بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: الوافي بالوفيات المؤلف: الصفدي الجزء: 4 الوفاة: 764 المجموعة: مصادر التاريخ تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى الطبعة: سنة الطبع: 1420 - 2000م المطبعة: بيروت - دار إحياء التراث الناشر: دار إحياء التراث ردمك: ملاحظات: ((الجزء الرابع)) ((بسم الله الرحمن الرحيم)) ((رب أعن)) 3 (ابن عبيد الله)) أبو بكر العرزمي محمد بن عبيد الله من اليمن من حضرموت كوفي أدرك الدولة العباسية ويكنى أبا بكر ويعرف بالعرزمي جل شعره آداب وحكم من شعره * إن يحسدوني فإني غير لائمهم * قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا * * فدام لي ولهم ما بي وما بهم * ومات أكثرنا غيظا بما يجد * * أنا الذي وجدوني في حلوقهم * لا أرتقي صادرا منها ولا أرد * وقال * أرى عاجزا يدعى جليدا لغشمه * ولو كلف التقوى لكلت مضاربه * * وعفا يسمى عاجزا لعفافه * ولولا التقى ما أعجزته مذاهبه * * وليس بعجز المرء أخطأه الغنى * ولا باحتيال أدرك المال كاسبه * ابن المهدي محمد بن عبيد الله بن المهدي بالله محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب قال ابن النجار ذكره الصولي وغيره توفي سنة إحدى وخمسين ومأتين قال له يوما إبراهيم بن المهدي يا ابن أخي بكم اشترى أبوك أمك قال بخراج الدنيا ثلاثين ألف ألف دينار فضحك إبراهيم وقال يا ابن أخي هذا خراج الدنيا) والآخرة العتبي الأخباري محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان الأموي المشهور بالعتبي البصري الأخباري أحد الأدباء الفصحاء مات له بنون فكان يرثيهم وقصيدته في ولده مشهورة منها
5 * الصبر يحمد في المواطن كلها * إلا عليك فإنه مذموم * روى عن أبيه وعن سفيان بن عيينة ولوط ابن مخنف وروى عنه أبو حاتم السجساتي وأبو الفضل الرياشي وإسحاق بن محمد النخعي وقدم بغداد وحدث بها وكان مشتهرا بالشراب وكان هو وأبوه سيدين أديبين فصيحين ومن تصانيفه كتاب الخيل كتاب أشعار الأعاريب وأشعار النساء اللاتي أحببن ثم أبغضن وكتاب الذبيح وكتاب الأخلاق وغير ذلك ومن شعره القصيدة التي منها * رأين الغواني الشيب لاح بعارضي * فأعرضن عني بالخدود النواضر * * وكن متى أبصرنني أو سمعن بي * سعين فرقعن الكوى بالمحاجر * توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين وقال أول شعر قلته * بنفسي شيء لست أعرف قدره * على أنه ما كان فهو شديد * * تمر به الأيام تسحب ذيلها * فتبلى ولا تبليه وهو جديد * القائم بأمر الله الفاطمي محمد بن عبيد الله ويدعى محمد نزارا ابن المهدي القائم بالمغرب بايع لمحمد والده المذكور بولاية العهد بإفريقية وما معها وكانت الكتب تكتب باسمه والمظلة تحمل على رأسه وجهزه أبوه إلى مصر مرتين ليأخذها الأولى في ذي الحجة سنة إحدى وثلاث مائة فوصل إلى الإسكندرية وملكها وملك الفيوم وصار في يده أكثر خراج مصر وضيق على أهلها والمرة الثانية وصل إلى الإسكندرية في سنة سبع وثلاث مائة في عسكر عظيم فخرج عامل الإمام المقتدر عنها فدخلها ثم خرج إلى الجيزة في خلق عظيم ووردت الأخبار إلى بغداد فجهز مؤنس الخادم بالرجال والأموال فلما وصل إلى مصر كان القائم قد ملك الجيزة والأشمونين وأكثر بلاد الصعيد فتلاقيا وجرى بينهما حروب عظيمة ووقع في عسكر القائم الوباء والغلاء فمات الناس والخيل فرجع إلى إفريقية وتبعه عسكر مصر إلى أن تباعد عنهم وفي أيامه خرج أبو يزيد مخلد الخارجي وكانت المطوعة قد تبعته وقاسى منهم شدائد فأحسن) السيرة بنو
6 عبيد في الناس وهذبوا وطووا ما يرومونه من إظهار مذهبهم الخبيث وساسوا ملكهم وقنعوا بإظهار الرفض والتشيع وكانت ولادة القائم بمدينة سلمية بالشام سنة ثمانين وقيل سنة اثنتين وقيل سنة سبع وسبعين ومائتين واستصحبه والده معه إلى المغرب على ما سيأتي إن شاء الله تعالى وتوفي القائم المذكور بالمهدية سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة وأبو يزيد الخارجي محاصر له فقام بالأمر ولده المنصور إسماعيل وكتم خبر موته خوفا من الخارجي وكان على سوسة وأكثر العطايا والصلات ولم يتسم بالخليفة وكتبه تنفذ من الأمير إسماعيل ولي عهد المسلمين الوزير البلعمي محمد بن عبيد الله بن محمد بن رجاء الوزير أبو الفضل البلعمي بالباء الموحدة واللام الساكنة والعين المهملة المفتوحة وبعدها ميم أوحد عصره في العقل والرأي له كتاب تلقيح البلاغة وكتاب المقالات وغير ذلك وهو وزير صاحب ما وراء النهر توفي سنة تسع وعشرين وثلاث مائة الوزير أبو علي الخاقاني محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان أبو علي الوزير كان أكبر ولد أبيه أحضره المعتمد بعد وفاة أبيه وقلده مكانه وأراد أن يخلع عليه فأمر أن يؤخر ذلك فلم يضطلع بالأمر فترك أسبوعا وعزل بالحسن بن مخلد ووزر للمقتدر وصدرت منه أشياء مضحكة وعزل بعلي بن عيسى وقبض عليه على أنه صدرت منه واحدة حسنة يقال أنه لما عزل أكثر الناس التزوير عليه وعرضت تواقيع كثيرة على أبي الحسن علي بن عيسى فأنكرها وجهزها إليه وقال له عرفني الصحيح في هذه حتى أمضيه وأبطل الزور منها فحضر الرسول وهو يصلي فأخذ ابنه أبو القاسم يميز الباطل من الصحيح منها فأومأ إليه أبوه أن يتوقف فلما فرغ من صلاته أخذها وتصفحها وخلطها وقال كل هذه التوقيعات صحيحة وأنا أمرت بها فما رأيت إبطاله فأبطله ولما انصرف الرسول قال لابنه أردت أن تبغضنا إلى الناس بلا معنى ويكون الوزير قد التقط الشوك على أيدينا نحن قد صرفنا فلم لا نحبب إلى الناس بإمضاء كل ما زوروه فإن أمضاه كان الحمد لنا والضرر عليه وإن أبطله كان الحمد لنا والذم له توفي وقد تغير ذهنه في سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة ابن البلدي محمد بن عبيد الله البلدي قال الثعالبي في التتمة هو أشعر من أبيه وكان قد حلف أن لا يشرب حولا فبرت يمينه في غرة شوال فقال) * برت على هجر الكؤوس يميني * شهر الصيام فما امتطين يميني *
7 * قم هاتها حمراء في مبيضة * كالجلنارة في جنى نسرين * * أوما رأيت هلال فطر قد بدا * في الأفق مثل شعيرة السكين * * قسما بحبك لا مزجت كؤوسها * إلا ببريقك أو بماء جفوني * وقال * وبيت خلا من كل خير فناؤه * فضاق علينا وهو رحب الأماكن * * كأنا مع الجدران في جنباته * دمى في انقطاع الرزق لا في المحاسن * القاضي ابن معروف محمد بن عبيد الله بن أحمد بن معروف أبو الحسين ابن قاضي القضاة أبي محمد ولي القضاء نيابة عن والده بالجانب الشرقي من بغداد بعد وفاة القاضي أبي بكر بن صبر سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة ومات والده في سابع صفر من السنة لأن الأول توفي خامس المحرم فوقع لأبي الحسين بالقضاء على حاله فلما مات القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي في محرم سنة أربع وثمانين وثلاث مائة ردت أعماله إلى أبي الحسين فتولى القضاء بها كلها كان فقيها فاضلا متكلما حسن العبارة أديبا بليغ الألفاظ مليح الكتابة وكان من محاسن الناس صورة ومعنى ذكر ذلك ابن النجار وأورد له من شعره * فإن كان ما بلغت حقا فلامني * صديقي وشلت من يدي الأنامل * * ودام بي الإعراض منك فإنه * حمام إذا واصلته لي قاتل * وله أيضا * أنتم وإن بعدت عنا منازلكم * نوازل بين أخطاري وأفكاري * * وإن تحدثت لم ألفظ بغيركم * وإن سكت فأنتم عقد إضماري * وكتب إلى صديق له لم يعده في مرضه * وأصلحت جسمي بشرب الدواء * وقلبي على حاله في الألم * * فإن جدت بالوصل عافيته * وإن زاد هجرك زاد السقم * * ومثلك في البرء لا يستزار * ومثلي في الود لا يتهم * وكتب إليه أيضا * أصلح شرب الدواء جسمي * والقلب منه السقام باق) * (أظله البين فهو شاك * من ألم الهجر والفراق * * ولست أرجو له فراقا * إلا بأن يقرب التلاقي * توفي رابع شعبان سنة تسعين وثلاث مائة قلت شعر متوسط
8 أبو بكر الحنبلي محمد بن عبيد الله بن أحمد أبو بكر ابن أبي القاسم الحنبلي من أهل دير العاقول روى عن والده أبي القاسم وعن الإمام أبي حامد الأسفراييني والوزير أبي القاسم الحسين المغربي وأبي الحسين الحاجب وروى عنه مسعود بن ناصر السجزي الأمير المسبحي محمد بن عبيد الله بن أحمد المسبحي بالباء الموحدة المشددة المكسورة والحاء المهملة الحراني الأمير المختار عز الملك أحد الأمراء المصريين وكتابهم وفضلائهم صاحب التاريخ المشهور كان على زي الأجناد واتصل بخدمة الحاكم ونال منه سعادة وله تصانيف عديدة في الأخبار والمحاضرة والشعراء من ذلك كتاب التلويح والتصريح في الشعر وهو مائة كراسة ودرك البغية في وصف الأديان والعبادات في ثلاثة آلاف وخمس مائة ورقة وأصناف الجماع ألف ومائتا ورقة والقضايا الصائبة في معاني أحكام النجوم ثلاثة آلاف ورقة وكتاب الراح والإرتياح ألف وخمس مائة ورقة وكتاب الغرق والشرق في ذكر من مات غرقا أو شرقا مائتا ورقة وكتاب الطعام والإدام ألف ورقة وقصص الأنبياء عليهم السلام ألف وخمس مائة ورقة وجونة الماشطة يتضمن غرائب الأخبار والأشعار والنوادر التي لم يتكرر مرورها على الأسماع ألف وخمس مائة ورقة ومختار الأغاني ومعانيها وغير ذلك ومن شعره * ألا في سبيل الله قلب تقطعا * وفادحة لم تبق للعين مدمعا * * أصبرا وقد حل الثرى من أوده * فلله هم ما أشد وأوجعا * * فيا ليتني للموت قدمت قبلها * وإلا فليت الموت أذهبنا معا * وتولى المقياس والبهنسا من الصعيد ثم تولى ديوان الترتيب وله مع الحاكم مجالس ومحاضرات يشهد بها تاريخه الكبير ولد سنة ست وستين وتوفي سنة عشرين وأربع مائة ابن عمروس المالكي محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن عمروس أبو الفضل البغدادي الفقيه المالكي قال الخطيب انتهت إليه الفتوى ببغداد وحدث روى عنه الخطيب وغيره وكان من القراء المجودين توفي سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة) قاضي عكبرا محمد بن عبيد الله بن أحمد بن أبي الرعد الحنفي قاضي عكبرا كان ثقة توفي سنة ست وستين وأربع مائة ثالث شهر ربيع الآخر سمع أبا عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست وأبا أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي وأبا عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي وأبا الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار وغيرهم قدم
9 بغداد بعد علو سنه وحدث بها وأملى بجامع المنصور روى عنه ولده أبو الحسين محمد وأبو البركات ابن السقطي وأبو القاسم هبة الله ابن عبد الوارث الشيرازي ومكي بن عبد السلام الرميلي ابن أبي البقاء قاضي البصرة محمد بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين البصري أبو الفرج ابن أبي البقاء قاضي البصرة كان شيخا مهيبا صبيح الوجه عالما بالمذهب له يد باسطة في اللغة والأدب وله تصانيف في اللغة حسان سمع الحديث بالبصرة من أبي القاسم الفضل بن محمد بن الفضل القصباني وأبي موسى عيسى بن موسى بن خلف الأندلسي وبواسط من القاضي أبي تمام علي بن محمد بن الحسن وأبي غالب محمد بن أحمد بن بشران وبالأهواز من أبي الغنائم الحسن بن علي بن حماد الحوزي وبالكوفة من الشريف أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الحسني ودرس الفقه ببغداد على أقضى القضاة الماوردي والقاضي أبي الطيب الطبري وأبي إسحاق الشيرازي وتوفي سنة تسع وتسعين وأربع مائة بالبصرة وله مقدمة في النحو وكتاب المتقعرين ابن الأصبغ القرطبي محمد بن عبيد الله بن الأصبغ القرشي المرواني من أهل قرطبة وسكن شاطبة أورد له ابن الأبار في تحفة القادم * تثنت فاستراب الخيزران * وفاهت فاستذل الأقحوان * * وأبدت من تثنيها فنونا * قلوب العاشقين لها مكان * * وقالت لا يباه بنا قتيل * وليس لخائف عندي أمان * * أرى رضوان ملتمسا محلي * كأن الأرض عاد بها الجنان * * وقالت للغزالة حسن وجهي * وثغري يجتنى منه الجمان * محمد بن عبيد الله بن غياث بالغين المعجمة والياء المثناة من تحت المشددة وبعد الألف ثاء مثلثة أبو عمرو من أهل شريش كان شاعرا مطبوعا توفي سنة تسع عشرة وست مائة قال من أبيات) * وكوثري الريق إلا أنه * فوق العقيق دره قد نظما * * أسكرني ولم أذق رحيقه * إلا بثغر خاطري توهما * منها * إن لم تكن معرفة تقدمت * فودنا بالغيب قد تقدما * * يا وقفة بالشوق فيما بيننا * أتعب منه البين شخصا كرما *
10 * أهدت لنا منه الربا مع الصبا * عرفا تذكرت به عهد الحمى * وقال في الشيب وأجاد * صبوت وهل عار على الحر إن صبا * وقيد بعشر الأربعين إلى الصبى * * يرى أن حب الحسن في الله قربة * لمن شاء بالأعمال أن يتقربا * * وقالوا مشيب قلت واعجبا لكم * أينكر بدر قد تخلل غيهبا * * وليس بشيب ما ترون وإنما * كميت الصبى مما جرى عاد أشهبا * أبو حنيفة الخطيبي الحنفي محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي الخطيبي أبو حنيفة ابن أبي إسماعيل الحنفي من أهل أصبهان قال ابن النجار كان شيخا فاضلا من بيت مشهور بالرواية والخطابة والقضاء والفضل والعلم قدم بغداد حاجا وحدث بها سنة اثنتين وستين وخمس مائة عن أبيه وعن جده لأمه حمد بن محمد بن أحمد بن صدقة وعن أبي مطيع محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المصري وأبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد وعبد الرحمن ابن حمد الدوني وجماعة غيرهم وأملى عدة مجالس بجامع القصر وورى عنه ابن الأخضر وعبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي وأبو القاسم المبارك بن أنوشتكين العدل وأبو الفضل محمد بن أبي الحسن الضرير المقرئ وغيرهم ولد سنة ثمان وثمانين وأربع مائة وتوفي سنة إحدى وسبعين وخمس مائة ابن التعاويذي محمد بن عبيد الله بن عبد الله أبو الفتح سبط المبارك التعاويذي البغدادي المشهور صاحب الديوان أضر آخر عمره روى عنه علي بن المبارك ابن الوارث توفي سنة أربع وثمانين وخمس مائة إنما نسب إلى التعاويذي لأنه نشأ في حجره وكفله صغيرا فنسب إليه وهو جده قال ابن خلكان زلم يكن في وقته مثله وفيما أعتقد لم يكن قبله بمائتي سنة من) يضاهيه ولا يؤاخذني من يقف على هذا الفصل فإن ذلك يختلف بميل الطباع قلت كان شاعرا مطيقا سهل الألفاظ عذب الكلام منسجم التركيب ولم يكن له غوص على المعاني ولم يورد له ابن خلكان رحمه الله على إطنابه في وصفه شيئا من قصائده الطنانة وكان الشيخ الإمام شهاب الدين محمود رحمه الله لا يفارقه ديوانه ويعجبه طريقه وكان ابن التعاويذي
11 كاتبا بديوان المقاطعات وعمي في آخر عمره سنة تسع وسبعين وله في عماه أشعار كثيرة يرثي عينيه ويندب زمان شبابه وجمع ديوانه بنفسه ورتبه أربعة فصول ثم ألحقه بعد ذلك بزيادات وصنف كتابا سماه الحجبة والحجاب يدخل في مقدار خمس عشرة كراسة وهو قليل الوجود وقال العماد الكاتب إنه كان في العراق صاحبه فلما انتقل العماد إلى الشام وخدم نور الدين وصلاح الدين كتب إليه يطلب منه فروة برساله ذكرها ابن خلكان في تاريخه وكان مولده سنة تسع عشرة وخمس مائة ومن شعره * سقاك سار من الوسمي هتان * ولا رقت للغوادي فيك أجفان * * يا دار لهوي وإطرابي وملعب أت * رابي وللهو أوطار وأوطان * * أعائد لي ماض من جديد هوى * أبليته وشباب فيك فينان * * إذ الرقيب لنا عين مساعدة * والكاشحون لنا في الحب أعوان * * وإذ جميلة توليني الجميل وعن * د الغانيات وراء الحسن إحسان * * ولي إلى البان من رمل الحمى طرب * فاليوم لا الرمل يصيبني ولا البان * * وما عسى يدرك المشتاق من وطر * إذا بكى الربع والأحباب قد بانوا * * كانوا معاني المغاني والمنازل أم * وات إذا لم يكن فيهن سكان * * لله كم قمرت لبي بجوك أقم * ار وكم غازلتني فيك غزلان * * وليلة بات يجلو الراح من يده * فيها أغن خفيف الروج جذلان * * خال من الهم في خلخاله حرج * فقلبه فارغ والقلب ملآن * * يذكي الجوى بارد من يقه شم * ويوقظ الوجد طرف منه وسنان * * إن يمس ريان من ماء الشباب فلي * قلب إلى ريقه المعسول ظمآن * * بين السيوف وعينيه مشاركة * من أجلها قيل للأغماد أجفان * * فكيف أصحو غراما أو أفيق جوى * وقده ثمل الأعطاف نشوان) * (أفديه من غادر للعهد غادرني * صدوده ودموعي فيه غدران * * في خده وثناياه مقلته * وفي عذاريه للعشاق بستان * * شقائق وأقاح نبته خضل * ونرجس أنا منه الدهر سكران * ومنه قصيدة مدح بها القاضي الفاضل أولها * مرت بنا في ليلة النفر * تجمع بين الإثم والأجر * * أدماء غراء هضيم الحشا * واضحة اللبات والنحر * * مرت تهادى بين أترابها * كالبدر بين الأنجم الزهر *
12 * مال بها سكر الهوى والصبي * ميل الصبا بالغصن النضر * منها * ذنبي إلى الأيام حريتي * ولم تزل إلبا على الحر * * ما لي أرى الناس وحالي على * خلاف أحوالهم تجري * * وما أرى لي بينهم دولة * ترفع من شأني ولا قدري * * كأنني لست من الناس في * شيء ولا دهرهم دهري * * وما لإنسانيتي شاهد * شيء سوى أني في خسر * منها يذكر ما حصل له من العمى * حتى رمتني رميت بالأذى * بنكبة قاصمة الظهر * * وأوترت في مقلة قلما * علمتها باتت على وتر * * أصبتني فيها على غرة * بغابر من حيث لا أدري * * جوهرة كنت ضنينا بها * نفيسة القيمة والقدر * * إن أنا لم أبك عليها دما * فضلا عن الدمع فما عذري * * ما لي لا أبكي على فقدها * بكاء خنساء على صخر * يقال أن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد قال لو مدحت بهذه القصيدة أجزت عليها بألف دينار وقال ابن التعاويذي * يا واثقا من عمره بشبيبة * علقت يداك بأضعف الأسباب * * ضيعت ما يجدي عليك بقاؤه * وحفظت ما هو مؤذن بذهاب) * (المال يضبط في يديك حسابه * والعمر تنفقه بغير حساب * وقال وعلو السن قد كسر بالشيب نشاطي * كيف سموه علوا * وهو أخذ في انحطاط * وقال * أأحرم دولتكم بعدما * ركبت الأماني وأنضيتها *
13 * وما لي ذنب سوى أنني * رجوتكم فتمنيتها * وقال * جبة طال عمرها فغدت تصل * ح أن يسمع الحديث عليها * * كلما قلت فرج الله منها * أحوجت خسة الزمان إليها * وقال وقد سمع قول الصابي فالعمر مثل الكأس يرم وسب في أواخره القذى * فمن شبه العمر كأسا يقر * قذاه ويرسب في أسفله * * فإني رأيت القذى طافيا * على صفحة الكأس في أوله * وقال يهجو الوزير ابن البلدي * يا رب أشكو إليك ضرا * أنت على كشفه قدير * * أليس صرنا إلى زمان * فيه أبو جعفر وزير * وقال * مجاهد الدين عشت ذخرا * لكل ذي حاجة وكنزا * * بعثت لي بغلة ولكن * قد مسخت في الطريق عنزا * وقال * قضيت شطر العمر في مدحكم * ظنا بكم أنكم أهله * * وعدت أفنيه هجاء لكم * فضاع عمري فيكم كله * وقال أيضا * ولقد مدحتكم على جهل بكم * وظننت فيكم للصنيعة موضعا) * (ورجعت بعد الاختبار أذمكم * فأضعت في الحالين عمري أجمعا * وقال يهجو * قال أطباؤه لعوده * قولا عن الحق غير مدفوع * * شقوا رغيفا في وجه صاحبكم * فما به علة سوى الجوع * وقال * وباخل قدم لي شمعة * وحاله من حرق حالها *
14 * فما جرت من عينها دمعة * إلا ومن عينيه أمثالها * ابن علان الواسطي محمد بن عبيد الله بن علان بن زاهر بن عمر بن رزين الخزاعي أبو عبد الله الشاعر من أهل واسط قال ابن النجار شاب فاضل حسن الشعر دخل الشام ومدح ملوكها ثم قدم بغداد سنة تسع عشرة وست مائة ومدح الإمام الناصر وسمع منه الحافظ ابن الدبيثي ثم إنه سافر إلى الجزيرة فيقال أنه هجا الملك الأشرف والحاجب عليا وهو الناظر بحران فحبسه وخلد في السجن بحران مدة وكان يلقب بالراوية قال أنشدني الحافظ أبو عبد الله محمد بن سعيد قال أنشدنا المذكور لنفسه * أنظر إلى الخمر وتكوينها * تجد عجيبا منهما أو عجاب * * رقت هواء وصفت مزنة * وأضرمت نارا وكانت ترابا * وأنشد له من أبيات * ولكم هممت بنصب أشراك الكرى * لخياله والنوم منه شرود * * أو رمت أفلت من هواه فشدني * وسط الحبائل بنده المشدود * * ومتى عزمت على السلو يقول لي * حل العزيمة خصره المعقود * * وإذا جحدت هواه خوف وشاته * فعلى الغرام دلائل وشهود * توفي آخر يوم من سنة أربع وعشرين وست مائة ولم يبلغ الأربعين قلت شعره متوسط زين الدين ابن عبيد الله محمد بن عبيد الله بن جبريل الصدر زين الدين أبو عبد الله الكاتب المصري توفي سنة أربع وسبعين وستمائة كان في ديوان الإنشاء بالقاهرة وتاج الدين ابن الأطرباني كاتب الإنشاء هو ابن أخته وسيأتي ذكر ولده القاضي صلاح الدين يوسف بن محمد في حرف الياء مكانه إن شاء الله تعالى له شعر لطيف عذب يأخذ بمجامع القلب منه قوله) * إنما الشكوى إلى الخل * ق هوان ومذله * * فأترك الخلق وأنزل * كل ما نابك بالله * وقال جوابا * أهلا وسهلا بكتاب غدا * كالروض جادته سماء السماح * * وافى فمن فرط سروري به * بات نديما لي حتى الصباح * * تمزج فيه بالعتاب الرضا * وإنما تمزج راحا براح * وكتب إلى بعض أصحابه بالحجاز
15 * يا راحلا قد كدت أقضي بعده * أسفا وأحشائي عليه تقطع * * شط المزار فما القلوب سواكن * لكن دمع العين بعدك ينبع * وقال وقد اشتد به المرض * لم تجد همي ولا حزني * أم مفقود لها وله * * ما بقاء الروح في جسدي * غير تعذيب لها وله * وقال أيضا * أيا بديع الجمال رق لمن * ستر هواه عليك مهتوك * * دموعه في هواك جارية * وقلبه في يديك مملوك * لما فتح حصن عكار نظم القاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر ومن خطه نقلت يا مليك الأرض بشراك فقد نلت الإراده * إن عكار يقينا * هي عكا وزيادة * ونظم زين الدين ابن عبيد الله * إن سلطان البرايا * زاده الله سعاده * * قتل الأعداء رعبا * وله بالنصر عاده * * حصن عكار فتوح * هو عكا وزيادة * كلاهما من قول القائل * لك يا بدرون وجه * هو عنوان السعادة * * لا تخف محقا ونقصا * أنت بدر وزيادة *) وقال * ولقد شكوت لمتلفي * حالي ولطفت العبارة * * فكأنني أشكو إلى * حجر وإن من الحجارة * وقال في شبابة فأحسن التضمين * وناحلة صفراء تنطق عن هوى * فتعرب عما في الضمير وتخبر * * براها الهوى والوجد حتى أعادها * أنابيب في أجوافها الريح تصفر *
16 وقال ما يكتب على حياصة * لقد غار مني العاشقون وأظهروا * قلائي فلا نال الوصال غيور * * ومن ذا الذي أضحى له كعلائقي * لديه ولكن للنفوس غرور * * وقد ضاع مني خصره فوق ردفه * فلا عجب أني عليه أدور * وما أحسن قول محيي الدين ابن قرناص * منطقة المحبوب قالت لنا * مقالة توجب أن نعشقه * * علائقي يطرب تغريدها * لا ينكر التغريد من منطقه * وقول محيي الدين بن عبد الظاهر * أنا في خصر أهيف ليت أني * كنت أرقى لجيده فأعانق * * ولكم رمت ذاك منه ولكن * أثقلتني كما رأيت العلائق * وهو مأخوذ برمته من قول القائل * لقد فزت من خصر الحبيب بموضع * تود بأن تسمو إليه المناطق * * وددت بأن أرقى لتقبيل ثغره * غراما ولكن أثقلتني العلائق * وقال في ذلك صدر الدين ابن الوكيل * بلغت مقاما ما تأتى لعاشق * حسدت له من بين كل الخلائق * * فلا يدعي العشاق حالي فإنني * نحيل معنى مثقل بالعلائق * وقال شهاب الدين العزازي في ذلك ما علوت الخصور حتى تبوأت من السقم مقعدي ومكاني وصبرت الصبر الشديد على البرد وذقت العذاب بالنيران) * وكأني أعلنت أو بحت بالس * ر فكفوا كما رأيت لساني * وقال آخر * ألوذ بخصر حبيبي وما * على من يلوذ بمحبوبه * * كثيب علاه قضيب علاه * هلال فيا حسن ترتيبه * * وحسرة عشاقه أنني * أحطت بما لم يحيطوا به * وقال زين الدين ابن عبيد الله أيضا في حياصة ذهب * غار المحبون مني * إذ درت حول نطاقه *
17 * ونلت ما لم ينالوا * من ضمه وعناقه * * ما اصفر لوني إلا * مخافة من فراقه * وكتب إلى ناصر الدين ابن النقيب * يا من يشنف مسمعي * بحديثه ويروق لحظي * * أنبئت أنك جئتني * حفظا لعهدي أي حفظ * ثم انثيت ولم تصام دفني وذلك لسوء حظي فكتب ابن النقيب الجواب * يا متحف الأسماع من * ه بكل لفظ غير فظ * * لفظ تثنى عطفه * يختال في حكم ووعظ * * لولا اعتذارك ما خبا * ما كان عندي من تلظي * قلت ليس للحكم والوعظ في هذا المقام دخول ولا مقام شرف السادة محمد بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن علي بن الحسن ابن الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبو الحسن العلوي الحسيني المعروف بشرف السادة من أهل بلخ صاحب النظم والنثر قدم بغداد رسولا من السلطان ألب رسلان إلى الإمام القائم بأمر الله في سنة ست وخمسين وأربع مائة ومدح القائم وحدث عن الفقيه أبي علي الحسن بن أحمد الزاهد روى عنه أبو غالب الذهلي وأبو سعد الزوزني من شعره * يا نظرة جلبت حتفي مفاجأة * ما خلت أن حمامي حم في النظر) * (لله حاجبه المفدي كيف رمى * قلب المتيم عن قوس بلا وتر * ومنه قوله * أفدي بروحي من قلبي كوجنته * بالوصف لا الحكم والأحكام تفترق * * أعجب بحرقة قلب ما له لهب * ومن تلهب خد ليس يحترق * وقد أثنى الباخرزي في الدمية على هذا شرف السادة ثناء كثيرا وطول ترجمته وقال من جملة وصفه سيد السادات وشرفهم وبحر العلماء ومغترفهم وتاج الأشراف العلوية المتفرعين من الجرثومة النبوية تنوس على عالم العلم ذوائبه وتقرطس أهداف الآداب صوائبه ولم يزل له أمام سرير الملك قدم صدق يطلع في سماء الفجر بدره ويوطئ أعناق النجوم قدره وأقل ما يعد من محصوله جمعه من ثمار الأدب وأصوله ووصفه بأنه ينثر
18 فينفث في عقد السحر ويحلق إلى الشعرى إذا أسف إلى الشعر فأما الذي وراءه من العلوم الإلهية التي أجال فيها الأفكار واقتض منها الأبكار فمما لا يحصر ولا يحزر ولا يعد ولا يحد وأورد له * شد النطاق بخصره * فغدا فريدا في جماله * يجنى اللجين من الحبال فكيف رد إلى حباله وقوله * بدا للعيون كبدر الدجى * أحيط بخط من الغالية * * فخط تسنن في ريه * وخط من الشيع الغالية * وقوله * بدا بالعتاب وثنى بصد * ومل فأزرى بعقد عقد * وعلم أصداغه الفاتنات ما في مودته من أود * فطورا تعطف كالصولجان * وطورا تحلق مثل الزرد * * وإن ظمئت من طراد النسيم * وردن ثنايا له كالبرد * * ولما التقينا على غفلة * وغاب الرقيب وزال الرصد * * وقد نظمت في أساريره * لفرط الحياء عقود النجد * * أشار بساحرة للقلوب * إلي ونافثة في العقد * * وما ضر لو جاد لي بالسلام * وروح من بعض هذا الكمد) * (فقد كنت أرضى بنيل القليل * ورب غليل شفاه الثمد * وقوله * أشبه الغصن إذ تأود قدا * وحكى الورد إذ تفتح خدا * * وثنى للوداع في حومة البي * ن بنانا يكاد يعقد عقدا * * ولقد حاول الكلام فحاشى * واشييه فأسبل الدمع سردا * * وإذا فاجأ المحب جنود البي * ن عبى من المدامع جندا * * لست أنسى وإن تقادم عهد * عهد أحبابنا بنجد ونجدا * حين غصن الشباب عض ونجم الوصل سعد بحسن إسعاد سعدى * وغزالا قد أورث البدر غيظا * وجهه الطلق والغزالة حقدا * * ألف الصد والتجنب حتى * علم الطيف في الكرى أن يصدا * * فسقى عهده العهاد وإن لم * يقض حقا له ولم يرع عهدا *
19 أبو المجد الباهلي الطبيب محمد بن عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي هو أفضل الدولة أبو المجد بن أبي الحكم من الحكماء المشهورين كان طبيبا حاذقا وله يد طولى في الهندسة والنجوم ويعرف الموسيقى ويلعب بالعود ويزمر وله في سائر آلات الطرب يد عمالة وعمل أرغنا وبالغ في إتقانه وقرأ على والده وغيره الطب وكان في دولة نور الدين الشهيد ولما عمر البيمارستان بدمشق جعل أمر الطب فيه إليه فكان يدور على المرضى فيه ويعتبر أحوالهم وبين يديه المشارفون والخدام للمرضى وكل ما يكتبه للمرضى لا يؤخر عنهم فإذا فرغ من ذلك طلع القلعة وافتقد مرضى السلطان وغيرهم وعاد إلى البيمارستان وجلس في الإيوان الكبير وجميعه مفروش ويحضر كتب الاشتغال وكان نور الدين قد أوقف عليه جملة كثيرة من الكتب الطبية وكانت في الخرستانين اللذين في صدر الإيوان وكان جماعة الأطباء والمشتغلين يأتون إليه ويقعدون بين يديه ثم تجري مباحث طبية ويقرأ التلاميذ ولا يزال معهم في مباحث وأشغال ونظر في الكتب مقدار ثلاث ساعات ثم يركب بعد ذلك كله إلى داره وتوفي في دمشق سنة وخمس مائة أبو بكر ابن خطاب الغافقي محمد بن عبيد الله بن هارون بن خطاب الغافقي المرسي أبو بكر أخبرني الشيخ أثير الدين من لفظه قال المذكور كاتب عالم عالي الهمة قدم غرناطة وكتب) بها عن ملكها الغالب بالله أبي عبد الله ابن الأحمر ثم رغب عنه وجاوز البحر إلى تلمسان فكان في كنف مالكها أبي يحيى يغمور العبد الوادي المعروف بيغمراسن معظما مكرما إلى أن توفي بها سنة ست وثمانين وستمائة وأنشدنا الخطيب المحدث النحوي محب الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الشبلي السبتي قدم علينا القاهرة حاجا قال أنشدنا أبو بكر ابن خطاب بتلمسان لنفسه * رشأ في الخد منه روضة * ما جناها دانيا للمهتصر * * طلع الآس مع الورد بها * فهوى يغرب صبر المصطبر * * جال ماء الحسن فيها والصبي * فالتقى الماء على أمر قد قدر * * مرت الموسى على عارضه * فكأن الآس بالماء غمر * * مجمع البحرين أمسى خده * إذ تلاقى فيه موسى والخضر * شمس الدين الكوفي الواعظ محمد بن عبيد الله الواعظ الأديب الكوفي تقدم ذكره في محمد بن أحمد بن أبي علي عبيد الله
20 3 (ابن عبد المتكبر)) القاضي أبو جعفر الهاشمي محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود ابن عبد المتكبر بن هارون بن محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله أبو جعفر الهاشمي الخطيب قاضي باب البصرة ببغداد سمع ابن البزي وغيره وكان صالحا ثقة توفي سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة الخطيب أبو يعلى الهاشمي محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود أخو المذكور أولا هو أبو يعلى كان يتولى الخطابة بجامع المنصور سمع شيئا من الحديث بعد علو سنه من أبي السعود أحمد بن علي بن المجلي وحدث عنه بيسير سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي ورفيقه صبيح الحبشي وتوفي سنة ثلاث وستين وخمس مائة 3 (ابن عبد المجيد)) محمد بن عبد المجيد بن أبي القاسم بن زهير أبو عبد الله التاجر من أهل الحربية أسمعه والده في صباه من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيره وحدث بديار مصر قال محب الدين ابن النجار ذكر لنا عيسى بن عبد العزيز اللخمي بالإسكندرية أنه قرأ عليه القرآن بالروايات وذكر لنا أنه كان يقول الشعر وله تواليف ابن فخر الدين ابن الأقفاصي محمد بن عبد المجيد بن عبد الله القاضي سعد الدين ابن فخر ا لدين ابن صفي الدين ابن الأقفاصي ولي نظر الخزانة بمصر وتوفي بالقاهرة في ثامن عشرين ذي الحجة سنة أربع عشرة وسبع مائة ولما توجه السلطان الملك الناصر محمد إلى الكرك سنة ثمان وسبعمائة توجه صحبته وأظهر شرا كثيرا وعسفا
21 3 (ابن عبد المحسن)) ابن الرفاء والد شيخ الشيوخ شرف الدين محمد بن عبد المحسن بن محمد ابن منصور بن خلف القاضي الفقيه زين الدين أبو عبد الله الأنصاري الأوسي الكفر طابي الأصل الدمشقي المولد الشافعي المعروف بابن الرفاء وهو والد شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز ولي القضاء والأوقاف بحماة وله شعر حسن توفي في شهر رمضان سنة ست عشرة وست مائة ببارين ومن شعره * كأن الهلال هلال السما * وقد لاح في قمص من سواد * * حبيب أمات بهجرانه * محبا ودارى بلبس الحداد * وقال في السواك * ومصحوب به أمر الرسول * له لوني المغير والنحول * * تنعم في مكان ما لخلق * سواه إلى تقحمه سبيل * وقال ملغزا في البيضة * ها أنا السابق أو واضعتي * خبروا سابقنا بالتبديه * * إن تكن مني فمن أين أنا * أو أكن منها فمن أين هيه * وقال * يا مولعا بالأماني غير معتبر * كيف الإقامة والدنيا على سفر) * (لا تركنن إلى دار الغرور ولا * تسكن إلى وطن فيها ولا وطر * * وسالم الناس تسلم من مكايدهم * مسلما لقضاء الله والقدر * * كم منحة بدرت ما كنت تأملها * ومحنة لم تكن منها على حذر * ومن شعره * لو نفرنا عن السكون إلى الدن * يا هدينا إلى سواء الصراط * * دار غدر وحسرة وانقطاع * وبلاء وقلعة واشتطاط * * أبدا تسترد ما وهبته * كخليل ابن يونس الخياط * معناه أن عبد الله بن محمد بن سالم بن يونس الخياط كان له خليل يدعوه لمنادمته فإذا سكر خلع عليه ثوبا فإذا صحا من الغد بعث إليه فاستعاده منه وكان ابن الخياط هذا منقطعا إلى الزبير فقال في ذلك
22 * كساني قميصا مرتين إذا انتشى * وينزعه عني إذا كان صاحيا * * فلي فرحة في سكره بقميصه * وروعاته في الصحو حصت جناحيا * * فيا ليت حظي في سروري ولوعتي * يكون كفافا لا علي ولا ليا * وقال الشيخ شرف الدين عن والده زين الدين صاحب هذه الترجمة حفظ والدي القرآن العظيم وعمره تسع سنين وصلى التراويح بجامع دمشق برواق الحنابلة وتلقنه من صالح المقرئ وتأدب على الشيخ يوسف البوني ثم على الشيخ العالم الحكيم أبي محمد عبد المنعم بن عمر بن حسان الغساني الأندلسي ثم على شيخنا تاج الدين الكندي وتفقه على شرف الدين عبد الله بن أبي عصرون ثم على الشيخ ضياء الدين الدولعي ونظم الشعر وأنشأ الرسائل وعمره عشر سنين وما حوله ابن الدواليبي المسند محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن بن عبد الغفار الشيخ الفاضل الواعظ المعمر مسند الوقت عفيف الدين أبو عبد الله الأزجي البغدادي الحنبلي الخراط والده الدواليبي شيخ الحديث بالمستنصرية ولد في ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين هكذا أملاه وكتب مرة سنة تسع وسمع سنة أربع وأربعين من ابن الخير إبراهيم وابن العليق وابن قميرة وأخيه يحيى وعبد الملك بن قينا وأحمد بن عمر الباذبيني وعجيبة الباقدارية وطائفة وكان خاتمة من سمع منهم وسمع المسند كله بفوت وصحيح مسلم وانتهى إليه علو الأسناد كان يقول حفظت) اللمع في النحو ومختصر الخرقي وحج غير مرة ووعظ بالكلاسة وسمع منه الشيخ شمس الدين بالعلى وغيرها وكان حسن المحاضرة طيب الأخلاق أخذ عنه الفرضي وابن الفوطي والبرزالي وصفي الدين ابن الخطيب وسراج الدين القزويني وشمس الدين ابن خلف وأخوه منصور وعفيف الدين ابن المطري وخلق سواهم وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبع مائة الأنصاري الدمشقي محمد بن عبد المحسن أبو عبد الله الأنصاري الدمشقي قدم بغداد سنة خمس وتسعين وخمسمائة وهو شاب مع قاضي القضاة القاسم ابن يحيى الشهرزوري وكان أديبا ولديه علم وفضل وفوض إليه قاضي القضاة عقود الأنكحة وولاه بعض الوقوف وأورد له محب الدين ابن النجار لغزا في شجرة النارنج * وقائمة على ساق قويم * تعاين من تصرفها عجابا * * تجود لنا ببلور فنلهو * ونعرض عن تناولها ونأبى * * فتجعلها زمرذة لنرضى * وليس نزيدها إلا اجتنابا * * فتتركنا وتجعله عقيقا * فيعجبنا ونأخذها اغتصابا *
23 ومنه قوله * وكلما طال عمر المرء قصر في * أحواله وبدا في فعله الزلل * * كالشمس مهما علت في الأفق طالعة * فهكذا في خضيض الأرض تستفل * ومنه ما يكتب على المسطرة أنا لما أمرت بالعدل وانقدت ولم يثنني الهوى والمراء * واستقامت طرائقي وتساوت * فلها الاعتدال والاستواء * * صرت للناس قدوة في طروس الع * لم تقفو آثاري العلماء * * فاستقم واعتدل تنل رتب الفض * ل وتعنو لأمرك الفضلاء * قلت شعر متوسط وقال محب الدين ابن النجار ذكر لي القطيعي أنه خرج من بغداد مع ابن الشهرزوري سنة ثمان وتسعين وخمس مائة الأرمنتي قاضي البهنسا محمد بن عبد المحسن بن الحسن شرف الدين الأرمنتي قاضي البهنسا فقيه نحوي شاعر كريم لبيب كثير الاحتمال مشكور في ولايته وعين لقضاء الإسكندرية وطلب إلى القاهرة فحضر جمع كبير من أهل البهنسا وأظهروا الألم وسألوا) القاضي جلال الدين القزويني أن لا يغيره فأعفاه ورجع إليهم ثم عين لقوص فلم يوافق وبني مدرسة بالبهنسا ورباطا ومسجدا وكان محببا إلى الخلق قرأ الفقه بالصعيد على خاله سراج الدين يونس بن عبد المجيد الأرمنتي وتأدب به ولازمه وأقام بمصر سنين يشتغل بها مع خاله إلى أن ولي خاله فسار معه وتزوج ابنته وكان ينوب عنه حيث كان وتوفي سنة ثلاثين وسبع مائة ومولده سنة اثنتين وسبعين بأرمنت تقديرا ولم يعقب قال كمال الدين جعفر الأدفوي أنشدني من شعره كثيرا ومنه * جز بسفح العقيق وانشق خزامه * وفؤادي سل عنه إن رمت رامه * * وإذا ما شهدت أعلام نجد * وزرود وحاجر وتهامه * * صف لجيرانها الكرام بيوتا * حالة الصب بعدهم وغرامه * * وترقق لهم وسلهم وصالا * وقل الهجر والصدود على مه * * عبدكم بعدكم على الود باق * لم يغير طول البعاد ذمامه * * يا كرام النصاب إنا نراكم * حيث كنتم بكل حي كرامه * قال وأنشدني لنفسه يجمع العبادلة * إن العبادلة الأحبار أربعة * مناهج العلم في الإسلام للناس *
24 * ابن الزبير وابن العاص وابن أبي * حفص الخليفة والحبر ابن عباس * * وقد يضاف ابن مسعود لهم بدلا * عن ابن عمرو لوهم أو لإلباس * وقال حكى لي أن بعض عدول البهنسا حكى له أن امرأة حضرت مع زوجها إلينا لنوقع بينهما الطلاق فرأيناه لا يشتهي ذلك فكلمناها فلم تقبل فأوقعناه فالتفتت إلينا وأنشدت * لما غدا الأكيد عهدي ناقضا * وأراد ثوب الوصل أن يتمزقا * * فارقته وخلعت من يده يدي * وتلوت لي وله وإن يتفرقا *
25 3 (ابن عبد الملك)) الأموي متولي مصر محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي ولي الديار المصرية لأخيه هشام بن عبد الملك وكان فيه دين ظفر به عبد الله بن علي يوم نهر أبي فطرس فذبحه صبرا في سنة أربعين ومائة أو ما دونها الوزير ابن الزيات محمد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة الوزير أبو جعفر ابن الزيات كان أبوه زياتا فنشأ هو وقرأ الأدب وقال الشعر البديع وتوصل بالكتابة إلى أن وزر للمعتصم والواثق وسبب وزارته أنه ورد على المعتصم كتاب بعض العمال وفيه ذكر الكلأ فقرأه الوزير أحمد بن عمار بن شاذي وزير المعتصم عليه فقال له ما الكلأفقال لا أعلم فقال المعتصم خليفة أمي ووزير عامي انظروا من في الباب فوجدوا ابن الزيات فأدخلوه إليه فقال له ما الكلأفقال العشب على الإطلاق فإن كان رطبا فهو الخلا فإذا يبس فهو الحشيش وشرع في تقسيم النبات فعلم المعتصم فضله فاستوزره وحكمه وبسط يده وأمر أن لا يمر بأحد إلا يقوم له فكان القاضي أحمد بن أبي دؤاد يرصد له غلاما إذا رآه مقبلا أعلمه فيقوم ويصلي حتى يعبره ابن الزيات فقال ابن الزيات * صلى الضحى لما استفاد عداوتي * وأراه ينسك بعدها ويصوم * * لا تعدمن عداوة مسمومة * تركتك تقعد تارة وتقوم * فبلغ ذلك القاضي ابن أبي دؤاد فقال * أحسن من تسعين بيتا هجا * جمعك معناهن في بيت * * ما أحوج الدنيا إلى مطرة * تغسل عنهم وضر الزيت * وكان ابن الزيات قد اتخذ تنورا من حديد وفيه مسامير أطرافها المحددة إلى داخل التنور وهي قائمة مثل رؤس المسال يعذب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال فكيفما انقلب أحدهم أو تحرك من حرارة الضرب دخلت تلك المسال في جسمه فيجد لذلك ألما عظيما وكان إذا قال أحدهم أيها الوزير ارحمني فيقول الرحمة خور في الطبيعة فلما اعتقله المتوكل أدخله ذلك التنور وقيده بخمسة عشر رطلا من الحديد فقال يا أمير المؤمنين ارحمني فقال الرحمة خور في الطبيعة فطلب دواة وقرطاسا فأخذ ذلك وكتب
26 * هي السبيل فمن يوم إلى يوم * كأنه ما تريك العين في النوم) * (لا تجزعن رويدا إنها دول * دنيا تنقل من قوم إلى قوم * وسيرها إلى المتوكل فاشتغل عنها ولم يقف عليها إلا في الغد فلما قرأها أمر بإخراجه فجاؤوا إليه فوجدوه ميتا سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وكانت إقامته في التنور أربعين يوما ووجد قد كتب بالفحم على جانب التنور * من له عهد بنوم * يرشد الصب إليه * * رحم الله رحيما * دل عيني عليه * * سهرت عيني ونامت * عين من هنت لديه * وقال في التنور * سل ديار الحي من غيرها * ومحاها وعفا منظرها * * وهل الدنيا إذا ما أقبلت * صيرت معروفها منكرها * * إنما الدنيا كظل زائل * نحمد الله كذا قدرها * ولما توفي المعتصم تولى الأمر الواثق وكان قد حلف إن صار الأمر إليه لينكبن ابن الزيات فلما كتب الكتاب ما يتعلق بالبيعة لم يرضوه وكتب ابن الزيات فأرضاه فكفر عن يمينه وقال المال عن اليمين فدية وعوض وليس عن ابن الزيات عوض فأقره على الوزارة كان في نفس المتوكل منه شيء كثير فلما ولي الخلافة خشي أن ينكبه عاجلا فيستر أمواله فتفوته فأقره على الوزارة وجعل ابن أبي دؤاد يغريه ويحثه على القبض عليه فأمسكه وأودعه التنور كما تقدم فلم يجد من ضياعه وأملاكه وذخائره إلا ما قيمته مائة ألف دينار فندم على ذلك وقال لابن أبي دؤاد أطمعتني في الباطل وحملتني على شخص لم أجد عنه عوضا وكان ابن الزيات من أئمة الأدب المتبحرين الذين دققوا النظر فيه وشعره جيد كثير وله ديوان رسائل ومدحه البحتري بقصيدته الدالية التي منها * وأرى الخلق مجمعين على فض * لك ما بين سيد ومسود * * عرف العالمون فضلك بالعل * م وقال الجهال بالتقليد * ولأبي تمام الطائي فيه مقطعات كثيرة يعبث به فيها منها * قالت فأين السراة قلت لها * لا تسألي عنهم فقد ماتوا * * قالت ولم كان ذاك قلت لها * هذا وزير الإمام زيات *) وكان ابن الزيات يقول بخلق القرآن الغزال محمد بن عبد الملك بن زنجويه الحافظ أبو بكر البغدادي الغزال
27 صاحب الإمام أحمد وجاره روى عنه الأربعة وإبراهيم الحربي ووثقه النسائي وغيره وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائتين الدقيقي محمد بن عبد الملك الدقيقي روى عنه أبو داود وابن ماجة وثقه الدارقطني توفي سنة ست وستين ومائتين راوية بني أسد محمد بن عبد الملك الفقعسي أعرابي فصيح أدرك المنصور ومن بعده من الخلفاء إلى المأمون وهو الذي يقول فيه * أمير المؤمنين عفوت حتى * كأن الناس ليس لهم ذنوب * وقال فيه أيضا * إني وجدتك في جرثومة فرعت * مرعى قريش إذا ما واصف وصفا * * وأنت في هاشم في سر نبعتها * بحيث حلت وسيطا لم تكن طرفا * وله من الكتب المصنفة كتاب مآثر بني أسد وأشعارها ابن صالح الهاشمي محمد بن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب شاعر مشهور أديب كان ينزل أرض قنسرين وله مع المأمون خبر بقي إلى أيام المتوكل وجرت بينه وبين أبي تمام الطائي والبحتري مخاطبات وهو القائل يرد على أبي الأصبغ * أنا ابن آل الله في هاشم * حيث نمى خير وإحسان * * من نبعة منها نبي الهدى * مورقة والفرع فينان * * بحيث خلفي الريح محشورة * والثقلان الإنس والجان * * أئمة زهر نجوم الدجى * بيض على الأيام غران *
28 وقال وهو تشبيه شيئين بشيئين * ترى الهام فيها والسيوف كأنها * فراخ القطا صبت عليها الأجادل * وقال يصف القلم * وأبيض طاوي الكشح أخرس ناطق * له ذملان في بطون المهارق) * (إذا استمطرته الكف جاد سحابه * بلا صوت إرعاد ولا ضوء بارق * * كأن اللآلئ والزبرجد نظمه * ونور الأقاحي في بطون الحدائق * * كأن عليه من دجى الليل حلة * إذا ما استهلت مزنة بالصواعق * * إذا ما امتطي غر القوافي رأيتها * مجللة تمضي أمام السوابق * الكلثومي محمد بن عبد الملك الكلثومي أبو عبد الله كان متفنا علامة في اللغة وعلم الإعراب والنجوم والحساب ومعرفة الأنساب والأيام دخل خوارزم حين زال ملك الطاهرية وانقضت دولتهم ومن شعره * تقول سعاد ما يغرد طائر * على فنن إلا وأنت كئيب * * أجارتنا إنا غريبان هاهنا * وكل غريب للغريب نسيب * * أجارتنا إن الغريب وإن غدت * عليه غوادي الصالحات غريب * * أجارتنا من يغترب يلق للأذى * نوائب تقذي عينه ويشيب * * يحن إلى أوطانه وفؤاده * له بين أحناء الضلوع وجيب * * سقى الله طيفا بالعراق فإنه * إلي وإن فارقته لحبيب * * أحن إليه من خراسان نازعا * وهيهات لو أن المزار قريب * * وإن حنينا من خوارزم ضلة * إلى منتهى أرض العراق عجيب * ابن أيمن الحافظ المالكي محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج أبو عبد الله القرطبي كان فقيها مشاورا مالكيا حافظا ثقة صنف كتابا على سنن أبي داود كما فعل ابن أصبغ وتوفي سنة ثلاثين وثلاث مائة القيسي المغربي محمد بن عبد الملك بن طفيل القيسي من أهل
29 برشانة من المرية كان طبيبا أديبا كتب لوالي غرناطة في وقت وتوفي في مراكش سنة إحدى وثمانين وخمس مائة وحضر السلطان جنازته وشعره في غاية الجودة وهو القائل * أتذكر إذ مسحت بفيك عيني * وقد حل البكى فيها عقوده * * ذكرت بأن ريقك ماء ورد * فقابلت الحرارة بالبروده * ومن نظمه من قصيدة * جلت عن ثناياها فأومض بارق * فأضواء ما شق الدجنة منهما) * (وساعدني جفن الغمام على البكا * فلم أدر وجدا أينا كان أسجما * * ونظمت سمطي ثغرها ووشاحها * فأبصرت در الثغر أجلى وأنظما * الهمذاني الفرضي المؤرخ محمد بن عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد أبو الحسن الهمذاني الفرضي ابن الشيخ أبي الفضل جمع تاريخا في الملوك والدول توفي سنة إحدى وعشرين وخمس مائة وسمع أبا الحسين أحمد بن محمد بن النقور والنقيب أبا الفوارس طرادا الزينبي وغيرهما وروى عنه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في معجم شيوخه وكان فاضلا حسن المعرفة بالتواريخ وأخبار الدول والملوك والحوادث قال ابن النجار وبه ختم هذا الفن وله مصنفات ملاح منها الذيل على تاريخ الطبري وذيل آخر على تاريخ الوزير أبي شجاع التالي لكتاب تجارب الأمم لابن مسكويه وكتاب عنوان السير وأخبار الوزراء عمله ذيلا على كتاب ابن الصابي وكتاب طبقات الفقهاء أخبار دولة السلطان محمد ومحمود أمراء الحج من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أيامه وله كتاب في الشؤم قال كان أبي إذا أراد أن يؤدبني يأخذ العصا بيده ويقول نويت أن أضرب اني تأديبا كما أمرني وإلى أن تتم له النية أهرب منه وكان والده رجلا صالحا ورعا دعي إلى القضاء مرارا فلم يفعل القاضي ابن العديم بسعادتك محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله ابن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة أبو المكارم العقيلي الحلبي المعروف بابن العديم من بيت العلم والقضاء والحشمة كان كاتبا شاعرا فاضلا قال الكندي كان يسمع معنا فورد دمشق ودعاه ابن القلانسي وكنت حاضرا وكان لا يسأله عن شيء فيخبره عنه إلا قال بسعادتك إلى أن قال ما فعل فلانقال مات بسعادتك أو قال ما فعلت الدار الفلانية قال خربت بسعادتك فلقبناه القاضي بسعادتك توفي سنة خمس وستين وخمس مائة ومن شعره * لئن تناءيتم عني ولم يركم * شخصي فأنتم بقلبي بعد سكان *
30 * لم أخل منكم ولم أسعد بقربكم * فهل سمعتم بوصل فيه هجران * ومنه قوله * لئن بعدت أجسامنا عن ديارنا * فإن بها الأرواح في غيشة رغد * * وليس بقاء المرء في دار غربة * مضرا إذا ما كان في طلب المجد * قلت شعر متوسط) ابن المقدم محمد بن عبد الملك بن المقدم الأمير شمس الدين من كبار أمراء الدولتين نور الدين وصلاح الدين وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين وسكن دمشق ولما توفي نور الدين كان أحد من قام بسلطنة ولده ثم إن صلاح الدين أعطاه بعلبك ثم عصا عليه فجاء إليه وحاصره ثم أعطاه بعض القلاع عوضا عنها ثم استنابه على دمشق وكان بطلا شجاعا حضر وقعة حطين وعكا والقدس والسواحل وتوجه إلى الحج فلما بلغ عرفات ضرب الكوسالت ورفع علم صلاح الدين وكان أمير الركب العراقي طاشتكين فأنكر ذلك عليه واقتتلوا فجاءه سهم في عينه فخر صريعا فحمله طاشتكين وخيط جراحه فتوفي من الغد بمنى سنة أربع وثمانين وخمس مائة ولما بلغ السلطان بكى وتأسف وله دار كبيرة بدمشق إلى جانب المدرسة المقدمية ثم صارت لصاحب حماة ثم صارت لقراسنقر المنصوري ثم لسلطان الملك الناصر وله تربة ومسجد وخان كل ذلك مشهور جوا باب الفراديس بدمشق ابن زهر الطبيب محمد بن عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن محمد ابن مروان بن زهر أبو بكر الإيادي الإشبيلي أخذ علم الطب عن جده أبي العلاء وعن أبيه وانفرد بالإمامة في الطب في زمانه مع الحظ الوافر من اللغة والأدب والشعر والحظوة عند الملوك وكان سمحا جوادا ممدحا وهاتان أعجوبتان مغربي طبيب كريم وكان جوادا نفاعا بماله وجاهه أخذ عنه الأستاذ أبو علي الشلوبين وأبو الخطاب ابن دحية وكان يحفظ صحيح البخاري متنا وإسنادا ويحفظ شعر ذي الرمة وهو ثلث اللغة وكان يجر قوسا سبعة وثلاثين رطلا وتوفي في مراكش وقد قارب السبعين سنة خمس وتسعين وخمس مائة قال ابن دحية كان يحفظ شعر ذي الرمة وهو ثلث لغة العرب ومولده سنة سبع وخمس مائة انتهى ومن شعره يتشوق ولدا صغيرا * ولي واحد مثل فرخ القطا * صغير تخلف قلبي لديه * * تشوقني وتشوقته * فيبكي علي وأبكي عليه * * نأت عنه داري فيا وحشتا * لذاك القديد وذاك الوجيه *
31 * وقد تعب الشوق ما بيننا * فمنه إلي ومني إليه * أوصى أن يكتب على قبره * تأمل بحقك يا واقفا * ولاحظ مكانا دفعنا إليه * * تراب الضريح على وجنتي * كأني لم أمشي يوما عليه) * (أداوي الأنام حذار الحمام * وها أنا قد صرت رهبا لديه * وقال في كتاب حيلة البرء لجالينوس * حيلة البرء صنفت لعليل * يترجى الحياة أو لعليله * * فإذا جاءت المنية قالت * حيلة البرء ليس في البرء حيله * ولابن زهر من موشحات المغاربة جملة ومن موشحات ابن زهر قوله أيها الساقي إليك المشتكى قد دعوناك وإن لم تسمع ونديم همت في غرته وشربت الراح من راحته كلما استيقظ من سكرته جذب الزق إليه واتكا وسقاني أربعا في أربع غصن بان مال من حيث استوى بات من يهواه من فرط الجوى خافق الأحشاء موهون القوى كلما فكر في البين بكى ما له يبكي لما لم يقع ليس لي صبر ولا لي جلد يا لقومي عذلوا واجتهدوا أنكروا شكواي مما أجد مثل حالي حقه أن يشتكى كمد اليأس وذل الطمع يا لعيني عشيت بالنظر أنكرت بعدك ضوء القمر وإذا ما شئت فاسمع خبري شقيت عيناي من طول البكا وبكى بعضي على بعضي معي ومنها قوله أيضا شمس قارنت بدرا راح ونديم أدر أكؤس الخمر)
32 عنبرية النشر إن الروض ذو نشر وقد درع النهرا هبوب النسيم وسلت عن الأفق يد الغرب والشرق سيوفا من البرق وقد أضحك الزهرا بكاء الغيوم ألا إن لي مولى تحكم فاستولى أما إنه لولا دمع يفضح السرا لكنت كتوم أنى لي كتمان ودمعي طوفان شبت فيه نيران فمن أبصر الجمرا في لج يعوم إذا لامني فيه من رأى تجنيه شدوت أغنيه لعل لها عذرا وأنت تلوم وحكي لي أن القانون الذي لابن سينا لما دخل الغرب أخذه أبو العلاء زهر جد ابن زهر هذا وسيأتي ذكره في حرف الزايووقف عليه فلم يرض به وكان يكتب الوصفات في هوامش الكتاب المذكور ويكتب فيها مثل الجزاز على عادة الأطباء وهذا إفراط في التعصب والحسد وإلا فما كان ابن زهر ممن يجهل القانون * وهبني قلت هذا الصبح ليل * أيعمى العالمون عن الضياء * الواعظ الحنبلي محمد بن عبد الملك بن إسماعيل بن عبد الملك ين علي أبو عبد الله الواعظ) الحنبلي الأصبهاني كان له قبول كثير عند أهل بلده سمع الحديث من أبي القاسم إسماعيل بن علي الحمامي وأبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي وجماعة وقدم بغداد حاجا في شبابه
33 وسمع بها من الشريف ابن العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي وأبي المظفر هبة الله بن أحمد الشبلي وغيرهما ثم قدمها ثانيا وأملى بجامع القصر عشر مجالس قال ابن النجار كتبناها عنه وكان شيخا فاضلا صدوقا متدينا توفي في أصبهان سنة خمس وتسعين وخمس مائة كمال الدين ابن درباس محمد بن عبد الملك بن عيسى بن درباس القاضي كمال الدين أبو حامد ابن قاضي القضاة صدر الدين الماراني المصري الشافعي الضرير العدل أجاز له السلفي وروى عنه الدواداري وابن الظاهري وغيرهما ودرس بالمدرسة السيفية مدة وأفتى وأشغل وقال الشعر وجالس الملوك وتوفي سنة تسع وخمسين وست مائة ومن شعره الزاهد الفارقي محمد بن عبد الملك بن عبد الحميد أبو عبد الله الفارقي الزاهد قدم بغداد في صباه واستوطنها إلى أن مات وكان منقطعا إلى الزهد والعبادة والتجرد عن الدنيا دعا الخلق إلى الله تعالى وكان يتكلم على الناس كل جمعة بعد الصلاة بجامع القصر يجلس على آجرتين ويقوم قائما إذا حمي في الكلام وسئل أن يعمل له كرسي خشب فأبى وكان يحفظ كتاب نهج البلاغة ويغير عبارته وكان الكبار يحضرون مجلسه والأعيان والفضلاء وكان يتكلم على لسان أهل الحقيقة بلسان عذب وكلام لطيف وعبارة رشقة ومنطق بليغ فانتفع الناس به وأناب إلى الله تعالى جماعة ببركته وطهارة أنفاسه وصفاء باطنه وظاهره وقد دون كلامه وجمعه وبوبه ورتبه أبو المعالي الكتبي في كتاب مفرد وكتب الناس عنه من كلامه وشعره وشعر غيره وأورد له محب الدين ابن النجار * انتقد جوهرية الإنسان * والذي فيه من فنون المعاني * * خل عنك الأسماء واطرح الألق * أب وانظر إلى المعاني الحسان * وأورد له أيضا * من عاش عاين من أيامه عجبا * إن الزمان كذا يبدي لنا العجبا * * بينا ترى المرء رأسا في تصرفه * حتى يعود على أعقابه ذنبا) * (فلا تكن آمنا منه مواهبه * فإنه سالب ما كان قد وهبا * * إذا تأملته تلقى خلائقه * مريرة بعد ما ألفيتها ضربا * قلت شعر فوق المنحط ودون المتوسط وذكره العماد الكاتب في الخريدة وقال أنشدني لنفسه البيتين الأوليين وتوفي سنة اربع وستين وخمس مائة وأورد العماد الكاتب في الخريدة قطعة وافية من كلامه شرف الدين الأرزوني محمد بن عبد الملك بن عمر الشيخ الإمام الزاهد القدوة
34 شرف الدين الأرزوني شيخ مشهور بالصلاح تام الشكل أسمر مهيب جليل قليل الشيب مليح العمة والبزة صاحب سمت وهدى ووقار صحب الكبار وتعبد وانقطع سنة ست وتسعين وست مائة الباقلاني المؤدب محمد بن عبد الملك بن محمد بن حماد الأستاني أبو بكر المؤدب المعروف بالباقلاني من أهل الأستان قرية من بلد الخالص انتقل عنها إلى بغداد وسكن بباب الأزج يعلم الصبيان وكان له شعر روى عنه أبو المعمر الأنصاري ومنوجهر ابن محمد الكاتب وأبو نصر الرسولي وغيرهم ومن شعره * قل للمليحة في الخمار المذهب * ذهب الزمان وحبكم لم يذهب * * وجمعت بين المذهبين فلم يكن * للحسن في ذهبيهما من مذهب * * نور الخمار ونور وجهك نزهة * عجبا لخدك كيف لم يتلهب * * وإذا بدت عين لتسرق نظرة * قال الجمال لها اذهبي لا تذهبي * ومنه * تباعد عنا من نحب دنوه * وقاطعنا من بعد طيب وصال * * فيا ليته إذ شط عنا مزاره * تعاهدنا منه بطيف خيال * قلت شعر في الرتبة الأولى من الجودة التاريخي النحوي محمد بن عبد الملك بن إسماعيل الأمير الكامل ناصر الدين ابن الملك العيد بن السلطان الملك السراج التاريخي لقب بذلك لاعتنائه بالتواريخ كنيته أبو بكر حدث عن الحسن بن محمد الزعفراني وأحمد بن منصور الرمادي وأبي بكر بن أبي خيثمة وأبي العيناء والمبرد وثعلب وأمثالهم وكان أديبا فاضلا متقنا حسن الأخبار مليح الروايات وألف تاريخا) لأبي الحسين محمد بن عبد الرحمن الروذباري صاحب الفضل بن جعفر بن حنزابة وكان ولي كتابة مصر من قبله وحدث عنه التنوخي في نشواره وله كتاب تاريخ النحويين وذكر فيه لنفسه شعرا ومن شعره * وإذا العريب تفرعت أصنافه * وتفرقت فكأنه بدوي * * وإذا علوم النحو قيست فهو من * جمعا له الكوفي والبصري * قلت شعر ساقط غث أبو بكر الشنتريني محمد بن عبد الملك الشنتريني المغربي أبو بكر النحوي هو شيخ ابن بري النحوي المصري حفظ عليه الإيضاح للفارسي وقرأ عليه كتاب سيبويه وللشنتريني كتاب تلقيح الألباب في عوامل الإعراب وله كتاب في العروض جيد
35 الملك الكامل الأمير محمد بن عبد الملك الصالح ابن العادل الأيوبي سبط السلطان الملك الكامل وابن خالة صاحب الشام الناصر يوسف وابن خالة صاحب حماة ولد سنة ثلاث وخمسين وحدث عن ابن عبد الدائم وكان ذكيا خبيرا بالأمور فيه انبساط كثير ولطف وافر وله النوادر في التنديب الحلو الداخل وهي مشهورة بين أهل دمشق نادم الأفرم نائب دمشق توجه معه مرة إلى الصعيد فلما ضرب الحلقة وفرغ منها أحضر الأمراء ما صادوه على العادة في ذلك فقال له الأفرم وأنت يا ملك ما رميت شيئاقال نعم الكف الذي كان معلق في الحياصة وقيل له يوما إن هلال شهر رمضان ثبت البارحة فقال من رآهقالوا له فلان وهو من عدول دمشق يعرف بالميت فقال هذا ميت وفضولي ويخلط شعبان برمضان وحضر عند الصاحب شمس الدين ليلة مولد فلما أحضرت الحلى اشتغل هو بالحديث مع الصاحب وأكل الحاضرون الحلوى وحضر بعد ذلك البابا بالفوطة والماورد ورش على يده فأخذه ومسح به عينيه وقال يا مهتار الحلوى رأيتها بعيني وأما يدي فما مستها فضحك الصاحب وأحضر له حلوى تخصه وكان من كبار أمراء دمشق أوصى عندما توفي أن يدفن عند أبيه بتربة الكامل فما مكن ودفن بتربة جدتهم أم الصالح وله أولاد أمراء لم يزل هو وهم في ديون ضخمة من كرمهم وتبذيرهم وكانت وفاته سنة سبع وعشرين وسبع مائة)
36 3 (ابن عبد المنعم)) ابن شقير ابن حواري محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حواري الشيخ تاج الدين أبو المكارم التنوخي المعري الأصل الدمشقي الحنفي يعرف بابن شقير الأديب الشاعر ولد سنة ست وست مائة روى الأربعين التي لهبة الرحمن القشيري عن أبي الفتوح البكري وهو أخو المحدث الأديب نصر الله سمع الدمياطي منهما وهو من شعراء الملك الناصر وله فيه مدائح جمة وكان يحبه ويقدمه على غيره من الشعراء من شعره * ما ضر قاضي الهوى العذري حين ولي * لو كان في حكمه يقضي علي ولي * * وما عليه وقد صرنا رعيته * لو أنه مغمد عنا ظبي المقل * * يا حاكم الحب لا تحكم بسفك دمي * إلا بفتوى فتور الأعين النجل * * ويا غريم الأسى الخصم الألد هوى * رفقا علي فجسمي في هواك بلي * * أخذت قلبي رهنا يوم كاظمة * على بقايا دعاو للهوى قبلي * * ورمت مني كفيلا بالأسى عبثا * وأنت تعلم أني بالغرام ملي * * وقد قضى حاكم التبريح مجتهدا * علي بالوجد حتى ينقضي أجلي * * لذا قذفت شهود الدمع فيك عسى * أن الوصال بجرح الجفن يثبت لي * * لا تسطون بعسال القوام على * ضعفي فما آفتي إلا من الأسل * * هددتني بالقلى حسبي الجوى وكفى * أنا الغريق فما خوفي من البلل * توفي تاج الدين سنة تسع وستين وست مائة ومن شعر تاج الدين ابن شقير * أما الوفاء فشئ ليس يتفق * من بعد ما خنت يا قلبي بمن أثق * * أغراك طرفي بما أغراك من فتن * حتى سبتك القدود الهيف والحدق * * وقد تشاركتما في فتح باب هوى * سدت على سلوتي من دونه الطرق * * سعيتما في دمي بغيا فنالكما * لفرط بغيكما التبريح والأرق * * حتام لا ترعوي يا قلب ذب كمدا * فحسبك المزعجان الشوق والقلق) * (تبيت صبا كئيبا نهب جند هوى * لا قاتلي بك طول الدهر تعتلق * * طورا بنجد وأحيانا بكاظمة * وتارة لك تبدو بالحمى علق *
37 * وكل يوم تعنيني إلى أمل * من دونه المرهفات البيض تمتشق * * أبكي لكي تنطفي من أدمعي حرقي * وكلما فاض دمعي زادت الحرق * * وكنت أشكو ولي صبر ولي رمق * فكيف حالي ولا صبر ولا رمق * ومنه أيضا * أقسمت برشق المقلة النباله * قلبي وبلين القامة العساله * * ما ألبسني حلة سقم وضنى * يا هند سوى جفونك الغزاله * ومنه * وغزال سبى فؤادي منه * ناظر راشق وقد رشيق * * ريقه رائق السلافة والث * غر حباب وخده الراووق * * حل صدغيه ثم قال لي أفرق * بين هذين قلت فرق دقيق * ومنه * واحيرة القمرين منه إذا بدا * وإذا انثنى يا خجلة الأغصان * * كتب الجمال ويا له ما كاتب * سطرين في خديه بالريحان * وكان تاج الدين يلقب بالهدهد فأعطاه الملك الناصر ضيعة على نهر ثورا فحسده جماعة وسعوا على إخراجها من يده فكتب إلى الملك الناصر * ما قدر داري في البناء فسعيهم * في هدمها قد زاد في مقدارها * * هب أنها إيوان كسرى رفعة * أوما بجودك كان أصل قرارها * * فاكتب بأني لا أعارض كاتب * عصب يضن علي في إنكارها * فالنص جاء عن النبي محمد الهادي أقروا الطير في أوكارها ابن هامل المحدث محمد بن عبد المنعم بن عمار بن هامل شمس الدين أبو عبد الله الحراني سمع الزبيدي وابن اللتي والإربلي والهمذاني وابن رواحة والسخاوي والقطيعي وعمر بن كرم وابن رواج وجماعة بديار مصر وعني بالحديث عناية كثيرة وكتب الكثير وتعب وحصل روى عنه ابن الخباز والدمياطي وابن أبي الفتح وابن العطار) توفي في شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وست مائة ووقف أجزاءه بالضيائية وكان شيخ الحديث بالعالمية شهاب الدين ابن الخيمي محمد بن عبد المنعم بن محمد شهاب الدين ابن الخيمي الأنصاري اليمني الأصل المصري الدار الشاعر حدث بجامع الترمذي عن علي بن البناء المكي وأجاز له ابن سكينة وغيره وعلت سنه وحدث بكثير من مروياته روى عنه الدمياطي في
38 معجمه وسمع منه قطب الدين ابن منير وفخر الدين ابن الظاهري وكان هو المقدم على شعراء عصره مع المشاركة في كثير من العلوم وكان يعاني الخدم الديوانية وباشر وقف مدرسة الشافعي ومشهد الحسين وفيه أمانة ومعرفة وكان معروفا بالأجوبة المسكتة ولم يعرف منه غضب عاش اثنتين وثمانين سنة أو أكثر وتوفي بالقاهرة سنة خمس وثمانين وست مائة وروى أيضا عن عتيق بن باقا وابن عبد الله بن البناء واتفق أن نجم الدين ابن إسرائيل الشاعر حج فرأى ورقة ملقاة فيها القصيدة التي لابن الخيمي المشهورة البائية فادعاها قال قطب الدين فحكى لنا صاحبنا الموفق عبد الله بن عمر أن ابن إسرائيل وابن الخيمي اجتمعا بعد ذلك بحضرة جماعة من الأدباء وجرى الحديث فتحاكما إلى شرف الدين ابن الفارض فقال ينبغي لكل واحد منكما أن ينظم أبياتا على هذا الوزن والروي فنظم ابن الخيمي لله قوم بجرعاء الحمى غيب القصيدة ونظم ابن إسرائيل لم يقض في حبكم بعض الذي يجب القصيدة فلما وقف عليهما ابن الفارض أنشد لابن إسرائيل لقد حكيت ولكن فاتك الشنب وحكم بالقصيدة لابن الخيمي واستجاد بعض الحاضرين أبيات ابن إسرائيل وقال من ينظم مثل هذا ما الحامل له على ادعاء ما ليس بهفابتدر ابن الخيمي وقال هذه سرقة عادة لا سرقة حاجة وانفصل المجلس وسافر ابن إسرائيل لوقته من الديار المصرية وقد طلب ابن خلكان وهو نائب الحكم بالقاهرة الأبيات من ابن الخيمي فكتبها وذيل له في آخرها أبياتا وسأله الحكم بينه وبين من ادعاها والقصيدة المدعاة أنشدنيها من لفظه الشيخ الإمام الحافظ فتح الدين محمد) بن محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري قال أنشدني لنفسه إجازة الشيخ شهاب الدين محمد بن عبد المنعم ابن الخيمي وفي غالب الظن أنه سماع * يا مطلبا ليس لي في غيره أرب * إليك آل التقصي وانتهى الطلب * * وما طمحت لمرأى أو لمستمع * إلا لمعنى إلى علياك ينتسب * * وما أراني أهلا أن تواصلني * حسبي علوا بأني فيك مكتئب * * لكن ينازع شوقي تارة أدبي * فأطلب الوصل لما يضعف الأدب * * ولست أبرح في الحالين ذا قلق * نام وشوق له في أضلعي لهب * * ومدمع كلما كفكفت أدمعه * صونا لذكرك يعصيني وينسكب * * ويدعي في الهوى دمعي مقاسمتي * وجدي وحزني فيجري وهو مختضب * * كالطرف يزعم توحيد الحبيب ولا * يزال في ليله للنجم يرتقب * يا صاحبي قد عدمت المسعدين فساعدني على وصبي لا مسك الوصب
39 * بالله إن جزت كثبانا بذي سلم * قف لي عليها وقل لي هذه الكثب * * ليقضي الخد من أجراعها وطرا * في تربها يؤدي بعض ما يجب * * ومل إلى البان من شرقي كاظمة * فلي إلى البان من شرقيها طرب * * وخذ يمينا لمغنى تهتدي بشذا * نسيمه الرطب إن ضلت بك النجب * * حيث الهضاب وبطحاها يروضها * دمع المحبين لا الأنواء والسحب * * أكرم به منزلا تحميه هيبته * عني وأنواره لا السمر والقضب * * دعني أعلل نفسا عز مطلبها * فيه وقلبا لغدر ليس ينقلب * * ففيه عاينت قدما حسن من حسنت * به الملاحة واعتزت به الريب * * دان وأدنى وعز الحسن يحجبه * عني وذلي والإجلال والرهب * * أحيا إذا مت من شوق لرؤيته * بأنني لهواه فيه منتسب * * ولست أعجب من جسمي وصحته * في حبه إنما سقمي هو العجب * * والهف نفسي لو أجدى تلهفها * غوثا ووا حربا لو ينفع الحرب * * يمضي الزمان وأشواقي مضاعفة * يا للرجال ولا وصل ولا سبب * * يا بارقا بأعالي الرقمتين بدا * لقد حكيت ولكن فاتك الشنب) * (ويا نسيما سرى من جو كاظمة * بالله قل لي كيف البان والعذب * * وكيف جيرة ذاك الحي هل حفظوا * عهدا أراعيه إن شطوا وإن قربوا * * أم ضيعوا ومرادي منك ذكرهم * هم الأحبة إن أعطوا وإن سلبوا * * إن كان يرضيهم إبعاد عبدهم * فالعبد منهم بذاك البعد مقترب * * والهجر إن كان يرضيهم بلا سبب * فإنه من لذيذ الوصل محتسب * * وإن هم احتجبوا عني فإن لهم * في القلب مشهود حسن ليس يحتجب * * قد نزه اللطف والإشراق بهجته * عن أن تمنعها الأستار والحجب * * ما ينتهي نظري منهم إلى رتب * في الحسن إلا ولاحت فوقها رتب * * وكلما لاح معنى من جمالهم * لباه شوق إلى معناه منتسب * * أظل دهري ولي من حبهم طرب * ومن أليم اشتياقي نحوهم حرب * والتي نظمها ابن إسرائيل منها * لم يقض في حبكم بعض الذي يجب * قلب متى عن ذكراكم له يجب * * ولي وفي لرسم الدار بعدكم * دمع متى جاد ضنت بالحيا السحب * * أحبابنا والمنى تدني زيارتكم * وربما حال من دون المنى الأدب *
40 * ما رأيكم من حياتي بعد بعدكم * وليس لي في حياة بعدكم أرب * * قاطعتموني فأحزاني مواصلة * وحلتم فحلالي فيكم التعب * * رحتم بقلبي وما كادت لتسلبه * لولا قدودكم الخطية السلب * * يا بارقا ببراق الحزن لاح لنا * أأنت أم أسلمت أقمارها النقب * * ويا نسيما سرى والعطر يصحبه * أجزت حيث مشين الخرد العرب * * أقسمت بالمقسمات الزهر تحجبها * سمر العوالي والهندية القضب * * لكدت تشبه برقا من ثغورهم * يا در دمعي لولا الظلم والشنب * أخبرنا الشيخ العلامة شهاب الدين محمود قال قلت لابن إسرائيل يا شيخ نجم الدين لأي شيء قصرت عن ابن الخيمي في هذا المعنى قال و شاعر فحل وأخذ المعنى بكرا فجوده ولم يدع فيه فضلة أو كما قال والقصيدة التي نظمها ابن الخيمي ثانيا مع ابن إسرائيل هي ما أنشدنيه الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود قال أنشدني شهاب الدين محمد بن عبد) المنعم ابن الخيمي لنفسه * لله قوم بجرعاء الحمى غيب * جنوا علي ولما أن جنوا عتبوا * * يا رب هم أخذوا قلبي فلم سخطوا * وإنهم غصبوا عيشي فلم غضبوا * * هم العريب بنجد مذ عرفتهم * لم يبق لي معهم مال ولا نشب * * شاكون للحرب لكن من قدودهم * وفاترات اللحاظ السمر والقضب * * فما ألموا بحي أو ألم بهم * إلا أغاروا على الأبيات وانتهبوا * * عهدت في دمن البطحاء عهد هوى * إليهم وتمادت بيننا حقب * * فما أضااعوا قديم العهد بل حفظوا * لكن لغيري ذاك العهد قد نسبوا * * من منصفي من لطيف منهم غنج * لدن القوام لإسرائيل ينتسب * مبدل القوم ظلما لا يفي بمواعيد الوصال ومنه الذنب والغضب * تبين لثغته بالراء نسبته * والمين منه بزور الوعد والكذب * * موحد فيرى كل الوجود له * ملكا ويبطل ما يأتي به النسب * * فمن عجائبه حدث ولا حرج * ما ينتهي في المليح المطلق العجب * * بدر وكن هلالا لاح إذ هو بال * وردي من شفق الخدين منتقب * * في كأس مبسمه من حلو ريقته * خمر ودر ثناياه بها حبب * * فلفظه أبدا سكران يسمعنا * من معرب اللحن ما ينسى به الأدب * * تجني لواحظه فينا ومنطقه * جناية يجتنى من مرها الضرب *
