدا في حرية
المالك في ملكه.
ففي الحقيقة لا يأخذ المجتمع من الفرد
إلا مال نفسه الذي يتعلق بالغنيمة والفائدة
عند أول حدوثه ويشارك الفرد في ملكه على نحو
يبينه الفقه الإسلامي مشروحا، وأما إذا
انعقد الملك واستقر لمالكه فلا اعتراض لمعترض
على مالك في حال أو عند شرط، يوجب قصور
يده وزوال حريته.
وثانيا: أن الإسلام يعتبر حال الأفراد
في الأموال الخاصة بالمجتمع، كما يعتبر
حال المجتمع بل الغلبة فيما يظهر من نظره
لحالهم على حاله، فإنه يجعل السهام في
الزكاة ثمانية لا يختص بسبيل الله منها إلا
سهم واحد وباقي السهام للأفراد كالفقراء
والمساكين والعاملين والمؤلفة قلوبهم وغيرهم،
وفي الخمس ستة لم يجعل لله سبحانه إلا
سهم واحد والباقي للرسول ولذي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل.
وذلك أن الفرد هو العنصر الوحيد لتكون
المجتمع، ورفع اختلاف الطبقات الذي هو
من أصول برنامج الإسلام، وإلقاء التعادل
والتوازن بين قوى المجتمع المختلفة، وتثبيت
الاعتدال في مسيره بأركانه وأجزائه، لا يتم
إلا بإصلاح حال الأجزاء - أعني الأفراد -
وتقريب أحوالهم بعضهم من بعض.
وأما قصر مال المجتمع في صرفه في إيجاد
الشوكة العامة والتزيينات المشتركة ورفع القصور
المشيدة العالية والأبنية الرفيعة الفاخرة،
وتخلية القوي والضعيف أو الغني والفقير
على حالهما - لا يزيدان كل يوم إلا ابتعادا -
فلتدل التجربة الطويلة القطعية أنه لا يدفع غائلا
ولا يغني طائلا.
وثالثا: أن للفرد من المسلمين أن يصرف ما
عليه من الحق المالي الواجب كالزكاة مثلا في
بعض أرباب السهام كالفقير والمسكين من دون
أن يؤديه إلى ولي الأمر أو عامله في الجملة
فيرده هو إلى مستحقيه، وهذا نوع من الاحترام
الاستقلالي الذي اعتبره الإسلام لأفراد مجتمعه
نظير إعطاء الذمة الذي لكل فرد من المسلمين
أن يقوم به لمن شاء من الكفار المحاربين وليس
للمسلمين ولا لولي أمرهم أن ينقض ذلك.
نعم لولي الأمر - إذا رأى في مورد أن مصلحة
الإسلام والمسلمين في خلاف ذلك - أن ينهى عن

3352
ذلك، فيجب الكف عنه لوجوب طاعته (1).
(انظر) الإسراف: باب 1800.
[3941]
من أنفق، أنفق لنفسه
الكتاب
* (وما تنفقوا من خير فلأنفسكم) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): ليس لأحد من دنياه إلا
ما أنفقه على أخراه (3).
- عنه (عليه السلام): ما قدمت من دنياك فلنفسك،
وما أخرت منها فللعدو (4).
- عنه (عليه السلام): إنما لك من مالك ما قدمته
لآخرتك، وما أخرته فللوارث (5).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام):
إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك، فأنفق
في حق ولا تكن خازنا لغيرك (6).
- عنه (عليه السلام) - أيضا: واعلم أن أمامك طريقا
ذا مسافة بعيدة، ومشقة شديدة، وأنه لا غنى
بك فيه عن حسن الارتياد، وقدر (قدر) بلاغك
من الزاد، مع خفة الظهر، فلا تحملن على ظهرك
فوق طاقتك، فيكون ثقل ذلك وبالا عليك، وإذا
وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم
القيامة - فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه -
فاغتنمه وحمله إياه، وأكثر من تزويده وأنت
قادر عليه، فلعلك تطلبه فلا تجده، واغتنم
من استقرضك في حال غناك، ليجعل (يحصل)
قضاءه لك في يوم عسرتك (7).
- عنه (عليه السلام): إن العبد إذا مات قالت الملائكة:
ما قدم؟ وقال الناس: ما أخر؟ فقدموا فضلا يكن
لكم، ولا تؤخروا كلا يكن عليكم (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلكم مكلم ربه يوم
القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أمامه
فلا يجد إلا ما قدم، وينظر عن يمينه فلا يجد
إلا ما قدم، ثم ينظر عن يساره فإذا هو
بالنار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم
يجد أحدكم فبكلمة طيبة (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لأصحابه: أيكم مال وارثه
أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله! ما
منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه.
قال: فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر (10).
[3942]
وعد الله بالخلف في الإنفاق
الكتاب
* (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر
له وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير
الرازقين) * (11).



(1) تفسير الميزان: 9 / 386.
(2) البقرة: 272.
(3) غرر الحكم: 7516، 9615، 3904.
(4) غرر الحكم: 7516، 9615، 3904.
(5) غرر الحكم: 7516، 9615، 3904.
(6) تحف العقول: 83.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(8) البحار: 96 / 115 / 3.
(9) النوادر للراوندي: 3.
(10) الترغيب والترهيب: 2 / 50 / 8.
(11) سبأ: 39.
3353
- الإمام الصادق (عليه السلام): أنفق وأيقن بالخلف (1).
- الإمام علي (عليه السلام): من أيقن بالخلف
جاد بالعطية (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما نقص مال من صدقة
قط، فأعطوا ولا تجبنوا (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما طلعت شمس قط إلا بعث
بجنبتيها ملكان، إنهما يسمعان أهل الأرض إلا
الثقلين: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم، فإن ما قل
وكفى خير مما كثر وألهى، ولا غربت شمس قط
إلا وبعث بجنبتيها ملكان يناديان: اللهم عجل
لمنفق خلفا، وعجل لممسك تلفا (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ينادي ملكان في كل
ليلة جمعة اللهم أعط كل منفق خلفا وكل
ممسك تلفا (5).
- عنه (عليه السلام) - لرجل ادعى في قوله تعالى:
* (وما أنفقتم...) * أنه ينفق ولا يرى خلفا!:
أفترى الله أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمم؟
قال: لا أدري، قال: لو أن أحدكم اكتسب المال
من حله وأنفقه في حقه لم ينفق درهما إلا أخلف
الله عليه (6).
- عنه (عليه السلام): إن الصدقة تقضي الدين
وتخلف بالبركة (7).
- الإمام علي (عليه السلام): رب سلف عاد خلفا (8).
- عنه (عليه السلام): إذا قدمت مالك لآخرتك
واستخلفت الله سبحانه على من خلفته من
بعدك، سعدت بما قدمت، وأحسن الله لك
الخلافة على من خلفت (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما أحسن عبد الصدقة إلا
أحسن الله الخلافة على ولده من بعده (10).
(انظر) الزكاة: باب 1578.
[3943]
بقاء ما انفق وفناء ما لم ينفق
الكتاب
* (ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين
صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) * (11).
- عائشة: أنهم ذبحوا شاة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
ما بقي؟ فقالت: ما بقي منها إلا كتفها، [قال (صلى الله عليه وآله)]:
بقي كلها غير كتفها (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل ما أبصرته بعينك
واستخلاه قلبك فاجعله لله فذلك تجارة
الآخرة، لأن الله يقول: * (ما عندكم ينفد
وما عند الله باق) * (13).
- الإمام علي (عليه السلام): لم يذهب من مالك
ما وعظك (14).



(1) البحار: 96 / 130 / 57.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 138.
(3) البحار: 96 / 131 / 62.
(4) الترغيب والترهيب: 4 / 118 / 3.
(5) البحار: 96 / 117 / 10.
(6) مكارم الأخلاق: 2 / 21 / 2053.
(7) الكافي: 4 / 9 / 1.
(8) غرر الحكم: 5299، 4136.
(9) غرر الحكم: 5299، 4136.
(10) عدة الداعي: 61.
(11) النحل: 96.
(12) كنز العمال: 16150.
(13) مكارم الأخلاق: 2 / 357 / 2660.
(14) نهج البلاغة: الحكمة 196.
3354
- عنه (عليه السلام): لم يرزق المال من لم ينفقه (1).
- عنه (عليه السلام): إن إعطاء هذا المال قنية،
وإن إمساكه فتنة (2).
- عنه (عليه السلام): جودوا بما يفنى تعتاضوا عنه
بما يبقى (3).
[3944]
أدب الإنفاق
* (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما
أخرجنا لكم من الأرض * ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون
ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني
حميد) * (4).
* (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا
من شئ فإن الله به عليم) * (5).
- معمر بن خلاد: كان أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إذا
أكل اتي بصحفة فتوضع بقرب مائدته، فيعمد إلى
أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كل شئ
شيئا فيضع في تلك الصحفة ثم يأمر بها
المساكين، ثم يتلو هذه الآية * (فلا اقتحم العقبة) *
ثم قال: علم الله عز وجل أنه ليس كل إنسان يقدر
على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد قيل له، وكان
يتصدق بالسكر، أتتصدق بالسكر -: نعم، إنه ليس
شئ أحب إلي منه، فأنا أحب أن أتصدق
بأحب الأشياء إلي (7).
- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه اشترى ثوبا
فأعجبه فتصدق به (8).
- الإمام علي (عليه السلام): من أيقن بالخلف جاد
بالعطية (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كان أهل المدينة
يأتون بصدقة الفطر إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وفيه عذق (10) يسمى الجعرود (11)، وعذق يسمى
معافارة، كانا عظيم نواهما، رقيق لحاهما،
في طعمها مرارة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للخارص:
لا تخرص عليهم هذين اللونين لعلهم يستحيون
لا يأتون بهما، فأنزل الله * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا
من طيبات ما كسبتم - إلى قوله - تنفقون) * (12).
(انظر) الإيثار: باب 4.
[3945]
من لم ينفق في طاعة الله
ينفق في معصيته
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من منع ماله من الأخيار
اختيارا صرف الله ماله إلى الأشرار اضطرارا (13).
- الإمام الصادق (عليه السلام): اعلم أنه من لم ينفق



(1) غرر الحكم: 7544، 3391، 4732.
(2) غرر الحكم: 7544، 3391، 4732.
(3) غرر الحكم: 7544، 3391، 4732.
(4) البقرة: 267.
(5) آل عمران: 92.
(6) وسائل الشيعة: 6 / 329 / 1.
(7) الكافي: 4 / 61 / 3.
(8) البحار: 40 / 323 / 6.
(9) أمالي الصدوق: 363 / 9.
(10) العذق من النخل: هو كالعنقود من العنب. كما في هامش تفسير العياشي.
(11) وفي بعض الأخبار " جعرور ".
(12) تفسير العياشي: 1 / 150 / 493.
(13) جامع الأخبار: 505 / 1395.
3355
في طاعة الله ابتلي بأن ينفق في معصية
الله عز وجل، ومن لم يمش في حاجة ولي
الله ابتلي بأن يمشي في حاجة عدو
الله عز وجل (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): ما من عبد يبخل بنفقة
ينفقها فيما يرضي الله إلا ابتلي بأن ينفق
أضعافها فيما أسخط الله (2).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إياك أن تمنع في طاعة
الله، فتنفق مثليه في معصية الله (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما من عبد يمنع درهما
في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه (4).
- عنه (عليه السلام): من منع حقا لله عز وجل أنفق
في باطل مثليه (5).
[3946]
فضل إنفاق المقتر
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاث من أتى الله
بواحدة منهن أوجب الله له الجنة: الإنفاق
من إقتار، والبشر لجميع العالم، والإنصاف
من نفسه (6).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): إن من أخلاق
المؤمن الإنفاق على قدر الإقتار (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة من حقائق الإيمان:
الإنفاق من الإقتار، وإنصافك الناس من
نفسك، وبذل العلم للمتعلم (8).
(انظر) الصدقة: باب 2229.
الإيثار: باب 3.
[3947]
التحذير من كنز المال
الكتاب
* (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في
سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار
جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما
كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) * (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أوكى على ذهب أو فضة،
ولم ينفقه في سبيل الله، كان جمرا يوم القيامة
يكوى به (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لبلال وعنده صبر من تمر:
ما هذا يا بلال؟ قال: أعد ذلك لأضيافك، قال:
أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟!
أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا (11).
- أنس بن مالك: أهديت للنبي (صلى الله عليه وآله)
ثلاث طوائر، فأطعم خادمه طائرا، فلما
كان من الغد أتته بها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ألم أنهك أن ترفعي شيئا لغد! فإن الله يأتي
برزق غد (12).
(انظر) المال: باب 3753، 3765.



(1) البحار: 96 / 130 / 57 و 78 / 173 / 12.
(2) البحار: 96 / 130 / 57 و 78 / 173 / 12.
(3) تحف العقول: 408.
(4) الكافي: 3 / 504 / 7 وص 506 / 21 و 2 / 103 / 2.
(5) الكافي: 3 / 504 / 7 وص 506 / 21 و 2 / 103 / 2.
(6) الكافي: 3 / 504 / 7 وص 506 / 21 و 2 / 103 / 2.
(7) تحف العقول: 282.
(8) البحار: 77 / 52 / 3.
(9) التوبة: 34، 35.
(10) الترغيب والترهيب: 2 / 56 / 18 وص 51 / 9 وص 56 / 19.
(11) الترغيب والترهيب: 2 / 56 / 18 وص 51 / 9 وص 56 / 19.
(12) الترغيب والترهيب: 2 / 56 / 18 وص 51 / 9 وص 56 / 19.
3356
[3948]
من لا تقبل نفقته
الكتاب
* (قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم
قوما فاسقين * وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم
كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا
ينفقون إلا وهم كارهون) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لو أن الناس أخذوا
ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله
منهم، ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما
أمرهم الله به ما قبله منهم، حتى يأخذوه من حق
وينفقوه في حق (2).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (أنفقوا من طيبات
ما كسبتم) *: كان القوم قد كسبوا مكاسب سوء
في الجاهلية، فلما أسلموا أرادوا أن يخرجوها
من أموالهم ليتصدقوا بها، فأبى الله تبارك وتعالى
إلا أن يخرجوا من أطيب ما كسبوا (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى:
* (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) *: كان الناس
حين أسلموا عندهم مكاسب من الربا ومن أموال
خبيثة، فكان الرجل يتعمدها من بين ماله فتصدق
بها، فنهاهم الله عن ذلك، وإن الصدقة لا تصلح إلا
من كسب طيب (4).
(انظر) الصدقة: باب 2242، 2244.
العمل: باب 2947.



(1) التوبة: 53، 54.
(2) الفقيه: 2 / 57 / 1694.
(3) الكافي: 4 / 48 / 10.
(4) تفسير العياشي: 1 / 149 / 492.
3357
(522)
الأنفال
البحار: 96 / 204 باب 25 " الأنفال ".
وسائل الشيعة: 6 / 364 " أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ".
سنن أبي داود: 3 / 77 - 82 " في النفل ".
انظر:
عنوان 151 " الخمس ".

3359
[3949]
الأنفال
الكتاب
* (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا
الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم
مؤمنين) * (1).
* (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من
خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله
على كل شئ قدير * ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى
فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن
السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله
شديد العقاب) * (2).
التفسير:
الأنفال جمع نفل بالفتح وهو الزيادة
على الشئ، ولذا يطلق النفل والنافلة على
التطوع لزيادته على الفريضة، وتطلق الأنفال
على ما يسمى فيئا أيضا، وهي الأشياء من
الأموال التي لا مالك لها من الناس كرؤوس
الجبال، وبطون الأودية، والديار الخربة،
والقرى التي باد أهلها، وتركة من لا وارث
له وغير ذلك، كأنها زيادة على ما ملكه الناس فلم
يملكها أحد وهي لله ولرسوله، وتطلق على غنائم
الحرب كأنها زيادة على ما قصد منها، فإن
المقصود بالحرب والغزوة الظفر على الأعداء
واستئصالهم، فإذا غلبوا وظفر بهم فقد حصل
المقصود، والأموال التي غنمه المقاتلون والقوم
الذين أسروهم زيادة على أصل الغرض...
وقد اختلف المفسرون في معنى الآية
وموقعها اختلافا شديدا من جهات: من جهة
معنى قوله: * (يسألونك عن الأنفال) * وقد نسب
إلى أهل البيت (عليهم السلام) وبعض آخر كعبد الله بن
مسعود وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن مصرف
أنهم قرأوا: * (يسألونك الأنفال) * فقيل:
" عن " زائدة في القراءة المشهورة، وقيل:
بل مقدرة في القراءة الشاذة، وقيل: إن
المراد بالأنفال غنائم الحرب، وقيل: غنائم
غزوة بدر خاصة بجعل اللام في الأنفال للعهد،
وقيل: الفئ الذي لله والرسول والإمام، وقيل:
إن الآية منسوخة بآية الخمس، وقيل: بل
محكمة، وقد طالت المشاجرة بينهم كما يعلم
بالرجوع إلى مطولات التفاسير كتفسيري الرازي
والآلوسي وغيرهما.
والذي ينبغي أن يقال بالاستمداد من السياق:
أن الآية بسياقها تدل على أنه كان بين هؤلاء
المشار إليهم بقوله: * (يسألونك) * تخاصم، خاصم
به بعضهم بعضا بأخذ كل جانبا من القول لا يرضى

3360
به خصمه، والتفريع الذي في قوله: * (فاتقوا
الله وأصلحوا ذات بينكم) * يدل على أن الخصومة
كانت في أمر الأنفال، ولازم ذلك أن يكون السؤال
الواقع منهم المحكي في صدر الآية إنما وقع لقطع
الخصومة، كأنهم تخاصموا في أمر الأنفال ثم
راجعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسألونه عن حكمها لتنقطع
بما يجيبه الخصومة وترتفع عما بينهم.
وهذا - كما ترى - يؤيد أولا القراءة المشهورة:
* (يسألونك عن الأنفال) * فإن السؤال إذا تعدى
ب‍ " عن " كان بمعنى استعلام الحكم والخبر، وأما
إذا استعمل متعديا بنفسه كان بمعنى الاستعطاف،
ولا يناسب المقام إلا المعنى الأول.
وثانيا: أن الأنفال بحسب المفهوم وإن
كان يعم الغنيمة والفئ جميعا إلا أن مورد
الآية هي الأنفال بمعنى غنائم الحرب لا غنائم
غزوة بدر خاصة، إذ لا وجه للتخصيص فإنهم إذ
تخاصموا في غنائم بدر لم يتخاصموا فيها لأنها
غنائم بدر خاصة، بل لأنها غنائم مأخوذة من
أعداء الدين في جهاد ديني، وهو ظاهر.
واختصاص الآية بحسب موردها بغنيمة
الحرب لا يوجب تخصيص الحكم الوارد فيها
بالمورد، فإن المورد لا يخصص، فإطلاق حكم
الآية بالنسبة إلى كل ما يسمى بالنفل في محله،
وهي تدل على أن الأنفال جميعا لله ولرسوله،
لا يشارك الله ورسوله فيها أحد من المؤمنين سواء
في ذلك الغنيمة والفئ.
ثم الظاهر من قوله تعالى: * (قل الأنفال لله
والرسول) * - وما يعظهم الله به بعد هذه الجملة
ويحرضهم على الإيمان - هو أن الله سبحانه فصل
الخصومة بتشريع ملكها لنفسه ولرسوله ونزعها
من أيديهم، وهو يستدعي أن يكون تخاصمهم من
جهة دعوى طائفة منهم أن الأنفال لها خاصة
دون غيرها، أو أنها تختص بشئ منها،
وإنكار الطائفة الأخرى ذلك، ففصل الله سبحانه
خصومتهم فيها بسلب ملكهم منها وإثبات ملك
نفسه ورسوله، وموعظتهم أن يكفوا عن
المخاصمة والمشاجرة، وأما قول من يقول: إن
الغزاة يملكون ما أخذوه من الغنيمة بالإجماع
فأحرى به أن يورد في الفقه دون التفسير.
وبالجملة: فنزاعهم في الأنفال يكشف عن
سابق عهد لهم بأن الغنيمة لهم أو ما في
معناه، غير أنه كان حكما مجملا اختلف فيه
المتخاصمان وكل يجر النار إلى قرصته،
والآيات الكريمة تؤيد ذلك.
توضيحه: أن ارتباط الآيات في السورة
والتصريح بقصة وقعة بدر فيها يكشف أن السورة
بأجمعها نزلت حول وقعة بدر وبعيدها، حتى أن
ابن عباس - على ما نقل عنه - كان يسميها سورة
بدر، والتي تتعرض لأمر الغنيمة من آياتها خمس
آيات في مواضع ثلاثة من السورة، هي بحسب
ترتيب السورة: قوله تعالى: * (يسألونك عن
الأنفال قل الأنفال لله والرسول...) * الآية، وقوله
تعالى: * (واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله
خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى
والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما
أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان
والله على كل شئ قدير) *، وقوله تعالى: * (ما

3361
كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في
الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة
والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم
فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا
طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم) *.
وسياق الآية الثانية يفيد أنها نزلت بعد الآية
الأولى والآيات الأخيرة جميعا، لمكان قوله
فيها: * (إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا
يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) * فهي نازلة بعد
الوقعة بزمان.
ثم الآيات الأخيرة تدل على أنهم كلموا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمر الأسرى وسألوه أن لا يقتلهم
ويأخذ الفدية، وفيها عتابهم على ذلك، ثم
تجويز أن يأكلوا مما غنموا، وكأنهم فهموا من
ذلك أنهم يملكون الغنائم والأنفال على إبهام
في أمره: هل يملكه جميع من حضر الوقعة أو
بعضهم كالمقاتلين دون القاعدين مثلا؟ وهل
يملكون ذلك بالسوية فيقسم بينهم كذلك، أو
يختلفون فيه بالزيادة والنقيصة كأن يكون سهم
الفرسان منها أزيد من المشاة؟ أو نحو ذلك.
وكان ذلك سبب التخاصم بينهم، فتشاجروا
في الأمر ورفعوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنزلت
الآية الأولى: * (قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله
وأصلحوا ذات بينكم...) * الآية، فخطأتهم الآية
فيما زعموا أنهم مالكو الأنفال بما استفادوا من
قوله: * (فكلوا مما غنمتم...) * الآية، وأقرت ملك
الأنفال لله والرسول ونهتهم عن التخاصم
والتشاجر، فلما انقطع بذلك تخاصمهم أرجعها
النبي (صلى الله عليه وآله) إليهم، وقسمها بينهم بالسوية، وعزل
السهم لعدة من أصحابه لم يحضروا الوقعة، ولم
يقدم مقاتلا على قاعد، ولا فارسا على ماش، ثم
نزلت الآية الثانية: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ
فأن لله خمسه...) * الآية بعد حين، فأخرج النبي
(صلى الله عليه وآله) مما رد إليهم من السهام الخمس وبقي لهم
الباقي. هذا ما يتحصل من انضمام الآيات
المربوطة بالأنفال بعضها ببعض.
فقوله تعالى: * (يسألونك عن الأنفال) * يفيد
بما ينضم إليه من قرائن السياق - أنهم سألوا
النبي (صلى الله عليه وآله) عن حكم غنائم الحرب بعد ما زعموا
أنهم يملكون الغنيمة، واختلفوا فيمن يملكها، أو
في كيفية ملكها وانقسامها بينهم، أو فيهما معا،
وتخاصموا في ذلك.
وقوله: * (قل الأنفال لله والرسول) * جواب عن
مسألتهم، وفيه بيان أنهم لا يملكونها وإنما هي
أنفال يملكها الله ورسوله، فيوضع حيثما أراد الله
ورسوله، وقد قطع ذلك أصل ما نشب بينهم من
الاختلاف والتخاصم.
ويظهر من هذا البيان أن الآية غير ناسخة
لقوله تعالى: * (فكلوا مما غنمتم...) * إلى آخر
الآية، وإنما تبين معناها بالتفسير، وأن قوله:
* (كلوا) * ليس بكناية عن ملكهم للغنيمة بحسب
الأصل، وإنما المراد هو التصرف فيها والتمتع
منها إلا أن يمتلكوا بقسمة النبي (صلى الله عليه وآله) إياها بينهم.
ويظهر أيضا أن قوله تعالى: * (واعلموا أن ما
غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي
القربى...) * الآية ليس بناسخ لقوله: * (قل الأنفال

3362
لله والرسول...) * الآية، فإن قوله: * (واعلموا أن ما
غنمتم...) * الآية إنما يؤثر بالنسبة إلى المجاهدين
منعهم عن أكل تمام الغنيمة والتصرف فيه، إذ لم
يكن لهم بعد نزول قوله: * (الأنفال لله والرسول) *
إلا ذلك، وأما قوله: * (الأنفال لله والرسول) * فلا
يفيد إلا كون أصل ملكها لله والرسول من دون أن
يتعرض لكيفية التصرف وجواز الأكل والتمتع،
فلا يناقضه في ذلك قوله: * (واعلموا أن ما
غنمتم...) * الآية حتى يكون بالنسبة إليه ناسخا،
فيتحصل من مجموع الآيات الثلاث: أن أصل
الملك في الغنيمة لله والرسول، ثم يرجع أربعة
أخماسها إلى المجاهدين يأكلونها ويمتلكونها،
ويرجع خمس منها إلى الله والرسول وذي القربى،
وغيرهم لهم التصرف فيها والاختصاص بها.
ويظهر بالتأمل في البيان السابق أيضا: أن في
التعبير عن الغنائم بالأنفال - وهو جمع نفل بمعنى
الزيادة - إشارة إلى تعليل الحكم بموضوعه
الأعم، كأنه قيل: يسألونك عن الغنائم وهي
زيادات لا مالك لها من بين الناس، وإذا كان كذلك
فأجبهم بحكم الزيادات والأنفال، وقل: الأنفال
لله والرسول، ولازم ذلك كون الغنيمة لله والرسول.
وبذلك ربما تأيد كون اللام في لفظ الأنفال
الأول للعهد، وفي الثاني للجنس أو الاستغراق،
وتبين وجه الإظهار في قوله: * (قل الأنفال...) *
الآية، حيث لم يقل: قل هي لله والرسول.
ويظهر بذلك أيضا: أن قوله: * (قل الأنفال لله
والرسول) * حكم عام يشمل بعمومه الغنيمة وسائر
الأموال الزائدة في المجتمع نظير الديار الخالية
والقرى البائدة ورؤوس الجبال وبطون الأودية
وقطائع الملوك وتركة من لا وارث له، أما الأنفال
بمعنى الغنائم فهي متعلقة بالمقاتلين من
المسلمين بعمل النبي (صلى الله عليه وآله)، وبقي الباقي تحت
ملك الله ورسوله.
هذا ما يفيده التأمل في كرائم
الآيات، وللمفسرين فيها أقاويل مختلفة
تعلم بالرجوع إلى مطولات التفاسير،
لا جدوى في نقلها والتعرض للنقض والإبرام
فيها (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الأنفال ما لم يوجف (2)
عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم
أعطوا بأيديهم، وكل أرض خربة، وبطون
الأودية، فهو لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو للإمام من بعده
يضعه حيث يشاء (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن الفئ والأنفال ما
كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم
صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وما كان من
أرض خربة، أو بطون الأودية، فهذا كله من الفئ
فهذا لله وللرسول، فما كان لله فهو لرسوله يضعه
حيث يشاء، وهو للإمام من بعد الرسول (4).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن الأنفال؟:
منها المعادن، والآجام (5)، وكل أرض لا رب



(1) الميزان: 9 / 5.
(2) الإيجاف: سرعة السير.
(3) الكافي: 1 / 539 / 3.
(4) تفسير العياشي: 2 / 47 / 7.
(5) الآجام جمع الأجمة - محركة -: الشجر الكثير الملتف، ويقال
له بالفارسية: " بيشه ".
3363
لها، وكل أرض باد أهلها فهو لنا (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): كل مال لا مولى له
ولا ورثة له فهو من أهل هذه الآية * (يسألونك عن
الأنفال قل الأنفال لله وللرسول) * (2).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن الأنفال: ما
كان من الأرضين باد أهلها وفي غير ذلك الأنفال
هو لنا.
وقال: سورة الأنفال فيها جدع الأنف.
وقال: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل
القرى) * (3) * (فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب
ولكن الله يسلط رسله على من يشاء) * (4).
قال: الفئ ما كان من أموال لم يكن فيها
هراقة دم أو قتل، والأنفال مثل ذلك هو بمنزلته (5).



(1) تفسير العياشي: 2 / 48 / 11 و ح 12.
(2) تفسير العياشي: 2 / 48 / 11 و ح 12.
(3) الحشر: 7 و 6.
(4) الحشر: 7 و 6.
(5) وسائل الشيعة: 6 / 367 / 11.
3364
(523)
النافلة
البحار: 81 / 1 " أغسال الواجب والمندوب ".
وسائل الشيعة: 3 / 31، 77 " النوافل ".
كنز العمال: 7 / 769، 8 / 383 " صلاة النوافل ".
انظر:
عنوان 300 " الصلاة (3): " صلاة الليل ".

3365
[3950]
النافلة
* (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك
مقاما محمودا) * (1).
* (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا
صالحين) * (2).
- الفضيل: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله
عز وجل: * (الذين هم على صلواتهم يحافظون) *
قال: هي الفريضة، قلت: * (الذين هم على
صلواتهم دائمون) * قال: هي النافلة (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن للقلوب إقبالا
وإدبارا، فإذا أقبلت فتنفلوا، وإذا أدبرت
فعليكم بالفريضة (4).
[3951]
تقديم الفرائض على النوافل
- الإمام علي (عليه السلام): لا رخصة في فرض ولا شدة
في نافلة (5).
- الإمام علي (عليه السلام): إذا أضرت النوافل
بالفرائض فارفضوها (6).
- عنه (عليه السلام): لا قربة بالنوافل إذا
أضرت بالفرائض (7).
(انظر) الفرائض: باب 3191.



(1) الإسراء: 79.
(2) الأنبياء: 72.
(3) الكافي: 3 / 269 / 12 وص 454 / 16.
(4) الكافي: 3 / 269 / 12 وص 454 / 16.
(5) بشارة المصطفى: 28.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 279، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
19 / 170.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 39، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
18 / 158.
3366
(524)
النميمة
البحار: 75 / 263 باب 67 " النميمة والسعاية ".
كنز العمال: 3 / 654، 886 " النميمة ".
وسائل الشيعة: 8 / 616 باب 164 " تحريم النميمة والمحاكاة ".
كنز العمال: 3 / 486، 815 " السعاية والإضرار ".
انظر:
الصديق: باب 2206 حديث 10262.

3367
[3952]
السعاية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): شر الناس المثلث، قيل:
يا رسول الله! وما المثلث؟ قال: الذي يسعى
بأخيه إلى السلطان فيهلك نفسه، ويهلك أخاه،
ويهلك السلطان (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إياكم وقاتل الثلاثة، فإنه
من شرار خلق الله، قيل: يا رسول الله!
وما قاتل الثلاثة؟ قال: رجل سلم أخاه
إلى سلطانه فقتل نفسه، وقتل أخاه،
وقتل سلطانه (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الساعي قاتل ثلاثة:
قاتل نفسه، وقاتل من يسعى به، وقاتل من
يسعى إليه (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سعى بأخيه إلى سلطان
أحبط الله تعالى عمله كله، وإن وصل إليه
مكروه أو أذى جعله الله تعالى مع هامان في
درجة في النار (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - لرجل رفع إليه كتابا
فيه سعاية: يا هذا! إن كنت صادقا مقتناك،
وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن أحببت القيلة
أقلناك، قال: بل تقيلني يا أمير المؤمنين (5).
- الإمام علي (عليه السلام): الساعي كاذب لمن سعى
إليه، ظالم لمن سعى عليه (6).
- عنه (عليه السلام): أكذب السعاية والنميمة، باطلة
كانت أم صحيحة (7).
- عنه (عليه السلام): شر الناس من سعى بالإخوان
ونسي الإحسان (8).
- عنه (عليه السلام): النميمة شيمة المارق (9).
- عنه (عليه السلام): أسوأ الصدق النميمة (10).
- عنه (عليه السلام): من سعى بالنميمة حاربه القريب
ومقته البعيد (11).
- عنه (عليه السلام): بئس السعي التفرقة بين
الأليفين (12).
[3953]
التحذير من النميمة
الكتاب
* (ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم) * (13).
* (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن
يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على



(1) جامع الأحاديث: 89.
(2) كنز العمال: 8846.
(3) الخصال: 108 / 73.
(4) كنز العمال: 7545.
(5) الاختصاص: 142.
(6) غرر الحكم: 1833، 2442، 5713، 900، 2939، 8781، 4412.
(7) غرر الحكم: 1833، 2442، 5713، 900، 2939، 8781، 4412.
(8) غرر الحكم: 1833، 2442، 5713، 900، 2939، 8781، 4412.
(9) غرر الحكم: 1833، 2442، 5713، 900، 2939، 8781، 4412.
(10) غرر الحكم: 1833، 2442، 5713، 900، 2939، 8781، 4412.
(11) غرر الحكم: 1833، 2442، 5713، 900، 2939، 8781، 4412.
(12) غرر الحكم: 1833، 2442، 5713، 900، 2939، 8781، 4412.
(13) القلم: 10، 11.
3368
كل شئ مقيتا) * (1).
التفسير:
الحلاف كثير الحلف، ولازم كثرة الحلف
والإقسام في كل يسير وخطير وحق وباطل،
أن لا يحترم الحالف شيئا مما يقسم به، وإذا
كان حلفه بالله فهو لا يستشعر عظمة الله عز اسمه
وكفى به رذيلة.
والمهين من المهانة بمعنى الحقارة، والمراد
به حقارة الرأي، وقيل: هو المكثار في الشر،
وقيل هو الكذاب.
والهماز مبالغة من الهمز، والمراد به العياب
والطعان، وقيل: الطعان بالعين والإشارة،
وقيل: كثير الاغتياب.
والمشاء بنميم، النميم: السعاية والإفساد،
والمشاء به هو نقال الحديث من قوم إلى قوم
على وجه الإفساد بينهم (2).
وفي مجمع البيان في تفسير قوله تعالى:
* (من يشفع شفاعة حسنة) *: قيل: فيه أقوال،
أحدها: أن معناه من يصلح بين اثنين * (يكن
له نصيب منها) * أي يكن له يكن أجر منها * (ومن
يشفع شفاعة سيئة) * أي يمشي بالنميمة * (يكن
له كفل منها) * أي إثم منها، عن الكلبي عن
ابن عباس... " (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم والنميمة
ونقل الحديث (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إياكم والعضه، النميمة
القالة بين الناس (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لأصحابه: ألا أنبئكم ما
العضة (6)؟ هي النميمة القالة بين الناس (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يعضه بعضكم بعضا (8).
- الإمام علي (عليه السلام): إياك والنميمة، فإنها
تزرع الضغينة وتبعد عن الله والناس (9).
- عنه (عليه السلام): إياكم والنمائم، فإنها تورث
الضغائن (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إياك والنميمة، فإنها
تزرع الشحناء في قلوب الرجال (11).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى النجاشي والي



(1) النساء: 85.
(2) تفسير الميزان: 19 / 371.
(3) مجمع البيان: 3 / 129.
(4) كنز العمال: 8354، 8348.
(5) كنز العمال: 8354، 8348.
(6) قال ابن الأثير في النهاية: في حديث البيعة " ولا يعضه بعضنا
بعضا " أي لا يرميه بالعضيهة، وهي البهتان والكذب، وقد عضهه
يعضهه عضها.
ومنه الحديث " ألا أنبئكم ما العضة؟ هي النميمة القالة بين
الناس " هكذا يروى في كتب الحديث، والذي جاء في كتب
الغريب: " ألا أنبئكم ما العضة؟ " بكسر العين وفتح الضاد.
وفي حديث آخر " إياكم والعضة " قال الخطابي،
قال الزمخشري: " أصلها العضهة، فعلة من العضة، وهو البهت،
فحذفت لامه كما حذفت من السنة والشفة، وتجمع على عضين،
يقال: بينهم عضة قبيحة من العضيهة ".
ومنه الحديث " أنه لعن العاضهة، والمستعضهة " قيل: هي
الساحرة والمستسحرة، وسمي السحر عضها لأنه كذب وتخييل
لا حقيقة له... النهاية: 3 / 254.
(7) صحيح مسلم: 2606.
(8) كنز العمال: 8353.
(9) غرر الحكم: 2663.
(10) البحار: 71 / 293 / 63 و 78 / 204 / 42.
(11) البحار: 71 / 293 / 63 و 78 / 204 / 42.
3369
أهواز: إياك والسعاة وأهل النمائم، فلا
يلتزقن بك أحد منهم، ولا يراك الله يوما ولا ليلة
وأنت تقبل منهم صرفا ولا عدلا، فيسخط الله
عليك ويهتك سترك (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بشراركم؟ قالوا:
بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة،
المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العيب (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): احذر الغيبة والنميمة، فإن الغيبة
تفطر، والنميمة توجب عذاب القبر (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كادت النميمة أن تكون سحرا (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن من أكبر السحر
النميمة، يفرق بها بين المتحابين، ويجلب العداوة
على المتصافيين، ويسفك بها الدماء، ويهدم بها
الدور، ويكشف بها الستور، والنمام أشر من وطئ
على الأرض بقدم (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي رأيت امرأة
رأسها رأس خنزير، وبدنها بدن الحمار، وعليها
ألف ألف لون من العذاب، فسئل ما كان عملها؟
فقال: إنها كانت نمامة كذابة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أتاني البارحة رجلان، فاكتنفاني،
فانطلقا بي، حتى أتيا على رجل في يده كلاب
يدخله في في رجل، فيشق شدقه، حتى يبلغ
لحييه، فيعود فيأخذ فيه، فقلت: من هذا؟ قال:
هم الذين يسعون بالنميمة (7).
- الإمام علي (عليه السلام): لا تعجلن إلى تصديق
واش وإن تشبه بالناصحين (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الذي يرفع الحديث
هو القتات (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يدخل الجنة نمام [وفي
رواية: قتات] (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن النميمة والحقد في النار
لا يجتمعان في قلب مسلم (11).
(انظر) المعاد: باب 2989 حديث 4216.



(1) البحار: 77 / 190 / 11.
(2) الخصال: 183 / 249.
(3) البحار: 77 / 67 / 6.
(4) كنز العمال: 8351.
(5) البحار: 63 / 21 / 14 و 75 / 264 / 7.
(6) البحار: 63 / 21 / 14 و 75 / 264 / 7.
(7) كنز العمال: 8355.
(8) غرر الحكم: 10327.
(9) كنز العمال: 8356.
(10) الترغيب والترهيب: 3 / 495 / 1 وص 498 / 5.
(11) الترغيب والترهيب: 3 / 495 / 1 وص 498 / 5.
3370
(525)
المناهي
البحار: 76 / 328 باب 67 " جوامع مناهي النبي (صلى الله عليه وآله)
انظر:
عنوان 107 " الحرام "، اللعن: باب 2574، 2575.

3371
[3954]
جوامع المناهي في
القرآن الكريم
* (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم
تذكرون... ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو
خير لكم إن كنتم تعلمون) * (1).
* (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن
والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به
سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * (2).
* (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) * (3).
* (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك
الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس
مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض
مفسدين) * (4).
* (ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض
مفسدين) * (5).
* (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا
وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين) * (6).
* (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به
شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق
نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما
بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم
وصاكم به لعلكم تعقلون * ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي
هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان
بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو
كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم
تذكرون * وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا
السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم
تتقون) * (7).
(انظر) البقرة: 25، 197، المائدة: 16،
17، الأنفال: 36، التوبة: 37.
[3955]
مناهي النبي (صلى الله عليه وآله)
- البراء بن عازب: نهى رسول الله عن سبع
وأمر بسبع: نهانا أن نتختم بالذهب، وعن
الشرب في آنية الذهب والفضة، وقال: من
شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في
الآخرة، وعن ركوب المياثر، وعن لبس
القسي، وعن لبس الحرير والديباج والإستبرق.



(1) النحل: 90 - 95.
(2) الأعراف: 33.
(3) البقرة: 195، 60.
(4) البقرة: 195، 60.
(5) الشعراء: 183.
(6) الأعراف: 56.
(7) الأنعام: 151 - 153.
3372
وأمرنا باتباع الجنائز، وعيادة
المريض، وتسميت العاطس، ونصرة المظلوم،
وإفشاء السلام، وإجابة الداعي، وإبرار
القسم. - قال الخليل بن أحمد: لعل الصواب
إبرار المقسم - (1).
- الإمام علي (عليه السلام): نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يسلم
على أربعة: على السكران في سكره، وعلى من
يعمل التماثيل، وعلى من يلعب بالنرد، وعلى من
يلعب بالأربعة عشر، وأنا أزيدكم الخامسة:
أنهاكم أن تسلموا على أصحاب الشطرنج (2).
- محمد بن هارون الزنجاني، عن علي بن
عبد العزيز، عن أبي عبيد القاسم بن سلام بأسانيد
متصلة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في أخبار متفرقة أنه:
نهي عن المحاقلة والمزابنة.
فالمحاقلة بيع الزرع وهو في سنبله بالبر،
وهو مأخوذ من الحقل، والحقل هو الذي تسميه
أهل العراق القراح، ويقال في مثل: " لا تنبت
البقلة إلا الحقلة ". والمزابنة بيع التمر
في رؤوس النخل بالتمر (3).
- " ورخص النبي (صلى الله عليه وآله) في العرايا ".
واحدها عرية، وهي النخلة يعريها صاحبها
رجلا محتاجا، والإعراء أن يجعل له ثمرة عامها،
يقول: رخص لرب النخل أن يبتاع من تلك النخلة
من المعرا بتمر لموضع حاجته.
قال: وكان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا بعث الخراص
قال: خففوا في الخرص، فان في المال
العرية والوصية (4).
- قال: " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن المخابرة ".
وهي المزارعة بالنصف والثلث والربع وأقل
من ذلك وأكثر، وهو الخبر أيضا، وكان أبو عبيد
يقول: لهذا سمي الأكار الخبير، لأنه يخبر
الأرض، والمخابرة: المواكرة، والخبرة: الفعل،
والخبير: الرجل، ولهذا سمي الأكار لأنه يؤاكر
الأرض أي يشقها (5).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن المخاضرة ".
وهو أن تباع الثمار قبل أن يبدو صلاحها وهي
خضر بعد، ويدخل في المخاضرة أيضا بيع
الرطاب والبقول وأشباههما (6).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن بيع التمر قبل أن يزهو ".
وزهوه أن يحمر أو يصفر، وفي حديث آخر
نهى عن بيعه قبل أن يشقح، ويقال: يشقح،
والتشقيح هو الزهو أيضا، وهو معنى قوله:
" حتى تأمن العاهة " والعاهة الآفة تصيبه (7).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن المنابذة والملامسة
وبيع الحصاة ".
ففي كل واحدة منها قولان: أما المنابذة
فيقال: إنها أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ
إلي الثوب أو غيره من المتاع، أو أنبذه إليك
وقد وجب البيع بكذا وكذا، ويقال: إنما هو
أن يقول الرجل: إذا نبذت الحصاة فقد وجب
البيع (5) وهو معنى قوله: أنه نهى عن بيع
الحصاة. والملامسة أن تقول: إذا لمست ثوبي



(1) البحار: 76 / 340 / 9.
(2) الخصال: 237 / 80.
(3) معاني الأخبار: 277.
(4) معاني الأخبار: 277، 278.
(5) معاني الأخبار: 277، 278.
(6) معاني الأخبار: 277، 278.
(7) معاني الأخبار: 277، 278.
3373
أو لمست ثوبك فقد وجب البيع بكذا وكذا.
ويقال: بل هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب
ولا ينظر إليه فيقع البيع على ذلك، وهذه بيوع
كان أهل الجاهلية يتبايعونها فنهى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عنها لأنها غرر كلها (1).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن المجر ".
وهو أن يباع البعير أو غيره بما في بطن
الناقة، ويقال منه: أمجرت في البيع إمجارا (2).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن الملاقيح والمضامين ".
فالملاقيح ما في البطون وهي الأجنة
والواحدة منها " ملقوحة "، وأما المضامين
فمما في أصلاب الفحول، وكانوا يبيعون
الجنين في بطن الناقة وما يضرب الفحل في
عامه أو في أعوام (3).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن بيع حبل الحبلة ".
فمعناه ولد ذلك الجنين الذي في بطن الناقة،
وقال غيره: هو نتاج النتاج وذلك غرر... (4).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن تقصيص القبور ".
وهو التجصيص، وذلك أن الجص يقال له:
القصة، يقال منه: قصصت القبور والبيوت
إذا جصصتها (5).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن قيل وقال، وكثرة السؤال،
وإضاعة المال، ونهى عن عقوق الأمهات ووأد
البنات ومنع [ال‍] - وهات ".
يقال: إن قوله: " إضاعة المال " يكون
في وجهين: أما أحدهما - وهو الأصل - فما
انفق في معاصي الله عز وجل من قليل أو
كثير، وهو السرف الذي عابه الله تعالى ونهى
عنه، والوجه الآخر دفع المال إلى ربه وليس
له بموضع، قال الله عز وجل: * (وابتلوا اليتامى
حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا) * وهو
العقل * (فادفعوا إليهم أموالهم) * (6) وقد قيل: إن
الرشد صلاح في الدين وحفظ المال.
وأما كثرة السؤال فإنه نهى عن مسألة الناس
أموالهم، وقد يكون أيضا من السؤال عن الأمور
وكثرة البحث عنها، كما قال عز وجل: * (لا تسألوا
عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) * (7).
وأما وأد البنات فإنهم كانوا يدفنون بناتهم
أحياء، ولهذا كانوا يسمون القبر صهرا.
وأما قوله: " نهى عن قيل وقال " القال مصدر،
ألا ترى أنه يقول: " عن قيل وقال " فكأنه
قال: عن قيل وقول، يقال على هذا: قلت قولا
وقيلا وقالا، وفي حرف عبد الله (8) * (ذلك عيسى
ابن مريم قال الحق) * (9) وهو من هذا، فكأنه
قال: قول الحق (10).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن التبقر في الأهل والمال ".
قال الأصمعي: أصل التبقر التوسع والتفتح،
ومنه يقال: بقرت بطنه، إنما هو شققته وفتحته،
وسمي أبو جعفر (عليه السلام) " الباقر " لأنه بقر العلم أي



(1) معاني الأخبار: 278، 279.
(2) معاني الأخبار: 278، 279.
(3) معاني الأخبار: 278، 279.
(4) معاني الأخبار: 278، 279.
(5) معاني الأخبار: 278، 279.
(6) النساء: 6.
(7) المائدة: 101.
(8) يعني قراءة عبد الله بن مسعود. ظاهرا.
(9) مريم: 34.
(10) معاني الأخبار: 280.
3374
شقه وفتحه (1).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) أن يدبح الرجل في الصلاة كما
يدبح الحمار ".
ومعناه أن يطأطئ الرجل رأسه في الركوع
حتى يكون أخفض من ظهره " وكان (صلى الله عليه وآله) إذا ركع
لم يصوب رأسه ولم يقنعه " معناه أنه لم يرفعه
حتى يكون أعلى من جسده، ولكن بين ذلك،
والإقناع رفع الرأس وإشخاصه، قال الله تعالى:
* (مهطعين مقنعي رؤوسهم) * (2) والذي يستحب من
هذا أن يستوي ظهر الرجل ورأسه في الركوع،
لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا ركع لو صب على ظهره
ماء لاستقر، وقال الصادق (عليه السلام): لا صلاة لمن لم
يقم صلبه في ركوعه وسجوده (3).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن اختناث الأسقية ".
ومعنى الاختناث أن يثني أفواهها ثم
يشرب منها، وأصل الاختناث التكسر، ومن هذا
سمي المخنث لتكسره، وبه سميت المرأة
خنثى، ومعنى الحديث في النهي عن اختناث
الأسقية يفسر على وجهين: أحدهما: أنه
يخاف أن يكون فيه دابة، والذي دار عليه
معنى الحديث أنه (صلى الله عليه وآله) نهى عن أن يشرب من
أفواهها (4).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن الجداد بالليل ".
يعني جداد النخل، والجداد الصرام، وإنما
نهى عنه بالليل لأن المساكين لا يحضرونه (5).
- " وقال لا تعضية في ميراث ".
ومعناه أن يموت الرجل ويدع شيئا إن قسم
بين ورثته - إذا أراد بعضهم القسمة - كان في
ذلك ضرر عليهم، أو على بعضهم، يقول: فلا
يقسم ذلك وتلك التعضية، وهي التفريق، وهي
مأخوذ من الإعضاء يقال: عضيت اللحم إذا
فرقته، وقال الله عز وجل: * (الذين جعلوا القرآن
عضين) * (6) أي آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، وهذا
من التعضية أيضا أنهم فرقوه، والشئ الذي
لا يحتمل القسمة مثل الحبة من الجوهر لأنها إن
فرقت لم ينتفع بها، وكذلك الحمام إذا قسم،
وكذلك الطيلسان من الثياب وما أشبه ذلك من
الأشياء، وهذا باب جسيم من الحكم يدخل فيه
الحديث الآخر " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام "
فإن أراد بعض الورثة قسمة ذلك لم يجب إليه
ولكنه يباع ثم يقسم ثمنه بينهم (7).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن لبستين: اشتمال الصماء
وأن يحتبي الرجل بثوب ليس بين فرجه وبين
السماء شئ ".
قال الأصمعي: اشتمال الصماء عند العرب أن
يشتمل الرجل بثوبه فيجلل به جسده كله ولا يرفع
منه جانبا فيخرج منه يده، وأما الفقهاء فإنهم
يقولون: هو أن يشتمل الرجل بثوب واحد ليس
عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على
منكبه يبدو منه فرجه، وقال الصادق (عليه السلام): التحاف
الصماء هو أن يدخل الرجل رداءه تحت إبطه ثم
يجعل طرفيه على منكب واحد، وهذا هو التأويل



(1) معاني الأخبار: 280.
(2) إبراهيم: 43.
(3) معاني الأخبار: 280، 281.
(4) معاني الأخبار: 280، 281.
(5) معاني الأخبار: 280، 281.
(6) الحجر: 91.
(7) معاني الأخبار: 281.
3375
الصحيح دون ما خالفه (1).
- " ونهى (صلى الله عليه وآله) عن ذبائح الجن ".
وذبائح الجن أن يشتري الدار أو يستخرج
العين أو ما أشبه ذلك فيذبح له ذبيحة للطيرة،
قال أبو عبيد: معناه أنهم كانوا يتطيرون إلى
هذا الفعل مخافة إن لم يذبحوا أو يطعموا أن
يصيبهم فيها شئ من الجن، فأبطل النبي (صلى الله عليه وآله)
هذا ونهى عنه (2).
- وقال (صلى الله عليه وآله): " لا يوردن ذو عاهة على مصح ".
يعني الرجل يصيب إبله الجرب أو الداء فقال:
لا يوردنها على مصح وهو الذي إبله وماشيته
صحاح بريئة من العاهة، قال أبو عبيد: وجهه
عندي - والله أعلم - أنه خاف أن ينزل بهذه
الصحاح من الله عز وجل ما نزل بتلك، فيظن
المصح أن تلك أعدتها فيأثم في ذلك (3).
- وقال (صلى الله عليه وآله): " لا تصروا الإبل والغنم، من
اشترى مصراة فهو بآخر النظرين، إن شاء
ردها ورد معها صاعا من تمر ".
المصراة يعني الناقة أو البقرة أو الشاة
قد صري اللبن في ضرعها، يعني حبس فيه
وجمع ولم يحلب أياما، وأصل التصرية حبس
الماء وجمعه، يقال: منه صريت الماء وصريته،
ويقال: " ماء صرى " مقصورا، ويقال: منه سميت
المصراة كأنها مياه اجتمعت، وفي حديث آخر:
" من اشترى محفلة فردها فليرد معها صاعا "
وإنما سميت محفلة لأن اللبن حفل في ضرعها
واجتمع وكل شئ كثرته فقد حفلته، ومنه قيل:
قد أحفل القوم إذا اجتمعوا وكثروا، ولهذا سمي
محفل القوم، وجمع المحفل محافل (4).
- وقوله (صلى الله عليه وآله): " لا خلابة " يعني الخداعة، يقال:
خلبته أخلبه خلابة إذا خدعته (5).
- ونهى (صلى الله عليه وآله) عن الإرفاء، وهي كثرة التدهن (6).
- وقال (صلى الله عليه وآله): " إياكم والقعود بالصعدات، إلا
من أدى حقها ".
الصعدات الطرق، وهو مأخوذ من الصعيد،
والصعيد التراب، وجمع الصعيد الصعد، ثم
الصعدات جمع الجمع، كما يقال: طريق وطرق ثم
طرقات، قال الله عز وجل * (فتيمموا صعيدا
طيبا) * (7) فالتيمم التعمد للشئ يقال منه: أمت
فلانا [فأنا] أؤمه أما وتأممته وتيممته كله
تعمدته وقصدت له، وقد روي عن الصادق (عليه السلام)
أنه قال: الصعيد الموضع المرتفع، والطيب
[الموضع] الذي ينحدر عنه الماء (8).
- وقال (صلى الله عليه وآله): " لا غرار في الصلاة ولا تسليم ".
الغرار النقصان، أما في الصلاة ففي ترك إتمام
ركوعها وسجودها، ونقصان اللبث في ركعة عن
اللبث في الركعة الأخرى، ومنه قول الصادق (عليه السلام):
الصلاة ميزان، من وفى استوفى، ومنه قول
النبي (صلى الله عليه وآله): الصلاة مكيال فمن وفى وفي له، فهذا
الغرار في الصلاة. وأما الغرار في التسليم



(1) معاني الأخبار: 281، 282.
(2) معاني الأخبار: 281، 282.
(3) معاني الأخبار: 282، إنما فسر الحديث هكذا، لما روي عنه (صلى الله عليه وآله)
أنه قال: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا شؤم ولا سفر... الحديث.
(4) معاني الأخبار: 282، 282، 283.
(5) معاني الأخبار: 282، 282، 283.
(6) معاني الأخبار: 282، 282، 283.
(7) النساء: 43، المائدة: 6.
(8) معاني الأخبار: 283.
3376
فأن يقول الرجل: السلام عليك [أ] ويرده فيقول:
وعليك، ولا يقول وعليكم السلام، ويكره تجاوز
الحد في الرد كما يكره الغرار، وذلك أن
الصادق (عليه السلام) سلم على رجل فقال له الرجل:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته
ورضوانه، فقال: لا تجاوزوا بنا قول الملائكة
لأبينا إبراهيم (عليه السلام) * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل
البيت إنه حميد مجيد) * (1).
- وقال (صلى الله عليه وآله): " لا تناجشوا ولا تدابروا ".
معناه أن يزيد الرجل الرجل في ثمن السلعة
وهو لا يريد شراءها، ولكن ليسمعه غيره فيزيد
لزيادته، والناجش الخائن. وأما التدابر
فالمصارمة والهجران، مأخوذ من أن يولي الرجل
صاحبه دبره ويعرض عنه بوجهه (2).
- محمد بن موسى بن الموكل رضي الله عنه
قال: حدثني محمد بن جعفر قال: حدثني موسى
بن عمران قال: حدثني عمي الحسين بن يزيد،
عن حماد بن عمرو النصيبي، عن أبي الحسن
الخراساني، عن ميسرة بن عبد الله، عن أبي
عائشة السعدي، عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز،
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة،
وعبد الله بن عباس قالا: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل
وفاته - وهي آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى
لحق بالله عز وجل - فوعظ بمواعظ ذرفت منها
العيون، ووجلت منها القلوب، واقشعرت منها
الجلود، وتقلقلت منها الأحشاء، أمر بلالا
فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس، وخرج
رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى ارتقى المنبر فقال: أيها الناس
ادنوا ووسعوا لمن خلفكم [قالها ثلاث مرات]
فدنا الناس وانضم بعضهم إلى بعض، فالتفتوا فلم
يروا خلفهم أحدا، ثم قال:
يا أيها الناس: ادنوا ووسعوا لمن خلفكم،
فقال رجل: يا رسول الله لمن نوسع؟ قال:
للملائكة، فقال: إنهم إذا كانوا معكم لم يكونوا من
بين أيديكم ولا من خلفكم ولكن يكونون عن
أيمانكم وعن شمائلكم، فقال رجل:
يا رسول الله لم لا يكونون من بين أيدينا ولا من
خلفنا، أمن فضلنا عليهم أم فضلهم علينا؟ فقال:
أنتم أفضل من الملائكة، اجلس فجلس الرجل
فخطب رسول الله فقال:
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل
عليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأن محمدا عبده ورسوله، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا
مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أيها الناس إنه
كائن في هذه الأمة ثلاثون كذابا، أول من يكون
منهم صاحب صنعاء وصاحب اليمامة (3)، يا أيها
الناس إنه من لقى الله عز وجل يشهد أن لا إله
إلا الله مخلصا لم يخلط معها غيرها دخل الجنة.
فقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا رسول الله
بأبي أنت وأمي كيف يقولها مخلصا لا يخلط معها
غيرها؟ فسر لنا هذا حتى نعرفه، فقال: نعم



(1) معاني الأخبار: 283 - 284.
(2) معاني الأخبار: 283 - 284.
(3) المراد بصاحب صنعاء الأسود بن كعب العنسي الذي يدعي
النبوة، وبصاحب اليمامة مسيلمة الكذاب الذي قتله وحشي
مولى جبير بن مطعم قاتل حمزة. كما عن هامش ثواب الأعمال.
3377
حرصا على الدنيا وجمعا لها من غير حلها،
ورضى بها، وأقوام يقولون أقاويل الأخيار
ويعملون عمل الجبابرة [والفجار]، فمن لقي
الله عز وجل وليس فيه شئ من هذه الخصال وهو
يقول: لا إله إلا الله فله الجنة، فإن أخذ
الدنيا وترك الآخرة فله النار (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ومن تولى خصومة ظالم أو
أعانه عليها، نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنة
الله ونار جهنم خالدا فيها وبئس المصير (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن خف لسلطان جائر في حاجة
كان قرينه في النار (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن دل سلطانا على الجور قرن
مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد أهل
النار عذابا (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن عظم صاحب دنيا وأحبه
لطمع دنياه، سخط الله عليه وكان في درجة مع
قارون في التابوت الأسفل من النار (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن بنى بنيانا رياء وسمعة
حمله يوم القيامة إلى سبع أرضين، ثم يطوقه
نارا توقد في عنقه، ثم يرمي به في النار، فقلنا:
يا رسول الله! كيف يبني رياء وسمعة؟ قال: يبني
فضلا على ما يكفيه أو يبني مباهاة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن ظلم أجيرا أجره أحبط الله
عمله وحرم عليه ريح الجنة، وريحها يوجد
من مسيرة خمسمائة عام (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن خان جاره شبرا من الأرض
طوقه الله تعالى يوم القيامة إلى سبع أرضين
نارا حتى يدخله نار جهنم (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن تعلم القرآن ثم نسيه
متعمدا لقي الله يوم القيامة مجذوما مغلولا،
ويسلط الله عليه بكل آية حية موكلة به (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن تعلم القرآن فلم يعمل به
وآثر عليه حب الدنيا وزينتها، استوجب سخط الله
تعالى وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى الذين
ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن نكح امرأة حراما في دبرها
أو رجلا أو غلاما حشره الله تعالى يوم القيامة أنتن
من الجيفة، يتأذى به الناس حتى يدخل جهنم،
ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، وأحبط الله
عمله، ويدعه في تابوت (11) مشدودا بمسامير من
حديد ويضرب عليه في التابوت بصفايح حتى
يتشبك في تلك المسامير، فلو وضع عرق من
عروقه على أربعمائة أمة (12) لماتوا جميعا، وهو
من أشد الناس عذابا (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن زنى بامرأة يهودية أو نصرانية
أو مجوسية أو مسلمة حرة أو أمة أو من كانت من
الناس، فتح الله عليه في قبره ثلاثمائة ألف باب
من النار، تخرج منها حيات وعقارب وشهب



(1) ثواب الأعمال: (330 - 331) / 1.
(2) ثواب الأعمال: (330 - 331) / 1.
(3) ثواب الأعمال: (330 - 331) / 1.
(4) ثواب الأعمال: (330 - 331) / 1.
(5) ثواب الأعمال: (330 - 331) / 1.
(6) ثواب الأعمال: (330 - 331) / 1.
(7) ثواب الأعمال: (330 - 331) / 1.
(8) ثواب الأعمال: (331 - 332) / 1.
(9) ثواب الأعمال: (331 - 332) / 1.
(10) ثواب الأعمال: (331 - 332) / 1.
(11) في بعض النسخ " يدخل في تابوت ". كما في هامش ثواب
الأعمال.
(12) في بعض النسخ " على أربعمائة ألف لماتوا " كما في هامش
ثواب الأعمال.
(13) ثواب الأعمال: 332 / 1، وفي بعض النسخ " أشد أهل النار
عذابا ". كما في هامش ثواب الأعمال.
3378
من نار، فهو يحترق إلى يوم القيامة، ويتأذى
الناس من نتن فرجه فيعرف به إلى يوم القيامة
حتى يؤمر به إلى النار، فيتأذى به أهل الجمع مع
ما هم فيه من شدة العذاب، لأن الله حرم المحارم،
وما أحد أغير من الله تعالى، ومن غيرته أنه حرم
الفواحش وحد الحدود (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أطلع في بيت جاره فنظر إلى
عورة رجل أو شعر امرأة أو شئ من جسدها،
كان حقا على الله أن يدخله النار مع المنافقين
الذين كانوا يتبعون عورات الناس في الدنيا،
ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ويبدي
للناس عورته في الآخرة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن سخط الله برزقه وبث شكواه
ولم يصبر، لم ترفع له إلى الله حسنة، ولقي الله
تعالى وهو عليه غضبان (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن ظلم امرأة مهرها فهو عند الله
زان، ويقول الله له يوم القيامة: عبدي زوجتك
أمتي على عهدي فلم تف لي بالعهد، فيتولى
الله عز وجل طلب حقها، فيستوعب حسناته كلها
فلا يفي بحقها فيؤمر به إلى النار (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن رجع عن شهادته وكتمها
أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق، ويدخل
النار وهو يلوك لسانه (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن كانت له امرأتان فلم يعدل
بينهما في القسم من نفسه وماله، جاء يوم
القيامة مغلولا مائلا شقه حتى يدخل النار (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن كان مؤذيا لجاره من غير
حق حرمه الله ريح الجنة ومأواه النار، ألا وإن الله
عز وجل يسأل الرجل عن حق جاره، ومن ضيع
حق جاره فليس منا (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أهان فقيرا مسلما من
أجل فقره واستخف به فقد استخف بحق الله، ولم
يزل في مقت الله عز وجل وسخطه حتى يرضيه،
ومن أكرم فقيرا مسلما لقي الله يوم القيامة وهو
يضحك إليه (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن عرضت له دنيا وآخرة فاختار
الدنيا على الآخرة لقي الله تعالى وليست له حسنة
يتقي بها النار، ومن أخذ الآخرة وترك الدنيا لقي
الله عز وجل يوم القيامة وهو راض عنه (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن قدر على امرأة أو جارية
حراما فتركها مخافة الله حرم الله عز وجل عليه
النار، وآمنه الله تعالى من الفزع الأكبر وأدخله الله
الجنة، وإن أصابها حراما حرم الله عليه الجنة
وأدخله النار (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن اكتسب مالا حراما لم يقبل
الله منه صدقة ولا عتقا ولا حجا ولا اعتمارا، و
كتب الله عز وجل بعدد أجر ذلك أوزارا، وما بقي
منه بعد موته كان زاده إلى النار، ومن قدر عليها
وتركها مخافة الله كان في محبة الله ورحمته ويؤمر
به إلى الجنة (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن صافح امرأة حراما جاء



(1) ثواب الأعمال: (332 - 333) / 1.
(2) ثواب الأعمال: (332 - 333) / 1.
(3) ثواب الأعمال: (332 - 333) / 1.
(4) ثواب الأعمال: (332 - 333) / 1.
(5) ثواب الأعمال: 333 / 1، لاك اللقمة: مضغها وأدارها في فمه.
كما في هامش ثواب الأعمال.
(6) ثواب الأعمال: (333 - 334) / 1.
(7) ثواب الأعمال: (333 - 334) / 1.
(8) ثواب الأعمال: (333 - 334) / 1.
(9) ثواب الأعمال: (333 - 334) / 1.
(10) ثواب الأعمال: (333 - 334) / 1.
(11) ثواب الأعمال: (333 - 334) / 1.
3379
يوم القيامة مغلولا، ثم يؤمر به إلى النار (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن فاكه امرأة لا يملكها حبس
بكل كلمة كلمها في الدنيا ألف عام [في النار]،
والمرأة إذا طاوعت الرجل فالتزمها أو قبلها أو
باشرها حراما أو فاكهها وأصاب منها فاحشة
فعليها من الوزر ما على الرجل، فإن غلبها على
نفسها كان على الرجل وزره ووزرها (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن غش مسلما في بيع أو شراء
فليس منا، ويحشر مع اليهود يوم القيامة، لأنه من
غش الناس فليس بمسلم (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن منع الماعون (4) من جاره إذا
احتاج إليه منعه الله فضله يوم القيامة ووكله
إلى نفسه، ومن وكله الله عز وجل إلى نفسه هلك
ولا يقبل الله عز وجل عذرا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن كانت له امرأة تؤذيه لم يقبل
الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه
وترضيه، وإن صامت الدهر وقامت الليل وأعتقت
الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله، وكانت أول
من يرد النار (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - ثم قال -: وعلى الرجل مثل
ذلك الوزر والعذاب إذا كان لها مؤذيا ظالما (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن لطم خد مسلم لطمة بدد الله
عظامه يوم القيامة ثم سلط الله عليه النار،
وحشر مغلولا حتى يدخل النار (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن بات وفي قلبه غش لأخيه
المسلم بات في سخط الله تعالى وأصبح كذلك،
وهو في سخط الله حتى يتوب ويرجع، وإن مات
كذلك مات على غير دين الإسلام، ثم قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): ألا ومن غش مسلما فليس منا - قالها
ثلاث مرات - (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن علق سوطا بين يدي سلطان
جائر جعله الله حية طولها ستون ألف ذراع،
فتسلط عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن اغتاب أخاه المسلم
بطل صومه وانتقض وضوؤه، فإن مات وهو كذلك
مات وهو مستحل لما حرم الله (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن مشى في نميمة بين اثنين
سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة،
وإذا خرج من قبره سلط الله عليه تنينا أسود
ينهش لحمه حتى يدخل النار (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن كظم غيظه وعفا عن
أخيه المسلم، وحلم عن أخيه المسلم أعطاه الله
تعالى أجر شهيد (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن بغى على فقير أو تطاول
عليه واستحقره، حشره الله يوم القيامة مثل الذرة
في صورة رجل حتى يدخل النار (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن رد عن أخيه غيبة سمعها
في مجلس رد الله عز وجل عنه ألف باب من الشر
في الدنيا والآخرة، فإن لم يرد عنه وأعجبه



(1) ثواب الأعمال: 334 / 1.
(2) ثواب الأعمال: 334 / 1.
(3) ثواب الأعمال: 334 / 1.
(4) الماعون: كل ما فيه منفعة، أو كل ما يتعاوره الناس بينهم من
الدلو والفأس والقدر وأمثالها، أو مالا يمنع كالماء والملح. كما
في هامش ثواب الأعمال.
(5) ثواب الأعمال: (334 - 335) / 1.
(6) ثواب الأعمال: (334 - 335) / 1.
(7) ثواب الأعمال: (334 - 335) / 1.
(8) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(9) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(10) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(11) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(12) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(13) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(14) ثواب الأعمال: 335 / 1.
3380
كان عليه كوزر من اغتاب (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن رمى محصنا أو محصنة
أحبط الله عمله وجلده يوم القيامة سبعون ألف
ملك من بين يديه ومن خلفه، وتنهش لحمه
حيات وعقارب، ثم يؤمر به إلى النار (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن شرب الخمر في الدنيا سقاه
الله من سم الأفاعي (3) ومن سم العقارب شربة
يتساقط لحم وجهه في الإناء قبل أن يشربها،
فإذا شربها تفسخ لحمه وجلده كالجيفة، يتأذى
به أهل الجمع حتى يؤمر به إلى النار، وشاربها
وعاصرها ومعتصرها [في النار]، وبايعها
ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها
سواء في عارها وإثمها، ألا ومن سقاها يهوديا
أو نصرانيا أو صابيا أو من كان من الناس فعليه
كوزر من شربها، ألا ومن باعها أو اشتراها لغيره
لم يقبل الله تعالى منه صلاة ولا صياما ولا حجا
ولا اعتمارا حتى يتوب منها، وإن مات قبل أن
يتوب كان حقا على الله تعالى أن يسقيه بكل
جرعة شرب منها في الدنيا شربة من صديد
جهنم. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا وإن الله حرم
الخمر بعينها والمسكر من كل شراب، ألا وكل
مسكر حرام (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أكل الربا ملأ الله بطنه من
نار جهنم بقدر ما أكل، وإن اكتسب منه مالا
لا يقبل الله تعالى منه شيئا من عمله، ولم
يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده منه
قيراط [واحد] (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن خان أمانة في الدنيا ولم
يردها على أربابها مات على غير دين الإسلام،
ولقي الله عز وجل وهو عليه غضبان، فيؤمر به إلى
النار، فيهوى به في شفير جهنم أبد الآبدين (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن شهد شهادة زور على رجل
مسلم أو ذمي أو من كان من الناس علق بلسانه
يوم القيامة، وهو مع المنافقين في الدرك الأسفل
من النار (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن قال لخادمه أو مملوكه ومن
كان من الناس: لا لبيك ولا سعديك، قال الله
عز وجل له يوم القيامة: لا لبيك ولا سعديك اتعس
في النار (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أضر بامرأة حتى تفتدي منه
نفسها لم يرض الله تعالى له بعقوبة دون النار، لأن
الله تعالى يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن سعى بأخيه إلى سلطان - لم
يبد له منه سوء ولا مكروه - أحبط الله عز وجل كل
عمل عمله، فإن وصل إليه منه سوء أو مكروه أو
أذى جعله الله في طبقة مع هامان في جهنم (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن قرأ القرآن يريد به السمعة
والتماس شئ، لقي الله عز وجل يوم القيامة



(1) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(2) ثواب الأعمال: 335 / 1.
(3) في بعض النسخ " سم الأساود " والمراد الحيات السود. كما في
هامش ثواب الأعمال.
(4) ثواب الأعمال: 336 / 1.
(5) ثواب الأعمال: 336 / 1.
(6) ثواب الأعمال: 336 / 1.
(7) ثواب الأعمال: 336 / 1.
(8) ثواب الأعمال: 336 / 1، تعس: أكب، وأتعسه الله أي أهلكه وأشقاه،
وفي بعض النسخ " انغمس ". كما في هامش ثواب الأعمال.
(9) ثواب الأعمال: 336 / 1 و 337 / 1.
(10) ثواب الأعمال: 336 / 1 و 337 / 1.
3381
ووجهه عظم ليس عليه لحم، وزج القرآن (1)
في قفاه حتى يدخل النار، ويهوى فيها
مع من يهوى (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن قرأ القرآن ولم يعمل به
حشره الله يوم القيامة أعمى، فيقول: * (رب
لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك
أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) * فيؤمر
به إلى النار (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن اشترى خيانة وهو يعلم أنها
خيانة، فهو كمن خانها في عارها وإثمها (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن قاد بين رجل وامرأة حراما
حرم الله عليه الجنة، ومأواه جهنم وساءت
مصيرا، ولم يزل في سخط الله حتى يموت (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن غش أخاه المسلم نزع الله
منه بركة رزقه، وأفسد عليه معيشته، ووكله
إلى نفسه (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن اشترى سرقة وهو يعلم أنها
سرقة، فهو كمن سرقها في عارها وإثمها (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن خان مسلما فليس منا ولسنا
منه في الدنيا والآخرة (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها
فهو كمن أتاها، ومن سمع خيرا فأفشاه فهو
كمن عمله (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن وصف امرأة لرجل وذكر
جمالها له، فافتتن بها الرجل فأصاب
منها فاحشة، لم يخرج من الدنيا حتى يغضب
الله عليه، ومن غضب الله عليه غضبت عليه
السماوات السبع، والأرضون السبع وكان
عليه من الوزر مثل الذي أصابها، قيل:
يا رسول الله! فإن تابا وأصلحا؟ قال: يتوب الله
تعالى عليهما ولم يقبل توبة الذي يخطبها (10) بعد
الذي وصفها (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن ملأ عينيه من امرأة حراما
حشاهما الله عز وجل يوم القيامة بمسامير من نار،
وحشاهما نارا حتى يقضي بين الناس، ثم يؤمر به
إلى النار (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أطعم طعاما رياء
وسمعة أطعمه الله تعالى مثله من صديد جهنم،
وجعل ذلك الطعام نارا في بطنه حتى يقضي
بين الناس (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن فجر بامرأة ولها بعل،
تفجر من فرجهما من صديد واد مسيرة خمسمائة
عام، يتأذى به أهل النار من نتن ريحهما، وكانا
من أشد الناس عذابا (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): واشتد غضب الله عز وجل
على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير
زوجها أو غير ذي محرم منها، فإنها
إن فعلت ذلك أحبط الله كل عمل عملته،
فإن أوطأت فراش غيره كان حقا على الله
تعالى أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها
في قبرها (15).



(1) أي طعن، والزج - بالزاي والجيم المعجمتين -: الطعن. كما في
هامش ثواب الأعمال.
(2) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(3) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(4) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(5) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(6) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(7) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(8) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(9) ثواب الأعمال: 337 / 1.
(10) في بعض النسخ " يخطيها ". كما في هامش ثواب الأعمال.
(11) ثواب الأعمال: 337 / 1 و 338 / 1.
(12) ثواب الأعمال: 337 / 1 و 338 / 1.
(13) ثواب الأعمال: 337 / 1 و 338 / 1.
(14) ثواب الأعمال: 337 / 1 و 338 / 1.
(15) ثواب الأعمال: 337 / 1 و 338 / 1.
3382
- عنه (صلى الله عليه وآله): وأيما امرأة اختلعت (1) من زوجها
لم تزل في لعنة الله وملائكته ورسله والناس
أجمعين، حتى إذا نزل بها ملك الموت قال لها:
أبشري بالنار، وإذا كان يوم القيامة قيل لها:
ادخلي النار مع الداخلين، ألا وإن الله تعالى
ورسوله بريئان من المختلعات بغير حق، ألا وإن
الله عز وجل ورسوله بريئان ممن أضر بامرأة حتى
تختلع منه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أم قوما بإذنهم وهم
عنه راضون، فاقتصد بهم في حضوره
وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده وقيامه،
فله مثل أجرهم (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أم قوما فلم يقتصد بهم
في حضوره وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده
وقيامه، ردت عليه صلاته ولم تجاوز تراقيه،
وكانت منزلته عند الله تعالى كمنزلة إمام جائر
معتد لم يصلح لرعيته، ولم يقم فيهم بأمر
الله عز وجل. فقام أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب (عليه السلام) فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي وما
منزلة إمام جائر معتد لم يصلح لرعيته ولم يقم
فيهم بأمر الله تعالى؟ قال: هو رابع أربعة من أشد
الناس عذابا يوم القيامة: إبليس، وفرعون، وقاتل
النفس، ورابعهم سلطان جائر (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن احتاج إليه أخوه المسلم
في قرض فلم يقرضه، حرم الله عليه الجنة يوم
يجزي المحسنين (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن صبر على سوء خلق امرأته
واحتسبه أعطاه الله تعالى بكل يوم وليلة يصبر
عليها من الثواب ما أعطى أيوب (عليه السلام) على بلائه،
وكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة مثل رمل
عالج (6)، فإن ماتت قبل أن تعينه وقبل أن يرضى
عنها حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين
في الدرك الأسفل من النار (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن كانت له امرأة لم توافقه
ولم تصبر على ما رزقه الله تعالى وشقت عليه
وحملته ما لم يقدر عليه لم يقبل الله منها حسنة
تتقي بها حر النار، وغضب الله عليها ما دامت
كذلك (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن أكرم أخاه فإنما يكرم الله (9)،
فما ظنكم بمن يكرم الله (10) بأن يفعل به! (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن تولى عرافة قوم ولم
يحسن فيهم، حبس على شفير جهنم بكل
يوم ألف سنة وحشر ويده مغلولة إلى عنقه،
فإن كان قام فيهم بأمر الله تعالى أطلقه
الله تعالى، وإن كان ظالما هوى به في نار
جهنم سبعين خريفا (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن لم يحكم بما أنزل الله

3383
كان كمن شهد شهادة زور ويقذف به في النار [و]
يعذب بعذاب شاهد الزور (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن كان ذا وجهين وذا لسانين،
كان ذا وجهين وذا لسانين يوم القيامة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن مشى في صلح بين اثنين
صلى عليه ملائكة الله حتى يرجع، وأعطي
أجر ليلة القدر (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن مشى في قطيعة بين اثنين كان
عليه من الوزر بقدر ما لمن أصلح بين اثنين من
الأجر، مكتوب عليه لعنة الله حتى يدخل جهنم
فيضاعف له العذاب (4).
- الإمام علي (عليه السلام): نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن
الأكل على الجنابة، وقال: إنه يورث الفقر،
ونهى عن تقليم الأظفار بالأسنان، وعن السواك
في الحمام... الحديث (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى كره
لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة ونهاكم
عنها: كره لكم العبث في الصلاة، وكره المن
في الصدقة... الحديث (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تؤوا منديل اللحم في البيت فإنه
مربض الشيطان، ولا تؤوا التراب خلف الباب
فإنه مأوى الشيطان... الحديث (7).

3384
(526)
النور
انظر:
الإمامة: باب 136، الجنة: باب 555 حديث 2602 / وباب 562 حديث 2641، الأمثال:
باب 3605، المعاد (3): باب 2988، المعرفة (3): باب 2639، الوضوء: باب 4103،
الظلم: باب 2448، الملائكة: باب 3706.

3385
[3956]
نور النور
الكتاب
* (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها
مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري
يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية
يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي
الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل
شئ عليم) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا نور النور، يا منور
النور، يا خالق النور، يا مدبر النور، يا مقدر
النور، يا نور كل نور، يا نورا قبل كل نور،
يا نورا بعد كل نور، يا نورا فوق كل نور، يا نورا
ليس كمثله نور (2).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - فيما كتب إلى علي
ابن سويد وهو (عليه السلام) في الحبس -: بسم الله الرحمن
الرحيم، الحمد لله العلي العظيم الذي بعظمته
ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره
عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من
في السماوات ومن في الأرض إليه الوسيلة
بالأعمال المختلفة والأديان المتضادة، فمصيب
ومخطئ، وضال ومهتد، وسميع وأصم، وبصير
وأعمى حيران (3) (4).
[3957]
نور الوحي
الكتاب
* (يا أيها الناس قد جاء كم برهان من ربكم وأنزلنا
إليكم نورا مبينا) * (5).
* (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما
كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله
نور وكتاب مبين) * (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن هذا القرآن حبل الله
والنور المبين (7).
- الإمام الحسن (عليه السلام): إن هذا القرآن فيه
مصابيح النور (8).
- الإمام علي (عليه السلام): تعلموا القرآن فإنه
أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب،
واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور (9).



(1) النور: 35.
(2) البحار: 94 / 390.
(3) في نقل البحار: 78 / 328 / 6: وحيران.
(4) الكافي: 8 / 124 / 95.
(5) النساء: 174.
(6) المائدة: 15.
(7) الترغيب والترهيب: 2 / 354 / 25.
(8) البحار: 78 / 112 / 6.
(9) نهج البلاغة: الخطبة: 110.
3386
- عنه (عليه السلام): إن الله قد أوضح لكم سبيل الحق
وأنار طرقه، فشقوة لازمة أو سعادة دائمة! (1).
- عنه (عليه السلام) - في وصف الإيمان -: سبيل أبلج
المنهاج، أنور السراج (2).
- عنه (عليه السلام) - في ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) -: ولقد كان
يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري،
ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور
الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة (3).
- عنه (عليه السلام): أشهد أن محمدا عبده ورسوله،
أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب
المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع (4).
- عنه (عليه السلام) - في الدعاء للنبي (صلى الله عليه وآله) -: اللهم وأعل
على بناء البانين بناءه، وأكرم لديك منزلته، وأتمم
له نوره (5).
[3958]
نور الإمام
- الإمام علي (عليه السلام) - في ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) -:
حتى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى إلى
محمد (صلى الله عليه وآله)... فهو إمام من اتقى، وبصيرة من
اهتدى، سراج لمع ضوؤه، وشهاب سطع نوره،
وزند برق لمعه (6).
أيضا -: حتى أورى (7) قبسا لقابس، وأنار
علما لحابس (8) (9).
- عنه (عليه السلام): ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدي به
ويستضئ بنور علمه (10).
- عنه (عليه السلام): إنما مثلي بينكم كمثل السراج في
الظلمة، يستضئ به من ولجها (11).
(انظر) الإمامة (3): باب 136.
الأمثال: باب 3605.
[3959]
نور البصيرة
الكتاب
* (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به
في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك
زين للكافرين ما كانوا يعلمون) * (12).
* (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا
ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل
العظيم) * (13).
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم
كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم
والله غفور رحيم) * (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ليس العلم بالتعلم،



(1) نهج البلاغة: الخطبة 157 و 156 و 192 و 2 و 72 و 94.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 157 و 156 و 192 و 2 و 72 و 94.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 157 و 156 و 192 و 2 و 72 و 94.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 157 و 156 و 192 و 2 و 72 و 94.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 157 و 156 و 192 و 2 و 72 و 94.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 157 و 156 و 192 و 2 و 72 و 94.
(7) أورى: أوقد، القبس - بالتحريك -: الشعلة من النار تقتبس من
معظم النار، والقابس: آخذ النار من النار. كما في هامش نهج
البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(8) الحابس: من حبس ناقته وعقلها حيرة منه، لا يدري كيف
يهتدي فيقف عن السير، وأنار له علما: أي وضع له نارا في
رأس جبل ليستنقذه من حيرته. كما في هامش نهج البلاغة
للدكتور صبحي الصالح.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 106، الكتاب 45، الخطبة 187.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 106، الكتاب 45، الخطبة 187.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 106، الكتاب 45، الخطبة 187.
(12) الأنعام: 122.
(13) الأنفال: 29.
(14) الحديد: 28.
3387
إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك
وتعالى أن يهديه (1).
الإمام علي (عليه السلام) - في وصف سالك
الطريق إلى الله سبحانه -: قد أحيا عقله،
وأمات نفسه، حتى دق جليله، ولطف غليظه،
وبرق له لامع كثير البرق، فأبان له الطريق،
وسلك به السبيل، وتدافعته الأبواب إلى باب
السلامة ودار الإقامة (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثر دعائي ودعاء الأنبياء
قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل
شئ قدير، اللهم اجعل في سمعي نورا، وفي
بصري نورا، وفي قلبي نورا، اللهم اشرح لي
صدري، ويسر لي أمري، وأعوذ بك من وسواس
الصدور وتشتت الأمور (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في الدعاء -: اللهم اجعل لي
في قلبي نورا، وفي لساني نورا، وفي بصري
نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن
يساري نورا، ومن فوقي نورا، ومن تحتي نورا،
ومن أمامي نورا، ومن خلفي نورا، واجعل لي في
نفسي نورا، وأعظم لي نورا (4).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - أيضا -: وهب
لي نورا أمشي به في الناس، وأهتدي به في
الظلمات، وأستضئ به من الشك والشبهات (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في وصيته لعبد الله
ابن جندب -: يا بن جندب! قال الله جل وعز
في بعض ما أوحى: إنما أقبل الصلاة ممن
يتواضع لعظمتي، ويكف نفسه عن الشهوات
من أجلي، ويقطع نهاره بذكري، ولا يتعظم
على خلقي، ويطعم الجائع، ويكسو العاري،
ويرحم المصاب، ويؤوي [يواسي - خ] الغريب،
فذلك يشرق نوره مثل الشمس، أجعل له في
الظلمة نورا، وفي الجهالة حلما، أكلأه (6)
بعزتي، وأستحفظه ملائكتي، يدعوني فألبيه،
ويسألني فاعطيه، فمثل ذلك العبد عندي
كمثل جنات الفردوس، لا يسبق (7) أثمارها،
ولا تتغير عن حالها (8).
- الإمام علي (عليه السلام) - وهو يذكر فضائله بعد
وقعة النهروان -: فقمت بالأمر حين فشلوا،
وتطلعت حين تقبعوا (9)، ونطقت حين تعتعوا (10)،
ومضيت بنور الله حين وقفوا (11).
(انظر) المعرفة: باب 2586، وباب 2587.
العلم: باب 2888، الزهد: باب 1621
وباب 1622. القلب: باب 3394.



(1) البحار: 1 / 225 / 17، راجع العلم: باب 2875.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 220.
(3) الدر المنثور: 1 / 548.
(4) الترغيب والترهيب: 4 / 589 / 71.
(5) الصحيفة السجادية: الدعاء 22.
(6) كلأ الله فلانا: حفظه وحرسه (النهاية: 4 / 194).
(7) في نقل المحاسن: 1 / 79 / 44، لا تيبس ثمارها.
(8) تحف العقول: 306.
(9) تقبعوا: اختبأوا، وأصله تقبع القنفذ إذا أدخل رأسه في جلده.
كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(10) تعتعوا: ترددوا في كلامهم من عي أو حصر. كما في هامش نهج
البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 37.
3388
[3960]
من نور الله قلبه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما أقبل عليه مصعب
ابن عمير وعليه إهاب كبش -: انظروا إلى رجل
قد نور الله قلبه، ولقد رأيته وهو بين أبويه يغذيانه
بأطيب الأطعمة وألين اللباس، فدعاه حب الله
ورسوله إلى ما ترون (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل ادعى أنه مؤمن حقا -:
وما حقيقة إيمانك؟ فقال: عزفت نفسي عن الدنيا
فاستوى عندي حجرها وذهبها، وكأني بالجنة
والنار، وكأني بعرش ربي بارزا، فقال (صلى الله عليه وآله):
فألزم، هذا عبد نور الله قلبه بالإيمان (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في
المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه، مصفرا لونه،
قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه، فقال له
رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف أصبحت يا فلان؟ قال:
أصبحت يا رسول الله موقنا، فعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
من قوله وقال: إن لكل يقين حقيقة فما
حقيقة يقينك؟.
فقال: إن يقيني يا رسول الله هو الذي
أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هواجري (3)، فعزفت
نفسي عن الدنيا وما فيها، حتى كأني أنظر
إلى عرش ربي وقد نصب للحساب، وحشر
الخلائق لذلك وأنا فيهم...
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: هذا عبد نور
الله قلبه بالإيمان. ثم قال له: الزم ما أنت عليه.
فقال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله أن ارزق
الشهادة معك، فدعا له رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلم يلبث
أن خرج في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله) فاستشهد
بعد تسعة نفر وكان هو العاشر (4).
(انظر) الانس: باب 310 حديث 1546.
[3961]
نور القلب ونور الوجه
- الإمام الصادق (عليه السلام): طلبت نور القلب
فوجدته في التفكر والبكاء، وطلبت الجواز على
الصراط فوجدته في الصدقة، وطلبت نور الوجه
فوجدته في صلاة الليل (5).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لما سئل عن
علة كون المتهجدين بالليل من أحسن
الناس وجها -: لأنهم خلوا بالله فكساهم
الله من نوره (6).
- الإمام علي (عليه السلام): ما تركت صلاة الليل
منذ سمعت قول النبي (صلى الله عليه وآله): صلاة الليل نور،
فقال ابن الكواء: ولا ليلة الهرير؟ قال:
ولا ليلة الهرير (7).



(1) تنبيه الخواطر: 1 / 154.
(2) المحجة البيضاء: 7 / 351.
(3) الهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس، وعزفت نفسي عنه:
أي زهدت فيه. كما في هامش الكافي.
(4) الكافي: 2 / 53 / 2.
(5) مستدرك الوسائل: 12 / 173 / 13810.
(6) علل الشرائع: 366 / 1.
(7) البحار: 41 / 17 / 10.
3389
- المسيح (عليه السلام) - لقومه وهو يعظهم -: بحق
أقول لكم: طوبى للذين يتهجدون من الليل،
أولئك الذين يرثون النور الدائم من أجل أنهم
قاموا في ظلمة الليل (1).
- الإمام علي (عليه السلام): أكثر صمتك يتوفر
فكرك، ويستنر قلبك، ويسلم الناس من يديك (2).
[3962]
على كل صواب نور
- الإمام علي (عليه السلام): إن على كل حق
حقيقة، وعلى كل صواب نورا (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصلاة نور (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا رميت الجمار كان لك نورا
يوم القيامة (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من رمى بسهم في سبيل الله كان
له نورا يوم القيامة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): عليك بتلاوة القرآن، فإنه
نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من قرأ هذه الآية عند منامه
* (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما
إلهكم إله واحد...) * إلى آخرها، سطع له نور
إلى المسجد الحرام، حشو ذلك النور ملائكة
يستغفرون له حتى يصبح (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من شهد شهادة حق ليحيي بها
حق امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور
مد البصر، يعرفه الخلايق باسمه ونسبه (9).
- العالم (عليه السلام): من شهد شهادة حق ليخرج
بها حقا لامرئ مسلم أو ليحقن بها دمه،
أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر، يعرفه
الخلائق باسمه ونسبه (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه كان في
نور الله الأعظم: من كان عصمة أمره شهادة أن
لا إله إلا الله وأني رسول الله، ومن إذا أصابته
مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ومن إذا
أصاب خيرا قال: الحمد لله رب العالمين، ومن إذا
أصاب خطيئة قال: أستغفر الله وأتوب إليه (11).
(انظر) الوضوء: باب 4103.
[3963]
نور المؤمنين في القيامة
الكتاب
* (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين
أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم * يوم يقول
المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من
نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم
بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله
العذاب) * (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:



(1) تحف العقول: 510.
(2) غرر الحكم: 3725.
(3) الكافي: 2 / 54 / 4.
(4) الترغيب والترهيب: 1 / 156 / 22 و 2 / 207 / 3 وص 281 / 18 وص 349 / 10.
(5) الترغيب والترهيب: 1 / 156 / 22 و 2 / 207 / 3 وص 281 / 18 وص 349 / 10.
(6) الترغيب والترهيب: 1 / 156 / 22 و 2 / 207 / 3 وص 281 / 18 وص 349 / 10.
(7) الترغيب والترهيب: 1 / 156 / 22 و 2 / 207 / 3 وص 281 / 18 وص 349 / 10.
(8) الفقيه: 1 / 470 / 1355.
(9) البحار: 104 / 311 / 9 و ح 12 و 82 / 145 / 30.
(10) البحار: 104 / 311 / 9 و ح 12 و 82 / 145 / 30.
(11) البحار: 104 / 311 / 9 و ح 12 و 82 / 145 / 30.
(12) الحديد: 12، 13.
3390
* (يسعى نورهم بين أيديهم...) * -: إنما
المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين
أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم
من الجنان (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في الدعاء -:
اللهم وما أجريت على ألسنتنا من نور
البيان، وإيضاح البرهان، فاجعله نورا لنا
في قبورنا ومبعثنا، ومحيانا ومماتنا، وعزا
لنا لا ذلا علينا، وأمنا لنا من محذور الدنيا
والآخرة (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال: أحب أن
احشر يوم القيامة في النور -: لا تظلم
أحدا تحشر يوم القيامة في النور (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ثم يقول - يعني الرب
تبارك وتعالى -: ارفعوا رؤوسكم، فيرفعون
رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم،
فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى
بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك،
ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده، ومنهم من
يعطى أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلا
يعطى نوره على إبهام قدميه يضئ مرة
ويطفأ مرة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما دخل على عصابة من ضعفاء
المهاجرين، وإن بعضهم ليستتر ببعض من
العرى، وقارئ يقرأ عليهم -: أبشروا
يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام
يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء
الناس بنصف يوم وذاك خمسمائة سنة (5).
(انظر) المعاد (3): باب 2988.



(1) نور الثقلين: 3 / 612 / 199.
(2) البحار: 94 / 126 / 19.
(3) كنز العمال: 44154.
(4) الترغيب والترهيب: 4 / 503 / 17.
(5) سنن أبي داود: 3666.
3391
(527)
الناس
البحار: 70 / 8 باب 42 " أصناف الناس ".
البحار: 67 / 166 باب 9 " أصناف الناس في الإيمان ".
انظر:
عنوان الحرية: باب 780، الخير: باب 1165، الشر: باب 1966.
الدنيا: باب 1244، الفضيلة: باب 3217، التقوى: باب 4163.
العشرة: باب 2726، 2728، 2730، 2732، النبوة: باب 3779.

3393
[3964]
الناس
- الإمام علي (عليه السلام): الناس كصور في الصحيفة،
كلما طوي بعضها نشر بعضها (1).
- عنه (عليه السلام): الناس كالشجر، شرابه واحد
وثمره مختلف (2).
- عنه (عليه السلام): خوض الناس في الشئ
مقدمة الكائن (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاثة أشياء يحتاج
الناس طرا إليها: الأمن، والعدل، والخصب
[الحضب - خ ل] (4).
[3965]
الناس معادن
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تجدون الناس معادن،
فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام
إذا فقهوا، وتجدون من خير الناس في هذا
الأمر أكرههم له قبل أن يقع فيه، وتجدون
من شرار الناس ذا الوجهين (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الناس معادن كمعادن
الذهب والفضة، فمن كان له في الجاهلية
أصل فله في الإسلام أصل (6).
- عنه (عليه السلام): عليكم بالأشكال من
الناس والأوساط من الناس، فعندهم
تجدون معادن الجواهر (7).
[3966]
تساوي الناس في الحقوق
- الإمام علي (عليه السلام): الناس في الحق سواء (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الناس سواء كأسنان
المشط (9).
- الإمام علي (عليه السلام): الناس إلى آدم شرع سواء (10).
- عنه (عليه السلام) - لما دفع إلى امرأتين إحداهما
من العرب والأخرى من الموالي، دراهم وطعاما
بالسواء! فقالت إحداهما: إني امرأة من العرب
وهذه من العجم: إني والله لا أجد لبني إسماعيل
في هذا الفئ فضلا على بني إسحاق (11).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس! إن آدم (عليه السلام) لم يلد عبدا



(1) غرر الحكم: 1882، 2097، 5067.
(2) غرر الحكم: 1882، 2097، 5067.
(3) غرر الحكم: 1882، 2097، 5067.
(4) تحف العقول: 32.
(5) صحيح مسلم: 2526.
(6) الكافي: 8 / 177 / 197.
(7) مستدرك الوسائل: 12 / 310 / 14167.
(8) نهج السعادة: 2 / 97.
(9) كنز العمال: 24822.
(10) البحار: 78 / 57 / 119.
(11) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 200، 201.
3394
ولا أمة وإن الناس كلهم أحرار، ولكن الله خول
بعضكم بعضا، فمن كان له بلاء فصبر في الخير فلا
يمن به على الله عز وجل. ألا وقد حضر شئ
ونحن مسوون فيه بين الأسود والأحمر.
فقال مروان لطلحة والزبير: ما أراد
بهذا غيركما.
قال: فأعطى كل واحد ثلاثة دنانير، وأعطى
رجلا من الأنصار ثلاثة دنانير، وجاء بعد غلام
أسود فأعطاه ثلاثة دنانير، فقال الأنصاري:
يا أمير المؤمنين! هذا غلام أعتقته بالأمس
تجعلني وإياه سواءا؟! فقال: إني نظرت
في كتاب الله فلم أجد لولد إسماعيل على ولد
إسحاق فضلا (1).
- عبد الله بن الصلت: عن رجل من أهل بلخ
قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) في سفره إلى خراسان
فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان
وغيرهم فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء
مائدة فقال: -: مه! إن الرب تبارك وتعالى واحد،
والام واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال (2).
- روي [أن موسى بن جعفر (عليهما السلام)] مر برجل من
أهل السواد دميم المنظر، فسلم عليه ونزل عنده
وحادثه طويلا، ثم عرض (عليه السلام) عليه نفسه في القيام
بحاجة إن عرضت له.
فقيل له: يا بن رسول الله أتنزل إلى هذا
ثم تسأله عن حوائجك، وهو إليك أحوج؟!.
فقال (عليه السلام): عبد من عبيد الله، وأخ في كتاب
الله، وجار في بلاد الله، يجمعنا وإياه خير
الآباء آدم (عليه السلام) وأفضل الأديان الإسلام، ولعل
الدهر يرد من حاجاتنا إليه فيرانا - بعد
الزهو عليه - متواضعين بين يديه (3).
(انظر) التقوى: باب 4163.
المال: باب 3764، 3765.
[3967]
أصناف الناس
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): الناس في
زماننا على ست طبقات: أسد، وذئب، وثعلب،
وكلب، وخنزير، وشاة: فأما الأسد فملوك
الدنيا يحب كل واحد منهم أن يغلب ولا يغلب،
وأما الذئب فتجاركم يذمو [ن] إذا اشتروا
ويمدحو [ن] إذا باعوا، وأما الثعلب فهؤلاء
الذين يأكلون بأديانهم ولا يكون في قلوبهم
ما يصفون بألسنتهم، وأما الكلب يهر على
الناس بلسانه ويكرمه الناس من شر لسانه،
وأما الخنزير فهؤلاء المخنثون وأشباههم
لا يدعون إلى فاحشة إلا أجابوا، وأما
الشاة فالمؤمنون، الذين تجز شعورهم ويؤكل
لحومهم ويكسر عظمهم، فكيف تصنع الشاة بين
أسد وذئب وثعلب وكلب وخنزير؟! (4).
- المسيح (عليه السلام): يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها
بالحداء الخاطفة (5)، ولا بالثعالب الخادعة،
ولا بالذئاب الغادرة، ولا بالأسد العاتية،



(1) الكافي: 8 / 69 / 26 وص 230 / 296.
(2) الكافي: 8 / 69 / 26 وص 230 / 296.
(3) تحف العقول: 413.
(4) الخصال: 339 / 43.
(5) الحداء، جمع حدأة: طائر من الجوارح وهو نوع من الغراب،
يخطف الأشياء، والخاطفة من خطف الشئ يخطف كعلم يعلم:
استلبه بسرعة. كما في هامش البحار.
3395
كما تفعل بالفراس (1) كذلك تفعلون بالناس،
فريقا تخطفون، وفريقا تخدعون، وفريقا
تغدرون بهم (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - يوما في مسجد الكوفة
وعنده وجوه الناس -: أيها الناس إنا قد
أصبحنا في دهر عنود، وزمن شديد، يعد فيه
المحسن مسيئا، ويزداد الظالم فيه عتوا، لا ننتفع
بما علمنا، ولا نسأل عما جهلنا، ولا نتخوف
قارعة حتى تحل بنا.
والناس على أربعة أصناف:
منهم من لا يمنعه الفساد في الأرض إلا مهانة
نفسه وكلالة حده ونضيض وفره.
ومنهم المصلت بسيفه، المعلن بشره،
والمجلب بخيله ورجله، قد أهلك نفسه وأوبق
دينه لحطام ينتهزه أو مقنب (3) يقوده، أو منبر
يفرعه (4)، ولبئس المتجر أن ترى الدنيا لنفسك
ثمنا ومما لك عند الله عوضا.
ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة
ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا، قد طأمن
من شخصه، وقارب من خطوه، وشمر من ثوبه،
وزخرف من نفسه للأمانة، واتخذ سر الله تعالى
ذريعة إلى المعصية.
ومنهم من أقعده عن طلب الملك ضؤولة
نفسه، وانقطاع سببه، فقصرته الحال على
حاله، فتحلى باسم القناعة، وتزين بلباس أهل
الزهادة، وليس من ذلك في مراح ولا مغدي (5).
وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع،
وأراق دموعهم خوف المحشر، فهم بين شريد
ناء، وخائف مقموع، وساكت مكعوم (6)، وداع
مخلص، وثكلان موجع، قد أخملتهم التقية،
وشملتهم الذلة فهم في بحر أجاج، أفواههم
خامرة وقلوبهم قرحة، قد وعظوا حتى ملوا،
وقهروا حتى ذلوا، وقتلوا حتى قلوا، فلتكن
الدنيا عندكم أصغر من حثالة (7) القرظ، وقراضة
الجلم، واتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم
من بعدكم (8).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لهشام بن الحكم
وهو يعظه -: يا هشام! احذر هذه الدنيا،
واحذر أهلها، فإن الناس فيها على أربعة
أصناف: رجل متردي معانق لهواه، ومتعلم
مقرئ [متقرئ - خ ل] كلما ازداد علما ازداد
كبرا، يستعلي بقراءته وعلمه على من هو دونه،
وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته،
يحب أن يعظم ويوقر، وذو بصيرة عالم عارف
بطريق الحق يحب القيام به فهو عاجز أو مغلوب،



(1) الفريسة: ما يفترسه الأسد ونحوه. وفي بعض النسخ " بالفراش ".
(2) البحار: 78 / 308 / 1، انظر الصديق: باب 2218.
(3) المقنب: جماعة من الخيل تجتمع للغارة جمع مقانب. كما في
هامش البحار.
(4) فرع الجبل: صعده. كما في هامش البحار.
(5) المراح: موضع يروح القوم منه أو إليه، والمغدي اسم مكان من
الغدو. كما في هامش البحار.
(6) المقموع: المقهور، والمكعوم: الملجم. كما في هامش البحار.
(7) الحثالة - بالضم - ما يسقط من قشر الشعير والأرز، والقرظ
- بالتحريك -: ورق السلم يدبغ به الأديم، وقراضة الجلم يعني:
" ريزه دم قيچي ". كما في هامش البحار.
(8) البحار: 78 / 4 / 54.
3396
ولا يقدر على القيام بما يعرف‍ [- ه] فهو
محزون مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه،
وأوجههم عقلا (1).
- الإمام علي (عليه السلام): اضرب بطرفك حيث
شئت من الناس فهل تبصر إلا فقيرا يكابد
فقرا، أو غنيا بدل نعمة الله كفرا، أو بخيلا
اتخذ البخل بحق الله وفرا، أو متمردا كأن
باذنه عن سمع المواعظ وقرا! أين خياركم
وصلحاؤكم! وأين أحراركم وسمحاؤكم! وأين
المتورعون في مكاسبهم، والمتنزهون في
مذاهبهم! أليس قد ظعنوا جميعا عن هذه الدنيا
الدنية، والعاجلة المنغصة (2)؟!...
فإنا لله وإنا إليه راجعون، ظهر الفساد
فلا منكر مغير، ولا زاجر مزدجر، أفبهذا تريدون
أن تجاوروا الله في دار قدسه، وتكونوا أعز
أوليائه عنده؟ هيهات! لا يخدع الله عن جنته،
ولا تنال مرضاته إلا بطاعته، لعن الله الآمرين
بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر
العاملين به (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الناس على أربعة
أصناف: جاهل متردي معانق لهواه، وعابد
متقوي كلما ازداد عبادة ازداد كبرا،
وعالم يريد أن يوطأ عقباه ويحب محمدة الناس،
وعارف على طريق الحق يحب القيام به فهو
عاجز أو مغلوب، فهذا أمثل أهل زمانك
وأرجحهم عقلا (4).
- الإمام الحسن (عليه السلام): الناس أربعة: فمنهم
من له خلق ولا خلاق [له، ومنهم من له خلاق
ولا خلق له، قد ذهب الرابع وهو الذي لا خلاق
ولا خلق له، وذلك شر الناس، ومنهم من له
خلق وخلاق] (5) فذلك خير الناس (6).
وفي خبر عنه (عليه السلام): الناس أربعة: فمنهم من
له خلاق وليس له خلق، ومنهم من له خلق
وليس له خلاق، ومنهم من ليس له خلق ولا
خلاق فذاك شر الناس، ومنهم له خلق وخلاق
فذاك أفضل الناس (7).
- المعصوم (عليه السلام): إن الناس أربعة: رجل
يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك مرشد عالم فاتبعوه،
ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذاك غافل
فأيقظوه، ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذاك
جاهل فعلموه، ورجل لا يعلم ويعلم أنه يعلم
فذاك ضال فأرشدوه (8).
- الإمام علي (عليه السلام): الناس ثلاثة: عالم رباني،
ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل
ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور
العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق...
ثم قال: آه آه! إن هاهنا علما جما لو
أصبت له حملة - وأشار بيده إلى صدره - ثم



(1) البحار: 78 / 316 / 1.
(2) في البحار 103 / 108 / 8: المنقضية.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 129.
(4) الخصال: 262 / 139.
(5) الخصال: 236 / 77 نحوه، وما بين المعقوفتين ساقط من نسخة
الكمباني وهكذا من النسخة المخطوطة. كما في هامش البحار.
(6) البحار: 70 / 10 / 8.
(7) كنز العمال: 44401.
(8) البحار: 1 / 195 / 15.
3397
قال: اللهم بلى قد أصبت لقنا غير مأمون عليه،
يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بنعم الله على
عباده وبحججه على كتابه، أو معاند لأهل الحق
ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لاذا
ولا ذاك، بل منهوما باللذات، سلس القياد
للشهوات، مغري بجمع الأموال والادخار، ليس
من الدين في شئ، أقرب شبها بالبهائم السائمة،
كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة
لكيلا تبطل حجج الله على عباده، أولئك هم
الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا (1).
- عنه (عليه السلام): الرجال ثلاثة: عاقل وأحمق
وفاجر: فالعاقل الدين شريعته، والحلم طبيعته،
والرأي سجيته، إن سئل أجاب، وإن تكلم
أصاب، وإن سمع وعى، وإن حدث صدق، وإن
اطمأن إليه أحد وفى. والأحمق إن استنبه
بجميل غفل، وإن استنزل عن حسن ترك، وإن
حمل على جهل جهل، وإن حدث كذب، لا يفقه.
وإن فقه لم يفقه، والفاجر إن ائتمنته خانك،
وإن صاحبته شانك، وإن وثقت به لم ينصحك (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الرجال ثلاثة: عاقل،
وأحمق، وفاجر: فالعاقل إن كلم أجاب، وإن نطق
أصاب، وإن سمع وعى. والأحمق إن تكلم عجل،
وإن حدث ذهل، وإن حمل على القبيح فعل.
والفاجر إن ائتمنته خانك، وإن حدثته شانك (3).
- الإمام العسكري (عليه السلام) - في جوابه عن
سؤال بعض عن اختلاف الشيعة -: إنما
خاطب الله العاقل، والناس في علي طبقات:
المستبصر على سبيل نجاة، متمسك بالحق،
متعلق بفرع الأصل، غير شاك ولا مرتاب،
لا يجد عني ملجأ.
وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب
البحر يموج عند موجه ويسكن عند سكونه.
وطبقة استحوذ عليهم الشيطان، شأنهم الرد
على أهل الحق ودفع الحق بالباطل، حسدا من
عند أنفسهم.
فدع من ذهب يمينا وشمالا، فإن الراعي
إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأهون سعي،
وإياك والإذاعة وطلب الرئاسة، فإنهما يدعوان
إلى الهلكة (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الناس طبقات ثلاث:
طبقة منا ونحن منهم، وطبقة يتزينون بنا،
وطبقة يأكل بعضهم بعضا بنا (5).
- عنه (عليه السلام): الناس كلهم ثلاث طبقات: سادة
مطاعون، وأكفاء متكافون، وأناس متعادون (6).
- عنه (عليه السلام): الناس ثلاثة: جاهل يأبى أن
يتعلم، وعالم قد شفه علمه، وعاقل يعمل
لدنياه وآخرته (7).
- عنه (عليه السلام): الرجال ثلاثة: رجل بماله، ورجل
بجاهه، ورجل بلسانه، وهو أفضل الثلاثة (8).



