تمهيد (جزء 24) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تمهيد (جزء 24) - نسخه متنی

یوسف بن عبد البر قرطبی؛ محققین: مصطفی بن احمد علوی، محمد عبدالکبیر بکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: التمهيد
المؤلف: ابن عبد البر
الجزء: 24
الوفاة: 463
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي ,‏محمد عبد الكبير البكري
الطبعة:
سنة الطبع: 1387
المطبعة: المغرب - وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية
الناشر: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية
ردمك:
ملاحظات:
أول مراسيل يحيى عن نفسه 0
حديث ثالث وخمسون ليحيى بن سعيد
657 مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا قتادة الأنصاري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي جمة أفأرجلها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأكرمها فكان أبو قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين لما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأكرمها (51 6)
لا أعلم بين رواة الموطأ اختلاف في إسناد هذا الحديث وهو عند جميعهم هكذا مرسل منقطع وقد روي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن أبي قتادة وهذا لا يدفع أن يكون مسندا ولا ينكر سماع ابن المنكدر من أبي قتادة والله أعلم
أخبرنا إبراهيم بن شاكر ومحمد بن إبراهيم قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا أحمد بن عمرو

9
ابن عبد الخالق البزار قال حدثنا أحمد بن ثابت قال حدثنا عمر بن علي المقدمي قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن المنكدر عن أبي قتادة قال كانت لي جمة وكنت أدهنها كل يوم مرة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم جمتك وأحسن إليها فكنت أدهنها كل يوم مرتين
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن الهيثم حدثنا ابن يونس حدثنا خالد بن إلياس عن هشام بن عروة ومسلم بن يسار عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرموا الشعر
وحدثنا عبد الرحمن حدثنا علي حدثنا أحمد حدثنا سحنون حدثنا ابن وهب قال أخبرني مسلم بن خالد عن إسماعيل بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يرى الشعث
قال ابن وهب وأخبرني ابن أبي الزناد عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان له شعر فليكرمه

10
وقد روي في هذا الباب حديثان ظاهرهما معارض لهذا المعنى وليس كذلك إن شاء الله
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان وسعيد بن نصر قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا هشام قال حدثنا الحسن عن عبد الله بن مغفل قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غبا
أخبرنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا جعفر بن محمد الصائغ حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا ابن المبارك عن كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الإرفاه قلنا لابن بريدة وما الإرفاه قال الترجل كل يوم
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا جعفر حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد عن محمد بن إسحاق عن عبد الله ابن أبي أمامة عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البذاذة من الإيمان

11
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا جعفر ابن محمد الصائغ قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص هو ابن عائشة قال أخبرنا حماد بن سلمة قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن كعب عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا تسمعون ألا تسمعون ألا تسمعون ثلاثا ألا إن البذاذة من الإيمان
قال أبو سلمة والبذاذة الهيئة الرثة
قال أبو عمر اختلف في إسناد قوله البذاذة من الإيمان اختلافا يسقط معه الاحتجاج به ولا يصح من جهة الإسناد وقد روى الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حديث ذكره لم أخذت من شعرك فقال له كلاما معناه ظننت أنك تكرهه قال لا وهذا أحسن
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثناأبو سفيان السروجي عبد الرحيم بن مطرف بن عم وكيع بن الجراح قال حدثنا عمرو بن محمد العنقزي عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن شمر بن عطية عن خديم بن فاتك قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رجل أنت لولا خلتان فيك قلت يا رسول الله وما هما

12
قال تسبل إزارك وترخي شعرك قال قلت لا جرم فجز خديم شعره ورفع إزاره
قال أبو عمر وقد مضى شيء من معنى هذا الباب في باب زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل رآه ثائر الرأس واللحية ورآه قد رجل شعره أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان حدثنا عبد الرحمن حدثنا علي حدثنا أحمد حدثنا سحنون حدثنا ابن وهب قال أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم الجمال الشعر الحسن يكسوه الله الرجل المسلم

13
حديث رابع وخمسون ليحيى بن سعيد
757 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال دخل أعرابي المسجد فكشف عن فرجه ليبول فصاح الناس به حتى علا الصوت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتركوه فتركوه فبال ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فصب على ذلك المكان (2 111)
الذنوب الدلو الكبيرة ههنا وقد يكون الذنوب الحظ والنصيب من قوله تعالى * (ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم) * 51 59
هذا حديث مرسل في الموطأ عند جماعة الرواة وقد روي مسندا متصلا عن يحيى بن سعيد عن أنس من وجوه صحاح وهو محفوظ ثابت من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ههنا حديث أنس خاصة لأنه عنه رواه يحيى بن سعيد
حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قراءة مني عليه أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا الحرث ابن أبي أسامة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك يقول دخل أعرابي المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى حاجته فلما قام بال في ناحية المسجد فصاح به

14
الناس فكفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغ من بوله ثم دعا بدلو من ماء فصبه على بول الأعرابي
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا نعيم بن حماد وحدثنا محمد ابن إبراهيم بن سعيد قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد ابن شعيب قال أخبرنا سويد بن نصر قالا جميعا أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال سمعت أنس بن مالك يقول جاء أعرابي إلى المسجد قال فبال قال فصاح به الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتركوه فتركوه حتى بال ثم أمر بدلو فصب عليه
وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبدة عن يحيى بن سعيد عن أنس قال بال أعرابي في المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فصب عليه
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن يحيى ابن سعيد الأنصاري قال سمعت أنس بن مالك يقول إن أعرابيا بال في المسجد فذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنعونه فقال دعوه ثم أمر بماء فصب عليه
ورواه ثابت البناني وإسحاق ابن أبي طلحة عن أنس مثله

15
أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن أعرابيا بال في المسجد فقام إليه بعض القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه لا تزرموه
فلما فرغ دعا بدلو فصبه عليه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا سعيد بن السكن قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا البخاري حدثنا موسى بن إسماعيل وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد الوراق حدثنا الخضر بن داود حدثنا أبو بكر الأثرم حدثنا مسلم بن إبراهيم قالا جميعا حدثنا همام قال حدثنا إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن أعرابيا أتى المسجد فبال فيه فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا بماء فصبه عليه
ورواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة وعن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وهذا الحديث أصح حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الماء وهو ينفي التحديد في مقدار الماء الذي تلحقه النجاسة ويقضي أن الماء طاهر مطهر لكل ما غلب عليه وأن كل ما مازجه من النجاسات وخالطه من الأقذار لا يفسده إلا أن يظهر ذلك فيه أو يغلب عليه فإن

16
كان الماء غالبا مستهلكا النجاسات فهو مطهر لها وهي غير مؤثرة فيه وسواء في ذلك قليل الماء وكثيره هذا ما يوجبه هذا الحديث وإليه ذهب جماعة من أهل المدينة منهم سعيد بن المسيب وابن شهاب وربيعة وهو مذهب المدنيين من أصحاب مالك ومن قال بقولهم من البغداديين وهو مذهب فقهاء البصرة وإليه ذهب داود ابن علي وهو أصح مذهب في الماء من جهة الأثر ومن جهة النظر لأن الله قد سمى الماء المطلق طهورا يريد طاهرا مطهرا فاعلا في غيره وقد بينا وجه ذلك في اللغة في باب إسحاق
وقال صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شيء يعني إلا ما غلب عليه فغيره يريد في طعم (أو لون) أو ريح وقد أوضحنا هذا المعنى وذكرنا فيه اختلاف العلماء وبينا موضع الاختيار عندنا في ذلك ممهدا مبسوطا في باب إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة من هذا الكتاب فلا معنى لتكرير ذلك ههنا والحمد لله
وهذا الحديث ينقض على أصحاب الشافعي ما أصلوه في الفرق بين ورود النجاسة على الماء وبين وروده عليها لأنهم يقولون إن ورود الماء في الأرض على النجاسة أو في مستنقع مثل الإناء وشبهه أنه لا يطهره حتى يكون الماء قلتين وقد علمنا أن الذنوب الذي صبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بول الأعرابي لم يعتبر فيه قلتين ولو كان في الماء

17
مقدار يراعى لاعتبر ذلك في الصب على بول الأعرابي ومعلوم أن ذلك الذنوب ليس بمقدار القلتين الذي جعله الشافعي حدا والله أعلم
ومن أصحاب الشافعي من فرق بين ورود الماء على النجاسات وبين ورودها عليه فاعتبر مقدار القلتين في ورود النجاسة على الماء ولم يعتبر ذلك في ورود الماء عليها بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في غسل اليد لمن استيقظ من نومه قبل أن يدخلها في الإناء وقد أوضحنا هذا المعنى في باب أبي الزناد والحمد لله
وأما الحديث الذي ذهب إليه الشافعي في هذا الباب حديث القلتين فإنه حديث يدور على محمد بن جعفر بن الزبير وهو شيخ ليس بحجة فيما انفرد به
رواه عنه محمد بن إسحاق والوليد بن كثير فبعضهم يقول فيه عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه وبعضهم يقول فيه عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه
وقد رواه حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه وكلهم يرفعه وعاصم بن المنذر عندهم ليس بحجة

18
قال إسماعيل بن إسحاق هذان شيخان يعني محمد بن جعفر ابن الزبير وعاصم بن المنذر لا يحتملان التفرد بمثل هذا الحكم الجليل ولا يكونان حجة فيه
قال ومقدار القلتين غير معلوم قال ومن ذهب إلى أنها قلال هجر فمحال أن يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة سنة على قلال عجر مع اختلافها وأكثر من القول في ذلك
قال أبو عمر إذا لم يصح حديث القلتين في التحديد المفرق بين قليل الماء الذي تلحقه النجاسة وبين الكثير منه الذي لا تلحقه إلا بأن يغلب عليه في ريح أو لون أو طعم فلا وجه للفرق بين اليسير من الماء والكثير منه من جهة النظر إذا لم يصح فيه أثر وما رواه أهل المغرب عن مالك في ذلك فعلى وجه التنزه والاستحباب والله الموفق للصواب وما مضى في هذا المعنى في باب إسحاق وأبي الزناد كاف إن شاء الله

19
حديث خامس وخمسون ليحيى بن سعيد
857 مالك عن يحيى بن سعيد قال كان رسول الله قد أراد أن يتخذ خشبتين يضرب بهما ليجتمع الناس للصلاة فأري عبد الله بن زيد الأنصاري ثم من بني الحرث ابن الخزرج خشبتين في النوم فقال إن هاتين لنحو مما يريد رسول الله فقيل ألا تؤذنون للصلاة فأتى رسول الله حين استيقظ فذكر له ذلك فأمر رسول الله بالأذان (3 1)
قال أبو عمر روى عن النبي في قصة عبد الله بن زيد هذه في بدء الأذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة ومعان متقاربة وكلها يتفق على أن عبد الله بن زيد أري النداء في النوم وأن رسول الله أمر به عند ذلك وكان ذلك أول أمر الأذان والأسانيد في ذلك متواترة حسان ثابتة ونحن نذكر في هذا الباب أحسنها إن شاء الله
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عباد بن موسى وزياد بن أيوب وحديث عباد أتم قالا حدثنا هشيم عن أبي بشر قال زياد أخبرنا أبو بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا اهتم النبي صلى الله عليه وسلم

20
للصلاة كيف يجمع الناس لها فقيل له انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها أذن بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك قال فذكر له القنع يعني الشبور وقال زياد شبور اليهود فلم يعجبه ذلك قال هو من أمر اليهود
فذكر له الناقوس فقال هو من أمر النصارى
فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم بهم النبي فأرى الأذان في منامه قال فغدا على رسول الله فأخبره فقال يا رسول الله إني ليس بنائم ولا يقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان
قال وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما ثم أخبر النبي فقال ما منعك أن تخبرنا فقال سبقني عبد الله ابن زيد فاسحييت فقال رسول الله يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله قال فأذن بلال
قال أبو بشر وأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضا لجعله النبي مؤذنا
وذكر البخاري حديث خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء

21
يعرفونه فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب حدثني أبي حدثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال فذكر محمد بن مسلم الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال لما أجمع رسول الله أن يضرب الناقوس يجمع الناس للصلاة وهو له كاره لموافقة النصارى طاف بي طائف من الليل وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران في يده ناقوس يحمله قال فقلت يا عبد الله تبيع الناقوس قال وما تصنع به قال قلت ندعو به للصلاة قال أفلا أدلك على خير ما ذلك قال قلت بلى قال تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم استأخر غير بعيد ثم قال تقول إذا أقيمت الصلاة الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله

22
أكبر لا إله إلا الله قال فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الرؤيا حق إن شاء الله
قال ثم أمر بالتأذين فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله إلى الصلاة قال فجاءه ذات غداة إلى صلاة الفجر فقال فقيل له أن رسول الله نائم قال فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم
قال سعيد بن المسيب فدخلت هذه الكلمة في التأذين بصلاة الفجر
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد ابن عبد ربه قال حدثني أبي عبد الله بن زيد قال لما أمر رسول الله بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس قال وما تصنع به فقلت ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت له بلى
قال (فقال) تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله

23
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال تقول إذا أقيمت الصلاة الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
فلما أصبحت أتيت رسول الله فأخبرته بما رأيت فقال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك
فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال فسمع عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى فقال رسول الله فلله الحمد
قال أبو داود وهكذا رواه سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد الله أكبر الله أكبر أربع مرات كما قال فيه ابن إسحاق عن الزهري وقال فيه معمر ويونس عن الزهري الله أكبر مرتين
قال أبو عمر رواية معمر ويونس لهذا الحديث عن الزهري عن سعيد كأنها مرسلة لم يذكرا فيها سماعا لسعيد من عبد الله بن زيد وهي محمولة عندنا على الاتصال

24
وروى أحمد بن محمد بن أيوب عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قال حدثني هذا الحديث محمد بن إبراهيم بن الحرث عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن أبيه عبد الله بن زيد الذي أري هذه الرؤيا فذكر فيه الله أكبر مرتين ثم ساق مثل حديث أبي داود سواء حدثناه عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير وعبيد بن عبد الواحد قالا حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق فذكره
وذكر عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن أبي جابر البياضي عن سعيد عن عبد الله بن زيد أخي بني الحرث بن الخزرج أنه بينما هو نائم إذ رأى رجلا معه خشبتان قال فقلت له في المنام إن النبي يريد أن يشتري هذين العمودين يجعلهما ناقوسا يضرب به الصلاة قال فالتفت إلي صاحب العمودين برأسه فقال أنا أدلكم على ما هو خير من هذا فبلغه رسول الله وأمره بالتأذين فاستيقظ عبد الله بن زيد قال ورأى عمر مثل ما رأى عبد الله بن زيد فسبقه عبد الله بن زيد إلى النبي فأخبره بذلك فقال له النبي فأخبره بذلك فقال له النبي قم فأذن فقال يا رسول الله إني فظيع الصوت فقال له فعلم بلالا ما رأيت فعلمه فكان بلال يؤذن

25
قال أبو عمر لا أحفظ ذكر الخشبتين إلا في مرسل يحيى بن سعيد وحديث أبي جابر البياضي وهو متروك الحديث وكذلك إبراهيم بن محمد فهذه الآثار كلها رواية أهل المدينة في بدء الأذان
وأما رواية أهل العراق في ذلك فحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قالا حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا شعبة بمعنى واحد واللفظ لأبي داود حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت ابن أبي ليلى قال أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال قال فحدثنا أصحابنا أن رسول الله قال لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين أو قال المؤمنين واحدة حتى لقد هممت أن أبث رجالا في الدور فيؤذنون الناس لحين الصلاة وحتى هممت أن أمر رجالا في الدور ينادون الناس بحين الصلاة حتى نقسوا أو كادوا ينقسوا فجاء رجل من الأنصار فقال يا رسول الله إني لما رجعت البارحة ورأيت من اهتمامك رأيت رجلا قائما على جدار المسجد عليه ثوبان أخضران فأذن ثم قعد قعدة ثم قام فقال مثلها غير أنه قال قد قامت

26
الصلاة ولولا أن تقولوا لقلت إني كنت يقظانا غير نائم فقال رسول الله لقد أراك الله خيرا
فقال عمر أما إني رأيت مثل الذي رأى غير أني لما سبقت استحييت فقال رسول الله مروا بلالا فليؤذن
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية وأبو بكر ابن أبي شيبة قالا حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد رسول الله أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام فأتى النبي فأخبره فقال علمه بلالا قال فقام بلال فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى وقعد قعدة
قال أبو عمر في حديث هذا الباب لمالك وغيره من سائر ما أوردنا فيه من الآثار أوضح الدلائل على فضل الرؤيا وأنها من الوحي والنبوة وحسبك بذلك فضلا لها وشرفا ولو لم يكن وحيا من الله ما جعلها شريعة ومنهاجا لدينه
قال أبو عمر اختلفت الآثار في صفة الأذان وإن كانت متفقة في أصل أمره كان من رؤيا عبد الله بن زيد وقد رآه عمر بن الخطاب أيضا
وكذلك

27
اختلفت الآثار عن أبي محذورة إذ علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان بمكة عام حنين مرجعه من غزاة حنين فروي عنه فيه الله أكبر في أوله أربع مرات وروي فيه ذلك مرتين وروى تثنية الإقامة وروى فيه إفرادها إلا قوله قد قامت الصلاة
واختلف الفقهاء في كيفية الأذان والإقامة فذهب مالك والشافعي إلى أن الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة إلا أن الشافعي يقول في أول الأذان الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أربع مرات وزعم أن ذلك محفوظ من رواية الثقات الحفاظ في حديث عبد الله بن زيد وحديث أبي محذورة وهي زيادة يجب قبولها والعمل عندهم بمكة في آل محذورة بذلك إلى زمانه وذهب مالك وأصحابه إلى أن التكبير في أول الأذان الله أكبر الله أكبر مرتين
وقد روي ذلك من وجوه صحاح في أذان أبي محذورة وفي أذان عبد الله بن زيد والعمل عندهم بالمدينة على ذلك في آل سعد القرظ إلى زمانهم
واتفق مالك والشافعي على الترجيع في الأذان وذلك أنه إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله رجع فمد صوته فقال أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين
ولا خلاف بين مالك والشافعي في الأذان إلا في التكبير في أوله على ما وصفنا وكذلك لا خلاف بينهما في الإقامة إلا في قوله قد قامت

28
الصلاة فإن ذلك عند الشافعي يقال مرتين وعند مالك مرة
وأكثر الآثار على ما قال الشافعي في ذلك وعليه أكثر الناس في قوله قد قامت الصلاة مرتين
ومذهب الليث في هذا الباب كله كمذهب مالك سواء
وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي الأذان والإقامة جميعا مثنى مثنى ويقول في أول أذانه وإقامته الله أكبر أربع مرات قالوا كلهم ولا ترجيع في الأذان وإنما يقول أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ثم يرجع ولا يمد صوته وحجتهم حديث عبد الرحمن ابن أبي ليلى المذكور وفيه فأذن مثنى وأقام مثنى ولم يختلف فقهاء الحجاز والعراق في أن آخر الأذان الله أكبر الله أكبر مرتين لا إله إلا الله مرة واحدة
واختلفوا في التثويب لصلاة الصبح وهو قول المؤذن في صلاة الصبح الصلاة خير من النوم فقال مالك والثوري والليث يقول المؤذن في صلاة الصبح بعد قوله حي على الفلاح مرتين الصلاة خير من النوم مرتين وهو قول الشافعي بالعراق وقال بمصر لا يقول ذلك
وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يقول الصلاة خير من النوم في نفس الأذان ويقوله بعد الفراغ من الأذان إن شاء الله
وقد روي عنهم أن ذلك جائز في نفس الأذان وعليه الناس في صلاة الفجر وقد مضى في باب أبي الزناد في هذا ما فيه كفاية

29
قال أبو عمر روي عن النبي من حديث أبي محذورة أنه أمره أن يقول في الأذان للصبح الصلاة خير من النوم
وروى عنه أيضا ذلك من حديث عبد الله بن زيد وروي عن أنس أنه قال من السنة أن يقول في الفجر الصلاة خير من النوم
وروي عن ابن عمر أنه كان يقوله وهو قول الحسن وابن سيرين وابن المسيب والزهري وعامة أهل المدينة والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور
وأما اختلافهم في الإقامة فذهب مالك والشافعي إلى أن الإقامة مفردة مرة مرة إلا قوله الله أكبر في أولها فإنه مرتين وفي آخرها كذلك مرتين مرتين
وقال الشافعي وقد قامت الصلاة مرتين وفي آخرها الله أكبر مرتين
وقال أبو حنيفة والثوري الإقامة والأذان سواء مثنى مثنى
وقال أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل إلى أي أذان تذهب فقال إلى أذان بلال رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه ثم وصفه أبو عبد الله فكبر أربعا وتشهد مرتين ولم يرجع
قال أبو عبد الله والإقامة الله أكبر مرتين وسائرها مرة مرة إلا قوله قد قامت الصلاة فإنها مرتين

30
قال وسمعت أبا عبد الله يقول من أقام مثنى مثنى لم أعنفه وليس به بأس قيل لأبي عبد الله حديث أبي محذورة صحيح قال أما أنا فلا أدفعه قيل له أفليس حديث أبي محذورة بعد حديث أبي عبد الله بن زيد لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة فقال أليس قد رجع النبي إلى المدينة فأقر بلالا على أذان عبد الله بن زيد
قال أبو عمر بكل ما قالوا قد رويت الآثار عن النبي ولكني كرهت ذكرها خشية الإملاك والإطالة ولشهرتها في كتب المصنفين كسلت عن إيرادها مع طولها وقد جئت بمعانيها ومذاهب الفقهاء فيها وبالله التوفيق
وذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والطبري وداود إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله في ذلك وحملوا ذلك على الإباحة والتخيير قالوا كل ذلك جائز لأنه قد ثبت جميع ذلك عن النبي وعمل به أصحابه بعده فمن شاء قال الله أكبر في أول أذانه مرتين ومن شاء أربعا ومن شاء رجع في أذانه ومن شاء لم يرجع ومن شاء ثنى الإقامة ومن شاء أفردها إلا قوله قد قامت الصلاة والله أكبر في أولها وآخرها فإن ذلك مرتين مرتين على كل حال
واختلف الفقهاء في المؤذن يؤذن فيقيم غيره فذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابهما إلى أنه لا بأس بذلك لحديث محمد بن عبد الله ابن زيد عن أبيه أن رسول الله أمره إذ رأى النداء في النوم

31
أن يلقيه على بلال فأذن بلال ثم أمر عبد الله بن زيد فأقام
رواه أبو العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده
وقال الثوري والليث والشافعي من أذن فهو يقيم لحديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحرث الصدائي قال أتيت رسول الله فلما كان أول الصبح أمرني فأذنت ثم قام إلى الصلاة فجاء ليقيم فقال رسول الله إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم
قال أبو عمر عبد الرحمن بن زياد هو الإفريقي وأكثرهم يضعفونه وليس يروي هذا الحديث غيره والحديث الأول أحسن إسنادا إن شاء الله والنظر يدل عليه لأن الأذان ليس مضمنا بالإقامة لأنه غيرها وإن صح حديث الإفريقي فإن من أهل العلم من يوثقه ويثني عليه فالقول به أولى لأنه نص في موضع الخلاف وهو متأخر عن قصة عبد الله بن زيد مع بلال والآخر فالآخر من أمر رسول الله أولى أن يتبع ومع هذا فإني أستحب إذا كان المؤذن واحدا راتبا أن يتولى الإقامة فإن أقامها غيره فالصلاة ماضية بإجماع والحمد لله

32
قال أبو عمر قد مضى في الإقامة من البيان ما فيه غنى وبيان في باب أبي الزناد وغيره والحمد لله وذكرنا ههنا من الأذان ما في معنى حديثنا لأنه في بدء الأذان وتركنا حديث أبي محذورة لأنه ليس في ابتداء الأذان وفيه من الاختلاف في صفته وكيفيته كالذي من ذلك في حديث عبد الله بن زيد على ما ذكرنا والأحاديث في ذلك كله حسان وبالله التوفيق

33
حديث سادس وخمسون ليحيى بن سعيد
957 مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته (5 17)
هكذا رواه أكثر رواة الموطأ عن مالك وذكر ابن وهب عن يحيى بن سعيد وربيعة ابن أبي عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على أحدكم أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته
المهنة الخدمة بفتح الميم قال الأصمعي ولا يقال بالكسر وأجاز الكسائي فيها الكسر مثل الخدمة والجلسة والركبة
ومعنى قوله ثوبي مهنته أي ثوبي بذلته يقال منه امتهنني القوم أي ابتذلوني
وهذا الحديث يتصل من وجوه حسان عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وغيرها حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي قال حدثنا محمد بن العباس الحلبي قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الإمام قال حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن

34
عمرة عن عائشة قالت إن الناس كانوا عمال أنفسهم وكانت ثيابهم الأنار قالت فكانوا يروحون بهيئتهم كما هي قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو اغتسلتم وما على أحدكم أن يتخذ ليوم الجمعة ثوبين سوى ثوبي مهنته
حدثني خلف بن القاسم قال حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن قال حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا محمد بن خزيمة البصري بمصر قال حدثنا حاتم بن عبيد الله أبو عبيدة قال حدثنا مهدي بن ميمون عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته أو لعيده
وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا سعيد بن السكن قال حدثنا ابن أبي داود قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال حدثنا سعيد بن الصلت قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي

35
ابن الحسين عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين برد حبرة
وحدثني سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قالا حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة
حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد قال حدثنا الحسن بن سلمة قال حدثنا محمد بن صالح الوراق الرازي قال حدثنا عبد القدوس بن عبد الكبير قال حدثني محمد بن عبد الله الخزاعي قال حدثني عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن الأسود أو ابن أبي الأسود عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا لبسه يوم الجمعة
قال أبو عمر هو عبد الله ابن أبي الأسود بصري يروي عن أنس يروى عنه عنبسة بن عبد الرحمن القرشي وعبد القدوس بن عبد الكبير أيضا

36
بصري معروف روى عنه يوسف بن موسى القطان وغيره وأما محمد بن عبد الله الخزاعي فلا أعرفه
أخبرنا يعيش بن سعيد قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن محمد بن سلام البغدادي قال حدثنا محمد بن يزيد الواسطي قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثني أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد ابن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن عبد الله بن سلام قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لا يضر أحدكم أن يتخذ ثوبين للجمعة سوى ثوبي مهنته
قال أبو عمر قوله ثوبين يريد قميصا ورداء أو جبة ورداء
وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى وأحمد بن فتح قالا حدثنا حمزة ابن محمد بن علي قال حدثنا سليمان بن الحسن العطاء البصري بالبصرة قال حدثنا هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأحوص عن أبيه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم أشعث أغبر في هيئة أعرابي فقال مالك من المال قال من كل المال قد آتاني الله قال فإن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه

37
قال أبو عمر أبو الأحوص عوف بن مالك لأبيه صحبة ورواية وقد ذكرناه في الصحابة
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا شيخ لنا عن عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن يحيى بن حبان عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة فقال وما على أحدكم لو اشترى ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته
في هذا الحديث اتخاذ الثياب واكتسابها والتجمل بها في الجمعة وكذلك الأعياد والله الموفق للصواب

38
حديث سابع وخمسون ليحيى بن سعيد
67067067 067 مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخفف ركعتي الفجر حتى إني لأقول أقرأ بأم القرآن أم لا (7 30)
هكذا هذا الحديث عند جماعة الرواة للموطأ وقد رواه ابن عيينة وغيره عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة
قرأت على أحمد بن عبد الله أن الميمون بن حمزة حدثهم بمصر قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي وحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة قال سمعت يحيى بن سعيد قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن قال سمعت عمرة تحدث عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين قبل الفجر حتى إني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن
وهكذا رواه أبو أسامة ويزيد بن هارون وزهير بن معاوية عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة

39
وهو حديث ثابت صحيح وقد روي عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر ابن محمد عن عمرو بن حزم وفيه نظر
وقد رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ذكره البزار عن محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الله بن داود وعبد الوهاب الثقفي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكره
وفيه من الفقه دليل على أن قراءة أم القرآن لا بد منها في كل صلاة نافلة وغيرها وأنها تجزىء مما سواها وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وكل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ما يغني عن الاستدلال بما ذكرنا والحمد لله
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر ب * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * من حديث عائشة وحديث ابن عمر وحديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود وكلها صحاح ثابتة لكن المعنى فيها أن ذلك كان مع أم القرآن بدليل ما ذكرنا من قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وهي خداج ولا حجة في ذلك لمن ذهب إلى أن أم القرآن وغيرها سواء لأن حديث في * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * مرتب على ما ذكرنا وهذا بين لمن ألهم رشده
أخبرنا سعيد بن سيد وعبد الله بن محمد بن يوسف وخلف ابن سعيد قالوا حدثنا عبد الله بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد

40
ابن خالد قال حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا عوف بن يوسف حدثنا علي بن زياد حدثنا سفيان عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين قبل صلاة الفجر فقرأ فيهما * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) *
قال أحمد بن خالد بهذا آخذ
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا الأثرم قال حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر ب * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * فيسر القراءة فيهما
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن هشام عن ابن سيرين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * يسر فيهما القراءة
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو الأحوص قال حدثنا أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) *

41
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الله بن محمد بن الخصيب القاضي قال حدثنا محمد بن نصر بن منصور أبو جعفر الصائغ وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود وحدثنا يحيى بن عبد الرحمن وسعيد بن نصر قالا حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح وحدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي قالوا كلهم حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا مرون بن معاوية قال أخبرنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر وقال بعضهم كان يقرأ في ركعتي الفجر * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) *
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة قال حدثنا بدل بن المحبر قال حدثنا عبد الملك بن الوليد ابن معدان الضبعي عن عاصم بن بهدلة عن زر وأبي وائل عن عبد الله قال ما أحصى ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي المغرب وركعتي الفجر * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) *

42
قال أبو عمر إنما قراءته لهاتين السورتين في ركعتي الفجر كقراءته فيهما الآية من البقرة والآية من آل عمران وذلك كله مع أم القرآن والله أعلم
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عثمان بن حكيم قال أخبرني سعيد بن يسار عن عبد الله بن عباس أن كثيرا ما كان يقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعتي الفجر * (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) * 2 136 هذه الآية قال هذه في الركعة الأولى وفي الركعة الآخرة * (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) * 3 52
وذكر أبو بكر ابن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر عن عثمان بن حكيم عن سعيد بن يسار عن ابن عباس وقال فيه * (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) * 2 136 والتي في آل عمران * (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) * 3 64
حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخففهما يعني الركعتين قبل الفجر

43
قال أبو عمر في مراعاة العلماء من الصحابة والسلف الصالح واهتبالهم بركعتي الفجر وتخفيفهما وما يقرأ فيهما مع مواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وحضه أمته عليهما وأمره إعادتهما بعد وقتهما دليل على أنهما من مؤكدات السنن وعلى ما ذكرت لك جمهور الفقهاء إلا أن من أصحابنا من يأبى أن تكون سنة وقال هما من الرغائب وليستا بسنة وهذا لا وجه له فيشتغل به
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن
عائشة
قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرع إلى شيء من النوافل إسراعه إلى ركعتي الفجر ولا إلى غنيمة
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن ابن جريج قال أخبرني عطاء عن عبيد ابن عمير عن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الفجر

44
قال أبو عمر هذا يدل على أنهما أوكد من الوتر لأن الوتر من صلاة الليل فإنما هو وتر صلاة الليل وصلاة الليل نافة بإجماع المسلمين وقال الله عز وجل * (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) * 17 79 فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعاهدا ومواظبة وإسراعا إلى ركعتي الفجر منه إلى سائر النوافل دل على تأكيدها وإنما تعرف مؤكدات السنن بمواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها لأن أفعاله كلها سنن صلوات الله وسلامه عليه ولكن بعضها أوكد من بعض ولا يوقف على ذلك إلا بما واظب عليه وندب إليه منها وبالله التوفيق
ومما قال إن ركعتي الفجر سنة مؤكدة مالك فيما روى عنه أشهب وعلي بن زياد وهو قولهما وقول الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود وجماعة أهل الفقه والأثر فيما علمت لا يختلفون في ذلك واستدل بعضهم على تأكيدها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لها حين نام على صلاة الفجر ولم يقص شيئا من السنن غيرها بعد انقضاء وقتها
حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد ابن هشام عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها

45
وأما أقاويل الفقهاء في القراءة في ركعتي الفجر
فقال مالك أما أنا فلا أزيد فيهما على أم القرآن في كل ركعة لحديث عائشة المذكور في هذا الباب
رواه ابن القاسم عنه
وقال ابن وهب عنه لا يقرأ فيهما إلا بأم القرآن
وقال الشافعي يخفف فيهما ولا بأس أن يقرأ مع أم القرآن سورة قصيرة
وروى ابن القاسم عن مالك أيضا مثله
وقال الثوري يخفف فإن فاته شيء من حزبه بالليل فلا بأس أن يقرأه فيهما ويطول
وقال أبو حنيفة ربما قرأت في ركعتي الفجر حزبي من القرآن وهو مذهب أصحابه
قال أبو عمر السنة تشهد لقول مالك والشافعي في هذا الباب والله الموفق للصواب

46
حديث ثامن وخمسون لحيى بن سعيد
167 مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة روج النبي صلى الله عليه وسلم قالت رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق قالت فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها قال لها أبو بكر هذا أحد أقمارك وهو خيرها (16 30)
هكذا هذا الحديث في الموطأ عند يحيى والقعنبي وابن وهب وأكثر رواته

47
ورواه قتيبة بن سعيد عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيب عن عائشة أنها قالت رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري وساقه سواء ذكره أبو داود عن قتيبة
قال أبو داود وحدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال حدثني أنس ابن عياض عن يحيى بن سعيد قال سمعت سعيد بن المسيب يقول قالت عائشة لقد رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري فقال أبو بكر خيرا رأيت قال وسمعت الناس يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قبض ودفن في بيتها قال لها أبو بكر هذا أحد أقمارك وهو خيرها
ورواه محمد بن سيرين عن عائشة وما أظنه سمعه منها ومراسيل ابن سيرين عندهم صحاح كمراسيل سعيد بن المسيب
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا مضر بن محمد الكوفي حدثنا إبراهيم بن عثمان حدثنا مخلد ابن حسين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال رأت عائشة كأن في حجرها ثلاثة أقمار قال فقصت ذلك على أبي بكر فقال إن صدقت رؤياك يدفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة قال فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها قال يا عائشة هذا أحد أقمارك
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أبصر الناس بتأويل الرؤيا
وفي هذا الحديث دليل على اشتغال أنفس السلف بالرؤيا وتأويلها والأقمار والله أعلم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر دفنوا في بيتها

48
وذلك تأويل سقوط الأقمار في حجرها وفيه دليل على أن القمر قد يكون في التأويل الملك الأعظم كالشمس سواء والله أعلم
وفي رد لقول من قال إن القمر ملك أعجمي والشمس عربي في التأويل
وأما رواية من روى سقطن في حجري ففيها أن التأويل قد يخرج على اشتقاق اللفظ وقرب المعنى لأن قولها سقطن في حجري تأوله أبو بكر رضي الله عنه على الدفن في حجرتها وبيتها فكأن الحجرة أخذها من الحجر والبيت والحجرة سواء لأن أصل الكلمة الضم فكأنه عدها على اللفظ والله أعلم
والسقوط ههنا الدفن وعلم تأويل الرؤيا من علوم الأنبياء وأهل الإيمان وحسبك بما أخبر الله من ذلك عن يوسف عليه السلام وما جاء في الآثار الصحاح فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم وأجمع أئمة الهدى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين أهل السنة والجماعة على الإيمان بها وعلى أنها حكمة بالغة ونعمة يمن الله بها على من يشاء وهي المبشرات الباقية بعد النبي صلى الله عليه وسلم

49
حديث تاسع وخمسون ليحيى بن سعيد
267 مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك (15 27)
لم تختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث ولا في متنه
وقد رواه أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن مسلم بن يسار قال كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم فالق الإصابح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك ذكره ابن أبي شيبة عن أبي خالد
وأما معنى هذا الحديث فيتصل من وجوه بألفاظ مخالفة حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا محمد ابن أبي عبيدة حدثنا أبي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال أتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال لها ما عندي ما

50
أعطيك فرجعت فأتاها بعد ذلك فقال لها الذي سألت أحب إليك أو ما هو خير منه قال لها علي قولي ما هو خير منه فقال قولي اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والقرآن العظيم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر
حدثنا خلف بن القاسم حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد حدثنا يحيى بن أيوب بن بادي وعمرو بن أحمد وأحمد بن حماد وعبيد ابن محمد بن موسى رجال قالوا حدثنا سعيد ابن أبي مريم قال أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي قال حدثني سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم رب السماوات ورب الأرض وربنا ورب كل شيء وفالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن العظيم أعوذ بك من شر كل شيء أنت أخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا المغرم وأغننا من الفقر
حدثنا قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا محمد بن سنجر حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز بن محمد وحدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ

51
حدثنا ابن وضاح حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة جميعا عن سهيل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه قال اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا آوى إلى فراشه فذكر مثله حرفا بحرف إلا أنه قال اقض عني الدين وأغنني من الفقر
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا الفضل بن دكين حدثنا عبد الله بن عامر عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول اللهم إني أسألك بأنك أنت الأول فلا شيء قبلك والآخر فلا شيء بعدك والظاهر فلا شيء فوقك والباطن فلا شيء دونك أن تقضي عنا الدين وأن تغنينا من الفقر

52
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا محمد بن قدامة حدثنا جرير عن مطرف عن الشعبي عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر ما يقول حين ينام وهو واضح يده على خده الأيمن وهو يرى أنه ميت في ليلته تلك اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر
قال أبو عمر أما استعاذة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفقر فمحفوظة من وجوه وكذلك دعاؤه أيضا في الغنى محفوظ من وجوه حدثنا خلف بن القاسم حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي حدثنا عامر بن محمد بن عبد الرحمن القرمطي حدثنا محمد بن زنبور حدثنا عبد العزيز ابن أبي حازم عن سهيل ابن أبي صالح عن موسى بن عقبة عن عاصم ابن أبي عبيد عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم أنت الأول لا شيء قبلك وأنت الآخر لا شيء بعدك أعوذ بك من شر كل دابة ناصيتها بيدك وأعوذ بك من الإثم والكسل ومن عذاب

53
القبر وعذاب النار ومن فتنة الغنى وفتنة الفقر وأعوذ بك من المأثم والمغرم وذكر حديثا طويلا في الدعاء
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد حدثنا حمزة بن محمد بن علي حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا أبو عاصم حدثنا حبان بن هلال
وأخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا حمزة حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا أحمد بن نصر حدثنا عبد الصم بن عبد الوارث قالا حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من الفقر وأعوذ بك من القلة والذلة وأعوذ بك أن أظلم أو أظلم
قال أبو عمر يروي الأوزاعي هذا الحديث عن إسحاق عن جعفر بن عياض عن أبي هريرة أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد حدثنا حمزة بن محمد بن علي حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا محمود بن خالد قال أخبرنا الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد عن أبي عمرو الأوزاعي قال حدثني إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة قال حدثني

54
جعفر بن عياض عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة وأن نظلم أو نظلم
وحدثنا محمد بن عبد الله بن حكم حدثنا محمد بن معاوية حدثنا إسحاق ابن أبي حسان حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الحميد حدثنا الأوزاعي حدثني إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة أخبرني جعفر بن عياض أخبرني أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة وأن تظلم أو تظلم
وحدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا ابن وضاح حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا عمر بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفة والغنى
قال وحدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره أن عمه أبا صرمة كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أسألك غناي وغنى موالي

55
قال وحدثنا محمد بن فضيل عن العلاء عن أبي داود الأودي عن بريدة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات من أراد الله به خيرا علمهن إياه ثم لم ينسه إياهن أبدا قال اللهم إني ضعيف فقوني وخذ إلى الخير ناصيتي واجعل الإسلام منتهى رضائي اللهم إني ضعيف فقوني وذليل فأعزني وفقير فارزقني
قال أبو عمر الدعاء المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير جدا لا يقوم به كتاب وإنما ذكرنا منه ههنا ما في معنى حديثنا وبالله توفيقنا

56
حديث موفي ستين ليحيى بن سعيد
367 مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا جاءه الموت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل هنيئا له مات ولم يبتل بمرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك وما يدريك لو أن الله ابتلاه بمرض يكفر به عنه من سيئاته (50 8)
قال أبو عمر لا أعلم هذا الخبر بهذا اللفظ يستند عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه محفوظ والأحاديث المسندة في تكفير المرض للذنوب والخطايا والسيئات كثيرة جدا ونحن نذكر منها بعض ما حضرنا ذكره دون تطويل إن شاء الله
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني رجل من أهل الشام يقال له أبو منظور عن عمه قال حدثني عمي عن عامر الرامي أخي الخضر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره يقول إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما

57
يستقبل وأن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولا لم أرسلوه وذكر تمام الحديث
حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا إسحاق بن محمد الفروي قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مصيبة تصيب المؤمن إلا أجر فيها حتى الشوكة تصيبه
وهذا الحديث رواه مالك عن يزيد بن خصيفة عن عروة عن عائشة
ورواه يزيد بن الهادي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة رواه عن ابن الهادي الليث والدراوردي وابن أبي حازم
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا زكرياء بن يحيى أبو يحيى الناقد ببغداد حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس المستملي حدثنا محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك أخبرنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى المؤمن أخلصه الله كما يخلص الكير الخبث

58
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا مضر بن محمد الأسدي حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الخزاعي قال قرأنا على معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله به خطيئته
أخبرنا قاسم بن محمد قال خالد بن سعد حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا محمد بن سنجر حدثنا ابن أبي مريم عن نافع بن يزيد قال حدثني جعفر بن ربيعة عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزهر حدثه عن أبيه عبد الرحمن بن أزهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما مثل العبد المؤمن حين يصيبه الوعك أو الحمى كمثل حديدة تدخل في النار فيذهب خبثها ويبقى طيبها
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا سعيد ابن أبي مريم قال هذا الكتاب أعطاني نافع بن يزيد وأنا أشك في أن أكون عرضته عليه وأظنني عرضته قال قال نافع بن يزيد حدثني جعفر بن ربيعة فذكره بإسناده سواء إلى آخره والآثار في هذا كثيرة وفيما ذكرنا كفاية والحمد لله

59
حديث حاد وستون ليحيى بن سعيد
467 مالك عن يحيى بن سعيد قال بلغني أن أسعد بن زرارة اكتوى في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذبحة فمات (50 13)
وهذا قد روي مسندا من حديث ابن شهاب عن أنس إلا أنه لم يروه بهذا الإسناد عن ابن شهاب إلا معمر وحده وهو عند أهل الحديث خطأ يقولون إنه مما أخطأ فيه معمر
بالبصرة ويقولون إن الصواب في ذلك حديث ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة
حدثنا خلف بن القاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا إسحاق ابن إبراهيم بن يونس حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا يزيد بن زريع عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة
قال أبو عمر الشوكة الذبحة وحدثنا خلف بن القاسم حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني حدثنا يزيد بن زريع عن معمر عن الزهري عن أنس

60
أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوصة هكذا قال وإنما المعروفة من الشوكة وهي الذبحة وأما الشوصة فهي ذات الجنب وقد يكتوى منها أيضا
أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد قال حدثنا إبراهيم بن علي بن محمد بن غالب التمار وأخبرنا خلف بن أحمد قال حدثنا أحمد بن سعيد بن حزم قالا جميعا حدثنا أبو عبيد الله محمد بن الربيع بن سليمان الأزدي قال حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد أبا أمامة أسعد بن بدر فقال النبي صلى الله عليه وسلم بئس الميت هذا ليهود يقولون ألا دفع عنه ولا أملك له ولا لنفسي شيئا فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فكوي من الشوكة طوق عنقه بالكي فلم يلبث أبو أمامة إلا يسيرا حتى مات
حدثنا عبد الرحمن حدثنا علي حدثنا أحمد حدثنا سحنون حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد وابن سمعان عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد أسعد بن زرارة وبه الشوكة فلما دخل عليه قال بئس الميت هذا ليهود يقولون لولا دفع عنه ولا أملك له ولا لنفسي شيئا فأمر به فكوي فمات

61
قال ابن وهب وأخبرني عمرو بن الحرث أن يحيى بن سعيد حدثه أن أسعد بن زرارة أخذته الذبحة فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بئس الميت هذا ليهود فذكر مثله
واكتوى عبد الله بن عمر من القوة وكوى واقدا ابنه واكتوى عمران بن حصين
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الكي من حديث عمران بن حصين حدثني عبد الرحمن بن يحيى حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل أبو جعفر الديبلي حدثنا عبد الحميد بن صبيح حدثنا حماد بن زيد قال قرأ جرير على أيوب كتابا وأنا شاهد لأبي قلابة فلم ينكره أن زيد بن ثابت كان يرقي من الأذن وكان في ذلك الكتاب عن أنس بن مالك قال كويت من ذات الجنب فشهدني أبو طلحة وأنس بن النضر وأبو طلحة كواني
ورواه أبان العطار عن يحيى ابن أبي كبير عن أنس بن مالك أو قال حدثني أبو قلابة عن أنس بن مالك قال اكتويت من ذات الجنب ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وشهدني أبو طلحة وأنس بن النضر وزيد ابن ثابت وأبو طلحة كواني
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا عبد الله بن رداء حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين قال نهينا عن الكي قال إسماعيل وحدثنا إبراهيم بن الحجاج حدثنا عبد الوارث حدثنا يونس عن الحسن عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي

62
قال وحدثنا حجاج حدثنا حماد بن سلمة عن عمران بن حدير عن أبي مجلز عن عمران بن حصين قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا ثابت عن مطرف عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي فاكتوينا فلم نفلح ولم ننجح
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا أبو النضر حدثنا سليمان بن المغيرة عن سعيد الجريري عن مطرف ابن الشخير عن عمران بن حصين قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الكي قال فما زال بي البلاء حتى اكتويت فما أفلحت ولا أنجحت
قال عمران وكان يسلم علي فلما اكتويت فقدت ذلك ثم راجعه بعد ذلك السلام
قال أبو عمر حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الكي يعارضه حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كوى أسعد بن زرارة وأن أنس بن مالك اكتوى في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهه عن ذلك وحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ
ويحتمل أن يكون حديث عمران بن حصين على الأفضل في إخلاص اليقين والتوكل

63
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا عمران عن قتادة عن أنس قال كواني أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فما نهيت عنه
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا بكر بن حماد حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ مرتين
ورواه الليث عن أبي الزبير عن جابر
وروى ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر أن أبي بن كعب رمي في أكحله يوم قريظة فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فكواه
وروي الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مثله في أبي وهو عند أهل العلم بالحديث والسير خطأ وإنما هو سعد بن معاذ كما روى الثوري وغيره عن أبي الزبير عن جابر
ومما يعارض به أيضا حديث عمران بن حصين في الكي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن كان الشفاء ففي ثلاث أو الشفاء في ثلاث شرطة
محجم وشربة عسل أو كية نار
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مرون بن شجاع الخصيفي عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الشفاء في ثلاث في شربة عسل أو شرطة محجم أو كية نار ورفع الحديث

64
وروى زهير بن معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن كان في شيء مما تتداوون به شفاء فهو في شرطة محجم أو شربة عسل أو حبات سوداء أو لذعة نار وما أحب أن أكتوي
قال أبو عمر الكي باب من أبواب التداوي والمعالجة ومعلوم أن طلب العافية بالعلاج والدعاء مباح بما قدمنا من الأصول في غير موضع من هذا الكتاب وحسبك بما أوردنا من ذلك في باب زيد بن أسلم فلا يجب أن يمتنع من التداوي بالكي وغيره إلا بدليل لا معارض له وقد عارض النهي عن الكي من الإباحة بما هو أقوى وعليه جمهور العلماء ما أعلم بينهم خلافا أنهم لا يرون بأسا بالكي عند الحاجة إليه
قال أبو عمر فمن ترك الكي ثقة بالله وتوكلا عليه كان أفضل لأن هذه منزلة يقين صحيح وتلك منزلة رخصة وإباحة
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة وأخبرنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا الحسن بن سلام قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا جرير