41 * حلو الأحاديث والألحاظ ساحرها * تلغى إذا نطق الألواح والكتب * * لم تبق ألفاظه معنى يروق لنا * لقد شكت ظلمه الأشعار والخطب * * فداؤه ما جرى في الدمع من مهج * وما جرى في سبيل الحب محتسب * * ويح المتيم شام البرق من إضم * فهزه كاهتزاز البارق الحرب * * وأسكن البرق من وجد ومن كلف * في قلبه فهو في أحشائه لهب * * وكلما لاح منه بارق بعثت * ماء المدامع من أجفانه سحب * * وما أعادت نسيمات الغوير له * أخبار ذي الأثل إلا هزه الطرب * * واها له أعرض الأحباب عنه وما * أجدت رسائله الحسنى ولا القرب *) وأنشدني الشيخ جمال الدين محمود بن طي الحافي قال أنشدني لنفسه عفيف الدين سليمان بن علي التلمساني * لولا الحمى وظباء بالحمى عرب * ما كان في البارق النجدي لي أرب * * حلت عقود اصطباري دونه حلل * خفوقها كارتياحاتي لها تجب * * وفي رياض بيوت الحي من إضم * ورد جني ومن أكمامه النقب * * يسقي الأقاحي منها قرقف فإذا * لاح الحباب عليها فاسمه الشهب * * يقضي بها لعيون الناظرين على * كل القلوب قضاء ما له سبب * * إلا تمارض أجفان إذا سلبت * فمقتضى همها المسلوب لا السلب * * وبي لدى الحلة الفيحاء غصن نقا * يهفو فيجذبه حقف فينجذب * * لا تقدر الحجب أن تخفي محاسنه * وإنما في سناه الحجب تحتجب * * أعاهد الراح أني لا أفارقها * من أجل أن الثنايا شبهها الحبب * * وأرقب البرق لا سقياه من أربي * لكنه مثل خديه له لهب * * يا سالما في الهوى مما أكابده * رفقا بأحشاء صب شفه الوصب * * فالأجر يا أملي إن كنت تكسبه * من كل ذي كبد حراء يكتسب * * يا بدر تم محاقي في زيادته * ما آن أن تنجلي عن أفقك السحب * * صحا السكارى وسكري دام فيك أما * للسكر لا سبب يروى ولا نسب * * قد أيأس الصبر والسلوان أيسره * وعاقه الصب عن آماله الوصب * * وكلما لاح يا عيني وميض سنا * تهمي وإن هب يا قلبي صبا تجب * قلت فيه مد حرى وهي مقصورة وذكر ضمير الصبا وهي مؤنثة وأنشدني جمال الدين محمود المذكور قال أنشدني عفيف الدين لنفسه أيضا
42 * أينكر الوجد أني في الهوى شجب * ودون كل دخان ساطع لهب * * وما سلوت كما ظن الوشاة ولا * أسلو كما يترجى الواله الوصب * * فإن بكى لصباباتي عذول هوى * فلي بما منه يبكي عاذلي طرب * * ناشدتك الله يا روحي اذهبي كلفا * بحب قوم عن الجرعاء قد ذهبوا * * لا تسأليهم ذماما في محبتهم * فطالما قد وفى بالذمة العرب) * (هم أهل ودي وهذا واجب لهم * وإنما ودهم لي فهو لا يجب * * هم ألبسوني سقاما من جفونهم * أصبحت أرفل فيه وهو ينسحب * * وصيرت أدمعي حمرا خدودهم * فكيف أجحد ما منوا وما وهبوا * * هل السلامة إلا أن أموت بهم * وجدا وإلا فبقياءي هي العطب * * إن يسلبوا البعض مني والجميع لهم * فإن أشرف جزءي الذي سلبوا * * لو تعلم العذبات المائسات بمن * قد بان عنها إذا ما اخضرت العذب * * ولو درى منهل الوادي الذي وردوا * من واردو مائه لاهتزه الطرب * * إني لأكظم أنفاسي إذا ذكروا * كي لا يحرقهم من زفرتي اللهب * * أسائل البان عن ميل النسيم بهم * سؤال من ليس يدري فيه ما السبب * * وتلك آثار لين في قدودهم * مرت بها الريح فاهتزت لها القضب * * يصحو السكارى ولا أصحو ظما بكم * ويسكر السكر من بعض الذي شربوا * وأنشدني من لفظه لنفسه في هذه المادة العلامة شهاب الدين محمود بن سلمان بن فهد * قضى وهذا الذي في حبهم يجب * في ذمة الوجد تلك الروح تحتسب * * ما كان يوم رحيل الحي عن إضم * لروحه في بقاء بعدهم أرب * * صب بكى أسفا والشمل مجتمع * كأنه كان للتفريق يرتقب * * نأوا فذابت عليهم روحه كمدا * ما كان إلا النوى في حتفه سبب * * لم يدر أن قدود السمر مشبهة * للبيض لو لم يكن أسماءها القضب * * وظن كأس الهوى يصحو النزيف بها * إذ أوهمته الثنايا أنها الحبب * * طوبى لمن لم يبدل دين حبهم * بل مات وهو إلى الإخلاص منتسب * * لو لم يمت فيهم ما عاش عندهم * حياته من وفاة الحب تكتسب * * بانوا وفبي الحي ميت ناح بعدهم * له الحمام وسحت دمعها السحب * * وشق غصن النقا من أجله حزنا * جيوبه وأديرت حوله العذب *
43 * وشاهد الغيث أنفاسا يصعدها * فعاد والبرق في أحشائه لهب * * لو أنصفوا وقفوا حفظا لمهجته * إن الوقوف على قتلى الهوى قرب * * يا بارق الثغر لو لاحت ثغورهم * وشمت بارقها ما فاتك الشنب) * (ويا حيا جادهم إن لك تكن كلفا * ما بال عينيك منها الماء منسبك * * ويا قضيب النقا لو لم تجد خبرا * عند الصبا منهم ما هزك الطرب * * بالله يا نسمات الريح اين هم * وهل نأوا أم دموعي دونهم حجب * * بالله لما استقلوا عن ديارهم * أحنت الدار من شوق أم النجب * * وهل وجدت فؤادي في رحالهم * فإنه عندهم في بعض ما سلبوا * * نأوا غضابا وقلبي في إسارهم * يا ليتهم غصبوا روحي ولا غضبوا * * طوبى لقلب غدا في الركب عندهم * فإنه عندهم ضيف وهم عرب * * وإن رجعت إليهم فاذكري خبري * إني شرقت بدمع العين مذ غربوا * * ثم اذكري سفح دمعي في معاهدهم * لا يذكر السفح إلا حن مغترب * * عساك أن تعطفي نحوي معاطفهم * فالغصن بالريح ينأى ثم يقترب * وقلت أنا في هذه المادة وإن لم أسلك الجادة * يا جيرة مذ نأوا قلبي بهم يجب * ولو قضى ما قضى بعض الذي يجب * * سرتم وقلبي أسير في حمولكم * فكيف يرجع مضناكم وينقلب * * وأي عيش له يصفو ببعدكم * والقلب مضطرم الأحشاء مضطرب * * أضرمتم نار أشواقي ببينكم * فالجسم منسكب والدمع منسكب * * ناحت علي حمامات اللوى ورثت * ولو رثتني ما في فعلها عجب * * تملي علي من الأوراق ما صنعت * سجعا فتهتز من ألحانها القضب * * والغيث لما رأى ما قد منيت به * فكله مقل بالدمع تنسكب * * بالله يا صاح روحني بذكرهم * وزد عسى أن يخف الوجد والوصب * * ويا رسولي إليهم صف لهم أرقي * وإن طرفي لضيف الطيف مرتقب * * واسأل مواهبهم للعين بعض كرى * عساي أن يهبوا لي بعض ما نهبوا * * ولطف القول لا تسأم مراجعة * واشك الهوى والنوى قد ينجح الطلب * * عرض بذكري فإن قالوا أتعرفه * فاسال لي الوصل وانكرني إذا غضبوا * * ذكرهم بليال قد مضت بهم * وهم نجومي بها لا السبعة الشهب * * هم الرضى والمنى والقصد من زمني * وكل ما أرتجي والسول والأرب *
44 ) * وهم مرادي على حالي جفا ووفا * وبغيتي إن نأوا عني أو اقتربوا * * هم روح جسمي الذي يحيى لشقوته * بهم فإن حياتي كلها تعب * * هم نور عيني وإن كانت لبعدهم * أيام عيشي سودا كلها عطب * * إن يحضروا فالبكى غطى على بصري * فهم حضور وفي المعنى هم غيب * * وإن يغيبوا وأهدوا طيفهم كرما * فالسهد من دون ما يهدونه حجب * * ولو فرضت انقطاع الدمع لم أرهم * وصدني عنهم الإجلال والأدب * * فما تملت بهم عيني بل امتلأت * بأدمع خجلت من سحها السحب * * فلم تترك الترك في شمس ولا قمر * حسنا لغيرهم يعزى وينتسب * * لكنهم لم يفوا إن عاهدوك على * ود وما هكذا من فعلها العرب * * خلا الغزال الذي نفسي به ألفت * فكم له من يد في الفضل تحتسب * * له لطافة أخلاق تعلم من * لا يعرف الوجد كيف الذل والحرب * * ولحظه الضيق الأجفان وسع لي * هموم وجد لها في أضلعي لهب * * سيوف أجفانه المرضى إذا نظرت * تفري الجوانح لا الهندية القضب * * إذا انثنى سلب الألباب معطفه الب * ادي التأود لا الخطية السلب * * وإن بدا فبدور الأفق من خجل * ترخى على وجهها من سحبها نقب * * يا برق لا تبتسم من ثغره عجبا * قد فات معناك منه الظلم والشنب * * ويا قضيب النقا لو هز قامته * لكنت تسجد إجلالا وتقترب * * شمعي ضيا فرقه والورد وجنته * والريق خمري لا ما يعصر العنب * * ومذ رشفت لماه وهو مبتسم * ما راق لي بعده خمر ولا حبب * 3 (ابن عبد الهادي)) المسند شمس الدين ابن قدامة محمد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المسند شمس الدين أبو عبد الله المقدسي أخو العماد كان شيخا معمرا أجاز له السلفي وشهدة الكتابة وهو آخر من روى عنها بالإجازة روى عنه الدمياطي وغيره وتوفي سنة ثمان وخمسين وست مائة شهيدا بيد التتار في قرية ساوية من نابلس ودفن بها وقد نيف على المائة
45 3 (ابن عبد الواحد)) صريع الدلاء محمد بن عبد الواحد صريع الدلاء وقتيل الغواشي والثاني عندي أحسن لأمرين لأنه في الغواشي ما في الدلاء من المعنى المراد ولأن الغواشي أكثر شبها في اللفظ بالغواني من الدلاء لأنهم قابلوا به صريع الغواني وهو مسلم بن الوليد الشاعر الفحل كما قالوا صر بعر مقابلة لصر در ذكره ابن النجار فقال بصري سكن بغداد وكان شاعرا ماجنا مطبوعا يغلب على شعره الهزل والمجون عارض مقصورة ابن دريد بمقصورة مجن فيها جاء منها * من لم يرد أن تنتقب نعاله * يحملها في كمه إذا مشى * * من دخلت في عينه مسلة * فاساله من ساعته عن العمى * * من أكل الفحم تسود فمه * وراح صحن خده مثل الدجا * * من صفع الناس ولم يدعهم * أن يصفعوه فعليهم اعتدى * * من ناطح الكبش تعجر رأسه * وسال من مفرقه شبه الدما * * من طبخ الكرش ولا يغسله * سال على شاربه منه الخرا * * من فاته العلم وأخطاه الغنى * فذاك والكلب على حد سوى * * من طبخ الديك ولا يذبحه * طار من القدر إلى حيث يشا * قال بعضهم إن هذا البيت خير من مقصورة ابن دريد فإنه حكمة بالغة * والدرج يلفى بالغشاء ملصقا * والسرج لا يلصق إلا بالغرى * * والذقن شعر في الوجوه نابت * وإنما الاست التي تحت الخصي * توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة ومن شعر صريع الدلاء يمدح فخر الملك) * كيف نلقى بؤسا ودولة فخر ال * ملك فينا تعم بالإنعام * * هكذا ما بقي الجديدان يبقى * للتهاني مملكا ألف عام * * كل يوم لنا بنعماك عيد * لا خلت منه سائر الأيام * * فله الأنعم الجسام اللواتي * هي مثل الحياة في الأجسام * * لم يزل يطلب المحامد والعل * ياء بين السيوف والأقلام *
46 * فلقد نال بالعزائم مجدا * لم ينل مثله بحد الحسام * * أدرك النجم قاعدا وسواه * عاجز أن يناله من قتام * * لم يزل جوده يعطعط بالإف * ضال مذ كان في قفا الإعدام * فهو في حبه المكارم والجود يرى الآملين في الأحلام قد كفتنا غيوث كفيه أن نبسط كفا إلى سؤال الغمام * ورضعنا لديه در الأماني * ونظمنا لديه در الكلام * قلت مديح جيد وشعر عذب أبو صاحب الشامل محمد بن عبد الواحد بن محمد أبو طاهر البيع البغدادي المعروف بابن الصباغ الفقيه الشافعي قال الخطيب كتبنا عنه وكان ثقة درس الفقه على أبي حامد الأسفراييني وهو والد أبي نصر صاحب الشامل توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة الدارمي الشافعي محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عمر بن ميمون أبو الفرج الدارمي البغدادي الشافعي نزيل دمشق روى عنه أبو بكر الخطيب وله شعر سكن الرحبة مدة ثم دمشق وكان حاسبا فصيح القول روى عنه من شعره ابن النقور وأبو علي ابن البناء وله كتاب الاستذكار في المذهب توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة ودفن في مقبرة باب الفراديس ومن شعره قاضي بغداد محمد بن عبد الواحد بن علي أبو جعفر ابن الصباغ الشافعي ولد في رجب سنة ثمان وخمس مائة وولي قضاء بغداد وكان صالحا نزها دخل في صلاة العصر فصلى ثلاث ركعات ومات في الرابعة ودفن بباب حرب سنة خمس وثمانين وخمس مائة) القاضي اللبني محمد بن عبد الواحد بن عبد الجليل بن علي القاضي زكي الدين أبو بكر المخزومي اللبنيبعد اللام باء موحدة مشددة ونونالشافعي ولي قضاء بانياس وبصرى وبعلبك وله فضائل ومشاركة حكي أنه من ذرية خالد بن الوليد وله نظم توفي سنة ثمان وخمسين وست مائة ومن شعره * سل سابل العبرات في الأطلال * كم قد خلوت بها بذات الخال *
47 * وجنيت باللحظات من وجناتها * ما غض منه الغض من عذالي * * وهممت أرتشف اللمى فترنحت * فحمت جنى المعسول بالعسال * * لو لم تكن مثل الغزالة لم يكن * بمنى لها عني نفور غزال * * صدت ولولا أن تصدت لي لما * وصل الغرام حبالها بحبالي * * فاعجب لجذوة خدها ولمائه * ضدان يجتمعان من صلصال * * أنا في هجير محرق مكن هجرها * فمتى أطفيه ببرد وصال * * إن كان أعرض أو تعرض طيفها * فمدامعي كالعارض الهطال * * ومن المحال يزور من عبراته * طوفانها قد طم طيف خيال * * قالت وقد حذت العقيق بمثله * هلا بدمع لا بدمع لآلي * * فأجبتها ذي مهجتي في مقلتي * سالت فكيف زعمت أني سال * * فتضاحكت فبكيت من فرط الجوى * شوقا فما رقت لرقة حالي * منها في مديح الناصر ابن العزيز محمد * رفعت عوامله بمجرور الظبي * قسما بما نصبت بحكم الحال * * ورماحه رقصت فنقطها الظبي * يوم الوغى بجماجم الأبطال * وتوفي وهو ابن ست وستين سنة الحافظ ضياء الدين المقدسي محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل الحافظ الحجة الإمام ضياء الدين أبو عبد الله السعدي المقدسي الدمشقي الصالحي صاحب التصانيف ولد بالدير المبارك سنة تسع وستين وخمس مائة لزم الحافظ عبد الغني وتخرج به وحفظ) القرآن وتفقه ورحل أولا إلى مصر سنة خمس وتسعين وسمع ورحل إلى بغداد بعد موت ابن كليب ومن هو أكبر منه وسمع من ابن الجوزي الكثير وبهمذان ورجع إلى دمشق بعد الست مائة ثم رحل إلى أصبهان فأكثر بها وتزيد وحصل شيئا كثيرا من المسانيد والأجزاء ورحل إلى نيسابور فدخلها ليلة وفاة الفراوي ورحل إلى مرو وسمع بحلب وحران والموصل وقدم دمشق بعد خمسة أعوام بعلم كثير وحصل أصولا نفيسة فتح الله بها عليه هبة وشراء ونسخا وسمع بمكة ولزم الاشتغال لما رجع وأكب على التصنيف والنسخ وأجاز له
48 السلفي وشهدة وأحمد بن علي بن الناعم وأسعد بن بلدرك وتجنى الوهبانية وابن شاتيل وعبد الحق اليوسفي وأخوه عبد الرحيم وعيسى الدوشابي ومحمد بن نسيم العيشوني ومسلم بن ثابت النحاس وأبو شاكر السقلاطوني وابن بري النحوي وأبو الفتح الخرقي وخلق كثير قال الشيخ شمس الدين سمعت الحافظ ابا الحجاج المزي وما رأيت مثله يقول الشيخ الضياء أعلم بالحديث والرجال من الحافظ عبد الغني ولم يكن في وقته مثله ومن تصانيفه كتاب الأحكام يعوز قليلا ثلاث مجلدات فضائل الأعمال مجلد الأحاديث المختارة خرج منها تسعين جزءا وهي الأحاديث التي تصلح أن يحتج بها سوى ما في الصحيحين خرجها من مسموعاته فضائل الشام ثلاثة أجزاء فضائل القرآن جزء كتاب الجنة كتاب النار مناقب أصحاب الحديث النهي عن سب الصحاب سير المقادسة كالحافظ عبد الغني والشيخ الموفق والشيخ أبي عمر وغيرهم في عدة مجلدات وله تصانيف كثيرة في أجزاء عديدة وبنى مدرسة على باب الجامع المظفري وأعانه عليها بعض أهل الخير وجعلها دار حديث وأن يسمع فيها جماعة من الصبيان وقف بها كتبه وأجزاءه وفيها من وقف الشيخ الموفق والبهاء عبد الرحمن والحافظ عبد الغني وابن الحاجب وابن سلام وابن هامل والشيخ علي الموصلي وقد نهبت في نكبة الصالحية نوبة غازان وراح منها شيء كثير ثم تماثلت وتراجعت وجمع بين فقه الحديث ومعانيه وشدا طرفا من الأدب وكثيرا من اللغة والتفسير ونظر في الفقه وناظر فيه توفي يوم الاثنين ثامن عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وست مائة وله أربع) وسبعون سنة محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز أبو مطيع المديني صاحب الأمالي المشهورة عاش بضعا وتسعين سنة وتفرد بالرواية عن جماعة وتوفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة التميمي البغدادي محمد بن عبد الواحد التميمي البغدادي أورد له الثعالبي في التتمة قوله * إن زارني لم أنم من طيب زورته * وإن جفا لم أنم من شدة الحرق * * ففي الوصال جفوني غير راقدة * من السرور وفي الهجران من قلقي * * إني لأخشى حريقا إن علا نفسي * وأتقي إن جرى دمعي من الغرق * وقوله * قلت إذ قيل لي حبيبك يشكو * رمدا سلط السهاد عليه * لا يظن الحسود ذاك وإن دب دبيب التوريد في وجنتيه
49 * إنما خده غلالة ورد * نفضت صبغها على مقلتيه * وقوله * نظرت تشوقا يوما إليه * فأثر ناظري في وجنتيه * * وجرد من لواحظه حساما * حمائله بنفسج عارضيه * قلت أخذه من قول الأول * سفك الدماء بصارم من نرجس * كانت حمائل غمده من آس * وقوله في الكسوف * كأنما البدر وقد شانه * كسوفه في ليلة البدر * * وجه غلام حسن وجهه * جارت عليه ظلمة الشعر * مثله قول الثعالبي * انظر إلى البدر في أسر الكسوف بدا * مستسلما لقضاء الله والقدر * * كأنه وجه معشوق أدل على * عشاقه فابتلاه الدهر بالشعر * الملاحي الحافظ محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن مفرج الملاحي بتشديد اللام وجاء مهملة الحافظ أبو القاسم الغافقي الأندلسي والملاحة من قرى غرناطة من كبار الحفاظ بالغ عمره في الاستكثار) ألف تاريخا في علماء البيرة وكتاب أنساب الأمم العرب والعجم وسماه الشجرة والأربعين حديثا بلغ فيه الغاية من الاحتفال وشهد له بحفظ أسماء الرجال وله استدراك على ابن عبد البر في الصحابة توفي سنة تسع عشرة وست مائة ابن شفنين محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عيسى بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد الشريف المسند أبو الكرم المتوكلي البغدادي المعروف بابن شفنين بالشين المعجمة والفاء والنونين بينهما ياء آخر الحروف ولد سنة تسع وأربعين حسن الطريقة عالي الإسناد روى عنه ابن النجار وجماعة وتوفي سنة أربعين وست مائة المستجير بالله محمد بن عبد الواحد بن جعفر المقتدر بالله بن أحمد المعتضد بالله بن الموفق بالله أبي أحمد محمد بن المتوكل جعفر بن المعتصم أبو أحمد ابن أبي علي لما خلع المطيع لله نفسه في فتنة الأتراك ادعى الخلافة وتلقب بالمستجير بالله فلما استقرت
50 الخلافة للطائع لله طلبه وظفر به وقطع أنفه وبقي إلى أن توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة وكان له ولد اسود يضرب على المغنيات والد هبة الله المحدث محمد بن عبد الواحد بن العباس بن الحصين الشيباني أبو عبد الله الكاتب والد أبي القاسم هبة الله المحدث المشهور كان من أعيان الناس أسمع أولاده الحديث الكثير قال ابن النجار ولا أظنه سمع شيئا ولا روى توفي سنة سبع وستين وأربع مائة أبو بكر السمسار محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد السمسار أبو بكر ابن أبي القاسم المستعمل سمع الحسن بن شاذان وعبد الملك بن بشران وأحمد ابن محمد البرقاني وعبد الغفار بن محمد المؤدب وسمع منه عبد الله وإسماعيل ابنا أحمد بن عمر السمرقندي وشجاع بن فارس الذهلي وتوفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة ابن زريق المقرئ محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن منازل الشيباني أبو غالب القزاز المقرئ المعروف بابن زريق من أهل الحريم الظاهري) كان من القراء المجودين وأرباب الصلاح والدين قرأ بالروايات على أبي الفتح عبد الواحد بن علي ابن شيطا وأبي الحسن علي بن محمد الخياط وأبي علي الشرمقاني والحسن بن علي العطار وغيرهم وسمع الحديث الكثير وكتب بخطه عن أبي إسحاق إبراهيم وأبي الحسن علي ابني عمر بن أحمد البرمكي وأبي الحسن علي بن عمر القزويني وأبي بكر الخطيب وأحمد ابن محمد بن أحمد بن النقور وغيرهم وروى عنه المبارك بن كامل الخفاف وأبو الحسن سعد الله بن محمد بن طاهر الدقاق وجماعة وتوفي سنة ثمان وخمس مائة التميمي أبو الفضل محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث ابن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان أبو الفضل التميمي ابن عم أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي سافر إلى بلاد المغرب ودخل القيروان يدعو إلى دعوة بني العباس فاستجيب له ثم وقعت الفتن هناك فخرج إلى الأندلس وحظي عند ملوكها واستوطن مدينة طليطلة إلى حين وفاته وكان أديبا فاضلا وله شعر من شعره * أينفع قولي أنني لا أحبه * ودمعي بما يمليه وجدي يكتب * * إذا قلت للواشين لست بعاشق * يقول لهم فيض المدامع يكذب * وقوله
51 * هبيني قد أنكرت حبك جملة * وآليت أني لا أروم محطها * * فمن أين لي في الحب جرح شهادة * سقامي أملاها ودمعي خطها * وقوله * يا ذا الذي خط الجمال بوجهه * سطرين هاجا لوعة وبلابلا * * ما صح عندي أن لحظك صارم * حتى لبست بعارضيك حمائلا * قال ابن النجار ذكر ابن حيان أنه توفي ليلة الجمعة لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة خمس وخمسين وأربع مائة بطليطلة في كنف المأمون يحيى بن ذي النون وذكر أنه يتهم بالكذب محمد بن عبد الواحد بن حرب الخطيب شهاب الدين نقلت من خط ابن الشواء الكاتب) يقول أخبرني في مستهل شوال سنة اثنتين وعشرين وست مائة قال أقمت بالبيرة وكنت أتشاغل وأنفق أكثر الأوقات في المكاتبات إلى الأهل والإخوان بحلب فبينا أنا يوما إذ رأيت شيخا ينشدني في النوم * وقد كنت في قربي أمل من اللقا * فقد صرت شوقا لا أمل من الكتب * وقال لي أجزه فأجزته في النوم بديها وقلت * فلله قلب يظهر الود في النوى * على ربه فسرا ويخفيه في القرب * وأخبرني قال رأيت مكتوبا على ظهر كتاب قول بعض الأعراب * نزلت على آل المهلب شاتيا * غريبا عن الأوطان في زمن محل * * فما زال بي إلطافهم وافتقادهم * وبرهم حتى حسبتهم أهلي * وتحتها مكتوب قول الحريري * جزى الله مولى قد نزلت بداره * كما ينزل الضيف الموالي المواليا * * فأسرف في بري وأكرم جانبي * وقرب آمالي وأرضى الأمانيا * * فلو زاره ضيف المهلب لم يقل * نزلت على آل المهلب شاتيا * فكتبت تحتهما من شعري بديها * سقى الله دارا ظلت فيها منعما * ولا جادها في الدهر صوب المكاره * * جنيت ثمار اللهو فيها محاورا * لمن لا يطيق الدهر إيلام جاره * * مليكا ترى صيد الملوك ببابه * وكلهم يعشو إلى ضوء ناره * * يؤججها بالعنبر الرطب ليله * وبالعنبر الهندي طول نهاره * * فلو زار مغناه الحريري لم يقل * جزى الله مولى قد نزلت بداره *
52 المديني الواعظ الشافعي محمد بن عبد الواحد ابن أبي سعد المديني أبو عبد الله الواعظ من أهل مدينة جي وهي أصبهان القديمة شيخ واعظ فقيه مفت على مذهب الشافعي ويعرف الحديث وكان فيه أدب وفضل وله قبول عند أهل بلده قدم بغداد وروى بها شيئا من شعره كتبه عنه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي عبد الله الواعظ الحنبلي الأصبهاني قتل شهيدا بأصبهان على أيدي التتار سنة اثنتين وثلاثين وست مائة ومن شعره) أبو عمر الزاهد اللغوي محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم البغدادي أبو عمر الزاهد صاحب ثعلب وتلميذه كان آية في الحفظ للغة أملى فيها ثلاثين ألف ورقة من حفظه قال الخطيب سمعت غير واحد يحكى أن الأشراف والكتاب وأهل الأدب كانوا يحضرون عند أبي عمر الزاهد ليسمعوا منه وكان له جزء جمع فيه فضائل معاوية رضي الله عنه فلا يقرئهم شيئا حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجزء وكان جميع شيوخنا يوثقونه في الحديث وله غريب الحديث صنفه على مسند أحمد وله كتاب الياقوتة وله فائت الفصيح وشرح الفصيح والموضح والساعات ويوم وليلة والمستحسن والعشرات والشورى والبيوع وتفسير أسماء الشعراء والقبائل والنوادر وفائت العين والمداخل وكتاب على المداخل والتفاحة والمكنون والملتزم وما أنكرته الأعراب على أبي عبيد فيما رواه وصنفه وأكثر ما نقل أبو محمد ابن السيد البطليوسي في المثلث عنه وروى عنه أبو الحسن محمد بن رزقويه وأبو علي ابن شاذان وغيرهما وكان لسعة علمه وروايته يكذبه أهل زمانه قال ابن خلكان وغيره قصده جماعة للأخذ عنه فتذاكروا عند قنطرة هناك إكثاره وأنه يكذب فقال أحدهم أنا أصحف له اسم هذه القنطرة وأسأله عنها فقال له ما الهرطنق عند العربقال كذا وكذا فتضاحكوا سرا وتركوه شهرا ثم تركوا شخصا آخر سأله عن اللفظة بعينها فقال أليس سئلت عن هذه اللفظة مذ مدة كذا وأجبت عنها كذا وكذاوقلد معز الدولة الشرطة لشخص اسمه خواجا وكان أبو عمر يملي كتاب الياقوتة فقال اكتبوا ياقوتة خواجا الخواج في أصل كلام العرب الجوع وفرع على هذا بابا وأملاه فعجبوا لذلك وتتبعوه فوجدوه كما قال توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة وقيل سنة خمس وأربعين
53 3 (ابن عبد الولي)) أمين الدين الحنبلي محمد بن عبد الولي ابن أبي محمد خولان الإمام الفقيه المقرئ المحدث أمين الدين أبو عبد الله البعلي الحنبلي التاجر ولد سنة أربع وأربعين وست مائة وتوفي في شعبان سنة إحدى وسبع مائة سمع من الشيخ الفقيه اليونيني وابن عبد الدايم وجماعة وقرأ ونظر في علوم الحديث قال الشيخ شمس الدين سمعت منه ببعلبك وبالمدينة وبتبوك وكان من خيار الناس وعلمائهم وألف كتابا سماه العمدة القوية في اللغة التركية
54 3 (ابن عبد الوهاب)) القناد محمد بن عبد الوهاب الكوفي القناد الرجل الصالح روى عنه الترمذي والنسائي وابن ماجة توفي سنة اثنتي عشرة ومائتين حمك محمد بن عبد الوهاب بن حبيب الفقيه أبو أحمد العبدي النيسابوري الفراء الأديب أخذ الأدب عن الأصمعي وابن الأعرابي وأبي عبيد والحديث عن أحمد وابن المديني والفقه عن أبيه وعلي بن عثام وكان فيما قال فيه الحاكم يفتي في هذه العلوم روى عنه النسائي ومسلم وقال ثقة وقال ابن ماكولا وغيره لقبه حمك بالحاء المهملة والميم والكاف وتوفي سنة اثنتين وسبعين ومائة الجبائي أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام أبو علي الجبائي شيخ المعتزلة كان رأسا في الكلام أخذ عن أبي يعقوب بن عبد الله البصري الشحام وله مقالات مشهورة وتصانيف أخذ عنه ابنه أبو هاشم عبد السلام والشيخ أبو الحسن الأشعري كان الجبائي زوج أمه ثم أعرض عنه الأشعري لما ظهر له فساد مذهبه وتاب منه على ما يذكر في ترجمته إن شاء الله تعالى عاش الجبائي ثمانيا وستين سنة وتوفي سنة ثلاث وثلاث مائة قال الجبائي الحديث لابن حنبل والفقه لأصحاب أبي حنيفة والكلام للمعتزلة والكذب للرافضة والجبائي له طائفة من المعتزلة يعتقدون مقالاته يعرفون بالجبائية وكذلك ابنه أبو هاشم تعرف طائفته بالبهشمية وهما من معتزلة البصرة انفردوا عن أصحابهما بمسائل وانفرد كل منهما عن الآخر بمسائل هي مذكورة في كتب الكلام وسيأتي ذكر ولده عبد السلام بن محمد في مكانه) من حرف العين أبو علي الزاهد الواعظ محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب أبو علي الثقفي النيسابوري الزاهد الواعظ الفقيه من ولد الحجاج ين يوسف كان إماما في أكثر علم الشرع مقدما في كل فن عطل أكثر علومه واشتغل بالتصوف ومع علومه خالف ابن خزيمة
55 في مسائل منها مسأله التوفيق والخذلان ومسألة الإيمان ومسألة اللفظ بالقرآن فألزم البيت ولم يخرج منه حتى مات سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة كان يقول يا من باع كل شيء بلا شيء واشترى لا شيء بكل شيء أف من أشغال الدنيا إذا أقبلت وأف من حسراتها إذا أدبرت العاقل لا يركن إلى شيء إذا أقبل كان شغلا وإذا أدبر كان حسرة وقال ترك الرياء للرياء أقبح من الرياء شمس الدين الحنبلي محمد بن عبد الوهاب بن منصور العلامة شمس الدين أبو عبد الله الحراني الحنبلي كان إماما بارعا أصوليا من كبار أئمة الفقه والأصول والخلاف تفقه على القاضي نجم الدين راجح الحنبلي ثم الشافعي والشيخ مجد الدين ابن تيمية وناظره مرات وقدم دمشق فقرأ الأصول والعربية على الشيخ علم الدين القاسم ودخل مصر ولازم دروس الشيخ عز الدين ابن عبد السلام وناب في القضاء عن تاج الدين ابن بنت الأعز فلما جعلت القضاة أربعة ناب في القضاء عن الشيخ شمس الدين ابن العماد ثم قدم دمشق وانتصب للإفادة وكان حسن العبارة طويل النفس في البحث أعاد بالجوزية مدة وناب في إمامة محراب الحنابلة ثم ابتلي بالفالج وبطل نصفه الأيسر وثقل لسانه حتى لا يفهم منه إلا اليسير بقي كذلك أربعة أشهر ومات في سنة خمس وسبعين وست مائة وكان من أذكياء الناس روى عن ابن اللتي والموفق عبد اللطيف بن يوسف وجماعة ومات في عشر السبعين روى عنه ابن أبي الفتح وابن العطار وكان يقرأ تائية ابن الفارض ويبكي ويشرحها ودفن بمقابر باب الصغير أندشني الإمام العلامة شهاب الدين محمود قال أنشدني المذكور لنفسه لغزا في شبابة * منقبة مهما خلت مع محبها * يزودها لثما ويسعها شزرا * * وتصحيفها في كف من شئت فلتقل * إذا شئت في اليمنى وإن شئت في اليسرى *) وأنشدني له أيضا مما قرأته عليه من لفظي * طار قلبي يوم ساروا فرقا * وسواء فاض دمعي أو رقا * * حار في سقمي من بعدهم * كل من في الحي داوى أو رقى * * بعدهم لا طل وادي المنحنى * وكذا بان الحمى لا أورقا * نقلت من خط الحافظ اليغموري قال أنشدني شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن منصور بن معالي الدهان الحراني لنفسه وقد كلفه محبوبه أن يجمع بينه وبين محبوب له فلم يقدر على ذلك فهجره فكتب إليه * صددت عني صدود قال * وجرت في الغيب والشهادة * * جرمي وذنبي إليك إني * قدت فما تمت القياده *
56 ناصر الدين الإسكندراني محمد بن عبد الوهاب بن عطية الفقيه المحدث ناصر الدين الإسكندراني قال الشيخ شمس الدين صحبته بالثغر وسمعت قراءته على الغرافي وكان قارئ الحديث عنده بالأبزارية ويؤم بمسجد وكان دينا عاقلا مليح الخط ولد في حدود الستين وست مائة وتوفي سنة اثنتي عشرة وسبع مائة ابن السديد الإسنائي قاضي قوص محمد بن عبد الوهاب بن علي القاضي جمال الدين ابن السديد الإسنائي نشأ في رئاسة وسعادة وحشم وخدم واشتغل بالعلم وقرأ الفقه على الشيخ هبة الله القفطي وأجازه بالفتوى وتوجه إلى القاهرة وسمع من الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد والحافظ شرف الدين الدمياطي وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة وقرأ على الشيخ أثير الدين أبي الحيان في النحو الفصول وعلى شمس الدين محمد بن يوسف الخطيب الجزري الأصول وأجازه بالفتوى وأجازه الشيخ فخر الدين عثمان ابن بنت أبي سعد وتعدل وجلس بالقاهرة وقوص وتولى العقود واستنابه زين الدين إسماعيل السفطي في الحكم بأرمنت وتولى الخطابة بإسنا وتولى الحكم بقمولا وقنا وقفط واصفون ثم تولى النيابة بقوص ثم إن قاضي القضاة جلال الدين قسم عمل قوص بينه وبين شهاب الدين أحمد بن عبد الرحيم بن حرمي القمولي فتولى جمال الدين القوص والبر الشرقي وذاك في البر الغربي وتزوج ببنت ابن حرمي للائتلاف وأقبل جمال الدين على المتجر بحملته واستمال ابن حرمي الوالي بالهدايا فاتفق أن وقع غلاء) في قوص سنة خمس وثلاثين وسبع مائة وكان عند جمال الدين تقدير ألفي إردب وخمس مائة إردب فقال الوالي بع بالسعر المعروف فأراد التأخير في غلاء الأسعار فكتب الوالي إلى السلطان فبرز المرسوم بالحوطة عليه وإحضاره وصرف عن القضاء ثم إن جمال الدين تولى النيابة خارج باب النصر بالقاهرة بعد سنتين وشهرين مدة لطيفة فلما تولى قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة لم يوله ومولده بإسنا سنة ثمان وسبعين وست مائة
57 3 (ابن عتاب)) الكاتب محمد بن عتاب الكاتب له رسائل حسان كان يألف أحمد بن الخصيب قبل وزارته فلما وزر أحمد أحسن إليه فقال * هذا الوزير أبو العباس قد نجمت * به المكارم واستعلت به الرتب * * سموه أحمد فالإسلام يحمده * والدهر كاسم أبيه ممرع خصب * * فلا فضائل إلا منه أولها * ولا مواهب إلا دون ما يهب * وقال في جعفر بن محمود لما صرف عن وزارة المعتز * في غير حفظ الله يا جعفر * زلت فزال الخوف والمنكر * * بلغت أمرا لست أهلا له * باعك عما دونه يقصر * * كنت كثوب زانه طيه * حينا فأبدى عليه المنشر * * ما ينفع المنظر من جاهل * بأمره ليس له مخبر * ابن عتاب الجذامي المغربي محمد بن عتاب بن محسن مولى عبد الملك ابن عتاب الجذامي أبو عبد الله مفتي قرطبة وعاملها وكان بصيرا بالحديث وطرقه عالما بالوثائق لا يجارى فيها حافظا للأخبار والأمثال والأشعار وهو شيخ أهل الشورى وله اختيارات من أقوال العلماء يأخذ بها في خاصة نفسه توفي سنة اثنتين وستين وثلاث مائة
58 3 (ابن عتيق)) ابن أبي كدية الأشعري محمد بن عتيق أبي بكر بن محمد بن أبي نصر أبو عبد الله التميمي القيرواني الأشعري المتكلم المعروف بابن أبي كدية بالكاف المضمومة وبعد الدال المهملة ياء آخر الحروف مشددة درس الأصول بالقيروان على أبي عبد الله الحسين بن حاتم الأزدي صاحب ابن الباقلاني وسمع بمصر من أبي عبد الله القضاعي وقدم الشام وأخذ عنه أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي ودخل العراق وأقرأ الكلام بالنظامية وكان صلبا في الاعتقاد وسمع ابن عبد البر بالأندلس وتوفي ببغداد سنة اثنتي عشرة وخمس مائة سمع يوما قائلا ينشد أبيات أبي العلاء المعري * ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة * وحق لسكان البسيطة أن يبكوا * * وتحطمنا الأيام حتى كأننا * زجاج ولكن لا يعاد لنا سبك * فقال * كذبت وبيت الله حلفة صادق * سيسبكنا بعد النوى من له الملك * * ونرجع أجسما صحاحا سليمة * تعارف في الفردوس ما عندنا شك * ومن شعره * كلام إلهي ثابت لا نفارقه * وما دون رب العرش فالله خالقه * * ومن لم يقل فقد صار ملحدا * وصار إلى قول النصارى يوافقه * ودفن عند الأشعري قال ابن الجوزي في المرآة وكان يحفظ كتاب سيبويه اللاردي المغربي محمد بن عتيق بن عبد الله بن حميد الإمام أبو عبد الله التجيبي الغرناطي المعروف باللاردي صاحب التصانيف ولد سنة ثلاث وستين وخمس مائة وكان من الأدباء العلماء ومن تواليفه أنوار الصباح في الجمع بين الكتب الستة الصحاح وكتاب مطالع الأنوار ونفحات الأزهار في شمائل المختار والنكت الكافية في الاستدلال على مسائل
59 الخلاف بالحديث ومنهاج العمل في صناعة الجدل والمسالك النورية إلى المقامات الصوفية توفي سنة ست وأربعين وست مائة) السوارقي محمد بن عتيق بن عمر بن أحمد أبو بكر السوارقي وسوارقية قرية بين مكة والمدينة يعرف بالبكري تفقه على الإمام محمد بن يحيى بنيسابور وتوفي بطوس سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة ذكره السمعاني في تاريخه ومن شعره * سوى عبراتي رقرقتها المعالم * وة غير فؤادي هيجته الحمائم * * أبت لي ركوب الذكر نفس كريمة * وأبيض مصقول الغرارين صارم * منها * أيطمع في العلياء والمجد سالم * وعاتقه من عرضة السيف سالم * * يحاول نيل المجد والسيف مغمد * ويأمل إدراك العلى وهو نائم * وله بيت جيد * على يعملات كالحنايا ضوامر * إذا ما أنيخت فالكلال عقالها *
60 3 (ابن عثمان)) أبو الجماهر الدمشقي محمد بن عثمان أبو الجماهر التنوخي الدمشقي الكفرسوسي روى عنه أبو داود وروى ابن ماجة عن رجل عنه وأبو حاتم وخلق قال أبو داود ما رأيت أفصح منه وقال عثمان الدارمي كان أوثق من أدركنا بدمشق توفي سنة اربع وعشرين ومائتين الأموي محمد بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان بن حرب أم أبيه عثمان بنت الزبير بن العوام وكان هواه وهوى أبيه مع ابن الزبير على بني أمية فجاءه ابن الزبير فقال ويروى لأبيه * بأي بلاء أو بأية نعمة * أحب بني العوام دون بني حرب * * وكنت إذا كالسالك الليل مظلما * وتارك معروف مذاهبه لحب * * كبائع ذود موطنات صحائح * بعارية الأصلاب مشنية جرب *
61 * اشرب خمرا ثم أبكي دما * كأنما أبكي الذي أشرب *
62 ومنه أيضا وخمارة زرتها والظلام تفضحه جمرات الكؤس) فزفت عروسا تدير الأكف من كأسها مثل تاج العروس وأصبح كانوننا كالجواد أدهم شق رواق الخميس كأن به الفحم سود الزنوج رمد الحماليق شيب الرؤس قلت شعر جيد وتخيل صحيح ابن زيرك محمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن علي بن مردين أبو الفضل القومساني الهمذاني يعرف بابن زيرك قال شيرويه هو شيخ عصره في فنون العلم توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة ابن بلبل النحوي محمد بن عثمان بن بلبل أبو عبد الله النحوي قال ابن النجار قرأ النحو على ابن خالويه وروى عنه وكان يكتب خطا صحيحا مليحا مدح الإمام القادر بالله منه قوله * تزاحم آمال العفاة ببابه * كما ازدحمت هيم الركاب على ورد * * فلم يخل من أسماعه لفظ مادح * ولم يخل من أرفاده كف ذي رفد * * يرد على الأيام إنفاذ حكمها * وليس لما يقضي عليهن من رد * * وينزع من كف الزمان غصوبه * ولو كان طيب النوم في الأعين الرمد * * له في شبا الأقلام ما في شبا الظبي * فيمشق من حد ويضرب من حد * * بعيد مدى الخيلين في حلبتيهما * من القصبات الخور والضمر الجرد * * فهذي تمد الطرس من ثمر الحجى * وهاتيك في ظل من النقع ممتد * قلت شعر جيد طبقة وكان تلميذا لأبي العباس النامي المصيصي وروى عنه ديوانه توفي سنة عشر وأربع مائة الأمير ناصر الدين ابن الملك المسعود محمد بن عثمان الأمير ناصر الدين بن الملك المسعود ابن الملك المنصور صاحب حماة سيره الملك المنصور صاحب حماة وهو ابن عمه وكانت منزلته عالية عنده رسولا إلى الملك الظاهر ركن الدين بيبرس صاحب مصر والشام سنة تسع وخمسين وست مائة فأنزله بباب اللوق وأكرمه إكراما عظيما وأجيب بما طلب به قلبه ورجع مكرما ومن شعر الأمير ناصر الدين المذكور أورده الشيخ قطب الدين اليونيني في الذيل الذي كمل) به المرآة
63 * لله در عصابة تغشى الوغى * تهوى الخياطة لا إليهم تنتمي * * ذرعوا الفوارس بالوشيج وفصلوا * بالمرهفات وخيطوا بالأسهم * صاحب صهيون محمد بن عثمان بن منكورس بن خمارتكين الأمير سيف الدين ابن الأمير مظفر الدين صاحب صهيون ملك صهيون وبرزيه بعد والده سنة تسع وخمسين ومات بصهيون في عشر السبعين سنة اثنتين وسبعين وست مائة ثم طلب السلطان ولده سابق الدين فأخذ منه الحصنين وأعطاه إمرية أربعين فارسا بدمشق وأقطع عميه مجاهد الدين وجلال الدين وسيأتي بقية ترجمته في ترجمة أبيه عثمان ابن منكورس الشيخ شرف الدين ابن الرومي الصالح محمد بن عثمان بن علي شرف الدين أبو عبد الله المعروف بابن الرومي الشيخ الصالح كان من أكرم الناس لا يدخر شيئا وكان كبير النفس عالي الهمة كثير التواضع لطيف الأوصاف منقطعا في زاويته بسفح قاسيون لا يتردد إلى أحد إلا في النادر يعمل الساعات ويطلع إليه الخلق الكثير من الفقراء والناس ويرقص من أول السماع إلى آخره ويخلع جميع ثيابه على المغاني ويرقص عريانا ليس عليه غير السراويل وله الحرمة الوافرة عند الأمراء والملوك ويحمل إليه من الفتوح شيء كثير فيخرجه من وقته حضر حصار المرقب وعاد إلى دمشق فتوفي سنة أربع وثمانين وست مائة ودفن بزاويته وهو في عشر الثمانين وتوفي والده بحماة سنة ست وثلاثين وست مائة فحمله مريدوه على أكتافهم ودفن بزاويته في سفح قاسيون النوباغي الضرير محمد بن عثمان أبو القاسم الإسكافي الخوارزمي النوباغي الأديب الضرير توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة عن خمس وثمانين سنة كان من أعيان فضلاء خوارزم وهو فقيه أديب شاعر مترسل كان آخر عمره مذكرا يعظ الناس ومن شعره * ونار كالعقيقة في احمرار * وفي حافاتها مسك وند * * إمام الشيخ مولانا المرجى * إمام ما له في الفضل ند * الصاحب شمس الدين ابن السلعوس محمد بن عثمان بن أبي الرجاء الوزير الصاحب شمس) الدين التنوخي الدمشقي التاجر ابن السلعوس وزير السلطان الملك الشرف كان في شبيبته يسافر في التجارة وكان أشقر سمينا أبيض معتدل القامة فصيح العبارة حلو المنطق وافر الهيبة كامل الأدوات خليقا بالوزارة تام الخبرة زائد الإعجاب عظيم التيه والبأو كان جارا للصاحب تقي الدين ابن البيع فصاحبه ورأى منه الكفاءة فأخذ له حسبة دمشق ثم إنه ذهب إلى مصر وتوكل للملك الأشرف في دولة أبيه فجرت عليه نكبة من السلطان فشفع فيه مخدومه وأطلقه من الاعتقال وحج فتملك الأشرف في غيبته وكان محبا فيه فكتب إليه بين الأسطر يا شقير يا
64 وجه الخير قدم السير فلما قدم وزره وكان إذا ركب يمشي الأمراء والكبار في خدمته ودخل دمشق قدومهم من عكا في دست عظيم وكان الشجاعي ومن دونه يقفون بين يديه وجميع أمور المملكة به منوطة ففارق السلطان وتوجه إلى الإسكندرية وفي خدمته الأمير علم الدين الدواداري فصادر متولي الثغر وعاقبه فلم ينشب أن جاءه الخبر بقتل مخدومه فركب لليلته منها هو وكاتبه شرف الدين ابن القيسراني وقال للوالي افتح الباب لزيارة القباري وجاء إلى المقس ليلا ونزل بزاوية ابن الظاهري ولم يتم معظم الليل واستشار الشيخ في الاختفاء فقال أنا قليل الخبرة بهذه الأمور وأشير عليه بذلك فقوى نفسه وقال هذا لا أفعله ولو فعله عامل من عمالنا كان قبيحا وقال هم محتاجون إلينا وما أنا محتاج إليهم ثم ركب بكرة ودخل بأبهة الوزارة إلى داره فاستمر بها خمسة أيام ثم طلب في السادس إلى القلعة فأنزله الشجاعي إلى البلد ماشيا وسلمه من الغد إلى عدوه الأمير بهاء الدين قراقوش مشد الصحبة فقيل أنه ضربه ألفا ومائة مقرعة ثم سلم إلى الأمير بدر الدين المسعودي مشد مصر حتى يستخلص الأموال منه فعاقبه وعذبه وحمل جملة وكتب تذكرة إلى دمشق بسبعة آلاف دينار مودعة عند أناس فأخذت منهم ومات في العقوبة في تاسع صفر سنة ثلاث وتسعين وست مائة وقد أنت جسمه وقطع منه اللحم الميت ولما تولي الوزارة كتب إليه بعض أقاربه أو بعض أصحابه من الشام يحذره من الشجاعي * تنبه يا وزير الأرض واعلم * بأنك قد وطئت على الأفاعي * * وكن بالله معتصما فإني * أخاف عليك من نهش الشجاعي * فبلغا الشجاعي فلما جرى ما جرى طلب أقاربه وأصحابه وصاردهم وعذبهم فقيل له عن هذا الناظم فقال لا أؤذيه لأنه نصحه في وما انتصح) لما توفي القاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر كاتب الإنشاء بمصر طلب الصاحب شمس الدين الشيخ العلامة شهاب الدين ابا الثناء محمودا من الشام ورتبه عوضه في الديار المصرية فامتدحه بقصيدة أولها * أجد لها شوقا إلى ساكني مصر * هوى من به تاهت على البر والبحر * * ومن أصبحت بغداد من بعد تيهها * وقد حل عليا مصر من خدم القصر * * فشاق هوى التقوى بها القلب لا هوى * عيون المها بين الرصافة والجسر * منها * وكم رام يحكي النيل نيل بنانه * فأغنى ولكن فرد قطر عن القطر * * وذاك يعم الأرض شرقا ومغربا * سواء لديه ساكن القفر والمصر * * وحين رأى تقصيره عن وفائه * تجنبه واحمر من خجل يجري *
65 * فلو كان يحيى الآن يحيى بن خالد * لوافاه يستجدي ندى جوده الغمر * * ومن جعفر حتى يضاهي بجوده * وهل هو إلا جدول قيس بالبحر * * أمولاي قد لبيت أمرك طائعا * فأعليت من قدري وأغليت من شعري * * وأدنيتني حتى غدوت موقعا * لديك بما يجري مع الأنجم الزهر * بدر الدين ابن العزازي محمد بن عثمان بن أبي الوفاء بدر الدين ابن فخر الدين العزازي أحد كتاب الدرج بدمشق كان حسن السمت كثير الوقار عديم الشر يكتب خطا حسنا وله عناية باقتناء الكتب نفيسة كانت أو غير نفيسة يلازم الكتبيين كل جمعة وخلف منها جملة وكان ربما أنشأ شيئا فيأتي فيه بما يضحك وكان آخر أمره قد حنا عليه الأمير سيف الدين ألجاي الدوادار الناصري ووعده بأن يكون من جملة موقعي الدست فعاجلته المنية قبل ذلك وتوفي في أواخر سنة ثلاثين وسبع مائة أو أوائل إحدى وثلاثين وطلبت أنا من رحبة مالك بن طوق وجئت إلى دمشق عوضه على معلومه رحمه الله وكان عنده من والده أشياء نفيسة نجم الدين البصروي محمد بن عثمان الصاحب الأمير نجم الدين البصروي ابن أخي قاضي القضاة صدر الدين الحنفي ولي بدمشق الوزارة ثم أعطي طبلخاناة وكان فيه كرم زائد غارقا في اللهو درس أولا ببصرى) ثم ولي حسبة دمشق ثم نظر الخزانة ثم الوزارة ثم اقتصر على الإمرة ولم يلبس زي الأمراء توفي سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة بدر الدين ابن الحداد محمد بن عثمان بن يوسف القاضي بدر الدين أبو عبد الله الآمدي ثم المصري الحنبلي ابن الحداد تفقه بمصر وحفظ المحرر وتميز ثم دخل في الكتابة واتصل بقراسنقر وسار معه إلى حلب ونظر في ديوانه وفي الأوقاف والخطابة فلما ولي دمشق ولى ابنه خطابة دمشق انتزعها من جلال الدين القزويني فيما أظن ثم إنه بعد أيام وصل التوقيع من مصر بإعادته ثم ولي الحسبة ونظر البيمارستان النوزي ثم نظر الجامع الأموي وله سماع من القاضي شمس الدين ابن العماد وذكر لقضاء دمشق وتوفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة
66 قاضي القضاة ابن الحريري الحنفي محمد بن عثمان بن أبي الحسن اقضي القضاة شيخ المذهب شمس الدين ابن صفي الدين الأنصاري الحنفي ابن الحريري الدمشقي ولد في صفر سنة ثلاث وخمسين وتفقه وبرع وحفظ الهداية وغيرها وأفتى ودرس وتميز مع الوقار والسمت والأوراد وحسن الهدي والبزة والهيبة وانطلاق العبارة وسمع من ابن أبي اليسر وابن عطاء والجمال ابن الصيرفي والقطب ابن أبي عصرون وجماعة ودرس بأماكن ثم ولي القضاء بدمشق مدة وطلب إلى الديار المصرية وولي بها القضاء وكان صارما قوالا بالحق حميد الأحكام قليل المثل متين الديانة انتقدوا عليه أمورا من تعظيم نفسه توفي بالقاهرة سنة ثمان وعشرين وسبع مائة وكانت جنازته مشهودة وطلب القاضي برهان الدين ابن قاضي الحصن مكانه بإشارته أخبرني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس أن المصريين لم يعدوا على القاضي شمس الدين ابن الحريري أنه ارتشى في حكومة ويقال أنه كان له قلم للعلامة وقلم للتوقيع وله أشياء من مراعاة الإعراب في لفظه حتى مع النساء في بيته شرف الدين النهاوندي قاضي صفد محمد بن عثمان بن أبي بكر القاضي شرف الدين ابن القاضي جلال الدين النهاوندي) تولى القضاء بصفد مرات عزل أولا بفتح الدين القليوبي بعدما طلب إلى مصر وحنا عليه قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وولاه قضاء عجلون ثم قضاء نابلس ثم قضاء طرابلس ثم أعيد إلى قضاء صفد بعد القاضي حسام الدين القرمي ثم ولي قضاء طرابلس ثم أعيد إلى صفد بعد القاضي جمال الدين عبد القاهر التبريزي ثم إن تنكز نائب الشام تغير عليه فعزله بالقاضي شمس الدين الخضري فأقام بصفد بطالا في بيته نحوا من أربع سنين ثم توجه إلى مصر ونزل عند الأمير سيف الدين أرقطاي نائب صفد وتوفي هناك في شهر رمضان سنة أربع وسبع مائة بالقاهرة وولي أيام نيابة كراي بدمشق نظر الأوقاف بدمشق وكان عقله المعيشي جيدا يداخل نواب السلطنة ويتحد بهم وكان فيه كرم وحسن عشرة ومفاكهة حديث وجيه الدين ابن المنجا محمد بن عثمان الإمام الرئيس شيخ الأكابر وجيه الدين أبو المعالي شيخ الحنابلة ابن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي ولد سنة ثلاثين وتووفي سنة إحدى وسبع مائة وسمع من ابن اللتي حضورا ومن جعفر الهمداني ومكرم وسالم بن صصرى وحضر ابن المقير وحمل عنه جماعة ودرس بالمسمارية وكان صدرا محترما دينا محبا للأخبار صاحب أملاك ومتاجر وبر وأوقاف أنشأ دارا للقرآن بدمشق ورباطا بالقدس وعمل ناظر الجامع الأموي تبرعا وكان مع سعة ثروته مقتصدا في ملبوسه وتوفي بدار القرآن في شعبان في التاريخ المقدم
67 سراج الدين الدندري محمد بن عثمان بن عبد الله سراج الدين أبو بكر الدندري الفقيه الشافعي الصالح القاضي قرأ القراءات على نجم الدين عبد السلام بن حفاظ صهره وتصدر للإقراء بالسابقية بقوص سنين كثيرة وانتفع به جمع كبير وكتن متقنا ثقة وسمع من الحافظ ابن الكومي وتقي الدين ابن دقيق العيد ومحمد بن أبي بكر النصيبي وعبد النصير بن عامر بن مصلح الإسكندري وغيرهم وحدث بقوص وقرأأ الفقه على جلال الدين أحمد الدشناوي وسراج الدين ابن دقيق العيد ودرس وناب في الحكم بقفط وقنا وقوص واستمر في النيابة بقوص وبقفط إلى حين وفاته وكان يستحضر متونا كثيرة من الحديث والتفسير والإعراب واختلط آخر عمره وتوفي سنة أربع وثلاثين وسبع مائة) ابن دقيق العيد محمد بن عثمان بن محمد بن علي بن وهب بن مطيع جلال الدين ابن علم الدين ابن الشيخ تقي الدجين ابن دقيق العيد يأتي ذكر والده وجده إن شاء الله تعالى في مكانيهما سمع جده والحافظ الدمياطي والفقيه المقرئ تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد الخالق الصائغ ومن أحمد بن إسحاق الأبرقوهي وغيرهم واشتغل بالمذهبين الشافعي والمالكي وقرأ مختصر المحصول لجد والده الشيخ مجد الدين وكان يذكر بخير وينسب إلى دين قال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي وكان قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة يؤثره ويبره ودعه مرة فأعطاه ذهبا وفضة من ماله وكتب له بتدريس دار الحديث بقوص فأقام بها مدة يدرس وتوفي بالقاهرة سنة ست أو سبع وعشرين وسبع مائة المقرئ المدني محمد بن عجلان مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة المقرئ المدني الفيه أحد الأعلام وثقه ابن عيينة وغيره كان أحد من جمع بين العلم والعمل ولع حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث في بطن أمه ثلاث سنين فشق بطنها وقد نبتت أسنانه وقال يعقوب بن شيبة في مسند علي ثنا إبراهيم بن موسى الفراء ثنا الوليد بن مسلم قال قلت لمالك أني حدثت عن عائشة أنها قالت لا تحمل المرأة فوق السنتين قدر ظل مغزل فقال من يقول هذاهذه امرأة عجلان جارتنا امرأة صدق ولدت ثلاث أولاد في ثنتي عشرة سنة تحمل أربع سنين قبل أن تلد قال ابن المبارك لم يكن بالمدينة أحد أشبه بأهل العلم من ابن عجلان كنت أشبهه بالياقوتة بين العلماء وثقه أحمد وابن معين وتكلم المتأخرون في سوء حفظه روى عنه الأربعة وروى عنه مسلم متابعة وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة
68 السلمي محمد بن أبي عدي السلمي مولاهم البصري الحافظ روى له الجماعة توفي سنة مائتين تقريبا الشريف أبو البركات محمد بن عدنان بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله) بن العباس بن عبد المطلب أبو البركات الهاشمي الزينبي من أهل الحريم الظاهري من البيت المشهور بالنقابة والرياسة والعلم والرواية سمع الكثير من عم أبيه الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي وغيره وحدث باليسير روى عنه السلفي مولده سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة الشريف محيي الدين ابن عدنان محمد بن عدنان بن حسن الشيخ الإمام العالم العابد الشريف السيد محيي الدين العلوي الحسيني الدمشقي الشيعي شيخ الإمامية ولد سنة تسع وعشرين وست مائة ولي مرة نظر السبع وولي ابناه زين الدين حسين وأمين الدين جعفر نقابة الأشراف فماتا واحتسبهما عند الله أخبرني غير واحد أنهما لما ماتا كل واحد منهما كان مسجى قدامه وهو قاعد يتلو القرآن لم تنزل له دمعة عليه وكان كل منهما رئيس دمشق وولي النقابة في حياته ابن ابنه شرف الدين عدنان ابن جعفر وكان محيي الدين ذا تعبد زائد وتلاوة وتأله وانقطاع بالمزة أضر مدة وكان يترضى على عثمان وغيره من الصحابة ويتلو القرآن ليلا ونهارا ويناظر منتصرا للاعتزال متظاهرا به توفي سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة ناصر الدين الهمذاني محمد بن عربشاه بن أبي بكر ناصر الدين أبو عبد الله الهمذاني الدمشقي كان رجلا فاضلا له معرفة بالحديث سمع الكثير على مشايخ عصره وأسمع وكتب من كتب الحديث شيئا كثيرا وكان متقنا محررا لما يكتبه كتب بخطه صحيح البخاري في ثلاث مجلدات وحررها وقابلها وسمعها على المشايخ وصارت من الأصول المعتمد عليها بعد وفاته وانتقلت إلى علاء الدين ابن غانم رحمه الله تعالى ووقفها بدار الحديث المعيدية ببعلبك وتوفي ناصر الدين المذكور سنة سبع وسبعين وست مائة ودفن بسفح قاسيون جمال المواكب محمد بن عروة بن الزبير ضربه فرس فمات وكان بارع
69 الجمال يدعى زين الكواكب أو جمال الكواكب يضرب به المثل في الجمال والحسن وكانت وفاته سنة مائة أو ما قبلها المنسوب إليه المشهد محمد بن عروة شرف الدين الموصلي المنسوب إليه مشهد عروة في) دمشق بالجامع الأموي وإنما نسب إليه لأنه كان مخزنا فيه آلات تتعلق بالجامع فعزله وبيضه وعمل له المحراب والخزانتين ووقف فيها كتبا وجعله دار حديث توفي سنة عشرين وست مائة شهاب الدين ابن مشرف محمد بن أبي العز بن مشرف بن بيان الأنصاري الدمشقي الشيخ الجليل المسند المعمر شهاب الدين البزاز شيخ الراوية بالدار الأشرفية روى الصحيح غير مرة عن ابن الزبيدي وحدث أيضا عن ابن صباح والناصح وابن المقير ومكرم وابن ماسويه وتفرد في وقته وكان حسن الإصغاء جيد الخط أخذوا عنه ببعلببك ودمشق وطرابلس وأماكن وعاش سبعا وثمانين سنة وتوفي رحمه الله تعالى سنة سبع وسبع مائة وأظنه أخا نجم الدين أبي بكر ابن أبي العز بن مشرف الكاتب وسيأتي ذكره في حرف الباء الأيلي محمد بن عزير الأيلي روى عنه النسائي وابن ماجة قال ابن أبي حاتم كان صدوقا قيل أنه تفرد بهذا الحديث أكثر أهل الجنة البله عن سلامة عن عقيل وله متابع رواه أبو روح عن زاهر عن الكنجروذي عن ابن حمدان عن محمد بن المسيب الأرغياني ثنا محمد بن يزيد بن حليم ثنا محمد بن العلاء الأيلي عن يونس عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكثر أهل الجنة البله توفي سنة سبع وستين ومائتين العزيري محمد بن عزير أبو بكر السجستاني مصنف غريب القرآن يقال أنه صنفه في خمس عشرة سنة وهو ابن عزير بزاي أولى وراء ثانية وأكثر الناس يقولونه بزايين توفي
70 سنة ثلاثين وثلاث مائة أو ما دونها وقال الدارقطني بالزاي وكان معصره وأخذا جميعا عن أبي بكر محمد بن الأنباري ويقال أنه صنف غريبه في خمس عشرة سنة وكان يقرأه على ابن الأنباري وهو يصلح له فيه مواضع نفيس الدين الإسكاف الطبيب محمد بن عسكر بن زيد بن محمد طبيب فاضل يعرف بنفيس الدين أبي بكر الدمشقي ابن الإسكاف حدث وروى عنه ابن الدمياطي توفي بالقاهرة سنة ستين وست مائة ولم يذكره ابن أبي اصيبعة) ابن حيان المغربي محمد بن عطية بن حيان الكاتب قال ابن رشيق شاعر ذكي متوقد سلس الكلام تطيعه المعاني وينساغ له التشبيه وتحضره البديهة وهو صاحب إبراهيم في كتابة الحضرة ومن أبناء الكتاب وأهل الخدمة قديما قال ابن حيان * أقلوا عن مطالبة ازدجاري * فما أنا في المجانة بالمداري * * إذا اتسع الملام علي فيما * أحب وأشتهي ضاق اصطباري * * وكيف الصبر عن شمس وغصن * على حقف ترجرج في الإزار * * أقام عذاره للناس عذري * وقد أصبحت مخلوع العذار * * فقلبي من غرامي في حريق * وعيني من دموعي في بحار * * أقول لهم وقد لاموا دعوني * ومن أهوى وشربي للعقار * * إذا عجل المشيب علي ظلما * فإني لست أعجل للوقار * وقال أيضا * بتنا ندير الراح في شاهق * ليلا على نغمة عودين * * والنار في الأرض التي دوننا * مثل نجوم الأرض في العين * * فيا له من منظر مؤنق * كأننا بين سمائين * وقال أيضا * كأنما الفحم والرماد وما * تفعله النار فيهما لهبا * * شيخ من الزنج شاب مفرقه * عليه درع منسوجة ذهبا * وقال أيضا * وكأنما الصبح المطل على الدجى * ونجومه المتأخرات تقوضا * * نهر تعرض في السماء وحوله * أشجار ورد قد تفتح أبيضا * قلت هذا التشبيه المجرة أولى به من الصبح ألا ترى أن ابن حجاج قال * هذي المجرة والنجوم كأنها * نهر تدفق في حديقة نرجس *
71 وقال الآخر * وكأن المجر جدول ماء * نور الأقحوان في جانبيه *) وقال ابن حيان أيضا * إن وردا ونرجسا في أوان * خبراني عنك الذي خبراني * * باحمرار في صحن خدك باد * ووميض من طرفك الوسنان * وقال أيضا * وكم جزع واد قد جزعنا وصخرة * بأمثالها من خيلنا فيه ترجم * * فباتت بأعلى شاهق متمنع * ترى الطير فيها دونه وهي حوم * * كأن الأثافي حول كل معرس * نزلناه غربان على الأرض جثم * محمد بن عفيف أبو عبد الله الشاعر البغدادي أورد له ابن النجار * لبثت ببلدتكم برهة * أطوف في البلد الشاسع * * أروح وأغدو بلا طائل * وألفي إلى المسجد الجامع * * وأمدح بالشعر قوما جياعا * وهل يطلب الخبز من جائع *
72 3 (ابن عقيل)) الحافظ الأزهري البلخي محمد بن عقيل الأزهري أبو عبد الله البلخي الحافظ محدث بلخ وعالمها صنف المسند والتاريخ والأبواب توفي سنة ست عشرة وثلاث مائة المحتسب ابن كروس محمد بن عقيل بن عبد الواحد بن أحمد بن حمزة بن كروس المحتسب جمال الدين أبو المكارم السلمي الدمشقي سمع من بهاء الدين ابن عساكر وابن حيوس وكان رئيسا محتشما قيما بالحسبة وتوفي سنة إحدى وأربعين وست مائة القاضي نجم الدين ابن عقيل محمد بن عقيل بن أبي الحسن البالسي ثم المصري الزاهد العالم نجم الدين الشافعي ولد سنة ستين سمع من الفخر ابن البخاري وناب في الحكم عن ابن دقيق العيد وولي قضاء دمياط وكان من أئمة المذهب شرح التنبيه وكانت جنازته مشهودة توفي سنة تسع وعشرين وسبع مائة أجاز لي بالقاهرة سنة ثمان وعشرين وسبع مائة ابن مهاجر الفقيه الموصلي محمد بن علوان بن مهاجر بن علي بن مهاجر أبو المظفر ابن أبي) المشرف الفقيه الشافعي من أهل الموصل مولده سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة قدم بغداد حاجا سنة ستين وخمس مائة فحج وعاد إليها وأقام بالمدرسة النظامية يدرس الخلاف والمذهب على يوسف الدمشقي حتى برع فيهما ثم صار مكعيدا بالمدرسة ثم عاد إلى الموصل فدرس بمسجد هناك مجاور لبيته وفوض إليه التدريس بعدة مدارس وبنى والده مدرسة بقرب بيته وجعل عليها وقوفا وكانوا أهل ثروة ونعمة وعدالة ورياسة ثم عاد وقدم إلى بغداد حاجا ثم قدمها ومضى حاجا وجاور مكة سنة ثم عاد إلى بغداد وأقام بها إلى أن توفي سنة خمس عشرة وست مائة وكان موصوفا بالفضل الوافر والتدين والتعبد وحسن الطريقة والمروءة التامة
73 والتفقد لطلاب العلم وحدث باليسير من الحديث عن المتأخرين وله تعليق في الخلاف أورد له ابن النجار قوله * كلما قلت للحبيب حبيبي * صل فجسمي من البعاد سقيم * قال مستهجنا فأين إذا قولك لي أنت في الفؤاد مقيم ابن كريب الهمداني محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الحافظ محدث الكوفة روى عنه الجماعة وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين
74 3 (ابن علي)) ابن الحنفية محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أبو القاسم ابن الحنفية واسمها خولة بنت جعفر من سبي اليمامة ولد في صدر الخلافة عمر بن الخطاب ورأى عمر وروى عن أبيه وعثمان وعمار وأبي هريرة وغيرهم وروى عه الجماعة صرع مروان يوم الجمل وجلس على صدره فلما وفد على ابنه ذكره بذلك فقال عفوا يا أمير المؤمنين فقال والله ما ذكرت ذلك وأنا أريد أن أكافيك به سمته شيعته المهدي وهم يزعمون أنه لم يمت ومن شيعته كثير عزة والسيد الحميري ومن قول كثير الشاعر فيه * ألا إن الأئمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء * * علي والثلاثة من بنيه * هم الأسباط ليس بهم خفاء * * فسبط سبط الإيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء * * وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الخيل يقدمها اللواء * * تغيب لا يرى فيهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء * قلت هذا فيه نظر لأن السبط هو ابن البنت فأما الحسن والحسين رضي الله عنهما فولدا بنت رسول الله وأما محمد هذا فإنه من الحنفية وليس من فاطمة رضي الله عنها ولما تطاول مقام محمد بن الحنفية على زعمهم برضوى قال السيد الحميري * ألا قل للوصي فدتك نفسي * أطلت بذلك الجبل المقاما * * أضر بمعشر والوك منا * وسموك الخليفة والإماما * * وعادوا فيك أهل الأرض طرا * مقامك عنهم ستين عاما * * وما ذاق ابن خولة طعم موت * ولا وارت له أرض عظاما *
75 * لقد أمسى بمورق شعب رضوى * تراجعه الملائكة الكلاما * * وإن له به لمقيل صدق * وأندية تحدثه كراما * وكان السيد الحميري يعتقد أنه لم يمت وأنه في جبل رضوى بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل ويعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا) ويقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه سيولد لك بعدي غلام وقد نحلته اسمي وكنيتي ولا يحل لأحد من أمتي بعده وممن تسمى محمدا واكتنى بأبي القاسم محمد بن أبي بكر الصديق ومحمد بن طلحة بن عبيد الله ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ومحمد بن عبد الرحمن بن عوف ومحمد بن جعفر بن أبي طالب ومحمد بن حاطب بن أبي بلتعة ومحمد بن الأشعث بن قيس وكان محمد بن الحنفية شديد القوى وله في ذلك أخبار عجيبة حكى المبرد في الكامل أن أباه عليا استطال درعا كانت له فقال له يقص منها كذا وكذا حلقة فقبض محمد بإحدى يديه على ذيلها وبالأخرى على فضلها ثم جذبها فقطعها من الموضع الذي حده أبوه وكان عبد الله بن الزبير إذا حدث بهذا الحديث غضب واعتراه أفكل وهي الرعدة لأنه كان يحسده على قوته وكان عبد الله أيضا شديد القوى وقال ابن سعد جاء رجل إلى ابن الحنفية فسل عليه وقال له كيف أنتمفقال محمد إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل في آل فرعون كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا وينكحون نساءنا بغير أمرنا وكان يقول ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لم يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا وكتب ملك الروم إلى عبد الملك يتهدده ويتوعده ويحلف أنه يبعث إليه مائة ألف في البر ومائة ألف في البحر أو يؤدي له الجزية فكتب إلى الحجاج أن اكتب إلى ابن الحنفية وتوعده وتهدده ثم أخبرني بما يكتب إليك فكتب الحجاج إليه يتوعده بالقتل فكتب إليه ابن الحنفية إن لله في خلقه في كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة وأنا أرجو أن الله ينظر إلي نظرة يمنعني بها منك فكتب الحجاج بكتابه إلى عبد الملك فكتب عبد الملك نسخته إلى ملك الروم فقال ملك الروم ما خرج هذا منك ولا من أهل بيتك ما خرج إلا من بيت النبوة وكان يخضب بالحناء والكتم فقيل له أكان أبوك يخضبفقال لا قيل فما بالكقال أتشبب النساء وكان يلبس الخز ويتعمم عمامة سوداء ويتختم في يساره وكان يطلي رأس أمه ويمشطها وسيأتي ذكر ولده عبد الله أبي هاشم المنسوب إليه الفرقة الهاشمية من الإمامية في حرف العين في مكانه إن شاء الله تعالى الباقر رضي الله عنه محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله
76 عنهم أبو) جعفر الباقر سيد بني هاشم في وقته روى عن جديه الحسن والحسين وعائشة وأم سلمة وابن عباس وابن عمر وأبي سعيد الخدري وجابر وسمرة بن جندب وعبد الله بن جعفر وأبيه وسعيد بن المسيب وطائفة وروى له الجماعة مولده سنة ست وخمسين قال الشيخ شمس الدين فعلى هذا لم يسمع من عائشة ولا من جديه وكان أحد من جمع العلم والفقه والديانة والثقة والسودد وكان يصلح للخلافة وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد الرافضة عصمتهم وسمي بالباقر لأنه بقر العلم أي شقه فعرف أصله وخفيه قال ابن فضيل عن سالم بن أبي حفصة سألت أبا جعفر وابنه جعفرا الصادق عن أبي بكر وعمر فقالا لي يا أبا سالم تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا أمامي هدى وابن فضيل من أعيان الشيعة الصادقين قال اسحق الأزرق عن بسام الصيرفي سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر فقال والله إني لأتولاهما وأستغفر لهما وما أدركت أحدا من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما روي أنه كان يصلي في اليوم والليلة مائة وخمسين ركعة توفي سنة أربع عشرة ومائة على الصحيح وقيل سنة سبع عشرة وقيل غير ذلك ويعتقد قوم من الرافضة يعرفون بالباقرية أنه لم يمت وساقوا الإمامة من علي رضي الله عنه في أولاده إلى محمد الباقر وزعموا أنه المهدي المنتظر واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لجابر بن عبد الله الأنصاري إنك تلقاه فاقرأه مني السلام وكان جابرا آخر من مات بالمدينة من الصحابة وكان قد عمي آخر عمره فكان يمشي بالمدينة ويقول يا باقر متى ألقاكفمر يوما في بعض سكك المدينة فناولته جارية صبيا في حجرها فقال لها من هذافقالت محمد بن علي بن الحسين بن علي فضمه إلى صدره وقبل رأسه ويديه وقال يا بني جدك رسول الله يقرئك السلام ثم قال جابر نعيت إلي نفسي فمات في تلك الليلة فقالت هذه الطائفة ما أقرأه السلام إلا وهو المهدي المنتظر يقال لهم بعد صحة الخبر ينبغي أن يكون أويس القرني مهديا منتظرا لأنه صح أنه قال لعمر وعلي رضي الله عنهما إنكما تلقيان أويسا القرني فأقرئاه مني السلام) وكانت وفاته بالحميمة ونقل إلى المدينة ودفن بالبقيع في القبر الذي فيه أبوه وعم أبيه الحسن بن علي في القبة التي فيها قبر العباس أبو السفاح محمد الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو عبد الله والد
77 السفاح والمنصور روى عن أبيه وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وأرسل عن جده وبينه وبين أبيه في المولد أربع عشرة سنة وكان أبوه يخضب فيظن من لا يدري أن محمدا هو الأب عاش محمد ستين سنة وهو الذي أوصى إليه عبد الله بن محمد بن الحنفية ودفع إليه كتبه وألقى إليه إن هذا الأمر في ولدك وكان عبد الله قد قرأ الكتب وكان ابتداء دعوة بني العباس إلى محمد ولقبوه بالإمام وكاتبوه سرا بعد المائة والعشرين ولم يزل أمره يقوى ويتزايد فعاجلته المنية وقد انتشرت دعوته بخراسان وأوصى بالأمر إلى ابنه إبراهيم فلم تطل مدته بعد أبيه فعهد إلى أخيه أبي العباس السفاح وقيل إن محمدا كان من أجمل الناس وأمدهم قامة وكان رأسه مع منكب أبيه وكان رأس أبيه مع منكب عبد الله بن العباس وكان رأس عبد الله مع منكب أخيه وروى عن محمد الجماعة خلا البخاري وتوفي سنة أربع وعشرين ومائة شيطان الطاق محمد بن علي بن النعمان الكوفي أبو جعفر يتشيغ وله مع أبي حنيفة خبر توفي في حدود الثمانين ومائة وكان معتزليا وكان أحول وهو القائل * ولا تك في حب الأخلاء مفرطا * وإن أنت أبغضت البغيض فأجمل * * فإنك لا تدري متى أنت مبغض * صديقك أو تعذر عدوك فاعقل * والرافضة تنتحله وتسميه ميمون الطاق كان صيرفيا بالكوفة بطاق المحامل اختلف هو وصيرفي في نقد درهم فغلبه هذا وقال أنا شيطان الطاق فغلب عليه هذا الاسم وقال بشار بن برد شيطان الطاق أشعر مني وقيل له ويحك أما استحييت أما اتقيت الله أن تقول في كتاب الإمامة أن الله لم يقل قط في القرآن ثاني اثنين إذ هما في الغارفضحك طويلا وساق شيطان الطاق الإمامة إلى موسى بن جعفر وقطع بموت موسى وشارك هشام بن الحكم) في قوله إن الله تعالى يعلم الأشياء بعد وقوعها ولا يعلم أنها ستقع وقال إن الله تعالى على صورة إنسان لقوله عليه السلام إن الله خلق آدم على صورة الرحمن لكنه ليس بجسم وله طائفة من الرافضة ينسبون إليه يعرفون بالشيطانية وسماهم الشهرستاني في كتابه النعمانية وقال إنه صنف للرافضة كتبا جمة منها كتاب افعل لم فعلت وكتاب افعل لا تفعل ويذكر
78 فيها أن كبار الفرق أربعة القدرية والخوارج والعامة والشيعة ثم عين الشيعة بالنجاة في الآخرة من هذه الفرق قال وذكر عن هشام بن سالم ومحمد بن النعمان أنهما أمسكا عن الكلام في الله تعالى ورويا عمن يوجبان تصديقه أنه سئل عن قول الله تعالى وأن إلى ربك المنتهى قال إذا بلغ الكلام إلى الله تعالى فأمسكوا فأمسكا عن القول في الله والتفكر فيه حتى ماتا هذا قول الوراق محمد بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كان فصيحا شاعرا هرب من بني العباس إلى أن ظهر بخراسان فأضرمها نارا فاعتنى المهدي بأمره فرغب إليه في أن يرجع إلى الطاعة فقال * أبعد أن قتلوا أعلام سادتنا * وجرعونا كؤس الحتف والذل * * وقد شهرت حسام الله مبتغيا * في الأرض ما ضيعوا من سيرة العدل * * أعطي يدي لأناس قطعوا رحمي * هذا لعمرك مني غاية الجهل * فبلغت الأبيات المهدي فحمي واغتاظ وشد في طلبه حتى ظفر به وقتل وحمل رأسه إليه فقال المهدي لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لن ينتفع بها إلا بعد ما تقطع ولم يعقب هذا محمد وسيأتي ذكر والده علي وذكر والده المثلث وجده المثنى وجد أبيه السبط كل منهم في مكانه وله أخ يسمى حسينا محمد الجواد محمد بن علي هو الجواد بن الرضا بن الكاظم موسى بن الصادق جعفر رضي الله عنهم كان يلقب بالجواد وبالقانع وبالمرتضى وكان من سروات آل بيت النبوة زوجه المأمون بابنته وكان يبعث إلى المدينة في كل عام أكثر من ألف ألف درهم توفي ببغداد شابا طريا بعد وفاة المأمون سنة عشرين ومائتين وقد قدم على المعتصم فأكرمه وأجله وقبره عند قبر جده موسى وكان من الموصوفين بالسخاء ولذلك لقب الجواد وهو أحد) الأئمة الاثني عشر ومولده سنة خمس وتسعين ومائة ولما مات حملت زوجته أم الفضل إلى دار المعتصم قال جعفر بن محمد بن مزيد كنت ببغداد فقال لي محمد بن منده هل لك أن أدخلك على محمد بن علي الرضافقلت نعم فأدخلنا عليه فسلمنا وجلسنا فقال له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فاطمة رضي الله عنها أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النارقال خاص للحسن