(1) البحار: 78 / 76 / 46 و 70 / 9 / 6.
(2) البحار: 78 / 76 / 46 و 70 / 9 / 6.
(3) تحف العقول: 323.
(4) تحف العقول: 486.
(5) مشكاة الأنوار: 63.
(6) البحار: 78 / 235 / 55.
(7) تحف العقول: 324.
(8) الخصال: 116 / 95، انظر القلب: باب 3385.
3398
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا إن بني آدم خلقوا
على طبقات: ألا وإن منهم البطئ الغضب
السريع الفئ، ومنهم سريع الغضب سريع
الفئ، فتلك بتلك، ألا وإن منهم سريع
الغضب بطئ الفئ، ألا وخيرهم بطئ الغضب
سريع الفئ (1).
- الإمام علي (عليه السلام): الناس في الدنيا عاملان:
عامل عمل في الدنيا للدنيا، قد شغلته دنياه
عن آخرته، يخشى على من يخلفه الفقر ويأمنه
على نفسه، فيفني عمره في منفعة غيره، وعامل
عمل في الدنيا لما بعدها، فجاءه الذي له من
الدنيا بغير عمل فأحرز الحظين معا، وملك
الدارين جميعا، فأصبح وجيها عند الله، لا يسأل
الله حاجة فيمنعه (2).
- عنه (عليه السلام): الناس رجلان: متبع شرعة،
ومبتدع بدعة ليس معه من الله سبحانه برهان
سنة، ولا ضياء حجة (3).
- الإمام الرضا (عليه السلام): الناس ضربان: بالغ
لا يكتفي، وطالب لا يجد (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لإسحاق بن غالب -:
كم ترى أهل هذه الآية: * (إن أعطوا منها رضوا
وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) *؟ قال: ثم
قال: هم أكثر من ثلثي الناس (5).
(انظر) الزهد: باب 1612 حديث 7698.
الشيعة: باب 2155.
[3968]
من ليس من الناس
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لرجل قال له: أترى
هذا الخلق كله من الناس؟ -: ألق منهم التارك
للسواك، والمتربع في موضع الضيق، والداخل
فيما لا يعنيه، والمماري فيما لاعلم له،
والمتمرض من غير علة، والمتشعث من غير
مصيبة، والمخالف على أصحابه في الحق وقد
اتفقوا عليه، والمفتخر يفتخر بآبائه وهو
خلو من صالح أعمالهم، فهو بمنزلة الخلنج (6)
يقشر لحاء عن لحاء حتى يوصل إلى جوهريته،
وهو كما قال الله عز وجل: * (إن هم إلا كالأنعام
بل هم أضل سبيلا) * (7).
[3969]
فضول الرجال
- اتي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو بالبصرة
برجل يقام عليه الحد، قال: فلما قربوا
ونظر في وجوههم، قال: فأقبل جماعة من الناس
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا قنبر! انظر ما هذه
الجماعة؟ قال: رجل يقام عليه الحد.
قال: فلما قربوا ونظر في وجوههم قال:
لا مرحبا بوجوه لا ترى إلا في كل سوء، هؤلاء



(1) الترغيب والترهيب: 3 / 448 / 10.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 269، والخطبة 176.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 269، والخطبة 176.
(4) البحار: 78 / 349 / 7.
(5) الكافي: 2 / 412 / 4.
(6) الخلنج - كسمند - شجر كالطرفاء، زهره أحمر وأصفر وأبيض،
وحبه كالخردل، وخشبه تصنع منها القصاع، أصله فارسي
معرب. كما في هامش البحار: 70 / 11 / 10.
(7) الخصال: 409 / 9.
3399
فضول الرجال، أمطهم عني يا قنبر (1).
[3970]
الناس، وأشباه الناس، والنسناس
- الإمام الحسين (عليه السلام) - لما سئل أبوه عن الناس
وأشباه الناس والنسناس، فأمر الحسين (عليه السلام)
بإجابة الرجل -: أما قولك: أخبرني عن
الناس، فنحن الناس، ولذلك قال الله تعالى ذكره
في كتابه: * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) *
فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أفاض بالناس.
وأما قولك: أشباه الناس، فهم شيعتنا
وهم موالينا وهم منا، ولذلك قال إبراهيم (عليه السلام):
* (فمن تبعني فإنه مني) *.
وأما قولك: النسناس، فهم السواد الأعظم
وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال: * (إن
هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) * (2).
[3971]
أشباه الرجال
- الإمام علي (عليه السلام) - من خطبته وهو يستنهض
بها الناس حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش
معاوية فلم ينهضوا -: يا أشباه الرجال
ولا رجال! حلوم الأطفال، وعقول ربات
الحجال، لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم
معرفة - والله - جرت ندما، وأعقبت سدما، قاتلكم
الله! لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري
غيظا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا،
وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان (3).
- عنه (عليه السلام) - في صفة من يتصدى للحكم
بين الأمة وليس لذلك بأهل -:... ورجل
قمش جهلا، موضع في جهال الأمة، عاد (غادر)
في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد
سماه أشباه الناس عالما وليس به (4).
[3972]
أصناف الناس في الإيمان
الكتاب
* (الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما
أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم * ومن الأعراب من
يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة
السوء والله سميع عليم * ومن الأعراب من يؤمن بالله
واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات
الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله
غفور رحيم) * (5).
* (ولو نزلناه على بعض الأعجمين * فقرأه عليهم ما
كانوا به مؤمنين) * (6).
* (ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم
من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني
وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم



(1) تهذيب الأحكام: 10 / 150 / 603.
(2) الكافي: 8 / 244 / 339.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 27 و 17.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 27 و 17.
(5) التوبة: 97 - 99.
(6) الشعراء: 198، 199.
3400
لا يكونوا أمثالكم) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لحمزة بن الطيار -:
الناس على ستة أصناف، قال: قلت: أتأذن لي
أن أكتبها؟ قال: نعم، قلت: ما أكتب؟ قال:
اكتب: أهل الوعيد من أهل الجنة وأهل النار (2)
واكتب: * (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا
صالحا وآخر سيئا) * (3) قال: قلت: من هؤلاء؟
قال: وحشي منهم (4)، قال: واكتب: * (وآخرون
مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب
عليهم) * (5) قال: واكتب: * (إلا المستضعفين
من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون
حيلة ولا يهتدون سبيلا) * لا يستطيعون حيلة
إلى الكفر، ولا يهتدون سبيلا إلى الإيمان
* (فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم) * (6)، قال:
واكتب: أصحاب الأعراف، قال: قلت: وما
أصحاب الأعراف؟ قال: قوم استوت حسناتهم
وسيئاتهم، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم،
وإن أدخلهم الجنة فبرحمته (7).
وأيضا في خبر آخر: الناس على ست فرق،
يؤولون (8) كلهم إلى ثلاث فرق: الإيمان والكفر
والضلال، وهم أهل الوعدين (9) الذين وعدهم الله
الجنة والنار: المؤمنون، والكافرون،
والمستضعفون، والمرجون لأمر الله إما يعذبهم
وإما يتوب عليهم، والمعترفون بذنوبهم خلطوا
عملا صالحا وآخر سيئا، وأهل الأعراف (10).
- عنه (عليه السلام): الناس على ست فرق: مستضعف،
ومؤلف، ومرجئ، ومعترف بذنبه،
وناصب، ومؤمن (11).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): الناس ثلاثة: عربي،
ومولى، وعلج (12)، فأما العرب فنحن، وأما المولى
فمن والانا، وأما العلج فمن تبرأ منا وناصبنا (13).
- الإمام الصادق (عليه السلام): نحن قريش، وشيعتنا
العرب، وعدونا العجم (14).
- عنه (عليه السلام): نحن العرب، وشيعتنا الموالي،
وسائر الناس همج (15).
- الإمام الجواد (عليه السلام) - لعمر بن سعيد بن
خثيم -: نحن العرب، وشيعتنا منا، سائر
الناس همج أو هبج.



(1) محمد: 38.
(2) أي الوعد والوعيد، اكتفى بأحدهما تغليبا. وفي بعض النسخ
" الوعد " وفي بعضها " الوعدين " وهو أظهر، أي الذين يتحقق
فيهم وعد الثواب ووعيد العقاب. كما في هامش الكافي.
(3) التوبة: 102.
(4) في القاموس: وحشي بن حوب صحابي، وهو قاتل حمزة
رضي الله عنه في الجاهلية، ومسيلمة الكذاب في الإسلام. كما
في هامش الكافي.
(5) التوبة: 106.
(6) النساء: 99.
(7) الكافي: 2 / 381 / 1.
(8) أي يرجعون. كما في هامش الكافي.
(9) النسخ هنا مختلفة كالسابق. كما في هامش الكافي.
(10) الكافي: 2 / 381 /، 382 /. يعني أن الناس ينقسمون أولا
إلى ثلاث فرق بحسب الإيمان والكفر والضلال، ثم أهل الضلال
ينقسمون إلى أربع، فيصير المجموع ست فرق.... كما في
هامش الكافي.
(11) الخصال: 333 / 34.
(12) في النهاية: 3 / 286 " العلج " الرجل من كفار العجم وغيرهم.
(14) معاني الأخبار: 403 / 70 و 404 / 71.
(15) معاني الأخبار: 403 / 70 و 404 / 71.
(15) البحار: 67 / 181 / 21.
3401
قال: قلت: ما الهمج؟ قال: الذباب، فقلت:
وما الهبج؟ قال: البق (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من دخل في الإسلام
رغبة خير ممن دخل رهبة، ودخل المنافقون
رهبة، والموالي دخلوا رغبة (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من ولد في الإسلام فهو
عربي، ومن دخل فيه طوعا أفضل ممن دخل فيه
كرها، والمولى هو الذي يؤخذ أسيرا من أرضه
ويسلم، فذلك المولى (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من ولد في الإسلام
فهو عربي، ومن دخل فيه بعد ما كبر فهو
مهاجر، ومن سبي واعتق فهو مولى، ومولى
القوم من أنفسهم (4).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (فسوف يأتي الله
بقوم يحبهم ويحبونه...) * -: الموالي (5).
- عنه (عليه السلام) - ليعقوب بن قيس -: يا بن قيس
* (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا
أمثالكم) * عنى أبناء الموالي المعتقين (6).
- عنه (عليه السلام): المؤمن علوي لأنه علا في
المعرفة، والمؤمن هاشمي لأنه هشم الضلالة،
والمؤمن قرشي لأنه أقر بالشئ المأخوذ
عنا، والمؤمن عجمي لأنه استعجم عليه أبواب
الشر، والمؤمن عربي لأن نبيه (صلى الله عليه وآله) عربي وكتابه
المنزل بلسان عربي مبين، والمؤمن نبطي لأنه
استنبط العلم، والمؤمن مهاجري لأنه هجر
السيئات، والمؤمن أنصاري لأنه نصر الله
ورسوله وأهل بيت رسول الله، والمؤمن مجاهد
لأنه يجاهد أعداء الله عز وجل في دولة الباطل
بالتقية، وفي دولة الحق بالسيف (7).
(انظر) عنوان: 411 " الفرس ".
[3973]
تفسير كلمة إمعة
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لفضل بن يونس -: أبلغ
خيرا، وقل خيرا ولا تكن إمعة، قلت: وما الإمعة؟
قال: لا تقل: أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس.
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا أيها الناس إنما هما
نجدان: نجد (8) خير، ونجد شر فلا يكن نجد الشر
أحب إليكم من نجد الخير (9).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: أبلغ خيرا وقل خيرا،
ولا تكونن إمعة " مكسورة الألف مشددة الميم
المفتوحة والعين غير المعجمة " قال: وما الإمعة؟
قال: لا تقولن: أنا مع الناس، وأنا كواحد من
الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا أيها الناس إنما
هما نجدان: نجد خير، ونجد شر، فما بال نجد
الشر أحب إليكم من نجد الخير؟! (10).
(انظر) التقليد: باب 3416.



(1) معاني الأخبار: 404 / 72 و 405 / 78 و 404 / 74 و 239 / 3.
(2) معاني الأخبار: 404 / 72 و 405 / 78 و 404 / 74 و 239 / 3.
(3) معاني الأخبار: 404 / 72 و 405 / 78 و 404 / 74 و 239 / 3.
(4) معاني الأخبار: 404 / 72 و 405 / 78 و 404 / 74 و 239 / 3.
(5) تفسير العياشي: 1 / 327 / 136.
(6) البحار: 67 / 174 / 5.
(7) البحار: 67 / 171 / 3.
(8) النجد: الطريق الواضح المرتفع، وقوله (عليه السلام): " إنما هما نجدان "
فالظاهر إشارة إلى قوله في سورة البلد: 10
* (وهديناه النجدين) *. كما في هامش تحف العقول.
(9) تحف العقول: 413.
(10) البحار: 2 / 21 / 62.
3402
(528)
النوم
البحار: 76 / 178 - 221 " أبواب السهر والنوم ".
كنز العمال: 15 / 327، 492، 524 " في النوم وآدابه ".
انظر:
عنوان: 249 " السهر "، الشكر: باب 1843.

3403
[3974
] النوم
الكتاب
* (وجعلنا نومكم سباتا) * (1) (2).
- الإمام علي (عليه السلام): النوم راحة من ألم،
وملائمه الموت (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): النوم راحة للجسد،
والنطق راحة للروح، والسكوت راحة للعقل (4).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إن النوم سلطان
الدماغ، وهو قوام الجسد وقوته (5).
- الإمام الهادي (عليه السلام): السهر ألذ للمنام (6).
- الإمام علي (عليه السلام): المستثقل النائم تكذبه
أحلامه (7).
- صالح يرفعه: أربعة القليل منها كثير:
النار القليل منها كثير، والنوم القليل منه
كثير، والمرض القليل منه كثير، والعداوة القليل
منها كثير (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): خمسة لا ينامون: الهام
بدم يسفكه، وذو المال الكثير لا أمين له،
والقائل في الناس الزور والبهتان عن عرض من
الدنيا يناله، والمأخوذ بالمال الكثير ولا مال
له، والمحب حبيبا يتوقع فراقه (9).
[3975]
النوم والموت
الكتاب
* (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في
منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى
إلى أجل مسمى إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون) * (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): النوم أخو الموت،
ولا يموت أهل الجنة (11).
(انظر) النوم: باب 3977.
[3976]
التحذير من كثرة النوم
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم وكثرة النوم، فإن
كثرة النوم يدع صاحبه فقيرا يوم القيامة (12).



(1) السبات الراحة والدعة، فإن في المنام سكوتا وراحة للقوى
الحيوانية البدنية مما اعتراها في اليقظة من التعب
والكلال بواسطة تصرفات النفس فيها. الميزان: 20 / 162.
(2) النبأ: 9.
(3) غرر الحكم: 1461.
(4) الفقيه: 4 / 402 / 5865.
(5) البحار: 62 / 316.
(6) أعلام الدين: 311.
(7) غرر الحكم: 1371.
(8) الخصال: 238 / 84 و 296 / 64.
(9) الخصال: 238 / 84 و 296 / 64.
(10) الزمر: 42.
(11) كنز العمال: 39321.
(12) الاختصاص: 218.
3404
- عنه (صلى الله عليه وآله): قالت أم سليمان بن داود
لسليمان (عليه السلام): إياك وكثرة النوم بالليل، فإن
كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في وصيته لعبد الله
ابن جندب -: يا ابن جندب! أقل النوم بالليل
والكلام بالنهار، فما في الجسد شئ أقل شكرا
من العين واللسان فإن أم سليمان قالت
لسليمان (عليه السلام): يا بني إياك والنوم، فإنه
يفقرك يوم يحتاج الناس إلى أعمالهم (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قال موسى (عليه السلام): أي عبادك
أبغض إليك؟ قال: جيفة بالليل، بطال بالنهار (3).
- الإمام علي (عليه السلام): من خاف البيات قل نومه (4).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): لاتعود عينيك كثرة
النوم، فإنها أقل شئ في الجسد شكرا (5).
- عنه (عليه السلام): إن الله جل وعز يبغض العبد
النوام الفارغ (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل يبغض
كثرة النوم، وكثرة الفراغ (7).
- عنه (عليه السلام): كثرة النوم مذهبة للدين والدنيا (8).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أنقض النوم
لعزائم اليوم! (9).
- عنه (عليه السلام): بئس الغريم النوم، يفني قصير
العمر، ويفوت كثير الأجر (10).
- عنه (عليه السلام): من كثر في ليله نومه فاته من
العمل ما لا يستدركه في يومه (11).
- الإمام العسكري (عليه السلام): من أكثر المنام
رأى الأحلام (12).
(انظر) البحار: 76 / 179 باب 38.
[3977]
صعود الأرواح عند النوم
إلى السماء
- الإمام علي (عليه السلام): لا ينام المسلم وهو جنب،
ولا ينام إلا على طهور، فإن لم يجد الماء
فليتيمم بالصعيد، فإن روح المؤمن تروح إلى
الله تعالى فيلقيها ويبارك عليها، فإن كان أجلها
قد حضر جعلها في مكنون رحمته، وإن لم يكن
أجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من ملائكة
فيردوها في جسده (13).
- الإمام الباقر (عليه السلام): والله مامن عبد من شيعتنا
ينام إلا أصعد الله عز وجل روحه إلى السماء
فيبارك عليها (14)، فإن كان قد أتى عليها أجلها (15)



(1) الخصال: 28 / 99.
(2) تحف العقول: 302.
(3) قصص الأنبياء: 163 / 185.
(4) أمالي الصدوق: 322 / 4.
(5) تفسير العياشي: 2 / 115 / 149.
(6) الكافي: 5 / 84 / 2 و ح 3 و 1.
(7) الكافي: 5 / 84 / 2 و ح 3 و 1.
(8) الكافي: 5 / 84 / 2 و ح 3 و 1.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 440، الخطبة 241.
(10) غرر الحكم: 4416، 8827.
(11) غرر الحكم: 4416، 8827.
(12) الدرة الباهرة: 43.
(13) علل الشرائع: 295 / 1.
(14) هذه الجملة " فيبارك عليها " غير موجودة في المجالس. كما في
هامش البحار.
(15) الضمائر كلها في المجالس على صيغة المذكر. كما في هامش
البحار: 61 / 54.
3405
جعلها في كنوز رحمته، وفي رياض جنة، وفي
ظل عرشه، وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع
أمنته من الملائكة ليردوها إلى الجسد الذي
خرجت منه لتسكن فيه (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: يا علي! إن
أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم
ووفاتهم، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى
الهلال، شوقا إليهم ولما يرون من منزلتهم عند الله
عز وجل (2).
(انظر) الروح: باب 1565.
[3978]
آداب النوم
1 - النظافة:
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يبيتن أحدكم ويده
غمرة، فإن فعل فأصابه لمم للشيطان فلا
يلومن إلا نفسه (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اغسلوا صبيانكم من الغمر، فإن
الشيطان يشم الغمر فيفزع الصبي في رقاده،
ويتأذى بها الكاتبان (4).
(انظر) عنوان: 516 " النظافة ".
2 - الطهارة:
- الإمام الصادق (عليه السلام): من تطهر ثم أوى إلى
فراشه بات وفراشه كمسجده (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من نام على الوضوء إن أدركه
الموت في ليله فهو عند الله شهيد (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من تطهر ثم أوى إلى
فراشه، بات وفراشه كمسجده، فإن ذكر أنه على
غير وضوء فليتيمم من دثاره كائنا ما كان، فإن
فعل ذلك لم يزل في الصلاة وذكر الله عز وجل (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لأصحابه -: أيكم يصوم
الدهر؟ فقال سلمان - رحمة الله عليه -:
أنا يا رسول الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فأيكم يحيي
الليل؟ قال سلمان: أنا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال:
فأيكم يختم القرآن في كل يوم؟ فقال سلمان:
أنا يا رسول الله، فغضب بعض أصحابه فقال:
يا رسول الله! إن سلمان رجل من الفرس يريد أن
يفتخر علينا، قلت: أيكم يصوم الدهر؟ قال:
أنا، وهو أكثر أيامه يأكل، وقلت: أيكم يحيي
الليل؟ فقال: أنا، وهو أكثر ليله نائم، وقلت:
أيكم يختم القرآن في كل يوم؟ فقال: أنا، وهو
أكثر أيامه صامت.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مه يا فلان أنى لك بمثل
لقمان الحكيم، سله فإنه ينبئك، فقال الرجل
لسلمان: يا عبد الله أليس زعمت أنك تصوم
الدهر؟ فقال: نعم، فقال: رأيتك في أكثر نهارك
تأكل؟ فقال: ليس حيث تذهب، إني أصوم الثلاثة
في الشهر. وقال الله عز وجل: * (من جاء بالحسنة
فله عشر أمثالها) * وأصل شعبان بشهر رمضان
فذلك صوم الدهر، فقال: أليس زعمت أنك تحيي
الليل؟ فقال: نعم، فقال: إنك أكثر ليلك نائم



(1) الكافي: 8 / 213 / 259.
(2) أمالي الصدوق: 452 / 2 و 345 / 1.
(3) أمالي الصدوق: 452 / 2 و 345 / 1.
(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 69 / 320.
(5) ثواب الأعمال: 35 / 1.
(6) البحار: 76 / 183 / 7 وص 182 / 6.
(7) البحار: 76 / 183 / 7 وص 182 / 6.
3406
فقال: ليس حيث تذهب، ولكني سمعت حبيبي
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من بات على طهر فكأنما
أحيا الليل، فأنا أبيت على طهر. فقال: أليس
زعمت أنك تختم القرآن في كل يوم؟ قال: نعم،
قال: فأنت أكثر أيامك صامت، فقال: ليس حيث
تذهب، ولكني سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول
لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن مثلك في أمتي مثل قل هو
الله أحد، فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، ومن
قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها
ثلاثا فقد ختم القرآن، فمن أحبك بلسانه فقد
كمل له ثلث الإيمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه
فقد كمل له ثلثا الإيمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه
ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان، والذي بعثني
بالحق يا علي لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل
السماء لك، لما عذب أحد بالنار، وأنا أقرء قل هو
الله أحد في كل يوم ثلاث مرات، فقام فكأنه قد
ألقم حجرا (1).
(انظر) البحار: 76 / 181 باب 39
3 - عرض النفس على الخلاء:
- الإمام علي (عليه السلام) - لابنه الحسن (عليه السلام) -:
يا بني! ألا أعلمك أربع خصال تستغني بها
عن الطب؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين، قال:
لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع، ولا تقم عن
الطعام إلا وأنت تشتهيه، وجود المضغ، وإذا
نمت فاعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت
هذا استغنيت عن الطب (2).
4 - المحاسبة:
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا أويت إلى فراشك
فانظر ما سلكت في بطنك وما كسبت في يومك،
واذكر أنك ميت وأن لك معادا (3).
(انظر) الحساب: باب 828 - 832.
5 - القراءة والدعاء عند النوم:
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ * (قل هو الله
أحد) * حين يأخذ مضجعه، غفر الله له
ذنوب خمسين سنة (4).
- الإمام علي (عليه السلام): من قرأ * (قل هو الله
أحد) * حين يأخذ مضجعه، وكل الله عز وجل به
خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ * (ألهاكم التكاثر) *
عند منامه وقي فتنة القبر (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا آوى أحدكم إلى فراشه...
ليقل: " اللهم إن أمسكت نفسي في منامي
فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به
عبادك الصالحين " (7).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): لم يقل أحد قط إذا أراد
أن ينام: * (إن الله يمسك السماوات والأرض أن
تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده
إنه كان حليما غفورا) * (8) فيسقط عليه البيت (9).



(1) معاني الأخبار: 234 / 1.
(2) الخصال: 229 / 67.
(3) البحار: 76 / 190 / 21.
(4) أمالي الصدوق: 22 / 3.
(5) الخصال: 631.
(6) البحار: 76 / 196 / 12.
(7) علل الشرائع: 589 / 34.
(8) فاطر: 41.
(9) ثواب الأعمال: 183 / 1.
3407
6 - النوم على القفا أو على اليمين:
- الإمام علي (عليه السلام): النوم على أربعة أوجه:
الأنبياء (عليهم السلام) تنام على أقفيتهم مستلقين وأعينهم
لا تنام متوقعة لوحي الله عز وجل، والمؤمن
ينام على يمينه مستقبل القبلة، والملوك
وأبناؤها تنام على شمائلها ليستمرئوا ما يأكلون،
وإبليس وإخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينام
على وجهه منبطحا (1).
- عنه (عليه السلام): لا ينام الرجل على وجهه،
ومن رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه
ولا تدعوه (2).
7 - الدعاء عند الانتباه:
- الإمام علي (عليه السلام): إذا انتبه أحدكم من
نومه فليقل: " لا إله إلا الله الحليم الكريم
الحي القيوم وهو على كل شئ قدير، سبحان
رب النبيين وإله المرسلين، و [سبحان] رب
السماوات السبع وما فيهن ورب الأرضين السبع
وما فيهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب
العالمين ".
فإذا جلس من نومه فليقل قبل أن يقوم:
" حسبي الله، حسبي الرب من العباد، حسبي
الذي هو حسبي منذ كنت، حسبي الله ونعم
الوكيل ".
وإذا قام أحدكم من الليل فلينظر إلى أكناف
السماء وليقرأ: * (إن في خلق السماوات والأرض
- إلى قوله - إنك لا تخلف الميعاد) * (3).
- حذيفة: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا آوى إلى
فراشه قال: " باسمك اللهم أموت وأحيا " وإذا
استيقظ قال: " الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا
وإليه النشور " (4).
(انظر) البحار: 76 / 191 باب 44.



(1) الخصال: 263 / 140 و 613 و 625.
(2) الخصال: 263 / 140 و 613 و 625.
(3) الخصال: 263 / 140 و 613 و 625.
(4) البحار: 76 / 218 / 25.
3408
(529)
النية
البحار: 70 / 185 باب 53 " النية وشرائطها ".
وسائل الشيعة: 1 / 33 باب 5 " وجوب النية في العبادات ".
كنز العمال: 3 / 419، 792 " النية ".
كنز العمال: 4 / 458 " في صدق النية ".
انظر:
عنوان: 144 " الإخلاص "، 174 " الرئاء "، جهنم: باب 627، الحدود: باب 751.
العبادة: باب 2495.

3409
[3979]
النية
الكتاب
* (قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى
سبيلا) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): النية أساس العمل (2).
- عنه (عليه السلام): الأعمال ثمار النيات (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما ضعف بدن عما قويت
عليه النية (4).
- عنه (عليه السلام): إنما خلد أهل النار في النار
لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها
أن يعصوا الله أبدا، وإنما خلد أهل الجنة في
الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها
أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء،
ثم تلا قوله تعالى: * (قل كل يعمل على شاكلته) *
قال: على نيته (5).
- علي بن إبراهيم - في قوله تعالى:
* (قل كل يعمل على شاكلته) * -: على نيته
* (فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) * فإنه حدثني
أبي عن جعفر بن إبراهيم عن أبي الحسن
الرضا (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة أوقف المؤمن
بين يديه فيكون هو الذي يتولى حسابه، فيعرض
عليه عمله فينظر في صحيفته، فأول ما يرى
سيئاته فيتغير لذلك لونه، وترتعش فرائصه،
وتفزع نفسه، ثم يرى حسناته فتقر عينه،
وتسر نفسه، وتفرح روحه، ثم ينظر إلى ما
أعطاه الله من الثواب فيشتد فرحه.
ثم يقول الله للملائكة: هلموا الصحف التي
فيها الأعمال التي لم يعملوها! قال: فيقرأونها
ثم يقولون: وعزتك إنك لتعلم أنا لم نعمل
منها شيئا؟ فيقول: صدقتم، نويتموها فكتبناها
لكم، ثم يثابون عليها (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): والنية أفضل من العمل،
ألا وإن النية هي العمل (7)، ثم تلا قوله تعالى:
* (قل كل يعمل على شاكلته) * يعني على نيته (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يحشر الناس على نياتهم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يبعث الناس على نياتهم (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله يحشر الناس
على نياتهم يوم القيامة (11).



(1) الإسراء: 84.
(2) غرر الحكم: 1040، 292.
(3) غرر الحكم: 1040، 292.
(4) الفقيه: 4 / 400 / 5859.
(5) الكافي: 2 / 85 / 5، إشارة إلى رسوخ الملكات بحيث يبطل
في النفس استعداد ما يقابلها. الميزان:: 13 / 212.
(6) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 26.
(7) قوله: إن النية هي العمل يشير إلى اتحادهما اتحاد العنوان
ومعنونه. الميزان: 13 / 212.
(8) وسائل الشيعة: 1 / 36 / 5.
(9) كنز العمال: 7245، 7242.
(10) كنز العمال: 7245، 7242.
(11) المحاسن: 1 / 409 / 929.
3410
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى لا ينظر إلى
أجسامكم، ولا إلى أحسابكم، ولا إلى أموالكم،
ولكن ينظر إلى قلوبكم، فمن كان له قلب صالح
تحنن الله عليه (1).
- الإمام علي (عليه السلام): قدر الرجل على قدر همته،
وعمله على قدر نيته (2).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): لاعمل إلا بنية (3).
- الإمام علي (عليه السلام): لا عمل لمن لا نية له (4).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) -:
وأجمعت عليه من أدبك أن يكون ذلك، وأنت
مقبل العمر، ومقتبل (5) الدهر، ذو نية
سليمة، ونفس صافية (6).
التفسير:
قوله تعالى: * (قل كل يعمل على شاكلته
فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) * المشاكلة
- على ما في المفردات - من الشكل وهو تقييد
الدابة، ويسمى ما يقيد به شكا لا بكسر الشين،
والشاكلة هي السجية، سمي بها لتقييدها الإنسان
أن يجري على ما يناسبها وتقتضيه.
وفي المجمع: الشاكلة الطريقة والمذهب،
يقال: هذا طريق ذو شواكل أي ينشعب منه
طرق جماعة، انتهى. وكأن تسميتهما بها لما
فيها من تقييد العابرين والمنتحلين بالتزامهما
وعدم التخلف عنهما، وقيل: الشاكلة من الشكل
بفتح الشين بمعنى المثل، وقيل: إنها من الشكل
بكسر الشين بمعنى الهيئة.
وكيف كان فالآية الكريمة ترتب عمل
الإنسان على شاكلته بمعنى أن العمل يناسبها
ويوافقها، فهي بالنسبة إلى العمل كالروح
السارية في البدن الذي يمثل بأعضائه وأعماله
هيئات الروح المعنوية، وقد تحقق بالتجارب
والبحث العلمي أن بين الملكات والأحوال
النفسانية وبين الأعمال رابطة خاصة فليس
يتساوى عمل الشجاع الباسل والجبان إذا حضرا
موقفا هائلا، ولا عمل الجواد الكريم والبخيل
اللئيم في موارد الإنفاق وهكذا، وأن بين الصفات
النفسانية ونوع تركيب البنية الإنسانية رابطة
خاصة، فمن الأمزجة ما يسرع إليه الغضب وحب
الانتقام بالطبع، ومنها ما تغلي وتفور فيه شهوة
الطعام أو النكاح أو غير ذلك بحيث تتوق نفسه
بأدنى سبب يدعوه ويحركه، ومنها غير ذلك،
فيختلف انعقاد الملكات بحسب ما يناسب المورد
سرعة وبطء.
ومع ذلك كله فليس يخرج دعوة المزاج
المناسب لملكة من الملكات أو عمل من الأعمال
من حد الاقتضاء إلى حد العلية التامة
بحيث يخرج الفعل المخالف لمقتضى الطبع عن
الإمكان إلى الاستحالة ويبطل الاختيار، فالفعل
باق على اختياريته وإن كان في بعض الموارد
صعبا غاية الصعوبة.



(1) كنز العمال: 7258.
(2) غرر الحكم: 6743.
(3) الكافي: 2 / 84 / 1.
(4) غرر الحكم: 10771.
(5) مقتبل الإنسان: أول عمره. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور
صبحي الصالح.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 31.
3411
وكلامه سبحانه يؤيد ما تقدم على ما يعطيه
التدبر، فهو سبحانه القائل: * (والبلد الطيب
يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا
نكدا) * (1) وانضمام الآية إلى الآيات الدالة على
عموم الدعوة - كقوله: * (لأنذركم به ومن بلغ) * (2) -
يفيد أن تأثير البنى الإنسانية في الصفات
والأعمال على نحو الاقتضاء دون العلية التامة
كما هو ظاهر.
كيف؟! وهو تعالى يعد الدين فطريا تهتف به
الخلقة التي لا تبديل لها ولا تغيير، قال: * (فأقم
وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس
عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) * (3)،
وقال: * (ثم السبيل يسره) * (4) ولا تجامع دعوة
الفطرة إلى الدين الحق والسنة المعتدلة دعوة
الخلقة إلى الشر والفساد والانحراف عن الاعتدال
بنحو العلية التامة.
وقول القائل: إن السعادة والشقاوة ذاتيتان
لا تتخلفان عن ملزومهما كزوجية الأربعة وفردية
الثلاثة أو مقضيتان بقضاء أزلي لازم، وأن
الدعوة لإتمام الحجة لا لإمكان التغيير ورجاء
التحول من حال إلى حال، فالأمر مفروغ عنه
قال تعالى: * (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من
حي عن بينة) *.
مدفوع: بأن صحة إقامة الحجة بعينها
حجة على عدم كون سعادة السعيد وشقاوة الشقي
لازمة ضرورية، فإن السعادة والشقاوة لو كانتا
من لوازم الذوات لم تحتاجا في لحوقهما إلى
حجة، إذ لا حجة في الذاتيات فتلغو الحجة،
وكذا لو كانتا لازمتين للذوات بقضاء لازم أزلي
لا لاقتضاء ذاتي من الذوات كانت الحجة للناس
على الله سبحانه، فتلغو الحجة منه تعالى، فصحة
إقامة الحجة من قبله سبحانه تكشف عن عدم
ضرورية شئ من السعادة والشقاوة بالنظر إلى
ذات الإنسان مع قطع النظر عن أعماله الحسنة
والسيئة واعتقاداته الحقة والباطلة.
على أن توسل الإنسان بالفطرة إلى مقاصد
الحياة - بمثل التعليم والتربية والإنذار والتبشير
والوعد والوعيد والأمر والنهي وغير ذلك - أوضح
دليل على أن الإنسان في نفسه على ملتقى خطين
ومنشعب طريقين: السعادة والشقاوة، وفي
إمكانه أن يختار أيا منهما شاء وأن يسلك أيا
منهما أراد، ولكل سعي جزاء يناسبه، قال تعالى:
* (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه
سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى) * (5).
فهذا نوع من الارتباط مستقر بين الأعمال
والملكات وبين الذوات، وهناك نوع آخر من
الارتباط مستقر بين الأعمال والملكات وبين
الأوضاع والأحوال والعوامل الخارجة عن الذات
الإنسانية المستقرة في ظرف الحياة وجو العيش،
كالآداب والسنن والرسوم والعادات التقليدية،
فإنها تدعو الإنسان إلى ما يوافقها وتزجره عن
مخالفتها، ولا تلبث دون أن تصوره صورة جديدة



(1) الأعراف: 58.
(2) الأنعام: 19.
(3) الروم: 30.
(4) عبس: 20.
(5) النجم: 39 - 41.
3412
ثانية تنطبق أعماله على الأوضاع والأحوال
المحيطة به المجتمعة المؤتلفة في ظرف حياته.
وهذه الرابطة على نحو الاقتضاء غالبا، غير
أنها ربما يستقر استقرارا لا مطمع في زوالها
من جهة رسوخ الملكات الرذيلة أو الفاضلة في
نفس الإنسان، وفي كلامه تعالى ما يشير إلى
ذلك كقوله: * (إن الذين كفروا سواء عليهم
أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون * ختم الله على
قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) * (1)
إلى غير ذلك.
ولا يضر ذلك صحة إقامة الحجة عليهم
بالدعوة والإنذار والتبشير، لأن امتناع
تأثير الدعوة فيهم مستند إلى سوء اختيارهم،
والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
فقد تبين بما قدمناه على طوله أن للإنسان
شاكلة، بعد شاكلة فشاكلة يهيؤها نوع خلقته
وخصوصية تركيب بنيته، وهي شخصية خلقية
متحصلة من تفاعل جهازاته البدنية بعضها
مع بعض كالمزاج الذي هو كيفية متوسطة
حاصلة من تفاعل الكيفيات المتضادة بعضها
في بعض، وشاكلة أخرى ثانية وهي شخصية
خلقية متحصلة من وجوه تأثير العوامل الخارجية
في النفس الإنسانية على ما فيها من الشاكلة
الأولى إن كانت.
والإنسان على أي شاكلة متحصلة وعلى
أي نعت نفساني وفعلية داخلية روحية كان،
فإن عمله يجري عليها وأفعاله تمثلها وتحكيها،
كما أن المتكبر المختال يلوح حاله في تكلمه
وسكوته وقيامه وقعوده وحركته وسكونه،
والذليل المسكين ظاهر الذلة والمسكنة في جميع
أعماله، وكذا الشجاع والجبان والسخي والبخيل
والصبور والوقور والعجول وهكذا، وكيف لا؟!
والفعل يمثل فاعله، والظاهر عنوان الباطن،
والصورة دليل المعنى.
وكلامه سبحانه يصدق ذلك ويبني عليه
حججه في موارد كثيرة، كقوله تعالى:
* (وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا
النور * ولا الظل ولا الحرور * وما يستوي
الأحياء ولا الأموات) * (2) وقوله: * (الخبيثات
للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين
والطيبون للطيبات) * (3) إلى غير ذلك من الآيات
الكثيرة.
وقوله تعالى: * (كل يعمل على شاكلته) *
محكم في معناه على أي معنى حملنا الشاكلة،
غير أن اتصال الآية بقوله: * (وننزل من القرآن ما
هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا
خسارا) * ووقوعها في سياق أن الله سبحانه يربح
المؤمنين ويشفيهم بالقرآن الكريم والدعوة الحقة
ويخسر به الظالمين لظلمهم، يقرب كون المراد
بالشاكلة الشاكلة بالمعنى الثاني، وهي الشخصية
الخلقية الحاصلة للإنسان من مجموع غرائزه
والعوامل الخارجية الفاعلة فيه.
كأنه تعالى لما ذكر استفادة المؤمنين من



(1) البقرة: 6، 7.
(2) فاطر: 19 - 22.
(3) النور: 26.
3413
كلامه الشفاء والرحمة وحرمان الظالمين من ذلك
وزيادتهم في خسارهم، اعترضه معترض في هذه
التفرقة وأنه لو سوى بين الفريقين في الشفاء
والرحمة كان ذلك أوفى لغرض الرسالة وأنفع
لحال الدعوة، فأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) أن يجيبهم في ذلك
فقال: * (قل كل يعمل على شاكلته) * أي أن
أعمالكم تصدر على طبق ما عندكم من الشاكلة
والفعلية الموجودة، فمن كانت عنده شاكلة عادلة
سهل اهتداؤه إلى كلمة الحق والعمل الصالح
وانتفع بالدعوة الحقة، ومن كانت عنده شاكلة
ظالمة صعب عليه التلبس بالقول الحق والعمل
الصالح ولم يزد من استماع الدعوة الحقة إلا
خسارا، والله الذي هو ربكم العليم بسرائركم
المدبر لأمركم أعلم بمن عنده شاكلة عادلة وهو
أهدى سبيلا وأقرب إلى الانتفاع بكلمة الحق،
والذي علمه وأخبر به أن المؤمنين أهدى سبيلا
فيختص بهم الشفاء والرحمة بالقرآن الذي ينزله،
ولا يبقى للكافرين أهل الظلم إلا مزيد الخسار إلا
أن ينتزعوا عن ظلمهم فينتفعوا به.
ومن هنا يظهر النكتة في التعبير بصيغة
التفضيل في قوله: * (أهدى سبيلا) * وذلك لما تقدم
أن الشاكلة غير ملزمة في الدعوة إلى ما يلائمها،
فالشاكلة الظالمة وإن كانت مضلة داعية إلى العمل
الطالح غير أنها لا تحتم الضلال، ففيها أثر من
الهدى وإن كان ضعيفا، والشاكلة العادلة أهدى
منها، فافهم (1).
(انظر) باب 3921 حديث 20209.
[3980]
دور النية في العمل
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس إنما
الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى،
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله
ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو
امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما الأعمال بالنية - وفي
رواية بالنيات - وإنما لكل امرئ ما نوى،
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى
الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها
أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،
والنسائي (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما أغزى عليا (عليه السلام) في سرية،
فقال رجل لأخ له: اغز بنا في سرية علي
لعلنا نصيب خادما أو دابة أو شيئا نتبلغ به -:
إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى،
فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله،
ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن
له إلا ما نوى (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من غزا في سبيل الله ولم ينو
إلا عقالا فله ما نوى (5).



(1) الميزان: 13 / 189.
(2) كنز العمال: 7272.
(3) الترغيب والترهيب: 1 / 56 / 15.
(4) أمالي الطوسي: 618 / 1274.
(5) كنز العمال: 10777.
3414
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما يبعث الله المقتتلين
على النيات (1).
- الإمام علي (عليه السلام): يقول الرجل: جاهدت
ولم يجاهد، إنما الجهاد اجتناب المحارم
ومجاهدة العدو، ويقاتل أقوام فيحسنون القتال
ولا يريدون إلا الذكر والأجر، وإن الرجل
ليقاتل بطبعه من الشجاعة فيحمي من يعرف ومن
لا يعرف، ويجبن بطبيعته من الجبن فيسلم أباه
وأمه إلى العدو، وإنما القتل [حتف] من
الحتوف، وكل امرئ على ما قاتل عليه، وإن
الكلب ليقاتل دون أهله (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في جلد رجل ونشاطه لما
قال أصحابه فيه: لو كان هذا في سبيل الله -:
إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في
سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين
شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان
خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله،
وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في
سبيل الشيطان (3).
[3981]
ثواب نية الخير
- الإمام علي (عليه السلام): النية الصالحة أحد
العملين (4).
- عنه (عليه السلام): إحسان النية يوجب المثوبة (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في رجعته من غزوة تبوك -:
إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا
إلا وهم معنا، حبسهم العذر. رواه البخاري
وأبو داود، ولفظه: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لقد تركتم
بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا أنفقتم من نفقة
ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم، قالوا: يا رسول
الله: وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال:
حبسهم المرض (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تركنا في المدينة أقواما
لا نقطع واديا ولا نصعد صعودا ولا نهبط هبوطا إلا
كانوا معنا، قالوا: كيف يكونون معنا ولم يشهدوا؟
قال: نياتهم (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - لرجل يود حضور
أخيه ليشهد نصر الله على أعدائه في الجمل -:
أهوى أخيك معنا؟ فقال: نعم، قال: فقد شهدنا،
ولقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام [قوم] في
أصلاب الرجال وأرحام النساء، سيرعف بهم
الزمان (8)، ويقوى بهم الإيمان (9).
- حبة العرني: قسم علي (عليه السلام) بيت مال
البصرة على أصحابه خمسمائة خمسمائة، وأخذ
خمسمائة درهم كواحد منهم، فجاءه إنسان لم
يحضر الوقعة، فقال: يا أمير المؤمنين!



(1) كنز العمال: 10778.
(2) مستدرك الوسائل: 11 / 18 / 12315.
(3) الترغيب والترهيب: 3 / 63 / 10.
(4) غرر الحكم: 1624.
(5) غرر الحكم: 1265.
(6) الترغيب والترهيب: 1 / 57 / 18.
(7) كنز العمال: 7261.
(8) يرعف بهم الزمان: يجود على غير انتظار كما يجود الأنف
بالرعاف. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 12.
3415
كنت شاهدا معك بقلبي، وإن غاب عنك جسمي،
فأعطني من الفئ شيئا؟ فدفع إليه الذي
أخذه لنفسه وهو خمسمائة درهم، ولم يصب من
الفئ شيئا (1).
- في الزيارة الجامعة: فنحن نشهد الله أنا
قد شاركنا أولياءكم وأنصاركم المتقدمين، في
إراقة دماء الناكثين والقاسطين والمارقين، وقتلة
أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة يوم كربلاء،
بالنيات والقلوب والتأسف على فوت تلك
المواقف التي حضروا لنصرتكم (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن العبد لينوي من
نهاره أن يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام،
فيثبت الله له صلاته، ويكتب نفسه تسبيحا،
ويجعل نومه عليه صدقة (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر! هم بالحسنة وإن
لم تعملها، لكيلا تكتب من الغافلين (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أتى فراشه وهو ينوي أن
يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح
كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن العبد المؤمن
الفقير ليقول: يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا
من البر ووجوه الخير، فإذا علم الله عز وجل ذلك
منه بصدق نية كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب
له لو عمله، إن الله واسع كريم (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن المؤمن لترد عليه
الحاجة لأخيه فلا تكون عنده، فيهتم بها قلبه،
فيدخله الله تبارك وتعالى بهمه الجنة (7).
- الإمام علي (عليه السلام): من مات منكم على فراشه
وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل
بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب
ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام
إصلاته لسيفه (8).
- معن بن يزيد: كان أبي يزيد أخرج دنانير
يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد،
فجئت فأخذتها فأتيته بها، فقال: والله ما
إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن (9).
(انظر) الثواب: باب 473 السنة: باب 1913،
الشهادة: باب 2116، الصلاة (3): باب
2317، وسائل الشيعة: 1 / 35 باب 6،
59 باب 18.
[3982]
التوفيق على قدر النية
- الإمام علي (عليه السلام): على قدر النية تكون من
الله العطية (10).
- عنه (عليه السلام): من حسنت نيته أمده التوفيق (11).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إذا علم الله تعالى حسن



(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 250.
(2) البحار: 102 / 167 / 6.
(3) علل الشرائع: 524 / 1.
(4) مكارم الأخلاق: 2 / 378 / 2661.
(5) الترغيب والترهيب: 1 / 60 / 27.
(6) الكافي: 2 / 85 / 3 وص 196 / 14.
(7) الكافي: 2 / 85 / 3 وص 196 / 14.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 190.
(9) الترغيب والترهيب: 1 / 60 / 25.
(10) غرر الحكم: 6193، 9186.
(11) غرر الحكم: 6193، 9186.
3416
نية من أحد، اكتنفه بالعصمة (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إنما قدر الله عون
العباد على قدر نياتهم، فمن صحت نيته تم
عون الله له، ومن قصرت نيته قصر عنه العون بقدر
الذي قصر (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته لابنه
الحسن (عليه السلام) -: واعلم أن الذي بيده خزائن
السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء،
وتكفل لك بالإجابة... فلا يقنطنك إبطاء
إجابته، فإن العطية على قدر النية (3).
(انظر) التوفيق: باب 4148.
[3983]
نية المؤمن خير من عمله
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن خير من عمله (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن خير من عمله،
وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على
نيته، فإذا عمل المؤمن عملا نار في قلبه نور (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن خير من عمله، ونية
الفاجر شر من عمله (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن خير من عمله،
ونية الكافر شر من عمله، وكل عامل يعمل
على نيته (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن أبلغ من عمله (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن أبلغ من عمله،
وكذلك الفاجر (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن خير من عمله، وإن
الله عز وجل ليعطي العبد على نيته ما لا يعطيه
على عمله، وذلك أن النية لا رياء فيها، والعمل
يخالطه الرياء (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في الجواب عن علة
فضل نية المؤمن على عمله -: لأن العمل
ربما كان رياء للمخلوقين، والنية خالصة
لرب العالمين، فيعطي تعالى على النية ما
لا يعطي على العمل (11).
- الإمام الباقر (عليه السلام): نية المؤمن أفضل من
عمله، وذلك لأنه ينوي من الخير ما لا يدركه،
ونية الكافر شر من عمله، وذلك لأن الكافر
ينوي الشر ويأمل من الشر ما لا يدركه (12).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المؤمن -:
لا يبلغ بنيته إرادته في الخير، ينوي كثيرا
من الخير ويعمل بطائفة منه، ويتلهف على ما فاته
من الخير كيف لم يعمل به (13).
- العالم (عليه السلام) - في الجواب عن نية
المؤمن خير -: إنه ربما انتهت بالإنسان
حالة من مرض أو خوف، فتفارقه الأعمال ومعه



(1) أعلام الدين: 301.
(2) البحار: 70 / 211 / 34.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(4) كنز العمال: 7236، 7237، 7271.
(5) كنز العمال: 7236، 7237، 7271.
(6) كنز العمال: 7236، 7237، 7271.
(7) الكافي: 2 / 84 / 2.
(8) كنز العمال: 7269.
(9) أمالي الطوسي: 454 / 1013.
(10) كنز العمال: 7270.
(11) علل الشرائع: 524 / 1 و 524 / 2.
(12) علل الشرائع: 524 / 1 و 524 / 2.
(13) تحف العقول: 212.
3417
نيته، فلذلك الوقت نية المؤمن خير من عمله.
وفي وجه آخر أنها لا يفارقه عقله أو نفسه،
والأعمال قد يفارقه قبل مفارقة العقل والنفس (1).
- الإمام علي (عليه السلام): رب نية أنفع من عمل (2).
أقول: في البحار بعد ذكر وجوه في تفسير
قوله (عليه السلام): " نية المؤمن خير من عمله " ما نصه:
وبعد ما أحطت خبرا بما ذكرناه نذكر ما هو أقوى
عندنا بعد الإعراض عن الفضول، وهو الحق
الحقيق بالقبول.
فاعلم أن الإشكالات الناشئة من هذا الخبر
إنما هو لعدم تحقيق معنى النية، وتوهم أنها
تصور الغرض والغاية وإخطارها بالبال، وإذا
حققتها كما أومأنا إليه سابقا عرفت أن تصحيح
النية من أشق الأعمال وأحمزها، وأنها تابعة
للحالة التي النفس متصفة بها، وكمال الأعمال
وقبولها وفضلها منوط بها، ولا يتيسر تصحيحها
إلا بإخراج حب الدنيا وفخرها وعزها من
القلب، برياضات شاقة، وتفكرات صحيحة،
ومجاهدات كثيرة، فإن القلب سلطان البدن،
وكلما استولى عليه يتبعه سائر الجوارح، بل
هو الحصن الذي كل حب استولى عليه وتصرف
فيه يستخدم سائر الجوارح والقوى، ويحكم
عليها، ولا تستقر فيه محبتان غالبتان، كما
قال الله عز وجل: يا عيسى لا يصلح لسانان في
فم واحد ولا قلبان في صدر واحد، وكذلك
الأذهان (3)، وقال سبحانه: * (ما جعل الله لرجل
من قلبين في جوفه) * (4).
فالدنيا والآخرة ضرتان لا يجتمع حبهما
في قلب، فمن استولى على قلبه حب المال
لا يذهب فكره وخياله وقواه وجوارحه إلا
إليه، ولا يعمل عملا إلا ومقصوده الحقيقي
فيه تحصيله، وإن ادعى غيره كان كاذبا، ولذا
يطلب الأعمال التي وعد فيها كثرة المال
ولا يتوجه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب
ذي الجلال، وكذا من استولى عليه حب الجاه
ليس مقصوده في أعماله إلا ما يوجب حصوله،
وكذا سائر الأغراض الباطلة الدنيوية، فلا
يخلص العمل لله سبحانه وللآخرة إلا بإخراج
حب هذه الأمور من القلب، وتصفيته عما يوجب
البعد عن الحق.
فللناس في نياتهم مراتب شتى بل غير
متناهية بحسب حالاتهم، فمنها ما يوجب فساد
العمل وبطلانه، ومنها ما يوجب صحته، ومنها ما
يوجب كماله، ومراتب كماله أيضا كثيرة (5).
[3984]
الحث على النية في كل شئ
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر! ليكن لك في
كل شئ نية صالحة حتى في النوم والأكل (6).



(1) البحار: 70 / 210 / 31.
(2) غرر الحكم: 5297.
(3) راجع الكافي: 2 / 343 / 3، ثواب الأعمال: 240. كما في
هامش البحار.
(4) الأحزاب: 4.
(5) البحار: 70 / 193، 194.
(6) مكارم الأخلاق: 2 / 370 / 2661.
3418
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا بد للعبد من
خالص النية في كل حركة وسكون، لأنه
إذا لم يكن هذا المعنى يكون غافلا (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في الاشتياق
إلى طلب المغفرة -: اللهم فصل على محمد وآله،
واجعل همسات قلوبنا، وحركات أعضائنا،
ولمحات أعيننا، ولهجات ألسنتنا... في موجبات
ثوابك، حتى لا تفوتنا حسنة نستحق بها جزاءك،
ولا تبقى لنا سيئة نستوجب بها عقابك (2).
- عنه (عليه السلام) - كان من دعائه في مكارم
الأخلاق -: وانته بنيتي إلى أحسن
النيات، وبعملي إلى أحسن الأعمال، اللهم
وفر بلطفك نيتي (3).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: وأمض لكل يوم عمله، فإن لكل
يوم ما فيه، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله
أفضل تلك المواقيت، وأجزل تلك الأقسام،
وإن كانت كلها لله إذا صلحت فيها النية،
وسلمت منها الرعية (4).
[3985]
حسن النية
- الإمام علي (عليه السلام): حسن النية جمال السرائر (5).
- عنه (عليه السلام): أفضل الذخائر حسن الضمائر (6).
- عنه (عليه السلام): جميل النية سبب لبلوغ الأمنية (7).
- عنه (عليه السلام): وصول المرء إلى كل ما يبتغيه - من
طيب عيشه، وأمن سربه، وسعة رزقه - بحسن
نيته وسعة خلقه (8).
- عنه (عليه السلام): عود نفسك حسن النية وجميل
المقصد، تدرك في مباغيك النجاح (9).
- عنه (عليه السلام): إحسان النية يوجب المثوبة (10).
- عنه (عليه السلام): من حسنت نيته كثرت مثوبته،
وطابت عيشته، ووجبت مودته (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من حسنت نيته زاد الله
في رزقه (12).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الله سبحانه يحب أن
تكون نية الإنسان للناس جميلة، كما يحب أن
تكون نيته في طاعته قوية غير مدخولة (13).
- عنه (عليه السلام): بحسن النيات تنجح المطالب (14).
- عنه (عليه السلام): أقرب النيات بالنجاح أعودها
بالصلاح (15).
- عنه (عليه السلام): إن الله تعالى يدخل بحسن النية
وصالح السريرة من يشاء من عباده الجنة (16).
- عنه (عليه السلام): حسن النية من سلامة الطوية (17).
- عنه (عليه السلام): جميل المقصد يدل على
طهارة المولد (18).
- الإمام الجواد (عليه السلام): من لم يرض من أخيه



(1) البحار: 70 / 210 / 32.
(2) الصحيفة السجادية: الدعاء 9 و 20.
(3) الصحيفة السجادية: الدعاء 9 و 20.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(5) غرر الحكم: 4806، 3254.
(6) غرر الحكم: 4806، 3254.
(7) غرر الحكم: 4766، 10141، 6236، 1265، 9094.
(8) غرر الحكم: 4766، 10141، 6236، 1265، 9094.
(9) غرر الحكم: 4766، 10141، 6236، 1265، 9094.
(10) غرر الحكم: 4766، 10141، 6236، 1265، 9094.
(11) غرر الحكم: 4766، 10141، 6236، 1265، 9094.
(12) المحاسن: 1 / 406 / 922.
(13) غرر الحكم: 3703، 4349، 3289، 3544، 4817، 4758.
(14) غرر الحكم: 3703، 4349، 3289، 3544، 4817، 4758.
(15) غرر الحكم: 3703، 4349، 3289، 3544، 4817، 4758.
(16) غرر الحكم: 3703، 4349، 3289، 3544، 4817، 4758.
(17) غرر الحكم: 3703، 4349، 3289، 3544، 4817، 4758.
(18) غرر الحكم: 3703، 4349، 3289، 3544، 4817، 4758.
3419
بحسن النية لم يرض منه بالعطية (1).
- الإمام علي (عليه السلام): استعن على العدل بحسن
النية في الرعية، وقلة الطمع، وكثرة الورع (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن حد
العبادة المؤدية -: حسن النية بالطاعة (3).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن العبادة -: حسن
النية بالطاعة من الوجه الذي يطاع الله منه (4).
- الإمام علي (عليه السلام): لا يكمل صالح العمل
إلا بصالح النية (5).
- عنه (عليه السلام): صلاح العمل بصلاح النية (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل العمل النية الصادقة (7).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): كما لا يقوم الجسد إلا
بالنفس الحية، فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية
الصادقة، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): صاحب النية
الصادقة صاحب القلب السليم، لأن سلامة
القلب من هواجس المحذورات بتخليص النية لله
في الأمور كلها (9).
- الإمام علي (عليه السلام): ولو أن الناس حين تنزل
بهم النقم وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم
بصدق من نياتهم ووله من قلوبهم، لرد عليهم
كل شارد، وأصلح لهم كل فاسد (10).
(انظر) عنوان: 228 " السريرة ".
[3986]
سوء النية
- الإمام علي (عليه السلام): سوء النية داء دفين (11).
- عنه (عليه السلام): إياك وخبث الطوية، وإفساد
النية، وركوب الدنية، وغرور الأمنية (12).
- عنه (عليه السلام): رب عمل أفسدته النية (13).
- عنه (عليه السلام): من أساء النية منع الأمنية (14).
- عنه (عليه السلام): من ساء عقده سر فقده (15) (16).
- عنه (عليه السلام): من ساء عزمه رجع عليه سهمه (17).
- عنه (عليه السلام): من ساء مقصده ساء مورده (18).
- عنه (عليه السلام): عند فساد النية ترتفع البركة (19).
- عنه (عليه السلام): من الشقاء فساد النية (20).
- عنه (عليه السلام): إذا فسدت النية وقعت البلية (21).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن المؤمن لينوي الذنب
فيحرم رزقه (22).
- الإمام علي (عليه السلام) - في الدعاء -: اللهم اغفر
لي ما تقربت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي (23).
(انظر) وسائل الشيعة: 1 / 41 باب 7.

3420
حرف الهاء
530 - الهجرة... 3423
531 - الهجران... 3435
532 - الهداية... 3439
533 - الهدية... 3449
534 - الهرم... 3457
535 - الهلاك... 3461
536 - الهمة... 3467
537 - الهوى... 3475

3421
(530)
الهجرة
البحار: 18 / 410 باب 4 " الهجرة إلى الحبشة ".
البحار: 19 / 28 باب 6 " الهجرة ومباديها ".
البحار: 73 / 384 باب 140 " الهجرة عن بلاد أهل المعاصي ".
البحار: 100 / 97 باب 4 " وجوب الهجرة وأحكامها ".
كنز العمال: 16 / 653، 661 " كتاب الهجرتين ".
البحار: 79 / 280 باب 106، مستدرك الوسائل: 2 / 259،
وسائل الشيعة: 11 / 75 باب 36 " تحريم التعرب بعد الهجرة ".
انظر:
التأريخ: باب 84.

3423
[3987]
الهجرة إلى الحبشة
الكتاب
* (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم
وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا
قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع
الحساب) * (1).
(انظر) المائدة: 82، 85.
التفسير:
في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: * (وإن
من أهل الكتاب...) *: اختلفوا في نزولها، فقيل:
نزلت في النجاشي ملك الحبشة واسمه أصحمة
وهو بالعربية عطية، وذلك أنه لما مات نعاه
جبرائيل لرسول الله في اليوم الذي مات فيه، فقال
رسول الله: اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير
أرضكم، قالوا: ومن؟ قال: النجاشي.
فخرج رسول الله إلى البقيع وكشف له من
المدينة إلى أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي
وصلى عليه، فقال المنافقون: انظروا إلى هذا
يصلي على علج نصراني حبشي لم يره قط وليس
على دينه، فأنزل الله هذه الآية، عن جابر بن
عبد الله وابن عباس وأنس وقتادة (1).
وفي تفسير القمي: قوله * (لتجدن أشد الناس
عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن
أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) *
فإنه كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في
أذى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه الذين آمنوا به بمكة
قبل الهجرة أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يخرجوا إلى
الحبشة، وأمر جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) أن يخرج
معهم، فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من
المسلمين حتى ركبوا البحر، فلما بلغ قريش
خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد
إلى النجاشي ليردوهم إليهم، وكان عمرو وعمارة
متعاديين، فقالت قريش: كيف نبعث رجلين
متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة
وبرئت بنوسهم من جناية عمرو بن العاص، فخرج
عمارة وكان حسن الوجه شابا مترفا فأخرج
عمرو بن العاص أهله معه، فلما ركبوا السفينة
شربوا الخمر، فقال عمارة لعمرو بن العاص، قل
لأهلك تقبلني، فقال عمرو: أيجوز هذا سبحان
الله! فسكت عمارة، فلما انتشأ (2) عمرو وكان على
صدر السفينة، دفعه عمارة وألقاه في البحر
فتشبث عمرو بصدر السفينة وأدركوه فأخرجوه،
فوردوا على النجاشي وقد كانوا حملوا إليه هدايا
فقبلها منهم، فقال عمرو بن العاص أيها الملك!

3424
إن قوما منا خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا
وصاروا إليك فردهم الينا، فبعث النجاشي إلى
جعفر فجاؤوا به، فقال: يا جعفر! ما يقول هؤلاء؟
فقال جعفر: أيها الملك وما يقولون؟ قال: يسألون
أن أردكم إليهم، قال: أيها الملك سلهم أعبيد
نحن لهم؟ فقال عمرو، لا بل أحرار كرام، قال:
فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال:
لا مالنا عليكم ديون، قال: فلكم في أعناقنا دماء
تطالبوننا بها؟ قال عمرو: لا، قال: فما تريدون
منا؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم، فقال عمرو بن
العاص: أيها الملك خالفونا في ديننا وسبوا
آلهتنا وأفسدوا شبابنا وفرقوا جماعتنا فردهم
إلينا لتجمع أمرنا، فقال جعفر: نعم أيها
الملك خالفناهم بأنه بعث الله فينا نبيا أمر
بخلع الأنداد، وترك الاستقسام بالأزلام، وأمرنا
بالصلاة والزكاة، وحرم الظلم والجور وسفك
الدماء بغير حقها والزناء والربا والميتة والدم،
وأمرنا بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى،
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، فقال
النجاشي: بهذا بعث الله عيسى بن مريم (عليه السلام)، ثم
قال النجاشي: يا جعفر هل تحفظ مما أنزل الله
على نبيك شيئا؟ قال: نعم، فقرأ عليه سورة مريم
فلما بلغ إلى قوله * (وهزي إليك بجذع النخلة
تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري
عينا) * فلما سمع النجاشي بهذا بكى بكاءا شديدا،
وقال: هذا والله هو الحق، فقال عمرو بن العاص:
أيها الملك إن هذا مخالفنا فرده إلينا، فرفع
النجاشي يده فضرب بها وجه عمرو ثم قال:
اسكت، والله يا هذا لأن ذكرته بسوء لأفقدنك
نفسك، فقام عمرو بن العاص من عنده والدماء
تسيل على وجهه وهو يقول: إن كان هذا كما تقول
أيها الملك فإنا لا نتعرض له.
وكانت على رأس النجاشي وصيفة له تذب
عنه، فنظرت إلى عمارة بن الوليد وكان فتى
جميلا فأحبته، فلما رجع عمرو بن العاص إلى
منزله قال لعمارة: لو راسلت جارية الملك،
فراسلها فأجابته، فقال عمرو: قل لها تبعث إليك
من طيب الملك شيئا، فقال لها فبعثت إليه، فأخذ
عمرو من ذلك الطيب، وكان الذي فعل به عمارة
في قلبه حين ألقاه في البحر، فأدخل الطيب على
النجاشي فقال: أيها الملك إن حرمة الملك عندنا
وطاعته علينا وما يكرمنا إذا دخلنا بلاده ونأمن
فيه أن لا نغشه ولا نريبه وإن صاحبي هذا الذي
معي قد أرسل إلى حرمتك وخدعها وبعثت إليه
من طيبك ثم وضع الطيب بين يديه، فغضب
النجاشي وهم بقتل عمارة ثم قال: لا يجوز قتله
فإنهم دخلوا بلادي فأمان لهم، فدعا النجاشي
السحرة فقال لهم اعملوا به شيئا أشد عليه من
القتل، فأخذوه ونفخوا في إحليله الزئبق فصار مع
الوحش يغدو ويروح، وكان لا يأنس بالناس
فبعثت قريش بعد ذلك فكمنوا له في موضع حتى
ورد الماء مع الوحش، فأخذوه فما زال يضطرب
في أيديهم ويصيح حتى مات.
ورجع عمرو إلى قريش فأخبرهم أن جعفر
في أرض الحبشة في أكرم كرامة، فلم يزل بها

3425
حتى هادن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قريشا وصالحهم وفتح
خيبر، فوافى بجميع من معه وولد لجعفر بالحبشة
من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر، وولد
للنجاشي ابن فسماه محمدا، وكانت أم
حبيب بنت أبي سفيان تحت عبد الله (1) فكتب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى النجاشي يخطب أم حبيب،
فبعث إليها النجاشي فخطبها لرسول الله (صلى الله عليه وآله)
فأجابته، فزوجها منه وأصدقها أربعمائة
دينار وساقها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبعث إليها
بثياب وطيب كثير وجهزها وبعثها إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله)، وبعث إليه بمارية القبطية أم
إبراهيم، وبعث إليه بثياب وطيب وفرس، وبعث
ثلاثين رجلا من القسيسين، فقال لهم: انظروا
إلى كلامه وإلى مقعده ومشربه ومصلاه، فلما
وافوا المدينة دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الإسلام
وقرأ عليهم القرآن * (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم
اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك - إلى قوله - فقال
الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين) * فلما
سمعوا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكوا وآمنوا ورجعوا
إلى النجاشي فأخبروه خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرأوا
عليه ما قرأ عليهم، فبكى النجاشي وبكى
القسيسون، وأسلم النجاشي ولم يظهر للحبشة
إسلامه وخافهم على نفسه، وخرج من بلاد
الحبشة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلما عبر البحر
توفي فأنزل الله على رسوله: * (لتجدن أشد
الناس عداوة للذين آمنوا اليهود - إلى قوله -
وذلك جزاء المحسنين) * (2).
- الزهري: لما كثر المسلمون وظهر الإيمان
وتحدث به ثار ناس كثير من المشركين من
كفار قريش بمن آمن من قبائلهم فعذبوهم
وسجنوهم وأرادوا فتنتهم عن دينهم، فقال لهم
رسول الله (صلى الله عليه وآله): تفرقوا في الأرض، فقالوا: أين
نذهب يا رسول الله؟ قال: ههنا، وأشار إلى
الحبشة، وكانت أحب الأرض إليه أن يهاجر
قبلها، فهاجر ناس ذوو عدد من المسلمين منهم
من هاجر معه بأهله ومنهم من هاجر بنفسه، حتى
قدموا أرض الحبشة (3).
- لما قدم أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) مكة من الهجرة
الأولى اشتد عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم
ولقوا منهم أذى شديدا، فأذن لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
في الخروج إلى أرض الحبشة مرة ثانية، فكانت
خرجتهم الآخرة أعظمهما مشقة ولقوا من قريش
تعنيفا شديدا ونالوهم بالأذى، واشتد عليهم ما
بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم، فقال
عثمان بن عفان: يا رسول الله فهجرتنا الأولى
وهذه الآخرة إلى النجاشي ولست معنا؟ فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنتم مهاجرون إلى الله وإلي، لكم
هاتان الهجرتان جميعا، قال عثمان: فحسبنا يا
رسول الله، وكان عدة من خرج في هذه الهجرة
من الرجال ثلاثة وثمانين رجلا، ومن النساء
إحدى عشرة امرأة قرشية، وسبع غرائب،



(1) وهي أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، هاجرت مع زوجها عبد الله
ابن جحش إلى الحبشة، ثم تنصر عبد الله هنالك ومات على
النصرانية وثبتت أم حبيبة على دينها الإسلام، ثم تزوجها رسول
الله (صلى الله عليه وآله) (أعلام النساء). كما في هامش تفسير علي بن إبراهيم.
(2) تفسير علي بن إبراهيم: 1 / 176.
(3) الطبقات الكبرى: 1 / 203.
3426
فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي
بأحسن جوار، فلما سمعوا بمهاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا، ومن
النساء ثماني نسوة، فمات منهم رجلان بمكة،
وحبس بمكة سبعة نفر، وشهد بدرا منهم أربعة
وعشرون رجلا، فلما كان شهر ربيع الأول سنة
سبع من هجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة كتب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى النجاشي كتابا يدعوه فيه إلى
الإسلام، وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري.
فلما قرئ عليه الكتاب أسلم وقال: لو قدرت أن
آتيه لأتيته، وكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يزوجه أم
حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت فيمن
هاجر إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن
جحش فتنصر هناك ومات، فزوجه النجاشي
إياها وأصدق عنه أربعمائة دينار، وكان الذي
ولي تزويجها خالد بن سعيد بن العاص، وكتب إليه
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبعث إليه من بقي عنده من
أصحابه ويحملهم، ففعل وحملهم في سفينتين مع
عمرو بن أمية الضمري، فأرسوا بهم إلى ساحل
بولا وهو الجار، ثم تكاروا الظهر حتى قدموا
المدينة فيجدون رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخيبر، فشخصوا
إليه فوجدوه قد فتح خيبر، فكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم، ففعلوا (1).
[3988]
الهجرة إلى المدينة
الكتاب
* (واصبر على ما يقولون واهجرهم
هجرا جميلا) * (2).
(انظر) النساء: 97، 100، الأنفال: 72، 75، التوبة: 39،
النحل: 6، 41، 42، 110، العنكبوت: 56، 60، محمد: 13.
- كانت الهجرة سنة أربع عشرة من المبعث،
وهي سنة أربع وثلاثين من ملك كسرى پرويز،
سنة تسع لهرقل (3)، وأول هذه السنة المحرم،
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مقيما بمكة لم يخرج منها،
وقد كان جماعة خرجوا في ذي الحجة، وقال
محمد بن كعب القرظي (4): اجتمع قريش على بابه
وقالوا: إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه كنتم
ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم بعد موتكم فجعل
لكم جنان كجنان الأرض، وإن لم تفعلوا كان لكم
منه الذبح ثم بعثتم بعد موتكم فجعلت لكم نار
تحرقون بها، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ حفنة (5)
من تراب ثم قال: نعم أنا أقول ذلك، فنثر التراب
على رؤوسهم وهو يقرأ * (يس - إلى قوله - وجعلنا
من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم
فهم لا يبصرون) * فلم يبق منهم رجل وضع على
رأسه التراب إلا قتل يوم بدر، ثم انصرف إلى
حيث أراد، فأتاهم آت لم يكن معهم فقال: ما



(1) الطبقات الكبرى: 1 / 207.
(2) المزمل: 10.
(3) هرقل: بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف أو كزبرج: ملك
الروم، أول من ضرب الدنانير، وأول من أحدث البيعة.
(4) القرظي: بضم القاف وفتح الراء منسوب إلى قريظة، والرجل هو
محمد بن كعب بن سليم بن أسد أبو حمزة القرظي المدني، كان
من فضلاء المدينة، نزل الكوفة مدة، ولد سنة أربعين وتوفي
بالمدينة سنة 120، وقيل: قبل ذلك، يروي عن ابن عباس وابن
عمر وغيرهما. كما في هامش البحار.
(5) الحفنة: ملء الكفين. كما في هامش البحار.
3427
تنتظرون ههنا؟ قالوا: محمدا، قال: قد والله
خرج محمد عليكم ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد
وضع على رأسه التراب وانطلق لحاجته، فوضع
كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه التراب،
ثم جعلوا يطلعون فيرون عليا على الفراش
متشحا (1) ببرد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيقولون: إن هذا
لمحمد نائم عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى
أصبحوا، فقام علي من الفراش فقالوا: والله لقد
صدقنا الذي كان حدثنا به (2).
- أورد الغزالي في كتاب إحياء العلوم أن
ليلة بات علي بن أبي طالب (عليه السلام) على فراش
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوحى الله تعالى إلى جبرئيل
وميكائيل أني آخيت بينكما وجعلت عمر
أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر
صاحبه بحياته؟ فاختار كل منهما الحياة
وأحباها، فأوحى الله تعالى إليهما: أفلا كنتما مثل
علي بن أبي طالب (عليه السلام)، آخيت بينه وبين محمد،
فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة،
اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فكان
جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه،
وجبرئيل (عليه السلام) ينادي: بخ بخ، من مثلك يا بن أبي
طالب؟ يباهي الله بك الملائكة! فأنزل الله
عز وجل: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء
مرضات الله والله رؤوف بالعباد) * (3) (4).
- عبد الله بن بريدة، عن أبيه: إن النبي (صلى الله عليه وآله)
كان لا يتطير، وكان يتفأل، وكانت قريش جعلت
مائة من الإبل فيمن يأخذ نبي الله (صلى الله عليه وآله) فيرده عليهم
حين توجه إلى المدينة، فركب بريدة (5) في سبعين
راكبا من أهل بيته من بني سهم، فتلقى نبي
الله (صلى الله عليه وآله)، فقال نبي الله (صلى الله عليه وآله): من أنت؟ قال: أنا
بريدة، فالتفت إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر
برد أمرنا وصلح، ثم قال: وممن أنت؟ قال:
من أسلم، قال (صلى الله عليه وآله): سلمنا، قال: ممن؟ قال:
من بني سهم، قال: خرج سهمك، فقال بريدة
للنبي (صلى الله عليه وآله): من أنت؟ فقال: أنا محمد بن عبد الله
رسول الله، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا
الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم
بريدة وأسلم من كان معه جميعا، فلما أصبح قال
بريدة للنبي (صلى الله عليه وآله): لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء،
فحل عمامته ثم شدها في رمح، ثم مشى بين يديه
فقال: يا نبي الله تنزل علي؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله):
إن ناقتي هذه مأمورة، قال بريدة: الحمد لله
أسلمت بنو سهم طائعين غير مكرهين (6).
بيان: قال في الفائق: برد أمرنا، أي سهل،
من العيش البارد، وهو الناعم السهل، وقيل:
ثبت، من برد لي عليه حق، خرج سهمك: أي
ظفرت، وأصله أن يجيلوا السهام على شئ، فمن
خرج سهمه حازه (7).



(1) توشح بثوبه: لبسه أو أدخله تحت إبطه فألقاه على منكبه. كما
في هامش البحار.
(2) البحار: 19 / 38 / 6.
(3) البقرة: 207.
(4) البحار: 19 / 39 / 6.
(5) من المدينة متوجها إلى مكة. والرجل هو بريدة بن الحصيب أبو
سهل الأسلمي. كما في هامش البحار.
(6) المنتقى في مولود المصطفى: الفصل الثاني في خروجه (صلى الله عليه وآله وسلم)
وخروج أبي بكر إلى الغار. كما في هامش البحار.
(7) البحار: 19 / 40 / 6.
3428
- إياس بن مالك بن الأوس، عن أبيه:
لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبو بكر مروا بإبل
لنا في الجحفة، فقال النبي: لمن هذه
الإبل؟ قال: لرجل من أسلم، فالتفت إلى
أبي بكر فقال: سلمت إن شاء الله تعالى! فقال:
ما اسمك؟ فقال: مسعود، فالتفت إلى أبي
بكر، فقال: سعدت إن شاء الله تعالى، فأتاه
أبي فحمله على جمل (1).
- الإمام علي (عليه السلام): لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إلى المدينة في الهجرة أمرني أن
أقيم بعده حتى أؤدي ودائع كانت عنده
للناس، وإنما كان يسمى الأمين، فأقمت
ثلاثا وكنت أظهر، ما تغيبت يوما واحدا،
ثم خرجت فجعلت أتبع طريق رسول الله (صلى الله عليه وآله)
حتى قدمت بني عمرو بن عوف ورسول الله (صلى الله عليه وآله)
مقيم، فنزلت على كلثوم بن الهدم وهنالك
منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا هجرة بعد الفتح (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا هجرة بعد فتح مكة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا هجرة، ولكن جهاد ونية،
وإذا استنفرتم فانفروا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا هجرة بعد الفتح، ولكن إنما
هو الإيمان والنية والجهاد (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا هجرة بعد الفتح، ولكن
جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا (7).
[3989]
عدم انقطاع الهجرة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس هاجروا
وتمسكوا بالإسلام، فإن الهجرة لا تنقطع
ما دام الجهاد (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لن تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تنقطع الهجرة ما دام
العدو يقاتل (10).
- الإمام علي (عليه السلام): الهجرة قائمة على
حدها الأول، ما كان لله في أهل الأرض حاجة
من مستسر الأمة ومعلنها، لا يقع اسم الهجرة
على أحد [إلا] بمعرفة الحجة في الأرض،
فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر، ولا يقع اسم
الاستضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها اذنه
ووعاها قلبه (11).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من دخل في الإسلام
طوعا فهو مهاجر (12).
وفي خبر عن الصادق (عليه السلام) -: من ولد في
الإسلام فهو عربي، ومن دخل فيه بعدما
كبر فهو مهاجر (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الهجرة هجرتان: إحداهما أن
تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إلى الله تعالى



(1) كنز العمال: 46301، 46324، 46278، 46251، 46252، 46277، 46250.
(2) كنز العمال: 46301، 46324، 46278، 46251، 46252، 46277، 46250.
(3) كنز العمال: 46301، 46324، 46278، 46251، 46252، 46277، 46250.
(4) كنز العمال: 46301، 46324، 46278، 46251، 46252، 46277، 46250.
(5) كنز العمال: 46301، 46324، 46278، 46251، 46252، 46277، 46250.
(6) كنز العمال: 46301، 46324، 46278، 46251، 46252، 46277، 46250.
(7) كنز العمال: 46301، 46324، 46278، 46251، 46252، 46277، 46250.
(8) كنز العمال: 46260، 46248، 46274.
(9) كنز العمال: 46260، 46248، 46274.
(10) كنز العمال: 46260، 46248، 46274.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 189.
(12) الكافي: 8 / 148 / 126.
(13) معاني الأخبار: 239 / 3.
3429
ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما اختلف الأصحاب في انقطاع
الهجرة وعدمها، فسئل عن ذلك -: لا تنقطع
الهجرة ما قوتل الكفار (2).
- محمد بن حكيم: وجه زرارة بن أعين ابنه
عبيدا إلى المدينة ليستخبر له خبر أبي الحسن
موسى بن جعفر (عليه السلام) وعبد الله، فمات قبل أن يرجع
إليه عبيد ابنه.
قال محمد بن أبي عمير: حدثني محمد بن
حكيم قال: ذكرت لأبي الحسن (عليه السلام) زرارة
وتوجيهه عبيدا ابنه إلى المدينة، فقال:
إني لأرجو أن يكون زرارة ممن قال الله فيهم:
* (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله...) * (3).
[3990]
أفضل الهجرة
الكتاب
* (والرجز فاهجر) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل الهجرة أن تهجر ما
كره الله (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أفضل الهجرة أن تهجر السوء (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لام أنس -: اهجري المعاصي،
فإنها أفضل الهجرة (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أشرف الهجرة أن تهجر السيئات (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): المهاجر من هجر السوء (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): المهاجر من هجر الخطايا
والذنوب (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن أفضل الإيمان -:
الهجرة، قيل: وما الهجرة؟ قال: أن تهجر
السوء، قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال:
الجهاد (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الهجرة هجرتان: هجرة الحاضر،
وهجرة البادي، فهجرة البادي أن يجيب إذا
دعي ويطيع إذا امر، وهجرة الحاضر أعظمها
بلية وأفضلها أجرا (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أقم الصلاة، وأد الزكاة،
واهجر السوء، واسكن من أرض قومك حيث
شئت، تكن مهاجرا (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أفضل الإسلام أن يسلم
المسلمون من لسانك ويدك، وأفضل الهجرة
أن تهجر ما كره ربك (14).
[3991]
ما هو أفضل من الهجرة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لمقام أحدكم في الدنيا
يتكلم بحق يرد به باطلا، أو ينصر به حقا،
أفضل من هجرة معي (15).
(انظر) الحق: باب 892.



(1) كنز العمال: 46262، 46298.
(2) كنز العمال: 46262، 46298.
(3) مجمع البيان: 3 / 153.
(4) المدثر: 5.
(5) كنز العمال: 46263، 46264، 3935، 65.
(6) كنز العمال: 46263، 46264، 3935، 65.
(7) كنز العمال: 46263، 46264، 3935، 65.
(8) كنز العمال: 46263، 46264، 3935، 65.
(9) كنز العمال: 46261، 676، 17، 46265، 46266، 46265، 5589.
(10) كنز العمال: 46261، 676، 17، 46265، 46266، 46265، 5589.
(11) كنز العمال: 46261، 676، 17، 46265، 46266، 46265، 5589.
(12) كنز العمال: 46261، 676، 17، 46265، 46266، 46265، 5589.
(13) كنز العمال: 46261، 676، 17، 46265، 46266، 46265، 5589.
(14) كنز العمال: 46261، 676، 17، 46265، 46266، 46265، 5589.
(15) كنز العمال: 46261، 676، 17، 46265، 46266، 46265، 5589.
3430
[3992]
الهجرة عن بلاد أهل المعاصي
الكتاب
* (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم
كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض
الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت
مصيرا) * (1).
* (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي
فاعبدون) * (2).
* (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في
هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون
أجرهم بغير حساب) * (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (يا عبادي
الذين آمنوا...) * -: لا تطيعوا أهل الفسق
من الملوك، فإن خفتموهم أن يفتنوكم على دينكم
فإن أرضي واسعة، وهو يقول: * (فيم كنتم قالوا كنا
مستضعفين في الأرض) * فقال: * (ألم تكن أرض
الله واسعة فتهاجروا فيها) * (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (يا عبادي الذين آمنوا...) * -: إذا عصي
الله في أرض أنت فيها فاخرج منها إلى غيرها (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من فر بدينه من أرض
إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض، استوجب
الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد (عليهما السلام) (6).
التفسير:
قوله تعالى: * (إن الذين توفاهم الملائكة
ظالمي أنفسهم) *: لفظ * (توفاهم) * صيغة ماض أو
صيغة مستقبل، والأصل تتوفاهم حذفت إحدى
التاءين من اللفظ تخفيفا، نظير قوله تعالى:
* (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا
السلم ما كنا نعمل من سوء) * (7).
والمراد بالظلم - كما تؤيده الآية النظيرة -
هو ظلمهم لأنفسهم بالإعراض عن دين الله وترك
إقامة شعائره من جهة الوقوع في بلاد الشرك
والتوسط بين الكافرين، حيث لا وسيلة يتوسل
بها إلى تعلم معارف الدين، والقيام بما
تندب إليه من وظائف العبودية، وهذا هو
الذي يدل عليه السياق في قوله: * (قالوا فيم
كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض...) * إلى
آخر الآيات الثلاث.
وقد فسر الله سبحانه الظالمين - إذا أطلق -
في قوله: * (لعنة الله على الظالمين * الذين
يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا) * (8)،
ومحصل الآيتين تفسير الظلم بالإعراض عن دين
الله وطلبه عوجا ومحرفا، وينطبق على ما يظهر
من الآية التي نحن فيها.
قوله تعالى: * (قالوا فيم كنتم) * أي في



(1) النساء: 97.
(2) العنكبوت: 56.
(3) الزمر: 10.
(4) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 151.
(5) مجمع البيان: 8 / 455.
(6) مجمع البيان: 3 / 153.
(7) النحل: 28.
(8) الأعراف: 44 - 45، هود: 18 - 19.
3431
ماذا كنتم من الدين، وكلمة " م " هي ما
الاستفهامية حذفت عنها الألف تخفيفا.
وفي الآية دلالة في الجملة على ما تسميه
الأخبار بسؤال القبر، وهو سؤال الملائكة عن دين
الميت بعد حلول الموت، كما يدل عليه أيضا قوله
تعالى: * (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم
فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم
بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين
فيها فلبئس مثوى المتكبرين * وقيل للذين اتقوا
ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا...) * (1) الآيات.
قوله تعالى: * (قالوا كنا مستضعفين في
الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا
فيها) * كان سؤال الملائكة * (فيم كنتم) * سؤالا عن
الحال الذي كانوا يعيشون فيه من الدين، ولم يكن
هؤلاء المسؤولون على حال يعتد به من جهة
الدين، فأجابوا بوضع السبب موضع المسبب وهو
أنهم كانوا يعيشون في أرض لا يتمكنون فيها من
التلبس بالدين، لكون أهل الأرض مشركين
أقوياء فاستضعفوهم، فحالوا بينهم وبين الأخذ
بشرائع الدين والعمل بها (2).
قوله تعالى: * (يا عبادي الذين آمنوا إن
أرضي واسعة فإياي فاعبدون) * توجيه للخطاب
إلى المؤمنين الذين وقعوا في أرض الكفر
لا يقدرون على التظاهر بالدين الحق والاستنان
بسنته، ويدل على ذلك ذيل الآية.
وقوله: * (إن أرضي واسعة) * الذي يظهر من
السياق أن المراد بالأرض هذه الأرض التي
نعيش عليها، وإضافتها إلى ضمير التكلم
للإشارة إلى أن جميع الأرض لا فرق عنده في
أن يعبد في أي قطعة منها كانت، ووسعة الأرض
كناية عن أنه إن امتنع في ناحية من نواحيها
أخذ الدين الحق والعمل به فهناك نواح غيرها
لا يمتنع فيها ذلك، فعبادته تعالى وحده ليست
بممتنعة على أي حال.
وقوله: * (فإياي فاعبدون) * الفاء الأولى
للتفريع على سعة الأرض، أي إذا كان كذلك
فاعبدوني وحدي، والفاء الثانية فاء الجزاء
للشرط المحذوف المدلول عليه بالكلام، والظاهر
أن تقديم " إياي " لإفادة الحصر فيكون قصر
قلب، والمعنى لا تعبدوا غيري بل اعبدوني،
وقوله: " فاعبدون " قائم مقام الجزاء.
ومحصل المعنى: أن أرضي واسعة إن امتنع
عليكم عبادتي في ناحية منها، تسعكم لعبادتي
أخرى منها فإذا كان كذلك فاعبدوني وحدي
ولا تعبدوا غيري، فإن لم يمكنكم عبادتي
في قطعة منها فهاجروا إلى غيرها واعبدوني
وحدي فيها (3).
[3993]
النهي عن التعرب بعد الهجرة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لعلي (عليه السلام) -:
لا تعرب بعد الهجرة (4).



(1) النحل: 28 - 30.
(2) الميزان: 5 / 48.
(3) الميزان: 16 / 144.
(4) وسائل الشيعة: 11 / 75 / 1.
3432
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة
بعد الفتح (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إني برئ من كل مسلم نزل
مع مشرك في دار حرب (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جيشا
إلى خثعم، فلما غشيهم استعصموا بالسجود،
فقتل بعضهم، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: أعطوا
الورثة نصف العقل (3) بصلاتهم، وقال النبي (صلى الله عليه وآله):
ألا إني برئ من كل مسلم نزل مع مشرك في
دار الحرب (4).
- جرير البجلي: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سرية إلى
خثعم، فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم
القتل، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فأمر لهم النبي (صلى الله عليه وآله)
بنصف العقل، وقال: أنا برئ من كل مسلم مقيم
بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله ولم؟
قال: لاترا آي ناراهما (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يقبل الله من مشرك أشرك
بعد ما أسلم عملا، حتى يفارق المشركين
إلى المسلمين (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا ينزل دار الحرب إلا فاسق
برئت منه الذمة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إنما الغريب الذي
يكون في دار الشرك (8).
- الإمام الرضا (عليه السلام): حرم الله التعرب بعد
الهجرة للرجوع عن الدين وترك الموازرة للأنبياء
والحجج (عليهم السلام)، وما في ذلك من الفساد وإبطال
حق كل ذي حق لعلة سكنى البدو، ولذلك
لو عرف الرجل الدين كاملا لم يجزله مساكنة
أهل الجهل، والخوف عليه، لأنه لا يؤمن أن
يقع منه ترك العلم، والدخول مع أهل الجهل
والتمادي في ذلك (9).
[3994]
معنى التعرب بعد الهجرة
- الإمام الصادق (عليه السلام): المتعرب بعد الهجرة
التارك لهذا الأمر بعد معرفته (10).
- عنه (عليه السلام) - لحماد السمدي وقد سأله:
إني أدخل بلاد الشرك وإن من عندنا يقول: إن
مت ثم حشرت معهم -: يا حماد! إذا كنت ثم
تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قال: قلت: نعم، قال:
فإذا كنت في هذه المدن مدن الإسلام تذكر أمرنا
وتدعو إليه؟ قال: قلت: لا، فقال لي: إنك إن مت
ثم حشرت أمة وحدك وسعى نورك بين يديك (11).
- الإمام علي (عليه السلام) - في الخطبة القاصعة -:
واعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا، وبعد

3433
الموالاة أحزابا، ما تتعلقون من الإسلام إلا باسمه،
ولا تعرفون من الإيمان إلا رسمه، تقولون: النار
ولا العار! كأنكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على
وجهه انتهاكا لحريمه، ونقضا لميثاقه (1).

3434
(531)
الهجران
البحار: 75 / 184 باب 60 " الهجران ".
كنز العمال: 9 / 32 " محظورات الصحبة ".
وسائل الشيعة: 8 / 584 باب 144 " تحريم هجر المؤمن بغير موجب ".
انظر:
الأخ: باب 44، 45، العمل: باب 2957، عنوان: 145 " الاختلاف ".

3435
[3995]
الهجران
الكتاب
* (قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته
لأرجمنك واهجرني مليا) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): هجر المسلم أخاه كسفك
دمه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه.
رواه أبو داود والبيهقي (3).
- الإمام علي (عليه السلام): عليكم بالتواصل والموافقة،
وإياكم والمقاطعة والمهاجرة (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر! إياك وهجران
أخيك، فإن العمل لا يتقبل من الهجران (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يزال إبليس فرحا ما
اهتجر المسلمان، فإذا التقيا اصطكت
ركبتاه وتخلعت أوصاله (6)، ونادى يا ويله،
ما لقي من الثبور (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الشيطان قد يئس أن
يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في
التحريش بينهم (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن الشيطان يغري
بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه، فإذا
فعلوا ذلك استلقى على قفاه وتمدد، ثم قال:
فزت، فرحم الله امرءا ألف بين وليين لنا، يا معشر
المؤمنين تألفوا وتعاطفوا (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يفترق رجلان على
الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة،
وربما استحق ذلك كلاهما، فقال له معتب:
جعلني الله فداك هذا الظالم فما بال المظلوم؟.
قال: لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته
ولا يتغامس (10) له عن كلامه، سمعت أبي يقول:
إذا تنازع اثنان فعاز أحدهما الآخر فليرجع
المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه: أي
أخي أنا الظالم، حتى يقطع الهجران بينه وبين



(1) مريم: 46.
(2) كنز العمال: 24789.
(3) الترغيب والترهيب: 3 / 457 / 10.
(4) غرر الحكم: 6152.
(5) البحار: 77 / 89 / 3.
(6) اصطكاك الركبتين: اضطرابهما وتأثير أحدهما على الآخر.
والتخلع: التفكك، والأوصال: المفاصل أو مجتمع العظام. كما
في هامش الكافي.
(7) الكافي: 2 / 346 / 7.
(8) الترغيب والترهيب: 3 / 457 / 11.
(9) الكافي: 2 / 345 / 6.
(10) " يتغامس " في أكثر النسخ بالغين المعجمة، والظاهر
أنه بالمهملة كما في بعضها، وفي القاموس تعامس: تغافل وعلى:
تعامى علي، وبالمعجمة: غمسه في الماء أي رمسه، والغميس
الليل المظلم. كما في هامش الكافي.
3436
صاحبه، فإن الله تبارك وتعالى حكم عدل
يأخذ للمظلوم من الظالم (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعرض الأعمال يوم الاثنين
والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب
فيتاب عليه، ويرد أهل الضغائن بضغائنهم
حتى يتوبوا (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة
النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا
لمشرك أو مشاحن (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة
النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين:
مشاحن، وقاتل نفس (4).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - عن آبائه (عليهم السلام) -: في أول
ليلة من شهر رمضان يغل المردة من الشياطين،
ويغفر في كل ليلة سبعين ألفا، فإذا كان في
ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان،
وشهر رمضان إلى ذلك اليوم إلا رجل بينه وبين
أخيه شحناء، فيقول الله عز وجل: أنظروا هؤلاء
حتى يصطلحوا (5).
[3996]
النهي عن هجرة الأخ فوق ثلاث
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا هجرة فوق ثلاث (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا هجرة بعد ثلاث (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه
فوق ثلاثة أيام (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تقاطعوا، ولا تدابروا،
ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد
الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه
فوق ثلاث (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا
فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه (10) فليسلم
عليه، فإن رد (عليه السلام) فقد اشتركا في الأجر،
وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم، وخرج المسلم
من الهجرة (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تحل الهجرة فوق ثلاثة أيام، فإن
التقيا فسلم أحدهما فرد الآخر اشتركا في الأجر،
وإن لم يرد برئ هذا من الإثم، وباء به الآخر (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا
عباد الله إخوانا، هجر المؤمنين ثلاثا، فإن تكلما
وإلا أعرض الله عز وجل عنهما حتى يتكلما (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يتهاجر الرجلان قد دخلا في
الإسلام إلا خرج أحدهما منه، حتى يرجع إلى ما
خرج منه، ورجوعه أن يأتيه فيسلم عليه (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو أن رجلين دخلا في الإسلام
فاهتجرا لكان أحدهما خارجا عن الإسلام حتى
يرجع، يعني الظالم منهما (15).
- الإمام الباقر (عليه السلام): مامن مؤمنين اهتجرا



(1) الكافي: 2 / 344 / 1.
(2) الترغيب والترهيب: 3 / 458 / 17 وص 459 / 18 وص 460 / 20.
(3) الترغيب والترهيب: 3 / 458 / 17 وص 459 / 18 وص 460 / 20.
(4) الترغيب والترهيب: 3 / 458 / 17 وص 459 / 18 وص 460 / 20.
(5) البحار: 75 / 188 / 11.
(6) الكافي: 2 / 344 / 2.
(7) كنز العمال: 24791.
(8) كنز العمال: 24793.
(9) الترغيب والترهيب: 3 / 454 / 1.
(10) في نسخة: فلقيه. كما عن هامش الترغيب والترهيب.
(11) الترغيب والترهيب: 3 / 455 / 4 وص 457 / 7 و ح 8 و 12 و 13.
(12) الترغيب والترهيب: 3 / 455 / 4 وص 457 / 7 و ح 8 و 12 و 13.
(13) الترغيب والترهيب: 3 / 455 / 4 وص 457 / 7 و ح 8 و 12 و 13.
(14) الترغيب والترهيب: 3 / 455 / 4 وص 457 / 7 و ح 8 و 12 و 13.
(15) الترغيب والترهيب: 3 / 455 / 4 وص 457 / 7 و ح 8 و 12 و 13.
3437
فوق ثلاث إلا وبرئت منهما في الثالثة، فقيل له:
يا بن رسول الله هذا حال الظالم فما بال المظلوم؟
فقال (عليه السلام): ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم
فيقول: أنا الظالم حتى يصطلحا؟! (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما مسلمين تهاجرا فمكثا
ثلاثا لا يصطلحان إلا كانا خارجين من الإسلام،
ولم يكن بينهما ولاية، فأيهما سبق إلى كلام أخيه
كان السابق إلى الجنة يوم الحساب (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق
ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا،
وخيرهما الذي يبدأ بالسلام (3).
- لا يحل أن يصطرما فوق ثلاث، فإن
اصطرما فوق ثلاث لم يجتمعا في الجنة أبدا،
وأيهما بدأ صاحبه كفرت ذنوبه، وإن هو سلم فلم
يرد عليه ولم يقبل سلامه رد عليه الملك، ورد
على ذلك الشيطان (4).



(1) البحار: 75 / 188 / 10.
(2) الكافي: 2 / 345 / 5.
(3) الترغيب والترهيب: 3 / 455 / 2 وص 456 / 6.
(4) الترغيب والترهيب: 3 / 455 / 2 وص 456 / 6.
3438
(532)
الهداية
البحار: 2 / 1 باب 8 " ثواب الهداية وذم الإضلال ".
البحار: 5 / 162 باب 7 " الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان ".
انظر:
عنوان: 39 " البصيرة "، 314 " الضلالة "، 526 " النور "، 446 " التقليد "، الأخ: باب 57.
الأمثال: باب 3602، الحرب: باب 760.، العلم: باب 2854، 2855، 2904، الهدية: باب 4011.

3439
[3997]
الهداية العامة الإلهية
الكتاب
* (قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * (1).
* (الله نور السماوات والأرض) * (2).
التفسير:
قوله تعالى: * (قال ربنا الذي أعطى كل شئ
خلقه ثم هدى) * سياق الآية - وهي واقعة في
جواب سؤال فرعون: " فمن ربكما يا موسى " -
يعطي أن " خلقه " بمعنى اسم المصدر، والضمير
للشئ، فالمراد الوجود الخاص بالشئ.
والهداية إراءة الشئ الطريق الموصل إلى
مطلوبه، أو إيصاله إلى مطلوبه ويعود، المعنيان
في الحقيقة إلى معنى واحد وهو نوع من إيصال
الشئ إلى مطلوبه: إما بإيصاله إليه نفسه
أو إلى طريقه الموصل إليه.
وقد أطلق الهداية من حيث المهدي والمهدي
إليه، ولم يسبق في الكلام إلا الشئ الذي
أعطي خلقه، فالظاهر أن المراد هداية كل شئ
- المذكور قبلا - إلى مطلوبه، ومطلوبه هو الغاية
التي يرتبط بها وجوده وينتهي إليها والمطلوب هو
مطلوبه من جهة خلقه الذي أعطيه، ومعنى هدايته
له إليها تسييره نحوها، كل ذلك بمناسبة
البعض للبعض.
فيؤول المعنى إلى إلقائه الرابطة بين كل
شئ بما جهز به في وجوده من القوى والآلات
وبين آثاره التي تنتهي به إلى غاية وجوده،
فالجنين من الإنسان مثلا - وهو نطفة مصورة
بصورته - مجهز في نفسه بقوى وأعضاء تناسب
من الأفعال والآثار ما ينتهي به إلى الإنسان
الكامل في نفسه وبدنه، فقد أعطيت النطفة
الإنسانية بمالها من الاستعداد خلقها الذي
يخصها وهو الوجود الخاص بالإنسان، ثم هديت
وسيرت بما جهزت به من القوى والأعضاء نحو
مطلوبها، وهو غاية الوجود الإنساني والكمال
الأخير الذي يختص به هذا النوع.
ومن هنا يظهر معنى عطف قوله: * (هدى) *
على قوله: * (أعطى كل شئ خلقه) * ب‍ " ثم " وأن
المراد التأخر الرتبي، فإن سير الشئ وحركته
بعد وجوده رتبة، وهذا التأخر في الموجودات
الجسمانية تدريجي زماني بنحو.
وظهر أيضا أن المراد بالهداية الهداية العامة
الشاملة لكل شئ دون الهداية الخاصة بالإنسان،
وذلك بتحليل الهداية الخاصة وتعميمها بإلقاء
الخصوصيات، فإن حقيقة هداية الإنسان بإراءته
الطريق الموصل إلى المطلوب، والطريق رابطة



(1) طه: 50.
(2) النور: 35.
3440
القاصد بمطلوبه، فكل شئ جهز بما يربطه بشئ
ويحركه نحوه فقد هدي إلى ذلك الشئ، فكل
شئ مهدي نحو كماله بما جهز به من تجهيز، والله
سبحانه هو الهادي.
فنظام الفعل والانفعال في الأشياء - وإن شئت
فقل: النظام الجزئي الخاص بكل شئ، والنظام
العام الجامع لجميع الأنظمة الجزئية من حيث
ارتباط أجزائها وانتقال الأشياء من جزء منها إلى
جزء - مصداق هدايته تعالى، وذلك بعناية أخرى
مصداق لتدبيره، ومعلوم أن التدبير ينتهي إلى
الخلق بمعنى أن الذي ينتهي وينتسب إليه تدبير
الأشياء هو الذي أوجد نفس الأشياء فكل وجود
أو صفة وجود ينتهي إليه ويقوم به.
فقد تبين أن الكلام - أعني قوله: * (الذي
أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * - مشتمل على
البرهان على كونه تعالى رب كل شئ لا رب
غيره، فإن خلقه الأشياء وإيجاده لها يستلزم ملكه
لوجوداتها - لقيامها به - وملك تدبير أمرها.
وعند هذا يظهر: أن الكلام على نظمه
الطبيعي، والسياق جار على مقتضى المقام، فإن
المقام مقام الدعوة إلى التوحيد وطاعة الرسول،
وقد أتى فرعون بعد استماع كلمة الدعوة بما
حاصله التغافل عن كونه تعالى ربا له، وحمل
كلامهما على دعوتهما له إلى ربهما، فسأل: من
ربكما؟ فكان من الحري أن يجاب بأن ربنا هو
رب العالمين ليشملهما وإياه وغيرهم جميعا،
فأجيب بما هو أبلغ من ذلك فقيل: * (ربنا الذي
أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * فأجيب بأنه رب
كل شئ، وأفيد مع ذلك البرهان على هذا
المدعى، ولو قيل: ربنا رب العالمين أفاد المدعى
فحسب دون البرهان، فافهم ذلك.
وإنما أثبت في الكلام الهداية دون التدبير مع
كون موردهما متحدا - كما تقدمت الإشارة إليه -
لأن المقام مقام الدعوة والهداية، والهداية العامة
أشد مناسبة له (1).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى:
* (الله نور السماوات والأرض) * -: هاد لأهل
السماء، وهاد لأهل الأرض (2).
- الإمام علي (عليه السلام): أيها المخلوق السوي،
والمنشأ المرعي، في ظلمات الأرحام... ثم
أخرجت من مقرك إلى دار لم تشهدها، ولم تعرف
سبل منافعها، فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي
أمك، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك
وإرادتك! (3).
[3998]
هداية الإنسان: الهداية العامة
الكتاب
* (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) * (4).
* (وهديناه النجدين) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): أفضل الذخر الهدى (6).