65
جميعا عن منصور قال شعبة قال سمعت مجاهدا وقال جرير عن مجاهد قال حدثنا العقار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه حدثنا فلك أحفظه فسألت حسان ابن أبي وجزة فأخبرني قال حدثني العقار عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال توكل وقال شعبة لم يتوكل من استرقى أو اكتوى
قال أبو عمر معناه والله أعلم ما توكل حق التوكل من استرقى أو اكتوى لأن من ترك ذلك توكلا على الله وعلما بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن أيام الصحة لا سقم فيها كان أفضل منزلة وأعلى درجة وأكمل يقين وتوكل والله أعلم وقد قيل إن الذي نهي عنه من الكي هو ما يكون منه قبل نزول البلاء حفظا للصحة وأما بعد نزول ما يحتاج فيه إلى الكي فلا
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عاصم عن زر عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرضت علي الأمم في الموسم فرأيت أمتي فأعجبتني كثرتهم وهيئتهم قد ملأوا السهل والجبل قال يا محمد إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب الذي لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون
فقام عكاشة بن محصن فقال يا نبي الله ادع الله أن

66
يجعلني منهم قال اللهم اجعله منهم
ثم قام آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم قال سبقك بها عكاشة
قال أبو عمر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما يحب أن تجتنب عزائمه أو تؤتى عزائمه
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقى ورقى نفسه وغيره وقال في الطيرة وما منا إلا من ولكن الله يذهبه بالتوكل
وقد مضى في هذه الأبواب كلها من البيان في كتابنا هذا ما يشفي ويكفي لمن وقف عليه وتدبره وبالله العون والتوفيق

67
حديث ثان وستون ليحيى بن سعيد
567 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوها ذميمة (54 23)
قال أبو عمر قوله ذميمة أي مذمومة يقول دعوها وأنتم له ذامون كارهون لما وقع بنفوسكم من شؤمها والذميم القبيح الوجه
وهذا محفوظ من وجوه
منها حديث أنس يرويه عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس ومنها حديث ابن عمر إلا أنه لم يروه إلا صالح ابن أبي الأخضر عن الزهري وليس بالقوي في الزهري وثقات أصحاب الزهري يروونه عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحرث بن نوفل عن عبد الله ابن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مرسل
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن عبد السلام أخبرنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله بن الحرث بن نوفل عن عبد الله بن شداد أن امرأة قالت يا رسول الله إنا سكنا هذه الدار

68
ونحن ذوو وفر فهلكنا وذوو نشب فافتقرنا وذات بيننا حسن فاختلفنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوها ذميمة قالت وكيف ندعها يا رسول الله قال تبيعونها أو تهبونها
وذكره عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن الحرث ابن نوفل عن عبد الله بن شداد بن الهادي أن امرأة من الأنصار قالت يا رسول الله سكنا دارنا ونحن كثير
فهلكنا وحسن ذات بيننا فساءت أخلاقنا وكثرة أموالنا فافتقرنا قال أفلا تنتقلون منها ذميمة قالت وكيف نصنع بها يا رسول الله قال تبيعونها أو تهبونها
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي قال حدثنا سهل بن إبراهيم وأجازه لنا سهل بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا كثيرة فيها أموالنا ثم تحولنا إلى دار أخرى قل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذروها ذميمة
قال أبو عمر هذا عندي والله أعلم قاله لقوم خشي عليهم التزام الطيرة فأجابهم بهذا منكرا لقولهم لما رأى من تشاؤمهم وتطيرهم بدارهم

69
وثبوت ذلك في أنفسهم فخاف عليهم ما قيل في الطيرة إنها تلزم من تطير وعساهم ممن سمع قوله عليه السلام لا طيرة وقوله ليس منا من تطير وقوله وإذا تطيرتم فامضوا وعلى الله فتوكلوا وقوله ما منا إلا من يعني يتطير ولكن الله يذهبه بالتوكل وقوله من ردته الطيرة عن مسيره فقد قارب الشرك
فلما اشتهر هذا من سنته صلى الله عليه وسلم ثم أتته هذه المرأة فذكرت عن دارها ما ذكرت أو أتى معها غيرها فذكروا نحو ذلك أجابهم بأن يتركوها ذميمة لأنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما
والأصل في الطيرة والشؤم ما ذكرنا في باب ابن شهاب عن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر وبالله التوفيق
وسنذكر هذه الآثار ومثلها في باب قوله لا طيرة ولا غول ولا هامة
من هذا الكتاب في أول بلاغات مالك عن رجال سماهم إن شاء الله

70
حديث ثالث وستون ليحيى بن سعيد
667 مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب من يحلب هذه فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك فقال الرجل مرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس ثم قال من يحلب هذه فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك فقال حرب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس ثم قال من يحلب هذه فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك فقال يعيش فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احلب (54 24)
وهذا عندي والله أعلم ليس من باب الطيرة لأنه محال أن ينهي عن شيء ويفعله وإنما هو من باب طلب الفأل الحسن وقد كان أخبرهم عن شر الأسماء أنه حرب ومرة فأكد ذلك حتى لا يتسمى بها أحد والله أعلم
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا بكر بن عبد الرحمن قال حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال حدثنا النضر بن عبد الجبار

71
قال حدثنا ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن عامر اليحصبي عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن وحارث وهمام حارث يحرث لدنياه وهمام يهم بالخير وشر الأسماء حرب ومرة وهذا مما قلنا من باب الفأل لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الاسم الحسن والفأل الحسن وكان يكره الاسم القبيح لأنه كان يتفاءل بالحسن من الأسماء
أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قراءة مني عليه أن علي بن محمد بن مسرور الدباغ حدثهم قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير عن يعيش الغفاري قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوما بناقة فقال من يحلبها فقام رجل فقال ما اسمك قال مرة قال اقعد ثم قام آخر فقال ما اسم قال جمرة قال اقعد ثم قام رجل فقال ما اسمك قال يعيش قال احلبها
وروى حماد بن سلمة عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توجه لحاجة يحب أن يسمع يا نجيح يا راشد يا مبارك
أخبرنا عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن يعلى حدثنا الحسن بن القاسم الدمشقي حدثنا أبو أمية حدثنا الأصمعي عن ابن عون عن ابن سيرين قال كانوا يستحبون الفأل

72
ويكرهون الطيرة قال فقلت لابن عون يا أبا عون ما الفأل قال أن تكون باغيا فتسمع يا واجد أو تكون مريضا فتسمع يا سالم
وقد روي من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتطير من شيء ولكن كان إذا سأل عن اسم الرجل فكان حسنا رىء البشاشة في وجهه وإن كان سيئا رىء ذلك فيه وإذا سأل عن ابن الأرض فكان حسنا رىء ذلك فيه
حدثنا عبد الوارث قال حدثنا أحمد بن زهير حدثنا حسين بن حريث قال حدثنا أوس بن عبد الله بن بريدة عن الحسن بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتطير ولكن كان يتفاءل فركب بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته من بني أسلم فتلقى النبي صلى الله عليه وسلم ليلا فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم من أنت قال أنا بريدة فالتفت إلى أبي بكر فقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح قال ثم قال ممن قال من أسلم قال لأبي بكر سلمنا
قال ثم قال ممن قال من بني سهم قال خرج سهمك
قال أحمد بن زهير قال لنا أبو عمار سمعت أوسا يحدث بهذا الحديث بعد ذلك عن أخيه سهل بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن بريدة فأعدت ثلاثا من حدثك قال سهل أخي
حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن هشام بن أبي عبد الله وشعبة

73
عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل قيل وما الفأل قال الكلمة الحسنة

74
حديث رابع وستون ليحيى بن سعيد
767 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله (1 23)
وهذا موقوف في الموطأ ويستحيل أن يكون مثله رأيا فكيف وقد روي مرفوعا بإسناد ليس بالقوي
حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقرئ قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة ببغداد قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثني جدي قال حدثنا يعقوب بن الوليد عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسولالله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم ليصلي الصلاة وما فاته من وقتها أشد عليه من أهله وماله
وهذا يدل على أن أول الوقت أفضل وكان مالك فيما حكي ابن القاسم عنه لا يعجبه قول يحيى بن سعيد هذا

75
قال أبو عمر أظن ذلك والله أعلم من أجل قوله صلى الله عليه وسلم ما بين هذين وقت
فجعل أول الوقت وآخره وقتا ولم يقل إن أوله أفضل والذي يصح عندي من ترك مالك الإعجاب بهذا الحديث لأن فيه وما فاته من وقتها أفضل من أهله وماله أو أشد عليه من ذهاب أهله وماله
وهذا اللفظ قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيمن فاتته صلاة العصر فوتا عند أهل العلم كليا حتى يخرج وقتها كله ولا يدرك منها ركعة قبل الغروب وهذا المعنى يعارض ظاهر قوله في هذا الحديث وما فاتته ولما فاته من وقتها لأن قوله فاته وقتها غير قوله فاته من وقتها فكأن مالك رحمه الله لم ير أن بين أول الوقت ووسطه وآخره من الفضل ما يشبه مصيبة من فاته ذلك بمصيبة من ذهب أهله وماله لأن ذلك إنما ورد في ذهاب الوقت كله
هذا عندي معنى قول مالك والله أعلم لأن في هذا الحديث أن فوات بعض الوقت كفوات الوقت كله وهذا لا يقوله أحد من العلماء لا من فضل أول الوقت على آخره ولا من سوى بينهما لأن فوت بعض الوقت مباح وفوت الوقت كله لا يجوز وفاعله عاص لله إذا تعمد ذلك وليس كذلك من صلى في وسط الوقت وآخره وإن كان من صلى في أول الوقت أفضل منه وتدبر هذا تجده كذلك إن شاء الله
قال أبو عمر من فضل أول الوقت فله دلائل وحجج قد ذكرناها في مواضع من هذا الكتاب والحمد لله وهذا الحديث من أحسنها والوجه فيه أنه

76
غير معارض لحديث ابن عمر لأن الإشارة في حديث هذا الباب إلى تفضيل أول الوقت وتعظيم عمل الصلاة والبدار إليها فيه والتحقير للدنيا يقول إن من ترك الصلاة إلى آخر وقتها وهو قادر على فعلها فقد ترك من الفضل وعظيم الأجر ما هو أعظم وأفضل من أهله وماله لأن قليل الثواب في الآخرة فوق ما يؤتى المرء في الدنيا من الأهل والمال ولموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها ويدلك على ما ذكرنا حديث العلاء عن أنس مرفوعا تلك صلاة المنافقين يعيب تارك العصر إلى اصفرار الشمس من غير عذر وحكم صلاة الصبح وصلاة العشاء كحكم صلاة العصر عند العلماء لأنها لا تشترك مع غيرها بعدها فحديث هذا الباب ورد في تفضيل الصلاة لأول وقتها على ما ذكرنا لا أن فاعل ذلك كمن وتر أهله وماله والله أعلم
وقد مضى القول في معنى قوله عليه السلام من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله في باب نافع من كتابنا هذا والحمد لله
قرأت على عبد الوارث بن سفيان أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا مالك بن مغول عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال الصلاة في أول وقتها

77
قال وحدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا المسعودي عن عبد الملك ابن عمير عن أبي حثمة عن الشفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل العمل الصلاة على أول وقتها
قال وحدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل فقال الصلاة في أول وقتها
وروى الليث بن سعد عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن جدته الدنيا عن جدته القصوى أم فروة وكانت من المبايعات أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل فقال الصلاة لأول وقتها
وهذه الآثار قد عارضها من صحيح الآثار ما هو مذكور في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله

78
حديث خامس وستون ليحيى بن سعيد
867 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني أن أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله وإن لم تقبل منه لم ينظر في شئ من عمله (9 89)
وهذا لا يكون رأيا ولا اجتهادا وإنما هو توقيف وقد روي مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح
حدثنا أحمد بن فتح قال حدثنا الحسن بن عبد الله بن الخضر قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال حدثنا عمر بن موسى السامي حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن علي بن زيد عن أنس بن حكيم الضبي قال قال لي أبو هريرة إذا أتيت أهل مصرك فأخبرهم أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أول ما يحاسب به العبد المسلم الصلاة
المكتوبة فإن أتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع فإن كان له

79
تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك
حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل بن العباس قال حدثنا الحسن بن علي الأنطاكي قال حدثنا محمد بن سعيد بن غالب وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا إسماعيل ابن علية قال حدثنا يونس بن الحسن عن أنس بن حكيم الضبي أنه أتى المدينة فلقي أبا هريرة فقال له يا فتى ألا أحدثك حديثا لعل الله أن ينفعك به قلت بلى قال إن أول ما يحاسب به الناس يوم القيامة من أعمالهم الصلاة فيقول ربنا تبارك وتعالى لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي ممن تطوع فإن كان له تطوع قال أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذلك
قال يونس وأحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو داود وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن داود ابن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم

80
بهذا المعنى
قال ثم الزكاة مثل ذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك
قال أبو عمر أما إكمال الفريضة من التطوع فإنما يكون ذلك والله أعلم فيمن سها عن فريضة فلم يأت بها أو لم يحسن ركوعها ولم يدر قدر ذلك وأما من تعمد تركها أو نسي ثم ذكرها فلم يأت بها عامدا واشتغل بالتطوع عن أداء فرضه وهو ذاكر له فلا تكمل له فريضته تلك من تطوعه والله أعلم
وقد روي من حديث الشاميين في هذا الباب حديث هو عندي منكر والله أعلم يرويه محمد بن حمير عن عمرو بن قيس السكوني عن عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه وسجوده وخشوعه زيد فيها من سبحاته حتى تتم
وهذا لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه وليس بالقوي وإن صح كان معناه أنه خرج من صلاته وقد أتمها عند نفسه وليست في الحكم بتامة والله أعلم
هذا على أنه قد كان يلزمه أن يتعلم فإن عذاب عذاب على ترك التعلم وإن عفى عنه فالله أهل العفو وأهل المغفرة

81
وأما قوله في حديث يحيى بن سعيد فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله فمعنى القبول والله أعلم أن توجد تامة على ما يلزمه منها لزوم فرض فإن وجدت كذلك قبلت ونظر في سائر عمله
وآثار هذا الباب يعضد هذا التأويل إن شاء الله ولا يصح غيره على الأصول الصحاح والله أعلم
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبان بن يزيد قال حدثنا قتادة عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة يحاسب بصلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر

82
حديث سادس وستون ليحيى بن سعيد
967 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني أن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامىء بالهواجر (47 6)
وهذا لا يجوز أن يكون رأيا ولا يكون مثله إلا توقيفا وقد روي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندا من وجوه حسان من حديث يحيى بن سعيد هذا وغيره حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا اليمان بن عدي عن زهير عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليدرك بحسن الخلق درجة الساهر بالليل الظامىء بالهواجر
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا سهل بن إبراهيم ابن سهل قال حدثنا محمد بن فطيس قال أخبرنا إبراهيم بن الهيثم الجزري البلدي الزهري أبو إسحاق قال حدثنا أبو اليمان قال حدثنا عفير بن معدان الحمصي عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليدرك بحسن خلقه أجر الساهر بالليل الظامىء بالهواجر

83
أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى حدثنا علي بن محمد حدثنا أحمد ابن أبي سليمان حدثنا سحنون بن سعيد حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد عن ابن حجيرة قال سمع عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه وكرم ضريبته
أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتق الله حيث كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أحمد بن صالح المقرئ حدثنا محمد بن محمود حدثنا جعفر بن هشام حدثنا العباس بن بكار حدثنا يحيى بن سعيد التميمي عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل ليدخل العبد المسلم بطلاقة وجهه وحسن بشره وحسن خلقه الجنة حتى ينال الدرجات العلى مع الصائم القائم المخبت
وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال أخبرنا يوسف بن أحمد قال حدثنا محمد بن عمرو الذهيلي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر بن
نجيح المديني قال

84
حدثنا فضيل بن سليمان النميري عن صالح بن خوات بن صالح بن خوات بن جبير عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المرء ليدرك بحسن خلقه درجات القائم بالليل الظامىء بالهواجر
حدثنا عبد الرحمن حدثنا علي حدثنا أحمد حدثنا سحنون حدثنا ابن وهب قال أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو مولى المطلب عن المطلب عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم
وحدثنا سلمة بن سعيد بن سلمة قال حدثني علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ البغدادي بمصر قال حدثنا محمد بن عبد الله ابن الحسين قال حدثنا حماد بن الحسن أبو عبد الله قال حدثا أبو عاصم عن أبي العطوف عن عبد الملك بن عمير عن المنذر بن جرير عن أبيه قال سمعت كعب الأحبار يقول إن في كتاب الله المنزل إذا أراد الله بعبد خيرا حسن خلقه وخلقه

85
حديث سابع وستون ليحيى بن سعيد
77077077 077 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم
هكذا هو الحديث في الموطأ عند جماعتهم لم يجاوزوا به يحيى بن سعيد ولم يختلف الرواة عن مالك فيه
وأما حديث أحمد بن المبارك عن مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بسويق وتمر فباطل عن مالك ويصح عن الزهري من غير رواية مالك ويستند من وجه من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري إلا أنه لا يصح سماعه ليحيى من أنس
ورواه سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن حمد عن أنس قال شهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليمة ليس فيها خبز ولا لحم ذكره ابن وهب وسعيد بن عفير عن سليمان بن بلال بهذا الإسناد وزاد ابن وهب في هذا الحديث قلت فبأي شيء يا أبا حمزة قال بسويق
حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا محمد بن الهيثم أبو الأحوص حدثنا ابن عفير حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن حميد الطويل عن أنس قال أكلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليمة ليس فيها خبز ولا لحم قلت فبأي شيء هو يا أبا حمزة قال تمر وسويق

86
ورواه إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس وإسماعيل هذا ليس بالقوي فيما روي عن أهل المدينة
حدثني أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن قاسم قال حدثنا مالك بن عيسى القفصي الحافظ قال حدثنا محمد بن عوف قال حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس قال أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض أزواجه على غير خبز ولا لحم إلا الحيس
وحدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقرئ قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة البغدادي قال حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا سلام بن مسكين عن عمر بن معدان عن ثابت عن أنس بن مالك قال شهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليمة ما فيها خبز ولا لحم
قال البغوي لا نعلم أحدا قال في هذا الحديث مع عمر بن معدان ثابت إلى علي بن الجعد
قال أبو عمر قد روي هذا الحديث عن أنس الزهري وحميد وعمرو بن أبي عمرو ولا ينكر من حديث ثابت ولثابت عن أنس حديث الموليمة على زينب
وأما هذه الوليمة فهي الوليمة على صفية لأنه كان في سفر ولم يكن هناك غير ذلك والله أعلم

87
وفي هذا الحديث دليل على التأكيد في الإطعام للوليمة بما يسر من قليل وكثير وليست الوليمة اللحم إنما الوليمة طعام العرس لحما كان أو غير لحم
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن غالب حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم على زينب حين تزوجها خبزا ولحما حتى امتد النهار
وحدثنا أحمد بن قاسم وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حميد الطويل عن أنس قال أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على زينب فأشبع المسلمين خبزا ولحما
وقد مضى في باب حميد الطويل وباب ابن شهاب عن الأعرج من أحكام طعام الوليمة والإجابة إليها ما فيه كفاية وشفاء فلا وجه لتكرير ذلك ههنا
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا حامد بن يحيى قال حدثنا سفيان قال حدثنا وائل بن داود عن أبيه بكر بن وائل عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أبو إسماعيل الترمذي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو أنه سمع أنس بن مالك

88
يقول لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر واصطفى صفية بنت حيي لنفسه خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يردفها وراءه يحوي عليها عباءته ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رجله حتى تقوم عليها وتركب فلما بلغ سد الصهباء عرس بها فصنع حيسا في نطع فأمرني فدعوت من حوله فكانت تلك وليمته

89
حديث ثامن وستون ليحيى بن سعيد
177 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية
وهذا حديث مسند من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة من حديث مالك وغيره وقد ذكرناه في باب هشام بن عروة من هذا الكتاب والحمد لله
حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا أحمد بن محمد ابن إسماعيل قال حدثنا أحمد بن الحسن الصباحي قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث لفائف بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة قالت فلما قبض أبو بكر قال كفنوني في هذا الثوب لثوب كان فيه ودغ وزعفران كان يمرض فيه وأمرهم أن يغسلوه وثوبين آخرين فقالوا نكفنك في ثياب جدد قال لا الحي أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة يعني بالمهلة الصديد

90
وقد روي هذا الحديث جماعة عن هشام بن عروة ورواه عن عائشة القاسم وعروة إلا أن في حديث عروة زيادة قولها ليس فيها قميص ولا عمامة وقد مضى القول في أكفان الموتى بالرجال والنساء في باب هشام بن عروة والحمد لله

91
حديث تاسع وستون ليحيى بن سعيد
277 مالك عن يحيى بن سعيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وقبر يحفر بالمدينة فاطلع رجل في القبر فقال بئس مضجع المؤمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئسما قلت فقال الرجل إني لم أرد هذا إنما أردت القتل في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مثل القتل في سبيل الله ما على الأرض بقعة هي أحب إلى أن يكون قبري بها منها ثلاث مرات (21 33)
وهذا الحديث لا أحفظه مسندا ولكن معناه موجود من رواية مالك وغيره وفضائل الجهاد كثيرة جدا وأما تمني رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل في سبيل الله فمحفوظ من رواية الثقات
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي عن شعيب عن الزهري قال أخبرني سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم بأن تخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في

92
سبيل الله والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل
قال وأخبرني عمرو بن عثمان قال حدثنا بقية عن بحير عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن ابن أبي عميرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل الوبر والمدر
قال وأخبرنا يوسف بن سعيد قال سمعت حجاج بن محمد قال أخبرنا ابن جريج قال حدثنا سليمان بن موسى قال حدثنا مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل حدثهم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة ومن سأل الله عز وجل القتل من عند نفسه صادقا ثم مات أو قتل فله أجر شهيد ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها نجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها كالزعفران وريحها كالمسك ومن جرح جرحا في سبيل الله فعليه طابع الشهداء

93
حديث موفي سبعين ليحيى بن سعيد
377 مالك عن يحيى بن سعيد قال لما كان يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأتني بخبر سعد بن الربيع الأنصاري فقال رجل أنا يا رسول الله فذهب الرجل يطوف بين القتلى فقال له سعد بن الربيع ما شأنك فقال الرجل بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك قال فاذهب إليه فأقرئه مني السلام وأخبره أني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة وأني قد أنفذت مقاتلي وأخبر قومك أنهم لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد منهم حي (21 41)
هذا الحديث لا أحفظه ولا أعرفه إلا عند أهل السير فهو عندهم مشهور معروف
ذكر ابن إسحاق قال لما انصرف أبو سفيان ومن معه من أحد ووجهوا إلى مكة فزع الناس إلى قتلاهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع أفي الأحياء هو أم في الأموات فقال رجل من الأنصار أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رمق قال فقلت له إن رسول الله

94
صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أم في الأموات قال أنا في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم إن سعد بن الربيع يقول لكم لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف قال ثم لم أبرح حتى مات قال فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبره قال ابن إسحاق حدثني بخبره هذا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة المازني أحد بني النجار
وقال ابن هشام حدثني أبو بكر الزبيري أن رجلا دخل على أبي بكر الصديق وبنت لسعد بن الربيع جارية صغيرة على صدره يرشفها ويقبلها فقال رجل من هذه قال بنت رجل خير مني سعد ابن الربيع كان من النقباء يوم العقبة وشهد بدرا واستشهد يوم أحد
قال أبو عمر تخلف سعد بن الربيع رحمه الله ابنتين اثنتين وبهما عرفت السنة والمراد من كتاب الله عز وجل في ميراث الابنتين لأن القرآن إنما نطق بقوله * (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف) * 4 11 فأخبره بميراث الواحدة وميراث ما فوق الاثنين ولم يذكر الاثنتين فلما أعطى رسول الله

95
صلى الله عليه وسلم ابنتي سعد بن الربيع الثلثين علم أن مراد الله عز وجل أن ميراث الاثنتين من البنات كميراث ما فوقهن من العدد لا كميراث الواحدة فكأنه قال عز
وجل فإن كن نساء اثنتين فما فوقهما فلهن الثلثان وقد قيل إن ذلك أخذ قياسا واعتبارا بالأختين وهذا والحمد لله إجماع وإن اختلف في السبب وقد قيل إن قوله * (فوق اثنتين) * معناه اثنتين كما قال * (فوق الأعناق) * 8 12 يريد الأعناق
حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا إسحاق بن عيسى يعني ابن الطباع قال حدثنا عمرو بن ثابت عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال سمعت جابر بن عبد الله يقول إن امرأة من الأنصار أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابنتي سعد بن الربيع فقالت يا رسول الله سعد بن الربيع قتل يوم أحد شهيدا فأخذ عمهما كل شيء من تركته فلم يدع لهما من مال أبيهما قليلا ولا كثيرا والله ما لهما مال ولا ينكحان إلا ولهما مال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيقضي الله في ذلك ما شاء فنزلت السورة * (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف) *

96
الآية
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمهما فقال أعط هاتين الجاريتين الثلثين مما ترك أبوهما وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك
قال أبو يعقوب وهذا القول الذي ليس فيه اختلاف أبو يعقوب هذا هو إسحاق بن الطباع

97
حديث حاد وسبعون ليحيى بن سعيد
477 مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الجهاد وذكر الجنة ورجل من الأنصار يأكل تمرات في يده فقال إني لحريص على الدنيا إن جلست حتى أفرغ منهن فرمى ما في يده وحمل بسيفه فقاتل حتى قتل (21 42)
هذا الحديث محفوظ مسند صحيح من حديث جابر أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا محمد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قال رجل يوم أحد أرأيت إن قتلت في سبيل الله فأين أنا قال في الجنة فألقى التمرات كن في يده ثم قاتل حتى قتل
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعد بن حزم قال حدثنا الحسين بن محمد بن داود مأمون قال حدثنا أحمد بن شيبان بالرملة قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو سمع جابرا يقول قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد يا رسول الله إن قتلت فأين أنا قال في الجنة فألقى تمرات كن في يده ثم قاتل حتى قتل

98
أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا أحمد بن العباس الطوسي أبو عبد الله صاحب الزبير بن بكار قال حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر قال قال رجل يوم أحد يا رسول الله إن قتلت فأين أنا قال في الجنة فألقى تمرات كن في يده وقاتل حتى قتل
وقد روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
وذكر ابن إسحاق قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس يعني يوم بدر فحرضهم على القتال ونفل كل امرئ ما أصاب وقال والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة
فقال عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلها بخ بخ أما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء قال ثم قذف التمرات من يده وأخذ الحجفة وقاتل القوم حتى قتل وهو يقول ركضا إلى الله بغير زاد إلا التقى وعمل المعاد والصبر في الله على الجهاد وكل زاد عرضة النفاد غير التقى والبر والرشاد

99
حديث ثان وسبعون ليحيى بن سعيد مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي يمسح وجه
فرسه بردائه فسئل عن ذلك فقال إني عوتبت الليلة في الخيل
هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جماعة رواته فيما علمت وقد روي عن مالك مسندا عن يحيى بن سعيد عن أنس ولا يصح
حدثنا خلف بن القاسم حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد حدثنا أبي حدثنا الحسين بن إسحاق حدثنا النضر بن سلمة حدثنا عبد الله بن عمرو الفهري حدثنا مالك سمعته يقول سمعت يحيى بن سعيد يحدث عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح وجه فرسه بردائه فسئل عن ذلك وقيل يا نبي الله رأيناك فعلت شيئا لم تكن تفعله فقال إني عوتبت الليلة في الخيل
وفي هذا الحديث فضل الخيل وفضل اتخاذها وقد مضى القول في ارتباطها عدة في سبيل الله وفي حبسها رياء ونواء لأهل الإسلام في باب زيد بن أسلم وقد جاءت في الخيل آثار كثيرة

100
وفي هذا الحديث أيضا دليل على أن من الوحي ما لا يتلى وأن المرء يؤجر في الإحسان إلى العجماء
وروى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن مسلم بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي صباحا وهو يمسح وجه فرسه بردائه وقال إن جبريل عاتبني الليلة في الخيل
أخبرنا أحمد بن سعيد بن بشر قال أخبرنا مسلمة بن قاسم بن إبراهيم قال حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا الزبير بن الخريت الأزدي قال حدثني نعيم بن أبي هند الأشجعي قال رئي النبي صلى الله عليه وسلم يمسح خد فرسه فقيل له في ذلك فقال إن جبريل عاتبني في الفرس هكذا رواه أبو داود الطيالسي عن جرير بن حازم عن الزبير بن الخريت عن نعيم بن بن أبي هند مرسلا
ورواه مسلم بن إبراهيم عن سعيد بن زيد عن الزبير بن خريت عن نعيم بن أبي هند عن عروة البارقي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه مسندا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب النسوي قال أخبرني الحسن بن إسماعيل بن سيمان بن مجالد قال أخبرني عيسى بن يونس عن عبد الرحمان بن يزيد بن جابر قال حدثني ابن سلام الدمشقي عن خالد بن يزيد الجهني عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى عليه وسلم

101
في حديث ذكره وليس اللهو إلا في ثلاثة تأديب الرجل فرسه وملاعبته امرأته ورميه بقوسه ونبله ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنما هي نعمة كفرها أو قال كفر بها
وأخبرنا عبد الله حدثنا حمزة حدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا أبو أحمد البزار هشام بن سعيد قال حدثنا محمد بن مهاجر الأنصاري عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب وكانت له صحبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمان وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار وعليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني أحمد بن حفص قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل

102
قال أبو عمر رواه أبو هلال الراسي محمد بن سليم عن قتادة عن معقل بن يسار وليس بشيء حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال حدثنا يوسف بن يزيد قال حدثنا إسماعيل بن مسلمة بن قعنب قال حدثنا أبو هلال يعني محمد بن سليم الراسي عن قتادة عن معقل بن يسار قال لم يكن شيء أعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل ثم قال اللهم غفرا بل النساء أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد حدثنا حمزة بن محمد بن علي حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا عمران بن موسى حدثنا عبد الوارث حدثنا يونس عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتل ناصية فرسه بين أصبعيه وهو يقول الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم من الغنيمة

103
حديث ثالث وسبعون ليحيى بن سعيد
677 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين أن يبيعا آنية من ذهب أو فضة فباعا كل ثلاثة بأربعة عينا أو كل أربعة بثلاثة عينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربيتما فردا (31 28)
وهذا الحديث لا أعلمه يستند بهذا اللفظ في ذكر السعدين وقد رواه الليث بن سعد وعمرو بن الحرث عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة ولم يذكر مالك عبد الله بن أبي سلمة وعنه رواه يحيى بن سعيد
ذكر ابن وهب قال أخبرني الليث بن سعد وعمرو بن الحرث عن يحيى بن سعيد أنه حدثهما أن عبد الله بن أبي سلمة حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر جعل السعدين على المغانم فجعلا يبيعان كل أربعة مثاقيل بثلاثة عينا فقال صلى الله عليه وسلم أربيتما فردا
وأحد السعدين سعد بن مالك هكذا جاء في هذا الإسناد في آخر الحديث أن أحد السعدين سعد بن مالك ولا أعلم في الصحابة سعد ابن مالك إلا سعد بن أبي وقاص وأبا سعيد الخدري فأما سعد بن أبي وقاص فهو سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة أبو إسحاق وأما أبو سعيد الخدري فهو سعد بن مالك بن سنان

104
الأنصاري من بني خدرة ويبعد عندي أن يكون أحد السعدين أبا سعيد الخدري لصغر سنه والأظهر الأغلب أنه سعد ابن أبي وقاص
وأما الآخر فلم يختلفوا أنه سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي فعلى هذا أحد السعدين مهاجري والآخر أنصاري وقد قيل إن السعدين المذكورين في هذا الخبر هما سعد بن معاذ وسعد ابن عبادة وزعم قائل ذلك أنهما السعدان المعروفان في ذلك الزمان واحتج بالخير المأثور أن قريشا سمعوا صائحا يصيح ليلا على أبي قبيس فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف المخالف قال فظنت قريش أنهما سعد بن زيد مناة بن تميم وسعد هذيم من قضاعة فلما كان الليلة الثانية سمعوا صوتا على أبي قبيس أيا سعد سعد الأوس هل كنت ناصرا ويا سعد سعد الخزرجيين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا على الله في الفردوس منية عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى جنان من الفردوس ذات رفارف قال فقالوا هذان والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة

105
قال أبو عمر هذا غلط لا يجوز أن يكون سعد بن معاذ أحد السعدين المذكورين في هذا الباب لأن سعد بن معاذ توفي بعد الخندق بيسير من سهم أصابه يوم الخندق ولم يدرك خيبر والقول الأول أولى وأصح وقد وجدنا ذلك منصوصا
ذكر يعقوب بن شيبة وسعد بن عبد الله بن الحكم قالا حدثنا قدامة بن محمد بن قدامة بن خشرم الأشجعي عن أبيه قال حدثني مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت أبا كثير جلاح مولى عبد الرحمن أو عبد العزيز بن مروان يقول سمعت حنشا السبائي عن فضالة (بن عبيد) يقول كنا يوم خيبر فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغنائم سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة فأرادوا أن يبيعوا الدينارين بالثلاثة والثلاثة بالخمسة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلا مثلا بمثل وهذا إسناد صحيح متصل حسن
وأبو كثير هذا يقال فيه مولى عمر بن عبد العزيز بن مروان ويقال مولى عبد الرحمن بن مروان مصري تابعي ثقة روى عنه عمرو بن الحرث وبكير بن الأشج وعبيد الله بن أبي جعفر وسائر الإسناد أشهر من أن يحتاج إلى القول فيه فصح أن السعدين سعد ابن أبي وقاص وسعد بن عبادة وارتفع الشك في ذلك والحمد لله

106
وأما عبد الله بن أبي سلمة الذي روى عنه يحيى بن سعيد هذا الحديث فقيل إنه عبد الله بن أبي سلمة الهذلي يروي عن ابن عمر وغيره وزعم البخاري أنه عبد الله بن أبي
سلمة والد عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون فالله أعلم
وأما المعنى الذي ورد في هذا الحديث من تحريم الازدياد في الذهب بالذهب فمعنى مجتمع عليه عند الفقهاء لا خلاف فيه إلا ما ذكرنا عن ابن عباس مما لا وجه له من رد السنة له والآثار في هذا الباب كثيرة وقد ذكرنا كثيرا منها في مواضع من كتابنا هذا والحمد لله
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن ابن أبي جعفر عن الجلاح أبي كثير قال حدثني حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر نبايع اليهود الأوقية من الذهب بالدينار وقال غير قتيبة بالدينارين والثلاثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن
وذكر ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن عامر بن يحيى وخالد ابن أبي عمران عن حنش السبائي عن فضالة بن عبيد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر نبايع اليهود أوقية الذهب

107
بالدينارين والثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا بكر بن حماد حدثنا مسدد وحدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى حدثنا محمد بن بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن عيسى وأبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن منيع ومحمد بن العلاء قالوا أخبرنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا سعيد بن يزيد قال حدثنا خالد بن أبي عمران عن حنش عن فضالة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبعضهم قال عام خيبر بقلادة من ذهب فيها خرز معلقة وقال بعضهم بقلادة فيها خرز وذهب ابتاعها رجل بسبعة دنانير أو بتسعة دنانير فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حتى تميز ما بينهما
قال إنما أردت الحجارة قال لا حتى تميز ما بينهما

108
حديث رابع وسبعون ليحيى بن سعيد
777 مالك عن يحيى بن سعيد قال بلغني أن خالد بن الوليد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني أروع في منامي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون (51 9)
وهذا حديث مشهور مسندا وغير مسند أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى قال حدثنا محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب قال حدثنا علي بن حرب الطائي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن محمد بن يحيى بن حبان أن خالد بن الوليد كان يروع أو يروق من الليل فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامة من غضب الله وعقابه من شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون
وأخبرنا قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال حدثنا أحمد بن عمرو بن منصور قال حدثنا محمد بن سنجر قال حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كان الوليد بن الوليد بن المغيرة يروع في منامه قال فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا

109
اضطجعت للنوم فقل بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده وشر همزات الشياطين وأن يحضرون فقالها فذهب عنه ذلك فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من بنيه ومن كان منهم صغيرا لا يقيمها كتبها وعلقها عليه
هكذا قال ابن إسحاق في هذا الحديث الوليد بن الوليد وهو أخو خالد بن الوليد وكان من فضلاء الصحابة أسلم قبل أخيه وقتل شهيدا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض السرايا
وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون
وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه ومن لم يعقل كتبها فعلقها عليه
وفي هذا الحديث دليل على أن كلام الله عز وجل غير مخلوق لأنه لا يستعاذ بمخلوق وليس في هذا الحديث ما يحتاج إلى تفسير إلا قوله وأن يحضرون فإن أهل المعاني قالوا معناه وأن تصيبوني بسوء
وكذلك قال أهل التفسير في قول الله عز وجل * (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) * 23 97 98

110
يصيبوني بسوء
قال ومثل هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الحشوش محتضرة أي يصاب الناس فيها ومن هذا أيضا قول الله عز وجل * (كل شرب محتضر) * 54 أي يصيب منه صاحبه

111
حديث خامس وسبعون ليحيى بن سعيد
877 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه فقال جبريل أفلا أعلمك كلمات تقولهن إذا قلتهن طفيت شعلته وخر لفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى قال جبريل فقل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله
التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وشر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل إلا طارق يطرق بخير يا رحمن (51 10)
وهذا الحديث قد رواه قوم عن يحيى بن سعيد مسندا أخبرناه عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال أخبرنا محمد بن جعفر قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عياش الشامي عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وهو مع جبريل عليه السلام وأنا معه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وجعل العفريت يدنو

112
ويزداد قربا فقال جبريل ألا أعلمك كلمات تقولهن فيكب العفريت لوجهه وتطفأ شعلته قل أعوذ بوجه الله الكريم وكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض وما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل إلا طارق يطرق بخير يا رحمن فكب العفريت لوجهه وانطفأت شعلته
قال أبو عمر محمد بن جعفر هذا هو ابن أبي كثير أخو إسماعيل بن جعفر وهما ثقتان وقد روى جعفر بن سليمان عن أبي التياح قال قلت لعبد الرحمن بن حنش أو قيل لعبد الرحمن بن حنش وكان شيخا كبيرا حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف صنع حين كادته الجن قال تحدرت عليه الشياطين من الأودية والشعاب يريدونه وكان فيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآهم فزع منهم فقال له جبريل قل قال ما أقول قال قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارق يطرق بخير يا رحمن
ذكره العقيلي قال أخبرنا محمد بن أحمد بن سفيان قال حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا أبو

113
التياح قال سأل رجل عبد الرحمن بن حنش وكان رجلا كبيرا فقال كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كادته الجن فذكره
وحدثنا بحديث عبد الرحمن بن حنش أبو عبد الله محمد بن إبراهيم قراءة مني عليه أن محمد بن أحمد بن يحيى حدثهم قال حدثنا محمد بن أيوب الرقي قال حدثنا أحمد بن عمرو البزار قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي التياح قال سأل رجل عبد الرحمن بن حنش وكان شيخا كبيرا قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم كيف صنع النبي صلى الله عليه وسلم حيث كادته الشياطين قال تحدرت عليه الشياطين من الجبال والأودية يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم شيطان معه شعلة نار يريد أن يحرقه بها فلما رآهم وجل وجاء جبريل عليه السلام فقال يا محمد قل قال وما أقول قال قل أعوذ بكلمات الله التامات اللائي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض وبرأ ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارق يطرق بخير يا رحمن فطفئت شعلة نار الشيطان وهزمهم الله
قال أبو بكر البزار وهذا الحديث لا يعلم من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عبد الرحمن بن حنش وليس له عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم غيره

114
حديث سادس وسبعون ليحيى بن سعيد
977 مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن المنكدر يقول أحب الله عبدا سمحا إن باع سمحا إن ابتاع سمحا إن قضى سمحا إن اقتضى (31 100)
لم يختلف على مالك في هذا الحديث أنه موقوف على ابن المنكدر وكذلك رواه أكثر أصحاب ابن المنكدر
ورواه محمد بن مطرف أبو غسان المدني عن ابن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم
وروي عن عثمان موقوفا عليه ومرفوعا عنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

115
حديث سابع وسبعون ليحيى بن سعيد
87087087 087 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني أن أبا ذر كان يقول مسح الحصباء مسحة واحدة وتركها خير من حمر النعم (9 43)
قال أبو عمر يريد الحمر من الإبل وليس عندهم في ألوان الإبل أحسن من الأحمر
وقال أهل العربية هي ههنا حمر بتسكين الميم لا غير
وحديث أبي ذر في مسح الحصباء مرفوع صحيح محفوظ
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص شيخ من أهل المدينة أنه سمع أبا ذر يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى
قال أبو داود وحدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن معيقب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمسح

116
الحصى يعني الأرض وأنت تصلي وإن كنت لا بد فاعلا فواحدة تسوية الحصى
وأخبرنا محمد بن إبراهيم وعبد العزيز بن عبد الرحمن قالا حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا قتيبة وأبو عمار الحسين بن حريث واللفظ له عن سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه
قال وأخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال حدثني معيقب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن كنت فاعلا فمرة
وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج ومعمر عن ابن شهاب أن أبا الأحوص حدثه أنه سمع أبا ذر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام أحدكم في الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا تمسحوا الحصى
اللفظ لابن جريج ومعمر عن الزهري عن أبي الأحوص عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال ابن جريج فقلت لعطاء إن مسح الحصى قال لا يعد ولا يسجد
قال أبو عمر السنة في الصلاة أن لا يعمل جوارحه في غيرها ومسح الحصباء ليس من الصلاة فلا ينبغي أن يمسح ولا يعبث بشيء من جسده ولا

117
يأخذ شيئا ولا يضعه فإن فعل لم تنتقض بذلك صلاته ولا سهو عليه
وروينا عن أبي ذر من طرق أنه كان يقول رخص في مسح الحصى مرة واحدة وتركها خير من مائة ناقة سوداء الحدقة
وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن أبي ليلى عن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن مسح الحصى فقال واحدة أودع
وعن معمر عن أيوب عن نافع قال كان ابن عمر يسوي الحصى قبل أن يكبر
ومالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن عثمان نحو ذلك
ومن هذا المعنى مسح الجبهة والوجه من التراب في الصلاة فكلها أيضا يكرهه وهو عندهم مع ذلك خفيف ويستحبون أن لا يمسح وجهه من التراب حتى يفرغ فإن فعل قبل أن يفرغ فلا حرج ولا يحبونه وذلك والله أعلم لما في تعفير الوجه بالأرض لله في السجود من التذلل والتضرع فلهذا استحبوا منه ما كان في هذا المعنى ما لم يكن تشويها بالوجه وإسرافا
أخبرنا محمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن معاوية حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي حدثنا داود بن عمرو الضبي حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن أبي نضرة عن أبي ذر قال إذا أقيمت الصلاة فاشموا إليها على هيئتكم وصلوا

118
ما أدركتم فإذا سلم الإمام فاقضوا ما بقي ولا تمسحوا التراب عن الأرض إلا مرة ولأن أصبر عليها أحب إلي من مائة ناقة سوداء الحدقة
وقال ابن جريج قلت لعطاء أكانوا يشددون في المسح للحصى لموضع الجبين ما لا يشددون في مسح الوجه من التراب قال أجل وصلى الله على محمد

119
مالك عن ابن حماس حديثان واختلف في اسمه فقيل يونس بن يوسف بن حماس وقيل يوسف بن يونس واضطرب في اسمه رواة الموطأ اضطرابا كثيرا وأظن ذلك من مالك
وكان ابن حماس هذا رجلا صالحا فاضلا مجاب الدعوة
أخبرنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال حدثنا الحسين بن علي حدثنا أسامة بن علي حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا عاصم بن أبي بكر الزهري قال سمعت مالك بن أنس يقول كان يونس بن يوسف أو يوسف بن يونس شك عبد الرحمن من عباد الناس فراح إلى المسجد ذات يوم فلقيته امرأة فوقع في نفسه منها فقال اللهم إنك خلقت لي بصري نعمة وأخشى أن يكون علي نقمة فأقبضه إليك فكان يروح إلى المسجد يقوده ابن أخ له فإذا استقبل الأسطوانة اشتغل الصبي يلعب مع الصبيان فإن نابته حاجة حصبه وأقبل إليه فبينما هو يصلي ذات يوم ضحوة إذ حس في بطنه شيئا فحصب ابن أخيه فاشتغل مع الصبيان يلعب ولم يأته فلما خاف على نفسه قال اللهم إنك خلقت لي بصري نعمة وخشيت أن يكون علي نقمة وسألتك فقبضته اللهم إني قد خشيت الفضيحة قال فانصرف إلى منزله وهو يبصر قال مالك فرأيته أعمى ورأيته بصيرا

120
حديث أول لابن حماس
187 مالك عن ابن حماس عن عمه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب فيغذي على بعض سواري المسجد أو على المنبر فقالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان قال للعوافي الطير والسباع (45 8)
هكذا قال يحيى في هذا الحديث عن مالك عن ابن حماس عن عمه عن أبي هريرة لم يسم ابن حماس بشيء
وقال أبو المصعب مالك عن يونس بن يوسف بن حماس عن عمه عن أبي هريرة وكذلك قال معن بن عيسى وعبد الله بن يوسف التنيسي يونس بن يوسف
وقال ابن القاسم حدثني مالك عن يوسف بن يونس بن حماس عن عمه عن أبي هريرة وكذلك قال ابن بكير وسعيد بن أبي مريم ومطرف وابن نافع وعبد الله بن وهب وسعيد بن عفير ومحمد بن المبارك وسليمان بن برد ومصعب الزبيري كلهم قال يوسف بن يونس

121
وقال فيه زيد بن الحباب عن مالك عن يوسف بن حماس عن عمه عن أبي هريرة
وقد قيل عن عبد الله بن يوسف مثل ذلك أيضا
وقد روي عن سعيد بن أبي مريم في هذا الحديث يونس بن يوسف حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن جعفر وعبد الله ابن عمر بن إسحاق قالا حدثنا إسحاق بن إبراهيم
بن جابر حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا مالك عن يونس بن يوسف بن حماس عن عمه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب فيغذي على بعض سواري المسجد أو على المنبر قالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان قال للعوافي الطير والسباع وقال القعنبي في هذا الحديث مالك أنه بلغه عن أبي هريرة لم يذكر اسم أحد وجعل الحديث بلاغا عن أبي هريرة وهذا الاضطراب يدل على أن ذلك جاء من قبل مالك والله أعلم
ورواية يحيى في ذلك حسنة لأنه سلم من التخليط في الاسم وأظن أن مالكا لما اضطرب حفظه في اسم هذا الرجل رجع إلى إسقاط اسمه وقال عن ابن حماس
ويحيى من آخر من عرض عليه الموطأ وشهد وفاته ويقال إن القعنبي شهد وفاته أيضا ولذلك انصرف إلى العراق

122
وفي قوله صلى الله عليه وسلم لتتركن المدينة أحسن ما كانت دليل على علم الغيب بما كان ينبأ به ويطلع عليه من الوحي وفي ذلك علم واضح من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم
وأما قوله فيغذي على بعض سواري المسجد فمعناه أن الذئب يبول على سواري المسجد أو على المنبر شك المحدث وذلك لخلاء المدينة من أهلها ذلك الزمان وخروج الناس عنها وتغير الإسلام فيها حتى لا يكون بها من يهتبل بالمسجد فيصونه ويحرسه يقال من هذا الفعل غذت المرأة وليدها بالتشديد إذا أبالته أي حملته على البول وجعلته يبول وغذت ولدها بالتخفيف إذا أطعمته وربته من الغذاء
وأما قوله في هذا الحديث للعوافي الطير والسباع
فالطير والسباع تفسير للعوافي وهو تفسير صحيح عن أهل الفقه وأهل اللغة أيضا ومما يعضد هذا التفسير أيضا حديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يحيي أرضا فتشرب منها كبد حرى أو تصيب منه عافية إلا كتب الله له بها أجرا
والعافية واحدة والعافي ههنا الطالب لما يأخذ ويأكل
قال الأعشى تطوف العفاة بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن

123
وقال أعرابي يمدح خالد بن برمك أخالد إني لم أزرك لحاجة ولكنني عاف وأنت جواد ولهذه اللفظة معان في اللغة مختلفة
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد الله بن عبد الواحد قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثني أبي سمعت الأعمش يحدث عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحرث عن حبيب بن جماز عن أبي ذر قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا ذا الحليفة فتعجل رجال إلى المدينة فباتوا بها فلما أصبح سأل عنهم فقيل تعجلوا إلى المدينة وإلى النساء فقال تعجلوا إلى المدينة أما أنهم سيتركونها وهي أحسن ما كانت
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا أبان قال حدثنا يحيى عن أبي جعفر عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليتركن المدينة أهلها خير ما كانت نصفين رطبا وزهوا قال ومن يخرجهم منها يا أبا هريرة قال أمراء السوء
قال إسماعيل هكذا حدثنا به مسلم مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم

124
حديث ثاني لابن حماس
287 مالك عن يونس بن يوسف عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب الأنصاري أنه وجد غلمانا قد ألجؤوا ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه
قال مالك لا أعلم إلا أنه قال أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا قال التنيسي في هذا الحديث عن مالك فيه أفي حرم الله وقال معن وغيره عن مالك فيه أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال يحيى
وقد تقدم القول في تحريم المدينة وحدود حرمها في الصيد وغيره في باب ابن شهاب عن سعيد بن المسيب من هذا الكتاب وفي باب عمرو بن أبي عمرو أيضا ولم يختلف الرواة فيما علمت عن مالك في اسم شيخه في هذا الحديث وكلهم قال فيه يونس بن يوسف وقد قيل إنه غير ابن حماس وليس بشيء وهو ابن حماس وهذا يقضي لرواية معن وأبي المصعب بالصواب والله أعلم
ولمالك عن يونس بن يوسف هذا حديث آخر في الموطأ في كتاب البيوع عن سعيد بن المسيب أن عمر مر بحاطب وهو يبيع زبيبا في السوق

125
مالك عن أبي عرفة يعقوب بن زيد بن طلحة حديث واحد وهو يعقوب بن زيد بن طلحة بن عبد الله بن أبي مليكة وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان القرشي التيمي واسم أبي مليكة زهير وكان يعقوب بن زيد قاضيا ثقة مأمونا روى عن أبيه زيد بن طلحة وروى هو وأبوه عن سعيد المقبري روى عن يعقوب بن زيد مالك بن أنس وهشام بن سعد وابن عيينة وموسى بن عبيدة ومحمد بن جعفر بن أبي كثير وسمع أبوه زيد بن طلحة من ابن عباس
روى عنه الثوري وعبد الرحمن بن إسحاق وابنه يعقوب وأبو علقمة الفروي ولم يرو عنه مالك
قال ابن معين زيد بن طلحة ثقة وقال ابن المدينة هو شيخ معروف وقال أبو زرعة ليس به بأس وليس بحجة وأبوه مثله
(387) مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيده بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة أنه أخبره أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنها زنت وهي حامل
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبي حتى تضعي فلما وضعته جاءته فقال رسول

126
الله صلى الله عليه وسلم اذهبي حتى ترضعيه فلما أرضعته جاءته فقال اذهبي فاستودعيه قال فاستودعته ثم جاءت فأمر بها فرجمت (41 5)
هكذا قال يحيى فيما رأينا من رواية شيوخنا في هذا الحديث عن مالك عن يعقوب بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة فجعل الحديث لعبد الله بن أبي مليكة مرسلا عنه
وقال القعنبي وابن القاسم وابن بكير عن مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة بن عبد الله بن أبي مليكة
وقال أبو مصعب كما قال يحيى زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة فجعلوا الحديث لزيد بن طلحة مرسلا عنه وهذا هو الصواب إن شاء الله وقد جوده ابن وهب فرفع الإشكال فيه لأنه لم ينسب زيد بن طلحة وجعل الحديث له
قال ابن وهب أخبرني مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي عن أبيه أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنها زنت وهي حبلى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبي حتى تضعيه فذهبت فلما وضعت جاءته فقال اذهبي حتى ترضعيه فلما أرضعته جاءته فقال اذهبي حتى تستودعيه فلما استودعته جاءته فأقام عليها الحد
هكذا قال وأقام عليها الحد والحد الرجم على ما ذكره يحيى وغيره في هذا الحديث

127
قال ابن وهب وأخبرني ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن محمود بن لبيد الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال ابن وهب وسمعت شمر بن نمير يحدث عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك إلا أن فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يكفله فقال رجل من الأنصار أنا أكفله فقال اذهبوا بها فأرجموها
قال علي فعير رجل من أهلها بها فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال تلك لقد تابت توبة لو تابها عريف أو صاحب عشور لقبلت منه
قال أبو عمر حسين بن عبد الله هذا هو حسين بن عبد الله بن ضميرة متروك الحديث ومرسل حديث مالك خير عندهم من مسند حسين هذا وليس في واحد منهما ما يحتج به أهل الحديث لأن مرسل مالك ليس من مراسيل الأئمة وفيه علل يطول ذكرها إلا أنه يستند معناه من وجوه صحاح من حديث عمران بن حصين وبريدة الأسلمي

128
وروى مرسلا من وجوه كثيرة وهو مشهور عند أهل العلم معروف أعني رجن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه المرأة الحبلى بعد وضعها
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام الدستوائي وأبان العطار المعنى واحد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال في حديث أبان إن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنها زنت وهي حبلى فدعا وليا لها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن إليها فإذا وضعته فجئني بها فلما أن وضعت جاءه بها فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم أمرهم أن يصلوا عليها فقال عمر يا رسول الله أنصلي عليها وقد زنت فقال والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أكثر من أن جاءت بنفسها لم يقل عن أبان فشكت عليها ثيابها
قال أبو داود وحدثنا محمد بن الوزير الدمشقي قال حدثنا الوليد عن الأوزاعي قال فشكت عليها ثيابها يعني شدت
وهكذا رواه معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفهم الأوزاعي فرواه عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن عمران بن حصين إن صح عن الأوزاعي

129
حدثنا أحمد بن عمر قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا بشر بن بكر قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن عمران بن حصين قال أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من جهينة فقالت يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها حتى تضع ما في بطنها فإذا وضعت فأتني بها فوضعت فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها
فقال عمر بن الخطاب تصلي عليها وقد زنت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جاءت بنفسها هكذا قال الأوزاعي عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر إن صح عنه والصواب ما قاله هشام عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهلب وهشام عندهم أحفظ من الأوزاعي وقد تابعه أبان ومعمر وأما قول الأوزاعي في هذا الحديث ثم صلى عليها فهو وهم إلا أن يكون أضاف الصلاة إليه لأنه أمر بها صلى الله عليه وسلم فقد يضاف الفعل إلى الآمر به كما يضاف ذلك بنفسه وهذا من قوله عز وجل * (ونادى فرعون في قومه) * 43 51

130
وقد اختلف العلماء في صلاة الإمام على من قتله أو أمر بقتله في قصاص أو حد أو رجم فذهب مالك وأصحابه إلى أن من قتل في قصاص أو حد أو رجم لم يصل عليه الإمام وصلى عليه غيره وكذلك قطاع الطريق
وقال الكوفيون وغيرهم لا فرق بين صلاة الإمام وصلاة غيره إلا أنهم قالوا فيمن قتل نفسه لا يصلي عليه الإمام وحده عقوبة له لأنه مطالب بنفسه كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي مات بخيبر فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه صلوا على صاحبكم فنظروا في متاعه فوجدوا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين قالوا فترك الصلاة عليه لما كان به مطالب من الغلول وأمر غيره بالصلاة عليه قالوا فكذلك الذي يقتل نفسه لأنه مطالب بها إلا يقدر أحد من أهل الدنيا على تخليصه منها وعلى هذا حمل أهل العلم حديث سماك ابن حرب عن جابر بن سمرة أن رجلا قتل نفسه بمشقص فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم حملوه على أنه
صلى عليه غيره والله أعلم وذهبوا إلى أن كل من كان من أهل القبلة لا تترك الصلاة عليه وعلى هذا جماعة العلماء إلا أبا حنيفة وأصحابه فإنهم خالفوا في البغاة وحدهم فقالوا لا نصلي عليهم لأن علينا منابذتهم واجتنابهم في حياتهم قالوا وبعد الموت أحرى لوقوع اليأس من توبتهم

131
قال أبو عمر ليس هذا بشيء والذي عليه جماعة العلماء وجمهور الفقهاء من الحجازيين والعراقيين أنه يصلي على ما قال لا إله إلا الله مذنبين وغير مذنبين مصرين وقاتلي أنفسهم وكل من قال لا إله إلا الله إلا أن مالكا خالف في الصلاة على أهل البدع فكرهها للأئمة ولم يمنع منها العامة وخالف أبو حنيفة في الصلاة على البغاة وسائر العلماء غير مالك يصلون على أهل الأهواء والبدع والكبائر والخوارج وغيرهم
وأما حديث بريدة الأسلمي في هذا الباب فحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا بشير بن المهاجر قال حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال جاءت الغامدية فقالت يا رسول الله إني قد زنيت وأنا أريد أن تطهرني وأنه ردها فلما كان الغد قالت يا نبي الله لم تردني فلعلك تريد أن تردني كما رددت ماعزا فوالله إني لحبلى قال أما الآن فاذهبي حتى تلدي فلما ولدت أتته بالصبي في خرقه قالت هذا قد ولدته قال اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فأرضعته فلما فطمته أتته بالصبي وفي يده كسرة خبز فقالت يا نبي صلى الله عليه وسلم قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الغلام إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس أن يرموا وأقبل خالد بن الوليد

132
فرمى رأسها وانتضح الدم وجه خالد فسبها خالد فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت
وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال حدثنا عيسى يعني ابن يونس عن بشير بن المهاجر قال حدثنا عبد الله ابن بريدة عن أبيه أن امرأة يعني من غامد أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني قد فجرت فقال ارجعي فرجعت فلما كان من الغد أتته فقالت لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك فوالله إني لحبلى قال ارجعي حتى تلدي فرجعت فلما ولدت أتته بالصبي فقال هذا قد ولدته قال ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه فجاءت به وقد فطمته وفي يده شيء يأكله فأمر الصبي فدفع إلى رجل من المسلمين وأمر بها فحفر لها وأمر بها فرجمت وأمر بها فصلي عليها ودفنت وقال لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له
قال أبو عمر في حديث بريدة هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالصبي بعد أن فطم إذ رجم أمه فدفع إلى رجل من المسلمين يكفله

133
وروي من حديث علي بن أبي طالب وحديث أبي بكر في قصة هذه المرأة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفل ولدها وفي حديث علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أكفله ولا يصح حديث علي هذا لأنه من رواية حسين بن ضميرة لا غير
وكذلك حديث أبي بكرة لا يصح لأنه عن رجل مجهول وأحسن إسناد لهذا الحديث حديث بريدة وحديث عمران وبالله التوفيق وهو المستعان
وقد تقدم حكم الإحصان الموجب للرجم وكثير من أحكام الرجم في باب ابن شهاب عن عبيد الله من هذا الكتاب وتقدم أيضا في باب مرسل ابن شهاب وفي باب نافع عن ابن عمر أصول من أحكام الرجم وفي باب يحيى بن سعيد من كتابنا هذا ما فيه كفاية إن شاء الله
قال أبو عمر اختلف الفقهاء في انتظار المرأة التي قد وجب عليها الرجم إلى أن تفطم ولدها فقال مالك لا تحد حتى تضع إذا كانت ممن تجلد وإن كان رجما رجمت بعد الوضع وقد روي عنه أنها لا ترجم حتى تجد من يكفل ولدها والمشهور من مذهبه أنه إن وجد للصبي من يرضعه رجمت وإن لم يوجد للصبي من يرضعه لم ترجم حتى تفطم الصبي فإذا فطمت الصبي رجمت

134
وقال أبو حنيفة لا تحد حتى تضع فإن كان جلدا حتى تقال من النفس وإن كان رجما رجمت بعد الوضع
وقال الشافعي أما الجلد فيقام عليها إذا ولدت وأفاقت من نفاسها وأما الرجم فلا يقال عليها حتى تفطم ولدها ويوجد من يكفله
قال أبو عمر ليس في حديث عمران بن حصين انتظار الفطام وذلك محفوظ صحيح في حديث بريدة الأسلمي وفي مرسل مالك المذكور في هذا الباب وفي حديث أبي بكرة وحديث علي وحديث أبي المليح الهذلي عن النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجمها حتى فطمته
وحديث أبي المليح يرويه عبد الله بن مهران الأسدي عن عبد الملك ابن عمير عن أبي المليح عن النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن مهران مجهول وغيره يرويه عن عبد الملك بن عمير مرسلا
وروي عن علي بن أبي طالب من ثلاثة وجوه من حديث أبي عبد الرحمن السلمي وأبي جميلة ميسرة الطهوي وعاصم بن ضميرة كلهم عن علي أن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم يقول لبعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم زنت فلما ولدت أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجلدها بعدما تعلت من نفاسها فجلدتها وقد ثبت من حديث بريدة مراعاة الفطام وهي زيادة يجب قبولها
حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا عبد العزيز بن عمران بن مقلاص قال

135
حدثنا ابن وهب حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة قال كان ابن عباس يقول في ولد الزنا لو كان شر الثلاثة لم يتأن بأمه أن ترجم حتى تضعه
وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا أحمد بن جعفر بن المنادي حدثنا العباس بن محمد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في ولد الزنا قالت ما عليه من ذنب أبويه شيء ثم قرأت * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * 6 164
واختلفوا في المرجومة هل يحفر لها فقال مالك لا يحفر للمرجوم
قال ابن القاسم والمرجومة مثله
وقال أبو حنيفة لا يحفر للمرجوم وإن حفر للمرجومة فحسن
قال أبو عمر ليس في حديث عمران بن حصين في قصة الجهينية أنه حفر لها ولكن في حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بها فحفر لها
وروي عن علي أنه حفر لشراحة الهمدانية واستدل أصحابنا بأن المرجوم لا يحفر له بحديث مالك عن نافع عن ابن عمر في اليهوديين اللذين رجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت الرجل يحني على المرأة وفي ذلك دليل على أنهما لم يحفر لهما والله أعلم
وقد ذكرنا ما يجب من القول في ذلك في باب نافع من هذا الكتاب والحمد لله

136
باب الكني فيمن لا يوقف على اسمه من شويخ مالك رحمه الله
311 مالك عن أبي بكر بن عمر العمري حديث واحد
487 مالك عن أبي بكر بن عمرو بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سعيد بن يسار أنه قال كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة قال سعيد فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت ثم أدركت فقال لي عبد الله بن عمر أين كنت فقلت خشيت الصبح فنزلت وأوترت فقال عبد الله أليس لك في رسول الله أسوة حسنة فقلت بلى والله قال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر على البعير (7 15)
وقع عند أكثر شيوخنا في هذا الإسناد أبو بكر بن عمرو وكان أحمد بن خالد يقول إن يحيى رواه أبو بكر بن عمرو وهو خطأ وإنما هو أبو بكر بن عمر كذلك رواه جماعة أصحاب مالك

137
قال أبو عمر هو كما قال أحمد بن خالد أبو بكر بن عمر وهو معروف بالنسب مشهور عند أهل العلم وحديثه هذا حديث ثابت صحيح وفيه بيان أن الوتر نافلة لا فريضة ورد لقول من أوجب الوتر فرضا لأن السنة المجتمع عليها أن المسافر وغير المسافر لا يصلي الفريضة على دابته أبدا وهو آمن قادر على الصلاة بالأرض ولا يجوز له ذلك وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر أن يصلي على دابته النوافل وقد تقدم في هذا الكتاب بيان ذلك في مواضع منه
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا أبو الميمون محمد بن عبد الله بن مطرف العسقلاني بعسقلان حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن عزوان قال سمعت أبي قال سألت مالكا عن الرجل يصلي على دابته فقال أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن عمر عن سعيد بن يسار عن ابن عمر قال أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب
وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا أحمد بن محمود بن خليد حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي حدثنا مالك عن أبي بكر بن عمر عن سعيد بن يسار عن ابن عمر قال أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم على البعير

138
قال أبو عمر لما أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم على البعير علمنا أن الوتر حكمه حكم النافلة لا حكم الفريضة إذ لا خلاف بين المسلمين ينقل كافتهم عن كافتهم عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن الفريضة لا يصليها على الدابة أحد وهو آمن قادر على أن يصليها بالأرض وإنما تصلي الفريضة على الدابة في شدة الخوف لقول الله عز وجل * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) * 2 239
وقالت طائفة من أهل العلم إنما تصلي في شدة الطين والماء والوحل على الدابة لعدم الاستطاعة على صلاتها في الماء والله لا يكلف نفسا إلا وسعها فلما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يوتر على البعير بأن بذلك أن الوتر نافلة لا فريضة
ومما يدل على ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات كتبهن الله على العباد
وقال الأعرابي النجدي هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع
وقال الله عز وجل * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) * 2 238 ولو كانت الصلوات ستا لم يكن فيها وسطى
وقد تقدم ذكر الحالة التي يجوز فيها التنفل على الدابة وما للعلماء في ذلك من التنازع والاعتلال في باب عبد الله بن دينار وباب عمرو ابن يحيى من هذا الكتاب والحمد لله

139
وقد روى هذا الحديث محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني عن ابن وهب عن مالك عن الزهري عن أنس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على دابته حيث توجهت به
وكذلك رواه محمد بن إبراهيم ابن قحطبة عن الحنيني عن مالك عن الزهري عن أنس
وهذا الإسناد خطأ عند أهل العلم بالحديث ولا يصح فيه إلا ما في الموطأ مالك عن أبي بكر بن عمر عن أبي الحباب عن ابن عمر

140
مالك عن أبي بكر بن نافع حديثان وهو أبو بكر بن نافع مولى عبد الله بن عمر وقد تقدم ذكر أبيه نافع في موضعه من هذا الكتاب بما يغني عن ذكره ههنا
ولنافع هذا بنون ثلاثة أبو بكر بن نافع وهو أوثقهم وأجلهم وعمر بن نافع وعبد الله بن نافع
وتوفي أبو بكر سنة ثلاث وسبعين ومائة ولا يوقف على اسمه

141
حديث أول لأبي بكر بن نافع
587 مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى (51 1)
هكذا روى يحيى هذا الحديث عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر وكذلك رواه جماعة الرواة عنه إلا أن بعض رواة ابن بكير رواه عن ابن بكير عن مالك عن نافع عن ابن عمر وكذلك بعض رواة ابن وهب أيضا رواه عن ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر وهذا لا يصح عند أهل العلم بحديث مالك وإنما هذا الحديث لمالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر هذا هو الصحيح عن مالك في إسناد هذا الحديث كما رواه يحيى وسائر الرواة عن مالك
حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن قاسم قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا ابن وهب قال أخبرني مالك وعبد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال احفوا الشوارب وأعفوا اللحى

142
وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن قاسم قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا هارون بن عبد الله قال حدثنا معن بن عيسى وروح بن عبادة وعبد الله بن نافع قالوا حدثنا مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى
وحدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا محمد حدثنا أبو بكر حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحفوا الشوارب فأعفوا اللحى
فقال أهل اللغة أبو عبيد والأخفش وجماعة الأحفاء الاستئصال والاعفاء ترك الشعر لا يحلقه
وإلى هذا ذهبت طائفة من علماء المسلمين وفقهائهم من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وغيرهم
وروي عن أبي سعيد الخدري وأبي أسيد الساعدي ورافع بن خديج وقيس بن سعد وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأبي هريرة أنهم كانوا يحفون شواربهم وكان عبد الله بن عمر يحلقه حتى يبدو الجلد وكان أحمد بن حنبل يحفي شاربه احفاء شديدا ويحلقه حتى يبدو جلده ويقول السنة الإحفاء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحك ذلك عنه الأثرم وغيره
ولم يختلف قول مالك وأصحابه أن الذي يحفي من الشارب هو الإطار وهو طرف الشفة العليا وأصل الإطار جوانب الفم المحدقة به مع طرف الشارب المحدق بالفم وكل شيء يحدث بشيء ويحيط

143
به فهو إطاره وحجة من ذهب هذا المذهب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الفطرة فذكر منهن قص الشارب فقوله قص الشارب يفسر قوله إحفاء الشوارب والله أعلم
وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا مسلمة بن القاسم قال حدثنا ابن الأعرابي حدثنا محمد بن عيسى المدائني حدثنا شعيب بن حرب قال حدثنا يوسف بن صهيب عن حبيب بن يسار عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يأخذ من شاربه فليس منا
وحدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن قاسم قال حدثنا مالك بن عيسى حدثنا محمد بن عوف قال حدثنا جنادة بن مروان الأزدي عن حريز بن عثمان عن عبد الله ابن بسر قال كان شارب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيال شفته
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا مسعر عن جامع بن شداد أبي صخرة عن المغيرة بن عبد الله الثقفي عن المغيرة بن شعبة قال ضفت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وأمر لي بجنب فشوي وأخذ من شاربي على سواك
وأما قوله وإعفاء اللحى فقال أبو عبيد يعني توفر وتكثر يقال منه عفا الشعر إذا كثر فهو عاف وقد عفوته وأعفيته لغتان قال

144
الله * (حتى عفوا) * 7 95 يعني كثروا وهذه اللفظة متصرفة يقال في غير هذا عفا الشيء إذا درس وامحى
قال لبيد عفت الديار محلها فمقامها هذا كله قول أبي عبيد
وقال ابن الأنباري يقال عفا الشيء يعفو عفوا إذا كثر وقد عفوته أعفوه وأعفيته أعفيه إعفاء إذا كثرته وعفا القوم إذا كثروا وعفوا إذا قلوا وهو من الأضداد والعافي الطالب والعافي عن الجرم
قال الله عز وجل * (وليعفوا وليصفحوا) * 24 22
قال أبو عمر أما اللغة في اعفوا فمحتملة للشيء وضده كما قال أهل اللغة واختلف أهل العلم في الأخذ من اللحية فكره ذلك قوم وأجازه آخرون
وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا يحيى بن إبراهيم قال حدثنا أصبغ عن ابن القاسم قال سمعت مالكا يقول لا بأس أن يؤخذ ما تطايل من اللحية وشذ قال فقيل لمالك فإذا طالت جدا فإن من اللحى ما تطول قال أرى أن يؤخذ منها وتقصر
وقد روى سفيان عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة

145
وذكر الساجي حدثنا بندار وابن المثنى قالا حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا قصر من لحيته في حج أو عمرة كان يقبض عليها ويأخذ من طرفها ما خرج من القبضة
قال أبو عمر هذا ابن عمر روى اعفوا اللحى وفهم المعنى فكان يفعل ما وصفنا
وقال به جماعة من العلماء في الحج وغير الحج
وروى ابن وهب قال أخبرني أبو صخر عن محمد بن كعب في قوله * (ثم ليقضوا تفثهم) * قال رمي الجمار وذبح الذبيحة وحلق الرأس والأخذ من الشارب واللحية
والأظفار والطواف بالبيت وبالصفا والمروة
وكان قتادة يكره أن يأخذ من لحيته إلا في حج أو عمرة وكان يأخذ من عارضيه وكان الحسن يأخذ من طول لحيته وكان ابن سيرين لا يرى بذلك بأسا
وروى الثوري عن منصور عن عطاء أنه كان يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة قال منصور فذكرت ذلك لإبرهيم فقال كانوا يأخذون من جوانب اللحية

146
حديث ثان لأبي بكر بن نافع
(687) مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع مولى ابن عمر عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت حين ذكر الإزار فالمرأة يا رسول الله قال ترخيه شبرا قالت أم سلمة إذا ينكشف عنها قال فذراعا لا تزيد عليه (48 13)
هكذا رواه مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفية عن أم سلمة وغيره يرويه عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة
ورواه ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن أم سلمة
فأما حديث ابن عجلان فحدثناه عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا الحسن بن علي بن داود قال حدثنا عافية بن محمد بن عثمان الإمام قال محمد ابن رمح قال حدثنا ابن لهيعة عن محمد بن عجلان أنه سمع نافعا يخبر عن عبد الله بن عمر أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذيول النساء حين نهى عن جر الثوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فترخى شبرا فقالت إذا تنكشف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذراع لا تزيد عليه

147
وهذا الإسناد عندي خطأ ورواه محمد بن إسحاق عن نافع عن صفية عن أم سلمة بمثل إسناد مالك
حدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا عبد الله بن عثمان قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح قال حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق
وحدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال حدثنا يزيد بن هارون ويعلى ابن عبيد قالا حدثنا محمد بن إسحاق عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذيل النساء شبر قلت يا رسول الله إذا تخرج أقدامهن قال فذراع لا يزدن عليه
وهذا هو الصواب عندنا في هذا الإسناد كما قال مالك والله أعلم
وقد مضى في حديث العلاء قوله صلى الله عليه وسلم أزرة المؤمن إلى نصف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ما أسفل من ذلك ففي النار
ومضى القول في معنى هذا الحديث هناك والحمد لله
وحديث هذا الباب يفسر معنى حديث أم سلمة حين قالت لها المرأة إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ففي هذا الحديث بيان طول ذيول النساء وأن ذلك لا يزيد على شبر أو ذراع في أقصى ذلك فقف عليه فهو أصل هذا الباب وفي ذلك دليل على أن ظهور قدم المرأة عورة لا يجوز كشفه في الصلاة خلاف قول أبي حنيفة وقد

148
ذكرنا ما من الرجل عورة وما من المرأة عورة في باب ابن شهاب عن سعيد من هذا الكتاب وجر ذيل الحرة معروف في السنة مشهور عنه الأمة ألا ترى إلى قول عبد الرحمن بن حسان بن ثابت في أبيات له كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول

149
96 مالك عن أبي ليلى الأنصاري حديث واحد قال أبو عمر اختلف في اسم أبي ليلى هذا فقيل اسمه عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة وقيل عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل وقيل داود بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل وقال فيه ابن إسحاق أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة
(787) مالك عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه أن عبد الله ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير بئر أو عين فأتى يهود فقال أنتم والله قتلتموه فقالوا والله ما قتلناه فأقبل حتى قدم على قومه فذكر ذلك ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر كبر يريد السن

150
فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فكتبوا إنا والله ما قتلناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم فقالوا لا قال فتحلف لكم يهود قالوا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار قال سهل لقد ركضتني منها ناقة حمراء (44 1)
هكذا قال يحيى عن مالك في هذا الحديث عن أبي ليلى بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن سهل عن سهل أنه أخبره رجال من كبراء قومه وتابعه على ذلك ابن وهب وابن بكير وليس في روايتهم ما يدل على سماع أبي ليلى من سهل بن أبي حثمة
وقال ابن القاسم وابن نافع والشافعي وأبو المصعب مطرف عن مالك فيه أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه
وقال القعنبي وبشر بن عمر الزهراني فيه عن مالك عن أبي ليلى أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه وذلك كله وإن اختلف لفظه يدل على سماع أبي ليلى من سهل بن أبي حثمة
ورواية التنيسي لهذا الحديث نحو رواية ابن القاسم والشافعي
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عمر بن محمد بن القاسم ومحمد ابن أحمد بن كامل ومحمد بن أحمد بن المسور قالوا حدثنا بكر بن

151
سهل قال حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا مالك حدثنا أبو ليلى عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر فذكر الحديث بتمامه
فلا معنى لإنكار من أنكر سماع أبي ليلى من سهل بن أبي حثمة وقوله مع ذلك إنه مجهول لم يرو عنه غير مالك بن أنس وليس كما قال وليس بمجهول وقد روى عنه محمد بن إسحاق ومالك وحديثه هذا متصل إن شاء الله صحيح وسماع أبي ليلى من سهل صحيح ولأبي ليلى رواية عن عائشة وجابر وقد مضى القول في معنى هذا الحديث ممهدا مبسوطا في باب يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار من هذا الكتاب والحمد لله فلا معنى لتكرير ذلك ههنا
قال أبو عمر لا حجة لمن جعل قوله في هذا الحديث إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب حجة في إبطال القود بالقسامة لأن قوله فيه تحلفوا وتستحقون دم صاحبكم يدل على القود فإن ادعى مدع أنه أراد بقوله دم صاحبكم ما يجب بدم صاحبكم وهي الدية فقد ادعى باطنا لا دليل عليه والظاهر فيه القود والله أعلم ولا يخرج حديث أبي ليلى هذا على مذهب مالك إلا أن يجعل مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بعد عفو من يجوز له العفو من ولاة الدم عن القتل على أخذ الدية ويخرج على مذهب الشافعي بعد أن يحلف ولاة

152
للدم ويخرج على مذهب أبي حنيفة بعد أن يحلف المدعى عليهم للدم
وقد بان في حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي في هذه القصة معنى قوله إما أن يدوا صاحبكم وأن ذلك كان بعد الإخبار بأنهم إن حلفوا خمسين يمينا على رجل أعطوه برمته وهذا هو القود بعينه وكذلك في رواية حماد بن زيد وغيره عن يحيى بن سعيد لهذا الحديث عن بشير بن يسار وقد ذكرناه في بابه من هذا الكتاب وجدت في أصل سماع أبي رحمه الله بخطه أن محمد بن أحمد ابن قاسم حدثهم قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا نصر بن مرزوق قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عبد الله بن سهل الأنصاري وجد مقتولا بخيبر عند قباء رجل من اليهود فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد عبد الرحمن بن سهل أن يتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه الكبر يا عبد الرحمن فليتكلم الأكبر فتكلم عمه فقال يا رسول الله إنا وجدنا أخانا مقتولا عند قباء هذا اليهودي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقسمون خمسين يمينا أنه قتل صاحبكم فأدفعه إليكم برمته قالوا كيف نفسم على ما لا علم لنا به فقال يناقلونكم خمسين يمينا ما قتلوا صاحبكم فقالوا يا رسول الله إنهم يهود ونحن مسلمون فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل خيبر

153
أن أدوا مائة من الإبل وإلا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وأعانهم ببضع وثلاثين ناقة وهو أول دم كانت فيه القسامة
قال أبو عمر في هذا الحديث من الفقه ضروب قد ذكرناها وذكرنا من تعلق بها من الفقهاء ومن خالفها وإلى ما خالفها من الأثر في باب يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار والحمد لله

154
((مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك بن مروان))
حديث واحد مرفوع وآخر موقوف
وأبو عبيد هذا حاجب سليمان بن عبد الملك ومولاه اسمه حي ويقال حيي وكان ثقة
ولمالك عنه مرفوعات الموطأ حديثان أحدهما مرسل يتصل معناه من وجوه حسان

155
حديث أول لأبي عبيد
887 مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن خالد بن سعدان يرفعه قال إن الله رفيق يحب الرفق ويرضاه ويعين عليه ما لا يعين على العنف فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها فإن كانت الأرض جدبة فانجوا عليها بنقيها وعليكم بسير الليل فإن الأرض تطوي بالليل ما لا تطوى بالنهار وإياكم والتعريس على الطريق فإنها طرق الدواب ومأوى الحيات (54 38)
قال أبو عمر هذا الحديث يستند من وجوه كثيرة وهي أحاديث شتى محفوظة
وأما الرفق فمحمود في كل شيء ما كان في شيء قط إلا زانه كذلك جاء عن الحكماء
وروى مالك عن الأوزاعي عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله والرفق المذكور في هذا الحديث أشير به إلى الرفق بالدواب في الأسفار

156
وأمر المسافر في الخصب بأن يمشي رويدا ومهلا ويكثر النزول لترعى دابته وتأكل من الكلأ وتنال من الحشيش والماء هذا كله إذا كانت الأرض مخصبة والسفر بعيدا ولم تضم صاحبه ضرورة إلى أن يجد في السير فإذا كان عام السنة وأجدبت الأرض فالسنة للمسافر أن يسرع السير ويسعى في الخروج عنها وبدابته شيء من الشحم والقوة إلى أرض الخصب
والنقي في كلام العرب الشحم والودك
وأما قوله فإن الأرض تطوى بالليل فمعناه والله أعلم إن الدابة بالليل أقوى على المشي إذا كانت قد نالت قوتها واستراحت نهارها تضاعف مشيها ولهذا ندب إلى سير الليل والله أعلم بما أراد لا شريك له
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لمن ودعه اللهم اطو له البعد وازو له الأرض وهون عليه السفر
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا محمد بن علي بن الحسن حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا أبو أسامة بن زيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يريد سفرا ليودعه فقال أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف فلما ولى قال اللهم اطو له البعد وهون عليه السفر

157
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو الطيب وجيه بن الحسن بن يوسف حدثنا إبراهيم بن مرزوق بن دينار البصري حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا يونس وحميد عن الحسن عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف
وأخبرنا محمد بن إبراهيم ويعيش بن سعيد قالا حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا محمد بن زهير أبو يعلى القاضي بالأبلة قال حدثنا إسماعيل بن حفص حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف
أخبرنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي حدثنا هشيم قال حدثني المديني يعني عبد الله ابن جعفر بن نجيح عن أبي الحويرث عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت الأرض مخصبة فاقصدوا في السير وأعطوا الركاب حقها فإن الله رفيق يحب الرفق وإذا كانت الأرض مجدبة فانجوا عليها وعليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل وإياكم والتعريس على ظهر الطريق فإنه مأوى الحيات ومدرجة السباع
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا خالد بن عبد الله قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال

158
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق فإنه مأوى الهوام بالليل
ورواه مالك بن أنس عن سهيل بإسناده مثله سواء وليس في الموطأ
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد بن عيسى الوراق قال خلف وكان إن شاء الله من الأبدال قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري بمكة حدثنا قطن بن إبراهيم حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل

159
حديث ثان لأبي عبيد
987 مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة أنه قال من سبح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين وحمد ثلاثا وثلاثين وختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر (15 22)
هكذا هذا الحديث موقوف في الموطأ على أبي هريرة ومثله لا يدرك بالرأي وهو مرفوع صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة من حديث أبي هريرة ومن حديث علي بن أبي طالب ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي ومن حديث كعب بن عجرة وغيرهم بمعان متقاربة

160
باب بلاغات مالك ومرسلاته مما بلغه عن الرجال الثقات وما أرسله عن نفسه في موطئه ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أحد وستون حديثا
حديث أول من البلاغات
97097097 097 مالك عن الثقة عنده عن سليمان بن يسار وعن بسر بن سعيد أن رسول الله الله قال فيما سقت السماء والعيون والبعل العشر وما سقي بالنضح نصف العشر (17 33)
وهذا الحديث يتصل من وجوه صحاح ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وجابر ومعاذ
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود
وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قالا أخبرنا هارون بن سعيد بن الهيثم أبو جعفر الأيلي قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول

161
الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر وما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا بهلول بن راشد عن يونس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض فيما سقت السماء والأنهار والعيون إذا كان عثريا يسقي بالماء العشر وما سقي بالناضح نصف العشر
أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو وأحمد بن عمرو بن السرح أبو الطاهر والحرث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن وهب قال أخبرنا عمرو بن الحرث أن أبا الزبير حدثه أنه سمع جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت الأنهار والعيون العشر وفيما سقي بالسانية نصف العشر
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحرث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول

162
الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت الأنهار والعيون العشر وما سقي بالسواني ففيه نصف العشر
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير ومحمد بن سليمان المنقري قالا حدثنا الحكم ابن موسى قال حدثنا يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود قال حدثنا الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب وما سقت السماء وكان سيحا أو كان بعلا ففيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق وما سقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق
وأخبرنا إبراهيم بن شاكر قال أخبرنا محمد بن أحمد قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا أحمد بن عمرو البزار قال حدثنا رجاء ابن محمد السقطي قال حدثنا سعيد بن عامر قال حدثنا همام عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سنه فيما سقت السماء والعيون العشر وما سقي بالنواضح فنصف العشر
انفرد به همام وغيره يرويه عن قتادة عن أبي الخليل
وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا هناد بن السري عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن معاذ قال بعثني رسول الله

163
صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرني أن آخذ مما سقت السماء العشر وما سقي الدوالي نصف العشر
قال أبو عمر هكذا قال أبو وائل عن معاذ وإنما هو أبو وائل عن مسروق عن معاذ
وأخبرنا محمد بن عمروس قال حدثنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن مخلد قال حدثنا أحمد بن ملاعب قال حدثنا ابن علي بن المديني قال سمعت أبي يقول حدثنا عاصم بن عبد العزيز الأشجعي قال حدثنا الحرث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر
قال عاصم وحدثنيه مالك وقال أخبرت عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أبا هريرة وسألت الحرث بن عبد الرحمن فقال أخبرني سعيد بن المسيب وبسر بن سعيد عن أبي هريرة قال محمد بن علي قال أبي وأظن مالكا

164
ترك حديث ابن أبي ذباب ولم يضعه في كتبه وما رأيت في كتب مالك عنه شيئا قال أحمد بن ملاعب كذا قال ابن علي بن المديني في آخره أخبرني سعيد بن المسيب وفي أوله سليمان بن يسار وسألته عنه فقال نعم هو هكذا
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا ابن الأصبهاني قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ مما سقت السماء أو سقي بعلا العشر وبالدوالي نصف العشر
قال أبو عمر قال النضر بن شميل البعل ماء المطر
وقال يحيى بن آدم البعل ما كان من الكروم والنخل فذهب عروقه في الأرض إلى الماء ولا يحتاج إلى السقي الخمس سنين والست تحتمل ترك السقي قال والعثري ما يزرع على السحاب ويقال له العثير لأنه يزرع على السحاب ولا يسقي إلا بالمطر خاصة ليس يسقي بغير ماء المطر
قال يحيى وفيه جاء الحديث ما سقي عثريا أو غيلا
قال يحيى والغيل سيل دون السيل الكثير قال والسيل ماء الوادي إذا سال وما كان دون السيل الكثير فهو غيل وقيل الغيل الماء الصافي دون

165
السيل الكثير وقال ابن السكيت الغيل الماء الجاري على الأرض وأما النضح والناضح فهي بقر السواني والرشاء حبل البئر والدلو والدالية الخطارة عندنا والغرب الدلو
وقد جاء في الحديث ما سقي بالغرب أو كان عثريا أو سقي نضحا أو سيحا أو سقي بالرشاء
وهذه الأحاديث كلها بمعنى واحد وأجمع العلماء على القول بظاهرها في المقدار المأخوذ في الشيء المزكي من الزرع وذلك العشر في البعل كله من الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة عندهم كل على أصله من الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة على حسبما قدمنا عنهم في باب عمرو بن يحيى من هذا الكتاب وكذلك ما سقت العيون والأنهار لأن المؤونة فيه قليلة واتباعا للسنة وأما ما سقي بالدوالي والسواني فنصف العشر فيما تجب فيه الزكاة عندهم هذا ما لا خلاف فيه بينهم
واختلفوا في معنى آخر من هذا الحديث فقالت طائفة هذا الحديث يوجب العشر في كل ما زرعه الآدميون من الحبوب والبقول وكل ما أنبتته أشجارهم من الثمرات كلها قليل ذلك وكثيره يؤخذ منه العشر أو نصف العشر على حسبما ذكرنا عند جداده وحصاده وقطافه كما قال الله عز وجل * (وآتوا حقه يوم حصاده) * 6 141 يريد العشر أو نصف العشر وممن ذهب إلى هذا أبو حنيفة وزفر فقالا في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره العشر أو نصف العشر إن سقي بالدالية والسانية إلا الحطب والقصب والحشيش

166
وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن لا شيء فيما تخرجه الأرض إلا فيما كان له ثمرة باقية ثم تجب فيما يبلغ خمسة أوسق لا يجب فيما دونه
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل قال كتب عمر ابن عبد العزيز أن يؤخذ مما أنبتت الأرض من قليل أو كثير العشر
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف إذا بلغ الزعفران خمسة أوسق أخذ منه العشر
واعتبر مالك والثوري وابن أبي ليلى والشافعي والليث خمسة أوسق وقالوا لا زكاة فيما دونها وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المبارك وجمهور أهل الرأي والحديث واختلفوا في الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة وقد ذكرنا أقاويلهم في ذلك في باب عمرو بن يحيى من هذا الكتاب والحمد لله
وقال داود بن علي في هذ الباب قولا بعضه كقول أبي حنيفة ومن تابعه وبعضه كقول سائر الفقهاء قال أما ما يؤكل أو يشرب مما يكال أو يزرعه الآدميون من الحبوب كلها والثمار فلا زكاة فيه حتى يبلغ خمسة أوسق وأما ما لا يكال ولا يضبط بكيل مما ينبته الناس ففي قليله وكثيره العشر أو نصف العشر على حسبما يسقى به

167
قال أبو عمر أما قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فيما سقت السماء والأنهار والعيون العشر وما سقي النضح نصف العشر فمعناه عند جماعة أهل الحجاز وجمهور أهل العراق إذا بلغ المقدار خمسة أوسق وكان ما تجب فيه الزكاة من الثمار والحبوب فحينئذ يجب فيه العشر ونصف العشر ولا فرق بين أن يرد هذا في حديثين أو في حديث واحد ويدل على صحة هذا المذهب مع استفاضة في أهل العلم أنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ولا من التابعين بالمدينة أنه أخذ الصدقة من الخضر والبقول وكانت عندهم موجودة فدل على أن ذلك معفو عنه كما عفي عن الدور والدواب لأن الأصل العفو والوجوب طار عليه
ذكر عبد الرزاق عن قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن عاصم ابن ضميرة عن علي قال ليس في الخضر صدقة
وعن إبراهيم بن طهمان عن منصور عن مجاهد قال ليس في الخضر زكاة
قال منصور فذكرت ذلك لإبرهيم فقال صدق
وقال موسى بن طلحة لم يأخذ معاذ بن جبل من الخضر شيئا وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في الخضر زكاة
ومما يدل أيضا على ذلك وهو مذهب من أوجب الزكاة في الخضر أن الزكاة إنما تجب في العين المزكاة بجزء من أجزائها وأكثر

168
الذين أوجبوا الزكاة في البقول أوجبوها في قيمتها ولا أصل لأخذ القيمة في الزكاة
ذكر معمر عن الزهري قال في الخضر والفاكهة إذا بلغ ثمنها مائتي درهمك ففيها خمسة دراهم قال والزيتون يكال ففيه العشر وإن سقي بالرشاء ففيه نصف العشر
قال معمر وكان في زمن عمر بن عبد العزيز يؤخذ من الورس العشر
واختلف الفقهاء فيما سقي مرة بماء السماء والنهر ومرة بدالية فقال مالك ينظر إلى ما تم به الزرع فيزكي عليه العشر أو النصف العشر فأي ذلك كان أكثر سقيه زكي عليه هذه رواية ابن القاسم عنه
وروى ابن وهب عن مالك إذا سقي نصف سنة بالعيون ثم انقطعت فسقي بقية السنة بالناضح فإن عليه نصف زكاته عشرا والنصف الآخر نصف العشر وقال مرة أخرى زكاته بالذي تمت به حياته وقال الشافعي يزكي كل واحد منهما بحسابه وبهذا كان يفتي بكار بن قتيبة وهو حنفي وهو قول يحيى بن آدم
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ينظر إلى الأغلب فيزكي به ولا يلتفت إلى ما سوى ذلك

169
قال الطحاوي قد اتفق الجميع على أنه لو سقاه بماء المطر يوما أبو يومين أنهلا اعتبار به ولا يجعل لذلك حصة فدل على أن الاعتبار بالأغلب

170
حديث ثان من البلاغات عن الثقات
197 مالك أنه بلغه عن بسر بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيبا (14 13)
وهذا الحديث حديث مشهور مسند صحيح من رواية بسر بن سعيد عن زينب الثقفية امرأة ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن غالب حدثنا أمية بن بسطام حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم عن محمد بن عجلان عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن زينب امرأة ابن مسعود قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهدت إحداكن العشاء الآخرة فلا تمسن طيبا
أخبرنا محمد بن عبد الملك وعبيد بن محمد قالا حدثنا عبد الله ابن مسرور قال حدثنا عيسى بن مسكين قال حدثنا محمد بن سنجر الجرجاني قال حدثنا إبراهيم بن سعد قال حدثنا محمد بن عبد الله

171
ابن هشام عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها إذا خرجت إلى صلاة العشاء فلا تمس طيبا
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن صبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة أبو علقمة الفروي قال حدثني يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن العشاء
قال أبو عمر هكذا قال عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة وهو عندي خطأ وليس في الإسناد من يتهم بالخطأ فيه إلا أبو علقمة الفروي فإنه كثير الخطأ جدا والحديث إنما هو لبسر بن سعيد عن زينب الثقفية
قرأت على محمد بن إبراهيم بن سعيل أن محمد بن أحمد بن يحيى حدثهم قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق قال حدثنا الهيثم بن خالد حدثنا الحجاج بن محمد حدثنا ابن جريج حدثنا زياد بن سعد عن الزهري عن بسر بن سعيد عن زينب الثقفية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيبا
وهذا الحديث يقولون إنه انفرد به حجاج عن ابن جريج

172
أخبرنا خلف بن أحمد وعبد الرحمن بن يحيى قالا أخبرنا أحمد ابن سعيد بن حزم قال حدثنا محمد بن موسى الحضرمي حدثنا إبراهيم بن أبي داود البرلسي قال أتى رجل يحيى بن معين فقال له روى الزهري عن بسر بن سعيد فوقف ثم سألني فأخبرته بحديث ابن أبي فديك وقلت له إن ههنا ببغداد حديثا آخر يرويه سنيد عن حجاج الأعور
عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن بسر بن سعيد عن زينب الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة تبخرت واستنظفت فلا تأتي المسجد فلما كان يوم الجمعة الثانية قال لي نظرت في الحديثين أما حديث ابن أبي فديك فهو صحيح وأما حديث حجاج فأنا كتبته عن حجاج من أصل كتابه بالمصيصة وعارضت به كتابي قبل أن أسمعه ثم قرأه علي حجاج ثم قدم حجاج بغداد فعارضته بكتابي أيضا وحدثنا حجاج من كتابه عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن بسر بن سعيد عن زينب ليس فيه الزهري
قال أبو عمر قد رواه جماعة عن حجاج كما رواه سنيد وعند ابن جريج في هذا الحديث إسناد آخر حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد قال حدثنا محمد بن علي بن الحسن الخلال بمرو قال حدثنا محمد بن يعقوب الأصم قال حدثنا طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق قال أخبرني أبي قال

173
أخبرنا عبد الله بن فروخ عن ابن جريج عن إبراهيم بن قارط عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة تبخرت فلا تشهد العشاء الآخرة
قال أبو عمر أخشى ألا يكون هذا الإسناد محفوظا والمحفوظ في هذا الباب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن إذا خرجن تفلات
وأخبرناأحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن العباس أخبرنا محمد بن جرير قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا عبدة بن سليمان والمحاربي جميعا عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولا يخرجن إلا تفلات
وهذا الحديث في معنى حديث هذا الباب سواء والتفلة هي غير المتطيبة لأن التفل نتن الريح يقال امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح بنتن أو ريح غير طيبة ومنه قول امرئ القيس

174
إذا ما الضجيج ابتزها من ثيابها تميل عليه هونة غير متفال وقال الكميت فيهن آنسة الحديث حيية ليست بفاحشة ولا متفال وسيأتي ذكر قوله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله في باب بلاغات مالك إن شاء الله وقد مضى في خروج النساء إلى المساجد ما فيه شفاء في باب يحيى بن سعيد والحمد لله

175
حديث ثالث من بلاغات مالك عن الثقة عنده
297 مالك عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان (31 1)
هكذا قال يحيى عن مالك عن الثقة عنده في هذا الحديث عن عمرو بن شعيب وتابعه قوم منهم ابن عبد الحكم
وقال القعنبي والتنيسي وجماعة عن مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وسواء قال عن الثقة عنده أو بلغه لأنه كان لا يأخذ ولا يحدث إلا عن ثقة عنده وقد تكلم الناس في الثقة عنده في هذا الموضع وأشبه ما قيل فيه أنه أخذه عن ابن لهيعة أو عن ابن وهب عن ابن لهيعة لأن ابن لهيعة سمعه عن عمرو بن شعيب ورواه عنه حدث به عن ابن لهيعة ابن وهب وغيره وابن لهيعة أحد العلماء إلا أنه يقال إنه احترقت كتبه فكان إذا حدث بعد ذلك من حفظه غلط وما رواه عنه ابن المبارك وابن وهب فهو عند بعضهم صحيح

176
ومنهم من يضعف حديثه كله وكان عنده علم واسع وكان كثير الحديث إلا أن حاله عندهم ما وصفنا
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الرحمن الخلال حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح بن صفوان حدثنا حرملة ابن يحيى حدثنا ابن وهب عن مالك عن عبد الله بن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان
هكذا قال عن عبد الله بن وهب عن مالك عن عبد الله بن لهيعة والمعروف فيه ابن وهب عن ابن لهيعة
وقد حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد القاضي حدثنا محمد بن يوسف الهروي حدثنا إسماعيل بن محمد ابن يوسف الجبيري حدثنا حبيب بن أبي حبيب حدثنا مالك بن أنس قال ليس الحديث على هذا إنما الحديث على حديث عبد الله بن عامر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان
والإسناد الأول أشبه لأن حبيبا هذا ضعيف له عن مالك خطأ كثير ومناكير
وجدت في أصل سماع أبي بخطه رحمه الله أن محمد بن أحمد بن قاسم حدثهم قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا نصر ابن مرزوق قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان
وهذا الحديث أكثر ما يعرف من حديث ابن لهيعة