79 والحسين رضي الله عنهما وكان يروي مسندا عن آبائه إلى علي رضي عنه أنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني يا علي ما خاب من استخار ولا ندم من استشار يا علي عليك بالدلجة فإن الأرض تطى بالليل ما لا تطى بالنهار يا علي اغد بسم الله فإن الله بارك لأمتي في بكورها ابن أبي خداش العابد محمد بن علي بن أبي خداش أبو هاشم الأسدي الموصلي العابد راوية المعافى بن عمران كان صالحا زاهدا مجاهدا استشهد في سبيل الله بسميساط مقبلا غير مدبر سنة اثنتي وعشرين ومائتين الرقي العطار محمد بن علي بن ميمون الرقي العطار روى عنه النسائي وقال الحاكم ثقة مأمون كان إمام أهل الجزيرة في عصره توفي سنة ثلاث وستين ومائتين ابن حمزة العلوي محمد بن علي بن حمزة العلوي الأخباري الشاعر روى عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم ووثقه وتوفي سنة تسعين ومائتين أو ما دونها ومن شعره * لو كنت من أمري على ثقة * لصبرت حتى ينتهي أمري * * لكن نوائبه تحركني * فاذكر وقيت نوائب الدهر * * واجعل لحاجتنا وإن كثرت * أشغالكم حظا من الذكر * والمرء لا يخلو على عقب الأيام من ذم ومن شكر الحافظ فستقة محمد بن علي بن الفضل الحافظ فستقة البغدادي توفي سنة تسعين ومائتين أو ما) قبلها الحافظ قرطمة محمد بن علي البغدادي الحافظ قرطمة توفي سنة تسعين ومائتين أو ما قبلها الصائغ المحدث بمكة محمد بن علي الصائغ كان محدث مكة في وقته مع الصدق والمعرفة توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين
80 البيكندي البلخي محمد بن علي بن طرخان البيكندي البلخي أكثر الترحال وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائتين الشلمغاني محمد بن علي أبو جعفر ابن أبي العزاقر الشلمغاني الزنديق أحدث مذهب الرفض في بغداد وقال بالتناسخ وحلول الإلهية فيه ومخرق على الناس وضل به جماعة وأظهر أمره أبو القاسم الحسين بن روح الذي تسميه الرافضة الباب تعني أحد الأبواب إلى صاحب الزمان فطلب فاختفى وهرب إلى الموصل وأقام سنين ثم رد إلى بغداد وأظهر عنه أنه يدعي الربوبية وقبض عليه ابن مقلة وسجنه وكبس داره فوجد فيها رقاعا وكتبا فيها له مخاطبات من الناس بما لا يخاطب به البشر وجرت أمور وأتفى العلماء بإباحة دمه فأحرق وكان ابن أبي عون أحد أتباعه وهو الفاضل الذي له التصانيف المليحة مثل مثل الشهاب والأجوبة المسكنة وهو من أعيان الكتاب وضرب ابن أبي عون بالسياط ثم ضرب عنقه وأحرق وكان ذلك في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة وشلمغان بالشين المعجمة المفتوحة وسكون اللام وفتح الميم والغين المعجمة وبعدها ألف بعدها نون دندن الكاتب محمد بن علي أبو علي يعرف بدندن بدالين ونونين كاتب يهجو الكتاب قال في محمد بن عبد الملك بن الزيات لما أوقع به المتوكل * ألم تر أن الله أيد دينه * وأوقع بالزيات لما تجبرا * * وكم قائل والدمع يسبق قوله * به لا بظبي بالصريمة أعفرا * * عليك سلام لم توفره نية * كذلك شيء قد تولى فأدبرا * مبرمان النحوي محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر العسكري مصنف شرح سيبويه ولم يتمه لقبه المبرد مبرمان لكثرة سؤاله وملازمته له أفاد بالأهواز مدة وكان دني النفس مهينا يلح بالطلب من تلامذته كان إذا أراد الحضور إلى منزله ركب في طبلية حمال من غير عجز به وربما بال على الحمال فيصيح ذلك الحمال فيقول له احسب أنك حملت رأس غنم وربما كان) يتنقل بالتمر ويحذف الطلبة بالنوى أخذ عنه الكبار مثل السيرافي وأبي علي الفارسي ولع كتاب العيون وكتاب علل النحو وشرح سيبويه ول يتم وكتاب التلقين وشرح شواهد سيبويه كتاب المجاري لطيف كتاب صفة شكر المنعم توفي سنة ست وعشرين وثلاث مائة
81 الوزير ابن مقلة محمد بن علي بن الحسن بن مقلة الوزير أبو علي صاحب الخط المنسوب ولي بعض أعمال فارس وتنقلت به الأعمال والأحوال حتى وزر للمقتدر سنة ست عشرة فقبض عليه بعد عامين وعاقبه وصادره ونفاه إلى فارس ثم استوزره القاهر بالله ونكبه ثم وزر للراضي قليلا وأمسكه سنة أربع وعشرين وضرب بالسياط وعلق وصودر وأخذ خطه بألف ألف دينار ثم تخلص ثم إن ابن رائق المقدم ذكره لما تمكن احتاط على ضياعه وأملاكه فكتب ابن مقلة إلى الراضي أنه إن مكن من ابن رائق خلص منه ثلاثة آلاف ألف دينار فأجابه فلما حضر إليه حبسه واطلع ابن رائق على الخبر فقطع يده وحبسه فندم الراضي وداواه فكان ينوح ويبكي على يده ويقول كتبت بها القرآن وخدمت بها الخلفاء تقطع مثل اللصوص وكان يشد القلم على يده ويكتب فأخذ يراسل الراضي ويطمعه في الأموال فلما قرب بحكم أحد خواص ابن رائق من بغداد أمر ابن رائق بقطع لسان ابن مقلة فقطع ولحقه ذرب ومات في السجن سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة ومولده سنة اثنتين وسبعين ومائتين وقال أبو الحسن ثابت بن قرة الطبيب كنت إدخل إليه السجن فيشكو إلي فأعزيه وأقول هذا انتهاء المكروه وخاتمة القطوع فينشدني * إذا ما مات بعضك فابك بعضا * فإن البعض من بعض قريب * ومن شعره في يده ما سئمت الحياة لكن توثقت بأيمانهم فبانت يميني * بعت ديني لهم بدنياي حتى * حرموني دنياهم بعد ديني * * ولقد حطت ما استطعت بجهدي * حفظ أرواحهم فما حفظوني * * ليس بعد اليمين لذة عيش * يا حياتي بانت يميني فبيني *) ومن شعره * وإذا رأيت فتى بأعلى رتبة * في شامخ من عزه المتنع * * قالت لي النفس العروف بقدرها * ما كان أولاني بهذا الموضع * ومن شعره لست ذا ذلة إذا عضني الدهر ولا شامخا إذا واتاني أنا نارق في مرتقى نفس الحاسد ماء جار مع الإخوان وابن مقلة هذا أول من نقل هذه الطريقة من خط الكوفيين إلى هذه الصورة وممن مدحه من الشعراء ابن الرومي الشاعر وله فيه قصيدة التي منها
82 * كذا قضى الله للأقلام مذ بريت * أن السيوف لها مذ أرهفت خدم * وفيه قال الشاعر * وقالوا العزل للوزراء حيض * لحاه الله من حيض بغيض * * ولكن الوزير أبا علي * من اللائي يئسن من المحيض * ومن العجائب أن الوزير ابن مقلة تقلد الوزارة ثلاث مرات وسافر في عمره ثلاث مرات واحدة إلى الموصل واثنتين في النفي إلى شيراز ودفن بعد موته ثلاث مرات في ثلاثة مواضع ومن شعره * أحببت شكوى العين من أجلها * لأنها تستر وجدي بها * * كنت إذا أرسلت لي دمعة * قال أناس ذاك من حبها * * فصرت أبكي الآن مسترسلا * أحيل بالدمع على سكبها * وقال بعضهم يرثيه * استشعر الكتاب فقدك سالفا * وقضت بصحة ذلك الأيام * * فلذاك سودت الدوي كآبة * أسفا عليك وشقت الأقلام * ومات في السجن وله ستون سنة وباشر الأعمال وهو ابن ست عشرة سنة وكان لا بد أن يشرب بعد صلاة الجمعة ويصطبح يوم السبت ويشترى له كل جمعة فاكهة بخمس مائة دينار أبو بكر الكتاني الصوفي محمد بن علي بن جعفر أبو بكر الكتاني) أصله من بغداد وجاور بمكة حتى مات بها سنة اثنتين وثلاث مائة كان من خيار مشايخ الصوفية وأحد الأئمة المشار إليهم في علوم الحقائق والزهد والعبادة قال المرتعش الكتاني سراج الحرم وقال السلمي ختم الكتاني في الطواف اثني عشر ألف ختمة استأذن أمه في الحج فأذنت له فلما دخل البادية أصاب ثوبه بول فقال هذا خلل فعاد إلى بيته وإذا أمه جالسة خلف الباب فقال ما هذافقالت اعتقدت مع الله تعالى أن لا أبرح من هذا المكان حتى تعود وقال رأيت في منامي حوراء ما رأيت في الدنيا أحسن منها فقلت زوجيني نفسك فقالت اخطبني من سيدي فقلت ما مهركفقالت حبس النفس عن مأولفاتها توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة أبو حشيشة الطنبوري محمد بن علي بن أبي أمية الكاتب وكنيته أبو حشيشة
83 الطنبوري وصفه مخارق للمأمون وهو بدمشق فخرج إليه وهو حدث وغناه ولم يزل يغني للخلفاء واحدا إلى خلافة المستعين وربما تجاوز ذلك وقال * إن الإمام المستعين بريه * غيث يعم الأرض بالبركات * وقال * وأخص منك وقد عرفت محبتي * بالصد والإعراض والهجران * * وإذا شكوتك لم أجد لي مسعدا * ورميت فيما قلت بالبهتان * وله كتاب المغني المجيد وأخبار الطنبوريين القفال الكبير الشاشي محمد بن علي بن إسماعيل القفال الشاشي الفقيه الشافعي إمام عصره كان فقيها محدثا أصوليا لغويا شاعرا لم يكن بما وراء النهر مثله في وقته للشافعية رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام والثغور وسار في ذكره في البلاد وصنف في الأصول والفروع وسمع ابن خزيمة ومحمد بن جرير وعبد الله المدائني ومحمد بن محمد الباغندي وأبا القاسم البغوي وأبا عروبة الحراني وطبقتهم وقال أبو إسحاق في الطبقات توفي سنة ست وثلاثين وهو وهم ولعله تصحف عليه ثلاثين بستين فإن الصحيح وفاته سنة خمس وستين وثلاث مائة لأن الحاكم والسمعاني ورخاه في هذه) السنة مولده سنة إحدى وتسعين ومائتين وقال أبو غسحاق أنه درس على ابن سريج فلم يلحقه لأنه رحل من الشاش إليه سنة تسع وثلاث مائة وابن سريج مات سنة ست وثلاث مائة وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء وله شرح الرسالة وكتاب في أصول الفقه وعنه انتشر مذهب الشافعي في بلاده وهو صاحب وجه في المذهب ومن غرائب وجوهه ما نقله عنه الشيخ محيي الدين في الروضة أن المريض يجوز له الجمع بين الصلاتين بعذر المرض وأنه استحب أن الكبير يعق عن نفسه وقد قال الشافعي لا يعق عن كبير وروى عنه الحاكم وابن منده وغيرهما وابنه القاسم هو مصنف التقريب الذي نقل عنه صاحب النهاية والوسيط والبسيط وقد ذكره الغزالي في الباب الثاني من كتاب الرهن لكنه قال أبو القاسم وهو غلط وصوابه القاسم وقال العجلي في شرح مشكلات الوجيز والوسيط في الباب الثالث من كتاب التيمم أن صاحب التقريب هو أبو بكر القفال وقيل أنه ابنه القاسم فلهذا يقال صاحب التقريب على الإبهام قال القاضي شمس الدين ابن خلكان رحمه الله ثم رأيت في شوال من سنة خمس وست مائة في خزانة الكتب بالمدرسة العادلية بدمشق كتاب
84 التقريب في ست مجلدات وهو من حساب عشر مجلدات وكتب عليه أنه من تصنيف أبي الحسن القاسم بن أبي بكر القفال الشاشي وهذا التقريب غير التقريب الذي لسليم الرازي فإني رأيت خلقا كثيرا من الفقهاء يعتقدونه هو فلهذا نبهت عليه وتقريب ابن القفال قليل الوجود وللقفال أيضا دلائل النبوة ومحاسن الشريعة وهو القفال الكبير والصغير هو المروزي الذي توفي بعد الأربع مائة والأول يتكرر ذكره في التفسير والحديث والأصول والكلام والثاني في الفقهيات وقال الحاكم كان القفال شيخنا أعلم من لقيته من علماء العصر الحماحمي محمد بن علي بن إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أبو بكر الحماحمي لقب بذلك لأنه مر به رجل يبيع الحماحم فصاح به يا حماحمي فلقب به وهو متوكلي نزل حلب وهو القائل * كم موقف لي بباب الجسر أذكره * بل لست أنسى أينسى نفسه أحد * * نزهت عيني في حسن الوجوه به * حتى أصاب بعيني عيني الحسد *) وقال * أراك تقل في عيني وقلبي * كأنك من بني الحسن بن سهل * وقال * أشكو هواك وأنت تعلم أنني * من بعد ما كذبت قولي صادق * يا من تجاهل قدوعلنمك بالهوى أنباك سقمي أنني لك عاشق الحافظ القصاب محمد بن علي بن محمد الحافظ أبو أحمكد الكرجي القصاب إنما قيل له ذلك لكثرة ما أهراق من دماء الكفار أحد الأئمة له تصانيف منها كتاب ثواب الأعمال وكتاب عقاب الأعمال وشرح السنة وتأديب الأئمة توفي سنة ستين وثلاث مائة أو ما قبلها أبو بكر النقاش المحدث محمد بن علي بن الحسن بن أحمد أبو بكر النقاش نزيل تنيس وهو راوي نسخة فليح كان أحد أئمة الحديث توفي سنة تسع وستين وثلاث مائة ابن رستم وزير خمارويه محمد بن علي بن أحمد بن رستم أبو بكر البغدادي الماذرائي الكاتب وزر لخمارويه صاحب مصر له مناقب ولم يكن له بلاغة الكتاب ولا مبالغة في النحو لكنه كان ذكيا صاحب بديهة بلغ أملاكه في السنة أربع مائة ألف دينار توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة
85 ابن رزين الواسطي محمد بن علي بن رزين الواسطي قال ابن المرزبان معتصمي هو القائل للحسن بن وهب وقد افتصد * أراق الفصد خير دم * دم الأذهان والفهم * * دم أهدى المداد إلى * دواة الملك والقلم * لقد أضحى الطبيب غداة فصدك طيب النسم * وراح وفي حديدته * دم المعروف والكرم * ابن المعين النحوي محمد بن علي بن الحسين أبو طاهر النحوي المعروف بابن المعين غلام ثعلب حدث عن أبي العيناء وروى عنه أبو بكر مكرم بن أحمد في كتاب الرغائب من جمعه توفي) سنة ثمان وثلاث مائة الماسرجسي الشافعي محمد بن علي بن سهل بن مصلح الفقيه أبو الحسن الماسرجسي ابن بنت الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري شيخ الشافعية في عصره سمع وروى قال الحاكم كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه صحب أبا إسحاق المروزي إلى مصر ولزمه وكان معيد أبي علي بن أبي هريرة وهو صاحب وجه في المذهب وعليه تفقه القاضي أبو الطيب الطبري وسمع من خاله المؤمل بن الحسن بن عيسى وسمع بمصر من أصحاب المزني ويونس بن عبد الأعلى الصدفي وقال أبو عبد الله الحاكم بن البيع عقد له مجلس الأمراء في دار السنة في رجب سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة وتوفي سادس جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وثلاث مائة وعمره ست وسبعون سنة أبو طالب المكي محمد بن علي بن عطية الحارثي أبو طالب مصنف قوت القلوب كان من أهل الجبل ونشأ في مكة وتزهد وله لسان حلو في التصوف قال أبو طاهر محمد بن علي ابن العلاف أنه وعظ ببغداد وخلط في كلامه وحفظ عنه أنه قال ليس على المخلوقين أضر من الخالق فبدعه الناس وهجروه قاله الخطيب عن أبي طاهر وكان يستعمل الرياضة كثيرا
86 وهجر الطعام زمانا واقتصر على أكل الحشائش المباحة فاخضر جلده ولقي جماعة من المشايخ في الحديث وعلم الطريقة وأخذ عنهم قال ابن الجوزي في المرآة ذكر في قوت القلوب أحاديث لا أصول لها قلت ولقد رأيت غير مرة عند الشيخ مجد الدين الأقصرائي شيخ الشيوخ بخانقاه سرياقوس نسخة بقوت القلوب في مجلدة واحدة بخط الولي العجمي ما رأيت مثلها ولا غيري ولو أمكن بيعها لي اشتريتها بثلاثة آلاف درهم لكنها كانت وقفا أظنها على خانقاه كريم الدين توفي سنة ست وثمانين وثلاث مائة ببغداد الأدفوي النحوي المفسر محمد بن علي بن أحمد الإمام أبو بكر الأدفوي وأدفو قرية في الصعيد قريب أسوان المصري المقرئ النحوي المفسر له تفسير القرآن في مائة وعشرين مجلدة ومنه نسخة وقف بمصر في وقف الفاضل توفي سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة) الجواليقي محمد بن علي الجواليقي الكوفي يتشيع قال يرثي الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه * ابك حسينا ليوم مصرعه * بالطف بين الكتائب الخرس * * يعدو عليه بسيف والده * أيد طوال لمعشر نكس * * بالله ما إن رأيت مثلهم * في يوم ضنك قماطر عبس * * أحسن صبرا على البلاء وقد * ضيقت الحرب مخرج النفس * * أضحى بنات النبي إذ قتلوا * في مأتم والسباع في عرس * الشطرنجي محمد بن علي الشطرنجي قال يهجو ابن المدبر لانتمائه إلى ضبة
87 * قد أحدث القوم دينا * وجدد القوم نسبه * * وكان أمرا ضعيفا * فضببوه بضبه * ما أحسن ما أتى بضبه هنا الوزير فخر الملك محمد بن علي بن خلف الوزير فخر الملك أبو غالب ابن الصيرفي الذي صنف الفخري في الجبر والمقابلة من أجله والكافي في الحساب كان ممدحا جوادا قتله السلطان الدولة ابن مخدومه بالأهواز سنة سبع وأربع مائة كان وزير بهاء الدولة ابن بويه ثم وزر لولده سلطان الدولة وكان أعظم وزراء آل بويه على الإطلاق بعد ابن العميد وابن عباد أصله من واسط وأبوه صيرفي وكان واسع النعمة فسيح مجال الهمة جم الفضائل والإفضال جزيل العطايا والنوال مدحه الشعراء وقصدوه منهم أبو نصر ابن نباتة السعدي يقول فيه من قصيدة نونية * لكل فتى قرين حين يسمو * وفخر الملك ليس له قرين * * أنخ بجنابه واحكم عليه * بما أملته وأنا الضمين * فامتدحه بعض الشعراء بعد هذا فلم يرض إجازته فجاء إلى ابن نباتة فقال أنت أغريتني بعه وغررتني فأعطاه من عنده شيئا رضي به فبلغ ذلك الوزير فسير إلى ابن نباتة جملة مستكثرة ومثل هذا قول أبي الطيب * وثقنا بأن تعطي فلو لم تجد لنا * لخلناك قد أعطيت من قوة الوهم *) ومن هذه المادة ما كتب به بعض الشعراء إلى ممدوح له * لم أعاجلك بالرقاع إلى أن * عاجلتني رقاع أهل الديون * علموا أنني بمدحيك أمسيت مليا فأصبحوا يرفعوني حذف النون الواحدة وهي التي للرفعة علامة ربما جاز ذلك في الضرورة ولم يزل فخر الملك في عزه إلى أن نقم عليه مخدومه سلطان الدولة فحبسه ثم قتله ودفن عند جبل الأهواز ولم يحكم دفنه فتبشته الكلاب وأكلته فشفع فيه بعض أصحابه فنقلت عظامه إلى مشهد هناك ودفنت سنة ثمان وأربع مائة ومن شعرائه مهيار الديلمي وقد استوفى أخباره هلال ابن الصابئ في تاريخه محمد بن علي بن أبي حمزة العقيلي الكوفي مولى الأنصار كان هو والدوابي وبكر بن خارجة يتراسلون الأشعار وهو القائل * قامت تشجعني عرسي وقد علمت * أن الشجاعة مقرون بها العطب * * يا هند لا والذي حج الحجيج له * ما يشتهي الموت عندي من له أدب *
88 * ولست منهم ولا أهوى مقالهم * لا الجد يعجبني منهم ولا اللعب * وقال في صديق له صلب على الزندقة * لعمري لئن أصبحت فوق مشذب * طويل يلاقيك السحاب مع القطر * * لقد عشت مبسوط اليدين مبرزا * وعوفيت عند الموت من ضغطة القبر * * وأفلت من ضيق التراب وغمه * ولم تفقد الدنيا فهل لك من شكر * * فإن كنت زنديقا فقد ذقت غب ما * جنيت فلا يبعد سواك أبا عمرو * النقاش الحافظ الحنبلي محمد بن علي بن عمرو بن مهدي أبو سعيد النقاش الأصبهاني الحافظ الحنبلي كان من الثقات المشهورين توفي سنة أربع عشرة وأربع مائة أبو طالب محمد بن علي بن عبد الله تقدم ذكره في محمد بن عبد الله هو أبو طالب البغدادي المستوفي الشاعر الأديب الكاتب أبو بكر العبداني محمد بن علي بن أحمد العبداني أبو بكر أورد له الثعالبي في التتمة * شموس مغاربهن الكلل * رشقن فؤادي بسهم المقل) * (وحملنني ثقل أردافهن * فيا ويح قلبي مما حمل * * ونادين قلبي فلبى وقال * عزاي مع الظاعنين ارتحل * * فيا عين جودي ولا تبخلي * وإن كان بالصبر قلبي بخل * * وأدمعها كاثرت في الورى * أيادي الوزير الكبير الأجل * محمد بن علي الضبي راوية العتابي شاعر طاهر بن الحسين وابنه عبد الله وهو القائل في طاهر * وقوفك تحت ظلال السيوف * أقر الخلافة في دارها * * كأنك مطلع في القلوب * إذا ما تناجت بأسرارها * * فكرات طرفك مرتدة * إليك بغامض أخبارها * * وفي راحتيك الردى والندى * وكلتاهما طوع ممتارها * * وأقضية الله محتومة * وأنت منفذ أقدارها *
89 أبو سهل الهروي اللغوي محمد بن علي بن محمد أبو سهل الهروي اللغوي المؤذن توفي بمصر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة كان رئيس المؤذنين بجامع عمرو بن العاص بمصر أخذ عن أبي عبيد الهروي المؤذن صاحب كتاب الغريبين وروى عنه الغريبين وأخذ عن أبي اسامة جنادة بن محمد اللغوي وعن أبي يعقوب النجيرمي وله شرح فصيح ثعلب سماه الإسفار استوفى فيه واستقصى ثم اختصره وسماه التلويح في شرح الفصيح وكتاب الأسد مجلد ضخم نحو ثلاثين كراسة ذكر فيه ست مائة اسم وكتاب السيف ذكر فيه نحو ثمان مائة اسم أبو بكر المراغي محمد بن علي أبو بكر المراغي قال محمد بن إسحاق أطال المقام بالموصل واتصل بأبي العباس دنحا صاحب أبي تغلب بن حمدان وكان عالما أديبا قرأ على الزجاج وله كتاب شرح شواهد سيبويه وكتاب في النحو مختصر الهراسي الخوارزمي محمد بن علي بن إبراهيم الهراسي الكاثي أبو عبد الله ابن أبي الحسن الأديب الخوارزمي توفي يوم عيد الفطر سنة خمس وعشرين وأربع مائة كان أحد مفاخر خوارزم في الأدب له كتاب في التصريف لم يسبق إلى مثله وكتاب شرح ديوان المتنبي وله كتاب رسائل) ومن شعره * إن الزمان زمانة * الرجل الأديب العاقل * كم فائق تحت الحضيض ومائق كالعاقل ومنه * قل للذي لا أرى له مثلا * إلا صفات غدت له مثلا * في الدر والبدر والغزال وفي الخوط ودعص النقا إذا مثلا * ومن به صرت في الهوى مثلا * كما غدا في جماله مثلا * * لا ترسلا ناظريك أنهما * بأنفس العالمين قد مثلا * قلت شعر نازل متكلف أبو العلاء الواسطي المقرئ محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب القاضي أبو العلاء الواسطي المقرئ قرأ الروايات على شيوخها قال الخطيب رأيت أصوله عتقا سماعه
90 فيها صحيح ورأيت له أشياء فيها مفسود إما مكشوط أو مصلوح بالقلم وروى حديثا مسلسلا بأخذ اليد رواية أئمة واتهم بوضعه توفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة الوزير ابن حاجب النعمان محمد بن علي بن عبد العزيز بن إبراهيم أبو الفضل الكاتب كان أبوه وزير القادر ولما مات أبوه وزر هو سنة إحدى وعشرين وعزل بعد ستة أشهر فلما استخلف القائم وزر له وكان أديبا شاعرا ويعرف بابن حاجب النعمان توفي سنة اربع وثلاثين وأربع مائة في ذي القعدة أورد ابن النجار لابن حاجب النعمان قوله * ما ترى النبق أثقل الأشجارا * واستتمت أنواره فأنارا * فكأن الربيع فصل ديباجا وخاطته كفه أزرارا وقوله في الشمعة * وطفلة كالرمح لاحظتها * سنانها من ذهب قد طبع * * دموعها تنهل في نحرها * ورأسها يحيى إذا ما قطع * وقوله) * وكم ليلة مزقت برد ظلامها * أسامر فيها نجمها وأساهره * * وقد لاح فيها البدر لابس تاجه * بنظم الثريا والنجوم عساكره * * كأن أديم الجو جوشن فارس * وقد جعلت نثر النجوم مسامره * وقوله * وذكرنا الورد الجني بنشره * روائح أحباب ولون خدود * * ونارنج أشجار حكين نواهدا * وأغصان رند تنتثي كقدود * القاضي ابن حشيشة محمد بن علي القاضي أبو عبد المعروف بابن حشيشة بحاء مهملة وشينين معجمتين بينهما ياء آخر الحرو فالمقدسي من شعره مما أورده في تتمة اليتيمة * طول اللحى زين القضاة وفخرهم * وتميز عن غاغة سفهاء * * لو كان في قصر بها فخر لها * لم يرو فيها سنة الإعفاء * الماسح محمد بن علي بن عثمان الماسح أحد الكتاب قال لما مات إبراهيم بن المدبر عقيب ما نقص أرزاق الناس
91 * إن قولي مقال ذي إشفاق * منذر من لقاء يوم التلاقي * * من يرى نقص كاتب من عطاء * ذاق ما ذاقه أبو إسحاق * منعوه الحياة إذ منع الرزق كذا كل مانع الأرزاق أبو الحسن الكاتب محمد بن علي بن نصر أبو الحسن الكاتب البغدادي أخو الفقيه عبد الوهاب المالكي صاحب ديوان الرسائل في دولة جلال الدولة ترسل عن الملوك ولقي جماعة من أهل الأدب وأخذ عن الببغاء وابن نباتة السعدي وكان أديبا بليغا فصيحا أخباريا وله كتاب المفاوضة صنفه للملك العزيز ابن جلال الدولة توفي بواسط سنة سبع وثلاثين وأربع مائة أبو الخطاب الجبلي محمد بن علي بن محمد أبو الخطاب البغدادي الشاعر المعروف بالجبلي بفتح الجيم وتشديد الباء الموحدة المضمومة وبعدها لام روى عنه الخطيب وأثنى عليه بمعرفة العربية والشعر وقد مدحه أبو العلاء المعري بقصيدته التي أولها) * أشفقت من وعب الزمان وعابه * ومللت من أري الزمان وصابه * وكان أبو الخطايب مفرطا في القصر وهو رافضي جلد توفي سنة تسع وثلاثين وأربع مائة من شعر أبي الخطاب * ورياض مختالة من ثراها * في برود من زهرها وعقود * * وكأن الغصون فيها غوان * تتبارى زهوا بحسن القدود * * وكأن الأطيار فيها قيان * تتغنى في كل عود بعود * وكأن المياه في خلل الروض سيوف تسل تحت بنود وكأن النوار يغمز بالأعين منه على ابنة العنقود ومنه * رويدك قد أصبحت جارا لأحمد * وحسب المرئ أن يستجير بجاره * لأفضل من يغشى على بعد داره وأكرم من يعشى إلى ضوء ناره أبو الحسين البصري المعتزلي محمد بن علي بن الطيب أبو الحسين البصري
92 المعتزلي صاحب المصنفات كان من فحول المعتزلة فصيحا متفننا حلو العبارة بليغا صنف المعتمد في أصول الفقه وهو كبير وكتاب صلح الأدلة في مجلدين وغرر الأدلة في مجلد وشرح الأصول الخمسة وكتاب الإمامة وكتابا في أصول الدين اعتزالا وتنبه الفضلاء بكتبه واعترفوا بحذقه وذكائه قال الخطيب كان يروي حديثا واحدا حدثنيه من حفظه أنا هلال بن محمد أنا الغلابي وأبو مسلم الكجي ومحمد بن أحمد بن خالد الزريقي ومحمد بن حيانم المازني وأبو خليفة قالوا حدثنا القعنبي حديث إذا لم تستحي فاصنع ما شئت قلت وهذا الحديث كأنه من خواص المعتزلة فإن جماعة من كبارهم لم يكن عندهم رواية حديث غيره وقد تقدم منهم وقال ابن خلكان إن الإمام فخر الدين أخذ كتابه المحصول في الفقه من كتاب المعتمد لأبي الحسين قلت وقد سمعت الشيخ الإمام العلامة تقي الدين أحمد بن تيمية غير مرة يقول أصول فقه المعتزلة خير من أصول فقه الأشاعرة وأصول دين الأشاعرة خير من أصول دين المعتزلة وتوفي سنة ست وثلاثين وأربع مائة وصلى عليه القاضي أبو عبد الله الصيرمي ودفن في) مقبرة الشونيزي محمد بن أبي علي أصله من مدينة صليبة بأرض الفرات ودخل إفريقية يافعا وبها تأدب وهو شاعر قال ابن رشيق في حقه لا يمدح ولا يهجو ثقة وإكبارا وأورد له قوله في الشمع بأبي مسعدات ذي الوجد في الليلة يأبى الصباح فيها الطلوعا أشبهتني لونا وحرقة أحشاء وتسهيد مقلة ودموعا ولحيني بقيت حيا وأفنين فيا ليتنا فنينا جميعا وقوله * لا تخدعن عن البيوت وأهلها * فلها من الحق الحري الأوجب * * فلقد رأيت من البيوت عجائبا * والدهر يأتي بالعجيب ويغرب * * بيت تسير به الركاب فيفتدى * فرحا يسر السامعين فيطرب * * وترى سواه بالحريق ملظيا * يسم الوجوه فنورها يتنهب * * كقيامة قامت فهذا محسن * يحيى وهذا في الجحيم يعذب * ابن كاتب إبراهيم محمد بن علي بن أحمد الأزدي المعروف بابن كاتب إبراهيم ذكره ابن رشيق في الأنموذج وأورد له * إني إذا خان الخليل تركته * وصرمت بالهجران حبل وصاله *
93 * لو كان في عز المعز وملكه * وجلاله ونواله وجماله * هو من قول ابن المعتز * والله لا كلمتها لو أنها * كالبدر أو كالشمس أو كالمكتفي * ومن شعر محمد بن علي ابن كاتب إبراهيم * هل في هوى الغيد الحسان الملاح * من الغواني من حرج أو جناح * منها * ترنو بأجفان سكارى بلا * سكر من الغنج مراض صحاح * * احمر لما استضحكت خدها * فلاح ما بين الشقيق الأقاح * تأرج السفح عبيرا وكافورا ومسكا حين زارت وفاح) * صاح ذر اللوم فإني امرؤ * من سكرتي في حبها غير صاح * * بمهجتي أفدي التي صيرت * جسمي للأسقام منها مباح * * ومن إذا رمت سلوا دعا * قلبي ولبى حبها لا براح * القنبري محمد بن علي القنبري الهنمذاني من ولد قنبر مولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه مدح عبيد الله بن يحيى بن خاقان أيام المعتنمد وقدم بغداد أيام المكتفي وكان يتشيع قال * إلى الوزير عبيد الله مقصدها * أعني ابن يحيى حياة الدين والكرم * * إذا رميت برحلي في ذراه فلا * نلت المنى منه إن لم تشرقي بدم * * وليس ذاك لجرم منك أعلمه * ولا لجهل بما أسديت من نعم * * لكنه فعل شماخ بناقته * لدى عرابة إذا أدته للأطم * ابن المكور محمد بن علي بن أحمد بن صالح أبو طاهر المؤدب المعروف بابن العلاف وبابن المكور صاحب أبي الخطاب الجبلي الشاعر قال ابن النجار كان أديبا مليح الشعر يسكن بقطيعة الربيع بالجانب الغربي حدث باليسير عن أبي علي الحسن ابن أحمد بن
94 شاذان وغيره وسمع منه أبو الفضل أحمد ابن الحسن بن خيرون وأبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحمديدي وروى عنه أبو سعد محمد بن عبد الملك الأسدي وأبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وأبو غالب محمد بن عبد الواحد القزاز زشجاع بن فارس الذهلي وأبو نصر هبة الله بن علي بن المجلي وأبو القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطي أورد له من شعره * ستروا الوجوه بأذرع ومعاصم * ورنوا بنجل للقلوب كوالم * * حسروا الأكمة عن سواعد فضة * فكأنما انتضيت متون صوارم * * أغروا سهام عيونهم بقلوبنا * فلنا حديث وقائع وملاحم * وقوله * وسترت وجهها عن النظر * بساعد حل عقد مصطبري * * كأنه والعيون ترمقه * عمود صبح في دازة القمر *) قلت شعر متوسط توفي ابن المكور سنة تسع وستين وأربع مائة الحافظ ابن رحيم الصوري محمد بن علي بن محمد بن رحيم الحافظ أبو عبد الله الصوري أحد أعلام الحديث سمع على كبر وعني بالحديث أتم عناية إلى أن صار فيه رأسا وكان يسرد الصوم قال الخطيب كان صدوقا كتب عني وكتبت عنه قال السلفي كتب الصوري البخاري في سبعة أطباق ورق بغدادي ولم يكن له سوى عين واحدة وعنه أخذ الخطيب علم الحديث وله شعر رائق توفي سنة إحدى وأربعين وأربع مائة سمع بالكوفة من أكثر من أربع مائة شيخ وكان هناك يظهر السنة ويترحم على الصحابة فثاروا عليه ليقتلوه فالتجأ إلى أبي طالب ابن عمر العلوي فأجاره وقال له اقرأ علي فضائل الصحابة فقرأ عليه فتاب من سبهم وقال قد عشت أربعين سنة في سبهم أترى أعيش مثلها حتى أذكرهم بخير وكان قد قسم أوقاته في نيف وثلاثين فنا وكانت له أخت بصور خلف عندها اثني عشر عدلا من الكتب فأعطاها الخطيب شيئا وأخذ بعض الكتب وكان حسن المحاضرة ومن شعره * قل لمن عاند الحديث وأضحى * عائبا أهله ومن يدعيه * * أبعلم تقول هذا أبن لي * أم بجهل فالجهل خلق السفيه * أتعيب الذين هم حفظوا الدين من الترهات والتمويه * وإلى قولهم وما رددوه * راجع كل عالم وفقيه * ومن شعره من أبيات * تولى الشباب بريعانه * وجاء المشيب بأحزانه * * وإن كان ما جار في سيره * ولا جاء في غير إبانه *
95 * ولكن أتى موذنا بالرحيل * فويلي من قرب إيذانه * * ولولا ذنوب تحملتها * لما راعني حال إتيانه * * ولكن ظهري ثقيل بما * جناه شبابي بطغيانه * القاضي البصري محمد بن علي بن محمد بن صخر أبو الحسن القاضي الأزدي البصري كان كبير القدر عالي الإسناد بمصر والحجاز وتوفي سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة) الخبازي المقرئ محمد بن علي بن محمد بن الحسن أبو عبد الله الخبازي المقرئ ولد بنيسابور سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة وصنف في القراءات كتاب الإبصار محتويا على أصول الروايات وغرائبها وكان له صيت لتقدمه في علم القراءات توفي سنة تسع وأربعين وأربع مائة الكراجكي الشيعي محمد بن علي أبو الفتح الكراجكي شيخ الشيعة والكراجكي بكافين وجيم هو الخيمي مات بصور في شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربع مائة وكان من فحول الرافضة بارعا في فقههم لقي الكبار مثل المرتضى له كتاب تلقين أولاد المؤمنين والأغلاط فيما يرويه الجمهور وموعظة العقلاء للنفس والمنازل وكتاب عدد ما جاء في الاثني عشر وكتاب المؤمن العشاري محمد بن علي بن الفتح أبو طالب الحربي العشاري بالعين المهملة المضمومة والشين المعجمة وبعد الألف راء سمع الدارقطني وابن شاهين وغيرهما قال الخطيب كتبت عنه وكان صالحا توفي سنة إحدى وخمسين وأربع مائة المطرز النحوي محمد بن علي بن محمد بن صالح أبو عبد الله السلمي الدمشقي المطرز النحوي صاحب المقدمة روى عنه الخطيب وتوفي سنة ست وخمسين وأربع مائة أبو مسلم النحوي المعتزلي محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن مهربزد أبو مسلم الأصبهاني الأديب المفسر النحوي المعتزلي له تفسير في عشرين مجلدا توفي سنة تسع وخمسين وأربع مائة قال ابن منده كان عنده أحاديث حرملة
96 محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن نزار أبو عبد الله التنوخي الحلبي المعروف بابن العظيمي كان له عناية بالتاريخ وتأليفه عدة تواليف قال ياقوت لكنها غير محكمة كثيرة الخطأ وكان معلم صبيان بحلب وسافر إلى دمشق وامتدح بها واجتدى بشعره) قال أبو سعد السمعاني سألت ابن العظيمي عن ولادته فقال سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة بحلب ومن شعره * يلقى العدى بجنان ليس يرعبه * خوض الحمام ومتن ليس ينفصم * * فالبيض تبسم والأوداج دامية * والخيل ترقص والأبطال تلتطم * * والنقع غيم ووقع المرهفات به * لمع البوارق والغيث الملث دم * ومنه * أيا بانة الوادي الذي بان عرفه * ألا حبذا واد وأنت قرين * * هواك قديم ليس يبلى جديده * إذا مر حين منه أقبل حين * * وحبك حي في دوارس أعظمي * وسرك ميت في الفؤاد دفين * * ووجدي بكم عف بغير خيانة * ومؤتمن في الحب كيف يخون * * حمتني أسود عن حماك ضراغم * لها من وشيج السمهري عرين * قلت شعر جيد
97 محمد بن علي الكاتب يعرف بابن الصباغ الصقلي أبو عبد الله ذكره ابن القطاع فقال حسن الترسل والمذاكره مليح التمثيل والمحاضرة وله في ذلك تصانيف لنفسه ومقامات شيقة ونظمه رفيع البنيان ثابت الأركان منه قوله * وليل قطعناه بأخت نهاره * إلى أن أماط الصبح عنه لثامه * * إذا ما أردنا أن نشب لقاصد * ضراما سكبناها فقامت مقامه * * ليالي نوفي اللهو مكنا نصيبه * ونعطي الصبى مهما أراد احتكامه * ومنه * ذكراك ما قد فات تعليل * ابعد شيب الرأس تضليل * * تشكو ملال البيض إن امرء * قد زاحم الخمسين مملول * * واها لذي الشيب لقد راقلت * به إلى الموت مراسيل * * يريد أن يبقة على حاله * هيهات هاتيك أباطيل * قلت شعر جيد) ابن حسول الهمذاني محمد بن علي بن حسول بالحاء المهملة والسين المهملة وبعد الواو لام على وزن فروجأبو العلاء الكاتب الهمذاني صدر نبيل عالم له النظم والنثر سمع من الصاحب ابن عباد ومن أحمد بن فارس صاحب المجمل في اللغة توفي سنة خمسين وأربع مائة أو ما دونها من شعره في أمرد علوي * وأزهر من بني الزهراء يرنو * غلي كما رنا الظبي الكحيل * * نهاني الدين والإسلام عنه * فليس إلى مقبله سبيل * * إذا أرسلت الحاظي إليه * نهاني الله عنه والرسول * ذكرت هنا قول ابن سناء الملك * رغبت في الجنة لما بدا * أنموذج الجنة في شكله * * فصرت من حرصي على شبهه * في البعث لا ألوي على وصله * * فانظر لما قد جره حسنه * من توبة تقبح عن مثله *
98 وكنت قد نظمت في هذا المعنى * أذكرتني الولدان عيني لما * لاح كالبدر حالة الإشراق * * قلت لي إن أعف عنه كثير * مثله في الجنان يوم التلاق * * يا لها من محاسن أعرضت بي * عن نعيم فان لآخر باق * ومن شعر ابن حسول * تقعد فوقي لأي معنى * للفضل للهمة الرئيسه * * إن غلط الدهر فيك يوما * فليس في الشرط أن تقيسه * * كنت لنا مسجدا ولكن * قد صرت من بعد ذا كنيسه * * كم فارس أفضت الليالي * به إلى أن غدا فريسه * * فلا تفاخر بما تقضى * كان الخرا مرة هريسه * أنشد الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى هذه الأبيات يوما والشيخ أثير الدين أبو حيان حاضر وقال كان الكذا مرة هريسه ما هو الكذا هنا يا أبا حيانفقال له ما وصلت في الطاهرية إلى هذا الحد أما أعرف أن الكذا ههنا الخرا) ومن شعر ابن حسول * دخلت على الشيخ مستأنسا * به وهو في دسته الأرفع * * وقد دخل الناس مثل الجراد * فمن ساجدين ومن ركع * * فهش ولكن لمردانه * وقام ولكن على أربع * * وأرسل في كمه مخطة * بدت لي على صورة الضفدع * * فهوعني ما تأملته * وزعزع روحي من أضلعي * * وأعرض إعراض مستكبر * تصدر مثلي ومستبدع * * فأقبلت أضرط من خيفة * وأفسو على السيد الأروع * * وقمت فجددت فرض الوضوء * وكنت قعدت وطهري معي * * ورام الخضوع الذي رامه * أبي مع أبيه فلم أخضع * * وكيف أقبل كف ارمئ * إذا صنع الخير لم يصنع * * فيقبضها عند بذل اللهى * ويبسطها في الجدا الرضع * * وإنيوإن كنت ممن يهون * عليه تكبر مستوضع * * ليعجبني نتف شيب السبال * وصفع قمحدوة الأصلع * * خرها ولو أنه ابن الفرات * وحزها ولو أنه الأصمعي * حسول
99 الثعالي أبو المنصور وأثنى عليه في التتمة لليتيمة ثناء كثيرا فيطلب هناك ومن شعر ابن حسول يهجو بعض المتكبرين عليه * دخلت على الشيخ فيمن دخل * فغربل عصعصه وانتحل * وأظهر من نخوة الكبرياء ما لم أقدر وما لم أخل * فقلت له مؤثرا نصحه * وقد يقبل النصح ممن بخل * * إذا كنت سيدنا سدتنا * وإن كنت للحال فاذهب فخل * * فقال اغتفر زلتي منعما * فإني نغل بزيت وخل * وكم من وزير كير عراه عند قضاء الحقوق البخل * أخل بحق دهاة الرجال * فما زال يصفع حتى أخل * وقال يداعب ابن الحبان وكان يخضب) سني كسن أديب العراق زين الظراف * ست وستون عاما * ما بيننا من خلاف * * لكن شيبي باد * وشيبه في غلاف * الصوري محمد بن علي بن محمد بن حباب أبو عبد الله الصوري الشاعر كان فصيحا توفي بطرابلس وقد نيف على السبعين وكانت وفاته سنة ثلاث وستين وأربع مائة ومن شعره * صب جفاه حبيبه * فحلا له تعذيبه * فالنار تضرم في الجوانح والسقام يذيبه حتى بكاه لما دهاه بعيده وقريبه * وتآمروا في طبه * كيما يخف لهيبه * * فأتى الطبيب وما دروا * أن الطبيب حبيبه * محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب أبو سعيد الخشاب النيسابوري الصفار كان محدثا مفيدا توفي سنة ست وخمسين وأربع مائة أبو بكر الخياط المقرئ محمد بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر أبو بكر الخياط البغدادي المقرئ ولد سنة سبع وسبعين وثلاث مائة وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان
100 وستين وأربع مائة ودفن بمقبرة جامع المنصور كان قد توحد في زمانه بعلم القراءات وسمع الحديث وكان فاضلا ثقة أبو علي الهاشمي الحنبلي محمد بن علي بن محمد بن أحمد أبو علي الهاشمي ابن عم الشريف أبي جعفر ابن أبي موسى الحنبلي سمع الكثير وتوفي سنة ثمان وستين وأربع مائة وكان سيدا ثقة ابن الحندقوقا محمد بن علي أبو عبد الله ابن المهتدي الهاشمي ويعرف بابن الحندقوقا سمع الحديث وكان يسكن بباب البصرة وتوفي في ذي الحجة سنة تسع وستين وأربع مائة ودفن في داره وكان صحيح السماع ثقة ابن الدجاجي محمد بن علي بن علي بن الحسن أبو الغنائم ابن الدجاجي البغدادي) ولي مرة حسبة بغداد ولم يحمد فعزل حدث عن جماعة وتوفي سنة ثلاث وستين وأربع مائة ابن الغريق محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد بن محمد بن المهتدي بالله الخطيب أبو الحسين الهاشمي المعروف بابن الغريق سيد بني العباس في زمانه وشيخهم سمع الدارقطني وابن شاهين وهو آخر من حدث عنهما وهو ممن شاع أمره بالعبادة وله مشيخة في جزئين وكان ثقة نبيلا ولي القضاء بمدينة المنصور قال أبو بكر ابن الخاضبة رأيت كأن القيامة قد قامت المنام المذكور في ترجمة ابن الخاضبة توفي سنة خمس وستين وأربع مائة ورحل الناس إليه لعلو إسناده وكان قد أصابه صمم وذهبت إحدى عينيه فكان هو الذي يقرأ بنفسه أبو ياسر الحمامي محمد بن علي بن محمد أبو ياسر الحمامي البغدادي قرأ القرآن وسمع الحديث وتوفي في المحرم سنة تسع وثمانين ودفن بباب حرب وكان إماما ثقة روي عنه أنه قال * دحرجني الدهر إلى معشر * ما فيهم للخير مستمتع * * إن حدثوا لم يفقهوا لفظة * أو حدثوا ضجوا فلم يسمعوا * الخروري الخوارزمي محمد بن علي بن الحسين أبو طاهر الخروري بخاء معجمة وراء بعدها واو ساكنة وراء ثانية الخوارزمي مدح فخر الملك ابا غالب وزير بني بويه روى عنه عاصم بن الحسن الأديب قوله
101 * هذا هلال الفطر حالي حاله * والناس في ملهى لديه وملعب * * هو في الهواء شبيه جسمي في الهوى * ولهم به كمسرة الواشين بي * وقوله * كم ليلة أحييتها في ضمه * وجعلت فيها وجهه نبراسي * * تالله بت بمعزل عن شخصه * حذرا عليه الذوب من أنفاسي * * وجلوت بكرا في عقيق زجاجة * لم ترض مهرا غير عقل الحاسي * قلت شعر جيد السمسماني النحوي محمد بن علي السمسماني أبو الحسين النحوي كان أحد النحاة المشهورين بمعرفة الأدب واللغة وكان يكتب خطا صحيحا مليحا كتب بخطه) كثيرا من كتب الأدب وخطه مرغوب فيه وروى شيئا من الأخبار والأشعار عن أبي سعيد السيرافي وأبي الفتح المراغي وأبي الحسن أحمد بن محمد بن مقسم المقرئ وروى عنه أبو نصر عبد الكريم بن محمد الشيرازي في فوائده توفي سنة خمس عشرة وأربع مائة السمسماني الكاتب محمد بن علي السمسماني أبو نصر صاحب الخط المليح كان طبقة البغداديين في حسن الخط بعد ابن البواب توفي سنة أربع وثلاثين وأربع مائة عملاق الشاعر محمد بن علي التغلبي المعروف بعملاق سمي بذلك لطوله قال ابن النجار ذكره شيخنا أبو سعد الحسن بن محمد بن حمدون وقال شاعر يأتي بالقصائد الجيدة فإذا قرأها هو صحفها وغير إعرابها فيقال أن عنده أشعارا لغيره فهو ينتحلها فمن شعره ما مدح به أبا طالب ابن الناقد صاحب المخزن * دع الحمام ساجعا في بأنه * وما انثنى ولان من قضبانه * * وعد عن ذكر الصريم والنقا * والرمل والمنهال من كثبانه * * والخمر والساقي إذا طاف بها * حمراء كالجذوة من بنانه * * والق زعيم الدين بالمدح الذي * يزيد إحسانا على إحسانه * * مولى أقام المجد في ربوعه * وسار في الناس ندا بنانه * قاضي القضاة الدامغاني محمد بن علي بن محمد بن حسن بن عبد الوهاب بن حسنويه قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني الحنفي شيخ زمانه حصل العلم على الفقر والقنوع
102 وآل به الأمر إلى أن ولي قضاء القضاة للمقتدر بالله ولأبيه بعد أن كان يحرس في درب الرياح وانتشر ذكره وكان مثل القاضي أبي يوسف في أيامه حشمة وسؤددا وعقلا ووجاهة توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة تاج القضاة ابن الدامغاني محمد بن علي بن محمد بن علي بن ممد بن حسن ابن الدامغاني حفيد المذكور أبو عبد الله ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة أبي عبد الله كان يلقب بتاج القضاة) شهد عند والده سنة إحدى وخمس مائة واستنابه في الحكم ببغداد وغيرها ولما توفي والده رشح للقضاء ولم يتيسر له ذلك ثم نفذ رسولا إلى الملك خان محمد بن سليمان بن داود ملك ما وراء النهر صحبة الرسول القادم من هناك فأدركه أجله فمات هناك سنة تسع عشرة وخمس مائة أبو جعفر اللارزي الشافعي محمد بن علي بن محمد بن شهفيروز بن ماهيار اللارزي الطبري أبو جعفر الفقيه الشافعي سمع بطبرستان الفقيه ابا المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني وبنيسابور أبا الحسن علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيري وأبا بكر عبد الغفار بن محمد الشيروي وبمكة أبا نصر عبد الملك بن أبي مسلم بن أبي نصر النهاوندي قاضي مكة وغيره ودخل بغداد وسكن النظامية وسمع الكثير من شيوخ الوقت وكتب بخطه كثيرا وحدث بيسير وأدركه الأجل وكان صدوقا فاضلا متدينا جميل الطريقة ووقف كتبه بالنظامية وتوفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة روى عنه يحيى بن أسعد بن بوش التاجر وغيره أبو بكر الشاشي الشافعي محمد بن علي بن حامد الإمام أبو بكر الشاشي الفقيه الشافعي صاحب الطريقة المشهورة تفقه ببلاده على الإمام أبي بكر السنجي وكان من أنظر أهل زمانه ثم ارتحل إلى حضرة السلطان بغزنة وتوفي سنة خمس وثمانين وأربع مائة أبو سعد الدقاق محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان الدقاق أبو سعد بن أبي القاسم سمع الكثير من أبي عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله ابن مهدي الفارسي وأبي علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان وأبي بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني وأبي محمد الحسن بن محمد الخلال وغيرهم وكتب بخطه وطلب بنفسه وكان يكتب خطا حسنا حدث باليسير سمع منه أبو البركات ابن السقطي وكتب عنه الخطيب وأبو عبد الله الحميدي شيئا من الأناشيد توفي سنة خمس وستين وأربع مائة ببغداد
103 أبو تمام ابن الدقاق محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان الدقاق أبو تمام أخو أبي) سعد المقدم ذكره حدث عن أبي عمر ابن مهدي وأبي الحسن ابن رزقزيه سمع منه ولده أبو عبد الله أحمد وأبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي توفي سنة سبعين وأربع مائة أبو الغنائم ابن الدقاق محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان الدقاق أبو الغنائم أخو أبي سعد وأبي تمام المقدم ذكرهما كان أصغر الأخوة تولى نظر البيمارستان العتيق بباب المحول سمع الكثير من أبي محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البيع وأبي عمر عبد الواحد وأبي الحسين علي بن بشران وأبي الحسن محمد بن رزقويه وأبي بكر عبد القاهر بن محمد بن عنترة الموصلي وغيرهم روى عنه أبو غالب أحمد بن الحسن ابن البناء وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبو القاسم إسماعيل ابن السمرقندي وعبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وغيرهم توفي سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة محمد بن علي بن محمد بن عمير الزاهد أبو عبد الله العميري الهروي الرجل الصالح سمع من أبيه ومن جماعة وتوفي سنة تسع وثمانين وأربع مائة ابن ودعان محمد بن علي بن عبيد الله بن ودعان القاضي أبو نصر الموصلي قاضي الموصل قدم بغداد سنة ثلاث وتسعين قبل موته وروى الأربعين الودعانية الموضوعة التي سرقها عمه أبو الفتح ابن ودعان من الكذاب زيد بن رفاعة سمعها منه هبة الله الشيرازي وعمر الرواسي كان زيد كذابا ألف بين كلمات قالها النبي صلى الله عليه وسلم وبين كلمات من كلام لقمان والحكماء وطول الأحاديث توفي سنة أربع وتسعين وأربع مائة ابن أبي البط محمد بن علي بن الحسن أبو تغلب المعروف بابن أبي البط من أهل البردان كان ينظم روى عنه أبو علي البرداني وعلي بن محمد بن عبد الرحمن الفقيه من شعره * وليس غريب الناس من كان نائيا * عن الدار والأوطان والمال والأهل * * ولكن غريب الناس من كان صحبه * من الحي أهل الزيغ والشر والجهل) * (يجل الفتى في الناس إذ كان قرنه * متى عاش أهل العلم والدين والفضل * * يعز علي أن أرى في مواطن * سوى العلم والتذكار يا صاح من شغل * * ولكن ضرورات الأمور تلزني * إلى الكون في حالس يعيش بها مثلي * * إذا كانت الآثار والسعي والخطا * مقدرة فاصبر وكف عن العذل * قلت هو شعر منحط
104 ابن أبي الصقر الواسطي محمد بن علي بن الحسن بن أبي صقر أبو الحسن الواسطي الفقيه الشافعي الكاتب أحد الشعراء له ديوان في مجلد حدث عن عبيد الله بن القطان توفي سنة ثمان وتسعين وأربع مائة وتفقه على الشيخ أبي إسحق وكان شديد التعصب للشافعية وله في ذلك القصائد المعروفة بالشافعية وله في الشيخ أبي إسحق مراث وكان كاملا في البلاغة وجودة الخط أورد له الخطيري في زينة الدهر * كل رزق ترجوه من مخلوق * يعتريه ضرب من التعويق * وأنا قائل وأستغفر الله مقال المجاز لا التحقيق * لست أرضى من فعل إبليس شيئا * غير ترك السجود للمخلوق * ولما أسن وضعف قال * كل أمري إذا تفكرت فيه * وتأملته رأيت ظريفا * * كنت أمشي على اثنتين قويا * صرت أمشي على ثلاث ضعيفا * أحسن من هذا قول ابن خلكان رحمه الله تعالى * قد صرت بعد قوة * تفض اصلاد الحصى * * أمشي على ثلاثة * أصح ما فيها العصا * وقال ابن أبي الصقر * علة سميت ثمانين عاما * منعتني للأصدقاء القياما * * فإذا عمروا تمهد عذري * عندهم بالذي ذكرت وقاما * وقال أيضا * والله لولا بولة * تحرقني عند السحر) * (لما ذكرت أن لي * ما بين فخذي ذكر * وله عدة مقاطيع في شيخوخته وكبره وضعفه أبو الغنائم المحدث ابن النرسي محمد بن علي بن ميمون أبو الغنائم ابن النرسي الكوفي محدث مشهور يعرف بأبي لأنه كان جيد القراءة ولد سنة أربع وعشرين وأربع مائة في شوال وسمع الكثير وسافر إلى الشام والساحل وختم به علم الحديث بالكوفة وكان يقول توفي بالكوفة ثلاث مائة وثلاثة عشر من الصحابة لا يعرف قبر أحد منهم غير قبر علي عليه السلام وقال محمد بن ناصر ما رأيت مثل أبي الغنائم ابن النرسي في ثقته وحفظه ما كان أحد يقدر أن
105 يدخل في حديثه ما ليس منه وكان من قيام الليل مرض ببغداد وانحدر إلى الكوفة فمات بحلة ابن مزيد سادس عشر شعبان سنة عشر وخمس مائة وحمل إلى الكوفة ودفن بها قال محمد بن عبد الباقي البزاز ما كان في الكوفة من أهل السنة والحديث سواه وكان فاضلا ثقة عاش ستا وثمانين سنة ممتعا بجوارحه وقد أثنى عليه ابن النجار ثناء كثيرا أبو الغمر الإسناوي محمد بن علي أبو الغمر الهاشمي الإسناوي قال العماد الكاتب كان أشعر أهل زمانه وأفضل أقرانه وأورد ما أنشده بعض المصريين * لحاظكم تجرحنا في الحشا * ولحظنا يجرحكم في الخدود * * جرح بجرح فاحسبوا ذا بذا * فما الذي أوجب جرح الصدود * وقوله * يا أهل قوص غزالكم * قد صاد قلبي واقتنص * * نص الحديث فشفني * يا ويح قلبي وقت نص * وله * أيا ليلة زار فيها الحبيب * ولم يك ذا موعد ينتظر * * وخاض إلي سواد الدجا * فيا ليت كان سواد البصر * * فطابت ولكن ذممنا بها * على طيب رياه نشر السحر) * (وبتنا من الوصل في حلة * مطرزة بالتقى والخفر * * وعقلي بها نهب سكر المدام * وسكر الرضاب وسكر الحور * * وقد أخجل البدر بدر الجبين * وتاه على الليل ليل الشعر * * وأعدى نحولي جسم الهوى * وأعداه مني نسيم عطر * * فمني معتبر العاشقين * ومن حسن معناه إحدى العبر * محمد بن علي بن عبد الله بن علي بن هندي ذكره الرشيد بن الزبير في كتاب الجنان وقال هو خاتم أدباء العصر بهذا العصر وقال مما أنشدني لنفسه * لثمت بفي التفكر وجنتيه * فسالت وجنتاه دما عبيطا * * وصافحني خيال منه وهنا * فخطت في يدي منه خطوطا * قلت كذا وجدته وهو مقلوب المعنى لأن ذلك يقتضي لطف بشرة العاشق والظاهر أنه قال فخط بكفه مني خطوطا وأورد له أيضا * هممت أن أفكر في حسنه * فخر مغشياص لفرط الألم * * وأشر الوهم إلى خده * فانصبغ الخدان منه بدم * وأورد له
106 توسد الورد وقد مال بالأجفان من عينيه إغفاء * فأشبه البدر إلى جنبه * سحابة في الجو حمارء * أبو سعد الكاتب ابن المعوج محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن المعوج أبو سعد الكاتب أخو أبي طالب محمد بن علي وهو الأسن ولي النظر بديوان الزمام بعد وفاة أبيه إلى أن عزل سنة خمس وثمانين وأربع مائة سمع الحديث من الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي وأبي جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة وأبي محمد عبد الله الصريفيني وأبي القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري وكان أديبا فاضلا روى عنه أبو المعمر الأنصاري في معجم شيوخه توفي سنة إحدى وعشرين وخمس مائة أورد به ابن النجار قوله) * عهدي بهم والدار غير غربة * ولا نأى الحي بهم ولا رحل * * مثل جواري العين أو مثل الدمى * قد ضمنت أشخاصهم تلك الكلل * * من كل بيضاء رداح طفلة * كالبدر حسنا والغزال في الكحل * * ولي بأسماء التي تيمني * حبي بها شغلق عن الغيد الأول * * من فضحت شمس الضحى بوجهها * والبدر في إشراقه عند الطفل * أبو طالب ابن المعوج محمد بن علي بن محمد بن الحسين أبو طالب ابن المعوج أخو أبي سعد المقدم ذكره سمع من أشياخ أخيه توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة ابن خلف الكاتب محمد بن علي بن خلف أبو سعد الهمذاني الكاتب كان كاتبا لسنا ذا براعة وعارضة قلت كذا ذكره ياقوت في معجم الأدلباء وساقه في المحمدين والصحيح أنه علي بن محمد بن خلف بن علي كما ذكره ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد وغيره وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في باب علي بن محمد في حرف العين ابن العلامة ابن القطاع محمد بن علي بن جعفر أبو علي ابن القطاع السعدي الصقلي كانت له حلقة في جامع عمرو بن العاص بمصر لإقراء اللغة وكان دمث الأخلاق مالكي المذهب مائلا إلى الحديث وهو ولد العلامة ابن القطاع توفي سنة ست عشرة وخمس مائة ابن هبيرة النسفي محمد بن علي بن يحيى بن هبيرة أبو الرضا النسفي البغدادي كان حافظا صالحا له معرفة تامة بالتفسير والنحو والأدب توفي سنة سبع عشرة وخمس مائة ابن البقراني محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد أبو الحسن ابن أبي القاسم الكاتب المعروف بابن البقراني قال ابن النجار من أولاد الرؤساء والكتاب تولى الكتابة بأوانا
107 ومعاملاتها ثم لزم بيته وكان أديبا فاضلا ظريفا لطيفا حسن الأخلاق متواضعاص طيب المجالسة فكها سمع الحديث الكثير في صباه وحصل أكثر مسموعاته وكتبها بخطه وكتب كثيرا من دواوين المحدثين وكتب الأدب والمجاميع ولم يزل يكتب إلى أن مات وجمع مجموعا في فنون الأخبار والحكايات والأشعار سردا بغير ترتيب كتبه بخطه في عشرين مجلدا وصنف كتابا في صفة الغلمان) فأحسن في تأليفه على شكل كتاب الثعالبي كتبت عنه وكان صدوقا وسألته عن مولده فقال في يوم السبت الثالث من صفر سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة وتوفي ليلة الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مائة ودفن من الغد بالشونيزية ابن البخاري النسابة محمد بن علي بن أحمد بن أبو نصر النسابة المعروف بابن البخاري قال ابن النجار قال القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي في كتاب نشوار المحاضرة أبو نصر ابن البخاري النسابة هذا كهل من النسابات البغداديين يعرف بابن البخاري نسابة الطالبيين وإليه مرجع نقباء الطالبيين في معرفة أنسابهم وصحتها ونفى الأدعياء عن هذا النسب وهو عارف بأنسابهم جدا مبرز في هذا العلم قال ابن النجار مات سلخ المحرم سنة سبع وخمسين وثلاث مائة أبو ياسر ابن سعدون محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن محمد بن سعدون الموصلي أبو ياسر من أولاد المحدثين الموصلي أصلا سمع الشريفين أبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وأبا جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة وأبا الغنائم محمد بن علي ابن الدجاجي وأبا الحسين ابن النقور وأبا محمد عبد الله الصريفيني وغيرهم وروى عنه أبو المعمر الأنصاري وأبو بكر المبارك بن كامل الخفاف وأخوه ذاكر وكان شيخا صالحا قال ابن النجار أنا ذاكر الخفاف أنا أبو ياسر محمد بن سعدون وهو متبسم وأنا عمر بن محمد المؤدب وهو متبسم ثنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز وهو متبسم قالا أنا أبو الغنائم محمد بن علي بن الدجاجي وهو متبسم ثنا مهدي بن أحمد الرملي وهو متبسم ثنا أسد بن موسى وهو متبسم ثنا سعيد بن زربي وهو متبسم ثنا ثابت البناني وهو متبسم ثنا أنس بن مالك وهو متبسم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متبسم حدثني جبريل وهو متبسم أن آخر من يدخل الجنة رجل يقال له مر على الصراط فيتعلق به توفي أبو ياسر سنة تسع عشرة وخمس مائة ومولده سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة ابن المراق الحلواني الحنبلي محمد بن علي بن محمد بن عثمان المراق الحلواني أبو الفتح) الفقيه الحنبلي تفقه على القاضي أبي يعلى ابن الفراء مديدة ثم صحب بعد
108 وفاته صاحبيه الشريف أبا جعفر ابن أبي موسى والقاضي يعقوب البرزبيني ودرس عليهما الفروع والأصول ودرس وأفتى وناظر ورتب إماما بمسجد شافع الجيلي إلى حين وفاته وكان متعبدا دينا سمع الحديث من الشريفين أبي الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله وأبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون والقاضي أبي يعلى ابن الفراء وأبي جعفر محمد بن المسلمة وأبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني وأبي القاسم يوسف بن محمد المهرواني وغيرهم وصنف في المذهب كتبا منها مختصر العبادات روى عنه السلفي في مشيخته توفي سنة خمس مائة أبو بكر القصار المؤدب محمد بن علي بن محمد الدينوري القصار أبو بكر المؤدب سكن درب الدواب ببغداد قال ابن النجار له أشعار في الزهد والغزل ولم يكن يعرف النحو ولا اللغة روى عنه عمر بن ظفر المغازلي والمبارك بن المبارك السراج وغيرهما أورد له ابن النجار كثيرا من ذلك * يا غافلا يتمادى * غدا عليك ينادى * * هذا الذي لم يقدم * قبل الترحل زادا * * هذا الذي وعظوه * وخوفوه المعادا * فلم يكن لتماديه طائعا منقادا وقال * ومشمر الأذيال في ممزوجة * متتوج تاجا من العقيان * * بالجاشرية ظل يهتف سحرة * ويصيح من طرب إلى الندمان * * يا طيب لذة هذه دنياكم * لو أنها أبقت على الإنسان * * هبوا إلى شرب الخمور فإنما * لصبوحكم لا للصلاة أذاني * * طلعت كؤوس الراح من أيديهم * مثل النجوم وغبن في الأبدان * قلت شعر جيد وتوفي سنة أربع عشرة وخمس مائة أبو سعد الكاتب الكرماني محمد بن علي بن محمد بن المطلب الكرماني أبو سعد الكاتب والد) الوزير أبي المعالي هبة الله كان والده من كرمان وولد هو ببغداد وقرأ طرفا صالحا من الأدب وأخبار الأوائل وسمع الحديث من أبي الحسين ابن بشران وأبي علي الحسن بن شاذان وحدث باليسير روى عنه أبو البركات ابن السقطي ويحيى بن الحسن بن أحمد بن البناء وسمع منه أبو عبد الله الحميدي وأبو غالب الذهلي وكان كاتبا شديدا مليح الشعر إلا أنه كان ثلبه
109 كثير الهجاء دقيق الفكر فيه قال ابن النجار شبه هجوه بهجو ابن الرومي وجحظة ومن شعره * عزلت وما خنت فيما وليت * وغيري يخون فلا يعزل * * فهذا يدل على أن من * يولي ويعزل لا يعقل * وكتب إلى الوزير أبي نصر ابن جهير * هبني كما زعم الواشون لا زعموا * أخطأت حاشاي أو زلت بي القدم * * وهبك ضاق عليك العذر من حرج * لم أجنه أيضيق العفو والكرم * * ما أنصفتني في حكم الهوى أذن * تصغي لواش وعن عذري بها صمم * ومن شعره * يا حسرتا مات حظي من قلوبكم * وللحظوظ كما للناس آجال * * تصرم العمر لم أحظى بقربكم * كم تحت هذي القبور الخرس آمال * المازري محمد بن علي بن عمر بن محمد أبو عبد الله التميمي المازري الزاي المفتوحة قبل الراءالفقيه المالكي المحدث أحد الأئمة الأعلام مصنف شرح مسلم وهو المعلم بفوائد كتاب مسلم وله كتاب إيضاح المحصول في الأصول وله في الأدب كتب متعددة وكان فاضلا متقنا أخبرني من أنسيته عن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى أنه كان يقول ما رأيت أعجب من هذايعني المارزيلأي شيء ما ادعى الاجتهاد وعلى المعلم بنى القاضي عياض كتاب الإكمال روى عنه القاضي عياض وأبو جعفر ابن يحيى القرطبي وشرح المارزي التلقين لعبد الوهاب في عشر مجلدات ومازر قد تكسر زايها وهي بليدة بجزيرة صقلية توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة) ابن زبرج النحوي العتابي محمد بن علي بن إبراهيم بن زبرج العتابي أبو منصور ابن أبي البقاء النحوي من أهل العتابيين بالجانب الغربي من بغداد وسكن الجانب الشرقي قال ابن النجار كان إماما في النحو متصدرا لإقراء الناس ويكتب خطا مليحا صحيحا قرأ النحو على ابن الشجري واللغة على أبي منصور ابن الجواليقي وسمع الحديث من جده لأمه أبي العباس أحمد بن الحسين بن قريش وأبي القاسم هبة الله ابن محمد بن الحصين وأبي الحسن
110 علي بن عبد الواحد الدينوري وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وغيرهم وحدث باليسير سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي وأبو المفاخر محمد بن محفوظ الجرباذقاني وعبد الرحمن بن يعيش بن سعدان القواريري وكان بينه وبين أبي محمد ابن الخشاب منافرات ومناقرات كان يقول ابن الخشاب الناس يتعجبون إذا رأوا حمارا عتابيا فكيف لا أتعجب إذا رأيت عتابيا حمارا ويقول عندي ثلاث نسخ بالإيضاح والتكملة لا تطيب نفسي أن أفرط في واحدة منهن واحدة بخطي وأخرى بخط شيخي ابن الجواليقي وأخرى بخط العتابي كلما نظرت فيها ضحكت عليه وتوفي سنة ست وخمسين وخمس مائة الشريف أبو جعفر النيسابوري محمد بن علي بن هارون الشريف أبو جعفر الموسوي النيسابوري كان من غلاة الشيعة ثم تحول شافعيا وترضى عن الصحابة وتأسف على ما مضى منه وسمع الكثير وتوفي سنة تسع وأربعين وخمس مائة أبو البركات الصائغ العراقي محمد بن علي بن أحمد بن يعلى الصائغ العراقي قال عبد السلام بن يوسف بن محمد الدمشقي في أنموذج الأعيان كنت اجتمع به وينشدني أشياء من نظمه وعرض علي مقامات عملها سلك فيها أسلوب أبي محمد القاسم الحريري وأنشدني من نظمه في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وخمس مائة * متى ما تصفحت الزمان وأهله * فرقت وكل بالفراق خليق * * ويلحق بالمعدوم منهم ثلاثة * كريم وحر صادق وصدوق * قال ابن النجار وفاته سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة ابن الوزير السميري محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبد الله السميري أبو المحاسن ابن) الوزير أبي طالب الأصبهاني كان يعرف بالعضد قدم مع والده في صباه إلى بغداد وسمع الحديث من أبي البركات هبة الله ابن البخاري وأبي القاسم هبة الله بن الحصين وأبي بكر ابن عبد الباقي البزاز كان والده وزير السلطان محمود فقتله الملاحدة سنة ست عشرة وخمس مائة ومدح أبو المحاسن المذكور المقتفي وابنه المستنجد وخدم في الديوان في زمانهما وعاد إلى أصبهان وخدم السلطان داود وتولى الطغراء له ثم تزهد وكتب مليحا توفي سنة سبع وثمانين وخمس مائة بأصبهان من شعره * يا نسيم الصبا تحمل إليها * قصة من أخي جوى وسهاد * * ناظري كاتبي وهدبي يراعي * وجنتي كاغذي ودمعي مدادي * ابن حميدة شارح المقامات محمد بن علي بن أحمد أبو عبد الله النحوي الحلي
111 يعرف بابن حميدة نحوي بارع حاذق في الفن بصير به عارف باللغة له شعر شرح أبيات الجمل وشرح اللمع وكتاب التصريف لابن جني وشرح المقامات قال الشيخ شمس الدين هو شاب فيما أظن توفي سنة خمسين وخمس مائة قال ابن النجار له كتاب في الفرق بين الضاد والظاء وكتاب الأدوات أورد له ابن النجار في تاريخه قول ابن حميدة الحلي * سلام على تلك المعالم والربا * وأهلا بأرباب القباب ومرحبا * * وسقيا لربات الحجال ضارج * ورعيا لأرباب الخدود بيثربا * * أحن لذياك الجناب وإن غدا * ربيبته عن روضتي مجنبا * * وأصبو لربع العامرية كلما * تذكرت من جرعائها لي ملعبا * * فلا هم إلا دون همي غدوه * إذا جرت النكباء أو هبت الصبا * قلت هو شعر متوسط وقال ياقوت له كتاب الروضة فيها مسائل نحو منثورة أبو نصر الفقيه ابن نظام الملك محمد بن علي بن أحمد بن الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي أبو نصر ابن أبي الحسن ابن الوزير نظام الملك أبي علي من البيت المشهور بالوزارة) درس الفقه على أسعد الميهني وعلى غيره وبرع وتولى مدرسة والده ثم عزل ثم أعيد إليها وفوض إليه نظر أوقافها وكانت له الحرمة التامة والتاه العريض والقرب من الديوان إلى أن عزل واعتقل بالديوان مديدة ثم حج وعاد إلى بغداد وتوجه إلى دمشق وولي تدريس الزاوية الغربية من الجامع وأقام بها إلى أن توفي سنة إحدى وستين وخمس مائة وسمع من أبي المنصور محمد بن عبد الملك بن خيرون وأبي الوقت عبد الأول السجزي وأبي زرعة قال ابن النجار وما أظنه روى لأنه مات شابا الأبري الحنفي محمد بن علي بن نصر الأبري الفقيه الحنفي كان حسن المعرفة بالمذهب والخلاف والأصولين ويعرف الكلام على مذهب الاعتزال واستنابه قاضي القضاة عبد الرحمن بن مقبل في عقود الأنكحة والطلاق والديون وكان كيسا متوددا طيب الأخلاق قال ابن النجار ما علمت له رواية توفي سنة تسع وعشرين وست مائة الجاواني الحلوي شارح المقامات محمد بن علي بن عبد الله بن أحمد ابن حمدان أبو سعيد وأبو عبد الله الجاواني الحلوي العراقي قدم بغداد صبيا وتفقه بها على الغزالي والكيا وبرع وتميز وقرأ المقامات على الحريري وكان إماما مناظرا وشرح المقامات وله كتاب
112 عيون الشعر والفرق بين الراء والغين ولهنظم وتوفي سنة إحدى وستين وخمس مائة أورد له ابن النجار * دعاني من ملامكما دعاني * فداعي الحب للبلوى دعاني * * أجاب له الفؤاد ونوم عيني * وسارا في الرفاق وودعاني * وأورد له العماد الكاتب أفديك بالعين الصحيحة فالمريضة لا تساوي أني أقيكم بالمحاسن لا أقيكم بالمساوي ابن الأقساسي محمد بن علي بن حمزة قطب الدين أبو يعلى المعروف بابن الأقساسي ولد بالكوفة سنة سبع وتسعين وأربع مائة وتوفي سنة خمس وسبعين وخمس مائة كان نقيب العلويين بالكوفة قدم ببغداد وسمع الحديث ولما مات دفن في الشونيزية من شعره) * رب قوم في خلائقهم * غرر قد صيروا غررا * * ستر الإثراء عيبهم * سترى إن زال ما سترا * ومنه أيضا * وكنت إذا خاصمت خصما كببته * على الوجه حتى خاصمتني الدراهم * * فلما تنازعنا الخصام تحكمت * علي وقالت قم فإنك ظالم * ابن البراق المغربي محمد بن علي أبو القاسم الهمداني بالميم الساكنة والدال المهملة المعروف بابن البراق من أهل وادي آش سكن مرسية وبلنسية وكتب بها الحديث وسمع من شيوخها ثم انصرف إلى بلده وتوفي هناك سنة ست وتسعين وخمس مائة أورد له ابن الأبار في التحفة * للفجر من خلل السحاب تشوف * وعلى المذاكي عزة وتشرف * * فكأن موشي الدرانك سندس * وكأن منضود الأرائك رفرف * * ولربما سجعت هناك حمائم * فحسبت أن بها قيانا تعزف * وقوله في لابس أصفر * برح بي ذو محاسن صرفت * لواحظ الخلق عن سنا الفلق * * تشتاقه أضلعي وإن رشقت * أحناءها منه أسهم الحدق * * يعطفه التيه في مصبغة * بثت هناك الشعاع في الأفق *
113 * كالشمس عند الأصيل قد لبست * صفرتها تحت حمرة الشفق * وقوله في مليح لبس أطمارا قاله ارتجالا * عاينته ثني أطمار يزان بها * ما بين مستتر منها ومنكشف * * كأنه قمر دارت به سحب * فالبعض منكشف والبعض في سدف * ابن المرخي المغربي محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز اللخمي الكاتب من أهل إشبيلية ويعرف بابن المرخي بخاء معجمة بعد الراء كان أبوه أبو الحكم كاتبا وأما جده أبو بكر فنظير ابن أبي الخصال في بلاغته وبيانه وبيته عريق في النباهة والكتابة) توفي سنة ست عشرة وست مائة له كتاب في الخيل وكتاب حلية الأديب في اختصار الغريب المصنف أورد له ابن الأبار يخاطب أستاذه المعروف باللص * سأهجر العلم لا بغضا ولا كسلا * حتى يقال ارعوى عن حبه وسلا * * ولا أمر ببيت فيه مسكنه * كي لا يمثل شوقي حيثما مثلا * * إذا ظمئت وكان العذب ممتنعا * فلست عن غير ذاك العذب معتزلا * * إذا طردت قصيا عن حياضكم * فإن نفسي مما تكره النهلا * * قد كان عندي زعيم القوم عالمهم * فاليوم عندي زعيم القوم من جهلا * * ما إن رأيت الذي يزداد معرفة * إلا يزيد انتقاصا كلما كملا * * وآية الصدق في قولي وتجربتي * أن الجواد على العلات ما وألا * ابن حمادو الصنهاجي محمد بن علي بن حمادوبالحاء المهملة وبعد الدال المهملة واو الصنهاجي من أهل قلعة حماد ولي قضاء الجزيرة الخضراء وقضاء سلا توفي سنة سبع وعشرين وست مائة أورد له ابن الأبار * أبا عبد الإله إليك أشكو * لواعج بين جانحتي تذكو * * بعدت عن الديار وساكنيها * وفرق بيننا فلك وفلك * * ولم يعدل لعمر الله عندي * فراق أحبة ملك وملك * وقال يهنئ باسترجاع بلاد إفريقية والظهور على يحيى بن إسحاق * فتوح لها في كل يوم تلاحق * كما استبقت يوم الرهان السوابق * * تجيء وما بين الزمانين مهلة * كما نسق المعطوف بالواو ناسق *
114 * بشائر تعلوها تباشير مثلما * تبلج صبح أو تألق بارق * * وراقت بلاد الله فهي نضارة * خمائل يندى زهرها وحدائق * * كذا فليكن فتح وإلا فإننا * جميع فتوح العالمين مغالق * * إذا أقرأ القرآن في غسق الدجى * أبي بن كعب لم يغن مخارق * الطبيب الشريشي محمد بن علي بن رفاعة الشريشي الطبيب) قال ابن الأبار كان أسمر اللون أبرص وهو القائل * شريش ما هي إلا * تصحيف شر تبين * * فارحل فديتك عنها * إن كنت ممن تدين * * فلم يسد قط فيها * حر ولا من تعين * ابن القبيطي محمد بن علي بن حمزة بن فارس الحراني أبو الفرج الكاتب المعروف بابن القبيطي قال ابن النجار أخو شيخنا حمزة سمع الكثير في صباه مع أخيه من أبي عبد الله الحسين وأبي محمد عبد الله بن علي بن أحمد الخياط وأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن السلال الوراق وأبي بكر أحمد ابن علي بن عبد الواحد الدلال وأبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن الطرائفي وأبي الحسن أحمد بن عبد الله بن علي بن الأبنوسي وأبي القاسم علي بن عبد السيد بن محمد بن الصباغ وأبي القاسم هبة الله بن الحسين بن الحاسب وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي وأبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري وأبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ وأبي إسحق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقي وأبي حفص عمر بن ظفر المغازلي وخلق كثير سواهم وعمر حتى حدث بالكثير وانتشرت عنه الرواية وانفرد بقطعة من مسموعاته قال ابن النجار قرأت عليه كثيرا وكان صدوقا مرضي الأخلاق محمود الطريقة سليم الجانب طيب الأخلاق حلو المجالسة حفظة للحكايات والأشعار لا يمل جليسه منه مضى عمره في استقامة وحسن طريقة مولده سنة ثمان وعشرين وخمس مائة ووفاته سنة تسع وست مائة ابن البواب محمد بن علي ابن البواب أبو عبيد الله الموصلي ذكره البلطي أنه كان معلما قال العماد الكاتب وهو الآن يعيش وهو ابن ثمانين سنة له مفقطعات حسنة فمن ذلك ما أنشدنيه في والده لي أب كل ما به يوصف الناسفهو منه مبرا * فهو كالصل من بنات الأفاعي * كلما زاد عمره زاد شرا * قال وأنشدني له أيضا) * أدرها لقد قام السفيه علي رجل * وحكم جيش الجهل في عالم الفضل *