(1) الميزان: 14 / 166.
(2) البحار: 4 / 15 / 1.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 163.
(4) الإنسان: 3.
(5) البلد: 10.
(6) غرر الحكم: 2891.
3441
- عنه (عليه السلام): هدى الله أحسن الهدى (1).
- عنه (عليه السلام): بالهدى يكثر الاستبصار (2).
- عنه (عليه السلام): ليكن شعارك الهدى (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله عز وجل:
* (إنا هديناه السبيل...) * -: عرفناه إما آخذا
وإما تاركا (4).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: علمه السبيل، فإما
آخذ فهو شاكر، وإما تارك فهو كافر (5).
- عنه (عليه السلام) - في قوله عز وجل: * (وهديناه
النجدين) * -: نجد الخير ونجد الشر (6).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (واعلموا أن
الله يحول بين المرء وقلبه) * -: يحول بينه وبين
أن يعلم أن الباطل حق (7).
- الإمام علي (عليه السلام): ولقد بصرتم إن أبصرتم،
وأسمعتم إن سمعتم، وهديتم إن اهتديتم (8).
- عنه (عليه السلام): واقتدوا بهدي نبيكم فإنه
أفضل الهدي، واستنوا بسنته فإنها
أهدى السنن (9).
- عنه (عليه السلام): رحم الله امرا [عبدا] سمع حكما
فوعى، ودعي إلى رشاد فدنا، وأخذ بحجزة هاد
فنجا (10).
- عنه (عليه السلام) - في صفة النبي (صلى الله عليه وآله) -: فهو إمام
من اتقى، وبصيرة من اهتدى (11).
- عنه (عليه السلام): بنا اهتديتم في الظلماء،
وتسنمتم ذروة العلياء (12).
- عنه (عليه السلام): فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله
إمام عادل، هدي وهدى، فأقام سنة معلومة،
وأمات بدعة مجهولة (13).
- عنه (عليه السلام): عباد الله إن من أحب عباد الله
إليه عبدا أعانه الله على نفسه، فاستشعر
الحزن وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى
في قلبه... فخرج من صفة العمى ومشاركة
أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى،
ومغاليق أبواب الردى (14).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس لا تستوحشوا في طريق
الهدى لقلة أهله (15)، فإن الناس قد اجتمعوا
على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل (16).
- عنه (عليه السلام): اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر
في غناك، أو أضل في هداك (17).
(انظر) الأصول: باب 95، الحجة: باب
710، النفس: باب 3914.
[3999]
الإحياء بالهداية
الكتاب
* (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) * (18).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن الآية -:
من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها،



(1) غرر الحكم: 10010، 4186، 7388.
(2) غرر الحكم: 10010، 4186، 7388.
(3) غرر الحكم: 10010، 4186، 7388.
(4) البحار: 5 / 196 / 4 وص 302 / 8 وص 196 / 6.
(5) البحار: 5 / 196 / 4 وص 302 / 8 وص 196 / 6.
(6) البحار: 5 / 196 / 4 وص 302 / 8 وص 196 / 6.
(7) المحاسن: 1 / 370 / 805.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 20 و 110 و 76 و 94.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 20 و 110 و 76 و 94.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 20 و 110 و 76 و 94.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 20 و 110 و 76 و 94.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 4 و 164 و 87.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 4 و 164 و 87.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 4 و 164 و 87.
(15) راجع الإيمان: باب 295.
(16) نهج البلاغة: الخطبة 201 و 215.
(17) نهج البلاغة: الخطبة 201 و 215.
(18) المائدة: 32.
3442
ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها (1).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: من حرق أو غرق،
ثم سكت، ثم قال: تأويلها الأعظم أن دعاها
فاستجابت له (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - أيضا -: من حرق أو
غرق، قلت: فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟
قال: ذاك تأويلها الأعظم (3).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: لم يقتلها (4)، أو أنجاها
من غرق أو حرق، أو أعظم من ذلك كله يخرجها
من ضلالة إلى هدى (5).
- أبو بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
سألته عن قوله تعالى: * (ومن أحياها...) *؟
قال: من استخرجها من الكفر إلى
الإيمان (6).
[4000]
ثواب الهداية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) لما بعثه إلى
اليمن -: يا علي! لا تقاتلن أحدا حتى
تدعوه، وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلا
خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك
ولاؤه يا علي (7).
- لما ملك أمير المؤمنين (عليه السلام) الماء بصفين،
ثم سمح لأهل الشام بالمشاركة فيه والمساهمة
- رجاء أن يعطفوا إليه، واستمالة لقلوبهم،
وإظهارا للمعدلة وحسن السيرة فيهم - مكث أياما
لا يرسل إلى معاوية، ولا يأتيه من عند معاوية
أحد، واستبطأ أهل العراق إذنه لهم في القتال،
وقالوا: يا أمير المؤمنين خلفنا ذرارينا ونساءنا
بالكوفة وجئنا إلى أطراف الشام لنتخذها وطنا؟!
ائذن لنا في القتال، فإن الناس قد قالوا!
قال لهم (عليه السلام): ما قالوا؟
فقال منهم قائل: إن الناس يظنون أنك
تكره الحرب كراهية للموت، وإن من الناس من
يظن أنك في شك من قتال أهل الشام!.
فقال (عليه السلام): ومتى كنت كارها للحرب قط!
إن من العجب حبي لها غلاما ويفعا، وكراهيتي
لها شيخا بعد نفاد العمر وقرب الوقت!.
وأما شكي في القوم فلو شككت فيهم
لشككت في أهل البصرة، والله لقد ضربت هذا
الأمر ظهرا وبطنا، فما وجدت يسعني إلا
القتال أو أن أعصي الله ورسوله.
ولكني أستأني بالقوم، عسى أن يهتدوا
أو تهتدي منهم طائفة، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال
لي يوم خيبر: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير
لك مما طلعت عليه الشمس (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لمعاذ -: يا معاذ! لأن
يهدي الله على يدك رجلا من أهل الشرك خير لك
من أن تكون لك حمر النعم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): والله لأن يهدى بهداك رجل



(1) الكافي: 2 / 210 / 1 وص 211 / 3 و ح 2.
(2) الكافي: 2 / 210 / 1 وص 211 / 3 و ح 2.
(3) الكافي: 2 / 210 / 1 وص 211 / 3 و ح 2.
(4) أي: لم يقتص منه ولم يقتلها بدل قتيله. كما في هامش البحار.
(5) البحار: 2 / 21 / 60 و ح 61.
(6) البحار: 2 / 21 / 60 و ح 61.
(7) الكافي: 5 / 28 / 4.
(8) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4 / 13، 14.
(9) كنز العمال: 362.
3443
واحد خير لك من حمر النعم (1).
- روي أن داود (عليه السلام) خرج مصحرا منفردا،
فأوحى الله إليه: يا داود! مالي أراك
وحدانيا؟ فقال: إلهي اشتد الشوق مني إلى
لقائك، وحال بيني وبين خلقك، فأوحى الله إليه:
ارجع إليهم، فإنك إن تأتني بعبد آبق أثبتك
في اللوح حميدا (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل سأله أن يوصيه -:
أوصيك أن لا تشرك بالله شيئا... وادع الناس إلى
الإسلام، واعلم أن لك بكل من أجابك عتق رقبة
من ولد يعقوب (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يتكلم الرجل
بكلمة حق يؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ
بها، ولا يتكلم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلا كان عليه
مثل وزر من أخذ بها (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من يشفع شفاعة حسنة،
أو أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، أو دل على
خير، أو أشار به، فهو شريك. ومن أمر بسوء،
أو دل عليه، أو أشار به، فهو شريك (5).
(انظر) السنة: باب 1912، الخير: باب 1176، الهجرة:
باب 3994 حديث 20784، العلم: باب 2855.
[4001]
اختصاص الهداية بالله
الكتاب
* (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء
وهو أعلم بالمهتدين) * (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعثت داعيا ومبلغا وليس
إلي من الهدى شئ، وخلق إبليس مزينا وليس
إليه من الضلالة شئ (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: عبادي
كلكم ضال إلا من هديته، وكلكم فقير إلا
من أغنيته، وكلكم مذنب إلا من عصمته (8).
(انظر) المعرفة (1): باب 2593، 2594.
القلب: باب 3388 - باب 3412.
[4002]
من يهديهم الله
الكتاب
* (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله
يهد قلبه والله بكل شئ عليم) * (9).
* (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) * (10).
* (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن
الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب) * (11).
* (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم
رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط
مستقيم) * (12).
* (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع



(1) كنز العمال: 28713.
(2) البحار: 14 / 40 / 26.
(3) وسائل الشيعة: 11 / 448 / 5.
(4) البحار: 2 / 19 / 52 وص 24 / 76.
(5) البحار: 2 / 19 / 52 وص 24 / 76.
(6) القصص: 56.
(7) كنز العمال: 546.
(8) أمالي الصدوق: 90 / 1.
(9) التغابن: 11.
(10) البقرة 2.
(11) الرعد: 27.
(12) آل عمران: 101.
3444
المحسنين) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من اعتصم بالله
عز وجل هدي (2).
- الإمام علي (عليه السلام): من اهتدى بهدى
الله أرشده (3).
- عنه (عليه السلام): هدي من أشعر التقوى قلبه (4).
- عنه (عليه السلام): هدي من تجلبب جلباب
الدين (5).
- عنه (عليه السلام): هدي من ادرع لباس الصبر
واليقين (6).
- عنه (عليه السلام): هدي من أخلص إيمانه (7).
- عنه (عليه السلام): هدي من سلم مقادته إلى
الله ورسوله وولي أمره (8).
- عنه (عليه السلام): الاستشارة عين الهداية (9).
- عنه (عليه السلام): لا هداية كالذكر (10).
- عنه (عليه السلام): من استرشد علم، من علم
اهتدى، من اهتدى نجا (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إذا أراد الله بعبد
خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء، فجال القلب
يطلب الحق، ثم هو إلى أمركم أسرع من
الطير إلى وكره (12).
- الإمام علي (عليه السلام): وإن لكم علما، فاهتدوا
بعلمكم (13).
- عنه (عليه السلام) - في صفة أهل الذكر -: فلو
مثلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة،
ومجالسهم المشهودة... لرأيت أعلام هدى،
ومصابيح دجى (14).
- عنه (عليه السلام) - في أصناف المنكرين للمنكر -:
ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا
وكلمة الظالمين هي السفلى، فذلك الذي
أصاب سبيل الهدى، وقام على الطريق، ونور
في قلبه اليقين (15).
- عنه (عليه السلام): اللهم إن فههت عن مسألتي،
أو عميت [عمهت] عن طلبتي، فدلني على
مصالحي، وخذ بقلبي إلى مراشدي، فليس ذلك
بنكر من هداياتك، ولا ببدع من كفاياتك (16).
(انظر) الذكر: باب 1340، الهوى: باب 4048،
التقوى: باب 4162، الشباب: باب 1943.
[4003]
من لا يهديهم الله
الكتاب
* (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم
ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي
القوم الظالمين) * (17).
* (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم
تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله
لا يهدي القوم الكافرين) * (18).



(1) العنكبوت: 69.
(2) البحار: 69 / 399 / 92.
(3) غرر الحكم: 8071، 10011، 10012، 10013، 10015، 10016.
(4) غرر الحكم: 8071، 10011، 10012، 10013، 10015، 10016.
(5) غرر الحكم: 8071، 10011، 10012، 10013، 10015، 10016.
(6) غرر الحكم: 8071، 10011، 10012، 10013، 10015، 10016.
(7) غرر الحكم: 8071، 10011، 10012، 10013، 10015، 10016.
(8) غرر الحكم: 8071، 10011، 10012، 10013، 10015، 10016.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 211.
(10) غرر الحكم: 10460، (7672 - 7735 - 7736).
(11) غرر الحكم: 10460، (7672 - 7735 - 7736).
(12) البحار: 5 / 204 / 33.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 176 و 222 والحكمة 373 والخطبة 227.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 176 و 222 والحكمة 373 والخطبة 227.
(15) نهج البلاغة: الخطبة 176 و 222 والحكمة 373 والخطبة 227.
(16) نهج البلاغة: الخطبة 176 و 222 والحكمة 373 والخطبة 227.
(17) القصص: 50.
(18) المائدة: 67.
3445
* (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن
يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) * (1).
* (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون
رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن
يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي
يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) * (2).
* (ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء
ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في
ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): كيف يستطيع الهدى من
يغلبه الهوى؟! (4).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى معاوية -: أما
بعد فقد أتتني منك موعظة موصلة... وكتاب
امرئ ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، قد
دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضلال فاتبعه (5).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى سهل بن حنيف،
وهو عامله على المدينة، في قوم من أهلها
لحقوا بمعاوية -: فكفى لهم غيا، ولك منهم
شافيا، فرارهم من الهدى والحق، وإيضاعهم (6)
إلى العمى والجهل (7).
- عنه (عليه السلام) - في صفات الفساق -: وآخر
قد تسمى عالما وليس به، فاقتبس جهائل من
جهال، وأضاليل من ضلال... فالصورة صورة
إنسان، والقلب قلب حيوان، لا يعرف باب الهدى
فيتبعه، ولا باب العمى فيصد عنه، وذلك
ميت الأحياء (8).
(انظر) الخالق: باب 1097.
الذنب: باب 1378.
القلب: باب 3395 - 3404.
[4004]
من يضلهم الله
الكتاب
* (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة
الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما
يشاء) * (9).
* (قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك
يضل الله الكافرين) * (10).
* (ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في
شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده
رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب) * (11).
* (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما
فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما
الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا
ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين) * (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد سئل عن قوله
تعالى: * (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن



(1) المنافقون: 6.
(2) غافر: 28.
(3) الزمر: 3.
(4) غرر الحكم: 7001.
(5) نهج البلاغة: الكتاب 7.
(6) الإيضاع: الإسراع.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 70.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 87.
(9) إبراهيم: 27.
(10) غافر: 74، 34.
(11) غافر: 74، 34.
(12) البقرة: 26.
3446
تجد له وليا مرشدا) * -: إن الله تبارك وتعالى
يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته،
ويهدي أهل الإيمان والعمل الصالح إلى جنته،
كما قال عز وجل: * (ويضل الله الظالمين ويفعل
الله ما يشاء) * (1).
- الإمام الجواد (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى
الحليم العليم، إنما غضبه على من لم يقبل منه
رضاه، وإنما يمنع من لم يقبل منه عطاه، وإنما
يضل من لم يقبل منه هداه (2).
- الإمام علي (عليه السلام): ألا وإنه من لا ينفعه
الحق يضره الباطل، ومن لا يستقيم به الهدى
يجربه الضلال إلى الردى (3).
(انظر) الضلالة: باب 2380.
عنوان: 537 " الهوى ".
[4005]
أفضل الهداية
الكتاب
* (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر
المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا
كبيرا) * (4).
- الإمام علي (عليه السلام): القرآن أفضل الهدايتين (5).
- عنه (عليه السلام): هدى الله أحسن الهدى (6).
- عنه (عليه السلام): اعلموا أن هذا القرآن هو
الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل،
والمحدث الذي لا يكذب (7).
- عنه (عليه السلام): من انتصح لله واتخذ قوله دليلا
هداه للتي هي أقوم، ووفقه للرشاد،
وسدده ويسره للحسنى (8).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس! إنه من استنصح
الله وفق، ومن اتخذ قوله دليلا هدي للتي
هي أقوم (9).
(انظر) عنوان: 434 " القرآن ".



(1) البحار: 5 / 199 / 21.
(2) الكافي: 8 / 52 / 16.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 28.
(4) الإسراء: 9.
(5) غرر الحكم: 1664، 10010.
(6) غرر الحكم: 1664، 10010.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(8) البحار: 77 / 368 / 34.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 147.
3447
(533)
الهدية
البحار: 75 / 44 باب 38 " الهدية ".
البحار: 103 / 188 باب 3 " الهبة ".
كنز العمال: 5 / 817 " الهدية ".
كنز العمال: 2 / 334، 336 " الهدية لمعلم القرآن ".
وسائل الشيعة: 12 / 212 باب 88 " استحباب الإهداء... ".
انظر:
عنوان: 458 " الكرم "، العيب: باب 3016، العيد: باب 3006.
العقل: باب 2816 حديث 13238.

3449
[4006]
دور الهدية في المحبة
الكتاب
* (وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع
المرسلون) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تهادوا تحابوا، تهادوا
فإنها تذهب بالضغائن (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تهادوا تحابوا، فإن الهدية
تذهب بالضغائن (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تهادوا، فإن الهدية تسل
السخائم، وتجلي ضغائن العداوة والأحقاد (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الهدية تذهب الضغائن
من الصدور (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الهدية تورث المودة، وتجدر (6)
الاخوة، وتذهب الضغينة، تهادوا تحابوا (7).
- الإمام علي (عليه السلام): لأن أهدي لأخي المسلم
هدية تنفعه أحب إلي من أن أتصدق بمثلها (8).
[4007]
حرمة هدايا العمال
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الهدية إلى الإمام غلول (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): هدايا العمال غلول (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): هدايا العمال حرام كلها (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من شفع لأخيه شفاعة فأهدى
له هدية عليها فقبلها منه، فقد أتى بابا عظيما
من أبواب الربا (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله) أبو حميد الساعدي: استعمل
النبي (صلى الله عليه وآله) رجلا من بني أسد يقال له ابن الاتبية
على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي
لي فقام النبي (صلى الله عليه وآله) على المنبر... فحمد الله وأثنى
عليه ثم قال: ما بال العامل نبعثه، فيأتي فيقول:
هذا لك وهذا لي فهلا جلس في بيت أبيه وأمه
فينطر أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأتي
بشئ إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن
كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر (13).
- الإمام علي (عليه السلام) - وهو يتبرأ من الظلم -:
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في
وعائها، ومعجونة شنئتها، كأنما عجنت بريق



(1) النمل: 35.
(2) الكافي: 5 / 144 / 14.
(3) البحار: 75 / 44 / 1.
(4) الكافي: 5 / 143 / 7.
(5) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 74 / 343.
(6) أي حوطها وحجزها، والضغينة: الحقد والشحناء. كما في
هامش البحار.
(7) البحار: 77 / 166 / 2.
(8) الكافي: 5 / 144 / 12.
(9) كنز العمال: 15062، 15067، 15068، 15070.
(10) كنز العمال: 15062، 15067، 15068، 15070.
(11) كنز العمال: 15062، 15067، 15068، 15070.
(12) كنز العمال: 15062، 15067، 15068، 15070.
(13) صحيح البخاري: 6753.
3450
حية أو قيئها! فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة؟
فذلك محرم علينا أهل البيت! فقال: لاذا
ولا ذاك، ولكنها هدية، فقلت: هبلتك الهبول!
أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط أنت أم ذو
جنة، أم تهجر؟ والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما
تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها
جلب شعيرة ما فعلته... (1).
- عنه (عليه السلام) - لما لقيه عند مسيره إلى الشام
دهاقين الأنبار، فاشتدوا بين يديه ومعهم
براذين -: ما هذه الدواب التي معكم؟ وما
أردتم بهذا الذي صنعتم؟
قالوا: أما هذا الذي صنعنا فهو خلق منا
نعظم به الامراء، وأما هذه البراذين فهدية
لك، وقد صنعنا للمسلمين طعاما وهيأنا لدوابكم
علفا كثيرا.
فقال (عليه السلام): أما هذا الذي زعمتم أنه فيكم خلق
تعظمون به الامراء، فوالله ما ينفع ذلك الامراء،
وإنكم لتشقون به على أنفسكم وأبدانكم، فلا
تعودوا له.
وأما دوابكم هذه فإن أحببتم أن
آخذها منكم، وأحسبها لكم من خراجكم،
أخذناها منكم.
وأما طعامكم الذي صنعتم لنا، فإنا نكره
أن نأكل من أموالكم إلا بثمن.
قالوا: يا أمير المؤمنين! نحن نقومه ثم
نقبل ثمنه؟ قال: إذا لا تقومونه قيمته نحن
نكتفي بما هو دونه.
قالوا: يا أمير المؤمنين! فإن لنا من
العرب موالي ومعارف، أتمنعنا أن نهدي لهم
أو تمنعهم أن يقبلوا منا؟!
فقال: كل العرب لكم موال، وليس ينبغي
لأحد من المسلمين أن يقبل هديتكم، وإن
غصبكم أحد فأعلمونا.
قالوا: يا أمير المؤمنين! إنا نحب أن تقبل
هديتنا وكرامتنا، قال: ويحكم! فنحن أغنى
منكم، وتركهم وسار (2).
- عنه (عليه السلام): أيما وال احتجب عن حوائج الناس
احتجب الله يوم القيامة عن حوائجه، وإن أخذ
هدية كان غلولا، وإن أخذ رشوة فهو مشرك (3).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (أكالون
للسحت) * -: هو الرجل يقضي لأخيه الحاجة ثم
يقبل هديته (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! إن القوم سيفتنون
بعدي بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم،
ويتمنون رحمته، ويأمنون سطوته، ويستحلون
حرامه بالشبهات الكاذبة، والأهواء الساهية،
فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية،
والربا بالبيع (5).
(انظر) عنوان: 188 " الرشوة ".



(1) نهج البلاغة: الخطبة 224.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 3 / 203، 204. راجع
التعظيم: باب 2753.
(3) البحار: 75 / 345 / 42.
(4) جامع الأخبار: 439 / 1234.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 156.
3451
[4008]
النهي عن هدية المشرك
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا لا نقبل هدية مشرك (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنا لا نقبل زبد (2) المشركين (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إني أكره زبد المشركين (4).
- الإمام علي (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن
زبد المشركين، يريد هدايا أهل الحرب (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما جاء إليه ملاعب
الأسنة بهدية، فعرض عليه النبي الإسلام
فأبى أن يسلم -: فإني لا أقبل هدية مشرك (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعياض بن حمار المجاشعي
لما أهدى إليه هدية -: أسلمت؟ قال:
لا، قال: فإني نهيت عن زبد المشركين (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل أهدى له فرسا قبل
أن يسلم -: إني أكره زبد المشركين (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام):... كان عياض
رجلا عظيم الخطر وكان قاضيا لأهل عكاظ في
الجاهلية، فكان عياض إذا دخل مكة ألقى
عنه ثياب الذنوب والرجاسة، وأخذ ثياب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) لطهرها، فلبسها وطاف بالبيت ثم يردها
عليه إذا فرغ من طوافه.
فلما أن ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه عياض بهدية
فأبى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقبلها، وقال: يا عياض!
لو أسلمت لقبلت هديتك، إن الله عز وجل أبى
لي زبد المشركين، ثم إن عياضا بعد ذلك
أسلم وحسن إسلامه فأهدى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
هدية فقبلها منه (9).
- عنه (عليه السلام) - لما سأله إبراهيم الكرخي
عن الرجل تكون له الضيعة الكبيرة، فإذا كان
يوم المهرجان أو النيروز أهدوا إليه الشئ
ليس هو عليهم يتقربون بذلك إليه -: أليس
هم مصلين؟ قلت: بلى، قال: فليقبل هديتهم
وليكافهم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لو أهدي إلي
كراع لقبلت وكان ذلك من الدين، ولو أن كافرا أو
منافقا أهدى إلي وسقا ما قبلت وكان ذلك من
الدين، أبى الله عز وجل لي زبد المشركين
والمنافقين وطعامهم (10).
- حكيم بن حزام: خرجت إلى اليمن فابتعت
حلة ذي يزن، فأهديتها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في المدة
التي كانت بينه وبين قريش، فقال: لا أقبل هدية
مشرك فردها، فبعتها فاشتراها فلبسها... (11).
[4009]
الحث على قبول الهدية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أهدي إلي كراع (12)



(1) كنز العمال: (14475، 14479).
(2) الزبد بسكون الباء: الرفد والعطاء.
(3) كنز العمال: 15104، 15105.
(4) كنز العمال: 15104، 15105.
(5) مستدرك الوسائل: 13 / 208 / 15128.
(6) كنز العمال: 14485، 14486، 14487.
(7) كنز العمال: 14485، 14486، 14487.
(8) كنز العمال: 14485، 14486، 14487.
(9) الكافي: 5 / 142 / 3 وص 141 / 2.
(10) الكافي: 5 / 142 / 3 وص 141 / 2.
(11) كنز العمال: 14473.
(12) الكراع: هو ما دون الركبة من ساق البقر والغنم. وقيل: كراع الغميم
وهو اسم موضع بين مكة والمدينة على ثلاثة أميال من غسفان،
والأول مبالغة في القلة والثاني في البعد. كما في هامش الكافي.
3452
لقبلته (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو دعيت إلى كراع لأجبت،
ولو أهدي إلي كراع لقبلت (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو أهدي إلي كراع لقبلت،
ولو دعيت إلى ذراع لأجبت (3).
- عايشة: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقبل الهدية
ويثيب عليها (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تكرمة الرجل لأخيه
المسلم أن يقبل تحفته، ويتحفه بما عنده،
ولا يتكلف له شيئا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعايشة لما أهدت إليها
امرأة مسكينة هدية فلم تقبلها رحمة لها -:
ألا قبلتيها منها وكافيتيها منها! فلا ترى أنك
حقرتيها! يا عائشة تواضعي فإن الله يحب
المتواضعين ويبغض المستكبرين (6).
(انظر) الكرم: باب 3478.
[4010]
وجوه الهدية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الهدية على ثلاثة
أوجه: هدية مكافاة، وهدية مصانعة، وهدية
لله عز وجل (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الهدية على ثلاثة
وجوه: هدية مكافاة، وهدية مصانعة، وهدية
لله عز وجل (8).
[4011]
أفضل الهدية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أفضل الهدية [أو أفضل
العطية] الكلمة من كلام الحكمة يسمعها العبد
ثم يتعلمها، ثم يعلمها... (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما أهدى المرء المسلم على
أخيه هدية أفضل من كلمة حكمة، يزيده الله
بها هدى، ويرده عن ردى (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما أهدى مسلم لأخيه هدية
أفضل من كلمة حكمة، يزيده الله تعالى بها
هدى، أو يرده بها عن ردى (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نعم العطية ونعم الهدية كلمة
حكمة تسمعها (12).
- الإمام علي (عليه السلام): نعم الهدية الموعظة (13).
- جبرئيل للنبي (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله! إن
الله تبارك وتعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها
أحدا قبلك، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قلت: وما هي؟
قال: الصبر وأحسن منه، قلت: وما هو؟ قال:



(1) الكافي: 5 / 143 / 9.
(2) الفقيه: 3 / 299 / 4070.
(3) البحار: 77 / 54 / 3.
(4) سنن أبي داود: 3536.
(5) الكافي: 5 / 143 / 8.
(6) كنز العمال: 14482.
(7) الكافي: 5 / 141 / 1.
(8) البحار: 75 / 45 / 2.
(9) كنز العمال: 28891.
(10) البحار: 2 / 25 / 88.
(11) كنز العمال: 28892.
(12) تنبيه الخواطر: 2 / 212.
(13) غرر الحكم: 9884.
3453
الرضا وأحسن منه، قلت: وما هو؟ قال:
الزهد وأحسن منه، قلت: وما هو؟ قال:
الإخلاص وأحسن منه، قلت: وما هو؟ قال:
اليقين وأحسن منه، قلت: وما هو؟ قال جبرئيل:
إن مدرجة ذلك التوكل على الله عز وجل، فقلت:
وما التوكل على الله عز وجل؟ فقال: العلم بأن
المخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع،
واستعمال اليأس من الخلق... (1).
(انظر) العيب: باب 3016.
[4012]
العائد في هبته
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): العائد في هبته كالعائد
في قيئه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تشتره ولا تعد في صدقتك
وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته
كالعائد في قيئه (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من تصدق بصدقة
ثم ردت فلا يبعها ولا يأكلها، لأنه لا شريك له
في شئ مما جعل له، إنما هي بمنزلة العتاقة
لا يصلح له ردها بعد ما يعتق (4).
- عنه (عليه السلام) - في الرجل يخرج بالصدقة
ليعطيها السائل فيجده قد ذهب -: فليعطها
غيره، ولا يردها في ماله (5).
(انظر) وسائل الشيعة: 13 / 337 باب 5، 338
باب 6، 339 باب 7، 341 باب 8، 9.
[4013]
أدب الهدية
- الإمام علي (عليه السلام): عد من لا يعودك، وأهد إلى
من لا يهدي إليك (6).
(انظر) الإحسان: باب 866، الخير: باب 1170،
الخلق: باب 1102، النبوة: باب 3831،
المكافاة: باب 3505، الرحم: باب 1466،
الإنصاف: باب 3876.
[4014]
الهدية إلى الأمكنة المباركة
- الإمام علي (عليه السلام): لو كان لي واديان
يسيلان ذهبا وفضة ما أهديت إلى الكعبة شيئا،
لأنه يصير إلى الحجبة دون المساكين (7). 21217 -
الإمام الباقر (عليه السلام): إن قوما أقبلوا من
مصر فمات رجل فأوصى إلى رجل بألف درهم
للكعبة، فلما قدم مكة سأل عن ذلك فدلوه
على بني شيبة فأتاهم فأخبرهم الخبر، فقالوا:
قد برئت ذمتك ادفعها إلينا، فقام الرجل فسأل
الناس فدلوه على أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)
قال أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): فأتاني فسألني
فقلت له: إن الكعبة غنية عن هذا، انظر إلى
من أم هذا البيت وقطع، أو ذهبت نفقته، أو ضلت
راحلته، أو عجز أن يرجع إلى أهله، فادفعها إلى
هؤلاء الذين سميت لك.



(1) البحار: 77 / 20 / 4.
(2) كنز العمال: 46164، 46165.
(3) كنز العمال: 46164، 46165.
(4) البحار: 103 / 188 / 4 وص 189 / 5.
(5) البحار: 103 / 188 / 4 وص 189 / 5.
(6) الفقيه: 3 / 300 / 4076.
(7) علل الشرائع: 408 / 1.
3454
قال: فأتى الرجل بني شيبة فأخبرهم بقول
أبي جعفر (عليه السلام)، فقالوا: هذا ضال مبتدع ليس
يؤخذ عنه ولا علم له، ونحن نسألك بحق هذا
البيت وبحق كذا وكذا لما أبلغته عنا هذا الكلام.
قال: فأتيت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت له: لقيت بني
شيبة فأخبرتهم فزعموا أنك كذا وكذا وأنك لا
علم لك، ثم سألوني بالله العظيم لما أبلغك ما قالوا،
قال: وأنا أسألك بما سألوك لما أتيتهم فقلت لهم:
إن من علمي لو وليت شيئا من أمور المسلمين
لقطعت أيديهم ثم علقتها في أستار الكعبة ثم
أقمتهم على المصطبة، ثم أمرت مناديا ينادي ألا
إن هؤلاء سراق الله فاعرفوهم (1).
(انظر) البحار: 99 / 66 باب 6.
علل الشرائع: 408 باب 147.



(1) علل الشرائع: 409 / 3.
3455
(534)
الهرم
انظر:



عنوان: 255 " الشباب "، 283 " الشيب ".
3457
[4015]
الهرم
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل ابن آدم وإلى جنبه تسع
وتسعون منية، إن أخطأته المنايا وقع في الهرم (1).
- الإمام علي (عليه السلام): ثمرة طول الحياة
السقم والهرم (2).
- عنه (عليه السلام) - في التذكير بضروب النعم -:
وقدر لكم أعمارا سترها عنكم، وخلف لكم عبرا
من آثار الماضين قبلكم، من مستمتع خلاقهم (3)،
ومستفسح خناقهم، أرهقتهم المنايا دون الآمال،
وشذ بهم عنها تخرم الآجال، لم يمهدوا في سلامة
الأبدان، ولم يعتبروا في أنف الأوان، فهل ينتظر
أهل بضاضة الشباب إلا حواني الهرم؟ وأهل
غضارة الصحة إلا نوازل السقم؟ (4).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الجنة -: درجات
متفاضلات، ومنازل متفاوتات، لا ينقطع نعيمها،
ولا يظعن مقيمها، ولا يهرم خالدها (5).
[4016]
ما يشب في الإنسان عند هرمه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يهرم ابن آدم وتشب منه
اثنتان: الحرص والأمل (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يهرم ابن آدم ويشب منه اثنان:
الحرص على المال، والحرص على العمر (7).
(انظر) الشيب: باب 2145 حديث 9920.
[4017]
موجبات الهرم
- الإمام علي (عليه السلام): الهم نصف الهرم (8).
- عنه (عليه السلام): الهم أحد الهرمين (9).
- عنه (عليه السلام): الهم يذيب الجسد (10).
- عنه (عليه السلام) - في الخطبة الشقشقية -: وطفقت
أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على
طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها



(1) تنبيه الخواطر: 1 / 272.
(2) غرر الحكم: 4623.
(3) الخلاق: النصيب الوافر من الخير، الخناق - بالفتح - حبل
يخنق به، شذبهم عنها: قطعهم ومزقهم. تخرم الأجل: استئصاله
واقتطاعه، لم يمهدوا في سلامة الأبدان: أي لم يمهدوا لأنفسهم
بإصلاحها، انف - بضمتين - يقال: أمر انف، أي مستأنف لم
يسبق به قدر، البضاضة: رخص الجلد ورقته وامتلاؤه، الغضارة:
النعمة والسعة والخصب. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور
صبحي الصالح.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 83 و 85.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 83 و 85.
(6) تحف العقول: 56.
(7) الخصال: 73 / 112.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 143.
(9) غرر الحكم: 1634، 1039.
(10) غرر الحكم: 1634، 1039.
3458
الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى
ربه!... (1).
- عنه (عليه السلام): فبعث فيهم رسله، وواتر
إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته... ويروهم
آيات المقدرة: من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد
تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم، وآجال
تفنيهم، وأوصاب (2) تهرمهم (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أربعة تهرم قبل أوان
الهرم: أكل القديد، والقعود على النداوة، والصعود
في الدرج، ومجامعة العجوز (4).
(انظر) عنوان: 110 " الحزن ".



(1) نهج البلاغة: الخطبة 3.
(2) الأوصاب: المتاعب. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور
صبحي الصالح.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(4) تحف العقول: 317.
3459
(535)
الهلاك
البحار: 70 / 5 باب 41 " المنجيات والمهلكات ".
انظر:
عنوان: 425 " الفلاح "، 508 " النجاة "، 314 " الضلالة ".

3461
[4018]
ما يوجب الهلاك (1)
الكتاب
* (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا
يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها
ظالمون) * (1).
* (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في
الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا
وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم
وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين) * (2).
* (ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا
المسرفين) * (3).
(انظر) يونس: 13، الحج: 45، الأنفال: 54، الكهف: 59،
الشعراء: 139، الدخان: 37، إبراهيم: 13.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما المهلكات: فشح
مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه (4).
- الإمام علي (عليه السلام): ثلاث مهلكات: طاعة
النساء، وطاعة الغضب، وطاعة الشهوة (5).
- عنه (عليه السلام): إن المبتدعات المشبهات
هن المهلكات إلا ما حفظ الله منها (6).
- عنه (عليه السلام): دع الحسد والكذب والحقد،
فإنهن ثلاثة تشين الدين وتهلك الرجل (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): خصلتين مهلكتين:
تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم (8).
- عنه (عليه السلام) - لعبد الرحمن بن الحجاج -:
إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك: إياك أن
تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم (9).
- عنه (عليه السلام) - لمفضل بن مزيد -: أنهاك
عن خصلتين فيهما هلك الرجال: أن تدين الله
بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الدينار والدرهم أهلكا
من كان قبلكم، وهما مهلكاكم (11).
- الإمام علي (عليه السلام): لا يزال الناس بخير
ما تفاوتوا، فإذا استووا هلكوا (12).
- عنه (عليه السلام): خدمة الجسد إعطاؤه ما يستدعيه
من الملاذ والشهوات والمقتنيات، وفي ذلك
هلاك النفس (13).
- الإمام الحسن (عليه السلام): هلاك الناس في ثلاث:



(1) القصص: 59.
(2) الأنعام: 6.
(3) الأنبياء: 9.
(4) الترغيب والترهيب: 1 / 86 / 10.
(5) غرر الحكم: 4665.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 169.
(7) غرر الحكم: 5137.
(8) تحف العقول: 369.
(9) الخصال: 52 / 66 و 52 / 65.
(10) الخصال: 52 / 66 و 52 / 65.
(11) الكافي 2 / 316 / 6.
(12) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 53 / 204.
(13) غرر الحكم: 5097.
3462
الكبر والحرص والحسد، فالكبر هلاك الدين
وبه لعن إبليس، والحرص عدو النفس وبه
اخرج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء
ومنه قتل قابيل هابيل (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): يهلك الله ستا بست:
الامراء بالجور، والعرب بالعصبية، والدهاقين
بالكبر، والتجار بالخيانة، وأهل الرستاق
بالجهل، والفقهاء بالحسد (2).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لعبد الله بن جندب -:
يا بن جندب! يهلك المتكل على عمله، ولا ينجو
المجترئ على الذنوب الواثق برحمة الله.
قال: قلت: فمن ينجو؟ قال: الذين هم بين
الرجاء والخوف، كأن قلوبهم في مخلب طائر
شوقا إلى الثواب وخوفا من العذاب (3).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): من تكلم في الله هلك، ومن
طلب الرئاسة هلك، ومن دخله العجب هلك (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما عذب الله أمة إلا
عند استهانتهم بحقوق فقراء إخوانهم (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): هلاك أمتي في ثلاث: في
العصبية، والقدرية، والرواية من غير ثبت (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة
قدم بشئ من البحرين، فأبشروا وأملوا
ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم،
ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما
بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها
كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن صلاح أول هذه الأمة
بالزهد واليقين، وهلاك آخرها بالشح والأمل (8).
- الإمام علي (عليه السلام): العجز يثمر الهلكة (9).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): ثلاث موبقات: نكث
الصفقة، وترك السنة، وفراق الجماعة (10).
- الإمام علي (عليه السلام): إياك أن توجف بك
مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة (11).
- عنه (عليه السلام): إنما هلك من كان قبلكم
بطول آمالهم وتغيب آجالهم... (12).
- عنه (عليه السلام): إنما هلك من هلك ممن كان
قبلكم بركوبهم المعاصي، ولم ينههم الربانيون
والأحبار... (13).
- عنه (عليه السلام): إنما أهلك من كان قبلكم أنهم
منعوا الناس الحق فاشتروه، وأخذوهم بالباطل
فاقتدوه (14).
- عنه (عليه السلام): إنه لا ينبغي أن يكون الوالي
على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة
المسلمين البخيل... ولا المعطل للسنة
فيهلك الأمة (15).
- عنه (عليه السلام): انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا



(1) البحار: 78 / 111 / 6 وص 207 / 67 وص 280 / 1.
(2) البحار: 78 / 111 / 6 وص 207 / 67 وص 280 / 1.
(3) البحار: 78 / 111 / 6 وص 207 / 67 وص 280 / 1.
(4) تحف العقول: 409.
(5) البحار: 78 / 281 / 1.
(6) كنز العمال: 43952.
(7) كنز العمال: 6161.
(8) الخصال: 79 / 128.
(9) غرر الحكم: 712.
(10) البحار: 2 / 266 / 25، راجع المال: باب 3753.
(11) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 147.
(12) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 147.
(13) نهج السعادة: 1 / 477
(14) نهج البلاغة: الكتاب 79، والخطبة 131.
(15) نهج البلاغة: الكتاب 79، والخطبة 131.
3463
سمتهم، واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من
هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا
فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم
فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا (1).
- عنه (عليه السلام): ضلال الدليل هلاك المستدل (2).
- عنه (عليه السلام): أهلك شئ استدامة الضلال (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا سمعتم الرجل يقول:
هلك الناس، فهو أهلكهم (4).
(انظر) العجب: باب 2516.
الرئاسة: باب 1394.
الرحمة: باب 1457.
المال: باب 3753.
[4019]
ما يوجب الهلاك (2)
الكتاب
* (قل أرايتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل
يهلك إلا القوم الظالمون) * (5).
* (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل
ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا
ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) * (6).
- الإمام علي (عليه السلام): هلك من لم يعرف قدره (7).
- عنه (عليه السلام): هلك من لم يحرز أمره (8).
- عنه (عليه السلام): هلك من أضله الهوى، واستقاده
الشيطان إلى سبيل العمى (9).
- عنه (عليه السلام): هلك من رضي عن نفسه ووثق
بما تسوله له (10).
- عنه (عليه السلام): هلك من باع اليقين بالشك،
والحق بالباطل، والآجل بالعاجل (11).
- عنه (عليه السلام): هلك من استنام [استأمن - خ ل]
إلى الدنيا و [أ] مهرها دينه، فهو حيثما مالت مال
إليها، قد اتخذها همه [همها - خ ل] ومعبوده (12).
- عنه (عليه السلام): هلك من ادعى، وخاب من
افترى (13).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): هلك من ليس له
حكيم يرشده، وذل من ليس له سفيه يعضده (14).
- الإمام علي (عليه السلام): هلك خزان الأموال وهم
أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر (15).
- عنه (عليه السلام): هلك امرؤ لم يعرف قدره (16).
- عنه (عليه السلام): هلك في رجلان: محب غال،
ومبغض قال (17).
- عنه (عليه السلام): من أبدى صفحته للحق هلك (18).
- عنه (عليه السلام): من استبد برأيه هلك (19).
- عنه (عليه السلام): من استسلم لهلكة الدنيا
والآخرة هلك فيهما (20).
- عنه (عليه السلام): من طلب الخراج بغير عمارة



(1) نهج البلاغة: الخطبة 97.
(2) غرر الحكم: 5900، 3287.
(3) غرر الحكم: 5900، 3287.
(4) الترغيب والترهيب: 3 / 611 / 3.
(5) الأنعام: 47.
(6) الأحقاف: 35.
(7) غرر الحكم: 10020، 10021.
(8) غرر الحكم: 10020، 10021.
(9) غرر الحكم: 10026، 10027، 10030، 10033.
(10) غرر الحكم: 10026، 10027، 10030، 10033.
(11) غرر الحكم: 10026، 10027، 10030، 10033.
(12) غرر الحكم: 10026، 10027، 10030، 10033.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 16.
(14) البحار: 78 / 159 / 10.
(15) نهج البلاغة: الحكمة 147 و 149 و 117 و (الحكمة 188، الخطبة 16)، والحكمة 161 و 31.
(16) نهج البلاغة: الحكمة 147 و 149 و 117 و (الحكمة 188، الخطبة 16)، والحكمة 161 و 31.
(17) نهج البلاغة: الحكمة 147 و 149 و 117 و (الحكمة 188، الخطبة 16)، والحكمة 161 و 31.
(18) نهج البلاغة: الحكمة 147 و 149 و 117 و (الحكمة 188، الخطبة 16)، والحكمة 161 و 31.
(19) نهج البلاغة: الحكمة 147 و 149 و 117 و (الحكمة 188، الخطبة 16)، والحكمة 161 و 31.
(20) نهج البلاغة: الحكمة 147 و 149 و 117 و (الحكمة 188، الخطبة 16)، والحكمة 161 و 31.
3464
أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره
إلا قليلا (1).
- عنه (عليه السلام): من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع (2).
- عنه (عليه السلام): من شغل نفسه بغير نفسه تحير في
الظلمات، وارتبك في الهلكات... (3).
- عنه (عليه السلام): لا تقدر عظمة الله سبحانه على
قدر عقلك فتكون من الهالكين (4).
- عنه (عليه السلام): إن الله بعث رسولا هاديا بكتاب
ناطق، وأمر قائم، لا يهلك عنه إلا هالك (5).
- عنه (عليه السلام): لقد حملتكم على الطريق الواضح
التي لا يهلك عليها إلا هالك (6).
- عنه (عليه السلام) - في ذكر الملاحم -: ولا تقتحموا ما
استقبلتم من فور نار الفتنة، وأميطوا عن سننها،
وخلوا قصد السبيل لها، فقد - لعمري - يهلك في
لهبها المؤمن، ويسلم فيها غير المسلم (7).
[4020]
حرمة إلقاء النفس في التهلكة
الكتاب
* (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) * (8).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - للمأمون لما أجبره على
قبول ولاية العهد وقال له: إنك تتلقاني أبدا
بما أكرهه وقد أمنت سطوتي، فبالله اقسم لئن
قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك،
فإن فعلت وإلا ضربت عنقك -: قد نهاني
الله تعالى أن القي بيدي التهلكة، فإن
كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا
أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا ولا أعزل
أحدا... (9).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لابن الصلت وقد سأله
عن قبوله ولاية العهد مع إظهاره الزهد في
الدنيا -: قد علم الله كراهتي لذلك، فلما
خيرت بين قبول ذلك وبين القتل، اخترت القبول
على القتل... (10).
- عنه (عليه السلام) - عندما قبل الولاية -: اللهم
إنك قد نهيتني عن الإلقاء بيدي إلى التهلكة،
وقد أكرهت واضطررت كما أشرفت من قبل
عبد الله المأمون على القتل مني متى لم أقبل
ولاية عهده، وقد أكرهت واضطررت كما اضطر
يوسف ودانيال (عليهما السلام) إذ قبل كل واحد منهما الولاية
من طاغية زمانه (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لو أن رجلا أنفق ما
في يديه في سبيل من سبيل الله ما كان أحسن
ولا وفق، أليس يقول الله عز وجل: * (ولا تلقوا
بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب
المحسنين) * يعني المقتصدين (12).
- أسلم أبو عمران: كنا بالقسطنطينية وعلى
أهل مصر عقبة بن عامر وعلى أهل الشام فضالة
ابن عبيد، فخرج صف عظيم من الروم فصففنا



(1) نهج البلاغة: الكتاب 53، والحكمة 189، والخطبة 157 و 91 و 169 و 119 و 187.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 53، والحكمة 189، والخطبة 157 و 91 و 169 و 119 و 187.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 53، والحكمة 189، والخطبة 157 و 91 و 169 و 119 و 187.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 53، والحكمة 189، والخطبة 157 و 91 و 169 و 119 و 187.
(5) نهج البلاغة: الكتاب 53، والحكمة 189، والخطبة 157 و 91 و 169 و 119 و 187.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 53، والحكمة 189، والخطبة 157 و 91 و 169 و 119 و 187.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 53، والحكمة 189، والخطبة 157 و 91 و 169 و 119 و 187.
(8) البقرة: 195.
(9) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 140 / 3 وص 139 / 2 و 1 / 19 / 1.
(10) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 140 / 3 وص 139 / 2 و 1 / 19 / 1.
(11) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 140 / 3 وص 139 / 2 و 1 / 19 / 1.
(12) الكافي: 4 / 53 / 7.
3465
لهم فحمل رجل من المسلمين على صف الروم
حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله
يلقي بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب صاحب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أيها الناس! إنكم تتأولون
هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا
معشر الأنصار، إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه
قال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن
أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام وكثر
ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع
فيها، فأنزل الله على نبيه يرد علينا ما قلنا:
* (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة) * فكانت التهلكة الإقامة في الأموال
وإصلاحها وتركنا الغزو (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام)
-: واعلم يا بني... أنك طريد الموت الذي لا ينجو
منه هاربه... فكن منه على حذر أن يدركك وأنت
على حال سيئة، قد كنت تحدث نفسك منها
بالتوبة، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد
أهلكت نفسك (2).



(1) الدر المنثور: 1 / 500.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 31.
3466
(536)
الهمة
انظر:
الدعاء: باب 1199، الدنيا: باب 1243.

3467
[4021]
علو الهمة
- الإمام علي (عليه السلام): خير الهمم أعلاها (1).
- عنه (عليه السلام): لا شرف كبعد الهمة (2).
- عنه (عليه السلام): أحسن الشيم شرف الهمم (3).
- عنه (عليه السلام): الشرف بالهمم العالية
لا بالرمم البالية (4).
- عنه (عليه السلام): من رقى درجات الهمم
عظمته الأمم (5).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في الدعاء -:
واجعلنا من الذين أسرعت أرواحهم في العلى،
وخططت هممهم في عز الورى، فلم تزل قلوبهم
والهة طائرة حتى أناخوا في رياض النعيم... (6).
- الإمام علي (عليه السلام): كن بعيد الهمم إذا طلبت (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى يحب معالي
الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): بكى أبو ذر رحمه الله من
خشية الله عز وجل حتى اشتكى بصره، فقيل له:
يا أبا ذر! لو دعوت الله أن يشفي بصرك،
فقال: إني عنه لمشغول وما هو من أكبر همي،
قالوا: وما يشغلك عنه؟ قال: العظيمتان:
الجنة والنار (9).
- الإمام علي (عليه السلام): أضيق الناس حالا من
كثرت شهوته، وكبرت همته، وزادت مؤنته،
وقلت معونته (10).
- عنه (عليه السلام): أتعب الناس قلبا من علت همته،
وكثرت مروءته، وقلت مقدرته (11).
- عنه (عليه السلام): توسط في الهمة تسلم ممن
يتبع عثراتك (12).
[4022]
دور الهمة في الشرف
- الإمام علي (عليه السلام): المرء بهمته لا بقنيته (13).
- عنه (عليه السلام): قدر الرجل على قدر همته (14).
- عنه (عليه السلام): من شرفت همته عظمت قيمته (15).
- عنه (عليه السلام): ما رفع امرءا كهمته، ولا وضعه
كشهوته (16).



(1) غرر الحكم: 4977.
(2) البحار: 78 / 165 / 2.
(3) غرر الحكم: 2982، 1991، 8526.
(4) غرر الحكم: 2982، 1991، 8526.
(5) غرر الحكم: 2982، 1991، 8526.
(6) البحار: 94 / 126 / 19.
(7) غرر الحكم: 7161.
(8) كنز العمال: 43021.
(9) الخصال: 40 / 25.
(10) غرر الحكم: 3235، 3212.
(11) غرر الحكم: 3235، 3212.
(12) البحار: 78 / 9 / 64.
(13) غرر الحكم: 2167.
(14) نهج البلاغة: الحكمة 47.
(15) غرر الحكم: 8320، 9707.
(16) غرر الحكم: 8320، 9707.
3468
[4023]
ما ينبغي الاهتمام به
- الإمام علي (عليه السلام): اجعل همك لآخرتك،
وحزنك على نفسك، فكم من حزين وفد به حزنه
على سرور الأبد، وكم من مهموم أدرك أمله (1).
- عنه (عليه السلام): اجعل كل همك وسعيك للخلاص
من محل الشقاء والعقاب، والنجاة من مقام
البلاء والعذاب (2).
- عنه (عليه السلام): اجعل همك وجدك لآخرتك (3).
- عنه (عليه السلام): ما المغرور الذي ظفر من
الدنيا بأعلى همته كالآخر الذي ظفر من
الآخرة بأدنى سهمته (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس! أقبلوا على
ما كلفتموه من إصلاح آخرتكم... واصرفوا
همتكم بالتقرب إلى طاعته (5).
- فيما ناجى الله تعالى به موسى (عليه السلام):
كيف لا يكون همك فيما عندي وإلي
ترجع لا محالة! (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله):.. وليكن همك لما
بعد الموت (7).
- الإمام علي (عليه السلام): من لم يكن همه ما
عند الله سبحانه لم يدرك مناه (8).
(انظر) الآخرة: باب 32.
[4024]
من يبلغ كنه همته
الكتاب
* (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع
المحسنين) * (9).
- الإمام علي (عليه السلام): من أسهر عين فكرته بلغ
كنه همته (10).
- عنه (عليه السلام): من بذل جهد طاقته بلغ
كنه إرادته (11).
- عنه (عليه السلام): من كانت الآخرة همته بلغ من
الخير غاية أمنيته (12).
[4025]
أعلى الهمم
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في الدعاء -:
أسألك من الشهادة أقسطها، ومن العبادة
أنشطها... ومن الهمم أعلاها (13).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: فقد انقطعت إليك
همتي، وانصرفت نحوك رغبتي، فأنت لا غيرك
مرادي، ولك لا لسواك سهري وسهادي (14).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: وهب لي جسما



(1) غرر الحكم: 2453، 2438، 2288.
(2) غرر الحكم: 2453، 2438، 2288.
(3) غرر الحكم: 2453، 2438، 2288.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 370، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
19 / 300.
(5) البحار: 77 / 182 / 10.
(6) الكافي: 8 / 45 / 8.
(7) غرر الحكم: 3586.
(8) غرر الحكم: 8970.
(9) العنكبوت: 69.
(10) غرر الحكم: 8784، 8785، 8902.
(11) غرر الحكم: 8784، 8785، 8902.
(12) غرر الحكم: 8784، 8785، 8902.
(13) البحار: 94 / 155 / 22 وص 148 / 21.
(14) البحار: 94 / 155 / 22 وص 148 / 21.
3469
روحانيا، وقلبا سماويا، وهمة متصلة بك،
ويقينا صادقا في حبك (1).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: يا من آنس العارفين
بطيب مناجاته، وألبس الخاطئين ثوب موالاته،
متى فرح من قصدت سواك همته، ومتى استراح
من أرادت غيرك عزيمته! (2).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: فقد ساقني إليك
أملي، وعليك يا واجدي عكفت همتي، وفيما
عندك انبسطت رغبتي (3).
- الإمام علي (عليه السلام): أشرف الهمم رعاية الذمام (4).
- عنه (عليه السلام): أحسن الهمم إنجاز الوعد (5).
[4026]
ثمرات علو الهمة
- الإمام علي (عليه السلام): الحلم والأناة توأمان
ينتجهما علو الهمة (6).
- عنه (عليه السلام): الكرم نتيجة علو الهمة (7).
- عنه (عليه السلام): أبعد الهمم أقربها من الكرم (8).
- عنه (عليه السلام): الفعل الجميل ينبئ عن
علو الهمة (9).
- عنه (عليه السلام): الكف عما في أيدي الناس
عفة وكبر همة (10).
- عنه (عليه السلام): استجلب عز اليأس ببعد الهمة (11).
- عنه (عليه السلام): من شرف الهمة لزوم القناعة (12).
- عنه (عليه السلام): من شرف الهمة بذل الإحسان (13).
- عنه (عليه السلام): بقدر الهمم تكون الهموم (14).
- عنه (عليه السلام): هموم الرجل على قدر همته (15).
- عنه (عليه السلام): على قدر الهمم تكون الهموم (16).
- عنه (عليه السلام): على قدر الهمة تكون الحمية (17).
- عنه (عليه السلام): من كبرت همته كبر اهتمامه (18).
- عنه (عليه السلام): من كبرت همته عزه مرامه (19).
- عنه (عليه السلام): شجاعة الرجل على قدر همته (20).
[4027]
همة الأكياس
- الإمام علي (عليه السلام): الطاعة همة الأكياس
المعصية همة الأرجاس (21).
- عنه (عليه السلام): المؤمن الدنيا مضماره، والعمل
همته، والموت تحفته، والجنة سبقته. الكافر
الدنيا جنته، والعاجلة همته، والموت شقاوته،
والنار غايته (22).
- عنه (عليه السلام): من صحت معرفته انصرفت عن
العالم الفاني نفسه وهمته (23).
- عنه (عليه السلام): إن سمت همتك لإصلاح الناس
فابدأ بنفسك، فإن تعاطيك صلاح غيرك وأنت
فاسد أكبر العيب (24).



(1) البحار: 94 / 156 / 22 وص 157 / 22 و 98 / 89 / 2.
(2) البحار: 94 / 156 / 22 وص 157 / 22 و 98 / 89 / 2.
(3) البحار: 94 / 156 / 22 وص 157 / 22 و 98 / 89 / 2.
(4) غرر الحكم: 3305، 3328.
(5) غرر الحكم: 3305، 3328.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 460.
(7) غرر الحكم: 1477، 2962، 1388، 1387.
(8) غرر الحكم: 1477، 2962، 1388، 1387.
(9) غرر الحكم: 1477، 2962، 1388، 1387.
(10) غرر الحكم: 1477، 2962، 1388، 1387.
(11) البحار: 78 / 164 / 1.
(12) غرر الحكم: 9435، 9280، 4277، 10059، 6187، 7850، 8406، 5763، (616 - 617)، (1945 - 1946)، 9142، 3749.
(13) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(14) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(15) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(16) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(17) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(18) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(19) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(20) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(21) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(22) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(23) تقدم آنفا تحت رقم 12.
(24) تقدم آنفا تحت رقم 12.
3470
- عنه (عليه السلام): ما المغبوط إلا من كانت همته نفسه،
لا يغبها عن محاسبتها ومطالبتها ومجاهدتها (1).
- عنه (عليه السلام): رغبة العاقل في الحكمة، وهمة
الجاهل في الحماقة (2).
- عنه (عليه السلام): اقصر همتك على ما يلزمك،
ولا تخض فيما لا يعنيك (3).
- عنه (عليه السلام): طوبى لمن قصر همته على ما
يعنيه (4).
(انظر) عنوان 468 " الكيس ".
[4028]
قصر الهمة
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاث يحجزن المرء
عن طلب المعالي: قصر الهمة، وقلة الحيلة،
وضعف الرأي (5).
- الإمام علي (عليه السلام): من صغرت همته بطلت
فضيلته (6).
- عنه (عليه السلام): من دنت همته فلا تصحبه (7).
- عنه (عليه السلام): من صغر الهمة حسد الصديق
على النعمة (8).
- عنه (عليه السلام): لا مروة لمن لا همة له (9).
- عنه (عليه السلام): لا همة لمهين (10).
- عنه (عليه السلام): الأماني همة الرجال (11).
- عنه (عليه السلام): نعوذ بالله من المطامع الدنية،
والهمم الغير المرضية (12).
- عنه (عليه السلام):... ماد القامة قصير الهمة (13).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان
نزل على رجل بالطائف قبل الإسلام فأكرمه،
فلما أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى الناس قيل
للرجل: أتدري من الذي أرسله الله عز وجل
إلى الناس؟ قال: لا، قالوا له: هو محمد بن
عبد الله يتيم أبي طالب وهو الذي كان نزل بك
بالطائف يوم كذا وكذا فأكرمته، قال: فقدم الرجل
على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسلم عليه وأسلم، ثم قال له:
أتعرفني يا رسول الله؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا
رب المنزل الذي نزلت به بالطائف في الجاهلية
يوم كذا وكذا فأكرمتك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله):
مرحبا بك سل حاجتك، فقال: أسألك مائتي شاة
برعاتها، فأمر له رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما سأل، ثم قال
لأصحابه: ما كان على هذا الرجل أن يسألني
سؤال عجوز بني إسرائيل لموسى (عليه السلام)، فقالوا: وما
سألت عجوز بني إسرائيل لموسى؟ فقال: إن الله
عز ذكره أوحى إلى موسى أن احمل عظام يوسف
من مصر قبل أن تخرج منها إلى الأرض المقدسة
بالشام، فسأل موسى عن قبر يوسف (عليه السلام) فجاءه
شيخ فقال: إن كان أحد يعرف قبره ففلانة،
فأرسل موسى (عليه السلام) إليها، فلما جاءته قال: تعلمين
موضع قبر يوسف (عليه السلام)؟ قالت: نعم، قال: فدليني
عليه ولك ما سألت، قال (14): لا أدلك عليه إلا



(1) غرر الحكم: 9685، 5420، 2303، 5945.
(2) غرر الحكم: 9685، 5420، 2303، 5945.
(3) غرر الحكم: 9685، 5420، 2303، 5945.
(4) غرر الحكم: 9685، 5420، 2303، 5945.
(5) تحف العقول: 318.
(6) غرر الحكم: 8019، 9086، 9256، 10778.
(7) غرر الحكم: 8019، 9086، 9256، 10778.
(8) غرر الحكم: 8019، 9086، 9256، 10778.
(9) غرر الحكم: 8019، 9086، 9256، 10778.
(10) البحار: 78 / 10 / 67.
(11) غرر الحكم: 946.
(12) غرر الحكم: 9974.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 234.
(14) كذا في المصدر والصحيح " قالت ".
3471
بحكمي، قال: فلك الجنة، قالت: لا إلا بحكمي
عليك، فأوحى الله عز وجل إلى موسى لا يكبر
عليك أن تجعل لها حكمها، فقال لها موسى: فلك
حكمك، قالت: فإن حكمي أن أكون معك في
درجتك التي تكون فيها يوم القيامة في الجنة،
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما كان على هذا لو سألني ما
سألت عجوز بني إسرائيل! (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كم بين مسألة الأعرابي
وعجوز بني إسرائيل! إن موسى لما امر
أن يقطع البحر فانتهى إليه صرفت وجوه الدواب
فرجعت، فقال موسى: ما لي يا رب؟ قال:
إنك عند قبر يوسف فاحمل عظامه معك وقد
استوى القبر بالأرض، فجعل موسى لا يدري أين
هو، فسأل موسى: هل يدري أحد منكم أين هو؟
فقالوا: إن كان أحد يعلم أين هو فعجوز بني
فلان تعلم أين هو، فأرسل إليها الرسول قالت:
مالكم؟ قالوا: انطلقي إلى موسى، فلما أتته
قال لها: تعلمين أين قبر يوسف؟ قالت: نعم،
قال: فدلينا عليه، قالت: لا والله حتى تعطيني ما
أسألك! قال لها: لك ذلك، قالت: فإني أسألك
أن أكون معك في الدرجة التي تكون فيها في
الجنة، قال: سلي الجنة، قالت: لا والله
لا أرضى إلا أن أكون معك! فجعل موسى يرادها،
فأوحى الله إليه أن أعطها ذلك فإنه لا ينقصك
شيئا، فأعطاها ودلته على القبر، فأخرجوا العظام
وجاوزوا البحر (2).
(انظر) الدعاء: باب 1199.
[4029]
من كانت همته بطنه
- الإمام علي (عليه السلام): من كانت همته ما
يدخل بطنه، كانت قيمته ما يخرج منه (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كانت همته أكله،
كانت قيمته ما أكله (4).
- الإمام علي (عليه السلام): أمقت العباد إلى الله
سبحانه من كان همته بطنه وفرجه (5).
- عنه (عليه السلام): ما أبعد الخير ممن همته
بطنه وفرجه (6).
(انظر) الأكل: باب 99.
[4030]
من كانت همته الدنيا
- الإمام علي (عليه السلام): من كانت الدنيا همته،
اشتدت حسرته عند فراقها (7).
- عنه (عليه السلام): لم يفد من كان همته الدنيا
عوضا، ولم يقض مفترضا (8).
- عنه (عليه السلام): من كانت الدنيا همه، طال
يوم القيامة شقاؤه وغمه (9).
- عنه (عليه السلام): من لم يكن همه ما عند الله



(1) الكافي: 8 / 155 / 144.
(2) كنز العمال: 32412.
(3) غرر الحكم: 8830.
(4) تنبيه الخواطر: 1 / 48.
(5) غرر الحكم: 3294، 9642.
(6) غرر الحكم: 3294، 9642.
(7) البحار: 77 / 376 / 1.
(8) غرر الحكم: 7542، 9110.
(9) غرر الحكم: 7542، 9110.
3472
سبحانه لم يدرك مناه (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): القلب ثلاثة أنواع:
قلب مشغول بالدنيا، وقلب مشغول بالعقبى،
وقلب مشغول بالمولى، أما القلب المشغول
بالدنيا له الشدة والبلاء، وأما القلب
المشغول بالعقبى فله الدرجات العلى، وأما القلب
المشغول بالمولى فله الدنيا والعقبى والمولى (2).
(انظر) الدنيا: باب 1243.



(1) غرر الحكم: 8970.
(2) المواعظ العددية: 146.
3473
(537)
الهوى
البحار: 70 / 73 باب 46 " ترك الشهوات والأهواء ".
البحار: 71 / 358 باب 88 " من ملك نفسه عند الرغبة ".
وسائل الشيعة: 11 / 220 باب 32 " وجوب إيثار رضا الله على هوى النفس ".
المحجة البيضاء: 5 / 87 " كتاب رياضة النفس ".
انظر:
عنوان: 81 " الجهاد (2) "، 342 " المعرفة (2) "، 519 " النفس "، 404 " الفتنة "، 445 " القلب "،
360 " العفة "، الحكمة: باب 923 - 927، الحرام: باب 805، الإخلاص: باب 1039، الرأي:
باب 1424، الرضا (2): باب 1524، العبادة: باب 2504، العادة: باب 3003، العداوة: باب
2561، العفة: باب 2759، العقل: باب 2794، 2819، 2825، المال: باب 3749، القلب: باب
3392، المراقبة: باب 1544.

3475
[4031]
خطر الهوى
الكتاب
* (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي
من أضل الله ومالهم من ناصرين) * (1).
* (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله
واتبعوا أهواءهم) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): الهوى أس المحن (3).
- عنه (عليه السلام): إن طاعة النفس ومتابعة
أهويتها أس كل محنة ورأس كل غواية (4).
- عنه (عليه السلام): الهوى مطية الفتنة (5).
- عنه (عليه السلام): إنما بدء وقوع الفتن أهواء
تتبع، وأحكام تبتدع... (6).
- عنه (عليه السلام): الهوى هوي إلى أسفل
السافلين (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما سمي الهوى لأنه
يهوي بصاحبه (8).
- الإمام علي (عليه السلام): الهوى أعظم العدوين (9).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن أغلب السلاطين
وأقواها قال -: الهوى (10).
- عنه (عليه السلام): الهوى قرين مهلك (11).
- عنه (عليه السلام): الهوى صبوة (12).
- عنه (عليه السلام): الهوى يردي (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): استعيذوا بالله من الرغب (14).
- الإمام علي (عليه السلام): آفة العقل الهوى (15).
- عنه (عليه السلام): أهلك شئ الهوى (16).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن إبليس قال: أهلكتهم
بالذنوب فأهلكوني بالاستغفار، فلما رأيت ذلك
أهلكتهم بالأهواء فهم يحسبون أنهم مهتدون فلا
يستغفرون (17).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كف أذاك عن نفسك ولا تتابع هواها
في معصية الله، إذا تخاصمك يوم القيامة فيلعن
بعضك بعضا، إلا أن يغفر الله تعالى ويستر
برحمته (18).
[4032]
خطر الشهوات
الكتاب
* (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا



(1) الروم: 29.
(2) محمد: 14.
(3) غرر الحكم: 1048، 3486، 1098.
(4) غرر الحكم: 1048، 3486، 1098.
(5) غرر الحكم: 1048، 3486، 1098.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 50.
(7) غرر الحكم: 1326.
(8) سنن الدارمي: 401.
(9) غرر الحكم: 1678.
(10) البحار: 70 / 76 / 6.
(11) غرر الحكم: 957، 142، 28.
(12) غرر الحكم: 957، 142، 28.
(13) غرر الحكم: 957، 142، 28.
(14) كنز العمال: 6160.
(15) غرر الحكم: 3925، 2853.
(16) غرر الحكم: 3925، 2853.
(17) الترغيب والترهيب: 1 / 87 / 13.
(18) المحجة البيضاء: 5 / 115.
3476
الشهوات فسوف يلقون غيا) * (1).
* (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون
الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) * (2).
- الإمام علي (عليه السلام): الشهوات سموم قاتلات (3).
- عنه (عليه السلام): الشهوات مصائد الشيطان (4).
- عنه (عليه السلام): الشهوة أحد المغويين (5).
- عنه (عليه السلام): اهجروا الشهوات، فإنها تقودكم
إلى ركوب الذنوب والتهجم على السيئات (6).
- عنه (عليه السلام): الشهوات آفات (7).
- عنه (عليه السلام): من تسرع إلى الشهوات تسرع
إليه الآفات (8).
- عنه (عليه السلام): امنع نفسك من الشهوات تسلم
من الآفات (9).
- عنه (عليه السلام): لا تسرف في شهوتك وغضبك
فيزريا بك (10).
- عنه (عليه السلام): حلاوة الشهوة ينغصها عار
الفضيحة (11).
- فيما وعظ الله تعالى به عيسى (عليه السلام): يا عيسى!
لا تستيقظن عاصيا ولا تستنبهن لاهيا، وافطم
نفسك عن الشهوات الموبقات، وكل شهوة
تباعدك مني فاهجرها (12).
- الإمام علي (عليه السلام): اعلموا أنه ما من طاعة
الله شئ إلا يأتي في كره، وما من معصية الله
شئ إلا يأتي في شهوة (13).
- عنه (عليه السلام): إن الجنة حفت بالمكاره، وإن
النار حفت [حجبت] بالشهوات (14).
[4033]
خطر اللذات
- الإمام علي (عليه السلام): اللذات مفسدات.
- عنه (عليه السلام): اللذة تلهي (15).
- عنه (عليه السلام): رأس الآفات الوله باللذات (16).
- عنه (عليه السلام): قل من غري باللذات إلا كان
بها هلاكه (17).
- عنه (عليه السلام): بقدر اللذة يكون التغصيص (18).
- عنه (عليه السلام): رب لذة فيها الحمام (19).
- عنه (عليه السلام): من تلذذ بمعاصي الله أورثه
الله ذلا (20).
[4034]
الهوى إله معبود
الكتاب
* (أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه
وكيلا) * (21).
* (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم



(1) مريم: 59.
(2) النساء: 27.
(3) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(4) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(5) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(6) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(7) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(8) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(9) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(10) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(11) غرر الحكم: 876، 2121، 1661، 2505، 49، 8589، 2440، 10212، 4885.
(12) الكافي: 8 / 136 / 103.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(15) غرر الحكم: 50، 27، 5244، 6813، 4254، 5323، 8823.
(16) غرر الحكم: 50، 27، 5244، 6813، 4254، 5323، 8823.
(17) غرر الحكم: 50، 27، 5244، 6813، 4254، 5323، 8823.
(18) غرر الحكم: 50، 27، 5244، 6813، 4254، 5323، 8823.
(19) غرر الحكم: 50، 27، 5244، 6813، 4254، 5323، 8823.
(20) غرر الحكم: 50، 27، 5244، 6813، 4254، 5323، 8823.
(21) غرر الحكم: 50، 27، 5244، 6813، 4254، 5323، 8823.
(21) الفرقان: 43.
3477
وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن
يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): الهوى إله معبود،
العقل صديق محمود (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما تحت ظل السماء من إله
يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع (3).
- الإمام علي (عليه السلام): الجاهل عبد شهوته (4).
(انظر) الدنيا: باب 1239، 1240.
[4035]
الهوى يدعو إلى العمى
الكتاب
* (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين
الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن
الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم
الحساب) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): أوصيكم بمجانبة الهوى،
فإن الهوى يدعو إلى العمى، وهو الضلال في
الآخرة والدنيا (6).
- عنه (عليه السلام): الهوى شريك العمى (7).
- عنه (عليه السلام): إنك إن أطعت هواك أصمك
وأعماك، وأفسد منقلبك وأرداك (8).
- عنه (عليه السلام): إنكم إن أمرتم عليكم
الهوى أصمكم وأعماكم وأرداكم (9).
- عنه (عليه السلام): من اتبع هواه أعماه، وأصمه،
وأذله، وأضله (10).
- عنه (عليه السلام): عباد الله! إن من أحب عباد الله
إليه عبدا أعانه الله على نفسه... قد خلع
سرابيل الشهوات، وتخلى من الهموم إلا
هما واحدا انفرد به، فخرج من صفة العمى
ومشاركة أهل الهوى (11).
(انظر) المحبة (1): باب 653.
الضلالة: باب 2380.
[4036]
أول الهوى وآخره
- الإمام علي (عليه السلام): إياكم وتمكن الهوى
منكم، فإن أوله فتنة وآخره محنة (12).
- عنه (عليه السلام): أول الشهوة طرب، وآخرها
عطب (13).
- عنه (عليه السلام): إياكم وغلبة الشهوات على
قلوبكم، فإن بدايتها ملكة، ونهايتها هلكة (14).
[4037]
قرين الشهوة مريض النفس
- الإمام علي (عليه السلام): قرين الشهوة مريض



(1) الجاثية: 23.
(2) غرر الحكم: 2217، 2218.
(3) الدر المنثور: 6 / 261.
(4) غرر الحكم: 449.
(5) ص: 26.
(6) مستدرك الوسائل: 12 / 113 / 13666.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(8) غرر الحكم: 3807، 3849، 9168.
(9) غرر الحكم: 3807، 3849، 9168.
(10) غرر الحكم: 3807، 3849، 9168.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 87.
(12) غرر الحكم: 2745، 3133، 2746.
(13) غرر الحكم: 2745، 3133، 2746.
(14) غرر الحكم: 2745، 3133، 2746.
3478
النفس، معلول العقل (1).
- عنه (عليه السلام): من لم يداو شهوته بالترك لم
يزل عليلا (2).
- عنه (عليه السلام): الشهوات أعلال قاتلات، وأفضل
دوائها اقتناء الصبر عنها (3).
- عنه (عليه السلام): الانقياد للشهوة أدوأ الداء (4).
(انظر) القلب: باب 3403.
[4038]
التحذير من رقية الشهوة
- الإمام علي (عليه السلام): الشهوات تسترق الجهول (5).
- عنه (عليه السلام): عبد الشهوة أذل من عبد الرق (6).
- عنه (عليه السلام): أزرى بنفسه من ملكته الشهوة،
واستعبدته المطامع (7).
- عنه (عليه السلام): عبد الشهوة أسير لا ينفك أسره (8).
- عنه (عليه السلام): وكم من عقل أسير تحت هوى
أمير! (9).
(انظر) الحرية: باب 782.
[4039]
التحذير من الشهوة الخفية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): احذروا الشهوة الخفية،
العالم يحب أن يجلس إليه (10).
- الإمام علي (عليه السلام): اللهم اغفر لي رمزات
الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وشهوات الجنان،
وهفوات اللسان (11).
(انظر) الشرك: باب 1992.
النظر: باب 3886.
[4040]
متابعة الهوى
* (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها
فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه
بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب
إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين
كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) * (12).
(انظر) الكهف: 28، طه: 16، محمد: 16،
الروم: 29، ص: 26، القمر: 3.
- الإمام علي (عليه السلام): من أطاع نفسه في شهواتها
فقد أعانها على هلكها (13).
- عنه (عليه السلام): من أطاع هواه باع آخرته بدنياه (14).
- عنه (عليه السلام): إياك وطاعة الهوى، فإنه يقود
إلى كل محنة (15).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إياك والمرتقى الصعب
إذا كان منحدره وعرا، وإياك أن تتبع النفس هواها
فإن في هواها رداها (16).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لعبد الرحمن بن
الحجاج -: اتق المرتقى السهل إذا كان



(1) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(2) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(3) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(4) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(5) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(6) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(7) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(8) غرر الحكم: 6790، 8999، 1789، 1458، 922، 6298، 3176، 6300.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 211.
(10) كنز العمال: 28965.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 78.
(12) الأعراف: 175، 176.
(13) غرر الحكم: 8794، 8354، 2671.
(14) غرر الحكم: 8794، 8354، 2671.
(15) غرر الحكم: 8794، 8354، 2671.
(16) مشكاة الأنوار: 260.
3479
منحدره وعرا.
قال: وكان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تدع
النفس وهواها، فإن هواها [في] رداها، وترك
النفس وما تهوى أذاها، وكف النفس عما تهوى
دواها (1).
- الإمام علي (عليه السلام): اقمعوا هذه النفوس، فإنها
طلعة إن تطيعوها تزغ بكم إلى شر غاية (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): احذروا أهواءكم كما
تحذرون أعداءكم، فليس شئ أعدى للرجال
من اتباع أهوائهم، وحصائد ألسنتهم (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): رب شهوة ساعة تورث
حزنا طويلا (4).
- الإمام علي (عليه السلام): كم من شهوة ساعة
أورثت حزنا طويلا (5).
(انظر) الأمة: باب 127، 128.
[4041]
مخالفة الهوى
الكتاب
* (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى *
فإن الجنة هي المأوى) * (6).
- الإمام علي (عليه السلام): مخالفة الهوى شفاء العقل (7).
- عنه (عليه السلام): من خالف هواه أطاع العلم (8).
- عنه (عليه السلام): حفظ العقل بمخالفة الهوى
والعزوف عن الدنيا (9).
- عنه (عليه السلام): رأس الدين مخالفة الهوى (10).
- عنه (عليه السلام): ملاك الدين مخالفة الهوى (11).
- عنه (عليه السلام): رأس العقل مجاهدة الهوى (12).
- عنه (عليه السلام): خالف الهوى تسلم (13).
- عنه (عليه السلام): خالف نفسك تستقم (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل: أين
طريق الراحة؟ -: في خلاف الهوى، قيل:
فمتى يجد عبد الراحة؟ فقال (عليه السلام): عند أول يوم
يصير في الجنة (15).
- الإمام علي (عليه السلام): استرشد العقل وخالف
الهوى تنجح (16).
- عنه (عليه السلام): ردع النفس عن الهوى
الجهاد الأكبر (17).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن ترك شهوة حاضرة
لموعود لم يره (18).
- الإمام علي (عليه السلام): رحم الله امرءا نزع
عن شهوته، وقمع هوى نفسه، فإن هذه
النفس أبعد شئ منزعا، وإنها لا تزال تنزع
إلى معصية في هوى (19).



(1) الكافي: 2 / 336 / 4.
(2) غرر الحكم: 2559.
(3) الكافي: 2 / 335 / 1.
(4) البحار: 77 / 82 / 3.
(5) وسائل الشيعة: 11 / 164 / 4.
(6) النازعات: 40، 41.
(7) غرر الحكم: 9791.
(8) غرر الحكم: 8179، 4921، 5257، 9722، 5263، 5061، 5090.
(9) غرر الحكم: 8179، 4921، 5257، 9722، 5263، 5061، 5090.
(10) غرر الحكم: 8179، 4921، 5257، 9722، 5263، 5061، 5090.
(11) غرر الحكم: 8179، 4921، 5257، 9722، 5263، 5061، 5090.
(12) غرر الحكم: 8179، 4921، 5257، 9722، 5263، 5061، 5090.
(13) غرر الحكم: 8179، 4921، 5257، 9722، 5263، 5061، 5090.
(14) غرر الحكم: 8179، 4921، 5257، 9722، 5263، 5061، 5090.
(15) تحف العقول: 370.
(16) غرر الحكم: 2310، 5393.
(17) غرر الحكم: 2310، 5393.
(18) البحار: 77 / 153 / 119.
(19) نهج البلاغة: الخطبة 176.
3480
- عنه (عليه السلام) - في صفة أخ له في الله -:...
وكان إذا بدهه أمران ينظر أيهما أقرب إلى
الهوى فيخالفه (1).
- عنه (عليه السلام): العاقل من أمات شهوته (2).
- عنه (عليه السلام) - في صفة المتقين -: ميتة شهوته (3).
- عنه (عليه السلام): إن أفضل الناس عند الله من
أحيى عقله، وأمات شهوته، وأتعب نفسه
لصلاح آخرته (4).
- عنه (عليه السلام) - في وصف السالك الطريق إلى
الله سبحانه -: قد أحيا عقله وأمات نفسه، حتى
دق جليله ولطف غليظه (5).
- عنه (عليه السلام): كيف يصل إلى حقيقة الزهد من
لم يمت شهوته (6).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في الدعاء -:
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا
من الذين غلقوا باب الشهوة من قلوبهم،
واستنقذوا من الغفلة أنفسهم، واستعذبوا مرارة
العيش، واستلانوا البسط، وظفروا بحبل النجاة
وعروة السلامة (7).
- عنه (عليه السلام) - في المناجاة -: اللهم لك
قلبي ولساني، وبك نجاتي وأماني، وأنت
العالم بسري وإعلاني، فأمت قلبي عن
البغضاء، وأصمت لساني عن الفحشاء،
وأخلص سريرتي عن علائق الأهواء، واكفني
بأمانك عن عوائق الضراء، واجعل سري
معقودا على مراقبتك، وإعلاني موافقا لطاعتك،
وهب لي جسما روحانيا، وقلبا سماويا،
وهمة متصلة بك (8).
[4042]
مقاتلة الهوى
- الإمام علي (عليه السلام): ضادوا الشهوة مضادة
الضد ضده، وحاربوها محاربة العدو العدو (9).
- عنه (عليه السلام): غالب الهوى مغالبة الخصم خصمه،
وحاربه محاربة العدو عدوه (10).
- عنه (عليه السلام): حق على العاقل أن يقهر هواه
قبل ضده (11).
- عنه (عليه السلام): غالبوا أنفسكم على ترك العادات
تغلبوها، وجاهدوا أهواءكم تملكوها (12).
- عنه (عليه السلام): رحم الله امرءا... كابر هواه (13)،
وكذب مناه (14).
- عنه (عليه السلام): رحم الله امرءا غالب الهوى،
وأفلت من حبائل الدنيا (15).
- عنه (عليه السلام): اغلبوا أهواءكم وهاربوها، فإنها



(1) نهج البلاغة: الحكمة 289.
(2) غرر الحكم: 1194.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 193.
(4) غرر الحكم: 3579.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 220.
(6) غرر الحكم: 7000.
(7) البحار: 94 / 126 / 19.
(8) البحار: 94 / 156 / 22.
(9) غرر الحكم: 5934، 6421، 4939، 6418.
(10) غرر الحكم: 5934، 6421، 4939، 6418.
(11) غرر الحكم: 5934، 6421، 4939، 6418.
(12) غرر الحكم: 5934، 6421، 4939، 6418.
(13) كابر هواه: غالبه. كما في نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 76.
(15) غرر الحكم: 5212.
3481
إن تقيدكم توردكم من الهلكة أبعد غاية (1).
- عنه (عليه السلام): غالب الشهوة قبل قوة ضراوتها،
فإنها إن قويت ملكتك واستفادتك ولم تقدر
على مقاومتها (2).
(انظر) عنوان: 81 " الجهاد (2) ".
[4043]
الرشد في خلاف الشهوة
- الإمام علي (عليه السلام): أقبل على نفسك
بالإدبار عنها (3).
- عنه (عليه السلام): خدمة النفس صيانتها عن اللذات
والمقتنيات، ورياضتها بالعلوم والحكم،
واجتهادها بالعبادات والطاعات، وفي ذلك
نجاة النفس (4).
- عنه (عليه السلام): من لم يعط نفسه شهوتها
أصاب رشده (5).
- عنه (عليه السلام): الرشد في خلاف الشهوة (6).
- عنه (عليه السلام): في خلاف النفس رشدها (7).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إذا مر بك (8) أمران
لا تدري أيهما خير وأصوب، فانظر أيهما
أقرب إلى هواك فخالفه، فإن كثير الصواب
في مخالفة هواك (9).
[4044]
غلبة الهوى على العقل
- الإمام علي (عليه السلام): من قوي هواه ضعف عزمه (10).
- عنه (عليه السلام): غلبة الهوى تفسد الدين والعقل (11).
- عنه (عليه السلام): سبب الشر غلبة الشهوة (12).
- عنه (عليه السلام): من استقاده هواه استحوذ
عليه الشيطان (13).
- عنه (عليه السلام): من غلبت عليه شهوته لم
تسلم نفسه (14).
- عنه (عليه السلام): الناجون من النار قليل، لغلبة
الهوى والضلال (15).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حرام على كل قلب متوله
بالشهوات أن يسكنه الورع (16).
- الإمام علي (عليه السلام): حرام على كل عقل
مغلول بالشهوة أن ينتفع بالحكمة (17).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حرام على كل قلب عزي
بالشهوات أن يجول في ملكوت السماوات (18).
- الإمام علي (عليه السلام): من غلب هواه عقله
افتضح (19).
- عنه (عليه السلام): ظفر الهوى بمن انقاد لشهوته (20).
- عنه (عليه السلام): غلبة الشهوة تبطل العصمة،



(1) غرر الحكم: 2560، 6444، 2434، 5098.
(2) غرر الحكم: 2560، 6444، 2434، 5098.
(3) غرر الحكم: 2560، 6444، 2434، 5098.
(4) غرر الحكم: 2560، 6444، 2434، 5098.
(5) الفقيه: 4 / 391 / 5834.
(6) البحار: 78 / 53 / 87 و 77 / 239 / 1.
(7) البحار: 78 / 53 / 87 و 77 / 239 / 1.
(8) في بعض النسخ " وإذا خر بك أمران " وخربه أمر: أي نزل به
وأهمه. كما في هامش تحف العقول.
(9) تحف العقول: 398.
(10) غرر الحكم: 7959، 6414، 5533، 9197، 8140، 1720.
(11) غرر الحكم: 7959، 6414، 5533، 9197، 8140، 1720.
(12) غرر الحكم: 7959، 6414، 5533، 9197، 8140، 1720.
(13) غرر الحكم: 7959، 6414، 5533، 9197، 8140، 1720.
(14) غرر الحكم: 7959، 6414، 5533، 9197، 8140، 1720.
(15) غرر الحكم: 7959، 6414، 5533، 9197، 8140، 1720.
(16) تنبيه الخواطر: 2 / 122.
(17) غرر الحكم: 4902.
(18) تنبيه الخواطر: 2 / 122.
(19) غرر الحكم: 8358، 6050.
(20) غرر الحكم: 8358، 6050.
3482
وتورد الهلك (1).
- عنه (عليه السلام): ضرام الشهوة تبعث على
تلف المهجة (2).
- عنه (عليه السلام): إياكم وتحكم الشهوات عليكم،
فإن عاجلها ذميم وآجلها وخيم (3).
- عنه (عليه السلام): لا يفسد التقوى إلا غلبة الشهوة (4).
- عنه (عليه السلام): أشقى الناس من غلبه هواه، فملكته
دنياه وأفسد اخراه (5).
- عنه (عليه السلام) - في بعثة النبي (صلى الله عليه وآله) -: بعثه
والناس ضلال في حيرة، وحاطبون [خابطون]
في فتنة، قد استهوتهم (6) الأهواء (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: وعزتي
وجلالي... لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا
شتت عليه أمره، ولبست عليه دنياه، وشغلت
قلبه بها، ولم اؤته منها إلا ما قدرت له (8).
(انظر) الإنسان: باب 313 حديث 1553.
[4045]
غلبة العقل على الهوى
- الإمام علي (عليه السلام): الحلم غطاء ساتر،
والعقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك،
وقاتل هواك بعقلك (9).
- عنه (عليه السلام): فاز من غلب هواه وملك
دواعي نفسه (10).
- عنه (عليه السلام): من أحب نيل الدرجات
العلى فليغلب الهوى (11).
- الإمام الباقر (عليه السلام): توق مجازفة الهوى بدلالة
العقل، وقف عند غلبة الهوى باسترشاد العلم (12).
- الإمام علي (عليه السلام): لن يستكمل العبد حقيقة
الإيمان حتى يؤثر دينه على شهوته، ولن يهلك
حتى يؤثر شهوته على دينه (13).
- عنه (عليه السلام): فاحذروا - عباد الله - حذر الغالب
لنفسه، المانع لشهوته، الناظر بعقله (14).
- عنه (عليه السلام): ولكن هيهات أن يغلبني هواي
ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة (15).
- عنه (عليه السلام): عباد الله! إن من أحب عباد الله
إليه عبدا أعانه الله على نفسه... فهو من معادن
دينه، وأوتاد أرضه، قد ألزم نفسه العدل، فكان
أول عدله نفي الهوى عن نفسه (16).
(انظر) الإنسان: باب 313 حديث 1553.
[4046]
أقوى الناس من غلب هواه
- الإمام علي (عليه السلام): من قوي على نفسه
تناهى في القوة (17).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشجع الناس من
غلب هواه (18).



(1) غرر الحكم: 6412، 5899، 2741، 10606، 3237.
(2) غرر الحكم: 6412، 5899، 2741، 10606، 3237.
(3) غرر الحكم: 6412، 5899، 2741، 10606، 3237.
(4) غرر الحكم: 6412، 5899، 2741، 10606، 3237.
(5) غرر الحكم: 6412، 5899، 2741، 10606، 3237.
(6) استهوى استهواء: ذهب بهواه وعقله وحيره. المنجد: 878.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 95.
(8) الكافي: 2 / 335 / 2.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 424.
(10) غرر الحكم: 6541.
(11) غرر الحكم: 8907.
(12) البحار: 78 / 163 / 1 وص 81 / 67.
(13) البحار: 78 / 163 / 1 وص 81 / 67.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 161، والكتاب 45، والخطبة 87.
(15) نهج البلاغة: الخطبة 161، والكتاب 45، والخطبة 87.
(16) نهج البلاغة: الخطبة 161، والكتاب 45، والخطبة 87.
(17) غرر الحكم: 8223.
(18) معاني الأخبار: 195 / 1.
3483
- سليمان (عليه السلام): إن الغالب لهواه أشد من
الذي يفتح المدينة وحده (1).
- الإمام علي (عليه السلام): أغلب الناس من غلب
هواه بعلمه (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الشديد ليس من غلب
الناس، ولكن الشديد من غلب على نفسه (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما مر بقوم فيهم رجل يرفع
حجرا يقال له: حجر الأشداء، وهم يعجبون
منه -: أفلا أخبركم بما هو أشد منه، رجل
سبه رجل فحلم عنه فغلب نفسه، وغلب شيطانه
وشيطان صاحبه (4).
(انظر) الغضب: باب 3074.
[4047]
ما يضعف الشهوة
- الإمام علي (عليه السلام): كلما قويت الحكمة
ضعفت الشهوة (5).
- عنه (عليه السلام): من كمل عقله استهان بالشهوات (6).
- عنه (عليه السلام): إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة (7).
- عنه (عليه السلام): إذا كمل العقل نقصت الشهوة (8).
- عنه (عليه السلام): العفة تضعف الشهوة (9).
- عنه (عليه السلام): من كرمت عليه نفسه هانت
عليه شهواته (10).
- عنه (عليه السلام): فاتقوا الله - عباد الله - تقية
ذي لب، شغل التفكر قلبه...، وظلف
الزهد شهواته (11).
- أوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): اذكر
أنك ساكن القبر، فيمنعك ذلك عن كثير
من الشهوات (12).
- الإمام علي (عليه السلام): من أحب الدار الباقية
لهى عن اللذات (13).
- عنه (عليه السلام): فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن
الشهوات (14).
- عنه (عليه السلام): اذكر مع كل لذة زوالها، ومع كل
نعمة انتقالها، ومع كل بلية كشفها، فإن ذلك أبقى
للنعمة، وأنفى للشهوة، وأذهب للبطر، وأقرب إلى
الفرج، وأجدر بكشف الغمة ودرك المأمول (15).
(انظر) الموت: باب 3728، 3729.
[4048]
ما يقوي العقل
- الإمام علي (عليه السلام): قاوم الشهوة بالقمع
لها تظفر (16).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لشريح بن هانئ
لما جعله على مقدمته إلى الشام -: واعلم



(1) تنبيه الخواطر: 1 / 60.
(2) غرر الحكم: 3181.
(3) تنبيه الخواطر: 2 / 10.
(4) تنبيه الخواطر: 2 / 10.
(5) غرر الحكم: 7205، 8226.
(6) غرر الحكم: 7205، 8226.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 245، البحار: 72 / 68 / 28.
(8) غرر الحكم: 4054، 2148.
(9) غرر الحكم: 4054، 2148.
(10) نهج البلاغة: الحكمة 449، والخطبة 83.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 449، والخطبة 83.
(12) المحجة البيضاء: 5 / 169.
(13) غرر الحكم: 8593.
(14) نهج البلاغة: الحكمة 31.
(15) غرر الحكم: 2449، 6803.
(16) غرر الحكم: 2449، 6803.
3484
أنك إن لم تردع [ترتدع] نفسك عن كثير مما
تحب مخافة مكروه، سمت بك الأهواء إلى كثير
من الضرر، فكن لنفسك مانعا رادعا... (1).
- عنه (عليه السلام): خادع نفسك عن نفسك تنقد لك (2).
- عنه (عليه السلام): كيف يصبر عن الشهوة من لم
تعنه العصمة؟! (3).
(انظر) العقل: باب 2814 - 2820.
[4049]
أفضل الطاعات ترك الشهوات
- الإمام علي (عليه السلام): أفضل الورع تجنب
الشهوات (4).
- عنه (عليه السلام): رأس التقوى ترك الشهوة (5).
- عنه (عليه السلام): أفضل الطاعات العزوف عن
اللذات (6).
- عنه (عليه السلام): ترك الشهوات أفضل عبادة،
وأجمل عادة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من ملك نفسه إذا
غضب، وإذا رغب، وإذا رهب، وإذا اشتهى،
حرم الله جسده على النار (8).
- الإمام علي (عليه السلام): طهروا أنفسكم من دنس
الشهوات تدركوا رفيع الدرجات (9).
- عنه (عليه السلام): خير الناس من طهر من الشهوات
نفسه، وقمع غضبه، وأرضى ربه (10).
[4050]
من غلب شهوته ظهر عقله
- الإمام علي (عليه السلام): من غلب شهوته
ظهر عقله (11).
- عنه (عليه السلام): انصر العقل على الهوى
تملك النهى (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من غلب علمه هواه فهو
علم نافع، ومن جعل شهوته تحت قدميه فر
الشيطان من ظله (13).
- الإمام علي (عليه السلام): من لم يملك شهوته لم
يملك عقله (14).
- عنه (عليه السلام): أغلب الشهوة تكمل لك الحكمة (15).
- عنه (عليه السلام): لا عقل مع شهوة (16).
- عنه (عليه السلام): لا تسكن الحكمة قلبا مع شهوة (17).
- عنه (عليه السلام): لا تجتمع الشهوة والحكمة (18).
(انظر) النبوة (1): باب 3770.
[4051]
من غلب شهوته ملك نفسه
- الإمام علي (عليه السلام): ضابط نفسه عن دواعي
اللذات مالك، ومهملها هالك (19).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 56.
(2) غرر الحكم: 4107، 6992، 3134، 5236، 3135، 4527.
(3) غرر الحكم: 4107، 6992، 3134، 5236، 3135، 4527.
(4) غرر الحكم: 4107، 6992، 3134، 5236، 3135، 4527.
(5) غرر الحكم: 4107، 6992، 3134، 5236، 3135، 4527.
(6) غرر الحكم: 4107، 6992، 3134، 5236، 3135، 4527.
(7) غرر الحكم: 4107، 6992، 3134، 5236، 3135، 4527.
(8) البحار: 78 / 243 / 42.
(9) غرر الحكم: 6020.
(10) غرر الحكم: 5026، 7953، 5849.
(11) غرر الحكم: 5026، 7953، 5849.
(12) غرر الحكم: 5026، 7953، 5849.
(13) جامع الأخبار: 269 / 730.
(14) غرر الحكم: 8995، 2272، 10526، 10915، 10573، 5930.
(15) غرر الحكم: 8995، 2272، 10526، 10915، 10573، 5930.
(16) غرر الحكم: 8995، 2272، 10526، 10915، 10573، 5930.
(17) غرر الحكم: 8995، 2272، 10526، 10915، 10573، 5930.
(18) غرر الحكم: 8995، 2272، 10526، 10915، 10573، 5930.
(19) غرر الحكم: 8995، 2272، 10526، 10915، 10573، 5930.
3485
- عنه (عليه السلام): غلبة الشهوة أعظم هلك، وملكها
أشرف ملك (1).
- عنه (عليه السلام): أعظم ملك ملك النفس (2).
- عنه (عليه السلام): أجل الامراء من لم يكن الهوى
عليه أميرا (3).
- عنه (عليه السلام): من ملك نفسه علا أمره، من ملكته
نفسه ذل قدره (4).
- عنه (عليه السلام): طوبى لمن غلب نفسه ولم تغلبه،
وملك هواه ولم يملكه (5).
- عنه (عليه السلام): بملك الشهوة التنزه عن كل عاب (6).
[4052]
من غلب هواه أتته الدنيا راغمة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: وعزتي
وجلالي... لا يؤثر عبد هواي على هواه
إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات
والأرضين [الأرض - خ ل] رزقه، وكنت له من
وراء تجارة كل تاجر، وأتته الدنيا وهي راغمة (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى يقول: وعزتي وجلالي
وعلوي وبهائي وجمالي وارتفاع مكاني! لا يؤثر
عبد هواي على هوى نفسه إلا أثبت أجله عند
بصره وضمنت السماء والأرض رزقه، وكنت له
من وراء تجارة كل تاجر (8).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الله تعالى يقول:
وعزتي... لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا
جعلت همه في الآخرة وغناه في قلبه،
وضمنت السماوات والأرض رزقه، وأتته الدنيا
وهي راغمة (9).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قال الله عز وجل: وعزتي
وجلالي وعظمتي وبهائي وعلو ارتفاعي! لا يؤثر
عبد مؤمن هواي على هواه في شئ من أمر الدنيا
إلا جعلت غناه في نفسه، وهمته في آخرته،
وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكنت له من
وراء تجارة كل تاجر (10).
- عنه (عليه السلام): إن الله عز وجل يقول: وعزتي
وجلالي وعظمتي وعلوي وارتفاع مكاني!
لا يؤثر عبد هواي على هوى نفسه إلا كففت
عليه ضيعته، وضمنت السماوات والأرض رزقه،
وكنت له من وراء تجارة كل تاجر (11).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - من مواعظه لهشام بن
الحكم -: يا هشام! قال الله عز وجل: وعزتي
وجلالي... لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت
الغنى في نفسه، وهمه في آخرته، وكففت [عليه]
ضيعته، وضمنت السماوات والأرض رزقه،
وكنت له من وراء تجارة كل تاجر (12).
- الإمام علي (عليه السلام): رد الشهوة أقضى لها،
وقضاؤها أشد لها (13).
(انظر) التجارة: باب 445.
الدنيا: باب 1217.



(1) غرر الحكم: 6411، 2966، 3202، (7870 - 7871)، 5952، 4354.
(2) غرر الحكم: 6411، 2966، 3202، (7870 - 7871)، 5952، 4354.
(3) غرر الحكم: 6411، 2966، 3202، (7870 - 7871)، 5952، 4354.
(4) غرر الحكم: 6411، 2966، 3202، (7870 - 7871)، 5952، 4354.
(5) غرر الحكم: 6411، 2966، 3202، (7870 - 7871)، 5952، 4354.
(6) غرر الحكم: 6411، 2966، 3202، (7870 - 7871)، 5952، 4354.
(7) الكافي: 2 / 335 / 2.
(8) كنز العمال: 1161.
(9) نهج السعادة: 3 / 128.
(10) الكافي: 2 / 137 / 2 و ح 1.
(11) الكافي: 2 / 137 / 2 و ح 1.
(12) البحار: 78 / 310 / 1 (13) غرر الحكم: 5390.
3486
حرف الواو
538 - الوديعة... 3489
539 - الإرث... 3493
540 - الورع... 3507
541 - الوزارة... 3513
542 - الميزان... 3517
543 - الوسوسة... 3523
544 - المواساة... 3527
545 - الوصية (1)... 3531
وصايا الله سبحانه والأنبياء والأئمة عليهم السلام
546 - الوصية (2)... 3549
: الوصية عند الموت
547 - التواضع... 3553
548 - الوضوء... 3561
549 - الوطن... 3565
550 - الوعد... 3571
551 - الموعظة... 3575
552 - التوفيق... 3603
553 - الوفاء... 3609
554 - الوقار... 3615
555 - الوقف... 3619
556 - التقوى... 3623
557 - التقية... 3651
558 - التوكل... 3655
559 - الوالد والولد... 3667
560 - الولاية (1): الحكومة... 3683
561 - الولاية (2): أولياء الله... 3697

3487
(538)
الوديعة
البحار: 103 / 174 باب 12 " الوديعة ".
وسائل الشيعة: 13 / 218، كنز العمال: 16 / 631 " كتاب الوديعة ".
انظر:
عنوان: 24 " الأمانة "، 154 " الخيانة ".

3489
[4053]
الوديعة
الكتاب
* (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك
ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه
قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل
ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) * (1).
(انظر) البقرة: 283، النساء: 58،
المؤمنون: 8، المعارج: 32.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من عبد يعلم منه الحرص
على أداء الأمانة إلا أدى الله تعالى عنه،
فإن مات ولم يؤدها وقد علم الله تعالى منه
الحرص على أدائها قيض الله تعالى له من يؤديها
عنه بعد موته (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تخن من خانك فتكون مثله (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): صاحب الوديعة
والبضاعة مؤتمنان (4).
- عنه (عليه السلام): كل ما كان من وديعة ولم تكن
مضمونة لا تلزم (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا ضمان على مؤتمن (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ليس على المستودع غير المغل
ضمان، ولاعلى المستعير غير المغل ضمان (7).
(انظر) الكافي: 5 / 238 باب " ضمان
العارية والوديعة ".
[4054]
ودائع الله
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الملائكة -:
جعلهم الله فيما هنالك أهل الأمانة على وحيه،
وحملهم إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه (8).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الأنبياء -: متحملي
ودائع رسالاته، قرنا فقرنا، حتى تمت بنبينا
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حجته (9).
- عنه (عليه السلام): فالله الله أيها الناس، فيما
استحفظكم [احفظكم] من كتابه، واستودعكم
من حقوقه، فإن الله سبحانه لم يخلقكم عبثا،
ولم يترككم سدى (10).
- عنه (عليه السلام): اللهم اجعل نفسي أول كريمة
تنتزعها من كرائمي، وأول وديعة ترتجعها
من ودائع نعمك عندي! (11).
- عنه (عليه السلام): ما استودع الله امرءا عقلا إلا



(1) آل عمران: 75.
(2) كنز العمال: 46134.
(3) البحار: 103 / 175 / 3.
(4) الكافي: 5 / 238 / 1.
(5) وسائل الشيعة: 13 / 228 / 4.
(6) كنز العمال: 46133، 46136.
(7) كنز العمال: 46133، 46136.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 91 و 91 و 86 و 215.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 91 و 91 و 86 و 215.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 91 و 91 و 86 و 215.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 91 و 91 و 86 و 215.
3490
استنقذه به يوما ما! (1).
- عنه (عليه السلام) - في ختام وصيته لابنه
الحسن (عليه السلام) -: استودع الله دينك ودنياك، واسأله
خير القضاء لك في العاجلة والآجلة، والدنيا
والآخرة، والسلام (2).
(انظر) الأمانة: باب 305.



(1) نهج البلاغة: الحكمة 407، والكتاب 31.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 407، والكتاب 31.
3491
(539)
الإرث
البحار: 104 / 326 " أبواب الميراث ".
وسائل الشيعة: 17 / 373 " كتاب الفرائض والمواريث ".
كنز العمال: 11 / 3 - 82 " كتاب الفرائض ".
كنز العمال: 5 / 625 " إرث الأنبياء ".