177
وقد جاء عن زيد بن أسلم مرسلا وقد روي من حديث الحرث بن أبي ذباب عن عمرو بن شعيب حدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن حيون قال حدثني محمد بن موسى الأثط بطرسوس قال حدثنا أبو موسى إسحاق بن موسى الأنصاري قال حدثنا عاصم بن عبد العزيز قال حدثنا الحرث يعني ابن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان
وقال مالك في موطئه بإثر ذكره لهذا الحديث قال مالك وذلك في ما نرى والله أعلم أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو يتكارى الدابة ثم يقول للذي اشتراه منه أو تكارى منه أعطيك دينارا أو درهما أو أكثر من ذلك أو أقل على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة وإن تركت
ابتياع السلعة أو كراء الدابة فما أعطيتك لك باطل بغير شيء
قال أبو عمر على قول مالك هذا جماعة فقهاء الأمصار من الحجازيين والعراقيين منهم الشافعي والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والليث

178
لأنه من بيع القمار والغرر والمخاطرة وأكل المال بغير عوض ولا هبة وذلك باطل وبيع العربان منسوخ عندهم إذا وقع قبل القبض وبعده وترد السلعة إذا كانت قائمة فإن فاتت رد قيمتها يوم قبضها وعلى كل حال يرد ما أخذ عربانا في الكراء والبيع
وقد روي عن قوم منهم ابن سيرين ومجاهد ونافع بن عبد الحارث وزيد بن أسلم أنهم أجازوا بيع العربان على ما وصفنا وذلك غير جائز عندنا وكان زيد بن أسلم يقول أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو عمر وهذا لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه يصح وإنما ذكره عبد الرزاق عن الأسلمي عن زيد بن أسلم مرسلا وهذا ومثله ليس بحجة ويحتمل أن يكون بيع العربان الجائز على ما تأوله مالك والفقهاء معه وذلك أن يعربنه ثم يحسب عربانه من ثمنه إذا اختار تمام البيع وهذا لا خلاف في جوازه عن مالك وغيره والحمد لله

179
حديث رابع من بلاغات مالك
397 مالك أنه بلغه عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وليست له خطيئة (16 40)
هكذا جاء هذا الحديث في الموطأ عند عامة رواته وقد حدثنا خلف ابن قاسم رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد حدثنا علي بن سعيد بن بشير الرازي حدثنا عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي حدثنا معن بن عيسى حدثنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي الحباب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وما عليه خطيئة
قال أبو عمر لا أحفظه لمالك عن ربيعة عن أبي الحباب إلا بهذا الإسناد وأما معناه فصحيح محفوظ عن أبي هريرة من وجوه
وقد روى مالك عن ابن أبي صعصعة عن أبي الحباب سعيد بن يسار سمعه يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يصب منه

180
وأما قوله في هذا الحديث وحامته فذكر حبيب عن مالك قال حامته ابن عمه وصاحبه من جلسائه
وقال غيره حامته قرابته ومن يحزنه موته وذهابه
أخبرنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا مطرف بن عبد الرحمن ابن قيس حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال بينما عمر ابن الخطاب يطوف بالبيت إذا برجل على عنقه مثل المهاة وهو يقول صرت لهذي جملا ذلولا موطأ أتبع السهولا أعدلها بالكف أن تزولا أحذر أن تسقط أو تميلا أرجو بذلك نائلا جزيلا قال فقال له عمر بن الخطاب يا عبد الله من هذه التي وهبت لها حجك قال امرأتي يا أمير المؤمنين أما إنها حمقاء مرعامة أكول قامة ما تبقى لنا حامة
قال فما بالك لا تطلقها قال يا أمير المؤمنين هي حسناء فلا تفرك وأم صبيان فلا تترك
قال فشأنك بها إذا
قال الحزامي مرعامة سال رعامها وهو المخاط فمن رعونتها لا تمسحه قامة تقم كل شيء لا تشبع
لا تبقى لنا حامة يقول لا يبقى لها أحد قاربها ممن يحوم من حامته إلا شارته

181
حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا سعيد بن عامر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وفي ماله وفي ولده حتى يلقي الله وليست له خطيئة
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به عنه من خطاياه
وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الله بن محمد الخصيبي القاضي قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا زائدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالعبد المؤمن والعبدة المؤمنة في ماله وولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة
أخبرنا أحمد بن محمد قال حدثنا و
هب بن مسرة قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله

182
صلى الله عليه وسلم قال لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة حتى يلقى الله وما عليه خطيئة
ورواه حماد بن سلمة وجماعة عن محمد بن عمرو بإسناده مثله
وروى في هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه وإنما ذكرنا ما بلغنا فيه من حديث أبي هريرة خاصة لأنه الذي ذكر مالك أنه بلغه عن أبي
الحباب عن أبي هريرة

183
حديث خامس من بلاغات مالك عمن يثق به
497 مالك عن الثقة عنده عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن سعيد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نزل منزلا فليقل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لن يضره شئ حتى يرتحل (54 34)
هكذا قال يحيى عن مالك عن الثقة عنده عن يعقوب وقال القعنبي وابن بكير وابن القاسم وابن وهب عن مالك أنه بلغه عن يعقوب والمعنى واحد ولم يكن مالك يروي إلا عن ثقة ويعقوب بن عبد الله بن الأشج يكنى أبا يوسف وهو أخو بكير بن عبد الله بن الأشج وهو موالي المسور بن مخرمة وكان يعقوب هذا رجلا صالحا توفي بأرض الروم سنة إحدى وعشرين ومائة
وبسر بن سعيد أحد فضلاء التابعين الجلة وقد ذكرناه فيما سلف من كتابنا ببعض أخباره وهو مولى لحضرموت توفي سنة مائة
وهذا الحديث رواه عن يعقوب بن الأشج جماعة ثقات منهم الحرث بن يعقوب وابن عجلان واختلفا عليه في إسناده
أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد

184
ابن أبي شبيب عن الحرث بن يعقوب عن يعقوب بن عبد الله عن بسر بن سعيد عن سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم السلمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك
هكذا قال عن يزيد عن الحرث وغيره يقول فيه عن الليث عن يزيد والحرث جميعا عن يعقوب وكذلك رواه ابن وهب عن عمرو بن الحرث عن يزيد والحرث جميعا عن يعقوب
وأخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد ابن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا محمد بن معمر قال حدثنا حبان قال حدثنا وهيب قال حدثنا ابن عجلان عن يعقوب ابن عبد الله بن الأشج عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك عن خولة بنت حكيم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن أحدكم إذا نزل منزلا قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره في ذلك المنزل شيء حتى يرتحل منه
قال أبو عمر أهل الحديث يقولون إن رواية الليث هي الصواب دون رواية ابن عجلان ورواية ابن وهب عن الليث أصح من رواية قتيبة عندي في هذا والله أعلم

185
قال أبو عمر حديث ابن عجلان رواه ابن عيينة عن ابن عجلان عن يعقوب عن سعيد مرسلا
ورواه بكير عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد مرسلا والقول قول من وصله وأسنده وقد مضى ما فيه من القول فيما سلف من هذا الكتاب
وفي الإستعاذة بكلمات الله أبين دليل على أن كلام الله منه تبارك اسمه وصفة من صفاته ليس بمخلوق لأنه محال أن يستعاذ بمخلوق وعلى هذا جماعة أهل السنة والحمد لله
حدثنا أحمد بن فتح قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حامد البغدادي الباهلي المعروف بابن ثرثال قال حدثنا الحسن بن الطيب ابن حمزة الشجاعي البلخي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي قال ذكر سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال أدركت الناس منذ سبعين سنة وكان قد أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن دونهم يقولون الله عز وجل الخالق وما سواه مخلوق إلا القرآن فإنه كلام الله منه خرج وإليه يعود
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن محمد بمصر قال حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة قال حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثني عمرو بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أدركه الليل وهو في أرض عدو

186
أو مخافة قال يا أرض ربي وربك الله آمنت بالذي خلقك وسواك أعوذ بالله من شر إنسك وجنك ومن شر كل حية وأسد وعقرب وأسود ومن ساكن البلد ومن شر والد وما ولد
حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا أحمد بن دحيم قال حدثنا أحمد بن داود بن سليمان
قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد الحضرمي أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث عن عبد الله بن عمرو قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافر فأدركه الليل قال يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما دب عليك أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب ومن ساكن البلد ومن شر والد وما ولد
وأخبرنا عبد الله حدثنا الحسن حدثنا عثمان بن محمد البغدادي حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن محمد الحربي حدثنا سعد بن عبد الحميد عن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن عبد الرحمن بن مغيث عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أظللن أسألك من خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها أسألك مودة خيارهم وأن تجنبني شرارهم

187
حديث سادس من بلاغات مالك
597 مالك أنه بلغه عن بكر بن عبد الله بن الأشج عن ابن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا هام ولا صفر ولا يحل الممرض على المصح وليحلل المصح حيث شاء قالوا يا رسول الله وما ذاك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه أذى (50 18)
هكذا رواه يحيى وتابعه قوم ورواه القعنبي عن مالك أنه بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن عطية الأشجعي عن أبي هريرة فزاد في الإسناد عن أبي هريرة وتابعه جماعة من أصحاب مالك منهم عبد الله بن يوسف وأبو المصعب ويحيى بن بكير إلا أن ابن بكير قال فيه عن مالك عن أبي عطية الأشجعي عن أبي هريرة
ورواه ابن نافع عن مالك عن المقبري عن أبي هريرة ولم يتابع عليه
وقيل في ابن عطية اسمه عبد الله بن عطية يكنى أبا عطية وقيل هو مجهول والحديث محفوظ لأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة صحاح من حديث ابن شهاب وغيره وليس عند مالك فيه غير

188
ما في الموطأ ولا عنده فيه حديث ابن شهاب والله أعلم لأنه لم يروه عنه أحد من ثقات أصحابه
وقد أخبرنا محمد حدثنا علي بن عمر حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الخازمي حدثنا عبد الملك ابن بديل حدثنا مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يورد ممرض على مصح
قال علي بن عمر تفرد به عن مالك عبد الملك بن بديل وكان ضعيفا
قال أبو عمر الصحيح فيه عن مالك ما في الموطأ القعنبي وجمهور رواته
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد القاضي حدثنا أحمد بن عبد الوارث بن جرير العسال حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا زياد بن موسى الحضرمي أخبرنا مالك أنه بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن عطية الأشجعي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا هام ولا صفر الحديث إلى آخره
وحدثنا خلف حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا بشر بن عمر الزهراني حدثنا مالك أنه بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن أبي عطية أو ابن

189
عطية شك بشر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طيرة ولا هام ولا يعدي سقيم صحيحا وليحل المصح حيث شاء
ورويناه عن يحيى بن بكير قال سمعت مالك بن أنس يقول مات بكير بن الأشج أيام هشام بن عبد الملك وكان من نبلاء الناس
أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون أخبرنا ابن وهب قال أخبرنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه قال كان أبو هريرة يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى
وحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يورد ممرض على مصح الحديثين كليهما ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله لا عدوى
وأقام على أن لا يورد ممرض على مصح
قال فقال الحرث ابن أبي ذباب وهو ابن عم أبي هريرة قد كنت أسمعك يا أبا هريرة تحدثنا مع هذا الحديث حديثا آخر قد سكت عنه كنت تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى فأبى أبو هريرة أن يحدث ذلك وقال لا يورد ممرض على مصح
فما رآه الحرث في ذلك حتى غضب أبو هريرة ورطن بالحبشية فقال للحرث أتدري ماذا قلت قال لا قال أبو هريرة إني أقول أبيت أبيت
قال أبو سلمة فلعمري لقد كان أبو هريرة يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا هام فلا أدري أنسي أبو هريرة أو نسخ أحد القولين الآخر

190
ورواه الليث بن سعد عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مثله سواء إلى آخره بمعناه
وروى يونس أيضا ومعمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا هامة ولا صفر فقام أعرابي فقال يا رسول الله إن الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيرد عليها البعير الأجرب فتجرب كلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أعدى الأول هكذا قال معمر ويونس عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة فيما ذكره عبد الرزاق وغيره عن معمر وابن وهب عن يونس وخالفهما الزبيدي وشعيب وابن بكير فرووه عن الزهري عن سنان بن أبي سنان الدولي عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى فقام أعرابي فذكره سواء
وروى محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طيرة وخيرها الفال قالوا يا رسول الله وما الفأل قال الكلمة الصالحة
وقد أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثن اجعفر بن محمد بن بريد الشاهد حدثنا أبو زكرياء يحيى بن زكرياء بن حيويه النيسابوري قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة قال سمعت رسول

191
الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طيرة وخيرها الفأل قيل وما الفأل قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم
قال أبو عمر هما حديثان عند الزهري بهذين الإسنادين فحديث أبي سلمة فيه لا عدوى ولا هامة ولا صفر وليس فيه ذكر الفأل وحديث عبيد الله فيه لا طيرة وخيرها الفأل
وليس فيه لا عدوى ولا صفر
وقد روى شعبة وهشام عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح أو قال وأحب الفأل الصالح قيل يا رسول الله وما الفأل قال الكلمة الطيبة أو قال الكلمة الحسنة
أخبرنا محمد بن زكرياء قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا مروان بن عبد الملك قال حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي قال حدثنا عمي عن
ابن عون عن ابن سيرين قال كانوا يستحبون الفأل ويكرهون الطيرة قال فقلت لابن عون يا أبا عون ما الفأل قال أن تكون باغيا فتسمع يا واجد أو تكون مريضا فتسمع يا سالم
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا الحسن بن إسماعيل بن محمد قال حدثنا أحمد بن عاصم أبو جعفر الحافظ

192
قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا معلى بن أسد قال حدثنا عبد العزيز بن المختار قال حدثني يحيى بن عتيق قال حدثنا محمد ابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل الصالح
وأخبرنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن جعفر بن دران غندر قال حدثنا أحمد بن علي قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال حدثنا عبد العزيز بن المختار قال حدثنا يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل
أخبرنا أحمد بن قاسم حدثنا ابن أبي دليم حدثنا ابن وضاح حدثنا كثير بن هشام عن فراك ابن سليمان عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم قال خرج سعد بن أبي وقاص في سفر فأقبلت الظباء نحوه فلما دنت منه رجعت فقال له رجل ارجع أيها الأمير قال أخبرني من أيها تطيرت
أمن قرونها حين أقبلت أم من أذنابها حين أدبرت ثم قال سعد عند ذلك إن الطيرة لشعبة من أذنابها حين أدبرت ثم قال سعد عند ذلك إن الطيرة لشعبة من الشرك
وقد روى سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عباس وجماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا هامة
حدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن

193
حماد قال حدثنا عبدة قال حدثنا يحيى حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن سعيد بن المسيب قال سألت سعد بن مالك عن الطيرة فانتهرني وقال من حدثك فكرهت أن أحدثه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا عدوى ولا طيرة ولا هامة وإن كانت الطيرة في شيء ففي المرأة والفرس والدار وإذا كان الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تفروا منها ورواه ابن عباس
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طيرة ولا هامة ولا صفر
فقال رجل من القوم إنا نطرح الشاة الجرباء في الغنم فتجربهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو ابن عباس الأولى من أجربها وروينا عن عكرمة أنه قال كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس ومر غراب يصيح فقال رجل من القوم خير خير فقال ابن عباس لا خير ولا شر
حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق النيسابوري حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسو الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا غول

194
روى الثوري وغيره عن منصور عن سلمة بن كهيل عن عيسى ابن عاصم عن زر عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل
وروى الليث بن سعد ومفضل بن فضالة عن عياش بن عباس عن عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة عن أبي خراش الحميري عن فضالة بن عبيد سمعه يقول من ردته الطيرة فقد قارب الشرك
قال أبو عمر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التطير وقال لا طيرة وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يتطيرون فنهاهم عن ذلك وأمرهم بالتوكل على الله لأنه لا شيء في حكمه إلا ما شاء ولا يعلم الغيب غيره
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال أخبرنا أحمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن زبان قال حدثنا زكرياء بن يحيى بن صالح قال حدثنا المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس القتباني عن عمران ابن عبد الرحمن القرشي عن أبي خراش الهذلي قال سمعت فضالة ابن عبيد الأنصاري يقول من ردته طيرة عن شيء فقد قارب الإشراك
أخبرنا قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال حدثنا أحمد بن عمرو قال حدثنا محمد بن سنجر قال حدثنا فهد بن

195
عوف وعبيد الله بن محمد العيشي قالا حدثنا حماد بن سلمة عن أبي سنان عن أبي طلحة الخولاني سمع عمير بن سلمة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا هام ألا ترى إلى البعير يكون في الصحراء فيصبح في كركرته أو في مراق بطنه نكتة من جرب لم تكن فيه قبل ذلك فمن أعدى الأول أخبرنا أحمد بن محمد قال حدثنا وهب بن مسرة قال حدثنا ابن وضاح قال أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يورد الممرض على المصح
قال أبو عمر أما قوله صلى الله عليه وسلم لا عدوى فهو نهى عن أن يقول أحد إن شيئا يعدي شيئا وإخبار أن شيئا لا يعدي شيئا فكأنه قال لا يعدي شيء شيئا يقول ولا يصيب أحد من أحد شيئا من خلق أو فعل أو داء أو مرض وكانت العرب تقول في جاهليتها مثل هذا أنه إذا اتصل شيء من ذلك بشيء أعداه فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قولهم ذلك واعتقادهم في ذلك ليس كذلك ونهى عن ذلك القول
وقد ذكرنا في الطيرة والتطير ما للعلماء في ذلك والحكماء ما فيه تبصير وشفاء لما في الصدور في باب ابن شهاب عن سالم وحمزة

196
وذكرنا ما جاء في الغول والغيلان فيما تقدم أيضا من هذا الكتاب ما فيه مقنع لذوي الألباب
أخبرنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا ابن قتيبة حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا سعيد بن مسلم بن قتيبة عن أبيه أنه كان يعجب ممن يصدق بالطيرة ويعيبه أشد العيب وقال فرقت لنا ناقة وأنا بالطف فركبت في إثرها فلقيني هانىء بن عتبة من بني وائل وهو يركض ويقول والشر يلقى مطالع الأكم ثم لقيني رجل آخر من الحي وهو يقول ولئن بغت لهم بغاة ما البغاة بواجدينا من شعر لبيد ثم دفعت إلى غلام قد وقع في حفيرة من نار فقيح وجهه وفسد فقلت له هل سمعت بناقة فروق قال ههنا أهل بيت من الأعراب فانظر فوجدناها قد نتجت ومعها ولدها قال صاحب العين فرقت الناقة تفرق فروقا إذا ذهبت في الأرض بوجع ولادتها فهي فارق
وأما قوله ولا هامة فاختلف فيه فقيل كانت العرب تقول إن الرجل إذا قتل خرج من رأسه طائر يزقو فلا يسكت حتى يقتل قاتله

197
قال الشاعر فإن تك هامة بهراة تزقو فقد أزقيت بالمروين هاما يعني مرو الروذ ومرو الشاهجان كذلك ذكر أبو عبد الله العدوي
وقال أبو عبيد أما الهامة فإن العرب كانت تقول إن عظام الميت تصير هامة فتطير
وقال أبو عمرو مثل ذلك وكانوا يسمون ذلك الطائر الصدى يعني الذي يخرج من هامة البيت إذا بلي
قال أبو عبيد وهذا في أشعار العرب كثير قال أبو ذؤاد الإيادي سلط الموت والمنون عليهم فلهم في صدى المقابر هام فذكر الصدى والهام جميعا
وقال لبيد يرثي أخاه أربد فليس الناس بعدك في نفير وما هم غير أصداء وهام قال وقال آخرون كان أهل الجاهلية يقولون إذا مات الرجل خرجت من رأسه هامة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاهامة أي لا يخرج من رأسه هامة
وكانوا أيضا يقولون إن هامته صدئت من حب الشراب فنهوا عن ذلك كله
وأما قوله لا صفر فاختلف فيه أيضا قال ابن وهب قال بعضهم هو من الصفار يكون بالإنسان حتى يقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقتل الصفار أحدا
قال ابن وهب وقال آخرون هو شهر

198
صفر كانوا يحرمونه عاما ويحلونه عاما فقال لا صفر يقول لا تتحول الشهور عن أسمائها
وقد ذكر ابن القاسم عن مالك هذا القول قال كانوا يحلون بصفرين يحلونه عاما ويحرمونه عاما
قال وقال مالك والهامة أراها الطائرة التي يقال لها الهامة
وقال أبو عبيد سمعت يونس يسأل رؤبة بن العجاج عن الصفر فقال هي حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس وهي أعدى من الحرب قال أبو عبيد فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدي يقال إنها تشتد على الإنسان وتؤذيه
قال أعشى باهلة لا يتآوى لما في القبر يرقبه ولا يعض على شرسوفه الصفر قال أبو عبيد ويقال في الصفر إنه أخر لهم المحرم إلى صفر في تحريمه
وقال العدوي قال لي الأصمعي وابن الأعرابي جميعا ما رأينا العرب يقفون على الصفر بعضهم يقول حية وبعضهم يقول داء في البطن
قال العجاج كي الطبيب نائط المصفور
(ويروى قضب الطبيب نائط المصفور قال ابن قتيبة الصفار والصفر هما اجتماع الماء في البطن يعالج بقطع النائط وهو عرق في الصلب وأنشد بيت العجاج المذكور)

199
قال وقال أعشى باهلة لا يغمز الساق من أين ولا نصب ولا يعض على شرسوفه الصفر والشرسوف اللحم الرقيق في الأضلاع وهو الطفاطف
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن يحيى بن عمر قال حدثنا علي بن حرب قال حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن أبي وائل قال اشتكى رجل منا يقال له جثم بن العداء بطنه داء تسميه العرب الصفر فبعث له السكر فقال سل لي ابن مسعود فسألته فقال إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم
وأما قوله لا يحل الممرض على المصح وليحل المصح حيث شاء فهو من حل يحل إذا نزل واحتل بقوم والممرض الذي إبله مريضة أو غنمه والمصح الذي إبله أو ماشيته صحيحة يقول لا يدنو ولا ينزل من إبله مريضة على صاحب الإبل الصحيحة فإنه يؤذيه لما يولد في قلبه من حدوث الريب في أن ذلك يعدي وإن كان لا شيء على الحقيقة والنفس تكره ذلك لا سيما مع كانوا عليه من اعتقاد الأعراب في جاهليتهم
وذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر قال يكره أن يدخل المريض على الصحيح وليس به إلا قول الناس
وقال أبو عبيد معنى الأذى عندي المأثم

200
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا الحسن بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن داود بن سليمان البغدادي قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا المقرئ عن ابن لهيعة قال أخبرني ابن هبيرة عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الرحمن بن عمرو بن العاصي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من رجعته الطيرة من حاجة فقد أشرك قال وما كفارة ذلك يا نبي الله قال أن يقول أحدهم اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ثم يمضي لحاجته
وذكر ابن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد قال سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول سأل كعب الأحبار عبد الله بن عمرو فقال هل تتطير قال نعم فكيف تقول إذا تطيرت قال أقول اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا رب غيرك ولا قوة إلا بك
فقال كعب إنه أفقه العرب وإنها لكذلك في التوراة

201
حديث سابع عمن يثق به
697 مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى الأشعري أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع (54 2)
يقال إن الثقة ههنا عن بكير هو مخرمة بن بكير ويقال بل وجده مالك في كتب بكير أخذها من مخرمة
وقال عباس عن يحيى بن معين مخرمة بن بكير ثقة وبكير ثقة ثبت
وقال ابن البرقي قال لي يحيى بن معين كان مخرمة ثبتا ولكن روايته عن أبيه من كتاب وجده لأبيه لم يسمع منه قال وبلغني أن مالكا كان يستعير كتب بكير فينظر فيها ويحدث عنها
وتوفي بكير في زمان هشام وكان يكنى أبا المسور
وقد ذكرنا طرق هذا الحديث في باب ربيعة من هذا الكتاب والحمد لله وهذا الإسناد من أحسن أسانيد هذا الحديث
وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني

202
أبي قال حدثني عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال سلم عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري على عمر بن الخطاب ثلاث مرات فلم يؤذن له فرجع فأرسل عمر في إثره لم رجعت قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلم أحدكم ثلاثا فلم يوجب فليرجع
وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن جعفر قال قال حدثنا شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري
قال أحمد بن حنبل وحدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال استأذن أبو موسى على عمر ثلاثا فلم يأذن له فرجع فلقيه عمر فقال ما شأنك رجعت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من استأذن ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع
فقال لتأتين على هذا ببينة أو لأفعلن وأفعلن فأتى مجلس قومه فناشدهم فقلت أنا معك فقام رجلان فشهدا له فخلى عنه وهذا لفظ حديث داود
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذن المستأذن ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع

203
قال أبو عمر قد سمع أبو سعيد الخدري هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم وقد بان ذلك في غير ما إسناد وقد ذكرنا بعض طرقها في باب ربيعة فكان أبو سعيد مرة يرويه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ومرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
وإنما هي حكاية عن قصة أبي موسى فإذا قال عن أبي موسى فإنه يريد بذلك على حسبما ذكره موسى بن هارون في حديث عمر بن سلمة عن البهزي في الحمار الوحشي وقد ذكرنا ذلك في باب يحيى بن سعيد من كتابنا هذا والحمد لله
وقد ذكرنا معاني هذا الباب في باب ربيعة
وظاهر هذا الحديث يوجب ألا يستأذن الإنسان أكثر من ثلاث فإن أذن له وإلا رجع وهو قول أكثر العلماء وإلى هذا ذهب ابن نافع
وقال غيره إن لم يسمع فلا بأس أن يزيد والاستئذان أن يقول السلام عليكم آدخل وقال بعضهم المرة الأولى من الاستئذان استئذان والمرة الثانية مشورة هل يؤذن له في الدخول أم لا والثالثة علامة الرجوع ولا يزيد على الثلاث

204
حديث ثامن عمن يثق به
797 مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري السلمي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا والزهو والرطب جميعا (42 8)
هكذا روى هذا الحديث عامة رواة الموطأ كما رواه يحيى وممن رواه هكذا ابن عبد الحكم والعقنبي وعبد الله بن يوسف وابن بكير وأبو المصعب وجماعتهم
ورواه الوليد بن مسلم عن مالك عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد القاضي حدثنا الحسن بن هاشم بن بشر الحراني حدثنا الوليد بن عتبة حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك بن أنس عن عبد الله بن لهيعة عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عبد الرحمن بن الحباب السلمي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب التمر والزبيب جميعا والزهو والرطب جميعا

205
قال أبو عمر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث ومعناه من طرق شتى من حديث جماعة من أصحابه منهم ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة وأبو هريرة ومعقل بن يسار وأبو سعيد وأنس وقد ذكرنا كثيرا منها فيما سلف من كتابنا هذا في باب زيد بن أسلم وذكرنا هناك اختلاف العلماء في باب معنى هذا الحديث فلا وجه لإعادة ذلك ههنا ونذكر ههنا حديث أبي قتادة خاصة على شرطنا وبالله عوننا وهو حسبنا
حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان قال حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحرث أن بكير بن عبد الله بن الأشج حدثه أن عبد الرحمن بن الحرث السلمي أخبره عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا
وحدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن القاسم ابن شعبان حدثنا عبد الرحمن بن أحمد حدثنا محمد بن ميمون ومحمد بن عبد الله الضبي قالا حدثنا الوليد بن
مسلم قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى قال حدثني عبد الله بن أبي قتادة قال حدثني

206
أبي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تجمعوا بين الزهو والرطب والزبيب وانتبذوا كل واحد منهما على حدة
أخبرنا إسماعيل حدثنا محمد بن شعبان حدثنا إبراهيم بن عثمان حدثنا حاتم بن قتيبة حدثنا علي بن حجر حدثنا داود بن الزبرقان قال حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنبذوا الزهو والرطب جميعا ولا تنبذوا الزبيب والتمر جميعا وانتبذوا كل واحد منهما على حدته
حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا عفان قال حدثنا أبان قال حدثنا يحيى بن أبي كثير قال حدثني عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط البسر والتمر وعن خليط الزبيب والتمر وعن خليط الزهو والرطب وقال انتبذوا كل واحد على حدة
قال وحدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر العبدي عن حجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره

207
وحدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن القاسم ابن شعبان قال حدثنا علي بن سعيد قال حدثنا جبارة بن المغلس الجماني قال حدثنا قيس بن الربيع عن الربيع عن عائذ بن نصيب عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلط التمر والزبيب جميعا وقال ينبذ هذا على حدة وهذا على حدة
وقد ذكرنا أحكام الخليطين وما للعلماء من المذاهب في باب زيد بن أسلم والحمد لله

208
حديث تاسع من بلاغات مالك
897 مالك أنه بلغه عن جده ملك بن أبي عامر أن عثمن بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين (31 32)
هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جماعة رواته فيما علمت ورواه ابن أبي حازم عن مالك عن مولى لهم عن مالك بن أبي عامر وابن أبي حازم عن كبار أصحاب مالك
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله حدثنا أحمد بن داود بن موسى حدثنا يعقوب بن حميد حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن مالك بن أنس عن موسى لهم عن مالك بن أبي عامر عن عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين
يقال اسم هذا المولى كيسان ولا يصح وهذا الحديث يرويه بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن مالك بن أبي عامر عن عثمان رضي الله عنه مسندا

209
وقد روي من حديث أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن عثمان مسندا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف وسعيد بن سيد قالا حدثنا عبد الله بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد قال حدثنا عبيد بن محمد الكشوري إملاء بصنعاء قال حدثنا يزيد بن خالد الدملي قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثني مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار أنه سمع مالك بن أبي عامر يحدث عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين
قال أحمد بن خالد قال لنا الكشوري يزيد بن خالد كتبت عنه بمكة وكان يحدث عن الليث وكان أثبت الناس فيه قال أحمد في هذا الحديث رحلة
أخبرنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن أيوب الرقي قال حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال حدثنا عمرو بن مالك قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثنا مخرمة بن بكير عن أبيه قال أخبرني سليمان بن يسار أن مالك بن أبي عامر حدثه عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين قال أحمد بن عمرو البزار وهذا الحديث قد رواه أبو سهيل بن مالك عن أبيه عن عثمان رواه عاصم بن عبد العزيز الأشجعي وعاصم ليس بالقوي ولا يروى هذا الحديث عن عثمان إلا من حديث مالك بن أبي عامر

210
قال أبو عمر حديث أبي سهيل في هذا عن أبيه حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الوهاب بن محمد بن سهل بن منصور النصيبي قال حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو موسى إسحاق ابن موسى الأنصاري قال حدثنا عاصم بن عبد العزيز الأشجعي عن أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبايعوا الدرهم بالدرهمين ولا الدينار بالدينارين
وقد مضى القول في معنى هذا الحديث في مواضع من كتابنا هذا والحمد لله

211
حديث عاشر من البلاغات
997 مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال يقال لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه إلا منافق (9 56)
وهذا لا يقال مثله من جهة الرأي ولا يكون إلا توقيفا وقد روي معناه مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك أدخلناه
حدثنا خلف بن القاسم بن سهل قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن مهران قال حدثنا أحمد بن محمد بن الجعد ببغداد وعبد الله بن الصقر الهلالي قالا حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا عمر ابن عبد الرحمن عن محمد بن جحادة عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه رأى رجلا يخرج من المسجد حين أذن المؤذن أو حين أخذ في أذانه فقال أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا أبو داود قال حدثنا شريك عن أشعث ابن أبي الشعثاء عن أبيه قال كنا مع أبي هريرة فأذن المؤذن فخرج رجل بعد الأذان فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نخرج حتى نصلي

212
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا أبو الأحوص عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال كنا قعودا في المسجد مع أبي هريرة فأذن المؤذن فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى
حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي قال حدثنا محمد بن العباس الحلبي قال حدثنا علي بن عبد الحميد الغضائري قال حدثنا محمد بن أبي عمر المصري قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه قال سمعت أبا هريرة ورأى رجلا يجتاز في المسجد ويخرج بعد الأذان فقال أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
قال أبو عمر أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يصل وكان على طهارة وكذلك إذا كان قد صلى وحده إلا لما لا يعاد من الصلوات على ما ذكرنا من مذاهب العلماء في ذلك عند ذكر حديث زيد بن أسلم عن بسر بن محجن فإذا كان ما ذكرنا فلا يحل له الخروج من المسجد بإجماع إلا أن يخرج للوضوء وينوي الرجوع

213
واختلفوا فيمن صلى في جماعة ثم أذن المؤذن وهو في المسجد لتلك الصلاة على ما قدمنا ذكره عنهم في باب زيد بن أسلم والحمد لله
وقد كره جماعة من العلماء خروج الرجل من المسجد بعد الأذان إلا للوضوء لتلك الصلاة بنية الرجوع إليها وسواء صلى وحده أو في جماعة أو جماعات وكذلك كرهوا قعوده في المسجد والناس يصلون لئلا يتشبه بمن ليس على دين الإسلام وسواء صلى أو لم يصل والذي عليه مذهب مالك أنه لا بأس بخروجه من المسجد إذا كان قد صلى تلك الصلاة في جماعة وعلى ذلك أكثر القائلين بقوله إلا أنهم يكرهون قعوده مع المصلين بلا صلاة ويستحبون له الخروج والبعد عنهم على ما قد أوضحناه في باب زيد بن أسلم فلا وجه لإعادته ههنا
قال مالك دخل أعرابي المسجد وأذن المؤذن فقام بحل عقال ناقته ليخرج فنهاه سعيد بن المسيب فلم ينته فما سارت به غير يسير حتى وقعت به فأصيب في جسده فقال سعيد قد بلغنا أنه من خرج بين الأذان والإقامة لغير الوضوء فإنه يصاب

214
حديث حادي عشر من البلاغات
8008008 008 مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها (7 6)
وهذا وإن لم يكن فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وكان على ذكر من لم يسم فاعله فإنه مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مشهور محفوظ عند أهل الحديث من حديث أبي برزة الأسلمي وغيره
حدثنا أحمد بن قاسم قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن أبي المنهال قال انطلقت إلى أبي برزة الأسلمي في حديث ذكره فيه طول قال وقلت له حدثنا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة فذكر الحديث
قال وكان يستحب أن تؤخر العشاء التي تدعونها العتمة وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها
وذكر تمام الحديث
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا

215
محمد بن بشار قالا جميعا أخبرنا يحيى بن سعيد قال حدثنا عوف قال حدثني أبو المنهال سيار بن سلامة عن أبي برزة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النوم قبلها والحديث بعدها يعني العشاء الآخرة
وهذا لفظ حديث عبد الوارث وحديث محمد بن إبراهيم أتم
وروي من حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مررت ليلة أسري بي فإذا بقوم تضرب رؤوسهم بالصخر فقلت يا جبريل من هؤلاء فقال يا محمد من أمتك قلت وما حالهم قال كانوا ينامون عن العشاء الآخرة
وهذا الحديث وإن كان إسناده عن علي ضعيفا فإن في حديث أب برزة ما يقويه ولكن معناه عندي يوضح أنهم كانوا ينامون عنها ولا يصلونها والله أعلم
وعلى هذا حمل الطحاوي قوله صلى الله عليه وسلم فيمن نام ليله كله حتى أصبح ذلك الرجل بال الشيطان في أذنه
قال هذا والله أعلم على أنه نام عن صلاة العشاء فلم يصلها حتى انقضى الليل كله
واختلف العلماء في هذا الباب فقال مالك أكره النوم قبل صلاة العشاء الآخرة وأكره الحديث بعدها وذكر أنه بلغه عن سعيد بن المسيب ما ذكرنا في هذا الباب عنه وذكر أيضا في الموطأ أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت ترسل إلى بعض أهلها بعد العتمة فتقول ألا تريحون الكتاب
ومذهب الشافعي في هذا الباب كمذهب مالك سواء

216
وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة قال حدثنا إسماعيل بن عبد الملك عن مجاهد قال لأن أصليها وحدي أحب إلي من أن أنام قبلها ثم أصليها في جماعة
قال محمد وبه نأخذ نكره النوم قبل صلاة العشاء ولم يحك عن أحد من أصحابه خلافا
وقال الثوري ما يعجبني النوم قبلها
وقال الليث قول عمر بن الخطاب فيمن رقد بعد المغرب فلا أرقد الله عينه إنما ذلك قبل ثلث الليل الأول
وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أحمد بن محمد بن عبيد بن آدم حدثنا ثابت بن نعيم حدثنا آدم حدثنا شعبة قال سألت الحكم عن النوم قبل صلاة العشاء في رمضان فقال كانوا ينامون قبل صلاة العشاء
وروى سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود أنه كان يقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلتين وينام ما بين المغرب والعشاء
وروي عن ابن عمر أنه كان يرقد قبل صلاة العشاء ويوكل من يوقظه وروي أنه ما كانت نومة أحب إلي علي رضي الله عنه من نومة بعد العشاء قبل العشاء
قال الطحاوي يحتمل أن تكون الكراهية عن النوم بعد دخول وقت العشاء قبل العشاء والإباحة قبل دخول وقتها

217
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو طالب محمد بن زكرياء بن أعين ببيت المقدس حدثنا إبراهيم بن معاوية القيسراني حدثنا محمد ابن يوسف الفرياني حدثنا مسعر بن كدام عن منصور عن خيثمة عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سمر بعد العشاء إلا لمصل أو مسافر

218
حديث ثاني عشر من البلاغات
108 مالك أنه بلغه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال كان رجلان أخوان فهلك أحدهما قبل أن يهلك صاحبه بأربعين ليلة فذكرت فضيلة الأول عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألم يكن الآخر مسلما قالوا بلى يا رسول الله وكان لا بأس به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريكم ما بلغت به صلاته إنما مثل الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب أحدكم
يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون ذلك يبقى من درنه فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته (9 91)
النهر الغمر الكثير الماء والدرن الوسخ
ويدل هذا الحديث والله أعلم على أن العذب من المياه أشد إنقاء للدرن من غير العذب كما أن الكثير أنقى من اليسير وهذا مثل ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة يخبر بأنها تكفر ما قبلها من الذنوب إذا اجتنبت الكبائر وقد مضى هذا المعنى مجودا في باب زيد بن أسلم والحمد صلى الله عليه وسلم والرواية الصحيحة يبقى بالباء لا بالنون

219
قال أبو عمر أما قصة الأخوين فليست تحفظ من حديث سعيد بن أبي وقاص إلا في مرسل مالك هذا وقد أنكره أبو بكر البزار وقطع بأنه لا يوجد من حديث سعد البتة وما كان ينبغي له أن ينكره لأن مراسيل مالك أصولها صحاح كلها وجائز أن يروي ذلك الحديث سعد وغيره وقد رواه ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عامر بن سعد عن أبيه مثل حديث مالك سواء وأظن مالكا أخذه من كتب بكير بن الأشج وأخبره به عنه مخرمة ابنه أو ابن وهب والله أعلم فإن هذا حديث انفرد به ابن وهب لم يروه أحد غيره فيما قال جماعة من العلماء بالحديث
قال أبو عمر تحفظ قصة الأخوين من حديث طلحة بن عبيد الله ومن حديث أبي هريرة ومن حديث عبيد بن خالد ومن حديث سعد هذا من رواية مالك هذه ومرسل حديث مالك هذا أقوى من مسند بعض حديث هؤلاء
وأما آخر هذا الحديث قوله مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذاب غمر فهو محفوظ من حديث أبي هريرة وحديث جابر وحديث أبي سعيد الخدري من طرق صحاح ثابتة
ويروي مثل الصلوات الخمس أيضا من حديث عامر بن سعد عن أبان بن عثمان عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم وزعم أبو بكر البزار أن حديث مالك هذا كله خطأ في

220
قصة الأخوين وقصة مثل الصلوات الخمس قال البزار ولم يرو أحد عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله مثل الصلوات الخمس ولا أعلمه من حديث سعد والله أعلم
قال أبو عمر قد رواه ابن وهب كما وصفنا عن مخرمة عن أبيه حدثناه عبد الرحمن بن مروان حدثنا الحسن بن علي بن داود حدثنا عباس بن محمد حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب قال أخبرني مخرمة ابن بكير عن أبيه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال سمعت سعدا وأناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كان رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوان وكان أحدهما أفضل من الآخر فتوفي الذي هو أفضلهما ثم عمر الآخر بعده أربعين ليلة ثم توفي فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلة الأول على الآخر فقال أو لم يكن يصلي فقالوا بلى وكان لا بأس به يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدريكم ما بلغت به صلاته ثم قال عند ذلك إنما الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب رجل يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فماذا ترون ذلك يبقى من درنه إنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته
تفرد به ابن وهب
فأما حديث طلحة في قصة الأخوين فحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله

221
ابن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهادي
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال أخبرنا ابن لهيعة ويحيى بن
أيوب قالا حدثنا ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن طلحة بن عبد الله أن رجلين من بلي قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إسلامهما جميعا وكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر فغزا المجتهد منهما فاستشهد ثم مات الآخر بعده بسنة قال طلحة بينما أنا عند باب الجنة إذ أتي بهما فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفي الآخر منهما ثم خرج فأذن للذي استشهد ثم رجع إلي فقال ارجع فإنك لم يأن لك بعد فأصبح طلحة يحدث الناس فعجبوا لذلك فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي ذلك تعجبون قالوا يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ثم استشهد في سبيل الله ودخل هذا الجنة قبله قال أليس هذا قد مكث بعده سنة قالوا بلى قال وأدرك رمضان وصامه قالوا بلى قال وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة قالوا بلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما أبعد ما بين السماء والأرض
سئل يحيى بن معين عن حديث أبي سلمة عن طلحة بن عبيد الله فقال مرسل لم يسمع من طلحة بن عبيد الله

222
قال أبو عمر هو عند أبي سلمة عن أبي هريرة عن طلحة وسنذكره ههنا إن شاء الله بعد هذا
حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة قال نزل رجلان من أهل اليمن على طلحة بن عبيد الله فقتل أحدهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مكث الآخر بعده سنة ثم مات على فراشه فرأى طلحة بن عبيد الله أن الذي مات على فراشه دخل الجنة قبل الآخر بحين فذكر ذلك طلحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم مكث بعده قال حولا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألف وثمانمائة صلاة وصام رمضان
وقد روى هذه القصة إبراهيم بن محمد بن طلحة عن جده في ثلاثة إخوة بنحو هذا المعنى أخبرناه قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال حدثنا أحمد بن عمرو بن منصور قال حدثنا محمد بن سنجر الجرجاني قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا صالح بن موسى بن عبيد الله بن إسحاق بن طلحة عن أبيه عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن جده طلحة بن عبيد الله قال نزل علي ثلاثة إخوة من بلي وهم من بني عذرة فغزا رجل منهم في بعض

223
مغازي النبي صلى الله عليه وسلم فقتل وغزا الآخر بعده في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم فمات وبقي الآخر فمات بعدهما فأريت في منامي كأنهم أحضروا باب الجنة فبديء بالذي مات فأدخل الجنة ثم ثني بالذي مات في الغزو فأدخل الجنة ثم ثلث بالذي قتل في سبيل الله فأدخل الجنة ثم ذهبت لأدخل فحجبت فأصبحت مذعورا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال وما أذعرك يا أبا محمد إن الذي مات على فراشه أدرك من فضل العمل ما بدئ به وأن الذي مات في سبيل الله أدرك من فضل العمل بعد صاحبه ما ثني به وأن الذي قتل في سبيل الله فأدخل الجنة بقتله في سبيل الله وأنت فلم يحضرك أجلك فتدخلها
ولم يسمعه إبراهيم بن محمد بن طلحة من جده بينهما عبد الله ابن شداد
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا وكيع حدثنا طلحة بن يحيى عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله ابن شداد أن نفرا من بني عذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يكفلهم قال طلحة أنا قال فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا فخرج فيه أحدهم فاستشهد قال ثم بعث بعثا فخرج فيه آخر فاستشهد قال ثم مات الثالث على فراشه قال قال طلحة فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في

224
الجنة فرأيت الميت على فراشه أمامهم ورأيت الذي استشهد أخيرا يليه ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم قال فدخلني من ذلك فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنكرت من ذلك ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام لتسبيحه وتكبيره وتهليله
وأما رواية أبي سلمة عن أبي هريرة عن طلحة لهذا الحديث فحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال جاء رجلان من بلي من قضاعة فأسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما وأخر الآخر بعد سنة قال طلحة بن عبيد الله فرأيت كأني أدخلت الجنة فرأيت المؤخر منهما دخل قبل الشهيد فعجبت من ذلك فأصبحت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أليس صام بعده رمضان وصلى بعده كذا وكذا ركعة صلاة السنة وروى هذا المعنى عبيد بن خالد رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثناه قاسم بن محمد قراءة مني عليه أن خالد بن سعد حدثهم قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عمرو ابن ميمون عن عبد الله بن ربيعة عن عبيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين رجلين فقتل أحدهما في سبيل الله ثم توفي الآخر

225
بعده فصلوا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلتم عليه قالوا دعونا الله أن يغفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين صلاته بعد صلاته وصيامه بعد صيامه وعمله بعد عمله لما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عمرو بن ميمون عن عبد الله بن ربيعة عن عبيد بن خالد السلمي قال آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين فقتل أحدهما ومات الآخر بعده بجمعة ونحوها فصلينا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلتم له قالوا دعونا له وقلنا اللهم اغفر له وألحقه بصاحبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين صلاته بعد صلاته أو صومه بعد صومه شك شعبة في صومه وعمله بعد عمله إن بينهما كما بين السماء والأرض
قال أبو عمر يفسر هذا المعنى ويوضحه قوله صلى الله عليه وسلم خير الناس من طال عمره وحسن عمله
وأخبرنا عبد الله حدثنا إسماعيل حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا علي بن المديني قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال

226
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخياركم قال بلى قال أطولكم أعمارا وأحسنكم أعمالا
وأما قوله صلى الله عليه وسلم مثل الصلوات الخمس فحدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار قال حدثنا العباس بن جعفر ومحمد بن عبد الرحيم وإبراهيم بن زياد قالوا حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا محمد بن عبد الله بن أخي الزهري عن عمه ابن شهاب عن صالح بن عبد الله بن أبي فروة أن عامر بن سعيد بن أبي وقاص أخبره عن أبان بن عثمان عن عثمان أنه أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أرأيت لو أن لأحدكم نهرا جاريا ما بين منزله ومعتمله ويغتمس فيه كل يوم خمس مرات هل كان يبقي من درنه شيئا قالوا لا قال فكذلك الصلوات الخمس
قال البزار وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه عن عثمان وقد روي عن غير عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث أرفع حديث في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر وقد حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا جعفر بن محمد بن الفضل البغدادي يعرف بابن المارستاني قال حدثنا محمد بن العباس ابن الفضل بن يونس الموصلي قال حدثنا أبو جعفر بن أحمد

227
بن المثنى حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم قال حدثنا ابن أخي ابن شهاب محمد بن عبد الله عن عمه محمد بن مسلم قال أخبرني صالح بن عبد الله بن أبي فروة أن عامر بن سعد بن أبي وقاص حدثه أنه سمع أبان بن عثمان يقول قال عثمان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أرأيت لو كان بفناء أحدكم نهر يجري يغتسل منه كل يوم خمس مرات ماذا كان مبقيا من درنه قالوا لا شيء قال فكذلك الصلوات الخمس يذهبن الذنوب كما يذهب الماء الدرن
وأما حديث غير عثمان في هذا فحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو قلابة قال حدثنا يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل الصلوات الخمس مثل رجل ببابه نهر جار يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فماذا يبقى من درنه حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات

228
قال أبو عمر اختلف عن الأعمش في هذا الحديث فمن أهل العلم من لا يحتج بحديثه هذا من أجل أبي سفيان طلحة بن نافع فهو ضعيف ومنهم من يجعلهما إسنادين وأصح إسناد في هذا إن شاء الله ما حدثناه عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا سعيد بن عثمان ابن السكن قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا البخاري قال حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا ابن أبي حازم عن يزيد يعني ابن عبد الله بن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقول ذلك يبقى من درنه قال لا يبقى من درنه شيئا قال فكذلك الصلوات الخمس يمحوا الله بها الخطايا
وبلغني أن أبا زرعة الرازي قال خطر ببالي تقصير الناس وتقصيري في الأعمال من النوافل والحج والصيام والجهاد فكبر ذلك في قلبي فرأيت ليلة فيما يرى النائم كأن آتيا أتاني فضرب بيده بين كتفي وقال قد أكثرت في العبادة وأي عبادة أفضل من الصلوات الخمس في جماعة

229
قال أبو عمر لا مدخل للقول في هذا الباب إذا المعنى فيه واضح لا اختلاف فيه والحمد لله

230
حديث ثالث عشر من البلاغات
208 مالك أنه بلغه عن علي بن حسين أنه كان يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر وإذا أراد أن يسير ليله جمع بين المغرب والعشاء (90 6)
وقد تقدمت الآثار المسندة في هذا الباب عند ذكر حديث داود بن الحصين عن الأعرج وتقدم القول في معنى ذلك في باب أبي الزبير والحمد لله

231
حديث رابع عشر من البلاغات
308 مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل من عماله أنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية يقول لهم اغزوا بسم الله في سبيل الله تقاتلون من كفر بالله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وقل ذلك لجيوشك وسراياك إن شاء الله (21 11)
وهذا الحديث يتصل معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح من حديث بريدة الأسلمي وأنس بن مالك وصفوان بن عسال وأبي موسى الأشعري والنعمان بن مقرن وابن عباس وجرير بن عبد الله البجلي
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد قالا حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى الأنطاكي الفراء قال أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا بسم الله وفي سبيل الله

232
وقاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تعتدوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا
وليس في حديث عبد الوارث ولا تعتدوا
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى عن حسن بن صالح عن خالد بن الفزر قال حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انطلقوا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين
أخبرنا قاسم بن محمد حدثنا خالد بن سعد حدثنا أحمد بن عمرو بن منصور حدثنا محمد بن سنجر حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو روق عطية بن الحرث قال حدثنا أبو الغريف عبيد الله بن خليفة عن صفوان بن عسال قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقال اغزوا بسم الله في سبيل الله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وذكرنا ما في الحديث في المسح على الخفين
قال أبو عمر أجمع العلماء على القول بهذا الحديث ولم يختلفوا في شيء منه فلا يجوز عندهم الغلول ولا الغدر ولا المثلة ولا قتل الأطفال في دار

233
الحرب والغدر أن يؤمن الحربي ثم يقتل وهذا لا يحل بإجماع قال صلى الله عليه وسلم يرفع لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان
رواه مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عند أسته وقد كان عمر رضي الله عنه يقول لا أوتي بأحد فعل ذلك إلا قتلته وهذا عند أهل الحجاز تغليظ إذ لا يقتل مؤمن بكافر عندهم وهو الحق لثبوت الخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك المثلة لا تحل بإجماع والمثلة المعروفة نحو قطع الأنف والأذن وفقء العين وشبه ذلك من تغيير خلق الله عبثا قال صلى الله عليه وسلم أعف الناس قتلة أو قال أحسن الناس قتلة أهل الإيمان وليس من وجب قتله يجب بذلك قطع أعضائه إلا أن يوجبه خصوصا كتاب أو سنة أو إجماع فقف على هذا فإنه أصل
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن عيسى وزياد بن أيوب قالا حدثنا هشيم قال أخبرنا مغيرة عن سماك عن إبراهيم عن هني بن نويرة عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعف الناس قتلة أهل الإيمان
وروى سمرة بن جندب وعمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة

234
وقد مضى القول في الغلول وإثمه وحكم الغال في باب ثور بن زيد ومضى القول في قتل النساء والولدان في باب نافع من هذا الكتاب والحمد لله

235
حديث خامس عشر من البلاغات
408 مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كان يقول للفرس سهمان وللراجل سهم (21 21)
هكذا هو في الموطأ عند جميع رواته عن مالك وهذا يستند من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي من حديث زيد بن ثابت وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثا أحمد بن حنبل قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا عبيد الله عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لرجل ولفرسه ثلاث أسهم سهم له وسهمان لفرسه
ورواه أبو أسامة وعبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين وللراجل سهما
وهذا كرواية أبي معاوية
ورواه ابن المبارك عن عبيد الله بإسناده فقال فيه للفارس سهمان وللراجل سهم
وذكر علي بن المديني عن يحيى القطان قال سألت عبيد الله عن هذ الحديث فقال نافع مرسل
وأما حديث زيد بن ثابت في قصة

236
الزبير فإنه انفرد به الزبيري عن مالك وقد روي من حديث هشام ابن عروة عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه
واختلف الفقهاء في هذا الباب فقال مالك وابن أبي ليلى والثوري وأبو يوسف ومحمد والليث بن سعد والأوزاعي والشافعي وأحمد للفارس ثلاثة أسهم لفرسه سهمان وله سهم وللراجل سهم
وحجتهم حديث عبيد الله بن عمر المذكور
وقال أبو حنيفة للفارس سهمان وللراجل سهم وحجته حديث مجمع بن جارية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قسم يوم خيبر لمائة فارس فأعطى للفارس سهمين وأعطى الراجل سهما
ومن حجته أيضا رواية ابن المبارك لحديث عبيد الله بن عمر ولا حجة في ذلك لأن الأكثر من أصحاب عبيد الله خالفوه وكذلك لا حجة في حديث مجمع لأن ابن عباس روى خلافه فيما قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر
حدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا ابن وضاح حدثنا أبو بكر حدثنا محمد بن فضيل عن حجاج عن أبي صالح عن ابن عباس قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم
واختلفوا فيمن غزا بأفراس فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم لا يسهم إلا لفرس واحد
وقال أبو يوسف ومحمد والثوري والأوزاعي والليث يسهم لفرسين
واختاره محمد بن الجهم المالكي وقال هو قول أهل الثغور وعليه جمهور التابعين وأهل الأمصار فذكره عن الحسن البصري

237
ومكحول الشامي ويحيى بن سعيد الأنصاري والمزني وقال أنا برئ من قول مالك في أنه لا يسهم إلا لفرس واحد
قال والفرس الواحد لا تؤمن عليه الحوادث وصاحبه كالراجل هذه حجته قال ولم يجاهد مالك ولا شاهد الثغور هذا كله قول ابن الجهم
قال أبو عمر القياس ألا يسهم إلا لفرس واحد ولو أسهم لفرسين لأسهم لثلاثة وأكثر وهم لا يقولون بهذا والفرس آلة والآلات لا يسهم لها ولولا الأثر في الفرس ما أسهم له ولا أعلم أحدا قال يسهم لأكثر من فرسين إلا ما ذكره ابن جريج عن سليمان بن موسى قال إذا أدرب الرجل بأفراس قسم لكل فرس سهمان ذكره محمد بن بكر وعبد الرزاق عن ابن جريج

238
حديث سادس عشر من البلاغات
(508) مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم يقول لم يكن في الفطر والأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم
قال أبو عمر لم يكن عند مالك في هذا الباب حديث مسند وفيه أحاديث صحاح مسندة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء ولا تنازع بين الفقهاء أنه لا أذان ولا إقامة في العيدين ولا في شيء من الصلوات المسنونات والنوافل وإنما الأذان للمكتوبات لا غير وعلى هذا مضى عمل الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وجماعة الصحابة وعلماء التابعين وفقهاء الأمصار وأظن ذلك والله أعلم لأنه لا يشبه فرض بنافلة ولا أذان لصلاة على جنازة ولا لصلاة كسوف ولا لصلاة استسقاء ولا في العيدين لمفارقة الصلوات المفروضات والله أعلم
هذا قول مالك في أهل المدينة والليث بن سعد في أهل مصر والأوزاعي في أهل الشام والشافعي في أهل الحجاز والعراق من أتباعه من النظار والمحدثين وهو قول أبي حنيفة والثوري وسائر الكوفيين وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري وكان بنو أمية يؤذن لهم في العيدين وقد مضى القول في أول من فعل ذلك في باب ابن شهاب من هذا الكتاب

239
0 8
فأما الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب فحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد البغدادي المفيد قال حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد الواسطي قال حدثنا عمي علي ابن أحمد وأبي محمد بن أحمد قالا حدثنا محمد بن صبيح الموصلي قال حدثنا عبد الله بن خراش بن حوشب قال حدثنا واسط ابن الحرث عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد ركعتين بغير أذان ولا إقامة وبدأ بالصلاة قبل الخطبة
وقد ذكرنا لحديث جابر هذا طرقا شتى في باب ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر من كتابنا هذا فلا معنى لإعادتها ههنا
وحدثنا أحمد بن عمر بن عبد الله قال حدثنا عبد الله بن محمد ابن علي قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا مالك بن سيف قال حدثنا علي بن معبد قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين للعيد بغير أذان ولا إقامة
وقد تقدم من آثار هذا الباب والقول فيه ما يغني ويشفي في باب ابن شهاب عن أبي عبيد من هذا الكتاب والحمد لله ومضى هناك القول في تقديم الصلاة على الخطبة وهذا أيضا اتفاق من الآثار وإجماع من علماء الأمصار وذلك والله أعلم لمفارقة الجمعة التي هي فرض وخطبتها قبلها فلما كانت هذه سنة غير فريضة ونافلة غير مكتوبة كانت الصلاة فيها قبل الخطبة

240
حديث سابع عشر من البلاغات
(608) مالك أنه بلغه عن أهل العلم أنهم كانوا يقولون الشهداء في سبيل الله لا يغسلون ولا يصلى عليهم ويدفنون في الثياب التي قتلوا فيها
قال ملك وتلك السنة فيمن قتل في المعترك فلم يدرك حتى مات قال وأما من حمل منهم فعاش ما شاء الله بعد ذلك فإنه يغسل ويصلى عليه كما عمل بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكر مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه غسل وكفن وصلي عليه وكان شهيدا رحمه الله)
213737 37) قال أبو عمر فيما حكاه مالك عن أهل العلم في هذا الباب في الشهداء المقتولين في المعترك أنهم لا يغسلون ولا يصلى عليهم حديث جابر انفرد به الليث عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ويقول إنهم أكثر قرآنا فإذا أشاروا إلى

241
أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا الشهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا ذكره داود عن قتيبة ويزيد بن خالد جميعا عن الليث
وكذلك رواه ابن وهب عن الليث وفي هذا الباب أيضا حديث شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن الزهري عن ابن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه عن الزهري عن أنس رواه أسامة بن زيد عنه ذكره ابن وهب عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم
ورواه ابن عباس أيضا ذكره أبو داود قال أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابه
ورواه ابن وهب عن عبد الله بن السمح أنه أخبره عن عباد بن كثير عن عمر بن الخطاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد انزعوا عنهم الحديد وادفنوهم في ثيابهم
واختلف الفقهاء في غسل الشهداء والصلاة عليهم فذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري والليث بن سعد إلى أنهم لا يغسلون وحجتهم حديث جابر وسائر ما ذكرنا عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثل الأحاديث في هذا الباب وبذلك قال أحمد بن حنبل والأوزاعي وإسحاق وداود وجماعة فقهاء الأمصار وأهل الحديث وابن علية

242
وقال سعيد بن المسيب والحسن البصري يغسل الشهداء قال أحدهما إنما لم يغسل شهداء أحد لكثرتهم وللشغل عن ذلك ولم يقل بقول سعيد والحسن هذا أحد من فقهاء الأمصار إلا عبيد الله بن الحسن العنبري البصري وليس ما ذكروا من الشغل عن غسل شهداء أحد علة لأن كل واحد منهم كان له ولي يشتغل به ويقوم بأمره والعلة والله أعلم في ترك غسلهم ما جاء في الحديث المرفوع في دمائهم أنها تأتي يوم القيامة كريح المسك رواه الزهري عن عبد الله بن ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقتلى أحد زملوهم بجراحهم فإنه ليس من كلم يكلمه المؤمن في سبيل الله إلا أتي يوم القيامة لونه لون الدم وريحه ريح المسك
وروي مثل هذا من وجوه فبان أن العلة ليست الشغل كما قال من قال ذلك وليس لهذه المسألة مدخل في القياس والنظر وإنما هي مسألة اتباع للأثر الذي نقلته الكافة في قتلى أحد أنهم لم يغسلوا ولثبوت أخبار الآحاد العدول بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد احتج بعض المتأخرين ممن ذهب مذهب الحسن وسعيد في هذه المسألة بقوله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة
وقال هذا يدل على خصوصهم وأنهم لا يشركهم في ذلك غيرهم
قال ويلزم من قال في المحرم الذي وقصته ناقته فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخمروا رأسه ولا تقربوه طيبا فإنه ملبيا

243
أن ذلك خصوص بذكر بعثه ملبيا ولا يقال ذلك في غيره أن يقول مثل ذلك في الشهداء بأحد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لشهداء أحد أنا شهيد على هؤلاء وخصهم بترك الغسل
قال أبو عمر القول بهذا خلاف على الجمهور وهو يشبه الشذوذ والقول بترك غسلهم أولى لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد وغيرهم
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو داود حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر قال رمي رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات فأدرج في ثيابه كما هو قال ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما الصلاة عليهم فإن العلماء اختلفوا في ذلك واختلف فيه الآثار فذهب مالك والليث والشافعي وأحمد وداود إلى أن لا يصلى عليهم لحديث الليث عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قتلى أحد على ما تقدم ذكره
وقال فقهاء الكوفة والبصرة والشام يصلى عليهم ورووا آثارا كثيرة أكثرهم مراسيل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة وعلى سائر شهداء أحد
وأجمع العلماء على أن الشهيد إذا حمل حيا ولم يمت في المعترك وعاش أقل شيء فإنه يصلى عليه كما صنع بعمر رضي الله

244
عنه واختلفوا في غسل من قتل مظلوما كقتيل الخوارج وقطاع السبيل واللصوص وما أشبه ذلك ممن قتل مظلوما فقال مالك لا يغسل إلا من قتله الكفار ومات في المعترك هذا وحده وأما من قتل في فتنة أو ثائرة أو قتله اللصوص أو البغاة أو قتل قودا أو قتل نفسه وكل مقتول غير المقتول في المعترك قتيل الكفار فإنه يغسل ويصلى عليه
وقال أبو حنيفة والثوري كل من قتل مظلوما لم يغسل ولكنه يصلى عليه وعلى كل شهيد وهو قول سائر أهل العراق
ورووا من طرق كثيرة صحاح عن زيد بن صوحان أنه قال لا تنزعوا عني ثوبا ولا تغسلوا عني دماء وادفنوني في ثيابي وقد روي عنه إلا الخفين
وقتل زيد بن صوحان يوم الجمل وثبت عن عمار بن ياسر أنه قال مثل قول زيد بن صوحان وقتل عمار بصفين سنة سبع وثلاثين وصلى عليه علي ولم يغسله
وروى هشام بن حسان عن محمد بن سيرين في خبر حجر بن عدي بن الأدبر أنه قال لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دماء وادفنوني في ثيابي فإني لاق معاوية بالجادة وإني مخاصم
وللشافعي في ذلك قولان أحدهما يغسل جميع الموتى إلا من قتله أهل الحرب والآخر لا يغسل قتيل البغاة
وقول أحمد بن حنبل في هذا الباب كله كقول مالك سواء

245
وروى شعبة والثوري ومسعر بمعنى واحد عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن سعد بن عبيد القاري وهو أبو زيد قال يوم القادسية إني مستشهد غدا فلا تغسلوا عني دما ولا تنزعوا عني ثوبا
وسئل مكحول عن الشهيد أيصلى عليه قال نعم وينزع عنه كل خف ومنطقة وخاتم وجلد إلا الفرو فإنه من ثيابه ولا ينزع عنه شيء من ثيابه ولا يزاد عليه ثوب إلا أن تضم عليه ثيابه بثوب يلفونه به قال مكحول فإن لم يقتل قعصا ولم يجهز عليه وبات وطعم ثم مات نزعت عنه ثيابه وطهر وهو قول فقهاء الشام الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وجماعتهم
قال أبو عمر غسل الموتى قد ثبت بالإجماع ونقل الكافة فواجب غسل كل ميت إلا من أخرجه إجماع أو سنة ثابتة وهذا قول مالك والله الموفق للصواب

246
حديث ثامن عشر من البلاغات
708 مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل على عائشة يوم مات سعد بن أبي وقاص فدعا بوضوء فقالت له عائشة يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار (2 5)
هذا الحديث يرويه سالم الدوسي وهو سالم بن عبد الله مولى دوس ويقال مولى النصريين ويقال مولى مالك بن أوس بن الحدثنان النصري وهو سالم سبلان فاختلف عليه فيه وقيل بل الاختلاف على يحيى بن أبي كثير في حديثه عن عائشة وهو حديث مدني حسن روي عن النبي من وجوه شتى
فأما حديث عائشة فحدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن شاذان الجوهري قال حدثنا عاصم بن علي قال حدثنا ابن أبي ذئب عن عمران بن بشير عن سالم سبلان قال خرجنا مع عائشة رحمها الله إلى مكة وكانت تخرج معها بأبي يحيى التيمي يصلي بها قال فأدركها عبد الرحمن ابن أبي بكر فأساء عندها الوضوء فقالت عائشة يا عبد الرحمن

247
أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار
وروى هذا الحديث يحيى بن أبي كثير عن سالم الدوسي فاختلف فيه على يحيى فرواه عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة قال حدثني سالم مولى المهري قال سمعت عائشة تنادي عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمع رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار
وذكره مسلم من رواية عكرمة أيضا عن يحيى عن أبي سلمة عن سالم مولى المهري قال خرجت أنا وعبد الرحمن بن أبي بكر في جنازة سعد بن أبي وقاص فمررنا على باب حجرة عائشة فذكر الحديث
ورواه أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن معيقب قال قال رسول الله ويل للأعقاب من النار وهذا خطأ والله أعلم والصواب في هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير ما رواه عنه الأوزاعي وحرب بن شداد وحسين المعلم وشيبان فإنهم اتفقوا فيه فرووه عن يحيى عن سالم عن عائشة لا ذكر فيه لأبي سلمة وليس حديث عكرمة بن عمار مما يرفع لأنه قد يجوز أن يكون يحيى ابن أبي كثير سمعه من أبي سلمة من سالم عن عائشة ثم سمعه من سالم فحدث به عنه عن عائشة فإن قال قائل إن المقبري رواه عن أبي سلمة عن عائشة قيل له يحتمل أن يكون أبو سلمة أرسله عن عائشة وهو قد سمعه من سالم عنها

248
فإن قيل إن ابن عجلان يقول فيه عن المقبري عن أبي سلمة أنه سمع عائشة تقول يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار
قيل له لم يقل ذلك عن ابن عجلان من يوثق بحفظه
حدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا الحميدي حدثنا سفيان عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال توضأ عبد الرحمن بن أبي بكر عند عائشة فقالت له يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار
فهذه الرواية عن ابن عجلان تدل والله أعلم على أنه لم يسمعه أبو سلمة من عائشة
وأما رواية أيوب بن عتبة عن يحيى عن أبي سلمة عن معيقب فخطأ لا شك فيه والله أعلم وأيوب بن عتبة ضعيف جدا والصواب فيه ما رواه الأوزاعي ومن تابعه ورواية عكرمة بن عمار غير مرفوعة في هذا والله أعلم
حدثنا محمد بن عبد الله بن حكم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا إسحاق ابن أبي حسان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا عبد الحميد بن حبيب قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى

249
ابن أبي كثير عن سالم الدوسي قال دخلت مع عبد الرحمن بن أبي بكر على عائشة فدعا بوضوء فقالت يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإن سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن يزيد المعلم قال حدثنا يزيد بن محمد قال حدثنا يزيد بن زريع وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن محمد البرتي قال حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث قالا حدثنا حسين قال حدثنا يحيى بن أبي كثير قال حدثني سالم زاد عبد الوارث بن عبد الله ثم اتفقا الدوسي قال دخلت أنا وعبد الرحمن أسبغ الوضوء فإن سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار
وحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن سالم مولى دوس أنه سمع عائشة تقول لعبد الرحمن فذكر مثله وقد روى هذا الحديث حيوة بن شريح قال أخبرنا أبو الأسود أن أبا عبد الله مولى شداد بن الهادي حدثه أنه دخل على عائشة وعندها عبد الله بن أبي بكر فذكر الحديث

250
وقد روى هذا الحديث عن النبي أبو هريرة من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ومن حديث شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة
حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى قال حدثنا عبيد الله بن محمد ابن حبابة قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة وكان يمر بنا والناس يتطهرون من المطهرة فيقول أسبغوا الوضوء فإن رسول الله قال ويل للعقب من النار
ورواه جابر من حديث أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة وعبيد الله بن مرثد أو ابن أبي مريد وسعيد بن أبي كريب عن جابر عن النبي إلا أنه اختلف فيه عن أبي إسحاق فطائفة ترويه عنه عن عبد الله بن خليفة وطائفة عن عبيد الله بن أبي مرثد وطائفة عن سعيد بن أبي كريب وكلهم ليس بالمشهور
ورواه عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيري من حديث الليث وابن لهيعة عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم سمع عبد الله ابن الحرث صاحب النبي (قال سمعت رسول الله) يقول ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار

251
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان وسعيد بن حميد قالا حدثنا يحيى بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث فذكره
وحدثنا عبد الوارث وأحمد بن قاسم قالا حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا الحرث ابن أبي أسامة حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا عبد الله بن لهيعة قال حدثني حيوة بن شريح
عن عقبة بن مسلم قال سمعت عبد الله بن الحرث صاحب النبي يقول سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار
ورواه ابن أبي مريم عن نافع بن بريد والليث فلم يذكر فيه بطون الأقدام حدثناه خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن جعفر حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا نافع بن يزيد والليث بن سعد قالا حدثنا حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحرث بن جزء قال سمعت رسول الله يقول ويل للأعقاب من النار
ورواه عبد الله بن عمرو من حديث منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو
رواه الثوري وغيره عن منصور وروي أيضا من حديث أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو عن النبي وروي من حديث جابر وأبي ذر وأبي أمامة عن النبي وفيها ضعف

252
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا أحمد بن محمد بن عبيد بن آدم حدثنا أبو معن ثابت بن نعيم حدثنا آدم ابن أبي إياس حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد ابن أبي كريب عن جابر بن عبد الله قال رأى رسول الله في قدم رجل نحو الدرهم لم يغسله فقال ويل للأعقاب من النار
واختلف فيه على أبي إسحاق وأصح حديث في هذا حديث في هذا الباب من جهة الإسناد حديث أبي هريرة وحديث عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيري وحديث عبد الله بن عمرو بن العاصي ثم حديث عائشة فهو مدني حسن
أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو قال رأى رسول الله قوما يتوضؤون فرأى أعقابهم تلوح فقال ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال تخلف رسول الله في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة صلاة العصر ونحن

253
نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا
قال أبو عمر في هذا الحديث من الفقه إيجاب غسل الرجلين وفي ذلك تفسير لقول الله عز وجل * (وأرجلكم إلى الكعبين) * 56 وبيان أنه أراد الغسل لا المسح وإن كانت قد قرئت * (وأرجلكم) * بالجر فذلك معطوف على اللفظ دون المعنى والمعنى فيه الغسل على التقديم والتأخير فكأنه قال عز وجل إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم
والقراءتان بالنصب والجر صحيحتان مستفيضتان والمسح ضد الغسل ومخالف له وغير أن تبطل إحدى القراءتين بالأخرى ما وجد إلى تخريج الجمع بينهما سبيل وقد وجدنا العرب تخفض بالجوار كما قال امرؤ القيس كبير أناس في بجاد مزمل فخفض بالجوار وإنما المزمل الرجل وإعرابه ههنا الرفع

254
وكما قال زهير لعب الزمان بها وغيرها بعدي سوافي المور والقطر قال أبو حاتم كان الوجه القطر بالرفع ولكن جره على جوار المور كما قالت العرب هذا جحر ضب خرب فجرته وإنما هو رفع (وخفضه بالمجاورة) ومن هذا قراءة أبي عمرو * (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس) * 5535 بالجر لأن النحاس الدخان فعلى ما ذكرنا تكون معنى القراءة بالجر النصب ويكون الخفض على اللفظ للمجاورة والمعنى الغسل وقد يراد بلفظ المسح الغسل عند العرب من قولهم تمسحت للصلاة والمراد الغسل ويشير إلى هذا التأويل كله قول النبي ويل للأعقاب من النار
وعلى هذا القول والتأويل جمهور علماء المسلمين وجماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق والشام من أهل الحديث والرأي وإنما روي مسح الرجلين عن بعض الصحابة وبعض التابعين وتعلق به الطبري وذلك غير صحيح في نظر ولا أثر
والدليل على وجوب غسل الرجلين قوله ويل للأعقاب من النار فخوفنا بذكر النار من مخالفة مراد الله عز وجل ومعلوم أنه لا يعذب بالنار إلا على ترك الواجب ألا ترى إلى ما في حديث عبد الله بن عمر فرأى أعقابنا تلوح فقال ويل للأعقاب من النار
وأوضح من هذا ما في حديث عبد الله بن الحرث ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار
ومعلوم أن المسح ليس شأنه

255
الاستيعاب ولا خلاف بين القائلين بالمسح على الرجلين أن ذلك على ظهورهما لا على بطونهما فتبين بهذا الحديث بطلان قول من قال بمسح القدمين إذ لا مدخل لمسح بطونهما عندهم وأن ذلك إنما يدرك بالغسل لا بالمسح ودليل آخر من الإجماع وذلك أنهم أجمعوا على أن من غسل قدميه أدى الواجب الذي عليه
واختلفوا فيمن مسح قدميه فاليقين ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه وقد اتفقوا أن الفرائض إنما يصلح أداؤها باليقين وإذا جاز عند من قال بالمسح على القدمين أن يكون من غسل قدميه قد أدى الفرض عنده فالقول في هذا الحال بالاتفاق هو اليقين مع قوله ويل للأعقاب من النار
وقد قيل إن من قرأ * (وأرجلكم) * بالخفض أراد به المسح على الخفين مع ما روي في ذلك من الآثار والله أعلم
وذكر أشهب عن مالك أنه سئل عن قول الله عز وجل * (وأرجلكم إلى الكعبين) * في آية الوضوء أبالنصب أم بالخفض فقال هو الغسل ولا يجزي المسح
قال أبو عمر من قرأ بالنصب فصل بين المسح والغسل بالإعراب فكأنه قال اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وكأن ذلك أشبه بفعل النبي وبأمره فأما فعله فما نقل الجمهور كافة عن

256
كافة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يغسل رجليه في وضوئه مرة واثنتين وثلاثا حتى ينقيهما
وأما أمره فقوله ويل للأعقاب من النار وقد جاء عنه ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار وويل للعراقيب من النار
ولو لم يكن الغسل واجبا ما خوف من لم يغسل عقبيه وعرقوبيه بالنار لأن المسح ليس من شأنه الاستيعاب ولا يبلغ به العراقيب ولا الأعقاب
قال أبو عمر العرقوب هو مجمع مفصل الساق والقدم والكعب هو الناتىء في أصل الساق يدلك على ذلك حديث النعمان بن بشير قال أقبل (علينا) رسول الله بوجهه فقال أقيموا صفوفكم قال فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه
والعقب هو مؤخر الرجل تحت العرقوب
وقد ذكرنا اختلاف العلماء في الكعبين وأوضحنا المذاهب عن العرب وأهل العلم في العرقوب والكعب في باب عمرو بن يحيى والحمد لله
وقال ابن وهب عن مالك ليس على أحد تخليل أصابع رجليه في الوضوء ولا في الغسل ولا خير في الجفاء والغلو
قال ابن وهب تخليل أصابع رجليه في الوضوء مرغب فيه ولا بد من ذلك في أصابع

257
اليدين وأما أصابع رجليه فإن لم يخللها فلا بد من إيصال الماء إليها
وقال ابن القاسم عن مالك من لم يخلل أصابع رجليه فلا شيء عليه
وقال محمد بن خالد عن ابن القاسم عن مالك فيمن توضأ على نهر فحرك رجليه أنه لا يجزيه حتى يغسلهما بيديه
قال ابن القاسم وإن قدر على غسل إحداهما بالأخرى أجزاه
قال أبو عمر يلزم من قال إن الغسل لا يكون إلا بمرور اليدين أن يقول إنه لا يجزيه أن غسل إحداهما بالأخرى ويلزمه أن يقول تخليل أصابع اليدين والرجلين لأن الأمر بغسلهما واحد
وقد روي عن النبي أنه كان إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره وهذا عندنا على الكمال
وقد مضى في صفة الغسل من الجنابة في باب هشام بن عروة من هذا الكتاب ما يستدل به على معنى هذا الباب ومضى في باب عمرو ابن يحيى من هذا الكتاب أيضا القول في غسل المرفقين مع اليدين والكعبين مع الرجلين فلا معنى لإعادة ذلك ههنا
وقد كان مالك رحمه الله في آخر عمره يدلك أصابع رجليه بأصابع يديه لحديث حدثه ابن وهب (ذكر أحمد بن وهب) قال

258
حدثني عمي عبد الله بن وهب قال سئل مالك عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال أليس ذلك على الناس فأمهلته حتى خف الناس عنه ثم قلت له يا أبا عبد الله سمعتك تفتي في مسألة عندنا فيها سنة قال وما هي قلت حدثنا ابن لهيعة والليث بن سعد عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد ابن شداد القرشي قال رأيت رسول الله يتوضأ فيخلل بختصره ما بين أصابع رجليه
قال فقال لي مالك إن هذا لحسن وما سمعت به قط إلا الساعة
قال ابن وهب ثم سمعته بعد ذلك يسأل عن تخليل الأصابع في الوضوء فيأمر به
وروى غيره عن ابن وهب فرأيته يعمل به ولم يقل بأمره

259
حديث تاسع عشر من البلاغات
808 مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت آستأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة وأنا معه في البيت فقال رسول الله بئس ابن العشيرة ثم أذن له قالت عائشة فلم أنشب أن سمعت ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم معه فلما خرج الرجل قلت يا رسول الله قلت فيه ما قلت ثم لم تنشب أن ضحكت معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من شر الناس من اتقاه الناس لشره (47 4)
وهذا الحديث عند طائفة من رواة الموطأ عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عائشة ولم يذكر يحيى وجماعة معه يحيى ابن سعيد في هذا الحديث وقد روي عن عائشة من وجوه صحاح من حديث عبد الله بن دينار عن عروة عن عائشة ومن حديث مجاهد عن عائشة ومن حديث ابن المنكدر عن عروة عن عائشة وهو حديث مجتمع على صحته وأصح أسانيده محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الخصيب القاضي الخصيبي بمصر قال حدثنا جعفر بن محمد الفرياني قال حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر

260
المديني قال حدثنا سفيان بن عيينة قال سمعت محمد بن المنكدر يقول حدثني عروة بن الزبير أنه سمع عائشة تقول استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة فلما دخل ألان له القول فلما خرج قلت يا رسول الله قلت الذي قلت ثم ألنت له القول فقال يا عائشة إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس اتقاء فحشه
قال ابن المنكدر لا أدري قال تركه الناس أو ودعه الناس قال سفيان فعجبت من حفظ ابن المنكدر
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثني الترمذي قال حدثني الحميدي وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قالا حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا محمد بن المنكدر أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن عائشة أنه سمعها تقول استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذنوا له فبيس ابن العشيرة أو قال أخو العشيرة فلما دخل ألان له القول فلما خرج قلت له يا رسول الله قلت الذي قلت ثم ألنت له القول
فقال يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه

261
قال الحميدي قال سفيان فقلت لمحمد بن المنكدر وأنت لمثل هذا تشك في هذا الحديث
قال أبو عمر يعني قوله بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة وقوله تركه أو ودعه الناس أي إن مثل هذا لا يسأل عنه ومن هذا الباب قوله عليه السلام مداراة الناس صدقة
ويقال إن الرجل الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ابن العشيرة عيينة بن بدر الفزاري والله أعلم
حدثنا خلف بن القاسم حدثنا أبو طالب العباس بن أحمد بن سعيد بن مقاتل بن صالح مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال حدثنا محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي قال حدثني موسى ابن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد قال حدثني أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن حسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شرار الناس عند الله الذين يكرمون اتقاء شرهم
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا بكر بن عبد الرحمن العطار بمصر قال حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح بن صفوان حدثنا أبو

262
صالح عبد الله بن صالح حدثني ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شرار الناس الذين يتقون بغير سلطان

263
حديث موفي عشرين من البلاغات
908 مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم تقول وأيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (18 18)
وهذا الحديث يتصل ويستند عن عائشة من وجوه صحاح والحمد لله فنذكر منها ما حضرنا مما فيه كفاية إن شاء الله
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن عبيد الله بن عمر قال سمعت القاسم بن محمد يحدث عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وهو في رمضان صائم قال ثم تقول عائشة وأيكم كان أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحدثنا عبد الوارث وسعيد بن نصر قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وهو صائم وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك أربه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال

264
حدثنا ابن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد أن ابن شهاب حدثه عن عروة عن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم قالت عائشة وأيكم كان أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر رواه ابن أبي ذئب ومعمر وعقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة
وقد رواه هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة فدل على أن الحديث لعروة عن عائشة كما هو للقاسم عن عائشة ولعلقمة عن عئشة وللأسود عن عائشة
وقد رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رواه مالك وغيره عن هشام وقد ذكرناه في هشام بن عروة من هذا الكتاب والحمد لله
أخبرنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة قال خرجنا حجاجا فتذاكر القوم الصائم يقبل فلما قدمنا المدينة دخلنا على عائشة فقالوا لي يا أبا شبل سلها فقلت لا أرفث عندها سائر اليوم فسمعت مقالتهم فقالت ما كنتم تقولون إنما أنا أمكم قالوا يا أم المؤمنين الصائم يقبل فقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه

265
أخبرنا عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا الحسن بن يحيى القاضي قال حدثنا عبد الله بن علي بن الجارود قال حدثنا محمد بن آدم قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه أملك لإربه
قال أبو عمر قولها أملك لإربه يعني أملك لنفسه ولشهوته وقد اختلف العلماء في كراهية القبلة للصائم على حسب ما قدمنا ذكره مبسوطا في باب زيد بن أسلم من هذا الكتاب فلا وجه لإعادته ههنا
وقد احتج بعض من كره القبلة للصائم بقول عائشة هذا وأيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتوى عائشة بجواز القبلة (للصائم) دليل على أن ذلك مباح لكل من أمن على نفسه إفساد صومه
ذكر مالك عن أبي النضر عن عائشة بنت طلحة أنها كانت عند عائشة فدخل عليها زوجها هنالك وهو عبد الله بن عبد الرحمن

266
ابن أبي بكر الصديق وهو صائم فقالت له عائشة ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها فقال أقبلها وأنا صائم قالت نعم وهي التي روت الحديث وعلمت مخرجه ومن خاف على أمة محمد ما لم يخفه عليها نبيها فقد جاء من التعسف بما لا يخفى ولما كان التأسي به مندوبا إليه استحال أن يأتي منه ما يكون خصوصا أو يسكت عليه وقد مضى من هذا الباب والمعنى ما فيه شفاء في باب زيد بن أسلم عن عطاء والحمد لله
وأما حديث مالك أنه بلغه أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول كسر عظم المسلم ميتا ككسره حيا تعني في الإثم فقد مضى ذكره في باب أبي الرجال من هذا الكتاب
وذكرنا هناك من أسنده ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عند حديثه في المختفي النباش وصلى الله على محمد

267
حديث حاد وعشرون من البلاغات
18018018 018 مالك أنه بلغه أن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي يموت حتى يخير قالت فسمعته يقول اللهم الرفيق الأعلى فعرفت أنه ذاهب (16 46)
قال أبو عمر قد روى عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها وأصغت إليه يقول اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق
وهذا يكاد أن يكون ذلك المرسل إلا ذكر التخيير وقد روى هذا الحديث مسندا من وجه صحيح من حديث أهل المدينة ذكر التخيير والحديث كله
حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله قراءة مني عليه أن أبا الفضل جعفر بن محمد بن يزيد الجوهري حدثه إملاء عليهم بمصر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة قال حدثنا محمد بن عبدان بن عبد الغفار بمكة قال حدثنا أبو مروان يعني محمد بن عثمان قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عروة عن عائشة قالت سمعت

268
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من نبي مرض إلا خير بين الدنيا والآخرة
قالت ولما كان في مرضه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة فسمعته يقول * (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * 469 فعلمت أنه خير
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن عروة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله سواء هذا تفسير قوله وألحقني بالرفيق وقوله اللهم الرفيق الأعلى
وقد روي من وجوه أن الله عز وجل خيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة من حديث مالك وغيره وخير بين أن يؤتى مفاتيح خزائن الأرض أو ما عند الله فاختار ما عند الله والآثار في ذلك كثيرة صحاح وإنما ذكرنا في هذا الباب حديث عائشة فقط على حسب بلاغ مالك عنها وقد روى مالك في أن النبي صلى الله عليه وسلم خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار ما عنده خبرا متصلا ثابتا من غير حديث عائشة
أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا الحسن بن الخضر قال حدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا عبد الملك بن عبد الحميد قال حدثنا القعنبي وأخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا أحمد ابن محمد المكي قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا القعنبي

269
قال قرأت على مالك بن أبي النضر عن عبيد بن حنين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله قال فعجبنا له وقلنا انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير وهو يقول فديناك بآبائنا وأمهاتنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به

270
حديث ثان وعشرون من البلاغات
118 مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لم يجد ثوبين فليصل في ثوب واحد ملتحفا به فإن كان الثوب قصيرا فليتزر به
وهذا الحديث محفوظ عن جابر من رواية أهل المدينة حدثناه عبيد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن الفضل السجستاني قالوا حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حرزة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال أنبأنا جابر بن عبد الله قال سرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقام يصلي وكانت علي بردة ذهبت أخالف بين طرفيها فلم تبلغ بي وكانت لها ذباذب فنكستها ثم خالفت بين طرفيها ثم تراقصت عليها لا تسقط ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه فجاء ابن صخر حتى قام

271
عن يساره فأخذنا بيديه جميعا حتى أقامنا خلفه قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني وأنا لا أشعر ثم فطنت به فأشار إلي أن أتزر بها فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا جابر قلت لبيك يا رسول الله قال إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه وإن كان ضيقا فاشدده عليك
وقد روي هذا الحديث عن جابر من طرق وري هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه وقد ذكرنا الآثار بذلك في باب ابن شهاب عن سعيد بن المسيب
وفي هذا الحديث دليل على أن الواجب ستره في الصلاة العورة فقط وقد ذكرنا مذاهب العلماء في العورة من الرجل والمرأة مع سائر أحكام هذا الباب في باب ابن شهاب المذكور والحمد لله فلا وجه لإعادة ذلك ههنا
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال عمر إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن إلا ثوب فليتزر به ولا يشتمل اشتمال اليهود

272
حديث ثالث وعشرون من البلاغات
(218) مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا عاد الرجل المريض خاض الرحمة حتى إذا قعد عنده قرت فيه أو نحو هذا (50 18)
وهذا حديث محفوط عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر كما قال مالك ولا يحفظ أيضا من حديث أنس ومن حديث عمرو بن حزم وغيرهم وحديث عمرو بن حزم كحديث جابر سواء ونذكر ههنا حديث جابر خاصة وهو حديث مدني صحيح
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي قال حدثنا بكر بن بكار حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال حدثتني أمي مندوس بنت علي قالت مرض عمر بن الحكم فعاده أهل المسجد فقال عمر بن الحكم سمعت جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا خاض الرحمة فإذا جلس عنده استنقع فيها فإذا خرج من عنده خاض الرحمة حتى يرجع إلى بيته
وهذا الحديث رواه الواقدي قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر سمع عمر بن الحكم قال سمعت جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول

273
الله صلى الله عليه وسلم يقول من عاد مريضا خاص الرحمة حتى إذا قعد استقر فيها
حدثناه أحمد بن قاسم قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا محمد بن عمر الواقدي فذكره وهو خطأ من الواقدي ولم يسمعه عبد الحميد من عمر بن الحكم وإنما رواه عن أمه عنه والله أعلم والواقدي ضعيف عند أكثرهم
وقد رواه هشيم عن عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يقل إن عبد الحميد سمعه من عمر بن الحكم كما قال الواقدي وحديث هشيم ذكره أبو بكر ابن أبي شيبة ويحيى بن معين عن هشيم
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن محمد بن المفسر حدثنا أحمد بن علي بن سعيد حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشيم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن حكم بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا لم يزل يخوض الرحمة حتى يجلس فإذا جلس انغمس فيها
وذكر البزار قال حدثنا زيد بن أحزم قال حدثنا عبد الله بن حمدان قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال في آخره فإذا جلس عنده غمرته

274
ولا أحفظ لحديث جابر في هذا غير هذا الإسناد ولا أعلم لجابر حديثا في عيادة المريض غير هذا إلا ما رواه محمد بن المنكدر عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني ليس براكب بغلا ولا برذونا ذكره أبو داود عن أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر
وفي فضل العيادة آثار كثيرة رواها جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم منهم علي وابن عباس وأبو أيوب وأبو موسى وعائشة وأنس وأبو سعيد الخدري وثوبان ولكنها بغير لفظ حديث مالك هذا وبغير معناه
أخبرنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا ابن وضاح حدثنا أبو بكر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال جاء أبو موسى يعود الحسن بن علي وكان شاكيا فقال علي أعائدا جئت أم شامتا قال بلى عائدا فقال علي أما إذ جئت عائدا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح
وأما لفظ حديث مالك ففي حديث جابر على حسبما ذكرنا من رواية عبد الحميد بن جعفر ومثله حديث أنس قال سمعت رسول

275
الله صلى الله عليه وسلم يقول عائد المريض يخوض الرحمة فإذا جلس غمرته
وليس إسناد حديث أنس بالقوي
وأما لفظ حديث عمرو بن حزم فبلفظ حديث جابر هذا وفي هذا الحديث فضل عيادة المريض وهذا على عمومه في الصالح وغيره وفي المسلم وغيره والله أعلم
وقد عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كافرا وقد كره بعض أهل العلم عيادة الكافر لما في العيادة من الكرامة وقد أمرنا أن لا نبدأهم بالسلام فالعيادة أولى أن لا تكون فإن أتونا فلا بأس بحسن تلقيهم لقول الله عز وجل * (وقولوا للناس حسنا) * 283 دخل فيه الكافر والمؤمن ولقوله صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم كريم قوم أو كريمة قوم فأكرموه
وقد أكثر الناس في هذين المعنيين وقد كان طاوس من يسلم على كل من لقي من مسلم وذمي ويقول هي للمسلم تحية وللكافر ذمة
وعلى هذا الحديث وعمومه لا بأس بالعيادة في كل وقت وقد كرهها طائفة من العلماء في أوقات
قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل وقال له شيخ كان يخدمه تجيء إلى فلان مريض سماه يعوده وذلك عند ارتفاع النهار في الصيف فقال ليس هذا وقت عيادة
وقال

276
الأثرم حدثنا أبو الوليد قال حدثنا مندل بن علي عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال عيادة حمقى القرى أشد على أهل المريض من مرض صاحبهم يجيئون في غير حين عيادة ويطيلون الجلوس
قال أبو عمر لقد أحسن ابن حذار في نحو هذا حيث يقول إن العيادة يوم بين يومين واجلس قليلا كلحظ العين بالعين لا تبرمن مريضا في مساءلة يكفيك من ذاك تسأل بحرفين ذكر الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا أبو سعيد الجعفي قال حدثنا ضمرة قال حدثني الأوزاعي قال خرجت إلى البصرة أريد محمد بن سيرين فوجدته مريضا به البطن فكنا ندخل عليه نعوده قياما
حدثنا أحمد بن عمر قال حدثنا عبد الله بن محمد بن علي قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا محمد بن إسحاق السجزي قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال أفضل العيادة أخفها
وقال ابن وضاح في تفسير الحديث أفضل العيادة أخفها قال هو أن لا يطول الرجل في القعود إذا عاد المريض

277
حديث رابع وعشرون من البلاغات
318 مالك أنه بلغه عن عبد الله بن عمر أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (14 12)
وهذا الحديث يرويه جماعة عن ابن عمر منهم سالم ونافع وحبيب بن أبي ثابت ومجاهد وبلال بن عبد الله بن عمر
وقد ذكرنا آثار هذا الباب في باب يحيى بن سعيد من هذا الكتاب عند قول عائشة لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المسجد
ومضى هنالك من مذاهب العلماء في خروج النساء إلى المسجد ما فيه شفاء وإشراف على هذا الشأن في ذلك والحمد لله ونذكر هاهنا ما حضرنا ذكره من مسند حديث عبد الله بن عمر خاصة في هذا الباب بعون الله
حدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا ابن وضاح حدثنا ابن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال

278
أخبرنا نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله
حدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله
وقرأت على أحمد بن قاسم بن عيسى رحمه الله أن عبيد الله ابن محمد بن حبابة حدثهم قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثنا عبد الله بن الهيثم العبدي حدثنا سعيد بن عامر وحدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى أيضا قال حدثنا ابن حبابة حدثنا البغوي قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا ابن عباد وحدثنا أحمد بن قاسم قال حدثنا ابن حبابة قال حدثنا البغوي قال حدثنا عمي قال حدثنا مسلم قالوا حدثنا شبعة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا نساءكم المساجد
قال البغوي هكذا رواه غير واحد عن شعبة إلا أن نصر بن علي حدثنا به عن أبيه عن شعبة بإسناده وزاد فيه بالليل

279
قال أبو عمر قد ذكرنا من قال فيه بالليل في باب يحيى بن سعيد والأسانيد التي ذكرنا هناك أرفع وكلها ثابتة صحاح والحمد لله
حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى قال حدثنا عبيد الله بن حبابة وحدثنا عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا أحمد بن سليمان الجريري قالا حدثنا البغوي قال حدثنا أبو الربيع الزهراني قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا النساء المساجد
وفي حديث عبد الرحمن بن مروان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله أن يصلين في المساجد
حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقرئ قال حدثنا إدريس بن علي ابن إسحاق ببغداد قال حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في جماعة فقيل لها لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار قالت فما يمنعه أن ينهاني قالوا يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي قال حدثنا أبو الوليد عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا أبي قال حدثني عرابي بن معاوية عن عبد الله بن هبيرة

280
اللبائي قال حدثني بلال بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر قال يوما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد
فقلت أنا أما أنا فسأمنع أهلي فمن شاء فليسرح أهله فالتفت إلي فقال لعنك الله لعنك الله لعنك الله تسمعني أقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ألا يمنعن ثم قام مغضبا
وروى الثوري عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذنوا للنساء في المساجد بالليل فقال ابنه وذكر معنى حديث بلال
وحدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا الميمون بن حمزة قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال أخبرنا سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها
وفي هذا الحديث من الفقه جواز خروج المرأة إلى المسجد لشهود العشاء بالليل لأنها زيادة حافظ وقد يدخل في ذلك كل صلاة لعموم لفظ الأحاديث في ذلك وأن المعنى واحد
وفي معنى هذا الحديث أيضا الإذن لها في الخروج لكل مباح حسن من زيارة الآباء والأمهات وذوي المحارم من القرابات لأن الخروج لهن إلى المسجد ليس بواجب عليهن بل قد جاءت الآثار الثابتة تخبر بأن الصلاة لهن في بيوتهن أفضل فصار الإذن لهن إلى المسجد وإذا لم يكن للرجل أن

281
يمنع امرأته المسجد إذا استأذنته في الخروج إليه كان أوكد أن يجب عليه أن لا يمنعها الخروج لزيارة من في زيارته صلة لرحمها ولا من شيء لها فيه فضل أو إقامة سنة وإذا كان ذلك كذلك فالإذن ألزم لزوجها إذا استأذنته في الخروج إلى بيت الله الحرام للحج
وقد أوضحنا ما للعلماء في هذا المعنى في باب سعيد بن أبي سعيد والحمد لله
وقد احتج بعض أصحابنا وغيرهم في إيجاب الإذن للمرأة على الزوج في الخروج إلى أداء فريضة الحج بقوله عز وجل * (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) * 2114 الآية وفيما ذكرناه في باب سعيد بن أبي سعيد كفاية والحمد لله

282
حديث خامس وعشرون من البلاغات مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للملوك طعامه
وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق
وهذا الحديث محفوظ مشهور من حديث أبي هريرة وقد رواه مالك مسندا عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة إلا أنهم قد تكلموا في إسناده هذا وقد روي من حديث الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس دون الزهري من يحتج به فأما حديث مالك عن ابن عجلان في ذلك فحدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن قاسم قال حدثنا حفص بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مالك بن أنس عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعبد طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق

283
قال أبو داود هذا الحديث إنما يرويه ابن عجلان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ولكن هكذا قال مالك
قال أبو عمر هو كما قال أبو داود إلا أنا قد وجدنا الثوري تابع مالكا على ذلك حدثنا سعيد بن نصر حدثنا أحمد بن دحيم حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا الحسين بن الحسن المروزي حدثنا ابن المبارك أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق
حدثنا أحمد بن فتح حدثنا حمزة بن محمد حدثنا عبد الله بن علي النيسابوري حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مالك بن أنس عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
وحدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد حدثنا أبي حدثنا محمد بن قاسم حدثنا مالك بن عيسى الحافظ قال وحدثناه الفضل بن الحسن البهراني حدثنا محمد بن عامر حدثنا أبي عن النعمان عن

284
مالك عن ابن عدلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
قال أبو عمر هذا الحديث لم يكن يعرف مسندا من حديث مالك إلا برواية إبراهيم بن طهمان عنه وقد ذكره مالك بن عيسى وكان محدثا محسنا من طريق النعمان عن مالك ولا أدري من النعمان هذا لأنه لم ينسبه وربما كان النعمان بن راشد فإن كان النعمان بن راشد فهو في قصد مالك لروايته عن الزهري ولا أدري من هو
وأما الحديث فمحفوظ معروف من حديث ابن عجلان عن بكير عن عجلان عن أبي هريرة هكذا يرويه الناس وهو طريقه المعروف إلا أن مالكا والثوري قد روياه عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة كما رأيت وأما غيرهما فإنما يروونه عن ابن عجلان عن بكير بن الأشج عن العجلان عن أبي هريرة
أخبرنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال أخبرنا محمد بن عجلان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عجلان أبي محمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق

285
أخبرنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا الميمون بن حمزة قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المدني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة قال حدثنا ابن عجلان عن بكير بن الأشج عن عجلان أبي محمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان قال أخبرنا بكير بن عبد الله ابن الأشج عن عجلان يعني أبا محمد بن عجلان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمملوك كسوته وطعامة ولا يكلف من العمل ما لا يطيق
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني ابن عجلان عن بكير بن عبد الله بن الأشج أن العجلان أبا محمد حدثه قبل وفاته أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق
وكذلك رواه سعيد بن أبي أيوب وعبد العزيز الدراوردي قالا حدثنا محمد بن عجلان عن بكير بن عبد الله عن العجلان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو عمر لم يقل واحد منهم عن ابن عجلان في هذا الحديث بالمعروف إلا مالك وحده فإنه قال فيه بالمعروف وهي لفظة حسنة تحتمل

286
التأويل وقد جعلها قوم معارضة لقوله عليه السلام أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وهذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة من حديث ابن عباس وعبادة وأبي ذر وغيرهم وأحسنها حديث أبي ذر وغيرها مختلف في ألفاظها وأسانيدها
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا عيسى بن يونس
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن عبد السلام قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن المعروف بن
سويد قال دخلنا على أبي ذر بالربذة فإذا عليه برد وإذا على غلامه مثله فقلنا يا أبا ذر لو أخذت برد غلامك إلى بردك فكانت حلة وكسوته ثوبا غيره فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليكسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه مما يغلبه فليغنه وهذا لفظ حديث عيسى بن يونس وحديث أبي معاوية مثله بمعناه سواء إلا أنه لم يقل فإن كلفه ما يغلبه فليعنه وقال من جعل قوله بالمعروف معارضا لقوله أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون قالوا المعروف أن العبد لا يساوي سيده في مطعم ولا ملبس وحسبه أن يكسوه ويطعمه ما يعرف لمثله من المطعم والملبس قالوا وقوله أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون هو أمر معناه الندب

287
والاستحسان وليس ذلك عليهم بواجب وعلى هذا مذهب العلماء قديما وحديثا لا أعلم بينهم فيه اختلافا ومما يدل على صحة ما ذكرنا ما حدثناه عبد الرحمان بن يحيى بن محمد قال حدثنا عمر ابن محمد بن أحمد بن عبد الرحمان القرشي الجمحي بمكة قال حدثنا علي بن عبد العزيز البغوي قال حدثنا القعنبي قال حدثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صنع لأحدكم خادمه طعاما وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه فليأكل فإن كان الطعام قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين قال داود يعني لقمة أو لقمتين
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن الهيثم قال حدثنا الحنيني عن داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء خادم أحدكم بطعامه قد ولي حره ودخانه فليقل له اجلس فإن أبى فليتناوله لقمة أو لقمتين وأشار الحنيني بيده وهذا يدل على أنه ليس عليه أن يكون طعامه وطعام غلامه واحدا سواء فإن فعل فقد أحسن وإن لم يفعل فلا حرج والذي أحب له أن لا يخيبه مما يتناول له عمله ويقدمه بين يديه
وفي حديث هذا الباب أيضا دليل على وجوب نفقة المماليك على مالكيهم وأجمع العلماء على أن نفقة المماليك واجبة على ساداتهم بالمعروف صغارا كانوا أو كبارا زمنى كانوا أو أقوياء يلزم السيد

288
النفقة على مملوكه ويجبر على ذلك لأنه له من الإنفاق أو البيع أو العتق وللسيد أن يستعمل عبده وأمته في كل ما يطيق كل واحد منهما ويحسنه ويخارجه في ذلك إن شاء
ومن الدليل على وجوب نفقة المملوك على سيده حديث أبي هريرة في ذلك حدثناه أحمد بن فتح قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو النعمان عارم بن الفضل قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عاصم ابن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الصدقة ما أبقى غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول ثم اتبع الحديث تقول امرأتك أنفق علي أو طلقني ويقول مملوكك أنفق علي أو بعني ويقول ولدك إلى من تكلني فهذا بين في وجوب نفقات الزوجات والبنين والمماليك وليس في وجوب نفقة المماليك ذكرانا كانوا أو إناثا بالمعروف اختلاف على قدر حال المملوك أو المملوكة
أخبرنا عبد الرحمان حدثنا علي حدثنا أحمد حدثنا سحنون حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال لا يتصدق المملوك من مال سيده بشيء له بال إلا بإذنه وكذلك لا يصيب من ماله شيئا إلا بإذنه ولا أرى عليه بأسا أن يسقى من لبن ماشيته إذا وليها ظمآنا يمر به وأن ينبل من ذلك بالمعروف من غشيه قال يونس وسألت ربيعة عن ذلك فقال لا إلا من الطعام يأكله أو نحوه ولا بأس عليه إن ولي لسيده حائطا فأتاه مسكين أن يناوله القبضة ونحوها

289
حديث سادس وعشرون من البلاغات
518 مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما بيعين تبايعا فالقول البائع أو يترادان (31 80)
هكذا قال مالك في هذا الحديث أيما بيعين تبايعا ولم يقل فاختلفا وهي لفظة مدار الحديث عليها ومن أجلها ورد وسقطت لمالك كما ترى وفي قوله فيه فالقول قول البائع دليل على اختلافهما والله أعلم
وهذا الحديث محفوظ عن ابن مسعود كما قال مالك وهو عند جماعة العلماء أصل تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيرا من فروعه واشتهر عندهم بالحجاز والعراق شهرة يستغنى بها عن الإسناد كما اشتهر عندهم قول عليه السلام لا وصية لوارث
ومثل هذا من الآثار التي قد اشتهرت عند جماعة العلماء استفاضة يكاد يستغنى فيها عن الإسناد لأن استفاضتها وشهرتها عندهم أقوى من الإسناد

290
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا الميمون بن حمزة الحسيني قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع والمبتاع بالخيار وهذا مرسل لأن عونا لم يسمع من ابن مسعود
وحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع والمبتاع بالخيار
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا محمد بن بكر ابن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثني أبي عن الأعمش قال أخبرني عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده قال اشترى الأشعث رقيقا من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفا فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم فقال إنما أخذتهم بعشرة آلاف فقال عبد الله فاختر رجلا يكون بيني وبينك
قال الأشعث أنت بيني وبين نفسك قال عبد الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول

291
رب السلعة أو يتتاركان هكذا في كتابي في مصنف أبي داود وذكره ابن الجارود عن محمد بن يحيى عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن أبي العميس عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده مثله سواء
ولأبي العميس يعرف هذا الحديث عن عبد الرحمن هذا لا عن الأعمش وعبد الرحمن هذا غير معروف بحمل العلم وهذا الإسناد ليس بحجة عند أهل العلم ولكن هذا الحديث عندهم مشهور ومعلوم والله أعلم
وحدثنا عبد الله بن ممد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داودقال حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال حدثنا هشيم أخبرنا ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابن مسعود باع من الأشعث بن قيس رقيا
فذكر معناه والكلام يزيد وينقص
هكذا رواه ابن أبي ليلى وعمر بن قيس الماصر عن القاسم ابن عبد الرحمن عن أبيه وعمر بن قيس الماصر هذا كوفي ثقة روى عنه ابن عون
وغيره
ذكر العقيلي قال حدثنا محمد بن إدريس قال حدثنا محمد بن سعيد بن سابق عن عمرو بن أبي قيس عن عمر بن قيس الماصر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال

292
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبايع المتبايعان بيعا ليس بينهما شهود فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا حماد عن أبان بن تغلب عن القاسم بن عبد الرحمن أن الأشعث اشترى من عبد الله رقيقا من رقيق الإمارة فأتاه فقاضاه فاختلفا في الثمن فقال له عبد الله أترضى أن أقضي بيني وبينك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع أو يترادان
ورواه حجاج عن ابن جريج قال أخبرني إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيدة قال حضرنا أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود فذكر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه
قال أبو عمر هذا الحديث وإن كان في إسناده مقال من جهة الانقطاع مرة وضعف بعض نقلته أخرى فإن شهرته عند العلماء بالحجاز والعراق يكفي ويغني
وأما اختلاف الفقهاء في هذا الباب فقال ابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم وأحمد وإسحاق إذا اختلف

293
المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وترادا البيع وبدىء البائع باليمين ثم قيل للمشتري إما أن تأخذ بما حلف عليه البائع وإما أن تحلف على دعواك وتبرأ فإن حلفا جميعا رد البيع وإن نكلا جميعا رد البيع وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان البيع لمن حلف وسواء عند هؤلاء كلهم كانت السلعة قائمة بيد البائع أو بيد المشتري بعد أن تكون قائمة وكذلك روى ابن القاسم عن مالك إن السلعة إذا كانت قائمة بيد البائع أو بيد المشتري تحالفا وترادا على حسبما ذكرنا عن هؤلاء سواء
ابن وهب عن مالك أن السلعة إذا بان بها المشتري إلى نفسه لم يتحالفا وكان القول قول المشتري مع يمينه وإنما يتحالفان إذا كانت السلعة قائمة بيد البائع هذه رواية ابن وهب عن مالك
وقال سحنون رواية ابن وهب عن مالك هو قول مالك الأول وعليه اجتمع الرواة وقول مالك الذي رواه ابن القاسم وأخذ به هو رخر قول مالك واختلفوا والمسألة بحالها إذا فاتت السلعة بيد المشتري وهلكت ولم تكن قائمة
فقال مالك وأصحابه كلهم حاشا أشهب القول قول المشتري مع يمينه ولا يتحالفان وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وهو قول أشهب صاحب مالك إنهما يتحالفان ويتفاسخان ويرد المشتري القيمة وهو قول عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة

294
وقال زفر إن اتفقا في هذه المسألة أن الثمن كان من جنس واحد كان القول قول المشتري وإن اختلفا في جنسه تحالفا وترادا قيمة البيع وقول الشافعي سواء كانت السلعة قائمة بيد البائع أو بيد المشتري أو هلكت عند البائع وعند المشتري هما أبدا إذا اختلفا في الثمن يتحالفان ويترادان السلعة إن كانت قائمة أو قيمتها إن كانت فائتة
وقال أبو ثور في اختلاف المتبايعين في الثمن القول أبدا قول المشتري وسواء كانت السلعة قائمة بيد البائع أو بيد المشتري أو فاتت عند البائع أو عند المشتري القول أبدا في ذلك كله قول المشتري مع يمينه وضعف أبو ثور الحديث في هذا الباب ولم يوجب به حكما ولكل واحد منهم حجج من جهة النظر تكاد تتوازى وأما أبو ثور فلم يقل بشيء من معنى حديث هذا الباب وشذ في ذلك إلى قياس يعارضه قياس مثله لخصمه والله المستعان
فمن حجة أبي ثور أن البائع مقر بزوال ملكه عن السلعة مصدق للمشتري في زوالها عن ملكه فصار القول قول المشتري مع يمينه على كل حال
وروى ابن سماعة عن أبي يوسف قال قال أبو حنيفة القياس في المتبايعين إذا اختلفا فادعى البائع ألفا وخمسمائة وادعى المشتري ألفا أن يكون المقول قول المشتري ولا يتحالفان ولا يترادان لأنهما

295
قد أجمعا على ملك المشتري السلعة المبيعة واختلفا في ملك البائع على المشتري من الثمن ما لا يقربه المشتري فهما كرجلين ادعى أحدهما على الآخر ألف درهم وخمسمائة درهم وأقر هو بألف درهم فالقول قوله إلا أنا تركنا القياس للأثر في حال قيام السلعة فإذا فاتت السلعة عاد القياس
قال أبو عمر هذا القياس الذي ذكره أبو حنيفة امتثله كل من ذهب في هذا الباب مذهبه من أصحابه ومن المالكيين وغيرهم قال أبو محمد بن أبي زيد ظاهر قوله في الحديث
أو يترادان الإشارة إلى رد الأعيان فإذا ذهبت الأعيان خرج من ظاهر الحديث لأن ما فات بيد المبتاع لا سبيل إلى رده وصار المبتاع مقرا بثمن يدعى عليه أكثر منه فدخل في باب الحديث الآخر البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه قال أبو عمر من حجة الشافعي وأشهب وعبيد الله بن الحسن ومن ذهب مذهبهم في هذا الباب وجعل المتبايعين إذا اختلفا في الثمن يتحالفان ويترادان أبدا أنه يقول إن البائع لم يقر بخروج السلعة عن ملكه إلا بصفة ما لا يصدقه عليها المبتاع وكذلك المشتري لم يقر بانتقال الملك إليه إلا بصفة ما لا يصدقه عليها البائع والأصل أن السلعة

296
للبائع فلا تخرج من ملكه إلا بيقين من إقرار أو بينة وإقراره منوط بصفة لا سبيل إلى دفعها لعدم بينة المشتري بدعواه فحصل كل واحد منهما مدع ومدعى عليه ووردت السنة بأن يبدأ البائع باليمين وذلك والله علم لأن الأصل أن السلعة له فلا يعطاها أحد بدعواه فإذا حلف خير المبتاع في أخذ بما حلف البائع عليه إن شاء وإلا حلف أنه ما ابتاع إلا بما ذكر ثم يفسخ البيع بينهما وبهذا المعنى وردت السنة مجملة لم تخص كون السلعة بيد واحد دون آخر ومعلوم أن التراد إذا وجب بالتحالف والسلعة حاضة وجب بعد هلاكها لأن القيمة تقوم مقامها كما تقوم في كل ما فات مقامه ومن ادعى في شيء من ذلك خصوصا فقد ادعى ما لا يقوم من ظاهر الحديث ولا معناه
قالوا وليس اختلاف المتبايعين من باب البينة على المدعى واليمين على من أنكر
في شيء لأن ذلك حكم ورد به الشرع في المدعي والمدعى عليه والمدعى عليه المدعي بغير ذلك وكل أصل في نفسه يجب امتثاله ولكل واحد منهم حجج يطول ذكرها ومدارها على ما ذكرنا
وقال ابن القاسم إذا اختلف المتبايعان في قلة الثمن وكثرته والسلعة بيد المبتاع لم تفت ولم تتغير في بدن أو سوق أو لم يكن قبضها أحلف البائع أو لا على ما ذكر أنه ما باعها إلا بكذا فإن حلف خير المبتاع في أخذها بذلك أو يحلف ما ابتاع إلا بكذا ثم يراد إلا أن يرضى قبل الفسخ أخذها بما قال البائع قال سحنون بل

297
بتمام التحالف ينفسخ البيع ورواه سحنون عن شريح قال شريح إذا اختلف المتبايعان ولا بينة بينهما أنهما إن حلفا ترادا وإن نكلا ترادا وإن حلف أحدهما ونكل الآخر ترك البيع يريد على قول الحالف
وروى ابن المواز عن ابن القاسم مثل قول شريح
وقال ابن حبيب إذا استحلفا فسخ وإن نكلا كان القول قول البائع وذكره عن مالك وقال ابن القاسم إن قبضها المبتاع ثم فاتت بيده بنماء أو نقصان أو تغير سوق أو بيع أو كتابة أو عتق أو هبة أو هلاك أو تقطيع في الثياب فالقول قول المبتاع مع يمينه وكذلك لو كانت دارا فبناها أو طال الزمان أو تغيرت المساكن
وأما الشافعي فليس يجعل شيئا من هذا كله فوتا في معنى من المعاني وفي هذه المسألة عنده يتحالفان إذا فاتت السلعة وتقوم القيمة مقامها وهو قول أشهب
ومن أصل مذهب مالك وأصحابه في هذه المسألة أن من جاء منهما بما لا يشبه كان القول قول الآخر وإنما يحلف من ادعى ما يشبه ولو اختلف المتبايعان في الأجل فقال البائع حال وقال المشتري إلى شهر فإن لم يتقابضا تحالفا وترادا وإن قبض المشتري السلعة فالقول قوله مع يمينه على رواية ابن وهب

298
وروى ابن القاسم أنهما يتحالفان إن كانت السلعة قائمة عند البائع أو عند المشتري وإن فاتت فالقول قول المشتري مع يمينه إلا أن يكون للناس عرف وعادة في تلك السلعة في شرائها بالنقد والأجل فلا يكون لواحد منهما قوله ويحملان على عرف الناس في تلك السلعة ويكون القول قول من ادعى العرف هذا كله مذهب مالك والليث بن سعد
وقال الشافعي وعبيد الله بن الحسن الاختلاف في الأجل كالاختلاف في الثمن والقول في ذلك واحد
وقال أبو حنيفة إذا قال البائع هو حال وقال المشتري إلى شهر فالقول قول البائع مع يمينه وكذلك إذا قال البائع إلى شهر وقال المشتري إلى شهرين وهو قول الثوري
قال أبو عمر في هذه المسألة قول رخر غير ما ذكرنا عن هؤلاء ذكره المروزي قال قال بعض أصحابنا إن كان المشتري هو المستهلك للسلعة تحالفا ورد القيمة وإن كانت السلعة هلكت من غير فعل المشتري تحالفا فإن حلفا لم يكن على المشتري رد قيمة ولا غيرها لأنه لم يكن متعديا على السلعة ولا جانيا ولا يضمن إلا جان أو متعد قال المروزي وهذا القياس

299
حديث سابع وعشرون من البلاغات
618 مالك أنه بلغه أن معاذ بن جبل قال آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز أن قال أحسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل (47 1)
هكذا روى يحيى هذا الحديث وتابعه ابن القاسم والقعنبي ورواه ابن بكير عن مالك عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن جبل وهو مع هذا منقطع جدا ولا يوجد مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث معاذ ولا غيره بهذا اللفظ والله أعلم
قال البزار لا أحفظ في هذا مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو عمر يريد بهذا اللفظ لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فقال يا معاذ اتق الله وخالق الناس بخلق حسن وإذا عملت سيئة فأتبعها حسنة
قال قلت يا رسول الله لا إله إلا الله من الحسنات قال هي من أكبر الحسنات رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وقد ذكرناه في باب زياد بن أبي زياد
وقد حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا محمد بن الحسين

300
الآجري قال حدثنا جعفر بن محمد الفرياني قال حدثنا سعيد بن حفص خال النفيلي قال أخبرنا موسى بن أعين عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب
عن معاذ بن جبل قال قلت يا رسول الله علمني ما ينفعني قال اتق الله حيث كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن
قوله صلى الله عليه وسلم خالق الناس بخلق حسن أو حسن خلقك للناس معنى واحد لا يختلف والحمد لله وقد روي من وجوه عن معاذ بن جبل أنه قال رخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله
حدثنا عبد الوارث بن سفيبن قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا ابن ثوبان عن أبيه عن محكول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر قال سمعت معاذ بن جبل يقول إن آخر كلمة فارقت عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله أي العلم أفضل قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله
وحدثنا سلمة بن سعيد قال حدثنا علي بن عمر قال حدثنا أحمد ابن عيسى ابن السكين الباري قال حدثنا أبو عمرو الزبير ابن محمد بن الزبير الرهاوي قال حدثنا قتادة بن الفضيل الجرشي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال إن آخر شيء فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله أي شيء أنجى لابن

301
آدم من عذاب الله قال أن يموت ولسانه رطب من ذكر الله عز وجل
وفي حسن الخلق أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة وقد مضى منها في باب يحيى بن سعيد قوله عليه السلام إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامىء بالهواجر وسيأتي قوله عليه السلام إنما بعثت لأتمم محاسن الأخلاق في موضعه من بلاغات مالك في هذا الكتاب إن شاء الله ومنها قوله عليه السلام أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا
وحدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا عتيق بن يعقوب الزبيري قال حدثنا عقبة بن علي مولى آل الزبير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنا زعيم ببيت في ربض الجنة وبيت في وسط الجنة وبيت في أعلى الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ولمن ترك الكذب وإن كان لاعبا لمن حسنت مخالطته للناس
قال أبو عمر

302
الغرز موضع الركاب من رحل البعير كركاب السرج وفي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا بتحسين خلقه إذ بعثه إلى اليمن أمر بالرفق بالناس وكذلك يلزم الخليفة إذا بعث عاملا أو يوصيه بذلك وبمثله تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم

303
حديث ثامن وعشرون من البلاغات
718 مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
وهذا الحديث لا يعرف لأم سلمة بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من وجه ليس بالقوي يروي عن محمد بن سوقة عن نافع بن جبير ابن معطم عن أم سلمة وقد روي في معنى هذ الباب حديث عن أم سلمة في هذا المعنى بغير هذا اللفظ
وأما هذا اللفظ فإنما هو معروف لزينب بنت جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مشهور محفوظ من حديث ابن شهاب وقد اختلف عليه في بعض إسناده
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد ابن إسماعيل الترمذي قال حدثنا الحميدي
وحدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا إسحاق بن عيسى قالا حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا الزهري عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن حبيبة بنت أم حبيبة عن أمها أم حبيبة

304
عن زينب بنت جحش قالت استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه محمرا وجهه وهو يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق سفيان بيده وعقد عشرة قالت فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
قال الحميدي قال سفيان أحفظ في هذا الحديث من الزهري أربع نسوة قال سفيان وقد رأين النبي صلى الله عليه وسلم اثنتين من أزواجه أم حبيبة وزينب بنت جحش وثنتين ربيبتيه زينب بنت أم سلمة وحبيبة بنت أم حبيبة أبوها عبيد الله بن جحش مات بأرض الحبشة هكذا قال ابن عيينة وخالفه عقيل فرواه عن ابن شهاب أن عروة حدثه أن زينب بنت أم سلمة حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يذكر إلا ثلاث نسوة لم يذكر حبيبة بنت أم حبيبة حدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا المطلب بن شعيب قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل
وقال محمد بن يحيى النيسابوري وكذلك رواه صالح بن كيسان وشعيب بن أبي حمزة وسليمان بن كثير وعبد الرحمن بن إسحاق والزبيري كلهم عن الزهري عن عروة عن زينب عن أم حبيبة عن زينب ليس فيه ذكر حبيبة كما رواه عقيل قال وهو المحفوظ عندنا

305
قال وكذلك رواه مسدد وسعيد بن منصور ونعيم بن حماد عن سفيان بن عيينة
قال ورواه علي بن المديني وجماعة عن سفيان فذكروا فيه حبيبة قال وذلك غير محفوظ عندنا قال وإنما رواه هؤلاء عن سفيان بأخرة قال وقلت لمسدد فإنهم يروون عن سفيان أربع نسوة فقال هكذا سمعته منه سنة أربع وسبعين وقال سعيد بن منصور سمعته منه سنة ست وسبعين هكذا وسمعوه بأخرة يقول حبيبة
قال أبو عمر وممن عن ابن عيينة كما قال النيسابوري نعيم وسعيد ابن منصور ومسدد وعبد الرحمن بن شيبة الجدي
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا الحسين بن جعفر قال حدثنا يوسف بن يزيد قال حدثنا عبد الرحمن بن شيبة الجدي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش قالت استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوم محمرا وجهه وهو يقول ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج

306
مثل هذا وحلق عشرة فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
قال أبو عمر رواه أسد بن موسى كما رواه الحميدي وعلي بن المديني ومن تابعهما
وأما قوله فيه إذا كثر الخبث فمعناه عند أكثرهم الزنا وأولاد الزنا وجملة القول عندي في معناه أنه اسم جامع يجمع الزنا وغيره من الشر والفساد والمنكر في الدين والله أعلم
أخبرني أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا عبد العزيز بن مقلاص قال سمعت عبد الله بن وهب يقول في تفسير الخبث حين يكثر الخبث قال أولاد الزنا ومما يشهد لهذا التأويل ما حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا يوسف بن عدي الكوفي قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ظهر الربا والزنا في قرية أذن الله في هلاكها
وأما حديث أم سلمة في هذا الباب فأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله

307
ابن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شريك بن عبد الله عن جامع بن أبي راشد عن منذر الثوري عن الحسن بن محمد قال حدثتني امرأة من الأنصار هي حية قالت دخلت على أم سلمة فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه غضبان فاستترت بكم درعي فتكلم بكلام لم أفهمه فقلت يا أم المؤمنين كأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل وهو غضبان فقالت نعم أو ما سمعت ما قال قلت وما قال قالت قال إن السوء إذا فشا في الأرض فلم يتناه عنه أرسل الله بأسه على أهل الأرض
قالت قلت يا رسول الله وفيهم الصالحون قال نعم وفيهم الصالحون يصيبهم ما أصابهم ثم يقبضهم الله إلى مغفرته ورضوانه أو إلى رضوانه ومغفرته
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن زريع ويحيى بن سعيد قالا حدثنا يزيد بن حاتم بن أبي صغيرة
وقال يحيى أبو يونس قال حدثني مهاجر بن القبطية أنه سمع أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي جالسة في هذه البطحاء تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخسفن بجيش يغزون هذا البيت ببيداء من الأرض فقال رجل من القوم يا رسول الله وإن كان فيهم الكاره قال يبعث كل رجل على نيته
وذكر أحمد بن حنبل عن جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد الله بن القبطية عن أم سلمة مثله بمعناه

308
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا حسين حدثنا خلف يعني ابن خليفة عن ليث عن علقمة بن مرثد عن المعرو بن سويد عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده
قلت يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون قال بلى قلت كيف يصنع بأولئك قال يصيبهم ما أصابهم ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان
حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا علي بن سهل وسهل بن موسى واللفظ له قالا حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال سمعت بلال بن سعد يقول إن الخطيئة إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها فإذا ظهرت لم تغير ضرت العامة
وقد روى أنس بن مالك في هذا الباب حديثا جيدا بإسناد حسن من رواية أهل المدينة بنحو معناه نحو حديث زينب المذكور في هذا الباب حدثناه خلف بن القاسم الحافظ قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الخصيبي القاضي قال حدثنا محمد بن نصر بن منصور أبو جعفر الصائغ حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي حدثنا

309
أبو ضمرة أنس بن عياض عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس ابن مالك قال ذكر خسف قبل المشرق فقالوا يا رسول الله يخسف بأرض فيها مسلمون قال نعم إذا أكثر أهلها الخبث
وأخبرنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن البزار قال حدثنا محمد ابن عبد الله بن أبي دليم قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا هارون بن عبد الله الحمال حدثنا سيار بن حاتم حدثني جعفر بن هارون بن عبد الله الحمال حدثنا سيار بن حاتم حدثني جعفر بن سليمان حدثنا إبراهيم بن عمرو الصنعاني عن الرضين بن عطاء الشامي قال أوحى الله إلى يوشع بن نون أني مهلك من قومك مائة ألف أربعين ألفا من خيارهم وستين ألفا من شرارهم
قال يا رب تهلك شرارهم فما بال خيارهم قال إنهم يدخلون على الأشرار فيواكلونهم ويشاربونهم ولا يغضبون بغضبي
حدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن يوسف بن يزيد عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر عن النيب صلى الله عليه وسلم قال إذا أصاب الله قوما ببلاء عم به من بين أظهرهم ثم يبعثون على أعمالهم
حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا مغيرة عن الشعبي قال سمعت النعمان بن بشير قال سمعت
رسول الله

310
صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر مثل المنتهك لحدود الله والمدهن فيها والقائم بها مثل ثلاثة نفر اصطحبوا في سفينة فجعل أحدهم يحفرها فقال الآخر إنما تريد أن تغرقنا وقال الآخر دعه فإنما يحفر مكانه
قال أبو عمر دخل هذا في معنى قول الله عز وجل * (أنجينا الذين ينهون عن السوء) * 7165 الآية فلم يذكر في النجاة إلا من نهى وسكت عمن لم ينه وأما من رضي فليس فيه اختلاف قال صلى الله عليه وسلم في الأمراء ولكن من رضي وتابع ومعلوم أن العقوبة إنما تستوجب بفعل ما نهي عنه وترج فعل ما أمر به وقد لزم النهي عن المنكر كل مستطيع بقوله عز وجل * (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) * 2241 ومن مكن في الأرض لم يضعف عن ذلك ومن ضعف لزمه التغيير بقلبه فإن لم يغير بقلبه فقد رضي وتابع
وقال عمر بن عبد العزيز كان يقال إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة ولكن إذا صنع المنكر جهارا استحقوا العقوبة ذكره مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عمرو بن عبد العزيز وهذا معناه إذا قدروا وكانوا في عز وامتناع من الأذى (والله أعلم)

311
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي
قال حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأمنع لا يغيرون إلا عمهم الله بعقابه
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد ابن زيد عن المعلى بن زياد عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا حماد بن زيد عن المعلى بن زيادة وهشام بن حسان عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم قال حدثنا عبد الله بن روح المدائني قال حدثنا يزيد بن هارون
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى قالا أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة واللفظ لحديث سليمان ابن حرب قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون عليكم أئمة تعرفون

312
عنهم وتنكرون فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع فأبعده الله قيل يا رسول الله أفلا نقتلهم قال لا ما صلوا
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن زهير قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحمادي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن مغيرة بن زياد عن عدي بن عدي عن العرس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيليكم ولاة يعملون أعمالا تنكرونها فمن أنكر سلم ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها
وذكره بقي بن مخلد قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد وعبيد بن يعيش قالا حدثنا أبو بكر بن عياش عن المغيرة بن زياد عن عدي بن عدي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له العرس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل بالمعصية فمن شهدها وكرهها كان كمن غاب عنها ومن غاب عنها ورضيها كان كمن شهدها
وروى من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
وروى أبو جحيفة عن علي أنه قال أول ما تغلبون عليه من دينكم الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بألسنتكم ثم الجهاد بقلوبكم فمن لم يعرف قلبه المعروف وينكر قلبه المنكر نكس فجعل أعلاه أسفله
وقال عبد الله بن مسعود بحسب المؤمن إذا رأى منكرا لا يستطيع تغييره أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره
حدثناه

313
أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الملك أبو عبيد قال سمعت ربيع بن عميلة قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول فذكره
وحدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا ابن المثنى قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا شعبة عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب قال قال عبد الله بن مسعود إنكم في زمن الناطق فيه خير من الصامت والقائم فيه خير من القاعد وسيأتي عليكم زمان الصامت فيه خير من الناطق والقاعد فيه خير من القائم فقال له رجل يرونه طارقا كيف يكون أمر من عمل به اليوم كان هدى ومن عمل به بعد اليوم كان ضلالة فقال اعتبر ذلك برجلين من القوم يعملون بالمعاصي فصمت أحدهما فسلم وقال الآخر إنكم تفعلون وتفعلون فأخذه فذهبوا به إلى سلطانهم فلم يزالوا به حتى عمل مثل عملهم
حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا محمد بن حميد حدثنا جرير عن الأعمش عن سليمان ابن ميسرة عن طارق بن شهاب الأحمسي عن عبد الله بن مسعود قال إنكم في زمان الناطق فيه خير من الصامت وذكره مثله سواء بمعناه

314
وبه عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن زاذان قال قال حذيفة ليأتين عليكم زمان خياركم فيه من لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر
حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا خالد عن أبي قلابة قال قال حذيفة إني لأشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله
قال خالد فحدثت به محمد بن سيرين فقال نعم قال حذيفة إني لأصنع أشياء أكرهها مخافة أكثر منها
حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا جعفر بن مكرم حدثنا قريش بن أنس عن ابن عون عن الحسن عن الأحنف أنه كان جالسا عند معاوية فقال يا أبا بحر ألا تتكلم قال إني أخاف الله إن كذبت وأخافكم إن صدقت
وروى مجالد وإسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال سمعت أبا بكر يقول في خطبته أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) * 5105 وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله بعقابه
حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا يونس بن أبي

315
إسحاق عن أبي إسحاق عن هلال بن خباب عن عكرمة بن عمرو عن عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس وقد مرجت عهودهم وأماناتهم قال قلت كيف أصنع يا رسول الله قالت عليك بخويصة نفسك ودع عوامهم
حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى قال حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الرزاق التمار بالبصرة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي قال حدثنا ابن المبارك عن عتبة بن أبي حكيم قال حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال حدثنا أبو أمية الشعباني قال سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية * (عليكم أنفسكم) * قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع العوام
وقال من ورائكم أيام الصبر فيها كقبض على الجمر للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله
قال أبو عمر قد قدمنا في باب يحيى بن سعيد عن عبادة بن الوليد من الآثار ما يوضح أن الحرج مرفوع عن كل من يخاف على نفسه في تغيير المنكر أو يضعف عن القيام بذلك

316
وفي هذا الباب من الحديث المرفوع وغيره ما يكفي ويشفي لمن وفق لفهمه والله الموفق لا شريك له

317
حديث تاسع وعشرون من البلاغات
818 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال استقيموا ولن تحصوا واعملوا وخير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن (2 36)
قوله استقيموا أي لا تزيغوا وتميلوا عما سن لكم وفرض عليكم فقد تركتم على الواضحة ليلها كنهارها وليتكم تطيقون ذلك
وهذا الحديث يتصل مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان وحديث عبد الله بن عمرو بن العاصي
فأما حديث ثوبان فحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن سالم ابن أبي الجعد عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن
أخبرنا إبراهيم بن شاكر ومحمد بن إبراهيم قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا أحمد بن

318
عمرو البزار قال حدثنا يوسف بن موسى قال حدثنا جرير عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا فذكر مثله
وأما حديث الشاميين في هذا فحدثناه محمد بن عبد الله بن حكم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا إسحاق بن أبي حسان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان قال حدثنا حسان بن عطية أن أبا كبشة السلول حدثه قال حدثني ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سددوا وقاربوا واعملوا وخير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن
وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخبرنا يعيش بن سعيد قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا جعفر بن محمد الفرياني قال حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن العاصي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن
قال أبو عمر قوله في هذا الحديث سددوا وقاربوا يفسر قوله استقيموا ولن تحصوا يقول سددوا وقاربوا فلن تبلغوا حقيقة البر ولن تطيقوا

319
الإحاطة في الأعمال ولكن قاربوا فإنكم إن قاربتم ورفقتم كان أجدر أن تدوموا على عملكم
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأيلي حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة عن الحسن في قول الله عز وجل * (علم أن لن تحصوه) * قال لن تطيقوه

320
حديث موفي ثلاثين من البلاغات
918 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون
وهذا الحديث قد روته طائفة من رواة الموطأ عن مالك عن يحيى ابن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو الحديث منهم عبد الله بن يوسف التنسي وغيره ولا أعرفه بهذه الألفاظ في شيء من الأحاديث إلا في حديث عبد الرحمن بن عائش الحضرمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حديث حسن رواه الثقات
وقد روي أيضا من حديث ابن عباس وحديث معاذ بن جبل وحديث ثوبان وحديث أبي أمامة الباهلي وروي لأخي أبي أمامة أيضا
وأما حديث ابن عباس فرواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني الليلة ربي في أحسن صورة أحسبه قال في المنام فقال يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى وذكر الحديث

321
ورواه قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله قال حدثنا محمد ابن عبد الله بن زكرياء النيسابوري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال حدثني أبي قال حدثنا ابن جابر والأوزاعي قالا حدثنا خالد بن اللجلاج قال سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرمي يقول صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال له قائل ما رأيتك أسفر منك وجها الغداة قال وما لي وقد تبدى لي ربي في أحسن صورة قال فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قال قلت في الكفارات قال وما هن قال المشي على الأقدام إلى الجمعات والجلوس في المساجد خلف الصلوات وإبلاغ الوضوء أماكنه في المكاره
قال ومن يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ويكون من خطيئته كيوم ولدته أمه ومن الدرجات إطعام الطعام وبذل السلام وأن تقوم بالليل والناس نيام سل تعطه
قال اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تتوب علي وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني غير مفتون فتعلموهن فوالذي نفسي بيده إنهن لحق
وأخبرنا قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال حدثنا أحمد بن عمرو وأخبرنا عبيد بن محمد قال حدثنا عبد الله بن مسرور قال حدثنا عيسى بن مسكين قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن سنجر قال حدثنا أبو مسهر قال حدثني صدقة عن ابن

322
جابر قال مر بنا خالد بن اللجلاج فدعاه مكحول فقال يا أبا إبراهيم حدثنا حديث عبد الرحمن بن عائش الحضرمي قال سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرمي يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت ربي في أحسن صورة فقال فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قال قلت أنت أعلم أي ربي قال فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماوات والأرض ثم تلا هذه الآية * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) * قال ففيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قلت في الكفارات قال وما هي قلت المشي على الأقدام إلى الجمعات والجلوس في المساجد خلف الصلوات وإسباغ الوضوء أماكنه في المكاره قال من يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ويكون من خطيئته كيوم ولدته أمه ومن الدرجات إطعام الطعام وبذل السلام وأن يقوم بالليل والناس نيام قال قل اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تتوب علي وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني غير مفتون ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموهن والذي نفسي بيده إنهن لحق
ورواه مهضم بن عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي عن مالك بن يخامر السكسكي عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم
ورواه الوليد بن مسلم وبشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر

323
عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي قال بشر ابن بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقال الوليد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث
قال أبو عيسى الترمذي سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال حديث معاذ بن جبل فيه أصح قال وحديث بشر ابن بكر أصح من حديث الوليد بن مسلم قال وعبد الرحمن بن عائش لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم
وأما حديث أبي أمامة فحدثناه أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا الحسن بن عيسى قال حدثنا جرير عن ليث عن ابن سابط عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تراءى لي ربي في أحسن صورة فقال يا محمد فقلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت في الكفارات والدرجات فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام في الجمعات وانتظار الصلوات إلى الصلوات وأما الدرجات فإفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة والناس نيام قال صدقت من فعل ذلك عاش بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه ثم قال اللهم أني أسألك عملا بالحسنات وترك السيئات وحب المساكين وأن تغفر لي ذنبي وتتوب علي وإذا أردت بقوم فتنة وأنا فيهم فنحني إليك غير مفتون

324
قال أبو عمر قوله في هذا الحديث رأيت ربي معناه عند أهل العلم في منامه والله أعلم

325
حديث حاد وثلاثون من البلاغات
28028028 028 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من داع يدعو إلى هدى إلا كان له مثل أجر من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وما من داع يدعو إلى ضلالة إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا (15 41)
وهذا الحديث يستند عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق شتى من حديث أبي هريرة وحديث جرير وحديث عمرو بن عوف وحذيفة وغيرهم
حدثنا يونس بن عبد الله قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا جعفر بن محمد الفرياني قال حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يزيد بن هارون

326
قال حدثنا سفيان بن حسين عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سن سنة هدى فاتبع عليها كان له أجره أو مثل أجر من اتبعه غير منقوص من أجورهم شيئا ومن سن سنة ضلالة فاتبع عليها كان عليه وزرها ومثل أوزار من اتبعه غير منقوص من أوزارهم شيئا
قال أبو عمر اختلف في سماع الحسن من أبي هريرة فأكثرهم لا يصححونه لأنه يدخل أحيانا بينه وبين أبي هريرة أبا رافع وغيره ومنهم من يصحح سماعه من أبي هريرة
وقد روي عن الحسن أنه قال حدثنا أبو هريرة ونحن إذ ذاك بالمدينة وقد سمع الحسن من عثمان وسعد بن أبي وقاص فغير نكير أن يسمع من أبي هريرة
حدثنا قاسم بن محمد حدثنا خالد بن سعد حدثنا محمد بن فطيس حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري بمصر حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن المنذر بن جرير عن أبيه جرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها

327
ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا في حديث طويل ذكره
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا محمد ابن إبراهيم الديبلي حدثنا علي بن زيد الفرائضي الحنيني عن كثير بن عبد الله يعني ابن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له أجر من عمل بها ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد ابن زهير حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين عن محمد بن قيس عن مسلم بن صبيح قال سمعت جرير بن عبد الله وهو يخطب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فله مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه مثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا
أخبرنا عبيد بن محمد بن عبيد حدثنا عبد الله بن مقرور حدثنا عيسى بن مسكين قال حدثنا ابن سنجر حدثنا إسماعيل ابن أبي ويس حدثنا كثير المزني عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل أجر من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من أجورهم

328
ومن ابتدع بدعة لا يرضاها الله ورسوله فإن عليه مثل إثم من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئا
وحدثنا عبيد حدثنا عبد الله حدثنا عيسى حدثنا ابن سنجر قال حدثنا الحميدي قال حدثنا مروان بن معاوية قال حدثنا كثير ابن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحرث المزني اعلم أنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت فذكر مثله إلى آخره
قال أبو عمر حديث هذا الباب أبلغ شيء في فضائل تعليم العلم اليوم والدعاء إليه وإلى جميع سبل البر والخير لأن الميت منها كثير جدا ومثل هذا الحديث في المعنى قوله صلى الله عليه وسلم ينقطع عمل المرء بعده إلا من ثلاث علم علمه فعمل به بعده وصدقة موقوفة يجري عليه أجرها وولد صالح يدعو له
قود جمعنا والحمد لله من فضائل العلم وأهله في صدر كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله ما فيه شفاء واستغناء والحمد لله وعلى قدر فضل معلم الخير وأجره يكون وزر من علم الشر ودعا إلى الضلال لأنه يكون عليه وزر من تعلمه منه ودعا إليه وعمل به عصمنا الله برحمته
وحدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقرئ قال حدثنا عبيد الله بن حبابة البزار البغدادي ببغداد قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد

329
العزيز البغوي قال حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة قال سمعت المنذر بن جرير يحدث عن أبيه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار عليهم العباء والصوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر قال فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير لما رأى بهم من الفاقة فذكر الحديث بطوله وفي آخره ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها من بعده كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها من بعده كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من وزرهم شيئا
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو يوسف يعقوب بن مسدد ابن يعقوب حدثني أبي عبد الله بن جعفر الرقي عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد الله ابن مسعود في قول الله عز وجل * (علمت نفس ما قدمت وأخرت) * 825 قال ما قدمت من سنة صالحة يعمل بها من بعده فله أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا وما أخرت من سنة سيئة يعمل بها بعده فإن عليه مثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا

330
حديث ثان وثلاثون من البلاغات
128 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه
وهذا أيضا محفوظ معروف مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد وروى في ذلك من أخبار الآحاد أحاديث من أحاديث أبي هريرة وعمرو بن عوف
حدثنا عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا أحمد بن سليمان البغدادي قال حدثنا البغوي قال حدثنا داود بن عمرو الضبي قال حدثنا صالح بن موسى الطلحي قال حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال فال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد خلفت فيكم اثنتين لن تضلوا بعدهما أبدا كتاب الله وسنتي
وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم الديبلي قال حدثنا علي بن زيد الفرائضي قال حدثنا الحنيني عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم

331
وذكر أبو عيسى الترمذي قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا محمد بن بشر العبدي ويعلى بن عبيد عن الحجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم * (ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) * 4358
والكتاب والسنة قد هدي من تمسك بهما

332
حديث ثالث وثلاثون من البلاغات
228 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثت لأتمم حسن الأخلاق (47 8)
وهذا الحديث يتصل من طرق صحاح عن أبي هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقرى قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة البزاز ببغداد قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما بعثت

333
لأتمم صالح الأخلاق
وهذا حديث مدني صحيح ويدخل في هذا المعنى الصلاح والخير كله والدين والفضل والمروءة والإحسان والعدل فبذلك بعث ليتممه صلى الله عليه وسلم
وقد قالت العلماء إن أجمع آية للبر والفضل ومكارم الأخلاق قوله عز وجل * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) * 1690
وروينا عن عائشة ذكره ابن وهب وغيره أنها قالت مكارم الأخلاق صدق الحديث وصدق الناس وإعطاء السائل والمكافأة وحفظ الأمانة وصلة الرحم والتدمم للصاحب وقرى الضيف والحياء رأسها قالت وقد تكون مكارم الأخلاق في الرجل ولا تكون في ابنه وتكون في ابنه ولا تكون فيه وقد تكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله لمن أحب
وقد أحسن أبو العتاهية في قوله ليس دنيا إلا بدين وليس الدين إلا مكارم الأخلاق إنما المكر والخديعة في النا ر هما من فروع أهل النفاق حدثنا أبو الفضل أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن البزاز قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عبد الرحمن بن أبي بكر عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي حسين عن مكحول عن شهر بن حوشب

334
عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما بعثت على تمام محاسن الأخلاق
قال يزيد بن هارون لا أعلمه إلا قال عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل

335
حديث رابع وثلاثون من البلاغات
328 قال مالك أكره أن يلبس الغلمان شيئا من الذهب لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التختم بالذهب للرجال الكبير منهم والصغير (48 4)
قال أبو عمر قد ثبت النهي عن تختم الذهب وعن لباس الذهب للرجال من طرق شتى عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن حديث مالك عن نافع عن إبراهيم ابن عبد الله بن حنين عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تختم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع وعن لبس القسي
وقد مضى القول في معنى هذا الحديث في باب نافع من هذا الكتاب والحمد لله ومن غير حديث مالك ما أخبرنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن خاتم الذهب

336
وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا إسحاق بن محمد الفروي قال حدثنا محمد بن جعفر أخبرني إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده
فقيل للرجل بعدما ذهب صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك فانتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو عمر قد تكلمنا على معنى هذا الحديث في باب نافع والحمد لله وهذا إنما هو للرجال دون النساء في اللباس دون التملك وهو أمر لا خلاف فيه والله أعلم
حدثنا أحمد بن فتح قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر قال أخبرنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر بن أبي كثير حدثنا عبد الله
بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حرام على ذكور أمتي أن يلبسوا الحرير والذهب وهو لنسائهم
وحدثنا أحمد بن فتح قال حدثنا حمزة بن محمد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال

337
حدثنا يحيى بن أيوب قال حدثنا الحسن بن ثوبان وعمرو بن الحرث عن هشام بن أبي رقية قال سمعت مسلمة بن مخلد يقول لعقبة بن عامر قم فأخبر الناس بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عقبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي حلال لإناثهم
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من جهنم
قال أبو عمر قد روي عن بعض السلف أنه كان يتختم بالذهب وهذا غير صحيح عنهم ولو صح عن أحدهم كان معلوما أنه لم يبلغه النهي عنه والله أعلم
وممن روي عنه أنه كان يتختم بالذهب البراء بن عازب
وقد ذكر الحلواني قال سمعت علي بن عبد الله قال حدثنا يحيى ابن سعيد عن شعبة قال قال أبو السفر وهو عند أبي إسحاق رأيت علي البراء بن عازب خاتما من ذهب قال فقال أبو إسحاق ويلك يا أبا السفر أتكذب أنا ذهبت بك إلى البراء أفرأيته أنت عليه ولم أره أنا عليه قال أبو عمر أما كراهة مالك للصغير التختم بالذهب فلأنه متعبد فيه أبواه وحاضنته وكافله فكما لا يجوز له أن يسقيه الخمر وغيرها من المحرمات لأنه متعبد فيه بذلك هذا والله أعلم