115 الوزير الجواد محمد بن علي بن أبي منصور الصاحب جمال الدين أبو جعفر الأصبهاني الملقب بالجواد وزير صاحب الموصل أتابك زنكي بن آقسنقر كان نبيلا رئيسا دمث الأخلاق حسن المحاضرة محبوب الصورة سمحا كريما مدحه القيسراني بالقصيدة التي أولها * سقى الله بالزوراء من جانب الغرب * مها وردت عين الحياة من القلب * كان جده أبو منصور فهادا للسلطان ملكشاه بن الب رسلان السلجوقي فتأدب ولده وسمت همته وخدم في مناصب علية وصاهر الأكابر فلما ولد له جمال الدين المذكور عني بتأديبه وتهذيبه ثم رتب في ديوان العرض للسلطان محمود بن ملكشاه فظهرت كفايته فلما تولى اتابك زنكي الموصل وما والاها استخدم جمال الدين المذكور وقربه واستصحبه معه إليها وولاه نصيبين فظهرت كفايته وأضاف إليه الرحبة فأبان عن كفاية وعفة فجعله مشرف مملكته وحكمه تحكيما لا مزيد عليه وكان الوزير يومئذ ضياء الدين الكفرتوثي فلما توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة تولى الوزارة بعده أبو الرضا ابن صدقة وجمال الدين المذكور فخف على قلب زنكي ولم يظهر جمال الدين في حياة زنكي مالا ولا نعمة إلى أن توفي على قلعة جعبر فرتبه سيف الدين غازي ابن اتابك في وزارته فظهر جوده حينئذ بالعطايا وبالغ في الإنفاق حتى عرف بالجواد وأثر آثارا جميلة وأجرى الماء إلى عرفات أيام الموسم من مكان بعيد وعمل الدرج من أسفل الجبل إلى أعلاه وبنى سور مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان خرب من المسجد وكان يحمل في كل سنة إلى مكة وإلى المدينة من الأموال وكسوة الفقراء والمنقطعين ما يقوم بهم مدة سنة كاملة وكان له ديوان مرتب باسم أرباب الرسوم والقصاد وتنوع في فعل الخير وواسى الناس زمن الغلاء وكان إقطاعه عشر مغل البلاد على جاري عادة وزراء السلجوقية وأباع يوما بقياره وصرفه للمحاويج وله مكارم جمة كثيرة وأقام على هذا الحال إلى أن توفي مخدومه غازي وقام بعده قطب الدين مودود فاستكثر إقطاعه وثقل عليه أمره فقبض عليه وحبسه ولم يزل مسجونا حتى توفي في شهر رمضان سنة تسع وخمسين وخمس مائة وصلي عليه وكان يوما مشهودا من بكاء الضعفاء والأرامل) والأيتام وضجيجهم حول جنازته ودفن بالموصل إلى بعض سنة ستين ثم نقل إلى مكة وطيف به حول الكعبة وطافوا به مرارا مدة مقامهم وكان يوم دخوله يوما مشهودا وكان معه شخص يذكر مآثره ويعدد محاسنه إذا وصلوا به إلى المزارات فلما انتهى إلى الكعبة وقف وأنشد * يا كعبة الإسلام هذا الذي * جاءك يسعى كعبة الجود * * قصدت في العام وهذا الذي * لم يخل يوما غير مقصود * ثم حمل إلى المدينة صلوات الله على ساكنها وسلامه ودفن بالبقيع بعد أن أدخل المدينة وطيف به حول حجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنشد الشخص المذكور
116 * سرى نعشه فوق الرقاب وطالما * سرى جوده فوق الركاب ونائله * * يمر على الوادي فتثني رماله * عليه وبالنادي فتثني أرامله * قال الشيخ شمس الدين خالفوا به السنة انتهى قلت سيأتي ذكر ولده الوزير جلال الدين علي بن محمد بن علي في مكانه في حرف العين أبو الفتح النطنزي محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي الفتح الكاتب أبو الفتح النطنزي كان من البلغاء أهل النظم والنثر سافر البلاد ولقي الأكابر وكان كثير المحفوظ يحب العلم والسنة ويكثر الصدقة والصيام ونادم الملوك والسلاطين وكانت له وجاهة عظيمة عندهم وكان تياها عليهم متواضعا لأهل العلم سمع الكثير بأصبهان وخراسان وبغداد ولم يمتع بالرواية توفي في حدود الخمسين والخمس مائة أورد له ابن النجار قوله * أقدم أستاذي على والدي وإن * تضاعف لي من والدي البر واللطف * * فهذا مربي النفس والنفس جوهر * وذاك مربي الجسم وهو لها صدف * وقوله * أن تراني عريت بعد رياش * فجمال السيوف حين تشام * * واختصار الخصور في البيض تم * وكذا صحة الجفون السقام * وقوله * أيا طالب المذهب المجتبى * تعلم من النحلة المذهبا * * إذا أكلت أكلت طيبا * وإن أطعمت أطعمت طيبا) * (وكن في دفاع الأذى ناظرا * إليها إذا ركبت مركبا * وقوله * يا طالبا للعلم كي يحظى به * دنيا ودينا حظوة تعليه * * اسمعه ثم احفظه ثم اعمل به * لله ثم انشره في أهليه * ومن شعره * ولما تنكبنا الكثيب وأبلغت * لنا السدة العلياء قلت لصاحبي * * ألا فانشرح صدرا فلم يبق بيننا * وبين المنى إلا إناخة راكب * محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن ياسر أبو بكر الأنصاري الجياني قدم دمشق وله نيف وعشرون سنة ففتح مكتبا عند قنطرة سنان وتفقه على أبي الفتح نصر الله
117 المصيصي ثم زامل الحافظ ابن عساكر إلى بغداد وسمع ودخل نيسابور ومرو وتوفي سنة ثلاث وستين وخمس مائة الجصاني صاحب الحماسة محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن حمدان بن الحسين أبو الغنائم الجصاني بالجيم والصاد المهملة مشددة الهيتي الأديب اللغوي نزيل الأنبار وينسب إلى جصين أحد ملوك الفرس كان صاحب قلعة عند الأنبار صنف كتاب روضة الآداب في اللغة والمثلث الحمداني والحماسة وغير ذلك توفي سنة سبعين وخمس مائة أو قبل ذلك أبو الفضل ابن الطيب محمد بن علي بن الطيب أبو الفضل الوزير ناب عن الوزير ابن عميد الدولة أبي سعد ابن عبد الرحيم وأبي علي ابن ماكولا كان فاضلا أديبا أورد له ابن النجار عكبرا أرض بها اللذات من عيش وطيب فاسقني من حلب الكرم على صوت العروب * إنما الدنيا حديث * لصدوق أو كذوب * فاستلب أيام لذاتك من أيدي الخطوب ولد سنة ست وسبعين وثلاث مائة وتوفي سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة) أبو منصور القنائي محمد بن علي بن الطيب القنائي من ديرقنابالقاف والنون المشددة ناحية بالنهروان أبو منصور الأديب أورد له ابن النجار * يحكي البدور وجوههن تبلجا * ولهن من هيف الغصون قدود * * وثغورهن إذا ابتسمن كأنها * لنحورهن قلائد وعقود * * أشجى بوجدي والقلوب خلية * عني وأسهر والعيون رقود * رشيد الدين المازندراني الشيعي محمد بن علي بن شهراسوب الثانية سين مهملة أبو جعفر السروري المازندراني رشيد الدين الشيعي أحد شيوخ الشيعة حفظ القرآن وله ثمان سنين وبلغ النهاية في أصول الشيعة كان يرحل إليه من البلاد ثم تقدم في علم القرآن والغريب والنحو ووعظ على المنبر أيام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه وكان بهي المنظر حسن الوجه والشيبة صدوق اللهجة مليح المحاورة واسع العلم كثير الخشوع والعبادة والتهجد لا يكون إلا على وضوء أثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثير توفي سنة ثمان وثمانين وخمس مائة ومن تصانيف المازندراني كتاب في النحو سماه الفصول جمع فيه أمهات المسائل
118 وكتاب المكنون المحزون في عيون الفنون كتاب أسباب نزول القرآن كتاب متشابه القرآن كتاب الأعلام والطرائق في الحدود والحقائق كتاب مناقب آل أبي طالب كتاب المثالب كتاب المائدة والفائدة جمع فيه أشياء من النوادر والفوائد عاش تسعا وتسعين سنة وشهرين ونصفا وتوفي بحلب في التاريخ المذكور ابن الدهان الحاسب محمد بن علي بن شعيب فخر الدين أبو شجاع ابن الدهان الفرضي الأديب الحاسب وهو أول من وضع الفرائض على شكل المنبر وجمع تاريخا جيدا وصنف غريب الحديث في عدة مجلدات وكانت له يد طولى في علم النجوم توفي سنة تسعين وخمس مائة ومن نظمه في ابن الدهان المعروف بالناصح أبي محمد سعيد بن المبارك النحوي وكان مخلا بإحدى عينيه * لا يبعد الدهان أن ابنه * أدهن منه بطريقين) * (من عجب الدهر فحدث به * بفرد عين وبوجهين * وكتب إلى تاج الدين الكندي * يا زيد زادك ربي من مواهبه * نعماء يعجز عن إدراكها الأمل * * لا غير الله حالا قد حباك به * ما دار بين النحاة الحال والبدل * * النحو أنت أحق العالمين به * لأن باسمك فيه يضرب المثل * ولما جاءت دولة بني أيوب تردد بين أولاد اتابك وصلاح الدين عدة نوب وسفر بينهم في إصلاح الحال ابن المعلم محمد بن علي بن فارس نجم الدين أبو الغنائم ابن المعلم الواسطي الهرثي والهرث من قرى واسط انتهت إليه رياسة الشعر في زمانه وطال عمره ولد سنة إحدى وخمس مائة وتوفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة قال ابن الدبيثي سمعت عليه أكثر شعره وكان بينه وبين ابن التعاويذي الشاعر تنافس وهجاه ابن التعاويذي وكان ابن الجوزي يوما على المنبر فقيل لابن المعلم هذا ابن الجوزي على المنبر يتكلم فشق الناس وجلس ولم يعلم به أحد فقال ابن الجوزي مستشهدا على بعض إشاراته ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول * يزداد في مسمعي تكرار ذكركم * طيبا ويحسن في قلبي مكرره *
119 وكان يستشهد بشعره كثيرا في تصانيفه وعلى المنبر في وعظه وشعره ينفع الوعاظ لأن الغالب عليه ذكر الصبابة والغرام والشوق والارتياح فلهذا خف على الأسماع وراج على القلوب وطربت له النفوس ووقف هو والأبله العراقي وابن التعاويذي على القصيدة التي نظمها ابن صردر وأولها * أكذا يجازى ود كل قرين * أم هذه شيم الظباء العين * نظم الأبله على وزنها وابن التعاويذي أيضا وابن المعلم وكان الذي قاله ابن المعلم * ما وقفة الحادي على يبرين * وهو الخلي من الظباء العين * * إلا ليمنحني جوى ويزيدني * مرضا على مرضي ولا يبرين * منها) * قسما بما ضمت عليه شفاههم * من قرقف في لؤلؤ مكنون * * أن شارف الحادي الغوير لأقضين * نحبي ومن لي أن تبر يميني * * ولقد مررت على العقيق بزفرة * أمسى الأراك بها بغير غصون * * فبكى الحمام وما يجن صبابتي * وشكا المطي وما تحن حنيني * قلت لو كان لي حكم في أول هذه القصيدة لقلت * ما وقفة الحادي على يبرين * إلا ليمرضني وما يبريني * ليحصل له الجناس الذي أراده في بيت واحد ومن شعر ابن المعلم * أجيراننا أن الدموع التي جرت * رخاصا على أيدي النوى لغوالي * * أقيموا على الوادي ولو عمر ساعة * كلوث إزار أو كحل عقال * * وجودوا على صدق الفراق بنظرة * تعلل قلبي منكم بمحال * ومنه * تنبهي يا عذبات الرند * كم ذا الكرى هب نسيم نجد * * مر على الروض وجاء سحرا * يسحب ثوبي أرج وبرد * * حتى إذا عانقت منها نفحة * عاد سموما والغرام يعدي * * واعجبا مني أستشفي الصبا * وما تزيد النار غير وقد * * أعلل القلب ببان رامة * وما ينوب غصن عن قد * * وأسأل الربع ومن لي لو وعى * رجع الكلام أو سخا برد * * تعلة وقوفنا بطلل * وضلة سؤالنا لصلد * * وأقتضي النوح حمامات اللوى * هيهات ما عند اللوى ما عندي *
120 * قد كنت استبكي الحمام لو شفا * وكنت أستشفي الصبا لو تجدي * منها * ما فصمت أيدي النوى عرى الهوى * عني ولا حلت عقود الود * * وأنت يا عيني وعدت بالبكا * هذا الفراق فانعمي بالوعد * ومنه قوله * دع التجلد وامدد للغرام يدا * من غالب الشوق أمسى وهو مغلوب) * (ما خلت أن الهوى يقضى علي به * والحب كالحين للإنسان مجلوب * * ولم أخل أن سر الوجد يفضحه * من الحمائم تغريد وتطريب * * حتى صدحن وهل سر يصان ولل * أنفاس والدمع تصعيد وتصويب * * فما بدا البارق العلوي معترضا * إلا انثنيت وعندي منه ألهوب * * كأنما هو من جنبي مخترط * للومض أو هو في جنبي مقروب * ومنه قوله * كلفي فيكم قديم عهده * ما صباباتي بكم مستكسبه * * أين ورق الجزع من لي أن أرى * عجمه إن لم أشاهد عربه * * ونعم ذا بان حزوى فاسألوا * إن شككتم في عذابي عذبه * * عن جفوني النوم من بعده * وإلى جسمي الضنا من قربه * * وصلوا طيفا إذا لم تصلوا * مستهاما قد قطعتم سببه * * فإلى أن تحسنوا صنعا بنا * قد أساء الحب فينا أدبه * * اعشق اللوم لحبي ذكركم * يا لمر في الهوى ما أعذبه * * فاكشفوا لي سر ما ألقى بكم * فلقد أشكل ما بي واشتبه * ابن القصاب الوزير محمد بن علي بن أحمد بن المبارك الوزير مؤيد الدين أبو الفضل ابن القصاب البغدادي كان ذا رأي وشهامة وحزم وغور بعيد وهمة عالية كان أديبا شاعرا ولي كتابة الإنشاء مدة ثم ناب في وزارة الخلافة وسار بعسكر الخليفة وفتح همذان وأصبهان وحاصر الري ومتن وصارت له هيبة في النفوس فلما عاد ولي الوزارة ثم خرج بالجيوش إلى همذان فتوفي بظاهرها وقرأ العربية على أبي السعادات ابن الشجري وكانت وفاته سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة ومن شعره قوله في ولد يرثيه * وإذا ذكرتك والذي فعل البلى * بجمال وجهك جاء ما لا يدفع *
121 قال يوما أحسن ما قيل في الرأي قول ابن حيوس * ولو شيب ماء البحر بالدم لاغتدى * يفصل بين الماء بالرأي والدم *) فقال أبو بكر المبارك بن المبارك بن سعيد الواسطي النحوي قوله لو شيب يجعل نفسه بالمرصاد لهذا ولو قال لو أراد لفعل كذا لكان أحسن ثم قوله بين الماء والدم هما جنسان مختلفان فقال شيخ الشيوخ عبد الرحيم صدقت وإنما القول قول المتنبي * قاض إذا اشتبه الأمران عن له * رأي يفرق بين الماء واللبن * فقال أبو بكر هذا أحسن ولكن قال بين الماء واللبن وأنا أفصل بين الماء واللبن بأن أغمس فيه البردي ثم أعصره فلا يشرب إلا الماء ثم نظمت بيتين لم يلحق المتنبي غبارهما وهما * ولو وقعت في لجة البحر قطرة * من المزن يوما ثم لو شاء مازها * * ولو ملك الدنيا فأضحى ملوكها * عبيدا له في الشرق والغرب مازها * القاضي محيي الدين ابن الزكي محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي قاضي قضاة الشام محيي الدين أبو المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن ابن قاضي القضاة المنتخب أبي المعالي ابن قاضي القضاة الزكي أبي المفضل القرشي الدمشقي الشافعي ولد سنة خمسين وخمس مائة وقرأ المذهب على جماعة وسمع والده وجماعة وهو من بيت القضاء والحشمة والأصالة والعلم وكان حسن اللفظ والخط شهد فتح القدس مع السلطان صلاح الدين وكان له يومئذ ثلاث وثلاثون سنة واسمه على قبة النسر في التثمين بخط كوفي أبيض وخطب أول جمعة في القدس تلك الخطبة البليغة ولم يكن استعد لها بل خرج إليه وقد أذن المؤذنون على السدة رسالة السلطان أن يخطب ويصلي بالناس وهذا مقام صعب وقد ذكرها ابن خلكان في تاريخه وجرت له قضية مع الإسماعيلية بسبب قتل شخص منهم فلذلك فتح له باب سر إلى الجامع من داره التي بباب البريد لأجل صلاة الجمعة وكان ينهى عن الاشتغال بكتب المنطق والجدل وقطع مجلدات في مجلسه من ذلك وكان قد تظاهر بترك النيابة عن القاضي ابن أبي عصرون فأرسل إليه السلطان صلاح الدين مجد الدين ابن النحاس والد العماد عبد الله الراوي وأمره أن يضرب علي علامته في مجلس حكمه فلزم بيته حياء واستناب ابن أبي عصرون الخطيب ضياع الدين الدولعي وأرسل إليه الخليفة بالنيابة مع البدر يونس الفارقي فرده وشتمه فأرسل إلى جمال الدين ابن الحرستاني) فناب عنه ثم توفي ابن أبي عصرون وولي محيي الدين القضاء وعظمت رتبته عند صلاح الدين وسار إلى مصر رسولا من الملك العادل إلى العزيز ومكاتبات القاضي الفاضل إليه مجلدة كبيرة ولما فتح السلطان مدينة حلب سنة تسع وسبعين وخمس مائة أنشده القاضي محيي الدين قصيدة بائية أجاد فيها ومنها
122 * وفتحك القلعة الشهباء في صفر * مبشر بفتوح القدس في رجب * فكان فتوح القدس كما قال لثلاث بقين من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة فقيل لمحيي الدين من أين لك ذلكفقال أخذته من تفسير ابن برجان في قوله تعالى ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ووفاته في سابع شعبان سنة ثمان وتسعين وخمس مائة أبو المفاخر النوقاني الشافعي محمد بن علي بن نصر بن أبي سعيد النوقاني أبو المفاخر الفقيه الشافعي درس الفقه بنيسابور على محمد بن يحيى وأقام عنده حتى حصل قطعة صالحة من المذهب والأصول والخلاف وقدم بغداد واستوطنها إلى أن مات وحضر عنده الفقهاء وعلقوا عنه طريقته في الخلاف وجدلا ألفه وولي مدرسة أم الإمام الناصر وكان عالما كاملا نبيلا له اليد الباسطة في المذهب والخلاف وله يد في التفسير والمنطق وعقد مجالس الوعظ قديما قال ابن النجار وأكثر الفقهاء والمدرسين ببغداد من الشافعية والحنابلة تلاميذه وكان مع ذلك صالحا دينا حافظا لأوقاته لا يضيع منها ساعة في غير أشغال أو اشتغال أو مطالعة أو نسخ وكان فيه مروءة وسخاء وبذل لما في يده حدث ببغداد بكتاب الأربعين لشيخه محمد بن يحيى توفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة قاضي أسيوط أبو البركات محمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن القاضي أبو البركات الأنصاري الموصلي الشافعي ولي القضاء بأسيوط زيادة على عشرين سنة وبحماة مدة ثمان سنين أيام نور الدين وجمع كتابا) سماه عيون الأخبار وغرر الحكايات والأشعار وجمع أربعين حديثا عن أربعين شيخا في أربعين مدينة وخرج معجم النساء وفي سنة ست مائة كانت وفاته نظام الدين ابن الخروف محمد بن علي بن يوسف نظام الدين ابن الخروف القيسي القرطبي الشاعر مات في سنة أربع وست مائة مترديا في جب بحلب كتب إلى القاضي بهاء الدين ابن شداد يطلب منه فروة طلبت مخافة الأنواء من نعماك جلد أبي * حلبت الدهر أشطره * وفي حلب صفا حلبي * وبعضهم يقول فيه علي بن محمد بن علي وسيأتي ذكره في مكانه قاضي أربل الكفرعزي محمد بن علي بن محمد بن الجارود أبو عبد الله الماراني بالنون بعد الأل فالكفرعزي قاضي أربل كان عالما متصونا جاوز الثمانين ووفاته سنة تسع وعشرين وست مائة من شعره
123 الصاحب كمال الدين ابن مهاجر محمد بن علي بن مهاجر الصاحب كمال الدين أبو الكرم الموصلي قدم دمشق وسكنها وسمع وروى قال نجم الدين ابن السائق سكن في دار ابن البانياسي وشرع في الصدقات وشراء الأملاك ليوقفها وكان اتفق مع والدي على عمل رصيف عقبة الكتان وقال تجيء غدا وتأخذ دراهم لعملها فلما أصبح بعث إليه الأشرف جرزة بنفسج وقال هذه بركة السنة فأخذها وشمها فكانت القاضية وأصبح ميتا فورثه السلطان وأعطوا من تركته ألف درهم فاشتروا له تربة في سوق الصالحية قال الشيخ شمس الدين فلما كان بعد ذلك بنى الصاحب تقي الدين توبة بن علي بن مهاجر التكريتي في حيطان التربة خمس دكاكين وادعى أنه ابن عمه قال أبو المظفر ابن الجوزي بلغ قيمة ما خلف الصاحب كمال الدين ثلاث مائة ألف دينار وأراني الملك الأشرف سبحة فيها مائة حبة مثل بياض الحمام يعني من التركة وكانت وفاته في سنة أربع وثلاثين وست مائة سبط الشاطبي محمد بن علي بن شجاع محيي الدين أبو عبد الله القرشي سبط الشيخ الشاطبي) صاحب القصيدة كان عنده أدب وله فضل ونظم ونثر حسن الأخلاق طيب العشرة ووالده الحاج كمال الدين الضرير كان من الصلحاء الفضلاء توة في محيي الدين بالقاهرة سنة ست وسبعين وست مائة ودفن بالقرافة الصغرى ومولده سنة أربع عشرة وست مائة الشيخ محيي الدين ابن عربي محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الشيخ محيي الدين أبو بكر الطائي الحاتمي الأندلسي المعروف بابن عربي صاحب المصنفات في التصوف وغيره ولد في شهر رمضان سنة ستين وخمس مائة بمرسية ذكر أنه سمع بمرسية من ابن بشكوال وبإشبيلية وبمكة كتاب الترمذي وسمع بدمشق وبغداد وسكن الروم يقال أنه ركبه صاحب الروم يوما فقال هذا بدعوة الأسود فسئل عن ذلك فقال خدمت بمكة بعض الصلحاء فقال يوما الله يذل لك أعز خلقه أو كما قال وقيل إن صاحب الروم أمر له بدار تساوي مائة ألف درهم على ما قيل فلما كان يوما قال له بعض السؤال شيء للهفقال ما لي غير هذه الدار خذها لكقال ابن مسدى في جملة ترجمته كان ظاهري المذهب في العبادات باطني النظر في الاعتقادات وكتب لبعض الولاة ثم حج ولم يرجع إلى بلده وروى عن السلفي بالإجازة العامة وبرع في علم التصوف وله فيه مصنفات كثيرة ولقي جماعة من العلماء والمتعبدين
124 وأخذوا عنه قال الشيخ شمس الدين قال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام هذا شيخ سوء كذاب يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا هكذا حدثني شيخنا ابن تيمية الحراني به عن جماعة حدثوه عن شيخنا ابن دقيق العيد أنه سمع الشيخ عز الدين يقول ذلك وحدثني بذلك المقاتلي ونقلته من خط أبي الفتح ابن سيد الناس أنه سمعه من ابن دقيق العيد انتهى قلت وقفت على كتابه الذي سماه الفتوحات المكية لأنه صنفه بمكة وهو في عشرين مجلدة بخطه فرأيت أثناءه دقائق وغرائب وعجائب ليست توجد في كلام غيره وكأن المنقول والمعقول ممثلان بين عينيه في صورة محصورة يشاهدها متى أراد أتى بالحديث أو الأمر ونزله على ما يريده وهذه قدرة ونهاية اطلاع وتوقد ذهن وغاية حفظ وذكر ومن وقف على) هذا الكتاب علم قدره وهو من أجل مصنفاته وأخبرني الشيخ فتح الدين إجازة ومن خطه نقل قال سمعت شيخنا الإمام أبا الفتح القشيري يقول سألت الشيخ عز الدين ابن عبد السلام عن الشيخ أبي بكر ابن العربي فقال فقال شيخ سوء كذاب مقبوح يقول بقدم العالم ولا يرى تحريم الفرج فسألته عن كذبه فقال كان ينكر تزويج الإنس بالجن ويقول الجن روح لطيف والإنس جسم كثيف لا يجتمعان ثم زعم أنه تزوج امرأة من الجن وأقامت معه مدة ثم ضربته بعظم جمل فشجته وأرانا شجة بوجهه وبرئت وسمعته يقول خرج ابن العربي وابن سراقة من هذا الباب على هذه الهيئة انتهى وقد ذكر فيه في المجلدة الأولى عقيدته فرأيتها من أولها إلى آخرها عقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري ليس فيها يخالف رأيه وكان الذي طلبها مني بصفد وأنا بالقاهرة فنقلتها أعني العقيدة لا غير في كراسة وكتبت عليها * ليس في هذه العقيدة شيء * يقتضيه التكذيب والبهتان * لا ولا ما قد خالف العقل والنقل الذي قد أتى به القرآن * وعليها للأشعري مدار * ولها في مقاله إمكان * وعلى ما ادعاه يتجه البحث ويأتي الدليل والبرهان * بخلاف الشناع عنه ولكن * ليس يخلو من حاسد إنسان * ولم أكن وقفت على شيء من كلامه ثم إني وقفت على فصوص الحكم التي له فرأيت فيها أشياء منكرة الظاهر لا توافق الشرع وما فيه شك أنه يحصل له ولأمثاله حالات عند معانات الرياضات في الخلوات يحتاجون إلى العبارة عنها فيأتون بما تقصر الألفاظ عن تلك المعاني التي لمحوها في تلك الحالات فنسأل الله العصمة من الوقوع فيما خالف الشرع قال الشيخ شمس
125 الدين وله توسع في الكلام وذكاء وقوة خاطر وحافظة وتدقيق في التصوف وتواليف جمة في العرفان ولولا شطحه في كلامه وشعرهلعل ذلك وقع منه حال سكره وغيبتهفيرجى له الخير انتهى قال الشيخ قطب الدين اليونيني في ذيله على المرآة وكان يقول اعرف الاسم الأعظم واعرف الكيمياء بطريق المنازلة لا بطريق الكسب وكانت وفاته بدمشق في دار القاضي محيي الدين) وغسله الجمال ابن عبد الخالق ومحيي الدين وكان العماد ابن النحاس يصب عليه وحمل إلى قاسيون ودفن بتربة القاضي محيي الدين في الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مائة انتهى مولده سنة ستين وخمس مائة بمرسية من الأندلس ومن تصانيفه الفتوحات المكية عشرون مجلدة والتدبيرات الإلهية وفصوص الحكم وعمل ابن سودكين عليها شيئا سماه نقش الفصوص وهو من تلك المادة والإسراء إلى المقام الأسرى نظما ونثرا وخلع النعلين والأجوبة المسكتة عن سؤالات الحكيم الترمذي ومنزل المنازل الفهوانية وتاج الرسائل ومنهاج الوسائل وكتاب العظمة وكتاب السبعة وهو كتاب الشأن والحروف الثلاثة التي انعطفت أواخرها على أوائلها والتجليات ومفاتيح الغيب وكتاب الحق ونسخة الحق ومراتب علوم الوهب والإعلام بإشارات أهل الإلهام والعبادات والخلوة والمدخل إلى معرفة الأسماء كنه ما لا بد للمريد منه والنقباء وحلية الأبدال والشروط فيما يلزم أهل طريق الله تعالى من الشروط وأسرار الخلوة وعقيدة أهل السنة والمقنع في إيضاح السهل الممتنع وإشارات القرآن وكتاب الهو والأحدية والاتحاد العشقي والجلالة والأزل والقسم وعنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب والتنزلات الموصلية والشواهد ومناصحة النفس واليقين وتاج التراجم والقطب والإمامين رسالة الانتصار والحجب والأنفاس العلوية في المكاتبة وترجمان النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم والموعظة الحسنة والمبشرات وخطبة ترتيب العالم والجلال والجمال ومشكاة الأنوار فيما روي عن الله من الأخبار وشرح الألفاظ التي اصطلحت عليها الصوفية ومحاضرات الأبرار ومسامرات الأخيار خمس مجلدات وحكي لي أنه ذكر للشيخ تقي الدين ابن تيمية أن في دمشق إنساناأظنه قيل لحاميرد كلام ابن عربي بالتأويل إلى ظاهر الشرع ويوجه خطأه فطلبه فلم يحضر إليه فلما كان في بعض الأيام قدر الله الجمع بينهما فقيل له هذا فلان فقال له بلغني عنك كذا وكذافقال هو ما بلغك فقال كيف نعمل في قوله خضت لجة بحر الأنبياء وقوف على ساحلهفقال ما في ذا شيء يعني أنهم واقفون لإنقاذ من يغرق فيه من أممهم فقال له هذا بعيد فقال وإلا الذي تفهمه أنت ما هو المقصود أو كما قيل وقال الشيخ محيي الدين ابن العربي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم
126 في النوم فقلت يا رسول) الله أيما أفضل الملك أو النبيفقال الملك فقلت يا رسول الله أريد على هذا دليلا إذا ذكرته عنك أصدق فيه فقال ما جاء عن الله تعالى أنه قال من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه وعلى الجملة فكان رجلا عظيما والذي نفهمه من كلامه حسن بسن والذي يشكل علينا نكل علمه إلى الله تعالى وما كلفنا اتباعه ولا العمل بكل ما قاله وقد عظمه الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني رحمه الله تعالى في مصنفه الذي عمله في الكلام على الملك والنبي والشهيد والصديق وهو مشهور فقال في الفصل الثاني في فضل الصديقية وقال الشيخ محيي الدين ابن العربي البحر الزاخر في المعارف الإلهية وذكر من كلامه جملة ثم قال آخر الفصل إنما نقلت كلامه وكلام ما جرى مجراه من أهل الطريق لأنهم أعرف بحقائق هذه المقامات وأبصر بها لدخولهم فيها وتحققهم بها ذوقا والمخبر عن الشيء ذوقا مخبر عن عين اليقين فاسأل به خبيرا انتهى ومن شعره * إذا حل ذكركم خاطري * فرشت خدودي مكان التراب * * وأقعدني الذل في بابكم * قعود الأسارى لضرب الرقاب * ومن شعره أورده ابن أنجب في كتاب لطائف المعاني * نفسي الفداء لبيض خرد عرب * لعبن بي عند لثم الركن والحجر * * ما استدل إذا ما تهت خلفهم * إلا بريحهم من طيب الأثر * * غازلت من غزلي منهن واحدة * حسناء ليس لها أخت من البشر * * إن أسفرت عن محياها أرتك سنا * مثل الغزالة إشراقا بلا عثر * * للشمس غرتها لليل طرتها * شمس وليل معا من أحسن الصور * * فنحن في الليل من ضوء النهار به * ونحن في الظهر في ليل من الشعر * قال ابن النجار اجتمعت به بدمشق في رحلتي إليها وكتبت عنه من شعره ونعم الشيخ هو ذكر لي أنه دخل بغداد سنة إحدى وست مائة فأقام بها اثني عشر يوما ثم دخلها ثانيا حاجا من مكة مع الركب سنة ثمان وست مائة وأورد له * أنا حائر ما بين علم وشهوة * ليتصلا ما بين ضدين من وصل) * (ومن لم يكن يستنشق الريح لم يكن * يرى الفضل للمسك الفتيق على الزبل * أبو العشائر ابن التلولي محمد بن علي بن محمد ابن التلولي اللبان أبو العشائر من أهل قطفتا حفظ القرآن وقرأ بالروايات وتمهذب لابن حنبل وسمع الحديث من جماعة وقرأ
127 الأدب على العشاب وصحب ابن العطار صاحب المخزن توفي في محبس ابن عباد ناظر واسط سنة إحدى عشرة وست مائة أبو منصور القزويني المقرئ محمد بن علي بن منصور بن عبد الملك ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الفراء القزويني أبو منصور ابن أبي الحسن قرأ القرآن بالروايات على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط وغيره وسمع الحديث من أبيه ومن أبي طالب محمد بن غيلان وأبي إسحق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي وأبي محمد الحسن الجوهري وأبي الطيب طاهر الطبري وأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي وغيرهم وروى عنه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبو بكر المبارك بن كامل الخفاف قال ابن النجار وشيخنا يحيى بن بوش وتوفي سنة ست عشرة وخمس مائة أبو الحسن الدقيقي محمد بن علي أبو الحسن الدقيقي أخذ عن علي ابن عيسى الرماني وغيره مولده سنة أربع وثمانين وثلاث مائة وله من الكتب المرشد في النحو المسموع من كلام العرب في الغريب العمراني المكي محمد بن علي بن أحمد بن هارون العمراني المكي أبو علي الأديب توفي سنة نيف وعشرين وخمس مائة قاله أبو محمد محمود بن أرسلان في تاريخ خوارزم وقال هو شيخ لطيف العبارة خفيف الحركة حاضر الجواب أخذ الأدب عن سليمان بن محمد الدادي قال وسمعت ابنة حجة الإسلام ابا الحسين علي بن محمد يقول هجا شبل الدولة أبو مقاتل عطية البكري والدي فقال * رأيت الفتى المكي أسود حالكا * طويلا نحيفا يابس الكف والبدن * * فشبهته والثوب يغشاه أبيضا * بمحراك تنور تلطخ باللبن * فأجابه والدي) * أيا شبل لا تهج السواد فإنني * رأيت سواد العين أكرم في البدن * * ولا تهجوني بالنحول فإنني * كباز وإن الدب يوصف بالسمن * ابن الجبان اللغوي محمد بن علي بن عمر بن الجبان أبو منصور اللغوي من أهل الري سكن بأصبهان وكان إماما في اللغة وله مصنفات حسنة في الأدب وهو من أصحاب أبي علي يالفارسي النحوي قدم بغداد سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة وروى بها كتاب انتهاز
128 الفرص في تبيين المقلوب من كلام العرب من تصنيفه قرأه عليه عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي ورواه عنه وقرئ عليه مسند الروياني وتكلموا فيه من قبل مذهبه كذا قاله ابن النجار قلت لعله كان معتزليا قال ياقوت له كتاب أبنية الأفعال وكتاب الشامل في اللغة كبير كتاب شرح الفصيح حسن وكان ينخرط في سلك ندماء الصاحب ابن عباد ثم استوحش من خدمته وتمادت به أحوال شتى حتى علق غلاما من الديلم يقال له البركاني واتفق للغلام أنه أحرم بالحج ولم يجد هو بدا من موافقته ومرافقته حتى بلغا الميقات فلما أخذ في التلبية قال لبيك اللهم لبيك والبركاني ساقني إليك وكان يواصل إنشاد هذين البيتين * مليح الدل والغنج * لك سلطان على المهج * * إن بيتا أنت ساكنه * غير محتاج إلى سرج * ثم ابتلي بفراقه فقال * يا وحشتي لفراقكم * أترى يدوم علي هذا * الموت والأجل المتاح وكل معضلة ولا ذا الدوري الواعظ محمد بن علي بن نصر بن البل الدوري أبو المظفر الواعظ ولد بالدور من نواحي دجيل ودخل بغداد في صباه واستوطنها وسمع الحديث الكثير وقرأ الفقه والأدب وسلك طريق الوعظ وحفظ المجالس وتكلم على رؤوس الناس ولم يزل إلى أن علت سنه وتعصب له الناس وصار يتكلم في التعازي المتعلقة بدار الخلافة والأكابر وأذن له في الجلوس بباب التربة الجهنية عند قبر معروف كل سبت وكانت بينه وبين أبي الفرج ابن الجوزي منافرات ومناقرات ولم يزل كذلك إلى أن جرت لولده مخاصمة مع غلمان أم الناصر فمنع من الجلوس وأمر) بلزوم بيته ولم يزل كذلك حتى مات سنة إحدى عشرة وست مائة ومولده سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة وأورد له ابن النجار * يتوب على يدي قوم عصاة * أخافتهم من الباري ذنوب * * وقلبي مظلم من طول ما قد * جنى فأنا على يد من أتوب * * كأني شمعة ما بين قوم * تضيء لهم ويحرقها اللهيب * * كأني مخيط يكسو أناسا * وجسمي من ملابسهم سليب * مهذب الدين ابن الخيمي محمد بن علي بن علي بن عليثلاثة ابن المفضل بن القامغار بالقاف وبعد الألف ميم بعدها غين معجمة بعدها ألف بعدها راءالأديب الكامل مهذب الدين ابن الخيمي الحلي العراقي الشاعر شيخ معمر فاضل قال ابن النجار كتبت عنه بالقاهرة وله مصنفات كثيرة سمع وروى وتوفي سنة اثنتين وأربعين وست مائة من شعره
129 * أأصنام هذا الجيل طرا أكلكم * يعوق أما فيكم يغوث ولا ود * * لقد طال تردادي إليكم فلم أجد * سوى رب شأن في الغنى شأنه الرد * * ودعوى كرام يستحيل قبولها * ويقبل إذ حد الحسام لها حد * ومنه * جننت فعوذني بكتبك أن لي * شياطين شوق لا تفارق مضجعي * * إذا استرقت أسرار وجدي تمردا * بعثت عليها في الدجى شهب أدمعي * ومنه * قالت وقد رأت المشيب تجاف عن * مسي بشيبك فالمشيب أخو البرص * * إني لأكرهه إذا عاينته * يقظى وألقى دون رؤيته الغصص * * وأظنه كفني وقطن لفائفي * حملته غاسلتي وجاءت في قفص * ومن تصانيفه كتاب حرف في علم القرآن أمثال القرآن كتاب الكلاب استواء الحاكم والقاضي رد على الوزير المغربي المقايسة لزوم الخمس الملخص الديواني في الأدب والحساب) المقصورة المطاول في الرد على المعري في مواضع سها فيها ستة أسطرلاب الشعر شرح التحيات الأربعين والأساميات الديوان المعمور في مدح الصاحب الجمع بين الأخوات والمحافظة عليهن وهن مسيئات صفات القبلة مجملة مفصلة رسالة من أهل الإخلاص والمودة إلى الناكثين من أهل الغدر والردة ولد في الثامن والعشرين من شوال سنة تسع وأربعين وخمس مائة بالحلة المزيدية وتوفي يوم الأربعاء العشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وست مائة بالقاهرة ودفن من الغد بالقرافة الصغرى قال ابن خلكان وحضرت الصلاة عليه وكان إماما في اللغة وراوية للشعر والأدب وكان اجتماعنا بالقاهرة في مجالس عديدة وأنشدني كثيرا من شعره وشعر غيره انتهى قلت ومن شعره الأبيات المشهورة وهو ما كتبه لولده وقد عصر * عصروك أمثال اللصو * ص ومكنوا منك الإهانه * * فإذا رجعت فخنهم * إن السلامة في الخيانة * وافعل كفعل بني سناء الملك في مال الخزانة يقال أن هذه الأبيات لما شاعت أمسك بنو سناء الملك وصودروا بسبب هذه الأبيات وقال قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان رحمه الله تعالى أنشدني مهذب الدين أبو طالب ابن الخيمي وأخبرني أنه كان بدمشق وقد رسم السلطان بحلق لحية شخص له وجاهة بين الناس فحلق بعضها وحصلت فيه شفاعة فعفي عنه في الباقي فعمل فيه ولم يصرح باسمه بل رمزه وستره وهو
130 * زرت ابن آدم لما قيل قد حلقوا * جميع لحيته من بعد ما ضربا * * فلم أر النصف محلوقا فعدت له * مهنئا بالذي منها له وهبا * * فقام ينشدني والدمع يخنقه * بيتين ما نظما مينا ولا كذبا * * إذا أتتك لحلق الذقن طائفة * فاخلع ثيابك منها ممعنا هربا * * وإن أتوك وقالوا أنها نصف * فإن أطيب نصفيها الذي ذهبا * ابن الشيخ علي الحريري محمد بن علي هو ابن الشيخ علي الحريري رجل صالح دين خير ومن محاسنه أنه كان ينكر على أصحاب والده ويأمرهم باتباع الشريعة ولما مات أبوه) طلبوا منه الجلوس في المشيخة فشرط عليهم شروطا لم يقدر أصحابه على اشتراطها فتركهم وانعزل عنهم وتوفي بدمشق في سنة إحدى وخمسين وست مائة ودفن عند الشيخ رسلان عاش سبعا وأربعين سنة أبو الفتح الأنصاري المقرئ محمد بن علي بن موسى شمس الدين أبو الفتح الأنصاري لم يشتهر إلا بكنيته كان فاضلا عارفا بالقرآن تفرد بذلك في وقته وكان يقرئ بتربة أم الصالح بدمشق توفي سابع عشر صفر سنة سبع وخمسين وست مائة وانتفع الناس به نجيب الدين السمرقندي الطبيب محمد بن علي بن عمر السمرقندي نجيب الدين قال ابن أبي أصيبعة طبيب فاضل بارع له كتب جليلة وتصانيف مشهورة قتل مع جملة من الناس الذين قتلوا بهراة لما دخلها التتار وكان معاصرا لفخر الدين الرازي ولنجيب الدين السمرقندي من الكتب كتاب أغذية المرضى قسمه على حسب ما يحتاج إليه في التغذية لكل واحد من سائر الأمراض كتاب الأسباب والعلامات جمع لنفسه ونقله من القانون لأبي علي ابن سينا ومن المعالجات البقراطية وكامل الصناعة كتاب الأقراباذين الكبير وكتاب الأقراباذين الصغير انتهى كلامه ولم يذكر وفاته الحاكمي الخوارزمي محمد بن علي بن أحمد الحاكمي الخوارزمي أبو عبد الله مات في شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة فقيه خطيب واعظ شاعر كاتب أديب أريب صنف كتاب فتح منقشلاغ ومدح فيه الملك المظفر أتسز خوارزمشاه ووصف أخلاقه ومحاسنه ومن شعره * أيحسب الناس أن المجد مجان * وهل يملك بالمجان مرجان * * ما أعوز المجد مجانا بلا ثمن * المجد علق وللأعلاق أثمان * * المجد أبعد شأوا أن يفوز به * بغير وكد وكد النفس إنسان *
131 * بأين عدوك تسلم من غوائله * بالبعد لا تحرق الأشياء نيران * * ولا يغرنك إطراق يريك به * تناوما فضجيج الحقد يقظان) * (ولا تفه بكلام لست تأمنه * فربما كان للحيطان آذان * * واجز الكريم إذا أسدى إليك يدا * وإن الجزاء على الإحسان إحسان * الصاحب فخر الدين ابن حنا محمد بن علي بن محمد بن سليم المصري الشافعي هو الوزير فخر الدين أبو عبد الله ابن الصاحب بهاء الدين ابن القاضي السديد ابن حنا سمع من أبي الحسن ابن المقير وحدث ودرس بمدرسة والده وعمر رباطا كبيرا بالقرافة ووقف عليه ما لم يقم بالفقراء وكان دينا فاضلا محبا للخير وهو والد الصاحب تاج الدين وقد مر ذكره وشيعه خلق كثير روى عنه الدمياطي وكانت وفاته سنة ثمان وست مائة وله نظم من خط شمس الدين الجزري ومن نظم الصاحب فخر الدين ما أنشدنا شيخنا شرف الدين الدمياطي قال أنشدنا المذكور لنفسه * من يسمع العذل في من وجهها قمر * فذاك عندي ممن لبه فقدا * * لو شاهدت عذلي ما تحت برقعها * من الجمال لماتوا كلهم شهدا * * روحي الفداء لمن عشاقها قتلت * فكم أسير لها ما يفتدى أبدا * * من علم الغصن لولا قدها ميسا * وعلم الظبي لولا جيدها غيدا * وأنشدنا له * أنا مرسل للعاشقين جميعهم * من مات منهم وافيا من أمتي * * فله الشهادة كلها ولي الهنا * إذ كان ممن قد غدا في زمرتي * قلت ولما مات رثاه البوصيري قيل أنه كتبها على قبره هي * نم هنيئا محمد بن علي * لجميل قدمت بين يديكا * * كنت عونا لنا على الدهر حتى * حسدتنا يد المنون عليكا * * أنت أحسنت في الحياة إلينا * أحسن الله في الممات إليكا * وقال أبو الحسين الجزار يعزي الصاحب بهاء الدين فيه لما مات * بكت الصحابة عند فقد محمد * أسفا فكان أشدهم حزنا علي * * ولحسرة المتألمين حقيقة * في الرزء غير تجمل المتجمل * ابن المصري تاج الدين محمد بن علي بن يوسف بن شاهنشاه تاج الدين ابن
132 المصري كان فاضلا صنف تاريخا للقضاة وتوفي بمصر في المحرم سنة سبع وسبعين وست مائة ودفن) بسفح المقطم وجيه الدين ابن سويد محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد الرئيس وجيه الدين التكريتي التاجر كان نافذ الكلمة وافر الحرمة كثير الأموال والتجارات واسع الجاه كان من خواص الملك الناصر يده مبسوطة في دولته لما توجه في الجفل إلى مصر من التتار غرم ألف ألف درهم ولما تملك الملك الظاهر قربه وأدناه وأوصى إليه وجعله ناظر أوقافه لا يتعرض أحد إلى متاجره وكتبه عند الملوك حتى ملوك الفرنج نافذة وكل من ينسب إليه مرعي الجانب ولما مات ولده التاج محمد سنة ست وخمسين مشى الملك الناصر في جنازته ثم ركب إلى الجبل وحج ولده نصير الدين عبد الله عام حج الملك الظاهر فحضر عنده يوم عرفة مسلما فحين وطئ البساط قال له السلطان وبالغ في إكرامه وسأله عن حوائجه فقال له يكون معنا أمير يعينه السلطان فقال من اخترت أرسلته في خدمتك فطلب منه جمال الدين ابن نهار فقال له هذا المولى نصير الدين قد اختارك على جميع من معي فتخدمه مثلما تخدمني وتروح معه إلى الشام وكان وجيه الدين فيه بر ومكارم ورقة حاشية ولد سنة تسع وست مائة وتوفي سنة سبعين وست مائة ودفن بتربته بقاسيون وسمع من المؤتمن ابن قميرة ولم يرو بل روى عنه الدمياطي من شعره في مليح عروس كردي * لما جلوا ذا الصبي كالبدر في هالو * سبى المواشط وقالوا فيه ما قالوا * * صبي وكردي وكرديه من أشكالوا * لولا نبات عذارو لالتبس حالو * وكان أقارب ذلك الصبي أمراء القميرية وكان ابن سويد قد أنشد البيتين للملك الناصر وكان إذا حضروا يقول له على سبيل البسط يا وجيه لولا يوهمه أنه ينشد البيتين فيضع الوجيه إصبعه على فمه يعني اسكت عني خوفا من الأكراد أمين الدين المحلي النحوي محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن الشيخ أمين الدين أبو بكر الأنصاري المحلي النحوي أحد أئمة العربية بالقاهرة تصدر لإقراء النحو وانتفع به الناس له تصانيف حسنة منها أرجوزة في العروض وغير ذلك) وله شعر حسن توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وست مائة عن ثلاث وسبعين سنة ومن نظمه ما كتبه في مرضه لبعض الأكابر * يا ذا الذي عم الورى نفعه * ومن له الإحسان والفضل * * العبد في منزله مدنفا * وقد جفاه الصحب والأهل *
133 * فروجه البقل ويا ويح من * فروجه في المرض البقل * ومن نظمه أيضا ما كتبه إلى مريض * إن جئت نلت ببابك التشريفا * وإن انقطعت فأوثر التخفيفا * ووحق حبي فيك قدما أننيعوفيتأكره أن أراك ضعيفا ومن نظمه ما أنشدنيه العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي قال أنشدني الشيخ تقي الدين محمد بن عبد الخالق الصائغ المقرئ قال أنشدني لنفسه أمين الدين المحلي * عليك بأرباب الصدور فإن من * يجالس أرباب الصدور تصدرا * * وإياك أن ترضى صحابة ساقط * فتنحط قدرا من علاك وتحقرا * * فرفع أبو من ثم خفض مزمل * يحقق قولي مغريا ومحذرا * ابن ميسر المصري محمد بن علي بن يوسف بن ميسر تاج الدين أبو عبد الله المصري المؤرخ صنف تاريخ القضاة وله تاريخ كبير ذيل به على تاريخ المسبحي توفي سنة سبع وسبعين وست مائة المحدث جمال الدين ابن الصابوني محمد بن علي بن محمود بن أحمد الحافظ المحدث أبو حامد ابن الشيخ علم الدين ابن الصابوني المحمودي شيخ دار الحديث النورية ولد سنة اربع وست مائة وتوفي سنة ثمانين وست مائة سمع من الحرستاني وابن ملاعب وابن البناء وأبي القاسم العطار وابن أبي لقمة وعني بالحديث وكتب وقرأ وصار له فهم ومعرفة وسمع من ابن البن وابن صصرى وهذه الطبقة بدمشق وكان صحيح النقل مليح الخط حسن الأخلاق صنف مجلدا سماه تكملة إكمال الإكمال ذيل به على إكمال ابن نقطة فأجاد وأفاد) وهو من رفاق ابن الحاجب والسيف بن المجد وابن الدخميسي وابن الجوهري وطال عمره وعلت روايته وروى الكثير بمصر ودمشق روى عنه الدمياطي وابن العطار والدواداري والبرزالي والبرهان الذهبي وابن رافع جمال الدين وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وكان له إجازة من المؤيد الطوسي وابن طبرزد وحصل له تغير قبل موته بسنة أو أكثر واعتراه غفلة وساء حفظه وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته ودفن بسفح قاسيون شمس الدين المزي العابر محمد بن علي بن علوان الشيخ شمس الدين المزي مفسر الرؤيا كان ضريرا كثير التلاوة وكان إليه المنتهى في تعبير الرؤيا يضرب به المثل في وقته توفي سنة ثمانين وست مائة
134 صدر الدين ابن القباقبي محمد بن علي الأنصاري الصدر شمس الدين ابن القباقبي كان من شيوخ الكتاب وهو والد مجد الدين يوسف أظنه كتب الدرج بصفد والله أعلم توفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة ابن شداد الحلبي الكاتب محمد بن علي بن إبراهيم بن علي بن شداد الصدر المنشئ عز الدين أبو عبد الله الأنصاري الحلبي الكاتب ولد سنة ثلاث عشرة وكان أديبا فاضلا وصنف تاريخا لحلب وسيره إلى الملك الظاهر وكان من خواص الناصر ذهب في الرسلية إلى هولاكو وإلى غيره وسكن الديار المصرية بعد أخذ حلب وكان ذا مكانة عند الظاهر والمنصور وله توصل ومداخلة وفيه مروءة ومسارعة لقضاء الحوائج وروى شيئا وسمع منه المصريون وتوفي سنة اربع وثمانين وست مائة صلاح الدين مدرس القيمرية محمد بن علي بن محمود صلاح الدين أبو عبد الله الشهرزوري الشافعي مدرس القيمرية بدمشق وناظرها الشرعي كان شابا نبيها حسن الشكل كريم الأخلاق لين الكلام ولي تدريسها بعد والده القاضي شمس الدين علي توفي سنة إحدى وثمانين وست مائة ودفن إلى جانب والده بتربة الشيخ تقي الدين ابن الضلاح ولم يكمل له أربعون سنة رضي الدين الشاطبي اللغوي محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف العلامة رضي) الدين أبو عبد الله الأنصاري الشاطبي اللغوي ولد ببلنسية سنة إحدى وست مائة وروى عن ابن المقير وابن الجميزي وكان عالي الإسناد في القرآن لأنه قرأ لورش على المعمر محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي الأزدي صاحب ابن هذيل وكان رضي الدين إمام عصره في اللغة تصدر بالقاهرة وأخذ الناس عنه روى عنه الشيخ أثير الدين أبو حيان وسعد الدين الحارثي وجمال الدين المزي وابن منير والظاهري أبو عمرو توفي سنة اربع وثمانين وست مائة وكان يجتمع بالصاحب زين الدين ابن الزبير ويجتمع بالصاحب المذكور جماعة الشعراء من عصره مثل أبي الحسين والوراق وابن النقيب وتلك الحلبة أخبرني الشيخ أثير الدين من لفظه قال فكان الصاحب يرجحه عليهم ويرفعه فوقهم في المجلس ويقول أنت عالم وهؤلاء شعراء انتهى ولما مات الشيخ رضي الدين رثاه السراج الوراق بقصيدة أولها * سقى أرضا بها قبر الرضي * حيا الوسمي يردف بالولي *
135 منها * فقد ترك الغريب غريب دار * وأذكره بفقد الأضمعي * * وأحكم محكم بلجام حزن * لفقد الفارس البطل الكمي * * ولما اعتل قالوا اعتل أيضا * لشكواه صحاح الجوهري * * وجازى كل عين قد بكته * كتاب العين بالدمع الروي * * لشيخ السبع أبين ما رواه * وصال كصولة السبع الجري * * فحزن الشاطبية ليس يخفى * من العنوان عن فهم الغبي * * وفي علم الحديث له اجتهاد * به يتلو اجتهاد البيهقي * * وفي الأنساب لا يخفى عليه * دعاوي من صحيح أو دعي * * لو أدرك عصره الكلبي ولى * وهرول خوف ليث هبرزي * وكان الشاطبي أزرق العينين فقال ناصر الدين ابن النقيب فيه * يقولون قد حرف الشاطبي * فقلت وتصحيفه أكتر) * (ومن لم يقيد رواياته * بخط الشيوخ فما يذكر * * ومن أخذ العلم عن نفسه * فإن سواه به أخبر * * وقالوا دعاويه لا تنقضي * وجد مساويه لا يحصر * * فقلت اصفعوا الأزرق المدعي * ولو أنه خلف الأحمر * ابن العابد الكاتب محمد بن علي بن العابد الكاتب قال الشيخ أثير الدين مشافهة هذا من غرناطة وهو والد الكاتب أبي القاسم ابن العابد له يلغز في ساحر من إنشاد أثير الدين * ما اسم لحسناء تسمت به * مما بعينيها لقتل العباد * * ونصفه الثاني مرادي الذي * أختاره منها ونعم المراد * الرندي محمد بن علي الرندي بالراء المضمومة والنون أخبرني الشيخ أثير الدين من لفظه قال قدم علينا القاهرة ومدح بها بعض قضاتها وتشفع عنده ببعض أصحابه وكان قد نظم فيه أشعارا وموشحات فردها عليه وكتب له بعد الشفاعة بأرطال من الخبز قليلة في ورقة فلم يقبلها وكان قد شكا إليه عائلة كبيرة فقال إذا كان هذا رئيسهم ففارق القاهرة ولا أدري أين ذهب وأنشدني أثير الدين للمذكور * شكري لعليائكم كالروض للسحب * وقد غذتها بدر غيث منسكب * * إذ لحت في آل شكر بدر هالتها * تمد بحر الندى بالعلم والأدب * * ببيت عز شهير لا يلم به * خرم ولا وتد ينفك عن سبب *
136 * مديد سبق طويل في دوائره * وكامل وافرس يغني عن الخبب * قلت شعر منحط ابن الملاق الحنفي محمد بن علي بن محمد بن الملاق بالتخفيف في اللامالقاضي بدر الدين الرقي الفقيه الحنفي سمع من بكبرس الخليفتي الأربعين الودعانية وسمع منه الدواداري وأجاز للدماشقة مولده سنة تسع عشرة توفي سنة سبع وتسعين وست مائة نائب الدواداري في الشد محمد بن علي الأمير شهاب الدين العقيلي نائب الدواداري في شد) الشام قتل في أواخر سنة سبع وتسعين وست مائة وكان قد شاخ وأسن وسمر قاتله المسند شمس الدين ابن الواسطي محمد بن علي بن أحمد بن فضل المسند المبارك شمس الدين أبو عبد الله أخو الإمام القدوة تقي الدين ابن الواسطي ولد سنة خمس عشرة وست مائة تقريبا وحضر علي الشيخ الموفق وموسى بن عبد القادر وابن راجح وسمع من ابن أبي لقمة والقزويني وابن البن وابن صصرى والبهاء وابن صباح والكاشغري وابن غسان والزبيدي وعمر بن شافع وطائفة خرج له الشيخ شمس الدين عوالي في جزء ضخم وخرج له النابلسي مشيخة في جزئين وسمع منه المزي والبرزالي وابن سيد الناس والمقاتلي وابن المهندس ونجم الدين القحفازي وشمس الدين ابن المهيني وتوفي سنة سبع مائة الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد محمد بن علي بن وهب بن مطيع الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري المنفلوطي المصري المالكي
137 الشافعي أحد الأعلام وقاضي القضاة ولد سنة خمس وعشرين بناحية ينبع وتوفي يوم الجمعة حادي عشر صفر سنة اثنتين وسبع مائة سمع من ابن المقير وابن الجميزي وابن رواج والسبط وعدة وسمع من ابن عبد الدائم والزين خالد بدمشق وخرج لنفسه أربعين تساعية ولم يحدث عن ابن المقير وابن رواج لأنه داخله شك في كيفية التحمل عنهما وله التصانيف البديعة كالإلمام والإمام شرحه ولم يكمل ولو كمل لم يكن للإسلام مثله وكان يجيء في خمسة وعشرين مجلدا وله علوم الحديث والذي أملاه على ابن الثير في شرح عمدة الأحكام فاضل العصر الذي يعرفه وهو إملاء وشرح مقدمة المطرز في أصول الفقه وألف الأربعين في الرواية عن رب العالمين وشرح بعض مختصر ابن الحاجب وكان إماما متفننا محدثا مجودا فقيها مدققا أصوليا أديبا نحويا شاعرا ناثرا ذكيا غواصا على المعاني مجتهدا وافر العقل كثير السكينة بخيلا بالكلام تام الورع شديد التدين مديم السهر مكبا على المطالعة والجمع قل أن ترى العيون مثله وكان سمحا جوادا عديم الدعاوي له اليد الطولى في الفروع) والأصول وبصر بعلل المنقول والمعقول قد قهره الوسواس في أمر المياه والنجاسات وله في ذلك حكايات ووقائع عجيبة وكان كثير التسري والتمتع وله عدة أولاد ذكور بأسماء الصحابة العشرة تفقه بأبيه وبالشيخ عز الدين ابن عبد السلام وبطائفة واشتهر اسمه في حياته وحياة مشايخه وتخرج به أئمة وكان لا يسلك المراء في بحثه بل يتكلم بسكينة كلمات يسيرة فلا يراد ولا يراجع وكان عارفا بمذهبي مالك والشافعي كان مالكيا أولا ثم صار شافعيا قال وافق اجتهادي اجتهاد الشافعي إلا في مسألتين أحديهما أن الابن لا يزوج أمه والأخرى وحسبك بمن يتنزل ذهنه على ذهن الشافعي وكان لا ينام الليل إلا قليلا يقطعه بمطالعة وذكر وتهجد أوقاته كلها معمورة ولما طلع إلى السلطان حسام الدين لاجين قام له وخطا عن مرتبته وعزل نفسه عن القضاء مرات ثم يسأل ويعاد إليه وكان شفوقا على المشتغلين كثير البر لهم وقال قطب الدين أتيته بجزء سمعه من ابن رواج والطبقة بخطه فقال حتى أنظر ثم عاد إليه فقال هو خطي ولكن ما أحقق سماعي له ولا أذكره وحكى قطب الدين السنباطي قال قال الشيخ تقي الدين لكاتب الشمال سنين لم يكتب علي شيئا قلت أخبرني ذلك الإمام العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن السبكي قال حكى لي ذلك السنباطي فاجتمعت به وقلت له قال فلان عن فلان عن مولانا كذا وكذافقال أظن ذلك أو كذلك يكون المسلم أو كما قال روى عنه الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وقطب الدين ابن منير وقاضي القضاة علاء الدين القونوي وقاضي القضاة علم الدين الإخنائي وآخرون وحدث للشيخ شمس الدين إملاء وشعره في غاية الحسن في الانسجام والعذوبة وصحة المقاصد وغوص المعاني وجزالة الألفاظ ولطف التركيب أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين
138 أبو الثناء محمود فقال ما رأيت في أهل الأدب مثله وناهيك بمن يقول شهاب الدين محمود في حقه هذا وقال لي الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وكان به خصيصا كان الشيخ تقي الدين ممتعا إذا فتح) له باب انقضت تلك الليلة في تلك المادة حتى في شعر المتأخرين والعصريين انتهى قلت * فهو الذي بجح الزمان بذكره * وتزينت بحديثه الأخبار * قال القاضي شهاب الدين محمود قال لي الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد يوما قول أبي الطيب * لو كان صادف رأس عازر سيفه * في يوم معركة لأعيى عيسى * في هذا شيء غير إساءة الأدب فأفكرت ساعة ثم قلت نعم كون الموت ما يتفاوت إن كان بالسيف أو غيره فالإحياء من الموت سبيل واحدة فقال أحسنت يا فقيه أو كما قال وهذه المؤاخذة لا تصدر إلا من أديب كبير كالجاحظ أو غيره وأما ما كان يقع من الشيخ أثير الدين في حقه فله سبب أخبرني به الشيخ فتح الدين قال كان الشيخ تقي الدين قد نزل عن تدريس مدرسة لولدهنسيت أنا المدرسة واسم ابنهفلما حضر الشيخ أثير الدين درس قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز قرأ آية يفسرها درس ذلك اليوم وهي قوله تعالى قد خسر الذين قتلوا أولادهمفبرز أبو حيان من الحلقة وقال يا مولانا قاضي القضاة قدموا أولادهم قدموا أولادهم يكرر ذلك فقال قاضي القضاة ما معنى هذاقال ابن دقيق العيد نزل لولده فلان عن تدريس المدرسة الفلانية فنقل المجلس إلى الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد فقال أما أبو حيان ففيه دعابة أهل الأندلس ومجونهم وأما أنت يا قاضي القضاة فيبدل القرآن في حضرتك وما تنكر هذا الأمر فما كان إلا عن قليل حتى عزل ابن بنت الأعز من القضاء بابن دقيق العيد فكان إذا خلا شيء من الوظائف التي تليق بالشيخ أثير الدين أبي حيان يقول الناس هذه لأبي حيان يخرجها الشيخ تقي الدين لغيره فهذا هو السبب الموجب لحط أبي حيان وشناعه عليه وأهل العصر لا يرجع إلى جرحهم بعضهم بعضا لمثل هذه الواقعة وأمثالها * إن العرانين تلقاها محسدة * ولا ترى للئام الناس حسادا * وما خلص ابن بنت الأعز من ضرب العنق إلا ابن دقيق العيد لأن الوزير شمس الدين ابن السلعوس لما عمل على ابن بنت الأعز وعزله وسعى في عمل محاضر بكفره وأخذ خط الجماعة على المحاضر ولم يبق إلا خط ابن دقيق العيد أرسل إليه المحاضر مع نقباء وقال يا مولانا
139 الساعة تضع خطك على هذه المحاضر فأخذها وشرع يتأملها واحدا بعد واحد والنقباء) يتواتر ورودهم بالحث والطلب والإزعاج وأن الوزير في انتظار ذلك والسلطان قد حث في الطلب وهو لا ينزعج وكلما فرغ محضرا دفعه إلى الآخر فقال ما أكتب فيها شيئا قال الشيخ فتح الدين فقلت له يا سيدي لأجل السلطان والوزير فقال أنا ما أدخل في إراقة دم مسلم قال فقلت له كنت تكتب خطك بذلك وبما يخلص فيه فقال يا فقيه ما عقلي عقلك هم ما يدخلون إلى السلطان ويقولون قد كتب فلان بما يخالف خطوط الباقين وإنما يقولون قد كتب الجماعة وهذا خط ابن دقيق العيد فأكون أنا السبب الأفوى في قتله قال فأبطل إبطاله وأطفأ من شواظ نارهم وما أراه إلا أنه ممن بعثه الله تعالى على رأس كل مائة ليجدد لهذه الأمة دينهم فإن الله بعث على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وعلى رأس الثانية الشافعي وعلى رأس المائة الثالثة ابن سريج وعلى راس المائة الرابعة أبا حامد الإسفراييني وعلى رأس المائة الخامسة ابا حامد الغزالي وعلى رأس المائة السادسة الإمام فخر الدين الرازي وعلى رأس المائة السابعة الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد وأخبرني فتح الدين أنه ما كان يعجبه قول من يقولقاضي القضاة الشافعيفإذا قلنا قاضي القضاة الشافعية قال إنه هذا وكتب الشيخ تقي الدين إلى قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن الخليل الخويي شافعا ومتشوقا يخدم المجلس لا زال حافظا لأحكام الجود محفوظا بضمان الله في ضمن السعود محروس العزم من دواعي الهوى والعز من دواعي الحسود مقابل وجه الرأي بمرآة الحق مولي جناب الباطل جانب الصدود ولا برح يمطر على العفاة سحائب كرمه ويروي الرواة من بحار علوم بمد من قلمه ويجلو ابكار الأفكار مقلدة بما نظم السحر من حلي كلمه ويبرز خفيات المعاني منقادة بأيد ذهنه وأيدي حكمه ويسمو إلى غايات المعالي حتى يقال اين سمو النجم من هممه ويسبغ من جمال فضله وجميله ما يبصره الجاهل على عماه ويسمعه الحاسد على صممه وينهى من ولائه ما يشهد به ضميره الكريم ومن ثنائه ما هو أطيب من ودائع الروض في طي النسيم ومن دعائه ما يقوم منه بوظيفة لا تهمل وبشيعه برجاء يطمع معه بكرم الله أن يقبل
140 ويقبل ويجري منه على عادة إذا انقضى منها ماض تبعه الفعل في الحال والعزم في المستقبل غير خاف أنه لكل أجل كتاب ولكل مقصود أسباب ولم يزل يهم بالكتابة والأيام تدافع ويعزم على المخاطبة فتدفع في صدر عزمه الموانع حتى طلع الوقت) فجر حظه واستناب منافثة قلمه عن مشافهة لفظه وقال لخدمته هذه ردي موردا غير آسن وتهنى محاسن لا تشبهها المحاسن وتوطني المحلة المسعودة فكما يسعد الناس كذلك تسعد الأماكن وشاهدي من ذلك السيد صدرا بشره بالنجح ضامن وشهابا ما زلنا نعد السيارة سبعا حتى عززت لنا منه بثامن وكان السبب في ذلك أن القاضي نجم الدين بمحلة منف لما قدم القاهرة أقام بحيث تقيم وحاضرنا محاضرة الرجل الكريم ونافث منافثة لا لغو فيها ولا تأثيم ولازم الدروس ملازمة لولا أنها محبوبة لقلنا ملازمة غريم وتلك حقوق له مرعية ومعرفة أنسابها مراضعة العلوم الشرعية وقصد هذه الخدمة إلى المجلس فكان ذلك من واجب حقه وذكر ثناء عليه فقلنا رأيت الحق لمستحقه وسيدنا حرسه الله تعالى أهل لتقليد المنن ومحل لأن يظن به كل حسن والعلم بمروءته لا يقبل تشكيك المشكك وابوته تقتضي أن يرتقي من بعروة وده يستمسك والله تعالى يرفع شأنه ويعلى برهانه ويكتب له يوم إحسانه إحسانه ويطوي على المعارف اليقينية جنانه ويطلق بكل صالحة يده ولسانه بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى قلت ما أعرف بعد القاضي أفاضل من كتب الإنشاء مثل ا لقاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر وما له مثل هذه المكاتبة علم ذلك من علمه أو جهله من جهله أنشدني من لفظه الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس قال أنشدني شيخنا تقي الدين ابن دقي قالعيد لنفسه * الحمد لله كم أسعى بعزمي في * نيل العلى وقضاء الله ينكسه * * كأنني البدر أبغي الشرق والفلك ال * أعلى يعارض مسعاه فيعكسه * قلت هو مثل قول الأرجاني * سعيي إليكم في الحقيقة والذي * تجدون عنكم فهو سعي الدهر بي * * أنحوكم ويرد وجهي القهقرى * دهري فسيري مثل سير الكوكب * * فالقصد نحو المشرق الأقصى له * والسير رأي العين نحو المغرب * وأنشدني بالسند المذكور له أيضا * أأحباب قلبي والذين بذكرهم * وترداده طول الزمان تعلقي * * لئن غاب عن عيني بديع جمالكم * وجار على الأبدان حكم التفرق) * (فما ضرنا بعد المسافة بيننا * سرائرنا تسري إليكم فنلتقي *
141 وبالسند المذكور له أيضا * قالوا فلان عالم فاضل * فأكرموه مثل ما يرتضي * * فقلت لما لم يكن ذا تقى * تعارض المانع والمقتضي * وبالسند المذكور إجازة له يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم * يا سائرا نحو الحجاز مشمرا * اجهد فديتك في المسير وفي السرى * * وإذا سهرت الليل في طلب العلى * فحذار ثم حذار من خدع الكرى * * فالقصد حيث النور يشرق ساطعا * والطرف حيث ترى الثرى متعطرا * * قف بالمنازل والمناهل من لدن * وادي قباء إلى حمى أم القرى * * وتوخ آثار النبي فضع بها * متشرفا خديك في عفر البرى * * وإذا رأيت مهابط الوحي التي * نشرت على الآفاق نورا أنورا * * فاعلم بأنك ما رأيت شبيهها * مذ كنت في ماضي الزمان ولا ترى * * فتردد المختار بين بعيدها * وقريبها متبديا متحضرا * * واستودعت من سره ما كاد أن * يبدي لنا معنى الكمال مصورا * * سر فهمنا كنهه لم يشتبه * فنشك فيه ولم نهم فيفسرا * * ولقد أقول إذا الكواكب أشرقت * وترفعت في منهتى شرف الذرى * * لا تفخرا زهر فإن محمدا * أعلى على ص منها وأشرف جوهرا * * نلنا به ما قد رأينا من على * مع ما نؤمل في القيامة أن نرى * * فسعادة أزلية سبقت وما * هو ثابت أزلا فلن يتغيرا * * وسيادة بارى الأنام بها ولا * سيما إذا قدموا عليه المحشرا * * ومواهب يأتي لها التأميل مس * تقصى فيرجع عندها مستقصرا * * ومهابة ملأ القلوب بهاؤها * واستنزلت كبر الملوك مصغرا * * ولربما كفت القتال فلو غدت * لليث نال بها الفريسة مخدرا * * وبديع لطف شمائل من دونها * ماء الغمامة والنسيم إذا سرى * * مع سطوة لله في يوم الوغى * تعنو لشدة بأسها أسد الشرى) * (لا ينكر المعروف من أخلاقه * وإذا استبيح حمى الإله تنكرا * * شوقي لقرب جنابه وصحابه * شوق يجل يسيره أن يذكرا *
142 * أفنى كنوز الصبر من إشرافه * وجرى على الأحشاء منه ما جرى * * أن لاح صبح كان وجدا مقلقا * أو جن ليل كان هما مسهرا * * أرجو وصال أحبتي فكأنما * أرجو المحال وجوده المتعذرا * * وأسير نحو مقامهم حتى إذا * شارفت رؤيته رجعت القهقرى * حذفت ممن أثنائها ومن آخرها أبياتا خوف الإطالة وبالسند المذكور له إجازة * تهيم نفسي طربا كلما * أستلمح البرق الحجازيا * * ويستخف الوجد عقلي وقد * لبست أثواب الحجى زيا * * يا هل أقضى حاجتي من منى * وأنحر البزل المهاريا * * وأرتوي من زمزم فهي لي * الذ من ريق المهى ريا * وبالسند المذكور له أيضا * تمنيت أن الشيب عاجل لمتي * وقرب مني صباي مزاره * * لآخذ من عصر الشباب نشاطه * وآخذ من عصر المشيب وقاره * وبالسند المذكور له أيضا * عطيته إذا أعطى سرور * فإن سلب الذي أعطى أثابا * * فأي النعمتين أعد فضلا * وأحمد عند عقباها إيابا * * أنعمته التي كانت سرورا * أم الأخرى التي جلت ثوابا * وبالسند المذكور من أبيات * لم يبق لي أمل سواك فإن يفت * ودعت أيام الحياة وداعا * * لا أستلذ لغير وجهك منظرا * وسوى حديثك لا أريد سماعا * وأنشدني الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن نباتة قال أنشدني الشيخ تقي الدين لنفسه * أتعبت نفسك بين ذلة كادح * طلب الحياة وبين حرص مؤمل * * وأضعت نفسك لا خلاعة ماجن * حصلت فيه ولا وقار مبجل * * وتركت حظ النفس في الدنيا وفي ال * أخرى ورحت عن الجميع بمعزل *) وبالسند المذكور له أيضا * لعمري لقد قاسيت بالفقر شدة * وقعت بها في حيرة وشتات * * فإن بحت بالشكوى هتكت مروءتي * وإن لم أبح بالصبر خفت مماتي * * فأعظم به من نازل بملمة * يزيل حيائي أو يزيل حياتي *
143 وبالسند المذكور له أيضا دوبيت * الجسم تذيبه حقوق الخدمة * والنفس هلاكها علو الهمه * * والعمر بذاك ينقضي في تعب * والراحة ماتت فعليها الرحمة * ومن العجيب أن هذين البيتين الدوبيت حفظهما تاج الدين أحمد أخو الشيخ تقي الدين وكان فارضا وعاقدا بالحسينية فاتفق أنه قال في وقت الهاجرة بسمجد الجواري بالحسينية فرأى والدهما الشيخ مجد الدين رحمه الله تعالى وهو نائم فسلم عليه وسأله عن حاله فقال يا سيدي بخير فقال كيف محمد أخوكقال بخير الساعة كنت عنده وأنشدني دوبيت وأنشده للشيخ فقال سلم عليه وقل له * الروح إلى محلها قد تاقت * والنفس لها مع جسمها قد عاقت * * والقلب معذب على جمعهم * والصبر قضى وحيلتي قد ضاقت * فانتبه تاج الدين وقد حفظ الدوبيت المذكور ونقلت من خط الشيخ تقي الدين ما أثبته لنفسه * أفكر في حالي وقرب منيتي * وسيري حثيثا في مصيري إلى القبر * * فينشئ لي فكري سحائب للأسى * تسح هموما دونها وابل القطر * * إلى الله أشكو من وجودي فإنني * تعبت به مذ كنت في مبدأ العمر * * تروح وتغدو للمنايا فجائع * تكدره والموت خاتمة الأمر * ونقلت منه له أيضا * سحاب فكري لا يزال هاميا * وليل همي لا أراه راحلا * * قد أتعبتني همتي وفطنتي * فليتني كنت مهينا جاهلا * وأنشدني الشيخ فتح الدين إجازة قال أنشدني لنفسه * كم ليلة فيك وصلنا السرى * لا نعرف الغمض ولا نستريح * * قد كلت العيس فجد الهوى * واتسع الكرب فضاق الفسيح) * (وكادت الأنفس مما بها * تزهق والأرواح منها تطيح * * واختلف الأصحاب ماذا الذي * يزيل من شكواهم أو يزيح * * فقيل تعريسهم ساعة * وقلت بل ذكراك وهو الصحيح * قلت ما أعرف لأحد من المتقدمين ولا من المتأخرين حسن هذا المخلص وأخبرني الشيخ فتح الدين أن الشيخ تقي الدين كان مغرى بالكيمياء معتقدا صحتها قال لأنه أتفق له في مدينة قوص لما كانوا بها من صنعها بحضوره وحكى لي الواقعة بطوله ومن شعر الشيخ تقي الدين قدس الله روحه
144 * يا معرضا عني ولست بمعرض * بل ناقضا عهدي ولست بناقض * * أتعبتني فخلائق لك لم يفد * فيها وقد جمحت رياضة رائض * * أرضيت أن تختار رفضي مذهبا * فيشنع الأعداء أنك رافضي * ومنه * قد جرحتنا يد أيامنا * وليس غير الله من آس * * فلا ترج الخلق في حاجة * ليسوا بأهل لسوى الياس * * ولا تزد شكوى إليهم فلا * معنى لشكواك إلى قاس * * وأن تخالط منهم معشرا * هويت في الدين على الرأس * * يأكل بعض لحم بعض ولا * يحسب في الغيبة من بأس * * لا ورع في الدين يحميهم * عنها ولا حشمة جلاس * * لا يعدم الآتي إلى بابهم * من ذلة الكلب سوى الخاسي * * فاهرب من الناس إلى ربهم * لا خير في الخلطة بالناس * ومن شعره أيضا * وقائلة مات الكرام فمن لنا * إذا عضنا الدهر الشديد بنابه * * فقلت لها من كان غاية قصده * سؤالا لمخلوق فليس بنابه * * لئن مات من يرجى فمعطيهم الذي * يرجونه باق فلوذي بنابه * ومنه * ومستبعد قلب المحب وطرفه * بسلطان حسن لا ينازع في الحكم) * (متين التقى عف الضمير عن الخنا * رقيق حواشي الظرف والحسن والفهم * * يناولني مسواكه فأظنه * تحيل في رشفي الرضاب بلا إثم * ومنه * إذا كنت في نجد وطيب نسيمها * تذكرت أهلي باللوى فمحجر * * وإن كنت فيهم ذبت شوقا ولوعة * إلى ساكني نجد وعيل تصبري * * وقد طال ما بين الفريقين قصتي * فمن لي بنجد بين أهلي ومعشري * ومنه ما نظمه في بعض الوزراء * مقبل مدبر بعيد قريب * محسن مذنب عدو حبيب * * عجب من عجائب البر والبح * ر ونوع فرد وشكل غريب * ومنه وقيل أنه نظمه في ابن الجوزي
145 * دققت في الفطنة حتى لقد * أبديت ما يسحر أو يسبي * * وصرت في أعلى مقاماتها * حيث يراك الناس كالشهب * * وسار ما سيرت من جوهر ال * حكمة في الشرق وفي الغرب * * ثم تنازلت إلى حيث لا * ينزل ذو فهم ولا لب * * تثبت ما تجحده فطرة ال * عقل ولا تشعر بالخطب * * أنت دلالة على أنه * يحال بين المرء والقلب * قال كمال الدين جعفر الأدفوي حكى القاضي شهاب الدين ابن الكويك التاجر الكارمي رحمه الله قال اجتمعت به مرة فرأيته في ضرورة فقلت يا سيدنا ما تكتب ورقة لصاحب اليمن أكتبها وأنا أقضي فيها الشغل فكتب ورقة لطيفة فيها * تجادل أرباب الفضائل إذ رأوا * بضاعتهم موكوسة الحظ في الثمن * * وقالوا عرضناها فلم نلف طالبا * ولا من له في مثلها نظر حسن * * ولم يبق إلا رفضها واطراحها * فقلت لهم لا تعجلوا السوق باليمن * وأرسلها إليه فأرسل له مائتي دينار واستمر يرسلها إلى أن مات صاحب اليمن وقال كمال الدين أيضا قال لي عبد اللطيف ابن القفصي هجوته مرة فبلغه فلقيته في الكاملية فقال بلغني أنك هجوتني أنشدني فأنشدته بليقة أولها) * قاضي القضاة أعزل نفسه * لما ظهر للناس نحسه * إلى آخرها فقال هجوت جيدا وقال قال لي صاحبنا الفقيه الفاضل الأديب الثقة مجير الدين عمر اللمطي قال كنت مرة بمصر وطلعت إلى القاهرة فقالوا لي الشيخ طلبك مرات فجئت إليه فقال أين كنتقلت بمصر في حاجة قال طلبتك سمعت إنسانا ينشد خارج الكاملية * بكيت قالوا عاشق * سكت قالوا قد سلا * * صليت قالوا زوكر * ما أكثر فضول الناس * وقال حكى لي صاحبنا فتح الدين محمد بن كمال الدين أحمد بن عيسى القيوبي قال دخلت مرة عليه وفي يده ورقة ينظر فيها زمانا ثم ناولني ورقة وقال اكتب من هذه نسخة فأخذتها فوجدت فيها بليقة أولها * كيف أقدر أتوب * ورأس ايري مثقوب * وقال قال لي شيخنا تاج الدين محمد بن أحمد الدشناوي سمعته ينشد هذه البليقة التي أولها جلد العميرة بالزجاج ولا الزواج