3493
[4055]
الإرث
الكتاب
* (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين
فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت
واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما
ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث
فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية
يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب
لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما) * (1).
(انظر) النساء: 7 - 12، 32، 33، 127، 176،
مريم: 6، النمل: 16، الفجر: 19.
- جابر بن عبد الله: مرضت فعادني رسول الله
وأبو بكر وهما يمشيان، فأغمي علي فدعا بماء
فتوضأ ثم صبه علي فأفقت، فقلت: يا رسول
الله! كيف أصنع في مالي؟ فسكت رسول الله
فنزلت آية المواريث في.
وقيل: نزلت في عبد الرحمن أخي حسان
الشاعر، وذلك أنه مات وترك امرأة وخمسة
اخوان، فجاءت الورثة فأخذوا ماله ولم يعطوا
امرأته شيئا، فشكت ذلك إلى رسول الله فأنزل الله
آية المواريث، عن السدي.
وقيل: كانت المواريث للأولاد وكانت الوصية
للوالدين والأقربين، فنسخ الله ذلك وأنزل آية
المواريث، فقال رسول الله: إن الله لم يرض بملك
مقرب ولا نبي مرسل حتى تولى قسم التركات
وأعطى كل ذي حق حقه، عن ابن عباس (2).
- جابر بن عبد الله: عادني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، فوجدني
النبي (صلى الله عليه وآله) لا أعقل شيئا، فدعا بماء فتوضأ
منه ثم رش علي فأفقت، فقلت: ما تأمرني
أن أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت:
* (يوصيكم الله...) * (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن علة
إعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين -: إن المرأة
ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا معقلة، وإنما ذلك
على الرجال (4).
- الإمام العسكري (عليه السلام) - أيضا -: إن المرأة
ليس عليها جهاد ولا نفقة، ولا عليها معقلة (5)،



(1) النساء: 11.
(2) مجمع البيان: 3 / 23.
(3) الدر المنثور: 2 / 444، قال العلامة الطباطبائي في تبيين
الحديث: " قد تقدم مرارا أن أسباب النزول المروية لا تأبى أن
تتعدد وتجتمع عدة منها في آية، ولا تنافي عدم انحصار عناية
الآية النازلة فيها، ولا أن يتصادف النزول فينطبق عليها مضمون
الآية، فلا يضر بالرواية ما فيها من قول جابر: ما تأمرني أن أصنع
بمالي يا رسول الله فنزلت... إلخ، مع أن قسمة المال لم يكن
عليه حتى يجاب بالآية... " الميزان: 4 / 217.
(4) الكافي: 7 / 85 / 3.
(5) المعقلة - بضم القاف -: الدية، أي لا تصير عاقلة في دية الخطأ.
كما في هامش الكافي.
3494
إنما ذلك على الرجال.
فقلت في نفسي: قد كان قيل لي: إن ابن
أبي العوجاء سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه المسألة
فأجابه بهذا الجواب، فأقبل أبو محمد (عليه السلام) علي
فقال: نعم هذه المسألة مسألة ابن أبي العوجاء!
والجواب منا واحد! (1).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - أيضا -: علة إعطاء
النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث لأن
المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطي، فلذلك
وفر على الرجال، وعلة أخرى في إعطاء الذكر
مثلي ما يعطى الأنثى، لأن الأنثى في عيال
الذكر إن احتاجت، وعليه أن يعولها وعليه نفقتها،
وليس على المرأة أن تعول الرجل، ولا يؤخذ
بنفقته إن احتاج، فوفر الله تعالى على الرجال
لذلك، وذلك قول الله عز وجل: * (الرجال قوامون
على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما
أنفقوا من أموالهم) * (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - أيضا -: قال: لما
جعل لها من الصداق (3).
- هشام بن سالم: إن ابن أبي العوجاء قال
للأحول: ما بال المرأة الضعيفة لها سهم واحد
وللرجل القوي الموسر سهمان؟ قال: فذكرت
ذلك لأبي عبد الله (عليه السلام) فقال: أن ليس لها عاقلة
ولا نفقة ولا جهاد - وعد أشياء غير هذا - وهذا
على الرجال، فلذلك جعل له سهمان ولها سهم (4).
بحث علمي في فصول:
1 - ظهور الإرث:
كأن الإرث - أعني تملك بعض الأحياء المال
الذي تركه الميت - من أقدم السنن الدائرة في
المجتمع الإنساني، وقد خرج عن وسع ما بأيدينا
من تواريخ الأمم والملل الحصول على مبدأ
حصوله، ومن طبيعة الأمر أيضا ذلك، فإنا نعلم
بالتأمل في طبيعة الإنسان الاجتماعية أن المال
وخاصة لو كان مما لا يد عليه يحن إليه الإنسان
ويتوق إليه نفسه لصرفه في حوائجه وحيازته،
وخاصة فيما لا مانع عنه من دؤوبه الأولية
القديمة، والإنسان في ما كونه من مجتمعه همجيا
أو مدنيا لا يستغني عن اعتبار القرب والولاية
(المنتجين للأقربية والأولوية) بين أفراد المجتمع
الاعتبار الذي عليه المدار في تشكل البيت
والبطن والعشيرة والقبيلة ونحو ذلك، فلا مناص
في المجتمع من كون بعض الأفراد أولى ببعض،
كالولد بوالديه، والرحم برحمه، والصديق
بصديقه، والمولى بعبده، وأحد الزوجين بالآخر،
والرئيس بمرؤوسه حتى القوي بالضعيف، وإن
اختلفت المجتمعات في تشخيص ذلك اختلافا
شديدا يكاد لا تناله يد الضبط.
ولازم هذين الأمرين كون الإرث دائرا بينهم
من أقدم العهود الاجتماعية.
2 - تحول الإرث تدريجيا:
لم تزل هذه السنة كسائر السنن الجارية في
المجتمعات الإنسانية تتحول من حال إلى حال
وتلعب به يد التطور والتكامل منذ أول ظهورها،

3495
غير أن الأمم الهمجية لما لم تستقر على
حال منتظم تعسر الحصول في تواريخهم على
تحوله المنتظم حصولا يفيد وثوقا به. والقدر
المتيقن من أمرهم أنهم كانوا يحرمون النساء
والضعفاء الإرث وإنما كان يختص بالأقوياء
وليس إلا لأنهم كانوا يعاملون مع النساء
والضعفاء من العبيد والصغار معاملة الحيوان
المسخر والسلع والأمتعة التي ليس لها إلا أن
ينتفع بها الإنسان، دون أن تنتفع هي بالإنسان
وما في يده، أو تستفيد من الحقوق الاجتماعية
التي لا تتجاوز النوع الإنساني.
ومع ذلك كان يختلف مصداق القوي في هذا
الباب برهة بعد برهة، فتارة مصداقه رئيس
الطائفة أو العشيرة، وتارة رئيس البيت، وتارة
أخرى أشجع القوم وأشدهم بأسا، وكان ذلك
يوجب طبعا تغير سنة الإرث تغيرا جوهريا.
ولكون هذه السنن الجارية لا تضمن ما
تقترحه الفطرة الإنسانية من السعادة المقترحة
كان يسرع إليها التغير والتبدل، حتى أن الملل
المتمدنة التي كان يحكم بينهم القوانين أو ما
يجري مجراها من السنن المعتادة الملية كان
شأنهم ذلك كالروم واليونان، وما عمر قانون من
قوانين الإرث الدائرة بين الأمم حتى اليوم مثل ما
عمرت سنة الإرث الإسلامية، فقد حكمت في
الأمم الإسلامية منذ أول ظهورها إلى اليوم ما
يقرب من أربعة عشر قرنا.
3 - الوراثة بين الأمم المتمدنة:
من خواص الروم أنهم كانوا يرون للبيت في
نفسه استقلالا مدنيا يفصله عن المجتمع العام،
ويصونه عن نفوذ الحكومة العامة في جل ما يرتبط
بأفراده من الحقوق الاجتماعية، فكان يستقل في
الأمر والنهي والجزاء والسياسة ونحو ذلك.
وكان رب البيت هو معبودا لأهله من زوجة
وأولاد وعبيد، وكان هو المالك من بينهم
ولا يملك دونه أحد ما دام أحد أفراد البيت،
وكان هو الولي عليهم القيم بأمرهم باختياره
المطلق النافذ فيهم، وكان هو يعبد رب البيت
السابق من أسلافه.
وإذا كان هناك مال يرثه البيت - كما إذا مات
بعض الأبناء فيما ملكه بإذن رب البيت اكتسابا،
أو بعض البنات فيما ملكته بالازدواج صداقا
وأذن لها رب البيت أو بعض الأقارب - فإنما كان
يرثه رب البيت، لأنه مقتضى ربوبيته وملكه
المطلق للبيت وأهله.
وإذا مات رب البيت فإنما كان يرثه أحد أبنائه
أو إخوانه ممن في وسعه ذلك وورثه الأبناء، فإن
انفصلوا وأسسوا بيوتا جديدة كانوا أربابها، وإن
بقوا في بيتهم القديم كان نسبتهم إلى الرب الجديد
(أخيهم مثلا) هي النسبة السابقة إلى أبيهم، من
الورود تحت قيمومته وولايته المطلقة.
وكذا كان يرثه الأدعياء، لأن الادعاء والتبني
كان دائرا عندهم كما بين العرب في الجاهلية.
وأما النساء كالزوجة والبنت والام فلم يكن يرثن
لئلا ينتقل مال البيت بانتقالهن إلى بيوت أخرى
بالازدواج، فإنهم ما كانوا يرون جواز انتقال
الثروة من بيت إلى آخر، وهذا هو الذي ربما

3496
ذكره بعضهم فقال: إنهم كانوا يقولون
بالملكية الاشتراكية الاجتماعية دون
الانفرادية الفردية، وأظن أن مأخذه
شئ آخر غير الملك الاشتراكي، فإن
الأقوام الهمجية المتوحشة أيضا من أقدم
الأزمنة كانوا يمتنعون من مشاركة غيرهم من
الطوائف البدوية فيما حازوه من المراعي
والأراضي الخصبة وحموه لأنفسهم، وكانوا
يحاربون عليه ويدفعون عن محمياتهم، وهذا نوع
من الملك العام الاجتماعي الذي مالكه هيئة
المجتمع الإنساني دون أفراده، وهو مع ذلك
لا ينفي أن يملك كل فرد من المجتمع شيئا من
هذا الملك العام اختصاصا.
وهذا ملك صحيح الاعتبار، غير أنهم ما
كانوا يحسنون تعديل أمره والاستدرار منه،
وقد احترمه الإسلام كما ذكرناه فيما تقدم،
قال تعالى: * (خلق لكم ما في الأرض جميعا) * (1)،
فالمجتمع الإنساني - وهو المجتمع الإسلامي
ومن هو تحت ذمته - هو المالك لثروة الأرض
بهذا المعنى، ثم المجتمع الإسلامي هو المالك
لما في يده من الثروة، ولذلك لا يرى الإسلام
إرث الكافر من المسلم. ولهذا النظر آثار
ونماذج في بعض الملل الحاضرة، حيث لا يرون
جواز تملك الأجانب شيئا من الأراضي والأموال
غير المنقولة من أوطانهم ونحو ذلك.
ولما كان البيت في الروم القديم ذا
استقلال وتمام في نفسه كان قد استقر فيه
هذه العادة القديمة المستقرة في الطوائف
والممالك المستقلة.
وكان قد أنتج استقرار هذه العادة أو السنة
في بيوت الروم - مع سنتهم في التزويج من منع
الازدواج بالمحارم - أن القرابة انقسمت عندهم
قسمين: أحدهما القرابة الطبيعية وهي الاشتراك
في الدم، وكان لازمها منع الازدواج في المحارم
وجوازه في غيرهم، والثاني القرابة الرسمية وهي
القانونية، ولازمها الإرث وعدمه والنفقة والولاية
وغير ذلك، فكان الأبناء أقرباء ذوي قرابة طبيعية
ورسمية معا بالنسبة إلى رب البيت ورئيسه وفيما
بينهم أنفسهم، وكانت النساء جميعا ذوات قرابة
طبيعية لا رسمية، فكانت المرأة لا ترث والدها
ولا ولدها ولا أخاها ولا بعلها ولا غيرهم. هذه
سنة الروم القديم.
وأما اليونان فكان وضعهم القديم في تشكل
البيوت قريبا من وضع الروم القديم، وكان
الميراث فيهم يرثه أرشد الأولاد الذكور، ويحرم
النساء جميعا من زوجة وبنت وأخت، ويحرم
صغار الأولاد وغيرهم، غير أنهم كالروميين ربما
كانوا يحتالون لإيراث الصغار من أبنائهم ومن
أحبوها وأشفقوا عليها من زوجاتهم وبناتهم
وأخواتهم بحيل متفرقة تسهل الطريق لإمتاعهن
بشئ من الميراث قليل أو كثير بوصية أو نحوها
وسيجئ الكلام في أمر الوصية.
وأما الهند ومصر والصين فكان أمر الميراث
- في حرمان النساء منه مطلقا، وحرمان ضعفاء
الأولاد أو بقاؤهم تحت الولاية والقيمومة - قريبا



(1) البقرة: 29.
3497
مما تقدم من سنة الروم واليونان.
وأما الفارس فإنهم كانوا يرون نكاح المحارم
وتعدد الزوجات كما تقدم ويرون التبني، وكانت
أحب النساء إلى الزوج ربما قامت مقام الابن
بالادعاء وترث كما يرث الابن والدعي بالسوية،
وكانت تحرم بقية الزوجات، والبنت المزوجة
لا ترث حذرا من انتقال المال إلى خارج البيت،
والتي لم تزوج بعد ترث نصف سهم الابن، فكانت
الزوجات غير الكبيرة والبنت المزوجة
محرومات، وكانت الزوجة الكبيرة والابن
والدعي والبنت غير المزوجة بعد مرزوقين.
وأما العرب فقد كانوا يحرمون النساء مطلقا
والصغار من البنين ويمتعون أرشد الأولاد
ممن يركب الفرس ويدفع عن الحرمة، فإن لم
يكن فالعصبة.
هذا حال الدنيا يوم نزلت آيات الإرث،
ذكرها وتعرض لها كثير من تواريخ آداب
الملل ورسومهم والرحلات وكتب الحقوق
وأمثالها، من أراد الاطلاع على تفاصيل القول
أمكنه أن يراجعها.
وقد تلخص من جميع ما مر أن السنة كانت
قد استقرت في الدنيا يومئذ على حرمان النساء
بعنوان أنهن زوجة أو أم أو بنت أو أخت إلا
بعناوين أخرى مختلفة، وعلى حرمان الصغار
والأيتام إلا في بعض الموارد تحت عنوان الولاية
والقيمومة الدائمة غير المنقطعة.
4 - ماذا صنع الإسلام والظرف هذا الظرف؟
قد تقدم مرارا أن الإسلام يرى أن الأساس
الحق للأحكام والقوانين الإنسانية هو الفطرة التي
فطر الناس عليها ولا تبديل لخلق الله، وقد بني
الإرث على أساس الرحم التي هي من الفطرة
والخلقة الثابتة، وقد ألغى إرث الأدعياء، حيث
يقول تعالى: * (وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم
قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي
السبيل * ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن
لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين
ومواليكم) * (1).
ثم أخرج الوصية من تحت عنوان الإرث
وأفردها عنوانا مستقلا يعطى به ويؤخذ، وإن
كانوا يسمون التملك من جهة الإيصاء إرثا، وليس
ذلك مجرد اختلاف في التسمية، فإن لكل من
الوصية والإرث ملاكا آخر وأصلا فطريا مستقلا،
فملاك الإرث هو الرحم ولا نفوذ لإرادة المتوفى
فيها أصلا، وملاك الوصية نفوذ إرادة المتوفى بعد
وفاته (وإن شئت قل: حينما يوصي) فيما يملكه
في حياته واحترام مشيته، فلو أدخلت الوصية في
الإرث لم يكن ذلك إلا مجرد تسمية.
وأما ما كان يسميها الناس كالروم القديم مثلا
إرثا فلم يكن لاعتبارهم في سنة الإرث أحد
الأمرين إما الرحم وإما احترام إرادة الميت، بل
حقيقة الأمر أنهم كانوا يبنون الإرث على احترام
الإرادة وهي إرادة الميت بقاء المال الموروث في
البيت الذي كان فيه تحت يد رئيس البيت وربه،
أو إرادته انتقاله بعد الموت إلى من يحبه الميت
ويشفق عليه، فكان الإرث على أي حال يبتني

3498
على احترام الإرادة، ولو كان مبتنيا على أصل
الرحم واشتراك الدم لرزق من المال كثير من
المحرومين منه، وحرم كثير من المرزوقين.
ثم إنه بعد ذلك عمد إلى الإرث، وعنده
في ذلك أصلان جوهريان:
أصل الرحم وهو العنصر المشترك بين
الإنسان وأقربائه لا يختلف فيه الذكور والإناث
والكبار والصغار حتى الأجنة في بطون أمهاتهم
وإن كان مختلف الأثر في التقدم والتأخر
ومنع البعض للبعض من جهة قوته وضعفه بالقرب
من الإنسان والبعد منه وانتفاء الوسائط وتحققها
قليلا أو كثيرا كالولد والأخ والعم. وهذا
الأصل يقضي باستحقاق أصل الإرث مع حفظ
الطبقات المتقدمة والمتأخرة.
وأصل اختلاف الذكر والأنثى في نحو وجود
القرائح الناشئة عن الاختلاف في تجهيزهما
بالتعقل والإحساسات، فالرجل بحسب طبعه
إنسان التعقل، كما أن المرأة مظهر العواطف
والإحساسات اللطيفة الرقيقة، وهذا الفرق مؤثر
في حياتيهما التأثير البارز في تدبير المال
المملوك وصرفه في الحوائج، وهذا الأصل هو
الموجب للاختلاف في السهام في الرجل والمرأة
وإن وقعا في طبقة واحدة كالابن والبنت، والأخ
والأخت في الجملة على ما سنبينه.
واستنتج من الأصل الأول ترتب الطبقات
بحسب القرب والبعد من الميت لفقدان الوسائط
وقلتها وكثرتها، فالطبقة الأولى هي التي تتقرب
من الميت بلا واسطة وهي الابن والبنت والأب
والام، والثانية الأخ والأخت والجد والجدة وهي
تتقرب من الميت بواسطة وهي الأب أو الام
أوهما معا، والثالثة العم والعمة والخال والخالة،
وهي تتقرب إلى الميت بواسطتين وهما أب الميت
أو أمه وجده أو جدته وعلى هذا القياس،
والأولاد في كل طبقة يقومون مقام آبائهم
ويمنعون الطبقة اللاحقة، وروعي حال الزوجين
لاختلاط دمائهما بالزواج مع جميع الطبقات، فلا
يمنعهما طبقة ولا يمنعان طبقة.
ثم استنتج من الأصل الثاني اختلاف الذكر
والأنثى في غير الام والكلالة المتقربة بالأم بأن
للذكر مثل حظ الأنثيين.
والسهام الستة المفروضة في الإسلام (النصف
والثلثان والثلث والربع والسدس والثمن) وإن
اختلفت، وكذا المال الذي ينتهي إلى أحد الوراث
وإن تخلف عن فريضته غالبا بالرد أو النقص
الوارد، وكذا الأب والام وكلالة الام وإن تخلفت
فرائضهم عن قاعدة " للذكر مثل حظ الأنثيين "
- ولذلك يعسر البحث الكلي الجامع في باب
الإرث - إلا أن الجميع بحسب اعتبار النوع في
تخليف السابق للاحق يرجع إلى استخلاف أحد
الزوجين للآخر واستخلاف الطبقة المولدة وهم
الآباء والأمهات للطبقة المتولدة وهم الأولاد،
والفريضة الإسلامية في كل من القبيلين - أعني
الأزواج والأولاد - للذكر مثل حظ الأنثيين.
وينتج هذا النظر الكلي أن الإسلام يرى
اقتسام الثروة الموجودة في الدنيا بالثلث
والثلثين، فللأنثى ثلث وللذكر ثلثان، هذا من

3499
حيث التملك، لكنه لا يرى نظير هذا الرأي في
الصرف للحاجة، فإنه يرى نفقة الزوجة على
الزوج ويأمر بالعدل المقتضي للتساوي في
المصرف ويعطي للمرأة استقلال الإرادة والعمل
فيما تملكه من المال لا مداخلة للرجل فيه، وهذه
الجهات الثلاث تنتج أن للمرأة أن تتصرف في
ثلثي ثروة الدنيا (الثلث الذي تملكها ونصف
الثلثين اللذين يملكهما الرجل) وليس في قبال
تصرف الرجل إلا الثلث.
5 - علام استقر حال النساء واليتامى
في الإسلام؟
أما اليتامى فهم يرثون كالرجال الأقوياء،
ويربون وينمى أموالهم تحت ولاية الأولياء
كالأب والجد أو عامة المؤمنين أو الحكومة
الإسلامية، حتى إذا بلغوا النكاح وأونس
منهم الرشد دفعت إليهم أموالهم واستووا على
مستوى الحياة المستقلة، وهذا أعدل السنن
المتصورة في حقهم.
وأما النساء فإنهن بحسب النظر العام
يملكن ثلث ثروة الدنيا ويتصرفن في ثلثيها
بما تقدم من البيان، وهن حرات مستقلات
فيما يملكن لا يدخلن تحت قيمومة دائمة ولا
موقتة، ولا جناح على الرجال فيما فعلن في
أنفسهن بالمعروف.
فالمرأة في الإسلام ذات شخصية تساوي
شخصية الرجل في حرية الإرادة والعمل من
جميع الجهات، ولا تفارق حالها حال الرجل إلا
فيما تقتضيه صفتها الروحية الخاصة المخالفة
لصفة الرجل الروحية وهي أن لها حياة إحساسية
وحياة الرجل تعقلية، فاعتبر للرجل زيادة في
الملك العام ليفوق تدبير التعقل في الدنيا على
تدبير الإحساس والعاطفة، وتدورك ما ورد عليها
من النقص باعتبار غلبتها في التصرف، وشرعت
عليها وجوب إطاعة الزوج في أمر المباشرة
وتدورك ذلك بالصداق، وحرمت القضاء
والحكومة والمباشرة للقتال لكونها أمورا يجب
بناؤها على التعقل دون الإحساس، وتدورك ذلك
بوجوب حفظ حماهن والدفاع عن حريمهن على
الرجال، ووضع على عاتقهم أثقال طلب الرزق
والإنفاق عليها وعلى الأولاد وعلى الوالدين،
ولها حق حضانة الأولاد من غير إيجاب، وقد
عدل جميع هذه الأحكام بأمور أخرى دعين إليها
كالتحجب وقلة مخالطة الرجال وتدبير المنزل
وتربية الأولاد.
وقد أوضح معنى امتناع الإسلام عن إعطاء
التدابير العامة الاجتماعية - كتدبير الدفاع
والقضاء والحكومة - للعاطفة والإحساس ووضع
زمامها في يدها، النتائج المرة التي يذوقها
المجتمع البشري إثر غلبة الإحساس على التعقل
في عصرنا الحاضر، وأنت بالتأمل في الحروب
العالمية الكبرى التي هي من هدايا المدنية
الحاضرة، وفي الأوضاع العامة الحاكمة على
الدنيا، وعرض هذه الحوادث على العقل
والإحساس العاطفي تقف على تشخيص مامنه
الإغراء وما إليه النصح، والله الهادي.
على أن الملل المتمدنة من الغربيين لم يألوا

3500
جهدا ولم يقصروا حرصا منذ مئات السنين في
تربية البنات مع الأبناء في صف واحد، وإخراج
ما فيهن من استعداد الكمال من القوة إلى
الفعل، وأنت مع ذلك إذا نظرت في فهرس نوابغ
السياسة ورجال القضاء والتقنين وزعماء
الحروب وقوادها - وهي الخلال الثلاث
المذكورة: الحكومة، القضاء، والقتال - لم
تجد فيه شيئا يعتد به من أسماء النساء ولا عددا
يقبل المقايسة إلى المئات والألوف من الرجال،
وهذا في نفسه أصدق شاهد على أن طباع النساء
لا تقبل الرشد والنماء في هذه الخلال التي
لا حكومة فيها بحسب الطبع إلا للتعقل، وكلما
زاد فيها دبيب العواطف زادت خيبة وخسرانا.
وهذا وأمثاله من أقطع الأجوبة للنظرية
المشهورة القائلة: إن السبب الوحيد في
تأخر النساء عن الرجال في المجتمع الإنساني
هو ضعف التربية الصالحة فيهن منذ أقدم عهود
الإنسانية، ولو دامت عليهن التربية الصالحة
الجيدة مع ما فيهن من الإحساسات والعواطف
الرقيقة لحقن الرجال أو تقدمن عليهم في
جهات الكمال.
وهذا الاستدلال أشبه بالاستدلال بما ينتج
نقيض المطلوب، فإن اختصاصهن بالعواطف
الرقيقة أو زيادتها فيهن هو الموجب لتأخرهن
فيما يحتاج من الأمور إلى قوة التعقل
وتسلطه على العواطف الروحية الرقيقة
كالحكومة والقضاء، وتقدم من يزيد عليهن
في ذلك وهم الرجال، فإن التجارب القطعية
تفيد أن من اختص بقوة صفة من الصفات الروحية
فإنما تنجح تربيته فيما يناسبها من المقاصد
والمآرب، ولازمه أن تنجح تربية الرجال في
أمثال الحكومة والقضاء ويمتازوا عنهن في
نيل الكمال فيها، وأن تنجح تربيتهن فيما
يناسب العواطف الرقيقة ويرتبط بها من الأمور
كبعض شعب صناعة الطب والتصوير والموسيقى
والنسج والطبخ وتربية الأطفال وتمريض
المرضى وأبواب الزينة ونحو ذلك، ويتساوى
القبيلان فيما سوى ذلك.
على أن تأخرهن فيما ذكر من الأمور لو
كان مستندا إلى الاتفاق والصدفة كما ذكر
لانتقض في بعض هذه الأزمنة الطويلة التي عاش
فيها المجتمع الإنساني وقد خمنوها بملايين من
السنين، كما أن تأخر الرجال فيما يختص من
الأمور المختصة بالنساء كذلك، ولو صح لنا أن
نعد الأمور اللازمة للنوع غير المنفكة عن
مجتمعهم - وخاصة إذا ناسبت أمورا داخلية في
البنية الإنسانية - من الاتفاقيات، لم يسع لنا أن
نحصل على خلة طبيعية فطرية من خلال
الإنسانية العامة، كميل طباعه إلى المدنية
والحضارة، وحبه للعلم، وبحثه عن أسرار
الحوادث... ونحو ذلك، فإن هذه صفات لازمة
لهذا النوع وفي بنية أفراده ما يناسبها من القرائح
نعدها لذلك صفات فطرية، نظير ما نعد تقدم
النساء في الأمور الكمالية المستظرفة وتأخرهن
في الأمور التعقلية والأمور الهائلة والصعبة
الشديدة من مقتضى قرائحهن، وكذلك تقدم

3501
الرجال وتأخرهم في عكس ذلك.
فلا يبقى بعد ذلك كله إلا انقباضهن من نسبة
كمال التعقل إلى الرجال، وكمال الإحساس
والتعطف إليهن، وليس في محله، فإن التعقل
والإحساس في نظر الإسلام موهبتان إلهيتان
مودعتان في بنية الإنسان لمآرب إلهية حقة في
حياته لا مزية لإحداهما على الأخرى ولا كرامة
إلا للتقوى، وأما الكمالات الاخر كائنة ما كانت
فإنما تنمو وتربو إذا وقعت في صراطه وإلا لم تعد
إلا أوزارا سيئة.
6 - قوانين الإرث الحديثة:
هذه القوانين والسنن: وإن خالفت قانون
الإرث الإسلامي كما وكيفا - على ما سيمر بك
إجمالها - غير أنها استظهرت في ظهورها
واستقرارها بالسنة الإسلامية في الإرث فكم بين
موقف الإسلام عند تشريع إرث النساء في الدنيا
وبين موقفهن من الفرق؟!
فقد كان الإسلام يظهر أمرا ما كانت الدنيا
تعرفه ولا قرعت أسماع الناس بمثله، ولا ذكرته
أخلاف عن أسلافهم الماضين وآبائهم الأولين،
وأما هذه القوانين فإنها أبديت وكلف بها أمم
حينما كانت استقرت سنة الإسلام في الإرث بين
الأمم الإسلامية في معظم المعمورة بين مئات
الملايين من الناس، توارثها الأخلاف من
أسلافهم في أكثر من عشرة قرون، ومن
البديهيات في أبحاث النفس أن وقوع أمر من
الأمور في الخارج ثم ثبوتها واستقرارها نعم
العون في وقوع ما يشابهها، وكل سنة سابقة من
السنن الاجتماعية مادة فكرية للسنن اللاحقة
المجانسة، بل الأولى هي المادة المتحولة إلى
الثانية، فليس لباحث اجتماعي أن ينكر استظهار
القوانين الجديدة في الإرث بما تقدمها من الإرث
الإسلامي وتحوله إليها تحولا عادلا أو جائرا.
فمن أغرب الكلام ما ربما يقال - قاتل الله
عصبية الجاهلية الأولى -: إن القوانين الحديثة
إنما استفادت في موادها من قانون الروم القديمة،
وأنت قد عرفت ما كانت عليه سنة الروم القديمة
في الإرث، وما قدمته السنة الإسلامية إلى
المجتمع البشري، وأن السنة الإسلامية متوسطة
في الظهور والجريان العملي بين القوانين الرومية
القديمة وبين القوانين الغربية الحديثة، وكانت
متعرفة متعمقة في مجتمع الملايين ومئات
الملايين من النفوس الإنسانية قرونا متوالية
متطاولة، ومن المحال أن تبقى سدى وعلى
جانب من التأثير في أفكار هؤلاء المقننين.
وأغرب منه أن هؤلاء القائلين يذكرون
أن الإرث الإسلامي مأخوذ من الإرث الرومي
القديم!
وبالجملة: فالقوانين الحديثة الدائرة بين
الملل الغربية وإن اختلفت في بعض
الخصوصيات، غير أنها كالمطبقة على تساوي
الرجال والنساء في سهم الإرث، فالبنات
والبنون سواء، والأمهات والآباء سواء في
السهام... وهكذا.
وقد رتبت الطبقات في قانون فرنسا على
هذا النحو: (1) البنون والبنات (2) الآباء

3502
والأمهات والإخوة والأخوات (3) الأجداد
والجدات (4) الأعمام والعمات والأخوال
والخالات، وقد أخرجوا علقة الزوجية من
هذه الطبقات وبنوها على أساس المحبة والعلقة
القلبية، ولا يهمنا التعرض لتفاصيل ذلك وتفاصيل
الحال في سائر الطبقات، من أرادها فليرجع
إلى محلها.
والذي يهمنا هو التأمل في نتيجة هذه السنة
الجارية، وهي اشتراك المرأة مع الرجل في
ثروة الدنيا الموجودة بحسب النظر العام الذي
تقدم، غير أنهم جعلوا الزوجة تحت قيمومة
الزوج لا حق لها في تصرف مالي في شئ من
أموالها الموروثة إلا بإذن زوجها، وعاد بذلك
المال منصفا بين الرجل والمرأة ملكا، وتحت
ولاية الرجل تدبيرا وإدارة! وهناك جمعيات
منتهضة يبذلون مساعيهم لإعطاء النساء
الاستقلال وإخراجهن من تحت قيمومة الرجال
في أموالهن، ولو وفقوا لما يريدون كانت
الرجال والنساء متساويين من حيث الملك ومن
حيث ولاية التدبير والتصرف.
7 - مقايسة هذه السنن بعضها إلى بعض:
ونحن بعد ما قدمنا خلاصة السنن الجارية
بين الأمم الماضية وقرونها الخالية إلى الباحث
الناقد، نحيل إليه قياس بعضها إلى البعض
والقضاء على كل منها بالتمام والنقص ونفعه
للمجتمع الإنساني وضرره من حيث وقوعه في
صراط السعادة، ثم قياس ما سنه شارع الإسلام
إليها والقضاء بما يجب أن يقضى به.
والفرق الجوهري بين السنة الإسلامية
والسنن غيرها في الغاية والغرض، فغرض
الإسلام أن تنال الدنيا صلاحها، وغرض غيره أن
تنال ما تشتهيها، وعلى هذين الأصلين يتفرع ما
يتفرع من الفروع، قال تعالى: * (وعسى أن تكرهوا
شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر
لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) * (1)، وقال تعالى:
* (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى
أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * (2).
8 - الوصية:
قد تقدم أن الإسلام أخرج الوصية من تحت
الوراثة وأفردها عنوانا مستقلا، لما فيها
من الملاك المستقل وهو احترام إرادة المالك
بالنسبة إلى ما يملكه في حياته، وقد كانت
الوصية بين الأمم المتقدمة من طرق الاحتيال
لدفع الموصي ماله أو بعض ماله إلى غير من
تحكم السنة الجارية بإرثه كالأب ورئيس البيت،
ولذلك كانوا لا يزالون يضعون من القوانين ما
يحدها ويسد بنحو هذا الطريق المؤدي إلى
إبطال حكم الإرث، ولا يزال يجري الأمر في
تحديدها هذا المجرى حتى اليوم.
وقد حدها الإسلام بنفوذها إلى ثلث المال
فهي غير نافذة في الزائد عليه، وقد تبعته
في ذلك بعض القوانين الحديثة كقانون فرنسا،
غير أن النظرين مختلفان، ولذلك كان الإسلام
يحث عليها والقوانين تردع عنها أو هي ساكتة.



(1) البقرة: 216.
(2) النساء: 19.
3503
والذي يفيده التدبر في آيات الوصية
والصدقات والزكاة والخمس ومطلق الإنفاق:
أن في هذه التشريعات تسهيل طريق أن يوضع
ما يقرب من نصف رقبة الأموال والثلثان من
منافعها للخيرات والمبرات وحوائج طبقة الفقراء
والمساكين، لتقرب بذلك الطبقات المختلفة
في المجتمع، ويرتفع الفواصل البعيدة من بينهم،
وتقام به أصلاب المساكين، مع ما في القوانين
الموضوعة بالنسبة إلى كيفية تصرف المثرين
في ثروتهم من تقريب طبقتهم من طبقة
المساكين، ولتفصيل هذا البحث محل آخر سيمر
بك إن شاء الله تعالى (1).
[4056]
موانع الإرث
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): القاتل لا يرث (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ليس للقاتل من الميراث شئ (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا ميراث للقاتل (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من قتل قتيلا فإنه لا يرث وإن
لم يكن له وارث غيره، وإن كان ولده أو والده (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يتوارث رجلان
قتل أحدهما صاحبه (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يرث قاتل من دية
من قتل (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ولد زنا لا يرث ولا يورث (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من عاهر بأمة قوم أو زنى بامرأة
حرة فالولد ولد زنا، لا يرث ولا يورث (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المسلم يحجب الكافر
ويرثه، والكافر لا يحجب المؤمن ولا يرثه (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يرث الكافر المسلم،
ولا المسلم الكافر (11).
وسائل الشيعة: 17 / 374، 413 " أبواب موانع الإرث ".
كنز العمال: 11 / 15، 72 " في موانع الإرث ".
[4057]
إرث الأنبياء
الكتاب
* (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا
منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل
المبين) * (12).
* (وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا
فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب
واجعله رب رضيا) * (13).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن النبي لا يورث، وإنما
ميراثه في فقراء المسلمين والمساكين (14).



(1) الميزان: 4 / 222.
(2) كنز العمال: 30422، 30423.
(3) كنز العمال: 30422، 30423.
(4) الكافي: 7 / 141 / 5.
(5) كنز العمال: 30432.
(6) الكافي: 7 / 140 / 1.
(7) كنز العمال: 30435، 30447، 30446.
(8) كنز العمال: 30435، 30447، 30446.
(9) كنز العمال: 30435، 30447، 30446.
(10) الكافي: 7 / 143 / 5.
(11) كنز العمال: 30428.
(12) النمل: 16.
(13) مريم: 5 و 6.
(14) كنز العمال: 30454.
3504
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا نورث، ما تركنا صدقة (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): جاءت فاطمة - (عليها السلام) -
إلى أبي بكر تطلب ميراثها، وجاء العباس بن
عبد المطلب يطلب ميراثه، وجاء معهما علي (عليه السلام).
فقال أبو بكر: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا نورث،
ما تركناه صدقة، [وما] كان النبي يعول، فقال
علي: وورث سليمان داود، وقال زكريا: يرثني
ويرث من آل يعقوب.
قال أبو بكر: هو هكذا، وأنت والله تعلم مثل
ما أعلم.
فقال علي: هذا كتاب الله ينطق، فسكتوا
وانصرفوا (2).
(انظر) كنز العمال: 11 / 20 " فيما يتعلق بميراثه (صلى الله عليه وآله) ".
الطبقات الكبرى: 2 / 314 " ذكر ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".



(1) كنز العمال: 30458، 14101.
(2) كنز العمال: 30458، 14101.
3505
(540)
الورع
البحار: 70 / 296 باب 57 " الورع واجتناب الشبهات ".
كنز العمال: 3 / 426، 797 " الورع ".
كنز العمال: 3 / 436 " الورع المذموم ".
كنز العمال: 3 / 799 " رخص الورع ".
انظر:
عنوان: 256 " الشبهة "، 556 " التقوى "، الطمع: باب 2420، العفة: باب 2757، 2762، 2760،
العمل: باب 2947، الشكر: باب 2071.

3507
[4058]
الورع
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل شئ أس، واس
الإيمان الورع (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الورع سيد العمل (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ملاك الدين الورع (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): رأس الدين الورع (4).
- الإمام علي (عليه السلام): ورع الرجل على قدر دينه (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير دينكم الورع (6).
- الإمام علي (عليه السلام): خير أمور الدين الورع (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل دينكم الورع (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): انتهى الإيمان إلى الورع، من
قنع بما رزقه الله دخل الجنة، ومن أراد الجنة
لا شك فلا يخاف في الله لومة لائم (9).
- الإمام علي (عليه السلام): لا معقل أحرز من الورع (10).
- عنه (عليه السلام): لا معقل أحسن من الورع (11).
- عنه (عليه السلام): الورع جنة (12).
- عنه (عليه السلام): العمل العمل، ثم النهاية
النهاية، والاستقامة الاستقامة، ثم الصبر
الصبر، والورع الورع! (13).
- عنه (عليه السلام): عليك بالورع، فإنه خير صيانة (14).
- عنه (عليه السلام): عليك بالورع، فإنه عون الدين
وشيمة المخلصين (15).
- عنه (عليه السلام): عليك بالورع، وإياك وغرور
الطمع، فإنه وخيم المرتع (16).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عليكم بالورع، فإنه
الدين الذي نلازمه، وندين الله به، ونريده
ممن يوالينا (17).
- عنه (عليه السلام): عليكم بالورع، فإنه لا ينال
ما عند الله إلا بالورع (18).
- في حديث المعراج: يا أحمد! عليك
بالورع، فإن الورع رأس الدين ووسط الدين
وآخر الدين... إن الورع كالشنوف بين الحلي
والخبز بين الطعام، إن الورع رأس الإيمان وعماد
الدين، إن الورع مثله كمثل السفينة، كما أن
في البحر لا ينجو إلا من كان فيها كذلك لا ينجو
الزاهدون إلا بالورع (19).



(1) كنز العمال: 7284، 7299، 7300، 7281.
(2) كنز العمال: 7284، 7299، 7300، 7281.
(3) كنز العمال: 7284، 7299، 7300، 7281.
(4) كنز العمال: 7284، 7299، 7300، 7281.
(5) غرر الحكم: 10067.
(6) كنز العمال: 7280.
(7) غرر الحكم: 4972.
(8) البحار: 70 / 304 / 18.
(9) كنز العمال: 7275.
(10) البحار: 70 / 305 / 24.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 371 و 4، والخطبة 176.
(12) نهج البلاغة: الحكمة 371 و 4، والخطبة 176.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 371 و 4، والخطبة 176.
(14) غرر الحكم: 6108، 6133، 6143.
(15) غرر الحكم: 6108، 6133، 6143.
(16) غرر الحكم: 6108، 6133، 6143.
(17) أمالي الطوسي: 281 / 544.
(18) الكافي: 2 / 76 / 3.
(19) البحار: 77 / 26 / 6.
3508
- الإمام علي (عليه السلام): من أحبنا فليعمل بعملنا
وليستعن بالورع، فإنه أفضل ما يستعان به في
أمر الدنيا والآخرة (1).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن أشد العبادة الورع (2).
- الإمام علي (عليه السلام): الورع خير قرين (3).
- عنه (عليه السلام): الورع أفضل لباس (4).
- عنه (عليه السلام): ورع يعز خير من طمع يذل (5).
- عنه (عليه السلام): آفة الورع قلة القناعة (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ليس منا - ولا كرامة -
من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون، وكان
في ذلك المصر أحد أورع منه (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لخيثمة، لما دخل عليه
ليودعه -: أبلغ موالينا السلام عنا، وأوصهم
بتقوى الله العظيم، وأعلمهم يا خيثمة أنا
لا نغني عنهم من الله شيئا إلا بعمل، ولن ينالوا
ولايتنا إلا بورع (8).
(انظر) القلب: باب 3406 حديث 16728.
الشيعة: باب 2149، الإيمان: باب 279،
الطمع: باب 2420.
[4059]
ثمرة الورع
- الإمام علي (عليه السلام): ثمرة الورع صلاح
النفس والدين (9).
- عنه (عليه السلام): مع الورع يثمر العمل (10).
- عنه (عليه السلام): الورع يحجز عن ارتكاب المحارم (11).
- عنه (عليه السلام): الورع أساس التقوى (12).
- عنه (عليه السلام): بالورع يكون التنزه من الدنايا (13).
- عنه (عليه السلام): ورع المرء ينزهه عن كل دنية (14).
- عنه (عليه السلام): الورع يصلح الدين، ويصون
النفس، ويزين المروءة (15).
- عنه (عليه السلام): لا يزكو العلم بغير ورع (16).
- عنه (عليه السلام): سبب صلاح الدين الورع (17).
- عنه (عليه السلام): سبب صلاح النفس الورع (18).
- الإمام الصادق (عليه السلام): اتقوا الله وصونوا
دينكم بالورع (19).
- الإمام علي (عليه السلام): الورع مصباح نجاح (20).
- عنه (عليه السلام): من زاد ورعه نقص إثمه (21).
[4060]
دور الورع في العبادة
- الإمام علي (عليه السلام): لا خير في نسك لا ورع فيه (22).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا ينفع اجتهاد لا ورع
فيه (23).



(1) البحار: 70 / 306 / 30.
(2) الكافي: 2 / 77 / 5.
(3) غرر الحكم: 493، 476، 10079، 3935.
(4) غرر الحكم: 493، 476، 10079، 3935.
(5) غرر الحكم: 493، 476، 10079، 3935.
(6) غرر الحكم: 493، 476، 10079، 3935.
(7) الكافي: 2 / 78 / 10.
(8) البحار: 70 / 309 / 38.
(9) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(10) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(11) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(12) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(13) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(14) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(15) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(16) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(17) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(18) غرر الحكم: 4636، 9739، 1436، 1107، 4280، 10081، 1867، 10689، 5512، 5547.
(19) الكافي: 2 / 76 / 2.
(20) غرر الحكم: 750، 8331.
(21) غرر الحكم: 750، 8331.
(22) المحاسن: 1 / 65 / 9.
(23) الكافي: 2 / 77 / 4.
3509
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو صليتم حتى تكونوا
كالأوتار، وصمتم حتى تكونوا كالحنايا (1)،
لم يقبل الله منكم إلا بورع (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في وصيته لعمرو بن
سعيد لما قال له: إني لا ألقاك إلا في
السنين فأخبرني بشئ آخذ به -: أوصيك بتقوى
الله والورع والاجتهاد، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد
لا ورع فيه (3).
- الإمام علي (عليه السلام): أفسد دينه من تعرى
عن الورع (4).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): الورع نظام
العبادة، فإذا انقطع ذهبت الديانة، كما إذا انقطع
السلك أتبعه النظام (5).
(انظر) العبادة: باب 2491.
[4061]
تفسير الورع
- الإمام علي (عليه السلام): الورع اجتناب (6).
- عنه (عليه السلام): أصل الورع تجنب الآثام،
والتنزه عن الحرام (7).
- عنه (عليه السلام): إنما الورع التحري في
المكاسب، والكف عن المطالب (8).
- عنه (عليه السلام): إنما الورع التطهر عن المعاصي (9).
- عنه (عليه السلام): قرن الورع بالتقى (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم يكن له ورع يرده
عن معصية الله تعالى إذا خلا بها لم يعبأ الله
بسائر عمله، فذلك مخافة الله في السر والعلانية،
والاقتصاد في الفقر والغنى، والعدل عند
الرضا والسخط (11).
- الإمام علي (عليه السلام): الورع الوقوف عند
الشبهة (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الورع الذي يقف عند
الشبهة (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الآخذ بالشبهات يستحل
الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والبخس (14)
بالزكاة (15).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الحلال بين، والحرام بين،
وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس،
فمن اتقي الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن
وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى
حول الحمى يوشك أن يواقعه (16).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اجعلوا بينكم وبين الحرام سترا
من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه،
ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى



(1) في روايات العامة: " لو صمتم حتى تكونوا كالأوتار، وصليتم حتى
تكونوا كالحنايا " وهو أنسب، منه رحمه الله كما في هامش البحار.
(2) البحار: 84 / 258 / 56 و 70 / 296 / 1.
(3) البحار: 84 / 258 / 56 و 70 / 296 / 1.
(4) غرر الحكم: 3137.
(5) تنبيه الخواطر: 2 / 88.
(6) غرر الحكم: 86، 3097، 3888.
(7) غرر الحكم: 86، 3097، 3888.
(8) غرر الحكم: 86، 3097، 3888.
(9) غرر الحكم: 3871، 6720.
(10) غرر الحكم: 3871، 6720.
(11) كنز العمال: 7299.
(12) غرر الحكم: 2161.
(13) كنز العمال: 7289.
(14) البخس: بفتح الباء وسكون الخاء هو نقص الحق، يقال: بخسه حقه
أي نقصه، وذلك إذا كان عن قصد. كما في هامش كنز العمال.
(15) كنز العمال: 7276، 7291.
(16) كنز العمال: 7276، 7291.
3510
يوشك أن يقع فيه (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الحلال بين، والحرام بين، فدع
ما يريبك إلى ما لا يريبك (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): دع ما يريبك إلى ما لا يريبك،
فإنك لن تجد فقد شئ تركته لله (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لأبي رفاعة، لما دخل عليه
وهو على كرسي خلت ان قوائمه حديد -: إنك لن
تدع شيئا لله إلا أبدلك الله خيرا منه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): دع ما يريبك إلى ما لا يريبك،
فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): دع ما يريبك إلى ما لا يريبك،
فإن الخير طمأنينة، والشر ريبة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): البر ما سكنت إليه النفس،
واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن
إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن
أفتاك المفتون (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن البر ما استقر في الصدر،
واطمأن إليه القلب، والشك ما لم يستقر في
الصدر، ولم يطمئن إليه القلب، فدع ما يريبك
إلى ما لا يريبك، وإن أفتاك المفتون (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): تفتيك نفسك، ضع يدك على
صدرك، فإنه يسكن للحلال، ويضطرب من
الحرام، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك،
وإن أفتاك المفتون، إن المؤمن يذر الصغير
مخافة أن يقع في الكبير (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا وابصة، استفت قلبك،
استفت نفسك، البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت
إليه النفس، والإثم ما حاك في النفس وتردد في
الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الإثم حواز (11) القلب، وما من نظرة
إلا وللشيطان فيها مطمع (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما أنكر قلبك فدعه (13).
(انظر) الشبهة: باب 1951.
التقوى: باب 4173.
[4062]
الورع
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن الورع من
الناس -: الذي يتورع عن محارم الله عز وجل (14).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: الذي يتورع عن محارم
الله، ويجتنب هؤلاء، وإذا لم يتق الشبهات وقع في
الحرام وهو لا يعرفه (15).
- الإمام علي (عليه السلام): الورع من نزهت نفسه،
وشرفت خلاله (16).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): جلساء الله غدا أهل
الورع والزهد في الدنيا (17).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ركعتان من رجل ورع أفضل



(1) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(2) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(3) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(4) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(5) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(6) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(7) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(8) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(9) كنز العمال: 7274، 7292، 7297، 8795، 7296، 7308، 7278، 7304، 7306.
(10) كنز العمال: 7312.
(11) حواز: بفتح الحاء والواو المخففة وتشديد الزاي معناه ما حز
فيها وحك ولم يطمئن. كما في هامش كنز العمال.
(12) كنز العمال: 7320، 7286.
(13) كنز العمال: 7320، 7286.
(14) الكافي: 2 / 77 / 8.
(15) البحار: 70 / 303 / 15.
(16) غرر الحكم: 1712.
(17) كنز العمال: 7279.
3511
من ألف ركعة من مخلط (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الصلاة خلف رجل ورع مقبولة،
والهدية إلى رجل ورع مقبولة، والجلوس مع
رجل ورع من العبادة، والمذاكرة معه صدقة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): قال الله تعالى: يا موسى! إنه
لن يلقاني عبد في حاضر القيامة إلا فتشته عما في
يديه، إلا من كان من الورعين، فإني استحييهم
وأجلهم وأكرمهم وأدخلهم الجنة بغير حساب (3).
[4063]
أورع الناس
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كف عن محارم الله تكن
أورع الناس (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قال الله عز وجل: يا بن
آدم! اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع
الناس (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن أورع
الناس -: الذي يتورع عن محارم الله (6).
- عنه (عليه السلام): لا ورع أنفع من تجنب محارم الله
عز وجل والكف عن أذى المؤمنين واغتيابهم (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا ورع كالكف (8).
- الإمام علي (عليه السلام): لا ورع كالوقوف عند
الشبهة (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أورع الناس من وقف
عند الشبهة (10).
- الإمام علي (عليه السلام): أورع الناس أنزههم
عن المطالب (11).
- عنه (عليه السلام): أكيسكم أورعكم (12).



(1) كنز العمال: 7282، التخليط هو الإفساد، أي فكما يحصل
الفساد بين الأضداد فكذلك يفسد دين من يجمع الحلال مع
الشبهات. كما في هامش كنز العمال.
(2) كنز العمال: 7283، 7322.
(3) كنز العمال: 7283، 7322.
(4) البحار: 69 / 368 / 4.
(5) الكافي: 2 / 77 / 7.
(6) البحار: 70 / 308 / 38.
(7) الإختصاص: 227.
(8) معاني الأخبار: 335.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 113.
(10) البحار: 70 / 305 / 25.
(11) غرر الحكم: 3368، 2839.
(12) غرر الحكم: 3368، 2839.
3512
(541)
الوزارة
انظر:
عنوان 251 " السياسة "، 19 " الإمارة "، 494 " الملك "، 560 " الولاية (1) ".

3513
[4064]
الوزير
الكتاب
* (واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به
أزري * وأشركه في أمري) * (1).
* (ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون
وزيرا) * (2).
التفسير:
قوله: * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون
أخي) * سؤال له آخر، وهو رابع الأسئلة
وآخرها، والوزير فعيل من الوزر بالكسر
فالسكون بمعنى الحمل الثقيل، سمي الوزير
وزيرا لأنه يحمل ثقل حمل الملك، وقيل:
من الوزر بفتحتين بمعنى الجبل الذي يلتجأ
إليه، سمي به لأن الملك يلتجئ إليه في
آرائه وأحكامه.
وبالجملة: هو يسأل ربه أن يجعل له وزيرا
من أهله ويبينه أنه هارون أخي وإنما يسأل
ذلك لأن الأمر كثير الجوانب متباعدة الأطراف
لا يسع موسى أن يقوم به وحده، بل يحتاج
إلى وزير يشاركه في ذلك فيقوم ببعض الأمر،
فيخفف عنه فيما يقوم به هذا الوزير، ويكون
مؤيدا لموسى فيما يقوم به موسى، وهذا معنى
قوله - وهو بمنزلة التفسير لجعله وزيرا - * (اشدد
به أزري وأشركه في أمري) *.
فمعنى قوله: * (وأشركه في أمري) * سؤال
الإشراك في أمر كان يخصه، وهو تبليغ ما بلغه
من ربه بادي مرة، فهو الذي يخصه ولا يشاركه
فيه أحد سواه، ولا له أن يستنيب فيه غيره، وأما
تبليغ الدين أو شئ من أجزائه بعد بلوغه بتوسط
النبي فليس مما يختص بالنبي، بل هو وظيفة
كل من آمن به ممن يعلم شيئا من الدين، وعلى
العالم أن يبلغ الجاهل، وعلى الشاهد أن يبلغ
الغائب، ولا معنى لسؤال إشراك أخيه معه في أمر
لا يخصه بل يعمه وأخاه وكل من آمن به من
الإرشاد والتعليم والبيان والتبليغ، فتبين أن
معنى إشراكه في أمره أن يقوم بتبليغ بعض ما
يوحى إليه من ربه عنه وسائر ما يختص به من
عند الله كافتراض الطاعة وحجية الكلمة.
وأما الإشراك في النبوة خاصة بمعنى
تلقي الوحي من الله سبحانه فلم يكن موسى
يخاف على نفسه التفرد في ذلك حتى يسأل
الشريك، وإنما كان يخاف التفرد في
التبليغ وإدارة الأمور في إنجاء بني
إسرائيل وما يلحق بذلك وقد نقل ذلك عن موسى
نفسه في قوله: * (وأخي هارون هو أفصح مني



(1) طه: 29 - 32.
(2) الفرقان: 35.
3514
لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني) * (1).
على أنه صح من طرق الفريقين أن النبي (صلى الله عليه وآله)
دعا بهذا الدعاء بألفاظه في حق علي (عليه السلام) ولم
يكن نبيا (2).
- الإمام علي (عليه السلام): العلم يزيد العاقل عقلا،
ويورث متعلمه صفات حمد، فيجعل الحليم
أميرا، وذا المشورة وزيرا (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بن عباس! إن أول ما
كلمني به - يعني في ليلة الإسراء - أن
قال: يا محمد! انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب
قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت،
ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي فكلمني
وكلمته وكلمني ربي عز وجل، فقلت: يا رسول
الله! بم كلمك ربك؟ قال: قال لي: يا محمد!
إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من
بعدك فاعلمه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: إنك تسمع ما
أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي،
ولكنك لوزير، وإنك لعلى خير (5).
- ابن إسحاق: كانت خديجة وزيرة صدق على
الإسلام، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسكن إليها (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من أحد من الناس
أعظم أجرا من وزير صالح مع الإمام، يأمره
بذات الله فيطيعه (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من ولي منكم عملا فأراد به
خيرا جعل له وزيرا صالحا، إن نسي ذكره،
وإن ذكر أعانه (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل
له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه،
وإذا أراد [الله] به غير ذلك جعل له وزير سوء،
إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما بعث الله من نبي ولا كان بعده
من خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره
بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه
خبالا، فمن وقي شرها فقد وقي (10).
- الإمام علي (عليه السلام): من خانه وزيره
فسد تدبيره (11).
- عنه (عليه السلام): وزراء السوء أعوان الظلمة،
وإخوان الأثمة (12).
- عنه (عليه السلام): احذروا الدنيا إذا أمات الناس
الصلاة... وكان الحلم ضعفا، والظلم فخرا،
والامراء فجرة، والوزراء كذبة (13).
[4065]
شر الوزراء
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما



(1) القصص: 34.
(2) الميزان: 14 / 146.
(3) البحار: 78 / 6 / 57 و 16 / 318 / 7.
(4) البحار: 78 / 6 / 57 و 16 / 318 / 7.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 192، انظر الإمامة: باب 173، 183.
(6) البحار: 16 / 11 / 12.
(7) كنز العمال: 14933، 14630.
(8) كنز العمال: 14933، 14630.
(9) سنن أبي داود: 2932.
(10) الترغيب والترهيب: 3 / 220 / 3.
(11) غرر الحكم: 8054، 10121.
(12) غرر الحكم: 8054، 10121.
(13) البحار: 78 / 22 / 86.
3515
ولاه مصر -: إن شر وزرائك من كان للأشرار
قبلك وزيرا، ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك
بطانة، فإنهم أعوان الأثمة (أئمة)، وإخوان
الظلمة، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل
آرائهم ونفاذهم، وليس عليه مثل آصارهم
وأوزارهم وآثامهم، ممن لم يعاون ظالما على
ظلمه، ولا آثما على إثمه، أولئك أخف عليك
مؤونة، وأحسن لك معونة، وأحنى عليك عطفا،
وأقل لغيرك إلفا، فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك
وحفلاتك، ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر
الحق لك، وأقلهم مساعدة فيما يكون منك
مما كره الله لأوليائه، واقعا ذلك من هواك
حيث وقع (1).
[4066]
وزراء الأخلاق
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم وزير الإيمان العلم، ونعم
وزير العلم الحلم، ونعم وزير الحلم الرفق، ونعم
وزير الرفق اللين (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): نعم وزير العلم الرأي الحسن (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل خلق
العقل وهو أول خلق من الروحانيين... ثم
جعل للعقل خمسة وسبعين جندا... فكان مما
أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: الخير
وهو وزير العقل، وجعل ضده الشر وهو وزير
الجهل، والإيمان وضده الكفر، والتصديق
وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط... (4).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(2) قرب الإسناد: 68 / 217.
(3) سنن الدارمي: 318.
(4) الكافي: 1 / 21 / 14.
3516
(542)
الميزان
البحار: 7 / 242 باب 10 " الميزان ".
كنز العمال: 14 / 380، 644 " الميزان ".
انظر:
التجارة: باب 432، المال: باب 3757، الخلق: باب 2201.

3517
[4067]
موازين الأعمال
الكتاب
* (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم
المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا
أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) * (1).
* (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم
نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى
بنا حاسبين) * (2).
(انظر) الكهف: 105، المؤمنون:
102، 103، القارعة: 6 - 11.
التفسير:
قوله تعالى: * (والوزن يومئذ الحق فمن
ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون...) * إلى
آخر الآيتين. الآيتان تخبران عن الوزن وهو
توزين الأعمال أو الناس العاملين من حيث
عملهم، والدليل عليه قوله تعالى: * (ونضع
الموازين القسط ليوم القيامة - إلى أن قال -
وكفى بنا حاسبين) * (3)، حيث دل على أن هذا
الوزن من شعب حساب الأعمال، وأوضح منه
قوله: * (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا
أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن
يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (4)، حيث ذكر العمل
وأضاف الثقل إليه خيرا وشرا.
وبالجملة: الوزن إنما هو للعمل دون عامله،
فالآية تثبت للعمل وزنا سواء كان خيرا أو شرا،
غير أن قوله تعالى: * (أولئك الذين كفروا بآيات
ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم
القيامة وزنا) * (5) يدل على أن الأعمال في صور
الحبط - وقد تقدم الكلام فيه في الجزء الثاني
من هذا الكتاب (6) - لا وزن لها أصلا، ويبقى للوزن
أعمال من لم تحبط أعماله، فما لم يحبط من
الأعمال الحسنة والسيئة، له وزن يوزن به.
لكن الآيات في عين أنها تعتبر للحسنات
والسيئات ثقلا إنما تعتبر فيها الثقل الإضافي
وترتب القضاء الفصل عليه، بمعنى أن ظاهرها
أن الحسنات توجب ثقل الميزان والسيئات خفة
الميزان، لا أن توزن الحسنات فيؤخذ مالها من
الثقل ثم السيئات ويؤخذ ما لها من الثقل ثم
يقايس الثقلان فأيهما كان أكثر كان القضاء له،
فإن كان الثقل للحسنة كان القضاء بالجنة وإن
كان للسيئة كان القضاء بالنار، ولازم ذلك صحة
فرض أن يتعادل الثقلان كما في الموازين الدائرة
بيننا من ذي الكفتين والقبان وغيرهما.



(1) الأعراف: 8، 9.
(2) الأنبياء: 47.
(3) الأنبياء: 47.
(4) الزلزلة: 6 - 8.
(5) الكهف: 105.
(6) راجع: الميزان، ج 2.
3518
لا، بل ظاهر الآيات أن الحسنة تظهر ثقلا في
الميزان والسيئة خفة فيه، كما هو ظاهر قوله:
* (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن
خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم
بما كانوا بآياتنا يظلمون) *، ونظيره قوله تعالى:
* (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون *
ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم
في جهنم خالدون) * (1)، وقوله تعالى: * (فأما من
ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * وأما من
خفت موازينه * فأمه هاوية * وما أدراك ماهيه
* نار حامية) * (2)، فالآيات - كما ترى - تثبت
الثقل في جانب الحسنات دائما والخفة في جانب
السيئات دائما.
ومن هناك يتأيد في النظر أن هناك أمرا
آخر تقايس به الأعمال والثقل له، فما كان
منها حسنة انطبق عليه ووزن به وهو ثقل الميزان،
وما كان منها سيئة لم ينطبق عليه ولم يوزن به
وهو خفة الميزان، كما نشاهده فيما عندنا من
الموازين، فإن فيها مقياسا - وهو الواحد من
الثقل كالمثقال - يوضع في إحدى الكفتين، ثم
يوضع المتاع في الكفة الأخرى، فإن عادل
المثقال وزنا بوجه على ما يدل عليه الميزان
أخذ به وإلا فهو الترك لا محالة، والمثقال في
الحقيقة هو الميزان الذي يوزن به، وأما القبان
وذو الكفتين ونظائرهما فهي مقدمة لما يبينه
المثقال من حال المتاع الموزون به ثقلا وخفة،
كما أن واحد الطول - وهو الذراع أو المتر
مثلا - ميزان يوزن به الأطوال فإن انطبق الطول
على الواحد المقياس فهو وإلا ترك.
ففي الأعمال واحد مقياس توزن به،
فللصلاة مثلا ميزان توزن به، وهي الصلاة
التامة التي هي حق الصلاة، وللزكاة والإنفاق
نظير ذلك، وللكلام والقول حق القول الذي
لا يشتمل على باطل... وهكذا، كما يشير إليه
قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
حق تقاته) * (3).
فالأقرب بالنظر إلى هذا البيان أن يكون
المراد بقوله: * (والوزن يومئذ الحق) * أن
الوزن الذي يوزن به الأعمال يومئذ إنما
هو الحق، فبقدر اشتمال العمل على الحق يكون
اعتباره وقيمته، والحسنات مشتملة على الحق
فلها ثقل، كما أن السيئات ليست إلا
باطلة فلا ثقل لها، فالله سبحانه يزن الأعمال
يومئذ بالحق، فما اشتمل عليه العمل من
الحق فهو وزنه وثقله (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد سأله زنديق عن
توزين الأعمال -: لا، إن الأعمال ليست
بأجسام، وإنما هي صفة ما عملوا، وإنما
يحتاج إلى وزن الشئ من جهل عدد الأشياء
ولا يعرف ثقلها وخفتها، وإن الله لا يخفى
عليه شئ.
قال: فما معنى الميزان؟ قال (عليه السلام): العدل.



(1) المؤمنون: 102، 103.
(2) القارعة: 6 - 11.
(3) آل عمران: 102.
(4) الميزان: 8 / 10، انظر تمام كلامه رضوان الله تعالى عليه.
3519
قال: فما معناه في كتابه: * (فمن
ثقلت موازينه) *؟ قال (عليه السلام): فمن رجح عمله (1).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى:
* (ونضع الموازين القسط...) * -: هم الأنبياء
والأوصياء (2) (عليهم السلام) (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لابن مسعود -:
يا بن مسعود! احذر يوما تنشر فيه الصحائف
وتظهر فيه الفضائح، فإن الله تعالى يقول * (ونضع
الموازين القسط ليوم القيامة) * (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن الله ثقل الخير على
أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة،
وإن الله عز وجل خفف الشر على أهل الدنيا كخفته
في موازينهم يوم القيامة (5).
- عنه (عليه السلام): إن الخير ثقل على أهل الدنيا على
قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة، وإن الشر خف
على أهل الدنيا على قدر خفته في موازينهم (6).
- الإمام علي (عليه السلام): ونشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده
ورسوله، شهادتين تصعدان (تسعدان) القول،
وترفعان العمل، لا يخف ميزان توضعان فيه،
ولا يثقل ميزان ترفعان عنه (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في قول الله لآدم يوم
القيامة -: قم عند الميزان فانظر ما يرفع
إليك من أعمالهم، فمن رجح منهم خيره على شره
مثقال ذرة فله الجنة، حتى تعلم أني لا ادخل
النار منهم إلا ظالما (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يجاء بالعبد يوم القيامة فتوضع
حسناته في كفة وسيئاته في كفة فترجح
السيئات، فتجئ بطاقة فتقع في كفة الحسنات
فترجح بها، فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة؟ فما
من عمل عملته في ليلي أو نهاري إلا وقد
استقبلت به! قال: هذا ما قيل فيك وأنت منه
برئ، فينجو بذلك (9).
(انظر) الغيبة: باب 3133 حديث 15197.
[4068]
من لا تنصب لهم الموازين
الكتاب
* (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم فحبطت أعمالهم فلا



(1) الاحتجاج: 2 / 247 / 223، وفي الرواية تأييد ما قدمناه في
تفسير الوزن، ومن ألطف ما فيها قوله (عليه السلام): " وإنما هي صفة ما
عملوا " يشير (عليه السلام) إلى أن ليس المراد بالأعمال في هذه الأبواب
هو الحركات الطبيعية الصادرة عن الإنسان لاشتراكها
بين الطاعة والمعصية، بل الصفات الطارئة عليها التي تعتبر لها
بالنظر إلى السنن والقوانين الاجتماعية أو الدينية مثل الحركات
الخاصة التي تسمى وقاعا بالنظر إلى طبيعة نفسها ثم تسمى
نكاحا إذا وافقت السنة الاجتماعية أو الإذن الشرعي، وتسمى
زنا إذا لم توافق ذلك، وطبيعة الحركات الصادرة واحدة، وقد
استدل (عليه السلام) لما ذكره من طريقين: أحدهما: أن الأعمال صفات
لا وزن لها، والثاني: أن الله سبحانه لا يحتاج إلى توزين الأشياء
لعدم اتصافه بالجهل تعالى شأنه. الميزان: 8 / 16.
(2) معنى الحديث ظاهر بما قدمناه فإن المقياس هو حق العمل
والاعتقاد، وهو الذي عندهم (عليهم السلام). الميزان: 8 / 17.
(3) البحار: 7 / 249 / 6، معنى الحديث ظاهر بما قدمناه، فإن
المقياس هو حق العمل والاعتقاد، وهو الذي عندهم (عليهم السلام).
الميزان: 8 / 17.
(4) البحار: 77 / 109 / 1.
(5) الكافي: 2 / 143 / 10.
(6) البحار: 71 / 215 / 13.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 114.
(8) كنز العمال: 39768، 39024.
(9) كنز العمال: 39768، 39024.
3520
نقيم لهم يوم القيامة وزنا) * (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لسعيد بن المسيب
وهو يعظه -: ثم رجع إلى القول من الله في
الكتاب على أهل المعاصي والذنوب، فقال:
* (ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا
ويلنا إنا كنا ظالمين) * فإن قلتم أيها الناس
إن الله إنما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذاك،
وهو يقول: * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة
فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من
خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) *؟ اعلموا
عباد الله أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين
ولا تنشر لهم الدواوين، وإنما تنشر الدواوين
لأهل الإسلام (2).
(انظر) الحساب: باب 843، 842.
عنوان: 94 " الحبط ".



(1) الكهف: 105.
(2) أمالي الصدوق: 409 / 1.
3521
(543)
الوسوسة
البحار: 72 / 123 باب 100 " الوسوسة وحديث النفس ".
البحار: 95 / 136 باب 98 " الدعاء لدفع الوسوسة ".
كنز العمال: 1 / 244 - 398 " في الشيطان ووسوسته ".
المحجة البيضاء: 5 / 47 " معنى الوسوسة وسبب غلبتها ".
انظر:
عنوان: 276 " الشك "، 267 " الشيطان "، الرئاء: باب 174، الشيطان: باب 2015.

3523
[4069]
الوسوسة في العقائد
الكتاب
* (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) * (1).
* (قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس * من
شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور
الناس * من الجنة والناس) * (2).
(انظر) الأعراف: 20، طه: 120.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن الرجل
يجد الشئ لو خر من السماء فتخطفه الطير
كان أحب إليه من أن يتكلم به -:
ذاك محض الإيمان، أو صريح الإيمان (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - وقد قال له بعض أصحابه -:
نجد في صدورنا وسوسة الشيطان، لأن يقع
أحدنا من الثريا أحب إليه من أن يتكلم بها؟ -:
أقد وجدتم ذلك؟ قالوا: نعم، قال: ذلك صريح
الإيمان. إن الشيطان يريد العبد فيما دون
ذلك، فإذا عصم العبد منه وقع فيما هنالك (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله)
فقال: يا رسول الله هلكت، فقال له (عليه السلام): أتاك
الخبيث فقال لك: من خلقك؟ فقلت: الله، فقال
لك: الله من خلقه؟ فقال: إي والذي بعثك
بالحق لكان كذا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذاك والله
محض الإيمان.
قال ابن أبي عمير: فحدثت بذلك عبد
الرحمن بن الحجاج فقال: حدثني أبي عن أبي
عبد الله (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما عنى بقوله: " هذا
والله محض الإيمان " خوفه أن يكون قد هلك
حيث عرض له ذلك في قلبه (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - وقد كتب إلى رجل
يشكو إليه لمما يخطر على باله -: إن الله عز وجل
إن شاء ثبتك فلا يجعل لإبليس عليك طريقا، قد
شكى قوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لمما يعرض لهم لأن
تهوي بهم الريح (6) أو يقطعوا أحب إليهم من أن
يتكلموا به، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتجدون ذلك؟
قالوا: نعم، فقال: والذي نفسي بيده إن
ذلك لصريح الإيمان، فإذا وجدتموه فقولوا:



(1) ق: 16.
(2) الناس: 1 - 6.
(3) كنز العمال: 1709.
(4) كنز العمال: 1715.
(5) الكافي: 2 / 425 / 3.
(6) الهوي: السقوط من أعلى إلى أسفل، وفعله من باب ضرب،
ومنه قوله تعالى: * (أو تهوي بهم الريح في مكان سحيق) * أي
بعيد، والباء في " بهم " للتعدية، وهم جعلوا التكلم
باللمم وإظهاره أشد عليهم من أن تسقطهم الريح إلى مكان عميق
أومن أن يقطع أعضاؤهم استقباحا لشأنه واستعظاما لأمره، لأنه
محال في حقه تعالى وكفر به. كما في هامش الكافي.
3524
آمنا بالله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل أخبره عن نفاقه -:
والله ما نافقت ولو نافقت ما أتيتني، تعلمني
ما الذي رابك؟ أظن العدو الحاضر (2) أتاك فقال
لك: من خلقك؟ فقلت: الله خلقني، فقال لك: من
خلق الله؟ قال: إي والذي بعثك بالحق لكان كذا.
فقال: إن الشيطان أتاكم من قبل الأعمال فلم
يقو عليكم، فأتاكم من هذا الوجه لكي يستزلكم،
فإذا كان كذلك فليذكر أحدكم الله وحده (3).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الملائكة -:
ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها
على فكرهم (4).
(انظر) المعرفة (3): باب 2632، 2652.
[4070]
التحذير من الوسوسة
في الوضوء والصلاة
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما ذكر عنده رجل مبتلى
بالوضوء والصلاة، وادعي أنه رجل عاقل -:
وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟!
فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله
هذا الذي يأتيه من أي شئ هو؟ فإنه يقول لك:
من عمل الشيطان (5).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن كثرة شك الرجل في
عدد الركعات حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي
عليه -: يعيد، قلنا له: فإنه يكثر عليه ذلك كلما
عاد شك؟ قال: يمضي في شكه.
ثم قال: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم بنقض
الصلاة فتطمعوه، فإن الشيطان خبيث يعتاد لما
عود، فليمض أحدكم في الوهم، ولا يكثرن نقض
الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك.
قال زرارة: ثم قال: إنما يريد الخبيث أن
يطاع، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم (6).
[4071]
علاج الوسواس
الكتاب
* (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك
رب أن يحضرون) * (7).
* (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو
له قرين) * (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن للوسواس خطما كخطم
الطائر، فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في
اذن القلب يوسوس، فإن ابن آدم ذكر الله عز وجل
نكص وخنس، فذلك سمي الوسواس (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن إبليس له خرطوم كخرطوم
الكلب واضعه على قلب ابن آدم يذكره الشهوات
واللذات، ويأتيه بالأماني، ويأتيه بالوسوسة



(1) الكافي: 2 / 425 / 4.
(2) في بعض النسح: " الخاطر ". كما في هامش الكافي.
(3) الكافي: 2 / 425 / 5.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 91.
(5) الكافي: 1 / 12 / 10.
(6) الكافي: 3 / 358 / 2.
(7) المؤمنون: 97، 98.
(8) الزخرف: 36.
(9) كنز العمال: 1267.
3525
على قلبه ليشككه في ربه، فإذا قال العبد:
* (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
وأعوذ بالله أن يحضرون إن الله هو السميع العليم) *
خنس الخرطوم عن القلب (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من وجد من هذا الوسواس فليقل:
آمنت بالله ورسوله ثلاثا، فإن ذلك يذهب عنه (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد سئل عن الوسوسة
وإن كثرت -: لا شئ فيها، تقول: لا إله إلا الله (3).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: قل: لا إله إلا الله،
قال جميل: فكلما وقع في قلبي شئ قلت: لا إله
إلا الله فيذهب عني (4).
- الإمام علي (عليه السلام): صوم ثلاثة أيام من كل
شهر - أربعاء بين خميسين، وصوم شعبان -
يذهب بوسواس الصدر، وبلابل القلب (5).
- عنه (عليه السلام): صيام شهر الصبر وثلاثة أيام في
كل شهر يذهبن ببلابل الصدر (6).
- عنه (عليه السلام): ذكرنا أهل البيت شفاء من
الوعك والأسقام ووسواس الريب (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل ابتلي الوسوسة
وهو معيل مدين محوج -: كرر هذه الكلمات
" توكلت على الحي الذي لا يموت، والحمد لله
الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له
شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل
وكبره تكبيرا " فلم يلبث الرجل أن عاد إليه
فقال: يا رسول الله أذهب الله عني وسوسة
صدري، وقضى ديني ووسع رزقي (8).
(انظر) الذكر: باب 1340، الشيطان: باب
2019، الوسوسة: باب 4070.
[4072]
تجاوز الله عن الوسوسة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تجاوز الله لامتي عما
حدثت به أنفسها ما لم تنطق به أو تعمل (9).
- الإمام الرضا (عليه السلام): أروي أنه سئل
العالم (عليه السلام) عن حديث النفس، فقال: من يطيق
ألا تحدث نفسه؟!...
ونروي (عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)) أن الله تبارك
وتعالى عفا لامتي عن وساوس الصدر.
ونروي عنه ((صلى الله عليه وآله)) أن الله تجاوز لامتي عما
تحدث به أنفسها إلا ما كان يعقد عليه (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): وضع عن أمتي تسع
خصال: الخطأ، والنسيان، وما لا يعلمون،
وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، وما استكرهوا
عليه، والطيرة، والوسوسة في التفكر في الخلق،
والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لكل قلب وسواس، فإذا فتق
الوسواس حجاب القلب نطق به اللسان وأخذ به
العبد، وإذا لم يفتق القلب ولم ينطق به
اللسان فلا حرج (12).
(انظر) التكليف: باب 3508.



(1) كنز العمال: 1266، 1245.
(2) كنز العمال: 1266، 1245.
(3) الكافي: 2 / 424 / 1 و ح 2.
(4) الكافي: 2 / 424 / 1 و ح 2.
(5) الخصال: 2 / 612 / 10.
(6) البحار: 97 / 100 / 24 و 81 / 203 / 5.
(7) البحار: 97 / 100 / 24 و 81 / 203 / 5.
(8) الفقيه: 1 / 339 / 986.
(10) البحار: 72 / 127 / 13.
(9) تنبيه الخواطر: 2 / 120.
(11) الكافي: 2 / 463 / 2.
(12) كنز العمال: 1268.
3526
(544)
المواساة
البحار: 74 / 390 باب 28 " التراحم... والمواساة ".
وسائل الشيعة: 8 / 414 باب 14 " استحباب مواساة الإخوان ".
انظر:
عنوان: 1 " الإيثار "، الذكر: باب 1342 حديث 6454، 6455، الزكاة: باب 1586.

3527
[4073]
المواساة
- الإمام علي (عليه السلام): المواساة أفضل الأعمال (1).
- عنه (عليه السلام): أخوك مواسيك في الشدة (2).
- عنه (عليه السلام): أحسن الإحسان مواساة
الإخوان (3).
- عنه (عليه السلام): ما حفظت الاخوة بمثل المواساة (4).
- عنه (عليه السلام): إن مواساة الرفاق من كرم
الأعراق (5).
- عنه (عليه السلام): لا تعدن صديقا من لا يواسي
بماله (6).
- عنه (عليه السلام): مواساة الأخ في الله عز وجل
تزيد في الرزق (7).
- عنه (عليه السلام): خير إخوانك من واساك بخيره،
وخير منه من أغناك عن غيره (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): تقربوا إلى الله تعالى
بمواساة إخوانكم (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من واسى الفقير، وأنصف
الناس من نفسه، فذلك المؤمن حقا (10).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لجعفر بن محمد
العاصمي -: يا عاصم! كيف أنتم في
التواصل والتواسي؟ قلت: على أفضل
ما كان عليه أحد، قال: أيأتي أحدكم
إلى دكان أخيه أو منزله عند الضائقة
فيستخرج كيسه ويأخذ ما يحتاج إليه فلا
ينكر عليه؟! قال: لا، قال: فلستم على
ما أحب في التواصل (11).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - للوصافي -: أرأيت
من قبلكم إذا كان الرجل ليس عليه رداء،
وعند بعض إخوانه رداء يطرحه عليه؟ قال:
قلت: لا، قال: فإذا كان ليس عنده إزار،
يوصل إليه بعض إخوانه بفضل إزاره حتى
يجد له إزارا؟ قال: قلت: لا، قال:
فضرب بيده على فخذه ثم قال: ما هؤلاء
بإخوة (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): انهزم الناس يوم أحد
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فغضب غضبا شديدا... فنظر
فإذا علي (عليه السلام) إلى جنبه فقال له: الحق ببني
أبيك مع من انهزم عن رسول الله، فقال: يا رسول
الله لي بك أسوة، قال: فاكفني هؤلاء، فحمل
فضرب أول من لقى منهم، فقال جبرئيل إن هذه



(1) غرر الحكم: 1312، 420، 3023، 9578، 3405، 10276.
(2) غرر الحكم: 1312، 420، 3023، 9578، 3405، 10276.
(3) غرر الحكم: 1312، 420، 3023، 9578، 3405، 10276.
(4) غرر الحكم: 1312، 420، 3023، 9578، 3405، 10276.
(5) غرر الحكم: 1312، 420، 3023، 9578، 3405، 10276.
(6) غرر الحكم: 1312، 420، 3023، 9578، 3405، 10276.
(7) البحار: 74 / 395 / 22.
(8) غرر الحكم: 5013.
(9) الخصال: 1 / 8 / 26 و 47 / 48.
(10) الخصال: 1 / 8 / 26 و 47 / 48.
(11) البحار: 74 / 231 / 28، راجع الأخ: باب 59 حديث 301.
(12) وسائل الشيعة: 8 / 414 / 15555.
3528
لهي المواساة يا محمد (1) (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - وهو ينبه على فضيلته
لقبول قوله -: ولقد علم المستحفظون من
أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أني لم أرد على الله ولا على
رسوله ساعة قط، ولقد واسيته بنفسي في
المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر
فيها الأقدام، نجدة أكرمني الله بها (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): امتحنوا شيعتنا
عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها،
وإلى أسرارنا كيف حفظهم لها عن عدونا،
وإلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها (4).
- عنه (عليه السلام): خصلتان من كانتا فيه وإلا فأعزب
ثم أعزب ثم أعزب! قيل: وما هما؟ قال: الصلاة
في مواقيتها والمحافظة عليها، والمواساة (5).
- عنه (عليه السلام) - في قبض الروح -: وأتاه ملك
الموت يقبض روحه، فينادي روحه فتخرج من
جسده، فأما المؤمن فما يحس بخروجها، وذلك
قول الله تعالى: * (يا أيتها النفس المطمئنة...) *.
ثم قال: ذلك لمن كان ورعا مواسيا لإخوانه
وصولا لهم، وإن كان غير ورع ولا وصول لإخوانه
قيل له: ما منعك من الورع والمواساة لإخوانك؟
أنت ممن انتحل المحبة بلسانه ولم يصدق ذلك
بفعل، وإذا لقي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)
لقيهما معرضين مقطبين في وجهه... (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان له قميصان فليلبس
أحدهما وليلبس الآخر أخاه (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما ذكر (عليه السلام) ما
يجب للرجل على إخوانه، فدخل على إسحاق
ابن عمار من ذلك أمر عظيم -: إنما ذلك
إذا قام قائمنا وجب عليهم أن يجهزوا إخوانهم
وأن يقروهم (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أبعد الخلق من الله رجلان:
رجل يجالس الامراء فما قالوا من جور صدقهم
عليه، ومعلم الصبيان لا يواسي بينهم، ولا يراقب
الله في اليتيم (9).



(1) مضمون تلك الرواية من المشهورات بين الخاصة والعامة، قال
ابن أبي الحديد: روى أبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد
اللغوي غلام ثعلب ورواه أيضا محمد بن حبيب في أماليه أن
رسول الله لما فر معظم أصحابه يوم أحد كثرت عليه كتائب
المشركين... فقال رسول الله: يا علي اكفني هذه الكتيبة فحمل
عليها... فقال جبرئيل (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إن هذه للمواساة،
لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى.... كما في هامش الكافي.
(2) الكافي: 8 / 110 / 90.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 197.
(4) قرب الإسناد: 78 / 253.
(5) الخصال: 47 / 50.
(6) المحاسن: 1 / 283 / 558.
(7) مكارم الأخلاق: 2 / 380 / 2661.
(8) وسائل الشيعة: 8 / 414 / 15556.
(9) كنز العمال: 43761.
3529
(545)
الوصية
(1) وصايا الله سبحانه والأنبياء
والأئمة عليهم السلام
البحار: 77، 78.
انظر:
عنوان: 551 " الموعظة ".

3531
[4074]
وصايا الله للإنسان
الكتاب
* (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا
إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا
الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه
الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) * (1).
* (ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا
الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن
تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله
غنيا حميدا) * (2).
* (ووصينا الانسان بوالديه حسنا وإن جاهداك
لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم
فأنبئكم بما كنتم تعملون) * (3).
* (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على
وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي
المصير) * (4).
* (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا) * (5).
* (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم... ذلكم وصاكم
به لعلكم تعقلون) * (6).
* (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ
أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا
وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا
ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) * (7).
* (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا
السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم
تتقون) * (8).
(انظر) البحار: 77 / 1 باب 1 وص 18 باب 2.
التقوى: باب 4157.
[4075]
وصايا الله لموسى
- الإمام علي (عليه السلام): قال الله تبارك وتعالى
لموسى (عليه السلام): يا موسى! احفظ وصيتي لك بأربعة
أشياء: أولهن: ما دمت لا ترى ذنوبك تغفر
فلا تشتغل بعيوب غيرك، والثانية: ما دمت لا ترى
كنوزي قد نفدت فلا تغتم بسبب رزقك، والثالثة:
ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري،
والرابعة: ما دمت لا ترى الشيطان ميتا فلا
تأمن مكره (9).
- أوصيك يا موسى! أوصيك وصية الشفيق
المشفق بابن البتول عيسى بن مريم صاحب



(1) الشورى: 13.
(2) النساء: 131.
(3) العنكبوت: 8.
(4) لقمان: 14.
(5) الأحقاف: 15.
(6) الأنعام: 151، 152، 153.
(7) الأنعام: 151، 152، 153.
(8) الأنعام: 151، 152، 153.
(9) الخصال: 217 / 41.
3532
الأتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب،
ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر... اسمه أحمد
[و] محمد الأمين من الباقين (1).
(انظر) البحار: 77 / 31.
تحف العقول: 490، 496.
[4076]
وصايا الله لعيسى
الكتاب
* (وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة
والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا
شقيا) * (2).
- يا عيسى! أوصيك وصية المتحنن عليك
بالرحمة حتى حقت (3) لك مني الولاية بتحريك
مني المسرة، فبوركت كبيرا وبوركت صغيرا
حيث ما كنت، أشهد أنك عبدي من (4) أمتي (5)،
تقرب إلي بالنوافل وتوكل علي أكفك،
ولا تول غيري فأخذلك...
ثم أوصيك يا بن مريم البكر البتول بسيد
المرسلين وحبيبي أحمد (6) صاحب الجمل
الأحمر والوجه الأزهر (7).
(انظر) البحار: 14 / 283 باب 21.
[4077]
وصايا الخضر لموسى
- الخضر (عليه السلام) - لموسى (عليه السلام) إذ قال له:
أوصني -: الزم مالا يضرك معه شئ كما
لا ينفعك من غيره شئ، وإياك واللجاجة
والمشي إلى غير حاجة، والضحك في غير
تعجب. يا بن عمران! لا تعيرن أحدا بخطيئة
وابك على خطيئتك (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال أخي موسى (عليه السلام): يا رب!
أرني الذي كنت أريتني في السفينة، فأوحى
الله إليه: يا موسى! إنك ستراه، فلم يلبث إلا
يسيرا حتى أتاه الخضر، وهو فتى طيب الريح
وحسن الثياب، فقال: السلام عليك ورحمة الله يا
موسى بن عمران! إن ربك يقرئك السلام ورحمة
الله، قال موسى: هو السلام ومنه السلام وإليه
السلام، والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي
نعمه ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته،
ثم قال موسى: أريد أن توصيني بوصية ينفعني
الله بها بعد!.
قال الخضر: يا طالب العلم! إن القائل أقل
ملالة من المستمع فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم،
واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك،
فاعزب عن الدنيا وانبذها وراءك، فإنها ليست لك
بدار، ولا لك فيها محل قرار، وإنها جعلت بلغة
للعباد ليتزودوا منها للمعاد.



(1) البحار: 77 / 32 / 7.
(2) مريم: 31 و 32.
(3) في البحار: حين حقت.
(4) في البحار: ابن أمتي.
(5) في البحار: يا عيسى أنزلني من نفسك كهمك، واجعل ذكري
لمعادك وتقرب...
(6) في البحار: وحبيبي منهم أحمد صاحب الجمل الأحمر
، والوجه الأقمر...
(7) تحف العقول: 496، 499.
(8) قصص الأنبياء: 157 / 171.
3533
ويا موسى! وطن نفسك على الصبر تلق
الحلم، وأشعر قلبك التقوى تنل العلم، ورض
نفسك على الصبر تخلص من الإثم.
يا موسى! تفرغ للعلم إن كنت تريده، فإن
العلم لمن تفرغ، ولا تكونن مكثارا بالنطق
مهذارا (1)، فإن كثرة النطق تشين العلماء، وتبدي
مساوي السخفاء، ولكن عليك بالاقتصاد، فإن
ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهال
وباطلهم، واحلم عن السفهاء، فإن ذلك فعل
الحكماء وزين العلماء، إذا شتمك الجاهل
فاسكت عنه حلما وحنانة وحرما، فإن ما بقي
من جهله عليك وشتمه إياك أعظم وأكبر.
يا بن عمران! ولا ترى أنك أوتيت من العلم
إلا قليلا، فإن الاندلاث والتعسف من
الاقتحام والتكلف.
يا بن عمران! لا تفتحن بابا لا تدري ما
غلقه، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه.
يا بن عمران! من لا ينتهي من الدنيا نهمته (2)
ولا ينقضي منها رغبته كيف يكون عابدا! ومن
يحقر حاله ويتهم الله فيما قضى كيف يكون زاهدا!
هل يكف عن الشهوات من غلب عليه هواه! أو
ينفعه طلب العلم والجهل قد حواه! لأن سفره إلى
آخرته وهو مقبل على دنياه.
ويا موسى! تعلم ما تعلمته لتعمل به،
ولا تتعلمه لتحدث به، فيكون عليك بوره ويكون
لغيرك نوره.
ويا بن عمران! اجعل الزهد والتقوى لباسك،
والعلم والذكر كلامك، وأكثر من الحسنات،
فإنك مصيب السيئات، وزعزع بالخوف قلبك،
فإن ذلك يرضي ربك، واعمل خيرا، فإنك
لا بد عامل سوء قد وعظت إن حفظت. فتولى
الخضر وبقي موسى حزينا مكروبا يبكي (3).
- الخضر (عليه السلام) - لموسى (عليه السلام) وهو آخر وصيته -:
لا تعيرن أحدا بذنب، وإن أحب الأمور إلى
الله عز وجل ثلاثة: القصد في الجدة (4)، والعفو في
المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في
الدنيا إلا رفق الله عز وجل به يوم القيامة، ورأس
الحكمة مخافة الله تبارك وتعالى (5).
(انظر) النبوة (2): باب 3794.
[4078]
وصايا الله لمحمد (صلى الله عليه وآله)
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوصاني ربي بتسع:
أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية، والعدل
في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى،
وأن أعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني،
وأصل من قطعني، وأن يكون صمتي فكرا،
ومنطقي ذكرا، ونظري عبرا (6).
- الإمام علي (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله) سأل ربه
ليلة المعراج فقال: يا رب! أي الأعمال أفضل؟



(1) مهذارا: أي كثير الكلام.
(2) النهمة: بلوغ الهمة في الشئ، النهاية: 5 / 138.
(3) كنز العمال: 44176.
(4) الجدة: الرخاء والسعة.
(5) الخصال: 111 / 83.
(6) تحف العقول: 36.
3534
فقال الله عز وجل: ليس شئ أفضل عندي من
التوكل علي، والرضى بما قسمت (1).
[4079]
وصايا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لأبي أيوب خالد بن زيد إذ
قال له: أوصني وأقلل لعلي أن أحفظ -:
أوصيك بخمس: باليأس عما في أيدي الناس
فإنه الغنى، وإياك والطمع فإنه الفقر
الحاضر، وصل صلاة مودع، وإياك وما تعتذر
منه، وأحب لأخيك ما تحب لنفسك (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: أوصني وأوجز -:
عليك باليأس مما في أيدي الناس، وإياك
والطمع فإنه الفقر الحاضر، وصل صلاتك وأنت
مودع، وإياك وما يعتذر منه (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لأسود بن أصرم -: أتملك
يدك؟ قلت: نعم، قال: فتملك لسانك؟ قلت:
نعم، قال (صلى الله عليه وآله): فلا تبسط يدك إلا إلى خير، ولا تقل
بلسانك إلا معروفا (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لام أنس -: اهجري المعاصي
فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض
فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله، فإنك
لا تأتين الله عز وجل بشئ غدا أحب إلى الله من
كثرة ذكره (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل من أهل اليمن -: أوصيك
أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت بالنار،
ولا تعقن والديك، وإن أرادك أن تخرج من دنياك
فاخرج، ولا تسب الناس، وإذا لقيت أخاك فالقه
ببشر حسن، وصب له من فضل دلوك (6).
- ضرغامة بن عليبة بن حرملة: حدثني
أبي عن أبيه قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) في ركب من
الحي... فلما أردت الرجوع قلت: أوصني
يا رسول الله! قال: اتق الله، وإذا كنت في
مجلس فقمت عنه فسمعتهم يقولون ما يعجبك
فأته، وإذا سمعتهم يقولون ما تكره فلا تأته (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل استوصاه -: احفظ
لسانك، ثم قال له: يا رسول الله أوصني؟
قال (صلى الله عليه وآله): احفظ لسانك، ثم قال: يا رسول الله
أوصني؟ فقال: ويحك وهل يكب الناس على
مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - وهو في المسجد وعلي (عليه السلام)
إلى جانبه، فدخل أبو ذر واغتنم الخلوة
واستوصاه بوصية نافعة -: نعم وأكرم بك
يا أبا ذر إنك منا أهل البيت، وإني موصيك
بوصية فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله،
فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان (9).
- يا أبا ذر! اعبد الله كأنك تراه، فإن كنت
لا تراه فإنه يراك، واعلم أن أول عبادة الله



(1) إرشاد القلوب: 199، انظر تمام الكلام في حديث المعراج في
البحار: 77 / 21 - 31.
(2) أمالي الطوسي: 508 / 1111.
(3) كنز العمال: 44156.
(4) الدعوات للراوندي: 98 / 231.
(5) كنز العمال: 3935، 44361، 44152.
(6) كنز العمال: 3935، 44361، 44152.
(7) كنز العمال: 3935، 44361، 44152.
(8) تحف العقول: 56.
(9) مكارم الأخلاق: 2 / 363 / 2661.
3535
المعرفة به، فهو الأول قبل كل شئ فلا شئ
قبله، والفرد فلا ثاني له، والباقي لا إلى
غاية، فاطر السماوات والأرض وما فيهما وما
بينهما من شئ وهو الله اللطيف الخبير وهو
على كل شئ قدير، ثم الإيمان بي والإقرار
بأن الله تعالى أرسلني إلى كافة الناس بشيرا
ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا،
ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا (1).
واعلم يا أبا ذر إن الله عز وجل جعل أهل
بيتي في أمتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن
رغب عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل
من دخلها كان آمنا.
- يا أبا ذر احفظ ما أوصيك به تكن سعيدا
في الدنيا والآخرة (2).
- يا أبا ذر نعمتان مغبون فيهما كثير من
الناس: الصحة والفراغ (3).
- يا أبا ذر اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك
قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك
قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك
قبل موتك (4).
- يا أبا ذر إياك والتسويف بأملك، فإنك
بيومك ولست بما بعده، فإن يكن غد لك فكن في
الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غدا
لم تندم على ما فرطت في اليوم (5).
- يا أبا ذر كم من مستقبل يوما
لا يستكمله، ومنتظر غدا لا يبلغه (6).
- يا أبا ذر لو نظرت إلى الأجل ومسيره
لأبغضت الأمل وغروره (7).
- يا أبا ذر كن كأنك في الدنيا غريب، أو
كعابر سبيل، وعد نفسك من أصحاب القبور (8).
- يا أبا ذر إذا أصبحت فلا تحدث
نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك
بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن
حياتك قبل موتك فإنك لا تدري ما اسمك غدا (9).
- يا أبو ذر إياك أن تدركك الصرعة عند
العثرة، فلا تقال العثرة ولا تمكن من الرجعة،
ولا يحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من
تقدم عليه بما اشتغلت به (10).
- أبو ذر: أوصاني خليلي (صلى الله عليه وآله) أن أنظر إلى
من هو أسفل مني ولا أنظر إلى من هو فوقي،
وأن أحب المساكين وأن أدنو منهم، وأن أصل
رحمي وإن قطعوني وجفوني، وأن أقول الحق
وإن كان مرا، وأن لا أخاف في الله لومة لائم،
وأن لا أسأل أحدا شيئا، وأن أستكثر من لا حول
ولا قوة إلا بالله، فإنها من كنز الجنة (11).
- أيضا -: أوصاني خليلي (صلى الله عليه وآله) بسبع:
بحب المساكين وأن أدنو منهم، وأن أنظر إلى
من هو أسفل مني ولا أنظر إلى من هو فوقي،
وأن أصل رحمي وإن جفاني، وأن أكثر من
لا حول ولا قوة إلا بالله، وأن أتكلم بمر



(1) مكارم الأخلاق: 2 / 363 / 2661 وص 364.
(2) مكارم الأخلاق: 2 / 363 / 2661 وص 364.
(3) مكارم الأخلاق: 2 / 363 / 2661 وص 364.
(4) مكارم الأخلاق: 2 / 363 / 2661 وص 364.
(5) مكارم الأخلاق: 2 / 363 / 2661 وص 364.
(6) مكارم الأخلاق: 2 / 364 / 2661 انظر تمام الحديث.
(7) مكارم الأخلاق: 2 / 364 / 2661 انظر تمام الحديث.
(8) مكارم الأخلاق: 2 / 364 / 2661 انظر تمام الحديث.
(9) مكارم الأخلاق: 2 / 364 / 2661 انظر تمام الحديث.
(10) مكارم الأخلاق: 2 / 364 / 2661 انظر تمام الحديث.
(11) كنز العمال: 44319.
3536
الحق ولا يأخذني في الله لومة لائم، وأن
لا أسأل الناس شيئا (1).
- أيضا -: أوصاني رسول الله بسبع:
أوصاني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى
من هو فوقي، وأوصاني بحب المساكين والدنو
منهم، وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرا،
وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت، وأوصاني
أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني أن
أستكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله
[العلي العظيم]، فإنها من كنوز الجنة (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لوهيب -: هل أنت
مستوص؟ هل أنت مستوص؟ إذا أردت أمرا
فتدبر عاقبته، فإن كان رشدا فامضه، وإن
كان سوى ذلك فانته عنه (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل أتاه واستوصاه -: فهل
أنت مستوص إن أنا أوصيتك؟ - حتى قال له ذلك
ثلاثا، وفي كلها يقول له الرجل: نعم يا رسول الله -
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): فإني أوصيك إذا أنت
هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك رشدا فامضه،
وإن يك غيا فانته عنه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أوصيك أن تستحيي من الله تعالى
كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لمعاذ، لما استوصاه -: ا عبد الله
كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله
عند كل حجر وعند كل شجر، وإذا عملت
سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر،
والعلانية بالعلانية (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لمعاذ، وقد أخذ بيده فمشى
قليلا -: يا معاذ! أوصيك بتقوى الله،
وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة،
وترك الخيانة، ورحم اليتيم، وحفظ الجوار،
وكظم الغيظ، ولين الكلام، وبذل السلام،
ولزوم الإمام (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لمعاذ لما استوصاه -: اعبد الله
كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وإن شئت
أنبأتك بما هو أملك بك من هذا كله؟. قال هذا
- وأشار بيده إلى لسانه - (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل استوصاه -: لا تغضب قط،
فإن فيه منازعة ربك، فقال: زدني، قال:
إياك وما يعتذر منه فإن فيه الشرك الخفي،
فقال: زدني، فقال: صل صلاة مودع فإن فيها
الوصلة والقربى، فقال: زدني، فقال (عليه السلام): استحي
من الله استحياءك من صالحي جيرانك فإن فيها
زيادة اليقين، وقد أجمع الله تعالى ما يتواصى
به المتواصون من الأولين والآخرين في خصلة
واحدة وهي التقوى، قال الله جل وعز: * (ولقد
وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم
أن اتقوا الله) * وفيه جماع كل عبادة صالحة، وصل
من وصل إلى الدرجات العلى والرتبة القصوى،
وبه عاش من عاش مع الله بالحياة الطيبة والانس



(1) كنز العمال: 44320.
(2) الخصال: 345 / 12.
(3) كنز العمال: 43150.
(4) الكافي: 8 / 150 / 130.
(5) كنز العمال: 5770.
(6) الترغيب والترهيب: 4 / 106 / 39 وص 107 / 39 و 3 / 532 / 30.
(7) الترغيب والترهيب: 4 / 106 / 39 وص 107 / 39 و 3 / 532 / 30.
(8) الترغيب والترهيب: 4 / 106 / 39 وص 107 / 39 و 3 / 532 / 30.
3537
الدائم، قال الله عز وجل: * (إن المتقين في
جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) * (1).
- أبو سعيد: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
يا رسول الله أوصني؟ قال: عليك بتقوى الله، فإنها
جماع كل خير، وعليك بالجهاد في سبيل الله،
فإنها رهبانية المسلمين، وعليك بذكر الله وتلاوة
كتابه، فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في
السماء، واخزن لسانك إلا من خير، فإنك بذلك
تغلب الشيطان (2).
- الإمام علي (عليه السلام): الله الله في جيرانكم،
فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى
ظننا أنه سيورثهم (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: يا علي!
أنهاك عن ثلاث خصال عظام: الحسد والحرص
والكذب (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: يا علي! ثلاث من لقي
الله بهن فهو من أفضل الناس (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: أوله، يا علي!
أوصيك بوصية فاحفظها، فلا تزال بخير ما حفظت
وصيتي (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: يا علي! إن من اليقين
أن لا ترضي أحدا بسخط الله (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: يا علي! أوصيك في
نفسك بخصال فاحفظها عني (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا، حين بعثه إلى اليمن -:
يا علي! أوصيك بالدعاء فإنه
مع الإجابة (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا -: يا علي! إن للمؤمن
ثلاث علامات (10).
(انظر) البحار: 77 / 110 باب 6،
و ج 22 / 455 باب 1.
[4080]
وصايا الإمام علي
أ - وصاياه لابنه الحسن:
- الإمام علي (عليه السلام): أوصيك بتقوى الله أي
بني، ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره،
والاعتصام بحبله، وأي سبب أوثق من سبب
بينك وبين الله إن أنت أخذت به!
أحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة،
وقوه باليقين، ونوره بالحكمة، وذلله بذكر
الموت، وقرره بالفناء، وبصره فجائع الدنيا...
واعلم يا بني أن أحب ما أنت آخذ به إلي
من وصيتي تقوى الله والاقتصار على ما فرضه الله
عليك، والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك،
والصالحون من أهل بيتك (11).
(انظر) البحار: 77 / 196 باب 8،
تحف العقول: 68.