338
حديث خامس وثلاثون من البلاغات
428 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فوجد فيه أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب فسألهما فقالا أخرجنا الجوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أخرجني الجوع فذهبوا إلى أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري فأمر لهم بشعير عنده يعمل وقام فذبح لهم شاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نكب عن ذات الدر فذبح لهم شاة واستعذب لهم ماء فعلق في نخلة ثم أتوا بذلك الطعام فأكلوا منه وشربوا من ذلك الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسألن عن نعيم هذا اليوم (49 28)
وهذا الحديث يستند من وجوه صحاح من حديث أبي هريرة وغيره وفيه ما كان القوم عليه في أول الإسلام من ضيق الحال وشظف العيش وما زال الأنبياء والصالحون يجوعون مرة ويشبعون أخرى وتزوي عنهم الدنيا وفيه طلب الرزق والنزول على الصديق وأكل ماله والسنة في الضيافة وبر الضيف بكل ما يمكن ويحضر إذا كان مستحقا لذلك
وفيه كراهية ذبح ما يجري نفعه مياومة ومداومة كراهية إرشاد لا كراهية تحريم
وفيه استعذاب الماء وتخيره وتبريده للريح وغيره ذلك في معناه

339
وفيه دليل على أن ما سد الجوع وستر العورة من خشن الطعام واللباس لا يسأل عنه المرء في القيامة والله أعلم وإنما يسأل عن النعيم هذا قاله ابن عيينة واحتج بقول الله عز وجل لآدم * (وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) * 20119 وبقوله * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * 1028 وهذه المسألة فيها نظر واختلاف وليس هذا موضع ذكر ذلك وبالله التوفيق
وأما أبو الهيثم بن التيهان فاسمه مالك بن التيهان وقد ذكرناه في الصحابة ونسبناه وذكرنا خبره فأغنى عن ذكره ههنا
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا خلف بن خليفة عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال ما أخرجكما من بيوتكما في هذه الساعة قالا الجوع يا رسول الله قال وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما فقوموا فقاموا معه فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحبا وأهلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين فلان قالت انطلق ليستعذب لنا من الماء إذا جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فقال الحمد لله وما أحد اليوم أكرم أضيافا مني قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر رطب فقال كلوا من هذا وأخذ المدية فقال له

340
رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والحلوب فذبح لهم شاة فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكما من بيوتكما الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم
وقال عبد الله بن رواحة في هذه القصة يمدح بها أبا الهيثم ابن التيهان فلم أر كالإسلام عزا لأمة ولا مثل أضياف الأراشي معشرا نبي وصديق وفاروق أمة وخير بني حواء فرعا وعنصرا فوافق للميقات قدر قضية وكان قضاء الله قدرا مقدرا إلى رجل نجد يبارى بجوده شموس الضحى جودا ومجدا ومفخرا وفارس خلق الله في كل غارة إذا لبس القوم الحديد المسمرا ففدى وحيا ثم أدنى قراهم فلم يقرهم إلا سمينا معمرا وقرأت على قاسم بن محمد أن خالد بن سعد حدثهم قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ بمكة قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيه ولا يلقاه فيها أحد فأتاه أبو بكر فقال ما أخرجك يا أبا بكر قال خرجت للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والنظر في وجهه قال فلم يلبث أن جاء عمر فقال ما أخرجك يا عمر قال الجوع قال وأنا قد وجدت بعض الذي تجد انطلقوا بنا إلى أبي الهيثم بن التيهان وكان كثير النخل والشاه

341
ولم يكن له خدم فأتوه فلم يجدوه ووجدوا امرأته فقالوا أين صاحبك فقالت ذهب يستعذب لنا الماء من قناة بني فلان فلم يلبث أن جاء بقربة فوضعها ثم أتى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فجعل يلتزمه ويفديه بأبيه وأمه فانطلق بهم إلى ظل وبسط لهم بساطا ثم انطلق إلى نخله فجاء يفنو فوضعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تنقيت لنا من رطبه فقال أردت أن تتخيروا من رطبه وبسره فأكلوا ثم شربوا من الماء فلما فرغوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي أنتم عليه مسؤولون هذا الظل البارد والرطب البارد عليه الماء البارد ثم انطلق يصنع لهم طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذبح ذات در قال فذبح لهم عناقا فأكلوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك من خادم قال لا قال فإذا أتانا شيء أو قال سبي فأتنا قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسان ليس لهما ثالث فأتاه يعني أبا الهيثم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اختر أحدهما فقال يا رسول الله خر لي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستشار مؤتمن خذ هذا فإني رأيته يصلي واستوص به معروفا فأتى به امرأته فحدثها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له امرأته ما أنت ببالغ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حتى تعتقه قال هو عتيق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم يبعث نبيا ولا خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوق بطانة الشر فقد وقي

342
وروى هذا الحديث بتمامه عن عبد الملك بن عمير أبو عوانة وأبو حمزة السكري كما رواه شيبان وقد رواه حسين المروزي عن شيبان مختصرا حدثناه سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا جعفر بن محمد الصائغ قال حدثنا حسين بن محمد المروزي قال حدثنا شيبان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أبا الهيثم ابن التيهان الأنصاري فأكلوا من رطبه وبسره وشربوا من الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا والذي نفسي بيده النعيم الذي أنتم عنه مسؤولون يوم القيامة هذا الظل البارد والرطب البارد والماء البارد ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك من خادم فذكر الحديث إلى آخره سواء
وروي من حديث جابر مختصرا حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن بكير قال حدثنا موسى بن هارون الحمال قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فأطعمناهم رطبا وسقيناهم من الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا من النعيم الذي تسألون عنه
وقد روي هذا الحديث عن أبي بكر وعمر وأبي الهيثم بن التيهان وأم سلمة بأسانيد صالحة ومعان متقاربة
وذكر الفرياني قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال كل شيء من لذة الدنيا

343
حديث سادس وثلاثون من البلاغات
528 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي إلا قد رعى الغنم قيل وأنت يا رسول الله قال وأنا
وفي هذا الحديث إباحة التحدث عن الماضين من الأنبياء والأمم لسيرهم وأخبارهم وفيه أن التحرف في المعيشة ليس في شيء منها إذا لم تنه عنه الشريعة نقيصة وفيه أن الأنبياء والمرسلين أحوالهم في تواضعهم غير أحوال الملوك والجبارين وكذلك أحوال الصالحين والحمد لله رب العالمين
وهذا الحديث لا أعلمه يروي إلا من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بعضهم يجعله عن أبي سلمة عن أبي هريرة وبعضهم يجعله عن أبي سلمة مرسلا وبعضهم يجعله عن أبي سلمة عن أبيه وبعضهم يجعله عن جابر حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد قاضي حلب قال حدثنا أبو سعيد عمر ابن حفص العسكري قال حدثنا أبو خيثمة مصعب بن سعيد بحلب إملاء قال حدثنا عيسى بن يونس عن مسعر عن سعد بن إبراهيم

344
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف قال مررنا بمثر الأراك فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بالأسود منه فإني قد كنت أجتنيه وأنا أرعى الغنم قالوا يا رسول الله ورعيت الغنم قال نعم وما من نبي إلا وقد رعى الغنم
وحدثنا يعيش بن سعيد قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن غالب قال حدثنا ثابت بن محمد الزاهد بالكوفة قال حدثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بثمر أراك فقال عليكم بأسوده فإني كنت أجتنيه إذ كنت أدعى الغنم قالوا يا رسول الله وكنت ترعى الغنم قال نعم وما من نبي إلا وقد رعى الغنم
وحدثنا يعيش قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد بن غالب حدثنا بشر بن آدم حدثنا إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا عثمان بن عمر حدثنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجني الكباث فقال عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه قال قلنا وكنت ترعى الغنم يا رسول الله قال نعم وهل من نبي إلا وقد رعاها

345
قال أبو عمر هذا الإسناد هكذا عند عثمان بن عمر وخالفه الليث بن سعد وقد أخبرناه عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي إملاء في الجامع ببغداد سنة تسع وأربعين وثلاثمائة قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث بن سعد عن يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن جابرا قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران نجني الكباث وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه
قالوا كنت ترعى الغنم قال نعم قال وهل من نبي إلا وقد رعاها
قول الليث فيه عن جابر أولى بالصواب من قول عثمان بن عمر والله أعلم

346
حديث سابع وثلاثون من البلاغات
628 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه (54 27)
وهذا يحفظ معناه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة ومن حديث حميد عن أنس ومن حديث سمرة والألفاظ مختلفة
حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أسود بن عامر وحدثنا قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال حدثنا أحمد بن عمرو بن منصور قال حدثنا محمد بن سنجر قال حدثنا حجاج قالا حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن كان في شيء مما تتداوون به خير فالحجامة
وأخبرنا عبد الرحمن بن يوسف صاحبنا رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن أصبغ بن ميكائل قال حدثنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ الدارقطني قال حدثنا أبو بكر محمد بن

347
إبراهيم بن يبرور الأنماطي قال حدثنا أبو داود سليمان بن سيف قال حدثنا سعيد بن سلام قال حدثنا عمر بن محمد عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن كان شيء ينفع من الداء فإن الحجامة تنفع من الداء اطلبوا الحجامة صبيحة سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين
وحدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن إسحاق القاضي قال حدثنا عبد الملك بن يحيى بن شاذان قال حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال حدثنا عبد الله بن بكر السهمي من سهم باهلة قال حدثنا حميد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري فلا تعذبوا صبيانكم بالغمز
حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا عمرو ابن مرزوق حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير قال سمعت حصين ابن أبي الحر يحدث عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير ما تداووا به الحجامة
حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا أحمد بن محمد ابن إسماعيل قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي

348
قال حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مروان بن شجاع الخصفي عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الشفاء في ثلاثة في شربة عسل أو شرطة محجم أو كية نار
ورفع الحديث
(وذكر البخاري قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا سريج بن يونس حدثنا مروان بن شجاع عن سالم الأفطس عن سعيد بن بسر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفاء في ثلاثة شرطة محجم أو شربة عسل أو كية وأنا أنهي عن الكي)
وأخبرنا قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا أبو عامر حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن يكن في شيء من أدويتكم هذه خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لدغة نار توافق داء وما أحب أن أكتوي
قال أبو عمر لا مدخل للقول في هذا الباب وقد مضى في التداوي في باب زيد ابن أسلم ما فيه شفاء وظاهره هذه الأحاديث في الحجامة العموم

349
وتحتمل الخصوص بأن يقال خير ما تداويتم به في فضل كذا أو لعلة كذا الحجامة وإن كان الشفاء من كذا ففي كذا أو يكون الحديث على جواب السائل فحفظ الجواب دون السؤال كأنه قال الشفاء فيما سألت عنه وإن كان دواء يبلغ الداء الذي سألت عنه فالحجامة تبلغه وهذا كثير معروف في الأحاديث ومعلوم أن الحجامة ليست دواء لكل داء وإنما هي لبعض الأدواء وذلك دليل واضح على ما تأولنا وذكرنا وبالله توفيقنا
والحجامة على ظاهر هذا الحديث غير ممنوع منها في كل يوم وقد جاء عن الزهري ومكحول جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت أو اطلى فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه
وجاء عن الحجاج بن أرطاة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان محتجما فليحتجم يوم السبت
وهذان حديثان ليس في واحد منهما حجة ومرسل الزهري ومحول أشبه من مرسل الحجاج لأن مسند الحجاج بن أرطأة مما ينفرد به ليس بالقوي فكيف مرسله
قال الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الحجامة يوم السبت فقال يعجبني أن تتوقى لحديث الزهري وإن كان مرسلا قال وكان حجاج بن أرطأة يروي فيه رخصة حديث ليس له إسناد

350
قال أبو عمر ذكر ابن وهب حديث الزهري فقال أخبرني ابن سمعان عن ابن شهاب أنه أخبره عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فمرض فلا يلومن إلا نفسه
قال وأخبرني السري بن يحيى عن سليمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه وذكر عن عبد الكريم البصري قال يقال يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر إذا وافق ذلك أحد فاحتجم فيه كان له دواء لسنة كلها
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن أحمد بن كامل حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال سئل أحمد بن صالح عن الحجامة يوم السبت والأربعاء والاطلاء فيهما فقال مكروه
وفيه النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي النهي فيه أيضا عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن

351
حديث ثامن وثلاثون من البلاغات
728 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع رجله في الغرز وهو يريد السفر يقول بسم الله اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم ازو لنا الأرض وهون علينا السفر اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ومن كآبة المنقلب ومن سوء المنظر في المال والأهل (54 34)
أما قوله ازو لنا الأرض فمعناه اطو لنا الطريق وقربه وسهله وأصل الأنزواء الانضمام ووعثاء السفر شدته وخشونته والكآبة الحزن والمعنى في قوله وكآبة المنقلب أن لا ينقلب الرجل وينصرف من سفره إلى أمر يحزنه ويكتئب منه وأما سوء المنظر في الأهل والمال فكل ما يسوؤك النظر إليه وسماعه في أهلك ومالك
وأما الغرز فموضع الركاب ولا يكون الغرز إلا في الرحال بمنزلة الركوب للسروج وهذا يستند من وجوه صحاح من حديث عبد الله ابن سرجس ومن حديث أبي هريرة وحديث ابن عمر وغيرهم
حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد قال حدثنا أحمد بن حماد بن مسلم بن زغبة قال حدثنا

352
سعيد بن أبي مريم ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا حدثنا حماد ابن زيد عن عاصم عن عبد الله بن سرجس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قال اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة على الأهل اللهم أصحبنا في سفرنا وأخلفنا في أهلنا اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب ومن الحور بعد الكون ومن دعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن عبد الله بن سرجس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث مثله سواء وزاد وسئل عاصم عن الحور بعد الكون قال صار بعد ما كان قال أبو عمر يعني رجع عما كان عليه من الخير ومن رواه الحور بعد الكور فمعناه أيضا مثل ذلك أي رجع عن الاستقامة وذلك مأخوذ عندهم من كور العمامة وأكثر الرواة إنما يروونه بالنون
وكذلك رواه عبد الرزاق عن معمر عن عاصم عن عبد الله بن سرجس في هذا الحديث
حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله قال حدثنا حمزة بن محمد الحافظ ومحمد بن عبد الله بن زكرياء قالا حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا زكرياء بن يحيى قال حدثنا جرير عن مطرف عن أبي

353
إسحاق عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى سفر قال اللهم بلاغا يبلغ خيرا ومغفرة ورضوانا بيدك الخير إنك على كل شيء قدير اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم هون علينا السفر واطو لنا الأرض اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد قال حدثنا محبوب بن موسى أخبرنا الفزاري عن عاصم عن عبد الله بن سرجس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يقول اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكون ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال
حدثني عبد الرحمن بن يحيى وأحمد بن فتح قالا حدثنا حمزة ابن محمد بن علي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل البغدادي حدثنا ابن أبي صفوان حدثنا ابن أبي عدي حدثنا شعبة عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يركب راحلته قال بأصبعه هكذا وقال اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال اللهم أصحبنا بنصح وأقلبنا بذمة اللهم ازو لنا الأرض وهون علينا السفر أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب

354
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن الجهم السمري حدثنا جعفر بن عون أخبرنا أسامة ابن زيد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أريد سفرا قال أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف قال فلما ولى الرجل قال اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أن عليا الأزدي أخبره أن ابن عمر علمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا في سفر كبر ثلاثا ثم قال * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) * اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والملل وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف أخبرنا الحسن بن إسماعيل حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي قال حدثنا أحمد بن علي البربهاري قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن علي بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فإذا استوى على راحلته وانبعثت به

355
قال الله أكبر الله أكبر ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين
وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا السفر واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال تائبون آيبون عابدون لربنا حامدون
وقد روي هذا من حديث سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أن عليا الزدي أخبره أن ابن عمر علمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى السفر كبر ثلاثا ثم قال * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) * اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا اللهم اطو لنا البعد اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال
وإذا رجع قالهن وزاد آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى قال حدثنا محمد بن

356
عجلان قال أخبرني سعيد المقبري عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر قال اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال اللهم اطو لنا الأرض وهون علينا السفر
وروينا من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خرج من بيته يريد سفرا ومخرجا فقال حين يخرج بسم الله آمنت بالله توكلت على الله واعتصمت بالله وفوضت أمري إلى الله لا حول ولا قوة إلا بالله رزق خير ذلك المخرج وصرف عنه شره
حدثنا سعيد بن عثمن حدثنا أحمد بن دحيم حدثنا أحمد بن داود بن سليمان حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب قال أخبرني إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد الحضرمي أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث عن عبد الله بن عمرو قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافر فأدركه الليل قال يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما دب عليك أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب ومن ساكن البلد ومن شر والد وما ولد
أخبرنا خلف بن قاسم قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي أبو إسحاق بمكة في المسجد الحرام قال حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا شيبان قال حدثنا عمارة بن زاذان الصيدلاني

357
قال حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا علا شرفا من الأرض قال اللهم لك الشرف على كل شرف ولك الحمد على كل حال

358
حديث تاسع وثلاثون من البلاغات
828 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تحل الصدقة لآل محمد إنما هي أوساخ الناس (58 13)
وهذا حديث يرويه مالك مسندا رواه عنه سعيد بن داود بن أبي زند وجويرية بن أسماء
وقد روي من غير حديث مالك أيضا
وهو حديث فيه طول يستند من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب
قرأت على عبد الوارث بن سفيان أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا أبو عبيدة بن أحمد قال حدثنا محمد بن علي بن داود قال حدثنا سعيد بن داود قال حدثنا مالك بن أنس أن ابن شهاب حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث حدثه قال اجتمع ربيعة بن الحرث وعباس بن عبد المطلب فقالا والله لو بعثنا هذين الغلامين لي والفضل ابن عباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فأمرهما على هذه الصدقة فأديا ما يؤدي الناس وأصابا ما يصيب الناس قال فبينا هم كذلك جاء علي بن أبي طالب فدخل عليهما فذكرا ذلك له فقال علي لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل فانتحاه ربيعة بن الحرث فقال والله ما

359
تفعل هذا إلا نفاسة علينا فوالله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك فقال أنا أبو حسن أي قرم فأرسلوهما فانظروا ثم اضطجع قال فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سبقناه إلى الحجر فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بأيدينا ثم قال اخرجا ما تصدران ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش قال فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا فقال يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على هذه الصدقات فنؤدي إليك ما يودي العمال ونصيب ما يصيبون قال فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه حتى جعلت زينب تلمع إلينا من وراء الحجاب ألا تكلماه ثم قال إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس ادعوا لي محمية وكان على الخمس ونوفل بن الحرث بن عبد المطلب فجاءاه فقال لمحمية أنكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن عباس فأنكحه وقال لنوفل بن الحرث أنكح هذا الغلام لي فأنكحني ثم قال لمحمية أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا
قال ابن شهاب ولم يسمه لي
وهكذا رواه جويرية بن أسماء عن مالك بإسناده مثله إلا أنه قال أنا أبو حسن القرم وكذلك في حديث يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن عبد الحرث عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث أنا أبو حسن القرم وفيه إنما الصدقة غسالة أوساخ الناس
وحديث الزهري هذا أتم معنى وأحسن سياقة وأثبت من جهة الإسناد وقد تقدم في تحريم الصدقة المفروضة على محمد وعلى آله

360
ما فيه كفاية وشفاء وبيان فيما سلف من كتابنا هذا والحمد لله
حدثنا محمد بن إبراهيم ومحمد بن عبد الله بن حكم قالا حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا الفضل بن الحباب القاضي حدثنا محمد ابن كثير أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحل الصدقة لمحمد ولا لآل محمد ومولى القوم من أنفسهم
أخبرنا أحمد بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثنا أبو سعيد عثمان بن جرير وحدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان قال حدثنا سعيد بن عثمان
الأعناقي قالا حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح قال حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا أبو حيان التيمي عن يزيد بن حيان قال قيل ليزيد بن أرقم من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة قال آل علي وآل جعفر وآل عباس وآل عقيل
قال أبو عمر الذي عليه جماعة أهل العلم أن بني هاشم بأسرهم لا يحل لهم أكل الصدقات المفروضات أعني الزكوات وقد مضى من بيان هذا المعنى في باب ربيعة وغيره ما فيه كفاية

361
حديث موفي أربعين من البلاغات
928 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة وقد جعلت على عينيها صبرا فقال ما هذا يا أم سلمة إنما هو صبر يا رسول الله قال فأجعليه بالليل وامسحيه بالنهار (29 108) وهذا الحديث معروف عن أم سلمة من حديث بكير بن الأشج وهو حديث فيه طويل اختصره مالك وأرسله حدثناه عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن صالح
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا سحنون قالا جميعا أخبرنا ابن وهب قال أخبرني مخرمة عن أبيه قال سمعت المغيرة بن الضحاك يقول أخبرتني أم حكيم ابنة أسيد عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينيها فتكتحل بكحل الجلاء فأرسلت مولى لها إلى أم سلمة فسألتها عن كحل الجلاء فقالت لا تكتحلي به إلا من أمر لا بد منه يشتد عليك فتكتحلي بالليل وتمسحيه بالنهار ثم قالت عند ذلك

362
أم سلمة دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبرا فقال ما هذا يا أم سلمة قالت قلت إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب قال إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب
قالت قلت فبأي شيء أمتشط يا رسول الله قال بالسدر تغلفين به رأسك
قال أبو عمر في حديث أم سلمة هذا دليل على أن المرأة المحد لا تكتحل بشيء يزينها ويشبها فإن اضطرت إلى شيء من ذلك جعلته ليلا ومسحته بالنهار وكل ما جاء عن أم سلمة من الحديث في النهي عن اكتحال المرأة المحد فهذا يفسره ويقضي عليه وعليه فتوى الفقهاء قال مالك لا تكتحل المرأة الحاد إلا أن تضطر فإن اضطرت فتكتحل بالليل وتمسحه بالنهار ويكون الكحل بغير طيب ولا تكتحل بالإثمد
قال أبو عمر هذا يدل على أن ذلك الكحل فيه شيء من الزينة ولهذا منعت منه بالنهار مع اضطرارها إليه وأبيح لها بالليل لأن الليل خلاف النهار في رؤية الناس لها وقول الشافعي في هذا كقول مالك قال الشافعي

363
لا تكتحل بكحل فيه زينة فإن اضطرت إلى كحل زينة اكتحلت بالليل ومسحته بالنهار
وقال أبو حنيفة إذا اشتكت عينيها اكتحلت بالكحل الأسود وغيره
وقال أحمد وإسحاق لا تختضب ولا تكتحل
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثني بديل عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل
قال أبو عمر وهذا على التزيين بالكحل وأما على الاضطرار فهو معنى آخر بالليل خاصة وقد ذكرنا في كحل المرأة المحد وسائر ما تجتنبه في عدتها وما للعلماء في ذلك من المذاهب ممهدا مبسوطا موعبا في باب عبد الله بن أبي بكر والحمد لله وبه التوفيق

364
حديث حاد وأربعون من البلاغات
38038038 038 قال ملك السنة في الذي يرفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود أن يخر راكعا أو ساجدا ولا يقف ينتظر الإمام وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه وقال أبو هريرة الذي يرفع رأسه ويحفضه قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان (3 57)
أما قوله السنة فإنه أمر لا أعلم فيه خلافا وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التغليظ فيمن رفع رأسه قبل الإمام
روى شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام راكعا أو ساجدا أن يحول الله رأسه رأس حمار أو صورته صورة حمار
وهذا وعيد وتهديد وليس فيه أمر بإعادة فهو فعل مكروه لمن فعله ولا شيء عليه إذا أكمل ركوعه وسجوده
وقد أساء وخالف سنة المأموم وعلى كراهية هذا الفعل للمأموم جماعة العلماء من غير

365
أن يوجبوا فيه إعادة وكذلك قال أبو هريرة ناصيته بيد شيطان ولم يأمر فيه بإعادة
وذكر مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن مليح بن عبد الله السعدي عن أبي هريرة قال الذي يرفع رأسه ويخفض قبل الإمام فإنما ناصيته بيد شيطان
وأما قوله وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإن قوله إنما جعل الإمام ليؤتم به يستند من حديث مالك عن ابن شهاب عن أنس وقد مضى ذكره في باب ابن شهاب إلا أنه ليس فيه فلا تختلفوا عليه ويستند قوله فلا تختلفوا عليه من حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا رجع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعين رواه معن بن عيسى وحده في الموطأ عن مالك وقد روي من حديث همام بن منبه عن أبي هريرة
ذكر عبد الرزاق حدثنا معمر بن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن

366
حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين
وقد مضى القول في معنى هذا الحديث في باب ابن شهاب إلا قوله فلا تختلفوا عليه
وفي قوله فلا تختلفوا عليه دليل على أنه لا يجوز أن يكون الإمام في صلاة ويكون المأموم في غيرها مثل أن يكون الإمام في ظهر والمأموم في عصر أو يكون الإمام في نافلة والمأموم في فريضة وهذا موضع اختلف الفقهاء فيه فقال مالك وأصحابه لا يجزي أحدا أن يصلي صلاة الفريضة خلف المتنفل ولا يصلي عصرا خلف من صلى ظهرا وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري وقول جمهور التابعين بالمدينة والكوفة وحجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فمن خالفه في نيته فلم يأتم به وقال فلا تختلفوا عليه ولا اختلاف أشد من اختلاف النيات إذ هي ركن العمل
ومعلوم أن من صلى ظهرا خلف من يصلي عصرا أو صلى فريضة خلف من يصلي نافلة فلم يأتم بإمامه وقد اختلف عليه فبطلت صلاته وصلاة الإمام جائزة لأنه المتبوع لا التابع واحتجوا من قصة معاذ برواية عمرو بن يحيى عن معاذ بن رفاعة الزرقي عن رجل من بني سلمة أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطويل معاذ بهم فقال له

367
رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك
قالوا وهذا يدل على أن صلاته بقومه كانت فريضته وكان متطوعا بصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم
قالوا وصلاة المتنفل خلف من يصلي الفريضة لا يختلفون في جوازها
وقال الشافعي والأوزاعي وداود والطبري وهو المشهور عن أحمد ابن حنبل بجواز أن يقتدي في الفريضة بالمتنفل ويصلي الظهرخلف من يصلي العصر فإن كل مصل يصلي لنفسه ومن حجتهم أن قالوا إنما أمرنا أن نأتم به فيما ظهر من أفعاله أما النية فمغيبة عنا وما غاب عنا فإنا لم نكلفه
قالوا وفي هذا الحديث نفسه دليل على صحة ذلك لأنه قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه
إذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا كبر فكبروا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا
فعرفنا أفعاله التي يأتم به فيها وهي الظاهرة إلينا من ركوعه وسجوده وتكبيره وقيامه وقعوده ففي هذه أمرنا أن لا نختلف عليه
قالوا والدليل على صحة هذا التأويل حديث جابر في قصة معاذ إذ كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم ينصرف فيؤم قومه في تلك الصلاة هي له نافلة ولهم فريضة وهو حديث ثابت صحيح لا يختلف في صحته

368
قالوا ولا يصح أن يجعل معاذ صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نافلة ويزهد في فضل الفريضة معه صلى الله عليه وسلم ويدلك على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وهذا مانع لكل أحد أن تقام صلاة فريضة لم يصلها فيشتغل بنافلة عنها
وقد روى ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر أن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم ينصرف إلى قومه فيصلي معهم هي له تطوع ولهم فريضة
قال ابن جريج وحديث عكرمة عن ابن عباس أن معاذا فذكر مثل حديث جابر سواء
ومثل ذلك أيضا حديث أبي بكرة في صلاة الخوف صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة ركعتين ثم بطائفة ركعتين وهو مسافر خائف فعلمنا أنه في الثانية متنفل
وقد أجمعوا أنه جائز أن يصلي النافلة خلف من يصلي الفريضة إن شاء وفي ذلك دليل على أن النيات لا تراعى في ذلك والله أعلم

369
حديث ثان وأربعون من البلاغات
138 مالك قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد العكوف في رمضان ثم رجع فلم يعتكف حتى إذا ذهب رمضان اعتكف عشرا من شوال (19 7)
هذا المعنى عند مالك في باب قضاء الاعتكاف من الموطأ عن يحيى ابن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن مرسلا
كذلك رواه جماعة الرواة للموطأ عن مالك ويحيى بن سعيد عن عمرة إلا يحيى بن يحيى الأندلسي فإنه رواه عن ابن شهاب عن عمرة وقيل إنه غلط منه لا شك فيه لأنه لم يتابعه أحد من رواة الموطأ على ذكر ابن شهاب في هذا الحديث والله أعلم
ولا أدري أمن يحيى جاء ذلك أم من زياد بن عبد الرحمن فإن يحيى لم يسمع من باب خروج المعتكف إلى العيد في الموطأ إلا آخر الاعتكاف من مالك فرواه عن زياد عن مالك فوقع فيه حديثه عن زياد عن مالك عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتكف فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه وجد أخبية خباء عائشة وخباء حفصة وخباء زينب فلما رآها سأل عنها فقيل له هذا

370
خباء عائشة وحفصة وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم البر تقولون بهن ثم انصرف فلم يعتكف حتى اعتكف عشرا من شوال
هكذا روى يحيى هذا الحديث عن زياد بن عبد الرحمن الأندلسي القرطبي المعروف بشبطون مالك عن ابن شهاب عن عمرة ولم يتابع على ذلك في الموطأ وقد يمكن أن يكون لمالك عن ابن شهاب كما قال يحيى وفي ألفاظه خلاف لألفاظ حديث يحيى بن سعيد وإن كان المعنى واحدا فالله أعلم
وإنما الحديث في الموطأ لمالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة (وهو محفوظ ليحيى بن سعيد عن عمرة) مسندا عن عائشة من رواية الثقات فهو حديث يحيى بن سعيد معروف لا حديث ابن شهاب فلذلك لم نذكر هذا الحديث في باب يحيى بن سعيد من كتابنا هذا وذكرناه في باب ابن شهاب عن عمرة من أجل رواية يحيى وإن كانت عندنا وهما وقد بينا ذلك هناك وذكرنا ما للعلماء في معنى هذا الحديث من المعاني والمذاهب مبسوطا هناك والحمد لله فلا وجه لتكرير ذلك ههنا وإنما ذكرنا الحديث ههنا لأن مالكا قال في قضاء الاعتكاف بعد ذكر حديث عمرة هذا قال مالك بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الاعتكاف في رمضان ثم رجع فلم يعتكف حتى إذا ذهب رمضان اعتكف عشرا من شوال هكذا ذكره مختصرا في الباب كما ذكرناه ولهذا ما ذكرناه ههنا

371
حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال سمعت يحيى بن سعيد يحدث عن عمرة عن عائشة قالت أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان فسمعت بذلك فاستأذنته فأذن لها ثم استأذنته حفصة فأذن لها ثم استأذنته زينب فأذن لها فذكر الحديث وقال فيه فلم يعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك العشر واعتكف عشرا من شوال

372
حديث ثالث وأربعون من البلاغات
238 مالك أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر (19 15)
لا أعلم هذا الحديث يروى مسندا من وجه من الوجوه ولا أعرفه في غير الموطأ مرسلا ولا مسندا وهذا أحد الأحاديث التي انفرد بها مالك ولكنها رغائب وفضائل وليست أحكاما ولا بنى عليها في كتابه ولا في موطئه حكما
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا محمد بن مصفر حدثنا بقية بن الوليد حدثني يحيى بن سعيد عن خالد بن سعدان عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر في العشر البواقي من قامهن ابتغاء حسبتهن فإن الله يغفر له ما تقدممن ذنبه وهي ليلة تسع أو سبع أو خامسة أو ثالثة أو آخر ليلة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمارة ليلة

373
القدر أنها صافية بلجاء كان فيها قمرا ساطعا ساكنة لا برد فيها ولا حر ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى يصبح وإن أمارة الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس فيها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ
قال أبو عمر هذا حديث حسن غريب وبقية بن الوليد ليس بمتروك بل هو محتمل روى عنه جماعة من الجلة وهو من علماء الشاميين ولكنه يروى عن الضعفاء وأما حديثه هذا فمن ثقات أهل بلده وأما إذا روى عن الضعفاء فليس بحجة فيما رواه وحديثه هذا إنما ذكرنا أنه حديث حسن لا يدفعه أصل وفيه ترغيب وليس فيه حكم وقد ذكرنا في ليلة القدر من صحيح الأثر ومذاهب العلماء ما يشفي ويكفي في باب حميد الطويل من هذا الكتاب والحمد لله

374
حديث رابع وأربعون من البلاغات
338 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني لأنسى أو أنسى لأسن (4 2) أما هذا الحديث بهذا اللفظ فلا أعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه والله أعلم وهو أحد الأحاديث الأربعة في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة والله أعلم ومعناه صحيح في الأصول وقد مضت آثار في باب نومه عن الصلاة تدل على هذا المعنى نحو قول صلى الله عليه وسلم إن الله قبض أرواحنا لتكون سنة لمن بعدكم
وقال صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر أنسى كما تنسون
وثبت صلى الله عليه وسلم معلما فما سن لنا اتبعناه وقد بلغ ما أمر به ولم يتوفاه الله حتى أكمل دينه سننا وفرائض والحمد لله

375
حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو الطيب وجيه بن الحسن بن يوسف قال حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة القاضي قال حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا أبو بكر النهشلي حدثنا عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد عن أبيه عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر أو العصر شك أبو بكر لا يدري أيهما قال عبد الرحمن وقد سماها عبد الرحمن فصلى خمسا فقيل يا رسول الله أزيد في الصلاة قال وما ذاك قال صليت خمسا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون

376
حديث خامس وأربعون من البلاغات
438 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة
هذا حديث لا أعرفه بوجه من الوجوه في غير الموطأ إلا ما ذكره الشافعي في كتاب الاستسقاء عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا نشأت بحرية ثم استحالت شآمية فهو أمطر لها
وابن أبي يحيى مطعون عليه متروك وإن كان فيه نبل ويقظة اتهم بالقدر والرفض وبلاغ مالك خير من حديثه والله أعلم
وأما قوله إذا نشأت بحرية فمعناه إذا ظهرت سحابة من ناحية البحر وارتفعت يقال أنشأ فلان يقول كذا إذا ابتدأ قوله وأظهره بعد سكوت وكذلك قولهم أنشأ فلان حائط نخل أو بئرا أو كرما أي عمل ذلك وأظهره للناس وكل ما بدأ من الأعمال وظهر

377
فقد أنشأ ومنه قول الله عز وجل * (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) * أي السفن الظاهرات في البحر كالجبال الظاهرات في الأرض وإنما سمى السحابة بحرية لظهورها من ناحية البحر يقول إذا طلعت سحابة من ناحية البحر وناحية البحر بالمدينة الغرب ثم تشاءمت أي أخذت نحو الشام والشام من المدينة في ناحية الشمال كأنه يقول إذا مالت السحابة الظاهرة من جهة الغرب إلى جهة الشمال فتلك عين غديقة أي ماء معين والعين مطر أيام لا يقلع وقيل العين ماء عن يمين قبلة العراق وقيل كل ماء مر من ناحية الفرات يقول فتلك سحابة يكون ماؤها غدقا والغديق الغزير وغديقة تصغير غدقة وسمي الرجل الغيداق لكثرة سخائه ومن هذا قول الله عز وجل * (لأسقيناهم ماء غدقا) * 7216 أي غزيرا كثيرا
قال كثير وتغدق أعداد به ومشارب يقول يكثر المطر عليه وأعداد جمع عد وهو الماء الغزير ومنه الحديث في الماء العد
وقال عمر بن أبي ربيعة إذا ما زينب ذكرت سكبت الدمع متسقا كأن سحابة تهمي بماء حملت غدقا

378
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إنما خرج على العرف والعادة لا على أنه يعلم نزول الماء بشيء من الأشياء علما صحيحا لا يخلف (لأن ذلك من علم الغيب) بل قد صح أن المدرك لعلم شيء من ذلك مرة قد يخطئ فيه من الوجه الذي أصاب مرة أخرى فليس بعلم صحيح يقطع عليه ومعلوم أن النوء قد يخوي فلا ينزل شيئا وإنما هي تجارب تخطئ وتصيب وعلم الغيب على صحة هو لله عز وجل وحده لا شريك له ونزول الغيث من مفاتيح الغيب الخمس التي لا يعلمها إلا الله عز وجل
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن عمر بن إسحاق الجوهري حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج حدثنا يحيى بن بكير وسعيد بن عفير قالا حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه قال مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله
هكذا حدثني به موقوفا عن ابن عمر لم يتجاوزه

379
وقد روي هذا الحديث مرفوعا عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ثم تلا * (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) *
وممن رفع هذا الحديث سليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر وصالح بن قدامة رووه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال مطرنا نبوء كذا فهو كافر بالله مؤمن بالكوكب وهذا عند أهل العلم محمول على ما كان أهل الشرك يقولونه من إضافة المطر إلى الأنواء دون الله تعالى فمن قال ذلك واعتقده فهو كافر بالله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن النوء مخلوق والمخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا
وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على معنى مطرنا في وقت كذا وكذا فإن النوء الوقت في لسان العرب أيضا يريد أن ذلك الوقت يعهد فيه ويعرف نزول الغيث بفعل الله وفضله ورحمته فهذا ليس بكافر
وقد جاء عن عمر أنه قال للعباس ما بقي من نوء الثريا وما

380
بقي من نوء الربيع على العادة والعرف عندهم أن تلك الأوقات أوقات أمطار إذا شاء ذلك الواحد القهار وقد زدنا هذا المعنى بيانا في باب صالح بن كيسان من هذا الكتاب والحمد لله

381
حديث سادس وأربعون من البلاغات
538 مالك أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام بالسبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر (19 14)
هكذا روى يحيى عن مالك هذا الحديث وتابعه قوم ورواه القعنبي والشافعي وابن وهب وابن القاسم وابن بكير وأكثر الرواة عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكروا الحديث مثله سواء هو محفوظ مشهور من حديث نافع عن ابن عمر لمالك وغيره ومحفوظ أيضا لمالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر
أخبرنا أحمد بن سعيد بن بشر وأحمد بن عبد الله قالا حدثنا مسلمة بن القاسم قال حدثنا أبو رزق أحمد بن محمد بن بكير البهزاني البصري بالبصرة قال حدثنا أبو عمر محمد بن محمد بن خلاد الباهلي قال حدثنا معن بن عيسى القزاز قال حدثنا مالك عن

382
نافع عن ابن عمر أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر
ورواه حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال كانوا لا يزالون يقصون على رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا أنها في الليلة السابعة من العشر الأواخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني أرى رؤياكم قد تواطأت إنها ليلة السابعة في العشر الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها ليلة السابعة من العشر الأواخر وقد مضى
القول ممهدا مبسوطا في ليلة القدر عند ذكر حديث حميد الطويل عن أنس من هذا الكتاب والحمد لله
أخبرنا عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا أبو محمد الحسن بن يحيى القلزمي قال حدثنا عبد الله بن علي بن الجارود قال حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا جابر بن يزيد بن رفاعة عن يزيد بن أبي سليمان قال سمعت زر ابن حبيش يقول لولا سفهاؤكم لوضعت يدي في أذني ثم ناديت ألا إن ليلة القدر في السبع الأواخر قبلها ثلاث وبعدها ثلاث نبأ من لم يكذبني عن نبأ من لم يكذبه يعني به أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم

383
حديث سابع وأربعون من البلاغات
638 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف (31 69)
وهذا الحديث محفوظ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح رواه الثقات عن عمرو بن شعيب وعمرو بن شعيب ثقة إذا حدث عنه ثقة وإنما دخلت أحاديثه عن جده صحيفة يقول إنها مسموعة صحيحة وكتاب عبد الله بن عمرو عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أشهر عند أهل العلم وأعرف من أن يحتاج إلى أن يذكر ههنا ويوصف وقد ذكرناه من طريق في كتاب العلم والحمد لله
وحديثا عمرو بن شعيب هذا حدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عمرو بن شعيب قال حدثني أبي عن جدي حتى ذكر عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بيع وسلف ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك

384
قال أبو عمر أجمع العلماء على أن من باع بيعا على شرط سلف يسلفه أو يستسلفه فبيعه فاسد مردود إلا أن مالكا في المشهور من مذهبه يقول في البيع والسلف إنه إذا طاع الذي اشترط السلف بترك سلفه فلم يقبضه جاز البيع
هذا قوله في موطئه وتحصيل مذهبه عند أصحابه أن البائع إذا أسلف المتشري مع السلعة ذهبا أو ورقا معجلا وأدرك ذلك فسخ وإن فاتت رد المشتري السلعة ورجع عليه بقيمة سلعته يوم قبضها ما بينه وبين ما باعها به فأدنى من ذلك فإن زادت قيمتها على الثمن الذي باعها به لم يرد عليه شيئا لأنه قد رضي به على أن أسلف ولو أن المشتري كان هو الذي أسلف البائع فسخ البيع أيضا بينهما ورجع البائع بقيمة سلعته بالغا ما بلغت إلا أن تنقص قيمتها من الثمن فلا ينقص المشتري من الثمن لأنه قد رضي به على أن أسلف معه سلفا
وقال محمد بن مسلمة من باع عبدا بمائة دينار وشرط أنه يسلفه سلفا فإن البيع مفسوخ إلا أن يقول المشتري لا حاجة لي بالسلف قبل أن يقبضه فيجوز البيع
وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لا يجوز البيع وإن رضي مشترط السلف بترك السلف وهو قول الشافعي وجمهور العلماء لأن البيع وقع فاسدا فلا يجوز وإن أجيز

385
وقال الأبهري قد روى بعض المدنيين عن مالك أنه لا يجوز وإن ترك السلف قال وهو القياس أن يكون عقد البيع فاسدا في اشتراط السلف كالبيع في الخمر والخنزير لأن البيع قد وقع فاسدا في عقده فلا بد من فسخه إلا أن يفوت فيرد السلف ويصلح بالقيمة
وقد سأل محمد بن أحمد بن سهل البركاني إسماعيل بن إسحاق القاضي عن الفرق بين البيع والسلف وبين رجل باع غلاما بمائة دينار وزق خمر أو شيء حرام ثم قال أنا أدع الزق أو الشيء الحرام قيل أن يأخذه وهذا البيع مفسوخ عند مالك غير جائز فقال إسماعيل الفرق بينهما أن مشترط السلف هو مخير في أخذه أو تركه وليس مسألتك كذلك ولو قال أبيعك غلامي بمائة دينار على أني إن شئت أن تزيدني زق خمر زدتني وإن شئت تركته ثم ترك الزق خمر جاز اليع ولو أخذه فسخ البيع بينهما فهذا مثل مسألة البيع والسلف
هذا معنى كلام إسماعيل
وكان سحنون يقول إنما يصح البيع في ذلك إذا لم يقبض السلف وترك وأما إذا قبض السلف فقد تم الربا بينهما والبيع حينئذ حرام مفسوخ على كل حال
وقال يحيى بن عمر سحنون أصلحه بترك السلف وإنما كان يرد السلف
وقال الفضل بن سلمة وكذلك قرأناه على يحيى بن عمر إذا رد السلف

386
قال أبو عمر ما حكاه الفضل فيشبه أن يكون في غير الموطأ وأما لفظ الموطأ من رواية القعنبي وابن القاسم وابن بكير وابن وهب ويحيى بن يحيى فإنما هو قال مالك فإن ترك السلف جاز البيع وترك غير رد لأن الرد لا يكون إلا بعد القبض وإذا قبض السلف فهو كما قال سحنون وإن كان من أصل مالك إجازة بيوع وقعت فاسدة ثم أدركها الإصلاح كبيع الغاصب يخبره بعد العقد مالكه ونحو هذا وكذلك نكاح العبد عنده موقوف على إجازة سيده

387
حديث ثامن وأربعون من البلاغات
738 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة (31 72)
وهذا يتصل ويستند من حديث ابن عمر وأبي هريرة وابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح وهو حديث مشهور عند جماعة الفقهاء معروف غير مرفوع عند واحد منهم حدثنا سعيد بن نصر ويحيى بن عبد الرحمن قالا حدثنا محمد ابن عبد الله بن أبي دليم قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشيم أخبرنا يونس عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا هشيم عن يونس ابن عبيد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن بيعتين في بيعة
وحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة

388
وأخبرنا محمد بن عبد الله قال حدثنا الميمون بن حمزة قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا الدراوردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة
وأخبرنا عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا أبو محمد القلزمي قال حدثنا ابن الجارود قال حدثنا عبد الله بن هاشم قال حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة
وأخبرنا إبراهيم بن شاكر حدثنا محمد بن أحمد حدثنا محمد بن أيوب حدثنا أحمد بن عمرو البزار حدثنا الفضل بن سهل حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا شريك عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن زكرياء عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من باع بيعتين في بيعاة فله أوكسهما أو الربا

389
قال أبو عمر معنى هذا الحديث عند أهل العلم أن يبتاع الرجل سلعتين مختلفتين إحداهما بعشرة والأخرى بخمسة عشر قد وجب البيع في إحدى السلعتين بأيهما شاء المشتري هو في ذلك بالخيار بما سمي من الثمن ورد الأخرى ولا يعين المأخوذة من المتروكة فهذا من بيعتين في بيعة عند مالك وأصحابه فإن كان البيع على أن المشتري بالخيار فيهما جميعا بين أن يأخذ أيتهما شاء وبين أن يردهما جميعا ولا بيع بينهما فذلك جائز وليس من باب بيعتين في بيعة ومن ذلك أن يبتاع الرجل من آخر سلعة بعشرة نقدا أو بخمسة عشر إلى أجل قد وجبت للمشتري بأحد الثمنين وافترقا على ذلك وهكذا فسره مالك وغيره وقال مالك هذا لا ينبغي لأنه إن أخر العشرة كانت خمسة عشر إلى أجل وإن نقد العشرة كان كأنه اشترى بالخمسة عشر إلى أجل قال مالك وكذلك إذا باع رجل سلعة بدينار نقدا أو بشاة موصوفة إلى أجل قد وجب البيع عليه بأحد الثمنين ذلك مكروه لا ينبغي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة وهذا من بيعتين في بيعة قال مالك ومن ذلك أيضا أن يشتري منه العجوة خمسة عشر صاعا بدينار والصيحاني عشرة أصوع قد وجبت إحداهما فهذا من المخاطرة ويفسخ عند مالك هذا البيع أبدا فإن فات البيع ضمن المبتاع قيمته يوم قبضه لا يوم البيع بالغا ما بلغ إلا أن يكون مكيلا غير رطب فيرد مكيلته وإن قبض

390
السلعتين وفاتتا ردا جميعا إلى القيمة يوم قبضهما المشتري بالغا ما بلغت وأما إذا كان ما قدمنا ذكره في السلعتين على وجه المساومة من غير إيجاب أو كان البيع على أن المشتري بالخيار فيهما جميعا بين أن يأخذ أيتهما شاء وبين أن يردهما جميعا ولا بيع بينهما فلا بأس بذلك لأن المشتري بالخيار في أي الثمنين شاء وبالخيار أيضا في الأخذ أو الترك
وقال الشافعي هما وجهان أحدهما أن يقول قد بعتك هذا العبد بألف دينار نقدا أو بألفين إلى سنة قد وجب لك البيع بأيهما شئت أنا أو شئت أنت فهذا بيع الثمن فيه مجهول
والثاني أن يقول قد بعتك عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك بألف إذا وجب لك عبدي وجبت دارك لي لأن ما نقص كل واحد منهما مما باع ازداده فيما اشتراه فالبيع في هذا كله مفسوخ فإن فات ففيه القيمة حين قبض ومثل هذا عند الشافعي أن يبيعه سلعة بكذا على أن يبيعه بالثمن كذا كرجل قال لآخر أبيعك ثوبي هذا بعشر دنانير على أن تبيعني بالعشرة دنانير دابة كذا أو سلعة كذا أو مثاقيل عدد كذا هذا كله من باب بيعتين في بيعة عند الشافعي وجماعة
قال ومن هذا الباب نهيه عليه السلام عن بيع وسلف لأن من سنته أن تكون الأثمان معلومة والبيع معلوما وإذا انعقد البيع على السلف والمنفعة بالسلف مجهولة فصار الثمن غير معلوم

391
قال أبو عمر كل يخرج للحديث معنى على أصله ومن أصل مالك مراعاة الذرائع ومن أصل الشافعي ترك مراعاتها وللكلام في ذلك موضع غير هذا والله الموفق للصواب
ولم يختلف قول مالك وأصحابه فيما علمت من مشهور مذهبهم فيمن باع سلعته بدراهم على أن يأخذ بالدراهم دنانير وكان ذلك في عقد الصفقة أن ذلك جائز وأن البيع إنما وقع بالدنانير لا بالدراهم وليس ذلك عندهم من باب بيعتين في بيعة وذلك عند الشافعي كما وصفنا
واتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة على فساد البيع إذا كان من باب بيعتين في بيعة على حسبما ذكرنا من النقد بكذا والنسيئة بكذا أو إلى أجلين أو نقدين مختلفين أو صفتين من الطعام مختلفتين وما أشبه هذا كله
وقال الأوزاعي لا بأس بذلك ولا يفارقه حتى يأتيه بأحد البيعتين وإن أخذ السلعة على ذلك فهي بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين
وقال ابن شبرمة إذا فارقه على ذلك ففات البيع عليه أقل الثمنين نقدا

392
قال أبو عمر عليه في قول مالك والشافعي وأبي حنيفة القيمة كسائر البيوع الفاسدة عندهم

393
حديث تاسع وأربعون من البلاغات
838 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء وصلى الناس عليه أفذاذا لا يؤمهم أحد فقال ناس يدفن عند المنبر وقال آخرون يدفن بالبقيع فجاء أبو بكر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه فحفر له فيه فلما كان عند غسله أرادوا نزع
قميصه فسمعوا صوتا يقول لا تنزعوا القميص فلم ينزع القميص وغسل وهو عليه صلى الله عليه وسلم (16 27)
قال أبو عمر هذا الحديث لا أعلمه يروي على هذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالك هذا ولكنه صحيح من وجوه مختلفة وأحاديث شتى جميعها مالك والله أعلم
فأما وفاته يوم الاثنين فقرأت على أبي القاسم خلف بن القاسم ابن سهل أن أبا بكر محمد بن أحمد بن المسور حدثهم قال حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن معاوية العتبي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثني الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب قال

394
أخبرني أنس بن مالك أن المسلمين بيناهم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر رضي الله عنه يصلي بهم لم يفجئهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في الصلاة يضحك فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة
قال أنس فهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر قال أنس بن مالك فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب قال حدثنا إبراهيم بن سعد قال أخبرنا ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن أنس قال لما كان يوم الاثنين الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر قال لعائشة أي يوم توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يوم الاثنين
وهذا لا خلاف بين العلماء فيه وقالت عائشة توفي بين سحري ونحري وفي يومي ودولتي لم أظلم فيه أحدا ذكره ابن إسحاق عن يحيى بن

395
عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة بالإسناد المتقدم عن ابن إسحاق
وأما دفنه يوم الثلاثاء فمختلف فيه فمن أهل العلم بالسير من يصحح ذلك على ما قال مالك ومنهم من يقول دفن ليلة الأربعاء وقد جاء الوجهان في أحاديث بأسانيد صحيحة
حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن شريك بن أبي نمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن يوم الثلاثاء
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدر عائشة حين زاغت الشمس فشغل الناس عن دفنه بشأن الأنصار فلم يدفن حتى كانت العتمة ولم يله إلا أقاربه ولم يصل الناس عليه إلى عصبا بعضهم قبل بعض
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن امرأته فاطمة ابنة محمد بن عمارة عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء
قال ابن إسحاق وحدثتني فاطمة بنت محمد بن عمارة بهذا الحديث

396
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت محمد بن عمارة عن عمرة عن عائشة فذكره
وأما صلاة الناس عليه أفذاذا فمجتمع عليه عند أهل السير وجماعة أهل النقل لا يختلفون فيه وقد ذكرناه عن ابن شهاب أيضا في هذا الباب وهو محفوظ في حديث سالم بن عبيد الأشجعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحديث الطويل في مرضه ووفاته صلى الله عليه وسلم أخبرناه عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن العباس الكابلي قال حدثنا عاصم بن علي قال حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سلمة بن نبيط عن نعيم بن أبي هند عن نبيط بن شريط وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم عن سالم بن عبيد وكان من أهل الصفة فذكر الحديث قال فيه فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا قوما أميين ولم يكن فيهم نبي قبله قال عمر لا يتكلمن بموته أحد إلا ضربته بسيفي هذا فقالوا لي اذهب إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعه يعني أبا بكر قال فذهبت أمشي فوجدته في المسجد فأجهشت فقال لي لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي فقلت إن عمر قال لا يتكلمن بموته أحد إلا ضربته بسيفي هذا قال فأخذ بساعدي ثم أقبل يمشي حتى دخل بيته فأكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان وجهه يمس وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استبان له أنه قد توفي فقال * (إنك ميت وإنهم ميتون) * 3930 قالوا يا صاحب رسول الله

397
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قالوا يا صاحب رسول الله هل يصلى على الأنبياء قال يجيء قوم فيكبرون ويدعون ويجيء آخرون حتى يفرغ الناس قال فعرفوا أنه كما قال ثم قال قالوا يا صاحب رسول الله هل يدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قالوا أين قال حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضه إلا في مكان طيب قال فعرفوا أنه كما قال ثم قال عندكم صاحبكم ثم خرج فاجتمع إليه المهاجرون وذكر تمام الحديث
ورواه مسدد بن مسرهد قال حدثنا عبد الله بن داود قال حدثنا سلمة بن نبيط عن نعيم بن أبي هند عن نبيط بن شريط عن سالم ابن عبيد قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر لا أسمع رجلا يقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ضربته بالسيف وكانوا أميين ولم يكن فيهم نبي قبله فقال اسكنوا قالوا يا سالم بن عبيد اذهب
إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعه وساق الحديث بمعنى ما تقدم إلى آخره
وأما دفنه في الموضع الذي دفن فيه وحديث أبي بكر في ذلك فمعروف أيضا رواه عن أبي بكر في ذلك فمعروف أيضا رواه عن أبي بكر عائشة وابن عباس حدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن ابن أبي بكر عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت اختلفوا في دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم

398
حين قبض فقال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقبض النبي إلا في أحب الأمكنة إليه فقال ادفنوه حيث قبض
وحدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب الرقي قال حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال وجدت في كتابي عن أبي كريب قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
وحدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا أحمد بن عمرو قال حدثنا محمد ابن عبد الله بن عبيد بن عقيل قال حدثني جدي عبيد بن عقيل قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن أبي بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض
وحدثنا ابن شاكر قال حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا محمد ابن أيوب قال حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا محمد بن عثمان العقيلي حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن إسحاق حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه فقال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض

399
وقد استدل قوم على فضل المدينة بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وأن المولود يخلق من التربة التي يدفن فيها ورووا بذلك أثرا
وقد أخبرنا خلف بن أحمد حدثنا أحمد بن مطرف حدثنا سعيد بن عثمان حدثنا مالك بن عبد الله بن سيف قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن داود بن أبي هند قال حدثني عطاء الخراساني أن الملك ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب ومن النطفة وذلك قوله * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) * 2055
وأما قصة نزع القميص وأنه غسل في قميصه صلى الله عليه وسلم فقد روى مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص وقد ذكرنا هذا الخبر في باب جعفر بما يغني عن ذكره ههنا وقد روي هذا الحديث مسندا من وجه صحيح من حديث أهل المدينة ذكروا التخيير والحديث كله
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال سمعت عائشة تقول لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما

400
نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجلا إلا وذقنه في صدره ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم وكانت عائشة تقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه
وذكر مالك في باب دفن الميت أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ما صدقت بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت وقع الكرازين ولا أحفظه عن أم سلمة متصلا والمعروف حديث عائشة ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن صح حديث أم سلمة فلعله أن يكون أدركها من الجزع عليه ما أدرك عمر رضي الله عنه فظنت أنه غشي عليه وأسري به إلى ربه على نحو ما ظن عمر حين خطبهم فقال إن محمدا لم يمت وأنه ذهب به إلى ربه وسيرجع فيقطع أيدي رجال فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على) *

401
* (أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا) * 2 الآية قال عمر فكأني لم أسمع هذه الآية إلا يومئذ
قال أبو عمر الكرازين يعني المساحي والمحافر وقد ذكرنا هذا الخبر من حديث عائشة مسندا في هذا الباب والحمد لله
وقد مضى في باب جعفر ابن محمد خبر غسله في قميصه صلى الله عليه وسلم وجرى ذكره ههنا لما في خبر مالك من ذلك ولم يختلف في أن الذين غسلوه علي والفضل بن عباس واختلف في العباس وأسامة بن زيد وقثم بن العباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل هؤلاء كلهم شهدوا غسله وقيل لم يغسله غير علي والفضل كان يصب الماء وعلي يغسله وقيل كان الناس قد تنازعوا ذلك
فصاح أبو بكر يا معشر الناس كل قوم أولى بجنائزهم من غيرهم فانطلق الأنصار إلى العباس فكلموه فأدخل معهم أوس ابن خولي وكان الفضل والعباس يقلبانه وأسامة بن زيد وقثم يصبان الماء على علي رحمه الله
وروي من وجه آخر أن العباس كان بالباب لم يحضر الغسل يقول لم يمنعني أن أحضره إلا أني كنت أراه صلى الله عليه وسلم يستحيي أن يراني أراه حاسرا صلوات الله وسلامه عليه ورضي الله عن جميع صحابته وأزواجه وسلم تسليما

402
حديث موفي خمسين من البلاغات
938 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لا ومقلب القلوب (22 15)
وهذا يستند من حديث ابن عمر وغيره من طرق حجازية صحاح حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا محمد ابن أبي بكر المقدمي حدثنا بشر بن منصور عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه قال كانت أكثر أيمان النبي صلى الله عليه وسلم لا ومقلب القلوب
وقد روى هذا الحديث نافع عن سالم حدثناه خلف بن القاسم قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي حدثنا محمد بن علي ابن زيد الصائغ حدثنا عبد العزيز بن يحيى حدثنا سليمان بن بلال عن موسى بن عقبة عن نافع عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر قال كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما سمعتها منه لا ومقلب القلوب
هكذا قال عن موسى عن نافع عن سالم ورواه ابن المبارك عن موسى عن سالم لم يذكر نافعا أخبرنا خلف بن

403
أحمد حدثنا أحمد بن مطرف حدثنا سعيد بن عثمان حدثنا علي بن معبد حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه قال كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يحلف بها لا ومقلب القلوب
ورواه عبد الله بن عمرو بن العاصي أخبرناه خلف بن أحمد حدثنا أحمد بن مطرف حدثنا سعيد بن عثمان حدثنا علي بن معبد حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا حيوة بن شريح عن أبي هانىء الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك
ورواه النواس بن سمعان ذكره ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن بسر بن عبيد الله قال سمعت أبا إدريس الخولاني يقول سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه وكان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا عن دينك قال والميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ويخفض آخرين إلى يوم القيامة

404
وحدثنا أحمد بن فتح حدثنا محمد بن عبد الله بن زكرياء النيسابوري حدثنا العباس بن محمد حدثنا سلمة بن شبيب أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن هشام عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك قالت له أم سلمة ما أكثر ما يقول يا مقلب القلوب فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء
ويستند أيضا من حديث عائشة وأم سلمة وروى المستورد وغيره أن أكثر ما كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ونفس أبي القاسم بيده وهذا كله هو اليمين بالله وذلك أمر مجتمع عليه والحمد لله
ومخرج هذه الأحاديث كلها مجاز في الصفات مفهوم عند أهل العلم يفيدها قول الله عز وجل * (ربنا لا تزغ قلوبنا) * 38 * (الآية) *

405
حديث حاد وخمسون من البلاغات
48048048 048 مالك أنه بلغه أن رجلا من الأنصار من بني الحرث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة فهلكا فورث ابنهما المال وهو نخل فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد أجرت في صدقتك وخذها بميراثك (36 54)
وهذا الحديث في رجوع الصدقة بالميراث روي من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسنها حديث بريدة الأسلمي وقد تكلمنا على معنى رجوع الصدقة إلى المتصدق بالميراث والشراء وبالهبة ونحو ذلك وذكرنا مذاهب العلماء في ذلك عند ذكر قصة لحم بريرة في باب ربيعة من هذا الكتاب فلا وجه لتكرير ذلك ههنا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو بكر حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كنت تصدقت على أمي بوليدة وأنها ماتت وتركت تلك الوليدة قال وجب أجرك ورجعت إليك بالميراث

406
قال أبو عمر على القول بجواز رجوع الصدقة إلى الوارث بالميراث جمهور العلماء على ما في هذا الخبر إلا فرقة شذت وكرهت ذلك وفرقة استحبت للوارث أن يتصدق بها
لا معنى للاشتغال بحكاية قولها مع مخالفة السنة لها وما توفيقي إلا بالله
وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد فيه لين ولكنه احتمل

407
حديث ثان وخمسون من البلاغات
148 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من الجعرانة (20 27)
وهذا إنما أحفظه مسندا من حديث محرش الكعبي الخزاعي عن رجل من الصحابة قد ذكرناه ونسبناه في كتاب الصحابة ولا يعرف هذا الحديث إلا به والله أعلم وهو حديث صحيح من رواية أهل مكة حدثناه سعيد بن نصر قراءة مني عليه أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا عبد الله بن روح المدائني قال حدثنا عثمان بن عمر قال أخبرنا ابن جريج عن مزاحم بن أخي مزاحم عن عبد العزيز بن أبي عبد الله عن محرش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم الجعرانة معتمرا فدخل مكة ليلا فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم أتى الجعرانة كالبائت فمر ببطن سرف ثم أتى المدينة
هكذا قال شيخنا في هذا الإسناد عبد العزيز بن أبي عبد الله وإنما هو عبد العزيز بن عبد الله ولكنه كذلك كان في كتاب قاسم في حديث عبد الله بن روح
وحدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن نافع قال حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن حدثنا

408
هشام بن سليمان وعبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني مزاحم بن أبي مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الجعرانة حين أمسى معتمرا فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ثم خرج من تحت ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت حتى إذا زالت الشمس خرج من الجعرانة في بطن سرف حتى جامع الطريق طريق المدينة بسرف
قال محرش فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله أن محرش الكعبي أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة ثم أصبح بمكة كبائت قال فرأيت ظهره كأنه سبيكة فضة
وروى معمر عن هشام بن عروة عن أبيه قال لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف فكان بالجعرانة اعتمر منها

409
حديث ثالث وخمسون من البلاغات مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثا عام الحديبية وعام القضية
وعام الجعرانة
وهذا يروى أيضا من وجوه قد ذكرنا كثيرا منها في باب هشام بن عروة
حدثنا عبد الوارث بن سفيان وعمر بن حسين قالا حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر اعتمر من الجحفة عام الحديبية فصده الذين كفروا في ذي القعدة سنة ست واعتمر من العام المقبل في ذي القعدة سنة ست واعتمر من العام المقبل في ذي القعدة سنة سبع آمنا هو وأصحابه ثم اعتمر الثالثة في ذي القعدة سنة ثمان حين أقبل من الطائف من الجعرانة
قال أبو عمر هكذا كان ابن شهاب يقول كلهن في ذي القعدة وكذلك في حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي وغيره وقد ذكرنا ذلك في باب هشام

410
ابن عروة وفي حديث هشام بن عروة عن أبيه إحداهن في شوال واثنتان في ذي القعدة
وروى معمر عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعا فذكر مثل ما ذكر موسى بن عقبة عنه وزاد منهن واحدة مع حجته وذهب إلى هذا جماعة وقد ذكرنا ذلك في باب هشام بن عروة عن أبيه من كتابنا هذا والحمد لله
حدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب الرقي حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق حدثنا محمد بن معمر حدثنا سهل بن بكار حدثنا وهيب عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأبي الزبير عن جابر أن النبي الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمر كلها في ذي القعدة إحداهن زمن الحديبية والأخرى في صلح قريش والآخرة مرجعه من الطائف زمن حنين من الجعرانة
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا يزيد أخبرنا زكرياء عن أبي إسحاق عن البراء قال اعتمر رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ثلاث عمر فقالت عائشة لقد علم أنه اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج فيها

411
قال أبو عمر قد مضى القول في إيجاب العمرة وجوازها قبل الحج وجواز اعتمار عمر في عام واحد وما في ذلك كله للعلماء من المذاهب والتنازع والوجوه في باب باب عبد الرحمن بن حرملة من هذا الكتاب والحمد لله

412
حديث رابع وخمسون من البلاغات
348 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى طوافه بالبيت ركع الركعتين وإذا أراد أن يخرج إلى الصفا استلم الركن الأسود (20 112)
هكذا هذا الحديث عند رواة الموطأ عن مالك ورواه الوليد بن مسلم عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وهو محفوظ من حديث جابر من طرق صحاح من رواية مالك وغيره
أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير عن الوليد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * 2125 فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب و * (قل يا أيها الكافرون) * 1091 و * (قل هو الله أحد) * 1121 ثم عاد إلى الركن واستلمه ثم خرج إلى الصفا

413
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعا رمل ثلاثا ومشى أربعا ثم قرأ * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * 2 فصلى سجدتين جعل المقام بينه وبين الكعبة ثم استلم الركن ثم خرج فقال * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) * نبدأ بما بدأ الله به
قال أبو عمر هذا الحديث من حديث جابر الطويل في الحج رواه حاتم بن إسماعيل وجماعة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حديثه الطويل قال فيه ثم رجع فاستلم الحجر ثم خرج من الباب إلى الصفا
وطرقه كثيرة جدا صحاح كلها فأما ركوع الطائف بالبيت إذا فرغ من طوافه وطاف سبعا فإنه يصلي ركعتين عند المقام إن قدر وإلا فحيثما قدر من المسجد وهذا إجماع
من العلماء لا خلاف بينهم في ذلك واختلفوا إذا صلاهما في الحجر فجمهور العلماء على أن ذلك جائز لا بأس به وهو مذهب عطاء والثوري والشافعي وأبو حنيفة
وروي ذلك عن ابن عمر وابن الزبير وسعيد بن جبير وغيرهم
وقال مالك إن صلى صلاة الطواف الواجب في الحجر أعاد

414
الطواف والسعي بين الصفا والمروة وإن لم يركعهما حتى بلغ بلده أهراق دما ولا إعادة عليه
قال أبو عمر أكثر أهل العلم لا يرون الدم مدخلا في شيء من أبواب الصلاة في الحج وغير الحج وإنما يرون في ذلك الإعادة على من لم يصل ما وجب عليه من ذلك ناسيا إذا ذكر
واختلفوا فيمن نسي ركعتي الطواف حتى خرج من الحرم أو رجع إلى بلده فقال الشافعي وأبو حنيفة يركعهما حيثما ذكر من حل أو حرم
وقال سفيان الثوري يركعهما حيثما شاء ما لم يخرج من الحرم
وقال مالك إن لم يركعهما حتى يرجع إلى بلده فعليه هدي
قال أبو عمر من أوجب الدم في ذلك فحجته أن ذلك النسك والشعائر وقد قال ابن عباس من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما إلا أن مالكا لا يرى على من نسي طواف الوداع أو تركه دما وهو من النسك عند جميعهم ومن حجة من لم ير في ركعتي الطواف غير القضاء القياس

415
على الصلاة المكتوبة في الحج وليس ركعتا الطواف بأوكد من المكتوبة وأكثر أحوالهما أن يحكم لهما بحكمهما في القضاء على من نسيهما أو تركهما وبالله التوفيق
وأما استلام الركن فسنة مسنونة عند ابتداء الطواف وعند الخروج بعد الطواف والرجوع إلى الصفا لا يختلف أهل العلم في ذلك قديما وحديثا والحمد لله
حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وصلى الركعتين عند المقام قرأ فيهما * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * ثم قرأ * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * ثم عاد إلى الحجر فاستلمه ثم خرج إلى الصفا
قال أبو عمر كان مالك يستحب لمن طاف بالبيت أن يركع عند المقام فإن لم يقدر فحيث أمكنه فإذا ركع أتى الحجر فاستلمه بيده ووضع يده عليه فيه ثم خرج إلى الصفا للسعي ومن ترك الاستسلام فلا شيء عليه ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف كيف صنعت في استلام الركن الأسود فقال استلمت وتركت فقال أصبت

416
حديث خامس وخمسون من البلاغات
448 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر (20 166)
وهذا الحديث يتصل من حديث جابر بن عبد الله ومن حديث ابن عباس ومن حديث علي بن أبي طالب قال ابن وهب سألت سفيان ابن عيينة عن عرنة فقال موضع الممر في عرفة ثم ذلك الوادي كله قبلة المسجد إلى العلم الموضوع للحرم بطريق مكة وأما بطن محسر فذكر ابن وهب أيضا عن سفيان بن عيينة قال بطن محسر حين تنحدر من الجبل الذي عند المشعر الحرام عند النخيلات عند المشلل
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن جعفر بن عمران قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا أسامة يعني ابن زيد عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفة كلها موقف ومنى كلها منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر

417
قال أبو عمر هذا هو الصحيح إن شاء الله ومن رواه عن عطاء عن ابن عباس فليس بشيء روى من حديث عبيد الله بن عمر عن عطاء عن ابن عباس وليس دون عبيد الله من يحتج به في ذلك
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا جعفر بن محمد حدثني أبي عن جابر قال ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم قد نحرت ههنا ومنى كلها منحر ووقف بعرفة فقال قد وقفت ههنا وعرفة كلها موقف ووقف بالمزدلفة فقال قد وقفت ههنا والمزدلفة كلها موقف
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا حفص عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقفت ههنا بعرفة وعرفة كلها موقف
ووقفت ههنا بجمع وجمع كلها موقف ونحرت ههنا بمنى ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم
قال أبو عمر أكثر الآثار ليس فيها استثناء بطن عرنة من عرفة ولا بطن محسر من المزدلفة وكذلك نقلها الحفاظ الأثبات الثقات من أهل الحديث في حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في الحديث الطويل في الحج ليس فيه استثناء عرنة ولا محسر
وقد روى الدراوردي عن محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث مالك سواء المزدلفة كلها موقف إلا بطن

418
محسر وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة
ومحمد بن أبي حميد مدني ضعيف
وذكره ابن وهب في موطئه قال أخبرني محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عرفة موقف إلا ما جاز بطن عرنة وكل الزدلفة موقف إلا ما خلف بطن محسر قال وقال لي مالك الوقوف بعرفة على الدواب والإبل أحب إلي من أن أقف قائما وإن وقف قائما فلا بأس أن يستريح
قال ابن وهب وأخبرني يزيد بن عياض عن إسحاق بن عبد الله عن عمرو بن شعيب وسلمة بن كهيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا الموقف وكل عرفة موقف وارتفعوا عن بطن عرنة ومن أجاز بطن عرنة قال أن تغيب الشمس فلا حج له
قال أبو عمر يزيد بن عياض متروك الحديث لا يرى أهل العلم بالحديث أن يكتب حديثه وحديثه هذا أيضا منقطع ليس بشيء من جهة الإسناد وأما بطن عرنة فهو بغربي مسجد عرفة حتى لقد قال بعض العلماء إن الجدار الغربي من مسجد غرفة لو سقط في بطن عرنة
وقال الشافعي وعرفة ما جاز وادي عرنة الذي فيه المسجد قال ووادي عرنة من عرفة إلى الجبال المقابلة على عرفة كلها مما يلي حوائط بني عامر وطريق حضن فإذا جاوزت ذلك فليس بعرفة

419
وأما وادي محسر فهو دون المزدلفة فكل من وقف بعرفة للدعاء ارتفع عن بطن عرنة وكذلك من وقف صبيحة يوم النحر للدعاء بالمشعر بالحرام وهو المزدلفة ارتفع عن وادي محسر
قال الشافعي والمزدلفة مما يلي عرفة وليس المأزمان من المزدلفة إلى أن تأتي وادي محسر عن يمينك وشمالك من تلك البطون والشعاب والجبال كلها من مزدلفة
واختلف الفقهاء فيمن وقف من عرفة بعرنة فقال مالك فيما ذكر ابن المنذر عنه يهريق دما وحجه تام
وهذه رواية رواها خالد بن نزار عن مالك
قال أبو إسحاق بن شعبان عرنة موضع الممر من عرفة ثم ذلك الوادي من فناء المسجد إلى مكة إلى العلم الموضوع للحرم قال وعرفة كل سهل وجبل أقبل على الموقف فيما بين التلعة إلى أن يفضوا إلى طريق نعمان وما أقبل من كبكب من عرفة
وذكر أبو المصعب أنه كمن لم يقف وحجه فائت وعليه الحج من قابل إذا وقف ببطن عرنة
وروي عن ابن عباس قال من أفاض من عرنة فلا حج له
وقال القاسم وسالم من وقف بعرنة حتى دفع فلا حج له
وذكر ابن المنذر هذا القول عن الشافعي قال وبه أقول لأنه لا يجزيه أن يقف بمكان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يقف به

420
قال أبو عمر قد ذكرنا أن الاستثناء لبطن عرنة من عرفة لم يجيء مجيئا تلزم حجته لا من جهة النقل ولا من جهة الإجماع والذي ذكر المزني عن الشافعي قال ثم يركب فيروح إلى الموقف عند الصخرات ثم يستقبل القبلة بالدعاء قال وحيثما وقف الناس من عرفة أجزأهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا موقف وكل عرفة موقف
قال أبو عمر ومن حجة من ذهب مذهب أبي المصعب أن الوقوف بعرفة فرض مجتمع عليه في موضع معين فلا يجوز أداؤه إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف
قال أبو عمر قد ذكرنا فرض الوقوف بعرفة بالليل والنهار وما في ذلك ما تنازع علماء الأمصار ووجوه ذلك كله ومعانيه في باب ابن شهاب عن سالم وكذلك مضى القول في باب بن شهاب عن سالم في أحكام الوقوف بالمزدلفة والمبيت بها ممهدا ذلك كله مبسوطا واضحا والحمد لله
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا ابن نفيل حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن عبد

421
الله بن صفوان عن يزيد بن سنان قال أتانا ابن مربع الأنصاري ونحن بعرفة في مكان يباعده عمرو عن الإمام فقال أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم
وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكان سائر الناس يقفون بعرفة قالت فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه أن يأتي عرفات فيقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) * وأما بطن محسر فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسرع السير في بطن محسر
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضع في وادي محسر
ورواه أبو نعيم والقطان وابن مهدي ومحمد بن كثير عن الثوري قال حدثني أبو الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

422
قال أبو عمر الإيضاع سرعة السير وذكر ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن الحرث عن زيد بن علي بن حسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة وقال هذا الموقف وكل عرفة موقف ثم دفع فجعل يسير العنق ويقول السكينة حتى جاء المزدلفة فجمع بها بين الصلاتين ثم وقف بالمزدلفة على قزح قال هذا الموقف وكل المزدلفة موقف ثم دفع فجعل يسير العنق وهو يقول السكينة أيها الناس حتى وقف على محسر فعرج راحلته فخبت به حتى خرج عنه ثم سار سيره الأول حتى رمى ثم دخل المنحر فقال هذا المنحر وكل منى منحر
وفي حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر الحديث الطويل في الحج رواه عن جعفر بن جماعة من أئمة أهل الحديث وفيه حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها
وفيه أنه أردف الفضل بن عباس حتى أتى محسر فحرك قليلا
وروى هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يحرك في محسر ويقول إليك تعدو قلقا وضينها مخالفا دين النصارى دينها وزاد غير هشام معترضا في بطنها جنينها قد ذهب الشحم الذي يزينها

423
حديث سادس وخمسون من البلاغات
548 مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بمنى هذا المنحر وكل منى منحر وقال في العمرة هذا المنحر وكل فجاج مكة وطرقها منحر (20 178)
قال ابن وهب منى كلها منحر إلى العقبة وما وراء العقبة فليس بمنحر ومكة في العمرة منحر فجاجها بين بيوتها وما قاربها وما تباعد من البيوت فليس بمنحر
قد مضى في الباب قبل هذا كثير من أحاديث هذا الباب
وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي قال حدثنا عامر بن محمد القرمطي قال حدثنا أبو مصعب الزبيري قال حدثنا الحسين بن زيد بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بدنة بالحربة وهو بمنى وقال هذا المنحر وكل منى منحر
قال أبو عمر المنحر في الحج بمنى إجماع من العلماء
وأما العمرة فلا طريق لمنى فيها فمن أراد أن ينحر في عمرته وساق هديا يتطوع به نحره

424
بمكة حيث شاء منها وهذا إجماع أيضا لا خلاف فيه يغني عن الإسناد والاستشهاد فمن فعل ذلك فقد أصاب السنة ومن لم يفعل ونحر في غيرهما فقد اختلف العلماء في ذلك فذهب مالك إلى أن المنحر لا يجوز في الحج إلا بمنى ولا في العمرة إلا بمكة ومن نحر في غيرهما لم يجزه ومن نحر في الحج أو في العمرة في أحد الموضعين أجزأه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلهما موضعا للنحر وخصهما بذلك وقال الله عز وجل * (هديا بالغ الكعبة) * 595 فلا بد من أن يبلغ به البيت ومنى من مكة
وقال الشافعي وأبو حنيفة إن نحر في غير منى ومكة من الحرم أجزأه قالوا وإنما لمكة ومنى اختصاص الفضيلة والمعنى في ذلك الحرم لأن مكة ومنى حرم وقد أجمعوا أن من نحر في غير الحرم لم يجزه
ومن أحسن طريق حديث هذا الباب ما حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو الطيب وجيه بن الحسن بن يوسف قال حدثنا بكارابن قتيبة القاضي قال حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحرث بن عياش بن أبي ربيعة عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي

425
طالب قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال هذه عرفة وهذا الموقف وعرفة كلها موقف ثم أفاض حين غربت الشمس فأردف أسامة وجعل يسير على يمينه والناس يضربون يمينا وشمالا وهو يقول يا أيها الناس عليكم بالسكينة ثم أتى جمعا فصلى بها الصلاتين جمعا فلما أصبح أتى قزح فقال هذا قزح وهذا الموقف وجمع كلها موقف ثم أفاض فلما انتهى إلى وادي محسر قرع ناقته حتى جاز الوادي ثم وقف وأردف الفضل ثم أتى الجمرة فرماها ثم أتى المنحر بمنى فقال هذا المنحر ومنى كلها منحر فاستقبلته جارية من خثعم شابة فقالت إن أبي شيخ كبير قد أدركته فريضة الله في الحج أفيجزي أن أحج عنه فقال حجي عن أبيك ولوى عنق الفضل فقال له العباس يا رسول الله لويت عنق ابن عمك فقال رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما
فأتى رجل فقال يا رسول الله إني ذبحت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج ثم أتى البيت فطاف به ثم أتى زمزم فقال يا بني عبد المطلب سقايتكم فلولا أن يغلبكم الناس عليها لنزعت منها
وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن

426
سعيد عن جعفر بن محمد قال حدثني أبي قال حدثنا جابر قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم منى كلها منحر
قال أبو عمر هذا القول خرج على المنحر في الحج لأنه قاله في حجته صلى الله عليه وسلم

427
حديث سابع وخمسون من البلاغات
648 قال ملك لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرس إذا قفل يعني من حجته حتى يصلي فيه وإن مر به في غير وقت صلاة فليقم حتى تحل الصلاة ثم يصلي ما بدا له لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس به وأن عبد الله بن عمر أناخ به (20 206)

428
قال أبو عمر المعرس هو البطحاء التي تقرب من ذي الحليفة فيما بينهما وبين المدينة فبلاغ مالك في هذا الموضع هو مسند قد تقدم ذكره في باب نافع لأن مالكا روى عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة فصلى بها
قال نافع وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك
وذكره ابن وهب عن مالك أنه أخبره أن نافعا حدثهم أن عبد الله ابن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صدر من الحج أو العمرة أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة فصلى بها قال نافع وكان عبد الله ابن عمر يفعل ذلك وهذا يدل على أن بلاغات مالك لا يحيل فيها إلا على ثقة
وقد مضى القول في هذا الحديث في موضعه من هذا الكتاب
وأما المحصب فيقال له الأبطح وهو قرب مكة وفيه مقبرة مكة وهو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته قبل دخوله مكة وفي خروجه عنها منصرفا فقال
قوم النزول به سنة وقال آخرون ليس بسنة وكان ملك يستحب ذلك
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا حمزة بن محمد قال حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا سليمان بن داود والحرث بن مسكين قراءة

429
عليه وأنا أسمع عن ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحرث أن قتادة حدثه أن أنس بن مالك حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به
وذكر مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت
وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين أراد أن ينفر من منى نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة يعني المحصب
وروى نزوله في المحصب جماعة منهم عائشة وأبو جحيفة وأنس وغيرهم
وذكر معمر عن الزهري عن سالم أن أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون الأبطح
وعن الزهري عن عروة عن عائشة أنها لم تكن تفعل ذلك وقالت إنما نزله النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان منزلا أسمح لخروجه
وروى الزهري وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت ليس المحصب بسنة إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه

430
وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال ليس المحصب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو عمر يقال أيضا للمحصب الأبطح أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الله بن داود قال حدثنا الحسن بن صالح قال سألت عمرو بن دينار عن التحصيب بالأبطح فقال قال ابن عباس إنما كان منزلا نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي حديث أبي جحيفة قال دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالأبطح في قبة يعني المحصب
وقال مالك من تعجل في يومين فلا نعلمه يحصب
حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن حدثنا ابن شعبان حدثنا محمد ابن أحمد حدثنا يونس عن ابن وهب عن ابن أبي ذئب وغيره عن ابن شهاب أنه لا حصبة لمن تعجل في يومين
قال أبو إسحاق بن شعبان إنما التحصيب لمن صدر آخر أيام منى وبذلك سميت تلك الليلة ليلة الحصبة

431
حديث ثامن وخمسون من البلاغات
748 قال مالك بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا في الصلاة المكتوبة
قال أبو عمر روى الدعاء في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه من حديث ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وجبير بن مطعم وعائشة وغيرهم
وهذا إجماع إذا كان الدعاء بما في القرآن وعند أهل العلم يدعو بما شاء في دين ودنيا ما لم يدع بإثم ولا قطيعة رحم
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا حيوة بن شريح قال سمعت عقبة بن مسلم يقول حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك وقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وأوصى بذلك معاذ الصنابحي وأوصى بذلك الصنابحي أبا عبد الرحمن
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سليمان الأعمش قال حدثني شقيق

432
ابن سلمة عن عبيد الله بن مسعود فذكر حديث التشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ليتحر أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به
وثبت من حديث عائشة وابن عباس وأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة المكتوبة وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء
والآثار في هذا كثيرة جدا والحمد لله

433
حديث تاسع وخمسون من البلاغات
848 مالك أنه بلغه أنه كان يقال إن أحدا لن يموت حتى يستكمل رزقه فأجملوا في الطلب
وهذا لا يكون رأيا وإنما هو توقيف ممن يجب التسليم له ولا يدرك بالرأي مثله
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه حسان
وقد ذكر الحلواني حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق قال كان محمد بن سيرين إذا قال كان يقال لم نشك أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو عمر وكذلك كان مالك إن شاء الله
وأما الحديث المسند في ذلك فحدثنا قاسم بن محمد حدثنا خالد ابن سعد حدثنا محمد بن فطيس حدثنا عبيد بن عبد الرحمن بدمياط حدثني أبي حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد عن ابن جريج

434
عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم لن يموت حتى يستوفي رزقه فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم
حدثني أحمد بن قاسم وسعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالوا حدثنا محمد بن معاوية حدثنا إبراهيم بن موسى بن جميل حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني حدثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عن أبي حميد الساعدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجملوا في طلب الدنيا فكل ميسر لما كتب الله له منها
وحدثني أحمد وسعيد وعبد الوارث قالوا حدثنا محمد بن معاوية حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا ابن أبي الدنيا قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا أبو اليمان الحمصي حدثنا عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال نفث روح القدس في روعي إن أحدكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم اسسستبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصيته

435
ومن حديث ابن وهب عن عمرو بن الحرث أنه أخبره عن سعيد ابن أبي هلال عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن أحد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له فأجملوا في الطلب في أخذ الحلال وترك الحرام
وروي مثل هذا أيضا من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه عن ابن مسعود
وروي من حديث بريد بن أبي مريم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ومعناه فأخذ أبو العتاهية هذا المعنى فقال أقلب طرفي مرة بعد مرة لأعلم ما في الناس والقلب ينقلب فلم أر حظا كالقنوع لأهله وأن يجمل الإنسان ما عاش في الطلب ومن حديث مالك بن عبادة الغافقي قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن مسعود فقال يا عبد الله لا يكثر همك ما يقدر يكن وما ترزق يأتك
وفيما أجاز لنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي قال حدثنا بشر بن أبي الحسن المزني إملاء قال أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن

436
عبد الرحمن السامي قال حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال حدثنا مروان بن معاوية الغزاري قال حدثنا أبان بن إسحاق قال حدثنا الصباح بن محمد بن أبي حازم عن مرة الهمداني أن عبد الله بن مسعود حدثه أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تبارك وتعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وأن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن جار حتى يأمن جاره بوائقه
قلنا يا نبي الله فما بوائقه قال غشمه وظلمه ولا يكسب مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيتقبل منه إن الله لا يمحو السئ بالسيىء ولكن يمحو السئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث
وهذا حديث حسن الألفاظ ضعيف الإسناد وأكثره من قول علي رضي الله عنه

437
حديث موفي ستين من البلاغات
948 قال مالك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أنها لا تجوز وصية لوارث
وهذا كما قال مالك رحمه الله وهي سنة مجتمع عليها لم يختلف العلماء فيها إذا لم يجزها الورثة فإن أجازها الورثة فقد اختلف في ذلك فذهب جمهور الفقهاء المتقدمين إلى أنها جائزة للوارث إذا أجازها له الورثة بعد موت الموصي
وذهب داود بن علي وأبو إبراهيم المزني وطائفة إلى أنها لا تجوز وإن أجازها الورثة على عموم ظاهر السنة في ذلك
وقد أوضحنا هذا في باب نافع من كتابنا هذا والحمد لله
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار الآحاد أحاديث حسان في أنه لا وصية لوارث من حديث عمرو بن خارجة وأبي أمامة الباهلي وخزيمة بن ثابت ونقله أهل السير في خطبته بالوداع صلى الله عليه وسلم وهذا أشهر من أن يحتاج فيه إلى إسناد

438
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم قال سمعت أبا أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث
وأما قول مالك لا بأس بأكل صيد المجوسي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته
فقد مضى ذكر هذا الحديث في باب صفوان بن سليم ومضى القول في معانيه وما للعلماء فيه من المذاهب هناك ومضى في باب وهب بن كيسان تصحيح ذلك أيضا بما فيه كفاية والحمد لله

439
حديث حاد وستون من البلاغات
58058058 058 مالك أنه بلغه أنه كان يقول الحمد لله الذي خلق كل شيء كما ينبغي والذي لا يعجل شيء أناه وقدره حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله مرمى
قال أبو عمر هكذا روى يحيى هذا الخبر شيء أناه بتخفيف يعجل من الفعل الرباعي وشئ رفعا في موضع الفاعل وأناه مكسور الهمزة مقصور في موضع المفعول وقدره كذلك اسم في موضع المفعول وتابع يحيى على هذه الرواية جماعة من رواة الموطأ وروته طائفة منهم القعنبي عن مالك أنه بلغه أنه كان يقال الحمد لله الذي خلق كل شيء كما ينبغي الذي لم يعجل شيئا أناه وقدره فجعل لم في موضع لا ويعجل مثقل وشيئا مفعول يعجل أناءه ممدود مفتوح الهمزة وقدره فعل مثقل فالمعنى في رواية يحيى الحمد لله الذي لا يتقدم شيء وقته أي الحمد لله الذي من حكمه وحكمته وقضائه أن لا يتقدم

440
شيء وقته وحينه الذي قدر له ولا يكون شيء قبل الوقت الذي قدر له وقت وأناء الشيء وقته وغايته قال الله عز وجل * (غير ناظرين إناه) * 3353 أي وقته والمعنى في رواية القعنبي ومن تابعه الحمد لله الذي لم يعجل شيئا سبق في علمه تأخره ولا نقض شيئا من قضائه وقدره أي كل ما سبق في اللوح المحفوظ يكون كما قضاه وقدره أي ما أخره فهو مؤخر أبدا لا يعجل ولا ينقض ما أبرم من قضائه وقدره وكذلك لا يبدو له فيؤخر ما قضى بتعجيله ولا يجرى خلقه إلا بما سبق في قضائه وقدره لا شريك له والمعنى كله في الروايتين جميعا واحد في أن الخلق كله يجري على ما سبق من علمه وقضائه وقدره لا يبدل القول لديه ولا بد من المصير إليه لا إله إلا هو العزيز الحكيم وآنيت أخرت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي أتى فتخطى رقاب الناس وهو يخطب في الجمعة آنيت وآذيت أي أخرت المجيء وآذيت الناس بالتخطي
قال الشاعر وآنيت العشاء إلى سهيل أو الشعرى فطال بي الأناء حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد قال حدثنا علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ البغدادي قال حدثنا أبو عمرو سهل

441
ابن موسى قال حدثنا أحمد بن عبدة قال حدثنا أبو توبة نعيم بن مورع بن توبة العنبري قال حدثني محمد بن سلمة المخزومي عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن ألا أعلمك عوذة كان إبراهيم يعوذ بها ابنيه إسماعيل وإسحاق وأنا أعوذ بها الحسن والحسين قال قلت بلى يا رسول الله قال كفى بسمع الله واعيا لمن دعا إلا مرمى وراء أمر الله لرام رمى
وأخبرنا قاسم بن محمد حدثنا خالد بن سعد حدثنا أحمد بن عمرو بن منصور حدثنا ابن سنجر حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق حدثنا محمد بن يعلى حدثنا أبو توبة بن مورع العنبري عن محمد ابن خالد المخزومي عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره سواء وصلى الله على محمد
أخبرني أبو عبد الله محمد بن خليفة رحمه الله قراءة مني عليه قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين قال حدثنا جعفر بن محمد الفرياني قال حدثنا منجاب بن الحرث قال أخبرنا علي بن مسهر عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال أخبرني عبد الرحمن بن عوف قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلق بي إلى النخل الذي فيه ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه فأخذه فوضعه في حجره ثم قال

442
يا إبراهيم ما نملك لك من الله شيئا وذرفت عيناه قلت تبكي يا رسول الله أو لم تنه عن البكاء قال ما نهيت عنه ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة الشيطان وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم يا إبراهيم لولا أنه أمر حق ووعد صدق وأنها سبيل مأتية وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا وإنا بك لمحزونون تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
قال أبو عمر قد أتينا والحمد لله على ما شرطناه وأكملنا بعون الله وفضله ما رسمناه وبحوله وطوله وصلنا إلى ذلك وأدركناه وله الحمد كثيرا دائما طيبا مباركا عدد كلماته وملء أرضه وسماواته (وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما)

443
جميع ما في هذا الديوان من حديث مالك الذي ثبتت عليه أبوابه خاصة وهو جميع ما في الموطأ رواية يحيى بن يحيى من حديث النبي صلى الله عليه وسلم مسنده ومرسله ومنقطعه ثمانمائة وثلاثة وخمسون حديثا منها لإبرهيم بن عقبة حديث واحد ولإبرهيم بن أبي عبلة حديث واحد ولإسمعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص حديث واحد ولإسمعيل بن أبي حكيم أربعة أحاديث ولإسحق بن أبي طلحة خمسة عشر حديثا ولأيوب السختياني أربعة أحاديث اثنان منها لغير يحيى ولأيوب بن حبيب حديث واحد ولثور بن زيد أربعة أحاديث ولجعفر بن محمد تسعة أحاديث ولحميد الطويل سبعة أحاديث ولحميد بن قيس الأعرج خمسة أحاديث ولخبيب بن عبد الرحمن حديثان ولداود بن الحصين أربعة أحاديث ولربيعة بن أبي عبد الرحمن اثنا عشر حديثا ولزيد بن أسلم أحد وخمسون حديثا ولزيد بن أبي أنيسة

444
حديث واحد ولزيد بن رباح حديث واحد ولزياد بن أبي زياد حديث واحد ولزياد بن سعد ثلاثة أحاديث ولطلحة بن عبد الملك حديث واحد من غير رواية يحيى ولابن شهاب مائة حديث واثنان وثلاثون حديثا ولأبي الزبير ثمانية أحاديث ولابن المنكدر خمسة أحاديث ولمحمد بن يحيى بن حبان أربعة أحاديث ولمحمد بن عمرو بن علقمة حديث واحد ولمحمد بن عمرو بن طلحة حديثان ولمحمد بن أبي بكر الثقفي حديث واحد ولمحمد ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حديث واحد ولمحمد بن عبد الرحمن بن الأسود أربعة أحاديث ولمحمد بن عمارة حديث واحد ولمحمد بن أبي صعصعة حديثان ولأبي الرجال أربعة أحاديث ولموسى بن عقبة حديثان ولموسى بن ميسرة حيثان ولموسى بن أبي تمام حديث واحد ولمسلم بن أبي مريم ثلاثة أحاديث ولمخرمة ابن سليمان حديث واحد وللمسور بن رفاعة حديث واحد ولنافع مولى بن عمر ثمانون حديثا لأبي سهيل نافع بن مالك حديثان ولنعيم المجمر خمسة أحاديث ولصفوان بن سليم سبعة أحاديث ولصالح بن كيسان حديثان ولصدقة بن يسار حديث واحد ولصيفي مولى بن أفلح حديث واحد ولضمرة بن سعيد حديثان ولعبد الله بن دينار ستة وعشرون حديثا ولعبد الله بن أبي

445
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم سبعة وعشرون حديثا ولأبي طوالة ثلاثة أحاديث ولأبي الزناد أربعة وخمسون حديثا ولعبد الله بن الفضل حديث واحد ولعبد الله بن يزيد خمسة أحاديث ولعبد الله ابن عبد الله بن جابر بن عتيك حديثان ولعبد الله بن أبي حسين حديث واحد ولعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر حديث واحد ولعبيد الله بن عبد الرحمن حديث واحد ولعبد الرحمن بن أبي صعصعة خمسة أحاديث ولعبد الرحمن بن القاسم عشرة أحاديث ولعبد الرحمن ابن حرملة خمسة أحاديث ولعبد الرحمن بن أبي عمرة حديث واحد ولعبد ربه بن سعيد ثلاثة أحاديث ولعبد الحميد أو عبد المجيد بن سهيل الزهري حديث واحد ولعبد الكريم الجزري حديث واحد ولعبد الكريم بن أبي المخارق ثلاثة أحاديث في حديث واحد ولعثمان ابن حفص بن خلدة حديث واحد ولعامر بن عبد الله بن الزبير حديثان ولعلقمة بن أبي علقمة حديثان ولعمرو بن يحيى المازني أربعة أحاديث ولعمرو بن الحرث حديث واحد ولعمرو بن أبي عمرو حديث واحد وللعلاء بن عبد الرحمن عشرة أحاديث ولعطاء الخرساني ثلاثة أحاديث ولقطن بن وهب
حديث واحد ولسعد بن إسحاق حديث واحد ولسعيد بن أبي سعيد ستة أحاديث ولأبي حازم تسعة أحاديث ولسلمة بن صفوان حديث واحد ولسعيد بن عمرو بن شرحبيل الأنصاري حديث واحد ولسالم أبي النضر خمسة

446
عشر حديثا ولسهيل بن أبي صالح عشرة أحاديث ولسمي مولى أبي بكر ثلاثة عشر حديثا ولشريك بن أبي نمر حديثان ولهلال بن أسامة حديث واحد ولهشام بن هاشم حديث واحد ولهشام بن عروة ستة وخمسون حديثا ولأبي نعيم وهب بن كيسان حديثان وللوليد بن عباد حديث واحد وليزيد بن قسيط حديث واحد وليزيد ابن خصيفة ثلاثة أحاديث وليزيد بن رومان حديث واحد وليزيد بن الهادي ثلاثة أحاديث وليزيد بن زياد بن حديثان وليحيى بن سعيد الأنصاري خمسة وسبعون حديثا ولابن حماس حديثان وليعقوب ابن زيد حديث واحد ولأبي بكر بن عمر العمري حديث واحد ولأبي بكر بن نافع حديثان ولأبي ليلى الأنصاري حديث واحد ولأبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك حديثان
ومن بلاغات مالك عن الثقات وما أرسله عن نفسه أنه بلغه أحد وستون حديثا
فهذا جميع ما في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى الأندلسي من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وما أضيف إليه أنه قاله صلى الله عليه وسلم أو كان موقوفا فيه مرفوعا في غيره ومثله لا يدرك بالرأي فذكر لصحته عنه صلى الله عليه وسلم حاشا حديثين لأيوب السختياني وحديث لطلحة بن عبد الملك فإن

447
عليه السلام هذه الثلاثة الأحاديث خاصة من غير رواية يحيى (والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيئين وعلى آله الطيبين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وعلى أصحابه أجمعين وسلم تسليما دائما أبد الآبدين آمين يا رب العالمين
أنشد أبو عمر رحمه الله يصف هذا الديوان سمير فؤادي مذ ثلاثين حجة وصيقل ذهني والمفرج عن همي بسطت لكم فيه كلام نبيكم بما في معانيه من الفقه والعلم وفيه من الآداب ما يهتدى به إلى البر والتقوى وينهى عن الظلم انتهى جميع كتاب التمهيد بحمد الله وحسن عونه وجميل صنعه وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما وكان الفراغ منه في عقب شهر شعبان المكرم من سنة سبعين وخمسمائة

448
/ 1