146 ويقول بالزجاج يا فقيه وقال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي حكى لي القاضي سراج الدين يونس بن عبد المجيد الأرمنتي قاضي قوص قال جئت إليه مرة وأردت الدخول فمنعني الحاجب وجاء الجلال العسلوجي فأدخله وغيره فتألمت وأخذت ورقة وكتبت فيها * قل للتقي الذي رعيته * راضون عن علمه وعن عمله * * انظر إلى بابك * يلوح من خلله * * باطنه رحمة وظاهره * يأتي إليك العذاب من قبله * ثم دخلت وجعلت الورقة في الدواة وظننت أنه ما رأى وقمت فقال اجلس ما في هذه الورقة قلت يقرأها سيدنا قال اقرأها أنت وكررت عليه وهو يرد علي فقرأتها فقال ما حملك على هذافحكيت له فقال وقف عليها أحدفقلت لا قال قطعها قال وأخبرني برهان الدين إبراهيم المصري الحنفي الطبيب وكان قد استوطن قوص سنين قال كنت أباشر وقفا فأخذه مني شمس الدين محمد بن أخي الشيخ ولاه لآخر فعز علي ونظمت أبياتا في الشيخ فبلغته فأنا أمشي مرة خلفه وإذا به قد التفت إلي وقال يا فقيه بلغني أنك هجوتني فسكت فقال أنشدني وألح علي فأنشدته الأبيات وهي) * وليت فولى الزهد عنك بأسره * وبان لنا غير الذي كنت تظهر * * ركنت إلى الدنيا وعاشرت أهلها * ولو كان عن جبر لقد كنت تعذر * فسكت زمانا وقال ما حملك على هذافقلت أنا رجل فقير وأنا أباشر وقفا أخذه مني فلان فقال ما علمت هذا أنت على حالك فباشرت الوقف مدة وخطر لي الحج فجئت إليه استأذنه فدخلت خلفه فالتفت إلي فقال أمعك هجو آخرفقلت لا ولكنني قصدت الحج وجئت أستأذن سيدي فقال مع السلامة ما يغير عليك وأنشدني إجازة الشيخ ناصر الدين شافع قال من نظم الشيخ تقي الدين قوله * تجاوزت حد الأكثرين إلى العلى * وسافرت واستبقيتهم في المفاوز * * وخضت بحاراص ليس يعرف قدرها * وألقيت نفسي في فسيح المفاوز * ولججت في الأفكار ثم تراجع اختياري إلى استحسان دين العجائز قلت ولقد وقفت له على جواب طويل كتبه في درج إلى الأمير سيف الدين منكوتمر نائب السلطنة لحسام الدين لاجين وكان عند أستاذه الجزء الذي لا يتجزأ وقد كتب فيه بعد البسملة ورد على العبد الفقير محمد بن علي مخاطبة الأمير الكبير سيف الدين ووقف عليها وعجب منها
147 الأمرين ثم أنه يذكر كل فصل ويجيبه عنه إلى أن قال في آخر ذلك فكتب الأمير إلي كتابا يكتب إلى من ليس عنده من الدين شيء ولو كان الأمير عرف مني ارتكاب الكبائر الموبقات ما زاد على ما فعل وعلى الجملة فإن الله تعالى أمر نبيه بالمباهلة والملاعنة في الدين فقال لأهل الكتابفقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبينفنتمثل أمر الله لرسوله ونقول اللهم يا شديد البطش يا جبار يا قهار يا حكيم يا قوي يا عزيز يا قوي يا عزيز يا قوي يا عزيز قد نسبت إلى أكل الحرام من مال المدارس الغائبة وإلى أمور أنت عالم بسرها فإن كان ذلك في علمك صحيحا فاجعل لعنتك ولعنة ملائكتك والناس أجمعين علي وإن لم يكن صحيحا فاجعلها على من افترى علي بها وإن كان الولد قد فعل ما قيل من أخذ البراطيل فاجعلها عليه وإن لم يكن فاجعلها على من افترى عليه فهذا إنصاف وامتثال لما أمر الله به ورسوله وربك بالمرصاد والشكوى إلى الله الحكم العدل قيل أنه لم يلبث بعد ذلك إلا أسبوعا أو قريبا منه حتى قتل السلطان أستاذه وقتل هو أيضا) الوزير سعد الدين الساوجي محمد بن علي الوزير الكبير سعد الدين الساوجي العجمي قتله خربندا وقتل معه الوزير مبارك شاه والملك ناصر الدين يحيى بن إبراهيم صاحب سنجار وصاحب الديوان المانشتري كانت قتلتهم ببغداد وممن قتل أيضا تاج الدين الآوي الشيعي كبير الأشراف وذبح ابناه قبله وكان جبارا ظالما فرافعوه وأخذ للساوجي أموال عظيمة ويقال أنه غرم على الجامع الذي عمره ببغداد ألف ألف درهم قيل أنه صلى ركعتين وودع أهله وثبت للقتل وخلع فرجية على قاتله فباس يده واستجعل منه في حل ثم طير رأسه سنة إحدى عشرة وسبع مائة محمد بن علي العلامة الغرناطي المالكي المقرئ بالمدينة توفي سنة خمس عشرة وسبع مائة شمس الدين الدهان محمد بن علي بن عمر المازني الدهان الشيخ شمس الدين الدمشقي الشاعر كان يعمل صناعة الدهان ويعرف مقامات الحريري وينظم الشعر الرقيق ويدري الموسيقى فيعمل الشعر ويلحنه فيغني به المغنون وكان يلعب بالقانون توفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة أنشدني من لفظه المولى القاضي شهاب الدين كاتب السر ابن القاضي محيي الدين ابن فضل الله إلى الشمس المذكور يضمن بيت أبي تمام * رأيتك أيها الدهان تبغي * مزيدا في التودد بالمساعي * * فلو صورت نفسك لم تزدها * على ما فيك كرم الطباع * وكان قد ربى مملوكا اشتراه وأحبه وهذبه ورخجه فمات فأسف عليه أسفا كثيرا ورثاه بشعر
148 كثير غنى به ونقله المغنون وتداوله الناس من ذلك أنشدني من لفظه جمال الدين الخطيب الصوفي يوسف لنفسه ما نظمه في موت مملوك الدهان * لئن مات يا دهان مملوكك الذي * بلغت به في الفسق ما كنت ترتجي * * فمثله بالأصباغ وجها وقامة * وخصرا وردفا ثم عاينه واصلج * وقال شمس الدين الدهان موشحة يا بأبي غصن بانة حملا بدر دجى بالجمال قد كملا أهيف فريد حسن ما ماس أو سفرا) إلا أغار القضيب والقمرا يبدي لنا بابتسامه دررا في شهد لذ طعمه وحلا كأن أنفاسه نسيم طلا قرقف مورد الخد فاتر المقل يفوق ظبي الكناس بالحمل وينثني كالقضيب في الميل من حمل ردف مثل الكثيب علا نيط بخصر كأضلعي نحلا مخطف ظبي من الترك يقنص الأسدا مقرطق قد أذابني كمدا حاز بديع الجمال فانفردا واها له لو أجار أو عدلا لمستهام بهجره نحلا مدنف غزال سرب جماله شرك ستر اصطباري عليه منهتك لكل قلب هواه منتهك علم قلبي الولع والغزلا طرف له بالفتور قد كحلا أوطف لله يوم به الزمان وفى إذ من بالوصل بعد طول جفا حتى إذا ما اطمأن وانعطفا أسفر عنه اللثام ثم جلا وردا بغير اللحاظ منه فلا يقطف فظلت من فرط شدة الترح إذ زارني والرقيب لم يلح ألثم أقدامه من الفرح
149 وقلت إذ عن صدوده عدلا أهلا بمن زار بعد جفوة وقلا أسعف ومن شعر شمس الدين الدهان وهو مما غني به * ما يج الورد في خديك ريحان * إلا ووجهك في التحقيق بستان) * (ولا تعطف منك العطف من صلف * إلا وريقك خمر وهو نشوان * * لله فتنة ذاك الطرف منك لقد * سبى المحبين لحظ منه فتان * * لو لم يكن سلب العشاق نومهم * ما راح من غير سهد وهو وسنان * ومنه أيضا وهو مما غني به * عند قلبي منك وجد لا يحد * وغرام هزله في القول جد * * واشتياق ناره لا تنطفي * وله بين شغاف القلب وقد * * أيها البدر الذي تيمني * منه وجه يخجل البدر وخد * * وسباني جوهر من ثغره * فوقه من ريقه خمر وشهد * ومنه أيضا وهو مما غني به * دلائل الوجد لا تخفى على الفطن * والحب أقصاه ما أفضى إلى الفتن * * كم ذا التستر والأشواق تعرب عن * سر الهوى بلسان المدمع الهتن * * دع التكتم فالكتمان نار جوى * بين الجوانح تذكيها يد المحن * * ونح فليس بعار أن تنوح فما * في ساحة الحي إلا كل ذي شجن * ومنه أيضا وهو مما غني به * ألا حبذا الوادي وروض البنفسج * وطيب شذا من عرفه المتأرج * * وأغصان بان في نواحيه ميد * وكل قويم القد غير معوج * * وأنهار ماء في صفاء ورقة * تسيل بها ما بين روض مدبج * * فإن جعدته خطرة من نسيمه * فيا حسن مرأى متنه المتموج * قلت شعر مقبول بل هو متوسط لا ينحط ولا يرتفع محيي الدين ابن المارستاني محمد بن علي بن عبد القوي بن عبد الباقي محيي الدين التنوخي المعري ثم الدمشقي بن المارستاني الحنفي نزيل بالقاهرة ولد سنة سبع وأربعين وسمع من عثمان بن علي وإبراهيم بن خليل وفرج الخادم وعبد الله بن الخشوعي وعدة وخرج له الدمياطي مشيخة وسمعها منه قديما وكان مديما للاشتغال ورعا زهدا مفسرا متواضعا من كبار
150 الحنفية أعاد بالمنصورية والناصرية والظاهرية والصالحية حمل عنه الطلبة من سماعاته جزء الذهلي علي ابن خطيب القرافة سنة اثنتين) وخمسين وتوفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة ابن الموازيني محمد بن علي بن الحسين بن سالم الشيخ المقرئ الصالح الحاج بقية المسندين شمس الدين أبو جعفر السلمي المرداسي الدمشقي ابن الموازيني ولد سنة خمس عشرة تقريباص وسماعه سنة اثنتين وست مائة وبعدها غذ كان عند الملقن سمع أبا القاسم ابن صصرى والبهاء عبد الرحمن وتفرد بالرواية عنهما وسمع من إسماعيل بن ظفر وأبي سليمان بن الحافظ والشيخ ضياء وورث من أبيه ثروة وعقارا وجاور مدة وأنفق في البر والقرب ثم أعطى ملكه لابنته وبقى لنفسه كل يوم درهمين ولبس العسلي وتزهد وحدث بالحرم وانحطم بالهرم وثقل سمعه وضعف بصره وحدث عنه ابن الخباز وباقي الطلبة وتوفي سنة ثمان وسبع مائة الشمس كمال الدين الزملكاني محمد بن علي بن عبد الواحد الشيخ الإمام العلامة المفتي قاضي القضاة ذو الفنون جمال الإسلام كمال الدين أبو المعالي ابن الزملكاني الأنصاري السماكي الدمشقي كبير الشافعية في عصرة والفضلاء في دهره كأنما عناه الغزي بقوله * لم يبرح الفقه روضا فاق فيك له * سحابة ورده منها وعبهره * * ذو الدرس سهل المعاني في جزالته * يكاد يحفظه من لا يكرره * * أما الجدال فميدان فوارسه * تقر أنك دون الناس عنتره * ولد في شوال سنة سبع وستين وسمع من أبي الغنائم ابن علان والفخر علي وابن الواسطي وابن القواس ويوسف بن المجاور وعدة وطلب الحديث في وقت وقرأ الحديث وكان فصيحا متسرعا قال الشيخ شمس الدين له خبرة بالمتون وكان بصيرا بالمذهب وأصوله قوي العربية قد أتقنها ذكاء ودربها ذكيا صحيح الذهن صائب الفكر فقيه النفس تفقه على الشيخ تاج الدين وأفتى وله نيف وعشرون سنة وكان يضرب بذكائه المثل وقرأ العربية فيما أظن على الشيخ بدر الدين ابن مالك وقرأ على قاضي القضاة شهاب الدين الخويي وشمس الدين الأيكي وصفي الدين
151 الهندي أول قدومه البلاد أما لما عاد الشيخ صفي الدين وأقام بدمشق لم يقرأ عليه وقرأ على) قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي حكى لي الشيخ نجم الدين الصفدي رحمه الله تعالى قال قلت له فرطت في المنطق فقال كان بدمشق أيام طلبي له شخص يعرف بالأفشنجي وكت قد تميزت ودرستأو قال وأفتيت فكنت أتردد إليه على كره مني والعلم في نفسه صعب وعبارة الأفشنجي فيها عجمة فإذا أردت منه زيادة بيان أو قلت له ما ظهر قال جاء وأدار وجهه عني فأنفت من تلك الحالة وبطلت الاشتغال أو كما قال قلت أغناه ذهنه الثاقب وفكره الصائب على أنه كان يعرف منه ما يحتاج إليه في أصول الفقه من معرفة التصور والتصديق ودلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام والضرب من الشكل المنتج والكاذب ومواد البرهان والمقدم والتالي وقياس الخلف وغير ذلك مما يدخل في الأصولين معرفة جيدة يتسلط بها على باقي الفن أما أنه كان يطلب منه أن يشغل في مختلطات كشف الأسرار للخونجي فلا وحفظ التنبيه فيما أظن والمنتخب في أصول الفقه والمحصل في أصول الدين وغير ذلك وأما الخط وحسن وضعه * فلا تسأل عن الروض النضير * ولا عن طلعة القمر المنير * فإنه كتب على الشيخ نجم الدين ابن البصيص أحسن منه ومن بدر الدين حسن ابن المحدث وخطه وهو أحسن وقيل لي أنه كان يكتب الكوفي طبقة وكان شكله حسنا ومنظره رائعا وتجمله في بزته وهيئته غاية وشيبته منورة بنور الإسلام يكاد الورد يلقط من وجنتيه وعقيدته صحيحة متمكنة أشعرية وفضائله عديدة وفواضله ربوعها مشيدة فإنه كان كريم النفس عالي الهمة حشمته وافرة وعبارته حلوة فصيحة ممتعة من رآه أحبه قريب من القلب خفيف على النفس صنف أشياء منها ورساله في الرد عليه في مسألة الزيارة ورسالة سماها رابع أربعة نظما ونثرا وشرح قطعة جيدة من المنهاج وتخرج به الأصحاب وانتفع به الطلبة ودرس بالشامية البرانية والظاهرية والرواحية وولي نظر ديوان الأفرم ونظر الخزانة ووكالة بيت المال وكتب في ديوان الإنشاء مدة ووقع في الدست فيما أظن وله الإنشاء الجيد ونثره خير من نظمه وله التواقيع المليحة والإنشاءات الجيدة) ونقل إلى قضاء القضاة بحلب ومدارسها فأقام بها مدة أكثر من سنتين واشتغلوا عليه بها وما رأى الناس بعد دروسه في دمشق مثلها ثم إن السلطان طلبه من حلب ليوليه قضاء دمشق لما نقل قاضي القضاة جلال الدين القزويني إلى قضاء الديار المصرية ففرح الناس بذلك فمرض في الطريق وأدركه الأجل في بلبيس في سادس عشر شهر رمضان سنة سبع وعشرين وسبع مائة فحمله ولده تقي الدين عبد الرحمن إلى القاهرة ودفنه بالقرافة عند الشافعي وله ستون سنة قيل أنه سم في الطريق وعند الله تجتمع الخصوم
152 وحكى لي القاضي شهاب الدين ابن فضل الله عن ولده تقي الدين أن والده الشيخ كمال الدين قال له يا ولدي والله أنا ميت وما أتولى لا مصر ولا دمشق وما بقي بعد حلب ولاية أخرى لأنه في الوقت الفلاني حضر إلى الجامع فلان الصالح فترددت إليه وخدمته وطلبت منه التسليك فأمرني بالصوم مدة ثم أمرني بصيام ثلاثة أيامأظنه قالافطر فيها على الماء واللبان الذكر وكان آخر ليلة من الثلاث ليلة النصف من شعبان فقال لي الليلة تجيء إلى الجامع تتفرج أو تخلو بنفسك فقلت أخلو بنفسي فقال جيد ولا تزال تصلي إلى أن أجيء إليك قال فخلوت بنفسي أصلي كما وقفني ساعة جيدة فلما كنت في الصلاة إذا به قد أقبل فلم أبطل الصلاة ثم أنني خيل لي قبة عظيمة بين السماء والأرض وظاهرها معارج ومراقي والناس يصعدون فيها من الأرض إلى السماء فصعدت معهم فكنت أرى على كل مرقاة مكتوبا نظرالخزانة وعلى أخرى وأخرى وأخرى وكالة بيت المال التوقيع المدرسة الفلانية قضاء حلب فلما وصلت إلى هذه المرقاة استفقت من تلك الحالة ورجعت إلى حسي وبت ليلتي فلما اجتمعت بالشيخ قال كيف كانت ليلتكجئت إليك وما قصرت لأنك ما اشتغلت بي والقبة التي رايتها هي الدنيا والمراقي هي المراتب والوظائف والأرزاق وهذا الذي رأيتها كله تناله والله يا عبد الرحمن وكل شيء رأيته قد نلته وكان آخر الكل قضاء حلب وقد قرب الأجل أو كما قال وكان الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى كثير التخيل شديد الاحتراز يتوهم أشياء بعيدة ويبني عليها وتعب بذلك وعودي وحسد وعمل عليه ولطف الله به ولقد رأيته في الظاهرية وفي يده القائمة من الحساب وهو يساوق المباشرين على المصروف فيسبقهم إلى الجمع وعقد الجملة ويبقى ساعة ينتظرهم إلى أن يفرغوا فيقول كم جاء) معكمفيقولون كذا وكذا فيقول لا فيعيدون الجمع إلى أن يصح وعلى الجملة فكان غريب المجموع خرج له الشيخ صلاح الدين ابن العلائي عوالي وأربعين وقرأها الشيخ شمس الدين عليه ومن نظمه قصيدة نظمها يذكر فيها الكعبة المعظمة ويمدح النبي صلى الله عليه وسلم أولها * أهواك يا ربة الأستار أهواك * وإن تباعد عن مغناي مغناك * * وأعمل العيس والأشواق ترشدني * عسى يشاهد معناكي معناك * * تهوى بها البيد لا تخشى الضلال وقد * هدت ببرق الثنايا الغر مضناك * * تشوقها نسمات الصبح سارية * تسوقها نحو رؤياكي برياك * * يا ربة الحرم العالي الأمين لمن * وافاه من أين هذا الأمن لولاك * أن شبهوا الخال بالمسك الذكي فهذا الخال من دونه المحكي والحاكي * أفدي بأسود قلبي نور أسوده * من لي بتقبيله من بعد يمناك * * إني قصدتك لا ألوي على بشر * ترمي النوى بي سراعا نحو مرماك * * وقد حططت رحالي في حماك عسى * تحط أثقال أوزاري بلقياك * * كما حططت بباب المصطفى أملي * وقلت للنفس بالمأمول بشراك *
153 * محمد خير خلق الله كلهم * وفاتح الخير ماحي كل إشراك * * سما بأخمصه فوق السماء فكم * أوطا أسافلها من علو أفلاك * * ونال مرتبة ما نالها أحد * من أنبياء ذوي فضل وأملاك * * يا صاحب الجاه عند الله خالقه * ما رد جاهك إلا كل أفاك * * أنت الوجيه على رغم العدى أبدا * أنت الشفيع لفتاك ونساك * * يا فرقة الزيغ لا لقيت صالحة * ولا شفى الله يوما قلب مرضاك * * ولا حظيت بجاه المصطفى أبدا * ومن أعانك في الدنيا ووالاك * * يا أفضل الرسل يا مولى الأنام ويا * خير الخلائق من إنس وأملاك * * ها قد قصدتك اشكو بعض ما صنعت * بي الذنوب وهذا ملجأ الشاكي * * قد قيدتني ذنوب عن بلوغ مدى * قصدي إلى الفوز منها من غير إمساك * * عليك من ربك الله الصلاة كما * منا عليك السلام الطيب الزاكي *) تمت ولم أقف له على نظم هو خير من هذه القصيدة لمقصدها الصالح وقد أشبع فيها حركة الكاف في خطاب المؤنث حتى نشأت ياء في موضعين وهو جائز وعمل على هذه القصيدة فيما أظن أو على قصيدة ميمية مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم أو عليهما كراريس وسماها عجالة الراكب ومن شعر كمال الدين الزملكاني * يا سائق الظعن قف بي هذه الكثب * عساي أقضي بها ما للهوى يجب * * وارفق قليلا لكي تروي الثرى سحب * من ناظري بمزن منه تنسكب * * فثم حي حياتي في خيامهم * فالموت أن بعدوا والعيش أن قربوا * * لي فيهم قمر القلب منزله * لكن طرفي له بالبعد يرتقب * * لدن القوام رشيق القد ذو هيف * تغار من لينه الأغصان والقضب * * حلو المقبل معسول مراشفه * يجول فيها رضاب طعمه الضرب * * لا غروان راح نشوانا ففي فمه * خمر ودر ثناياه لها حبب * * زلائم لامني في البعد عنه وفي * قلبي من الشوق نيران لها لهب * * فقلت أن صروف الدهر تصرفني * عما أروم فما لي في النوى سبب * * ومذ رماني زماني بالبعاد ولم * يرحم خضوعي ولما يبق لي نشب * ولما توجه إلى قضاء حلب نزل في مكان يعرف بالفردوس وكان معه شمس الدين الخياط الشاعر الدمشقي فأنشده لنفسه وأنشدني من لفظه غير مرة
154 * يا حاكم الحكام يا من به * قد شرقت رتبته الفاخره * * ومن سقى الشهباء مذ حلها * بحار علم وندى زاخره * * نزلت في الفردوس فأبشر به * دارك في الدنيا وفي الآخرة * ونظم فيه جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن نباتة لما توفي إلى رحمة الله تعالى قصيدة طنانة يرثيه بها أنشدنيها من لفظه أولها * بلغا القاصدين أن الليالي * قبضت جملة العلى بالكمال * وقفا في مدارس العقل والنقل ونوحا معي على الأطلال * سائلاها عسى يجيب صداها * أين ولى مجيب أهل السؤال) * (أين ولى بحر العلوم وأبقى * بين أجفاننا الدموع لآلي * * أين ذاك الذهن الذي قد ورثنا * عنه ما في الحشا من الاشتغال * * أين تلك الأقلام يوم انتصار * كعوالي الرماح يوم النزال * * ينقل الناس عن حديث هداها * طرق العلم عن متون العوالي * * وتفيد الجنا من اللفظ حلوا * حين كانت نوعا من العسال * قلت هي من قصائده الغر وكلها نتقى وليس هذا موضع إثباتها كنت قد اختلفت أنا والمولى شرف الدين حسين ابن ريان الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في قول الحريري * فلم يزل يبتزه دهره * ما فيه من بطش وعود صليب * فذهب هو في إعراب قوله ما فيه إلى أنه في موضع نصب على أنه مفعول ثان وذهبت أنا إلى أنه بدل اشتمال من الهاء التي في قولهيبتزه فكتب شرف الدين فتيا من صفد وجهزها إلى الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني رحمه الله تعالى ونقلتها من خطه وهي ما تقول السادة علماء الدهر وفضلاء هذا العصر لا برحوا لطالب العلم الشريف قبله وموطن السؤال ومحله في رجلين تجادلا في مسأله نحوية وهي في بيت من المقامات الحريرية وهو * فلم يزل يبتزه دهره * ما فيه من بطش وعود صليب * ذهبا إلى معنى يبتزه يسلبه وكل منهما وافق في هذا مذهب خصمه مذهبه وموطن سؤالهما الغريب إعراب قولهما فيه من بطش وعود صليب لم يختلفا في نصبه بل خلفهما فيما انتصب به فذهب أحدهما إلى أنه بدل اشتمال من الهاء المنصوبة في يبتزه وله على ذلك استدلال وذهب الآخر إلى أنه مفعول ثان ليبتزه وجعل المفعول الهاء واختلفا في ذلك وقاصديكم جاءا وقد سألا الإجابة عن هذه المسألة فقد اضطرا في ذلك إلى المسألة فكتب الشيخ كمال الدين رحمه الله الجواب ونقلته من خطه وهو الله يهدي إلى الحق كل من المختلفين المذكورين قد نهج نهج صواب وأتى بحكمة وفصل خطاب ولكل من القولين مساغ في النظر
155 الصحيح ولكن النظر إنما هو في الترجيح وجعل ذلك مفعولا أقوى توجيها في الإعراب وأدق بحثا عند ذوي الألباب أما من جهة الصناعة العربية فلأن المفعول متعلق بالفعل بذاته التي بوقوع الفعل عليه معنية والبدل مبين بكون الأول معه مطرحا في النية وهذا الفعل بهذا) المعنى متعد إلى مفعولين وما فيه من بطش هو أحد ذينك الاثنين لئلا يفوت متعلق الفعل المستقل والبدل بيان يرجع إلى توكيد بتأسيس المعنى مخل وأما من جهة المعنى فلأن المقام مقام تشك وأخذ بالقلوب وتمكين هذا المعنى أقوى إذا ذكر ما سلب منه مع بيان أنه المسلوب فذكر المسلوب منه مقصود كذكر ما سلب وفي ذلك من تمكين المعنى ما لا يخفى على ذوي الأرب ووراء هذا بسط لا تحتمله هذه العجالة والله تعالى أعلم كتبه محمد بن علي قلت لا أعلم أحدا يأتي بهذا الجواب غيره لمعرفته بدقائق النحو وبغوامض علمي المعنى والبيان ودربته بصناعة الإنشاء وأما صورة الخط الذي نقلت منه هذه الفتيا فما كانت إلا قطعة روض تدبجت أو هوامش عذار على طرس الخد تخرجت رحمه الله تعالى وأكرم مثواه وجعل الجنة منقلبه وعقباه ابن العديسة المحدث محمد بن علي بن العديسة الشيخ شهاب الدين قارئ الحديث توفي سنة ست وثلاثين وسبع مائة وأظن مجير الدين الخياط فيه يقول * في الدهر شيء عجيب * مرآه يقذي اللواحظ * * ابن الرزيز خطيب * وابن العديسة واعظ * علم الدين الدميري محمد بن علي بن عبد الرحمن هو علم الدين ابن بهاء الدين ابن الإمام محيي الدين عرف بابن الدميري مولده سنة خمس وسبعين وست مائة بدار الزعفران بزقاق القناديل بمصر توفي أجاز لي رحمه الله تاج الدين طوير الليل البارنباري الشافعي محمد بن علي الإمام الفاضل الفقيه النحوي الأصولي تاج الدين البارنباري الشافعي أخبرني من لفظه العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي قال قرأ المذكور على الشيخ حسن الراشدي القراءات السبع بالفاضلية وقرأ المعقول على الشيخ شمس الدين الأصبهاني وحفظ التعجيز وكان يستحضره إلى آخر وقت ويعرفه جيدا وحفظ الجزولية واستمر على حفظ القرآن إلى أن مات سنة سبع عشرة وسبع مائة وكان جيد المناظرة متوقد الذهن في الفقه والأصولين والعربية والمنطق وكان عديم التكلف في) ملبسه ولم يكن بيده غير فقاهات المدارس وكان يلقب بطوير الليل بدر الدين ابن غانم محمد بن علي بن محمد بن غانم الشيخ بدر الدين ابن
156 الشيخ علاء الدين كان من جملة كتاب الإنشاء بدمشق وكان متشددا لا يكتب إلا شيئا يوافق الشرع وإن كان غير ذلك لم يكتبه طلب الاعفاء من كتابة الإنشاء وسأل أن يكون نظير معلومه على الجامع الأموي للأشغال فأجيب إلى ذلك كان يدرس بالقليجية الشافعية وكان قليل الكلام ملازم الصمت منجمعا عن الناس منقبضا لا يتكلم فيما لا يعنيه مكبا على الاشتغال يكرر على محفوظاته الليل والنهار يحب الكتب ويجمعها خلف لما مات ألفي مجلدة وكان معه عدة وظائف يباشرها بما يقارب الألف درهم في كل شهر توفي في شهر جمادى الأولى سنة أربعين وسبع مائة بهاء الدين ابن إمام الشمهد محمد بن علي بن سعيد المعروف بابن إمام المشهد مولده في ذي الحجة سنة ست وتسعين وست مائة قرأ القرآن الكريم وأتقنه بالروايات السبع واشتغل بالعربية على الشيخ مجد الدين التونسي والشيخ نجم الدين القحفازي وقرأ الفقه على الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين وكتب الخط المليح الظريف وتوجه إلى حلب ثم إلى طرابلس وأقام بها مدة وثم عاد إلى دمشق وأقام بها مدة ثم توجه إلى مصر وحضر بين يدي السلطان الملك الناصر على الأهرام وولاه تدريس المدرسة الأمينية بدمشق وحضر إليها على البريد وهو مجموع متناسب الحسن أخلاقه حسنة وشكالته تامة مليحة ووجاهته رائعة المنظر جمع كتاب الأحكام وجوده في ست مجلدات وتناولته منه وأجازني رواية ما له تسميعه بديوان الإنشاء بدمشق في المحرم سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة وتلا بالسبع على الكفري وسمع بمصر والإسكندرية وحلب وأم بدار الحديث ثم بمسجد الكنيسة ودرس بالقوصية الشيخ محمد الغزي محمد بن علي بن محمد شمس الدين أبو عبد الله المصري مولدا الغزي منشأ سألته عن مولده فقال في سنة خمس وثمانين وست مائة أقام بغزة مدة وبدمشق مدة وبمصر وبصفد وحماة وحلب وخالط الناس وعاشر فيه خفة روح وكيس وظرف وينظم الشعر الجيد) ويكتب الخط المنسوب ويعرف النجامة والأسطرلاب والرمل أنشدني غير مرة بدمشق وصفد وبالقاهرة وحماة جملة كثيرة من شعره ونادم الملك الأفضل صاحب حماة فيما أظن وقربه وأدناه وحنا عليه ورتب له الدراهم والخبز واللحم ومن شعره نقلته من خطه وأنشدنيه من لفظه * بأبي غزال غزل هدب جفونه * يكسو الضنى صبا أذيب بصده * * يروي حديث السقم جسم محبه * عن جفنه عن خصره عن عهده * وأنشدني ما نقلته من خطه له * ما رأى الناس قبل قامة حبي * وعذاريه حول محمر خد *
157 غصنا أنبت البنفسج والآس سياجا على حديقة ورد وأنشدني له من لفظه ونقلته من خطه * ونيل كم أنال منى وأمنا * وكم أهدى إلى سر مسره * * تخال مراكبا تختال فيه * نجوما سائرات في مجره * وأنشدني من لفظه ومن خطه نقلت مواليا * عاينت من ذنب هجرو بالوفا مغفور * في النهر يسبح وحظو بالبها موفور * * شبهت من فوق جسمو شعرو المضفور * ألف من المسك في صفحه من الكافور * وأنشدني من لفظه ومن خطه نقلت * باكر إلى رشف خمره تنعش المحرور * مع من تحب وقلبك منشرح مسرور * * أما ترى الليل شمر ذيلو المجرور * والورد بالطل فتح جيبو المزرور * وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت * حبي الذي خالقو بالحسن قد مدوا * حتى سما وتجاوز في الصفة حدو * * رمان نهدو عقد في غصن من قدو * وما انطفا جلنارو الغض في خدو * وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت * وهيفاء وطفاء فتانة * يلذ التهتك والوجد فيها * * إذا سكر الناس من خمرة * فسكري ما زال من خمر فيها * وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت) * انظر إلى تخييل أخياطها * في كاسها يا أحسن الناس * * لو لم تكن شمسا لما أظهرت * أشعة في أفق الكاس * وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت * أتشكى مع البعاد إليكم * برقيق العتاب فرط اشتياقي * فكأني الورقاء من فرقة الإلف تلهث بالسجع في الأوراق شمس الدين السروجي محمد بن علي بن ايبك السروجي الشيخ الإمام شمس الدين سألته عن مولده فقال في ذي الحجة سنة أربع عشرة وسبع مائة بالديار المصرية عرض القرآن وهو ابن تسع سنين وارتحل إلى دمشق وحلب وغيرها من بلاد الشام مرات وأخذ عن الشيخ فتح الدين والشيخ أثير الدين ومن عاصره من أشياخ العلم وصار من الحفاظ أتقن
158 المتون وأسماء الرجال وطبقات الناس والوقائع والحوادث وضبط الوفيات والمواليد ومال إلى الأدب وحفظ من الشعر القديم والمحدث جملة وكتب الأجزاء والطباق وحصل ما يرويه عن أهل عصره في البلاد التي ارتحل إليها ولم أر بعد الشيخ فتح الدين رحمه الله تعالى من يقرأ أسرع منه ولا أفصح وسألته عن أشياء من تراجم الناس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم فوجدته حفظة مستحضرا لا يغيب عنه ما حصله وهذا الذي رأيته منه في هذه السن القريبة كثير على من علت سنه من كبار العلماء ومع ذلك فله ذوق الأدباء وفهم الشعراء وخفة روح الظرفاء توفي رحمه الله تعالى بحلب ليلة ثامن من شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبع مائة ودفن ثاني يوم بكرة الجمعة وكان قد خرج لنفسه تسعين حديثاص متباينة الأسناد قال الشيخ شمس الدين سمعناها منه ثم كملها مائة أمين الدين الأنفي محمد بن علي بن الحسن المحدث الفاضل أمين الدين الأنفي الدمشقي المالكي ولد سنة ثلاث عشرة وسبع مائة في شوال وحفظ القرآن والفقه وطلب الحديث وقرأ ونسخ كثيرا من الأجزاء والكتب سمع البندنيجي والشمس نقيب السبع وبنت صصرى ونسخ جملة من تواليفي وقرأ علي أشياء من شعري ومن مصنفاتي وهو حسن الشكل جميل الود حلو) العبارة القاضي فخر الدين المصري الشافعي محمد بن علي بن عبد الكريم أبو الفضائل الشيخ الإمام الفاضل العلامة ذو الفنون أعجوبة الزمان القاضي فخر الدين أبو عبد الله المصري الشافعي الأشعري سألته عن مولده فقال سنة إحدى وتسعين وست مائة بظاهر القاهرة في الحبانية ووفاته بدمشق في داره بالعادلية الصغيرة بعد مرضة طويلة عوفي في أثنائها ثم انتكس توفي يوم الأحد سادس عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وسبع مائة وصلي عليه الظهر بالجامع الأموي ودفن في مقابر الباب الصغير وكانت جنازته حفلة خرج من الديار المصرية أول سنة اثنتين وسبع مائة وأقام بدمشق وقرأ القرآن على جماعة منهم الشيخ موسى العجمي وقرأ العربية والفقه أولا على الشيخ كمال الدين ابن قاضي شهبة ثم قرأ الفقه على الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين وقرأ بقية العلوم على الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وهو أكثرهم إفادة له وكان معجبا به وبذهنه الوقاد وحفظه المنقاد يشير إليه في المحافل والدروس وينوه بقدره ويثني عليه وقرأ على الشيخ صدر الدين وبحث على الشيخ مجد الدين التونسي وعلى الشيخ نجم الدين القحفازي كتاب المقرب في النحو وحفظ الجزولية وبحث منها جانبا على الشيخ نجم الدين الصفدي وقرأ الجست على النعمان والمنطق على جماعة أشهرهم الشيخ رضي الدين المنطقي وعلى الشيخ علاء الدين القونوي بمصر وحفظ التنبيه والمنتخب في أصول الفقه وحفظ مختصر
159 ابن الحاجب في مدة تسعة عشر يوماص وهذا أمر عجيب إلى الغاية فإن ألفاظ المختصر غلقة عقدة ما يرتسم معناها في الذهن ليساعد على الحفظ وحفظ المحصل في أصول الدين وهو قريب من ألفاظ المختصر وحفظ المنتقى في الأحكام وشرع في حفظ أشياء لم تكمل مثل مطلع النيرين والمنهاج للشيخ محيي الدين وتصريف ابن الحاجب وكان يحفظ من المنتقى في أيام عديدة كراسة في كل يوم والكراسة قطع البلدي تضمن خمس مائة سطر وفي سنة خمس عشرة وسبع مائة ولي تدريس العادلية الصغيرة وفيها أذن له بالإفتاء وكان له من العمر ثلاث وعشرون سنة ولما توفي شيخه الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين جلس بعده بالجامع الأموي في حلقة) الأشغال في المذهب وتأدب مع شيخه فأخلى مكانه وجلس دونه وعلق دروساص من التفسير والحديث والفقه مفيدة وأقدم من سمع عليه الحديث هدية بنت عسكر وأحمد ابن مشرف وحج إلى سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة سبع مرات جاور في الأولى بمكة بعض سنة عشرين وجاور في الثانية سنة أربعين بمكة والمدينة ولما حضر من الحجاز كتبت له توقيعا بإعادة تدريس الدولعية ونظرها إليه وهذه نسخته رسم بالأمر العالي لا زال يرتفع به العلم الشريف إلى فخره ويعيده إلى خير حبر تقتبس الفوائد من نوره وتغترف من بحره ويجمل الزمان بولائه من هو علم عصره وفخر مصره أن يعاد المجلس العالي الفخري إلى كذا وكذا وضعا للشيء في محله ورفعا للوبل على طله ودفعا لسيف النظر إلى يد هي مألف هزه وسله ومنعا لشعب مكة أن ينزل غير أهله إذ هو لأصحاب الشافعي رضي الله عنه حجة ولبحر مذهبه الزاخر لجة ولأهل فضله الذين يقطعون مفاوزه بالسرى صبح وبالمسير محجة طالما ناظر الأقران فعدلهم وجادل الخصوم في حومة البحث فجد لهم وجد لهم كم قطع الشبهات بحجج لا يعرفها وأتى بوجه ما رأى الرؤياني أحلى منه في أحلام الطيف ودخل باب علم فتحه القفال لطالب نهاية المطلب التبري وارتوى من معين ورد عين حياته الخضري وتمسك بفروع صح سبكها فقال ابن الحداد هذا هو الذهب المصري وأوضح المغالط بما نسف به جبال النسفي وروى أقوال أصحاب المذهب بحافظة يتمناها الحافظ السلفي كم جاور بين زمزم والمقام وألقى عصا سفره لما رحل عنها الحجيج وأقام وكم طاب له القرار بطيبه وعطر بالأذخر والجليل ردنه وجيبه وكم استروح بظل نخلها والسمرات وتملى بمشاهدة الحجرة الشريفة وغيره يسفح على قرب تربها العبرات وكم كتب له بالوصال وصول وبث شكواه فلم يكن بينه وبين الرسول رسول لا جرم أنه عاد وقد زاد وقارا وآب بعدما غاب ليلا فتوضح شيبه نهارا فليباشر ما فوض إليه جريا على ما عهد ما افادته وألف من رياسته لهذه العصابة وسيادته وعرف من زيادة يومه على أمسه فكان كنيل بلاده ولا يتعجب من زيادته حتى يحيى بدرسه ما درس ويثمر عود الفروع فهو الذي أنبته بهذه المدرسة وغرس مجتهداص في نظر وقفها معتمدا على تتبع ورقات حسابها وصفحها عاملا بشروط الواقف فيما شرط قابضا ما قبضه وباسطا ما بسط وتقوى الله تعالى جنة يرتع فيها خاطره ويسرح في رياضها الناضرة ناظره ومثله لا ينبه عليها ولا يومأ له) بالإشارات إليها فلا ينزع مالبسه من
160 حلاها ولا يسر في مهمة مهم إلا بسناها والله يديم فوائده لأهل العلم الشريف ويجدد له سعدا يشكر التالد منه والطريف والخط الكريم أعلاه حجة بمقتضاه عماد الدين الدمياطي محمد بن علي بن حرمي الشيخ الفرضي الإمام المحدث عماد الدين أبو عبد الله الدمياطي نزيل بالقاهرة ولد سنة خمس وسبعين وست مائة وسمع من الدمياطي والأبرقوهي وبنت الأسعردي وطائفة وبدمشق من الموازيني وابن مشرف وسمع بقراءتي كثيرا على الشيخ أثير الدين من ذلك المقامات الحريرية وهو حلو المحادثة كثير المحاسن له خصوصية زائدة عن الحد بقاضي القضاة عز الدين ابن جماعة ولي مشيخة الكاملية وتوفي رحمه الله تعالى بالقاهرة في طاعون مصر في سابع جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبع مائة ابن خروف الحنبلي محمد بن علي بن أبي القاسم المقرئ الكبير بقية السلف أبو عبد الله الموصلي الحنبلي ابن خروف ويعرف بابن الوراق مولده سنة أربعين وست مائة وتوفي رحمه الله تعالى بالموصل في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وسبع مائة ارتحل إلى بغداد في طلب العلم سنة اثنتين وستين فتلا بعدة كتب على الشيخ عبد الصمد وسمع من جماعة وقرأ كتبا كبارا وقرأ تفسير الكواشي على المصنف وجامع أبي عيسى ابن العجمي قال الشيخ شمس الدين قدم علينا وسمعنا منه الحراني الحنبلي محمد بن عماد بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن أبي يعلى أبو عبد الله الجزري الحراني الحنبلي التاجر سمع وروى عالم فقيه كثير المحفوظ حسن الإنصات صالح طال عمره وسكن بالإسكندرية ورحل الناس إليه توفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة ابن عمار الأندلسي محمد بن عمار المهري بالراء الأندلسي الشاعر المشهور هو ذو) الوزارتين كان هو وابن زيدون فرسي رهان في الأدب اشتمل عليه المعتمد ووزره ثم جعله نائباص على مرسية فعصى عليه بها فلم يزل يحتال عليه إلى أن وقع في يده فذبحه صبرا بيده سنة سبع وسبعين وأربع مائة ومولده سنة اثنتين وعشرين ولما قتله المعتمد رثاه عبد الجليل بن وهبون المرسي بأبيات منها * عجبا له أبكيه ملء مدامعي * وأقول لا شلت يمين القاتل * قال صاحب القلائد الفتح بن خاقان لقد رأيت عظمي ساقي ابن عمار وقد أخرجا بعد سنين من حفر يحفر بجانب القصر وأساودهما بهما ملتفة ولباتهما مشتفة ما فغرت أفواههما ولا حل التواؤهما فرمق الناس العبر وصدق المكذب الخبر يعني بالأساود القيود وسبب
161 تغير المعتمد على ابن عمار أنه هجا الرميكية وهي اعتماد حظية المعتمد اختارها لنفسه واختار لها اللقب ليناسب لقبه وقال ابن عمار من أبيات * تخيرتها من بنات الهجان * رميكية لا تساوي عقالا * * فجاءت بكل قصير الذراع * لئيم النجارين عما وخالا * وقيل أن هذا الهجو وضع على لسانه لإغراء المعتمد به ومن شعر ابن عمار القصيدة المشهورة الطنانة التي أولها * أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى * والنجم قد صرف العنان عن السرى * * والصبح قد أهدى لنا كافوره * لما استرد الليل منا العنبرا * ومن مدحها في المعتمد * ملك إذا ازدحم الملوك بمورد * ونحاه لا يردون حتى يصدرا * * أندى على الأكباد من قطر الندى * وألذ في الأجفان من سنة الكرى * * قداح زند المجد لا ينفك من * نار الوغى إلا إلى نار القرى * * يختار أن يهب الخريدة كاعبا * والطرف أجرد والحسام مجوهرا * * لا خلق أقرأ من شفار سيوفه * إن أنت شبهت المواكب أسطرا * * ماض وصدر الرمح يكهم والظبى * تنبو وأيدي الخيل تعثر بالبرى * * أيقنت أني من ذراه بجنة * لما سقاني من نداه الكوثرا * * وعلمت حقا أن ربعي مخصب * لما سألت به الغمام الممطرا) * (أثمرت رمحك من رؤوس كماتهم * لما رأيت الغصن يعشق مثمرا * منها * نمقتها وشيا بذكرك مذهبا * وفتقتها مسكا بحمدك أذفرا * * فلئن وجدت نسيم حمدي عاطرا * فلقد وجدت نسيم برك أعطرا * وقال أيضا يمدح المعتمد ويذكر فتح ابنه قرمونة * نوال كما اخضر العذار وفتكة * كما خجلت من دونه صفحة الخد * * جنيت ثمار الصبر طيبة الجنى * ولا شجر غير المثقفة الملد *
162 * وقلدت أجياد الشرى رائق الحلى * ولا درر غير المطهمة الجرد * * بكل فتى عاري الأشاجع لابس * إلى غمرات الموت محكمة السرد * منها في ذكر ابنه * ببدر ولكن من مطالعه الوغى * وليث ولكن من براثنه الهندي * * ورب ظلام سار فيه إلى العدى * ولا نجم إلا ما تطلع من غمد * * أطل على قرمونة متبلجا * مع الصبح حتى قلت كانا على وعد * * فأرملها بالسيف ثم أرعاها * من النار أثواب الحداد على الفقد * * فيا حسن ذاك السيف في راحة الهدى * ويا برد تلك النار في كبد المجد * * هنيئا ببكر في الفتوح افترعتها * وما قبضت غير المنية في النقد * وقال من قطعة وعاطلة من ليالي الحروب اطلعت رأيك فيها قمر * فإن يجنك الفتح ذاك الأصيل * فمن غرس تدبير ذاك السحر * منها * فعاقر سيفك حتى انحنى * وعربد رمحك حتى انكسر * * وكم نبت في حربهم عن علي * وناب عن النهروان النهر * وقال في فارسين تطاعنا فسبق أحدهما الآخر * روى ليضرب فابتدهت بطعنة * أن الرماح بديهة الفرسان * ومن شعره) * علي وإلا ما بكاء الغمائم * وفي وإلا فيم نوح الحمائم * منها يصف وطنه * كساها الحيا برد الشباب فإنها * بلاد بها عق الشباب تمائمي * * ذكرت بها عهد الصبى فكأنما * قدحت بنار الشوق بين الحيازم * * ليالي لا ألوي على رشد لائم * عناني ولا أثنيه عن غي هائم * * أنال سهادي من عيون نواعس * وأجني عذابي من غصون نواعم * * وليل لنا بالسد بين معاطف * من النهر تنساب اسياب الأراقم * * بحيث اتخذنا الروض جارا تزورنا * هداباه في أيدي الرياح النواسم * * تبلغنا أنفاسه فتردها * بأعطر أنفاسا وأذكى لناسم * * تسير إلينا ثم عنا كأنها * حواسد تمشي بيننا بالنمائم *
163 * وبتنا ولا واش يحس كأننا * حللنا مكان السر من صدر كاتم * وقيل أن سبب اشتهار ابن حاج هو أن الوزير أبا بكر ابن عمار كان كثير الوفادة على ملوك الأندلس لا يستقر ببلد وكان كثير التطلب لما يصدر عن أرباب المهن من الأدب الحسن فبلغه خبر ابن حاج قبل اشتهاره فمر على حانوته وهو آخذ في صناعة صباغه والنيل على يده وقد غشاها فأخرج زنده ويده بيضاء من غير سوء وأراد أن يعلم سرعة خاطره فأشار إلى يده وقال كم بين زند وزند فقال ابن حاج ما بين وصل وصد فعجب من بادرته وجذب بصبغه وبالغ في الإحسان إليه ودخل ابن عمار إلى سرقسطة فبلغه خبر يحيى القصاب السرقسطي فمر عليه وبين يديه لحم جزور فأشار ابن عمار إلى اللحم وقال لحم سباط الخرفان مهزول فقال يقول يا مشترين مه زولوا) فأعجبه ذلك وأحسن إليه وينسب إلى ابن عمار وقيل لغيره * غنى أبو الفضل فقلنا له * سبحان مخليك من الفضل * * غناؤه حد على شربها * فاشرب فأنت اليوم في حل * ومن شعر ابن عمار رحمه الله تعالى * سل الركب إن أعطاك حاجتك الركب * من الكاعب الحسناء تمنعها كعب * * أحبك ودا من يخافك طاعة * وأعجب شيء خيفة معها حب * ومنه * إني لممن إن دعاك لنصرتي * يوما بساطا حجة وجلاد * * أذكيت دونك للعدى حدق القنا * وخصمت عنك بألسن الأغماد *
164 3 (ابن عمران)) قاضي المدينة محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عيد الله التيمي أبو سليمان قاضي المدينة الذي حكم بين المنصور والجمالين من الطبقة الخامسة من أهل المدينة أمه أسماء بنت سلمة بن عمر بن أبي سلمة وأمها حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب وأمها أسماء بنت بن زيد بن الخطاب قضى لبني أمية ثم للمنصور على المدينة كان مهيبا صليبا قليل الحديث اتفقوا على صدقه وثقته وديانته وورعه ونزاهته كان له من الولد عبد الله وعبد العزيز لما بلغ موته سنة أربع وخمسين بعد المائة أبا جعفر قال اليوم استوت قريش الأنصاري الكوفي محمد بن عمران بن أبي ليلى الإمام الأنصاري الكوفي روى عنه البخاري في كتاب الأدب وابن أبي الدنيا وغيره وروى عنه الترمذي توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين الأصبهاني الشاعر محمد بن عمران الأصبهاني الشاعر هو القائل * سأترك هذا الباب ما دام إذنه * على ما أرى حتى يلين قليلا * * إذا لم أجد يوما إلى الإذن سلما * وجدت إلى ترك المزار سبيلا *) أورده ابن المرزبان في معجم الشعراء له أبو جعفر النحوي المؤدب محمد بن عمران بن زياد الضبي أبو جعفر النحوي الكوفي كان الغالب عليه الأخبار والأدب وكان ثقة فيما ينقل شيخا حلوا وكان قبل أن يؤدب المعتز يعلم الصبيان فلما اتصل بالمعتز جعله على القضاة والفقهاء فاجتمعوا إليه يوما فنعس ثم لما فتح عينيه قال تهجوافضحكوا وحفظ عبد الله بن المعتز سورة النازعات وقال له إذا سألك أمير المؤمنين في أي سورة أنت فقل له في السورة التي تلي عبس فسأله أبوه ذلك فقال من علمك هذاقال معلمي فأمر لع بعشرة آلاف درهم توفي سنة خمس وخمسين ومائتين المرزبان الكاتب محمد بن عمران بن موسى بن عبيد أبو عبيد الله المرزبان
165 الكاتب البغدادي العلامة حدث عن أبي القاسم البغوي وابن دريد ونفطويه وغيرهم وكان أخباريا راوية للآداب صنف في أخبار الشعراء وفي الغزل غير أن كتبه أكثرها لم تكن معه مما سمعه بل بالإجازة فيقول أخبرنا ولا يبين وكان يضع المحبرة وقنينة النبيذ فلا يزال يكتب ويشرب وكان معتزليا صنف في أخبار المعتزلة وتوفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة وكان ثقة قال ابن الخطيب وليس حاله عندنا الكذب وأكثر ما عيب عليه المذهب وروايته بالإجازة ولم يبينها وقال العتيقي كان معتزليا ثقة قال القفطي نسبة تصانيفه تصانيف الجاحظ كان عضد الدولة مع عظمته يجتاز ببابه ويقف حتى يخرج إليه وكانت داره مجمع الفضلاء وله كتاب أخبار الشعراء المحدثين خاصة كبير إلى الغاية يكون في عشرة آلاف ورقة وأخبار النحاة ثلاثة آلاف ورقة وأخبار المتكلمين ألف ورقة وأخبار المتيمين ثلاثة آلاف ورقة وأخبار الغناء والأصوات ثلاثة آلاف ورقة كتاب المفيد وهو عدة فصول وكتاب الشعراء الجاهليين وكتاب معجم الشعراء وكتاب الموشح وصف فيه ما أنكره العلماء على بعض الشعراء من العيوب كتاب الشعر وهو جامع لفضائله كتاب أشعار النساء المقتبس في أخبار النحاة البصريين المرشد في أخبار المتكلمين أهل العدل والتوحيد كتاب أشعار الجن الرياض أخبار) المتيمين كتاب الرائق أخبار المغنين كتاب الأزمنة كتاب الأنوار والثمار كتاب أخبار البرامكة كتاب المفضل في البيان والعربية والكتابة كتاب التهاني كتاب التسليم والزيارة كتاب التعازي كتاب المراثي كتاب المعلى في فضائل القرآن كتاب تلقيح العقول كتاب المشرف في حكم النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه كتاب أخبار من تمثل بالأشعار كتاب الشبان والشيب كتاب المتوج في العدول وحسن السيرة كتاب المدبج في الولائم والدعوات والشراب كتاب الفرج القريب كتاب الهدايا كتاب المزخرف في الإخوان والأصحاب كتاب أخبار أبي مسلم الخراساني كتاب الدعاء كتاب الأوائل كتاب المستظرف في الحمقى كتاب أخبار الأولاد والزوجات والأهل كتاب أخبار الزهاد كتاب ذم الدنيا كتاب المنير في التوبة والعمل الصالح كتاب المواعظ وذكر الموت كتاب أخبار المحتضرين كتاب الحجاب كتاب الخاتم كتاب أخبار أبي حنيفة وأصحابه كتاب شعراء الشيعة أخبار شعبة بن الحجاج كتاب شعر حاتم وأخباره أخبار عبد
166 الصمد بن المعذل أخبار ملوك كندة أخبار أبي تمام أخبار محمد بن حمزة العلوي كتاب أعيان الشعر في المديح والفخر والهجو أخبار الأجواد وله كتب غير ذلك بدأها ولم يتمها قال أبو حيان التوحيدي حضرنا مع أبي عبيد الله المرزباني عزاء وجلس إلى جانبه رجل خراساني يرجع إلى مال كثير عليه قباء مبطن له رايحة منكرة فقام المرزباني من جنبه وجلس ناحية وقام بقيامه من ذلك الجانب خلق كثير فقيل له أيها الشيخ ما حملك على ذلكفذكر قصته وشرح حاله وأنشأ يقول * هل لك في مالي وأهلي معا * وجل ما يملك جيرانيه * * تأخذه نافلة جملة * أحسبك المحسن في شأنيه * * فاذهب إلى أبعد ما ينتوى * لا ردك الله ولا ماليه *
167 3 (ابن عمر)) ابن علي بن أبي طالب محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من سادات بني هاشم روى عنه الأربعة توفي سنة أربعين ومائة أو ما دونها الواقدي محمد بن عمر بن واقد السلمي مولاهم المعروف بالواقدي الإمام أبو عبد الله المدني روى عن محمد بن عجلان وابن جريج وثور بن يزيد وأسامة ابن زيد ومعمر بن راشد وابن أبي ذئب وهشام بن الغاز وأبي بكر ابن أبي سبرة وسفيان الثوري ومالك وأبي معشر وخلائق وكتب ما لا يوصف كثرة ولد سنة تسع وعشرين ومائة وهو مع عظمته في العلم ضعيف قال ابن حنبل لم ندفع أمر الواقدي حتى روى عن معمر عن الزهري عن نبهان عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أفعمياوان أنتما فجاء بشيء لا حيلة فيه وهذا لم يروه غير يونس ولي القضاء أربع سنين ببغداد للمأمون وكان عالما بالمغازي والسيرة والفتوح والأحكام واختلاف الناس توفي ببغداد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومائتين وروى عنه ابن ماجة وكان يقلب الأسانيد ويأتي بمتن واحد وله ترجمة طويلة في تاريخ ابن عساكر وحاصل الأمر أنه مجمع على ضعفه وأجود الروايات عنه رواية ابن سعد في الطبقات كان
168 يقول ما من أحد إلا وكتبه أكثر من حفظه وحفظي أكثر من كتبي ويقال أنه حمل كتبه على مائة وعشرين وقرا ويقال أن المأمون قال له لا بد أن تصلي غدا بالناس الجمعة فقال والله ما أحفظ سورة الجمعة قال أنا أحفظك فجعل يلقنه السورة حتى يبلغ النصف منها فإذا حفظه ابتدأ بالنصف الثاني فإذا حفظ النصف الثاني نسي الأول فأتعب المأمون ونعس فقال لعلي بن صالح حفظه أنت قال علي فلم يحفظ واستيقظ المأمون ولم يحفظ فقال المأمون هذا رجل يحفظ التأويل ولا يحفظ التنزيل اذهب فصل بهم واقرأ أي سورة أردت قال الواقدي صار إلي من السلطان ست مائة ألف درهم ما وجبت علي فيها زكاة ومات وهو على القضاء وليس له كفن فبعث المأمون بأكفانه روى عنه بشر الحافي أنه سمعه يقول ما يكتب للحمى يؤخذ ثلاث ورقات زيتون تكتب يوم) السبت وأنت طاهر على واحدة منهن جهنم غرثى وعلى الأخرى جهنم عطشى وعلى الأخرى جهنم مقرورة ثم تجعل في خرقة وتشد على عضد المحموم الأيسر قال الواقدي المذكور جربته فوجدته نافعا قال ابن خلكان نقل هذه الحكاية أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه الذي وضعه في أخبار بشر الحافي وله كتاب التاريخ والمغازي والمبعث كتاب أخبار مكة كتاب الطبقات كتاب فتوح الشام كتاب فتوح العراق كتاب الجمل كتاب مقتل الحسين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الردة والدار حروب الأوس والخزرج أمراء الحبشة والفيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كتاب المناكح السقيفة وبيعة أبي بكر ذكر الأذان سيرة أبي بكر ووفاته الترغيب في علم المغازي وغلط الرجال تداعي قريش والأنصار في القطائع ووضع عمر الدواوين مولد الحسن والحسين ومقتله ضرب الدنانير تاريخ الفقهاء التاريخ الكبير الآداب غلط الحديث السنة والجماعة وذم الهوى وترك الخروج في الفتن اختلاف أهل المدينة والكوفة في أبواب الفقه قال المفضل بن غسان عن أبيه قال صليت خلق الواقدي صلاة الجمعة فقرأ إن هذا لفي الصحف الأولى صحف عيسى وموسى المقدمي البصري محمد بن عمر بن علي بن عطاء المقدمي البصري روى عنه الأربعة وقال أبو حاتم صدوق توفي سنة خمين ومائتين أو ما قبلها الحافظ الجعابي محمد بن عمر بن محمد بن سلم أبو بكر الجعابي بالجيم والعين المهملة وبعد الألف باء موحدة التميمي البغدادي الحافظ قاضي الموصل صحب ابن
169 عقدة وسمع كثيرا وصنف الأبواب والشيوخ والتاريخ وتشيعه مشهور روى عنه الدارقطني وغيره وكان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق الألفاظ من المتون على ما هي عليه وأكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال ومواليدهم ووفياتهم وما يطعن به على كل واحد منهم ولم يبق في زمانه من يتقدمه في الدنيا قال السلمي سألت عنه الدارقطني فقال خلط وذكر مذهبه في التشيع وكذا ذكر الحاكم عن الدارقطني وذكر عنه قال قال لي الثقة من أصحابنا ممن كان يعاشر الجعابي أنه كان نائما فكتب على رجله فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسه بالماء ولما مات أوصى أن تحرق كتبه فأحرقت) وفيها كتب الناس وتوفي سنة خمس وخمسين وثلاث مائة وأورد له الخطيب من شعره قوله * يا خليلي جنباني الرحيقا * إنني لست للرحيق مطيقا * * غير أني وجدت للكأس نارا * تلهب الجسم والمزاج الرقيقا * وقوله * وإذا جدت للصديق بوعد * فصل الوعد بالفعال الجميل * * ليس في وعد ذي السماحة مطل * إنما المطل في وعود البخيل * ابن دوست اللغوي محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف أبو بكر اللغوي النحوي من أولاد المحدثين كان أحد النحاة الأدباء يحفظ اللغة ويتقن العربية قرأ عليه الخطيب أبو زكرياء التبريزي الأدب وكان مشهورا بالصلاح والديانة والعفة سمع الحديث من أبي علي الحسن بن شاذان وأبي القاسم علي السمسار وروى عنه أبو علي أحمد بن محمد البرداني توفي سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة ومن شعره * إذا شئت أن تبلو مودة صاحب * بواطنه مطوية عن ظواهره * * فقس ما بعينيه إلى ما بقلبه * تجد خطرات من خفي سرائره * * فكل خليل ماذق في مناظره * إليك دليل مخبر عن ضمائره * ابن أميرك الحازمي محمد بن عمر بن محمد ابن أميرك أبو بكر الأنصاري الحازمي من أهل هراة كان فقيها فاضلا مناظرا أديبا بارعا متدينا سمع بهراة أبا الفتح نصر بن أحمد الحنفي وعبد الرزاق الماليني وأبا الفضل محمد بن إسماعيل الفضيلي وأبا الفتح المختار بن عبد الحميد البوشنجي وجماعة وبنيسابور أبا عبد الله محمدا الفراوي وإسماعيل بن أحمد القارئ وغيرهما وبسرخس أبا المعالي خلف بن الحسن الحداد وأبا النصر محمد بن الشرهمرد وغيرهما وببلخ محمد بن محمد بن عبد الله البسطامي وقدم بغداد حاجا وسمع بها من جماعة ثم قدمها وحج وعاد وحدث سمع منه أبو الفضل أحمد) بن صالح بن شافع وعمر بن أحمد بن بكرون ونصر الله بن سلامة الهيتي توفي سنة أربع وستين وخمس مائة
170 ابن القوطية اللغوي محمد بن عمر بن عبد العزيز أبو بكر ابن القوطية هي جدة أبي جده وهي سارة بنت المنذر من بنات الملوك القوطية الذين بإقليم الأندلس من ذرية قوم بن حامبالقاف والطاء المهملة القرطبي النحوي سمع بقرطبة من طاهر بن عبد العزيز وأبي الوليد الأعرج ومحمد بن عبد الوهاب بن مغيث وغيرهم وسمع بإشبيلية من محمد بن عبد الله الزبيدي وسعيد بن جابر وغيرهما وكان علامة زمانه في اللغة والعربية حافظا للحديث والفقه والأخبار لا يلحق شأوه ولا يشق غباره وكان مضطلعا بأخبار الأندلس مليا برواية سير أمرائها وأحوال فقهائها وأدبائها وشعرائها يملي ذلك عن ظهر قلب وكانت كتب اللغة أكثر ما تملى عليه ولم يكن بالضابط لرواية الحديث ولا الفقه ولا كانت له أصول يرجع إليها وكان الذي يسمع عليه من ذلك إنما يحمل على المعنى لا على اللفظ وكثيرا ما يقرأ عليه من ذلك للتصحيح لا للرواية وصنف كتبا مفيدة منها كتاب تصاريف الأفعال وهو الذي فتح الباب فجاء من بعده ابن طريف وابن القطاع وأفعال الحمار هي أجود ما في هذا الباب وصنف تاريخا للأندلس وله المقصور والممدود جمع فيه فأوعى حتى أعجز من يأتي بعده وفاق فيه على من تقدمه وكان أبو علي القالي يعظمه كثيرا وكان ناسكا عابدا تزهد أخيراص عن نظم الشعر قال أبو يحيى بن هذيل التميمي توجهت إلى ضيعتي يوما بسفح جبل قرطبة فصادفت ابن القوطية صادرا عنها وكانت له هناك ضيعة فقلت له * من أين أقبلت يا من لا شبيه له * ومن هو الشمس والدنيا له فلك * فقال * من منزل يعجب النساك خلوته * وفيه ستر عن الفتاك إن فتكوا * وتوفي سنة سبع وستين وثلاث مائة ومن شعر ابن القوطية * ضحك الثرى وبدا لك استبشاره * واخضر شاربه وطر عذاره * * ورنت حدائقه وآزر نبته * وتعطرت أنواره وثماره) * (واهتز ذابل كل ماء قرارة * لما أتى متطلعا آذاره * * وتعممت صلع الربا بنباتها * وترنمت من عجمة أطياره * كاك الحنفي المقرئ محمد بن عمر بن عبد العزيز بن طاهر أبو بكر المقرئ
171 الحنفي المعروف بكاك بكافين بينهما ألف من أهل بخارا نزل ببغداد مدة وسمع بها الحديث من جماعة وجاور بمكة سنين وكان إماما لأصحاب أبي حنيفة بالمسجد الحرام وكان شيخا أديبا فاضلا متدينا صالحا مكثرا من الحديث سمع ببخارا أبا الحسن علي بن محمد بن جذام وأبا نصر أحمد الريغذموني وبنسف أبا بكر محمدا البلدي وبسمرقند أبا لقاسم عليا الصيرفي الكشاني وبنيسابور أبا نصر الوراق وأبا علي نصر الله الخشنامي وغيرهما وبهمذان أبا منصور العجلي وببغداد أبا علي محمد بن نبهان وأبا الغنائم النرسي وغيرهما وحدث ببغداد وكتب عنه أبو البركات ابن السقطي وروى عنه أبو القاسم محمود بن ماشاذه توفي في طريق الحجاز سنة خمس وعشرين وخمس مائة الفقيه ابن مازة الحنفي محمد بن عمر بن عبد العزيز بن مازة أبو جعفر الفقيه الحنفي من أهل بخارا رئيسها وابن رئيسها كان من فحول فقهائها المشهورين بالفضل والنبل وله التقدم عند الملوك والسلاطين قدم بغداد وحدث عن والده روى عنه أبو البركات محمد بن علي الأنصاري قاضي سيوط من أهل مصر في مشيخته مولده سنة إحدى عشرة وخمس مائة وقتل سنة ستين وخمس مائة الحافظ أبو منصور الدينوري محمد بن عمر بن محمد أبو منصور الدينوري الحافظ حدث ببغداد عن أبي الحسن محمد بن زنجويه القزويني المقرئ ومحمد بن عبد الله بن بزرج وروى عنه عبد الرزاق الأصبهاني أخو أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ في معجم شيوخه رئيس الطالبيين محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن الشهيد زيد بن علي الزيدي العلوي أبو الحسن الكوفي نزيل بغداد كان رئيس الطالبيين مع كثرة الضياع والمال قبض عليه عضد الدولة وسجنه وأخذ أمواله وبقي إلى أن أطلقه شرف الدولة ولده يقال أنه لما صادره أخذ منه ألف ألف دينار عينا توفي) سنة تسعين وثلاث مائة سمع أبا العباس ابن عقدة وطبقته وروى عنه أبو العلاء الواسطي وشيوخ الخطيب رفع أبو الحسن علي بن طاهر عامل سقي الفرات إلى شرف الدولة أن الشريف زرع في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة ثمان مائة ألف جريب وأنه يستغل ضياعه الفي ألف دينار وبلغ الشريف ذلك فدخل على شرف الدولة وقال يا مولانا والله ما خاطبت بمولانا ملكا سواك ولا قبلت الأرض لملك سواك لأنك أخرجتني من محبسي وحفظت روحي ورددت علي ضياعي وقد أحببت أن أجعل لك النصف مما أملك وأطتبه باسم ولدك وجميع ما بلغك عني صحيح فقال له شرف الدولة لو كان ارتفاع ملكك أضعافه كان قليلا وقد وفر الله مالك عليك وأغنى ولدي عنك فكن على حالك وهرب ابن طاهر إلى مصر فلم يعد حتى مات الشريف ولما بنى داره بالكوفة كان فيها حائط عال فسقط من الحائط بناء وقام سالما فعجب الناس وعاد بالبناء ليصلح الحائط فقال له الشريف
172 قد بلغ أهلك سقوطك وهم لا يصدقون بسلامتك وكأني بالنوائح وقد أتين إلى بابي فاذهب إليهم ليطمئنوا ويصدقوا أنك في عافية وارجع إلى عملك فخرج البناء إلى أهله مسرعا فلما بلغ عتبة الباب عثر فوقع ميتا خال الشرفي النحوي محمد بن عمر بن عبد الوارث أبو عبد الله القيسي القرطبي النحوي ويعرف بخال الشرفي توفي سنة تسع وأربع مائة الحافظ ابن الفخار المغربي محمد بن عمر بن يوسف أبو عبد الله ابن الفخار القطربي المالكي الحافظ عالم الأندلس في زمانه كان إماما زاهدا من أهل العلم والورع ذكياص عارفاص بمذهب الأئمة وأقوال العلماء يحفظ المدونة جيدا والنوادر لابن أبي زيد كان يقال أنه مجاب الدعوة وفر عن قرطبة لما نذرت البرابر دمه وتوفي سنة تسع عشرة وأربع مائة أبو الفضل الأرموي الشافعي محمد بن عمر بن يوسف بن محمد القاضي أبو الفضل الأرموي الفقيه الشافعي من أهل ارمية قال ابن السمعاني هو فقيه إمام متدين ثقة صالح الكلام في المسائل كثير التلاوة حدث عنه) السلفي وابن عساكر وابن السمعاني وعبد الخالق بن أسد وابن طبرزد وتاج الدين الكندي وجماعة كثيرة كان أسند من بقي ببغداد وآخر من حدث عنه بالسماع الفتح بن عبد السلام توفي سنة سبع وأربعين وخمس مائة أبو جعفر الجرجاني محمد بن عمر أبو جعفر الجرجاني أحد رواة الأخبار وأيام الناس ذكره أبو عبيد الله المرزباني في كتاب المقتبس في من كان ببغداد من الأدباء من شعره * إني لأعرض عن أشياء تؤلمني * حتى يظن رجال أن بي حمقا * * أخشى جواب سفيه لا حياء له * فسل يظن رجال أنه صدقا * المقرئ الكاتب البغدادي محمد بن عمر المقرئ الكاتب من أهل الجانب الشرقي ببغداد قال ابن النجار رأيت له كتابا سماه تفضيل أخلاق الكلاب على من أحوج إلى العتاب من أهل الزيغ والارتياب روى فيه عن جماعة سردهم ابن النجار منهم أبو القاسم عبد الله البغوي أبو جعفر الحربي محمد بن عمر بن سعيد أبو جعفر الحربي ذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة في أخبار الشعراء وقال بغدادي راوية صالح من شعره * أنيتك كشتاقا وجئت مسلما * عليك وإني باحتجابك عالم *
173 * فأخبرني البواب أنك نائم * وأنت إذا استيقظت أيضا فنائم * توفي سنة أربعين ومائتين الأشتيخني النحوي محمد بن عمر بن محمد بن العباس بن علي الأديب أبو الفضل القرشي المخزومي الخالدي الإشتيخني السغدي السمرقندي كان أديبا نحويا بارعا صالحا خيرا سريع الدمعة كتب بنفسه أمالي أئمة سمرقند توفي سنة ستين وخمس مائة أو ما دونها الحافظ أبو موسى المديني محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الحافظ الكبير أبو موسى بن أبي بكر ابن أبي عيسى المديني الأصبهاني صاحب التصانيف وبقية الأعلام كان واسع الدائرة في معرفة الحديث وعلله وأبوابه ورجاله وفنونه لم يكن في وقته أعلم منه) ولا أحفظ منه ولا أعلى سندا وروى عنه جماعة من الحفاظ له من التصانيف الكتاب المشهور في تتمة معرفة الصحابة الذي ذيل به على أبي نعيم يدل على تبحره والطوالات مجلدان وتتمة الغريبين والوظائف واللطائف وعوالي التابعين وعرض من حفظه كتاب علوم الحديث للحاكم على إسماعيل الحافظ وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة والمديني بكسر الدال المهملة وسكون الياء آخر الحروف نسبة إلى مدينة أصبهان أبو نصر الأصبهاني محمد بن عمر بن محمد الرئيس أبو نصر الأصبهاني كاتب الوزير نظام الملك قال الباخرزي ورد علينا نيسابور وكان وروده كورود الورد بعد انحسار برد البرد وأورد له من شعره * طويت رداء ودي لا كطي * يراد به البقاء على النقاء * * وما ظني بأعدائي إذا ما * يكون كذاك حال الأصدقاء * ومنه * شرق وغرب واغترب تلق الذي * تهوى وتعزز أي وجه تشخص * * وأرى المهانة في اللزوم فخله * إن المتاع بأرضه يسترخص * ومنه
174 * بليت بمملوك إذا ما بعثته * لأمر أعيرت رجله مشية النمل * * بليد كأن الله خالقنا عنا * به المثل المضروب في سورة النحل * ومنه * الناس أعداء إذا جربتهم * لمقلهم وأصادق المتمول * * كالريح قد تطفي السراج لضعفه * وتزيد في ضوء الحريق المشعل * الإمام حسام الدين ابن أخت صلاح الدين محمد بن عمر بن لاجين ابن أخت السلطان صلاح الدين الأمير حسام الدين توفي في الليلة التي توفي فيها صاحب حماة تقي الدين المظفر في سنة سبع وثمانين وخمس مائة وحزن السلطان عليهما ودفن حسام الدين في التربة الحسامية المنسوبة إليه من بناء والدته) ست الشام وهي في الشامية الكبرى بظاهر دمشق وقيل اسمه عمر بن لاجين الإمام فخر الدين الرازي محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي الإمام العلامة فريد دهره ونسيج وحده فخر الدين أبو عبد الله القرشي التيمي البكري الطبرستاني الأصل الرازي المولد ابن خطيب الري الشافعي الأشعري * علامة العلماء والبحر الذي * لا ينتهي ولكل بحر ساحل * * ما دار في الحنك اللسان وقلبت * قلما بأحسن من ثناه أنامل * ولد سنة أربع وأربعين وخمس مائة واشتغل على والده الإمام ضياء الدين وكان من تلامذة محيي السنة أبي محمد البغوي وكان إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاث مائة تلميذ فقهاء وغيرهم وكان خوارزم شاه يأتي إليه وكان شديد الحرص جدا في العلوم الشرعية والحكمة اجتمع له
175 خمسة أشياء ما جمعها الله لغيره فيما علمته من أمثاله وهي سعة العبارة في القدرة على الكلام وصحة الذهن والاطلاع الذي ما عليه مزيد والحافظة المستوعبة والذاكرة التي تعينه على ما يريده في تقرير الأدلة والبراهين وكان فيه قوة جدلية ونظره دقيق وكان عارفا بالأدب له شعر بالعربي ليس في الطبقة العليا ولا السفلى وشعر بالفارسي لعله يكون فيه مجيدا وكان عبل البدن ربع إقامة كبير اللحية في صورته فخامة كانوا يقصدونه من أطراف البلاد على اختلاف مقاصدهم في العلوم وتفننهم فكان كل منهم يجد عنده النهاية فيما يرومه منه قرأ الحكمة على المجد الجبلي والجيلي من كبار الحكماء وقرأ بعد والده على الكمال السمناني وقيل على الطبسي صاحب الحائز في علم الروحاني والله أعلم وله تصانيف ورزق الإمام فخر الدين السعادة العظمى في تصانيفه وانتشرت في الآفاق وأقبل الناس على الاشتغال بها ورفضوا كتب الأقدمين وكان في الوعظ باللسانين مرتبة عليا وكان يلحقه الوجد حال وعظه ويحضر مجلسه أرباب المقالات والمذاهب ويسألونه ورجع بسببه خلق كثير من الكرامية وغيرهم إلى مذهب السنة وكان يلقب بهراة شيخ الإسلام يقال أنه حفظ الشامل في أصول الدين لإمام الحرمين قصد خوارزم وقد تمهر فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى العقيدة فأخرج من البلد وقصد ما وراء النهر فجرى له أيضا ما جرى بخوارزم فعاد إلى الري وكان بها طبيب) حاذق له ثروة وله بنتان فزوجهما بابني فخر الدين ومات الطبيب فاستولى على جميع نعمته ومن ثم كانت له النعمة ولما وصل السلطان شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بالغ في إكرامه وحصلت له أموال عظيمة منه وعاد إلى خراسان واتصل بالسلطان خوارزم شاه محمد بن تكش وحظي عنده وأظنه توجه رسولا منه إلى الهند وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه وأتى فيها بما لم يسبق إليه لأنه يذكر المسألة ويفتح باب تقسيمها وقسمة فروع ذلك التقسيم ويستدل بأدلة السبر والتقسيم فلا يشذ منه عن تلك المسألة فرع لها بها علاقة فانضبطت له القواعد وانحصرت له المسائل وكان ينال من الكرامية وينالون منه نقلت من خط الفاضل علاء الدين الوداعي من تذكرته أن الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله كان يعظ الناس على عادة مشايخ العجم وأن الحنابلة كانوا يكتبون له قصصا تتضمن شتمه ولعنه وغير ذلك من القبيح فاتفق أنهم رفعوا إليه يوما قصة يقولون فيها أن ابنه يفسق ويزني وأن امرأته كذلك فلما قرأها قال هذه القصة تتضمن أن ابني يفسق ويزني وذلك مظنة الشباب فإنه شعبة من الجنون ونرجو الله تعالى إصلاحه والتوبة وأما امرأتي فهذا شأن النساء إلا من عصمه الله تعالى وأنا شيخ ما في للنساء مستمتع هذا كلها يمكن وقوعه وأما أنا فوالله لا قلت أن البارئ سبحانه وتعالى جسم ولا شبهته بخلقه ولا حيزته انتهى ذكرت هنا ما يحكى من أنه رفع لبعض الوعاظ ممن يحسده ورقة فيها إن زوجتك تزني هي وبناتك وأولادك يفسقون ويفعلون ويصنعون وأشياء من هذه المادة فقرأها في نفسه وقال يا جماعة هذه الورقة فيها سب أهل البيت وذمهم العنوا من كتبهافقال الناس كلهم لعنه الله ولما توفي الإمام فخر الدين بهراة في
176 دار السلطنة يوم عيد الفطر سنة ست وست مائة كان قد أملى رسالة على تلميذه ومصاحبه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني تدل على حسن عقيدته وظنه بكرم الله تعالى ومقصده بتصانيفه والرسالة مشهورة ولولا خوف الإطالة لذكرتها ولكن منها وأقول ديني متابعة سيد المرسلين وقائد الأولين والآخرين إلى حظائر قدس رب العالمين وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما اللهم يا سامع الأصوات ويا مجيب الدعوات ويا مقيل العثرات ويا راحم العبرات ويا قيام المحدثات والممكنات أنا كنت) حسن الظن بك عظيم الرجاء في رحمتك وأنت قلتأنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا وأنت قلتأمن يجيب المضطر إذا دعاه وأنت قلتوغذا سالك عبادي عني فإني قريب فهب أني جئت بشيء فأنت الغني الكريم وأنا المحتاج اللئيم وأعلم أنه ليس لي أحد سواك ولا أحد كريم سواك ولا أحد محسن سواك وأنا معترف بالزلة والقصور والعيب والفتور فلا تخيب رجائي ولا ترد دعائي واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت وعند الموت وبعد الموت وسهل علي سكرات الموت وخفض عني نزول الموت ولا تضيق علي سبب الآلام والسقام فإنك أرحم الراحمين ثم قال في آخرها واحملوني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان وادفنوني هناك وإذا وضعتموني في اللحد فاقرؤوا علي ما تقدرون عليه من آيات القرآن العظيم ثم ردوا علي التراب بالمساحي وبعد إتمام ذلك قولوا مبتهلين إلى الله مستقبلين القبلة على هيئة المساكين المحتاجين يا كريم يا كريم يا عالما بحال هذا الفقير المحتاج أحسن إليه واعطف عليه فأنت أكرم الأكرمين وأنت أرحم الراحمين وأنت الفعال به وبغيره ما تشاء فافعل به ما أنت أهله فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة انتهى قلت ومن وقف على هذه الألفاظ علم ما كان عليه هذا الإمام من صحة الاعتقاد ويقين الدين واتباع الشريعة المطهرة * صلاة وتسليم وروح وراحة * عليه وممدود من الظل سجسج * وأكثر شناع عليه لخصومه أنه أكثر من إيراد الشبه والأدلة للخصوم ولم يجب عنها بطائل حضرت أنا والشيخ فتح الدين ابن سيد الناس رحمه الله عند الشيخ أثير الدين أبي حيان فجاء ذكر الإمام فخر الدين فذكر ابن سيد الناس أن ابن جبير ذكر عنه في رحلته قال ثم دخلت الري فوجدت ابن خطيبها قد التفت عن السنة وشغلهم بكتب ابن سينا وأرسطو فقال لي الشيخ أثير الدين وأظنه تقي الدين ابن دقيق العيديقول فخر الدين وإن كان قد أكثر من إيراد شبه الفلاسفة وملأ بها كتبه فإنه قد زلزل قواعدهم قلت الأمر كما قال لأنه إذا ذكر للفلاسفة أو غيرهم من خصومه شبهة ثم أخذ في نقضها فإما أن يهدمها ويمحوها ويمحقها وإما أن يزلزل أركانها من ذلك أنه أتى إلى شبهة الفلاسفة في أن وجود الله تعالى عين ذاته ولهم في) ذلك شبه وحجج قوية مبنية على أصولهم التي قرؤها فقال هذا كله ما نعرفه ولكن نحن نعلم قطعا أن الله تعالى موجود ونشك في ذاته ما هي فلو كان وجوده عين ذاته لما كنا نعلم وجوده من وجه ونجهله من وجه إذ الشيء