(1) البحار: 78 / 200 / 28.
(2) الترغيب والترهيب: 3 / 532 / 29.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 47، انظر الوصية (2): باب 4091.
(4) البحار: 77 / 44 / 1 وص 45 / 2 وص 46 / 3.
(5) البحار: 77 / 44 / 1 وص 45 / 2 وص 46 / 3.
(6) البحار: 77 / 44 / 1 وص 45 / 2 وص 46 / 3.
(7) تحف العقول: 6.
(8) الكافي: 8 / 79 / 33.
(9) البحار: 77 / 69 / 9.
(10) تحف العقول: 10.
(11) نهج البلاغة: الكتاب 31.
3538
ب - وصاياه لابنه الحسين:
- الإمام علي (عليه السلام): يا بني أوصيك بتقوى الله في
الغنى والفقر، وكلمة الحق في الرضى والغضب،
والقصد في الغنى والفقر، وبالعدل على الصديق
والعدو، وبالعمل في النشاط والكسل، والرضى
عن الله في الشدة والرخاء (1).
(انظر) البحار: 77 / 236.
ج - وصاياه للحسن والحسين:
- الإمام علي (عليه السلام): أوصيكما بتقوى الله، وألا
تبغيا الدنيا وإن بغتكما، ولا تأسفا على شئ منها
زوي عنكما، وقولا بالحق، واعملا للأجر، وكونا
للظالم خصما وللمظلوم عونا.
أوصيكما، وجميع ولدي وأهلي، ومن بلغه
كتابي، بتقوى الله ونظم أمركم (2).
د - وصاياه للمسلمين:
- الإمام علي (عليه السلام): أوصيكم بذكر الموت وإقلال
الغفلة عنه، وكيف غفلتكم عما ليس يغفلكم؟! (3).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا
التاركة لكم وإن لم تحبوا تركها (4).
- عنه (عليه السلام) - إنه كان إذا حضر الحرب
يوصي المسلمين بكلمات ومنها -: تعاهدوا
الصلاة، وحافظوا عليها، واستكثروا منها (5).
- عنه (عليه السلام) - لرجل استوصاه -: لا تحدث
نفسك بفقر، ولا بطول عمر (6).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: أوصيك أن لا يكونن
لعمل الخير عندك غاية في الكثرة، ولا لعمل
الإثم عندك غاية في القلة (7).
- عنه (عليه السلام) - كتب إلى بعض أصحابه -:
أوصيك ونفسي بتقوى من لا تحل معصيته،
ولا يرجى غيره، ولا الغنى إلا به (8).
(انظر) التقوى: باب 4158.
الإسلام: باب 1872.
الموعظة: باب 4125.
[4081]
وصاياه عند الوفاة
- الإمام علي (عليه السلام): وصيتي لكم: أن لا تشركوا
بالله شيئا، ومحمد (صلى الله عليه وآله) فلا تضيعوا سنته، أقيموا
هذين العمودين، وأوقدوا هذين المصباحين،
وخلاكم ذم! (9).
- عنه (عليه السلام): أوصيك يا بني بالصلاة عند
وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها،
والصمت عند الشبهة، وأنهاك عن التسرع بالقول
والفعل، والزم الصمت تسلم (10).
- عنه (عليه السلام): أوصي المؤمنين بشهادة أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا
عبده ورسوله...
ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدي



(1) تحف العقول: 88.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 47، والخطبة 188 و 99.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 47، والخطبة 188 و 99.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 47، والخطبة 188 و 99.
(5) الكافي: 5 / 36 / 1.
(6) البحار: 78 / 77 / 48.
(7) تحف العقول: 211.
(8) الكافي: 2 / 136 / 23.
(9) نهج البلاغة: الكتاب 23.
(10) وسائل الشيعة: 18 / 123 / 33489.
3539
وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى
الله ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا
بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول
الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " صلاح ذات البين أفضل من عامة
الصلاة والصوم، وإن المبيرة - وهي الحالقة
للدين - فساد ذات البين " ولا قوة إلا بالله (1).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) -:
يا بني أوصيك بتقوى الله، وإقام الصلاة...
وأوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة
الرحم، والحلم عند الجهل، والتفقه في
الدين، والتثبت في الأمر، والتعاهد للقرآن،
وحسن الجوار، والأمر بالمعروف، والنهي
عن المنكر، واجتناب الفواحش كلها في كل
ما عصي الله فيه (2).
(انظر) النجاة: باب 3856، حديث 19777.
البحار: 78 / 98 باب 18.
[4082]
وصايا الإمام زين العابدين
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - وقد ضم ابنه
الباقر (عليه السلام) إلى صدره لما حضره الموت -: يا بني
أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة،
وبما ذكر أن أباه أوصاه به، قال: يا بني
إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله (3).
- عنه (عليه السلام): حب الله تعالى لقدرته عليك،
واستحي منه لقربه منك، ولا تعادين أحدا
وإن ظننت أنه لا يضرك، ولا ترهق في صداقة
أحد وإن ظننت أنه لا ينفعك، فإنك لا تدري
متى ترجو صديقك، ولا تدري متى كاف عدوك،
لا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره. وإن علمت أنه
كاذب، ليكن عتب الناس على لسانك (4).
(انظر) البحار: 78 / 128 باب 21.
الموعظة: باب 4128.
[4083]
وصايا الإمام الباقر
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لرجل استوصاه -: أوصيك
بتقوى الله، وإياك والمزاح فإنه يذهب هيبة
الرجل وماء وجهه، وعليك بالدعاء لإخوانك
بظهر الغيب فإنه يهيل الرزق - يقولها ثلاثا - (5).
- عنه (عليه السلام) - لجابر بن يزيد الجعفي (6) -:
أوصيك بخمس: إن ظلمت فلا تظلم، وإن خانوك
فلا تخن، وإن كذبت فلا تغضب، وإن مدحت
فلا تفرح، وإن ذممت فلا تجزع، وفكر فيما
قيل فيك، فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك
فسقوطك من عين الله جل وعز عند غضبك من
الحق أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك



(1) تحف العقول: 197.
(2) نهج السعادة: 2 / 735.
(3) الكافي: 2 / 331 / 5.
(4) الدرة الباهرة: 30.
(5) مستطرفات السرائر: 144 / 13.
(6) الجعفي - زنة الكرسي -: نسبة إلى جعف بن سعد العشيرة بن
مذحج أبي حي باليمن. وهو جابر بن يزيد بن الحرث بن عبد
يغوت الجعفي من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) وخدم الإمام
أبا جعفر (عليه السلام) سنين متوالية، مات رحمه الله في أيام الصادق (عليه السلام)
سنة ثمان وعشرين ومائة. كما في هامش تحف العقول.
3540
من أعين الناس، وإن كنت على خلاف
ما قيل فيك فثواب اكتسبته من غير أن
يتعب بدنك.
واعلم بأنك لا تكون لنا وليا حتى لو
اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا: إنك رجل
سوء لم يحزنك ذلك، ولو قالوا: إنك
رجل صالح لم يسرك ذلك، ولكن أعرض
نفسك على [ما في] كتاب الله، فإن كنت
سالكا سبيله، زاهدا في تزهيده، راغبا
في ترغيبه، خائفا من تخويفه، فأثبت وأبشر،
فإنه لا يضرك ما قيل فيك، وإن كنت مبائنا
للقرآن فماذا الذي يغرك من نفسك. إن
المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على
هواها، فمرة يقيم أودها (1) ويخالف هواها
في محبة الله، ومرة تصرعه نفسه فيتبع
هواها فينعشه الله فينتعش (2)، ويقيل الله عثرته
فيتذكر، ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد
بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف، وذلك
بأن الله يقول: * (إن الذين اتقوا إذا
مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا
هم مبصرون) * (3).
يا جابر! استكثر لنفسك من الله قليل الرزق
تخلصا إلى الشكر، واستقلل من نفسك كثير
الطاعة لله إزراء على النفس (4) وتعرضا
للعفو، وادفع عن نفسك حاضر الشر بحاضر
العلم، واستعمل حاضر العلم بخالص العمل،
وتحرز في خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة
التيقظ، واستجلب شدة التيقظ بصدق الخوف،
واحذر خفي التزين (5) بحاضر الحياة، وتوق
مجازفة الهوى بدلالة العقل (6) وقف عند غلبة
الهوى باسترشاد العلم، واستبق خالص الأعمال
ليوم الجزاء (7).
[4084]
وصايا الإمام الصادق
- الإمام الصادق (عليه السلام) - يحيى بن العلاء
وإسحاق بن عمار جميعا، عنه (عليه السلام) قالا: ما
ودعنا قط إلا أوصانا بخصلتين -: عليكم
بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر،
فإنهما مفتاح الرزق (8).
- عنه (عليه السلام) - لرجل استوصاه -: أوصيك
بتقوى الله، والورع والاجتهاد، واعلم أنه
لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه (9).



(1) الأود - محركة -: العوج وقد يأتي بمعنى القوة. كما في هامش
تحف العقول.
(2) نعشه الله: رفعه وأقامه وتداركه من هلكة وسقطة، وينعش: أي
ينهض وينشط. كما في هامش تحف العقول.
(3) سورة الأعراف: 200. والطائف فاعل من طاف يطوف: أي
الخيال والوسوسة. كما في هامش البحار 78 / 163.
(4) أزرى على النفس: عابها وعاتبها، ويحتمل أن يكون: ازدراء - من
باب الافتعال - أي احتقارا واستخفافا. كما في هامش تحف العقول.
(5) وفي بعض النسخ " خفي الرين " أي الدنس. كما في هامش
تحف العقول.
(6) جازف في كلامه: تكلم بدون تبصر وبلا روية. وجازف في
البيع: بايعه بلا كيل ولا وزن ولا عدد، وجازف بنفسه: خاطر بها.
كما في هامش تحف العقول.
(7) تحف العقول: 284.
(8) أمالي الطوسي: 676 / 1429.
(9) أمالي المفيد: 194 / 25.
3541
- عنه (عليه السلام): أفضل الوصايا وألزمها أن
لا تنسى ربك وأن تذكره دائما، ولا تعصيه،
وتعبده قاعدا وقائما (1).
- عنه (عليه السلام) - لسفيان الثوري، لما استوصاه -:
وتحفظ يا سفيان؟ قلت: أجل يا بن بنت رسول
الله، قال (عليه السلام) يا سفيان: لا مروة لكذوب،
ولا راحة لحسود، ولا إخاء لملوك، ولا خلة
لمختال، ولا سؤدد لسئ الخلق (2).
ثم أمسك (عليه السلام) فقلت: يا بن بنت رسول
الله زدني؟ فقال (عليه السلام): يا سفيان! ثق بالله تكن
عارفا، وارض بما قسمه لك تكن غنيا، صاحب
بمثل ما يصاحبونك به تزدد إيمانا، ولا تصاحب
الفاجر فيعلمك من فجوره، وشاور في أمرك
الذين يخشون الله عز وجل.
ثم أمسك (عليه السلام) فقلت: يا بن بنت رسول الله
زدني؟ فقال (عليه السلام): يا سفيان! من أراد عزا
بلا سلطان وكثرة بلا إخوان وهيبة بلا مال فلينتقل
من ذل معاصي الله إلى عز طاعته.
ثم أمسك (عليه السلام) فقلت: يا بن بنت رسول الله
زدني؟ فقال (عليه السلام): يا سفيان! أدبني أبي (عليه السلام)
بثلاث ونهاني عن ثلاث: فأما اللواتي أدبني
بهن فإنه قال لي: يا بني من يصحب صاحب
السوء لا يسلم، ومن لا يقيد ألفاظه يندم، ومن
يدخل مداخل السوء يتهم. قلت: يا بن بنت رسول
الله فما الثلاث اللواتي نهاك عنهن؟ قال (عليه السلام):
نهاني أن أصاحب حاسد نعمة، وشامتا بمصيبة،
أو حامل نميمة (3).
- عنه (عليه السلام) - لابنه موسى (عليه السلام) -: يا بني
اقبل وصيتي واحفظ مقالتي، فإنك إن
حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا، يا بني من قنع
بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في
يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم له اتهم
الله في قضائه، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة
نفسه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره.
يا بني من كشف حجاب غيره تكشف عورات
بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن
احتفر لأخيه بئرا سقط فيها، ومن دخل السفهاء
حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل
السوء اتهم.
يا بني إياك أن تزري بالرجال فيزرى
بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل.
يا بني قل الحق لك وعليك تستشار من
بين أقرانك.
يا بني كن لكتاب الله تاليا، وللإسلام فاشيا،
وبالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، ولمن قطعك
واصلا، ولمن سكت عنك مبتدئا، ولمن سألك
معطيا، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في
قلوب الرجال، وإياك والتعرض لعيوب الناس،
فمنزلة المعترض لعيوب الناس كمنزلة الهدف.
يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه،
فإن للجود معادن، وللمعادن أصولا، وللأصول



(1) البحار: 78 / 200 / 27.
(2) وفي بعض النسخ " لختال ". والسودد والسؤدد: الشرف والمجد.
كما في هامش تحف العقول.
(3) تحف العقول: 376.
3542
فروعا، وللفروع ثمرا، ولا يطيب ثمر إلا
بفرع، ولا فرع إلا بأصل، ولا أصل ثابت إلا
بمعدن طيب.
يا بني إذا زرت فزر الأخيار، ولا تزر
الفجار، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها،
وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عشبها.
قال علي بن موسى (عليه السلام): فما ترك أبي
هذه الوصية إلى أن توفي (1).
- عنه (عليه السلام) - وقد كتب بهذه الرسالة إلى
أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها
والعمل بها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم،
فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها -:
" بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فاسألوا
ربكم العافية، وعليكم بالدعة (2) والوقار
والسكينة، وعليكم بالحياء والتنزه عما
تنزه عنه الصالحون قبلكم، وعليكم بمجاملة (3)
أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم، وإياكم
ومماظتهم، دينوا فيما بينكم وبينهم - إذا
أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم
الكلام، فإنه لابد لكم من مجالستهم ومخالطتهم
ومنازعتهم الكلام - بالتقية التي أمركم الله أن
تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم، فإذا ابتليتم
بذلك منهم فإنهم سيؤذونكم وتعرفون في
وجوههم المنكر، ولولا أن الله تعالى يدفعهم
عنكم لسطوا (4) بكم، وما في صدورهم من
العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم،
مجالسكم ومجالسهم واحدة، وأرواحكم
وأرواحهم مختلفة لا تأتلف، لا تحبونهم أبدا
ولا يحبونكم، غير أن الله تعالى أكرمكم
بالحق وبصركموه ولم يجعلهم من أهله
فتجاملونهم وتصبرون عليهم ولا مجاملة لهم
ولا صبر لهم على شئ (5) وحيلهم وسواس
بعضهم إلى بعض، فإن أعداء الله إن استطاعوا
صدوكم عن الحق، فيعصمكم الله من ذلك (6).
- عنه (عليه السلام) - للمفضل -: أوصيك بست خصال
تبلغهن شيعتي، قلت: وما هن يا سيدي؟ قال (عليه السلام):
أداء الأمانة إلى من ائتمنك، وأن ترضى لأخيك ما
ترضى لنفسك، واعلم أن للأمور أواخر فاحذر
العواقب، وأن للأمور بغتات فكن على حذر،
وإياك ومرتقى جبل سهل إذا كان المنحدر وعرا،
ولا تعدن أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه (7).
- عنه (عليه السلام): أوصيك بتقوى الله، فإن الله قد



(1) البحار: 78 / 204 / 42.
(2) الدعة: الخفض والطمأنينة. كما في هامش الكافي.
(3) المجاملة: المعاملة بالجميل. والضيم: الظلم.
والمماظة بالمعجمة -: شدة المنازعة والمخاصمة مع طول اللزوم.
وقوله " بالتقية " متعلق بدينوا. وما بينهما معترض. كما في هامش
الكافي.
(4) السطو: القهر. أي وثبوا عليكم وقهروكم. كما في هامش الكافي.
(5) اعلم أن الحديث - كما قاله المؤلف - قد اختل نظمه وترتيبه
بسبب تقديم بعض الورقات وتأخير بعضها. وفي بعض النسخ
المصححة التي رآها المؤلف قوله: " لا صبر لهم " متصل بقوله
(في ص 221): " من أموركم " هكذا " ولا صبر لهم على شئ من
أموركم تدفعون أنتم السيئة... " إلخ. وهو الصواب. اه‍. هذا وقد
يخطر بالبال من اختلاط بعض فصوله واندماج بعض جمله
واختلاف نسخه أن أصل الكتاب صدر من الإمام (عليه السلام) لكن لم
يخل عن تصرف بعض الرواة أو الناسخين الأولين بتفسير بعض
الجمل وإدخاله في المتن. كما في هامش البحار: 78 / 211.
(6) الكافي: 8 / 2 / 1.
(7) تحف العقول: 367.
3543
ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما
حب، ويرزقه من حيث لا يحتسب (1).
(انظر) العلم: باب 2875، الوصية (2): باب
4091، البحار: 78 / 190 باب 23.
[4085]
وصايا الإمام الكاظم
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لعلي بن سويد السائي
لما استوصاه -: آمرك بتقوى الله ثم سكت،
فشكوت إليه قلة ذات يدي، وقلت: والله لقد
عريت حتى بلغ من عريتي أن أبا فلان نزع
ثوبين كانا عليه وكسانيهما! فقال: صم
وتصدق! قلت: أتصدق مما وصلني به إخواني
وإن كان قليلا؟ قال: تصدق بما رزقك الله
ولو آثرت على نفسك (2).
(انظر) البحار: 78 / 296 باب 25، الموعظة: باب 4131.
[4086]
وصايا الإمام الجواد
- الإمام الجواد (عليه السلام) - لرجل استوصاه -:
وتقبل؟ قال: نعم، قال: توسد الصبر،
واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف
الهوى، واعلم أنك لن تخلو من عين الله،
فانظر كيف تكون (3).
- عنه (عليه السلام) - فيما كتب إلى سعد الخير -:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني أوصيك
بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة
في المنقلب، إن الله عز وجل يقي بالتقوى عن
العبد ما عزب عنه عقله (4)، ويجلي بالتقوى عنه
عماه وجهله، وبالتقوى نجا نوح ومن معه في
السفينة وصالح ومن معه من الصاعقة، وبالتقوى
فاز الصابرون ونجت تلك العصب (5) من المهالك،
ولهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك
الفضيلة، نبذوا طغيانهم من الإيراد بالشهوات
لما بلغهم في الكتاب من المثلات، حمدوا ربهم
على ما رزقهم وهو أهل الحمد، وذموا أنفسهم
على ما فرطوا وهم أهل الذم، وعلموا أن الله
تبارك وتعالى الحليم العليم إنما غضبه على
من لم يقبل منه رضاه وإنما يمنع من لم يقبل
منه عطاه، وإنما يضل من لم يقبل منه هداه،
ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل
الحسنات، دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت
رفيع لم ينقطع ولم يمنع دعاء عباده، فلعن الله
الذين يكتمون ما أنزل الله، وكتب على نفسه
الرحمة فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا وعدلا،
فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه،
وذلك من علم اليقين وعلم التقوى، وكل أمة
قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم
عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب
أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده فهم يروونه
ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية



(1) الكافي: 8 / 49 / 9 و 4 / 18 / 2.
(2) الكافي: 8 / 49 / 9 و 4 / 18 / 2.
(3) تحف العقول: 455.
(4) عزب: أي بعد، وفي بعض النسخ " نفي بالتقوى عن العبد ما
عزب عنه عقله ". كما في هامش الكافي.
(5) العصب: جمع العصبة أو هي من الرجال والخيل والطير ما بين
العشرة إلى الأربعين. كما في هامش الكافي.
3544
والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية، وكان من نبذهم
الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون (1)، فأوردوهم
الهوى وأصدروهم إلى الردى وغيروا عرى
الدين، ثم ورثوه في السفه والصبا (2)، فالأمة
يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك وتعالى
وعليه يردون، فبئس للظالمين بدلا ولاية الناس
بعد ولاية الله (3)، وثواب الناس بعد ثواب الله،
ورضا الناس بعد رضا الله، فأصبحت الأمة كذلك
وفيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضلالة،
معجبون مفتونون، فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى
بهم وقد كان في الرسل ذكرى للعابدين، إن نبيا
من الأنبياء كان يستكمل الطاعة (4)، ثم يعصي الله
تبارك وتعالى في الباب الواحد فخرج به من
الجنة (5) وينبذ به في بطن الحوت، ثم لا ينجيه
إلا الاعتراف والتوبة، فاعرف أشباه الأحبار
والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه
فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين، ثم
اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا
حروف الكتاب وحرفوا حدوده (1) فهم مع السادة
والكبرة (2)، فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا
مع أكثرهم دنيا وذلك مبلغهم من العلم (3)، لا يزالون
كذلك في طبع وطمع، لا يزال يسمع صوت إبليس
على ألسنتهم بباطل كثير، يصبر منهم العلماء
على الأذى والتعنيف، ويعيبون على العلماء
بالتكليف (4)، والعلماء في أنفسهم خانة إن
كتموا النصيحة، إن رأوا تائها ضالا لا يهدونه
أو ميتا لا يحيونه، فبئس ما يصنعون لأن الله تبارك
وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا
بالمعروف وبما أمروا به، وأن ينهوا عما نهوا
عنه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعاونوا
على الإثم والعدوان، فالعلماء من الجهال في جهد
وجهاد، إن وعظت قالوا: طغت وإن علموا الحق (5)
الذي تركوا قالوا: خالفت، وإن اعتزلوهم



(1) أي جعلوا ولي الكتاب والقيم عليه والحاكم به الذين لا يعلمونه،
وجعلوهم رؤساء على أنفسهم يتبعونهم في الفتاوى وغيرها.
كما في هامش الكافي.
(2) أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل أو صبي غير عاقل،
وقوله: " بعد أمر الله " أي صدوره أو الاطلاع عليه أو تركه،
والورود والصدور كنايتان عن الإتيان للسؤال والأخذ والرجوع
بالقبول. كما في هامش الكافي.
(3) " ولاية الناس " هو المخصوص بالذم. كما في هامش الكافي.
(4) أشار به إلى يونس (عليه السلام). والمراد بعصيانه غضبه على قومه
وهربه منهم بغير إذن ربه، روي أنه لما وعد قومه بالعذاب خرج
من بينهم قبل أن يأمره الله تعالى. واعلم أن العصيان هنا ترك
الأفضل والأولى، وذلك لأنه لم يكن هناك أمر من الله تعالى
حتى عصاه بترك الإتيان به، أو نهي منه حتى خالفه بارتكابه،
فإطلاق لفظ العصيان مجاز عن ترك الأولى والأفضل، وذلك
بالنسبة إلى درجات كمالهم بمنزلة العصيان. كما في هامش الكافي.
(5) إطلاق الجنة على الدنيا لعل بالإضافة إلى بطن الحوت. كما قاله
الفيض رحمه الله. كما في هامش الكافي.
(1) إنما شبه هؤلاء العباد وعلماء العوام المفتونين بالحطام بالأحبار
والرهبان لشرائهم الدنيا بالآخرة بكتمانهم العلم وتحريفهم
الكلم عن مواضعها وأكلهم أموال الناس بالباطل وصدهم عن
سبيل الله كما أنهم كانوا كذلك على ما وصفهم الله في القرآن في
عدة مواضع، والمراد بالسادة والكبرة: السلاطين والحكام
وأعوانهم الظلمة. كما في هامش الكافي.
(2) في بعض النسخ " والكثرة ". كما في هامش الكافي.
(3) إشارة إلى الآية 31 من سورة النجم. والطبع - بالتحريك -:
الرين، و - بالسكون -: الختم.
(4) " منهم " أي من أشباه الأحبار والرهبان " العلماء " يعني العلماء
بالله الربانيين " بالتكليف " يعني تكليفهم بالحق. كما
في هامش الكافي.
(5) في بعض النسخ " عملوا الحق ". كما في هامش الكافي.
3545
قالوا: فارقت، وإن قالوا: هاتوا برهانكم
على ما تحدثون قالوا: نافقت، وإن أطاعوهم
قالوا: عصيت الله عز وجل، فهلك جهال فيما
لا يعلمون، أميون فيما يتلون، يصدقون بالكتاب
عند التعريف (1) ويكذبون به عند التحريف، فلا
ينكرون، أولئك أشباه الأحبار والرهبان قادة
في الهوى، سادة في الردى، وآخرون منهم
جلوس بين الضلالة والهدى، لا يعرفون إحدى
الطائفتين من الأخرى، يقولون ما كان الناس
يعرفون هذا ولا يدرون ما هو، وصدقوا تركهم
رسول الله (صلى الله عليه وآله) على البيضاء (2) ليلها من نهارها، لم
يظهر فيهم بدعة ولم يبدل فيهم سنة، لا خلاف
عندهم ولا اختلاف، فلما غشى الناس ظلمة
خطاياهم صاروا إمامين: داع إلى الله تبارك
وتعالى وداع إلى النار، فعند ذلك نطق الشيطان
فعلا صوته على لسان أوليائه، وكثر خيله
ورجله (3)، وشارك في المال والولد من أشركه
فعمل بالبدعة وترك الكتاب والسنة، ونطق أولياء
الله بالحجة وأخذوا بالكتاب والحكمة، فتفرق من
ذلك اليوم أهل الحق وأهل الباطل، وتخاذل (4)
وتهادن أهل الهدى، وتعاون أهل الضلالة، حتى
كانت الجماعة مع فلان وأشباهه، فاعرف هذا
الصنف وصنف آخر فأبصرهم رأي العين نجباء (5)
وألزمهم حتى تردا هلك، فإن الخاسرين
الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا
ذلك هو الخسران المبين.
إلى هاهنا رواية الحسين وفي رواية محمد
ابن يحيى زيادة:
لهم علم بالطريق، فإن كان دونهم
بلاء فلا تنظر إليهم، فإن كان دونهم (6)
عسف من أهل العسف وخسف (7)، ودونهم بلايا
تنقضي، ثم تصير إلى رخاء ثم اعلم
أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض،
ولولا أن تذهب بك الظنون عني (8) لجليت
لك عن أشياء من الحق غطيتها، ولنشرت
لك أشياء من الحق كتمتها ولكني أتقيك
وأستبقيك، وليس الحليم الذي لا يتقي
أحدا في مكان التقوى، والحلم لباس العالم
فلا تعرين منه، والسلام (9).
(انظر) البحار: 78 / 358 باب 27.



(1) في بعض " النسخ عند التحريف ". كما في هامش الكافي.
(2) يعني الشريعة الواضح مجهولها عن معلومها، وعالمها عن
جاهلها. كما في هامش الكافي.
(3) الخيل: جماعة الفرسان، والرجل: جماعة المشاة، أي أعوانه
القوية والضعيفة. كما في هامش الكافي.
(4) أي تركوا نصرة الحق. وفي بعض النسخ " تخادن " من الخدن
وهو الصديق. وتهادن من المهادنة بمعنى المصالحة، وفي بعض
النسخ " تهاون " أي عن نصرة الحق، وهذا أنسب بالتخاذل، كما
أن التهادن أنسب بالتخادن. كما في هامش الكافي.
(5) بالنون والجيم والباء الموحدة، وفي بعض النسخ " تحيا " من
الحياة. كما في هامش الكافي.
(6) في بعض النسخ " إليه فإن دونهم " وهو الصواب، أي فلا ينظرون
إلى البلاء لأنه ينقضي ولا يبقى.
(7) العسف: الجور والظلم، وهو في الأصل أن يأخذ المسافر على
غير طريق ولا جادة ولا علم، وقيل: هو ركوب الأمر من غير
روية. والخسف: النقصان والهوان. وقوله: " ينقضي " جزاء
الشرط. كما في هامش الكافي.
(8) أي يصير ظنك السئ بي سببا لانحرافك عني وعدم إصغائك
إلي بعد ذلك. كما في هامش الكافي.
(9) الكافي: 8 / 52 - 55.
3546
[4087]
وصايا الإمام العسكري
- الإمام العسكري (عليه السلام) - لشيعته -: أوصيكم
بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله،
وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم
من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار،
فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله)، صلوا في عشائرهم
واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا
حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه،
وصدق في حديثه، وأدى الأمانة، وحسن خلقه
مع الناس، قيل: هذا شيعي فيسرني ذلك. اتقوا الله
وكونوا زينا ولا تكونوا شينا، جروا إلينا كل مودة،
وادفعوا عنا كل قبيح، فإنه ما قيل فينا من حسن
فنحن أهله، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك.
لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله،
وتطهير من الله لا يدعيه أحد غيرنا إلا كذاب.
أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة
على النبي (صلى الله عليه وآله)، فإن الصلاة على رسول الله عشر
حسنات. احفظوا ما وصيتكم به، وأستودعكم
الله، وأقرأ عليكم السلام (1).
(انظر) البحار: 78 / 365 باب 28.



(1) تحف العقول: 487.
3547
(546)
الوصية
(2)
الوصية لما بعد الموت
كنز العمال: 16 / 612 " كتاب الوصية ".
البحار: 103 / 193 باب 1 " أبواب الوصايا ".
وسائل الشيعة: 2 / 657 باب 29، 30 " الوصية ".
وسائل الشيعة: 13 / 351 " كتاب الوصايا ".

3549
[4088]
الوصية
الكتاب
* (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا
الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على
المتقين) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الوصية حق على
كل مسلم (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): المحروم من حرم الوصية (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما حق امرئ مسلم له شئ
يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا وصيته
مكتوبة عنده (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما ينبغي لامرئ مسلم أن
يبيت ليلة إلا ووصيته تحت رأسه (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من مات على وصية مات
على سبيل وسنة، ومات على تقى وشهادة،
ومات مغفورا له (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل أعطاكم ثلث
أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى تصدق عليكم عند
وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من لم يوص عند
موته لذوي قرابته ممن لا يرثه فقد ختم
عمله بمعصية (9).
(انظر) وسائل الشيعة: 13 / 354 باب 4.
[4089]
أدب الوصية
الكتاب
* (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله
اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون * أم كنتم
شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من
بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) * (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - عن آبائه (عليهم السلام) -: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم يحسن الوصية عند موته
كان نقصا في عقله ومروته، قالوا: يا رسول الله
وكيف الوصية؟ قال: إذا حضرته الوفاة واجتمع
الناس إليه قال: اللهم فاطر السماوات والأرض
عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، إني أعهد
إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا



(1) البقرة: 180.
(2) وسائل الشيعة: 13 / 352 / 24543.
(3) كنز العمال: 46051، 46052.
(4) كنز العمال: 46051، 46052.
(5) البحار: 103 / 194 / 3.
(6) كنز العمال: 46050، 46055، 46064.
(7) كنز العمال: 46050، 46055، 46064.
(8) كنز العمال: 46050، 46055، 46064.
(9) تهذيب الأحكام: 9 / 174 / 708.
(10) البقرة: 132 و 133.
3550
أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبدك
ورسولك، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنك
تبعث من في القبور، وأن الحساب حق، وأن
الجنة حق، وما وعد الله فيها من النعيم من المأكل
والمشرب، والنكاح حق، وأن النار حق، وأن
الإيمان حق، وأن الدين كما وصفت، وأن الإسلام
كما شرعت، وأن القول كما قلت، وأن القرآن كما
أنزلت، وأنك أنت الله الحق المبين.
وأني أعهد إليك في دار الدنيا أني رضيت بك
ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد (صلى الله عليه وآله) نبيا، وبعلي
إماما، وبالقرآن كتابا، وأن أهل بيت نبيك عليه
وعليهم السلام أئمتي، اللهم أنت ثقتي عند
شدتي، ورجائي عند كربتي، وعدتي عند الأمور
التي تنزل بي، وأنت وليي في نعمتي، وإلهي وإله
آبائي، صل على محمد وآله، ولا تكلني إلي
نفسي طرفة عين أبدا، وآنس في قبري وحشتي،
واجعل لي عندك عهدا يوم ألقاك منشورا.
فهذا عهد الميت يوم يوصي بحاجته،
والوصية حق على كل مسلم.
قال أبو عبد الله (عليه السلام): وتصديق هذا في سورة
مريم قول الله تبارك وتعالى: * (لا يملكون
الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) *
وهذا هو العهد.
وقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): تعلمها أنت
وعلمها أهل بيتك وشيعتك، قال: وقال (عليه السلام):
علمنيها جبرئيل (1).
(انظر) وسائل الشيعة: 13 / 353 باب 3.
[4090]
النهي عن الإضرار والحيف
في الوصية
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الإضرار في الوصية من
الكبائر (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الضرار في الوصية من الكبائر (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أوصى بالثلث فقد
أضر بالورثة، والوصية بالخمس والربع أفضل من
الوصية بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك (4).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أبالي أضررت بولدي،
أو سرقتهم ذلك المال (5).
- عنه (عليه السلام): من أوصى ولم يحف ولم يضار كان
كمن تصدق به في حياته (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)
في رجل توفي وأوصى بماله كله أو أكثره،
فقال له: الوصية ترد إلى المعروف غير
المنكر، فمن ظلم نفسه وأتى في وصيته
المنكر والحيف فإنها ترد إلى المعروف،
ويترك لأهل الميراث ميراثهم (7).
- الإمام علي (عليه السلام): الحيف في الوصية
من الكبائر (8).
(انظر) وسائل الشيعة: 13 / 356 باب 5 وص 358 باب 8.



(1) فلاح السائل: 66.
(2) كنز العمال: 46069، 46081.
(3) كنز العمال: 46069، 46081.
(4) الكافي: 7 / 11 / 5.
(5) الفقيه: 4 / 183 / 5418.
(6) الكافي: 7 / 62 / 18.
(7) وسائل الشيعة: 13 / 358 / 24560.
(8) الفقيه: 4 / 184 / 5420.
3551
[4091]
من هو وصي نفسه
- الإمام علي (عليه السلام): يا بن آدم! كن وصي
نفسك في مالك، واعمل فيه ما تؤثر أن يعمل
فيه من بعدك (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل استوصاه -: هيئ
جهازك، وأصلح زادك، وكن وصي نفسك، فإنه
ليس من الله عوض، ولا لقول الله خلف (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - أيضا -: أعد جهازك،
وقدم زادك، وكن وصي نفسك، لا تقل لغيرك
يبعث إليك بما يصلحك (3).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 254.
(2) كنز العمال: 44164.
(3) البحار: 78 / 270 / 111.
3552
(547)
التواضع
البحار: 75 / 117 باب 51 " التواضع ".
كنز العمال: 3 / 110، 701 " التواضع ".
البحار: 41 / 54 باب 105 " تواضع أمير المؤمنين (عليه السلام) ".
انظر:
عنوان 453 " الكبر "، 408 " الفخر "، العلم: باب 2871، النبوة (1): باب 3840.

3553
[4092]
التواضع
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف
يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة
على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة
لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لأحسب إلا بتواضع (2).
- الإمام علي (عليه السلام): لأحسب كالتواضع (3).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): لا حسب لقرشي
ولا لعربي إلا بتواضع (4).
- الإمام علي (عليه السلام): التواضع زينة الحسب (5).
- عنه (عليه السلام): زينة الشريف التواضع (6).
- عنه (عليه السلام): التواضع زكاة الشرف (7).
- عنه (عليه السلام): التواضع أفضل الشرفين (8).
- عنه (عليه السلام): التواضع ينشر الفضيلة (9).
- الإمام العسكري (عليه السلام): التواضع نعمة
لا يحسد عليها (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مالي لا أرى عليكم
حلاوة العبادة؟ قالوا: وما حلاوة العبادة؟
قال: التواضع (11).
- الإمام علي (عليه السلام): عليك بالتواضع، فإنه
من أعظم العبادة (12).
- عنه (عليه السلام) - في العبرة بالماضين -: ولكنه
سبحانه كره إليهم التكابر، ورضي لهم التواضع،
فألصقوا بالأرض خدودهم، وعفروا في التراب
وجوههم، وخفضوا أجنحتهم للمؤمنين (13).
- عنه (عليه السلام) - في صفة المتقين -: وملبسهم
الاقتصاد، ومشيهم التواضع (14).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الملائكة -: جعلهم
الله فيما هنالك أهل الأمانة على وحيه، وحملهم
إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه... وأشعر قلوبهم
تواضع إخبات السكينة (15).
- عنه (عليه السلام) - في بيان فلسفة العبادات -: ولما
في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعا،
والتصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغرا،
ولحوق البطون بالمتون من الصيام تذللا (16).
- عنه (عليه السلام) - في ذكر الحج -: وجعله سبحانه



(1) المائدة: 54.
(2) البحار: 77 / 168 / 6.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 113.
(4) الخصال: 1 / 18 / 62.
(5) البحار: 78 / 80 / 65 و 75 / 120 / 11.
(6) البحار: 78 / 80 / 65 و 75 / 120 / 11.
(7) غرر الحكم: 939.
(8) غرر الحكم: 1643، 522.
(9) غرر الحكم: 1643، 522.
(10) تحف العقول: 489.
(11) تنبيه الخواطر: 1 / 201.
(12) البحار: 75 / 119 / 5.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 192 و 193 و 91 و 192.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 192 و 193 و 91 و 192.
(15) نهج البلاغة: الخطبة 192 و 193 و 91 و 192.
(16) نهج البلاغة: الخطبة 192 و 193 و 91 و 192.
3554
علامة لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته (1).
- الإمام العسكري (عليه السلام): أعرف الناس بحقوق
إخوانه وأشدهم قضاء لها أعظمهم عند الله شأنا،
ومن تواضع في الدنيا لإخوانه فهو عند الله من
الصديقين، ومن شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام)
حقا، ولقد ورد على أمير المؤمنين أخوان
له مؤمنان: أب وابن، فقام إليهما وأكرمهما
وأجلسهما في صدر مجلسه وجلس بين يديهما،
ثم أمر بطعام فاحضر فأكلا معه، ثم جاء
قنبر بطست وإبريق خشب ومنديل لييبس وجاء
ليصب على يد الرجل، فوثب أمير المؤمنين (عليه السلام)
وأخذ الإبريق ليصب على يد الرجل، فتمرغ
الرجل، في التراب وقال: يا أمير المؤمنين!
الله يراني وأنت تصب على يدي؟ قال:
اقعد واغسل فإن الله عز وجل يراك وأخوك
الذي لا يتميز منك ولا يتفضل عليك يخدمك،
يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة
أضعاف عدد أهل الدنيا، وعلى حسب ذلك في
مماليكه فيها.
فقعد الرجل فقال له علي (عليه السلام): أقسمت عليك
بعظم حقي الذي عرفته وبجلته وتواضعك لله،
حتى جازاك عنه بأن ندبني لما شرفك به من
خدمتي لك، لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل
لو كان الصاب عليك قنبر، ففعل الرجل ذلك،
فلما فرغ ناول الإبريق محمد بن الحنفية
وقال: يا بني لو كان هذا الابن حضرني دون
أبيه لصببت على يده، ولكن الله عز وجل يأبى أن
يسوي بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان، لكن قد
صب الأب على الأب فليصب الابن على الابن،
فصب محمد بن الحنفية على الابن. ثم قال
الحسن بن علي العسكري (عليه السلام): فمن اتبع
عليا (عليه السلام) على ذلك فهو الشيعي حقا (2).
- أبو النصر: سألت عبد الله بن محمد بن خالد
عن محمد بن مسلم فقال: كان رجلا شريفا
موسرا، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): تواضع يا محمد!
فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرة من تمر مع
الميزان، وجلس على باب مسجد الجامع وصار
ينادي عليه، فأتاه قومه فقالوا له: فضحتنا،
فقال: إن مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه، ولن
أبرح حتى أفرغ من بيع ما في هذه القوصرة، فقال
له قومه: إذا أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشراء فاقعد
في الطحانين، فهيأ رحى وجملا وجعل يطحن (3).
[4093]
حد التواضع
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما سئل عن حد
التواضع -: أن تعطي الناس من نفسك ما
تحب أن يعطوك مثله (4).
- عنه (عليه السلام): التواضع أن تعطي الناس ما
تحب أن تعطاه (5).
- عنه (عليه السلام) - لما سأله ابن الجهم: ما حد



(1) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(2) البحار: 75 / 117 / 1 وص 121 / 13.
(3) البحار: 75 / 117 / 1 وص 121 / 13.
(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 50 / 192.
(5) الكافي: 2 / 124 / 13.
3555
التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟ -:
التواضع درجات: منها أن يعرف المرء قدر
نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحب أن
يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه، إن
رأى سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ، عاف عن
الناس، والله يحب المحسنين (1).
- الإمام علي (عليه السلام): حسب المرء... من تواضعه
معرفته بقدره (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): التواضع أن ترضى
من المجلس بدون شرفك، وأن تسلم على من
لاقيت، وأن تترك المراء وإن كنت محقا،
ورأس الخير التواضع (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): التواضع الرضا بالمجلس
دون شرفه، وأن تسلم على من لقيت، وأن تترك
المراء وإن كنت محقا (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن التواضع -:
هو أن ترضى من المجلس بدون شرفك، وأن
تسلم على من لقيت، وأن تترك المراء وإن
كنت محقا (5).
(انظر) التواضع: باب 4097.
[4094]
من تواضع عن رفعة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أفضل الناس عبدا
من تواضع عن رفعة (6).
- الإمام علي (عليه السلام): التواضع مع الرفعة
كالعفو مع القدرة (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ترك لبس ثوب جمال
وهو يقدر عليه تواضعا كساه الله حلة الكرامة (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من ترك زينة لله، ووضع ثيابا
حسنة تواضعا لله وابتغاء وجهه، كان حقا
على الله أن يكسوه من عبقري الجنة في
تخات الياقوت (9).
[4095]
أدب التواضع
الكتاب
* (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) * (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن تواضع لله تعالى
في غير منقصة، وأذل نفسه في غير
مسكنة (11).
- الإمام علي (عليه السلام): طوبى لمن شغله عيبه
عن عيوب الناس، وتواضع من غير منقصة (12).
- عنه (عليه السلام): الجوع خير من الخضوع (13).



(1) الكافي: 2 / 124 / 13.
(2) البحار: 78 / 80 / 66 و 75 / 123 / 20.
(3) البحار: 78 / 80 / 66 و 75 / 123 / 20.
(4) تحف العقول: 296.
(5) البحار: 78 / 277 / 113.
(6) البحار: 77 / 179 / 10.
(7) غرر الحكم: 1952.
(8) البحار: 71 / 425 / 68.
(9) كنز العمال: 5749.
(10) المائدة: 54.
(11) تنبيه الخواطر: 2 / 66.
(12) البحار: 75 / 119 / 4.
(13) غرر الحكم: 1447.
3556
[4096]
من تواضع لغني لغناه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أتى ذا ميسرة فتخشع
له طلب ما في يديه، ذهب ثلثا دينه.
ثم قال: ولا تعجل، وليس يكون الرجل
ينال من الرجل المرفق فيجله ويوقره
فقد يجب ذلك له عليه، ولكن تراه أنه
يريد بتخشعه ما عند الله، أو يريد أن يختله
عما في يديه (1).
- الإمام علي (عليه السلام): من أتى غنيا فتواضع له
لغناه ذهب ثلثا دينه (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أتى غنيا فتضعضع
له لشئ يصيبه منه ذهب ثلثا دينه (3).
- عنه (عليه السلام): أيما مؤمن خضع لصاحب سلطان
أو من يخالفه على دينه طلبا لما في يديه
أخمله الله ومقته عليه ووكله إليه، فإن هو غلب
على شئ من دنياه وصار في يده منه شئ نزع
الله البركة منه، ولم يؤجره على شئ ينفقه
في حج ولا عمرة ولا عتق (4).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أحسن تواضع الأغنياء
للفقراء طلبا لما عند الله، وأحسن منه تيه الفقراء
على الأغنياء اتكالا على الله (5).
(انظر) الدنيا: باب 1248.
[4097]
علامات التواضع
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من التواضع لله
الرضا بالدون من شرف المجالس (6).
- الإمام علي (عليه السلام): ثلاث هن رأس التواضع:
أن يبدأ بالسلام من لقيه، ويرضى بالدون من
شرف المجلس، ويكره الرياء والسمعة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - عن آبائه (عليهم السلام) -: إن
من التواضع أن يرضى الرجل بالمجلس دون
المجلس، وأن يسلم على من يلقى، وأن
يترك المراء وإن كان محقا، ولا يحب أن
يحمد على التقوى (8).
- عنه (عليه السلام): من التواضع أن تسلم على
من لقيت (9).
- عنه (عليه السلام): إن من التواضع أن يجلس
الرجل دون شرفه (10).
- الإمام العسكري (عليه السلام): من التواضع
السلام على كل من تمر به، والجلوس دون
شرف المجلس (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أفطر رسول الله (صلى الله عليه وآله)



(1) البحار: 73 / 169 / 5.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 228.
(3) البحار: 77 / 43 / 13.
(4) ثواب الأعمال: 2 / 294 / 1.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 406.
(6) كنز العمال: 5724، 8506.
(7) كنز العمال: 5724، 8506.
(8) البحار: 75 / 118 / 3 وص 120 / 9.
(9) البحار: 75 / 118 / 3 وص 120 / 9.
(10) الكافي: 2 / 123 / 9.
(11) البحار: 78 / 372 / 9.
3557
عشية خميس في مسجد قبا، فقال: هل
من شراب؟ فأتاه أوس بن خولي الأنصاري
بعس مخيض بعسل، فلما وضعه على فيه نحاه،
ثم قال: شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه،
لا أشربه ولا أحرمه ولكن أتواضع لله (1).
[4098]
ثمرة التواضع
- الإمام علي (عليه السلام): ثمرة التواضع المحبة،
ثمرة الكبر المسبة (2).
- عنه (عليه السلام): التواضع يكسبك السلامة (3).
- عنه (عليه السلام): التواضع يكسوك المهابة (4).
- عنه (عليه السلام): من تواضع قلبه لله لم يسأم بدنه
من طاعة الله (5).
- عنه (عليه السلام): بخفض الجناح تنتظم الأمور (6).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إن لقمان قال لابنه:
تواضع للحق تكن أعقل الناس (7).
- عنه (عليه السلام): إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت
في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب
المتواضع، ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار،
لأن الله جعل التواضع آلة العقل، وجعل التكبر
من آلة الجهل (8).
- الإمام علي (عليه السلام): بالتواضع تتم النعمة (9).
- عنه (عليه السلام): التواضع ينشر الفضيلة، التكبر
يظهر الرذيلة (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تواضعوا حتى لا يبغي
أحد على أحد (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى أوحى إلي أن
تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي
أحد على أحد (12).
- الإمام علي (عليه السلام): اتخذوا التواضع مسلحة
بينكم وبين عدوكم إبليس وجنوده، فإن له من
كل أمة جنودا وأعوانا (13).
[4099]
التواضع والرفعة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن التواضع يزيد صاحبه
رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): التواضع لا يزيد العبد إلا
رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله (15).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما تواضع أحد إلا رفعه الله (16).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من تواضع لله رفعه الله (17).



(1) الكافي: 2 / 122 / 3.
(2) غرر الحكم: (4613 - 4614).
(3) البحار: 75 / 120 / 11 و 77 / 287 / 1 و 78 / 90 / 95.
(4) البحار: 75 / 120 / 11 و 77 / 287 / 1 و 78 / 90 / 95.
(5) البحار: 75 / 120 / 11 و 77 / 287 / 1 و 78 / 90 / 95.
(6) غرر الحكم: 4302.
(7) تحف العقول: 386.
(8) البحار: 78 / 312 / 1.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 224.
(10) غرر الحكم: 522، 523.
(11) تنبيه الخواطر: 2 / 120.
(12) كنز العمال: 5722.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 192.
(14) الكافي: 2 / 121 / 1.
(15) كنز العمال: 5719.
(16) البحار: 75 / 120 / 7.
(17) كنز العمال: 5730.
3558
- عنه (صلى الله عليه وآله): من يتواضع لله درجة يرفعه الله
درجة، حتى يجعله في عليين (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا تواضع العبد رفعه الله إلى
السماء السابعة (2).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إن الله لم يرفع
المتواضعين بقدر تواضعهم، ولكن رفعهم
بقدر عظمته ومجده (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة لا يزيد الله بهن إلا
خيرا: التواضع لا يزيد الله به إلا ارتفاعا،
وذل النفس لا يزيد الله به إلا عزا، والتعفف
لا يزيد الله به إلا غنى (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا علي! والله لو أن المتواضع في
قعر بئر لبعث الله عز وجل إليه ريحا يرفعه فوق
الأخيار في دولة الأشرار (5).
- الإمام علي (عليه السلام): ما من أحد من ولد آدم
إلا وناصيته بيد ملك، فإن تكبر
جذبه بناصيته إلى الأرض وقال له: تواضع
وضعك الله! وإن تواضع جذبه بناصيته ثم
قال له: ارفع رأسك رفعك الله، ولا وضعك
بتواضعك الله (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من آدمي إلا وفي رأسه
حكمة بيد ملك، فإذا تواضع قيل للملك: ارفع
حكمته، وإذا تكبر قيل للملك: ضع حكمته (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من تواضع لله رفعه الله، فهو في
نفسه ضعيف وفي أعين الناس عظيم، ومن
تكبر وضعه الله، فهو في أعين الناس صغير
وفي نفسه كبير، حتى لهو أهون عليهم من
كلب أو خنزير (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن في السماء
ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع لله
رفعاه، ومن تكبر وضعاه (9).
- الإمام علي (عليه السلام): اتضع، ترتفع (10).
- عنه (عليه السلام): إذا تفقه الرفيع تواضع (11).
- عنه (عليه السلام): التواضع يرفع، التكبر يضع (12).
- عنه (عليه السلام): ما تواضع إلا رفيع (13).
- عنه (عليه السلام): العاقل يضع نفسه فيرتفع،
الجاهل يرفع نفسه فيتضع (14).
- عنه (عليه السلام): التواضع يرفع الوضيع، التكبر
يضع الرفيع (15).
- عنه (عليه السلام): أعظم الناس رفعة من وضع
نفسه، أكثر الناس ضعة من تعاظم في نفسه (16).
- عنه (عليه السلام): التواضع سلم الشرف، التكبر
أس التلف (17).
- عنه (عليه السلام): التواضع من مصائد الشرف (18).
- عنه (عليه السلام): ألن كنفك وتواضع لله يرفعك (19).
(انظر) الكبر: باب 3443.
[4100]
ما يستعان به على التواضع
- الإمام علي (عليه السلام): لا يستعان... على التواضع



(1) كنز العمال: 5721، 5720.
(2) كنز العمال: 5721، 5720.
(3) تحف العقول: 399.
(4) البحار: 75 / 123 / 22 و 77 / 53 / 3 و 75 / 120 / 11.
(5) البحار: 75 / 123 / 22 و 77 / 53 / 3 و 75 / 120 / 11.
(6) البحار: 75 / 123 / 22 و 77 / 53 / 3 و 75 / 120 / 11.
(7) كنز العمال: 5729.
(8) كنز العمال: 5737.
(9) الكافي: 2 / 122 / 2.
(10) غرر الحكم: 2250، 4048، 11، 9468، (677 - 678)،
(310 - 311)، 3179، (1051 - 1052)، 1505، 2361.
(11) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(12) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(13) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(14) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(15) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(16) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(17) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(18) تقدم آنفا تحت رقم 10.
(19) تقدم آنفا تحت رقم 10.
3559
إلا بسلامة الصدر (1).
- عنه (عليه السلام): التواضع ثمرة العلم (2).
- عنه (عليه السلام): وإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة
الله أن يتعظم، فإن رفعة الذين يعلمون ما
عظمته أن يتواضعوا له (3).
(انظر) الكبر: باب 3438، 3440، 3441.



(1) البحار: 78 / 7 / 59.
(2) غرر الحكم: 301.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 147.
3560
(548)
الوضوء
وسائل الشيعة: 1 / 256 - 345 " أبواب الوضوء ".
وسائل الشيعة: 1 / 174 - 211 " نواقض الوضوء ".
البحار: 80 / 212 - 375 " أبواب الوضوء ".
كنز العمال: 9 / 280 - 343 " في الوضوء ".
انظر:
عنوان: 322 " الطهارة "، النوم: باب 3973.

3561
[4101]
الوضوء
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا
وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم
وأرجلكم إلى الكعبين... ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج
ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم
تشكرون) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الوضوء نصف الإيمان (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الوضوء شطر الإيمان (3).
- الإمام علي (عليه السلام): الطهر نصف الإيمان (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): الوضوء فريضة (5).
- الإمام علي (عليه السلام): من أحسن الطهور ثم مشى
إلى المسجد، فهو في صلاة ما لم يحدث (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): لا صلاة إلا بطهور (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الوضوء قبل الطعام
وبعده يذهبان الفقر (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لعلي (عليه السلام) -:
يا علي! ثلاث درجات، وثلاث كفارات، وثلاث
مهلكات، وثلاث منجيات، فأما الدرجات
فإسباغ الوضوء في السبرات (9)، وانتظار الصلاة
بعد الصلاة، والمشي بالليل والنهار إلى
الجماعات (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أسبغ الوضوء في البرد
الشديد كان له من الأجر كفلان، ومن أسبغ
الوضوء في الحر الشديد كان له أجر كفل (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أسبغ الوضوء في البرد
الشديد كان له من الأجر كفلان (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إسباغ الوضوء في المكاره،
وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة
بعد الصلاة، يغسل الخطايا غسلا (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا توضأ الرجل المسلم خرجت
خطاياه من سمعه وبصره ويديه ورجليه، فإن قعد
قعد مغفورا له (14).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إذا توضأ العبد تحاط عنه
ذنوبه كما تحاط ورق هذه الشجرة (15).
(انظر) الطهارة: باب 2423.



(1) المائدة: 6.
(2) البحار: 80 / 238 / 12.
(3) الكافي: 3 / 72 / 8.
(4) البحار: 80 / 237 / 11.
(5) وسائل الشيعة: 1 / 256 / 2.
(6) البحار: 80 / 237 / 11.
(7) الفقيه: 1 / 58 / 129.
(8) علل الشرائع: 283.
(9) السبرات: جمع سبرة - بالفتح - شدة البرد، وقيل:
الغداة الباردة، وفي بعض نسخ المصدر " الشتوات ".
(10) البحار: 77 / 52 / 3.
(11) كنز العمال: 26059، 26039، 26027، 26031، 26030.
(12) كنز العمال: 26059، 26039، 26027، 26031، 26030.
(13) كنز العمال: 26059، 26039، 26027، 26031، 26030.
(14) كنز العمال: 26059، 26039، 26027، 26031، 26030.
(15) كنز العمال: 26059، 26039، 26027، 26031، 26030.
3562
[4102]
علة الوضوء
- الإمام الباقر (عليه السلام): إنما الوضوء حد من
حدود الله، ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه (1).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - في علة الوضوء -:
لأنه يكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي
الجبار عند مناجاته إياه، مطيعا له فيما أمره،
نقيا من الأدناس والنجاسة، مع ما فيه من ذهاب
الكسل وطرد النعاس، وتزكية الفؤاد للقيام بين
يدي الجبار (2).
[4103]
آثار الوضوء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يحشر الله عز وجل أمتي
يوم القيامة بين الأمم غرا محجلين من
آثار الوضوء (3).
- الإمام الهادي (عليه السلام): لما كلم الله عز وجل
موسى بن عمران (عليه السلام)... قال: إلهي فما جزاء من
أتم الوضوء من خشيتك؟ قال: أبعثه يوم القيامة
وله نور بين عينيه يتلألأ (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تردون علي غرا محجلين
من آثار الوضوء، ليست لأحد غيركم (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما سئل: كيف تعرف أمتك من
بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك -: هم
غر محجلون من أثر الوضوء، ليس لأحد كذلك
غيرهم، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم (6).
(انظر) النور: باب 3962، 3963.
[4104]
الجفاء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله تعالى: من
أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني، ومن أحدث
وتوضأ [ولم يصل ركعتين فقد جفاني،
ومن أحدث وتوضأ] وصلى ركعتين ودعاني ولم
أجبه فيما سألني من أمور دينه ودنياه فقد
جفوته، ولست برب جاف (7).
[4105]
فضل كثرة الوضوء
الكتاب
* (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا
النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا
تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين
ويحب المتطهرين) * (8).
* (لا يمسه إلا المطهرون) * (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثر من الطهور يزد الله



(1) علل الشرائع: 279، 257.
(2) علل الشرائع: 279، 257.
(3) البحار: 80 / 237 / 11.
(4) أمالي الصدوق: 174.
(5) صحيح مسلم: 248.
(6) الترغيب والترهيب: 1 / 151 / 6.
(7) البحار: 80 / 308 / 18.
(8) البقرة: 222.
(9) الواقعة: 79.
3563
في عمرك، وإن استطعت أن تكون بالليل
والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا
مت على الطهارة شهيدا (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن استطعت أن لا تزال على
الوضوء، فإنه من أتاه الموت وهو على
وضوء أعطي الشهادة (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن استطعت أن تكون أبدا
على وضوء فافعل، فإن ملك الموت إذا قبض
روح العبد وهو على وضوء كتب له شهادة (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الطاهر النائم كالصائم القائم (4).
(انظر) النوم: باب 3978.
[4106]
تجديد الوضوء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من توضأ على طهر كتب
له عشر حسنات (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من جدد وضوءه
لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار (6).
- عنه (عليه السلام): الوضوء على الوضوء نور
على نور (7).
(انظر) وسائل الشيعة: 1 / 263 باب 8.
[4107]
وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله)
- الإمام الباقر (عليه السلام): ألا أحكي لكم وضوء
رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقلنا: بلى، فدعا بقعب فيه شئ
من ماء ثم وضعه بين يديه، ثم حسر عن ذراعيه،
ثم غمس فيه كفه اليمنى، ثم قال: هكذا إذا كانت
الكف طاهرة، ثم غرف فملأها ماء فوضعها على
جبينه، ثم قال: " بسم الله " وسدله على أطراف
لحيته، ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة
واحدة، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها،
ثم وضعه على مرفقه اليمنى، وأمر كفه على
ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ثم
غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرى،
وأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على
أطراف أصابعه، ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه
ببلة يساره وبقية بلة يمناه (8).



(1) أمالي المفيد: 60 / 5.
(2) كنز العمال: 26066، 26065، 25999، 26042.
(3) كنز العمال: 26066، 26065، 25999، 26042.
(4) كنز العمال: 26066، 26065، 25999، 26042.
(5) كنز العمال: 26066، 26065، 25999، 26042.
(6) وسائل الشيعة: 1 / 264 / 7.
(7) وسائل الشيعة: 1 / 265 / 8، عوالي اللآلي: 1 / 23 / 2.
(8) الكافي: 3 / 25 / 4.
3564
(549)
الوطن
البحار: 60 / 201 باب 36 " الممدوح من البلدان والمذموم منها ".
البحار: 75 / 392 باب 86 " الدخول في بلاد المخالفين ".
انظر:
عنوان: 45 " البلد ".

3565
[4108]
حب الوطن
- الإمام علي (عليه السلام): عمرت البلدان بحب
الأوطان (1).
- عنه (عليه السلام): من كرم المرء بكاؤه على ما
مضى من زمانه، وحنينه إلى أوطانه، وحفظه
قديم إخوانه (2).
- روي: حب الوطن من الإيمان (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لأبان لما قدم عليه -:
يا أبان! كيف تركت أهل مكة؟ فقال: تركتهم
وقد جيدوا، وتركت الإذخر وقد أعذق،
وتركت الثمام وقد خاص، فاغرورقت عينا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصحبه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - وهو على ناقته واقف بالحزورة
يقول لمكة -: والله إنك لخير أرض الله،
وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أخرجت منك
ما خرجت (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الموتى -:
فكأنهم لم يكونوا للدنيا عمارا، وكأن الآخرة
لم تزل لهم دارا، أوحشوا ما كانوا يوطنون (6)،
وأوطنوا ما كانوا يوحشون (7).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: لا يستأنسون بالأوطان،
ولا يتواصلون تواصل الجيران (8).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الدنيا -: ولنعم دار من
لم يرض بها دارا، ومحل من لم يوطنها محلا! وإن
السعداء بالدنيا غدا هم الهاربون منها اليوم (9).
ثغر المملكة الإسلامية:
قال العلامة الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه
في تبيين ثغر المملكة الإسلامية ما نصه:
ثغر المملكة الإسلامية هو الاعتقاد دون
الحدود الطبيعية أو الاصطلاحية:
ألغى الإسلام أصل الانشعاب القومي من أن
يؤثر في تكون المجتمع أثره ذاك الانشعاب الذي
عامله الأصلي البدوية والعيش بعيشة القبائل
والبطون، أو اختلاف منطقة الحياة والوطن
الأرضي، وهذان - أعني البدوية، واختلاف
مناطق الأرض في طبائعها الثانوية من حرارة
وبرودة وجدب وخصب وغيرهما - هما العاملان
الأصليان لانشعاب النوع الإنساني شعوبا وقبائل
واختلاف ألسنتهم وألوانهم على ما بين في محله.



(1) البحار: 78 / 45 / 50 و 74 / 264 / 3.
(2) البحار: 78 / 45 / 50 و 74 / 264 / 3.
(3) سفينة البحار: 8 / 525.
(4) تنبيه الخواطر: 1 / 38.
(5) الدر المنثور: 1 / 300.
(6) أوطن المكان: اتخذه وطنا.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 188 و 226 و 223.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 188 و 226 و 223.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 188 و 226 و 223.
3566
ثم صارا عاملين لحيازة كل قوم قطعة من
قطعات الأرض على حسب مساعيهم في الحياة
وبأسهم وشدتهم، وتخصيصها بأنفسهم وتسميتها
وطنا يألفونه ويذبون عنه بكل مساعيهم.
وهذا وإن كان أمرا ساقهم إلى ذلك الحوائج
الطبيعية التي يدفعهم الفطرة إلى رفعها،
غير أن فيه خاصة تنافي ما يستدعيه أصل الفطرة
الإنسانية من حياة النوع في مجتمع واحد، فإن
من الضروري أن الطبيعة تدعو إلى اجتماع القوى
المتشتتة وتألفها وتقويها بالتراكم والتوحد،
لتنال ما تطلبه من غايتها الصالحة بوجه أتم
وأصلح، وهذا أمر مشهود من حال المادة الأصلية
حتى تصير عنصرا ثم... ثم نباتا ثم حيوانا
ثم إنسانا.
والانشعابات بحسب الأوطان تسوق الأمة
إلى توحد في مجتمعهم يفصله عن المجتمعات
الوطنية الأخرى، فيصير واحدا منفصل الروح
والجسم عن الآحاد الوطنية الأخرى، فتنعزل
الإنسانية عن التوحد والتجمع وتبتلي من
التفرق والتشتت بما كانت تفر منه، ويأخذ
الواحد الحديث يعامل سائر الآحاد الحديثة
(أعني الآحاد الاجتماعية) بما يعامل به الإنسان
سائر الأشياء الكونية من استخدام واستثمار وغير
ذلك، والتجريب الممتد بامتداد الأعصار منذ أول
الدنيا إلى يومنا هذا يشهد بذلك، وما نقلناه من
الآيات في مطاوي الأبحاث السابقة يكفي في
استفادة ذلك من القرآن الكريم.
وهذا هو السبب في أن ألغى الإسلام هذه
الانشعابات والتشتتات والتميزات، وبنى
الاجتماع على العقيدة دون الجنسية والقومية
والوطن ونحو ذلك، حتى في مثل الزوجية
والقرابة في الاستمتاع والميراث، فإن المدار
فيهما على الاشتراك في التوحيد لا المنزل
والوطن مثلا.
ومن أحسن الشواهد على هذا ما نراه عند
البحث عن شرائع هذا الدين أنه لم يهمل أمره في
حال من الأحوال، فعلى المجتمع الإسلامي عند
أوج عظمته واهتزاز لواء غلبته أن يقيموا الدين
ولا يتفرقوا فيه، وعليه عند الاضطهاد والمغلوبية
ما يستطيعه من إحياء الدين وإعلاء كلمته...
وعلى هذا القياس، حتى أن المسلم الواحد عليه
أن يأخذ به ويعمل منه ما يستطيعه ولو كان بعقد
القلب في الاعتقاديات والإشارة في الأعمال
المفروضة عليه.
ومن هنا يظهر أن المجتمع الإسلامي قد جعل
جعلا يمكنه أن يعيش في جميع الأحوال وعلى
كل التقادير من حاكمية ومحكومية وغالبية
ومغلوبية وتقدم وتأخر وظهور وخفاء وقوة
وضعف. ويدل عليه من القرآن آيات التقية
بالخصوص، قال تعالى: * (من كفر بالله من بعد
إيمانه إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * (1)
وقوله: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * (2) وقوله: * (فاتقوا
الله ما استطعتم) * (3) وقوله: * (يا أيها الذين آمنوا



(1) النحل: 106.
(2) آل عمران: 28.
(3) التغابن: 16.
3567
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم
مسلمون) * (1) (2).
[4109]
الدفاع عن الوطن
الكتاب
* (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون
أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون) * (3).
* (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم
يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله
يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في
الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن
تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) * (4).
(انظر) آل عمران: 195.
- الإمام علي (عليه السلام) - وهو يستنهض الناس
حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم
ينهضوا -: ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال
(حرب) هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا،
وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله
ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا،
فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات،
وملكت عليكم الأوطان (5).
- عنه (عليه السلام) - بعد غارة الضحاك بن قيس
صاحب معاوية على الحاج بعد قصة الحكمين،
وهو يستنهض أصحابه لما حدث في الأطراف -:
أي دار بعد داركم تمنعون، ومع أي إمام
بعدي تقاتلون؟ (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل يبغض
رجلا يدخل عليه في بيته ولا يقاتل (7).
[4110]
الغربة والوطن
- الإمام علي (عليه السلام): الغنى في الغربة وطن،
والفقر في الوطن غربة (8).
- عنه (عليه السلام): ليس في الغربة عار، إنما العار
في الوطن الافتقار (9).
- عنه (عليه السلام): العقل في الغربة قربة، الحمق
في الوطن غربة (10).
- عنه (عليه السلام): من ضيق العطن لزوم الوطن (11).
- عنه (عليه السلام): ليس بلد بأحق بك من بلد، خير
البلاد ما حملك (12).
[4111]
شر الأوطان
- الإمام علي (عليه السلام): شر الأوطان ما لم يأمن
فيه القطان (13).
- عنه (عليه السلام): لا خير... في الوطن إلا مع



(1) آل عمران: 102.
(2) الميزان: 4 / 125.
(3) البقرة: 84.
(4) الممتحنة: 8، 9.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 27.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 29.
(7) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 28 / 24.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 56.
(9) غرر الحكم: 7517، (1291 - 1292)، 9276.
(10) غرر الحكم: 7517، (1291 - 1292)، 9276.
(11) غرر الحكم: 7517، (1291 - 1292)، 9276.
(12) نهج البلاغة: الحكمة 442.
(13) غرر الحكم: 5712.
3568
الأمن والمسرة (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا خير في... الوطن إلا
مع الأمن والسرور (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة العرب قبل البعثة -:
إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) نذيرا للعالمين، وأمينا
على التنزيل، وأنتم معشر العرب على شر دين،
وفي شر دار (3).
- عنه (عليه السلام) - في ذم أهل البصرة بعد
وقعة الجمل -: بلادكم أنتن بلاد الله تربة:
أقربها من الماء، وأبعدها من السماء، وبها
تسعة أعشار الشر (4).
- عنه (عليه السلام): وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار،
وغل الأيدي إلى الأعناق، وقرن النواصي
بالأقدام، وألبسهم سرابيل القطران، ومقطعات
النيران، في عذاب قد اشتد حره (5).
- عنه (عليه السلام): احذروا نارا قعرها بعيد، وحرها
شديد، وعذابها جديد، دار ليس فيها رحمة،
ولا تسمع فيها دعوة، ولا تفرج فيها كربة (6).



(1) الاختصاص: 243، 244.
(2) البحار: 77 / 58 / 3.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 26 و 13 و 109، والكتاب 27.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 26 و 13 و 109، والكتاب 27.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 26 و 13 و 109، والكتاب 27.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 26 و 13 و 109، والكتاب 27.
3569
(550)
الوعد
كنز العمال: 3 / 347، 771 " صدق الوعد ".
البحار: 5 / 331 باب 18 " الوعد والوعيد ".
وسائل الشيعة: 8 / 515 باب 109 " استحباب الصدق في الوعد ".
انظر:
عنوان: 373 " العهد "، 553 " الوفاء ".

3571
[4112]
وعد الله حق
الكتاب
* (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا
يوقنون) * (1).
* (فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي
نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون) * (2).
* (ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا
يخلف الميعاد) * (3).
* (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض
أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا
أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا
تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى
يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من وعده الله على عمل
ثوابا فهو منجزه له، ومن أوعده على عمل
عقابا فهو فيه بالخيار (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من وعده الله على عمل ثوابا
فهو منجزه له، ومن وعده على عمل عقابا فهو
فيه بالخيار (6).
- الإمام علي (عليه السلام): أفيضوا في ذكر الله
فإنه أحسن الذكر، وارغبوا فيما وعد المتقين فإن
وعده أصدق الوعد (7).
- عنه (عليه السلام): عباد الله! إنه ليس لما وعد الله من
الخير مترك، ولا فيما نهى عنه من الشر مرغب (8).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الله سبحانه -: الذي
صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام
بالقسط في خلقه (9).
(انظر) عنوان: 94 " الحبط ".
[4113]
العدة دين
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): العدة دين (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): العدة دين، ويل لمن وعد
ثم أخلف، ويل لمن وعد ثم أخلف، ويل
لمن وعد ثم أخلف (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): عدة المؤمن دين، وعدة المؤمن
كالأخذ باليد (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): عدة المؤمن أخذ باليد (13).



(1) الروم: 60.
(2) المؤمن: 77.
(3) آل عمران: 9.
(4) الرعد: 31.
(5) التوحيد: 406 / 3.
(6) كنز العمال: 10416.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 110 و 157 و 185.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 110 و 157 و 185.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 110 و 157 و 185.
(10) كنز العمال: 6866، 6865، 6870.
(11) كنز العمال: 6866، 6865، 6870.
(12) كنز العمال: 6866، 6865، 6870.
(13) البحار: 75 / 96 / 18.
3572
- عنه (صلى الله عليه وآله): الواعد بالعدة مثل الدين أو أشد (1).
- الإمام علي (عليه السلام): ما بات لرجل عندي
موعد قط فبات يتململ على فراشه ليغدو
بالظفر بحاجته، أشد من تململي على فراشي
حرصا على الخروج إليه من دين عدته، وخوفا
من عائق يوجب الخلف، فإن خلف الوعد ليس
من أخلاق الكرام (2).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إنا أهل بيت نرى ما
وعدنا علينا دينا كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): وأي (4) المؤمن حق واجب (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن العدة عطية (6).
- الإمام علي (عليه السلام): وعد الكريم نقد وتعجيل،
وعد اللئيم تسويف وتعليل (7).
- عنه (عليه السلام): المنع الجميل أحسن من الوعد
الطويل (8).
- عنه (عليه السلام): اذكر وعدك (9).
[4114]
الوعد أحد الرقين
- الإمام علي (عليه السلام): المسؤول حر حتى يعد (10).
- عنه (عليه السلام): الوعد أحد الرقين، إنجاز الوعد
أحد العتقين (11).
- عنه (عليه السلام): الوعد مرض، والبرء إنجازه (12).
- عبد الله بن أبي الحمساء: بايعت رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ببيع قبل أن يبعث، فبقيت له بقية ووعدته
أن آتيه بها في مكانه، فنسيت، ثم ذكرت بعد
ثلاث فجئت فإذا هو مكانه. فقال: يا فتى لقد
شققت علي، أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك! (13).
- أبو الحميساء: بايعت النبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن
يبعث فواعدته مكانا فنسيته يومي والغد، فأتيته
واليوم الثالث، فقال (عليه السلام): يا فتى لقد شققت علي،
أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) واعد
رجلا إلى الصخرة فقال: أنا لك هاهنا حتى تأتي،
قال: فاشتدت الشمس عليه، فقال له أصحابه: يا
رسول الله لو أنك تحولت إلى الظل، قال: وعدته
هاهنا وإن لم يجئ كان منه المحشر (15).
- الإمام الرضا (عليه السلام): تدري لم سمي إسماعيل
صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدري، قال: وعد
رجلا فجلس له حولا ينتظره (16).
(انظر) النبوة (2): باب 3795.
[4115]
ما لا ينبغي من الوعد
- الإمام علي (عليه السلام): لا تعدن عدة لا تثق من

3573
نفسك بإنجازها (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا تعدن أخاك وعدا
ليس في يدك وفاؤه (2).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لرجل قال له:
عدني -: كيف أعدك وأنا لما لا أرجو أرجى
مني لما أرجو! (3).
(انظر) الرجاء: باب 1449.
[4116]
ذم خلف الوعد
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون * كبر
مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) * (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): عدة المؤمن نذر لا كفارة له (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عدة المؤمن أخاه نذر
لا كفارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ، ولمقته
تعرض، وذلك قوله: * (يا أيها الذين آمنوا لم
تقولون مالا تفعلون) * (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما ولاه
مصر -: وإياك والمن على رعيتك بإحسانك، أو
التزيد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع
موعدك بخلفك، فإن المن يبطل الإحسان،
والتزيد يذهب بنور الحق، والخلف يوجب المقت
عند الله والناس، قال الله تعالى: * (كبر مقتا عند الله
أن تقولوا مالا تفعلون) * (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا وعد الرجل أخاه،
ومن نيته أن يفي له فلم يف ولم يجئ للميعاد،
فلا إثم عليه (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ليس الخلف أن يعد الرجل ومن
نيته أن يفي، ولكن الخلف أن يعد الرجل ومن
نيته أن لا يفي (9).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إذا وعدتم الصغار فأوفوا
لهم، فإنهم يرون أنكم أنتم الذين ترزقونهم، وإن
الله لا يغضب بشئ كغضبه للنساء والصبيان (10).
- الإمام علي (عليه السلام): كان لي فيما مضى أخ في
الله... وكان يقول ما يفعل، ولا يقول ما لا يفعل (11).
(انظر) الأخ: باب 54، المعروف (2): باب 2697،
اليقين: باب 4259، النفاق: باب 3931.

3574
(551)
الموعظة
البحار: 77 / 1 " أبواب المواعظ والحكم ".
البحار: 77 / 1 باب 1، 2 " مواعظ الله سبحانه ".
البحار: 14 / 283 باب 21 " مواعظ الله سبحانه لعيسى (عليه السلام) ".
كنز العمال: 15 / 768 - 954، 16 / 3 - 262 " كتاب المواعظ والحكم ".
البحار: 71 / 314 باب 80 " التفكر والاعتبار والاتعاظ بالعبر ".
كنز العمال: 16 / 21، 98، 251، 260 " الترهيبات الثنائيات - إلى - العشاري ".
كنز العمال: 16 / 228، 246 " الترغيبات الثنائي - إلى - الثماني ".
انظر:
عنوان: 332 " العبرة "، 393 " الغفلة "، 424 " الفكر "، 545 " الوصية "، 245 " الاستماع ".
العبرة: باب 2508، الدين: باب 1323.

3575
[4117]
دور الموعظة في حياة القلب
الكتاب
* (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء
لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته لابنه وهو
يعظه -: أحي قلبك بالموعظة (2).
- عنه (عليه السلام): المواعظ حياة القلوب (3).
- عنه (عليه السلام): المواعظ صقال النفوس، وجلاء
القلوب (4).
- عنه (عليه السلام): بالمواعظ تنجلي الغفلة (5).
- عنه (عليه السلام): ثمرة الوعظ الانتباه (6).
(انظر) القلب: باب 3407.
[4118]
طلب الموعظة
- الإمام علي (عليه السلام): نعم الهدية الموعظة (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل طلب منه الموعظة -:
إذا كنت في صلاتك فصل صلاة مودع،
وإياك وما يعتذر منه، واجمع اليأس مما في
أيدي الناس (8).
- الإمام علي (عليه السلام) - لعمر إذ قال له: عظني -:
لا تجعل يقينك شكا، ولا علمك جهلا، ولا ظنك
حقا، واعلم أنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت
فأمضيت، وقسمت فسويت، ولبست فأبليت (9).
- عنه (عليه السلام) - وقد قيل له: عظنا وأوجز -:
الدنيا حلالها حساب، وحرامها عقاب، وأنى لكم
بالروح ولما تأسوا بسنة نبيكم، تطلبون ما
يطغيكم، ولا ترضون ما يكفيكم (10).
(انظر) النبوة (2): باب 3806، حديث 19408.
[4119]
أنواع الوعاظ
- الإمام الكاظم (عليه السلام): خذ موعظتك من الدهر
وأهله، فإن الدهر طويلة قصيرة، فاعمل كأنك
ترى ثواب عملك لتكن أطمع في ذلك (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفى بالموت واعظا (12).
- الإمام علي (عليه السلام): فكفى واعظا بموتى
عاينتموهم، حملوا إلى قبورهم غير
راكبين (13).
- عنه (عليه السلام): العاقل من وعظته التجارب (14).



(1) يونس: 57.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(3) غرر الحكم: 321، 1354، 4191، 4588، 9884.
(4) غرر الحكم: 321، 1354، 4191، 4588، 9884.
(5) غرر الحكم: 321، 1354، 4191، 4588، 9884.
(6) غرر الحكم: 321، 1354، 4191، 4588، 9884.
(7) غرر الحكم: 321، 1354، 4191، 4588، 9884.
(8) كنز العمال: 44155، 44232.
(9) كنز العمال: 44155، 44232.
(10) الكافي: 2 / 459 / 23.
(11) البحار: 78 / 306 / 1.
(12) تحف العقول: 35.
(13) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13 / 99.
(14) تحف العقول: 85.
3576
- عنه (عليه السلام): خير ما جربت ما وعظك (1).
- عنه (عليه السلام): في كل نظر عبرة، في كل
تجربة موعظة (2).
- عنه (عليه السلام): كفى عظة لذوي الألباب
ما جربوا (3).
- عنه (عليه السلام): من اتعظ بالعبر ارتدع (4).
- عنه (عليه السلام): إذا أحب الله عبدا وعظه بالعبر (5).
- عنه (عليه السلام): إن الغاية القيامة، وكفى بذلك
واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل (6).
- عنه (عليه السلام): فاتعظوا عباد الله بالعبر
النوافع، واعتبروا بالآي السواطع، وازدجروا
بالنذر البوالغ، وانتفعوا بالذكر والمواعظ، فكأن
قد علقتكم مخالب المنية، وانقطعت عنكم علائق
الأمنية، ودهمتكم مفظعات الأمور (7).
- عنه (عليه السلام): من فهم مواعظ الزمان لم يسكن
إلى حسن الظن بالأيام (8).
- عنه (عليه السلام): لم يعقل مواعظ الزمان من سكن
إلى حسن الظن بالأيام (9).
- عنه (عليه السلام): لم يذهب من مالك ما وعظك (10).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الدنيا -: ودار موعظة
لمن اتعظ بها... ذكرتهم الدنيا فتذكروا،
وحدثتهم فصدقوا، ووعظتهم فاتعظوا (11).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الإسلام -: وتبصرة
لمن عزم، وعبرة لمن اتعظ (12).
(انظر) العبرة: باب 2508.
[4120]
في كل شئ موعظة
- الإمام علي (عليه السلام): إن في كل شئ موعظة
وعبرة لذوي اللب والاعتبار (13).
- عنه (عليه السلام): للكيس في كل شئ اتعاظ (14).
- عنه (عليه السلام): من كانت له فكرة فله في كل
شئ عبرة (15).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - في كتابه إلى هارون
الرشيد، لما طلب منه الموعظة -: ما من
شئ تراه عينيك إلا وفيه موعظة (16).
[4121]
أبلغ المواعظ
- الإمام الصادق (عليه السلام): أصدق القول،
وأبلغ الموعظة، وأحسن القصص، كتاب الله (17).
- الإمام علي (عليه السلام): أبلغ العظات النظر
إلى مصارع الأموات والاعتبار بمصائر الآباء
والأمهات (18).
- عنه (عليه السلام): أبلغ العظات الاعتبار



(1) تحف العقول: 80.
(2) غرر الحكم: (6459 - 6460)، 7059، 8306، 3630.
(3) غرر الحكم: (6459 - 6460)، 7059، 8306، 3630.
(4) غرر الحكم: (6459 - 6460)، 7059، 8306، 3630.
(5) غرر الحكم: (6459 - 6460)، 7059، 8306، 3630.
(6) غرر الحكم: (6459 - 6460)، 7059، 8306، 3630.
(7) البحار: 77 / 430 / 44.
(8) غرر الحكم: 8938، 7549.
(9) غرر الحكم: 8938، 7549.
(10) نهج البلاغة: الحكمة 196 و 131.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 196 و 131.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 106.
(13) غرر الحكم: 3460، 7338، 9236.
(14) غرر الحكم: 3460، 7338، 9236.
(15) غرر الحكم: 3460، 7338، 9236.
(16) البحار: 78 / 319 / 2.
(17) أمالي الصدوق: 1 / 394.
(18) غرر الحكم: 3361.
3577
بمصارع الأموات (1).
- عنه (عليه السلام): أبلغ ناصح لك الدنيا لو انتصحت
بما تريك من تغاير الحالات، وتؤذنك به من
البين والشتات (2).
- عنه (عليه السلام): إن الله سبحانه لم يعظ أحدا
بمثل هذا القرآن (3).
- عنه (عليه السلام): لا واعظ أبلغ من النصح (4).
- عنه (عليه السلام) - قبل موته -: ليعظكم هدوي،
وخفوت إطراقي، وسكون أطرافي، فإنه أوعظ
للمعتبرين من المنطق البليغ والقول المسموع (5).
[4122]
مواعظ الله
الكتاب
* (ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين
خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين) * (6).
(انظر) البقرة: 66، 275، آل عمران: 138، المائدة:
46، الأعراف: 145، هود: 120، يونس: 57.
- الإمام علي (عليه السلام): فاتقوا الله الذي نفعكم
بموعظته، ووعظكم برسالته، وامتن عليكم
بنعمته، فعبدوا أنفسكم لعبادته، واخرجوا
إليه من حق طاعته (7).
- عنه (عليه السلام): انتفعوا ببيان الله، واتعظوا
بمواعظ الله، واقبلوا نصيحة الله (8).
(انظر) الوصية (1): باب 4074، 4075، 4076،
4078، " وصايا الله سبحانه لمحمد (صلى الله عليه وآله) ".
[4123]
مواعظ عيسى
الكتاب
* (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي
وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني
كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد) * (9).
- عيسى (عليه السلام): طوبى للمتراحمين، أولئك هم
المرحومون يوم القيامة (10).
- عنه (عليه السلام): طوبى للمصلحين بين الناس،
أولئك هم المقربون يوم القيامة (11).
- عنه (عليه السلام): طوبى للمطهرة قلوبهم، أولئك
يزورون الله يوم القيامة (12).
- عنه (عليه السلام): طوبى للمتواضعين في الدنيا أولئك
يرثون منابر الملك يوم القيامة (13).
- عنه (عليه السلام): يا عبيد السوء! تلومون الناس على
الظن ولا تلومون أنفسكم على اليقين؟! (14).
- عنه (عليه السلام): يا عبيد الدنيا! تحلقون
رؤوسكم، وتقصرون قمصكم، وتنكسون
رؤوسكم، ولا تنزعون الغل (15) من قلوبكم؟! (16).



(1) غرر الحكم: 3123، 3362.
(2) غرر الحكم: 3123، 3362.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(4) غرر الحكم: 10622.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 149.
(6) النور: 34.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 198.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(9) المائدة: 117.
(10) تحف العقول: 501.
(11) تحف العقول: 501.
(12) تحف العقول: 501.
(13) تحف العقول: 501.
(14) تحف العقول: 501.
(15) الغل: الحقد والغش. كما في هامش البحار: 14 / 305.
(16) تحف العقول: 501.
3578
- عنه (عليه السلام): يا عبيد الدنيا! مثلكم كمثل
القبور المشيدة، يعجب الناظر ظهرها، وداخلها
عظام الموتى، مملوة خطايا (1).
- عنه (عليه السلام): يا عبيد الدنيا! إنما مثلكم
كمثل السراج يضئ للناس ويحرق نفسه! (2).
- عنه (عليه السلام): يا بني إسرائيل! زاحموا العلماء
في مجالسهم ولو حبوا على الركب (3)، فإن الله
يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي
الأرض الميتة بوابل المطر (4).
- عنه (عليه السلام): يا بني إسرائيل! قلة المنطق حكم
عظيم، فعليكم بالصمت فإنه دعة (5) حسنة، وقلة
وزر، وخفة من الذنوب، فحصنوا باب العلم فإن
بابه الصبر، وإن الله يبغض الضحاك من غير
عجب، والمشاء إلى غير أدب، ويحب الوالي
الذي يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته،
فاستحيوا الله في سرائركم كما تستحيون الناس
في علانيتكم، واعلموا أن كلمة الحكمة ضالة
المؤمن، فعليكم بها قبل أن ترفع، ورفعها أن
تذهب رواتها (6).
- عنه (عليه السلام): يا صاحب العلم عظم العلماء
لعلمهم ودع منازعتهم، وصغر الجهال لجهلهم
ولا تطردهم، ولكن قربهم وعلمهم (7).
- عنه (عليه السلام): يا صاحب العلم! اعلم أن كل نعمة
عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ عليها (8).
- عنه (عليه السلام): يا صاحب العلم! اعلم أن كل معصية
عجزت عن توبتها بمنزلة عقوبة تعاقب بها (9).
- عنه (عليه السلام): يا صاحب العلم! كرب لا تدري
متى تغشاك، فاستعد لها قبل أن تفجأك (10).
- عنه (عليه السلام) - لأصحابه -: أرأيتم لو أن أحدا
مر بأخيه فرأى ثوبه قد انكشف عن عورته، أكان
كاشفا عنها أم يرد على ما انكشف منها؟ قالوا:
بل يرد على ما انكشف منها، قال: كلا بل
تكشفون عنها! فعرفوا أنه مثل ضربه لهم، فقالوا:
يا روح الله وكيف ذاك؟ قال: ذاك الرجل منكم
يطلع على العورة من أخيه فلا يسترها (11).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم أعلمكم لتعلموا
ولا أعلمكم لتعجبوا بأنفسكم: إنكم لن تنالوا
ما تريدون إلا بترك ما تشتهون، ولن تظفروا بما
تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون (12).
- عنه (عليه السلام): إياكم والنظرة، فإنها تزرع في
القلوب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة (13).
- عنه (عليه السلام): طوبى لمن جعل بصره في قلبه، ولم
يجعل قلبه في نظر عينه، لا تنظروا في عيوب
الناس كالأرباب، وانظروا في عيوبهم كهيئة عبيد
الناس، إنما الناس رجلان: مبتلى ومعافى،
فارحموا المبتلى، واحمدوا الله على العافية (14).
- عنه (عليه السلام): يا بني إسرائيل أما تستحيون من
الله؟! إن أحدكم لا يسوغ له شرابه حتى يصفيه



(1) تحف العقول: 501.
(2) تحف العقول: 501.
(3) من حبا الولد: زحف على يديه وبطنه. كما في هامش البحار:
14 / 305.
(4) تحف العقول: 501.
(5) الدعة: السكينة، الراحة وخفض العيش. كما في هامش البحار:
14 / 305.
(6) تحف العقول: 502.
(7) تحف العقول: 502.
(8) تحف العقول: 502.
(9) تحف العقول: 502.
(10) تحف العقول: 502.
(11) تحف العقول: 502.
(12) تحف العقول: 502.
(13) تحف العقول: 502.
3579
من القذى (1)، ولا يبالي أن يبلغ أمثال الفيلة
من الحرام! ألم تسمعوا أنه قيل لكم في
التوراة: صلوا أرحامكم، وكافؤوا أرحامكم؟
وأنا أقول لكم: صلوا من قطعكم، وأعطوا من
منعكم، وأحسنوا إلى من أساء إليكم، وسلموا
على من سبكم، وأنصفوا من خاصمكم، واعفوا
عمن ظلمكم، كما أنكم تحبون أن يعفى عن
إساءتكم فاعتبروا بعفو الله عنكم، ألا ترون أن
شمسه أشرقت على الأبرار والفجار منكم، وأن
مطره ينزل على الصالحين والخاطئين منكم؟ فإن
كنتم لا تحبون إلا من أحبكم ولا تحسنون إلا إلى
من أحسن إليكم ولا تكافئون إلا من أعطاكم فما
فضلكم إذا على غيركم؟ قد يصنع هذا السفهاء
الذين ليست عندهم فضول ولا لهم أحلام، ولكن
إن أردتم أن تكونوا أحباء الله وأصفياء الله
فأحسنوا إلى من أساء إليكم، واعفوا عمن
ظلمكم، وسلموا على من أعرض عنكم، اسمعوا
قولي، واحفظوا وصيتي، وارعوا عهدي كيما
تكونوا علماء فقهاء (2).
- بحق أقول لكم: إن قلوبكم بحيث تكون
كنوزكم، لذلك الناس يحبون أموالهم وتتوق (3)
إليها أنفسهم، فضعوا كنوزكم في السماء حيث
لا يأكلها السوس، ولا ينالها اللصوص (4).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن العبد
لا يقدر على أن يخدم ربين، ولا محالة أنه
يؤثر أحدهما على الآخر وإن جهد، كذلك
لا يجتمع لكم حب الله وحب الدنيا (5).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن شر الناس
لرجل عالم آثر دنياه على علمه، فأحبها وطلبها
وجهد عليها، حتى لو استطاع أن يجعل الناس في
حيرة لفعل، وماذا يغني عن الأعمى سعة نور
الشمس وهو لا يبصرها؟ كذلك لا يغني عن العالم
علمه إذ هو لم يعمل به، ما أكثر ثمار الشجر
وليس كلها ينفع ويؤكل، وما أكثر العلماء وليس
كلهم ينتفع بما علم! وما أوسع الأرض وليس كلها
تسكن! وما أكثر المتكلمين وليس كل كلامهم
يصدق! فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم
ثياب الصوف، منكسي رؤوسهم إلى الأرض،
يزورون (6) به الخطايا، يرمقون من تحت
حواجبهم كما ترمق الذئاب، وقولهم يخالف
فعلهم، وهل يجتني من العوسج العنب؟ ومن
الحنظل التين؟ وكذلك لا يؤثر قول العالم الكاذب
إلا زورا، وليس كل من يقول يصدق (7).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الزرع ينبت في
السهل ولا ينبت في الصفا، وكذلك الحكمة تعمر
في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر
الجبار، ألم تعلموا أنه من شمخ برأسه (8) إلى
السقف شجه، ومن خفض برأسه عنه استظل



(1) القذى: ما يقع في العين أو الشراب من تبنة ونحوها. كما في
هامش البحار: 14 / 306.
(2) تحف العقول: 503.
(3) تاق إليه: اشتاق وأسرع. كما في هامش تحف العقول.
(4) تحف العقول: 503.
(5) تحف العقول: 503.
(6) زور: من الكلام، وزور الشئ: حسنه وقومه. كما في هامش
البحار: 14 / 307.
(7) تحف العقول: 503.
(8) شمخ برأسه: رفعه. كما في هامش البحار: 14 / 307.
3580
تحته وأكنه، وكذلك من لم يتواضع لله خفضه، ومن
تواضع لله رفعه، إنه ليس على كل حال يصلح
العسل في الزقاق، وكذلك القلوب ليس على كل
حال تعمر الحكمة فيها، إن الزق ما لم ينخرق أو
يقحل أو يتفل فسوف يكون للعسل وعاء، وكذلك
القلوب ما لم تخرقها الشهوات ويدنسها الطمع
ويقسها النعيم فسوف تكون أوعية للحكمة (1).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الحريق ليقع
في البيت الواحد فلا يزال ينتقل من بيت إلى
بيت حتى تحترق بيوت كثيرة، إلا أن يستدرك
البيت الأول فيهدم من قواعده فلا تجد فيه النار
معملا، وكذلك الظالم الأول لو يؤخذ على يديه
لم يوجد من بعده إمام ظالم فيأتمون (2) به، كما
لو لم تجد النار في البيت الأول خشبا وألواحا
لم تحرق شيئا (3).
- بحق أقول لكم: من نظر إلى الحية تؤم
أخاه لتلدغه ولم يحذره حتى قتلته فلا يأمن أن
يكون قد شرك في دمه، وكذلك من نظر إلى أخيه
يعمل الخطيئة ولم يحذره عاقبتها حتى أحاطت
به فلا يأمن أن يكون قد شرك في إثمه، ومن قدر
على أن يغير الظالم ثم لم يغيره فهو كفاعله،
وكيف يهاب الظالم وقد أمن بين أظهركم لا ينهى
ولا يغير عليه ولا يؤخذ على يديه، فمن أين يقصر
الظالمون أم كيف لا يغترون؟ فحسب أن يقول
أحدكم: لا أظلم ومن شاء فليظلم، ويرى
الظلم فلا يغيره، فلو كان الأمر على ما تقولون
لم تعاقبوا مع الظالمين الذين لم تعملوا بأعمالهم
حين تنزل بهم العثرة في الدنيا (4).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا عبيد السوء! كيف
ترجون أن يؤمنكم الله من فزع يوم القيامة وأنتم
تخافون الناس في طاعة الله، وتطيعونهم في
معصيته، وتفون لهم بالعهود الناقضة لعهده؟!
بحق أقول لكم: لا يؤمن الله من فزع ذلك اليوم من
اتخذ العباد أربابا من دونه (5).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا عبيد السوء! من أجل
دنيا دنية وشهوة ردية تفرطون في ملك الجنة،
وتنسون هول يوم القيامة! (6).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا عبيد الدنيا! من أجل
نعمة زائلة وحياة منقطعة تفرون من الله وتكرهون
لقاءه! فكيف يحب الله لقاءكم وأنتم تكرهون
لقاءه؟ فإنما يحب الله لقاء من يحب لقاءه،
ويكره لقاء من يكره لقاءه، وكيف تزعمون أنكم
أولياء الله من دون الناس وأنتم تفرون من الموت
وتعتصمون بالدنيا؟ فماذا يغني عن الميت طيب
ريح حنوطه وبياض أكفانه وكل ذلك يكون في
التراب، كذلك لا يغني عنكم بهجة دنياكم التي
زينت لكم، وكل ذلك إلى سلب وزوال، ماذا
يغني عنكم نقاء أجسادكم وصفاء ألوانكم وإلى
الموت تصيرون، وفي التراب تنسون، وفي ظلمة
القبر تغمرون؟! (7).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا عبيد الدنيا! تحملون



(1) تحف العقول: 504.
(2) كذا في الكتاب، وفي نسخة " فيؤتم به " وهو الأصح. كما في
هامش البحار: 14 / 308.
(3) تحف العقول: 504.
(4) تحف العقول: 504، 505.
(5) تحف العقول: 504، 505.
(6) تحف العقول: 504، 505.
(7) تحف العقول: 504، 505.
3581
السراج في ضوء الشمس وضوؤها كان يكفيكم،
وتدعون أن تستضيئوا بها في الظلم ومن أجل
ذلك سخرت لكم! كذلك استضأتم بنور العلم
لأمر الدنيا وقد كفيتموه، وتركتم أن تستضيئوا
به لأمر الآخرة ومن أجل ذلك أعطيتموه، تقولون:
إن الآخرة حق وأنتم تمهدون الدنيا، وتقولون:
إن الموت حق وأنتم تفرون منه، وتقولون: إن
الله يسمع ويرى ولا تخافون إحصاءه عليكم،
وكيف يصدقكم من سمعكم؟! فإن من كذب من
غير علم أعذر ممن كذب على علم، وإن كان
لا عذر في شئ من الكذب (1).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الدابة
إذا لم ترتكب ولم تمتهن (2) وتستعمل لتصعب
ويتغير خلقها، وكذلك القلوب إذا لم
ترفق بذكر الموت وتتعبها دؤوب العبادة (3)
تقسو وتغلظ (4).
- عنه (عليه السلام): ماذا يغني عن البيت
المظلم أن يوضع السراج فوق ظهره وجوفه
وحش مظلم؟ كذلك لا يغني عنكم أن يكون
نور العلم بأفواهكم وأجوافكم منه وحشة
معطلة! فأسرعوا إلى بيوتكم المظلمة
فأنيروا فيها، كذلك فأسرعوا إلى قلوبكم
القاسية بالحكمة قبل أن ترين عليها
الخطايا (5) فتكون أقسى من الحجارة (6).
- عنه (عليه السلام): كيف يطيق حمل الأثقال من
لا يستعين على حملها؟ أم كيف تحط أوزار من
لا يستغفر الله منها؟ أم كيف تنقى ثياب من
لا يغسلها؟ وكيف يبرأ من الخطايا من
لا يكفرها؟ (7) أم كيف ينجو من غرق البحر
من يعبر بغير سفينة؟ وكيف ينجو من فتن الدنيا
من لم يداوها بالجد والاجتهاد؟ وكيف يبلغ من
يسافر بغير دليل؟ وكيف يصير إلى الجنة من
لا يبصر معالم الدين؟ وكيف ينال مرضاة الله من
لا يطيعه؟ وكيف يبصر عيب وجهه من لا ينظر في
المرآة؟ وكيف يستكمل حب خليله من لا يبذل
له بعض ما عنده؟ وكيف يستكمل حب ربه من
لا يقرضه بعض ما رزقه؟ (8).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إنه كما
لا ينقص البحر أن تغرق فيه السفينة ولا يضره
ذلك شيئا، كذلك لا تنقصون الله بمعاصيكم شيئا
ولا تضرونه، بل أنفسكم تضرون وإياها تنقصون،
وكما لا تنقص نور الشمس كثرة من يتقلب فيها
بل به يعيش ويحيى، كذلك لا ينقص الله كثرة ما
يعطيكم ويرزقكم، بل برزقه تعيشون وبه تحيون،
يزيد من شكره إنه شاكر عليم (9).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا اجراء السوء! الأجر
تستوفون، والرزق تأكلون، والكسوة تلبسون،



(1) تحف العقول: 506.
(2) ارتكب بمعنى ركب. وامتهن الفرس: استعمله
للخدمة والركوب. كما في هامش البحار: 14 / 309.
(3) دأب في العمل دؤوبا: جد وتعب واستمر عليه. كما في هامش
البحار: 14 / 309.
(4) تحف العقول: 506.
(5) أي قبل أن تغلب عليها الذنوب والخطايا وغطتها. كما في
هامش البحار: 14 / 309.
(6) تحف العقول: 506.
(7) أي من لم يمحها بالاستغفار. كما في هامش البحار: 14 / 309.
(8) تحف العقول: 506، 507.
(9) تحف العقول: 506، 507.
3582
والمنازل تبنون، وعمل من استأجركم
تفسدون؟! يوشك رب هذا العمل أن يطالبكم
فينظر في عمله الذي أفسدتم فينزل بكم ما
يخزيكم، ويأمر برقابكم فتجذ من أصولها (1)،
ويأمر بأيديكم فتقطع من مفاصلها، ثم يأمر
بجثثكم فتجر على بطونها، حتى توضع على
قوارع الطريق، حتى تكونوا عظة للمتقين
ونكالا للظالمين (2).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا علماء السوء! لا تحدثوا
أنفسكم أن آجالكم تستأخر من أجل أن
الموت لم ينزل بكم، فكأنه قد حل بكم
فأظعنكم، فمن الآن فاجعلوا الدعوة في
آذانكم، ومن الآن فنوحوا على أنفسكم،
ومن الآن فابكوا على خطاياكم، ومن الآن
فتجهزوا وخذوا أهبتكم (3)، وبادروا التوبة
إلى ربكم (4).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إنه كما ينظر
المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذه مع ما يجده
من شدة الوجع، كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ
بالعبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب
المال، وكما يلتذ المريض نعت الطبيب العالم
بما يرجو فيه من الشفاء فإذا ذكر مرارة الدواء
وطعمه كدر عليه الشفاء، كذلك أهل الدنيا يلتذون
ببهجتها وأنواع ما فيها، فإذا ذكروا فجأة الموت
كدرها عليهم وأفسدها (5).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن كل الناس
يبصر النجوم ولكن لا يهتدي بها إلا من يعرف
مجاريها ومنازلها، وكذلك تدرسون الحكمة
ولكن لا يهتدي لها منكم إلا من عمل بها.
ويلكم يا عبيد الدنيا نقوا القمح وطيبوه، وأدقوا
طحنه تجدوا طعمه يهنئكم أكله، كذلك فأخلصوا
الإيمان تجدوا حلاوته وينفعكم غبه (6) (7).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: لو وجدتم
سراجا يتوقد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم
به لم يمنعكم منه ريح قطرانه، كذلك ينبغي لكم أن
تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ولا يمنعكم
منه سوء رغبته فيها (8).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا عبيد الدنيا! لا كحكماء
تعقلون، ولا كحلماء تفقهون، ولا كعلماء تعلمون،
ولا كعبيد أتقياء، ولا كأحرار كرام، توشك الدنيا
أن تقتلعكم من أصولكم فتقلبكم على وجوهكم،
ثم تكبكم على مناخركم، ثم تأخذ خطاياكم
بنواصيكم ويدفعكم العلم من خلفكم حتى
يسلماكم إلى الملك الديان عراة فرادى،
فيجزيكم بسوء أعمالكم (9).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا عبيد الدنيا! أليس
بالعلم أعطيتم السلطان على جميع الخلائق،
فنبذتموه فلم تعملوا به، وأقبلتم على الدنيا
فبها تحكمون، ولها تمهدون، وإياها تؤثرون



(1) أي تقطع أو تكسر من أصولها. كما في هامش البحار: 14 / 310.
(2) تحف العقول: 507.
(3) الأهبة بالضم فسكون: العدة، يقال: أخذ للسفر أهبته. كما في
هامش البحار: 14 / 310.
(4) تحف العقول: 507.
(5) تحف العقول: 507.
(6) الغب: العاقبة. كما في هامش البحار: 14 / 311.
(7) تحف العقول: 507، 508.
(8) تحف العقول: 507، 508.
(9) تحف العقول: 507، 508.
3583
وتعمرون، فحتى متى أنتم للدنيا ليس لله
فيكم نصيب؟! (1).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: لا تدركون
شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون، فلا تنتظروا
بالتوبة غدا، فإن دون غد يوما وليلة، قضاء
الله فيهما يغدو ويروح (2).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن صغار
الخطايا ومحقراتها لمن مكائد إبليس، يحقرها
لكم ويصغرها في أعينكم، فتجتمع فتكثر
وتحيط بكم (3).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن المدحة
بالكذب والتزكية في الدين لمن رأس الشرور
المعلومة، وإن حب الدنيا لرأس كل خطيئة (4).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: ليس شئ أبلغ
في شرف الآخرة وأعون على حوادث الدنيا من
الصلاة الدائمة، وليس شئ أقرب إلى الرحمن
منها، فدوموا عليها، واستكثروا منها، وكل
عمل صالح يقرب إلى الله فالصلاة أقرب إليه
وآثر عنده (5).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن كل
عمل المظلوم الذي لم ينتصر بقول ولا فعل
ولا حقد هو في ملكوت السماء عظيم، أيكم
رأى نورا اسمه ظلمة أو ظلمة اسمها نور؟ كذلك
لا يجتمع للعبد أن يكون مؤمنا كافرا، ولا مؤثرا
للدنيا راغبا في الآخرة، وهل زارع شعير يحصد
قمحا؟ أو زارع قمح يحصد شعيرا؟ كذلك يحصد
كل عبد في الآخرة ما زرع، ويجزى بما عمل (6).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الناس
في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله وضيعها
بسوء فعله، ورجل أتقنها بقوله وصدقها بفعله،
وشتان بينهما! فطوبى للعلماء بالفعل، وويل
للعلماء بالقول (7).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: من لا ينقي من
زرعه الحشيش يكثر فيه حتى يغمره فيفسده،
وكذلك من لا يخرج من قلبه حب الدنيا يغمره
حتى لا يجد لحب الآخرة طعما. ويلكم يا عبيد
الدنيا! اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم،
واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى، ولا تجعلوا
قلوبكم مأوى للشهوات (8).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن أجزعكم على
البلاء لأشدكم حبا للدنيا، وإن أصبركم على
البلاء لأزهدكم في الدنيا (9).
- عنه (عليه السلام): ويلكم يا علماء السوء! ألم تكونوا
أمواتا فأحياكم فلما أحياكم متم؟ (10) ويلكم ألم
تكونوا أميين فعلمكم فلما علمكم نسيتم؟ (11)
ويلكم ألم تكونوا جفاة ففقهكم الله فلما فقهكم
جهلتم؟ (12) ويلكم ألم تكونوا ضلالا فهداكم



(1) تحف العقول: 508.
(2) تحف العقول: 508.
(3) تحف العقول: 508.
(4) تحف العقول: 508.
(5) تحف العقول: 508.
(6) تحف العقول: 508، 509.
(7) تحف العقول: 508، 509.
(8) تحف العقول: 508، 509.
(9) تحف العقول: 508، 509.
(10) بخوضكم في الدنيا والشهوات، وترككم الإقبال على الآخرة،
فكنتم خلقتم للآخرة ونعيمها والبقاء فيها فأعرضتم عنها وأقبلتم
إلى الدنيا، فصرتم ميتين بل أشد خيبة منهم، لأنكم في الآخرة
معذبون وعن نعيمها محرومون. كما في هامش البحار: 14 / 312.
(11) حيث إنكم لم تعملوا بما تعلمون فكأنكم نسيتم ذلك. كما في
هامش البحار: 14 / 312.
(12) بترككم العمل بفقهكم. كما في هامش البحار: 14 / 312.
3584
فلما هداكم ضللتم؟ (1) ويلكم ألم تكونوا
عميا فبصركم فلما بصركم عميتم؟ (2) ويلكم
ألم تكونوا صما فأسمعكم فلما أسمعكم صممتم؟
ويلكم ألم تكونوا بكما فأنطقكم فلما أنطقكم
بكمتم؟ (3) ويلكم ألم تستفتحوا فلما فتح لكم
نكصتم على أعقابكم؟ ويلكم ألم تكونوا أذلة
فأعزكم فلما عززتم قهرتم واعتديتم وعصيتم؟
ويلكم ألم تكونوا مستضعفين في الأرض تخافون
أن يتخطفكم (4) الناس فنصركم وأيدكم فلما
نصركم استكبرتم وتجبرتم؟ فيا ويلكم من ذل
يوم القيامة كيف يهينكم ويصغركم؟ ويا ويلكم
يا علماء السوء! إنكم لتعملون عمل الملحدين،
وتأملون أمل الوارثين، وتطمئنون بطمأنينة
الآمنين، وليس أمر الله على ما تتمنون
وتتخيرون، بل للموت تتوالدون، وللخراب
تبنون وتعمرون، وللوارثين تمهدون (5).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن موسى (عليه السلام)
كان يأمركم أن لا تحلفوا بالله صادقين
ولا كاذبين، ولكن قولوا: لا، ونعم (6).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: ماذا يغني عن
الجسد إذا كان ظاهره صحيحا وباطنه فاسدا؟
وما تغني عنكم أجسادكم إذا أعجبتكم وقد
فسدت قلوبكم؟ وما يغني عنكم أن تنقوا
جلودكم وقلوبكم دنسة (7).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: لا تكونوا
كالمنخل يخرج الدقيق الطيب ويمسك النخالة،
كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى
الغل في صدوركم (8).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: ابدؤوا
بالشر فاتركوه، ثم اطلبوا الخير ينفعكم،
فإنكم إذا جمعتم الخير مع الشر لم
ينفعكم الخير (9).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الذي
يخوض النهر لابد أن يصيب ثوبه الماء وإن
جهد أن لا يصيبه، كذلك من يحب الدنيا لا ينجو
من الخطايا (10).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: طوبى للذين
يتهجدون من الليل، أولئك الذين يرثون
النور الدائم، من أجل أنهم قاموا في ظلمة
الليل على أرجلهم في مساجدهم يتضرعون إلى
ربهم رجاء أن ينجيهم في الشدة غدا (11).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الدنيا
خلقت مزرعة تزرع فيها العباد الحلو والمر
والشر والخير، والخير له مغبة (12) نافعة يوم
الحساب، والشر له عناء وشقاء يوم الحصاد (13).



(1) الهداية هنا بمعنى إراءة الطريق، أي هديتم السبل، فمشيتم
على غيره فضللتم. كما في هامش البحار: 14 / 312.
(2) أي بصركم فلم تبصروا ولم تنفعكم البصائر، حيث إنكم عملتم
عمل من لا يبصر شيئا. كما في هامش البحار: 14 / 312.
(3) حيث إنكم تركتم القول فيما أنطقكم له. كما في هامش البحار:
14 / 312.
(4) تخطف الشئ: استلبه، اجتذبه وانتزعه. كما في هامش البحار:
14 / 313.
(5) تحف العقول: 509.
(6) تحف العقول: 509.
(7) تحف العقول: 510.
(8) تحف العقول: 510.
(9) تحف العقول: 510.
(10) تحف العقول: 510.
(11) تحف العقول: 510.
(12) المغبة: عاقبة الشئ. كما في هامش البحار: 14 / 315.
(13) تحف العقول: 510.
3585
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الحكيم
يعتبر بالجاهل، والجاهل يعتبر بهواه، أوصيكم
أن تختموا على أفواهكم بالصمت حتى لا يخرج
منها ما لا يحل لكم (1).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إنكم لا تدركون
ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون، ولا تبتغون
ما تريدون إلا بترك ما تشتهون (2).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: يا عبيد الدنيا!
كيف يدرك الآخرة من لا تنقص شهوته من الدنيا
ولا تنقطع منها رغبته؟! (3).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: يا عبيد الدنيا! ما
الدنيا تحبون، ولا الآخرة ترجون، لو كنتم تحبون
الدنيا أكرمتم العمل الذي به أدركتموها، ولو كنتم
تريدون الآخرة عملتم عمل من يرجوها (4).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: يا عبيد الدنيا!
إن أحدكم يبغض صاحبه على الظن، ولا يبغض
نفسه على اليقين، بحق أقول لكم: إن أحدكم
ليغضب إذا ذكر له بعض عيوبه وهي حق، ويفرح
إذا مدح بما ليس فيه (5).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن أرواح الشياطين
ما عمرت في شئ ما عمرت في قلوبكم، فإنما
أعطاكم الله الدنيا لتعملوا فيها للآخرة ولم
يعطكموها لتشغلكم عن الآخرة، وإنما بسطها
لكم لتعلموا أنه أعانكم بها على العبادة ولم
يعنكم بها على الخطايا، وإنما أمركم فيها
بطاعته ولم يأمركم فيها بمعصيته، وإنما أعانكم
بها على الحلال ولم يحل لكم بها الحرام،
وإنما وسعها لكم لتواصلوا فيها ولم يوسعها
لكم لتقاطعوا فيها (6).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الأجر
محروص عليه، ولا يدركه إلا من عمل له (7).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الشجرة
لا تكمل إلا بثمرة طيبة، كذلك لا يكمل الدين
إلا بالتحرج عن المحارم (8).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الزرع
لا يصلح إلا بالماء والتراب، كذلك الإيمان
لا يصلح إلا بالعلم والعمل (9).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الماء
يطفئ النار، كذلك الحلم يطفئ الغضب (10).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: لا يجتمع الماء
والنار في إناء واحد، كذلك لا يجتمع
الفقه والعمى (11) في قلب واحد (12).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إنه لا يكون مطر
بغير سحاب، كذلك لا يكون عمل في مرضاة
الرب إلا بقلب نقي (13).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الشمس نور كل
شئ، وإن الحكمة نور كل قلب، والتقوى رأس
كل حكمة، والحق باب كل خير، ورحمة الله باب
كل حق، ومفاتيح ذلك الدعاء والتضرع والعمل،
وكيف يفتح باب بغير مفتاح؟! (14).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الرجل



(1) تحف العقول: 511.
(2) تحف العقول: 511.
(3) تحف العقول: 511.
(4) تحف العقول: 511.
(5) تحف العقول: 511.
(6) تحف العقول: 511، 512.
(7) تحف العقول: 511، 512.
(8) تحف العقول: 511، 512.
(9) تحف العقول: 511، 512.
(10) تحف العقول: 511، 512.
(11) في نسخة: والعي. كما في هامش البحار: 14 / 316.
(12) تحف العقول: 512.
(13) تحف العقول: 512.
(14) تحف العقول: 512.
3586
الحكيم لا يغرس شجرة إلا شجرة يرضاها،
ولا يحمل على خيله إلا فرسا يرضاه، كذلك
المؤمن العالم لا يعمل إلا عملا يرضاه ربه (1).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن الصقالة
تصلح السيف وتجلوه، كذلك الحكمة للقلب
تصقله وتجلوه، وهي في قلب الحكيم مثل
الماء في الأرض الميتة تحيي قلبه كما يحيي
الماء الأرض الميتة، وهي في قلب الحكيم مثل
النور في الظلمة يمشي بها في الناس (2).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: إن نقل الحجارة من
رؤوس الجبال أفضل من أن تحدث من لا يعقل
عنك حديثك، كمثل الذي ينقع الحجارة لتلين،
وكمثل الذي يصنع الطعام لأهل القبور. طوبى
لمن حبس الفضل من قوله الذي يخاف عليه
المقت من ربه، ولا يحدث حديثا إلا يفهم،
ولا يغبط امرءا في قوله حتى يستبين له فعله،
طوبى لمن تعلم من العلماء ما جهل، وعلم
الجاهل مما علم، طوبى لمن عظم العلماء
لعلمهم وترك منازعتهم، وصغر الجهال لجهلهم
ولا يطردهم ولكن يقربهم ويعلمهم (3).
- عنه (عليه السلام): بحق أقول لكم: يا معشر
الحواريين! إنكم اليوم في الناس كالأحياء
من الموتى فلا تموتوا بموت الأحياء.
وقال المسيح: يقول الله تبارك وتعالى: يحزن
عبدي المؤمن أن أصرف عنه الدنيا، وذلك أحب
ما يكون إلي وأقرب ما يكون مني، ويفرح أن
أوسع عليه في الدنيا، وذلك أبغض ما يكون
إلي وأبعد ما يكون مني، والحمد لله رب
العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم
تسليما (4).
(انظر) البحار: 14 / 283 باب 21.
[4124]
مواعظ النبي (صلى الله عليه وآله)
الكتاب
* (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى
ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين
يدي عذاب شديد) * (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لي أرى حب الدنيا قد
غلب على كثير من الناس، حتى كأن الموت في
هذه الدنيا على غيرهم كتب... أما يتعظ آخرهم
بأولهم! لقد جهلوا ونسوا كل موعظة في كتاب
الله، وأمنوا شر كل عاقبة سوء (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كن في الدنيا كأنك غريب
أو عابر سبيل، واعدد نفسك في الموتى، وإذا
أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت
فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك
لسقمك، ومن شبابك لهرمك، ومن حياتك
لوفاتك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - وهو على ناقته الجدعاء وليست
بالعضباء -: أيها الناس! كأن الموت فيها



(1) تحف العقول: 512.
(2) تحف العقول: 512.
(3) تحف العقول: 512.
(4) تحف العقول: 513.
(5) سبأ: 46.
(6) البحار: 77 / 125 / 32.
(7) أعلام الدين: 339.
3587
على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا
وجب، وكأن الذي يشيع من الأموات سفر عما
قليل إلينا راجعون، بيوتهم أجداثهم، ونأكل
تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، قد أمنا كل جائحة
ونسينا كل موعظة، طوبى لمن شغله عيبه عن
عيوب الناس، وأنفق من مال اكتسبه من حلال
من غير معصية، ورحم أهل الذل والمسكنة،
وخالط أهل الفقه والحكمة، واتبع السنة ولم
يعدها إلى بدعة، فأنفق الفضل من ماله، وأمسك
الفضل من قوله، طوبى لمن حسنت سريرته
وطهرت خليقته (1).
(انظر) الوصية (1): باب 4079.
البحار: 77 / 44 - 195.
[4125]
مواعظ الإمام علي (عليه السلام)
- الإمام علي (عليه السلام): اعلموا أيها الناس
إنكم سيارة قد حدا بكم الهادي، وحدى لخراب
الدنيا حادي، وناداكم للموت منادي، فلا تغرنكم
الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور (2).
- عنه (عليه السلام): كونوا قوما صيح بهم فانتبهوا
وانتهوا، فما بينكم وبين الجنة والنار سوى
الموت، وإن غاية تنقصها اللحظة وتهدمها الساعة
لجديرة بقصر المدة، وإن غائبا يحدوه الجديدان
لحري بسرعة الأوبة (3).
- عنه (عليه السلام): المدة وإن طالت قصيرة،
والماضي للمقيم عبرة، والميت للحي
عظة، وليس لأمس إن مضى عودة، ولا المرء من
غد على ثقة، الأول للأوسط رائد، والأوسط
للآخر قائد، وكل لكل مفارق (4).
- عنه (عليه السلام): المدة وإن طالت قصيرة، والماضي
للمقيم عبرة، والميت للحي عظة، وليس الأمس
عودة، ولا أنت من غد على ثقة، وكل لكل مفارق
وبه لاحق، فاستعدوا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون
إلا من أتى الله بقلب سليم (5).
- عنه (عليه السلام): ألستم في منازل من كان أطول
منكم أعمارا وآثارا، وأعد منكم عديدا،
وأكثف جنودا، وأشد منكم عتودا؟!، تعبدوا
الدنيا أي تعبد، وآثروها أي إيثار،
ثم ظعنوا عنها بالصغار (6).
- عنه (عليه السلام): أين من عسكر العساكر، ودسكر
الدساكر، وركب المنابر، أين من بنى الدور،
وشرف القصور، وجمهر الألوف، قد تداولتهم
أيامها، وابتلعتهم أعوامها، فصاروا أمواتا،
وفي القبور رفاتا، قد يئسوا ما خلفوا، ووقفوا
على ما أسلفوا، ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق
ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (7).
- عنه (عليه السلام) - إنه قلما اعتدل به المنبر إلا
قال أمام خطبته -: أيها الناس اتقوا الله
فما خلق امرؤ عبثا فيلهو ولا ترك سدى فيلغو،
وما دنياه التي تحسنت له تخلف من الآخرة التي
قبحها سوء المنظر عنده، وما المغرور الذي ظفر



(1) كنز العمال: 44175.
(2) البحار: 77 / 374 / 36 و 78 / 70 / 31.
(3) البحار: 77 / 374 / 36 و 78 / 70 / 31.
(4) أمالي الصدوق: 96 / 5.
(5) البحار: 78 / 69 / 24 وص 16 / 73 و 77 / 374 / 36.
(6) البحار: 78 / 69 / 24 وص 16 / 73 و 77 / 374 / 36.
(7) البحار: 78 / 69 / 24 وص 16 / 73 و 77 / 374 / 36.
3588
من الدنيا بأعلى همته كالآخر الذي ظفر
من الآخرة بأدنى سهمته (1).
- عنه (عليه السلام): كأن الذي نسمع من الأموات
سفر عما قليل إلينا راجعون، ننزلهم أجداثهم
ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا
كل واعظة، ورمينا بكل جائحة (2).
- عنه (عليه السلام): فأفق أيها المستمتع من سكرك،
وانتبه من غفلتك، وقصر من عجلتك، وتفكر
فيما جاء عن الله تبارك وتعالى فيما لا خلف فيه
ولا محيص عنه ولابد منه، ثم ضع فخرك ودع
كبرك واحضر ذهنك، واذكر قبرك ومنزلك، فإن
عليه ممرك وإليه مصيرك... فلينفعك النظر
فيما وعظت به، وع ما سمعت ووعدت (3).
- عنه (عليه السلام): عباد الله! الله الله في أعز الأنفس
عليكم وأحبها إليكم، فإن الله قد أوضح لكم
سبيل الحق وأنار طرقه، فشقوة لازمة، أو
سعادة دائمة (4).
- عنه (عليه السلام) - لرجل سأله أن يعظه -: لا تكن
ممن يرجو الآخرة بغير العمل، ويرجي التوبة
بطول الأمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين،
ويعمل فيها بعمل الراغبين، إن أعطي منها لم
يشبع، وإن منع منها لم يقنع (5).
- عنه (عليه السلام): يا من يسلم إلى الدود ويهدى
إليه، اعتبر بما تسمع وترى، وقل لعينك تجفو
لذة الكرى، وتفيض الدموع بعد الدموع تترى،
بيتك القبر بيت الأهوال والبلى، وغايتك
الموت يا قليل الحياء! اسمع يا ذا الغفلة
والتصريف، من ذوي الوعظ والتعريف (6).
- عنه (عليه السلام): أتلو عليكم المواعظ فتعرضون
عنها، وأعظكم بالموعظة البالغة فتنفرون [منها]،
كأنكم حمر مستنفرة، فرت من قسورة (7).
- عنه (عليه السلام): الله الله عباد الله قبل جفوف الأقلام،
وتصرم الأيام، ولزوم الآثام، وقبل الدعوة
بالحسرة (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تيقظوا بالعبر، وتأهبوا
للسفر، وتقنعوا باليسير، وتأهبوا للمسير (9).
(انظر) السوق: باب 1936، الوصية (1): باب
4080، البحار: 77 / 376 باب 15.
[4126]
مواعظ الإمام الحسن (عليه السلام)
- الإمام الحسن (عليه السلام): أيها الناس! إنه من
نصح لله وأخذ قوله دليلا هدي للتي هي أقوم،
ووفقه الله للرشاد، وسدده للحسنى، فإن جار
الله آمن محفوظ (10).
- عنه (عليه السلام): اعلموا أن الله لم يخلقكم عبثا،
وليس بتارككم سدى، كتب آجالكم، وقسم
بينكم معايشكم، ليعرف كل ذي لب منزلته، وأن
ما قدر له أصابه، وما صرف عنه فلن يصيبه (11).
(انظر) البحار: 78 / 101 باب 19.



(1) تنبيه الخواطر: 1 / 79.
(2) البحار: 77 / 395 / 14 وص 408 / 38.
(3) البحار: 77 / 395 / 14 وص 408 / 38.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 157، والحكمة 150.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 157، والحكمة 150.
(6) نهج السعادة: 2 / 40 وص / 566 و 3 / 129.
(7) نهج السعادة: 2 / 40 وص / 566 و 3 / 129.
(8) نهج السعادة: 2 / 40 وص / 566 و 3 / 129.
(9) تنبيه الخواطر: 2 / 120.
(10) البحار: 78 / 104 / 3.
(11) تحف العقول: 232.
3589
[4127]
مواعظ الإمام الحسين (عليه السلام)
- الإمام الحسين (عليه السلام) - في مسيره إلى كربلاء -:
إن هذه الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر
معروفها، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة
الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل (1)، ألا
ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى
عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني
لا أرى الموت إلا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين
إلا برما (2).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله، وأحذركم
أيامه، وأرفع لكم أعلامه، فكأن المخوف قد أفد
بمهول وروده، ونكير حلوله، وبشع مذاقه (3).
- عنه (عليه السلام): لرجل قال له: أنا رجل عاص
ولا أصبر عن المعصية، فعظني بموعظة -: افعل
خمسة أشياء وأذنب ما شئت، فأول ذلك: لا تأكل
رزق الله وأذنب ما شئت، والثاني: اخرج من ولاية
الله وأذنب ما شئت، والثالث: اطلب موضعا لا
يراك الله وأذنب ما شئت، والرابع: إذا جاء ملك
الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك وأذنب
ما شئت، والخامس: إذا أدخلك مالك في النار فلا
تدخل في النار وأذنب ما شئت (4).
(انظر) البحار: 78 / 116 باب 20.
[4128]
مواعظ الإمام زين العابدين (عليه السلام)
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - كان يعظ الناس
ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في أعمال
الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد
الرسول (صلى الله عليه وآله) -: أيها الناس اتقوا الله، واعلموا
أنكم إليه ترجعون، فتجد كل نفس ما عملت في
هذه الدنيا (5).
- عنه (عليه السلام): اعلم - ويحك - يا بن آدم أن قسوة
البطنة وفترة الميلة وسكر الشبع وغرة الملك مما
يثبط ويبطئ عن العمل، وينسي الذكر، ويلهي عن
اقتراب الأجل، حتى كأن المبتلى بحب الدنيا به
خبل من سكر الشراب (6).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه لمحمد بن مسلم
الزهري -: انظر أي رجل تكون غدا إذا
وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف
رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها،
ولا تحسبن الله قابلا منك بالتعذير، ولا راضيا
منك بالتقصير، هيهات هيهات ليس كذلك (7).
- عنه (عليه السلام): كفانا الله وإياكم كيد الظالمين،
وبغي الحاسدين، وبطش الجبارين، أيها
المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت وأتباعهم من أهل
الرغبة في الدنيا، المائلون إليها (8).
- عنه (عليه السلام): أنه كان إذا تلا هذه الآية



(1) الصبابة - بالضم -: بقية الماء في الإناء، والمرعى: الكلاء.
والوبيل: الوخيم. كما في هامش البحار 78 / 116.
(2) تحف العقول: 245.
(3) البحار: 78 / 120 / 3 وص 126 / 7.
(4) البحار: 78 / 120 / 3 وص 126 / 7.
(5) أمالي الصدوق: 407 / 1.
(6) البحار: 78 / 129 / 1 وص 132 / 2.
(7) البحار: 78 / 129 / 1 وص 132 / 2.
(8) تحف العقول: 252.
3590
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا
مع الصادقين) * يقول -: اللهم ارفعني في
أعلى درجات هذه الندبة، وأعني بعزم الإرادة،
وهبني حسن المستعقب من نفسي، وخذني منها
حتى تتجرد خواطر الدنيا عن قلبي من برد
خشيتي منك (1).
(انظر) البحار: 78 / 128 باب 21.
[4129]
مواعظ الإمام الباقر (عليه السلام)
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لجماعة من الشيعة
حضروه ذات يوم فوعظهم وحذرهم وهم ساهون
لاهون، فأغاظه ذلك فأطرق مليا، ثم رفع
رأسه إليهم فقال -: إن كلامي لو وقع طرف
منه في قلب أحدكم لصار ميتا! ألايا أشباحا
بلا أرواح، وذبابا بلا مصباح، كأنكم خشب
مسندة، وأصنام مريدة... يا ذوي الهيئة
المعجبة، والهيم المعطنة! مالي أرى أجسامكم
عامرة وقلوبكم دامرة (2).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس! إنكم في هذه
الدار أغراض تنتضل فيكم المنايا، لن يستقبل
أحد منكم يوما جديدا من عمره إلا بانقضاء
آخر من أجله (3).
(انظر) البحار: 78 / 162 باب 22،
الوصية (1): باب 4083.
[4130]
مواعظ الإمام الصادق (عليه السلام)
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لرجل سأله أن يعظه -:
إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق
فاهتمامك لماذا؟ وإن كان الرزق مقسوما
فالحرص لماذا؟ وإن كان الحساب حقا
فالجمع لماذا؟ (4).
- عنه (عليه السلام): اسمعوا مني كلاما هو خير لكم
من الدهم الموقفة: لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه،
وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه (5).
- عنه (عليه السلام) - لجابر، لما سأله أن يعظه -:
يا جابر! اجعل الدنيا مالا أصبته في منامك ثم
انتبهت وليس معك منه شئ، هل هو إلا ثوب
تلبسه فتبليه أو طعام يعود بعد إلى ما تعلم،
فالعجب لقوم حبس أولهم عن آخرهم، ثم نودي
فيهم بالرحيل وهم في غفلة يلعبون (6).
(انظر) البحار: 78 / 190 باب 23، 24،
الوصية: باب 4084.
[4131]
مواعظ الإمام الكاظم (عليه السلام)
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لهشام بن الحكم -:
يا هشام! إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل
والفهم في كتابه فقال: * (فبشر عباد * الذين



(1) البحار: 78 / 153 / 18.
(2) تحف العقول: 291.
(3) البحار: 78 / 179 / 59.
(4) البحار: 78 / 190 / 1.
(5) أمالي الطوسي: 225 / 391.
(6) تنبيه الخواطر: 2 / 30.
3591
يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين
هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب) * (1).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن الله تبارك وتعالى أكمل
للناس الحجج بالعقول، ونصر النبيين بالبيان،
ودلهم على ربوبيته بالأدلة، فقال: * (وإلهكم
إله واحد، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم *
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل
والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع
الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به
الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف
الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض
لآيات لقوم يعقلون) * (2).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! قد جعل الله ذلك دليلا
على معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: * (وسخر لكم
الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات
بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) * (3)، وقال:
* (هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من
علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم
لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا
أجلا مسمى ولعلكم تعقلون) * (4)، وقال: إن
في اختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من
السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها
وتصريف الرياح [والسحاب المسخر بين السماء
والأرض] لآيات لقوم يعقلون (5)، وقال: * (يحيي
الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم
تعقلون) * (6)، وقال: * (وجنات من أعناب وزرع
ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد
ونفضل بعضها على بعض في الاكل إن في ذلك
لآيات لقوم يعقلون) * (7)، وقال: * (ومن آياته
يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء
فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات
لقوم يعقلون) * (8)، وقال: * (قل تعالوا أتل ما حرم
ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين
إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم
وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم
وصاكم به لعلكم تعقلون) * (9)، وقال: * (هل لكم من
ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم
فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك
نفصل الآيات لقوم يعقلون) * (10).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! ثم وعظ أهل العقل
ورغبهم في الآخرة فقال: * (وما الحياة الدنيا
إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون
أفلا تعقلون) * (11).
- عنه (عليه السلام): يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون
عقابه فقال تعالى: * (ثم دمرنا الآخرين *
وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا



(1) الكافي: 1 / 13 / 12 والآية الزمر: 17، 18.
(2) الكافي: 1 / 13 / 12 والآية البقرة: 163، 164.
(3) النحل: 12.
(4) المؤمن: 67.
(5) المضمون مأخوذ من الآية الخامسة الواردة في سورة الجاثية لا
لفظها.
(6) الحديد: 17.
(7) الرعد: 4.
(8) الروم: 24.
(9) الأنعام: 151.
(10) الكافي: 1 / 13 / 12 والآية الروم: 28.
(11) الكافي: 1 / 14 / 12 والآية الأنعام: 32.
3592
تعقلون) * (1)، وقال: * (إنا منزلون على أهل هذه
القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون * ولقد
تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون) * (2).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العقل مع العلم
فقال: * (وتلك الأمثال نضربها للناس وما
يعقلها إلا العالمون) * (3)، يا هشام ثم ذم الذين
لا يعقلون فقال: * (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل
الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو
كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) * (4) وقال:
* (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع
إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) * (5)،
وقال: * (ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع
الصم ولو كانوا لا يعقلون) * (6)، وقال: * (أم تحسب
أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام
بل هم أضل سبيلا) * (7)، وقال: * (لا يقاتلونكم
جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر
بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى
ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) * (8)، وقال: * (وتنسون
أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) * (9).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! ثم ذم الله الكثرة فقال:
* (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل
الله) * (10)، وقال: * (ولئن سألتهم من خلق
السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله
بل أكثرهم لا يعلمون) * (11)، وقال: * (ولئن سألتهم
من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من
بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم
لا يعقلون) * (12).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! ثم مدح القلة فقال:
* (وقليل من عبادي الشكور) * (13)، وقال: * (وقليل
ما هم) * (14)، وقال: * (وقال رجل مؤمن من آل
فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول
ربي الله) * (15)، وقال: * (ومن آمن وما آمن معه
إلا قليل) * (16)، وقال: * (ولكن أكثرهم
لا يعلمون) * (17)، وقال: * (وأكثرهم لا يعقلون) * (18)،
وقال: * (وأكثرهم لا يشعرون) * (19).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! ثم ذكر اولي الألباب
بأحسن الذكر، وحلاهم بأحسن الحلية، فقال:
* (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد
أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب) * (20)،
وقال: * (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل



(1) الصافات: 136 - 138.
(2) الكافي: 1 / 14 / 12 والآية العنكبوت: 34، 35.
(3) العنكبوت: 43.
(4) البقرة: 170، 171.
(5) البقرة: 170، 171.
(6) يونس: 42.
(7) الفرقان: 44.
(8) الحشر: 14.
(9) الكافي: 1 / 14 / 12.
(10) الأنعام: 116.
(11) لقمان: 25.
(12) الكافي: 1 / 15 / 12. والآية العنكبوت: 63.
(13) سبأ: 13.
(14) ص: 24.
(15) المؤمن: 28.
(16) هود: 40.
(17) الأنعام: 37.
(18) المائدة: 103.
(19) الكافي: 1 / 15 / 12.
(20) البقرة: 269.
3593
من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب) * (1)،
وقال: * (إن في خلق السماوات والأرض
واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) * (2)،
وقال: * (أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق
كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب) * (3)، وقال:
* (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر
الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين
يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو
الألباب) * (4)، وقال: * (كتاب أنزلناه إليك مبارك
ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) * (5)، وقال:
* (ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل
الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب) * (6). وقال:
* (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * (7).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن الله تعالى يقول في
كتابه: * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) * (8)
يعني: عقل، وقال: * (ولقد آتينا لقمان
الحكمة) * (9)، قال: الفهم والعقل (10).
- عنه (عليه السلام): يا هشام إن لقمان قال لابنه:
تواضع للحق تكن أعقل الناس، وإن الكيس لدى
الحق يسير، يا بني إن الدنيا بحر عميق،
قد غرق فيها (فيه خ ل) عالم كثير، فلتكن
سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها الإيمان (11)
وشراعها التوكل، وقيمها العقل، ودليلها
العلم، وسكانها الصبر (12).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن لكل شئ دليلا
ودليل العقل التفكر، ودليل التفكر الصمت،
ولكل شئ مطية ومطية (13) العقل التواضع، وكفى
بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه (14).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! ما بعث الله أنبياءه
ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله،
فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، وأعلمهم
بأمر الله أحسنهم عقلا، وأكملهم عقلا أرفعهم
درجة في الدنيا والآخرة (15).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن لله على الناس
حجتين: حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما
الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة (عليهم السلام)،
وأما الباطنة فالعقول (16).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العاقل الذي لا يشغل
الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره (17).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! من سلط ثلاثا على ثلاث
فكأنما أعان على هدم عقله: من أظلم نور
تفكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول



(1) آل عمران: 7، 190.
(2) آل عمران: 7، 190.
(3) الرعد: 19.
(4) الزمر: 9.
(5) ص: 29.
(6) المؤمن: 53، 54.
(7) الكافي: 1 / 215 / 12 والآية الذاريات: 55.
(8) ق: 37.
(9) لقمان: 12.
(10) الكافي: 1 / 16 / 12.
(11) وحشوها: أي مع ما يحشى فيها وتملأ منها، والشراع ككتاب:
الملاءة الواسعة فوق خشبة تصفقها الريح فتمضي بالسفينة.
والقيم: مدبر أمر السفينة. كما في هامش الكافي.
(12) الكافي: 1 / 216 / 12.
(13) المطية: الناقة التي يركب مطاها أي ظهرها، ومطية العقل
التواضع أي التذلل والانقياد، كما في هامش الكافي.
(14) الكافي: 1 / 16 / 12.
(15) الكافي: 1 / 16 / 12.
(16) الكافي: 1 / 16 / 12.
(17) الكافي: 1 / 16 / 12.
3594
كلامه (1)، وأطفأ نور عبرته بشهوات
نفسه، فكأنما أعان هواه على هدم
عقله، ومن هدم عقله أفسد عليه دينه
ودنياه (2).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! كيف يزكو (3)
عند الله عملك وأنت قد شغلت قلبك عن
أمر ربك، وأطعت هواك على غلبة عقلك (4).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! الصبر على الوحدة
علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله (5) اعتزل
أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما
عند الله، وكان الله انسه في الوحشة، وصاحبه
في الوحدة، وغناه في العيلة (6)، ومعزه من
غير عشيرة (7).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! نصب الحق لطاعة
الله (8) ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة
بالعلم، والعلم بالتعلم، والتعلم بالعقل
يعتقد (9)، ولا عالم إلا من علم رباني،
ومعرفة العلم بالعقل (10).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! قليل العمل من العالم
مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الهوى
والجهل مردود (11).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العاقل رضي
بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض
بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك
ربحت تجارتهم (12).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العقلاء تركوا فضول
الدنيا فكيف الذنوب، وترك الدنيا من الفضل،
وترك الذنوب من الفرض (13).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العاقل نظر
إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنها لا تنال
إلا بالمشقة، ونظر إلى الآخرة فعلم
أنها لا تنال إلا بالمشقة، فطلب بالمشقة
أبقاهما (14).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العقلاء زهدوا في
الدنيا ورغبوا في الآخرة، لأنهم علموا أن



(1) والسبب في ذلك أن بطول الأمل يقبل إلى الدنيا ولذاتها فيشغل
عن التفكر، أو يجعل مقتضى طول الأمل ماحيا لمقتضى فكره
الصائب. والطريف: الأمر الجديد المستغرب الذي فيه نفاسة،
ومحو الطرائف بالفضول إما لأنه إذا اشتغل بالفضول شغل عن
الحكمة في زمان التكلم بالفضول، أو لأنه لما سمع الناس منه
الفضول لم يعبأوا بحكمته، أو لأنه إذا اشتغل به محى الله عن قلبه
الحكمة. كما في هامش الكافي.
(2) الكافي: 1 / 17 / 12.
(3) الزكاة تكون بمعنى النمو وبمعنى الطهارة، وهنا يحتملهما. كما
في هامش الكافي.
(4) الكافي: 1 / 17 / 12.
(5) أي: حصل له معرفة ذاته وصفاته وأحكامه وشرائعه، أو أعطاه
الله العقل أو علم الأمور بعلم ينتهي إلى الله بأن يأخذه عن أنبيائه
وحججه (عليهم السلام) إما بلا واسطة أو بواسطة، أو بلغ عقله إلى درجة
يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر. كما في هامش الكافي.
(6) أي: مغنيه، أو كما أن أهل الدنيا غناهم بالمال هو غناه بالله
وقربه ومناجاته. والعيلة: الفقر. والعشيرة: القبيلة. كما في
هامش الكافي.
(7) الكافي: 1 / 17 / 12.
(8) " نصب " إما مصدر أو فعل مجهول، وقراءته على المعلوم
بحذف الفاعل أو المفعول كما توهم بعيد، إنما نصب الله الحق
والدين بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في أوامره ونواهيه.
كما في هامش الكافي.
(9) أي يشد ويستحكم، وفي بعض النسخ " يعتقل ". كما في هامش الكافي.
(10) الكافي: 1 / 17 / 12 وص 18.
(11) الكافي: 1 / 17 / 12 وص 18.
(12) الكافي: 1 / 17 / 12 وص 18.
(13) الكافي: 1 / 17 / 12 وص 18.
(14) الكافي: 1 / 17 / 12 وص 18.
3595
الدنيا طالبة مطلوبة (1) والآخرة طالبة ومطلوبة،
فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها
رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه
الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته (2).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! من أراد الغنى
بلا مال، وراحة القلب من الحسد، والسلامة في
الدين، فليتضرع إلى الله عز وجل في مسألته
بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن
قنع بما يكفيه استغنى، ومن لم يقنع بما يكفيه
لم يدرك الغنى أبدا (3).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن الله حكى عن قوم
صالحين أنهم قالوا: * (ربنا لا تزغ قلوبنا (4)
بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت
الوهاب) * حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى
عماها ورداها. إنه لم يخف الله من لم يعقل عن
الله، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة
ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون
أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا،
وسره لعلانيته موافقا، لأن الله تبارك اسمه لم
يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر
منه وناطق عنه (5).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! كان أمير المؤمنين (عليه السلام)
يقول: ما عبد الله بشئ أفضل من العقل،
وما تم عقل امرء حتى يكون فيه خصال
شتى: الكفر والشر منه مأمونان، والرشد
والخير منه مأمولان، وفضل ماله مبذول،
وفضل قوله مكفوف، ونصيبه من الدنيا القوت،
لا يشبع من العلم دهره، الذل أحب إليه مع
الله من العز مع غيره، والتواضع أحب إليه
من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره،
ويستقل كثير المعروف من نفسه، ويرى الناس
كلهم خيرا منه، وأنه شرهم في نفسه،
وهو تمام الأمر (6).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العاقل لا يكذب
وإن كان فيه هواه (7).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! لا دين لمن لا مروة له (8)،
ولا مروة لمن لاعقل له، وإن أعظم الناس قدرا



(1) طالبية الدنيا عبارة عن إيصالها الرزق المقدر إلى من هو فيها
ليكونوا فيها إلى الأجل المقرر، ومطلوبيتها عبارة عن سعي
أبنائها لها ليكونوا على أحسن أحوالها، وطالبية الآخرة عبارة
عن بلوغ الأجل وحلول الموت لمن هو في الدنيا ليكونوا فيها،
ومطلوبيتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على أحسن
أحوالها، ولا يخفى أن الدنيا طالبة بالمعنى المذكور لأن الرزق
فيها مقدر مضمون يصل إلى الإنسان لا محالة، طلبه
أولا * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) * وأن الآخرة طالبة
أيضا لأن الأجل مقدر كالرزق مكتوب * (قل لن ينفعكم الفرار
إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا) * كما في
هامش الكافي.
(2) الكافي: 1 / 18 / 12.
(3) الكافي: 1 / 18 / 12.
(4) الزيغ: هو الميل والعدول عن الحق. والردى: الهلاك والضلال.
كما في هامش الكافي.
(5) الكافي: 1 / 18 / 12.
(6) الكافي: 1 / 18 / 12 أي: كل أمر من أمور الدين يتم به، أو
كأنه جميع أمور الدين مبالغة. كما في هامش الكافي.
(7) الكافي: 1 / 19 / 12.
(8) وذلك لأن من لاعقل له لا يكون عارفا بما يليق به ويحسن،
وما لا يليق به ولا يحسن، فقد يترك اللائق ويجئ بما لا يليق،
ومن يكون كذلك لا يكون ذا دين. والمروة الإنسانية وكمال
الرجولية وهي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق
ومحاسن الآداب. كما في هامش الكافي.
3596
الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا (1) أما إن أبدانكم
ليس لها ثمن إلا الجنة (2) فلا تبيعوها بغيرها (3).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان
يقول: إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث
خصال: يجيب إذا سئل، وينطق إذا عجز القوم عن
الكلام، ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح
أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث
شئ فهو أحمق.
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لا يجلس في صدر
المجلس إلا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو
واحدة منهن، فمن لم يكن فيه شئ منهن فجلس
فهو أحمق (4).
- عنه (عليه السلام): وقال الحسن بن علي (عليهما السلام): إذا
طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يا بن
رسول الله ومن أهلها؟ قال: الذين قص الله
(نص الله خ ل) في كتابه وذكرهم، فقال:
* (إنما يتذكر أولو الألباب) * قال: هم
أولو العقول (5).
- عنه (عليه السلام): وقال علي بن الحسين (عليهما السلام) (6):
مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح،
وآداب العلماء زيادة في العقل، وطاعة
ولاة العدل تمام العز، واستثمار المال تمام
المروة (7) وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة،
وكف الأذى من كمال العقل، وفيه راحة البدن
عاجلا وآجلا (8).
- عنه (عليه السلام): يا هشام! إن العاقل لا يحدث من
يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يعد
ما لا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنف برجائه (9)،
ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه (10).



(1) الخطر: الحظ والنصيب والقدر والمنزلة والسبق الذي يتراهن
عليه. كما في هامش الكافي.
(2) أي: ما يليق أن يكون ثمنا لها إلا الجنة، شبه (عليه السلام) استعمال
البدن في المكتسبات الباقية ببيعها بها، وذلك لأن الأبدان في
التناقص يوما فيوما لتوجه النفس منها إلى عالم آخر، فإن كانت
النفس سعيدة كانت غاية سعيه في هذه الدنيا وانقطاع حياته
البدنية إلى الله سبحانه وإلى نعيم الجنة لكونه على منهج الهداية
والاستقامة، فكأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع الله تعالى،
ولهذا خلقه الله عز وجل.
وإن كانت شقية كانت غاية سعيه وانقطاع أجله وعمره إلى
مقارنة الشيطان وعذاب النيران لكونه على طريق الضلالة،
فكأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية واللذات الحيوانية التي
ستصير نيرانات محرقة مؤلمة وهي اليوم كامنة مستورة عن
حواس أهل الدنيا وستبرز يوم القيامة * (وبرزت الجحيم لمن
يرى) * معاملة مع الشيطان وخسر هناك المبطلون (في - كذا نقل
عن أستاذه صدر المتألهين رحمه الله) كما في هامش الكافي.
(3) الكافي: 1 / 19 / 12.
(4) الكافي: 1 / 19 / 12.
(5) الكافي: 1 / 19 / 12.
(6) في كلامه (عليه السلام) ترغيب إلى المعاشرة مع الناس والمؤانسة بهم
واستفادة كل فضيلة من أهلها، وزجر عن الاعتزال والانقطاع
اللذين هما منبت النفاق ومغرس الوسواس والحرمان عن
المشرب الأتم المحمدي (صلى الله عليه وآله) والمقام المحمود، والموجب
لترك كثير من الفضائل والخيرات وفوت السنن الشرعية وآداب
الجمعة والجماعات وانسداد أبواب مكارم الأخلاق كما في
هامش الكافي.
(7) أي: استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام
الإنسانية وموجب له أيضا لأنه لا يحتاج إلى غيره ويتمكن من أن
يأتي بما يليق به. كما في هامش الكافي.
(8) الكافي: 1 / 20 / 12.
(9) أي العاقل لا يرجو فوق ما يستحقه. كما في هامش الكافي.
(10) الكافي: 1 / 20 / 12. أي لا يفعل فعلا قبل أوانه مبادرا إليه.
وفي بعض النسخ " ولا يتقدم ". كما في هامش الكافي.
3597
[4132]
مواعظ الإمام الرضا (عليه السلام)
- الإمام الرضا (عليه السلام) - في جمع من أصحابه -:
إن العابد من بني إسرائيل لم يكن عابدا
حتى يصمت عشر سنين، فإذا صمت عشر سنين
كان عابدا، ثم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): كن
خيرا لا شر معه، كن ورقا لا شوك معه (1).
- عنه (عليه السلام): من حاسب نفسه ربح، ومن غفل
عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر،
ومن أبصر فهم، ومن فهم علم، وصديق الجاهل
في تعب، وأفضل المال ما وقي به العرض، وأفضل
العقل معرفة الإنسان نفسه (2).
(انظر) البحار: 78 / 334 باب 26.
[4133]
مواعظ الإمام الجواد (عليه السلام)
- الإمام الجواد (عليه السلام): المؤمن يحتاج إلى توفيق
من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممن ينصحه (3).
- عنه (عليه السلام): كيف يضيع من الله كافله؟ كيف
يهرب من الله طالبه؟ من انقطع إلى غير الله وكله الله
إليه، من عمل على غير علم ما أفسد أكثر مما
يصلح، القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من
إتعاب الجوارح بالأعمال، من أطاع هواه أعطى
عدوه مناه، من هجر المداراة قاربه المكروه، من
لم يعرف الموارد أعيته المصادر، ومن انقاد إلى
الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة
وللعاقبة المتعبة، من عتب من غير ارتياب أعتبه
من غير استعتاب، راكب الشهوات لا يستقال له
عثرة، الثقة بالله ثمن لكل غال وسلم إلى كل عال،
إياك ومصاحبة الشرير فإنه كالسيف المسلول (4)
يحسن منظره ويقبح أثره اتئد تصب أو تكد (5)، إذا
نزل القضاء ضاق الفضاء، كفى بالمرء خيانة أن
يكون أمينا للخونة، عز المؤمن غناه عن الخلق،
نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر، لا يضرك سخط من
رضاه الجور، من لم يرض من أخيه بحسن النية لم
يرض بالعطية (6).
(انظر) البحار: 78 / 358 باب 27.
[4134]
مواعظ الإمام الهادي (عليه السلام)
- الإمام الهادي (عليه السلام): إن الله جعل الدنيا
دار بلوى، والآخرة دار عقبى، وجعل بلوى
الدنيا لثواب الآخرة سببا، وثواب الآخرة من
بلوى الدنيا عوضا (7).
- عنه (عليه السلام): اذكر مصرعك بين يدي أهلك،
ولا طبيب يمنعك، ولا حبيب ينفعك (8).



(1) قصص الأنبياء: 160 / 176.
(2) البحار: 78 / 352 / 9.
(3) تحف العقول: 457.
(4) السيف المسلول: هو الذي اخرج من غمده، وبالفارسية شمشير
كشيده شده.
(5) اتئد في أمرك - من باب الافتعال - أي تثبت، والتؤدة: الرزانة.
وكاد يفعل وكيد: أي قارب.
(6) الدرة الباهرة: 40.
(7) تحف العقول: 483.
(8) أعلام الدين: 311.
3598
- عنه (عليه السلام): اذكر حسرات التفريط تأخذ
بتقديم الحزم (1).
- عنه (عليه السلام): من جمع لك وده ورأيه فاجمع
له طاعتك (2).
(انظر) البحار: 78 / 365 باب 28، وص
370 باب 29 " مواعظ أبي محمد
العسكري (عليه السلام) "، 380
باب 30 " مواعظ القائم (عليه السلام) ".
[4135]
من أصغى إلى ناطق عبده
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أصغى إلى ناطق فقد
عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن
كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس (3).
(انظر) عنوان 446 " التقليد "، العبادة: باب
2496، الاستماع: باب 1902.
[4136]
آداب الموعظة
الكتاب
* (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن
سبيله وهو أعلم بالمهتدين) * (4).
- جابر بن سمرة: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يطيل
الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات (5).
- الإمام العسكري (عليه السلام): من وعظ أخاه سرا فقد
زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه (6).
- الإمام علي (عليه السلام): نصحك بين الملأ تقريع (7).
(انظر) التبليغ: باب 392.
باب 4141 - 4143.
[4137]
الواعظ النفسي
- الإمام علي (عليه السلام): اجعل من نفسك على
نفسك رقيبا (8).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): ابن آدم! إنك
لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما
كانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك
شعارا، والحذر لك دثارا (9).
- عنه (عليه السلام) - كان يقول -: ابن آدم! لا تزال
بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت
المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعارا،
والحزن لك دثارا. ابن آدم! إنك ميت
ومبعوث وموقوف بين يدي الله عز وجل ومسؤول
فأعد جوابا (10).
(انظر) باب 4133 حديث 21862.
عنوان 193 " المراقبة ".
[4138]
من كان له واعظ من نفسه
- الإمام علي (عليه السلام): ومن كان له في نفسه



(1) أعلام الدين: 311.
(2) تحف العقول: 483.
(3) البحار: 72 / 264 / 1.
(4) النحل: 125.
(5) سنن أبي داود: 1 / 289 / 1107.
(6) تحف العقول: 489.
(7) غرر الحكم: 9966، 2429.
(8) غرر الحكم: 9966، 2429.
(9) تحف العقول: 280.
(10) أمالي الطوسي: 115 / 176.
3599
واعظ كان عليه من الله حافظ (1).
- عنه (عليه السلام): من كان له من نفسه يقظة كان
عليه من الله حفظة (2).
[4139]
من لم يكن له واعظ من نفسه
- الإمام علي (عليه السلام): ألا وإنه من لم يكن له
من نفسه واعظ لم يكن له من الله حافظ (3).
- عنه (عليه السلام): واعلموا أنه من لم يعن على
نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر، لم يكن
له من غيرها لا زاجر ولا واعظ (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من لم يجعل الله له من نفسه
واعظا، فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من لم يكن له واعظ من
قلبه، وزاجر من نفسه، ولم يكن له قرين مرشد،
استمكن عدوه من عنقه (6).
[4140]
من لا ينتفع بالموعظة
- الإمام علي (عليه السلام): من لم يكن أملك شئ
به عقله لم ينتفع بموعظة (7).
- عنه (عليه السلام): من عدم الفهم عن الله سبحانه
لم ينتفع بموعظة واعظ (8).
- عنه (عليه السلام): الجاهل لا يرتدع، وبالمواعظ
لا ينتفع (9).
- عنه (عليه السلام): من لم يعتبر بغير الدنيا وصروفها
لم تنجع فيه المواعظ (10).
- عنه (عليه السلام): من لم يعنه الله على نفسه لم
ينتفع بموعظة واعظ (11).
- عنه (عليه السلام): من لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب
لم ينتفع بشئ من العظة، وأتاه التقصير من
أمامه، حتى يعرف ما أنكر، وينكر ما عرف (12).
- عنه (عليه السلام): بينكم وبين الموعظة حجاب
من الغرة (13).
- عنه (عليه السلام): بينكم وبين الموعظة حجاب
من الغفلة والغرة (14).
- عنه (عليه السلام): لم يعقل مواعظ الزمان من سكن
إلى حسن الظن بالأيام (15).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) -:
ولا تكونن ممن لا تنفعه العظة إلا إذا بالغت
في إيلامه، فإن العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم
(والجاهل) لا تتعظ إلا بالضرب (16).
وفي نقل: لا تكونن ممن لا ينتفع من العظة
إلا بما لزمه، فإن العاقل ينتفع بالأدب والبهائم
لا تتعظ إلا بالضرب (17).



(1) البحار: 78 / 67 / 11.
(2) غرر الحكم: 8747.
(3) البحار: 41 / 133 / 45.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 90.
(5) تحف العقول: 294.
(6) أمالي الصدوق: 358 / 2.
(7) غرر الحكم: 8992.
(8) غرر الحكم: 8945، 1729، 9011، 9010.
(9) غرر الحكم: 8945، 1729، 9011، 9010.
(10) غرر الحكم: 8945، 1729، 9011، 9010.
(11) غرر الحكم: 8945، 1729، 9011، 9010.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 176، الحكمة 282.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 176، الحكمة 282.
(14) غرر الحكم: 4450، 7549.
(15) غرر الحكم: 4450، 7549.
(16) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(17) تحف العقول: 83.
3600
- عنه (عليه السلام) - في ذم أصحابه -: أتلو عليكم
الحكم فتنفرون منها، وأعظكم بالموعظة البالغة
فتتفرقون عنها، وأحثكم على جهاد أهل البغي
فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين
أيادي سبا ترجعون إلى مجالسكم، وتتخادعون
عن مواعظكم (1).
- عنه (عليه السلام) - في صفة أهل الدنيا -: قد خرقت
الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه... لا ينزجر
من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ (2).
(انظر) النصيحة: باب 3872.
الحكمة: باب 926.
السفه: باب 1835 حديث 8652.
[4141]
الواعظ غير المتعظ
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون * كبر
مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوحى الله إلى عيسى بن
مريم: عظ نفسك بحكمتي، فإن انتفعت فعظ
الناس، وإلا فاستحي مني (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): في حكمة آل داود:
يا بن آدم! كيف تتكلم بالهدى وأنت لا تفيق
عن الردى! (5).
- الإمام علي (عليه السلام): لا تكن ممن... يبالغ
في الموعظة ولا يتعظ، فهو بالقول مدل ومن
العمل مقل، ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما
يبقى، يرى الغنم مغرما، والغرم مغنما (6).
- عنه (عليه السلام): رب زاجر غير مزدجر، رب واعظ
غير مرتدع (7).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى معاوية -: أما بعد،
فقد أتتني منك موعظة موصلة، ورسالة محبرة،
نمقتها بضلالك، وأمضيتها بسوء رأيك (8).
(انظر) المعروف (2): باب 2697.
[4142]
الحث على الاستضاءة
من الواعظ المتعظ
- الإمام علي (عليه السلام): أيها الناس! استصبحوا
من شعلة مصباح واعظ متعظ، وامتاحوا من صفو
عين قد روقت من الكدر (9).
- عنه (عليه السلام): استصبحوا من شعلة واعظ متعظ،
واقبلوا نصيحة ناصح متيقظ، وقفوا عندما
أفادكم من التعليم (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن العالم إذا لم
يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل
المطر عن الصفا (11).
(انظر) العلم: باب 2868.



(1) نهج البلاغة: الخطبة 97 و 109.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 97 و 109.
(3) الصف: 2، 3.
(4) كنز العمال: 43156.
(5) أمالي الطوسي: 203 / 346.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 150.
(7) غرر الحكم: (5360 - 5361).
(8) نهج البلاغة: الكتاب 7، الخطبة 105.
(9) نهج البلاغة: الكتاب 7، الخطبة 105.
(10) غرر الحكم: 2545.
(11) منية المريد: 146 و 181.
3601
[4143]
الدعوة بغير اللسان
- الإمام الصادق (عليه السلام): كونوا دعاة للناس
بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد
والصلاة والخير، فإن ذلك داعية (1).
- عنه (عليه السلام): كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير
ألسنتكم، وكونوا زينا ولا تكونوا شينا (2).
- عنه (عليه السلام): أي مفضل! قل لشيعتنا: كونوا
دعاة إلينا بالكف عن محارم الله واجتناب
معاصيه، واتباع رضوانه، فإنهم إذا كانوا
كذلك كان الناس إلينا مسارعين (3).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الوعظ الذي لا يمجه
سمع، ولا يعدله نفع، ما سكت عنه لسان القول
ونطق به لسان الفعل (4).
(انظر) الأدب: باب 66.
النفس: باب 3919.
[4144]
ما ينبغي الاتعاظ به
- الإمام علي (عليه السلام): واتعظوا بمن كان قبلكم
قبل أن يتعظ بكم من بعدكم (5).
- عنه (عليه السلام): فاعتبروا بما أصاب الأمم
المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته،
ووقائعه ومثلاته، واتعظوا بمثاوي خدودهم
ومصارع جنوبهم (6).
- عنه (عليه السلام): واتعظوا فيها - أي في الدنيا -
بالذين قالوا: " من أشد منا قوة " حملوا إلى
قبورهم فلا يدعون ركبانا، وانزلوا الأجداث فلا
يدعون ضيفانا (7).
- عنه (عليه السلام): من لم يتعظ بالناس وعظ الله
الناس به (8).
- عنه (عليه السلام): اتعظ بغيرك، ولا تكن متعظا بك (9).
- عنه (عليه السلام): فطنة الفهم للمواعظ مما تدعو
النفس إلى الحذر من الخطأ (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): السعيد يتعظ بموعظة
التقوى وإن كان يراد بالموعظة غيره (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): السعيد من وعظ بغيره (12).
- الإمام علي (عليه السلام): العاقل من اتعظ بغيره (13).
- عنه (عليه السلام): من وعظك أحسن إليك (14).
- عنه (عليه السلام): من وعظك فلا توحشه (15).
- الإمام الصادق (عليه السلام): بينا موسى بن عمران (عليه السلام)
يعظ أصحابه إذ قام رجل فشق قميصه، فأوحى
الله عز وجل إليه: يا موسى! قل له: لا تشق
قميصك ولكن اشرح لي عن قلبك (16).



(1) الكافي: 2 / 78 / 14 و ح 9.
(2) الكافي: 2 / 78 / 14 و ح 9.
(3) مستدرك الوسائل: 12 / 206 / 13893.
(4) غرر الحكم: 3538.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 32.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 192 و 111.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 192 و 111.
(8) غرر الحكم: 8931.
(9) كنز الفوائد للكراجكي: 1 / 279.
(10) نهج السعادة: 1 / 56.
(11) الكافي: 8 / 151 / 132.
(12) أمالي الصدوق: 395 / 1.
(13) غرر الحكم: 1284.
(14) غرر الحكم: 7924، 7828.
(15) غرر الحكم: 7924، 7828.
(16) الكافي: 8 / 129 / 98.
3602
(552)
التوفيق
البحار: 5 / 162 باب 7 " الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان ".
انظر:
عنوان: 532 " الهداية "، 314 " الضلالة "، 60 " الجبر "، 232 " السعادة "، 272 " الشقاوة ".
الجهاد (3): باب 594، النية: باب 3982، الامتحان: باب 3642.

3603
[4145]
التوفيق
الكتاب
* (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي
ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم
عنه إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله
عليه توكلت وإليه أنيب) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): التوفيق عناية (2).
- عنه (عليه السلام): التوفيق رحمة (3).
- عنه (عليه السلام): التوفيق من جذبات الرب (4).
- عنه (عليه السلام): التوفيق عناية الرحمن (5).
- عنه (عليه السلام): التوفيق أول النعمة (6).
- عنه (عليه السلام): التوفيق قائد الصلاح (7).
- عنه (عليه السلام): التوفيق أشرف الحظين (8).
- عنه (عليه السلام): التوفيق رأس النجاح (9).
- عنه (عليه السلام): التوفيق رأس السعادة (10).
- عنه (عليه السلام): بالتوفيق تكون السعادة (11).
- عنه (عليه السلام): التوفيق مفتاح الرفق (12).
- عنه (عليه السلام): من أمده التوفيق أحسن العمل (13).
- عنه (عليه السلام): من لم يمده التوفيق لم ينب
إلى الحق (14).
- عنه (عليه السلام): كيف يتمتع بالعبادة من لم
يعنه التوفيق (15).
- عنه (عليه السلام): لا ينفع اجتهاد بغير توفيق (16).
- عنه (عليه السلام): خير الاجتهاد ما قارنه التوفيق (17).
- عنه (عليه السلام): لا ينفع علم بغير توفيق (18).
- عنه (عليه السلام): لا نعمة أفضل من التوفيق (19).
- عنه (عليه السلام): لا قائد كالتوفيق (20).
- الإمام الباقر (عليه السلام): لا نعمة كالعافية،
ولا عافية كمساعدة التوفيق (21).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الله سبحانه قد جعل للخير
أهلا، وللحق دعائم، وللطاعة عصما، وإن لكم عند
كل طاعة عونا من الله سبحانه، يقول على الألسنة
ويثبت الأفئدة، فيه كفاء لمكتف وشفاء لمشتف (22).
- عنه (عليه السلام): عباد الله سلوا الله اليقين، فإن
اليقين رأس الدين... وارغبوا إليه في التوفيق،
فإنه أس وثيق (23).



(1) هود: 88.
(2) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(3) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(4) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(5) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(6) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(7) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(8) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(9) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(10) غرر الحكم: 73، 162، 539، 952، 545، 295، 1642، 942، 858.
(11) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(12) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(13) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(14) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(15) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(16) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(17) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(18) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(19) غرر الحكم: 4196، 273، 8470، 9246، 7005، 10802، 5008، 10680، 10637.
(20) نهج البلاغة: الحكمة 113.
(21) تحف العقول: 286.
(22) نهج البلاغة: الخطبة 214، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
11 / 65.
(23) تحف العقول: 150.
3604
- عنه (عليه السلام): إن الله سبحانه إذا أراد بعبد
خيرا وفقه لإنفاذ أجله في أحسن عمله، ورزقه
مبادرة مهله في طاعته قبل الفوت (1).
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لرجل سأله: أليس
أنا مستطيع لما كلفت؟ -: ما الاستطاعة عندك؟
قال: القوة على العمل، قال له (عليه السلام): قد أعطيت
القوة إن أعطيت المعونة، قال له الرجل: فما
المعونة؟ قال: التوفيق، قال: فلم إعطاء التوفيق؟
قال: لو كنت موفقا كنت عاملا، وقد يكون الكافر
أقوى منك ولا يعطى التوفيق فلا يكون عاملا.
ثم قال (عليه السلام): أخبرني عنك من خلق فيك
القوة؟ قال الرجل: الله تبارك وتعالى، قال
العالم: هل تستطيع بتلك القوة دفع الضر عن
نفسك وأخذ النفع إليها بغير العون من الله تبارك
وتعالى؟ قال: لا، قال: فلم تنتحل ما لا تقدر
عليه؟! ثم قال: أين أنت عن قول العبد الصالح:
* (وما توفيقي إلا بالله) * (2).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سئل عن " لا حول
ولا قوة إلا بالله " -: معناه لا حول لنا عن معصية
الله إلا بعون الله، ولا قوة لنا على طاعة الله إلا
بتوفيق الله عز وجل (3).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أمر الله سبحانه بشئ
إلا وأعان عليه (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما علم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أن جبرئيل من قبل الله عز وجل إلا بالتوفيق (5).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): إن أيوب النبي (عليه السلام) قال:
يا رب ما سألتك شيئا من الدنيا قط وداخلني
(وداخله) شئ، فأقبلت إليه سحابة حتى نادته:
يا أيوب من وفقك لذلك؟ قال: أنت يا رب (6).
- الإمام علي (عليه السلام): نحمده على ما وفق له من
الطاعة، وذاد عنه من المعصية (7).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام)
في الاجتناب عن الشبهات -: وابدأ قبل
نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك، والرغبة إليه
في توفيقك، وترك كل شائبة (8) أولجتك في شبهة،
أو أسلمتك إلى ضلالة (9).
- الإمام زين العابدين والإمام الباقر (عليهما السلام)
- كانا يدعوان به في كل يوم من شهر رمضان -:
اللهم صل على محمد وآله، ووفقني فيه
لليلة القدر على أفضل حال تحب أن يكون أحد
من أوليائك وأرضاها لك (10).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - دعائه في
مكارم الأخلاق -: اللهم وأنطقني بالهدى،
وألهمني التقوى، ووفقني للتي هي أزكى،
واستعملني بما هو أرضى (11).



(1) غرر الحكم: 3587.
(2) البحار: 5 / 42 / 68.
(3) التوحيد: 242 / 3.
(4) غرر الحكم: 9572.
(5) التوحيد: 242 / 2.
(6) الزهد للحسين بن سعيد: 69 / 183.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 194.
(8) الشائبة: ما يشوب الفكر من شك وحيرة. أولجتك: أدخلتك.
كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(9) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(10) إقبال الأعمال: 91.
(11) الصحيفة السجادية: الدعاء 20.
3605
- الإمام علي (عليه السلام) - في ختام كتابه للأشتر -:
وأنا أسأل الله بسعة رحمته، وعظيم قدرته على
إعطاء كل رغبة، أن يوفقني وإياك لما
فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه
وإلى خلقه (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - في ختام كتابه إلى قثم بن
العباس -: وفقنا الله وإياكم لمحابه (2).
(انظر) السعادة: باب 1817،
الامتحان: باب 3642.
[4146]
التوفيق والخذلان
الكتاب
* (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا
الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل
المؤمنون) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): التوفيق والخذلان يتجاذبان
النفس، فأيهما غلب كانت في حيزه (4).
- عنه (عليه السلام): التوفيق ممد العقل، الخذلان
ممد الجهل (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (وما توفيقي إلا بالله) * وقوله: * (إن ينصركم الله فلا
غالب لكم وإن يخذلكم...) * -: إذا فعل العبد ما
أمره الله عز وجل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر
الله عز وجل وسمي العبد به موفقا، وإذا أراد
العبد أن يدخل في شئ من معاصي الله فحال
الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها
كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره، ومتى خلى
بينه وبين تلك المعصية فلم يحل بينه وبينها حتى
يرتكبها فقد خذله ولم ينصره ولم يوفقه (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن المعاصي يستولي
بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه بما
هو أعظم منها (7).
[4147]
ما هو من التوفيق
- الإمام علي (عليه السلام): من التوفيق حفظ التجربة (8).
- عنه (عليه السلام): من التوفيق الوقوف عند الحيرة (9).
- عنه (عليه السلام): إن من النعمة تعذر المعاصي (10).
[4148]
ما يوجب التوفيق
- الإمام علي (عليه السلام): كما أن الجسم والظل
لا يفترقان، كذلك الدين والتوفيق لا يفترقان (11).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس! إنه من استنصح
الله وفق، ومن اتخذ قوله دليلا هدي للتي

3606
هي أقوم، فإن جار الله آمن، وعدوه خائف (1).
- عنه (عليه السلام): من استنصح الله حاز التوفيق (2).
- عنه (عليه السلام): من كان له من نفسه يقظة كان
عليه من الله حفظة (3).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى عثمان بن حنيف،
مخاطبا للدنيا -: هيهات! من وطئ دحضك
زلق، ومن ركب لججك غرق، ومن أزور عن
حبائلك وفق (4).
(انظر) الإجتهاد: باب 594، السعادة: باب 1809،
الشقاوة: باب 2057، النية: باب 3982.

3607
(553)
الوفاء
البحار: 75 / 91 باب 47 " لزوم الوفاء بالوعد ".
كنز العمال: 3 / 436 " وفاء العهد ".
البحار: 71 / 260 باب 74 " الوفاء بما جعل لله على نفسه ".
انظر:
373 " العهد "، 550 " الوعد "، العدل: باب 2551، الغدر: باب 3036.
الذنب: باب 1384 حديث 6650، النفاق: باب 3931، الجنة: باب 552 حديث 2577.

3609
[4149]
الوفاء
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة
الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن
الله يحكم ما يريد) * (1).
* (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى
يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) * (2).
* (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) * (3).
التفسير:
يدل الكتاب كما ترى من ظاهر قوله تعالى:
* (أوفوا بالعقود) * على الأمر بالوفاء بالعقود،
وهو بظاهره عام يشمل كل ما يصدق عليه
العقد عرفا مما يلائم الوفاء. والعقد هو كل
فعل أو قول يمثل معنى العقد اللغوي، وهو نوع
ربط شئ بشئ آخر بحيث يلزمه ولا ينفك
عنه، كعقد البيع الذي هو ربط المبيع
بالمشتري ملكا بحيث كان له أن يتصرف فيه
ما شاء، وليس للبائع بعد العقد ملك ولا تصرف،
وكعقد النكاح الذي يربط المرأة بالرجل بحيث له
أن يتمتع منها تمتع النكاح، وليس للمرأة أن تمتع
غيره من نفسها، وكالعهد الذي يمكن فيه العاهد
المعهود له من نفسه فيما عهده وليس له أن ينقضه.
وقد أكد القرآن في الوفاء بالعقد والعهد بجميع
معانيه وفي جميع معانيه وفي جميع مصاديقه،
وشدد فيه كل التشديد، وذم الناقضين للمواثيق
ذما بالغا، وأوعدهم إيعادا عنيفا، ومدح الموفين
بعهدهم إذا عاهدوا في آيات كثيرة لا حاجة إلى
نقلها.
وقد أرسلت الآيات القول فيه إرسالا يدل
على أن ذلك مما يناله الناس بعقولهم الفطرية،
وهو كذلك، وليس ذلك إلا لأن العهد والوفاء به
مما لاغنى للإنسان في حياته عنه أبدا، والفرد
والمجتمع في ذلك سيان، وإنا لو تأملنا الحياة
الاجتماعية التي للإنسان وجدنا جميع المزايا
التي نستفيد منها وجميع الحقوق الحيوية
الاجتماعية التي نطمئن إليها مبنية على أساس
العقد الاجتماعي العام والعقود والعهود الفرعية
التي تترتب عليه، فلا نملك من أنفسنا للمجتمعين
شيئا ولا نملك منهم شيئا إلا عن عقد عملي وإن
لم نأت بقول، فإنما القول لحاجة البيان، ولو صح
للإنسان أن ينقض ما عقده وعهد به اختيارا
لتمكنه منه بقوة أو سلطة أو بطش أو لعذر يعتذر به
كان أول ما انتقض بنقضه هو العدل الاجتماعي،
وهو الركن الذي يلوذ به ويأوي إليه الإنسان من



(1) المائدة: 1.
(2) الإسراء: 34.
(3) البقرة: 177.
3610
اسارة الاستخدام والاستثمار.
ولذلك أكد الله سبحانه في حفظ العهد والوفاء
به، قال تعالى: * (وأوفوا بالعهد إن
العهد كان مسؤولا) * (1) والآية تشمل العهد الفردي
الذي يعاهد به الفرد الفرد، مثل غالب الآيات
المادحة للوفاء بالعهد والذامة لنقضه، كما تشمل
العهد الاجتماعي الدائر بين قوم وقوم وأمة وأمة،
بل الوفاء به في نظر الدين أهم منه بالعهد الفردي،
لأن العدل عنده أتم والبلية في نقضه أعم.
ولذلك أتى الكتاب العزيز في أدق موارده
وأهونها نقضا بالمنع عن النقض بأصرح القول
وأوضح البيان قال تعالى: * (براءة من الله ورسوله
إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في
الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله
وأن الله مخزي الكافرين * وأذان من الله ورسوله
إلى الناس يوم الحج الأكبر أن
الله برئ من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير
لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي
الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم * إلا الذين
عاهدتم من المشركين ثم لم ينقضوكم شيئا ولم
يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى
مدتهم إن الله يحب المتقين * فإذا انسلخ الأشهر
الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم
وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) * (2)
والآيات كما يدل سياقها نزلت بعد فتح مكة وقد
أذل الله رقاب المشركين وأفنى قوتهم وأذهب
شوكتهم، وهي تعزم على المسلمين أن يطهروا
الأرض التي ملكوها وظهروا عليها من قذارة
الشرك، وتهدر دماء المشركين من دون أي قيد
وشرط إلا أن يؤمنوا، ومع ذلك تستثني قوما
من المشركين بينهم وبين المسلمين عهد عدم
التعرض، ولا تجيز للمسلمين أن يمسوهم بسوء
حينما استضعفوا واستذلوا، فلا مانع من ناحيتهم
يمنع ولا دافع يدفع، كل ذلك احتراما للعهد
ومراعاة لجانب التقوى.
نعم على ناقض العهد بعد عقده أن ينقض
العهد الذي نقضه ويتلقى هباء باطلا،
اعتداء عليه بمثل ما اعتدى به، قال تعالى:
* (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله
إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما
استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب
المتقين * - إلى أن قال - لا يرقبون في مؤمن
إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون * فإن
تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في
الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون وإن نكثوا
أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا
أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) * (3)،
وقال تعالى: * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه
بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله) * (4)، وقال
تعالى: * (ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم
عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على
البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان



(1) الإسراء: 34.
(2) براءة: 1 - 5.
(3) التوبة: 7 - 12.
(4) البقرة: 194.
3611
واتقوا الله) * (1).
وجملة الأمر: أن الإسلام يرى حرمة العهد
ووجوب الوفاء به على الإطلاق سواء انتفع به
العاهد أو تضرر بعد ما أوثق الميثاق، فإن
رعاية جانب العدل الاجتماعي ألزم وأوجب من
رعاية أي نفع خاص أو شخصي، إلا أن ينقض
أحد المتعاهدين عهده فللمتعاهد الآخر نقضه
بمثل ما نقضه والاعتداء عليه بمثل ما اعتدى
عليه، فإن في ذلك خروجا عن رقية الاستخدام
والاستعلاء المذمومة التي ما نهض ناهض الدين
إلا لإماطتها.
ولعمري إن ذلك أحد التعاليم العالية التي
أتى بها دين الإسلام لهداية الناس إلى رعاية
الفطرة الإنسانية في حكمها، والتحفظ على
العدل الاجتماعي الذي لا ينتظم سلك الاجتماع
الإنساني إلا على أساسه وإماطة مظلمة
الاستخدام والاستثمار، وقد صرح به الكتاب
العزيز وسار به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته الشريفة،
ولولا أن البحث بحث قرآني لذكرنا لك طرفا من
قصصه عليه أفضل الصلاة والسلام في ذلك،
وعليك بالرجوع إلى الكتب المؤلفة في سيرته
وتاريخ حياته.
وإذا قايست بين ما جرت عليه سنة الإسلام
من احترام العهد وما جرت عليه سنن الأمم
المتمدنة وغير المتمدنة - ولا سيما ما نسمعه
ونشاهده كل يوم من معاملة الأمم القوية مع
الضعيفة في معاهداتهم ومعاقداتهم وحفظها لها
ما درت لهم أو استوجبته مصالح دولتهم، ونقضها
بما يسمى عذرا - وجدت الفرق بين السنتين في
رعاية الحق وخدمة الحقيقة.
ومن الحري بالدين ذاك وبسننهم ذلك، فإنما
هناك منطقان: منطق يقول: إن الحق تجب رعايته
كيفما كان وفي رعايته منافع المجتمع، ومنطق
يقول: إن منافع الأمة تجب رعايتها بأي وسيلة
اتفقت وإن دحضت الحق، وأول المنطقين منطق
الدين، وثانيهما منطق جميع السنن الاجتماعية
الهمجية أو المتمدنة من السنن الاستبدادية
والديموقراطية والشيوعية وغيرها.
وقد عرفت مع ذلك أن الإسلام في عزيمته في
ذلك لا يقتصر على العهد المصطلح، بل
يعم حكمه إلى كل ما بني عليه بناء ويوصي
برعايته، ولهذا البحث أذيال ستعثر عليها في
مستقبل الكلام إن شاء الله تعالى (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقربكم غدا مني
في الموقف أصدقكم للحديث، وأداكم
للأمانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خلقا،
وأقربكم من الناس (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليف إذا وعد (4).
- الإمام علي (عليه السلام): أشرف الخلائق الوفاء (5).
- عنه (عليه السلام): الوفاء كيل (6).



(1) المائدة: 2.
(2) الميزان: 5 / 158 - 161.
(3) البحار: 75 / 94 / 12 و 77 / 149 / 77.
(4) البحار: 75 / 94 / 12 و 77 / 149 / 77.
(5) غرر الحكم: 2859.
(6) البحار: 75 / 94 / 9.
3612
- عنه (عليه السلام): الوفاء حصن السؤدد (1).
- عنه (عليه السلام): الوفاء حفظ الذمام (2).
- عنه (عليه السلام): الوفاء حلية العقل وعنوان النبل (3).
- عنه (عليه السلام): الوفاء عنوان وفور الدين،
وقوة الأمانة (4).
- عنه (عليه السلام): الوفاء توأم الأمانة،
وزين الاخوة (5).
- عنه (عليه السلام): نعم قرين الأمانة الوفاء (6).
- عنه (عليه السلام): نعم قرين الصدق الوفاء (7).
- عنه (عليه السلام): الوفاء توأم الصدق (8).
- عنه (عليه السلام): أيها الناس! وإن الوفاء توأم
الصدق، ولا أعلم جنة أوقى منه، وما يغدر من
علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ
أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى
حسن الحيلة (9).
- عنه (عليه السلام): الكرم فضل، الوفاء نبل (10).
- عنه (عليه السلام): أفضل الأمانة الوفاء بالعهد (11).
- عنه (عليه السلام): أفضل الصدق الوفاء بالعهود (12).
- عنه (عليه السلام): أحسن الصدق الوفاء بالعهد (13).
- عنه (عليه السلام): أصل الدين أداء الأمانة والوفاء
بالعهود (14).
- عنه (عليه السلام): بحسن الوفاء يعرف الأبرار (15).
- عنه (عليه السلام): من وفي بعهده أعرب عن كرمه (16).
- عنه (عليه السلام): من أحسن الوفاء استحق
الاصطفاء (17).
- عنه (عليه السلام): إنجاز الوعد من دلائل المجد (18).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لما سئل عن
جميع شرايع الدين -: قول الحق، والحكم
بالعدل، والوفاء بالعهد (19).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاثة لا عذر لأحد فيها:
أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء
بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا
أو فاجرين (20).
- الإمام علي (عليه السلام): أوفوا بعهد من عاهدتم (21).
- عنه (عليه السلام): من أفضل الإسلام الوفاء
بالذمام (22).
- عنه (عليه السلام): من دلائل الإيمان الوفاء بالعهد (23).
- عنه (عليه السلام): لا تعتمد على مودة من لا يوفي
بعهده (24).
- عنه (عليه السلام) - إنه كان يدعو -: اللهم اغفر
لي ما وأيت من نفسي، ولم تجد له وفاء عندي (25).
[4150]
أقل الناس وفاء
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقل الناس وفاء الملوك (26).



(1) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(2) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(3) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(4) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(5) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(6) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(7) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(8) غرر الحكم: 1044، 2132، 1601، 1430، 1865، 9933 9931، 271.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 41.
(10) غرر الحكم: 13، 3018، 3020، 3327، 1762، 4331، 8281.
(11) غرر الحكم: 13، 3018، 3020، 3327، 1762، 4331، 8281.
(12) غرر الحكم: 13، 3018، 3020، 3327، 1762، 4331، 8281.
(13) غرر الحكم: 13، 3018، 3020، 3327، 1762، 4331، 8281.
(14) غرر الحكم: 13، 3018، 3020، 3327، 1762، 4331، 8281.
(15) غرر الحكم: 13، 3018، 3020، 3327، 1762، 4331، 8281.
(16) غرر الحكم: 13، 3018، 3020، 3327، 1762، 4331، 8281.
(17) غرر الحكم: 8690، 2193.
(18) غرر الحكم: 8690، 2193.
(19) الخصال: 113 / 90 و 123 / 118.
(20) الخصال: 113 / 90 و 123 / 118.
(21) البحار: 75 / 94 / 11.
(22) غرر الحكم: 9432، 9414، 10260.
(23) غرر الحكم: 9432، 9414، 10260.
(24) غرر الحكم: 9432، 9414، 10260.
(25) نهج البلاغة: الخطبة 78.
(26) البحار: 77 / 112 / 2.
3613
- الإمام الصادق (عليه السلام): خمس هن كما أقول:
ليست لبخيل راحة، ولا لحسود لذة، ولا لملوك
وفاء، ولا لكذاب مروة، ولا يسود سفيه (1).
- الإمام علي (عليه السلام): الخائن لا وفاء له (2).
- عنه (عليه السلام): لا وفاء لملول (3).



(1) البحار: 78 / 194 / 10.
(2) غرر الحكم: 888.
(3) شرح المائة كلمة للجاحظ: 107.
3614
(554)
الوقار
البحار: 71 / 337 باب
82 " السكينة والوقار
وغض الصوت ".
كنز العمال: 3 / 252
" السكينة والوقار ".

3615
[4151]
الوقار
الكتاب
* (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا
خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) * (1).
* (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر
الأصوات لصوت الحمير) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالسكينة والوقار (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ليس البر في حسن اللباس
والزي، ولكن البر في السكينة والوقار (4).
- الإمام علي (عليه السلام): الوقار حلية العقل (5).
- عنه (عليه السلام): السكينة عنوان العقل، الوقار
برهان النبل (6).
- عنه (عليه السلام): لتكن شيمتك الوقار، فمن كثر
خرقه استرذل (7).
- عنه (عليه السلام): جمال الرجل الوقار (8).
- عنه (عليه السلام): ملازمة الوقار تؤمن دناءة
الطيش (9).
- عنه (عليه السلام): وقار الحلم زينة العلم (10).
- عنه (عليه السلام): وقار الشيب نور وزينة (11).
- عنه (عليه السلام): وقار الرجل يزينه، وخرقه
يشينه (12).
- عنه (عليه السلام): كن في الملأ وقورا، وفي
الخلأ ذكورا (13).
- عنه (عليه السلام): كن في الشدائد صبورا،
وفي الزلازل وقورا (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن
أجمل خصال المرء -: وقار بلا مهابة، وسماح
بلا طلب مكافاة، وتشاغل بغير متاع الدنيا (15).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته لمن يستعمله
على الصدقات -: ثم امض إليهم بالسكينة
والوقار، حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم،
ولا تخدج (16) بالتحية لهم (17).
(انظر) عنوان: 383 " الشيب ".
[4152]
اتصاف المؤمن بالوقار
الكتاب
* (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين
ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض



(1) الفرقان: 63.
(2) لقمان: 19.
(3) كنز العمال: 6402، 6401.
(4) كنز العمال: 6402، 6401.
(5) غرر الحكم: 270، (785 - 786)، 7397، 4744.
(6) غرر الحكم: 270، (785 - 786)، 7397، 4744.
(7) غرر الحكم: 270، (785 - 786)، 7397، 4744.
(8) غرر الحكم: 270، (785 - 786)، 7397، 4744.
(9) غرر الحكم: 9800، 10073، 10076، 10068، 7145، 7147.
(10) غرر الحكم: 9800، 10073، 10076، 10068، 7145، 7147.
(11) غرر الحكم: 9800، 10073، 10076، 10068، 7145، 7147.
(12) غرر الحكم: 9800، 10073، 10076، 10068، 7145، 7147.
(13) غرر الحكم: 9800، 10073، 10076، 10068، 7145، 7147.
(14) غرر الحكم: 9800، 10073، 10076، 10068، 7145، 7147.
(15) البحار: 71 / 337 / 1.
(16) أخدجت السحابة: قل مطرها، والمراد من قوله: " لا تخدج... "
لا تبخل بها عليهم. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(17) نهج البلاغة: الكتاب 25.
3616
وكان الله عليما حكيما) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحسن زينة الرجل السكينة
مع الإيمان (2).
- الإمام علي (عليه السلام): المؤمن وقور عند الهزاهز،
ثبوت عند المكاره، صبور عند البلاء (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ينبغي للمؤمن أن يكون
فيه ثماني خصال: وقورا عند الهزاهز (4)، صبورا
عند البلاء، شكورا عند الرخاء، قانعا بما رزقه
الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه
منه في تعب والناس منه في راحة (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المتقين -:
في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي
الرخاء شكور (6).
(انظر) العزة: باب 2707.
[4153]
موجبات الوقار
- الإمام علي (عليه السلام): سبب الوقار الحلم (7).
- عنه (عليه السلام): الوقار ينجد الحلم (8).
- عنه (عليه السلام): بالصمت يكثر الوقار (9).
- عنه (عليه السلام): من توقر وقر (10).
- عنه (عليه السلام): غاية العلم السكينة والحلم (11).
- عنه (عليه السلام): لا يستعان... على الوقار
إلا بالمهابة (12).
- عنه (عليه السلام): بالوقار تكثر الهيبة (13).
[4154]
ما يتشعب من الرزانة
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في جواب شمعون بن لاوي
ابن يهودا من حواريي عيسى (عليه السلام) عما يتشعب
من الرزانة (14) -: أما الرزانة فيتشعب منها
اللطف والحزم، وأداء الأمانة، وترك الخيانة،
وصدق اللسان، وتحصين الفرج، واستصلاح
المال، والاستعداد للعدو، والنهي عن المنكر،
وترك السفه، فهذا ما أصاب العاقل بالرزانة،
فطوبى لمن توقر ولمن لم تكن له خفة ولا جاهلية
وعفا وصفح (15).



(1) الفتح: 4.
(2) أمالي الصدوق: 395 / 1.
(3) البحار: 78 / 27 / 94.
(4) الهزاهز: الفتن التي يفتتن الناس بها. كما في هامش نهج البلاغة
للدكتور صبحي الصالح.
(5) الكافي: 2 / 47 / 1.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 193.
(7) غرر الحكم: 5534، 300، 4182، 7666.
(8) غرر الحكم: 5534، 300، 4182، 7666.
(9) غرر الحكم: 5534، 300، 4182، 7666.
(10) غرر الحكم: 5534، 300، 4182، 7666.
(11) غرر الحكم: 6380.
(12) البحار: 78 / 7 / 59.
(13) غرر الحكم: 4184.
(14) رزن رزانة: وقر، فهو رزين. المنجد: 258.
(15) تحف العقول: 17.
3617
(555)
الوقف
البحار: 103 / 181، 215 " الوقوف والصدقات والهبات ".
وسائل الشيعة: 13 / 292 " كتاب الوقوف والصدقات ".
كنز العمال: 16 / 634 " كتاب الوقف ".
انظر:
عنوان: 292 " الصدقة "، 521 " الإنفاق "، 50 " المال ".

3619
[4155]
الوقف
الكتاب
* (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره
لليسرى) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل مر عليه وهو
يغرس غرسا في حائط له -: ألا أدلك على
غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا وأطيب ثمرا
وأنقى؟ قال: بلى فداك أبي وأمي
يا رسول الله.
فقال: إذا أصبحت وأمسيت فقل: " سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " فإن
لك بذلك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في
الجنة من أنواع الفاكهة، وهن من الباقيات
الصالحات.
فقال الرجل: أشهدك يا رسول الله أن حائطي
هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين من أهل
الصفة، فأنزل الله تبارك وتعالى * (فأما من أعطى
واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) * (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن أرض من ثمغ -:
احبس أصلها وسبل ثمرتها (3).
- في عوالي اللآلي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه
قال: حبس الأصل، وسبل الثمرة. وفي درر
اللآلي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن شئت حبست
أصله، وسبلت ثمرتها (4).
- جابر -: لم يكن من الصحابة ذو مقدرة
إلا وقف وقفا (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته بما
يعمل في أمواله كتبها بعد منصرفه من صفين -:
هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه الله ليولجه
به الجنة ويعطيه به الأمنة منها، فإنه
يقوم بذلك الحسن بن علي يأكل منه
بالمعروف وينفق منه بالمعروف، فإن
حدث بحسن حدث وحسين حي قام بالأمر بعده
وأصدره مصدره.
وإن لابني فاطمة من صدقة علي مثل
الذي لبني علي، وإني إنما جعلت
القيام بذلك إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه
الله، وقربة إلى رسول الله، وتكريما لحرمته،
وتشريفا لوصلته.
ويشترط على الذي يجعله إليه أن يترك
المال على أصوله، وينفق من ثمره حيث امر



(1) الليل: 5 - 7.
(2) البحار: 103 / 182 / 4.
(3) كنز العمال: 46150.
(4) مستدرك الوسائل: 14 / 47 / 16074 و 16075، و 16073.
(5) مستدرك الوسائل: 14 / 47 / 16074 و 16075، و 16073.
3620
به وهدي له، وألا يبيع من أولاد (1) نخيل هذه
القرى ودية حتى تشكل أرضها غراسا (2).
قال السيد رضي الله عنه: قوله (عليه السلام) في هذه
الوصية: ألا يبيع من نخلها ودية " الودية
" الفسيلة " وجمعها ودي، وقوله: " حتى تشكل
أرضها غراسا " هو من أفصح الكلام والمراد به أن
الأرض يكثر فيها غراس النخل حتى يراها الناظر
على غير تلك الصفة التي عرفها بها، فيشكل عليه
أمرها ويحسبها غيرها.
- الإمام الصادق (عليه السلام): قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
الفئ فأصاب عليا، أرض، فاحتفر فيها عينا
فخرج منها ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير
فسماها عين ينبع، فجاء البشير ليبشره فقال:
بشر الوارث! هي صدقة بتا بتلا في حجيج بيت
الله وعابر سبيله لاتباع ولا توهب ولا تورث، فمن
باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج
في جيش فأدركته القائلة وهو ما يلي الينبع،
فاشتد عليه حر النهار فانتهوا إلى سمرة
فعلقوا أسلحتهم عليها وفتح الله عليهم، فقسم
رسول الله موضع السمرة لعلي في نصيبه. قال:
فاشترى إليها بعد ذلك، فأمر مملوكيه أن يفجروا
لها عينا، فخرج لها مثل عين الجزور، فجاء البشير
يسعى إلى علي يخبره بالذي كان، فجعلها
علي صدقة فكتبها:
" صدقة لله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود
وجوه، ليصرف الله بها وجهي عن النار، صدقة
بتة بتلة في سبيل الله تعالى، للقريب والبعية (4)،
في السلم والحرب، واليتامى والمساكين
وفي الرقاب " (5).
- أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في
الكامل: حدثنا أبو محلم محمد بن هشام
في إسناد ذكره، آخره أبو نيزر وكان أبو نيزر
من أبناء بعض ملوك الأعاجم، قال: وصح عندي
بعد أنه من ولد النجاشي، فرغب في الإسلام
صغيرا فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأسلم وكان معه في
بيوته، فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) صار مع
فاطمة وولدها (عليهم السلام).
قال أبو نيزر: جاءني علي بن أبي طالب (عليه السلام)
وأنا أقوم بالضيعتين عين أبي نيزر والبغيبغة
- إلى أن قال - ثم أخذ المعول وانحدر في
العين فجعل يضرب وأبطأ عليه الماء، فخرج وقد
تفضج جبينه (عليه السلام) عرقا، فانتكف العرق عن جبينه
ثم أخذ المعول وعاد إلى العين، فأقبل يضرب
فيها وجعل يهمهم، فانثالت كأنها عنق جزور
فخرج مسرعا وقال:
اشهد الله أنها صدقة، علي بدواة وصحيفة،
قال: فعجلت بهما إليه فكتب: " بسم الله الرحمن
الرحيم هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير
المؤمنين تصدق بالضيعتين المعروفتين بعين



(1) في نقل البحار: وأن لا يبيع من نخيل هذه القرى، البحار: 103 / 184.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 24.
(3) التهذيب: 9 / 148.
(4) الظاهر: " للقريب والبعيد ".
(5) كنز العمال: 46158.
3621
أبي نيزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة
وابن السبيل ليقي الله بهما وجهه حر النار يوم
القيامة، لا تباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله وهو
خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن
والحسين فهما طلق لهما، وليس لأحد غيرهما ".
قال محمد بن هشام: فركب الحسين (عليه السلام)
دين، فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مأتي
ألف دينار فأبى أن يبيع، وقال: إنما تصدق
بها أبي ليقي الله بها وجهه حر النار ولست
بائعهما بشئ (1).
(انظر) الموت: باب 3748.



(1) مستدرك الوسائل: 14 / 62 / 16110.
3622
(556)
التقوى
البحار: 70 / 257 باب 56 " الطاعة والتقوى والورع ".
كنز العمال: 3 / 89، 697 " التقوى ".
انظر:
عنوان: 540 " الورع "، الموت: باب 3732، البركة: باب 352.
الخوف: باب 1141، المعاد: (3): باب 2988.

3623
[4156]
التقوى
الكتاب
* (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم
بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما
كانوا يكسبون) * (1).
* (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين... أولئك على
هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) * (2).
* (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم
تشكرون) * (3).
* (أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم
لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون) * (4).
* (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم
واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): التقى رئيس الأخلاق (6).
- عنه (عليه السلام): عليك بالتقى، فإنه خلق الأنبياء (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من رزق تقى فقد رزق
خير الدنيا والآخرة (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لأبي ذر -:
عليك بتقوى الله، فإنه رأس الأمر كله (9).
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى أقوى أساس،
الصبر أقوى لباس (10).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن أفضل الأعمال -:
التقوى (11).
- عنه (عليه السلام): لا يهلك على التقوى سنخ أصل،
ولا يظمأ عليها زرع قوم (12).
- عنه (عليه السلام): التقوى لا عوض عنه ولا خلف
فيه (13).
- عنه (عليه السلام): إن التقوى أفضل كنز، وأحرز
حرز، وأعز عز، فيه نجاة كل هارب، ودرك كل
طالب، وظفر كل غالب (14).
- الإمام الجواد (عليه السلام) - لسعد الخير -: أوصيك
بتقوى الله، فإن فيها السلامة من التلف، والغنيمة
في المنقلب (15).



(1) الأعراف: 96.
(2) البقرة: 1، 5.
(3) آل عمران: 123.
(4) الأعراف: 63.
(5) البقرة: 194.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 410.
(7) غرر الحكم: 6086.
(8) كنز العمال: 5641.
(9) البحار: 70 / 289 / 21.
(10) غرر الحكم: 822، 823.
(11) البحار: 70 / 288 / 16.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 16.
(13) غرر الحكم: 2154.
(14) البحار: 77 / 374 / 36.
(15) الكافي: 8 / 52 / 16.
3624
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى غاية لا يهلك
من اتبعها، ولا يندم من عمل بها، لأن بالتقوى
فاز الفائزون، وبالمعصية خسر الخاسرون (1).
- عنه (عليه السلام): اتق الله بعض التقى وإن قل،
واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق (2).
- عنه (عليه السلام): إن من فارق التقوى أغرى
باللذات والشهوات، ووقع في تيه السيئات،
ولزمه كبير التبعات (3).
- عنه (عليه السلام): أيسرك أن تكون من حزب الله
الغالبين؟ اتق الله سبحانه وأحسن في كل أمورك،
فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون (4).
(انظر) القلب: باب 3403، الموت: باب
3732، النفس: باب 3915.
[4157]
وصية الله بالتقوى
الكتاب
* (ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا
الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن
تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله
غنيا حميدا) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): وأوصاكم بالتقوى، وجعلها
منتهى رضاه وحاجته من خلقه، فاتقوا الله الذي
أنتم بعينه، ونواصيكم بيده (6).
- عنه (عليه السلام): إن التقوى منتهى رضى الله من
عباده وحاجته من خلقه (7).
(انظر) الوصية (1): باب 4074 - 4076، 4078.
[4158]
وصايا الإمام علي (عليه السلام) بالتقوى
- الإمام علي (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى
الله، فإنها خير ما تواصى العباد به، وخير عواقب
الأمور عند الله (8).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي
ضرب الأمثال، ووقت لكم الآجال (9).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله التي هي
الزاد وبها المعاذ، زاد مبلغ، ومعاذ منجح (10).
- عنه (عليه السلام): أوصيك بتقوى الله - أي بني -
ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره (11).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي
ألبسكم الرياش، وأسبغ عليكم المعاش (12).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله،
وأحذركم أهل النفاق (13).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله،
فإنها الزمام والقوام، فتمسكوا بوثائقها،
واعتصموا بحقائقها (14).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله،
وأحذركم الدنيا (15).



(1) كنز العمال: 44216.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 242.
(3) غرر الحكم: 3625، 2828.
(4) غرر الحكم: 3625، 2828.
(5) النساء: 131.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 183.
(7) غرر الحكم: 3620.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
(11) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
(14) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
(15) نهج البلاغة: الخطبة 173 و 83 و 114، الكتاب 31، الخطبة 182 و 194 و 195 و 196.
3625
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله، فإنها
غبطة الطالب الراجي، وثقلة الهارب اللاجي،
واستشعروا التقوى شعارا باطنا (1).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله الذي ابتدأ
خلقكم، وإليه يكون معادكم، وبه نجاح طلبتكم،
وإليه منتهى رغبتكم، ونحوه قصد سبيلكم (2).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم أيها الناس بتقوى الله،
وكثرة حمده على آلائه إليكم (3).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله الذي أعذر
بما أنذر، واحتج بما نهج (4).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله، فإنها حق
الله عليكم، والموجبة على الله حقكم، وأن
تستعينوا عليها بالله، وتستعينوا بها على الله...
ألا فصونوها وتصونوا بها (5).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله، فإنها
غبطة للطالب الراجي، وثقة للهارب اللاجي (6).
- عنه (عليه السلام) - فيما كتب إلى بعض أصحابه -:
أوصيك ونفسي بتقوى من لا يحل لك معصيته،
ولا يرجي غيره، ولا الغنى إلا إليه، فإن من
اتقى الله عز وقوي وشبع وروى ورفع عقله عن
أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله
معاين الآخرة، فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه
من حب الدنيا (7).
(انظر) الوصية (1): باب 4080.
[4159]
التقوى أشرف الملابس
الكتاب
* (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم
وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم
يذكرون) * (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في تفسير الآية -:
فأما اللباس فالثياب التي يلبسون، وأما
الرياش فالمتاع والمال، وأما لباس التقوى
فالعفاف، لأن العفيف لا تبدو له عورة وإن كان
عاريا من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن
كان كاسيا من الثياب، يقول: * (ولباس التقوى
ذلك خير) * يقول: العفاف خير (9).
- الإمام علي (عليه السلام): ثوب التقى أشرف
الملابس (10).
- عنه (عليه السلام): من تسربل أثواب التقى لم
يبل سرباله (11).
- عنه (عليه السلام): استشعروا التقوى شعارا (12)
باطنا (13).
- عنه (عليه السلام): من أشعر التقوى قلبه برز
مهله، وفاز عمله، فاهتبلوا هبلها (14)،



(1) الكافي: 8 / 17 / 3.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 198 و 188 و 83.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 198 و 188 و 83.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 198 و 188 و 83.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 191، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
13 / 115.
(6) البحار: 78 / 39 / 16.
(7) تنبيه الخواطر: 2 / 195.
(8) الأعراف: 26.
(9) تفسير علي بن إبراهيم: 1 / 226.
(9) غرر الحكم: 4686، 9019.
(10) غرر الحكم: 4686، 9019.
(12) الشعار ما تحت الدثار من اللباس، وهو ما يلي شعر الجسد.
المنجد: 391.
(13) البحار: 78 / 39 / 16.
(14) اهتبل الصيد: طلبه. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
3626
واعملوا للجنة عملها (1).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله... وأشعروها
قلوبكم، وارحضوا بها ذنوبكم... ألا فصونوها
وتصونوا بها (2).
- عنه (عليه السلام): إن الجهاد باب من أبواب الجنة،
فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى،
ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة (3).
- فيما ناجى الله تعالى به موسى (عليه السلام): كن خلق
الثياب جديد القلب (4).
- الإمام علي (عليه السلام): من تعرى من لباس التقوى
لم يستتر بشئ من اللباس (5).
- عنه (عليه السلام): من تعرى عن لباس التقوى لم
يستتر بشئ من ألباب الدنيا (6).
(انظر) باب: 4160، العافية: باب 2771
حديث 12946، 12947.
[4160]
التقوى حصن حصين
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى حصن حصين
لمن لجأ إليه (7).
- عنه (عليه السلام): التقوى حصن المؤمن (8).
- عنه (عليه السلام): التقوى حرز لمن عمل بها (9).
- عنه (عليه السلام): التقوى أوفق حصن،
وأوقى حرز (10).
- عنه (عليه السلام): أمنع حصون الدين التقوى (11).
- عنه (عليه السلام): الجأوا إلى التقوى، فإنه جنة
منيعة، من لجأ إليها حصنته، ومن اعتصم
بها عصمته (12).
- عنه (عليه السلام): لا معقل أحسن من الورع (13).
- عنه (عليه السلام): فاعتصموا بتقوى الله، فإن لها
حبلا وثيقا عروته، ومعقلا منيعا ذروته (14).
- عنه (عليه السلام): اعلموا عباد الله أن التقوى دار
حصن عزيز، والفجور دار حصن ذليل، لا يمنع
أهله، ولا يحرز من لجأ إليه (15).
- عنه (عليه السلام): إن التقوى في اليوم الحرز
والجنة، وفي غد الطريق إلى الجنة، مسلكها
واضح وسالكها رابح (16).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اتقى الله عاش قويا،
وسار في بلاد عدوه آمنا (17).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من اتقى الله وقاه (18).
(انظر) الإسلام: باب 1866.
[4161]
التقوى مفتاح الصلاح
الكتاب
* (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا
فإذا هم مبصرون) * (19).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 132 و 191 و 27.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 132 و 191 و 27.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 132 و 191 و 27.
(4) البحار: 77 / 31 / 7.
(5) تحف العقول: 88.
(6) غرر الحكم: 8946، 1558، 1046، 1128.
(7) غرر الحكم: 8946، 1558، 1046، 1128.
(8) غرر الحكم: 8946، 1558، 1046، 1128.
(9) غرر الحكم: 8946، 1558، 1046، 1128.
(10)
(11) غرر الحكم: 1330، 2952، 2553.
(12) غرر الحكم: 1330، 2952، 2553.
(13) نهج البلاغة: الحكمة 371، الخطبة 190 و 157 و 191.
(14) نهج البلاغة: الحكمة 371، الخطبة 190 و 157 و 191.
(15) نهج البلاغة: الحكمة 371، الخطبة 190 و 157 و 191.
(16) نهج البلاغة: الحكمة 371، الخطبة 190 و 157 و 191.
(17) البحار: 70 / 283 / 5 و 78 / 199 / 24.
(18) البحار: 70 / 283 / 5 و 78 / 199 / 24.
(19) الأعراف: 201.
3627
* (ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه
سيئاته ويعظم له أجرا) * (1).
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى مفتاح الصلاح (2).
- عنه (عليه السلام): ما أصلح الدين كالتقوى (3).
- عنه (عليه السلام): إن تقوى الله عمارة الدين وعماد
اليقين، وإنها لمفتاح صلاح ومصباح نجاح (4).
- عنه (عليه السلام): إن تقوى الله مفتاح سداد،
وذخيرة معاد، وعتق من كل ملكة، ونجاة من
كل هلكة، بها ينجح الطالب، وينجو الهارب،
وتنال الرغائب (5).
- عنه (عليه السلام): سبب صلاح الإيمان التقوى (6).
- عنه (عليه السلام): إن تقوى الله حمت أولياء الله
محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت
لياليهم، وأظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة
بالنصب، والري بالظمأ، واستقربوا الأجل
فبادروا العمل (7).
- عنه (عليه السلام): ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم:
إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات
حجزته التقوى عن تقحم الشبهات... ألا وإن
الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت
لجمها فتقحمت بهم في النار، ألا وإن التقوى
مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمتها
فأوردتهم الجنة (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى:
* (إن الذين اتقوا إذا مسهم...) * -: هو الذنب
يهم به العبد فيتذكر فيدعه (9).
- عنه (عليه السلام) - وقد سئل عن الطائف في الآية -:
هو السيئ يهم العبد به، ثم يذكر الله فيبصر
ويقصر (10).
- الإمام علي (عليه السلام): ألا وبالتقوى تقطع حمة (11)
الخطايا، وباليقين تدرك الغاية القصوى (12).
(انظر) النفس: باب 3921، الذكر: باب 1340،
القلب: باب 3388، 3403، 3412.
[4162]
التقوى مفتاح الهداية
الكتاب
* (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) * (13).
* (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا
ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل
العظيم) * (14).
(انظر) البقرة: 66، آل عمران: 138،
المائدة: 46، يونس: 6.
- الإمام علي (عليه السلام): من غرس أشجار التقى
جنى ثمار الهدى (15).
- عنه (عليه السلام): للمتقي هدى في رشاد، وتحرج



(1) الطلاق: 5.
(2) غرر الحكم: 941، 9474، 3623.
(3) غرر الحكم: 941، 9474، 3623.
(4) غرر الحكم: 941، 9474، 3623.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 230.
(6) غرر الحكم: 5514.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 114 و 16.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 114 و 16.
(9) البحار: 70 / 287 / 13 و ح 14.
(10) البحار: 70 / 287 / 13 و ح 14.
(11) الحمة في الأصل إبرة الزنبور والعقرب ونحوها تلسع بها،
والمراد هنا سطوة الخطايا على النفس. كما في هامش نهج
البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 157.
(13) البقرة: 2.
(14) الأنفال: 29.
(15) البحار: 78 / 90 / 95.
3628
عن فساد، وحرص في إصلاح معاد (1).
- عنه (عليه السلام): أين العقول المستصبحة بمصابيح
الهدى، والأبصار اللامحة إلى منار التقوى! (2).
(انظر) الهداية: باب 4002.
[4163]
التقوى مفتاح الكرامة
الكتاب
* (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم
شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله
عليم خبير) * (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن ربكم واحد، وإن
أباكم واحد، ودينكم واحد، ونبيكم واحد،
ولا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على
عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على
أحمر، إلا بالتقوى (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما دخل البيت عام الفتح ومعه
الفضل بن عباس وأسامة بن زيد، ثم خرج فأخذ
بحلقة الباب -:
الحمد لله الذي صدق عبده، وأنجز وعده،
وغلب الأحزاب وحده، إن الله أذهب نخوة
العرب وتكبرها بآبائها، وكلكم من آدم وآدم
من تراب، وأكرمكم عند الله أتقاكم (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في خطبة الوداع -: يا أيها
الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد،
ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي
على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود
على أحمر، إلا بالتقوى، إن أكرمكم
عند الله أتقاكم.
ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:
فليبلغ الشاهد الغائب (6).
- الشيخ المفيد: بلغني أن سلمان
الفارسي دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم
فعظموه وقدموه وصدروه إجلالا لحقه وإعظاما
لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله صلوات الله
عليهم، فدخل عمر فنظر إليه فقال: من هذا
العجمي المتصدر فيما بين العرب؟! فصعد رسول
الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فخطب فقال: إن الناس من عهد آدم
إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط، لا فضل
للعربي على العجمي ولا للأحمر على الأسود
إلا بالتقوى (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس! إن العربية
ليست بأب والد، وإنما هو لسان ناطق، فمن تكلم
به فهو عربي، ألا إنكم ولد آدم، وآدم من تراب
وأكرمكم عند الله أتقاكم (8).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): لا حسب لقرشي
ولا عربي إلا بتواضع، ولا كرم إلا بتقوى (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الحسب الفعال،



(1) غرر الحكم: 7357.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 144.
(3) الحجرات: 13.
(4) كنز العمال: 5655.
(5) البحار: 70 / 287 / 10.
(6) الترغيب والترهيب: 3 / 612 / 9.
(7) مستدرك الوسائل: 12 / 89 / 13598.
(8) البحار: 70 / 288 / 17 و ح 19.
(9) البحار: 70 / 288 / 17 و ح 19.
3629
والشرف المال، والكرم التقوى (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كرم الدنيا الغنى، وكرم
الآخرة التقوى (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): شرف الدنيا الغنى، وشرف
الآخرة التقوى (3).
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى ظاهره شرف
الدنيا، وباطنه شرف الآخرة (4).
- عنه (عليه السلام): لا كرم أعز من التقوى (5).
- عنه (عليه السلام): مفتاح الكرم التقوى (6).
- عنه (عليه السلام): فمن أخذ بالتقوى... هطلت
عليه الكرامة بعد قحوطها، وتحدبت عليه الرحمة
بعد نفورها، وتفجرت عليه النعم بعد نضوبها،
ووبلت عليه البركة بعد إرذاذها (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما نقل الله عز وجل
عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا
أغناه من غير مال، وأعزه من غير عشيرة، وآنسه
من غير بشر (8).
- الإمام علي (عليه السلام): لا تضعوا من رفعته
التقوى، ولا ترفعوا من رفعته الدنيا (9).
(انظر) الإيمان: باب 298، المعرفة (1): باب 2584،
الفضيلة: باب 3217، الكرم: باب 3480، الفخر:
باب 3174، الناس: باب 3966.
[4164]
التقوى دواء القلوب
- الإمام علي (عليه السلام): إن تقوى الله دواء داء
قلوبكم، وبصر عمى أفئدتكم، وشفاء مرض
أجسادكم، وصلاح فساد صدوركم، وطهور
دنس أنفسكم، وجلاء عشا أبصاركم، وأمن فزع
جأشكم، وضياء سواد ظلمتكم (10).
- عنه (عليه السلام): داووا بالتقوى الأسقام، وبادروا
بها الحمام (11).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله... أيقظوا بها
نومكم، واقطعوا بها يومكم، وأشعروها قلوبكم،
وارحضوا بها ذنوبكم، وداووا بها الأسقام،
وبادروا بها الحمام (12).
(انظر) القلب: 3405، القرآن: باب
3295، الدواء: باب 1290.
[4165]
التقوى العروة الوثقى
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى آكد سبب بينك
وبين الله إن أخذت به، وجنة من عذاب أليم (13).
- عنه (عليه السلام): إن لتقوى الله حبلا وثيقا عروته،
ومعقلا منيعا ذروته (14).
- عنه (عليه السلام): اعتصموا بتقوى الله، فإن لها



(1) معاني الأخبار: 405 / 76.
(2) كنز العمال: 5649، 5650.
(3) كنز العمال: 5649، 5650.
(4) غرر الحكم: 1990.
(5) البحار: 70 / 288 / 16 و 78 / 9 / 65.
(6) البحار: 70 / 288 / 16 و 78 / 9 / 65.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 198.
(8) البحار: 70 / 282 / 1.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 191.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 198.
(11) غرر الحكم: 5154.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 191.
(13) غرر الحكم: 2079، 3619.
(14) غرر الحكم: 2079، 3619.
3630
حبلا وثيقا عروته، ومعقلا منيعا ذروته (1).
- عنه (عليه السلام) - في صفات المتقين -: إن من
أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه...
قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره،
وقطع غماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومن
الحبال بأمتنها (2).
(انظر) السبب: باب 1726، الإيمان: باب 277،
عنوان: 91 " المحبة (3)، 92 " المحبة (4) ".
[4166]
دور التقوى في قبول الأعمال
الكتاب
* (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا
فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما
يتقبل الله من المتقين) * (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لأبي ذر -:
يا أبا ذر! كن للعمل بالتقوى أشد اهتماما
منك بالعمل (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما
منك بالعمل بغيره، فإنه لا يقل عمل بالتقوى،
وكيف يقل عمل يتقبل لقول الله عز وجل: * (إنما
يتقبل الله من المتقين) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): كونوا بقبول العمل أشد
اهتماما منكم بالعمل، فإنه لن يقل عمل مع
التقوى، وكيف يقل عمل تقبل! (6).
- عنه (عليه السلام): لا يقل عمل مع تقوى، وكيف يقل
ما يتقبل! (7).
- عنه (عليه السلام): صفتان لا يقبل الله سبحانه الأعمال
إلا بهما: التقى والإخلاص (8).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لرجل قال له:
يا أبا محمد! إني مبتلى بالنساء، فأزني
يوما وأصوم يوما، فيكون ذا كفارة لذا؟ -:
إنه ليس شئ أحب إلى الله عز وجل من أن
يطاع ولا يعصى، فلا تزن ولا تصم، فاجتذبه أبو
جعفر (عليه السلام) إليه فأخذ بيده فقال:
يا أبازنة (9) تعمل عمل أهل النار وترجو أن
تدخل الجنة (10).
- المعصوم (عليه السلام): جدوا واجتهدوا، وإن لم
تعملوا فلا تعصوا، فإن من يبني ولا يهدم يرتفع
بناؤه وإن كان يسيرا، وإن من يبني ويهدم يوشك
أن لا يرتفع بناؤه (11).
(انظر) العمل: باب 2946 - 2948.
[4167]
من يتق الله يجعل له مخرجا
الكتاب
* (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث



(1) نهج البلاغة: الخطبة 190 و 87.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 190 و 87.
(3) المائدة: 27.
(4) كنز العمال: 8501.
(5) البحار: 70 / 286 / 8.
(6) كنز العمال: 8496.
(7) الكافي: 2 / 75 / 5.
(8) غرر الحكم: 5887.
(9) أبو زنة: كنية للقرد. كما في هامش الكافي.
(10) الكافي: 5 / 541 / 5.
(11) البحار: 70 / 286 / 8.
3631
لا يحتسب) * (1).
* (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم
فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال
أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من
أمره يسرا) * (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خصلة من لزمها أطاعته الدنيا
والآخرة، وربح الفوز بالجنة، قيل: وما هي يا
رسول الله؟ قال: التقوى، من أراد أن يكون أعز
الناس فليتق الله عز وجل، ثم تلا: * (ومن يتق الله
يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) * (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو أن السماوات والأرض كانتا
رتقا على عبد ثم اتقى الله، لجعل الله له منهما
فرجا ومخرجا (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما قرأ * (ومن يتق الله يجعل له
مخرجا) * -: من شبهات الدنيا، ومن غمرات
الموت، وشدائد يوم القيامة (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس! اتخذوا التقوى
تجارة يأتكم الرزق بلا بضاعة ولا تجارة، ثم قرأ
* (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث
لا يحتسب) * (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما ترك أحد منكم لله شيئا إلا آتاه
الله مما هو خير له منه من حيث لا يحتسب،
ولا تهاون به وأخذه من حيث لا يعلم إلا آتاه
الله مما هو أشد عليه منه من حيث لا يحتسب (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - لأبي ذر لما اخرج إلى
الربذة -: يا أبا ذر! إنك غضبت لله، فارج من
غضبت له... ولو أن السماوات والأرضين كانتا
على عبد رتقا، ثم اتقى الله لجعل الله له منهما
مخرجا! لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك
إلا الباطل (8).
- عنه (عليه السلام): من اتقى الله سبحانه جعل له من
كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا (9).
- عنه (عليه السلام): من أخذ بالتقوى عزبت (10) عنه
الشدائد بعد دنوها، واحلولت له الأمور بعد
مرارتها، وانفرجت عنه الأمواج بعد تراكمها،
وأسهلت له الصعاب بعد إنصابها (11) (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من اعتصم بالله بتقواه
عصمه الله، ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال
لو سقطت السماء والأرض، وإن نزلت نازلة
على أهل الأرض فشملتهم بلية كان في حرز الله
بالتقوى من كل بلية، أليس الله تعالى يقول:
* (إن المتقين في مقام أمين!) * (13).
- عنه (عليه السلام): إن الله قد ضمن لمن اتقاه أن
يحوله عما يكره إلى ما يحب، ويرزقه من
حيث لا يحتسب (14).



