وافي بالوفيات (جزء 1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وافي بالوفيات (جزء 1) - نسخه متنی

خلیل بن ایبک صفدی؛ محققین: ترکی مصطفی، احمد ارناووط

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: الوافي بالوفيات
المؤلف: الصفدي
الجزء: 1
الوفاة: 764
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى
الطبعة:
سنة الطبع: 1420 - 2000م
المطبعة: بيروت - دار إحياء التراث
الناشر: دار إحياء التراث
ردمك:
ملاحظات:
((الجزء الأول))
((بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الصفدي))
((عونك اللهم وعفوك))
الحمد لله الذي قهر العباد بالموت ونادى بالفناء في فنائهم فانهل في كل بقعة صوب ذلك الصوت واسمع كل حي نسخة وجوده فلم يخل أحدهم من فوت نحمده على نعمه التي جعلت بصائرنا تجول في مرآة العبر وتقف بمشاهدة الآثار على أحوال من غبر وتعلم بمن تقدم أن من تأخر يشاركه في العدم كما اشترك في الرفع المبتدأ والخبر ونشكره على مننه التي جلت لما جلت الضراء بمواقعها وحلت عن وجوه حسانها بإحسانها معاقد براقعها وحلت غمائم جودها على رياض عقولنا فأضحت كأن صغرى وكبرى من فواقعها
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تقر له بالبقاء السرمد وتجرد من التوحيد سيوفا لم تزل في مفارق أهل الشرك تغمد وتبعث لنا في ظلمات اللحود أنوارا لا تخبو أشعتها ولا تخمد ونشهد أن محمدا سيدنا عبده ورسوله الذي أنذر به القوم اللد ونصره بالرعب فقام له مقام المثقفة الملد وأنزل عليه في محكم كتابه العزيز وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد الأنبياء) (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين خفقت بهم عذبات الإسلام ونشرت أعلام علمهم حتى استبانت للهدى أعلام واتضحت بهم غرر الزمن حتى انقضت مددهم فكأنها وكأنهم أحلام صلاة لا تغيب من سماء روضها مجرة نهر ولا تسقط من أنامل غصونها خواتم زهر ما راح طائر كل حي وهو على حياض المون حايم وأشبهت الحياة وإن طال أمدها حلم نائم وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وبعد فلما كانت هذه الأمة المرحومة والملة التي أمست أخبارها بمسك الظلام على كافور الصباح مرقومة خير أمة أخرجت للناس وأشرف ملة أبطل فضلها المنصوص من غيرها قواعد القياس علماؤها كأنبياء بني إسرائيل وامراؤها كملوك فارس في التنويه والتنويل وفضلاؤها آربوا على حكماء الهند واليونان في التعليم والتعليل كم فيهم من فرد جمع المفاخر وكاثرت مناقبه البحور الزواخر وغدا في الأوائل وهو أمام فات سوابق الأواخر

25
* إذا قال لم يترك مقالا لقائل
* بملتمات لا يرى بينها فصلا
*
* كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع
* لذي أربة في القول جدا ولا هزلا
*)
وكم أتى فيهم من كحلت مراود رماحه عيون اللحوم وتوقل حصونا لم يكن للكواكب فيها ولوج ولا لطيف العدى هجوم وضم عسكره المجرور كل فتح أصبح العدو به وهو مجزوم
* من كل من ضاق الفضاء بجيشه
* حتى ثوى فحواه لحد ضيق
* إلى غير ذلك ممن شارك الأوائل في العلوم الدقيقة واتخذ إليها مجازا أداه فيها إلى الحقيقة واستنتج من مقدماتهم بنات فكر لم يرض جواهرهم لها عقيقة
جمع المؤرخون رحمهم الله تعالى أخبار تلك الأحبار ونظموا سلوك تلك الملوك واحرزوا عقود تلك العقول وصانوا فصوص تلك الفصول فوقفت على تواريخ ماتت أخبارها في جلدها ودخلت بتسطيرها الذي لا يبلى جنة خلدها الكامل
* ورأيت كلا ما يعلل نفسه
* بتعلة وإلى الممات يصير
* ووجدت النفس تستروح إلى مطالعة أخبار من تقدم ومراجعة آثار من خرب ربع عمره وتهدم ومنازعة أحوال من غبر في الزمان وما ترك للشعراء من متردم إذ هو فن لا يمل من أثارة دفائن دفاتره ولا تبل جوانح من الفه إلا بمواطن مواطره كم من ناظر اجتنى زهرا ناضرا من أوراقه وكم من ماهر اقتنى قمرا سافرا بين أرواقه لأن المطلع على أخبار من درج ووقائع من غاب في غاب الموت وما خرج ومآثر من رقا إلى سماء السيادة وعرج ومناقب من ضاق عليه خناق الشدة إلى أن فتح له باب الفرج يعود كأنه عاصر أولئك وجلس معهم على نمارق الأسرة واتكا بينهم على وسائد الأرائك واستجلى أقمار وجوههم إما في هالات الطيالس أو في دارات الترائك وشاهد من أشرارهم شرر الشياطين وفض له فضل أخيارهم في ملأ الملائك وعاطاهم سلافة عصرهم في عصرهم السالف ورآهم في معاركهم ينتشقون رياحين السيوف ويستظلون القنا الراعف فكأنما أولئك القوم لداته وأترابه ومن ساءه منهم أعداؤه ومن سره أحبابه لكنهم درجوا في الطليعة من قبله وأتى هو في الساقة على مهله الطويل
* وما نحن إلا مثلهم غير أنهم
* مضوا قبلنا قدما ونحن على الأثر
* والتاريخ للزمان مرآة وتراجم العالم للمشاركة في المشاهدة مرقاة وأخبار الماضين لمن عاقر الهموم ملهاة البسيط
* لولا أحاديث أبقاها أوائلنا
* من الندى والردى لم يعرف السمر
*

26
)
وما أحسن قول الأرجاني البسيط
* إذا عرف الإنسان أخبار من مضى
* توهمته قد عاش في أول الدهر
*
* وتحسبه قد عاش آخر دهره
* إلى الحشر إن أبقى الجميل من الذكر
*
* فقد عاش كل الدهر من كان عالما
* كريما حليما فاغتنم أطول العمر
* وربما أفاد التاريخ حزما وعزما وموعظة وعلما وهمة تذهب هما وبيانا يزيل وهنا ووهما وجيلا تثار للأعادي من مكامن المكائد وسبلا لا تعرج بالأماني إلى أن تقع من المصائب في مصائد وصبرا يبعثه التأسي بمن مضى واحتسابا يوجب الرضا بما مر وحلا من القضا وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك هود فكم تشبت من وقف على التواريخ بإذيال معال تنوعت أجناسها وتشبه بمن أخلده خموله إلى الأرض وأصعده سعده إلى السهى لأنه أخذ التجارب مجانا ممن انفق فيها عمره وتجلت له العبر في مرآة عقله فلم تطفح لها من قلبه جمرة ولم تسفح لها في خده عبرة لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب يوسف فأحببت أن أجمع من تراجم الأعيان من هذه الأمة الوسط وكملة هذه الملة التي مد الله تعالى لها الفضل الأوفى وبسط ونجباء الزمان وأمجاده ورؤوس كل فضل واعضاده وأساطين كل علم وأوتاده وأبطال كل ملحمة وشجعان كل حرب وفرسان كل معرك لا يسلمون من الطعن ولا يخرجون عن الضرب ممن وقع عليه اختيار تتبعي واختباري ولزنى إليه اضطرام تطلبي واضطراري ما يكون متسقا في هذا التأليف دره منتشقا من روض هذا التصنيف زهره فلا أغادر أحدا من الخلفاء الراشدين وأعيان الصحابة والتابعين والملوك والأمراء والقضاة والعمال والوزراء والقراء والمحدثين والفقهاء والمشايخ والصلحاء وأرباب العرفان والأولياء والنحاة والأدباء والكتاب والشعراء والأطباء والحكماء والألباء والعقلاء وأصحاب النحل والبدع والآراء وأعيان كل فن اشتهر ممن اتقنه من الفضلاء من كل نجيب مجيد ولبيب مفيد الطويل
* طواه الردى طي الرداء وغيبت
* فواضله عن قومه وفضائله
* فقد دعوت الجفلى إلى هذا التأليف وفتحت أبوابه لمن دخلها بلا تسويغ تسويف ولا تكليم تكليف وذكرت لمن يجب فتحا يسره أو خيرا قرره أو جودا أرسله أو رأيا أعمله أو حسنة أسداها أو سيئة أبداها أو بدعة سنها وزخرفها أو مقالة حرر فنها وعرفها أو كتابا وضعه)
أو تأليفا جمعه أو شعرا نظمه أو نثرا أحكمه البسيط

27
* ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته
* ما فاته وفضول العيش أشغال
* ولم أخل بذكر وفاة أحد منهم إلا فيما ندر وشذ وانخرط في سلك أقرانه وهو فذ لأني لم أتحقق وفاته وكم من حاول أمرا فما بلغه وفاته على أنه قد يجيء في خلال ذلك من لا يضطر إلى ذكره ويبدو هجر شوكه بين وصال زهره
قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى لا يصل أحد من النحو إلى ما يحتاج إليه إلا بعد معرفة ما لا يحتاج إليه قلت فقد صار ما لا يحتاج إليه محتاجا إليه لأن المتوقف وجوده على وجود شيء آخر متوقف على وجود ذلك الشيء وهكذا كل علم لا يبلغ الإنسان اتقانه إلا بعد تحصيل ما لم يفتقر إليه فقد اذكر في كتابي هذا من لا له مزية وجعلت أصبع القلم من ذكره تحت رزة رزية غير أن له مجرد رواية عن المعارف متفردة ولم تكن له دراية حمائمها على غصون النقل مغردة البسيط
* والأيك مشتبهات في منابتها
* وإنما يقع التفضيل في الثمر
* ولكن أردت النفع به للمحدث والأديب والرغبة فيه للبيب والأريب وجعلت ترتيبه على الحروف وتبويبه وتذهيب وضعه بذلك وتهذيبه على أنني ابتدأت بذكر سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو الذي أتى بهذا الدين القيم وسراجه وهاج وصاحب التنبيه على هذه الشرعة والمنهاج فاذكر ترجمته مختصرا وأسرد أمره مقتصرا لأن الناس قد صنفوا المغازي والسير وأطالوا الخبر فيها كما أطابوا الخبر ومليت لما ملئت بشمائله مهارق التواليف ورفعت لما وضعت تيجانها على مفارق التصانيف
فأول من صنف في المغازي عروة بن الزبير رضي الله عنهما ثم موسى بن عقبة ثم عبد الله بن وهب ثم في السير ابن إسحاق ورواها عنه جماعة منهم من زاد ومن نقص فمنهم زياد بن عبد الله البكائي شيخ عبد الملك بن هشام مختصر السيرة وسلمة بن الفضل الأبرش ومحمد بن سلمة الحراني ويونس بن بكير الكوفي وعمل أبو القاسم السهيلي رحمه الله تعالى كتاب الروض الأنف في شرح السيرة المشار إليها ووضع عليه شيخنا الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي كتابا سماه بلبل الروض وفي الطبقات الكبرى لابن سعد سيرة مطولة ثم دلائل النبوة لأبي زرعة الرازي شيخ مسلم ثم دلائل السرقسطي ثم دلائل الحافظ أبي نعيم في سفرين ثم دلائل النبوة للنقاش صاحب التفسير)
ودلائل النبوة للطبراني ودلائل أبي ذر المالكي ثم دلائل الإمام البيهقي في ستة أسفار كبار فأجاد ما شاء وأعلام النبوة لأبي المطرف قاضي الجماعة وأعلام النبوة لابن قتيبة اللغوي ومن أصغر ما صنف في ذلك جزء لطيف لابن فارس صاحب المجمل في اللغة وكتاب الشمائل للترمذي رحمه الله كتبته بخطى وقرأته على

28
شيخنا الحافظ جمال الدين المزي والشمائل للحافظ المستغفري النسفي وكتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم للقاضي أبي البختري وكتاب الأخلاق للقاضي إسماعيل المالكي وكتاب الشفا للقاضي عياض والوفاء لابن الجوزي في مجلدين والاقتفاء لابن منير خطيب الإسكندرية ونظم الدرر لابن عبد البر وسيرة ابن حزم وحجة الوداع فأجاد فيها وسيرة الشيخ شرف الدين الدمياطي وسيرة الحافظ عبد الغني مختصرة وعيون الأثر في المغازي والشمائل والسير لشيخنا الإمام الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس ورويتها عنه سماعا لبعضها من لفظه وإجازة لعامتها وله سيرة أخرى مختصرة سمعتها من لفظه ولشيخنا الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي في أول تاريخ الإسلام مجلد في المغازي ومجلد في السيرة قرأتهما عليه وفي تاريخ ابن جرير في الأيام النبوية جملة من ذلك ولابن عساكر في صدر تاريخه لدمشق جزء كبير ولابن أبي شيبة في مصنفه فيما يتعلق بذلك نفس طويل هذا إلى ما في الكتب الصحاح الستة من ذكر شمائله ومغازيه وسيره الوافر
* ويبقى ضعف ما قد قيل فيه
* إذا لم يترك أحد مقالا
* وقد اتيت في الترجمة النبوية بما لا غنى عن عرفانه ولا يسع الفاضل غير الاطلاع على بديع معانيه وبيانه وسردت ذكر من جاء بعده من المحمدين إلى عصري وأبناء زماني الذين أينع زهرهم في روض دهري ثم أذكر الباقين من حرف الألف إلى الياء على توالي الحروف وأتيت في كل حرف بمن جاء فيه من الآحاد والعشرات والمئين والألوف بشرط أن لا أدع كميت القلم يمرح في ميدان طرسه إذا أجررته رسنه ولا أكون إلا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه الزمر ولا أغدو إلا ممن يلغي السيئة ويذكر الحسنة مجزوء الكامل
* لا خير في حشو الكلام إذا اهتديت إلى عيونه
* اللهم إلا أن كان للقول مجال ومجاز ولم يرخ دون الإطالة حجاب ولا حجاز فقد رأيت كثيرا ممن تصدى لذلك أتى في كتابه بفضول كثيرة وفصول لا تضطجع المنافع منها على فرش وثيرة ونقول ليست مثيبة للواقف ولا للفوائد مثيرة الخفيف)
* إن بعض القريض منه هذاء
* ليس شيئا وبعضه أحكام
*
* منه ما يجلب البراعة والفضل ومنه ما يجلب البرسام
* وقد قدمت قبل ذلك مقدمة فيها فصول فوائدها مهمة وقواعدها يملك الفاضل بها من الاتقان أزمة تتنوع الإفادة فيها كما تنوع الأعراب في كم عمة وينال بها المتأدب ما ناله أبو

29
مسلم من الحزم وعلو الهمة ويهيم بها فكره كما هام بمية ذو الرمة ويبدو له من محاسنها ما بدا من جمال ريا للصمة ثم إني أعقد لكل اسم بابا ينقسم إلى فصول بعدد حروف المعجم تتعلق الحروف في الفصول بأوائل أسماء الآباء ليتنزل كل واحد في موضعه ويشرق كل نجم في هذا الأفق من مطلعه فلا يعدو أحدهم مكانه ولا يرفع هذا تمسك تنسك ولا يخفض ذاك جناية خيانة ولا يتأخر هذا لمهابط مهانة ولا يتقدم ذاك لمكارم مكانة وقد سميته الوافي بالوفيات ومن الله تعالى اطلب الإغاثة بالأعانة واستمد منه التوفيق لطريق الإنابة والأبانة واستعينه على زمان غلبت فيه الزمانة لا رب غيره ينول العبد مناه وأمانة ولا إله إلا هو سبحانه هو حسبي ونعم الوكيل

30
((المقدمة))
وفيها فصول الأول كانت العرب تورخ في بني كنانة من موت كعب بن لؤي فلما كان عام الفيل أرخت منه وكانت المدة بينهما مئة وعشرين سنة قال صاحب الأغاني أبو الفرج أنه لما مات الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أرخت قريش بوفاته مدة لأعظامها إياه حتى إذا كان عام الفيل جعلوه تاريخا هكذا ذكره ابن دأب وأما الزبير بن بكار فذكر أنها تؤرخ بوفاة هشام بن المغيرة تسع سنين إلى أن كانت السنة التي بنوا فيها الكعبة فأرخوا بها انتهى وأرخ بنو إسماعيل عليه السلام من نار إبراهيم عليه السلام إلى بنائه البيت ومن بنائه البيت إلى تفرق معد ومن تفرق معد إلى موت كعب بن لؤي ومن عادة الناس ان يؤرخوا بالواقع المشهور والأمر العظيم فأرخ بعض العرب بعام الختان لشهرته قال النابغة الجعدي الوافر
* فمن يك سائلا عني فإني
* من الفتيان أيام الختان
*
* مضت مئة لعام ولدت فيه
* وعام بعد ذاك وحجتان
*
* وقد أبقت صروف الدهر مني
* كما أبقت من السيف اليماني
* وكانت العرب قديما تورخ بالنجوم وهو أصل قولك نجمت على فلان كذا حتى يؤديه في)
نجوم وقال بعضهم قالت اليهود إن الماضي من خلق آدم عليه السلام إلى تاريخ الإسكندر ثلاثة آلاف سنة وأربعمائة سنة وثمانية وأربعون سنة وقالت النصارى أنها خمسة آلاف سنة ومائة

31
وثمانون سنة وأما المدة المحررة من هبوط آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض لتاريخ الليلة المسفرة عن صباح يوم الجمعة الذي كان فيه الطوفان عند اليهود ألف سنة وستمائة وخمسون سنة وعند النصارى ألفا سنة ومائتان واثنان وأربعون سنة وعند السامرة ألف وثلاثمائة سنة وسبع سنين وقال آخر المدة التي بين خلق آدم ويوم الطوفان ألفا سنة ومائتان وعشرون سنة وثلاثة وعشرون يوما وأما تاريخ الإسكندر المذكور في القرآن العظيم وتاريخ بخت نصر فمعلومان وتاريخ الطوفان مجهول فأردنا تصحيح ذلك وتحريره فصححناه بحركات الكواكب وأوساطها من وقت كون الطوفان الذي وضع فيه بطلميوس أوساط الكواكب في المجسطي فبمعاونة هذين الأصلين صححنا تاريخ الطوفان بحركات الكواكب كما تصحح حركات الكواكب بالتاريخ طردا فعكسنا ذلك إلى خلف وجمعنا أزمنته وحررناه فوجدنا بين الطوفان وبخت نصر من السنين الشمسية على أبلغ ما يمكن من التحرير ألفي سنة وأربعمائة سنة وثلثي سنة وربع سنة ومنه إلى تاريخ السريان أربعمائة سنة وستة وثلاثون سنة وجمعنا ذلك فكان ما بين الطوفان وذي القرنين بعد جبر الكسور ألفين وتسع مائة واثنين وثلاثين سنة ثم زدنا على ذلك ما بيننا وبين ذي القرنين إلى عامنا هذا وهو سنة إحدى وسبعين وستمائة للهجرة فبلغ من آدم عليه السلام إلى الآن ستة آلاف سنة وسبعمائة وتسعا وسبعين سنة على أبلغ ما يمكن من التحرير وقال وهب عاش آدم ألف سنة وفي التوراة تسعمائة وثلاثين سنة وكان بين آدم وطوفان نوح ألفا سنة ومائتان وأربعون سنة وبين الطوفان وإبراهيم عليه السلام تسعمائة وسبعة وأربعون سنة وبين إبراهيم وموسى عليهما السلام سبعمائة سنة وبين موسى وداود عليهما السلام خمسمائة سنة وبين داود وعيسى عليهما السلام ألف سنة ومائة سنة وبين عيسى ومحمد نبينا صلوات الله وسلامه عليهما ستمائة وعشرون سنة والله أعلم بالصواب
(())
((أقدم التواريخ التي بأيدي الناس))
زعم بعضهم أن أقدم التواريخ تاريخ القبط لأنه بعد انقضاء الطوفان وأقرب التواريخ المعروفة تاريخ يزدجرد بن شهريار الملك الفارسي وهذا هو تاريخ أرخه المسلمون عند افتتاحهم بلاد)
الأكاسرة وهي البلاد التي تسمى بلاد إيران شهر وأما التاريخ المعتضدي فما أظنه تجاوز بلاد العراق وفيما بين هذه التواريخ تواريخ القبط والروم والفرس وبني إسرائيل وتاريخ عام الفيل وأرخ الناس بعد ذلك من عام الهجرة وأول من أرخ الكتب من الهجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة وكان سبب ذلك أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر رضي الله عنه أنه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب لا ندري على أيها نعمل قد قرأنا صكا منها محله شعبان فما ندري أي الشعبانين الماضي أو الآتي فعمل عمر رضي الله عنه على كتب التاريخ فأراد أن يجعل أوله رمضان فرأى أن الأشهر الحرم تقع حينئذ في سنتين فجعله من المحرم وهو

32
آخرها فصيره أولا لتجتمع في سنة واحدة وكان قد هاجر صلى الله عليه وسلم يوم الخميس لأيام من المحرم فمكث مهاجرا بين سير ومقام حتى دخل المدينة شهرين وثمانية أيام وقال العسكري في كتاب الأوائل أول من آخر النيروز المتوكل قال بينا المتوكل يطوف في متصيد له إذ رأى زرعا أخضر قال قد استأذنني عبيد الله بن يحيى في فتح الخراج وأرى الزرع أخضر فقيل له أن هذا قد أضر بالناس فهم يقترضون ويستسلفون فقال هذا شيء حدث أم هو لم يزل كذا فقيل له حادث ثم عرف أن الشمس تقطع الفلك في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم وأن الروم تكبس في كل أربع سنين يوما فيطرحونه من العدد فيجعلون شباط ثلاث سنين متواليات ثمانية وعشرين يوما وفي السنة الرابعة وهي التي تسمى الكبيس نيجر من ذلك الربع يوم تام فيصير شباط تسعة وعشرين يوما فكانت الفرس تكبس الفضل الذي بين سنتها وبين سنة الشمس في كل مئة وستة عشر سنة شهرا وهذا الكبس على طوله أصح من كبس الروم لأنه أقرب إلى ما يحصله الحساب من الفضل في سنة الشمس فلما جاء الإسلام عطل ذلك ولم يعمل به فاضر بالناس ذلك وجاء زمن هشام فاجتمع الدهاقنة إلى خالد بن عبد الله القسري فشرحوا له وسألوه أن يؤخر النيروز شهرا فكتب إلى هشام بن عبد الملك وهو خليفة فقال هشام أخاف أن يكون هذا من قول الله تعالى إنما النسيء زيادة في الكفر التوبة فلما كان أيام الرشيد اجتمعوا إلى يحيى بن خالد البرمكي وسألوه أن يؤخر النيروز نحو شهر فعزم على ذلك فتكلم أعداؤه فيه فقالوا هو يتعصب للمجوسية فاضرب عنه فبقي على ذلك إلى اليوم فاحضر المتوكل إبراهيم بن العباس وأمره أن يكتب كتابا في تأخير النيروز بعد أن يحسبوا الأيام فوقع العزم على تأخيره إلى سبعة وعشرين يوما)
من حزيران فكتب الكتاب على ذلك وهو كتاب مشهور في رسائل إبراهيم وإنما احتذى المعتضد ما فعله المتوكل إلا أنه قد قصره في أحد عشر يوما من حزيران فقال البحتري يمدح المتوكل الخفيف
* لك في المجد أول وأخير
* ومساع صغيرهن كبير
*
* إن يوم النيروز عاد إلى العهد الذي كان سنه ازدشير
*
* أنت حولته إلى الحالة الأولى وقد كان حائرا يستدير
* قال أحمد بن يحيى البلاذري حضرت مجلس المتوكل وإبراهيم بن العباس يقرأ الكتاب الذي أنشأه في تأخير النيروز والمتوكل يعجب من حسن عبارته ولطف معانيه والجماعة تشهد له بذلك فدخلتني نفاسة فقلت يا أمير المؤمنين في هذا الكتاب خطأ فأعادوا النظر فيه وقالوا ما نراه وما هو فقلت أرخ السنة الفارسية بالليالي والعجم تورخ بالأيام واليوم عندهم أربع وعشرون

33
ساعة تشتمل على الليل والنهار وهو جزء من ثلاثين جزءا من الشهر والعرب تورخ بالليالي لأن سنتهم وشهورهم قمرية وابتداء رؤية الهلال بالليل قال فشهدوا بصحة ما قلت واعترف إبراهيم وقال ليس هذا من علمي قال فخف عني ما دخلني من النفاسة ثم قتل المتوكل قبل دخول السنة الجديدة وولى المنتصر واحتيج إلى المال فطولب به الناس على الرسم الأول وانتقض ما رسمه المتوكل فلم يعمل به حتى ولي المعتضد فقال ليحيى بن علي المنجم قد كثر ضجيج الناس في أمر الخراج فكيف جعلت الفرس مع حكمتها وحسن سيرتها افتتاح الخراج في وقت لا يتمكن الناس من أدائه فيه قال فشرحت له أمره وقلت ينبغي أن يرد إلى وقته ويلزم يوما من أيام الروم فلا يقع فيه تغيير فقال الحق عبد الله بن سليمان فوافقه على ذلك فصرت إليه ووافقته وحسبنا حسابه فوقع في اليوم الحادي عشر من حزيران وأحكم أمره على ذلك وأثبت في الدواوين وكان النيروز الفارسي في وقت نقل المعتضد له يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من صفر سنة اثنين وثمانين ومائتين ومن شهور الروم الحادي عشر مكن نيسان فاخره حسبما أوجبه الكبس ستين يوما حتى رجع إلى وقته الذي كانت الفرس ترده إليه وكان قد مضى لذلك مائتان واثنتان وثلاثون سنة فارسية تكون من سني العرب مائتين وتسعة وثلاثين سنة وبضعة عشر يوما ووقع بعد التأخر يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثمانين ومائتين ومن شهور الروم الحادي عشر من حزيران)
انتهى ما حكاه العسكري قلت قوله تعالى إنما النسيء زيادة في الكفر التوبة الآية في النسيء قولان الأول إنه التأخير قال أبو زيد نسأت الإبل عن الحوض إذا أخرتها وكأن النسيء عبارة عن التأخير من شهر إلى شهر آخر والثاني هو الزيادة قال قطرب نسأ الله في الأجل إذا زاد فيه والصحيح الأول نسأت المرأة إذا حملت لتأخير حيضها ونسأت اللبن إذا أخرته حتى أكثر الماء فيه كانت العرب تعتقد تعظيم الأشهر الحرم تمسكا به من ملة إبراهيم عليه السلام وكان يشق عليهم الكف عن معايشهم وترك الإغارة والقتال ثلاثة أشهر على التوالي فنسئوا أي أخروا تحريم ذلك الشهر إلى غيره فأخروا حرمة المحرم إلى صفر فيحلون المحرم ويحرمون صفر وإذا احتاجوا إلى تحريم صفر أخروه إلى ربيع الأول هكذا كل شهر حتى يدور التحريم على شهور السنة كلها فقام الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه وذلك بعد دهر طويل فخطب صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقال إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ووقف صلى الله عليه وسلم بعرفة في حجة الوداع يوم التاسع وخطب بمنى يوم العاشر واعلمهم أن

34
أشهر النسيء قد تناسخت باستدارة الزمان وعاد الأمر إلى ما وضع عليه حساب الأشهر يوم خلق الله السماوات والأرض وأمرهم بالمحافظة عليها لئلا تتبدل فيما يأتي من الزمان وأول من نسأ النسيء بنو مالك بن كنانة أبو عبيد بنو فقيم من كنانة أو أول من فعل ذلك نعيم بن ثعلبة من كنانة وكان يكون الموسم فإذا هم الناس بالصدر قام فخطب وقال لا مرد لما قضيت فلا أعاب ولا أحاب فيقول له المشركون لبيك فيسألونه أن ينسئهم شهرا يغيرون فيه فيقول فإن صفرا العام حرام فيحلون الأوتار وينزعون الأسنة الأزجة وإن قال حلال عقدوا الأوتار وشدوا الأزجة وأغاروا وكان من بعده جنادة بن عوف وهو الذي أدركه النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقال له القملش أو أول من نسي النسيء عمرو بن لحي بن قمعة بن جندب
((الفصل الثاني))
(())
تقول العرب أرخت وورخت فيقلبون الهمزة واوا لأن الهمزة نظير الواو في المخرج فالهمزة)
من أقصى الحلق والواو من آخر الفم فهي محاذيتها ولذلك قالوا في وعد أعد وفي وجوه أجوه وفي أثوب أثوب وأحد ووحد فعلى ذلك يكون المصدر تاريخا وتوريخا بمعنى وقاعدة التاريخ عند أهل العربية أن يورخوا بالليالي دون الأيام لأن الهلال إنما يرى ليلا ثم إنهم يؤنثون الذكر ويذكرون المؤنث على قاعدة العدد لأنك تقول ثلاثة غلمان وأربع جوار إذا عرفت ذلك فإنك تقول في الليالي ما بين الثلاث إلى العشر ثلاث ليال إلى بابه وتقول في الأيام ما بين الثلاثة إلى العشرة ثلاثة أيام وأربعة أيام
وبابه فإن قلت لأي شيء فعلوا ذلك والتأنيث فرع على التذكير كما تقرر في باب ما لا ينصرف لما كان التأنيث علة من الصرف قلت لأن الأصل في العدد التأنيث لكونه جماعة والمذكر الأصل فأنث الأصل في هذا الباب وبقي المذكر بغير تأنيث لأنه فرع ولأن الفرق لا يحصل إلا بزيادة والزيادة يحتملها المذكر لأنه أخف من المؤنث وقالوا يوم واحد ويومان وثلاثة أيام وما بعده إلى العشرة فلم يضيفوا واحد ولا اثنان إلى مميز فأما ما جاء من قول الشاعر الرجز
* كأن خصييه من التدلدل
* ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل
*

35
فبابه الشعر وضرورة الشعر لا تكون قاعدة فإن قلت لأي شيء فعلوا ذلك قلت لأنه يعود إلى باب إضافة الشيء إلى نفسه لأنك إذا قلت اثنا يومين أو واحد رجل فاليومان هما الأثنان والواحد هو الرجل وإذا قلت يوم ورجلان فقد دللت على الكمية والجنس وليس كذلك في أيام ورجال فيما فوق الثلاثة لأن ذلك يقع على القليل والكثير فيضاف العدد إليه لتعلم الكمية وأضافوا العدد من الثلاثة إلى العشرة إلى جموع القلة فقالوا ثلاثة أيام وأربعة أجمال وخمسة أشهر وستة أرغفة ولا يورد ههنا قوله تعالى ثلاثة قروء البقرة لأنه ميز الثلاثة بجمع الكثرة لأن ا لمعنى كل واحدة من المطلقات تتربص للعدة ثلاثة أقراء ثلاثة أقراء فلما كان مجموع الأقراء من المطلقات كثيرا ميز الثلاثة بجمع الكثرة ولا ينقض هذا بقوله تعالى الله يتوفى الأنفس الزمر فأتى بجمع القلة والنفوس المتوفاة كثيرة إلى الغاية أشعارا بتهوين هذا الفعل في مقدور الله تعالى وكأن توفى هذه النفوس الكثيرة التي علم كثرتها وتحقق تزايدها في مقدور الله تعالى كأنه توفى أنفس قليلة دون العشرة ولا يضاف عدد أقل من ستة إلى مميزين ذكر وأنثى لأن كل واحد من المميزين جمع وأقل الجمع ثلاثة وقالوا في العدد المركب من بعد الشعرة إلى العشرين وهو أحد عشر وباب إحدى عشرة ليلة واثنتا عشرة ساعة وثلاث عشرة ليلة وما بعده إلى العشرين بإثبات التأنيث في الجزءين من إحدى عشرة واثنتا عشرة وحذف التأنيث)
من الجزء الأول في الباقي للمؤنث وأحد عشر يوما واثنا عشر يوما وثلاثة عشر يوما وما بعده إلى العشرين بخلو الجزءين الأولين من التأنيث وإثباته في الجزء الأول لما بعده في المذكر والحجازيون يسكنون الشين في عشرة وبنو تميم يكسرونها وميزوا ما بعد العشرة إلى العشرين وما بعدها من العقود إلى التسعين بمنصوب فقالوا أحد عشر كوكبا وأربعين ليلة
فإن قلت هلا اجروا هذا المميز مجرى ما قبل ذلك من الواحد إلى العشرة قلت أما في أحد عشر وبابه فإن حق الجزء الأخير التنوين إنما حذف تنوينه لبنائه من كونه مركبا فكأن التنوين موجود في اللفظ لأنه لم يقم مقامه شيء يبطل حكمه فكان باقيا في الحكم فمنع مميزه من الإضافة لأنها لا تجتمع مع التنوين وأما في عشرين وبابه لأن النون قائمة مقام التنوين التي في المفرد ولهذا تسقط مع الإضافة كالتنوين فامتنع المميز أيضا من الإضافة فانتصب
وأتوا بواو العطف بعد العشرين ومنعوها بعد العشرة إلى العشرين فقالوا أحد وعشرون وأحد عشر فإن قلت ما العلة في ذلك قلت حذفوها ما بعد العشرة حملا على العشرة وما قبلها من الآحاد لقربها منها على لفظ الأعداد المفردة فلما بعدت بعد العشرين عنها أتوا بالواو فإن قلت فهلا اشتقوا في العشرات من لفظ الاثنين كما اشتقوا من الثلاثة ثلاثين وهلم جرا إلى التسعين

36
قلت لأن اثنين أعرب بالألف في حالة الرفع وعشرون جرت مجرى الجمع السالم فأعربت بالواو حالة الرفع فلو أنهم فعلوا ذلك احتاج المشتق في العشرات من الاثنين أن يكون له إعرابان فثنوا عشرة فقالوا عشرون فإن قلت كان يلزم على هذا أن يقولوا عشرون بفتح العين والشين والراء لأنها تثنية عشر قلت لأن الأصل ههنا كما أوردت أن يشتق من لفظ اثنين وكان أول الاثنين مكسورا فكسروا أول العشرين وسكنوا الشين طلبا للخفة وكسروا الراء لمناسبة ما جمع بالواو والنون ألا تراهم ضموها في حالة الرفع وأيضا فان العشرة تؤنث وجمعها لا يؤنث فكسروا أولها في الجمع لان الكسر من جنس الياء وقالوا مائة يوم ومائتا يوم فجعلوا المميز من المائة إلى الألف وما بعده مضافا ولم يجروه مجرى ما بعد العشرة إلى التسعين فان قلت ما العلة في ذلك قلت لأن المائة حملت على العشرة لكونها عقدا مثلها وحملت على التسعين لأنها تليها فألزم مميزها الإضافة تشبيها بالعشرة وميزت بالواحد دون الجمع تشبيها بالتسعين وقالوا ثلاث مائة وأربعمائة وبابه فميزوه بالمفرد ولم يميزوا بالجمع فقالوا ثلاث مائين فإن قلت ما العلة في ذلك قلت اكتفاء بلفظ الواحد عن الجمع قال الله تعالى)
ثم يخرجكم طفلا غافر أي أطفالا وقال الشاعر الكامل
* كلوا في بعض بطنكم تعفوا
* فإن زمانكم زمن خميص
* على أنه قد قرأ حمزة والكسائي ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين الكهف بإضافة مائة إلى سنين وهذا إضافة المميز إلى جمع فعلى هذه القراءة أقل مدة لبثهم على مذهب من يرى أن الجمع اثنان فما فوقهما تكون ستمائة سنة وتسع سنين لكونه أضيف المميز إلى جمع وقالوا ألف ليلة فأجروا ذلك في التمييز مجرى المائة فإن قلت ما العلة في ذلك قلت لأن الألف عقد كما أن المائة عقد وقالوا ثلاثة آلاف ليلة فجمعوا الألف وقد دخل على الآحاد ولم يفرد مع الآحاد كالمائة فإن قلت هذا ينقض ما قررته أولا من التعليل قلت أن الألف طرف كما أن الواحد طرف لأن الواحد أول والألف آخر ثم تتكرر الأعداد فلذلك أجري مجرى الآحاد) تنبيه (لفظ ألف مذكر والدليل عليه قوله تعالى يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة آل عمران وقد تقرر أن المعدود المذكر يؤنث والمؤنث يذكر ولا يورد قولهم هذه ألف درهم فإن الإشارة إنما هي إلى الدراهم لا إلى الألف وتقديره هذه الدراهم ألف وقالت العرب ألف صنم وألف أقرع وإذا أردت تعريف العدد المضاف أدخلت الأداة على الاسم الثاني فتعرف به الأول
نحو ثلاثة الرجال ومائة الدرهم كقولك غلام الرجل قال ذو الرمة الطويل

37
* وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى
* ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع
* ولا يجوز الخمسة دراهم لأن الإضافة للتخصيص وتخصيص الأول باللام يغنيه عن ذلك فأما ما لم يضف فأداة التعريف في الأول نحو الخمسة عشر درهما إذ لا تخصيص بغير اللام وقد جاء شيء ف على خلاف ذلك) تنبيه (الفصيح إن تقول عندي ثماني نسوة وثماني عشرة جارية وثماني مائة درهم لأن الياء هنا ياء المنقوص وهي ثابتة في حالة الإضافة والنصب كياء قاض فإن قلت قول الأعشى الكامل
* ولقد شربت ثمانيا وثمانيا
* وثمان عشرة واثنتين وأربعا
* يخالف ذلك قلت بابه الضرورة في الشعر كما قال الآخر الوافر
* وطرت بمنصلي في يعملات
* دوامي الأيد يخبطن السريحا
* يريد الأيدي على أنه قد قريء وله الجوار المنشئات الرحمن بضم الراء
((الفصل الثالث))
))
2 (في كيفية كتابة التاريخ))
تقول للعشرة وما دونها خلون لأن المميز جمع والجمع مؤنث وقالوا لما فوق العشرة خلت ومضت لأنهم يريدون أن مميزه واحد وتقول من بعد العشرين لتسع أن بقين وثمان أن بقين تأتي بلفظ الشك لاحتمال أن يكون الشهر ناقصا أو كاملا وقد منع أبو علي الفارسي رحمه الله تعالى أن يكتب لليلة خلت كما منع من صبيحتها أن يقال المستهل لأن الاستهلال قد مضى ونص على أن يورخ بأول الشهر في اليوم أو بليلة خلت منه وقال الحريري في) درة الغواص (والعرب تختار أن تجعل النون للقليل والتاء للكثير لأربع خلون ولأربع عشرة ليلة خلت قال ولهم

38
اختيار آخر وهو أن تجعل ضمير الجمع للكثير الهاء والألف وضمير الجمع القليل الهاء والنون المشددة كما نطق القرآن إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم التوبة فجعل ضمير الأشهر الحرم بالهاء والنون لقلتهن وضمير شهور السنة الهاء والألف لكثرتها وكذلك اختاروا أيضا أن ألحقوا لصفة الجمع الكثير الهاء فقالوا أعطيته دراهم كثيرة وأقمت أياما معدودة وألحقوا لصفة الجمع القليل الألف والتاء فقالوا أقمت أياما معدودات وكسوته أثوابا رفيعات وعلى هذا جاء في سورة البقرة وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة البقرة وفي سورة آل عمران إلا أياما معدودات آل عمران كأنهم قالوا أولا بطول المدة ثم أنهم رجعوا عنه فقصروا المدة انتهى والواجب أن تقول في أول الشهر لليلة خلت منه أو لغرته أو لمستهله فإذا تحققت آخره قلت انسلاخه أو سلخه أو آخره قال ابن عصفور والأحسن أن تورخ بالأقل فيما مضى وما بقي فإذا استويا أرخت بأيهما شئت قلت بل إن كان في خامس عشر قلت منتصف أو في خامس عشر وهو أكثر تحقيقا لاحتمال أن يكون الشهر ناقصا وأن كان في الرابع عشر ذكرته أو السادس عشر ذكرته
) فائدة (ورأيت الفضلاء قد كتبوا بعض الشهور بشهر كذا وبعضها لم يذكروا معه شهرا وطلبت الخاصة في ذلك فلم أجدهم أتوا بشهر إلا مع شهر يكون أوله حرف راء مثل شهري ربيع وشهري رجب ورمضان ولم أدر العلة في ذلك ما هي ولا وجه المناسبة لأنه كان ينبغي أن يحذف لفظ شهر من هذه المواضع لأنه يجتمع في ذلك راءان قد فروا من ذلك وكتبوا داود وناوس وطاوس بواو واحدة كراهية الجمع بين المثلين وجرت العادة بأن يقولوا في)
شهر المحرم شهر الله وفي شهر رجب شهر رجب الفرد أو الأصم أو الأصب وفي شعبان شعبان المكرم وفي رمضان رمضان المعظم وفي شوال شوال المبارك ويورخوا أول شوال بعيد الفطر وثامن ذي الحجة بيوم التروية وتاسعه بيوم عرفة وعاشره بعيد النحر وتاسع المحرم بيوم تاسوعاء وعاشره بيوم عاشوراء فلا يحتاجون أن يذكروا الشهر ولكن لا بد من ذكر السنة قد يجيء في بعض المواضع نيف وبضع مثل قولهم نيف وعشرين وهو بتشديد الياء ومن قال نيف بسكونها فذلك لحن وهذا اللفظ مشتق من أناف على الشيء إذا أشرف عليه فكأنه لما زاد على العشرين كان بمثابة المشرف عليها ومنه قول الشاعر المتقارب
* حللت برابية رأسها
* على كل رابية نيف
* واختلف في مقداره فذكر أبو زيد أنه ما بين العقدين وقال غيره هو الواحد إلى الثلاثة ولعل هذا الأقرب إلى الصحيح وقولهم بضع عشرة سنة البضع أكثر ما يستعمل فيما بين الثلاث إلى العشر وقيل بل هو ما دون نصف العقد وقد آثروا القول الأول إلى النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين الروم وذلك أن المسلمين كانوا يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب وكان المشركون يميلون إلى أهل فارس لأنهم أهل أوثان فلما بشر الله تعالى المسلمين بأن الروم سيغلبون في بضع سنين سر المسلمون بذلك

39
ثم أن أبا بكر بادر إلى مشركي قريش فأخبرهم بما نزل عليهم فيه فقال له أبين بن خلف خاطرني على ذلك فخاطره على خمس قلايص وقدر له مدة الثلاث سنين ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله كم البضع فقال ما بين الثلاثة إلى العشرة فأخبره بما خاطر به أبي بن خلف فقال ما حملك على تقريب المدة فقال الثقة بالله ورسوله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم عد إليهم فزدهم في الخطر وازدد في الأجل فزادهم قلوصين وازداد منهم في الأجل سنتين فاظفر الله تعالى الروم بفارس قبل انقضاء الأجل الثاني تصديقا لتقدير أبي بكر رضي الله عنه وكان أبي قد مات من جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تصدق به وكانت المخاطرة بينهما قبل تحريم القمار وقيل الذي خاطر أبا بكر إنما هو أبو سفيان والأول أصح
((الفصل الرابع))
((النسب مما يضطر إليه المورخ))
)
فأقول النسب هو الإضافة لأن النسب إضافة شيء إلى بلد أو قرية أو صناعة أو مذهب أو عقيدة أو علم أو قبيلة أو والد كقولك مصري أو مزي أو منجنيقي أو شافعي أو معتزلي أو نحوي أو زهري أو خالدي فهذا المعنى إنما هو إضافة ولهذا كان النحاة الأقدمون يترجمونه بباب الإضافة وإنما سميته نسبا لأنك عرفته بذلك كما تعرف الإنسان بآبائه وإنما زيد عليه حرف لنقله إلى المعنى الحادث عليه طردا للقاعدة في التأنيث والتثنية والجمع فإن قلت لأي شيء اختصت الياء دون أختيها الواو والألف والكل من حروف المد واللين قلت لأن النسب قد تقرر أنه إضافة شيء إلى شيء في المعنى وأثر الإضافة في الثاني الجر والكسرة من جنس الياء فناسب زيادة الياء دون الواو والألف فأعرفه فإن قلت فلأي شيء شددوا ياء النسب قلت لأن النسب أبلغ في المعنى من الإضافة فشددوا للدلالة على المعنى لأنهم قالوا صرصر البازي وصر الجندب فإن قلت فلأي شيء كسروا ما قبلها قلت توطيدا لها واعتناء بأمرها لأن الياء لا يكون ما قبلها إلا من جنسها إذا نسبت إلى الاسم الصحيح الثلاثي المفرد أقررته على بنائه فتقول بكري وعمري إلا أن يكون مكسور العين فتقل نمري ومعدي وابلي ودؤلي نسبة إلى نمر ومعدة وابل ودؤل فتفتح الميم والعين والباء والواو وإنما فعلوا ذلك فرارا من توالي الكسرات وإذا نسبت إلى رباعي أو خماسي أقررته على بنائه وزدته ياء النسب فتقول أحمدي وسفرجلي نسبة إلى أحمد وسفرجل فإن كانت عين الرباعي مكسورة مثل تغلب ويثرب ومغرب ومشرق قلت تغلبي ويثربي ومغربي ومشرقي بكسر ثالثه وعند المبرد الفتح مطرد وعند سيبويه مقصور على السماع وإذا نسبت إلى معتل الطرف محذوفه لزمك في النسب رد ما حذف منه فتقول أخوي وأبوي وذووي وعموي وغدوى وعضوى نسبة إلى أخ وأب وذو بمعنى صاحب وعم

40
وغد وعضة لأنهم قالوا في التثنية أخوان وأبوان وعميان فإن كان المنسوب إليه لم يرد إليه ما حذف منه بالتثنية فأنت بالخيار إن شئت رددته وإن شئت حذفته فتقول يدي ودمي ويدوي ودموي نسبة إلى يد ودم لأنهم قالوا يدان ودمان فإن كان في الاسم تاء الحاق في آخره أو همزة وصل في أوله فإنك تحذفهما فتقول أخوي وبنوي نسبة إلى أخت وبنت وابن كما قلت في مذكريهما وهمزة الوصل إن لم تحذفها لم ترد المحذوف وإن حذفتها لزمك ردها فتقول ابني وبنوي وسموي واسمي فإذا كان المنسوب إليه حرفين لا ثالث لهما ولم يكن الثاني حرف لين جاز لك التضعيف وعدمه فتقول كمي وكمي بتخفيف الميم وتشديدها)
نسبة إلى كم فإن كان الثاني حرف لين وجب تضعيفه فتقول فيوى ولووي نسبة إلى في ولو فإن كان حرف اللين ألفا ضوعف وأبدلت الثانية همزة ثم أوليت ياء النسبة فتقول لائي نسبة إلى لا ويجوز قلب الهمزة واوا فتقول لاوى وإذا نسبت إلى محذوف الأول سليم الآخر لم ترد إليه المحذوف فتقول صفي وعدي نسبة إلى صفة وعدة ولك الخيار في الصحيح فتقول ثبي وقلي وثبوي وقلوي كما قلت في دم فإن كان معتل الآخر وجب الرد فتقول وشوى وحرحى بكسر الواو وفتح الشين نسبة إلى شية وحر وفي لغة لغي ولغوي فإذا نسبت إلى مضاعف الثاني لم تفكه فتقول ربي ولا تقول رببي نص عليه سيبويه فإذا نسبت إلى المقصور حذفت ألفه خامسة فصاعدا ورابعة إذا تحرك ثاني ما هي فيه فتقول حبارى وجمزى نسبة إلى حبارى وجمزى وإن كانت الألف رابعة وسكن ثاني ما هي فيه جاز لك حذفها وقلبها واوا مباشرة للياء أو مفصولة بألف فتقول حبلى وحبلوى وحبلاوى نسبة إلى حبلى ودنيوي ودنياوي نسبة إلى دنيا والمختار الأول وإذا نسبت إلى المقصور الثلاثي قلبت الألف واوا فتقول قفوي ورحوي وعصوي نسبة إلى قفا ورحى وعصا وإذا نسبت إلى المنقوص حذفت ياءه إن كانت خامسة فصاعدا كقولك معتدى نسبة إلى معتد فإن كانت رابعة جاز حذفها وقلبها واوا كقولك قاضي وقاضوي نسبة إلى قاض والحذف هو المختار قال الشاعر في لغة القلب الطويل
* وكيف لنا بالشرب إن لم يكن لنا
* دراهم عند الحانوي ولا نقد
* وقول الناس قضوى ليس من هذا الباب وإنما هذا نسبة إلى قضا بالقصر وإذا نسبت إلى المنقوص الثلاثي فليس فيه إلا فتح عينه وقلب الياء واوا تقول شجوي وندوي نسبة إلى شجي وندي وإذا نسبت إلى ممدود فإن كانت الهمزة أصلية كقراء سلمت فقلت قرائي نسبة إلى قراء

41
لأن التثنية قراءان وإن كانت بدلا من ألف التأنيث قلبت واوا فتقول صحراوي نسبة إلى صحراء لأن التثنية صحراوان وإن كانت منقلبة عن أصل أو زائدة للالحاق جاز فيها أن تسلم وأن تقلب واوا فتقول كسائي وكساوي نسبة إلى كساء لأن التثنية كساءان وكساوان وإذا نسبت إلى مثل ماء وشاء قلبت الهمزة واوا فقلت ماوي وشاوي والقصيدة ياوية وقال الراجز الرجز
* لا ينفع الشاوي فيها شاته
* ولا حماره ولا أداته
* وإذا نسبت إلى شقاوة ونحوه مما آخره واو سالمة بعد ألف وكذا سقاية وحولايا مما الياء فيه غير ثالثة قلت شقاوى وسقاءي وحولاوي وإذا نسبت إلى وزن فعيلة فتحت ياءه وحذفت عينه)
فتقول جهني ومزني نسبة إلى جهينة ومزينة وشذ من هذا رديني وعميري نسبة إلى ردينة وعميرة وإذا نسبت إلى المؤنث ولم يكن على هذا الوزن حذفت التاء أين وقعت فتقول طلحي ومكي وبصري وعجوزي وسفرجلي نسبة إلى طلحة ومكة والبصرة وعجوزة وسفرجلة اللهم إلا ما كان على وزن فعيلة بفتح الفاء فتقول درهم خليفتي نسبة إلى الخليفة وإذا نسبت إلى فعيل وفعيل بفتح الفاء وكسر العين في الأول وضم الفاء وفتح العين في الثاني فإن كانا صحيحي اللام فالمطرد في النسبة إليهما عقيلي وعقيلي نسبة إلى عقيل وعقيل وقد يقال فيهما فعلي وفعلي بضم الفاء وفتحها تقول ثقفي وهذلي وإذا نسبت إلى وزن أمية وطهية قلت أموي وأموي بضم الهمزة وفتحها وطهوي وطهوي بضم الطاء وفتحها والفتح على غير قياس فيهما وإذا نسبت إلى ما هو مضاعف إلى مثل جليلة وطويلة لم تحذف الياء لأنك لو حذفت قلت جللي وطولي وكان مستثقلا فك التضعيف والصواب أن تقول جليلي وطويلي
وكذلك النسبة إلى سلول وعدو تقول سلولي وعدوي وإذا نسبت إلى مركب فإن كان المركب جملة فعلية نسبت إلى صدر الجملة وقلت تأبطي وبرقي وكنتي وكوني نسبة إلى تأبط شرا وبرق نحره وكنت وإن

42
كان المركب مضافا ومضافا إليه والأول يتعرف بالثاني نسبت إلى الثاني وحذفت الأول كقولك بكري وزبيري وكراعي نسبة إلى أبي بكر وابن الزبير وابن كراع وإن كانا قد جعلا بمنزلة زيد ولم يقصد تعريف الأول بالثاني نسبت إليهما بصيغة رباعية منحوتة منهما أي مركبة وذلك مسموع غير مقيس كقولك عبدري وعبقسي وتيملي وعبشمي وحضرمي نسبة إلى عبد الدار وعبد قيس وتيم اللات وعبد شمس وحضرموت إلا أن خفت التباسا في مثل امرء القيس وعبد مناف فإنك تقول امرءي ومنافي وأجاز الجرمي النسبة إلى كل من الجزءين فتقول حضري أو موتي وإن كان المركب تركيب مزج فعلت به كالقسم الأول فتقول بعلي ومعدي وخمسي نسبة إلى بعلبك ومعدي كرب وخمسة عشر وقالي نسبة إلى قالي قلا ومنهم من ينسب إليهما قال الشاعر الطويل
* تزوجتها رامية هرمزية
* بفضل الذي أعطى الأمير من الرزق
* فنسبها إلى رام هرمز وإذا نسبت إلى ما آخره ياء كياء النسب فإن كانت رابعة فصاعدا فحذفت وجعل موضعها ياء النسب فتقول شافعي في النسبة إلى الشافعي وكذا تفعل في نحو مرمى في الأصح مع كون ثاني يائيه غير زايدة ومن العرب من يحذف أول يائيه ويقلب الثانية واوا بعد فتح العين فيقول مرموي وشفعوي)
وإذا نسبت إلى مجموع فإن كان جمع تكسير ولم يكن له واحد من لفظه مثل عباديد وشماطيط قلت عباديدي وشماطيطي فإن كان للجمع واحد من لفظه ولم يكن باقيا على جمعيته قلت أنماري وأنصاري ومدائيني وهوازني نسبة إلى الأنمار والأنصار والمدائن وهوزان وإن كان باقيا على جمعيته نسبت إلى واحده فقلت فرضي ورجلي نسبة إلى الفرائض والرجال وقد جاء في الشعر شاذا قول القائل الرجز مشوه الخلق كلابي الخلق القياس كلبي نسبة إلى كلاب وزعم الخليل أن نحو ذلك مسمعي في المسامعة ومهلبي في المهالبة فإن كان لا واحد له نسبت إليه كقولك نفري ورهطي نسبة إلى نفر ورهط فإن جمعت الجمع رددته إلى ما كان عليه فتقول في أنفار نفري وفي أقوام قومي وفي نسوة ونساء نسوي وتقول في محاسن وأعراب محاسني وأعرابي لأنك لو قلت عربي لتغير المعنى لأن الأعرابي لا يقع إلا على البدوي والعربي ليس كذلك وإذا نسبت إلى أبناء فارس قلت بنوي فأجروه على الأصل
وإن كان الجمع جمع سلامة فإن كان جمعا غير علم حذفت الزيادتين وقلت زيدي نسبة إلى زيدين فإن كان علما قلت زيديني وكذا في المثنى إن كان تثنية قلت زيدي وإن كان علما قلت زيداني وإن كان الجمع قد جعلت النون

43
فيه حرف أعراب قلت نصيبيني ويبريني وقنسريني نسبة إلى نصيبين ويبرين وقنسرين وكذلك حكم سنين أن جعلتها جمعا كمسلمين قلت سنهي وسنوي وسني وإن كان النون فيه حرف الأعراب قلت سنيني وإن كان الجمع سالما بالألف والتاء فإن سميت رجلا بتمرات قلت في النسبة إليه تمري بفتح الميم وإن كان جمعا قلت تمري بسكون الميم وقالوا في النسبة إلى أذرعات أذرعي وفي عانات عاني
وأما المنسوب على غير قياس فهو ثلاثة أنواع الأول ما كان حقه التغيير فلم يغيروه كقولهم في النسبة إلى سليقة سليقي وإلى عميرة كلب عميري وسليمة سليمي وإلى حمراء حمرائي بالهمزة وإلى بعلبك بعلبكي حكاهما الكوفيون وإلى كنت كنتني قال الشاعر الطويل
* ولست بكنتي ولست بعاجز
* وشر الرجال الكنتني وعاجز
* والثاني ما كان حقه إن لا يتغير فغيروه كقولهم في النسبة إلى هذيل وسليم هذلي وسلمي وإلى فقيم وقريش ومليح خزاعة فقمي وقرشي وملحي وفي فقيم دارم ومليح خزيمة فقيمي ومليحي)
وإلى أمس والبصرة أمسي وبصري بكسر الهمزة والباء وإلى السهل والدهر سهلي ودهري بضم السين والدال وإلى البحرين والنهرين والحصنين بحراني ونهراني وحصناني فرقا بين النسبة إلى البحر والنهر والحصن وبين ما تقدم وقالوا في النسبة إلى ما في الجسد من الأعضاء الرؤسي والشفاهي والأياري والجماني والرقباني واللحياني والشعراني إذا كان عظيما في هذه الأعضاء مخالفة للنسب إلى البلد والأب وقالوا في الأفق أفقي بفتح الهمزة والفاء وفي الطلح طلاحي وفي خراسان خراسى
وخرسى وفي حمض حمضي بفتح الميم وفي حرم مكة حرمي بكسر الحاء وسكون الراء وفي الربيع والخريف ربعي وخرفى بسكون الرائين والباء والخاء وفي قفا قفي وفي الشأم واليمين وتهامة شآم ويمان وتهام ومنهم من يقول يماني وشامي وتهامي كأن هذا نسب إلى المنسوب وفي الروح روحاني وإلى مرو والري مروزى ورازي قال ابن عصفور ولا يقال في غير الإنسان إلا مروى الثالث ما كان حقه ان يتغير ضربا من التغيير فغيروه تغييرا آخر كقولهم في النسب إلى زبينة زباني وإلى الحيرة وطيء حارى وطائي قال سيبويه ما أظنهم قالوا في طيء طائي إلا فرارا من اجتماع الياءات وإلى العالية علوي وإلى البادية بدوي وإلى الشتاء شتوي وإلى بني عبيدة عبدي

44
بضم العين والباء وإلى جذيمة جذمي بضم الجيم والذال وإلى بني الحبلى من الأنصار حبلى بضم الحاء والباء وإلى دستواء وروحاء وصنعاء وبهراء دستواني وروحاني وصنعاني وبهراني وروحائي أكثر وإلى حروراء وجلولاء حروري وجلولي وإلى أمية وطهية أموي وطهوي بفتح الهمزة والطاء وسكون الهاء وإلى درابجرد وامرء القيس الشاعر دراوردي ومرقسي وإلى سوق مازن سقزني وإلى سوق الليل سقلي وإلى سوق العطش سقشي وإلى سوق يحيى سقحي وإلى دار البطيخ دربخي) تنبيه (قد ألحقوا للمبالغة ياء كياء النسب فقالوا احمري ودواري قال الشاعر الرجز والدهر بالإنسان دواري كما أنهم قالوا علامة ونسابة وكما أشركوا بين تاء المبالغة وياء النسب للمبالغة فقد أشركوا بينهما في تمييز الجمع من الواحد فحبشي وحبش وزنج وزنجي وتركي وترك بمنزلة تمرة وتمر ونخلة ونخل وبسرة وبسر وقد زادوها أيضا لغير معنى زائد زيادة لازمة كحواري وبردى وبختي وكرسي وزيادة عارضة كقول الشاعر الرجز مثل الفراتي إذا ما ظلما)
) تتمة (وقد استغنوا ببناء فعال عن الحاق ياء النسب كقولهم بزاز وعطار وحمال وخياط وكلاب وسقاء وقد يجيء هذا الوزن بمعنى صاحب كذا ومنه قول امرء القيس الطويل
* وليس بذي رمح فيطعنني به
* وليس بذي سيف وليس بنبال
* معناه وليس بصاحب سيف وليس بصاحب نبل وعلى هذا حمل المحققون قوله تعالى

45
وما ربك بظلام للعبيد فصلت أي بذي ظلم هذا كلام الشيخ جمال الدين محمد بن مالك رحمه الله تعالى قلت معناه ليس بذي ظلم ولا يفهم صيغة المبالغة منه كقولنا ضراب وشراب وقتال لأنه إذا نفيت المبالغة في الظلم فلا يلزم من نفيها نفي مطلق الظلم تعالى الله عن ذلك بل هو الحكم العدل
وكذا استغنوا ببناء فاعل بمعنى صاحب كذا عن ياء النسب فقالوا لابن وتامر وطاعم وكاس ورامح بمعنى ذي لبن وذي تمر وذي طعم وذي كسوة وذي رمح وقد يستغنون بفعل عن ياء النسب فقالوا رجل طعم ولبس وعمل بمعنى ذي طعم وذي لبس وذي عمل ومنه قول الراجز أنشده سيبويه الرجز
* لست بليلي ولكني نهر
* لا أدلج الليل ولكن ابتكر
* أراد ولكني نهاري أعمل في النهار وكل صانع عند العرب فهو إسكاف قال الشاعر الرجز وشعبتا ميس براها اسكاف أي نجار والناصح الخياط والنصاح الخيط والهاجري البناء والهالكي الحداد لأن أول من عمل الحديد الهالك والسفسير السمار والعصاب الغزال والقسامي الذي يطوي الثياب أول طيها حتى تنكسر على طيها والماسخي بالخاء والحاء القواس
((الفصل الخامس))
((في بيان العلم والكنية واللقب))
((وكيفية ترتيب ذلك مع النسبة على اختلافها المتنوع))
أعلم أن الدال على معين مطلقا أما أن يكون مصدرا بأب أو أم كأبي بكر وأبي الحسن أو كأم كلثوم وأم سلمة وأما أن يشعر برفعة المسمى كأنف الناقة وملاعب الأسنة وعروة الصعاليك وزيد الخيل والرشيد والمأمون والواثق والمكتفي والظاهر والناصر وسيف الدولة وعضد الدولة وجمال الدين وعز الدين وأمام الحرمين وحجة الإسلام وملك النحاة وأما أن يشعر بضعة المسمى كجحي وشيطان الطاق وأبي العبر وجحظة والعكوك وقد لا يشعر)
بواحد منهما بل أجري عليه ذلك لواقعة جرت مثل غسل الملائكة وحمى الدبر ومطين وصالح جزرة والمبرد وثابت قطنة وذي

46
الرمة والصعق وصردر وحيص بيص فهذه الأقسام الثلاثة تسمى الألقاب وإلا فهو الاسم الخاص كزيد وعمرو وهذا هو العلم وقد يكون العلم مفردا كما تقدم وقد يكون مركبا أما من فعل وفاعل كتأبط شرا وبرق نحوه وأما من مضاف ومضاف إليه كعبد الله وأما من اسمين قد ركبا وجعلا بمنزلة اسم واحد كسيبويه والمفرد قد يكون مرتجلا وهو الذي ما استعمل في غير العلمية كمذجح وأدد وقد يكون منقولا أما من مصدر كسعد وفضل أو من اسم فاعل كعامر وصالح أو من اسم مفعول كمحمد ومسعود أو من أفعل تفضيل كأحمد وأسعد أو من صفة كثقيف وهو الدرب بالأمور الظافر بالمطلوب وسلول وهو الكثير السل وقد يكون منقولا من اسم عين كأسد وصقر وقد يكون منقولا من فعل ماض كأبان وشمر أو من فعل مضارع كيزيد ويشكر) ثمرة هذا المطلوب (إذ قد عرفت العلم والكنية واللقب فسردها يكون على الترتيب تقدم اللقب على الكنية والكنية على العلم ثم النسبة إلى البلد ثم إلى الأصل ثم إلى المذهب في الفروع ثم إلى المذهب في الاعتقاد ثم إلى العلم أو الصناعة أو الخلافة أو السلطنة أو الوزارة أو القضاء أو الأمرة أو المشيخة أو الحج أو الحرفة كلها مقدم على الجميع فتقول في الخلافة أمير المؤمنين الناصر لدين الله أبو العباس أحمد السامري أن كان ولد بسر من رأي البغدادي فرقا بينه وبين الناصر الأموي صاحب الأندلس الشافعي الأشعري إن كان يتمذهب في الفروع بفقه الشافعي ويميل في الاعتقاد إلى أبي الحسن
الأشعري ثم تقول القرشي الهاشمي العباسي وتقول في السلطنة السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتح بيبرس الصالحي نسبة إلى أستاذه الملك الصالح التركي الحنفي البندقدار أو السلاح دار وتقول في الوزراء الوزير فلان الدين أبو كذا فلان وتسرد الجميع كما تقدم ثم تقول وزير فلان وتقول في القضاة كذلك القاضي فلان الدين وتسرد الباقي كما تقدم وتقول في الأمراء كذلك الأمير فلان الدين وتسرد الباقي إلى أن تجعل الآخر وظيفته التي كان يعرف بها قبل اللمرة مثل الجاشنكير أو الساقي أو غيرهما وتقول في أشياخ العلم العلامة أو الحافظ أو المسند في من عمر وأكثر الرواية أو الإمام أو الشيخ أو الفقيه وتسرد الباقي إلى أن تختم الجميع بالأصولي أو النحوي أو المنطقي وتقول في أصحاب الحرف فلان الدين وتسرد الجميع إلى أن تقول الحرفة أما البزاز أو العطار أو الخياط فإن كان النسب إلى أبي بكر)
الصديق رضي الله عنه قلت القرشي التيمي البكري لأن قريشا أعم من أن يكون تيميا والتيمي أعم من أن يكون من ولد أبي بكر رضي الله عنه وأن كان النسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلت القرشي العدوي العمري وإن كان النسب إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت القرشي الأموي العثماني وإن كان النسب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قلت القرشي الهاشمي العلوي وإن كان النسب إلى طلحة رضي الله عنه قلت القرشي التيمي الطلحي وإن كان النسب إلى الزبير رضي الله عنه قلت القرشي الأسدي الزبيري وإن كان النسب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قلت القرشي الزهري السعدي وإن كان النسب

47
إلى سعيد رضي الله عنه قلت القرشي العدوي السعيدي إلا أنه ما نسب إليه فيما علم وإن كان النسب إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قلت القرشي الزهري العوفي من ولد عبد الرحمن بن عوف وإن كان النسب إلى أبي عبيدة بن الجراح قلت القرشي من ولد أبي عبيدة على أنه ما أعقب هذا الذي ذكرته ههنا هو القاعدة المعروفة والجادة المسلوكة المألوفة عند أهل العلم وإن جاء في هذا الكتاب في بعض التراجم ما يخالف ذلك من تقديم وتأخير فإنما هو سبق من القلم وذهول من الفكر وإنما قررت هذه القاعدة ليرد ما خالف الأصل إليها وبالله التوفيق
) تنبيه (كلما رفعت في أسماء الآباء والنسب وزدت انتفعت بذلك وحصل لك الفرق فقد حكى أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني قال حججت في سنة وكنت بمنى أيام التشريق فسمعت مناديا ينادي يا أبا الفرج فقلت لعله يريدني ثم قلت في الناس كثير ممن يكنى أبا الفرج فلم أجبه ثم نادى يا أبا الفرج المعافى فهممت بإجابته ثم قلت قد يكون اسمه المعافى وكنيته أبا الفرج فلم أجبه فنادى يا أبا الفرج المعافى بن زكريا فلم أجبه فنادى يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني فقلت لم يبق شك في مناداته إياي إذ ذكر كنيتي واسمي واسم أبي وبلدي فقلت هأنذا فما تريد فقال لعلك من نهروان الشرق فقلت نعم فقال نحن نريد نهروان الغرب فعجبت من اتفاق ذلك انتهى وكذلك الحسن بن عبد الله العسكري أبو أحمد اللغوي صاحب كتاب التصحيف والحسن بن عبد الله العسكري أبو هلال صاحب كتاب الأوائل كلاهما الحسن بن عبد الله العسكري والأول توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة والثاني كان موجودا في سنة خمس وتسعين وثلاث مائة فاتفقا في الاسم واسم الأب والنسبة والعلم وتقاربا في الزمان ولم يفرق بينهما إلا بالكنية لأن الأول أبو أحمد والثاني أبو هلال والأول ابن عبد الله ابن سعيد بن إسماعيل والثاني ابن عبد)
الله بن سهل بن سعيد ولهذا كثير من أهل العلم بالتاريخ لا يفرقون بينهما ويظنون أنهما واحد وستقف إن شاء الله تعالى على ترجمتهما في مكانهما وكذلك أبو بكر محمد بن علي الشاشي الشافعي هذه الكنية والاسم واسم الأب والنسبة إلى البلد وإلى المذهب الجميع مشترك بين الإمامين المشهورين أحدهما الفقيه المحدث الأصولي اللغوي الشاعر المعروف بالقفال الكبير والآخر الفقيه صاحب الطريقة المشهورة والأول وفاته سنة خمس وستين وثلاثمائة والثاني وفاته سنة خمس وثمانين وأربع مائة والأول محمد بن علي بن إسماعيل والثاني محمد بن علي بن حامد وكذلك محمد بن علي كلاهما شرح المقامات الحريرية أحدهما محمد بن علي بن أحمد أبو عبد الله يعرف بابن حميدة الحلى توفي سنة خمسين

48
وخمس مائة والآخر محمد بن علي بن عبد الله أبو سعيد الجاواني الحلوى وتوفي سنة إحدى وستين وخمس مائة وسوف يمر بك في تراجم هذا الكتاب من الأسماء والكنى والنسب والمذاهب والصناعات وغيرها ما تشاهد منه العجب
((الفصل السادس))
((في الهجاء))
وهو معرفة وضع الخط ورسمه وحذف ما حذف وزيادة ما زيد وإبدال ما أبدل واصطلاح ما تواضع عليه العلماء من أهل العربية والمحدثين والكتاب وهذا الباب جليل في نفسه قل من أتقنه والمحدث والمؤرخ شديد الحاجة إليه فاذكر ههنا مهم هذا الباب فأقول أكثر ما تجرى أوضاع الكتابة التي تحتاج إلى البيان في الهمزة والألف والواو والياء الهمزة همزتان همزة قطع وهمزة وصل فهمزة القطع ان كانت مضمومة أو مفتوحة أو مكسورة ووقعت أولا في اسم أو فعل أو حرف كتبت ألفا نحو أحمد وأبلم وأثمد أو أخذ وأكرم واستخرج أو إن وأن وزاد بعضهم إن جعل علامة الهمزة وحركتها في الضم والفتح من فوق الألف وفي الجر من تحت الألف فان وقعت الهمزة حشوا فان كانت ساكنة في نفس الكلمة كتبت حرفا من جنس الحركة التي قبلها نحو سؤر ورأس وبئر وأن كانت متحركة فإن كان ما قبلها ساكنا كتبت على نحو حركة نفسها نحو ارؤس وارأف واسئر وأن كان ما قبلها متحركا فإن كان مضموما أو مفتوحا أو مكسورا فالمضموم تكتب همزته المفتوحة والمضمومة واوا نحو جؤن وذؤوب والمفتوح تكتب همزته على جنس حركة نفسها نحو لؤم وسأل وسئم والمكسور تكتب همزته ياء نحو سئل وان وقعت الهمزة)
طرفا فإن كان ما قبلها ساكنا لم تثبت لها صورة نحو الخبء والدفء والجزء وبعضهم كتبها أن وقعت طرفا في المضاف على جنس حركة ما قبلها نحو هذا امرؤ القيس ورأيت امرأ القيس ومررت بامرئ القيس وكذا إذا اتصلت الهمزة المتطرفة بضمير مثل هذا جزؤه ورأيت جزأه ومررت بجزئه وبعضهم حذفها واستغنى بالضبط فان كانت فاء الفعل همزة واتصلت بكلام قبلها كتبت بعدها على الصورة التي يبتدأ فيها بالهمزة نحو قلت له ائت زيدا والذي اوتمن
وان وقعت الهمزة بعد مدة فان كانت في منصرف كتبت في المنصوب ألفا فتقول لبست قباأ وشريت كساأ بألفين وكتبت في المرفوع والمجرور وغير المنصرف بألف واحدة نحو هذا رداء وسوداء ومررت بكساء وحمراء فإن كان الممدود مثنى كتب على ما تلفظ به تقول هذان كساآن وابتعت كسااين وان أضيف الممدود إلى مضمر رفعته بواو ونصبته بألف وجررته بياء

49
فتقول هذا عطاؤك وكملت عطاأك والأحسن حذفها في حالة النصب فتقول كملت عطاءك وفي الجر تقول وصلت إلى عطائك وأما همزة الوصل فقد حذفت في مواضع منها إذا اتصلت باسم الله تعالى خاصة نحو بسم الله لكثرة دورها في الكلام ولم يفعلوا ذلك في باقي أسماء الله الحسنى في مثل باسم ربك وباسم الرحمن وأجاز الكسائي الحذف في هذا فان اتصلت بغير الباء لم تحذف كاسم الله ولاسم الله ومنها همزة ابن إذا ما وقعت بين علمين فتكتب أحمد بن محمد فان كانت بين غير علمين كعلم وكنية وبالعكس أو غير الكنية فتكتب محمد ابن أبي بكر ومحمد ابن جمال الدين ومحمد ابن الأمير وغيره وبعضهم أجراها على الحذف في هذه المواطن ولا أرضاه فان وقع ابن أول السطر وهو بين علمين أثبتت ألفه وبعضهم أجراه في ابنة فقال فاطمة بنة محمد ولا أراه لقلته ولإلباسه
الألف حذفت في يا حرف النداء نحو يرسول الله لكثرة دوره في الكلام ولم تحذف في يا محمد يا جبال يا رحمان وحذفوا ألف المنادى العلم من أوله نحو يا براهيم يا سمعيل يا سرائيل وحذفوها في الأعلام مثل الحرث وخلد وإبراهيم وإسماعيل وإسحق وهارون ومروان وسليمان وعثمن وحذفوها في السماوات ومن ثلاثة وثلثين وثمنية وثمنين وحذفوا ألف الاستفهام في نحو عم وفيم وحتام وألف هؤلاء أولئك وهذا وهذاك وهكذا والسلم ومسئلة والقيمة والمملئيكة وسبحنة وهاهنا وحينئذ وليتئذ وساعتئذ وزيدت في الأفعال الماضية والمضارعة المتصلة بالضمائر في مثل قاموا ولم يقوموا فرقا بين فعل الجماعة والمفرد في)
مثل هو يغزو ويدعو ويحدو ورأيت جماعة لم يزيدوا هذه الألف وكتبوا قالوا ولم يقولوا بغير ألف فيهما اتكالا على بيان القرائن من سياق الكلام ولم يثبتها المحققون ولكنها في رسم

50
المصحف الكريم وقالوا مائة ومائتان فرقا بين مئة ومئين جمع مائة وبين ما ذكر
الواو حذفت في مثل داود وطاوس وناوس ويؤده ويسؤه وينؤه والمؤدة وهي ثلاث واوات وزيدت في مثل عمرو رفعا وجرا فأما في النصب فلا فرق بينه وبين عمر لأنه في النصب يكتب ألفا بدلا من التنوين ولا تنوين في عمر وبعضهم يكتب علي بن أبو طالب رضي الله عنه ويلفظ به أبي بالياء وزادوها في أولئك فرقا بينها وبين إليك كما كتبوا الصلاة والزكاة والحياة بالواو نظرا إلى الأصل فإن أضيفت إلى الضمير به إلى اللفظ فكتب صلاتك وزكاتك وحياتك وبعضهم أقر الواو في هذه الحالة أيضا وأما رسم المصحف ففيه واوات لم يكتبها العلماء إلا في المصحف فقط مثل الملؤا وألم يأتكم نبؤا إبراهيم و الربوأ وجزاواء سيئة يونس وكتبوا يا وخي بالواو حالة التصغير لئلا يبهم بيا أخي مكبرا
الياء أثبتت في المنقوص إذا كان معرفا بالألف واللام نحو الداعي والقاضي فإن كان نكرة أو غير منصرف حذفت الياء في الرفع والجر نحو هذا قاض وجوار وتثبتها في النصب نحو رأيت قاضيا وجوارى ومذهب يونس كتابة الجميع بالياء لأن الخط جار مجرى الوقف والأحسن الأول وكل ياء وقعت طرفا في القافية فالأولى حذفها كقوله الطويل قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل وقوله الوافر وأنت على زمانك غير زار وإن كانت للإضافة فالأولى اثباتها كقوله الطويل على النحر حتى بل دمعي محملي وقول الشاعر الرمل
* أبلغ النعمان عني مألكا
* أنه قد طال حبسي وانتظاري
* فمنهم من أثبت الياء ومنهم من حذفها وكتبوا أحديهما بالياء نظرا إلى حالة تجردها عن الضمير
وقد يحتاج إلى معرفة ما ومن ولا واللام إذا كانت أول كلمة ودخلت آلة التعريف عليها أما)
ما إذا اتصلت بكلام قبلها فمنه ما يحسن أن يوصل به ومنه ما يحسن أن يفصل عنه ومنه ما يلزم وصله ومنه ما لا يحسن فإن كانت حرفا كتبت موصولة نحو إنما زيد قائم وإينما تكن أكن وكأنما زيد أسد وكلما وأما فإن كانت أسما موصولا بمعنى الذي كتبت مفصولة نحو إن ما فعلت

51
حسن وأين ما وعدتني به فأما إذا اتصلت بحروف الجر فلا تكتب إلا موصولة نحو بما ولما وفيما ومما وعما وأما من فكذلك نحو بمن وفيمن وعمن وممن ولمن وأما لا فقد كتبوها مع كي موصولة ومفصولة نحو كي لا وكيلا وإن اتصلت بأن الناصبة للفعل حذفت النون وأدغمت في لام لا نحو أريد ألا تفعل كذا فإن كانت الخفيفة من أن الثقيلة فصلت في مثل قوله تعالى أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا طه فأما إذا دخلت لا على أن الشرطية فالأولى فصلها كقوله تعالى إلا تفعلوه الأنفال وقد كتبوا لئلا جملة واحدة وهي ثلاثة ألفاظ لام كي وأن الناصبة ولا النافية لأن اللام لا تقوم بنفسها فوصلت بأن ووصلت أن بلا لأنها ناصبة وكتبت همزتها ياء للكسرة قبلها وادغموا النون في اللام وأما اللام فكل كلمة أولها لام ودخلت آلة التعريف أدغمت فيها لفظا وأظهرت خطا نحو الليل واللحم واللجام وقد كتبت المغاربة اليل على رسم المصحف ولم يستعمله أهل المشرق وأما الذي فإنهم كتبوها بلام واحدة طلبا للاختصار لكثرة دورها بخلاف اللذين مثنى الذي واللتين مثنى التي لأنهما أقل وقوعا من الذي والذين جمعا والتي
تنبيه لا يكتب المضاف في آخر السطر الأول ويبتدأ بالمضاف إليه في السطر الثاني كعبد الله وأبي بكر والمغاربة يفعلون ذلك وليس بحسن وأبلغ من هذا أن يكتبوا الكلمة الواحدة مفصولة الحروف في السطرين كالزاي والياء والدال والواو في السطر الأول آخرا والنون من تتمة زيدون في أول السطر الثاني وهو أقبح من الأول
قاعدة لا تنقط القاف ولا النون ولا الياء إذا وقعن أواخر الكلم برهانه أن الأعجام إنما أتى به للفارق فإن صورة الباء والتاء والثاء والحاء والخاء والدال والذال متشابهة والقاف والنون والياء آخر الكلمة لا تشبهها صورة أخرى أما إذا وقعن في بعض الكلمات وجب نقطهن لأن الفارق بطل
تذنيب رأيت أشياخ الكتابة لا يشكلون الكاف إذا وقعت آخرا ولا يكتبونها مجلسة أما إذا وقعت أولا في بعض الكلمة حشوا فإنهم يجلسونها ويشكلونها بردة الكاف ورأيتهم لا يجوزون في)
السطر الواحد أكثر من ثلاث مدات فأما الكلمة نفسها فلا يمدون فيها إلا بعد حرفين ويعدون ذلك كله من لحن الوضع في الكتابة
تتمة جرت العادة من قديم الزمان وهلم جرا إلى هذا الزمان باقتصار المحدثين على الرمز في حدثنا وأخبرنا واستمر الاصطلاح عليه لكثرة دوره في الكلام وهو حسن فيكتبون من حدثنا الثاء والنون والألف فيكون صورة ما بلا نقط ويكتبون من أخبرنا الألف والنون والألف فيكون صورة أبا بلا نقط هكذا في الاثنين بالعطف من الألف ولا تكون إلا مائلة بتدوير غير منتصبة على الاستواء ولم يكفهم هذا حتى حذفوا قال جملة كافية إذا وقعت بين فلان وبين أخبرنا وبعضهم حذفها خطا ولفظا والأحسن حذفها خطا واثباتها لفظا

52
وإذا كان للحديث اسنادان أو أكثر كتبوا عند الانتقال من اسناد إلى آخر صورة ح وهي حاء مهملة والمختار أنها مأخوذة من التحويل وأن يقول القارئ إذا انتهى إليها ح وقيل أنها من حال بين الشيئين ويقال أن أهل المغرب إذا وصلوا إليها قالوا الحديث وقد كتب جماعة من الحفاظ موضعها صح يشعر بأنها رمز هكذا ذكره الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى وهي كثيرة في صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى وجرت عادة المحدثين والمؤرخين والأدباء إذا جاء ذكر آية من القرآن الكريم أو حديث مشهور أو بيت شعر اشتهر أو تقدم ذكره آنفا أن يذكر أول الآية ثم يقول الآية بالنصب على اضمار أريد أو أعني وكذا يذكر لفظا من الحديث ويقول الحديث وأول البيت ويقول البيت وبعضهم يقرأ الآية ويكمل الحديث إن كان يحفظه وهو الأحسن وبعضهم يقتصر على لفظه كما هو مكتوب لكنه يحسن أن يقف عليه قليلا ولما اشتهر بين المحدثين هذه الكتب الصحاح البخاري ومسلم والموطأ والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة جعلوا رمزا لكل اسم منهم فجعلوا للبخاري خ ولمسلم م وللموطأ ط وللترمذي ت وللنسائي ن ولأبي داود د ولأبن ماجة ق وإنما رمزوا القاف وإن لم يكن في شيء من اسمه لأنهم لو رمزوا له بالجيم لاشتبه حينئذ بالخاء للبخاري في الصورة فجعلوا القاف رمزا لأنه من قزوين
((الفصل السابع))
(())
جرت عادة المؤرخين أنهم يرتبون مصنفاتهم إما على السنين وهو الأليق بالتاريخ لأن)
الحوادث والوقائع تجيء فيه مرتبة متتالية ومنهم من يرتبها على الحروف وهو الأليق بالتراجم فإن الرجل المذكور في الحرف يذكر ما وقع له في السنين المتعددة في موضعه دفعة واحدة إما بإجمال وهو الأكثر وإما بتفصيل وهو قليل وأحسن ترتيب في الحروف ما رتب على حروف أهل المشرق هي ألف باء تاء ثاء جيم حاء خاء ثم تسرد متماثلين متماثلين إلى كاف لام ميم نون هاء واو لام ألف ياء وبعضهم قدم الواو على الهاء ومنهم الجوهري في صحاحه فأما حروف المغاربة فإنهم وافقوا المشارقة من أولها إلى الزاي ثم قالوا طاء ظاء كاف لام ميم نون صاد ضاد عين غين فاء قاف سين شين هاء واو ياء وترتيب المشارقة أحسن وانسب لأنهم اثبتوا الألف أولا وأتوا بالباء والتاء والثاء ثلاثة وبعدها جيم حاء خاء ثلاثة متشابهة في الصور أيضا ثم أنهم سردوها كل اثنين اثنين متشابهين إلى القاف وأتوا بعد ذلك بما لم يتشابه فكان ذلك انسب وبعضهم رتب ذلك على حروف أبجد وليس بحسن وبعضهم رتب ذلك على مخارج الحروف وهم بعض أهل اللغة كصاحب المحكم والأزهري والتحقيق أن تقول همزة ألف باء تاء ثاء فإن الهمزة غير الألف وهذه النكتة تنفع من يرتب الشعر على القوافي فيذكر الهمزة أولا والألف ثانيا ويجيء فيها المقصور كله

53
كيفية ضبط حروف المعجم قالوا الباء الموحدة وبعضهم يقول الباء ثاني الحروف والتاء المثناة من فوق لئلا يحصل الشبه بالياء فإنها مثناة ولكنها من تحت وبعضهم قال ثالث الحروف والثاء المثلثة والجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة والدال المهملة والذال المعجمة والراء والزاي وبعضهم يقول الراء المهملة والزاي المعجمة والسين المهملة والشين المعجمة والصاد المهملة والضاد المعجمة والطاء المهملة والظاء المعجمة والعين المهملة والغين المعجمة والفاء والقاف والكاف واللام والهاء والواو والياء المثناة من تحت وبعضهم يقول آخر الحروف
تتمة إذا أرادوا ضبط كلمة قيدوها بهذه الأحرف على هذه الصورة فإن أرادوا لها زيادة بيان قالوا على وزن كذا فيذكرون كلمة توازنها وهي أشهر منها كما إذا قيدوا فلوا وهو المهر قالوا فيه بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو على وزن عدو فحينئذ يكون الحال قد اتضح والأشكال قد زال
((الفصل الثامن))
))
2 (الوفاة يحتاج إلى معرفة أصلها))
فأقول أصل وفاة وفية بتحريك الواو والفاء والياء على وزن بقرة ولما كانت الياء حرف علة سكنوها فصارت وفية فلما سكنت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فقالوا وفاة ولهذا لما جمعوه رجعوا به إلى أصله فقالوا وفيات بفتح الواو والفاء والياء كما قالوا شجرة وشجرات وقالوا في الفعل منه توفي زيد بضم التاء والواو وكسر الفاء وفتح الياء فبنوه على ما لم يسم فاعله لأن الإنسان لا يتوفى نفسه فعلى هذا الله المتوفى بكسر الفاء أو أحد الملائكة وزيد المتوفى بفتح الفاء وقد حكى أن بعضهم حضر جنازة
فسأل بعض الفضلاء وقال من المتوفى بكسر الفاء فقال له الله تعالى فأنكر ذلك إلى أن بين له الغلط وقال قل من المتوفى بفتح الفاء
منهم يتعين ههنا ذكره الأجل أجل واحد ليس إلا فإن بعض الناس من حكماء المسلمين كأبي الهذيل العلاف المعتزلي ومن تابعه وقال بقوله وافقوا غيرهم على القول بالأجل الطبيعي والأجل الاخترامي أما الطبيعي فهو نفاد الحار الغريزي وذهاب الرطوبة والاخترامي فهو ما يحصل من الغرق والحرق والتردي وتفرق الاتصال بالسيف وغيره أو دخول المنافي للحياة كالسموم أو فساد المزاج من غلبة بعض الأخلاط أو عدم التنفس من خنق أو غيره واحتج بقوله تعالى ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده الأنعام والصحيح ما ذهب إليه أهل السنة من أن الأجل واحد لا يزيد ولا ينقص كما قال تعالى أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر نوح ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها المنافقون والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة والجواب عن الآية على ما تمسك به الخصم أن الأجل الأول أما المراد به آجال الماضين والأجل الثاني آجال الباقين الذين لم يموتوا أو الأجل الأول الموت والأجل الثاني أجل البعث يوم النشور للقيامة أو الأول ما بين خلقه إلى موته والثاني مدة لبثه في البرزخ أو الأول النوم والثاني الموت أو الأول مقدار ما مضى من عمر كل أحد والثاني مقدار ما بقي له من الحياة

54
((الفصل التاسع))
((في فوائد التاريخ))
منها واقعة رئيس الرؤساء مع اليهودي الذي أظهر كتابا فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإسقاط الجزية عن أهل خيبر وفيه شهادة الصحابة منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء ووقع الناس به في حيرة فعرضه على الحافظ أبي)
بكر خطيب بغداد فتأمله وقال إن هذا مزور فقيل له من أين لك ذلك فقال فيه شهادة معاوية رضي الله عنه وهو اسلم عام الفتح وفتوح خيبر سنة سبع وفيه شهادة سعد بن معاذ ومات سعد رضي الله عنه يوم بني قريظة قبل خيبر بسنتين ففرج ذلك عن المسلمين غما
وروى عن إسماعيل بن عياش أنه قال كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث فقالوا ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت أي سنة كتبت عن خالد بن معدان فقال سنة ثلاث عشرة يعني ومائة فقلت أنك تزعم أنك سمعت منه بعد موته بسبع سنين لأن خالدا مات سنة ست ومائة وروى عن الحاكم أبي عبد الله أنه قال لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكشي بالشين والسين معا وحدث عن عبد بن حميد سألته عن مولده فذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين فقلت لأصحابنا هذا سمع من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة وذكر قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان رحمه الله قال وجدت في كتاب الشامل في أصول الدين لإمام الحرمين وذكر طائفة من الثقات الأثبات أن هؤلاء الثلاثة تواصوا على قلب الدول والتعرض لإفساد المملكة واستعطاف القلوب واستمالتها وارتاد كل واحد منهم قطرا أما الجنابي فأكناف الأحساء وابن المقفع توغل في أطراف بلاد الترك وارتاد الحلاج بغداد فحكم عليه صاحباه بالهلكة والقصور عن درك الأمنية لبعد أهل العراق عن الانخداع هذا آخر كلام أمام الحرمين ثم قال

55
شمس الدين ابن خلكان وهذا لا يستقيم عند أرباب التواريخ لعدم اجتماع الثلاثة المذكورين في وقت واحد وأما الحلاج والجنابي فيمكن اجتماعهما ولكن لا أعلم هل اجتمعا أو لا وذكر وفاة الحلاج في سنة تسع وثلاث مائة وذكر وفاة الجنابي في سنة إحدى وثلاث مائة وذكر ابن المقفع فقال كان مجوسيا وأسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح والمنصور وكتب له واختص به وذكر أنه قتل في سنة خمس وأربعين ومائة ثم إن ابن خلكان قال لعل إمام الحرمين أراد المقنع الخراساني وإنما الناسخ حرف عليه ثم فكرت في أن ذلك أيضا لا يصح لأن المقنع الخراساني قتل نفسه بالسم في سنة ثلاث وستين ومائة ثم قال وإذا أردنا تصحيح ما ذهب إليه إمام الحرمين فلا يكون إلا ابن الشلمغاني لأنه أحدث مذهبا غاليا في التشيع والتناسخ وأحرق بالنار في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة
((الفصل العاشر))
((في أدب المورخ))
)
نقلت من خط الإمام العلامة الحجة شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي ما صورته قال يشترط في المورخ الصدق وإذا نقل يعتمد اللفظ دون المعنى وأن لا يكون ذلك الذي نقله أخذه في المذاكرة وكتبه بعد ذلك وأن يسمى المنقول عنه فهذه شروط أربعة فيما ينقله ويشترط فيه أيضا لما يترجمه من عند نفسه ولما عساه يطول في التراجم من النقول ويقصر أن يكون عارفا بحال صاحب الترجمة علما ودينا وغيرهما من الصفات وهذا عزيز جدا وأن يكون حسن العبارة عارفا بمدلولات الألفاظ وأن يكون حسن التصور حتى يتصور حال ترجمته جميع حال ذلك الشخص ويعبر عنه بعبارة لا تزيد عليه ولا تنقص عنه وأن لا يغلبه الهوى فيخيل إليه هواه الأطناب في مدح من يحبه والتقصير في غيره بل إما أن يكون مجردا عن الهوى وهو عزيز وإما أن يكون عنده من العدل ما يقهر به هواه ويسلك طريق الانصاف فهذه أربعة شروط أخرى ولك أن تجعلها خمسة لأن حسن تصوره وعلمه قد لا يحصل معهما الاستحضار حين التصنيف فيجعل حضور التصور زائدا على حسن التصور والعلم فهي تسعة شروط في المورخ وأصعبها الاطلاع على حال الشخص في العلم فإنه يحتاج إلى المشاركة في علمه والقرب منه حتى يعرف مرتبته
وما ذكرت هذا الكلام إلا بالنسبة إلى تواريخ المتأخرين فإنه قل فيها اجتماع هذه الشروط وأما المتقدمون فإني أتأدب معهم لكني رأيت حال كتابتي هذه شيئا لا بأس بذكره هنا وهو أن أبا الوليد الباجي المالكي حكيي في كتابه المسمى تاريخ الفقهاء عن غيره أن يحيى بن معين ضعف الشافعي فبلغ ذلك أحمد بن حنبل فقال هو لا يعرف الشافعي ولا يعرف ما يقول انتهى
قلت هذه الشروط تلزم الذي يعمل تاريخا على التراجم أما من يعمل تاريخا على الحوادث فلا يشترط فيه ذلك لأنه ناقل الوقائع التي يتفق حدوثها فيشترط فيه أن يكون مثبتا عارفا بمدلولات الألفاظ حسن التصور جيد العبارة

56
((الفصل الحادي عشر))
((في ذكر شيء من أسماء كتب التواريخ))
((المؤلفة لمن تقدم من أرباب هذا الفن))
3 (تاريخ المشرق وبلاده))
)
تاريخ بغداد للخطيب أبي بكر الذيل عليه للسمعاني الذيل عليه لابن الدبيثي وفيه ما لم يذكره السمعاني وذكر من أغفله أو كان بعده والذيل عليه لابن القطيعي والذيل لمحب الدين ابن النجار والذيل لأبي بكر ابن المارستاني والذيل لابن الساعي تاريخ البصرة لابن دهجان تاريخ الكوفة لابن مجالد تاريخ واسط للدبيثي تاريخها أيضا لبحشل الذيل عليه لابن الجلابي تاريخ العراق لابن القاطولي تاريخها أيضا لابن اسفنديار الواعظ تاريخها لأحمد بن أبي طاهر وهو أول من وضع لبغداد تاريخا أخبار الموصل للخالديين تاريخ حران لمحاسن بن خليفة الحراني المشرق في أخبار المشرق لابن سعيد المغربي تاريخ ميافارقين لابن الأزرق تاريخ أربل لابن المستوفى تاريخ دنيسر لعمر بن اللمش التاريخ الخاص لتكريب تاريخ الأنبار لابن الأنباري تاريخ الموصل لابن باطيش تاريخ سامرا لابن أبي البركات تاريخ سمرقند للأدريسي والذيل عليه لأبي حفص النسفي تاريخ خوارزم لمطهر الدين الكاشي تاريخ خراسان للأبيوردي تاريخها أيضا للحاكم تاريخ مرو لابن سيار تاريخها أيضا للسمعاني تاريخ بيهق لعلي بن زيد تاريخ جرجان للسهمي تاريخ لعلي بن محمد الجرجاني تاريخ أبيورد لأبي الفتيان الشاعر تاريخ مازندران لابن أبي مسلم تاريخ استراباد لأبي سعد تاريخها لحمزة السهمي تاريخ الري لأبي منصور الآبي تاريخ أذربيجان لابن أبي الهيجاء الروادي تاريخ أصبهان لحمزة الطبقات الأصفهانية لأبي الشيخ ابن حيان تاريخها أيضا لأبي نعيم تاريخها أيضا لابن مردويه تاريخها أيضا ليحيى بن منده تاريخ قزوين لإمام الدين الرافعي تاريخ همذان لشيرويه تاريخها لصالح بن أحمد الحافظ طبقات همذان لعبد الرحمن بن أحمد الأنماطي تاريخ مراغة لابن المثنى تاريخ نسف للحافظ المستغفري النسفي تاريخ أران للبرذعي تاريخ هراة لأبي إسحق البزاز تاريخها أيضا لأبي النضر الفامي تاريخ بخارى للحافظ غنجار تاريخ شيراز لأبي عبد الله القصار تاريخها أيضا لهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي تاريخ دمشق للحافظ أبي القاسم ابن عساكر وهو ثماني مائة جزء يدخل في ثمانين مجلدة وهو

57
تاريخ عظيم وذيل عليه ولده القاسم ولم يكمل وذيل عليه صدر الدين البكري وذيل عليه أيضا عمر بن الحاجب وتاريخ أبي شامة الدمشقي وذيل عليه علم الدين البرزالي تاريخ حلب للصاحب كمال الدين ابن العديم تاريخ حمص)
لابن عيسى تاريخها لعبد الصمد ابن سعيد معادن الذهب في تاريخ حلب لابن أبي طي
3 (تاريخ مصر))
تاريخ مصر لابن يونس تاريخ مصر للأمير المسبحي الذيل عليه لابن ميسر تاريخ مصر لأبي عمر الكندي أخبار مصر الكبير للموفق عبد اللطيف البغدادي الإفادة له في أخبار مصر تاريخ مصر لقطب الدين عبد الكريم تاريخ القاهرة لأبي الحسن الكاتب تاريخ أسوان لابن الزبير تاريخ مصر لابن أبي طي تاريخ الصعيد لعلي بن عبد العزيز الكاتب تاريخها لمحمد بن عبد العزيز الإدريسي
3 (تاريخ المغرب وبلاده))
المقتبس لابن حيان يدخل في عشرة أسفار المتين في تاريخ الأندلس أيضا للمذكور وهو يدخل في ستين مجلدا تاريخ الأندلس للحافظ الحميدي تاريخ ابن الفرضي كتاب الصلة عليه لابن بشكوال الذيل على ابن بشكوال لابن فرتون والذيل أيضا لابن الأبار والذيل أيضا لأبي جعفر ابن الزبير الغرناطي ولابن بشكوال تاريخ صغير في أحوال الأندلس تاريخ قرطبة للزهراوي تاريخ صقلية لأبي زيد الغمري تاريخ الأندلس لأبي عبد الله الخشني القيرواني وله تاريخ القيروانيين تاريخ المصامدة ولمتونه وصنهاجة تاريخ القيروان لابن رشيق تاريخ القيروان لأبي العرب الصنهاجي تاريخها لإبراهيم الرقيق تاريخ إفريقية لأبي محمد المالكي تاريخ بلنسيه لمحمد بن الخلف الصدفي المغرب في أخبار أهل المغرب لابن سعيد المغربي المعجب في أخبار المغرب لعبد الواحد بن علي المراكشي
3 (تاريخ اليمن والحجاز))
تاريخ اليمن للحميري تاريخ الرشيد له أيضا تاريخ عمارة اليمنى تاريخ تاج الدين عبد الباقي اليمنى أخبار تهامة والحجاز لأبي غالب
3 (التواريخ الجامعة))
تاريخ ابن جرير الطبري الذيل عليه لأبي محمد الفرغاني تاريخ المسعودي تجارب الأمم لابن مسكويه الذيل عليه لمحمد بن عبد الملك الهمذاني وللوزير أبي شجاع الكامل لابن الأثير الذيل عليه لابن أنجب المنتظم لابن الجوزي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي الذيل عليه لقطب الدين اليونيني الجامع لابن الساعي ترجمان الزمن لجمال الدين ابن المهنى العلوي الدول لعلي بن فضال المجاشعي النحوي جمل تاريخ الإسلام للحافظ الحميدي جامع التاريخ للقاضي عياض التعريف بصحيح التاريخ لأحمد بن الجزار القيرواني الطبيب درة

58
الإكليل لابن الجوزي المعارف لابن قتيبة تلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي على نمط المعارف تاريخ ابن هلال الصابئ الدول المنقطعة لابن ظافر عيون السير في محاسن البدو والحضر لابن عبد الملك الهمذاني تاريخ العميد ابن القلانسي تاريخ ابن العميد الكاتب شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون ولغيره المظفري وهو تاريخ كبير للمظفر ابن الأفطس المبدأ والمآل لياقوت الحموي الدول له أيضا تاريخ إبراهيم ابن أبي الدم الحموي تاريخ إسماعيل بن علي الخطبي تاريخ ابن زولاق تاريخ ابن قانع المرتب على السنين تاريخ الإشراف الكبير والصغير للهيثم بن عدي تاريخ البلاذري الأغاني الكبير لأبي الفرج الأصبهاني يقال أنه جمعه في خمسين سنة وقد أختاره جماعة منهم الوزير المغربي والقاضي جمال الدين ابن واصل الحموي وابن الزبير وابن ناقيا الكاتب في مجلد وابن المكرم ورتبه على الحروف ووفيات الأعيان للقاضي شمس الدين ابن خلكان وتاريخ الإسلام لشيخنا شمس الدين الذهبي وهو كتاب علم نافع جدا قرأت عليه المغازي التي له وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى آخر أيام الحسن رضي الله عنه وحوادثه إلى آخر سنة سبعمائة ولم انتفع بشيء مثله وعليه العمدة في هذا الكتاب وهو القطب لهذه الدائرة واللب لهذه الجملة السائرة وله أيضا تاريخ النبلاء ودول الإسلام مجلدة وله غير ذلك وتاريخ الشيخ علم الدين البرزالي وقد هذبه الشيخ شمس الدين الذهبي وزاده أشياء من عنده)
تاريخ الدوادار وهو في خمس وعشرين مجلدة تاريخ شمس الدين الجزري
3 (تواريخ الخلفاء))
للشيخ شمس الدين الذهبي في أخبار الخلفاء الراشدين الأربعة كل واحد منهم رضي الله عنه مجلدة تخصه سيرة العمرين تاريخ العجم وبني أمية للهيثم بن عدي أخبار الأمويين لعلي بن مجاهد أخبار الأمويين لأبي عبد الرحمن خالد بن هشام الأموي الإيناس في تواريخ بني العباس الأوراق للصولي في أخبار بني العباس وأشعارهم الدولة العباسية لمحمد بن صالح بن النطاح أخبار العباسيين لأحمد بن يعقوب المصري مناقب بني العباس لليزيدي النحوي سيرة الخلفاء لأبي بكر محمد بن زكرياء الطبيب الرازي سيرة المأمون سيرة المعتصم سيرة القاهر سيرة المستضيء لابن الجوزي سيرة الناصر سيرة المستصر تواريخ الخلفاء للقضاعي من احتكم من الخلفاء إلى القضاة لأبي هلال العسكري تاريخ الخلفاء لابن الكردبوس أخبار الخلفاء للدولابي تاريخ الخلفاء لابن أبي الدنيا
3 (تواريخ الملوك))
سيرة الملوك للثعالبي أخبار الديلم نصرة الفطرة وعصرة الفطرة في أخبار السلجوقية للعماد الكاتب كتاب اليميني للعتبي سيرة السلطان جلال الدين خوارزم شاه سيرة السلطان صلاح الدين ابن أيوب للقاضي بهاء الدين ابن شداد الفتح القدسي للعماد الكاتب كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية لأبي شامة مفرج الكروب في دولة بني أيوب للقاضي جمال الدين ابن واصل الحموي المعلم الأتابكي لابن أنجب تاريخ الموحدين أولاد

59
عبد المؤمن بن علي لأبي الحجاج يوسف بن عمر الأشبيلي تاريخهم أيضا لابن صاحب الصلاة سيرة أحمد بن طولون لابن الداية وسيرة ابنه خمارويه وابنه له أيضا سيرة الملك الظاهر طغرلبك السجلوقي لعلي بن أبي الفرج البصري سيرة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي صاحب مصر والشام للقاضي محيي الدين ابن عبد الطاهر سيرة الظاهر بيبرس لابن شداد عز الدين سيرة الملك المنصور سيف الدين قلاون الصالحي لمحيي الدين سيرة ولده السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل له أيضا
3 (تواريخ الوزراء والعمال))
الوزراء للصولى الوزراء للصابيء الوزارء للجهشياري الوزراء لإبراهيم بن موسى الواسطي الوزراء للصاحب ابن عباد الوزراء لعلي بن أنجب الوزراء لأبي الحسن على ابن الماشطة الوزراء لابن الهمذاني أخبار البرامكة لابن الجوزي سيرة آل الفرات الوزراء للمطوق علي بن أبي الفتح تاريخ عمال الشرط لأمراء العراق للهيثم بن عدي
3 (تواريخ القضاة))
أخبار القضاة لابن المندائي أخبار قضاة مصر لابن زولاق ذيلا على كتاب محمد بن يعقوب الكندي أخبار قضاة قرطبة لابن بشكوال تاريخ ابن ميسر المصري أخبار القضاة ببغداد وعدولها لعلي بن أنجب أخبار قضاة دمشق للشيخ شمس الدين الذهبي
3 (تواريخ القراء))
أفواج القراء لأبي الحسين ابن المنادي طبقات القراء لأبي عمرو الداني طبقات القراء لأبي العلاء الهمذاني في عشرين مجلدا طبقات القراء للشيخ شمس الدين الذهبي
3 (تواريخ العلماء))
الطبقات لابن سعد طبقات الفقهاء والمحدثين للهيثم بن عدي أخبار العلماء لابن عبدوس أخبار علماء خراسان لأبي نصر المروزي طبقات أصحاب الشافعي لابن باطيش طبقات الفقهاء للشيخ أبي إسحق طبقات الفقهاء لعبد الملك بن حبيب القرطبي المالكي طبقات الفقهاء لأبي عاصم محمد العبادي الشافعي تاريخ علماء نيسابور للحاكم جذوة المقتبس في علماء الأندلس للحافظ الحميدي الخطب والخطباء لأبي عبد الله الحذاء القرطبي أخبار الفقهاء الثلاثة لابن عبد البر طبقات الفقهاء الشافعية للشيخ محيي الدين النووي طبقات الفقهاء المالكية للقاضي عياض طبقات الفقهاء الحنابلة لأبي الحسين بن أبي يعلى الفراء طبقات الفقهاء الحنفية لصلاح الدين عبد الله بن المهندس تاريخ العلماء لابن أبي طي

60
3 (تواريخ الشعراء))
البارع في أخبار الشعراء لهارون بن المنجم أخبار الشعراء مرتب على المعجم للصولي شعراء الجزيرة لابن القطاع طبقات الشعراء لصاحب حماة طبقات الشعراء لابن
المرزبان الشعر والشعراء لابن السراج النحوي شعراء الأندلس لابن الفرضي طبقات الشعراء لمحمد بن سلام البصري طبقات الشعراء لابن قتيبة النساء الشواعر لأبي الفرج الشلحي العكبري الكاتب الإماء الشواعر لأبي الفرج الأصفهاني معجم الشعراء لياقوت الحموي الإشارة في أخبار الشعراء لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر طبقات الشعراء لابن المعتز يتيمة الدهر للثعالبي دمية القصر للباخرزي زينة الدهر للحظيري الخريدة للعماد الكاتب الذيل عليها له قلائد العقيان الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام أنموذج الشعراء لابن رشيق تحفة القادم لابن الأبار روضة الأزهار لابن قلاقس الحديقة لابن أبي الصلت شعراء الزمان لابن الساعي عقود الجمان لابن الشعار جنى الجنان لابن الزبير شعراء المائة السابعة لابن عبد الظاهر الدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة لابن الفوطي أخبار شعراء الشيعة لابن أبي طي
3 (تواريخ مختلفة))
حلية الأولياء لأبي نعيم الحافظ ولخصه ابن الجوزي وسماه صفوة الصفوة طبقات النساك لأبي سعيد ابن الأعرابي طبقات الصوفية لأبي سعيد النقاش طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي أخبار صلحاء الأندلس لابن الطيلسان القرطبي تاريخ الوعاظ لناصح الدين الحنبلي الواعظ عباد إفريقية لمحمد بن أحمد بن تميم الأفريقي طبقات أهلها له تاريخ الأطباء لابن أبي أصيبعة طبقات الحكماء لأبي القاسم بن صاعد القرطبي أخبار الأطباء لابن الداية أخبار المنجمين له أيضا تواريخ الخوارج للهيثم بن عدي الأوائل للعسكري أخبار النحاة لابن درستويه أخبار النحاة للمرزباني أخبار النحاة لابن الأنباري أخبار النحاة للصابئ أخبار النحاة واللغويين بالشرق والغرب لأبي بكر الزبيدي أخبار المتكلمين للمرزباني طبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار فيما أظن الفهرست في أخبار الأدباء لمحمد بن إسحاق النديم نزهة الألباء في طبقات الأدباء لابن الأنباري تحفة الألباء في أخبار الأدباء لياقوت الفهرست في تواريخ الأدباء لمحمد بن إسحاق النديم
وأما كتب المحدثين في معرفة الصحابة رضي الله عنهم مثل الإستيعاب لابن عبد البر وأسد الغاب لابن الأثير وغيرهما وكتب الجرح والتعديل والأنساب ومعاجم المحدثين ومشيخات الحفاظ والرواة فإنها شيء لا يحصره حد ولا يقصره عد ولا يستقصيه ضبط ولا يستدنيه ربط لأنها كاثرت الأمواج أفواجا وكابرت الإدراج اندراجا فلهذا لم أذكر منها هاهنا شيئا وإذا جاء ذكر شيء منها في ترجمة من يأتي ذكره ذكرته هناك إن شاء الله تعالى وقد آن الشروع فيما بنيت عليه هذا الكتاب من ذكر التراجم بعون الله ومنه لا قوة إلا به ولا استعانة إلا بحوله الترجمة الشريفة النبوية

61
((باب محمد))
المسمون بمحمد في الجاهلية جماعة كان النصارى وبعض العرب يخبرون بظهور نبي اسمه محمد من العرب وكانوا يسمون أبناءهم محمدا رجاء أن تكون النبوة فيه فمنهم محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم التميمي ومحمد بن وبر أخو بني عتوارة من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ومحمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي أخو بني جحجبا ومحمد بن خزاعي السامي ومحمد بن حمران بن مالك الجعفي ومحمد بن مسلمة الأنصاري أخو بني حارثة
وأول من سمى محمدا من أبناء المهاجرين محمد بن جعفر بن أبي طالب ولد بالحبشة في الهجرة الأولى ثم محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ثم محمد بن عبيد الله التيمي ثم محمد بن أبي بكر الصديق ثم محمد بن علي بن أبي طالب وولد من الأنصار محمد بن الحر بن قيس من الخزرج ثم محمد بن ثابت بن قيس بن شماس من الخزرج ثم محمد بن عمرو بن حزم من بني النجار ثم محمد بن أنس بن فضالة ولد عام حجة الوداع
(())
((محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم))
((سيدنا ومولانا وحبيبنا نبي الرحمة وهادى الأمة))
قال أهل العلم بسيرة وأخباره هو أبو القاسم وهو المشهور وأبو إبراهيم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان البسيط
* وكم أب قد علا بابن ذرى شرف
* كما علا برسول الله عدنان
* هذا هو المتفق على صحته وقال الحافظ عبد الغني وغيره عدنان بن أدد بن المقوم بن ناحور بن تيرح بن يشحب بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام بن تارح وهو آزر بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ وهو إدريس عليه السلام فيما يزعمون

62
وهو أول بني آدم أعطي النبوة وخط بالقلم بن يرد بن مهليل بن قينين بن يانش بن شيث بن آدم عليه السلام وهذا النسب ذكره محمد بن إسحاق بن يسار المدني في إحدى الروايات وإلى)
عدنان متفق على صحته من غير اختلاف وما بعده مختلف فيه وقريش فيه أقوال أشهرها هو فهر بن مالك وقيل النضر وأمه عليه السلام آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول من عام الفيل قيل ثانيه وقيل ثالثه وقيل ثاني عشره وقيل غير ذلك وقال بعضهم بعد الفيل بثلاثين وقيل بعده بأربعين يوما وروى ابن معين باسناد حسن انه ولد يوم الفيل والصحيح أنه عام الفيل الكامل
* يوم أضاء به الزمان وفتحت
* فيه الهداية زهرة الآمال
* ومات أبوه عبد الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى له ثمانية وعشرون شهرا وقيل وهو حمل وقيل وله شهران وقيل سبعة وقال بعضهم مات أبوه في دار النابغة وقيل بالأبواء بين مكة والمدينة وقال أبو عبد الله الزبير بن بكار الزبيري توفي عبد الله بن عبد المطلب بالمدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن شهرين وماتت أمه وهو ابن أربع سنين وقيل ست ومات جده عبد المطلب وكان قد كفله بعد وفاة أبيه ورسول الله صلى الله عليه وسلم له ثماني سنين وشهران وعشرة أيام فولى كفالته عمه أبو طالب وأرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية وعندها شق صدره وملئ حكمة وإيمانا بعد ان استخرج حظ الشيطان منه وروى البخاري شق صدره ليلة المعراج واستشكله ابن حزم وأرضعته أيضا ثويبة الأسلمية جارية أبى لهب وأرضعت معه حمزة بن عبد المطلب وأبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي أرضعتهم بلبن ابنها مسروح وحضنته أم أيمن بركة الحبشية وكان ورثها من أبيه فلما كبر اعتقها وزوجها زيد بن حارثة ولما بلغ اثنتي عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام فلما بلغ بصرى رآه بحيرا الراهب فعرفه بصفته فجاءة وأخذ بيده وقال هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإنا نجده في كتبنا وقال لأبي طالب لان قدمت به إلى الشأم

63
لتقتلنه اليهود فرده خوفا عليه منهم ثم خرج مرة ثانية إلى الشأم مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد في تجارة لها قبل ان يتزوجها فلما قدم الشام نزل تحت ظل شجرة قريبا من صومعة راهب فقال الراهب ما نزل تحت ظل هذه الشجرة قط إلا نبي وكان ميسرة يقول إذا كان الهاجرة واشتد الحر نزل ملكان يظلانه ولما رجع من سفره تزوج خديجة بنت خويلد وعمره خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيام)
وقيل غير ذلك ولما بلغ خمسا وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة ووضع الحجر الأسود بيده ونشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه وقد طهره الله تعالى من دنس الجاهلية ومن كل عيب ومنحه كل خلق جميل حتى لم يكن يعرف من بينهم إلا بالأمين لما رأوه من أمانته وصدق لسانه وطهارته ولما بلغ أربعين سنة ويوما ابتعثه الله تعالى بشيرا ونذيرا وأتاه جبرائيل عليه السلام بغار حراء فقال اقرأ فقال ما أنا بقارئ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فقال في الثالثة اقرأ باسم ربك الذي خلق العلق إلى قوله تعالى علم الإنسان ما لم يعلم العلق فقالت عائشة رضي الله عنها أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح وحبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاء الحق رواه البخاري ومسلم وكان مبدأ النبوة فيما ذكر يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الأول ثم حاصره أهل مكة في الشعب فأقام محصورا دون الثلاث سنين هو وأهل بيته وخرج من

64
الحصار وله تسع وأربعون سنة وبعد ذلك بثمانية أشهر واحد وعشرين يوما مات عمه أبو طالب وماتت خديجة رضي الله عنها بعد أبي طالب بثلاثة أيام وكانت أول من آمن بما جاء به ثم آمن أبو بكر رضي الله عنه ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن حارثة وبلال ثم أسلم بعد هؤلاء عمرو بن عبسة السلمي وخالد بن سعيد بن العاص وسعد بن أبي وقاص وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ابن عثمان ثم كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه تمام الأربعين إسلاما ذكر ذلك ابن حزم في مختصر السيرة ولما بلغ خمسين سنة وثلاثة أشهر قدم عليه جن نصيبين فأسلموا ولما بلغ إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر أسري به من بين زمزم والمقام إلى البيت المقدس روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسرى به قال بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجع ومنهم من قال بين النائم واليقظان إذ أتاني آت قال فسمعته يقول فشق ما بين هذه إلى هذه فقيل للجارود ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقول من قصه إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم دعي بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض فقال له)
الجارود هو البراق يا أبا حمزة فقال أنس نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل عليه السلام حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا قال جبرائيل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا فنعم المجيء جاء الحديث بطوله ورأى الأنبياء صلوات الله عليهم ورأى من آيات ربه الكبرى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى وأوحى إليه ما أوحى وفرضت الصلاة تلك الليلة ولما أصبح قص على قريش ما رأى وروى البخاري ومسلم والترمذي عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما كذبني قريش قمت إلى الحجر الأسود فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه وقد اختلف الناس في كيفية الأسراء فالأكثرون من طوائف المسلمين متفقون على أنه بجسده صلى الله عليه وسلم والأقلون قالوا بروحه حكى الطبري في تفسيره عن حذيفة أنه قال كل ذلك رؤيا وحكى هذا القول أيضا عن عائشة وعن معاوية رضي الله عنهما ومنهم من قال بجسده إلى البيت المقدس ومن هناك إلى السماوات السبع بروحه قلت والصحيح الأول لأنه قد صح أن قريشا كذبته ولو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت رؤيا لما كذب ولا أنكر ذلك على غيره فضلا عنه لأن آحاد الناس يرون في منامهم أنهم ارتقوا إلى السماوات وما ذلك ببدع أنشدني لنفسه الشيخ الإمام شهاب الدين أبو الثناء

65
محمود بن سلمان بن فهد الحلبي الكاتب رحمه الله قراءة مني عليه من جملة قصيدة طويلة من جملة مجلدة فيها مدح النبي صلى الله عليه وسلم الكامل
* أسرى إلى الأقصى بجسمك يقظة
* لا في المنام فيقبل التأويلا
*
* إذ أنكرته قريش قبل ولم تكن
* لترى المهول من المنام مهولا
* ولما بلغ ثلاثا وخمسين سنة هاجر إلى المدينة صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثي قال الحافظ عبد الغني وغيره وهو كافر ولم نعرف له إسلاما فأقام بالمدينة عشر سنين وكان يصلي إلى بيت المقدس مدة إقامته بمكة ولا يستدبر الكعبة يجعلها بين يديه وصلى إلى بيت المقدس بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا ولما أكمل في المدينة عشر سنين سواء توفى وقد بلغ ثلاثا وستين وقيل غير ذلك وفيما تقدم من التواريخ خلاف وكانت وفاته يوم الاثنين حين اشتد الضحاء لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ومرض أربعة عشر يوما ودفن ليلة)
الأربعاء ولما حضره الموت كان عنده قدح فيه ماء فجعل يدخل يده فيه ويمسح وجهه ويقول اللهم اعني على سكرات الموت وسجي ببرد حبرة وقيل أن الملائكة سجته وكذب بعض أصحابه بموته دهشة تحكي عن عمر رضي الله عنه وأخرس عثمان رضي الله عنه وأقعد علي رضي الله عنه ولم يكن فيهم أثبت من العباس وأبي بكر ثم أن الناس سمعوا من باب الحجرة لا تغسلوه فإنه طاهر مطهر ثم سمعوا بعد ذلك اغسلوه فإن ذلك إبليس وأنا الخضر وعزاهم فقال إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فإن المصاب من حرم الثواب واختلفوا في غسله هل يكون في ثيابه أو يجرد عنها فوضع الله عليهم النوم فقال قائل لا يدري من هو اغسلوه في ثيابه فانتبهوا وفعلوا ذلك والذين ولوا غسله علي والعباس وولداه الفضل وقثم وأسامة وشقران مولياه وحضرهم أوس بن خولي من الأنصار ونفضه علي فلم يخرج منه شيء فقال صلى الله عليك لقد طبت حيا وميتا وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة بل لفائف من غير خياطة وصلى المسلمون عليه أفذاذا لم يؤمهم أحد وفرش تحته في القبر قطيفة حمراء كان يتغطى بها نزل شقران وحفر له والحد وأطبق عليه تسع لبنات

66
واختلفوا أيلحد له أم يضرح وكان بالمدينة حفاران أحدهما يلحد وهو أبو طلحة والآخر يضرح وهو أبو عبيدة فاتفقوا أن من جاء منهما أولا عمل عليه فجاء الذي يلحد فلحد له ونحى فراشه وحفر له مكانه في بيت عائشة وقال الحافظ عبد الغني حول فراشه وكان ابتداء وجعه في بيت عائشة واشتد أمره في بيت ميمونة فطلب من نسائه أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فأذن له في ذلك وكان ما ابتدأ به من الوجع صداع وتمادى به وكان ينفث في علته شيئا يشبه أكل الزبيب ومات بعد أن خيره الله تعالى بين البقاء في الدنيا ولقاء ربه فاختار لقاء الله تعالى اصطفاؤه روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من خير قرن كنت منه وروى مسلم والترمذي عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم أنشدني من لفظه لنفسه الشيخ الإمام الحافظ فتح الدين محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس رحمه الله تعالى السريع)
* محمد خير بني هاشم
* فمن تميم وبنو دارم
*
* وهاشم خير قريش وما
* مثل قريش في بني آدم
* فضله روى الترمذي عن ابن عباس قال جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتذاكرون وهم ينتظرون خروجه قال فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم عجبا أن الله تبارك وتعالى أتخذ من خلقه خليلا أتخذ إبراهيم خليلا وقال آخر ماذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما وقال آخر ماذا بأعجب من جعله عيسى كلمة الله وروحه وقال آخر ماذا بأعجب من آدم اصطفاه الله عليهم زاد رزين وخلقه بيده ونفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته ثم اتفقا فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وقال قد سمعت كلامكم وعجبكم إن إبراهيم خليل الله وهو كذلك وأن موسى نجى الله وهو كذلك وأن عيسى روح الله وكلمته وهو كذلك وأن آدم اصطفاه الله وهو كذلك إلا وأنا حبيب الله ولا فخر وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر
أسماؤه روى البخاري والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم يشتمون مذمما ويلعنون مذمما وأنا محمد قال

67
السخاوي في سفر السعادة قيل لعبد المطلب بم أسميت ابنك فقال بمحمد فقالوا له ما هذا من أسماء آبائك فقال أردت أن يحمد في السماء والأرض وأحمد أبلغ من محمد كما أن احمر واصفر أبلغ من محمر ومصفر وروى البخاري ومسلم والترمذي عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبي وقد سماه الله رؤوفا رحيما أنشدني لنفسه قراءة مني عليه الشيخ الأمام الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليعمري فيما وافق من أسماء الله الحسنى لأسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم من قصيدة له في مدحه الطويل
* وحلاه من حسنى اساميه جملة
* أتى ذكرها في الذكر ليس يبيد
*
* وفي كتب الله المقدس ذكرها
* وفي سنة تأتي بها وتفيد
*
* رؤوف رحيم فاتح ومقدس
* أمين قوي عالم وشهيد)
* (ولي شكور صادق في مقاله
* عفو كريم بالنوال يعود
*
* ونور وجبار وهادي من اهتدى
* ومولى عزيز ليس عنه محيد
*
* بشير نذير مؤمن ومهيمن
* خبير عظيم بالعظيم يجود
*
* وحق مبين آخر أول سما
* إلى ذروة العلياء وهو وليد
*
* فآخر أعنى آخر الرسل بعثة
* وأول من ينشق عنه صعيد
*
* أسام تلذ السمع إن هي عددت
* نعوت ثناء والثناء عديد
* وقد قال حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه الطويل
* فشق له من اسمه ليجله
* فذو العرش محمود وهذا محمد
* ومن أسمائه المقفى ونبي التوبة ونبي المرحمة وفي صحيح مسلم ونبي الملحمة ومن أسمائه طه ويس والمزمل والمدثر وعبد في قوله تعالى بعبده ليلا الإسراء وعبد الله في

68
قوله تعالى وأنه لما قام عبد الله يدعوه الجن ومذكر في قوله تعالى إنما أنت مذكر الغاشية وقد ذكر غير ذلك صفته كان صلى الله عليه وسلم ربعة بعيد ما بين المنكبين أبيض اللون مشربا حمرة يبلغ شعره شحمة أذنيه وقالت عائشة رضي الله عنها كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له شعر فوق الجمة ودون الوفرة رواه أبو داود والترمذي وقالت أم هانيء رضي الله عنها قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر روياه أيضا وكان سبط الشعر في لحيته كثافة ومات صلى الله عليه وسلم ولم يبلغ الشيب في رأسه ولحيته عشرين شعرة ظاهر الوضاءة يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر روى عن عائشة أنها وصفته فقالت كان والله كما قال شاعره حسان بن ثابت الأنصاري الطويل
* متى يبد في الداجي البهيم جبينه
* يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
*
* فمن كان أو من قد يكون كأحمد
* فطام لحق أو نكال لمعتد
* وروى عن أنس بن مالك قال كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقول الوافر
* أمين مصطفى بالخير يدعو
* كضوء البدر زايله الظلام
* وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رآه ينشد قول زهير في هرم بن سنان الكامل)
* لو كنت من شيء سوى بشر
* كنت المضيء لليلة البدر
* أزهر اللون ليس بالأبيض الأمهق ولا بالأدم أقنى العرنين سهل الخدين أزج الحاجبين أقرن أدعج العين في بياض عينيه عروق حمر رقاق حسن الخلق معتدله أطول من المربوع وأقصر من المشذب دقيق المسربة كان عنقه أبريق فضة من لبته إلى سرته شعر

69
مجرى كالقضيب ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره شئن الكف والقدم ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان بادنا متماسكا سواء البطن والصدر ضخم الكراديس أنور المتجرد أشعر الذراعين والمنكبين عريض الصدر طويل الزندين رحب الراحة سائل الأطراف سبط القضيب خمصان بين كتفيه خاتم النبوة قال جابر بن سمرة مثل بيضة الحمام يشبه جسده إذا مشى كأنما يتحدر من صبب وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر إذا التفت التفت جميعا كأنما عرقه اللؤلؤ ولريح عرقه أطيب من ريح المسك الأذفر وقال عند أم سليم فعرق فجاءت بقارورة فجعلت تسكب العرق فيها فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو أطيب الطيب وفي وصف أم معبد له وفي صوته صهل وفي عنقه سطع أن صمت فعليه الوقار وأن تكلم سما وعلاه البهاء أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب حلو المنطق وفي وصف هند بن أبي هالة خافض الطرف نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء يسوق أصحابه ويبدأ من لقيه بالسلام وفي وصف علي بن أبي طالب رضي الله عنه أجود الناس كفا وأرحب الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس بذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه أحبه يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم
3 (شرح الغريب مما في صفته))
3 (صلى الله عليه وسلم))
الوضاءة الحسن والجمال والأزهر الأبيض والأمهق الشديد البياض ليس بنير ولا تخالطه حمرة والآدم من الناس الأسمر والقنا أحد يداب في الأنف والزجج دقة في الحاجبين وطول الرجل أزج والدعج شدة سواد العين المشذب الطويل والمسربة بضم الراء الشعر الذي يأخذ من الصدر إلى السرة وهو مستدق واللبة المنحر الشثن بتحريك الثاء مصدر شثنت كفه إذا خشنت وغلظت وضليع الفم قال أبو عبيد أراد أنه كان واسع الفم وقال القتيبي ضليع الفم

70
عظيمه والشنب حدة في الأسنان والبادن السمين المتماسك المستمسك اللحم الكراديس جمع كردوس وهو كل عظمين التقيا في مفصل سواء البطن والصدر يريد أن بطنه غير مستفيض فهو مساو لصدره أنور المتجرد يعني شديد بياض ما جرد عنه الثوب رحب الراحة واسع الكف والخمصان الأخمص ما ارتفع عن الأرض من باطن القدم الصهل والصحل في رواية شبه البحة وهو غلظ في الصوت لأنه مأخوذ من صهيل الفرس والسطع طول العنق
3 (أخلاقه صلى الله عليه وسلم))
سئلت عائشة رضي الله عنها عنه فقالت كان خلقه القرآن يغضب لغضبه ويرضى لرضاه ولا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إلا أن تنتهك حرمات الله فيغضب لله وإذا غضب لم يقم لغضبه أحد وكان أشجع الناس وأسخاهم وأجودهم ما سئل شيئا فقال لا ولا يبيت في بيته دينار ولا درهم فإن فضل ولم يجد من يأخذه وفجأه الليل لم يرجع إلى منزله حتى يبرأ منه إلى من يحتاج إليه لا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت أهله عاما فقط من أيسر ما يجد من التمر والشعير ثم يؤثر من قوت أهله حتى ربما أحتاج قبل انقضاء العام انتهى وكان من أحلم الناس وأشد حياء من العذراء في خدرها خافض الطرف نظره الملاحظة وكان أكثر الناس تواضعا يجيب من دعاه من غنى أو فقير أو حر أو عبد وكان ارحم الناس يصغي الإناء للهرة وما يرفعه حتى تروى رحمة لها وكان أعف الناس وأشدهم إكراما لأصحابه لا يمد رجليه بينهم ويوسع عليهم إذا ضاق المكان ولم تكن ركبتاه تتقدمان ركبة جليسه له رفقاء يحفون به إن قال انصتوا له وأن أمر تبادروا لأمره ويتحمل لأصحابه ويتفقدهم ويسأل عنهم فمن مرض عاده ومن غاب دعا له ومن مات استرجع فيه واتبعه الدعاء له ومن تخوف أن يكون وجد في نفسه شيئا انطلق)
إليه حتى يأتيه في منزله ويخرج إلى بساتين أصحابه ويأكل ضيافتهم ويتألف أهل الشرف ويكرم أهل الفضل ولا يطوى بشره عن أحد ولا يجفو عليه ويقبل معذرة المعتذر إليه والضعيف والقوى عنده في الحق سواء ولا يدع أحدا يمشي خلفه ويقول خلوا ظهري للملائكة ولا يدع أحدا يمشي معه وهو راكب حتى يحمله فإن أبي قال تقدمني إلى المكان الفلاني يخدم من خدمه وله عبيد وإماء لا يرتفع عنهم في مأكل وملبس قال أنس بن مالك رضي الله عنه خدمته نحوا من عشر سنين فوالله ما صحبته في حضر ولا سفر لأخدمه إلا كانت خدمته إلى أكثر من خدمتي له وما قال لي أف قط ولا قال لشيء فعلته لم فعلت كذا ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا وكان صلى الله عليه وسلم في سفر فأمر بإصلاح شاة فقال رجل يا رسول الله على ذبحها وقال آخر على سلخها وقال آخر على طبخها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

71
وعلى جمع الحطب فقالوا يا رسول الله نحن نكفيك فقال قد علمت أنكم تكفونني ولكني أكره أن أتميز عليكم فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزا بين أصحابه وقام فجمع الحطب وكان في سفر فنزل إلى الصلاة ثم كر راجعا فقيل يا رسول الله أين تريد فقال اعقل ناقتي فقالوا نحن نعقلها قال لا يستعن أحدكم بالناس ولو في قضمة من سواك وكان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث انتهى به المجلس ويأمر بذلك ويعطى كل جلسائه نصيبه لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه
وإذا جلس إليه أحدهم لم يقم صلى الله عليه وسلم حتى يقوم الذي جلس إليه إلا أن يستعجله أمر فيستأذنه ولا يقابل أحدا بما يكره ولا يجزى السيئة بمثلها بل يعفو ويصفح وكان يعود المرضى ويحب المساكين ويجالسهم ويشهد جنائزهم ولا يحقر فقيرا لفقره ولا يهاب ملكا لملكه يعظم النعمة وإن قلت لا يذم منها شيئا ما عاب طعاما قط أن اشتهاه أكله وألا تركه وكان يحفظ جاره ويكرم ضيفه وكان أكثر الناس تبسما وأحسنهم بشرا لا يمضي له وقت في غير عمل الله أو في ما لابد منه وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه قطيعة رحم فيكون أبعد الناس منه يخصف نعله ويرقع ثوبه ويركب الفرس والبغل والحمار ويردف خلفه عبده أو غيره ويمسح وجه فرسه بطرف كمه أو بطرف ردائه وكان يحب الفأل ويكره الطيرة وإذا جاءه ما يحب قال الحمد لله رب العالمين وإذا جاءه ما يكره قال الحمد لله على كل حال وإذا رفع الطعام من بين يديه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وآوانا وجعلنا مسلمين وأكثر جلوسه مستقبل القبلة يكثر الذكر)
ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ويستغفر في المجلس الواحد مائة مرة وكان يسمع لصدره وهو في الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء وكان يقوم حتى ترم قدماه وكان يصوم الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر وعاشوراء وقلما كان يفطر يوم الجمعة وأكثر صيامه في شعبان وفي الصحيحين رواية أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وكان عليه السلام تنام عيناه ولا ينام قلبه انتظارا للوحي وإذا نام نفخ ولا يغط وإذا رأى في منامه ما يكره قال هو الله لا شريك له وإذا أخذ مضجعه قال رب قني عذابك يوم تبعث عبادك وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي

72
أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور وكان لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية ويكافئ عليها ولا يتأنق في مأكل ويعصب على بطنه الحجر من الجوع وآتاه الله مفاتيح خزائن الأرض فلم يقبلها واختار الآخرة وأكل الخبز بالخل وقال نعم الأدام الخل وأكل لحم الدجاج ولحم الحبارى وكان يأكل ما وجد ولا يرد ما حضر ولا يتكلف ما لم يحضر ولا يتورع عن مطعم حلال إن وجد تمرا دون خبز أكله وإن وجد شواء أكله وإن وجد خبز بر أو شعير أكله وإن وجد حلوا أو عسلا أكله وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد وقال للهيثم ابن التيهان كأنك علمت حبنا للحم لا يأكل متكئا ولا على خوان لم يشبع من خبز بر ثلاثا تباعا حتى لقي الله عز وجل إيثارا على نفسه لا فقرا ولا بخلا يجيب الوليمة ويجيب دعوة العبد والحر ويقبل الهدايا ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب وكان يحب الدباء والذراع من الشاة وقال كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن منديله باطن قدميه وأكل خبز الشعير بالتمر والبطيخ بالرطب والقثاء بالرطب والتمر بالزبد وكان يحب الحلوى والعسل ويشرب قاعدا وربما شرب قائما ويتنفس ثلاثا مبينا للأناء ويبدأ بمن عن يمينه إذا سقاه وشرب لبنا وقال من أطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه وقال ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن قال ابن حزم وشرب النبيذ الحلو قلت تفسيره الماء الذي ينبذ فيه التمرات اليسيرة ليحلو
وكان يلبس الصوف وينتعل المخصوف ولا يتأنق في ملبس وأحب اللباس إليه الحبرة من برود اليمن فيها حمرة وبياض وأحب الثياب إليه القميص ويقول إذا لبس ثوبا استجده اللهم لك الحمد كما ألبستنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما)
صنع له وتعجبه الثياب الخضر وربما لبس الإزار الواحد ليس عليه غيره يعقد طرفه بين كتفيه ويلبس يوم الجمعة برده الأحمر ويعتم ويلبس خاتما من فضة نقشه محمد رسول الله في خنصره الأيمن وربما في الأيسر ويحب الطيب ويكره الرائحة الكريهة ويقول إن الله جعل لذتي في النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة وكان يتطيب بالغالية والمسك أو المسك وحده ويتبخر بالعود والكافور ويكتحل بالأثمد وربما اكتحل وهو صائم ويكثر دهن رأسه ولحيته ويدهن غبا ويكتحل وترا ويحب التيمن في ترجله وتنعله وفي طهوره وفي شأنه كله وينظر في المرآة ولا تفارقه قارورة الدهن في سفره والمكحلة والمرآة والمشط والمقراض والسواك والإبرة والخيط ويستاك في الليلة ثلاث مرات قبل النوم وبعده وعند القيام لورده وعند الخروج لصلاة الصبح وكان يحتجم
وكان يمزح ولا يقول إلا حقا جاءته امرأة فقالت يا رسول الله احملني على جمل فقال أحملك على ولد الناقة قالت لا يطيقني قال لا أحملك إلا على ولد الناقة قالت لا يطيقني فقال لها الناس وهل الجمل إلا ولد الناقة وجاءته امرأة فقالت يا رسول الله إن زوجي مريض وهو

73
يدعوك فقال لعل زوجك الذي في عينيه بياض فرجعت وفتحت عين زوجها فقال ما لك قالت أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في عينيك بياضا فقال وهل أحد إلا في عينيه بياض وقالت له أخرى يا رسول الله ادع الله لي أن يدخلني الجنة فقال يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز فولت المرأة وهي تبكي فقال صلى الله عليه وسلم أخبروها إنها لا تدخل وهي عجوز إن الله يقول إنا أنشأناهن انشاء فجعلناهن ابكارا عربا أترابا الواقعة قد جمع الله له كمال الأخلاق ومحاسن الأفعال وحسبك ما أثنى عليه به في قوله تعالى وأنك لعلى خلق عظيم القلم وآتاه الله علم الأولين والآخرين وما فيه النجاة والفوز وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ ولا معلم له من البشر نشأ في بلاد الجهل والصحارى وآتاه ما لم يؤت أحدا من العالمين واختاره على الأولين والآخرين
3 (
3 (بعوثه))
نحوا من خمسين بعث عبيدة بن الحرث بن المطلب أسفل ثنية المرة وبعث حمزة بن عبد المطلب إلى ساحل البحر من ناحية العيص وهذان البعثان متقاربان جدا فاختلف في أيهما كان أول وهما أول راية عقدها وبعث سعد ابن أبي وقاص إلى الخرار وبعث عبد الله بن جحش إلى نخلة وبعث زيد بن حارثة مولاه إلى القردة وبعث محمد بن مسلمة الأنصاري إلى قتل كعب ابن الأشرف وبعث مرثد ابن أبي مرثد الغنوي إلى الرجيع وبعث المنذر ابن عمرو الأنصاري إلى بئر معونة وبعث عبد الله بن عتيك إلى قتل سلام ابن أبي الحقيق بخيبر وبعث أبا عبيدة ابن الجراح إلى ذي القصة من طريق العراق وبعث عمر بن الخطاب إلى تربة من أرض بني عامر وبعث على ابن أبي
طالب إلى اليمن وبعث غالب بن عبد الله الليثي إلى الكديد إلى بني الملوح من كنانة وبعث علي بن أبي طالب إلى بني عبد الله بن سعد من أهل فدك وبعث ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم وبعث عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمر وبعث أبا سلمة ابن عبد الأسد المخزومي إلى قطن ماء لبني أسد بناحية نجد

74
وبعث محمد بن مسلمة الأنصاري إلى القرطاء من هوازن وبعث بشير بن سعد الأنصاري من بني الحرث بن الخزرج إلى ناحية خيبر وبعث زيد بن حارثة إلى الجموم من أرض بني سليم وبعث زيدا أيضا إلى جذام بأرض حسمي وبعث زيدا أيضا إلى الطرف من)
ناحية نخل من طريق العراق وبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه إلى فزارة وبعث أبا عامر الأشعري عم أبي موسى إلى أوطاس وبعث زيد بن حارثة إلى وادي القرى فلقي هنالك قوما من فزارة فقاتلهم فارتث زيد من بين القتلى وبعث زيدا أيضا إلى فزارة فقتل أم قرفة وغيرها وبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر وبعثه إليها مرة أخرى وبعث عبد الله بن أنيس الجهني لقتل خالد بن سفيان الهذلي فقتله عبد الله بعثه عليه السلام لذلك وحده وبعث الأمراء عليهم زيد بن حارثة فإن قتل فعليهم جعفر بن أبي طالب فإن قتل فعليهم عبد الله بن رواحة فقتلوا كلهم رضوان الله عليهم بموتة في أول الشام لقوا هنالك عساكر النصارى من الروم والعرب وأخذ الراية خالد بن الوليد فانحاز بالمسلمين وبعث كعب بن عمير الغفاري إلى ذات اطلاح من أرض الشام وبعث عيينة بن حصن بن حذيفة ابن بدر الفزاري إلى بني العنبر من بني تميم وبعث غالب بن عبد الله الليثي إلى أرض بني مرة فأصابوا في الحرقات من جهينة وبعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من بني كنانة وبعث خالدا أيضا إلى اليمن وبعث عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل من أرض بني عذرة وأمده بجيش عظيم عليهم أبو عبيدة وبعث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي إلى بطن أضم وبعثه أيضا إلى الغابة وبعث عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل وبعث أبا عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى قتل أبي سفيان فلم يمكنه ذلك وبعث زيد بن حارثة إلى مدين وبعث سالم بن عمير إلى أبي عفك من بني عمرو بن عوف فقتله وبعث عمير بن عدي الخطمي إلى عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد فقتلها وبعث بعثا أسر فيه ثمامة بن أثال الحنفي وبعث علقمة بن مجزز المدلجي وبعث كرز بن جابر خلف الذين قتلوا الرعاء وسملوا عيونهم وبعث أسامة بن زيد إلى الشأم وهو آخر بعوثه مات صلى الله عليه وسلم ولم ينفذه فأنفذه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
3 (حججه وعمره))
قال الحافظ عبد الغني روى همام بن يحيى عن قتادة قال قلت لأنس بن مالك كم حج النبي صلى الله عليه وسلم من حجة قال حج حجة واحدة واعتمر أربع عمر عمرة النبي صلى الله عليه وسلم حيث صده المشركون عن البيت والعمرة الثانية حيث صالحوه من العام المقبل وعمرته من الجعرانة حيث قسم غنيمة حنين في ذي القعدة وعمرته مع حجته صحيح متفق عليه هذا بعد قدومه المدينة وأما ما

75
حج بمكة واعتمر فلم يحفظ والتي حج حجة الوداع ودع الناس فيها وقال عسى أن لا تروني بعد عامي هذا انتهى قلت ولابن حزم في حجة الوداع مصنف عظيم وخرج في حجة الوداع نهارا بعد أن ترجل وأدهن وتطيب فبات بذي الحليفة وقال أتاني الليلة آت من ربي فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة فاحرم بهما قارنا ودخل مكة يوم الأحد بكرة من كداء من الثنية العليا وطاف للقدوم فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم خرج إلى الصفا فسعى راكبا ثم أمر من لم يسق الهدى بفسخ الحج إلى العمرة ونزل بأعلى الحجون فلما كان يوم التروية توجه إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبات بها وصلى بها الصبح فلما طلعت الشمس ساروا إلى عرفة وضربت قبته بنمرة فأقام بها حتى زالت الشمس فخطب الناس وصلى بهم الظهر والعصر بأذان وإقامتين ثم راح إلى الموقف فلم يزل يدعو ويهلل ويكبر حتى زاغت الشمس ثم دفع إلى المزدلفة بعد الغروب وبات بها وصلى الصبح ثم وقف بالمشعر الحرام حتى أسفر ثم دفع قبل طلوع الشمس إلى منى فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات وثلاثة أيام التشريق كان يرمي في كل يوم منها الجمرات الثلاث ماشيا بسبع سبع يبدأ بالتي تلي الخيف ثم بالوسطى ثم بجمرة العقبة ويطيل الدعاء عند الأولى والثانية ونحر يوم نزوله منى وأفاض إلى البيت فطاف به سبعا ثم أتى إلى السقاية فاستسقى ثم رجع إلى منى ونفر في اليوم الثالث فنزل المحصب وأعمر عائشة من التنعيم ثم أمر بالرحيل ثم طاف للوداع وتوجه إلى المدينة
3 (زوجاته))
تزوج خديجة بنت خويلد قبل البعثة وقد مر ذكرها ثم تزوج سودة بنت زمعة بن قيس بن

76
عبد شمس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وكبرت عنده فأراد طلاقها فوهبت يومها لعائشة وقالت لا حاجة لي في الرجال وإنما أريد أن أحشر في زوجاتك وانفردت به صلى الله عليه وسلم ما بين وفاة خديجة إلى أن دخل بعائشة رضي الله عنها ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما تزوجها بمكة قبل الهجرة بستين وقيل بثلاث وهي بنت سبت أو سبع وبني بها بالمدينة وهي بنت تسع ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة وتوفيت سنة ثمان وخمسين وقيل غير ذلك ولم يتزوج بكرا غيرها ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه روى أنه طلقها فنزل جبريل فقال إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوامة قوامة وفي خبر قال رحمة لعمر وتزوج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان أخت معاوية رضي الله عنهما وهي بالحبشة فأصدقها النجاشي أربع مائة دينار وولي نكاحها عثمان بن عفان ولم يصح وقيل خالد بن سعيد بن العاص وتوفيت سنة أربع وأربعين وتزوج أم سلمة هند ابنة أبي أمية بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم وماتت سنة اثنتين وستين وهي آخرهن موتا وقيل ميمونة وتزوج زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة وهي ابنة عمته أميمة توفيت بالمدينة سنة عشرين وهي أولهن وفاة وأول من حمل على نعش وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة فطلقها فزوجها الله إياه من السماء ولم يعقد عليها قال الحافظ عبد الغني وصح أنها كانت تقول لأزواجه زوجكن آباؤكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات وتزوج جويرية بنت الحرث بن أبي ضرار بن الحرث بن عايذ بن
ملك بن المصطلق لبيب في غزوة بني المصطلق فوقعت لثابت بن قيس بن شماس فكاتبها فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعيه في كتابتها وكانت امرأة ملاحة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أوخير من ذلك أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك فقلت فقضى عنها وتزوجها وأطلق من أجلها جميع أسراء بني المصطلق وتوفيت سنة ست وخمسين وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب بن أبي حيى بن كعب ابن الخزرج النضرية من ولد هارون عليه السلام سبيت من خيبر فأعتقها وجعل عتقها صداقها توفيت سنة خمسين وتزوج ميمونة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن)
روبية بن عبد مناف بن هلال بن عامر خالة خالد ابن الوليد وعبد الله بن عباس رضي الله عنه وهي آخر من تزوج وتوفيت سنة إحدى وخمسين وقيل سنة ست وستين فإن ثبت ذلك فهي آخرهن موتا وتزوج زينب بنت خزيمة أم المساكين سنة ثلاث من الهرجة ولم تلبث عنده إلا يسيرا شهرين أو ثلاثة وماتت وتزوج فاطمة بنت الضحاك وخيرها حين نزلت آية التخيير فاختارت الدنيا فطلقها ثم كانت بعد ذلك تلقط

77
البعر وتقول أنا الشقية اخترت الدنيا وتزوج شارف أخت دحية الكلبي وخولة بنت الهذيل وقيل بنت حكيم وهي التي وهبت نفسها له وقيل تلك أم شريك وأسماء بنت كعب الجونية وعمرة بنت يزيد وطلقها قبل الدخول وامرأة من غفار فرأى بها بياضا فألحقها بأهلها وامرأة تميمية فلما دخل عليها قالت أعوذ بالله منك فقال منع الله عايذه الحقي بأهلك وغالية بنت ظبيان طلقها حين أدخلت عليه كذا أخبرني به الشيخ فتح الدين محمد ابن سيد الناس وقال ابن حظم ولم يصح أنه عليه السلام طلق امرأة قط إلا حفصة بنت عمر ثم راجعها وقد طلق عمرة بنت يزيد المذكورة آنفا وبنت الصلت وماتت قيل أن يدخل عليها ومليكة الليثية فلما دخل عليها قال هبي لي نفسك فقالت وهل تهب الملكة نفسها للسوقة فسرحها وحطب امرأة من أبيها فوصفها له وقال أزيدك أنها لم تمرض قط فقال ما لهذه عند الله من خير وكان صداقه لنسائه خمس مائة درهم لكل واحدة هذا أصح ما قيل إلا صفية فإنه اعتقها وتزوجها وأم حبيبة وأولم على زينب بنت جحش بشاة واحدة فكفت الناس قال أنس ولم نره أولم على امرأة من نسائيه بأكثر من ذلك وأولم على صفية وليمة ليس فيها شحم ولا لحم إنما كان السويق والتمر والسمن وأولم على بعض نسائه ولم تسم بمدين من شعير فكفى ذلك كل من حضر وكان ينفق على ناسيه في كل سنة عشرين وسقا من شعير وثمانين وسقا من تمر قال ابن حزم هكذا رويناه من طريق في غاية الصحة وروينا من طريق فيها ضعف إن هذا العدد لكل واحدة في العام والله أعلم فقد كانت كل واحدة لها الإماء والعبيد والعتقاء في حياته صلى الله عليه وسلم انتهى كلام ابن حزم قلت الوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلاث بالبغدادي والرطل مائة وثلاثون درهما والدرهم عشرة أمثاله سبعة مثاقيل والفرق بتحريك الراء زنبيل يسع خمسة عشر صاعا
3 (أولاده))
صلى الله عليه وسلم القسم وبه كان يكنى وعبد الله ويسمى الطيب والطاهر وقيل الطيب غير الطاهر وإبراهيم ولد له بالمدينة من مارية وعاش عامين غير شهرين ومات قبل موت أبيه صلى الله عليه بثلاثة أشهر يوم كسف الشمس والقسم أكبر أولاده ولد له قبل النبوة وعاش أياما يسيرة وقال ابن حزم روينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه إنه كان له ولد اسمه عبد العزى قبل النبوة وهذا بعيد والخبر مرسل

78
ولا حجة في مرسل انتهى قلت قال ابن الجوزي في كتاب تلقيح فهوم أهل الأثر قال الهيثم بن عدي حدثني هشام بن عروة عن أبيه قال ولدت له خديجة عبد العزى وعبد مناف والقسم قلت لهشام فأين الطيب والطاهر قال هذا ما وضعتم أنتم يا أهل العراق فأما أشياخنا فقالوا عبد العزى وعبد مناف والقسم قال ابن الجوزي الهيثم كذاب لا يلتفت إلى قوله قال لنا شيخنا ابن ناصر لم يسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف ولا عبد العزى قط
3 (بناته))
أكبرهن زينب تزوجها أبو العاص واسمه القسم بن الربيع بن عبد العزى ابن عبد شمس بن عبد مناف وكانت أمها خديجة خالة أبي العاص ولم يكن لزينب زوج غيره وماتت سنة ثمان من الهجرة وأولدها عليا فمات مراهقا وأولدها أيضا أمامة التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة تزوجها علي بن أبي طالب بعد فاطمة فلم تلد ومات عنها فتزوجها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فماتت عنده ولم تلد له قاله ابن حزم وقال الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس فولدت له يحيى ومات أبو العاص في خلافة عمر بن الخطاب ورقية تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه ولم يكن لها زوج غيره فولدت له عبد الله وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولدت له الحسن والحسين ومحسنا مات صغيرا وأم كلثوم تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فولدت له زيدا وزينب تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فولدت له عليا وأعقب علي بن عبد الله بن جعفر ولم يعقب زيد بن عمر بن الخطاب ولم يكن لفاطمة زوج غير علي وأم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أصغرهن كانت مملكة بعتبة بن أبي لهب فلم يدخل بها وطلقها فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه فماتت عنده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تلد له قال ابن حزم)
قاله ابن خياط قال الحافظ عبد الغني البنات أربع بلا خلاف والصحيح في البنين أنهم ثلاثة وأول من ولد القاسم ثم زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ثم في الإسلام عبد الله ثم إبراهيم بالمدينة وأولاده كلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية وكلهم ماتوا قبله إلا فاطمة فإنها عاشت بعده ستة أشهر

79
3 (أعمامه))
كان له من العمومة أحد عشر منهم الحرث وهو أكبر ولد عبد المطلب وبه كان يكنى ومن ولده وولد ولده جماعة لهم صحبة وقثم هلك صغيرا وهم أخو الحرث لأمه والزبير بن عبد المطلب وكان من إشراف قريش وابنه عبد الله بن الزبير شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا وثبت يومئذ واستشهد بأجنادين وروى أنه وجد إلى جانب سبعة قتلهم وقتلوه وضباعة بنت الزبير لها صحبة وأم الحكم بنت الزبير لها رواية وحمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله وأخوه من الرضاعة أسلم قديما
وهاجر إلى المدينة وشهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا ولم يكن له إلا ابنه وأبو الفضل العباس ابن عبد المطلب أسلم وحسن إسلامه وهاجر إلى المدينة وكان أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين وكان له عشرة من الذكور ولم يسلم من أعمامه إلا حمزة والعباس لا غير ومن عماته صفية على الصحيح وأبو طالب بن عبد المطلب واسمه عبد مناف وهو أخو عبد الله أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله من الولد طالب مات كافرا وعقيل وجعفر وعلي وأم هانيء لهم صحبة واسم أم هانيء فاختة وقيل هند وجمانة وأبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب كناه أبوه بذلك لحسن وجهه ومن ولده عتبة ومعتب ثبتا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ودرة لهم صحبة وعتيبة قتله الأسد بالزرقاء من أرض الشام على كفره بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الكعبة وحجل واسمه المغيرة وضرار أخو العباس لأمه والغيداق وإنما سمي الغيداق لأنه كان أجود قريش وأكثرهم طعاما
3 (وعماته))
ست صفية وعاتكة وأروى وأميمة وبرة وأم حكيم البيضاء أما صفية فأسلمت وهاجرت وهي أم الزبير بن العوام وهي أخت حمزة لأمه وأما عاتكة قيل أنها أسلمت وهي صاحبة الرؤيا في بدر وكانت عند أبي أمية بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له عبد الله أسلم وله صحبة وزهيرا وقرينة الكبرى وأما أروى فإنها كانت عند عمير بن وهب بن عبد الدار ابن قصي فولدت له طليب بن عمير وكان من المهاجرين الأولين شهد بدرا وقتل بأجنادين شهيدا ولا عقب له وأما أميمة فكانت عند جحش بن رئاب فولدت له عبد الله المقتول بأحد شهيدا وأبا حمزة الأعمى الشاعر واسمه عبد وزينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم وحبيبة وحمنة وكلهم له صحبة وعبيد الله ابن جحش أسلم ثم تنصر ومات بالحبشة كافرا وأما برة فإنها كانت عند عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له أبا سلمة واسمه عبد الله وكان زوج أم

80
سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها بعد عبد الأسد أبو رهم بن عبد العزى ابن أبي قيس فولدت له أبا سبرة ابن أبي رهم وأما أم حكيم البيضاء فإنها كانت عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف فولدت له أروى بنت كريز وهي أم عثمان بن عفان رضي الله عنه
3 (أمراؤه))
باذان بن ساسان بن يلابش بن الملك جاماسب بن الملك فيروز بن الملك يزدجرد ابن بهرام جور الفارسي على اليمن كلها فلما مات باذان ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه شهر بن باذان على صنعاء وأعمالها فقط وولي المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة كندة والصدف وولي زياد بن ولبيد البياضي الأنصاري حضرموت وولي أبا موسى الأشعري زبيد وعدن ورمع والساحل وولي معاذ بن جبل الجندب وعتاب بن أبي أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس مكة وإقامة الموسم والحج بالمسلمين سنة ثمان وهو دون العشرين سنة في سنه وولي أبا سفيان صخر ابن حرب بن أمية بن عبد شمس نجران وولي يزيد بن أبي سفيان بن حرب على تيماء وولي خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس على صنعاء بعد قتل شهر بن باذان قتل شهرا رحمه الله الأسود العنسي الكذاب وولي أخاه عمرو ابن سعيد على وادي القرى وولي أخاهما الحكم بن سعيد على قرى عرينة وهي فدك وغيرها وولي أخاهم أبان بن سعيد على مدينة الخط بالبحرين وهي التي تنسب إليها الرماح وولي العلاء بن الحضرمي حليف بني سعيد بن العاص على القطيف بالبحرين وولي عمرو بن العاص على عمان وأعمالها وولي عثمان ابن أبي العاص الثقفي على الطائف وولي محمئة بن جزء بن عبد يغوث بن عرفج بن عمر بن زبيد الزنيدي على الأخماس التي بحضرته قيل وهو حليف بني جمح وولي علي بن أبي طالب على الأخماس باليمن والقضاء بها وولي معيقب بن أبي فاطمة الدوسي حليف بني أمية بن عبد شمس على خاتمه وولي عدي ابن حاتم على صدقات بني أسد وطيء وولي مالك بن نويرة اليربوعي على صدقات بني حنظلة وولي قيس بن عاصم المنقري على صدقات منقر والزبرقان بن بدر السعدي على صدقات بني سعد ابن تميم وولي عمر بن الخطاب على بعض الصدقات أيضا وولي بن اللتبية الأزدي على بعض الصدقات أيضا وولي جماعة كثيرة على الصدقات أيضا لأنه كان على كل قبيلة وال يقبض صدقاتها وولي أبا بكر الصديق أيضا رضي الله عنه على موسم سنة تسع وخليفته على ولاية الأمور كلها
3 (رسله إلى الملوك))
أرسل عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي واسمه اصحمه ومعناه عطية فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه على عينيه ونزل عن سريره وجلس على الأرض وأسلم وحسن إسلامه إلا

81
أن إسلامه كان عند حضور جعفر ابن أبي طالب وأصحابه وروى أنه كان لا يزال النور يرى على قبره وأرسل دحية ابن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم واسمه هرقل فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنده صحة نبوته فهم بالإسلام فلم توافقه الروم وخافهم على ملكه فأمسك وأرسل عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس فمزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مزق الله ملكه فمزق الله ملكه وملك قومه وأرسل حاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر فقال خيرا وقارب الأمر ولم يسلم وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية وأختها شيرين فوهبها لحسان بن ثابت الأنصاري فولدت له عبد الرحمن بن حسان وأرسل عمرو بن العاص إلى ملكي عمان جيفر وعبد ابني الجلندي وهما من الأزد والملك جيفر فأسلما وصدقا وخليا بين عمرو والصدقة والحكم فيما بينهم فلم يزل عندهم حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسل سليط بن عمرو العامري إلى اليمامة إلى هوذة بن علي الحنفي فأكرمه وأنزله وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا خطيب قومي وشاعرهم فاجعل لي بعض الأمر فأبى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم ومات زمن الفتح وأرسل شجاع بن وهب الأسدي إلى الحرث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من ارض الشام قال شجاع فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق فقرأ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ورمى به وقال أنا سائر إليه وعزم على ذلك فمنعه قيصر وأرسل المهاجر بن أبي أمية إلى الحرث الحميري أحد مقاولة اليمن وأرسل العلاء بن الحضرمي
إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين وكتب له كتابا يدعوه إلى الإسلام فآمن وصدق وأرسل أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل الأنصاري رضي الله عنهما إلى جملة اليمن داعيين إلى الإسلام فأسلم عامة أهل اليمن وملكوهم طوعا نبذة من معجزاته وآياته صلى الله عليه وسلم منها القرآن العظيم وهو أكبرها الذي دعا به بلغاء قريش وهم ما هم قاله البلاغة ولسن الفصاحة لهم من آفاق ذلك قمراها والنجوم والطوالع ودعا غيرهم مذ بعثه الله تعالى قرنا فقرنا وجيلا بعد جيل إلى يومنا هذا وإلى البعث والنشور على أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات وتنازل معهم إلى الإتيان بسورة من مثله وفي السور ما هو ثلاث آيات وتحدى به الإنس والجن فلم يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ونكصوا على أعقابهم خائبين وذهب كل نبي بمعجزاته ولم يبق لها أثر ظاهر خلى الروايات عنها والأخبار وأبقى لنا صلى الله عليه وسلم معجزا خالدا بين ظهرانينا إلى يوم القيامة بعد ذهابه لا تنكسف شموسه ولا تذوي زهراته وانشقاق القمر روى مسلم والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه قال انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقتين فستر الجبل فلقة وكانت فلقة فوق الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد وروى الترمذي عن جبير بن مطعم قال انشق القمر على عهد رسول الله فصار فرقتين فقالت قريش سحر محمد أعيننا فقال بعضهم لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر الناس كلهم وزاد رزين فكانوا يتلقون الركبان فيخبرونهم بأنهم قد رأوه فيكذبونهم وما أحقه صلى الله عليه وسلم بقول أبي الطيب الطويل متى ما يشر نحو السماء بطرفه تخر له الشعر وينكسف البدر وإن الملأ من قريش تعاقدوا على قتله فخرج عليهم فخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في صدورهم وأقبل حتى قام على رؤوسهم فقبض قبضة من تراب وقال شاهدت الوجوم وحصبهم فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصباء إلا قتل يوم بدر ورمى يوم حنين بقبضة من تراب في وجوه القوم فهزمهم الله تعالى ونسج العنكبوت في الغار وما كان من أمر سراقة بن مالك إذ بعث خلفه في الهجرة فساخت قوائم فرسه في الأرض الجلد ومسح على ظهر عناق لم ينز عليها الفحل فدرت وشاة أم معبد ودعوته لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يعز الله به الإسلام ودعوته لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يذهب عنه الحر والبرد وتفله في عينيه وهو أرمد فعوفي من ساعته ولم يرمد بعد ذلك ورده عين قتادة بن النعمان بعد أن سالت على خده فكانت أحسن عينيه وأحدهما ودعاؤه لعبد الله بن عباس بالتأويل والفقه في الدين وكان يسمى الحبر والبحر لعلمه ودعاؤه لجمل جابر فصار سابقا بعد أن كان مسبوقا ودعاؤه لأنس بن مالك بطول العمر وكثرة المال والولد فعاش مائة سنة أو نحوها وولد له مائة وعشرون ولدا ذكرا لصلبه وكان نخله يحمل في السنة مرتين وفي تمر جابر بالبركة فأوفى غرماءه وفضل ثلاثة عشر وسقا واستسقاؤه عليه السلام فمطروا أسبوعا ثم استصحاؤه فانجابت السحاب الكامل وإذا النوائب أظلمت أحداثها لبست بوجهك أحسن الإشراق ودعاؤه على عتبة بن أبي لهب فأكله الأسد بالزرقاء من الشام وشهادة الشجرة له بالرسالة في خبر الأعرابي الذي دعاه إلى الإسلام فقال هل من شاهد على ما تقول فقال نعم هذه الشجرة ثم دعاها فأقبلت فاستشهدها فشهدت أنه كما قال ثلاثا ثم رجعت إلى منبتها وأمره شجرتين فاجتمعتا ثم افترقتا وأمره أنسا أن ينطلق إلى نخلات فيقول لهن أمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجتمعن فاجتمعن فلما قضى حاجته أمره أن يأمرهن بالعود إلى أماكنهن فعدن ونام فجاءت شجرة تشق الأرض حتى قامت عليه فلما استيقظ ذكرت له فقال هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم علي فأذن لها وسلام الحجر والشجر عليه ليالي بعث السلام عليك يا رسول الله وقوله إني لا أعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث وحنين الجذع إليه وتسبيح الحصى في كفه وكذلك الطعام وإعلامه الشاة بسمها وشكوى البعير إليه كثرة العمل وقلة العلف وسؤال الظبية له أن يخلصها من الحبل لترضع وليدها وتعود فخلصها فتلفظت بالشهادتين وإخباره عن مصارع المشركين يوم بدر فلم يعد أحد منهم مصرعه وإخباره أن طائفة من أمته يغزون في البحر وإن أم حرام بنت ملحان منهم فكان كذلك وقوله لعثمان رضي الله عنه تصيبه بلوى شديدة فكانت وقتل وقوله للأنصار إنكم ستلقون بعدي أثره فكانت زمن معاوية وقوله في الحسن أن ابني هذا سيد وأن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وإخباره بقتل العنسي الكذاب وهو بصنعاء ليلة قتله وبمن قتله وقوله لثابت بن قيس تعيش حميدا وتقتل شهيدا فقتل يوم اليمامة ولما ارتد رجل من المسلمين ولحق بالمشركين بلغه أنه مات فقال لا استطعت فلم يطق أ يرفعها إلا فيه بعد ودخوله مكة عام الفتح والأصنام حول الكعبة معلقة وبيده قضيب فجعل يشير إليها به ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهي تتساقط وقص مازن بن الغضوبة الطائي وسواد بن قارب وأمثالهما وشهادة الضب بنبوته وإطعام ألف من صاع شعير بالخندق فشبعوا والطعام أكثر مما كان وأطعمهم من تمر يسير وجمع فضل الأزواد على النطع ودعا لها بالبركة ثم قسمها في العسكر فقامت بهم وأتاه أبو هريرة بتمرات قد صفهن في يده وقال ادع لي فيهن بالبركة قال أبو هريرة فأخرجت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله وكنا نأكل منه ونطعم حتى انقطع في زمن عثمان ودعاؤه أهل الصفة لقصعه ثريد قال أبو هريرة فجعلت أتطاول ليدعوني حتى قام القوم وليس في القصعة إلا اليسير في نواحيها فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقمة ووضعها على أصابعه وقال كل باسم الله فوالذي نفسي بيده ما زلت آكل منها حتى شبعت وأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يزود أربع مائة راكب من تمر كان في اجتماعه كربضة البعير فزودهم كلهم منه وبقي بحسبه كما كان ونبع الماء من بين أصابعه حتى شرب القوم وتوضؤوا وهم ألف وأربعمائة وأتي بقدح فيه ماء فوضع أصابعه في القدح فلم ييع فوضع أربعة منها وقال هلموا فتوضؤوا أجمعين وهم من السبعين إلى الثمانين وورد في غزوة تبوك على ماء لا يروي واحدا والقوم عطاش فشكوا إليه فأخذ سهما من كنانته فغرسه فيها ففار الماء وارتوى القوم وكانوا ثلاثين ألفا وشكى إليه قوم ملوحة في مائهم فجاء في نفر من أصحابه حتى وقف على بئرهم فتفل فيه فتفجر بالماء العذب المعين وأتته امرأة بصبي لها أقرع فمسح على رأسه فاستوى شعره وذهب داؤه فسمع أهل اليمامة بذلك فأتت امرا إلى مسيلمة بصبي فمسح رأسه فتصلع وبقي الصلع في نسله وانكسر سيف عكاشة يوم بدر فأعطاه جذلا من حطب فصار في يده سيفا ولم يزل بعد ذلك عنده وعزت كدية بالخندق عن أن يأخذها المعول فضربها فصارت كثيبا أهيل ومسح على رجل أبي رافع وقد انكسرت فكأنه لم يشكها قط وقوله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها وصدق الله قوله بأن ملك أمته بلغ أقصى المشرق والمغرب ولم ينتشر في الجنوب ولا في الشمال وأخبر عن الشيماء بنت بقيلة الأزدية أنها رفعت له في خمار أسود على بغلة شهباء فأخذت في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في جيش خالد بن الوليد بهذه الصفة وقال لرجل ممن يدعي الإسلام وهو معه في

82
القتال أنه من أهل النار فصدق الله قوله بأن ذلك الرجل نحر نفسه وهذا لا يعرف البتة بشيء من النجوم ولا بخط ولا بزجر ولا بالنظر في الكف ولا بتصويت الوزغ وأبطل الله تعالى ببعثته الكهانة فانقطعت وكانت ظاهرة موجودة ودعا اليهود إلى تمني الموت وأخبرهم بأنهم لا يتمنونه فحيل بينهم وبين النطق بذلك وأخبر بأن عمارا تقتله الفئة الباغية فكان مع علي بن أبي طالب وقتله جماعة معاوية وأنذر بموت النجاشي وخرج هو وأصحابه إلى البقيع فصلوا عليه فورد الخبر بموته بعد ذلك في ذلك اليوم وخرج على نفر من أصحابه مجتمعين فقال أحدكم في النار ضرسه مثل أحد فماتوا كلهم على الإسلام وارتد منهم واحد وهو الدجال الحنفي فقتل مرتدا مع مسليمة وقال لآخرين منهم آخركم موتا في النار فسقط آخرهم موتا في نار وهو سمرة بن جندب وأخبر بأنه يقتل أمية بن خلف الجمحي فخدشه يوم أحد خدشا لطيفا فكانت منيته منه وأخبر فاطمة ابنته رضي الله عنها أنها أول أهله لحاقا به فكان كذلك وأخبر نساؤه أن أطولهن يدا وأسرعهن لحاقا به وكانت زينب بنت جحش الأسدية لأنها كانت كثيرة الصدقة وحكى الحكم ابن أبي العاص مشيته مستهزئا فقال كذلك فكن فلم يزل يرتعش إلى أن مات وخطب أمامه بنت الحارث بن أبي عوف وكان أبوها أعرابيا حافيا فقال إن بها بياضا فقال لتكن كذلك فبرصت من وقتها فتزوجها ابن عمها يزيد بن حمزة فولدت له الشاعر شبيب بن يزيد وهو المعروف بابن البرصاء وليلة ميلاده اضطرب إيوان كسرى حتى سمع صوته وسقطت منه أربع عشرة شراقة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام وغاضت بحيرة ساوة ومن علائم نبوته حراسة السماء بالشهب التي تقذف الشياطين فلا تسترق السمع وبشرى الكهان به والهواتف وإخبار الأحبار بظهوره وفراسة بحيرا الراهب فيه ومعرفته آيات النبوة وأمارات البعثة الكامل ورأوك وضاح الجبين كما يرى قمر السماء السعد ليلة يكمل وولادته مختونا مسرورا وسجع شق وسطيح ورؤيا الموبذان إلى غير ذلك من الآيات الظاهرة والإمارات الباهرة والدلالات الزاهرة والمعجزات القاهرة والسيرة التي شهرت شهرة النجوم وسار الذكر منها في الناس سير القوافي غزواته غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين غزوة بنفسه هذا هو المشهور قاله محمد بن إسحاق وأبو معشر وموسى بن عقبة وغيرهم وقيل سبعا وعشرين غزوة غزوة الأبواء وهي أول غزاة غزاها بنفسه غزوة بواط وهي من ناحية رضوى غزوة العشيرة من بطن ينبع غزوة بدر الأولى يطلب كرز بن جابر بدر الثانية وهي أكرم المشاهد غزوة بني سليم حتى بلغ ماء الكدر غزوة السويق يطلب أبا سفيان بن حرب غزوة ذي أمر غزوة بحران غزوة بني قينقاع غزوة أحد غزوة حمراء الأسد غزوة بني النضير غزوة ذات الرقاع غزوة بدر الثالثة غزوة دومة الجندل غزوة الخندق غزوة بني لحيان غزوة ذي قرد غزوة بني المصطلق غزوة الحديبية غزوة خبيير غزوة مؤتة غزوة فتح مكة غزوة حنين غزوة الطائف غزوة تبوك قاتل صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوات في سبع بدر وأحد والخندق وبني قريظة وبني المصطلق وخيبر والطائف وقيل قاتل أيضا بوادي القرى الغابة وبني النضير ولم يكن في غير ما قاتل فيه قتال

82
3 (مواليه))
زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي وابنه أسامة بن زيد وكان يقال له الحب بن الحب وثوبان بن بجدد وكان له نسب في اليمن وأبو كبشة من مولدي أرض دوس شهد بدرا وأعتقه واسمه سليم وتوفى يوم استخلف عمر وأنيسة من مولدي السراة وأعتقه وصالح شقران ورثه من أبيه وقيل اشتراه من عبد الرحمن ابن عوف وأعتقه ورباح أسود ويسار نوبي وأبو رافع واسمه أسلم وقيل إبراهيم وهبه له العباس فأعتقه حين بشره بإسلام العباس وزوجه سلمى مولاة له فولدت له عبيد الله كتب لعلي وأبو مويهبة من مولدي مزينة وأعتقه وفضالة مات بالشام ورافع كان مولى لسعيد بن العاص فورثه ولده فأعتقه بعضهم وتمسك بعضهم فجاء رافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه فوهب له وكان يقول إنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدعم أسود وهبه له رفاعة الجذامي قتل بوادي القرى وكركرة نوبى أهداه له هوذة بن علي وأعتقه وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم وزيد جد هلال بن يسار بن زيد وعبيد وطهمان أو كيسان أو مهران أو ذكوان أو

87
مروان ومابور القبطي أهداه له المقوقس وواقد وأبو واقد وهشام وأبو ضميرة من الفيء وأعتقه وحنين وأبو عسيب واسمه أحمر وأبو عبيد وسفينة كان لأم سلمة فأعتقته وشرطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم حياته فقال لو لم تشترطي على ما فارقته وكان اسمه رباحا وقيل مهران وأبو هند وأعتقه وأنجشة الحادي وأبو لبابة وأعتقه هؤلاء هم المشهورون وقد عدوا أكثر من ذلك
3 (وإماؤه))
سلمى أم رافع وبركة أم أيمن حاضنته ورثها من أبيه ومارية وريحانة سبية من قريظة وميمونة بنت سعد وخضرة ورضوى
3 (خدمه))
أنس بن مالك بن النضر الأنصاري وهند وأسماء ابنا حارثة وربيعة بن كعب الأسلميون وكان عبد الله بن مسعود صاحب نعليه كان إذا قام ألبسه إياهما وإذا جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم وكان عقبة بن عامر الجهني صاحب بغلته يقود به في الأسفار وكان بلال بن رباح المؤذن وكذلك عمرو بن قيس الأعمى المدعو ابن أم مكتوم وأبو محذورة أقره مؤذنا بمكة وسعد القرظ مؤذن بالمدينة ومن خدمه سعد مولى أبي بكر الصديق وذو مخمر ابن أخي النجاشي ويقال ابن أخته ويقال ذو مخبر وبكير بن شداخ الليثي وأبو ذر الغفاري وخطيبه ثابت ابن قيس بن الشماس وفارسه أبو قتادة الأنصاري وكانت أم أيمن دايته وبلال بن رباح على نفقاته وقيس بن سعد بن عبادة بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير وذؤيب بن حلحلة والد الفقيه قبيصة صاحب بدنه التي أهداها والناظر عليها وحجمه أبو طيبة

88
3 (حرسه))
سعد بن معاذ يوم بدر وذكوان بن عبد قيس ومحمد بن مسلمة بأحد والزبير يوم الخندق وعباد بن بشر وسعد بن أبي وقاص وأبو أيوب بخيبر وبلال بوادي القرى فلما نزلت والله يعصمك من الناس المائدة ترك الحرس ووقف المغيرة بن شعبة الثقفي على رأسه بالسيف يوم الحديبية وكان الضحاك بن سفيان الكلابي سيافه وكان عمرو بن عبسة
السلمى صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وكان عياض بن حمار بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك ابن حنظلة بن زيد مناة بن تميم حرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ومعنى ذلك أن قريشا كانت من الحمس وكانت بنو مجاشع من الحلة وهما دينان من أديان العرب في الجاهلية وكان الحلي لا يطوف بالبيت إلا عريان إلا أن يعيره رجل من الحمس ثيابا يطوف فيها وكان عياض يطوف في ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعياض هذا ابن عم الأقرع بن حابس بن عقال لحا
3 (كتابه))
كتب له عليه السلام أبو بكر وعمر وعثمان وعلى الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم وعامر بن فهيرة وعبد الله بن الأرقم وأبي بن كعب وثابت بن قيس بن الشماس وخالد بن سعيد وحنظلة بن الربيع وزيد بن ثابت الأنصاري من بني النجار ومعاوية ويزيد أخوه ابن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وكان معاوية وزيد بن ثابت دون هؤلاء يلازمون الكتابة بين يديه في الوحي وغيره لا عمل لهما سواه
وكان علي والزبير ومحمد بن مسلمة وعاصم بن ثابت بن أبي الأفلح والمقداد يضربون الأعناق بين يديه صلى الله عليه وسلم
3 (النجباء من أصحابه))
أبو بكر وعمر وعلي وحمزة وجعفر وأبو ذر والمقداد وسلمان وحذيفة وابن مسعود وعمار وبلال
العشرة المشهود لهم بالجنة هم الخلفاء الأربعة وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح رضي الله عنهم
3 (الذين أشبهوه))
الحسن بن علي بن أبي طالب وعمه جعفر بن أبي طالب وقثم بن العباس بن عبد

89
المطلب وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب والسائب بن عبيد جد الشافعي وقد جمعهم الشيخ الإمام فتح الدين ابن سيد الناس اليعمري أنشدني من لفظه لنفسه البسيط
* لخمسة شبه المختار من مضر
* يا حسن ما خولوا من شبهه الحسن
*
* لجعفر وابن عم المصطفى قثم
* وسائب وأبي سفيان والحسن
* وشبهه صلى الله عليه وسلم مقتسم بين الحسن والحسين فالأعلى للحسن والأسفل للحسين وممن أشبهه مسلم بن معتب وكابس بن ربيعة السامي
3 (دوابه))
من الخيل عشرة على خلاف في ذلك بزيادة ونقص وهي السكتب وكان عليه يوم أحد وكان أغر محجلا طلق اليمين وهو أول فرس غزا عليه اشتراه من أعرابي من بني فزارة بعشر أواق والمرتجز وهو الذي شهد به له خزيمة بن ثابت ولزاز وهو الذي أهداه إليه المقوقس واللحيف وهو الذي أهداه له ربيعة بن أبي البراء والظرب وهو الذي أهداه فروة الجذامي والورد وهو الذي أهداه له تميم الداري والضرس وملاوح وسبحة اشتراه من تجار من اليمن فسبق عليه ثلاث مرات فمسح عليه السلام وجهه وقال ما أنت إلا بحر وقد جمع من أسماء خيله صلى الله عليه وسلم في أبيات من قصيدة يمدحه بها الشيخ الإمام الحافظ فتح الدين أبو الفتح محمد بن سيد الناس اليعمري أنشدني لنفسه قراءة مني عليه مجزوء الكامل
* لم يزل في حربه ذا
* وثبات وثبات
*
* كلفا بالطعن والضر ب وحب الصافنات
*
* من لزاز ولحيف
* ومن السكب المواتي
*
* ومن المرتجز السابق سبق الذاريات
*
* ومن الورد ومن سب حة قيد العاديات
*

90
ومن البغال ثلاثة وهي الدلدل التي أهداها له المقوقس وهي أول بغلة ركبت في الإسلام وعاشت بعده إلى أن زالت أسنانها وكان يجش لها الشعير وفضة أتهبها من أبي بكر والأيلية أهداها له ملك أيلة وكان له حمار يقال له عفير وقيل يعفور وهو الأشهر وأما النعم فلم ينقل أنه اقتنى من البقر شيئا وكان له بالغابة عشرون لقحة يراح إليه كل ليلة بقربتين عظيمتين من لبن وكان فيها لقاح غرر الحناء والسمراء والعريس والسعدية والبعوم واليسوم والزباء وكانت له لقحة تسمى بردة أهداها له الضحاك بن سفيان كانت تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان وكانت له مهرة أرسل بها سعد بن عبادة من نعم بني عقيل والشقراء والعضباء ابتاعها أبو بكر من نعم بني الحريش والقصواء وهي التي هاجر عليها إلى المدينة وكانت إذ ذاك رباعية وكان لا يحمله إذا نزل عليه الوحي غيرها والجدعاء وهي التي سبقت فشق على المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم إن حقا على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه وقيل المسبوق غيرها وكان له من الغنم مائة وكان له منائح سبغ من غنم عجرة وزمزم)
وسقيا وبركة وورسة والطلال وأطراف وكان له شاة يختص بشرب لبنها تدعى غيثة وكان له ديك أبيض
3 (سلاحه))
تسعة أسياف ذو الفقار تنقله يوم بدر من بني الحجاج السهميين ورأى في النوم في ذبابه ثلمة فأولها هزيمة وكانت يوم أحد وأصاب من سلاح بني قينقاع ثلاثة أسياف سيف قلعي بفتح اللام وسيف يدعى بتارا وسيف يدعى الحتف وكان له المخذم والرسوب أصابهما من الفلس وهو صنم لطى وآخر ورثه من أبيه والعضب أعطاه إياه سعد بن عبادة والقضيب وهو أول سيف تقلد به صلى الله عليه وسلم وقال أنس بن مالك كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة وقبيعته فضة وما بين ذلك حلق فضة وأربعة رماح المنثني وثلاثة من بني قينقاع وعنزة تحمل بين يديه في العيدين ومحجن قدر الذراع ومخصرة تسمى العرجون وقضيب يسمى الممشوق وأربعة قسي قويس اسمها الروحاء وقوس شوحط وقوس صفراء يدعى الصفراء وجعبة وترس كان فيه تمثال عقاب أهدي له فوضع يده على العقاب فذهب وقيل تمثال رأس كبش فكره مكانه فأصبح وقد أذهبه الله عز وجل ودرعان من سلاح بني قينقاع درع يقال له السعدية ودرع يقال لها فضة ودرع تسمى ذات

91
الفضول لبسها يوم حنين ولبس يوم خيبر ذات الفضول وفضة ومغفر يقال له السبوع ولواء أبيض ومنطقة من أديم مبشور فيها ثلاث حلق فضة والأبزيم فضة والطرف فضة ومن القصيدة التائية التي للشيخ فتح الدين محمد ابن سيد الناس المذكورة آنفا أبيات فيها أيضا ذكر شيء من أسماء سلاحه وهي مجزوء الكامل
* وإذا هز حساما
* هزه حتف الكماة
*
* من قضيب ورسوب
* راسب في الضربات
*
* وانتضى البتار فيهم
* فل حد الباترات
*
* خلت لمع البرق يبدو
* من سنا ذي الفقرات
*
* ولنار المخذم الماضي لهيب الجمرات
* وبماء الحتف والعضب طهور الفجرات
* وله بالأسمر الذا بل حر الفعلات)
* (يتثنى المتثني
* مثل رقص الراقصات
*
* ناظما منهم رؤوسا
* مثل نظم الخزرات
*
* وعن الروحاء يرمي
* بسهام مصميات
* واتخذ صلى الله عليه وسلم خاتم ذهب ثم رماه وتبرأ منه واتخذ خاتم فضة فصه منه نقشه محمد رسول الله في ثلاثة أسطر قيل أنه كان حديدا ملويا بفضة كان يحبسه في خنصره في يساره وربما في يمينه يجعل فصه إلى باطن كفه ونهى أن ينقش أحد على نقشه كما نهى أن يكتني أحد بكنيته ولم يزل الخاتم في يده إلى أن مات ثم في يد أبي بكر ثم في يد عمر ثم في يد عثمان فلما كان في السنة السادسة من خلافته سقط في بئر أريس فنزحت البئر وأخرج منها أكوام طين فلم يوجد الخاتم
3 (أثوابه وأثاثه))
ترك صلى الله عليه وسلم يوم مات ثوبي حبرة وأزارا وعمامة وثوبين صحاريين وقميصا صحاريا وآخر سحوليا وجبة يمنية وخميصة وكساء أبيض وقلانس صغارا لاطية ثلاثا أو أربعا وملحفة مورسة وكانت له ربعة فيها مرآة ومشط عاج ومكحلة ومقراض وسواك وكان له فراش من أدم حشوه

92
ليف وقدح مضبب بفضة في ثلاثة مواضع وقدح آخر وتور من حجارة ومخضب من شبه تعمل فيه الحناء والكتم ويوضع على رأسه إذا وجد فيه حرارة وقدح زجاج ومغتسل من صفر وقصعة وصاع يخرج به زكاة الفطر ومد وسرير وقطيفة وأهدى له النجاشي خفين ساذجين فلبسهما وكان له كساء أسود وعمامة يقال لها السحاب فوهبها عليا فكان ربما قال إذا رآه مقبلا وهي عليه أتاكم علي في السحاب وله ثوبان للجمعة غير ثيابه التي يلبسها في سائر الأيام ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء
ومدحه بالشعر جماعة من رجال الصحابة ونسائهم جمعهم الشيخ الإمام الحافظ فتح الدين ابن سيد الناس اليعمري في قصيدة ميمية ثم شرحها في مجلدة سماها منح المدح ورتبهم على حروف المعجم فأربى في هذا الجمع على الحافظ ابن عبد البر لأنه ذكر منهم ما يقارب المائة والعشرين أو ما يزيد على ذلك والشيخ فتح الدين قارب بهم المائتين ولا أعلم أحدا حصل من الصحابة الذين مدحوا النبي صلى الله عليه وسلم هذا القدر وقد كتبت هذا المصنف بخطى وسمعت من لفظه ما يقارب نصفه وأجازني البقية وأما شعراؤه الذين كانوا بصدد المناضلة)
عنه والهجاء لكفار قريش فإنهم ثلاثة حسان بن ثابت الأنصاري وعبد الله بن رواحة الأنصاري وكعب بن مالك الأنصاري وكان حسان يقبل بالهجو على أنسابهم وعبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وكعب بن مالك يخوفهم الحرب فكانوا لا يبالون قبل الإسلام بأهاجي ابن رواحة ويألمون من أهاجي حسان فلما دخل من دخل منهم الإسلام وجد ألم أهاجي ابن رواحة أشد وأشق ومن أشهر الصحابة بالمدح له كعب بن زهير بن أبي سلمى السعدي وقصيدته بانت سعاد مشهورة وما من شاعر في الغالب جاء بعده ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد نظم في وزنها ورويها والقاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر حيث يقول الطويل
* لقد قال كعب في النبي قصيدة
* وقلنا عسى في مدحه نتشارك
*
* فإن شملتنا بالجوائز رحمة
* كرحمة كعب فهو كعب مبارك
* وقلت أنا أمدحه بقصيدة متيمنا بوجهه الأغر وكعبه المبارك راجيا أن أحشر في زمرة من مدحه فأولاه بره يوم القيامة ومنحه وهي البسيط
* سلوا الدموع فإن الصب مشغول
* ولا تملوا ففي املائها طول
*
* واستخبروا صادحات الأيك عن شجني
* هل في الغرام الذي تبديه تبديل
*
* وهل لما ضمت الأحشاء بعدكم
* من الجوى عندما تحويه تحويل
*
* أحبتي لا وعيش مر لي بكم
* وربع لهوى باللذات مأهول
*
* ما كان لي مذ عرفت الوجد قط ولا
* يكون في غيركم قصد ولا سول
*

93
* هيهات ما راق طرفي غير حسنكم
* لأنه بسويداء القلب مجبول
*
* وحقكم إن عذري في محبتكم
* عند العواذل بعد اليوم مقبول
*
* ما لي أنين لتقضوا أن لي رمقا
* هذا دليل على أن ليس مدلول
*
* فليت جسمي إذ أبلاه حبكم
* لم تبق من سقمي عندي عقابيل
*
* عقدتم هدب أجفاني بحاجبها
* فلم أنم ونطاق الدمع محلول
*
* هبوا من الغمض ما ألقى الخيال به
* إذا سرى فلقاء الطيف تخييل
*
* وخففوا إن أردتم من ضني جسدي
* أو لا فما أحد عن ذاك مسؤول
*
* أن تحكموا لي بأن أبكي على أرقي
* فإن هذا على عيني محمول)
* (يا برق لا تتشبه لي بمبسمهم
* فما ابتسمت بثغر يخجل اللؤلؤ
*
* وليت ثغرك فيه منهم شنب
* وليت قطرك مثل الريق معسول
*
* ويا نسيم الصبا برد لظى كبدي
* فإن ذيلك بالانداء مبلول
*
* واحمل رسائل أشواقي لطيبة لا
* زالت تحث لها النجب المراسيل
*
* سلم على ربعها المحروس أن لها
* مجدا له برسول الله تأثيل
*
* محمد خير مبعوث لأمته
* في الحشر والنشر تقديم وتفضيل
*
* سادت قريش به الأعراب قاطبة
* فكم لها منه تنويه وتنويل أضحوا وفرع معاليهم إذا فخروا
* به على هامة الجوزاء مهدول
*
* وكان يدعى نبيا حيث آدم لم
* يكن له قبل خلق الطين تشكيل
*
* والبيت صار حمى إذ كان مظهره
* فكل من رامه بالسوء مخذول
*
* فصان ساحته من كيد أبرهة
* لما أتاه وفي أصحابه الفيل
*
* بادوا بأحجار سجيل وما رجعوا
* لما رمتهم بها الطير الأبابيل
*
* وما شكت أمه من حمله الما
* وكيف وهو بلطف الله محمول
*
* وانشق إيوان كسرى عند مولده
* وارتج من جانبيه العرض والطول
*
* ورؤية الموبذان الخيل في حلم
* منه وسجع سطيح فيه تطويل
*
* ونار فارس من بعد اللهيب خبت
* فراح كل بهذا وهو مشغول
*
* وكم به بشر الأحبار من بشر
* بحيث لم يبق في الأخبار تأويل
*
* وكم له آية في الناس قد ظهرت
* لسردها جمل فينا وتفصيل
*
* وشق في آل سعد صدره ملك
* من السماء وهذا القول منقول
*
* حتى رمى مغمز الشيطان منه فلم
* يكن له فيه بعد اليوم مأمول
*

94
* وقد رآه بحيرا حين واجهه
* عليه ظل السحاب الغر أكليل
*
* فقال يا عمه احفظ ما خصصت به
* هذا به حد أهل الكفر مفلول
*
* فعاد حتى أراد الله بعثته
* وكل ما قدر الرحمن مفعول
*
* كم قد تحنث يوما في حرى فأتى
* إليه من عند رب العرش جبريل
*
* وقال قم فأت هذا الخلق تنذرهم
* فعقلهم عن سراج الحق معقول)
* (فجاءهم بكتاب ليس يدخله
* شك على أنه لم يبق تضليل
*
* وحي إليه من الله العظيم له
* عليه في كل حين منه تنزيل
*
* حبل من الله قد أضحت هدايته
* بظلها من توحى الحق مشمول
*
* باق على الدهر غض في تلاوته
* وما سواه على التكرار مملول
*
* به تحدى الورى طرا فأعجزهم
* وصدهم عنه تنكيب وتنكيل
*
* بلاغة قصرت عنها الأنام ولم
* يعهد لها قبل ترتيب وترتيل
*
* أعيى قريشا وهم في الحفل أن نطقوا
* كما علمنا هم اللسن المقاويل
*
* إذا تلا آية في جمعهم زهقت
* على فصاحتهم تلك الأباطيل
*
* وجاء أصنام أهل الشرك فاضطربت
* ونكست في الثرى تلك التماثيل
*
* فكان منه لدين الله حين دعا
* سيف على عنق الكفار مسلول
*
* ولم يزل في جهاد المشركين إلى
* أن فل جمعهم منه وما ديلوا
*
* وقام في الله أقوام إذا ذكروا
* يوم الوغى فهم الغر البهاليل
*
* وأفوا يلبونه طوعا فقابلهم
* مع الهدى منه ترحيب وتأهيل
*
* لا يألمون إذا انكت جراحهم
* فكل صعب إذا راضوه تسهيل
*
* حتى لقد ظهر الدين الحنيف وفي
* عرنينه شمم والكفر مهزول
*
* وصار أشهر من نار على علم
* من بعد ما كان قدما وهو مجهول
*
* فيا لها أمة بالمصطفى رحمت
* إذ جوده لجميع الناس مبذول
*
* وفضل أمته لم تخف رتبته
* إذ من يعد سواهم فهو مفضول
*
* كل يجيء وآثار الوضوء له
* في حشره غرة زانت وتحجيل
*
* أعمالهم تشبه التيجان فوقهم
* لها الهدى والتقى والعلم أكليل
*
* يا خاتم الرسل هل لي وقفة بمنى
* تقضي المنى عندها والقصد والسول
*
* وهل أزور ضريحا أنت ساكنه
* تسري إليك بي العيس المراقيل
*
* في عصبة يقطعون البيد في ظلم
* وجوههم في دياجيها قناديل
*

95
* حتى أروي بلثم الترب فيك حشا
* هيهات يشفي الظما من حرها النيل
*
* وأكحل العين من ذاك التراب على
* قرب ولا فرسخ دوني ولا ميل)
* (قد أثقلتني على ضعفي الذنوب وما
* لي في سوى جاهك المقبول تأميل
*
* فكن شفيعي فإن تشفع فإني من
* لحدي إلى جنة الفردوس منقول
*
* ما لي سوى حبك المرجو من عمل
* أنفقت عمري وهذا فيه محصول
*
* عليك صلى إله الخلق ما نفحت
* ريح الشمال وروض الحزن مطلول
*
* وما حكى فيك رب النظم ممتدحا
* بأنت سعاد فقلبي اليوم متبول
* تمت القصيدة وبتمامها تمت الترجمة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام

96
((محمد بن محمد))
كما بدأت بالمحمدين في هذا الكتاب تبركا باسم النبي صلى الله عليه وسلم كذلك بدأت بمن اسم أبيه محمد أيضا لأن البركة تضاعفت والهمة تساعفت ولأن صاحب هذه الترجمة تقمص حلة بطرازين ودخل إلى حقيقة هذا الترتيب من مجازين واتسم بحمل علم علامته لها زين ثم من بعد ذلك أرتب أسماء الآباء على الحروف وأسرد منها نقودا يكون لها عند المتأمل أو الكاشف صروف وبالله الإعانة أنه البر الرؤوف
3 (الحافظ ابن الباغندي محمد بن محمد بن سليمان بن الحرث))
الحافظ أبو بكر بن الباغندي قال أبو بكر الإسماعيلي لا أتهمه بالكذب لكنه خبيث التدليس ويصحف أيضا وقال الخطيب كافة شيوخنا يحتجون به وقال الدارقطني كثير التدليس توفي في سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة
3 (أبو الحسن النفاح محدث محمد بن محمد بن عبد الله))
النفاح بالحاء المهملة هو أبو الحسن الباهلي البغدادي نزيل مصر قال ابن يونس كان ثبتا ثقة صاحب حديث متقللا من الدنيا توفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة
3 (أبو جعفر الشيباني الكوفي محمد بن محمد بن عقبة))
أبو جعفر الشيباني شيخ الكوفة كان السلطان يختاره والقضاة وما قال فهو القول وكان ثقة كثير النفع ومكث الناس ينتابون قبره نحو السنة وختم عنده ختمات كثيرة وتوفي
سنة تسع وثلاثمائة
3 (النسوي الشافعي محمد بن محمد بن إبراهيم))
أبو الفضل النسوي الفقيه الشافعي سكن بغداد ودرس بها وكانت له حلقة للمناظرة وكان مقدما)
على أقرانه حدث عن أبي محمد عبد الله بن محمد الدامغاني والقاضي أبي الفرج المعافى النهرواني والصاحب ابن عباد وغيرهم وروى عنه القاضي أبو القاسم المحسن التنوخي وأبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين العكبري وأبو نصر عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن هارون الشيرازي قال الشيخ أبو إسحاق في طبقات الفقهاء النسوي من أصحاب أبي الحسين القطان وكان نظارا فصيحا سكن بغداد وتوفي بأرجان
3 (أبو الحسين الخزاعي النحوي محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حمدان))
أبو الحسين

97
الخزاعي النحوي حدث عن أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري وأبي بكر أحمد بن العباس بن عبد الله بن عثمان صاحب ثعلب وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد الحسني العلوي روى عنه ختنه إبراهيم بن علي بن إبراهيم ابن موسى السكوني الموصلي وأبو بكر مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم كتب أحمد ابن علي بن أحمد البتي عن أبي الحسين الخزاعي املاء في صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة
3 (الوزير ابن بقية محمد بن محمد بن بقية بالباء الموحدة والقاف على وزن هدية))
الوزير أبو الطاهر نصير الدولة وزير عز الدولة بختيار بن معز الدولة ابن بويه كان من جلة الوزراء وأكابر الرؤساء وأعيان الكرماء يقال أن راتبه في الشمع كان في كل شهر ألف منا وكان من أهل أوانا من عمل بغداد وفي أول أمره توصل إلى أن صار صاحب مطبخ معز الدولة ثم تنقل في غير ذلك من الخدم ولما مات معز الدولة حسنت حاله عند ولده عز الدولة ورعى له خدمته لأبيه فاستوزره في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وثلاثمائة فقال الناس من الغضارة إلى الوزارة وستر عيوبه كرمه خلع في عشرين يوما عشرين ألف خلعة وقال أبو إسحاق الصابئ رأيته في ليلة يشرب
كلما لبس خلعة خلعها على أحد الحاضرين فزادت على مئة فقالت له مغنية في هذه الخلع زنانير ما تدعك تلبسها فضحك وأمر لها بحقة حلى ثم أنه قبض عليه لسبب يطول ذكره حاصله أنه حمله على محاربة ابن عمه عضد الدولة فالتقيا على الأهواز وكسر عز الدولة وفي ذلك يقول أبو عنان الطبيب بالبصرة الطويل
* أقام على الأهواز خمسين ليلة
* يدبر أمر الملك حتى تدمرا
*
* فدبر أمرا كان أوله عمى
* وأوسطه بلوى وآخره خرى
*)
ولما قبض عليه بمدينة واسط سمل عينيه ولزم بيته إلى أن مات عز الدولة ولما ملك عضد الدولة بغداد طلبه لما كان يبلغه عنه من الأمور القبيحة منها أنه كان يسميه أبا بكر الغددي تشبيها له برجل أشقر أنمش يبيع الغدد للسنانير والظاهر أن أعداءه كانوا يفعلون به ذلك ويفتعلونه فلما حضر ألقاه تحت أرجل الفيلة فلما قتلته صلبه بحضرة البيمارستان العضدي ببغداد وذلك يوم الجمعة لست خلون من شوال سنة سبع وستين وثلاثمائة وكان عمره قد نيف على الخمسين ورثاه أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الأنباري أحد العدول ببغداد بقصيدة لم أر في مصلوب أحسن منها وأولها الوافر
* علو في الحياة وفي الممات
* بحق أنت إحدى المعجزات
*
* كان الناس حولك حين قاموا
* وفود نداك أيام الصلات
*
* كأنك قائم فيهم خطيبا
* وكلهم قيام للصلاة
*

98
* مددت يديك نحوهم احتفاء
* كمدكها إليهم بالهبات
*
* ولما ضاق بطن الأرض عن أن
* يضم علاك من بعد الممات
*
* أصاروا الجو قبرك واستنابوا
* عن الأكفان ثوب السافيات
*
* لعظمك في النفوس تبيت ترعى
* بحفاظ وحراس ثقات
*
* وتشعل عندك النيران ليلا
* كذلك كنت أيام الحياة
*
* ركبت مطية من قبل زيد
* علاها في السنين الماضيات
*
* ولم أر قبل جذعك قط جذعا
* تمكن من عناق المكرمات
*
* أسأت إلى النوائب فاستثارت
* فأنت قتيل ثار النائبات
*
* وكنت تجير من صرف الليالي
* فعاد مطالبا لك بالترات
*
* وصير دهرك الإحسان فيه
* إلينا من عظيم السيئات
*
* وكنت لمعشر سعدا فلما
* مضيت تفرقوا بالمنحسات
*
* غليل باطن لك في فؤادي
* يخفف بالدموع الجاريات
*
* ولو أني قدرت على قيام
* بفرضك والحقوق الواجبات
*
* ملأت الأرض من نظم القوافي
* ونحت بها خلاف النائحات ومالك تربة فأقول تسقى
* لأنك نصب هطل الهاطلات)
* (عليك تحية الرحمن تترايا
* برحمات غواد رائحات
* وكتبها الشاعر المذكور ورمى بها نسخا في شوارع بغداد فتداولها الأدباء إلى أن وصل خبرها إلى عضد الدولة وأنشدت بين يديه فتمنى أن يكون هو المصلوب دونه وقال علي بهذا الرجل فطلب سنة كاملة واتصل الخبر بالصاحب ابن عباد فكتب له إلى عضد الدولة بالأمان فحضر إليه فقال له الصاحب أنشدنيها فلما بلغ الوافر
* ولم أر قبل جذعك قط جذعا
* تمكن من عناق المكرمات
* قام إليه وقبل فاه وأنفذه إلى عضد الدولة فقال له ما حملك على رثاء عدوي قال حقوق وجبت وإياد سلفت فجاش الحزن في قلبي فرثيت وكان بين يديه شموع تزهر فقال هل يحضرك شيء في الشموع فأنشد المتقارب

99
* كان الشموع وقد أظهرت
* من النار في كل رأس سنانا
*
* أصابع أعدائك الخائفين
* تضرع تطلب منك الأمانا
* فخلع عليه وأعطاه فرسا وبدرة ولم يزل ابن بقية مصلوبا إلى أن توفى عضد الدولة فأنزل ودفن فقال ابن الأنباري المذكور يرثيه أيضا البسيط
* لم يلحقوا بك عارا إذ صلبت بلى
* باؤا بأثمك ثم استرجعوا ندما
*
* وأيقنوا أنهم في فعلهم غلطوا
* وأنهم نصبوا من سؤدد علما
*
* فاسترجعوك وواروا منك طود على
* بدفنه دفنوا الأفضال والكرما
*
* لئن بليت فما يبلي نداك ولا
* ينسى وكم هالك ينسى إذا عدما
*
* تقاسم الناس حسن الذكر فيك كما
* ما زال مالك بين الناس مقتسما
* وما أحسن قول ابن حمديس في مصلوب الطويل
* ومرتفع في الجذع إذ حط قدره
* أساء إليه ظالم وهو محسن
*
* كذي غرق مد الذراعين سابحا
* من الجو بحرا عومه ليس يمكن
*
* وتحسبه من جنة الخلد دائبا يعانق حورا ما تراهن أعين
* وقول الآخر البسيط
* كأنه عاشق قد مد صفحته
* يوم الفراق إلى توديع مرتحل
*
* أو قائم من نعاس فيه لوثته
* مواصل لتمطيه من الكسل
*)
وقول عمر الخراط الكامل
* انظر إليه كأنه متظلم
* في جذعه لحظ السماء بطرفه
*
* بسط اليدين كأنه يدعو على
* من قد أشار على العدو بحتفه
* وقول الآخر الكامل
* انظر إليهم في الجذوع كأنهم
* قد فوقوا يرمون بالنشاب
*
* أو عصبة عزموا الفراق فنكسوا
* أعناقهم آسفا على الأحباب
* وقول أبي تمام الطائي الكامل
* سود اللباس كأنما نسجت لهم
* أيدي السموم مدارعا من قار
*
* بكروا وأسروا في متون ضوامر
* قيدت لهم من مربط النجار
*
* لا يبرحون ومن رآهم خالهم
* أبدا على سفر من الأسفار
* وقوله أيضا الكامل
* أهدى لمتن الجذع متنيه كذا
* من عاف متن الأسمر العسال
*

100
* لا كعب أسفل في العلى من كعبه
* مع أنه عن كل كعب عال
*
* سام كان الجذع يجذب ضبعه
* وسموه من ذلة وسفال
* وقول البحتري
* متشرفا للشمس منتصبا لها
* في أخريات الجذع كالحرباء
*
* فتراه مطردا على أعواده
* مثل أطراد كواكب الجوزاء
* وقوله أيضا الخفيف
* تحسد الطير منه ضبع البوادي
* وهو في غير حالة المحسود
*
* وكان امتداد كفيه فوق الجذع من محفل الردى المشهود
*
* طائر مد مستريحا جناحته استراحات متعب مكدود
*
3 (الملطى النحوي محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم))
أبو بكر الحميري مولاهم المصري النحوي المعروف بالملطي أمام جامع عمرو ابن العاص كان يعلم أولاد الملوك النحو توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة
3 (القاضي الجذوعي محمد بن محمد بن إسماعيل بن شداد))
)
أبو عبد الله الأنصاري الجذوعي كان صالحا ورعا دينا ثقة حدث عن علي ابن المديني وغيره وروى عنه المحاملي وغيره وتوفي ببغداد في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين ومائتين دخل مع الشهود على المعتمد في دين كان اقترضه عند الإضافة وأنفقه على صاحب الزنج وقرأ عليه إسماعيل بن بلبل الكتاب وقال يشهد الجماعة على أمير المؤمنين قال نعم فشهدوا واحدا بعد واحد حتى انتهى الأمر إلى الجذوعي فأخذ الكتاب بيده وقال اشهد عليك قال نعم قال لا يصح حتى تقول اشهد فقال اشهد فلما خرجوا سأل عنه فأخبر فقال أعمال أم بطال قيل بطال فقلده القضاء على واسط وكان بها الموفق فاستدعاه يوما فجاء وعلى رأسه دنية طويلة وكان قصير الرقبة فدخل فوجده غلام مخمور وهو مكين عند الموفق فكبس الدنية فغاص رأسه فيها ففتقها غلامه واخرج رأسه منها فثنى رداءه على رأسه وعاد إلى داره وسلم قمطر القضاء إلى الشهود وصرفهم وأغلق بابه فلما علم الموفق بالقضية قال لوالي الشرطة جرد الغلام واحمله إلى باب القاضي واضربه ألف سوط وكان والد الغلام من جلة القواد فمشوا مع والده وتضرعوا للقاضي فقال للوالي لا تضربه فقال ما أقدر أخالف الموفق فركب إلى الموفق وسأله فقال لا بد من ضربه فقال الحق لي وقد تركته له فسكت الموفق وعاد الجذوعي إلى بغداد
3 (أبو الحسن ابن الورد الزاهد محمد بن محمد بن عيسى))
أبو الحسن البغدادي المعروف بابن أبي الورد جده عيسى مولى سعيد بن العاص مولى عتاقة صحب محمد هذا بشر الحافي وسرى السقطي والحارث المحاسبي وأسند الحديث عن الهيثم بن القاسم وغيره وروى عنه عبد الله بن محمد البغوي ولم يزل مشهورا بالزهد والورع والخلوة توفي سنة ثلاث وستين ومائتين

101
3 (الطويري والي مظالم القيروان محمد بن محمد بن خالد))
هو أبو القاسم القيسي الطويري ولي بلد القيروان على المظالم فامتحنه الله تعالى على يد محمد بن عمر المروزي قاضي الشيعة فضربه في الجامع وحبسه توفي سنة سبع عشرة وثلاث مائة
3 (أبو نصر الفارابي محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ))
بالألف والواو الساكنة والزاي المفتوحة واللام المفتوحة والغين المعجمة أبو نصر التركي)
الفارابي الحكيم فيلسوف الإسلام هكذا رأيت الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي قد أثبته أعني محمد بن محمد ومن خطه نقلت ورأيت ابن خلكان قد قال محمد بن طرخان قدم بغداد وأدرك بها متى ابن يونس الفيلسوف فأخذ عنه وسار إلى حران فلزم يوحنا ابن حبلان النصراني وأخذ عنه وأتقن ببغداد اللغة وقيل أنه ما أخذ الفلسفة إلا من اللغة اليونانية لأنه كان بها وبغيرها من اللغات عارفا وكان قد برع في الحكمة ومهر في الموسيقى ويقال أنه أول من وضع الآلة المعروفة بالقانون وركبها هذا التركيب وذكر القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان حكايته التي جرت له مع سيف الدولة ابن حمدان وأنه دخل عليه بزي الأتراك وكان لا يفارقه فقال له اقعد فقال حيث أنا أو حيث أنت فقال حيث أنت فتخطى الناس حتى انتهى إلى مسند سيف الدولة وزحمه فيه حتى أخرجه عنه وكان على رأس سيف الدولة مماليك له معهم لسان خاص يسارهم به فقال لهم بذلك اللسان هذا الشيخ أساء الأدب فأخرقوا به فقال له أبو نصر بذلك اللسان أن الأمور بعواقبها فعجب سيف الدولة وقال أتحسن هذا اللسان فقال أحسن أكثر من سبعين لسانا وأنه ناظر من كان في المجلس من أئمة كل فن فلم يزل كلامه يعلو وهم يستفلون إلى أن صمت الجميع فعرض عليه سيف الدولة بعد انصراف الفضلاء الأكل والشرب فامتنع فقال له ولا تسمع قال نعم فأحضر القيان فلم يحرك أحد آلته إلا وعابه أبو نصر ثم أخرج من وسطه خريطة وأخرج منها عيدانا ركبها ولعب بها فأضحك كل من في المجلس ثم فكها وركبها غير ذلك التركيب الأول وحركها فأبكى كل من في المجلس ثم فكها وركبها غير ذلك التركيب ولعب بها وحركها
فأنامهم حتى البواب وخرج قلت وهذه الواقعة ممكنة من مثل أبي نصر لأنه إذا غنى السامعين مثلا بما لابن حجاج من ذلك المجون الحلو في نغم فإن السامع يضحك وإذا غنى بإشعار متيمي العرب والرقيق من فراقياتهم وحزنياتهم في نغم النوى وما أشبه ذلك فإن السامع يبكي وكذا حاله إذا أراد أن يشجع أو أن يسمح أو غير ذلك وكان كثير الانفراد بنفسه ولما قدم دمشق كان يلازم غياض السفرجل وربما صنف هناك وقد ينام فتحمل الريح تلك الأوراق وتنقلها من مكان إلى مكان وقيل أن السبب في وجود بعض مصنفاته

102
فيها نقص هو ذلك لأن الريح ربما أطارت تلك الأوراق بعضها من بعض وكان لا يصنف إلا في الرقاع لا في الكراريس وكان أزهد الناس في الدنيا وأجرى عليه سيف الدولة في كل يوم أربعة دراهم وتوجه من دمشق إلى مصر ثم عاد إليها وقيل إنه)
لما عاد من حران أقام ببغداد واكب على مصنفات أرسطو حتى مهر واتقن الحكمة يقال أن نسخة وجدت لكتاب النفس لأرسطو وعليها بخط أبي نصر الفارابي قرأت هذا الكتاب مائتي مرة وكان يقول قرأت السماع الطبيعي لأرسطو أربعين مرة وأنا محتاج إلى معاودته وسئل أأنت أعلم بهذا اللسان أم أرسطو فقال لو أدركته لكنت أكبر تلامذته وقال ابن صاعد القرطبي بذ جميع الإسلام وأربى عليهم في تحقيق الفلسفة وشرح غامضها وكشف سرها وقرب تناولها وهو صحيح العبارة لطيف الإشارة نبة على ما أعيي على الكندي وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعاليم وأوضح مواد المنطق الخمسة وأفاد وجوه الانتفاع بها وعرف طرق استعمالها وكيف تصرف صور القياس في كل مادة فجاءت كتبه في ذلك الغاية الكافية والنهاية الفاضلة انتهى وألف ببغداد معظم كتبه وتوفي بدمشق في سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه وقد ناهز الثمانين ودفن في مقابر باب الصغير وفاراب بفتح الفاء والراء وبينهما ألف وبعدها باء موحدة وهي من بلاد الترك وتسمى الآن أطرار بضم الهمزة وسكون الطاء المهملة وبين الراءين ألف ساكنة وكان أبوه قائد جيش
وقال ابن سينا سافرت في طلب الشيخ أبي نصر وما وجدته وليتني وجدته فكانت حصلت إفادة وقال قرأت كتاب ما بعد الطبيعة فما كنت أفهم ما فيه والتبس على غرض واضعه حتى قرأته أربعين مرة وصار محفوظا وأيست من فهمه وقلت لا سبيل إلى فهمه فبينا أنا يوما بعد صلاة العصر في الوراقين وإذا بدلال ينادي على مجلد فعرضه علي فرددته رد متبرم به معتقد أن هذا العلم لا فائدة فيه فقال اشتره فإني أبيعك إياه بثلاثة دراهم فاشتريته فإذا هو من تصانيف أبي نصر في أغراض ذلك الكتاب فرجعت إلى بيتي وأسرعت قراءته فانفتح علي في الوقت أغراض ذلك الكتاب وفهمته وفرحت فرحا شديدا وتصدقت ثاني يوم على الفقراء بشيء كثير انتهى
ومن تصانيفه آراء المدينة الفاضلة وهو كتاب مليح شرح كتاب المجسطي لبطلميموس شرح كتاب البرهان لأرسطو شرح المقالة الثانية والثامنة من كتاب الجدل لأرسطو شرح كتاب المغالطة لأرسطو شرح كتاب القياس لأرسطو وهو الشرح الكبير شرح كتاب باريمينياس لأرسطو على جهة التعليق كتاب المختصر الكبير في المنطق كتاب المختصر الصغير في المنطق على طريقة المتكلمين كتاب المختصر الأوسط في القياس كتاب التوطئة في المنطق)
شرح كتاب أيساغوجي لفرفوريوس املاء في معاني أيساغوجي كتاب القياس الصغير ووجد كتابه

103
هذا مترجما بخطه احصاء القضايا والقياسات التي تستعمل على العموم في جميع الصنائع القياسية كتاب شروط القياس كتاب البرهان كتاب الجدل كتاب المواضع المنتزعة من المقالة الثامنة في الجدل كتاب المواضع المغلطة كتاب اكتساب المقدمات كلام في المقدمات المختلطة من وجودي وضروري كلام في الخلاء صدر لكتاب الخطابة شرح لكتاب السماع الطبيعي لأرسطو على جهة التعليق شرح كتاب السماء والعالم لأرسطو شرح كتاب الآثار العلوية لأرسطو شرح مقالة الإسكندر الأفروديسي في النفس شرح كتاب الأخلاق لأرسطو كتاب في النواميس كتاب احصاء العلوم وترتيبها كتاب الفلسفتين لافلاطون وأرسطو مخروم الآخر المدينة الفاضلة والمدينة الجاهلة والمدينة الفاسقة والمدينة المتدينة والمدينة الضالة كتاب الألفاظ والحروف كتاب الموسيقى الكبير ألفه للوزير أبي جعفر محمد بن القاسم الكرخي كتاب في احصاء الإيقاع كلام له في النقلة مضافات إلى الإيقاع كلام في الموسيقى مختصر فصول فلسفية منتزعة من كتب الفلاسفة كتاب المبادئ الإنسانية كتاب الرد على جالينوس فيما تأوله من كلام أرسطو الرد على ابن الراوندي في أدب الجدل الرد على يحيى النحوي فيما رده على أرسطو الرد على الرازي في العلم الإلهي كتاب الواحد والوحدة كلام في الحيز والمقدار كتاب في العقل صغير آخر في العقل كبير كلام في معنى اسم الفلسفة الموجودات المتغيرة الموسوم بالكلام الطبيعي شرائط البرهان شرح المستغلق من مصادرة المقالة الأولى والخامسة من أقليدس اتفاق آراء ابقراط وأفلاطون التنبيه على أسباب السعادة كلام في الجزء وما يتجزأ كلام في اسم الفلسفة وسبب ظهورها وأسماء المبرزين فيها وعلى من قرأ منهم كلام في الجن كلام في الجوهر الفحص المدني كتاب السياسات المدنية كلام في الملة والفقه مدني كلام جمعه من أقاويل النبي صلى الله عليه وسلم يشير فيه إلى صناعة المنطق كتاب في الخطابة كبير عشرون مجلدة رسالة في قود الجيوش كلام في المعايش والحروب كتاب في التأثيرات العلوية مقالة في الجهة التي يصح عليها القول بأحكام النجوم كتاب في الفصول المنتزعة للاجتماعات كتاب في الحيل والنواميس كلام له في الرؤيا كتاب في صناعة الكتابة شرح كتاب البرهان لأرسطو أملاه على إبراهيم بن عدي تلميذه بحلب كلام في العلم الإلهي شرح)
المستغلق من قاطيغورياس لأرسطو ويعرف بتعليقات الحواشي كلام في أعضاء الحيوان كتاب مختصر جمع الكتب المنطقية المدخل إلى المنطق

104
التوسط بين أرسطو وجالينوس غرض المقولات كلام في الشعر والقوافي شرح كتاب العبارة لأرسطو على جهة التعليق تعاليق على كتاب القياس كتاب في القوة المتناهية وغير المتناهية تعليق له في النجوم الأشياء التي يحتاج أن تعلم قبل الفلسفة فصول جمعها من كلام الأقدمين أغراض أرسطو في كل واحد من كتبه كتاب المقاييس مختصر كتاب الهدى كتاب في اللغات كتاب في الاجتماعات المدنية كلام في أن حركات الفلك دائمة كلام فيما يصلح أن يذم المؤدب كلام في لوازم الفلسفة مقالة في وجوب صناعة الكيمياء والرد على مبطليها مقالة في اعتراض أرسطو طاليس في كل مقالة من كتابه الموسوم بالحروف وهو تحقيق غرضه في كتاب ما بعد الطبيعة الدعاوى المنسوبة
إلى أرسطو في الفلسفة مجردة عن بياناتها وحججها تعاليق في الحكمة كلام أملاه في معنى ذات ومعنى جوهر ومعنى طبيعة جوامع السياسة المدخل إلى الهندسة الوهمية مختصر عيون المسائل على رأي أرسطو وهي مائة وستون مسألة جوابات لمسائل سئل عنها وهي ثلاث وعشرون مسألة أصناف الأشياء البسيطة التي تنقسم إليها القضايا في جميع الصنائع القياسية جوامع كتاب النواميس لأفلاطون كلام من إملائه وقد سئل عما قال أرسطو في الحار تعليقات أنالوطيقا الأولى لأرسطو شرائط اليقين ماهية النفس السماع الطبيعي ومن دعائه أورده ابن أبي أصيبعة في تاريخ الأطباء اللهم إني أسألك يا واجب الوجود ويا علة العلل يا قديما لم يزل أن تعصمني من الزلل وأن تجعل لي من الأمل ما ترضاه لي من عمل اللهم امنحني ما اجتمع من المناقب وارزقني في أموري حسن العواقب نجح مقاصدي والمطالب يا آله المشارق والمغارب الكامل
* رب الجواري الكنس السبع التي انبجست عن الكون انبجاس الأنهر
*
* هن الفواعل عن مشيته التي
* عمت فضائلها جميع الجوهر
*
* أصبحت أرجو الخير منك وامتري
* زحلا ونفس عطارد والمشتري
* اللهم البسني حلل البهاء وكرامات الأنبياء وسعادة الأغنياء وعلوم الحكماء وخشوع الأتقياء اللهم أنقذني من عالم الشقاء والفناء واجعلني من إخوان الصفاء وأصحاب الوفاء وسكان السماء)
مع الصديقين والشهداء أنت الله الذي لا إله إلا أنت علة الأشياء ونور الأرض والسماء امنحني فيضا من العقل الفعال يا ذا الجلال والافضال هذب نفسي بأنوار الحكمة وأوزعني شكر ما أوليتني من نعمة أرني الحق حقا وألهمني اتباعه والباطل باطلا واحرمني اعتقاده هذب نفسي من طينة الهيولى أنك أنت العلة الأولى الكامل
* يا علة الأشياء جمعا والذي
* كانت به عن فيضه المثعنجر
*

105
* رب السماوات الطباق ومركز
* في وسطهن من الثرى والأبحر
*
* إني دعوتك مستجيرا مذنبا
* فاغفر خطيئة مذنب ومقصر
*
* هذب بفيض منك رب الكل من
* كدر الطبيعة والعناصر عنصري
* اللهم رب الأشخاص العلوية والأجرام الفلكية والأرواح السماوية غلبت على عبدك الشهوة البشرية وحب الشهوات والدنيا الدنية فاجعل عصمتك مجنى من التخليط وتقواك حصني من التفريط أنك بكل شيء محيط اللهم انقذني من أسر الطبائع الأربع وانقلني إلى جنابك الأوسع وجوارك الأرفع اللهم اجعل الكفاية سببا لقطع مذموم العلائق التي بيني وبين الأجسام الترابية والهموم الكونية واجعل الحكمة سببا لاتحاد نفسي بالعوالم الآلهية والأرواح السماوية اللهم طهر بروح القدس الشريفة نفسي وآثر بالحكمة البالغة عقلي وحسي واجعل الملائكة بدلا من عالم الطبيعة أنسي اللهم ألهمني الهدى وثبت إيماني بالتقوى وبغض إلى نفسي حب الدنيا اللهم قو ذاتي على قهر الشهوات الفانية والحق نفسي بمنازل النفوس الباقية واجعلها من جملة الجواهر الشريفة العالية في جنة عالية سبحانك اللهم سابق الموجودات التي تنطق بالسنة الحال والمقال أنك معطي كل شيء منها ما هو مستحقه بالحكمة وجاعل الوجود لها بالقياس إلى عدمها نعمة ورحمة فالذوات منها والأعراض مستحقة بآلائك شاكرة فضائل نعمائك وأن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم الإسراء سبحانك اللهم وتعاليت إنك الله الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد اللهم أنك قد سجنت نفسي في سجن من العناصر الأربعة ووكلت بافتراسها سباعا من الشهوات اللهم جد لها بالعصمة وتعطف عليها بالرحمة التي هي بك أليق وبالكرم الفائض الذي هو منك أجدر وأخلق وامنن عليها بالتوبة العائدة بها إلى عالمها السماوي وعجل لها بالأوبه إلى مقامها القدسي واطلع على ظلمآئها شمسا من العقل الفعال وأمط عنها)
ظلمات الجهل والضلال واجعل ما في قواها بالقوة كائنا بالفعل وأخرجها من ظلمات الجهل إلى نور الحكمة وضياء العقل الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى
النور البقرة اللهم أر نفسي صور الغيوب الصالحة في منامها وبدلها من الأضغاث برؤيا الخيرات والبشرى الصالحة الصادقة في أحلامها وطهرها من الأوساخ التي تأثرت بها عن محسوساتها وأوهامها وامط عنها كدر الطبيعة وانزلها في عالم النفوس المنزلة الرفيعة الله الذي هداني وكفاني وأواني وأورد له أيضا من شعره مخلع البسيط
* لما رأيت الزمان نكسا
* وليس في الصحبة انتفاع
*
* كل رئيس به ملال
* وكل رأس به صداع
*
* لزمت بيتي وصنت عرضا
* به من العزة امتناع
*
* اشرب مما اقتنيت راحا
* لها على راحتي شعاع
*
* لي من قواريرها ندامى
* ومن قراقيرها سماع
*

106
* وأجتني من حديث قوم
* قد أقفرت منهم البقاع
* ومن شعر أبي نصر الفارابي المتقارب
* أخي خل حيز ذي باطل
* وكن بالحقائق في حيز
*
* فما الدار دار مقام لنا
* ولا المرء في الأرض بالمعجز
*
* ينافس هذا لهذا على
* أقل من الكلم الموجز
* وهل نحن إلا خطوط وقعن على نقطة وقع مستوفز
* محيط العوالم أولى بنا
* فماذا التزاحم في المركز
* ومن نظمه أيضا الرجز
* ملت وأيم الله نفسي نفسي
* يا حبذا يوم حلول رمسي
*
* أول سعدي وزوال نحسي
* إذ كل جنس لاحق بالجنس
*
3 (أبو عثمان ابن الإمام الشافعي محمد بن محمد بن إدريس))
أبو عثمان الشافعي ولي قضاء الجزيرة وحدث هناك واجتمع بالإمام أحمد بن حنبل فقال أبوك من الستة الذين أدعو لهم وقت السحر سمع أباه وأحمد بن حنبل وغيرهما وكان ثقة وللشافعي رحمه الله تعالى ولد آخر اسمه محمد أيضا توفي صغيرا بمصر سنة إحدى وثلاثين)
ومائتين وتوفي صاحب هذه الترجمة سنة اثنتين وأربعين ومائتين
3 (ابن القاهر أمير المؤمنين محمد بن محمد))
هو ابن القاهر كان محبوسا في دار الخليفة فأخرج إلى داره بالحريم الظاهري وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة وعمره ثمان وخمسون أو اثنان ودفن إلى جانب قبر أبيه وقال ابن النجار حكاية عن خط هلال بن المحسن الصابئ توفي سنة خمس وتسعين وثلاث مائة عن نيف وسبعين سنة
3 (أبو جعفر الحمال المحدث محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حمزة بن جميل))
أبو جعفر الحمال البغدادي المحدث قال الحاكم هو محدث عصره بخراسان وأكثر مشايخنا رحلة وأثبتهم أصولا توفي في سنة ست وأربعين وثلاث مائة
3 (الحاكم الكبير المحدث محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق))
الحافظ الحاكم الكبير النيسابوري الكرابيسي أبو أحمد صاحب التصانيف سمع بنيسابور وبغداد والكوفة وطبرية ودمشق ومكة والبصرة وحلب والثغور وروى عنه الجماعة قال أبو عبد الله الحاكم أبو أحمد الحافظ أمام عصره في الصنعة وكان من الصالحين الثابتين على الطريق السلفية ومن المنصفين فيما يعتقده

107
في أهل البيت والصحابة تقلد القضاء في مدن كثيرة وصنف على كتابي البخاري ومسلم وعلى جامع الترمذي وله كتاب الأسماء والكنى وكتاب العلل والمخرج على كتابي المزنى وكتاب الشروط وكان بها عارفا وصنف الشيوخ والأبواب وقلد قضاء الشاش وحكم ببها أربع سنين ثم قضاء طوس وكان يحكم بين الخصوم وإذا فرغ أقبل على التصنيف بين يديه ثم قدم نيسابور سنة خمس وأربعين وأقبل على العبادة والتأليف وكف بصره سنة سبعين وكان حافظ عصره وتغير حفظه لما كف ولم يختلط قط وتوفي في شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة وله ثلاث وتسعون سنة
3 (أبو منصور الأزهري الشافعي محمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين))
القاضي أبو منصور الأزدي الهروي أحد الأعلام محدث فقيه رحل وسمع وحدث وكان أمام الشافعية في عمره واسع الرواية توفي فجأة بهراة في المحرم سنة عشر وأربع مائة
3 (الشيخ المفيد الشيعي محمد بن محمد بن النعمان بن المعلم))
المعروف بالشيخ المفيد كان رأس الرافضة صنف لهم كتبا في الضلالات والطعن على السلف)
إلا أنه كان أوحد عصره في فنونه توفي سنة ثلاث عشرة وأربع مائة وعليه قرأ المرتضى وأخوه الرضى وغيرهما وكانت وفاته بالكرخ دفن بداره ثم نقل إلى مقابر قريش ولما مات رثاه الشريف الرضى فقال الخفيف
* من لفضل أخرجت منه خبئا
* ومعان فضضت عنها ختاما
*
* من يثير العقول من بعد ما
* تكن همودا ويفتح الأبهاما
*
* من يعير الصديق رأيا إذا ما
* سله في الخطوب كان حساما
*
3 (ابن الدقاق الشافعي الأصولي محمد بن محمد بن جعفر))
القاضي أبو بكر الشافعي ويعرف بابن الدقاق صاحب الأصول ولد سنة ست وثلاث مائة وتفقه وقرأ القرآن وسمع الحديث وتوفي ببغداد في رمضان سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة
3 (أبو الفرج الشلحي الكاتب محمد بن محمد بن سهل))
أبو الفرج الشلحي العكبري الكاتب أحد الفضلاء الكبار له كتاب الخراج والنساء الشواعر والمجالسات وأخبار ابن قريعة والرياضة والانشاء وتحف المجالس وبدائع ما نجم من متخلفي كتاب العجم توفي سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة
3 (ابن المأمون محمد بن محمد بن أحمد))
ابن علي بن محمد بن يعقوب بن الحسين ابن المأمون أبو تمام ابن أبي الفضائل يعرف بابن الزوال أخو أبي العباس أحمد سمع الشريف أبا نصر محمد الزينبي وأبا الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور وحدث باليسير روى عنه أبو المعمر الأنصاري في معجم شيوخه وكان فقيها فاضلا وعلق الخلاف وتوفي سنة ثمان وخمسين

108
وأربعمائة الخيشي النحوي محمد بن محمد بن عيسى))
ابن إسحاق بن جابر أبو الحسن الخيشي البصري النحوي قرأ النحو بالبصرة على أبي عبد الله النمري صاحب أبي رياش وسمع جماعة وبرع في النحو قال ابن النجار كان من أئمة النحو المشهورين بالفضل والنبل وله شعر وقال ابن ماكولا كان إماما في حل المترجم وهو من شيوخ ابن ماكولا وتوفي سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة
3 (أبو الحرث نقيب الإشراف بالكوفة محمد بن محمد بن عمر العلوي))
أبو الحرث نقيب العلويين بالكوفة كان شجاعا جوادا دينا رئيسا وكانت إليه النقابة مع تسيير)
الحاج فحج بالناس عشر سنين ينفق عليهم من ماله ويحمل المنقطعين ويؤدي الخفارة للعرب عن الركب من ماله وتوفي بالكوفة في جمادى الأولى في سنة ثلاث وأربع مائة
3 (أبو الحسن البغدادي الحنفي محمد بن محمد بن إبراهيم))
ابن مخلد أبو الحسن البغدادي الفقيه الحنفي ولد سنة تسع وعشرين وثلاث مائة وسمع الحديث الكثير ورواه ولم يكن في زمانه أعلى إسنادا منه مع صدق وصلاح وثقة وفضيلة وكان يتجر وله مال عظيم خرج إلى مصر وأقام بها ثم عاد إلى بغداد فإتفقت المصادرات بسبب الأتراك والتقسيط فاخذ جميع ماله وافتقر إلى أن توفي سنة تسع عشرة وأربع مائة فلم يكن له كفن حتى بعث له الخليفة أهابا من عنده
3 (شيخ الشرف العبيدلي محمد بن محمد بن علي))
ابن عبد الله بن الحسين الأصغر ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أبو الحسن العلوي الحسيني النسابة البغدادي شيخ الشرف ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة وكان فريدا في علم الأنساب ولهذا لقب شيخ الشرف وله تصانيف كثيرة وشعر انتقل من بغداد إلى الموصل ثم رجع إليها يقال إنه توفي بدمشق سنة سبع وثلاثين وأربع مائة وروى عن صاحب الأغاني كتاب الديارات له من شعره وقد زوج ابنته بمن موه عليه نسبه المتقارب
* آآل أبي طالب داركوا
* ضلالة شيخكم بالرشاد
*
* فإني كبرت وضاع المنى
* وشاب كما شاب فودى فؤادي
*
* وزوجت آل أبي طالب
* بداهية من علوج السواد
*
* رجوت لأصلح حالي به
* فلا زال يصلحه من فساد
*
* فلا تعذلوه فانسابه
* بطول الذوائب لا بالتلاد
*

109
* واقسم أن فعالى به
* فعال معاوية في زياد
*
3 (الناصحي الشافعي محمد بن محمد))
العلامة أبو سعيد الناصحي النيسابوري أحد الأعلام الكبار من كبار الشافعية تفقه علي أبي محمد الجويني وتوفي سنة خمس وخمسين وأربعمائة الشاماتي الأديب محمد بن محمد بن أحمد))
أبو جعفر الشاماتي النيسابوري الأديب تخرج به جماعة من المتأدبين وله الخط المشهور)
المنسوب روى وحدث وتوفي سنة أربع وسبعين وأربع مائة
3 (أبو طالب ابن غيلان البزاز محمد بن محمد بن إبراهيم))
ابن غيلان أبو طالب البزاز ولد سنة ست وأربعين وثلاثمائة وسمع الكثير وعمر حتى بلغ مائة وخمس سنين وتوفي في شوال سنة أربعين وأربع مائة ودفن بداره بدرب عبده في قطيعة الربيع وأخرج له الدارقطني أحاديث مشهورة وسماها الغيلانيات وسمعها عليه خلق كثير وكان ثقة صالحا صدوقا قال أبو عبد الله محمد بن محمود الرشيدي أردت الحج فقلت لأبي منصور بن حيدر أريد أن أسمع من أبن غيلان فقال إنه مريض مبطون قلت ومن لي أن يعيش حتى أعود وهو ابن مائة وخمس سنين فقال اذهب فأنا ضامن لك حياته فقلت وكيف فقال له ألف دينار حمر جعفرية كل يوم يقلبها ويتقوى بها فحججت وعدت وهو في الحياة وسمعت عليه
3 (أبو الحسن البصروي الشاعر محمد بن محمد بن أحمد))
أبو الحسن البصروي وبصري قرية بدجيل دون عكبرا كان شاعرا فصيحا مطبوعا له نوادر منها أنه قال له رجل لقد شربت البارحة كثيرا فاحتجت للقيام للبول كل ساعة كأني جدى فقال له لم تصغر نفسك يا سيدنا وتوفي ببغداد في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة ومن شعره الوافر
* نرى الدنيا وزهرتها فنصبو
* وما يخلو من الشبهات قلب
*
* فضول العيش أكثرها هموم
* وأكثر ما يضرك ما تحب
*
* فلا يغررك زخرف ما تراه
* وعيش لين الأطراف رطب
*
* إذا ما بلغة جاءتك عفوا
* فخذها فالغنى مرعى وشرب
*
* إذا حصل القليل وفيه سلم
* فلا ترد الكثير وفيه حرب
*
3 (أبو الفتح الكاتب البغدادي ابن الأديب محمد بن محمد))
أبو الفتح الكاتب البغدادي

110
الفاضل ولد سنة ثمان وتسعين وأربع مائة وتوفي سنة ثمان وخمسين وخمس مائة ومن شعره البسيط
* ما لي وللبرق مجتازا على أضم
* يبدي تألقه عن ثغر مبتسم
*
* سهرت والليل مكحول الجفون به
* كأنه ضرم قد دب في فحم)
* (أمخبري أنت عن وادي العقيق وهل
* حلت مجاورة سلمى بذي سلم
*
* حملتك العبء من شوقي لتحمله
* رسالة لم تكن فيها بمتهم
*
3 (النقيب أبو تمام الزينبي محمد بن محمد بن علي))
ابن الحسن النقيب الأفضل أبو تمام الهاشمي الزينبي أخو طراد وأبي نصر وابن منصور والحسين ولي نقابة الهاشميين بعد أبيه وروى عن المخلص وغيره توفي سنة خمس وأربعين وأربع مائة
3 (أبو الحسن البيضاوي الشافعي ختن الطبري محمد بن محمد بن عبد الله))
ابن أحمد القاضي أبو الحسن البيضاوي البغدادي الفقيه قاضي الكرخ ختن القاضي أبي الطيب الطبري وعليه تفقه حتى صار من كبار الأئمة وكان خيرا صالحا قال الخطيب كتبت عنه وكان صدوقا توفي سنة ثمان وستين وأربع مائة
3 (مسند العراق أبو نصر العباسي محمد بن محمد بن علي))
ابن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن سلمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو نصر الهاشمي العباسي الزينبي مسند العراق في زمانه وآخر من حدث عن المخلص توفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة
3 (ابن سندة المطرز محمد بن محمد بن أحمد))
ابن سندة الأصبهاني المطرز أبو سعد خازن الرئيس أبي عبد الله سمع جماعة وروى عنه السلفي وتوفي سنة ثلاث وخمس مائة
3 (الوزير فخر الدولة ابن جهير محمد بن محمد بن جهير))
الوزير فخر الدولة أبو نصر الثعلبي مؤيد الدين ناظر ديوان حلب وزير ميافارقين من رجالات العالم حزما ودهاء ورأيا سعى إلى أن قدم بغداد وولي وزارة القائم بأمر الله ودامت دولته مدة ولما بويع المقتدى أقره على الوزارة واستدعاه السلطان ملكشاه فعقد له على ديار بكر وسار ومعه الأمير ارتق ابن اكسب صاحب حلوان في جماعة مع الأمراء والتركمان والأكراد ففتح ولده أبو القاسم زعيم الرؤساء مدينة آمد وفتح أبوه المذكور ميافارقين وكان أخذها من ناصر الدولة واستولى على الأموال وكان مما بعث من الأموال لولده عميد الدولة)
وهو عند السلطان مائدة بلور دورها خمسة أشبار وقوائمها

111
منها وزبادي وأقداح بلور وبعث إليه حقا من ذهب فيه سبحة كانت لنصر الدولة مائة وأربعون حبة لؤلؤ وزن كل حبة مثقال وفي وسطها الحبل الياقوت وقطع بلخش بما قيمته ثلاثمائة ألف دينار واستولى على أموال ديار بكر جميعها ومن عجيب الاتفاق أن منجما حضر إلى ناصر الدولة بن مروان وحكم له بأشياء وقال له يخرج على دولتك رجل أحسنت إليه فيأخذ الملك من أولادك فرفع رأسه إلى فخر الدولة وقال إن كان هذا صحيحا فهو هذا الشيخ ثم أقبل عليه وأوصاه بأولاده فكان الأمر كما قال وكان رئيسا جليلا خرج من بيته جماعة من الرؤساء ومدحهم أعيان الشعراء منهم أبو منصور المعروف بصردر كتب إليه من واسط لما تقلد الوزارة قصيدته المشهورة أولها الطويل
* لجاجة قلب ما يفيق غرورها
* وحاجة نفس ليس يقضي يسيرها
*
* وقفنا صفوفا في الديار كأنها
* صحائف ملقاة ونحن سطورها
* منها
* ووالله ما أدري غداة نظرننا
* أتلك سهام أم كؤوس تديرها
*
* فإن كن من نبل فأين حفيفها
* وإن كن من خمر فأين سرورها
* منها الطويل
* أراك الحمى قل لي بأي وسيلة
* توسلت حتى قبلتك ثغورها
* منها في مديحه الطويل
* أعدت إلى جسم الوزارة روحه
* وما كان يرجى بعثها ونشورها
*
* أقامت زمانا عند غيرك طامثا
* وهذا الزمان قرؤها وطهورها
* قلت القرء من الاضداد يصدق على الحيضة والطهر ولهذا وقع الخلاف فيه بين الأئمة وهو هنا محمول على الطهر ولا يجوز حمله على الحيض لفساد المعنى وجاز العطف لتغاير اللفظين رجع الطويل
* إذا ملك الحسناء من ليس أهلها
* أشار عليه بالطلاق مشيرها
* ولما عزله الخليفة من الوزارة وأعاده إليها نظم فيه ابن صردر القصيدة المشهورة وأولها الرجز

112
* قد رجع الحق إلى نصابه
* وأنت من دون الورى أولى به
*
* ما كنت إلا السيف سلته يد
* ثم أعادته إلى قرابه
*)
منها الرجز
* تيقنوا لما رأوها ضيعة
* أن ليس للجو سوى عقابه
*
* أن الهلال يرتجي طلوعه
* بعد السرار ليلة احتجابه
*
* والشمس لا يؤيس من طلوعها
* وإن طواها الليل في جنابه
* كتب أبو إسحاق الصابئ لما أعيد الوزير بهاء الدولة سابور عن الوزارة وأعيد إليها
* الكامل فقد كنت طلقت الوزارة بعد ما
* زلت بها قدم وساء صنيعها
*
* فغدت بغيرك تستحل ضرورة
* كيما يحل إلى ثراك رجوعها
*
* فالآن قد عادت وآلت حلفة
* أن لا تبيت سواك وهو ضجيعها
* ولما أعيد عميد الدولة ولد فخر الدولة ابن جهير إلى الوزارة بعد عزله وكان قد تزوج أولا ببنت الوزير نظام الملك وهي زبيدة ابنة الحسن نظم ابن الهبارية فيه قوله البسيط
* قل للوزير ولا تفزعك هيبته
* وإن تعاظم واستعلى بمنصبه
*
* لولا ابنة الشيخ ما استوزرت ثانية
* فاشكر حرا صرت مولانا الوزير به
* وفي الوزير فخر الدولة ابن جهير نظم ابن صردر الأبيات المشهورة وهي المنسرح
* يا قالة الشعر قد نصحتكم
* وليس أدهى إلا من النصح
*
* قد ذهب الدهر بالكرام وفي
* ذاك أمور طويلة الشرح
*
* وأنتم تمدحون بالحسن والظرف وجوها في غاية القبح
*
* وتطلبون السماح من رجل
* قد طبعت نفسه على الشح
*
* من أجل ذا تحرمون كدكم
* لأنكم تكذبون في المدح
*
* صونوا القوافي فما أرى أحدا
* يعثر فيه الرجاء بالنجح
*
* وإن شككتم فيما أقول لكم
* فكذبوني بواحد سمح
*
* سوى الوزير الذي رئاسته
* تعرك أذن الزمان بالملح
* قلت هذه الأبيات مع عذوبتها ورقتها وانسجام تراكيبها قد أتى فيها باستعارتين مليحتين إلى الغاية وهي عثور الرجاء بالنجح وعرك الرئاسة إذن الزمان بالملح كأنها تودبه وتهذبه وأما قوله فكذبوني بواحد سمح فمأخوذ من النادرة المشهورة وتوفى بالموصل في شهر رجب وقيل في المحرم سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة ودفن في تل توبة وهو تل قبالة الموصل)
وولد بها سنة

113
ثمان وتسعين وثلاث مائة
3 (أبو نصر الرامشي محمد بن محمد بن أحمد))
أبن هميماه أبو نصر الرامشي النيسابوري المقرئ ابن بنت الرئيس منصور بن رامش قال الحافظ ابن عساكر كان عارفا بالنحو وعلوم القرآن توفي سنة تسعين وأربع مائة طلب القراءات والحديث وارتحل واجتمع بجماعة وتخرج به جماعة قال أبو سعد السمعاني أنشدنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي إجازة أنشدني أبو نصر محمد بن محمد بن أحمد لنفسه السريع
* إن تلقك الغربة في معشر
* قد أجمعوا فيك على بغضهم
*
* فدارهم ما دمت في دارهم
* وأرضهم ما دمت في أرضهم
* قلت يشبه قول محمد بن شرف القيرواني مجزوء الرجز
* يا خائفا من معشر
* قد اصطلى بنارهم
*
* إن تخش من شرارهم
* على يدي شرارهم
*
* أو ترم من أحجارهم
* وأنت في أحجارهم
*
* فما بقيت جارهم
* ففي هواهم جارهم
*
* وأرضهم في أرضهم
* ودارهم في دارهم
* وقال السمعاني وأنشدنا سعيد بن محمد الملقاباذي قال أنشدنا محمد بن محمد ابن أحمد النحوي املاء لنفسه الطويل
* وكنت صحيحا والشباب منادمى
* وانهلني صفو الشباب وعلني
*
* وزادت على خمس ثمانين حجة
* فجاء مشيبي بالضنا وأعلني
*
* سئمت تكاليف الحياة وعيلتي
* وما في ضميري من عسى ولعلني
* ولقى في طوافه أبا العلاء المعري وروى عنه في شعره
3 (ابن عيشون المنجم الشاعر محمد بن محمد بن الحسن))
ابن عيشون موفق الملك أبو الفضل المنجم كان رأسا في صناعته في النجامة بالعراق وله شعر توفي سنة ست وخمس مائة قال
* الكامل القارئ التشريح أجدر بالتقى
* من راهب في قوسه متقوس)
* (ومراقب الأفلاك كانت نفسه
* بعبادة الرحمن أحرى الأنفس
*
* والماسح الأرضين وهي رحيبة
* مسح الأنامل في أكف اللمس
*
* أولى بخيفة ربه من جاهل
* بمثلث ومربع ومخمس
*

114
3 (الفلنقي المقرئ محمد بن محمد بن عبد الله))
ابن معاذ أبو بكر اللخمي الإشبيلي المعروف بالفلنقي كان إماما في صناعة الأقراء مجودا مسندا مشاركا في العربية مليح الخط له تأليف سماه الإيماء إلى مذاهب السبعة القراء توفي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة قرطف ابن الأديب الشاعر محمد بن محمد بن عمر))
ابن قرطف بالقاف والراء والطاء المهملة والفاء على وزن قطرب أبو الفتح النعمان الشاعر المشهور ويعرف بابن الأديب وكان من ظرفاء بغداد وله كتابة حسنة روى عنه
من شعره ابن السمعاني توفي سنة ستين وخمس مائة ومما أورد له ابن النجار من قصيدة البسيط
* كلا السوادين من قلبي ومن بصري
* فداء ما بيض الفودين من شعري
*
* صبغ على الرأس موقوف قضيت به
* ما شئت من لذة تلهى ومن وطر
*
* مر الجديد به حينا فأخلقه
* وإنما ذلك الأخلاق للعمر
*
* ما ساعة تنقضي إلا وقد أخذت
* شطرا من السمع أو شطرا من البصر
*
* لو فكر المرء في أطوار خلقته
* ما كان في غيرها يوما بمعتبر
*
3 (محمد بن محمد الشاعر الأديب الأندلسي محمد بن محمد بن عبد الحميد ابن الحرث أبو عبد))
الله وأبو بكر اليعمري الأندلسي الأديب الشاعر روى عن ابن أبي الخصال توفي في سنة تسع وثمانين وخمس مائة
3 (الواعظ الحريمي محمد بن محمد بن علي))
أبو الفتح الحريمي الواعظ كان مليح الإيراد قدم بغداد سنة تسع وخمس مائة حدث على المنبر عن القشيري قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فرأى بكشحها بياضا فردها وقال ألحقي بأهلك وزاد في الحديث فنزل جبريل فقال العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك بنقطة واحدة من العيب رددت عقدة النكاح ونحن بعيوب كثيرة لا نفسخ عقد الإيمان مع أمتك لك نسوة تمسكهن لأجلك امسك هذه لأجلي وهذا كذب فاحش مرض بالري مرضة موته)
فاشتد جزعه عند الموت فقيل له في ذلك فقال القدوم على الله شديد قلت لا سيما قادم يكذب على الله تعالى وعلى جبريل وتوفي في سنة أربع عشرة وخمس مائة ودفن إلى جانب إبراهيم الخواص قلت من العجب دفنه إلى جانب هذا سمعت الشيخ الحافظ جمال الدين المزي يقول وقد ذكر في حديث جاء في طريقة والله لقد كذب إبراهيم الخواص وروي الحريمي عن القشيري ونظرائه
3 (أبو الحسن الحجاجي المحدث محمد بن محمد بن يعقوب))
أبو الحسن النيسابوري من ولد الحجاج بن الجراح قرأ القرآن وسمع الكثير وكان صالحا حافظا ثقة صدوقا صنف العلل

115
والشيوخ والأبواب وكان نسيب الحاكم أبي عبد الله اثنى عليه وقال في حقه العبد الصالح الثبت الصدوق كان من الصالحين المجتهدين في العبادة صحبته نيفا وعشرين سنة ليلا ونهارا ما علمت الملائكة كتبت عليه خطيئة توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة
3 (ابن عروس الكاتب محمد بن محمد بن عروس))
الشيرازي الكاتب الشاعر نزيل سامرا له نظم وتوفي في عشر الثمانين ومائتين من شعره قوله مرفل الكامل
* ولقد تأملت الحياة بعيد فقدان التصابي
*
* فإذا المصيبة بالحياة هي المصيبة بالشباب
* وله في أبي العيناء السريع
* طرف أبي العيناء معسول
* ودينه لا شك مدخول
*
* وليس ذا علم بشيء ولا
* له إذا حصلت محصول
*
* ما هو إلا جملة غثة
* وليس للجملة تفصيل
* قال محمد بن محمد بن عروس اجتمعت أنا وعلي بن الجهم في سفينة ونحن غير متعارفين فتذاكرنا ووجدت له مذاكرة حلوة وكان في بعض ما قاله أنا أشعر الناس فقلت بماذا فقال بقولي الطويل
* سقى الله ليلا ضمنا بعد هجعة
* وأدنى فؤادا من فؤاد معذب
*
* فبتنا جميعا لو تراق زجاجة
* من الخمر فيما بيننا لم تسرب
*))
3 ())
فقلت له والله لقد أحسنت ولكنني أشعر منك قال بأي شيء قلت بقولي البسيط
* لا والمنازل من نجد وليلتنا
* بفيد إذ جسدانا بيننا جسد
*
* كم رام فينا الكرى من لطف مسلكه
* نوما فما أنفك لا خد ولا عضد
* فقال أحسنت ولكن بم صرت أشعر مني قلت لأنك منعت دخول جسد بين جسدين وأنا منعت دخول عرض بين جسدين فقال من أنت فقلت بل تقول أنت أولا قال علي بن الجهم قلت وأنا ابن عروس
3 (المفجع النحوي الشيعي الشاعر محمد بن محمد بن عبد الله))
البصري النحوي من كبار النحاة كان شاعرا مفلقا وشيعيا متحرقا وبينه وبين ابن دريد مهاجاة وصنف كتاب الترجمان

116
وعرائس المجالس والمتقدمين في الأيمان توفي سنة عشرين وثلاث مائة وقال ياقوت محمد بن أحمد ومن شعره الخفيف
* لي أير أراحني الله منه
* صار حزني به عريضا طويلا
*
* نام إذ زارني الحبيب عنادا
* ولعهدي به ينيك الرسول
*
* حسبت زورة علي لحيني
* وافترقنا وما شفيت الغليلا
* ومنه أيضا قوله السريع
* لنا سراج نوره ظلمة
* ليس له ظل على الأرض
*
* كأنه شخص الإمام الذي
* يبغي الهدى منه أولو الفرض
* وقال اللحام يهجوه الكامل
* إن المفجع فألعنوه بزيت
* يغلي يدين ببغض أهل البيت
*
* يهوى العلوق وإنما يهواهم
* بمؤخر حي وقبل ميت
* وله من التصانيف كتاب الترجمان والشعر ومعانيه وكتاب المنقذ من الإيمان يشبه كتاب الملاحن لابن دريد وهو أجود منه كتاب أشعار الجواري غرائب المجالس شعر زيد الخيل الطائي قصيدته في أهل البيت وشعره كثير أورد له ياقوت جملة منه
3 (أبو بكر اللباد المالكي محمد بن محمد بن وشاح))
أبو بكر اللباد اللخمي مولاهم الفقيه المالكي الإفريقي صنف فضائل مكة وعصمة النبيين)
وكتاب الطهارة وعليه تفقه ابن أبي زيد توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة
3 (ابن الهبارية الشاعر محمد بن محمد))
وقيل ابن صالح وقيل محمد بن علي بن صالح أبو يعلى الشريف العباسي ابن الهبارية البغدادي الشاعر قدم أصبهان وبها ملكشاه ووزيره نظام الملك فدخل على الوزير ومعه رقعتان إحداهما فيها هجو الوزير والأخرى فيها مدحه فأعطاه التي فيها هجوه وهو مجزوء الكامل

117
* لا غرو إن ملك ابن إسحاق وساعده القدر
*
* وصفا لدولته وخص
* أبا المحاسن بالكدر
*
* فالدهر كالدولاب لي
* س يدور إلا بالبقر
* يعني بقر طوس فكتب على رأسها يطلق لذا القواد رسمه مضاعفا وأبو المحاسن هذا هو صهر نظام الملك وكانت بينهما منافرة وهو الذي حمله على هجوه وله مع نظام الملك وقعات من الغضب والرضى عليه ومن شعره فيه الكامل
* وإذا سخطت على القوافي صغتها
* في غيره لاذلها وأهينها
*
* وإذا رضيت نظمتها لجلاله
* كيما أشرفها به وأزينها
* ومن شعره مرفل الكامل
* قد قلت للشيخ الرئي
* س أخي السماح أبي المظفر
*
* ذكر معين الدين لي
* قال المؤنث لا يذكره
* ومن شعره البسيط
* رأيت في النوم عرسي وهي ممسكة
* أذني وفي كفها شيء من الأدم
*
* معوج الرأس مسود به نقط
* لكن أسفله في هيئة القدم
*
* ولم يزل بيديها وهي تنطلني
* به وتلتذ بالإيقاع والنغم
*
* حتى تنبهت محمر القذال ولو
* طال المنام على الشيخ الأديب عمي
* ومن شعره البسيط
* كم ليلة بت مطويا على حرق
* أشكو إلى النجم حتى كاد يشكوني
*
* والصبح قد مطل الشرق العيون به
* كأنه حاجة في نفس مسكين
* ومن شعره السريع)
* لذ بنظام الملك فهو الرضا
* إذا بنو الدهر تحاشوك
*
* وأجل به عن ناظريك القذى
* إذا لئام القوم أغشوك
*
* واصبر على وحشة غلمانه
* لا بد للورد من الشوك
* وهي قافية صعبة لأنه التزم الشين ومن شعره أيضا الكامل
* المجلس التاجي دام جماله
* وجلاله وكماله بستان
*
* والعبد فيه حمامة تغريدها
* فيه المديح وطوقها الإحسان
* ومنه الكامل

118
* خذ جملة البلوى ودع تفصيلها
* ما في البرية كلها إنسان
*
* وإذا البياذق في الدسوت تفرزنت
* فالرأي أن يتبيذق الفرزان
* ومنه أيضا الكامل
* هل لأيري مما عراه طبيب
* أم له في هوى الملاح نصيب
*
* يا فقاح الملاح ما لقضيبي
* كل يوم يأتي عليه عصيب
*
* إن جلدي عميرة قد براني
* فأنا مغرم سقيم كئيب
*
* وبأيري لا أير غيري غزال
* آنس نافر بعيد قريب
*
* تحسد الشمس وجهه وينادي ال
* آمن من قده القضيب الرطيب
* وشعره ثلاث مجلدات غالبه سخف ومجون أراد يحكي طريقة ابن حجاج ولكن فاته الشنب وله نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة وله كتاب الصادح والباغم ألفا بيت أدعى في آخره أنه نظمه في عشر سنين عمله لسيف الدولة صدفة وله كتاب فلك المعاني وتوفي قبل سنة أربع وقيل سنة تسع وخمس مائة وهو الصحيح
3 (العماد الكاتب محمد بن محمد بن حامد))
ابن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله بن أله بفتح الهمزة وضم اللام وهو العقاب بالعجمي عماد الدين أبو عبد الله بن صفي الدين أبي الفرج ابن نفيس الدين أبي الرجاء الكاتب الأصفهاني المعروف بابن أخي العزيز ولد بأصبهان سنة تسع عشرة وخمس مائة وقدم بغداد وهو ابن عشرين سنة أو نحوها ونزل النظامية وبرع في الفقه على أبي منصور سعيد بن الرزاز واتقن الخلاف والنحو والأدب وسمع الحديث من أبي الحسن علي بن هبة الله)
بن عبد السلام وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون وأبي المكارم المبارك بن علي السمرقندي وأبي بكر أحمد ابن علي الأشقر وغيرهم وروى وسمع من السلفي بالإسكندرية وكان شافعي
3 ())
المذهب ولما مهر تعلق بالوزير عون الدين ابن هبيرة فولاه نظر البصرة ثم نظر واسط فلما مات الوزير ضعف أمره فقدم دمشق سنة اثنتين وستين وتعرف بمدبر الدولة القاضي كمال الدين الشهرزوري واتصل بطريقة بنجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين وكان يعرف عمه العزيز من تكريت فاستخدمه كمال الدين عند السلطان نور الدين الشهيد في الانشاء فجبن أولا وكان ينشئ بالعجمية وترقت منزلته عند نور الدين وجهزه رسولا إلى بغداد أيام المستنجد وفوض إليه تدريس المدرسة المعروفة بالعمادية بدمشق ورتبه في إشراف الديوان فلما مات نور الدين وقام ولده ضويق من الذين حوله فسافر إلى العراق ولما بلغه وصول صلاح الدين إلى دمشق وأخذها عاد إلى الشام وصلاح الدين على حلب فمدحه ولزم ركابه إلى أن استكتبه ومال إليه واطلعه على سره وكان يضاهي الوزراء وإذا انقطع الفاضل بمصر لمصالح صلاح الدين

119
قام مقامه ولم يزل كذلك إلى أن توفي صلاح الدين فاختلت أحواله ولم يجد في وجهه بابا فلزم بيته وأقبل على التصنيف إلى أن توفي مستهل شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مائة ودفن بمقابر الصوفية بدمشق وكان بينه وبين القاضي الفاضل سنة في الوفاة ولعمري لقد كان ذا قدرة على النظم والنثر أكثر منه وأرى أن شعره ألطف من نثره لأنه أكثر من الجناس فيه وبالغ حتى يعود كلامه كأنه ضرب من الرقي والعزائم وإنما لطف نظمه بالنسبة إلى نثره لأن الوزن كان يضايقه فلا يدعه يتمكن من الجناس وقد عاب الناس ممن له ذوق وفطرة سليمة كثرة التجنيس لأنه دليل التكلف وقالوا كلما قل كان أحسن ورؤى كالطراز في الثوب والخال الواحد في الوجنة الكامل
* والخد بهجته بخال واحد
* وتقل فيه بكثرة الخيلان
* وأين مرماه من مرمى القاضي الفاضل ويا بعد ما بين المنزعين ويا فرق ما بين الطريقين الكامل
* إني رأيت البدر ثم رأيتها
* ماذا علي إذا عشقت الأحسنا
* وانظر إلى القرآن الكريم والأحاديث النبوية والآثار المروية عن الصحابة والسلف هل تجد)
الجناس في ذلك كله إلا أقل من غيبة الرقيب ووصل الحبيب ولم أقل هذا غضا من قدره ولا فضا لختم سره إذ هو البحر العجاج وفارس الكتابة الذي يفرج بأنابيب أقلامه مضايق العجاج ولكن لما زاد في استعمال الجناس ضاقت بتردده الأنفاس وأصبح الكلام من القلوب وحشيا ومن الأسماع حوشيا ألا ترى قوله فلما أراد الله الساعة التي جلاها لوقتها والآية التي لا أخت لها فتقول هي أكبر من أختها أفضت الليلة الماطلة إلى فجرها ووصلت الدنيا الحامل إلى تمام شهرها وجاءت بواحدها الذي تضاف إليه الأعداد ومالكها الذي له الأرض بساط والسماء خيمة والحبك أطناب والجبال أوتاد والشمس دينار والقطر دراهم والأفلاك خدم والنجوم أولاد لما كان هذا خاليا من الجناس عذب في السمع وقعه واتسع في الإحسان صقعه ورشفه اللب مدامة وكان عند من له ذوق أطرب من تغريد حمامة وقوله ورد الكتاب الكريم الأشرف الذي كرم وشرف
وأسعد وأسعف وأجنى العز وأقطف وأوضح الجد وعرف وقوى العزم وصرف والهج بالحمد وأشغف وجمع شمل الحبى وألف فوقف الخادم عليه وأفاض في شكر فيض فضله المستفيض وتبلج وجه وجاهته وتأرج نبا نباهته ما عرفه من عوارفه البيض وأمنت بمكارمه المكاره وزاد في قدر التائه قدره النابه وافترت مباسم مراسمه عن ثنايا مناجحه ورفد طلائع صنائعه فسر بمنن منائحه واستمر على هذا النهج إلى آخره فانظر إلى قلق هذا الترتيب وكل كلامه من هذا النمط وغالب ما ينشئه إذا تحامل السمع له سقط ولم يكفه هذا بل أنه يكثر من رد العجز على الصدر كقوله وسر أولياءه وأولي مسرته وأقدر يده وأيد قدرته وآزر دولته وأدال موازرته وبسط مكنته ومكن بسطته وأسعد جده وأجد سعادته وأراد نجحه وأنجح إرادته وأجل جيله وسر أسرته وحاط حماه وحمى حوطته ولا زال معروفه مواليا ومواليه معروفا ووصفه حسنا وإحسانه موصوفا وألفه بارا وباره مألوفا وعطفه كريما

120
وكرمه معطوفا وقد اقتصرت على هذا القدر وقلما يخلو كلامه من هذا النوع الغث والضرب الرث وله رسائل التزم في واحدة الدال في كل كلمة والضاد في الأخرى والميم في الأخرى والشين في أخرى وأشياء من هذا النمط الذي يقذفه السمع ويمجه يقطعه الانكار ويحجه وديوانه يدخل في أربع مجلدات كبار ومن نظمه الرمل
* وهضيم الكشح في حبي له
* لم يزدني كاشحي إلا اهتضاما
*
* كرم العاشق فيه مثل ما
* لؤم العاذل فيه حين لاما)
* (بقوام علم الهز القنا
* ولحاظ تودع السكر المداما
*
* أتراه إذ تثنى ورنا
* سمهريا هز أم سل حساما
*
* خده يجرحه لحظ الورى
* فلذا عارضه يلبس لاما
*
* ويريك الخط منه دائرا
* هالة البدر إذا حط اللثاما
*
* وكثيب الرمل قد أخجله
* وقضيب البان ردفا وقواما
* ويعجبني قوله في أترجة الطويل
* وأترجة صفراء لم أدر لونها
* أمن فرق السكين أم فرقة السكن
*
* بحق عرتها صفرة بعد خضرة
* فمن شجر بانت وصارت إلى شجن
* ومثله قول الأخر البسيط
* أمسيت أرحم أترجا وأحسبه
* في صفرة اللون من بعض المساكين
*
* عجبت منه فما أدري أصفرته
* من فرقة الغصن أو خوف السكاكين
* ومن هذه المادة قول الغزي البسيط
* كالشمع يبكي ولا يدري أعبرته
* من صحبة النار أو من فرقة العسل
* ويعجبني قوله أيضا أعني العماد الخفيف
* هي كتبي فليس تصلح من بعدي لغير العطار والإسكافي
*
* هي إما مزاود للعقاقي
* ر وإما بطائن للخفاف
* قال ابن ظافر في بدائع البداية أخبرني الشريف فخر الدين أبو البركات العباس ابن محمد العباسي الحلبي قال أخبرني القاضي الأجل عماد الدين أبو حامد محمد الأصفهاني كاتب الملك الناصر نور الله ضريحه قال كنت أعشق بالموصل صبيا سراجا وكان يواصلني فكلما استويت على عرشه قال لي اكتم علي ولا تنطق بحرف ويزيد في ذلك فصنعت في بعض الأيام بديها السريع
* فديت سراجا إذا لم يرج
* للوصل عندي أحد راج هو
*
* يقول لي اركبني ولا تفشه
* يريد الجامي واسراجه
*

121
وكتب إليه النشؤ أحمد بن نفاذة يستدعيه أيام المشمش الطويل
* دعا الناس للذات مشمش جلق
* فقد أسرعوا من كل غرب ومشرق)
* (فقم يا عماد الدين تحظ بأكله
* ولا تثن عنه عزمة السير تسبق
*
* وقل حين يبدو أحمر اللون مشرقا
* ويا حسنه من أحمر اللون مشرق
*
* لأكلك ما يلقى الفؤاد وما لقى
* وللتوت ما لم يبق مني وما بقي
* فأجاب العماد عن ذلك الطويل
* تغنم زمان الجود في اللهو وأسبق
* وفز باجتماع الشمل قبل التفرق
*
* هلموا إلينا نحو مشمش جلق
* وثم لما نهوى على الأكل نلتقي
*
* تصفر شوقا لانتظار قدومنا
* ومن يتشوق ذا الفضائل يشتق
*
* وما رمقت للشوق رمد عيونه
* فإن تترمق منه تنظر وترمق
*
* نواظر أحداق لها في حدائق
* نواضر أن يحدق بها المرء يحذق
*
* إذا حضرت أطباقه غاب رشدنا
* لما نتلاقى من مشوق وشيق
*
* لأن مذاب الشهد فيه مجسد
* أجد له عهد الرحيق المعتق
*
* وما اصفر إلا خوف أيدي جناته
* فليس له أمن من المتطرق
*
* حكى جمرات بالأضي قد تعلقت
* فيا عجبا من جمره المتعلق
*
* كأن نجوم الأرض فوق غصونه
* فيا حيرتا من نجمه المتألق
*
* وحباتها محمرة وجناتها
* فمن يرها مثلي يحب ويعشق
*
* بدت بين أوراق الغصون كأنها
* كرات نضار في لجين مطرق
* فلما أنشدت للسلطان صلاح الدين قال تشبيه الورق باللجين غير موافق فإن الورق أخضر فقال العماد بالزمرد محدق الطويل
* تساقطها أشجارها فكأنها
* دنانير في أيدي الصيارف ترتقي
* وكتب العماد إليه أيضا جوابا من أبيات المنسرح
* مصور بل مدور عجب
* ترى به وهو جامد شعلا
*
* ففي قلوب الأشجار منه جذي
* وفي ظهور الغصون منه حلى
*
* طلوا بماء النضار ظاهره
* لباطن في حشاه نار طلا
*
* حلى تبر على عرائس أغصان تشكت من قبلها عطلا
*
* حمر حسان الوجوه قد لبست
* من خضر أوراقها لها حللا)
* (عرائس من خدورها برزت
* تحسب أشجارها لها كللا
*

122
* وهي كشهب السماء راجمة
* جن جناة بقطفها كفلا
*
* عيونها الرمد في ترقبنا
* جاحظة أبرزت لنا مقلا
* ومن شعر العماد الكاتب الكامل
* متلون كمدامعي متعفف
* كضمائري متعذر كوسائلي
*
* أنا في الضنى كالخصر منه اشتكي
* من جائر ما يشتكي من جائل
* ومن شعره يمدح المستنجد بالله الطويل
* وما كل شعر مثل شعري فيكم
* ومن ذا يقيس البازل العود بالنفض
*
* وما عز حتى هان شعر ابن هانيء
* وللسنة الغراء عز على الرفض
* ومن شعره أيضا البسيط
* أفدى الذي خلبت قلبي لواحظه
* وخلدت لدغات الحب في كبدي
*
* صفات ناظره سقم بلا ألم
* سكر بلا قدح جرح بلا قود
*
* معشق الدل من تيه ومن صلف
* مرنح العطف من لين ومن ميد
*
* على محياه من نار الصبي شعل
* وورد خديه من ماء الحياة ندى
* ويحكى عنه أنه قال يوما للفاضل سر فلا كبا بك الفرس فأجابه القاضي دام علاء العماد وهذا الجواب أول مصراع للقاضي ناصح الدين الأرجاني فإن كان الفاضل استحضره فحسن وإن كان اخترعه فأحسن وكلا الكلامين مما يقرأ مقلوبا واجتمعا يوما في موكب السلطان وقد انتشر الغبار لكثرة الفرسان بما سد الفضاء فأنشده العماد في الحال مرفل الكامل
* أما الغبار فإنه
* مما أثارته السنابك
*
* والجو منه مظلم
* لكن أنار به السنابك
*
* يا دهر لي عبد الرحي
* ر فلست أخشى مس نابك
* قلت ليس بين الثالث وما قبله علاقة وإنما الجناس اضطره إلى ذلك ولما مات الوزير عون الدين اعتقل العماد في جملة من اعتقل لأنه كان ينوب عنه في نظر واسط فكتب إلى عماد الدين ابن رئيس الرؤساء أستاذ دار المستنجد بالله أمير المؤمنين الكامل
* قل للإمام علام حبس وليكم
* أولوا جميلكم جميل ولائه أوليس إذ حبس الغمام وليه
* خلى أبوك سبيله بدعائه
* وهذا المعنى في غاية الحسن لأنه أشار إلى قصة العباس في الاستسقاء ودعاء عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بالعباس فامطروا وكان إذا دخل عليه من يعوده في مرضه ينشد مجزوء الخفيف
* أنا ضيف بربعكم
* أين أين المضيف
*

123
* أنكرتني معارفي
* مات من كنت أعرف
* قال شمس الدين محمود المروزي كنت بحضرة القاضي الفاضل رحمه الله وكان العماد الكاتب حاضرا عنده فلما انفصل قال الفاضل للجماعة بم تشبهون العماد وكان عنده فترة عظيمة وجمود في النظر والكلام فإذا أخذ القلم أتى بالنثر والنظم فكلهم شبهه بشيء فقال ما أصبتم هو كالزناد ظاهره بارد وباطنه فيه نار ومن شعر العماد الكاتب السريع
* اقنع ولا تطمع فإن الفتى
* كماله في عزة النفس
*
* وإنما ينقص بدر الدجى
* لأخذه النور من الشمس
* ومنه أيضا مجزوء الرجز
* أبصرني مبلبلا و
* في الغرام ممتحن
*
* فقال من قاتله
* قلت له قائل من
* أخذه من قول الأول وهو مشهور الرجز
* قالت لترب معها منكرة
* لوقفتي هذا الذي نراه من
*
* قالت فتى يشكو الهوى متيما
* قالت بمن قالت بمن قالت بمن
* ومنه قول أبي الطيب الكامل
* قالت وقد رأت اصفراري من به
* وتنهدت فأجبتها المتنهد
* ومن شعر العماد الطويل
* وما هذه الأيام إلا صحائف
* نورخ فيها ثم تمحي وتمحق
*
* ولم أر في دهري كدائرة المنى
* توسعها الآمال والعمر ضيق
* وصنف البرق الشامي وهو مجموع تاريخ بدأ فيه بذكر نفسه واتصاله بخدمة نور الدين وصلاح الدين وسماه بذلك لأنه شبه تلك الأيام لطيبتها وسرعتها بالبرق وهو في سبع مجلدات والفتح القدسي ويقال إنه لما عرضه على الفاضل قال سمه الفتح القسي في الفتح القدسي قلت)
ولو قال الفتح القدسي في الفتح القدسي لكان أحسن لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان روح القدس ينفث في روعك ونصرة الفترة وعصرة القطرة تاريخ الدولة السلجوقية والبرق الشامي في أخبار صلاح الدين وفتوحه وأحواله وحوادث الشام في أيامه وكتاب خطفة البارق وعطفة الشارق وكتاب عتب الزمان في عقبى الحدثان وأخبار الملوك السلجوقية ونحلة الرحلة وحلية العطلة وخريدة القصر وجريدة العصر والذيل عليها ورأيتها بخطه ويقال إنه لما فرغ منها جهزها إلى القاضي الفاضل في ثمانية اجزاء فلما وقف عليها ما أعجبته وقال أين الآخران لأنه قال خري ده يعني خرى عشرة لأن ده بالعجمي عشرة ومن هنا أخذ ابن سناء

124
الملك قوله فيها السريع
* خريدة أفية من نتنها
* كأنها من بعض أنفاسه
*
* فنصفها الأول في ذقنه
* ونصفها الآخر في رأسه
* ورأيت مكاتبات القاضي الفاضل إليه جزءا والعماد رحمه الله طويل النفس في رسائله وقصائده وله ديوان دوبيت ولما التقى العماد الفاضل على حمص مدحه بقصيدة فدخل على صلاح الدين وقال له غدا تأتيك تراجم الأعاجم وما يحلها مثل العماد فقال له مالي عنك مندوحة أنت كاتبي ووزيري ورأيت على وجهك البركة فإذا استكتبت غيرك تحدث عنك الناس فقال هذا يحل التراجم وربما أغيب أنا فإذا غبت قام مقامي وقد عرفت فضله وخدمته لنور الدين فاستخدمه
3 (عز الدين ابن القيسراني محمد بن محمد بن خالد))
ابن محمد بن نصر بن صغير بن داعر عز الدين أبو حامد المخزومي الحلبي ابن القيسراني الكاتب المشهور مولده بحلب الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وخمس مائة سمع بحلب من ابن طبرزذ وحدث عنه وتقدم عند الملك الناصر صلاح الدين الصغير وخدمه مدة وولاه نظر دواوين الشام ووزر له وكان رئيسا مبجلا مقدما سليم الصدر دمث الأخلاق حسن الظن بالفقراء والصلحاء توفي بدمشق في تاسع عشرين شهر رمضان سنة ست وخمسين وست مائة ودفن بجبل قاسيون
3 (ابن ظفر محمد بن محمد بن ظفر))
الصقلي حجة الدين أبو عبد الله أحد الأدباء الفضلاء ولد بصقلية ونشأ بمكة واستوطن بحماة)
وتوفى بها سنة خمس وستين وخمس مائة ولم يزل يكابد الفقر إلى أن مات زوج ابنته من الضرورة بغير كفؤ فسافر بها وأباعها في البلاد وكان ابن ظفر قصير القامة ذميم الخلق غير أنه صبيح الوجه جرت بينه وبين الشيخ تاج الدين الكندي مناظرة في النحو واللغة فأورد عليه مسائل في النحو فلم يمش فيها فقال الشيخ تاج الدين أعلم مني بالنحو وأنا أعلم منه باللغة فقال تاج الدين الكندي الأول مسلم والثاني ممنوع ومن تصانيفه سلوان المطاع صنفه لأحد القواد بصقلية سنة أربع وخمسين وخمس مائة وكتاب انباء نجباء الأبناء وخير البشر بخير البشر والحاشية على درة الغواص وشرح المقامات الحريرية شرحين كبيرأ وصغيرا وكتاب تفسير القرآن اثنا عشر مجلدا كتاب الاشتراك اللغوي والاستنباط المعنوي كتاب ينبوع الحياة أساليب الغاية في أحكام آية الجنة من فرق أهل السنة في الاعتقاد كتاب المعادات في الاعتقاد أيضا كتاب التشحين في أصول الدين كتاب معاتبة

125
الجرئ على معاقبة البريء كتاب ملح اللغة فيما اتفق لفظه واختلف معناه على حروف المعجم كتاب كشف الكسف في نقض الكتاب المسمى بالكسف والأنباء عن الكتاب المسمى بالأحياء كتاب مالك الأذكار في مسالك الأفكار الخوذ الواقية والعوذ الراقية في الوعظ كتاب نصائح الذكرى أرجوزة في الفرائض والولاء كتاب أكسير كيمياء
التفسير كتاب الإشارة إلى علم العبارة كتاب القواعد والبيان مختصر في النحو ومن شعره الخفيف
* أيها المستجيش من السن الو عاظ قد أسهبوا وما أيقظوكا
*
* هاك بيتا يغنيك عن كل سجع
* وقريض كانوا به وعظوكا
*
* لا تشاغل بالناس عن ملك النا س فلولا نعماه ما لحظوكا
* ومنه المتقارب
* بباء البراءة عند الغلو
* وسين سروري بالمعرفة
*
* وبالميم من مرحى عندما
* تبشرني آية أو صفة
*
* أقل عبدك المذنب المستجير
* بعفوك من سوء ما أسلفه
* وتصانيفه مليحة ومن شعره الطويل
* حملتك في قلبي فهل أنت عالم
* بأنك محمول وأنت مقيم
*
* إلا أن شخصا في فؤادي محله
* واشتاقه شخص على كريم
*)
ورأيت بعضهم يقول ابن ظفر بضم الظاء والفاء والأول أشهر والله أعلم
3 (الشريف المرتضى ليس أخ الرضى محمد بن محمد بن زيد بن علي))
ابن موسى بن جعفر بن الحسين بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب الشريف أبو الحسن وأبو المعالي ذو الشرفين العلوي الحسيني ولد ببغداد وسمع بها من أبي القاسم الحرقي وأبي عبد الله المحاملي والبرقاني وطلحة الكناني ومحمد بن عيسى الهمذاني وابن شاذان وابن بشران وطائفة وتخرج بالخطيب ولازمه وروى الخطيب شيخه عنه ورزق حسن التصنيف وسكن آخر عمره سمرقند وقدم بغداد وأملى بها وكان كثير الإيثار ينفد في كل سنة إلى جماعة من العلماء ألف دينار أو خمس مائة دينار أو أكثر أو أقل ويقول هذه زكاة مالي وكان يملك قريبا من أربعين قرية قبض عليه ملك سمرقند الخضر خاقان واصطفى أمواله وضياعه فصبر وحمد الله وقيل منع من الطعام إلى أن مات جوعا قال أبو العباس الجوهري رأيت السيد المرتضي أبا المعالي بعد موته وهو في الجنة وبين يديه طعام وقيل له ألا تأكل فقال لا حتى يجيء ابني فإنه غدا يجيء فلما انتبهت وذلك في رمضان سنة بياض وتسعين وأربع مائة قتل ابنه أبو الرضا ذلك اليوم وتوفي المرتضى المذكور سنة ثمانين وأربع مائة وسيأتي ذكر ولده الأطهر بن محمد بن محمد في حرف الهمزة إن شاء الله تعالى
3 (الفرضي البغدادي محمد بن محمد بن أبي حنيفة))
الفرضي البغداذي نقلت من خط

126
مستوفى إربل قال هو مؤدبي ورد إربل ومدح والدي فنقلة لتأديبي عليه فأقام بها مدة وتوجه مع المغيث والقاهر ولدي الملك العادل أبي بكر بن أيوب وركب البحر بالإسكندرية فهبت ريح سوداء منتنة مرض منها جماعة وكان منهم فمات بالقاهرة سنة اثنتين وست مائة وذكر أنه كان أولا مع الفتاك الشطار وأنه حبس مدة سبعة عشر سنة وأنه كتب في الحبس نيفا وستين مصحفا وكتب للوزير ابن هبيرة مصحفا لطيفا وقدمه فقال ينبغي قطع يده لكتابته هذا في هذا القدر وأورد له شعرا كثيرا منه قوله الرمل
* إنما كان ولوعى طمعا
* والردى لا شك عقبى الطمع
*
* إن من أسكنتهم في كبدي
* وانطوت صونا عليهم اضلعي
*
* عرفوا موضعهم من مهجتي
* فأضاعوا بالتجافي موضعي صاحب الأربعين الطائية محمد بن محمد بن علي بن علي بن محمد أبو الفتح بن أبي جعفر الطائي الهمذاني صاحب الأربعين الطائية توفي سنة خمس وخمسين وخمسمائة
*))
3 (القاضي أبو الوفاء الأصبهاني محمد بن محمد بن أبي الوفاء))
القاضي الأصبهاني ولي القضاء بعسكر مكرم ودرس بالنظامية وكان حسن السيرة فاضلا من شعره المتقارب
* إذا لاح من أرضكم برقة
* شممت الوصال بإقبالها
*
* ولو حملتني الصبا نحوكم
* تعلق روحي بأذيالها
* توفي سنة ست وقيل سبع وثلاثين وخمس مائة
3 (ابن قزمي محمد بن محمد بن الحسن))
أبو المظفر الخطيب الإسكافي يعرف بابن قزمي بالقاف والزاي وبعدها ميم وياء قال ابن النجار هكذا رأيته مقيدا بخط ابن الخشاب قلت بفتح القاف والزاي والميم المشددة قال صاحب أنموذج الأعيان هو من أهل القرآن والأدب له شعر رائق ولفظ مطبوع كان يؤم بالوزير أبي القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي من شعره مجزوء الرمل
* لي حبيب لأن عطفا
* ليته لو لأن عطفا
*
* أن قلبي في هواه
* في حريق ليس يطفا
*
* منيتي تقبيل عيني
* ه وصحن الخد ألفا
* وأورد له ابن النجار مجزوء الكامل
* إن لي زوجة سوء
* بخليق ما كستني
* فإذا احتجت إليها لفراشي ما كستني

127
وتوفي ابن قزمي سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة
3 (ابن الخراساني محمد بن محمد بن الحسين))
ابن الخراساني أبو عبد الله من أهل باب المراتب ومن أولاد المحدثين سمع في صباه من عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن يوسف وسمع الكثير من أبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز ومن بعده من أصحاب أبي القاسم بن الحصين وأبي غالب ابن البناء وأبي العز ابن كادش وأمثالهم وقرأ بنفسه وكتب بخطه وهو خط حسن قال ابن النجار كتب لي كثيرا وتوفي سنة ست وست مائة قال رأيت كأني في المنام أنشد لنفسي الخفيف
* غردت في الإراك أيكة سلع
* فوق غصن سقيته ماء دمعي)
* (فاعتراني إلى الحبيب اشتياق
* وتذكرت موقفي بالربع
*
* يا عذولي دع عنك لومي فإني
* عن ملام العذول قد صم سمعي
*
3 (ابن النرسي الشاعر محمد بن محمد بن أبي حرب))
ابن عبد الصمد أبو الحسن ابن النرسي البغدادي الكاتب الشاعر ولد سنة أربع وأربعين وتوفي سنة ست وعشرين وست مائة سمع وروى وله ديوان شعر وله نثر ونوادر سائرة وكان من ظرفاء بغداد وأقعده الزمان ومسه الفقر وكسدت سوقه قال ابن النجار كان ناظرا على عقار الخليفة ومن شعره
* البسيط ليت العواذل للعذال ما خلقوا
* كم عذبوا بأليم اللوم مشتاقا
*
* أشجاه نوح حمامات فصاغ لها
* من أسود العين يوم البين أطواقا
*
* وبات يرعى احمرار النجم يحسبه
* في الليل سقط زناد مس حراقا
*
* والأزرق اللون كالكبريت ذي شعب
* اطرقن عند اقتباس منه أطراقا
* وقال يرثي امرأته الكامل
* لما تعذر أن أكون بها الفدا
* فتعيش بعدي أو نموت جميعا
*
* اتبعتها حلل الشباب فما بقي
* فسواد عيني قد أذيب دموعا
*
3 (أخو الرافعي محمد بن محمد بن عبد الكريم))
ابن الفضل أبو الفضائل الرافعي القزويني نزيل بغداد أخو الإمام العلامة أمام الدين الرافعي صاحب شرح الوجيز ولد في حدود الستين وخمسمائة وسمع من جماعة وولي مشارفة النظامية وأوقافها ونفذ رسولا إلى بعض النواحي وكتب الكثير بخطه من الفقه والحديث والتفسير والأدب وكان ضعيف الخط جدا صدوقا وله معرفة حسنة بالحديث
3 (الوزير القمي محمد بن محمد بن عبد الكريم))
ابن برز الوزير مؤيد الدين أبو الحسن القمي البليغ الكاتب قال ابن النجار قدم بغداد صحبة الوزير ابن القصاب وكان به خصيصا فلما توفي قدم بغداد وقد سبقت له معرفة بالديوان ورتب ابن مهدي في الوزارة ونقابة الطالبيين اختص به أيضا وكانا جارين في قم ولما مات أبو طالب بن زيادة كاتب الإنشاء رتب القمي مكانه

128
ولم يغير هيئة القميص والشربوش على قاعدة العجم ثم ناب أبو الوليد ابن أمسينا في الوزارة وعزل في سنة ست وست مائة فردت النيابة)
وأمور الديوان إلى القمي ونقل إلى دار الوزارة ولما ولي الظاهر الخلافة أقره على حاله وكذلك المستنصر قربه ورفع قدره وحكمه في البلاد والعباد ولم يزل في سعده إلى أن عزل وسجن هو وابنه بدار الخلافة فمات الابن أولا وأبوه بعده في سنة ثلاثين وست مائة وكان كاتبا بليغا فاضلا كامل المعرفة بالإنشاء يكتب بالعربي والعجمي كيف أراد ويحل المترجم المغلق وكان حسن الأخلاق مليح الوجه تخافه الملوك وترهبه الجبابرة وله يد باسطة في النحو واللغة ومشاركة في العلوم
3 (أبو الخطاب الطبيب محمد بن محمد ابن أبي طالب))
أبو الخطاب قال ابن أبي أصيبعة مقامه ببغداد قرأ صناعة الطب علي أبي الحسن سعيد بن هبة الله وكان متميزا في الطب وعمله ورأيت خطه على كتاب من تصانيفه قد قريء عليه وهو كثير اللحن يدل على أنه لم يستعمل شيئا من العربية وكان تاريخه لذلك في تاسع شهر رمضان سنة خمس مائة وله كتاب الشامل في الطب جعله على طريق المسألة والجواب في العلم والعمل وهو يشتمل على ثلاث وستين مقالة
3 (ذو المناقب محمد بن محمد بن القسم))
ابن أحمد بن خذيو الأخسيكتي أبو الوفاء المعروف بذي المناقب أخو الأكبر ذي الفضائل وسيأتي ذكر أخيه أحمد قال السلفي كان أديبا فاضلا عالما وقورا بهيا صالحا صائنا عارفا بالأدب حسن الشعر أكثر شعره في الحكمة وكان يعرف التواريخ وأحوال الرجال وصنف فيها شيئا ومات سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة ومن شعره الكامل
* مالي وللظل المحيل بمنعج
* ولذكر ملتفت الغزال الأدعج
*
* بيني وبين اللهو منذ عرفته
* حرج العفيف وعفة المتحرج
*
* غيري يشق على الغيور جواره
* ويحول حول البين كالمتولج
*
* جرت القضية بالسوية بيننا
* لا صدره حرج ولا قلبي شج
*
3 (ابن السكون الكاتب الحلي محمد بن محمد بن ثابت))
ابن السكون الكاتب الحلي أورد له صاحب أنموذج الأعيان قصيدة أنشدها له أولها الطويل
* نعم هذه أطلال مي دوارس
* فدمعي لها جار وطرفي ناكس
*

129
منها الطويل)
* بنفسي من هام الفؤاد بذكرها
* ونافسني فيها الغيور المنافس
*
* كأن بفيها قرقفا وكأنها
* حياء إذا ما غضت الطرف ناعس
*
* لها فاحم ضاف على الحجل سابغ
* ووجه يضاهي البدر للعقل خالس
*
3 (ابن مشق محمد بن محمد بن المبارك))
ابن محمد بن مشق بفتح الميم وكسر الشين المعجمة المشددة والقاف أبو نصر ابن المحدث أبي بكر البغدادي توفي شابا سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة
3 (الخاتوني البغدادي محمد بن محمد بن الحسين))
أبو المظفر الخاتوني الأصبهاني البغدادي الكاتب أحد الشعراء سمع وروى توفي سنة خمس وتسعين وخمس مائة قال ابن النجار من ساكني دار الخلافة
كان كاتبا فاضلا أديبا حسن الأخلاق خدم عدة من الأمراء ثم نظر في أعمال قوسان وبعدها في دجيل ثم انعزل ولزم بيته وأورد له من أبيات المتقارب
* لقد هاج لي البين حزنا طويلا
* وحملني البين عبئا ثقيلا
*
* واذكرني البرق سفح الغوير
* وتلك القفار وتلك الهجولا
*
* ومثل لي وقفات الحجيج
* وجوب الفلا عنقا أو ذميلا
*
* فأذريت دمعي لعل الدموع
* تبل غليلا وتروي عليلا
*
* فما بلغت بعض ما نلته
* وما هو امرا أراه منيلا
*
* لأني أروم شفاء الجوى
* وقد أوحش البين تلك السبيلا
*
3 (ابن ابن الأنباري الكاتب محمد بن محمد بن الأنباري))
ابن الأنباري أبو الفرج صاحب ديوان الإنشاء ببغداد ناب في الوزارة وكتب الإنشاء سبعة عشر عاما وأشهرا وكان ناقص الفضيلة ظاهر القصور في الترسل وإنما روعى لأجل والده سديد الدولة محمد بن عبد الكريم وسيأتي ذكر سديد الدولة توفي محمد المذكور سنة خمس وسبعين وخمس مائة
3 (ابن مواهب الشاعر محمد بن محمد بن مواهب))
أبو العز ابن الخراساني البغدادي الشاعر صاحب العروض ومصنف النوادر المنسوبة إلى حدة الخاطر قرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي وله ديوان شعر في خمسة عشر مجلدا)
قاله العماد الكاتب ومدح الخلفاء والوزراء وله مصنفات أدبية وتغير ذهنه آخر عمره وتوفي سنة ست وسبعين وخمس مائة وله اثنان وثمانون سنة أورد له ابن النجار ما يكتب على كمران مجزوء الرمل
* أنا محسود من الناس
* على أمر عجيب
*

130
* أنا ما بين قضيب
* ينثني فوق كثيب
* وقوله الخفيف
* أنا راض منكم بأيسر شيء
* يرتضيه لعاشق معشوق
* بسلام على الطريق إذا ما جمعتنا بالاتفاق الطريق وقوله مخلع البسيط
* إن شئت إن لا تعد غمرا
* فخل زيدا معا وعمرا
*
* واستعن بالله في أمور
* ما زلن طول الزمان أمرا
*
* ولا تخالف مدى الليالي
* حتى الممات أمرا واقنع بما راج من طعام
* وألبس إذا ما عريت طمرا
*
3 (قوس الندف ابن القلاس محمد بن محمد بن سعد الله))
ابن القلاس بالقاف والسين المهملة البغدادي الكرخي الشاعر المعروف بابن ملاوي ويلقب قوس الندف عاش دهرا ومدح المستنجد وحكى أنه رجل تائه معجب بنفسه وجودة شعره وهو خارج الشكل والمعنى والحديث ذو طبع جاف وربع عاف وربما ندر له الجيد من شعره توفي سنة تسعين وخمس مائة قال من قصيدة يمدح برهان الدين الواعظ الغزنوي الكامل
* يا موقظ العزمات من سنة الكرى
* بنواله والباخلون نيام
*
* ومبصر الجهلاء منهج رشدهم
* من بعد ما قتحموا الضلال وعاموا
*
* خلبتهم منك المواعظ مثل ما
* خلبت فؤاد العاشق الآرام
*
* فهموا بفهمك مع بلادة فهمهم
* ما لا تحيط ببعضه الأوهام
*
3 (النجاد المقرئ محمد بن محمد بن أحمد))
أبو طالب النجاد المقرئ بغدادي سافر إلى شيراز واستوطنها إلى حين وفاته سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة حدث عن أبي القاسم عبد الله البغوي وأبي محمد ابن يحيى بن صاعد)
وأبي بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني وأبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه النحوي وغيرهم وروى عنه يحيى بن أحمد بن جعفر الشرابي أبو الحسن المحتسب وعبد العزيز بن عبد الله الشيرازي
3 (أبو علي ابن المسلمة محمد بن محمد بن أحمد))
ابن محمد بن عمر بن المسلمة أبو علي ابن أبي جعفر من أولاد المحدثين هو وأبوه وجده وجد أبيه وكان أبو علي زاهدا متعبدا له كرامات سمع جده أحمد وهلال بن محمد الحفار وعلي بن محمد بن بشران وأخاه أبا القاسم عبد الملك وأبا علي الحسن بن شاذان وأبا الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي وروى عنه

131
أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبو القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام توفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة
3 (ابن الشبلي محمد بن محمد بن أحمد))
ابن علي بن الشبلي القصار أبو بكر ابن أبي الغنائم المدير من أهل باب البصرة سمع أبا علي الحسن بن شاذان وأبا القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي وأبا بكر أحمد بن غالب البرقاني وروى عنه أبو القاسم بن السمرقندي وعبد الوهاب ابن المبارك الأنماطي وأبو محمد المبارك بن أحمد بن بركة الكندي توفي سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة
3 (ابن الحساس محمد بن محمد بن أحمد))
ابن محمد بن الجبان أبو عبد الله ابن أبي الحسن المعروف بابن اللحاس من أهل الحريم الظاهري روى شيئا يسيرا عن عمه منصور بن أحمد وعن أبي علي بن الشبلي وروى عنه ولده أبو المعالي
3 (ابن المهتدي الخطيب محمد بن محمد بن أحمد))
ابن محمد بن المهتدى بالله أبو عبد الله أخو الشريف أبي الغنائم كان أحد الخطباء ببغداد توفي سنة تسع وتسعين وأربع مائة
3 (أبو الغنائم بن المهتدي محمد بن محمد بن أحمد))
ابن محمد بن المهتدي بالله أبو الغنائم ابن أبي الحسن الشاهد أخو الخطيب المذكور وخطب بجامع المنصور وكان من أعيان الشهود سمع أباه وأبا الحسن علي بن عمر القزويني الزاهد)
والقاضي أبا الطيب الطبري وأبا القاسم عبيد الله بن لولو الوراق وأبا محمد الحسن الجوهري وأبا إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي وروى عنه الأئمة والحفاظ من سائر البلاد كأبي نصر الحسن بن محمد اليونارتي وأبي طاهر السلفي وأبي الفضل ابن ناصر وأبي المعتمر الأنصاري وأبي القاسم ذاكر الخفاف وأبي طاهر ابن المعطوش وهو آخر من حدث عنه توفي سنة سبع عشرة وخمس مائة
3 (ابن الرسولي الفقيه محمد بن محمد بن أحمد))
ابن القسم بن الرسولي أبو السعادات البغدادي سافر إلى خراسان وجال في البلاد وسكن اسفرايين بآخره إلى حين وفاته سنة أربع وأربعين وخمس مائة كان فقيها شافعيا يتكلم في الخلاف وله معرفة بالأدب وله النظم سمع أبا محمد جعفر بن أحمد السراج وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان وحدث بنيسابور روى عنه أبو القاسم بن عساكر وأبو سعد السمعاني ومن شعره البسيط
* يا سادتي ما سلا قلبي محبتكم
* ولست في زمرة السالين معدودا
*
* أيام عمري ما زالت بقربكم
* بيضا فحين نأيتم أصبحت سودا
*
* فقد رثى لي عدوي بعد فرقتكم
* وطالما كنت مغبوطا ومحسودا
*
* ذممت عيشي مذ فارقت قربكم
* من بعد ما كان مشكورا ومحمودا
* قلت هو شعر فوق المنحط ودون الوسط والثاني أخذه من ابن زيدون حيث يقول البسيط
* حالت لفقدكم أيامنا فغدت
* سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
*

132
3 (أبو الخطاب البطائحي محمد بن محمد بن أحمد المضري))
أبو الخطاب الشاعر من أهل البطائح قدم بغداد كتب عنه المبارك بن كامل وروى عنه في معجم شيوخه وروى عنه عبد الرحيم ابن الأخوة من شعره ما أورده ابن النجار
3 (السريع))
* يا قاتلي ظلما بلا زلة
* ما كان أولاك بأن ترحما
*
* جعلت خدي ظالما في الهوى
* للدمع أرضا وجفوني سما
*
* شربت من فيك بلا رقبة
* كأسا دهاقا من سلاف اللمى
*
* ولست أروى من شراب
* إذا شربته زدت إليه ظما)
* (لا اكتحلت عيناي إن أبصرت
* غيرك في العالم إلا عمى
* وأورد له بسند يتصل به قوله البسيط
* يا راقد العين عيني فيك ساهرة
* وفارغ القلب قلبي منك ملآن
*
* إني أرى منك عذب الثغر عذبني
* وأيقظ الجفن جفن منك وسنان
* قلت هذان البيتان في الذروة من النظم والأبيات المتقدمة في الحضيض ومن العجب أنهما تنازعهما الشعراء وتجاذبوا هدابهما وأغاروا عليهما فقال ابن التعاويذي من قصيدته المشهورة البسيط
* غال من الهم في خلخاله حرج
* فقلبه فارغ والقلب ملآن
*
* يذكي الجوى بارد من ريقه شبم
* ويوقظ الطرف طرف منه وسنان
* وأبو الخطاب متقدم الزمان على ابن الساعاتي لأن ابن النجار روى شعره عن ثلاثة عنه وروى شعر ابن التعاويذي عن واحد عنه أنشدني الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليعمري من لفظه قال أنشدني من لفظه لنفسه شهاب الدين أحمد بن عبد الملك العزازي قصيدته التي أولها البسيط
* دمي بأطلال ذات الخال مطلول
* وجيش صبري مهزوم ومفلول
* منها البسيط
* يا راقد العين عيني فيك ساهرة
* وفارغ القلب قلبي منك مشغول
* فغير القافية لا غير
3 (الهمام المرتب الحربوي محمد بن محمد بن أحمد))
الحربوي المعروف بالهمام مرتب المدرسة النظامية روى عنه ابن النجار قوله في مثاقف المنسرح
* قد سل سيف الثقاف منتضيا
* من بعده مرهفا من النظر
*
* مثاقف من سيوف مقلته
* قد أصبحت مهجتي على خطر
*
* ما هم في شد عقد مئزره
* إلا وقد حل عقد مصطبري
*

133
* يكاد في حفي من يثاقفه
* بالسيف يحصى مغارز الشعر
*
* كأنما ترسه لمبصره
* في وجهه غيمة على قمر
* توفي الهمام المرتب سنة عشرة وست مائة وكان شابا))
3 (ابن لنكك محمد بن محمد بن جعفر))
ابن لنكك بكافين بعد النون واللام أبو الحسين من أهل البصرة كان من النحاة الفضلاء والأدباء النبلاء روى قصيدة دعبل التائية التي مدح بها أهل البيت وأولها الطويل
* مدارس آيات خلت من تلاوة
* ومنزل علم مقفر العرصات
* رواها عنه أبو الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي المعروف بجخجخ ولما قدم بغداد روى عنه العلماء بها ومن شعره الوافر
* زمان قد تفرغ للفضول
* فسود كل ذي حمق جهول
*
* إذا أحببتم فيه ارتفاعا
* فكونوا جاهلين بلا عقول
* ومنه الوافر
* يعيب الناس كلهم الزمانا
* وما لزماننا عيب سوانا
*
* نعيب زماننا والعيب فينا
* ولو نطق الزمان إذا هجانا
*
* ذئاب كلنا في خلق ناس
* فسبحان الذي فيه برانا
*
* يعاف الذئب يأكل لحم ذئب
* ويأكل بعضنا بعضا عيانا قلت شعر متوسط
*
3 (الشعباني محمد بن محمد بن جمهور))
أبو الحسن الشعباني أديب شاعر مدح الإمام القادر بالله وروى عن أبي الحسن علي بن محمد الشمشاطي شيئا من تصانيفه روى عنه أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران الواسطي ومن شعره قصيدة مدح بها القادر الطويل
* إليك انتهى مجد الخلافة والفخر
* ولولاك لم يشرف لمملكة قدر
*
* بمفرقك التاج استطال ترفعا
* وليس عليه في ترفعه خطر
*
* وذلت لك الأيام فهي خواضع
* وأصبح منقادا لسطوتك الدهر
*
* تدين لياليه لأمرك طاعة
* فلو تجتوي يوما لما ضمه شهر
*
* لك الشرف الملحوظ في سابق الذرى
* فمن رامه أرداه مسلكه الوعر
*

134
* يخافك من إسكندرية داره
* واندلس القصوى ومن ضمه مصر
*
* فما منهم من ليس منك بقلبه
* بلابل لا يخبو لجاحمها جمر
*
* وأنت إمام الحق تدعو إلى الهدى
* فما لامرئ عنك انثنى حايدا عذر)
* (فطاعتك الإيمان بالله وحده
* وعصيانك الإشراك بالله والكفر
*
3 (ابن الجنيد الأصبهاني محمد بن محمد بن الجنيد))
ابن عبد الرحمن بن الجنيد أبو مسلم ابن أبي الفتوح من أهل أصبهان والد أبي الفتوح محمد قدم بغداد حاجا في شبابه سنة عشرين وخمس مائة مع خاله أبي غانم ابن زينة وسمع بها من شيوخ ذلك الوقت وحدث بها وله نيف وعشرون سنة عن أبي سعد محمد بن محمد بن محمد المطرز وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد وأبي العباس أحمد بن الحسن بن أحمد بن نجوكه وغيرهم وكتب عنه أبو بكر المبارك ابن كامل الخفاف وعاش هذا بعد هذا التاريخ ستين سنة وحدث بالكثير بأصبهان وكتب الناس عنه وتوفي سنة تسع وسبعين وخمس مائة
3 (الديناري النحوي محمد بن محمد بن الحسن))
ابن الديناري أبو الفتح النحوي ذكر محمد بن طاهر المقدسي أنه من ولد دينار بن عبد الله الراوي عن أنس بن مالك سمع كثيرا وقرأ بالروايات السبع وعرف الأدب وحدث بالأخبار الموفقيات للزبير بن بكار عن أبي عبد الله الكاتب سمعها منه عيسى ابن أبي عيسى القابسي وكتب عنه علي بن الحسن بن الصقر الذهلي والخطيب أبو بكر علق عنه شيئا في المذاكرة توفي سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة
3 (ابن حسنكويه الفارسي محمد بن محمد بن الحسن))
ابن الحسين بن حسنكويه بن مردويه ابن هندويه الفارسي أبو عبد الله ابن أبي نصر من أهل فارس سمع بكازرون أبا الفتح عبد السلام بن عبد الرحمن الحاكم بها وبارجان أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن بلخ الأرجاني وبأصبهان أبا بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجة الأبهري وقدم بغداد شابا واستوطنها إلى حين وفاته سنة سبع وخمس مائة وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي وسمع الحديث الكثير من أبي الحسين بن النقور وأبي محمد عبد الله الصريفيني وأبي القاسم علي البشرى وخلق غيرهم وله تأليف ومجموعات وتخاريج وكان فقيها فاضلا روى عنه أبو عامر العبدري ومحمد بن ناصر وأبو معمر الأنصاري وأبو طالب ابن خضير
3 (أبو منصور ابن المعوج محمد بن محمد بن الحسين))
ابن عبد الله بن السكن أبو منصور المعروف بابن المعوج ويلقب بزعيم الكفاة كان حاجبا)
بالديوان مدة ثم ولي حجبة باب النوبى في أيام المقتدي وقلد المظالم وإقامة الحدود والشرطة وبرز خط الخليفة بتقليده ذلك وصورته ولما رأى أمير المؤمنين ما اجتمع في محمد بن محمد بن الحسين من العفاف والديانة والثقة والصيانة قلده المظالم وقد أخذ عليه تقوى الله سبحانه وطاعته والسعي في كل ما يزلفه عنده

135
ويحظيه ويقربه من أمير المؤمنين ويدنيه وكان أبو منصور يقظا حازما وفيه شجاعة وقوة نفس وله رغبة في حسن الذكر توفي سنة إحدى وخمس مائة
3 (أبو الحسن ابن القلعي الكاتب محمد بن محمد بن الحسين))
الأواني أبو الحسن الكاتب المعروف بابن القلعي سمع أبا الغنائم عبد الصمد بن المأمون وأبا علي ابن الشبل الشاعر وكتب عنه أبو طاهر السلفي وروى عنه سعد الله بن محمد الدقاق وتوفي سنة ثلاث عشرة وخمس مائة
3 (أبو الحسين ابن أبي يعلى الحنبلي محمد بن محمد بن الحسين))
ابن محمد بن خلف بن الفراء أبو الحسين ابن القاضي أبي يعلى الفقيه الحنبلي صنف في الأصولين والخلاف والمذهب وطبقات الحنابلة وسمع الكثير في صباه عند والده
وجده لأمه جابر بن ياسين وأبي جعفر محمد بن المسلمة وعبد الصمد بن المأمون وأبي محمد عبد الله الصريفيني ومحمد بن وشاح الزينبي ومحمد بن أحمد الأنبوشي وأبي الحسين ابن النقور وجماعة كثيرة وحدث بأكثر مسموعاته ومجموعاته وكان ثقة صدوقا روى عنه محمد بن ناصر وأبو عامر العبدري وابنا أخيه أبو يعلى محمد وأبو محمد عبد الرحيم وجماعة كثيرون ولد سنة إحدى وخمسين وأربع مائة وتوفي سنة ست وعشرين وخمس مائة
3 (أبو خازم ابن أبي يعلى الحنبلي محمد بن محمد بن الحسين))
ابن محمد بن خلف بن الفراء أبو خازم ابن أبي يعلى الحنبلي أخو أبي الحسين المذكور آنفا كان أصغر سنا درس الفقه على أبي علي يعقوب بن إبراهيم البرزياني تلميذ والده حتى برع في المذهب والأصول والخلاف وصنف التبصرة في الخلاف ورؤوس المسائل وشرح كتاب الخرقي وشهد مع أخيه أبي الحسين عند قاضي القضاة أبي الحسن ابن الدامغاني وسمع الحديث في صباه من ابن النقور وجده لأمه جابر بن ياسين وأبي جعفر ابن المسلمة وأبي الغنائم ابن المأمون وحدث باليسير وروى عنه أولاده أبو يعلى محمد وأبو الفرج علي وأبو)
محمد عبد الرحيم وأبو المعمر الأنصاري وابن ناصر وأبو النجم الباماوردي وابن بوش وكان زاهدا ورعا ناسكا صدوقا أمينا توفي سنة سبع وعشرين وخمس مائة
3 (أبو البركات ابن خميس محمد بن محمد بن الحسين))
بن القاسم بن خميس أبو البركات من أهل الموصل من بيت مشهور بالعلم والرواية قدم بغداد وحدث بها عن أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن طوق الموصلي سمع منه أبو الحسين هبة بن الحسن بن هبة الله الدمشقي وأبو الفضل محمد بن عبد الله بن الشهرزوري ورويا عنه توفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة
3 (زين الأئمة الحنفي الضرير محمد بن محمد بن الحسين))
ابن صالح أبو الفضل الضرير الحنفي المعروف بزين الأئمة كان له معرفة تامة بالفقه وناب في التدريس عن قاضي القضاة أبي

136
القاسم الزينبي بمشهد أبي حنيفة ثم درس بالمدرسة الغيائية سمع أبا الفضل أحمد بن خيرون وأبا طاهر أحمد الكرجي وأبا علي أحمد البرداني الحافظ وغيرهم وسمع منه أبو محمد ابن الخشاب وأبو بكر الخفاف وتوفي سنة ست وأربعين وخمس مائة
3 (ابن بطة والد عبيد الله محمد بن محمد بن حمدان))
ابن بطة بن عمر بن عيسى بن إبراهيم بن سعد بن عتبة بن فرقد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر العكبري والد عبيد الله الفقيه صاحب المصنفات حدث عن عبد الله بن الوليد بن جرير وغيره وروى عنه ولده في مصنفاته
3 (ابن أبي المليح الواعظ محمد بن محمد بن خطاب))
ابن عبد الله بن أبي المليح أبو عبد الله الواعظ من أهل الحربية سمع الكثير وطلب بنفسه وكتب وحصل وكان فاضلا يعظ الناس على الأعواد إلا أنه كان كذابا ظهر عليه أشياء أنكرها أصحاب الحديث قال ابن النجار رأيتهم مجمعين على تركه ولم يرضه شيخنا ابن الأخضر توفي سنة تسع وسبعين وخمس مائة
3 (الدباس محمد بن محمد بن سفيان))
الدباس أبو طاهر الفقيه أمام أهل الرأي بالعراق بغدادي درس الفقه على القاضي أبي خازم صاحب بكر العمي قال ابن النجار وكان من أهل السنة والجماعة صحيح المعتقد تخرج به)
جماعة من الأئمة قال بعض العلماء ترك التدريس آخر عمره وجاور بمكة وفرغ نفسه للعبادة إلى أن أتاه أجله
3 (ابن عباد المقرئ محمد بن محمد بن عباد))
أبو عبد الله المقرئ النحوي قرأ على أبي سعيد السيرافي وجمع كتابا في الوقف والابتداء وحدث به سمعه منه أحمد بن الفرج بن منصور بن محمد بن الحجاج بن هارون توفي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ابن الغزال المقرئ محمد بن محمد بن عبد الله))
ابن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله الغزال أبو جعفر ابن أبي بكر المقرئ من أهل أصبهان سمع الكثير في صباه وقرأ القرآن بالروايات وصحب العلماء والصالحين وانقطع في بيته لا يخرج إلا لجمعة أو جماعة وتقنع بما يدخل له من ملكه قدم بغداد وهو شاب حاجا وحدث بها قال ابن النجار وسمعنا منه وكان صدوقا وكان أجل عباد الله الصالحين توفي بأصبهان سنة عشرين وست مائة
3 (أبو رشيد ابن الغزال محمد بن محمد بن عبد الله))
ابن الغزال أخو المذكور سمع في صباه كثيرا ثم طلب بنفسه وجد واجتهد وسمع وقرأ شيئا كثيرا على أصحاب أبي على الحداد وأبي منصور ابن الصيرفي وغانم البرجي وأبي عبد الله الدقاق وأمثالهم وكتب بخطه وحصل الأصول وقدم بغداد وحج قال ابن النجار وسمع من مشايخنا وكان يكنى أبا رشيد وتوفي سنة إحدى وثلاثين وست مائة
3 (أبو بكر بن كوتاه محمد بن محمد بن عبد الجليل))
ابن عبد الواحد أبو بكر المعروف بابن كوتاه من أصبهان من أولاد المحدثين والحفاظ وكلهم محدثون فضلاء ثقات سمع الكثير من جده وأبي الوقت السجزي وجماعة وسمع منه ابن النجار وكتبه مليحة الأصول وكان ثقة

137
توفي سنة اثنتي عشرة وست مائة
3 (الشريف الإدريسي محمد بن محمد بن عبد الله))
ابن إدريس بن يحيى بن علي بن حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله ابن عمر بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الشريف الإدريسي مؤلف كتاب رجار وهو نزهة المشتاق في اختراق الآفاق وسوف يأتي ذكر والده في ترجمة جده)
إدريس بن يحيى وذكر جماعة من بيته كل منهم في مكانه نشأ محمد هذا في أصحاب رجال الفرنجي صاحب صقلية وكان أديبا ظريفا شاعرا مغري بعلم جغرافيا صنف لرجار الكتاب المذكور وفي ترجمة رجال في حرف الراء شيء من ذكر هذا الكتاب وسبب تصنيفه ومن شعر محمد هذا المجتث
* دعني أجل ما بدت لي
* سفينة أو مطية
*
* لا بد يقطع سيري
* أمنية أو منية
* ومنه مجزوء الرمل
* ليت شعري أين قبري
* ضاع في الغربة عمري
*
* لم أدع للعين ما تش تاق في بر وبحر
*
* وخبرت الناس والأر ض لدى خير وشر
*
* لم أجد جارا ولا دا را كما في طي صدري
*
* فكأني لم أسر
* لا بميت أو بقفر
* ومنه الخفيف
* إن عيبا على المشارق إن أر جع عنها إلى ذيول المغارب
*
* وعجيب يضيع فيها غريب
* بعد ما جاء فكره بالغرائب
*
* ويقاسي الظما خلال أناس
* قسموا بينهم هدايا السحائب
* ومنه الطويل
* ومن قبل أن أمشي على قدم المنى
* سعى قلمي في المدح سعيا على الرأس
* ومنه المتقارب
* وليل كصدر أخي غمة
* قطعناه حتى بلغنا النجاح
*

138
* وبدر السماء بدا في النجوم
* كما لاح في الناس بدر السماح
* قلت شعر جيد
3 (أبو الفتح ابن الخشاب محمد بن محمد بن عبد الرحمن))
ابن الحسين بن محمد بن أحمد بن حمدان بن فضالة التغلبي أبو الفتح الكاتب المعروف بابن الخشاب أحد الكتاب الفضلاء قدم بغداد مرارا وروى بها قال أبو سعد السمعاني أنشدني)
لنفسه المتقارب
* أراك اتخذت سواكا أراكا
* لكيما أراك وأنسي سواكا
*
* سواك فما أشتهي أن أرى
* فهب لي رضابا وهب لي سواكا
* قلت من ههنا أخذ القائل قوله الخفيف
* ما أردت الأراك إلا لأني
* إن ذكرت الأراك قلت أراكا
*
* وهجرت السواك إلا لأني
* إن ذكرت السواك قلت سواكا
* وكان حسن الخط والعبارة والترسل وله حظ وافر من العربية واللغة غير أنه كان منهمكا على الشرب مع كبر سنه وكان يضرب به المثل في الكذب ووضع المحالات وحكايات المستحيلات بين أصحاب الديوان مشهور بذلك وللغزي فيه أشعار منها قوله البسيط
* أوصى بأن ينحت الأخشاب والده
* فلم يطقها وأضحى ينحت الكذبا
* توفي سنة أربعين وخمس مائة
3 (الخطيب الكشميهني محمد بن محمد بن عبد الرحمن))
ابن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الخطيب الكشميهني أبو عبد الرحمن من أهل مرو سمع أبا حنيفة النعمان بن إسماعيل النملاني وأبا بكر محمد بن منصور السمعاني وجماعة كثيرة وحدث بصحيح مسلم وغيره بمجلس الوزير عون الدين ابن هبيرة وحدث بحلب ومات بمرو سنة ثمان وسبعين وخمس مائة وكتب عنه ابن النجار
3 (أبو علي الخطيب ابن المهدي محمد بن محمد بن عبد العزيز))
ابن العباس بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن المهدي بالله أبو علي ابن أبي الفضل الخطيب اسمعه والده في صباه الكثير وعمر حتى حدث بالكثير وروى عنه الحفاظ والكبار من سائر البلاد وتوفي سنة خمس عشرة وخمس مائة
3 (أبو البركات ابن الطوسي محمد بن محمد بن عبد القاهر))
ابن هشام ابن الطوسي أبو البركات أخو أبي نصر أحمد قرأ الفقه على أبي إسحاق الشيرازي وسمع الحديث من أبي الحسين ابن النقور وأبي بكر محمد الناصحي النيسابوري وغيرهما وانتقل إلى الموصل من بغداد وكان يتردد إليها وحدث روى عنه أبو المعمر المبارك الأنصاري وإبراهيم بن علي الفقيه الشافعي الفراء وأبو القاسم ابن بوش وبينه وبين الأبيوردي)
مكاتبات توفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة
3 (ابن الضجة المقرئ الشافعي))
محمد بن محمد بن عبد كان أبو المحاسن المقرئ

139
المعروف بابن الضجة كان شافعي المذهب أشعريا صنف كتابا في الأصول سماه نور الحجة وإيضاح المحجة قرأ القرآن على أبي الخير المبارك الغسال وغيره قال ابن النجار سألت عنه ابن أبي الفنون النحوي فأثنى عليه ووصفه بالعلم والفضل وتوفي سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة
3 (ابن الصباغ أخو الفقيه))
محمد بن محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ أبو طالب بن أبي طاهر بن أبي أحمد أخو أبي نصر عبد السيد الفقيه صاحب الشامل في الفقه حدث باليسير عن أبي القاسم بن بشران روى عنه إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي توفي سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة
3 (ابن الصباغ))
محمد بن محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ أبو غالب ابن أبي جعفر كان من بيت العدالة والقضاء والفقه والحديث ارتشى قاضي القضاة محمد بن جعفر العباسي على كتاب باطل أثبته وقال لأحمد بن البندنيجي أكتب عليه عورض بأصله ولم يكن له أصل فقد رأيت أصله فركن إليه وكتب عليه وأتى بالكتاب إلى ابن الصباغ هذا فلما رأى خط البندنيجي ركن إليه وكتب فلما ظهرت الحال عزل القاضي وأشهر الشاهدان على جملين بحريم دار الخلافة مكشوفي الرأس سمع أبو غالب من أبي بكر ابن الزاغوني وأبي الوقت السجزي وغيرهم وكتب عنه ابن النجار وتوفي سنة خمس عشرة وست مائة
3 (محمد بن محمد بن عبد الوهاب))
ابن علي بن علي بن عبيد الله الأمي ن أبو عبد الله ابن أبي منصور قال ابن النجار إن شيخنا المعروف بابن سكينة توفي والده وهو صغير وكفله جده ورباه حفظ القرآن والتنبيه وأتقنه وقرأ الأدب وسمع الحديث الكثير من جده وكان والده اسمعه من ابن كليب وأخذ له إجازة من)
ابن شاتيل وأبي السعادات ابن زريق وناب عن ابن المجير وكيل الإمام الناصر وعلت مرتبته وارتفع مقداره ولما ولي المستنصر رفع منزلته ثم إنه استعفى من الخدمة فأجيب وانقطع يديم الصيام ويكثر القيام ويتلو القرآن توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة
3 (ابن الشخير الصيرفي))
محمد بن محمد بن عبيد الله ابن محمد بن الفتح بن عبيد الله بن يزيد بن عبد الله بن الشخير الصيرفي أبو الطيب ابن أبي بكر الشاعر له قصيدة طويلة سماها ذات الهدى نقض بها قصيدة ابن بسام رواها عنه أبو القاسم علي بن المحسن الدقاق من شعره الطويل
* رفعت إلى مولاي في الحب قصتي
* وقلت له أنظر لضعفي في أمري
*
* فوقع لي يعفى من الصد في الهوى
* ويخرج حال القلب هل هم بالغدر
*
* فجئت إلى ديوان وجدي أديره
* على الهم والأحزان والشوق والذكر
*
* فكل عليه علموا إنني به
* أسير هوى ما استفيق إلى الحشر
*

140
* وعدت إليه بالكتاب فقال لي
* ألا قر عينا قد سلمت من الهجر
*
3 (ابن الوزير ابن مقلة))
محمد بن محمد بن علي ابن الحسن بن مقلة أبو الحسن ابن الوزير أبي علي حدث بالديار المصرية عن والده وعن أبي بكر بن دريد وأبي الحسن أحمد جحظة وروى عنه أبو زكرياء ابن مالك الطرطوشي والقاضي أبو الحسن علي الدينوري
3 (محمد بن محمد بن علي))
ابن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ابن عبد المطلب أبو تمام ابن أبي الحسن هو أحد الأخوة الخمسة أبي منصور محمد وأبي نصر محمد وأبي الفوارس طراد وأبي طالب الحسين وكان الأكبر ويعرف بالأفضل ولي النقابة على الهاشميين بعد وفاة أبيه سمع في صباه من أبي القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن الجراح وأبي طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال ابن النجار وما أظنه روى شيئا وتوفي سنة خمس وأربعين وأربع مائة))
3 (أبو المعالي الهيتي))
محمد بن محمد بن علي ابن الفارسي أبو المعالي الهيتي شاعر اجتدى بالشعر كتب عنه أبو طاهر السلفي ببغداد وبالحلة سنة سبع وتسعين وأربع مائة ومن شعره رواية السلفي الكامل
* صرمت بلا ذنب خيالي زينب
* وتجرمت وتقول أنت المذنب
*
* وغدت تضن بوصلها من تيهها
* والوصل أحسن بالحسان وأصوب
*
* ومذ أعرضت عني قد أضرم في الحشا
* نار توقد حرها يتلهب
*
* فلحرقة البين المشتت لوعة
* والبين أعظم ما يكون وأصعب
*
* يا عاذلا لم يدر ما صنع الأسى
* أقصر فإن ملام مثلك يعطب
* وقال السلفي كان من المجيدين قلت هذا شعر رذل منحط إلى الغاية
3 (أبو الفتح الخزيمي الواعظ))
محمد بن محمد بن علي ابن إسحاق بن خزيمة أبو الفتح الخزيمي الفراوي الواعظ قال ابن النجار هكذا رأيت نسبه بخط الحسين بن خسرو البلخي قدم بغداد سنة تسع وتسعين منصرفا من الحج وعقد بها مجلس الوعظ تارة بجامع القصر وتارة بالنظامية وأملي عدة مجالس استملاها أبو الفضائل بن الخاضبة وحدث ببغداد أيضا سنة تسع وخمس مائة سمع عبد الغافر الفارسي وأبا القاسم القشيري وأبا الخير محمد الصفار وإسماعيل ابن

141
علي الخطيب الرازي وأحمد بن محمد الناصحي الفقيه وأبا عبد الله عمر بن أحمد الفراوي وأبا الحسن بن همزة الدهستاني ومحمد بن أحمد بن محمد بن الحسن الكامخي الساوي وروى عنه علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب وابنه محمد وسعد الله ابن محمد بن طاهر الدقاق ومن شعره الوافر
* دعا لومي فلومكما معاد
* وقتل العاشقين له معاد
*
* ولو قتل الهوى أهل التصابي
* لما تابوا ولو ردوا لعادوا
* ومنه أيضا الطويل
* إذا كنت ترضى بالتمني من البقا
* فإن التمني بابه غير مغلق)
* (وما ينفع التحقيق بالقول في التقى
* إذا كان بالأفعال غير محقق
* توفي سنة أربع عشرة وخمس مائة ودفن بالوردية
3 (ابن الباطوخ الواعظ))
محمد بن محمد بن علي ابن طالب أبو عبد الله ابن أبي الغنائم الواعظ الحنبلي المعروف بابن الباطوخ سمع الكثير من أبي محمد يحيى ابن الطراح ومحمد بن عبد الملك بن خيرون وجماعة وله خطب معروفة على الحروف كل خطبة ناقصة عن حرف مختومة بخطبة ليس فيها نقطة من شعره الطويل
* بحقك إن عاينت من أنا عبده
* فقل قال ذاك العبد قد مسني الضر
*
* ترفق بصب فيك قد عز صبره
* وصل دنفا قد شفه البعد والهجر
*
* أعلل قلبي في وصالك بالمنى
* واسأل عن صبري وقد عدم الصبر
*
* فكيف سلوى عن حبيب إذا بدت
* محاسنه لي غاب عن حسنها البدر
*
* ذللت له والحب عار وذلة
* وصرت له عبدا وفي يده الأمر
* قلت شعر يكاد يكون متوسطا وتوفي سنة اربع وأربعين وخمس مائة
3 (أبو عبد الله ابن المعوج))
محمد بن محمد بن علي ابن محمد بن الحسين بن عبد الله بن السكن التميمي أبو عبد الله ابن أبي سعد الكاتب المعروف بابن المعوج من أهل باب المراتب ومن أهل البيوت الكبار كان كاتبا سديدا أديبا فاضلا حسن العبارة له نظم ونثر وأضر في آخر عمره وكان صالحا حسن الطريقة سمع أبا الخطاب نصر بن البطر وأبا عبد الله الحسين ابن البشري وغيرهما وروى عنه عبد الوهاب بن علي الأمين وأبو الفتوح ابن الخضري وجماعة ومن شعره البسيط
* الله يسعد مولانا ودولته
* بكل عام جديد وافد أبدا
*
* ولا تزال له الأعوام خادمة
* توليه مجدا وتحبوه سدا وندى
*
* ما لاح برق وما غنت مطوقة
* على الأراك وما أولى الأنام يدا
*

142
قلت شعر منحط ركيك وتوفي سنة خمس وستين وخمس مائة
3 (الصاحب محيي الدين ابن ندي الجزري))
)
محمد بن محمد بن سعيد بن ندى الصاحب الكبير محيي الدين ابن الصاحب شمس الدين الجزري وسيأتي ذكر أبيه وذكر أولاده وذكر مماليكه توفي رحمه الله تعالى بدمشق سنة إحدى وخمسين وستمائة استقل الصاحب محيي الدين بتدبير الملك بالجزيرة بعد وفاة والده شمس الدين وكان فاضلا محبا للفضلاء مقربا مكرما لهم يلازمهم أبدا ويتحفونه بالفوائد ويؤلفون له التصانيف الحسنة فممن كان عنده الإمام رشيد الدين الفرغاني والشيخ أثير الدين الأبهري وصدر الدين الخاصي وضياء الدين أبو طالب السنجاري والشيخ شرف الدين التيفاشي صاحب فصل الخطاب وهو في أربعة وعشرين مجلدا والشيخ شهاب الدين أبو شامة ونور الدين ابن سعيد المغربي الأديب ونجم الدين القمراوي وغير هؤلاء وهؤلاء كانوا أعيان ذلك العصر كل منهم فرد زمانه في فنه وله صنف ابن سعيد كتاب المغرب في محاسن أهل المغرب وكتاب المشرق في أخبار المشرق وذكره في أول كتابه وذكر له ترجمة طويلة وكان مشغوفا بجمع المحاسن مولعا بإحياء الرسوم البرمكية ولما فتح الكامل ابن العادل دمشق وعبر الفرات اجتمع به فأحبه وأقام يتدرج في الاجتماع به أربع سنين ثم فاوض صاحب الجزيرة فيه وأضافه إليه وخوله في نعمه وزاد في بره وتمثل عندما اجتمع بالكامل وشرق غيره أنه قال الطويل
* وما شئت إلا أن أذل عواذلي
* على أن رأيي في هواك صواب
*
* وأعلم قوما خالفوني وشرقوا
* وغربت أني قد ظفرت وخابوا
* فاشتد اهتزاز الكامل لهذا الاستشهاد وقال يا محيي الدين أنت والله أولى بهما من المتنبي قلت ومن هنا نقل الاستشهاد بهما الناصر داود لما كتب إلى الكامل بمخالفة الأشرف وسيأتي ذلك في ترجمة الناصر وكان والد محيي الدين فاضلا وأولاد محيي الدين فضلاء شعراء ومماليكه فضلاء منهم أيدمر المحيوي الشاعر الفاضل المشهور وأيبك المحيوي الكاتب الفائق الفاضل وسيأتي ذكر كل منهم في مكانه وصنف محيي الدين مصنفات منها لطائف الواردات وكتاب معالم التدبير وكتاب مراشد الملك وكتاب ضوابط الملك وكتاب وظائف الرئاسة وكتاب التذكرة الملوكية
ومن الشعراء الذين مدحوه جماعة منهم زكى الدين ابن أبي الأصبع وأكثر من إمداحه وشرف الدين ابن قديم وبدر الدين ابن المسجف وأحمد بن منهال وشرف الدين ابن الحلاوي

143
ووجيه)
الدين ابن العالمة والوزير شرف الدين محمد ابن نظيف وزير الحافظ صاحب جعبر ويوسف بن علي القرشي ونجم الدين ابن المنفاح الطبيب ومحمد بن عمار المكي ومحمد بن محمد بن مسكين وابن سعيد المغربي وغيرهم
وكان الصاحب محيي الدين يترسل جيدا من ذلك ما كتبه إلى أخيه الصاحب عماد الدين وقد طلب منه شيئا من ملبوسه وهو أين أنت مما نحن فيه أكتب إليك وتكتب إلي والغفلة شاملة والحيرة سابغة وقد رين على القلوب وزاد الوله حتى إلهي العقول وفاض حتى أعشى الأبصار ل قد كنا في غفلة من هذا الأنبياء فواعجبا كيف لا ينفطر ما لا أسميه وينشق لكثرة ما أحوم حول القول فيه ولا أوفيه إن شرحت فاضت نفوس فضلا عن عيون وترامت إلى مهاوي الإثم فيه ظنون ولو أبديت بعضه أخاف أن يفطن بعض الناس ولو أفضت فيه أخشى أن لا يحمله سمع ولا يسعه قرطاس والرضا بالقضاء يمنع من استبطاء مقدر اللقاء ومن غرائب هذه الحال أنك تكون في شرق الأرض وأكون في غربها فتستدرج الآمال الأجسام حتى تجعلها كقاب قوسين أو أدنى ثم يفطن بنا الزمان فيجعل أجسامنا سهاما ويرمينا بقوسه إلى البعد الأقصى الخفيف
* أيها المنكح الثريا سهيلا
* عمرك الله كيف يجتمعان
*
* هي شامية إذا ما استقلت
* وسهيل إذا استقل يمان
* ولقد عام السابح في بحر الفكر ليستخرج من قعره ما يستعين به على هذا الدهر فلم ير إلا أثرا بعد عين فبعث شعارا بليه واستدعى دثارا ساميه ليتلاقى فيها جسوم ما تلاقى قانعا في الوقت الحاضر بقليل هو كثير راجيا من الله جمع الشمل وهو على جمعهم إذا يشاء قدير الشورى الوافر
* فليت هوى الأحبة كان عدلا
* فحمل كل قلب ما أطاقا
* وبالجملة أليس إذا صار المرء في غامض علمه يقال من حيث الصورة كان أمل بطانته وظهارته أن يصل منه نبأ يقر العين ويسر السمع ويبهج النفس من كونه في نعيم وفي غرف من عليين و في جنة عالية قطوفها دانية الحاقة و أكلها دائم الرعد وبين أشجار وأنهار وأثمار و في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر القمر فصاحبكم وبعيدكم في هذه الحالة يتقلب وفي هذه النعمة يصلكم خبر التواتر عنه بهذه الحظوة فليرض بهذا المقدار في الاجتماع واحسبوه في غامض علم الله تعالى من حيث المعنى ولما توجه فلذة الكبد وسر الروح وسواد الناظر وسويداء القلب وشارفنا ثنايا الوداع أهملت مشروع التشييع حذرا أن تفيض عيون وتتقرح)
جفون ويظهر مكتوم وتلجئ ضرورة إلى ما لا يليق بذوي المرائر الأبية والنحائز العظيمة الطويل
* ولما شربناها ودب دبيبها
* إلى موضع الأسرار قلت لها قفى
*
* مخافة أن يسطو علي دخيلها
* فيظهر مني بعض ما كان قد خفي
*

144
والله المشكور وبه المستعان في جميع الأمور وهو الخليفة عليكم لي وعلي لكم والسلام
3 (ابن الجنان الشاطبي))
محمد بن محمد كذا قرأته على الشيخ أثير الدين أبي حيان وأخبرني الشيخ شمس الدين الذهبي ومن خطه نقلت أنه محمد بن سعيد بن محمد بن هشام بن الجنان بتشديد النون بعد الجيم الشيخ فخر الدين أبو الوليد الكناني الشاطبي الحنفي ولد سنة خمس عشرة وستمائة بشاطب وقدم الشأم وصحب الصاحب كمال الدين ابن العديم وولده فاجتذباه
بإحسانهما ونقلاه من مذهب مالك إلى مذهب أبي حنيفة ودرس بالإقبالية وكان أديبا فاضلا وشاعرا محسنا وكان يخالط الأكابر وفيه حسن العشرة والمزاح توفي سنة خمس وسبعين وست مائة أخبرني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس قال أخبرني والدي قال كنا عند القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان وهو ينوب في الحكم بالقاهرة والشيخ فخر الدين ابن الجنان حاضر وهو إلى جانبي فأنشد أبياتا له وهي الكامل
* عرف النسيم بعرفكم يتعرف
* وأخو الغرام بحبهم يتشرف
*
* شرف المتيم في هواهم أنه
* طورا ينوح وتارة يتلهف
*
* لطفت معانيه فهب مع الصبا
* فرقيبه بهبوبه لا يعرف
*
* وإذا الرقيب درى به فلأنه
* أخفى لديه من النسيم وألطف
*
* ولأنه يعدو النسيم ديارهم
* ولها على تلك الربوع توقف
* فقال القاضي شمس الدين يا شيخ فخر الدين لطفته لطفته إلى أن عاد لا شيء فالتفت إلي وقال بلسانه الكاضي حمار هوس ما لو ذوك شي يعني القاضي حمار ماله ذوق وأنشدني له الشيخ أثير الدين أبو حيان المجتث
* أفناني القبض عني
* حتى تلاشى وجودي
*
* وجاءني البسط يحيى
* روحي بفضل وجودي
*
* فقلت للنفس شكرا
* لذاك بالنفس جودي)
* (وقمت أشطح سكرا
* فغبت عن ذا الوجود
* وقال ابن الجنان الكامل
* ذكر العذيب فمال من سكر الهوى
* صب على صحف الغرام قد انطوى
*
* يبكي على وادي العقيق بمثله
* ويميل من طرب بمنعطف اللوى
*
* وجهت وجهي نحوهم فوحقهم
* لا أبتغي غيرا ولا أرجو سوى
*
* وبمهجتي معبود حسن منهم
* فلذا على عرش القلوب قد استوى
*
* أوحى إلى قلبي الذي أوحى له
* فعجبت كيف نطقت فيه عن الهوى
*

145
وقال أيضا السريع
* عليك من ذاك الحمى يا رسول
* بشرى علامات الهوى والقبول
*
* جئت وفي عطفيك منهم شذا
* يسكر من خمر هواه العذول
*
* يكفيك تشريفا رسول الرضى
* إنك للعشاق فيهم رسول
*
* حللتم قلبي وهو الذي
* يقول في دين الهوى بالحلول
* وقال أيضا الكامل
* وأبيك لم يخفق حشاي وإنما
* طربا لأيام الغرام يصفق
*
* بالله قولوا من أكون لديهم
* حتى أرى بهواهم أتعشق
*
* نطق الغرام بحالهم لما رأى
* إن اللسان بحاله لا ينطق
*
* لا يدعى فيه الفؤاد خفوقه
* فوشاح من أهوى لعمري أخفق
* قال وفيه جناس معنوي الكامل
* نزلوا حديقة مقلتي أو ما ترى
* أغصان أهدابي بدمعي تزهر
* قلت أراد يقول حديقة حدقتي فما ساعده الوزن فعدل إلى ما يرادفه وهو المقلة وقال أيضا وهو لطيف جدا المتقارب
* ودوح بدت معجزات له
* تبين عليه وتدعو إليه
*
* جرى النهر حتى سقى غصنه
* فمال يقبل شكرا يديه
*
* وكف الصبا ضيعت حليه
* فأضحى الحمام ينادي عليه
*
* كساه الأصيل ثياب الضنى
* فحل طبيب الدياجي لديه)
* (وجاء النسيم له عائدا
* فقام له لاثما معطفيه
*
3 (محمد القفصي))
محمد بن محمد بن أحمد ابن محمد بن محمد الطائي القفصي الأصل والمولد قال الشيخ أثير الدين أبو حيان قراءة وأنا أسمع رأيته بالقاهرة وكان يستجدي بالشعر وله أدب وأنشدني المذكور لنفسه الخفيف
* أنكرتني لما رأت من سقامي
* وبياض المشيب حال احتلامي
*
* غادة غادرت فؤادي كثيبا
* وجفوني بلا لذيذ المنام
*
* لا أبالي وإن غدا القلب منها
* وهو دام بناظر كالحسام
* وأنشدني قال أنشدني أيضا لنفسه المتقارب
* سقى قبة الشافعي الإمام
* من الكوثر الأعين الجارية
*
* له قبة تحتها سيد
* وبحر له فوقها جاريه
*

146
قلت يعني بذلك صورة السفينة التي عملت من الرصاص على قبة الضريح وأحسن من هذا ما أنشدنيه من لفظه الشيخ أثير الدين أبو حيان قال أنشدني لنفسه محمد بن سعيد بن حماد البوصيري الطويل
* بقبة قبر الشافعي سفينة
* رست من بناء محكم فوق جلمود
* ومذ غاض طوفان العلوم بموته استوى الفلك من ذاك الضريح على الجودي
3 (مهذب الدين الحاسب الشاعر))
محمد بن محمد بن إبراهيم ابن الخضر أبو نصر الحلبي الحاسب ويعرف بالسطيل ولقبه مهذب الدين كان والده يعرف بالبرهان المنجم الطبري وولد المهذب بحلب سنة ثمانين وخمس مائة وكان فاضلا أديبا وله تآليف مفيدة وصنف زيجا ومقدمة في الحساب وغير ذلك وشعره في مجلدين واستوطن صرخد وتوفي بها يوم السبت ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وخمسين وست مائة قال النور الأسعردي أنشدني المهذب لنفسه المجتث
* أقول إذ نكت بغا
* رأيت منه هوانا
*
* إلام تفدي فساء
* فقال هاك بيانا)
* (اطفأت بالماء ناري
* فقد أثارت دخانا
*
3 (جمال الدين الدباب))
محمد بن محمد بن علي ابن أبي الفرج ابن أبي المعالي ابن الدباب العدل الواعظ جمال الدين أبو الفضل ابن أبي الفرج البغدادي البابصري الحنبلي ويعرف أيضا بابن الرزاز ولكنه بابن الدباب أشهر وسمى جده الدباب لأنه كان يمشي على تؤدة سمع الكثير وأجاز له خلق وأول سماعه سنة ست عشرة وسمع المهروانيات الخمسة من أحمد بن صرما وسمع أشياء مليحة ووعظ في شبيبته وأجاز لطائفة من دمشق منهم علم الدين البرزالي وتوفي سنة خمس وثمانين وست مائة
3 (الخواجا نصير الدين الطوسي))
محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين أبو عبد الله الطوسي الفيلسوف صاحب علوم الرياضي والرصد كان رأسا في علم الأوائل لا سيما في الأرصاد والمجسطي فإنه فاق الكبار قرأ على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي الرافضي وغيره وكان ذا حرمة وافرة ومنزلة عالية عند هولاكو وكان يطيعه فيما يشير به عليه والأموال في تصريفه فابتنى بمدينة مراغة قبة ورصدا عظيما واتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الأرجاء وملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة حتى تجمع فيها زيادة على أربع مائة ألف مجلد وقرر بالرصد المنجمين والفلاسفة والفضلاء وجعل لهم الجامكية وكان حسن الصورة سمحا كريما جوادا حليما حسن العشرة غزير الفضائل جليل القدر داهية حكى لي أنه لما أراد

147
العمل للرصد رأى هولاكو ما ينصرف عليه فقال له هذا العلم المتعلق بالنجوم ما فائدته أيدفع ما قدر أن يكون فقال أنا أضرب لمنفعته مثالا ألقان يأمر من يطلع إلى أعلى هذا المكان ويدعه يرمي من أعلاه طست نحاس كبيرا من غير أن يعلم به أحد ففعل ذلك فلما وقع ذلك كانت له وقعة عظيمة هائلة روعت كل من هناك وكاد بعضهم يصعق وأما هو وهولاكو فإنهما ما تغير عليهما شيء لعلمهما بأن ذلك يقع فقال له هذا العلم النجومي له هذه الفائدة يعلم المتحدث فيه ما يحدث فلا يحصل له من الروعة والاكتراث ما يحصل للذاهل الغافل عنه فقال لا بأس بهذا وأمره بالشروع فيه أو كما قيل ومن دهائه ما حكى لي أنه حصل له غضب علي علاء الدين الجويني صاحب الديوان فيما)
أظن فأمر بقتله فجاء أخوه إليه وذكر له ذلك وطلب منه إبطال ذلك فقال هذا القان وهؤلاء القوم إذا أمروا بأمر ما يمكن رده خصوصا إذا برز إلى الخارج فقال له لا بد من الحيلة في ذلك فتوجه إلى هولاكو وبيده عكاز وسبحة واسطرلاب وخلفه من يحمل مبخرة وبخورا والنار تضرم فرآه خاصة هولاكو الذين على باب المخيم فلما وصل أخذ يزيد في البخور ويرفع الأسطرلاب ناظرا فيه ويضعه فلما رأوه يفعل ذلك دخلوا إلى هولاكو واعلموه وخرجوا إليه فقالوا ما الذي أوجب هذا فقال القان أين هو قالوا له جوا قال طيب معافى موجود في صحة قالوا نعم فسجد شكرا لله تعالى وقال لهم طيب في نفسه قالوا نعم وكرر هذا وقال أريد أن أرى وجهه بعيني إلى أن دخلوا إليه واعلموه بذلك وكان وقت لا يجتمع فيه به أحد فأمر بادخاله فلما رآه سجد وأطال السجود فقال له ما خبرك قال اقتضي الطالع في هذا الوقت أن يكون على القان قطع عظيم إلى الغاية فقمت وعملت هذا وبخرت هذا البخور ودعوت بأدعية أعرفها اسأل الله صرف ذلك عن القان ويتعين الآن أن القان يكتب إلى سائر مماليكه ويجهز الألجية في هذه الساعة إلى سائر المملكة بإطلاق من في الاعتقال والعفو عمن له جناية أو أمر بقتله لعل الله يصرف هذا الحادث العظيم ولو لم أر وجه القان ما صدقت فأمر هولاكو في ذلك الوقت بما قال وأطلق صاحب الديوان في جملة الناس ولم يذكره النصير الطوسي وهذا غاية في الدهاء بلغ به مقصده

148
ودفع عن الناس أذاهم وعن بعضهم إزهاق أرواحهم ومن حلمه ما وقفت له على ورقة حضرت إليه من شخص من جملة ما فيها يقول له يا كلب يا ابن الكلب فكان الجواب وأما قوله كذا فليس بصحيح لأن الكلب من ذوات الأربع وهو نابح طويل الأظفار وأنا فمنتصب القامة بادي البشرة عريض الأظفار ناطق ضاحك فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص وأطال في نقض كل ما قاله هكذا برطوبة وتأن غير منزعج ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة ورأيت له شعرا كتبه لكمال الدين الطوسي على مصنف صنفه المذكور وهو نظم منحط ومن تصانيفه كتاب المتوسطات بين الهندسة والهيئة وهو جيد إلى الغاية ومقدمة في الهيئة وكتابا وضعه للنصيرية وأنا أعتقد أنه ما يعتقده لأن هذا فيلسوف وأولئك يعتقدون آلهية على واختصر المحصل للإمام فخر الدين وهذبه وزاد فيه وشرح الإشارات ورد فيه على الإمام فخر الدين في شرحه وقال هذا به جرح وما هو شرح قال فيه إني حررته في عشرين سنة وناقض فخر الدين كثيرا ولقد ذكره قاضي القضاة جلال)
الدين القزويني رحمه الله يوما وأنا حاضر وعظمه أعني الشرح فقلت يا مولانا ما عمل شيئا لأنه أخذ شرح الإمام وكلام سيف الدين الآمدي وجمع بينهما وزاده يسيرا فقال ما أعرف للآمدي في الإشارات شيئا قلت نعم كتاب صنفه وسماه كشف التمويهات عن الإشارات والتنبيهات فقال هذا ما رأيته ومن تصانيفه التجريد في المنطق وأوصاف الإشراف وقواعد العقائد والتلخيص في علم الكلام والعروض بالفارسية وشرح الثمرة لبطلميوس وكتاب مجسطي وجامع الحساب في التخت والتراب والكرة والأسطوانة والمعطيات والظاهرات والمناظر والليل والنهار والكرة المتحركة والطلوع والغروب وتسطيح الكرة والمطالع وتربيع الدائرة والمخروطات والشكل المعروف بالقطاع والجواهر والإسطوانة والفرائض على مذهب أهل البيت وتعديل المعيار في نقد تنزيل الأفكار وبقاء النفس بعد بوار البدن والجبر والمقابلة وإثبات العقل الفعال وشرح
مسألة العلم ورسالة الإمامة ورسالة إلى نجم الدين الكاتبي في إثبات واجب الوجود وحواشي على كليات القانون ورسالة ثلاثون فصلا في معرفة التقويم وكتاب أكرمانالاوس وأكرثاوذوسيوس والزيج الأيلخاني وله شعر كثير بالفارسية وقال الشمس ابن المؤيد العرضي أخذ النصير العلم عن الشيخ كمال الدين ابن يونس الموصلي ومعين الدين سالم بن بدران المصري المعتزلي وغيرهما قال وكان منجما لابغا بعد أبيه وكان يعمل

149
الوزارة لهولاكو من غير أن يدخل يده في الأموال واحتوى على عقله حتى أنه لا يركب ولا يسافر إلا في وقت يأمره به ودخل عليه مرة ومعه كتاب مصور في عمل الدرياق الفاروق فقرأه عليه وعظمه عنده وذكر منافعه وقال إن كمال منفعته إن تسحق مفرداته في هاون ذهب فأمر له بثلاثة آلاف دينار لعمل الهاون وولاه هولاكو جميع الأوقاف في سائر بلاده وكان له في كل بلد نائب يستغل الأوقاف ويأخذ عشرها ويحمله إليه ليصرفه في جامكيات المقيمين بالرصد ولما يحتاج إليه من الأعمال بسبب الأرصاد وكان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم وكان يبرهم ويقضي اشغالهم ويحمي أوقافهم وكان مع هذا كله فيه تواضع وحسن ملتقى قال شمس الدين الجزري قال حسن بن أحمد الحكيم صاحبنا سافرت إلى مراغة وتفرجت في هذا الرصد ومتوليه صدر الدين علي بن الخواجا نصير الدين الطوسي وكان شابا فاضلا في التنجيم والشعر بالفارسية وصادفت شمس الدين محمد بن المؤيد العرضي وشمس الدين)
الشرواني والشيخ كمال الدين الأيكي وحسام الدين الشامي فرأيت فيه من آلات الرصد شيئا كثيرا منها ذات الحلق وهي خمس دوائر متخذة من نحاس الأولى دائرة نصف النهار وهي مركوزة على الأرض ودائرة معدل النهار ودائرة منطقة البروج ودائرة العرض ودائرة الميل ورأيت الدائرة الشمسية يعرف بها سمة الكواكب واصطرلابا تكون سعة قطره ذراعا واصطرلابات كثيرة وكتبا كثيرة قال وأخبرني شمس الدين ابن العرضي أن نصير الدين أخذ من هولاكو بسبب عمارة هذا الرصد ما لا يحصيه إلا الله وأقل ما كان يأخذ بعد فراغ الرصد لأجل الآلات وإصلاحها عشرون ألف دينار خارجا عن الجوامك والرواتب التي للحكماء والقومة وقال الخواجا نصير الدين في الزيج الأيلخاني أنني جمعت لبناء الرصد جماعة من الحكماء منهم المؤيد العرضي من دمشق والفخر المراغي الذي كان بالموصل والفخر الخلاطي الذي كان بتفليس والنجم دبيران القزويني وابتدأنا ببنائه في سنة سبع وخمسين وست مائة في جمادى الأولى بمراغة والأرصاد التي بنيت قبلي وعليها كان الاعتماد دون غيرها هو رصد برجس وله مذ بنى ألف وأربع مائة سنة وبعده رصد بطلميوس بمائتي سنة وخمس وثمانين سنة وبعده في ملة الإسلام رصد المأمون ببغداد وله أربع مائة سنة وثلاثون سنة والرصد البناني في حدود الشام والرصد الحاكمي بمصر ورصد بني الأعلم ببغداد وأوفقها الرصد الحاكمي ورصد ابن الأعلم ولهما مائتان وخمسون سنة وقال الأستاذون إن أرصاد الكواكب السبعة لا يتم في أقل من ثلاثين سنة لأن فيها يتم دور هذه السبعة فقال هولاكو أجهد في أن يتم رصد هذه السبعة في اثنتي عشرة سنة فقلت له اجهد في ذلك وكان النصير قد قدم من مراغة إلى بغداد ومعه جماعة كثيرة من تلامذته وأصحابه فأقام بها مدة أشهر ومات وخلف من الأولاد صدر الدين علي والأصيل حسن والفخر أحمد وولي صدر الدين على بعد أبيه غالب مناصبه فلما مات ولي مناصبه أخوه الأصيل وقدم الشام مع غازان وحكم تلك الأيام في أوقاف دمشق وأخذ منها جملة ورجع مع غازان وولي نيابة بغداد مدة فأساء السيرة فعزل وصودر وأهين فمات غير حميد وأما أخوهما الفخر أحمد فقتله غازان لكونه أكل أوقاف الروم وظلم ومولد النصير بطوس سنة سبع وتسعين وخمس مائة توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وست مائة ببغداد وقد

150
نيف على الثمانين أو قاربها وشيعه صاحب الديوان والكبار وكانت جنازة حفلة ودفن في مشهد الكاظم))
3 (قاضي قضاة حلب محيي الدين الأسدي))
محمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان بن رافع قاضي القضاة بحلب محيي الدين أبو المكارم الأسدي الشافعي ولد بحلب خامس شعبان سنة اثنتي عشرة وست مائة وسمع وحدث ودرس بالمدرسة المسرورية بالقاهرة وتولي قضاء حلب وأعمالها إلى حين وفاته وبيته معروف بالمعروف بالعلم والدين والتقدم والسنة والجماعة توفي ثالث عشر جمادى الأولى بحلب سنة اثنتين وسبعين وست مائة ودفن بتربة جده وقيل في وفاته غير ذلك وقد ولي قضاء حلب من بيتهم جماعة
3 (ابن العلقمي الوزير))
محمد بن محمد بن علي أبو طالب الوزير المدبر مؤيد الدين ابن العلقمي البغدادي الرافضي وزير المستعصم ولي الوزارة أربع عشرة سنة فأظهر الرفض قليلا وكان وزيرا كافيا خبيرا بتدبير الملك ولم يزل ناصحا لأستاذه حتى وقع بينه وبين الدوادار لأنه كان يتغالى في السنة وعضده ابن الخليفة فحصل عنده من الضغن ما أوجب له أنه سعى في دمار الإسلام وخراب بغداد على ما هو مشهور لأنه ضعف جانبه وقويت شوكة الدوادار بحاشية الخليفة حتى قال في شعره الطويل
* وزير رضى من بأسه وانتقامه
* بطي رقاع حشوها النظم والنثر
*
* كما تسجع الورقاء وهي حمامة
* وليس لها نهى يطاع ولا أمر
* واخذ يكاتب التتار إلى أن جر هولاكو وجرأه على أخذ بغداد وقرر مع هولاكو أمورا انعكست عليه وندم حيث لا ينفعه الندم وكان كثيرا ما يقول عند ذلك الكامل
3 (وجرى القضاء بعكس ما أملته))
لأنه عومل بأنواع الهوان من أراذل التتار والمرتدة حكى أنه كان في الديوان جالسا فدخل بعض التتار ممن لا له وجاهة راكبا فرسه فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط
الوزير وخاطبه بما أراد وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو صابر لهذا الهوان يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده وقال له بعض أهل بغداد يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه وحميت الشيعة حمية لهم وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا يحصون وارتكب من الفواحش مع نسائهم وافتضت بناتهم)
الأبكار مما لا يعلمه إلا الله تعالى فقال بعد أن قتل الدوادار ومن كان على مثل رأيه لا مبالاة بذلك ولم تطل مدته حتى مات غما وغبنا في أوائل سنة سبع وخمسين وست مائة مولده في شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وخمس مائة بعث إليه المستعصم بالله شدة أقلام فكتب إليه قبل المملوك الأرض شكرا للأنعام عليه بأقلام قلمت أظفار الحدثان وقامت له في حرب الزمان مقام عوالي المران وأجنته ثمار الأوطار من أغصانها وحازت له قصبات المفاخر يوم رهانها فيا لله كم عقد

151
ذمام في عقدها وكم بحر سعادة أصبح جاريا من مدادها ومددها وكم متأود خط استقام بمثقفاتها وكم صوارم فلت مضاربها بمطرور من مرهفاتها البسيط
* لم يبق لي أملا إلا وقد بلغت
* نفسي أقاصيه برا وإنعاما
*
* لأفتحن بها والله يقدر لي
* مصاعبا أعجزت من قبل بهراما
*
* تعطي الأقاليم من لم تبد مسالة
* له فلا عجب إن يعط أقلاما
* وكان قد طالع المستعصم في شخص من أمرء الجبل يعرف بابن شرفشاه وقال في آخر كلامه وهو مدبر فوقع المستعصم له السريع
* ولا تساعد أبدا مدبرا
* وكن مع الله على المدبر
* وكتب ابن العلقمي أبياتا في الجواب منها السريع
* يا مالكا أرجو بحبي به
* نيل المنى والفوز في المحشر
*
* أرشدتني لا زلت لي مرشدا
* وهاديا من رأيك الأنور
*
* ابنت لي بيت هدى قلته
* عن شرف في بيتك الأطهر
*
* فضلك فضل ما له منكر
* ليس لضوء الشمس من منكر
*
* أن يجمع العالم في واحد
* فليس لله بمستنكر
* قلت قلب بيت أبي نواس فجعل عجزه صدرا وهو مشهور واشتغل بالحلة على عميد الرؤساء أيوب وعاد إلى بغداد وأقام عند خاله عضد الدين أبي نصر المبارك ابن الضحاك وكان أستاذ الدار ولما قبض على مؤيد القمي وكان أستاذ الدار فوضت الأستاذ دارية إلى شمس الدين ابن الناقد ثم عزل وفوضت الأستاذ دارية إلى ابن العلقمي فلما توفي المستنصر بالله وولي الخلافة أمير المؤمنين المستعصم وتوفي الوزير نصر الدين أبو الأزهر أحمد بن الناقد وزر ابن العلقمي وكان قد سمع الحديث واشتغل على أبي البقاء العكبري وحكى أنه لما كان يكاتب التتار تحيل مرة إلى أن أخذ)
رجلا وحلق رأسه حلقا بليغا وكتب ما أراد عليه بوخز الأبر كما يفعل بالوشم ونفض عليه الكحل وتركه عنده إلى أن طلع شعره وغطى ما كتب فجهزه وقال إذا وصلت مرهم بحلق رأسك ودعهم يقرأون ما فيه وكان في آخر الكلام قطعوا الورقة فضربت رقبته وهذا غاية في المكر والخزي والله أعلم
3 (سعد الدين ابن عربي))
محمد بن محمد بن علي ابن العربي الطائي الحاتمي سعد الدين ابن الشيخ محيي الدين ابن العربي الأديب الشاعر ولد بملطية في رمضان سنة ثمان عشرة وست مائة وسمع الحديث ودرس وكان شاعرا مجيدا أجاد المقاطيع التي نظمها في الغلمان وأوصافهم وله ديوان مشهور وتوفي بدمشق سنة ست وخمسين وست مائة وقبره عند قبر أبيه بسفح قاسيون بتربة القاضي محيي الدين ابن الزكي ومن شعره في مليح رآه بالزيادة في دمشق الخفيف
* يا خليلي في الزيادة ظبي
* سلبت مقلتاه جفنى رقاده
*

152
* كيف أرجو السلو عنه وطرفي
* ناظر حسن وجهه في الزيادة
* وقوله في مليح قاض مخلع البسيط
* ورب قاض لنا مليح
* يعرب عن منطق لذيذ
*
* إذا رمانا بسهم لحظ
* قلنا له دائم النفوذ
* وقوله في غلام لبس قاضياني الخفيف
* قد روينا أن القضاة بعدن
* واحد والجحيم فيه اثنان
* وأرى الأمر ظل بالعكس
* ففؤادي في النار قاض وفي
* جنة عدن من جسمك القاضيان
* وقوله في مليح قواس السريع
* قلت لقواس له طلعة
* من رام عنها الصبر لم يقدر
*
* يا من له وجه كبدر الدجا
* كيف تبيع القوس للمشتري
* وقوله في مليح لبان الكامل
* كلفي بلبان إذا عاينته
* أهدى بطلعته لي الأفراحا)
* (قد ظل يسكرنا بخمر لحاظه
* أو ما تراه يصفف الأقداحا
* وقوله في مليح مناخلي السريع
* مناخلي همت في حبه
* وفي الحشا من هجره جمر
*
* قلت وقد عاينت من حوله
* مناخلا لم يحوها الحصر
*
* ما هذه قال شموس غدت
* يكسفها من وجهي البدر
* وقوله في مليح أشقر الحاجب الطويل
* وما أنكر العذال شيئا عرفته
* سوى شقرة في حاجبي منية النفس
*
* فقلت وقد أبديت منهم تعجبا
* لعلهم لم يبصروا حاجب الشمس
* وقوله في مليح يقطف مشمشا الطويل

153
* كلفت بظبي وهو يقطف مشمشا
* على سلم فيه اعتصام لهارب
*
* كذا البدر لولا أنه في مسيره
* رقى درجا لم يتصل بالكواكب
* وغالب مقاطيعه التي في الغلمان من الحسن والجودة في هذه الطبقة وأكثر ديوانه في الغلمان وما أحسن قوله مضمنا
* الرجز لم تبدأ عارضاه في نمط
* قيل ظلام بضياء اختلط
*
* وقيل نمل فوق عاج قد سقط
* وقال قوم أنها اللام فقط
* وقوله الخفيف
* لست أنسى غداة قولي لهند
* لك تحت النقاب أحسن خد
*
* فثنت عطفها إلى وقالت
* أنقابا تراه أم غيم ورد
* وقوله الطويل
* وفي حلب البطيخ ليس كجلق
* فما لدمشق غير زور وتلبيس
*
* لنا ابن كثير شاهد مع نافع
* وشاهدهم في الطيب ليس سوى السوس
* وقوله الكامل
* سهري من المحبوب أصبح مرسلا
* وأراه متصلا بفيض مدامعي
*
* قال الحبيب بأن ريقي نافع
* فاسمع رواية مالك عن نافع
*
3 (النور الأسعردي))
)
محمد بن محمد وقيل محمد بن عبد العزيز بن عبد الصمد بن رستم الأسعردي نور الدين أبو بكر الشاعر ولد سنة تسع عشرة وست مائة وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة وكان من كبار شعراء الملك الناصر وله به اختصاص وله ديوان شعر مشهور وغلب عليه المجون وأفرد هزلياته من شعره وجمعها وسمى ذلك سلافة الزرجون في الخلاعة والمجون وضم إليها أشياء من نظم غيره وكان شابا خليعا يجلس تحت الساعات واصطفاه الناصر وحضر مجلس شرابه فخلع عليه ليلة قباء وعمامة بطرف مذهب فأتي بهما من الغد وجلس تحت الساعات مع الشهود أنشدني الشيخ شمس الدين وغيره من أشياخي قالوا أنشدنا الشيخ شمس الدين محمد بن عبد العزيز الدمياطي قال أنشدني النور الأسعردي لنفسه الكامل
* ولقد بليت بشادن إن لمته
* في قبح ما يأتيه ليس بنافع
*
* متبذل في خسة وجهالة
* ومجاعة كشهود باب الجامع
* وحضر ليلة عند الناصر مجلس أنس وكان فيه شرف الدين ابن الشيرجي وكان الحي فقام ابن الشيرجي فقضى شغله وعاد فأشار إليه السلطان بصفع النور الأسعردي فصفعه فلما فعل ذلك نزلت ذقنه على كتف النور لما انحنى لصفعه فأمسكها بيده وأنشد في الحال الخفيف
* قد صفعنا في ذا المحل الشريف
* وهو إن كنت ترتضي تشريفي
*

154
* فأرث للعبد من مصيف صفاع
* يا ربيع الندى وإلا خري في
* ما أحسن ما أتي بهذا المنادى هنا ليرشح التورية بين الربيع والخريف وقوله وإلا خري في من أحسن ما يكون من الإشارة بقرينة إمساكه ذقن الصافع له وقد ظرف غاية وأضر قبل موته فقال البسيط
* قد كنت من قبل في أمن وفي دعة
* طرفي يرود لقلبي روضة الأدب
*
* حتى تلقبت نور الدين فانعمشت
* عيني وحول ذاك النور للقب
* وقال في أبيات الوافر
* سألت الله يختم لي بخير
* فعجل لي ولكن في عيوني
* وأخذ منه الكحال ذهبا بناء على أن يبرئ عينه من الألم فلم يتفق ذلك فقال الكامل
* عجب لذا الكحال كيف أضلني
* ولكم أضل بميله وبمينه
*
* ذهب اللئيم بناظري وما رثى
* لأخي الأسى إذ راح منه بعينه)
* (أأصاب منه في ثلاثة أعين
* هذا لعمركم الصغار بعينه
* الثالث مضمن أول بيت من شواهد العربية تمامه الكامل لا أم لي إن كان ذاك ولا أب والنور الأسعردي أخذ هذا المعنى من قول القاضي الفاضل المنسرح
* رجل توكل لي واكحلني
* ففجعت في عيني وفي عيني
* وقال النور أيضا السريع
* يا سائلي لما رأى حالتي
* والطرف مني ليس بالمبصر
*
* لغستت أحاشيك ولكنني
* سمحت بالعينين للأعور
* أخذه من قولهم تصدق بنظره على ذكره وقال أيضا
* السريع في هذا الورى حكمة
* وأنعم أعيت على الحاصر
*
* عوضني والله ذو رحمة
* عن ناظري الباصر بالناصر
* وقال يضمن قول الشريف الرضى الخفيف
* قلت إذ نام من أحب وأبدى
* ضرطة آذنت لشملي بجمع
*
* فاتني أن أرى الديار بطرفي
* فلعلي أرى الديار بسمعي
*

155
وقال يضمن قول أبي الطيب
* الطويل سباني معسول المراشف عاسل المعاطف مصقول السوالف مائد
*
* يروم على إردافه الخصر مسعدا
* إذا عظم المطلوب قل المساعد
* وقال أيضا البسيط
* سمحت بيعا لمملوك يعاندني
* ولو أراد رضاتي ما تعداني
*
* قالوا أينسب للعلان قلت لهم
* ما كنت بائعه لو كان علاني
* وقال ملغزا في الطست والإبريق وظرف ما شاء مجزوء الكامل
* وذات بطن فارغ
* تحمل فيه ابنها
*
* حتى إذا فارق في ال يوم مرارا بطنها
*
* يصب فيها ماءه
* بآلة كأنها
* وقال وهو ظريف الكامل)
* كم رام أيرى جرح جحر معذبي
* بالطعن فيه عند جد مراسه
*
* حتى تجرح رأسه فأعجب له
* طلع الذي في قلبه في رأسه
* وقال أيضا الخفيف
* قلت يوما للزين هل تثبت البعث وتنفي أنكارهم للحشر
*
* قال أثبت قلت ذقنك في أستي
* قال أنفي فقلت في وسط جحري
* وقال أيضا البسيط
* لما ثنى جيده للسكر مضطجعا
* وهنا ولولا شفيع الراح لم ينم
*
* دببت ليلا عليه بعد هجعته
* سكرا فقل في دبيب النور في الظلم
*

156
ورأى في المنام كأنه ينشد فأنتبه وهو يحفظه الوافر
* دببت على الخطيب قبيل نوم
* فقال أصبر إلى وقت الدبيب
*
* فلما نام قمت إليه سرا
* فقل فيمن يطيب على الخطيب
* وقال أيضا الطويل
* وريم جلى لي خمرة مزة جلت
* همومي وقد عاينت في خده سطرا
*
* وربوته الشقراء ناعمة غدت
* ويا حسنها من برزة ليتها عذرا
* جمع فيها أسماء أماكن وهي سطراء والربوة والشقراء والناعمة وبرزة وعذراء والمزة في الأول
وقال أيضا الخفيف
* لحية طال شعرها وعلتها
* صفرة ليتها تكون لهيبا
*
* لو لوى شعرها إلى أنفه الها ئل عاينت منه جنكا عجيبا
* وقال في غلام يحرث الكامل
* يا حارثا تروي مقامات الهوى
* عن طرفه الفتاك غير مؤوله
*
* أضحى يشق لحود من قتل الهوى
* في حبه ليست خطوطا مهملة
*
* روحي الفداء لبدر تم سائق
* للثور ليس يروم غير السنبلة
* وقال ملغزا في عثمان الكامل
* يا سائلي عمن هويت وحسنه
* ذو شهرة في الناس وهو يصان
*
* خوف الوشاة أجبت عنه ملغزا
* هو ثالث من سبعة وثمان
*)
وقال في مليح ضعيف الخط الخفيف
* وهلال شكا من الخط ضعفا
* بمعانيه تضرب الأمثال
*
* قلت إن رمت جودة الخط فاكتب
* بمثال فقال ما لي مثال
*
3 (ناصر الدين ابن قرناص))
محمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن علي بن الحسين ابن قرناص الخزاعي الحموي ناصر الدين أبو عبد الله ولد سنة ثلاث عشرة

157
وست مائة وتوفي في شوال سنة اثنتين وستين وست مائة كان عالما فاضلا زاهدا عابدا ورعا كريم الأخلاق حسن الأوصاف جميل العشرة جم الفوائد من نظمه في ترتيب حروف كتاب المحكم في اللغة لابن سيدة الطويل
* عليك حروفا هن غير غوامض
* قيود كتاب جل شأنا ضوابطه
*
* صراط سوى زل طالب دحضه
* تزيد ظهورا إذ تناءت روابطه
*
* لذلكم نلتذ فوزا بمحكم
* مصنفه أيضا يفوز وضابطه
*
3 (عماد الدين ابن العربي أخو سعد الدين))
محمد بن محمد بن علي ابن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عربي عماد الدين أبو عبد الله قال الشيخ قطب الدين اليونيني كان فاضلا سمع الكثير وسمع معنا صحيح مسلم على الشيخ بهاء الدين أحمد بن عبد الدايم المقدسي وتوفي بدمشق في شهر ربيع الأول سنة سبع وستين وست مائة ودفن عند والده بسفح قاسيون وقد نيف على الخمسين ولما كان بحلب كتب إليه أخوه سعد الدين المقدم ذكره آنفا البسيط
* ما للنوى رقة ترثى لمكتئب
* حران في قلبه والدمع في حلب
*
* قد أصبحت حلب ذات العماد بكم
* وجلق إرم هذا من العجب
*
3 (الكامل ابن العادل))
محمد بن محمد بن أيوب ابن شادي بن مروان السلطان الملك الكامل ناصر الدين أبو المعالي وأبو المظفر ابن السلطان الملك العادل أبي بكر وسيأتي ذكر والده ولد بمصر سنة ست وسبعين وخمس مائة وأجاز له العلامة ابن)
بري وأبو عبد الله بن صدقة الحراني وعبد الرحمن بن الخرقي وخرج له أبو القاسم بن الصفراوي أربعين حديثا وسمعها جماعة تملك الديار المصرية أربعين سنة شطرها في أيام والده وعمر دار الحديث بالقاهرة في سنة إحدى وعشرين وست مائة وجعل ابن دحية شيخها والقبة على ضريح الشافعي وجر إليها الماء من بركة الحبش إلى حوض السبيل والسقاية وهما على باب القبة المذكورة وله المواقف المشهودة في الجهاد بدمياط المدة الطويلة وأنفق الأموال الكثيرة وكان يحب أهل العلم ويجالسهم ويؤثر العدل شكا إليه ركبدار أن أستاذه استخدمه شهرا بلا جامكية فألبس الغلام قماش أستاذه وأركبه فرسه وألبس الأستاذ قماش الغلام وأمره بخدمة الركبدار وحمل مداسه ستة أشهر وكانت الطرق آمنة في أيامه وبعث ولده الملك المسعود أطسيس افتتح اليمن والحجاز ومات قبله وورث أموالا عظيمة ولما بلغه وفاة أخيه الأشرف سار إلى دمشق وقد ملكها أخوه الصالح فحاصره وأخذها منه واستقر بقلعتها فلم يمتع بها ومات بعد شهرين بها في سنة خمس وثلاثين وست مائة في بيت صغير ولم يشعر به أحد من هيبته مرض بالسعال والإسهال نيفا وعشرين يوما ولم يتحزن الناس عليه ولحقهم بهتة وكان فيه جبروت ومن عدله الممزوج بالعسف إنه شنق جماعة من الأجناد في أكيال شعير أخذوها ودفن بالقلعة في تابوت ونقل إلى تربته المعروفة به بجانب الشميصاتية

158
وشباكها إلى صحن جامع دمشق وخلف ولدين العادل أبا بكر والصالح أيوب والصاحبة وكان عنده مسائل غريبة من النحو والفقه ويوردها فمن أجابه حظي عنده حضر عنده زين الدين ابن معط في جملة العلماء فسألهم الكامل فقال زيد ذهب به يجوز في زيد النصب فقالوا لا فقال ابن معط نعم يجوز النصب على أن يكون المرتفع بذهب المصدر الذي دلت عليه ذهب وهو الذهاب وعلى هذا فموضع الجار والمجرور الذي هو به النصب فيجيء من باب زيد مررت به ويجوز في زيد النصب كذلك ههنا فاستحسن الكامل جوابه وأمره بالسفر إلى مصر فسافر إليها وقرر له معلوما جيدا وكان لا يزال يحضر عنده جماعة من الفضلاء وله نظم نقلت من خط ابن سعيد المغربي قال أورد الصاحب كمال الدين ابن العديم للملك الكامل البسيط
* إذا تحققتم ما عند عبدكم
* من الغرام فذاك القدر يكفيه
*
* أنتم سكنتم فؤادي وهو منزلكم
* وصاحب البيت أدري بالذي فيه
* وقد مدحه ابن سناء الملك بقصيدة أولها الطويل
* على خاطري يا شغله منك أشغال
* وفي ناظري يا نوره منك تمثال)
* (وفي كبدي من نار خدك شعلة
* وموضع ما أخليت منها هو الخال
* منها في المدح الطويل
* جنى عسل الفتح المبين برمحه
* ولا غرو أن اسم الرديني عسال
*
* له صولة الرئبال في مايس القنا
* ولا ريب أن ابن الغضنفر رئبال
*
* إذا صال في يوم النزال تفصلت
* لا عدائه بالرعب والذعر أوصال
* ومن حلم الكامل ما حكاه صاحب كتاب الأشعار بما للملوك من النوادر والأشعار فإنه حكى أن بعض خواصه كان قد صار بحيث يبدو من فلتات لسانه كلمات فيها غلظة
في حق الملك الكامل ودام على ذلك إلى أن مات ذلك الشخص فلما مات قال لبعض ثقاته امض إليه بسرعة وائتني بما في كمرانه وأتي بشيء مثل الذرور فاحضر الطبيب وقال بمحضر من خواصه ما هذا فقال سم فقال لأصحابه لهذا مع هذا الشخص ثلاث سنين يترقب أن يجعل منه وأنا أعلم به وما أحببت أن أفضحه وكان ليلة جالسا فدخل عليه مظفر الأعمى فقال له أجز يا مظفر وأنشد مخلع البسيط قد بلغ الشوق منتهاه فقال مظفر وما دري العاذلون ما هو فقال السلطان ولي حبيب رأى هواني فقال مظفر وما تغيرت عن هواه

159
فقال السلطان رياضة النفس في احتمالي فقال مظفر وروضة الحسن في حلاه فقال السلطان أسمر لدن القوام المى فقال مظفر يعشقه كل من يراه فقال السلطان ريقته كلها مدام فقال مظفر ختامها المسك من لماه فقال السلطان ليلته كلها رقاد فقال مظفر وليلتي كلها انتباه فقال السلطان وما يرى أن يهين عبدا فسكت مظفر ساعة فقام وقال)
بالملك الكامل احتماه وكانت في يد الكامل ورقة يكتب فيها ما ينظمانه فألقاها من يده إلى الزين الدمياطي وأمره أن يكتب لئلا يكتب مديحه بيده قال مظفر فقلت مخلع البسيط
* العالم العامل الذي
* في كل حلاه ترى أباه
*
* ليث وغيث وبدر تم
* ومنصب جل مرتقاه
* ولما استرد الكامل دمياط من الفرنج وطلبوا منه الأمان أرسل إليهم ابنه الصالح أيوب وابن أخيه شمس الملوك وجاءت ملوك الفرنج إلى الكامل فالتقاهم وأنعم عليهم وضرب لهم الخيام ووصل الأشرف موسى والمعظم عيسى في تلك الحالة إلى المنصورة في ثالث شهر رجب سنة ثمان عشرة وست مائة فجلس الكامل مجلسا عظيما في خيمة كبيرة عالية ومد سماطا عظيما وأحضر ملوك الفرنج والخيالة ووقف أخواه الأشرف والمعظم في خدمته وقام راجح الحلى الشاعر وأنشد قوله الطويل
* هنيئا فإن السعد راح مخلدا
* وقد أنجز الرحمن بالنصر موعدا
*
* حبانا إله الخلق فتحا بدا لنا
* مبينا وأنعاما وعزا مؤبدا
*
* تهلل وجه الدهر بعد قطوبه
* وأصبح وجه الشرك بالظلم أسودا
*
* ولما طغى البحر الخضم بأهله التطغاة وأضحى بالمراكب مزبدا أقام لهذا الدين من سل عزمه
* صقيلا كما سل الحسام المهندا
*
* فلم ينج إلا كل شلو مجدل
* ثوى منهم أو من تراه مقيدا
*
* ونادى لسان الكون في الأرض رافعا
* عقيرته في الخافقين ومنشدا
*
* أعباد عيسى أن عيسى وحزبه
* وموسى جميعا ينصران محمدا
*

160
وأشار عند قوله عيسى إلى عيسى المعظم وعند قوله موسى إلى الأشرف موسى وعند قوله محمد إلى الكامل محمد قال الأمير سيف الدين ابن اللمطي كتب بعض المغاربة إلى الملك الكامل رقعة في ورقة بيضاء إن قرئت في ضوء السراج كانت فضية وإن قرئت في الشمس كانت ذهبية وإن قرئت في الظل كانت حبرا أسود فيها هذه الأبيات المتقارب
* لئن صدني البحر عن موطني
* وعيني بأشواقها ساهره
*
* فقد زخرف الله لي مكة
* بأنوار كعبته الزاهرة
*
* وزخرف لي بالنبي يثربا
* وبالملك الكامل القاهرة
*)
قال الأمير سيف الدين ابن اللمطي فقال الملك الكامل قل المتقارب
* وطيب لي بالنبي طيبة
* وبالملك الكامل القاهرة
*
3 (جمال الدين ابن عمرون النحوي))
محمد بن محمد بن أبي علي ابن أبي سعد ابن عمرون الشيخ جمال الدين أبو عبد الله الحلبي النحوي ولد سنة ست وتسعين وخمس مائة تقديرا وتوفي سنة تسع وأربعين وست مائة سمع من ابن طبرزد وأخذ النحو عن الموفق بن يعيش وغيره وبرع في العربية وتصدر لاقرائها وجالسه الإمام جمال الدين ابن مالك وأخذ عنه الشيخ بهاء الدين ابن النحاس وحدث عنه الشيخ شرف الدين الدمياطي وشرح المفصل شرحا مطولا
3 (الجدائي الكاتب))
محمد بن محمد بن المبارك ابن علي الشيرازي أبو سعد المعروف بالجدائي كان من الأدباء وله شعر وكان كثير الهجاء سمع الحديث من أبي طالب ابن غيلان وأبي بكر الخطيب وغيرهما وحدث باليسير ومن شعره يهجو غرس النعمة أبا الحسن ابن الصابي صاحب التاريخ الطويل
* ألا قل لغرس النعمة اليوم مدحة
* تجاوزتها من قبل أن تبلغ السنا
*
* فقد كتب التاريخ قبلك معشر
* ولسنا نرى فيهم لما قلته خدنا
*
* فإن كان كذب يملأ العين وحدها
* فكذبك فيه يملأ العين والأذنا
* ومنه أيضا الخفيف
* أدب نازح وخسة نفس
* لوضيع جدوده من سرخس
*
* إن يكن من مضى كسيدنا أنت فحمل غدا على أم أمس
* قلت شعر جيد
3 (ابن محرز الزهري البلنسي الشاعر))
محمد بن محمد بن أحمد ابن عبد الرحمن أبو بكر الزهري البلنسي ويعرف بابن محرز سمع وروى وكان أحد رجال الكمال علما وإدراكا وفصاحة مع

161
التفنن في العلوم وحفظ اللغات روى عنه ابن الزبير ولد في سنة تسع)
وستين وتوفي سنة خمس وخمسين وست مائة وله شعر رائق فمنه ما قاله ملغزا في نارنجة الرجز وما ذات حمل وهي حمل نفسها
* لا حرة في جنسها ولا بغى
*
* كالبدر إلا أنها مكنة
* أهلة إبدارها لا ينبغي
*
* تريك من جملتها فأعجب لها
* شطر اسمها وخاطر ابن اصبغ
* ومنه الوافر
* سقى الله المعرس إذ سهرنا
* به والحادثات بحال غمض
*
* قطعنا ليلة والحال رفع
* يقر العين منه عيش خفض
*
* نضاجع من نبات الماء أو من
* بنات الماء كل غض
*
* يروقك أو يروعك منه فاعجب
* سيوف بعضها أغماد بعض
* ومنه الخفيف
* إن لله مطلقين أساري
* طلبوا القرب مهتدين حيارى
*
* عثروا إذ تحيروا فرآهم
* فجزاهم بأن أقال العثارا
*
* قبلت منهم الصلاة وهم لا
* يقربون الصلاة إلا سكارى
* وكتب مع قلنسوة أهداها الكامل
* خذها محدبة مقعرة لها
* من طرفها ما للسماء من الحبك
*
* اطلع بها الأسنى جبينك يجتلي
* منها ومنه الشمس في نصف الفلك
* وكتب مع تفاحة مجزوء الوافر
* بعثت بها على عجل
* وود خالص صدقك
*
* فخذ من لونها خجلي
* وخذ من عطرها خلقك
* وكتب مع حجل الكامل
* مزق موشى بردها ومفصلا
* من طوقها أنثره وعفر جنبها
*
* خذها بما فيه مشت غدرا ولا
* تغفل خطاها في الدماء وغبها
*
* فأعجب من البازي له في جنسها
* أثر العدو ولا يزال محبها
*
* نظمت ثلاث بدائع في خلقها
* نثرت بها في كل قلب حبها
*
* تمشي بمرجان وتبلع أرقما
* وبحبة الرمان تلقط حبها
*

162
)
وقال يخاطب والي بلنسية لما صدر إليه من مراكش الكامل
* بشرى الإياب أفادها لك حالا
* ما ساءك ليلة أزمعوا الترحالا
*
* كم منحة من محنة نجت وكم
* أجمال بغيتن سببت إجمالا
* وله الأبيات الدالية المكسورة واللامية المضمومة في وصف مثال نعل النبي صلى الله عليه وسلم
3 (الحافظ ضياء الدين المالقي))
محمد بن محمد بن صابر ابن محمد بن صابر بن مندار الحافظ المتقن ضياء الدين أبو جعفر القيسي الأندلسي المالقي ولد بمالقة سنة خمس وعشرين وست مائة وسمع الكثير ببلاد المغرب وحج وسمع بمصر وقدم دمشق وسمع من أصحاب يحيى الثقفي وكتب الكثير بخطه وكان سريع الكتابة والقراءة كثير الفوائد دينا فاضلا جيد المشاركة في العلوم كتب عنه الشريف عز الدين وأفاد الطلبة ومات شابا في القاهرة سنة اثنتين وستين وست مائة
3 (زين الدين الكوفني المحدث))
محمد بن محمد بن أبي بكر المحدث المفيد زين الدين أبو الفتح الأبيوردي الكوفني الصوفي الشافعي ولد سنة ست مائة أو سنة إحدى وقدم دمشق وسمع من كريمة والضياء المقدسي وجماعة وبمصر من أصحاب السلفي وابن عساكر ومن أصحاب البوصيري والخشوعي وكتب الكثير وحصل جملة صالحة وكلف بالحديث وحرص وبالغ في الإكثار وخرج المعجم وروى اليسير ولم يعمر ولا أفاق من الطلب وأدركته المنية وطلب وهو ابن أربعين ووقف كتبه واجزاءه وروى عنه الدمياطي وله شعر يسير وكوفن بلدة قريبة من أبيورد
3 (بدر الدين الواعظ النيسابوري))
محمد بن محمد بن أبي سعد ابن أحمد العالم الواعظ بدر الدين أبو حفص الكرماني الأصل النيسابوري التاجر ولد بشاذياخ نيسابور في تاسع المحرم سنة سبعين كان يمكنه أن يسمع من ابن الفراوي وطبقته وإنما سمع في الكهولة من ابن الصفار القاسم بن عبد الله وحدث بدمشق ومصر وعمر دهرا طويلا وحفظ مقامات الحريري قال الشيخ شمس الدين الذهبي ولا نعلم أحدا روى بعده بالسماع عن ابن الصفار روى)
عنه الدمياطي وأمام الحنابلة وابن الخباز وابن الزراد وقارب المائة وتوفي سنة ست وستين وست مائة
3 (عماد الدين ابن الشيرازي الكاتب))
محمد بن محمد بن هبة الله ابن محمد بن هبة الله بن مميل الصدر الكبير عماد الدين أبو الفضل ابن القاضي شمس الدين ابن الشيرازي الدمشقي صاحب الخط المنسوب سمع أباه وابن ملاعب وابن الحرستاني وروى عنه الخباز وابن العطار والشيخ جمال الدين المزي والشيخ علم الدين البرزالي وطائفة وكان رئيسا محتشما متمولا مليح الشكل متواضعا وقورا وافر الحرمة كتب على الولي الكاتب وانتهى إليه التقدم في براعة الخط لا سيما في المحقق والنسخ ارتحل غير مرة للتجارة فسمع ولده المعمر أبا نصر من أصحاب السلفي واتفق أنه قبل موته بأربعة أيام شهد عند ابن الصائغ في العادلية وهو طيب وركب وخرج فتغير عند

163
باب الجابية وأصابه فالج فركب الغلام خلفه وأمسكه إلى البستان واستمر به المرض إلى أن مات سنة اثنتين وثمانين ودفن بسفح قاسيون وحكى لي أنه بلغه أن ربعة في بغداد بخط ابن البواب كتبها بخفيف المحقق فاستعمل من ورق الطير جملة وأخذه معه وتوجه إلى بغداد وأخذ تلك الربعة جزءا فجزءا وكان يضع ورق الطير على خط ابن البواب فيشف عما تحته ويجلي الكتابة له فيكتب عليها لا يخل بذرة منها وقد رأيت أنا من هذه الربعة التي كتبها عماد الدين جزءا وما في الورقة مكتوب إلا وجهة واحدة فكنت أتعجب لذلك فلما سمعت هذه الواقعة علمت السبب في ذلك والله أعلم وحكي أيضا أنه توجه إلى الديار المصرية واتفق أنه ركب في النيل مع الصاحب تاج الدين ابن حنا فكان معه جماعة من أصحابه المختصين به وكان فيها شخص يعرف بابن الفقاعي ممن له عناية بالكتابة فسأل الصاحب بهاء الدين وقال يا مولانا عندي لمولانا الصاحب وهؤلاء الجماعة يوم كامل الدعوة ومولانا يدع المولى عماد الدين يفيدني قطة القلم فقال والله ما في ذا شيء مولانا يتفضل عليه بذلك فأطرق عماد الدين مغضبا ثم رفع رأسه وقال أوخير لك من ذلك قال وما هو قال أحمل إليك ربعة بخطى وتعفيني من هذا فقال الصاحب لا والله الربعة بخط مولانا تساوي ألفي درهم وأنا ما آكل من هذه الضيافة شيئا يساوي عشرة دراهم أو كما قيل وكان قد طلب إلى الديار المصرية ورتب ناظرا على الأملاك الظاهرية والتعلقات المختصة بالملك السعيد ابن الظاهر وذلك في أواخر الدولة الظاهرية بعد وفاة الرئيس مؤيد الدين أسعد ابن القلانسي)
وكان والده القاضي شمس الدين أبو نصر من كبار العلماء العارفين بالمذهب وولي نيابة الحكم بدمشق مدة زمانية
3 (الحافظ شمس الدين ابن جعوان))
محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان بن عبد الله الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الأنصاري الدمشقي الشافعي النحوي أحد الأئمة أخذ النحو عن جمال الدين محمد بن مالك وكان من كبار أصحابه ثم أقبل على الحديث وعني به أتم عناية وسمع من ابن عبد الدائم وابن النشبي وابن أبي الخير وغيرهم وارتحل إلى مصر وسمع من عامر القلعي والعز الحراني وطائفة وكتب كثيرا بخطه وخرج المشايخ وقرأ المسند على ابن علان قراءة لم يسمع الناس مثلها في الفصاحة والصحة وحضره جماعة من الأئمة فما أمكنهم أن يأخذوا عليه لحنة واحدة ومات في عنفوان الشبيبة سنة اثنتين وثمانين وست مائة وهو أخو الفقيه الزاهد شهاب الدين كتب ابن جعوان إلى أهله من تبوك الطويل
* كتبت كتابي من تبوك لتسعة
* مضت بعد عشر في المحرم ولت
*
* وإني بحمد الله أرجو لقاءكم
* إذا صفر عشرون منه تبقت
*
3 (القاضي بهاء الدين ابن خلكان))
محمد بن محمد بن إبراهيم ابن أبي بكر بن خلكان القاضي بهاء الدين أبو عبد الله الأربلي الشافعي قاضي بعلبك أخو قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان ولد بأربل سنة ثلاث وست مائة وسمع صحيح البخاري من أبي جعفر ابن مكرم كأخيه وحدث وسمع منه ابن أبي الفتح والشيخ علم الدين البرزالي والجماعة وهو والد النجم صاحب

164
الفيض والخيال الهذياني وكان معدوم النظير في كثير من أوصافه من التواضع المفرط ولين الكلمة ورقة القلب وسلامة الصدر توفي ببعلبك قاضيا بها في سنة ثلاث وثمانين وست مائة ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجراية والجامكية إلا قوته لا غير ولا يسأل عما عدا ذلك ومات فما خلف دينارا ولا درهما وعليه جملة من الدين فأبيعت كتبه لوفائها وتوفي أخوه القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان قبله سنة إحدى فلم ترقأ له بعده دمعة ودفن في تربة الزاهد عبد الله اليونيني
3 (الشيخ بدر الدين ابن مالك))
)
محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك الإمام البليغ النحوي بدر الدين ابن الإمام العلامة جمال الدين الطائي الجياني ثم الدمشقي كان إماما ذكيا فهما حاد الخاطر إماما في النحو إماما في المعاني والبيان والبديع والعروض والمنطق جيد المشاركة في الفقه والأصول أخذ عن والده وجرى بينه وبين والده صورة سكن لأجلها بعلبك فقرأ عليه بها جماعة منهم بدر الدين ابن زيد فلما مات والده طلب إلى دمشق وولي وظيفة والده وسكنها وتصدى للأشغال والتصنيف وكان اللعب يغلب عليه والعشرة حكى لي الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين محمود الكاتب رحمه الله تعالى حكاية جرت له مع الأمير علم الدين سنجر الدواداري وهي غريبة وما أوثر ذكرها وحكى لي غيره عنه ما يوافقها من اللعب وكان إماما في مواد النظم من العروض والنحو والمعاني والبيان والبديع ولم يقدر على نظم بيت واحد ولقد حضرت إليه رقعة من صاحبه فيها نظم أراد
أن يجيبه عنها بنظم فجلس في بيته من بكرة إلى صلاة العصر ولم يقدر على بيت واحد حتى استعان بجار له في المدرسة على الجواب بعد ما حكى ذلك لجاره وقيل لي أنه أملى على قول أبي جلنك الكامل
* والبان تحسبه سنانيرا رأت
* قاضي القضاة فنفشت أذنابها
* كراسة وتكلم على ما في هذا البيت من علوم البلاغة سبحان الله العظيم ووالده كان ينظم العلوم في الأراجيز ويدرج المسائل الكثيرة في الألفاظ القليلة وهذا دليل القدرة على النظم ومن تصانيف الشيخ بدر الدين شرح ألفية والده المعروفة بالخلاصة وهو شرح فاضل منقى منقح وخطأ والده في بعيض المواضع ولم تشرح الخلاصة بأحسن ولا أسد ولا أجزل على كثرة شروحها وأراها في الشروح كالشرح الذي لابن يونس للتنبيه والمصباح اختصر فيه معاني وبيان المفتاح وهو في غاية الحسن وقيل إنه وضع أكبر منه وسماه روضة الأذهان والي الآن لم أره ورأيت له مقدمة في المنطق ومقدمة في العروض ومات قبل الكهولة من قولنج كان

165
يعتريه كثيرا في سنة ست وثمانين وست مائة بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير وكثر التأسف عليه وولي إعادة الأمينية بعده الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وكثر تأسف الناس عليه وقيل إنه حضر مجلس الشيخ شمس الدين الأيكي وكان يعرف الكشاف معرفة مليحة فقعد لا يتكلم والأيكي يذكر درسه إلى أن أطال الكلام فقال له يا شيخ بدر الدين لأي شيء ما تتكلم فقال ما أقول ومن وقت تكلمت فيه إلى الآن عددت عليك إحدى وثلاثين لحنة أو كما قيل))
3 (فخر الدين ابن التنبي الكاتب))
محمد بن محمد بن عقيل فخر الدين ابن الصدر بهاء الدين ابن التنبي بالتاء ثالثة الحروف والنون والباء الموحدة على وزن جلق الكاتب روى عن الشيخ الموفق بن قدامة والعلم السخاوي وكتب الخط المليح طريقة ابن البواب على الشيخ ولي الدين العجمي وتوفي سنة ثلاث وتسعين وست مائة
3 (جمال الدين ابن سالم قاضي نابلس))
محمد بن محمد بن سالم ابن يوسف بن صاعد القاضي جمال الدين ابن القاضي نجم الدين سفير الدولة قاضي القضاة شمس الدين النابلسي الشافعي قاضي نابلس وابن قاضيها إمام جليل متميز فاضل رئيس ولد سنة عشرين وسمع بالقدس على الأوقى مشيخة الفسوي وغيرها وكان قاضي نابلس مدة وأضيف إليه آخر عمره قضاء القدس سمع عليه الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي بقراءة الحافظ العلامة جمال الدين المزي بدار الحديث لما قدم دمشق وتوفي سنة أربع وتسعين وست مائة
3 (الأسد ابن الشيخ جمال الدين ابن مالك))
محمد بن محمد بن عبد الله ابن عبد الله بن مالك تقي الدين المعروف بالأسد ابن الشيخ جمال الدين ابن مالك وأخو الشيخ بدر الدين المذكور آنفا قال الشيخ شمس الدين صنف له والده الألفية فلم يحذق في نحو وكان طيب الصوت يقرأ بالظاهرية وله مسجد ودكان شهود وتوفي في سنة تسع وست مائة قلت والمقدمة الأسدية لوالده أيضا وهي صغيرة نثر غير نظم إنما وضعها باسمه
3 (الغالب بالله ابن الأحمر صاحب الأندلس))
محمد بن محمد بن يوسف ابن نصر صاحب الأندلس أمير المسلمين أبو عبد الله ابن الأحمر تملك بعد والده سنة إحدى وسبعين وامتدت أيامه إلى أن مات في سنة تسع وتسعين وست مائة وهو من الخزرج أخبرني الشيخ الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان قراءة منى عليه وهو يسمع رأيته بغرناطة مرارا بالمصلى وأنشدته قصيدة أمدحه بها وحضرت عنده إنشاد الشعراء في بعض أعياده وكان رجلا جميلا عاقلا حسن السياسة متظاهرا بالدين وقرأ شيئا من النحو على الأستاذ أبي الحسن الأبدي ويذكر أن له نظما وقد)
اشتهر عنه وهو قوله يخاطب وزيره أبا سلطان عزيز ابن علي الداني المتقارب
* تذكر عزيز ليالينا
* وأنسا نعاطي على الفرقدين
*
* ونحن ندبر في ملكنا
* ونعطي النضار بكلتا اليدين
*

166
* وقد طلب الصلح منا اللعين
* فما فاز إلا بخفي حنين
*
* إذا ما تكاثر إرساله
* يكون الجواب شبا المرهفين
*
* فلم لا تشمر عن ساعد
* وتضرب بالسيف في المغربين
*
* وقد خدمتنا ملوك الزمان
* وقد قصدتنا من العدوتين
*
* فنسأل من ربنا عونه
* على ما نوينا من الجانبين
* ومما ذكر عنه له قوله الطويل
* أيا ربة الحسن التي أذهبت نسكي
* على كل حال أنت لا بد لي منك
*
* فأما بذل وهو أليق بالهوى
* وإما بعز وهو أليق بالملك
* انتهى ما أخبرني الشيخ أثير الدين قلت لم أثبت هذه القطعة الأولى إلا من كونها شعر سلطان وإلا فليست مما ينتقي وإما البيتان الكافيان فإني نظمت جوابه مجاراة كأني حاضره وفي وزنه ورويه وهو الطويل
* متى لاق بالعشاق عز وسطوة
* كأنك من ذل المحبة في شك
*
* تلق الهوى مع ما ملكت بذلة
* لتنظم مع أهل المحبة في سلك
* بويع السلطان أبو عبد الله بعد أبيه سنة إحدى وسبعين فتملك ثمانية أعوام ثم توثب عليه أخوه أبو الجيوش نصر وظفر به فخلعه وسجنه مدة ثم جهزه إلى بلده شلوبينة فحبسه إلى أن تحرك على نصر ابن أخته الغالب بالله وطلب نصر أخاه المخلوع إلى غرناطة فجعله عنده بالحمراء في بيت أخته ومرض أبو الجيوش نصر فأغمى عليه ثلاثة أيام فأحضر الكبراء أخاه ليملكوه فلما عوفي أبو الجيوش تعجب من مجيئه وأخبر فغرقه خوفا من شهامته وكان خلعه سنة تسع وتسعين وسبع مائة ووفاته
3 (الشيخ محيي الدين الشاطبي المحدث المالكي))
محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة محي الدين أبو بكر الأنصاري الأندلسي الشاطبي مولده في شهر رجب سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة بشاطبة وتوفي سنة اثنتين وستين وست مائة بالقاهرة ودفن بسفح)
المقطم سمع الكثير وولي مشيخة دار الحديث البهائية بحلب ثم قدم الديار المصرية وولي مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة إلى حين وفاته وكان أحد الأئمة المشهورين بغزارة الفضل وكثرة العلم والجلالة والنبل واحد المشايخ المعروفين بطريق القوم وله في ذلك إشارات لطيفة مع ما جبل عليه من كرم الأخلاق واطراح التكليف ورقة الطبع ولين الجانب وله شعر منه الطويل
* إلى كم أمنى النفس ما لا تناله
* فيذهب عمري والأماني لا تقضى
*

167
* وقد مر لي خمس وعشرون حجة
* ولم أرض فيها عيشتي فمتي أرضى
*
* وأعلم أني والثلاثون مدتي
* وخير مغاني اللهو أوسعها رفضا
*
* فماذا عسى في هذه الخمس ارتجى
* ووحدي إلى أوب من العشر قد أفضى
* ومنه أيضا مخلع البسيط
* وصاحب كالزلال يمحو
* صفاؤه الشك باليقين
*
* لم يخص إلا الجميل منى
* كأنه كاتب اليمين
* وهذا عكس قول أحمد المنازي مخلع البسيط
* وصاحب خلته خليلا
* وما جرى غدره ببالي
*
* لم يحص إلا القبيح منى
* كأنه كاتب الشمال
* وكان محيي الدين من أبناء القضاة حفظ القرآن العظيم وتفقه على مذهب مالك رضي الله عنه ورحل إلى بغداد ولقي بها أبا حفص عمر بن مكرم الدينوري وأبا علي الحسن بن مبارك بن محمد الزبيدي وأبا الفضل ابن بكران وقدم إربل وقرأ على أبي الخير بدران التبريزي
3 (قاضي حلب القاضي شمس الدين الدمشقي))
محمد بن محمد بن بهرام الدمشقي الشافعي العلامة قاضي حلب وخطيبها ومفتيها شمس الدين أبو عبد الله ولي القضاء مدة طويلة تفقه بمصر على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام وبرع في المذهب وتصدر وخرج له الأصحاب وكان محمود الأحكام على ضيق خلقه كان يخالف قرا سنقر نائبها في أغراضه فعزل بالقاضي زين الدين ابن قاضي الخليل وتوفي سنة خمس وسبعمائة البوزجاني الحاسب))
محمد بن محمد بن يحيى)
ابن إسماعيل بن العباس البوزجاني بالباء الموحدة والواو والزاي والجيم أبو الوفاء أحد الأئمة المشاهير في علم الهندسة والحساب وله فيهما استخراجات غريبة لم يسبق إليها قال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان رحمه الله تعالى كان شيخنا العلامة كمال الدين أبو الفتح موسى بن يونس رحمه الله وهو القيم بهذا الفن يبالغ في وصف كتبه ويعتمد عليها في أكثر مطالعاته ويحتج بما يقوله وكان عنده من تأليفه عدة كتب وله في استخراج الأوتار تصنيف جيد نافع ولد يوم الأربعاء مستهل شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة وتوفي سنة سبع وثمانين وثلاث مائة بمدينة بوزجان انتهى قلت ومن تصانيفه في الحساب كتاب المنازل وهو مبسوط مرتب جيد إلى الغاية
3 (أبو النصر الطوسي الزاهد))
محمد بن محمد بن يوسف ابن الحجاج أبو النصر الطوسي الزاهد العابد يصوم النهار ويقوم الليل ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويتصدق بما فضل عن

168
قوته رحل في طلب الحديث إلى العراق والشام ومصر والحجاز وسمع الكثير وجزأ الليل ثلاثة أجزاء جزأ للقرآن وجزءا للتصنيف وجزأ للراحة توفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ورثي في المنام فقال الرائي وصلت إلى ما تطلبه فقال أي والله أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشر بن الحرث يحجبنا بين يديه ويرافقنا وقد عرضت مصنفاتي كلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيها
3 (القاضي محيي الدين ابن الشهرزوري))
محمد بن محمد بن عبد الله ابن القسم بن المظفر بن علي القاضي محيي الدين أبو حامد الشهرزوري ولي القضاء بالموصل وقدم بغداد رسولا من صاحبها فأكرمه الخليفة وخلع عليه توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وخمس مائة ومن نظمه في يوم وقع فيه الثلج الوافر
* ولما شاب رأس الدهر غيظا
* لما قاساه من فقد الكرام
*
* أقام يميط عنه الشيب عمدا
* وينشر ما أماط على الأنام
* قلت هذا تخيل حسن إلى الغاية وما أحسن قول أبي طالب المأموني البسيط
* كان في الجو منه وهو منعكس
* سحابة نشأت من فت كافور
*
* كان ناق ثمود في الهواء غدت
* ترمي اللغام على الأرضين والدور
*)
وقول الآخر الكامل
* فالأرض تضحك عن قلائد أنجم
* نشرت بها والجو جهم قاطب
*
* فكأنما زنت البسيطة تحته
* وأكب يرجمها الغمام الحاصب
* وهو يشبه قول الغزي الكامل
* والسحب من برد تسح كأنما
* ترمي البسيطة عن قصي البندق
* وقول الصاحب ابن عباد الخفيف
* أقبل الثلج فانبسط لسرور
* ولشرب الكبير بعد الصغير
*

169
* فكان السماء صاهرت الأر ض فصار النثار من كافور
* وقول ظافر الحداد مجزوء الوافر
* كان الريح تنثره
* على الأرضين في وشك
*
* تغربل من خلال الند
* كافورا على مسك
* قيل إنه مدة ولايته في الموصل لم يعتقل أحدا على دين في دينارين فما دونهما بل كان يوفى ذلك من ماله وهو ووالده لهما شعر حسن وسيأتي ذكر والده القاضي كمال الدين ومن شعر محيي الدين المذكور الخفيف
* إن تبدلت بي سواي فإني
* ليس لي ما حييت منك بديل
*
* لي أذن حتى أناجيك صما ء وطرف حتى يراك كليل
* ومنه مخلع البسيط
* يا راقد الليل عن محب
* ما زاره بعدك الرقاد
*
* فراش جنبيه من قتاد
* وكحل أجفانه سهاد
* ومنه الخفيف
* جاد لي في الرقاد وهنا بوصل
* أنشط القلب من عقال الهموم
*
* وجفاني لما انتبهت فما أق رب ما بين شقوتي ونعيمي
* ومنه الكامل
* لا تحسبوا أني امتنعت من البكى
* عند الوداع تجلدا وتصبرا
*
* لكنني زودت عيني نظرة
* والدمع يمنع لحظها أن ينظرا)
* (إن كان ما فاضت فقلت ألزمتها
* صلة السهاد وسمتها هجر الكرى
* قلت شعر جيد في الذروة
3 (الكشميهني الصالح))
محمد بن محمد بن محمود الكشميهني بالكاف والشين المعجمة الساكنة والميم المكسورة والياء آخر الحروف ساكنة والهاء والنون كان من الصلحاء وله مجاهدات ورياضات توفي سنة ست عشرة وست مائة وأوصى أن يكتب على كنفه الطويل
* يكون أجاجا دونكم فإذا انتهى
* إليكم تلقى نشركم فيطيب
* وهذا البيت من أبيات مختلف فيها الصحيح أنها للعباس بن الأحنف والله أعلم
3 (محمد التكريتي الشاعر))
محمد بن محمد التكريتي النحوي أقام ببغداد وقرأ الأدب وبرع فيه وله شعر من جملته مخلع البسيط
* من كان ذم الرقيب يوما
* فإنني للرقيب شاكر
*
* لم أر وجه الرقيب وقتا
* إلا ووجه الحبيب حاضر
*

170
أخذه برمته من قول الخفيف
* لا أحب الرقيب إلا لأني
* لا أرى من أحب حتى أراه
* توفي سنة ثمان عشرة وستمائة
3 (محمد بن مسلمة الإشبيلي الشاعر))
محمد بن محمد بن مسلمة الإشبيلي وسلفه من قرطبة أبو الحسين وكان جميل الصورة في صغره وفيه يقول أبو العباس اللص المجتث
* خلبت قلبي بلحظ
* أبا الحسين خلوب
*
* فلم أسمى بلص
* وأنت لص القلوب
* توفي سنة خمس وثمانين وست مائة وقال في كير الحداد الكامل
* ومنضد فيه الرياح سواكن
* فإذا تحرك آذنت بهبوب
*
* يطوى على زفراته كشحا له
* عند التحرك هيئة المكروب)
* (ولآبنوس الفحم إن عرضته
* أهدى له ما شئت من تذهيب
*
* صدر المحب يخال منه معملا
* ومتى تعطله فخصر حبيب
* وقال في قصيدة الكامل
* يا دار وادي الشط من أعلى القرى
* هطلت عليك من الغمام ثقالها
*
* عهدي بدوحك وهو يخطر من قنا
* والسرب وهو من الجياد رعالها
*
* ومهاك هذي البيض وهي أوانس
* يقصدن حبات القلوب نبالها
*
* نفر تصيد ولا تصاد وإنما
* تدني لنا آجالنا آجالها
*
* من كل سابغة الوشاح خريدة
* لفاء غص بساقها خلخالها
* منها الكامل
* أيام أرضك لا يطير غرابها
* سالت مذانبها ورق ظلالها
*
* فكأنها والأمن فيها والمنى
* لأبي سليمان اغتدت أعمالها
* قلت قوله عهدي بدوحك البيت أخذه من ابن هانيء الأندلسي حيث يقول الكامل
* إذ ذلك الوادي قنا وأسنة
* وإذ الديار مشاهد ومحافل
* والرابع أخذه من قول أبي سعيد المخزومي المديد حدق الآجال آجال
3 (محمد اليعمري الأبذي))
محمد بن محمد بن اليعمري الأبذي بالذال المعجمة وباؤها الموحدة مشددة وهمزتها مضمومة أبو بكر قال ابن الآبار في تحفة القادم أنشدنا أبو عبد الله ابن الصفار

171
الضرير قال أنشدنا أبو بكر المذكور يهجو ابن همشك مجزوء الوافر
* همشك ضم من حرفي
* ن من هم و من شك
*
* فعين الدين والدنيا
* لامرته أسى تبكي
* هذا إبراهيم أحمد بن همشك رومي الأصل ملك في الفتنة جيغان وشقورة وكثيرا من أعمال غرب الأندلس قال ابن الآبار كان يعذب خلق الله تعالى بالتعليق والتحريق ولا يتناهى عن منكر فعله من رميهم بالمجانيق ودهدهتهم كالحجارة من أعالي النيق وحكى ابن صاحب الصلاة عن بعض)
الصالحين أنه رآه في النوم فقال له كيف حالك وما لقيت من ربك فأنشده بيتين لم يسمعا قبل وهما البسيط
* من سره العيث في الدنيا بخلقة من
* يصور الخلق في الأرحام كيف يشا
*
* فليحزن اليوم حزنا قبل سطوته
* مغللا يمتطي جمر الغضا فرشا
*
3 (ابن أبي البقاء البلنسي))
محمد بن محمد بن سليمان الأنصاري الأستاذ أبو عبد الله البلنسي يعرف بابن أبي البقاء أصله من سرقسطة وتعلم كثيرا فبرع في العربية وعلم بها واعتنى بتقييد الآثار وكان شاعرا مجودا توفي سنة عشر وست مائة قال من مرثية البسيط
* قد علمتني الليالي أن ريقتها
* صاب وإن قال قوم أنه عسل
*
* إن الذي كانت الآمال مشرقة
* به وعيش الأماني بردها خضل
*
* أصاب صرف الليالي منه قطب حجي
* يا من رأى الشهب قد أعيت بها السبل
*
* وهد للحلم طودا شامخا علما
* يا لليالي تشكو صرفها الحيل
*
* وضاق وجه الدجا عن نور بهجته
* فكيف توسعها إشراقها الأصل
* وقال يصف السيف الطويل
* وذي رونق كالبرق لكن وعده
* صدوق ووعد البرق كذب وربما
*
* عقدت نجاديه لحل تمائمي
* وقلت له كن للمكارم سلما
*
* وساء الأعادي إذ بكت شفراته
* وسر ولاة الود حين تبسما
* وقال أيضا الخفيف
* غير خاف على بصير الغرام
* إن يوم الفراق يوم حمام
*
* عبرات تصد عن نظرات
* ونشيج يحول دون الكلام
*
* ودماء تراق باسم دموع
* ونفوس تؤدي برسم سلام
*

172
* شربت بعدك الليالي حياتي
* غير أوشال لوعتي وسقامي
* ما أحسن قوله شربت بعدك الليالي حياتي
3 (أبو القاسم الغافقي قاضي بلنسية))
محمد بن محمد بن نوح)
الغافقي هو أبو القسم قاضي بلنسية وهي بلده واصله من سرقسطة توفي مصروفا بمراكش سنة أربع عشرة وست مائة له شعر حسن منه قوله في فتح المهدية من أبيات البسيط
* قد أنزل القسر من أعلى ذوائبها
* من كان معتقدا في برجها الأسدا
*
* حيث الثواء لقد ظلت حلومهم
* على مجانيق توهى العقل والجلدا
*
* كأنما الأرض كانت قبل واجدة
* حقدا على واكفات السحب أو حردا
*
* فأمطرتهن أحجار العذاب بما
* كانت قديما عليها أمطرت بردا
* وقال الرمل
* لا تغبطن كل موفور الغنى
* مشتمل ملابس العظمة
*
* يلمز لا بسبب إلا بما
* يحويه من أكياسه المفعمه
*
* فالله قد أخبر عن أمثاله
* وقال في آياته المحكمة
*
* يحسب أن ماله أخلده
* كلا لينبذن في الحطمه
*
3 (ابن جهور الأزدي المرسي))
محمد بن محمد بن جهور الأزدي أبو بكر من أهل مرسية كان أحد أدبائها ونبهائها من شعره وقد رأى امرأة سافرة فغطت وجهها بكفها المخصوب السريع
* فاجأتها كالظبي في سربه
* فاحتجبت بالكف والمعصم
*
* وقد بدا الوشى بأطرافها
* فأقصرت عن لومها لومي
*
* قالوا وقد دلههم حبها
* من طوق البلار بالعندم
*
* قلت جرت من مقلتي دمعة
* فاختضبت أنملها بالدم
* هذا المعنى مطروق مبذول متداول مر وهو بجزيرة شقر بأرض حمراء لابن مرج الكحل غير صالحة للعمارة فقال يداعبه البسيط
* يا مرج كحل ومن هذي المروج له
* ما كان أحوج هذي الأرض للكحل
*
* ما حمرة الأرض عن طيب وعن كرم
* فلا تكن طمعا في رزقها العجل
*

173
* لكن شيمتها أخلاق صاحبها
* فما تفارقها كيفية الخجل
* فأجابه البسيط)
* يا قائلا إذ رأى مرجى وحمرته
* ما كان أحوج هذي الأرض للكحل
*
* تلك الدماء التي للروم قد سفكت
* في الفتح بيض ظبي أجدادي الأول
*
* أحببتها إذ حكت من قد كلفت به
* في حمرة الخد أو إخلافه أملى
* الصاحب تاج الدين ابن حنا محمد بن محمد بن علي ابن محمد بن سليم المصري الصاحب تاج الدين أبو عبد الله ابن الصاحب فخر الدين ابن الوزير بهاء الدين ابن حنا ولد سنة أربعين وتوفي سنة سبع وسبع مائة وسمع من سبط السلفي جزء الذهلي ومن الشرف المرسي وبدمشق من ابن عبد الدائم ومن ابن أبي اليسر حدث بدمشق وبمصر وانتهت إليه رئاسة عصره بمصره وكان ذا تصون وسؤدد ومكارم وشكل حسن وبزة فاخرة إلى الغاية يتناهى في المطاعم والملابس والمناكح والمساكن ومع ذلك صدقاته كثيرة وتواضعه وافر ومحبته في الفقراء والصلحاء زائدة وهو الذي اشترى الآثار النبوية على ما قيل بستين ألف درهم وجعلها في مكانه بالمعشوق وهو المكان المنسوب إليه بالديار المصرية وقد زرت هذه الآثار في مكانها ورأيتها وهي قطعة من العنزة ومرود ومخصف وملقط وقطعة من قصعة وكحلت ناظري برؤيتها وقلت أنا
الكامل
* أكرم بآثار النبي محمد
* من زارها استوفى السعود مزاره
*
* يا عين دونك فألحظي وتمتعي
* أن لم تريه فهذه آثاره
* ورأى من العز والرئاسة والوجاهة والسيادة ما لا رآه جده الصاحب بهاء الدين حكى لي القاضي شهاب الدين محمود رحمه الله وغير واحد أن الصاحب فخر الدين ابن الخليلي لما لبس تشريف الوزارة توجه من القلعة بالخلعة إلى عند الصاحب تاج الدين وجلس بين يديه وقبل يده فأراد أن يجبره ويعظم قدره فالتفت إلى بعض غلمانه أو عبيده وطلب منه توقيعا بمرتب يختص بذلك الشخص فأخذه وقال مولانا يعلم على هذا التوقيع فأخذه وقبله وكتب عليه قدامه وكان الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس رحمه الله إذا حكى ذلك يقول وهذه الحركة من الصاحب تاج الدين بمنزلة الإجازة والإمضاء لوزارة ابن الخليلي ومن أحسن حركة اعتمدها ما حكاه لي القاضي شهاب الدين ابن فضل الله قال اجتزت بتربته فرأيت في داخلها مكتبا للأيتام وهم يكتبون القرآن في ألواحهم فإذا أرادوا مسحها غسلوا الألواح وسكبوا ذلك على قبره فسألت عن ذلك فقيل لي هكذا شرط في هذا الوقف وهذا مقصد حسن وعقيدة صحيحة وكان الصاحب بهاء الدين يؤثره على أولاده لصلبه ويعظمه أخبرني)
القاضي شهاب الدين ابن فضل الله قال أخبرني قاضي القضاة جلال الدين القزويني رحمه الله قال وقفت على إقرار الصاحب بهاء الدين بأنه في ذمته للصاحب تاج الدين ولأخيه مبلغ ستين ألف دينار مصرية ومن وجاهته وعظمته في النفوس أنه لما نكب على يد الشجاعي جرده من ثيابه وضربه مقرعة واحدة فوق قميصه ولم يدعه الناس يصل

174
إلى أكثر من ذلك مع جبروت الشجاعي وعتوه وتمكنه من السلطان وكان له شعر حسن من ذلك ما كتبه إلى السراج الوراق يعزيه عن حمار سقط في بئر فنفق من أبيات الكامل
* يفديك جحشك إذ مضى مترديا
* وبتالد يفدي الأديب وطارف
*
* عدم الشعير فلم يجده ولا رأى
* تبنا وراح من الظما كالتالف
*
* ورأى البويرة غير جاف ماؤها
* فرمى حشاشة نفسه لمخاوف
*
* فهو الشهيد لكم بوافر فضلكم
* هذي المكارم لا حمامة خاطف
*
* قوم يموت حمارهم عطشا لقد
* ازروا بحاتم في الزمان السالف
* قوله لا حمامة خاطف أشار إلى أبيات ابن عنين التي مدح الإمام فخر الدين الرازي وقد جاءت حمامة فدخلت حجره هربا من جارح كان خلفها وسيأتي ذلك في ترجمة فخر الدين الرازي وأجابه الوراق بقصيدة على وزنها في غاية الحسن موجودة في ديوانه أولها الكامل
* أدنت قطوف ثمارها للقاطف
* وثنت بأنفاس النسيم معاطفي
* منها فيما يتعلق بذكر الحمار الكامل
* ولكم بكيت عليه عند مرابع
* ومراتع رشت بدمعي الذارف
*
* يمسي على عسرى ويسرى صابرا
* بمعارف تلهيه دون معالف
*
* وقد استمر على القناعة يقتدي
* بي وهي في ذا الوقت جل وظائفي
*
* ودعاه للبئر الصدى فأجابه
* واعتاقه صرف الحمام الآزف
*
* وهو المدل بألفة طالت وما
* أنسى حقوق مرابعي ومآلفي
*
* وموافقي في كل ما حاولته
* في الدهر غير مواقفي ومخالفي
*
* دوران ساقيه لطاحون لنقل الماء في شات ويوم صائف
*
* لكن بماء البئر راح بنقله
* قتلته شامات بموت جارف
* ومما ينسب إلى الصاحب تاج الدين الطويل)
* توهم واشينا بليل مزارنا
* فجاء ليسعى بيننا بالتباعد
*
* فعانقته حتى اتخذنا تلازما
* فلم ير واشينا سوى فرد واحد
* ونظم يوما الصاحب تاج الدين الطويل
* توافى الجمال الفائزي وأنه
* لخير صديق كان في زمن العسر
* وأمر السراج الوراق بإجازته فقال الطويل
* فيا رب عامله بالطافك التي
* يكون بها في الفائزين لدى الحشر
* وبعث الصاحب إلى السراج وقد ولد له ولد صلة وثلثا حريريا وكتب مع ذلك أبياتا خمسة

175
أولها الوافر
بعثت بها وبالثلث الرفيع فأجابه الوراق بأبيات أولها الوافر
* سرت من جانب العز الرفيع
* إلي بطيب أنفاس الربيع
*
* مصرعة كأني اليوم منها
* ولجت على حبيب والصريع
*
* دعونا الخمسة الأبيات ستا
* لسبع علقت فوق الجميع
*
* فدينا من هباتك مذهبات
* كان محوكها قطع الربيع
*
* تزيد بلمس كفك حسن وشى
* كحسن الروض بالغيث الهموع
*
* بما أحييت للنفساء نفسا
* ولي معها وللطفل الرضيع
*
* وقد سمنت كيسى بعد ضعف
* به التقت الضلوع مع الضلوع
* وهذا الثالث من هذه الأبيات بديع في الغاية ومن شعر الصاحب تاج الدين ما قاله ملغزا في الورد الطويل
* ومعركة أبطالها قد تخضبت
* أكفهم من شدة الضرب عندما
*
* لهم عندها نار وللنار عنبر
* تأجج حتى يترك الورد أدهما
* وقوله يمدح الشيخ خضر الهكاري الطويل
* وحزت بميدان العبادة غاية
* تذكرني يوم السباق ابن أدهما
* وله موشح مشهور بين أهل مصر التزم فيه الحاء قبل اللام في أقفاله وهو مجزوء الرجز
* قد انحل الجسم أسمر أكحل
* وأوحل القلب فيه مذ حل
*
* يميل
* وعنه لا أميل
*
* يحول
* وعنه لا أحول)
* (أقول
* إذا زاد بي النحول
*
* أما حل عقد الصدود ينحل
* ويرحل عن نجمي المزحل
*
* برغمي
* كم يستبيح ظلمي
*
* ويرمي
* بحربه لسلمى
*
* وجسمي
* مع التزام سقمي
*
* منحل وقد غدا مزحل
* فلم حل سفك دمي وما حل
*
* متوج
* بالحسن هذا الأبهج
*
* مدبج
* عذاره البنفسج
*

176
* مفلج
* يرنو بطرف أدعج
*
* مكحل وريقه المنحل
* مفحل بالعنبر المحلحل
*
* كم أبعد
* وكم أبيت مكمد
*
* ويعمد
* بهجره لا يفقد
*
* ويجهد
* في ارتضاء من قد
*
* تمحل والحاسدون دحل
* ومحل والوعد منه أمحل
*
* قلاني
* واشتط هذا الحاني
*
* رماني
* في عشقه زماني
*
* خلاني
* أشكو لمن يراني
*
* قد انحل الجسم أسمر أكحل
* وأوحل القلب فيه مذ حل
* ونظم يوما الصاحب تاج الدين بيتا وهو الطويل
* ألا قاتل الله الحمامة أنها
* أذابت فؤاد الصب لما تغنت
* وقال للسراج أجزه فقال قصيدة أولها الطويل
* أطارحها شكوى الغرام وبثه
* فما صدحت إلا أجبت بآنة
* أخبرني الشيخ العلامة أثير الدين أبو حيان قراءة مني عليه قال اجتمعت به وسمعت عليه شيئا من الحديث وأنشدني من لفظه لنفسه الكامل
* ولقد أبيت على أغر أدهم
* عبل الشوى كالليل إذ هو مظلم)
* (وبكفي اليمنى قناة لدنة
* كالأفعوان سنانها منه الفم
*
* متقلدا عضبا كان متونه
* برق تلألأ أو حريق مضرم
*
* وعلى سابغة الذيول كأنها
* سلخ كسانيه الشجاع الأرقم
*
* وعلى المفارق بيضة عادية
* كالنجم لاح وأين منها الأنجم
*
* فالرعد من تصهال خيلي والسنا
* برق الأشعة والرذاذ هو الدم
* اشترى فرسا من العرب فأقامت عنده في الحاضرة ثم إنه عبر بها على بيوت العرب فجفلت فقال
* الطويل نسيت بيوت الشعر يا فرسي وقد
* ربيت بها والحر للعهد ذاكر
*
* ولكن رأيتيها بنجد وأهلها
* على صفة أخرى فعذرك ظاهر
* في الثاني عيب لأنه لحن من كونه أشبع حركة الكسرة في رأيتها حتى نشأت ياء قال الشيخ أثير الدين ونظمت أنا في هذا المعنى فقلت الطويل

177
* عجبت لمهري إذ رأى العرب نكبا
* كأن لم يكن بين الأعاريب قد ربا
*
* أجل ليس نكرا للفريق وإنما
* تخوف عتبا منهم فتجنبا
* قلت التصريع في البيتين ليس بمليح وكان يتعاطى الفروسية ويحضر الغزوات ويتصيد بالجوارح والكلاب وقد مدحه الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين محمود رحمه الله بقصيدة عدتها أزيد من ثمانين بيتا وهي روايتي عنه بالإجازة أولها الكامل
* أعلى في ذكر الديار ملام
* أم هل تذكرها علي حرام
*
* أم هل أذم إذ ذكرت منازلا
* فارقتها ولها علي ذمام
* منها في مدح الصاحب تاج الدين الكامل
* وشجاعة ما عامر فيها له
* قدم ولا عمرو له إقدام
*
* ثبت الجنان إذا الفوارس أحجمت
* خوف الردى لم يثنه إحجام
*
* وبكفه في جحفل أو محفل
* تزهى الرماح السمر والأقلام
* وحكى لي المشار إليه سيادة كثيرة شاهدها منه من ذلك أنه قال دخلت يوما إليه فلقيني إنسان نسيت أنا اسمه ومعه قصيدة قد امتدحه بها فقال لي يا مولانا لي مدة ولم يتفق لي إلى الصاحب وصول فأخذتها ودخلت إليه وقلت بالباب شاعر قد مدح مولانا الصاحب فقال يدخل فأعطاه القصيدة فأنشدها ولم يمتنع من سماعها كما يفعله بعض الناس فلما فرغت أخذها منه ووضعها إلى جانبه ولم يتكلم ولا)
أشار فحضر خادم ومعه مبلغ مائتي درهم وتفصيلة فدفعها إليه قلت وهذا غاية في الرئاسة من سماعها وعدم قوله أعطوه كذا أو إشارة إلى من يحضر فيسر إليه وقيل عنه أن جميع أحواله كذا لا يشير بشيء ولا يتكلم به في بيته وكل ما تدعو الحاجة إليه يقع على وفق المراد وحكى لي أنه أضاف جده يوما ووسع فيه فلما عاد إلى بيته أخذ الناس يعجبون من همته وكرم نفسه فقال الصاحب بهاء الدين ليس ما ذكرتموه بعجيب لأن نفسه كريمة ومكنته متسعة والعجب العجيب كونه طول هذا النهار وما أحضره من المشروب والمأكول من الطعام والفاكهة والحلوى وغير ذلك على اختلاف أنواعه ما قام من مكانه ولا دعا خادما فأسر إليه ولا أشار بيده ولا بطرفه ولم يجيء إليه أحد من خدمه ولا أشار وقيل أن الناس تعجبوا على كثرتهم وشربهم الماء مبردا في كيزان عامة ذلك النهار فسئل عن ذلك فيما بعد فقال اشترينا خمس مائة كوز وبعثنا إلى الجيران قليلا قليلا بردوا ذلك في الباذهنجات التي لهم ولا شك في أنه كان علي الهمة ممجدا مسودا ولكن لم يكن له دربة والده في تنفيذ الوزارة فإنه وليها مرتين وما أنجب وكان له إنسان مرتب معه حمام كحمام البطائق مدرب إذا خرج من باب القرافة أطلق ما معه من الحمام فيروح إلى الدار التي له فيعلم أهله بأنه قد خرج من القلعة فيرمون الططماج والملوخية وغير ذلك من أنواع المطجن وما شابهه حتى إذا جاء وجد الطعام حاصلا والسماط ممدودا وقد سمع منه الشيخ شمس الدين الذهبي أيضا وجالسه وأنشده شعره واعتكف في مأذنة عرفات

178
بجامع مصر ثلاثة أيام فقال السراج الوراق الطويل
* ثلاثة أيام قطعت لطولها
* ثلاث شديدات من السنوات
*
* حجبن محيا الصاحب ابن محمد
* لتجمع بين الحسن والحسنات
*
* وما كاد قلبي أن يقر قراره
* لأني بمصر وهو في عرفات
* وقال السراج أيضا لما عمر الصاحب تاج الدين جامع دير االطين الطويل
* بنيتم على تقوى من الله مسجدا
* وخير مباني العابدين المساجد
*
* وأعلن داعيه الأذان فبادرت
* اجابته الصم الجبال الجلامد
*
* ونالت نواقيس الديارات وجمة
* وخوف فلم يمدد إليهن ساعد
*
* تبكي عليهن البطاريق في الدجى
* وهن لديهم ملقيات كواسد
*
* بذا قضت الأيام ما بين أهلها
* مصائب قوم عند قوم فوائد
* البيتان الأخيران للمتنبي من قصيدته المشهورة وأهدى إليه عسلا مسعوديا فقال الطويل)
* من الظرف رد الظرف ممتلئا حمدا
* كما جاء في نعماك ممتلئا رفدا
* منها الطويل
* أتاني مسعود به لون عرضه
* بياضا جلا من حالك الحال ما اسودا
*
* وكنت لسيعا من زماني وصرفه
* فبدلني من سمه القاتل الشهدا
*
* فأدنيت من أبعدتها لا قلى لها
* ولكن من الأشياء ما يوجب البعدا
*
* فإن رفع الداعي يديه فهذه
* بأربعها تدعو وتستفرغ الجهدا
* وقال أيضا يمدحه بقصيدة أولها الكامل
* أتروم صبري دون ذاك الريم
* هيهات لمت عليه غير ملوم
*
* لو شاهدت عيناك ما شاهدته
* لرجعت في أمري إلى التسليم
*
* مخضر آس واحمرار شقائق
* أنا منهما في جنة ونعيم
*
* ومعاطف من دونهن روادف
* أنا منهما في مقعد ومقيم
*
* سل طرفه عن شعره الداجي فلم
* يخبرك عن طول الدجى كسقيم
*
* يا غصن قامته إليك تحيتي
* مع كل ماطرة وكل نسيم
*
* إن الجمال له بغير منازع
* والوجد لي فيه بغير قسيم
*
* وكذا العلا لمحمد بن محمد ب
* ن علي بن محمد بن سليم
*
* نسب كمطرد الكعوب فلا ترى
* إلا كريما ينتمي لكريم
*

179
منها الكامل
* وشبيبة حرس التقى أطرافها
* فلها محل الشيب في التعظيم
*
* وإذا تحرمت المسائل باسمه
* جلى عن التحليل والتحريم
*
* إن قال لا يخلو فما من علة
* تبقى لصحة ذلك التقسيم
*
* إما إذا جارى أخاه أحمدا
* شاهدت بحرى نائل وعلوم
*
* بحران إن شئت الندى نجمان إن
* شئت الهدى غوثان في الأقليم
* وأرسل إليه ديوكا مخصية فاستبقاهن فأرسل إليه دجاجة كبيرة فقال المتقارب
* فديت الديوك بذبح عظيم
* وأنقذتها من عذاب اليم
*
* فنارى لهم مثل نار الخليل
* ونارك لي مثل نار الكليم)
* (وذو العرف بالله في جنة
* فكن واثقا بالأمان العظيم
*
* لقد أنست لي دار بهم
* ومن قبلهم أصبحت كالصريم
*
* مشوا كالطواويس في ملبس
* بهى البرود بهيج الرقوم
*
* كأني أشاهدهم كالقضاة
* بسمت عليهم كسمت الحليم
*
* وإلا أزمة دار غدت
* بهم حرما آمنا كالحريم
*
* ولا فرق بيني وبين الخصي
* فلم لا أراهم بعين الحميم
*
* ونعم الفداء لهم قد بعثت
* من القانتات ذوات الشحوم
*
* أعدن الشباب إلى مطبخي
* وقد كان شاب لحمل الهموم
*
* وعادت قدوري زنجية
* فأعجب بزنجية عند رومي
*
* وطال لسان لناري به
* خصمت خطوبا غدت من خصومي
*
* وأمسيت ضيفك في منزلي
* ومن فيه ضيف لضيف الكريم
* ثم خرج إلى المدح وأدخل الميم على ضمير الديكة وإن كانت لمن يعقل لأنه نزلها منزلة من يعقل وإما استعارة الشباب والشيب للمطبخ فمن أحسن الكنايات عن الطبخ وعدمه وقوله زنجية عند رومي ظرف فيه إلى الغاية لأن السراج رحمه الله كان أشقر أزرق وله نظم في ذلك وهو قوله الرجز
* ومن رآني والحمار مركبي
* وزرقتي للروم عرق قد ضرب
*
* قال وقد أبصر وجهي مقبلا
* لا فارس الخيل ولا وجه العرب
* ولما قدم من غزوة حمص سنة ثمانين وست مائة امتدحه الحكيم شمس الدين محمد بن دانيال بقصيدة أولها الطويل
* تذكرت سعدى أم أتاك خيالها
* أم الريح قد هبت إليك شمالها
*

180
منها الطويل
* لقد أقبل الصدر الوزير محمد
* فأقبلت الدنيا وسر وصالها
* منها
* الطويل بغى آبغا لما تصرع أهله
* بدار هوان قد عراهم نكالها
*
* وألقوا عن الأفراس حيث رؤوسهم
* أكاليلها فوق التراب نعالها
*
* وكانت لها تلك الذوائب في الثرى
* شكالا وثيقا يوم حل شكالها)
* (فأمسوا فراشا والأسنة شرع
* ذبال إلى أن أحرقتم ذبالها
* وقال ناصر الدين حسن بن النقيب يهجوه المنسرح
* يحتاج ذا التاج من يرصعه
* بدرة تحت دالها كسره
*
* فمن رأى عنقه الطويل ولا
* ينزل فيه يموت بالحسرة
*
3 (ابن الجعفرية الحلى))
محمد بن محمد بن جعفر ابن أحمد بن محمد بن جعفر بن غانم ويتصل بزيد بن علي بن الحسن بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم الحلى يعرف بابن الجعفرية مولده سنة ست وست مائة أنشدني الشيخ أثير الدين أبو حيان من لفظه قال أنشدنا المذكور لنفسه بالحلة سابع ذي الحجة سنة سبع وثمانين وستمائة الكامل
* أترى يبل غليله المشتاق
* منكم ويسكن قلبه الخفاق
*
* وتعود أيام الوصال كما بدت
* ويرى لأيام الفراق فراق
*
* يا حاجبا عن مقلتي سنة الكرى
* فدموعها بجنابه اطلاق
*
* لا تنكرن تملقى لعواذلي
* فأخو الغرام لسانه مذاق
*
3 (القاضي نجم الدين الطبري))
محمد بن محمد بن أحمد ابن عبد الله القاضي نجم الدين ابن جمال الدين ابن محب الدين الطبري الأملي كان فقيها جيدا فيه كرم وحسن أخلاق وله نظم أنشدني الشيخ تاج الدين اليمني لنفسه قال أنشدته سنة ست عشرة وسبع مائة وقد قدمت منصرفا من دمشق قاصد اليمن قصيدة امتدحه بها أولها مجزوء الرجز
* جاد عهاد المطر
* عهدي مني والمشعر
*
* ولا عدا ربوعها
* سح السحاب الممطر
*
* منازل كم لي بها
* من ليل وصل مقمر
*
* والبين في بينونة
* بوصلنا لم يشعر
* فلما فرغت من إنشادها أنشدني بديها مجزوء الرجز
* أقسمت حقا بالصفا
* يا ابن الكرام الغرر
*
* شعرك هذا فائق
* أشعار أهل الحضر
*

181
)
* ما ناله حبيبه
* ولا الوليد البحتري
* قال وأنشدني القاضي نجم الدين المذكور قصيدة يمدح بها الملك المظفر عند قدومه اليمن أولها الكامل
* إن لم أرو الربع من أجفاني
* بعد البعاد دما فما أجفاني
* قلت وأنشدني من لفظه بالقاهرة سنة ثمان وعشرين وسبع مائة الشيخ محب الدين أبو عبد الله محمد بن الصائغ المغربي الأموي قال أنشدني لنفسه بمكة قاضي القضاة نجم الدين الطبري الكامل
* اشبيهة البدر التمام إذا بدا
* حسنا وليس البدر من اشباهك
*
* مأسور حبك إن يكن متشفعا
* فإليك في الحسن البديع بجاهك
*
* أشفى أسى أعيى الأساة دواؤه
* وشفاه يحصل بارتشاف شفاهك
*
* فصليه واغتنمي بقاء حياته
* لا تقطعيه جفا بحق الهك
* قال فنظمت قصيدة ومدحته بها والتزمت ما التزمه من الهاء قبل الكاف وستأتي في ترجمة محب الدين المذكور في المحمدين إن شاء الله تعالى وقال تاج الدين اليمنى توفي قاضي مكة نجم الدين الطبري سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة وأخبرني الشيخ شمس الدين قال توفي قاضي مكة ومفتيها وعالمها نجم الدين أبو حامد محمد بن محمد الطبري المكي الشافعي سنة ثلاثين وسبع مائة ومولده سنة ثمان وخمسين سمع من عم جده يعقوب ابن أبي بكر الطبري جامع الترمذي وسمع من جده محب الدين ومن الفاروثي وله إجازة من الحافظ أبي بكر بن مسدي وأخذ عنه البرازلي وجمال الدين الغانمي وألواني وآخرين وما خلف بمكة مثله وكان بارعا في الفقه وولي بعده القضاء ابنه الإمام شهاب الدين أحمد انتهى
3 (محمد بن محمد بن حسين))
ابن عبدك الأذربيجاني الصوفي نزيل القدس سمع من ابن المقير وابن رواحة وابن رواج والسخاوي وابن قميرة وطبقتهم بالشام ومصر والعراق والحجاز قال الشيخ شمس الدين وخرج لنفسه معجما فيه أوهام وأربعين بلدانية تكرر من شيوخها حدث عنه ابن الخباز وابن العطار وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وست مائة
3 (الكنجي))
محمد بن محمد بن أبي بكر عبد الرحمن الكنجي الدمشقي سمع كثيرا ونسخ وكتب الطباق وعلق أشياء جيدة واقتنى كتبا مليحة)
وأصولا وله عمل قليل في هذا الفن وهو قانع متعفف لا بأس به إن شاء الله تعالى سمع من ابن القواس وطبقته قال الشيخ شمس الدين وسمع قبلنا من الشيخ تاج الدين مولده سنة خمس وسبعين وليس عندي منه وسمعنا من أبيه توفي في ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة ونسبه إلى خفة وعدم رزانة

182
3 (ابن رشيق قاضي الإسكندرية))
محمد بن محمد بن الحسين ابن عتيق بن رشيق القاضي الإمام المفتي زين الدين أبو القاسم ابن الإمام علم الدين المصري المالكي قاضي الإسكندرية بقي بها اثنتي عشرة سنة ثم عزل وقد عينه القاضي بدر الدين ابن جماعة لقضاء دمشق وكان شيخا وقورا دينا معمرا فقيها روى مع الجماعة عن أبي الحسن ابن الجميزي وتوفي سنة عشرين وسبع مائة
3 (ابن الصيرفي المحدث))
محمد بن محمد بن علي الفقيه المحدث مجد الدين الأنصاري الدمشقي ابن الصيرفي الشافعي سبط المحتسب ابن الحبوبي كان شابا متواضعا فاضلا ساكنا نسخ للناس ولنفسه وعمل المعجم جلس مع الشهود وحدث عن محمد بن النشبي والتقى ابن أبي اليسر وأحمد بن أبي الخير وابن مالك وابن البخاري وحضر المدارس مولده سنة إحدى وستين وتوفي سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة وعاش أبوه بعده نحو عشر سنين ولمجد الدين نظم
3 (ابن حريث))
محمد بن محمد بن علي ابن إبراهيم بن حريث القرشي العبدري البلنسي ثم السبتي المالكي المقرئ ولد سنة إحدى وأربعين وحدث بالموطأ عن أبي الحسين ابن أبي الربيع عن ابن بقي وتفنن في العلوم والقراآت والعربية وولي خطابة سبتة مدة واقرأ الفقه مدة ثلاثين عاما ثم تزهد ووقف كتبه بألف دينار وعقاره وحج وجاور بالحرمين سبع سنين وحدث بمكة ومات بها سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة
3 (ابن دمرداش الشاعر))
محمد بن محمد بن محمود)
ابن دمرداش الدمشقي شهاب الدين أبو عبد الله كان في أول حاله جنديا وخدم بحماة وصحب صاحبها الملك المنصور ثم أبطل ذلك ولبس زي العدول وجلس في مركز الرواحية بدمشق رأيته بها سنة ثمان عشرة وأظنه كان مخلا من إحدى عينيه أنشدني الشيخ أثير الدين من لفظه قال أنشدني ظهير الدين البارزي قال أنشدني شهاب الدين المذكور لنفسه الطويل
* أقول لمسواك الحبيب لك الهنا
* برشف فم ما ناله ثغر عاشق
*
* فقال وفي أحشائه حرقة النوى
* مقالة صب للديار مفارق
*
* تذكرت أوطاني فقلبي كما ترى
* أعلله بين العذيب وبارق
* قلت ما أحلى قول محيي الدين ابن قرناص الحموي الطويل
* سألتك يا عود الأراكة إن تعد
* إلى ثغر من أهوى فقبله مشفقا
*
* ورد من ثنيات العذيب منيهلا
* تسلسل ما بين الأبيرق والنقا
*

183
وقول الوافر
* وعود أراكة يجلو الثنايا
* من البيض الدمى جلى المرايا
*
* يقول مساجل الأغصان فخرا
* أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
* وأنشدني الشيخ أثير الدين بالسند المذكور له أيضا الطويل
* ولما التقينا بعد بين وفي الحشا
* لواعج شوق في الفؤاد تخيم
*
* أراد اختباري بالحديث فما رأى
* سوى نظر فيه الجوى يتكلم
* وأنشدني من لفظه القاضي الإمام شهاب الدين أحمد بن فضل الله قال أنشدني المذكور لنفسه الكامل
* ومهفهف الأعطاف معسول اللمى
* كالغصن يعطفه النسيم إذا سرى
*
* قال اسقني فأتيته بزجاجة
* ملئت قراحا وهو لاه لا يرى
*
* وتأرجت برضابه وأمدها
* من نار وجنته شعاعا أحمرا
*
* ثم انثنى ثملا وقد أسكرته
* برضابه وبوجنتيه وما درى
* وأنشدني من لفظه الشيخ الإمام العلامة نجم الدين القحفازي الحنفي النحوي قال أنشدني المذكور لنفسه الخفيف
* قال لي ساحر اللواحظ صف لي
* هيفي قلت يا رشيق القوام
*
* لك قد لولا جوارح جفني
* ك تغنت عليه ورق الحمام
*)
وله وهو مما نقلته من خطه وكان يكتب مليحا إلى الغاية الكامل
* حتام لا تصل المدام وقد أتت
* لك في النسيم من الحبيب وعود
*
* والنهر من طرب يصفق فرحة
* والغصن يرقص والرياض تميد
* ونقلت من خطه له وهو غاية الكامل
* قد صنت سر هواكم ضنا به
* إن المتيم بالهوى لضنين
*
* فوشت به عيني ولم أك عالما
* من قبلها إن الوشاة عيون
* ونقلت منه له الطويل
* روى دمع عيني عن غرامي فاشكلا
* ولكنه ورى الحديث فاشكلا
*

184
* وأسنده عن واقدي أضالعي
* فأضحى صحيحا بالغرام معللا
* ونقلت منه له الكامل
* وافي النسيم وقد تحمل منكم
* لطفا يقصر فهمه عن علمه
*
* وشكى السقام وما درى ما قد حوى
* وأنا أحق من الرسول بسقمه
* ونقلت منه له الكامل
* إن طال ليلى بعدكم فلطوله
* عذر وذاك لما أقاسي منكم
*
* لم تسر فيه نجومه لكنها
* وقفت لتسمع ما أحدث عنكم
* ونقلت منه له الكامل
* عجبا لمشغوف يفوه بمدحكم
* ما ذا يقول وما عساه يمدح
*
* والكون إما صامت فمعظم
* حرماتكم أو ناطق فمسبح
* ونقلت منه له وهو مليح المنسرح
* من لأسير أمست قرينته
* في الدوح عن حاله تسائله
*
* فهو يغني مبدأ الحزين لها
* وهي بأوراقها تراسله
* ونقلت منه له البسيط
* حتى إذا رق جلباب الدجى وسرت
* من تحت أذياله مسكية النفس
*
* تبسم الصبح أعجابا بخلوتنا
* ووصلنا الطاهر الخالي من الدنس
* ونقلت منه له وأجاد السريع)
* بالروح أفدى منطقيا علا
* برتبة النحو على نشوه
*
* منطقه العذب الشهي الذي
* قد جذب القلب إلى نحوه
* ونقلت منه له وهو في الغاية الطويل
* جيادك يا من طبق الأرض عدله
* وحاز بأعلى الحد أعلى المناصب
*
* إذا سابقتها في المهامه غرة
* رياح الصبا عادت لها كالجنائب
*
* ولو لم تكن في ظهرها كعبة المنى
* لما شبهت آثارها بالمحارب
* ونقلت منه له وأحسن الكامل
* يا سيدي أوحشت قوما ما لهم
* عن حسن منظرك الجميل بديل
*
* وتعللت شمس النهار فما لها
* من بعد بعدك بكرة وأصيل
*
* وبكى السحاب مساعدا لتفجعي
* من طول هجرك والنسيم عليل
* ومن شعره أجاد الكامل

185
* انظر إلى الأشجار تلق رؤوسها
* شابت وطفل ثمارها ما أدركا
*
* وعبيرها قد ضاع من أكمامها
* وغدا بأذيال الصبا متمسكا
* وله وهو في غاية الحسن الطول
* ولما أشارت بالبنان وودعت
* وقد أظهرت للكاشحين تشهدا
*
* طفقنا نبوس الأرض نوهم أننا
* نصلي الضحى خوفا عليها من العدى
* وله أيضا الكامل
* ما أبطأت أخبار من أحببته
* عن مسمعي بقدومه ورجوعه
*
* إلا جرى قلمي إليه حافيا
* وشكا إليه تشوقي بدموعه
* ومما نقلته من خطه له
* الطويل يقولون شبهت الغزال بأهيف
* وهذا دليل في المحبة واضح
*
* ولو لم يكن لحظ الغزال كلحظه احورارا لما تاقت إليه الجوارح
* سبقه إلى هذا شمس الدين محمد بن دانيال فقال المجتث
* بي من أمير شكار
* وجد يذيب الجوانح
*
* لما حكى الظبي جيدا
* حنت إليه الجوارح
*)
ونقلت منه له الطويل يقول لي الدولاب راض حبيبك الملول بما يهوى من الخير والنفع
* فإني من عود خلقت وها أنا
* إذا مال عني الغصن اسقيه من دمعي
* وأنشدت له دوبيت الدوبيت
* الصب بك المتعوب والمعتوب
* والقلب بك الملسوب والمسلوب
*
* يا من طلبت لحاظه سفك دمي
* مهلا ضعف الطالب والمطلوب
* قيل إن الشيخ صدر الدين ابن الوكيل كان يقول وددت لو كان يأخذ مني كل شعري ويعطيني هذين البيتين وتوفي ابن دمرداش سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة ولهذه المقاطيع التي أوردتها له عندي نظائر وأشباه ما أوردتها خوفا من الإطالة
3 (الوزير ابن سهل))
محمد بن محمد بن سهل ابن محمد بن سهل الوزير العالم الزاهد ابن الوزير الأزدي الغرناطي ولد سنة اثنتين وستين ومات أبوه سنة سبعين وجده سنة سبع وثلاثين وست مائة وحج سنة سبع وثمانين ورجع ثم أنه قدم سنة عشرين وسبع مائة وحج وجاور سنتين وسمع من ابن الرضي الطبري ثم قدم دمشق وقرأ الصحيح على الحجار وصحيح مسلم علي ابن العسقلاني وقرأ بالسبع في صغره على ابن بشر وابن أبي الأحوص وابن الزبير وبرع في معرفة الأسطرلاب وكان وافر الجلالة ببلده يرجعون إلى رأيه فيمن يولى المملكة ويلقبونه الوزير

186
وفيه ورع وله فضائل أخذ عنه قطب الدين عبد الكريم وكان شيخا وقورا لا يتعمم ويتطيلس على طاقية رأيته عند الشيخ أثير الدين وأخبرني هو وغيره عنه أنه يتصدق سرا من ماله الذي يحمل إليه من أملاكه بالغرب وعرفه الناس وصاروا يقصدونه فإذا طلب منه أحد شيئا أنكر ذلك وقال له ليس ما قيل لك صحيحا ثم يتركه بعد يوم أو أكثر ويأتي إليه وهو غافل ويلقى في حجره كاغدا فيه ذهب ويمر ولا يقف له ويتصدق من الستين دينارا فما دونها توفي رحمه الله سنة ثلاثين وسبع مائة واستنسخ البحر المحيط تفسير الشيخ أثير الدين وشرح التسهيل له وغير ذلك وجهزه إلى الغرب وقال الشيخ الإمام تاج الدين أحمد بن مكتوم النحوي يرثيه المجتث
* مات ابن سهل فماتت
* من بعده المكرمات
*
* ولم يخلف مثيلا
* أمثاله الصيد ماتوا
*))
3 (البرزالي الحنبلي))
محمد بن محمد بن محمود ابن قاسم الإمام ذو الفنون الشيخ شمس الدين أبو عبد الله ابن الإمام أبي الفضل العراقي الحنبلي مدرس المستنصرية بعد الذريراني ولد في شوال سنة إحدى وثمانين كان بصيرا بالمذهب والعربية ورأس في الطب سافر إلى الهند ورجع وصنف في الطب ما يستعمله الإنسان وله سطوة وشهامة وسمع من أبي القاسم والعماد ابن الطبال وكتب في الإجازات وساد وتقدم وله نظم ولما توفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة دفن عند والده بمقبرة الإمام أحمد
3 (ابن الحاج الفاسي المصري))
محمد بن محمد الشيخ أبو عبد الله العبدري الفاسي المصري المالكي ابن الحاج مؤلف كتاب البدع توفي عن بضع وثمانين سنة سبع وثلاثين وسبع مائة
3 (ابن العفيف الكاتب))
محمد بن محمد بن الحسن الشيخ الإمام الفاضل الكاتب المجود المحرر شيخ الديار المصرية كان صالحا خيرا فاضلا له شعر وخطب وله حظ من النحو قرأ العربية على بهاء الدين ابن النحاس وكان شيخ خانقاه أقبغا عبد الواحد بالقرافة وكان تاليا لكتاب الله تعالى توفي رحمه الله تعالى في ثالث ذي الحجة سنة ست وثلاثين وسبع مائة
3 (الشيخ ركن الدين ابن القوبع))
محمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن يوسف التونسي الشيخ الإمام العلامة المحقق البارع المتقن المفنن جامع أشتات الفضائل ركن الدين أبو عبد الله الجعفري المالكي التونسي لم أر له نظيرا في مجموعة واتقانه وتفننه واستحضاره واطلاعه كل ما يعرفه يجيد فيه من أصول وحديث وفقه وأدب ولغة ونحو وعروض وأسماء رجال وتاريخ وشعر يحفظه للعرب والمولدين والمتأخرين وطب وحكمة ومعرفة الخطوط خصوصا خطوط المغاربة قد مهر في ذلك وبرع وإذا تحدث في شيء من ذلك كله تكلم على دقائق ذلك الفن وغوامضه ونكته حتى يقول القائل إنما أفنى عمره هذا في هذا الفن قال لي العلامة قاضي القضاة)
تقي الدين أبو الحسن السبكي الشافعي وهو ما هو ما أعرف أحدا مثل الشيخ ركن الدين أو كما

187
قال وقد رأى جماعة ما أتى الزمان لهم بنظير بعدهم مثل الشيخ وغير هؤلاء أخبرني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس قال قدم إلى الديار المصرية وهو شاب فحضر سوق الكتب والشيخ بهاء الدين ابن النحاس حاضر وكان مع المنادي ديوان ابن هانيء المغربي فأخذه الشيخ ركن الدين وأخذ يترنم بقول ابن هانئ الكامل
* فتكات لحظك أم سيوف أبيك
* وكؤوس خمرك أم مراشف فيك
* وكسر التاء وفتح الفاء والسين والفاء فالتفت إليه الشيخ بهاء الدين وقال له يا مولى ذا نصب كثير فقال له الشيخ ركن الدين بتلك الحدة المعروفة منه والنفرة أنا ما أعرف الذي تريده أنت من رفع هذه الأشياء على أنها أخبار لمبتدآت مقدرة أي أهذه فتكات لحظك أم كذا أم كذا وأنا الذي أقوله أغزل وأمدح وتقديره أأقاسي فتكات لحظك أم أقاسي سيوف أبيك وأرشف كؤوس خمرك أم مراشف فيك فأخجل الشيخ بهاء الدين وقال له يا مولى فلأي شيء ما تتصدر وتشغل الناس فقال استخفافا بالنحو واحتقارا له وأيش النحو في الدنيا أو كما قال وأخبرني أيضا قال كنت أنا وشمس الدين ابن الأكفاني نأخذ عليه في المباحث المشرقية فأبيت ليلتي أفكر في الدرس الذي نصبح نأخذه عليه وأجهد قريحتي وأعمل تعقلي وفهمي إلى أن يظهر لي شيء أجزم بأن المراد به هذا فإذا تكلم الشيخ ركن الدين كنت أنا في واد في بارحتي وهو في واد أو كما قال وأخبرني تاج الدين المراكشي قال قال لي الشيخ ركن الدين لما أوقفني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس على السيرة التي عملها علمت فيها على مائة وأربعين موضعا أو
مائة وعشرين السهو مني أو كما قال ولقد رأيته مرات يواقف الشيخ فتح الدين في أسماء رجال ويكشف عليها فيظهر معه الصواب وكنت يوما أنا وهو عند الشيخ فتح الدين فقال قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية عمل ابن الخطيب أصولا في الدين الأصول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الإخلاص إلى آخرها فنفر الشيخ ركن الدين وقال قل له يا عرة عمل الناس وصنفوا وما أفكروا فيك ونهض قائما وولي مغضبا وأخبرني الشيخ فتح الدين قال جاء إليه إنسان يصحح عليه في أمالي القالي فأخذ الشيخ ركن الدين يسابقه إلى ألفاظ الكتاب فبهت ذلك الرجل فقال له لي عشرون سنة ما كررت عليها وكان إذا أنشده أحد شيئا في أي معنى كان أنشد فيه جملة للمتقدمين والمتأخرين كان الجميع كان البارحة يكرر عليه وتولى نيابة الحكم للقاضي المالكي بالقاهرة مدة ثم تركها تدينا منه وقال يتعذر فيها براءة الذمة وكان سيرته فيها حسنة

188
لم يسمع)
عنه أنه ارتشى في حكم ولا حابى وكان يدرس في المدرسة المنكتمرية بالقاهرة ويدرس الطب بالبيمارستان المنصوري وينام أول الليل ثم يستفيق وقد أخذ راحة ويتناول كتاب الشفاء لابن سينا ينظر فيه لا يكاد يخل بذلك قال الشيخ فتح الدين قلت له يوما يا شيخ ركن الدين إلى متى تنظر في هذا الكتاب فقال إنما أريد أن اهتدي وكان فيه سأم وملل وضجر حتى في لعب الشطرنج يكون في وسط الدست وقد نفضه وقطع لذة صاحبه ويقول سئمت سئمت وكذلك في بعض الأوقات يكون في بحث وقد حرر لك المسألة وكادت تنضج فيترك الكلام ويمضي وكان حسن التودد يتردد إلى الناس ويهنئهم بالشهور والمواسم من غير حاجة إلى أحد لأنه كان معه مال له صورة ما يقارب الخمسين ألف درهم وكان يتصدق سرا على أناس مخصوصين ولثغته بالراء قبيحة يجعلها همزة وكان إذا رأى أحدا يضرب كلبا أو يؤذيه يخاصمه وينهره ويقول ليش تفعل ذا أما هو شريكك في الحيوانية وكان خطه على وضع المغاربة وليس بحسن وسمع بدمشق سنة إحدى وتسعين وست مائة على المسند تقي الدين ابن الواسطي واستجزته سنة ثمان وعشرين وسبع مائة بالقاهرة باستدعاء فيه ونظم فأجاب وأجاز وأجاد بنثر ونظم أنشدني لنفسه إجازة ومن خطه نقلت الطويل
* جوى يتلظى في الفؤاد استعاره
* ودمع هتون لا يكف انهماره
*
* يحاول هذا برد ذاك بصوبه
* وليس بماء العين تطفأ ناره
*
* ولوعا بمن حاز الجمال بأسره
* فحاز الفؤاد المستهام إساره
*
* كلفت به بدري ما فوق طوقه
* ودعصي ما يثنى عليه إزاره
*
* غزال له صدري كناس ومرتع
* ومن حب قلبي شيحه وعراره
*
* من السمر يبدي عدمي الصبر خده
* إذا ما بدا ياقوته ونضاره
*
* جرى سابحا ماء الشباب بروضه
* فأزهر فيه ورده وبهاره
*
* يشب ضراما في حشاي نعيمه
* فيبدو بأنفاسي الصعاد شراره
*
* وينثر دمعي منه نظم موشر
* كنور الأقاحي حفه جلناره
*
* يعل بعذب من برود رضابه
* تفاوح فيه مسكه وعقاره
*
* ويسهر أجفاني بوسنان أدعج
* يحير فكري غنجه وأحوراره
*
* حكاني ضعفا أو حكى منه موثقا
* وخصرا نحيلا غال صبري اختصاره
*
* معنى بردف لا ينوء بثقله
* فيا شد ما يلقى من الجار جاره)
* (على أن ذا مثر وذلك معسر
* ومن محنتى أعساره ويساره
*
* تألف من هذا وذا غصن بانة
* توافت به أزهاره وثماره
*
* تجمع فيه كل حسن مفرق
* فصار له قطبا عليه مداره
*

189
* زلال ولكن أين مني وروده
* ولدن ولكن أين مني اهتصاره
*
* وسلسال راح صد عني كأسه
* وغودر عندي سكره وخماره
*
* وبدر تمام مشرق الضوء باهر
* لأفقي منه محقة وسراره
*
* دنا ونأى فالدار غير بعيدة
* ولكن بعدا صده ونفاره
*
* وحين درى أن شد أسرى حبه
* أحل بي البلوى وساء اقتداره
* منها الطويل
* حكت ليلتي من فقدي النوم يومها
* كما قد حكى ليلى ظلاما نهاره
*
* كتمت الهوى لكن بدمعي وزفرتي
* وسقمي تساوي سره وجهاره
*
* ثلاث سجلات علي بأنني
* أمام غرام قل فكيف استتاره
*
* أورى بنظمي في العذار وتارة
* بمن أن تغني القرط أصغي سواره
*
* وجل الذي أهوى عن الحلى زينة
* ولما يقارب أن يدب عذاره
*
* أراحة نفسي كيف صرت عذابها
* وجنة قلبي كيف منك استعاره
* ونقلت منه من قصيدة يمدح بها الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد الوافر
* ولو غير الزمان يكون قرني
* للأقى الحتف من ليث جرى
*
* تحاماه الكماة إذا أدلهمت
* دجى الهبوات في ضنك حمى
*
* وطبقت الفضاء فلا ضياء
* سوى لمعان أبيض مشرفى
*
* وأرمدت العيون وكل طرف
* عم إلا لأسمر سمهرى
*
* بحيث عباب بحر الموت يرمي
* بموج من بنات الأعوجى
*
* عليها كل أروع هبرزي
* يغالب كل أغلب شمرى
*
* تراه يرى الظبي ثغرا شنيبا
* من الأفرند في ظلم شهي
*
* ويعتقد الرماح قدود هيف
* فيمتحها معانقة الهدى
*
* هناك ترى الفتى القرشي يحمى
* حماة المجد والحسب السني)
* (وتعلم أن أصلا هاشميا
* تفرع بالنضار الجعفري
*
* ولو أن الجعافرة استبدت
* به يمنى الهمام القوبعي
* منها في المديح الوافر
* إلى صدر الأئمة باتفاق
* وقدوة كل حبر المعي
*
* ومن بالاجتهاد غدا فريدا
* وحاز الفضل بالقدح العلى
*
* وما هو والقداح وتلك بخت
* وهذا نال بالسعي الرضى
*

190
* صبا للعلم صبا في صباه
* فأعل بهمة الصب الصبي
*
* فأتقن والشباب له لباس
* أدلة مالك والشافعي
* منها الوافر
* ونور جلاله يرتد عنه
* رسول الطرف بالحسن الحيي
*
* ومن كثرت صلاة الليل منه
* سيحسن وجهه قول النبي
* منها الوافر
* بعدل عم أصناف البرايا
* تساوي فيه دان بالقصي
*
* ضممت ندا وجودا حاتميا
* إلى رأي وحلم أحنفي
*
* لديك دعائم المجد استقرت
* فحط بنو الرضا ملقى العصى
*
* بحيث طوامح الآمال مهما
* رمت لم تخط شاكلة الرمي
*
* أيا قمر الفهوم إذا أدلهمت
* دجى الأشكال في غوص خفي
*
* وسحبان المقالة حين يلفى
* بليغ القوم كالفة العيي
*
* لكم أبديت من معنى بديع
* يروق بحلة اللفظ البهي
*
* فأقسم ما الرياض حنا عليها
* ملث الودق هطال الحبي
*
* فألبسها المزخرف والموشى
* حيا الوسمي منه أو الولي
*
* وأضحك نبتها ثغر الأقاحي
* فما نظم الجمان اللؤلؤي
*
* وعطر جوها بشذا أريج
* من المسك الفتيق التبتي
*
* فلاحت كالخرائد يزدهيا
* حلى الحسن أو حسن الحلى
*
* بأبهج من كلامك حين تفتى
* سؤالا بالبديه أو الروى
*)
وكتبت له استدعاء بإجازة منه لي نسخته المسؤول من إحسان سيدنا الشيخ الإمام العالم العلامة الكامل جامع شتات الفضائل وأرث علوم الأوائل حجة المناظرين سيف المتكلمين الكامل
* سباق غايات الورى في بحثه
* فالبرق يسري في السحاب بحثه
*
* ويهب منه بالصواب صبا لها
* برد على الأكباد ساعة نفثه
*
* ويضوع من تلك المباحث ما يرى
* أشهى من المسك السحيق وبثه
* المتكلم الذي ذهلت بصائر أولي المنطق نحوه وأنتجت مقدماته المطلوب عنوة ووقف السيف عند حده فما للآمدي في مداه خطوة وحاز رتب النهاية فما لأبي المعالي بعدها حظوة فهو الزاري على الرازي لأن قطب علومه من مصره ومحصوله ذهب قبل دخول أوانه وعصره والفقيه الذي رفع لصاحب الموطأ أعلام مذهبه مذهبة فمالك عنه رضوان وأسفر وجوه اختياره خالية من

191
كلف التكلف حالية بالدليل والبرهان وأبرزها في حلاوة عبارته فهو جلاب الجلاب وأظهر الأدلة من مكامن أماكنها وطالما جمحت تلك الأوابد على الطلاب والنحوي الذي تركت لمعه الخليل أخفش وأعرت الكسائي ثوب فخره الذي بهر به سيبويه وأدهش فأبعد ابن عصفور حتى طار عن مقربه وأمات ابن يعيش لما أخلق مذهب مذهبه والأديب الذي هو روض جمع زهر الآداب وحبر قلد العقد أجياد فنه الذي هو لب الألباب وكامل أخذ كتاب الأدب عنه أدب الكتاب فإذا نظم قلت هذه الدراري في إبراجها تتسق أو خلت الدرر تتنضد في أزدواجها وتنتسق أو نثر فالزهر يتطلع من كمامه غب غمامه والفات غصون ترنح معاطفها لحمائم همزة التي هي كهمز حمامه والطبيب الذي تحلى منه بقراط بأقراط وسقط عن درجته سقراط فالفارابي ألفاه رابيا وابن مسكويه امسك عنه محاشيا لا محابيا وابن سينا انطبق قانونه على جميع جزئياته وكلياته وطلب الشفاء والنجاة من إشاراته وتنبيهاته فلو عالج نسيم الصبا لما اعتل في سحره أو الجفن المريض لزانه وزاد من حوره ركن الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الجعفري المالكي السريع
* لا زال روض العلم من فضله
* في كل وقت طيب النشر
*
* وكل ما يبدعه للورى
* تطويه في الأحشاء للنشر
*
* وتزدهي الدنيا بما حازه
* حتى ترى دائمة البشر
* إجازة كاتب هذه الأحرف ما له من مقول منظوم أو منثور وضع أو تأليف جمع أو تصنيف إلى غير ذلك على اختلاف الأوضاع وتباين الأجناس والأنواع وذكرت أشياء مذكورة في الاستدعاء)
فأجاب بخطه رحمه الله تعالى يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه وعفوه عما تعاظم من ذنبه محمد بن محمد بن عبد الرحمن القرشي الجعفري المعروف بابن القويع بعد حمد الله ذي المجد والسناء والعظمة والكبرياء الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء خالق الأرض والسماء وجاعل الإصباح والإمساء والشكر له على ما من به من تضاعف الآلاء وترادف النعماء نحمده ونذكره ونعبده ونشكره لتفرده باستحقاق ذلك وتوفر ما يستغرق الحمد والشكر هنالك مع ما خصنا به من العلم وأضاء به بضيائها من نور الفهم ونصلي على نبيه محمد سيد العرب والعجم وعلى آله وأصحابه الذين فازوا من كل فضل بعظم الحظ ووفور القسم أجزت لفلان وذكرني الكامل
* جماع أشتات الفضائل والذي
* سبق السراع ببطئه وبمكثه
*
* فكأنهم يتعثرون بجدول
* ويسير في سهل الطريق وبرثه
*
* أذري بسحب بيانهم في هطلها
* فيما يبين بطله وبدثه
* جميع ما يجوز لي أن أرويه مما رويته من أصناف المرويات أو قلته نظما أو نثرا أو اخترعته من مسألة علمية مفتتحا أو اخترته من أقوال العلماء واستنبطت الدليل عليه مرجحا مما لم أصنعه في تصنيف ولا أجمعه في تأليف على شرط ذلك عند أهل الأثر
* السريع وفقه الله لما يرتضي
* في القول والفعل وما يدري
*

192
* وزاده فضلا إلى فضله
* بما به يأمن في الحشر
*
* فهذه الدار بما تحتوي
* دار أذى ملأى من الشر
*
* دلت بنيها بغرور فهم
* في عمه عنه وفي سكر
*
* قد خدعتهم بزخاريفها
* معقبة للغدر بالغدر
*
* تريهم بشرا ويا ويحهم
* كم تحت ذاك البشر من مكر
*
* بينا ترى مبتهجا ناعما
* ذا فرح بالنهي والأمر
*
* آمن ما كان وأقصى مني
* فاجأه قاصمة الظهر
*
* فعد عنها واشتغل بالذي
* يوليك خيرا آخر الدهر
*
* فإنما الخير خصيص بما
* تلقاه بعد الموت والنشر
*
* هذا إذا من الذي ترتجي
* رحماه بالصفح وبالغفر
*
* وزاد رضوانا فهذا الذي
* يدعي به لأطول العمر
*)
ويؤيد هذا ما أخبرناه الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد الورع المسند تقي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن علي ابن الواسطي قراءة عليه ونحن نسمع بدمشق في شوال سنة إحدى وتسعين وست مائة قيل له أخبركم أبو البركات داود بن أحمد بن ملاعب البغدادي قراءة عليه بدمشق وأبو الفرج الفتح بن عبد الله بن عبد السلام البغدادي قراءة عليه ببغداد قالا أنا الحاجب أبو منصور أنوشتكين بن عبد الله الرضواني قراءة عليه أنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري ح وأنا ابن ملاعب وأبو علي الحسن بن إسحاق ابن الجواليقي ببغداد قالا أنا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني أنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قالا أنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص الذهبي ثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا خلف بن هشام البزاز سنة ست وعشرين ومائتين ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نحفر الخندق وننقل التراب على أكتافنا اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة مختصر وهذا الحديث من أعلى ما أرويه ونسأل الله حالا يرضاها ورضاها أنه سميع الدعاء فعال لما يشاء وله الحمد والمنة كتبه محمد بن القوبع ليلة التاسع والعشرين من رجب سنة ذلح
وتوفي الشيخ ركن الدين المذكور بالقاهرة في تاسع ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة اعتل يومين ومضى إلى رحمة ربه الرحيم ومولده سنة أربع وستين بتونس له من التصانيف التي دونها تفسير سورة ق في مجلدة ولما تولى الإعادة في المدرسة الناصرية عمل درسا في قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا آل عمران وعلق ما أملاه في ذلك وكان الشيخ ركن الدين ابن القوبع قرأ النحو علي يحيى بن الفرج بن زيتون والأصولغ على محمد بن عبد الرحمن قاضي تونس وقدم مصر عام تسعين وسمع بدمشق من ابن الواسطي وابن القواس وبحماة من المحدث ابن مزيز

193
3 (كمال الدين ابن دقيق العيد))
محمد بن محمد بن علي ابن وهب بن مطيع كمال الدين ابن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري وسيأتي والده وذكر جده وذكر لخؤته وذكر عميه كل واحد منهم في مكانه من هذا الكتاب كان يحفظ القرآن ويتلوه كثيرا وكرر على مختصر مسلم للمنذري وربما قيل أنه حفظه وسمع من المنذري ومن النجيب عبد اللطيف والعز الحرانيين وجماعة قال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي وأخبرت أنه كرر على الوجيز وجلس بالوراقين بالقاهرة ودرس بالمدرسة النجيبية بقوص إلا أنه خالط أهل السفه والخلطة)
لها تأثير فخرج عن حده وترك طريق أبيه وجده ولما ولي أبوه القضاء أقامه من السوق وألحقه بأهل الفسوق قال هكذا أخبرني جماعة من أهله وغيرهم وكان قوي النفس بلغني أن وكيل بيت المال مجد الدين عيسى ابن الخشاب رسم للشهود أن لا يكتبوا شيئا يتعلق ببيت المال إلا بإذنه فجاءته ورقة فيها خط كمال الدين ابن الشيخ فطلبه وقال له ما سمعت ما رسمت به فقال نعم فقال كيف كتبت قال جاء مرسوم أقوى من مرسومك وأشد قال السلطان قال لا قال فمن رسم قال جاء مرسوم الفقراء أصبحت فقيرا ما أجد شيئا وجاءتني ورقة أخذت فيها خمسة عشر درهما فتبسم وقال لا تعد قال وحكى لي بعض أصحابنا قال حضرنا يوما وهو معنا عند الشيخ عبد الغفار بن نوح وكان الشيخ عبد الغفار كبير الصورة بقوص يأتي إليه الولاة والقضاة والأعيان وكان يمد رجله في بعض الأوقات ويدعى احتياجا لذلك فمد رجله ذلك اليوم فأخذ الكمال مروحة وضربه على رجله وقال ضمها بلا قلة أدب وكان كثير الصدقة مع الفاقة وتوفي سنة ثمان عشرة وسبع مائة بالقاهرة المفتي بركة الوقت محمد بن محمد بن عبد القادر الأنصاري الشيخ الإمام المفتي بركة الوقت بدر الدين أبو اليسر بن قاضي القضاة عز الدين أبي المفاخر الدمشقي الشافعي مدرس الدماغية والعمادية ولد سنة ست وسبعين وسمع كثيرا من أبيه وابن شيبان والفخر علي وبنت مكي وعدة وحضر ابن علان وحدث بصحيح البخاري عن اليونيني وسمع حضورا من فاطمة بنت عساكر وحفظ التنبيه وأزم حلقة الشيخ برهان الدين وولوه قضاء القضاة فاستغفى وصمم فاحترمه الناس وأحيوه لتواضعه ودينه وعظمه تنكر نائب دمشق واعتقد فيه وحج غير مرة وتولى خطابة القدس مديدة ثم تركها ولما كان بالقدس طلبه المقادسة ودخلوا عليه بسماع الحديث وخرجوا به من هذا إلى طلب الشفاعات عند ناظر الحرمين فشفع لهم وأكثر من الشفاعات فاستثقله الناظر وشكء في الباطن لنائب دمشق وقال هذا يدخل روحه في غير الخطابة ويتكلم في الولاية والعزل فنقص قدره عنده وكان مقتصدا في لباسه وأموره ودرس وهو أمرد ثم زار القدس فتعلل هناك الخلائق وحمل على الرؤوس وكانت وفاته بعد القاضي جلال الدين القزويني بليال يسيرى
3 (الخطيب بدر الدين))
محمد بن محمد بن عبد الرحمان بدر الدين أبو عبد الله الخطيب بالجامع الأموي ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني خطب بالجامع المذكور في حياة والده

194
وحياة المشايخ الكبار مثل الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني والشيخ برهان الدين والشيخ تقي الدين ابن تيمية ولما طلب والده إلى مصر وتولي قضاء القضاة بالشام استقل هو بالخطابة فيما أظن فلما طلب والده أيضا إلى قضاء الديار المصرية بقي هو في الوظيفة وكان في كل سنة يتوجه على البريد إلى مصر ويحضر عند السلطان ويلبس تشريفا ويقيم عند والده مديدة ثم يعود إلى دمشق على البريد وكان له بذلك وجاهة زائدة وصيت وقضى سعادة وافرة فلما عاد والده إلى الشام قاضيا نابه في الحكم وكان قد أتقن الخطابة وانصقلت عبارته وتلفظ بها فصيحا وقرأ في المحراب قراءة حسنة طيبة النغم ولما توفي والده كان يظن أنه يلي القضاء فما اتفق له ذلك وعكس الدهر آماله ونقض حبل سعادته فتعكس وكلما حاول أمرا لم ينجب وطلب إلى مصر فبقي مدة إلى أن توفي السلطان الملك الناصر رحمه الله وأقام بعده قليلا ثم عاد إلى دمشق وقد أكمده الحزن فبقي أياما قلائل وتوفي في ثاني جماديا الأخرة سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة ودفن بمقابر الصوفية وقد جاوز الأربعين قليلا وكان وافر الحشمة ظاهر التجمل حسن البزة جميل الصورة
3 (القاضي تاج الدين البارنباري))
)
محمد بن محمد بن عبد المنعم القاضي الكاتب الناظم الناثر تاج الدين أبو سعد السعدي المعروف بابن البارنباري بباء موحدة وألف بعدها راء ونون بعدها باء موحدة أيضا وبعد الألف راء أخرى ثم ياء النسب صاحب ديوان الإنشاء بطرابلس يومئذ كاتب مطيق ومترسل منطيق خطه أبهج من الحديقة الغناء وأخلب للقلب من الحدقة الوسناء كتب الرقاع والثلث والتوقيعات من أحسن ما يكون وكان لما رأيته بالديوان بقلعة الجبل أعرف بمصطلح الديوان من كل من فيه بحيث أنه يعطي كتابا إلى ملك الهند أو إلى ملك اليمن أو إلى ملك الكرج أو إلى ملك الغرب أو إلى أي ملك من الملوك الذين يكاتبون من باب السلطان فيأخذ القلم ويكتب من رأس القلم تلك الألقاب وتلك النعوت عن ظهر قلب من غير أن يراجع شيئا ثم ينشئ الكتاب المطلوب من رأس القلم في ذلك المعنى المقصود من أحسن ما يكون وكتب شيئا كثيرا من التقاليد والمناشير والتواقيع إلى الغاية وقل ما رأيته يكتب شيئا من مسودة فهو أحد كتاب الإنشاء الذين رأيتهم في عصري مولده في شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين وست مائة وكتب الإنشاء في الدولة الناصرية في شهر رجب سنة ثلاث عشرة وسبع مائة ولم يزل من أعيان كتاب الإنشاء إلى أن توفي القاضي بهاء الدين أبو بكر بن غانم فرسم السلطان للقاضي تاج
الدين بأن يتوجه إلى طرابلس مكانه صاحب ديوان الإنشاء فتوجه إليها في سنة أربع وثلاثين وسبع مائة فرأس هناك وأحسن إلى الناس وسار سيرة مرضية وأقام بها إلى أن تولي النيابة الأمير سيف الدين بيدمر البدري في أوائل سنة سبع وأربعين وسبع مائة فعزل من كتابة سر طرابلس وأقام بطرابلس إلى أن رسم له بالخروج فحضر إلى دمشق في أواخر السنة المذكورة وأقام بدمشق مدة ثم توجه إلى القاهرة وعاد بعد مدة إلى دمشق موقع دست في شهر رجب فيما أظن سنة إحدى وخمسين وسبع مائة وتوفي في أوائل شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين وسبع مائة بالقدس كتبت إليه من دمشق وقد وردت إليها متوجها من الديار المصرية إلى الرحبة البسيط
* لما أتيت دمشقا بعد مصر وفي
* عطفي منك بقايا الفضل للراجي
*
* عظمت من أجل مولانا وصحبته
* وقيل هذا بمصر صاحب التاج
*

195
وينهى بعد رفع الدعاء وحمل لواء الولاء وإشادة بناء الثناء إن المملوك سطرها وشوقه قد ضاقت به الرحبة وأغار علي مثاقيل البصر فما ترك منها عند حبة القلب حبة وذكره الأيام السالفة حتى عاد نسيبه بها أعظم نسبه))
3 (الوافر))
* كأني لم أكن في مصر يوما
* قطعت به الوصال مع الأحبة
*
* ونلت القرب من سادات دست
* محلهم علا كيوان رتبه
*
* إذا عاينت في الإنشا حلاهم
* تراهم بالنجوم الزهر أشبه
*
* وإن سابقتهم علم فا وفضلا
* فأنت إذا نطقت سكيت حلبه
*
* فما ابن الصيرفي إذا أتاهم
* يساوي عندهم في الفضل حبة
*
* خصوصا تاجهم سقى الغوادي
* محل ضمه وأخضل تربه
*
* إذا أخذ اليراع فليس بين الطروس وبين زهر الروض نسبه
*
* وإن نطق استفاد المرء منه
* محاسن تستبي في الحال لبه
*
* وليس الملك محتاجا إلى أن
* يعد كتائبا إن عد كتبه
*
* له الفضلان في نظم ونثر
* إذا ما جال في شعر وخطبه
*
* أيا مولاي عفوا عن محب
* تهجم فالبعاد إذاب قلبه
*
* بعثت بها إليك عسى تراها
* على بعد من المملوك قربه
* فكتب إلي الجواب البسيط
* شكرا لغرس بروض الفضل قد نبتا
* ووده في صميم القلب قد ثبتا
*
* أهدى إلي كتابا كنت أرقبه
* أزال عني من عيث النوى العنتا
*
* مباركا جاء بالحسنى فأحسن لي
* وكيف لا وهو من عند الخليل أتى
* لا زالت ألفاظه حلية المماليك ووده في النفوس ثابتا وللقلوب خير مالك ومنزله من فضل الله رحيب الساحات معمورا بالسماحات في رحبة مالك وينهى ورود مشرف سمح ببيانه ونفح بعرفانه وجنح إلى عوائد إحسانه ولمح أشرف المعاني بإنسانه وربح إذ بدا بفصل خطابه وفضل بنانه أبى الله إلا أن يكون له الفضل في ابتدائه والفوز بسبق تحيته وانشائه فقبله المملوك تقبيلا وفضه فإذا البيان جاء كله معه قبيلا ورأى أدبا غضا ونظما ونثرا فاقا من سلف عصره وتقضي ولقد ذكر مولانا بأوقات قربه على أن المملوك ما زال يذكرها وأقر عينا ما برحت تشهد محاسنه وتنظرها البسيط
* أبلغ أخانا أدام الله نعمته
* أني وإن كنت لا ألقاه ألقاه
*
* الله يعلم أني لست أذكره
* وكيف يذكره من ليس ينساه
*)
ولقد تحملت بمولانا جهة تصدر أخبارها بأقلامه وتصدر مهماتها بمتين كلامه ويبدو

196
صلاحها بألفاظه التي هي كالزلزال في رقته والدر في نظامه فبسط الله ظلال من أمتع هذه المملكة بمولانا وسير ركابه إليها وطالما أولاه الخير وأولانا قد شمل البعيد والقريب بفضله وعمر مصر بسودده وغمر الشام بوبله الكامل
* كالبحر يقذف للقريب جواهرا
* كرما ويبعث للبعيد سحائبا
* ثم يعود المملوك إلى وصف محاسن مولانا التي مكنت في القلب حبه وأرضت بالود مملوكه وتربه وشيدت له في الأفئدة أرفع رتبة الوافر
* اتتنا من ودادك خير هبه
* فنعم طيبها عيش الأحبه
*
* وزارتنا على نأي فأهدت
* لنا أنسا به أنسى تنبه
*
* تذكرني بزورتها ائتلافا
* ووقتا طالما متعت قربه
*
* نأى عن مصر من مولاي أنس
* فألفى بعدها رحبا ورحبه
*
* للفظك في الطروس عقود معنى
* بها در الترائب قد تشبه
*
* وخظك لم يزل درا ثمينا
* له بالجوهر الشفاف نسبه
*
* بنانك منبر ترقى عليه
* يراع كم لها في الطرس خطبه
*
* خطبت من المعاني كل بكر
* فلبت بالإجابة خير خطبه
*
* كأنك قد رقيت الأفق عفوا
* فأعطى طرسك الميمون شهبه
*
* فدمت معظما في كل أرض
* تنال من السعود أجل رتبه
* وكتب إلي ونحن بالمخيم السلطاني على طنان ملغزا في كتاب السريع
* يا مبدعا في النظم والنثر
* وفاضلا في علمه يثري
*
* ومودعا مهرقه كل ما
* يزري بحسن الدر والتبر
*
* إن أحكمت ألفاظه أصبحت
* قواطعا تربى على البتر
*
* ما صامت ينطق أفضاله
* وكاتم للسر في الصدر
*
* تصلحه الراحة لكنه
* يتعب في الطي وفي النشر
*
* قد أشبه البيض ولكنه
* يحتاج يا ذا الفضل للسمر
*
* تفرق الليل بأرجائه
* كأنه وصل على هجر)
* (يسير عن أوطانه دائما
* للنفع في البر وفي البحر
*
* إن كان يوما ضيف قوم غدا
* يقري وخير الناس من يقري
*
* فهات لي عنه جوابا كما
* عودتني يا عالي القدر
* فكتبت إليه الجواب عن ذلك السريع

197
* أروضة تبسم عن زهر
* أم أكوس دارت من الخمر
*
* أم نظم مولانا فإني الذي
* أعده من جملة السحر
*
* إذ كل حرف منك شمس وأن
* سامحت قلت الكوكب الدري
*
* يا فاضلا ما مشتهي نظمه
* في الناس إلا قطع الزهر
*
* وكاتبا أصبح من خطه
* يغني عن الخطية السمر
*
* حللت ما ألغزته في الذي
* تجلوه لي في حبر الحبر
*
* ما فاه بالنطق ولكنه
* له فنون النظم والنثر
*
* يخبرنا عما مضى وانقضى
* وما جرى في سالف الدهر
*
* لا يكذب القول إذا ما روى
* فقد حكى صدق أبي ذر
*
* وعنده للحسن ديباجة
* شبيهة بالليل والفجر
*
* ذرت على كافوره مسكة
* ليس لها نشر مع النشر
*
* كم أقسم الباري به مرة
* مرت لنا في محكم الذكر
*
* يا حسن ما قد قلت يقري وهل
* تعرف في الأيام من يقري
*
* وما قراه غير سمع الذي
* يبثه باللب والفكر
*
* هذا جواب أن تكن راضيا
* به فيا عزى ويا فخري
*
* وإن أكن أخطأت في حله
* فأبسط على ما اعتدته عذري
*
* لا زلت ترقى صاعدا في العلى
* إلى محل الأنجم الزهر
* وكتبت إليه عقيب ذلك السريع
* بلغك الله الأماني فقد
* أطربني لغزك لما أتى
*
* حلا وقد كررت إنشاده
* وكيف لا يحلو وفيه كتا
* وكتب إلي أيضا ونحن بالمخيم السلطاني على المنوفية الكامل)
* طرق الصواب بك استبان سبيلها
* وبك استقام على السواء دليلها
*
* كم خلة محمودة أوتيتها
* في المكرمات وأنت أنت خليلها
*
* ما ملغز الفاء منه كلامه
* وحروفه ما شأنهن قليلها
*
* لا شيء يحجبه وكم من دونه
* من حاجب فعلاه تم أثيلها
*
* إن طال مل وخيره يا صاح ما
* قد طال والنعماء طاب طويلها
*
* وإذا أهل الوفد من ميقاتهم
* طويت غمامته وزال ظليلها
*
* كم أوضحوا فرقا فأخفاه ومع
* هذا أبانته دنا تعجيلها
*

198
* ومحله بمحل مولانا غدا
* يسمو فرفعته رسا تأصيلها
*
* فأحلله لا برحت يراعك كالظبي
* فصريرها منه يمد صليلها
* فحللته في شاش وكتبت الجواب إليه الكامل
* جاءت تدار على النفوس شمولها
* وتجر من فوق الرياض ذيولها
*
* أبياتك الغر التي أبدعتها
* تطوي على جمل الجمال فصولها
*
* ويسير في الآفاق ذكرك لي بها
* وتهب بالإقبال منك قبولها
*
* قد ألغزت لي في مسمى واحد
* وله مقادير تفاوت طولها
*
* كغمامة ترخى على ليل الشباب الغض أو صبح المشيب فضولها
*
* لا يستحيل إذا قلبت حروفه
* بالعكس بل يبقى لها مدلولها
*
* وحروفه بيت وباقي لفظه
* أس على التصحيف رحت أقولها
*
* هذا الجواب وغاية الفضل التي
* قد نلتها في النظم لست أطولها
*
* فلك النجوم تسير في فلك العلى
* ما شأنها بعد الطلوع أفولها
* فكتب إلى عقيب ذلك المجتث
* المسك منك ختام
* وراحتاك غمام
*
* الخط روض نديم
* واللفظ حلو مدام
*
* والسحر قولك لكن
* السحر أمر حرام
*
* أجبتني عن معمى
* بسرعة لا ترام
*
* في القلب حبك ثاو
* له أقام غرام)
* (فأنت حقا خليل
* على الخليل السلام
* فأجبته عن هذه القطعة المجتث
* أجوهر أم كلام
* وقهوة أم نظام
*
* أم البدور تجلت
* فأنجاب عنها الظلام
*
* أم الحدائق وشى
* منها البرود غمام
*
* غصونها الفات
* والهمز فيها حمام
*
* أشبه السطر كأسا
* فيه المعاني مدام
*
* أو أعينا فاتنات
* يصبو لها المستهام
*
* وحشوها السحر باد
* ولا أقول السقام
*
* أقلامك الحمر فيها
* للنائبات سهام
*

199
* كم قد أصابت لمرمى
* ولم يفتها مرام
*
* أثنت عليك المعاني
* والكاتبون الكرام
*
* وقلدتك المعالي
* إذ أنت فينا أمام
*
* فأنت أشرف تاج
* في فضله لا يرام
*
* له على كل راس
* فاء وضاد ولام
* فكتب الجواب أيضا المجتث
* ألفاظك الغر أضحت
* بروقهن تشام
*
* لأجل ذلك سحت
* من سحبهن ركام
*
* فأحبس سيولك أن البيوت
* هذي الخيام
*
* مصر بها قد تحلت
* كما تحلى الشام
*
* عنها يقصر قس
* والسالفون الكرام
*
* أمثالها سائرات
* وما لهن مقام
*
* بدورها طالعات
* لها التمام لزام
*
* وفي العشي اتتني
* منها وجوه وسام
*
* تعزى إلى العرب لما
* يرعى لديها الذمام)
* (لها العيون عيون
* والنون فيها لثام
*
* فكن خير سمير
* حتى تقضى الظلام
*
* وكلما دار دور
* من خمرها جاء جام
*
* هذا جواب جواب
* قد كل فيه الكلام
*
* فاستر له كل عاب
* إذ أنت فينا إمام
* نقلت من خطه فصلا كتبه في وصف يوم ماطر وهو مطر غامت له السماء وعامت الأرض لما كثر منه الماء ودامت به من الله الرحمة والنعماء وغابت تحت غمامه عين الشمس فما لها إشارة ولا إيماء وتوالي كرمه إلى الرياض فله عند كل ساف يد بيضاء إلا أن الأرض تغير حالها واستقر في بطون الأرض ما أرسلته جبالها فتفرق في الأرض غدرانا وروت أحاديثه السيول عن الحيا عن البحر عن جود مولانا كأنما الأرض به سقيت فشفيت من باسها لا بل كأنما أبو حفص هذه الأمة استسقى الله بعباسها وأضحت فاكهة الشتاء كوجه المحبوب غير مملولة وأمنت سحبه القلوب وإن كانت سيوف بروقها مسلولة وخمدت فيها كل نار قراك وما غابت فيه الشمس ونحن نراك وما أطلق المملوك عنان القلم في هذه الكلم إلا لما قيد نفسه محبة في ذراك ونقلت من خطه ما كتبه إلى القاضي علاء الدين ابن الأثير في قصيدة الكامل

200
* يا من به جمع الألوف مفرق
* ومفرق العلياء فيه مجمع
*
* يا من إذا وضع المكارم في الورى
* أضحى له عمل زكي يرفع
*
* يا من يعد مآثرا ومكارما
* ما عدهن عيينة والأقرع
*
* أبوابه محجوجة وجبينه
* بدر وبطن الكف منه ينبع
*
3 (ابن صغير الطبيب))
محمد بن محمد بن عبد الله ابن صغير ناصر الدين الطبيب المصري قرأ الطب والحكمة علي والده والأدب على الشيخ علاء الدين القونوي سألته عن مولده فقال سنة إحدى وتسعين وست مائة فيه ظرف الأدباء وخلاعة أهل مصر وهو من أطباء السلطان توجه مع السلطان الملك الناصر محمد إلى الحجاز سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة وحضر من القاهرة إلى دمشق متوجها على خيل البريد لمداواة الأمير علاء الدين الطنبغا المارداني نائب حلب فما لحقه إلا وقد تمكن منه المرض فعاد ناصر الدين)
المذكور إلى دمشق وقد تغير مزاجه من حماة فأقام بدمشق يمرض في مدرسة الدنيسري قريبا من خمسين يوما وهو من بيت كلهم أطباء وهو شريف النفس لا يطب إلا أصحابه أو بيت السلطان اجتمعت به غير مرة فوجدته لطيف العشرة دمث الأخلاق وله يد في ضرب العود وجاء الخبر إلى دمشق في ذي القعدة بوفاته بالقاهرة بالطاعون سنة تسع وأربعين وسبع مائة رحمه الله تعالى
3 (النصيبي القوصي))
محمد بن محمد بن عيسى ابن نحام بن نجدة بن معتوق الشيباني النصيبي ثم القوصي الأديب الشاعر الفاضل المحدث سمع العز الحراني ومحمد بن الحسين الخليلي وإسماعيل بن هبة الله بن علي بن المليحي وغيرهم وحدث بالبخاري بقوص وكان له مشاركة في النحو واللغة والتاريخ والبديع والعروض والقوافي كثير المروءة ظاهر الفتوة ظريفا لطيفا خفيفا له قدرة على ارتجال الحكاية المطولة والشعر سريع النادرة قال كمال الدين جعفر الأدفوي شعره في ثلاث مجلدات وكان رزقه منه يمتدح القضاة والأمراء والأكابر والتجار قال لما جئت إلى قوص وجدت بها الشيخ تقي الدين والشيخ جلال الدين الدشنائي فترددت إليهما فقال لي كل منهما كلاما انتفعت به فأما الشيخ تقي الدين فقال لي أنت رجل فاضل والسعيد من تموت سيئاته بموته لا تهج أحدا فما هجوت أحدا وأما الشيخ جلال الدين فقال لي أنت رجل فاضل ومن أهل الحديث ومع ذلك فأشاهد عليك شيئا ما هو ببعيد أن يكون في عقيدتك شيء وكنت متشيعا فتبت من ذلك وقال كنت مرة عند عز الدين البصراوي الحاجب بقوص فحضر الشيخ على الحريري وحكى أنه رأى درة تقرأ سورة يس فقلت وكان غراب يقرأ سورة السجدة فإذا جاء عند آية السجدة سجد ويقول سجد لك سوادي واطمأن بك فوادي وتوفي بقوص سنة سبع وسبع مائة ومن شعره
* الوافر إذا ابتسمت من الغور البروق
* تأوه مغرم وبكى مشوق
*
* تذكرني العقيق وأي صب
* له صبر إذا ذكر العقيق
* ومن المتقارب
* تذكر بالسفح بانا وظلا
* فأجرى المدامع وبلا وطلا
*
* يرجى زمانا تولى يعود
* وليس يعود زمان تولى
*

201
* كثيب تحمل ما لا يطيق
* له الصخر من ألم البين حملا)
* (يبيت يكابد آلامه
* وأسقامه وكما بات ظلا
*
* وضيع أوقاته في عسى
* وما ذا تفيد عسى أو لعلا
*
* ويشرب من ماء أجفانه
* على الظمأ البرح نهلا وعلا
* ومنه الوافر
* نعم هي دار من نهوى يقينا
* وما نخشاه ساكنها يقينا
*
* أنيخوا في معالمها المطايا
* فديتكم لنشكو ما لقينا
*
* ذكرنا حلو عيش مر فيها
* وما كنا له يوما نسينا
*
* وكاسات المسرة دائرات
* تحيينا شمالا أو يمينا
*
3 (ابن تاج الخطباء القوصي))
محمد بن محمد بن أحمد جلال الدين الكندي ابن تاج الخطباء القوصي قال كمال الدين جعفر الأدفوي سمع من الشيخ تقي الدين القشيري وكان فقيها فاضلا أديبا له نظم ونثر وخطب وكان أمين الحكم بقوص وعاقد الأنكحة وفارضا بين الزوجين ويكتب خطا حسنا لا يماثله أحد بقوص اجتمعت به كثيرا بقوص ثم أقام بغرب قمولا فتوفى بها سنة أربع وعشرين وسبع مائة وأورد له من شعره
* الدوبيت يا غاية منيتي ويا مقصودي
* قد صرت من السقام كالمفقود
*
* إن كان بدت مني ذنوب سلفت
* هبها لكريم عفوك المعهود
* وأورد له أيضا
* الخفيف هل إلي وصل عزة من سبيل
* وإلى رشف ريقها السلسبيل
*
* غادة جردت حسام المنايا
* مصلتا من جفون طرف كحيل
*
* قد أصابت مقاتلي بسهام
* فوقتها من جفنها المسبول
*
* أبرزت مبدعا من الحسن يفدي
* بنفوس الورى بوجه جميل
* وأورد له أيضا البسيط
* دعوى سلامة قلبي في الهوى عجب
* وكيف يسلم من أودي به الوصب
*
* أضحت سلامته منكم على خطر
* لا تسلموه ففي إسلامه نصب
*
* شربت حبكم صرفا على ظمأ
* وكنت غرا بما تأتي به النوب)
* (لا يمنعنكم ما قال حاسدنا
* عن الدنو فأقوال العدى كذب
*
3 (ابن الجبلي الفرجوطي))
محمد بن محمد المعروف بابن الجبلي الفرجوطي بالفاء والراء والجيم والواو والطاء المهملة له مشاركة في الفقه والفرائض ومعرفة بالقراءات وله أدب وشعر ومعرفة بحل الألغاز والأحاجي وكان ذكيا جدا جيد الإدراك خفيف الروح حسن الأخلاق

202
كف بصره آخر عمره قال كمال الدين جعفر الأدفوي اجتمعت به كثيرا وأنشدني من شعره وألغازه وتوفي بفرجوط في المحرم سنة سبع وثلاثين وسبع مائة وأورد له السريع
* وشاعر يزعم من غرة
* وفرط جهل أنه يشعر
*
* يصنف الشعر ولكنه
* يحدث من فيه ولا يشعر
* وأورد له في النبق البسيط
* انظر إلى النبق في الأغصان منتظما
* والشمس قد أخذت تجلوه في القضب
*
* كان صفرته للناظرين غدت
* تحكي جلاجل قد صيغت من الذهب
*
3 (شمس الدين ابن الموصلي الشافعي))
محمد بن محمد بن عبد الكريم ابن رضوان بن عبد العزيز البعلي المولد الشافعي المذهب الشيخ شمس الدين المعروف بابن الموصلي سألته عن مولده فقال سنة تسع وتسعين وست مائة وقرأ القرآن الكريم في مسجد الحنابلة على الشيخ شجاع الدين عبد الرحمن بن علي خادم الشيخ شرف الدين اليونيني وعلي ابن أخيه الشيخ محمد الأعرج ببعلبك وسمع الحديث من الشيخ قطب الدين اليونيني وعلى الشيخ شمس الدين محمد بن أبي الفتح الحنبلي وعلى الشيخ عفيف الدين إسحاق بن يحيى الآمدي وعلى شيخ الإسلام جمال الدين يوسف المزي وعلى الشيخ شمس الدين الذهبي وعلى الشيخ جمال الدين يوسف العزازي بطرابلس وعلى الشيخ بدر الدين ابن مكي وعلى قاضي القضاة محيي الدين ابن جهبل وغيرهم وأخذ الفقه عن شيخ الإسلام قاضي القضاة شرف الدين البارزي بحماة وعن أقضى القضاة بدر الدين محمد التبريزي قاضي بعلبك وعن أقضى القضاة جمال الدين الخابوري وعن قاضي القضاة شمس الدين محمد بن المجد البعلي وعن الشيخ العالم نجم الدين أحمد بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن بابا)
جوك وأخذ العربية عن الشيخ شمس الدين ابن المجد البعلي وعن الشيخ بدر الدين ابن مكي وغيرهما وله من التصانيف كتاب غاية الإحسان في تفسير قوله تعالى إن الله يأمر بالعدل والإحسان النحل وكتاب بهجة المجالس ورونق المجالس خمس مجلدات يتضمن الكلام على آيات كريمات وغيرها وكتاب لوامع الأنوار نظم مطالع الأنوار لابن قرقول ونظم المنهاج للنووي وكتاب الدر المنتظم في نظم أسرار الكلم وهو نظم كتاب فقه اللغة
وكتب إلي وهو بطرابلس يقبل الأرض وينهى أن المملوك لم يزل يلتقط من فرائد أسفار السفار فوائدغ أخبار الأخيار ويبحث عن كنوز العلم ومعادن الأدب ليفوز منها بمطلب يخفف عنه مؤنة الطلب حتى سمع عن سجايا مولانا الكريمة ما هو ألطف من النسيم وأحلى من الضرب بل ألذ من منادمة الحبيب وقد سلف المحب سلاف الشنب فمن مشبب بقصبات سبق مولانا في الفضائل ولا تشبيب القصب ومن متغن بل مستغن بوصف شمائله عن اطلاع شموس

203
الشمول وبدور الحبب فثمل المملوك من سماع هذا الذكر الجميل حتى ماس عطفي من الطرب وفي حان سكري حان شكري لمولانا فإنه كان في مسرتي السبب ولم تزل عرائس محامده تجلى ونفائس ممادحه تتلى حتى رغب المملوك في خطبة عبوديته وإن لم يكن له أهلا على صداق قلب صادق في وفائه واف في صدقه مخلص في صفائه يوالي الدعاء ويدعو على الولاء ويديم الشكر ويشكر على الآلاء وقد أشهد المملوك ذوي عدل على ما ذكر وهما الوفاء والصفاء وإن عزا في البشر وحين أشهدهما كان غير ساه ولا لاه فيرجو أن يقوم بما التزم وأن يقيما الشهادة لله على أن يسكنها المملوك صميم فؤاده ويحلها محل الناظر من سواده ويتبع أمرها اتباع الصفة للموصوف ويمسكها مدى الزمان بمعروف فإن رأى جبر المملوك بما له قصد وإليه صمد فليضرب صفحا عن كفاءة الفضائل التي بها قد انفرد فقد علم أنه لم يكن فيها كفوا أحد وهل يكافئ محليات العقود النفاثات في العقد أو ينظم در السحاب في حبل من مسد أو يقابل در السحاب بلمع السراب والثمد لكن كرم عادة مولانا وعادة كرمه أن لا يرد حرمة للقصد قاصد حرمه لا سيما وطفيلي المحبة أحمق وفدان العشق كما قيل مطلق وليس المملوك على هذا المنهل العذب أول وارد فيكون لحرمة هذا القصد أحرم قاصد لكنه يرجو من الصدقات الشريفة الإسعاد والإسعاف وأن يكون جوابه الشريف مقدمة الزفاف لتقر عين الطلب ببلوغ الأمنية ويقوم سماع المسرة بالنوبة الخليلية وتجلا عرائس البلاغة في حلل نفثاتها السحرية وتتلى نفائس البراعة بألحان نفحاتها السحرية فيفتح لي إلى جنان الجناس بابا ويزوج)
مبتكرات معانيه بأكفائها أبكارا عربا أترابا فيجهر داعي البركة واليمن بالتأمين وأجل سعد هذا الجد عن الرفاء والبنين ويطوف براحات الكؤوس لراحات النفوس راحها ويبتديء باهداء أطباق الطباق صلاحها ثمار آداب قد انتهى اصلاحها وأجلها عن قول بدا صلاحها فأرتع في رياضها وأكرع من حياضها واغترف من بحرها واعترف بحبرها واسمو بكتابها المحل الأسنى فأصير مكاتبا بعد أن كنت قنا وتلك درجة لا أطلب بعدها التجاوز إلى التحرير ولا أكلف خاطره الشريف في المكاتبة إلى التحبير والتحرير بل يكتفي المملوك بأدنى لمحة من ملحها وينتشي ببلالة قطرة من قدحها والله تعالى لا يخلي مولانا من نعمة يؤبدها ونعمة يؤيدها ومنة يجددها ومنة يشيدها وأمنية يسددها وسعادة يؤكدها وسيادة يولدها
فكتبت الجواب إليه عن ذلك الطويل
* أروض بكاه في الصباح غمام
* فغنت على الأغصان فيه حمام
*
* أم الأفق لاحت زهره وتلألأت
* فأحسن بنور قد حواه ظلام
*
* أم الشمس حيتني بكأس رسالة
* لها المسك من فوق الرحيق ختام
*
* أتتني بدءا من كريم ممجد
* غدا وهو في الفضل التمام إمام
*

204
* فقبلتها شوقا لفرط صبابتي
* وقابلها مني جوى وغرام
*
* تجلت لطرفي فاجتليت محاسنا
* كما شق عن زهر الرياض كمام
*
* وقصت على سمعي حديثا روته لي
* فشنف سمعي الدر وهو كلام
*
* ولما روت روت فؤادي من الضنى
* ولم يلقه من بعد ذاك أوام
*
* وناجت بألفاظ فقلت جواهر
* إلى أن سبت عقلي فقلت مدام
*
* ورقت حواشيها فقلت شمائل
* إلى أن أصابتني فقلت سهام
*
* وأبدت من السحر الحلال عجائبا
* وما كل سحر في الأنام حرام
*
* أثارت رياح الوجد فهي عواصف
* وأجرت دموع العين فهي سجام
*
* وحاشى لما أبدته أن يستميله
* ملال وأن يسري إليه ملام
*
* ألا يا غزير الفضل عبدك قاصر
* وفي ذهنه عما يريد سقام
*
* وانشاؤه إن شاءه لا يناله
* كأني جفن الصب وهو منام
*
* وأين محل الشمس ممن يرومه
* لقد جل مطلوب وعز مرام)
* (وأنت الذي يملأ الملا نور فضله
* لأنك شمس والأنام قتام
*
* فليس لشمس مذ أنرت إنارة
* وليس لبدر مذ تممت تمام
* وينهى ورود المشرف الكريم فانتصب له قائما على الحال وتلقاه بما يجب له من الإجلال ووضعه على العين والرأس وهذه غاية يعتقد أنها ما خلت من الإخلال ومتع طرفه بتلك الطرف والتحف بظلال هاتيك الهدايا الفاخرة والتحف ودخل جنات سطورها فرأى منها غرفا مبنية من فوقها غرف
وأسرف في لثمها على أنه لا سرف في الشرف وعلم أنه بهذا الجواب أحمق فلولا إضافة الود الصادقة إليه لما انصرف الطويل
* وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها
* ويزعم أن يأتي لها بضريب
* فالله يوزع المملوك شكر هذه النعمة البادية والمانة التي هي في الصورة هدية وفي المعنى إلى الصواب هادية ويمتع الوجود بهذه الكلم التي تطوف على الأسماع بكؤوس المدام والأسجاع التي هي عندي در وعند الناس كلام وعين الله على هذه الفضائل التي أخملت الخمائل وحققت فضل الأواخر على الأوائل وإن كان فيهم سحبان وائل وقد عطفها المملوك على خدمة إلى المولى شمس الدين محمد بن الخراز الذي يعجز عن نقله حماد الرواية أطلع الله شمسه بأفقها وأعاده إلى بلده التي عامل جلق بخلق لا يليق بخقلها ولا خلقها وعلى كل حال فجبر مولانا لألم انفراده طبيب وهو في بلد مولانا غريب كما أن مولانا في الإحسان غريب الخفيف
* يا غريب الصفات حق لمن كان غريبا أن يرحم الغرباء
*

205
وأنشدني من لفظه لنفسه في أواخر صفر سنة ثمان وأربعين وسبع مائة بدمشق المحروسة يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم البسيط
* جوانحي لسواكم قط ما جنحت
* فما لها جرحت من غير ما اجترحت
*
* أهكذا كل صب باع مهجته
* في حبكم غير برح الشوق ما ربحت
*
* ضاقت لبينكم الدنيا بما رحبت
* على حشى من جوى التبريح ما برحت
*
* فيا لنفس على جمر الغضا سحبت
* ومقلة في بحار الدمع قد سبحت
*
* قرت بقربكم حينا وقد فرحت
* لكنها اليوم بعد البعد قد قرحت
*
* رامت برامة كتمان الغرام فمذ
* بدا لها ريمها في دمعها افتضحت
*
* رأت مسارح غزلان النقا سنحت
* بين الرياض وورق الأيك قد صدحت
*
* رأت قباب الذي في كفه نطقت
* صم الحصا وعيون الماء قد سرحت)
* (الهاشمي الذي لو نفسه وزنت
* بالأنبياء وأملاك السما رجحت
*
* لولاه ما طلعت شمس ولا غربت
* كلا ولا دحيت أرض ولا سطحت
*
* ولا السماء سمت ولا الجبال رست
* ولا البحار طمت ولا الصبا نفحت
*
* ولا الحياة حلت ولا الغيوث همت
* ولا الجنان زهت ولا لظى لفحت
*
* أنوار غرته لو أنها لمحت
* لوح الدجى إذ سجى مسوده لمحت
*
* وإن بدا مطرقا للرأس من خفر
* تخال عذراء من فرط الحيا أتشحت
*
* تبدي أساريره معنى سرائره
* في النفس إن فرحت يوما وإن ترحت
*
* عوذت بالليل إذ يغشى ذوائبه
* وفرقه بالضحى والشمس إذ وضحت
*
* من قاس بالمزن جدوى راحتيه فقد
* أخطأ القياس فروق الفضل قد وضحت
*
* يداه بالدر تجدي وهو مبتسم
* والسحب تبكي وتجدي الدر إن سمحت
*
* يمناه ما صفحت لسائل منحا
* وكم عن المذنب الخطاء قد صفحت
*
* فكم فدت وودت وأوجلت وجلت
* وأوكست وكست وأثبتت ومحت
*
* ودارسا عمرت وعامرا درست
* وبائسا رحمت وفارسا رمحت
*
* وكم لهى فتحت بالحمد إذ منحت
* لهى بها سمحت وكم ندى رشحت
*
* وقيدت نعما وأطلقت نعما
* وقلدت مننا ومائنا نصحت
*
* وكم شفت عللا وكم روت غللا
* وكم هدت سبلا لولاه ما فتحت
*
* وكم لأحمد خير الخلق من شيم
* كشامة لمحت في وجنة ملحت
*
* عدل وحلم وأغضاء ومرحمة
* وعفة وغني نفس به منحت
*

206
* وعزمة كالمنايا للعدي حطمت
* وهمة للدنايا قط ما طمحت
*
* وكم مراض قلوب حين عالجها
* باللطف صحت ومن سكر الضلال صحت
*
* ما قدر مدحي سجاياه وقد حمدت
* لدى الزبور وفي القرآن قد مدحت
*
* والله أقسم في الذكر الحكيم لنا
* بالعاديات التي من خيله ضبحت
*
* وبالمغيرات صبحا من مراكبه
* الموريات شرار النار قد قدحت
*
* صلى عليه إله العرش ما عذبت
* أمداحه لمحبيه وما ملحت
*
* ثم الصلاة على الأصحاب كلهم
* والآل أعداد قطر السحب إذ سفحت
*)
وأنشدني من لفظه لنفسه الخفيف
* نال أعلى مراتب المجد من لا
* كان يدري به ولا بمكانه
*
* بجميل الجوار مع كرم النفس
* وعرفانه بأهل زمانه
*
* وتعام عن العيوب وزهد
* في متاع يفنى وحفظ لسانه
* وأنشدني من لفظه لنفسه الطويل
* إذا جرت الصهباء ما يرفع الحيا
* بنصب شباك صيدها يحرم التقوى
*
* فمن شرعهم في الصحو محو الذي جرى
* وإن بساط البسط يطوى ولا يروى
* وأنشدني من لفظه لنفسه السريع
* ومنكر قتل شهيد الهوى
* ووجهه ينبئ عن حاله
*
* اللون لون الدم في خده
* والريح ريح المسك من خاله
* وأنشدني من لفظه لنفسه مجزوء الرمل
* قال لي ساحر طرف
* كم سبى من متنسك
*
* إن طرفي قد تنبي
* أفلا تنجو بنفسك
*
* قلت ما آية هذا
* قال في العشاق يسفك
*
* قلت ينجي الله منه
* قال هيهات لمثلك
*
* قلت فأمرني برشد
* وهدى اسمع لأمرك
*
* قال وحد عشق حسني
* واحذر التشريك تشرك
*
* ثم صدق سحر طرفي
* لا تكذبه فتهلك
*
* قلت لا أومن دعني
* أصطلي في نار خدك
* وأنشدني من لفظه لنفسه البسيط
* قد كنت أعشق ورد الخد ليس له
* ثان ولا لغرامي فيه من ثان
*

207
* فكيف لا أتغالي في محبته
* وورد خديه قد حفا بريحان
* وأنشدني من لفظه لنفسه مجزوء الرمل
* قال محبوبي بقدي
* وبخدي وبنهدي
*
* صف لي خالي فوق خدي
* قلت لا ينهض جدي)
* (قال شبهه بحقي
* قلت لا يشرك وجدي
*
* قال مثله ودع ذا
* قلت يا غاية قصدي
*
* هو والله وحيد
* جل عن مثل وند
* وأنشدني من لفظه لنفسه الخفيف
* يا مضيعا للعهد والود غدرا
* ومريدا بجهده التفريقا
*
* إن أطعت العدو فينا فإنا
* قد عصينا فيك الصديق الصدوقا
* وأنشدني من لفظه لنفسه الكامل
* أفدى الذين تحكموا بحشاشتي
* أصلوا بها نار الغرام وأججوا
*
* باعوا فؤادي بالهوان زهادة
* وعليه في سوق المذلة حرجوا
*
* ما كنت أحسب أن قدري عندهم
* هذا ولا ودي لديهم يسمج
*
* لكنهم لم يظلموني الذنب لي
* في مثل صحبتهم وما أنا أهوج
*
* لكنما عين المحبة أكمه
* ولقد نشبت بهم فكيف المخرج
*
* لا ودهم يصفو ولا رسم الهوى
* يعفو ولا عني الهموم تفرج
*
* ضاعت مفاتيح السلو جميعها
* مني وباب العشق باب مرتج
*
3 (السفاقسي المالكي))
محمد بن محمد الإمام الفاضل شمس الدين السفاقسي ويأتي ضبطه في ترجمة أخيه إبراهيم كان هو وأخوه رحمهما الله تعالى مالكيين وهما من فضلاء المالكية حضر شمس الدين هذا إلى دمشق وأنا بها ورأيته شكلا تاما حسنا مليح الوجه أظنه لم يبلغ الأربعين وأقام بدمشق بعض سنة أو أكثر واقرأ الناس بالجامع الأموي ثم توجه إلى
حلب فحظي بين الحلبيين وتصدر هناك وأفاد وولي وظائف ولم تطل المدة حتى توفي رحمه الله تعالى ليلة الاثنين ثاني شهر رمضان سنة أربع وأربعين وسبع مائة اثنى عليه العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي ثناء كثيرا وقال له على مختصر ابن الحاجب بعض شرح وشرح قصيدة ابن الحاجب في العروض
3 (شمس الدين ابن نباته))
محمد بن محمد بن الحسن)
الشيخ شمس الدين ابن نباته الفارقي المصري هو والد الشاعر الناثر جمال الدين محمد بن نباتة يأتي تمام نسبه في ترجمة ولده محمد بن محمد بن محمد ثلاثة في مكانه هذا الشيخ شمس الدين من أشياخ الحديث بدمشق ساكن

208
خير قليل الكلام ينفق كل ما يحصل له على أحفاده أولاد ولده جمال الدين يباشر شهادة الخاص وقت القسم بدومة وداريا وكان في مصر شاهدا بديوان الجاشنكير بيبرس ولد بمصر سنة ست وستين وست مائة سمع من العز الحراني وابن خطيب المزة وغازي الحلاوي وأبي بكر محمد بن إسماعيل بن الأنماطي وغيرهم وله سكن بالظاهرية بدمشق أجاز لي بخطه في سنة ثلاثين وسبع مائة وتولى دار الحديث النورية بعد الشيخ زين الدين ابن المزي وتوفي رحمه الله تعالى في ثاني صفر سنة خمسين وسبع مائة
3 (ابن ميناء))
محمد بن محمد بن ميناء الشيخ الإمام الفاضل شمس الدين البعلبكي الشافعي سمع من القاسم بن عساكر ومن عيسى المطعم وغيرهما وقرأ الفقه وبرع فيه وناظر وأفتى وتوجه إلى بغداد وأعاد بالنظامية فيما قيل وعاد إلى الشام وكان الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني رحمه الله يثني على ذهنه وكان على ذهنه إشكالات في المذهب وشكوك في غير الفقه وكان ينحرف كثيرا وتولى قضاء الإقليم بدمشق وما كان يخلو من تعبد وخلف لما توفي رحمه الله دنيا صالحة ووصى بثلث ماله أن يصرف على فقراء الفقهاء كل إنسان عشرة دراهم وكان مقيما بالرواحية وكتب عني شيئا وكان يعجبني ذهنه وحديثه وتوفي رحمه الله تعالى في طاعون دمشق في شهر رجب الفرد سنة تسع وأربعين وسبع مائة في حدود الخمسين
3 (محمد بن محمد بن قوام))
توفي بكرة الجمعة سادس عشر المحرم سنة سبع وأربعين وسبع مائة ودفن بزاوية جده
3 (ابن محمش))
محمد بن محمد بن محمد ابن محمش بالحاء المهملة والشين المعجمة على وزن مسجد ابن علي بن داود الفقيه أبو طاهر الزيادي الشافعي الأديب كان أبوه من أعيان العباد وأما أبو طاهر فكان أمام أصحاب الحديث بنيسابور وفقيههم ومفتيهم بلا مدافعة وكان متبحرا في الشروط وصنف فيه وله معرفة تامة بالعربية)
وحدث بعلو في الثقفيات وتوفي سنة أربع مائة
3 (الوزير عميد الدولة ابن جهير))
محمد بن محمد بن محمد ابن جهير الوزير عميد الدولة أبو منصور ابن الوزير فخر الدولة المتقدم ذكره وزر في أيام والده وخدم ثلاثة خلفاء ولما احتضر القائم أوصى به ولده المقتدى ثم أنه عزل بأبي شجاع ثم عاد إلى الوزارة ونظم فيه ابن الهبارية البيتين السائرين وذكرتهما في ترجمة والده وبقي فيها تسعة أعوام وكان خبيرا كافيا مدبرا فصيحا مفوها مترسلا وله هيبة وسكون وكلماته معدودة كلم يوما لولد أبي نصر ابن الصباغ فقال له اشتغل وادأب وإلا كنت صباغا بغير أب فلما قام من المجلس جاء الناس إلى ابن الصباغ للهناء لكون الوزير كلمه وله ترسل حسن وتواقيع وجيزة وله شعر أيضا وكانت له رئاسة وسياسة وهو من الوزراء الممدحين قال العماد الكاتب مدحه عشرة آلاف شاعر ويقال أنه مدح بمائة ألف بيت شعر ومن شعرائه مسعود بن العلاء المعروف بابن الخبار ومن مدحه فيه من جملة قصيدة البسيط

209
* مجرب الرأي يقظان البصيرة هج أم العزيمة قوام البراهين
*
* يريك في الدست أطراقا وهيبته
* من الصعيد إلى أقطار جيحون
*
* للحمد سوق لديه غير كاسدة
* وللمدائح أجر غير ممنون
* وآخر أمره آل إلى أن حبسه الخليفة المستظهر في داره واستصفى أمواله وأموال من يلوذ به من العمال والنواب وأخرج ميتا في شوال سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة وحمل إلى داره فغسل فيها ودفن بالتربة التي استجدها في قراح ابن رزين ومنع أصحاب الديون التي عليه من دفنه في التربة وقالوا هذه ملكه ولم يصح وقفها ثم عجزوا عن إبطال ذلك وقيل أن المستظهر أدخل عميد الدولة ابن جهير حماما وسمر عليه الباب إلى أن مات فيه وأخرج للشهود ليشهدوا أنه ليس فيه أثر قتل ليقال أنه مات حتف أنفه ودخل في جملة الشهود أخوه الكافي فصاح يا أخي يا أبا منصور قتلوك وجعل يرددها دفعات فقيل أن خمس مائة خادم خلعوا مداساتهم وخفافهم وصفعوه بها فوقع ميتا ولم يسمع بمن مات هذه الميتة
3 (الطالقاني الصوفي))
محمد بن محمد بن محمد)
أبو عبد الله الطالقاني الصوفي سافر البلاد وسمع الكثير وسكن صور إلى أن مات بها في ذي القعدة سنة ست وستين وأربع مائة عن ثمانين سنة ومن رواياته عن أبي عبد الرحمن السلمى عن محمد بن عبد الله الرازي عن أبي الحسين النوري قال رأيت غلاما جميلا ببغداد فنظرت إليه ثم أردت أن أكرر النظر فقلت يلبسون النعال الصرارة ويمشون في الطرقات فقال الغلام أحسنت أتجمش بالعلم ثم أنشأ يقول الطويل
* تأمل بعين الحق إن كنت ناظرا
* إلى صفة فيها بدائع فاطر
*
* ولا تعط حظ النفس منها
* وكن ناظرا بالحق قدرة قادر
*
3 (أبو منصور العكبري))
محمد بن محمد بن محمد أبو منصور العكبري كان فاضلا فصيحا صدوقا يحاضر بالحكايات المستحسنة والأناشيد الظريفة من انشاداته الوافر
* أطيل الفكر مني في أناس
* مضوا عنا وفي من خلفونا
*
* هم الأحياء بعد الموت ذكرا
* ونحن من الخمول الميتونا
*
* لذلك قد تعاطيت التجافي
* وأن خلائقي كالماء لينا
*
* ولم أبخل بصحبتهم لأمر
* ولكن هات قوما يصحبونا
* ويقرب من هذا قول البارع من أبيات الخفيف
* لا لأني أنفت مع ذا من الكد
* ية أين الكرام حتى أكدي
* وقول شاعر ا لحماسة الكامل المدخل طارق غنام اسم الكتاب الوافي بالوفيات الجزء الأولالمؤلف صلاح الدين الصفدي

210
* خلت الديار فسدت غير مسود
* ومن العناء تفردي بالسودد
* والأصل في هذا كله قول لبيد الكامل
* ذهب الذين يعاش في أكنافهم
* وبقيت في خلف كجلد الأجرب
* كانت ولادة أبي منصور في شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة ووفاته ببغداد في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة
3 (الغزالي))
)
محمد بن محمد بن محمد ابن أحمد حجة الإسلام زين الدين أبو حامد الطوسي الفقيه الشافعي لم يكن في آخر عصره مثله اشتغل في مبدأ أمره بطوس على أحمد الرادكاني ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس أمام الحرمين وجد في الاشتغال حتى تخرج في مدة قريبة وصار من الأعيان في زمن أستاذه وصنف ولم يزل يلازمه إلى حين وفاته فخرج إلى العسكر ولقي نظام الملك فأكرمه وعظمه وكان بحضرة الوزير جماعة من الفضلاء فناظروه وظهر عليهم واشتهر اسمه وسار بذكره الركبان الطويل
* فسار به من لا يسير مشمرا
* وغنى به من لا يغني مغردا
* وفوض إليه الوزير تدريس النظامية وعظمت حشمته ببغداد حتى علت على الأمراء والكبار وأعجب به أهل العراق ثم أنه ترك جميع ما كان فيه في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وأربع مائة وسلك طريق التزهد والانقطاع وحج فلما رجع توجه إلى الشام فأقام في مدينة دمشق مدة يذكر الدروس في زاوية الجامع المعروفة الآن به في الجانب الغربي ثم توجه إلى القدس واجتهد في العبادة وزيارة المشاهد والمواضع المعظمة ثم قصد مصر وأقام بالإسكندرية مدة ويقال أنه عزم منها على ركوب البحر للاجتماع بالأمير يوسف ابن تاشفين صاحب مراكش لما بلغه منه من محبة أهل العلم والإقبال عليهم فبلغه نعى المذكور فعاد إلى وطنه بطوس وصنف بها كتبا نافعة ثم عاد إلى نيسابور وألزم بتدريس النظامية بعد معاودات ثم ترك ذلك وأقام بوطنه واتخذ خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره ووزع أوقاته على وظائف الخير من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب وأما مصنفاته فمنها كتاب أحياء علوم الدين وهو من أجل الكتب وأعظمها حتى قيل فيه أنه لو ذهبت كتب الإسلام وبقي الأحياء لأغنى عما ذهب وأول ما دخل إلى الغرب أنكروا فيه أشياء وصنفوا عليه الإملاء في الرد على الأحياء قال الشيخ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي قد جمعت أغلاط الكتاب وسميته أعلام الأحياء بأغلاط الأحياء وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي تلبيس إبليس وقال سبطه أبو المظفر وضعه على مذاهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه كما ذكر في مجاهدة النفس إن رجلا أراد محو جاهه فدخل الحمام فلبس ثياب غيره

211
ثم لبس ثيابه فوقها وخرج يمشي على مهل حتى لحقوه فأخذوها منه فسمى سارق الحمام وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين)
وهذا قبيح لأنه متى كان للحمام حافظ وسرق منه سارق قطع ثم لا يحل لمسلم أن يتعرض لأمر يؤثم الناس به في حقه وذكر أن رجلا اشترى لحما فرأى في نفسه أنه يستحي من حمله إلى بيته فعلقه في عنقه وهذا في غاية القبح ومثله كثير انتهى وأنكروا عليه ما فيه من الأحاديث التي لم تصح ومثل هذا يجوز في الترغيب والترهيب والكتاب غاية في النفاسة وكان الإمام فخر الدين يقول كان الله جمع العلوم في قبة وأطلع الغزالي عليها أو كما قال ومن مصنفاته البسيط والوسيط وهو عديم النظير في بابه من حسن ترتيبه وتهذيبه وعليه العمدة الآن في إلقاء الدروس والوجيز والخلاصة هذه الأربع في الفقه قال بعضهم فيها
* مجزوء الكامل هذب المذهب حبر
* أحسن الله خلاصه
*
* ببسيط ووسيط
* ووجيز وخلاصه
* ويقال لنه قيل له ما عملت شيئا أخذت الفقه من كلام شيخك في نهاية المطلب والتسمية لكتبك من الواحدي ويقال أن نهاية المطلب لإمام الحرمين كانت زبر حديد فجعلها الغزالي زبر خشب ومن مصنفاته المستصفى في أصول الفقه والمنخول واللباب وبداية الهداية وكيمياء السعادة والمآخذ والتحصين والمعتقد والجام العوام والرد على الباطنية ومقاصد الفلاسفة وتهافت الفلاسفة وجواهر القرآن والغاية القصوى وفضائح الأباحية وغور الدور والمنتخل في علم الجدل ومعيار العلم والمضنون به على غير أهله وشرح الأسماء الحسنى ومشكاة الأنوار والمنقذ من الضلال والقسطاس المستقيم وحقيقة القولين وأورد ابن السمعاني من نظمه قوله الكامل
* حلت عقارب صدغه من وجهه
* قمرا فجل به عن التشبيه
*
* ولقد عهدناه يحل ببرجها
* ومن العجائب كيف حلت فيه
* وأورد له العماد الكاتب في الخريدة قوله الكامل
* هبني صبوت كما ترون بزعمكم
* وحظيت منه بلثم خد أزهر
*
* إني اعتزلت فلا تلوموا أنه
* أضحى يقابلني بوجه أشعري
*

212
وأورد له ابن النجار الكامل
* فقهاؤنا كذبالة النبراس
* هي في الحريق وضؤوها للناس
*
* خبر ذميم تحت رائق منظر
* كالفضة البيضاء تحت نحاس
* وكانت ولادته في سنة خمسين وأربع مائة وقيل سنة إحدى وخمسين بالطابران وتوفي يوم)
الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمس مائة بالطابران ورثاه أبو المظفر محمد الأبيوردي بأبيات فائية منها البسيط
* مضى وأعظم مفقود فجعت به
* من لا نظير له في الناس يخلفه
* وتمثل الإمام إسماعيل الحاكمي بعد وفاته بقول أبي تمام الطائي الطويل
* عجبت لصبري بعده وهو ميت
* وكنت امرءا أبكى دما وهو غائب
*
* على أنها الأيام قد صرن كلها
* عجائب حتى ليس فيها عجائب
* ودفن بالطابران وهي قصبة طوس وقيل أنه قال في بعض مصنفاته ونسبني قوم إلى الغزال وإنما أنا الغزالي نسبة إلى قرية يقال لها غزالة بتخفيف الزاي والله أعلم
3 (قاضي النعمانية))
محمد بن محمد بن محمد ابن حامد بن عمر بن بنيق أبو تمام من أهل النعمانية كان قاضيا بها وقدم بغداد وسمع من أبي جعفر محمد بن المسلمة وأبي بكر الخطيب وحدث باليسير روى عنه أبو السعادات المبارك ابن الحسين بن نعوبا وأبو طاهر السلفي
3 (أبو الغنائم المعوج))
محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن السكن أبو الغنائم ابن أبي منصور المعروف بابن المعوج من أهل باب المراتب حدث عن الشريف أبي نصر الزينبي وسمع منه أبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه
3 (أبو نصر العكبري))
محمد بن محمد بن محمد ابن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز بن مهران أبو منصور ابن أبي نصر العكبري من أولاد المحدثين حدث هو وأبوه وجده وأبو جده وذكرهم الخطيب في تاريخه وأبو منصور هذا اسمعه أبوه من أبي الطيب طاهر الطبري وأبي محمد الحسن بن علي الجوهري وغيرهما وحدث باليسير ببغداد وعكبرا روى عنه أبو المعمر الأنصاري وأبو طاهر السلفي وأبو بكر المبارك الخفاف وتوفي سنة أربع وعشرين وخمس مائة
3 (أبو محمد الأنصاري))
)
محمد بن محمد بن محمد ابن عمر أبو محمد الأنصاري من أهل باب البصرة حدث عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري وسمع منه أبو بكر بن المبارك الخفاف وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه
3 (أبو عبد الله البيضاوي))
محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الله بن أحمد بن محمد البيضاوي أبو عبد الله سبط القاضي أبي الطيب طاهر الطبري كان فقيها فاضلا شافعيا قال عبد الملك بن إبراهيم الهمذاني الفرضي لم أر أذكي منه ترسل إلى غزنة بسبب بيعة المقتدى وحدث بهراة عن جماعة وكان سريا جميلا توفي سنة سبعين وأربع مائة

213
3 (البروي الشافعي))
محمد بن محمد بن محمد ابن سعيد بن عبد الله أبو منصور الفقيه الشافعي البروي بالراء أحد الأئمة المشاهير المشار إليه بالتقدم في النظر وعلم الكلام والفقه والوعظ وكان حلو العبارة فصيحها تفقه على الفقيه محمد بن يحيى النيسابوري صاحب المحيط في شرح الوسيط وكان من أكبر أصحابه صنف في الخلاف تعليقة جيدة والمقترح في المصطلح وهو مليح في الجدل وشرحه تقي الدين أبو الفتح منصور بن عبد الله المصري المعروف بالمعتز شرحا مستوفي وعرف به فلا يقال شرح التقي المصري دخل البروي إلى بغداد سنة سبع وستين وخمس مائة وصادف قبولا من العام والخاص وتولى المدرسة البهائية قريبا من النظامية ويذكر بها كل يوم عدة دروس ويحضره الخلق وله حلقة المناظرة بجامع القصر ويحضر عنده المدرسون والأعيان ويظهر عليه من الحركات ما يدل على رغبته في تدريس النظامية وكان ينشد في أثناء مجلسه مشيرا إلى موضع التدريس قول أبي الطيب البسيط
* بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا
* وجدت بي وبدمعي في مغانيكا
* الأبيات الثلاثة ويفهم الناس عنه ذلك وكان قدم دمشق ونزل في رباط الشميساطي وقرئ عليه هناك شيء من أماليه وكانت ولادته يوم الثلاثاء خامس عشر ذي الحجة سنة سبع عشرة وخمس مائة بطوس وتوفي سادس عشر شهر رمضان سنة سبع وستين وخمس مائة ببغداد وصلى عليه المستضيء يوم الجمعة بقصر الخليفة ودفن بباب أبرز من تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وكان)
يبالغ في ذم الحنابلة وقال لو كان لي أمر لوضعت عليهم الجزية فجاءته امرأة في الليل بصحن حلوى قالت أنا أعزل وأبيعه وقد اشتريت هذا الصحن وهو حلال وأريد أن يأكل الشيخ منه فأكله هو وزوجته وولد له صغير فأصبحوا موتى
3 (ركن الدين العميدي))
محمد بن محمد بن محمد وقيل أحمد ركن الدين أبو حامد الحنفي السمرقندي المعروف بالعميدي كان إماما في الخلاف وخصوصا الجست وهو أول من أفرده بالتصنيف ومن تقدمه كان يمزجه بخلاف المتقدمين واشتغل فيه على رضى الدين النيسابوري وهو أحد الأركان الأربعة لإنهم اشتغلوا على الشيخ المذكور وكل منهم لقبه ركن الدين وهم الطاوسي وركن الدين زادا والعميدي هذا وصنف العميدي الإرشاد فاعتنى بشرحه جماعة منهم القاضي شمس الدين الخويي قاضي دمشق وأوحد الدين قاضي منبج ونجم الدين المرندي وبدر الدين المراغي عرف بالطويل وغيرهم وصنف الطريقة المشهورة بأيدي الناس والنفائس واختصره القاضي شمس الدين الخويي أيضا وسماه عرائس النفائس وصنف أشياء أخرى مستملحة واشتغل عليه خلق كثير وانتفع به جماعة منهم نظام الدين أحمد بن الشيخ جمال الدين أبي المجاهد محمود الحنفي المعروف بالحصيري صاحب الطريقة المشهورة وكان العميدي كريم الأخلاق كثير التواضع طيب المعاشرة توفي ليلة الأربعاء تاسع جمادى الآخرة سنة خمس

214
عشرة وستمائة ببخارى
3 (الأثير ابن بنان الكاتب محمد بن محمد بن محمد))
ابن بنان الأنباري أبو طاهر ابن أبي الفضل الكاتب من أهل مصر وأصله من الأنبار قرأ الأدب وسمع الحديث وكان شيخا جليلا مهيبا عالما أديبا كاتبا بليغا يكتب الخط الحسن ويقول الشعر الجيد ويترسل فيه مفاكهة ودماثة أخلاق قدم بغداد رسولا مع قافلة الحاج من مكة من جهة سيف الإسلام طغتكين أخي صلاح الدين من اليمن فأنزل بباب الأزج وأكرم مثواه وحدث بكتاب الصحاح في اللغة للجوهري عن أبي البركات محمد بن حمزة بن الغرقي عن أبي القاسم بن القطاع عن أبي بكر ابن البر التميمي عن أبي إسماعيل بن عبدوس عن الجوهري وبالسيرة النبوية لعبد الملك بن هشام عن والده عن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن سعيد الحبال سمع منه أبو الفتوح ابن الحصري وأبو القاسم المبارك بن أنوشتكين الجوهري العدل ولد سنة سبع وخمس مائة بمصر وتوفي بها سنة ست)
وتسعين وخمس مائة ودفن بالقرافة له كتاب تفسير القرآن المجيد وكتاب المنظوم والمنثور في مجلدين ومن نظمه وقد رأى بعضهم وقد كتب وكتب فلان بخط يده فقال الكامل
* أفسدت معرفتي بفرط تخلف
* ونسخت بالتشكيك صدق يقيني
*
* لو كان قوم يكتبون برجلهم
* لبسطت عذرك يا سخين العين
* قلت ندد ابن البنان في غير موضعه لأن الله تعالى يقول فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ومن شعره أيضا في صاحب توفي الخفيف
* عجبا لي وقد مررت بآثا رك كيف اهتديت نهج الطريق
*
* أتراني نسيت عهدك فيها
* صدقوا ما لميت من صديق
* وكتب الكثير بخطه المليح وتولى ديوان النظر في الدولة المصرية وتقلب في الخدم في الأيام الصلاحية بتنيس والإسكندرية وكان القاضي الفاضل ممن يغشى بابه ويمدحه ويفتخر بالوصول إليه وأنشد يوما السريع
* برح بي أن علوم الورى
* شيئان أن حصلتها لا مزيد
*

215
* علم إذا ما رمت تحقيقه
* أعييا وعلم حفظه لا يفيد
* وكان الصالح بن رزيك قد ألزم الأثير بمال رفع إليه لكونه كان يتولى أموالا له واعتقله فأرسل إليه يمت بقديم الخدمة والتشيع الموافق في المذهب فقال الصالح المتقارب
* أتى ابن بنان ببهتانه
* يحصن بالدين ما في يديه
*
* برئت من الرفض إلا له
* وتبت من النصب إلا عليه
* وكان قدر المال ستين ألف دينار فأخذ منه اثنا عشر ألفا وترك له الباقي
3 (برهان الدين النسفي محمد بن محمد بن محمد))
الشيخ برهان النسفي الحنفي المنطقي صاحب التصانيف قال ابن الفوطي هو شيخنا المحقق المدقق العلامة الحكيم له التصانيف المشهورة كان في الخلاف والفلسفة أوحد متع بحواسه وكان زاهدا وقد لخص تفسير الإمام فخر الدين قدم بغداد حاجا سنة خمس وسبعين واشتغل عليه هارون ابن الصاحب مولده تقريبا سنة ست مائة وتوفي ببغداد في سنة سبع وثمانين وست مائة
3 (شرف الدين ابن عمروك البكري محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد))
)
ابن عمروك وهو أبو الفضائل ابن أبي عبد الله ابن أبي الفتوح ابن أبي سعد ابن أبي سعيد شرف الدين القرشي التيمي البكري مولده بالقاهرة سنة تسعين وخمس مائة وأجاز له جماعة وحدث هو وأبوه وجده وأخوه صدر الدين البكري وتوفي الرابع من المحرم سنة خمس وستين وستمائة بالقاهرة ودفن من الغد بسفح المقطم
3 (نظام الدين ابن المولى الكاتب محمد بن محمد بن محمد))
ابن عبد المجيد نظام الدين أبو عبد الله الأنصاري البغدادي الأصل الحلبي المولد والمنشأ المعروف بابن المولى ولد بحلب في الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وخمس مائة وتوفي سنة ست وخمسين وستمائة بدمشق ليلة الخامس من جمادى الآخرة ودفن من الغد بجبل قاسيون كان صاحب ديوان الإنشاء للملك الناصر صلاح الدين مقدما على جماعة الكتاب فاضلا رئيسا له الوجاهة العظيمة والمنزلة المكينة عند مخدومه وله الترسل والنظم الحسن وروى عنه الدمياطي وسيأتي ذكر أخيه أحمد ونظام الدين المذكور وهو الذي استثناه السامري في أرجوزته فقال وليس يستثني من الجماعة غير كمال الدين والنظام
3 (موفق الدين الخطيب محمد بن محمد بن محمد))
ابن عبد المنعم بن جيش بن أبي المكارم الفضل الخطيب موفق الدين أبو المعالي المعروف بخطيب جامع حماة تولى خطابة الجامع الأموي والإمامة يوم الجمعة ثامن عشرين شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وست مائة عوضا عن الشيخ عز الدين الفاروثي فعز على الناس وعليه ذلك فحضر إلى السلطان الملك الأشرف فلما

216
رآه السلحدارية أخذوا بيده وأجلسوه إلى جانب الأمير عز الدين أيبك الحموي نائب الشام فسأل السلطان عنه فأخبر أنه قد عزل وتوهم الشيخ أن الوزير ابن السلعوس عزله فاعتذر إليه السلطان وقال بلغنا أنك ضعيف فقال من صلى مائة ركعة بألف قل هو الله أحد يعجز عن صلاة الفرض يعني صلاة النصف فلم يلتفتوا إليه وانكسر قلبه وهرب في هذه الجمعة حسام الدين لاجين فاغتنم السلطان وتوجه هو والأمراء والعسكر في البرية يفتشون عليه وكانوا قد أطلعوا المنبر إلى الميدان الأخضر فصلى الخطيب موفق الدين بالعوام والسلطان والعساكر مهججون في طلب حسام الدين لاجين ثم إن السلطان عاد بعد العصر يوم العيد فنظم بعض الشعراء الكامل
* خطب الموفق إذ تولى خطبة
* شق العصا بين الملوك وفرقا
*
* وأظنه أن قال ثانية غدا
* دين الأنام وشمله متمزقا
*)
ثم إن الموفق طلب إلى حماة وولى القضاء بها مدة ثم إنه قدم دمشق متجفلا من التتار فتوفى رحمه الله تعالى بدرب القاضي سنة تسع وتسعين وستمائة كان من أهل الخير والدين والصلاح
3 (عز الدين ابن الوزير العلقمي محمد بن محمد بن محمد))
عز الدين أبو الفضل ابن الوزير ابن العلقمي قرأ القرآن والعربية على التقي حسن بن الباقلاني الحلى النحوي واللغة علي رضى الدين الصغاني وكتب التقاليد عن الخليفة
أيام والده وله النظم المتوسط كتب على كتاب معجم الأدباء لياقوت الحموي الطويل
* سماء أنارت للفضائل أنجما
* وبحر آثار الدر فذا وتوأما
*
* جلا أوجه الآداب زهرا مضيئة
* فثقف عود العلم حتى تقوما
*
* آثار خفيات الفضائل فأنثنى
* سناها مضيئا بعد أن كان مظلما
*
* وألف من بعد التفرق شملها
* على أن فيه حسنها متقسما
*
* تضمن أسماء ينير بها الدجى
* ويهدي بها الغاوي ويجلي بها العمى
*
3 (شمس الدين ابن الشيرازي محمد بن محمد بن محمد))
ابن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن بندار بن مميل الفارسي الشيرازي الأصل الدمشقي ثم المزي شمس الدين أبو نصر ابن عماد الدين الكاتب ابن أقضى القضاة شمس الدين أبي نصر ولد سنة تسع وعشرين سمع من جده حضورا ثم سماعا ومن عمه تاج الدين ومن علم الدين السخاوي والعلم ابن الصابوني والمؤتمن ابن قميرة وأبي إسحاق ابن الخشوعي وبهاء الدين ابن الحميزي وجماعة وأجاز له الشيخ

217
شهاب الدين الشهرزوري وبهاء الدين ابن شداد وإسماعيل بن باتكين وابن روزبه وخلق كثير وتفرد بأجزاء وعوال وازدحم الطلبة عليه والحق الصغار بالكبار انتقى له الشيخ صلاح الدين ابن العلائي والبرزالي وألواني والشيخ شمس الدين وكان ساكنا وقورا متواضعا نزر الحديث منجمعا عن الناس له ملك يعيش منه وكان بارعا في تذهيب المصاحف ظهرت فيه مبادئ اختلاط سنة اثنتين وعشرين وتوفي سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة
3 (افتخار الدين الحنفي محمد بن محمد بن محمد))
افتخار الدين أبو عبد الله نقلت من خط مستوفى أربل صاحب كتاب نباهة البلد الخامل بمن ورده من الأماثل وهو تاريخ أربل ما صورته ورد في أوائل صفر سنة عشرين وست مائة شاب طويل عجمي حنفي المذهب سألته عن لقبه فذكره لي وسألته عن كنيته فلم يعرفها)
وسألته عما بعد محمد الأخير فقال ما أعرف إلا ذلك أو كلاما هذا معناه حدثني أنه ولد باوش من فرغانة ونشأ بكاشغر أنشدني لنفسه يمدح عميد الملك أسعد بن نصر وزير شيراز الكامل
* يا خير من بلغ المدى فيما سلك
* ورقاب أحرار الورى بذلا ملك
*
* خرت له الثقلان طوعا سجدا
* مهما أظلهما ويخدمه الملك
*
* مارست فيك السير ممتطي الوجى
* بخشاشة قد جاوزت حيا هلك
*
* إن كنت تقلبني أصبت مآربي
* أو لا فأبت آيسا والحكم لك
*
* فز بالعلى وحز المنى وجز المدى
* قطب المعالي ما استدار رحى الفلك
* قلت هو نظم غث ورقم رث
3 (زين الدين الشريشي القنائي محمد بن محمد بن محمد))
ابن أحمد زين الدين أبو حامد العثماني ابن تقي الدين الشريشي القنائي بالقاف والنون والألف القاضي الشافعي اشتغل بالفقه على الشيخ جلال الدين أحمد الدشنائي وأجازه بالفتوى وسمع منه وكانت له مشاركة في الأصول والنحو والأدب ويكتب خطا حسنا وله يد في الوراقة وتولى القضاء بأدفو وأسوان وتولى فقط وقنا وهو وعيذاب وكان حسن السيرة مرضي الطريقة قائما بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوفي في شهر رجب سنة خمس وسبع مائة بقنا وأورد له الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي أبياتا من جملة صداق كتبه وهي الطويل
* أطل نظرا فيه فلست بناظر
* نظيرا له كلا ولست بواجد
*
* وفز من محياه بلمحة ناظر
* تنل ما ترجي من سنى المقاصد
*
* فكل سديد منهم ومسدد
* وكل تقي عندهم ثم ماجد
*
* إذا ما اغتذى سمعي بذكر صفاتهم
* تخامر قلبي سكرة المتواجد
*

218
3 (ابن عساكر القوصي الشافعي محمد بن محمد بن محمد))
ابن جماعة بن عساكر بن إبراهيم أبو بكر القرشي الزهري القوصي كان من الفقهاء الصالحين والقضاة المتقين سمع بقوص من أبي الفضل الهمذاني وتخاصم مع أخيه منصور فترك قوص ورحل إلى مصر وأقام بمدرسة منازل العز وصحب قاضي القضاة عماد الدين عبد الرحمن ابن السكري قبل القضاء وكانت الكتب تأتي إليه من أهله من البلاد فلا يفتحها حتى تفقه وأذن له في الفتوى قال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي كتب بخطه كثيرا حتى قيل أنه كتب النهاية مرات وأنه)
كتب الوسيط ثمانية وأربعين مرة وتولى تدريس مدرسة بالفيوم وأقام بها فلما ولي القضاء عماد الدين ابن السكري أضاف إليه القضاء بالفيوم فلما بلغه أنه قبل سجد شكرا قال هكذا أخبرني ابن ابنه القاضي نظام الدين محمد قاضي البهنسا وتوفي سنة ثلاث وأربعين وست مائة
3 (ناصر الدين بن الصائغ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ الإمام المفتي المدرس ناصر الدين الدمشقي من أعيان الفقهاء سمع كثيرا ونظر في الرجال وعني بالمتون ومولده سنة سبع وسبعمائة وسمع من القاضي والمطعم وعدة وكتب عن الشيخ شمس الدين قال وله عبادة وإنابة وتسنن))
3 (ابن التنسي محمد بن محمد بن محمد))
الإمام المحدث جمال الدين الإسكندري المالكي سبط التنسي شاب فاضل متفنن قدم دمشق وسمع من المزي وزينب وأكثر وتميز ولد سنة عشر وسبع مائة
3 (الوراق محمد بن محمد بن محمد))
الفاضل العالم صدر الدين الوراق البغدادي المصري قدم دمشق طالب حديث سنة أربع عشرة وسبع مائة وسمع من القاضي والصدر ابن مكتوم وطائفة وخطه حلو وخلقه حسن ولد بعد التسعين وستمائة وتوفي سنة إحدى وأربعين وسبع مائة بالقاهرة رحمه الله تعالى
3 (ابن خطيب الزنجيلية محمد بن محمد بن محمد))
ابن محمود المحدث تقي الدين البخاري الدمشقي الحنفي ابن خطيب الزنجيلية جلال الدين ولد سنة ست وسبع مائة وحفظ القرآن واشتغل في النافع وسمع كثيرا ونسخ أجزاء وكتاب الكاشف وكتب الطباق وسمع ابن سعد والبهاء ابن عساكر وعدة وأخذ عن الشيخ شمس الدين وتوفي رحمه الله سنة خمس وثلاثين وسبع مائة في آخرها
3 (فتح الدين بن سيد الناس محمد بن محمد بن محمد))
ابن أحمد بن سيد الناس الشيخ الإمام العلامة الحافظ المحدث الأديب الناظم الناثر فتح الدين أبو الفتح ابن الفقيه أبي عمرو ابن الحافظ أبي بكر اليعمري الربعي كان حافظا
بارعا أديبا متفننا بليغا ناظما ناثرا كاتبا مترسلا خطه أبهج من حدائق الأزهار وآنق من صفحات الخدود المطرز وردها بآس العذار حسن المحاورة لطيف العبارة فصيح الألفاظ كامل الأدوات جيد الفكرة صحيح الذهن جميل المعاشرة لا تمل محاضرته أدبه غض والأمتاع بأنسه نض كريم الأخلاق كثير الحياء زائد الاحتمال حسن الشكل والعمة قل إن ترى العيون مثله الطويل

219
* له هزة من أريحية نفسه
* تكاد لها الأرض الجديبة تعشب
*
* تجاوز غايات العقول مواهبا
* تكاد لها لولا العيان تكذب)
* (خلائق لو يلقى زياد مثالها
* إذا لم يقل أي الرجال المهذب
*
* عجبت له لم يزه تيها بنفسه
* ونحن به نختال زهوا ونعجب
* وهو من بيت رئاسة وعلم عنده كتب كثيرة وأصول جيدة سمع وقرأ وارتحل وكتب وصنف وحدث وأجاز وتفرد بالحديث في وقته أجاز له النجيب عبد اللطيف وكناه أبا الفتح وأجلسه في حجره وسمع حضورا سنة خمس وسبعين من القاضي شمس الدين محمد بن العماد وفي سنة خمس وثمانين كتب الحديث بخطه عن الشيخ قطب الدين ابن القسطلاني وقرأه بلفظه عليه وعلى أصحاب ابن طبرزد وأصحاب الكندي وابن الحرستاني بمصر والشام والحجاز والإسكندرية وارتحل إلى دمشق سنة تسعين وكاد يدرك الفخر ابن الفخاري ففاته بليلتين وسمع من أبي عبد الله محمد بن مؤمن الصوري ومن أبي الفتح ابن المجاور وأبي إسحاق ابن الواسطي وطبقتهم وسمع بمصر من العز عبد العزيز بن الصيقل وغازي الحلاوي وابن خطيب المزة والصفي خليل وتلك الطبقة وتنزل في الأخذ من أصحاب سبط السلفي ثم إلى أصحاب الرشيد العطار قال الشيخ شمس الدين ولعل مشيخته يقاربون الألف ونسخ بخطه واختار وانتقى شيئا كثيرا ولازم الشهادة مدة قال الشيخ شمس الدين جالسته مرات وبت معه ليلة وسمعت بقراءته على الرضى النحوي وكان طيب الأخلاق بساما صاحب دعابة ولعب وكان صدوقا في الحديث حجة فيما ينقله له بصر نافذ بالفن وخبرة بالرجال وطبقاتهم ومعرفة بالاختلاف ويد طولى في علم اللسان ومحاسنه جمة انتهى كلام الشيخ شمس الدين قلت صحبته زمانا طويلا ودهرا داهرا ونمت معه ليالي وخالطته أياما وأقمت بالظاهرية وهو بها شيخ الحديث قريبا من سنتين فكنت أراه في كثير من الأوقات يصلي كل صلاة مرات كثيرة فسألته يوما عن ذلك فقال إنه خطر لي يوما أن أصلي كل صلاة مرتين ففعلت ذلك زمانا ثم خطر لي أن أصلي كل صلاة ثلاث مرات ففعلت ذلك زمانا وخف علي ثم خطر لي أن أصلي كل صلاة أربع مرات ففعلت ذلك زمانا وخف علي فعله وأنسيت هل قال لي خمس مرات أو لا وكان صحيح القراءة سريعها كأنها السيل إذا تحدر سريع الكتابة كتب ختمة في جمعة وكان يكتب السيرة التي له في عشرين يوما وهي مجلدان كبيران وكان صحيح العقيدة جيد الذهن يفهم به النكت العقلية ويسارع إليها ولكنه جمد ذهنه

220
لاقتصاره به على النقل وكان الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد يحبه ويؤثره ويركن إلى نقله أخبرني من لفظه القاضي عماد الدين إسماعيل ابن القيسراني قال كان الشيخ تقي الدين إذا حضرنا درسه وتكلم فإذا جاء ذكر أحد من الصحابة أو أحد من رجال الحديث قال أيش)
ترجمة هذا يا أبا الفتح فيأخذ فتح الدين في الكلام ويسرد والناس كلهم سكوت والشيخ مصغ إلى ما يقوله انتهى قال لي لم يكن لي في العروض شيخ ونظرت فيه جمعة فوضعت فيه مصنفا وقد رأيت هذا المصنف قلت ولو كان اشتغاله بقدر ذهنه كان قد بلغ الغاية القصوى ولكنه كان فيه لعب على أنه ما خلف مثله لأنه كان متناسب الفضائل وكان محظوظا ما رآه أحد إلا أحبه كان الأمير علم الدين الدواداري يحبه ويلازمه كثيرا ويقضي أشغال الناس عنده ودخل به إلى السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين وقد امتدحه بقصيدة وقال أحضرت لك هذا وهو كبير من أهل العلم فلم يدعه السلطان يبوس الأرض وأجلسه معه على الطراحة وهل قام له أو لا أنا في شك من ذلك فلما رأى خطه وسمع كلامه قال هذا ينبغي أن يكون في ديوان الإنشاء فرتب في جملة الموقعين فرأى فتح الدين الملازمة ولبس الخف والمهماز صعبا عليه فسأل الإعفاء من ذلك فقال السلطان إذا كان لا بد له من ذلك فيكون المعلوم له على سبيل الراتب فرتب له إلى أن مات وكان الكمالي ينام معه في قرظية النوم وكان كريم الدين الكبير يميل إليه ويوده ويقضي الإشغال عنده وهو الذي ساعده على عمل المحضر واثباته بعداوة قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة وسمع البخاري بقراءته على الحجار وتعصب له الأمير سيف الدين أرغون الدوادار وخلص له مشيخة الظاهرية في الحديث وما أعرف أحدا من الأمراء الكبار الأعيان في الدولة إلا وهو يميل إليه ويجتمع به وكان الأمير سيف الدين الجائي الدوادار منحرفا عنه والقاضي فخر الدين ناظر الجيش شيئا يسيرا وكان بيده مع مشيخة الظاهرية مدرسة أبي حليقة على بركة الفيل ومسجد الرصد وخطابة جامع الخندق وله رزق وله في صفد راتب وفي حلب فيما أظن وكان عنده كتب كبار أمهات جيدة وأصول غالبها حضر إليه من تونس كمصنف ابن أبي شيبة ومسنده والمحلى وتاريخ ابن أبي خيثمة وجامع عبد الرزاق والتمهيد والاستيعاب والاستذكار وتاريخ الخطيب والمعاجم الثلاثة للطبراني وطبقات ابن سعد والتاريخ المظفري وغير ذلك وصنف عيونه السير في فنون المغازي والشمائل والسير سمعت بعضه من لفظه ومختصر ذلك سماه نور العيون وسمعته من لفظه وتحصيل
الإصابة في تفضيل الصحابة وسمعته من لفظه والنفح الشذي في شرح جامع الترمذي ولم يكمل جمع فأوعى وكان قد سماه العرف الشذي فقلت له سمه النفح الشذي ليقابل الشرح بالنفح فسماه كذلك وكتاب بشرى اللبيب بذكرى الحبيب وقرأته عليه بلفظي ومنح المدح وسمعته من لفظه إلى ترجمة عبد الله بن الزبعري والمقامات العلية في كرامات الصحابة الجلية وشعره رقيق سهل التركيب منسجم الألفاظ عذب النظم وترسله)
جيد وكان النظم عليه بلا كلفة يكاد لا يتكلم إلا بالوزن حتى قلت فيه أصفه البسيط

221
* لي صاحب يتمنى لي الرضا أبدا
* كأنما يختشي صدى وهجراني
*
* ويغلب النظم ألفاظا يفوه بها
* فما يكلمني إلا بميزان
* وكتب بالمغربي طبقة كما كتب بالمشرقي وكانت بيني وبينه مكاتبات كثيرة نظما ونثرا يضيق عنها هذا المكان لكن أورد منها شيئا وهو ما كتبه إلي وأنا بصفد سنة أربع وثلاثين وسبعمائة الطويل
* سررتم فإني بعدكم غير مسرور
* وكم لي على الإطلاق وقفة مهجور
*
* ولا حس إلا حس صائحة الصدى
* ولا أنس إلا أنس عيس ويعفور
*
* فيا وحدة الداعي صداه جوابه
* ويا وحشة الساعي إلى غير معمور
*
* إذا قلت سيري قال سيري محاكيا
* وإن قلت زوري قال مثلي لها زوري
*
* وما سرني بالقرب إني استزرتها
* ولا ساءني بالبعد قولي لها سيري
*
* فيا ويح قلبي كم يعلله المنى
* علالة دنيا استعبدت كل مغرور
*
* تواصل وصل الطيف في سنة الكرى
* ولست إذا استيقظت منه بمحبور
*
* وتدنو دنو الآل لا ينقع الصدى
* وتخلب آمالا بخلبها الزور
*
* تنيل المنى من سالمته خديعة
* وتعقب من نيل المنى كل محذور
*
* فدعها وثق بالله فالله كافل
* برزقك ما أبقاك وأرض بمقدور
*
* وكن شاكرا يسرا وبالعسر راضيا
* فأجر الرضى والشكر أفضل مذخور
* فكتبت إليه الجواب عن ذلك الطويل
* هل البرق قد وشى مطارف ديجور
* أو الصبح قد غشي دجى الأفق بالنور
*
* وهل نسمة الأسحار جرت ذيولها
* على زهر روض طيب النشر ممطور
*
* وهيهات بل جاءت تحية جيرة
* إلى مغرم في قبضة البعد مأسور
*
* أتته وما فيه لعائد سقمه
* سوى آنة تنبث من قلب مصدور
*
* فلما تهادت في حلى فصاحة
* من النظم عن سحر البلاغة مأثور
*
* أكب على تقبيلها بعد ضمها
* إلى خاطر من لوعة البين مكسور
*
* وأجرى لها دمع المآقي ولم يكن
* يقابل منظوما سواه بمنثور
*
* فأرشفه كأس السلاف خطابها
* وغازله من خطها أعين الحور)
* (فكم حكمة فيها لها الحكم في النهى
* وكم مثل في غاية الحسن مشهور
*
* يرى كل سطر في محاسن وضعه
* كمسك عذار فوق وجنة كافور
*
* فلا ألف إلا حكت غصن بانة
* وهمزتها من فوقها مثل شحرور
*

222
* فأصبح لا يثنى إلى الروض جيده
* غراما ولم يعدل بها ورده الجوري
*
* وقد كانت الأطماع نامت ليأسها
* فلما أتت قال الغرام لها ثوري
*
* وزادت جفون العين سهدا كأنما
* حبتها بكحل منه في الجفن مذرور
*
* وكان الدجى كالعام فاحتقرت به
* وقالت له ميعادك النفخ في الصور
*
* ولم ترض من نار الحشا باتقادها
* فقد قذفت في كل عضو بك النور
*
* وما شكرت عيني على سفح عبرتي
* على أن محصول البكى غير محصور
*
* وقالت أما تخبا الدموع لشدة
* فدعها تفض من زاخر اللج مسجور
*
* ولو كنت ألقى في البكى فرجا لما
* مضى اليوم حتى كنت أول مسرور
*
* أاحبابنا عذرى على البعد واضح
* وما كل صب في البعاد بمعذور
*
* فلو كنت ألقى الصبر هانت مصيبتي
* ولكنه للحظ في غير مقدوري
*
* فإن تبعثوا لي من زكاة اصطباركم
* فإني لما تهدونه جد مضرور
*
* سلوا الليل هل آنست فيه برقدة
* فما هو ممن راح يشهد بالزور
*
* فكم لي فيه صعقة موسوية
* وللقلب من ذكراكم دكة الطور
*
* تشفعت للبين المشت بكم عسى
* يعود هزيم القرب عودة منصور
*
* على أن جاه الحظ أكرم شافع
* ولولاه كان الدهر أطوع مأمور
*
* وما هو إلا الحظ يعترض المنى
* ولو صح لم يحتج إلى بنت منظور
*
* فكم في البرايا بين عان ومطلق
* وسال ومحزون ودان ومهجور
*
* وليس سوى التسليم لله والرضى
* بقلب منيب طائع غير مقهور
*
* وحاش لعلام الخفيات في الورى
* على ما ابتلاني أن أرى غير مأجور
* فكتب إلي الجواب رحمه الله تعالى وردت المشرفة السامية بحلاها الزاهية بعلاها المشتملة على الأبيات الأبيات الصادرة عن السجيات السخيات التي فاقت الكنديين وطوت ذكر الطائيين ما شئت من بدائع أيداع وروائع)
إبداع تقف الفصاحة عندها وتقفو البلاغة حدها فلله ذلك الفضل الوافي بل ذلك السحر الحلال الشافي بل تلك القوي في القوافي بل تلك المقاصد التي أقصدت المنى في المنافي بل تلك المعاني التي حيرت المعاني وفعلت بالألباب ما لا تفعله المثالث والمثاني بل تلك الأوضاع التي حاكى الربيع وشيها وامتثل القلم أمرها ونهيها فهو يصرفها كيف يشاء مرسوما ثقة منه أنها لا تخالف له مرسوما لقد آل فضل الكتاب إليها وآلى فصل الخطاب لا وقف إلا بين يديها لقد صدرت عن رياض الأدب فجنت زهره اليانع لقد أخذت بآفاق سماء الشرف فلها قمراها والنجوم الطوالع لقد أفحمت قائلة الرمل

223
* من يساجلني يساجل ماجدا
* يملأ من آدابه كل ذنوب الطويل
*
* لقد حسنت حتى كان محاسنا
* تقسمها هذا الأنام عيوب
*
* هي الشمس تدنو وهي ناء محلها
* وما كل دان للعيون قريب
*
* تخطت إلى الحضر الجياد نباهة
* وهيهات من ذاك الجناب جنيب
*
* وحيت فأحيت بالأماني متيما
* حبيب إليه أن يلم حبيب
*
* يذكرني ذاك الجمال جمالها
* فليلي كما شاء الغرام رحيب
*
* وما لي إلا آنة بعد آنة
* وما لي إلا زفرة ونحيب
*
* حنينا لعهد غادر القلب رهنه
* وعلم دمع العين كيف يصوب
*
* وذكرى خليل لم يغب غير شخصه
* وفي كل قلب من هواه نصيب
*
* ولولا حديث النفس عنه بعوده
* وأن المنى تدعو به فيجيب
*
* لما استعذب الماء الزلال لأنه
* إذا مازج الماء الزلال يطيب
* فبادرها المملوك لنبئها متعرفا وبارجها متعرفا وبولائها متمسكا وبثنائها متمسكا شوقا إليها لا يبيد ولو عمر عمر لبيد واقفا على آمال اللقاء وقوف غيلان بدار مية عاكفا على أرجاء الرجاء عكوف توبة على ليلى الأخيلية والله يتولاه في حالتيه ظاعنا ومقيما ويجعل السعد له حيث حل خدينا والنجح خديما بمنه وكرمه
فكتبت الجواب إليه رحمه الله تعالى الطويل
* تنوح حمامات اللوى فأجيب
* ويحضر عندي عائدي فأغيب
*
* وقد مل فرش السقم طول تقلقي
* عليه بجنبي إذ تهب جنوب)
* (ولما بكت عيني نواك تعلمت
* دموع السحاب الغر كيف تصوب
*
* أيا برق إن حاكت قلبي فلم يكن
* لنارك مع هذا الخفوق لهيب
*
* ويا غيث إن ساجلت دمعي فإنه
* يفوتك مع ذا آنة ونحيب
*
* ويا غصن إن هزت معاطفك الصبا
* فما لك قلب بالغرام يذوب
*
* إذا جف جفني ذاب قلبي أدمعا
* فلله قلب عاد وهو قليب
*
* أبيت بجفن ليس يعرف ما الكرى
* وأي حياة بالسهاد تطيب
*
* وقلب إذا ما قر عادته لوعة
* فيعروه من بعد القرار وجيب
*
* إلا أن دهرا قد رماني بصرفه
* لدهر إذا فكرت فيه عجيب
*

224
* ويكفي بأني بين أهلي ومعشري
* وصحبي لبعدي عن حماك غريب
* وينهى ورود المثال الذي تصدق به منعما وأهداه خميلة فكم شفى زهرها المنعم من عمى وبعثه قلادة فكم أزال درها المنظم من ظما وإقامة حجة على أن مرسله يكون في الإحسان والآداب مالكا ومتمما فبللت برؤيته غلة الظماء البرح وعاينت ما شاده من بنيان البيان فقلت لبلقيس عيني ادخلي الصرح النحل وقمت من حقوقه الواجبة علي بما يطول فيه الشرح وتلقيته بالضم إلى قلب لا يجبر منه الكسر غير الفتح واسمت ناظري من طرسه في الروض الأنف وقسمت حليه على أعضائي فللجيد القلائد وللفرق التيجان وللأذن الشنف ووردت منهله الصافي والتحفت بظله الضافي واجتليت من وجهه بشرا قابله الشكر بالقلم الحافي وعكفت منه على كعبة الفضل فلله ما نشر في استلامي وطوى في طوافي وكلفت قلبي الطائر جوابا فلم تقو القوادم وظهر الخوى في الخوافي وقلت هذا الفن الفذ الذي ما له ضريب وهذا وصل الحبيب البعيد قد نلته برغم الرقيب القريب الوافر
* فيا عيني بيتا في اعتناق
* ويا نومي قدمت على السلامة
* وأقسم أن البيان ما نكب عما دبجه مولانا ونكت ولا أجراه الله على لسانه إلا لما سكت البلغاء وبكت ولا آتاه هذه النقود المطبوعة إلا وقد خلصت القلوب من رق غيره وفكت ولا وهبه الله هذه الكلم الجوامع إلا أن الأوائل أحسوا بطول رسائلهم فقطعوها من حيث رقت والصحيح ركت فما كل كاتب يده فم ولسانه فيه قلم ولا كل متكلم حسن بيانه تأتم الهداة به كأنه علم ولا كل بليغ إذا خاطب الولي كلا وإذا كلم العدو كلم لأن مولانا حرسه الله تعالى لا يتكلف إذا أنشأ ولا يتخلف إذا وشى والسجع عنده أهون من النفس الذي يردده وأخف والدر الذي يقذفه من رأس قلمه أكبر من الدر الذي في قعر)
البحر وأشف وإذا راض قلمه روض الطروس من وقته وإذا أفاض كلمه فوض البيان إليها أمر مقته ومقته وما كلمه إلا بحر والقوافي أمواج وما قلمه إلا ملك البلاغة فإذا امتطى يده ركضت به من الطروس على حلل الديباج فلهذا أخملت رسائله الخمائل وتعلمت منه الصبا لطف الشمائل وأخذت بآفاق البلاغة فلها أقمارها الطوالع ولغيرها نجومها الأوافل وانتقت أعالي الفضائل وتركت للناس فضالات الأسافل الوافر
* وهذا الحق ليس به خفاء
* فدعني من بنيات الطريق
* فأما دره الذي خلطه الجناس وخرطه في ذلك السلك فما أحقه وأولاه بقول ابن سناء الملك الطويل
* فذا السجع ليس في النثر مثله
* وهذا جناس ليس يحسنه الشعر
* فلو رأى الميكالي نمطه العالي وتنسم شذا غاليته العزيز الغالي لقال عطلت هذه المحاسن حالي الحالي وكنت من قبلها ما أظن اللآلئ إلا لي ولو ظفر الحظيري بتلك الدرر حلى بها تصنيفه وعلم أن أرباب الجناس لو أنفق أحدهم من الكلام ملء الأرض ذهبا ما بلغ مد

225
مولانا ولا نصيفه ولو بلغ العماد الكاتب هذه النكت رفعها على عرشه وعوذها بآية الكرسي ودخل دار صمته وأغلق باب الفتح القدسي فعين الله على هذه الكلم التي نفثت في العقد وأيقظت جد هذا الفن الذي كان قد رقد فقد أصاب الناس بالسهام وأصبت أنت بالقرطاس وجاؤوا في كلامهم بالذاوي الذابل وجئت أنت بالغض اليانع الغراس وأبعدت في مرمى هذا الفن وقاربوا ولكن أين الناس من هذا الجناس وسبقت إلى الغاية ولو وقفت ما في وقوفك ساعة من باس وقد قيل بدئ الشعر بأمير وختم بأمير يريدون امرأ القيس وأبا فراس وكذا أقول بدئ الجناس بالبستي وختم بمولانا وكلاكما أبو الفتح فصح القياس وقد أثنيت على تلك الروضة ولو وفقت لانثنيت وما أثنيت ووقفت عند قدري فما أجبت ولكن اتقحت وما استحييت على أني لو وجدت لسانا قائلا لقلت فإني وجدت أول البيت وقد شغل وصف مثال مولانا عن شكوى حالي الشاقة وأرجو أنني أوحيها شفاها إما في الدنيا وإما يوم الحاقة الخفيف
* إن نعش نلتقي وإلا فما
* أشغل من مات عن جميع الأنام
* قلت لم نلتق وحالت منيته بينه وبين الجواب وتوفي رحمه الله تعالى يوم السبت حادي عشر شعبان سنة أربع وثلاثين سبعمائة وكانت جنازته حفلة إلى الغاية شيعها القضاة والأمراء والجند والفقهاء والعوام وتأسف الناس عليه ولما بلغتني وفاته قلت أرثيه البسيط
* ما بعد فقدك لي أنس أرجيه
* ولا سرور من الدنيا أقضيه)
* (إن مت بعدك من وجد ومن حزن
* فحق فضلك عندي من يوفيه
*
* ومن يعلم فيك الورق أن جهلت
* نواحها أو تناسته فتمليه
*
* إما لطافة أنفاس الرياض فقد
* نسيتها غير لطف كنت تبديه
*
* وأن ترشفت عذب الماء اذكرني
* زلاله خلقا قد كنت تحويه
*
* يا راحلا فوق أعناق الرجال وأجفان الملائك تحت العرش تبكيه
*
* وذاهبا سار لا يلوي على أحد
* والذكر ينشره واللحد يطويه
*
* وماضيا غفر الله الكريم له
* باللطف حاضره منه وباديه
*
* وبات بالحور والرضوان مشتغلا
* إذ أقبلت تتهادى في تلقيه
*
* حتى غدا في جنان الخلد مبتهجا
* والقلب بالحزن يفنى في تلظيه
*
* لهفي على ذلك الشخص الكريم وقد
* دعاه نحو البلى في الترب داعيه
*
* وحيرتي فيه لا تقضي علي ولا
* تقضي لواعجها حتى أوافيه
*
* أجرى الأسى عبراتي كالعقيق وقد
* أصم سمعي وأصمى القلب ناعيه
*
* يا وحشة الدهر في عين الأنام فقد
* خلت وجوه الليالي من معانيه
*

226
* ووحشة الدهر أن تنثر ملاءته
* ولم تطرز حواشيها أمالية
*
* يا حافظا ضاع نشر العلم منه إلي
* أن كاد يعرفه من لا يسميه
*
* صان الرواية بالإسناد فامتنعت
* ثغورها حين حاطتها عواليه
*
* واستضعفت بارقات الجو أنفسها
* في فهم مشكلة عن أن تجاريه
*
* حفظت سنة خير المرسلين فما
* أراك تمسي مضاعا عند باريه
*
* لله سعيك من حبر تبحر في
* علم الحديث فما خابت مساعيه
*
* وهل يخيب معاذ الله سعى فتى
* في سنة المصطفى أفنى لياليه
*
* يكفيه ما خطه في الصحف من مدح النني
* يكفيه هذا القدر يكفيه
*
* عز البخاري فيما قد أصيب به
* مات الذي كان بين الناس يدريه
*
* كأنه ما تحلى سمع حاضره
* بلفظه عندما يروى لآليه
*
* رواية زانها منه بمعرفة
* ما كل من قام بين الناس يرويه
*
* يا رحمتاه لشرح الترمذي فمن
* يضم غربته فينا ويؤويه)
* (لو كان أمهله داعي المنون إلى
* أن تنتهي في أماليه أمانيه
*
* لكان أهداه روضا كله زهر
* أنامل الفكر في معناه تجنيه
*
* من للقريض فلم أعرف له أحدا
* سواه رقت به فينا حواشيه
*
* ما كان ذاك الذي تلقاه ينظمه
* شعرا ولكنه سحر يعانيه
*
* يهز سامعه حتى يخيل لي
* كأس الحميا إدارتها قوافيه
*
* ومن يمر على القرطاس راحته
* فينبت الزهر غضا في نواحيه
*
* ما كل من خط في طرس وسوده
* بالحبر تغدو به بيضا لياليه
*
* ولا تخل كل من في كفه قلم
* إذا دعاه إلى معنى يلبيه
*
* هيهات ما كان فتح الدين حين مضى
* والله إلا فريدا في معاليه
*
* كم حاز فضلا يقول القائلون له
* لو حازك الليل لابيضت دياجيه
*
* لا تسأل الناس سلني عن خلائقه
* لتأخذ الماء عني من مجاريه
*
* ماذا أقول وما للناس من صفة
* محمودة قط إلا ركبت فيه
*
* كالشمس كل الورى يدري محاسنها
* والكاف زائدة لا كاف تشبيه
*
* سقى الغمام ضريحا قد تضمنه
* صوبا إذا انهل لا ترقى غواديه
*
* وباكرته تحيات نوافحها
* من الجنان تحييه فتحييه
* وكتبت إليه عند قدومي دمشق من القاهرة الخفيف

227
* كان سمعي في مصر بالشيخ فتح الدين يجني الآداب وهي شهيه
*
* يا لها غربة بأرض دمشق
* أعوزتني الفواكه الفتحيه
* وكتبت إليه السريع
* يا حافظا كم لرواياته
* من جنة في بطن قرطاس
*
* وكم شذى من سنة المصطفى
* قد ضاع من حفظك للناسى
* وأنشدني رحمه الله من لفظه لنفسه البسيط
* فقري لمعروفك المعروف يغنيني
* يا من أرجيه والتقصير يرجيني
*
* إن أوبقتني المطايا عن مدى شرف
* نجا بإدراكه الناجون من دوني
*
* أو غض من أملي ما ساء من عملي
* فإن لي حسن ظن فيك يكفيني
*)
وأنشدني من لفظه لنفسه الطويل
* عذيري من دهر تصدى معاتبا
* لمستمنح العتبى فاقصد من قصد
*
* رجوت به وصل الحبيب فعندما
* تبدي لي المعشوق قابله الرصد
* وأنشدني إجازة ومن خطه نقلت مجزوء الوافر
* صرفت الناس عن بال
* فحبل ودادهم بالي
*
* وحبل الله معتصمي
* به علقت آمالي
*
* ومن يسل الورى طرا
* فإني عنهم سال
*
* فلا وجهي لذي جاه
* ولا ميلي لذي مال
* وأنشدني من لفظه لنفسه الخفيف
* يا بديع الجمال شكر جمالك
* إن توافى عشاقه بوصالك
*
* لنت عطفا لهم وقلبك قاس
* فهم يأخذون من ذا لذلك
*
* غير أن الكمال أولى بذا ألح سن ومن للبدور مثل كمالك
* قابلت وجهك السماء فشكل البدر ما في مرآتها من خيالك
* مثلته لكن رسوم صداها
* كلفته فقصرت عن مثالك
* وأنشدني من لفظه لنفسه ملغزا السريع
* ظبي من الترك هضيم الحشا
* مهفهف القد رشيق القوام
*
* للطرف من تذكاره عبرة
* والقلب شوق أرق المستهام
*

228
الاسم قراقوش وأنشدني لنفسه إجازة ومن خطه نقلت السريع
* ومستنير بسنا رأيه
* وقلبه من حوبه مظلم
*
* يرجو وما قدم من صالح
* ربحا وهل ربح له يقسم
*
* والله بالعصر على خسره
* ما لم يقدم صالحا يقسم
* وأنشدني من لفظه لنفسه الطويل
* سلى عن غرامي مدمعي فهو صادق
* وساكن قلبي فهو للبين خافق
*
* ونومي يا وسني سليه فإنني
* لما ضاع منه في جفونك رائق
*
* تمنيني الأيام منك بخلسة
* فكم عندها عما تمنى عوائق)
* (متى وعدت بالوصل فالوعد كاذب
* وإن وعدت بالهجر فالوعد صادق
*
* حكى حسن من أحببتها الشمس أشرقت
* فلا زال ذاك الحسن ما ذر شارق
*
* بكل فؤاد من هواها مغارب
* وفي كل حسن من حلاها مشارق
*
* تثنت فمن أعطافها الغصن مائس
* ومن لينها غصن الخميلة سارق
*
* يلوم عليها لا عدته ملامة
* عدو مناف أو صديق منافق
*
* وما العذل مقبول إذا صدق الهوى
* ولا اللوم عن طرق الصبابة عائق
* وأنشدني من لفظه لنفسه الكامل
* عهدي به والبين ليس يروعه
* صب براه نحوله ودموعه
*
* لا تطلبوا في الحب ثار متيم
* فالموت من شرع الغرام شروعه
*
* عن ساكن الوادي سقته مدامعي
* حدث حديثا طاب لي مسموعه
*
* أفدى الذي عنت البدور لوجهه
* إذ حل معنى الحسن فيه جميعه
*
* البدر من كلف به كلف به
* والغصن من عطف عليه خضوعه
*
* معسول المراشف واللمى
* حلو الحديث ظريفه مطبوعه
*
* دارت رحيق لحاظه فلنا بها
* سكر يجل عن المدام صنيعه
*
* يجني فاضمر عتبه فإذا بدا
* فجماله مما جناه شفيعه
* وأنشدني إجازة ومن خطه نقلت له البسيط
* إن غض من فقرنا قوم غنى منحوا
* فكل حزب بما أوتوه قد فرحوا
*
* إن هم أضاعوا لحفظ المال دينهم
* فإن ما خسروا أضعاف ما ربحوا
* وأنشدني من لفظه لنفسه البسيط
* قضى ولم يقض من أحبابه أربا
* صب إذا مر خفاق النسيم صبا
*

229
* راض بما صنعت أيدي الغرام به
* فحسبه الحب ما أعطى وما سلبا
*
* لا تحسبن قتيل الحب مات ففي
* شرع الهوى عاش للأحباب منتسبا
*
* في جنة من معاني حسن قاتله
* لا يشتكي نصبا فيها ولا وصبا
*
* ما مات من مات في أحبابه كلفا
* وما قضى بل قضى الحق الذي وجبا
*
* فالسحب تبكيه بل تسقيه هامية
* وكيف تبكي محبا نال ما طلبا)
* (وطوقت جيبها الورقاء واختضبت
* به وغنت على أعوادها طربا
*
* ومالت الدوحة الغناء راقصة
* تصبو وتنثر من أوراقها ذهبا
*
* والغصن نشوان يثنيه الغرام به
* كأنه من حميا وجده شربا
*
* والروض حمل أنفاس النسيم شذا
* أزهاره راجيا من قربه سببا
*
* فراقه الورد فاستغنى به وثنى
* عطفا إليه ومن رجع الجواب أبى
*
* ففارقت روضها الأزهار واتخذت
* نحو الرسول سبيلا وابتغت سربا
*
* وحين وافته نادت عند رؤيته
* لمثل هذا حباء فليحل حبا
*
* تهللت وجنات الورد من فرح
* وأعين النرجس اخضلت له نغبا
*
* سقته واستوسقت من عرفه أرجا
* أذكى وأعطر أنفاسا إذا انتسبا
*
* وأملت لمحة من حسن قاتله
* فأجفلت هربا إذ لم تطق رهبا
* ورأيته بعد وفاته في النوم رحمه الله تعالى في سنة أربع وأربعين وسبع مائة وهو على عادة اجتماعي به وهو يقول في أثناء كلامه رأيت الترجمة التي عملتها وما كنت تحتاج إلى تينك اللفظتين أو ما هذا معناه ففطنت في النوم لما قال وكشطتهما لأنهما لم يكونا من كلامي في حقه
وكتبت له استدعاء اجازته لي بما صورته بعد الحمدلة والصلاة المسؤول من إحسان سيدنا الشيخ الإمام العالم العلامة المتقن الحافظ رحلة المحدثين قبلة المتأدبين جامع أشتات الفضائل حاوي محاسن الأواخر والأوائل الرمل
* حافظ السنة حفظا لا ترى
* معه أن تعمل الناس الأسنة
*
* مركز الدائر من أهل النهي
* فإلى ما قد حوى تثني إلاعنة
* بديع زمانه نادرة أوانه ضابط الأنساب على اختلافها فهو السيل المتحدر لابن نقطه ناقل العلم الشريف عن سلفه الذي وافق على المراد شرطه ساحب ذيل الفخر الذي لو بلغ السمعاني جعله في الحلية قرطه صاحب النقل الذي إذا أتى رايت البحر بأمواجه منه يلتطم والعبارة تستبق في مضمار لهواته فتزداد وتزدحم الذي أن ترسل نقصت عنده ألفاظ الفاضل وعجز عن

230
مفاوضته ومعارضته كل مناظر ومناضل أو نظم ثبت الجوهر الفرد خلافا للنظام فيما زعم وتخطى بما يبديه فرق الفرقدين وترضى النجوم بما حكم أو أورد مما قد سمع واقعة مات التاريخ في جلده ووقف سيف كل حاك عند حده أو استمد قلما كف بصره عنه ابن مقلة ووقف ابن البواب بخدمته يطلب من فضله)
فضلة فهو الذي تطير أقلامه إلى اقتناص شوارد المعاني فتكون من أنامله أولى أجنحة مثنى وثلاث فاطر وتنبعث فكرته في خدمة السنة النبوية وما يكره الله هذا الانبعاث وتبرز مخبآت المعاني بنظمه ومن السحر إظهار الخبايا ويعقد الألسنة عن معارضته وعقد اللسان لا يكون بغير السحر في البرايا ويستنزل كواكب الفصاحة من سماتها بغير رصد ويأتي بألفاظه العذبة ونورها للشمس وفحولتها للأسد ويحل من شرف سيادته بيتا عموده الصبح وطنبه المجرة ويتوقل هضبات المنابر ويستجن حشا المحاريب ويطأ بطون الأسرة فتح الدين أبو الفتح محمد بن سيد الناس السريع
* لا زال روض العلم من فضله
* أنفاسه طيبة النفحق
*
* وكلما نظمات إلى نظمه
* أبدى سحابا دائم السحق
*
* وكيف ما حاوله طالب
* في العلم لا ينفك ذا ننجتحق
*
* وإن غدا باب النهي مقفلا
* في الناس نادوتا يا أبا الفتحق
* إجازة كاتب هذه الأحرف جميع ما رواه من أنواع العلوم وما حمله من تفسير لكتاب الله تعالى أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أثر عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى عصرنا هذا بسماع من شيوخه أو بقراءة من لفظه أو سماع بقراءة غيره أو بطريق الإجازة خاصة كانت أو عامة أو بأذن أو مناولة ث أو وصية ث كيف ما تأدى ذلك إليه إلى غير ذلك من كتب الأدب وغيرها وإجازة ما له من مقول نظما ونثرا وتأليفا وجمعا في سائر العلوم وإثبات ذلك بأجمعه إلى هذا التاريخ بخطه إجازة خاصة وإجازة ما لعله يتفق له من بعد ذلك من هذه الأنواع فإن الرياض لا ينقطع زهرها والبحار لا ينفد دررها إجازة عامة على أحد الرأيين عند من يجوزه وكان ذلك في جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وسبع مائة
فكتب الجواب رحمه الله بما صورته بعد حمد الله المجيب من دعاه القريب ممن نادى نداه الذي ابتعث محمدا بأنواره الساطعة وهداه وأيده بصحبة الذين حموا حماه ونصروه على من عداه وحزبه الذين رووا سنته ورووا أسنتهم من عداه وشفوا بإيراد مناهله من كان يشكو صداه وأجابوه لما دعاهم لما يحييهم إليه إجابة الصارخ صداه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تبلغهم من الشرف الرفيع غاية مداه وسلم عليه وعليهم تسليما يسوغهم مشرع الرضوان عذبا ريه سهلا منتداه فلما كتبت أيها الصدر الذي يشرح الصدور شفاء والبدر الذي يبهر البدور سنا وسناء والحبر الذي غدا في التماس أزهار الأدب راغبا ولاقتباس أنوار العلم طالبا فحصل على اقتناء فرائدها)
واقتناص شواردها وألفي عقله عقال أوابدها ومجال مصائدها ومطار مطاردها بما أودعت الألمعية من المعاني المبتدعة ذهنه واستعادته على لسان قلمه وقد ألبسته

231
الفصاحة ما ألبسته من حسن تلك الفطنة الرمل
* زهر الآداب منه يجتني
* حسن الإبداع ما أبدع حسنه
*
* بارع في كل فن فمتى
* قال قال الناس ما أبرع فنه
*
* ومتى ما فاه فاض السحر عن
* غامض الأفكار منه المرجحنة
* فالآداب حرسه الله تعالى رياض هو مجتني غروسها وسماء هو مجتلي أقمارها وشموسها وبحر استقرت لديه جواهره وسحر حلال لم تنفث في عصره إلا عن قلمه سواحره فله في فني النظم والنثر حمل الرايتين وسبق الغايتين وحوز البراعتين وسر الصناعتين وهو مجمع البحرين فما طل الغمامة وله النظر الثاقب في دقائقهما فمن زرقاء اليمامة أن سام نظما فمن شاعر تهامة وإن شاء انشاء فله التقدم على قدامة وأن وشى طرسا فما ابن هلال إلا كالقلامة إن أجيز لك ما عندي فكأنما ألزمتني أن أتجاوز حدي لولا الإقرار بأن الرواية عن الإقران نهج مهيع والاعتراف بأن للكبير من بحر الصغير الاغتراف وأن لم يكن مشرعه ذاك المشرع فنعم قد أجزت لك ما رويته من أنواع العلوم وما حملته على الشرط المعروف والعرف المعلوم وما تضمنه الاستدعاء الرقيم بخطك الكريم مما اقتدحه زندي الشحاح وجادت لي به السجايا الشحاح من فنون الأدب التي باعك فيها من باعي أمد وسهمك في مراميها من سهمي أسد وأذنت لك في اصلاح ما تعثر عليه من الزلل والوهم والخلل الصادر عن غفلة اعترت النقل أو وهلة اعترضت الفهم فيما صدر عن قريحتي القريحة من النثر والنظم وفيما تراه من استبدال لفظ بغيره مما لعله أنجى من المرهوب أو أنجع في نيل المطلوب أو أجرى في سنن الفصاحة على الأسلوب وقد أجزت لك إجازة خاصة يرى جوازها بعض من لا يرى جواز الإجازة العامة أن تروى عني ما لي من تصنيف أبقيته في أي معنى انتقيته فمن ذلك وذكر رحمه الله تعالى ما له من التصانيف وقد ذكرتها أنا آنفا قد أجزت لك أيدك الله جميع ذلك بشرط التحري فيما هنالك تبركا بالدخول في هذه الحلبة وتمسكا باقتفاء السلف في ارتقاء هذه الرتبة واقبالا من نشر السنة على ما هو أمنية المتمني وامتثالا لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام بلغوا عني فقد أخبرنا أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي الحراني رحمه الله تعالى بقراءة والدي رحمة الله عليه وأنا أسمع سنة ست وسبعين وست مائة قال أخبرنا أبو علي ابن أبي)
القاسم البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع سنة ست مائة وقبل ذلك سنة تسع وتسعين وخمس مائة وأنا محضر في الخامسة قال أنا القاضي أبو بكر الأنصاري قاضي المارستان
سماعا عليه سنة أربع وعشرين وخمس مائة قال أنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في سنة ست وأربعين وأربع مائة قال أنا أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن بشار السابوري بالبصرة حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري حدثنا محمد ابن إبراهيم بن كثير الصوري حدثنا الفريابي عن ابن ثوبان عن حسان ابن عطية عن أبي كبشة السلولي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من

232
النار أبو كبشة السلولي تابعي ثقة والصحيح أنه لا يعرف اسمه ومولدي في رابع عشر ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وست مائة بالقاهرة وفي هذه السنة أجاز لي الشيخ المسند نجيب الدين أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني وكان أبي رحمه الله يخبرني أنه كناني وأجلسني في حجره وكان يسأله عني بعد ذلك وأجاز لي بعده جماعة ثم في سنة خمس وسبعين حضرت مجلس سماع الحديث عند جماعة من الأعيان منهم الحبر الإمام شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي ابن أخي الحافظ عبد الغني المقدسي وأثبت اسمي في الطباق حاضرا في الرابعة ثم في سنة خمس وثمانين كتبت الحديث عن شيخنا الإمام قطب الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن القسطلاني رحمه الله بخطي وقرأت عليه بلفظي وعلى الشيوخ من أصحاب المسند أبي حفص ابن طبرزذ والعلامة أبي اليمن الكندي والقاضي أبي القاسم الحرستاني والصوفي أبي عبد الله ابن البناء وأبي الحسن ابن البناء وغيرهم بمصر والإسكندرية والشام والحجاز وغير ذلك وأجاز لي جماعة من الرواة بالحجاز والعراق والشام وإفريقية والأندلس وغيرها يطول ذكرهم وحبذا أيدك الله اختيارك من طلب الحديث الدرجة العالية وايثارك أن تكون مع الفرقة الناجية لا الفرقة التاوية فقد أخبرنا الشيخان أبو محمد عبد اللطيف وعبد العزيز ابنا الشيخ أبي محمد عبد المنعم بن علي بن نصر بن منصور بن الصيقل الحراني الأول إجازة والثاني سماعا قالا أنا ضياء بن الخريف أنا محمد بن عبد الباقي أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو نعيم الحافظ أنا أبو القاسم الطبراني سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي حدثنا أحمد بن محمد بن هاشم البعلبكي حدثنا عبد الملك بن الأصبغ البعلبكي ثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وأن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين)
فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة وبالإسناد إلى الخطيب قال ثنى عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان قال سمعت عبد الله بن القاسم يقول سمعت أحمد بن محمد بن روه يقول ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال حدثت عن أحمد بن حنبل وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم تفترق الأمة على نيف وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة فقال إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم وبه إلى أبي بكر الخطيب قال حدثني محمد بن أبي الحسن قال أخبرني أبو القاسم بن سختويه قال سمعت أبا العباس أحمد بن منصور الحافظ بصور يقول سمعت أبا الحسن محمد بن عبد الله بن بشر بفسا يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله من الفرقة الناجية من ثلاث وسبعين فرقة قال أنتم يا أصحاب الحديث وبه إلى الخطيب قال أخبرني محمد بن علي الأصبهاني ثنا الحسين بن محمد بن الوليد التستري بها ثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يوسف

233
بن مسعدة املاء قال سمعت عبد الله بن سلام يقول أنشدني عبدة بن زياد الأصبهاني من قوله الكامل
* دين النبي محمد أخبار
* نعم المطية للفتى الآثار
*
* لا تخدعن عن الحديث وأهله
* فالرأي ليل والحديث نهار
*
* ولربما غلط الفتى سبل الهدى
* والشمس بازغة لها أنوار
* أنشدني والدي أبو عمرو محمد قال أنشدني والدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيد الناس رحمهما الله تعالى قال أنشدني الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج النباتي قال أنشدني أبو الوليد سعد السعود بن أحمد بن هشام قال أنشدني الحافظ أبو العباس أحمد بن عبد الملك أنشدني أبو أسامة يعقوب قال أنشدني والدي الفقيه الحافظ أبو محمد ابن حزم لنفسه الرمل
* من عذيري من أناس جهلوا
* ثم ظنوا أنهم أهل النظر
*
* ركبوا الرأي عنادا فسروا
* في ظلام تاه فيه من غبر
*
* وطريق الرشد نهج مهيع
* مثل ما أبصرت في الأفق القمر
*
* وهو الإجماع والنص الذي
* ليس إلا في كتاب أو أثر
* والله المسؤول أن يلهمنا رشدا يدلنا عليه ودلالة تهدينا إلى ما يزلفنا لديه وهداية يسعى نورها بين أيدينا إذا وقفنا يوم العرض بين يديه بمنه وكرمه
3 (جمال الدين محمد بن نباته محمد بن محمد بن محمد بن الحسن))
ابن أبي الحسن بن صالح بن علي بن يحيى بن طاهر بن محمد بن الخطيب أبي يحيى عبد الرحيم بن)
نباته الفارقي الأصل المصري المولد الحذاقي الشافعي جمال الدين أبو بكر الأديب الناظم الناثر تفرد بلطف النظم وعذوبة اللفظ وجودة المعنى وغرابة المقصد وجزالة الكلام وانسجام التركيب وأما نثره فإنه الغاية في الفصاحة سلك منهج الفاضل رحمه الله وحذا حذوه وأطفأ نور ابن عبد الظاهر فلم يدع له في القلوب حظوة وأما خطه فأغلى قيمة من الدر لو رزق حظا وأغزر ديمة من الغيث إلا أن الزمان أصبح قلبه عليه فظا لو أنصفه الدهر كان للكتاب إماما ولو رقاه رتبا يستحقها لغرد سجعه حماما وانسجم لفظه غماما وطلع بدر فضله تماما الكامل
* وغضارة الأيام تأبى أن يرى
* فيها لأبناء الذكاء نصيب
*
* ولذاك من صحب الليالي طالبا
* جدا وفهما فاته المطلوب
* ولد بمصر في زقاق القناديل سنة ست وثمانين وست مائة ونشأ بالديار المصرية وبها تأدب واشتغل بفني النظم والنثر وسمع ممن أمكنه السماع منه وكان له بالقاضي علاء الدين ابن عبد

234
الظاهر اجتماع وله منه نصيب وورد إلى الشام سنة خمس عشرة تقريبا ومدح أكابرها وأجازوه ومدح الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل صاحب حماة فأجازه وجعل ذلك عادة له في كل سنة فمدحه بمدائح حسنة ثم لما مات رحمه الله استمر بذلك الراتب له ولده الملك الأفضل ناصر الدين محمد وكان يرتحل إلى حلب وطرابلس ثم إنه اقتصر آخر أمره على الإقامة بدمشق والانجماع عن الناس وقرره الصاحب أمين الدين أمين الملك رحمه الله أن يكون في كل سنة ناظر القمامة بالقدس الشريف أيام زيارة النصارى لها فيتوجه يباشر ذلك ويعود وأضيف له إلى نكد الزمان أنه لم يعش له ولد فدفن فيما أظن قريبا من ستة عشر ولدا كلهم إذا ترعرع وبلغ خمسا أو ستا أو سبعا يتوفاه الله تعالى فيجد لذلك الآلام المبرحة ويرثيهم بالأشعار الرائقة الرقيقة كتبت إليه من الديار المصرية في سنة تسع وعشرين وسبع مائة استدعاه لاجازته لي صورته الحمد لله على نعمائه والصلاة والسلام على خير أنبيائه محمد وآله وصحبه وأصفيائه المسؤول من احسان سيدنا الشيخ الإمام العالم العلامة رحلة الأدب قبلة ذوي التحصين له في التحصيل والدأب الذي تبيت شوارد المعاني صرعي تخوله للطافة تخيله وتمسي الألفاظ العذبة طوع تحوله في التركيب وتحيله فأمسى وله النسيب الذي يضحك من العباس من رقته ويقيم صريع الغواني إلى مقته بعد مقته والغزل الذي يشيب له فود الوليد ويسترق الحر من كلام عبيد والتشبيه الذي لو علمه ابن المعتز لما نصب الهلال فخا لصيد النجوم ولو تعاطاه حفيد جريج لقيل له ألم تسمع ألم)
غلبت الروم الروم والمديح الذي لو بلغ زهيرا لقال ما أنا من هذه الحدائق أو اتصل نبأه بالمتنبي لاشتغل عن ذكر العذيب وبارق والرثاء الذي نقص عنده أبو تمام بعد أن رفع له لواء الشرف والفخر وقال هذه عذوبة الزلال لا ما تفجر من الخنساء على صخر والترسل الذي سقى الفاضل كأسغ الحتوف لما شبه الغمود بالكمائم والسيوف بالأزهار وأذهله حتى صحت له قسمة التجنيس في الخيل والخيال بين المراقب والمراقد وأخطأت معه في المرابع والمساجد بين الأنواء والأنوار والكتابة التي تغدو الطروس بها وكأنها برود محبرة أو سماء بالنجوم زاهرة أن لم ترض أن تكون في الأرض رياضا مزهرة الكامل
* أدب على الحصري يعلو تاجه
* وله ابن بسام بكي ألوانا
*
* وترسل سبحان من قد زاده
* منه وأعطى الفاضل النقصانا
*
* وكتابة لعلوها في وضعها
* ليس ابن مقلة عندها انسانا
*
* فلكم أخي فضل رأت عيناه في ال أوراق لابن نباته بستانا
* جمال الدين أبي بكر محمد ابن الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن نباته جمع الله

235
به شتات الأدب في دوحة هذه الدولة ولم به شعث أبنائه الذين لا صون لهم ولا صولة وأقام به عماد أبيات الشعر التي لولاه لما عرفت دار مية من اطلال خولة بمنه وكرمه إجازة كاتب هذه الأحرف ما له فسح الله في مدته من رواية المصنفات في الأحاديث النبوية والتأليفات الأدبية على اختلاف أوضاعها وتباين أجناسها وأنواعها بحسب ما تأدى ذلك إليه واتصل به من قراءة أو سماع أو إجازة أو وصية أو جادة من مشايخ العلم الذين أخذ عنهم وإجازة ما له أحسن الله إليه من مقول نظما أو نثرا تأليفا أو وضعا إجازة خاصة واثبات ما له من التصانيف إلى هذا التاريخ بخطه الكريم وإجازة ما لعله يقع له بعد ذلك إجازة عامة على أحد القولين في المسألة فإن الرياض لا ينقطع زهرها والبحار لا تنفد دررها واثبات ما يحسن ايراده في هذه الإجازة من المقاطيع الرائقة والأبيات اللائقة وذكر نسبه ومولده ومكانه فأجاب بما صورته بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمدا لله الذي إذا توجه ذو السؤال إليه فاز وإذا دعى كرمه ذوو الطلب أجاب وأجاز والصلاة على سيدنا محمد كعبة القصد التي ليس بينها وبين النجح حجاز وعلى آله وصحبه حقائق الفضل والفصل ومن بعدهم مجاز فلو لزم في كل الأحوال تناسب المخاطبة وكان جواب السؤال بحسب ما بينهما من شرف المناسبة لما رضى سجع الحمائم لمطارحته نوعا من الأطيار ولا قبل فصحاء الأول مراجعة الصدى من الديار)
ولا قنع غمز حواجب الأحبة برد القلوب الهائمة في أودية الأفكار ولكن تقول الأكابر والاتباع تبذل من الأجوبة جهدها وتنفق مما عندها وتجرد الأماثل سيوف النطق ولا تتعدى الأولياء من الطاعة حدها ولما كنت أيها الراقم برود هذا السؤال ببيانه والمنشئ روض هذا الاستدعاء بآثار السحب من بنانه والسائل الذي هزت المعاطف فضائله وسحرت أرباب العقول عقائله وأقام المسؤول مقاما ليس هو من أهله فليتق الله سائله فريد فن الأدب الذي لا يبارى وبحره الذي لا يهدى غائص قلمه الدر إلا كبارا وذا اليد البيضاء فيه الذي طالما آنس من جانب ذهنه الشريف نارا وخليله الذي اطلع على أسراره الدقيقة ورئيسه الذي لو جارى ابن المعتز وتمت ولايته لكان خليل أمير المؤمنين على الحقيقة وناظمه الذي يسرى الطائيان تحت علمه المنشور وكاتبه الذي يتبحح العبدان بالدخول تحت رقة المأثور طالما شافه منه العلم وجها جميلا وقدرا جليلا ولاقى من لا يندم على صحبته فيقول ليتني لم أتخذ فلانا خليلا الفرقان فهو الغرس الذي يقصر عن آمالي وصفه الشجري ويفخر الدين والعلم بشخصه ولفظه فهذا يقول غرسى وهذا يقول ثمرى كم أغنى بمفرد شخصه عن فضلاء جيل وكم بدا للسمع والبصر من بنات فكره بثينة ومن وجهه جميل وكم تنزهت الأفكار من لفظه وخطه بين ريحان وورد لا بين أذخر وجليل وكم دام عهده ووده حتى كاد يبطل قول الأول دليل على أن لا يدوم خليل تود الشهب لو كانت حصباء غدير طرسه وتغار الأفق إذا طرز يراع درجه بالظلماء أردية شمسه ويتحاسد النظم والنثر على ما تنتج مقدمات منطقه من النتائج وينشده كل منهما إذا حاول القول خليل الصفا هل أنت بالدار عائج إن كتب أغضى ابن مقلة من الحسد على قذاة وحمل ابن البواب لحجبته عصا القلم قائلا ما ظلم من أشبه أباه وإن نحا النحو لباه عشرا

236
ولأنت أعطاف الحروف قسرا وتشاجرت الأمثلة على لفظه فلا غرو أن ضرب زيد عمرا يترجل كلام الفارسي بين يديه ويطير لفظ ابن عصفور حذرا من البازي المطل عليه وإن شعر هامت الشعراء بذكره في كل واد وحمل ذكرها في كل ناد ونصبت بيوته على يفاع الشرف كما تنصب بيوت الأجواد طالما بلد لبيدا وولي شعر ابن مقبل منه شريدا وقالت الآداب لبحتري لفظه ألم نربك فينا وليدا الشعراء وإن نثر فما الدر اليتيم إلا تحت حجره ولا الزهر النضير إلا ما ارتضع من أخلاف قطره ولا المترسلون إلا من تصرف في ولاية البلاغة تحت نهيه وأمره وإن تكلم على فنون الأدب روى الظما وجلا معاني الألفاظ كالدمى وقال العروض له ولابن أحمد خليلي هبا بارك الله فيكما هذا وكم أثنى قدم علوم الأوائل على فكره الحكيم وشهدت رواية الأحاديث النبوية بفضله وما أعلى من شهد بفضله)
الحديث والقديم البسيط
* علت به درجات الفضل واتضحت
* دقائق من معاني لفظه البهج
*
* هذا وليل الشباب الجون منسدل
* فكيف حين يضيء الشيب بالسرج
*
* يا حبذا أعين الأوصاف ساهرة
* بين الدقائق من علياه والدرج
* بدأتني أعزك الله من الوصف بما قل عنه مكاني واضمحل عياني وكاد من الخجل يضيق صدري ولا ينطلق لساني الشعراء وحمغلت كاهلي من المن ما لم يستطع وضربت لذكرى في الآفاق نوبة خليلية لا تنقطع وسألتني مع ما عندك من المحاسن التي لها طرب من نفسها وثمر من غرسها أن أجيبك وأجيزك وأوازن بمثقال كلمي الحديد أبريزك وأقابل لسنك المطلق بلساني المحصور وأثبت استدعاءك الجليلي على بيت مال نطقي المكسور فتحيرت بين أمرين أمرين ووقع ذهني السقيم بين دائين
مضرين إن فعلت ما أمرت فما أنا من أرباب هذا القدر العالي والصدر الحالي ومن أنا من أبناء مصر حتى أتقدم لهذا الملك العزيز وكيف أطالب مع اقتار علمي وفهمي بأن أجيب وأجيز وأين لمقيد خطوى هذه الوثبات وإني يماثل قوة هذا الغرس ضعف هذا النبات وأن منعت فقد أسأت الأدب والمطلوب حسن الأدب مني وأهملت الطاعة التي أقرع بعدها برمح القلم سنى وفاتني شرف الذكر الذي امتلأ به حوض الرجال وقال قطني ثم ترجح عندي إن أجيب السؤال وأقابل بالامتثال وأتحامل على ظلع الأقوال صابرا على تهكم سائلي معظما قدري كما قيل بتغافلي منقادا إلى جنة استدعائك من السطور بسلاسلي وأجزت لك أن تروى عني ما تجوز لي روايته من مسموع

237
ومأثور ومنظوم ومنثور وإجازة ومناولة ومطارحة ومراسلة ونقل وتصنيف وتنضيد وتفويف وماض ومتردد وآت على رأي بعض الرواة ومتجدد وجميع ما تضمنه استدعاؤك فأجمع ما يكون لفظه المتفرد كاتبا لك بذلك خطى مشترطا عليك الشرط المعتبر فليكن قبولك يا عربي البيان جواب شرطي ذاكرا من لمع خبري ما أبطأت بذكره وأرجو أن أبطئ ولا أخطئ فأما مولدي فبمصر المحروسة في ربيع الأول سنة ست وثمانين وست مائة بزقاق القناديل وأما شيوخ الحديث الذين رويت عنهم سماعا وحضورا فمن أقدمهم الشيخ شهاب الدين أبو الهيجاء غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب نزيل قطيا المعروف بابن الرداف سمعت عليه بعض الغيلانيات وهو الجزء الثاني والثالث من تجزئة أحد عشر جزءا والشيخ عز الدين أبو نصر عبد العزيز بن أبي الفرج الحصري البغدادي سمعت عليه جزءا من أحاديث خرجها له والدي والشيخ العالم شهاب الدين أحمد بن أبي)
محمد إسحاق بن محمد الهمذاني الأبرقوهي سمعت عليه السيرة النبوية بقراءة الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وأما من أجازني منهم بمصر وغيرها من الأمصار فكثير أخبرنا الشيخ المسند عز الدين أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي الحراني رحمه الله إجازة انا الشيخ أبو الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل قراءة عليه وأنا حاضر ببغداد أنا الشيخ أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز قراءة عليه وأنا أسمع أنا الشيخ أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد قراءة عليه وأنا حاضر قيل له أخبركم أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني ثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأيلي ثنا أحمد بن المعلى بن يزيد ثنا حماد بن المبارك ثنا محمد بن شعيب ثنا مروان بن جناح عن هشام بن عروة أنه أخبره عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن من الشعر حكمة وأما الفضلاء والأدباء الذين رويت عنهم ورأيت منهم فمنهم القاضي الفاضل محيي الدين أبو محمد عبد الله بن الشيخ رشيد الدين عبد الظاهر الكاتب المصري والشيخ الإمام بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن النحاس النحوي الحلبي والأمير الفاضل شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن الصاحب المورخ شرف الدين إسماعيل التيتي الآمدي اقترح علي ولم أبلغ الحلم نظما في زيادة النيل فقلت مرفل الكامل
* زادت أصابع نيلنا
* وطمت فأكمدت الأعادي
*
* وأتت بكل جميلة
* ما ذي أصابع ذي أيادي
* والشيخ العالم علم الدين قيس بن سلطان الضرير من أهل منية بني خصيب قرأت عليه كثيرا من كتب الأدب المشهورة وكان كثيرا ما يستنشدني إلي أن أنشدته قولي البسيط
* يا غائبين تعللنا لغيبتهم
* بطيب لهو ولا والله لم يطب
*
* ذكرت والكأس في كفي لياليكم
* فالكأس في راحة والقلب في تعب
*

238
فقال أتعب والله جدعك القرح والشيخ العالم بهاء الدين محمد بن محمد المعروف بابن المفسر أنشدني يوما لنفسه الرمل
* لا أرى لي في حياتي راحة
* ذهبت لذة عيشي بالكبر
*
* بقي الموت لمثلي سترة
* يا آلهي أنت أولى من ستر
* فأنشدته لي الخفيف
* بقلت وجنة المليح وقد ولي
* زمان الصبي الذي كنت أملك)
* (يا عذار المليح دعني فإني
* لست في ذا الزمان من خل بقلك
* والشيخ الأديب الفاضل سراج الدين عمر الوراق المصري سمعته ينشد لنفسه الكامل
* يا خجلتي وصحائفي سود غدا
* وصحائف الأبرار في إشراق
*
* وتوقعي لموبخ لي قائل
* أكذا تكون صحائف الوراق
* والأديب الفاضل نصير الدين المناوي الحمامي أنشدني لنفسه الطويل
* أحب من الدنيا إلي وما حوت
* غزال تبدي لي بكأس رحيق
*
* وقد شهدت لي سنة اللهو أنني
* أحب من الصهباء كل عتيق
* فأنشدته لي الكامل
* إني إذا آنست هما طارقا
* عجلت باللذات قطع طريقه
*
* ودعوت ألفاظ المليح وكأسه
* فنعمت بين حديثه وعتيقه
* وجماعة يطول ذكرهم ويعز على أن لا يحضرني الآن إلا شعرهم وأما مصنفاتي التي هي كالياسمين لا تساوي جمعها ولولا جبر الخزائن الشريفة السلطانية الملكية المؤيدية لها ما استجزت نصبها ولا رفعها فهي كتاب مجمع الفرائد كتاب القطر النباتي كتاب شرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون كتاب منتخب الهدية من المدائح المؤيدية كتاب الفاصل من انشاء الفاضل كتاب زهر المنثور كتاب سجع المطوق كتاب ابزار الأخبار كتاب شعائر البيت التقوى ولم يكمل إلى الآن الأرجوزة المسماة فرائد السلوك في مصائد الملوك أجزت لك أعزك الله روايتها عني ورواية ما أدونه وأجمعه بعدها حسبما اقترحه استدعاؤك ونمقه ونسخه وحققه وتضمنه سؤالك الذي تصدقت به على فمنك السؤال ومنك الصدقة والله تعالى يشكر عهدك الجميل وكلماتك الجزلة وكرمك الجزيل ويمتع فنون الفضائل الملتجئة إلى ظل قلمك الظليل ولا يعدم الأحباب الآداب من اسمك وسمتك خير صاحب وخليل بمنه وطوله تمت الإجازة ثم أنني سمعت من لفظه كتاب منتخب الهدية والقطر النباتي وكنت قد كتبت عليه وأنا بالقاهرة الوافر
* بحقك لا تقل فيمن تقضي
* وفات لقد مضى بالطيبات
*

239
* وراح وشعره حلو رقيق
* فما يتكلم القطر النباتي
* وسمعت من لفظه فرائد السلوك وسمعت من لفظه المنتخب المنصوري وسمعت من لفظه النحلة الأنسية في الرحلة القدسية وغالب ما أنشأه من النظم والنثر سمعته وكنت قد كتبت بالقاهرة على قطعة)
أهداها من شعره الوافر
* أيا ابن نباته أهديت شعرا
* نصيبي سكر منه وسكر
*
* يفوت الغيث عدا وهو حلو
* فشعرك كيف ما حاولت قطر
* وقد اختار من دواوين الشعراء جملة منها ديوان ابن الرومي وديوان ابن سناء الملك وديوان ابن قلاقس وديوان ابن حجاج وهو اختيار جيد سماه تلطيف المزاج من شعر ابن حجاج وديوان شرف الدين شيخ الشيوخ وبيني وبينه مكاتبات كثيرة ومراجعات أثيرة منها ما كتبه إلي وأنا بالقاهرة سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة وهو البسيط
* رضيت بالكتب بعد القرب فانقطعت
* حتى رضيت سلاما في حواشيها
* وينهى أنه كان كسير الخاطر حسير الناظر لانقطاع بر مولانا الممتاز ولامتناع المملوك من المكاتبة ظنا أن بينها وبين القصد حجاز فلما وقف الآن على ذكره في حاشية مكاتبة جمالية استأنف للخاطر سرورا وأقام وزن البيت القلبي وكان مكسورا ووضع الطرس على وجه خطه الأعمى فارتد بصيرا يوسف وجمع بين ذلك الخاطر واللفظ والقلب وإنما جمع مسكينا ويتيما وأسيرا الإنسان وسره أشهد الله أن يكون معدود الذكر في الحاشية واستوقف ألفاظ العتاب وقد كانت إلى درج الأدراج ماشية الطويل
* حلال لليلى أن تروع فؤاده
* بهجر ومغفور لليلى ذنوبها مرفل الكامل
*
* لا تقرعن سماع من تهوى
* بتعداد الذنوب
*
* ما ناقش الأحباب
* إلا من يعيش بلا حبيب
* وقد علم الله شوق المملوك إلى تلك الخلائق وربيعها والألفاظ وبديعها وشجوه الذي أخفى الجلد وأبانه ووحشته التي أفردته سهما واحدا في دمشق لا في كنانة البسيط
* لم يترك الدهر لي خلا أسر به
* إلا اصطفاه بنأي أو بهجران
* والله تعالى يحرس مولانا حيث كان ويمده بمعونتي المكان والإمكان ويصون نفاسة نفسه وإن تغيرت على أحبابها وأعرضت عن غلمانها ويأبى ناموس الرتبة أن يقال عن أصحابها ولا يعدم الأولياء على القرب والبعد أن يجتنوا من نظمه ونثره ثمر البيان متشابها المملوك يقبل يد الجناب الأخوي البرهاني شكر الله احسانه وأوضح في استحقاق رتب الفضل برهانه وود المملوك لو رآه عند القدوم من حلب فكان يوفي بعض قروض فضله وفروض بذله ولكن أبى الحال المناسب إلا أن تبدأ هدية ذلك المولى تحيته فيقابلها المملوك ببخله يا مولانا بلغ المملوك تقدم المقر الفلاني وتبينه وتعينه وأراد المملوك مطالعته

240
وعرض وسائله ولكنه ذكر حكاية بعض جفاة الأعراب ومتعجرفيهم وقد اشتد به ضعفه فقال له بعض إخوانه تب إلى الله تعالى فقال يا أخي إن عافاني تبت فإني لا أقبل القسر فإن نظر ذلك المقر إلى المملوك ونفعه كتب وقال وأطاب وأطال ونهض في خدمة أيامه بما لا ينهض به سواه من أهل المقال وإلا الطويل
* كلانا غني عن أخيه حياته
* ونحن إذا متنا أشد تغانيا
* فكتبت إليه الجواب عن ذلك وينهى ورود المثال العالي والفضل الذي نصب لي لواء الفخر لو أنه كما أعهده متوالي والبر الذي كم تمسكت بحباله فأرسل الحبا لي والروض الذي هو لابن الشجري نهاية الأماني في الأمالي والأزاهر التي أصبحت من جناة جناتها فلا بدع إذا كنت لنار عتبها اليوم صالي الطويل
* إذا لم يخن صب ففيم عتاب
* وإن لم يكن ذنب فمم يتاب
*
* أجل ما لنا إلا هواكم جناية
* فهل عندكم غير الصدود عقاب
* فوقف المملوك عليه بعد أن تمثل واقفا لديه وشاهد ذلك اللفظ الرقيق المشتمل على العتب الفظ وتحقق أن هذا من جزئيات ما ساق إليه القسم وحض عليه الحظ مخلع البسيط
* وغايتي أن الوم حظي
* وحظي الحائط القصير
* ولقد علم المملوك عند رؤيته أنه غمامة تقعقع بالعتب رعدها عند الفض ورسول جاء بعد فترة يدعو القلب إلى الكسر والطرف إلى الغض وخصم يروع بالعتب ويروق باللطف وكذا جرى لأن الروع تعجل نقده في النض البسيط
* هذا عتابك إلا أنه مقة
* قد ضمن الدر إلا أنه كلم
* فيا له من عتاب ما حاك العتابي منه لقطة لفظة ولا رقا إلى رقته عتاب جرى بين الزمان وجحظة ولا استحضر مهديه عند تسطيره من القرآن الكريم وليجدوا فيكم غلظة التوبة الطويل
* وأطيب أيام الهوى يومك الذي
* تروع بالهجران فيه وبالعتب
*
* إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضى
* فأين حلاوات الرسائل والكتب
* ومولانا فإنه كبث لما كتب وعبث لما عتب ونفث بعد أن لبث ولو اجتث الود لاجتنب ولكن دل بهذا على أنه ليس له أغراض من الإعراض وأنه لا يليق بوده الثابت التبذل في التبدل ولا يعتاد أن يعتاض والقائل ما أشرف همته مجزوء الرمل
* لست سمحا بودادي
* كل من نادى أجبته
*)
ولعمري أن مولانا سباق غايات ورب آيات وصاحب دهاء لا بل دهاشات علم أنه نكب عن الوفاء وظهر عن لطفه ما لا يليق به من الجفاء وأهمل المملوك هذه المدة وطمع في ضعفه وظن أنه ليس لذكره كرة بعد الفرار ولا ردة فتلا سورة من العتب سكنت ما عند المملوك

241
من السورة وأمكنه غفلة الرقباء فاختلس الزورة وسابق حراف المملوك وقاطع عليه الذروة البسيط
* تشكي المحب وتشكو وهي ظالمة
* كالقوس تصمى الرمايا وهي مرنان
* وقد تمثل المملوك بهذا البيت دون غيره من الأمثال لأنه أنسب بمولانا وأقرب وتخيل ما يعهده من توهم مولانا فلم يقل يلدغ ويصي كالعقرب على أن المملوك أحق بهذه المعاتبة وأليق بأن يصدر عنه مثل تلك المكاتبة وإذ قد فتح هذا الباب ونوقش في مثل هذا الحساب فاسكب دموعك يا غمام ونسكب نظهر ما في زوايا الجوانح من الخبايا ونتبع ما في القلب إن كان حب مولانا ترك منها بقايا وإن كان مولانا حمل البريد هذه البطاقة فعند المملوك ما يعجز عن حمله المطايا هيهات ما هذا مقام يحصل فيه الصفا ولو كان هذا موضع العتب لاشتفى البسيط
* فما يقوم لأهل الحب بينة
* على بياض صباح أو سواد دجا الطويل
*
* وإن شئت ألقينا التفاضل بيننا
* وقلنا جميلا واقتصرنا على الود
* استطرد المملوك بهذا الفصل وهو قبيح بصدق ولاية ونكتة سواد كأنها الخال لكنها ما تليق بوجنة صفائه ولكن الود إذا ما صفا لم يتحمل معه الضمير أذى ولم تغمض الجفون منه على قذى البسيط
* ما ناصحتك خبايا الود من رجل
* ما لم ينلك بمكروه من العذل
*
* محبتي فيك تأبى إن تسامحني
* بأن أراك على شيء من الزلل
* وإن اتفق اقتراب فلكل سؤال جواب ومن كل جرم متاب ولكل صغيرة وكبيرة مناقشة وحساب ولكل ظمأ إما سقيا رحمة أو سقيا عذاب الوافر
* وإن ظفرت بنا أيدي المنايا
* فكم من حسرة تحت التراب
* وقد اشتغل المملوك بهذا الفصل ولو وفق في هذه الخدمة قطع منها هذا الوصل وجرى على عادته في الأغضاء وطلب النصر بالبصر لا بالنصب مجزوء الكامل
* فالعمر أقصر مدة
* من أن يضيع بالعتاب
* ويستغفر الله المملوك من هذا على أن مولانا عود المملوك بالاحتمال إذا آذى ويرجع إلى وصف مثال مولانا فيقول أنه الحديقة والروض الذي جمع الأزاهر إلا أنه عدم شقيقه والفضل الذي صدر)
عن أمثل الناس طريقه والقادم الذي كأنه ولد جاء بعد اليأس وأن عملت له الدموع عقيقة البسيط

242
* والله ما فتنت عيني محاسنه
* إلا وقد سحرت ألفاظه أذني
* فمتع الله الوجود بكلم مولانا التي هي عوذة من الغير وجمال الكتب والسير ولا أخلى الله من فوائده ولا قطع ما أجراه على المملوك من عوائده وقد بلغ المملوك سلامه وجبره مملوكه الأخ فدعا وابتهل وشب جمر شوقه إلى رؤيته بعدما اكتهل وقال لا بد من العود إلى جنابه إن كان في العمر مهل وإما الإشارة الكريمة في أمر من ذكره مولانا وأنه تعين وتمكن وتبين والنادرة اللائقة بذلك المقام فيقول المملوك أنه ما عامل كما عومل ولا قابل كما قوبل بل ادكر ركود الدهر وهباته وعمل بقول الحيص بيص في أبياته بعد أن كبا سريعا وخر للفم واليدين صريعا الكامل
* فعففت عن أثوابه لو إنني
* كنت المقطر بزني أثوابي
* تم الجواب وكتب إلي في وقت لرمل
* دمت للآداب تنشي رسمها
* بيراع خطوه خطو فسيح
*
* ليت شعري أنت يا باعثها
* بعدما ماتت خليل أم مسيح
* فأجبت بقولي الرمل
* اختلفنا لبديع النظم في
* كل ما تهديه من لفظ فصيح
*
* قال غيري هو زهر قال لا
* قلت زهر قال لي هذا الصحيح
* وكتب إلي يطلب مني عارية كتاب التشبيهات لابن ظافر السريع
* لفظ ابن ظافر قد ظفرت به
* وفؤاد حبي منه غير خلي
*
* فبأحمد وهو الشفيعلنا
* أمتع أبا بكر بلفظ علي
* وينهى أنه يحب لفظ على وتثقيله يزيد ومنن مولانا المعهودة لا يثقل عليها أن تفيء وتفيد وقد سمع بكتاب المشار إليه وسؤاله مشاهدة ذلك المحبوب وعارية هذا الكتاب مدة ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب هود
فاشتغلت عن تجهيزه بالحمى ثم أنني جهزته وكتبت معه السريع
* العبد مجبول الطباع على
* ما تشتهي في القول والعمل
*
* ومع التوالي في ودادك لم
* أمنع أبا بكر كلام علي
* فكتب إلي قبل وصوله إليه الطويل)
* عذيري منه معرضا متجنبا
* كأني له نحو الوداد أجاذب
*

243
* قسا فوق ما تعتو الجبال فلم يجب
* نداي وأصداء الجبال تجاوب
* فكتبت الجواب عن ذلك الطويل
* عذيري من مولى يرى العذر وافرا
* بسيطا وما إقباله متقارب
*
* يصد دلالا عن ودادي وينثني
* وقبل صدور الذنب مني يعاتب
* فلما تأخر كتاب التشبيهات المذكور ولم يرسله كتبت إليه البسيط
* قد قلت إن ثلاثا عمر غيبته
* عني وذلك وعد غير مكذوب
* وليس وعدك شاة ساقها الزمن الجاني فعلقها منه بعرقوب فكتب الجواب عن ذلك البسيط
* جاءت ومن طرسها ساق يدير على
* سمعي من اللفظ فيه خير مشروب
*
* فحبذا هو من ساق نعمت به
* وإن تعرض فيه ذكر عرقوب
* وكتب إلي وأنا ضعيف الطويل
* نثقل إذ نبغي بلفظك طبنا
* من الهم والجسم الشريف نحيل
*
* فها أنت فينا كالنسيم بلطفه
* طبيب يداوي الناس وهو عليل
*
* وحاشاك من شكوى اعتلال سينقضي
* قريبا كما تختاره ويزول
*
* فلا غير أجفان المليح سقيمة
* ولا غير أرداف المليح ثقيل
* فكتبت الجواب عن ذلك الطويل
* لحماي نار جاءها منك جنة
* غصون رباها بالبديع تميل
*
* تهدلت الأفنان منها فخاطري
* له بين هاتيك الظلال مقيل
*
* فأبدعت فضلا منك بالحق قاضيا
* وليس له عني بذاك عدول
*
* وأنت حبيب الشعر أصبحت سيدا
* كما أنني مولى والاسم خليل
* وكنت أجلس أنا وهو عند شباك الكاملية نتذاكر في الجامع الأموي كل ليلة بعد صلاة العصر فغبت بعض الليالي لشغل عرض فكتب إلي المتقارب
* أمولاي غبت وخلفتني
* من الهم ذا فكرة خاضعه
*
* فها أنا بعدك في جامع
* ولكن قلبي في جامعه
* فكتبت الجواب إليه عن ذلك المتقارب)
* وقفت على نظمك المشتهي
* وعاينت روضته اليانعة
*
* فكم ألف مثل غصن النقا
* وهمزتها فوقها ساجعه
*

244
* أقامت على الود لي حجة
* ولكن عن الناس لي قاطعه
*
* وقد سمع العبد ألفاظها
* فيا حسنها في الحشا واقعه
*
* وأصبح شكري لها تاليا
* وجملته للثنا جامعه
*
* ورحت لباب الثنا قارعا
* إلى أن تصيب العدي قارعه
* فلما وقف عليها وانتهى إلى الرابع منها قال هذا التالي والجامعة ما كانا لي في حساب ولما حضرت من القاهرة أهدى إلي طعام بسلى فكتبة إليه من أبيات الوافر
* ظننت العبد عن مصر تسلى
* فأهدى جودك الوافي بسلى
*
* نعم اذكرتني عيشا بمصر
* واقبالا من الدنيا تولى
*
* طعام فوقه لحم شهي
* إلى كل النفوس فكيف يقلى
*
* ودهن فوقه قد كان صبا
* تلظت ناره حتى تسلى
* وكتب إلي مع خونجه شرائح الخفيف
* شبه المرء من هداياه يدري
* في العلى والسقوط حكما بحكم
*
* وكذا في هديتي لي شبه
* حيث أني وتلك قطعة لحم
* وكتبت إليه ملغزا في باب السريع
* قل لي ما شيء إذا رمت إن
* تعكسه لم تستطع ذلك
*
* تراه في طول المدى واقفا
* في خدمة المملوك والمالك
*
* ذو حاجب منه محيط به
* وربما اعتاق بأسمالك
*
* وإن حوى آنفا يكن طوله
* فأعجب لهذا الأمر في حالك
*
* كم صاح من طارقة ربما
* حلت به مثل الدجى الحالك
*
* ولم تزل تقرعه في القفا
* منه ولم يشعر بأفعالك
*
* وليس شيخا وهو ذو دورة
* طريقه يعرفها السالك
*
* تأمنه إن غبت دهرا على
* ما تصطفيه النفس من مالك
*
* مبن على ضم وفتح معا
* يجره النفع لأشغالك)
* (والحشو منسوب إليه ولا
* يعرف ما أحمد من مالك
*
* وكم يولى صاحبا ظهره
* ومثل ذا العيب رضى آلك
*
* بينه لا زلت فصيح اللها
* فإنه لم يخف عن بالك
*

245
فكتب إلي الجواب السريع
* فتحت لي بابا من الود ما
* عهدته يرضى بإهمالك
*
* فحبذا لغزك من فاتح
* ودك لي من بعد اغفالك
*
* ألغزته في واقف خاضع
* كالعبد في تصريف أفعالك
*
* ما فيه من عيب ويا طالما
* قد رده في حكمه مالك
*
* لكن له في وسطه غالبا
* قرع أعاذ الله من ذلك
*
* يقال للأمرد أو غيره
* هذا لعمري شرط ادخالك
*
* وربما بالوطء أزعجته
* في عقبه مع طهر أعمالك
*
* لا الشعر والتوشيح يدري ومن
* تصريعك استملى واقفالك
*
* وكم بدا يحمل لوحا وما
* خط عليه بعض أقوالك
*
* يخشى إذا أبصرته مرتجا
* فأعجب له في كل أحوالك
*
* ودقه الخارج لا يختفي
* وربما يحلو لسؤالك
*
* أعجبني والله مع نظمه
* رضوانك المعهود يا مالك
* وكتب إلي ملغزا في قلم المنسرح
* يا فاضلا قد عني لرتبته
* ناثر در الثنا وناظمه
*
* ما اسم سقيم باك كان علي
* أحشائه صبوة تلازمه
*
* يبكي على الوصل وهو واجده
* وليس يبكيه وهو عادمه
*
* وهو ألوف وعنده ملق
* لم يستطع قلبه يكاتمه
*
* قل فيه ما شئت إن حذفت وإن
* حرفت واشرح ما أنت عالمه
*
* وقم بفن بك استقام فما
* ثم لمولاي من يقاومه
* فكتب إليه الجواب المنسرح
* يا من به الشعر راق راقمه
* وباسمه راح وهو باسمه)
* (ألغزت فيما إذا سعى رسمت
* خطاه روضا تزهى كمائمه
*
* إن طاب في سجعه وطال فقل
* بأن الحمى رجعت حمائمه
*
* وهو لدى الروع صارم ذكر
* في كف أهل الانشاء قائمه
*
* أمسى لباريه ساجدا ببكى
* وعز بين الأنام راحمه
*
* وطال عمر البكاء منه فأجرى
* أسود المقلتين ساجمه
*
* يدري ضميري وما ألم به
* وهو على سره يزاحمه
*

246
* كل حساب الأنام يعمله
* فكيف تقوى به قوائمه
*
* وكم له من تراجم صدرت
* إلى عدو بها تزاحمه
*
* حوشيت من عكسه فما أحد
* يرضى به صاحبا يلازمه
*
* ودمت للباهرات تبدعها
* ما هطلت في الحمى غمائمه
* وكتب إلي ملغزا في كباد المنسرح
* يا شامل البر زانه خلق
* يشتغل المدح في مهذبه
*
* ما اسم لشيء بحكم همي لا
* أقول فيه ولا أقول به
*
* مشتبه الأمر كاد أكثره
* يخفى على الفكر في تقلبه
*
* لكن إذا ما جعلت دابك في ال قلب فما أمره بمشتبه
* فكتبت إليه الجواب عن ذلك المنسرح
* يا من نحا الفضل فاقتني جملا
* ما أبعد الناس من مقربه
*
* دابك عكس الذي تحاوله
* مني في ملغز بعثت به
*
* أحرفه أربع فإن سقط ال أول باد الباقي لمنتبه
*
* رأيت من شاء قلب أحرفه
* كابد أشياء من تقلبه
*
* في الشجر الأخضر النضير بدا
* كأنه الجمر في تلهبه
* وكتب إلي معاتبا المنسرح
* يا خليلي بل سيدي لم ذا
* قلوبنا بالفراق مندهشه
*
* ووحشة بيننا يحركها
* نحو الجفا فهي هكذا وحشة
* فكتبت الجواب المنسرح)
* عبدك هذا العتاب صبره
* ونفسه بالملام منكمشه
*
* وكان من قبل إذ تلاطفه
* يقرأ تصحيف نفسه نقشه
* ولما حضر من القدس أهدى إلي حزاما وكتب معه مجزوء البسيط
* بلد بعد الذكاء ذهني
* تشتت الرزق في البلاد
*
* وغير مستنكر حمار
* أهدى حزاما إلى جواد
* فكتبت الجواب الخفيف
* عروة الود من طباعي وثقى
* قبل تهدي الحزام يا ابن الكرام
*

247
* فودادي قد اغتدى عربيا
* كونه بين عروة وحزام
* وأنشدني من لفظه لنفسه وقد دخل ديوان الإنشاء بدمشق فتعذر إيصال معلومه النزر إليه مخلع البسيط
* كنا من الشعر قد هربنا
* لرتبة تقتضي الإعاذة
*
* فما دخلنا في باب جاه
* ولا خرجنا عن الشحاذة
* وكان القاضي شهاب الدين ابن فضل الله قد دخل به إلى الديوان بدمشق في أوائل سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة وكان أقام مدة يتردد إلى الديوان ويكتب ولم يكتب له توقيع فكان يتقاضى القاضي شهاب الدين في ذلك كل قليل بمقاطيع مطبوعة وأبيات فيها المحاسن مجموعة من ذلك قوله وكتبت له توقيعا هذه نسخته رسم بالأمر العالي لا زال يزيد البلغاء جمالا ويفيد الفصحاء باختياره كفوا يخجل القمر كمالا أن يرتب المجلس السامي القضائي الجمالي في كذا انجازا لوعد استحقاقه الذي أوجب له الصون والصولة وابرازا لما في ضمير الزمان له من أن يرى له في الجو جولة وايجازا لما أسهب توهمه من الحرمان والحنو الشهابي يرفرف حوله واحرازا لأدبه الذي ما حلي بقلمه فم ديوان ولا حلى بكلمه جيد دولة لأنه الفاضل الذي يروض الإطراس ويصيب بسهام أقلامه الأغراض على أنها ما تنفذ في القرطاس ويترجل البرق لارتجاله الذي يقول له التروي ما في وقوفك ساعة من باس ويهز الأعطاف بإنشائه الذي كأنه زمن الصبي والدهر سمح والحبيب مواتي ويمطر الأفهام غمام كلامه الحلو فيتحقق الناس أنه القطر النباتي ويذكر الزمن الفاضلي بآدابه التي أظلمت على ابن سناء الملك وما عاش لها ابن مماتي فليباشر ذلك مباشرة تصدق الأمل في فضائله وتحقق الظن
في كماله الذي تنزه الطرف في مخائل خمائله ويشهد أواخر أدبه لقديم بيته وأوائله ولينمق الطروس بسطوره فإن حروفه آنق من تخاريج العذار ومداده أليق من خيلان)
ليل في خدود نهار وألفاظه تروق لطفا كما تروق الثغور العذاب عند التبسم والافترار ومعانيه يشف نورها كما شف لجين الكاس عن ذهب العقار فقد صادفت سحائب كلمه روابي يزكو غراس نباتها ومواقع انشائه أكبادا تتلظى ظما إلى برد قطراتها وجياد بلاغته مضمارا لا يضيق مداه عن فسيح خطواتها وأقلام بيانه أجما لا تزأر أسد الفصاحة إلا من غاباتها فكم له من تعاليق ما رآها الجاحظ في حيوانه وكم له من جمل دواوين ولكنه اليوم جمال ديوانه وليكتم ما يكتب في قلبه ويدفن ميت الأسرار في ضريح جانحتيه إلى لقاء ربه فإنها صناعة الكتمان رأس مالها والترفع والانجماع عن الناس سر جمالها والوصايا كثيرة وتقوى الله تعالى ملاك ما يؤمر به وتناط الوصايا الحسان بسببه فلينسج منها على خير منوال وليجر فيها على خير أسلوب فإن من عدمها ماله من وال والخط الكريم أعلاه حجة بمقتضاه إن شاء الله تعالى
3 (أبو اليسر بن الصائغ محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر))
ابن عبد الخالق بن خليل

248
ابن مقلد الأنصاري الشيخ الإمام المفتي بركة الوقت بدر الدين أبو اليسر ابن قاضي القضاة عز الدين أبي المفاخر الدمشقي الشافعي مدرس الدماغية والعمادية ولد سنة ست وسبعين وسمع كثيرا من أبيه وابن شيبان والفخر علي وبنت مكي وعدة وحضر ابن علان وحدث بصحيح البخاري عن اليونيني وسمع حضورا من فاطمة بنت عساكر وحفظ التنبيه ولازم حلقة الشيخ برهان الدين وولوه قضاء القضاة فاستعفى وصمم فاحترمه الناس وأحبوه لتواضعه ودينه وعظمه تنكز نائب دمشق واعتقد فيه وحج غير مرة وتولى خطابة القدس مديدة ثم تركها ولما كان بالقدس طلبه المقادسة ودخلوا عليه بسماع الحديث وخرجوا به من هذا إلى طلب الشفاعات عند ناظر الحرمين فشفع لهم وأكثر من الشفاعات فاستثقله الناظر وشكا في الباطن لنائب دمشق وقال هذا يدخل روحه في غير الخطابة ويتكلم في الولاية والعزل فنقص قدره عنده وكان مقتصدا في لباسه وأموره ودرس وهو أمرد ثم زار القدس فتعلل هناك ونقل إلى دمشق ومات بها يوم الجمعة سنة تسع وثلاثين ودفن عند أبيه بسفح قاسيون وشيعه الخلائق وحمل على الرؤوس وكانت وفاته بعد القاضي جلال الدين القزويني بليال يسيرة وهو ابن عم قاضي القضاة نور الدين بن الصائغ قاضي حلب
3 (نور الدين بن الصائغ قاضي حلب محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر))
ابن عبد الخالق بن خليل بن مقلد القاضي نور الدين بن الصائغ قاضي قضاة حلب الشافعي كان خيرا)
ساكنا وقورا سمع من أحمد بن هبة الله بن عساكر ولي قضاء العساكر بالشام أيام الفخري وراح معهم إلى القاهرة ثم عزل وبقي على تدريس الدماغية إلى أن تولى قضاء القضاة الشافعية بحلب عوضا عن ابن الخشاب سنة أربع وأربعين وسبع مائة ومولده سنة ست وسبعين وست مائة وتوفي على قضاء حلب في شوال سنة تسع وأربعين وسبع مائة
((فصل الألف وما بعدها في الآباء))
3 (أبو المظفر الهروي محمد بن آدم))
ابن كمال أبو المظفر الهروي ذكره الحافظ عبد الغافر الفارسي في السياق وقال مات بغتة سنة أربع عشرة وأربع مائة ودفن بمقبرة الحسين بقرب قبر أبي العباس السراج ووصفه فقال الأستاذ الكامل الإمام في الأدب والمعاني المبرز على أقرانه وعلى من تقدمه من الأئمة باستخراج المعاني وشرح الأبيات والأمثال وغرائب التفسير بحيث يضرب به المثل ومن تأمل فوائده في كتاب شرح الحماسة وشرح الإصلاح وشرح أمثال أبي عبيد وشرح ديوان أبي الطيب وغيرها اعترف له بالفضل والانفراد وتتلمذ للأستاذ أبي بكر الخوارزمي الطبري وتفقه على القاضي أبي الهيثم ثم جدد الفقه على القاضي أبي العلاء صاعد وكان يقعد للتدريس في النحو وشرح الدواوين وغير ذلك فأما الحديث فما أعلم أنه نقل عنه منه شيء لاشتغاله بما سواه لعدم السماع له

249
((فصل الهمزة وما بعدها في الآباء))
3 (أبو بكر المستملي محمد بن أبان))
وزير البلخي أبو بكر المستملي كان ثقة حافظا مصنفا مشهورا حدث عنه البخاري وغيره أصحاب الكتب الصحاح
3 (محمد بن أبان الجعفي الكوفي محمد بن أبان بن صالح))
الجعفي القرشي الكوفي ضعفه ابن معين وقال البخاري ليس بالقوي يتكلمون في حفظه قال أحمد بن حنبل كان من دعاة المرجئة قال الشيخ شمس الدين الذهبي كذا أورد العقيلي في ترجمة هذا وإنما الذي قال فيه أحمد هذا محمد بن أبان الجعفي يروي عن أبي إسحاق وحماد وعبد العزيز بن رفيع توفي سنة سبعين ومائة
3 (الإمام ابن أبان القرطبي محمد بن أبان سيد))
ابن أبان أبو عبد الله اللخمي القرطبي كان عارفا باللغة والغريب والنسب والأخبار أخذ عن أبي علي القالي وكان مكينا عند المستنصر المغربي توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مائة
3 (الكاتب الشاعر محمد بن أبان الكاتب))
يكنى أبا جعفر أديب حسن البلاغة كان يكتب لنصر بن منصور بن بسام ثم اتهم بالزندقة فحبس في بغداد ثم أطلق له قصيدة يصف فيها سامراء من شعره الطويل
* إذا أنا لم أصبر على الذنب من أخ
* وكنت أجازيه فأين التفاضل
*
* إذا ما دهاني مفصل فقطعته
* بقيت وما لي للنهوض مفاصل
*
* ولكن أداويه فإن صح سرني
* وإن هو أعيى كان فيه تحامل
* توفي المذكور
3 (محمد بن أبي بن كعب))
توفي سنة ثلاث وستين للهجرة
3 (أبو أمية الحافظ محمد بن إبراهيم))
أبو أمية البغدادي ثم الواسطي الحافظ رحل وطوف وصنف وثقه أبو داود وغيره توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة
3 (ابن المواز المالكي محمد بن إبراهيم بن زياد))
)
الإمام أبو عبد الله المواز بالواو المشددة والزاي الإسكندراني المالكي صاحب التصانيف المشهورة له تصنيف حافل في الفقه رواه ابن أبي مطر وابن مبشر عنه قدم دمشق صحبة ابن طولون وانتهت إليه رئاسة المذهب والمعرفة بتفريعه ودقائقه توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين
3 (الإمام ابن المنذر محمد بن إبراهيم بن المنذر))
الإمام أبو بكر النيسابوري الفقيه صاحب التصانيف توفي سنة ثمان عشرة وثلاث مائة بمكة قال أبو إسحاق في كتاب الطبقات صنف في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف مثلها واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف انتهى ومن

250
كتبه المشهورة كتاب الأشراف وهو كتاب كبير في اختلاف العلماء وله المبسوط وهو أكبر منه في اختلاف العلماء وله كتاب الإجماع وهو صغير
3 (الفزاري المنجم محمد بن إبراهيم بن حبيب))
ابن سليمان بن سمرة بن جندب الفزاري الكوفي كان عالما بأمر النجوم له قصيدة تقوم مقام الزيجات وهي مزدوجة قال المرزباني تدخل هي وشرحها في عشرة أجلاد أولها الرجز
* الحمد لله العلي الأعظم
* ذي الفضل والمجد الكبير الأكرم
*
* الواحد الفرد
* الجواد المنعم
*
* الخالق السبع العلى طباقا
* والشمس يجلو ضوءها الأغساقا
*
* والبدر يملا
* نوره الآفاقا
*
* والفلك الدائر في المسير
* لأعظم الخطب من الأمور
*
* يسير في بحر
* من البحور
*
* فيه النجوم كلها عوامل
* منها مقيم دهره وزائل
*
* فطالع منها
* ومنها آفل
* قال فيه يحيى بن خالد البرمكي أربعة لم يدرك مثلهم الخليل بن أحمد وابن المقفع وأبو حنيفة والفزاري
3 (العلوي الخارج محمد بن إبراهيم بن إسماعيل))
ابن إبراهيم المعروف بطباطبا ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان خطيبا شاعرا خرج في أيام المأمون بالكوفة ولما عزم نصر بن شبيب على الخروج مع محمد المذكور ومن معه من قيس غيلان ومن أطاعه من غيرهم أنشده بعض بني عمه ينهاه عن ذلك منها الكامل)
* يا نصر لا يذهب برأيك عصبة
* تبع الغرور خفيفة أحلامها
*

251
* فأنظر لنفسك قبل ساعة زلة
* يبقى عليك شنارها ولزامها
*
* لا تعرضن لما يخاف وباله
* إن الخلافة لا يرام مرامها
* فاضرب نصر عن رأيه ووجه إلى محمد بمال كثير وسلاح وقال استعن بهذا وأقلني فلم يقبل وقال محمد بن إبراهيم الطويل
* سنغني بحمد الله عنك بعصبة
* يهبون للداعي إلى منهج الحق
*
* ظننا بك الحسنى فقصرت دونها
* فأصبحت مذموما وفاز ذوو الصدق
*
* وما كل شيء سابق أو مقصر
* يؤول به التحصيل إلا إلى العرق
* ودخل الكوفة في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين ومائة وخطب الناس وبايعوه وأعطاهم الأمان فقال بعض شعراء الكوفة فيه
3 (الطويل ألم تر أن الله أظهر دينه
* وصلت بنو العباس خلف بني علي
* فلما وصل الخبر بذلك جهز الحسن بن سهل إليه عسكرا فكسره أبو السرايا وهو الذي قام بأمر محمد بن إبراهيم وهو مقدم عسكره ثم جهزه إليه مرة أخرى فكبسه أبو السرايا ليلا وهو ينشد الزاجر
* وجهي رمحي والحسام حصني
* والرمح ينبي بالضمير عني
* واليوم يبدو ما أقول مني ومضى ذلك العسكر الذي نفذ إليه ما بين قتيل وغريق وقتل مقدمه ثم رجع أبو السرايا إلى الكوفة ظافرا غانما فوجد محمد بن إبراهيم شديد المرض فقال له أبو السرايا أوصني يا ابن رسول الله فقال محمد الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين أوصيك بتقوى الله فإنها أحصن جنة وأمتع عصمة والصبر فإنه أفضل مفزع وأحمد معول وأن تستتم الغضب لربك وتدوم على منع دينك وتحسن صحبة من استجاب لك وتعدل بهم عن المزالق ولا تقدم أقدام متهور ولا تضجع تضجيع متهاون وأكفف عن الإسراف في الدماء ما لم يوهن ذلك منك دينا أو يصدك عن صواب وأرفق بالضعفاء وأياك والعجلة فإن معها الهلكة وأعلم
أن نفسك موصولة بدماء آل محمد صلى الله عليه وسلم ودمك مختلط بدمائهم فإن سلموا سلمت وإن هلكوا هلكت فكن على أن يسلموا أحرص منك على أن يعطبوا ووقر كبيرهم وبر صغيرهم وأقبل رأي عالمهم واحتمل إن كانت هفوة)
من جاهلهم يرع الله حقك واحفظ قرابتهم يحسن الله نصرك وول الناس الخيرة لأنفسهم في من يقوم مقامي لهم من آل

252
علي فإن اختلفوا فالأمر إلى علي بن عبيد الله فإني قد بلوت دينه ورضيت طريقه فأرضوا به وأحسنوا طاعته تحمدوا رأيه وبأسه ثم مات فدفنه ليلا فرثاه أبو السرايا بأبيات منها البسيط
* عاش الحميد فلما أن قضى ومضى
* كان الفقيد فمن ذا بعده الخلف
* ومن شعر محمد بن إبراهيم أيضا الطويل
* وكنت على جد من أمري فزادني
* إلى الجد جدا ما رأيت من الظلم
*
* أيذهب مال الله في غير حقه
* وينزل أهل الحق في جائر الحكم
*
* لعمرك ما أبصرتها فسألتها
* وجاوزتها إلا لأمضي في عزمي
*
* كفى عبرة والله يقضي قضاءه
* بها عظة من ربنا لذوي الحلم
* ومنه الوافر
* أينقض حقنا في كل وقت
* على قرب ويأخذه البعيد
*
* فيا ليت التقرب كان بعدا
* ولم تجمع مناسبنا الجدود
*
3 (محمد بن إبراهيم بن صدران))
الأزدي السليمي بفتح السين البصري المؤذن روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي توفي سنة خمسين ومائتين
3 (محمد بن إبراهيم بن دينار المدني توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة))
3 (ابن صندل محمد بن إبراهيم بن دينار))
يعرف بابن صندل قال في يوسف بن عبد العزيز بن الماجشون البسيط
* إن كنت تطلب علما نافعا وهدى
* فأقصد ليوسف ثم أقصد الحجاج
*
* والرافعي فخذ عنه فإن له
* عقلا أصيلا وتصحيحا بإبهاج
*
* لا تعدلن بهم ذا فطنة أبدا
* قاضي القضاة ولا نوح بن دراج
*
3 (الباخرزي محمد بن إبراهيم))
أبو منصور الباخرزي من أهل خراسان نزل بغداد كان يتشيع وعمي آخر عمره وكان يهاجي مثقالا الواسطي قال الباخرزي الكامل
* صبت على مصائب لو أنها
* صبت على الأيام عدن لياليا
*)
وقال في مثقال مرفل الكامل
* في بيت مثقال يكون ذو والزنا وذوو اللواط
*
* يعلونه وعجوزه
* ويرى بذاك أخا اغتباط
*
3 (محمد بن إبراهيم المصري))
ويعرف بابن الخراساني كان كيسا كثير النادرة له مع الحسين الجمل المصري مداعبات وهو القائل المتقارب
* بكيت وما خلتني باكيا
* على رسم دار ولا في طلل
*

253
* ولكن بكائي من حادث
* تورط فيه حسين الجمل
*
* فمن للقيادة من بعده
* لقد كان نارا بها تشتعل
*
* ومن للواط ومن للزنا
* وما حرم الله لا ما أحل محمد بن إبراهيم التيمي المدمني
*
3 (محمد بن إبراهيم التيمي المدني الفقيه))
كان جده الحرث بن صخر من المهاجرين وهو ابن عم أبي بكر الصديق روى عن أسامة بن زيد وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وعلقمة بن وقاص وعيسى بن طلحة بن عبيد الله وطائفة من قدماء التابعين ورأى سعد بن أبي وقاص وغيره وكان أحد الفقهاء الثقات وكان عريف بني تيم وقد روى له أصحاب الكتب الصحاح الستة توفي سنة عشرين ومائة
3 (الأمير محمد بن الإمام إبراهيم محمد بن إبراهيم))
الأمير محمد ابن الإمام إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ولي دمشق للمهدي والرشيد وولي مكة والموسم وكان كبير القدر معظما وهو صاحب أكرموا الشهود توفي ببغداد سنة خمس وثمانين ومائة أسند عن عمه المنصور وجعفر بن محمد بن علي وغيرهما
3 (ابن إبراهيم المدني صاحب مالك محمد بن إبراهيم بن دينار))
المدني مولى جهينة الفقيه صاحب الإمام مالك رضي الله عنه توفي سنة تسعين ومائة
3 (ابن عبدوس صاحب سحنون محمد بن إبراهيم بن عبدوس))
القرشي مولاهم المغربي الفقيه المالكي صاحب سحنون كان إماما كبيرا مشهورا زاهدا عابدا مجاب الدعوة توفي سنة ثمانين ومائتين
3 (البوشنجي الكبير المالكي محمد بن إبراهيم بن سعيد))
الإمام الكبير البوشنجي العبدي الفقيه المالكي شيخ أهل الحديث في زمانه بنيسابور رحل وطوف)
وصنف وكان إماما في اللغة وكلام العرب توفي غرة المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين وصلى عليه إمام الأئمة ابن خزيمة
3 (ابن إبراهيم محدث دمشق محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن))
ابن عبد الملك بن مروان القرشي الدمشقي أبو عبد الله محدث دمشق في وقته قال عبد العزيز الكناني كان ثقة مأمونا جوادا توفي سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة
3 (خازن كتب الصاحب المسند محمد بن إبراهيم بن علي))
ابن عاصم بن زاذان أبو بكر المقرئ الحافظ مسند أصبهان طوف الشام ومصر والعراق وسمع في قريب خمسين مدينة قال ابن مردويه هو ثقة مأمون صاحب أصول وكان خازن كتب الصاحب ابن عباد توفي سنة إحدى

254
وثمانين وثلاث مائة
3 (ابن المشكيالي محمد بن إبراهيم بن إسماعيل))
ابن يحيى أبو عبد الله الحسيني الطليطلي ويعرف بابن المشكيالي من كبار المسندين بالأندلس توفي سنة أربع مائة
3 (اليزدي مسند أصبهان محمد بن إبراهيم بن جعفر))
أبو عبد الله اليزدي الجرجاني مسند أصبهان في وقته وهو صدوق مقبول توفي سنة ثمان وأربع مائة
3 (ابن شق الليل محمد بن إبراهيم بن موسى))
ابن عبد السلام أبو عبد الله ابن شق الليل الأنصاري الطليطلي كان فقيها عارفا بمذهب مالك حافظا يعرف الرجال والعلل مليح الخط جيد المشاركة في الفنون لغويا نحويا حسن الفضيلة كثير التصانيف وله شعر توفي سنة خمس وخمسين وأربع مائة
3 (الحافظ مربع الأنماطي محمد بن إبراهيم))
أبو جعفر الأنماطي ويعرف بمربع أحد الحافظين قال حضرت عند الإمام أحمد بن حنبل فذكر حديثا فقلت أتأدن لي أن أكتب من محبرتك قال يا هذا هذا ورع مظلم اكتب أسند الأنماطي عن أبي حذيفة النهدي وغيره وروى عنه المحاملي وغيره وكان ثقة توفي سنة ست وخمسين ومائتين
3 (أبو حمزة الصوفي البغدادي محمد بن إبراهيم أبو حمزة))
الصوفي البغدادي أستاذ البغداديين قال ابن الجوزي في المرآة هو أول من تكلم ببغداد في هذا)
المذهب من صفاء الذكر وجمع الهم والمحبة والشوق والقرب والأنس لم يسبقه إلى الكلام بهذا على رؤوس المنابر ببغداد أحد وما زال مقبولا حسن المنزلة عند الناس إلى أن توفي سنة تسع وستين ومائتين ودفن بباب الكوفة في بغداد وكان عالما بالقراءات جالس الإمام أحمد وكان إذا جرى في مجلس أحمد شيء من كلام القوم يلتفت إلى أبي حمزة ويقول ما تقول في هذه المسألة يا صوفي وصحب سريا والجنيد وحسنا المسوحي وغيرهم وقدم مكة والمدينة وتكلم بهما مرارا ومن كلامه من رزق ثلاثة أشياء نجا من الآفات بطن جائع مع قلب قانع وفقر دائم مع زهد حاضر وصبر كامل مع ذكر دائم وسئل عن الأنس فقال ضيق الصدر من معاشرة الخلق سمع إنسانا يلوم آخر على اظهار وجده وغلبة الحال عليه في مجلس بعض الأضداد فقال يا أخي الوجد الغالب يسقط التمييز ويجعل الأماكن كلها مكانا واحدا والأعيان عينا واحدة وما أحسن قول القائل هما لابن الرومي الكامل

255
* فدع الملامة للمحب فإنها
* بئس الدواء لموجع مقلاق
*
* لا تطفئن جوى بلوم إنه
* كالريح تغري النار بالإحراق
* وخرج جماعة من بغداد يستقبلونه عند قدومه من مكة فإذا به قد شحب لونه فقيل له يا سيدي هل تتغير الأسرار بتغير الصفات قال معاذ الله إن تتغير لو تغيرت لهلك العالم ولكنه ساكن الأسرار فحملها وأعرض عن الصفات فلاشاها ثم أنشد مجزوء الرجز
* كما ترى صيرني
* قطع قفار الدمن
*
* شردني عن وطني
* كأنني لم أكن
*
* إذا تغيبت بدا
* وإن بدا غيبني
*
* يقول لا تشهد ما
* تشهد أو تشهدني
*
3 (ابن قحطبة البغدادي المؤدب محمد بن إبراهيم بن قحطبة))
البغدادي المؤدب بالباء قال ابن أبي حاتم صدوق توفي في عشر الستين والمائة
3 (محمد ابن شاهين البغدادي محمد بن إبراهيم بن حفص))
ابن شاهين أبو الحسن البغدادي سمع الكثير وحدث عن يوسف بن موسى القطان وغيره وروى عنه الدارقطني وغيره كان ثقة خرج من الحمام في رمضان وهو في عافية فمات فجاءة سنة عشرين وثلاث مائة
3 (ابن عبد ربه الهذلي محمد بن إبراهيم بن عبد ربه))
)
أبو عبد الله الهذلي من ولد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نيسابوري رحل في طلب العلم وصنف الكتب وكان فاضلا خرج حاجا فأصابته جراحة في نوبة القرمطي فرد إلى الكوفة ومات بها حدث عن أبي الحسن بن جوصا وغيره وروى عنه الدارقطني وغيره توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة كان ثقة
3 (أبو عمرو الزجاجي النيسابوري محمد بن إبراهيم بن يوسف))
أبو عمرو الزجاجي النيسابوري أحد المشايخ في وقته صحب الجنيد والثوري والخواص وغيرهم جاور بمكة وصار شيخ الحرم وحج سبعين حجة ولم يبل ولم يتغوط في الحرم أربعين سنة وكان يخرج إلى الحل فيقضي حاجته ثم يرجع وكان يجتمع الكناني والنهرجوري والمرتعش وغيرهم في حلقته وهي صدر الجميع فإن اختلفوا في شيء رجعوا إلى قوله وهو المنظور إليه توفي سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة
3 (أبو بكر الصالح الزاهد محمد بن إبراهيم بن أحمد))
أبو بكر كان مقيما بأصبهان وكان صالحا زاهدا يحج ماشيا من أصبهان إلى مكة كثيرا كان ثقة توفي بهمذان سنة سبع وعشرين وأربع مائة

256
3 (الجرباذقاني الصالح ابن محمد دادا محمد بن إبراهيم بن الحسين))
أبو جعفر الجرباذقاني قرية من عمل أصبهان انقطع إلى العلم والعبادة وأقام بأصبهان وبغداد وصحب أبا الفضل ابن ناصر حتى مات في ذي الحجة سنة خمسين وخمس مائة ودفن بالشونيزية وقيل سنة تسع وأربعين ومن شعره الطويل
* أيا ليت أسباب المنايا أراحت
* فإني أرى في الموت أروح راحة
*
* وموت الفتى خير له من حياته
* إذا ظهرت أعلام سوء ولاحت
*
3 (ابن الكيراني الواعظي الشافعي محمد بن إبراهيم بن ثابت))
ابن إبراهيم بن فرح الكناني المقرئ الواعظ الأديب المصري المعروف بالكيزاني نسبة إلى عمل الكوز قال ابن خلكان رحمه الله تعالى كان زاهدا ورعا وبمصر طائفة ينسبون إليه ويعتقدون مقالته وله ديوان شعر مشهور أكثره في الزهد ولم أقف عليه وسمعت له بيتا واحدا أعجبني وهو الخفيف
* وإذا لاق بالمحب غرام
* فكذا الوصل بالحبيب يليق
* وقال صاحب المرآة كان يقول أفعال العباد قديمة ولما توفي سنة ستين وخمس مائة دفن عند الشافعي)
رحمه الله بالقرافة فبعث عليه الخيوشاني ونبشه في أيام صلاح الدين وأخرجه ودفن في مكان آخر قال ابن خلكان نقل إلى سفح المقطم بقرب الحوض المعروف بأم مودود وقبره هناك مشهور وقال صاحب المرآة وكان زاهدا قنوعا من الدنيا باليسير فصيحا ومن شعره مجزوء الكامل
* اصرفوا عني طبيبي
* ودعوني وحبيبي
*
* عللوا قلبي بذكرا ه فقد زاد لهيبي
*
* طاب هتكي في هواه
* بين واش ورقيب
*
* لا أبالي بفوات النفس ما دام نصيبي
* وقال مجزوء الرمل
* ليس من لام وإن أط نب فيه بمصيب
*
* جسدي راض بسقمي
* وجفوني بنحيبي
* وقال الكامل
* يا من يتيه على الزمان بحسنه
* أعطف على الصب المشوق التائه
*
* أضحى يخاف على احتراق فؤاده
* أسفا لأنك منه في سودائه
* قلت وهذا معنى مشهور أشبه شيء بقول الأرجاني الكامل
* يرمي فؤادي وهو في سودائه
* أتراه لا يخشى على حوبائه
* وقول الآخر الكامل

257
* يا محرقا بالشمع وجه محبه
* رفقا فإن مدامعي تطفيه
*
* حرق بهذي النار كل جوارحي
* واحذر على قلبي فإنك فيه
* وقول الأرجاني وهو مليح الوافر
* ولا تسب القلوب وأنت فيها
* فأخشى أن تكون من السبايا
* وقول ومن شعر ابن الكيزاني أيضا الطويل
* أسكان هذا الحي من آل مالك
* مسالمة ما بيننا وجميل
*
* ألم تعدونا أن تزوروا وتكرموا
* فما بال ميعاد الوصال يطول
*
* وحلتم عن الوعد الجميل ملالة
* وأنتم على نقض العهود نزول
*
* وإنا لنستبقي المودة والهوى
* شهيد لنا أن ليس عنه نزول)
* (وما منكم بد على كل حالة
* وإن كان منكم هاجر وملول
*
* دواعي الهوى محتومة فاصطبر لها
* وإن جار بين أو جفاك خليل
* ومن شعر ابن الكيزاني السريع
* شريفنا يمضي ومشروفنا
* وإنما يفتقد الخير
*
* كالجو لا يعدم إظلامه
* إلا إذا ما عدم النير
* ومنه الخفيف
* أسعد الناس من يكاتم سره
* ويرى بذله عليه معره
*
* إنما يعرف اللبيب إذا ما
* حفظ السر عن أخيه فسره
*
* إن يجد مرة حلاوة شكواه سيلقى ندامة ألف مره
* ومنه الطويل
* أتزعم ليلى أنني لا أحبها
* وإني لما ألقاه غير حمول
*
* فلا ووقوفي بين ألوية الهوى
* وعصيان قلبي للهوى وعذولي
*
* لو انتظمتني أسهم الهجر كلها
* لكنت على الأيام غير ملول
*
* ولست أبالي إذا تعلقت حبها
* أفاضت دموعي أم أضر نحولي
*

258
ومنه مجزوء الخفيف
* أي صبر تركتم لي لما رحلتم
* فلي فؤاد متيم سائر حيث سرتم
*
* ثابت تحت حبكم جرتم أو عدلتم
* فبحق الهوى المبرح إلا رحمتم
* أنا في كل حالة عبدكم إن رضيتم ومنه الكامل
* يا دار هل تجدين وجد الشاكي
* أو تعطفين على بكاء الباكي
*
* لا تنكري سقمي فما حكم البلى
* في مهجتي إلا لأجل بلاك
*
* أصبحت داثرة الجناب وطالما
* طاب الهوى وغنيت في مغناك
*
* أمحل أطرابي بعيشك غادري
* لولاك ما كان الجوى لولاك
*
* ما قصرت نوحا حمامات الحمى
* مذ غاب عن قمريها قمراك
* ومنه الكامل)
* والله لولا أن ذكرك مؤنسي
* ما كان عيشي بالحياة يطيب
*
* ولئن بكت عيني عليك صبابة
* فلكل جارحة عليك نحيب
*
* أتظن أن البعد حل مودتي
* أن بان شخصك فالخيال قريب
*
* كيف السلو وقد تمكن في الحشا
* وجد على ما في الفؤاد رقيب
*
* وإليك قد رحل الهوى بحشاشتي
* والسقم مشتمل وأنت طبيب
*
3 (محمد بن إبراهيم بن محمد ابن يحيى بن سختويه بن عبد الله المحدث المزكي أبو إسحاق))
النيسابوري أحد الأخوة الخمسة وأصغرهم حدث عن والده وغيره وكان صحيح السماع توفي سنة سبع وعشرين وأربع مائة
3 (أبو عبد الله المقرئ البغدادي محمد بن إبراهيم بن محمد))
أبو عبد الله المقرئ البغدادي أقام بمكة وحدث بها وكان دينا زاهدا من أهل القرآن والحديث والفقه والخلاف والنحو روى عن جماعة كأبي علي علي بن أحمد بن علي التستري البصري وأبي الحسن علي بن عبد الرحمن الشمخاني وأبي إسحاق ابن علي الطبري وأبي عبد الله محمد بن أحمد البرقي وأبي القاسم ميمون ابن علي الميموني وإبراهيم بن عبد الله البغدادي وروى عنه أبو المظفر محمد بن علي بن الحسين الشيباني الطبري قاضي مكة توفي بالكوفة منصرفا من الحج سنة ست عشرة وخمس مائة
3 (ابن خيرة محمد بن إبراهيم بن خيرة))
أبو القاسم بن المراعيني الإشبيلي كان من أعيان إشبيلية سما بفضله وارتقى إلى أن كتب عن ملك إشبيلية السيد بن حفص صنف في الأدب كتاب ريحان الألباب وريعان الشباب في مراتب الآداب وهو كتاب حسن في الأدب

259
ملكته في مجلدين كبار وهو كتاب ممتع وأورد له ابن الإمام من الشعر قوله الكامل
* رعيا لمنزلنا الخصيب وظله
* وسقى الثرى النجدي سح ربابه
* واها على ذاك الزمان وطيبه
* واها على ساداته لا أدعي
* كلفا بزينبه ولا بربابه
* ومن شعره أيضا البسيط)
* يا من له منطق كالدر في نسق
* يزهي به الحبر في وشى من الحبر
*
* ويشرق الطرس ممشوقا بأسطره
* كأنما هو مشتق من الحور
* ومنه أيضا المتقارب
* لك الأنمل السبط أقلامها
* تغص بخمس على سادس
*
* فطورا تخط بقرطاسها
* وطورا تقط طلى الفارس
*
* فريحان خطك روض المنى
* تعلق من خوطه المائس
*
3 (ابن هانئ المغربي محمد بن إبراهيم بن هانيء))
أبو القاسم وأبو الحسن الأزدي الأندلسي الشاعر المشهور قيل أنه من ولد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة وقيل من ولد أخيه روح وكان أبوه شاعرا من قرية من قرى المهدية انتقل إلى الأندلس فولد له محمد المذكور بإشبيلية ونشأ بها وحصل حظا وافرا من الأدب وتمهر في النظم واتصل بصاحب إشبيلية وحظي عنده وكان منهمكا على اللذات متهما بمذهب الفلاسفة فنقم عليه وعلى الملك أيضا أهل إشبيلية فأشار عليه بالغيبة فانفصل عنها وعمره يومئذ سبع وعشرون سنة فلقي جوهر القائد فامتدحه وتوجه إلى المسيلة ونمى خبره إلى تميم بن المعز فطلبه فجاءه وأكرمه وبالغ في الأنعام عليه وتوجه المعز إلى الديار المصرية فشيعه ابن هانيء ورجع إلى المغرب لأخذ عياله والالتحاق به فلما وصل إلى برقة أضافه شخص من أهلها فأقام عنده أياما فقيل أنهم عربدوا عليه فقتلوه وقيل بل خرج من عندهم سكرانا فنام في الطريق فأصبح ميتا ولم يعلم سبب موته وكان موته سنة اثنتين وستين وثلاث مائة كذا قيده ابن خلكان وقال صاحب المرآة سنة خمس وستين ولما بلغت المعز وفاته تأسف عليه وقال هذا الرجل كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق فلم يقدر لنا قال ابن خلكان وليس في المغاربة من هو في طبقته لا من متقدميهم ولا من متأخريهم بل هو أشعرهم على الإطلاق وهو عندهم كالمتنبي في المشارقة وكانا متعاصرين قلت أما أبو العلاء المعري فكان يقول عن شعره هو بعر مفضض وإذا سمعه يقول رحى تطحن قرونا وهذا من التعصب المفرط لأن شعره يرشف خندريسا ويكسف من أشعار غيره شموسا ومن شعره القصيدة الفائية التي أولها
* الطويل أليلتنا إذ أرسلت واردا وحفا
* وبتنا نرى الجوزاء في أذنها شنفا
*

260
* وبات لنا ساق يدير مدامة
* بشمعة صبح لا تقط ولا تطفا
* منها بعد تشبيه كثير في النجوم الطويل)
* كان سهاها عاشق بين عود
* فآونة يبدو وآونة يخفى
* عارضه في هذه القصيدة جماعة ونسجوا على منواله ولم يتمسكوا في الحسن بأذياله منهم أبو محمد الخفاجي من قصيدته المشهورة الطويل
* كان السهى انسان عين غريقة
* من الدمع يبدو كلما ذرفت ذرفا
* أنشدني الشيخ الإمام شهاب الدين محمود لنفسه إجازة الطويل
* كان السهى صب سها نحو ألفه
* يراعي الليالي جفنه لا ينامها
* وأنشدني بعض أهل العصر لنفسه الطويل
* كان السهى كشاف حرب لدى الوغى
* ففي كره يبدو وفي فره يخفى
* وقال أبو إسحاق الغزي القديم الطويل
* كان السهى جسمي فليس بشاهد
* ولا غائب من شدة السقم البرح
* وقال ابن حمديس الطويل
* كان السهى مضنى أتاه بنعشه
* بنوه وظنوا أن ميتته حتم
* وكلهم ما أصاب شاكلة الرمي غيره ومن شعره أيضا القصيدة المشهورة أولها الكامل
* فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر
* وأمدكم فلق الصباح المسفر
*
* وجنيتم ثمر الوقائع يانعا
* بالنصر من ورق الحديد الأخضر
* منها الكامل
* لا يأكل السرحان شلو طعينهم
* مما عليه من القنا المتكسر
* طعن بعضهم في هذا وقال هو بالذم أشبه منه بالمدح لأنه وصفهم أنهم يجتمعون جماعة على العدو وتتكسر رماحهم عليه حتى يقدروا عليه قلت ويحتمل أن يكون القتيل منهم أي الطعين من الممدوحين فلا يموت حتى تتكسر عليه رماح أعاديهم وهو ظاهر ومن شعره القصيدة النونية التي منها الكامل
* المشرقات كأنهن كواكب
* والناعمات كأنهن غصون
*
* بيض وما ضحك الصباح وإنما
* بالمسك من غرر الحسان يخون
* منها الكامل
* أأعير لحظ العين بهجة منظر
* من بعدهم إني إذا لخؤون
*

261
)
* لا الجو جو مشرق وإن اكتسي
* زهرا ولا الروض المعين معين
* منها في الخيل الكامل
* عرفت بساعة سبقها لا أنها
* علقت بها يوم الرهان عيون
*
* وأجل علم البرق فيها أنها
* مرت بجانبتيه وهي ظنون
* والقصيدة الفائية الأخرى التي منها الكامل
* ولقد هززت غصونها بثمارها
* وهصرتهن مهفهفا فمهفهفا
*
* فرددتها من راحتيه مرة
* وشربتها من مقلتيه قرقفا
*
* ما كان افتكني لو اخترطت يدي
* من ناظريك على رقيبك مرهفا
* وأخذ هذا المعنى ناصح الدين الأرجاني الكامل
* عجب الخلائق من فؤاد فتى
* أرسى بحيث الأسهم المرق
*
* يلتذ ما أصماه قاتله
* وبه إذا لم يرمه القلق
*
* أشجع بقلبي حين ترشقه
* لو أن صدغك فوقه حلق
* وقوله الرمل
* امسحوا عن ناظري كحل السهاد
* وانفضوا عن مضجعي شوك القتاد
*
* أو خذوا مني ما أبقيتموا
* لا أحب الجسم مسلوب الفؤاد
* منها في وصف الدروع الرمل
* كل رقراق الحواشي فوقه
* كعيون من أفاع أو جراد
*
* فعلى الأجساد وقد من سنا
* وعلى الماذي صبغ من جساد
* وقوله الكامل
* فتكات طرفك أم سيوف أبيك
* وكؤوس خمرك أم مراشف فيك
*
* أجلاد مرهفه وفتك محاجر
* لا أنت راحمة ولا أهلوك
* منها الكامل
* منعوك من سنة الكرى وسروا فلو عثروا بطيف طارق ظنوك
*
* ودعوك نشوى ما سقوك مدامة
* لما تمايل عطفك اتهموك
*
3 (أبو بكر العطار الحافظ محمد بن إبراهيم بن علي))
)
ابن إبراهيم أبو بكر العطار الحافظ الأصبهاني كان عظيم الشان ببلده عارفا بالرجال والمتون وهو إمام ثقة توفي سنة ست وستين وأربع مائة

262
3 (ابن غريب الحال محمد بن إبراهيم بن غريب الحال))
أبو بكر طلب الحديث بنفسه وكتب بخطه فسمع أبوي الحسين أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي وعلي بن محمد بن عبد الله بن بشران وأبا الحسن علي الحمامي وحدث باليسير روى عنه أبو علي ابن البناء في مشيخته وروى عنه الخطيب وكتب عنه أناشيد توفي سنة إحدى وعشرين وأربع مائة
3 (ابن زروقة محمد بن إبراهيم بن خلف))
اللخمي الأديب ويعرف بابن زروقة قال ابن بشكوال كان من أهل الأدب معتنيا بطلبه قديما مشهورا فيه ممن يقول الشعر الحسن له التأليفات في الأدب والأخبار ومن شيوخه أبو نصر النحوي وابن أبي الحباب وغيرهما وتوفي في حدود سنة خمس وثلاثين وأربع مائة وهو ابن سبع وستين سنة ومن شعره
3 (أبو سعيد البيهقي محمد بن إبراهيم بن أحمد))
البيهقي أبو سعيد قال عبد الغافر رجل فاضل متدين حسن الطريقة حسن العقيدة صنف في اللغة كتاب الهداية كتاب الغنية وسمع الحديث من مشايخ نيسابور كالإمام شيخ الإسلام الصابوني والإمام ناصر المروزي
3 (محمد بن إبراهيم الأسدي محمد بن إبراهيم))
أبو عبد الله الأسدي ولد بمكة سنة إحدى وأربعين وأربع مائة وتوفي سنة خمس مائة سافر إلى البلاد ولقي العلماء وخدم الوزير أبا القاسم المغربي وقال العماد الكاتب هو من أهل مكة لقي أبا الحسن التهامي في صباه مولده بمكة ومنشؤه بالحجاز وتوجه إلى العراق ثم ورد خراسان وعمر إلى أن بلغ حد المائة ولقي القرن بعد القرن والفئة بعد الفئة وتوفي بغزنة ومن شعره الطويل
* كفى حزنا أني خدمتك برهة
* وأنفقت في مدحيك شرخ شبابي
*
* فلم ير لي شكر بغير شكاية
* ولم ير لي مدح بغير عتاب
* قال سبط ابن الجوزي ومن بديع شعره الخفيف)
* قال ثقلت إذ أتيت مرارا
* قلت ثقلت كاهلي بالأيادي
*
* قال طولت قلت لا بل تطولت
* وأبرمت قلت حبل الوداد
* قلت وهذا من أنواع البديع وهو الذي يسميه أرباب البلاغة القول بالموجب وله نظائر كثيرة منها قول الشيخ صدر الدين ابن الوكيل الطويل
* وبي من قسا قلبا ولأن معاطفا
* إذا قلت أدناني يضاعف تبعيدي
*
* أقر برق إذ أقول أنا له
* وكم قالها أيضا ولكن لتهديدي
* وقول محاسن الشواء الطويل
* ولما أتاني العاذلون عدمتهم
* وما فيهم إلا للحمى قارض
*
* وقد بهتوا لما رأوني شاحبا
* وقالوا به عين فقلت وعارض
* وقولي أنا الكامل
* ولقد أتيت لصاحب وسألته
* في قرض دينار لأمر كانا
*

263
* فأجابني والله داري ما حوت
* عينا فقلت له ولا انسانا
*
3 (محمد الشرش محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن))
ابن محمد أبو عبد الله التلمساني الأنصاري المعروف بالشرش بالشين المعجمة قال الشيخ قطب الدين اليونيني ذكره أبو المظفر منصور بن سليم في تاريخ الإسكندرية وقال شيخ حسن من أهل الديانة والخير والعفاف والصيانة سمع الحديث بالمغرب وبمكة وبغيرهما وسكن الإسكندرية وحدث بها وكان ثقة صالحا سئل عن مولده فقال سنة أربع وستين وخمس مائة بتلمسان توفي ثالث عشر ذي القعدة سنة ست وخمسين وست مائة بالإسكندرية ودفن ما بين الميناوين وكان يوما مشهودا آخر الجزء الأول من كتاب الوافي بالوفيات ويتلوه إن شاء الله تعالى محمد بن إبراهيم ابن عمر والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا

264
/ 1