177 لا يكون في نفسه معلوما مجهولا هذا أمر قطعي فانظر إلى هذه الحجة ما أقواها وأوضحها وأجلاها كيف تهدم ما بنوه وتدكدك ما شيدوه وعلوه وما رأيت أحدا يقول إذا عابه غير ذلك ولم يأت بشيء من عنده حتى يقول كان ينبغي أن نجيب عن كذا وكذا فيكون قد استدرك ما أهمله وأغفله والأعمال بالنيات ولما مات الإمام فخر الدين خلف ثمانين ألف دينار سوى الدواب والعقار وغير ذلك وخلف ولدين الأكبر منهما تجند في حياة أبيه وخدم خوارزم شاه والآخر اشتغل ولم نعلم له ترجمة وأظنه الذي صنف له الأربعين في أصول الدين لكنه قال لأكبر أولادي محمد والله أعلم وكان الإمام في أيامه له صورة كبيرة وجلالة وافرة وعظمة زائدة ذكر ابن مسدي في معجمه عن ابن عنين رحمه الله يقول سمعت أبا المحاسن محمد بن نصر الله ابن عنين رحمه الله يقول كنت بخراسان في مجلس الفخر الرازي إذ أقبلت حمامة يتبعها جارح فسقطت في حجر الرازي وعاذت به وهو على منبره فقمت وأنشدت بديها * يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا * في كل مسغبة وثلج خاشف * * والعاصمين إذا النفوس تطايرت * بين الصوارم والوشيج الراعف * * من نبأ الورقاء أن محلكم * حرم وأنك ملجأ للخائف * * وافت إليك وقد تدانى حتفها * فحبوتها ببقائها المستأنف * * ولو أنها تحبى بمال لانثنت * من راحتيك بنائل متضاعف * * جاءت سليمان الزمان حمامة * والموت يلمع من جناحي خاطف * فخلع عليه جبة كانت عليه قال فكان هذا سببا لإقبال السعود علي وتسني الآمال لدي انتهى واقترح الإمام عليه قصيدة في كل كلمة منها سين فنظمها ابن عنين وأولها * مرسى السيادة سنة سيفية * محروسة مسعودة التأسيس * واقترح عليه قصدة أخرى في كل كلمة منها حاء فنظمها أيضا وأولها * حيى محل الحاجبية بالحمى * والسفح سيح مدلح سحاح * والقصيدتان مثبتتان في ديوانه ومدحه بقصيدة سيرها إليه من نيسابور منها) * من دوحة فخرية عمرية * طابت مغارس مجدها المتأثل * * مكية الأنساب زاك أصلها * وفروعها فوق السماك الأعزل * * بحرا تصدر للعلوم ومن رأى * بحرا تصدر قبله في محفل *
178 * ومشمرا به بدع تمادى عمرها * قهرا وكاد ظلامها لا ينجلي * * فعلا به الإسلام أرفع هضبة * ورسا سواه في الحضيض الأسفل * * غلط امرؤ بأبي علي قاسه * هيهات قصر عن مداه أبو علي * * لو أن رسطاليس يسمع لفظة * من لفظه لعرته هزة أفكل * * ولحار بطليموس لو لاقاه من * برهانه في كل شكل مشكل * * فلو أنهم جمعوا لديه تيقنوا * أن الفضيلة لم تكن للأول * وقال ابن عنين حصلت بلاد العجم من جهة فخر الدين وبجاهه نحوا من ثلاثين ألف دينار ذكر ذلك ابن أبي أصيبعة في تاريخه وحكى لي بعض الأفاضل أن بعض الملوكأنسيتهسأله أن يضع له شيئا في الأصول يقرأه فقال له بشرط أنك تحضر إلى درسي وتقرأه علي فقال نعم وأزيدك على هذا فوضع له المحصل قال الحاكي والعهدة عليه في ذلك أن السلطان كان يجيء ويقف ويأخذ مداسه يعني مداس الإمام ويحمله في كمه ويسمع الدرس في الكتاب قلت إذا كان السلطان كذلك كيف لا يرغب أهل العلم ويزادون نشاطا ويجتهدون في طلب الغايات وقال لي يوما الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس ما أعجب إلا من فخر الدين كونه وضع تفسيرا أنت من أين والتفسير من أين كما أعجب من تقي الدين ابن تيمية كونه يرد على فخر الدين وابن سينا فقلت له ما القياس صحيحا ولا المسألتان متقابلتين لأن الإمام إذا عمل تفسيرا يحسن أن يقول قال فلان كذا وقال فلان كذا فينقل أقوال المفسرين ولكن إذا أخذ الآية وذكر أدلة الشافعية منها وأدلة الحنفية منها وبحث بين الفريقين من هو الذي يجري معه في ذلك الميدان وإن كان الشيخ تقي الدين أقعد بعلم الرواية وقلت يوماص للشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة أبي الحسن علي السبكي قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية وقد ذكر تفسير الإمام فيه كل شيء إلا التفسير فقال قاضي القضاة ما الأمر كذا إنما فيه مع التفسير كل شيء انتهى) ومن تصانيف الإمام رحمه الله تعالى التفسير الذي له وهو في ستة وعشرين مجلدا ذكر تفسير الفاتحة منه في مجلدة وهو على تجزئة الفاتحة في أكثر من ثلاثين مجلدا وأكمل التفسير على المنبر إملاء تفسير سورة البقرة على الوجه العقلي لا النقلي أسرار التنزيل وأخبار التأويل نهاية العقول في أصول الدين يكون في أربع مجلدات المطالب العالية في الأصول أيضا في أربعة كبار كتاب الأربعين في مجلدة كبيرة المحصل مجلدة كتاب الخمسين صغير المعالم في أصول الدين والفقه الخلق والبعث مجلدة تأسيس التقديس مجلدة البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان المحصول في أصول الفقه في مجلدين المنتخب في أصول الفقه مجلدة النهاية البهائية في المباحث القياسية أجوبة المسائل النجارية الطريقة
179 العلائية في الخلاف أربع مجلدات شرح أسماء الله الحسنى إبطال القياس الملل والنحل المباحث العمادية في المطالب المعادية تحصيل الحق عيون المسائل إرشاد النظار إلى لطائف الأسرار فضائل الصحابة القضاء والقدر ذم الدنيا نفثة المصدور إحكام الأحكام الرياض المؤنقة عصمة الأنبياء تعجيز الفلاسفة بالفارسي الأخلاق اللطائف الغياثية الرسالة الكمالية في الحقائق الإلهية بالفارسي عربها تاج الدين الأرموي رسالة الجوهر الفرد الآيات البينات في المنطق ترجيح مذهب الشافعي وأخباره شرح أبيات الشافعي الأربعة التي أولها وما شئت كان وإن لم أشأ أظنه كتاب القضاء والقدر الزبدة نهاية الإيجاز اختصار دلائل الإعجاز المحرر في النحو قطعة من شرح الوجيز شرح المفصل لم يتمه شرح ديوان المتنبي شرح سقط الزند لباب الإشارات شرح الإشارات الإشارات له أيضا شرح نهج البلاغة ولم يتم الحكمة المشرقية تكون في ثلاثة المختص تكون في مجلدين شرح كليات القانون الطب الكبير ولم يتم عيون الحكمة مصادرات إقليدس التشريح ولم يتم النبض الاختيارات السماوية السر المكتوم في علم الطلاسم والنجوم منتخب درج تنكلوشا وقيل أنه شرحها رسالة في النبوات رسالة في النفس مباحث الوجود مباحث الحدود رسالة في التنبيه على الأسرار المودعة في بعض سور القرآن وكان الشيخ ركن الدين ابن القوبع يقول أنه شرح الشفاء وإن كان هذا صحيحا فأقل ما يكون في خمس وعشرين مجلدة رأيت بعضهم قد كتب على كتاب المحصل الذي للإمام فخر الدين بيتين وهما * محصل في أصول الدين حاصله * من بعد تحصيله أصل بلا دين) * (بحر الضلالات والشك المبين وما * فيه فأكثره وحي الشياطين * فكتبت تحتهما من نظمي * عميت عن فهم ما ضمت مسائله * ونورها قد تجلى بالبراهين * * فملت عجزا إلى التقليد وهو متى * حققت لم تلق أمرا غير مظنون * * والناس أعداء ما لم يعرفوه فلا * بدع إذا قلت ذا وحي الشياطين * وكتبت على كتاب له في أصول الدين * علم الأصول بفخر الدين منتصر * به نصول بإعجاب وإعجاز * * أضحت به السنة الغراء واضحة * قد استقامت لمختار ومجتاز * * له مباحث كم قد أحرقت شبها * بشهبها فمن الرازي على الرازي * وكتبت على كتاب الطب الكبير الذي له * قد كنت يا ابن خطيب الري معجزة * بذهنك المشرق الخالي من الكدر * * دخلت في كل علم للأنام وقد * حررته بدقيق الفكر والنظر *
180 * إذا انتصرت لرأي أو لمسألة * ترجحت لأولي الألباب والفكر * * وكل علمس لك الفصل المبين به * فأنت حقا جمال الكتب والسير * قال أبو علي الحسين الواسطي سمعت فخر الدين بهراة ينشد على المنبر عقيب كلام عاتب أهل البلد فيه * المرء ما دام حياص يستهان به * ويعظم الرزء فيه حين يفتقد * ومن شعر الإمام فخر الدين ما أنشده ابن أبي أصيبعة قال أنشدني بديع الزمان البندهي قال أنشدني الإمام فخر الدين لنفسه * فلو قنعت نفسي بميسور بلغة * لما سبقت في المكرمات رجالها * * ولو كانت الدنيا مناسبة لها * لما استحقرت نقصانها وكمالها * * ولا أرمق الدنيا بعين كرامة * ولا أتوقى سوءها واختلالها * * وذاك لأني عارف بفنائها * ومستيقن ترحالها وانحلالها * * أروم أمورا يصغر الدهر عندها * وتستعظم الأفلاك طرا وصالها * ومنه) * أرواحنا ليس ندري أين مذهبها * وفي التراب توارى هذه الجثث * * كون يرى وفساد جاء يتبعه * والله يعلم ما في خلقه عبث * ومنه * نهاية إقدام العقول عقال * وأكثر سعي العالمين ضلال * * وأرواحنا في وحشة من جسومنا * وحاصل دنيانا ردى ووبال * * ولم نستفد من بحثنا طول دهرنا * سوى أن جمعنا فيه قلت وقالوا * * وكم قد رأينا من رجال ودولة * فبادوا جميعا مسرعين وزالوا * * وكم من جبال قد علت شرفاتها * وعال فزالت والجبال جبال * وله قصيدة نونية طويلة سماها الهادية للتقليد المؤدية إلى التوحيد أولها * يا طالب التوحيد والإيمان * أبشر بكل كرامة وأمان * * واعلم بأن أجل أبواب الهدى * تقرير دين الله بالبرهان * ورجمه الكرامية يوما على المنبر وزرقوا عليه من سقاه السم والله أعلم فمات من ذلك قال ياقوت وجدت على ظهر كتاب من تصانيف فخر الدين الرازي ما صورته قال الأديب الأخسيكتي * إن بالمشرق فينا * جبل العلم ابن سينا *
181 * فدع المغرب يذكر * ذرة ص من طور سينا * فقال السراج * اعلما علما يقينا * أن رب العالمينا * * لو قضى في عالميهم * خدمة للعالمينا * * خدم الرازي فخرا * خدمة العبد ابن سينا * وقيل أيضا * قد تركنا قد نسينا * حكمة الشيخ ابن سينا * * حين شاهدنا عيانا * حكمة الرازي فينا * * نحن قد بعنا حصاة * واشترينا طور سينا * وقيل أيضا) * نحن بالجهل ابتلينا * نحن بالحمق رمينا * * نحن قضينا زمانا * في تصانيف ابن سينا * * ثم صرنا آمنينا * عن مقال الطاعنينا * * حين طالعنا كلاما * يشبه الدر الثمينا * * صاغه ارازي فينا * كاملا فخما مبينا * * رب فاجعله بحال * يشبه الروح الآمنينا * الجمال الكاتب المصري محمد بن عمر المصري الكاتب المجود المنعوت بالجمال كان بارع الخط حسن التوقيف انتفع به جماعة كثيرة وله شعر وتوفي سنة ثلاث عشرة وست مائة صدر الدين شيخ الشيوخ ابن حمويه محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه صدر الدين أبو الحسن شيخ الشيوخ ابن شيخ الشيوخ عماد الدين أبي الفتح الجويني البحيراباذي الصوفي ولي تدريس الشافعي ومشهد الحسين وسيره الكامل رسولا إلى الخليفة وكانت داره مجمع الفضلاء توفي سنة سبع عشرة وست مائة المنصور صاحب حماة محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب السلطان الملك
182 المنصور ابن الملك المظفر تقي الدين ابن الأمير نور الدولة صاحب حماة وابن صاحبها سمع الحديث بالإسكندرية من السلفي وكان شجاعا يحب العلماء وجمع تاريخا على السنين في عدة مجلدات فيه فوائد قال شهاب الدين القوصي قرأت عليه قطعة من كتابه مضمار الحقائق وسر الخلائق وهو كبير نفيس يدل على فضله ولم يسبق إلى مثله وله كتاب طبقات الشعراء يكون في عشرة وجمع من الكتب ما لا مزيد له وكان في خدمته ما يناهز مائتي متعمم من الفقهاء والأدباء والنحاة والمشتغلين بالحكمة والمنجمين والكتاب وأقامت دولته ثلاثين سنة وتوفي سنة سبع عشرة وست مائة ومن شعره * زاغ ولو شاء زار * مهفهف ذو احورار * * مرنح يسقيني * من مقلتيه العقار *) ومنه * ادعني باسمها فإني مجيب * وادر أني مما تحب قريب * * حكم الحب أن أذل لديها * نخوة الملك والغرام عجيب * ومنه أربي راح وريحان ومحبوب وشادي والذي ساق لي الملك له دفع الأعادي ومن شعر المنصور صاحب حماة * سحا الدموع فإن القوم قد بانوا * وأقفر الصبر لما أقفر البان * * وأسعداني بدمع بعد بينهم * فالشأن لما نأوا عني له شأن * * لا تبعثوا في نسيم الريح نشركم * فإنني من نسيم الريح غيران * * سقاهم الغيث من قبلي كاظمة * سحا وروى ثراهم أينما كانوا * ابن اللهيب المالكي محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن جعفر الإمام شرف الدين أبو عبد الله الأزدي الغساني المصري المالكي المعروف بابن اللهيب أخذ المذهب عن الإمام ظافر بن الحسين الأزدي وغيره وناظر وسمع وتصدر بالجامع العتيق وكان بصيرا بالمذهب ولي الوكالة السلطانية ونظر دمياط ودرس بالصالحبية باقاهرة وكان من الأذكياء الموصوفين وله شعر وفضائل وهو من بيت فيه جماعة فضلاء توفي سنة سبع وعشرين وست مائة ابن مغايظ محمد بن عمر بن يوسف الإمام أبو عبد الله الأنصاري القرطبي المالكي المعروف بابن مغايظ بالغين المعجمة والظاء المعجمة انتقل به أبوه إلى فاس فنشأ بها وحج وسمع بمكة والإسكندرية وكان إماما صالحا مجودا للقراءات عارفا بوجوهها بصيرا
183 بمذهب مالك حاذقا بفنون العربية وله يد طولى في التفسير وتخرج به جماعة وجلس بعد موت الشاطبي في مكانه للإقراء ونوظر عليه في كتاب سيبويه وجاور بالمدينة وعرف بالفضل والصلاح وأم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن الطيلسان توفي بمصر ودفن بقرافتها سنة إحدى وثلاثيت وست مائة الفخر ابن المالكي الشافعي محمد بن عمر بن عبد الكريم الإمام فخر الدين الحميري الدمشقي) الشافعي المعروف بالفخر ابن المالكي ولد ظنا سنة ثمانين وخمس مائة وسمع من الخشوعي والقاسم ابن عساكر وحنبل وابن طبرزذ وأكثر عن المتأخرين كأبي محمد ابن البن وزين الأمناء وكتب الأجزاء والطباق وخطه مليح دقيق معلق وكان له بيت بالمنارة الشرقية وخزانة كتب تجاه محراب الصحابة وكان قد ولي إمامة الكلاسة بعد الشيخ تاج الدين في السنة وتوفي سنة ثلاث وأربعين وست مائة محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد أبو عبد الله القسطلاني التوريزي المولد المكي الدار والوفاة المالكي أمام حطيم المالكية بمكة مولده سنة ثمان وتسعين وخمسمائة سمع من أبي حفص عمر بن محمد السهروردي وغيره وحدث بمكة وكان شيخا عالما صالحا وله نظم ودفن لما توفي بالمعلى سنة ثلاث وستين وست مائة ابن الشيخ شهاب الدين السهروردي محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله أبو جعفر التيمي البكري السهروردي المولد البغدادي الدار الصوفي ولد سنة سبع وثمانين وخمس مائة سمع من أبي الفرج ابن الجوزي وغيره وكان والده شهاب الدين شيخ وقته في الطريقة وتربية المريدين وتوفي أبو جعفر في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وست مائة ابن الزقزوق محمد بن عمر بن محمد بن علي زين الدين الأنصاري المصري الصوفي الأديب المعروف بابن الزقزوق مولده سنة سبع وثمانين وخمس مائة وتوفي سنة سبعين وست مائة ومن نظمه ما رواه الدمياطي في معجمه نقلته من خط الجزري المؤرخ * مر فقلنا من فتون به * لله هذا من فتى نابه * * فقال بعض القوم لما رنا * للبعض يا قوم فتنا به * وقوله في مليح يرمي * وساهم في فؤادي بدر تم * فحاز فؤاد عاشقه بسهمه * * وناضل من كنانته فأصمى * بسهم جفونه من قبل سهمه * خطيب كفربطنا محمد بن عمر بن عبد الملك الخطيب جمال الدين أبو البركات الدينوري) الصوفي الشافعي خطيب كفربطنا ولد سنة ثلاث عشرة وست مائة بالدينور وقدم مع والده وسكن سفح قاسيون ونسخ الأجزاء وروى وكان له أصحاب يعتقدون فيه وروى عنه البرزالي وابن الخباز وابن العطار توفي سنة ست وثمانين وست مائة
184 الشريف الداعي المقرئ محمد بن عمر بن أبي القاسم الشريف أبو عبد الله الداعي الرشيدي الهاشمي المقرئ شيخ القراء بالعراق ومسند الآفاق كان أحد من عني بهذا الشأن قرأ العربية على أبي بكر ابن الباقلاني وأبي يعقوب المبارك بن المبارك الحداد وعمر دهرا وجلس للإقراء ببغداد وقرأ عليه القراءات الموفق عبد الله بن مظفر بن علان البعقوبي وأجاز لابن خروف بخط شديد الاضطراب وروى عنه إذنا برهان الدين الجعبري شيخ الحرم ببلد الخليل عليه السلام وتوفي سنة خمس وستين وست مائة ابن شرف الدين ابن الفارض محمد بن عمر بن علي بن مرشد كمال الدين أبو حامد ابن الشيخ شرف الدين ابن الفارض سمع من أبيه ومن ابن رواج وأجاز له المؤيد الطوسي وأبو روح وجماعة وكتب عنه المصريون والبرزالي وتوفي سنة تسع وثمانين وست مائة الصاحب جمال الدين ابن العديم محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة الصاحب العالم البارع جمال الدين أبو غانم ابن الصاحب كمال الدين ابن العديم العقبلي الحلبي الحنفي الكاتب حضر على الحافظ أبي عبد الله البرزالي وسمع من أبي رواحة وابن قميرة وابن خليل وجماعة بحلب ورحل به والده قبل الخمسين مع الدمياطي إلى بغداد وأسمعه من شيوخها وطلع من أذكياء العلم وتأدب وشارك في الفضائل وبرع في كتابة المنسوب وسكن حماة وحدث بها ومشى السلطان الملك المظفر ومن دونه في جنازته وهو والد القاضي نجم الدين عمر ودفن بتربته بعقبة نقيرين سنة خمس وتسعين وست مائة ابن العقادة الحنفي محمد بن عمر بن حافظ بن خليفة بن حفاظ أبو عبد الله ابن أبي الخطاب السعدي الحموي الحنفي المعروف بابن العقادة) درس بمدرسة طمان بحلب وتوفي سنة اثنتين وأربعين وست مائة قال الصاحب كمال الدين ابن العديم كتب إلي يعتذر من انقطاعه عني من أبيات * عندي مريضق قد تمادى ضعفه * متضاعفا وتورمت أقدامه * * طال القيام به فيا عجبا لمن * ورمت قوائمه وطال قيامه * * غصن ذوي غض الشباب كأنما * مر النسيم به فمال قوامه * * فلأجل ذلك ما انقطعت وقد بدا * عذري وأمري في يديك زمامه *
185 ووالده الإمام المشهور توفي بحماة سنة عشر وست مائة ونظم مختصر القذوري أرجوزة في مجلدة الشيخ صدر الدين محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد الشيخ الإمام العالم العلامة ذو الفنون البارع ابن المرحل ويعرف في الشام بابن وكيل بيت المال المصري الأصل العثماني الشافعي أحد الأعلام وفريد أعاجيب الزمان في الذكاء والحافظة والذاكرة * كم مقفل ضل فيه العقل فانفرجت * أرجاؤه لحجاه عن معانيه * * يفتي فيروى غليل الدين من حصر * أدناه نقلاص وقد شطت مراميه * * ومؤنق قد سقاه غيث فطنته * مزنا أيادي رياح الفكر تمريه * ولد في شوال سنة خمس وستين بدمياط وتوفي بالقاهرة ودفن عند الشافعي سنة ست عشرة وسبع مائة رثاه جماعة في الشام ومصر وحصل التأسف عليه وقال الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية لما بلغته وفاته أحسن الله عزاء المسلمين فيك يا صدر الدين أنشدني من لفظه لنفسه القاضي شمس الدين محمد بن داود ابن الحافظ ناظر جيش صفد * ما مات صدر الدين لكنه * لما عدا جوهرة فاخره * * لم تعرف الدنيا له قيمة * فعجل السير إلى الآخرة * وهو مأخوذ من قول القائل * قد كان صاحب هذا القبر جوهرة * غراء قد صاغها الباري من النطف * * عزت فلم تعرف الأيام قيمتها * فردها غيرة منه إلى الصدف * نشأ بدمشق وتفقه بوالده وبالشيخ شرف الدين المقدسي وأخذ الأصول عن صفي الدين الهندي) وسمع من القاسم الإربلي والمسلم بن علان وجماعة وكان له عدة محفوظات قيل أنه حفظ المفصل في مائة يوم ويوم والمقامات الحريرية في خمسين يوما وديوان المتنبي على ما قيل في جمعة واحدة وكان من أذكياء زمانه فصيحا مناظرا لم يكن أحد من الشافعية يقوم بمناظرة الشيخ تقي الدين ابن تيمية غيره ناظره يوما في الكلاسة فاضطر الكلام الشيخ تقي الدين إلى أحد الحاضرين وقال له هذا الذي أقوله ما هو الصوابفأنشده صدر الدين * إن انتصارك بالأجفان من عجب * وهل رأى الناس منصورا بمنكسر *
186 وجرت بينهما مناظرات عديدة في غير موضع وتخرج به الأصحاب والطلبة وكان بارعا في العقليات وأما الفقه وأصول الفقه فكانا قد بقيا له طباعاص لا يتكلفهما أفتى ودرس وبعد صيته ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية سبع سنين وجرت له أمور وتنقلات وكان مع اشتغاله يتنزه ويعاشر ونادم الأفرم نائب دمشق ثم توجه إلى مصر وقام بها إلى أن عاد السلطان من الكرك في سنة تسع وسبع مائة فجاء بعدما خلص من واقعة الجاشنكيرفإنه نسب إليه منها أشياء وعزم الصاحب فخر الدين ابن الخليلي على القبض عليه تقربا إلى خاطر السلطان وهو بالرمل فعفا عنه السلطانوجاء إلى دمشق فعمل عليه زمان قراسنقر وتوجه إلى حلب وأقرأ بها ودرس وأقبل عليه الحلبيون إقبالا زائدا وعاشرهم وخالطهم قال وصلني من مكارمات الحلبيين في مدة عشر أشهر فوق الأربعين ألف درهم وأقبل عليه نائبها أسندمر وكان محفوظا لم يقع بينه وبين أحد من الكبار إلا وعاد من أحب الناس فيه وكان حسن الشكل تام الخلق حسن البزة حلو المجالسة طيب المفاكهة وعنده كرم مفرط كل ما يحصل له ينفقه على خلطائه وخلصائه بنفس متسعة ملوكية وكان يتردد إلى الصلحاء ويلتمس دعاءهم ويطلب بركتهم أخبرني من لفظه الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن العسجدي الشافعي قال كنت معه وكانت ليلة عيد فوقف له فقير وقال شيء لله فالتفت إلي وقال أيش معكفقلت مائتا درهم فقال ادفعها إلى هذا الفقير فقلت له يا سيدي الليلة العيد وما معنا نفقة غد فقال امض إلى القاضي كريم الدين الكبير وقل له الشيخ يهنيك بهذا العيد فلما رآني كريم الدين قال كأن الشيخ يعوز نفقة في هذا العيد ودفع إلي ألفي درهم للشيخ وثلاث مائة درهم لي فلما حضرت إلى) الشيخ وعرفته ذلك قال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلمالحسنة بعشرة مائتان بألفين وحكى لي عند غير واحد ممن كان يختص به مكارم كثيرة ولطفا زائدا وحسن عشرة وأما أوائل عشرته فما كان لها نظير لكنه ربما يحصل عنده ملل في آخر الحال حتى قال فيه القائل * وداد ابن الوكيل له شبيه * بلبادين جلق في المسالك * * فأوله حلي ثم طيب * وآخره زجاج مع لوالك * وشعره الجيد منه مليح إلى الغاية وربما يقع فيه اللحن الخفي وكان ينظم الشعر والمخمس والدوبيت والموشح والزجل وغير ذلك من أنواع النظم ويأتي فيه على اختلاف الأنواع بالمحاسن ومن تصانيفه ما جمعه في سفينة سماه الأشباه والنظائر في الفقه يقال أنه شيء غريب وعمل مجلدة في السؤال الذي حضر من عند أسندمر نائب طرابلس في الفرق بين الملك والنبي والشهيد والولي والعالم ولما كان بحلب حضر الأمير سيف الدين أرغون الدوادار نائب السلطان أظنه متوجهاص إلى مهنا بن عيسى فاجتمع به هناك وقدم له ربعة عظيمة كان قد وهبها له أسندمر نائب حلب فقال هذه ما تصلح إلا لمولانا السلطان ووعده بطلبه إلى الديار المصرية
187 ووفى له بوعده وطلب إلى مصر ولم يزل بها في وجاهة وحرمة إلى أن توفي رحمه الله وجهزه السلطان رسولا إلى مهنا مع الأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب فقال الشيخ إنه حصل لي تلك السفرة ثلاثون ألف درهم ومن شعره قصيدة بائية أولها * ليذهبوا في ملامي أية ذهبوا * في الخمر لا فضة تبقى ولا ذهب * * لا تأسفن على مال تمزقه * أيدي سقاة الطلا والخرد العرب * * فما كسوا راحتي من راحها حللا * إلا وعروا فؤادي الهم واستلبوا * * راح بها راحتي في راحتي حصلت * فتم عجبي بها وازداد لي العجب * * أن ينبع الدر من حلو مذاقته * والتبر منسبك في الكأس منسكب * * وليست الكيميا في غيرها وجدت * وكل ما قيل في أبوابها كذب) * (قيراط خمر على القنطار من حزن * يعيد ذلك أفراحا وينقلب * * عناصر أربع في الكأس قد جمعت * وفوقها الفلك السيار والشهب * * ماء ونار هواء أرضها قدح * وطوفها فلك والأنجم الحبب * * ما الكأس عندي بأطراف الأنامل بل * بالخمس تقبض لا يحلو لها الهرب * * شججت بالماء منها الرأس موضحة * فحين أعقلها بالخمس لا عجب * قلت لو لم يقل الشيخ صدر الدين من الشعر إلا هذا البيت لكان قد أتى بشيء غريب نهاية في البديع لقد غاص فيه على المعنى ودق تخيله فيه * وما تركت بها الخمس التي وجبت * وإن رأوا تركها من بعض ما يجب * * وإن أقطب وجهي حين تبسم لي * فعند بسط الموالي يحفظ الأدب * هذا البيت أيضا بديع المعنى دقيقه وقد اعتذر عن تقطيبه بأحسن عذر وأوضحه عما أشار إليه الشعراء في ذلك وقبحوا فعله مثل قول ابن أبي الحداد * بالراح رح فهي المنى * وعلى جماع الكأس كس * لا تلقها إلا ببشرك فالقطوب من الدنس * ما أنصف الصهباء من * ضحكت إليه وقد عبس * * وإذا سكرت فغن لي * ذهب الرقاد فما يحس * وما أحسن قول ابن رشيق القيرواني * أحب أخي وإن أعرضت عنه * وقل على مسامعه كلامي * * ولي في وجهه تقطيب راض * كما قطبت في وجه المدام * وتتمة أبيات صدر الدين
188 * عاطيتها من بنات الترك عاطية * لحاظها للأسود الغلب قد غلبوا * * هيفاء جارية للراح ساقية * من فوق ساقية تجري وتنسكب * * من وجهها وتثنيها وقامتها * تخشى الأهلة والقضبان والكتب * * يا قلب أردافها مهما مررت بها * قف لي عليها وقل لي هذه الكثب * * وإن مررت بشعر فوق قامتها * بالله قل لي كيف البان والعذب * * تريك وجنتها ما في زجاجتها * لكن مذاقته للريق تنتسب) * (تحكي الثنايا الذي أبدته من حبب * لقد حكيت ولكن فاتك الشنب * في هذه الأبيات تضمين إعجاز أبيات من قصيدة ابن الخيمي الآتي ذكرها إن شاء الله تعالى وقال أيضا * سرى وستور الهم بالكأس تهتك * وساكن وجدي بالغناء يحرك * * فعاطيته كأسا فحيى بفضلها * ومازج ذاك الفضل ريق ممسك * * أرقت دم الراووق حلا لأنني * رأيت صليبا فوقه فهو مشرك * * وسالت دموع العين منه وكلما * بكى بالدما مما جرى منه أضحك * * وزوجت بنت الكرم بابن غمامة * فصح على التعليق والشرط أملك * وهذه القصيدة والتي قبلها حذفت منهما جملة لأن هذا خلاصة ما فيهما وقال * وعارض قد لام في عارض * وطاعن يطعن في سنه * * وقال لي قد طلعت ذقنه * فقلت لا أفكر في ذقنه * وقال وهو في غاية الحسن * شب وجدي بشائب * من سنا البدر أوجه * * كلما شاب ينحني * بيض الله وجهه * وقال * ولما جلا فصل الربيع محاسنا * وصفق ماء النهر إذ غرد القمري * * أتاه النسيم الرطب رقص دوحه * فنقط وجه الماء بالذهب المصري * وقال * عيرتني بالسقم طرفك مشبهي * وكذاك خصرك مثل جسمي ناحلا * * وأراك تشمت إذ أتيتك سائلا * لا بد أن يأتي عذارك سائلا * وقال في مليح به يرقان * رأيت في طرفه اصفرارا * سبا فؤادي فقلت مهلا *
189 * أيا مليك الأنام حسنا * العفو من سيفك المحلى * قلت وهذا مثل قول الوداعي * قال قوم قد شانه يرقان * قلت أخطأتم وحاشى وكلا) * (إنما الخد واللواحظ منه * مصحف مذهب وسيف محلى * وقال * أقصى مناي أن أمر على الحمى * ويلوح نور رياضه فيفوح * * حتى أري سحب الحمى كيف البكا * وأعلم الورقاء كيف تنوح * وقال أيضا * بعيشك خل عاذلتي تلمني * ومنها في ملامتها ومني * * فإن نجحت فلا نجحت طريقي * وأدركت المنية لا التمني * * وإن خابت فلا خابت طريقي * وإن كان الهوى ثانيه عني * * فيا غصن النقا ويحل قدرا * قوامك أن أشبهه بغصن * * لحاظك بالمها فتكت عنادا * ولا تسأل عن الظبي الأغن * * وعطفك قد كسا الأغصان وجدا * فمالت بالهوى لا بالتثني * * ورقت روقها فبكت عليها * وفي الأفنان أبدت كل فن * * وقد طارحتها شجنا فلما * بكيت صبابة أخذت تغني * وقال أيضا * يا ليلة فيها الأمان والمنى * وكل ما أطلبه تهيا * * لا تقصري فالصبح قد شربته * مدامة عنقودها الثريا * وقال أيضا * تلك المعاطف أم غصون البان * لعبت ذؤابتها على الكثبان * * وتضرجت تلك الخدود فوردها * قد شق قلب شقائق النعمان * * ما يفعل الموت المبرح في الورى * ما تفعل الأحداق في الأبدان * * أخليل قلبي وهو يوسف عصره * قلبي الكليم رميت في النيران * * قطعته مذ كان قلبا طائرا * ودعوته فأتى بغير توان * * يا نور عيني لا أراك وهكذا * إنسان عيني لا يراه عياني * وقال أيضا * أخفيت حبك عن جميع جوانحي * فوشت عيوني والوشاة عيون *
190 ) * ووددت أن جوانحي وجوارحي * مقل تراك وما لهن جفون * * ووددت دمع الخافقينا لمقلتي * حتى عزيز الدمع فيك يهون * * يا ليت قيسا في زمان صبابتي * حتى أريه العشق كيف يكون * وقال أيضا * يا وجنة هي جنة قد زخرفت * وردا ومن آس العذار تحصرت * * عين بنور جمال وجهك متعت * وسوى جمالك أبصرت لا أبصرت * وقال في مليح يلقب بالحامض وبديع الجمال معتدل القامة كالغصن والقنا الأملود * لقبوه بحامض وهو حلو * قول من لم يصل إلى العنقود * وقال أيضا * راح بها الأعمى يرى مع العمى * وهاك برهانا على هذي المدح * * الخمر للأقداح قلب دائما * والحدق انظرها تجد قلب القدح * وقال أيضا * قال لي من أحب والبدر يبدو * من خلال السحاب ثم يغيب * * ما حكى البدرقلت وجهك لما * يختفي عندما يلوح الرقيب * وقال أيضا * كأنما البرق خلال السما * من فوق غيم ليس بالكابي * * طراز تبر في قبا أزرق * من تحته فروة سنجاب * وقال أيضا * يا غاية منيتي ويا معشوقي * من بعدك لم أمل إلى مخلوق * * يا خير نديم كان لي يؤنسني * من بعدك قد صلبت على الراووق * وقال أيضا * في خدك خط مشرف الصدغ ستور * والشاهد ناظر على الفتك يدور * * يا عارضه بالشرع لا تقتلي * الشاهد فاتك وذا خطك زور * وقال أيضا) * تعطف على مهجة ظاميه * وتقذفها عبرة هاميه * * فقد طال سقمي فقل لي متى * تجيء إلى عبدك العافية * * وأرخصت دمعي يوم النوى * لأجل سوالفك الغالية *
191 * فصبرا على ما قضى لم أقل * فيا ليتها كانت القاضيه * * ونحن عبيدك ذبنا أسا * فرفقا على رقة الحاشية * * فقال بعيني أقيك الردى * فقلت على عينك الواقيه * * فشنف سمعي بهذا الحديث * فما ذكرت قرطها ماريه * * فيا عاذلي لو دعاك الهوى * لقد كنت تسمع يا ساريه * وقال أيضا من دمي أنت كنت في أوسع الحل ومني خذي ثواب الشهادة * واحمليني على الترائب مهلا * واحسبي أنني خييط القلاده * وقال أيضا * تغنت في ذرى الأوراق ورق * ففي الأفنان من طرب فنون * * وكم بسمت ثغور الزهر عجبا * وبالأكمام كم رقصت غصون * وقال أيضا رحمه الله تعالى * وبي من قسا قلبا ولان معاطفا * إذا قلت أدناني يضاعف تبعيدي * * أقر برق إذ أقول أنا له * وكم قلها أيضا ولكن لتهديدي * قلت من العجيب أن الباخرزي ذكر في الدمية ترجمة الفقيه أبي نصر عبد الوهاب المالكي أورد فيها قول الشيخ أبي عامر الجرجاني * عذيري من شادن أغضبوه * فجرد لي مرهفا باتكا * * وقال أنا لك يا ابن الوكيل * وهل لي رجاء سوى ذالكا * أيها الواقف أنعم النظر في ما أوردته وتعجب من هذا الاتفاق وكون صدر الدين ابن الوكيل أخذ هذا المعنى الذي له في البيتين الأولين من قول الجرجاني والجرجاني أتى بالقول بالموجب في بيتيه خفيا لأنه قال غضب وجر المرهف وقال أنا ابن الوكيل وهذا بقرينة تجريد المرهف لفظ تهديد فقلبه الجرجاني وقال بموجبه ونقله إلى التمليك فأتى به الشيخ صدر الدين واضحا) جليا صريحا ظاهرا ومحل التعجب قوله أنا لم يا ابن الوكيل كأن هذا المعنى قال
192 أنا لك يا ابن الوكيل تنظمني فيجيء أحسن وأبين وتكون أنت أحق بي من الجرجاني وهذا اتفاق عجيب إلى الغاية ما مر بي مثله والظاهر أن الشيخ صدر الدين لما وقف على هذا المعنى تنبه له وأخذه فكان له وهو به أحق وهذا المعنى قد ابتكره الجرجاني أبو عامر وترك فيه فضلة فجاء الشيخ صدر الدين رحمه الله تعالى وجوده ولم يبق لأحد بعده مطمح إلى زيادة ولا مطمع في إفادة وما بقي إلا اختصار ألفاظه فقط فقلت * قال حبي أنا له * ولكم قلت سرمدا * * أنا للملك قلتها * وهو للغيظ هددا * وقال الشيخ صدر الدين * غازل وخذ من نرجس من لحظه * منثور دمع كلهن نظام * * واحذر إذا بعث السلام إليك من * نبت العذار فإنه نمام * وقال أيضا دوبيت * كم قال معاطفي حكتها الأسل * والبيض سرقن ما حوته المقل * * الآن أوامري عليهم حكمت * البيض تحد والقنا تعتقل * وقال أيضا * عانقت وبالعناق يشفى الوجد * حتى شفي الصب ومات الصد * * من أخمصه لثما إلى وجنته * حتى اشتكت القضب وضج الورد * وقال * بكف الثريا وهي جذما تقاس لي * شقاق دجى مدت من الشرق للغرب * * ولو ذرعوها بالذراع لما انقضت * فما تنقضي يا ليل أو ينقضي نحبي * وأنا شديد التعجب منه رحمه الله تعالى فإنه لم يكن عاجزا عن النظم الجيد وبعد هذا كان يأخذ أشياء من قصائد ومقاطيع ويدعيها من ذلك أنه امتدح السلطان بقصيدة عندما فرغ القصر الأبلق من العمارة بقلعة الجبل وهي بمجموعها لابن التعاويذي أولها * لولاك يا خير من يمشي على قدم * خاب الرجاء وماتت سنة الكرم * منها) * بنيت دارا قضى بالسعد طالعها * قامت لهيبتها الدنيا على قدم * فغيره وقال بنيت قصرا وكان ينظم الشاهد شعرا على الفور إذا احتاج إليه وينشده تأييدا لما قاله وادعاه من ذلك ما أخبرني به قاضي القضاة العلامة تقي الدين أبو الحسن السبكي عمن أخبره قال ادعى يوما في الطائفة المنسوبة إلى ابن كرام أنهم الكرامية بتخفيف الراء فقال الحاضرون المعروف فيهم تشديد الراء فقال لا التخفيف والدليل عليه قول الشاعر
193 * الفقه فقه أبي حنيفة وحده * والدين دين محمد بن كرام * انتهى قلت وهذا في البديهة مخرع لا يتفق ذلك لأحد غيره من حسن هذا النظم وإبرازه في هذا القالب هكذا شاعت هذه الواقعة عن الشيخ صدر الدين في الديار المصرية وكنا نعتقد صحتها دهرا حتى ظفرنا بالبيت المذكور وهو من جملة بيتين من شعر المتقدمين والأول منهما * إن الذين لجهلهم لا يقتدوا * في الدين بابن كرام غير كرام * وكان الظفر بهذين البيتين في سنة أربع وأربعين وسبع مائة وجمع موشحاته وسمى الكتاب طراز الدار وهذا في غاية الحسن لأنه أخذ اسم كتاب ابن سناء الملك وهو دار الطراز فقلبه وقال طراز الدار لأن طراز الدار أحسن ما فيها وكان الأدب قد امتزج بلحمه ودمه حكى لي قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي السبكي الشافعي قال دخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه فقلت كيف تجدكأو كيف حالكفأنشدني * ورجعت لا أدري الطريق من البكا * رجعت عداك المبغضون كمرجعي * فكان ذلك آخر عهدي به أخبرني القاضي شهاب الدين ابن فضل الله قال وكان عارفا بالطب والأدوية علما لا علاجا فاتفق أن شكا إليه الأفرم سوء هضم فركب له سفوفا وأحضره فلما استعمل منه أفرط به الإسهال جدا فأمسكه مماليك الأفرم ليقتلوه وأحضر امين الدين سليمان الحكيم لمعالجة الأفرم فعالجه باستفراغ بقية المواد التي اندفعت وأعطاه أمراق الفراريج ثم أعطاه الممسكات حتى صلح حاله فلما صلحت حاله سأل الأفرم عن الشيخ صدر الدين فأخبره المماليك ما فعلوه به فأنكر ذلك عليهم ثم أحضره وقال له يا صدر الدين جئت تروحني غلطا وهو يضحك فقال له سليمان الحكيم يا صدر الدين اشتغل بفقهك ودع الطب فغلط المفتي) يستدرك وغلط الطبيب ما يستدرك فقال له الأفرم صدق لك لا تخاطر ثم قال لمماليكه مثل صدر الدين ما يتهم والله الذي جرى عليه منكم أصعب مما جرى علي وما أراد والله إلا الخير فقبل يده وبعث إليه الأفرم لما انصرف جملة من الدراهم والقماش وأخبرني أيضا أن الشيخ تقي الدين ابن تيمية كان يقول عنه ابن الوكيل ما كان يرضى لنفسه بأن يكون في شيء إلا غاية ثم يعدد أنواعا من الخير والشر فيقول في كذا كان غاية وفي كذا كان غاية قال ولما أنكر البكري استعارة البسط والقناديل من الجامع العمري بمصر لبعض كنائس القبط في يوم من أيام مهماتهم ونسبت هذه الفعلة إلى كريم الدين وفعل ما فعل ثم طلع إلى حضرة السلطان وكلمه في هذا وأغلظ في القول له وكاد يجوز ذلك على السلطان لو لم يحل بعض القضاة الحاضرين على البكري وقال ما قصر الشيخ كالمستزري به والمستهزئ بنكيره فحينئذ أغلظ السلطان في القول للبكري فخارت قواه وضعف ووهن فازداد تأليب بعض الحاضرين عليه فأمر السلطان بقطع لسانه فأتى الخبر إلى الشيخ صدر الدين وهو في زاوية السعودي فطلع إلى القلعة على حمار فاره اكتراه قصدا للسرعة فرأى البكري وقد أخذ ليمضي فيه ما أمر به فلم يملك دموعه
194 أن تساقطت وفاضت على خده وبلت لحيته فاستمهل الشرطة عليه ثم أنه صعد الإيوان والسلطان جالس به وتقدم إلى السلطان بغير استئذان وهو باك فقال له السلطان خير يا صدر الدين فزاد بكاؤه ونحيبه ولم يقدر على مجاوبة السلطان فلم يزل السلطان يرفق به ويقول له خير ما بك إلى أن قدر على الكلام فقال له هذا البكري من العلماء الصلحاء وما أنكر إلا في موضع الإنكار ولكنه لم يحسن التلطف فقال له السلطان إي والله أنا أعرف هذا ما هذا إلا حطبة ثم انفتح الكلام ولم يزل الشيخ صدر الدين يرفق السلطان ويلاطفه حتى قال له خذه وروح فأخذه وانصرف هذا كله والقضاة حضور وأمراء الدولة ملء الإيوان ما فيهم من ساعده وملا أعانه إلا أمير واحد شذ عني اسمه وحدث عنه من كان يصحبه في خلواته أنه كان إذا فرغ مما هو فيه قام فتوضأ ومرغ وجهه على التراب وبكى حتى يبل ذقنه بالدموع ويستغفر الله ويسأله التوبة حتى قال بعضهم لقد رأيته وقد قام من سجوده ولصق بجدار الدار كأنه أسطوانة ملصقة وللشيخ صدر الدين ابن الوكيل رحمه الله تعالى ديوان موشحات منها قوله يعارض السراج المحار) ما أخجل قده غصون البان بين الورق إلا سلب المها مع الغزلان حسن الحدق قاسوا غلطا من حاز حسن البشر بالبدر يلوح في دياجي الشعر لا كيد ولا كرامة للقمر الحب جماله مدى الأزمان معناه بقي وازداد سنا وخص بالنقصان بدر الأفق الصحة والسقام في مقلته والجنة والجحيم في وجنته من شاهده يقول من دهشته هذا وأبيك فر من رضوان تحت الغسق للأرض يعيذه من الشيطان رب الفلق قد أنبته الله نباتا حسنا وازداد على المدى سناء وسنا من جاد له بروحه ما غبنا قد زين حسنه مع الإحسان حسن الخلق لو رمت لحسنه شبيها ثان لم يتفق في نرجس لحظه وزهر الثغر روض نضر قطافه بالنظر قد دبج خده بنبت الشعر فالورد حواه ناعم الريحان بالظل سقي والقد يميل ميلة الأغصان للمعتنق أحيى وأموت في هواه كمدا
195 من مات جوى في حبه قد سعدا يا عاذل لا أترك وجدي أبدا لا تعذلني فكلما تلحاني زادت حرقي يستأهل من يهم بالسلوان ضرب العنق القد وطرفه قناة وحسام والحاجب واللحاظ قوس وسهام والثغر مع الرضاب كأس ومدام والدر منظم مع المرجان في فيه نقي قد رصع فوقه عقيق قان نظم النسق) وأما الموشحة التي للسراج المحار فهي مذ شمت سنا البروق من نعمان باتت حدقي تذكي بمسيل دمعها الهتان نار الحرق ما أومض بارق الحمى أو خفقا إلا وأجد لي الأسى والحرقا هذا سبب لمحنتي قد خلقا أمسي لوميضه بقلب عان بادي القلق لا أعلم في الظلام ما يغشاني غير الأرق أضنى جسدي فراق إلف نزحا أفنى جلدي ودمع عيني نزحا كم صحت وزند لوعتي قد قدحا لم تبد يد السقام من جثماني غير الرمق ما أصنع والسلو مني فان والوجد بقي أهوى قمرا حلو مذاق القبل لم يكحل طرفه بغير الكحل تركي اللحظات بابلي المقل زاهي الوجنات زائد الإحسان حلو الخلق عذب الرشفات ساحر الأجفان ساجي الحدق ما حط لثامه وأرخى شعره أو هز معاطفا رشاقا نضره إلا ويقول كل راء نظره هذا قمر بدا بلا نقصان تحت الغسق أو شمس ضحى في غصن فينان غض الورق ما أبدع معنى لاح في صورته أيناع عذاره على وجنته لما سقي الحياة من ريقته فاعجب لنبات خده الريحان من حيث سقي يضحي ويبيت وهو في النيران لم يحترق
196 والمحار عارض بهذا قول أحمد بن حسن الموصلي وهو مذ غردت الورق على الأغصان بين الورق أجرت دمعي وفي فؤادي العاني أذكت حرقي لما برزت في الدوح تشدو وتنوح) أضحى دمعي بساحة السفح سفوح والفكر نديمي في غبوق وصبوح قد هيجت الذي به أضناني منه قلقي والقلب له من بعد صبري الفاني والوجد بقي ما لاح بريق رامة أو لمعا إلا وسحاب عبرتي قد همعا والجسم على المزمع هجري زمعا بالنازح والنازح عن أوطاني ضاقت طرقي ما أصنع قد حملت من أحزاني ما لم أطق قلبي لهوى ساكنه قد خفقا والوجد حبيس واصطباري طلقا والصامت من سري بدمعي نطقا في عشق منعم من الولدان أصبحت شقي من جفوته ولم يزر أجفاني غير الأرق فالورد مع الشقيق من خديه قد صانهما النرجس من عينيه والآس هو السياج من صدغيه واللفظ وريق الأغيد الروحاني عند الحذق حلوان على غصن من المران غض رشق الصاد من المقلة من حققه والنون من الحاجب من عرقه واللام من العارض من علقه قد سطره بالقلم الريحاني رب الفلق بالمسك على الكافور كالعنوان فوق الورق الملحة لمع الصلت بالإيضاح والغرة بالتبيان كالمصباح والمنطق نثر الدر بالإصلاح والثغر هو الصحاح كالعقيان كالعقد نقي والرد مع الخلاف للسلوان عنه خلقي ما أبدع وضع الخال في وجنته خط الشكل الرفيع من نقطته) قد حير إقليدس في هيئته
197 كالعنبر في نار الأسيل القاني للمنتشق فاعجب لعبير وهو في النيران لم يحترق وقلت أنا معارضا لذلك وزدته توشيح الحشوات ما هز قضيب قده الريان للمعتنق إلا استترت معاطف الأغصان تحت الورق أفدي قمرا لم يبق عندي رمقا لما رمقا قد زاد صبابتي به والحرقا شوقا وشقا لو فوق سهم جفنه أو رشقا في يوم لقا أبطال وغى تميس في غدران نسج الخلق أبصرتهم في معرك الفرسان صرعى الحدق بدر منعته قسوة الأتراك رحمي الشاكي من ناظره حبائل الشراك والإشراك كم ضل بها قلبي من النساك والفتاك قاني الوجنات ينتمي للقان صعب الخلق إن قلت أموت في الهوى ناداني هذا يسقي كم جاء جبينه الدجا واقترضا صبحا فأضا كم جرد جفنه حساما ونضا والصب قضى كم أودع ريقه فؤادا مرضا من جمر غضا فاعجب لرضابه شفا الظمآن يذكي حرقي والخد به الخال على النيران لم يحترق يا خجلة خد الورد في جنته من وجنته يا كسرة غصن البان في حضرته من خطرته يا حسرة بدر الأفق من غرته في طرته لا تعتقد الأقمار بالبهتان وسط الأفق أن تشبهه فليس في الإمكان ما لم تطق ما أسعد من أصابه بالحور سهم النظر ما أنعم من يصليه نار الفكر طول العمر أو قيده الحب بقيد الشعر عند السحر أو طوقه بذلك الثعبان فوق العنق أو بات بقفل صدغه الريحاني تحت الغلق ابن قوام محمد بن عمر بن أبي بكر بن قوام الشيخ الزاهد العالم القدوة البالسي) روى للجماعة عن أصحاب ابن طبرزذ وكان يحب الحديث ويسمع أولاده وفيه تواضع
198 ومروءة وعليه سكينة وهيبة وفيه صدق وإخلاص وتمسك بالسنن وله قبول عظيم ومحبة في القلوب عرض الدولة عليه راتبا على زاويته فامتنع ووقف عليها بعض التجار بعض قرية وجمع سيرة لجده وكان له حظ من تعبد وتجهد وكرم وانقطاع عن الناس قل أن ترى العيون مثله توفي سنة ثمان عشرة وسبع مائة ودفن بزاويته بسفح قاسيون وله ثمان وثمانون سنة البانياسي محمد بن عمر بن أبي بكر البانياسي شاب ذكي متيقظ قرأ القرآات وبرع فيها وقرأ الفقه والعربية وله شعر أفاد في القرآات ومات صغيرا ولم تطلع له لحية ولا بلغ العشرين ووفاته سنة تسع وتسعين وست مائة ومن شعره ابن رشيد السبتي محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن إدريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن عمر بن محمد بن رشيد أبو عبد الله الفهري السبتي أخذ العربية عنابن أبي الربيع ونظرائه واحتفل في صغره بالأدبيات وبرع فيها وروى البخاري عن عبد العزيز الغافقي قراءة من لفظه وارتحل إلى فاس واشتغل بالمذهب ورجع إلى سبته وتصدر لإقراء الفقه خاصة وتأدب مع أشياخه أن يقرئ غيره ثم ارتحل إلى تونس واشتغل بالأصلين على ابن زيتون ثم رحل إلى الإسكندرية وحج سنة خمس وثمانين وجاور بمكة والمدينة ونزل مصر وله مصنفات كثيرة منها الرحلة الشرقية أربع مجلدات وفهرست مشايخه والمقدمة المعرفة في علو المسافة والصفة والصراط السوي في اتصال سماع جامع الترمذي وإفادة النصيح في مشهور رواة الصحيح وجزء فيه مسأله العنعنة والمحاكمة بين الإمامين وإيضاح المذاهب في تعيين من ينطلق عليه اسم الصاحب وجزء فيه حكم رؤية هلال شوال ورمضان وتلخيص كتاب القوانين في النحو وشرح جزء التجنيس لحلزم بن حازم الإشبيلي وحكم الاستعارة وغير ذلك من الخطب والقصائد النبوية والمقطعات البديعة وكان ارتحاله إلى سبته في حدود سنة ست وثمانين وتوفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال قدم المذكور علينا بالقاهرة حاجا وسمع معنا) الحديث وعني به وكان قد بحث سيبويه على الأستاذ أبي الحسين ابن أبي الربيع ولما توجه إلى الحج صحبة أبي عبد الله ابن الحكيم اتفق أن السلطان أبا عبد الله ابن السلطان أبي عبد الله بن الأحمر استوزر ابن الحكيم فولى ابن رشيد الإمامة والخطبة بجامع غرناطة ولما قتل الوزير أخرج أهل غرناطة ابن رشيد إلى العدوة فأحسن إليه العدوة أبو سعيد عثمان بن السلطان أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق وبقي في إيالته إلى أن توفي ابن رشيد وكان فاضلا سريا حسن الأخلاق سألته أن يكتب لي من شعره وكان ممن
199 ينظم بالعروض إذ لم يكن الوزن في طبعه فكتب لي بخطه * يا من يفوق النجم موطنه * كلفتني ما ليس أحسنه * * ولتغض عما فيه من خلل * خلدت في عز تزينه * وله أبيات كتبها على حذو نعل النبي صلى الله عليه وسلم بدار الحديث الأشرفية * هنيئا لعيني إن رأت نعل أحمد * فيا سعد جدي قد ظفرت بمقصدي * * وقبلتها أشفي الغليل فزادني * فيا عجبا زاد الظما عند موردي * * ولله ذاك اليوم عيدا ومعلما * بمطلعه أرخت مولد أسعدي * * عليه صلاة نشرها طيب كما * يحب ويرضى ربنا لمحمد * البدر المنبجي محمد بن عمر بن أحمد بن المثنى الشافعي الشاعر ولد بمنبج قبل الخمسين وسمع من ابن عبد الدائم بدمشق ومن النجيب بمصر وتخرج في الأدب بمجد الدين ابن الظهير الإربلي وتوفي بمصر سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة أنشدني العلامة أثير الدين أبو حيان إجازة قال أنشدني المنبجي لنفسه * ومهفهف ناديته ومحاجري * تذري دموعا كالجمان مبددا * * يا من أراه على الملاح مؤمرا * بالله قل لي هل أراك مجردا * قال وأنشدني أيضا * وبدر دجى وافى إلي بوردة * وما حان من ورد الربيع أوانه * * فقال وقد أبديت منه تعجبا * رويدك لا تعجب فعندي بيانه * * هو الورد من روض بخدي دنيته * وورد خدودي كل وقت زمانه * قال وأنشدني أيضا) * وكأن زهر اللوز صب عاشق * قد هزه شوق إلى أحبابه * * وأظنه من هول يوم فراقهم * وبعادهم قد شاب قبل شبابه * قال وأنشدني أيضا * ومن عجب سيف بجفنك ينتضى * فيفتك في العشاق وهو كليل * * وأعجب من ذا لحظ طرفك في الهوى * يداوي من السقام وهو عليل * القاضي أخوين الشافعي محمد بن عمر بن الفضل قاضي القضاة قطب الدين التبريزي الشافعي الملقب بأخوين ولد سنة ثمان وستين ككان صاحب مشاركة وفنون وتؤدة ومروءة وحلم أتقن علم المعاني والبيان ونسخ كتبا كثيرة ولم يكن من قضاة العدل توفي ببغداد
200 سنة ثلاثين وسبع مائة وكان قاضي بغداد نجم الدين وكيل بيت المال محمد بن عمر الشيخ نجم الدين ابن أبي الطيب وكيل بيت المال بدمشق كان قد تزوج بنت القاضي محيي الدين ابن فضل الله فحصل له لما توجه القاضي محيي الدين إلى كتابة السر بالديار المصرية كل خير وولي الوظائف لكبار مثل نظر الخزانة بقلعة دمشق ووكالة بيت المال وكان بيده نظر الرباع السلطانية وتدريس المدرسة الكروسية والمدرسة الصلاحية وسوف يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة والده عمر بن أبي القاسم في حرف العين التنبيه على تسمية بيتهم ببني أبي الطيب وأم نجم الدين هذا بنت شمس الدين ابن القاضي نجم الدين أبي بكر محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين ابن سني الدولة وولي هو الوكالة بعد عزل ابن المجد عبد الله لما ولي قضاء القضاة بدمشق وكان وليها بعد عزل القاضي علاء الدين ابن القلانسي لما غضب عليه الأمير سيف الدين تنكز وعزله عن وظائفه وكان قد وليها بعد وفاة أخيه القاضي جمال الدين أحمد ابن القلانسي لما توفي عنها وكان قد وليها بعد الشيخ كمال الدين ابن الشريشي وكان قد وليها بعد الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني ووليها بعد ابن الشريشي المذكور ووليها بعد نجم الدين عمر والد نجم الدين المذكور وكان نجم الدين المذكور شافعي المذهب حسن الشكل تام الخلق له تودد وملقى وملق) توفي في حمرة ظهرت بوجهه في يومين وكانت وفاته في رابع شعبان سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة وكان حفظة لأخبار أهل عصره وتواريخهم ووقائعهم لا يدانيه أحد في ذلك واعترف له بذلك شهاب الدين ابن فضل الله شمس الدين ابن الرهاوي محمد بن عمر بن إلياس شمس الدين أبو العز الرهاوي ثم الدمشقي الكاتب سمع بمصر صحيح مسلم بفوت من ابن البرهان وسمع من النجيب وابن أبي اليسر وابن الأوحد وطائفة ودار على الشيوخ وكتب الطباق وسمع الكتب وتوفي رحمه الله سنة أربع وعشرين وسبع مائة روى عنه الشيخ شمس الدين في المعجم ابن المشهدي محمد بن عمر بن سالم العدل الفاضل ناصر الدين المشهدي المصري سمع من غازي الحلاوي وخلق وعني بذلك وكتب الطباق وبرع في كتابة السجلات وحصل منها وأقام بدمشق مدة قال الشيخ شمس الدين وقد تكلموا في عدالته توفي رحمه الله تعالى كهلا سنة بضع وعشرين وسبع مائة
201 3 (ابن عمرو)) ابن حزم الأنصاري محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري توفي سنة ثلاث وستين للهجرة وولد بنجران سنة عشر وأبوه عامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكنية محمد أبو سليمان وقيل أبو عبد الملك روى عنه جماعة من أهل المدينة ويروي هو عن أبيه وغيره من الصحابة قال كنت أكنى أبا القاسم عند أخوالي بني ساعدة فنهوني فحولت كنيتي إلى أبي عبد الملك وقتل يوم الحرة ومعه جماعة من أهل بيته ويقال أنه كان أشد الناس على عثمان رضي الله عنه الليثي المدني ابن وقاص محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني أحد علماء الحديث أكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ومحمد بن إبراهيم التيمي وعمرو والده قال أبو حاتم صالح الحديث وقال النسائي وغيره ليس به بأس روى له الأربعة والبخاري مقرونا) توفي في سنة خمس وأربعين ومائة السويقي محمد بن عمرو البلخي السواق ويقال له السويقي روى عنه البخاري ومسلم وأبو زرعة الرازي وآخرون وتوفي سنة ست وثلاثين ومائتين ابن حنان محمد بن عمرو بن حنان الكلبي روى عنه النسائي ووثقه الخطيب وتوفي سنة سبع وخمسين ومائتين السوسي الزاهد محمد بن عمرو بن يونس أبو جعفر الثعلبي يعرف بالسوسي
202 الزاهد حج سنة ثمان وخمسين ومائتين وعاد سنة تسع فدخل في الصلاة وتوفي وهو ساجد سنة تسع وخمسين ومائتين وقد بلغ مائة سنة حدث عن أبي معاوية الضرير وغيره وروى عنه صالح بن علي الدمشقي وغيره وكان ثقة ابن الموجه اللغوي محمد بن عمرو ابن الموجه الفزاري المروزي اللغوي الحافظ توفي سنة تسعين ومائتين أو ما دونها ذو الشامة محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط ويعرف بذي الشامة ابن أبي قطيفة ولاه يزيد بن عبد الملك الكوفة وهو القائل يرثي مسلمة بن عبد الملك * ضاق صدري فما يحن حراكا * عي عن أن يجيئه ما دهاكا * كل ميت قد اضطلعت عليه الحزن ثم اغتفرت فيه الهلاكا قبل ميت أو قبل قبر على الجالوت لم أستطع عليه أتراكا زائن للقبور فيها كما كنت تزين السلطان والأملاكا الحربي البغدادي محمد بن عمرو بن سعيد الحربي أبو جعفر البغدادي قال المرذباني ضعيف الشعر كان يهاجي التمار والمسلمي وغيرهما وهو القائل في جرادة الكاتب * أتيتك مشتاقا وجئت مسلما * عليك وإني باحتجابك عالم * * فأخبرني البواب أنك نائم * وأنت إذا استيقظت أيضا فنائم * ومنهم من رواهما لإسماعيل بلبل والصحيح أنهما للحربي توفي الزف المغني محمد بن عمرو مولى تميم يعرف بالزف بالزاي والفاء المشددة) كان مغنيا ضاربا طيب المسموع صالح الصنعة مليح النادرة أسرع خلق الله أخذا للغناء وأصحه أداء له وأذكاه إذا سمع الصوت مرتين أو ثلاثا أداه حتى لا يكون بينه وبين من أخذه عنه فرقئ وكان يتعصب على ابن جامع ويميل إلى إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق وكانا يرفعانه على غيره ويجتلبان له الرفد والصلات من الخلفاء وكانت فيه عربدة إذا سكر فعربد بحضرة الرشيد مرة
203 فأمر بإخراجه ومنعه الوصول إليه وجفاه وتناساه ومات الزف في خلافة الرشيد أو في خلافة الأمين الحافظ العقيلي محمد بن عمرو بن موسى بن حماد أبو جعفر العقيلي الحافظ له مصنف جليل في الضعفاء وعداده في الحجازيين توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة أبو جعفر الرزاز محمد بن عمرو بن البختري بن مدرك البغدادي أبو جعفر الرزاز قال الخطيب كان ثقة ثبتا توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة الجماز محمد بن عمرو بن عطاء بن يسار الشاعر المعروف بالجماز البصري النديم له أخبار مع أبي نواس وغيره توفي في حدود الخمسين والمائتين مر مع رفيق له فرآهما الإمام فأقام الصلاة فقال له الجماز اصبر أما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلبومن شعره لما تولى حيان بن بشر قضاء الشرقية ببغداد وولي سوار بن عبد الله العنبري قضاء الغربية في زمان يحيى بن أكثم وكلاهما كان أعور * رأيت من الكبائر قاضيين * هما أحدوثة في الخافقين * الأبيات وقد مرت في ترجمة أبي العبر محمد بن أحمد وأوردها صاحب الأغاني له قال رجل للجماز ولد لي البارحة ولد كأنه الدينار المنقوش فقال له الجماز لاعن أمه وصلى رجل صلاة خفيفة فقال له الجماز لو رآك العجاج لسر بك قال ولمقال لأن صلاتك رجز وسمع محبوسا يقول اللهم احفظني فقال له قل اللهم ضيعني حتى تنفلت وأدخل يوما غلاما إلى منزله فلما خرج ادعى أنه هو الذي فعل بالجماز فبلغ ذلك الجماز فقال حرم اللواط إلا بولي وشاهدي عدل وقيل له يوما ما بقي من شهوتك للنساءقال القيادة عليهن قال الجماز قلت لرجل قد زاد سعر) الدقيق فقال لا أبالي أنا لا أشتري إلا الخبز وطالب امرأته بالجماع فقالت أنا حائض وتحركت فضرطت فقال لها قد حرمتنا خير حرك فاكفينا شر استك وقيل له لأي شيء تقصر شعركفقال الذي أجيء به أكثر مما تعطونني وقال الجماز حرم النبيذ على ثلاثة عشر نفسا على من غنى الخطأ واتكأ على اليمين وأكثر أكل
204 النقل وكسر الزجاج وسرق الريحان وبل ما بين يديه وطلب العشاء وطلب البم وحبس أول قدح وأكثر الحديث وامتخط في منديل الشراب وبات في موضع لا يحتمل الميت ولحن المغني وكان يأكل عند سعيد بن سالم على مائدة دون مائدته فإذا رفع من مائدة سعيد شيء وضع على المائدة التي عليها الجماز فالتفت الجماز فقال يا عمرو هذه المائدة عصبة لتلك كما يقال وما بقي فللعصبة وشهى جعفر بن سليمان أصحابه فتشهى كل إنسان منهم شيئا من الطعام فقال للجماز وأنت ما تشتهيقال أن يصح ما اشتهوا وأدخل يوما غلاما إلى المسجد فلما فرغ منه أقبل المؤذن فقام الجماز إلى المحراب وخرئ فيه فقال المؤذن يا عدو الله فجرت بالغلام في المسجد لأنه ليس لك بيت ما حجتك إن خرئت في المحرابقال علمت أنه يشهد علي يوم القيامة فأحببت أن أجعله خصما لئلا تقبل شهادته علي ودفع إلى غسال قميصه ليغسله فضيعه ورد عليه قميصا صغيرا فقال ليس هذا قميصي قال بل هو قميصك ولكنه توزي وفي كل غسلة يتقلص ويقصر فقال له الجماز أحب أن تعرفني في كم غسلة يصير القميص زرا وقال له الفتح بن خاقان قد كلمت لك أمير المؤمنين حتى ولاك جزيرة القرود فقال الجماز ألست في السمع والطاعة أصلحك اللهفحصر الفتح وسكت وقال له بعض من حضر إن أمير المؤمنين يريد أن يهب لك جارية فقال ليس مثلي من عز نفسه ولا كذب عند أمير المؤمنين إن أرادني على أن أقود عليها وإلا فما لها عندي شيء فأمر له المتوكل بعشرة آلاف درهم فأخذها وانحدر فمات فرحا سلطان المغل محمد بن عنبرجي النوين بنالمغلي ابن النوين عنبرجي صبي من أبناء العشرين من أهل توريز لما قتل القان أبو سعيد زعمت سرية أنها حبلى منه فولدت محمدا فلما أقبل النوين الشيخ حسن وهزم جمع الملك موسى وقتل موسى عمد إلى هذا) الصبي وأقامه في السلطنة وناب له هو وابن جوبان وزوجة جوبان ساطي بك وهي بنت القان خربندا وتماسك الأمر أشهرا ثم أقبل من الروم ولدا تمرتاش وأهما إن أباهما حي معهما وجعلوه في خركاه فهرب الشيخ حسن إلى خراسان ثم أهلك الصبي محمد هذا وماج الناس واشتد البلاء والظلم والنهب بآذربيجان وافتقر من الجور جماعة وذلك في سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة
205 3 (ابن عوف)) الحافظ الطائي محمد بن عوف الحمصي الحافظ أبو جعفر الطائي روى عنه أبو داود والنسائي وكان عليه اعتماد ابن جوصاء وأثنى عليه غير واحد توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين قال أحمد بن حنبل ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثله حدث عن هشام بن عمار وطبقته واتفقوا على فضله وصدقه وثقته المزني محمد بن عوف بن أحمد بن عبد الرحمن أبو الحسن المزني الدمشقي كان يكنى قديما بأبي بكر فلما منعت الدولة التكني بأبي بكر تكنى بأبي الحسن قال الكناني كان ثقة نبيلا توفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة نافلة القاضي عياض محمد بن عياض بن محمد بن عياض بن موسى بن عياض القاضي أبو عبد الله اليحصبي السبتي وهو نافلة القاضي عياض صاحب التصانيف توفي سنة خمس وخمسين وست مائة
206 3 (ابن عيسى)) المقرئ محمد بن عيسى بن رزين التيمي الرازي الأصبهاني المقرئ أحد الأعلام قرأ القرآن الكريم على نصير وخلاد بن خالد وجماعة وروى الحديث وكان رأسا في العربية صنف في العدد والرسم وغير ذلك وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين المقرئ محمد بن عيسى بن حبان أبو عبد الله المدائني المقرئ قال الدارقطني ضعيف وقال البرقاني لا بأس به توفي سنة أربع وسبعين ومائتين الترمذي الكبير محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي الحافظ أبو عيسى الترمذي الضرير مصنف الكتاب الجامع ولد سنة بضع ومائتين وسمع قتيبة بن سعيد وأبا مصعب الزهري وإبراهيم بن عبد الله الهروي وإسماعيل بن موسى السدي وصالح بن عبد الله الترمذي وعبد الله بن معاوية وحميد بن مسعدة وسويد بن نصر المروزي وعلي بن حجر السعدي ومحمد بن حميد الرازي ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وأبا كريب محمد بن العلاء ومحمد بن أبي معشر السندي ومحمود بن غيلان وهناد بن السري وخلقا كثيرا وأخذ علم الحديث عن أبي عبد الله البخاري وروى عنه حماد بن شاكر ومكحول بن الفضل وآخرون وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر توفي ثالث عشر رجب بترمذ سنة تسع وسبعين ومائتين قرأت كتاب شمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم للحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي رحمه الله تعالى على الحافظ العلامة جمال الدين يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي رحمه الله من أوله إلى آخره قال عند القراءة أنا بجميع الكتاب المشايخ الثلاثة فخر الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد البخاري وكمال الدين أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الملك بن يوسف المقدسيان بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق وكمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد القاهر بن هبة الله النصيبي بحلب قال المقدسيان أنا الشيخ العلامة تاج الدين الكندي وقال ابن النصيبي أنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم بن عبد المطلب
207 بن الفضل بن) عبد المطلب الهاشمي قال أنا المشايخ الأربعة أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي وأبو الفتح عبد الرشيد بن النعمان بن عبد الرزاق الولوالجي وأبو حفص عمر بن علي بن أبي الحسين الكربيسي الأديب وأبو علي الحسن بن بشير بن عبد الله البلخي النقاش قالوا أنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن عبد الله الزيادي الخليلي أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الخزاعي البخاري المعروف بابن المراغي قراءة عليه سنة ثمان وأربع مائة قال أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بن معقل الشاشي الأديب قراءة عليه ببخارى سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة قال ثنا أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي الطرطوسي محمد بن عيسى الطرطوسي التميمي قال ابن عدي هو في عداد من يسرق الحديث توفي سنة ثمانين ومائتين القرشي محمد بن عيسى بن طلحة التيمي القرشي روى عنه الزبير بن بكار قوله * ولا تعجل على أحد بظلم * فإن الظلم مرتعه وخيم * * ولا تفحش وإن ملئت غيظا * على أحد فإن الفحش لوم * * ولا تقطع أخا لك عند ذنب * فإن الذنب يغفره الكريم * * ولكن داو عودته برقع * كما قد يرقع الخلق القديم * * ولا تجزع لريب الدهر واصبر * فإن الصبر في العقبى سليم * * فما جزع بمغن عنك شيئا * ولا ما فات ترجعه الهموم * وقال * لا تلم المرء على فعله * وأنت منسوب إلى مثله * * من ذم شيئا وأتى مثله * فإنما أزرى على عقله * الحنفي قاضي بغداد محمد بن عيسى الفقيه الحنفي أبو عبد الله ابن أبي موسى الضرير ولي قضاء بغداد زمن المتقي والمستكفي وكان ثقة مشهورا بالفقه والتصون لا مطعن عليه قتله اللصوص في شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة الجلودي راوي مسلم محمد بن عيسى بن عمرويه أبو أحمد النيسابوري الجلودي الزاهد راوي) صحيح مسلم سمع وروى وكان ينتحل مذهب سفيان الثوري وبوفاته
208 ختم سماع كتاب مسلم فإن كل من حدث بعده عن إبراهيم بن سفيان فإنه غير ثقة قاله الحاكم توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة ابن يقطين الشيعي محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين قال ابن النجار من فقهاء الشيعة له كتاب الأمل والرجاء ذكره محمد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست القرطبي المؤدب المعمر محمد بن عيسى بن محمد أبو عبد الله الأموي القرطبي المؤدب المعمر هو ثقة آخر من قرأ على الأنطاكي توفي سنة خمس وأربعين وأربع مائة المغامي الطليطلي محمد بن عيسى بن فرح أبو عبد الله التجيبي المغامي بالغين المعجمة الطليلطلي المقرئ صاحب أبي عمرو الداني توفي سنة خمس وثمانين وأربع مائة ابن اللبانة محمد بن عيسى بن محمد أبو بكر اللخمي الأندلسي الشاعر المعروف بابن اللبانة له كتاب مناقل الفتنة ونظم السلوك في وعظ الملوك وسقيط الدرر ولقيط الزهر في شعر ابن عباد توفي بميورقة سنة سبع وخمس مائة قال قصيدة يمدح فيها المعتمد ابن عباد * بكت عند توديعي فما علم الركب * أذاك سقيط الطل أم لؤلؤ رطب * * وتابعها سرب وإني لمخطئ * نجوم الدياجي لا يقال لها سرب * * لئن وقفت شمس النهار ليوشع * لقد وقفت شمس الهوى لي والشهب * منها في ذكر المركب * هفا بين عصف الريح والموج مثل ما * هفا بين أضلاعي يكوى به القلب * * كأني قذى في مقلة وهو ناظر * بها والمجاذيف التي حولها هدب * منها في المديح * حوى قصبات السعي عفوا ولو سعى * لها البرق خطفا جاء من دونها بكبو) * (ويرتاح عند الحمد حتى كأنه * وحاشاه نشوان يلذ له شرب * * سألت أخاه البحر عنه فقال لي * شقيقي إلا أنه البارد العذب * * لنا ديمتا ماء ومال فديمتي * تماسك أحيانا وديمته سكب *
209 * إذا نشأت تبرية فله الندى * وإن نشأت بحرية فله السحب * قلت قوله ويرتاح عند الحمد البيت أخذه أبو الحسين الجزار فقال * ويهتز عند الجود أن جاء طالب * كما اهتز حاشى وصفه شارب الخمر * وأحسن حشو وقع في هذا قول أبي الطيب * ويحتقر الدنيا احتقار مجرب * يرى كل ما فيها وحاشاه فانيا * ومن موشحات ابن اللبانة شق النسيم كمامه عن زاهر يتبسم فلا تطع لملامه واشرب على الزير والبم حيى النسيم بمندل عن طيب زهر أنيق ونرجس الروض تخجل منه خدود الشقيق فانهض إلى الدن وأقبل منه سوار الرحيق وفض عنه ختامه عن مثل مسك مختم تكاد منه المدامه للشرب أن تتكلم حاكت على النهر درعا ريح الصبا في الأصائل وأسبل القطر دمعا على جيوب الخمائل فاسمع من العود سجعا تشق منه الغلائل ما رنمته حمامه من فوق غصن منعم ولا ادعته كرامه بنت الحسين بن مخدم أما علي فإني ممن سمعت بذكره والود يشهد عني بما أبوح بفخره وقد رأيت التمني يختال في ثوب بشره في حلة من أسامة بظاهر الحسن معلم متوج بالكرامه وبالسماح مختم حيى النسيم تلمسان بواكف القطر هطال وقد قضت كل إحسان بجودها يا ابن شملال وقصرت كل إنسان عما حواه من إجلال) ندب يذل همامه ربيعة بن مكدم وما حواه أسامة في عصره المتقدم قد جاءك المتنبي يا سيف هذا الزمان يختال في ثوب عجب بما حوى من معان يشدو ارتجالا فيسبي كل الوجوه الحسان
210 ابن قزمان الزجال محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان القرطبي المتفرد بإبداع الزجل توفي سنة أربع وخمسين وخمس مائة والأمير أبو عبد الله محمد بن سعد إذ ذاك محاصر قرطبة أورد له ابن الأبار في تحفة القادم * يا رب يوم زارني فيه من * اطلع من غرته كوكبا * * ذو شفة لمياء معسولة * ينشع من خديه ماء الصبى * * قلت له هب لي بها قبلة * فقال لي مبتسما مرحبا * * فذقت شيئا لم أذق مثله * لله ما أحلى وما أعذبا * * أسعدني الله بإسعاده * يا شقوتي يا شقوتي لو أبى * ومن شعره * كثير المال يبذله فيفنى * وقد يبقى من الذكر القليل * * ومن غرست يداه ثمار جود * ففي ظل الثناء له مقيل * ومنه * يمسك الفارس رمحا بيد * وأنا أمسك فيها قصبه * * فكلانا بطل في حربه * إن الأقلام رماح الكتبة * ومنه * وعهدي بالشباب وحسن قدي * حكى ألف ابن مقلة في الكتاب * * وقد أصبحت منحنيا كأني * أفتش في التراب على شبابي * وقال يعتذر ارتجالا * يا أهل المجلس السامي سرادقه * ما ملت لكنني مالت بي الراح * * فإن أكن مطفئا مصباح بيتكم * فكل من فيكم في البيت مصباح *) ومن أزجال ابن قزمان * أفني زماني على اختياري * ونقطع العمر باجتهاد * * لم يخل حس الطرب بداري * حتى يميل راس للوساد * * واحد مؤذن سكن جواري * شيخ مليح أزهد العباد * * إذا طلع في السحر يعظني * يقول حيا على الفلاح *
211 * يبدل العود سماع أذني * حيا على العشق للملاح * * نهار أم ليل كان مودي * لم نخل من شرب أو مجون * * لما يكون الحبيب عندي * ليس نعرف النوم أيش يكون * * وأنا هو شيخ الخلاعه وحدي * نسهر إذا نامت العيون * * وليلة الهجر تفتقدني * إذا طلع كوكب الصباح * * لا شك بين الغصون تجدني * نعلم القمري النواح * * لأي سبب قلي أنت غضبان * أيش أخبروك عني من قبيح * * أكثر نحبك من كل إنسان * ونكتم السر ما نبيح * * إياك أن تبتلي بهجران * تذوق ما ذقت يا مليح * * من الجفا والصدود أجرني * فقال من يعشق الملاح * يكون أخا ذلة وحزن فقلت زدني فلا براح محمد بن عيسى الشيخ أبو الحسن الكرجي أورد له الثعالبي في التتمة * كأن الهلال المستنير وقد بدا * ونجم الثريا واقف فوق هالته * * مليك على أعلاه تاج مرصع * ويزهى على من دونه بجلالته * هذا النصف الثاني من الثاني أتى به سدادا من عوز وأورد له في حمام مصور * أعجب ببيت يريك باطنه * جوارحا أرسلت على الوحش * * تغدو لصيد الظباء مسرعة * كأنها في غياضها تمشي * * طيوره قد تقابلت نسقا * كأنها وقع على العش * * فضاؤه طاب فسحة وهوى * مصقل الأرض مؤنق الفرش) * (وأنت في خلوة مساعدة * تولع بالدلك ثم بالرش * شعر كله جسم خال من روح المعنى ليس بطائل
212 ابن بقا الأواني محمد بن عيسى بن علي بن الحسين ابن بقا أبو عيسى الأواني أديب كتب عنه عمر بن محمد العليمي شيئا من شعره بنيسابور سنة خمس وأربعين وخمس مائة ومن شعره * ماذا على من في يديه وثاقي * لو جاد لي بالعتق والإطلاق * * وأدال أيام الوصال من النوى * وأقر ماء الجفن في الآماق * * لله أيام الوصال فإنها * كانت لنا من أطيب الأرزاق * * كم ليلة فيها شربت مدامة * من كف أحور طيب الأخلاق * * لا يرعوي إلا إلى مشمولة * حمراء تزهر في يمين الساقي * * قام المؤذن للصلاة فخفت أن * اقضي لفرط صبابتي وفراقي * * وحلفت أني لو وليت ولاية * لم أبق مأذنة على الإطلاق * اليماني محمد بن عيسى اليماني شاعر ورد بغداد وروى بها شيئا من شعره وشعر غيره كتب عنه العماد الكاتب ومن شعره * أقول لنفسي وقد أشفقت * لكون الهموم إليها قواصد * * إذا كنت تبغين كسب العلى * فلا تحفلي بلقاء الشدائد * وقال العماد رأيته يدعي لنفسه علوما ويدعو لنفسه أمرا عظيما من علم المجسطي وهيئات الفلك والمنطق الذي من شم سمه هلك وكنت حينئذ مولعا بإقليدس وحل أشكاله وحل ما يعرض من شكوكه وأشكاله فوصلت إلى أن بلغت إليه وحللت مقالات عليه فلما رأيته نافر الطبع بالكلية أكدت مفارقته بالألية وأورد له العماد * إلى الله أن الدهر أنياب صرفه * علي من الغيظ المبرح يصرف * * وذنبي إليه أن نفسي إلى العلى * تتوق وعن طرق المذلة تعسف *) محمد بن عيسى الملقب برغوثا وإليه تنسب الفرقة البرغوثية وهم القائلون بخلق القرآن أبو علي الدامغاني الوزير محمد بن عيسى الدامغاني أبو علي ذكره الثعالبي في أهل بخارا فقال تثنى به الخناصر وتضرب به المثال في حسن الخط والبلاغة وأدب الكتابة والوزارة كان في حداثة سنه يكتب لأبي منصور محمد بن عبد الرزاق ثم تمكن من خدمة السامانية خمسين سنة يتصرف ولا يتعطل حتى قيل فيه * وقالوا العزل للعمال حيض * لحاه الله من حيض بغيض *