(1) الطلاق: 2، 3. 4.
(2) الطلاق: 2، 3. 4.
(3) البحار: 70 / 285 / 7 و ح 8.
(4) البحار: 70 / 285 / 7 و ح 8.
(5) مجمع البيان: 10 / 460.
(6) كنز العمال: 5666، 8499.
(7) كنز العمال: 5666، 8499.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 130.
(9) غرر الحكم: 8847.
(10) عزبت: غابت وبعدت. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور
صبحي الصالح.
(11) الإنصاب بكسر الهمزة: مصدر بمعنى الإتعاب. كما في نهج
البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 198.
(13) عدة الداعي: 288.
(14) البحار: 70 / 285 / 8.
3632
- الإمام الجواد (عليه السلام) - فيما كتب إلى سعد
الخير -: إن الله عز وجل يقي بالتقوى
عن العبد ما عزب عنه عقله، ويجلي بالتقوى
عنه عماه وجهله، وبالتقوى نجى نوح ومن معه
في السفينة، وصالح ومن معه من الصاعقة،
وبالتقوى فاز الصابرون، ونجت تلك العصب من
المهالك (1).
- الإمام علي (عليه السلام): اعلموا أنه من يتق
الله يجعل له مخرجا من الفتن، ونورا من الظلم،
ويخلده فيما اشتهت نفسه، وينزله منزل الكرامة
عنده، وفي دار اصطنعها لنفسه، ظلها
عرشه، ونورها بهجته، وزوارها ملائكته،
ورفقاؤها رسله (2).
(انظر) الدنيا: باب 1263، الرزق: باب 1488.
[4168]
المتقون
الكتاب
* (إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند
مليك مقتدر) * (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): المتقون سادة، والفقهاء
قادة، والجلوس إليهم عبادة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): المتقون سادة، العلماء والفقهاء
قادة، اخذ عليهم أداء مواثيق العلم، والجلوس
إليهم بركة، والنظر إليهم نور (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): العلماء امناء، والأتقياء
حصون، والعمال سادة (6).
- الإمام علي (عليه السلام): اعلموا عباد الله أن المتقين
ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل
الدنيا في دنياهم، ولم يشاركوا أهل الدنيا في
آخرتهم (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): القيامة عرس المتقين (8).
(انظر) المعاد (3): باب 2988.
[4169]
خصائص المتقين
الكتاب
* (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم
المتقون) * (9).
* (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب
ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب
والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى
والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام
الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا
والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك
الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) * (10).



(1) الكافي: 8 / 52 / 16.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 183.
(3) القمر: 54، 55.
(4) أمالي الطوسي: 225 / 392.
(5) كنز العمال: 5653.
(6) البحار: 70 / 287 / 11.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 27.
(8) البحار: 70 / 288 / 18.
(9) الزمر: 33.
(10) البقرة: 177.
3633
* (إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم
ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل
ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون * وفي أموالهم
حق للسائل والمحروم) * (1).
* (وأن تعفوا أقرب للتقوى) * (2).
* (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط
ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب
للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) * (3).
(انظر) البقرة: 2 - 5، آل عمران: 133، 134.
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن أهل التقوى هم الأغنياء،
أغناهم القليل من الدنيا، فمؤونتهم يسيرة، إن
نسيت الخير ذكروك، وإن عملت به أعانوك،
أخروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم، وقدموا طاعة
ربهم أمامهم، ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية
أحباء الله فأحبوهم، وتولوهم واتبعوهم (4).
- عنه (عليه السلام): إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا
مؤونة، وأكثرهم لك معونة، تذكر فيعينونك، وإن
نسيت ذكروك، قوالون بأمر الله، قوامون على أمر
الله، قطعوا محبتهم بمحبة ربهم، ووحشوا الدنيا
لطاعة مليكهم، ونظروا إلى الله عز وجل وإلى
محبته بقلوبهم، وعلموا أن ذلك هو المنظور
إليه، لعظيم شأنه (5).
- عنه (عليه السلام) - إنه يقول -: إن لأهل
التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث،
وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد...، وقلة
المؤاتاة للنساء، وبذل المعروف، وحسن الخلق،
وسعة الحلم، واتباع العلم فيما يقرب إلى
الله عز وجل (6).
- عنه (عليه السلام): للمتقي ثلاث علامات: إخلاص
العمل، وقصر الأمل، واغتنام المهل (7).
- روي أن صاحبا لأمير المؤمنين (عليه السلام) يقال
له: همام كان رجلا عابدا، فقال له: يا أمير
المؤمنين صف لي المتقين، حتى كأني أنظر
إليهم، فتثاقل (عليه السلام) عن جوابه، ثم قال: يا همام
اتق الله وأحسن! فإن الله مع الذين اتقوا والذين
هم محسنون.
فلم يقنع همام بهذا القول حتى عزم عليه،
فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم
قال (عليه السلام): أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى خلق
الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا من
معصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه، ولا
تنفعه طاعة من أطاعه، فقسم بينهم معايشهم،
ووضعهم من الدنيا مواضعهم.
فالمتقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم
الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع،
غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا
أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم
منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء، ولولا
الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في
أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب، وخوفا



(1) الذاريات: 15 - 19.
(2) البقرة: 237.
(3) المائدة: 8.
(4) البحار: 78 / 166 / 2.
(5) الكافي: 2 / 133 / 16.
(6) الخصال: 483 / 56.
(7) غرر الحكم: 7370.
3634
من العقاب.
عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في
أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها
منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها
معذبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة،
وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم
عفيفة، صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة،
تجارة مربحة يسرها لهم ربهم، أرادتهم الدنيا فلم
يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها.
أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء
القرآن، يرتلونها ترتيلا، يحزنون به أنفسهم،
ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها
تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها
شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية
فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن
زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم
حانون على أوساطهم (1)، مفترشون لجباههم
وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى
الله تعالى في فكاك رقابهم.
وأما النهار فحلماء علماء، أبرار أتقياء، قد
براهم الخوف بري القداح، ينظر إليهم الناظر
فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقول:
قد خولطوا! ولقد خالطهم أمر عظيم! لا يرضون
من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير، فهم
لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون، إذا
زكي أحد منهم خاف مما يقال له، فيقول: أنا أعلم
بنفسي من غيري، وربي أعلم بي مني بنفسي!
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما
يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون.
فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين،
وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا في
علم، وعلما في حلم، وقصدا في غنى، وخشوعا
في عبادة، وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة،
وطلبا في حلال، ونشاطا في هدى، وتحرجا عن
طمع، يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل،
يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر، يبيت
حذرا، ويصبح فرحا، حذرا لما حذر من الغفلة،
وفرحا بما أصاب من الفضل والرحمة.
إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها
سؤلها فيما تحب، قرة عينه فيما لا يزول،
وزهادته فيما لا يبقى، يمزج الحلم بالعلم والقول
بالعمل، تراه قريبا أمله، قليلا زلله، خاشعا
قلبه، قانعة نفسه، منزورا أكله، سهلا أمره،
حريزا دينه، ميتة شهوته، مكظوما غيظه، الخير
منه مأمول، والشر منه مأمون.
إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين وإن كان
في الذاكرين، لم يكتب من الغافلين، يعفو عمن
ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيدا
فحشه، لينا قوله، غائبا منكره، حاضرا معروفه،
مقبلا خيره، مدبرا شره.
في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي
الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم
فيمن يحب، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه،



(1) حانون على أوساطهم: من حنيت العود: عطفته، يصف هيئة
ركوعهم وانحنائهم في الصلاة. كما في هامش نهج البلاغة
للدكتور صبحي الصالح.
3635
لا يضيع ما استحفظ، ولا ينسى ما ذكر،
ولا ينابز بالألقاب، ولا يضار بالجار،
ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل،
ولا يخرج من الحق.
إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم
يعل صوته، وإن بغي عليه صبر حتى يكون
الله هو الذي ينتقم له، نفسه منه في عناء
والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته،
وأراح الناس من نفسه، بعده عمن تباعد عنه زهد
ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس
تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة.
قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما والله لقد كنت
أخافها عليه، ثم قال: أهكذا تصنع المواعظ
البالغة بأهلها.
فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين؟
فقال (عليه السلام): ويحك، إن لكل أجل وقتا لا يعدوه
وسببا لا يتجاوزه، فمهلا لا تعد لمثلها، فإنما
نفث الشيطان على لسانك (1).
(انظر) الدين: باب 1319، الإيمان: باب 291 - 297.
[4170]
ما يورث التقوى
الكتاب
* (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا
السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به
لعلكم تتقون) * (2).
* (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب
على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) * (3).
(انظر) البقرة: 63، الأعراف: 63.
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى ثمرة الدين،
وأمارة اليقين (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يبلغ العبد أن يكون
من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما
به بأس (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن المتقين الذين يتقون الله
من الشئ الذي لا يتقي منه خوفا من الدخول
في الشبهة (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لأبي ذر -:
يا أبا ذر! لا يكون الرجل من المتقين حتى
يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه،
فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين
ملبسه؟ أمن حل ذلك، أم من حرام؟ (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لكل شئ معدن، ومعدن التقوى
قلوب العارفين (8).
- الإمام علي (عليه السلام) - إنه كان يدعو كثيرا -:
أصبحت عبدا مملوكا ظالما لنفسي، لك الحجة
علي ولا حجة لي، ولا أستطيع أن آخذ إلا



(1) نهج البلاغة: الخطبة 193.
(2) الأنعام: 153.
(3) البقرة: 183.
(4) غرر الحكم: 1714.
(5) كنز العمال: 5642.
(6) تنبيه الخواطر: 2 / 62.
(7) كنز العمال: 8501، 5638.
(8) كنز العمال: 8501، 5638.
3636
ما أعطيتني، ولا أتقي إلا ما وقيتني (1).
(انظر) عنوان: 200 " الرياضة "، 256 " الشبهة "،
العصمة: باب 2750، الإيمان: باب
287، الزهد: باب 1618.
[4171]
ما يمنع التقوى
- الإمام علي (عليه السلام): حرام على كل قلب
متوله بالدنيا أن يسكنه التقوى (2).
- الإمام العسكري (عليه السلام): من لم يتق وجوه
الناس لم يتق الله (3).
- الإمام علي (عليه السلام): والله ما أرى عبدا يتقي
تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه (4).
- عنه (عليه السلام): لا يستطيع أن يتقي الله من خاصم (5).
(انظر) الحكمة: باب 924، 925، الإيمان:
باب 286، الطمع: باب 2420، الهوى:
باب 4044، الزهد: باب 1619.
[4172]
حق التقوى
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا
وأنتم مسلمون) * (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا الله حق تقاته: أن
يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن قوله
تعالى: * (اتقوا الله حق تقاته) * -: يطاع فلا
يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر (8).
- أبو بصير: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله:
اتقوا الله حق ثقاته قال: منسوخة، قلت:
وما نسختها؟ قال: قول الله: * (اتقوا الله ما
استطعتم) * (9).
- الإمام علي (عليه السلام): اتقوا الله حق تقاته،
واسعوا في مرضاته، واحذروا ما حذركم من
أليم عذابه (10).
- عنه (عليه السلام): إن تقوى الله لم تزل عارضة
نفسها على الأمم الماضين والغابرين، لحاجتهم
إليها غدا إذا أعاد الله ما أبدأ وأخذ ما أعطى، فما
أقل من حملها حق حملها (11).
- عنه (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله فإنها حق
الله عليكم... لم تبرح عارضة نفسها على الأمم
الماضين منكم والغابرين، لحاجتهم إليها غدا،
إذا أعاد الله ما أبدى، وأخذ ما أعطى، وسأل عما
أسدى، فما أقل من قبلها وحملها حق حملها!
أولئك الأقلون عددا (12).
- عنه (عليه السلام): اتقوا الله تقية من شمر
تجريدا، وجد تشميرا، وكمش في مهل،
وبادر عن وجل، ونظر في كرة الموئل، وعاقبة
المصدر، ومغبة المرجع (13).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 215.
(2) غرر الحكم: 4904.
(3) البحار: 78 / 377 / 3.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 176، الحكمة 298.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 176، الحكمة 298.
(6) آل عمران: 102.
(7) الدر المنثور: 2 / 282.
(8) البحار: 70 / 291 / 31 وص 287 / 12.
(9) البحار: 70 / 291 / 31 وص 287 / 12.
(10) غرر الحكم: 2521، 3618.
(11) غرر الحكم: 2521، 3618.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 191، الحكمة 210.
(13) نهج البلاغة: الخطبة 191، الحكمة 210.
3637
- عنه (عليه السلام): اتقوا الله عباد الله تقية ذي لب
شغل التفكر قلبه، وأنصب الخوف بدنه، وأسهر
التهجد غرار نومه، وأضمأ الرجاء هواجر يومه،
وظلف الزهد شهواته (1).
- عنه (عليه السلام): فاتقوا الله تقية من سمع فخشع،
واقترف فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر فبادر،
وأيقن فأحسن، وعبر فاعتبر (2).
- عنه (عليه السلام): اتقوا الله تقية من أيقن فأحسن،
وعبر فاعتبر، وحذر فازدجر، وبصر فاستبصر،
وخاف العقاب وعمل ليوم الحساب (3).
- عنه (عليه السلام): اتقوا الله عباد الله تقية من
شغل بالفكر قلبه، وأوجف الذكر بلسانه،
وقدم الخوف لأمانه (4).
[4173]
تفسير التقوى
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى اجتناب (5).
- عنه (عليه السلام): بالتقوى قرنت العصمة (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن تفسير
التقوى -: أن لا يفقدك الله حيث أمرك،
ولا يراك حيث نهاك (7).
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى أن يتقي المرء
كلما يؤثمه (8).
- عنه (عليه السلام): المتقي من اتقى الذنوب (9).
- عنه (عليه السلام): رأس التقوى ترك الشهوة (10).
- عنه (عليه السلام): من ملك شهوته كان تقيا (11).
- عنه (عليه السلام): عند حضور الشهوات واللذات
يتبين ورع الأتقياء (12).
- عنه (عليه السلام): ملاك التقوى رفض الدنيا (13).
- عنه (عليه السلام): التقوى سنخ الإيمان (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا يغرنك بكاؤهم،
إنما التقوى في القلب (15).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): تمام التقوى أن تتعلم ما
جهلت وتعمل بما علمت (16).
- الإمام علي (عليه السلام): أواخر مصادر التوقي
أوائل موارد الحذر (17).
(انظر) الورع: باب 4061، باب 4170.
أبحاث حول التقوى ودرجاتها في فصول:
1 - القانون والأخلاق الكريمة والتوحيد:
لا يسعد القانون إلا بإيمان تحفظه الأخلاق
الكريمة، والأخلاق الكريمة لا تتم إلا
بالتوحيد، فالتوحيد هو الأصل الذي عليه
تنمو شجرة السعادة الإنسانية وتتفرع بالأخلاق
الكريمة، وهذه الفروع هي التي تثمر ثمراتها



(1) نهج البلاغة: الخطبة 83.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 83.
(3) غرر الحكم: 6598، 6600، 188، 4316.
(4) غرر الحكم: 6598، 6600، 188، 4316.
(5) غرر الحكم: 6598، 6600، 188، 4316.
(6) غرر الحكم: 6598، 6600، 188، 4316.
(7) البحار: 70 / 285 / 8.
(8) غرر الحكم: 2162.
(9) غرر الحكم: 1871، 5236، 8284، 6224، 9721.
(10) غرر الحكم: 1871، 5236، 8284، 6224، 9721.
(11) غرر الحكم: 1871، 5236، 8284، 6224، 9721.
(12) غرر الحكم: 1871، 5236، 8284، 6224، 9721.
(13) غرر الحكم: 1871، 5236، 8284، 6224، 9721.
(14) تحف العقول: 217.
(15) البحار: 70 / 286 / 9.
(16) تنبيه الخواطر: 2 / 120.
(17) غرر الحكم: 1812.
3638
الطيبة في المجتمع، قال تعالى: * (ألم
تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة
أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها
كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس
لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة
خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار) * (1).
فجعل الإيمان بالله كشجرة لها أصل وهو
التوحيد لا محالة، واكل تؤتيه كل حين بإذن
ربها وهو العمل الصالح، وفرع وهو الخلق الكريم
كالتقوى والعفة والمعرفة والشجاعة والعدالة
والرحمة ونظائرها.
وقال تعالى: * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل
الصالح يرفعه) * (2)، فجعل سعادة الصعود إلى الله
- وهو القرب منه تعالى - للكلم الطيب وهو
الاعتقاد الحق، وجعل العمل الذي يصلح له
ويناسبه هو الذي يرفعه ويمده في صعوده.
بيان ذلك: أن من المعلوم أن الإنسان لا يتم
له كماله النوعي ولا يسعد في حياته - التي
لا بغية له أعظم من إسعادها - إلا باجتماع من
أفراد يتعاونون على أعمال الحياة على ما فيها من
الكثرة والتنوع، وليس يقوى الواحد من الإنسان
على الإتيان بها جميعا.
وهذا هو الذي أحوج الإنسان الاجتماعي إلى
أن يتسنن بسنن وقوانين يحفظ بها حقوق الأفراد
عن الضيعة والفساد، حتى يعمل كل منهم ما في
وسعه العمل به، ثم يبادلوا أعمالهم فينال كل من
النتائج المعدة ما يعادل عمله ويقدره وزنه
الاجتماعي من غير أن يظلم القوي المقتدر أو
يظلم الضعيف العاجز.
ومن المسلم أن هذه السنن والقوانين لا تثبت
مؤثرة إلا بسنن وقوانين أخرى جزائية تهدد
المتخلفين عن السنن والقوانين المتعدين على
حقوق ذوي الحقوق، وتخوفهم بالسيئة قبال
السيئة، وبأخرى تشوقهم وترغبهم في عمل
الخيرات، وتضمن إجراء الجميع القوة الحاكمة
التي تحكم فيهم وتتسيطر عليهم بالعدل والصدق.
وإنما تتحقق هذه الأمنية إذا كانت القوة
المجرية للقوانين عالمة بالجرم وقوية على
المجرم، وأما إذا جهلت ووقع الإجرام على جهل
منها أو غفلة - وكم له من وجود - فلا مانع يمنع من
تحققه، والقوانين لا أيدي لها تبطش بها، وكذا إذا
ضعفت الحكومة بفقد القوى اللازمة أو مساهلة
في السياسة والعمل فظهر عليها المجرم أو كان
المجرم أشد قوة ضاعت القوانين وفشت
التخلفات والتعديات على حقوق الناس،
والإنسان - كما مر مرارا في المباحث السابقة من
هذا الكتاب - مستخدم بالطبع يجر النفع إلى نفسه
ولو أضر غيره.
ويشتد هذا البلوى إذا تمركزت هذه القوة في
القوة المجرية أو من يتولى أزمة جميع الأمور،
فاستضعف الناس وسلب منهم القدرة على رده
إلى العدل وتقويمه بالحق، فصار ذا قوة وشوكة
لا يقاوم في قوته ولا يعارض في إرادته.
والتواريخ المحفوظة مملوءة من قصص

3639
الجبابرة والطواغيت وتحكماتهم الجائرة
على الناس، وهو ذا نصب أعيننا في أكثر
أقطار الأرض.
فالقوانين والسنن وإن كانت عادلة في حدود
مفاهيمها، وأحكام الجزاء وإن كانت بالغة في
شدتها، لا تجري على رسلها في المجتمع ولا تسد
باب الخلاف وطريق التخلف إلا بأخلاق فاضلة
إنسانية تقطع دابر الظلم والفساد كملكة اتباع
الحق واحترام الإنسانية والعدالة والكرامة
والحياة ونشر الرحمة ونظائرها.
ولا يغرنك ما تشاهده من القوة والشوكة في
الأمم الراقية والانتظام والعدل الظاهر فيما بينهم
ولم يوضع قوانينهم على أسس أخلاقية حيث
لا ضامن لإجرائها فإنهم أمم يفكرون فكرة
اجتماعية لا يرى الفرد منهم إلا نفع الأمة وخيرها
ولا يدفع إلا ما يضر أمته، ولا هم لامته إلا
استرقاق سائر الأمم الضعيفة واستدرارهم،
واستعمار بلادهم، واستباحة نفوسهم وأعراضهم
وأموالهم، فلم يورثهم هذا التقدم والرقي
إلا نقل ما كان يحمله الجبابرة الماضون على
الأفراد إلى المجتمعات، فقامت الأمة اليوم مقام
الفرد بالأمس، وهجرت الألفاظ معانيها إلى
أضدادها تطلق الحرية والشرافة والفضيلة ولا
يراد بها إلا الرقية والخسة والظلم والرذيلة.
وبالجملة: السنن والقوانين لا تأمن التخلف
والضيعة إلا إذا تأسست على أخلاق كريمة
إنسانية واستظهرت بها.
ثم الأخلاق لا تفي بإسعاد المجتمع ولا تسوق
الإنسان إلى صلاح العمل إلا إذا اعتمدت على
التوحيد وهو الإيمان بأن للعالم - ومنه الإنسان -
إلها واحدا سرمديا لا يعزب عن علمه شئ،
ولا يغلب في قدرته عن أحد خلق الأشياء على
أكمل نظام لا لحاجة منه إليها وسيعيدهم إليه
فيحاسبهم فيجزي المحسن بإحسانه ويعاقب
المسئ بإساءته ثم يخلدون منعمين أو معذبين.
ومن المعلوم أن الأخلاق إذا اعتمدت على
هذه العقيدة لم يبق للإنسان هم إلا مراقبة رضاه
تعالى في أعماله، وكان التقوى رادعا داخليا له
عن ارتكاب الجرم، ولولا ارتضاع الأخلاق من
ثدي هذه العقيدة - عقيدة التوحيد - لم يبق
للإنسان غاية في أعماله الحيوية إلا التمتع
بمتاع الدنيا الفانية والتلذذ بلذائذ الحياة
المادية، وأقصى ما يمكنه أن يعدل به معاشه
فيحفظ به القوانين الاجتماعية الحيوية أن
يفكر في نفسه أن من الواجب عليه أن يلتزم
القوانين الدائرة حفظا للمجتمع من التلاشي
وللاجتماع من الفساد، وأن من اللازم عليه أن
يحرم نفسه من بعض مشتهياته ليحتفظ به
المجتمع فينال بذلك البعض الباقي، ويثني عليه
الناس ويمدحوه ما دام حيا أو يكتب اسمه في
أوراق التاريخ بخطوط ذهبية.
أما ثناء الناس وتقديرهم العمل فإنما يجري
في أمور هامة علموا بها، أما الجزئيات وما لم
يعلموا بها كالأعمال السرية فلا وقاء يقيها، وأما
الذكر الجاري والاسم السامي - ويؤثر غالبا فيما
فيه تفدية وتضحية من الأمور كالقتل في سبيل

3640
الوطن وبذل المال والوقت في ترفيع مباني
الدولة ونحو ذلك - فليس ممن يبتغيه ويذعن به
ثم لا يذعن بما وراء الحياة الدنيا إلا اعتقادا
خرافيا إذ لا إنسان - على هذا - بعد الموت
والفوت حتى يعود إليه شئ من النفع بثناء
أو حسن ذكر، وأي عاقل يشتري تمتع غيره
بحرمان نفسه من غير أي فائدة عائدة، أو يقدم
الحياة لغيره باختيار الموت لنفسه وليس عنده
بعد الموت إلا البطلان والاعتقاد الخرافي يزول
بأدنى تنبه والتفات.
فقد تبين أن شيئا من هذه الأمور ليس من
شأنه أن يقوم مقام التوحيد، ولا أن يخلفه في صد
الإنسان عن المعصية ونقض السنن والقوانين،
وخاصة إذا كان العمل مما من طبعه أن لا يظهر
للناس، وخاصة إذا كان من طبعه أن لو ظهر ظهر
على خلاف ما هو عليه لأسباب تقتضي ذلك
كالتعفف الذي يزعم أنه كان شرها وبغيا كما تقدم
من حديث مراودة امرأة العزيز يوسف (عليه السلام)، وقد
كان أمره يدور بين خيانة العزيز في امرأته
وبين اتهام المرأة إياه عند العزيز بقصدها
بالسوء، فلم يمنعه (عليه السلام) - ولا كان من الحري أن
يمنعه - شئ إلا العلم بمقام ربه.
2 - يحصل التقوى الديني بأحد أمور ثلاثة:
وإن شئت فقل: إنه سبحانه يعبد بأحد طرق
ثلاثة: الخوف والرجاء والحب، قال تعالى: * (في
الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما
الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) * (1)، فعلى المؤمن أن
يتنبه لحقيقة الدنيا وهي أنها متاع الغرور كسراب
بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده
شيئا، فعليه أن لا يجعلها غاية لأعماله في الحياة،
وأن يعلم أن له وراءها دارا وهي الدار الآخرة فيها
ينال غاية أعماله، وهي عذاب شديد للسيئات
يجب أن يخافه ويخاف الله فيه، ومغفرة من الله
قبال أعماله الصالحة يجب أن يرجوها ويرجو الله
فيها، ورضوان من الله يجب أن يقدمه لرضى
نفسه.
وطباع الناس مختلفة في إيثار هذه الطرق
الثلاثة واختيارها، فبعضهم وهو الغالب يغلب
على نفسه الخوف، وكلما فكر فيما أوعد الله
الظالمين والذين ارتكبوا المعاصي والذنوب من
أنواع العذاب الذي أعد لهم زاد في نفسه خوفا
ولفرائصه ارتعادا ويساق بذلك إلى عبادته تعالى
خوفا من عذابه.
وبعضهم يغلب على نفسه الرجاء، وكلما فكر
فيما وعده الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات من
النعمة والكرامة وحسن العاقبة زاد رجاء وبالغ في
التقوى والتزام الأعمال الصالحات طمعا في
المغفرة والجنة.
وطائفة ثالثة وهم العلماء بالله لا يعبدون الله
خوفا من عقابه ولا طمعا في ثوابه، وإنما يعبدونه
لأنه أهل للعبادة، وذلك لأنهم عرفوه بما يليق به
من الأسماء الحسنى والصفات العليا فعلموا أنه
ربهم الذي يملكهم وإرادتهم ورضاهم وكل شئ
غيرهم، ويدبر الأمر وحده، وليسوا إلا عباد الله
فحسب، وليس للعبد إلا أن يعبد ربه ويقدم



(1) الحديد: 20.
3641
مرضاته وإرادته على مرضاته وإرادته، فهم
يعبدون الله ولا يريدون في شئ من أعمالهم فعلا
أو تركا إلا وجهه، ولا يلتفتون فيها إلى عقاب
يخوفهم، ولا إلى ثواب يرجيهم، وإن خافوا عذابه
ورجوا رحمته، وإلى هذا يشير قوله (عليه السلام): " ما
عبدتك خوفا من نارك ولا رغبة في جنتك، بل
وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك ".
وهؤلاء لما خصوا رغباتهم المختلفة بابتغاء
مرضاة ربهم ومحضوا أعمالهم في طلب غاية هو
ربهم تظهر في قلوبهم المحبة الإلهية، وذلك أنهم
يعرفون ربهم بما عرفهم به نفسه، وقد سمى نفسه
بأحسن الأسماء ووصف ذاته بكل صفة جميلة،
ومن خاصة النفس الإنسانية أن تنجذب إلى
الجميل فكيف بالجميل على الإطلاق! وقال
تعالى: * (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل
شئ فاعبدوه) * (1) ثم قال: * (الذي أحسن كل
شئ خلقه) * (2) فأفاد أن الخلقة تدور مدار الحسن
وأنهما متلازمان متصادقان، ثم ذكر سبحانه في
آيات كثيرة أن ما خلقه من شئ آية تدل عليه وأن
في السماوات والأرض لآيات لأولي الألباب،
فليس في الوجود ما لا يدل عليه تعالى ولا يحكي
شيئا من جماله وجلاله.
فالأشياء من جهة أنواع خلقها وحسنها تدل
على جماله الذي لا يتناهى ويحمده ويثنى على
حسنه الذي لا يفنى، ومن جهة ما فيها من أنواع
النقص والحاجة تدل على غناه المطلق وتسبح
وتنزه ساحة القدس والكبرياء، كما قال تعالى:
* (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) * (3).
فهؤلاء يسلكون في معرفة الأشياء من طريق
هداهم إليه ربهم وعرفها لهم، وهو أنها
آيات له وعلامات لصفات جماله وجلاله، وليس
لها من النفسية والأصالة والاستقلال إلا أنها
كمرائي تجلي بحسنها ما وراءها من الحسن غير
المتناهي، وبفقرها وحاجتها ما أحاط بها من
الغنى المطلق، وبذلتها واستكانتها ما فوقها من
العزة والكبرياء، ولا يلبث الناظر إلى الكون بهذه
النظرة دون أن تنجذب نفسه إلى ساحة العزة
والعظمة ويغشى قلبه من المحبة الإلهية ما ينسيه
نفسه وكل شئ، ويمحو رسم الأهواء والأميال
النفسانية عن باطنه، ويبدل فؤاده قلبا سليما
ليس فيه إلا الله عز اسمه، قال تعالى: * (والذين
آمنوا أشد حبا لله) * (4).
ولذلك يرى أهل هذا الطريق أن الطريقين
الآخرين أعني طريق العبادة خوفا وطريق
العبادة طمعا لا يخلوان من شرك، فإن الذي
يعبده تعالى خوفا من عذابه يتوسل به تعالى إلى
دفع العذاب عن نفسه، كما أن من يعبده طمعا في
ثوابه يتوسل به تعالى إلى الفوز بالنعمة والكرامة،
ولو أمكنه الوصول إلى ما يبتغيه من غير أن يعبده
لم يعبده ولا حام حول معرفته، وقد تقدمت
الرواية عن الصادق (عليه السلام): " هل الدين إلا الحب "
وقوله (عليه السلام) في حديث: " وإني أعبده حبا له وهذا
مقام مكنون لا يمسه إلا المطهرون... " الحديث،



(1) الأنعام: 102.
(2) ألم السجدة: 7.
(3) الإسراء: 44.
(4) البقرة: 165.
3642
وإنما كان أهل الحب مطهرين لتنزههم عن الأهواء
النفسانية والألواث المادية، فلا يتم الإخلاص في
العبادة إلا من طريق الحب.
3 - كيف يورث الحب الإخلاص؟
عبادته تعالى خوفا من العذاب تبعث الإنسان
إلى التروك وهو الزهد في الدنيا للنجاة في
الآخرة، فالزاهد من شأنه أن يتجنب المحرمات أو
ما في معنى الحرام أعني ترك الواجبات، وعبادته
تعالى طمعا في الثواب تبعث إلى الأفعال وهو
العبادة في الدنيا بالعمل الصالح لنيل نعم الآخرة
والجنة، فالعابد من شأنه أن يلتزم الواجبات أو ما
في معنى الواجب وهو ترك الحرام، والطريقان معا
إنما يدعوان إلى الإخلاص للدين لا لرب الدين.
وأما محبة الله سبحانه فإنها تطهر القلب
من التعلق بغيره تعالى من زخارف الدنيا وزينتها
من ولد أو زوج أو مال أو جاه حتى النفس وما
لها من حظوظ وآمال، وتقصر القلب في التعلق به
تعالى وبما ينسب إليه من دين أو نبي أو ولي
وسائر ما يرجع إليه تعالى بوجه، فإن حب الشئ
حب لآثاره.
فهذا الإنسان يحب من الأعمال ما يحبه الله،
ويبغض منها ما يبغضه الله، ويرضى برضا الله
ولرضاه، ويغضب بغضب الله ولغضبه، وهو النور
الذي يضئ له طريق العمل، قال تعالى: * (أو من
كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في
الناس) * (1). والروح الذي يشير إليه بالخيرات
والأعمال الصالحات، قال تعالى: * (وأيدهم بروح
منه) * (2) وهذا هو السر في أنه لا يقع منه إلا الجميل
والخير ويتجنب كل مكروه وشر.
وأما الموجودات الكونية والحوادث الواقعة
فإنه لا يقع بصره على شئ منها خطير أو حقير،
كثير أو يسير إلا أحبه واستحسنه، لأنه لا يرى
منها إلا أنها آيات محضة تجلي له ما وراءها من
الجمال المطلق والحسن الذي لا يتناهى العاري
من كل شين ومكروه.
ولذلك كان هذا الإنسان محبورا بنعمة ربه
بسرور لا غم معه ولذة وابتهاج لا ألم ولا حزن
معه، وأمن لا خوف معه، فإن هذه العوارض السوء
إنما تطرأ عن إدراك للسوء وترقب للشر
والمكروه، ومن كان لا يرى إلا الخير والجميل
ولا يجد إلا ما يجري على وفق إرادته ورضاه
فلا سبيل للغم والحزن والخوف وكل ما يسوء
الإنسان ويؤذيه إليه بل ينال من السرور والابتهاج
والأمن ما لا يقدره ولا يحيط به إلا الله سبحانه،
وهذا أمر ليس في وسع النفوس العادية أن تتعقله
وتكتنهه إلا بنوع من التصور الناقص.
وإليه يشير أمثال قوله تعالى: * (ألا إن
أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين
آمنوا وكانوا يتقون) * (3)، وقوله: * (الذين آمنوا
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن
وهم مهتدون) * (4).
وهؤلاء هم المقربون الفائزون بقربه تعالى، إذ



(1) الأنعام: 122.
(2) المجادلة: 22.
(3) يونس: 62، 63.
(4) الأنعام: 82.
3643
لا يحول بينهم وبين ربهم شئ مما يقع عليه
الحس أو يتعلق به الوهم أو تهواه النفس أو يلبسه
الشيطان، فإن كل ما يتراءى لهم ليس إلا آية
كاشفة عن الحق المتعال لا حجابا ساترا، فيفيض
عليهم ربهم علم اليقين، ويكشف لهم عما عنده
من الحقائق المستورة عن هذه الأعين المادية
العمية بعد ما يرفع الستر فيما بينه وبينهم، كما
يشير إليه قوله تعالى: * (كلا إن كتاب الأبرار لفي
عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم *
يشهده المقربون) * (1)، وقوله تعالى: * (كلا لو
تعلمون علم اليقين لترون الجحيم) * (2)، وقد تقدم
كلام في هذا المعنى في ذيل قوله تعالى: * (يا أيها
الذين آمنوا عليكم أنفسكم) * (3) في الجزء
السادس من الكتاب.
وبالجملة: هؤلاء في الحقيقة هم المتوكلون
على الله المفوضون إليه الراضون بقضائه
المسلمون لأمره، إذ لا يرون إلا خيرا
ولا يشاهدون إلا جميلا فيستقر في نفوسهم من
الملكات الشريفة والأخلاق الكريمة ما يلائم هذا
التوحيد، فهم مخلصون لله في أخلاقهم كما كانوا
مخلصين له في أعمالهم، هذا معنى إخلاص العبد
دينه لله، قال تعالى: * (هو الحي لا إله إلا هو فادعوه
مخلصين له الدين) * (4).
4 - وأما إخلاصه تعالى عبده له فهو ما
يجده العبد في نفسه من الإخلاص له منسوبا إليه
تعالى، فإن العبد لا يملك من نفسه شيئا إلا بالله،
والله سبحانه هو المالك لما ملكه إياه، فإخلاصه
دينه - وإن شئت فقل: إخلاصه نفسه لله - هو
إخلاصه تعالى إياه لنفسه.
نعم ههنا شئ وهو أن الله سبحانه خلق
بعض عباده هؤلاء على استقامة الفطرة واعتدال
الخلقة، فنشأوا من بادئ الأمر بأذهان
وقادة وإدراكات صحيحة ونفوس طاهرة وقلوب
سليمة، فنالوا بمجرد صفاء الفطرة وسلامة
النفس من نعمة الإخلاص ما ناله غيرهم
بالاجتهاد والكسب بل أعلى وأرقى، لطهارة
داخلهم من التلوث بألواث الموانع والمزاحمات،
والظاهر أن هؤلاء هم المخلصون - بالفتح - لله
في عرف القرآن.
وهؤلاء هم الأنبياء والأئمة، وقد نص القرآن
بأن الله اجتباهم أي جمعهم لنفسه وأخلصهم
لحضرته، قال تعالى: * (واجتبيناهم وهديناهم إلى
صراط مستقيم) * (5)، وقال: * (هو اجتباكم وما جعل
عليكم في الدين من حرج) * (6). وآتاهم الله
سبحانه من العلم ما هو ملكة تعصمهم من اقتراف
الذنوب وارتكاب المعاصي، وتمتنع معه صدور
شئ منها عنهم صغيرة أو كبيرة، وبهذا يمتاز
العصمة من العدالة، فإنهما
معا تمنعان من صدور المعصية لكن العصمة يمتنع
معها الصدور بخلاف العدالة.



(1) المطففين: 18 - 21.
(2) التكاثر: 5، 6.
(3) المائدة: 105.
(4) المؤمن: 65.
(5) الأنعام: 87.
(6) الحج: 78.
3644
وقد تقدم آنفا أن من خاصة هؤلاء القوم
أنهم يعلمون من ربهم ما لا يعلمه غيرهم،
والله سبحانه يصدق ذلك بقوله: * (سبحان الله عما
يصفون إلا عباد الله المخلصين) * (1)، وأن المحبة
الإلهية تبعثهم على أن لا يريدوا إلا ما يريده
الله وينصرفوا عن المعاصي والله سبحانه يقرر ذلك
بما حكاه عن إبليس في غير مورد من كلامه
كقوله: * (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا
عبادك منهم المخلصين) * (2).
ومن الدليل على أن العصمة من قبيل العلم
قوله تعالى خطابا لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): * (ولولا فضل الله
عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما
يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ وأنزل
الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن
تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) * (3) وقد فصلنا
الكلام في معنى الآية في تفسير سورة النساء.
وقوله تعالى حكاية عن يوسف (عليه السلام): * (قال
رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه
وإن لا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن
من الجاهلين) * (4) وقد أوضحنا وجه دلالة الآية
على ذلك.
ويظهر من ذلك أولا: أن هذا العلم يخالف
سائر العلوم في أن أثره العملي وهو صرف الإنسان
عما لا ينبغي إلى ما ينبغي قطعي غير متخلف
دائما، بخلاف سائر العلوم فإن الصرف فيها أكثري
غير دائم، قال تعالى: * (وجحدوا بها واستيقنتها
أنفسهم) * (5)، وقال: * (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه
وأضله الله على علم) * (6)، وقال: * (فما اختلفوا إلا
من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) * (7).
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: * (سبحان الله
عما يصفون إلا عباد الله المخلصين) * (8)، وذلك أن
هؤلاء المخلصين من الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) قد بينوا
لنا جمل المعارف المتعلقة بأسمائه تعالى وصفاته
من طريق السمع، وقد حصلنا العلم به من طريق
البرهان أيضا، والآية مع ذلك تنزهه تعالى عما
نصفه به دون ما يصفه به أولئك المخلصون، فليس
إلا أن العلم غير العلم وإن كان متعلق العلمين
واحدا من وجه.
وثانيا: أن هذا العلم أعني ملكة العصمة لا يغير
الطبيعة الإنسانية المختارة في أفعالها الإرادية
ولا يخرجها إلى ساحة الإجبار والاضطرار،
كيف؟ والعلم من مبادئ الاختيار، ومجرد قوة
العلم لا يوجب إلا قوة الإرادة، كطالب السلامة إذا
أيقن بكون مائع ما سما قاتلا من حينه فإنه يمتنع
باختياره من شربه قطعا، وإنما يضطر الفاعل
ويجبر إذا أخرج من يجبره أحد طرفي الفعل
والترك من الإمكان إلى الامتناع.
ويشهد على ذلك قوله: * (واجتبيناهم
وهديناهم إلى صراط مستقيم * ذلك هدى الله
يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا حبط



(1) الصافات: 160.
(2) ص: 82، 83.
(3) النساء: 113.
(4) يوسف: 33.
(5) النمل: 14.
(6) الجاثية: 23، 17.
(7) الجاثية: 23، 17.
(8) الصافات: 159، 160.
3645
عنهم ما كانوا يعملون) * (1) تفيد الآية أنهم
في إمكانهم أن يشركوا بالله وإن كان الاجتباء
والهدى الإلهي مانعا من ذلك وقوله: * (يا أيها
النبي بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل
فما بلغت رسالته) * (2) إلى غير ذلك من الآيات.
فالإنسان المعصوم إنما ينصرف عن المعصية
بنفسه وعن اختياره وإرادته، ونسبة الصرف إلى
عصمته تعالى كنسبة انصراف غير المعصوم عن
المعصية إلى توفيقه تعالى.
ولا ينافي ذلك أيضا ما يشير إليه كلامه تعالى
ويصرح به الأخبار أن ذلك من الأنبياء والأئمة
بتسديد من روح القدس، فإن النسبة إلى روح
القدس كنسبة تسديد المؤمن إلى روح الإيمان
ونسبة الضلال والغواية إلى الشيطان وتسويله،
فإن شيئا من ذلك لا يخرج الفعل عن كونه فعلا
صادرا عن فاعله مستندا إلى اختياره وإرادته،
فافهم ذلك.
نعم هناك قوم زعموا أن الله سبحانه إنما
يصرف الإنسان عن المعصية لامن طريق اختياره
وإرادته، بل من طريق منازعة الأسباب ومغالبتها
بخلق إرادة أو إرسال ملك يقاوم إرادة الإنسان
فيمنعها عن التأثير أو يغير مجراها ويحرفها إلى
غير ما من طبع الإنسان أن يقصده، كما يمنع
الإنسان القوي الضعيف عما يريده من الفعل
بحسب طبعه.
وبعض هؤلاء وإن كانوا من المجبرة لكن
الأصل المشترك الذي يبتني عليه نظرهم هذا
وأشباهه أنهم يرون أن حاجة الأشياء إلى البارئ
الحق سبحانه إنما هي في حدوثها، وأما
في بقائها بعد ما وجدت فلا حاجة لها إليه،
فهو سبحانه سبب في عرض الأسباب، إلا أنه
لما كان أقدر وأقوى من كل شئ كان له
أن يتصرف في الأشياء حال البقاء أي
تصرف شاء من منع أو إطلاق وإحياء أو إماتة
ومعافاة أو تمريض وتوسعة أو تقتير إلى غير
ذلك بالقهر.
فإذا أراد الله سبحانه أن يصرف عبدا عن شر
مثلا أرسل إليه ملكا ينازعه في مقتضى طبعه
ويغير مجرى إرادته مثلا عن الشر إلى الخير،
أو أراد أن يضل عبدا لاستحقاقه ذلك سلط عليه
إبليس فحوله من الخير إلى الشر وإن كان ذلك
لا بمقدار يوجب الإجبار والاضطرار.
وهذا مدفوع بما نشاهده من أنفسنا في أعمال
الخير والشر مشاهدة عيان أنه ليس هناك سبب
آخر يغايرنا وينازعنا فيغلب علينا غير أنفسنا
التي تعمل أعمالها عن شعور بها وإرادة مترتبة
عليه قائمين بها، فالذي يثبته السمع والعقل وراء
نفوسنا من الأسباب كالملك والشيطان سبب
طولي لا عرضي، وهو ظاهر.
مضافا إلى أن المعارف القرآنية من
التوحيد وما يرجع إليه يدفع هذا القول من
أصله، وقد تقدم شطر وافر من ذلك في تضاعيف
الأبحاث السالفة (3).



(1) الأنعام: 87، 88.
(2) المائدة: 67.
(3) الميزان: 11 / 155 - 164.
3646
[4174]
جماع التقوى
الكتاب
* (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم
تذكرون) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): جماع التقوى في قوله: * (إن
الله يأمر بالعدل والإحسان) * (2).
- في مجمع البيان: قال عبد الله بن مسعود: هذه
الآية أجمع آية في كتاب الله للخير والشر...
وجاءت الرواية أن عثمان بن مظعون قال: كنت
أسلمت استحياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكثرة ما كان
يعرض علي الإسلام، ولما يقر الإسلام في قلبي،
فكنت ذات يوم عنده حال تأمله فشخص بصره
نحو السماء كأنه يستفهم شيئا، فلما سري عنه
سألته عن حاله فقال: نعم، بينا أنا أحدثك إذ رأيت
جبرئيل في الهواء فأتاني بهذه الآية * (إن الله يأمر
بالعدل والإحسان) * وقرأها علي إلى آخرها، فقر
الإسلام في قلبي، وأتيت عمه أبا طالب فأخبرته
فقال: يا آل قريش اتبعوا محمدا (صلى الله عليه وآله) ترشدوا،
فإنه لا يأمركم إلا بمكارم الأخلاق...
وعن عكرمة قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرأ هذه
الآية على الوليد بن المغيرة فقال: يا بن أخي
أعد، فأعاد، فقال: إن له لحلاوة، وإن عليه
لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق،
وما هو قول البشر (3).
(انظر) العدل: باب 2547، الشريعة: باب
1981، الإسلام: باب 1872.
[4175]
أتقى الناس
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتقى الناس من قال الحق
فيما له وعليه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اعمل بفرائض الله تكن
أتقى الناس (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يكون أتقى الناس
فليتوكل على الله (6).
(انظر) الورع: باب 4063.
[4176]
إمام المتقين
الكتاب
* (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا
قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) * (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) -:
إمام من اتقى، وبصر من اهتدى (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: مرحبا بسيد



(1) النحل: 90.
(2) نور الثقلين: 3 / 78 / 197.
(3) مجمع البيان: 6 / 587.
(4) أمالي الصدوق: 27 / 4.
(5) البحار: 71 / 196 / 4.
(6) معاني الأخبار: 196 / 2.
(7) الفرقان: 74.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 116.
3647
المسلمين، وإمام المتقين (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي إلى السماء...
فأوحى إلي [أو أمر بي] في علي بثلاث خصال:
إنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد
الغر المحجلين (2).
[4177]
العاقبة للمتقين
الكتاب
* (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا
نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) * (3).
* (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) * (4).
* (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها
أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين) * (5).
- الإمام علي (عليه السلام): إن أتاكم الله بعافية فاقبلوا،
وإن ابتليتم فاصبروا، فإن العاقبة للمتقين (6).
- عنه (عليه السلام) - في العظة بالتقوى -: * (وسيق
الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) * قد أمن
العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النار،
واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار،
الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم
باكية، وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا
واستغفارا، وكان نهارهم ليلا، توحشا وانقطاعا،
فجعل الله لهم الجنة مآبا، والجزاء ثوابا، وكانوا
أحق بها وأهلها في ملك دائم، ونعيم قائم (7).
قال العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه في
الفصل الخامس عشر من كلام له في المرابطة في
المجتمع الإسلامي ما نصه:
الدين الحق هو الغالب على الدنيا بالآخرة
العاقبة للتقوى فإن النوع الإنساني بالفطرة
المودوعة فيه تطلب سعادته الحقيقية، وهو
استواؤه على عرش حياته الروحية والجسمية
معا حياة اجتماعية بإعطاء نفسه حظه من
السلوك الدنيوي والأخروي، وقد عرفت أن
هذا هو الإسلام ودين التوحيد.
وأما الانحرافات الواقعة في سير الإنسانية
نحو غايته وفي ارتقائه إلى أوج كماله فإنما
هو من جهة الخطأ في التطبيق لا من جهة بطلان
حكم الفطرة، والغاية التي يعقبها الصنع
والإيجاد لا بد أن تقع يوما معجلا أو على
مهل، قال تعالى: * (فأقم وجهك للدين حنيفا
فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق
الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *
* (يريد أنهم لا يعلمون ذلك علما تفصيليا وإن
علمته فطرتهم إجمالا) * " إلى أن قال ":
* (ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) *
" إلى أن قال ": * (ظهر الفساد في البر
والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض



(1) تاريخ دمشق " الإمام علي (عليه السلام) ": 2 / 440 / 949 وص 258 / 774.
(2) تاريخ دمشق " الإمام علي (عليه السلام) ": 2 / 440 / 949 وص 258 / 774.
(3) طه: 132.
(4) القصص: 83.
(5) هود: 49.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 98.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 190.
3648
الذي عملوا لعلهم يرجعون) * (1) وقال تعالى:
* (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة
على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في
سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) * (2)، وقال تعالى:
* (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن
الأرض يرثها عبادي الصالحون) * (3)، وقال تعالى:
* (والعاقبة للتقوى) * (4)، فهذه وأمثالها آيات
تخبرنا أن الإسلام سيظهر ظهوره التام فيحكم
على الدنيا قاطبة.
ولا تصغ إلى قول من يقول: إن الإسلام
وإن ظهر ظهورا ما وكانت أيامه حلقة من سلسلة
التاريخ فأثرت أثرها العام في الحلقات التالية
واعتمدت عليها المدنية الحاضرة شاعرة بها
أو غير شاعرة لكن ظهوره التام أعني حكومة
ما في فرضية الدين بجميع موادها وصورها
وغاياتها مما لا يقبله طبع النوع الإنساني
ولن يقبله أبدا، ولم يقع عليه بهذه الصفة تجربة
حتى يوثق بصحة وقوعه خارجا وحكومته على
النوع تامة.
وذلك أنك عرفت أن الإسلام بالمعنى الذي
نبحث فيه غاية النوع الإنساني وكماله الذي
هو بغريزته متوجه إليه شعر به تفصيلا أولم يشعر،
والتجارب القطعية الحاصلة في أنواع المكونات
يدل على أنها متوجهة إلى غايات مناسبة
لوجوداتها يسوقها إليها نظام الخلقة، والإنسان
غير مستثنى من هذه الكلية.
على أن شيئا من السنن والطرائق الدائرة في
الدنيا الجارية بين المجتمعات الإنسانية لم يتك
في حدوثه وبقائه وحكومته على سبق تجربة
قاطعة، فهذه شرائع نوح وإبراهيم وموسى
وعيسى ظهرت حينما ظهرت ثم جرت بين
الناس، وكذا ما أتى به برهما وبوذا وماني
وغيرهم، وتلك سنن المدنية المادية
كالديموقراطية والكمونيسم وغيرهما، كل ذلك
جرى في المجتمعات الإنسانية المختلفة
بجرياناتها المختلفة من غير سبق تجربة.
وإنما تحتاج السنن الاجتماعية في ظهورها
ورسوخها في المجتمع إلى عزائم قاطعة وهمم
عالية من نفوس قوية لا يأخذها في سبيل البلوغ
إلى مآربها عي ولا نصب، ولا تذعن بأن الدهر قد
لا يسمح بالمراد والمسعى قد يخيب. ولا فرق في
ذلك بين الغايات والمآرب الرحمانية
والشيطانية (5).
(انظر) الخاتمة: باب 1002، 1003،
البحار: 70 / 293 / 36، 37



(1) الروم: 30 - 41.
(2) المائدة: 54.
(3) الأنبياء: 105.
(4) طه: 132.
(5) الميزان: 4 / 131.
3649
(557)
التقية
البحار: 75 / 393 باب 87 " التقية والمداراة ".
وسائل الشيعة: 11 / 459، 498 " التقية ".
انظر:
عنوان: 227 " السر "، 159 " المداراة "، 456 " الكتمان ".

3651
[4178]
التقية
الكتاب
* (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون
المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن
تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله
المصير) * (1).
* (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن
بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من
الله ولهم عذاب عظيم) * (2).
* (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه) * (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن التقية ترس المؤمن،
ولا إيمان لمن لا تقية له، - قال الراوي -: فقلت له:
جعلت فداك أرأيت قول الله تبارك وتعالى: * (إلا
من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * قال: وهل التقية
إلا هذا! (4).
- عنه (عليه السلام): التقية ترس الله بينه وبين خلقه (5).
- عنه (عليه السلام): اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع،
وقووه بالتقية (6).
- عنه (عليه السلام): اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية،
فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، إنما أنتم في
الناس كالنحل في الطير، لو أن الطير تعلم ما في
أجواف النحل ما بقي منها شئ إلا أكلته (7).
- عنه (عليه السلام): والله ما عبد الله بشئ أحب إليه من
الخب ء، قلت: وما الخب ء؟ قال: التقية (8).
- الإمام الباقر (عليه السلام): خالطوهم بالبرانية،
وخالفوهم بالجوانية، إذا كانت الإمرة صبيانية (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: ويدرأون
بالحسنة السيئة -: الحسنة التقية، والإذاعة
السيئة (10).
- عنه (عليه السلام): * (أجعل بينكم وبينهم ردما) * قال:
التقية، * (فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له
نقبا) * قال: هو التقية (11).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى -: * (أجعل
بينكم وبينهم ردما) * قال: التقية، * (فما اسطاعوا
أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا) * قال: ما
استطاعوا له نقبا: إذا عمل بالتقية لم يقدروا في
ذلك على حيلة، وهو الحصن الحصين، وصار
بينك وبين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا.
قال - الرواي -: وسألته عن قوله: * (فإذا جاء
وعد ربي جعله دكاء) * قال: رفع التقية عند



(1) آل عمران: 28.
(2) النحل: 106.
(3) المؤمن: 28.
(4) قرب الإسناد: 35 / 114.
(5) الكافي: 2 / 220 / 19.
(6) أمالي المفيد: 100 / 2.
(7) الكافي: 2 / 218 / 5 وص 219 / 11 وص 220 / 20.
(8) الكافي: 2 / 218 / 5 وص 219 / 11 وص 220 / 20.
(9) الكافي: 2 / 218 / 5 وص 219 / 11 وص 220 / 20.
(10) المحاسن: 1 / 400 / 900.
(11) تفسير العياشي: 2 / 351 / 85.
3652
الكشف فينتقم من أعداء الله (1).
- الإمام علي (عليه السلام): من أحبنا بقلبه وأبغضنا
بلسانه فهو في الجنة (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المؤمن مجاهد، لأنه
يجاهد أعداء الله عز وجل في دولة الباطل بالتقية،
وفي دولة الحق بالسيف (3).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لأبي جعفر محمد بن
النعمان الأحول -: يا بن النعمان! إذا كانت دولة
الظلم فامش واستقبل من تتقيه بالتحية، فإن
المتعرض للدولة قاتل نفسه وموبقها، إن الله يقول:
* (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (4).
[4179]
ما يجوز فيه التقية
- الإمام الباقر (عليه السلام): التقية في كل ضرورة (5).
- عنه (عليه السلام): التقية في كل شئ يضطر إليه ابن
آدم فقد أحله الله له (6).
- عنه (عليه السلام): التقية في كل ضرورة، وصاحبها
أعلم بها حين تنزل به (7).
- الإمام علي (عليه السلام): والله لو ناديت في عسكري
هذا بالحق الذي أنزل الله على نبيه وأظهرته
ودعوت إليه وشرحته وفسرته على ما سمعت من
نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما بقي فيه إلا أقله وأذله وأرذله،
ولاستوحشوا منه، ولتفرقوا عني، ولولا ما عهده
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلي وسمعته منه وتقدم إلي فيه
لفعلت، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال: كلما اضطر
إليه العبد فقد أحله الله له وأباحه إياه (8).
(انظر) وسائل الشيعة: 11 / 467 باب 25.
[4180]
النهي عن تجاوز مواضع التقية
- الإمام الصادق (عليه السلام): للتقية مواضع، من
أزالها عن مواضعها لم تستقم له، وتفسير ما
يتقى مثل [أن يكون] قوم سوء ظاهر حكمهم
وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكل شئ
يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي
إلى الفساد في الدين فإنه جائز (9).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما جفا جماعة من
الشيعة وحجبهم فسألوه عن ذلك قال -: لدعواكم
أنكم شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنتم في أكثر
أعمالكم مخالفون، ومقصرون في كثير من
الفرائض، وتتهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في
الله، وتتقون حيث لا تجب التقية، وتتركون
التقية حيث لابد من التقية (10).
- يوسف بن عمران الميثمي: سمعت ميثم
النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (عليه السلام) وقال: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك
دعي بني أمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة مني؟



(1) تفسير العياشي: 2 / 351 / 86.
(2) غرر الحكم: 8173.
(3) علل الشرائع: 467 / 22.
(4) البحار: 78 / 288 / 2 و 75 / 399 / 33.
(5) البحار: 78 / 288 / 2 و 75 / 399 / 33.
(6) الكافي: 2 / 220 / 18 وص 219 / 13.
(7) الكافي: 2 / 220 / 18 وص 219 / 13.
(8) البحار: 75 / 413 / 64.
(9) الكافي: 2 / 168 / 1.
(10) وسائل الشيعة: 11 / 470 / 9.
3653
فقلت: يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ
منك، قال: إذا والله يقتلك ويصلبك، قلت:
أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم إذا
تكون معي في درجتي (1).
- روي أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من
المسلمين فقال لأحدهما: ما تقول في محمد؟
قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: فما تقول في؟ قال:
أنت أيضا، فخلاه، وقال للآخر: ما تقول في
محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول في؟
قال أنا أصم، فأعاد عليه ثلاثا فأعاد جوابه الأول
فقتله، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أما الأول
فقد أخذ برخصة الله، [وأما الثاني] (2) فقد صدع
بالحق فهنيئا له (3).
- الإمام علي (عليه السلام): ستدعون إلى سبي
فسبوني، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب،
فإني على الفطرة (4) (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - من كتابه إلى سعد
الخير -: ولولا أن تذهب بك الظنون عني
لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها،
ولنشرت لك أشياء من الحق كتمتها، ولكني
أتقيك وأستبقيك، وليس الحليم الذي لا يتقي
أحدا في مكان التقوى، والحلم لباس العالم
فلا تعرين منه (6).
[4181]
ما لا يجوز فيه التقية
- الإمام الصادق (عليه السلام): إنما جعلت التقية
ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا
تقية، وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل
إنما نتقي، ولكانت التقية أحب إليكم من
آبائكم وأمهاتكم، ولو قد قام القائم ما احتاج
إلى مساءلتكم عن ذلك، ولأقام في كثير منكم من
أهل النفاق حد الله (7).
- الإمام الباقر أو الصادق (عليهما السلام) - لما سأله
زرارة عن التقية في مسح الخفين -: ثلاثة
لا أتقي فيهن أحدا: شرب المسكر، ومسح
الخفين، ومتعة الحج (8).
(انظر) الإمامة (1): باب 157، 158، البدعة: باب
334، باب: 4180 حديث 22207، 22208،
وسائل الشيعة: 11 / 483 باب 31.



(1) وسائل الشيعة: 11 / 477 / 7، راجع مستدرك الوسائل: 12 / 258.
(2) ما بين العلامتين ليس في المصدر.
(3) مستدرك الوسائل: 12 / 274 / 14082.
(4) راجع الوسائل: 11 / 478 / 9، 10، 12، 13، ص: 481 / 21.
(5) أمالي الطوسي: 210 / 362.
(6) الكافي: 8 / 55 / 16.
(7) وسائل الشيعة: 11 / 483 / 2.
(8) الكافي: 3 / 32 / 2.
3654
(558)
التوكل
البحار: 71 / 98 باب 63 " التوكل والتفويض ".
كنز العمال: 3 / 100، 703 " التوكل ".
انظر:
عنوان: 190 " الرضا (1) "، 426 " التفويض "، 243 " التسليم "، 431 " القدر "،
433 " القضاء (1) "، 282 " المشية "، الظن: باب 2482، 2483، الدنيا: باب 1268،
الغزوة: باب 3049، اليقين: باب 4258.

3655
[4182]
التوكل
الكتاب
* (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ
القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم
وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب
المتوكلين) * (1).
* (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده
وكفى به بذنوب عباده خبيرا) * (2).
* (وتوكل على العزيز الرحيم) * (3).
- الإمام الرضا (عليه السلام): الإيمان أربعة أركان:
التوكل على الله عز وجل: والرضا بقضائه،
والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله (4).
- الإمام علي (عليه السلام): الإيمان له أركان أربعة:
التوكل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والرضا
بقضاء الله، والتسليم لأمر الله عز وجل (5).
- عنه (عليه السلام): التوكل خير عماد (6).
- عنه (عليه السلام): التوكل بضاعة (7).
- عنه (عليه السلام): التوكل حصن الحكمة (8).
- عنه (عليه السلام): التوكل على الله نجاة من كل سوء،
وحرز من كل عدو (9).
- عنه (عليه السلام): صلاح العبادة التوكل (10).
- عنه (عليه السلام): في التوكل حقيقة الإيقان (11).
(انظر) الإيمان: باب 276، التقوى: باب 4175.
[4183]
تفسير التوكل
الكتاب
* (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا
الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل
المؤمنون) * (12).
* (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن
يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير) * (13).
* (ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت
فإنك إذا من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له
إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء
من عباده وهو الغفور الرحيم) * (14).
* (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله



(1) آل عمران: 159.
(2) الفرقان: 58.
(3) الشعراء: 217.
(4) قرب الإسناد: 354 / 1268.
(5) الكافي: 2 / 47 / 2.
(6)
(7) غرر الحكم: 492، 249، 544.
(8) غرر الحكم: 492، 249، 544.
(9) البحار: 78 / 79 / 56.
(10) غرر الحكم: 5802، 6484.
(11) غرر الحكم: 5802، 6484.
(12) آل عمران: 160
(13) الأنعام: 17.
(14) يونس: 106، 107.
3656
فليتوكل المؤمنون) * (1).
(انظر) فاطر: 2 - 10، الزمر: 38، الشورى: 10،
الفتح: 11، التغابن: 13، الجن: 22،
الأنعام: 80، الأحزاب: 17.
- جبرئيل 7 - لما سأله النبي (صلى الله عليه وآله) عن
التوكل على الله تعالى -: العلم بأن المخلوق
لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال
اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل
لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم
يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل (2).
- الإمام علي (عليه السلام): التوكل التبري من الحول
والقوة، وانتظار ما يأتي به القدر (3).
- عنه (عليه السلام): حسبك من توكلك أن لا ترى
لرزقك مجريا إلا الله سبحانه (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن حد
التوكل -: أن لا تخاف مع الله شيئا (5).
- أبو بصير عن الصادق (عليه السلام): ليس شئ إلا
وله حد قلت: جعلت فداك فما حد التوكل؟
قال: اليقين، قلت: فما حد اليقين؟
قال: ألا تخاف مع الله شيئا (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من التوكل أن لا تخاف مع
الله غيره (7).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما سئل عن حد
التوكل -: أن لا تخاف مع الله أحدا (8).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: أن لا تخاف أحدا
إلا الله (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أدنى حد التوكل
أن لا تسابق مقدورك بالهمة، ولا تطالع
مقسومك، ولا تستشرف معدومك، فتنقض
بأحدهما عقد إيمانك وأنت لا تشعر (10).
كلام في التوكل:
وحقيقة الأمر أن مضي الإرادة والظفر
بالمراد في نشأة المادة يحتاج إلى أسباب
طبيعية وأخرى روحية، والإنسان إذا أراد
الورود في أمر يهمه وهيأ من الأسباب الطبيعية
ما يحتاج إليه لم يحل بينه وبين ما يبتغيه إلا
اختلال الأسباب الروحية كوهن الإرادة والخوف
والحزن والطيش والشره والسفه وسوء الظن وغير
ذلك، وهي أمور هامة عامة، وإذا توكل على
الله سبحانه - وفيه اتصال بسبب غير مغلوب البتة
وهو السبب الذي فوق كل سبب - قويت إرادته
قوة لا يغلبها شئ من الأسباب الروحية المضادة
المنافية، فكان نيلا وسعادة.
وفي التوكل على الله جهة أخرى يلحقه أثرا
بخوارق العادة كما هو ظاهر قوله: * (ومن يتوكل
على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره) * الآية،
وقد تقدم شطر من البحث المتعلق بالمقام في



(1) التوبة: 51.
(2) معاني الأخبار: 261 / 1، انظر تمام الحديث في البحار: 77 / 20 / 4.
(3) غرر الحكم: 1916، 4895.
(4) غرر الحكم: 1916، 4895.
(5) البحار: 71 / 156 / 74.
(6) الكافي: 2 / 57 / 1.
(7) البحار: 71 / 158 / 75.
(8) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 50 / 192.
(9) البحار: 78 / 338 / 24.
(10) مصباح الشريعة: 416.
3657
الكلام على الإعجاز (1).
(انظر) الخوف: باب 1144، اليقين: باب 4252،
الصبر: باب 2171، الرضا: باب 1514،
الشرك: باب 1992، الدعاء: باب 1200.
[4184]
المتوكلون
الكتاب
* (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل *
فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا
رضوان الله والله ذو فضل عظيم) * (2).
* (واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر
عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت
فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم
اقضوا إلي ولا تنظرون) * (3).
* (إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو
آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) * (4).
* (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي
ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم
عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله
عليه توكلت وإليه أنيب) * (5).
* (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من
الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر
العاملين * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) * (6).
(انظر) يونس: 84، 85، يوسف: 67، إبراهيم:
11، 12، الشعراء: 14، 15، 61، 62.
- ابن شهرآشوب: أمر نمرود بجمع
الحطب في سواد الكوفة عند نهر كوثا من قرية
قطنانا وأوقد النار، فعجزوا عن رمي إبراهيم،
فعمل لهم إبليس المنجنيق فرمي به، فتلقاه
جبرئيل في الهواء فقال: هل لك من حاجة؟
فقال: أما إليك فلا! حسبي الله ونعم الوكيل،
فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أخمدت النار
فإن خزائن الأمطار والمياه بيدي؟ فقال: لا أريد!
وأتاه ملك الريح فقال: لو شئت طيرت النار؟ قال:
لا أريد! فقال جبرئيل: فاسأل الله، فقال: حسبي
من سؤالي علمه بحالي (7).
- علي بن إبراهيم: فالتقى معه جبرئيل في
الهواء وقد وضع في المنجنيق، فقال: يا إبراهيم
هل لك إلي من حاجة؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): أما إليك
فلا، وأما إلى رب العالمين فنعم، فدفع إليه خاتما
عليه مكتوب " لا إله إلا الله محمد رسول الله،
ألجأت ظهري إلى الله، أسندت أمري إلى
[قوة خ ل] الله، وفوضت أمري إلى الله " فأوحى
الله إلى النار كوني بردا... وسلاما (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): سبعون ألفا من أمتي
يدخلون الجنة بغير حساب: هم الذين لا يكتوون،
ولا يكوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى



(1) الميزان: 4 / 65، راجع الميزان: 1 / 58 - 88.
(2) آل عمران: 173، 174.
(3) يونس: 71.
(4) هود: 56، 88.
(5) هود: 56، 88.
(6) العنكبوت: 58، 59.
(7) البحار: 71 / 155 / 170.
(8) تفسير علي بن إبراهيم: 2 / 73، راجع النبوة (2): باب 3787 " إبراهيم ".
3658
ربهم يتوكلون (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من اكتوى أو استرقى، فقد
برئ من التوكل (2).
[4185]
ما يورث التوكل
الكتاب
* (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى
الله فليتوكل المؤمنون) * (3).
(انظر) المائدة: 11، 23، التوبة: 52.
- الإمام علي (عليه السلام): التوكل من قوة اليقين (4).
- عنه (عليه السلام): بحسن التوكل يستدل على حسن
الإيقان (5).
- عنه (عليه السلام): إن حسن التوكل لمن صدق
الإيقان (6).
- عنه (عليه السلام): في التوكل حقيقة الإيقان (7).
- عنه (عليه السلام): أقوى الناس إيمانا أكثرهم توكلا
على الله سبحانه (8).
- عنه (عليه السلام): من وثق بالله توكل عليه (9).
- عنه (عليه السلام): حسن توكل العبد على الله على
قدر ثقته به (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثق بالله تكن مؤمنا (11).
- الإمام علي (عليه السلام): ينبغي لمن رضي بقضاء
الله سبحانه أن يتوكل عليه (12).
(انظر) اليقين: باب 4252، 4258، باب: 4183.
[4186]
ثمرة التوكل
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يكون أقوى
الناس فليتوكل على الله (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يكون أقوى الناس
فليتوكل على الله تعالى (14).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من توكل على الله
لا يغلب، ومن اعتصم بالله لا يهزم (15).
- الإمام علي (عليه السلام): أصل قوة القلب التوكل
على الله (16).
- الإمام الباقر (عليه السلام): الغنى والعز يجولان في
قلب المؤمن، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكل
أقطناه (17).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الغنى والعز
يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا (18).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أن رجلا توكل
على الله بصدق النية لاحتاجت إليه الأمور
ممن دونه، فكيف يحتاج هو ومولاه الغني



(1) كنز العمال: 5683.
(2) سنن ابن ماجة: 3489.
(3) آل عمران: 122.
(4) غرر الحكم: 699، 4286، 3380، 6484، 3150، 8069، 4832.
(5) غرر الحكم: 699، 4286، 3380، 6484، 3150، 8069، 4832.
(6) غرر الحكم: 699، 4286، 3380، 6484، 3150، 8069، 4832.
(7) غرر الحكم: 699، 4286، 3380، 6484، 3150، 8069، 4832.
(8) غرر الحكم: 699، 4286، 3380، 6484، 3150، 8069، 4832.
(9) غرر الحكم: 699، 4286، 3380، 6484، 3150، 8069، 4832.
(10) غرر الحكم: 699، 4286، 3380، 6484، 3150، 8069، 4832.
(11) البحار: 71 / 135 / 15.
(12) غرر الحكم: 10936.
(13) كنز العمال: 5686.
(14) جامع الأخبار: 321 / 904 و 322 / 907.
(15) جامع الأخبار: 321 / 904 و 322 / 907.
(16) غرر الحكم: 3082.
(17) البحار: 78 / 186 / 17.
(18) الكافي: 2 / 65 / 3.
3659
الحميد؟! (1).
- الإمام علي (عليه السلام): من كان متوكلا لم
يعدم الإعانة (2).
- عنه (عليه السلام): من توكل على الله ذلت له
الصعاب، وتسهلت عليه الأسباب (3).
- عنه (عليه السلام): من توكل على الله أضاءت له
الشبهات (4).
- عنه (عليه السلام): ليس لمتوكل عناء (5).
- عنه (عليه السلام): كيف يتخلص من عناء الحرص
من لم يصدق توكله (6).
- عنه (عليه السلام): الاتكال على القضاء أروح (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الطيرة شرك، وما منا
إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل (8).
- الإمام علي (عليه السلام): يا أيها الناس توكلوا على
الله وثقوا به، فإنه يكفي ممن سواه (9).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من هذا الذي سأل الله
فلم يعطه؟ أو توكل عليه فلم يكفه؟ أو وثق
به فلم ينجه؟! (10).
- لقمان - لابنه وهو يعظه -: يا بني ثق بالله
عز وجل ثم سل في الناس هل من أحد وثق بالله
فلم ينجه؟ يا بني توكل على الله ثم سل في الناس
من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه؟ (11).
- الإمام الجواد (عليه السلام): الثقة بالله تعالى ثمن
لكل غال، وسلم إلى كل عال (12).
- الإمام علي (عليه السلام): الثقة بالله حصن لا يتحصن
فيه إلا مؤمن أمين (13).
- عنه (عليه السلام): الثقة بالله أقوى أمل (14).
- عنه (عليه السلام): من وثق بالله أراه السرور،
ومن توكل عليه كفاه الأمور (15).
- عنه (عليه السلام): من وثق بالله صان يقينه (16).
(انظر) الغنى: باب 3113، الشيطان: باب 2016،
الولاية (2): باب 4234 حديث 22552.
[4187]
التوكل وكفاية الأمور
الكتاب
* (ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله
فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ
قدرا) * (17).
* (ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة
منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم
وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) * (18).
* (والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله
نصيرا) * (19).
* (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي



(1) مستدرك الوسائل: 11 / 217 / 12786.
(2) غرر الحكم: 8128، 9028، 8985، 7451، 7007، 1318.
(3) غرر الحكم: 8128، 9028، 8985، 7451، 7007، 1318.
(4) غرر الحكم: 8128، 9028، 8985، 7451، 7007، 1318.
(5) غرر الحكم: 8128، 9028، 8985، 7451، 7007، 1318.
(6) غرر الحكم: 8128، 9028، 8985، 7451، 7007، 1318.
(7) غرر الحكم: 8128، 9028، 8985، 7451، 7007، 1318.
(8) سنن ابن ماجة: 3538.
(9) كنز العمال: 8513.
(10) البحار: 78 / 183 / 8 و 71 / 156 / 73.
(11) البحار: 78 / 183 / 8 و 71 / 156 / 73.
(12) البحار: 78 / 364 / 5 وص 79 / 56.
(13) البحار: 78 / 364 / 5 وص 79 / 56.
(14) غرر الحكم: 605.
(15) جامع الأخبار: 322 / 905.
(16) غرر الحكم: 8264.
(17) الطلاق: 3.
(18) النساء: 81، 45.
(19) النساء: 81، 45.
3660
أيدك بنصره وبالمؤمنين * وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما
في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم
إنه عزيز حكيم * يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من
المؤمنين) * (1).
* (فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت
وهو رب العرش العظيم) * (2).
(انظر) التوبة: 59.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من توكل على الله كفاه
مؤنته ورزقه من حيث لا يحتسب (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه
الآية لكفتهم: * (... ومن يتوكل على الله فهو حسبه
إن الله بالغ أمره) * (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من أعطي التوكل
أعطي الكفاية، ثم قال: أتلوت كتاب الله عز وجل
* (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أنكم تتوكلون على الله
حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا
وتروح بطانا (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - لمنجم أشار إليه بعدم
السير في ساعة عزم الخروج من الكوفة إلى
الحرورية، فسار وظفر بهم فقال -: أما إنه ما كان
لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منجم، ولا لنا من بعده، حتى فتح الله
علينا بلاد كسرى وقيصر، أيها الناس توكلوا على
الله وثقوا به فإنه يكفي ممن سواه (7).
- عنه (عليه السلام): التوكل كفاية (8).
- عنه (عليه السلام): التوكل كفاية شريفة لمن
اعتمد عليه (9).
- عنه (عليه السلام): توكل على الله سبحانه فإنه قد
تكفل بكفاية المتوكلين عليه (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من توكل وقنع ورضي
كفي المطلب (11).
- الإمام علي (عليه السلام) - في الدعاء -: اللهم
إنك آنس الآنسين [المؤانسين] لأوليائك،
وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك... (12).
(انظر) الرزق: باب 1488، التقوى: باب 4167.
[4188]
أدب التوكل
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: أعقلها
وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ -: اعقلها
وتوكل (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: ارسل وأتوكل -:
قيدها وتوكل (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا تدع طلب الرزق
من حله فإنه أعون لك على دينك، وأعقل



(1) الأنفال: 62 - 64.
(2) التوبة: 129.
(3) كنز العمال: 5693.
(4) البحار: 77 / 87 / 3.
(5) الكافي: 2 / 65 / 6.
(6) كنز العمال: 5684.
(7) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 270.
(8) غرر الحكم: 72، 1559، 4504.
(9) غرر الحكم: 72، 1559، 4504.
(10) غرر الحكم: 72، 1559، 4504.
(11) البحار: 71 / 154 / 66.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 227.
(13) صحيح الترمذي: 2517.
(14) كنز العمال: 5698.
3661
راحلتك وتوكل (1).
- الإمام علي (عليه السلام) - لابنه محمد بن الحنفية لما
أعطاه الراية يوم الجمل -: تزول الجبال ولا تزل،
عض على ناجذك، أعر الله جمجمتك، تد في
الأرض قدمك، ارم ببصرك أقصى القوم، وغض
بصرك، واعلم أن النصر من عند الله سبحانه (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (وعلى
الله فليتوكل المؤمنون) * -: الزارعون (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لقوم رآهم لا يزرعون -:
ما أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: لا،
بل أنتم المتكلون (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - لقوم أصحاء جالسين
في زاوية المسجد -: من أنتم؟ قالوا: نحن
المتوكلون، قال (عليه السلام): لا، بل أنتم المتأكلة، فإن
كنتم متوكلين فما بلغ بكم توكلكم؟ قالوا: إذا
وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، قال (عليه السلام): هكذا
تفعل الكلاب عندنا! قالوا: فما نفعل، قال كما
نفعل، قالوا: كيف تفعل؟ قال (عليه السلام): إذا وجدنا
بذلنا، وإذا فقدنا شكرنا (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): التوكل بعد الكيس موعظة (6).
- لما نزل قوله تعالى: * (ومن يتق الله يجعل
له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) * انقطع
رجال من الصحابة في بيوتهم واشتغلوا بالعبادة
وثوقا بما يضمن الله لهم، فعلم النبي (صلى الله عليه وآله)
بذلك فعاب ما فعلوه، وقال: إني لأبغض
الرجل فاغرا فاه إلى ربه: " اللهم ارزقني "
ويترك الطلب (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن قوما من أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نزلت: * (ومن يتق الله يجعل له
مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) * أغلقوا
الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا: قد كفينا،
فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرسل إليهم فقال: ما
حملكم على ما صنعتم؟ قالوا: يا رسول الله! تكفل
لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة، فقال:
إنه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب (8).
(انظر) الرزق: باب 1479.
[4189]
الانقطاع إلى الله
الكتاب
* (واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا * رب المشرق
والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا) * (9).
* (واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم
النصير) * (10).
* (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم
رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط
مستقيم) * (11).



(1) أمالي الطوسي: 193 / 326.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 11.
(3) تفسير العياشي: 2 / 222 / 6.
(4) مستدرك الوسائل: 11 / 217 / 12789 وص 220 / 12798.
(5) مستدرك الوسائل: 11 / 217 / 12789 وص 220 / 12798.
(6) كنز العمال: 5696.
(7) نور الثقلين: 5 / 357.
(8) الكافي: 5 / 84 / 5.
(9) المزمل: 8، 9.
(10) الحج: 78.
(11) آل عمران: 101.
3662
* (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى
الصالحين * والذين تدعون من دونه لا يستطيعون
نصركم ولا أنفسهم ينصرون) * (1).
* (قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض
وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم
ولا تكونن من المشركين) * (2).
* (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به
صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما
أنت نذير والله على كل شئ وكيل) * (3).
(انظر) النمل: 62، فاطر: 10،
الزمر: 62، 63.
- في المناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين
والأئمة من ولده (عليهم السلام) في شهر شعبان: إلهي هب
لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء
نظرها إليك (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من انقطع إلى الله كفاه
الله كل مؤونة، ومن انقطع إلى الدنيا وكله
الله إليها (5).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصية لابنه
الحسن (عليه السلام) -: وألجئ نفسك في أمورك كلها
إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز،
ومانع عزيز (6).
(انظر) العصمة: باب 2750، حديث 12779،
الولاية (2): باب 4234 حديث 22553.
[4190]
الانقطاع إلى غير الله
الكتاب
* (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه
لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ
فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال... * قل
من رب السماوات والأرض قل الله أفاتخذتم من دونه
أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا) * (7).
* (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة
فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن
كيده ما يغيظ) * (8).
(انظر) النحل: 73، الإسراء: 2، 56، الكهف:
26، الحج: 12، السجدة: 4.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من انقطع إلى الدنيا وكله
الله إليها (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لا تتكل إلى غير الله فيكلك
الله إليه (10).
- الإمام الجواد (عليه السلام): من انقطع إلى غير الله
وكله الله إليه (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: ما من
مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أبواب
السماوات والأرض دونه، فإن دعاني لم أجبه،
وإن سألني لم اعطه (12).



(1) الأعراف: 196، 197.
(2) الأنعام: 14.
(3) هود: 12.
(4) البحار: 94 / 99 / 13 و 77 / 178 / 10.
(5) البحار: 94 / 99 / 13 و 77 / 178 / 10.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(7) الرعد: 14، 16.
(8) الحج: 15.
(9) كنز العمال: 5693.
(10) مستدرك الوسائل: 11 / 217 / 12790.
(11) الدرة الباهرة: 40.
(12) كنز العمال: 8512.
3663
- عنه (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: ما من
مخلوق يعتصم دوني إلا قطعت أسباب السماوات
وأسباب الأرض من دونه، فإن سألني لم أعطه
وإن دعاني لم أجبه (1).
- روي أن الله جل وعز أوحى إلى داود (عليه السلام):...
ما اعتصم عبد من عبيدي بأحد من خلقي دوني
عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات
من بين يديه وأسخت الأرض من تحته، ولم ابال
بأي الوادي هلك (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوحى الله إلى داود:... ما من
عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا
قطعت أسباب السماوات بين يديه، وأرسخت
الهوى من تحت قدميه (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أوحى الله عز وجل
إلى داود (عليه السلام):... ما اعتصم عبد من عبادي بأحد
من خلقي عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب
السماوات والأرض من يديه وأسخت (4) الأرض
من تحته، ولم ابال بأي واد هلك (5).
- محمد بن عجلان: أصابتني فاقة
شديدة وإضاقة ولا صديق لمضيق، ولزمني دين
ثقيل وغريم يلح باقتضائه، فتوجهت نحو دار
الحسن بن زيد وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة
كانت بيني وبينه، وشعر بذلك من حالي محمد بن
عبد الله بن علي بن الحسين وكانت بيني وبينه
قديم معرفة.
فلقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال لي:
قد بلغني ما أنت بسبيله، فمن تؤمل لكشف ما نزل
بك؟ قلت: الحسن بن زيد، فقال: إذا لا تقضى
حاجتك، ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمن يقدر
على ذلك وهو أجود الأجودين، فالتمس ما تؤمله
من قبله، فإني سمعت ابن عمي جعفر بن محمد
يحدث، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين
بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
أوحى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه في بعض
وحيه إليه: وعزتي وجلالي لأقطعن أمل كل
مؤمل غيري بالإياس، ولأكسونه ثوب المذلة في
النار، ولأبعدنه من فرجي وفضلي، أيؤمل عبدي
في الشدائد غيري والشدائد بيدي! أويرجو
سواي وأنا الغني الجواد، بيدي مفاتيح الأبواب
وهي مغلقة، وبابي مفتوح لمن دعاني! ألم يعلم
أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري!
فما لي أراه بأمله معرضا عني، قد أعطيته بجودي
وكرمي ما لم يسألني فأعرض عني ولم يسألني،
وسأل في نائبته غيري وأنا الله أبتدي بالعطية قبل
المسألة، أفأسأل فلا أجيب؟! كلا، أوليس الجود
والكرم لي؟ أوليس الدنيا والآخرة بيدي؟ فلو أن
أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا
فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من
ملكي مثل جناح بعوضة، وكيف ينقص ملك أنا
قيمه، فيا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني.
فقلت له: يا بن رسول الله أعد علي هذا
الحديث، فأعاده ثلاثا، فقلت: لا والله لا سألت
أحدا بعد هذا حاجة، فما لبثت أن جاءني الله



(1) أمالي الطوسي: 585 / 1210.
(2) البحار: 71 / 144 / 42.
(3) كنز العمال: 5690.
(4) أي خسفتها من الإساخة. كما في هامش المصدر.
(5) الكافي: 2 / 63 / 1.
3664
برزق وفضل من عنده (1).
(انظر) البحار: 71 / 130 / 7.
[4191]
درجات التوكل
- الإمام الكاظم (عليه السلام) - لما سئل عن قوله
تعالى: * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * -:
التوكل على الله درجات: منها أن تتوكل على الله
في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم
أنه
لا يألوك خيرا وفضلا، وتعلم أن الحكم في ذلك
له، فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه، وثق به
فيها وفي غيرها (2).
- الإمام الرضا (عليه السلام): التوكل درجات: منها أن
تثق به في أمرك كله فيما فعل بك، فما فعل بك
كنت راضيا، وتعلم أنه لم يألك خيرا ونظرا،
وتعلم أن الحكم في ذلك له، فتتوكل عليه
بتفويض ذلك إليه، ومن ذلك الإيمان بغيوب الله
التي لم يحط علمك بها، فوكلت علمها إليه وإلى
امنائه عليها، ووثقت به فيها وفي غيرها (3).
(انظر) الإيمان: باب 273.
[4192]
الثقة بالنفس
- الإمام علي (عليه السلام): الثقة بالنفس من أوثق
فرص الشيطان (4).
- عنه (عليه السلام): إياك والثقة بنفسك، فإن ذلك
من أكبر مصائد الشيطان (5).
- عنه (عليه السلام): إن أبغض الخلائق إلى الله
رجلان: رجل وكله الله إلى نفسه، فهو جائر عن
قصد السبيل... ورجل قمش جهلا موضع في
جهال الأمة (6).
- عنه (عليه السلام): وإن من أبغض الرجال إلى الله
تعالى لعبدا وكله الله إلى نفسه، جائرا عن قصد
السبيل، سائرا بغير دليل، إن دعي إلى حرث
الدنيا عمل، وإن دعي إلى حرث الآخرة كسل (7).
(انظر) الغرور: باب 3042، عنوان: 333
" العجب "، النبوة (4): باب 3847،
العمل: باب 2952، وباب 2953.



(1) البحار: 71 / 154 / 67.
(2) الكافي: 2 / 65 / 5.
(3) تحف العقول: 443.
(4) غرر الحكم: 1466.
(5) غرر الحكم: 2678.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 17.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 103.
3665
(559)
الوالد والولد
البحار: 74 / 22 باب 2 " بر الوالدين والأولاد ".
البحار: 104 / 77، 106 " أبواب الأولاد وأحكامهم ".
وسائل الشيعة: 15 / 204 باب 92 " وجوب بر الوالدين ".
كنز العمال: 16 / 417، 583 " في بر الأولاد وحقوقهم ".
كنز العمال: 16 / 461، 577 " في بر الوالدين ".
انظر:
الأدب: باب 70، 71، القضاء (2): باب 3377، النظر: باب 3884.

3667
[4193]
الميلاد
الكتاب
* (ووالد وما ولد) * (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): أكبر ما يكون
ابن آدم اليوم الذي يلد من أمه (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أكبر ما يكون الإنسان
يوم يولد، وأصغر ما يكون يوم يموت (3).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إن أوحش ما يكون
هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج
من بطن أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيرى
الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم
يرها في دار الدنيا (4).
[4194]
فضل الولد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لكل شجرة ثمرة، وثمرة
القلب الولد (4).
- الإمام علي (عليه السلام): الولد أحد العدوين (5).
- عنه (عليه السلام): فقد الولد محرق الكبد (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): من سعادة الرجل أن
يكون له الولد يعرف فيه شبهه: خلقه،
وخلقه، وشمائله (7).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): من سعادة الرجل
أن يكون له ولد يستعين بهم (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن فلانا - رجل سماه -
قال: إني كنت زاهدا في الولد حتى وقفت
بعرفة، فإذا إلى جانبي غلام شاب يدعو ويبكي
ويقول: يا رب والدي والدي، فرغبني في
الولد حين سمعت ذلك (9).
(انظر) وسائل الشيعة: 15 / 95 باب باب 1.
[4195]
فتنة الولد
الكتاب
* (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده
أجر عظيم) * (10).
* (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن
ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) * (11).
* (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا



(1) البلد: 3.
(2) الاختصاص: 342.
(3) الفقيه: 1 / 194 / 595.
(4) الخصال: 1 / 107 / 71.
(4) كنز العمال: 45415.
(5) غرر الحكم: 1668، 6542.
(6) غرر الحكم: 1668، 6542.
(7) الكافي: 6 / 4 / 2 وص 2 / 2 وص 3 / 5.
(8) الكافي: 6 / 4 / 2 وص 2 / 2 وص 3 / 5.
(9) الكافي: 6 / 4 / 2 وص 2 / 2 وص 3 / 5.
(10) الأنفال: 28.
(11) المنافقون: 9.
3668
لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله
غفور رحيم * إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر
عظيم) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أولادنا أكبادنا، صغراؤهم
امراؤنا، وكبراؤهم أعداؤنا، فإن عاشوا فتنونا،
وإن ماتوا أحزنونا (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الولد فتنة (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الولد مجبنة منحلة محزنة (4).
- الإمام علي (عليه السلام): لا تجعلن أكثر شغلك
بأهلك وولدك، فإن يكن أهلك وولدك أولياء
الله، فإن الله لا يضيع أولياءه، وإن يكونوا
أعداء الله فما همك وشغلك بأعداء الله (5).
- عبد الله بن بريدة: سمعت أبي
يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب على المنبر
فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران
يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المنبر
فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: " إنما
أموالكم وأولادكم فتنة " (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المسيح (عليه السلام) -:
ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه (7).
(انظر) الفتنة: باب 3150.
[4196]
حب الولد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحبوا الصبيان وارحموهم (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): قال موسى بن
عمران (عليه السلام): يا رب! أي الأعمال أفضل
عندك؟ فقال: حب الأطفال، فإن فطرتهم
على توحيدي، فإن أمتهم أدخلهم برحمتي
جنتي (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما خرج على عثمان
ابن مظعون ومعه صبي له صغير يلثمه -:
ابنك هذا؟ قال: نعم، قال: أتحبه يا عثمان؟
قال: إي والله يا رسول الله إني أحبه! قال: أفلا
أزيدك له حبا؟ قال: بلى فداك أبي وأمي!
قال: إنه من يرضي صبيا له صغيرا من نسله حتى
يرضى ترضاه الله يوم القيامة حتى يرضى (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل
ليرحم العبد لشدة حبه لولده (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قبل ولده كتب الله عز وجل
له حسنة، ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة، ومن
علمه القرآن دعي بالأبوين فيكسيان حلتين
يضئ من نورهما وجوه أهل الجنة (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في رجل قال: ما قبلت صبيا



(1) التغابن: 14، 15.
(2) جامع الأخبار: 283 / 755.
(3) الكافي: 6 / 50 / 9.
(4) جامع الأخبار: 284 / 758.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 352.
(6) البحار: 43 / 284 / 50.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 160.
(8) الكافي: 6 / 49 / 3.
(9) البحار: 104 / 105 / 103.
(10) كنز العمال: 45958.
(11) الكافي: 6 / 50 / 5 وص 49 / 1.
(12) الكافي: 6 / 50 / 5 وص 49 / 1.
3669
قط، فلما ولى قال -: هذا رجل عندي
أنه من أهل النار (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما قبل الحسن والحسين (عليهما السلام) فقال
الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الأولاد ما
قبلت واحدا منهم -: ما علي إن نزع الله
الرحمة منك! - أو كلمة نحوها - (2).
- أبو هريرة: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل
الحسن والحسين فقال عيينة - وفي رواية غيره:
الأقرع بن حابس -: إن لي عشرة ما قبلت
واحدا منهم قط، فقال (عليه السلام): من لا يرحم لا يرحم.
وفي رواية حفص الفراء: فغضب رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى التمع لونه وقال للرجل: إن كان الله
قد نزع الرحمة من قلبك فما أصنع بك! من لم
يرحم صغيرنا ولم يعزز كبيرنا فليس منا (3).
(انظر) وسائل الشيعة: 15 / 201 باب 88:
202 باب 89، الخالق: باب 1070.
[4197]
التصابي مع الصبي
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان عنده صبي
فليتصاب له (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من كان له صبي فليتصاب له (5).
- الإمام علي (عليه السلام): من كان له ولد صبا (6).
- جابر: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسن
والحسين (عليهما السلام) على ظهره وهو يجثو لهما ويقول:
نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما (7).
- عمر بن الخطاب: رأيت الحسن والحسين
على عاتقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: نعم الفرس
لكما، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ونعم الفارسان هما (8).
- عن أبي هريرة: سمع أذناي هاتان وبصر
عيناي هاتان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو آخذ بيديه
بكتفي الحسن والحسين، وقدماهما على قدم
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويقول: " ترق عين بقة " قال: فرقا
الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ثم، قال له: افتح فاك ثم قبله ثم
قال: اللهم أحبه فإني أحبه...
" كتاب ابن البيع وابن مهدي والزمخشري "
قال: حزقة حزقة ترق عين بقة (9)، اللهم
إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه...
قال الجزري: فيه أنه عليه الصلاة
والسلام كان يرقص الحسن أو الحسين ويقول:
حزقة حزقة ترق عين بقة، فترقى الغلام حتى
وضع قدميه على صدره (10).
[4198]
الولد الصالح
الكتاب
* (هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية



(1) الكافي: 6 / 50 / 7.
(2) مكارم الأخلاق: 1 / 474 / 1625.
(3) البحار: 43 / 282 / 49.
(4) الفقيه: 3 / 483 / 4707.
(5) كنز العمال: 45413.
(6) الكافي: 6 / 50 / 4.
(7) البحار: 43 / 285 / 50.
(8) البحار: 43 / 285 / 50.
(9) الحزقة: القصير الصغير الخطا، وعين بقة: أصغر الأعين. كما
في البحار.
(10) البحار: 43 / 286 / 51.
3670
طيبة إنك سميع الدعاء) * (1).
* (رب هب لي من الصالحين) * (2).
* (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا
قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) * (3).
(انظر) مريم: 5، الأنبياء: 90.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الولد الصالح ريحانة
من رياحين الجنة (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): الولد الصالح ريحانة من الله
قسمها بين عباده (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من سعادة الرجل الولد الصالح (6).
- الإمام علي (عليه السلام): الولد الصالح أجمل
الذكرين (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
ميراث الله عز وجل من عبده المؤمن ولد يعبده من
بعده، تم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) آية زكريا: * (هب لي
من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب...) * (8).
- عنه (عليه السلام): ميراث الله من عبده المؤمن ولد
صالح يستغفر له (9).
- الإمام علي (عليه السلام): ما سألت ربي أولادا
نضر الوجه، ولا سألته ولدا حسن القامة، ولكن
سألت ربي أولادا مطيعين لله وجلين منه، حتى
إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت عيني (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): مر عيسى بن مريم (عليه السلام) بقبر
يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل فإذا هو ليس
يعذب، فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول
وهو يعذب، ومررت به العام وهو ليس يعذب؟!،
فأوحى الله جل جلاله إليه: يا روح الله قد أدرك له
ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما، فغفرت له
بما عمل ابنه (11).
(انظر) وسائل الشيعة: 15 / 97 باب 2.
[4199]
الولد السوء
- الإمام علي (عليه السلام): ولد السوء يهدم الشرف،
ويشين السلف (12).
- عنه (عليه السلام): ولد السوء يعر السلف، ويفسد
الخلف (13).
- عنه (عليه السلام): أشد المصائب سوء الخلف (14).
- عنه (عليه السلام): شر الأولاد العاق (15).
[4200]
النهي عن كره البنات
الكتاب
* (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو
كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على



(1) آل عمران: 38.
(2) الصافات: 100.
(3) الفرقان: 74.
(4) الكافي: 6 / 3 / 10 وص 2 / 1.
(5) الكافي: 6 / 3 / 10 وص 2 / 1.
(6) البحار: 104 / 98 / 67.
(7) غرر الحكم: 1665.
(8) البحار: 104 / 101 / 85.
(9) مكارم الأخلاق: 1 / 471 / 1610.
(10) البحار: 104 / 98 / 66.
(11) وسائل الشيعة: 11 / 560 / 2.
(12) غرر الحكم: 10065، 10066، 2963، 5688.
(13) غرر الحكم: 10065، 10066، 2963، 5688.
(14) غرر الحكم: 10065، 10066، 2963، 5688.
(15) غرر الحكم: 10065، 10066، 2963، 5688.
3671
هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) * (1).
- حمزة بن حمران يرفعه: اتي رجل وهو
عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبر بمولود أصابه فتغير
وجه الرجل، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): مالك؟ فقال:
خير، فقال: قل، قال: خرجت والمرأة تمخض
فأخبرت أنها ولدت جارية، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله):
الأرض تقلها، والسماء تظلها، والله يرزقها، وهي
ريحانة تشمها (2).
- الإمام علي (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا بشر
بجارية قال: ريحانة ورزقها على الله عز وجل (3).
- عن إبراهيم الكرخي عن ثقة حدثه
من أصحابنا: تزوجت بالمدينة فقال لي
أبو عبد الله (عليه السلام): كيف رأيت؟ قلت: ما رأى رجل
من خير في امرأة إلا وقد رأيته فيها، ولكن
خانتني! فقال: وما هو؟ قلت: ولدت جارية،
قال: لعلك كرهتها، إن الله عز وجل يقول: * (آباؤكم
وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) * (4).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لرجل رآه متسخطا من
جارية ولدت له -: أرأيت لو أن الله تبارك وتعالى
أوحى إليك " أن أختار لك أو تختار لنفسك " ما
كنت تقول؟ قال: كنت أقول: يا رب تختار لي،
قال: فإن الله قد اختار لك (5).
- عنه (عليه السلام) - لجارود بن المنذر -: بلغني أنه
ولد لك ابنة فتسخطها! وما عليك منها، ريحانة
تشمها وقد كفيت رزقها، و [قد] كان رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بنات (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تكرهوا البنات، فإنهن
المؤنسات الغاليات (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من كانت له ابنة فأدبها وأحسن
أدبها، وعلمها فأحسن تعليمها، فأوسع عليها من
نعم الله التي أسبغ عليه كانت له منعة وسترا
من النار (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): البنات هن المشفقات المجهزات
المباركات (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من ولدت له ابنة فلم يؤذها
ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها - يعني الذكور -
أدخله الله بها الجنة (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): البنات حسنات والبنون
نعم، والحسنات يثاب عليها والنعم مسؤول
عنها (11).
- عنه (عليه السلام): البنون نعيم والبنات حسنات،
والله يسأل عن النعيم ويثيب على الحسنات (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم الولد البنات المخدرات،
من كانت عنده واحدة جعلها الله سترا له من
النار (13).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى على الإناث
أرأف منه على الذكور، وما من رجل يدخل فرحة



(1) النحل: 58، 59.
(2) الكافي: 6 / 5 / 6.
(3) البحار: 104 / 97 / 62.
(4) الكافي: 6 / 4 / 1 وص 6 / 11.
(5) الكافي: 6 / 4 / 1 وص 6 / 11.
(6) الكافي: 6 / 6 / 9.
(7) كنز العمال: 45374، 45391، 45399، 45400.
(8) كنز العمال: 45374، 45391، 45399، 45400.
(9) كنز العمال: 45374، 45391، 45399، 45400.
(10) كنز العمال: 45374، 45391، 45399، 45400.
(11) البحار: 78 / 206 / 59.
(12) الكافي: 6 / 7 / 12.
(13) مكارم الأخلاق: 1 / 472 / 1613.
3672
على امرأة بينه وبينها حرمة إلا فرحه الله تعالى
يوم القيامة (1).
[4201]
الحث على العدل بين الأولاد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا الله واعدلوا في
أولادكم (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن لهم عليك من الحق أن تعدل
بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اعدلوا بين أولادكم في النحل (4)،
كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
كما تحبون أن يبروكم (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله): اعدلوا بين أولادكم كما تحبون
أن يعدلوا بينكم في البر واللطف (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ساووا بين أولادكم في العطية،
فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين
أولادكم حتى في القبل (9).
- الإمام علي (عليه السلام): أبصر رسول الله رجلا له
ولدان فقبل أحدهما وترك الآخر، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
فهلا واسيت بينهما؟! (10).
- الإمام الباقر (عليه السلام): والله إني لأصانع
بعض ولدي واجلسه على فخذي، وأكثر له
المحبة، وأكثر له الشكر، وإن الحق لغيره
من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره،
لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف وإخوته (11).
- النعمان بن بشير: أعطاني أبي عطية،
فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى
تشهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأتى النبي فقال: إني
أعطيت ابني من عمرة عطية فأمرتني أن أشهدك،
فقال: أعطيت كل ولدك مثل هذا؟ قال: لا،
قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم،
لا أشهد على جور (12).
(انظر) وسائل الشيعة: 13 / 343 باب 11،
القضاء (2): باب 3377.
[4202]
الحث على الإحسان إلى الوالدين
الكتاب
* (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا
إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا
تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل
من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) * (13).
(انظر) البقرة: 83، مريم: 14، 32، لقمان:
14، الأحقاف: 15.



(1) الكافي: 6 / 6 / 7.
(2) كنز العمال: 45349، 45358.
(3) كنز العمال: 45349، 45358.
(4) النحل: العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق.
(النهاية: 5 / 29).
(5) كنز العمال: 45347، 45348.
(6) كنز العمال: 45347، 45348.
(7) البحار: 104 / 92 / 16.
(8) كنز العمال: 45346، 45350.
(9) كنز العمال: 45346، 45350.
(10) البحار: 74 / 84 / 94.
(11) تفسير العياشي: 2 / 166.
(12) كنز العمال: 45957.
(13) الإسراء: 23، 24.
3673
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن حق
الوالدين على ولدهما -: هما جنتك ونارك (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (وبالوالدين إحسانا) * -: الإحسان أن تحسن
صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما
يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يمد له في عمره
ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه (3).
- الإمام علي (عليه السلام): بر الوالدين من
أكرم الطباع (4).
- عنه (عليه السلام): بر الوالدين أكبر فريضة (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): بروا آباءكم يبركم
أبناؤكم (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وقد سأله ابن مسعود
عن أحب الأعمال إلى الله تعالى -: الصلاة على
وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: جئت أبايعك
على الهجرة، وتركت أبوي يبكيان -:
ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من بر والديه طوبى له زاد الله
في عمره (9).
- الإمام الرضا (عليه السلام): إن الله عز وجل...
أمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر
والديه لم يشكر الله (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما أتته أخت له من
الرضاعة، ثم جاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها،
فقيل: صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل -:
لأنها كانت أبر بأبيها منه (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): رضا الله في رضا الوالد، وسخط
الله في سخط الوالد (12).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - كان من دعائه
لأبويه -: اللهم اجعلني أهابهما هيبة
السلطان العسوف، وأبرهما بر الام الرؤوف،
واجعل طاعتي لوالدي وبري بهما أقر لعيني
من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شربة
الظمآن، حتى أوثر على هواي هواهما (13).
[4203]
الحث على بر الوالدين
وإن كانا فاجرين
- الإمام الباقر (عليه السلام): ثلاث لم يجعل الله عز وجل
لأحد فيهن رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر،
والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين
كانا أو فاجرين (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): بر الوالدين واجب،



(1) الترغيب والترهيب: 3 / 316 / 10.
(2) الكافي: 2 / 157 / 1.
(3) الترغيب والترهيب: 3 / 317 / 16.
(4) البحار: 77 / 212 / 1.
(5) غرر الحكم: 4423.
(6) البحار: 74 / 65 / 31.
(7) الترغيب والترهيب: 3 / 314 / 1 وص 315 / 5 وص 317 / 17.
(8) الترغيب والترهيب: 3 / 314 / 1 وص 315 / 5 وص 317 / 17.
(9) الترغيب والترهيب: 3 / 314 / 1 وص 315 / 5 وص 317 / 17.
(10) الخصال: 1 / 156 / 196.
(11) البحار: 74 / 82 / 85.
(12) الترغيب والترهيب: 3 / 322 / 30.
(13) الصحيفة السجادية: الدعاء 24.
(14) البحار: 74 / 56 / 15.
3674
فإن كانا مشركين فلا تطعهما ولا غيرهما
في المعصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق (1).
- الإمام الرضا (عليه السلام): بر الوالدين واجب وإن كانا
مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لرجل كان أبواه
من المخالفين -: برهما كما تبر المسلمين
ممن يتولانا (3).
[4204]
الحث على بر الوالدين بعد موتهما
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيد الأبرار يوم القيامة
رجل بر والديه بعد موتهما (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في وصيته لرجل -: ووالديك
فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإن
أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، فإن ذلك
من الإيمان (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن العبد ليكون بارا
بوالديه في حياتهما، ثم يموتان فلا يقضي عنهما
ديونهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقا، وإنه
ليكون عاقا لهما في حياتهما غير بار بهما،
فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه
الله عز وجل بارا (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): ما يمنع الرجل منكم أن
يبر والديه حيين أو ميتين: يصلي عنهما،
ويتصدق عنهما، ويحج عنهما، ويصوم عنهما،
فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك، فيزيده
الله عز وجل ببره وصلته خيرا كثيرا (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن بر الوالدين
بعد موتهما -: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار
لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم
التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما (8).
[4205]
الجنة تحت أقدام الأمهات
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الجنة تحت أقدام الأمهات (9).
- الإمام الباقر (عليه السلام): قال موسى بن عمران:
يا رب! أوصني؟ قال: أوصيك بي، قال:
فقال: رب أوصني؟ قال: أوصيك بي - ثلاثا -
قال: يا رب أوصني؟ قال: أوصيك بأمك، قال:
يا رب أوصني قال: أوصيك بأمك، قال: يا رب
أوصني؟، قال: أوصيك بأبيك (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال:
ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك،
قال: ثم من؟ قال: أباك (11).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): أما حق أمك



(1) الخصال: 2 / 608 / 9.
(2) البحار: 74 / 72 / 55 وص 56 / 14 وص 86 / 100.
(3) البحار: 74 / 72 / 55 وص 56 / 14 وص 86 / 100.
(4) البحار: 74 / 72 / 55 وص 56 / 14 وص 86 / 100.
(5) الكافي: 2 / 158 / 2 وص 163 / 21.
(6) الكافي: 2 / 158 / 2 وص 163 / 21.
(7) الكافي: 2 / 159 / 7.
(8) الترغيب والترهيب: 3 / 323 / 32.
(9) كنز العمال: 45439.
(10) مشكاة الأنوار: 162.
(11) الكافي: 2 / 159 / 9.
3675
فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا،
وأعطتك من ثمرة قلبها مالا يعطي أحد أحدا،
ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع
وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك،
وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك
الحر والبرد، لتكون لها، فإنك لا تطيق شكرها
إلا بعون الله وتوفيقه (1).
- عمر بن الخطاب -: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
على جبل فأشرفنا على واد، فرأيت شابا
يرعى غنما له أعجبني شبابه، فقلت: يا رسول
الله! وأي شاب لو كان شبابه في سبيل الله؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عمر! فلعله في بعض سبيل
الله وأنت لاتعلم، ثم دعاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال:
يا شاب! هل لك من تعول؟ قال: نعم، قال:
من؟ قال: أمي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ألزمها
فإن عند رجليها الجنة (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل يريد الجهاد وأمه
تمنعه -: عند أمك قر، وإن لك من الأجر
عندها مثل مالك في الجهاد (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل استشاره في الجهاد -:
هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها،
فإن الجنة عند رجلها. رواه ابن ماجة والنسائي
واللفظ له والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
ورواه الطبراني بإسناد جيد، ولفظه قال:
أتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أستشيره في الجهاد، فقال
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ألك والدان؟ قلت: نعم، قال:
ألزمهما، فإن الجنة تحت أرجلهما (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): بينا أنا في الجنة إذ سمعت
قارئا، فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن
النعمان، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كذلك البر، كذلك
البر، وكان أبر الناس بأمة (5).
- إبراهيم بن مهزم: خرجت من عند أبي
عبد الله (عليه السلام) ليلة ممسيا فأتيت منزلي بالمدينة
وكانت أمي معي، فوقع بيني وبينها كلام
فأغلظت لها.
فلما أن كان من الغد صليت الغداة وأتيت
أبا عبد الله (عليه السلام)، فلما دخلت عليه فقال لي مبتدئا:
يا أبا مهزم مالك وللوالدة أغلظت في كلامها
البارحة؟ أما علمت أن بطنها منزل قد سكنته،
وأن حجرها مهد قد غمزته، وثديها وعاء قد
شربته؟! قال: قلت: بلى، قال: فلا تغلظ لها (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: ما من عمل
قبيح إلا قد عملته، فهل لي من توبة؟ -:
فهل من والديك أحد حي؟ قال: أبي، قال:
فاذهب فبره، قال: فلما ولى، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لو كانت أمه (7).
[4206]
إيذاء الوالدين
الكتاب
* (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا



(1) البحار: 74 / 6 / 1.
(2) كنز العمال: 11760، 14569.
(3) كنز العمال: 11760، 14569.
(4) الترغيب والترهيب: 3 / 316 / 11، 12.
(5) كنز العمال: 45937.
(6) بصائر الدرجات: 243 / 3.
(7) البحار: 74 / 82 / 88.
3676
إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا
تنهرهما وقل لهما قولا كريما) * (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (إما يبلغن عندك الكبر...) * -: إن أضجراك فلا
تقل لهما: أف، ولا تنهرهما إن ضرباك (2).
- عنه (عليه السلام): أدنى العقوق: " أف "، ولو علم
الله عز وجل شيئا أهون منه لنهى عنه (3).
- عنه (عليه السلام): لو علم الله شيئا أدنى من " أف "
لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق (4).
- عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (واخفض لهما
جناح الذل من الرحمة) * -: لا تملأ عينيك
من النظر إليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع
صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما،
ولا تقدم قدامهما (5).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن أبي نظر إلى رجل
ومعه ابنه يمشي والابن متكئ على ذراع الأب،
قال: فما كلمه أبي (عليه السلام) مقتا له حتى فارق الدنيا (6).
- عنه (عليه السلام) - في تفسير الآية -: هو أدنى
الأذى حرم الله فما فوقه (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (وقل لهما قولا كريما) * -: إن ضرباك فقل لهما:
غفر الله لكما (8).
- عنه (عليه السلام) - لرجل قال له: إن والدي تصدق
علي بدار ثم بدا له أن يرجع فيها... -: بئس
ما صنع والدك، فإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه
صوتك، وإن رفع صوته فاخفض أنت صوتك (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من الكبائر شتم الرجل
والديه، يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه،
ويسب أمه فيسب أمه (10).
[4207]
عقوق الوالدين
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): - من كتاب له إلى أهل اليمن
إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة: الإشراك بالله،
وقتل النفس المؤمنة بغير الحق، والفرار في سبيل
الله يوم الزحف، وعقوق الوالدين... (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يقال للعاق: اعمل ما شئت فإني
لا أغفر لك (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): عقوق الوالدين
من الكبائر، لأن الله تعالى جعل العاق
عصيا شقيا (13).
- عنه (عليه السلام): الذنوب التي تظلم الهواء
عقوق الوالدين (14).
- الإمام الهادي (عليه السلام): العقوق يعقب القلة،
ويؤدي إلى الذلة (15).



(1) الإسراء: 23.
(2) الكافي: 2 / 158 / 1 وص 348 / 1 وص 349 / 7 و ص 158 / 1 وص 349 / 8.
(3) الكافي: 2 / 158 / 1 وص 348 / 1 وص 349 / 7 و ص 158 / 1 وص 349 / 8.
(4) الكافي: 2 / 158 / 1 وص 348 / 1 وص 349 / 7 و ص 158 / 1 وص 349 / 8.
(5) الكافي: 2 / 158 / 1 وص 348 / 1 وص 349 / 7 و ص 158 / 1 وص 349 / 8.
(6) الكافي: 2 / 158 / 1 وص 348 / 1 وص 349 / 7 و ص 158 / 1 وص 349 / 8.
(7) البحار: 74 / 78 / 76.
(8) الكافي: 2 / 158 / 1.
(9) وسائل الشيعة: 18 / 224 / 2.
(10) كنز العمال: 45455.
(11) الترغيب والترهيب: 3 / 327 / 4.
(12) البحار: 74 / 80 / 82.
(13) علل الشرائع: 2 / 479 / 2.
(14) البحار: 74 / 74 / 61 وص 84 / 95.
(15) البحار: 74 / 74 / 61 وص 84 / 95.
3677
- عنه (عليه السلام): العقوق ثكل من لم يثكل (1).
- الإمام العسكري (عليه السلام) جرأة الولد على
والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أيما رجل دعا
على ولده (3) أورثه الفقر (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اثنتان يعجلهما الله في
الدنيا: البغي وعقوق الوالدين (5).
- الإمام الرضا (عليه السلام): حرم الله عقوق الوالدين
لما فيه من الخروج من التوفيق لطاعة الله
عز وجل، والتوقير الوالدين وتجنب كفر
النعمة، وإبطال الشكر، وما يدعو من ذلك إلى
قلة النسل وانقطاعه، لما في العقوق من قلة
توقير الوالدين والعرفان بحقهما، وقطع الأرحام،
والزهد من الوالدين في الولد، وترك التربية بعلة
ترك الولد برهما (6).
(انظر) الذنب: 1384، وسائل الشيعة:
15 / 216 باب 104.
[4208]
من العقوق
- الإمام الصادق (عليه السلام): من العقوق أن ينظر
الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما (7).
- عنه (عليه السلام): من نظر إلى أبويه نظر ماقت
وهما ظالمان له، لم يقبل الله له صلاة (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحزن والديه فقد
عقهما (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن فوق كل عقوق عقوقا حتى
يقتل الرجل أحد والديه، فإذا فعل ذلك فليس
فوقه عقوق (10).
[4209]
حق الوالد على الولد
- الإمام علي (عليه السلام): إن للولد على الوالد
حقا، وإن للوالد على الولد حقا، فحق الوالد
على الولد أن يطيعه في كل شئ إلا في معصية
الله سبحانه (11)...
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن حق الوالد
على ولده -: لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين
يديه، ولا يجلس قبله، ولا يستسب له (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من حق الوالد على ولده أن يخشع
له عند الغضب (13).
- الإمام الصادق (عليه السلام): يجب للوالدين على
الولد ثلاثة أشياء: شكرهما على كل حال،



(1) البحار: 74 / 84 / 95.
(2) تحف العقول: 489.
(3) راجع الدعاء: باب 1203.
(4) البحار: 104 / 99 / 77.
(5) كنز العمال: 45458.
(6) البحار: 74 / 74 / 66.
(7) الكافي: 2 / 349 / 7.
(8) البحار: 74 / 61 / 26.
(9) كنز العمال: 45537.
(10) الكافي: 2 / 348 / 4.
(11) نهج البلاغة: الحكمة 399.
(12) الكافي: 2 / 159 / 5.
(13) كنز العمال: 45512.
3678
وطاعتهما فيما يأمرانه وينهيانه عنه في غير
معصية الله، ونصيحتهما في السر والعلانية (1).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام): أما حق أبيك
فأن تعلم أنه أصلك وأنه لولاه لم تكن،
فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك
أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على
قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله (2).
[4210]
اعتبار الولد وماله لأبيه
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لرجل جاء إليه يخاصمه -:
أنت ومالك لأبيك (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: إن أبي يريد
أن يستبيح مالي -: أنت ومالك لأبيك (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: إن أبي
غصبني مالي -: أنت ومالك لأبيك (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل قال له: إن لي مالا
وعيالا وإن لأبي مالا وعيالا وهو يريد أن يأخذ
مالي -: أنت ومالك لأبيك (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عما يحل
للرجل من مال ولده -: قوته بغير سرف إذا
اضطر إليه، قال: فقلت له: فقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
للرجل الذي أتاه فقدم أباه فقال له: " أنت
ومالك لأبيك "؟
فقال: إنما جاء بأبيه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال:
يا رسول الله هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من
أمي فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى
نفسه، فقال: " أنت ومالك لأبيك " ولم يكن
عند الرجل شئ، أفكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحبس
الأب للابن! (7).
[4211]
حق الولد على الوالد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق الولد على والده أن
يعلمه الكتابة، والسباحة، والرماية، وأن
لا يرزقه إلا طيبا (8).
- الإمام علي (عليه السلام): حق الولد على الوالد
أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلمه القرآن (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق الولد على والده أن
يحسن اسمه، ويزوجه إذا أدرك، ويعلمه
الكتاب (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من حق الولد على والده ثلاثة:
يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن حق الولد -: تحسن
اسمه وأدبه، وتضعه موضعا حسنا (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): تجب للولد على والده



(1) تحف العقول: 322.
(2) البحار: 74 / 6 / 1.
(3) كنز العمال: 45932، 45933، 45941، 45942.
(4) كنز العمال: 45932، 45933، 45941، 45942.
(5) كنز العمال: 45932، 45933، 45941، 45942.
(6) كنز العمال: 45932، 45933، 45941، 45942.
(7) الكافي: 5 / 136 / 6.
(8) كنز العمال: 45340.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 399.
(10) كنز العمال: 45191.
(11) مكارم الأخلاق: 1 / 474 / 1627.
(12) البحار: 74 / 85 / 99.
3679
ثلاث خصال: اختياره لوالدته، وتحسين اسمه،
والمبالغة في تأديبه (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق الولد على الوالد أن
يحسن اسمه، ويحسن أدبه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): حق الولد على والده أن يحسن
اسمه، ويحسن موضعه، ويحسن أدبه (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من بلغ ولده النكاح
وعنده ما ينكحه فلم ينكحه ثم أحدث
حدثا فالإثم عليه (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): رحم الله من أعان ولده على
بره، وهو أن يعفو عن سيئته، ويدعو له فيما
بينه وبين الله (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): رحم الله والدا أعان ولده
على بره (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام): بر الرجل بولده،
بره بوالديه (7).
- عنه (عليه السلام) - لرجل سأله: من أبر؟ -:
والديك، قال: قد مضيا، قال: بر ولدك (8).
[4212]
تربية الولد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكرموا أولادكم وأحسنوا
آدابهم (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أدبوا أولادكم على ثلاث
خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته،
وقراءة القرآن (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ما نحل والد ولده أفضل من
أدب حسن (11).
" وفي خبر " عنه (صلى الله عليه وآله): ما ورث والد ولده أفضل
من أدب (12).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الغلام يلعب سبع
سنين، ويتعلم الكتاب سبع سنين، ويتعلم
الحلال والحرام سبع سنين (13).
- الإمام علي (عليه السلام): مروا أولادكم بطلب العلم (14).
- الإمام الصادق (عليه السلام): بادروا أحداثكم
بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة (15).
- الإمام علي (عليه السلام): علموا صبيانكم من علمنا ما
ينفعهم الله به، لا تغلب عليهم المرجئة برأيها (16).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): علموا بنيكم الرمي،
فإنه نكاية العدو (17).
- عنه (صلى الله عليه وآله): علموا أولادكم السباحة
والرماية (18).
- عنه (صلى الله عليه وآله): مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء
سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر

3680
سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): علموا أولادكم الصلاة إذا
بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا،
وفرقوا بينهم في المضاجع (2).
- الإمام علي (عليه السلام): علموا صبيانكم الصلاة،
وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إنا نأمر صبياننا
بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من
صيام اليوم، فإن كان إلى نصف النهار وأكثر من
ذلك أو أقل فإذا غلبهم العطش والغرث أفطروا،
حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه، فمروا صبيانكم إذا
كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام، فإذا
غلبهم العطش أفطروا (4).
- عنه (عليه السلام): إنا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا
بني خمس سنين، فمروا صبيانكم بالصلاة إذا
كانوا بني سبع سنين، ونحن نأمر صبياننا بالصوم
إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام
اليوم... - ثم ساق الحديث مثل ما مر - (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الولد سيد سبع سنين،
وخادم سبع سنين، ووزير سبع سنين، فإن رضيت
مكانفته لإحدى وعشرين، وإلا فاضرب على
كتفه، قد أعذرت إلى الله فيه (6).
(انظر) الأدب: باب 70، 71، العلم: باب 2918، المحجة
البيضاء: 5 / 124 " بيان الطريقة في رياضة
الصبيان "، عنوان: 294 " الصغر "، 255
" الشباب "، العقل: باب 2826 حديث 13310.
[4213]
عقوق الولد
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يلزم الوالدين من عقوق
الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يلزم الوالدين من العقوق
لولدهما - إذا كان الولد صالحا - ما يلزم
الولد لهما (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يلزم الوالد من الحقوق لولده
ما يلزم الولد من الحقوق لوالده (9).

3681
(560)
الولاية
(1)
الحكومة
وسائل الشيعة: 12 / 135 باب 45 " تحريم الولاية من قبل الجائر ".
البحار: 78 / 271، 277 " كتاب الصادق (عليه السلام) إلى والي الأهواز ".
البحار: 77 / 127 " وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن ".
كنز العمال: 5 / 584 " كتاب الخلافة مع الإمارة ".
انظر:
عنوان: 22 " الإمامة "، 76 " الجند "، 165 " الدولة "، 251 " السياسة "، 494 " الملك "، 541
" الوزارة "، 19 " الإمارة "، 444 " القضاء (2) "، الحق: باب 906، الإمامة: باب 150، الفساد:
باب 3204، الامتحان: باب 3442 حديث 18261، 18265، الكسب: باب 3483 حديث
17324، الظن: باب 2475، العهد: باب 3963 حديث 14119.

3683
[4214]
أولو الأمر
الكتاب
* (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله
والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير
وأحسن تأويلا) * (1).
* (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما
أرسلناك عليهم حفيظا) * (2).
* (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (3).
- في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير
المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه: وأجرى فعل
بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من امنائه،
فكان فعلهم فعله وأمرهم أمره، كما
قال: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * (4).
- ابن عباس - في قوله تعالى: * (إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...) * -:
نزلت في علي (عليه السلام) (5).
- جابر بن عبد الله الأنصاري: لما أنزل
الله عز وجل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): * (أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * قلت:
يا رسول الله! عرفنا الله ورسوله فمن أولو الأمر
الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟
فقال (عليه السلام): هم خلفائي يا جابر، وأئمة
المسلمين من بعدي، أولهم علي
ابن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين،
ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف
في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر فإذا لقيته
فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد،
ثم موسى بن جعفر، ثم علي
ابن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي
ابن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي
وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده
ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى
ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك
الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت
فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله
قلبه للإيمان.
قال جابر: فقلت يا رسول الله! فهل ينتفع
الشيعة به في غيبته؟ فقال (عليه السلام): إي والذي
بعثني بالنبوة إنهم ينتفعون به ويستضيؤون
بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس



(1) النساء: 59، 80.
(2) النساء: 59، 80.
(3) المائدة: 55.
(4) نور الثقلين: 1 / 521 / 423.
(5) الميزان: 6 / 22، راجع الميزان: 6 / 5 - 25، الإمامة (3): باب
176 " علي ولي كل مؤمن بعدي ".
3684
وإن تجلاها السحاب، يا جابر! هذا من مكنون
سر الله ومخزون علمه فاكتمه إلا عن أهله (1).
قال العلامة الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه
في الفصل الثاني عشر من كلام له في المرابطة
في المجتمع الإسلامي، ما نصه:
من الذي يتقلد ولاية المجتمع في الإسلام
وما سيرته؟
كان ولاية أمر المجتمع الإسلامي إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وافتراض طاعته (صلى الله عليه وآله وسلم) على الناس
واتباعه صريح القرآن الكريم، قال تعالى:
* (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (2)، وقال تعالى:
* (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * (3)، وقال تعالى:
* (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (4)، وقال
تعالى: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
الله) * (5) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي
يتضمن كل منها بعض شؤون ولايته العامة في
المجتمع الإسلامي أو جميعها.
والوجه الوافي لغرض الباحث في هذا الباب
أن يطالع سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) ويمتلئ منه نظرا، ثم يعود
إلى مجموع ما نزلت من الآيات في الأخلاق
والقوانين المشرعة في الأحكام العبادية
والمعاملات والسياسات وسائر المرابطات
والمعاشرات، فإن هذا الدليل
المتخذ بنحو الانتزاع من ذوق التنزيل الإلهي له
من اللسان الكافي والبيان الوافي مالا يوجد في
الجملة والجملتين من الكلام البتة.
وههنا نكتة أخرى يجب على الباحث
الاعتناء بأمرها: وهو أن عامة الآيات - المتضمنة
لإقامة العبادات والقيام بأمر الجهاد وإجراء
الحدود والقصاص وغير ذلك - توجه خطاباتها
إلى عامة المؤمنين دون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة، كقوله
تعالى: * (وأقيموا الصلاة) * (6)، وقوله: * (وأنفقوا في
سبيل الله) * (7)، وقوله: * (كتب عليكم الصيام) * (8)
وقوله: * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير
ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) * (9)
وقوله: * (وجاهدوا في سبيله) * (10) وقوله:
* (وجاهدوا في الله حق جهاده) * (11) وقوله: * (الزانية
والزاني فاجلدوا كل واحد منهما) * (12)، وقوله:
* (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * (13)،
وقوله: * (ولكم في القصاص حياة) * (14)، وقوله:
* (وأقيموا الشهادة لله) * (15)، وقوله: * (واعتصموا
بحبل الله جميعا
ولا تفرقوا) * (16)، وقوله: * (أن أقيموا الدين



(1) نور الثقلين: 1 / 499 / 331.
(2) التغابن: 12.
(3) النساء: 105.
(4) الأحزاب: 6.
(5) آل عمران: 31.
(6) النساء: 77.
(7) البقرة: 195، 183.
(8) البقرة: 195، 183.
(9) آل عمران: 104.
(10) المائدة: 35.
(11) الحج: 78.
(12) النور: 2.
(13) المائدة: 38.
(14) البقرة: 179.
(15) الطلاق: 2.
(16) آل عمران: 103.
3685
ولا تتفرقوا فيه) * (1)، وقوله: * (وما محمد إلا رسول
قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم
على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله
شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * (2) إلى غير ذلك من
الآيات الكثيرة.
ويستفاد من الجميع أن الدين صبغة اجتماعية
حمله الله على الناس ولا يرضى لعباده الكفر، ولم
يرد إقامته إلا منهم بأجمعهم، فالمجتمع -
المتكون منهم - أمره إليهم من غير مزية في ذلك
لبعضهم ولا اختصاص منه ببعضهم، والنبي ومن
دونه في ذلك سواء، قال تعالى: * (أني لا أضيع
عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من
بعض) * (3) فإطلاق الآية تدل على أن التأثير
الطبيعي الذي لأجزاء المجتمع الإسلامي في
مجتمعهم مراعى عند الله سبحانه تشريعا كما
راعاه تكوينا وأنه تعالى لا يضيعه، وقال تعالى:
* (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة
للمتقين) * (4).
نعم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الدعوة والهداية
والتربية، قال تعالى: * (يتلو عليهم آياته
ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) * (5)،
فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) المتعين من عند الله للقيام على شأن
الأمة وولاية أمورهم في الدنيا والآخرة
وللإمامة لهم ما دام حيا.
لكن الذي يجب أن لا يغفل عنه الباحث أن
هذه الطريقة غير طريقة السلطة الملوكية التي
تجعل مال الله فيئا لصاحب العرش، وعباد الله
أرقاء له يفعل بهم ما يشاء ويحكم فيهم ما يريد،
وليست هي من الطرق الاجتماعية التي وضعت
على أساس التمتع المادي من الديموقراطية
وغيرها، فإن بينها وبين الإسلام فروقا بينة مانعة
من التشابه والتماثل.
ومن أعظمها أن هذه المجتمعات لما بنيت
على أساس التمتع المادي نفخت في قالبها روح
الاستخدام والاستثمار، وهو الاستكبار الإنساني
الذي يجعل كل شئ تحت إرادة الإنسان وعمله
حتى الإنسان بالنسبة إلى الإنسان، ويبيح له
طريق الوصول إليه والتسلط على ما يهواه ويأمله
منه لنفسه، وهذا بعينه هو الاستبداد الملوكي في
الأعصار السالفة، وقد ظهرت في زي الاجتماع
المدني على ما هو نصب أعيننا اليوم من مظالم
الملل القوية وإجحافاتهم وتحكماتهم بالنسبة إلى
الأمم الضعيفة، وعلى ما هو في ذكرنا من أعمالهم
المضبوطة في التواريخ.
فقد كان الواحد من الفراعنة والقياصرة
والأكاسرة يجري في ضعفاء عهده بتحكمه
ولعبه كل ما يريده ويهواه، ويعتذر - لو اعتذر -
أن ذلك من شؤون السلطنة ولصلاح المملكة
وتحكيم أساس الدولة، ويعتقد أن ذلك حق
نبوغه وسيادته، ويستدل عليه بسيفه، كذلك إذا
تعمقت في المرابطات السياسية الدائرة بين



(1) الشورى: 13.
(2) آل عمران: 144، 195.
(3) آل عمران: 144، 195.
(4) الأعراف: 128.
(5) الجمعة: 2.
3686
أقوياء الأمم وضعفائهم اليوم وجدت أن
التاريخ وحوادثه كرت علينا ولن تزال تكر
غير أنها أبدلت الشكل السابق الفردي
بالشكل الحاضر الاجتماعي، والروح هي الروح
والهوى هو الهوى، وأما الإسلام فطريقته بريئة
من هذه الأهواء، ودليله السيرة النبوية في
فتوحاته وعهوده.
ومنها: أن أقسام الاجتماعات - على ما هو
مشهود ومضبوط في تاريخ هذا النوع - لا تخلو
عن وجود تفاضل بين أفرادها مؤد إلى الفساد،
فإن اختلاف الطبقات بالثروة أو الجاه والمقام
المؤدي بالأخرة إلى بروز الفساد في المجتمع
من لوازمها، لكن المجتمع الإسلامي مجتمع
متشابه الأجزاء لا تقدم فيها للبعض على
البعض، ولا تفاضل ولا تفاخر ولا كرامة، وإنما
التفاوت الذي تستدعيه القريحة الإنسانية
ولا تسكت عنه إنما هو في التقوى وأمره إلى الله
سبحانه لا إلى الناس، قال تعالى: * (يا أيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم
شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله
أتقاكم) * (1)، وقال تعالى: * (فاستبقوا الخيرات) * (2)
فالحاكم والمحكوم والأمير والمأمور والرئيس
والمرؤوس والحر والعبد والرجل والمرأة والغني
والفقير والصغير والكبير في الإسلام في موقف
سواء من حيث جريان القانون الديني في حقهم
ومن حيث انتفاء فواصل الطبقات بينهم في
الشؤون الاجتماعية على ما تدل عليه السيرة
النبوية على سائرها السلام والتحية.
ومنها: أن القوة المجرية في الإسلام ليست
هي طائفة متميزة في المجتمع بل تعم جميع أفراد
المجتمع، فعلى كل فرد أن يدعو إلى الخير ويأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر، وهناك فروق اخر
لا يخفى على الباحث المتتبع.
هذا كله في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأما بعده
فالجمهور من المسلمين على أن انتخاب الخليفة
الحاكم في المجتمع إلى المسلمين، والشيعة من
المسلمين على أن الخليفة منصوص من جانب الله
ورسوله وهم اثنا عشر إماما على التفصيل
المودوع في كتب الكلام.
ولكن على أي حال أمر الحكومة الإسلامية
بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وبعد غيبة الإمام - كما في زماننا
الحاضر - إلى المسلمين من غير إشكال، والذي
يمكن أن يستفاد من الكتاب في ذلك أن عليهم
تعيين الحكام في المجتمع على سيرة رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي سنة الإمامة دون الملوكية
والإمبراطورية، والسير فيهم بحفاظة الأحكام
من غير تغيير، والتولي بالشور في غير الأحكام
من حوادث الوقت والمحل كما تقدم، والدليل
على ذلك كله جميع ما تقدم من الآيات في
ولاية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مضافة إلى قوله تعالى: * (لقد
كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * (33).
(انظر) الإمامة (1): باب: 138، 147.
الإمامة (2): 167.



(1) الحجرات: 13.
(2) البقرة: 148.
(3) الميزان: 4 / 121 والآية الأحزاب: 21.
3687
[4215]
ما يوجب تسلط ولاة السوء
الكتاب
* (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من
أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا
أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من
وال) * (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): كما تكونوا يولى عليكم (2).
- الإمام الجواد (عليه السلام): وكل أمة قد رفع الله
عنهم علم الكتاب حين نبذوه، وولاهم عدوهم
حين تولوه (3).
- الإمام علي (عليه السلام) - وهو يوبخ أصحابه -:
أما والذي نفسي بيده ليظهرن هؤلاء القوم عليكم،
ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لإسراعهم
إلى باطل صاحبهم [باطلهم]، وإبطائكم عن
حقي (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: إذا
عصاني من خلقي من يعرفني سلطت عليه
من خلقي من لا يعرفني (5).
(انظر) الفساد: باب 3201.
المعروف (2): باب 2692.
الذنب: باب 1379 - 1382.
[4216]
ولاة العدل
الكتاب
* (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) * (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (تلك الدار الآخرة...) * -: نزلت هذه الآية
في أهل العدل والتواضع من الولاة، وأهل القدرة
من سائر الناس (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): من تولى أمرا
من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع شره
ونظر في أمور الناس، كان حقا على
الله عز وجل أن يؤمن روعته يوم القيامة
ويدخله الجنة (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ولي شيئا من أمور
أمتي فحسنت سريرته لهم رزقه الله تعالى
الهيبة في قلوبهم، ومن بسط كفه لهم
بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كف عن
أموالهم وفر الله عز وجل ماله، ومن أخذ للمظلوم
من الظالم كان معي في الجنة
مصاحبا، ومن كثر عفوه مد في عمره، ومن
عم عدله نصر على عدوه (9).
(انظر) العدل: باب 2543.



(1) الرعد: 11.
(2) كنز العمال: 14972.
(3) الكافي: 8 / 53 / 16، راجع تمام الحديث في الوصية.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 97.
(5) الفقيه: 4 / 404 / 5871.
(6) القصص: 83.
(7) كنز العمال: 36538.
(8) البحار: 75 / 340 / 18 وص 359 / 74.
(9) البحار: 75 / 340 / 18 وص 359 / 74.
3688
[4217]
ولاة الجور
- الإمام علي (عليه السلام): ولاة الجور شرار
الأمة، وأضداد الأئمة (1).
- عنه (عليه السلام): سبع أكول حطوم خير من
وال ظلوم غشوم (2).
- عنه (عليه السلام): شر الولاة من يخافه
البرئ (3).
- عنه (عليه السلام): من جارت ولايته زالت
دولته (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ولي من أمر المسلمين
شيئا فغشهم فهو في النار (5).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الزهد في ولاية
الظالم بقدر الرغبة في ولاية العادل (6).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى أهل مصر -: آسى (7)
أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها،
فيتخذوا مال الله دولا،
وعباده خولا، والصالحين حربا،
والفاسقين حزبا (8).
(انظر) عنوان: 19 " الامارة ".
القضاء (2): باب 3363.
الظلم: باب 2447.
[4218]
شركة الولاة في ظلم عمالهم
- ابن عباس: شهدت عتاب عثمان
لعلي (عليه السلام) يوما، فقال له في بعض ما
قاله: نشدتك الله أن تفتح للفرقة بابا!...
فقال علي (عليه السلام): أما الفرقة فمعاذ الله أن أفتح لها
بابا، واسهل إليها سبيلا، ولكني أنهاك عما ينهاك
الله ورسوله عنه... ألا تنهى سفهاء بني أمية عن
أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم! والله لو
ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان
إثمه مشتركا بينه وبينك!
... فقال عثمان: لك العتبى، وأفعل وأعزل من
عمالي كل من تكرهه ويكرهه المسلمون، ثم
افترقا، فصده مروان بن الحكم عن ذلك، وقال:
يجترئ عليك الناس، فلا تعزل أحدا منهم! (9).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما ولاه
مصر -: وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه
الله من ذلك، إلا بالاهتمام والاستعانة بالله،
وتوطين نفسه على لزوم الحق والصبر عليه فيما
خف عليه أو ثقل (10).
[4219]
ما يجب على الوالي في نفسه
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما



(1) غرر الحكم: 10122، 5626، 5687، 8365.
(2) غرر الحكم: 10122، 5626، 5687، 8365.
(3) غرر الحكم: 10122، 5626، 5687، 8365.
(4) غرر الحكم: 10122، 5626، 5687، 8365.
(5) الترغيب والترهيب: 3 / 176 / 40.
(6) غرر الحكم: 3448.
(7) آسى: مضارع " أسيت عليه ": كرضيت أي حزنت. كما في
هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 62.
(9) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9 / 15.
(10) نهج البلاغة: الكتاب 53.
3689
ولاه مصر -: إنما يستدل على الصالحين
بما يجري الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحب
الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح،
فاملك هواك، وشح بنفسك عما لا يحل لك،
فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت
أو كرهت (1).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: وإذا أحدث لك ما أنت فيه
من سلطانك أبهة أو مخيلة (2)، فانظر إلى عظم ملك
الله فوقك، وقدرته منك على مالا تقدر عليه من
نفسك، فإن ذلك يطامن إليك من طماحك (3)،
ويكف عنك من غربك (4)، ويفئ إليك بما عزب
عنك من عقلك (5).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: إياك ومساماة الله
في عظمته، والتشبه به في جبروته، فإن
الله يذل كل جبار، ويهين كل مختال (6).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: أنصف الله وأنصف
الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك
فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم (7).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: وإياك والإعجاب
بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الإطراء،
فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه
ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين (8).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: والواجب عليك أن تتذكر
ما مضى لمن تقدمك من حكومة عادلة، أو سنة
فاضلة، أو أثر عن نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو فريضة في كتاب
الله، فتقتدي بما شاهدت مما عملنا به فيها،
وتجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت
إليك في عهدي هذا (9).
- عنه (عليه السلام): من اختال في ولايته أبان
عن حماقته (10).
- عنه (عليه السلام): من تكبر في ولايته كثر عند
عزله ذلته (11).
- عنه (عليه السلام): استكانة الرجل في العزل
بقدر شره في الولاية (12).
(انظر) وسائل الشيعة: 12 / 150 باب 49.
المراقبة: باب 1544.
[4220]
أهم ما يجب على الوالي في ولايته
- الإمام علي (عليه السلام) - لعمر بن الخطاب -: ثلاث إن
حفظتهن وعملت بهن كفتك ما سواهن، وإن
تركتهن لم ينفعك شئ سواهن، قال: وما هن
يا أبا الحسن؟ قال: إقامة الحدود على القريب
والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط،
والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود، فقال له
عمر: لعمري لقد أوجزت وأبلغت (13).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(2) مخيلة - بفتح فكسر -: الخيلاء والعجب. كما في هامش نهج
البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(3) الطماح ككتاب: النشوز والجماح. كما في هامش نهج البلاغة
للدكتور صبحي الصالح.
(4) الغرب - بفتح فسكون - الحدة. كما في هامش نهج البلاغة
للدكتور صبحي الصالح.
(5) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(9) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(10) غرر الحكم: 8718، 8717، 1898.
(11) غرر الحكم: 8718، 8717، 1898.
(12) غرر الحكم: 8718، 8717، 1898.
(13) التهذيب: 6 / 227 / 547.
3690
- الإمام الصادق (عليه السلام): ثلاثة تجب على السلطان
للخاصة والعامة: مكافأة المحسن بالإحسان
ليزدادوا رغبة فيه، وتغمد ذنوب المسئ ليتوب
ويرجع عن غيه [عتبه - خ ل]، وتألفهم جميعا
بالإحسان والإنصاف (1).
- عنه (عليه السلام): ليس يحب للملوك أن يفرطوا
في ثلاث: في حفظ الثغور، وتفقد المظالم،
واختيار الصالحين لأعمالهم (2).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: إياك والدماء وسفكها بغير حلها،
فإنه ليس شئ أدنى لنقمة، ولا أعظم لتبعة،
ولا أحرى بزوال نعمة، وانقطاع مدة، من سفك
الدماء بغير حقها (3).
- عنه (عليه السلام) - من عهد له إلى محمد بن أبي بكر
حين قلده مصر -: وآس بينهم في اللحظة
والنظرة، حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا
ييأس الضعفاء من عدلك عليهم (4).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: أحب لعامة رعيتك ما
تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره
لنفسك وأهل بيتك، فإن ذلك أوجب للحجة
وأصلح للرعية (5).
[4221]
وجوب الرحمة والرفق على الوالي
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: وأشعر قلبك الرحمة للرعية،
والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا
ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان:
إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في
الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم
العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد
والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي
تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه،
فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك،
والله فوق من ولاك! (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم من ولي من أمر أمتي
شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر
أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به (7).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من ولي أحدا من الناس اتي
به يوم القيامة حتى يوقف على جسر جهنم،
فإن كان محسنا نجى، وإن كان مسيئا انخرق
به الجسر (8).
(انظر) عنوان: 159 " المداراة "، 192 " الرفق ".
[4222]
وجوب تحصيل رضا العامة
على الوالي
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: وليكن أحب الأمور إليك أوسطها
في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضا



(1) تحف العقول: 319.
(2) تحف العقول: 319.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 53 و 27.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 53 و 27.
(5) البحار: 75 / 27 / 12.
(6) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(7) صحيح مسلم: 1828.
(8) كنز العمال: 14300.
3691
الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة،
وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة، وليس
أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في
الرخاء، وأقل معونة له في البلاء، وأكره
للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقل شكرا عند
الإعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا
عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة. وإنما عماد
الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من
الأمة، فليكن صغوك لهم، وميلك معهم (1).
[4223]
ما يجب على الوالي
في استعمال العمال
- الإمام علي (عليه السلام) - فيما كتب للأشتر لما ولاه
مصر -: ثم انظر في أمور عمالك، فاستعملهم
اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنهما جماع
من شعب الجور والخيانة. وتوخ منهم أهل
التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة،
والقدم في الإسلام المتقدمة (2).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من استعمل غلاما في
عصابة فيها من هو أرضى لله منه فقد خان الله (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من استعمل رجلا من عصابة،
وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله
ورسوله والمؤمنين (4).
[4224]
من لا ينبغي على الوالي استعماله
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا والله لا نولي على
هذا العمل أحدا سأله، ولا أحدا حرص عليه (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لن [لا] نستعمل على عملنا
من أراده (6).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لعبد الرحمن بن سمرة -:
يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة، فإنك
إذا أعطيتها عن مسألة وكلت فيها إلى نفسك، وإن
أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها (7).
- أبو موسى: انطلقت مع رجلين إلى
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتشهد أحدهما، ثم قال: جئنا
لتستعين بنا على عملك، وقال الآخر مثل قول
صاحبه. فقال: إن أخونكم عندنا من طلبه... فلم
يستعن بهما على شئ حتى مات (8).
(انظر) القضاء (2): باب 3364.
[4225]
من رفع بلا كفاية
- الإمام علي (عليه السلام): من رفع بلا كفاية وضع
بلا جناية (9).
- عنه (عليه السلام): من أحسن الكفاية استحق
الولاية (10).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(3) البحار: 23 / 75 / 24.
(4) الترغيب والترهيب: 3 / 179 / 1.
(5) صحيح مسلم: 3 / 1456 / 14 وص 1457 / 15.
(6) صحيح مسلم: 3 / 1456 / 14 وص 1457 / 15.
(7) سنن أبي داود: 2929، 2930.
(8) سنن أبي داود: 2929، 2930.
(9) غرر الحكم: 8613، 8692.
(10) غرر الحكم: 8613، 8692.
3692
[4226]
من يجب على الوالي حسم مادته
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: إن للوالي خاصة وبطانة،
فيهم استئثار وتطاول، وقلة إنصاف في
معاملة، فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب
تلك الأحوال (1).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: ليكن أبعد رعيتك
منك، وأشنأهم عندك، أطلبهم لمعايب الناس (2).
[4227]
وجوب تفقد العمال على الوالي
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: ثم تفقد أعمالهم، وابعث العيون (3) من
أهل الصدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر
لأمورهم حدوة لهم (4) على استعمال الأمانة،
والرفق بالرعية.
وتحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط
يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار
عيونك، اكتفيت بذلك شاهدا، فبسطت عليه
العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثم
نصبته بمقام المذلة، ووسمته بالخيانة،
وقلدته عار التهمة (5).
(انظر) عنوان: 68 " التجسس ".
[4228]
النهي عن اتخاذ الحاجب
- الإمام الصادق (عليه السلام): من تولى أمرا من
أمور الناس، فعدل، وفتح بابه، ورفع ستره، ونظر
في أمور الناس، كان حقا على الله أن يؤمن روعته
يوم القيامة ويدخله الجنة (6).
- عنه (عليه السلام): أيما مؤمن كان بينه وبين
مؤمن حجاب ضرب الله بينه وبين الجنة سبعين
ألف سور، ما بين السور إلى السور مسيرة
ألف عام (7).
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه إلى قثم
ابن العباس، وهو عامله على مكة -:
ولا يكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك،
ولا حاجب إلا وجهك، ولا تحجبن ذا حاجة عن
لقائك بها، فإنها إن ذيدت عن
أبوابك في أول وردها لم تحمد فيما بعد
على قضائها (8).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما ولاه مصر -:
فلا تطولن احتجابك عن رعيتك،
فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق،
وقلة علم بالأمور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم
علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير،



(1) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(3) العيون: الرقباء. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(4) حدوة: أي سوق لهم وحث. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور
صبحي الصالح.
(5) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(6) تنبيه الخواطر: 2 / 165 و 2 / 163.
(7) تنبيه الخواطر: 2 / 165 و 2 / 163.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 67.
3693
ويعظم الصغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح،
ويشاب الحق بالباطل (1).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: واجعل لذوي الحاجات
منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم
مجلسا عاما، فتتواضع فيه لله الذي خلقك، وتقعد
عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك،
حتى يكلمك متكلمهم غير متتعتع، فإني سمعت
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في غير موطن: لن تقدس
أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير
متتعتع.
ثم احتمل الخرق منهم والعي، ونح عنهم
الضيق والأنف (2).
(انظر) عنوان: 129 " الحاجة ".
[4229]
وجوب تفقد أمر الخراج
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: وتفقد أمر الخراج بما يصلح
أهله، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن
سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن
الناس كلهم عيال على الخراج وأهله.
وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك
في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا
بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب
البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره
إلا قليلا... وإنما يؤتى خراب الأرض من
إعواز (3) أهلها، وإنما يعوز أهلها لإشراف
أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء،
وقلة انتفاعهم بالعبر (4).
[4230]
نهي الولاة عن الجود
بفئ المسلمين
- الإمام علي (عليه السلام): جود الولاة بفئ
المسلمين جور وختر (5).
- عنه (عليه السلام) - من كتابه إلى مصقلة بن
هبيرة الشيباني، وهو عامله على أردشير
خرة -: بلغني عنك أمر إن كنت فعلته
فقد أسخطت إلهك، وعصيت إمامك: أنك تقسم
فئ المسلمين الذي حازته رماحهم وخيولهم،
وأريقت عليه دماؤهم، فيمن اعتامك (6) من
أعراب قومك.
فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لئن كان
ذلك حقا لتجدن لك علي هوانا، ولتخفن عندي
ميزانا، فلا تستهن بحق ربك، ولا تصلح دنياك
بمحق دينك، فتكون من الأخسرين أعمالا.
ألا وإن حق من قبلك وقبلنا من المسلمين
في قسمة هذا الفئ سواء، يردون عندي



(1) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(3) الإعواز: الفقر والحاجة. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور
صبحي الصالح.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 53.
(5) غرر الحكم: 4725.
(6) اعتامك: اختارك، وأصله أخذ العيمة - بالكسر -: وهي خيار
المال. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
3694
عليه، ويصدرون عنه (1).
(انظر) المال: باب 3765، 3766.
[4231]
قضاء دين المعسر على الوالي
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من غريم ذهب بغريمه إلى
وال من ولاة المسلمين، واستبان للوالي عسرته
إلا برئ هذا المعسر من دينه، وصار دينه على
والي المسلمين فيما في يديه من أموال
المسلمين (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ومن كان له على رجل مال
أخذه ولم ينفقه في إسراف أو في معصية،
فعسر عليه أن يقضيه، فعلى من له المال أن ينظره
حتى يرزقه الله فيقضيه، وإن كان
الإمام العادل قائما فعليه أن يقضي عنه
دينه، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ترك مالا
فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلى الإمام ما
ضمنه الرسول (3) (4).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): من طلب هذا الرزق
من حله ليعود به على نفسه وعياله، كان
كالمجاهد في سبيل الله، فإن غلب عليه فليستدن
على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يقوت به عياله، فإن
مات ولم يقضه كان على
الإمام قضاؤه، فإن لم يقضه كان عليه وزره (5).
(انظر) وسائل الشيعة: 13 / 90 باب 9،
مستدرك الوسائل: 13 / 397 باب 9.
[4232]
ما ينبغي للوالي مباشرته
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -: ثم أمور من أمورك لا بد
لك من مباشرتها: منها إجابة عمالك بما
يعيا (6) عنه كتابك، ومنها إصدار حاجات
الناس يوم ورودها عليك بما تحرج (7) به صدور
أعوانك. وأمض لكل يوم عمله، فإن لكل
يوم ما فيه (8).
[4233]
وجوب اهتمام
الوالي بالمستضعفين
- الإمام علي (عليه السلام) - من كتابه للأشتر لما
ولاه مصر -:... ثم الله الله في الطبقة السفلى
من الذين لا حيلة لهم، من المساكين
والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى، فإن في
هذه الطبقة قانعا ومعترا، واحفظ لله ما



(1) نهج البلاغة: الكتاب 43.
(2) تفسير علي بن إبراهيم: 1 / 94.
(3) هكذا في نسختي من تفسير القمي، وفي تفسير نور الثقلين نقلا عن
تفسير القمي "... فعلى الوالي وعلى الإمام ما ضمنه الرسول ".
(4) تفسير علي بن إبراهيم: 1 / 94.
(5) وسائل الشيعة: 13 / 91.
(6) يعيا: يعجز. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(7) حرج يحرج من باب تعب: ضاق، والأعوان تضيق صدورهم
بتعجيل الحاجات، ويحبون المماطلة في قضائها، استجلابا
للمنفعة، أو إظهارا للجبروت. كما في هامش نهج
البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(8) نهج البلاغة: الكتاب 53.
3695
استحفظك من حقه فيهم، واجعل لهم قسما
من بيت مالك...
وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم ممن تقتحمه
العيون، وتحقره الرجال، ففرغ
لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع، فليرفع
إليك أمورهم، ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى
الله يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعية
أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، وكل فأعذر إلى
الله في تأدية حقه إليه (1).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 53.
3696
(561)
الولاية
(2)
أولياء الله
البحار: 69 / 254 باب 37 " صفات خيار العباد وأولياء الله... ".
انظر:
عنوان: 435 " المقربون "، 90 " المحبة (2) "، العزلة: باب 2718.
الكلام: باب 3528، الخشوع: باب 1024.

3697
[4234]
خصائص أولياء الله
الكتاب
* (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون *
الذين آمنوا وكانوا يتقون) * (1).
* (وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد
الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن
أكثرهم لا يعلمون) * (2).
- المسيح (عليه السلام) - لما سأله الحواريون عن أولياء
الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون -: الذين
نظروا إلى باطن الدنيا
حين نظر الناس إلى ظاهرها (3)، والذين نظروا إلى
آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها، وأماتوا
منها ما يخشون أن يميتهم، وتركوا ما علموا أن
سيتركهم، فصار استكثارهم منها استقلالا،
وذكرهم إياها فواتا، وفرحهم
بما أصابوا منها حزنا... يحبون الله تعالى
ويستضيؤون بنوره، ويضيؤون به، لهم
خبر عجيب، وعندهم الخبر العجيب، بهم قام
الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا،
وبهم علم الكتاب وبه علموا، ليسوا يرون نائلا مع
ما نالوا، ولا أماني دون ما يرجون، ولا خوفا دون
ما يحذرون (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - أيضا -: هم قوم
أخلصوا لله تعالى في عبادته، ونظروا إلى باطن
الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، فعرفوا آجلها
حين غر الناس سواهم بعاجلها، فتركوا منها
ما علموا أنه سيتركهم، وأماتوا منها
ما علموا أنه سيميتهم (5).
- عنه (عليه السلام): إن أولياء الله هم الذين
نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس
إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل
الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن
يميتهم، وتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم،
ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا، ودركهم
لها فوتا، أعداء ما سالم الناس، وسلم
ما عادى الناس! بهم علم الكتاب وبه
علموا، وبهم قام الكتاب وبه قاموا،
لا يرون مرجوا فوق ما يرجون، ولا مخوفا
فوق ما يخافون (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن قوله تعالى:
* (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم



(1) يونس: 62، 63.
(2) الأنفال: 34.
(3) راجع الدنيا: باب 1219.
(4) الدر المنثور: 4 / 370.
(5) البحار: 69 / 319 / 35.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 432.
3698
يحزنون) * -: هم الذين يتحابون في الله (1).
- الإمام علي (عليه السلام): إن أولياء الله لأكثر
الناس له ذكرا، وأدومهم له شكرا، وأعظمهم على
بلائه صبرا (2).
- عنه (عليه السلام): إن أولياء الله تعالى كل مستقرب
أجله، مكذب أمله، كثير عمله، قليل زلله (3).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن أولياء الله لم يزالوا
مستضعفين قليلين منذ خلق الله آدم (عليه السلام) (4).
- الإمام علي (عليه السلام) - لما قرأ: * (إن أولياء
الله لا خوف عليهم...) * -: تدرون من أولياء الله؟
قالوا: من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال: هم نحن
وأتباعنا، فمن تبعنا من بعدنا طوبى لنا، وطوبى
لهم أفضل من طوبى لنا، قال: يا أمير المؤمنين!
ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن
وهم على أمر؟! قال: لا، لأنهم حملوا ما لم
تحملوا عليه (5)، وأطاقوا ما لم تطيقوا (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام): وجدنا في كتاب علي
ابن الحسين (عليهما السلام) * (ألا إن أولياء الله...) * إذا
أدوا فرائض الله، وأخذوا سنن رسول الله،
وتورعوا عن محارم الله، وزهدوا في عاجل زهرة
الدنيا (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): يا أبا بصير!
طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في
غيبته، والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء
الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون (8).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سئل عن أولياء الله -:
الذين إذا رؤوا ذكر الله (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من عرف الله وعظمه منع فاه
من الكلام، وبطنه من الطعام، وعفى (10) نفسه
بالصيام والقيام.
قالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله
هؤلاء أولياء الله؟
قال: إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم
ذكرا، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان
نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس
بركة، لولا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تقر
أرواحهم في أجسادهم خوفا من العذاب وشوقا
إلى الثواب (11).
- الإمام علي (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى... أخفى
وليه في عباده، فلا تستصغرن عبدا من عبيد الله،
فربما يكون وليه وأنت لاتعلم (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - عن جبرئيل عن قوله
تعالى -: من أهان لي وليا فقد بارزني
بالمحاربة (13).
- الإمام علي (عليه السلام): وإنما سميت الشبهة شبهة



(1) الدر المنثور: 4 / 373.
(2) غرر الحكم: 3571، 3552.
(3) غرر الحكم: 3571، 3552.
(4) غرر الحكم: 3571، 3552.
(4) البحار: 68 / 154 / 10.
(5) راجع الإمامة: باب 235.
(6) البحار: 69 / 277 / 10 و ح 11.
(7) البحار: 69 / 277 / 10 و ح 11.
(8) نور الثقلين: 2 / 309 / 94.
(9) الدر المنثور: 4 / 370.
(10) في أمالي الصدوق: 444 / 6 " وعنى نفسه بالصيام ".
(11) الكافي: 2 / 237 / 25.
(12) الخصال: 1 / 209 / 31.
(13) البحار: 70 / 16 / 8.
3699
لأنها تشبه الحق، فأما أولياء الله فضياؤهم فيها
اليقين، ودليلهم سمت الهدى، وأما أعداء الله
فدعاؤهم فيها الضلال، ودليلهم العمى (1).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا استحقت ولاية الله
والسعادة جاء الأجل بين العينين وذهب الأمل
وراء الظهر، وإذا استحقت ولاية الشيطان
والشقاوة جاء الأمل بين العينين وذهب الأجل
وراء الظهر (2).
- الإمام علي (عليه السلام): لو رخص الله في الكبر لأحد
من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه وأوليائه،
ولكنه سبحانه كره إليهم التكابر، ورضي لهم
التواضع (3).
- عنه (عليه السلام): إن الجهاد باب من أبواب الجنة،
فتحه الله لخاصة أوليائه (4).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الدنيا -: لم يصفها الله
تعالى لأوليائه، ولم يضن بها على أعدائه (5).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: لم يرضها ثوابا لأوليائه،
ولا عقابا لأعدائه (6).
- عنه (عليه السلام) - أيضا -: مهبط وحي الله،
ومتجر أولياء الله، اكتسبوا فيها الرحمة،
وربحوا فيها الجنة (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله جعل وليه
في الدنيا غرضا لعدوه (8).
- لم يزل زكريا (عليه السلام) يرى ولده يحيى مغموما
باكيا مشغولا بنفسه، فقال: يا رب! طلبت
منك ولدا أنتفع به فرزقتنيه لا أنتفع به؟
فقال: طلبت وليا والولي لا يكون إلا هكذا، البرايا
أهداف البلايا (9).
- الإمام علي (عليه السلام): إن تقوى الله حمت أولياء الله
محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث خصال من صفة أولياء
الله: الثقة بالله في كل شئ، والغنى
به عن كل شئ، والافتقار إليه في كل شئ (11).
- الإمام علي (عليه السلام): اللهم إنك آنس الآنسين
[لمؤانسين] لأوليائك، وأحضرهم بالكفاية
للمتوكلين عليك، تشاهدهم في سرائرهم، وتطلع
عليهم في ضمائرهم، وتعلم مبلغ بصائرهم،
فأسرارهم لك مكشوفة، وقلوبهم إليك ملهوفة،
إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك، وإن صبت
عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة
[الاستخاره] بك، علما بأن أزمة الأمور بيدك،
ومصادرها عن قضائك (12).
(انظر) المعرفة (3): باب 2611، 2612، السهر:
باب 1919، الخير: باب 1173، الإيمان:
باب 291 - باب 297، التقوى: باب
4169، الكتمان: باب 3455، الخلق:
باب 1103.



(1) نهج البلاغة: الخطبة 38.
(2) الكافي: 3 / 258 / 27.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 131.
(8) البحار: 68 / 221 / 10.
(9) تنبيه الخواطر: 1 / 86، راجع: المحبة: باب 481.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 114.
(11) البحار: 103 / 20 / 2.
(12) نهج البلاغة: الخطبة 227.
3700
حرف الياء
562 - الياس... 3703
563 - اليتيم... 3707
564 - اليقين... 3711

3701
(562)
اليأس
البحار: 72 / 336 باب 120 " اليأس من روح الله سبحانه ".
وسائل الشيعة: 6 / 313 باب 36 " الاستغناء عن الناس ".
انظر:
عنوان: 449 " القنوط "، 20 " الأمل "، الذنب: باب 1375، السؤال (2): باب 1712.
الرجاء: باب 1448، 1449، الإخلاص: باب 1038، الإمامة (3): باب 242، الفقه: باب 3241.

3703
[4235]
اليأس
الكتاب
* (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه
ليؤوس كفور * ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته
ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إلا الذين
صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر
كبير) * (1).
(انظر) الإسراء: 83، الروم: 36.
- الإمام علي (عليه السلام): لا تيأس من الزمان إذا
منع، ولا تثق به إذا أعطى، وكن منه على
أعظم الحذر (2).
- عنه (عليه السلام): أعظم البلاء انقطاع الرجاء (3).
- عنه (عليه السلام): قتل القنوط صاحبه (4).
- عنه (عليه السلام): كل قانط آيس (5).
- عنه (عليه السلام) - في صفة المنافقين -: حسدة
الرخاء، ومؤكدو [مولدو] البلاء، ومقنطو
الرجاء (6).
- عنه (عليه السلام): لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير
العمل... يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا
ابتلي... إن استغنى بطر وفتن، وإن افتقر
قنط ووهن (7).
- عنه (عليه السلام): ولا تيأسن لشر هذه الأمة من روح
الله، لقوله تعالى: * (إنه لا ييأس من روح الله إلا
القوم الكافرون) * (8).
- عنه (عليه السلام): ولا تيأسوا من مدبر (9)، فإن المدبر
عسى أن تزل به إحدى قائمتيه وتثبت الأخرى،
فترجعا حتى تثبتا جميعا (10).
(انظر) الإمامة (3): باب 239، 240.
الرجاء: باب 1449.
[4236]
ثمرات اليأس مما
في أيدي الناس
- الإمام الصادق (عليه السلام): اليأس مما في أيدي
الناس عز للمؤمن في دينه (11).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أزهد في الدنيا يحبك الله،
وازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس (12).
- الإمام الباقر (عليه السلام): خير المال الثقة بالله،
واليأس مما في أيدي الناس (13).
- الإمام علي (عليه السلام): الغنى الأكبر اليأس عما



(1) هود: 9 - 11.
(2) غرر الحكم: 10302، 2860، 6731، 6842.
(3) غرر الحكم: 10302، 2860، 6731، 6842.
(4) غرر الحكم: 10302، 2860، 6731، 6842.
(5) غرر الحكم: 10302، 2860، 6731، 6842.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 194.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 150 و 377.
(8) نهج البلاغة: الحكمة 150 و 377.
(9) المدبر: من أدبرت حاله، واعترضته الخيبة في عمله وإن كان لم
يزل طالبا له. كما في هامش نهج البلاغة للدكتور صبحي الصالح.
(10) نهج البلاغة: الخطبة 100.
(11) وسائل الشيعة: 6 / 314 / 5 وص 315 / 9 و ح 11.
(12) وسائل الشيعة: 6 / 314 / 5 وص 315 / 9 و ح 11.
(13) وسائل الشيعة: 6 / 314 / 5 وص 315 / 9 و ح 11.
3704
في أيدي الناس (1).
- جبرئيل - لما جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) -:
واعلم أن شرف الرجل قيامه بالليل، وعزه
استغناؤه عن الناس (2).
- الإمام علي (عليه السلام): اليأس أحد النجحين (3).
- عنه (عليه السلام): اليأس يريح النفس (4).
- عنه (عليه السلام): اليأس عتق مجدد (5).
- عنه (عليه السلام): اليأس حر، الطمع مضر (6).
- عنه (عليه السلام): اليأس يعز الأسير، الطمع
يذل الأمير (7).
- عنه (عليه السلام): قد يكون اليأس إدراكا إذا
كان الطمع هلاكا (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): أروح الروح اليأس
من الناس (9).
- الإمام علي (عليه السلام): الخلاص من أسر الطمع
باكتساب اليأس (10).
- عنه (عليه السلام): تعجيل اليأس أحد الظفرين (11).
- عنه (عليه السلام): وحفظ ما في يديك أحب إلي
من طلب ما في يدي غيرك، ومرارة اليأس خير
من الطلب إلى الناس (12).
(انظر) الدعاء: باب 1202، الخير: باب 1157، حديث
5326، السؤال (2): باب 1709 - 1711، العز:
باب 2711.



(1) نهج البلاغة: الحكمة 342.
(2) الخصال: 1 / 7
(3) غرر الحكم: 1606، 636، 756، (52 - 53)، (1091 - 1092).
(4) غرر الحكم: 1606، 636، 756، (52 - 53)، (1091 - 1092).
(5) غرر الحكم: 1606، 636، 756، (52 - 53)، (1091 - 1092).
(6) غرر الحكم: 1606، 636، 756، (52 - 53)، (1091 - 1092).
(7) غرر الحكم: 1606، 636، 756، (52 - 53)، (1091 - 1092).
(8) نهج البلاغة: الكتاب 31، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
16 / 113.
(9) البحار: 78 / 249 / 87.
(10) غرر الحكم: 1751، 4577.
(11) غرر الحكم: 1751، 4577.
(12) نهج البلاغة: الكتاب 31.
3705
(563)
اليتيم
البحار: 79 / 266 باب 103 " أكل مال اليتيم ".
البحار: 75 / 1 باب 31 " العشرة مع اليتامى.. ".
كنز العمال: 3 / 168، 174، 176 " الرحمة باليتيم ".
كنز العمال: 15 / 177 " كفالة اليتيم ".
وسائل الشيعة: 12 / 180 باب 70 " تحريم أكل مال اليتيم ".

3707
[4237]
الحث على رعاية الأيتام
الكتاب
* (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله
وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين
وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم
توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون) * (1).
* (وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى) * (2).
(انظر) البقرة: 220، الفجر: 17، 18،
الماعون: 2، 3.
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته قبل
الموت -: الله الله في الأيتام، فلا تغبوا (3) أفواههم،
ولا يضيعوا بحضرتكم، فقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقول: من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله عز
وجل له بذلك الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم
النار (4).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عال يتيما حتى
يستغني عنه أوجب الله عز وجل له بذلك الجنة كما
أوجب الله لآكل مال اليتيم النار (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم
أنك تزرع كذلك تحصد (6).
- الإمام علي (عليه السلام): مامن مؤمن ولا مؤمنة يضع
يده على رأس يتيم ترحما له إلا كتب الله له بكل
شعرة مرت يده عليها حسنة (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا وكافل اليتيم كهاتين في
الجنة إذا اتقى الله عز وجل - وأشار بالسبابة
والوسطى - (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا
- وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما - (9).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن في الجنة دارا يقال لها:
دار الفرح لا يدخلها إلا من فرح يتامى
المؤمنين (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من قبض يتيما من بين مسلمين إلى
طعامه وشرابه أدخله الله الجنة البتة،
إلا أن يعمل ذنبا لا يغفر (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من عال ثلاثة من الأيتام كان
كمن قام ليله، وصام نهاره، وغدا وراح شاهرا
سيفه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنة
أخوين كما أن هاتين أختان - وألصق إصبعيه
السبابة والوسطى - (12).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لرجل يشكو قسوة قلبه -:



(1) البقرة: 83، 177.
(2) البقرة: 83، 177.
(3) أغب القوم: جاءهم يوما وترك يوما، أي: صلوا
أفواههم بالإطعام ولا تقطعوه عنها. كما في هامش نهج البلاغة
للدكتور صبحي الصالح.
(4) الكافي: 7 / 51.
(5) البحار: 75 / 4 / 8 و 77 / 171 / 7 و 75 / 4 / 9.
(6) البحار: 75 / 4 / 8 و 77 / 171 / 7 و 75 / 4 / 9.
(7) البحار: 75 / 4 / 8 و 77 / 171 / 7 و 75 / 4 / 9.
(8) نور الثقلين: 5 / 597 / 23.
(9) الترغيب والترهيب: 3 / 346 / 1.
(10) كنز العمال: 6008.
(11) الترغيب والترهيب: 3 / 347 / 5 و ح 4.
(12) الترغيب والترهيب: 3 / 347 / 5 و ح 4.
3708
أتحب أن يلين قلبك، وتدرك حاجتك؟: ارحم
اليتيم وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلن
قلبك وتدرك حاجتك (1).
(انظر) وسائل الشيعة: 2 / 926 باب 91.
[4238]
أكل مال اليتيم
الكتاب
* (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون
في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) * (2).
(انظر) النساء: 2، 6، الأنعام: 152، الإسراء: 34.
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): شر المآكل أكل مال
اليتيم ظلما (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يبعث ناس عن قبورهم
يوم القيامة تأجج أفواههم نارا، فقيل له:
يا رسول الله من هؤلاء؟ قال: الذين يأكلون أموال
اليتامى (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - في حديث المعراج -: نظرت فإذا
أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد
وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواهم
صخرا من نار، فتقذف في في أحدهم حتى
تخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ، فقلت: يا
جبرئيل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون
أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في
بطونهم نارا (5).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما
تقذف في أجوافهم النار، وتخرج من أدبارهم،
فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين
يأكلون أموال اليتامى ظلما (6).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سئل عن الكبائر -:
منها أكل مال اليتيم ظلما (7).
[4239]
علة تحريم أكل مال اليتيم
- الإمام الرضا (عليه السلام) - من كتابه إلى
محمد بن سنان في علة تحريم أكل مال
اليتيم -: حرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل
كثيرة من وجوه الفساد: أول ذلك إذا أكل
مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله، إذ اليتيم غير
مستغن، ولا محتمل لنفسه، ولا قائم بشأنه، ولاله
من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه، فإذا أكل ماله
فكأنه قد قتله وصيره إلى الفقر والفاقة... مع ما في
ذلك من طلب اليتيم بثأره
إذا أدرك، ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاء
حتى يتفانوا (8).
- فاطمة الزهراء (عليها السلام) - في خطبة لها -:
فرض الله مجانبة أكل أموال اليتامى إجارة
من الظلم (9).



(1) الترغيب والترهيب: 3 / 349 / 14.
(2) النساء: 10.
(3) أمالي الصدوق: 395 / 1.
(4) البحار: 75 / 10 / 33.
(5) الدر المنثور: 2 / 443.
(6) البحار: 79 / 267 / 2 و 75 / 10 / 32.
(7) البحار: 79 / 267 / 2 و 75 / 10 / 32.
(8) علل الشرائع: 480 / 1.
(9) البحار: 79 / 268 / 7.
3709
[4240]
أيتام آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشد من يتم اليتيم
الذي انقطع عن أبيه، يتم يتيم انقطع عن
إمامه ولا يقدر على الوصول إليه، ولا يدري كيف
حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان
من شيعتنا عالما بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا
المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن
هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق
الأعلى (1).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن علماء شيعتنا يحشرون
فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر
كثرة علومهم وجدهم في إرشاد عباد الله،
حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف خلعة
من نور.
ثم ينادي منادي ربنا عز وجل: أيها الكافلون
لأيتام آل محمد، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن
آبائهم الذين هم أئمتهم، هؤلاء تلامذتكم
والأيتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم، فاخلعوا
عليهم [كما خلقتموهم] خلع العلوم
في الدنيا (2).
- الإمام الحسن (عليه السلام): فضل كافل يتيم آل
محمد المنقطع عن مواليه الناشب في رتبة
الجهل - يخرجه من جهله، ويوضح له ما اشتبه
عليه - على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه،
كفضل الشمس على السهى (3) (4).
- الإمام الحسين (عليه السلام): من كفل لنا يتيما
قطعته عنا محبتنا باستتارنا، فواساه من
علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه،
قال الله عز وجل: أيها العبد الكريم المواسي
أنا أولى بالكرم منك، اجعلوا له يا ملائكتي في
الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر،
وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم (5).
(انظر) العلم: باب 2838 - 2845.



(1) البحار: 2 / 2 / 1.
(2) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 340 / 216.
(3) كوكب خفي في بنات النعش وهو عند الثانية من البنات. كما
في هامش البحار.
(4) البحار: 2 / 3 / 4 وص 4 / 5.
(5) البحار: 2 / 3 / 4 وص 4 / 5.
3710
(564)
اليقين
البحار: 70 / 130 باب 52 " اليقين ".
كنز العمال: 3 / 437، 800 " اليقين ".
البحار: 41 / 1 باب 99 " يقين أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وصبره على المكاره ".
انظر:
عنوان: 276 " الشك "، الباطل: باب 363، الرضا: باب 1516، الشك: باب 2088، العبادة:
باب 2492، التوكل: باب 4186، المعرفة (3): باب 2607.

3711
[4241]
اليقين
* (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا
بآياتنا يوقنون) * (1)
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا إن الناس لم يؤتوا
في الدنيا شيئا خيرا من اليقين والعافية،
فاسألوهما الله (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): أيها الناس! سلوا الله
المعافاة، فإنه لم يعط أحد مثل اليقين
بعد المعافاة، ولا أشد من الريبة بعد الكفر (3).
- الإمام علي (عليه السلام): أيها الناس! سلوا الله
اليقين، وارغبوا إليه في العافية، فإن
أجل النعمة العافية، وخير ما دام في القلب اليقين،
والمغبون من غبن دينه، والمغبوط من غبط
يقينه (4).
- عنه (عليه السلام) - كان يقول -: واسألوا الله اليقين،
وارغبوا إليه في العاقبة، وخير ما دار في
القلب اليقين (5).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سأله معاذ:
ما أعمل؟ -: اقتد بنبيك يا معاذ
في اليقين، قال: قلت: أنت رسول الله
وأنا معاذ! قال: وإن كان في علمك
تقصير (6).
- الإمام علي (عليه السلام): ما أعظم سعادة من
بوشر قلبه ببرد اليقين (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير ما القي في القلب
اليقين (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): كفى باليقين غنى (9).
- الإمام علي (عليه السلام): من أيقن أفلح (10).
- عنه (عليه السلام): من أيقن ينج (11).
- عنه (عليه السلام): أيقن تفلح (12).
- عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) -:
أحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة، وقوه
باليقين (13).
- عنه (عليه السلام) - في صفة الملائكة -: ولم
ترم الشكوك بنوازعها [نوازعها] عزيمة إيمانهم،
ولم تعترك الظنون على معاقد يقينهم (14).
- عنه (عليه السلام): باليقين تدرك الغاية القصوى (15).



(1) السجدة: 24.
(2) كنز العمال: 7334، 7338.
(3) كنز العمال: 7334، 7338.
(4) البحار: 70 / 176 / 33.
(5) البحار: 69 / 398 / 88.
(6) مستدرك الوسائل: 11 / 196 / 12727.
(7) غرر الحكم: 9556.
(8) أمالي الصدوق: 395 / 1.
(9) البحار: 70 / 176 / 32.
(10) غرر الحكم: 7706، 7720، 2242.
(11) غرر الحكم: 7706، 7720، 2242.
(12) غرر الحكم: 7706، 7720، 2242.
(13) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 91 و 157.
(14) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 91 و 157.
(15) نهج البلاغة: الكتاب 31، والخطبة 91 و 157.
3712
[4242]
اليقين رأس الدين
- الإمام علي (عليه السلام): اليقين رأس الدين (1).
- عنه (عليه السلام): أفضل الدين اليقين (2).
- عنه (عليه السلام): أفضل الإيمان حسن الإيقان (3).
- عنه (عليه السلام): قووا إيمانكم باليقين، فإنه
أفضل الدين (4).
- عنه (عليه السلام): نظام الدين حسن اليقين (5).
- عنه (عليه السلام): ثمرة الدين قوة اليقين (6).
- عنه (عليه السلام): على قدر الدين تكون قوة اليقين (7).
(انظر) الدين: باب 1294، 1295، 1298.
[4243]
اليقين عماد الإيمان
- الإمام علي (عليه السلام): اليقين عماد الإيمان (8).
- عنه (عليه السلام): ملاك الإيمان حسن الإيقان (9).
- عنه (عليه السلام): يحتاج الإيمان إلى الإيقان (10).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصبر نصف الإيمان، واليقين
الإيمان كله (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): المؤمن له قوة في
الدين، وحزم في لين، وإيمان في يقين (12).
(انظر) الدين: باب 1299.
[4244]
اليقين أعز شئ
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لأبي بصير -: إن الإيمان
أفضل من الإسلام، وإن اليقين أفضل من الإيمان،
وما من شئ أعز من اليقين (13).
- عنه (عليه السلام): ما أوتي الناس أقل من
اليقين (14).
- الإمام الباقر (عليه السلام): لم يقسم بين الناس
شئ أقل من اليقين (15).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لم يقسم بين العباد
أقل من خمس: اليقين، والقنوع، والصبر،
والشكر، والذي يكمل به هذا كله العقل (16).
(انظر) الإيمان: باب 295.
[4245]
اليقين عبادة
- الإمام علي (عليه السلام): اليقين عبادة (17).
- عنه (عليه السلام): باليقين تتم العبادة (18).
- عنه (عليه السلام): كفى باليقين عبادة (19).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا عمل إلا بنية،



(1) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(2) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(3) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(4) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(5) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(6) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(7) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(8) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(9) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(10) غرر الحكم: 852، 2868، 2992، 6797، 9976، 4635، 6184، 398، 9726، 11019.
(11) كنز العمال: 7331.
(12) البحار: 67 / 271 / 3.
(13) الكافي: 2 / 51 / 1 وص 52 / 4 و ح 5.
(14) الكافي: 2 / 51 / 1 وص 52 / 4 و ح 5.
(15) الكافي: 2 / 51 / 1 وص 52 / 4 و ح 5.
(16) البحار: 70 / 173 / 26.
(17) غرر الحكم: 31، 4199، 7042.
(18) غرر الحكم: 31، 4199، 7042.
(19) غرر الحكم: 31، 4199، 7042.
3713
ولا عبادة إلا بيقين (1).
(انظر) العبادة: باب 2494.
[4246]
اليقين أفضل عبادة
- الإمام علي (عليه السلام): اليقين أفضل عبادة (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن العمل الدائم القليل
على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على
غير يقين (3).
- الإمام علي (عليه السلام): نوم على يقين خير من صلاة
في شك (4).
(انظر) السهر: باب 1920.
[4247]
غاية الإيمان الإيقان
- الإمام الصادق (عليه السلام) - لأبي بصير -: يا أبا
محمد! الإسلام درجة، قال: قلت: نعم، قال:
والإيمان على الإسلام درجة، قال: قلت: نعم،
قال: والتقوى على الإيمان درجة، قال: قلت:
نعم، قال: واليقين على التقوى درجة، قال: قلت:
نعم، قال: فما أوتي الناس أقل من اليقين،
وإنما تمسكتم بأدنى الإسلام، فإياكم أن
ينفلت من أيديكم (5).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما سئل عن الإيمان
والإسلام -: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنما هو الإسلام،
والإيمان فوقه بدرجة والتقوى فوق الإيمان
بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، ولم يقسم
بين الناس شئ أقل من اليقين (6).
- عنه (عليه السلام): الإيمان فوق الإسلام بدرجة،
والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق
التقوى بدرجة، ولم يقسم بين العباد شئ
أقل من اليقين (7).
- عنه (عليه السلام): الإيمان أفضل من الإسلام بدرجة،
والتقوى أفضل من الإيمان بدرجة، واليقين
أفضل من التقوى بدرجة، ولم يقسم بين بني آدم
شيئا أقل من اليقين (8).
- الإمام علي (عليه السلام): غاية الدين الإيمان،
غاية الإيمان الإيقان (9).
(انظر) الزهد: باب 1620.
الدين: باب 1293.
[4248]
بين الإيمان واليقين
- سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) الحسن
والحسين (عليهما السلام) فقال لهما: ما بين الإيمان
واليقين؟ فسكتا، فقال للحسن: أجب
يا أبا محمد! قال: بينهما شبر، قال:
وكيف ذاك؟ قال: لأن الإيمان ما سمعناه



(1) البحار: 77 / 168 / 6.
(2) غرر الحكم: 856.
(3) الكافي: 2 / 57 / 3.
(4) غرر الحكم: 9958.
(5) الكافي: 2 / 52 / 4.
(6) الكافي: 2 / 52 / 5 و ح 6.
(7) الكافي: 2 / 52 / 5 و ح 6.
(8) البحار: 70 / 171 / 21.
(9) غرر الحكم: 6345، 6346.
3714
بآذاننا وصدقناه بقلوبنا، واليقين ما أبصرناه
بأعيننا واستدللنا به على ما غاب عنا (1).
[4249]
الإيمان في القلب واليقين خطرات
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): الإيمان ثابت في القلب،
واليقين خطرات (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الإيمان في القلب،
واليقين خطرات (3).
- روي: كفى باليقين غنى وبالعبادة شغلا، وإن
الإيمان بالقلب واليقين خطرات (4).
- الإمام الباقر (عليه السلام): الإيمان ثابت في
القلب، واليقين خطرات، فيمر اليقين
بالقلب فيصير كأنه زبر الحديد، ويخرج منه
فيصير كأنه خرقة بالية (5).
[4250]
علم اليقين
الكتاب
* (كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم
لترونها عين اليقين * ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * (6).
* (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال
أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من
الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم
أدعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم) * (7).
* (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض
وليكون من الموقنين) * (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (لو تعلمون علم اليقين) * -: المعاينة (9).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس المعاين كالمخبر (10).
- عنه (صلى الله عليه وآله): ليس الخبر كالمعاينة، إن
الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم
يلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح
فانكسرت (11).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى يقول: ثلاث
خصال غيبتهن عن عبادي لو رآهن رجل
ما عمل سوءا أبدا: لو كشف غطائي فرآني
حتى يستيقن، ويعلم كيف أفعل بخلقي
إذا أمتهم (12).
[4251]
حق اليقين
الكتاب
* (إن هذا لهو حق اليقين) * (13).
* (وإنه لحق اليقين) * (14).



(1) مشكاة الأنوار: 15.
(2) كنز العمال: 7339.
(3) البحار: 70 / 178 / 38 و ح 44 و 78 / 185 / 16.
(4) البحار: 70 / 178 / 38 و ح 44 و 78 / 185 / 16.
(5) البحار: 70 / 178 / 38 و ح 44 و 78 / 185 / 16.
(6) التكاثر: 5 - 8.
(7) البقرة: 260.
(8) الأنعام: 75.
(9) المحاسن: 1 / 385 / 852.
(10) كنز العمال: 44130، 44111، 29858.
(11) كنز العمال: 44130، 44111، 29858.
(12) كنز العمال: 44130، 44111، 29858.
(13) الواقعة: 95.
(14) الحاقة: 51.
3715
التفسير:
الحق هو العلم من حيث إن الخارج الواقع
يطابقه، واليقين هو العلم الذي لا لبس فيه
ولا ريب، فإضافة الحق إلى اليقين نحو من
الإضافة البيانية جئ بها للتأكيد (1).
قال المجلسي رضوان الله عليه: ولليقين
ثلاث مراتب: علم اليقين، وعين اليقين،
وحق اليقين * (كلا لو تعلمون علم اليقين لترون
الجحيم ثم لترونها عين اليقين) * * (إن هذا لهو
حق اليقين) * والفرق بينها إنما ينكشف بمثال،
فعلم اليقين بالنار مثلا هو مشاهدة المرئيات
بتوسط نورها، وعين اليقين بها هو معاينة جرمها،
وحق اليقين بها الاحتراق فيها، وانمحاء الهوية
بها، والصيرورة نارا صرفا، وليس وراء هذا غاية
ولا هو قابل للزيادة، لو كشف الغطاء ما ازددت
يقينا (2).
- الإمام علي (عليه السلام): عباد الله! إن من أحب
عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه، فاستشعر
الحزن، وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في
قلبه... قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف
مناره، وقطع غماره، واستمسك من العرى
بأوثقها، ومن الحبال بأمتنها، فهو من اليقين على
مثل ضوء الشمس (3).
- عنه (عليه السلام): هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة،
وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استعوره
المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون،
وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل
الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى
دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم! (4).
[4252]
تفسير اليقين
- جبرئيل - وقد جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) -:
يا رسول الله! إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليك
بهدية لم يعطها أحدا قبلك، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
قلت: وما هي؟ قال: الصبر وأحسن منه - إلى أن
قال - قلت: فما تفسير اليقين؟ قال: الموقن يعمل
لله كأنه يراه، فإن لم يكن يرى الله فإن الله يراه، وأن
يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما
أخطأه لم يكن ليصيبه، وهذا كله أغصان التوكل
ومدرجة الزهد (5).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما سأله يونس عن
اليقين -: التوكل على الله، والتسليم لله، والرضا
بقضاء الله، والتفويض إلى الله، قلت: فما تفسير
ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر (عليه السلام) (6).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لما سأله رجل عن الإيمان -:
الإخلاص، قال: فما اليقين؟ قال: التصديق (7).



(1) الميزان: 19 / 140.
(2) البحار: 70 / 142.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 87.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 147.
(6) البحار: 77 / 20 / 4.
(7) الكافي: 2 / 52 / 5.
(4) الترغيب والترهيب: 1 / 53 / 3.
3716
- الإمام علي (عليه السلام): الإسلام هو التسليم،
والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق،
والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء،
والأداء هو العمل (1).
- عنه (عليه السلام): اليقين نور (2).
(انظر) التوكل: باب 4183،
الإسلام: باب 1876.
[4253]
علامات الموقن
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما علامة الموقن فستة: أيقن
بالله حقا فآمن به، وأيقن بأن الموت
حق فحذره، وأيقن بأن البعث حق فخاف
الفضيحة، وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق
إليها، وأيقن بأن النار حق فظهر سعيه للنجاة منها،
وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه (3).
- الإمام علي (عليه السلام): الموقن أشد الناس
حزنا على نفسه (4).
- عنه (عليه السلام): الشوق شيمة الموقنين (5).
- عنه (عليه السلام): يستدل على اليقين بقصر الأمل،
وإخلاص العمل، والزهد في الدنيا (6).
- عنه (عليه السلام): من أيقن أنه يفارق الأحباب،
ويسكن التراب، ويواجه الحساب، ويستغني عما
خلف، ويفتقر إلى ما قدم، كان حريا
بقصر الأمل، وطول العمل (7).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
* (وكان تحته كنز لهما) * -: أما إنه ما كان
ذهبا ولا فضة، إنما كان أربع كلمات: أنا الله
لا إله إلا أنا، من أيقن بالموت لم يضحك سنه،
ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن
بالقدر لم يخش إلا الله (8).
- الإمام علي (عليه السلام): التقوى ثمرة الدين،
وأمارة اليقين (9).
- عنه (عليه السلام): من يستيقن يعمل جاهدا (10).
- عنه (عليه السلام): من صح يقينه زهد في المراء (11).
- الإمام الصادق (عليه السلام): لا عمل إلا بيقين،
ولا يقين إلا بالخشوع (12).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من اليقين أن لا ترضي
أحدا بسخط الله، ولا تحمد أحدا بما آتاك الله، ولا
تذم أحدا على ما لم يؤتك الله (13).
- الإمام الصادق (عليه السلام): إن من اليقين
أن لا ترضوا الناس بسخط الله، ولا تلوموهم على
ما لم يؤتكم الله من فضله، فإن
الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده
كره كاره (14).
(انظر) المعروف (2): باب 2700 حديث
12488، الإيمان: باب 291 -
297، التقوى: باب 4169.



(1) نهج البلاغة: الحكمة 125.
(2) غرر الحكم: 68.
(3) تحف العقول: 20.
(4) غرر الحكم: 2012، 663، 10970.
(5) غرر الحكم: 2012، 663، 10970.
(6) غرر الحكم: 2012، 663، 10970.
(6) البحار: 73 / 167 / 31 و 70 / 182 / 52.
(7) البحار: 73 / 167 / 31 و 70 / 182 / 52.
(8) البحار: 73 / 167 / 31 و 70 / 182 / 52.
(9) غرر الحكم: 1714، 7988، 8709.
(10) غرر الحكم: 1714، 7988، 8709.
(11) غرر الحكم: 1714، 7988، 8709.
(12) تحف العقول: 304.
(13) البحار: 77 / 61 / 4 و 70 / 172 / 22.
(14) البحار: 77 / 61 / 4 و 70 / 172 / 22.
3717
[4254]
المؤمن يرى يقينه في عمله
- الإمام علي (عليه السلام): إن المؤمن يرى يقينه
في عمله، وإن المنافق يرى شكه في عمله (1).
- عنه (عليه السلام): التارك للعمل غير موقن
بالثواب عليه (2).
- عنه (عليه السلام): من تيقن أن الله سبحانه يراه
وهو يعمل بمعاصيه فقد جعله أهون الناظرين (3).
- عنه (عليه السلام): لا تجعلوا يقينكم شكا،
ولا علمكم جهلا (4).
- عنه (عليه السلام): بذل الموجود زينة اليقين (5).
(انظر) النور: باب 3960، العلم:
باب 2881 وباب 2888.
[4255]
ما يفسد اليقين
- الإمام علي (عليه السلام): يفسد اليقين الشك
وغلبة الهوى (6).
- عنه (عليه السلام): من كثر حرصه قل يقينه (7).
- عنه (عليه السلام): طاعة الحرص تفسد اليقين (8).
- عنه (عليه السلام): الحرص يفسد الإيقان (9).
- الإمام الصادق (عليه السلام): حرم الحريص خصلتين
ولزمته خصلتان: حرم القناعة فافتقد
الراحة، وحرم الرضا فافتقد اليقين (10).
- الإمام علي (عليه السلام): سبب فساد اليقين الطمع (11).
- عنه (عليه السلام): الجدل في الدين يفسد اليقين (12).
- عنه (عليه السلام): حب المال يوهن الدين ويفسد
اليقين (13).
- عنه (عليه السلام): خلطة أبناء الدنيا تشين الدين،
وتضعف اليقين (14).
- عنه (عليه السلام): من لم يوقن بالجزاء أفسد
الشك يقينه (15).
(انظر) الطمع: باب 2420، الإيمان:
باب 284 - 286.
[4256]
ضعف اليقين
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أخاف على أمتي
إلا ضعف اليقين (16).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما أتخوف على أمتي ضعف
اليقين (17).
- الإمام علي (عليه السلام): بخس مروته من ضعف يقينه (18).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من ضعف اليقين أن ترضي
الناس بسخط الله تعالى، وأن تحمدهم على رزق
الله تعالى، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله (19).



(1) غرر الحكم: 3551، 1545.
(2) غرر الحكم: 3551، 1545.
(3) البحار: 78 / 92 / 98.
(4) غرر الحكم: 10336.
(5) البحار: 77 / 131 / 41.
(6) غرر الحكم: 11011، 7996، 5986، 724.
(7) غرر الحكم: 11011، 7996، 5986، 724.
(8) غرر الحكم: 11011، 7996، 5986، 724.
(9) غرر الحكم: 11011، 7996، 5986، 724.
(10) البحار: 73 / 161 / 6.
(11) غرر الحكم: 5513، 1177، 4876، 5072، 8961.
(12) غرر الحكم: 5513، 1177، 4876، 5072، 8961.
(13) غرر الحكم: 5513، 1177، 4876، 5072، 8961.
(14) غرر الحكم: 5513، 1177، 4876، 5072، 8961.
(15) غرر الحكم: 5513، 1177، 4876، 5072، 8961.
(16) كنز العمال: 7332، 7341.
(17) كنز العمال: 7332، 7341.
(18) تحف العقول: 201.
(19) البحار: 77 / 185 / 30.
3718
- الإمام علي (عليه السلام): والله لقد اعترض الشك،
ودخل اليقين، حتى كأن الذي ضمن لكم
قد فرض عليكم، وكأن الذي قد فرض عليكم قد
وضع عنكم (1).
[4257]
من لا ينفعه اليقين
- الإمام علي (عليه السلام): ألا وإنه من لا ينفعه
اليقين يضره الشك، ومن لا ينفعه حاضر لبه ورأيه
فغائبه عنه أعجز (2).
- عنه (عليه السلام): ألا وإنه من لم ينفعه الحق
ضره الباطل، ومن لم يستقم به الهدى جار
به الضلال (3).
أقول: (انظر): الشك: باب 2088،
الحق: باب 897.
[4258]
ثمرات اليقين
1 - الصبر:
- الإمام علي (عليه السلام): الصبر أول لوازم الإيقان (4).
- عنه (عليه السلام): الصبر ثمرة اليقين (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الصبر من اليقين (6).
- الإمام علي (عليه السلام): سلاح الموقن الصبر على
البلاء، والشكر في الرخاء (7).
- عنه (عليه السلام): عليك بالصبر، فإنه حصن
حصين وعبادة الموقنين (8).
2 - الإخلاص:
- الإمام علي (عليه السلام): إخلاص العمل من قوة اليقين
وصلاح النية (9).
- عنه (عليه السلام): سبب الإخلاص اليقين (10).
- عنه (عليه السلام): على قدر قوة الدين يكون خلوص
النية (11).
- عنه (عليه السلام): يستدل على اليقين بقصر الأمل
وإخلاص العمل (12).
- عنه (عليه السلام): الموقنون والمخلصون والمؤثرون
من رجال الأعراف (13).
- عنه (عليه السلام): غاية اليقين الإخلاص، غاية
الإخلاص الخلاص (14).
- عنه (عليه السلام): عباد الله! اعلموا أن يسير
الرياء شرك، وأن إخلاص العمل اليقين (15).
3 - الزهد:
- الإمام علي (عليه السلام): اليقين يثمر الزهد (16).
- عنه (عليه السلام): الزهد أساس اليقين (17).
- عنه (عليه السلام): لو صح يقينك لما استبدلت الفاني
بالباقي، ولا بعت السني بالدني (18).
- عنه (عليه السلام): زهد المرء فيما يفنى على قدر
يقينه بما يبقى (19).
- عنه (عليه السلام): كذب من ادعى اليقين بالباقي



(1) نهج البلاغة: الخطبة 114.
(2) البحار: 77 / 417 / 39.
(3) كنز العمال: 44225.
(4) غرر الحكم: (1616 ترجمه محمد على الأنصاري)، 411.
(5) غرر الحكم: (1616 ترجمه محمد على الأنصاري)، 411.
(6) مشكاة الأنوار: 20.
(7) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(8) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(9) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(10) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(11) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(12) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(13) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(14) غرر الحكم: 5560، 6134، 1301، 5538، 6192، 10970، 1975، (6347 - 6348).
(15) البحار: 77 / 291 / 2.
(16) غرر الحكم: 843، 516، 7588، 5488.
(17) غرر الحكم: 843، 516، 7588، 5488.
(18) غرر الحكم: 843، 516، 7588، 5488.
(19) غرر الحكم: 843، 516، 7588، 5488.
3719
وهو مواصل للفاني (1).
- عنه (عليه السلام): من أيقن بالآخرة لم يحرص
على الدنيا (2).
- عنه (عليه السلام): أين الموقنون الذين خلعوا
سرابيل الهوى، وقطعوا عنهم علائق الدنيا؟! (3).
- عنه (عليه السلام): اليقين أفضل الزهادة (4).
(انظر): الزهد: باب 1616.
4 - التوكل:
- الإمام علي (عليه السلام): بحسن التوكل يستدل
على حسن الإيقان (5).
- عنه (عليه السلام): التوكل من قوة اليقين (6).
- عنه (عليه السلام): في التوكل حقيقة الإيقان (7).
(انظر): باب 4252 حديث 22651.
التوكل: باب 4185 وتأمل.
5 - الرضا:
- الإمام علي (عليه السلام): بالرضا بقضاء الله
يستدل على حسن اليقين (8).
- عنه (عليه السلام): الرضا ثمرة اليقين (9).
- عنه (عليه السلام): من رضي بالمقدور قوي يقينه (10).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الرضا بمكروه القضاء من
أعلى درجات اليقين (11).
(انظر) الرضا: باب 1519، 1520.
6 - تهوين المصائب:
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله بحكمته وجلاله جعل
الروح والفرج في الرضا واليقين (12).
- الإمام علي (عليه السلام) - في وصيته لابنه
الحسن (عليه السلام) -: اطرح عنك واردات الهموم
[الأمور] بعزائم الصبر وحسن اليقين (13).
- الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في المناجاة -:
أسألك بكرمك أن تمن علي من عطائك بما
تقر به عيني... ومن اليقين بما تهون به
علي مصيبات الدنيا، وتجلو به عن بصيرتي
غشوات العمى (14).
(انظر) الإنفاق: باب 3942.
[4259]
شعب اليقين
- الإمام علي (عليه السلام): الإيمان على أربع دعائم:
على الصبر واليقين والعدل والجهاد... واليقين (15)
على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول
الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين، فمن
تبصر في الفطنة تأول الحكمة (16)، ومن تأول
الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما
عاش (17) في الأولين (18).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): لليقين أربع شعب: تبصرة
الفطنة، وتأول الحكمة، ومعرفة العبرة،
واتباع السنة، فمن أبصر الفطنة تأول الحكمة،



(1) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(2) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(3) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(4) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(5) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(6) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(7) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(8) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(9) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(10) غرر الحكم: 7237، 8256، 2823، 391، 4286، 699، 6484، 4284، 728، 8467.
(11) البحار: 71 / 152 / 60.
(12) كنز العمال: 7333.
(13) نهج البلاغة: الكتاب 31.
(14) البحار: 94 / 145 / 21.
(15) في النهج: واليقين منها.
(16) في النهج: فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت
له الحكمة...
(17) في النهج: فكأنما كان.
(18) الخصال: 231 / 74.
3720
ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة
اتبع السنة، فمن اتبع السنة
فكأنما كان في الأولين (1).
- الإمام علي (عليه السلام): اليقين على أربع شعب: على
غاية الفهم، وغمرة العلم، وزهرة الحكم، وروضة
الحلم، فمن فهم فسر جمل العلم، ومن فسر جمل
العلم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع
الحكم حلم، ولم يفرط في أمره، وعاش في
الناس (2).
[4260]
ازدياد اليقين
- الإمام علي (عليه السلام): من يؤمن يزدد يقينا (3).
- الإمام الكاظم (عليه السلام): تعاهدوا عباد الله! نعمه
بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا، وتربحوا نفيسا
ثمينا (4).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - لما سئل عن قول
الله لإبراهيم: * (أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن
قلبي) * أكان في قلبه شك؟ -:
لا، كان على يقين، ولكنه أراد من الله الزيادة
في يقينه (5).
- الإمام الصادق (عليه السلام): اليقين يوصل العبد
إلى كل حال سني ومقام عجيب، كذلك أخبر
رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن عظم شأن اليقين حين ذكر
عنده أن عيسى بن مريم كان يمشي على الماء،
فقال: لو زاد يقينه لمشى في الهواء (6).
- فقد الحواريون عيسى (عليه السلام) فخرجوا يطلبونه،
فوجدوه يمشي على الماء، فقال بعضهم: يا نبي
الله أنمشي إليك؟ قال:
نعم، فوضع رجله ثم ذهب يضع الأخرى
فانغمس، فقال: هات يدك يا قصير الإيمان!
لو أن لابن آدم مثقال حبة أو ذرة من اليقين
إذن لمشى على الماء (7).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن عيسى بن مريم
كان يمشي على الماء، ولو زاد يقينا لمشى
في الهواء (8).
- عنه (صلى الله عليه وآله): لو أن أخي عيسى كان
أحسن يقينا مما كان لمشى في الهواء وصلى على
الماء (9).
- الإمام علي (عليه السلام): لو كشف الغطاء ما
ازددت يقينا (10).
(انظر): الإيمان: باب 272، الزهد: باب 1623، المعرفة:
باب 2607، العجب: باب 2413 حديث 11498.
كلام في الإيمان وازدياده:
الإيمان بالشئ ليس مجرد العلم الحاصل به
كما يستفاد من أمثال قوله تعالى: * (إن الذين
ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم
الهدى) * (11)، وقوله: * (إن الذين كفروا وصدوا



(1) كنز العمال: 1389، 8803.
(2) كنز العمال: 1389، 8803.
(3) غرر الحكم: 7987.
(4) الكافي: 2 / 268 / 1.
(5) البحار: 70 / 176 / 34.
(6) البحار: 70 / 179 / 45.
(7) الدر المنثور: 2 / 203.
(8) كنز العمال: 7342، 7343.
(9) كنز العمال: 7342، 7343.
(10) غرر الحكم: 7569.
(11) محمد: 25.
3721
عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم
الهدى) * (1)، وقوله: * (وجحدوا بها واستيقنتها
أنفسهم) * (2)، وقوله: * (وأضله الله على علم) * (3)،
فالآيات - كما ترى - تثبت الارتداد والكفر
والجحود والضلال مع العلم.
فمجرد العلم بالشئ والجزم بكونه حقا
لا يكفي في حصول الإيمان واتصاف من حصل له
به، بل لابد من الالتزام بمقتضاه وعقد
القلب على مؤداه بحيث يترتب عليه آثاره العملية
ولو في الجملة، فالذي حصل له
العلم بأن الله تعالى إله لا إله غيره فالتزم
بمقتضاه - وهو عبوديته وعبادته وحده -
كان مؤمنا، ولو علم به ولم يلتزم فلم يأت بشئ
من الأعمال المظهرة للعبودية كان عالما وليس
بمؤمن.
ومن هنا يظهر بطلان ما قيل: إن الإيمان
هو مجرد العلم والتصديق، وذلك لما مر أن العلم
ربما يجامع الكفر.
ومن هنا يظهر أيضا بطلان ما قيل: إن الإيمان
هو العمل، وذلك لأن العمل يجامع النفاق،
فالمنافق له عمل وربما كان ممن ظهر له الحق
ظهورا علميا ولا إيمان له على أي حال.
وإذ كان الإيمان هو العلم بالشئ مع الالتزام
به بحيث يترتب عليه آثاره العملية، وكل من
العلم والالتزام مما يزداد وينقص ويشتد
ويضعف، كان الإيمان المؤلف منهما قابلا للزيادة
والنقيصة والشدة والضعف، فاختلاف المراتب
وتفاوت الدرجات من الضروريات التي لا يشك
فيها قط.
هذا ما ذهب إليه الأكثر وهو الحق، ويدل عليه
من النقل قوله تعالى: * (ليزدادوا إيمانا
مع إيمانهم) * وغيره من الآيات، وما ورد من
أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الدالة على أن
الإيمان ذو مراتب.
وذهب جمع منهم أبو حنيفة وإمام الحرمين
وغيرهما إلى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص،
واحتجوا عليه بأن الإيمان اسم للتصديق البالغ
حد الجزم والقطع، وهو مما لا يتصور فيه الزيادة
والنقصان، فالمصدق إذا ضم إلى تصديقه
الطاعات أو ضم إليه المعاصي فتصديقه بحاله لم
يتغير أصلا.
وأولوا ما دل من الآيات على قبوله الزيادة
والنقصان بأن الإيمان عرض لا يبقى بشخصه
بل بتجدد الأمثال، فهو بحسب انطباقه على
الزمان بأمثاله المتجددة يزيد وينقص كوقوعه
للنبي (صلى الله عليه وآله) مثلا على التوالي من غير فترة
متخللة، وفي غيره بفترات قليلة أو كثيرة،
فالمراد بزيادة الإيمان توالي أجزاء الإيمان من
غير فترة أصلا أو بفترات قليلة.
وأيضا للإيمان كثرة بكثرة ما يؤمن به، و
شرائع الدين لما كانت تنزل تدريجا والمؤمنون
يؤمنون بما ينزل منها، وكان يزيد عدد الأحكام
حينا بعد حين، كان إيمانهم أيضا يزيد تدريجا،



(1) محمد: 32.
(2) النمل: 14.
(3) الجاثية: 23.
3722
وبالجملة: المراد بزيادة الإيمان كثرته عددا.
وهو بين الضعف، أما الحجة ففيها أولا: أن
قولهم: الإيمان اسم للتصديق الجازم ممنوع، بل
هو اسم للتصديق الجازم الذي معه الالتزام كما
تقدم بيانه. اللهم إلا أن يكون مرادهم بالتصديق
العلم مع الالتزام.
وثانيا: أن قولهم: إن هذا التصديق لا يختلف
بالزيادة والنقصان دعوى بلا دليل، بل مصادرة
على المطلوب، وبناؤه على كون الإيمان عرضا
وبقاء الأعراض على نحو تجدد الأمثال لا ينفعهم
شيئا، فإن من الإيمان ما لا تحركه العواصف،
ومنه ما يزول بأدنى سبب يعترض وأوهن شبهة
تطرأ، وهذا مما لا يعلل بتجدد الأمثال وقلة
الفترات وكثرتها، بل لابد من استناده إلى قوة
الإيمان وضعفه سواء قلنا بتجدد الأمثال أم لا.
مضافا إلى بطلان تجدد الأمثال على ما بين في
محله.
وقولهم: إن المصدق إذا ضم إليه الطاعات أو
ضم إليه المعاصي لم يتغير حاله أصلا ممنوع،
فقوة الإيمان بمزاولة الطاعات وضعفها بارتكاب
المعاصي مما لا ينبغي الارتياب فيه، وقوة الأثر
وضعفه كاشفة عن قوة مبدأ الأثر وضعفه، قال
تعالى: * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح
يرفعه) * (1)، وقال: * (ثم كان عاقبة الذين أساءوا
السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها
يستهزؤون) * (2).
وأما ما ذكروه من التأويل فأول التأويلين
يوجب كون من لم يستكمل الإيمان - وهو الذي
في قلبه فترات خالية من أجزاء الإيمان على ما
ذكروه - مؤمنا وكافرا حقيقة، وهذا مما
لا يساعده ولا يشعر به شئ من كلامه تعالى.
وأما قوله تعالى: * (وما يؤمن أكثرهم بالله
إلا وهم مشركون) * (3) فهو إلى الدلالة على
كون الإيمان مما يزيد وينقص أقرب منه إلى
الدلالة على نفيه، فإن مدلوله أنهم مؤمنون
في حال أنهم مشركون، فإيمانهم إيمان
بالنسبة إلى الشرك المحض، وشرك بالنسبة إلى
الإيمان المحض، وهذا معنى قبول الإيمان
للزيادة والنقصان.
وثاني التأويلين يفيد أن الزيادة في الإيمان
وكثرته إنما هي بكثرة ما تعلق به، وهو الأحكام
والشرائع المنزلة من عند الله، فهي صفة للإيمان
بحال متعلقه، والسبب في اتصافه بها هو متعلقه،
ولو كان هذه الزيادة هي المرادة من قوله:
* (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) * كان الأنسب أن
تجعل زيادة الإيمان في الآية غاية لتشريع
الأحكام الكثيرة وإنزالها، لا لإنزال السكينة
في قلوب المؤمنين، هذا (4).
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبلغ بإيماني أكمل
الإيمان، واجعل يقيني أفضل اليقين. وتقبل مني يا مبدل
السيئات بالحسنات يا أرحم الراحمين.
تم الكتاب بحمد الله وتوفيقه، واتفق الفراغ من تأليفه في
ليلة القدر المباركة الثالثة والعشرين من ليالي شهر رمضان
سنة خمسة وأربعمائة بعد الألف من الهجرة، والحمد لله
أولا وآخرا، والصلاة على سيدنا محمد وآله، والسلام.



(1) فاطر: 10.
(2) الروم: 10.
3723
/ 1