تاريخ الإسلام (جزء 51) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تاريخ الإسلام (جزء 51) - نسخه متنی

محمد بن احمد ذهبی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: تاريخ الإسلام
المؤلف: الذهبي
الجزء: 51
الوفاة: 748
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1407 - 1987م
المطبعة: لبنان/ بيروت - دار الكتاب العربي
الناشر: دار الكتاب العربي
ردمك:
ملاحظات:
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الحوادث الكائنة في هذه السنين العشر على الترتيب مختصرا
سنة إحدى وثمانين وستمائة
[سلطان دولة المماليك]
سلطان مصر والشام: الملك المنصور.
[صاحب العراق وخراسان]
وصاحب العراق، وخراسان، و
غير ذلك: أحمد بن هولاوو.
[القبض على بيسري وكشتغدي]
وفي صفر قبض المنصور بمصر على بدر الدين بيسري، وكشتغدي
الشمسي، فبقيا في السجن تسعة أعوام.
[تدريس الأمينية]
وفيه ولي تدريس الأمينية القاضي شمس الدين ابن خلكان.

5
[نيابة القضاء]
وفي رجب ناب في القضاء شمس الدين الأبهري.
[تدريس الأمينية والفرخشاهية]
وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني بعد موت
ابن خلكان.
ودرس شمس الدين بن الحريري بالفرخشاهية بعد موت الجمال يحيى
مدرسها.
[سلطنة الملك أحمد]
قال قطب الدين: وفي أوائلها تسلطن الملك أحمد وله نحو ثلاثين
سنة، فأمر بإقامة شعائر الإسلام، وضرب الجزية على الذمة. ويقال إنه أسلم
صغيرا وأبوه حي.

6
[وزارة مصر]
وفيها ولي الوزارة بمصر نجم الدين ابن الأصفوني، وأصفون من قرى
قوص.
[قضاء القاهرة]
وولي قضاء القاهرة شهاب الدين ابن الخويي.
[زيارة القدس والخليل]
وفيها قدم رسول الملك أحمد، وهو بهاء الدين أتابك الروم، وشمس
الدين ابن البتي الآمدي، وقطب الدين الشيرازي العلامة؛ وزاروا القدس
والخليل في طريقهم. وكان سيرهم في الليل.
[حريق الأسواق بدمشق]
وفي ليلة الاثنين حادي عشر رمضان احترقت اللبادين، والكتبيين،
والخواتميين، والزجاجين، وبعض سوق الأساكفة، والمرجانيين، وما فوق
ذلك، وما تحته من الأسواق والقياسير والفوارة، وكان حريقا عظيما مهولا
ذهب فيه من الأموال ما لا يحصى، ولم يحترق فيه أحد. وأصله أن دكان
أولاد الجابي كانت إلى جنب دكان أبي، وعملوا مجمرة نار على العادة،
ووضعت في البويب، وخرج الخارج يزعجه، ودفع الكساء الذي يكون على
الباب، فرمى المجمرة، وأغلق الدكان، وذهب للإفطار، فعملت النار والناس
في إفطارهم، واشتد الدخان، وخرجت من الدار قبل عشاء الآخرة، فعلقت

7
بالسقوف العتق والبواري، واشتد عملها، وعجزوا عنها. وجاء الوالي، ونزل
ملك الأمراء حسام الدين لاجين، فأعجزتهم، وقضي الأمر.
واستمرت إلى نصف الليل، ولولا لطف الله لاحترق الجامع واجتهدوا
في إطفائها بكل ممكن.
[عمارة الأماكن المحترقة]
ثم اهتم بذلك محيي الدين ابن النحاس ناظر الجامع اهتماما لا مزيد
عليه، وشرع في عمارته، فبني ذلك وتكامل في سنتين. وبعض ذلك وقف
المارستان الصغير.
قال شمس الدين ابن الفخراني: فخر الدين ابن الكتبي احترق له كتب
بعشرة آلاف درهم، وأن الشمس الليثي، يعني الفاشوشة، ذهب له كتب ومال
في الحريق بما يقارب مائة ألف.
قال: وكان مغل الأملاك المحترقة، يعني الأوقاف، في السنة مائة ألف
وأربعين ألف درهم.
قلت: وفرقت هذه الأسواق، فعملوا سوق تجار جيرون على باب دار
الخشب، وسكن الزجاجون عند حمام الصحن، وسكن الذهبيون في أماكن
إلى أن تكامل البنيان وعادوا.

8
سنة اثنتين وثمانين وستمائة
[قدوم السلطان دمشق]
في رجب قدم السلطان الملك المنصور دمشق.
[مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح]
وفي صفر ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح شيخنا جمال الدين
الفاضلي، لموت العماد الموصلي، وحضر عنده قاضي القضاة ابن الصائغ،
والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وخطب وذكر فضل القرآن و [تلاوته] في
الجمع، وهل هو بدعة.
[حسبة دمشق]
وفيها ولي حسبة دمشق جمال الدين ابن صصرى، وولي ابن عمه الإمام
نجم الدين ابن صصرى درس العادلية الصغرى، نزل له عنها القاضي شرف
الدين ابن المقدسي لما ولي الشامية الكبرى بعد أخيه.

9
[تدريس الرواحية]
وولي نجم الدين البيساني نائب القاضي تدريس الرواحية عوضا عن ابن
المقدسي، لكونه صحت له الشامية.

10
[سنة ثلاث وثمانين وستمائة]
[سلطنة حماة]
فيها ولي سلطنة حماة الملك المظفر بعد موت المنصور والده.
[السيل الهائل بدمشق]
وفي شعبان ليلة الرابع والعشرين منه نصف الليل كانت الزيادة العظمى،
توالت الرعود والبروق، وأرسلت السماء عزاليها، وجاء سيل هائل، وطلع
الماء فوق جسر باب الفرج قامة وأكثر، واشتد الأمر، وغرق شيء كثير من
الخيل والجمال وبني آدم. وذهب للمصريين شيء كثير، وافتقروا، وراحت
خيمهم وأثقالهم، فذكر أستاذ دار بكتاش النجمي أنه هلك لأستاذه ما قيمته
أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وخربت بيوت كثيرة، وكانت في تشرين،
فأخذت مصاطب السفرجل من الغياط.

11
[زيادة المطر بالصالحية]
وجاءت بعدها بأيام يسيرة زيادة أخرى بدعت في جبل الصالحية.
وحدث في الأرض أودية، وجرت الحجارة الجمالية، وانطمت الأنهار،
وسخروا العامة للعمل في الأنهار عند الربوة، وطلعت إلى الربوة يومئذ مع
أبي، فطلع بنا إلى فوق الجنك ولم يعمل شيئا.
[ولاية دمشق]
وفي شعبان ولي ولاية دمشق سيف الدين طوغان المنصوري عوض الأمير
ناصر الدين الحراني، وأعيد الصارم المطروحي إلى ولاية البر بدل طوغان.
[درس ابن تيمية]
وفيها عمل الدرس ابن تيمية شيخنا بالقصاعين في الحرم، وخضع
العلماء لحسن درسه، وحضره قاضي القضاة بهاء الدين، والشيخ تاج
الدين، ووكيل بيت المال زين الدين، وزين الدين المنجا، وجماعة.
وجلس بجامع دمشق على كرسي أبيه يوم الجمعة عاشر صفر، وشرع في
تفسير القرآن من الفاتحة.

12
قال الجز [ري] في ' تاريخه ': وعمل ابن تيمية بالسكرية درسا
حسنا، وكان يوما مشهودا.
[الرخص في الحج]
قال: وقدم الركب وكان السعر رخيصا. قال: حدثني نجم الدين ابن
أبي الطيب أنه اشترى غرارة شعير بعرفات بخمسة وثلاثين درهما.
[تدريس المقصورة الحنفية]
وفيها درس بمقصورة الحنفية جلال الدين والد القاضي حسام الدين
بمعلوم على المصالح.
[عزل الدويدار وقتله]
وفيها عزل الدويدار من الشد بالأعسر وقتل.

13
سنة أربع وثمانين وستمائة
[فتح حصن المرقب]
في أولها خرج الملك المنصور إلى الشام، ثم قصد حصار المرقب في
صفر، وتقدمت المجانيق، ونازل الحصن في عاشر صفر، فلما انتهت ستارة
المنجنيق المقابل لباب الحصن سقطت إلى بركة كبيرة كان عليها جماعة من
أصحاب علم الدين الدواداري، منهم أستاذ داره، فاستشهدوا، ثم طلب
الإسبتار الصلح، فلم يجبهم السلطان، ورماهم بالمنجنيق، وهدم بعض
الأبرجة، واستمر الحصار إلى سادس عشر ربيع الأول، فزحف الجيش على
المرقب، فأذعنوا بتسليمه، وراسلوا بذلك، فأجيبوا، ثم رفعت عليه أعلام
السلطان يوم الجمعة ثامن عشر الشهر. وجهز السلطان معهم من وصلهم إلى
أنطرطوس. وكانت مرقية بالقرب من المرقب على البحر، وكان صاحبها قد
بنى على البحر برجا عظيما لا يناله النشاب، فاتفق حضور رسل صاحب
طرابلس يطلب رضى السلطان، فاقترح عليه خراب البرج المذكور وإحضار
من أسره من الجبليين الذين كانوا مع صاحب جبيل، فأحضر من كان حيا
منهم، واعتذر عن البرج فإنه ليس له. فلم يقبل عذره، فقيل إنه اشتراه من
صاحبه بمال وعدة قرى وهدمه، وحصل للاستيلاء على المرقب ومرقية
وبانياس، وعمروا ما تشعث من المرقب، وكان لبيت الإسبتار، ولم يتهيأ
للسلطان صلاح الدين فتحه.
وممن شهد فتحه القاضي نجم الدين ابن الشيخ، وأخوه العز، وشيخنا
العز ابن العماد، وشمس الدين ابن الكمال، وابنه، وشمس الدين ابن حمزة.
وبلغني أن صلاح الدين وقف عليهم جماعيل على أن يشهدوا الغزاة مع
المسلمين، فلذلك يخرجون في مثل هذه الغزوات.

14
[تزيين دمشق]
وفي ثالث جمادى الأولى قدم السلطان دمشق، وزين البلد.
[عزل وتعيين]
وعزل التقي البيع، وولي الوزارة محيي الدين ابن النحاس. وعزل
طوغان من الولاية بعز الدين بن أبي الهيجاء.
[دخول الملك المظفر حماة]
وقدم دمشق قبل المرقب الملك المظفر تقي الدين الحموي، فتلقاه
السلطان، وبعث إليه بالخلعة والغاشية، فركب وحمل بين يديه الغاشية نائب
السلطنة طرنطاي.
قضاء حلب]
وفيها توجه على قضاء حلب الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن
بهرام.

15
[القحط والظلم في العراق]
واشتد القحط بالعراق، وكثر الظلم، ونهبت الأكراد البوازيج، وقتلوا
النصارى.
[الغارة على بلاد الجزيرة]
وأغار عسكر الشام على بلاد الجزيرة وماردين.
[تدريس ابن الوكيل]
وفيها ذكر صدر الدين ابن الوكيل درسا بالعذراوية، ولي إعادتها. فقال
الحج تاج الدين: ذكر خطبة بديعة ودروسا، ثم جاء هو وأبوه إلى الحلقة
فأعاد ما أورده.

16
سنة خمس وثمانين وستمائة
[الوزارة بدمشق]
فيها صرف ابن النحاس من الوزارة، وأعيد التقي توبة.
[وظيفة الشد]
وفيها أعيد الدواداري إلى الشد.
[فتح الكرك]
وفيها أخذت الكرك من الملك المسعود خضر بن الملك الظاهر ركن
الدين وذلك في صفر، ودقت البشائر.
[التدريس بالغزالية]
وفيها درس بالغزالية القاضي بدر الدين ابن جماعة، انتزعها من شمس

17
الدين إمام الكلاسة نائب شمس الدين الأيكي في تدريسها. ثم وليها الأيكي،
وناب عنه في تدريسها جمال الدين الباجريقي.
[زوبعة الغسولة]
وفي صفر جاءت زوبعة عظيمة بالغسولة إلى عيون القصب، فأتلفت
أشياء كثيرة للجند المجردين مع بكتوت العلائي، بحيث إنها حملت خرجا
ملآن نعال خيل.
[استيلاء الفرنج على جزيرة ميورقة]
وفيها نازلت الفرنج جزيرة ميورقة، وحاصروها مدة، ورأس أهلها
الحكم بن سعيد بن الحكم الذي ذكرنا ترجمة أبيه في سنة ثمانين. ثم سلموها
صلحا، على أن يعطوا عن كل آدمي بها سبعة دنانير، فعجزوا وبقي أكثرهم
في الأسر. وأما الذين خلصوا فأعطتهم الفرنج مركبين، فجاءوا مع الحكم إلى
المرية ثم إلى سبتة، فبالغ صاحبها في لم شعثهم، وأكثر من الإحسان إليهم.

18
[غرق الحكم بن سعيد]
ثم إن الحكم قصد السلطان أبا يعقوب المريني ليسأله في أسرى بلده،
فأعطاه جملة، ثم جاز إلى غرناطة فأعطى ابن الأحمر مالا، ثم ركب البحر
قاصدا تونس وبجاية يطلب في الأسرى، فغرق به المركب، رحمه الله تعالى.

19
سنة ست وثمانين وستمائة
[فتح صهيون وبرزية]
في المحرم دخل دمشق نائب المملكة حسام الدين طرنطاي في تجمل
زائد لا يدخله إلا ملك، ثم سار لحصار صهيون وبرزية وانتزاعهما من يد
سنقر الأشقر، وتوجه معه الشاميون بالمجانيق، وقاسوا مشقة وشدة من
الأوحال. وتهيأ سنقر الأشقر للحصار، ونازله الجيش.
ثم توجه بعد أيام نائب دمشق حسام الدين لاجين لحصار برزية،
فافتتحه بلا كلفة، ووجد فيه خيلا لسنقر الأشقر، فلما أخذ ضعفت همة
صاحبه، وأجاب إلى تسليم صهيون على شروط يشترطها، فأجابه طرنطاي،
وحلف له بما وثق به. ونزل بعد حصار شهر، وأعين على نقل ثقله بجمال
وظهر، وحضر بعياله ورخته في صحبة طرنطاي إلى خدمة الملك المنصور،
ووفى له طرنطاي، وذب عنه أشد ذب، وأعطي بمصر مائة فارس، وبقي وافر
الحرمة إلى آخر الدولة المنصورية.

20
[قضاء الشام]
وفي ربيع الأول قدم ابن الخويي على الشام قاضيا، وناب له الشيخ
شرف الدين ابن المقدسي.
[التدريس بالرواحية]
وفي شعبان درس صفي الدين الهندي بالرواحية.
[شراء السلطان قرية جزرما]
وفيها طلب السيف أحمد السامري إلى مصر، فطلبوا منه أن يبيع
للسلطان قرية جزرما، فقال: وقفتها.
وكان ناصر الدين ابن المقدسي قد سافر إلى مصر، فتحدث مع
الشجاعي في أمر ابنة الملك الأشرف بن العادل، وأن أباها خلف لها أملاكا
فباعتها حال كونها سفيهة تحت الحجر، فتكلموا في ذلك ليتم لهم سفهها
وتستعيد الأملاك، ثم يرشدونها، ويشترون منها بعد ذلك. فعملوا محضرا،
فشهد فيه الزين والد عبد الحق، وكان يخدمها، وخادم يصبو عن القضية،
وطشتدار. ثم ذكر القاضي زين الدين بن مخلوف أن السلطان شهد عنده
بذلك. ثم أحضروا السامري، وأثبتوا المحضر في وجهه، وأبطلوا ما اشتراه
منها، وذلك ربع جزرما. ثم ادعوا عليه بالمغل، فاخذوا منه حصته بالزنبقية،
وهي سبعة عشر سهما، وأخذوا منه مائة ألف درهم، وتركوه معثرا. ثم طلبوا
شريكه في جزرما نصر الدين ابن الوجيه بن سويد، وشرعوا في طلب رؤساء

21
دمشق في مثل ذلك. فسار على البريد عز الدين ابن القلانسي، وشمس
الدين بن يمن.
[التدريس بالقوصية]
ودرس بدار الحديث القوصية محيمر النواوي.

22
سنة سبع وثمانين وستمائة
[مصادرة أموال جماعة]
في أولها طلب القاضي حسام الدين الحنفي، والتقي البيع الوزير،
وشمس الدين بن غانم، وجمال الدين بن صصرى، والنصير بن سويد،
فراحوا إلى مصر على البريد، فأخذ الشجاعي يتهددهم، ويضرب بحضرتهم
ليرعبهم، ثم يقول: ارحموا نفوسكم واحملوا. فيقولون: ما لنا من يقرضنا
هنا. فقرر علينا ما ترسم به. فلم يقبل، وأحضر لهم تجارا كالمجد معالي
الجزري، والشهاب ابن كوتك
والنجم بن الدماميني، وأمرهم بأن يحملوا
عن المصادرين، ويكتبوا عليهم وثائق، فأخذ من عز الدين ابن القلانسي مائة
وخمسين ألفا، ومن ابن صصرى أملاكا ودراهم تكملة ثلاثمائة ألف درهم،
ومن التقي توبة نحو ذلك، ومن ابن سويد ثلاثين ألفا، ومن ابن غانم خمسة
آلاف درهم، ومن حسام الدين محتسب البركة ثلاثة آلاف درهم، ومن ابن
يمن أملاكا بمائة وسبعين ألف درهم.
[الانتقام من الشجاعي]
فتعامل هؤلاء والمصريون على نكاية الشجاعي، وكان يؤذي الجمال
ابن الحوجري الكاتب، فحضر إلى عند طرنطية فقال له سرا: تقدر ترافع
الشجاعي؟، قال: نعم. فدخل به إلى السطلان، فعرفه السلطان، وسأله عن
حاله فقال: لم أزل في دولة مولانا السلطان بطالا ومصادرا. فرق له وذم
الشجاعي لكونه لم يستخدمه، فتكلم ورافع الشجاعي، فأصغى إليه، وطلب

23
الشجاعي فعصره بين يديه، فحمل إلى الخزانة في يوم واحد سبعة وعشرين
ألف دينار، ثم باع من بركه وخيله وكمل خمسين ألف دينار، وعزله وولى
الوزارة بدر الدين بيدرة. وقدم الدمشقيون، وأرضوهم بأن ولوا نظر الديوان
جمال الدين بن صصرى، وأعطوا الحسبة لشرف الدين أحمد بن الشيرجي،
وقدم بعدهم ابن المقدسي بالوكالة ونظر الأوقاف.
[قتل نصراني]
وفي رمضان أمسك النصراني كاتب جكن مع مسلمة يشربان بالنهار،
فبذل في نفسه جملة، ودافع عنه مخدومه، فلم ينفع، وأحرق بسوق الخيل،
وقطع من أنف المرأة، وحصل فيها شفاعات لملاحتها.
[صلاة الجمعة بإمامين]
وفيها في ربيع الآخر صلى بالناس الجمعة بجامع دمشق خطيبه جمال
الدين ابن عبد الكافي، فأحدث في الركعة الأولى، فاستخلفه نجم الدين مؤذن
النجيبي، فتمم الصلاة، وصلى الناس الجمعة خلف إمامين.
[التدريس بالقيمرية]
وفي رمضان درس بالقيمرية القاضي علاء الدين ابن بنت الأعز، بحكم
انتقال مدرسها ابن جماعة إلى خطابة القدس.

24
[الحسبة بدمشق]
وفيها ولي شرف الدين ابن الشيرجي حسبة دمشق بعد جمال الدين بن
صصرى، ثم عزل بعد أشهر بابن السلعوس الذي توزر.
[تحويل الجسور إلى أسواق]
وفيها أخذت على جسر باب الفراديس دكاكين وأكريت سوقا، ثم بعد
مديدة عمل على جسر باب السلامة كذلك، ثم بعد خمسين [يوما] عمل
سوق على جسر باب الفرج.
[قضاء المالكية بدمشق]
وفيها قدم جمال الدين الزواوي قاضيا للمالكية.

25
سنة ثمان وثمانين وستمائة
[فتح طرابلس]
مات البرنس صاحب طرابلس إلى لعنة الله، فبادر السلطان الملك
المنصور مسرا حصارها، وقدم دمشق، وسار فنازلها في أول ربيع الأول،
ونصب عليها المجانيق، وحفرت النقوب، ودام الحصر إلى أن أخذها بالسيف
في رابع ربيع الآخر. وغرق خلق في الميناء، وأخذ ذمنها ما لا يوصف، سوى
ما نجا في البحر. ثم أحرقت وأخرب سورها.

26
وكان [فخر الملك ابن عمار قد أناب] ابن عمه، فأضاع الحزم،
وتشاغل عن القتال، فسأل أهل الحصن الأمان فأجيبوا، ولم يزل بيد الفرنج
إلى الآن.
وقال قطب الدين: حكي لي أن سبب أخذ الفرنج لها أن ابن صنجيل
جرى له أمر أوجب خروجه عن بلاده، فركب البحر ولجج فيه، وتوقفت عليه
الريح، ثم رماه الموج إلى الساحل، فنزل بساحل طرابلس، فسير إليه ابن
عمار يسأله عن أمره، فأخبره بأنه نزل يستريح ويتزود، وسأله أن يخرح إليه
سوقا، فخرج إليه جماعة فبايعوه وكسبوا عليه. ثم نزل إليه أهل جبة بشري،
وهم نصارى فبايعوه وعرفوه أمر طرابلس، وأن الرعية نصارى، وأن صاحبه
متغلب عليه، وحسنوا له المقام، ووعدوه بالمساعدة على أخذه، فأقام.
وحضر إليه خلق من نصارى البلاد، وعجز ابن عمار عن ترحيله. ثم بنى ابن
صنجيل الحصن المشهور به التي بنيت طرابلس المنصورية تحته، وأقام به،
واستولى على بر طرابلس، ولم يزل مصابرا لها وكلما له يقوى ويكثر جمعه،
ويضعف أهل البلد، ولا ينجد ابن عمار أحد.
ثم حصل الاتفاق على أنه يخرج منها بجميع ماله إلى عرقة، فخرج

27
إليها، وأقام بها مدة ثم فارقها. وقوي شأن الفرنج بالساحل. ثم صلح أمر
ابن صنجيل في بلاده التي بالبحر، وتوجه إليها، واستناب على طرابلس بيمند
جد صاحبها.
ثم مات ابن صنجيل وترك بنتا، فكان بيمند يحمل إليها كل وقت شيئا
إلى أن مات، وقام بعده ولده بيمند الأعور، فاستقل بمملكتها. وكان شهما
شجاعا، وطالت أيامه، ثم تملك بعده ولده بيمند، ولم يزل إلى حين
توفي، وكان جميل الصورة، جاء إلى التتار أيام هولاوو فقدم بعلبك، وطمع
أن يعطها، فطلع إلى قلعتها ودارها، ونازل الملك الظاهر بلده مرتين،
وكان ابن بنت صاحب سيس، وبيده أيضا أنطاكية، فهلك وتملك بعده
ابنه، فلم تطل مدته وهلك، فتملك بعده ' سير تلمية '. وعندما أخذت
طرابلس قصد الميناء فقيل إنه غرق، وقيل نجا.
وذكر القاضي شمس الدين ابن خلكان أن الفرنج أخذت طرابلس في

28
ثاني عشر ذي الحجة، وكان صاحبها فخر الملك عمار بن محمد بن عمار قد
صبر على محاصرته سبع سنين، واشتد الغلاء، فخرج منها وقصد بغداد طلبا
للإنجاد.
وللشهاب محمود أبقاه الله:
* علينا لمن أولاك نعمته الشكر
* لأنك للإسلام يا سيفه الذخر
*
* ومنا لك الإخلاص في صالح الدعا
* إلى من له في أمر نصرتك الأمر
*
* ألا هكذا يا وارث الملك فليكن
* جهاد العدى لا ما توالى به الدهر
*
* فإن يك قد فاتتك بدر، فهذه
* بما أنزل الرحمن من نصره بدر
*
* نهضت إلى عليا طرابلس التي
* أقل عناها أن خندقها بحر
*
* وقد ضمها كالطوق إلا بقية
* كنحر وأنت السيف لاح له نحر
*
* ممنعة بكر، وهل في جميع ما
* تملكته إلا ممنعة بكر؟
*
* ومن دون سوريها عقاب منيعة
* يزل إذا ما رام أوطارها الذر
*
* وما برحت ثغرت ولكن عدا العدى عليها بحكم الدهر فانثغر الثغر
*
* وكانت بدار العلم تعرف قبل ذا
* فمن أجل ذا للسيف في نظمها نثر
*
* وكم مر من دهر وما مسها أذى
* وكم راح من عصر وما راعها حصر
*

29
* ففاجأتها بالجيش كالموج فانثنت
* تميد وقد أربى على بحرها البر
*
* فظلت لدى بحرين أنكاهما لها
* وأقتله العذب الذي جره مصر
*
ومنها:
* كأن المجانيق التي أوترت ضحى
* عليها لها في شم أبراجها وتر
*
* أصابعها تومي إليهم ليسجدوا
* فتقبل منها دون سكانها الجدر
*
* ويمطرها من كل قطر حجارة
* لقد خاب قوم جادهم ذلك القطر
*
* تخلق وجه السور منه كأنما
* غدت وعليها في الذي فعلت نذر
*
ومنها:
* وأطلقت فيها طائر السيف. فاغتدى
* وليس له إلا رؤوسهم وكر
*
* ولاذوا بباب البحر منك فما نجا
* إليه سوى من جره من دم نهر
*
* ولم ينج إلا من يخبر قومه
* ليدروا وإلا من تغمده الأسر
*
* فلله كم بيض وسمر كواعب
* على رغمهم قد حازت البيض والسمر
*
* وفي هلكهم يوم الثلاثاء إشارة
* إلى أن في الدارين بثلثهم خسر
*
ومنها:
* وماذا به يثني عليك مفوه
* ولا قدره يأتي بذاك ولا قدر
*
* ولكن دعاء وابتهال بأنه
* يعز على زعم الأعادي لك النصر
*

30
وهي بضعة وستون بيتا انتقيتها.
وعمل قصيدة في ملك الأمراء لاجين، وقصيدة في ملك الأمراء بلبان
الطباخي.
وذكر سيف الدين ابن المحفدار أن عدة المجانيق التي نصبت عليها
تسعة عشر منجنيقا، ستة إفرنجية والباقي قرابغا. والذي تسلمناه من الأسرى
ألف ومائتا أسير. وقتل عليها من الأمراء عز الدين معن، وركن الدين
منكورس الفارقاني، ومن الحلقة خمسة وخمسون نفسا.
وقال: عرض سورها مسير ثلاثة خيالة.

31
[تاريخ طرابلس قبل الفتح]
ونقل العدل شمس الدين الجزري في ' تاريخه ' قال: قدم بطريق
وجماعته في أيام عبد الملك بن مروان فطلب أن يقيم بطرابلس ويؤدي
الجزية، فأجيب. فلبث بها مدة سنتين، وتوثب بها، فقتل طائفة من اليهود،
وأسر طائفة من الجند، وهرب لما لم يتم له الأمر؛ فظفر به عبد الملك
فصلبه. ثم لم تزل في أيدي المسلمين إلى أن ملكها ابن عمار، إلى أن
مات سنة اثنتين وتسعين، وأربعمائة، وملكها بعده أخوه فخر الملك. فلما
أخذت الفرنج أنطاكية في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، نزل الملك صنجيل
بجموعه عليها، واسمه ميمون، نازلها في سنة خمس وتسعين، وعمر
قبالتها حصنا، وضايقها مدة، ثم خرج صاحبها يستنجد في سنة إحدى
وخمسمائة، فاستناب ابن عمه أبا المناقب، ورتب معه سعد الدولة
فتيان بن الأعز، فجلس يوما فشرع يهذي ويتجنن، فنهاه سعد الدولة فرماه
بالسيف فقتله، فأمسكه الأمراء، ونادوا بشعار الأفضل أمير الجيوش سلطان

32
مصر، وحموا البلد إلى أن مات صنجيل. ثم ما زال جنده يحاصرونها إلى
أن أخذوها في ذي الحجة سنة اثنتين، وتولاها السرداني، مقدم منهم،
فوصل بعد مدة تيران بن صنجيل ومعه طائفة من جند أبيه، وقالوا
للسرداني: هذا ولد صنجيل، وهو يريد مدينة والده يعني الحصن. فقام
السرداني ورفسه، فأخذه أعوانه وداروا به على أعيان الفرنج، فرحموه،
وتذكروا الأيمان التي حلفوها لأبيه، وقالوا: إذا كان غدا فاحضر، ونحن
نتكلم مع السرداني.
فلما حضر عنده كلمه، فصاح عليه السرداني، فقاموا كلهم عليه
وخلعوه، وملكوا الصبي، فأقام ملكا إلى أن قتله بزواج في سنة إحدى
وثلاثين وخمسمائة. واستخلف على البلد ولده القومص بدران إلى أن

33
أسره الأتابك زنكي بن آقسنقر بقرب بعرين، ثم فدى نفسه بمال وعاد إلى
طرابلس.
ثم وثبت عليه الإسماعيلية قتلوه، وولي بعده ريمند وهو صبي.
ثم إنه حضر الوقعة مع السلطان نور الدين في سنة تسع وخمسين على
حارم، فأبقى عليه صلاح الدين لأنه كان مهادنا للمسلمين.
[هرب ابن الجزري من مصادرة الشجاعي]
قال الجزري: وفيها احتاط الشجاعي بدمشق على حواصل التقي
البيع وصادره، ثم طرح أملاكه وأخشابه على الرؤساء بثلاثة أثمان، وهرب
جماعة من المصادرة منهم أبي وإخوتي، وغبنا عن البلد شهرا، وتغيب عز
الدين ابن القلانسي.

34
[مصادرة نجم الدين الجوهري]
ثم طالبوا نجم الدين عباس الجوهري بمغل ضيعة كان اشتراها من بنت
الأشرف بالبقاع، فأعطاهم جوهرا قيمته ثمانون ألف درهم، فقالوا: نحن نريد
دراهم وألحوا عليه، فنزل إلى مدرسته وحفر في دهليزها فأخرج له خونجاه
ذهب مرصعة بجواهر، فقومت بأربعمائة ألف.
[القبض على التقي توبة وإطلاقه]
ثم سافر السلطان من دمشق في شعبان والقلوب في غاية الألم منه،
وأخذ معه التقي توبة مقيدا إلى حمراء بيسان، فمر طرنطاي وكتبغا على
الزردخاناه وبها التقي توبة، فلم يكلموه، فصاح وشتم وقال: والكم يا أولاد
الزنا، أنا ضيعت دنياي وآخرتي لأجلكم، وأنا شيخ كبير في القيد، وقد
أخذوا جميع ما أملك، هذا جزاء خدمتي؟ فضحكوا، ثم إنهم كلموا السلطان
فيه وضمنوه أنه لا يهرب، فأطلقه وأخذوه. ولم يكن الشجاعي حاضرا.
[الحسبة بدمشق]
قال شمس الدين: وفي أول السنة سافر ابن السلعوس إلى مخدومه
الملك الأشرف، فاستناب عنه في الحسبة تاج الدين ابن الشيرازي.
وفي ربيع الآخر ولي الحسبة الجمال يوسف أخو الصاحب تقي الدين،

35
فلما احتاطوا على تقي الدين أعادوا ابن الشيرازي إلى الحسبة مستقلا.
[ركب الشام]
وفيها حج بركب الشام زين الدين غلبك.
[وعظ ابن البزوري]
وفيها قدم دمشق الواعظ نجم الدين ابن البزوري ووالده، ووعظ على
باب مشهد علي مرات، وحضره الخلق. وكان رأسا في الوعظ.

36
سنة تسع وثمانين وستمائة
[ثورة عرب الصعيد]
فيها ثارت عرب الصعيد، فسار لتسكين الأهواء نائب السلطنة طرنطاي،
فسكنهم، وأخذ خلقا من أعيانهم رهائن، وأخذ سائر أسلحتهم وأكثر
خيولهم، وأحضر الجميع إلى القاهرة. فكانت أسلحتهم عدة أحمال.
[عودة الأفرم من السودان]
وفيها عاد عز الدين أيبك الأفرم من بلاد السودان برقيق كثير وفيل
صغير.
[التدريس بالدولعية والظاهرية]
وفيها درس الشيخ صفي الدين الهندي بالدولعية، وعلاء الدين ابن
القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز بالظاهرية بعد خنق رشيد الدين الفارقي.
[التدريس بالتقوية والعمادية]
ودرس تقي الدين ابن الزكي بالتقوية بالخلعة والطيلسان من جهة
صاحب حماة، ودرس بدر الدين أبو اليسر ابن الصائغ بالعمادية.
[خطابة ابن المرحل بالجامع الأموي]
وفي جمادى الآخرة رتب خطيبا بالجامع الأموي العلامة زين الدين ابن
المرحل الوكيل، فتكلموا فيه، حتى قالوا إنه يلحن في الفاتحة، ولا يحفظ

37
الختمة، وأشنعوا عليه، ثم استمر وأوذي من تكلم فيه، واستمر في
الخطابة، وكان من بلغاء الخطباء، وكبار الأئمة، فاستقر على رغم من
ناوءه.
[قضاء الحنابلة بدمشق]
وفيه ولي القضاء شرف الدين الحسن بن الشرف الحنبلي بعد ابن عمه
القاضي نجم الدين.
[تدريس الجوزية]
وولي تدريس الجوزية القاضي تقي الدين سليمان، والخطابة بالجبل
ولد المتوفى القاضي نجم الدين.
[الأجناد بطرابلس]
وفيها قررت الأجناد بأطرابلس، واستخدم بها ستمائة فارس.
[إمساك جرمك الأنصاري]
وفيها مسك الأمير سيف الدين جرمك الناصري.
ومسك شمس الدين ابن السلعوس، وحبس مديدة، ثم أفرج عنه
بمصر، ولزم بيته، وسار مع الركب المصري وحج.

38
[نظر الجامع الأموي]
وفيها ولي نظر الجامع وجيه الدين ابن المنجا.
[شنق ابن المقدسي]
وفيها قبض على ناصر الدين ابن المقدسي، واعتقل بالعذراوية، ثم
شنق نفسه، والظاهر أنه شنق لنه طلب إلى مصر، فخافوا من مرافعته وبتوه.
وكان ظالما مرافعا، فقيها في فتح أبواب الشر والحيل، سامحه الله.
[نيابة غزة]
وفيها ولي نيابة غزة أحد أمراء دمشق عز الدين الموصلي.
[حريق درب اللبان]
وفي رجب وقع حريق كبير بدرب اللبان، واتصل بدرب الوزير بدمشق،
واحترقت دار صاحب حماة بحماة، وعملت النار فيها يومين. وكان هو في
الصيد، وراح فيها من الأموال والمتاع ما لا يوصف.
[التدريس بأم الصالح
فيها درس بأم الصالح بعد ناصر الدين ابن المقدسي إمام الدين
القزويني الذي ولي القضاء.

39
[قتل تجار المسلمين بعكا]
وفيها قدم عكا طائفة من الفرنج غتم، فثاروا بها، وقتلوا من بها من
التجار المسلمين.
[تدريس الرواحية]
ودرس بالرواحية البدر أحمد بن ناصر الدين المقدسي المشنوق بعد
والده، ولم يكن أهلا لذلك، بل فعلوا ذلك تطيييبا لقلبه.
[قطع الأخشاب بالبقاع]
وفي شوال توجه الأمير المشد شمس الدين الأعسر إلى وادي مربين
من البقاع لقطع الأخشاب للمجانيق، فقطع منها ما يحار فيه الناظر من عظمه
وطوله، وجرها إلى دمشق، وسخرت الأبقار والرجال، وقاسى الخلق مشاقا
لا توصف. وهي خشب صنوبر، غرم على كل عود منها جملة، حتى قال
من له خبرة من ولاة النواحي: ناب العود منها خمسون ألفا.

40
[وفاة السلطان قلاوون]
وفيها خرج من دمشق المحمل والسبيل مع الزورباشي، وعزم السلطان
على الحج، فلما بلغه نكث أهل عكا غضب واهتم لغزوهم، وضرب الدهليز
بظاهر القاهرة. وأخذ في التأهب، وخرج إلى الدهليز وهو متوعك في شوال،
ثم مرض ومات في ذي القعدة.
[استخدام أخشاب البقاع بدار السلطنة والجامع الأموي]
وجاب الأخشاب المذكورة إلى المزة، ثم شحطت إلى الميادين،
وكانت منظرا مهولا، وقد ربع سفل العود وسفط، وهو نحو ذراع وثلث

41
بالنجار وأكثر. ثم رأوا أنها لا تنفع للمنجنيق، فلما ولي الشجاعي نيابة دمشق
أدخل بعضها في عمارة دار السلطنة بالقلعة ثم نشر بعضها، وعمل منه
أبواب الجامع التي في الرواق الثالث.
[إمساك نائب الخزندار ومخدومه بدمشق]
وفي ذي القعدة أمسك الأمير بدر الدين المسعودي بدمشق نائب
الخزندار، وأمسك مخدومه طرنطاي في ذي القعدة في أواخره بمصر، وبسط
عليه العذاب إلى أن تلف.
[الخطبة للسلطان الأشرف]
وخطب للملك الأشرف صلاح الدين يوم تاسع عشر ذي القعدة
بدمشق.
[وكالة بيت المال بدمشق]
ثم جاء مرسوم لتاج الدين ابن الشيرازي بوكالة بيت المال مضافا إلى
الحسبة.
[إكرام الأمير بكتوت]
وطلب الأمير بكتوت العلائي إلى مصر وأكرم.
[تهنئة صاحب حماة للسلطان]
وتوجه صاحب حماة إلى مصر مهنئا في ذي الحجة.

42
[تدريس التقوية]
وخلع على معين الدين ابن المغيزل وولاه تدريس التقوية.
[البلاء بالعراق]
واشتد البلاء بالعراق بدولة اليهود التي من سعد الدولة الطبيب، وآذوا
الرعية.
[خراب الحجاج بمكة]
وخرب للحجاج قيمة كبيرة بمكة، وقتل نحو أربعين نفسا.

43
سنة تسعين وستمائة
[سلطان مصر ووزيره ونائبه]
دخلت وسلطان الإسلام الملك الأشرف، وقد فوض الوزارة إلى
الصاحب شمس الدين ابن السلعوس وهو في الحج، ثم وصلته الأخبار فأسرع
المجيء على الهجن، ونائب المملكة بدر الدين بيدرا.
فتح عكا
ولما استقر السلطان في الملك اهتم بإتمام ما شرع فيه والده من قصد
عكا. فسار بالجيوش من مصر في ثالث ربيع الأول، ونزل عليها في رابع
ربيع الآخر، وهو خامس نيسان، وجاءت إليه جيوش الشام بأسرها، وأمم لا
يحصيهم إلا الله تعالى، من المطوعة والمتفرجة والسوقية، فكانوا في قدر
الجند مرات.
ونصب عليها خمسة عشر منجنيقا إفرنجيا، منها ما يرمي بقنطار
بالدمشقي، ومن المجانيق القرابغا وغيرها. وشرعوا في النقوب، واجتهدوا

44
في الحصار، ووقع الجد من الفريقين، وأنجد أهلها صاحب قبرس بوكه بن
سيروك بنفسه. وليلة قدومه عليهم أشعلوا نيرانا وشمعا عظيما فرحا به، فأقام
عندهم ثلاثة أيام ثم ركب البحر ووأقلع لما شاهد من هول ما أحيط بهم، ولما
رأى من ضعفهم وانحلال أمرهم. وشرع أهلها في الهرب في البحر، ولم يزل
الأمر في جد حتى هدمت المجانيق شرفات الأبراج، وكملت النقوب عليها،
وعلقت الأسوار، وأضرمت في أسافلها النار، واستشهد عليها خلق من
المسلمين، وثبت الفرنج ثباتا كليا.
وعند منازلتها نودي في دمشق: من أراد أن يسمع ' البخاري ' فليحضر
إلى الجامع. فاجتمع خلق وقرأ فيه الشيخ شرف الدين الفزاري، وحضر
قاضي القضاة ونائبه، ونجم الدين بن مكي، وعز الدين الفاروثي، وكان
السماع على جماعة.
[إمساك نائب دمشق]
وفي ثامن جمادى الأولى حصل تشويش على عكا، وهو أن الأمير علم
الدين الحموي أبو خرص أتى إلى نائب دمشق لاجين فقال: السلطان يريد
أن يمسكك. فخاف، وجمع ثقله وطلبه في الليل، وشرع في الهروب، فشعر
به علم الدين الدواداري، فجاء ورده وقال: بالله لا تكن سبب هلاك
المسلمين، فإن الفرنج إن علموا بهروبك قووا على المسلمين. فرجع. ثم
طلبه السلطان من الغد، وخلع عليه وطمنه، ثم أمسكه بعد يومين وقيده
وبعث به إلى مصر، وأمسك معه ركن الدين تقصوه وهو حموه، وأمسك

45
قبلهما بيومين ثلاثة أبا خرص وقيده، واستناب على دمشق علم الدين
الشجاعي.
[دخول عكا]
ثم هيأ السلطان أسباب الزحف، ورتب كوسات عظيمة، فكانت ثلاثمائة
حمل، وزحف عليها سحر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى بسائر
الجيش.
وكان للكوسات أصوات مهولة، وانقلبت لها الدنيا فحين لاصق الجيش
الأسوار هرب الفرنج، ونصبت الأعلام المشرفية على الاسوار مع طلوع
الشمس، وبذل السيف، ولم يمض ثلاث ساعات من النهار إلا وقد استولى
المسلمون عليها، ودخلوها من أقطارها، وطلب الفرنج جهة البحر، فقتل من
أدرك منهم، وأسهل القتل والأسر والسبي على سائر أهلها. وعصت الديوية
والإسبتار والأرمن في أربعة أبرجة شواهق في وسط البلد، فحصروا فيها، ثم
طلبوا الأمان من الغد، فأمنهم السلطان وسير لهم سنجقا، فنصبوه على
برجهم، وفتحوا الباب، فطلع إليهم الأجناد وبعض الأمراء، وتعرضوا لهم
بالنهب وأخذ النساء، فغلق الفرنج الأبواب، ورموا السنجق، وقتلوا طائفة من
الجند، وقتلوا الأمير أقبغا المنصوري. وعاودهم الحصار، ونزل إسبتار
الأرمن بالأمان على يد زين الدين كتبغا الذي تسلطن.
وفي اليوم الثالث من الفتح طلب الديوية الأمان، وكذا الإسبتار، فأمنهم
السلطان، وخرجوا، ثم نكث، وقتل منهم فوق الألفين، وأسر مثلهم، وساق
إلى باب الدهليز فوق الألف من نسائهم وصبيانهم. فلما رأى من تبقى في
أحد الأبرجة ما جرى تحالفوا على الموت، وامتنعوا من قبول الأمان، وقاتلوا

46
أشد قتال، وتخطفوا خمسة من المسلمين ورموهم من أعلى البرج، فسلم
واحد ومات أربعة. وأخذ هذا البرج يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من جمادى
الأولى بالأمان. وكان قد نقب وغلق من نواحيه، فلما نزل منه وحول أكثر ما
فيه سقط على جماعة من المتفرجين والذين ينهبون فهلكوا.
ثم عزل السلطان الحريم والولدان، وضرب رقاب الرجال ولم يف
لهم، وهذا مكافأة لفعلهم حين أخذوا عكا من السلطان صلاح الدين فإنهم
- أعني الفرنج أمنوا من بها من المسلمين، ثم غدروا بهم، وقتلوا أكثرهم،
وأسروا الأمراء وباعوهم فسلط الله على ذرياتهم من انتقم منهم وغدر بهم
جزاء وفاقا، فيا لله العجب. وأعجب من ذلك أن الفرنج أخذوا عكا في يوم
الجمعة سابع عشر شهر في الثالثة من النهار من شهر جمادى الآخرة، كما
ذكرناه في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ثم افتتحها المسلمون بعد مائة سنة
وثلاث سنين إلا شهر واحد.
[تاريخ عكا قبل الفتح]
وفي سنة سبع وستين وأربعمائة افتتح أمير التركمان عكا، ثم عادت إلى

47
الفرنج فملكتها، ثم في سنة اثنتين وثمانين جهز أمير الجيوش بدر الدين
الجمالي نصير الدولة الجيوشي في جيش من مصر فافتتح صور وعكا، ونزل
على بعلبك، ثم في سنة ست وتسعين وأربعمائة نزل على عكا بغدوين ملك
القدس، لعنه الله، فحاصرها وأخذها بالسيف، فدامت في يد الفرنج إلى أن
أخذها السلطان صلاح الدين في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ثم أخذت منه
سنة سبع وثمانين.
[استيلاء الفرنج على صور]
وأخذت الفرنج صور بعد حصار طويل بالأمان في سنة ثمان عشرة
وخمسمائة.
فتح صور
لما نازل الملك الأشرف عكا جهز الأمير علم الدين الصوابي والي بر
صفد إلى جهة صور، لحفظ الطرق وتعرف الأخبار. فلما أخذت عكا
وأحرقت وأضرمت النيران في جنباتها، وعلا الدخان، وهرب أهلها في
البحر، علم أهل صور ذلك، فهربوا وأخلوا البلد، وكانت حصينة منيعة لا
ترام، فدخلها الصوابي، وكتب بالبشارة إلى السلطان فجهز له رجالا وآلة
ليخربوها، ويخربوا حيفا.
وبقي بصور من تأخر من أهلها، فاستغاثوا، وسلموها بالأمان
للصوابي، وآمنهم، ولم يكن السلطان يطمع بها، فيسر الله بما لم يكن في
الحساب.
وكان لها في يد الفرنج نحو من مائتي سنة، بل من مائة واثنتين وسبعين
سنة. وقد أخذ منها رخام كثير، وجعلت دكا.

48
[نيابة صفد]
وأمسك السلطان على عكا نائب صفد علاء الدين أيدغدي الألدكزي،
وولى مكانه علاء الدين أيدكين الصالحي.
[نيابة الكرك]
وطلب نائب الكرك ركن الدين بيبرس الخطابي الدويدار، وولى مكانه
جمال الدين آقوش الأشرفي. ثم بعد عشرين سنة ولي هذا نيابة دمشق، وذاك
نيابة مصر، فلم تطل أيامهما.
[تزيين دمشق]
وفي خامس شهر جمادى الآخرة رحل السلطان عن عكا وقد تركها
دكا، وشرع الصاحب تقي الدين وشمس الدين الأعسر المشد بدمشق في عمل
القباب والزينة، وحصل لذلك من الاحتفال ما لا مزيد عليه. ودخل دمشق
دخولا ما شهد مثله من الأعمار، وأمامه الأسرى على الخيل يحملون أعلامهم
منكسة، ورماحا فيها شعف رؤوس القتلى، وذلك في ثالث عشر جمادى
الآخرة، فأقام بدمشق خمسة وثلاثين يوما.

49
فتح صيدا
سار عسكر دمشق فنازلوا صيدا، وأما ملك الأمراء الشجاعي فأتى في
خدمة السلطان، ثم رجع إلى صيدا، ثم افتتحها، فاستولى من بها من المقاتلة
على برج، وتحصنوا به، وكان لا يصل إليه حجر منجنيق، فضايقه الشجاعي
في ثامن رجب، وفتحه يوم السبت خامس عشر رجب، بحكم الذين فيه نزلوا
منه وانتقلوا إلى الجزيرة المجاورة لصيدا، ثم إنهم أحرقوا الجزيرة بما فيها في
ثامن عشر رجب، وساروا في البحر إلى قبرس. ثم علق المسلمون أبراج
القلعة وأحرقوها ودكوها.
[الاستيلاء على مراكب الفرنج عند البترون]
وكانت الشواني الإسلامية قد حضرت من اللاذقية، فلما وصلت إلى
ميناء البترون مر بها الذين هربوا من صيدا في المراكب، وظنوها للفرنج،
فعرجوا إليهم، ثم تبين لهم أنهم مسلمون، فهربوا، فتبعهم الأمير بلبان
التقوي بالشواني، فاستولى عليهم قتلا وأسرا ونهبا، واستنقذ الذين معهم من
الأسرى، وكان ذلك من غرائب ما اتفق.
فتح بيروت
كان أهل بيروت متمسكين بالهدنة، لكن بدا منهم شيء يسير، وهو

50
أنهم آووا المنهزمين من الفرنج، وأمرهم علم الدين الشجاعي بضم مراكبهم
إلى مراكب المسلمين، فخافوا وامتنعوا، فأمر الشجاعي الأمير التقوي بحفظ
الميناء وضبط مائة من المراكب، وجاء الشجاعي بالجيش من جانب البر،
فدخل المدينة وأخرجهم منها، واستولى على القلعة وما فيها. وذلك في
الثالث والعشرين من رجب.
وكانت القلعة امتنعت عليه قليلا، فوقع الحديث مع كليام النائب بها،
فأجاب وسلم، وأسر كل من كان بالبلد والقلعة من الخيالة والمقاتلة. وكانت
من القلاع المنيعة، فهدمها الشجاعي.
فتح جبيل
وكان صاحبها عند الملك المنصور نوبة طرابلس، وبقي بجبيل، فلما
أخذت عكا رسم له بأن يخرب قلعة جبيل، ثم ندب الأمير علم الدين
الدواداري فسار إليها وأخرب أسوارها، وأذهب حصانتها، وهدمها.
فتح عثليث
وهو حصن مشهور يضرب لحصانته المثل، والبحر يكتنفه من جميع

51
جهاته، ولم يحدث الملوك أنفسهم بقصده. وكان السلطان قد جرد من عكا
بدر الدين رمتاش التركماني بجماعة من التركمان للنزول حوله على بعد
ليحصل الأمن من جهته من أحد يخرج منه. ونودي [على] الجلابة
والمسافرين. فأخذت عكا وغيرها والتركمان مكانهم، فلما بلغ أهل عثليث
أخذ عكا وصور وصيدا وبيروت، أحرقوا أموالهم ومتاعهم وما لم يقدروا
على حمله، وعرقبوا دوابهم، وهربوا في البحر، وأخلوا الحصن ليلة أول شعبان.
[فتح انطرسوس]
وأما أهل أنطرسوس لما بلغهم ذلك عزموا على الهرب فجرد الأمير
سيف الدين الطباخي إليها، فلما أحاط بها ليلة خامس شعبان ركبوا في البحر
وهربوا إلى جزيرة أرواد، وهي بالقرب منها.
[تكليف مقدمي الجرد وكسروان خفر بلادهم]
وفي غضون ذلك استحضر الشجاعي مقدمي جبل الجرد والكسروان،
فلما حضروا بين يديه أخذ سلاحهم ودركهم خفر بلادهم، وتوثق منهم، ثم
خلع عليهم، وأخذ منهم رهائن.
[تكسير تمثالين ببعلبك]
ثم قدم الشجاعي بعلبك في أواخر شعبان، وطلع إلى قلعتها، وأمر
بكسر صنمين من الرخام كانا قد وجدا في بعض الحفائر في نهاية التحرير

52
والإتقان وبراعة الصنعة، فكان إذا حضر أحد من الأكابر أحضروا الصنمين
للفرجة على تلك الصنعة. فلما زار الشجاعي مقام إبراهيم أحضر الوالي
تلك الصنمين فرآهما وأمر بتكسيرهما، فكسرا في الحال. وهذه تدل على
حسن دين الشجاعي، وإن كان ظالما. ثم دخل دمشق في السابع والعشرين
من شعبان.
[القبض على علم الدين الدواداري]
وفي نصف رمضان قبض على علم الدين الدواداري، وبعث به إلى
مصر.
وجاءت الأخبار بالإفراج والرضى عن الأمراء الكبار: تقصو، وحسام
الدين لاجين النائب، وشمس الدين سنقر، وبدر الدين بيسري، وشمس الدين
سنقر الطويل المنصوري، وبدر الدين خضر بن جواد بن القيمري.
[العمارة بقلعة دمشق]
وفي شوال شرع الشجاعي بعمارة الطارمة والقبة الزرقاء ودور الحريم
بقلعة دمشق، فحشد الصناع، وحشر الرجال، وعمل عمارة الجبابرة، وقلع
لذلك عدة أعمدة من سوق الفراء الذي بطرف الفسقار، وحفر الأرض وراء
الأعمدة، وإذا العمود منها نازل في الأرض بقدر ظهوره مرة أخرى ونصف،
وهو على قاعدة متينة، وتعجب الناس من ذلك، ولم يعلموا ما السبب في
نزولها في الأرض. ثم إنها جرت بدواليب وآلات، وعبروا بها من باب السر،

53
ونقبوا لها في السور في البدنة، وهي أكبر من أعمدة الجامع، فأقيمت وعمل
عليها القبو الذي بين يدي القبة. وعسف الصناع، واستحثهم بنفسه، وبنى
بنيانا خشنا جاهليا، وزخرفة، ودخل فيه أقل من ثلاثة ألاف دينار، وقد
سهرت في عمله ليالي مع أبي رحمه الله. وتكامل جميعه في سبعة أشهر.
وكان الدهانون يعملون في المقرفص والأساس لم يرتفع بعد، وجلب لذلك
الرخام المفتخر من عكا وصور وبيروت وتلك الديار. وخرب حمام الملك
السعيد الذي تجاه باب السر، ولم يكن له نظير في الحسن، وخرب الأبينة
التي من جسر الزلابية إلى قرب باب الميدان، وذهبت أملاك الناس وتعثروا.
وكان هذا المكان مليح ويعرف بالمسابح، وعلى النهر العابر إلى خندق
القلعة دور حسنة، وفي النهر مركب يركب فيه الشباب للفرجة، وقد ركبت
فيه مع جدي العلم وأنا ابن خمس سنين، وأعطى الذي في المركب أجره.
[غضب السلطان على بعض خواصه]
وكان السلطان لما قدم دمشق انبسط هو أو بعض خواصه الملاح على
نائب القلعة أرجواش فقال: وقعنا في الصبيانية. فغضب السلطان وأمر بشنقه،
وألبس عباءة ليشنق فيها. ثم شفعوا فيه، فحبس مدة، ثم أطلع من الحبس
ولزم بيته بلا خبز.
ثم خلع عليه في رمضان، وأعطي خبزه، وأعيد إلى نيابة القلعة، ورتب
معه بالقلعة الأمير أسندمر المنصوري، وأنزل الباسطي إلى البلد.
[تولية ابن جماعة قضاء مصر]
وفي رمضان طلب القاضي بدر الدين ابن جماعة قاضي القدس وخطيبه

54
على البريد مكرما، وولاه الصاحب ابن السلعوس قضاء الديار المصرية وعدة
مدارس، ولم يترك لقاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز سوى المدرسة
الشريفية فقط.
[إبطال عمائم النساء وشرب الحشيش والخمر بدمشق]
وفيها أمر الشجاعي فنودي في دمشق بإبطال العمائم للنساء، وأن لا
تزيد المرأة على المقنعة، وبإبطال صباغات النساء، وأن لا يخرجن إلى
المقابر، وغير ذلك، وأن لا يأكل أحد حشيشة، ولا يشرب خمرا، وتوعد
على ذلك. وكان ذا هيئة وسطوة مرهبة، فتأدب البلد، وكانت هذه من
حسناته.
[موت ملك التتار]
وفيها هلك أرغون ملك التتار.

55
[ولاية بر دمشق]
وفيها أعيد طوغان إلى ولاية البر بدمشق.
[خطبة ابن المرحل أمام السلطان]
ومن غريب الإتفاقات أن السلطان قدم دمشق وأراد النزول يوم الجمعة
إلى الجامع، فطلب له من يخطب غير الخطيب ابن المرحل لكراهيتهم له،
وشكوه إلى الصاحب، فطلب الزين الفارقي، فامتنع لعدم التهيؤ، وطلب إمام
الكلاسة، فتغيب، فخطب ابن المرحل.
[زيارة ابن الأرموي]
وزار السلطان الشيخ إبراهيم بن الأرموي بالجبل بعد العشاء.
[إطلاق رسل عكا الفرنج]
ولما دخل السلطان مصر أطلق رسل عكا الذين كانوا معوقين بالقاهرة.
[إطلاق أسرى بيروت]
وجاءه رسول الأشكري، فأطلق السلطان للرسول أسرى بيروت، وكانوا
ستمائة وثلاثين نفسا.
[إظهار أمر الخليفة]
وأخرج من كان في الجب من الأمراء، وأخرج الخليفة الحاكم بأمر
الله، وكان في أيام أبيه خاملا لم يطلب أبوه منه تقليدا بالملك ولا انفعل

56
لذلك، فظهر الخليفة وصلى للمسلمين. وبايعه الملك الأشرف بإشارة
الوزير.
[خطبة الخليفة]
وفي نصف شوال خطب بالناس يوم الجمعة أمير المؤمنين الحاكم بأمر
الله، وذكر في خطبته توليته للملك الأشرف أمر الإسلام، فخطب يومئذ
بالخطبة التي خطب بها في أول سنة إحدى وستين، وهي مليحة، من إنشاء
مؤدبه ومفقهه الإمام شرف الدين ابن المقدسي، فلما فرغ من الخطبة صلى
بالناس قاضي القضاة ابن جماعة.
[قراءة الختمة والحض على أخذ بغداد]
وفي رابع ذي القعدة عملت الختم لتمام السنة من موت السلطان الملك
المنصور بتربته، وحضر الفقهاء والدولة، ونزل السلطان وقت الختم والخليفة
الحاكم بأمر الله، وخطب الخليفة، وذكر بغداد، وحرض على أخذها، وكان
قد وخطه الشيب وعليه السواد. وانفق في هذا المهم مبلغ عظيم، واحتفل
له.
[قراءة الختمة بدمشق]
وأما دمشق فإن الشجاعي جمع الناس بالميدان، ونصب مخيم عظيم

57
سلطاني، ومد سماط هائل، وختمت الختمة، وتكلم الوعاظ، فتكلم أولا
فريد الوقت عز الدين الفاروثي، وتكلم بعده الواعظ نجم الدين ابن البزوري،
وحضر أمم وخلائق، وكانت ليلة مشهودة، وعملت خلوات كثيرة.
[إمساك أميرين بدمشق]
وفي شوال مسك الأميران بهاء الدين قرارسلان، وجمال الدين أقوش
الأفرم الصغير الذي صار نائبا، وحبسا بقلعة دمشق.
[توسعة الميدان بدمشق]
وفي ذي الحجة وسع الشجاعي الميدان من شماليه، وعمل في حائطه
للأمراء والعامة، وعمل فيه الشجاعي بنفسه، وتقاسموه، ففرغ في يومين مع
ضخامة حائطه.
ووصل الأمراء الثلاثة على أخباز الذين مسكوا من دمشق، والثلاثة هم
ركن الدين الجالق، والمساح، وعز الدين أزدمر العلائي. وعملت سلالم
عظيمة وأظهروا قصد بغداد.
[حج الشاميين]
وحج بالشاميين الأمير بدر الدين الصوابي الخادم.

58
[ما قيل في فتح عكا]
وعملت الشعراء القصائد في فتح عكا، فمن ذلك كلمة المولى شهاب
الدين محمود:
* الحمد لله زالت دولة الصلب
* وعز بالترك دين المصطفى العربي
*
* هذا الذي كانت الآمال لو طلبت
رؤياه في النوم لاستحيت من الطلب
*
* ما بعد عكا وقد هدت قواعدها
* في البحر للشرك عند البر من أرب
*
* عقيلة ذهبت أيدي الخطوب بها
* دهرا وشدت عليها كف مغتصب
*
* لم يبق من بعدها للكفر إذ خربت
* في البر والبحر ما ينجي سوى الهرب
*
* أم الحروب فكم قد أنشأت فتنا
* شاب الوليد بها هولا ولم تشب
*
* سوران بر وبحر حول ساحتها
* دارا وأدناهما أنأى من السحب
*
* ففاجأتها جنود الله يقدمها
* غضبان لله لا للملك والنشب
*
* كم رامها ورماها قبله ملك
* جم الجيوش فلم يظفر ولم يصب
*

59
* لم يلهه ملكه بل في أوائله
* نال الذي لم ينله الناس في الحقب
*
* فأصبحت وهي في بحرين مائلة
* ما بين مضطرم نارا ومضطرب
*
* جيش من الترك ترك الحرب عندهم
* عار وراحتهم ضرب من النصب
*
* يا يوم عكا لقد أنسيت ما سبقت
* به الفتوح وما قد خط في الكتب
*
* لم يبلغ النطق حد الشكر فيك فما
* عسى يقوم به ذو الشعر والخطب
*
* كانت تمني بك الأيام عن أمم
* فالحمد لله شاهدناك عن كثب
*
* وأطلع الله جيش النصر فابتدرت
* طلائع الفتح بين السمر والقضب
*
* وأشرف المصطفى الهادي البشير على
* ما أسلف الأشرف السلطان من قرب
*
* فقر عينا بهذا الفتح وابتهجت
* ببشره الكعبة الغراء في الحجب
*
* وسار في الأرض مسرى الريح سمعته
* فالبر في طرب والبحر في حرب
*
* وخاضت البيض في بحر الدماء فما
* أبدت من البيض إلا ساق مختضب
*
* وغاص زرق القنا في زرق أعينهم
* كأنها شطن تهوي إلى قلب
*
* أجرت إلى البحر بحرا من دمائهم
* فراح كالراح إذ غرقاه كالحبب
*
* بشراك يا ملك الدنيا لقد شرفت
* بك الممالك واستعلت على الرتب
*

60
* ما بعد عكا وقد لانت عريكتها
* لديك شيء تلاقيه على تعب
*
* أدركت ثأر صلاح الدين إذ عصيت
* منه لسر طواه الله في اللقب
*
* باتت وقد جاورتنا ناشزا وغدت
* طوع الهوى في يدي جيرانها الجنب
*
* وجالت النار في أرجائها وعلت
* فأطفأت ما بصدر الدين من كرب
*
* أضحت ' أبا لهب ' تلك البروج وقد
* كانت بتعليقها حمالة الحطب
*
* وأفلت البحر منهم من يخبر من
* يلقاه من قومه بالويل والحرب
*
* وتمت النعمة العظمى وقد كملت
* بفتح صور بلا حصر ولا نصب
*
* لما رأت أختها بالأمس قد خربت
* كان الخراب لها أعدى من الجرب
*
* إن لم يكن ثم لون اليم منصبغا
* بها إليها وإلا ألسن اللهب
*
* فالله أعطاك ملك البحر وابتدأت
* لك السعادة ملك البر فارتقب
*

61
* فمن كان مبدؤه عكا وصور معا
* فالصين أدنى إلى كفيه من حلب
*
وله من قصيدة أخرى في عكا مدح بها الشجاعي:
* الشرك انجلى وانجلت ظلماته
* والدين قر وأشرقت قسماته
*
* والنصر ألوت بالفرنج رياحه
* من بعد ما فتكت بهم نسماته
*
* هذا الذي كانت تحيله المنى
* وتحيله قدم العدى وثباته
*
* هذا الذي كان الرجاء ببعضه
* بعد النفوس ولا تصح عداته
*
* هب الزمان من الكرى من بعدما
* طالت سني رقاده وسناته
*
* ما كان يحسن أن يجاورنا العدى
* لو زال عن جفن الجهاد سباته
*
* والآن قد ذهبت بحمد الله
* عن أرض الشام عداتنا وعداته
*
* وتفرقت أيدي سبأ وسباهم
* جمعت برغمهم لنا أشتاته
*
منها:
* بانوا فما بكت السماء عليهم
* في ربعهم بل أحرقت عرصاته
*
* ونمى إلى صور الحديث ببحرهم
* إذ خلقت بدمائهم صفحاته
*
وهي مائة وخمسون بيتا.

62
بسم الله الرحمن الرحيم
ربنا أفرغ علينا صبرا
قال الإمام الحافظ، إمام القراء والمحدثين، شمس الدين الذهبي:
الطبقة التاسعة والستون
سنة إحدى وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
1 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الجبار بن طلحة بن عمر.
الفقيه، المدرس، أبو العباس بن الأشتري، الحلبي، الشافعي.
ولد بحلب سنة خمس عشرة وستمائة.
وسمع من: أبي محمد بن علوان، والموفق عبد اللطيف، وقاضي
القضاة أبي المحاسن ابن شداد، وأبي المجد القزويني، وأبي الحسن بن
روزبة، وأبي المنجا بن اللتي، والإربلي، وطائفة.

63
روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو الحجاج المزي،
وجماعة.
وأجاز لي، وكان ممن جمع بين العلم والعمل.
كان إماما عارفا بالمذهب، ورعا، كثير التلاوة، بارز العدالة، كبير
القدر، مقبلا على شأنه. سألت أبا الحجاج القضاعي عنه فقال: كان ممن
يظن به أنه لا يحسن أن يعصي الله.
فقلت: وكان يقرئ الفقه، وله اعتناء بالحديث.
توفي في ربيع الأول بدمشق فجأة. وكان يصوم الدهر، ويتصدق بفاضل
قوته. وكان النواوي رحمه الله إذا جاءه صبي يقرأ عليه بعث به إلى أمين
الدين لعلمه بدينه وعفته.
2 - أحمد بن حذيفة.
شرف الدين، أبو العباس الدمشقي، الدلال في العقار.
ولد سنة اثنتي عشرة. وحدث ' بجزء ابن أبي ثابت ' عن أم الكرم
كريمة.
روى عنه: ابن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي، والطلبة.
ومات في ربيع الآخر بدمشق.
3 - أحمد بن أبي الحرم.
جلال الدين بن الزين، الدلال في الأملاك أيضا.
توفي في ربيع الآخر. وكان شابا مشتغلا، حسن الكتابة.
4 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حنظلة.
الشيخ، موفق الدين ابن المعالج الأنصاري، البغدادي.

64
توفي في ذي الحجة.
سمع ' مسند الشافعي ' من: ابن الخازن.
وحدث.
عاش ثمان وستين سنة. وكان شافعيا.
5 - أحمد بن محمد بن أبي دويقة.
الخزرجي، الأستاذ، أبو العباس.
سمع: أبا الربيع بن سالم، وأبا علي الشلوبين.
مات في رجب بالمغرب.
6 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان.

65
قاضي القضاة، شمس الدين، أبو العباس البرمكي، الإربلي، الشافعي.
ولد بإربل سنة ثمان وستمائة، وسمع بها ' صحيح البخاري ' من أبي جعفر محمد بن هبة الله بن مكرم الصوفي.
وأجاز له: المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وزينب الشعرية.
روى عنه: المزي، والبرزالي، والطبقة.
وكان إماما، فاضلا، بارعا، متفننا، عارفا بالمذهب، حسن الفتاوى،
جيد القريحة، بصيرا بالعربية، علامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير
الاطلاع، حلو المذاكرة، وافر الحرمة، من سروات الناس.
قدم دمشق في شبيبته.
وقد تفقه بالموصل على كمال الدين بن يونس، وأخذ بحلب عن
القاضي بهاء الدين ابن شداد، وغيرهما.
ودخل الديار المصرية وسكنها مدة، وتأهل بها. وناب في القضاء عن
القاضي بدر الدين السنجاري. ثم قدم الشام على القضاء في ذي الحجة سنة
تسع وخمسين منفردا بالأمر، ثم أقيم معه القضاة الثلاثة في سنة أربع وستين،
ثم عزل عن القضاء في سنة تسع وستين بالقاضي عز الدين ابن الصائغ، ثم
عزل ابن الصائغ بعد سبع سنين به.
وقدم من الديار المصرية، فدخل دخولا لم يبلغنا أن قاضيا دخل مثله
من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغال والشهود، وكان يوما مشهودا. وجلس
في منصب حكمه، وتكلمت الشعراء.

66
وكان كريما، جوادا، ممدحا. ثم عزل بابن الصائغ، ودرس بالأمينية
إلى أن مات.
وقد جمع كتابا نفيسا في ' وفيات الأعيان '.
وتوفي عشية نهار السبت السادس والعشرين من رجب. وشيعه خلائق.
ومن شعره:
* أي ليل على المحب أطاله
* سائق الظعن يوم زم جماله
*
* يزجر العيس طاويا يقطع المهمة
* عسفا سهوله ورماله
*
* يسأل الربع عن ظباء المصلى
* ما على الربع لو أجاب سؤاله
*
* هذه سنة المحبين يبكون
* على كل منزل لا محاله
*
* يا خليلي إذا أتيت ربى الجزع
* وعانيت روضة وتلاله
*
* قف به ناشدا فؤادي فلي
* ثم فؤاد أخشى عليه ضلاله
*
* وبأعلا الكثيب بيت أغض الطرف
* عنه مهابة وجلاله
*
* حوله فتية تهز من الخوف
* عليه ذوابلا عساله
*
* كل من جئته لأسأل عنه
* أظهر الغي غيرة وتباله
*
* منزل حقه علي قديم
* في زمن الصبى وعصر البطالة
*
* يا عريب الحمى أعذروني فإني
* ما تجنبت أرضكم من ملاله
*
* لي مذ غبتم عن العين نار
* ليس تخبو وأدمع هطاله
*

67
* فصلونا إن شئتم أو فصدوا
* لا عدمناكم على كل حاله
*
7 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي.
المسند برهان الدين، أبو إسحاق بن الدرجي، القرشي، الدمشقي،
الحنفي، إمام المدرسة العزية بالكجك.
ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة في شعبان.
وأجاز له: أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن
سعيد، وإدريس بن محمد العطار، وأبو المفاخر خلف بن أحمد الفراء،
وعبيد الله بن محمد بن أبي نصر اللفتوائي، ومحمد بن معمر بن الفاخر،
والمؤيد بن الإخوة، وأم هانىء عفيفة الفارقانية، وطائفة من الإصبهانيين في
عام اثنتين وستمائة.
وسمع أجزاء معدودة: من أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن
الحرستاني، وأبي الفتوح البكري.
وحدث ' بالمعجم الكبير ' للطبراني، وكان ثقة، فاضلا، خيرا، سهل
القياد. ولم يظهر سماعه من الكندي وابن الحرستاني إلا بعد موته.
روى عنه: الدمياطي، وابن تيمية، وابن القحفازي، والمزي،
والبرزالي، وابن العطار، وجماعة.

68
وحج في آخر عمره، فتوفي يوم عبور الركب في سابع صفر، رحمه
الله. ولي منه إجازة.
8 - إبراهيم بن عمر بن إسماعيل.
الكركي، الشافعي.
توفي بدمشق في رجب.
وقد حدث ' بصحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي.
حدثنا عنه: إسحاق الآمدي.
9 - إبراهيم بن أبي بكر.
أمين الدين التفليسي، إمام السلطان الملك الظاهر.
ولد سنة خمس وعشرين، وحدث بدمشق ومصر عن: ابن الجميزي،
والسبط.
سمع منه: البرزالي، وغيره.
مات بالقاهرة، وقيل مات سنة ثمان.
10 - إدريس بن صالح بن وهيب.
الفقيه، زين الدين القليوبي، خطيب الجامع الأزهر.
ولد سنة ثمان عشرة، وكان شديد السمرة. له شعر جيد، وفيه تصون
وخير.

69
11 - إسحاق الدمياطي.
ناصر الدين.
روى ' جامع الترمذي ' عن ابن البناء
توفي بدمياط في ربيع الأول.
12 - إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين
الشيخ عماد الدين البعلبكي.
ولد سنة أربع وستمائة.
وسمع من: موفق الدين بن قدامة، وأبي المجد اليونيني، والبهاء
عبد الرحمن، وغيرهم.
وكان من خيار من حدث في زمانه لعلمه ودينه وثقته وورعه. وكان
خبيرا بكتابة الحكم والوثائق، دمث الأخلاق، كثير التلاوة، حسن الزهادة،
حنبلي المذهب.
روى عنه: أبو الحسين اليونيني، وابن أبي الفتح، وأبو الحجاج
المزي، وأبو الحسن بن العطار، وغير واحد.
وأجاز لي مروياته.
توفي في صفر.

70
وقرأت بخط شيخنا ابن تيمية أنه ولي قضاء بعلبك.
سمعت منه ' سنن ابن ماجة '
13 - إسماعيل بن عبد الجبار بن بدر.
الضياء، أبو الفداء النابلسي، ثم الدمشقي.
روى عن: الموفق، وزين الأمناء.
وعنه: المزي والبرزالي، وجماعة.
توفي في شعبان.
14 - إسماعيل بن هبة الله بن علي بن هبة الله.
فخر الدين، أبو الطاهر بن أبي القاسم بن المليجي، المصري،
المقرئ، المعدل.
مسند القراء في زمانه.
ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها بيسير.
وقرأ بالسبع على أبي الجود، وهو آخر من قرأ عليه وفاة
وسمع من: أبي الحسن بن جبير البلنسي، وأبي عبد الله محمد بن
البناء.
وازدحم في آخر عمره، الطلبة لعلوه لا لإتقانه، فقرأ عليه العلامة أبو
حيان، وقطب الدين عبد الكريم، والتقي أبو بكر الجعبري، وجماعة.

71
وأجاز لأبي محمد البرزالي، وغيره.
ومات في الثاني والعشرين من رمضان، رحمه الله، وتساوى القراء
بعده في إسناد أبي الجود. وكان بارز العدالة، دينا.
15 - آقسنقر.
الشبلي، الصفوي.
حدث عن: ابن قميرة.
- حرف الباء -
16 - بيجار بن بختيار.
الأمير، حسام الدين اللاوي، الرومي.
كان له ببلاد الروم قلاع وأموال وحشمة فخرج إلى المسلمين مهاجرا،
مفارقا للتتار، خذلهم الله، في أواخر الدولة الظاهرية.
وحج من الديار المصرية، وأنفق مبلغا في القربة والخير. وعاد ولزم
بيته، وترك الإمرة، وشاخ.
قال الشيخ قطب الدين: جاوز المائة بسنين، كذا قال، وكف بصره
قبل موته بثلاث سنين.
توفي في شعبان.
- حرف الحاء -
17 - الحسين بن إياز.

72
العلامة، النحوي جمال الدين، شيخ العربية بالمستنصرية ببغداد. له
مصنفات في النحو.
وتوفي في ذي الحجة.
كتب عنه: أبو البدر الفرضي، وابن الفوطي، وجماعة.
وكان إماما في النحو والتصريف.
قرأ على الشيخ تاج الدين الأرموي.
18 - الحسين بن عباس بن عبدان.
العدل، شمس الدين المناديلي، الدمشقي والد شيخنا أحمد
توفي في جمادى الأولى، وخلف ثروة وورثة.
19 - الحسين بن قتادة بن مزروع.
النسابة، رضي الدين، أبو محمد العلوي، الحسني، المقرئ،
العراقي. كان عارفا بالأنساب والقراءآت. أم بالمشهد، وكتب الناس عنه.
قال ابن الفوطي: مات في حادي عشر شوال.
- حرف الخاء -
20 - خضر بن عبد الرحمن بن الخضر.
الشيخ، سديد الدين الحموي، المقرئ، صاحب السخاوي.
أقرأ القرآن، وعمر دهرا، وجاوز التسعين.

73
توفي في شوال. وكان شيخ الخانقاه بحماة. وله مشاركة وتفنن. وله
إجازة من الكندي. وكان يلبس الخرقة للسهروردي.
مولده سنة أربع وثمانين وخمسمائة في ذي القعدة.
- حرف الذال -
21 - ذو النون بن مفضل بن محمد بن عبد الخالق.
القرشي، السخاوي، أبو الفضل الشافعي، شرف الدين الأميوطي.
وأميوط من أعمال سخا.
ولي قضاء البهنسا وغيرها. وله شعر جيد.
كتب عنه الدمياطي.
مات في المحرم.
- حرف الزاي -
22 - الزين رمضان.
الخشاب، الدمشقي.
مات في جمادى الأولى.
23 - زينب بنت تمام بن يحيى.
الحموية، الدمشقية
امرأة صالحة عابدة، من بيت الرواية.
روت بالإجازة عن: داود بن ملاعب، وغيره.
وماتت في صفر.
- حرف السين -
24 - سالم الدليل.
دليل الركب الشامي

74
توفي في ربيع الآخر.
25 - سليمان بن عبد الله بن أمور.
ويقال: ابن عمران. الشيخ قطب الدين، أبو الربيع الزيلعي، الحنفي،
خادم المصحف العثماني.
سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبا الخير بن المقير، وغيرهم.
كتب عنه: البرزالي، وجماعة كثيرة.
وأجاز لي. وكان شيخا صالحا، حسن السمت.
توفي في رابع ذي القعدة.
- حرف الشين -
26 - شاذي بن داود بن عيسى بن محمد بن أيوب بن شاذي.
الملك الظاهر، غياث الدين ابن صاحب ' الكرك، الملك الناصر.
ولد وأبوه صاحب دمشق حينئذ سنة خمس وعشرين. ونشأ بالكرك.
وسمع من: أبي المنجا بن اللتي.
وحدث بدمشق. وكان دينا، خيرا، متواضعا، عاقلا، يتعانى زي العرب
كعمه الملك القاهر. وأمه هي ابنة الأمجد بن العادل.
توفي، رحمه الله، بالغور.

75
- حرف العين -
27 - عبد الله بن المحدث محمد بن عمر بن عبد الغالب.
نجم الدين الأموي، العثماني، الدمشقي، القباقيبي، والد صاحبنا مؤذن
البادرائية عبد الرحمن الأسمر.
توفي في سادس ربيع الآخر، وبعضهم يلقبه بالجمال.
سمع: أباه، وأبا نصر بن الشيرازي.
وأجاز له التاج الكندي.
وعاش ثلاثا وسبعين سنة، رحمه الله.
28 - عبد الله بن أبي بكر بن أبي البدر
البغدادي، الحربي، الزاهد. ويعرف بالشيخ عبد الله كتيلة.
وكان فقيرا، صالحا، عارفا، ربانيا، مكاشفا له أحوال وكرامات. وله
زاوية وأصحاب.
سافر في شبيبته، وصحب الكبار.
وسمع بدمشق من: الشيخ الضياء، والفقيه سليمان الأسعردي. واشتغل
في مذهب أحمد.
وصحب الشيخ أحمد المهندس.
صحبه شيخنا ابن الدباهي. وحكى لي عنه شعيب الكتبي، وغيره.
حدثنا ابن الدباهي أنه مع جلالته كان يقضي الأوقات يترنم ويغني

76
لنفسه، وأنه كان فيه كيس وظرف وبشاشة، وقال: سمعته يقول: كنت على
سطح يوم عرفة ببغداد وأنا مستلقي على ظهري، فما شعرت إلا. وأنا واقف
بعرفة مع الركب سويعة، ثم لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلقي.
فلما قدم الركب جاءني إنسان صارخا فقال: يا سيدي أنا قد حلفت بالطلاق
أني رأيتك بعرفة العام، وقال لي واحد أو جماعة: أنت واهم الشيخ لم يحج
العام.
فقلت: امض لم يقع عليك حنث.
توفي الشيخ عبد الله كتيلة ببغداد وهو في عشر الثمانين، رحمة الله
عليه.
وقال ابن الفوطي: روى لنا عن الشيخ الإمام موفق الدين المقدسي.
وله تصانيف في الزهد. سألته عن مولده فقال: في سنة خمس وستمائة.
يكنى أبا أحمد. مات في منتصف رمضان.
قال: وله من الكتب ' المسهمة في الفقه ' ثمان مجلدات، وكتاب
' التحذير من المعاصي '، ثلاث مجلدات، وكتاب ' العدة في أصول الدين '
مجلد، وكتاب ' الإسعاف فيما وقع في السماع من الخلاف ' مجلد، وكتاب
' العرب ' مجلد.
29 - عبد الحكم بن بركات.
جلال الدين، أبو محمد، رئيس المؤذنين بجامع مصر.
توفي في ربيع الأول، وله ثمانون سنة.
سمع من: عبد القوي بن الجباب. وحدث.
30 - عبد الجبار بن عبد الخالق بن أبي نصر بن عبد الباقي بن عكبر.

77
الإمام، الواعظ، العلامة، جلال الدين، أبو محمد البغدادي، أحد
المشاهير.
ولد في حدود العشرين وستمائة.
وسمع من: ابن اللتي، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي.
وصنف التصانيف، وحدث.
أخذ عنه: ابن الفوطي، وأبو العلاء بن الفرضي، وطائفة.
ومات في السابع والعشرين من شعبان سنة إحدى. ودفن في داره.
قرأت بخط الفوطي: توفي رئيس الأصحاب شيخنا جلال الدين الحنبلي
مدرس المستنصرية في شعبان. وكان وحيد دهره في علم الوعظ ومعرفة
التفسير، وله مصنفات منها ' مشكاة البيان في تفسير القرآن '، ومنها ' مراتع
المرتعين في مرابع الأربعين من أخبار سيد المرسلين '، وكتاب ' إيقاظ
الوعاظ '. ولم يخلف في فنه مثله.
قلت: كان ينظم الشعر، ويتكلم في أعزية الكبار، فيكرم بخلعة أو
بذهب.
31 - عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس.

78
الشيخ، العلامة، زين الدين، أبو محمد الزواوي، المقرئ المالكي،
شيخ القراء بالشام، وشيخ المالكية.
ولد بظاهر بجاية من المغرب سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها
بسنة، وقدم ديار مصر في حدود سنة أربع عشرة وستمائة، وأكمل القراءات
سنة ست عشرة على أبي القاسم بن عيسى بالإسكندرية. وعرضها أيضا
بدمشق على أبي الحسن السخاوي سنة سبع عشرة. وسمع منه ومن غيره.
وجود القراءات وأتقنها. وصنف كتابا نفيسا في ' غريب الوقف
والابتداء '، وكتابا في ' عدد الآي '.
وبرع في المذهب، ودرس، وأفتى، وامتدت أيامه. وهو ممن جمع
بين العلم والعمل.
ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد شمس الدين أبي الفتح سنة بضع
وخمسين وستمائة، فقرأ عليه شيخنا برهان الدين الإسكندراني في سنة ست
وخمسين، وشيخنا شهاب الدين الكندي. وقرأ عليه خلق كثير، وتصدى لذلك.
وممن قرأ عليه: تقي الدين أبو بكر الموصلي، وعلي بن شعبان،
والشيخ محمد المصري، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد بن
النحاس الحنفي، وخلق لا يحضرني ذكرهم.
وولي قضاء المالكية في سنة أربع وستين على كراهية منه. وكان يخدم
نفسه، ويحمل الحطب على يده مع جلالته.
وقد أخذ أيضا عن: أبي عمرو بن الحاجب.

79
سمع منه: أبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد البرزالي، وأبو
الحسن بن العطار، وآخرون.
وعزل نفسه من القضاء يوم مات رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء،
واستمر على التدريس والفتوى والإقراء.
توفي في شهر رجب، وحضر جنازته نائب السلطنة لاجين والعالم.
ومات، رحمه الله، في عشر المائة.
32 - عبد السميع بن أحمد بن عبد السميع بن يعقوب بن مطروح.
العدل، الإمام، وجيه الدين.
ولد سنة تسع وستمائة. ومات بالإسكندرية في نصف ذي الحجة.
أكثر عن الصفراوي، وجعفر الهذلي.
33 - عبد المعطي بن عبد الكريم.
الخطيب، جمال الدين الخزرجي، المصري.
توفي في المحرم بمصر.
روى هو وولده محمد عن: ابن اللتي.
وروى هو عن: ابن المفضل، وجماعة.
وقارب مائة عام.
34 - عطا ملك بن محمد بن محمد.

80
الأجل، علاء الدين، صاحب الديوان، ابن الصاحب بهاء الدين
الجويني، الخراساني. أخو الصاحب الكبير الوزير شمس الدين
كان إليهما الحل والعقد في دولة أبغا، ونالا من الجاه والحشمة ما
يتجاوز الوصف.
وفي سنة ثمانين قدم بغداد مجد الدين العجمي، فأخذ صاحب الديوان
علاء الدين وغله وعاقبه، فلما عاد منكوتمر من الشام مكسورا حمل علاء
الدين معهم إلى همذان، وهناك مات أبغا ومنكوتمر وكان قد انصلح أمر علاء
الدين في أيام الملك أحمد. فلما ملك أرغون بن أبغا طلب الأخوين فاختفيا،
فتوفي علاء الدين في الاختفاء بعد شهر، ثم أخذ ملك اللور يوسف أمانا من
أرغون للصاحب شمس الدين، وأحضره إليه، فغدر به أرغون وقتله بعد موت
أخيه بقليل.
ثم فوض أرغون أمر العراق إلى سعد الدين العجمي والمجد ابن الأثير،
والأمير علي جكينان، ثم قتل أرق وزير أرغون الثلاثة بعد عام.
وكان علاء الدين وأخوه فيهما كرم سؤدد وخبرة بالأمور، وفيهما عدل
ورفق بالرعية وعمارة للبلاد.
ولي علاء الدين نظر العراق سنة نيف وستين بعد العماد القزويني، فأخذ
في عمارة القرى، وأسقط عن الفلاحين مغارم كثيرة إلى أن تضاعف دخل
العراق، وعظم سوادها، وجر نهرا من الفرات مبدأه من الأنبار ومنتهاه إلى
مشهد علي، رضي الله عنه، وأنشأ عليه مائة وخمسين قرية.
ولقد بالغ بعض الناس وقال: عمر صاحب الديوان بغداد حتى كانت
أجود من أيام الخلافة.

81
ووجد أهل بغداد به راحة. وحكى غير واحد أن أبغا قدم العراق،
فاجتمع في العيد الصاحب شمس الدين وعلاء الدين ببغداد، فأحصيت
الجوائز والصلات التي فرقا، فكانت أكثر من ألف جائزة.
وكان الرجل الفاضل إذا صنف كتابا ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار.
وقد صنف شمس الدين محمد بن الصيقل الجزري خمسين مقامة،
وقدمها، فأعطي ألف دينار.
وكان لهما إحسان إلى العلماء والصلحاء، وفيهما إسلام، ولهما نظر
في العلوم الأدبية والعقلية.
وفي وقتنا هذا الإمام المؤرخ العلامة أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد
ابن الفوطي مؤرخ عصره، وقد أورد في ' تاريخه ' الذي على الألقاب ترجمة
علاء الدين مستوفاة. هو الصدر المعظم، الصاحب، علاء الدين أبو
المظفر، عطا ملك ابن الصاحب بهاء الدين محمد بن محمد بن محمد بن
علي بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن
أيوب بن الفضل بن الربيع الجويني، أخو الوزير شمس الدين.
قرأت بخط الفوطي: كان جليل الشأن تأدب بخراسان، وكتب بين يدي
والده، وتنقل في المناصب إلى أن ولي العراق بعد قتل عماد الدين الدويني،
فاستوطنها وعمر النواحي، وسد البثوق، ورفد الأموال، وساق الماء من
الفرات إلى النجف، وعمل رباطا بالمشهد. ولم يزل مطاع الأمور، رفيع
القدر، إلى أن بلي بمجد الملك في آخر أيام أباقا بن هولاكو. وكان موعودا
من السلطان أحمد أن يعيده إلى العراق، فحالت المنية دون الأمنية، وسقط
عن فرسه فمات ونقل إلى تبريز فدفن بها.
وله رسائل ونظم، كتب منشورا بولاية كتابة التاريخ بعد شيخنا تاج

82
الدين علي بن أنجب. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ومدة
ولايته على بغداد إحدى وعشرون سنة وعشرة أشهر.
وقرأت بخطة وفاة علاء الدين في رابع ذي الحجة سنة 681 ه
35 - علي بن أحمد بن عبد الرحمن.
القاضي شهاب الدين الشهرزوري، العدل
توفي في شوال بدمشق. صحب ابن الصلاح وسمع منه.
وولي قضاء زرع. وكان شاهدا عاقدا بسوق القمح.
36 - علي بن بشارة.
أبو الحسن الشبلي.
والد الشيخ شرف الدين الحسين الحنفي.
توفي في ربيع الأول.
37 - علي بن سلام
الفقيه، كمال الدين الدمشقي، الشافعي، مدرس الدولعية. والد المفتي
شرف الدين.

83
كان فقيها، عالما، متفننا، ذكيا، دينا، صالحا، زاهدا.
توفي كهلا في رمضان بكرة الليلة التي احترقت فيها اللبادين وأسواقها.
عاش ستا وأربعين سنة. وأخذ عن ابن عبد السلام.
وأعاد بالشامية، وكان من أئمة الدنيا.
38 علي بن صالح بن أبي علي بن يحيى بن إسماعيل.
أبو الحسن العلوي، الحسيني، المكي
سمع من: أبي الحسن علي ابن البناء الخلال.
ثنا عنه أبو الحسن ابن العطار، واستجازه لي.
وقال شيخنا التوزري: توفي في نصف رجب سنة إحدى.
وأما ابن الخباز فقال: توفي في عاشر شوال سنة ثلاث وثمانين،
والأول أثبت.
قال البرزالي: سمع ' الترمذي ' من ابن البناء، و ' مسند الشافعي ' من
ابن باق.
وقال: وهو تاج الدين البهنسي، عاش نحوا من خمس وثمانين سنة.
وكان إمام المقام وخطيب المسجد الحرام، معروفا بالصلاح. حضر عند
الشيخ أبي عبد الله القرشي، وعادت بركته عليه، وأجاز لنا مروياته.
39 - علي بن الأمير ناصر الدين عيسى ابن الأمير سيف الدين أبي
الحسن علي ابن الأمير أسد الدين يوسف بن أبي الفوارس.
الأمير، عماد الدين القيمري، الكردي، ابن صاحب قلعة قيمر.

84
بطل الخدمة وأقام بالجبل مدة، وتوفي في رجب بالنيرب، ودفن بتربة
جده سيف الدين التي تجاه مارستانه بالجبل.
وقيمر بقرب أسعرد، وقد استولى عليها التتار. ومات هذا في الكهولة.
40 علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سراقة.
علاء الدين، أبو الحسن الهمداني، الدمشقي، الكاتب أحد المتصرفين.
باشر في عدة جهات. وحدث عن: ابن الزبيدي، وجعفر الهمداني.
روى عنه: الشيخ برهان الدين الفزاري.
توفي في جمادى الأولى عن بضع وستين سنة.
41 - عمر بن إسحاق
الأمير ناصر الدين، رئيس دمياط.
مات في ربيع الأول.
42 - عمر بن حسين.
المحدث، الفقيه، كمال الدين الختني، الحنفي.
سمع: ابن رواج، وابن الجميزي، وخلقا.
وطلب، وأسمع ولده يوسف.
روى عنه: ابنه.
مات في ذي الحجة.
43 - عمر بن منصور بن إسحاق.
الأمير ناصر الدين الأرسوفي.
روى عن: أبي عبد الله بن البناء البغدادي.
ومات بدمياط في ربيع الأول وحمل فدفن بالقرافة.
وأظنه هو رئيس دمياط.

85
44 - عيسى بن إسماعيل بن عيسى.
أبو البقاء المخزومي.
ولد بمنبج سنة ستمائة.
ومات في ربيع الآخر.
حدث عن ابن روزبة.
45 - عيسى بن علي.
الأندلسي، الكتبي.
سمع السخاوي.
- حرف الغين -
46 - غمراسن وقيل يغمراس بن عبد الواد.
سلطان تلمسان.
غلب على مدينة تلمسان عند ضعف بني عبد المؤمن، وطالت أيامه.
وكان أحد من يضرب به المثل في الشجاعة. وهو الذي قتل السعيد علي بن
إدريس المؤمني غدرا بنواحي تلمسان.
مات غمراسن في العشرين من ذي القعدة سنة إحدى، وبقي في الملك
سبعين عاما أو أقل. وتملك بعده ابنه عثمان.
- حرف الفاء -
47 - فخر الدين العراقي.
شيخ الصوفية بدمشق.
توفي في جمادى الآخرة.

86
- حرف الميم -
48 - محمد بن عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله.
الرشيد بن الشيخ المقرئ تقي الدين الناشري، المصري.
سمع من: الفارسي فخر الدين، وابن باقا.
مات في رجب.
49 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران بن كليب.
العابد، الإمام، أبو عبد الله بن الدهان.
توفي في شوال بالإسكندرية.
روى بالإجازة عن: أبي جعفر الصيدلاني، وغيره.
وسمع من: علي بن المفضل.
وعاش تسعين سنة. وقيل: مات سنة اثنتين.
سمع منه: أبو حيان، والصفي العراقي والقطب الحلبي.
50 - محمد ابن الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
السلمي، الدمشقي، شرف الدين، إمام المدرسة الظاهرية التي بالقاهرة.
كان أكبر إخوته.
توفي في شعبان.
حدث عن: أحمد بن محمد بن سيدهم، وعلي بن عبد الوهاب بن
الحبقبق، وغيرهما.

87
وله مجاميع وفوائد.
51 - محمد ابن الإمام المدرس صلاح الدين ابن العلامة شمس الدين
علي.
الشهرزوري، الشافعي، مدرس القيمرية، وابن مدرسها، وأبو مدرسها
علي الشهرزوري، القاضي، الإمام، شمس الدين، أبقاه الله وغفر له.
توفي شابا في رجب. وكذا توفي بعده أخوه شرف الدين أحمد شابا،
وبينهما شهر ويومان، رحمهما الله. فلما أديرت الدروس في شوال درس
بالمدرسة المذكورة القاضي الإمام بدر الدين محمد بن جماعة، وحضر
دروسه القضاة والأئمة.
قرأت بخط الإمام أبي عبد الله بن الفخر: توفي صاحبي المنغص على
شبابه، صلاح الدين محمد بن القاضي شمس الدين علي بن محمود يوم
الثلاثاء الثاني والعشرين من رجب، وله أربع وثلاثون سنة أو أزيد بيسير.
وكان حسن الأخلاق، كريم الشيم والعشق، بشوش الوجه، حسن الخلق
والخلق، رحمه الله، وعوض شبابه الجنة، ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب
النصر.
52 - محمد بن محمد.
وزير ممالك التتار، الصاحب، شمس الدين الجويني.
قتله أرغون بن أبغا مظلوما في آخر العام، أو في سنة اثنتين.
53 - محمد بن محمد بن محمود بن نجيب.
أبو البدر الواسطي، المعدل، الفقيه، نزيل بغداد.
تفقه في النظامية.

88
وسمع: ابن بهروز، وابن الخباز.
توفي في ذي الحجة.
لقبه: كمال الدين. مات كهلا.
54 - محمود بن سلطان بن محمود
البلعلبكي، الزاهد، القدوة.
صحب أباه وخدمه، وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي، وغيره.
ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من الأولياء الأفراد وأرباب
الأحوال والمعاملات. صحب والده وأخذ عنه، وصحب والدي ولازمه إلى
حين وفاته. ولبس الخرقة تبركا من الشيخ إبراهيم، ولبسها من الشيخ عبد الله
البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر. توفي في خامس رمضان، ودفن بتربة
سيدنا الشيخ عبد الله إلى جانب والده، وقد ناهز المائة. ذكر أن والده أخبره
أنه لما عاد من وقعة حطين ' كان لك من العمر شهرا '. ووقعة حطين كانت
في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
قلت: روى الشيخ عن البهاء عبد الرحمن.
روى عنه: شمس الدين ابن أبي الفتح.
55 - محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن.

89
العلامة، برهان الدين المراغي، الشافعي.
ولد سنة خمس وستمائة.
وسمع بحلب من: أبي القاسم بن رواحة، والقاضي زين الدين ابن
الأستاذ.
روى عنه: المزي، وابن العطار، وابن البرزالي، وجماعة.
وكان إماما، مفتيا، مناظرا، أصوليا، كثير الفضائل، صالحا، زاهد،
متعففا، عابدا.
قال قطب الدين: عرض عليه قضاء القضاة فلم يقبل وامتنع، وعرض
عليه مشيخة الشيوخ فامتنع أيضا. وكان لطيف الأخلاق، كريم الشمائل،
عارفا بالمذهب. والأصول، مكمل الأدوات.
توفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر، ودفن بمقابر الصوفية.
قلت: وكان عالما بالأصلين والخلاف، له حلقة بالجامع. وكان شيخا
طوالا حسن الوجه، مهيبا، متصوفا.
وقال لنا ابن أبي الفتح: عرضت عليه الوكالة فأباها، وعرض عليه
القضاء لما عزل ابن خلكان. ودرس مدة بالفلكية.
56 - مذكور بن ناصر.
اللخمي، المنذري.
مات ببلبيس في صفر.
سمع.

90
57 - المقداد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن المقداد.
الشيخ نجيب الدين، أبو المرهف القيسي، الشافعي.
ولد سنة ستمائة. سألت أبا الحجاج الحافظ عنه، فقال لي: هو أبو
المرهف الصقلي الأصل، البغدادي المولد، الدمشقي الدار، شيخ جليل، كثير
السماع.
سمع ببغداد من: عبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي، وأبي
البقاء العكبري في آخرين.
وبمكة من الحافظ أبي الفرج بن الحصري شيئا كثيرا.
وأجاز له، المؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفار، وآخرون.
قلت: وسمع من: عبد العزيز بن بنينا، وأبي منصور بن الرزاز، وأبي
القاسم موسى بن سعيد الهاشمي، وثابت بن مشرف.
وبمكة من: علي بن البنا.
روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو
العباس ابن تيمية، والمزي، والقاضي صدرالدين سليمان الهاشمي،
والبرزالي، وأبو أحمد الذهبي، والخطيب شمس الدين إمام الكلاسة،
وطائفة.
وسمع الكثير وحدث به، وانتفع به الطلبة، واشتهر ذكره.
وكان عدلا صدوقا، خيرا، تاجرا.

91
توفي في ثامن شعبان، ودفن بسفح قاسيون. أجاز لي مروياته.
58 - منكودمر بن هولاكو بن قان بن جنكزخان.
المغلي، أخو الملك أبغا، ومقدم التتار الذين عملوا المصاف في عام
أول مع المسلمين بظاهر حمص.
كان ذا شجاعة وإقدام وسفك للدماء وجرأة على الله تعالى وعلى
عباده. ذكره ابن اليونيني فقال: هو نصراني، جرح يوم المصاف، وحصل
له ألم شديد، وغم على ما جرى عليه، وحدثته نفسه بجمع العسكر من سائر
ممالك أبيه، وقصد الشام للأخذ بثأره، فبغته موت أبغا، ففت ذلك في عضده.
وتملك بعد أبغا أخوه الملك أحمد، وهو مسلم، فانكسرت همة
منكودمر، واعتراه صرع مرارا، فتوفي في العشر الأول من المحرم، ببلد
جزيرة ابن عمر، بقرية تل خنزير.
وقيل: توفي في أواخر سنة ثمانين، وله نحو من ثلاثين سنة أو أكثر.
- حرف الهاء -
59 - هبة الله.
المعروف بالسديد، الماعز، القبطي، النصراني، مستوفي المملكة.
كان ماهرا في الحساب، مقدما على أبناء جنسه، معروفا بالأمانة، وله
مكانة وافرة عند الملك المنصور، والوزير يستضيء، برأيه. وما على يده يد.
وكان فيه خدمة وتودد ومداراة وإقالة لعثرات الكتاب، متمسكا بملته،
كثير الإحسان والصدقات على النصارى.

92
هلك في عاشر المحرم، وهو في عشر السبعين بالقاهرة وعجل الله
بروحه إلى النار. ورتب السلطان ولده الشيخ الأسعد جرجس مكانه،
فتضاعفت منزلته، وشكرت سيرته.
60 - لاجين الرومي.
حسام الدين العينتابي.
شارك في نيابة السلطنة بحلب، وكان بطلا شجاعا، سائسا، جميل الصورة.
الكنى
61 - أبو بكر بن عبد الله بن كربان بن يوسف.
الدمشقي، الفراء.
روى عن: السخاوي، وغيره.
وكان شيخا صالحا.
توفي في شوال.
62 - أبو طالب بن إسماعيل بن أبي طالب بن بدر.
الدمشقي، العطار، سعد الدين بن بدر الطويل.
روى عن: ابن اللتي.
ومات في صفر. وقد رأيته ولم يكن أحد في البلد أطول منه.
وكان لا يجد مداسا إلا أن يستعمله على قالب أعد له.
* *
وفيها ولد:
شمس الدين محمد بن أحمد بن تمام السراج والده في نصف جمادى
الأولى بدمشق.
وبشر بن إبراهيم البعلبكي.

93
سنة اثنتين وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
63 - أحمد ابن الشيخ شهاب الدين أبي حامد إسماعيل بن حامد.
نجم الدين، أبو العباس، ابن الفرضي.
شيخ عدل، حسن.
سمع: أبا محمد بن البن، وأبا المجد القزويني، وأبا القاسم بن
صصرى، وزين الأمناء، وجماعة.
روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وغيرهما.
مات في ربيع الآخر.
64 - أحمد بن السابق بشارة.
الشبلي، عماد الدين.
سمع: من ابن اللتي.
65 - أحمد بن حجي بن بريد.
الأعرابي، الأمير، شيخ آل مري.
كان أحد الأبطال المذكورين، والشجعان المعروفين. كانت غاراته تصل

94
إلى نجد والحجاز، ويؤدون له الخفر، حتى أن صاحب المدينة النبوية صلوات
الله على الحال بها وسلامه الشريف جمازا، يؤدي إليه القطيعة ويداريه.
وكان له المنزلة الرفيعة عند السلطان الملك الظاهر، والسلطان الملك
المنصور. وكان يزعم أنه من نسل جعفر البرمكي وزير الرشيد، وأنه من أولاد
أخت هارون الرشيد. وكان إذا حضر عند قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان
يقول: أنت ابن عمي. ويضيفه القاضي وبينهما مهاداة، ولهذا قام معه في نصره
لما أداه الأمير علم الدين الحلبي نوبة سنقر الأشقر، وكاتب فيه إلى مصر.
وكان آفة على الناس في الطرقات، وخلف عدة أولاد.
66 - أحمد بن عبد الله بن هبة الله بن المنصور بالله.
أبو الفضل الهاشمي، المنصوري.
روى عن ابن روزبة.
وتوفي في رجب ببغداد.
67 - أحمد بن علي بن عامر.
العماد المقدسي، الأشتر. من مشاهير الشهود.
له ترجمة ضعيفة، ويرمى بالتزوير. حدثونا عنه أنه كان يكتب في كل
إثبات يقع في يده، ويصيح ويقول بجهل: أنا لولا معي إسجال على القضاة
ما شهدت فيه.
توفي في ذي القعدة. وقد روى لنا ولده السديد عبد الله بن النجيب بن
الصيقل.
68 - أحمد بن محمد بن مهنا.
الصدر جمال الدين الحسيني، العبدلي.
قال الفوطي: عارف بالأنساب وفنون الآداب، أوحد في علمه، صنف
كتاب ' وراء الزوراء '. كتبت عنه وكتب عني.

95
مات ببغداد في صفر.
69 - أحمد بن محمد بن علي.
القدوة الزاهد، نجم الدين بن القش البغدادي، من بقايا المشيخة
ببغداد. كان شيخنا شمس الدين يثني عليه ويذكره.
قرأت بخط الفوطي أنه كان ممن صحب الشيخ عثمان القصير، وتاب
على يده، وتفقه لأحمد. وسمع من أصحاب أبي الوقت. وصحب جدي
لأمي العفيف ابن الظهير. ولما رجعت من بزاعة أهدى لي فواكه، وأعطاني
دراهم غير مرة. وتوفي ببعقوبا في رجب، ودفن إلى جانب شيخه الشيخ
علي بن إدريس.
70 أحمد بن يحيى بن قمير.
أبو العباس المالكي.
من أعيان الفقهاء توفي بالدميرتين، وهو في عشر السبعين في
رمضان.
وكان من الزهاد. وأخذ عن أبي الحجاج الأقصري.
71 - أحمد بن أبي الهيجاء.
الزراد، الحريري، الصالحي، والد شيخنا أبي عبد الله.
كان رجلا جيدا، سمع الكثير من خطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي
مع ولده.
وسمع منه: النجم ابن الخباز.
توفي في رمضان وله ثمانون سنة أو نحوها.
72 - إبراهيم بن تروس بن عبد الله.
برهان الدين الحنبلي، التاجر بقيسارية الفرس.

96
سمع من: السخاوي، والتاج القرطبي، والرشيد بن مسلمة.
ثم سمع بنفسه وحصل.
كتب عنه: ابن أبي الفتح. وابن البرزالي، وجماعة.
ومات في ذي القعدة.
73 - إبراهيم بن المبارك بن أبي البقاء.
الطيبي، البغدادي.
سمع من: أحمد بن يعقوب المارستاني، وابن القبيطي، وجماعة.
ومات في ذي الحجة ببغداد. وحدث.
74 - إبراهيم بن محمد بن أبي العز.
أبو إسحاق الحريمي، العتابي.
سمع: عبد الملك بن بنينا، وابن الخازن، وإسحاق بن العليق.
كتب عنه الفرضي.
وتوفي في ذي الحجة.
75 - إبراهيم بن أبي إسحاق بن إبراهيم.
الإمام أبو إسحاق الطرزي، الدامغاني، الحنفي.
قال الفرضي: كان مفتيا، عارفا بالمذهب، زاهدا. قدم بخارى وتفقه بها.
وسمع من أبي المعالي الباخرزي، ورجع إلى بلده.
قال: توفي في هذه السنة في غالب ظني.
76 - إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر.
صاحب إفريقية، المجاهد في سبيل الله، أمير المسلمين أبو إسحاق ابن
الأمير أبي زكريا.

97
هو الذي توثب على ابن أخيه المخلوع، وأقام في المملكة أربعة
أعوام، خرج عليه الدعي فقتله صبرا في هذا الوقت. وسنذكر الداعي في العام
الآتي.
ومات إبراهيم في هذه السنة ظنا.
77 - إسماعيل بن إبراهيم بن أبي القاسم بن أبي طالب بن كسيرات.
الصدر، مجد الدين، أبو الفداء الموصلي.
ولي المناصب الكبار بالموصل، ثم قدم الشام، وولي نظر حمص مدة.
ثم قدم دمشق، فولي نظر الدواوين. فلما تسلطن شمس الدين سنقر بدمشق
استوزره، فباشر تلك الأيام مكرها، وحصل له من صاحب مصر مصادرة
ونكد، ثم لزم بيته وحج، وأقام بطالا بجبل قاسيون إلى أن مات في رمضان،
وقد جاوز السبعين.
78 - إسماعيل بن هبة الله بن علي بن المقداد.
أبو الفداء القيسي، ناصر الدين، أخو الشيخ نجيب الدين، ووالد

98
صاحبنا علاء الدين وهو قاضي القضاة شمس الدين محمد بن الحريري.
توفي في شوال.
79 - إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد.
العسقلاني، ثم الصالحي، أبو الفداء.
ولد سنة بضع وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وابن الحرستاني،
وغيرهم. وكان من الشيوخ المسندين.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون.
وسألت عنه أبا الحجاج المزي فقال: سمع ' المسند ' من حنبل.
[وسمع من ابن طبرزد عامة ما قرئ عليه بالجبل. وأجاز له أبو جعفر
الصيدلاني، وسمعنا منه أشياء كثيرة. وكان أميا.
وقال ابن العطار: وحضر جزءا في الرابعة من عمره سنة تسع وتسعين
في رجب على أبي المجد الحسن بن الحسن الأنصاري.
توفي في ذي القعدة.
- حرف الباء -
80 - بدر بن عبد الله.
الآمدي، الخادم.
يروي عن: كريمة.

99
وقد سمع الكثير مع الشرف النابلسي.
كتب عنه: علم الدين، وغيره.
ومات في رجب.
- حرف الحاء -
81 - الحسن بن علي بن عبد الله.
أبو عبد الله الشهرزوري، الفقيه، الشافعي، إمام، علامة، زاهد،
عابد، قائم على المذهب.
نزل بغداد، وسمع: ابن قميرة، وغيره.
توفي في ذي القعدة. وهو من شيوخ الفرضي.
قال الفوطي: أفتى عدة سنين، وكان يحفظ كتاب ' المذهب ' لأبي
إسحاق.
وكان أميا. وكان مدرسا بمدرسة فخر الدين ابن القاضي.
سألته عن مولده فقال: سنة عشر وستمائة تقريبا.
82 - الحسن بن علي بن عكسر.
أخو الشيخة هدية.
روى عن: ابن اللتي، وغيره.
توفي في ربيع الأول. وكان قيم حمام. وصحب ابن الكمال وخدمه.
83 - الحسين بن علي بن أبي المنصور.
الأنصاري الشيخ القدوة صفي الدين أبو عبد الله.
توفي بمصر في ربيع الآخر، وله سبع وثمانون سنة. وكان صاحب
رواية بالقرافة. وتؤثر عنه كرامات وكشف.

100
وكان الوزير وغيره من الأكابر يمشون إليه ويتبركون به. وقد كتب في
الإجازات، وحدث عن أبي الحسن علي بن البناء.
أخذ عنه عتيق العمري وصحبه.
وقفت على كراس لهذا الشيخ في لقيه الأولياء وفيه عظائم لا
تحتمل، والله الموعد.
- حرف الخاء -
84 - خليل بن عبد الغني بن خليل بن مقلد.
الشيخ، صفي الدين بن الصائغ، الأنصاري، الدمشقي، الرجل الصالح،
ابن عم قاضي القضاة.
توفي في رجب، ودفن بقاسيون.
وكان دينا، كثير العبادة. لا أعلم له رواية.
- حرف الزاي -
85 - زكريا بن محمود.
الإمام أبو يحيى الأنصاري، القزويني، القاضي عماد الدين، قاضي
واسط.
وكان قاضي الحلة في أيام الخليفة. وله تصانيف منها كتب ' عجائب
المخلوقات '.
مات في سابع المحرم.

101
86 - زهرون بن خلف بن زهرون.
الدمياطي.
توفي في شوال بمصر. وقد حدث.
87 - زين الحرمين.
بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم، وأم المولى الإمام بهاء
الدين يوسف بن العجمي.
توفيت في جمادى الأولى. ولها سماع. ولعلها حدثت.
وكانت كاتبة خيرة.
- حرف السين -
88 - سعيد بن أحمد بن سعيد.
أبو العز الطيبي ابن خطيب الطيب. شيخ بغدادي، إمام في الفرائض.
سمع من: أبي الحسن القطيعي، وأبي المنجا بن اللتي، وجماعة.
ومات عن خمس وخمسين سنة في ذي القعدة ببغداد، رحمه الله
تعالى.
- حرف الصاد -
89 - صفية ابنة محمد بن عيسى بن الشيخ موفق الدين ابن قدامة.
المقدسية، زوجة الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الواسطي.
سمعت من: ابن اللتي، وجعفر الهمداني.
روى عنها: علم الدين، والطلبة.
وتوفيت إلى رحمة الله في ربيع الآخر بالجبل.

102
- حرف العين -
90 - عباس بن عمر بن عبدان.
الفقيه، عفيف الدين، أبو الفضل البعلبكي، الحنبلي، المقرئ، الرجل
الصالح.
كان إمام مسجد بالعقيبة. وقد سمع من: الشيخ الموفق، والبهاء عبد
الرحمن، والمجد القزويني، وزين الأمناء بن عساكر.
وقرأ شيئا من الفقه على الشيخ الموفق أيضا.
روى عنه: أبو الحسن بن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة.
توفي في ذي الحجة.
وبلغني أنه قرأ ' العمدة ' على الشيخ الموفق.
91 - عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيون.
الغساني، الشيخ جمال الدين بن محمد الجرايري، نزيل دمشق.
شيخ محقق، عالم متقن، كثير الرواية، مليح الكتابة. نسخ الكثير،
وعني بالحديث، مع فهم ومعرفة وديانة وعبادة وتواضع.
فسمع بمصر من جماعة من أصحاب السلفي. وحدث عن: أبي الخطاب بن
دحية الحافظ، وأخيه أبي عمرو عثمان، ويوسف بن المخيلي، وأبي الحسن
السخاوي، وكريمة القرشية، وأبي عمرو بن الصلاح، وإبراهيم بن الخشوعي.
ثم لم يزل يسمع ويكتب على أواخر عمره.

103
روى عنه: المنجم بن الخباز، وابن العطار، والمزي، وابن تيمية،
وطائفة سواهم.
وأجاز لي مروياته، وولي مشيخة النجيبية التي هي سكن أبي الحجاج
المزي، وبها توفي في شوال].
92 عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم.
الإمام، المفتي، المفنن شهاب الدين ابن العلامة شيخ الإسلام أبي
البركات ابن تيمية الحراني، الحنبلي، نزيل دمشق، والد شيخنا.
ولد سنة سبع وعشرين وستمائة بحران.
وسمع من: أبي المنجا ابن اللتي، وأبي القاسم بن رواحة، وحامد بن
أميري، وعلي بن أبي الفتح الكناري، وأبي الحجاج بن خليل، وعيسى
الخياط.
وقرأ المذهب حتى أتقنه على والده. ودرس، وأفتى، وصنف، وصار
شيخ البلد بعد أبيه وخطيبه وحاكمه.
وكان إماما متقنا، ومحققا لما ينقله، كثير الفنون، جيد المشاركة في
العلوم، له يد طولى في الفرائض والحساب والهيئة.

104
وكان دينا، خيرا، متواضعا، حسن الأخلاق، موطأ الأكناف، كريما
جوادا، نبيلا، من حسنات العصر.
تفقه عليه ولداه أبو العباس، وأبو محمد.
وحدثنا عنه على المنبر ولده، أيده الله بروح منه.
وكان قدومه إلى دمشق بأهله وأقاربه مهاجرا في سنة سبع وستين
وستمائة.
وتوفي لي ليلة الأحد سلخ ذي الحجة، ودفن في مقابر الصوفية.
وكان الشيخ شهاب الدين من أنجم الهدى، وإنما اختفى بين نور القمر
وضوء الشمس.
93 - عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن مفلح
المقسدي، الصالحي، قيم المدرسة الشامية.
روى عن: ابن اللتي، وابن الزبيدي.
أخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وغيرهما.
ومات في ربيع الأول.
94 - عبد الرحمن بن عباس بن أحمد بن كثير.
كمال الدين، أبو الفرج اللخمي، المصري، ثم الدمشقي، المعروف
بابن الفاقوسي.
إمام المدرسة المجاهدية.
روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وابن البن.
روى عنه: ابن البرزالي، وابن تيمية، والطلبة.
وكان له شعر، وفيه نباهة وخط مليح.

105
توفي في شعبان وله خمس وسبعون سنة.
95 - عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.
شيخ الإسلام، وبقية العلماء، شمس الدين، أبو محمد، وأبو الفرج،
ابن القدوة الشيخ أبي عمر، المقدسي، الجماعيلي، ثم الصالحي، الحنبلي،
الخطيب، الحاكم.
ولد في المحرم سنة سبع وتسعين وخمسمائة بالدير المبارك بسفح
قاسيون.
وسمع حضروا من ست الكتبة بنت الطراح سنة تسع وتسعين. وسمع
من أبيه، وعمه الشيخ الموفق، وعليه تفقه؛ وعرض عليه ' المقنع ' وشرحه
عليه. وشرحه عشر مجلدات.
وسمع أيضا من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي
القاسم بن الحرستاني، وأبي المحاسن محمد بن كامل، والقاضي أبي المعالي
أسعد بن المنجا، وابن البناء، وابن ملاعب، وأبي الفتوح البكري، وأبي
الفتوح الجلاجلي، والشيخ العماد، والشهاب بن راجح، والشمس بن

106
البخاري، والبهاء عبد الرحمن، والعز ابن الحافظ، والشمس أبي القاسم
العطار، وأبي الحسين غالب بن عبد الحق الحسيني، وأحمد بن محمد بن
سيدهم، ومحمد بن وهب بن الرنف، ونصر الله بن نوح المصري، والموفق
عبد اللطيف اللغوي، وهبة الله الكهفي، ويوسف بن أبي الخير الزاهد.
وطلب الحديث بنفسه، وكتب، وقرأ على الشيوخ، فقرأ على: ابن
الزبيدي، وجعفر الهمذاني، والضياء المقدسي، وطائفة.
وسمع بمكة من: أبي المجد القزويني، والتقي علي بن ماسويه
الواسطي.
وبالمدينة من: أبي طالب عبد المحسن بن أبي العميد الخفيفي.
وبمصر من: مرتضى بن أبي الجود، وبركات بن ظافر بن عساكر،
وإبراهيم بن الجباب، وجماعة.
وأجاز له: الإمام أبو الفرج بن الجوزي، وأبو جعفر الصيدلاني، وأبو
سعيد عبد الله بن الصفار، وعفيفة الفارقانية، وأبو الفتح المندائي، وخلق
كثير.
روى عنه: الأئمة أبو زكريا النواوي، وأبو الفضل بن قدامة الحاكم،
وأبو العباس ابن تيمية، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحسن بن العطار، وأبو
الحجاج الكلبي، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو الفداء إسماعيل الحراني، وأبو
عبد الله بن مسلم، والبدر أبو عبد الله التادفي، والزين عبد الرحمن اليلداني،
وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي، وخلق كثير.
وتفقه عليه غير واحد، ودرس، وأفتى، وصنف، وانتفع به الناس،
وانتهت إليه رئاسة المذهب في عصره. وكان عديم النظير علما، وعملا،
وزهدا، وصلاحا.
ولقد بالغ نجم الدين بن الخباز المحدث وتعب، وجمع سيرة الشيخ في
مائة وخمسين جزءا، تجيء في ست مجلدات كبار. ولعل ثلثها يختص

107
بترجمة الشيخ، والباقي في ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم لكون الشيخ من أمته، وفي
ترجمة الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه، وهلم جرا إلى زمان الشيخ.
وذكر أنه حج ثلاث مرات، الأولى سنة تسع عشرة، والثانية سنة إحدى
وخمسين، وحج معه شيخنا تقي الدين سليمان، وكانت وقفة الجمعة،
والثالثة سنة ثمان وسبعين لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبه في المنام، فقام بذلك.
وحضر من الفتوحات: الشقيف في سنة ست وأربعين، وصفد في سنة
أربع وستين، والشقيف ويافا سنة ست وستين، وحصن الأكراد سنة تسع
وستين.
وكان كثير الذكر والتلاوة، سريع الحفظ، مليح الخط بمرة، يصوم
الأيام البيض، وعشر ذي الحجة، والمحرم. وكان رقيق القلب، غزير
الدمعة، سليم القلب، كريم النفس، كثير القيام بالليل، والاشتغال بالله،
محافظا على صلاة الضحى، ويصلي بين العشاءين ما تيسر. وكان يبلغه الأذى
من جماعة فما أعرف أنه انتصر لنفسه.
وكان تأتيه صلات من الملوك والأمراء فيفرقها على أصحابه وعلى
المحتاجين.
وكان متواضعا عند العامة، مترفعا عند الملوك. حسن الاعتقاد، مليح
الانقياد، كل العالم يشهد بفضله، ويعترف بنبله.
وكان حسن المحاورة، طريف المجالسة، محبوب الصورة، بشوش
الوجه، صاحب أناة، وحلم، ووقار، ولطف، وفتوة، وكرم. وكان مجلسه
عامرا بالفقهاء والمحدثين وأهل الدين. وكان علامة وقته، ونسيج وحده،
وريحانة زمانه، قد أوقع الله محبته في قلوب الخلق. ذلك فضل الله يؤتيه
من يشاء.
ولم أر أحدا يصلي صلاة أحسن منه، ولا أتم خشوعا. وكان يدعو
بدعاء حسن بعد قراءتهم لآيات الحرس بالجامع بعد العشاء.

108
وكان ربع القامة، وليس بالقصير، أزهر اللون، واسع الوجه، مشربا
بحمرة، واسع الجبين، أزج الحاجبين، أبلج، أقنى الأنف، كث اللحية،
سهل الخدين، أشهل العينين، رقيق البشرة، متقارب الخطى. تسرى أولا
بجارية ولم تقم عنده، ثم بأخرى اسمها ' خطلو '، فولدت له أحمد في سنة
خمس وعشرين، فصلى بالناس، وحفظ ' المقنع '، وعاش ست عشرة سنة.
ثم ولدت محمدا، فمات سنة ثلاث وأربعين، وله أربع عشرة سنة. وولدت
له ثلاث بنات، منهن فاطمة التي ماتت سنة خمس وثمانين. ثم تزوج
' خاتون ' بنت السديد عبد الرحمن بن بركات الإربلي في سنة ثمان وثلاثين،
فولدت له الشرف عبد الله سنة تسع وثلاثين، والعز محمدا سنة ست
وأربعين، والقاضي نجم الدين أحمد سنة إحدى وخمسين، ثم ست العرب
التي توفيت سنة اثنتين وسبعين عن نحو ثلاثين سنة وخلفت الفخر عبد الله
ابن شمس الدين محمد بن الخطيب شرف الدين عبد الله بن أبي عمرو. توفي
الشمس أبو هذا سنة ثمان وستين قبل أخيه العز بيسير.
ثم تزوج الشيخ بحبيبة بنت التقي أحمد بن العز، فولدت له عليا،
فعاش ست سنين ومات. ثم ولدت عليا، وعمر، وزينب، وخديجة، فتوفي
عمر سنة خمس وثمانين، وقتل الفقيه علي سنة سبعمائة بأرض ماردين
شهيدا.
وقال أبو الفتح بن رجب الحافظ: سألت الحافظ ابن عبد الواحد عن
شمس الدين عبد الرحمن بن عمر فقال: فقيه، إمام، عالم، خير، دين،
حافظ، تفقه على عمه، وسمع على جماعة كبيرة.
قال ابن الخباز: وكان كثير الاهتمام بأمور الناس كلهم، ويسأل عن
الأهل والجيران والأصحاب، لا يكاد يسمع بمريض إلا افتقده، ولا مات أحد
من أهل الجبل إلا شيعه، ولا سمع بمكان شريف إلا زاره ودعا فيه.

109
وكان كثير التردد على مغارة الدم، ومغارة الجوع، وكهف جبريل وكان
يقصد زيارة قبر والده وجده بعد العصر في كل جمعة، ويقرأ ' يس '
و ' الواقعة ' وما تيسر، ويهديه ويدعو للمسلمين.
وحدثني التاج عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم أن شيخنا رحل إلى
يونين وأقام بها أربعين يوما يعبد الله ويسأله ويتضرع إليه. وكان معه العز
أحمد بن العماد.
قال: وأملى علينا الإمام مفتي الشام محيي الدين يحيى النواوي بدار
الحديث، قال: شيخنا الإمام العلامة، ذو الفنون من أنواع العلوم والمعارف،
وصاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن واللطائف، أبو الفرج، وأبو محمد،
عبد الرحمن ابن أبي عمر المقدسي سمع الكثير، وسمعه، وأسمع قديما في
حياة شيوخه.
وهو الإمام المتفق على إمامته وبراعته وورعه وزهادته وسيادته، ذو
العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة.
قال: وثنا الإمام أبو إسحاق اللوري المالكي قال: كان شيخنا شيخ
الإسلام، قدوة الأنام، حسنة الأيام، الرباني، شمس الدين عبد الرحمن ابن
شيخ الإسلام أبي عمر ممن تفتخر به دمشق على سائر البلدان، بل يزهو به
عصره على متقدم العصور والأزمان، لما جمع الله له من المناقب والفضائل
والمكارم التي أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل، منها التواضع، مع
عظمته في الصدور، وترك التنازع فيما يفضي على التشاجر والنفور، والاقتصاد
في كل ما يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة في كلامه ولا تبعة، ولا تعظم
في نفسه ولا تجبر، ولا شطط في تلبسه ولا تكبر، ومع هذا فكانت له صدور
المجالس والمحافل، وإلى قوله المنتهى في الفصل بين العشائر والقبائل مع ما
أمده الله تعالى به من سعة العلم [وما] فطره عليه من الرأفة والحلم، ألحق
الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث إلى أن كان لا يوفر جانبه عمن اعتمده

110
مسلما كان أو ذميا، ينتاب بابه الأمراء والملوك، فيساوي في إقباله عليهم بين
المالك والمملوك.
وسمعت فخر الدين عمر بن يحيى الكرخي يقول: يا أخي، الشيخ أشهر
من أن يوصف، بل أقول تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغني من
سيرة العلماء.
ولي الشيخ قضاء القضاة في جمادى الأولى سنة أربع وستين على كره
منه، سمعت العماد يحيى بن أحمد الحسني الشريف يقول: الشيخ عندي في
الرتبة على قدم أبي بكر، والشيخ زين الدين الزواوي على قدم عمر، فما رأت
عيني مثلهما.
وقال أيضا: كان الشيخ، والله، رحمة على المسلمين، ولولاه راحت
أملاك الناس لما تعرض إليها السلطان ركن الدين، فقام فيها مقام المؤمنين
الصديقين، وأثبتها لهم، وبذل مجهوده معهم، وعاداه جماعة الحكام،
وعملوا في حقه المجهود، وتحدثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله عليهم بحسن
نيته. يكفيه هذا عند الله تعالى.
سمعت الإمام عماد الدين محمد بن عباس بن أحمد الربعي بالبيمارستان
النوري يقول: رحمة الله على الشيخ شمس الدين، كان كبير القدر، جعله الله
تعالى رحمة على المسلمين، ولولاه كانت أملاك الناس أخذت منهم.
ثم ساق ابن الخباز ثناء جماعة كبيرة من الفضلاء على الشيخ، وساق
فصلا طويلا في نحو مائتي ورقة، فيه منامات مرئية من عدد كثير للشيخ،
كلها يدل على حسن حاله، وأنه من أهل الجنة.
وقد أثنى عليه الشيخ قطب الدين وقال: ولي القضاء مكرها،
وباشرها مدة، ثم عزل نفسه، وتوفر على العبادة والتدريس والتصنيف وكان
أوحد زمانه في تعدد الفضائل، والتفرد بالمحامد. وحج غير مرة. ولم يكن

111
له نظير في خلقه وما هو عليه. وكان على قدم السلف الصالح في معظم
أحواله، ورثاه غير واحد.
قلت: رثاه قريب ثلاثين شاعرا، وكانت جنازته مشهودة، لم نسمع
بمثلها من دهر طويل، حضرها أمم لا يحصون. وكان مقتصدا في ملبسه، وله
عمامة صغيرة بعذبة بين يديه، وثوب مقصور، وعلى وجهه نور وجلالة.
وكان ينزل البلد على بهيمة، ويحكم بالجامع.
ولا يسع هذا الكتاب منتخب ما أورده ابن الخباز وربما اختصر ذلك
* (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) * وقد أجاز لي مروياته ولله الحمد.
وتمرض أياما، ثم انتقل إلى الله تعالى ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر،
بمنزله بالدير، ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى.
وقد رثاه القاضي شهاب الدين محمود، الكاتب بقصيدة طويلة أولها:
* ما للوجود وقد علاه ظلام
* أعراه خطب أم عداه مرام
*
وهي نيف وستون بيتا.
ورثاه الأديب البارع شمس الدين محمد بن الصائغ بقصيدة أولها:
* الحال من شكوى المصيبة أعظم
* حيث الروى خصم بعيد يخصم
*
وهي ستة وخمسون بيتا.
ورثاه المولى علاء الدين بن غانم بقصيدة حسنة، ورثاه الشيخ محمد
الأرموي بقصيدة قرأتها عليه، ورثاه البرهان بن عبد الحافظ بقصيدة قرأتها
عليه أيضا، ورثاه مجد الدين بن المهتار بقصيدة، ورثاه نجم الدين علي بن
عبد الرحمن بن فليتة التميمي الحنفي بقصيدة.

112
وقال شمس الدين محمد بن أبي الفتح رحمه الله: مرض شيخنا سبعة
عشر يوما بالبطن، فهو شهيد.
أخبرني شيخنا فخر الدين البعلبكي أنه منذ عرفه ما رآه غضب، وعرفه
نحو خمسين سنة.
قال ابن أبي الفتح: وكان مع ذلك زاهدا في الدنيا والمناصب، ولي
القضاء أكثر من اثني عشرة سنة لم يتناول على ذلك رزقا، ثم تركه بعد.
حدث ' بالمسند ' عن حنبل الكناني، و ' بأبي داود ' و ' الترمذي ' عن ابن
طبرزد، و ' بسنن ابن ماجة ' عن الشيخ الموفق، و ' بالبخاري ' عن الزبيدي،
و ' بالدارمي ' عن ابن اللتي.
96 - عبد الرحمن بن محمد.
الحسنوي، الجزري.
شيخ، صالح، عارف، عابد، حسن المحاضرة.
توفي بدمشق وله نحو من ثمانين سنة. ورخه الجزري.
97 - عبد الرحمن بن أبي بكر بن عمر.
الموصلي، شيخ صالح.
ولد ببلد الموصل سنة ستمائة، وكتب في الإجازات.
وتوفي في شوال بدمشق. وكأنه الذي قبله، فإن ذاك توفي أيضا في
شوال.
98 - عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان.
العدل كمال الدين، القرشي، الدمشقي.

113
روى عن: ابن اللتي.
سمع منه: البرزالي، وغيره.
ومات في ربيع الآخر.
99 - عبد الرحيم بن محمد بن عبد الملك بن عيسى بن درباس.
شمس الدين، أبو علي الماراني، المصري، الشافعي.
ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن البتيت، وعبد الله بن
محمد بن مجلي.
وتفرد بالسماع منهما وأجاز له مشايخ نيسابور، وإصبهان، وبغداد،
وكتب عنه المصريون وله شعر جيد. وهو والد شيخنا إسحاق.
توفي بالقرافة في خامس شوال.
100 - عبد الرزاق بن أسعد بن مكي بن ورخز.
أبو بكر البغدادي، التاجر، المعروف بالكواز.
ثقة، صالح، حنبلي. عاش ثلاثا وثمانين سنة.
روى عن: محاسن الخزائني، وعبد الرحمن بن كندرتا السميري.
وتوفي في رمضان.
101 - عبد الصمد.
المغربي، الزاهد.
كان صوفيا، عارفا، كبير القدر.
توفي بدمشق بمنزله بقرب المنكلائية. وحضره ملك الأمراء والخلق.

114
مات في ذي الحجة.
102 - عبد القاهر بن مظفر بن المبارك.
البغدادي، الحنفي، سيف الدين، أبو النجيب. من بيت الفقه والعدالة.
وكان أعرف الناس بأحوال أهل العراق. عاشر النبلاء، وسمع من، أبيه
' المائة الشريحية '، ومن خال أبيه عمر بن الحسن بن عمر بن السهروردي،
بسماعهما من أبي الوقت.
عنه: ابن الفوطي.
تقدم ذكره سنة ثمانية.
وقال ابن الفوطي: سنة اثنتين وثمانين.
103 - عبد القوي بن عبد العزيز بن عبد القوي بن عبد العزيز بن
الحسين بن عبد الله بن الجباب.
أبو البركات التميمي، السعدي، المصري.
توفي بمصر في ربيع الآخر.
104 عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن
محمد بن قدامة.
توفي بالجبل في شعبان.
يروي عن أصحاب يحيى الثقفي. ومات شابا. وهو والد العماد أحمد،
والشمس المحتسب.
105 علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عطاء.
الصالح، نور الدين الأذرعي، الحنفي، إمام مسجد خاتون بالجبل.
روى عن: الزبيدي، وابن اللتي.
ومات في رمضان.

115
106 - علي بن عمر بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر بن الشيخ
أبي عمر المقدسي.
بدر الدين
كان رجلا جيدا، دينا، معروفا بالأمانة
روى عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي.
كتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي.
وتوفي في رمضان.
107 - علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سراقة.
علاء الدين الهمداني، الكاتب الأعرج.
سمع من: ابن الزبيدي، وجعفر الهمداني.
وعاش ستين سنة.
توفي في العشرين من جمادى الآخرة.
108 - علي بن يعقوب بن شجاع بن علي بن إبراهيم بن محمد بن
زهران.
الشيخ، عماد الدين، أبو الحسن الموصلي، المقرئ، المجود، الشافعي.
إمام بارع في القراءات وعللها ومشكلها، بصير بالتجويد والتحرير،
حاذق بمخارج الحروف. انتهت إليه رئاسة الإقراء بدمشق.

116
أخذ القراءات عن أبي إسحاق بن وثيق الأندلسي، وغير واحد.
وكان فقيها مبرزا، يكرر على ' الوجيز ' للغزالي، وحفظ ' الحاوي ' في
آخر عمره. وكان جيد المنطق والأصول، فصيحا، مفوها، مناظرا، وفيه عزة
ومردكة على الوجود وبأو وتيه، الله يعفو عنه ويغفر له. صنف ' للشاطبية '
شرحا يبلغ أربع مجلدات، ولكنه لم يكمله ولا بيضه.
ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد وفاة الشيخ زين الدين الزواوي. وكان
الشيخ زين الدين يعظمه ويقدمه على نفسه.
ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة بالموصل، وأقرأ بدمشق، فممن قرأ عليه
علاء الدين الجند. وكان والده فقيها، فاضلا، شاعرا، وكذا جده شجاع له شعر.
توفي العماد الموصلي في سابع عشر صفر، ودفن بمقبرة باب الصغير
ومات في عشر السبعين، رحمه الله تعالى.
109 - علي بن أبي بكر بن حسن.
أبو الجود الكردي، الشهرزوري، البغدادي، الحريمي.
كان زاهدا، عابدا كبير القدر، كثير الصمت. صحب الشيخ عثمان
القصير وسمع من: ابن بهروز، وابن اللتي، ومحمد بن واثلة.
ومات في ذي القعدة عن سبعين سنة.
كتب عنه: الفرضي، وغيره.
110 - عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن
المطهر بن أبي عصرون.
الشيخ محيي الدين، أبو الخطاب ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي

117
حامد ابن العلامة قاضي القضاة شرف الدين أبي سعد التميمي، الدمشقي،
الشافعي.
ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
وسمع في الخامسة من: عمر بن طبرزد.
وسمع من: التاج الكندي، ومحمد بن الزنف، وعبد الجليل بن
مندويه، والشمس أحمد بن عبد الصمد السلمي، وغيرهم.
وتعانى الجندية في شبابه، ثم لبس زي الفقهاء وبعد وفاة أخيه شرف
الدين عثمان. وتوفي فجأة في ثالث ذي الحجة.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي،
وأبو محمد الحارثي، وجماعة.
وأجاز لي مروياته. وكان قليل الفقه، ومع ذلك فدرس بمدرسة جده
بدمشق إلى أن مات.
وكان وقورا، مهيبا، حسن الشكل والبزة.
111 - عمر بن محمد بن أبي بكر.
الشيخ نجم الدين الكريدي، قاضي الصلت.
سمع بإربل من: عبد الرحمن بن المسيري، وابن المكرم الصوفي.
وتوفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة.
وهو أخو محمد، وكان رفيقه في السماع. وحدث بمصر، وناب في
أول سنة تسع وسبعين وستمائة.
112 - عيسى بن الخضر بن الحسن بن علي.
الصدر، شمس الدين ابن الوزير برهان الدين السنجاري.

118
كان مليح الشكل والصورة. ناب عن أبيه في الوزارة في أول الدولة
المنصورية، ثم عزل، وولي نظر الأحباس، وخانقاه سعيد السعداء. ثم درس
بمدرسة زين النحاة مدة، وقبض عليه، وامتحن محنة شديدة، وأخرج عنه،
وأقام بطالا في منزله بالمدرسة المعزية إلى أن توفي في المحرم، وله نيف
وأربعون سنة.
113 - عيسى بن المظفر بن محمد بن إلياس.
الصدر، عز الدين الأنصاري، الدمشقي، ابن الشيرجي.
أحد الأعيان.
ولي حسبة دمشق ونظر الجامع، وكان عدلا، نبيلا، محتشما، عالي
الهمة.
سمع منه: علم الدين البرزالي، وغيره.
توفي في رجب وله خمس وخمسون سنة، ودفن بباب الصغير.
- حرف الكاف -
114 - كامل بن مكارم.
السليماني.
توفي في رمضان بالقاهرة.
روى عن: ابن رواحة.
115 - كشتغدي
علاء الدين الظاهري، أمير مجلس، من كبار الأمراء المصريين.
قال قطب الدين: ظهر قبل وفاته بقليل أنه باق على الرق، فاشتراه.

119
الملك المنصور وأعتقه. وكان أحد الأبطال المذكورين له مواقف مشهورة.
توفي بقلعة الجبل كهلا، وحضر السلطان جنازته.
116 - * وأما: كشتغدي الشمسي
الأمير الرافضي فولي الشد بدمشق وغير ذلك. فذكر الشيخ تاج الدين
في ' تاريخه ' أن ضياء الدين عبد الكافي حدثه أن كشتغدي كان يقعد في
الخزانة، ويلعن معاوية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عوتب قال: لعنه الله ولعن من
لا يلعنه.
- حرف الميم -
117 - محمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد.
المفتي، شمس الدين المقدسي، أخو المفتي شرف الدين.
تفقه وبرع في المذهب، وناب في تدريس الشامية البرانية عن الشيخ
تقي الدين ابن رزين، ثم اشترك هو والقاضي عز الدين محمد بن الصائغ في
تدريسها، ثم استقل بها إلى أن مات.
وناب في الحكم مدة عن القاضي عز الدين. وكان فقيها صالحا،
ورعا، مشكور السيرة، متين الديانة، ممن جمع العلم والعمل.
حدث عن: أبي الحسن السخاوي، وغيره.

120
روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وأبو محمد البرزالي، وغيرهما.
ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتوفي إلى رضوان الله في ثاني عشر
ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان. ولي منه إجازة.
118 - محمد بن أحمد بن أبي طالب.
ناظر بلاد صفد، مجد الدين الأنصاري.
روى ' ثلاثيات البخاري ' عن ابن الزبيدي.
سمع منه ابن البرزالي، وغيره.
وتوفي في رمضان.
119 - محمد بن الحسن بن سالم.
العدل، زين الدين بن الصواف الحمصي، والد شيخنا البدر أحمد.
حدث عن: الحسن بن صباح.
توفي في رجب بدمشق.
* محمد بن عبد الرحمن بن الدهان.
تقدم في سنة إحدى وثمانين.
120 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد.
العدل، الرئيس، علاء الدين، أبو المعالي ابن الصائغ، أخو قاضي
القضاة عز الدين.
ولي نظر الأسرى، وكان أمينا، كافيا، وافر الديانة. حصل له مرض
طال به، ثم انتقل إلى رحمة الله في ذي القعدة.

121
وقد روى عن: ابن اللتي، ومكرم، والسخاوي. و
ثنا عنه: ابن العطار، وغيره.
ناب في آخر الكهولة. وكان مدرس الفتحية، مدرسة صغيرة عند رجيبة
خالد.
121 - محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل.
الخطيب، محيي الدين ابن أبي حامد ابن القاضي الخطيب عماد الدين
ابن الحرستاني، الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، خطيب دمشق وابن
خطيبها.
ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وأجاز له: جده، والمؤيد الطوسي،
وأبو روح الهروي، وزينب الشعرية.
وسمع من: زين الأمناء، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن باسويه،
والعلم بن الصابوني، وابن اللتي، والفخر الإربلي، وأبي القاسم بن صصرى،
والفخر بن الشيرجي.
وسمع بالقاهرة من: عبد الرحيم بن الطفيل.
وحدث ' بالصحيح ' وغيره. أقام بصهيون مدة في حياة أبيه، وولي
الخطابة به بعد موت أبيه، ودرس بالغزالية والمجاهدية، وأفتى وأفاد. وكان

122
متصونا، حسن الديانة، كثير الفضائل. وله شعر جيد، فمنه في الصقعة
الكائنة في دولة الظاهر:
* لما وقفت على الرياض مسائلا
* ما حل بالأغصان والأوراق
*
* قالت أتى زمن الربيع ولم أر
* من كان يألفني من العشاق
*
5
* وتناشدت أطيارها في دوحها
* لما أضاء الجو بالأشراف
*
* وتذكرت أيامها فتنفست
* فأصابها لهب من الاحراق
*
* أبلغهم عني السلام وقل لهم
* ها قد وفت بالعهد والميثاق
*
* فغدوت أندب ما جرى متأسفا
* والدمع يسبقني من الآماق
*
وكان محيي الدين طيب الصوت، على خطبته روح، وفيه نسك وعبادة
وانقطاع وملازمة لبيته.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وابن البرزالي، وطائفة.
وأجاز لي مروياته.
ومات في ثامن عشر جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون.
122 - محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير.
العدل، شرف الدين، أبو عبد الله ابن القواس، الطائي، الدمشقي،
أخو شيخنا ناصر الدين عمر.
ولد سنة اثنتين وستمائة.
وسمع من: الكندي، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وأبي
يعلى بن أبي لقمة، وابن البن، وأبي الفتوح البكري.

123
وسمع ببغداد من: عمر بن كرم.
وأجاز له عمر بن طبرزد.
روى الكثير، وكان شيخا حسنا، له أخلاق حسنة، صحيح السماع، له
ثروة وعقار.
روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن العطار،
وجماعة.
وتوفي في ثاني عشر ربيع الآخر.
123 - محمد بن عثمان بن عبد الوهاب بن السابق.
الصدر، نجم الدين، ولد العدل الكبير، شرف الدين الدمشقي.
توفي في هذا العام.
124 - محمد بن علي بن عثمان.
الصعبي، المصري، والد المحدث أمين الدين عبد القادر.
توفي في جمادى الأولى.
125 - محمد بن علي بن حجي.
الأنصاري، ابن القباقبي، الصدر شمس الدين.
توفي في شوال، ودفن بالجبل.
وكان من شيوخ الكتاب. وهو والد مجد الدين يوسف.
126 - محمد بن عيسى بن سليمان بن رمضان.
أبو عبد الله بن القيم، أخو شيخنا ضياء الدين علي.

124
توفي بمصر عن ست وثمانين سنة.
وقد حدث عن: الفخر الفارسي، ومكرم، والقاضي زين الدين.
توفي في ربيع الآخر. وولد سنة ست وستمائة.
127 - محمد بن فتوح بن أبي الذكر.
المحدث، المفيد، أبو عبد الله المصفوي، الإسكندري.
من كهول الطلبة
توفي بالإسكندرية في رمضان.
128 - محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل.
الصدر الكبير، عماد الدين، أبو الفضل ابن القاضي شمس الدين ابن
الشيرازي، الدمشقي، صاحب الخط المنسوب.
ولد سنة خمس وستمائة.
وسمع: أباه، وداود بن ملاعب، وأبا القاسم بن الحرستاني، وجماعة.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وطائفة.
وكان رئيسا محتشما، متمولا، مليح الشكل، متواضعا، وقورا، مهيبا،
وافر الحرمة.
وكتب على المولى، وانتهى إليه التقدم في براعة الخط، لا سيما في
القلم المحقق، وقلم النسخ. ارتحل غير مرة للتجارة فسمع ولده شيخنا
المعمر أبا نصر من أصحاب السلفي.

125
واتفق أنه قبل موته بأربعة أيام شهر عند ابن الصائغ بالعادلية وهو
طيب، ثم ركب البغلة وخرج إلى بستانه بالمزة، فتغير عند باب الجابية،
وأصابه فالج، فركب الغلام خلفه وأمسكه إلى البستان، واستمر به المرض
وتوفي رحمه الله في ثامن عشر صفر، وحمل إلى سفح قاسيون.
129 - محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان بن عبد الله.
الحافظ، شمس الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي، الشافعي،
النحوي، أحد الأئمة.
أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك، وصار من كبار أصحابه،
ثم أقبل على الحديث وعني به أتم عناية.
وسمع من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وابن الشيرازي، وابن أبي
الخير، وخلق سواهم.
وارتحل إلى مصر في شهادة، فسمع من: عامر القلعي، والعز الحراني،
وطائفة.
وكتب كثيرا بخطه، وخرج للمشايخ. وقرأ ' المسند ' على ابن علان
قراءة لم يسمع الناس مثلها في الفصاحة والصحة. وحضر جماعة من الأئمة،
فما أمكنهم يحفظون عليه لحنة واحدة.
وكان مليح الشكل. ومات في عنفوان الشبيبة في سادس عشر جمادى
الأولى.

126
وهو أخو الفقيه الزاهد شهاب الدين أحمد
ونقل الشهاب الإربلي، عن الشرف يعقوب بن الصابوني قال: رأيت ابن
جعوان في النوم، فاعتنقته وسلمت عليه، وقلت له: ما فعل الله بك؟ قال:
كل خير، نحن نفترش السندس رزقكم الله ما رزقنا.
130 محمد بن محمد بن حسين بن عبدك.
الشيخ الصالح، شمس الدين، أبو عبد الله الكنجي، المحدث،
الصوفي، نزيل بيت المقدس.
سمع: أبا الحسن بن المقير، وأبا الحسن السخاوي، وأبا عمرو بن
الصلاح، وأبا إسحاق الخشوعي، وعبد العزيز بن أمية، وجماعة بدمشق.
وعبد الوهاب بن رواج، وفخر القضاة ابن الجباب، وسبط السلفي،
ونبا بن هجام، وجماعة بمصر.
وأبا القاسم بن رواحة، وأبا الحجاج بن خليل بحلب.
والمؤتمن بن قميرة، وإبراهيم بن أبي بكر الرعبي، وأخاه محمدا،
وعبد الله بن عمر البندنيجي، وعبد القادر بن الحسين البندنيجي، وفضل
الله بن عبد الرزاق، ومحمد بن علي بن بقاء السباك، ومحمد بن الخضري
ببغداد.
والحسن بن عبد القاهر الشهرزوري الحاكم، وغيره بالموصل.
وسرايا بن معالي، وإبراهيم بن أبي الحسن الزيات بحران.
وخرج لنفسه معجما. وحدث بدمشق والقدس. وكان عريا من العربية،
قليل البضاعة في الحديث. وكان كثير الأسفار والتطواف.

127
روى عنه: ابن أبي الفتح، وابن العطار، وابن الخباز، والبرزالي،
وغيرهم.
وتوفي في رجب ببيت المقدس. كتب إلي بمروياته.
131 - محمد بن مظفر بن محمد.
الثقفي، تاج الدين بن زين الدين الحموي، الشافعي. من أعيان
المدرسين بحماة.
رأيت وفاته بعد الثمانين وستمائة، وهو في عشر السبعين، وأظنه والد
المقتول بمصر بعد السبعمائة على الزندقة.
132 - محمد بن مسعود بن أبي الفضل.
بدر الدين الفارقي. شيخ معمر، كتب في الإجازات. وذكر أن مولده
بميافارقين سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
مات في جمادى الآخرة. فإن كان قد ضبط مولده فقد عاش مائة وأربع
سنين.
133 - محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان.
الشيخ رشيد الدين، أبو عبد الله بن محمد العامري، الدمشقي.
سمع ' صحيح مسلم ' وكتاب ' دلائل النبوة ' من أبي القاسم ابن
الحرستاني، وحدث بهما.
وروى ' جزء الأنصاري ' عن الكندي، و ' الأربعين السباعيات ' عن أبي
الفتوح البكري، وأجاز له جماعة.

128
سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: كان شيخا مستورا، عمر وانتفع
به، وحدث بكثير من مسموعاته.
قلت: روى عنه: هو، وابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، والناس.
ومات في ذي الحجة. وكان فراشا بالمجاهدية.
134 - محمد بن عبد الله
الجواديكي، الحلبي، الزاهد.
كان فقيرا، صالحا، كبير القدر، مشهورا بين الفقراء بالفتوة والخدمة
ودماثة الأخلاق. وكان محبا للعزلة، كثير الصمت والرياضة، حسن النزاهة.
وهو من بيت إمرة وحشمة، أقام بدمشق في أواخر عمره، وحصل له
طرف فالج. وكان مقيما بمقصورة الحلبيين من الجامع، وبها توفي في ثاني
ربيع الأول، وشيعه الخلق. وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله تعالى.
135 - محمود بن أحمد بن منقذ
الأجل الرئيس جلال الدين
توفي في ذي الحجة.
وقد روى عن أبي القاسم بن صصرى.
136 - - مسافر بن عبد الرحمن.
البطائحي، الأحمدي.
كان في شبوبيته يأكل الحيات، ويدخل الأفرنة. وطال عمره حتى أنه
جاوز المائة فيما قيل. وأظنه تاب من أكل الحيات ودخول النار، وأقبل على
شأنه.

129
توفي في شعبان.
- حرف النون -
137 - ندى بن سعد الله.
الشرف العرضي، التاجر.
توفي في جمادى الأولى بدمشق.
138 - نصر الله بن طلائع بن حمدان.
العسقلاني البزار.
روى عن: علي بن إسماعيل بن جبارة، وابن منقذ
ومات بمصر في ذي الحجة.
139 - نصر الله بن علي بن سني الدولة.
العدل، ناصر الدين الدمشقي.
روى شيئا يسيرا. وهو والد شيخنا محمد.
توفي في رجب.
سمع من عمه قاضي القضاة أبي البركات.
- حرف الياء -
140 - يحيى بن أحمد بن سالم.
العدل، زين الدين ابن السلالمي، الخشاب.
توفي بدمشق في رجب.
سمع من: ابن مسلمة.
وكان من عدول القيامة إلى أن مات.

130
141 - يحيى.
الصدر الكبير، الجليل، أبو المحامد، محيي الدين ابن الشيخ شمس
الدين إبراهيم بن أبي الفضائل، الخالدي، المخزومي، السيبي.
قال ابن الفوطي: اتفق له ما لم يتفق لأحد من الاتصال بالسيدة باب
جوهر بنت المستعصم، وكان هولاوو لما غلب بعث بها إلى أخيه
منكوتمرقان، فدخل بها بتركستان، وأولدها عبد العزيز وعبد الحق،
وانقرضا، ونقلها إلى وطنها سنة إحدى وسبعين. وكان قد ورد محيي الدين
بزاعة، فاجتمع بالأمير مبارك بن المستعصم مع والده شمس الدين، فكتب
عنهما بإملائه مشيخة هي عند أخيه مولانا كمال الدين مسافر ابن شيخنا شمس
الدين.
سمع من جده رشيد الدين، ومات في رجب.
142 - يحيى بن علي بن سعيد.
الصدر الكبير، محيي الدين، أبو الفضل التميمي، الدمشقي، ابن
القلانسي.
رئيس محتشم، فاضل، تارك للولايات والمناصب، محب للحديث
وأهله. له نظم وأدب.

131
ولد سنة أربع عشرة وستمائة.
وسمع من: أبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي محمد
ابن قدامة، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء بن عساكر، وأبي إسحاق
الكاشغري.
روى عنه: ابن الخباز، والشيخ علي الموصلي، وابن العطار، والمزي،
والبرزالي، وخلق كثير.
وقد رأيته، وأجاز لي مروياته.
وتوفي في الثامن والعشرين من شوال.
143 - يحيى بن علي بن أبي طالب بن أبي عبد الله بن هبة الله بن
الحسن بن علي بن طاهر بن الحسين بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم.
العدل، محيي الدين، أبو المفضل العلوي، الحسيني، الموسوي،
النسيب، الدمشقي، أخوالشريف المعمر موسى بن علي.
ولد في رمضان سنة خمس وعشرين وستمائة.
وسمع من: السراج ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، ومكرم بن أبي
الصقر، وعلي بن سليمان بن إيداس.
وحدث. وتوفي في تاسع جمادى الآخرة ودفن بمقابر الصوفية.
روى عنه: أبو محمد البرزالي.
144 - يحيى بن علي بن مكي.
الحربي، الزيلعي.
سمع: ابن عماد، والهمذاني.

132
ومات في جمادى الأولى.
145 - يعقوب بن فضل بن طرخان.
الشريف الجعفري، الفقيه.
يروي عن الحافظ الضياء.
توفي في جمادى الأولى. وكان رجلا صالحا حنبليا، متبعا للآثار.
146 - يوسف بن جامع بن أبي البركات.
العلامة، المقرئ، أبو إسحاق القفصي، الحنبلي، الضرير.
مقرئ بغداد. كان عارفا باللغة والنحو، بصيرا بعلل القراءات، متصدرا
لإقرائها.
وقد سمع الحديث من: عمر بن عبد العزيز بن الناقد، وتاج النساء
عجيبة.
وقد دخل دمشق ومصر، وأخذ من شيوخهما.
أخذ عنه: الفرضي، والقلانسي.
وقرأ عليه أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري، وغيره.
ومات في صفر.
وله تصانيف في القراءات.
ولد سنة ست وستمائة.

133
الكنى
147 - أبو بكر.
الملك العادل، ابن صاحب الكرك، الملك الناصر داود بن عيسى بن
محمد بن أيوب.
رئيس فاضل، عاقل، محتشم، محبوب الصورة.
روى عن: ابن اللتي.
ومات في رمضان.
148 - أبو بكر بن ممدود بن مثقال.
الشيخ الصالح.
قال ابن الخباز: توفي في خامس ذي الحجة بدمشق، وكان من عباد
الله الصالحين. أخرجت جنازته بالتهليل، وكان يوما مشهودا. وعاش أكثر
من مائة وأربع وعشرين سنة، كذا قال؛ وهو مجازف، أعني النجم.
*
وفيها ولد:
رفيقنا محب الدين عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي، المحدث،
والشيخ جمال الدين بن جملة الشافعي،
وناصر الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحكيم، الصالحيون.
ومحيي الدين عبد القادر ابن شيخنا أبي الحسين اليونيني في المحرم،
وعمر ابن الشيخ حسن بن أميلة بالمزة،
وأحمد ابن شيخنا إبراهيم بن أبي اليسر،
وتقي الدين سليمان بن مراجل الكاتب.

134
سنة ثلاث وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
149 - أحمد بن إبراهيم.
الرئيس شمس الدين السعودي، التاجر بقيسارية الشرب.
توفي في رجب. واحق يوم وفاته.
150 أحمد بن براق بن طاهر.
السوادي، المؤذن بجبل قاسيون.
روى عن: ابن اللتي، والهمذاني.
ومات في ثامن عشر رمضان.
151 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن.
التكريتي، المعروف بواعظ تكريت.
أحد الفقهاء بالبادرائية بدمشق.
كان طريفا، مطبوعا، طيب المزاج، كثير الهزل والسخف. له وعظ
على طريق الهزل، ونال بذلك وجاهة وحظوة عند الرؤساء، لا سيما الحلبيين
في الأيام الناصرية. وكان يلوذ بالوجيه ابن سويد ويصحبه. وقد ضحك
الملك الناصر مرة من خطبته ووعظه بحيث استلقى، ووصله بجملة.
ثم حسنت حاله في الآخر، وسرد الصوم. وكان كثير الصلاة، وخلف
ثلاثة آلاف درهم، وذهب له ودائع عند التجار.

135
152 - أحمد بن محمد بن عبد القادر.
القاضي محيي الدين ابن قاضي القضاة عز الدين ابن الصائغ.
وكانت شابا فاضلا، مدرسا. بقيت مدرستاه العمادية والدماغية على
إخوته، فناب عنهم الشيخ زين الدين الفارقي رعاية لأبيهم.
153 - أحمد بن محمد بن النجيب.
شهاب الدين الخلاطي، صهر الشيخ أحمد إمام الكلاسة.
سمع مع أولاده من ابن عبد الدائم، وجماعة.
154 - أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم بن مختار.
القاضي، العلامة، ناصر الدين، ابن المنير الجذامي، الجرواني،
الإسكندري، المالكي، قاضي الإسكندرية وعالمها، وأخو شيخنا زين الدين
علي.

136
ولد سنة عشرين وستمائة. كان مع علومه له يد طولى في الأدب
وفنونه، وله مصنفات مفيدة.
كنيته أبو العباس ابن الإمام العادل وجيه الدين أبي المعالي بن أبي
علي.
وقد ذكر أبوه في سنة ست وخمسين، رحمه الله.
ولناصر الدين ' ديوان خطب '، وله ' تفسير حديث الإسراء ' في مجلد،
على طريقة المتكلمين لا على طريقة السلف، وله تفسير نفيس. وهو سبط
الصاحب نجيب الدين أحمد بن فارس، فالشيخ كمال الدين ابن فارس شيخ
القراء خاله.
وقد سمع الحديث من أبيه، ومن: يوسف بن المخيلي، وابن رواج،
وغيرهم.
وكان لا يناظر تعظيما لفضيلته، بل تورد الأسئلة بين يديه، ثم يسمع
ما يجيب فيها.
وله تأليف على تراجم ' البخاري '. وقد ولي قضاء الإسكندرية وخطابتها
مرتين وقد درس بعدة مدارس.
وقيل إن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يقول: ديار مصر تفخر
برجلين في طرفيها، ابن المنير بالإسكندرية، وابن دقيق العيد بقوص.
وله خطبة خطب بها لما دخل هولاكو الشام:
' الحمد لله الذي يرحم العيون إذا دمعت، والقلوب إذا خشعت،
والنفوس إذا خضعت، والعزائم إذا اجتمعت. الموجود إذا الأسباب انقطعت،
المقصود إذا الأبواب امتنعت، اللطيف إذا صدمت الخطوب وصدعت. رب
أقضية نزلت فما تقدمت حتى جاءت ألطاف دفعت، فسبحان من وسعت

137
رحمته كل شيء، وحق لها إذا وسعت. وسعت إلى طاعته السماوات والأرض.
حين قال * (ائتيا طوعا أو كرها) * فأطاعت وسمعت.
أحمده لصفات بهرت، وأشكره على نعم ظهرت، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، شهادة عن اليقين صدرت، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، بعثه والفتنة قد احتدت، والحاجة قد اشتدت، ويد الضلال قد
امتدت، وظلمات الظلم قد اسودت، والجاهلية قد أخذت نهايتها، وبلغت
غايتها، فجاء بمحمد صلى الله عليه وسلم، فملك عنانها، وكبت أعيانها،
وظهرت آياته في الجبابرة، فهلكت فرسانها، وفي القياصرة فنكست صلبانها،
وفي الأكاسرة فصدعت إيوانها، وأوضح على يده المحجة وأبانها، صلى الله
عليه وعلى آله فروع الأصل الطيب، فما أثبتها شجرة وأكرم أغصانها.
أيها الناس خافوا الله تأمنوا في ضمان وعده الوفي، ولا تخافوا الخلق
وإن كثروا، فإن الخوف منهم شرك خفي، ألا وإن من خاف الله. خاف منه كل
شيء، ومن لم يخف الله خاف من كل شيء. وإنما يخاف عز الربوبية من
عرف من نفسه ذل العبودية، والاثنان لا يجتمعان في القلب، ولا تنعقد
عليهما النية. فاختاروا لأنفسكم، إما الله تعالى، وإما هذه الدنيا الدنية، فمن
كانت الدنيا أكبر همه لم يزل مهموما، ومن كان زهرتها نصب عينه لم يزل
مهزوما، ومن كانت جدتها غاية وجده لم يزل معدما حتى يصير معدوما.
فالله الله عباد الله، الاعتبار الاعتبار، فأنتم السعداء إذا وعظتم بالأغيار،
أصلحوا ما فسد، فإن الفساد مقدمة الدمار، واسلكوا الجد تنجوا في الدنيا
من العار، وفي الآخرة من النار، واتقوا الله، وأصلحوا تفلحوا، وسلموا
تسلموا، وعلى التوبة صمموا واعزموا، فما أشقى من عقد التوبة بعد هذه
العبر ثم حلها، ألا وإن ذنبا بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها '.
توفي ابن المنير في مستهل ربيع الأول بالثغر.

138
155 - أحمد بن مرزوق بن أبي عمار.
البجائي، المغربي، السلطان الدعي، الذي قال: أنا ابن الواثق بالله أبي
زكريا يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاتي، ويسمى الفضل.
ومن خبره أنه سار في جيش، وقصد تونس، وتوثب على صاحبها
المجاهد أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى الهنتاتي، وظفر به، فقبض عليه، ثم
ذبحه صبرا، وغلب على إفريقية، وتسمى بأمير المؤمنين، وقام بالوقاحة، وثم
أمره، وعرف الناس أنه زغل.
وكان سئ السيرة، فانتدب له أبو حفص عمر بن يحيى أخو المجاهد
المذكور، وقام معه خلق كثير، فخارت قوى الدعي، واختفى، فبويع أبو
حفص، ولقب بالمستنصر بالله المؤيد، ظفر بالدعي وعذبه، فأقر بأنه
أحمد بن مرزوق، وأنه كذب، فمات تحت السياط.
وكانت دولته دون العامين، ولا أعلم متى هلك يقينا.
156 - أحمد بن هولاكو بن تولى بن جنكزخان.
المغلي، ويسمى بكوتا، وقيل بكدوا، صاحب العراق، وخراسان،
وأذربيجان، والجزيرة، والروم.

139
قيل إن سبب تسميته بأحمد أن بعض مشايخ الأحمدية دخل النار قدام
هولاكو، وأحمد حينئذ طفل، فأخذه الشيخ ودخل به النار، فسماه أبوه
أحمد، ووهبه للأحمدية. ثم كانوا يغشونه ويحببون إليه الإسلام، فأسلم وهو
صبي، ثم إنه جلس على تخت الملك بعد هلاك أبغا ومنكوتمر أخويه، ومال
إلى الإسلام، ويسر له قرين صالح، وهو الشيخ عبد الرحمن الذي قدم في
الرسلية إلى الشام، وسعى في إصلاح ذات البين. ولم تطل أيام أحمد، ومات
شابا وله بضع وعشرون سنة، وقام في الملك بعده أرغون بن أبغا، وهو الذي
قتله، وكان أرغون بطرف خراسان يحفظها، فلما مات أبوه وتملك أحمد أقبل
أرغون في جيشه فعمل مصافا مع أحمد، فانكسر جمع أحمد، وجرت لهما
أمور لا أجيء بها كما ينبغي، فلعن الله ساعة التتر.
قرأت بخط ابن الفوطي: قتل السلطان أحمد في جمادى الأولى.
قلت: قتلوه بأن قصفوا صلبه، فمات رحمه الله تعالى.
157 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم.
العلامة شرف الدين البكري، الزنجاني، ثم الشيرازي
مات بشيراز. قاله الفوطي.
وقال: قدم بغداد حاجا. صنف كتابا على طريقة ' جامع الأصول '،
وحدث بمراغة وتبريز بكتاب ' الأنوار اللمعة في الجمع بين الصحاح السبعة '
تأليف تاج الدين الساوي.
سمع منه: الصاحب شمس الدين الجويني، وأولاده.
158 - إسرائيل بن إسماعيل بن شقير.
زكي الدين الدمشقي، التاجر. شيخ حسن معمر، قليل الرواية.
ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.

140
وسمع من: أبي القاسم بن صصرى.
حمل عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة.
ومات في رمضان.
159 - إسماعيل بن قايماز.
الأمير ناصر الدين ابن الرومي، الدمشقي.
حدث عن الشرف الصابوني.
ومات في جمادى الآخرة. وله خمس وستون سنة.
- حرف الباء -
160 - بكتوت.
الأمير بدر الدين الششنكير.
توفي بدمشق، ودفن بتربة الشيخ سليمان الرقي.
مات في شعبان.
161 - بلال.
عفيف الدين النفطي، المقرئ، الأسود.
له سماع من السخاوي.
وكان مقرئا بالظاهرية.
وتوفي بمصر في ذي الحجة.
- حرف الحاء -
162 - الحسن ابن الصاحب الكبير الوزير فلك الدين عبد الرحمن بن
هبة الله.

141
المسيري، قطب الدين.
كان دمث الأخلاق، حسن العشرة، له معرفة بالتاريخ والأدب. وأمه
بنت شيخ الشيوخ تاج الدين ابن حمويه. وخدم جنديا مدة، ثم سكن بعلبك
في سنة ثمان وخمسين وستمائة، ولبس البقيار، وخدم ببعلبك في الديوان.
وولي مشيخة الخانقاه النجمية.
توفي ببعلبك في رجب كهلا.
روى عن: جده، وكريمة، وغيرهما.
كتب عنه البرزالي بدمشق وبعلبك.
163 - حليمة بنت أحمد بن منعة الغنوي.
روت عن جعفر الهمذاني.
وتوفيت في رمضان.
- حرف الدال -
164 - داود بن عبد القوي بن قاسم.
العسقلاني، الشافعي.
شيخ مصري.
حدث عن: عبد العزيز بن باقا، وعلي بن مختار، وجعفر الهمذاني،
والعلم ابن الصابوني.
ومات في رجب.
- حرف الراء -
165 - رشيد الحبشي.
مولى الصاحب جمال الدين عبد الرحمن بن محيي الدين يوسف ابن
الجوزي.

142
سمع: ابن بهروز، وأبا بكر بن الخازن
وحدث.
ومات في المحرم.
- حرف الزاي -
166 - - الزكي سنقر البياني.
من أعيان البيانية.
عاش نيفا وتسعين سنة.
- حرف السين -
167 - - سنجر.
الضيائي، الصوفي، البغدادي، الحنبلي.
عارف، كبير القدر، روى عن: عجيبة الباقدارية.
روى عنه الفرضي، وقال: يعرف بالشيخ عبد الله. عتقه ضياء الدين
أحمد بن عبد العزيز بن دلف.
توفي في جمادى الأولى.
- حرف الشين -
168 - شاهنشاه بن عبد الرزاق بن أحمد.
العامري، الذهبي، ناصر الدين.
توفي في المحرم بقرية، ونقل إلى قاسيون.
روى عن: زين الأمناء.
سمع منه: المزي، والبرزالي.

143
- حرف الطاء -
169 - طالب.
أحد مشايخ الأحمدية بقصر حجاج.
رجل صالح وقور، يعمل السماع، وله زبون وأصحاب، رحمه الله
تعالى.
مات في صفر، وشيعه الخلق.
- حرف العين -
170 - عبد الله بن علي بن حبيب.
الكاتب، الأستاذ، المجود، زكي الدين.
وحيد عصره في الخط ببغداد.
مات في ربيع الآخر. أرخه ابن الفوطي.
كان شيخا برباط.
عاش سبعا وسبعين سنة.
171 - عبد الله بن محمد بن عبد الله.
القاضي، الإمام، معين الدين، أبو محمد النكراوي، المقرئ،
النحوي.

144
ولد بالإسكندرية سنة أربع عشرة. قرأ بها القراءات على مثل ابن
عيسى، والصفراوي.
وصنف في القراءات. وكان مشهورا بها.
توفي فجأة في هذا العام. قاله ابن الخباز.
172 - عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سعادة.
المحدث الشهير، جمال الدين، أبو محمد العراقي، المريمي. من ذرية
أم مريم.
كان مقرئا، محدثا، بديع الخط.
سمع من: عبد العزيز ابن البقال، ومحيي الدين ابن الجوزي. ثم طلب
بنفسه فأكثر. وقرأ وتعب.
مات في ثامن ربيع الآخر ببغداد سنة ثلاث كهلا.
أجاز للشيخ صفي الدين عبد المؤمن.
173 - عبد الله بن محمود بن مودود بن بلدجي.
مجد الدين، أبو الفضل الموصلي، الحنفي، الفقيه، إمام، عالم،
مصنف. له أصحاب وحلقة أشغال.
سمع: أبا حفص بن طبرزد، ومسمار بن العويس.
كتب عنه: أبو العلاء الفرضي وأثنى عليه، وقال: توفي في سابع
المحرم.

145
وسمعت بقراءة القلانسي ' عمل يوم وليلة ' لابن السني، بسماعه سنة
ست وستمائة من مجد الدين محمد بن محمد الكرابيسي، عن عبد الرزاق
القوساني.
وكان مولده في شوال سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن بمشهد أبي
حنيفة ببغداد. وكان يوما مشهودا.
قال ابن الفوطي: مات في العشرين من المحرم. وكان عالما بالفقه
والخلاف والأصول، سمع الكثير في صباه، وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان
صبورا على السماع. ولي قضاء الكوفة.
ثم فوض إليه تدريس مشهد الإمام أبي حنيفة، فكان على ذلك إلى أن
توفي.
سمع ' البخاري ' من أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز
الواسطي، وابن روزبة. وله إجازة من المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية.
وسمعنا منه ' جامع الأصول '، بإجازته من مصنفه مجد الدين. وكان
كثير المحفوظ قد سافر إلى الشام.
وقرأ على أبي عمرو بن الحاجب، ومحيي الدين ابن العربي.
174 - عبد الرحمن.
رسول الملك أحمد بن هولاكو.
قرأت بخط قطب الدين ابن الفقيه: حدثني عبد الله الموصلي،
الصوفي، وكان ممن قدم معه، أن عبد الرحمن كان من مماليك الخليفة.

146
المستعصم بالله، وكان اسمه قراجا، فلما أخذت بغداد تزهد وتسمى
بعبد الرحمن، واتصل بالملك أحمد وعظم عنده إلى الغاية، بحيث كان ينزل
إلى زيارته، وإذا شاهده ترجل ثم قبل يده، وامتثل جميع ما يشير به. وكان
جميع ما يصدر عن الملك من الخير بطريقه، فأشار عليه أن يتفق مع الملك
المنصور وتجتمع كلمتهم، فندبه لذلك، وسير معه جماعة كثيرة من المغول
والأعيان فحضر إلى دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين، وأقام بمن معه
في دار رضوان، ورتب لهم من الإقامات ما لا مزيد عليه، وبولغ في
خدمتهم. وقدم السلطان إلى الشام، فعند وصوله بلغه قتل أحمد، وتملك
أرغون بعده، فاستحضر الشيخ عبد الرحمن بقلعة دمشق ليلا، وسمع رسالته،
ثم أخبره بقتل مرسله. ثم عاد السلطان إلى مصر، وبقي عبد الرحمن ومن
معه معتقلين بالقلعة، لكن اختصر أكثر رواتبهم، وقرر لهم قدر الكفاية. فلما
كان في آخر رمضان توفي عبد الرحمن، ودفن بسفح قاسيون وقد نيف على
الستين، وبقي من كان معه على حالهم، وتطاول بهم الإعتقال، وأهمل
جانبهم بالكلية، وضاق بهم الحال في المطعم والملبس، فعمل النجم يحيى
شعرا بعث به إلى ملك الأمراء حسام الدين، فمنه:
* أولى بسجنك أن يحيط ويحتوي
* صيد الملوك وأفخر العظماء
*
* منا قدر فراش وحداد
* ونفاط وخربندا إلى سقاء
*
* خدموا رسولا ما لهم علم بما
* يخفي وما يبدي من الأشياء
*
* لم يتبعوا الشيخ الرسول ديانة
* وطلاب علم واغتنام وعاء
*
* بل رغبة في نيل ما يتصدق السلطان
* من كرم وفيض عطاء
*
* ويؤملون فواضلا تأتيه من
* لحم وفاكهة ومن حلواء
*
* نفروا من الكفار والتجأوا إلى
* الإسلام واتبعوا سبيل نجاء
*

147
* أيقابلون بطول سجن دائما
* وتحسر ومجاعة وعناء
*
* أخبارهم مقطوعة فكأنهم
* موتى وهم في صورة الأحياء
*
* إن كان خيرا قد مضى أو كان شرا
* قد أمنت عواقب، الأسواء
*
* وإذ قطعت الرأس من بشر فلا
* تحفل بما تبقى من الأعضاء
*
في أبيات.
فلما سمعها أطلق معظمهم، وبقي في الاعتقال نفرين ثلاثة، قيل إن
صاحب ماردين أشار بإبقائهم.
وكان عبد الرحمن مقاصده جميلة، وظاهره وباطنه منصرف إلى نصرة
الإسلام واجتماع الكلمة. وله عدة سفرات إلى مصر والشام والحجاز، ولما
قدم في الرسلية كانوا يسيرون في الليل. وكان يعرف السحر والسيمياء، وبهذا
انفعل له الملك أحمد.
ورأيت في تاريخ أنه كان روميا من فراشي السدة، وأخذ من الدور وقت
الكائنة جوهرا نفيسا، وأسر فسلم له الجوهر، ثم صار من فراشي القان، ثم
تزهد وتنمس وتخشع، وطمر الجوهر، وصار إلى الموصل، فاتصل بعز الدين
أيبك أحد نواب القان، وكان مهووسا بالكيمياء، فربطه عبد الرحمن وسار معه
إلى أبغا، ودخل، فقال عبد الرحمن لأبغا: إني رأيت في النوم في مكان كذا
وكذا جوهرا مدفونا. فبعث معه جماعة، فقال لهم: احفروا هنا. فحفروا
فوجدوا ذلك. فخضع له أبغا واحترمه.

148
ثم ربطه بأمر الجن والشعبذة، ثم إنه عمل خاتمين نفيسين على هيئة
واحدة، فأظهر الواحد وأعطاه لأبغا، ففرح به، وقال له: إن رميته في هذا
البحر أنا أخرجه لك. فرماه. فقال: اصبر إلى غد.
ثم عمل هيئة سمكة خشب مجوفة، وملأها ملحا مع الخاتم الآخر،
وأتاه بالسمكة وقال: هذه تأتي بالخاتم. ورماها في البحر فغرقت ساعتين،
فتحلل الملح فشافت السمكة فاصطادها، ففتح أبغا فمها فإذا الخاتم، فانبهر
لذلك، واعتقد في عبد الرحمن، فأخذ رصاصة أخفاها في بطن السمكة
فغاصت. وخضع له الملك أحمد أيضا، وحسن إسلامه بسببه
175 - عبد الرحيم بن ريان.
السندي.
روى عن: أبي جعفر السندي، وغيره.
مات ببغداد.
176 - - عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن
حسان.

149
القاضي، نجم الدين الجهني، الحموي، الشافعي، المعروف بابن
البارزي، قاضي حماة، وأبو قاضيها شرف الدين هبة الله.
ولد بحماة سنة ثمان وستمائة.
وحدث عن: موسى بن الشيخ عبد القادر.
وسمع منه: ابنه، والحافظ أبو العباس بن الظاهري، وولده أبو عمرو
عز الدين، والبدر أبو عبد الله النحوي، وجماعة.
وكان إماما، فاضلا، فقيها، أصوليا، أديبا، شاعرا، له خبرة
بالعقليات، ونظر في الفنون.
وقد سمع من: أبي القاسم بن رواحة، وغيره.
وسماعه من موسى بدمشق. وقد حكم بحماة قديما بحكم النيابة عن
والده، ثم ولي بعده، ولم يأخذ على القضاء رزقا. وعزل عن القضاء قبل
موته بأعوام، وكان مشكورا في أحكامه، وافر الديانة، محبا للفقراء
والصالحين كولده. درس وأفتى وصنف، وأشغل مدة.
وأخرج له الأصحاب في المذهب.
وله شعر رائق، فمنه:
* إذا شمت من تلقاء أرضكم برقا
* فلا أضلعي تهدأ ولا أدمعي ترقا
*
* وإن ناح فوق البان ورق حمائم
* سحيرا فنوحي في الدجى علم الورقا
*
* فرقوا لقلب في ضرام غرامه
* حريق وأجفان بأدمعها غرقا
*
* سميري من سعد خذا نحو أرضهم
* يمينا ولا تستبعدا نحوها الطرقا
*
* وعوجا على أفق توشح شيحه
* بطيب الشذا المكي أكرم به أفقا
*

150
* فإن به المغنى الذي تبرأ به
* وذكراه يستشفى لقلبي ويسترقا
*
* ومن دونه عرب يرون نفوس من
* يلوذ بمغناهم حلالا لهم طلقا
*
* بأيديهم بيض بها الموت أحمر
* وسمر لدى هيجائهم تحمل الرزقا
*
* وقولا محبا بالشآم غدا لقى
* لفرقة قلب بالحجاز غدا ملقى
*
* تعلقكم في عنفوان شبابه
* ولم يسل عن ذاك الغرام وقد أبقى
*
* وكان يمني النفس بالقرب فاغتدا
* بلا أمل إذ لا يؤمل أن يبقا
*
* عليكم سلام الله أما ودادكم فباق
* وأما البعد عنكم فما أبقى
*
ثم خرج إلى مدح النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة، يقول فيها:
* رقيقكم مملوككم عبد ودكم
* قصارى مناه ان تديموا له الرقا
*
* يلوذ بذا القبر الذي قد حواكم
* إذا ما نجا أهل السعادة أن يشقا
*
* أجرني فإني قد أحاطت بساحتي
* ذنوب لأثقال الرواسي غدت طبقا
*
وله، وكتب بها إلى الملك المنصور محمد:
* خدمتك في الشباب وها مشيبي
* أكاد أحل منه اليوم رمسا
*

151
* فراع لحرمتي عهدا قديما
* وما بالعهد من قدم فينسى
*
أنشدني أبو عبد الله محمد بن يعقوب النحوي أن أبا محمد بن البارزي
أنشده لنفسه في القلم:
* ومثقف للخط يحكي فعله
* سمر القنا لكن هذا أصفر
*
* في رأسه المسود إن أجرده
* في المبيض للأعداء موت أحمر
*
توجه القاضي نجم الدين ليحج في سنة ثلاث، فأدركته المنية في ذي
القعدة بتبوك، فحمل إلى المدينة ودفن بالبقيع، رحمه الله.
وكتب الدمياطي عن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، عنه.
177 - عبد العزيز بن مظفر.
الصدر، عز الدين الدمشقي.
اتصل بخدمة الملك الناصر فأحبه وحظي عنده.

152
وكان مليح الشكل، حسن البزة، مليح العشرة، ظاهرالحشمة.
توفي في أول السنة بدمشق.
178 - عبد القادر بن خلف بن سلامش
البغدادي.
سمع من: نصر بن عبد الرزاق الجيلي.
حدث عنه الفرضي، وقال: مات رحمه الله في ذي القعدة.
179 عبد الملك.
الملك السعيد، فتح الدين، أبو محمد بن السلطان الملك الصالح أبي
الحسن إسماعيل ابن العدل.
رأيته، وكان شكلا مليحا، مزرعا بالشيب. وكان وافر التجمل، دمث
الأخلاق، له حرمة في الدولة. وكان من أمراء الحلقة، وهووالد الملك
الكامل.
سمع منه: البرزالي، والطلبة.
وتوفي في ثالث رمضان، ودفن بتربة جدته أم الصالح، وشيعه الأمراء
والأعيان. أتيت منزله وهو يأكل فأطعمني.
180 - عبد الوهاب بن الحسين.

153
القاضي أبو محمد بن الفرات اللخمي، الإسكندراني.
شيخ فقيه، معمر. ولد بالإسكندرية سنة إحدى وتسعين وخمسمائة
وكان يمكنه السماع من عبد الرحمن بن موقا ولا أعلم هل سمع منه أولا.
توفي في جمادى الآخرة.
وقد تفرد بالإجازة من إسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل محمد بن
يوسف الغزنوي، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي.
181 - [عطا ملك بن محمد بن محمد، علاء الدين، صاحب
الديوان..].
182 - علي بن الحسن بن معالي.
الأديب، فخر الدين ابن الباقلاني، الشواوي، الشاعر.
عاش ثلاثا وثمانين سنة، وله شعر كثير.
183 - علي بن صالح.
الحسني، إمام المقام
ذكر في سنة إحدى
184 - علي بن يوسف بن جلون.
الشيخ الصالح، نور الدين الحراني، التاجر.
حدث بدمشق عن أبي الحسن بن روزبة.
سمع منه: البرزالي، والطلبة.
توفي في جمادى الآخرة.
185 - عمر بن محمد.
نجم الدين الكريدي، الشافعي.

154
قاضي الصلت.
توفي في المحرم.
186 - عمر بن نصر.
القاضي نجم الدين، أبو حفص الأنصاري، البيساني، الشافعي.
سمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والتقي بن باسويه، وجماعة.
وتفقه وبرع في المذهب، وأفتى ودرس، وناب في القضاء بدمشق
ودرس بالرواحية، ثم ولي قضاء حلب مديدة. ومات في شوال رحمه الله
تعالى.
كتب عنه: البرزالي، وغيره.
ولي بعده تدريس الرواحية ناصر الدين بن المقدسي الذي شنق
187 - عيسى بن مهنا.
أمير عرب الشام، وشيخ آل فضل، الأمير شرف الدين.
كان ذا منزلة عظيمة عند السلطان الملك المنصور، وقد ملكه السلطان

155
مدينة تدمر بحكم البيع، وأورد عنه ثمنها. وكان كريم الأخلاق، حسن
الجوار، مكفوف الشر يرجع إلى خير وعقل ورئاسة.
ولم يكن أحد يضاهيه من ملوك العرب، وله أثر صالح في يوم المصاف
بحمص مع منكوتمر.
وتوفي بعد الأمير أحمد بن حجي بأربعة أشهر، وصلي عليه بدمشق
صلاة الغائب في يوم الجمعة تاسع ربيع الأول. وقام بالأمر بعده ولده الأمير
حسام الدين مهنى، فزادت حرمته، وامتدت أيامه.
- حرف الفاء -
188 - فاطمة بنت الحافظ أبي القاسم علي بن الحافظ بهاء الدين
أبي محمد القاسم ابن الحافظ الكبير محدث الشام أبي القاسم ابن عساكر.
أم العرب الدمشقية.
ولدت سنة ثمان وتسعين.
وسمعت من: عمر بن طبرزد، وحنبل المكبر، وأبي الفتوح الجلاجلي،
وست الكتبة بنت الطراح، وأبي اليمن الكندي.
وأجاز لها: أبو جعفر الصيدلاني، ومحمد بن الفاخر، وأبو الفتوح
أسعد العجلي، وعدة من شيوخ خراسان والعراق وإصبهان.
وكانت أصيلة، جليلة، عالية الإسناد، معرقة في الحديث، وسماعها
من عمر وحنبل في الخامسة، ولها في السادسة أيضا على عمر.
روى عنها: الدمياطي، وقطب الدين بن القسطلاني، ومحمد بن محمد

156
الكنجي، وابن الخباز، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي، وعلم
الدين البرزالي، وطائفة سواهم.
وأجازت لي مروياتها.
وتوفيت في تاسع عشر شعبان.
189 - - فاطمة بنت محمد بن جامع بن باقي.
نور الهدى التميمية، وأمها بنت السيف الآمدي المتكلم. توفيت في
المحرم.
وقد روت عن ابن الزبيدي ' جزء أبي الجهم '، وعن ابن غسان الحمصي
' جزء الفلكي '. وأظنها ماتت بمصر.
- حرف القاف -
190 - قراسنقر المعزي
الأمير الكبير، شمس الدين.
توفي ببيت لهيا في جمادى الآخرة.
- حرف الميم -
191 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب.
القاضي، عماد الدين السروجي، الأنصاري، الدمشقي، ابن الرئيس
شرف الدين.

157
ولد سنة ثلاث عشرة.
وسمع: أبا المجد القزويني، وجده الصدر فخر الدين، وأبا عبد الله بن
الزبيدي.
وولي نظر الجامع مرة، ونظر الخزانة. وكان رئيسا محتشما، متواضعا،
دينا.
روى لنا عنه ابن العطار، وغيره.
ولي منه إجازة.
وتوفي في ربيع الأول ببستانهم بالعقيبة. وهو والد الصاحب فخر
الدين.
192 - محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن عنان.
الإمام، المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو عبد الله الميدوي،
المصري، النحوي.
ولد بالقاهرة سنة إحدى عشر وستمائة. وسمع الكثير، وكتب واشتغل.
وكان من العلماء الأتقياء.
توفي في صفر، وشيعه الخلق إلى القرافة.
سمع: عبد العزيز بن باقا، وابن رواح، وابن الجميزي، وطبقتهم
وقد درس وأعاد. وكان خصيصا بالحافظ أبي محمد المنذري، أكثر عنه.
وولي خزن الكتب بالكاملية وطلب لمشيختها مدة، فامتنع، ثم وليها
إلى أن مات.
أخذ عنه: الحارثي، وأبو عمرو بن الظاهري، وقطب الدين، وقال في

158
' تاريخه ' لمصر: أبو عبد الله المقرئ، المحدث، النحوي، كان من العلماء
الأتقياء، عارفا بالقراءات والحديث والنحو. وكتب الكثير، وكان سليم
القلب، ذا سمت وصلاح وهدى وخير، على سمت السلف، متصدرا للحديث
طول نهاره بالمدرسة الكاملية.
سمعت منه وانتفعت ببركته، وقرأت عليه ' الشاطبية ' من حفظي، بسماعه
من أبي عبد الله القرطبي. وكان ثقة حجة. وكان له تلميذ يقرأ عليه الحديث،
فلما مات بكى وجعل يمرغ وجهه على رجليه ويقول: يا سيد اطلبني من
الله،، فإني لا أقدر أرى غيرك قاعدا مكانك. فاتفق أن مات التلميذ من الغد.
قلت: كتب عنه شيخه الحافظ أبو علي البكري. قرأت ذلك في مجلد
بخط البكري.
193 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن الأزهر.
أبو عبد الله ابن الحافظ أبي إسحاق الصريفيني. من أولاد المحدثين.
سمعه أبوه الكثير من الموفق عبد اللطيف بن يوسف، وجماعة.
ولم يكن من أهل العلم. وقد أخذ عنه بعض الطلبة.
توفي في شعبان. وسمع ' الصحيح ' من ابن روزبة.
مولده بمنبج في سنة عشرين وستمائة.
194 - محمد بن باخل.
الأمير، شمس الدين الهكاري، متولي الثغر الإسكندري.
توفي في رجب بالإسكندرية، وقد ذكره الحافظ قطب الدين في
' تاريخه ' فقال: محمد بن باخل بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن
عبد الله بن مرزبان الهكاري.

159
إلى أن قال: كان صارما عادلا، وله ميل إلى الأدب. سمع جميع ' سنن
ابن ماجة ' من الموفق عبد اللطيف بن يوسف، و ' مقامات الحريري ' بحران.
وخرج له الحافظ منصور بن سليم.
أجاز لي مرارا. ومولده سنة عشرين وستمائة.
قلت: مرت ترجمته.
195 - محمد بن جبارة.
الفقيه، الإمام، تقي الدين، المقدسي، الحنبلي.
توفي في ذي الحجة بقاسيون.
وهو محمد بن عبد المولي الزاهد العابد.
سمع ببغداد من المؤتمن.
وهو والد شهاب الدين المقرئ.
196 - محمد بن الحسين بن الحسن.
نظام الدين، أبو عبد الله الداري، الخليلي، عم الصاحب فخر الدين.
توفي بمصر في ربيع الأول، وله إجازة من ابن المعطوش، وابن
الجوزي، وجماعة.
وسمع ' السيرة النبوية ' من ابن مجلي، وعاش تسعين عاما.
وكان تاجرا متمولا، كثيرالبر. خرج له التقي عبيد مشيخة.
سمع من ابن جبير.

160
197 - محمد بن زنطار.
أبو خطاب الأشرفي، خادم الأثر بدار الحديث.
روى ' مسند الشافعي '، عن ابن الزبيدي.
ومات في صفر، رحمه الله.
198 - محمد بن الصلاح.
العدل، جمال الدين الحنفي، الخشاب.
كان من عدول القيمة بدمشق.
توفي في شعبان.
199 - محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم.
الفقيه، شمس الدين، أبو عبد الله بن العلامة تاج الدين الفزاري،
الدمشقي، الشافعي.
توفي شابا في جمادى الآخرة.
200 - محمد بن عبد العزيز بن يحيى.
اللوري، أخو الشيخ أبي إسحاق.
سمع معه من الرشيد بن مسلمة.
مات بسجلماسة. حج مرتين.
201 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد.

161
قاضي القضاة، عزا الدين، أبو المفاخر الأنصاري، الدمشقي، الشافعي،
المعروف بابن الصائغ.
ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة.
وسمع من: أبي المنجا بن اللتي، وأبي الحسن بن الجميزي، وأبي
الحجاج يوسف بن خليل، وجماعة.
وتفقه في صباه على جماعة، ولازم القاضي كمال الدين التفليسي،
وصار من أعيان أصحابه. ثم ولي تدريس الشامية مشاركا للقاضي شمس
الدين ابن المقدسي، بعد فصول جرت، فلما حضر الصاحب بهاء الدين إلى
دمشق استقل شمس الدين بالشامية وحده، وولي عز الدين وكالة بيت المال،
ورفع الصاحب من قدره ونوه بذكره.
ثم عمد إلى القاضي شمس الدين ابن خلكان فعزله بالقاضي عز الدين
في سنة تسع وستين، فباشر القضاء، وظهرت منه نهضة وشهامة، وقيام في
الحق ودرء للباطل، وحفظ الأوقات وأموال الأيتام والأشراف، وتصدى
لذلك، فحمدت سيرته، وأحبه الناس، وأبغضه كل مريب، وأعلا الله منار
الشرع به.
وكان ينطوي على ديانة وورع وخوف من الله تعالى ومعرفة تامة
بالأحكام، ولكنه كانت له بادرة من التوبيخ والمحاققة وكشف الأمور.

162
واطراح للرؤساء الذين يدخلون في العدالة بالرئاسة والجاه. فتعصبوا عليه،
وتكلموا فيه، وتتبعوا غلطاته، وتغير عليه الصاحب، وما بقي يمكنه عزله لأنه
بالغ في وصفه عند السلطان. ودام في القضاء إلى أول سنة سبع وسبعين،
فعزل وأعيد ابن خلكان، ففرح بعزله خلق. وبقي على تدريس العذراوية،
فلما قدم السلطان الملك المنصور لغزوة حمص سنة ثمانين أعاده إلى
القضاء، وباشر في أوائل سنة ثمانين فعاد إلى عادته من إقامة الشرع وإسقاط
الشهود المطعون فيهم، والغض من الأعيان، فربى له أعداء وخصوما،
فتضافروا عليه وسعوا فيه، وأتقنوا قضيته، فلما قدم السلطان دمشق في رجب
سنة اثنتين وثمانين سعوا فيه، فامتحن، فجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء إلى
صلاة الجمعة، فأخذه إلى القلعة، فقال له المشد بدر الدين الأقرعي، قد أمر
السلطان أن تجلس في مسجد الخيالة. ففعل ولم يمكن من صلاة الجمعة،
وذلك بسبب محضر أثبته تاج الدين عبد القادر بن السنجاري عليه بحلب،
بمبلغ مائة ألف دينار، وأنها عنده من جهة الشرف ابن الإسكاف كانت للخادم
ريحان الخليفتي. ثم إن المشد أحضر النظام ابن الحصيري نائب القاضي
حسام الدين الحنفي، فنفذ المحضر، وأمضى حكم قاضي سرمين ابن الأستاذ
به، وذهب الناس إلى القاضي يتوجعون له، وبقي نائبه شمس الدين عبد
الواسع الأبهري يحكم. فلما كان في اليوم الثالث منع نائبه من الحكم، ومنع
الناس من الدخول إليه إلا أقاربه، وولي القضاء بهاء الدين ابن الزكي. ثم نبغ
آخر، وزعم أن حياصة مجوهرة وعصابة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار
كانت عند العماد بن محيي الدين ابن العربي للملك الصالح إسماعيل ابن
صاحب حمص، وانتقلت إلى القاضي عز الدين، ووكلوا علاء الدين علي ابن
السكاكري للملك الزاهر، وبقية ورثة الصالح وذكروا أن الشهود كمال الدين
ابن النجار والجمال أحمد بن أبي بكر الحموي. ثم توقف ابن النجار واقتحم
الشهادة الجمال وغيره، ثم قالوا للقاضي: هذه القضية قد ثبتت عليك،
والأخرى في مظنة الإثبات ولم يبق إلا أن تحمل المال.
فلما كان في اليوم الخامس من اعتقاله أظهروا قضية ثالثة، وهو أن

163
ناصر الدين محمد ابن ملك الأمراء عز الدين أيدمر أودع عنده مبلغا كثيرا،
فجاء المشد وسأله فقال: أحضر المبلغ إلي لأستودعه، فلم أفعل، واسألوا
الأمير بدر الدين أمير مجلس فإنه الذي أحضر المبلغ. فخرج المشد وسأل
أمير مجلس، فصدق ما قاله القاضي، فلما كان اليوم السابع طلب المشد
لناصر الدين ابن أخي القاضي وقال: تكتب لي أسماء جميع أملاككم. وهدده
فكتب ذلك. فلما كان يوم الجمعة أدى الشهود عند حسام الدين الحنفي،
وهم الجمال الحموي، بعد أن شهد عليه الشيخ تاج الدين، وأخوه الشيخ
شرف الدين، وغيرهما، أنه لا علم له بهذه القضية، وشهد الشهاب غازي
الأميني، والغرس البياني، فاستفسرهم القاضي حسام الدين فتواقح بعضهم.
وكان الجمال من شيوخ المحدثين، فأهانه المحدثون، وتواصوا أن لا يسمعوا
عليه بعدها.
ثم عمل المشد بداره مجلسا للحياصة، فحضر طائفة ممن يبغض ابن
الصائغ، منهم: ناظر الصحبة ابن الوساطي، والوكيل ابن السكاكري، وحضر
القاضي حسام الدين، ومحيي الدين ابن النحاس، ورشيد الدين سعيد،
وأحضر ناصر الدين ابن أخي القاضي فقيل: قد أدى الشهود فهل لكم دافع.
فأحضر النجم السبتي، والمجد محمود، فشهدا عند حسام الدين على القاضي
عز الدين بإسقاط ابن الحموي، وحضر الشيخ علي الموصلي، والوجيه
السبتي فشهدا على إقرار ابن الحموي أنه لا يعلم هذه القضية، فبدر ابن
السكاكري وقال على لسان القاضي إنه لا يرى ذلك دافعا. فكتب بذلك صورة
مجلس، وأمهلوا ليحضروا دافعا. ثم طلب القاضي عز الدين من السلطان أن
يحضر بنفسه، ويتكلم مع خصمه من غير توكيل منهما في مجلس يعقد.
فأجيب إلى ذلك، وعقد المجلس بمحضر القضاة الأربعة، والشيخ تاج
الدين، والشيخ محيي الدين ابن النحاس، وزين الدين الفارقي، وشمس الدين
ابن الصدر سليمان، والقاضي عز الدين المذكور، فقال ابن السكاكري،
وأشار إلى حسام الدين: أسألكم الحكم بما ثبت لموكلي.

164
فقال القاضي عز الدين: أنا سألت السلطان أن يحضر معي خصمي.
فطلبوا الملك الزاهر فتغيب، فأحضروا ولده الملك الأوحد، ثم قرئ
المحضر، فقال القاضي عز الدين للأوحد: انا أحلفك بأنك ما تعلم أن
شهودك شهود زور. فقال: أنا أصبو عن هذه القضية. ونكل.
وقال عز الدين أيضا: أنا أطلب من الشهود تعيين الحياصة والعصابة
وكم فيهما من جوهر وبلخش. فأفتى بعضهم بلزوم التعيين وتوقف بعضهم
فقال القاضي حسام الدين: أنا أكشف هذا، وأسال أصحابنا، فإن التعين
يختلف باختلاف الأجناس.
وأحضروا في المجلس فحضر ابن السنجاري، فقرئ وادعى بمضمونه
وكيل بيت المال زين الدين على القاضي، فقال: لي دوافع، منها أن ابن
السنجاري عدوي، ومنها أن ابن الحصيري حكم علي من غير حضوري ولا
حضور وكيلي.
فطلب ابن الحصيري فلم يتفق حضوره، وانفصل المجلس.
ثم اجتمعوا بدار الحديث، وأحضر ابن الحصيري، فقام عليه الحنفية
وقالوا: حكمك لا يصح. فقال: ليس حكمي بباطل، ولكنه لا يلزم الخصم.
وبحثوا في ذلك، فأحضر كتبا ونقولا. وقال عز الدين: لي بينة تشهد بعداوة
ابن السنجاري. فقال: أثبت ذلك يا مولانا، وعليك المهلة ثلاثة أيام. وطلب
ابن السكاكري الحكم من الحنفي على عادته وجرأته، فأخرج القاضي
عز الدين فتاوى الفقهاء أن الدعوى من أصلها باطلة، إذ كانت مجهولة. فأفتى
بذلك من حضر المجلس. فقال المشد للقاضي. ما تحكم. فقال: لا والله لا
أحكم في هذه القضية. وقام منزعجا، وانحلت القضية فكتب بذلك صورة
بمجلس. ثم بعد أيام قال المشد للقاضي عز الدين: أيش المعمول! قال:
تصلي ركعتين في الليل، وتدعو الله أن يكشف لك أمري، ومهما خطر لك
بعد ذلك فافعل.

165
ثم سعى نائب السلطنة حسام الدين طرنطاي، ولاجين، وعلم الدين
الدواداري، وبينوا للسلطان أن القاضي ما ثبت عليه شيء. وظهر أيضا أن
ريحان الخليفتي توفي سنة أربع وخمسين، وأن المحضر يتضمن أن ريحان
سير الوديعة إلى الإسكاف في أواخر سنة ست وخمسين. ثم قدم تجار
واجتمعوا بطرنطاي، وعرفوه: أن ريحان مات وعليه دين نحو اثني عشر ألف
دينار وفاها عنه الخليفة، ونحن ما رأينا هذا القاضي، ولا لنا معه غرض.
فأمر السلطان بإطلاقه مكرما، فنزل من القلعة، وزار شيخ دار الحديث،
وعطف إلى ملك الأمراء لاجين فسلم عليه بدار السعادة، ثم مضى إلى دار
القاضي بهاء الدين الذي ولي بعده، فسلم عليه. ثم أقام بمنزلة بدرب
النقاش. وطلع بعد أيام إلى بستانه بحمص، وبه مات إلى رحمة الله وعند
موته توضأ وصلى، وجمع أهله وقال: هللوا معي. فبقي لحظة يهلل، وعبر
إلى الله تعالى، وكان آخر قوله: لا إله إلا الله.
توفي، رحمه الله، في تاسع ربيع الآخر، وله خمس وخمسون سنة.
وكان رحمه الله لا يفصح بالراء.
202 - محمد بن عبد الولي بن جبارة بن عبد الولي.
الإمام، الزاهد، الصالح، الفقيه، المتقن، تقي الدين المقدسي، والد
شيخنا الشهاب المقرئ.
سمع ببغداد من هذه الطبقة أبي الحسن القطيعي، وجماعة.
وكان يتعاسر بالتحديث.
وسمع بدمشق من أبي القاسم بن صصرى.
توفي في ذي الحجة.

166
203 محمد بن علي بن أحمد.
أبو محمد الواعظ، ويلقب بالمهدي، خطيب جامع المنصور.
سمع محيي الدين ابن الجوزي، وغيره.
204 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان.
القاضي بهاء الدين، أبو عبد الله الإربلي، الشافعي، قاضي بعلبك،
أخو قاضي القضاة شمس الدين.
ولد بإربل سنة ثلاث وستمائة. وسمع ' صحيح البخاري ' من أبي
جعفر ابن مكرم كأخيه، وحدث.
سمع منه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وجماعة.
وهو والد النجم ابن خلكان صاحب الفيض والخيال الشيطاني. قدم
الشام وهو شاب، فاشتغل وحصل.
ذكره قطب الدين في ' تاريخه ' فقال: كان رجلا معدوم النظير في كثير
من أوصافه عند التواضع المفرط، ولين الكلمة، ورقة القلب، وسلامة
الصدر، وحسن العقيدة في الصالحين، وعدم الالتفات إلى الدنيا. ولي قضاء
بعلبك إلى حين وفاته.
قال: ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجامكية والجراية إلا قوته
لا غير. ولا يسأل عما عدا ذلك. وأما بشره وتلقيه بالترحيب فخارج عن
الوصف. ومات ولم يخلف درهما ولا دينارا، وعليه جملة من الدين،
فأبيعت كتبه في دينه. ومن وقت وفاة أخيه حزن عليه، ولم يكن يرقأ في
غالب أواقته من حزنه عليه.

167
توفي في الثاني والعشرين من رجب. ودفن في تربة الزاهد عبد الله
اليونيني.
205 - محمد بن محمد بن بشارة.
المحدث، شمس الدين الكلابي، الدمشقي. أحد طلبة الحديث.
توفي شابا إلى رحمة الله في شعبان.
وخطه معروف في الطباق.
206 - محمد بن محمد بن رمضان.
شرف الدين الأنصاري، الدمشقي.
توفي في شعبان.
207 - محمد بن محمد بن محمد.
الوزير الكبير، شمس الدين، أبو المكارم الجويني.
وزير الدولة التتارية والحاكم في المغول. نفذت أقلامه في الأقاليم،
وله رسائل وأشعار. وقد ذكره ابن الفوطي مستقصى في ' معجم الألقاب '
وقال: قتل بنواحي أبهر بعد أن كتب وصيته بيده. سمعنا من لفظه قصائد
بتبريز.
وقتل في رابع شعبان.
208 - محمد بن محمد بن يحيى.
نجم الدين الكلبي، السبتي، العدل

168
ولد سنة عشر وستمائة. وقدم مصر بعد الثلاثين فسمع من: أبي
الخطاب الكلبي الحافظ.
وبدمشق من: ابن اللتي، والسخاوي، وكريمة، وجماعة.
وعني بالرواية. وله جموع وتخاريج يسيرة. وكان صدوقا، خيرا.
كتب عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة.
وتوفي في جمادى الأولى.
لنا منه إجازة.
209 - محمد بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن
شاذي.
صاحب حماة، وابن ملوكها، الملك المنصور أبو المعالي ناصر الدين
ابن الملك المظفر تقي الدين بن المنصور؛ ملك حماة والمعرة بعد والده سنة
اثنتين وأربعين وستمائة، وعمره عشر سنين وأيام رعاية لأمه الصاحبة غازية
بنت السلطان الملك الكامل.
وقام بتدبير دولته أمه وسيف الدين طغرلبك أستاذ الدار، وشيخ الشيوخ

169
عبد العزيز. وكان فيه كرم، وحسن عشرة، لكنه لعاب، منهمك على اللهو
وغير ذلك، سامحه الله.
وتملك بعده ابنه.
210 - محمد بن موسى بن النعمان.
الشيخ القدوة، أبو عبد الله، المزالي التلمساني، وقيل الفاسي،
المغربي.
ولد سنة ست أو سبع وستمائة بتلمسان. وقدم الإسكندرية، فسمع بها
من: محمد بن عماد الحراني، وأبا القاسم عبد الرحمن الصفراوي، وأبا
الفضل الهمداني.
وبمصر من: عبد الرحيم بن الطفيل، وأبي الحسن بن المقير، وأبي
الحسن بن الصابوني.
وكان فقيها مالكيا، زاهدا عابدا، عارفا، إلا أنه كان متغاليا في
أشعريته.
توفي بمصر في تاسع رمضان، وشيعه الخلائق. وكان يوما مشهودا.
ومن شعره:
* أتطمع أن ترى ليلى بعين
* وقد نظرت إلى حسن سواها
*
* سواها لا يروق الطرف حسنا
* وأوصاف لها زانت حماها
*

170
* أتنظرها بعين بعد عين
* فتلك العين تمنعا قذاها
*
* قذاها إن أردت يزول عنها
* فغير العين دهرك لا تراها
*
وقيل: إنه كان يحفظ ' سيبويه '
روى عنه: ابن نباتة، والقطب عبد الكريم، وعدة.
211 - محمد الشمس السراب.
السقطي.
توفي في رجب، ودفن ببستانه بالربوة، وخلف ولدين يونسية.
212 - المبارك بن المبارك بن عبد الحكيم.
البارع، شمس الدين، أبو منصور بن الصباغ.
طبيب المستنصرية. كان ماهرا في الصناعة، له تصانيف.
وقد ناهز المائة ونيف عليها، قاله ابن الفوطي، متمتعا بسمعه وبصره.
مات في المحرم.
213 - محاسن بن الحسن بن عبد الله.
نجيب الدين، أبو الفضل السلمي.
شيخ معمر، كان يمكنه السماع من الخشوعي، ونحوه فإنه ولد سنة
تسع وثمانين وخمسمائة.

171
وروى عن: أبي القاسم بن الحرستاني بالإجازة؛ سمع منه: علم
الدين، وغيره.
وتوفي بنواحي أذرعات في رجب إن شاء الله. وقد أجاز لي.
214 - مظفر بن أبي بكر بن مظفر.
العلامة، تقي الدين الجوسقي، مدرس الحنابلة بالبشيرية.
كان إماما، مناظرا، خلافيا، كبير القدر. حدث عن ابن السباك.
مات في ربيع الأول، وله سبعون سنة.
وكان رئيسا في المذهب وأصوله.
215 - مظفر بن عبد الوهاب بن مشرف.
الدمشقي.
توفي في ذي الحجة.
وولد سنة ستمائة. ولا أعلم له رواية.
216 - مكي بن عبد الرحمن بن غنام.
أبو الحرم الحراني.
شيخ صالح، قدم دمشق، وذكر أنه سمع من عبد القادر الرهاوي.
وقد روى بالإجازة عن أحمد بن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا،
وسليمان الموصلي.
سمع منه: علم الدين، وابن الخباز، وغيرهما.
ومات في شعبان. وهو زوج ست الدار بنت الشيخ مجد الدين ابن
تيمية.

172
217 - موهوبة.
أخت الشيخ أمين الدين عبد الصمد بن عبد الوهاب ابن زين الأمناء ابن
عساكر.
سمعت من جدها، ومن ابن صباح.
وحدثت.
توفيت في جمادى الأولى. وهي والدة الأخوين شرف الدين وعز الدين
ابني ابن العماد الكاتب.
- حرف النون -
218 - نصر الله بن محمد بن نصر الله.
المولى صفي الدين، وزير صاحب حماة.
ولي بعد وفاة أخيه علاء الدين سنة أربع وسبعين. وكان حسن المعاملة.
للناس.
توفي في سلخ رجب بحماة.
- حرف الياء -
219 - يوسف بن عبد الله بن عمر.
قاضي القضاة بدمشق، جمال الدين، أبو يعقوب الزواوي، المالكي،
وهو بنسبته أشهر. ولي القضاء بعد ابن عمه الشيخ زين الدين الرهاوي.

173
وتوفي إلى رحمة الله في طريق الحج هو ونجم الدين ابن البارزي.
وبقي القضاء بعده شاغرا ثلاث سنين.
220 - يحيى بن فرج بن هياب.
صفي الدين الأسود، الشاهد.
توفي في ذي الحجة بدمشق.
الكنى
221 - أبو بكر بن عمر بن علي.
البقال الصالح. عرف بأبي السوالم.
شيخ مبارك، روى عن: الموفق، والقزويني.
توفي في ذي الحجة.
222 - أبو بكر بن يوسف بن صدقة.
يعرف بالعفيف الأريسي.
ولد سنة سبع وستمائة، وكتب في الإجازات.
مات في رجب.
223 - أبو الفتح بن إسحاق بن نصر الله بن هبة الله بن سني الدولة.
العدل الجليل فخر الدين.
توفي بدمشق في صفر. وله تعليق في التاريخ.
224 - أبو القاسم بن أحمد.
المراغي، الصعيدي، الزاهد.

174
من المشايخ المشهورين بمصر.
توفي في ذي الحجة. كانت جنازته مشهودة.
روى شيئا من كلام شيخه ابن الصباغ، عنه.
225 - والدة السلطان الملك السعيد بنت مقدم الخوارزمية بركة
خان.
توفيت بالقاهرة في وسط السنة، واسمها التطمش.
* *
وفيها ولد:
رفيقنا الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، في أول صفر،
والشيخ سراج الدين عمر بن علي القزويني، محدث بغداد،
والقاضي جمال الدين أحمد بن إبراهيم العثماني، المنفلوطي،
وجمال الدين سليمان بن محمد ابن خطيب دمشق عبد الكافي الربعي،
وعلي بن عبد الحميد المنبجي، المؤذن، ابن أخت العطار.

175
سنة أربع وثمانين
- حرف الألف -
226 - أحمد بن إدريس.
المالكي، العالم الشهير، الأصولي، الشيخ الإمام، شهاب الدين
القرافي، الصنهاجي الأصل. أصله من قرية بكورة بوش من صعيد مصر
الأسفل تعرف بفهفشيم. ونسب إلى القرافة ولم يسكنها، وإنما سئل عنه
عند تفرقة الجامكية بمدرسة الصاحب ابن شكر فقيل: هو بالقرافة. فقال
بعضهم: اكتبوه القرافي. فلزمته هذه النسبة.
وكان إماما في أصول الدين وأصول الفقه، عالما بمذهب مالك
وبالتفسير، وعلوم أخر. ودرس بالصاحبية بعد وفاة شرف الدين السبكي،
ثم أخذت منه، فوليها قاضي القضاة نفيس الدين، ثم أعيدت إليه، ومات
وهو مدرسها.
ودرس بمدرسة طيبرس وبجامع مصر. وصنف في أصول الفقه الكتب
المفيدة الكثيرة، واستفاد منه الفقهاء. وعلق عنه قاضي القضاة تقي الدين ابن
بنت الأعز تعليقة على ' المنتخب '، و ' شرح المحصول ' الشرح المشهور. وله

176
' التنقيح ' و ' شرحه ' في الأصول، وله ' القواعد والذحيرة ' في مذهب مالك.
كان حسن الشكل والسمت. توفي بدير الطين ظاهر مصر، ودفن
بالقرافة. وكانت وفاته بعد وفاة صدر الدين ابن بنت الأعز، ونفيس الدين
المالكي، وقبل وفاة ناصر الدين ابن المنير، وذلك في آخر يوم من جمادى
الآخرة سنة أربع وثمانين. ترجمه القاضي علم الدين الإخنائي، من خطه نقلت.
227 - أحمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن [سالم بن] باقا.
القيسي، التاجر، نجم الدين، أبو العباس.
روى عن أبيه.
ومات في المحرم.
228 - - أحمد بن عثمان بن محمد بن الهادي.
شهاب الدين القيسي. دمشقي جليل.
روى عن: ابن اللتي، والسخاوي.
كتب عنه الطلبة.
ومات في ذي الحجة.
* - أحمد بن محمد الواعظ.
هو زين الدين كتاكت، يأتي في الكاف.
229 - أحمد بن هاشم.
جمال الدين التفليسي.

177
توفي في شعبان.
230 - إبراهيم بن إسحاق بن المظفر.
الشيخ برهان الدين، أبو إسحاق، المصري، الوزيري، المقرئ. من
حارة الوزيرية بالقاهرة. ولد سنة تسع عشرة وستمائة وحفظ ' العنوان '، وقرأ
بها، أعني القراءات، على التقي عبد القوي بن المغربل صاحب أبي الجود
سنة أربعين وقرأ بعدة كتب على الكمال الضرير. وراح إلى الصعيد فقرأ
على: محمد بن محمد بن الفصال، وقرأ بدمشق على علم الدين القاسم،
وعلى الكمال بن فارس.
وعني بالقراءآت وأقرأ بها. وسمع الحديث، وأسمع ابنه إسحاق.
231 - - [إبراهيم بن علي بن شاور.
زين الدين القرشي، الطوخي، المصري، المقرئ، المجود.
ولد سنة اثنتين وستمائة، وقرأ القراءات، توفي في شوال].
232 - إسماعيل بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي
عمر.
المقدسي، نجم الدين.
سمع من: الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر.
توفي في شوال بجماعيل.

178
* [أيدكين: هو علاء الدين البندقدار؛ يأتي في العين].
233 - أيوب بن أبي الزهر بن معالي.
مجد الدين الأنصاري، ابن الخيسي.
رئيس جليل، سمع الكثير، وسمع أولاده. وهو خال تقي الدين
محمد بن الفاضلي.
سمع من: علم الدين السخاوي، واليلداني، وجماعة.
روى عنه: البرزالي فيما أظن، وابن الخباز.
وتوفي في ربيع الآخر، وله ستون سنة.
- حرف الباء -
234 - البرهان النسفي.
هو أبو الفضائل، محمد بن محمد بن محمد الحنفي، العلامة، صاحب
التصانيف الكلامية والخلافية، وله مقدمة مشهورة في الخلاف.
شاخ وعمر: وأقرأ الطلبة، وسار ذكره.
مولده سنة ستمائة. وأجاز العلم الدين البرزالي في هذه السنة في شعبان
من بغداد. ولم تطل أيامه بعد ذلك بل بقي إلى سنة سبع وثمانين وستمائة،
وسيعاد.

179
- حرف الحاء -
235 - حازم بن القاضي محمد بن حسن بن محمد بن خلف [بن
حازم].
شيخ البلاغة والأدب، هني الدين، أبو الحسن الأنصاري، المغربي.
توفي سنة أربع، وله ست وسبعون سنة.
أرخه المطري. من أهل قرطاجنة بالأندلس.
236 - حسن بن سونج.
المحدث، أخو الشيخ إسماعيل بن سونج، وأخو صاحبنا الشيخ
حسين. وأبوهم هو الحكيم مجد الدين إبراهيم بن أحمد بن سونج الطبيب.
قرأ وكتب، وحصل الأجزاء، وأكثر عن أصحاب ابن طبرزد، وطبقتهم.
ومات شابا. وكان يلقب بالعماد.
توفي في شعبان. وكان فقيها بالشبلية، من فضلائهم.
237 - الحسن بن محمد بن علي.
نجم الدين الأنصاري، الدمشقي، الكاتب.

180
خدم الأمير عز الدين أيبك المعظمي، ثم الطواشي رشيد. ثم ولي نظر
بعلبك بعد الكمال إبراهيم بن شيث مدة. ثم عزل ولزم منزله بدمشق بدرب
الفراش. وخرج مع الجيش لحصار المرقب فتوفي بنواحي حمص. وكان من
قدماء رماة البندق. وقد جاوز السبعين.
238 - الحسن بن مسعود بن محمد.
خطيب جامع بلهيقا.
قرأت بخط الفرضي: مولده في سنة خمس عشرة وستمائة.
ومات في سابع عشر ربيع الأول.
239 - الحسن الرومي.
شيخ الشيوخ بالقاهرة.
توفي في أواخر العام. وصلي عليه صلاة الغائب بدمشق.
وولي المشيخة بعده الأيكي.
240 - الحسين بن علي بن أبي بكر بن يونس.
أبو عبد الله ابن الخلال أخو شيخنا بدر الدين حسن.
روى عن: ابن اللتي، وابن المقير، وكريمة، وجعفر.
وتوفي بقوص كهلا.
241 - الحسين بن همام.
العدل الأجل، أبو عبد الله بن البياع القرشي.

181
توفي بمصر في صفر، وولد بدلاص سنة إحدى وستمائة.
حدث عن ابن باقا.
وتوفي أخوه سنة خمس وتسعين.
- حرف الخاء -
242 خليل بن يوسف بن خليل.
العدوي.
روى عن: أبي الحسن بن الجميزي، والحافظ النشتيري.
ولد بإربل سنة سبع وستمائة.
وكان يعرف بابن الفحام. وكان له أصحاب وفقراء بدمشق.
توفي في صفر.
سمع منه: البرزالي، والطلبة رحمه الله تعالى.
- حرف الدال -
243 - داود بن يحيى بن كامل.
القاضي عماد الدين القرشي، الحنفي، البصروي. والد العلامة نجم
الدين القحفازي.
ولي تدريس العزية بالكشك، وناب في القضاء.
وروى الحديث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل.
وعن: أبي إسحاق الصريفيني، وعبد الرحمن بن النصولي.

182
وناب عن القاضي مجد الدين ابن العديم.
وكان إماما، محققا، صالحا، ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
ومات في نصف شعبان.
وكان عماد الدين من بقايا أصحاب ابن الحصيري شيخ الحنفية.
- حرف الراء -
244 - رمضان بن وفاء.
الخطيب، أبو الوفاء الهمداني.
كتب عنه ابن الفوطي في الإجازات، وأرخ موته في ربيع الآخر.
- حرف السين -
245 - ست العرب بنت يحيى بن قايماز.
أم الخير الدمشقية.
سمعت من مولاهم التاج الكندي. وحضرت على ابن طبرزد.
وسمع منها الكبار، وأجازت لنا مروياتها. ولها إجازة من المؤيد
الطوسي، وجماعة.
روى عنها: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة.
سألت المزي عنها فقال: شيخة جليلة، كثيرة السماع، سمعت من ابن
طبرزد ' الغيلانيات '، وغيرها. وحدثت سنين كثيرة.
قلت: ولدت في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين، وتوفيت في التاسع
والعشرين من المحرم.

183
246 - - سعيد بن علي بن سعيد.
العلامة، رشيد الدين، أبو محمد البصراوي، الحنفي، مدرس
الشبلية.
كان إماما، مفتيا، مدرسا، بصيرا بالمذهب، جيد العربية، متين
الديانة، شديد الورع. عرض عليه القضاء أو ذكر له فامتنع.
قال شمس الدين ابن أبي الفتح: سمعت غير واحد يقول: لم يخلف
الرشيد سعيد بعده في المذهب مثله.
وكان خبيرا بالنحو، وكانت له يد طولى في النظم والنثر، ومن شعره:
* استجر دمعك ما استطعت معينا
* فعساه يمحو ما جنيت سنينا
*
* أنسيت أيام البطالة والهوى
* أيام كنت لذي الضلال قرينا
*
توفي الرشيد سعيد في شعبان في آخر الكهولة.
كتب عنه ابن الخباز، وابن البرزالي.

184
- حرف الصاد -
247 - الصائن.
أبو عبد الله البصري، المقرئ، الضرير، نزيل الروم ومقرئها.
قرأ القراءات وجودها، وبرع في معرفتها. وقدم دمشق فقرأ السبعة على
المنتخب الهمداني.
وكان عارفا بمذهب الشافعي. أضر في أثناء عمره، ودخل الروم وقد شاخ،
فقرأ عليه طائفة منهم الشيخ وحيد الدين المقرئ إمام الكلاسة، ورأيته يصفه
ويثني على علمه ودينه، وقال: إنه توفي في هذه السنة، وفيها قدمت الشام.
وقال: اسمه محمد.
- حرف الطاء -
248 - طي بن مصبح.
البعلبكي، الفقير، الصالح.
حدث عن البهاء عبد الرحمن.
أخذ عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وغيرهما.
ومات في ذي الحجة.
- حرف العين -
249 - عبد الله.
الملك المسعود، جلال الدين، ولد السلطان الملك الصالح إسماعيل
ابن الملك العادل.

185
كان من أجمل الناس صورة، وكان محتشما، نبيلا، حسن الأخلاق.
توفي كهلا بقرية بالمرج، ودفن بتربة الأمجد عباس في نصف جمادى
الآخرة.
250 - عبد الله بن الإمام ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم.
الحنبلي زين الدين، أبو بكر الدمشقي.
سمع أباه، وسمع بالموصل من: عبد المحسن بن عبد الله الطوسي.
وبدمشق من: أبي محمد بن البن، والقزويني.
وببغداد من: عبد السلام الداهري.
وطال عمره وعلا سنه، وعاش ثمانين سنة.
وأجازت له من إصفهان عفيفة الفارقانية، وجماعة.
وأجاز له من العراق أبو الفتح المندائي.
روى عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة.
ومات في شوال.
251 - عبد الله بن محمد بن محمد بن المجاهد.
القواس.
روى عن: الشيخ الموفق، والبهاء، وأبي القاسم بن صصرى، وجماعة.
وأخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة.
ومات في ذي القعدة. وهو أخو شيخنا أحمد بن المجاهد، وهو لقب
لأبيهما.
روى عن: يحيى الثقفي.

186
252 - عبد الحميد بن أحمد.
المنجبي، القاضي، مجد الدين الملوحي قاضي بيسان، وزوج أخت
الشيخ علي ابن العطار.
توفي بعجلون.
253 - عبد الحميد بن فخار بن معد.
الشيخ جلال الدين، أبو القاسم الموسوي، الحسيني، الأديب،
الشاعر.
سمع من: عبد العزيز بن الأخضر وغيره.
مات في تاسع شوال ببغداد.
وقال ابن الفوطي: مات في سابع عشرة. وسمعت منه.
254 - عبد الرحمن بن عباس بن محمد بن عنان.
الشيخ الصالح، أبو الفرج الخباز، زوج جدتي.
كان رجلا صالحا، خيرا، تاليا لكتاب الله. له بيت وفرن بحكر العنابة،
وكنت أفرح بالمبيت عنده للفرجة على العسكر وغير ذلك.
روى عن: ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، والضياء المقدسي.
قال ابن أبي الفتح: هو ابن عم والدتي. وذكر أنه سمع منه
' الثلاثيات '.
قلت: سمع منه البرزالي، وغيره.
وتوفي بقرية السموقة من الغوطة في نصف رجب. وكان من أبناء
السبعين وبقي في صحبة أم أبي ثلاثين سنة، ثم توفيت بعد وفاة جدي لأمي،
فتزوج بجدتي لأمي عبد الحميد.

187
255 - عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم.
نور الدين البصري، العبدلياني. منسوب إلى قرية عبدليان.
درس للحنابلة بالبشيرية، ثم درس بالمستنصرية بعد ابن عكبر.
وله تصانيف منها: كتاب ' جامع العلوم في التفسير '، وكتاب ' الحاوي '
في الفقه، و ' الكافي في شرح الخرقي '، و ' الشافي في المذهب '. وله
طريقة في الخلاف.
عاش ستين سنة. وكان يلقب بملك العرب.
مات ليلة عيد الفطر.
256 - - عبد الرحمن بن الشيخ أبي القاسم.
الحواري.
توفي في شوال، وكان رجلا صالحا خلف أباه في المشيخة.
257 - - عبد المنعم بن محمد بن أبي جعفر بن غرندة.
أبو الفرج البغدادي، الحلبي، والحلبة من قرى بغداد.
كان ثقة، جليلا، حنبلي المذهب.
ولد في سنة تسع وستمائة وسمع: أحمد بن صرما، وعلي بن إدريس
الزاهد.

188
روى عنه أبو العلاء الفرضي، وقال: توفي في ربيع الأول.
سمع ' الجزء القادري ' من ابن إدريس. وأجاز لحفيد الكازروني،
وللبرزالي.
258 - عبيد الله بن محمد بن الشريف أحمد بن عبيد الله بن
أحمد بن محمد بن قدامة.
الشمس المقدسي، الحنبلي.
ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة.
سمع من: كريمة، والضياء.
وأحضر على جعفر. وتفقه ودرس وأعاد، وقرأ بنفسه الكثير، وسمع
أولاده. وكان كيسا، فاضلا، محببا إلى الناس، ذا ثروة ودين وتودد.
وكان الشيخ شمس الدين يحبه ويفضله على سائر أهله.
توفي بجماعيل في الثاني والعشرين من شعبان.
وقد سمع منه البرزالي، وغيره. وصنف في الأحكام، وغير ذلك.
259 - عثمان بن أبي محمد بن خولان.
أبو عمرو البعلبكي، التاجر.
كان ثقة، صالحا. روى عن: البهاء عبد الرحمن.
وتوفي في صفر.

189
سمع منه: ابن أبي الفتح، وابن البرزالي، وجماعة.
260 - علي بن بلبان.
المحدث، علاء الدين، أبو القاسم المقدسي، الناصري الكركي، المشرف.
ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.
وسمع ببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وابن السباك، وعبد
اللطيف بن القبيطي، وطبقتهم.
وبدمشق من: جعفر الهمداني، وكريمة، وهذه الطبقة.
وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السلفي.
وعني بالحديث، وسمع الكثير، وحصل الأجزاء، وانتخب وخرج لنفسه
وللناس، وروى الكثير من مسموعاته. وكان منقطعا إلى هذا الفن مغرى به،
ولم يكن مبرزا فيه ولا متقنا له. وله غلطات وأوهام.
خرج للشيخ شمس الدين شيخه وللتاج بن الحبوبي مشيخة كبيرة،
وللفخر ابن البخاري مشيخة، ولنفسه ' الموافقات '.
وكان جنديا ثم تركها، ورتب مشرفا للجامع الأموي. وكان يحضر
مدارس الحنفية ويؤم بمسجد الماسكي.
سمع منه: شيخنا ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وأبو القاسم بن
حبيب، وشهاب الدين ابن المجد الشافعي، وأبو عبد الله بن الصوفي، وخلق
كثير.

190
وله شعر حسن ومدائح، وكان خيرا، متواضعا، متوددا، يستعين بالطلبة
على ما يخرجه.
توفي ليلة أول رمضان، ودفن بمقبرة باب الصغير.
وقد أجاز لي مروياته.
261 - علي بن عبد العزيز بن علي بن جابر.
الفقيه، الأديب، البارع، تقي الدين، المقرئ البغدادي، المعروف بابن
المغربي صاحب تلك القصيدة السائرة التي أولها:
* يا دبدبة تدبدبي
* أنا علي بن المغربي
*
مات ببغداد فيما أرخه ابن الفوطي في ربيع الآخر، قال: وقد اعتنى
الفقيه قوام الدين الحنفي بجميع ديوانه.
262 - علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن.
علاء الدين، أبو الحسن البكري، المراكشي، الكاتب.
ولد سنة ست عشرة وستمائة.
وسمع: أبا صادق بن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن أخي أبي
البيان، والحسين بن إبراهيم بن مسلمة.
وروى ' صحيح البخاري '. وكان ذا رواء ووقار وخبرة بأمور الديوان
والحساب بحيث يرجع إلى قوله في ذلك.

191
ولي نظر المارستان النوري مدة بلا جامكية، كان غنيا. ثم ولي نظر
الدواوين.
وكان ترك ذلك أولى به لأنه كان متواضعا صالحا، له ورد، بين
العشاءين، وكان يركب الحمار ويأتي الديوان.
سمع منه غير واحد. وأجاز لي أحاديثه، ومات في جمادى الأولى.
263 - علي بن محمد بن ميكائيل.
نفيس الدين، وكيل الصاحب شمس الدين الجويني.
صحب السهروردي، سمع منه كتاب ' العوارف '
كتب عنه ابن الفوطي بمراغة وقال: مات بالموصل في المحرم.
264 - علاء الدين البندقدار.
الأمير الذي ينسب إليه السلطان ركن الدين بيبرس البندقداري.
كان من كبار الأمراء الصالحية. وكان عاقلا، ساكنا.
توفي في جمادى الأولى بالقاهرة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب.
كان ممولكا لجمال الدين بن يغمور، ثم صار للسلطان نجم الدين
أيوب فجعله بندقداره.
وعنه انتقل [إلى الملك الصالح لما] حبسه واحتاط على موجوده.

192
ولما آل الملك إلى الظاهر كان يحترمه ويرى له حق التربية. وكان هو
يبالغ في النصح والخدمة للظاهر ويفرح به وهو الذي انتزع الشام للظاهر من
الحلبي.
قال ابن اليونيني: ورافقته من مصر إلى دمشق، فرأيت من مكارمه
وحسن تربيته ما لا مزيد عليه.
توفي بالقاهرة وقد ناهز السبعين.
_ حرف الكاف -
265 - كافور الطواشي.
الأمير شبل الدولة، أبو المسك الصوابي، الصالحي، النجمي،
الصفوي، خزندار خزانة الشام.
ولد سنة بضع وستمائة ظنا.
وسمع من: السخاوي، وابن قميرة؛ وبمصر من: عبد الوهاب بن
رواج، وغير واحد.
وكان دينا، عاقلا، خيرا، يحب العلم وأهله، ويعجبه السماع والرواية.
كتب عنه جماعة من الطلبة. وثنا عنه أبو الحسن بن العطار.
توفي ليلة أول رمضان كابن بلبان بقلعة الجبل، وقد نيف على الثمانين.

193
266 - كتاكت.
الواعظ، زين الدين أحمد بن محمد الأندلسي، الإشبيلي الأصل،
المصري.
ولد بتنيس سنة خمس وستمائة. وكان رأسا في الوعظ، حفظة
للأخبار، وله نظم جيد. وعلى وعظه روح.
توفي، رحمه الله، بالقاهرة، في ثالث عشر ربيع الأول.
- حرف الميم -
267 - محمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن شداد.
الرئيس، المنشيء، عز الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الحلبي،
الكاتب.
ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بحلب. وكان أديبا فاضلا، حسن
المحاضرة.
صنف ' تاريخا ' لحلب، و ' سيرة الملك الظاهر '. وكان من خواص
السلطان الملك الناصر يوسف. ذهب في الرسلية عنه إلى هولاكو وإلى غيره،
ثم سكن الديار المصرية بعد أخذ حلب.
وكان ذا مكانة وحرمة عند الملك الظاهر وولده والملك المنصور. وله

194
توصل ومداخلة، وفيه تودد ومروءة ومسارعة لقضاء حوائج الناس. وقد روى
شيئا. وسمع منه المصريون.
توفي في سابع عشر صفر. ودفن بسفح المقطم. وكان معلومه في
الشهر ألف درهم. وله حرمة تامة ورأي. وقد عرضت عليه الوزارة زمن
السعيد فامتنع.
268 - محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن.
أبو بكر بن الحافظ أبي الطاهر بن الأنماطي، المصري، ثم الدمشقي.
نزيل القاهرة.
سألت المزي عنه فقال: شيخ حسن من أولاد المحدثين. سمعه أبوه
الكثير من: أبي اليمن الكندي، وأبي عبد الله بن البنا، وأبي البركات بن
ملاعب، وأبي القاسم بن الحرستاني في آخرين.
وأجاز له عبد العزيز بن الأخضر، والمؤيد الطوسي، وخلق يطول
ذكرهم.
وحدث بكثير من مروياته. وكان سهلا في الرواية، سمعنا منه كثيرا في
القاهرة سنة ثلاث وثمانين.
وكان قد لفق له أبوه سماع جميع ' تاريخ ' ابن عساكر، وهممت بقراءته
عليه وكلمته في ذلك ففرح وأجاب، ثم تركته لطوله.
قلت: وقد سمع منه عامة الطلبة بمصر، وانفردوا بأشياء كثيرة لم
يحدث بها لكون الأصول بدمشق.
وتوفي في أول ذي الحجة بالقاهرة. وولد سنة تسع وستمائة.

195
وقد حدث بدمشق سنة ثمان وستين، وسمع منه بقراءة ابن نفيس شيخنا
ابن تيمية، وأخواه عبد الرحمن وعبد الله خضر، وشهاب الدين بن المجد
عبد الله، ومحمد وإبراهيم ابنا الوجيه بن منجا، وآخرون.
269 - محمد بن إياز.
الأمير الكبير، ناصر الدين ابن الأمير افتخار الدين الحراني، الحنبلي.
ولي ولاية دمشق بعد موت الافتخار والده، وأضيف إليه شد الأوقاف
والنظر فيها استقلالا. وكان نائب السلطنة لا يخالفه ولا يخرج عن رأيه. وله
المكانة العالية عند الملك الظاهر، وكلمته مسموعة في سائر الدولة.
وكان ذا عقل ورأي وذكاء، وخبرة بالأمور. وكان مليح الخط، جيد
الفضيلة، كثير المكارم والفتوة.
وقال الشيخ قطب الدين: كان يكتب خطا منسوبا، رأيته يكتب وهو
ينظر إلى جهة أخرى.
قال: وكان كثير المكارم والستر وقضاء حوائج الناس، يصلح لكل
شيء. سمعت بعض الأمراء يقول: والله يصلح لوزارة بغداد في زمن
الخلفاء، ولا يقوم غيره مقامه.
ثم استعفى من ولاية البلد فأجيب. ثم ولاه السلطان الملك المنصور
نيابة حمص فتوجه على كره فلم تطل مدته به. وتوفي ليلة نصف شعبان بها،
فنقل إلى دمشق ودفن بتربة الشيخ أبي عمر ولم يبلغ الستين.
وقد سمع الحديث الكثير، وما أظنه حدث.

196
270 - محمد بن حاتم بن هبة الله بن خلف.
شرف الدين الدلاصي، الأنصاري.
حدث عن عبد العزيز بن باقا.
ومات في شوال بمصر.
271 - محمد بن الحسن بن إسماعيل بن محمد.
الشيخ شرف الدين الإخميمي، الزاهد.
روى ' جزء ابن نجيد '، عن ابن طلحة النصيبي. سمعه معه الشيخ تقي
الدين ابن تيمية، والبرزالي.
وكان كثير التعبد والاجتهاد، وللناس فيه حسن اعتقاد. وبعض الناس
كان ينسبه إلى التصنع. وكان يفتح عليه بأشياء من الأمراء والكبار، فإذا قوبل
بقدر يسير لا يقبله.
وفي الجملة كان جليل القدر، مهيبا، حسن السمت، حلو الكلام. وهو
الذي ذكره كمال الدين محمد بن طلحة في تصنيفه في علم الحروف. فذكر
أن الشيخ محمدا رأى عليا رضي الله عنه، فأراه دائرة الحروف.

197
وبمثل هذا تكلم به بعض الأئمة، فإن الدخول في علم الحروف ينافي
طريق السلف، وهو في شق، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في شق. وهو مما حرمه
الله تعالى بقوله: * (أن تقولوا على الله ما لا تعلمون) *. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
' إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث '. قلت: وعلم الحروف يشبه
الكهانة والنجوم، لا بل هو شر منه. فنسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا.
* *
توفي الشيخ محمد الإخميمي بزاويته بقاسيون، وغسله الشيخ فخر الدين
ابن عز القضاة، والشيخ برهان الدين الإسكندراني، والشيخ شرف الدين
الفزاري، وازدحم الناس على نعشه. وكان على جنازته سكون وهيبة، وذلك
في جمادى الأولى.
تعلل مدة، وقد زاره الصاحب تاج الدين بن حنا، فدفع إليه أربعة آلاف
دينار.
وكان أسمر، طويلا، نحيفا، مهيبا، اشتكى من وجع ظهره زمانا وما
تداوى وكان صديقا للشيخ يوسف البقاعي مدة، ثم وقع بينهما فتهاجرا.
272 محمد بن ربيعة بن حاتم بن سنان.
أبو عبد الله الحبلي، المصري ابن الخرقي. والده الكتبي، المقرئ.
راوي ' السيرة ' عن عبد القوي بن الجباب.
كان موجودا في هذه السنة. قرأ عليه شيخنا المزي ' السيرة '، وذكره
البرزالي في ' شيوخه ' بالإجازة.

198
والحيلي مستفاد مع الحبلي، والختلي، والجبلي، والجيلي. وحبلة:
مكان باليمن منه صاحبنا علي بن منصور.
وسمع منه أيضا: ابن سامة، وأبو عبد الله بن نباتة. وسماعه للسيرة في
سنة ثمان وستمائة. ومولده في رمضان سنة سبع وتسعين.
273 - محمد بن طرس.
أبو عبد الله الشنقري، البغدادي، الصوفي.
روى عن: ابن روزبة، وابن اللتي.
ومات في جمادى الآخرة، رحمه الله.
274 - محمد بن عامر بن أبي بكر.
أبو عبد الله الغسولي، الصالحي، المقرئ.
شيخ صالح، متواضع، متعفف، خير.
روى عن: ابن ملاعب، والشيخ الموفق، وابن راجح، وغيرهم.
روى عنه: ابن الخباز، وسائر الطلبة.
وتوفي في جمادى الآخرة وقد قارب الثمانين. وهو صاحب الميعاد
المشهور عشية السبوت. وكان يعظ عقيب الختم ثم يدعو.
قال الشيخ تاج الدين في ' تاريخه ': كان يجمع الناس للختم كل
سبت.. وكان طويلا، حسن الشكل.
قال: ثم إنه ابتدع بدعة سيئة كرهته عليها. جعل يقرأ ختمة ويهديها
للنبي صلى الله عليه وسلم، وختمة يهديها لإبراهيم الخليل، والله يسامحه.

199
قلت: أصل المسألة فيه نزاع، وهو إهداء ثواب التلاوة.
275 - محمد بن عبد الله بن بركات بن إبراهيم.
الكمال بن الخشوعي، والد شيخنا علي.
حدث وكتب في الإجازات. ومات في شوال كهلا.
وحدث عن عمه إبراهيم.
276 - محمد بن عبد العزيز بن محمد بن الحسن.
ابن الدجاجية، العدل، نجم الدين الصالحي.
توفي ببستانه.
وقد سمع من: أبيه، وابن صباح، وأبي نصر بن الشيرازي.
أخذ عنه علم الدين البرزالي، وغيره.
ومات في جمادى الآخرة. شيعه قاضي القضاة، وخلف أملاكا.
277 - محمد بن عبد الغني بن ظافر.
جمال الدين بن الشيرجي، الإسكندراني، الشافعي، المؤدب.
عمر دهرا طويلا، فإنه ولد سنة تسعين وخمسمائة.
وسمع من ابن البنا ' جامع الترمذي '، ومن ابن المفضل.
أجاز للبرزالي، وقال: مات سنة أربع وثمانين تقريبا.
278 - محمد بن عثمان بن علي.
الرومي، الشيخ شرف الدين، ابن الشيخ القدوة الزاهد عثمان، صاحب
الزاوية التي بسفح قاسيون.

200
كان صالحا، زاهدا، فقيرا، واسع الصدر، كريما، جوادا، لطيفا،
متواضعا، كيسا، لا يدخر شيئا أصلا، بل ينفق ما يفتح عليه به. وكان لا
يكاد يتردد إلى أحد، ويعمل السماعات، ويصعد إليه الخلق الكثيرين الفقراء
والعوام فيرقص سائر السماع، ويخلع جميع ما عليه على المغاني، ويبقى في
اللباس فقط.
وقد حضر حصار المرقب، ثم عاد إلى دمشق، فتوفي عقيب قدومه
بأيام في العشرين من جمادى الأولى، وهو في عشر الثمانين.
279 - محمد بن علي بن إبراهيم بن شداد.
العلامة، المنشيء، عز الدين الحلبي، له فضل وجلالة.
صاحب ' سيرة الملك الظاهر '.
توفي بمصر في صفر، وهو من أبناء السبعين.
280 - محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف.

201
العلامة، رضي الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الشاطبي، اللغوي.
ولد ببلنسية سنة إحدى وستمائة.
وروى عن: أبي الحسن بن المقير، وبهاء الدين بن الجميزي.
وتوفي في يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة.
وكان رحمه الله عالي الإسناد في القرآن. فإنه قرأ لورش على الشيخ
المعمر محمد بن أحمد بن سعود الأزدي الشاطبي صاحب ابن هذيل سنة بضع
وعشرين وستمائة.
وسمع منه كتاب ' التلخيص ' لأبي عمرو الداني في قراءة ورش.
كان رضي الدين إمام عصره في اللغة، تصدر بالقاهرة وأخذ الناس
عنه: أبو حيان، وسعد الدين الحارثي، وأبو الحسين اليونيني، والمزي، وابن
منير الحلبي، وابن عمرو بن الظاهري، وآخرون.
ذكر لي ابن حرمي الفرضي، عن أبي حيان النحوي، عن الرضي
الشاطبي قال: أعرف اللغة على قسمين، قسم أعرف معناها وشاهدها، وقسم
أعرف كيف أنطق بها فقط.
وسمعت شيخنا أبا الحسين اليونيني ببعلبك يقول: سألت شيخنا العلامة
رضي الدين الشاطبي عما ذكره أبو عمر الزاهد في كتابه ' ياقوتة الصراط ' عند
قوله عز وجل: * (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) * قال: يعني الإخصاء. قلت
له: هل تعرف الإخصاء بمعنى الخصاء؟ قال: لا أعرف أحدا ذكره إلا أنني
أحفظ بيتين لأهل الأندلس، قال: وهم يسمون القط قطرسا. وأنشدني
البيتين، وهما:

202
* عجائب الدهر شتى لا يحاط بها
* منها سماع ومنها في القراطيس
*
* وإن أعجب ما جاء الزمان به
* فار بحمص لإخصاء القطاطيس
*
قلت: هذه حمص الأندلس. وهي بلد معروفة.
281 - محمد بن يحيى بن تمام.
الرئيس، شمس الدين، ابن عماد الدين بن الجميزي، الدمشقي،
العدل.
توفي بالمزة في جمادى الآخرة.
282 - محمد بن يعقوب بن علي.
المولى، مجير الدين بن تميم.
سكن حماة، وخدم الملك المنصور. وكان جنديا محتشما، شجاعا
مطبوعا كريم الأخلاق، بديع النظم.
توفي بحماة في هذا العام.

203
ومن شعره:
* كم فارس صاحبته يوم الوغى
* وتركته إذ خانه إقدامه
*
* حتى بلغت بحد سيفي موضعا
* في الحرب لم تبلغ إليه سهامه
*
وله:
* دعني أخاطر في الحروب بمهجتي
* إما أموت بها وإما أرزق
*
* فسواد عيشي لا أراه أبيضا
* إلا إذا احمر السنان الأزرق
*
وله:
* رعى الله وادي النيربين فإنني
* قضيت به يوما لذيذا من العمر
*
* درى أنني جئته متنزها
* فمد لأثوابي بساطا من الزهر
*
5 (وأقد مني الماء القراح فحيثما
* سنحت رأيت الماء في خدمتي يجري
*
وله:
* لم لا أهيم إلى الرياض وزهره
* وأقيم منه تحت ظل ضافي
*
* والغصن يلقاني بثغر باسم
* والماء يلقاني بقلب صافي
*
وله:
* العفو مستحسن من غير مقتدر
* فكيف من لم يزل يعفو إذا قدرا
*
* والعبد فهو فقير ما له أحد
* سواك فاصفح ولا تشمت بي الفقرا
*
وله:

204
* ولم أنس قول الورد والنار قد سطت
* عليه فأمسى دمعه يتحدر
*
* ترفق فما هذي دموعي الذي ترى
* ولكنها روحي تذوب فتفطر
*
وله:
* حاذر أصابع من ظلمت فإنها
* تدعو بقلب في الدجى مكسور
*
* فالورد ما ألقاه في نار الغضا
* إلا دعاء أصابع المنثور
*
وله:
* ما احمر وجه الورد إلا إذ غدا
* المنثور يلطم وجهه بكفوفه
*
وله:
* ومذ قلت للمنثور إني مفضل
* على حسنك الورد الذي جل عن شبه
*
* تلون من قولي وزاد اصفراره
* وفتح كفيه وأومى إلى وجهي
*
وله رحمه الله مرثية، بديعة أولها:
* فؤاد على فقد الحبيب له وقد
* وأجفان عين ما لها بالكرى عهد
*
* وجسم براه لاعج الحزن والجوى
* فما فيه إلا الروح والعظم والجلد
*
منها:
* فيا قبره ألا رفقت بجسمه
* فقد كان يدميه إذا مسه البرد
*
* وألا كشفت الترب عن حسن وجهه
* فقد كان وجها يخجل البدر إذ يبدو
*
وله:
* يا من تلون في الوداد ولم أزل
* أبدا بحسن وداده أتمسك
*
* الماء منه حياتنا وسرورنا
* وإذا تلون أو تغير يترك
*
وله:
* مبارز الدين يامن جود راحته
* وفضله في الورى يربي على السحب
*

205
* عندي طريفية شهباء تحسبها
* للحسن قد لبست ثوبا من الشهب
*
* لم ترض نعلا هلال الأفق من صلف
* ولا نجوم الثريا موضع اللبب
*
* كم مرة تركت ريح الشمال وقد
* جاءت تسابقها في غاية التعب
*
* كريمة تسند الأعراب نسبتها
* إلى جياد تميم سادة العرب
*
* رأت جوادك في الميدان معترضا
* يزهو على الخيل في التقريب والخبب
*
* جاءت خاطبة لما انثنى وله
* أصل يماثلها في عزة النسب
*
* وقد رأته لها كفوا ولو خطبت
* طرفا سواه رآها أشرف الرتب
*
* فاحذر تضن عليها فهي شاغرة
* وشغرها مؤلم في حالة الغضب
*. -
283 - محمد بن يوسف بن محمد بن عصمون.
تاج الدين المالقي.
ولد بمالقة سنة إحدى عشرة. وحدث عن سبط السلفي.
توفي في ذي القعدة بمصر.
284 - مصطفى بن أبي زرعة بن عبد الرزاق.
صفي الدين الجروي، الدلاصي، ثم المصري.
ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من: علي بن المفضل الحافظ، وابن
باقا، وغيرهما.
مات في شعبان.
285 - مظفر بن علي بن القاسم بن النشبي.
مات في سلخ رمضان.
روى عنه: البرزالي.
سمع من: فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر، وزين الأمناء، وابن
صصرى.

206
وأجاز له خلق.
وولد سنة عشر.
286 - معتوق بن علي بن عمر.
تقي الدين النصيبي، الفقيه.
ولد سنة ستمائة. وسمع من: السخاوي، وغيره.
لكنه لم يحدث.
ومات في ذي الحجة و كان أحد الشهود.
- حرف النون -
287 - نويصر بن عمر بن راهبة.
البعلبكي.
حدث عن البهاء عبد الرحمن.
كتب عنه: ابن أبي الفتح، وابن البرزالي، وجماعة.
- حرف الهاء -
288 - هدية بنت المحدث المفيد معين الدين إبراهيم بن عمر بن
عبد العزيز القرشي، الدمشقي.
توفيت في رمضان.
روت عن ابن صصرى حضورا، وعن ابن الزبيدي.
سمع منها: ابن حبيب، والبرزالي، والمزي.

207
- حرف الياء -
289 - يوسف بن إبراهيم بن يوسف.
أبو المظفر بن الزراد الدمشقي، سبط ابن الحنبلي.
روى ' أربعين ' السلفي.
كتب عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وجماعة.
ومات في ذي الحجة.
حدث عن عم أمه الناصح ابن الحنبلي، وأبي عبد الله بن الزبيدي.
*
وفيها ولد:
أمين الدين، محمد بن إبراهيم الواني، المحدث.
والمولى السلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك
المنصور. ولد في صفر فيما أظن، أو في ربيع الأول، مكن الله له في
الأرض وأحيا بطول بقائه السنن والفرض.
وصارم الدين إبراهيم بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي،
والأمين عبد الله بن عبد الله الرهاوي،
والشهاب أحمد بن البدر المراغي،
والقاسم بن أحمد بن شغير، والمتقي أحمد بن تبع،
وعمر بن الحسام الأديب،
وعماد الدين محمد بن الشرف أحمد بن الصاحب فخر الدين ابن
الشيرجي،
وتقي الدين عمر بن الوزير شمس الدين محمد بن علي بن أسعد
المنجا.

208
سنة خمس وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
@ 290 - أحمد بن الحسن.
الخطيب البارع، البليغ، شرف الدين، أبو الحسين، خطيب الرصافة،
الملقب بالأسد.
ولد سنة اثنتين وعشرين. وسمع من: عمر بن كرم.
وله خطب أنشأها، و ' المقامات ' الخمسين، وغير ذلك.
مات في ربيع الآخر. وكتب عنه ابن الفوطي، وغيره.
291 - أحمد بن شيبان بن تغلب بن حيدرة.
المعمر، المسند، بدر الدين، أبو العباس الشيباني، الصالحي، العطار،
ثم الخياط.
ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة.
وسمع من حنبل جميع ' المسند '، ومن عمر بن طبرزد فأكثر.

209
ومن أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم الحرستاني، وجماعة كثيرة.
وأجاز له أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن
سعيد، والمفتي خلف بن أحمد الفراء، وداود بن محمد بن ماشاذة، وزاهر بن
أبي طاهر، وعبد الرحيم بن محمد بن حمويه الراوي ' معجم الطبراني الكبير '
حضورا، عن أبي نهشل العنبري، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني،
وأبو زرعة عبيد الله بن اللفتواني، وعفيفة الفارقانية، وطائفة سواهم.
روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين الجيلي، وجماعة من
القدماء، وابن الخباز، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس،
وخلق كثير.
وحدث أكثر من أربعين سنة.
وكان شيخا حسنا، متواضعا، منقادا، صحيح السماع، مطبوعا. له
شعر.
ختموا عليه ' مسند الإمام أحمد ' بدمشق قبل موته بتسعة أيام،
وسمعه منه عدد كثير.
توفي في السادس والعشرين من صفر، وصلي عليه من الغد بعد
صلاة الجمعة بجبل قاسيون. وعاش تسعا وثمانين سنة.
292 - أحمد بن عامر بن أبي بكر.
نفيس الدين الغسولي، الصالحي.
حدث عن: أبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي،
وجماعة.
وعنه: ابن الخباز، والبرزالي، والطلبة.

210
توفي في شوال بالجبل.
@ 293 - أحمد بن عبد الله بن عبد الهادي.
أبو العباس المقدسي، نزيل القاهرة. وهو ابن عم شيخنا العز بن
العماد.
حدث عن: موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وآخرين.
روى عنه: المزي، وابن سامة، والمصريون.
ويعرف عندهم بالجمال المراوحي.
مات في ثاني عشر صفر. ودفن بالقرافة.
294 - أحمد بن نصر بن تروس.
أبو العباس الدمشقي.
سمع من: الفخر الإربلي، ومكرم بن أبي الصقر، وغيرهما.
سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن حبيب، والبرزالي، وآخرون.
مات في هذه السنة.
295 - أحمد بن محمد بن علي.
أبو العباس الكرمذاني، الطيبي، التاجر. الرجل الصالح.
سمع من: خليل الجوسقي، وابن يعيش.
مات في صفر، وقد قارب الستين.
296 - إبراهيم بن سالم بن ركاب.
الأنصاري، الخباز.

211
من أهل جبل الصالحية.
توفي في هذه السنة. وهو والد نجم الدين إسماعيل المحدث.
روى عنه ابنه شيئا.
297 - إسماعيل بن إسحاق بن أبي القاسم الحسين بن هبة الله بن
محفوظ.
أبو محمد، وأبو الفدا، ابن صصرى، التغلبي، الدمشقي.
روى عن: جده أبي القاسم، وأبي علي الأوقي الزاهد.
سألت المزي عنه فقال: سمعنا منه ' مشيخة الفسوي '، عن الأوقي،
وهو شيخ جليل كان يسكن بداخل باب توما.
توفي في رمضان.
298 - إسماعيل بن جمعة بن عبد الرزاق.
القاضي العالم، أبو إسحاق السامري، النحوي.
حدث عن أبي بكر بن الخازن. وله نظم جيد.
توفي في أحد الربيعين ببغداد.
كتب عنه: الفرضي، والقلانسي.
299 - إياس بن عبد الله.
الطيبي، الظاهري، البزاز، من موالي الخليفة، الظاهر بن الناصر.
روى عن: أبي الحسن القطيعي، وغيره.
كتب عنه الفرضي. وكان صاحب ليل وتهجد.
وهو من قطيعة مراغة. وكان اسمه عمر فأسر وله عشر سنين في سنة
ست عشرة في أيام خوارزمشاه.

212
300 - أيدكين.
الصالحي، النجمي، الأمير علاء الدين البندقدار.
تقدم سنة أربع.
- حرف الباء -
301 - بغدي بن علي بن مرزبان العراق قشتمر.
الناصري، الأمير فخر الدين البغدادي، من بقايا الأمراء الخليفتية.
قال ابن الفوطي: مات في رمضان ودفن عند جده بمشهد الحسين. لم
يقتل في واقعة بغداد وخلص بسبب رجل خوارزمي كان جد هذا قد أحسن
إليه، فجاء في جيش هولاكو هذا الخوارزمي، وسأل من بقي من أولاد قشتمر
وأجارهم.
ولفخر الدين هذا مصنف في ' البزدرة '.
- حرف الحاء -
302 - حسن بن عبد الله بن ويحان.
الراشدي، نسبة إلى بني راشد، قبيلة من البربر، لا إلى الراشدية التي
هي من قرى ديار مصر. التلمساني، المغربي، أبو علي.
شيخ صالح، زاهد، ورع، كبير القدر، صاحب صدق ومعاملة. وكان
إماما حاذقا بالقراءآت، بصيرا بالعربية. قدم القاهرة وقرأ بالروايات على
الكمال بن شجاع الضرير. وجلس للإقراء.

213
وعليه قرأ شيخنا مجد الدين التونسي، وشهاب الدين أحمد بن
محمد بن جبارة المقدسي. ورأيت كلا منهما يثني عليه ويبالغ في وصفه
بالعلم والعمل.
وكتب إلى أبو حيان يقول: كان الشيخ حسن رجلا ظاهره الصلاح
والديانة يحكي عنه من عاشره أنه كان لا يغتاب أحدا. وكان حافظا للقرآن
ذاكرا للقصيد، يشرحه لمن يقرأ عليه. ولم يكن عارفا بالأسانيد، ولا متقنا
لتجويد حروف القرآن، لأنه لم يقرأ على متقن. وكان مع ذلك بربريا، فبقي
في لسانه شيء من رطانة البربر.
وكان، رحمه الله، عنده نزر يسير جدا من علم العربية ' كمقدمة ابن
باب شاذ '، و ' ألفية ابن معط '، يحل ظاهر ذلك لمن يقرأ عليه، ولم كانت
شهرته بالقراءآت.
قلت: لم يتلمذ الشيخ حسن الراشدي لغير الجمال الضرير، ولا تلمذ
شيخنا مجد الدين لغير الشيخ حسن. وكل منهما قد اشتهر ذكره وبعد صيته،
ولا سيما شيخنا وما ذاك إلا بصدق النية وحسن القصد. وقد أخذ شيخنا عن
الشيخ حسن سنة بضع وسبعين وستمائة. وأخذ عنه ابن جبارة بعد ذلك بنحو
من سبع سنين، قال: وأنا آخر من قرأ عليه، وأنا غسلته وألحدته. وأما الشيخ
مجد الدين فقدم دمشق وأدرك بها الزواوي، وحضر مجلس إقرائه.
توفي الشيخ حسن في ثامن وعشرين صفر بالقاهرة، رحمه الله تعالى.
303 - الحسن بن علي بن أحمد بن القسطلاني.
الشيخ مجد الدين ابن الشيخ تاج الدين.
حدث عن: أبي الحسن بن المقير، وغيره.
ومات في خامس ربيع الأول بمصر.

214
304 - الحسين بن عبد الرحمن بن شاس.
قاضي القضاة على مذهب مالك بالديار المصرية، تقي الدين.
حدث عن: أبي الحسن بن الجميزي، وغيره.
وتوفي في مستهل ذي الحجة.
وكان فقيها، إماما، عارفا بالمذهب، جيد النقل، علامة، لكنه مذموم
الأحكام. وكان متسرعا، سمحا في التعديل.
- حرف الخاء -
305 - خديجة بنت الزين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة.
أم أحمد.
شيخة صالحة، عابدة، خيرة، سمعت من غير واحد.
وروت بالإجازة عن: أبي المجد زاهر الثقفي، وأسعد العجلي، وأبي
الفتح ابن المندائي، وعفيفة الفارقانية، وجماعة.
ولدت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ولم يظهر لها شيء عن ابن
طبرزد، ولا غيره من الكبار.
روى عنها: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون.
ذكر علم الدين أنها روت بالإجازة عن أبي جعفر الصيدلاني، وذلك
يمكن.

215
وكانت تلقن القرآن. وقد روت الحديث قديما، وهي أم شيختنا فاطمة
بنت حسين التي روت لنا عن ابن الزبيدي.
أجازت لنا خديجة مروياتها.
ومات في ربيع الآخر قبل أخيها عبد الدائم.
306 - الخضر بن المسند رشيد الدين أحمد بن المفرج بن مسلمة.
شرف الدين.
ولد سنة اثنتين وثلاثين.
وسمع من: أبيه، والعلم السخاوي، وعبد العزيز بن أبيه.
توفي يوم عيد الفطر.
307 - خليل بن أبي بكر بن محمد بن صديق.
الإمام، صفي الدين، أبو الصفا المراغي، المقرئ، الفقيه، الحنبلي.
قرأ القراءات بدمشق على تقي الدين بن باسويه بالعشر.
وسمع من: القاضي جمال الدين بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري،
والشمس أحمد بن العطار، وأبي البركات بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر،
وجماعة.

216
وتفقه على الشيخ الموفق، ودرس، وأقرأ القراءات والفقه. وكان عارفا
بالمذهب، والخلاف، والطب، وغير ذلك.
وكان كثير الفضائل، وافر الديانة، كثير الورع.
قرأ عليه القراءات: القاضي بدر الدين محمد بن الجوهري، والشيخ أبو
بكر الجعبري، وجماعة.
وطال عمره، وروى الكثير.
أخذ عنه: ابن الظاهري، وولده أبو عمرو، والدمياطي، والقاضي أبو
محمد الحارثي، وأبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد عبد الكريم الحلبي،
وأبو حيان النحوي، وخلق كثير.
وقد ناب في الحكم، وشكرت سيرته. وكان مشهورا بالزهد والدين.
توفي في سابع عشر ذي القعدة بالقاهرة.
وولد قبل الستمائة بمراغة، وعاش قريبا من تسعين سنة.
- حرف الذال -
308 - ذو الفقار بن محمد بن أشرف بن محمد.
أبو جعفر العلوي، الحلي الشافعي، مدرس المستنصرية.
ولد سنة ثلاث وعشرين وستمئة بخوي، وسمع ببغداد من:
السكاكري، وابن الخازن.
مات في شعبان، وأبوه مات سنة ثمانين ببغداد في شعبان، وله ثمانون
وثلاث سنين، فإن مولده في أول سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ولقبه السيد
عماد الدين.

217
- حرف الراء -
309 - رابعة بنت ولي العهد أبي العباس أحمد بن المستعصم بالله.
وتعرف بالسيدة النبوية، صاحبة الصاحب الجليل هارون بن الصاحب
شمس الدين محمد بن محمد الجويني، وأم أولاده المأمون عبد الله، والأمين
أحمد، وزبيدة.
ماتت ببغداد ودفنت عند أمها في جمادى الآخرة.
وفي هذه الأيام قتل زوجها هارون، فلم يعلم أحدهما بموت الآخر.
وكان صداقها عليه مائة ألف دينار، وهذا ما سمع إلا لملك.
- حرف الزاي -
310 - الزين الوراق.
قرابة مجير الدين بن تميم، صديق والدي. من أبناء الستين.
كان عنده حمار هوالقيم يساوي سبعمائة درهم. وكنت أشتري منه
الكاغد.
أرخه تاج الدين.
- حرف السين -
311 - سعيد بن العلامة رشيد الدين عمر بن إسماعيل.
الفارقي، الأديب، سعد الدين، الدمشقي.

218
شاب، فاضل، ذكي، شاعر، فصيح، اشتغل مدة على والده، وقال
الشعر المليح.
توفي في المحرم.
- حرف الشين -
312 - شامية.
أمة الحق، بنت المحدث أبي علي الحسن بن محمد بن أبي الفرج
البكري.
شيخة، مسندة، معمرة، منفردة.
روت عن: جدها، وجد أبيها، وحنبل بن عبد الله، وعمر بن طبرزد،
وعبد الجليل بن مندويه، وجماعة.
وتفردت بأجزاء عالية.
روى عنها: الدمياطي، وسعد الدين الحارثي، وأبو عبد الله بن الزراد،
وأبو الحجاج الكلبي، وأبو محمد البرزالي، وخلق.
وحدثت بدمشق، ومصر، وشيزر. وكان مولدها بمصر سنة ثمان
وتسعين وخمسمائة.
وتوفيت بشيزر في أواخر رمضان عند أقاربها.
ولها إجازة من أسعد بن روح، وعفيفة الفارقانية.
313 - الحاج شرف بن مري.

219
والد النواوي.
توفي بنوى في رجب، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب.
- حرف الطاء -
314 - طاهر بن عمر بن طاهر بن مفرج.
لمدلجي، المصري، الزاهد، نزيل دمشق.
قرأ قطعة من الفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وصحب
بدمشق الشيخ يوسف الفقاعي، وكان من أخص الأصحاب به. وانقطع في
رباط ابن يغمور بالصالحية. وكان صالحا زاهدا، قانعا باليسير.
سمع منه البرزالي، وغيره عن ابن خليل.
وكان به سعال مزمن، فبقي سنين يأخذ في كوز ماء شعير مدبر من
بكرة، ويودعه إلى العشاء، ثم يثرد فيه كسرة ويفطر عليه.
وقال النجم أبو بكر بن شرف: دخلت مع الشيخ يوسف إلى بيت طاهر
بالرباط فرأينا بيتا لم يكنس قط، وتحته حصير رثة سوداء، فقال الشيخ
يوسف: ما أغشك يا طاهر. ثم خرج طاهر للوضوء، فقال لي الشيخ
يوسف: طاهر يموت طيب. وقال: طاهر طاهر.
وقال الشيخ قطب الدين: تزوج طاهر امرأة جميلة جدا وطلقها على
كره لعجزه عنها ولم يقربها.
وذكر النجم بن شرف قال: مررت على باب الخواصين يوم الأحد وقت

220
وقعة حمص سنة ثمانين، فمر بي الشيخ طاهر، وحدثني ما لم أفهمه لاشتغال
قلبي: فقال: كأنك ما فهمت؟ قلت: لا والله. قال: اسمع ما أقول واعتمد
عليه، يوم الأحد اليوم؟ قلت: نعم. قال: يوم الجمعة يكون في هذا البلد
بشارة بكسر التتر، وشموع توقد بالنهار وسماعات، وما نقدر تلك الليلة على
المغاني. فكان كما قال. ثم بات عندي بعد ذلك وانشرح، فسألته عما
أخبرني به هل رآه يقظة أو مناما، فقال: لا في اليقظة. ولا في المنام بل في
حالة بينهما تسمى الواقعة تكون للفقراء. فسألته عن حقيقتها فنفر وغضب.
توفي خامس شوال.
قلت: كان في الشامية ودار الحديث، ومهما صح له وأسى به أولاد
شيخه ويقنع باليسير.
- حرف العين -
315 - عائشة بنت سالم بن نبهان.
أم أحمد الحسنية، الخوارزمية، زوجة المحدث تقي الدين ابن
مزهر وأم أولاده.
سمعها من ابن رواحة.
أخذ عنها: ابن سامة، وغيره.
توفيت سنة خمس ظنا [عن سبعين سنة] أو نحوها.
316 - عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن فارس.

221
أبو بكر التميمي، الإسكندراني، سراج الدين أبو الوزير الصاحب
نجيب الدين، وأخو المقرئ كمال الدين ابن فارس
سمع بدمشق من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وأبي البركات بن
ملاعب، وجماعة.
أخذ عنه: أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج الهندي، وجماعة.
وكان شيخا جليلا، عالي الإسناد، مشهورا.
توفي بالإسكندرية في أول ربيع الأول وله بضع وثمانون سنة فيما
أحسب. ومولده سنة إحدى وستمائة.
317 - عبد الله بن حجي.
عز الدين الشافعي.
كان معيدا بالأمينية ويعرف بالعز.. أعاد بالصالحية بمصر عند ابن
عبد السلام.
وكان من كبار فقهاء الأكراد. له شكل وصوت جهوري.
318 - عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة.
الزاهد تاج الدين، أبو محمد المقدسي، عبد صالح، زاهد، متعبد،
مقبل على شأنه، حافظ لوقته.
سمع من موسى بن عبد القادر حضورا، ومن: الشيخ الموفق،
والقزويني، والبهاء، وجماعة.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة.
عبر إلى رضوان الله ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وقد نيف على
السبعين.

222
319 - عبد الدائم بن إسحاق بن مسعود.
العدل، جمال الدين الشيباني، الدمشقي.
روى عن كريمة.
توفي في رمضان كهلا.
320 - عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الفرج.
القطيعي، الحنبلي، الدقاق، أبو الفرج، المعروف بابن القصار.
حدث عن: ابن روزبة، ونصر بن عبد الرزاق.
مات في شعبان.
321 - عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي المجد.
نجم الدين القطيعي التاجر، ويعرف بابن ثقات الحب.
أضر ولزم بيته. وسمع من: محمد بن محمد بن السباك.
ومات في رمضان عن بضع وسبعين سنة.
322 - عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس.
الشيخ الصالح، أبو محمد ابن الزجاج، عفيف الدين العلثي، ثم
البغدادي الحنبلي، السني، الأثري.
ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.
وسمع من أبي العباس أحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وعلي

223
بورنداز، وعبد السلام بن يوسف العبرتي، وابن روزبة، وجماعة.
وأجاز له جمال الدين أبو القاسم بن الحرستاني من دمشق، والافتخار
الهاشمي من حلب، وأبو البقاء العكبري، وجماعة من بغداد.
وحدث بدمشق لما قدمها للحج. وكان محدثا، عالما، ورعا، عابدا،
أثريا، صليبا في السنة، شديدا على أهل البدعة، له أتباع، وأصحاب يقومون
في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
حدث بدمشق من أجزاء أبي الفدا الفرضي.
وتوفي إلى رحمة الله بذات حج راجعا في سابع عشر المحرم، وله
ثلاث وسبعون سنة.
323 - عبد المجيد بن أحمد بن أبي البركات بن أحمد.
أبو البركات الحربي.
روى بالإجازة عن: عبد الوهاب بن سكينة، وابن الأخضر.
توفي في جمادى الآخرة.
كتب عنه: أبو الفدا الفرضي، وابن الفوطي.
وهو آخر من روى عن مدرس النظامية محب الدين يحيى بن الربيع بن
صرار.
روى عنه: أحمد بن يوسف البكري.

224
324 - عبد المغيث بن محمد بن عبد المعيد بن المحدث عبد
المغيث بن زهر.
أبو العز البغدادي، العدل.
سمع: ابن المنجا بن اللتي، وغيره.
ومات في رجب.
وقال علم الدين: أجاز لي، وذكر أنه سمع أيضا من الحسن بن
الزبيدي.
وقال ابن الفوطي: سمع ' صحيح البخاري ' من ابن القطيعي.
325 - عبد المولى بن الشيخ تاج الدين علي بن القسطلاني.
شرف الدين.
باشر مشيخة الكاملية بعد أبيه حتى جاء عمه قطب الدين من مكة.
سمع ابن المقير. وحدث.
مات في رجب.
326 - عبد الواحد بن علي بن أحمد.
أبو محمد القرشي، الهكاري، الفارقي، الحنبلي.
شيخ صالح، زاهد، متعفف، معمر.
ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع بالموصل من سمار بن
العريس النيار، والحسين بن باز.

225
وقدم دمشق وهو شاب، فسمع من: موسى بن القادر، والموفق بن
قدامة، وزين الأمناء، وغيرهم.
أخذ عنه: أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج المزي، والمصريون.
وتوفي بالقاهرة في رمضان، رحمه الله تعالى.
327 - عبد الواحد بن محمد بن قديد.
البغدادي، المقرئ.
عبد صالح خير.
سمع: ابن بهروز، وابن الخازن.
كتب عنه: الفرضي
328 - عثمان بن سعيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن تولو.
الأديب، معين الدين، أبو عمرو الفهري، المصري.
ولد بتنيس سنة خمس وستمائة.
سمع بدمشق من القاضي أبي نصر بن الشيرازي، وغيره.
وكان أحد الشعراء المحسنين.
أنشدنا عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني، وغيره.
ومات في سلخ ربيع الأول بالقاهرة.
وله من قصيدة:

226
* في ذمة الله أيام العقيق وإن
* تملك الليث فيها شادن خرق
*
* يرنو بألحاظ رهيم قط ما رمقت
* فغادرت في البرايا منه به رمق
*
* تألفت فيه أضداد بها أبدا
* على هواه قلوب الناس تتفق
*
* والخد والثغر ذا خمر وذا برد
* والوجه والفرع ذا صبح وذا غسق
*
* ما حلت عن عهد سكان العقيق وهل
* يحول عنهم محب حبه خلق
*
329 - عثمان بن أبي محمد بن خولان.
البعلبكي.
رجل خير، وهو أخو عبد الولي.
حدث عن: البهاء عبد الرحمن.
ومات في صفر.
330 - علي بن الحسين بن الصياد.
موفق الدين، المعري، الحنبلي.
سمع ' الأربعين الطابية ' من ابن اللتي ببغداد.
ومات بالسرداب في ربيع الآخر.
أجاز للبرزالي، ولخلق.

227
331 - علي بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن معين.
كمال الدين، أبو الحسن المنيحي، الإسكندراني.
ولد سنة تسع وستمائة، وسمع من: محمد بن عماد الحراني، وجماعة.
ومات في ذي الحجة. وكان مؤذن السلطان فقدم وحدث بدمشق.
أخذ عنه: المزي، والبرزالي.
له إجازة من ابن منينا، وغيره.
332 - علي بن عبد الله بن هبة الله بن المنصور.
العدل، أبو إسحاق العباسي، المنصوري، شرف الدين الخطيب.
سمع ' صحيح البخاري ' من ابن روزبة، وخطب مدة.
ولد سنة أربع عشرة وستمائة، ومات في رمضان أو في شوال.
333 - علي بن محمد بن حسين.
كمال الدين ابن الشيخ العارف محمد الفرنثي، الفقير، شيخ الزاوية
الفرنثية بعد والده.
سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني.
كتب عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة.
وكان فيه عشرة وانطباع. وقد عمل سماعا ودعوة للشيخ حسن بن
الحريري غرم عليها ألف درهم مع فقره، لا أثابه الله.
توفي في شعبان وله تسع وخمسون سنة.
334 - علي بن أبي الفتح.
المحب السنجاري، المؤدب، والد شيخنا محمد.

228
ولد سنة ست وستمائة بسنجار، وقدم دمشق.
وسمع من: مكرم، وغيره.
وأدب بدرب العسقلاني مدة طويلة.
أخذ عنه: البرزالي، وغيره.
ومات في شوال.
* عمر بن حاتم.
تقدم.
- حرف الغين -
335 - [غريب بن حاتم بن عياد.
الضياء، أبو حاتم البعلبكي، المعمر.
سمع في الكهولة من: البهاء عبد الرحمن، وابن رواحة.
وكان صالحا، متعبدا، مهيبا، حنفي المذهب. ولد بدمشق في سنة
586 ونشأ ببعلبك وسكنها.
سمع منه: أبو محمد البرزالي، وغيره.
وسمع منه المزي في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة، ومات بعد
ذلك بقليل].
- حرف الفاء -
336 - فاطمة بنت أحمد بن محمد بن يوسف بن الخضر ابن قاضي
العسكر.

229
الحلبية. كان أبوها وعمها عبد الله من شيوخ الدمياطي. وهي سمعت
حضورا من ثابت بن مشرف.
أخذ عنها الطلبة. وكانت تسكن بالمزة.
وهي شيخة رباط هناك.
توفيت في ذي القعدة.
337 - فاطمة بنت الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي.
زوجة العماد إبراهيم بن أحمد الماسح.
كانت دينة عابدة صالحة.
روت عن جعفر بن علي الهمداني.
وتوفيت في شعبان.
- حرف الميم
338 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سجمان.

230
العلامة جمال الدين، أبو بكر البكري، الوائلي، الأندلسي، الشريشي،
المالكي.
ولد بشريش سنة إحدى وستمائة. وسمع بالإسكندرية من محمد بن
عماد.
وببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وأبي الحسن بن روزبة، وأبي
بكر بن بهروز، وابن اللتي، وياسمين بنت البيطار، وأبي صالح الجيلي،
والأنجب بن أبي السعادات، ومحمد بن السباك، وعبد اللطيف بن القبيطي،
وطائفة.
وبدمشق من: مكرم، وابن الشيرازي، وجماعة.
وبإربل من: الفخر محمد بن إبراهيم الإربلي.
وتفقه حتى برع في المذهب، وأتقن العربية والأصول، والتفسير، وتفنن
في العلوم، ودرس وأفتى، وقرأ الحديث وعني به، وقال الشعر.
ودرس بالرباط الناصري بحضور السلطان واقفه، ثم دخل الديار
المصرية ودرس بالفضالية، وتخرج به جماعة كثيرة، منهم ولده العلامة شيخنا
كمال الدين، فسح الله في مدته.
ثم إنه قدم القدس وأقام به مدة، ثم قدم دمشق وأخذ الناس عنه. وكان
من أدعية العلم. صنف ' لألفية ابن معط ' شرحا وافيا.
وقد مدحه شيخه علم الدين السخاوي بقصيدة مشهورة، وطلب لقضاء
دمشق فامتنع زهدا وورعا، وبقي المنصب شاغرا من أجله إلى أن مات.
ودرس بالمدرسة النورية وبالحلقة التي بالجامع مع مشيخة الرباط
ومشيخة أم الصالح.

231
روى عنه: ابنه، وابن تيمية، والمزي، وابن العطار، والبرزالي،
والصيرفي، وابن الخباز، وخلق سواهم.
وأجاز لي مروياته في سنة أربع وسبعين. وقد سألت أبا الحجاج الحافظ
عنه فقال: هو أحد الأئمة الأعلام المتبحرين في علوم متعددة.
قلت: وأنبأني أبو بكر بمحمد بن أحمد الوائلي الحافظ قال: لما أتى
شهر رمضان الكائن في سنة أربعين وأنا بدمشق أردت أن أريح نفسي من كد
المطالعة والتكرار وأصرف همتي، إذ كنت كثير البطالة، إلى المواظبة على
نوافل الصلوات والأذكار، فحين شرعت في ذلك وجدت من قلبي قسوة،
ورأيت في صارم عزيمتي من المضاء فيها نبوة، وقدت نفسي بزمام الحرص
فحزنت وما انقادت، فضربتها بسوط الاجتهاد، فتمادت على حرانها بل
زادت، فلما رأيت ذلك علمت أن داءها صار عضالا، وأن ما رمته من الهدى
صار ضلالا، فسألت عن عالم بهذه الأمور خبير، وطبيب بدواء هذه العلة
بصير، فدللت على أوحد دهره، وأفضل علماء عصره، أحسنهم هديا وسمتا،
وأوردهم نطقا وصمتا، وأوسعهم في جميع العلوم علما، وأتقنهم في جميع
المعاني فهما، وهو شيخنا العلامة، سيد القراء، وحجة الأدباء، وعمدة
الفقهاء، علم الدين، أبو الحسن السخاوي، فكتبت إليه بهذه الأبيات أشكو
إليه فيها بثي وحزني، وما استولت عليه هذه النفس العدوة مني، وأساله كيف
خلاص أسيرها من وثاقه، وكيف السبيل إلى هربه من جورها وإباقه؛ وهي:
* أيا عالما في الناس ليس له مثل
* وحبرا على الأحبار أضحى له الفضل
*
* أيا علم الدين الذي ظل علمه
* بحورا عذابا منه يغترف الكل
*
* لقد حزت من بين الأنام فضائلا
* فمنها التقى والعلم والخلق السهل
*
* فأنشأ ربي في حياتك إنها
* حياة لها نفع من الخير ما تخلو
*
* وبعد فإني سيدي لك ذاكر
* أمورا قد أعيتني وعندي لها ثقل
*

232
* ولا بد من شكوى إلى ذي بصيرة
* يريك سبيل الرشد إن حادت السبل
*
* واصغ إلى قولي أبث صبابتي
* إليك وأحزاني فقد مضني الثكل
*
* أخي ما لقلبي قد قسا فكأنما
* عليه لذي وعظ وتذكرة قفل
*
* فلا هو للقرآن يخشع إن تلا
* ولا لأحاديث أتتنا بها الرسل
*
* ولا يرعوي يوما إلى وعظ واعظ
* ولا عذل ينهى وإن كثر العذل
*
* يسوف بالطاعات مهما أردتها
* ويسرع في العصيان والغي ما يسل
*
* جبان عن الخيرات وقت حضورها
* وإن حضر العصيان فالبطل الفحل
*
* وكل عباداتي رياء وسمعة
* مشوب جميع القول فيهن والفعل
*
* وإن رمت صوما كان لغوا جميعه
* وعند صلاتي يعتري السهو والخبل
*
* وكل الذي آتي من العرف منكر
* فماذا دهى عقلي أليس له عقل
*
* إذا قلت يا نفسي إلى الله فارجعي
* تراجعني في القول من عنده الكل
*
* فإن شاء يهديني اهتديت وإن يشا
* يضل فمن ربي الهداية والعدل
*
* وإن قلت للجنات والحور فاعملي
* تقل لي: وهل معطي الجنان هو الفعل
*
* بل الله يعطيني الجنان تفضلا
* فمن ربي الإحسان والجود والبذل
*
* وقد قهرتني ثم أصبحت عندها
* أسيرا أخا قيد وفي عنقي غل
*
* فكل الذي تبغيه مني حاصل
* وما أبتغي منها فمن دونه المطل
*
* فكيف خلاصي يا أخي من وثاقها
* وهل لأسير النفس من قيدها حل
*
* لقد خبت إن لم يدركني بلطفه
* ورحمته رب له اللطف والفضل
*
* وها أنا مستهد فكن لي راشدا
* أبا حسن فالرشد أنت له أهل
*
وجملتها أربعون بيتا خففت منها.
قال: فكتب إلي رحمه الله على كبره وضعفه:

233
* إلى الله أشكو ما شكوت من التي
* لها عن هدى عدل وليس لها عدل
*
* تجور عن التحقيق جور أخي عمر
* وقد وضحت منه لسالكها السبل
*
* وكيف أرجى أن تتوب وللهوى
* عليها يد سلطانه ما لها عزل
*
* وقد سترت عنها العيوب فما لها
* بما هي فيه خبرة [لا] ولا عقل
*
* تحيل على المكروه في ترك طاعة
* فما بالها في الرزق ليس لها مهل
*
* وتكذب إن قالت: أتغضب تارة
* وتحرص أحيانا ومن شأنها البخل
*
* بذلت لها نصحي وحاولت رشدها
* وبالغت في عذلي فما نفع العذل
*
* وناولتها حبل التقى فتقاعست
* إلى أن تفانى العمر وانقطع الحبل
*
* وأوشك رب الدار يطلب نقلها
* وليس لها زاد فقد أعجل النقل
*
* فيا ويحها إن لم تسامح بعفوه
* ويا ويلها إن لم تجد من له البذل
*
* أبتغي أبا بكر هدى عند مثلها
* وأنت الذي أضحى وليس له مثل
*
* ومثلك يرجى أن يعمر برهة
* فدونك فاغنمها فأنت لها أهل
*
* ولست كمثلي ذا ثمانين حجة
* بها فاتت الأيام وانقطع الوصل
*
* ولم يبق للتأخير وجه وهكذا
* متى انتهت الآجال لم يسع المطل
*
في أبيات أخر، وجملتها ثلاثون بيتا، قال لنا الشيخ جمال الدين أبو
بكر: أنشدنيها ناظمها في الخامس والعشرين من رمضان سنة أربعين
توفي في رابع وعشرين رجب.

234
339 - محمد بن أحمد بن يمن.
الصدر، جمال الدين العرضي، ثم الدمشقي.
كان رئيسا محتشما، وافر الحرمة، كثير الأموال والعقار، ذا ثروة
وتواضع وبر. وقد تمزقت نعمته وذهب منها دفائن تحت الأرض. وصودر
ولده شمس الدين.
توفي في سلخ جمادى الآخرة.
340 - محمد بن أحمد بن محمد بن إسفنديار.
أبو الفضل الكازروني، البزاز، المعروف بابن العجمي.
بغدادي ثقة.
روى عن: ابن اللتي.
ومات في رجب.
341 - محمد بن شبل.
جمال الدين النشائي.
شيخ من أبناء التسعين.
روى عن ابن المقير.
مات في شعبان.

235
342 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر.
أبو عبد الله المقدسي، ابن السراج.
روى عن: جعفر الهمداني.
كتب عنه علم الدين وقال: مات في جمادى الآخرة.
243 - محمد بن عبد الله بن المبارك بن مسلم بن أبي الحسن بن أبي
الجود.
شمس الدين، أبو عبد الله الفارسي، البغدادي، المشهور بابن مسلم.
سمع: أبا علي بن الجواليقي، وابن بهروز، وجماعة.
ومن سماعه ' مغازي موسى بن عقبة '، على ابن الجواليقي، أنبأ ابن
المقرب.
وكان من كبار العدول. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.
ومات رحمه الله في شهر رمضان.
344 - محمد بن عبد المنعم بن محمد.
الشهاب، ابن الخيمي، الأنصاري، اليمني الأصل، المصري،
الصوفي، الشاعر.

236
حدث ب ' جامع ' أبي عيسى الترمذي، عن علي بن البناء المكي.
سألت عنه أبا الحجاج المزي فقال: هو أبو عبد الله الشاعر، شيخ
جليل، فاضل، حسن النظم. سمع من ابن البنا وغير واحد.
وأجاز له عبد الوهاب بن سكينة، وغيره. وعلت سنه، وحدث بكثير
من مروياته. لقيته وسمعت منه بالقاهرة.
قلت: وروى عنه الدمياطي في ' معجمه '
وسمع منه: قطب الدين ابن منير، وفخر الدين بن الظاهري، وخلق من
المصريين.
وكان هو المقدم على شعراء عصره، مع المشاركة في كثير من العلوم.
وكان يعاني بالخدم الديوانية، وباشر وقف مدرسة الشافعي، ومشهد الحسين.
وفيه أمانة ومعرفة. وكان معروفا بالأجوبة المسكتة، ولم يعرف منه غضب.
وطال عمره، وعاش اثنتين وثمانين سنة أو أكثر.
وتوفي بالقاهرة في التاسع والعشرين من رجب.
وروى أيضا عن: عبد الرحمن بن عتيق بن باقا، وأبي عبد الله بن
عبدون البناء ومن شعره:
* قسما بكم يا جيرة البطحاء
* ما حال عما تعهدون وفائي
*
* حبي لكم حبي وشوقي نحوكم
* شوقي وأدوائي بكم أدوائي
*
* ما خانكم كلفي ولا نسيتكم
* روحي ولم تتعدكم أهوائي
*
* وجدي بكم مجدي وذلي عزتي
* والافتقار إليكم استغنائي
*
* يا أهل ودي يا مكان شكايتي
* يا عز ذلي يا ملاذ رجائي
*

237
* كيف الطريق إلى الوصال فإنني
* من ظلمة التفريق في عمياء
*
* روحي تذود على الورود ظما
* وقد جاءتكم تمشي على استحياء
*
في أبيات.
وله القصيدة البديعة التي سارت، وهي:
* يا مطلبا ليس لي في غيره أرب
* إليك آل التقصي وانتهى الطلب
*
* وما طمحت لمرأى أو لمستمع
* إلا لمعنى إلى علياك ينتسب
*
* وما أراني أهلا أن تواصلني
* حسبي علوا بأني فيك مكتئب
*
* لكن ينازع شوقي تارة أدبي
* فأطلب الوصل لما يضعف الأدب
*
* ولست أبرح في الحالين ذا قلق
* باد وشوق له في أضلعي لهب
*
* وناظر كلما كفكفت أدمعه
* صونا لحبك يعصيني وينسكب
*
* ويدعي في الهوى دمعي مقاسمتي
* وجدي وحزني فيجري وهو مختضب
*
* كالطرف يزعم توحيد الحبيب ولا
* يزال في ليله للنجم يرتقب
*
* يا صاحبي قد عدمت السمعدين فساعدني
* على وصبي لا مسك الوصب
*
* بالله إن جزت كثبانا بذي سلم
* قف بي عليها وقل لي هذه الكثب
*
* ليقضي الخد من أجراعها وطرا
* من تربها وأؤدي بعض ما يجب
*

238
* ومل إلى البان من شرقي كاظمة
* فلي إلى البان من شرقيها طرب
*
* وخذ يمينا لمغنى تهتدي بشذا
* نسيمه الرطب إن ضلت بك النجب
*
* حيث الهضاب وبطحاها يروضها
* دمع المحبين لا الأنواء والسحب
*
* أكرم به منزلا تحميه هيبته
* عني وأنواره لا السمر والقضب
*
* دعني أعلل نفسا عز مطلبها
* فيه وقلبا لغدر ليس ينقلب
*
* ففيه عاهدت قدما حب من حسنت
* به الملاحة واعتزت به الرتب
*
* دان وأدنى وعز الحسن يحجبه
* عني وذلي والاجلال والرهب
*
* أحيا إذا مت من شوقي لرؤيته
* لأنني بهواه فيه منتسب
*
* ولست أعجب من جسمي وصحته
* من صحتي إنما سقمي هو العجب
*
* يا لهف نفسي لو يجدي تلهفها
* غوثا وواحربي لو ينفع الحرب
*
* يمضي الزمان وأشواقي مضاعفة
* يا للرجال ولا وصل ولا سبب
*
* هبت لنا نسمات من ديارهم
* لم تبق في الركب من لا هزه الطرب
*
* كدنا نطير سرورا من تذكرهم
* حتى لقد رقصت من تحتنا النجب
*
* يا بارقا بأعالي الرقمتين بدا
* لقد حكيت ولكن فاتك الشنب
*
* أما خفوق فؤادي فهو عن سبب
* فعن خفوقك قل لي ما هو السبب
*
* ويا نسيما سرى من جو كاظمة
* بالله قل لي كيف البان والعذب
*
* وكيف جيرة ذاك الحي هل حفظوا
* عهدا أراعيه إن شطوا وإن قربوا
*

239
* أم ضيعوا ومرادي منك ذكرهم
* هم الأحبة إن أعطوا وإن سلبوا
*
فاتفق أن نجم الدين بن إسرائيل الحريري الشاعر حج، فلقي ورقة
ملقاة، ففتحها فإذا فيها هذه القصيدة فادعاها.
قال الشيخ قطب الدين: فحكى لي صاحبنا الموفق عبد الله بن عمر
أن ابن إسرائيل وابن الخيمي اجتمعا بعد ذلك بحضرة جماعة من الأدباء،
وجرى الحديث في الأبيات المذكورة، فأصر ابن إسرائيل على أنه ناظمها،
فتحاكما إلى الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض فقال: ينبغي لكل واحد
منكما أن ينظم أبياتا على هذا الروي والوزن استدل بها، فنظم ابن الخيمي:
* لله قوم بجرعاء الحمى غيب
* جنوا علي ولما أن جنوا عتبوا
*
* يا قوم هم أخذوا قلبي فلم سخطوا
* وأنهم غصبوا عيشي فلم غضبوا
*
* هم العريب بنجد مذ عرفتهم
* لم يبق لي معهم مال ولا نشب
*
* شاكون للحرب لكن من قدودهم
* وفاترات اللحاظ السمر والقضب
*
* فما ألموا بحي أو ألم بهم
* إلا أغاروا على الأبيات وانتهبوا
*
* عهدت في دمن البطحاء عهد هوى
* إليهم وتمادت بيننا الحقب
*
* فما أضاعوا قديم العهد بل حفظوا
* لكن لغيري ذاك العهد قد نسبوا
*
* من منصفي من لطيف فيهم غنج
* لدن القوام لإسرائيل ينتسب
*
* مبدل القول ظلما لا يفي بمواعيد
* الوصال ومنه الذنب والغصب
*

240
* في لثغة الراء منه صدق نسبته
* والمن منه يزور الوعد والكذب
*
* موحد فيرى كل الوجود له
* ملكا ويبطل ما تقضي به النسب
*
* فعن عجائبه حدث ولا حرج
* ما ينقضي في المليح المطلق العجب
*
* بدر ولكن هلالا لاح إذ هو بالوردي
* من شفق الخدين منتقب
*
* في كأس مبسمه من خمر ريقته
* خمر ودر ثناياه بها حبب
*
* بلفظه أبدا سكران يسمعنا
* من معرب اللحن ما ينسى له الأدب
*
* تجني لواحظه فينا ومنطقه
* جناية يجتني من مرها الضرب
*
* قد أظهر السحر في أجفانه سقما
* البرء منه إذا ما شاء والعطب
*
* حلو الأحاديث والألفاظ ساحرها
* تلقى إذا نطق الألواح والكتب
*
* فداؤه ما جرى في الدمع من مهج
* وما جرى في سبيل الحب محتسب
*
* ويح المتيم شام البرق من أضم
* فاهتزه كاهتزاز البارق الحر
*
* وأسكن البرق من وجد ومن كلف
* في قلبه فهو في أحشائه لهب
*
* فكلما لاح منه بارق بعثت
* قطر المدامع من أجفانه سحب
*
* وما أعاد نسيمات الغوير له
* أخبار ذي الأثل إلا هزه الطرب
*
* واها له أعرض الأحباب عنه وما
* أجدن رسائله الحسنى ولا القرب
*

241
ونظم نجم الدين ابن إسرائيل هذه الأبيات:
* لم يقض من حبكم بعض الذي يجب
* قلب متى ما جرى تذكاركم يجب
*
* ولي وفي لرسم الدار بعدكم دمع
* متى جاد ضنت بالحيا السحب
*
* أحبابنا والمنى تدني مزاركم
* وبها حال من دون المنى الأرب
*
* ما رابكم من حياتي بعد بعدكم
* وليس لي في حياة بعدكم أرب
*
* أطعتموني فأحزاني مواصلة
* وحلم فحلا لي فيكم التعب
*
* يا بارقا ببراق الحزن لاح لنا
* أأنت أم أسلمت أقمارها النقب
*
* ويا نسيما سرى والعطر يصحبه
* أجزت حيث يشين الخرد العرب
*
* أقسمت بالقسمات الزهر يحجبها
* سمر العوالي والهندية القضب
*
* لكدت تشبه برقا من ثغورهم
* يا در دمعي لولا الظلم والشنب
*
* وجيرة جار فينا حكم معتدل
* منهم ولم يعتبوا لكنهم عتبوا
*
* ما حيلتي قربوني من محبتهم
* وحال دونهم التقريب والخبب
*
ثم عرضت القصيدتان على ابن الفارض فأنشد مخاطبا لابن إسرائل
عجز بيت ابن الخيمي:
* لقد حكيت ولكن فاتك الشنب
*

242
وحكم بالقصيدة لابن الخيمي.
واستجود بعض الحاصرين أبيات ابن إسرائيل وقال: من ينظم مثل هذا
من الحامل له على ادعاء ما ليس له؟ فبدر ابن الخيمي وقال: هذه سرقة عادة
لا حاجة.
وانفصل المجلس، وسافر ابن إسرائيل لوقته من الديار المصرية.
وقد طلب القاضي شمس الدين بن خلكان، وهو نائب الحكم بالقاهرة،
الأبيات من ابن الخيمي، فكتبها له، وذيل في آخرها أبياتا، وسأله الحكم
أيضا بينه وبين من ادعاها. ووصل بها الذيل، وهو:
* والهجر إن كان يرضيهم بلا سبب
* فإنه من لذيذ الوصل محتسب
*
* وإن هم احتجبوا عني فإن لهم
* في القلب مشهود حسن ليس يحتجب
*
* قد نزه اللطف والإشراق بهجته
* عن أن تمنعها الأستار والحجب
*
* لا ينتهي نظري منهم إلى رتب
* في الحسن إلا ولاحت فوقها رتب
*
* وكلما لاح معنى من جمالهم
* لباه شوق إلى معناه ينتسب
*
* أظل دهري ولي من حبهم طرب
* ومن أليم اشتياقي نحوهم حرب
*
* فالقلب يا صاح مني بين ذاك وذا
* قلب لمعروف شمس الدين ينتهب
*
* إن الحديث شجون فاستمع عجبا
* حديث ذا الخبر حسنا كله عجب
*
* بحر محيط بعلم الدين ذو لجج
* أمواجه بذكاء الحسن تنتهب
*
* حقيقة الحكم والحكام سائرهم
* دون الخلفية هذا الفخر والحسب
*
* ينأى علوا ويدنيه تواضعه
* والشمس للنفع تنأى ثم تقترب
*
* زكي الأصول له بيت علا وغنى
* وطاب لا صخب فيه ولا نصب
*
* إليه ترتفع الأبصار خاشعة
* مهيبة وهو للأحكام منتصب
*
* مولاي أوصافك الحسنى قد اشتهرت
* فينا تسير بها الأشعار والخطب
*
* وما ذكرت غريبا في الثناء على
* علياك لكنها العادات والدرب
*

243
* وليس لي عادة بالمدح سالفة
* ما كنت قط بهذا الفن اكتسب
*
* حسبي قبول وإقبال منحتهما
* منك ابتداهما من خير ما تهب
*
* وإن شعري لا يسوى السماع بلى
* بالقصد أعمالنا تلغى وتحتسب
*
* فإن أقصر فجهدي قد بذلت لكم
* وباذل الجهد قد أدى الذي يجب
*
* وما نجاسر نقصي بالمديح سدى
* ما من عبيدك إلا من له أدب
*
* ولكن تفاصيل أبياتي التي سرقت
* مني الإذن من مولاي والسبب
*
* وكنت أحجمت إجلالا فأقدم بي
* أمر مطاع وعفو منك مرتقب
*
* وقد أتيتك بالأبيات ملحقة
* بأختها ليبين الصدق والكذب
*
* إذ 1 تناسبت الأوصاف بينهما
* فاحكم هديت بما قد تشهد النسب
*
* ولي شهود من المولى فراسته
* ونور إيمانه والفضل والأدب
*
* والله إني محب فيك معتقد
* محبتي قربة من دونها القرب
*
* وكيف لا وهي تنشىء بيننا نسبا
* إن المودة في أهل النهى نسب
*
* لا زلت في نعمة غراء سابغة
* تستوجب الفوز في الأخرى وتعتتب
*
[ومن شعره رحمه الله] وكتب به إلى والده تقي الدين إلى الصعيد:
* دوام الصبر صيرني بعيدا
* وبعد الدار حسن لي الصدودا
*
* وغيبة من يناسب صيرتني
* بحضرة من ينافيني وحيدا
*
* أظن الطرف لما غبت عنه
* وقد ذكروا تيممك الصعيدا
*
* توهم أن ذا لفقد ماء
* فأجرى دمعه بحرا مديدا
*
* وحقك يا بخيلا بالتلاقي
* لقد علمت طرفي أن يجودا
*
* وإني ميت بالبيت حي
* لأني قد قتلت به شهيدا
*
وله رحمه الله من قصيدة:
* خذ من حديث أنيني المتواتر
* ندب الفؤاد بما تجن ضمائري
*

244
* وافهم فمنهم مضمري قد أعربت
* عنه إشارات السقام الظاهر
*
* وأعد حديثك يا عذول فإن في
* أثناء عذلك ما يسر سرائري
*
* وأمرتني بسلوه وبتركه
* حاشاك ما أنا طائع يا آمري
*
* رشأ نفور صائد ألبابنا
* وعقولنا فاعجب لصيد النافر
*
* يدع الدجى صبحا ضياء جبينه
* والصبح ليلا بالسناء الباهر
*
* وأحر أحشائي لشهر بارد
* في فيه يحميه بلحظ فاتر
*
* حجز الكرى عني ونام مهنأ
* فلهذا أحن إلى ليالي حاجر
*
* وأحب سفك دمي فما عارضته
* في ملكه وأعنته بمحاجري
*
[ومن شعره أيضا:
* يرى حسنها قلبي فإن رام وصفه
* لساني ولو أني لبيد تبلدا
*
* جلت لي غداة الجزع قدا مهفهفا
* وجيدا غزاليا وخدا موردا
*
* وطرفا بث الوجد في الناس لحظه
* فنونا وكل منه في السكر عربدا
*
* فكم حزت فيها للخلافة بيعة
* وكم زرت فيها للملاحة مشهدا
*
* أبى الحب أن أنسى عهودا قديمة
* على حفظها أعطيت أهل الهوى وعدا]
*
وكتب إلى ابنه وقد سافر وما ودعه:
* أفدي الذي قد سار كاتم سره
* ضنا علي بوقفة التوديع
*
* يا مانعي ضم الوداع أسلم ودع
* نار الصبابة كلها بضلوعي
*
245 - محمد بن عمار.
الفقيه، شمس الدين، قاضي التل. وجيه عسال.
توفي بالتل في رمضان. وهو والد أصحابنا الشهود، رحمه الله.
346 - محمد بن عمر بن عبد الملك.

245
الخطيب، جمال الدين، أبو البركات الدينوري، الصوفي، الشافعي،
خطيب كفربطنا.
ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بالدينور، وقدم مع والده الزاهد القدوة
من البلاد، وسكن بسفح قاسيون، واشتغل جمال الدين في صباه بالخطب
ونسخ الأجزاء.
وسمع من: الناصح بن الحنبلي، وأبي عبد الله بن الزبيدي، والفخر
الإربلي، والضياء المقدسي، وطائفة.
وكان شجاعا، عالما، فاضلا، مهيبا، مليح الشكل، حسن الأخلاق،
حلو المجالسة، محببا إلى أهل كفربطنا، وله أصحاب ومحبون يعتقدون فيه.
وكان خيرا، حسن الديانة. أقام في خطابة القرية بضعا وعشرين سنة، وتأهل،
وجاءته الأولاد، ونسخ الكثير بخطه. وكان حسن العقيدة، مقبلا على الأثر
والسنة.
سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن الخباز، وابن العطار،
والبرزالي، وابن مسلم، وطائفة.
توفي في رجب. وولي الخطابة بعده ولده عز الدين إبراهيم، فبقي
المؤذن ينوب عنه إلى أن بلغ، ثم عزل بكمال الدين بن خلكان.
347 - محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ.
عماد الدين، ابن عماد الدين الأنصاري، الدمشقي، المعروف بالسبتي.
كان شابا رئيسا.
توفي في شعبان.

246
348 - محمد بن أبي الفرج محمد بن علي بن أبي الفرج بن أبي المعالي.
ابن الدباب، الإمام العدل، الواعظ، جمال الدين، أبو الفضل
البغدادي، البابصري، الحنبلي. ويعرف أيضا بابن الرزاز، ولكنه بابن الدباب
أشهر. سمي جده بذلك لكونه كان يمشي على تؤدة وسكون.
ولد جمال الدين سنة ثلاث وستمائة في صفر. وسمع الكثير. وأجاز له
خلق. وأول سماعه سنة ست عشرة، فسمع ' المهروانيات الخمسة ' من
أحمد بن صرما، وسمع ' جزء ابن الطلاية ' من الشيخين ابن أبي الجود وعبد
السلام بن المبارك الردغولي. وسمع السادس والسابع من ' أمالي ابن ناصر '
على عمر بن أبي السعادات. وسمع ' مداراة الناس ' لابن أبي الدنيا، على
ثابت بن مشرف. وسمع ' الغنية ' على ابن مطيع الباجسرائي، وسمع كتاب
' التفكر والاعتبار ' من علي بن محمد بن علي بن السقا، قال: أنا المبارك بن
أحمد الكندي.
وسمع من الفتح بن عبد السلام الثاني من ' أمالي الوزير '. وسمع من
أبي جعفر محمد بن هبة الله بن المكرم ' صفة المنافق '، و ' أمالي طراد '.
وسمع من النفيس الزعيمي ' الزهد ' لابن فضيل، بسماعه من ابن غبرة. وسمع
من ابن صرما أيضا ' جزء أبي بكر الصيدلاني '، والتاسع من ' فضائل الصحابة '
للدارقطني، والثالث من ' الحربيات '، والأول من ' صحيح الدارقطني '،
و ' جزء ابن شاهين '، والثالث من ' البر والصلة '، وثلاثة ' مجالس الخالدي '
بسماعه للجميع من الأرموي.

247
وسمع من أبي الفتح عبد الملك بن أبي الفتح الدلال ' جزء ابن هزار
مرد الصريفيني ' سنة ثمان عشرة، أنا المبارك بن علي السمندي، ثنا
الصريفيني.
قال أبو العلاء الفرضي في حق شيخه ابن الدباب: ثقة، فاضل، صحيح
السماع. وسمع منه هو وجمال الدين أحمد بن القلانسي المحدث، وجمال
الدين عبد الرزاق بن الفوطي، وجماعة.
وقد وعظ في شيبته، وأجاز لطائفه من أهل دمشق منهم: علم الدين
البرزالي.
وتوفي لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة خمس، ودفن بمقبرة الشونيزي
رحمه الله.
349 - محمد بن يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح
الرئيس، فخر الدين بن الإمام جمال الدين ابن الصوفي، الحراني،
الحنبلي.
سمع حضورا من عمر بن كرم.
وسمع من: ابن روزبة، وأبي الحسن القطيعي، وأبي إسحاق
الكاشغري، وجماعة.
وكان حفظة للحكايات والشعر والأخبار، حلو المجالسة. توكل للأمير
علم الدين سنجر أمير جندار. وكان ملازما للافتخار الحراني، ثم لولده ناصر
الدين الوالي. وكان حسن البزة، ظريف الشكل.
سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة.
وأجاز لي مروياته، ولم يكن بالمكثر.

248
350 - محمد بن أبي بكر بن علي.
المهدوي، المحدث، موفق الدين العثماني، ثم الرياحي.
خطيب المنشية.
سمع من: ابن المقير، وجماعة.
ومات في شوال.
351 - مظفر بن محمد بن أبي الفضل.
أبو نصر بن قصيبات السلمي، الدمشقي.
توفي في ذي القعدة.
وكان ممن روى الحديث عن: عمر بن كرم، وابن صباح، والناصح بن
الحنبلي.
وكان عدلا كبيرا، دينا. سمع منه الجماعة، وعاش ستا وسبعين سنة.
لقبه شرف الدين.
352 - مظفر بن أبي بكر.
الحموي الحنفي، مدرس البشيرية، أبو المياس.
توفي في ربيع الآخر وله ثلاث وسبعون سنة.
353 - منصور بن عقبة بن منصور.
أبو المظفر الشيباني، قاضي هيت. [شاعر فصيح].
حدث عن: أبي طالب بن القبيطي، وغيره.
ومات في جمادى الآخرة.

249
- حرف الهاء -
354 - هدية بنت عثمان بن عبد الله الأبهري.
أم التقي.
توفيت في جمادى الآخرة عن أربع وسبعين سنة.
- حرف الواو -
355 - وجيه الدين البهنسي.
الذي ولي قضاء الديار المصرية، ثم عزل بابن الخوتي.
كان من كبار الأئمة في الفقه.
موته في جمادى الآخرة.
- حرف الياء -
356 - [يعقوب بن عبد الحق.
أبو يوسف المريني، سلطان المغرب، وسيد آل مرين.
كان ملكا شجاعا، مقداما، مهيبا. خرج على الواثق الملقب بأبي دبوس
فالتقاه بظاهر مراكش، فقتل أبو دبوس، وتملك هذا في أول سنة ثمان

250
وستين، وزالت دولة الموحدين. وقد دخل الأندلس وتملك الجزيرة الخضراء
واتسعت ممالكه، وخافته الملوك.
مات في المحرم سنة خمس هذه].
357 - يوسف بن محمد بن عبد الله.
الإمام، الفاضل، الصالح، مجد الدين أبو الفضائل بن المهتار المصري،
ثم الدمشقي، الكاتب، المجود، المحدث، القارئ بدار الحديث الأشرفية.
ولد في حدود سنة عشر وستمائة.
وسمع من: ابن صباح، وابن الزبيدي، والفخر الإربلي، وابن اللتي،
وجعفر الهمداني، وابن المقير، وابن باسويه، ومكرم بن أبي الصقر، وطائفة.
وقرأ وكتب الأجزاء والطباق. وشارك في العلم، وتوحد في كتابة الخط
الفائق، وعلم به دهرا. وولي في الآخر مشيخة الدار النورية.
وكان إمام مسجد داخل باب الفراديس. وكان ذا دين، وورع تام
وصلاح. وكف بصره قبل موته بقليل.
سمع منه: ابن العطار، وابن الخباز، وابن أبي الفتح، والمزي، وطائفة
سواهم. وأجاز لي مروياته.
توفي في تاسع ذي القعدة وله بضع وسبعون سنة.

251
358 - يوسف بن يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن
عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم.
الإمام، الفقيه، قاضي القضاة، بهاء الدين، أبو الفضل ابن قاضي
القضاة محيي الدين أبي الفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي ابن
قاضي القضاة زكي الدين ابن قاضي القضاة منتجب الدين القرشي،
الدمشقي، الشافعي، الزكوي.
ولد في ذي الحجة سنة أربعين وستمئة.
وكان جليلا، نبيلا، جسيما، وسيما، ذكيا سريا، كامل الرياسة، وافر
العلم، بارعا في أصول الفقه، بصيرا بالفقه، فصيحا، مفوها، حلالا
للمشكلات، غواصا على المعاني. سريع الحفظ، قوي المناظرة. قيل إنه كان يحفظ الورقتين والثلاثة من نظرة واحدة، ويورد الدرس في غاية الجزالة.
وكان يذكر في اليوم عدة دروس.
وقد سمع بمصر من: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي.
وبدمشق من: إبراهيم بن خليل، وجماعة.
وكان أديبا إخباريا كثير المحفوظ، علامة. وكان كريم النفس، كثير المحاسن،
مليح الفتاوى. أخذ العلوم العقلية عن القاضي كمال الدين عمر بن التقليسي.
وأخذ عن أبيه. وكان أفضل من أبيه بكير. وهو ذكي من بيت الزكي.
وقد مدحه غير واحد من الشعراء وأخذوا جوائزه.

252
وسمع منه: علم الدين، وجماعة.
وقد رأيته، وكان من أحسن الناس شكلا. مرض مدة، وتوفي رحمه
الله في حادي عشر ذي الحجة، وله خمس وأربعون سنة.
وقد ولي القضاء بعد ابن الصائغ سنة اثنتين وثمانين وإلى أن مات،
وولي بعده ابن الخويي.
الكنى
359 - أبو بكر بن حياة بن أبي بكر بن الشيخ الكبير حياة بن حسن.
الحراني، نزيل رأس عين.
شيخ، صالح، عارف، زاهد، مشهور.
حج سنة إحدى وثمانين.
وروى بدمشق عن: عيسى بن خياط، والمرجا بن شقير.
توفي برأس عين في ذي القعدة كهلا.
360 - أبو البركات بن أحمد بن أبي البركات.
الحراني، الحنبلي، عرف بابن الإسكاف. قيم ضريح الإمام أحمد.
أجاز له عبد الوهاب بن سكينة، وجماعة.
وحدث.
توفي في جمادى الآخرة.

253
وفيها ولد:
فخر الدين عبد الرحمن بن محمد بن الفخر الحنبلي،
وأيدمر بن عبد الرحمن سبط الأبهري،
وناصر الدين محمد بن محمد بن يوسف ابن أفتكين،
وشمس الدين محمد بن إبراهيم الكردي،
وفيها مات شيخ الطب ابن القف النصراني بدمشق.

254
سنة ست وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
261 - أحمد بن إبراهيم بن حسين بن إبراهيم.
القرشي، من بني البهنسي.
ثامن شعبان.
362 - أحمد بن إبراهيم.
المفتي، الفقيه، علم الدين القمني، الضرير.
توفي بالقاهرة في جمادى الأولى.
ولد سنة عشرين، وروى عن: ابن الجميزي، وغيره.
وأعاد بالظاهرية بالقاهرة، وكانوا يكتبون عنه في الفتاوى، رحمه الله.
363 - [أحمد بن عمر بن محمد.

255
الشيخ الزاهد، الكبير، العارف، أبو العباس الأنصاري، المرسي.
كتبت هذا من خط المحدث محمد بن أحمد بن همام سبط الشاذلي،
فبالغ في تعظيمه فقال فيه: العلامة، المحقق، القدوة، شيخ الوقت، ووارث
شيخه الشاذلي، قطب [زمانه]، الذي يكل ذكر أوصافه أقلام الكتبة،
وتعجز عن إحصاء ذلك أنامل الحسبة، الشاذلي تصوفا، الأشعري معتقدا.
توفي في سابع عشر شعبان سنة ست وثمانين بالإسكندرية.
قال: فلولا قوة اشتهاره وكراماته لذكرت له ترجمة جليلة.
قلت: كان شيخنا عماد الدين الخزامي يعظم أبا العباس، ويذكر أن شيخه
نجم الدين الإصبهاني صحب وأخذ عنه طريق السير، وكذلك صحبه الشيخ
تاج الدين بن عطاء الله والله أعلم بحقيقة سره. وكان من الشهود بالثغر].
364 - أحمد بن محمد بن عبد الواحد.
الشيخ، شرف الدين الجزري، التاجر السفار، المعروف بابن الصهيبي.
دخل الهند والبلاد النائية. ذكره صاحبنا شمس الدين الجزري في
' تاريخه ' فقال: أنا شرف الدين ابن الصهيبي سنة أربع وثمانين قال: حدثني
النجيب الشهراباني سنة ثمان وستين وستمائة بجزيرة كيش، ثنا الزاهد

256
علي الكفتي سنة أربعين، ثنا المعمر عبد الأحد السمرقندي قال: اجتمعت
برتن بن معمر بسرنديب فقال لي: كنت صغيرا مع أبي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في
حفر الخندق، فمسح على رأسي ودعا لي بطول العمر، وذكر حديثا.
*
قلت: إنما ذكرت هذا للفرجة، وإلا فهذا النمط أقل من أن يعده
الحفاظ في الموضوعات، بل إذا سمعوا من يذاكر به تعجبوا وقالوا: * (ويخلق
مالا تعلمون) *. وهذه عجيبة من عجائب بحر الهند.
365 - أحمد بن محمد بن الحسن بن عبد السلام.
السفاقسي، ثم الإسكندراني، نجيب الدين، أبو علي بن الشيخ شرف
الدين ابن المقدسية.
سمع الكثير من: خال والده الحافظ أبي الحسن المقدسي، وابن عماد،
وجماعة من أصحاب السلفي.
قال علم الدين البرزالي: لم أر بالثغر أكثر حديثا منه إلا أنه ثقل سمعه
فعسر السماع منه.
قلت: روى عنه: البرزالي، والمزي، وسائر الرحالة.
ولم يدركه الفرضي، ولا أعلم متى توفي ولكنه كان حيا في هذا
الوقت.
مولده سنة خمس وستمائة بالإسكندرية، وأبوه آخر من روى عن
السلفي حضورا.
366 - أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن أبي سعد بن أبي عصرون.
القاضي الأجل محيي الدين.
روى عن: الرشيد بن مسلمة.

257
ومات في رمضان بدمشق.
367 - إبراهيم بن الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام.
شمس الدين، أبو إسحاق السلمي، الدمشقي خطيب جامع العقيبة.
كان يتكلم بكلام مسجوع كسجع الكهان، ويزعم أنه يلقى إليه من الجن
وتعانى الوعظ فكان فيه منحط الرتبة، فتألم أبوه لذلك، فترك الوعظ.
توفي في ربيع الأول.
وفي الجملة كان متزهدا، يلبس ثيابا قصارا، ويبكي في الخطبة، وفيه
سلامة باطن.
ولد سنة إحدى عشر وستمائة أو بعدها، وحدث عن: أبي محمد بن
البن، وزين الأمناء، وابن صباح، وابن اللتي.
أخذ عنه: البرزالي، والمزي، وجماعة.
وقد رأيته يخطب.
368 - إسحاق بن إبراهيم.
الإمام، المفتي، شهاب الدين المصري الشافعي، قاضي الجكر بظاهر
القاهرة.
توفي في جمادى الأولى، رحمه الله.

258
369 - إسرائيل بن إبراهيم بن طالب.
المزي.
عاش نيفا وثمانين سنة. وحدث عن أبي البركات عمر بن البراذعي.
ثنا عنه أبو الحسن بن العطار.
وسمع منه: البرزالي، وغير واحد.
370 - إسرائيل بن عبد العزبز بن أحمد ابن خطيب بيت الأبار.
حدث عن: الفخر الإربلي.
أخذ عنه: البرزالي، وابن الخباز.
مات في أثناء السنة، وهو أخو خطيب أرزونا.
371 - أيوب بن أبي بكر بن خطلبا.
نجم الدين التبنيني، ثم الدمشقي.
حدث عن: ابن اللتي.
كتب عنه: البرزالي، وغيره.
ومات في جمادى الآخرة.
- حرف الباء -
372 - باجو.

259
الأمير الكبير، ركن الدين.
من مشاهير الأمراء.
توفي بغزة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بالنية.
مات في رمضان.
373 - بكتي.
الأمير سيف الدين الخوارزمي.
من قدماء الأمراء. وداره هي التي يسكنها بلبان التتري.
رأيته وكان شيخا مهيبا، تركيا.
374 - باشقرد.
الأمير علم الدين الصالحي.
توفي بالقاهرة في رمضان.
375 - البديع الساعاتي.
الذي عمل ساعات القيمرية بباب المارستان.
376 - [بيليك.

260
الأمير الكبير، بدر الدين الأيدمري. من كبراء الأمراء المصريين، وأظنه من
الأمراء الصالحية. رأيته حامل الجتر على رأس السلطان الملك المنصور يوم عبوره.
قيد موته الملك المؤيد، رحمه الله.
- حرف الخاء -
377 - الخضر بن الحسن بن علي.
قاضي القضاة، برهان الدين السنجاري، الزرزاري، الشافعي.
ولد سنة ست عشر وستمائة.
ولي قضاء مصر في الدولة الصلاحية فيما قيل، إذ أخوه بدر الدين
قاضي على القاهرة، وبقي على ذلك إلى أيام الملك الظاهر فعمل الوزير بهاء
الدين عليه حتى عزل وحبس وضرب، فبقي معزولا فقيرا ليس بيده شيء
سوى المدرسة المعزية، فلما مات الوزير بهاء الدين سنة سبع وسبعين سير له
الملك السعيد تقليدا بالوزارة، فأحسن إلى آل الصاحب بهاء الدين ولم
يؤذهم. وبقي في الوزارة إلى أن تولى الأمير علم الدين الشجاعي شد
الدواوين، فسعى في عزله وضربه، وبقي معزولا إلى أن مات نجم الدين ابن

261
الأصفهوني الوزير، فأعيد إلى الوزارة وبقي مدة، ثم سعى فيه الشجاعي أيضا
وآذاه. ولما توفي القاضي بهاء الدين ابن الزكي بدمشق ذكروه لقضاء الشام،
ثم زووه عنه إلى ابن الخويي. ثم ولوه قضاء القضاة بالقاهرة، فبقي عشرين
يوما ومات. فيقال إنه سم، وكان لا بأس بسيرته، وفيه مروءة وقضاء لحوائج الناس.
وقد روى جزءا عن عبد الله بن اللحط.
سمع منه: البرزالي، والمصريون.
قال البرزالي: ولي القضاء نحوا من عشرين يوما، انقطع منها عشرة
أيام، ومات في تاسع صفر. وولي بعده ليومه قاضي القضاة عبد الرحمن ابن
قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز.
وذكره بعض الأئمة فقال: كان عنده مشاركة في شيء من الفقه فقط.
- حرف الزاي -
378 - زينب بنت الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف الطبيب
اللغوي.
روت عن أبيها.
حدثت بالقاهرة وبها ماتت في الثاني والعشرين من شعبان.
أخذ عنها: البرزالي، والفخر بن الظاهري، وابن سيد الناس، وجماعة
سواهم.
379 - زينب بنت عبد الله بن عزاز.
روت عن: جعفر الهمداني بمصر.

262
ماتت في جمادى الآخرة.
- حرف السين -
380 - ست الدار بنت العلامة مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن
تيمية.
توفيت بدمشق.
وحدثت عن: ابن روزبة، وعبد اللطيف بن يوسف.
وماتت في عشر السبعين.
روى عنها: ابن أخيها شيخنا أبو العباس، وأخوه أبو محمد،
والبرزالي، وابن مسلم، وجماعة.
توفيت في أول ربيع الآخر، رحمها الله تعالى.
381 - سليمان بن بليمان بن أبي الحسن بن عبد الجبار بن بليمان.
الأديب، شرف الدين، أبو الربيع الهمداني، ثم الإربلي، الشاعر
المشهور.

263
شاعر محسن، سائر القول، له نوادر وزوائد ومزاح حلو. وكان أبوه
صائغا، وهو صائغ. وله أجوبة مسكتة.
ذكره ابن المستوفي أبو البركات في ' تاريخه '، فقال: أنشدني لنفسه:
* إشرب فشربك هذا اليوم تحليل
* وآنف الهموم فقد وافاك أيلول
*
* أما ترى الشمس وسط الكاس طالعة
* منيرة ونطاق البدر محلول
*
* والأرض قد كسيت بالغيث حلتها
* وناظر الروض بالأزهار مكحول
*
ولابن بليمان يهجو الشهاب التلعفري إذ قامر بثيابه حتى بخفافه،
وأنشدها للملك الناصر:
* يا مليكا فاق الأنام جميعا
* منه جود كالعارض الوكاف
*
* والذي راش بالعطايا جناحي
* وتلافى بعد الإله تلافي
*
* ما رأينا ولا سمعنا بشيخ
* قبل هذا مقامر بالخفاف
*
* وبها كم يدق في كل يوم
* في قفاه والرأس والأكتاف
*
* أسود الرأس أبيض الشعر في لون
* سحيم وقبحه وخفاف
*
* يدعي نسبة إلى آل شيبان
* وتلك القبائل الأشراف
*
* وهم ينكرون ما يدعيه
* فهو والقوم دائما في خلاف
*
* مثل نجد لو استطاعت لقالت
* ليس هذا الدعي من أكنافي
*
* فابسط العذر في هجاء رقيع
* عادل عن طرائق الإنصاف
*

264
توفي الشرف بن بليمان في عاشر شهر صفر بدمشق، وله تسعون سنة أو
أزيد.
382 - سنجر.
الأمير الكبير علم الدين الصالحي، الدويدار. من أعيان المصريين.
وهو أستاذ الأمير الكبير كجك المنصوري.
توفي بالقاهرة في ربيع الأول.
- حرف الشين -
383 - شاهلتي بنت محمد بن عثمان.
أم شيخنا عماد الدين محمد بن البالسي.
روت عن: كريمة القرشية.
وماتت في جمادى الأولى.

265
كتب عنها: البرزالي، وغيره.
- حرف الصاد -
384 - صواب الطواشي.
المعروف بعطاء الله.
حدث بالقاهرة عن: سبط السلفي.
- حرف العين -
385 - عبد الله بن محمد بن الفقاعي.
الشيخ صفي الدين، المقرئ، الحنفي، إمام محراب الحنفية بالجامع.
كان من أطيب الناس صوتا بالقرآن.
ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة.
وحدث عن: ابن اللتي، وغيره.
ومات في المحرم.
386 - عبد المحسن بن أحمد بن عبد الحميد بن أبي طاهر.
الأسدي، الأبهري، الصدر نجم الدين الحاسب، كاتب الجيوش.
حوسب وفوتش فخرج ليتوضأ فنحر نفسه بالقرب من مخيم أروت.
387 - عبد الرحمن بن حسن بن يحيى.
الوجيه القيسي، السبتي، المحدث، الرحال.
أبو القاسم، نزيل دمشق. كان أحد من عني بالحديث وكتبه وسماعه،

266
والإكثار منه. ولم يشتغل بغيره إلا ما كان من العشرة واللعب في غضون
ذلك.
قدم الإسكندرية في سنة خمس وستين. فسمع بها من أصحاب ابن بوقا
وغيره.
وسمع بالقاهرة من: النجيب الحراني، وابن عزون، والطبقة.
وسمع بدمشق من: ابن عبد الدائم، وأصحاب الخشوعي، ثم أصحاب
ابن طبرزد والكندي فمن بعدهم.
وكتب العالي والنازل، وحصل الأصول، ونسخ الكثير، ولم يزل يقرأ
إلى أن مات. وما حدث. ووقف أجزاءه بدار الحديث النورية.
وسمع خلق كثير بقراءته. وكان له دربة بالقراءة. ولم يكن فصيحا.
كان فيه مزاح وانبساط. وله صولة على الصبيان وحرص على
تسميعهم.
توفي في سابع جمادى الأولى كهلا، ودفن بمقبرة باب الصغير.
388 - عبد الرحمن بن أبي علي بن سيما.
تقي الدين الحموي، إمام الجامع الأسفل بحماة.
شيخ معمر،
روى عن أبي القاسم بن رواحة.
وعاش تسعين سنة.
389 - عبد الرحيم بن داود بن فارس.
أبو محمد المتيجي، خطيب المزة.
سمع ' الصحيح ' من ابن روزبة.
ومات في صفر.

267
وكان شيخا مباركا، حس الخطابة.
390 - عبد الصمد بن عبد الوهاب بن زين الأمناء أبي البركات
الحسن بن محمد بن عساكر.
الإمام الزاهد، أمين الدين، أبو اليمن الدمشقي، الشافعي، نزيل الحرم
سمع من جده، ومن: الشيخ الموفق، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن
صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وابن غسان، والقاضي أبي نصر بن
الرازي، وجماعة.
وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وطائفة.
وحدث بالحرمين أيضا. وكان ثقة، عالما، فاضلا، جيد المشاركة في
العلوم، بديع النظم، صاحب دين وعبادة وإخلاص، وكل من يعرفه يثني عليه
ويصفه بالدين والزهد.
ومن شعره:
* عسى الأيام أن تدني الديارا
* بمن أهوى فقد شطوا مزارا
*
* ويصبح شمل أحبابي جميعا
* وآخذ منهم بالقرب ثارا
*
* وتمسي جيرة العلمين أهلي
* ودارهم لنا يا سعد دارا
*

268
* وبي الرشا الذي ما صد إلا
* ليبلو في الهوى مني اصطبارا
*
* كلفت به من الأعراب ما إن
* أدار لثامه إلا عذارا
*
* يروع الأسد في فتكات لحظ
* ويحكي ظبية الوادي نفارا
*
روى عنه: أبو الحسن بن العطار، والشيخ علي الواسطي الزاهد، وعلاء
الدين بن قرناص، وجماعة.
وكتب إلي بمروياته سنة ثلاث وسبعين.
أنشدنا له ابن قرناص:
* يا نزولا بين سلع وقباء
* جئتكم أسعى على شقة بين
*
* ونعم والله إني زائر
* لمغانيكم على رأسي وعيني
*
* إن من أم حماكم آملا
* راح بالمأمول مملوء اليدين
*
* فاشفعوا إني قد تشفعت بكم
* بوصال واتصال دائمين
*
ومن شعره:
* يا جيرتي بين الحجون إلى الصفا
* شوقي إليكم مجمل ومفصل
*
* أهوى دياركم ولي بربوعها
* وجد يثبطني وعهد أول
*
* ويزيدني فيها العذول صبابة
* فيظل يغريني إذا ما يعذل
*
* ويقول لي لو قد تبدلت الهوى
* فأقول قد عز العداة تبدل
*
* بالله قل لي كيف تحسن سلوتي
* عنهم وحسن تصبري هل يجمل
*
* يا أهل ودي بالمحصب دعوة
* من نازح بلقاكم يتعلل
*
ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة أربع عشرة وستمائة.
وتوفي في جمادى الأولى في وسطه، وقيل في مستهله.

269
وكان شيخ الحجاز في وقته، وله تواليف في الحديث تدل على حفظه
ومعرفة بالأسانيد وعناية بعلم الآثار.
391 - عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي.
أبو محمد الهمداني، ثم المصري، ابن عم شيخنا الأبرقوهي.
حدث عن: عبد العزيز بن باقا، والقاضي زين الدين علي بن يوسف
الدمشقي، وغيرهما.
كتب عنه: البرزالي، وقطب الدين، وجماعة.
وتوفي في شوال.
392 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصيقل.
عز الدين، أبو العز الحراني، مسند الديار المصرية بعد أخيه.
روى عن: يوسف بن كامل، وضياء بن الخريف، وأبي الفرج محمد بن
هبة الله الوكيل، وأبي حامد بن جوالق، وسعد بن محمد بن محمد بن
محمد بن عطاف، وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه، وعمر بن طبرزد،
وأحمد بن الحسن العاقولي، وسليمان الموصلي، وعبد العزيز بن الأخضر،
وعزيزة بنت الطراح، وعبد القادر الرهاوي، وجماعة.

270
وبالإجازة عن ابن كليب.
وتفرد في وقته، ورحل إليه. وكان من التجار المعروفين كأخيه، ثم
افتقر.
روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وأبو عبد الله الزراد، وأبو محمد
الحارثي، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد عبد الكريم، وأبو حيان النحوي،
وأبو عمرو بن الظاهري، وأبو الفتح بن سيد الناس، وأبو محمد البرزالي،
وخلق من الشباب والفضلاء.
وخرج له شيخنا ابن الظاهري ' مشيخة '. وأجاز له أيضا: أبو طاهر
المبارك ابن المعطوش، والإمام جمال الدين ابن الجوزي، وعفيفة الفارقانية.
وكان هو وأخوه النجيب تاجرين للخليفة. وكان أبوهما فقيها، عارفا
بمذهب الإمام أحمد، واعظا مشهورا، توفي سنة إحدى وستمائة.
وكان العز الحراني شيخا مطبوعا، حسن المحاضرة، إلا أنه كان كثير
الحسد. توفي في رابع عشر رجب بمصر. ودفن بالقرافة الصغرى، وهو أكبر
شيخ لقيه المزي، والبرزالي، وابن نباتة في رحلتهم. وكثير من أسمعته من
المذكورين في السنة الخامسة.
قال الدمياطي: ولد بحران سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وقد حدث
في سنة تسع وثلاثين مع أخيه بالمطر لابن دريد. وسمع منهم: النجيب بن
شقشقة، وابن الجوهري، والضياء البالسي، والكبار.
393 - عبد الغني بن محمد بن أبي الحسن.
أبو محمد الصعبي، المصري.
حدث عن: ابن باقا، والعلم بن الصابوني.

271
روى عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، وجماعة.
توفي في جمادى الآخرة.
394 - عبد القدوس بن إبراهيم بن يحيى.
الشقراوي، الحنبلي.
توفي بقاسيون في جمادى الأولى، وهو أخو شيخنا نجم الدين.
سمع من: كريمة، والضياء، وحدث.
395 - عبد المحسن بن سليمان بن عبد الكريم.
وجيه الدين المخزومي، المعروف بابن المسلم المصري.
حدث عن: أحمد بن محمد بن الحباب.
ومات في ذي القعدة.
396 - عثمان بن علي بن عثمان.
فخر الدين الكاشي.
توفي بالقاهرة.
سمع: ابن اللتي، وغيره.
ومات في جمادى الآخرة. وكان أبوه قاضيا بالكرك.
397 - علي بن زكريا.
المقرئ، العالم، جمال الدين أبو الحسن المنبجي، الحنفي، الفقيه.
روى عن: يوسف بن خليل.

272
كتب عنه: البرزالي، وغيره.
وهو أخو الشيخ يحيى المنبجي الملقن.
توفي بالقدس في رمضان.
398 - علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي.
ابن الحبوبي، شهاب الدين، أبو الحسن التغلبي، الدمشقي، الشاهد
من بيت عدالة ورواية.
حدث عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي المنجا بن اللتي.
وأجازه: ابن المؤيد الطوسي، وأبو روح، وأبو اليمن الكندي، وأبو
محمد بن الأخضر، وعبد القادر الرهاوي.
كتب عنه: ابن الخباز، والوجيه السبتي، وجماعة.
وسألت عنه أبا محمد البرزالي فضعفه في الشهادة دون الرواية، وقال:
جريء إلى الغاية، ويختلف وينشىء المكاتيب. وبلغني أنه غسل له مرة أربعة
كتب جملة بالعادلية، وأهين بحضرة القاضي التفليسي.
قلت: ثم انصلح أمره بعد ذلك قليلا.
ومات في رجب وله اثنتان وثمانون سنة.
وهو أخو المحتسب تاج الدين يحيى، ووالد شيخنا إبراهيم بن علي.
399 - علي بن محمد بن يوسف بن عفيف.
أبو الحسن، ضياء الدين، الخزرجي، الغرناطي، الشاعر، الصوفي.
انتسب إلى سعد بن عبادة، وقال الشعر الفائق. أقام بالإسكندرية وكان

273
مشهورا بالزهد إلا أن له شعرا يشبه شعر ابن العربي ولم أتحقق أمره، وله
مدائح موفقة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أضر وزمن وعمر دهرا.
روى عنه من شعره: الدمياطي، والبرزالي.
وتوفي في ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة. وهو مشهور بالخزرجي.
سمع من: ابن حوط الله، وجعفر الهمداني.
400 - علي بن محمد بن علي بن بركات.
الشيخ بديع الدين الأنصاري، المصري، شيخ الإقراء بالخليل.
كان عارفا بالقراءآت والعربية.
قرأ على الكمال الضرير العباسي، رحمه الله. وروى بالإجازة عن: ابن
رواج، وابن الجميزي.
وعاش ثمانيا وأربعين سنة. وتوفي في رمضان، وولي مشيخة الخليل بعده البرهان الجعبري.
401 - عمر المغربل.
أخو زينب بنت شكر.
روى عن: ابن اللتي.
وكان فقيرا، وهو أخو الجمال المغربل.
402 - عيسى بن سالم.
العدل، شرف الدين بن السقلاطوني، الدمشقي.

274
روى عن: السخاوي.
كتب عنه: علم الدين، وغيره.
ومات في ذي القعدة.
403 - عيسى بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي.
الشيخ مجد الدين المقدسي، الحنبلي، نزيل بغداد.
روى عن: موسى بن الشيخ عبد القادر، والشيخ الموفق.
وسمع ببغداد من: ابن روزبة، وابن اللتي، وابن القبيطي.
توفي في ربيع الأول، وقد قارب الثمانين.
أخذ عنه: الفرضي، وابن سامة، وطائفة.
وكان ثقة، مكثر، فيه دين وتقوى. وله عدة إخوة.
- حرف الفاء -
404 - فضائل بن إبراهيم بن أبي الفضل.
الشيخ رضي الدين بن الحكيم الدمشقي.
شيخ متميز، روى عن: الزبيدي، وابن صباح.
ولد سنة عشر وستمائة.
وتوفي في صفر.
405 - الفضل بن علي بن نصر بن عبد الله بن رواحة.
الرئيس جمال الدين، ناظر بلبيس.

275
سمع بحلب من: عبد اللطيف بن يوسف، ويحيى بن الدامغاني.
وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة.
وكان أديبا، فاضلا، كاتبا.
روى عنه: الدمياطي من شعره، والبرزالي، وجماعة.
ومات ببلبيس في جمادى الأولى.
عمل له التقي عبيد ' مشيخة ' في مجلد.
- حرف الكاف -
406 - كنينة بنت أيبك الجزري.
روت عن ابن اللتي سماعا. وسماعها بالكرك.
وحدثت بمصر.
روى عنها: البرزالي، والطلبة.
وهي بنونين. ماتت في شوال.
- حرف الميم -
407 - محمد بن أحمد بن إبراهيم.
العلامة ناصح الدين الخويي، ثم الطبري.
سمع من: الزينبي، والبادرائي.
روى الحافظ عبد الكريم في ' تاريخه ' فقال كان إماما، أصوليا،
زاهدا، عابدا. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

276
ومات في ربيع الأول بالقاهرة.
* *
408 - محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن
عبد الله بن أحمد بن ميمون.
الإمام، الزاهد، قطب الدين، أبو بكر بن الإمام تاج الدين علي بن
القسطلاني، التوزري الأصل، المصري، ثم المكي ابن الشيخ الزاهد أبي
العباس.
ولد بمصر سنة أربع عشرة وستمائة، ونشأ بمكة، وسمع بها ' جامع
الترمذي ' من أبي الحسن بن البناء.

277
وسمع من أبي القاسم السهروردي كتاب ' عوارف المعارف '.
وسمع من: أبي الحسن بن الزبيدي، وجماعة.
وقرأ العلم، ودرس، وأفتى، ورحل في الحديث سنة تسع وأربعين
فسمع من محمد بن نصر بن الحصري، ويحيى بن العميرة، وإبراهيم بن أبي
بكر الرعبي، وطائفة كبيرة ببغداد، والشام، ومصر، والموصل، واستجاز
حينئذ لأولاده السبعة: محمد، والحسن، وأحمد، ومريم، ورقية، وفاطمة،
وعائشة. وأسمع بعضهم.
وكان شيخا، عالما، عابدا، زاهدا، نبيلا، عليلا، مهيبا، حائزا
للفضائل، كريم النفس، كثير الإيثار، حسن الأخلاق، قليل المثل. طلب من
مكة إلى القاهرة فولي مشيخة الكاملية إلى أن مات.
وروى الناس عنه الكثير، وله شعر مليح.
روى عنه: الدمياطي، والمزي، والبرزالي، وخلق لا أعرفهم.
ومات إلى رحمة الله في الثامن والعشرين من المحرم بالكاملية،
واجتمعت العامة على الباب يضجون بالبكاء عليه. وأخرج عقيب الظهر من
المدرسة والخلائق بين يديه ممتدين إلى تحت القلعة، فتقدم عليه في الصلاة
شيخنا جمال ابن النقيب المفسر، ولم يدخل إلى قبره بالقرافة إلى بعد العصر
لكثرة الزحام. وكان يوما مشهودا.
قال علم الدين البرزالي: حضرت دفنه.
ومن شعره رحمه الله تعالى قوله:
* ألا هل لهجر العاملية إقصار
* فيقضى من الوجد المبرح أوطار
*

278
* ويشفى عليل من عليل موله
* له النجم والجوزاء في الليل سمار
*
* أغار عليه السقم من جنباته
* وأغراه بالأحباب نأي وتذكار
*
* ورق له مما يلاقي عذوله
* وأرقه دمع ترقرق مدرار
*
* يحن إلى برق الأبيرق قلبه
* ويخفف إن ناحت حمام وأطيار
*
* عسى ما مضى من خفض عيشي على الحمى
* يعود، فلي فيه نجوم وأقمار
*
وله:
* إذا كان أنسي في التزامي لخلوتي
* وقلبي عن كل البرية خالي
*
* فما ضرني من كان لي الدهر قاليا
* ولا سرني من كان لي متوالي
*
409 - محمد بن أحمد بن معضاد.
أبو عبد الله البغدادي.
روى عن: ابن اللتي، ومحمد بن محمد السباك، وغيرهم.
وكان حنبليا، مقرئا، فاضلا، ضريرا.
مات في ربيع الآخر.
410 - محمد بن أحمد.

279
الشيخ أبو عبد الله الواني الخلاطي، الصوفي، مؤذن مسجد أبي
الدرداء بالقلعة من دمشق.
شيخ صالح معروف، وهو والد رئيس المؤذنين برهان الدين إبراهيم.
توفي في سابع جمادى الأولى، وقد شاخ. وقد سمع شيئا ولم يرو.
411 - محمد بن عباس بن أحمد بن عبيد بن صالح.
الحكيم البارع، عماد الدين، أبو عبد الله الربعي، الدنيسري.
ولد بدنيسر سنة خمس أو ست وستمائة، وقرأ علم الطب حتى
برع فيه وساد.
وسمع الحديث بالديار المصرية من: علي بن مختار العامري،
والحسن بن دينار، وعلي بن المقير، وجماعة.
وصحب البهاء زهير مدة، وتخرج به في الأدب والشعر. وتفقه على
مذهب الشافعي.
وصنف في الطب ' المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة '،

280
و ' أرجوزة في الترياق الفاروق ' و ' أرجوزة في تقدمة المعرفة ' لأبقراط،
وغير ذلك.
قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: اشتغل في صناعة [الطب] اشتغالا
برع به فيها. وحصل جمل مغانيها. وحفظ الصحة كاملة، واستردها زائلة.
اجتمعت به فوجدت له نفسا حاتمية، وشنشنة أخزمية، وخلقا ألطف من
النسيم، ولفظا أحلى من مراح التسنيم.
وأسمعني من شعره البديع. فهو في علم الطب قد تميز على الأوائل
والأواخر، وفي الأدب قد عجز كل ناظم وناثر، هذا معما أنه في الفقه سيد
زمانه، وأوحد أوانه.
قلت: هذه مجازفة قبيحة من الموفق لا يزال يرتكبها، نسأل الله العفو.
ثم سار من دنيسر ودخل الديار المصرية، ثم رجع إلى الشام وخدم
بالقلعة في الدولة الناصرية. ثم خدم بالمارستان الكبير.
وله من أبيات:
* فقلت: شهودي في هواك كثيرة
* وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح
*
* قال: شهود ليس يقبل قولها
* فدمعك مقذوف وقلبك مجروح
*
وأحسن من هذا قول ابن البن:
* ودمعي الذي يملي الغرام مسلسلا
* رمى جسدي بالضعف والجفن بالجرح
*
وله:
* نعم فليقل من شاء عني فإنني
* كلفت بذاك الخال والمقلة الكحلا
*
* وعذبني بالصد عنه وكلما
* تجنى فما أشهاه عندي وما أحلا
*

281
* فحرمت نومي بعدما صد معرضا
* كما حلل الهجران مذ حرم الوصلا
*
* غزال غزا قلبي بعامل قده
* ومكن من أجفانه في الحشا نبلا
*
* فلا تعذلوني في هواه فإنني
* حلفت بذاك الحسن لا أقبل العذلا
*
سمع منه: قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى، والموفق ابن أبي
أصيبعة، وأبو محمد البرزالي، وطائفة.
وكان أبوه خطيبا بدنيسر.
توفي العماد في ثامن صفر.
412 - محمد بن عبد الحكم بن حسن بن عقيل بن شريف بن
رفاعة بن غدير.
الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله السعدي، المصري.
شيخ حسن من بيت الرواية.
سمع من جده الحسن بعض ' الخلعيات '، قال: أنا جدي لأمي
عبد الله بن رفاعة.
روى عنه: المزي، وقطب الدين عبد الكريم، والبرزالي، وجماعة.
ومات بمصر في رمضان. وكان يعرف بابن الماشطة.
ولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبية بمصر، وكان يقرأ الحديث
على كرسي بجامع مصر، وغيره.

282
ولد سنة ثمان وستمائة.
413 - محمد بن عبيد الله بن هارون بن خطاب.
العلامة أبو بكر المرسي.
صاحب أدب وبلاغة. كتب الانشاء لابن هود، ثم لصاحب غرناطة، ثم
لصاحب تلمسان، وبها توفي.
وله نظم رائق. وهو القائل في مليح:
* مجمع البحرين أضحى خده
* إذ تلاقى فيه موسى والخضر
*
414 - محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك.
الإمام البليغ، النحوي، بدر الدين ابن الإمام شيخ النحاة جمال الدين
الطائي، الجياني، ثم الدمشقي.
كان إماما ذكيا، فهما، حاد الذهن، إماما في النحو، إماما في المعاني
والبيان والمنطق، جيد المشاركة في الفقه والأصول، وغير ذلك.
أخذ عن والده، وسكن بعلبك مدة، فقرأ عليه جماعة منهم الإمام بدر
الدين بن زيد.

283
ثم سكن دمشق وتصدر للإشغال بعد وفاة والده. وكان عجيبا في الذكاء
والمناظرة وصحة الفهم. وكان مطبوع العشرة، وفيه لعب وفراغ. وله
تصانيف معروفة في العربية والبديع والمعاني. ومات قبل الكهولة أو في
أوائلها من قولنج كان يعتريه كثيرا.
وتوفي إلى رحمة الله بدمشق في ثامن المحرم، ودفن بمقبرة باب
الصغير وكثر التأسف عليه. وولي بعده الإعادة بالأمينية الإمام كمال الدين ابن
الزملكاني وله ثماني عشرة سنة وشهر.
415 - محمد بن مكي بن أبي القاسم حامد بن عبد الله.
عماد الدين، أبو عبد الله الإصبهاني الأصل، الدمشقي، الزركشي.
الرقام.
روى عن: داود بن ملاعب، والأنجب بن أبي السعادات، وابن روزبة،
وخليل الجوسقي.
وسكن القاهرة. وكان ارتحاله إلى بغداد بعد الثلاثين وهو شاب.

284
روى عنه: المصريون، والمزي، والبرزالي.
ومات في الثاني والعشرين من شوال.
416 - محمد بن يحيى بن علي.
المحدث، المسند، أبو صادق، جمال الدين ابن الحافظ الإمام رشيد
الدين أبي الحسين القرشي، المصري، العطار.
ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع من: محمد بن عماد،
وعبد العزيز بن باقا، ويوسف بن شداد القاضي، وعبد الصمد القصاري،
وعلي بن مختار، وطائفة.
وعني بالحديث، وكتب، وخرج لنفسه موافقات ومصافحات.
روى عنه: المصريون، والمزي، والبرزالي، وابن سامة.
وتوفي في ربيع الآخر.
417 - محمد بن أبي بكر بن يوسف ابن خطيب بيت الآبار.
عفيف الدين الكاتب.
روى عن: ابن اللتي، والإربلي.
سمع منه: البرزالي، وجماعة.
وخدم بالمرقب وقت افتتاحه، وبه مات في صفر.
418 - مفضل بن إبراهيم بن أبي الفضل.

285
الشيخ رضي الدين، أبو الفضل الدمشقي، الطبيب المشهور.
كان بصيرا بالعلاج، ماهرا في الصنعة، ذكيا. ماهرا، مادحا. ولد سنة
عشر وستمائة.
وكان صالحا، دينا، خيرا صحيح العقيدة سافر إلى بلاد الترك إلى بلاد
الملك بركة، وحصل أموالا كثيرة ولكنها نهبت منه في الرجعة. وعرضوا عليه
رئاسة الأطباء فأباها.
وقد كتب في الإجازات، وله سماع.
توفي بدمشق في الثالث والعشرين من صفر.
419 - موسى بن محمد بن حسين.
القرشي، الصالحي، الفقير، أخو الكمال علي.
توفي بزاويته بالجبل.
وقد روى عن: ابن اللتي، والهمداني.
ومات في رمضان.
روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي.
وكان شيخ الزاوية بعد أخيه كمال الدين.
- حرف الياء -
420 - يحيى بن إسماعيل بن صغير.
الشيخ الصالح، أبو زكريا الحراني.
سمع ببلده من: أبي المجد القزويني، والموفق عبد اللطيف بن يوسف.

286
وحدث بدمشق.
وأخذ عنه طلبة الوقت.
مات في المحرم.
421 - يحيى بن الخضر بن حاتم بن سلطان.
زكي الدين القليوبي، المصري. ويعرف بابن قمر الدولة.
روى بالإجازة عن: ابن باقا، ومكرم.
وعاش تسعين سنة.
كتب عنه: المصريون، والبرزالي.
ومات في جمادى الآخرة.
422 - يحيى بن خلف.
المقاماتي، المصري، ابن أخت الحكمة.
روى عن مكرم.
وعاش بضعا وثمانين سنة.
وتوفي في تاسع عشر جمادى الآخرة.
الكنى
423 - أبو البدر.
عبد الله بن أبي الزين المصري، الكاتب.
روى عن ابن اللتي.
ومات بمصر في صفر.
كتب عنه البرزالي، وغيره.

287
424 - أبو بكر بن عباس بن جعوان.
المولى محيي الدين الأنصاري، الدمشقي.
حدث عن: الحافظ الضياء.
وتوفي بجبل قاسيون في رجب.
* *
وفيها ولد:
جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن نباتة المصري،
الأديب، شاعر وقته،
والملك صلاح الدين يوسف بن الملك الأوحد.
وأبو طاهر أحمد بن عبد الله الزبيدي.

288
سنة سبع وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
425 - أحمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.
الإمام، الزاهد، شرف الدين بن الشرف، أبو العباس المقدسي،
الحنبلي، الفرضي، من بقايا السلف.
تفقه على تقي الدين أحمد بن العز بن الحافظ.
وسمع من: عم أبيه الشيخ موفق الدين، وابن أبي لقمة، والقزويني،
وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وطائفة سواهم.
وروى الكثير.
سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن الخباز، والمزي، وابن سلمة،
والبرزالي، وطائفة سواهم.
وكان ممن جمع بين العلم والعمل.
توفي في خامس المحرم عن ثلاث وسبعين سنة مبطونا شهيدا. وكان
يشغل بجامع الجبل، وله نظم حسن. وكان منقطعا، قانعا باليسير، ما له
وظيفة، رحمه الله.

289
426 - أحمد بن ظافر.
أبو العباس المصري، الشرابي.
روى عن: عبد الرحيم بن الطفيل.
ومات في ربيع الأول. وهو أحمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن
ظافر.
427 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن الشيخ الكبير عبد الله اليونيني.
قام مقام أبيه عندما استشهد على حمص.
وكان فيه فقر وديانة ومكارم.
مات في شوال، وهو في عشر الستين.
وقد صحب جده الشيخ محمد. وله إجازة من ابن روزبة، وابن بهروز،
والأنجب الحمامي.
وما أراه حدث، رحمه الله.
428 - أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله.
تاج الدين، أبو العباس الحموي، الشافعي، المعروف بابن المغيزل.
ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع الحديث من ابن رواحة، ورواه.
ومات بحماة في سابع عشر رجب. وكان فقيها، فاضلا، مفننا،
مدرسا، مفتيا. ولي مشيخة الشيوخ بحماة، ودرس بالعصرونية، ودخل بغداد
وناظر بها وأكرم مورده. وكان صاحب ديانة وعبادة وخير ومهابة وورع. ترك

290
المناصب لأولاده واشتغل بنفسه. وأولاده: زين الدين، وناصر الدين، وفخر
الدين.
429 - أحمد بن محمد بن أبي سعد.
العدل، جمال الدين الواسطي، خطيب كفرسوسة.
روى عن: التقي بن باسويه.
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
كتب عنه: البرزالي، وقال: توفي في ذي الحجة. وكان يشهد تحت
الساعات. وله إجازة من ابن أبي لقمة، وجماعة.
430 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عياش.
الصالحي، النجار، المعروف بالباشق.
أحد الحريرية.
قتل بالجبل وأخذ قماشه في جمادى الأولى.
431 - أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن يحيى.
البدري، خطيب بيت الآبار، المقدسي، الشاهد.
روى عن الفخر الإربلي، والتاج القرطبي.
ومات في رجب.
أخذ عنه: ابن الخباز، والبرزالي.
وهو أخو العفيف، والموفق.

291
432 - أحمد بن أبي بكر بن عبد الباقي بن علي بن حفاظ.
الصالح، أبو العباس الصالحي، الصحراوي، الفلاح.
رجل مبارك، ساكن زرع.
روى عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن أبي لقمة.
روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة.
ومات في ذي القعدة.
433 - أحمد بن أبي بكر بن سليمان بن علي.
جمال الدين، أبو العباس ابن الحموي، الدمشقي.
ولد في رجب سنة ستمائة، وحضر عمر بن طبرزد.
وسمع من: الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم بن
الحرستاني، وغيرهم. وأجاز له منصور الفراوي، وجماعة.
وحدث مدة طويلة. وسمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس الموصلي،
والوجيه السبتي، وسبطا إمام الكلاسة، والمزي، وابن تيمية، والبرزالي،
وطائفة.
ولم يزل مستورا وظاهر العبادة والنسك حتى اتهم بشهادة زور ذكرناها
في ترجمة ابن الصائغ وأصر عليها، فأهدره الحكام وأخرق به. ولم يسمع منه
أحد بعدها. ومات على ذلك، تجاوز الله عنا وعنه.
وكان قد تفرد بأجزاء من مروياته، ومات بدويرة حمد في ذي الحجة،
وله سبع وثمانون سنة.

292
قال لي البرزالي: كان يصلي نوافل ويتواضع كثيرا، ويشهد لكل من
قصده، ويزكي من جاءه. وقد روى ' البخاري ' غير مرة.
434 - إبراهيم بن عبد العزيز بن يحيى.
الإمام الزاهد، القدوة، أبو إسحاق اللوري، الرعيني، الأندلسي،
المالكي، المحدث ولورة من أعمال الأندلس.
ولد سنة أربع عشرة وستمائة بحصن لورة وهي بقرب إشبيلية.
حج في شبيبته. وسمع من: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي،
وسبط السلفي.
وقدم الشام فسكنها، وسمع من: ابن سلمة، ومكي بن علان، وطائفة.
وتفقه وعرف المذهب، ولزم السنة، وكتب الكثير بخطه المتقن. وكان
إماما عالما، محدثا، متقنا، زاهدا، عابدا، قانتا لله، كثير المحاسن، مؤثرا
على نفسه ولو كان به خصاصة. ولم يزل لونا واحدا في السماحة والكرم
والسعي في حوائج الفقراء ومصالحهم وخدمتهم، وإيجاد الراحة والتلذذ
بذلك، مع الإعراض عن الدنيا وعن الرئاسة.
قيل إن قضاء المالكية بدمشق عرض عليه فامتنع. وكان قبل ذلك فقيرا،
مقصودا بالزيارة لزهده، ولم يكن يذكر بكثير علم. ثم استنابه القاضي جمال
الدين أبو يعقوب بنصف المعلوم. ثم سعى له علم الدين الدواداري فولي
مشيخة الحديث بالظاهرية، فكان يذكر فوائد حسنة على الميعاد نقلتها في لوح
أسماء ونكتا. وكان ذكيا يتصرف ويحرر ما يقوله. وكان متوددا محببا إلى
الناس.

293
وولي مشيخة المالكية بعد الشيخ جمال الدين ابن الشريشي، وألقى لهم
الدرس، وشكرت دروسه وفتاويه.
وقد كتب إلى الدواداري يمدحه:
* بلغ هديت أمير الوفد والحرم
* تحية نشرها مسك لمنتسم
*
* واشهد عرف نداه إن فيه هدى
* لآمليه إذا أدخلت في الظلم
*
* ولذ بحضرته إن كنت ملتجئا
* إن اللياذ به أمن من العدم
*
عفى الله أبا إسحاق، مالك ولمدح الأمراء، هذا الذي قلته من هناتك
وزلاتك.
* وقل له يا أخي ود قواعده
* قد أسستها يد التقوى على القدم
*
* إن ضاع عهد امرئ عن نأي أو ملل
* فليس ودي في حال بمنصرم
*
* وهل تضاع عهود كان مبدأها
* على حديث رسول الله في الحرم
*
* ما ضاع ود وعاه صدر مثلكم
* حفظ العهود وإن طالت من الكرم
*
توفي أبو إسحاق اللوري بالمنيبع بظاهر دمشق في الرابع والعشرين من
صفر. وقد سمع منه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي،
وجماعة.
وأجاز لي مروياته، ودفن بمقابر الصوفية.
435 - إبراهيم بن عثمان بن يحيى بن أحمد.
أبو إسحاق اللمتوني، المراكشي، ثم الدمشقي، ابن مؤذن الكلاسة.
شيخ صالح، معمر، مبارك، خير، له دكان في سوق الزيارة.
ولد سنة تسع وتسعين بدمشق.

294
وسمع بنفسه من: ابن البن، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى،
وزين الأمناء، وابن الزبيدي، وطائفة.
وسمع أخاه عليا معه من جماعة.
وروى الكثير.
أخذ عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة.
وتوفي في مستهل جمادى الآخرة.
436 - إبراهيم بن فراس بن علي بن زيد.
الرئيس، فخر الدولة ابن نجيب الدولة.
أبو إسحاق ابن العسقلاني.
حدث عن زين الأمناء.
أخذ عنه: البرزالي، وابن الخباز، وقطب الدين عبد الكريم، وجماعة.
ومات في شوال.
437 - إبراهيم بن معضاد بن شداد.

295
الشيخ الزاهد، الكبير، القدوة، أبو إسحاق الجعبري.
روى عن: السخاوي.
كتب عنه: البرزالي، والمصريون.
وسكن القاهرة دهرا. وكان له مسجد هو شيخه وإمامه. فكان يجلس
فيه ويقص على الناس ويخوف ويحذر. ولكلامه وقع في النفوس.
وكان زاهدا، عابدا، أمارا بالمعروف، قوالا بالحق، حلو العبارة،
ولأصحابه فيه عقيدة ومغالاة. وله شعر في التصوف والزهد. وتوفي في الرابع
والعشرين من المحرم وقد جاوز الثمانين بسنوات. فإنه ولد في سابع عشر ذي
الحجة سنة تسع وتسعين بقلعة جعبر.
ورأيت كل من عرفه يعظمه ويثني عليه وعلى طريقته، رحمة الله عليه،
وعليه مآخذ في عباراته.

296
438 - آسية بنت زين الدين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة.
أم عبد الله المقرئة.
كانت تلقن النساء بالدير. وبيتها معمور بالتلاوة والدرس.
أجاز لها سنة ست وستمائة: أبو الفخر أسعد بن سعيد، وزاهر الثقفي،
وابن سكينة، وعمر بن طبرزد.
وسمع منها الجماعة.
توفيت خامس رجب.
439 - إلياس بن عبد الله.
أبو الحسن الرومي، عتيق القاضي ابن اللمغاني.
سمع ' صحيح البخاري ' من عبد السلام الداهري بكماله.
ومات في ربيع الأول [ببغداد]. وقد سمع كثيرا.

297
440 - أياز الرومي.
الأمير الكبير، فخر الدين النجمي، المعروف بالمقري، أحد حجاب
الملك الظاهر، ومن كان يعتمد عليه في المهمات وثيق به. ترسل عنه إلى
أبغا بن هولاكو وإلى غيره. ولما تملك الملك المنصور جعله أمير حاجب،
وأعطاه خبزا كثيرا، وزادت منزلته عنده، وكان أيضا يندبه للمهمات لعلمه
بدرايته ونهضته حج من الشام سنة ست وثمانين، ورد إلى مصر فتوفي بها في
ربيع الأول وقد نيف على الستين.
وقد رأيته بدمشق، وكان شيخا مهيبا.
روى عن ابن المقير، وحدث بالقاهرة ودمشق.
- حرف الباء -
441 - الباخلي.
الأمير الكبير جمال الدين، من أمراء دمشق.
توفي في ذي القعدة.
442 - بدر الدين الآمدي.

298
الكاتب الرئيس،، ناظر ديوان دمشق.
توفي في المحرم. وهو كان يعرف بابن العطار، وبالعلم الطويل.
واسمه أحمد. وكان أمينا في فنه، ماهرا.
443 - بدر.
الأتابك الطواشي، بدر الدين، عتيق الست اقصرا.
روى عن: الزبيدي، وابن صابح، وكريمة.
كتب عنه الجماعة.
وتوفي في ربيع الآخر.
كتب عنه: ابن العطار، والبرزالي.
444 - بيليك.
الأمير الكبير بدر الدين الصالحي، المعروف بالأيدمري. من أمراء
الألوف وكبراء المصريين. رأيته يحمل الجتر على رأس السلطان الملك
المنصور سنة ثلاث وثمانين.
توفي في المحرم بالقاهرة. وخلف ثلاثة بنين ومائة مملوك، ووصى
بهم للسلطان.
- حرف الحاء -
445 - الحسن بن شاور بن طرخان.

299
الأديب، ناصر الدين الكناني، الشاعر المعروف بابن النقيب، وبابن
الفقيسي، الجندي، من أعيان الشعراء بالديار المصرية.
مدحه الشهاب محمود الموقع، ومدح هو الشهاب. ونظمه في غاية
الجزالة والسهولة، فمن شعره:
* إن القطيفة التي
* لا تشتهى نقلا وعقلا
*
* حشيت ببرد يابس
* فلأجل ذاك الحشو تقلا
*
وله:
* أراد الظبي أن يحكي التفاتك
* وجيدك، قلت: لا يا ظبي فاتك
*
* وقد الغصن قدك إذ تثنى
* وقال: الله يبقي لي حياتك
*
* ويا آس العذار فدتك نفسي
* وإن لم أقتطف بفمي نبأتك
*
* ويا ورد الخدود حمتك مني
* عقارب صدغه فأمن جناتك
*
* ويا قلبي ثبت على التجني
* ولم يثبت له أحد ثباتك
*
وله:
* وبي رشأ نحا قصدا جميلا
* فأقبل معربا عن حسن قصده
*
* بنطق ملحه الإعراب فيه
* وأشهد أنها مزجت بشهده
*
* وثغر درة الغواص فيه
* وجوهر ثغره وجمان عقده
*
* ووجه فيه تكملة المعاني
* وإيضاح له لمع بوقده
*

300
* أخو جمل مفصلة يرينا
* مقدمه المطرز فوق خده
*
وله:
* ليس لي في الشراب شرط ولكن
* أنا شرطي أن لا أعطل كأسي
*
* كم أخذت الكؤوس مثل فؤادي
* ولكم قد رددتها مثل رأسي
*
وله من قصيدة نبوية:
* يا مادحين رسول الله حسبكم
* تكرير مدح وتعظيم وتطويل
*
* فهو الذي ليس يفني وصف سؤدده
* وينفد المدح في أدناه والقيل
*
* يغنيه عن كل مدح مدح خالقه
* فإن ذلك تنزيل وترتيل
*
* ليست قصائد إلا أنها سور
* من الجليل بها وافاه وجبريل
*
* والمدح شعر وإنشاد لمن مدحوا
* ومدح أحمد قرآن وإنجيل
*
* وفي المدائح تأويل لمعترض
* والمصطفى مدحه ما فيه تأويل
*
وله:

301
* وخود دعتني إلى وصلها
* وشرخ شبابي مني ذهب
*
* فقلت: مشيبي ما ينطلي
* فقالت: بلى ينطلي بالذهب
*
توفي، رحمه الله، في منتصف ربيع الأول. وقد روى عنه شيخنا
الدمياطي.
446 - الحسين بن علي بن سلامة.
قاضي بغداد، شرف الدين، أبو عبد الله الهاشمي.
مات في ربيع الأول، وله ثمانون سنة.
كتب في الإجازات.
- حرف الخاء -
447 - خطلبا.
غرس الدين الأرمني، مولى القاضي زين الدين ابن الأستاذ الحلبي.
مات بحلب في ربيع الأول.

302
وحدث عن: ابن روزبة، وابن الزبيدي، والركن إبراهيم الحنفي،
وجماعة.
كتب عنه: شيخنا ابن الظاهري، وابنه، وابن نباتة، والبرزالي،
وآخرون.
وذكر أنه ولد بالكرج سنة خمس عشرة وستمائة.
- حرف الزاي -
448 - زينب بنت أحمد بن كامل بن العلم.
المقدسية، القابلة.
امرأة صالحة مسنة، ولدت سنة إحدى وستمائة، وحضرت ابن طبرزد.
وهي بنت عم إبراهيم بن حمد بن كامل. ولها أيضا سماع من أبي
عبد الله بن الزبيدي.
وكان لها عبادة، وفيها ديانة ولطف وخدمة.
توفيت في خامس شوال.
وقد سمع منها الجماعة. ولها إجازة من أسعد بن سعيد، وزاهر
الثقفي، وعبد الوهاب بن سكينة.
- حرف السين -
449 - سعد الخير بن أبي القاسم عبد الرحمن بن نصر بن علي.
العدل، سعد الدين، أبو محمد النابلسي، الشافعي، الشاهد.

303
ولد سنة سبع عشرة وستمائة.
وسمع الكثير من: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن صصرى،
وابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن صباح، وخلق سواهم.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وطائفة.
وأجاز لي مروياته. سألت المزي عنه فقال: شيخ جليل كثير السماع،
سمعنا منه كثيرا.
قلت: توفي في جمادى الآخرة.
450 - سليمان بن العلامة علم الدين.
أبو الربيع الفارقي، الحنفي، النحوي.
توفي بالقاهرة في ربيع الأول.
- حرف الشين -
451 - شعبان بن يونس.
الإربلي، العدوي، الفقير.
رجل صالح.
توفي بدمشق في جمادى الآخرة.
- حرف العين -
452 - عبد الله بن المحدث محمد بن عمر.
العثماني، الدمشقي، أبو محمد.
سمع: أباه، وأبا القاسم بن صصرى.
وأجاز له أبو اليمن الكندي.

304
وتوفي في جمادى الآخرة. وهو في عشر الثمانين.
سمع منه: البرزالي، والمزي.
453 - عبد الرحمن بن عبد العظيم.
عز الدين ابن العلامة الحافظ زكي الدين المنذري.
توفي بمصر في ذي الحجة. وولد سنة إحدى وثلاثين فسمع من:
علي بن مختار، والحسن بن دينار، وابن المقير، وجماعة.
أخذ عنه: المصريون، والبرزالي، وابن سامة.
454 - عبد الرحمن بن عبد الوهاب.
رشيد الدين الفاخوري.
كان يسكن بالمدرسة التقوية. وخلف ثروة. وكان دينا خيرا.
روى عن: أبي عمرو بن الصلاح.
مات في رمضان.
455 - عبد الرحمن بن عبد المنعم بن خلف.
كمال الدين ابن الدميري، اللخمي، والمؤذن بجامع الفسطاط.
سمع من: القاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي.
وحدث. وكان يؤذن بالمأذنة، فلما فرغ من أذانه أخذته الصفراء،
فمال فضرب رأسه في الركن فمات بها شهيدا.
وقد أجاز له التاج الكندي، وغيره.

305
وهو أخو محيي الدين عبد الرحيم. كتب عنه الجماعة.
ومات في شعبان.
456 - عبد الرحمن بن هبة الله بن عبد الوهاب.
عز الدين، أبو القاسم بن القدار الأميوطي.
روى عن: ابن عماد، وجعفر الهمداني.
ومات بالإسكندرية في شعبان.
روى عنه: البرزالي، والمزي.
457 - عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن يوسف بن أحمد بن سليم.
المسند شهاب الدين، أبو الفضل، ابن خطيب المزة أبي الحجاج،
الموصلي، ثم الدمشقي، المعروف بابن العلم.
ولد بسفح قاسيون في ذي القعدة سنة ثمان وتسعين. وسمع في
الخامسة من: حنبل، وابن طبرزد.
وسألت أبا الحجاج الكلبي عنه فقال: هو أبو الفضل الدمشقي، نزيل
القاهرة. شيخ جليل، فاضل، كثير السماع. سمع ' المسند ' جميعه من حنبل
حضورا.
وسمع من: ابن طبرزد، والشيخ أبي عمر في آخرين.

306
وحدث بعامة مسموعاته رحمه الله.
وقال أبو محمد البرزالي: كان شيخا حسنا، ذا فضيلة ونباهة وتدين.
روى عنه الحافظ زكي الدين عبد العظيم بيتين أنشدهما إياه بمنبج.
وسمع منه خلق من أهل مصر والرحالة. وعلت روايته وتفرد هناك.
وسماعاته من ابن طبرزد في الخامسة.
وكان جده خطيبا بالمزة. وكان أبوه وعمه يرويان عن الحافظ ابن
عساكر.
توفي بالقاهرة في تاسع رمضان. وكان يتعانى الكتابة، رحمه الله
تعالى.
458 - عبد العزيز بن عبد القادر بن إسماعيل.
القباني، الأصم.
روى عن: داود بن ملاعب، وابن راجح.
نزل القاهرة.
روى عنه: المصريون، والمزي.
مات في المحرم بالقاهرة. وكانوا يسمعون من لفظه الحديث
والحديثين.
459 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العلي.

307
القاضي الأجل، العلامة، فخر الدين ابن السكري، المصري.
توفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة وشهرين.
ولي بعد حموه الشيخ بهاء الدين الجميزي خطابة جامع الحاكم.
وروى بالإجازة عن: عفيفة الفارقانية، والمؤيد بن الأخوة، وجعفر بن
أموسان، وأسعد بن سعيد، وعدة.
وكان قوالا بالحق، كبير القدر ولي المناصب، ثم عزل نفسه.
وكان من أعيان الشافعية.
أخذ عنه: البرزالي، والجماعة.
460 - عبد الغفار بن محمد بن محمد بن نصر الله بن المغيزل.
قيل توفي فيها. والأصح سنة ثمان كما سيأتي.
461 - عبد الغني بن يوسف بن غنوم.
الإمام الفقيه، تاج الدين الإسكندراني.
روى عن: ابن عماد.
ومات في ذي القعدة.
462 - عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي.

308
الخطيب الواعظ، قطب الدين، أبو الذكاء القرشي، الزهري،
النابلسي. الشافعي، الخطيب بالأقصى. وأفتى نحوا من خمسين سنة.
وولد في حدود سنة ثلاث وستمائة.
وسمع من: داود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البناء الصوفي.
وأجاز له أبو الفتح الميداني، وأبو أحمد بن شكر، والمؤيد الطوسي،
وجماعة.
وقد قرأ ' الأحكام ' لعبد الحق قراءة بحث على أبي بكر محمد بن
عبد الله المقدسي.
وقرأ ' اللمع ' في النحو على رجل يمني، وتفقه ونظر في العلوم.
روى عنه: الدمياطي، وابن العطار، وابن الخباز، والمزي، وقاضي
حلب زين الدين الخليلي، وابن مسلم، والبرزالي، وآخرون.
وسمع منه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأبو الفتح الأبيوردي، وأبو
العباس ابن الظاهري.
قال لي المزي: شيخ جليل، عالم، فاضل، عالي الإسناد، لكنه غير
مكثر.
وقال البرزالي: كان جليل القدر، رفيع الذكر، له الأبهة والموقع

309
الأسنى في النفوس مع الدين والفضل. وله ميعاد بعد الصبح يلقي فيه من
' تفسير الثعلبي ' من حفظه. وذكر أنه على ذهنه من كثرة ترداده.
توفي في سابع رمضان. وكانت جنازته مشهودة.
أجاز لي مروياته.
قال علم الدين البرزالي: سافرت ليلة موته إلى القدس، ولم يقدر لي شهود جنازته.
463 - عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن قديد.
موفق الدين البغدادي، المقرئ، المعيد في مسجد قمرية.
سمع ' مسند الشافعي ' على ابن الخازن، و ' الدارمي ' على ابن بهروز.
ومات في شعبان، ووهم من قال سنة خمس.
464 - عثمان بن عمر بن ناصر.
كمال الدين، أبو عمرو الأنصاري، العدل، نائب الحسبة بدمشق.
روى عن: ابن اللتي، ومكرم.
ومات في صفر. وله شعر مليح.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، وآخرون.
أجاز لي. ومات في عشر الثمانين.
465 - علي الملك الصالح بن السلطان الملك المنصور سيف الدين
قلاوون.

310
عهد إليه والده بالملك من بعده، وخطب له بذلك، فأدركته المنية وهو
شاب. وكان عاقلا، مليح الكتابة.
توفي في شعبان بعد أخته غازية خاتون زوجة الملك السعيد بشهر،
ودفنا عند أمهما بتربة بين مصر والقاهرة.
وخلف ابنا اسمه موسى، كبر وتميز. وولي ولاية العهد بعده أخوه
السلطان الملك الأشرف في رمضان.
466 - علي بن أبي الحزم.

311
العلامة، علاء الدين ابن النفيس القرشي، الدمشقي، الطبيب، شيخ
الأطباء في عصره.
اشتغل على الشيخ مهذب الدين الدخوار، وبرع في الصناعة والعلاج.
وصنف ونبه واستدرك وأفاد وشغل. وألف في الطب كتاب ' الشامل '. وهو
كتاب عظيم تدل فهرسته على أن يكون ثلاثمائة مجلدة، بيض منها ثمانين
مجلدة. ما ترك خلفه خلف. وفي الكحل كتاب ' المهذب '، وشرح ' القانون '
لابن سينا. وكانت تصانيفه عليها من ذهنه لا يحتاج فيها إلى مراجعة لتبحره
في الفن. وانتهت إليه رياسة الطب بالديار المصرية. وخلف ثروة واسعة،
ووقف داره وأملاكه وكتبه على البيمارستان المنصوري.
وتوفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة. وكان من أبناء الثمانين،
ولم يخلف بعده مثله.
وقد كتب إلينا الإمام أبو حيان الأندلسي أن العلاء ابن النفيس كان إماما
في علم الطب، أوحد لا يضاهى في ذلك ولا يدانى استحضارا واستنباطا.
واشتغل به على كبر. شرح ' القانون ' في عدة مجلدات، وصنف كتاب
' الشامل '. وصنف أيضا مختصرا في الطب يسمى ' الموجز '، وكتاب
' المهذب في الكحل ' في سفرين، أجاد فيه كل الإجادة.

312
قال: وأخبرني من رآه يصنف في الطب أنه كان يكتب من صدره من
غير مراجعة كتاب حالة التصنيف.
ولشيخنا علاء الدين معرفة بالمنطق، وقد صنف فيه مختصرا. قرأت
عليه كتاب ' الهداية ' لابن سينا في المنطق.
وقد صنف في الفقه، وفي أصول الفقه، وعلم الحديث، والنحو،
وعلم المعاني والبيان.
467 - عمر بن العدل عماد الدين محمد بن عمر بن هلال.
الشيخ كمال الدين، أبو جعفر الأزدي، الدمشقي.
روى عن: السخاوي، والتاج القرطبي.
وعاش اثنتين وخمسين سنة.
توفي في ذي القعدة. وكان متزهدا في لباسه وزيه، تاركا للرياسة.
روى عنه: البرزالي، وغيره.
468 - عمر بن أبي الحسن بن مفرج.
البعلبكي، المؤذن.
روى عن: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن.
أخذ عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وأهل بعلبك.
ومات في شعبان في عشر الثمانين. وكان دينا، بصيرا بالمواقيت.

313
- حرف الميم -
469 - محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي.
المحدث، نجيب الدين، أبو عبد الله الهمذاني الأصل، المصري. شيخ
عالم، فاضل.
قرأ الحديث على عبد العزيز بن باقا، وغيره.
وسمع من: أبي البركات عبد القوي بن الحباب، ومكرم، وعلي بن
إسماعيل بن جبارة، وغيرهم.
وله إجازة من عفيفة الفارقانية، وعمر بن طبرزد، وجماعة.
وصار كاتبا في أواخر عمره.
أخذ عنه أبو حيان، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وأبو
عمرو بن الظاهري، وأبو محمد الحلبي، وآخرون.
ولد سنة اثنتين وستمائة. ومات في ذي القعدة. وهو قرابة الأبرقوهي.
حصل والده له إجازة عفيفة.
قال الحافظ عبد الكريم: كان عدلا معتبرا.
470 - محمد بن خالد بن حمدون.
الزاهد، العابد، القدوة، المحدث، مجد الدين الهدباني، ثم
الحموي، الكتبي، الصوفي، العارف.
سمع ببغداد من: ابن بهروز الطبيب، وإبراهيم بن الخير، وجماعة.

314
وبمصر من: ابن الجميزي.
وبحلب من: ابن رواحة، وابن خليل.
وبدمشق من: الرشيد بن مسلمة، وجماعة
وحدث بالبلاد وجاور بمكة مدة، وأقام بدمشق بالمدرسة البلخية مدة.
وكان شيخا، جليلا، مهيبا، كبير القدر.
كان محيي الدين بن النحاس يعظمه ويزوره. وكان جمال الدين ابن
الظاهري يعظمه ويذكر أنه كان شيخا بحلب، وله زاوية في أيام الملك الناصر.
سمع منه المزي، والبرزالي، وجماعة.
وحدث بأماكن. ومات بحلب في رابع عشر المحرم. ودفن عند الحافظ
ابن خليل.
471 - محمد بن عبد الخالق بن طرخان.
المسند، شرف الدين أبو عبد الله الأموي، الإسكندراني.
سألت المزي عنه فقال: شيخ حسن، كثير السماع. سمع الكثير من
الحافظ أبي الحسن المقدسي، وعبد الله بن عبد الجبار العثماني، ومحمد بن
عماد، وغيرهم.
أجاز له أسعد بن سعيد بن روح، وجماعة كثيرون. وكان عسرا في الرواية.
قرأت عليه ' الأربعين في الطبقات ' لعلي بن المفضل. وكان مولده في
حدود سنة خمس وستمائة.
وذكره البرزالي فزاد في نسبه بعد طرخان: حسين بن مغيث بن
عمار، ويعرف بابن السخاوي.

315
سمع ' الترمذي ' من أبي الحسن علي بن البنا، و ' الشفا ' لعياض، من
ابن جبير، وتفرد بعلوه.
وأجاز له أسعد، وعفيفة الفارقانية، وعين الشمس الثقفية، وجماعة.
وكان أبوه يبيع الحرير.
سمع بالثغر من: ابن موقا؛ وبمكة من: المبارك بن الطباخ.
قلت: مات محمد في ربيع الآخر.
قال البرزالي: ولد سنة أربع وستمائة.
472 - محمد بن عبد الرحيم بن مسلم.
كمال الدين الطبيب.
شيخ قديم، عارف بالطب، بصيرا بأصوله ومفرداته. درس بالدخوارية،
وطال عمره. وكان فيه صلاح وخير، وإيثار للفقراء المرضى.
مات في ربيع الأول بدمشق.
473 - محمد بن عبد الملك بن محمد.
أبو عبد الله الإصبهاني، ثم الشيرازي.
سمع ' صحيح البخاري ' كله من ثابت بن محمد الجندي في شعبان سنة
أربع وثلاثين وستمائة بسماعه من أبي الوقت.
أجاز لابن البرزالي هذا العام.
474 - محمد بن علي بن محمد بن أبي بكر.
شمس الدين الواسطي.
شيخ صالح، بكاء، خاشع.

316
روى عن: أبي الفتوح محمد بن الجلاجلي.
سمع منه: ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وآخرون.
وتوفي بحوران.
وقد أجاز لمن أدرك حياته.
475 - محمد بن محمد بن محمد.
الشيخ برهان الدين النسفي، الحنفي، الفيلسوف، المتكلم، المنطقي،
صاحب التصانيف.
قال ابن الفوطي: هو شيخنا الحكيم، المحقق، العلامة، المدقق، له
التصانيف الشهيرة. وكان أوحدا في الخلاف والعلل. متع بحواسه. وكان
زاهدا. وقد لخص ' تفسير الفخر الرازي '.
وولده تقريبا سنة ستمائة. ومات في الثاني والعشرين من ذي الحجة.
ببغداد، وكان قدمها حاجا في سنة خمس وسبعين فسكنها، واشتغل عليه
هارون بن الصاحب.
476 - ميكائيل.
الإمام بدر الدين الجيلي، الشافعي، معيد البادرائية مرة.
توفي في المحرم.
وكان فقيها، صالحا، مقيما بالمدرسة الناصرية.

317
- حرف النون -
477 - نصر بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي.
النابلسي، شهاب الدين، أخو سعد الخير.
سمع وأخوه الكبير من: ابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وابن
صباح، وطائفة.
وكان مكثرا كأخيه، وهذا الأكبر.
سمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس، وابن العطار، والمزي، والبرزالي،
والجماعة.
وعاش ستا وسبعين سنة.
وكان في الآخر يرتزق بالشهادة. وله شعر ضعيف. ولي منه إجازة.
توفي رحمه الله في جمادى الأولى.
- حرف الياء -
478 - ياسين بن عبد الله.
المغربي، الحجام، الأسود، الصالح.
كان له دكان بظاهر باب الجابية. وكان صاحب كشف وكرامات. وقد
حج أكثر من عشرين مرة، وبلغ الثمانين.
اتفق أنه سنة نيف وأربعين مر بقرية نوى فرأى الشيخ محيي الدين
النواوي وهو صبي فتفرس فيه النجابة، واجتمع بأبيه الحاج شرف ووصاه به،
وحرضه على حفظ القرآن والعلم. فكان الشيخ فيما بعد يخرج إليه ويتأدب
معه، ويزوره ويرجو بركته، ويستشيره في أمور.

318
توفي في ثالث ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب شرقي.
وقد أخبر بموت النواوي والده وقال: أين تختار أن يموت، عندكم أو
في دمشق؟ ويقال إنه قتله بالحال لأمر ثم ندم.
479 - يحيى بن علي بن أبي بكر.
العدل، الفقيه، نجم الدين ابن الإمام جمال الدين الشاطبي، ثم
الدمشقي، المقرئ.
روى عن: السخاوي، ومات في رجب.
وكان نقيب الشامية الكبرى. وكان الفقهاء يحبونه ويشكرونه.
وقد سمع وأسمع أولاده كثيرا في حدود الخمسين من: ابن سلمة،
ومكي بن علان، وطائفة.
وكان يشهد تحت الساعات.
وعاش خمسا وسبعين سنة.
وكان أبوه من كبار القراء بدمشق. قد قرأ على الشاطبي مفردا وجامعا،
وإجازة في سنة ثمان وثمانين بخط السخاوي، ولها خطبة حسنة. وقد شهد
فيها على الشاطبي جماعة؛ وأما يحيى فأضر قبل موته، وخلف أولادا. وكان
قد تلا بالسبع على السخاوي جمعا، وعرض عليه القصيد في سنة تسع
وعشرين وستمائة.
480 - يوسف بن إسحاق بن أبي بكر بن محمد.
عز الدين، أبو يعقوب الطبري المكي.

319
سمع ' الترمذي ' على ابن البنا.
وأجاز لنا سنة ثلاث وسبعين.
روى لنا عنه أبو الحسن بن العطار. وأدرك ابن الخباز سنة ست،
وقال: بتنا عنده بالمدرسة، وتواعدنا لنسمع منه بكرة، فرحل الركب بغتة،
ولم ألحقه يومئذ.
قلت: مات سنة سبع أو ثمان، فلم يلحقه البرزالي.
- الكنى -
481 - أبو بكر بن حياة بن يحيى.
الإمام بهاء الدين الرقي، الشافعي، معيد العادلية الصغرى.
سمع ببغداد من: المبارك بن محمد الخواص، ويحيى بن يوسف بن
الجوزي.
ومات في ذي الحجة.
سمع منه أبو محمد البرزالي.
* *
وفيها ولد:
تقي الدين عبد الله بن محمد بن الفخر البعلبكي في جمادى الآخرة،
وشمس الدين محمود بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي، التاجر،
وعبد الرحمن بن الحافظ جمال الدين يوسف المزي، يوم الفطر؛
والصدر سليمان بن داود ابن العطار في شعبان
والقاضي بدر الدين محمد بن القاضي شهاب الدين أحمد الجعبري في
شوال،
والمقرئ شمس الدين محمد بن البصال.

320
سنة ثمان وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
482 - أحمد بن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن
سرور.
الشيخ عماد الدين المقدسي، الصالحي.
ولد سنة ثمان وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وابن
ملاعب، وأبيه، والشيخ الموفق، وطائفة.
ورحل إلى بغداد متفرجا، وسمع من: عبد السلام الداهري، وعمر بن
كرم.
واشتغل، ثم انخلع من ذلك وتمفقر وتجرد. وكان سليم الصدر، عديم
التكلف والتصنع، فيه تعبد وزهد، وله أتباع ومريدون. وللناس فيه عقيدة.
يزوره الصاحب بهاء الدين فمن دونه وهو فارغ عنهم، وله حظ من صلاة
وصيام وذكر إلا أنه كان يأكل الحشيشة فيما بلغني، ويقول: هي لقيمة الذكر
والفكر. وأحسبه صحب الحريري.
سمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة.
وأقام مدة بزاوية له بسفح قاسيون عند كهف جبريل.
وكف بصره.
توفي ودفن يوم عرفة عند قبر والده، رحمه الله.

321
483 - أحمد بن يوسف بن عبد الله بن شكر.
الشيخ العلم بن الصاحب المصري، الفقير، المجرد.
اشتغل في صباه وحصل ودرس. وكان ذكيا فاضلا، إلا أنه تجرد
وتمفقر، وأطلق طباعه. وله حكايات في الزوائد والمزاح معروفة. وكان
يحادد الرؤساء وغيرهم، ويركب في قفص على رأس حمال.
مات بمصر في ربيع الآخر. وكان يتعمم بشرطوط طويل جدا، دقيق
العرض، ويعاشر الحرافشة. وله أولاد رؤساء. وكان قليل الخبرة بمرة.
484 - أحمد بن يوسف بن نصر بن شاذي.
كمال الدين الفاضلي.

322
سمع من: أبي المحاسن بن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وزين
الأمناء، وجماعة بدمشق،
وأبا هريرة بن الوسطاني، وأبا علي بن الجواليقي، وعبد السلام
الداهري، ومحاسن الخزائني، وجماعة ببغداد.
وولد سنة عشر وستمائة بمصر.
وتوفي في جمادى الأولى بدمشق بدرب القاضي الفاضل.
كتب عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة.
وكان يسمع بإفادة القاضي ابن رزق.
485 - أحمد بن أبي بكر بن خليل.
العثماني، المكي، الفقيه، علم الدين الشافعي.
عالم، عامل، حدث عن ابن الجميزي.
وعاش سبعا وخمسين سنة.
486 - أحمد بن أبي العز بن مشرف بن بيان.
شمس الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي، المؤدب، أخو النجم
والشهاب.
حدث عن: أبي الحسن بن المقير، ومكرم، وغيرهما.
مات في شعبان.
487 - أحمد بن محمد بن عبد الرزاق بن هبة الله.
الصالح، المسند، جمال الدين، أبو العباس الصالحي، العطار المغاري.

323
سمع: أبا نصر موسى بن الشيخ عبد القادر، والموفق بن قدامة،
والنفيس بن البن، والمجد القزويني، وأحمد بن طاوس، وجماعة.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وجماعة كثيرة.
وهو أخو شيخنا عيسى.
ولد سنة إحدى عشرة وستمائة.
وتوفي في ثاني ذي الحجة. وكان إمام مغارة الدم. له هيئة وأخلاق
رضية وديانة.
488 - إبراهيم بن سلامة.
الرقي، الشيخ أبو إسحاق.
توفي بالقاهرة في المحرم.
رجل مبارك، كثير السماع بمصر ودمشق بعد الثمانين وقبلها.
ولم يحدث.
489 - إبراهيم بن مسعود بن عبد الله.
أبو إسحاق الدمشقي، الحويري، النجار.
كان يسكن بالحويرة التي قبلي سوق السلاح.
مولده بدمشق في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
سافر إلى بغداد وسمع بها من: أبي الفضل عبد السلام الداهري، وأبي
الحسن بن القطيعي، وجماعة.
وطال عمره. كتب عنه: ابن الخبار، والمزي، والبرزالي، والطلبة.
مات في ثالث ذي الحجة.

324
490 - إسماعيل بن إلياس.
الصاحب، المعظم، مجد الدين ابن الكتبي.
قال ابن الفوطي: قتل في جمادى الآخرة بدار السلطنة. ذكر أنه كان
يومئذ صائما. وكان من أفاضل الأعيان، مليح الخط. وقد قرأ في الطب،
والهندسة، والأدب.
ولي الأعمال الجليلة. كتبت عنه، وكان جميل الجملة والتفصيل،
رحمه الله تعالى.
491 - إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن طلحة.
أبو الفداء المقدسي، ثم الدمشقي. ويعرف بابن الحنبلي.
شيخ صالح من بيت حديث.
روى عن: محمد بن حسان، وغيره.
كتب عنه: البرزالي.
ومات في صفر عن ست وستين سنة.
492 - إسماعيل بن يحيى بن منصور.
الإمام أبو الطاهر الحسني، اليمني.
ولد سنة عشرين وستمائة.
وكتب عنه: أبو الفدا الفرضي، وغيره بالقاهرة. وبها مات في ربيع
الآخر.
سمع من: العلم بن الصابوني، وابن الحبحاب. وكان معيدا.

325
493 - أيدغدي.
الأمير الكبير، علاء الدين الكبكي، الظاهري، مملوك الأمير الحاجب
جمال الدين ابن الداية الناصري.
حضر الوقعة التي بين الملك الناصر والمعز أيبك في سنة ثمان
وأربعين، وهو صبي؛ فاستولى عليه كبك فعرف به، وكان يراعي أولاد أستاذه
جمال الدين ويحسن إليهم. وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي نيابة صفد في
الدولة الظاهرية والسعيدية. وولي نيابة حلب وغير ذلك من المناصب. وكان
من الفرسان المذكورين بالشجاعة.
توفي ببيت المقدس في رمضان، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب،
وهو في عشر الستين.
- حرف الباء -
494 - بركوت.
الحائري، الأسود، الضرير، الرجل الصالح.
روى بمصر عن: كريمة، وأبي القاسم بن رواحة.
مات في شعبان.
كتب عنه: الفرضي، والبرزالي، وجماعة.
495 - بهجة بنت رضوان بن صبح.
الدمشقية، والدة الشيخين وجيه الدين وزين الدين ابني أبي المنجا.
سمعت المائة الفراوية من زوجها عز الدين عثمان بن المنجا.
توفيت في شوال.

326
- حرف الخاء -
496 - خطاب بن محمد بن أبي الكرم بن كنانة.
فخر الدين الموصلي، ثم الدمشقي.
حدث عن: سالم بن صصرى، وعبد الوهاب بن رواج، وغيرهما.
روى عنه البرزالي.
ومات في المحرم.
497 - خطلغ شاه بن سنجر.
الملك ناصر الدين الصاحبي، الجويني.
شاب عاقل، أديب. كان ينوب عن مخدومه ببغداد إذ غاب عنها.
وتقلبت به الأحوال إلى أن ولي بغداد، ثم بلي بمعاداة سعد الدولة الرقي،
فعمل على قتله. ثم قتل ودفن برباط له ببغداد.
- حرف الزاي -
498 - زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني.
أم أحمد الزاهدة، العابدة، المسندة.
سمعت من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي المجد الكرابيسي،
والشمس العطار.

327
وسمعت من ست الكتبة في الخامسة سنة ثمان وتسعين.
وأجاز لها: عبد الوهاب بن سكينة، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعفيفة
الفارقانية، وأبو المجد زاهر الثقفي.
وروت الكثير، وطال عمرها. وكانت من أسند من بقي من النساء في
الدنيا.
سمع منها الحافظان: أبو عبد الله البرزالي، و [نافلته] أبو محمد.
[وسمع منها أيضا: عمر بن الحاجب، وابن الشقيشقة. وروت الحديث نيفا
وستين سنة].
وروى عنها: الدمياطي، وسعد الدين الحارثي، وزين الدين الفارقي،
وابن الزراد، والمزي، وقطب الدين عبد الكريم، وخلق كثير.
وعاشت أربعا وتسعين سنة.
وكانت من النساء العوابد الفقيرات المتعففات، صاحبة أوراد ونوافل
وأذكار وتلاوة، وخشية واستغفار، رضي الله عنها.
توفيت في شوال. وقد روت ' المسند ' كله، وروت شيئا كثيرا عن ابن
طبرزد، وازدحم عليها الطلبة.
وهي أخت الفخر علي في الرضاع والسماع.
- حرف السين -
499 - ست الفقهاء بنت الزين أحمد بن عبد الملك بن عثمان.
المقدسية.
روت عن: أبي المجد القزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وغيرهما.

328
سمع منها: الجماعة.
وماتت في رمضان.
- حرف الصاد -
500 - الصارم البطروحي.
والي البر بدمشق، واسمه مرعش.
مات في عيد النحر. وقد روى ابنه أحمد شهاب الدين الحديث عن
القاضي ابن عطاء.
وهو أخو علاء الدين ابن منجا لأمه، وعم صدرالدين. ودارهم عند
باب السلام.
- حرف العين -
501 - عبد الله البعلبكي.
المعروف بأخي مهدي. وهو والد صاحبنا الفقيه نجم الدين هاشم.
ولد سنة أربع وستمائة.
ومات في ثامن وعشرين جمادى الأولى ببعلبك.
وكان لونا عجيبا، ووحشا عجيبا.
ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان في أول أمره مستقيم الحال، ثم
خلط في أقواله وأفعاله، وقطع إصبع يده. زعم أنه أمرها فعصته، فقطعها.
وكان لجماعة من أهل الضياع فيه عقيدة عظيمة. وقضى أكثر عمره
محبوسا في برج قلعة بعلبك، وحبس معه شخص يعرف بقاسم كان يخدمه
ويحترمه.

329
وكان كثير ممن يقدم إلى بعلبك يدخل عليه البرج لرؤيته ومشاهدته
وسماع كلامه. فيتكلم تارة بالعجمي، وتارة بالزنجي، وبغير ذلك وتظهر منه
أنواع من الاختلال.
والذي ظهر لي من أمره أنه كان يميل إلى مذهب الإسماعيلية، فإنه سافر
في شبابه إلى حصونهم، واجتمع بجماعة من أكابرهم.
قلت: كان ضالا بلا شك. يتكلم بكفريات، وإذا سأل من يخدمه عن
أمر، قال: أنت أعلى وأعلم.
وكان إذا ذكروا ابنه يقول: السر بهاشم.
502 - عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن نصر بن أبي القاسم بن
عبد الرحمن.
المفتي، القدوة، فخر الدين، أبو محمد البعلبكي، الحنبلي.
ولد سنة إحدى عشرة ببعلبك.
وسمع من: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن، وابن الزبيدي،
وابن اللتي، والفخر الإربلي، والناصح ابن الحنبلي، ومكرم بن أبي الصقر،
وجماعة.

330
وقرأ القرآن على خاله القاضي صدر الدين عبد الرحيم بن أبي نصر.
وقدم دمشق للاشتغال في سنة ثلاثين، فتفقه على الإمام تقي الدين ابن
العز، وشمس الدين عمر بن المنجا، وأبي سليمان بن الحافظ. وحفظ كتاب
' علوم الحديث ' لابن الصلاح، وعرضه حفظا على المصنف. وقرأ الأصول
وشيئا من الخلاف على السيف الآمدي، وعلى القاضي نجم الدين أحمد بن
راجح.
وقرأ في النحو على أبي عمرو بن الحاجب، ثم على المجد الإربلي
الحنبلي. ثم رجع إلى بلده وكان الشيخ الفقيه يحبه ويكرمه، وجعله إماما
بمسجد الحنابلة، فلم يزل يؤم به إلى أن انتقل إلى دمشق.
وقد درس بالجوزية نيابة عن القاضي نجم الدين بن الشيخ شمس
الدين. ودرس بالصدرية وبالمسمارية نيابة عن بني المنجا. وولي تدريس
الحلقة بالجامع، ومشيخة مسجد عروة، ومشيخة النورية، ومشيخة الصدرية.
وروى الكثير وأفتى واشتغل وتخرج به جماعة من الفضلاء.
وكان عديم المثل، كبير القدر. سألت أبا الحجاج الكلبي، عنه فقال:
هو أحد عباد الله الصالحين، وأحد من كان يظن به أنه لا يحسن يعصي الله
تعالى. سمعنا منه طرفا صالحا من مسموعاته.
وقال قطب الدين: كان صالحا، زاهدا، عابدا، فاضلا، وهو من
أصحاب والدي، رحمه الله اشتغل عليه وقدمه يصلي به في المسجد. رافقته.
في طريق مكة، فرأيته قليل المثل في ديانته وتعبده وحسن أوصافه.
وقال ولده المفتي شمس الدين: كان دائم البشر يحب الخمول ويؤثره،
ويلازم قيام الليل من الثلث الأخير، ويتلو القرآن، بين العشاءين، ويصوم الأيام
البيض، وستة من شوال، وعشر ذي الحجة والمحرم، لا يخل بذلك.
ولقد أخبرنا بأشياء فوقعت كما قال لخلائق. وذلك مشهور عند من
يعرفه.

331
وقال لي في صحته وعافيته: أنا أعيش عمر الإمام أحمد بن حنبل، لكن
شتان ما بيني وبينه. فكان كما قال.
وقال لي: يا بني تنزهت عن الأوقاف إذ كان يمكنني وكان لي شيء،
فلما احتجت إليها تناولت منها.
قلت: حكى لي حفيده فخر الدين أنه قدم دمشق ومعه مبلغ جيد من
الدراهم، فأكل منه مدة سنين، وأنفق على أولاده حتى كبروا. ثم تردد إلى
الجهات. وكان إمام مسجد ابن عمير الذي بإزاء درب طلحة داخل باب توما.
ويسكن المسجد.
توفي في سابع رجب، ودفن بتربة الشيخ الموفق بسفح قاسيون. وقد
أجاز لي مروياته.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وشيخنا ابن تيمية، والمزي،
والبرزالي، وخلق سواهم.
503 - عبد العزيز بن الدميري.
ويعرف بالديريني.
شيخ زاهد، مشهور، مقصود بالزيارة، جالسه ابن سيد الناس وأرخه.
لقيه بجامع دمنهور ووصفه بالعلم والفهم والصلاح.
504 - عبد العزيز بن نصر بن أبي الفرج.
الشيخ عز الدين، أبو الفضل بن الحافظ أبي الفتوح بن الحصري.
سمع من: والده.
وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي.

332
سمع منه المصريون والرحالة.
ومات في ثامن رمضان، ودفن بالقرافة، وكان من أبناء الثمانين، وقيل
بل جاوز التسعين.
505 - عبد الغفار بن محمد بن محمد بن نصر الله.
الشيخ نجم الدين، أبو المكارم العيدي، الحموي، الكاتب المعروف
بابن المغيزل، وبابن المحتسب.
حدث عن أبي القاسم بن رواحة. وصحب شيخ الشيوخ. وكان كاتب
الدرج بحماة للملك المنصور ولولده الملك المظفر.
وكان المنصور يحبه ويحترمه، ونال من جهته دنيا واسعة. ووقف أوقافا
بحماة. وكان أديبا فاضلا شاعرا، حسن الصحبة، كثير المكارم.
ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. وهو أخو شيخنا عبد اللطيف ومن نظمه:
* هويت بحريا إذا سمته
* تقبيل ما في فيه من در
*
* ينهرني من فرط إعجابه
* يا ما أحيلى النهر من بحر
*
وله:
* يا رب قد أمسيت جارك راجيا
* حسن المآب وأنت أكرم جار
*
* فامنن بعفوك عن ذنوبي إنها
* لكثيرة وقني عذاب النار
*
506 - عبد القادر بن أبي الرضا بن معافى.
القاضي، أبو محمد، نائب الحكم بالإسكندرية.

333
كان يروي ' جامع الترمذي '، عن علي بن البنا. وكان عسرا في الرواية
جدا، فلم يسمع منه علم الدين لعسارته.
وذكر لي جمال الدين المزي أنه أتاه ليسمع منه وهو جالس للحكم
قال: نحن جلوس لقضاء أشغال المسلمين. فقلت: فأيش نحن.
توفي في هذه السنة، وسماعه للكتاب سنة إحدى عشرة وستمائة.
ونقلت من خط ابن الفرضي في شيوخه الذين سمع منهم: عبد
القادر بن عبد العزيز بن صالح بن سليمان بن معافى القاضي أبو محمد
الكندي، الحجري، المالكي، الفقيه، المفتي، من بيت العلم والرواية. كان
لا يروي إلا بالجهد والشفاعات. ناب في الحكم مدة، ثم عزل نفسه، ولزم
بيته. وسمع أيضا من،: ابن عماد، والصفراوي. وأقعد بأخرة. لقبه كمال
الدين بن التقي. وقد تلا بالسبع على الصفراوي.
507 - عبد القادر بن عبد القادر بن خلف.
السماكي، الأنصاري، الزملكاني.
روى عن: عمه الخطيب عبد الكريم الزملكاني.
كتب عنه: البرزالي، وغيره.
ومات في رمضان.
508 - عبد الوهاب بن حمزة بن محمد.
العدل، محيي الدين، قاضي حماة بن محيي الدين حمزة البهراني،
القضاعي.
ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة..
وسمع بحماة من عز الدين محمد بن يوسف بن عمر بن بهرور،
بمهملتين، عوالي طراد، قال: أخبرتنا شهدة.

334
وسماعه من ابن بهروز حضورا.
وسمع من: ابن رواحة، ويوسف بن خليل.
وكان عنده فضيلة ونباهة.
توفي في رمضان بحماة، وقد سمع من جدته صفية القرشية. وكان جد
أبيه قاضيا بحماة.
509 - عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الربيع.
الإمام أبو الحسين القرشي، الأموي، الأندلسي، الإشبيلي، إمام أهل
النحو في زمانه.
ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. واشتغل على أبي الحسن بن الدباج،
وقرأ عليه ' كتاب سيبويه '. وقرأ القرآن على أبي عمر محمد بن أبي هارون
التميمي، عن والده أحمد بن محمد المستوفي سنة خمس وستمائة.
وقرأ أيضا ' كتاب سيبويه ' وغيره على أبي علي الشلوبين، وأذن له في
أن يتصدر للإشغال، وصار يرسل إليه الطلبة، ويحصل له منهم على ما
يكفيه، فإنه كان لا شيء له.
وسمع بعض ' الموطأ ' وبعض ' الكافي ' على أبي القاسم بن بقي، وأجاز
له.
ولما استولى الفرنج على إشبيلية جاء الإمام أبو الحسين إلى سبتة
فسكنها، وصنف بها كتاب ' الإفصاح ' في شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي،
بيع بمصر بخمسة وثلاثين دينارا، وهو أربع مجلدات كبار.
وله كتاب ' القوانين ' مجلد كبير، وله تعليق على سيبويه، وكتاب كبير
في عشر مجلدات ' شرح الجمل ' وهو كتاب لم يشذ عنه مسألة من العربية.

335
قرأت هذه الترجمة على قائلها أبي القاسم بن عمران، وقال: حضرت
مجلس الأستاذ أبي الحسين، وسمعت عليه، وأجاز لي.
وأجاز عند موته لكل من أدرك حياته بعد أن رغب في ذلك طلبته.
وخلفه في موضعه كبير طلبته أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي.
510 - عثمان بن نصر الله بن حسان.
أبو عمرو الدمشقي، الغلفي، السقطي.
روى عن: أبي القاسم ابن صصرى، والناصح بن الحنبلي.
كتب عنه البرزالي، وجماعة.
ومات في شعبان.
وكان من خيار المسلمين. وكان أبوه شاهدا، سمع من الخشوعي.
511 - عطية بن إبراهيم بن عبد الرحمن.
الشيخ سديد الدين، أبو الماضي اللخمي، الإسكندراني، المالكي.
روى عن: محمد بن عمار، والصفراوي.
وولد سنة تسع وستمائة.
أخذ عنه: البرزالي، وأبو العلاء الفرضي، وجماعة. وحدث في هذا
العام، ولا أعلم متى مات.
512 - علي بن أسعد بن عثمان بن أسعد بن المنجا.
الرئيس علاء الدين ابن الأجل صدر الدين. وهو ابن أخت واقف
الصدرية.
توفي، ولم يبلغ أربعين سنة. وكان فيه حشمة وعقل وتواضع ودين. وكان
صديقا لأبي.

336
توفي في شوال.
513 - علي بن أبي الحسن بن أبي المحاسن بن أبي طالب.
أبو الحسن المقدسي، جد صاحبنا شهاب الدين أحمد الظاهري لأمه.
ويعرف بالعفيف الداعي، لأنه كان يدعو بالسبع الكبير عند الفراغ.
وكان إنسانا مباركا، كثير التلاوة.
كتب عنه ابن الخباز، وأخذ على الإجازات خطه.
ومات في رمضان. وقد ولد بالمقدس في سنة ست وستمائة. وسمع
سنة ثلاث عشرة من زكريا الحميري، عن النسابة الجواني، عن ابن رفاعة،
عن الخلعي حكاية المرأة التي رآها الشافعي باليمن لها بدنان.
514 - علي بن سالم بن سليمان.
علاء الدين العرباني، الحصني، والي زرع.
صودر وطلب منه مائة ألف درهم، وعصر فشنق نفسه بالعذراوية في
ربيع الأول. ولعلهم شنقوه سرا.
وقد سمع الكثير من ابن عبد الدائم، وخلق.
وكتب الأجزاء، ووقف أجزاءه.
515 - علي بن عبد العزيز.
شيخ القراء بالعراق، تقي الدين الإربلي، المقرئ، المقيم بدار القرآن
التي أنشأها بهاء الدين الدبيلي بدار الخلافة.
وكان فاضلا، خيرا، كثير الرواية. خرج له جمال الدين ابن القلانسي
عوالي مسموعاته ومروياته. وكان كثيرالمحفوظ.

337
ولد سنة عشر وستمائة في ربيع الأول. ومات في خامس شهر رجب
سنة ثمان، ودفن بقرب بشر الحافي.
نقلت ذلك من خط ابن الفوطي.
قرئ عليه بإجازته من عبد العزيز بن الأخضر، وأبي منصور بن
عفيجة، ومحمد بن عبيد الحلاوي، ومشرف الخالصي، ومحمد بن
عبد الله بن المكرم، وأحمد بن سليمان بن الأصفر، وأحمد بن يحيى
الدبيقي، وإسماعيل بن حمدي البزاز، وسليمان بن محمد الموصلي.
وخلق.
516 - علي بن محمد بن منصور بن عفيجة.
عز الدين البغدادي.
سمع ' مسند عبد بن حميد '، من ابن بهروز. وحدث.
مات في ربيع الآخر عن ست وستين.
أجاز للبرزالي.
517 - عنبر.
القيم المزي.
روى عن أخي معتقه حاطب بن عبد الكريم. وكان أسود اللون.
مات في رمضان بالمزة.

338
- حرف الفاء -
518 - فاطمة بنت الزعبي.
المرأة الشاطرة، الحريرية، زوجة الشيخ نجم الدين بن إسرائيل الشاعر.
كانت مليحة تتعانى الرجولية، وتحلق رؤوس الفقراء وتشلق، ولها
أخبار.
توفيت في ربيع الأول.
519 - فخراور بن محمد بن فخراور بن هندويه.
أبو محمد الكنجي، الصوفي، السهروردي الزاهد.
روى عن الملك المعظم تورانشاه بن صلاح الدين، وإسماعيل بن
عزون.
توفي يوم عرفة بالقاهرة.
كتب عنه الفرضي، وغيره.
- حرف القاف -
520 - قيصر.
أبو محمد المستنصري، البادرائي، فراش البادرائية.
حدث عن: أبي بكر بن الخازن، وغيره.
وكتب عنه: ابن جعوان، وعلم الدين البرزالي.
ومات في صفر.

339
- حرف الميم -
521 - محمد بن أحمد بن علي.
الشيخ كمال الدين ابن النجار الدمشقي، وكيل بيت المال.
حدث عن: القزويني، وابن أبي لقمة، وأبي القاسم بن صصرى، وابن
البن حضورا، وغيرهم.
كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي وجماعة.
وكان فيه دهاء وشهامة وشرالله يرحمه.
مات فجأة بقرية وحمل على بعير متغير. وسر بموته أضداده. ودفن
بقاسيون وله إحدى وسبعون سنة. وقد كان عزل وصودر وجهل أمره قبل
الثمانين. ثم ولي تدريس الدولعية فدرس بها إلى أن مات في شعبان. وكان
يدخل في مكس وحيل ويخاف منه. وله ثروة وتجمل.
ودرس بعده بالدولعية تجاه ابن العطار كمال الدين ابن الزكي.
522 - محمد بن أحمد بن عطاء الله.
الفقيه شمس الدين المرداوي، الحنبلي، الرجل الصالح.
حدث عن: ابن اللتي، وغيره.
وسمع منه الطلبة.
ومات في ذي القعدة بالجبل.
523 - محمد بن العفيف سليمان بن علي.

340
التلمساني، الأديب، شمس الدين، الشاعر. بن الشاعر
تعاني الكتابة، وولي عمالة الخزانة. ومات شابا.
وكان فيه عشرة ولعب وخلاعة. وله شعر في غاية الحسن. ومات في
رجب.
ومن شعره:
* ما أنت عندي والقضيب
* اللدن في حد سوى
*
* هذاك حركه الهواء
* وأنت حركت الهوى
*
وله:
* مولاي إنا في جوارك خمسة
* بتنا ببيت ما به مصباح
*
* ما فيه لا لحم ولا خبز ولا
* ماء ولا شئ له نرتاح
* ذ
* ما فاتنا إلا التخلل بالعبا
* فجسومنا لعبت بها الأرواح
*
* كل تراه في الكآبة والطوى
* شبحا فنحن الخمسة أشباح
*
وله:
* دمي للهوى إن كان يرضي الهوى حل
* فعدلك لا ربط لديه ولا حل
*
* إليك وما موهت عني فإنما التتجاهل
* عند العارفين به جهل
*
* تحدث في النادي بذكري وذكرها
* وصار لأهل الحي من أمرنا شغل
*
* طريد ولي مأوى مباح ولي حمى،
* وحيد ولي صحب، غريب ولي أهل
*

341
وله:
* لي من جمالك شاهد وكفيل
* أني عن الأشواق لست أحول
*
* ما بال خدك جار في تقسيمه
* لي ناره ولغيري التقبيل
*
* يا من تقاصر ليله لسروره
* ليلي بحزن الوجد فيك طويل
*
* غادرتني بحشى تذوب ومقلة
* عبرى وجسم خطه التعليل
*
* في كل جفن للتسهد موطن
* وبكل خد للدموع مسيل
*
* يا قده والرمح فيه نضارة
* فعلام في حد السنان ذبول
*
* أين المعين على الصبابة أهلها
* ليخف عني الوجد فهو ثقيل
*
وله:
* ما للحشيشة فضل عند آكلها
* لكنه غير مهدي إلى رشده
*
* صفراء في وجهه، خضراء في يده
* حمراء في عينه، سوداء في جسده
*
وله:
* لي من هواك بعيده وقريبه
* ولك الجمال بديعه وغريبه
*
* يا من أعيذ جماله بجلاله
* حذرا عليه من العيون تصيبه
*
* إن لم تكن عيني فإنك نورها
* أو لم تكن قلبي فأنت حبيبه
*

342
* هل حرمة أو رحمة لمتيم
* قد قل منك نصيره ونصيبه
*
وله من قصيدة:
* لحاظك أسياف ذكور، فمالها
* كما زعموا مثل الأرامل تغزل
*
* وما بال برهان العذار مسلما
* ويلزمه دور، وفيه تسلسل
*
ومن قصيدة:
* فكم يتجافى خصره وهو ناحل
* وكم يتحالى ريقه وهو بارد
*
وله:
* بمن أباحك قتلي
* علام حرمت وصلي
*
* انا لك المتمني
* وغيري المتملي
*
* وليس مثلك يهوى
* في الحب هجران مثلي
*
* ما دمت تهوى فواصل
* فذا ربيع مولي) ى
*
* حسبي وحسبك دقن
* تأتي بفرقة شمل
*
* وبعد ذاك إذا ما
* رأيت وجهي فولي
*
وله:
* أسير لحاظ كيف ينجو من الأسر؟
* وعاشق ثغر كيف يصحو من السكر؟
*
* وأي محب يلتقي الحب قلبه
* ويثبت وقتا ثم يطمع في صبر
*
* ولا سيما صب يذوب من الهوى
* بما جل عن صحر بما دق عن خصر
*
* يهدده الواشي فيبكي صبابة
* فيغرق من نهر ويغرق في نهر
*
* ففي كل جو منه نقع من الجوى
* وفي كل قطر منه وقع من القطر
*
* تعلق في أفق الملاحة كوكبا
* تألق دريا وضاحك عن در
*

343
* مضى زمن كانت لديه أحبة
* يقومون بالدعوى ويوفون بالنذر
*
* ليالي ساهرنا الخلاعة عندما
* وهبنا الكرى فيها لحادثة الدهر
*
524 - محمد بن صديق بن بهرام.
تاج الدين الدمشقي، الصفار، أبو الذهبي البشكار، أخو محمد بن
يوسف ابن يعقوب الإربلي الذهبي لأمه.
سمعا من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، والهمداني.
وهو أكبر من أخيه بسنتين. أعرفه جيدا. وكان دينا، خيرا، حسن
السمت، يعمل التحاتج الفضية. وعاش ستا وستين سنة.
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وابن البرزالي،
وجماعة.
ومات في رمضان، رحمه الله تعالى.
525 - محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد.

344
الإمام، المحدث، القدوة، الصالح، شمس الدين ابن الكمال
المقدسي، الحنبلي، ابن أخي الحافظ الضياء.
ولد في ذي الحجة سنة سبع وستمائة.
سمع من: أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم الحرستاني حضورا.
ومن: داود بن ملاعب، والبلدي، وأبي الفتوح، وموسى بن عبد
القادر، والشمس أحمد العطار، والشيخ العماد إبراهيم، والشيخ الموفق،
وابن أبي لقمة، وابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وابن راجح،
وأحمد بن طاوس، وابن الزبيدي، وخلق كثير.
وحدث بالكثير نحوا من أربعين سنة. وعني بالحديث، وجمع وخرج
وكتب الكثير بخطه. وقرأ على الشيوخ. وتمم تصنيف الأحكام الذي جمعه
عمه الضياء.
وكان محدثا، فاضلا، نبيها، حسن التحصيل، وافر الديانة، كثير
العبادة، نزها، عفيفأ، مخلصا، كبير القدر.
روى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والشيخ تقي الدين ابن تيمية،
وابن العطار، والمزي، وابن مسلم، وابن الخباز، والبرزالي، وخلق يبقون إن
شاء الله تعالى إلى بعد الخمسين وسبعمائة.
وقد حج مرتين، ودرس بالضيائية، وولي مشيخة الأشرفية التي بالجبل.
وغزا غير مرة. وكان كثير التواضع، كثير الذكر، حسن الشكل، عليه مهابة
وسكون، وفيه ثروة وإيثار.

345
وسألت عنه المزي فقال: أحد المشايخ الجلة المشهورين بالعبادة
والورع والعلم والفضل. سمع الكثير من الأمام أبي محمد بن قدامة، وغيره.
وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني كتاب ' مكارم الأخلاق '.
وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة.
وقال قطب الدين: وفي ليلة تاسع جمادى الأولى، ودفن بمقبرة الشيخ
الموفق.
وحكي لي عنه إنه حفر مكانا بالصالحية لبعض شأنه، فوجد جرة
مملوءة دنانير، وكانت معه زوجته تعينه على الحفر، فاسترجع وطم المكان،
وقال لزوجته: هذه فتنة، ولعل لهذا مستحقين لا نعرفهم. وعاهدها على أنها
لا تشعر بتلك الجرة أحدا ولا تتعرض إليها. وكانت قرينة صالحة مثله،
فتركا ذلك تورعا مع فقرهما وحاجتهما. وهذا غاية الورع والزهد.
526 - محمد بن عبد الكريم بن درارة.
الشيخ الصالح، المؤذن، أبو الفضل، جمال الدين المصري،
المحدث.
ولد سنة اثنتين وستمائة.
وسمع وقد كبر من: ابن المقير، وابن رواج، وجماعة من أصحاب
السلفي.
ونسخ الكثير، ووقف كتبه وأجزاءه.
كتب عنه: البرزالي، والمصريون.
ومات رحمه الله تعالى في شعبان.

346
527 - محمد بن عبد الواحد بن الواعظ أبي بكر بن سليمان بن
علي بن الحموي.
العدل، كمال الدين.
أحد الشهود تحت الساعات.
روى عن: عن ابن الزبيدي.
سمع منه الجماعة.
ومات في جمادى الآخرة.
428 - محمد بن عثمان بن سليمان.
المحدث المفيد، الزاهد، ضياء الدين، أبو عبد الله الزرزاري.
سمع: محمد بن عماد الحراني، وجماعة.
كتب عنه المصريون.
وذكره الفرضي فقال: محدث مكثر، زاهد، عابد، متوجه إلى الله،
مراقب للسنة في حركاته، منقطع. توفي بالقاهرة في تاسع شوال.
وقال غيره: كان يمتنع من التحديث. وألف في مذهب الشافعي أشياء
وغسلها. وتلا بالسبع على: الصفراوي، وجعفر، وابن الرماح، وابن
ماسويه، والعلم السخاوي.
529 - محمد بن عمر بن علي بن رشيد.

347
كمال الدين، أبو حامد بن الشيخ شرف الدين ابن الفارض.
سمع من: أبيه، وابن رواج.
وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة.
كتب عنه: البرزالي، وابن سامة، والمصريون.
ومات بالقاهرة في ربيع الأول.
530 - محمد بن المبارك بن يحيى بن المبارك بن المحرمي.
كمال الدين ابن الصاحب فخر الدين.
من بيت الرئاسة والفضل.
سمع من: السهروردي، وحسن بن السيد.
وكان شيخ رباط المسجد.
ولد سنة تسع وستمائة.
ومات في رمضان.
531 - محمد بن محمود بن محمد بن عباد.
الكافي، العلامة، شمس الدين، أبو عبد الله الإصفهاني، ألأصولي.
قدم الشام بعد الخمسين وستمائة فناظر الفقهاء واشتهرت فضائله.

348
وسمع بحلب من طغريل المحسني، وغيره.
وانتهت إليه الرئاسة في معرفة أصول الفقه: صنف وأقرأ وشرح
' المحصول ' لابن خطيب الري شرحا كبيرا حافلا، وصنف كتاب ' القواعد '
مشتملا على أربعة فنون: أصول الفقه، وأصول الدين، والمنطق، والخلاف،
وهو أحسن تصنيفه. وله كتاب ' غاية المطلب في المنطق '. وله معرفة جيدة
بالنحو، والأدب، والشعر، لكنه قليل البضاعة من الفقه، والسنة، والآثار.
ولي قضاء منبج في الأيام الناصرية، ثم دخل ديار مصر، وولي قضاء
قوص، ثم ولي قضاء الكرك، ثم رجع إلى مصر وولي تدريس المدرسة
الصاحبية البهائية بمصر، وأعاد وأفاد. ثم ولي تدريس مشهد الحسين،
وتدريس الشافعي، رحمه الله.
وتخرج به خلق، ورحل إليه الطلبة؛ وكتب عنه الحديث: علم الدين
البرزالي، وغيره.
توفي في العشرين من رجب بالقاهرة. وكان مولده بإصبهان سنة ست
عشرة وستمائة.
532 - محمد بن مظفر بن سعيد.
الشيخ شمس الدين الأنصاري، المصري.
سمع: عبد الرحيم بن الطفيل، ويوسف بن المخيلي، وجماعة.
ورحل إلى الشام، فقرأ بنفسه على ابن رواحة، وغيره.
وكان عدلا حنفيا، فاضلا، عالما، يقظا.
توفي بالفيوم في ذي الحجة.

349
533 - محمد بن يحيى بن عطاء الله بن خير بن خليفة.
الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله الهمداني الإسكندراني، المالكي،
الضرير.
ويعرف بابن الحضرمي.
حدث عن: جعفر الهمداني، وغيره.
وعاش أربعا وسبعين سنة.
أخذ عنه: البرزالي، والمزي، وجماعة.
وكان من كبار المالكية، ومن أبناء الدنيا أولي الثروة.
مات في رجب.
534 - محمد بن يحيى بن محمد بن خلف.
أبو عبد الله الهمداني، المصري، الشافعي، كمال الدين المحدث.
سمع من: مرتضى بن حاتم، ويوسف بن المخيلي، وعبد الرحيم بن
الطفيل.
وكان يتعاسر على الطلبة.
توفي في سادس عشر ربيع الآخر.

350
535 - محمود الملك المنصور شهاب الدين بن السلطان الملك
الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل.
رأيته شيخا مهيبا، أبيض الرأس واللحية، ضخما، ربعة من الرجال،
مليح الشكل، يلبس قباء وعمامة مدورة. وقد سلطنه [أبوه بدمشق.
وركب في الدست بأبهة الملك في حدود سنة أربعين وستمائة. وكان يوما
مشهودا.
وقد روى عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي.
كتب عنه جماعة من المحدثين؛ وتنقلت به الأحوال إلى أن احتاج
وصار يطلب بالأوراق من الأمراء وغيرهم.
قال لي ابن أم مكتوم على سبيل المبالغة: رأيته سلطانا ورأيته يستعطي.
توفي في شعبان، ودفن بتربة أم الصالح. وولد ببصرى بقلعتها سنة تسع
عشرة.
536 - مظفر بن عبد الصمد بن خليل بن مقلد.
الشيخ المعمر، شمس الدين بن الصائغ الأنصاري، الدمشقي.
حدث عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي القاسم بن صصرى.
ولبس الخرقة ببغداد من الشيخ شهاب الدين.

351
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
توفي في مستهل جمادى الأولى بقرية بلياثا.
أخذ عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، والطلبة.
وثنا عنه القاضي شهاب الدين بن المجد الإربلي.
537 - معن.
الأمير الكبير عز الدين أيبك أمير شكار. ويعرف بمعن.
قال قطب الدين: كان رجلا خيرا دينا، واسطة خير. له حرمة وافرة عند
الملك المنصور.
استشهد في ربيع الأول على حصار طرابلس، جاءه سهم في حدقته
فكانت منيته فيه، ودفن بقبور الشهداء هناك، وهو في عشر السبعين.
538 - منصور ابن صاحب الديوان علاء الدين عطا ملك.
الجويني، ثم البغدادي، لقبه نظام الدين.
قتلوه في رجب وهو شاب. وأمه هي شمس والدة الست رابعة بنت ولي
العهد أحمد بن المستعصم. ودفن بتربة والدته. وكان قد سمع ' المقامات ' من
الشيخ فخر الدين عبد الله بن....، عن منوجهر، عن المصنف. وكتب
على ياقوت.
539 - منكورس ابن الأمير ركن الدين الفارقاني.

352
كان رجلا خيرا، مشكور السيرة، مجتهدا في الغزاة وأمر حصار
طرابلس.
وكان متسلما منجنيقا، فطلع على الستارة بحذر، فجاءه حجر منجنيق
اتلفه في ربيع الأول، ودفن هناك بقبور الشهداء.
وأظنه منسوبا إلى الأمير شمس الدين الفارقاني سنقر الظاهري.
540 - المهذب بن أبي الغنائم بن أبي القاسم.
العدل الكبير، زين الدين التنوخي، الشافعي، كانت الحكم.
انتهت إليه رئاسة الشروط بدمشق. وكان بارعا بصيرا بعللها، مليح
الخط، عدلا مبرزا، خبيرا بالأحكام. وحصل من الكتابة جملة صالحة، وألزم
بشهادة ديوان الخزانة مدة، ثم استعفى فأعفي.
وقد طلب لينوب في القضاء بدمشق في أيام القاضي بهاء الدين ابن
الزكي فامتنع من ذلك لأن الكتابة كانت أكثر تحصيلا له وأهون عليه.
وكان قد قرأ القراءات على السخاوي فيما أرى، وتفقه.
وحدث عن: مكرم، وابن اللتي، وجماعة.
ولد سنة ثمان عشرة وستمائة.
وتوفي في حادي عشر رجب، وكانت له جنازة حفلة.

353
- حرف الياء -
541 - يحيى بن سالم بن طلائع.
الشيخ زين الدين الياسوفي.
حدث عن: ابن الزبيدي.
ومات بخانقاه الطواويس في ربيع الآخر.
542 - يحيى بن عبد الكافي بن يحيى بن مسلم.
الشيخ محيي الدين ابن الشماع المصري.
وقيل بل لقبه العماد.
ولد سنة تسع وستمائة، وكان له حانوت بالبزازين.
وروى عن: فخر القضاة أحمد بن الجباب.
وكان يقال: ما فاتته صلاة في جامع مصر منذ أربعين سنة، فإنه كان
ينوب في الإمامة بجامع عمرو بن العاص.
سمع منه: علم الدين البرزالي وطلبة المصريين].
543 - يحيى بن المقرئ عيسى ابن المحدث عبد العزيز بن عيسى.
الشيخ ناصر الدين اللخمي الإسكندراني.
روى عن: أبيه، ومحمد بن عماد.
سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة.
544 - يعقوب بن بدران بن منصور بن بدلان.

354
الإمام، المقرئ، المجود، تقي الدين، أبو يوسف القاهري، ثم
الدمشقي المقرئ المعروف بالجرائدي. شيخ الإقراء بالمدرسة الظاهرية،
وغيرها بالقاهرة.
كان إماما مبرزا في علم القراءات.
أخذ القراءات بدمشق عن السخاوي، وابن باسويه.
ورحل إلى أبي القاسم بن عيسى فقرأ عليه، وعلى غيره.
وحدث عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وغيرهما.
وانتفع به الطلبة.
قرأ عليه: ابنه العماد محمد، والشيخ نور الدين السطنوفي، وغير
واحد.
وسمع منه المحدثون.
توفي في شعبان، وعمل قصيدة في القراءات حل فيها رموز ' الشاطبية '
وصرح بهم. وأثبت الأبيات، عرض كل بيت فيه رمز وأقر سائر القصيدة على
حالته.
* *
وفيها ولد:
بدر الدين محمد بن المولى علاء الدين علي بن محمد بن سليمان بن
غانم الشافعي الكاتب، في صفر.
وبرهان الدين إبراهيم بن أحمد الزرعي، الحنبلي،
وجمال الدين محمد بن محيي الدين قاضي الزبداني،
وعز الدين محمد بن أحمد بن المنجا التنوخي،
وعلي بن قطب الدين عبد الكريم المنبجي الحلبي.

355
سنة تسع وثمانين وستمائة
- حرف الألف -
545 - أحمد بن الطبيب الحاذق أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن
سونج.
الصالحي، أخو شيخ البكرية إسماعيل، والمحدث عماد الدين حسن،
والفقير حسين، والفقيه محمد العطار، وخمستهم فيهم دين وجودة.
سمع: أحمد بن عبد الدائم. ولم يزد.
546 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن عياش.
الصالحي.
روى عن: ابن اللتي.
ومات في شوال.
[حدث عنه: البرزالي، وغيره]
547 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.

356
قاضي القضاة، نجم الدين، أبو العباس ابن شيخ الإسلام شمس الدين
ابن أبي عمر المقدسي، الحنبلي.
كان مولده في سنة إحدى وخمسين وستمائة.
وسمع حضورا من خطيب مردا.
وسمع من: إبراهيم بن خليل، وابن عبد الدائم.
ولم يحدث. رأيته، وكان شابا، مليحا، مهيبا، تام الشكل، بدينا،
ليس له من اللحية إلا شعرات يسيرة، وكانت إليه مع القضاء خطابة الجبل
والإمامة بحلقة الحنابلة، ونظر أوقاف الحنابلة.
وكان حسن السيرة في أحكامه، مليح البزة، ذكيا، مليح الدرس له قدرة
على الحفظ، وله مشاركة جيدة في العلوم. وله شعر جيد، وفضائل.
فمن نظمه:
* آيات كتب الغرام أدرسها
* وعبرتي لا أطيق أحبسها
*
* لبست ثوب الضنى على جسدي
* وحلة الصبر لست ألبسها
*
* وشادن ما رنا بمقلته
* إلا سبى العالمين نرجسها
*
* فوجهه جنة مزخرفة
* لكن بنبل الحتوف يحرسها
*
* وريقه خمرة معتقة
* دارت علينا من فيه أكوسها
*
* يا قمرا أصبحت ملاحته
* لا يعتريها عيب يدنسها
*
* صل هائما إن جرت مدامعه
* تلحقها زفرة تيبسها
*
ولي نجم الدين القضاء في حياة والده لما عزل نفسه.

357
وتوفي في ثالث عشر جمادى الأولى في أول الليل، وقيل في آخر نهار
الثاني عشر، ودفن بمقبرة جده من الغد، وشيعه الخلق. وعاش ثمانيا وثلاثين
سنة، وخلف ابنين: سعد الدين الخطيب، وفخر الدين الخطيب.
وقد حج مرتين، وحضر غير غزوة. وكان يركب الخيل، ويلبس
السلاح.
548 - أحمد بن عيسى بن رضوان.
الشيخ كمال الدين، أبو الضياء الكناني، العسقلاني، الشافعي، قاضي
المحلة. لا أعلم متى توفي. وقد لقيه الفرضي وسمع منه في حدود سنة
سبع وعشرين.
وحدث عن: ابن الجميزي. وكان يعرف بالقليوبي. قد شرح ' التنبيه '
في اثني عشر مجلدا. وصنف في علوم القرآن.
وكان دينا، صالحا، مفتيا.
549 - أحمد بن عيسى بن حسن.
علم الدين [الزرزاري] السنجاري، ابن أخي قاضي القضاة أبي
العباس الخضر.
ولد بالخابور سنة تسع وعشرين وستمائة.

358
وسمع من: الساوي، وسبط السلفي.
وحدث. ومات بالقاهرة في جمادى الأولى.
550 - أحمد بن منعة بن مطرف.
الصالح، عماد الدين، الحوراني، الصالحي. والد شيخنا محمد.
روى عن: القزويني، والمجد.
كتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة.
ومات في ربيع الآخر.
551 - أحمد بن ناصر بن طاهر.
العلامة، برهان الدين الحسيني، الشريف، الحنفي، إمام محراب
الحنفية الذي بمقصورة الحلبيين بدمشق.
كان مفتيا، عالما، زاهدا، عابدا.
توفي في بيته بالمنارة الشرقية في شوال.
وقد صنف تفسيرا في سبع مجلدات، وصنف في أصول الدين كتابا فيه
سبعون مسألة. وذكر أنه سمع من ابن اللتي، وغيره.
وقد ساح مدة في برية الخطا، وترك دنيا واسعة وتجارات وفر بدينه
وتزهد وتصوف.
552 - أحمد بن يوسف بن إسماعيل.
الشهاب المقدسي، الحنبلي، الذهبي مؤذن المدرسة النورية. أخو
الموفق الشاهد.

359
روى عن: ابن المقير.
ومات في رجب.
وكان شيخا ظريفا بزي الفقهاء.
553 - إبراهيم بن أسعد بن المظفر بن حمزة بن أسد.
الرئيس، مجد الدين ابن المولى مؤيد الدين التميمي، الدمشقي، ابن
القلانسي.
أخو الصاحب عز الدين حمزة.
كان مليح الكتابة، حسن الشكل والبزة، له إلمام بالأدب. وله شعر.
وخدم في الجهات. ومات شابا في ذي القعدة ولم يعقب.
وله وقف على الصدقة.
554 - إسحاق بن جبريل.
الحكيم، المنجم، كرز الدين الديلمي، السوري.
قال ابن الفوطي: عارف بالمواليد وعملها، وبالتقاويم، دائم
الاشتغال بهذا الفن. أكثر مواليد أهل بغداد بخطه. له كتاب في التواريخ
السماويات والأرضيات. سألته عن مولده فقال: في سنة تسع وستمائة.
وتوفي في ذي الحجة.
555 - إسحاق الفجال.

360
صالح، زاهد، يتكلم بأشياء حسنة وحكم نافعة.
توفي بدمشق في شوال.
556 - إسماعيل بن عبد الرحمن بن مكي.
الفقيه، مجد الدين المارديني. كان في الأول حنبليا، ثم تحول شافعيا،
وأتقن المذهب. ودرس بالأتابكية بجبل قاسيون ثم ولي قضاء حلب.
وذكر أنه قرأ ' التحصيل ' بالروم على مصنفه السراج الأرموي. وكان
إماما، كثير الفضائل.
توفي بالصالحية، وصلي عليه بجامع العقيبة. وحمل إلى مسجد
فلوس فدفن بتربة البرهان الموصلي إلى جانب صاحبه الشيخ مجد الدين محمود الكردي، وبينهما خمسة أيام. ماتا في شوال.
557 - إسماعيل بن عز القضاة علي بن محمد بن عبد الواحد بن أبي اليمن.

361
الشيخ الزاهد، العابد، العالم، فخر الدين، أبو الفداء الدمشقي.
كان كاتبا، أديبا، شاعرا، خدم في الجهات، وتزهد بعد ذلك.
ولد سنة ثلاثين وستمائة، ودخل في جملة الشعراء على الملك الناصر
بدمشق، فلما انجفل الناس ندبه هولاكو إلى مصر. دخلها وترك الخدمة
وتزهد، وأقبل على شأنه، ولزم العبادة، فاجتمع بالشيخ محيي الدين ابن
سراقة فقال له: إن أردت هذا المعنى فعليك بتصانيف محيي الدين ابن
العربي. فلما رجع إلى دمشق انقطع ولزم العبادة، وأقبل على كتب ابن العربي
فنسخها وتلذذ بها. وكان يلازم زيارة قبره ويبالغ في تعظيمه. والظن به أنه لم
يقف على حقيقة مذهبه، بل كان ينتفع بظاهر كلامه، ويقف عن متشابهه، لأنه
لم يحفظ عنه ما يشينه في دينه من قول ولا فعل، بل كان عبدا قانتا لله،
صاحب أوراد وتهجد، وخوف، واتباع الأثر، وصدق في الطلب، وتعظيم
لحرمات الله تعالى. لم يدخل في تخبيطات ابن العربي، ولا دعا إليها. وكان
عليه نور الإسلام وضوء السنة. رضي الله عنه.
وكان ساكنا بالعزيزية، حافظا لوقته، كثير الحياء والتواضع والسكينة،
كتب الكثير بخطه، ولم يخلف شيئا من الدنيا، ولا كان يملك طاسة. وفرغت
نفقته يوم موته.
وكان شيخنا ابن تيمية يعظمه ويبالغ، حتى وقف على أبيات له أولها:
* وحياتكم ما إن أرى لكم سوى
* إذ أنتم عين الجوارح والقوى
*
فتألم له وقال: هذا الشعر عين الاتحاد. قلت: إنما أراد أن ينظم قوله
عليه السلام: ' فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به '. الحديث.

362
فقال: سياق الحديث يدل على بطلان هذا. وهو قوله: فبي يسمع وبي
يرى، وما في الحديث أن الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى الله عن
ذلك.
قلت: لم أجد هذه اللفظة ' فبي يسمع وبي يبصر ' إلخ.
ومن شعره:
* أوفد الله أعطاكم قبولا
* وكان لكم حفيظا أجمعينا
*
* إن الرحمن أذكركم بأمري
* هناك فقبلوا عني اليمينا
*
* فإني أرتجي منه جنانا
* لأن إليه في قلبي حنينا
*
* وأرجو لثم أيد بايعته
* إذا عدتم بخير آمنينا
*
وله
* أتريد لثم يمينه في بيته
* من غير ما نصب وجهد يرتضى
*
* هيهات إلا أن تخوض بعزمة
* موج الجبال إليه في بحرالفضا
*
* أتنال فرض زيارة لرسوله
* خير الأنام ولم تذق مر القضا
*
* لم أنس هزا للركاب بحيث لا
* ظل فيمنع هيكلي أن يرمضا)
* وتكاد نفسي أن تفيض مشقة
* لو لم أثبت عندها فأفوضا
*
* وكأنما كسر القفار مقعر
* إذا لم يكن أحد به أن ينهضا
*
* وكذا الأخيضر ذاق أصحابي به
* عند الورى وهناك موتا أبيضا
*
* فسقاهم ربي حلاوة رحمة
* مزجت ببرد العفو في كوب الرضا
*
وله:
* وزهر شموع إن مددن بنانها
* تمحو سطور الليل نابت عن البدر
*
* ففيهن كافورية خلت أنها
* عمود صباح فوقه كوكب الفجر
*

363
* وصفراء تحكي شاحبا شاب رأسه
* فأدمعه تجري على ضيعة العمر
*
* وخضراء يبدو وقدها فوق خدها
* كنرجسة تزهى على الغصن النضر
*
* ولا غرو إن تحكي الأزاهير حسنها
* أليس جناها النحل قدما من الزهر؟
*
وله، وقد لامه بعض الفضلاء على إقباله الزائد على كتب ابن العربي،
فقال:
* يقولون دع ليلى لبثنة كيف لي
* وقد ملكت قلبي بحسن اعتدالها
*
* ولكن إن اسطعتم تردون ناظري
* إلى غيرها فالعين نصب جمالها
*
* فأقسم ما عاينت في الكون صورة
* لها الحسن إلا قلت: طيف خيالها
*
* ومن لي بليلى العامرية إنها
* عظيم الغنى من نال وهم وصالها
*
* وما الشمس أدنى من يدي لامس لها
* وليس السها في بعد نقطة خالها
*
* وأبدت لنا مرآتها غيب حضرة
* غدت هي مجلاها وسر كمالها
*
* فوا حبها حبي وممكن وجودها
* وصالي وعدوا سلوتي من محالها
*
* وحسبي فخرا إن نسبت لحبها
* وحسبي قربا أن خطرت ببالها
*
وله:
* يا سيدي قمت صعلوكا على الباب
* وطال قرعي بإلحاف وإطناب
*

364
* ولو جمعت سؤال السائلين لكم
* لما انتهت فيك آلامي وآرابي
*
* وفي غناك يقل الكون أجمعه
* لسائل واحد يا خير وهاب
*
* ودار دنيا بي ضاقت عن نوالكم
* لكنها دار أعمال وآداب
*
* فزودوني من فقر ومسكنة
* ومن سجود ومن تقبيل أعتاب
*
ومن شعره:
* والنهر قد جن بالغصون هوى
* فراح في قلبه مثلها
*
* فغار منه النسيم عاشقها
* فجاء عن وصله يميلها
*
توفي الشيخ فخر الدين بمنزل أخيه بالقرب من المدرسة الجوهرية ليلة
الأربعاء الحادي والعشرين من رمضان، وشيعه الخلق، ودفن بتربة أولاد ابن
الزكي إلى جانب قاضي القضاة بهاء الدين بقاسيون، وتليت على قبره
ختمات، ورؤيت له منامات حسنة.
سمع منه: البرزالي، وغيره.
وله أوراد وأعمال زكية وخوف وورع يمنعه من جهرمة الاتحاد،
ويشعر تقواه بأنه ما دقق في مذهب الطائفة ولا خاض في بحر معانيهم. ولعل

365
الله تعالى حماه للزومه العبادة والإخلاص. وقد نسخ ' جامع الأصول '، وانتفع
بالحديث فالله يرحمه.
والظاهر أنه كان ينزل كلام محيي الدين على محامل حسنة وتمحل
العارفين. فما كل من عظم كبيرا عرف جميع إشاراته. بل تراه يتغالى فيه
مجملا، ويخالفه مفصلا، من غير أن يشعر بالمخالفة. وهذا شأن فرق الأمة
نبيها صلى الله عليه وسلم، تراهم منقادين له أتم انقياد، وكل فرقة تخالفه في أشياء جمة ولا
شعور لها بمخالفته. وكذا حال خلائق من المقلدين لأئمتهم يحضون على
اتباعهم في كل مسألة ويخالفونهم في مسائل كثيرة من الأصول والفروع، ولا
يشعرون بارتكاب مخالفتهم ولا يصغون، نعوذ بالله من الهوى وأن نقول
على الله ما لا نعلم. فما أحسن الكف والسكوت، وما أنفع الورع والخشية.
وكذلك الشيعة تبالغ في حب الإمام علي، ويخالفونه كثيرا، ويتأولون
كلامه، أو يكذبون بما صح عنه. ولعل الله تعالى أن يعفو عن كثير من
الطوائف بحسن قصدهم وتعظيمهم للكتاب والسنة.
- حرف الباء -
558 - بلاشو بن عيسى بن محمد.
سيف الدين الجندي.
روى عن: السخاوي.
كتب عنه: الفرضي، والبرزالي، والجماعة.
ومات في شوال.

366
- حرف الحاء -
559 - حسان بن سلطان بن رافع بن منهال بن حسان بن عيسى.
الفقيه، عماد الدين اليونيني، خطيب قرية زحلة.
ولد سنة ثلاث وعشرين.
وسمع من: أبي القاسم بن رواحة، وإسماعيل بن ظفر.
وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي.
س وكان صالحأن خيرا، تاليا، ذاكرا، فقيرا. بيته مأوى الأضياف.
توفي رحمه الله في ربيع الآخر.
560 - حسن بن زيادة بن رسلان.
نفيس الدين المصري.
قال الفرضي: كان إماما ثقة، مقرئا، زاهدأن متصدرا بجامع مصر من
أهل العبادة.
روى عن: عبد الرحيم بن الطفيل، والعلم بن الصابوني.
ومات في شعبان.

367
- حرف الخاء -
561 - الخضر بن سعد الله بن عيسى بن حبيش.
عماد الدين الربعي، المعروف بابن دبوقا.
أديب كاتب، حسن العشرة، كتب الانشاء للمشد علاء الدين الشغري،
ثم ولي مشارفة بعلبك. ونكب وصودر غير مرة. وله شعر حسن.
توفي كهلا في سادس ربيع الأول بدمشق.
روى عن: اليلداني ببعلبك.
سمع منه: البرزالي.
- حرف السين -
562 - ست الأهل بنت المحدث أبي الفتوح نصر بن الحصري.
توفيت بالقاهرة في صفر. قاله الفرضي.
563 - ست الأمناء بنت أبي نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن
عساكر.
روت عن: أبيها، وغيره.
كتب عنها: البرزالي، وجماعة.
وماتت في ذي القعدة. وأجاز لها: المؤيد، وأبو روح.

368
- حرف الطاء -
564 - طرنطاي.
نائب المملكة، الأمير الكبير حسام الدين، أبو سعيد المنصوري،
السيفي.
كان من رجال العالم رأيا وحزما ودهاء وذكاء وشجاعة وسياسة وهيبة
وسطوة.
اشتراه المنصور في حال إمرته من أولاد الموصلي، فرآه مجيبا لبيبا،
فترقى عنده إلى أن جعله أستاذ داره، وفوض إليه جميع أموره، واعتمد عليه.
فلما ولي السلطنة جعله نائبه، ورد إليه أمر الممالك، فكان ليس فوق يده يد.
وكان له أثر ظاهر يوم وقعة حمص. وكان السلطان لا يكاد يفارقه إلا عن
ضرورة. وقد سيره إلى الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ولمحاصرته فدخل
دمشق دخولا مشهودا لا يكاد يدخله إلا سلطان من التجمل والزينة ولعب
النفط. ثم سار إلى صهيون، وانتزع من سنقر الأشقر بلاده. وحلف له
وأنزله، ورجع وهو معه. وقد حصل طرنطاي من الأموال والخيل والمماليك
والأملاك وغير ذلك ما يفوق الإحصاء. وبنى مدرسة بالقاهرة، ووقف على
الأسرى. وكان مليح الشكل، مهيبا لم يتكهل.
ولما تسلطن الأشرف استبقاه أياما حتى رتب أموره، واستقل بالملك.

369
ثم قبض عليه، وكان في نفسه منه، فبسط عليه العذاب إلى أن أتلفه، وصبر
المسكين صبرا جميلا، فقيل إنه عصر إلى أن هلك، ولم تسمع منه كلمة.
وكان بينه وبين علم الدين الشجاعي منافسة وإحن، فقيل إن الملك
الأشرف سلمه إليه ليعذبه. ولما مات حمل إلى زاوية الشيخ عمر السعودي،
فغسلوه وكفنوه، ودفن بظاهر الزاوية، فذكر فقير من الزاوية قال: لما أتوا به
كان له رائحة منكرة جدا، ولما غسلوه تهرأ وتزايلت أعضاؤه.
وذكر أن جوفه كان مشقوقا. قال ذلك الشيخ قطب الدين.
ثم قال: رحمه الله وعفا عنه فلقد كان معدوم النظير، ولولا شحه
وبذاذة لسانة لكان أوحد زمانه.
قيل إنه خلف من العين المصري ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار،
ومن الكلوتات والحوائص والأواني والأسلحة والمتاجر والخيول والغلمان
والأملاك ما لا يحصى كثرة، فاستولى الأشرف على المجموع، وأفضى الحال
بأولاده وحرمه إلى أن بقوا بلا قوت إلا ما يسيره إليهم بعض الأعيان على
سبيل الصلة. إن في ذلك لعبرة. وتوفي ولم يبلغ الخمسين.
قلت: لم يذكر وفاته في أي شهر.
565 - طيبرس.
الأمير الكبير، الحاج علاء الدين الوزيري، صهر السلطان الملك
الظاهر.

370
توفي بمصر في ذي الحجة. وكان دينا، كثير الصدقات، قليل الأذية
رحمه الله.
أوصى بثلاثمائة ألف درهم أن تنفق في ضعفاء الجند. ووقف خانا كبيرا
بالعقيبة على الصدقة. وله ولد من أمراء الدولة في هذا الوقت، وهو عام
أربعة عشر وسبعمائة.
- حرف العين -
566 - عبد الله بن خير بن حميد.
أبو محمد القرشي، البخاري.
روى عن: محمد بن عمار.
ومات بالإسكندرية في تاسع صفر.
كتب عنه أهل الثغر والرحالة.
567 - عبد الله بن محمد بن حسان بن رافع.
العدل، عماد الدين، أبو بكر العارمي، خطيب الموصل.
سمعه أبوه حضورا وسماعا.
وروى عن: ابن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وزين الأمناء،
والقزويني، والكاشغري، وابن الزبيدي، وجماعة.
وسمع بمكة من: أبي علي الحسن بن الزبيدي، وإبراهيم بن الخير.
أخذ عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، والطلبة.
وكان فقيها فاضلا عالي الإسناد مكثرا. أجاز لي مروياته.

371
وتوفي في سابع صفر وله ثلاث وسبعون سنة.
حج سنة ثمان وعشرين، وهو مراهق، وحج سنة ثمان وثمانين، وبين
الحجتين ستون سنة.
568 - عبد الله بن محمد بن الشرف عبد الله بن الشيخ أبي عمر المقدسي.
فخر الدين، سبط الشيخ شمس الدين.
سمع الكثير، وتفقه، ومات شابا في جمادى الأولى.
569 - عبد الرحمن بن الزين أحمد بن عبد الملك بن عثمان.
الشيخ شمس الدين، أبو الفرج المقدسي، الحنبلي.
ولد في ذي القعدة سنة ست وستمائة.
وسمع حضورا من: عبد الملك بن مندويه، وغيره.
ثم سمع من: الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب،
وأبي عبد الله بن البناء، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وموسى بن عبد القادر،
والشيخ الموفق، وابن راجح، وابن البن، وابن أبي لقمة، وطائفة.
ورحل هو والسيف بن المجد، والتقي بن الواسطي فسمعوا ببغداد من:
الفتح بن عبد السلام، وأبي الحسن بن بوزيدان، وعبد السلام الداهري،
وعمر بن كرم، وخلق سواهم.

372
وأجاز له: أبو الفخر أسعد بن سعيد، وعين الشمس الثقفية، وزاهر بن
أحمد، وأبو أحمد بن سكينة، وعمر بن طبرزد.
وكان فقيها، عالما، صالحا، ثقة، نبيلا، عابدا، مهيبا، متيقظا، واسع
الرواية، عالي الإسناد. تفرد ببعض مروياته. وسمع منه خلق كثير، منهم:
ابن الخباز، وأبو الحسن الموصلي، وابن العطار، وابن مسلم، وابن تيمية،
والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وابن أبي الفتح.
وأجاز لي مروياته.
توفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة، وقد كمل ثلاثا وثمانين
سنة.
570 - عبد الرحمن بن مجد الدين بن محمد بن إسماعيل بن
عثمان بن عساكر.
القاضي الجليل، عماد الدين.
روى عن: المخلص بن هلال، وغيره.
سمع منه: البرزالي.
وتوفي في ذي القعدة أيضا، وهو في الكهولة.
وكان يشهد تحت الساعات.
571 - عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي بن علي.

373
القاضي، الخطيب، المفتي، جمال الدين، أبو محمد الربعي،
الدمشقي، الشافعي.
ولد ثاني عشر شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة.
وسمع من: ابن الصباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبي الفضل
الهمداني، وطائفة.
وخرج له أبو محمد البرزالي ' مشيخة ' سمعها منه هو وابن تيمية
شيخنا، والزين عمر بن حبيب، وأبو الحسن الحنفي، وابن مسلمة الخليلي،
وخلق سواهم.
وكان إماما، مفتيا، خبيرا بالمذهب، ناب في القضاء مدة، ثم تركه
واقتصر على الخطابة بالجامع. وكان للناس فيه حسن عقيدة لدينه وسكونه،
وازدحموا على نعشه.
ومات في سلخ جمادى الأولى. ولي منه إجازة بمروياته.
572 - عبد الكريم بن عبد الله بن بدران.
الدمشقي، السراج، الحاج أبو محمد.
سمع أولاده الكثير، وحصل الأجزاء. وله سماع قديم من التاج بن أبي
جعفر، وجماعة.
وما أظنه حدث.
توفي في ذي الحجة.
573 - علي بن ظهير بن شهاب.

374
الإمام، الزاهد، نور الدين، المصري، المقرئ، الموشي، المعروف
بابن الكفتي.
شيخ الإقراء بالجامع الأزهر.
أخذ القراءات عن أصحاب الشاطبي، وأبي الجود.
ومن شيوخه، الإمام المجود أبو إسحاق بن وثيق. قرأ عليه ختمة
للسبعة ويعقوب جمعا.
وكان نور الدين أحد من عني بالقراءآت وعللها وشهر بها، مع الورع
والديانة والصيانة.
وقرأ عليه جماعة. وسمع منه المحدثون.
روى عن أصحاب السلفي.
ومات في ربيع الآخر.
574 - علي بن عبد الكريم بن عبد الله بن أبي الفضل.
أبو الحسن الدمشقي، خادم الحافظ زكي الدين عبد العظيم.
شيخ صالح، دين، معمر، فاضل.
سمع بدمشق من: كريمة، والضياء محمد، وابن المقير.
وسمع بمصر من: سبط السلفي، وغير واحد.
وكتب بخطه قليلا، وشاخ، وتجاوز التسعين. وأخذ عنه الطلبة.
ومات في شعبان ببلبيس.
575 - علي بن يحيى بن محمد.

375
العدل، كمال الدين المهدوي، الكاتب.
روى عن: التاج بن أبي جعفر، وغيره.
وكان عفيفا، نزها، حسن البزة، له شعر وفضيلة.
ومات في جمادى الأولى.
576 - علي بن أبي المجد بن منصور.
القصاب، الصالحي.
شيخ مسن، صحيح السماع.
روى عن: الشيخ الموفق، وابن راجح، وغيرها.
كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وجماعة.
مات في ذي الحجة.
577 - عمر ابن شيخنا الإمام شرف الدين أحمد بن إبراهيم بن سباع.
الفزاري، الفقيه، المحدث، المفيد، أبو حفص.
سمع الكثير، وحصل الفوائد والأجزاء، وعني بالرواية. ومات شابا لم
تطلع لحيته بعد.
وعاش نحوا من عشرين سنة. ومات في رمضان. وكان دينا.
متواضعا، ضحوك السن، مطبوعا.
358 - عمر بن إسماعيل بن مسعود بن سعد بن سعيد بن أبي الكتائب.

376
الأديب، العلامة، رشيد الدين، أبو حفص الربعي، الفارقي،
الشافعي، الشاعر.
قال: مولدي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
وسمع ' جزء البانياسي ' من الفخر ابن تيمية، ظهر له بعد موته.
وسمع من: أبي عبد الله بن الزبيدي، وعبد العزيز بن باقا، وجماعة.
وبرع في البراعة والبلاغة والنظم، وحاز قصب السبق. وخدم في
ديوان الإنشاء، ومدح السخاوي بقصيدة مونقة فمدحه السخاوي، والقصيدتان
مشهورتان. وكانت له يد طولى في التفسير، والبيان، والبديع، واللغة.
انتهت إليه رئاسة الأدب. واشتغل عليه جماعة كبيرة من الفضلاء.
وقد وزر، وتقدم في دول، وأفتى وناظر ودرس بالظاهرية وانقطع
بها. وله مقدمتان في النحو، صغرى وكبرى. وكان حلو المحاضرة، مليح
النادرة، كيسا، فطنا، يشارك في الأصول والطب وغير ذلك. وقد درس
بالناصرية مدة قبل انتقاله إلى الظاهرية.

377
وروى عنه من شعره: الدمياطي، ورضي الدين بن دبوقا، وأبو الحجاج
المزي، وأبو محمد البرزالي، وآخرون.
وكان يكتب خطا منسوبا.
ومن شعره قوله:
* مر النسيم على الروض البسيم فما
* شككت أن سليمى حلت السلما
*
* ولاح برق على أعلا الثنية لي
* فخلت برق الثنايا لاح وابتسما
*
* مغنى الحبيبة رواك السحاب فكم
* ظمئت فيك وكم رويت فيك ظما
*
* به عهدت الهوى حلوا ومنزلنا
* للهو خلوا وذاك الشمل ملتئما
*
* والدار دانية والدهر في شغل
* عما نريد وفي طرف الرقيب عما
*
* والشمس تطلع من ثغر وتغرب في
* شعر وبجلوسنا إشراقها الظلما
*
* وظبية من ظباء الأنس ما رمقت
* إلا استباح لها صوب الديار حما
*
* وطفاء حاجبها قوس وناظرها
* سهم إذا مارنا طرف إليه رما
*
* وجفنها فيه خمر وهو منكسر
* والخمر في القدح المكسور ما علما
*

378
* وقدها ذابل لكنه نضر
* حلوالجنا يثمر التفاح والعنما
*
* ولفظها فيه ترخيم فلو نطقت
* يوما لا عصم وافاها وما اعتصما
*
* فوثغرها يجعل المنظوم منتثرا
* من اللآلئ والمنثور منتظما
*
* تبسمت فبكت عيني وساعدها
* قلبي، ولولا لمى الثغر البسيم لما
*
* ولاح لاح عليها قلت: لومك لي
* لؤم، وصمم حتى حبب الصمما
*
* تعذيبها لي عذب والشفاه شفا
* تجني وأجني ولا يبقي اللما ألما
*
* ريا السوار وظمأى الخصر تحسبه
* للضعف منفصلا عنها ومنفصما
*
* خود تجمع فيها كل مفترق
* من المعاني التي تستغرق الكلما
*
* عطت غزالا، سطت ليثا، بدت غصنا
* لاحت هلالا، هدت نجما، بدت صنما
*
* لما سرت أسرت قلبي ومذ نزحت
* نزحت ماء جفون يخجل الديما
*
* وصار مربعها قلبي، ومرتعها
* لبي، وموردها دمعي الذي انسجما
*
* ولم أكن راضيا منها بطيف كرى
* فاليوم من لي به والنوم قد عدما
*
وله:
* إن في عينيك معنى
* حدث النرجس عنه
*

379
* ليت لي من غصنه سهما
* وفي قلبي منه
*
وله في أهل البيت عليهم السلام:
* ذرية في الورى ذرية زهر
* يرجى بها الغيث أو يجلى بها الغسق
*
* هم معاذي وذخري في المعاد وهم
* كنزي وحرزي إذا ما ألجم الغرق
*
* خفض الجناح لهم رفع لمنزلتي
* فاجزم بهذا ولا تنصب فتحترق
*
* هم الألى أعربوا سني مجدهم
* بنحوهم كل شأو ليس يلتحق
*
* من شاء باهلني باهلته بهم
* وبعد عن ورد الحوض يستبق
*
* وهل أتى شاعرا إلا وقلت له
* في هل أتى مدح أهل البيت متسق
*
وقال:
* لشيخنا في التقاء الشيب والكرم
* حظ كما لسواه الشيب والهرم
*
* ولاسمه نسبة والنعت نسبها
* واشتق منها وفي أبياتها حكم
*
* ففي العلا علي وفي السخا سخاوي
* وفي علمه بين الورى علم
*
* شيخ المشايخ في زهد وفي لسن
* يجول في كل إقليم له قلم
*
* مفصل للقضايا وهو منذ نشا
* قاض وليس بمنقوص ولا يهم
*
* طود الحمى راسيا تخشى سكينته
* بدر الدجى ساريا تجلى به الظلم
*
* لولا علي لعلم النحو أجمعه
* ما كان زيد ولا عمرو ولا الكلم
*
* فإن تكن بعلي النصر مبتدئا
* فإنه بعلي العصر مختتم
*

380
خنق الرشيد الفارقي في رابع المحرم ببيته بالظاهرية، وأخذ ذهبه،
ودرس بعده بالظاهرية علاء الدين بن بنت الأعز.
قال الشيخ تاج الدين عبد الرحمن: نا قاضي القضاة أنه رأى في رقبته
أثر الخنق، ورأى الدم وقد اجتمع في فمه. ورأى سنه مقلوعة عنده. وكان
يقول: لا بد لي أن ألي وزارة بغداد. وكان مليا بالنظم والنثر. لم يزل
سعيدا. رأيته في أيام الأشرف، وهو كاتب عند الوزير ابن حديد، فولي عمارة
دار الحديث وهو إذ ذاك مدرس الفلكية.
قيل: كان أبوه لحاما بميافارقين. وكانت له، رحمه الله، جنازة
مشهودة. [وكان الغالب عليه علم النجامة].
579 - عمر بن محمد بن الشيخ القدوة عثمان.
الرومي، الشيخ الصالح.
مات في ربيع الأول، رحمه الله تعالى.
وخلفه في الزاوية أخوه عثمان.
580 - عمر بن أبي الرجاء بن السلعوس.
التنوخي، الدمشقي، نجم الدين، عم الصاحب شمس الدين.

381
روى بالإجازة عن: أبي القاسم الكندي، وغيره.
ومات في جمادى الأولى.
كتب عنه: البرزالي، وابن الصيرفي.
وعاش ثمانين سنة عفى الله عنه.
- حرف الفاء -
581 - فرج الله بن شمس الدين محمد بن محمد.
الجويني.
أمر بقتله وقتل إخوته وبني عمه أرغون. وكان هذا صبيا في المكتب،
فلما جرد للقتل بكى وما درى ما يفعل به وصاح: والله ما بقيت أدع الكتاب.
فبكا الناس رحمة له. وقتل أخوه نوروز بأرض الروم. وقتل أخوهما
مسعود بتبريز.
نسأل الله العافية.
- حرف القاف -
582 - قلاوون.

382
السلطان، الملك، المنصور، سيف الدنيا والدين، أبو المعالي، وأبو
الفتوح، التركي، الصالحي، النجمي.
اشتري بألف دينار، ولهذا كان في حال إمريته يسمى بالألفي.
وكان من أحسن الناس صورة في صباه، وأبهاهم وأهيبهم في رجوليته.
كان تام الشكل، مستدير اللحية، قد وخطه الشيب، على وجهه هيبة الملك،
وعلى أكتافه حشمة السلطنة، وعليه سكينة ووقار.
رأيته مرات آخرها منصرفة من فتح طرابلس، وكان من أبناء الستين.
وحدثني أبي أنه كان في أيام إمرته ينزل إذا قدم من مصر بدار الزاهر.
قال: فأخذوا له مني ذهبا، فذهبت لأطالبه فإذا به خارج من الباب،
فقال: إيش أنت؟ قلت: يا خوند لي ثمن ذهب. فقال: أعطوه أعطوه.
ووصف لي نعمته، وأنه متعجم اللسان، لا يكاد يفصح بالعربية، وذلك
لأنه أتي به من الترك وهو كبير.
وكان من أمراء الألوف في الدولة الظاهرية، ثم عمل نيابة السلطنة
للملك العادل سلامش بن الظاهر عندما خلعوا الملك السعيد، وحلفوا
لسلامش وهو ابن سبع سنين، وحلفوا للألفي بعده وذكرا معا في الخطبة.
قال قطب الدين: وضربت السكة على واحد من الوجهين باسم
سلامش، وعلى وجه باسم أتابكه سيف الدين قلاوون. وبقي الأمر على هذا
شهرا وأياما. وفي رجب من سنة ثمان وسبعين وستمائة خلعوا سلامش،
وبايعوا الملك المنصور، واستقل بالأمر، وأمسك جماعة كثيرة من الأمراء
الظاهرية وغيرهم. واستعمل مماليكه على نيابة البلاد، وكسر التتار سنة
ثمانين، ونازل حصن المرقب في سنة أربع وثمانين وافتتحه، وافتتح

383
طرابلس، وعمل بالقاهرة بين القصرين تربة عظيمة، ومدرسة كبيرة،
ومارستان للضعفاء.
وتوفي في ذي القعدة في سادسه يوم السبت بالمخيم ظاهر القاهرة،
وحمل إلى القلعة ليلة الأحد. وتسلطن ولده الملك الأشرف. ويوم الخميس
مستهل العام الآتي فرق بتربته صدقات كثيرة من ذهب وفضة وورق جملت
الناس. فلما كان من العشي أنزل من القلعة في تابوته وقت العشاء الآخرة إلى
تربته بين القصرين. وفرق من الغد الذهب على القراء الذين قرأوا تلك الليلة.
قال المؤيد في ' تاريخه ': مات في سنة خمس وأربعين علاء الدين
قراسنقر العادلي من مماليك السلطان الملك العادل، وصار مماليكه للملك
الصالح نجم الدين، منهم سيف الدين قلاوون الذي تملك. [وقد تقدم في
الوقائع طرف من سيرته].
- حرف الميم -
583 - محمد بن أحمد بن محمد بن النجيب.
المحدث، المفيد، بدر الدين، سبط إمام الكلاسة.
كان شابا، فاضلا، ذكيا، مليح الكتابة، كثير الفوائد، شديد الطلب،
حريصا على الأجزاء والسماعات، ذا همة عالية.
سمع الكثير بدمشق، وبعلبك، وخرج وأفاد. ونسخ الكثير.
ومات في وسط الطلب، فالله يرحمه ويعوضه الجنة.
توفي في سادس صفر. وكان من أبناء الثلاثين.
وقد سمع من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر. وحدث.

384
584 - محمد بن الحسن بن عبد الملك بن محمد.
جمال الدين التميمي، السعدي، البوني، المالكي، الطبيب.
روى عن محمد بن عماد.
وكان طبيبا بالثغور. عاش ثمانيا وستين سنة.
ومات فجأة في ربيع الأول.
كتب عنه: البرزالي، وجماعة.
585 - محمد بن عبد الحق بن مكي بن صالح.
الرئيس رشيد الدين، أبو بكر بن الرصاص النرسي، المصري.
روى عن: ابن عماد، والصفراوي، وابن باقا، وجماعة.
ومات ليلة عاشوراء.
كتب عنه المصريون والرحالة. وله أخ اسمه جمال الدين علي.
حدث عن: ابن باقا.
وأجاز في سنة أربع وسبعين وستمائة.
586 - محمد بن عبد الرحمن بن نوح بن محمد.
الفقيه، الرئيس، ناصر الدين بن المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي.
تفقه على والده العلامة شمس الدين.
وسمع من: ابن اللتي حضورا، وتاج الدين بن حمويه.
وتميز في الفقه، ودرس بالرواحية، وبتربة أم الصالح. ثم داخل الدولة

385
وتوصل إلى أن ولي في سنة سبع وثمانين وكالة السلطان الملك المنصور،
ووكالة بيت المال المعمور، ونظر جميع الأوقاف بدمشق. وشرع في فتح
أبواب الظلم. وخلع عليه بالطرحة غير مرة، وخافه الناس، وصارت له صورة
كبيرة، وعدا طوره وظلم وعسف وتحامق، حتى برم به نائب السلطنة فمن
دونه، وكاتبوا فيه، فجاء في جمادى الآخرة من هذه السنة مطالعة بالكشف
عنه بما أكل من الأوقاف ومن أموال السلطنة والبرطيل، فرسموا عليه
بالعذراوية وظهر عليه أشياء، وضرب بالمقارع، فباع ما يقدر عليه، وحمل
مبلغا من المال، وذاق الهوان، واشتفى منه الأعادي.
وكان قد عثر السيف السامري وأخذ منه الزئبقية؛ فمضى السيف إليه
إلى العذراوية، وتغمم له تغمم تشف، فقال له ناصر الدين: سألتك بالله لا
تعود تجيء إلي، فقال: هو ينصبر لي.
ثم عمل السيف السامري هذه القصيدة:
* ورد البشير بما أقر الأعينا
* فشفى الصدور وبلغ الناس المنى
*
* واستبشروا وتزايدت أفراحهم
* فالكل مشتركون في هذا الهنا
*
* وتقدم الأمر الشريف بأخذ ما
* نهب الخؤون من البلاد وما اقتنى
*
* يا سيد الأمراء يا شمس الهدى
* يا ماضي العزمات يا رحب الفنا
*
* عجل بذبح المقدسي وذبحه
* واحقن دماء الإسلام من ولد الزنا
*
* واغلظ عليه ولا ترق فكل ما
* يلقى بما كسبت يداه وما جنى
*
* فلكم يتيم مدقع ويتيمة
* من جوره باتوا على فرش الضنا
*
* ولكم غني ظل في أيامه
* مسترفدا للناس من بعد الغنى
*
* إن أنكر اللص الخبيث فعاله
* بالمسلمين فأول القتلى أنا
*
ثم جاء مرسوم بحمله إلى مصر، فخافوا من غائلته، فلما كان ثالث
شعبان أصبح المقدسي مشنوقا بعمامته بالعذراوية، فحضر جماعة عدول
وشاهدوا الحال، ودفن بمقابر الصوفية.

386
سمع منه: البرزالي، وغيره.
رأيته شيخا مربوعا وهو يختال في مشيته بالخلعة والطيلسان، [عفا الله
عنا وعنه].
587 - محمد بن عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر.
العدل، العالم، شمس الدين، ابن المحدث الرسعني، الحنبلي،
نزيل دمشق.
كان شيخا أبيض اللحية، مليح الشكل.
ولد سنة بضع عشرة وستمائة.
وسمع من: أبي الحسن بن روزبة، وابن بهروز نصر بن عبد الرزاق
الجيلي، وابن القبيطي، وجماعة ببغداد.
ومن: كريمة، وغيرها بدمشق.
وسكن دمشق، وأم بالمسجد الكبير بالرماحين. وجلس تحت
الساعات، فكان من أعيان الشهود. وكان له شعر جيد. وقد سافر إلى مصر
في شهادة.
قال الشيخ قطب الدين فاجتمعت به هناك غير مرة. وكان يتردد إلى
شمس الدين ابن السلعوس ويمدحه قبل إفضاء الوزارة إليه. ولما طال مقامه

387
بالقاهرة وشنع بموته، واشتهر ذلك بدمشق أراد السفر فسرق حماره وما عليه
في الطريق، فرجع إلى القاهرة شاكيا، فلم يحصل له مقصود، فخرج متوجها
إلى دمشق، فأتى يسقي فرسه من الشريعة، فغرق ولم يظهر له خبر،
ووصل فرسه وقماشه إلى دمشق.
وقال علم الدين: غرق في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة.
ومن شعره:
* ولو أن إنسانا يبلغ لوعتي
* ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرشا
*
* لأسكنته عيني ولم أرضها له
* ولولا لهيب القلب أسكنته الحشا
*
وله:
* ما ابيض في لمتي سوداء في عمري
* إلا وقد سودت بيضا من الصحف
*
* ولا خلوت مدى الأيام من لعب
* إلا ورحت به صبا أخا كلف
*
* وليس لي عمل أرجو النجاة به
* إلا الرسول وحبي ساكن النجف
*
ومن شعره:
* أأيأس من بر وجودك واصل
* إلى كل مخلوق وأنت كريم
*
* وأجزع من ذنب وعفوك شامل
* لكل الورى طرا وأنت رحيم
*
* وأجهد في تدبير حالي جهالة
* وأنت بتدبير الأنام حكيم
*
* وأشكو إلى رحماك ذلي وحاجتي
* وأنت بحالي يا كريم عليم
*
588 - محمد بن عبد السلام بن علي.
شرف الدين القرشي، المصري.

388
حدث عن يوسف المخيلي.
وعاش ستا وستين سنة، ومات في صفر.
وهو ابن بنت عبد الظاهر بن بشران.
589 - محمد بن عبد القوي.
شرف الدين الكتاني، المصري، رئيس المؤذنين بجامع الحاكم.
حدث عن: عبد العزيز بن باقا.
ومات في صفر أيضا.
أخذ عنه جماعة الوقت.
590 - محمد بن علي بن أبي عبد الله بن شمام.
الشيخ شمس الدين، أبو عبد الله الصالحي، الذهبي.
رجل مطبوع، خير، مسن، من كبار الذهبيين. كان يدق الذهب في بيته
بالجبل، وله بنات وابن. وكان يعمل مع والدي، فبعثني إليه مرة بذهب
ليدقه، وأطعمني شيئا.
كتب عنه: البرزالي، والمزي، والجماعة وأثنوا عليه.
وحدث عن: أبي المجد القزويني، وابن البن، وأبي القاسم بن
صصرى، وابن الزبيدي.
وتوفي في المحرم وقد قارب الثمانين. وكان مع كبره رأسا في صنعته
رحمه الله تعالى.
591 - محمد بن عمر بن محمد.
شمس الدين، أبو عبد الله البغدادي، الرياني، المشهور بابن المريخ.
شيخ كبير مكثر من الريان من باب الأزج.

389
أجاز له: أبو اليمن الكندي، وابن منينا، وعبد العزيز بن الناقد؛ وسمع
' صحيح البخاري ' من إبراهيم القطيعي.
وسمع من: علي بن بورندان؛ ومن: زيد بن هبة الله، وجماعة.
مولده سنة إحدى عشرة.
ومات في ذي القعدة.
592 - محمد بن العون يحيى بن الشمس علي بن محمد.
ابن الوزير، الإمام عون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة، الأجل شمس
الدين الشيباني، العراقي الأصل، الحنبلي.
ولد بدمشق سنة سبع وستمائة. وسمع ببغداد من: عبد السلام
الداهري، وعلي بن الجوزي، ونصر بن الحلي، وغيرهم.
وكان على ديوان بلبيس ناظرا فحدث بها.
سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة.
وتوفي بها في جمادى الأولى.
593 - محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن العلامة أبي سعد
عبد الله بن أبي عصرون.
الإمام، الفاضل، شرف الدين الحلبي.
حدث بالحجاز عن ابن روزبة.
كتب عنه: البرزالي، وقال: توفي في المحرم راجعا من الحج عند بركة
زيزا وحضرت دفنه هناك. وكان قد ولي قضاء حمص نوبة. وما كان في
أقاربه أفقه منه.

390
594 - محمد بن السيد الجليل.
نقيب الأشراف بدمشق، أبو البشائر العلوي، الحسني، الملقب بشرف
الملك.
توفي في ربيع الآخر. ودفن عند قبر الشيخ رسلان.
595 - محمود بن عبد الرحمن بن عطاف.
الفقيه مجد الدين الكردي، الشافعي.
درس مدة: بالأمينية التي ببعلبك، ثم سكن دمشق ودرس بالأكزية.
وأعاد وأفاد، وكان نقالا للمذهب، وله اختصاص بقاضي القضاة بهاء الدين
القرشي.
توفي في حادي عشر شوال وهو في عشر الستين.
596 - محمد بن يونس.
أبو الثناء الحميري، التفليسي.
شاب فاضل، سمع الكثير، وعني بالحديث، وكتب الطباق.
ومات في شوال.
وعاش أبوه بعده مدة طويلة، وكان يعجن العنبر بالصاغة.
597 - محمود الرومي.
شيخ صالح، عاقل، مجاور بالجامع عند صندوقه.

391
توفي في ربيع الأول. وهو الذي ربى الشيخ الإمام علي الختني،
فجلس بعده وتسلم الصندوق.
598 - مختص، الطواشي الكبير.
الأمير شرف الدين الظاهري، الخادم. كان صاحب هيبة وسطوة وحرمة
وافرة. وكان كبير المماليك الظاهرية.
توفي في ربيع الآخر ودفن بالقرافة.
599 - مرضي.
العلامة رضي الدين الحموي، الشافعي. من كبار الشافعية.
عاش بضعا وثمانين سنة فإنه ولد سنة ستمائة.
600 - موسى بن هلال بن موسى.
فخر الدين الحنفي، الفقيه، مدرس مسجد خاتون، المدرسة الكبيرة
التي على الشرف القبلي، ومفتي دار العدل. ولم يكن بذاك في الفقه، ولكن
كان ذا مداخلة للدولة، صاحب رئاسة ومكارم فاختص بعز الدين
عبد العزيز بن وداعة، والصاحب، وبجماعة أمراء.
وهو ابن أخت قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي.
توفي أول يوم في السنة، وشيعه القضاة والأعيان. ومات في عشر
السبعين.
601 - موسى.
العفيف النصراني، الشوبكي، تاجر السلطان.

392
هلك إلى لعنة الله في آخر رمضان. وكان كثير التجري على المسلمين
والسعي في مصالح الفرنج والنصارى، وجلب الممنوعات ولم يكن يشد
زنارا، وكان متمكنا من الدولة.
قال قطب الدين: حدثني الأمير علم الدين الدواداري قال: حضرت إلى
خدمة الأمير حسام الدين طرنطاي فقيل لي: ما إليه طريق. فقعدت أنتظر
الإذن، واتفق حضور الأمير حسام الدين لاجين فقيل له كذلك فقعد؛ وإذا
باعفيف خارج من عنده فقلت للبرددار في هذا فقال لي: هذا ما أجسر على
رده.
602 - مؤمن.
شجاع الدين، نائب ولاية دمشق.
كان مشكور السيرة، حسن التأتي في السياسة، وطالت أيامه.
وكان قد أودع جملة من الذهب عند صاحب له ليدفنه عنده، فأصابته
السكتة ومات، فجاء الشجاع موسى إلى أهله وقال: هل ذكرني بشيء؟ قالوا:
لا. فرأى أن الكلام لا يفيد، فحمل على قلبه وتعلل ومات غبنا في ثامن عشر
رمضان.
- حرف الهاء -
603 - هلال بن محفوظ بن هلال.
الشيخ بدر الدين الرسعني. أخو الشيخ سيف الدين. شيخ مبارك مقيم
بمؤتة في مشهد جعفر الطيار؛ وروى هناك عن: ابن اللتي.
وله إجازة من: عبد العزيز بن منينا، وأبي البقاء العكبري.
سمع منه ابن المهندس في هذه السنة؛ ولا أعلم وفاته.

393
- حرف الياء -
604 - يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد.
الفاضل، نجيب الدين الهذلي، الحلي، المستعلم. بقية قدامي الشيعة.
لغوي، أديب، حافظ للأحاديث في رأسه.
ولد بالكوفة سنة إحدى وستمائة، وسمع من ابن الأخضر. كذا قال ابن
الفوطي، وقال: مات ليلة عرفة.
وكان بصيرا باللغة والأدب. كتب عنه ابن الفوطي في إجازة.
605 - يوسف بن سعد الله بن عيسى بن دبوقا.
الصدر، ناظر البر مع الشريفي.
توفي في شوال.
الكنى
606 - أبو الزهر بن سالم بن زهير.
الغسولي، ثم الصالحي.
شيخ صالح، مشهور.
حدث عن: ابن اللتي.
سمع منه: الطلبة. ومات في شوال أيضا.

394
وفيها ولد:
ابن خالي إسماعيل بن علي الذهبي،
ومحيي الدين عبد القادر بن محمد بن الفخر الحنبلي في رمضان،
ومنصور بن خليفة بن محمد المنبجي، التاجر،
وزين الدين عبد الرحمن بن علي بن حمدان الصالحي ابن شمامة،
وقاضي الحنفية بحلب ناصر الدين محمد بن عمر بن العديم،
وشمس الدين محمد بن علي الحناوي.
وعلاء الدين علي بن أحمد بن السلعوس.

395
سنة تسعين وستمائة
- حرف الألف -
607 - أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الجباب.
السعدي، التميمي، أبو الفضل الإسكندراني.
عاش سبعين سنة.
وحدث عن: مظفر بن الفوي.
608 - أحمد بن عبد الله بن الزبير.
الخابوري، الإمام، المقرئ، المجود، شمس الدين، خطيب حلب
ومقرئها.
وكان إماما ماهرا، محررا للقراءآت ووجوهها وعللها، مليح الشكل،
قوي الكتابة، صاحب نوادر وخلاعة وظرف، له في ذلك حكايات.
قرأ القرآن على السخاوي، وغيره.
وسمع بحران من الخطيب فخر الدين بن تيمية، وبحلب من أبي
محمد بن الأستاذ، ويحيى بن الدامغاني، وابن روزبة، وجماعة.
وببغداد من: عبد السلام بن بكران الداهري.
وبدمشق من: أبي صادق بن صباح.
وأقرأ بالروايات مدة طويلة.

396
سمع منه: المزي، وابن الظاهري، وولده أبو عمرو، والبرزالي،
وابن سامة، وغيرهم.
توفي بحلب في المحرم، وقد قارب التسعين، وصلي عليه بدمشق
صلاة الغائب، رحمه الله تعالى.
609 - إبراهيم بن محمد بن طرخان.
الحكيم، عز الدين، أبو إسحاق الأنصاري، السويدي، ثم الدمشقي.
شيخ الأطباء بالشام.
ذكر أنه من وله سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه. ولد سنة
ستمائة بدمشق في ذي القعدة.
وسمع من: داوود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله السلمي، وعلي بن

397
عبد الوهاب أخي كريمة وتفرد عنه، والحسين بن إبراهيم بن مسلمة، وزين
الأمناء ابن عساكر.
وقرأ لولده البدر محمد على مكي بن علان، والرشيد العراقي،
واستنسخ له الأجزاء.
وقرأ ' المقامات ' في سنة تسع عشرة على خزعل النحوي، وأخبره بها
عن منوجهر، عن المصنف. وقرأ كتبا في الأدب والنحو على الزين بن
معطي، وعلى النجيب يعقوب الكندي.
وبرع في الطب وصنف فيه، ونظر في علم الأوائل. وله شعر جيد
وفضائل؛ وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الكتابة. كتب ' القانون ' لابن سينا
ثلاث مرات.
وكان أبوه تاجرا من السويداء التي بحوران: ذكره الموفق في ' تاريخ الأطباء ' فقال: كان صديقا لوالدي. وعز الدين ولده أوحد زمانه وعلامة
أوانه، مجموع الفضائل، كثير الفواضل، كريم الأبوة، غزير القنوة، وافر
السخاء، حافظ الإخاء، اشتغل بصناعة الطب حتى أتقنها إتقانا لا مزيد عليه،
حصل كلياتها، واشتمل على جزئياتها. واجتمع مع أفاضل الأطباء، ولازم
أكابر الحكماء. وقرأ في علم الأدب حتى بلغ أعلى الرتب.
إلى أن قال: وهو أسرع الناس بديهة في قول الشعر، وأحسنهم إنشادا.
وكنت أنا وهو في المكتب. وهو أجل الأطباء قدرا، وأفضلهم ذكرا، وأعرف
مداواة، وألطف مداة، وأنجح علاجا، وأوضح منهاجا. ولم يزل في
البيمارستان النوري.
وأنشدني لنفسه فيما كان يعانيه من الخضاب بالكتم:

398
* لو أن تغير لون شيبي
* يعيد ما فات من شبابي
*
* لما وفى لي بما تلاقي
* روحي من كلفة الخضاب
*
وله كتاب ' الباهر في الجواهر '، وكتاب ' التذكرة الهادية ' في الطب.
روى عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وطائفة.
واشتغل عليه جماعة كثيرة.
ومات في شعبان، ودفن بتربته إلى جانب الخانقاه الشبلية، وله تسعون
سنة.
610 - أرغون بن أبغا بن هولاكو بن قان بن جنكزخان.
ملك التتار، وصاحب العراق، وخراسان، وأذربيجان، وغيرها.
جلس عل تخت الملك بعد قتل عمه الملك أحمد، وكان شجاعا
مقداما، كافرالنفس، سفاكا للدماء، ذا هيبة وجبروت. وكن مليح الصورة.
وهو أبو قازان وخربندا اللذين تملكا.
حكى عز الدين حسن المتطبب أنه سمع العماد بن العرام الحاسب.

399
يقول ببغداد: شاهدت أرغون بن أبغا وقد صفوا له ثلاث أفراس، فوقف
راجلا عند أولها، وطفر في الهواء فركب الثالث منها، ولم يمس شيئا
من الفرسين.
[قلت:] وكان وزيره سعيد الدولة قد استولى على عقله يصرفه كيفما
أراد، ويحكم في دولته تحكما زائدا.
وهلك أرغون في هذا العام في شهر ربيع الأول فيقال إنه سقي، ولم
يصح. فاتهم المغول اليهود بقتله، ومضوا على سعيد الدولة، ومالوا على
اليهود قتلا ونهبا، وأخذوا لهم أموالا عظيمة.
وورد الخبر بموت أرغون والسلطان على عكا.
611 - إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن قريش.
القاضي الجليل، ظهير الدين، أبو المجد القرشي، المخزومي، أخو
تاج الدين إسماعيل.
سمع ' جامع أبي عيسى الترمذي ' من أبي علي ابن البنا.
وعاش خمسا وثمانين سنة. وتوفي بالمحلة في رمضان.
روى عنه: الدمياطي، والمصريون. ولم يسمع منه البرزالي، ولا غيره
لغيبته عن مصر.
ذكره الفرضي في ' معجمه '.
612 - إسماعيل بن نور بن قمر.

400
الهيتي، الصالحي.
روى عن: موسى بن الشيخ عبد القادر، والموفق بن قدامة،
والنفيس بن البن.
قال المزي: كان شيخا حسنا، أميا، سمعنا منه.
قلت: روى عنه: ابن الخباز، والمزي، وابن البرزالي، وجماعة.
ومات في رجب.
613 - أقبغا.
الأمير الكبير سيف الدين المنصوري.
شاب مليح، رشيق القد. لم يبلغ الثلاثين، كان من أمراء دمشق.
قتل بالبرج الذي تأخر أياما عن أخذ عكا، رحمه الله.
614 - آقوش.
الأمير جمال الدين الغتمي.
من الأمراء المصريين، كان موصوفا بالشجاعة؛ استشهد على عكا.
615 - آمنة بنت النجم محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف البلخي.
روت عن: أبيها.
وهي زوجة الزين أحمد بن حسين بن المناديلي.
616 - آمنة بنت محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم.

401
المقدسية، امرأة صالحة، مبتلاة بألم دائما في رأسها يمنعها الصوم. لها
حضور على جدها.
وروت سنة ست وخمسين عن ابن الزبيدي.
وماتت في جمادى الآخرة.
كتب عنها الطلبة.
617 - أيبك.
عز الدين المعزي. أحد من استشهد من الأمراء على عكا.
618 - أيدكين.
الأمير علاء الدين الصالحي، العمادي. أحد الأمراء الكبار.
كان دينا، عاقلا، شجاعا، رئيسا. أخذه السلطان الملك المنصور في
وقعة البحرية مع الملك الناصر يوسف عندما أسروا أستاذه الملك الصالح
إسماعيل. ولما تسلطن بدمشق سنقر الأشقر جعله أمير جنداره.
قال قطب الدين: حكى لي قال: طلبني السلطان على البريد إلى
مصر واستحضرني وشرع يوبخني ويقول: أمير جندار!؟ قلت: نعم، أمير
جندار. وقاتلنا عسكرك وها أنا بين يديك فافعل في ما تختار. فقال: ما أفعل
معك إلا كل خير. وأنعم علي غاية الإنعام.
وقد استنابه الملك الأشرف عند سلطنته على صفد. وكان عنده كفاية.

402
وحسن تدبير، ولين جانب، وحسن ظن بالفقراء، وود وإخاء. وله في
المواقف آثار جميلة. وكان الملك الظاهر يحبه ويحترمه ويقدمه على نظرائه.
توفي بصفد في أوائل رمضان.
619 - أيوب بن أبي الحسن.
الفقير القادري.
شيخ الفقراء السلاوية.
توفي في شعبان.
- حرف الباء -
620 - بيليك.
الأمير بدر الدين المسعودي.
من أمراء مصر. كان شجاعا، مشهورا بالخير والمكارم.
استشهد على عكا.
- حرف الجيم -
621 - [جمال الدين الغتمي.
من الأمراء الذين استشهدوا على عكا].

403
- حرف الدال -
622 - داود بن أحمد بن سنقر.
المقدمي، الصوفي، المحدث. أحد الصوفية بالسميساطية.
حدث عن: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي.
وكتب الأجزاء والطباق. وخطه معروف.
كتب عنه: المزي، والبرزالي، والطلبة.
ومات في صفر.
- حرف الراء -
623 - رشيد الطواشي.
أبو الخير الأشرفي، الفاضلي.
شيخ فاضل، حافظ للقرآن.
حدث عن: جعفر.
- حرف السين -
624 - سلامش بن بيبرس بن عبد الله.
السلطان، للقرآن.
حدث عن: جعفر.
- حرف السين -
624 - سلامش بن بيبرس بن عبد الله.
السلطان، الملك، العادل ابن الظاهر، ركن الدين.

404
أجلسوه في السلطنة عندما خلعوا أخاه الملك السعيد، وخطبوا له،
وضربوا السكة باسمه ثلاثة أشهر، ثم شالوه من الوسط وبقي خاملا. ولما
تملك الملك الأشرف جهزه وأخاه الملك خضر وأهله إلى مدينة اصطنبول
بلاد الأشكري، فمات هناك.
وكان شابا مليحا، تام الشكل، رشيق القد، طويل الشعر، ذا عقل
وحياء.
ومات بهذا العام في اصطنبول.
لقبه بدر الدين، وله قريب من عشرين سنة.
625 - سليمان بن أحمد بن فتح الله بن علوان.
العمري، الحنفي، الواسطي.
سمع من: الأمير السيد أبي محمد الحسن بن السيد، ومحمد بن
محمد بن السباك، وغيرهما.
ومات ببغداد في ذي الحجة.
روى عنه: الكازروني بالإجازة.
ويقال له: البوقريشي.
626 - سليمان بن عثمان.
المفتي، الزاهد، الورع، بقية السادات. تقي الدين التركماني، الحنفي،
مدرس الشبلية.
ناب في القضاء بدمشق لمجير الدين بن العديم، ثم استعفى منه ولزم
الاشتغال والعبادة.

405
وتوفي في جمادى الأولى ودفن بسفح قاسيون. وكان من أعيان الفقهاء
رحمه الله.
627 - سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين.
الشيخ، الأديب، البارع، العفيف التلمساني. وكان كومي الأصل [من
قبيلة يقال لها كومية بالمغرب].
ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان يدعي العرفان، ويتكلم في ذلك
على اصطلاحهم.
قال: ورأيت جماعة ينسبونه إلى رقة الدين والميل إلى مذهب
النصيرية.
وكان حسن العشرة، كريم الأخلاق، له حرمة ووجاهة. وخدم في عدة
جهات بدمشق.
قلت: خدم في جهات المكلس، وغيرها. وحدث بشيء من ' صحيح
مسلم ' عن ابن الصلاح، والسخاوي، وجماعة.

406
كتب عنه بعض الطلبة. وكان يتهم بالخمر والفسق والقيادة. وحاصل
الأمر إنه كان من غلاة الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وأن عين
الموجودات هي الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وله في ذلك أشعار
ورموز وتغزلات ومصنفات.
وذكره شمس الدين الجزري في ' تاريخه '، وما كان عرف حقيقة
أمره، ونقل شيئا مستحيلا عنه، فقال: عمل في الروم أربعين خلوة، كل خلوة
أربعين يوما، يخرج من واحدة ويدخل في أخرى.
قلت: وهذا الكلام فيه مجازفة ظاهرة، فإن مجموع ذلك ألف وستمائة
يوم، ولا أدري عمن نقل شمس الدين هذا.
ثم قال: وله في كل علم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى، وشرح
' مقامات النفري '.
قال: وحكى بعضهم قال: طلعت إليه يوم قبض فقلت: كيف حالك؟
قال: بخير، من عرف الله كيف يخاف؟ والله مذ عرفته ما خفته بل رجوته وأنا
فرحان بلقائه.

407
[قلت: كذبت، بل أخوف الخلق لله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم].
وحكى تلميذه البرهان إبراهيم بن، الفاشوشة قال: رأيت ابنه في مكان
بين ركبدارية وذا يكبس رجليه، وذا يبوسه، فتألمت لذلك وانقبضت ودخلت
إلى الشيخ وأنا كذلك، فقال: ما لك؟ فأخبرته بالحال الذي وجدت عليه ابنه
محمدا، فقال: أفرأيته في تلك الحال منقبضا أو حزينا؟ قلت: سبحان الله
كيف يكون هذا؟ بل كان أسر ما يكون.
فهون الشيخ علي وقال: فلا تحزن أنت إن كان هو مسرورا.
فقلت: يا سيدي فرجت عني. وعرفت [قدر] الشيخ وسعته، وفتح
لي باب كنت محجوبا عنه.
قلت: هذا هو الشيخ الذي لا يستحي الله من عذابه.
وله شعر في الطبقة العليا والذروة القصوى، لكنه مشوب بالاتحاد في
كثير من الأوقات، فمنه:
* أفدي التي ابتسمت وهنا بكاظمة
* فكان منها هدى الساري بنعمان
*
* وواجهتها ظباء الرمل فاكتسبت
* منها محاسن أجياد وأجفان
*
* يسري النسيم بعطفيها فيصحبه
* لطف يميل غصن الرند والبان
*
* مرت على جانب الوادي وليس به
* ماء ففاض بدمعي الجانب الثاني
*
* موهت عنها بسلمى واستعرت لها
* من وضعها فاهتدى الشاني إلى شاني
*
* تجنى علي وما أحلى أليم هوى
* في حبها حين ألجاني إلى الجاني
*
وله:
* أقول لخفاق النسيم إذا سرى
* وقد كاد أن ينجاب كل ظلام
*
* تحمل إلى أهل العقيق رسالتي
* وخصهم عني بكل سلام
*
* وقل لهم إني على العهد لم أحل
* وإن غرامي فوق كل غرام
*

408
* ولو رمت عنكم سلوة قادني الهوى
* إلى نحوكم طوعا بغير زمام
*
* فيا عاذلي دع عنك عذلي فإنني
* أخو صبوة لا يرعوي بملام
*
وله:
* وإذا سبى العذال حسنك في الهوى
* يا منيتي فالصب كيف يكون
*
* هب أن عبد هواك أخفى حبه
* أتراه يخفى والعيون عيون
*
* في طرفه السفاح لكن وجهه الهادي
* فليت حدوده المأمون
*
وله من أبيات:
* وأعد لي حديثه فلسمعي
* فرط وجد باللؤلؤ المنثور
*
* ثم صف لي ذؤابة منه طالت
* ودجت فهي ليله المهجور
*
وله:
* إلى الراح هبوا حين تدعو المثالث
* ما الراح للأرواح إلا بواعث
*
* هي الجوهر الفرد القديم وإن بدا
* بها حبب زينت به فهو حادث
*
* تمزرتها صرفا فلما تصرفت
* تحكم سكرا بالتراتيب عابث
*
* وفاح شذى أنفاسها فتضررت
* نفوس عليها الجهل عاث وعايث
*
* حلفت لهم ما كافها غير ذاتها
* فقالوا اتئد فيها فإنك حانث
*
* أقم ريثما تغنيك عنك بوصفها
* وتذهب عما منك فيها بباحث
*
* فإن شاهدت منك العيون عيونها
* ظهرت وإلا فالعيون خوابث
*
* وإن لم تبدل آية منك آية
* بها فيك قيل اذهب فإنك ماكث
*
* تفكر في سام وحام حديثها
* وعز فلم يظهر بمعناه يافث
*
* وما لبثت في الدهر قط وإنما
* هو الدهر فيها إن تأملت لابث
*

409
وهذا الشعر من ألطف ما دقق به الاتحاد، وقد ورى بالراح عن معبوده
وله قصيدة هي أصرح في مذهبه من الثانية، وهي:
* وقفنا على المغنى قديما فما أغنى
* ولا دلت الألفاظ فيه على المعنى
*
* وكم فيه أمسينا وبتنا بربعه
* زمانا وأصبحنا حيارى كما بتنا
*
* ثملنا وملنا والدموع مدامنا
* ولولا التصابي ما ثملنا ولا ملنا
*
* ولم نر للغيد الحسان به سنا
* وهم من بدور التم في حسنها أسنى
*
* نسائل بانات الحمى عن قدودهم
* ولا سيما في لينها البان الغنا
*
* ونلثم منه الترب أن قد مشت به
* سليمى ولبنى لا سليما ولا لبنا
*
* فوا أسفي فيه على يوسف الحمى
* ويعقوبه تبيض أعينه حزنا
*
*
* ننادي بناديهم ونصغي إلى الصدى
* فيسألنا عنا بمثل الذي قلنا
*
* أقمنا نجود الأرض بالأدمع التي
* لو أن السحاب الجود يملكها طفنا
*
* فلما رأينا أننا لا نراهم
* رأيناهم في القرب أدنى لنا منا
*
* ولكنهم لا يتركونا نراهم
* إلى أن محونا ثم كانوا وما كنا
*
* فراحوا كما كانوا ولا عين عندهم
* تراهم وأنى يشهد الفرد من مثنى
*
* وأشرقت الدنيا بهم وتزينت
* بزينة ما أبدوا عليها من المعنى
*
* وآنس منهم كل ما كان موحشا
* وعاش هنيا من بها كان لا يهنا
*
* ومن ناولته الكأس معشوقة الحمى
* يرى شرها أن يشرب الخمر والدنا
*

410
* وما صرخ العشاق جملا وإنما
* إذا سكر المشتاق من طرب غنا
*
وله:
* ما صادمات الحمام في القضب
* ولا ارتقاص المدام بالحبب
*
* إلا لمعنى إذا ظفرت به
* ألزمك الجد صورة اللعب
*
* لأجل ذا في الجمال ما نقلت
* قوما عن القبض بسطة الطرب
*
* قد شاهدوا مطلق الجمال بلا
* رقيب غيرية ولا حجب
*
* وأولعوا بالقدود مائسة
* أعطافها والمباسم الشنب
*
* وافتتنوا بالجفون إن رمقت
* ترمي قسيا بأسهم الهدب
*
* وأسلموا في الهوى أزمتهم
* طوعا لحكم الكواعب العرب
*
* قد خلقت للجمال أعينهم
* وطهرت بالمدامع السرب
*
* ما لا حظوا رتبة تقيدهم
* وهم جميعا عمادة الرتب
*
* فطف بحاناتهم عسى قبس
* من بعض كاساتهم بلا لهب
*
* تصرف من صرفه همومك
* أو تصبح بالقوم ملحق النسب
*
* وكن طفيليهم على أدب
* فما أرى شافعا سوى الأدب
*
وله يمدح شهاب الدين محمود بن سليمان الكاتب:
* جعل الحمى أفقا لمطمح طرفه
* فكفاه بالعبرات صيب وكفه
*
* واستقبل الوادي بلحظ هدبه
* شرك لصيد مهاته أوخشفه
* حتى إذا عز المرام من اللقا
* حبس الحشى كي لا يطير بكفه
*
* قل للذين عن المحب علمتم
* إن الفراق لكم علامة حتفه
*
* يا ظبي رامة لو تعرض يذبل
* لظبي جفونك لم يقف عن نسفه
*
* بالغت في سقمي فأفنى بعضه
* وصفي من البلوى وقام بوصفه
*
* كم عاشق سبق الملام إلى الهوى
* وتعثرت عذاله من خلفه
*

411
* يا بانة الوادي التي ورقاؤها
* تبكي بكاء إلف نأى عن إلفه
*
* لك حظوة كقوامه وحمامه
* كمحبة أبدى جوى لم يخفه
*
* ومنادي في رقة الأدب الذي
* هو كالسلاف فتى كرائق صرفه
*
* سمح السجية مبدع في كلما
* يندبه من نظم القريض ورصفه
*
* يا كاتب الفلك اعتبر بشفوفه
* وإذا شككت فيا عطارد وفه
*
* هذا الشهاب الثاقب الدر الذي
* حاكى سناه عقد جوهر وصفه
*
* والنافث السحر الذي لو جسدت
* كلماته ثغرا لهممت برشفه
*
* والمستحق على بني الأدب الأولى
* هو روضة تنسم عرفه
*
* صرفت أنامله اليراع لرسم ما
* أدناه يثني دهرنا عن صرفه
*
* قلم أراد به الهلال تشبها
* فأقام قامته فلم يستوفه
*
وله من أبيات:
* ولي في ظلال السرحتين منيزل
* لبسنا به برد التواصل مذهبا
*
* يروقك أن تروي أحاديث ورقه
* وتصغي إلى الألحان شوقا فتطربا
*
* وتستنشق الأرواح من نسماته
* فيفهم معنى الزهر من منطق الصبا
*
توفي العفيف التلمساني في خامس رجب، وكتب بخطه: مولدي سنة
ست عشرة وستمائة.
628 - السيف الإربلي.

412
الشاهد. كان شيخا مهيبا، ضخما، حسن البزة. يجلس في الحصيرة
التي فيها ابن النصير، ويعرف الشروط، ويكتب خطا مليحا، ويشهد على
القضاة.
ولم يتزوج ولا حج، وكان يقدر على ذلك، فامتنع القاضي المالكي من
قبوله، وقال: أنت لك مال ولم تحج. فقام وحج وأمضى الفريضة، وعاد
فأدركه أجله في المحرم في الطريق.
وكنت أراه ملازما للشهادة.
- حرف العين -
629 - عبد الله بن الحسين بن القاضي الأشرف أحمد بن القاضي
الفاضل جمال الدين أبي بكر.
توفي بدمشق في داره كهلا في صفر.
630 - عبد الله بن مجد الدين أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن
البعلبكي.
الشيخ بدر الدين، أبو بكر الأنصاري [الدمشقي.
شيخ رئيس مسند مسن. ولد سنة ست وستمائة.
وسمع من: داود بن ملاعب، والشمس العطار.
وهو والد شيخنا أمين الدين أحمد. أخذ عنه غير واحد.
ومات رحمه الله تعالى في رجب.

413
631 - عبد الله بن أبي المرصفي بن عيسى.
عز الدين الصرفندي.
سمع بدمشق من: ابن الزبيدي، ومحمد بن نحسان، وابن صباح،
وغيرهم.
كتب عنه المصريون والرحالة.
مات في شعبان بالقاهرة.
632 - عبد الخالق بن مكي بن عثمان.
الدنيسري.
حدث بدمشق عن المحدث أبي منصور بن الوليد.
ومات في رجب رحمه الله تعالى.
633 - عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء.

414
العلامة، الإمام، مفتي الإسلام، فقيه الشام، تاج الدين، أبو محمد
الفزاري، البدري، المصري الأصل، الدمشقي، الشافعي، الفركاح.
ولد في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة.
وسمع ' البخاري ' من ابن الزبيدي.
وسمع من: التقي علي بن باسويه، وأبي المنجا بن اللتي، ومكرم بن
أبي الصقر، وابن الصلاح السخاوي، وتاج الدين ابن حمويه، والزين
أحمد بن عبد الملك، وخلق سواهم.
وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس.
فسمع منه: ولده برهان الدين، وابن تيمية، والمزي، وقاضي القضاة
نجم الدين ابن صصرى، وكمال الدين ابن الزملكاني، والشيخ علي بن
العطار، وكمال الدين عبد الوهاب الشهبي، والمجد الصيرفي، وأبو الحسن
الختني، والشمس محمد بن رافع الرحبي، وعلاء الدين المقدسي، والشرف
ابن سيده، وزكي الدين زكري، وخلق سواهم.
وخرج من تحت يده جماعة من القضاة والمدرسين والمفتين. ودرس،
وناظر، وصنف. وانتهت إليه رئاسة المذهب كما انتهت إلى ولده.
وكان من أذكياء العالم وممن بلغ رتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة. وهو
أجل من أن ينبه عليه مثلي. وكنت أقف وأسمع درسه لأصحابه في حلقة
ابنه. وكان يلثغ بالراء غينا مع جلالته، فسبحان من له الكمال. وكان لطيف
الجبة، قصيرا أسمر، حلو الصورة، ظاهر الفم، مفركح الساقين بهما حنف

415
ما وريح. وكان يركب البغلة وتحف به أصحابنا، ويخرج بهم إلى الأماكن
النزهة، ويباسطهم ويحضر المغاني، وله في النفوس صورة عظيمة لهيبته
وعلمه ونفعه العام، وتواضعه وخيره ولطفه وجوده.
قرأت بخط الشيخ قطب الدين قال: انتفع به جم غفير، ومعظم فقهاء
دمشق وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته. وكان رحمه الله، عنده من الكرم
المفرط وحسن العشرة وكثرة الصبر والاحتمال. وعدم الرغبة في التكثر من
الدنيا، والقناعة والإيثار، والمبالغة في اللطف ولين الكلمة والأدب ما لا مزيد
عليه، مع الدين المتين، وملازمة قيام الليل، والورع، وشرف النفس، وحسن
الخلق والتواضع، والعقيدة الحسنة في الفقراء والصلحاء وزيارتهم. وله
تصانيف مفيدة تدل على محله من العلم وتبحره فيه. وكانت له يد في النظم
والنثر.
قلت: تفقه في صغره على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، والشيخ
تقي الدين ابن الصلاح. وبرع في المذهب وهو شاب وجلس للاشتغال وله
بضع وعشرون سنة. ودرس في سنة ثمان وأربعين. وكتب في الفتاوى وقد
كمل ثلاثين سنة.
ولما قدم النووي من بلده أحضروه ليشتغل عليه، فحمل همه وبعث به
إلى مدرسة الرواحية، ليصبح له بها بيت، ويرتفق بمعلومها. ولم يزل يشغل
من ذلك الوقت إلى أن مات.
وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار. وكان إذا سافر إلى بيت المقدس
يتنافس أهل البر في الترامي عليه، وإقامة الضيافات له. وكان أكبر من
النواوي، ورحمهما الله، بسبع سنين. وكان أفقه نفسا، وأذكى قريحة، وأقوى
مناظرة من الشيخ محيي الدين بكثير، لكن كان محيي الدين أنقل للمذهب،
وأكثر محفوظا منه. وهؤلاء الأئمة اليوم هم خواص تلامذته ابنه، وقاضي

416
القضاة، والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني، وكمال الدين الشهبي، وزكي
الدين زكريا. وكان قليل العلوم، كثير البركة، مع الكرم والإيثار والمروءة
والتجمل. كان مدرس البادرائية، ولي تدريسها في سنة سبع وسبعين، ولم
يكن بيده سواها إلا ما له على المصالح. وكذلك ولده، أمتعنا الله ببقائه.
وتجد غيره له عدة مناصب، وعليه ألوف كثيرة من الدين. هذا وأين ما بين
الرجلين من الدين والعلم.
قال، رحمه الله، ورضي عنه، حين انجفل الناس في سنة ثمان
وخمسين:
* لله أيام جمع الشمل ما برحت
* بها الحوادث حتى أصبحت سمرا
*
* ومبدأ الحزن من تاريخ مسألتي
* عنكم فلم ألق لا عينا ولا خبرا
*
* يا راحلين قدرتم فالنجاء لكم
* ونحن للعجز لا تستعجز القدرا
*
وله:
* يا كريم الآباء والأجداد
* وسعيد الإصدار والإيراد
*
* كنت سعدا لنا بوعد كريم
* لا تكن في وفائه كسعاد
*

417
توفي الشيخ تاج الدين إلى رضوان الله ومغفرته بالبادرائية، في ضحى
يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة. ودفن بمقابر باب الصغير، وشيعه الخلق،
وتأسفوا على فقده. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وهو الشيخ شمس الدين عبد
الرحمن بن أبي عمر أجل من روى ' صحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي.
وعاش ستا وستين سنة وثلاثة أشهر.
634 - عبد الرحمن بن محمد بن أبي البدر.
شرف الدين العباسي، البغدادي.
سمع من: إبراهيم بن الحر، وعجيبة، وجماعة.
وعاش خمسا وسبعين سنة. ومات في رجب.
635 - عبد العزيز بن علي.
العدل، موفق الدين الشروطي.
روى عن أصحاب السلفي.
مات في ربيع الأول.
636 - عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن نصر الله.
الإمام بدر الدين، أبو محمد العبدي، الحموي، الشافعي، الفقيه.

418
إمام، عالم، مدرس، جيد الفتوى، وافر الحرمة ببلده. صاحب مكارم
ولطف وتواضع. وله نظم ونثر.
كتب عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني.
ومن شعره:
* وبي رشأ قد علا شأنه
* وكل الأنام به مرتبك
*
* تملكني وتملكته
* بنصف الذي لي به قد ملك
*
* أنا عبده وهو عبدي اعجبوا
* فهل يملك الشخص من قد ملك؟
*
قلت: يعني تملكني بالعينين وملكته بالعين.
وقد سمع ببغداد: إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن.
وبمصر من: الحسين بن دينار، وأبي.... قايماز المعظمي وهو عبد
الرحيم بن الطفيل.
وبحلب من: ابن خليل.
وبحماة من: صفية، وجماعة.
أخذ عنه: البرزالي.
وكان رحمه الله خطيب حماة بالجامع الأعلى.
637 - عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع بن عبد الجبار.

419
القاضي شمس الدين، أبو محمد الأبهري، الشافعي، نزيل دمشق.
شيخ فقيه، جليل، عالم فاضل، وافر الديانة، عالي الرواية، كثير
الورع.
سمع بالموصل من: أبي الحسن بن روزبة.
وسمع بدمشق من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن ماسويه، وإبراهيم
ابن الخشوعي، وجماعة.
وأجاز له: أبو الفتح المندائي، وأبو أحمد بن سكينة، وعين الشمس
الثقفية، والمؤيد ابن الأخوة، وزاهر بن أحمد الثقفي.
وروى الكثير.
أخذ عنه: المزي، والبرزالي، وخلق.
وأدركه أبو الفتح ابن سيد الناس والكثير عنه.
وولي نيابة القضاء لابن الصائغ مدة.
ولد بأبهر في ربيع الأول سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ومات في
شوال بالخانقاه الأسدية. وقد سمع منه حضورا عبد الرحمن بن المزي،
وسبطه الأمين السيواسي.
ولنا منه إجازة، رحمه الله.
638 - عبد الولي [بن] بحتر بن حمادي.

420
أبو أحمد البعلبكي، الفقير، الصالح، المقيم بمسجد الحلبيين بالقاهرة.
روى عن: الفخر الإربلي، ويوسف بن خليل.
ومات في ذي الحجة.
639 - عبد الولي بن عبد الرحمن بن محمد.
ناصر الدين الدمشقي، الحنفي، المؤدب بمكتب بباب الناطفيين، وإمام
المدرسة النورية.
شيخ معمر فاضل له هيبة على الصبيان. ولد سنة إحدى وستمائة، وقرأ
القرآن على السخاوي.
وسمع من: ابن اللتي، ومكرم، وغيرهما.
وأخذ عنه الحفاظ.
ومات في جمادى الأولى.
640 - عبد الولي بن أبي محمد بن خولان.
الأجل، بهاء الدين البعلبكي. عدل متميز، صالح، خير، كثير
المكارم.
قال والده شيخنا أمين الدين محمد: كان له تسعة إخوة وثلاث أخوات،
وكان يقوم بجميع مصالحهم، وكان كتانيا، ثم صار تاجرا في البز. ثم تزوج
وجاءته الأولاد، ثم ترك التجارة وحج وأقبل على العبادة. وكان محببا إلى
الناس كثير الصلاة والصيام والتلاوة.
حدث عن: البهاء عبد الرحمن، وغيره.
وتوفي في شوال وله نحو ثمانين سنة.

421
قلت: سمع منه ابن أبي الفتح، وابنه، والبرزالي، وجماعة. رحمه الله تعالى
641 - عبد الوهاب بن محمد بن فارس.
كمال الدين، أبو محمد المري، بالراء، المصري، الشافعي، المعدل.
حدث عن عبد العزيز بن باقا.
ومات في ذي القعدة، وله سبع وثمانون سنة.
كتب عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، وطائفة.
642 - عزيزة بنت عبد العظيم بن عبد القوي.
المقدسية، زوجة الزين عبد الرحمن بن هارون الثعلبي.
روت عن: كريمة، وإبراهيم بن الخشوعي.
وماتت في شعبان.
643 - علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد.
الشيخ الإمام، الصالح، الورع، المعمر، العالم، مسند العالم، فخر
الدين، أبو الحسن ابن العلامة شمس الدين أبي العباس المقدسي، الصالحي،
الحنبلي، المعروف والده بالبخاري.

422
ولد في آخر سنة خمس وتسعين وستمائة. واستجاز له عمه الحافظ
الضياء: أبا طاهر الخشوعي، وأبا المكارم اللبان، وأبا عبد الله الكراني، وأبا
جعفر الصيدلاني، وأبا الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وهبة
الله بن الحسن السبط، وأبا سعد الصفار، ومحمد بن الخصيب القرشي،
ومحمد بن معمر القرشي، وإدريس بن محمد آل والويه، وأبا الفخر أسعد بن
روح، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأخاه أبا محمود أسعد راوي ' مسند أبي
يعلى ' عن الخلال، وبقاء بن جند، والمفتي خلف بن أحمد الفراء، وداود بن
ماشاذه، وعبد الله بن عبد الرحمن البقلي، وعبد الله بن مسلم بن جوالق،
وعبد الوهاب بن سكينة، و أبا زرعة عبد الله بن اللفتواني، وعبد الواحد بن
أبي المطهر الصيدلاني، وعفيفة الفارقانية.
أجاز له هؤلاء في سنة ست وتسعين وسنة سبع وسمع حضورا في
الخامسة من جماعة.
وسمع ' المسند ' من حنبل، و ' السنن ' لأبي داود، و ' الجامع '
للترمذي، و ' الغيلانيات ' و ' الجعديات ' و ' القطيعيات '، وشيئا كثيرا من
عمر بن طبرزد.
وسمع من: أبيه، ومحمد بن كامل بن أسد العدل، وأسعد بن أبي
المنجا القاضي، وأبي عمر بن قدامة الزاهد، وأبي المعالي محمد بن وهب بن
الزنف، وعبد الوهاب بن المنجا، وتفرد بالرواية عنهم.
والخضر بن كامل المقير، وعبد الله بن عمر بن علي القرشي، وأبي
اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، وأبي
القاسم أحمد بن عبد الله السلمي، وأبي الحسين غالب بن عبد الخالق
الحنفي، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وأبي عبد الله ابن البنا، وأبي الفضل
أحمد بن محمد بن سيدهم، وأبي محمد بن قدامة، وهبة الله بن الخضر بن
طاوس، وطائفة بدمشق والجبل.

423
وأبي عبد الله بن أبي الرداد، وأبي البركات عبد القوي، ومرتضى بن
حاتم بمصر.
وأبي علي الأوقي ببيت المقدس، وظافر بن شحم، وغيره بالثغر.
ويوسف بن خليل بحلب، وعمر بن كرم، وعبد السلام الظاهري
ببغداد.
وروى الحديث سبعين سنة، فإن عمر بن الحاجب سمع منه سنة عشرين
وستمائة.
وسمع منه: الحافظان زكي الدين المنذري، ورشيد الدين القرشي سنة
نيف وثلاثين بالقاهرة.
وقرأ عليه شمس الدين ابن الكمال ابن عمه كثيرا من الأجزاء بعد
الخمسين وستمائة.
وشرع الحفاظ والمحدثون في الإكثار عنه من بعد الستين، ولم يكن إذ
ذاك سهلا في التسميع، فلما كبر وتفرد أحب الرواية، وسهل للطلبة،
وازدحموا عليه، ورحلوا إليه، وبعد صيته في الآفاق، وقصد من مصر
والعراق، وكثرت عليه الإجازات من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. وبعث
إليه شيخنا ابن الظاهري بمشيخة خرجها له مع البريد، فاشتهر أمرها، ونودي
لها، ونوه بذكرها في المحدثين والفقهاء والصبيان، وتسارعوا إلى سماعها،
وانتدب لقراءتها شيخنا شرف الدين الفزاري، وكان الجمع نحوا من تسعمائة
نفس، فسمعها عليه من لم يسمع شيئا قبلها ولا بعدها، ونزل الناس بموته
درجة.
وكان فقيها، إماما، أديبا، ذكيا، ثقة، صالحا، خيرا، ورعا، فيه كرم
ومروءة وعقل، وعليه هيبة وسكون. وكان قد قرأ ' المقنع ' كله على الشيخ
الموفق، وأذن له في إقرائه، ثم اشتغل بالعائلة وتسبب، فكان يسافر في
التجارة في بعض الأوقات. ومن بعد الثمانين ضعف ولزم منزله، وعاش أربعا
وتسعين سنة وثلاثة أشهر.

424
سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: أحد المشايخ الأكبار الأعيان
الأماثل، من بيت العلم والحديث. تفرد في الرواية عن عامة مشايخه سماعا
وإجازة. سمعنا منه أشياء كثيرة جدا. ولا نعلم أن أحدا حصل له من الحظوة
في الرواية في هذه الأزمان ما حصل له.
وقال شيخنا ابن تيمية: ينشرح صدري إذا أدخلت ابن البخاري بيني
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث.
وقد روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة ابن دقيق العيد، وقاضي
القضاة ابن جماعة، وقاضي القضاة ابن صصرى، وقاضي القضاة تقي الدين
سليمان، وقاضي القضاة سعد الدين مسعود، وأبو الحجاج المزي، وأبو
محمد البرزالي، وشيخنا أبو حفص ابن القواس، وأبو الوليد بن الحجاج،
وأبو بكر بن القاسم التونسي المقرئ، وأبو الحسن علي بن أيوب المقدسي،
وأبو الحسن الختني، وأبو محمد بن المحب، وأبو محمد الحلبي، وأبو
الحسن بن العطار، وأبو عبد الله العسقلاني رفيقنا، وأبو العباس البكري
الشريشي، وأبو العباس بن تيمية.
وإن كان.. بقاء فليؤخرن أصحابه إن شاء الله إلى بعد السبعين
وسبعمائة.
وقد رحل إليه أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمري فدخل دمشق مسلما
على قاضي القضاة شهاب الدين، وقال: قدمت للسماع من ابن البخاري
فقال: أول أمس دفناه. فتألم لموته. وكان في ثاني ربيع الآخر.

425
ومن شعره:
* تكررت السنون علي حتى
* بليت وصرت من سقط المتاع
*
* وقل النفع عندي غير أني
* أعلل للرواية بالسماع
*
ولا يدرى ما قرأ عليه الشيخ علي الموصلي والمزي من الكتب والأجزاء
وأما البرزالي فقال: سمعت منه بقراءتي وقراءة غيري ثلاثة وعشرين مجلدا،
وأكثر من خمسمائة جزء. وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثمانية رجال ثقات. وقد أجاز لي مروياته في سنة ثلاث وسبعين.
ولم أرزق السماع منه، رحمه الله تعالى.
644 - علي بن أبي صادق الحسن بن يحيى بن صباح.
علاء الدين أبو الحسن القرشي، المخزومي، المصري، ثم الدمشقي،
الشافعي.
شيخ ثقة: فاضل، صالح، خير.
سمع: أباه، وأبا القاسم أحمد بن عبد الله السلمي، وأبا المجد
القزويني، وأبا المحاسن ابن أبي لقمة، وأبا عبد الله بن الزبيدي.

426
وولد سنة ست أو سبع وستمائة بدمشق.
وكان يسكن عند باب توما.
كتب عنه الجماعة، وأثنوا عليه. ولي منه إجازة.
مات في شعبان. وكان فقيها بالمدارس.
645 - علي بن عبد الله بن أبي الفتح.
الحراني، المقرئ، الضرير، نزيل القاهرة، ووالد شيخنا محمد البحري.
حدث عن: ابن روزبة، وغيره.
وسمع منه: البرزالي، والقطب.
مات في ربيع الآخر.
646 - علي بن عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن المغيزل.
الفقيه سيف الدين الحموي.
توفي شابا بحماة في المحرم.
647 - علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف بن نبهان.
الإمام، علاء الدين، أبو الحسن، ابن العلامة كمال الدين أبي المكارم،
ابن خطيب زملكا الأنصاري، السماكي والد الإمام العلامة مفتي الشام
كمال الدين محمد.

427
كان إماما جليلا، وافر الحرمة، حسن البزة، مليح الصورة، تام
الشكل، مهيبا. درس بالأمينية مدة، وتوفاه الله تعالى إلى رحمته في ربيع
الآخر وقد نيف على الخمسين.
وقد سمع من الرشيد العطار بمصر، ومن خطيب مردا بدمشق. ولم
يحدث.
[وكان] شهما مقداما، يتقي شره ويخاف ولوعه. شهر عن ابن جماعة
أنه شرب خمرا ثم أتاه وقال: اجعلني في حل. قال: نعم إذا اعترفت عند
قاض. نقلها الشيخ تاج الدين وهذا يدل على دين فيه.
648 - عمر بن عبد الرحمن بن جبريل.
الشيخ نور الدين الطالقاني، الحنفي.
كان إماما في المذهب، عارفا بأصوله، خبيرا بالعربية، فيه زهد وانقطاع
وخير.
توفي بدمشق في صفر بالمارستان.
649 - عمر بن علندي.
الحارس.
سمع من: ابن اللتي.
وحدث.
توفي في ربيع الأول.
650 - عمر بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن
باقا.
بهاء الدين، أبو حفص البغدادي الأصل، المصري.

428
روى عن: جده، ومحمد بن محمود الدوي.
ومات في رمضان وله سبعون سنة.
سمع منه: البرزالي، واليعمري، وجماعة.
651 - عمر بن يحيى بن عمر بن حمد.
الشيخ فخر الدين الكرجي الشافعي، نزيل دمشق.
ولد بالكرج سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وقدم دمشق فلزم الشيخ
تقي الدين ابن الصلاح، وخدمه وتفقه عليه.
وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والبهاء عبد الرحمن المقدسي.
وحدث ' بالبخاري ' وبكثير من مسموعاته. وتزوج بنت شيخه تقي الدين.
وكان ضعيفا، حدث بما لم يسمع.
وذكر أبو عمرو المقاتلي أنه رآه قد ألحق اسم زين الدين الفارقي في
' الغيلانيات ' على ابن الصلاح.
قال: وكان يلحق اسمه في الإسجالات على القضاة، سامحه الله وغفر
له.
قلت: روى عنه جماعة. وحدث عنه أبو الحسن العطار ' بصحيح
البخاري '. وأجاز له مروياته.

429
مات الفخر الكرجي والفخر بن البخاري في يوم واحد ثاني ربيع الآخر،
وقد شاخ وعجز وانقطع في بيته مدة. وكان شيخ الحديث بالظاهرية من بعد
أبي إسحاق اللورقي، وشيخ الحديث بالقليجية، فولي بالظاهرية الشيخ عز
الدين الفاروثي، وبالقليجية مدرسها بهاء الدين.
652 - عيسى بن إياز.
شرف الدين بن فخر الدين، والي حماة.
س أديب شاعر، محسن.
توفي في العشرين من جمادى الآخرة بحماة.
وهذه الأبيات التي غني بها في أيام فتح المرقب، له:
* تحن إلى لقائكم القلوب
* فهل لي من زيارتكم نصيب
*
* ويصبو نحوكم طرفي وقلبي
* فذا منكم يصاب وذا يصوب
*
* أجيران الحمى عودوا مريضا
* سلامته هي العجب العجيب
*
* لقد سئم العواذل طول سقمي
* لفرقتكم وأيأسني الطبيب
*
- حرف الغين -
653 - غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب.

430
أبو محمد الدمشقي، الحلاوي. وكناه الدمياطي: أبا مجاهد.
سمع ' الغيلانيات ' من عمر بن طبرزد، وقطعة كبيرة من ' المسند ' عن
حنبل.
وأقام بقطيا مدة منقطعا إلى واليها، وكان يحسن إليه.
ودخل مصر غير مرة، وحدث، وتفرد، وازدحموا عليه، وسمع منه
خلق كثير.
قال لي أبو الحجاج المزي: دخلت إلى مسجد قطيا فرأيت شيخا كأنه
بابا فسألته: هل تعرف غازي الحلاوي فقال: أنا هو. فقرأت عليه عوالي
الغيلانيات.
روى عنه: هو، والدمياطي، والبرزالي، وأبو حيان النحوي، وأبو
محمد بن منير، وأبو الفتح اليعمري.
وكان شيخا معمرا، صحيح التركيب، ممتعا بحواسه. عاش خمسا
وتسعين سنة.
وكان فقيرا، متعففا مستورا، حافظا للقرآن، ينوب في إمامة جامع
قطيا.
قيل إنه ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة، فإن القاضي سعد
الدين الحارثي كتب تحت خطه في إجازة: سئل عن مولده سنة ثلاث وثمانين
فقال: يكون لي اثنان أو ثلاث وتسعون سنة.
قلت: كان يعرف بابن الرداف، ويلقب بالشهاب.
توفي في رابع صفر بمصر. وقيل: ولد سنة 91؛ وقيل سنة 94.

431
- حرف القاف -
654 - قطز.
الأمير سيف الدين المنصوري.
من أكبر مماليك المنصور وأقدمهم، وأحسنهم شكلا. وكان يشرب،
فلما حج ظن الناس أنه يتوب فلم ينته عن الخمر.
وكان يندب في المهمات لشجاعته وغنائه.
655 - قيران.
الأمير بدر الدين السكزي.
أحد من قتل على عكا.
- حرف الكاف -
656 - كشتغدي.
الأمير جمال الدين الغري. مصري حدث عن أبي القاسم سبط السلفي.
ومات في صفر.
والغزي: بمعجمة ثم مهملة مستفاد من الغزي بمعجمتين وبالفتح.
والغزي بمعجمتين وبالضم.
والعزي بمهملة ثم معجمة.
والعربي بزيادة باء.
657 - كشتغدي.
الأمير علاء الدين الشمسي، خشداش البسري.

432
كان أحد المقدمين الذين ساروا من مصر لانتزاع الشام من سنقر الأشقر.
ذكره قطب الدين فقال: كان عنده تشيع، وتظهر منه كلمات ينبو عنها
السمع. وحبس هو والبيسري مدة، فلا تسلطن الأشرف أخرجهما ورفع
منزلتهما.
وقتل كشتغدي على عكا.
قلت: وله آثار في إصلاح السجن الذي بداخل مشهد علي من جامع
دمشق.
جاءه سهم فقتله.
- حرف اللام -
658 - لؤلؤ.
مولى الصاحب ابن جرير.
قال البرزالي: روى لنا عن ابن اللتي.
قلت: توفي في ربيع الأول.
سمع منه الفرضي أيضا، والمزي.
- حرف الميم -
659 - محمد بن إبراهيم بن عبد المجيد.
الشيخ أبو عبد الله اللخمي، القوصي، المقرئ، الشافعي. منقول
من ' تاريخ مصر ' لشيخنا القطب. وأنه ربي في حجر العارف أبي الحسن بن
الصباغ، وهو أخر أصحابه.

433
وقرأ بالثغر على الصفراوي.
وسمع من: إبراهيم بن علي المحلي بخط ابن مسدي.
مولده في صفر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ومات بالقاهرة في سابع
ذي القعدة سنة 90.
660 - محمد بن أحمد بن أبي الفهم.
العدل، عز الدين ابن البقال، أبو عمرو.
ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بدمشق. وحدث عن السخاوي،
وإبراهيم بن الخشوعي، وجماعة.
ومات في جمادى الأولى. وهو أخو المعمر علاء الدين علي.
661 - محمد بن أسعد بن نصر الله بن عبد الكريم أخي القاضي
كمال الدين عبد الصمد بن محمد ابن الحرستاني.
نجم الدين.
توفي بالمارستان عن ثمانين سنة في ذي القعدة.
حدث عن: أبي المجد القزويني، وعبد الرحيم بن علي بن مكارم
الحداد.
أخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة.
662 - محمد بن داود بن أبي القاسم.
الأمير بدر الدين ابن الأمير الأجل عماد الدين الهكاري.
جندي محتشم. ولد سنة سبع وثلاثين.
وسمع من: ابن رواحة، ويحيى بن قميرة.

434
وحدث. ومات بالقدس في شعبان، وفجع به أبوه.
وكان فارسا شجاعا، مهيبا.
663 - محمد بن سعد بن المظفر بن المطهر.
شمس الدين، أبو الخير بن اليزدي، البغدادي، الزاهد، شيخ رباط
الخلاطية.
سمع من: ابن الخباز، وابن قميرة.
مات في شوال.
664 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم.
الشيخ صفي الدين ابن المالحاني، المقرئ، البغدادي، التاجر.
سمع ' الصحيح ' علي ابن القطيعي، وابن روزبة.
وأجاز له داود بن معمر، وجماعة.
ولد سنة عشر وستمائة، ومات في صفر.
وأجاز له أبو الفتح الغزنوي، وابن صرما.
أخذ عنه: الفرضي، وابن الفوطي.
665 - محمد بن عبد الخالق بن مزهر.
الإمام شهاب الدين الأنصاري، الدمشقي، المقرئ. قرأ القراءات على
السخاوي وأقرأها.
وروى الحديث: وكان شيخا فاضلا يدري القراءات دراسة متوسطة.
قرأ عليه شمس الدين الحنفي الأعرج، وغيره.

435
ومات في رجب، وقف كتبه بدار الحديث الأشرفية.
666 - محمد بن عبد المؤمن بن أبي الفتح.
شمس الدين، أبو عبد الله الصوري، المقدسي، الصالحي ابن عمه
شيخنا التقي أحمد.
ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من: أبي اليمن الكندي. وهو آخر من
سمع منه.
وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب، وأبي عبد الله بن
البنا، وجماعة.
وتفقه وكتب الخط المنسوب، ونسخ بخطه الكتب، ورحل إلى بغداد
فسمع بها من أبي علي بن الجواليقي، وعبد السلام الزاهري، وأبي حفص
السهروردي، وغيرهم.
وأجاز له: عبد العزيز بن الأخضر، وابن طبرزد.
وكان من بقايا الشيوخ المسندين في زمانه.
أكثر عنه: المزي، والبرزالي، وابن العطار، وابن سيد الناس،
وجماعة.
وكان يطلع في الأمانة إلى المرج ويؤدب يسعى في الرزق.
وتوفي في منتصف ذي الحجة.
667 - محمد بن عثمان بن سلامة.

436
العماد الدمشقي، التاجر.
ولد سنة خمس عشرة وستمائة.
وسمع من: أبي محمد بن البن، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة.
وكتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي، والطلبة غير مرة.
ومات في شوال. وكان رفيق أبي جعفر ابن الموازيني.
668 - محمد بن عثمان بن عبد الوهاب.
أبو عبد الله الأبهري، الصوفي، المقرئ.
كان صوفيا بالخانقاه الأسدية وشاهدا بالبياطرة.
وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وابن الزبيدي.
كتب عنه الجماعة. وكان صالحا خيرا.
توفي في ربيع الأول.
669 - محمد بن علي بن أبي علي.
العدل، جمال الدين، ولد السيف الآمدي.
ولد بحماة سنة اثنتين وستمائة، وروى عن القزويني.
670 - محمد بن قايماز.
شرف الدين الكتبي.
روى عن، مكرم.
671 - محمد بن أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي الفتوح محمد بن
محمد بن عمروك.

437
أبو بكر البكري، التميمي.
ولد بدمشق سنة سبع وعشرين.
وسمعه عمه الصدر البكري من: ابن اللتي، وكريمة، ومحاسن
الحريري، وغيرهم.
وسكن مصر، وحدث بها؛ وكان من عدولها.
توفي في شوال.
وكتب عنه: البرزالي وقال: هو النجم بن الشرف.
672 - محمد بن الشمس.
المحمدي، المؤذن، من كبار المؤذنين بدمشق.
توفي في صفر.
673 - مؤنسة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم العقيلي.
توفيت بدمشق في ربيع الآخر.
روت عن: الركن الحنفي، كأخواتها.
4 - حرف اللام ألف -
674 - لاجين.
الأمير سابق الدين العمادي. نائب قوص وأعمالها في ولة المعز.
ثم ولي بلبيس، وبها توفي في خامس رمضان عن اثنتين وثمانين سنة.
وكان مملوكا للصاحب عماد الدين وزير الجزيرة العمرية. وكان دينا،
صالحا، متصدقا، قدم مع أستاذه في دولة الكامل، وقدم في أيام الصالح.

438
- حرف الياء -
675 - يحيى بن أحمد بن سليمان.
الفقيه، عماد الدين الشافعي، العدل. سبط الإمام أبي عمرو بن
الحاجب.
توفي بدمشق في ربيع الآخر.
وقد سمع من جده، ومن السخاوي.
ولم يرو.
676 - يمك.
الأمير الكبير، بهاء الدين الناصري، الصلاحي.
عتقه الملك الناصر يوسف، وتزوج بابنة الملك القاهر عبد اللمك ابن
الملك المعظم. وحج بالركب الشامي سنة ست وثمانين. وزخرف داره
بالديماس فوقع من السقالة دهانان فماتا لوقتهما.
وكان تركيا مهيبا، تام الشكل، معروفا بالشجاعة.
توفي بدمشق في رجب.
677 - يوسف بن إبراهيم بن يوسف.
الشيخ أبو الفضل الرومي، الملطي، الواعظ.
توفي بدمشق في ذي الحجة عن خمس وسبعين سنة.
حضرت مجلسه، وكان بارد الوعظ.

439
678 - يوسف بن يعقوب بن محمد بن علي.
الرئيس المعمر، نجم الدين، أبو الفتح ابن الوزير الصاحب أبي يوسف
ابن المجاور الشيباني، الدمشقي، الكاتب.
ولد في سنة إحدى وستمائة.
وسمع من: أبيه، والتاج الكندي، والخضر كامل السروجي، وعبد
الجليل بن مندويه، وزينب بنت إبراهيم القيسي، وداود بن ملاعب،
وعبد الله بن طاوس، وعمر بن سقير، والحسن بن البن، وأبي الوحش عبد
الرحمن بن نسيم، والشيخ الموفق.
وكان شيخا جليلا، فاضلا، أبيض اللحية، حسن البزة، رأيته يحدث
غير مرة عند البرادة، وقفت عليه مرة في سنة ست وثمانين فسمعت القارئ
يقول له: أخبرك في تاريخ كذا فلان، فحسب فإذا السماعة ثمانون سنة.
فلبثت سويعة، فقرأ عليه حديث العابد والرمانة، وحديث المؤمن الذي يقرأ
القرآن كالأترجة، فحفظتهما من ذلك الوقت.
ورأيته أيضا في ديوان المظالم بدار الطعم، ثم عزل قبل موته بسنتين أو ثلاث إلى أن مات. ومع هذا فكان صاحب عبادة ودين.
أجاز له: محمد بن علي القبيطي، وأحمد بن الحسن العاقولي، وابن
الأخضر، وعبد العزيز، ابن منينا، وغيره.
وكناه بعضهم أبا العز.

440
وتوفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة. وكان له مكان كيس على
نهر يزيد وقفه زاوية.
وكان قد سمع كتاب ' تاريخ بغداد، للخطيب، من الكندي في سنة سبع
وستمائة.
سمعه منه: المزي. تفرد به وبشيء كثير، وانقطع بموته إسناد عال.
الكنى
679 - أبو بكر بن عباس بن عريب.
زين الدين الدمشقي.
حدث بالقاهرة عن: ابن صباح، وابن الزبيدي.
ومات في رمضان.
680 - أبو بكر.
الشيخ اليعفوري.
شيخ له حال وأصحاب ومولهون. رأيته مرة.
وتوفي بقرية يعفور. صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق في شوال
وعلى البرهان الهروي شيخ الصوفية الذين بالقدس.
* *
وفيها ولد:
الخطيب زين الدين عبد الرحيم بن محمد بن جماعة الكتاني،
وسراج الدين عبد اللطيف بن أحمد الكويك الشافعي،
ومحمد بن التقي حمزة بن المجدلي.
وتقي الدين محمد بن محمد بن أبي الحسن البعلي.

441
(بعون الله وتوفيقه، انتهى تحقيق هذه الطبقة التاسعة والستين من هذا
السفر الجليل ' تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ' للمؤرخ الحافظ
شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى
بدمشق 748 ه. رحمه الله، وضبط النص، وتخريج الأحاديث والأشعار،
وتوثيق مادته، والتعليق عليه، والإحالة إلى المصادر، وشرح المصطلحات،
وصناعة الفهارس، على يد خادم العلم وطالبه، راجي عفو ربه، والفقير إليه،
الحاج الأستاذ الدكتور أبي غازي عمر عبد السلام تدمري، الطرابلسي مولدا
وموطنا، الحنفي مذهبا، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، كلية
الآداب والعلوم الإنسانية، المشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه بالفرعين
الأول والثالث، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد
المؤرخين العرب، وتم إنجاز التحقيق مساء الأربعاء في الثاني عشر من شهر
رمضان المبارك سنة 1419 ه، الموافق للثلاثين من شهر كانون الأول
(ديسمبر) 1998 م. وذلك في منزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون
(النجمة سابقا) بمدينة طرابلس الشام المحروسة، جعلها الله ثغرا ورباطا
مطمئنا بحفظه ورعايته وسائر بلاد المسلمين. ويسر الله لي إنجاز تحقيق الطبقة
السبعين الأخيرة من هذا الكتاب، وختم لي بخير، منه استمد العون، وعليه
الاتكال، وهو الموفق والمعين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام
على محمد أشرف المرسلين).
تم تحقيق هذا الجزء على نسختين هما:
نسخة المتحف البريطاني رقم (4810)
ونسخة المتحق البريطاني رقم (1540 / 51) المصورة بدار الكتب المصرية رقم (42) تاريخ

442
/ 1