213 * فإن يك هكذا فأبو علي * من اللائي يئسن من المحيض * ولي ديوان الرسائل دفعات والوزارة مرات وكان يقول الشعر ويحب الأدب وأهله ويكرمهم وأنشدني بعض كتابه له وكاتب كتبه تذكرني القرآن حتى أظل في عجب * فاللفظ قالوا قلوبنا غلف * والخط تبت يدا أبي لهب * وفيه يقول أبو القاسم اليماني * إلى الشيخ الجليل أبي علي * محمد بن عيسى الدامغاني * * ولم أنسبه للتعريف جهلا * لرتبته إلى البلد الفلاني * * ولكن القوافي لا تحابي * إذا ابتدرت بديعات المعاني * القاضي شمس الدين ابن المجد محمد بن عيسى بن عبد المطلب العلامة المناظر القاضي شمس الدين ابن المجد البعلبكي الشافعي ولد سنة ست وستين ببعلببك وتوفي سنة ثلاثين وسبع مائة تفقه وبرع بحلب وكان صاحب فنون ولي قضاء بعلبك مدة ثم ترك ذلك وسكن دمشق وأم بتربة أم الصالح ودرس بالقوصية ثم نقل إلى قضاء طرابلس فمات بعد أشهر وسمع الكثير ورقأ على ابن مشرف والموازيني وأسمع ولده وكان قد سمع سنن ابن ماجة من القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام بن سعيد ابن علوان وأجاز لي بخطه في سنة تسع وعشرين وسبع مائة جمال الدين الأرمنتي محمد بن عيسى بن جعفر الهاشمي الأرمنتي جمال الدين هو أخو شرف الدين يونس) قال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي كان من الفقهاء الأخيار والقضاة الحكام تولى الحكم بدشنا واتفق أن قاضي قوص شرف الدين ابن عتيق قال مرة كل نائب لي عدل فاتفق أن جمال الدين هذا اجتاز بسوق الوراقين فقال له بعض الشهود اشهد معي في هذه الورقة فشهد معه ولم يكن جلس قبل ذلك فبلغت ابن عتيق فنهره بحضرة الجماعة فقال سيدنا قال كل نائب لي عدل فقال قلت ذلك تعظيما لكم ما أذنت في الجلوس فقام من المجلس ومخط دما وتوفي ن وقته قال حكى لي ذلك جماعة وكانت وفاته سنة اثنتين وتسعين وست مائة الشيخ شمس الدين ابن كر محمد بن عيسى بن حسن بن كر يتصل بمروان
214 الحمار هو الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو عبد الله ابن حسام الدين أبي الروح ابن فتح الدين الحنبلي إمام أهل عصره في علم الموسيقى شغل جماعة من أكابر علم النغم وقرأوا عليه وهو صوفي الخرقة له زاوية عند مشهد الحسين بالقاهرة اجتمعت به غير مرة وسألته عن مولده فقال في رابع عشر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين بالقاهرة قرأ القرآن على الشيخ علي الشطنوفي وحفظ الأحكام لعبد الغني والعمدة في الفقه للشيخ موفق الدين والملحة للحريري وعرض ذلك على القاضي علاء الدين ابن التراكيشي الحنبلي وسمع على أشياخ عصره مثل الدمياطي والأبرقوهي وغيرهما وقرأ فن الموسيقى على القاضي علاء الدين ابن التراكيشي الحنبلي ووضع كتابا في فن الموسيقى سماه غاية المطلوب في علم الأنغام والضروب سمعت مقدمته منه بمنزله الزاوية المذكورة في شوال سنة خمس وأربعين وسبع مائة وقال لي ظهر لي جماعة من المتقدمين في هذا الفن مثل الفارابي وغيره وقد برهنت ذلك
215 3 (ابن غازي)) الفقاعي محمد بن غازي الموصلي يعرف بالفقاعي شربدار الست ربيعة خاتون أخت العادل له شعر توفي سنة تسع وعشرين وست مائة العزيز الظاهر غازي محمد بن غازي بن يوسف السلطان الملك العزيز غياث الدين ابن السلطان الملك الظاهر ابن السلطان صلاح الدين صاحب حلب ولي بعد والده وله أربع سنين أ نحوها وجعل اتابكه الطواشي طغريل وأقر العادل الكبير ذلك وأمضاه لأجل الصاحبة والدة العزيز لأنها هي بنت العادل وكانت هي الكل وكان فيه عدل وشفقة وتودد وميل إلى الدين توفي شابا طريا وله نيف وعشرون سنة وخلف ولده الملك الناصر يوسف صغيرا فأقاموه بعده في الملك وكانت وفاة العزيز سنة أربع وثلاثين وست مائة الكامل صاحب ميافارقين محمد بن غازي بن محمد بن أيوب بن شادي السلطان الملك الكامل ناصر الدين أبو المعالي ابن المظفر بن العادل صاحب ميافارقين تملك البلد بعد وفاة أبيه سنة خمس وأربعين وست مائة كان ملكا جليلا دينا خيرا عالما مهيبا شجاعا محسنا إلى الرعية كثير التعبد والخشوع لم يكن في بيته من يضاهيه استشهد بأيدي التتار بعد أخذ ميافارقين وقطع رأسه وطيف به في البلاد بالمغاني والطبول ثم علق بسور باب الفراديس سنة ثمان وخمسين وست مائة فقال بعض الشعراء في ذلك وقد دفنوا رأسه في مسجد الرأس داخل باب الفراديس * أين غاز غزا وجاهد قوما * أثخنوا في العراق والمشرقين * * ظاهرا غالبا ومات شهيدا * بعد صبر عليهم عامين * * لم يشنه أن طيف بالرأس منه * فله أسوة برأس الحسين * وافق السبط في الشهادة والحمل لقد حاز أجره مرتين * ثم واروا في مشهد الرأس ذاك * الرأس فاستعجبوا من الحالين * وارتجوا انه يجيء لدى البعث رفيق الحسين في الجنتين
216 3 (ابن غالب)) التمتام البصري محمد بن غالب بن حرب أبو حفص الضبي البصري التمتام نزيل بغداد كان حافظا مكثرا ثقة روى عنه جعفر بن البحتري وإسماعيل الصفار وخلق قال الدارقطني ثقة مأمون إلا أنه كان يخطئ مات في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائتين المعداني الكاتب محمد بن غالب الأصبهاني الكاتب يكنى أبا عبد الله مترسل بليغ اتصل بعبيد الله بن سليمان وتقرب إلى ابنه القاسم بالنصب وله في ذلك أشعار وهو القائل * ثمن المعروف شكر * ويد الإنعام ذخر * وبقاء الذكر في الأحياء للأموات عمر وله في عبيد الله بن يحيى * أبا حسن شكر الرجال هو الذخر * إذا أنفد المال الحوادث والدهر * * فسل بأمور الدهر مني ابن حنكة * تعاقبه من دهره الحلو والمر * باشر بالحضرة ديوان الرسائل ثلاثين سنة إلى أيام المكتفي لأنه ورد على المعتز كتاب من ملك الروم عجز كتاب الحضرة عن جوابه فأجاب عنه فقدمه وترشح للوزارة فاحتال عليه القاسم بن عبيد الله حتى أخرجه إلى أصبهان وكتب إلى المسمعي بإهلاكه فأحضره مائدته واكل عنده كوامخ وسمكا مالحا ثم أدخله بيتا وأغلقه فمات عطشا فقال يخاطب المسمعي * أبا صالح أنت من صالح * بحيث السويداء والناظران * * فلا تستهن بكفاة الرجال * فإن الرجال كنوز الزمان * * ملكت فأسجح وزع بالزمام * وخف ما يدور به الدائران *
217 * لأنك في زمن دهره * كيوم ودولته ساعتان * الرصافي الشاعر محمد بن غالب أبو عبد الله الأندلسي الرصافي رصافة بلنسية نزيل مالقة كان يعيش بالرفو وكان شاعر زمانه شعره مدون ينافس فيه لم يتزوج وهو متعفف روى عنه أبو علي ابن كسرى المالقي وأبو الحسين ابن جبير توفي سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة) من شعره من جملة قصيدة * لو جئت نار الهدى جانب الطور * قبست ما شئت من علم ومن نور * * من كل زهراء لم ترفع ذوائبها * ليلا لسار ولم تشبب لمقزور * * نور طوى الله زند الكون منه على * سقط إلى زمن المهدي مدخور * ومنه أيضا * مرأى عليه اجتماع للنفوس كما * تشبثت بلذيذ العيش أجفان * * للعين والقلب في إقباله أمل * كأنه للشباب الغض ريعان * ومنه وقد قتل إنسان يدعى يوسف * يا وردة جادت بها يد متحفي * فهمي لها دمعي وهاج تأسفي * * حمراء عاطرة النسيم كأنها * من خد مقتبل الشبيبة مترف * * عرضت تذكرني دما من صاحب * شربت به الدنيا سلافة قرقف * * فلثمتها شغفا وقلت لعبرتي * هي ما تمج الأرض من دم يوسف * ومنه قوله ممن البيات التي قالها في الحائك وأولها * غزيل لم تزل في الغزل جائلة * بنانه جولان الفكر في الغزل * * جذلان تلعب بالمحواك أنمله * على السدى لعب الأيام بالدول * * ما عن تعب الأطراف مشتغلا * أقديه من تعب الأطراف مشتغل * * جريا بكفيه أو فحصا بأرجله * تخبط الظبي في أشراك محتبل * ومنه وهو بديع في نهر عليه ظل * ومهدل الشطين تحسب أنه * متسيل من درة لصفائه * * فاءت عليه مع العشية سرحة * صدئت لفيئتها صحيفة مائه *
218 * فتراه أزرق في غلالة حمرة * كالدارع استلقى لظل لوائه * وأورد ابن الأبار في هذا المعنى للخطيب أبي القاسم ابن معاوية * وبحر طافح الشطين صاف * نأى عرضاه في عرض وطول * * توافيه الجداول وهي حسرى * فشكوا تيها شكوى العليل * * كأن الموج في عيريه ترس * تذهب متنه كف الأصيل) * (تفيء عليه رائحة حسان * فتؤويه إلى ظل ظليل * * كأن مكان فيء الظل منه * مكان اللمس من سيف صقيل * وأورد للخطيب المذكور من أبيات * فجدوله في سرحة الماء منصل * ولكنه في الجزع عطف سوار * * وأمواجه أرداف غيد نواعم * يلفعن بالآصال ربط نضار * * إذا قابلته الشمس أذكاه نورها * فبدل منه الماء جذوة نار * * يفيء عليه الدوح مضاعفا * فيرجع منه بدره لسرار * * كأن مكان الظل صفحة وجنة * أظلت عليها خضرة لعذار * * أو البكر حاذت بالسجنجل خدها * وقد سترت من بعضه بخمار * وأورد ابن الأبار لنفسه * ونهر من ذابت سبائك فضة * حكى بمجانيه انعطاف الأراقم * * إذا الشفق استولى عليه احمراره * تبدى خضيبا مثل دامي الصوارم * * وتحسبه سنت عليه مفاضة * لأن هاب هبات الرياح النواسم * * وتطلعه من دكنة بعد زرقة * ظلال لأدواح عليه نواعم * * كما انفجر الفجر المطل على الدجى * ومن دونه في الأفق سحم الغمائم * وأورد لنفسه أيضا * غربت به شمس الظهيرة لاتني * إحراق صفحته لهيبا مشعلا * * حتى كساه الدوح من أفنائه * بردا يمزق في الأصائل هلهلا * * فكأنما لمع الظلال بمتنه * قطع الدماء جمدن حين تخللا * وأورد لنفسه أيضا غارت على شطيه أبكار المنى عصر الشباب * فالظل يبدو فوقه * كالخال في خد الكعاب * لا بل أدار عليه خوف الشمس منه كالنقاب
219 مثل المجرة جر فيها ذيله جون السحاب قلت هذه المقاطيع وإن كانت في غاية الحسن فإنها لا تداني قول الرصافي فإنه تخيل لطيف) إلى الغاية والتخيل الذي في المقطوع الأول للخطيب ثانيه في الحسن ونائبه نصير الدين كاتب الحكم محمد بن غالب بن محمد بن مري نصير الدين أبو عبد الله الأنصاري كاتب الحكم بدمشق كان مليح الشكل حسن الخط خبيرا بالشروط ووالده كمال الدين قاضي بعلبك في الأيام الأمجدية توفي نصير الدين بالديار المصرية وقد كان انجفل إليها من التتار سنة ثمان وخمسين وست مائة ومولده سنة تسعين وخمس مائة ومن شعره * حي الملاعب من سلع وواديه * وحي سكانه واحلل بناديه * * وأنشد فؤادي إذا عاينت جمعهم * بين الخيام فقد خلفته فيه * * واشرح هنالك أشواقي وصف شجني * وقل سليم هواكم من يداويه * * ومن لمهجة صب مسه وصب * من الغرام بكم قد عز راقيه * * يا جيرة الحي قد جرتم ببعدكم * على فتى قربكم أقصى أمانيه * * قد كاد من بعدكم تقضى منيته * لولا تدارك طيف الحلم يأتيه * * قد مل عواده منه زيارته * ومله أهله يأسا وآسيه * * أحن شوقا إلى الوادي ويطربني * نوح الحمام سحيرا في نواحيه * * ربع يلذ لقلبي لثم تربته * إذا حل يوما بواديه بواديه * * فهل تعيد لنا أيام قربهم * وطيب عيشي تقضى في مغانيه * الجياني محمد بن غالب بن شعبة الشيخ الإمام الصالح الزاهد البركة المحدث شمس الدين أبو عبد الله الجياني الأندلسي ولد بعد العشرين وست مائة وارتحل في طلب الحديث وسمع من الرضي ابن البرهان وابن عبد الدائم وطبقتهما ثم جاور بمكة إلى أن توفي رحمه الله سنة اثنتين وسبع مائة
220 3 (ابن غسان)) سيف الدولة الحمصي محمد بن غسان بن غافل بن نجاد بن ثامر الحنفي الأمير الأنصاري الخزرجي الحمصي سيف الدولة أبو عبد الله ولد بحمص وقدم دمشق وهو صبي وسمع وروى وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة
221 3 (ابن فارس)) رضي الدين المحلي محمد بن فارس بن حمزة المغربي الأصل المحلي أبو عبد الله خدم في الدواوين ولقبه رضي الدين وروى عنه الشهاب القوصي وله شعر توفي سنة عشر وست مائة ومن شعره ملغزا في الشطرنج * وما اسم ثلاثة أخماسه * هي النصف منه ومن غيره * * وباقيه أن رمت معكوسه * قطعت رجاءك من خيره * المأمون وزير الآمر محمد بن فاتك هو الوزير المأمون أبو عبد الله ابن أبي شجاع البطائحي وزير الآمر العبيدي صاحب القاهرة استولى عليه لما وزره بعد الأفضل ابن أمير الجيوش وقبح سيرة الآمر وأساءها ولما كثر ذلك منه قبض عليه الآمر في شهر رمضان سنة تسع عشر وخمس مائة واستصفى جميع أمواله ثم قتله في شهر رجب سنة إحدى وعشرين وصلبه بظاهر القاهرة وقتل معه خمسة من اخوته أحدهم يقال له المؤتمن وكان جبارا متكبرا خارجا عن طوره وله في ذلك أخبار مشهورة وكان أبوه من جواسيس أمير الجيوش بالعراق ربي يتيما وصار حمالا بالأسواق ودخل مع الحمالين إلى دار الأفضل مرة بعد مرة فرآه الأفضل شابا حلوا فأعجبه فسأل عنه فقيل ابن فلان فاستخدمه فراشا وترقت حاله عنده وفي آخر الأمر عمل على الأفضل وتولى مكانه وكان كريما شهما مقداما سفاكا للدماء وفي آخر الأمر والى أخا الآمر ومالأه على قتله فلما أحس الآمر به قبض عليه وفعل به ما ذكر)
222 3 (ابن فتح)) زين الدين الدمياطي الكاتب محمد بن فتح بن خلف الفقيه زين الدين أبو عبد الله ابن أبي منصور الدمياطي الشافعي الكاتب سمعه والده وكتب على فخر الكتاب وفاق الأقران في حسن الخط حتى فضلوه على أستاذه وكتب في ديوان الإنشاء مدة وترسل عن الكامل وحدث بدمشق وتوفي سنة إحدى وعشرين وست مائة ابن عرق الموت محمد بن فتوح بن خلوف بن يخلف بن مصال الشيخ المعمر المسند أبو بكر الهمذاني الإسكندراني عرف بابن عرق الموت سمع من التاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي وعبد الرحمن بن موقا وأجاز له جماعة وخرج له المحدث أبو المظفر منصور بن سليم مشيخة وقد تفرد بالرواية عن غير واحد توفي سنة ستين وست مائة الإصبهاني الكاتب محمد بن فتح بن محمد بن أحمد الثقفي القزويني أبو عبد الله ابن أبي الهيجاء من أصبهان يعرف بالمؤيد كان رئيسا نبيلا فاضلا يعرف الأدب وينظم ويترسل وله معارف قدم بغداد واستوطنها وتولى ديوان العرض للإمام المقتفي إلى حين وفاته سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة ومن شعره * لسان الحال أنطق من لساني * نعم وسكوته عين البيان * * ولكن ليس يعرف ذاك إلا * بصير بالحقائق والمعاني * قال ابن النجار في ترجمة هذا سألت صديقنا أبا العلاء علي بن الحسن بن محمد بن فتح بإصبهان عن عرش رب العزة فقال سألت والدي أبا علي الحسن عن عرش رب العزة فقال سألت والدي أبا عبد الله محمد بن فتح بمدينة السلام عن عرش رب العزة فقال سألت أبا علي الحسن بن أحمد بن محمد بن حسن الموسياباذي عن عرش رب العزة فقال سألت والدي أبا العباس أحمد بن محمد عن عرش رب العزة قال سألت أبا منصور عبد الله بن عيسى المالكي وأبا علي الحسن بن أحمد بن مموش الوراق عن عرش رب العزة فقال كل واحد مهما سألت أبا الحسن علي بن الحسن الصيقلي القزويني بهمذان عن عرش رب العزة) قال سألت أبا الحسين محمد بن النضر الموصلي بها عن عرش رب العزة فقال سألت عبد الله بن أبي سفيان الموصلي عن عرش رب العزة فقال سألت يحيى بن أبي طالب عن عرش رب العزة فقال سألت عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن عرش رب العزة فقال سألت سعيد بن أبي عروبة عن عرش رب العزة فقال سألت قتادة عن عرش رب العزة فقال سألت أنس بن مالك عن عرش رب العزة
223 فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عرش رب العزة فقال سالت جبريل عن عرش رب العزة فقال سألت ميكائيل عن عرش رب العزة فقال سألت إسرافيل عن عرش رب العزة فقال سألت الرفيع عن عرش رب العزة فقال سألت اللوح عن عرش رب العزة فقال سألت القلم عن عرش رب العزة فقال إن للعرش ثلاث مائة ألف وستون ألف قائمة كل قائمة من قوائمه كأطباق الدنيا ستون ألف مرة تحت كل قائمة ستون ألف مدينة في كل مدينة ستون ألف صحراء في كل صحراء ستون ألف عالم من الثقلين الإنس والجن ستون ألف مرة لا يعلمون أن الله عز وجل خلق آدم ولا إبليس ألهمهم الله عز وجل أن يستغفروا لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم انتهى قول ابن النجار قلت أنا والله الذي لا إله إلا هو هذا الحديث كذب صراح وبهت غير مباح لا سامح الله من وضعه الشيخ شمس الدين ابن أبي الفتح محمد بن أبي الفتح ابن أبي الفضل ابن بركات الإمام العلامة المفتي المحدث المتقن النحوي البارع شمس الدين أبو عبد الله شيخ العربية البعلي الحنبلي ولد سنة خمس وأربعين وست مائة وسمع من الفقيه محمد اليونيني وابن عبد الدائم والعز حسن بن المهير وابن أبي اليسر ومن بعدهم وعني بالرواية وحصل الأصول وجمع وخرج وأتقن الفقه وبرع في النحو وصنف شرحا كبيرا للجرجانية وأخذ عن ابن مالك ولازمه وحدث بمصر ودمشق وطرابلس وبعلبك وتخرج به جماعة وكان إماما متعبدا من يومه متواضعا ريض الأخلاق وكان جيد الخبرة بألفاظ الحديث مشاركا في رجاله توفي بمصر بالمنصورية ودفن بمقبرة الحافظ عبد الغني سنة تسع وسبع مائة الطبيب محمد بن فتح طملون كان مولى لعمران بن أبي عمرو قال ابن أبي أصيبعة برع في الطب براعة علا بها من كان في زمانه ولم يخدم بالطب وطلب) فاستعفى من ذلك ولم يكن أحد من الأشراف في ذلك الوقت إلا وهو يحتاج إليه الحافظ الحميدي محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد بن يصلبالياء
224 آخر الحروف والصاد المهملة الحافظ أبو عبد الله الحميدي الأندلسي الميورقي سمع بالأندلس ومصر والشام والحجاز وبغداد واستوطنها وكان من كبار أصحاب ابن حزم الفقيه وقال ولدت قبل العشرين وأربع مائة سمع ابن حزم وأخذ أكثر كتبه وجماعة منهم ابن عبد البر وروى عنه شيخه الخطيب في مصنفاته وابن ماكولا وجماعة آخرهم أبو الفتح ابن البطي وكان من كبار الحفاظ ثقة متدينا بصيرا بالحديث عارفا بفنونه حسن النغمة بالقراءة مليح النظم ظاهري المذهب له شعر في المواعظ توفي سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربع مائة ودفن بمقبرة باب ابرز بالقرب من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ثم نقل إلى باب حرب ودفن عند بشر الحافي نقل ابن عساكر في تاريخه أن الحميدي أوصى إلى الأجل مظفر بن رئيس الرؤساء أن يدفن عند بشر الحافي فخالف وصيته فلما كان بعد مدة رأى في منامه الحميدي وهو يعاتبه على ذلك فنقله في صفر سنة إحدى وتسعين وكان كفنه جديدا وبدنه طريا يفوح منه رائحة المسك ووقف كتبه وله الجمع بين الصحيحين تاريخ الأندلس جمل تاريخ الإسلام الذهب المسبوك في وعظ الملوك كتاب ترسل مخاطبات الأصدقاء ما جاء من الآثار في حفظ الجار ذم النميمة كتاب الأماني الصادقة كتاب أدب الأصدقاء كتاب تحية المشتاق في ذكر صوفية العراق كتاب المؤتلف والمختلف كتاب وفيات الشيوخ ديوان شعوه ومن شعره * لقاء الناس ليس يفيد شيئا * سوى الهذيان من قيل وقال * * فأقلل من لقاء الناس إلا * لأخذ العلم أو لصلاح حال * وقال * كل من قال في الصحابة سوءا * فاتهمه في نفسه وأبيه * * وأحق الأنام بالعدل من لم * ينتقصهم بمنطق منن فيه * * وإذا القلب كان بالود فيهم * دل أن الهدى تكامل فيه *) وقال * من لم يكن للعلم عند فنائه * أرج فإن بقاءه كفنائه * * بالعلم يحيى المرء طول حياته * وإذا انقضى أحياه حسن ثنائه *
225 3 (ابن الفرج)) الأزرق محمد بن الفرج الأزرق قال الدارقطني لا بأس به توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين ابن الطلاع المالكي محمد بن فرج أبو عبد الله مولى محمد بن يحيى المعروف بابن الطلاع القرطبي الفقيه المالكي مفتي الأندلس ومسندها في الحديث توفي سنة سبع وتسعين وأربع مائة أبو المعالي محمد بن أبي الفرج بن معالي بن بركة بن الحسين أبو المعالي الموصلي المقرئ الفقيه الشافعي صحب أبا بكر يحيى بن سعدون المقرئ النحوي وقرأ عليه القرآن بالروايات وقدم بغداد وقرأ الأدب على أبي البركات ابن الأنباري وتفقه بالمدرسة النظامية وبرع في الفقه والخلاف والأصول وصار معيدا بها سمع بالموصل من خطيبها شيئا يسيرا وله في القراءات مصنفات وخضب بالسواد مدة ثم تركه توفي سنة إحدى وعشرين وست مائة ومن شعره * وقد أوتيت أخلاقا * تحير ضارب المثل * فأنت الكامل المتفرد الخالي من الخلل لقد أصبحت للوفاد من حاف ومنتعل * مسيح مروءة يحيي * لدينا ميت الأمل * أبو تراب الشعراني اللغوي محمد بن الفرج بن الوليد الشعراني أبو تراب اللغوي ذكره أبو منصور الأزهري في مقدمة كتابه فقال أبو تراب محمد بن الفرج صاحب كتاب الاعتقاب قدم هراة مستفيدا من شمر فكتب عنه شيئا كثيرا وأملى بهراة من كتاب الاعتقاب أجزاء ثم عاد إلى نيسابور وأملى بها باقي الكتاب) قال وقد نظرت في كتابه فاستحسنته ولم أر
226 فيها تصحيفا قال ياقوت في معجم الأدباء كنت رأيت نسخة بكتاب الأزهري ببغداد وقد ذكر الأزهري أبا تراب فيها وسماه محمد بن الفرج فلما وردت إلى مرو وقفت على النسخة التي بخط الأزهري ولم أجد ذكر اسم أبي تراب في المقدمة إنما ذكر كنيته فقال أبو تراب صاحب كتاب الاعتقاب ورأيته يقول في ضمن كتابه قال إسحاق بن الفرج وكان هناك نسخة أخرى بكتاب الأزهري لا توافق التي بخطه وفيها زيادات ونقصان وكنت أتأمل ذلك القول الذي عزاه في كتابه الذي بخطه إلى إسحاق ابن الفرج وهو مذكور في النسخة الأخرى لأبي تراب وكذا إذا وجدت في خطه شيئا قد عزاه إلى أبي تراب أراه في تلك النسخة قد عزاه إلى إسحاق بن الفرج وطلبت نسخة بكتاب الاعتقاب لأصحح اسمه منها فوجدتها مترجمة لمحمد بن الفرج بن الوليد الشعراني وأنا في حيرة من هذا إلى أن يصح إن شاء الله تعالى انتهى كلام ياقوت الذكي النحوي محمد بن الفرج أبو عبد الله المالكي الكتاني المعروف بالذكي النحوي مات فيما ذكره ابن الجوزي سنة ست عشرة وخمس مائة وهو من صقلية كان عالما بالنحو واللغة وسائر فنون الأدب ورد إلى بغداد وخرج إلى خراسان ومضى إلى غزنة ودخل الهند وخاصم هناك أئمة مخاصمات آلت إلى طعنهم فيه ثم عاد إلى أصبهان ومات بها كان يقول الغزالي ملحد وإذا ذكره يقول الغزالي المجوسي البقرطوسي كتب إليه الزمخشري محمود * فديت الإمام المغربي الذي له * فضائل شتى ما تفرقن في خلق * * له أدب جزل وعلم مرقق * وشعلة فهم دونها خطفة البرق * * لقد رزقت منه المغاربة الهوى * مودة شيخ واحد الغرب والشرق * فأجاب الذكي * حثثت من أقصى المغربين ركائبي * لأبصر من في كفه شعلة الحق * * فما زلت في عشواء أخبط لا أرى * يقينا ولا دينا يزين بالصدق * * إلى أن بدا علامة الدهر مشرقا * فلا غرو أن الشمس تطلع من شرق * ولم يخرج من الغرب إلا وهو إمام لأنه قرأ على محمد بن يونس كتاب الجامع في مذهب) مالك وعلى عبد الخالق السوري وغيرهما بالقيروان وقرأ الأدب على الحيولي كتاب سيبويه والإيضاح للفارسي غير أنه كان يتبع عثرات الشيوخ فدعا عليه السيوري فلم يفلح
227 3 (ابن الفضل)) محمد بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم حبسه المنصور مع اخوته عند خروج أخيهم يعقوب بن الفضل مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن وهو القائل * فإن ترجع الأيام بيني وبينها * بذي الأثل صيفا مثل صيفي ومربعي * * أشد بأعناق الهوى بعد هذه * مرائر أن جاذبتها لم تقطع * الخطيب السكوني محمد بن الفضل السكوني الخطيب قال يعتذر لحماد عجرد * أبا عمرو اغفر لي هديت فإنني * قد أذنبت ذنبا مخطئا غير حامد * * فلا تجدا فيه علي فإنني * أرى نعمة إن كنت ليس بواجد * * وهبه لما تفديك نفسي فإنني * أقر بإجرامي ولست بعائد * * وعد منك بالفضل الذي أنت أهله * فإنك ذو فضل طريف وتالد * فأجابه حماد * محمد يا ابن الفضل يا ذا المحامد * ويا بهجة النادي وزين المشاهد * * ولو كان ذو فضل يسمى لفضله * بغير اسمه سميت أم القلائد * ابن غزوان الضبي محمد بن فضيل بن غزوان الضبي مولاهم الكوفي روى عنه الجماعة وثقه ابن معين وقال أحمد بن حنبل حسن الحديث شيعي منحرف قال الشيخ شمس الدين إنما كان متواليا مبجلا للشيخين قال يحيى الحماني سمعت فضيلا أو حدثت عنه قال ضربت أبي البارحة إلى الصباح أن يترحم على عثمان رضي الله عنه فأبى علي وتوفي سنة خمس وتسعين ومائة وقيل سنة سبع
228 الحافظ عارم محمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي البصري الحافظ لقبه عارم روى عنه البخاري وروى الجماعة عن رجل عنه وروى عنه أحمد بن حنبل وغيره قال أبو) حاتم اختلط عارم في آخر عمره وتوفي سنة أربع وعشرين ومائتين البلخي الواعظ محمد بن الفضل بن العباس أبو عبد الله البلخي الزاهد الحبر الواعظ كان سيدا عارفا نزل سمرقند وتلك الديار ووعظ مرة فمات أربع أنفس وتوفي سنة تسع عشرة وثلاث مائة وقال ما خطوت أربعين سنة لغير الله وما نظرت أربعين سنة في شيء فاستحسنته حياء من الله وما أمليت على ملكي منذ ثلاثين سنة خطيئة ولو فعلت ذلك لاستحيين منهما الرواس المفسر محمد بن الفضل بن محمد بن جعفر بن صالح أبو بكر البلخي المفسر المعروف بالرواس صنف التفسير الكبير توفي سنة ست عشرة وأربع مائة المسند الفراء المصري محمد بن الفضل بن نظيف أبو عبد الله المصري الفراء مسند ديار مصر في زمانه وحديثه في الثقفيات توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة الفراوي الشافعي محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس أبو عبد الله الصاعدي الفراوي النيسابوري الفقيه أبوه من ثغر فراوة تفقه على إمام الحرمين وصار من جملة المذكورين من أصحابه حدث بالصحيحين وغريب الخطابي وغير ذلك قال أبو سعد السمعاني سمعت عبد الرشيد بن علي الطبري يقول الفراوي ألف راوي توفي سنة ثلاثين وخمس مائة أبو الفتوح الأشعري محمد بن الفضل بن محمد أبو الفتوح الأسفراييني ولد سنة أربع وسبعين وأربع مائة وقدم بغداد وتكلم بمذهب الأشعري وبالغ في التعصب فقامت الفتن في الأسواق وأفضى الحال إلى النهب والضرب واستحلال الأموال والدماء ودخل النيسابوري على مسعود وقدح فيه فقال تقلد دمه حتى أقتله فقال لا أتقلده فوكل السلطان بابي الفتوح وحمل إلى أسفرايين فمات ببسطام في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة ووصل الخبر
229 إلى بغداد بموته فقعدوا لعزائه فحضر الغزنوي فقال له بعض العامة ما حضرت إلا شماتة به فقام بعض الفقهاء وأنشد) * خلا لك يا عدو الجو فاصفر * ونجس في صعودك كل عود * * كذاك الثعلبان يجول كبرا * ولكن عند فقدان الأسود * ورثاه المعنى ابن الباطوح البغدادي * أيها الركب ابلغوا بلغتم * إن سقمي صدني عن سفري * * وإذا جئتم ثنيات اللوى * فلجوا ربع الحمى في خطري * * وصفوا شوقي إلى سكانه * واذكروا ما عندكم من خبري * * وحنيني نحو أيام مضت * بالحمى لم أقض منها وطري * * فاتني فيها مرادي وحلا * لتمني القرب فيها سهري * * كنت أخشى فوتها قبل النوى * فرماني حذري في حذري * * آه واشوقي إلى من بدلوا * صفو عيشي بعدهم بالكدر * * كلما اشتقت تمنيتهم * ضاع عمري بالمنى واعمري * الجرجرائي الكاتب محمد بن الفضل الجرجرائي الكاتب كان يكتب للفضل بن مروان ثم وزر للمتوكل وكان شيخا ظريفا حسن الأدب عالما بالغناء توفي سنة خمسين ومائتين وقد نيف على الثمانين وله مع إسحاق الموصلي أخبار كتب إلى إسحاق المذكور * خل أتى ذنبا إلي وإنني * لشريكه في الذنب إن لم أغفر * * فمحا بإحسان إساءة فعله * وأزال بالمعروف قبح المنكر * وقال لبعض كتابه * تعجل إذا ما كان أمن وغبطة * وأبط إذا ما استعرض الخوف والهرج * * ولا تيأسا من فرجة أن تنالها * لعل الذي ترجوه من حيث لا ترجو * البصرة الكاتب محمد بن الفضل الكاتب المعروف بالبصرة كان يعاشر أبا هفان ومحمد بن مكرم واليعقوبي وأبا علي البصير وأبا العيناء قال في سديف غلام ابن مكرم * أحبك ما حييت وما حييتا * برغمك إن كرهت وإن هويتا * * وأصبر إن جفوت ولا أبالي * غضبت من المحبة أو رضيتا) * (وأسعى في الذي تهواه جهدي * فكن لي مت قبلك كيف شيتا *
230 أبو عدنان العنبري محمد بن الفضل بن أحمد بن علي بن محمد بن يحيى بن أبان بن الحكم العنبري أبو عدنان الأصبهاني الكاتب الأديب قال يحيى بن منده هو صاحب صلاة واجتهاد يرجع في معرفة اللغة والنحو إلى معرفة تامة ما رأيت رجلا أحسن صلاة منه حسن الوجه جميل الطريقة مات سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة فجأة حدث عن أحمد بن موسى بن مردويه وأبي بكر بن أبي علي ومن بعدهما من الشيوخ الزنجاني الشاعر محمد بن الفضل أبو عبد الرحمن الزنجاني الشاعر توفي سنة عشرين وست مائة تقريبا ومن شعره * قسما بأيام الصفا ووصالكم * والجمع في جمع وذاك الملتزم * * ما اخترت بعدكم بديلا لا ولا * نادمت بعد فراقكم إلا الندم * وقال * العين تشتاق أن تراكم * فاغتنموا الأجر في الوصال * * منوا على عبدكم بوصل * أو ابعثوا طارق الخيال * * جودوا على فاقتي وفقري * كفيتم حادث الليالي * * نأيتم عن سواد عيني * وأنتم في سواد بالي * * سركم في صميم قلبي * بضاعة القوم في الرحال * أبو الفضائل العلوي محمد بن الفضل بن يحيى بن عبد الله بن جعفر ابن زيد بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أبو الفضائل بن أبي القاسم العلوي الحسيني قال ابن النجار شاب فاضل يقول الشعر الجيد مدح الإمام الناصر بعدة قصائد وأنشدها بمجلس الوزارة وكان كيسا لطيف الطبع متواضعا حسن الأخلاق ومن شعره * يوم أعاد لنا الزمان المذهبا * فانقاد في رسن السرور وأصحبا * * ومحا إساءات الليالي شافع * منه وكل عقاب دهر إذ نبا) * (وأضاءت الدنيا الفضاء وأشرقت * نورا وكانت قبل ذلك غيهبا * * وشدت به الورق الحمائم هتفا * بذرى الأراك ترنما وتطربا * * وكأنه نشر الربيع وشت به * في أخريات الليل أنفاس الصبا * قلت شعر متوسط توفي سنة خمس عشرة وست مائة أبو ذر الشافعي محمد بن الفضل بن عبد الله أبو ذر التميمي الفقيه الشافعي الجرجاني كان رئيس جرجان وكان جوادا ممدحا وداره مجمع الفضلاء والعلماء رحل إلى
231 البلاد وسمع خلقا كثيرا منهم الحسن بن علي بن خلف وغيره روى عنه الدارقطني وأقرانه وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاث مائة الدولعي الخطيب محمد بن أبي الفضل بن زيد بن ياسين الإمام جمال الدين أبو عبد الله التغلبي الأرقمي الدولعي ولد بالدولعية من قرى الموصل سنة خمس وخمسين ظنا وقدم دمشق وتفقه على عمه خطيب دمشق ضياء الدين وسمع وولي الخطابة بعد عمه وطالت مدته منعه المعظم من الفتوى مدة ولم يحج حرصا على المنصب وولي بعده أخوه وكان جاهلا وكان جمال الدين شديدا على الرافضة توفي سنة خمس وثلاثين وست مائة وفيه يقول شرف الدين ابن عنين * طولت يا دولعي فقصر * فأنت في غير ذا مقصر * * خطابة كلها خطوب * وبعضها للورى منفر * * تظل تهذي ولست تدري * كأنك المغربي المفسر * وقال ابن عنين أيضا وقد أمر العادل بنزح الماء من الخندق لينهي أساس بعض أبرجة القلعة فأعجر العمال * أرح من نزح ماء البرج قوما * فقد أفضى إلى تعب وعي * * مر القاضي بوضع يديه فيه * فقد أضحى كرأس الدولعي * جمال الدين ابن الإمام محمد الفضل بن الحسن بن موهوب جمال الدين المعروف بابن الإمام كان فاضلا في الأدب له نظم ونثر وله ديوان خطب خدم الملك المنصور صاحب حماة والملك المجاهد صاحب حمص وصحب أولاد شيخ الشيوخ بمصر) مولده سنة تسع وستين وخمس مائة وتوفي في شهر رجب سنة سبع وخمسين وست مائة بحماة العقري النحوي محمد بن فضلون بن أبي بكر بن الحسن بن محمد شهاب الدين العدوي العقريبالعين المهملة مفتوحة وسكون القاف ولام بعدها واو ونونالنحوي اللغوي المتكلم الحكيم سمع الحديث والأدب على جماعة من أهل العلم قال ياقوت في معجم ا البلدان كنت مرة معه أعراض إعراب شيخنا أبي القباء لقصيدة الشنفري اللامية إلى أن بلغنا إلى قوله * وأستف ترب الأرض كي لا يرى له * علي من الطول امرء متطول * فأنشدني لنفسه في معناه * مما يؤجج كربي أنني رجل * سبقت فضلا ولم أحصل على السبق *
232 * يموت بي حسدا مما خصصت به * من لا يموت بداء الجهل والحمق * * إذا سغبت سففت الترب في سغبي * ولم أقل للئيم سد لي رمقي * * وإن صديت وكان الصفو ممتنعا * فالموت أنفع لي من مشرب رنق * * وكم غرائب مال دونها رمق * زهدت فيها ولم أقدر على الملق * * وقد ألين وأجفو في محلهما * فالحزن والسهل مخلوقان في خلقي * قال ياقوت فقلت له قول الشنفري أبلغ لأن نزه نفسه عن ذي الطول وأنت نزهتها عن اللئيم قال صدقت لأن الشنفري كان يرى متطولا فينزه نفسه عنه وأنا لا أرى إلا اللئام فكيف أكذب فخرج من اعتراضي إلى أحسن مخرج
233 3 (ابن فضل الله)) بدر الدين ابن فضل الله محمد بن فضل الله القاضي بدر الدين الموقع أحد الأخوة توفي سنة ست وسبع مائة زهو عم القاضي بدر الدين محمد ابن القاضي محيي الدين يحيى كاتب السر بالشام وسيأتي ذكره في موضعه وزير بوسعيد بالمماليك القانية غياث الدين محمد بن فضل الله بن أبي الخير ابن علي الوزير الكبير غياث الدين خواجا ابن الوزير رشيد الدولة الهمذاني ولد هذا في الإسلام ولما نكب والده وقتل سلم واشتغل مدة وصحب أهل الخير فلما توفي علي شاه الوزير طلب السلطان بوسعيد غياث الدين المذكور وفوض إليه الوزارة ومكنه ورد إليه الأمر وألقى إليه مقاليد الممالك وحصل له من الارتقاء والملك ما لم يبلغه وزير غيره في هذه الأزمان وكانت رتبته من نوع رتبة نظام الملك وكان من أجمل الناس في الصورة وأمه تركية وله عقل ودهاء وغور مع ديانة وحسن إسلام وكرم وسؤدد وخبرة بالأمور كان خيرا من والده بكثير له آثار جميلة خرب كنائس بغداد ورد أمر المواريث إلى مذهب أبي حنيفة فورث ذوي الأرحام وكان إليه تولية نواب الممالك وعزلهم لا يخالفه القان في شيء وخدم السلطان الملك الناصر صاحب مصر كثيرا وراعى مصالحه وحقن دماء الإسلام وقرر الصلح ومشى الأمور على أجمل ما يكون ولما توفي السلطان بو سعيد نهض الوزير إلى شاب من بقايا النسل يقال له ارباكوون فسلطنه وأخذ له البيعة على الأمراء واستوسق له الأمر فخرج عليهما علي باشا خال بو سعيد وابن بيدو فانفل الجمع وقتل ارباكوون والوزير في رمضان سنة ست وثلاثين وسبع مائة ابن كاتب المرج محمد بن فضل الله ابن أبي نصر بن أبي الرضى السديد ابن كاتب المرج القوصي قال كمال الدين جعفر الأدفوي في تاريخ الصعيد أديب كامل شاعر فاضل كأنما خلق حلقه من نسمات السحر وصور وجهه من محاسن القمر مع فصاحة لسان وقلم وحياء وكرم وصدق لهجة يسير بها على أوضح محجة وكان والده قد أعطى في سعة العطاء ما يعز الآن وجوده فجازاه الله بما أسلف من خير إسلام أبنائه أجمعين وهداهم إلى اتباع
234 سيد المرسلين وانتقلوا من) شريعة عيسى إلى شريعة محمد المختار وربك يخلق ما يشاء ويختار وله مشاركة في النحو والأصول والحكمة والطب وغيرها قرأ النحو والأصول والأدب على نجم الدين الطوفي البغدادي الحنبلي بقوص ثم قرأ التقريب على مؤلفه العلامة أثير الدين أبي حيان وتأدب على تاج الدين أبي الفتح محمد ابن الدشناوي ومجير الدين عمر ابن اللمطي وشرف الدين محمد النصيبي بقوص وغيرهم ونظم ونثر وجرى على مذهب أهل الآداب في أنهم يستحلون محاسن الشباب ويستحلون التشبيب في الشراب ووصف الحباب وتقلب في الولايات السلطانية وهو في كلها محمود وجلس بالوراقين بقوص وولي وكالة بيت المال بقوص قال وهو الآن مقيم بمدينة هو وأورد له من شعره * إذا حملت طيب الشذا نسمة الصبا * فذاك سلامي والنسيم فمن رسلي * * وإن طلعت شمس النهار ذكرتكم * بصالحة والشيء يذكر بالمثل * ومنه * أقول لجنح الليل لا تحك شعر من * هويت وهذا القول من جهتي نصح * * فقد رام ضوء الصبح يحكي جبينه * مرارا فما حاكاه وانفضح الصبح * ومنه * لمن أشتكي البرغوث يا قوم أنه * أراق دمي ظلما وأرق أجفاني * * وما زال بي كالليث في وثباته * إلى أن رماني كالقتيل وعراني * * إذا هو آذاني صبرت تجلدا * ويخرج عقلي حين يدخل آذاني * ومنه من قصيدة ورد الكأس فهي نار إذا كان ولا بد من ورود النار * وتحدى الذين لمم يردوها * بضروب من معجزات الكبار * * فاجل في الليل من سناها شموسا * وادر في النهار منها الدراري * * وار الدر من يغوص عليه * عائما من حبابها في النضار * * إنما لذة المدامة ملك * لك فاشرب وما سواها عوار *) ومنه * برق بدا من دار علوه * أو قلب صب صار جذوه * فيها قلوب العاشقين تضرمت صدا وجفوه إني اجتهدت فصرت في العشاق قدوة كل قدوة
235 * لو أن قيسا مدركي * لمشى على نهجي وعروة * * لا عيش من بعد الصبى * يحلو سوى بجنون صبوه * بمهفهف يسبي العقول كان في جفنيه قهوه أبدا قضيب القد منه يميل من لين ونشوه * قد أسكرت رشفاته * لكنها كالشهد حلوه * ومنه * أما وطيب عشيات وأسحار * من بعدها أفلت شمسي وأقماري * * بها أذكر دهري كي يجود بها * ولا يجود ولا يأتي بإعذار * * لو أن تلك من الأيام عدن بها * أو الليالي ولم تحتج لتذكار * * لله ليلانها البيض القصار فكم * سطوت منها على دهري ببتار * * أنكرت إفشاء سر كنت أكتمه * فيها ولكنني أنكرت إنكاري * * يا للعجائب ليل ما هجعت به * لنوره كيف تخفى فيه أسراري * * إن الضنى عن جميع الناس ميزني * فكان على إخفائي وإظهاري * * فلا تقولوا إذا استبطأتم خبري * أما النسيم عليه سائر سار * * فلو يمر نسيم بي لسار إلى * مغناكم بي كما يسري بإخباري * ومنه موشح كتبه إلى كمال الدين جعفر الأدفوي بي مربع قد خلا من أهله في السبسب عمران فإن يكن أمحلا فمدمعي كالسحب هتان سروا فؤاد الشميم وكل واد عاطر ولي فؤاد يهيم بالعشق وهو شاعر حكوا ظباء الصريم لو صيد منهم نافر) حذرت أن لا يريم فرام ما أحاذر فإن سري في بهيم ليل فبدر سافر وإن يسر عجلا فالظبي عند الهرب عجلان أو حل وسط الفلا فقومه من عرب غزلان يقول خل انطلاق الدمع قصد السمعة فما لأهل النفاق ووجنة كالجنة فقلت دمع يراق هل رده في الحيلة
236 كلفت ما لا يطاق في شرعة المحبة ولا وعدت العناق وقهوة الريق التي من حاسديها الطلا وحسن نظم الحبب خجلان لا لغو فيها ولا يحرسها من شنب رضوان ليست كراح يطاف بها حراما لإحلال تدق عند اختطاف عقول قوم كالجبال كم أمنت من يخاف إما بحق أو محال وهونت من تلاف عرض ودين بعد مال فدع كؤوس السلاف واستجل أوصاف الكمال فإنما يجتلى على الكرام النجب إحسان من عنده بالغلا يستعبد الحر الأبي أثمان أثنت عليه العدا وعددت مآثره مركز بذل الجدا ومن سواه الدائرة بلا حروف الندا لبت لهاة الغامره اسلف كلا يدا حتى السحاب الهامره وقد ملا بالندى كل بقاع القاهرة حتى رأينا الملا لفضله والأدب قد دانوا إذ هم رعايا العلا وجعفر بن تغلب سلطان) منه يفاد الكلام فما يقول الناظم في العلم حبر أمام وفي السخاء حاتم فيا أبا الفضل دام لي ببقاك العالم فأنت عين الأنام يقظى وكل نائم بك الجدود الكرام تسر حتى آدم أنت لمن قد تلا على صميم النسب عنوان يا آخرا أولا كأنك في الكتب قرآن وغادة تنجلي فينجلي القلب الحزين بها يحلى الحلي ويسحر السحر المبين قلت لها والخلي لم يدر ما الداء الدفين
237 بالله من ينطلي عليك أو تألفين ابن علي بعلي قالت نعم يا مسلمين لولا علي انطلا تركت أمي وأبي من شانو كفاية الله البلى يبيت سواي وذا الصبي في أحضانو ومن موشحاه أيضا افتك بنا في السقم والهم كل فتك بخمرة كالعندم أو مرشف ابن تركي فلونها لون الدم والريح ريح المسك كم صبرت ذا ألم من كدر وضنك والعيش منه يصفو والطيش يستخف وللسرور زحف منه الهموم تهرب ولو أتت في ألف منه في الخرجة يا مرحبا بالغائب إذ جاء في العذار يزري بكل كاعب تزور في الإزار فلم أكن بخائب عليه في انتظار) ولم أقل كالعاتب أبطأت في مزاري إلا التفت لخلفو وقال يشير بكفو وحاجبو لردفو هذا الثقيل حقا اعتبوا على انقطاعو خلفي ناظر الجيش محمد بن فضل الله القاضي الكبير الرئيس فخر الدين ناظر الجيوش بالديار المصرية كان متألها عمره لما كان نصرانيا ولما أسلم حكي لي الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس عن خاله القاضي شرف الدين ابن زنبور قال هذا ابن أختي متعبد لأننا لما كنا نجتمع على الشراب في ذلك الدين يتركنا وينصرف ونفتقده إذا طالت غيبته فنجده واقفا يصلي ولما ألزموه بالإسلام امتنع وهم بقتل نفسه بالسيف وتغيب أياما ثم أسلم وحسن إسلامه إلى الغاية ولم يقرب نصرانيا ولا آواه ولا اجتمع به وحج غير مرة وزار القدس غير مرة وقيل أنه في آخر أمره كان يتصدق كل شهر بثلاثة آلاف درهم وبنى مساجد كثيرة في الديار المصرية وعمر أحواضا كثيرة في الطرقات وبنى بنابلس مدرسة وبنى بالرملة بيمارستانا وكثر من أعمال البر وأخبرني القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله أنه كان حنفي المذهب انتهى وزار القدس
238 غير مرة وفي بعض المرات أحرم من القدس وتوجه إلى الحجاز وكان إذا خدمه الإنسان مرة في عمره بقي صاحبه إلى آخر وقت وقضى أشغاله وكانت فيه عصبية لأصحابه وانتفع به خلق كثير في الدولة الناصرية من الأمراء والنواب والقضاة والفقهاء والأجناد وغيرهم من أهل الشام ومصر لوجاهته عند أستاذه وإقدامه عليه لم يكن لأحد من الترك ولا من المتعممين إقدامه عليه أما أنا فسمعت السلطان الملك الناصر يقول يوما في خانقاه سرياقوس لجندي واقف بين يديه يطلب إقطاعا لا تطول والله لو أنك ابن قلاون ما أعطاك القاضي فخر الدين خبزا يعمل أكثر من ثلاثة آلاف درهم وحكى القاضي عماد الدين ابن القيسراني أنه قال له في يوم خدمة ونحن في دار العدل يا فخر الدين تلك القضية طلعت فاشوش فقال له ما قلت لك أنها عجوز نحسيريد بذلك بنت كوكاي امرأة السلطان لأنها ادعت أنها حبلى وأخباره معه من هذه النسبة كثيرة وكان أولا كاتب) المماليك ثم انتقل إلى نظر الجيش ونال من الوجاهة ما لم ينله غيره وكان الأمير سيف الدين أرغون النائب على عظمته يكرهه وإذا قعد للحكم أعرض عنه وأدار كتفه إليه ولم يزل فخر الدين يعمل عليه إلى أن توجه أرغون إلى الحجاز فقيل أنه أتى بذكره يوما وقال له يا خوند ما يقتل الملوك إلا نوابهم هذا بيدرا قتل أخاك الأشرف وحسام الدين لاجين المنصور قتل بسبب نائبه منكوتمر فتخيل السلطان منه ولما جاء من الحجاز لم يره وجهزه إلى حلب نائبا وهو الذي حسن له أن لا يكون له وزير بعد الجمالي ولذلك بقيت جميع أمور المملكة متعلقة به في الجيوش والأموال وغيرها ولما غضب عليه وولى القاضي قطب الدين ابن شيخ السلامية صادره وأخذ منه أربع مائة ألف درهم فلما رضي عليه أمر بإعادتها إليه فقال له يا خوند أنا خرجت عنها لك فابن بها لك جامعا فبنى بها الجامع الذي في موردة الحلفاء وسمعت من قزمان شخص كان كاتبا يحدث أنه جاء مرة إلى القدس وكنت هناك فتوجه إلى قمامة وكنت من خلفه وهو لا يراني وهو يمشي فيها وينظر إلى تلك المعابد ويقول ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وعلى الجملة فكان للملك والزمان به جمال وكان في آخر أمره يباشر بلا معلوم وترك الجميع إلا كماجة تحضر له كل يوم من المخابز السلطانية ويقول أتبرك بها ولما قيل للسلطان أنه مات لعنه وقال له خمس عشرة سنة ما يدعني أعمل ما أريد ومن بعده تسلط السلطان على الناس وصادر وعاقب وتجرأ على كل شيء وتوفي رحمه الله في سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة ووصى من ماله للسلطان بأربع مائة ألف درهم فأخذ منه أكثر من ألف ألف درهم المسند المحدث الأندلسي محمد بن فطيس بن واصل أبو عبد الله الغافقي الأندلسي الإلبيري محدث مسند بتلك الديار قال ابن الفرضي كان ضابطا نبيلا صدوقا توفي سنة تسع عشرة وثلاث مائة
239 محمد بن فليح بن سليمان قال العقيلي لا يتابع على بعض حديثه قال الشيخ شمس الدين كثير من الثقات قد تفردوا ويصح أن يقال فيهم لا يتابعون على بعض) حديثهم انتهى وقد روى عنه البخاري والنسائي وابن ماجة توفي سنة سبع وتسعين ومائة المازيار صاحب طبرستان محمد بن قارن المازيار صاحب طبرستان كان مباينا لعبد الله بن طاهر وكان الأفشين يدس إليه ويشجعه ويحمله على خلاف المعتصم فخالف وصادر الناس وأذلهم بطبرستان وجعل السلاسل في أعناقهم وهدم المدن فهرب الناس منه إلى خراسان وكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر يأمره بقتاله فبعث إليه عمه الحسن بن الحسين بن مصعب فحاربه وأحاط به وأخذه أسيرا وقتل أخاه شهريار وجاء به إلى عبد الله بن طاهر فوعده إن هو أظهره على كتب الأفشين إليه أن يشفع له عند المعتصم فأقر له المازيار بالكتب فأخذها ابن طاهر وبعث بها وبالمازيار إلى المعتصم فسأله عنها فلم يقر بها فأمر بضربه حتى مات وصلبه إلى جانب بابك بعدما ضرب المازيار أربع مائة وخمسين سوطا وطلب الماء فلم يسق فمات من وقته عطشا وكان المأمون يعظمه ويكتب إليه من عبد الله المأمون إلى أصبهبذ أصبهبذان وصاحب محمد بن قارن مولى أمير المؤمنين وفيه يقول أبو تمام الطائي من قصيدة * ولقد شفيت القلب من برحائها * أن صار بابك جار مازيار * * ثانيه في كبد السماء ولم يكن * كاثنين ثان إذ هما في الغار * قلت وقد غلط أبو تمام في هذا التركيب لأنه إنما يقال ثاني اثنين وثالث ثلاثة ورابع أربعة ولا يقال اثنين ثان ولا ثلاثة ثالث ولا أربعة رابع
240 3 (ابن القاسم)) أبو العباس الدمشقي محمد بن القاسم الدمشقي أبو العباس لما قدم أبو دلف بغداد في أيام المعتصم أنشده محمد بن القاسم * تحدر ماء الجود من صلب آدم * فأثبته الرحمن في صلب قاسم * * أمير ترى صولاته في بدوره * معادلة صولاته في الملاحم * وقال * يا بياض المشيب سودت وجهي * عند بيض الوجوه سود القرون * * فلعمري لأحجبنك جهدي * عن عياني وعن عيان العيون * * بخضاب فيه ابيضاض لوجهي * وسواد لوجهك الملعون * أبو جعفر بن القاسم بن عبيد الله محمد بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب بن سعيد أبو جعفر الوزير كان معرقا في الوزارة فهو وأبوه وجده وأبو جده وزراء وأبو جعفر هذا وزر للقاهر سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة مدة ثلاثة أشهر واثني عشر يوما وكان سئ السيرة غير مرضي الأفعال وتوفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة وكانت ولايته وعزله وموته في سنة واحدة ومن شعره * ألم تر أن ثقات الرجال * إذا الدهر ساعده ساعدوا * * وإن خانه دهره أسلموه * ولم يبق منهم له واحد * * ولو علم الناس أن المريض * يموت لما عاده عائد * القلوسي محمد بن القاسم بن أحمد الأستاذ أبو الحسن النيسابوري الماوردي المعروف بالقلوسي مصنف كتاب المفتاح وغيره كان فقيها متكلما واعظا توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة الشهرزوري القاضي قاضي الخافقين محمد بن القاسم بن مظفر بن علي أبو بكر الشهرزوري القاضي الموصلي ولد سنة أربع وخمسين وأربع مائة ولي القضاء بعدة بلدان من الشام والجزيرة ونزل إلى بغداد) فتوفي بها ومن شعره
241 * همتي دونها السهى والثريا * قد علت جهدها فما تتدانى * * فأنا متعب معنى إلى أن * تتفانى الأنام أو أتفانى * توفي سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وكان تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وسمع الحديث من أبي القاسم عبد العزيز بن الأنماطي وأبي نصر محمد بن محمد الزينبي وأبي الفضل عمر بن البقال وغيرهم ورحل إلى خراسان وطوف البلاد ولقي أئمتها وسيأتي ذكر أخيه القاضي المرتضى عبد الله بن القاسم في مكانه الفقيه أبو عبد الله التكريتي محمد بن القاسم بن هبة الله أبو عبد الله الفقيه الشافعي من أهل تكريت تفقه بها في صباه على قاضيها يحيى بن القاسم ثم قدم بغداد ودرس الفقه والخلاف على أبي القاسم بن فضلان وسافر إلى الموصل وقرأ على فضلائها وبرع في المذهب والخلاف وعاد إلى بغداد وصار معيدا بالنظامية واستنابه أقضى القضاة أحمد بن علي بن البخاري على الحكم بدار الخلافة مدة ولايته وكان فقيها فاضلا حافظا للمذهب سديد الفتاوي حافظا لكتاب الله إلا أنه كان شديد الحمق فاسد الفكرة قليل العقل سئ التصرف وكان يدعي النظم والنثر ويكتب منه ما يضحك منه وتوفي سنة أربع وعشرين وست مائة ابن بابجوك محمد بن أبي القاسم بن بابجوك ببائين موحدتين بينهما ألف بعدهما جيم وبعد الواو كافالأستاذ أبو الفضل الخوارزمي النحوي صاحب التصانيف يعرف بالآدمي لحفظه مقدمة في النحو للآدمي تتلمذ للزمخشري وجلس بعده في حلقته وشهر اسمه وبعد صيته من تصانيفه شرح السماء الحسنى وأسرار الأدب وافتخار العرب ومفتاح التنزيل والترغيب في العلم وكافي التراجم بلسان الأعاجم والأسمى في سرد الأسما وإذكار الصلاة والهداية في المعاني والبيان وإعجاز القرآن ومياه العرب وتفسير القرآن وغير ذلك توفي سنة إحدى وستين وخمس مائة) ابن الشاطبي محمد بن القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد أبو عبد الله الشاطبي الأصل المصري المولد والدار المقرئ العدل مولده سنة ست أو سبع وسبعين وخمس مائة وتوفي بالقاهرة سنة خمس وخمسين وست مائة ودفن بسفح المقطم سمع من أبيه وغيره وحدث وأبوه هو الإمام الشاطبي المقرئ صاحب القصيدة المشهورة في القرآات أبو العيناء محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر اليمامي الهاشمي مولى المنصور
242 البصري الأخباري أبو العيناء مولده سنة إحدى وتسعين ومائة وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين وكان قبل العمى أحول قال ياقوت قرأت في تاريخ دمشق قرأت على زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي حدثنا أبو عبد الله الحافظ سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الأموي يقول سمعت إسماعيل بن محمد النحوي يقول سمعت أبا العيناء يقول أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي قال لا يشبه آخر هذا الحديث أوله فأبى أن يقبله وكان أبو العيناء يحدث بهذا بعدما كان وكان جد أبي العيناء الأكبر لقي علي بن أبي طالب فأساء المخاطبة بينه وبينه فدعا عليه علي بالعمى له ولولده من بعده فكل من عمي من ولد أبي العيناء فهو صحيح النسب فيهم وقال المبرد إنما صار أبو العيناء أعمى بعد أن نيف على الأربعين وخرج من البصرة واعتلت عيناه فرمي فيهما بما رمي والدليل على ذلك قول أبي علي البصير فيه قد كنت خفت يد الزمان عليك إذ ذهب البصر * لم أدر أنك بالعمى * تغنى ويفتقر البشر * وقال أحمد بن أبي دؤاد ما أشد ما أصابك من ذهاب بصركقال أبدأ بالسلام وكنت أحب أن أكون أنا المبتدئ وأحدث من لا يقبل على حديثي ولو رأيته لم أقبل عليه فقال له ابن أبي دؤاد أما من بدأك بالسلام فقد كافأته بجميل نيتك له ومن أعرض عن حديثك فما أكسب نفسه من سوء الأدب أكثر مما نالك من سوء الاستمالة فأنشد أبو العيناء * أن يأخذ الله من عيني نورهما * ففي لساني وسمعي منهما نور) * (قلب ذكي وعقل غير ذي دخل * وفي فمي صارم كالسيف مأثور * قال المتوكل أشتهي أن أنادم أبا العيناء إلا أنه ضرير فقال أبو العيناء أن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة ونقش الخواتيم فإني أصلح وخاصم يوما علويا فقال له العلوي أتخاصمني وأنت تقول في صلاتك اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فقال له لكني أقول الطيبين الطاهرين فتخرج أنت منهم وصار يوما إلى باب صاعد بن مخلد فاستأذن عليه فقيل هو مشغول بالصلاة ثم استأذن بعد ساعة فقيل له كذلك فقال لكل جديد لذة وقد كان قبل الوزارة نصرانيا ومر بباب عبد الله بن منصور وكان مريضا وقد صلح فقال لغلامه كيف خبر مولاكفقال كما تحب فقال ما لي لا أسمع الصراخ عليه ولقيه بعض أصحابه في السحر فجعل صاحبه يعجب من بكوره فقال أبو العيناء أراك تشركني في الفعل وتفردني بالعجب وقال له المتوكل أرأيت طالبيا ضريرا فيما تقدم وإنما سألتك عما سلف فقال نعم رأيت منهم واحدا ببغداد منذ ثلاثين سنة فقال نجده كان مؤاجرا ونجدك كنت قوادا عليه فقال يا أمير المؤمنين ما بلغ هذا من فراغي أدع موالي مع كثرتهم وأقود على الغرباءفقال المتوكل أردت أن أشتفي منهم فاشتفى لهم مني واجتمع أبو هفان وأبو العيناء على مائدة فقال أبو هفان هذه أشد حرا من مكانك في لظى فقال
243 أبو العيناء بردها بشيء من شعرك وقال له المنتصر بن المتوكل يا أبا العيناء ما أحسن الجوابفقال ما أسكت المبطل وحير المحق فقال أحسنت والله ودخل على ابن منازة الكاتب وعنده ابن المرزبان فأراد العبث به ابن المرزبان فقال له ابن منازة لا تفعلفلم يقبل فلما جلس قال له يا أبا العيناء لم لبست جباعة فقال وما الجباعة قال التي ليست بجبة ولا دراعة فقال أبو العيناء ولم أنت صفدثم قال وما الصفدثم قال الذي ليس بصفعان ولا نديم فوجم لذلك وضحك أهل المجلس وقال عشقتني امرأة بالبصرة من غير أن تراني وإنما كانت تسمع كلامي وعذوبته فلما رأتني استقبحتني وقالت قبحه اللههذا هوفكتبت إليها) * ونبئتها لما رأتني تنكرت * وقالت ذميم أحول ما له جسم * * فإن تنكري مني احولالا فإني * أديب أريب لاعيي ولا فدم * فوقعت في الرقعة يا عاض بظر أمه ألديوان الرسائل أريدك أم لنفسيوقال جحظة أنشدنا أبو العيناء لنفسه * حمدت إلهي غذ منيت بحبها * على حول يغني عن النظر الشزر * * نظرت إليها والرقيب يظنني * نظرت إليه فاسترحت من العذر * وقال محمد بن خلف بن المرزبان قال لي أبو العيناء أتعرف في شعراء المحدثين رشيدا الرياحيقال قلت لا قال بلى هو القائل في * لنسب لابن قاسم مأثرات * فهو للخير صاحب وقرين * * أحول العين والخلائق زين * لا احولال بها ولا تلوين * ليس للمرء شائنا حول العين إذا كان فعله لا يشين فقلت له وكنت قبل العمى أحولمن السقم إلى البلى فقال هذا أطرف خبر تعرج به الملائكة إلى السماء اليوم وقال أيما اصلح من السقم إلى البلى أو حال العجوز لا وأخذها الله من القيادة إلى الزناء وقال الخطيب مولد أبي العيناء بالأهواز ومنشأه بالبصرة وبها كتب الحديث وطلب الأدب وسمع من أبي عبيدة والأصمعي وأبي عاصم النبيل وأبي زيد الأنصاري وغيرهم وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا وأسرعهم جوابا وأحضرهم نادرة وانتقل من البصرة إلى بغداد وكتب عنه أهلها ولم يسند من الحديث إلا القليل والغالب على رواياته الأخبار والحكايات وقال الدارقطني ليس بالقوي في الحديث الحافظ البياني القرطبي محمد بن قاسم بن محمد بن سيار الأموي مولاهم القرطبي البياني أو عبد الله الحافظ كان عالما بارعا في علم الوثائق توفي سنة سبع وعشرين وثلاث مائة
244 الإمام أبو بكر ابن الأنباري محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي العلامة ولد سنة إحدى وسبعين قال أبو علي القالي تلميذه كان يحفظ فيما قيل ثلاث مائة ألف بيت) شعر شاهد في القرآن وكان يملي من حفظه وما أملى من دفتر وكان زاهدا متواضعا حكى الدارقطني أنه حضره في مجلس يوم الجمعة فصحف اسما فأعظمت أن أحمل عنه وهما وهبته وعرفت مستمليه فلما حضرت الجمعة الثانية قال لمستمليه عرف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني ونبهنا ذلك الشاب على الصواب وروي عنه أنه قال احفظ ثلاثة عشر صندوقا قال التميمي حدث أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير بأسانيدها كان يتردد إلى أولاد الراضي بالله فسألته جارية عن تعبير رؤيا فقال أنا حاقن ومضى فلما عاد من الغد عاد وقد صار عابرا مضى من يومه فدرس كتاب الكرماني كان إماما في نحو الكوفيين وأملى كتاب غريب الحديث في خمس وأربعين ألف ورقة وله شرح الكافي في ألف ورقة وكتاب الأضداد ما رأيت أكبر منه في بابه والجاهليات في سبع مائة ورقة والمذكر والمؤنث وخلق الإنسان وخلق الفرس والأماثل والمقصور والممدود والهاءات في ألف ورقة المشكل رسالة رد فيها على ابن قتيبة والوقف والابتداء وكان يملي هو في ناحية في المسجد وأبوه في ناحية أخرى الزاهر أدب الكاتب لم يتم الواضح في النحو ونقض مسائل ابن شنبوذ الرد على من خالف مصحف عثمان كتاب اللامات وكتاب الآلفات شرح شعر زهير شرح شعر النابغة الجعدي وشرح شعر الأعشى وكتاب الأمالي توفي ليلة النحر سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة الأمير الثقفي محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي كان عاملا للحجاج على السند وفتحها فلما وليها حبيب بن المهلب قدم على مقدمته عاملا من السكاسك ورجلا من عك فأخذا محمدا فحبساه فقال * أينسى بنو مروان سمعي وطاعتي * وإني على منا فاتني لصبور * * فتحت لهم ما بين سابور بالقنا * إلى الهند منهم زاحف ومغير * * وما وطئت خيل السكاسك عسكري * ولا كان من عك علي أمير * * وما كنت للعبد المزوني تابعا * فيالك جدا بالكرام عثور *
245 * ولو كنت أزمعت الفراق لقربت * إلى إناث للوغى وذكور * فبلغ سليمان بن عبد الملك شعره فأطلقه بعد أن حبس بواسط) وفيه يقول زياد الأعجم * قاد الجيوش لخمس عشرة حجة * ولداته عن ذاك في أشغال * * قعدت بهم أهواؤهم وسمت به * همم الملوك وسورة الأبطال * ويقول آخر * إن المنابر أصبحت مختالة * بمحمد بن القاسم بنت محمد * * قاد الجيوش لسبع عشرة حجة * يا قرب سورة سؤدد من مولد * وكان محمد بن القاسم من رجالات الدهر ضرب عنقه معاوية بن يزيد بن المهلب وقيل أن صالح بن عبد الرحمن عذبه فمات ابن مموله النسابة محمد بن القاسم بن ممولهبتشديد الميم الثانية وبعد الواو لام وهاءأبو الحسين من أهل البصرة واحد عصره علما بالنسب وأخبار العرب أدرك دولة بني بويه وروى عنه أبو أحمد العسكري قال حمزة وممن تفرد بعلم الأنساب والسير والأيام من أهل أصبهان رجلان لم يتقدمهما في الزمان أحد أبو بكر وأبو الحسين ابن مموله النسابتان فأما أبو بكر فلم يبرح بأصبهان وأما أبو الحسين فإنه صحب إبراهيم بن عبد الله المسمعي وكان يتنقل معه في البلدان التي يتولاها ثم أقام أخيرا بفارس وبها مات وكان يصنف في كل سنة لإبراهيم المسمعي كتابا قال محمد بن إسحاق له من الكتب كتاب الفرس وأخبارها وأنسابها كتاب الأنساب والأخبار كتاب المنافرات بين القبائل وأشراف العشائر وأقضية الحكام بينهم قال ياقوت وله كتاب الفرع والشجر في أنساب العرب والعجم وهو كتاب جليل يكون نحو العشرين مجلدة ماني الموسوس محمد بن القاسم أبو الحسن المعروف بماني الموسوس من أهل مصر قدم بغداد أيام المتوكل وكان من أظرف الناس وألطفهم توفي سنة خمس وأربعين ومائتين من شعره زعموا أن من تشاغل باللذات عمن يحبه يتسلى كذبوا والذي تقاد له البدن ومن عاذ بالطواف وصلى إن نار الهوى أحر من الجمر على قلب عاشق يتقلى)
246 ومنه * دعا طرفه طرفي فأقبل مسرعا * وأثر في خديه فاقتص من قلبي * * شكوت إليه ما لقيت من الهوى * فقال على رسل فمت فما ذنبي * ومنه * ذنبي إليه خضوعي حين أبصره * وطول شوقي إليه حين أذكره * * وما جرحت بلحظ العين وجنته * إلا ومن كبدي يقتص محجره * * نفسي على بخله تفديه من قمر * وإن رماني بذنب ليس يغفره * * وعاذل باصطبار القلب يأمرني * فقلت من أين لي قلب فأهجره * وقد أورد له صاحب الأغاني في كتابه أخبارا ظريفة منها ما رواه بسنده إلى ابن البراء قال حدثني أبي قال عزم محمد بن عبد الله بن طاهر على الصبوح وعنده الحسن بن محمد بن طالوت فقال له محمد كنا نحتاج إلى أن يكون معنا ثالث نأنس به ونلتذ بمنادمته فمن ترى أن يكونقال ابن طالوت قد خطر ببالي رجل ليس علينا في منادمته ثقل قد خلا من إبرام المجالسين وبرئ من ثقل المؤانسين خفيف الوطأة إذا أدنيته سريع الوثبة إذا أمرته قال من هوقال ما ني الموسوس فقال محمد ما أسأت الاختيار ثم تقدم إلى صاحب الشرطة بطلبه وإحضاره فما كان بأسرع من أن قبض عليه صاحب الكرخ فوافى به باب محمد فلما مثل بين يديه وسلم رد عليه وقال ما حان لك أن تزورنا مع شوقنا إليكفقال له ماني أعز الله الأمير الشوق شديد والود عتيد والحجاب صعب والبواب فظ ولو سهل لي الإذن لسهلت علي الزيارة فقال له محمد لقد لطفت في الاستئذان وأمره بالجلوس فجلس وكان قد أطعم قبل أن يدخل وأدخل الحمام وأخذ من شعره وألبس ثيابا نظافا وأتي محمد بن عبد الله بجارية لإحدى بنات المهدي كان يحب السماع منها وكانت تكثر عنده وكان أول ما غنته * ولست بناس إذ غدوا وتحملوا * دموعي على الخدين من شدة الوجد * * وقولي وقد زالت بعيني حمولهم * بواكر تحدى لا يكن آخر العهد * فقال ماني أيأذن لي الأمير قال في ماذا قال في استحسان ما أسمع قال نعم قال أحسنت والله فإن رأيت أن تزيدي مع هذا الشعر هذين البيتين * وقمت أناجي الدمع والدمع حائر * بمقلة موقوف على الضر والجهد) * (ولم يعدني هذا الأمير بعدله * على ظالم قد لج في الهجر والصد * فقال محمد ومن أي شيء استعديت يا مانيفاستحيى وقال لا من ظلم أيها الأمير ولكن الطرب حرك شوقنا وكان كامنا وأظهره ثم غنت * حجبوها عن الرياح لأني * قلت يا ريح بلغيها السلاما *
247 * لو رضوا بالحجاب هان ولكن * منعوها يوم الرياح الكلاما * قال فطرب محمد ودعا برطل وشرب فقال ماني ما كان على قائل هذين البيتين لو أضاف غليهما هذين * فتنفست ثم قلت لطيفي * ويك لو زرت طيفها إلماما * * حيها بالسلام سرا وإلا * منعوها لشقوتي أن تناما * فقال محمد أحسنت يا ماني ثم غنت * يا خليلي ساعة لا تريما * وعلى ذي صبابة فأقيما * * ما مررنا بقصر زينب إلا * فضح الدمع سرنا المكتوما * فقال ماني لولا رقبة الأمير لأضفت إلى هذين البيتين بيتين لا يردان على سمع ذي لب فيصدران إلا على استحسان لهما فقال محمد الرغبة في حسن ما تأتي به جائلة على كل رهبة فهات ما عندك فقال ظبية كالهلال لو تلحظ الصخر بطرف لغادرته هشيما وإذا ما تبسمت خلت ما يبدو من الثغر لؤلؤا منظوما وفي الخبر طول وهذا يكفي منه الوزير أبو جعفر الكرخي محمد بن القاسم بن محمد بن الفضل أبو جعفر الكرخي ولي وزارة الراضي بالله سنة أربع وعشرين وثلاث مائة بعد عبد الرحمن بن عيسى بن الجراح فأقام ثلاثة أشهر ونصفا فلما فسد أمر الراضي بالله استتر ووكل بداره وفتش منزله ومنزل أخيه جعفر وحمل ما وجد فيهما ثم أنه ولي الوزارة ثانيا فكانت وزارته الثانية ثلاثة وخمسين يوما وكان بطيء الكتابة والقراءة فيه كرم واحترام لقاصديه وتوفي سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة ومولده سنة ست وسبعين ومائتين ابن الزبيدية المقرئ محمد بن القاسم بن محمد بن عبد الله الزبيدي أبو العز المقرئ ويعرف) بابن الزبيدية قال ابن النجار كان شابا فهما قارئا مجودا قرأ بالروايات وسمع الحديث الكثير من أبي بكر وأبي القاسم بن الحصين وزاهر بن طاهر الشحامي وأمثالهم وكتب الكثير وتفقه لابن حنبل ثم انتقل لمذهب أبي حنيفة وتأدب وقال الشعر ومات قبل أوان الرواية سنة ثلاثين وخمس مائة ومن شعره كل متني من الوقوف على الأطلال يوم النوى فما كلمتني * ودعتني آثار من كان فيها * مستهاما وللضنى أودعتني * لم يكن ثم من يخبر بالأحباب إلا حمامة فوق غصن * فبكتني وأبكأتني وقالت * ها أنا للنوى أغني فغني *
248 * ثم راحت وراحتي فوق صدري * راحتي حين ولولت ودعتني * وقال يمدح المسترشد حين رجع من قتال دبيس بن مزيد سنة سبع عشرة وخمس مائة أولها * أهلاك الربع ومشهده * وجفاك الغمض ومورده * منها رشأ كالبدر دقيق الخصر يضل القلب ويرشده * تسبي العشاق لواحظه * ويفوق الورد تورده * * عجبا من منصل ناظره * في قلب العاشق يغمده * غنج الأجفان كغصن البان من اللحظات مهنده ممشوق القد مليح الخد كان الحسن يساعده أبو البهار محمد بن القاسم هو أبو البهاربالباء الموحدة وبعد الألف راء الثقفي البصري قال ابن المرزبان إسلامي كان يشرب على البهار ويعجب به حتى أنه قال فيه * اسقياني على البهار فإني * لأرى كل ما اشتهيت البهارا * ولقب أبا البهار الأمير بدر الدين الهكاري محمد بن أبي القاسم بن محمد الأمير بدر الدين أبو عبد الله الهكاري) استشهد على الطور وأبلى ذلك اليوم بلاء حسنا وكانت له المواقف المشهورة في قتال الفرنج وكان من أكابر أمراء المعظم يصدر عن رأيه ويثق به لصلاحه وكان سمحا لطيفا دينا ورعا بارا بأهله والفقراء والمساكين كثير الصدقات بنى بالقدس مدرسة للشافعية ووقف عليها الأوقاف وبنى مسجدا قريبا من الخيلي عليه السلام عند يونس عليه السلام على قارعة الطريق وكان يتمنى الشهادة دائما ويقول ما أحسن وقع سيوف الكفار على أنفي ووجهيودفن لما مات شهيدا في القدس سنة أربع عشرة وست مائة صناجة الدوح محمد بن القاسم بن عاصم المعروف بصناجة الدوح شاعر الحاكم صاحب مصر هو القائل لما زلزلت مصر * بالحاكم العدل أضحى الدين معتليا * نجل العلى وسليل السادة الصلحا * * ما زلزلت مصر من كيد يراد بها * وإنما رقصت من عدله فرحا *
249 الشمس مجد الدين التونسي محمد بن الاسم العلامة ذو الفنون الشيخ مجد الدين أبو بكر المرسي ثم التونسي المقرئ النحوي الشافعي الأصولي نزيل دمشق ولد سنة ست وخمسين قدم القاهرة مع أبيه فأخذ النحو والقراآت عن الشيخ حسن الراشدي وحضر حلقة الشيخ بهاء الدين ابن النحاس وسمع من الفخر علي والشهاب ابن مزهر وتصدر بدمشق للقراءات وهو في غضون ذلك يتزيد من العلوم ويناظر في المحافل وكان فيعه دين وسكينة ووقار وخير ولي الإقراء بتربة أم الصالح وبالتربة الأشرفية وتخرج به أئمة وتلا الشيخ شمس الدين عليه بالسبع وتوفي في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وسبع مائة وتأسف الطلبة عليه وكان آية في الذكاء حدثني غير واحد أثق به أنه لم ير مثله وقيل أن الناس سألوا الشيخ شمس الدين الأيكي عن الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وعن الشيخ صدر الدين ابن الوكيل أيهما أذكى فقال ابن الزملكاني ولكن هنا مغربي أذكى منهما يعني به الشيخ مجد الدين وكان نحوي عصره بدمشق وامتحن على يد الأمير سيف الدين كراي النائب بدمشق فقتله) بباب القصر الأبلق بالعصي ضربا كثيرا لما ألقي المصحف وسب الأمير الخطيب جلال الدين فقال له الشيخ مجد الدين اسكت اسكت وقوى نفسه ونفسه عليه فرماه وقتله وكان في وقت قد انفعل للشهاب الباجربقي ودخل عليه أمره ثم أنه أناب وتاب وجاء إلى القاضي المالكي واعترف عنده وتاب وهو الذي كشف أمره بهاء الدين البرزالي محمد بن القاسم بن محمد بن يوسف بهاء الدين ابن الشيخ زكي الدين البرزالي الفقيه المقرئ حفظ التنبيه وتفنن وسمع الكثير من خلق كابن الفراء والغسولي وحدث وكتب الطباق ومات سنة ثلاث عشرة وسبع مائة وهو ابن ثمان عشرة سنة رحمه الله تعالى 3 (ابن قائد)) محمد بن قائد الشيخ الزاهد من أهل اوانا كان صاحب كرامات وإشارات ومجاهدات ورياضات وكلام عما في الخواطر وبيان عما في الضمائر أقعد زمانا فكان يحمل في محفة إلى الجامع قدم اوانا واعظ يعرف بالزرزور فجلس بالجامع وذكر الصحابة بسوء فلم ينكر عليه فحملوا الشيخ إليه فقال له انزل يا كلب أنت ومن تعتز به وكان يدعي إلى سنان مقدم الإسماعيلية فثار العوام ورجم الزرزور وهر بمن القتل فيقال أن سنانا بعث إليه رجلين في زي الصوفية فأقاما عنده في الرباط تسعة أشهر لا يعرفهما فلما كان يوم الأربعاء قال لأصحابه يحدث ههنا حادثة عظيمة وكان عنده للناس ودائع فردها وقال لخادمه يا عبد الحميد لك فيما يجري نصيب بعني إياه بالدولة والدولة بستان إلى جانب الرباطفقال ما أبيعك نصيبي بالجنة فلما كان يوم الجمعة وثب الصوفيان على الشيخ فقتلاه وقتلا خادمه عبد الحميد وهربا فلقيهما فلاح
250 في يده مر فقتلهما وكان ذلك سنة أربع وثمانين وخمس مائة ابن قرار صاحب آمد نور الدين محمد بن قرار سلان بن داود نور الدين صاحب آمد وحصن كيفا توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة وولي بعده ابنه قطب الدين سكمان ووزر له القوام بن سماقا)) 3 (ابن قرطاي)) الإربلي الأمير محمد بن قرطاي الإربلي أبو العباس الأمير كان مليح الصورة مهيبا من أمراء إربل فلما مات صاحب إربل قدم هذا إلى حلب فأكرمه العزيز وأقطعه خبزا وله شعر حسن كأخيه توفي سنة أربع وثلاثين وست مائة ومن شعره * أما واشتياقي عند خطرة ذكركم * إلا قسم لو تعلمون عظيم * * لأنتم وإن عذبتموني بهجركم * على كل حال جنة ونعيم * * سلمتم من الوجد الذي بي عليكم * ومن مهجة فيها أسى وكلوم * * فلا ذقتم ما ذقت منكم فلي بكم * رسيس غرام مقعد ومقيم * قلت هو شعر جيد ومولده سنة ست وست مائة 3 (ابن قلاوون)) السلطان الأعظم الملك الناصر محمد بن قلاوون السلطان الأعظم الملك الناصر ناصر الدين أبو الفتح محمد بان السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي ولد الملك الناصر سنة أربع وثمانين ووالده المنصور على حصن المرقب محاصرا وتوفي يوم الأربعاء تاسع عشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبع مائة ودفن ليلة الخميس بالمدرسة المنصورية بين القصرين وأنزل على والده كان ملكا عظيما دانت له العباد وملوك الأطراف بالطاعة ولما قتل أخوه الملك الأشرف خليل على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته في عاشر المحرم سنة ثلاث وتسعين وست مائة وقتل من قتل من قاتليه وقع الاتفاق بعد قتلة بيدرا أن يكون السلطان الملك الناصر أخوه هو السلطان وزين الدين كتبغا هو النائب والأمير علم الدين الشجاعي هو الوزير وأستاذ الدار واستقر ذلك ووصل إلى دمشق الأمير سيف الدين ساطلمش والأمير سيف الدين بهادر التتري على البريد في رابع عشرين المحرم ومعهما كتاب من الأشرف مضمونه أننا استنبنا أخانا الملك الناصر ناصر الدين محمدا وجعلناه ولي عهدنا حتى إذا توجهنا إلى لقاء العدو يكون لنا من) يخلفنا فحلف الناس على ذلك وخطب الخطيب ودعا للسلطان الملك الأشرف ثم دعا لولي عهده الملك الناصر أخيه وكان ذلك تدبيرا من الشجاعي وفي ثاني يوم ورد مرسوم من مصر بالحوطة على موجود بيدرا ولاجين وقراسنقر وطرنطاي الساقي وسنقرشاه وبهادر رأس نوبة وظهر الخبر بقتل السلطان الملك الأشرف واتفاق الكلمة على سلطنة الملك الناصر أخيه واستقل زين الدين كتبغا نائبا والشجاعي مدبر الدولة وقبض على جماعة من
251 الأمراء الذين اتفقوا على قتلة الشرف وهم الأمير سيف الدين نوغاي وسيف الدين الناق وعلاء الدين الطنبغا الجمدار وشمس الدين آقسنقر مملوك لاجين وحسام الدين طرنطاي الساقي ومحمد خواجا وسيف الدين اروس وكان ذلك في خامس صفر فأمر السلطان الملك الناصر بقطع أيديهم وتسميرهم أجمعين وطيف بهم مع رأس بيدرا ثم ماتوا إلى العشرين من صفر فبلغ كتبغا أن الشجاعي قد عامل الناس في الباطن على قتله فلما كان خامس عشرين صفر ركب كتبغا في سوق الخيل وقتل بسوق الخيل أمير يقال له البندقداري لأن جاء إلى كتبغا وقال له اين حسام الدينأحضرهفق ال ما هو عندي فقال بل هو عندك ومد يده إلى سيفه ليسله فضربه بلبان الأزرق مملوك كتبغا بالسيف وحل كتفه ونزل مماليك كتبغا فأنزلوه وذبحوه في سوق الخيل ومال العسكر من الأمراء والمقدمين والتتار والأكراد إلى كتبغا ومال البرجية وبعض الخاصكية إلى الشجاعي لأنه أنفق فيهم في يوم ثمانين ألف دينار وقرر أن كل من أحضر راس أمير كان اقطاعه له وحاصر كتبغا القلعة وقطع الماء عنها فنزل البرجية ثاني يوم من القلعة على حمية وقاتلوا كتبغا وهزموه إلى بئر البيضاء فركب الأمير بدر الدين البيسري وبدر الدين بكتاش أمير سلاح وبقية العسكر نصرة لكتبغا وردوهم وكسروهم إلى أن أدخلوهم القلعة وجدوا في حصارها فطلعت الست والدة السلطان الملك الناصر إلى أعلى السور وقالت أيش المرادفقالوا ما لنا غرض غير إمساك الشجاعي فاتفقت مع الأمير حسام الدين لاجين الأستاذ دار وأغلقوا باب القلة وبقي الشجاعي في داره محصورا وتسرب الأمراء الذين معه واحدا بعد واحد ونزلوا إلى كتبغا فطلب الشجاعي الأمان فطلبوه إلى الست وإلى حسام الدين لاجين أستاذ الدار ليستشيروه) فيما يفعلونه فلما توجه إليهم ضربه ألاقوش المنصوري بالسيف قطع يده ثم ضربه أخرى برا رأسه ونزلوا برأسه إلى كتبغا وجرت أمور وأغلقت أبواب القاهرة خمسة أيام ثم طلع كتبغا إلى القلعة سابع عشرين صفر ودقت البشائر وفتحت الأبواب وجددت الأيمان والعهود للسلطان الملك الناصر وأمسك جماعة من البرجية كانوا مع الشجاعي وجاء الخبر إلى دمشق ثالث شهر ربيع الأول بقتل الشجاعي والحوطة على ما يتعلق به وخطب الخطيب يوم الجمعة حادي عشرين ربيع الأول للسلطان الملك الناصر استقلالا بالملك وترحم على أبيه المنصور وأخيه الأشرف وفي عشرين شهر رجب ورد البريد من مصر بالحلف للسلطان الملك الناصر وأن يقرن معه في الأيمان كتبغا وخطب الخطيب بالدعاء للسلطان ولولي عهده الأمير زين الدين كتبغا وفي سلخ رجب ورد البريد بأن السلطان الملك الناصر ركب في أبهة الملك وشعار السلطنة ركب وشق القاهرة دخل من باب النصر وخرج من باب زويلة عائدا إلى القلعة وزين الدين كتبغا والأمراء يمشون في ركابه وفرح الناس بذلك ودقت البشائر ولم يزل مستمرا في الملك إلى حادي عشر المحرم سنة أربع وتسعين فتسلطن زين الدين كتبغا وتسمى الملك العادل وحلف له الأمراء بمصر والشام وزينت له البلاد ودقت البشائر وجعل أتابكه الأمير حسام الدين لاجين وتولى الوزارة الصاحب فخر الدين عمر بن الخليلي وصرف تاج الدين ابن حنى وحصل الغلاء الزائد المفرط في أيامه حتى بلغ الإردب بمصر إلى مائة وعشرين درهما
252 والرطل اللحم بالدمشقي بسبعة دراهم والرطل اللبن بدرهمين والبيض ست بيضات بدرهم ورطل بثمانية دراهم ولم يكن الشام مرخصا وتوقفت الأمطار وفزع الناس وذلك في سنة خمس وتسعين وست مائة وتبع ذلك وباء عظيم وفناء كبير ثم أن الغلاء وقع بالشام وبلغت الغرارة مائة وثمانين درهما ثم قدم الملك العادل كتبغا إلى دمشق بالعساكر في ذي القعدة سنة خمس وتسعين ولما عاد العادل إلى مصر من نوبة حمص وكان في سلخ المحرم سنة ست وتعسين فلما كان بوادي فحمة قتل حسام الدين لاجين الأمير سيف الدين بتخاص وبكتوت الأزرق العادليين وكانا عزيزان على العادل فلما رأى العادل الهوشة خاف على نفسه فركب فرس النوبة وساق ومعه) خمسة مماليك ووصل إلى دمشق العصر ونزل بالقلعة وساق حسام الدين لاجين بالخزائن وركب في دست الملك وبايعه الجيش ولم يختلف عليه اثنان وتسمى بالمنصور وخطب له بالقدس وغزة وجاء الخبر إلى دمشق بأن صفد زينت وضربت البشائر بها وبالكرك ونابلس ووصل كجكن والأمراء من الرحبة فلم يدخلوا دمشق ونزلوا بالقرب من مسجد القدم وأظهر كجكن سلطنة المنصور حسام الدين لاجين فتحقق العادل زوال ملكه وأذعن له بالطاعة واجتمع الأمراء وحلفوا للمنصور وفي مستهل ربيع الأول سنة ست وتسعين خطب للمنصور بدمشق واستناب بمصر الأمير شمس الدين قراسنقر ثم قبض عليه واستناب مملوكه منكوتمر وجعل الأمير سيف الدين قبجق نائبا بدمشق وجهز السلطان الناصر إلى الكرك وقال له المنصور لو علمت أنهم يخلون الملك لك والله لتركته ولكنهم لا يخلونه لك وأنا مملوكك ومملوك والدك أحفظ لك الملك وأنت الآن تروح إلى الكرك إلى أن تترعرع وترتجل وتتخرج وتجرب الأمور وتعود إلى ملكك بشرط أنك تعطيني دمشق وأكون بها مثل صاحب حماة فيها فقال له السلطان الملك الناصر فاحلف لي أن تبقي علي نفسي وأنا أروح وحلف كل منهما على ما أراده الآخر ولما توجه إلى الكرك أقام بها إلى أن قتل المنصور حسام الدين لاجين في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وتعسين وست مائة على ما يذكر في ترجمته وحلف الأمراء للسلطان الملك الناصر وأحضروه من الكرك وملكوه وهذه سلطنته الثانية واستقر في النيابة بمصر الأمير سيف الدين سلار وفي الأتابكية حسام الدين لاجين أستاذ دار وفي جمادى الأولى من السنة ركب السلطان الملك الناصر بالقاهرة في دست الملك والتقليد الحاكمي وعمره يومئذ خمس عشرة سنة ورتب الأمير جمال الدين آقوش الأفرم نائبا بدمشق وفي عود السلطان إلى الملك ثانيا قال علاء الدين الوداعي ومن خطه نقلت * الملك الناصر قد أقبلت * دولته مشرقة الشمس * * عاد إلى كرسيه مثل ما * عاد سليمان إلى الكرسي *) ولما حضر التتار إلى الشام خرج السلطان بالعساكر إلى الشام للقاء العدو في أوائل سنة تسع
253 وتسعين وست مائة فدخل دمشق في ثامن شهر ربيع الأول بعدما طول الإقامة على غزة وأقام في قلعة دمشق تسعة أيام وعدى قازان والتتار الفرات وخرج السلطان لملتقى العدو وساق إلى حمص وركب بكرة الأربعاء سابع عشرين الشهر المذكور وساق إلى وادي الخزندار فكانت الوقعة والتحم الحرب واستحر القتل ولاحت إمارات النصر للمسلمين وثبتوا إلى العصر وثبت السلطان والخاصكية ثباتا كليا فانكسرت ميمنة المسلمين وجاءهم ما لا قبل لهم به لأن الجيش لم يتكامل يومئذ وكان الجيش بضعة وعشرين ألفا والتتار قريبا من مائة ألف فيما قيل وشرعوا في الهزيمة واخذ الأمراء السلطان وتحيزوا به وحموا ظهورهم وساروا على درب بعلبك والبقاع وبعض العسكر المكسور عبروا دمشق واستشهد بالمصاف جماعة من الأمراء وخطب بدمشق للملك مظفر الدين محمود قازان ورفع في ألقابه وتولى الأمير سيف الدين قبجق النيابة عن التتار بدمشق وملك قازان دمشق خلا القلعة فإن ارجواش قام بحفظها وأبان عن حزم عظيم وعزم قويم وجبى التتار الأموال من دمشق وقاسى الناس منهم شدائد وأهوالا عظيمة وكان إذا قرروا على الإنسان عشرة آلاف درهم ينوبه ترسيم المغل القان وقرر على كل سوق شيء من المال واستخرجوه بالضرب والإحراق وكان ما حمله وجيه الدين ابن المنجا إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وست مائة ألف درهم خلاف ما ناب الناس من البرطيل والترسيم ولم يزل قازان بالغوطة نازلا إلى ثاني عشر جمادى الأولى فرحل طالبا بلاده وتخلف بالقصر نائبه خطلوشاه في فرقة من الجيش وفي رجب جمع قبجق العيان والقضاة إلى داره وحلفهم للدولة القازانية بالنصح وعدم المداجاة ثم إن قبجق توجه هو والصاحب عز الدين ابن القلانسي إلى مصر في نصف رجب وقام بحفظ المدينة وأمر الناس ارجواش وفي يوم الجمعة سابع عشر شهر رجب أعيدت الخطبة للملك الناصر وكان مدة إسقاط ذلك مائة يوم وأما السلطان فإنه دخل بعد الكسرة إلى مصر وتلاحق به الجيش ونفق في العساكر واشتريت الخيل وآلات السلاح بالثمن الغالي) وفي يوم عاشر شعبان قدم الأفرم نائب دمشق بعسكر دمشق وقدم أمير سلاح والميسرة المصرية ثم دخلت الميمنة ثم دخل القلب وفيهم سلار وتوجه سلار بالجيوش إلى القاهرة ثم كثرت الأراجيف بمجيء التتار وانجفل الناس إلى مصر وإلى الحصون وبلغ كراء المحارة إلى مصر خمس مائة درهم ثم فترت أخبار التتار في شهر ربيع الأول سنة سبع مائة ثم دخل التتار إلى حلب وشرع الناس في قراءة البخاري وقال الوداعي في ذلك ومن خطه نقلت * بعثنا على جيش العدو كتائبا * بخارية فيها النبي مقدم * * فردوا إلى الاردو بغيظ وخيبة * واردوا وجيش المسلمين مسلم * * فقوا لهم عودوا نعد ووراءكم * إذا ما أتيتم أو أبيتم جهنم * ووصل السلطان إلى العريش ووصل غازان إلى حلب ودخل جمادى الأولى والناس في أمر مريج ووصل بكتمر السلاحدار بألف فارس وعاد السلطان إلى مصر وانجفل الناس غنيهم
254 وفقيرهم ونودي بالرحيل إلى مصر في الأسواق وضج النساء والأطفال وغلقت أبواب دمشق واقتسم الناس قلعة دمشق بالشبر ووقع على غيارة التتار يزك حمص فكسروهم وقتلوا منهم نحو مائة وصحت الأخبار برجوع غازان من حلب فبلع الناس ريقهم وهلك كثير من التتار بحلب من الثلج والغلاء وعز اللحم بدمشق فأبيع الرطل بتسعة دراهم ثم دخل الأفرم والأمراء من المرج بعد ما أقاموا به أربعة أشهر واستقر حال الناس بعد ذلك وفي شهر شعبان ألبس النصارى الأزرق واليهود الأصفر والسامرة الأحمر وسبب ذلك ان مغربيا كان جالسا بباب القلة عند الجاشنكير وسلار فحضر بعض الكتاب النصارى بعمامة بيضاء فقام له المغربي يتوهم أنه مسلم ثم ظهر له أنه نصراني فدخل إلى السلطان وفاوضه في تغيير زي أهل الذمة ليمتاز المسلمون عنهم وفي ذلك يقول علاء الدين علي بن مظفر الكندي الوداعي ومن خطه نقلت * لقد ألزم الكفار شاشات ذلة * تزيدهم من لعنة الله تشويشا * * فقلت لهم ما ألبسوكم عمائما * ولكنهم قد ألزموكم براطيشا * وقال أيضا * غيروا زيهم بما غيروه * من صفات النبي رب المكارم *) فعليهم كما ترون براطيش ولكنها تسمى عمائم وقال أيضا * لقد البسوا أهل الكتابين ذلة * ليظهر منهم كل من كان كامنا * * قلت لهم ما ألبسوكم عمائما * ولكنهم قد ألبسوكم لعائنا * وفي ذلك يقول شمس الدين الطيبي وهو أحسن من الأول * تعجبوا للنصارى واليهود معا * والسامريين لما عمموا الخرقا * * كأنما بالأصباغ منسهلا * نسر السماء فأضحى فوقهم ذرقا * وفي جمادى الأولى سنة إحدى وسبع مائة توفي أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي ودفن عند الست نفيسة وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في الأحمدين وتولى الخلافة أمير المؤمنين المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بولاية العهد إليه من والده الحاكم وقرئ تقليده بعد عزاء والده وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف السين في مكانه وفي سنة اثنتين وسبع مائة فتحت جزيرة أرواد وهي بقرب انطرسوس وقتل بها عدة من الفرنج ودخلوا بالأسرى وهم ما يقارب الخمسين أسيرا إلى دمشق وفي شعبان من السنة عدت التتار الفرات وانجفل الناس وخرج السلطان بجيوشه مكن مصر وفي عاشر شعبان كان المصاف بين التتار والمسلمين بعرض ان المسلمون ألفا وخمس مائة وعليهم أسندمر واغرلوا العادلي وبهادرآص وكان التتار نحوا من أربعة آلاف فانكسروا وقتل منهم خلق كثير وأسر مقدمهم ثم دخل من المصريين خمس تقادم وعليهم الجاشنكير والحسام أستاذ الدار ثم دخل بعدهم ثلاثة آلاف
255 عليهم أمير سلاح ويعقوبا وأيبك الخازندار ثم أتى عسكر حلب وحماه متقهقرا من التتار وتجمعت العساكر إلى الجسورة بدمشق واختبط الناس واختنق في أبواب دمشق غير واحد وهرب الناس وبلغت القلوب الحناجر ووصل السلطان إلى الغور وغلقت أبواب دمشق وضج الخلق إلى الله ويئس الناس من الحياة ودخل شهر رمضان وتعلقت الآمال ببركاته ووصل التتار إلى المرج وساروا إلى جهة الكسوة وبعدوا عن دمشق بكرة السبت ثاني شهر) رمضان وصعد النساء والأطفال إلى السطوح وكشفوا الرؤوس وضجوا وجأروا إلى الله ووقع مطر عظيم ووقعت الظهر بطاقة بوصول السلطان واجتماع العساكر المحمدية بمرج الصفر ثم وقعت بعدها بطاقة تتضمن طلب الدعاء وحفظ أسوار البلد وبعد الظهر وقع المصاف والتحم الحرب فحمل التتار على الميمنة فكسروها وقتل مقدمها الحسام أستاذ الدار وثبت السلطان ذلك اليوم ثباتا زائدا عن الحد واستمر القتال من العصر إلى الليل ورد التتار من حملتهم على الميمنة بغلس وقد كل حدهم فتعلقوا بالجبل المانع وطلع الضوء يوم الأحد والمسلمون محدقون بالتتار فلم يكن ضحوة إلا وقد ركن التتار إلى الفرار وولوا الأدبار ونزل النصر ودقت البشائر وزين البلد وكان التتار نحوا من خمسين ألفا عليهم خطلوشاه نائب غازان ورجع قاوان من حلب في ضيق صدر من كسرة أصحابه يوم عرض وبهذه الكسرة سقطت قواه لأنه لم يعد إليه من أصحابه غير الثلث وتخطفتهم أهل الحصون وساق سلار وقبجق وراء المنهزمين إلى القريتين ولم ينكسر التتار مثل هذه المرة وحكى لي جماعة من أهل دير يسير انهم كانوا يأتون إلينا عشرين عشرين وأكثر أو أقل ويطلبون منا أن نعدي بهم الفرات في الزواريق إلى ذلك البر فما نعدي بمركب إلا ونقتل كل من فيه حتى أن النساء كن يضربنهم بالفؤوس ونذبحهم في ذلك فما تركنا أحدا منهم يعيش وهذه الواقعة إلى الآن في قلوبهم وكان قد جاء كتاب غازان يقول فيه ما جئنا هذه المرة إلا للفرجة في الشام فقال علاء الدين الوداعي ومن خطه نقلت * قولوا لقازان بأن جيوشه * جاءوا ففرجناهم بالشام * * في سرحة المرج التي هاماتهم * منثورها وشقائق الأجسام * * ما كان أشأمها عليهم فرجة * غمت وأبركها على الإسلام * وقال لما انهزم * أتى قازان عدوا في جنود * على أخذ البلاد غدوا حراصا * * فما كسبوا سوى قتل وأسر * وأعطوه بحصاته حصاصا * وأنشدني لنفسه الشيخ الإمام العلامة نجم الدين علي بن داود القحفازي النحوي في ذلك) * لما غدا غازان فخارا بما * قد نال بالأمس وأغراه البطر * * جاء يرجي مثلها ثانية * فانقلب الدست عليه وانكسر *
256 وقد نظم الناس في هذه الواقعة ومن أحسن ما وقفت عليه في ذلك قول شمس الدين الطيبي وهي تقارب المائة بيت ولكن هذا الذي وجدت منها وهو * برق الصوارم للأبصار يختطف * والنقع يحكي سحابا بالدما يكف * * أحلى وأغلى قيمة وسنا * من ريق ثغر الغواني حين يرتشف * * وفي قدود القنا معنى شغفت به * لا بالقدود التي قد زانها الهيف * * ومن غدا بالخدود الحمر ذا كلف * فإنني بحدود البيض لي كلف * * ولأمة الحرب في عيني أحسن من * لام العذار الذي في الخد ينعطف * * كلاهما زرد هذا يفيد وذا * يردي فشانهما في الفعل يختلف * * والخيل في طلب الأوتار صاهلة * ألذ لحنا من الأوتار تأتلف * * ما مجلس الشرب والأرطال دائرة * كموقف الحرب والأبطال تزدلف * * والرزق من تحت ظلا لرمح مقترن * بالعز والذل يأباه الفتى الصلف * * لا عيش إلا لفتيان إذا انتدبوا * ثاروا وإن نهضوا في غمة كشفوا * * بقي بهم ملة الإسلام ناصرها * كما يقي الدرة المكنونة الصدف * * قاموا لقوة دين الله ما وهنوا * لما أصابهم فيه ولا ضعفوا * * وجاهدوا في سبيل الله فانتصروا * من بعد ظلم ومما ساءهم أنفوا * * لما أتتهم جموع الكفر يقدمهم * رأس الضلال الذي في عقله حنف * * جاءوا وكل مقام ظل مضطربا * منهم وكل مقام بات يرتجف * * فشاهدوا علم الإسلام مرتفعا * بالعدل فاستيقنوا ان ليس ينصرف * * لاقاهم الفيلق الجرار فانكسروا * خوف العوامل بالتأنيث فانصرفوا * * يا مرج صفر بيضت الوجوه كما * فعلت من قبل الإسلام يؤتنف * * أزهر روضك أزهى عند نفحته * أم يانعات رؤس فيك تقتطف * * غدران أرضك قد أضحت لواردها * ممزوجة بدماء المغل تغترف * * زلت على كتف المصري أرجلهم * فليس يدرون أنى تؤكل الكتف) * (آووا إلى جبل لو كان يعصهم * من موج فرج المنايا حين يختطف * * دارت عليهم من الشجعان دائرة * فما نجا سالم منهم وقد زحفوا * * ونكسوا منهم الأعلام فانهزموا * ونكصوهم على الأعقاب فانقصفوا * * ففي جماجمهم بيض الظبي زبر * وفي كلاكلهم سمر القنا قصف * * فروا من السيف ملعونين حيث سروا * وقتلوا في البراري حيثما ثقفوا *
257 * فما استقام لهم في أعوج نهج * ولا أجارهم من مانع كنف * * وملت الأرض قتلاهم بما قذفت * منهم وضاق منها المهمة القذف * * والطير والوحش قد عافت لحومهم * ففي مزاج الضواري منهم قرف * * ردوا فكل طريق نحو أرضهم * تدل جاهلها الأشلاء والجيف * * وأدبروا فتولى قطع دابرهم * والحمد لله قوم للوغى ألفوا * * ساقوهم فسقوا شط الفرات دما * وطمهم بعباب السيل فانحرفوا * * وأصبحوا بعد لا عين ولا أثر * عن القلاع عليها منهم شعف * * يا برق بلغ إلى غازان قصتهم * وصف فقصتهم من فوق ما تصف * * بشر بهلكهم ملك العراق لكي * يعطيك حلوانها حلوان والنجف * * وإن يسل عنهم قل قد تركتهم * كالنخل صرعى فلا تمر ولا سعف * * ما أنت كفو عروس الشام تخطبها * جهلا وأنت إليها الهائم الدنف * * قد مات قبلك آباء بحسرتها * وكلهم مغرم مغرى بها كلف * * إن الذي في جحيم النار مسكنه * لا تستباح له الجنات والغرف * * وإن تعودوا تعد أسيافنا لكم * ضربا إذا قابلتها رضت الحجف * * ذوقوا وبال تعديكم وبغيتكم * في أمركم ولكأس الخزي فارتشفوا * * فالحمد لله معطي النصر ناصره * وكاشف الضر حيث الحال تنكشف * وفي ذي الحجة من السنة المذكورة كانت الزلزلة العظيمة بمصر والشام وكان تأثيرها بالإسكندرية أعظم ذهب تحت الردم بها عدد كبير وطلع البحر إلى نصف البلد واخذ الجمال والرجال وغرقت المراكب وسقطت بمصر دور لا تحصى وهدمت جوامع ومآذن فانتدب الجاشنكير وسلار وغيرهما من الأمراء والكبار وأخذ كل واحد منهم جامعا وعمره وجدد له) وقوفا وفي سنة ثلاث وسبع مائة توجه أمير سلاح وعسكر من دمشق وقبجق في عسكر حماه واسندمر في عسكر الساحل وقراسنقر في عسكر حلب ونازلوا تل حمدون وأخذوها ودخل بعض العسكر الدربند وانحازوا ونهبوا وأسروا خلقا ودقت البشائر وفي شوال من خدابنده هذه السنة توفي غازان ملك التتار وملك بعده أخوه محمد الملقب وفي سنة خمس وسبع مائة نازل الأفرم بعساكره من دمشق جبل الجرد وكسر الكسروانيين وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى في ترجمتهلأنهم كانوا وافض روكانوا قد آذوا المسلمين وقتلوا المنهزمين من العساكر المصرية في نوبة قازان الأولى الكائنة في سنة تسع وتسعين وست مائة وفي سنة ثمان وسبع مائة ذهب السلطان في شهر رمضان إلى الحجاز وأقام بالكرك متبرما من سلار الجاشنكير وحجرهم عليه ومنعهم له من التصرف قيل أنه طلب يوما خروفا رميسا فمنع
258 منه أو قيل له حتى يجيء كريم الدين الكبير لأنه كان كاتب الجاشنكير وأمر نائب الكرك بالتحول إلى مصر وعند دخوله القلعة انكسر به الجسر فوقع نحو خمسين مملوكا إلى الوادي ومات منهم أربعة وتهشم جماعة وأعرض السلطان عن أمر مصر فوثب لها بعد أيام الجاشنكير وتسلطن وخطب له وركب بخلعة الخلافة وذلك عندما جاءتهم كتب السلطان باجتماع الكلمة فإنه ترك لهم الملك وفي سنة تسع وسبع مائة في شهر رجب خرج السلطان من الكرك قاصدا دمشق وكان قد ساق إليه من مصر مائة وسبعون فارسا فيهم أمراء وأبطال وجاء مملوك السلطان إلى الأفرم يخبره بان السلطان وصل إلى الخمان فتوجه إلى السلطان بيبرس المجنون وبيبرس العلائي ثم ذهب بهادر آص لكشف القضية فوجد السلطان قد رد إلى الكرك ثم بعد أيام ركب السلطان وقصد دمشق بعدما ذهب إليه قطلبك الكبير والحاج بهادر وقفز سائر المراء إلى السلطان فقلق الأفرم ونزح بخواصه مع علاء الدين ابن صبح إلى شقيف أرنون فبادر بيبرس العلائي وآقجبا المشد وأمير علم في إصلاح الجتر والعصائب وأبهة الملك فدخل السلطان قبل الظهر إلى دمشق وفتح له باب سر القلعة ونزل النائب وقبل له الأرض) فلوى عنان فرسه إلى جهة القصر الأبلق ونزل به ثم عن الأفرم حضر إليه بعد أربعة أيام فأكرمه واستمر به في نيابة دمشق وبعد يومين وصل نائب حماة قبجق واسندمر نائب طرابلس وتلقاهما السلطان وفي ثامن عشرين الشهر وصل قراسنقر نائب حلب ثم خرج لقصد مصر في تاسع رمضان ومعه الأمراء ونواب الشام والأكابر والقضاة ووصل غزة وجاء الخبر بنزول الجاشنكير عن الملك وانه طلب مكانا يأوي إليه وهرب من مصر مغربا وهرب سلار مشرقا فلما كان بالريدانية ليلة العيد اتفق الأمراء عليه وهموا بقتله فجاء إليه بهاء الدين أرسلان دوادار سلار وقال قم الآن اخرج من جانب الدهليز واطلع إلى القلعة فرعاها له فلم يشعر الناس إلا بالسلطان وقد خرج راكبا فتلاحقوا به وركبوا في خدمته وصعد إلى القلعة وكان الاتفاق قد حصل أن قراسنقر يكون نائبا بمصر وقطلوبك الكبير نائب دمشق فلما استقر الحال قبض السلطان في يوم واحد على اثنين وثلاثين أميرا من السماط ولم ينتطح فيها عنزان وأمر للافرم بصرخد ولقراسنقر بدمشق وجعل بكتمر الجوكندار الكبير نائبا بمصر وجعل قبجق نائب حلب والحاج بهادر نائب طرابلس وقطلوبك الكبير نائب صفد وفي سنة عشر وسبع مائة وصل في المحرم اسندمر نائبا على حماة وفيها صرف القاضي بدر الدين ابن جماعة عن القضاء وتولى القاضي جمال الدين الزرعي وصرف السروجي وتولى القاضي شمس الدين الحريري قضاء الحنفية طلب من دمشق وبعد أيام قلائل توفي الحاج بهادر نائب طرابلس ومات بحلب نائبها قبجق فرسم لاسندمر بحلب وطرابلس لأفرم وأمره السلطان بان لا يدخل دمشق على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى وفي هذه الأيام أعطى السلطان حماة لعماد الدين إسماعيل بن الأفضل وجعله بها وفي سنة إحدى عشرة في أولها نقل قراسنقر من نيابة دمشق إلى نيابة حلب بعدما امسك
259 اسندمر نائب حلب وتولى كراي المنصوري نيابة دمشق وفي شهر ربيع الآخر أيعد القاضي بدر الدين ابن جماعة إلى منصبه بالقاهرة وتقرر القاضي جمال الدين الزرعي قاضي العسكر ومدرس مدارس وفي جمادى الأولى أمسك كراي المنصوري نائب دمشق وقيد وجهز إلى الباب بعدما امسك) الأمير سيف الدين بكتمر والجوكندار النائب بمصر وأمسك قطلوبك الكبير نائب صفد وحبس هو وكراي بالكرك ثم جاء الأمير جمال الدين آقوش الأشرفي نائب الكرك إلى دمشق نائبا وفي سنة اثنتي عشرة تسحب الأمير عز الدين الزردكاش وبلبان الدمشقي وأمير ثالث إلى الأفرم وساق الجميع إلى عند قراسنقر وتوجه الجميع إلى عند مهنا فأجارهم وعدوا الفرات طالبين خدابنده ملك التتار على ما سيأتي عن شاء الله تعالى في ترجمة الأفرم وغيره وفي ربيع الأول طلب نائب دمشق الأمير جمال الدين الأشرفي إلى مصر وفيها أمسك بيبرس العلائي نائب حمص وبيبرس المجنون وطوغان وبيبرس التاجي وكجلي والبرواني وحبسوا في الكرك وامسك بمصر جماعة وفي ربيع الآخر قدم الأمير سيف الدين تنكز إلى دمشق نائبا وسودي إلى حلب نائبا وفي أوائل رمضان قويت الأراجيف بمجيء التتار ونازل خدابنده الرحبة على ما تقدم في ترجمته وانجفل الناس ثم أنه رحل عنها وأما السلطان فإن عيد بمصر وخرج إلى الشام فوصل إليها في ثالث عشرين شوال وصلى بالجامع الأموي وعمل دار عدل وتوجه من دمشق إلى الحجاز وفي سنة ثلاث عشرة وصل السلطان من الحج إلى دمشق ثم توجه عائدا إلى مصر وفي سنة أربع عشرة وسبع مائة توفي سودي نائب حلب وحضر عوضه الأمير علاء الدين الطنبغا وفي سنة خمس عشرة وسبع مائة توجه الأمير سيف الدين تنكز بعساكر الشام وستة آلاف من مصر إلى غزو ملطية وفتحها وسبوا ونهبوا وألقوا النار في جوانبها وقتل جماعة من النصارى وفي سنة ست عشرة توفي خدابنده ملك التتار وملك بعده ولده بوسعيد على ما سيأتي ذكره عن شاء الله تعالى وفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة وقع الحريق بمصر واحترق دور كثيرة للأمراء وغيرهم ثم ظهر أن ذلك من كيد النصارى لنه وجد مع بعضهم آلة الإحراق من النفط وغيره فقتل منهم وأسلم عدة ورجم العامة والحرافيش كريم الدين الكبير فأنكر السلطان ذلك وقطع أيدي أربعة وقيد جماعة) وفيها جرى الصلح بين السلطان وبين بوسعيد ملك التتار سعى في ذلك مجد الدين السلامي مع النوين جوبان والوزير علي شاه وفي سنة خمس وعشرين جهز السلطان من مصر نحو ألفي فارس نجدة لصاحب اليمن عليهم الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب والأمير سيف الدين طينال فدخلوا زبيد وألبسوا الملك المجاهد خلع السلطنة ثم عاد العسكر فبلغ السلطان أمور نقمها على الأميرين المذكورين فاعتقلهما وفي سنة ست وعشرين حج الأمير سيف الدين أرغون النائب ولما حضر أمسكه السلطان ثم جهزه إلى حلب نائبا على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته
260 وفي سنة سبع وعشرين طلب الأمير شرق فالدين حسين بن حندر من دمشق إلى مصر ليقيم بها أميرا وطلب قاضي القضاة جلال الدين القزويني إلى مصر ليكون بها حاكما وفيها كان عرس ابنة السلطان على الأمير سيف الدين قوصون على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى وفيها كانت الكائنة بالإسكندرية وتوجه الجمالي إليها وصادر الكارم والحاكة وغيرهم وضرب القاضي ووضع الزنجير في رقبته وكان ذلك أمرا فضيحا وفي سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة دخل ابن السلطان آنوك بن الخوندة طغاي على بنت الأمير سيف الدين بكتمر الساقي وكان عرسا عظيما حضره تنكز نائب الشام وسيأتي ذكر ذلك في ترجمة آنوك عن شاء الله تعالى وتوجه السلطان فيها إلى الحج واحتفل المراء بالحج وفي العود توفي الأمير سيف الدين بكتمر الساقي وولده أمير أحمد وفيها أمسك الصاحب شمس الدين ناظر دمشق وأخذ خطه في مصر بألفي درهم على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى وفي سنة ثلاث وثلاثين عمر نائب الشام الأمير سيف الدين تنكز قلعة جعبر وصارت ثغرا للمسلمين وفي سنة خمس وثلاثين وسبع مائة حضر مهنا أمير العرب إلى السلطان وداس بساطه بعد عناء عظيم وتسويف كثير فأقبل عليه وأعطاه شيئا كثيرا وعاد إلى بلاده) وبها أخرج السلطان من السجن ثلاثة عشر أميرا منهم بيبرس الحاجب وتمر الساقي وفي سنة ست وثلاثين توفي بو سعيد رحمه الله تعالى على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى وفي سنة أربعين وسبع مائة أمسك السلطان الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى في ثالث عشرين ذي الحجة على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى في سنة إحدى وأربعين توفي آنوك رحمه الله تعالى ولد السلطان وفيها توفي السلطان الملك الناصر رحمه الله تعالى وعفا عنه بعد ولده بأشهر قليلة في التاريخ المذكور وقام في الملك بعده ولده الملك المنصور أبو بكر بوصية أبيه على ما سيأتي في ترجمته رحمه الله تعالى وكان السلطان الملك الناصر ملكا عظيما محظوظا مطاعا مهيبا ذا بطش ودهاء وحزم شديد وكيد مديد فلما حاول أمرا فانجزم عليه فيه شيء يحاوله لأنه كان يأخذ نفسه فيه بالحزم البعيد والاحتياط أمسك إلى أن مات مائة وخمسين أميرا وكان يلبس الناس على علاتهم ويصبر الدهر الطويل على الإنسان وهو يكرهه تحدث مع أرغون الدوادار في إمساك كريم الدين الكبير قبل القبض عليه بأربع سنين وهم بإمساكك تنكز لما ورد من الحجاز سنة ثلاث وثلاثين بعد بكتمر ثم أنه أمهله ثماني سنين بعد ذلك وكان ملوك البلاد الكبار يهادونه ويراسلونه وكانت ترد إليه رسل صاحب الهند وبلاد أزبك وملوك الحبشة وملوك الغرب والفرنج وبلاد الأشكري وصاح باليمن وأما بوسعيد ملك التتار فكانت الرسل لا تنقطع بينهما ويسمي كل منهما الآخر أخا وصارت الكلمتان واحدة والمملكتان واحدة ومراسيم السلطان تنفذ في بلاد بوسعيد ورسله يتوجهون بأطلابهم وطبلخاناتهم بأعلامهم المنشورة ولكما بعد الإنسان عن بلاده وجد مهابته أعظم ومكانته
261 في القلوب أعظم وكان سمحا جوادا على من يقربه ويؤثره لا يبخل عليه بشيء كائنا ما كان سألت القاضي شرف الدين النشو قلت أطلق يوما ألف ألف درهمقال نعم كثير وفي يوم واحد أنعم على الأمير سيف الدين بشتاك بألف ألف درهم في ثمن قرية يبنى التي بها قبر أبي هريرة على ساحل الرملة وأنعم على موسى ابن مهنا بألف ألف درهم) وقال لي هذه ورقة فيها ما أبتاعه من الرقيق أيام مباشرتي وكان ذلك من شعبان سنة اثنتين وثلاثين إلى سنة سبع وثلاثين وسبع مائة فكان جملته أربع مائة ألف وسبعين ألف دينار مصرية كذا قال وكان ينعم على الأمير سيف الدين تنكز كل سنة يتوجه إليه إلى مصر وهو بالباب بما يزيد على ألف ألف درهم ولما تزوج سيف الدين قوصون بابنة السلطان وعمل عرسه حمل الأمراء إليه شيئا كثيرا فلما تزوج الأمير سيف الدين طغاي تمر بابنة السلطان الأخرى قال السلطان ما نعمل له عرسا لأن الأمراء يقولون هذه مصادرة ونظر إلى طغاي تمر فرآه قد تغير فقال للقاضي تاج الدين إسحاق يا قاضي اعمل لي ورقة بمكارمة الأمراء لقوصون فعمل ورقة وأحضرها فقال كم الجملة قال له خمسين ألف دينار فقال أعطيها من الخزانة لطغاي تمر وذلك خارجا عما دخل مع الزوجة من الجهاز وأما عطاؤه للعرب فأمر مشهور زائد عن الحد وكان راتبه من اللحم لمطبخه ولرواتب الأمراء والكتاب وغيرهم في كل يوم ستة وثلاثين ألف رطل لحم بالمصري وأما نفقات العمائر إلى أن مات فكان شيئا عظيما وبالغ في مشترى الخيول فاشترى بنت الكردا بمائتي ألف درهم وبما دونها إلى العشرة وأما العشرون والثلاثون ألفا فكثير جدا وغلا الجوهر في أيامه واللؤلؤ وما رأى الناس سعادة ملكه ومسالمة الأيام له وعدم حركة العادي في البر والبحر هذه المدة الطويلة من بعد شقحب إلى أن مات وخلف من الأولاد جماعة منهم البنون والبنات فأما البنون فمات له عقيب حضوره من الكرك في المرة الأخيرة علي ومنهم الناصر أحمد وقتل بالكرك ولإبراهيم وتوفي في حياة والده أميرا والمنصور أبو بكر وقتل بعد خلعه في قوص والأشرف كجك وقتله أخوه الكامل شعبان وآنوك وهو ابن الخوندة طغاي لم أر في الأتراك أحسن شكلا منه وتوفي قبل والده بنصف سنة والصالح إسماعيل وتوفي بعد ملكه مصر والشام ثلاثة أعوام ويوسف وتوفي في أيام أخيه الصالح ورمضان وتوفي في أيام أخيه الصالح والكامل شعبان وخلع ثم قتل والمظفر حاجي وخلع ثم قتل وحسين والناصر حسن والملك الصالح صالح نوابه زين الدين كتبغا العادل سيف الدين سلار الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار سيف الدين بكتمر الجوكندار الكبير سيف الدين أرغون الدوادار مملوكه وبعده لم يكن له نائب) نوابه بدمشق الأمير عز الدين أيبك الحموي جمال الدين آقوش الأفرم شمس الدين
262 قراسنقر سيف الدين كراي جمال الدين آقوش نائب الكرك سيف الدين تنكز علاء الدين الطنبغا وزراؤه علم الدين الشجاعي تاج الدين ابن حنا فخر الدين ابن الخليلي مرتين الأمير شمس الدين سنقر الأعسر سيف الدين البغدادي ناصر الدين الشيخي أيبك الأشقر وسمي المدبر ابن عطايا ابن النشائي ابن التركماني وسمي مدبرا الصاحب أمين الدين مرات الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي ولم يكن له بعده وزير قضاته الشافعية بمصر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد القاضي بدر الدين ابن جماعة مرتين القاضي جمال الدين الزرعي القاضي جلال الدين القزويني القاضي عز الدين ابن جماعة قضاته الشافعية بالشام القاضي إمام الدين القزويني القاضي بدر الدين ابن جماعة القاضي نجم الدين ابن صصرى القاضي جمال الدين الزرعي القاضي جلال الدين القزويني مرتين الشيخ علاء الدين القونوي القاضي علم الدين الخنائي القاضي جمال الدين ابن جملة القاضي شهاب الدبن ابن المجد عبد الله القاضي تقي الدين السبكي كتاب سره بمصر القاضي شرف الدين ابن فضل الله القاضي علاء الدين ابن الأثير القاضي محي الدين ابن فضل الله وولده القاضي شهاب الدين القاضي شرف الدين ابن الشهاب محمود القاضي علاء الدين ابن فضل الله كتاب سره بالشام القاضي محيي الدين ابن فضل الله القاضي شرف الدين ابن فضل الله القاضي شهاب الدين محمود وولده القاضي شمس الدين محمد القاضي محيي الدين ابن فضل الله وولده القاضي شهاب الدين القاضي شرف الدين ابن الشهاب محمود القاضي جمال الدين ابن الأثير القاضي علم الدين ابن القطب القاضي شهاب الدين ابن القيسراني القاضي شهاب الدين ابن فضل الله دواداريته الأمير عز الدين أيدمر مملوكه الأمير بهاء الدين أرسلان الأمير سيف الدين الجاي الأمير صلاح الدين يوسف الأمير سيف الدين بغا ولم يؤمر طبلخاناه الأمير سيف الدين طاجار) نظار الجيش بمصر ابن الحلي القاضي فخر الدين مرتين القاضي قطب الدين ابن شيخ السلامية القاضي شمس الدين موسى ابن تاج الدين إسحاق القاضي مكين الدين ابن قروينة القاضي جمال الدين جمال الكفاة الذين درجوا في أيامه من الخلفاء الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين أبو العباس أحمد المستكفي بالله أبو الربيع سليمان ومن الملوك كيختوا ابن هولاكو المستنصر بالله يحيى بن عبد الواحد صاحب إفريقية
263 الملك المظفر يوسف صاحب اليمن السعيد ايلغازي صاحب ماردين المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة المنصور حسام الدين لاجين المنصوري أبو عبد الله ابن الأحمر محمد بن محمد بن يوسف صاحب الأندلس أبو نمي صاحب مكة العادل زين الدين كتبغا المنصوري غازان بن أرغون ملك التتار أبو يعقوب المريني صاحب الغرب المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير ابن الأحمر أبو عبد الله محمد بن محمد صاحب الأندلس أبو عصيدة صاحب تونس المنصور غازي صاحب ماردين طقطاي سلطان القبجاق دوباج صاحب جيلان علاء الدين محمود صاحب الهند خدابنده ابن أرغون ملك التتار دون بطرو الفرنجي حميضة صاحب مكة المؤيد داود صاحب اليمن ابن الأحمر أبو الجيوش نصر بن محمد اللحياني صاحب تونس زكرياء منصور بن جماز صاحب المدينة الغالب بالله إسماعيل صاحب الأندلس أبو سعيد عثمان صاحب فاس وغيرها المؤيد إسماعيل صاحب حماة ابن الأحمر محمد بن أبي الوليد صاحب الأندلس ترمشين بن دوا سلطان بلخ وسمرقند وبخارا ومرو بوسعيد ملك التتار اربكوون ملك التتار صاحب تلمسان أبو تاشفين عبد الرحمن موسى ملك التتار مهنا بن عيسى 3 (ابن قنان)) أبو الفضل قاضي البصرة محمد بن قنان بن حامد بن الطيب أبو الفضل الأنباري الفقيه الشافعي ولد ببغداد تفقه على أبي إسحاق الشيرازي وبرع في المذهب والخلاف وصار من أعيان تلامذته وكان صهرا لأبي بكر الشاشي وخالا لأولاده ولي قضاء البصرة وتدريس النظامية فيها وتوفي سنة ثلاث وخمس مائة 3 (ابن كثير)) المصيصي محمد بن كثير بن أبي عطاء المصيصي الصنعاني الأصل روى له أبو داود والترمذي والنسائي ضعفه الإمام أحمد وقال ابن معين صدوق توفي سنة ست عشرة ومائتين العبدي البصري محمد بن كثير العبدي البصري أخو سليمان روى عنه البخاري وأبو داود وروى مسلم والترمذي وابن ماجة عن رجل عنه قال أبو حاتم صدوق توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين
264 3 (ابن كرام)) المجسم محمد بن كرام بن عراف بن خرايه الشيخ أبو عبد الله السجستاني الضال المجسم شيخ الكرامية سمع الحديث والتفسير وكان ملبوسه مسك ضان مدبوغ غير مخيط وعلى رأسه قلنسوة بيضاء وقد نصب له دكان لبن ويطرح له قطعة فرو فيجلس عليها ويعظ ويذكر ويحدث وأثنى عليه ابن خزيمة واجتمع به غير مرة وأبو سعيد الحاكم قال الشيخ شمس الدين وهما إماما الفرقين مات بالشام في صفر سنة ست وخمسين ومائتين ومكث في سجن نيسابور ثمان سنين ولما مات لم يعلم بموته إلا خاصته ودفن بمقابر الأنبياء عند يحيى وزكريا بالقدس ومات في زغر فحمله أصحابه إلى القدس ولما توفي كان أصحابه في القدس أكثر من عشرين ألفا على التشقف والتعبد وكان نصر بن إبراهيم المقدسي ينكر عليهم ويقول ظاهر حسن وباطن قبيح وكان قد جاور بمكة خمس سنين ثم دخل نيسابور فحبسه محمد بن عبد الله بن طاهر وطالت محنته وكان يغتسل كل يوم جمعة ويتأهب للخروج إلى الجامع ويقول للسجان أتأذن لي في الخروجفيقول لا فيقول اللهم إني بذلت مجهودي والمنع من غيري وكان معه جماعة من الفقراء ولما أخرج من السجن وعقد له مجلس علم قال له الأمير من أين لك هذا العلم الذي جئت بهفقال إلحام ألحمينه الله تعالى بالحاء المهملة بدلا من الهاءفقال له أتحسن التشهدفقال الطحيات للهبالطاء المهملة حتى بلغ قوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله فأشار إلى إبراهيم بن الحصين فقال له قطع الله يدك وأمر به فصفع وأخرج وقال إن حبان كان قد خذل حتى التقط من المذاهب أرداها ومن الأحاديث أوهاها ثم جالس الجويباري ومحمد بن تميم السعدي ولعلهما قد وضعا على النبي صلى الله عليه وسلم مائة ألف حديث ثم جالس أحمد بن حرب فأخذ التقشف عنه ولم يحسن العلم ولا الأدب وأكثر كتبه صنفها له مأمون بن أحمد السلمي ومن مذهبه الإيمان قول بلا معرفة ويزعم أن النبي صلى) اله عليه وسلم لم يكن حجة على خلقه لن الحجة لا تندرس ولا تموت ويزعم أن الاستطاعة قبل الفعل ويجسم الرب جل وعلا وكان داعية إلى البدع يجب ترك حديثه وقال صاحب كتاب الفرق الإسلامية كان محمد بن ركام من الصفاتية المثبتين لصفات الرب تعالى لكنه انتهى فيها إلى الجسيم والتشبيه والكرامية فرق يبلغون اثنتي عشرة فرقة لكن أصولها ستة العائذية والنونية والإسحاقية و والزرينية والهيصمية وأقربهم الهيصمية ولكل فرقة رأي في التجسيم والتكييف إلا
265 أنهم لما كانوا أغبياء جهلاء ذهبوا في التجسيم إلى اعتقادات خسيسة تنافي العقل والشرع وتخالفهما ولم يكن فيهم عالم معتبر ولا لهم قاعدة دينية يمكن القول بها في الجملة أعرضنا عن ذكر كل فرقة واكتفينا بنقل مذهب زعيمهم محمد بن كرام إذ كان صاحب مقالاتهم فنقول نص محمد بن كرام على أن معبوده على العرش مستقر وعلى انه بجهة فوق ذانا وأطلق عليه اسم الجوهر وأنه مماس للعرش من الصفحة العليا وجوز الانتقال والتحول والنزول ومن أصحابه من قال هو على بعض أجزاء العرش ومنهم من قال امتلأ به العرش قلت تعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال الشهرستاني كان محمد بن كرام قليل العلم قد قمش من كل مذهب ضعفا وأثبته في كتابه وروجه على أغتام فانتظم ناموسه بسواد خراسان وصار ذلك مذهبا نصره السلطان محمود بن سبكتكين وصب البلاء على أصحاب الحديث من جهتهم انتهى وكان قد نفاه الأمير يأنس وكان على الرملة والقدس قال ابن الجوزي في المرآة كان بالقدس رجل يقال له هجام يحب الكرامية ويحسن الظن بهم فنهاه الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي عنهم فقال إن مالي ما ظهر منهم فقال له ظاهر حسن وباطن قبيح فلما كان بعد ليال رأى هجام في المنام كأنه اجتاز برباطهم وقد نبت النرجس في حيطانه فمد يده ليأخذ طاقة منه فوجد أصوله في العذرة فقص رؤياه على الفقيه نصر فقال له هذا تصديق ما قلت لك ظاهرهم حسن وباطنهم خبيث وأصحاب ابن كرام اليوم بسجستان وخراسان منهم خلق كثير ولهم معبد زائد ولهم مقالات في التشبيه والحلول انتهى 3 (ابن كشتغدي)) ناصر الدين الغزي محمد بن كشتغدي الأمير ناصر الدين الغزي المصري الصيرفي ولد سنة إحدى وستين وست مائة سمع من النجيب والمعين الدمشقي أجاز لي بالقاهرة سنة ثمان وعشرين وسبع مائة 3 (ابن كناسة)) ابن كناسة محمد بن كناسة واسم كناسة عبد الله قيل هو ابن أخت إبراهيم ابن أدهم العابد روى عنه النسائي قال ابن معين وأبو داود وعلي بن المديني والعجلي وغيرهم ثقة له علم بالعربية والشعر وأيام الناس مات بالكوفة سنة سبع ومائتين وله كتاب الأنواء ومعاني الشعر وكتاب سرقات الكميت من القرآن وغيره وكان راوية للكميت وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي أتيت محمد بن كناسة لأكتب عنه ثر عليه أصحاب الحديث فتضجر منهم وتجهمهم
266 فلما انصرفوا عنه دنوت منه فنهش إلي واستبشر بي وبسط وجهه فقلت له لقد تعجبت من تفاوت حالتيك فقال لي أضجرني هؤلاء بسوء أدبهم فلما جئتني أنت انبسطت إليك وأنشدتك وقد حضرني في هذا المعنى بيتان وهما * في انقباض وحشمة فإذا * رأيت أهل الوفاء والكرم * * أرسلت نفسي على سجيتها * وقلت ما شئت غير محتشم * فقال له إسحاق وددت أني قلتها بما أملك فقال ابن كناسة ما ظهر عليهما أحد فخذهما وانحلهما نفسك وقد وفر الله عليك مالك والله ما قلتهما إلا الساعة فقال استحي من نفسي أن أدعي ما لم أقل أو قال فكيف لي بعلم نفسي أنهما ليسا ليوقال إسحاق فذاكرت ابن كناسة هذين البيتين في مجلس يحيى بن معين بعد فقال لكني أنشدك اليوم * ضعفت عن الإخوان حتى جفوتهم * على غير زهد في الإخاء وفي الود * * ولكن أيامي تخرمن مدتي * فما أبلغ الحاجات إلا على جهد * وقال ابن كناسة بعدما أسن * كان سبعا مضت لي في تصعدها * إلى الثمانين كانت غدوة الغادي * * لم يبق من رمها إلا تذكرها * كالحلم في طول إفراعي وإصعادي *) وقال لما توفي إبراهيم بن أدهم * رأيتك لا يكفيك كما دونه الغنى * وقد كان يكفي دون ذاك ابن أدهما * * أخالك يحمي سيفه ولسانه * حمال ولا يفنى لك الدهر مجرما * * وكان يرى الدنيا صغيرا كبيرها * وكان لحق الله فيها معظما * * يشيع الغنى أن ناله وكأنما * يلاقي به البأساء عيسى بن مريما * * وللحلم سلطان على الجهل عنده * فما يستطيع الجهل أن يترمرما * * وأكثر ما يلقى من القوم صامتا * فإن قال بذ القائلين وأحكما * * يرى مستكينا خاشعا متواضعا * وليثا إذا لاقى الكريهة ضيغما * وقال * إذا المرء يوما أغلق الباب مرتجا * ليستر أمرا كنت كالمتغافل * * وأعرض حتى يحسب المرء أنني * جهلت الذي يأتي ولست بجاهل * * وإني لأغضي عن أمور كثيرة * وفي دونها قطع الحبيب المواصل * * حفاظا وضنا بالإخاء وعقدة * إذا ضيع الإخوان عقد الحبائل * 3 (ابن لوي)) أبو منصور البغدادي محمد بن لوي بن محمد بن عبد الله القرشي أبو منصور
267 البغدادي الأديب من شعراء الديوان العزيز كان مسنا عاش تسعين سنة وتوفي سنة ثمان وثلاثين وست مائة من شعره * تاه بالحسن شادن عربي * إن في القلوب منه داء دوي * * بدر تم يسبي بغنج لحاظ * ساحرات وسحرها بابلي * * يخجل الشمس حسنه حين يبدو * وجهه المشرق البهي الوضي * بعذار كالنمل دب على العاج ولكن له دبيب خفي رشأ جسمه أرق من الماء وأندى وقلبه جلمدي * قد رماني بأسهم من جفون * وحواجيبه الحسان القسي * * أنا من عظم هجره مستجير * بجواد له النبي سمي * قلت شعر متوسط ولكن الأول ملحون بالقافية 3 (ابن الليث)) أبو الربيع ألقيه الكاتب محمد بن الليث بن اذرباذ بن فيروز بن شاهين يتصل نسبه بدارا بن دارا يعرف بالخطيب وبالفقيه ويكنى أبا الربيع كتب ليحيى بن خالد وله ولاء في بني أمية وكان بلغيا مترسلا كاتبا فقيها متكلما سمحا وكانت البرامكة تقدمه وتحسن إليه وكان يرمى بالزندقة وله كتاب رسائله كتاب الهليلجة في الاعتبار كتاب الرد على الزنادقة كتاب جواب قسطنطين عن الرشيد كتاب الخط والقلم كتاب عظة هارون كتاب إلى يحيى بن خالد في الأدب التاجر محمد بن ليث العدى الحاج شمس الدين ابن الحاج الفقيه زين الدين التاجر بمدينة سيدنا الخليل صلى الله عليه وسلم توفي في طاعون سنة تسع وأربعين وسبع مائة رحمه الله وأوصى أن يصرف من تركته لعمارة حرم مكة وحرم النبي صلى الله عليه وسلم وحرم بالقدس الشريف وحرم سيدنا الخيل لكل مكان منها مبلغ ثمان مائة دينار مصرية فقال له شهاب الدين أبو العباس أحمد خطيب الحرم إن هذه الوصية إنما تنفذ من الثلث فقال أعرف ذلك وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعدالثلث والثلث كثير وثلث مالي يزيد على ذلك وكتب بذلك محضر وجهز إلى دمشق والنائب يومئذ الأمير سيف الدين أرغون شاه 3 (ابن ماهان)) زنبقة السمسار محمد بن ماهان السمسار ونبقة بغدادي صدوق وثقه البرقاني وتوفي سنة سبعين ومائتين
268 3 (ابن المبارك)) القلانسي الصوري محمد بن المبارك بن يعلى القرشي الصوري القلانسي روى عنه الجماعة ويحيى بن معين ومحمد بن يحيى الذهلي قال ابن معين كان شيخ البلد يعني دمشق بعد أبي مسهر توفي بدمشق سنة خمس عشرة ومائتين محمد بن المبارك بن علي أبو عبد الله توفي سنة إحدى وأربعين وخمس مائة من شعره في مغن اسمه محمود يهجوه * لو أراد الإله بالأرض خصبا * ما تغنى من فوقها محمود * كلما أنبتت يسيرا من العشب وغنى غطى عليه الجليد ابن الحصري محمد بن المبارك بن الحين بن إسماعيل بن الخضر أبو بكر ابن أبي البركات قرأ الفقه على مذهب أحمد بن حنبل على عبد القادر الجيلي ثم انتقل عنه إلى القاضي أبي يعلى محمد بن محمد بن الفراء وصار به خصيصا فلما وزلي أبو يعلى قضاء واسط انحدر ابن الحصري معه وشهد عنده وولاه قضاء قرية وأقام هناك إلى أن عزل وعاد معه إلى بغداد وكانت أوقاته محفوظة بإقراء القرآن والفقه وسماع الحديث وحدث باليسير وتوفي سنة أربع وستين وخمس مائة ابن الخل الفقيه محمد بن المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد الإمام أبو الحسن ابن أبي البقاء البغدادي المعروف بابن الخل الشافعي كان خبيرا بالمذهب إماما تفقه على أبي بكر الشاشي المستظهري درس وأفتى وصنف وتفرد بالفتيا في بغداد في المسألة السريجية صنف شرحا للتنبيه سماه توجيه التنبيه وهو مختصر وهو أول شرح وضع للتنبيه وكتابا في أصول الفقه وسمع الحديث من أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة
269 وأبي الحسين عبد الله البسري وغيرهما وروى عنه أبو سعد السمعاني وغيره) وقيل أنهم كانوا يتحيلون على أخذ خطه بالفتاوي لأنه كتب المنسوب إلى الغاية فضاقت أوقاته بالفتاوي وشغلته الكتابة عليها فلما فهم ذلك كان يكسر القلم ويكتب على الفتاوي فقصروا عنه وقيل أن الذي كتب مليحا أخوه أبو الحسين أحمد الآتي ذكره إن شاء الله تعالى وتوفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة أبو غالب محمد بن المبارك بن محمد بن محمد بن ميمون أبو غالب أورد له ابن الساعي في كتاب لطائف المعاني قوله ما يكتب على مرآة * في يا قوم خصلتان أراني * بهما الدهر ذات كبر وتيه * جلبي الشكر والمحامد لله وصدقي في كل ما أحكيه سئل عن مولده فقال في سابع عشر المحرم سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة وتوفي تاسع جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مائة ودفن بمقابر قريش ابن مشق البغدادي محمد بن المبارك بن محمد بن محمد بن الحسين المحدث المفيد أبو بكر ابن مشق البغدادي البيع بلغت مجلدات مسموعاته ست مجلدات توفي سنة خمس وست مائة حدث باليسير الباخرزي محمد بن المبارك بن صدقة بن يوسف الباخرزي أبو الحسين قرأ الأدب ببغداد وصحب العلماء وكتب بخطه وتوفي سنة إحدى عشرة وست مائة أبو البقاء محمد بن المبارك بن المبارك بن هبة الله بن محمد بن بكري أبو البقاء ابن أبي المعالي من أهل الحريم الظاهري من أولاد المحدثين وكان شيخا صالحا حسن الطريقة توفي سنة ست وثلاثين وست مائة أبو المعالي المدائني محمد بن المبارك بن محمد بن محمد بن الخطيب أبو المعالي ابن أبي المنصور من أهل المدائن كان بها قاضيا وكان فاضلا متأدبا شاعرا سمع الحديث ببغداد من محمد ابن الزاغوني وأبي القوت السجزي وغيرهما ولم يبلغ سن الراوية توفي ببغداد سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة وحمل إلى المدائن ومن شعره) * إذا لم يكن خير القريب مقربا * إليك ولم تعطف عليك أواصره * * فأجود من ذي المال من كان معدما * وخير ن الحياء من أنت قابره * ومنه * لا تغترر بقبيل صرت سيدهم * لما وليت ففي التغرير ما فيه * * ولا تقل أنهم أهلي فإنهم * أفعى يمج لعاب السم من فيه * * كدودة الميت إن فكرت منه بدا * وجودها وهي يا ذا اللب تفنيه * ابن مقبل الحمصي محمد بن مبارك بن مقبل بن الحسن الأديب الرئيس جمال
270 الدين الغساني الحمصي الشاعر الناثر كان أبوه وزيرا من أجلاد الشيعة وغلاتهم ولد محمد يوم عيد الفطر سنة سبع وست مائة وتوفي سنة سبعين وست مائة تقريبا ومن شعره ابن جارية القصار محمد بن المبارك بن أحمد بن علي بن القصار الوكيل أبو عبد الله ابن أبي القاسم المعروف بابن جارية القصار كان وكيلا على أبواب القضاة كانت أمه من جواري المقينات الموصوفات بالإحسان في الغناء وكان محمد هذا شاعرا ظريفا كاتبا مطبوعا سمع الحديث ومات سنة سبع وثلاثين وخمس مائة ولم يبلغ أوان الرواية ومن شعره * وأدهم اللون ذي حجول * قد عقدت صبحه بليله * * كأنما البرق خاف منه * فجاء مستمسكا بذيله * وقال يستهدي مدادا إليك اشتكائي يا ابن الكرام شيب دواتي قبل الهرم وشيب الدوي كما قد علمت يعدل في القبح شيب اللمم * فمر بخضاب كفيل برد * شباب ذوائبها المنعدم * اليماني محمد بن المبارك اليماني قال العماد الكاتب من فضلاء اليمن ونبلاء الزمن سافر إلى بغداد بالبركة واليمن وكان من الفصحاء اللسن وأورد له قوله) * فانشر مطارف من هواك فطالما * أولعت خوف العاذلين بطيها * * ودع التأمل في العواقب إنها * لا تستبين رشادها من غيها * 3 (ابن المتوكل)) المقرئ محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن مولى بني هاشم اللؤلؤي المقرئ صاحب يعقوب توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين أسند عن الفضيل بن عياض وغيره وأخرج عنه أبو داود في سننه وغيره اتفقوا على صدقه وثقته قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله استغفر لي فقد حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزهر عن جابر أنك ما سئلت شيئا فقلت لا فتبسم وقال غفر الله لك 3 (ابن المثنى)) الحافظ العنزي محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس الحافظ أبو موسى العنزي
271 البصري الزمن روى عنه الجماعة والنسائي عن رجل عنه وجماعة كبار كان أرجح من بندار وأحفظ لأنه رحل وبندار لم يرحل واتفقا في المولد والوفاة توفي بعد بندار بثلاثة اشهر سنة اثنتين وخمسين ومائتين وكانا نظيرين في الإتقان والحفظ واتفق الأئمة على الرواية عنهما 3 (ابن المجلي)) العنتري الطبيب محمد بن المجلي بن الصائغ أبو المؤيد الجزري الطبيب المعروف بالعنتري لأنه كان في أول الأمر يكتب سيرة عنتر كان طبيبا مشهورا عالما مذكورا حسن المعالجة فيلسوفا متميزا في الأدب له شعر حسن منه قوله الأبيات السائرة التي منها * أقلل نكاحك ما استطعت فإنه * ماء الحياة يراق في الأرحام * له كتاب الجمانة في الطبيعي والإلهي والأقراباذين وهو كبير مفيد ورسالة الشعرى اليمانية إلى الشعرى الشمالية كتبها إلى عرفة النحوي بدمشق ورسالة الفرق ما بين الدهر والزمان والكفر والإيمان رسالة العشق الإلهي والطبيعي والنور المجتنى في المحاضرة توفي سنة ستين وخمس مائة تقريبا ومن شعره * أبلغ العالمين عني أني * كل علمي تصور وقياس * * قد كشفت الأشياء بالفعل حتى * ظهرت لي وليس فيها التباس * * وعرفت الرجال بالعلم لما * عرف العلم بالرجال الناس * ومنه * قالوا رضيت وأنت أعلم ذا الورى * بحقائق الأشياء عن باريها * * تجتاب أبواب الخمول فقلت عن * كره ولست كجاهل راضيها * * لي همة مأسورة لو صادفت * سعدا بغير عوائق تثنيها * * ضاق الفضاء بها فلا تسطيعها * لعلوها الأفلاك أن تحويها * * ما للمقاصد جمة ومقاصدي * ناط القضاء بها الفضا والتيها * * أطوي الليالي بالمنى وصروفها * تنشرنني أضعاف ما أطويها * * أني على نوب الزمان لصابر * إما ستفني العمر أو يفنيها * * أما الذي يبقى فقد أحرزته * والفانيات فما أفكر فيها * ومنه * بني كن حافظا للعلم مطرحا * جميع ما الناس فيه تكتسب نسبا) * (فقد يسود الفتى من غير سابقة * للأصل بالعلم حتى يبلغ الشهبا *
272 * غذ العلوم بتذكار تعش أبدا * فالنار تخمد مهما لم تجد حطبا * * إني أرى عدم الإنسان أصلح من * عمر به لم ينل علما ولا نشبا * * قضى الحياة فلما مات شيعه * جهل وفقر لقد قضاهما نصبا * ومنه * من لزم الصمت اكتسى هيبة * تخفي عن الناس مساويه * * لسان من يعقل في قلبه * وقلب من يجهل في فيه * ومنه * قد أقبلت غولة الصبايا * تنظر عن معلم النقاب * * فقلت من أعظم الرزايا * قفل على منزل خراب * * أحسن ما كنت في عباة * ملفوفة الرأس في جراب * قلت شعر جيد 3 (ابن محبب)) محمد بن محبب أبو همام الدلال القرشي البصري صاحب الدقيق روى عنه أبو داود عن رجل والنسائي وابن ماجة وثقه أبو داود توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين 3 (ابن محبوب)) البناني محمد بن محبوب أبو عبد الله البناني روى عنه البخاري وأبو داود وروى النسائي عن رجل عنه أثنى عليه ابن معين وقال كيس صادق توفي سنة اثنتين وعشرين ومائتين 3 (ابن محرز)) ركن الدين الوهراني محمد بن محرز أبو عبد الله المعروف بركن الدين الوهراني وقيل جمال الدين أحد ظرفاء العالم وأدبائهم قدم من المغرب إلى مصر وهو يدعي الإنشاء فرأى الفاضل والعماد وتلك الحلبة فعلم أنه ليس من طبقتهم فسلك ذاك المنهج الحلو والأنموذج الظريف وعمل المنام المشهور وله ديوان ترسل قدم دمشق وأقام بها مدة وبها توفي سنة خمس وسبعين وخمس مائة ووهران مدينة كبيرة وبينها وبين تلمسان يومان بنيت سنة تسعين ومائتين والمنام الذي عمله سلك فيه مسلك أبي العلاء المعري في رسالة الغفران لكنه ألطف
273 مقصدا وأعذب عبارة وكان قد سلطه الله تعالى على الشيخ تاج الدين الكندي وعلى المهذب ابن النقاش الطبيب وعلى القاضي الفاضل أما القاضي الفاضل فإنه ما كان يجسر على التصريح بذكره بل يعرض به كقوله في رسالة كتبها إلى مجد الدين ابن المطلب وقد ذكر الحمام الفيوم فلمز أشعر إلا والحائط الشمالي قد انشق وخرج منه شخص عجيب الصورة ليس له رأس ولا رقبة البتة وإنما وجهه في صدره ولحيته في بطنه مثل بعض الناس فهذا تعريض بالفاضل رحمه الله وأما المهذب فذكره صريحا كقوله في جملة المنام الذي رآه وإن القيامة قد قامت والخلق في الموقف وغذا بحلقة عظيمة بعيدة الأقطار فيها من الأمم ما لا يحصى كلهم يصفقون ويلعبون وثلاثة في وسطهم يرقصون إلى أن تعبوا ووقعوا إلى الأرض فسألنا بعض الحاضرين عن ذلك الفرح وعن الثلاثة الذين يرقصون فقال أما الثلاثة فعبد الرحمن بن ملجم المرادي والشمر بن ذي الجوشن والحجاج بن يوسف مجرمو هذه الأمة وأما الفرح الذي ألهاهم عن توقع) العقاب حتى رقصوا من الطرب مع ما كانوا عليه من رجاحة العقل ونزاهة النفس فهو الطمع في رحمة الله تعالى بعد اليأس منها والسبب فيه كون البارئ عز وجل غفر اليوم للفقيه المجير والمهذب ابن النقاش فخذوا أنتم بحظكم رحمكم الله من الفرح والسرور فقلت وأي شيء ينالنا نحن من نجاة هذين الرجلين ومن فوزهما بالرحمة والرضوان ونحن إلى الحزن أقرب منا للسرورفقال قد أجمع الناس على أنه لم يولد مولود في الإسلام ارق دينا من هذين الرجلين ولا أقل خيرا مهما فإذا غفر لهما فما عسى أن يكون ذنوب الحجاج وأصحابه وما ذنوبهم في جنب ذنوب هذين إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ثم أن الوهراني استطرد بعد هذا في ذكره من شيء إلى شيء في ذكر معائب وقبائح بمقاصد غريبة خفية الكيد وكرر ذكره في ترسله رماه بكل عظيمة وأما تاج الدين الكندي فذكره أيضا في غير موضع من ذلك في رسالة منها وقد ذكر قصيدة للكندي أولها * قدمت فلم أترك لذي قدم حكما * كذلك عادي في العدى والندى قدما * ومع هذا فما ينبغي أن يبتدئ مثل هذه البداءة إلا مصعب بن الزبير أو يزيد بن المهلب أو مسلم بن قتيبة الذين جمعوا الشجاعة والكرم وأما الرجل السوقة إذا قال هذا الكلام فما يجاوب إلا بمكاوي البيطار في اليأفوخ والأصداغ وأما قوله * إذا وطئ الضرغام أرضا تضايقت * خطا وحشها عنه فيوسعها هزما * فإنه وإن كان من الشعر الذي تمجه الأسماع وتأباه النفوس فما له عمدي جواب إلا الضراط المغربي الصلب يصفى في جوف لحية قائله من مكان قريب وأما قوله * وإن أك في صدر من العمر شارخا * فكم يفن عن همتي بفتى هما * فلو أن لي به قوة أو آوي إلى ركن شديد لكتبت هذا البيت بالخرا على روق القنبيط ثم ألزمته أن يأكله فيكون الخرا قد أكل الخرا من خرا على خرا في خرا وأما قوله * سبقت إلى غايات كل فضيلة * تعز على طلابها العرب والعجما *
274 ) فهذا البيت المصيبة العظمى والطامة الكبرى وليس ينبغي أن يجاوب في هذا بجواب إلا أن يحضره بعض السلاطين ويقول له أنت قلتسبقت إلى غايات كل فضيلة فيقول نعم فيرمي قوسا ويقول جر هذا القوس فيقول ما أقدر فيقول اصفعوه فيصفع ثم يقدم له فرسا ورمحا ودرعا ويقول له قاتل هذا الغلام بهذا السلاح فيقول ما أقدر فيقول اصفعوه فيصفع فيقول له فحل لنا شكلا من إقليدس فيقول لا أعلم فيقول اصفعوه فيصفع فيقول مسالة من المجسطي فيقول لا أعلم فيقول اصفعوه فيصفع فيقول له مسألة من النجوم فيقول لا أعلم فيقول اصفعوه فيصفع فيقول له يا ابن عشرة آلاف قحبة فأي شيء تعلمفيقول أعلم شيئا في النحو والتصريف لا غير فيقول له ولأجل النحو والتصريف تقولسبقت إلى غايات كل فضيلة رحم امرأة سيبويه والكلب على عيال الأخفش واصفع الفارسي عشرة آلاف فلعة قفاه فيصفع حتى يعمى ومن كلامه عشرة أشياء من أبواب البر تسخط الله وترضي الشيطان وهي انقطاع ابن الصابوني إلى الله عز وجل في القرافة وتعصب الخبوشاني لقبر الشافعي رحمه الله وتنفل القاضي الأثير قبل صلاة الجمعة وبعدها وظهور سجادة في هذه الأيام على وجهه وصلاة السديد الطبيب التراويح في شهر رمضان وبكاء الفقيه البهاء على المنبر يوم الجمعة وقراءة الوهراني السبع في صباح كل يوم وسماع ابن عثمان الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمعة واحدة ورواية ذلك على رؤوس الأشهاد وحضور ابن مماتي مجالس الوعظ في القرافة وبكاؤه عند قراءة القرآن وإنكار أبي عبد الله البغدادي على المزارين خاصة ولا يلتفت إلى غيره من الذنوب وبنيان ابن أبي الحجاج لقبر آسية رضي الله عنها وترتيب القراء فيه في كل جمعة ذكر أن هذه الأعمال الصالحة لا يعبأ بها وهي أحب إلى إبليس من كبائر الذنوب قلت وعلى أجملة فما كاد يسلم من شر لسانه أحد ممن عاصره ومن طالع ترسله وقف على العجائب والغرائب وما كان يخلو سامحه الله من تجر
275 3 (ابن المحسن)) خطيب مصر البعلبكي محمد بن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء الخطيب شمس الدين أبو عبد الله البعلبكي ثم المصري نشأ بمصر وقرأ الأدب وسمع بدمشق من ابن عساكر وغيره ورحل إلى بغداد وسمع بها وقرأ بها الفقه واتصل بصلاح الدين وهو أول من خطب بمصر لبني العباس ثم نفذه صلاح الدين رسولا إلى بغداد ومات بدمشق ولم يكمل له أربعون سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة محمد بن المحسن بن أحمد أبو عبد الله السلمي أصله من ملح قرية بحوران ولي أبوه على حلب زمانا وكان فاضلا وله نظم ونثر قال يمدح القاضي ابن أبي عقيل وهو شعر منحط * يا هند هل وصل فيرتقب * إن كان يحفظ في الهوى نسب * * أنسيت موقفنا بذي سلم * أيام أثواب الصبى قشب * * قد زرت بغداذا وطال بها * عهدي وحرك نحوها سبب * * دار الملوك وكل من ضربت * فوق السماك لمجده طنب * توفي سنة سبع وأربعين وخمسمائة وقيل سنة تسع وأربعين أبو الحسن الكارزيني محمد بن المحسن بن سهل الكارزيني أبو الحسن الأديب ذكره السمعاني في كتاب النسب فقال حدث ببغداد بشيء من الشعر عن أبيه روى عنه أبو شجاع كيخسرو بن يحيى بن باكير هذه الأبيات قال أنشدني أبو سعد بن خلف النيرماني لنفسه * مولاي عبدك من جفاك بحال * فارحمه قبل شماتة العذال * * أحبابنا في الناس مثل حبابنا * في الكأس أسماء بلا أفعال * * يلهيك أول نظرة ترمي بها * منها إلي كاللؤلؤ المتلالي * * فإذا طردت الطرف فيهم ثانيا * حالت عهود وجوههم في الحال *
276 3 (ابن محمود)) الحمامي الهمذاني محمد بن محمود بن إبراهيم بن الفرح بن إبراهيم الحمامي الهمذاني تقي الدين أبو جعفر طلب الحديث بنفسه فسمع الكثير ببلده من أبي الفضل محمد بن نبيهان المؤدب والليث بن سعد بن بوغة والحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني وخلق كثير ثم رحل إلى أصبهان بعد السبعين والخمس مائة وسمع بها من عبد الله بن عمر المعدل وكان من أصحاب أبي عبد الله الثقفي ومن جماعة وقدم بغداد سنة أربع وسبعين وخمس مائة وسمع من الأسعد بن بلدرك ابن أبي اللقاء الجبريلي وغيره ثم عاد إلى أصبهان الرشتياني وأمثالهم ثم قدم بغداد سنة إحدى وست مائة وحج وعاد وسمع من أصحاب ابن الحصين وأبي غالب ابن البناء ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وسمعه محب الدين ابن النجار قال وكان يملي بمعرفة الصحابة ثم غريب الحديث ويتكلم على الناس على طريق الوعاظ وكانت أوقاته مستغرقة في عقد المجالس في كل يوم في موضع معين وكان له القبول التام بين الخاص والعام بفقه الحديث وغريبه ومعانيه وأسماء رجاله وتواريخ أعمارهم ومعرفة أحوالهم وكان فصيحا ذا عبارة منقحة كثير الكتب والفوائد وله الأصول الحسان والكتب الكثيرة وله المصفنات المليحة ويكتب خطا صحيحا وهو نبيل ورع متدين زاهد عابد عفيف أمار بالمعروف نهاء عن المنكر ناصر السنة قامع البدع طيب الأخلاق حسن العشرة متودد متواضع محب للغرباء وطلاع العلم كريم النفس جواد بما في يديه ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مائة ولما استولى التتار على همذان خرج إلى الجهاد وولده بين يديه وهو يحثه على القتال حتى استشهدا سنة ثمان عشرة وست مائة قال الشيخ شمس الدين الذهبي تكلم فيه الرفيع الأبرقوهي وقال لا يصح سماعه الخطيب القرقوبي محمد بن محمود بن الحسين بن محمد بن حامد بن الحسن بن يوسف القرقوبي أبو عبد الله الخطيب وقرقوب بليدة قريبة من الطيب شاعر حسن الشعر مدح الناس واجتداهم ومدح الإمام المستظهر بالله وسمع منه أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ وأبو محمد ابن الخشاب النحوي شيئا من شعره قال سألني بعض المشايخ إجازة بيت للشبلي وهو * بأي نواحي الأرض أبغي وصالكم * وأنتم ملوك ما لقصدكم سبل *
277 ) فقلت مجيزا له * إذا لم يكن وصل يقرب منكم * ولا منكم تأتي إلى عندنا رسل * * فنصبر حتى نستلين حجابكم * ويدرأ عنه جور هجركم الوصل * * فما قرع الصبار باب لبانة * إليكم وإلا دونه انفتح القفل * * وإلا علاه من سوابغ طولكم * نسيم له في كل مكرمة فعل * * أيقنط من إحسانكم عبد مثلكم * وأنتم ملوك في الورى دأبها الفضل * * ألا حققوا المظنون فيكم وصدقوا * فأكبر ظني أن سيتصل الحبل * قلت شعر متوسط وتوفي سنة اثنتي عشرة خمس مائة ببغداد ودفن بباب أبرز أبو عبد الله الواعظ محمد بن محمود بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن حيوية أبو عبد الله الواعظ الأصبهاني كان ختن الحافظ أبي موسى على ابنته وكان أديبا فاضلا واعظا من وجوه الحنابلة سمع الحديث الكثير وكتب بخطه وجمع معجما لمشايخه وكان متدينا حسن الطريقة صدوقا سمع أبا سعد أحمد بن محمد بن أبي سعد البغدادي وأبا القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين الحمامي وأبا رشيد أحمد بن محمد بن أحمد الخرقي وأبا القاسم إبراهيم بن محمد بن أبي القاسم الدواتي وخلقا كثيرا وقدم بغداد وحدث باليسير سمع مكنه بلديه محمد بن حامد بن عبد الواحد البقال توفي سنة تسع وسبعين وخمس مائة ابن القزويني محمد بن محمود بن الحسن بن محمد بن يوسف بن محمد بن الحسن بن محمد بن عكرمة بن أنس بن مالك الأنصاري أبو الفرج ابن أبي حاتم المعروف بابن القزويني من أهل آمل طبرستان سمع أباه وأبا سعد منصور بن إسحاق الخزرجي الحافظ وأبا علي عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحسيني وأبا منصور محمد بن عبد الرحمن الفلاس وأبا العباس أحمد بن بندار الدامغاني وغيرهم وقدم بغداد وحدث بها وروى عنه من أهلها أبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام وأبو الحسن محمد بن المبارك بن الخل الفقيه والحافظ محمد بن ناصر وأبو محمد الحسن بن علي بن عبد الملك الكاتب وأبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد بن الطوسي نزيل الموصل) قال محب الدين ابن النجار كان فاضلا صدوقا حسن السيرة بكاء صاحب معاملة توفي سنة إحدى وخمس مائة ابن خمارتاش الواعظ محمد بن محمود بن خمارتاش التاجر أبو عبد الله الواعظ الأصبهاني طلب الحديث بنفسه وسمع الكثير وكتب بخطه وحصل الكتب والأجزاء وقرأ على
278 المشايخ والحفاظ وكان يعقد مجلس الوعظ وله معرفة بالتفسير والحديث والفقه على مذهب الشافعي وله حظ من الأدب ويكتب الخط الحسن سمع أبا القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين الحمامي وأبا الحسين محمد بن أحمد بن عمر الباغبان وأبا عبد الله الحسن بن العباس الرستمي وأبا الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي وجماعة قال محب الدين ابن النجار سمعت منه بأصبهان وكان صدوقا متدينا حسن الطريقة محمود الأفعال طيب الأخلاق متواضعا ولد سنة أربعين وخمس مائة الطرازي البخاري محمد بن محمود بن علي بن أبي علي الحسين بن يوسف الأسدي أبو الرضا البخاري المعروف بالطرازي كان من أئمة الفقهاء على مذهب الشافعي جال في خراسان في طلب العلم وسمع الحديث من جماعة من الشيوخ وحدث روى عنه أبو المظفر ابن السمعاني أورد له محي الدين ابن النجار * قالوا تهن بيوم العيد قلت لهم * قولوا لمن رحلوا عن ربعنا عودوا * * فإن أجابوا فهنوني بعيدكم * أو لا فعن سقم فقداني لهم عودوا * تفقه ببخارا على والده وعلى عبد العزيز بن عمر المعروف بالبرهان قال ابن النجار كتبت عنه ببخارا ومات بعد الستين وخمس مائة آخر الجزء الرابع من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إن شاء الله تعالى محمد بن محمود بن عون بن فريج أبو عبد الله والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله