بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: العدد القوية المؤلف: علي بن يوسف الحلي الجزء: الوفاة: ن 705 المجموعة: مصادر سيرة النبي والائمة تحقيق: السيد مهدي الرجائي / إشراف : السيد محمود المرعشي الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1408 المطبعة: سيد الشهداء (ع) الناشر: مكتبة آية الله المرعشي العامة ردمك: ملاحظات: العدد القوية لدفع المخاوف اليومية للفقيه الجليل رضي الدين علي بن يوسف المطهر الحلي قده من أعلام القرن الثامن تحقيق السيد مهدي الرجائي إشراف السيد محمود المرعشي
1 كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية تأليف: علي بن يوسف الحلي تحقيق: السيد مهدي الرجائي نشر: مكتبة آية الله المرعشي العامة طبع: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام تاريخ الطبع: 1408 ه ق العدد: 1000 الطبعة الأولى السعر: 1300
2 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الأبدية على أعدائهم أجمعين.
3 ترجمة المؤلف اسمه ونسبه: الشيخ رضي الدين أبو القاسم - ويقال: أبو الحسن أيضا - علي بن الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن محمد بن المطهر الحلي. وهو أخو العلامة الحلي المعروف قدس سره، وأنه كان أكبر سنا من أخيه العلامة الحلي ثلاث عشر سنة. ووالده الشيخ سديد الدين يوسف الحلي كان من أجلة العلماء في عصره، وأعلم العلماء في عصره في الأصوليين. قال والده العلامة في إجازته لبني زهرة: إن المحقق خواجة نصير الدين لما ورد الحلة، وحضر عنده فقهاؤها سأل المحقق عن أعلمهم بالأصوليين، فأشار إلى سديد الدين والدي وإلى الفقيه محمد بن الجهم رحمهما الله. وللمؤلف ولد صالح فقيه يدعى بقوام الدين محمد، يروي عنه السيد ابن معية، ويروي هو أيضا عنه، وكان من فضلاء عصره وقد عبر عنه صاحب المعالم في إجازته الكبيرة بالفقيه السعيد المرحوم.
5 الاطراء عليه: قال العلامة المجلسي الشيخ الفقيه... (1). وقال أيضا: ومؤلفه بالفضل معروف، وفي الإجازات مذكور، وهو أخو العلامة الحلي قدس الله لطيفهما (2). وقال أيضا: الشيخ الجليل... (3). وقال في أمل الآمل: عالم فاضل أخو العلامة (4). وقال في الرياض: الشيخ الجليل الفقيه... العالم العلم الفاضل الجليل (5). وقال المولى نظام الدين القرشي في نظام الأقوال: من مشائخنا الإمامية، فقيه جليل (6). وقال في المستدرك: العالم الفاضل... (7). ولادته ووفاته: أما ولادته، فقال في الرياض: قد رأيت بخط بعض الأفاضل نقلا عن خط الشيخ سديد الدين يوسف المذكور والد الشيخ رضي الدين علي هذا ما هذه ألفاظه: لله المنة، ولد الولد المبارك على أهله وذويه أبو القاسم علي بن يوسف بن
(1) البحار 1 / 17. (2). البحار 1 / 34. (3) البحار 97 / 224. (4) أمل الآمل 2 / 211. (5) رياض العلماء 4 / 294. (6) راجع الرياض 4 / 207. (7) مستدرك الوسائل 3 / 450. 6 المطهر، نشأه نشوا صالحا، بالحلة السيفية، وذلك في أسعد وقت وأيمن ساعة في ليلة الأحد حادي عشر شهر شوال، من سنة خمس وثلاثين وستمائة تاريخ الهجرة الشريفة، عظم الله بركاتها وصرف محذوراتها. ووافقت تلك الليلة ليلة سادس حزيران سنة تسع وأربعين وخمسمائة وألف تاريخ اليونان، وحكي من حضر الولادة السعيدة أنها كانت والباقي من الليل أربع ساعات ينقص سبع دقائق وعشرين ثانية. وهذا أصل يرجع إليه تحقيقه فيما بعد إنشاء الله تعالى، والخليفة يومئذ المستنصر بالله أبو جعفر المنصور... والناس في أمن أمان، والحمد لله وصلاته على سينا ومولانا محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين (1). وأما وفاته، فلم نعثر على تاريخ وفاة معين له من التراجم وغيرها، ولكن المستفاد من بعض الإجازات إدراكه رحمه الله القرن الثامن من الهجري، وذكر المحقق الشيخ الطهراني في طبقاته تبعا لصاحب الروضات أنه توفي في حياة والده قدس سره، والذي يظهر من تاريخ ولادته للفاضل النرسي سنة 703 أنه بلغ من العمر زهاء سبعين سنة، والله أعلم. أقول: ولم يذكر الأصحاب أن والده قدس سره أدرك القرن الثامن من الهجري: فما في بعض التراجم وفاته في زمن والده عندي تأمل. مشايخه ومن روى عنه: وأما مشايخه فهي: 1 - والده المعظم الشيخ سديد الدين يوسف بن علي الحلي. 2 - المحقق نجم الدين الحلي.
7 3 - بهاء الدين علي بن عيسى الأربلي. 4 - الشيخ أحمد بن مسعود الأسدي الحلي. وأما من روى عنه فهم: 1 - ابن أخيه فخر الدين محمد بن الحسن بن يوسف. 2 - ابن أخته السيد عميد الدين عبد المطلب. 3 - ابنه الشيخ قوام الدين محمد. 4 - علي بن الحسين القاسم النرسي الأسترآبادي، ويروي عنه بإجازتين إحداهما 20 شهر رمضان 699، والثانية 28 محرم 703. حول الكتاب: وأما الكتاب: فهو المصنف الوحيد للمؤلف، وهو كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية تأليف الشيخ الفقيه رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر الحلي كذا في موضع من البحار (1). وقال في موضع آخر: وكتاب لطيف في أعمال أيام الشهور وسعدها ونحسها، وقد اتفق لنا منه نصفه (2). قال في الرياض أقول: الذي اتفق له قد اتفق لنا أيضا، وهو النصف الأخير منه من بحث ما يتعلق باليوم الخامس عشر من الشهر إلى آخره. وهو كتاب لطيف ظريف طريف، قد أورد في ذكر كل يوم بتقريب ذكر الدعاء فيه وقائع كل يوم خاص من الشهور ومواليد النبي والأئمة عليهم السلام وغيرهم، وينقل بهذا التقريب الأخبار والآثار أيضا، وبعضها من الكتب الغريبة، ويطول الكلام في أحوالهم عليهم السلام
(1) البحار 1 / 17. (2) البحار 1 / 34. 8 وفضائلهم وأدلة إمامتهم أيضا، وأم تلك النسخ المتداولة منه الآن إنما هي نسخة عتيقة من جملة كتب نجف قلي بيك الناظر السابق، وقد كتبت تلك النسخة في زمن مصنفه قدس الله روحه (1). وقال في المستدرك: ويظهر منه أنه كتاب نافع جامع (2). أقول: ومن الأسف جدا عدم العثور على المجلد الأول من الكتاب، كما لم يعثرا قدس الله سرهما على ذلك، وقد أشار العلامة المجلسي إلى ذلك في عدة مواضع من البحار. فقال في موضع منه: إعلم أن الشيخ رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر الحلي أخا العلامة أورد في كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية الذي مر ذكره آنفا، سوانح كل يوم يوم وليلة ليلة من الشهور العربية حسب ما وقف عليه مما له ظرافة أو طرافة أو شرافة، لكن قد أشرنا سابقا إلى أنا لم نقف منه إلا على النصف الأخير، ولذلك قد اقتصرنا هنا فيما ننقله عن كتابه على سوانح اليوم الخامس عشر من السهر إلى آخره ملخصا، ولم نذكر منه سوانح الأيام السابقة عليه (2). وقال في موضع آخر: وأما الأدعية المنقولة لأيام الشهر في كتاب العدد القوية فأقول: نحن قد أشرنا في الفصل الثاني من فصول أوائل كتابنا هذا في المقدمة أنا لم نعثر من كتاب العد القوية لدفع المخاوف اليومية، تأليف الشيخ الجليل رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر الحلي أخي العلامة رحمه الله إلا على
(1) رياض العلماء 4 / 295. (2) مستدرك الوسائل 3 / 459. (3) البحار 98 / 191. 9 النصف الآخر منه، ولم نقف على النصف الأول منه، والمذكور في النصف الأخير منه إنما هو من أدعية اليوم الخامس عشر من الشهر إلى آخره، ولم يذكر فيه أدعية الأيام التي قبله، فلذلك اقتصرنا هنا على إيراد أدعية الأيام المذكورة فيه، وعسى الله أن يوفق من يأتي بعدنا لأن يعثر على النصف الأول منه أيضا، فيلحق أدعية الأيام السابقة أيضا هنا ويمن بذلك علينا، والله الموفق (1). وغيرها من المواضع المصرحة بذلك. في طريق التحقيق: قوبل هذا الكتاب على النسخة المخطوطة الفريدة للعلامة المجلسي قدس سره، وهي النسخة التي أشار إليها في مواضع عديدة من كتابه البحار، وقد كتب العلامة المجلسي بخطه الشريف على الصفحة الأولى من النسخة حول النسخة وهو: بسم الله الرحمن الرحيم - يقول الفقير الحقير الخادم لأخبار أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين محمد بن باقر بن محمد تقي عفي الله عن جرائمهما، إني استنسخت هذا الكتاب المستطاب من نسخة قديمة كان مكتوبا على ظهرها ما هذا لفظه: الجزء الثاني من كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية، تصنيف الشيخ العالم الفقيه الفاضل شيخ الطائفة رضي الدين أبي الحسن علي بن الشيخ السعيد الإمام الفقيه العلامة مفتي الفرق سديد الدين أبي المظفر يوسف بن المطهر الحلي أدام الله فضله وأسبغ ظله وأدام بركته انتهى. وعلى النسخة خط حفيده المولى محمد حسين بن محمد صالح الحسيني
(1) البحار 97 / 224. 10 بتاريخ 1136، وكذا خط المولى عبد الباقي بن الأمير محمد حسين الحسيني بتاريخ 1154 مع خاتمه الشريف، وكانت النسخة من ممتلكاتها قدس الله سرهما. والنسخة محفوظة في خزانة مكتبة آية الله المرعشي العامة، في قم المقدسة برقم: 260، تتكون من 80 ورقة، بطول 25 وعرض 18 سم. وهناك نسخة أخرى من المجلد الثاني أيضا لخزانة مكتبة آية الله المرعشي العامة تاريخ كتابتها سنة 1122 وهي ظاهرا مستنسخة من نسخة العلامة المجلسي التي نعبر عنها بنسخة الأصل وكان الكتاب سابقا في مكتبة الفاضل المحقق الحجة السيد مهدي اللاجوردي حفظه الله. وبما أن الكتاب من المصادر المهمة لكتاب بحار الأنوار تأليف جدي العلامة المولى محمد باقر المجلسي قدس سره، وقرر للكتاب رمز (د) فقابلت الكتاب مع المنقول منه في البحار وغيره من المصادر التي يشير أحيانا إليها في الكتاب. وبما أن هذا الكتاب الذي نهتم بتحقيقه وإخراجه إلى عالم النور هو المجلد الثاني من الكتاب، فالمرجو من الإخوان الأعزاء والأفاضل الكرام ومن له اطلاع على المجلد الأول منه، أن يمنوا علينا بإعلامه، فله الشكر جزيلا. وبالختام إني أقدم ثناء العاطر لإدراة المكتبة العامة التي أسسها سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله الوارف على اهتماهما في إحياء آثار أسلافنا المتقدمين، وأسأل الله تعالى أن يدم ظل سماحته المديد لرعاية هذه الحركة المباركة. وأطلب إليه جل وعز أن يزيد في توفيق ولده البار العلامة الفاضل السيد محمود المرعشي، فإنه خير ناصر ومعين. والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ونستغفره مما وقع من خلل، وحصل من زلل، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
11 وزلات أقدامنا، وعثرات أقلامنا، فهو الهادي إلى الرشاد، والموفق للصواب والسداد، والسلام على من اتبع الهدى. 22 / صفر / 1408 السيد مهدي الرجائي قم ص. ب 753 - 37185.
12 خط العلامة المجلسي على نسخة الأصل.
13 الصفحة الأولى من نسخة الأصل
14 الصفحة الأولى من النسخة الأخرى
15 العدد القوية لدفع المخاوف اليومية
17 العدد القوية لدفع المخاوف اليومية
18 بسم الله الرحمن الرحيم (اليوم الخامس عشر (1)) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم (2) مبارك، يصلح لكل حاجة، والسفر وغيره فاطلبوا فيه الحوائج فإنها مقضية. 2 - وفي رواية أخرى: محذور نحس في كل الأمور، إلا من أراد أن يستقر ض أو يقرض، أو يشاهد ما يشتري، ولد فيه قابيل وكان ملعونا، وهو الذي قتل أخاه فاحذروا فيه كل الحذر، ففيه خلق الغضب، ومن مرض فيه مات. 3 - وفي رواية أخرى: من مرض برئ عاجلا، ومن هرب فيه ظفر به
(1) راجع مقدمة الكتاب، فصل حول الكتاب، ترى فيها سبب ابتداء الكتاب من اليوم الخامس عشر. (2) إعلم أن المراد من الأيام في هذا المقام لا يخلو من اشتباه وإجمال، بل وكذا من الأيام المنقولة من كتاب الدروع الواقية وغيره المذكورة آنفا أيضا، وذلك لاحتمال أن يكون المراد منها أيام شهور الفرس، كما يؤمي إليه فحوى بعض الأخبار والسياق أيضا، ومن ذلك قوله (وقالت الفرس) (وقال سلمان) الخ، فتأمل - البحار. 19 في مكان غريب (1) ومن ولد فيه يكون سيئ الخلق. 4 - وفي رواية أخرى: من ولد فيه يكون ألثغ أو (2) أو أخرس، أو ثقيل اللسان. 5 - قال أمير المؤمنين عليه السلام: من ولد فيه يكون أخرس أو الثغ 6 - وقالت الفرس: إنه يوم خفيف 7 - وفي رواية أخرى: يوم مبارك يصلح لكل عمل وحاجه، والأحلام فيه تصح ثلاثة أيام تحمد فيه لقاء القضاة والعلماء، والتعليم، وطلب ما عند الرؤساء والكتاب. 8 - وقال وسلمان الفارسي رحمة الله عليه: ديمهر روز اسم أسماء الله تعالى (3) الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد، وهذا الشهر الجديد، ورب كل شئ، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا والكبرياء والآلاء، أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، إن كنت قضيت في هذا اليوم من البلاء والمكروه تصرفه عني وتباعده مني، وما قسمت من رزق بين عبادك، فاجعل قسمي فيه الأوفر، ونصيبي فيه الأكثر واكفني شرور عبادك حتى لا أخاف معك أحدا من خلقك،
(1) في موضع من البحار: قريب، وفي هامشه: غريب - خ. (2) اللثغ محركة، واللثغة بالضم: تحول اللسان من السين إلى الثاء، أو من الراء إلى الغين، أو اللام، أو الياء، أو من حرف إلى حرف، أو أن لا يتم رفع لسانه وفيه ثقل لثغ كفرح فهو ألثغ، وتصحيح الاسم عندهم بالدال المفتوحة والياء الساكنة والباء المكسورة - البحار. (3) عنه البحار 67 / 59 و 97 / 225. 20 يا أرحم الراحمين. أسألك اللهم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في السعداء وروحي الشهداء، وإحساني في عليين وإساءتي مغفورة، وأن وتهب لي يقينا تباشر به قلبي، وترضيني بما قسمت لي وأن تؤتيني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، فقني عذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعى فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلاته على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا، اللهم يا الله. يا رب. يا رحمن رحيم. يا علي. يا عظيم. يا ملك. يا محيط. يا قدوس. يا سلام. يا مؤمن يا مهيمن. يا عزيز. يا جبار. يا متكبر. يا خالق. يا بارئ. يا مصور. يا غفور. يا شكور. يا ودود. يا رؤوف. يا عطوف. يا علي. يا عظيم. يا حليم. يا كريم. حكيم. يا لطيف. يا خبير. يا سميع. يا بصير. يا قدير. يا كبير. يا متعالي. يا بصير. يا فرد. يا وتر. يا أول يا آخر. يا ظاهر. يا باطن. يا واسع. يا شاكر. يا صادق. يا حافظ. يا فاطر. يا قادر. يا قاهر. يا غافر. يا واحد. يا أحد. يا فرد. يا صمد. يا علي. يا غني. يا ملي. يا قوي. يا ولي. يا جواد. يا مجيب. يا رقيب. يا حسيب. يا مغيث. محيي. يا مميت. يا متكبر. يا معيد. يا حميد. يا نور. يا هادي. يا... (1). مبدئ. يا موفق. يا حي يا قيوم وهاب. يا تواب. يا فتاح. يا مرتاح. يا من بيده مفتاح يا ذارئ. يا متعالي. يا كافي. يا بادي. يا بارئ يا والي. يا باقي. يا حفيظ. يا سديد. يا سريع. يا بديع. يا رفيع. يا باعث. يا رازق. يا وحيد. يا جليل. يا كفيل.
(1) بياض في الأصل. 21 يا دليل المتحيرين. يا قاضي حوائج السائلين. يا مجيب دعوه المضطرين. اجعل لي من كل هم فرجا ومخرجا. وارزقني رزقا حلالا طيبا من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب. اللهم يا فالق الأصباح. ويا جاعل الليل سكنا، والشمس والقمر حسبانا. يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يكفيه الواصفون، ولا يحيط بأمره المتفكرون . يا منقذ الغرقى. يا منجي الهلكى يا شاهد كل نجوى. ويا منتهى كل شكوى يا حسن العطايا. يا قديم الإحسان. يا دائم المعروف. يا من هو بكل خير وفضل موصوف. يا كثير الخير. يا من لا غناء لشئ عنه. ولا بد لكل شئ منه. ويا من رزق كل شئ عليه ومصير كل شئ إليه، إليك ارتفعت أيدي السائلين، وامتدت أعناق العابدين، وشخصه (1) أبصار المجتهدين، أسألك أن تجعلنا في كنفك وجوارك وعياذك وسترك وأناتك. اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء، وشماتة الأعداء، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. اللهم إني عبدك وابن عبديك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في قضائك، عدل في حكمك أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي وحزني وهمي، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم ارحمني بالقرآن، واجعله لي إماما ونورا بين يدي وهدى ورحمة. اللهم ذكرني منه ما نسيته، وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل
(1) في البحار: شخصت. 22 وأطراف النهار، واجعله حجة يا رب العالمين. اللهم إني أسألك فعل (1) الخيرات، وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت في الناس فتنة، فاقبضني إليك غير (2) مفتون، برحمتك يا رحمن يا رحيم يا عزيز يا عليم. للهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة بالرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خيرك خير (3) ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك مما تعلم، إنك أنت علام الغيوب، اللهم صل على محمد وآله، وعافني واعف عني، وأجرني من سخطك والنار، ومن عذاب نار الجحيم. اللهم يا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلبي على دينك، اللهم إني أعوذ برضاك سخطك، وبعافيتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني. اللهم إني أسألك الصحة والسلامة والعافية والعفة والأمانة وحسن الخلق. اللهم إني أدعوك محتاجا، وأتضرع إليك خائفا، وأبكي إليك مكروبا، وأرجوك ناصرا، وأتوكل عليك محتسبا. اللهم اهد قلبي، وآمن خوفي، وأعذني من مضلات الفتن. اللهم إني نظرت في محصول أمري، ومشيت إلى المحسنين من أهل بيتي، فلم أجد دليلا عليك (4)، أفزع به منك، أنت قولك (5) الأمثل، فإن تعف عني أكن الفائزين، وإن
(1) كذا في البحار وفي الأصل: بكل. (2) كلمة (غير) غير موجودة في الأصل. (3) في الأصل، وخير. (4) كذا في الأصل، وفي البحار: فلم أجده متعولا عليك. (5) كذا في الأصل، وفي البحار: المعول. 23 تعذبني أكن من الخاسرين، أعوذ بك من حد (1) الشدائد وعذابك الأليم، إنك أهل النفع وأهل المغفرة. يا رب سائلك ببابك، فقد ذهبت أيامه، وبقيت آثامه، وبقيت شهواته، يسألك أن ترضى عنه، فمن له غيرك، يعفو السيد عن عبده، وهو عنه غير راض، إلهي اغفر لي ولا تعذبني، وتوحيدك في قلبي، وما أخالك تفعل عني، ولئن فعلت مع قوم طال ما أبغضناهم فيك، فبالمكنون من أسمائك وما وارته الحجب من بهائك، اغفر لهذا (2) النفس الهلوعة، ولهذا القلب الجزوع الذي لا يصبر على حر الشمس فكيف بحر نارك يا عظيم يا رحيم. إلهي إن لم تفعل بي ما أريد، فصبرني على ما تريد، إلهي كيف أفرح؟ وقد عصيتك، وكيف أحزن؟ وقد عرفتك، وكيف أدعوك؟ وأنا عاص، وكيف لا أدعوك وأنت كريم. إلهي إن كنت غير مستأهل لمعروفك، فأنت أهل الفضل علي، والكريم ليس يقع كل معروف على من يستحق. إلهي إن نفسي قائمه بين يديك، قد أظلها حسن توكلي عليك يا من لا تخفى عليه خافية، اغفر لي ما خفي على الناس من عملي وخطيئتي. إلهي سترت علي في الدنيا، كنت أنا إلى سترها القيامة أحوج. إلهي لا تظهر خطيئتي لعصابة... (3) ولا تفضحني رؤوس الاشهاد من العالمين. إلهي بجودك بسطت أملى فيك، وبشكرك أقبل عملي، وبشرني بلقائك عند اقتراب أجلى. إلهي نفسي تبشرني أنك تغفر لي، وكيف تطيب نفسي إنك (4) تعذبني،
(1) في الأصل: أحد. (2) في الأصل: بهذه. (3) بياض في الأصل، وكلمة (لعصابة) لم توجد في البحار. (4) في البحار: بأنك. 24 وأنت تغفر لي بلطفك سيئاتي (1). إلهي إذا شهد الإيمان بتوحيدك، ونطق لساني بتمجيدك، ودلني القرآن على فواضل جودك، وشفع لي محمد خير عبادك فكيف لا يبتهج رجائي بحسن موعدك. إلهي ارحم غربتي في الدنيا، ومصرعي عند الموت، ووحدتي في القبر ومقامي بين يديك. اللهم إني أحب طاعتك وقصرت عنها، وأكره معصيتك وإن ركبتها. اللهم فتفضل علي بالجنة، وإن لم أكن من أهلها، وخلصني من النار، إنك بأمري قادر، وإن كنت قد استوجبتها. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همى، ولا مبلغ عملي، ولا مصيبتي في ديني، ولا تسلط علي من لا يرحمني، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين. ويستحب أن يدعى أيضا بهذا الدعاء: أسألك اللهم بلا إله إلا أنت، أسألك باسمك الواحد الصمد الفرد المتعالي، الذي ملأ كل شئ الذي لا يعدله شئ في الأرض ولا في السماء، وأسألك باسمك العلي الأعلى، وأسألك باسمك العظيم الأعظم، وأسألك باسمك الجليل الأجل، وأسألك باسمك الكريم الأكرم، وأسألك باسمك الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم. وأسألك باسمك الذي لا إله هو القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحانك اللهم وتعاليت عما يشركون، وأسألك باسمك الكريم العزيز، بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الخالق البارئ المصور لك الأسماء الحسنى، يسبح لك ما في السماوات والأرض، وأنت العزيز الحكيم.
(1) في الأصل: حسابي. 25 وأسألك باسمك المخزون المكنون لا إله إلا أنت. وأسألك اللهم باسمك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، وأسألك باسمك الذي أوجبت به لمن سألك ما سألك، وأسألك اللهم بما تحب أن تساءل به من مسألة، وأسألك اللهم باسمك الذي سألك به عبدك الذي عنده علم من الكتاب، فأتيته بالعرش قبل أن يرتد إليه طرفه. وأسألك به وأدعوك اللهم لا إله إلا أنت بما دعاك فاستجبت له، فاستجب لي اللهم فيما أسألك، فاستجب لي قبل أن يرتد إلي طرفي، كما أتيت بالعرش قبل أن يرتد إليه طرفه. وأسألك اللهم بلا إله إلا أنت، فإنه لا إله إلا أنت يا الله يا الله، لا إله إلا أنت، أنت الحي القيوم، تأخذه سنة ولا نوم، لك ما في السماوات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه، إلا بما شاء وسع، كرسيه السماوات والأرض، ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. أسألك اللهم إنك لا إله إلا أنت بزبر الأولين، وما في زبر الآخرين من أسمائك والدعاء الذي تجيب به من دعاك، وأسألك ذلك لا إله إلا أنت، بالزبور وما في الزبور من أسمائك، والدعاء الذي تجيب به من دعاك. وأسألك بالإنجيل وما في الإنجيل من أسمائك، والدعاء الذي تجيب به من دعاك. وأسألك اللهم لا إله إلا أنت، بالتوراة وما في التوراة من أسمائك، والدعاء الذي تجيب به من دعاك. وأسألك اللهم لا إله إلا أنت، بالقرآن العظيم الذي أنزلته على خاتم النبيين - وسيد المرسلين ورسولك، يا رب العالمين، محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين الطيبين وسلم (تسليما) (1) كثيرا. وأسألك اللهم لا إله إلا أنت، بكل كتاب أنزلته على أحد ممن خلقت في
(1) الزيادة من البحار. 26 السماوات السبع والأرضين السبع، وما في ذلك من أسمائك، والدعاء الذي تجيب به من دعاك. وأسألك اللهم لا إله إلا أنت، بكل اسم هو لك سماك به أحد خلقك، ممن في السماوات السبع والأرضين السبع وبينهما. وأسألك بذلك اللهم لا إله إلا أنت، بكل اسم هو لك اصطفيت به لنفسك (1) أو اطلعت عليه أحدا من خلقك، أولم تطلعه عليه. وأسألك بذلك اللهم لا إله إلا أنت، بما دعاك به عبادك الصالحون فاستجبت لهم، فأنا أسألك بذلك كله أن تصلي على محمد وآله، وأن تستجيب لي يا سيدي بما أدعوك به، إنك سميع الدعاء، بار رحيم بالعباد. ربنا فقد مددنا إليك أيدينا، وذليله بالاعتراف بربوبيتك موسومة (2)، ورجوناك بقلوب سوالف (3) الذنوب مهمومة، اللهم فاقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما يبلغنا به جنتك، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا الدنيا أكبر همنا، ولا تجعلها مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من يرحمنا، ونجنا من كل هم وشدة وغم، يا أرحم الراحمين. الدعاء في آخره اللهم رب هذه الليلة، وكل ليلة، يا سالخ الليل من النهار، فإذا أنتم مظلمون ومجرى الشمس لمستقرها (4) ذلك تقدير العزيز العليم، مقدر القمر منازل حتى عاد كالعرجون القديم. يا نور نور. يا منتهى كل رغبه وولي كل نعمة. يا الله رحمن يا قدوس يا الله. يا واحد يا الله. يا فرد الله، لك الأسماء الحسنى،
(1) في الأصل: نفسك. (2) هذه الكلمة غير موجودة في البحار، ولعله سقط منه. (3) في البحار: لسوالف. (4) في هامش البحار: لمستقر لها - خ ل. 27 والأمثال العليا، والآخرة والأولى، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي خطيئتي يا أرحم الراحمين (1). 9 - في تاريخ المفيد: في يوم النصف من شهر رمضان لثمانية عشر شهرا من الهجرة سنة بدر، كان مولد سيدنا أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام (2). 10 - في كتاب دلائل الإمامة: ولد أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام يوم النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة (3) 11 - في كتاب الحجة: ولد الحسن بن علي عليهما السلام في شهر رمضان، في سنة بدر، سنة اثنتين بعد الهجرة، وروي أنه ولد في سنة ثلاث بالمدينة. 12 - في كتاب تحفة الظرفاء: ولد في النصف رمضان، سنة ثلاث من الهجرة وكذا في كتاب الذخيرة. 13 - في كتاب المجتبى في النسب ولد الحسن عليه السلام في شهر رمضان، لثلاث من الهجرة بالمدينة، قبل وقعة بدر بتسعة عشر يوما (4). 14 - في كتاب التذكرة: ولد الحسن بن علي عليهما السلام في النصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة، وفيما كانت غزاه أحد (5). وكان النبي صلى الله عليه وآله في ألف، والمشركون في ثلاثة آلاف، وقتل حمزه عبد المطلب، رماه وحشي مولى جبير بن مطعم بحربة. 15 - في كتاب مواليد الأئمة عليهم السلام: ولد مولانا الحسن صلى الله عليه في
(1) عنه البحار 97 / 226 - 232. (2) عنه البحار 44 / 144. (3) دلائل الإمامة ص 60، وعنه البحار 44 / 144. (4) عنه البحار 44 / 144. (5) إلى هنا عنه البحار 44 / 144. 28 شهر رمضان، سنة بدر، سنة اثنتين من الهجرة وفي رواية سنة ثلاث. وقيل: يوم الثلاثاء النصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة بالمدينة، في ملك يزدجرد بن شهريار (1). 16 - جاءت به أمه فاطمة بنت محمد عليهما السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله يوم السابع من مولده، في خرقة حرير من الجنة، نزل بها جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله، فسماه حسنا، وعق عنه، وكان أشبه الناس به خلقا وهيئة وسؤددا. 17 - حديث (2) الزبير بن بكار، وابن عون، عن عمير إسحاق، قال: ما تكلم أحد أحب إلى أن لا يسكت من الحسن بن علي عليهما السلام، وما سمعت منه كلمه فحش قط (3) فإنه كان بين الحسن بن علي وعمرو بن عثمان خصومه في أرض فعرض الحسين أمرا لم يرضه عمرو، فقال عليه السلام ليس له عندنا إلا ما أرغم أنفه فإن هذه أشد كلمه فحش (4) سمعتها منه قط (5). 18 - وعن الزبير يرفعه زيد بن جدعان، قال: حج الحسن عليه السلام خمس عشرة حجة ماشيا، وأن النجائب لتقاد معه، وخرج من ماله مرتين، وقاسم الله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا، ويعطي خفا ويمسك خفا (6) 19 - قيل سأل رجل الحسن بن علي عليهما السلام حاجة، فقال له: يا هذا حق سؤالك إياي يعظم لدي ومعرفتي بما يجب لك يكبر علي (7) ويدي تعجز عن
(1) عنه البحار 44 / 144. (2) في البحار: حدث. (3) في الأصل: فقط. (4) في البحار: فإن هذه أشد وأفحش كلمة. (5) عنه البحار 43 / 358، برقم: 36. (6) البحار 43 / 339 عن المناقب. (7) في البحار: لدى. 29 نيلك ما أنت أهله، والكثير في ذات الله قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت مني الميسور، ورفعت عني مؤونة الاحتيال (1) والاهتمام لما أتكلف من واجبك فعلت. قال: يا بن رسول الله أقبل القليل، وأشكر العطية، وأعذر المنع فدعا الحسن عليه السلام بوكيله، وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاصا، فكانت ثلاثمائة ألف درهم. ثم قال له: هات الفاضل عن الثلاثمائة ألف فأحضر خمسين ألفا. ثم قال: فما فعلت بالخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي. قال: فأحضرها، ودفع الدراهم والدنانير إلى الرجل. وقال: هات من يحملها، فأتاه بحمالين فدفع إليهما الحسن عليه السلام رداه بأجرة الحمل (2) فقال له مواليه: والله وما بقي عندنا درهم، فقال لكني أرجو أن تكون لي عند الله أجر عظيم (3). في 20 - في كتاب الحجة روى أبو أسامة زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسن بن علي عليهما السلام إلى مكة سنة من السنين، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك بعض هذا الورم الذي برجليك، فقال: كلا إذا أتينا المنزل فإنه يستقبلك أسود معه دهن [يصلح] (4) لهذا الورم، فاشتره منه ولا تماكسه. فقال مولاه بأبي أنت وأمي ليس قدامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء،
(1) في البحار: الاحتفال. (2) في البحار: لكرى الحمالين. (3) البحار 43 / 347 - 348 عن كشف الغمة. (4) الزيادة من البحار. 30 فقال: بلى إنه أمامك دون المنزل. فسارا أميالا فإذا الأسود [قد استقبلهم] (1) فأتاه الغلام، فقال الأسود للغلام: لمن تريد هذا الدهن؟ فقال: للحسن بن علي. فقال: انطلق بي إليه، فأخذ بيده حتى أدخله عليه [فأطلق له مالا] (2) فقال: بأبي وأمي لم أعلم أنك تحتاج إليه، ولا أنه دواء لك، ولست آخذ له ثمنا إنما أنا مولاك، ولكن أدع الله أن يرزقني ذكرا سويا يحبكم أهل البيت، فأني خلفت امرأتي وقد أخذها الطلق. قال: انطلق إلى منزلك، فإن الله قد وهب لك ذكرا سويا وهو لنا شيعة. فرجع الأسود من فوره فإذا أهله قد وضعت غلاما، فرجع إلى الحسن، فأخبره بذلك. ومسح الحسن رجليه بذلك الدهن، فسكن ألمه (3). 21 - قيل طعن أقوام من أهل الكوفة في الحسن بن علي (عليهما السلام) فقالوا: إنه عي لا يقوم بحجة، فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فدعا الحسن (عليه السلام)، فقال: يا ابن رسول الله إن أهل الكوفة قد قالوا فيك مقالة أكرهها. قال: وما يقولون يا أمير المؤمنين؟ قال: يقولون: إن الحسن بن علي عي اللسان لا يقوم بحجة، وإن هذه الأعواد فأخبر الناس. فقال يا أمير المؤمنين لا أستطيع الكلام وأنا أنظر إليك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إني متخلف عنك، فناد أن الصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون، فصعد (عليه السلام) المنبر، فخطب خطبة بليغة وجيزة، فضج المسلمون بالبكاء، ثم قال:
(1) الزيادة من البحار. (2) الزيادة عن هامش الأصل مع علامة (ظ). (3) البحار 43 / 324 عن الخرائج، ورواه في المناقب 4 / 7. 31 أيها الناس اعقلوا عن ربكم، إن الله عز وجل اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم، فنحن الذرية من آدم، والأسرة من نوح، والصفوة من إبراهيم والسلالة من إسماعيل، وآل من محمد (صلى الله عليه وآله) ونحن فيكم كالسماء المرفوعة، والأرض المدحوة، والشمس الضاحية، وكالشجرة الزيتونة، لا شرقية ولا غربية، التي بورك زيتها، النبي أصلها، وعلي فرعها، ونحن والله ثمرة تلك الشجرة، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن تخلف عنها فإلى النار هوى. فقام أمير المؤمنين من أقصى الناس يسحب رداءه من خلفه، حتى علا المنبر مع الحسن (عليه السلام) فقبل بين عينيه، ثم قال: يا بن رسول الله أثبت على القوم حجتك، وأوجبت عليهم طاعتك، فويل لمن خالفك (1). 22 - وقال الحسن (عليه السلام): العقل حفظ قلبك ما استودعته، والحزم (2) أن تنتظر فرصتك، وتعاجل ما أمكنك، والمجد حمل المغارم وابتناء المكارم، والسماحة إجابة السائل وبذل النائل، والرقة طلب اليسير ومنع الحقير، والكلفة التمسك لمن لا يؤاتيك، والنظر بما لا يعنيك والجهل سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها، والامتناع عن الجواب، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا (2). 23 - وقال (عليه السلام): ما فتح الله عز وجل على أحد باب مسألة، فخزن عنه باب الإجابة، ولا فتح الرجل باب عمل، فخزن عنه باب القبول، ولا فتح لعبد
(1) عنه البحار 43 / 358، برقم: 37. (2) في البحار: والحرم. (3) عنه البحار 78 / 112 - 113، وفيه سقط. 32 باب شكر فخزن عنه باب المزيد (1). 24 - كتب الحسن بن علي (عليهما السلام) إلى معاوية: أما بعد فإنك دسست الرجال للاحتيال والاغتيال، وأرصدت العيون كأنك تحب اللقاء، وما أشك في ذلك (2)، فتوقعه إنشاء الله. وبلغني أنك تشمت بما لا يشمت به ذوو الحجى، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول: فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تزود (3) لأخرى مثلها فكان قد فإنا ومن قد مات منا لكان الذي * يروح فيمسي في المبيت ويغتذي (4). 25 - كتب الحسن البصري إلى الحسن بن علي (عليهما السلام): أما بعد فأنتم أهل بيت النبوة، ومعدن الحكمة، وأن الله جعلكم الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يلجئ إليكم اللاجئ، ويعتصم بحبلكم القالي، من اقتدى بكم اهتدى ونجا، ومن تخلف عنكم هلك وغوى، وأني كتبت إليك عند الحيرة واختلاف الأمة في القدر، فتفضي إلينا ما أفضاه الله إليكم أهل البيت، فنأخذ به: فكتب إليه الحسن بن علي (عليهما السلام) أما: بعد فإنا أهل بيت كما ذكرت عند الله وعند أوليائه، فأما عندك وعند أصحابك، فلو كنا كما ذكرت ما تقدمتمونا، ولا استبدلتم بنا غيرنا، ولعمري لقد ضرب الله مثلكم كتابه، حيث يقول (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) (5) هذا لأوليائك فيما سألوا، ولكم فيما استبدلتم، ولولا ما أريد من الاحتجاج عليك وعلى أصحابك
(1) عنه البحار 78 / 113. (2) في الأصل: وما أوشك ذلك. (3) في الأصل: تحمر. (4) البحار 44 / 45 - 46 عن الارشاد. (5) سورة البقرة: 61. 33 ما كتبت إليك بشئ مما نحن عليه. ولئن وصل كتابي إليك لتجدن الحجة عليك وعلى أصحابك مؤكدة، حيث يقول الله عز وجل (أفمن يهدي إلى الحق أحق يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (1). فاتبع ما كتبت إليك في القدر، فإنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله فجر، إن الله عز وجل لا يطلع بإكراه، ولا يعصى بغلبة ولا يهمل العباد من الملكة، ولكنه المالك لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم. فإن ائتمروا بالطاعة يكن عنها صادا مثبطا، وإن ائتمروا بالمعصية، فشاء أن يحول بينهم وبين ما ائتمروا به فعل، وإن لم يفعل فليس حملهم عليها، ولا كلفهم إياها جبرا، بل تمكينه إياهم وأعذاره إليهم طرقهم ومكنهم، فجعل [لهم] (2) السبيل أخذ ما أمرهم به وترك ما نهاهم عنه، ووضع التكليف عن أهل النقصان والزمانة والسلام (3). 26 - وقال (عليه السلام) - وقد خطب الناس بعد البيعة له بالأمر -: نحن حزب الله الغالبون وعترة رسوله الأقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته، والثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شئ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره لا نتظنى تأويله، بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
(1) سورة يونس: 35. (2) الزيادة من المصدر. (3) عنه البحار 10 / 136 - 137 برقم 3. 34 فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول (1) (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم (2)) وأحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان، فإنه لكم عدو مبين، ولا تكونوا كأوليائه الذين قال لهم (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون (3)) فيلقون إلى الرماح وزرا، وإلى السيوف جزرا، وللعمد حطما، وللسهام عرضا، ثم لا تنفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت قبل أو كسبت في إيمانها خيرا (4). 27 - وقيل: إنه (عليه السلام) التزم الركن، فقال: إلهي أنعمت علي فلم تجدني شاكرا وابتليتني فلم تجدني صابرا، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر، ولا أنت أدمت أنشده بترك الصبر، إلهي ما يكون من الكريم إلا الكريم. 28 - وقيل له (عليه السلام): كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ قال: أصبحت ولي رب فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحب، ولا أدفع ما أكره، والأمور بيد غيري، فإن شاء عذبني، وإن شاء عفى عني، فأي فقير أفقر مني (5)؟. 29 - روي عن أم الفضل زوجة العباس أنها قالت: قلت يا رسول الله (صلى الله عليك رأيت في المنام كأن عضوا من أعضائك في حجري، فقال (صلى الله عليه وآله): تلد فاطمة غلاما إنشاء الله، فتكفليه فوضعت فاطمة (عليها السلام) الحسن (عليه السلام)، فدفعه إليها النبي (صلى الله عليه وآله)
(1) سورة النساء: 59. (2) سورة النساء: 83. (3) سورة الأنفال: 48. (4) البحار 43 / 359 - 360 عن أمالي الشيخ المفيد والصدوق، مع بيان. (5) عنه البحار 78 / 113. 35 فرضعته بلبن قثم بن العباس (1). 30 - حدث عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن رجاله قال: أتوا أبو جحيفة وهب بايت (2) النبي (صلى الله عليه وآله) وكان الحسن بن علي (عليهما السلام) يشبهه (3). 31 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج الحسن بن علي عليهما السلام) في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته، فنزلوا في منهل (4) من تلك المناهل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، ففرش للحسن بن علي (عليهما السلام) تحت نخلة، وفرش للزبيري بحذائه تحت نخلة أخرى. قال: فقال الزبيري ورفع رأسه: لو كان هذا النخل رطب لأكلنا منه. فقال له الحسن: وإنك تشتهي الرطب؟. فقال الزبيري: نعم. قال: فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه، فاخضرت النخلة، ثم صارت إلى حالها (5) فأورقت (6) وحملت رطبا. فقال الجمال الذي اكتروا منه: سحر والله. فقال له الحسن: ويلك ليس بسحر، لكن دعوة ابن النبي مستجابة. قال: فصعدوا النخلة حتى صرموا ما كان فيها فكفاهم (7).
(1) عنه البحار 43 / 242، برقم 14. (2) كذا في الأصل. (3) لم أعثر مصدرا للحديث في البحار. (4) المنهل المورد، وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي، وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل، لأن فيها ماء - الصحاح. (5) أي: قبل اليبس - البحار. (6) في الأصل: فاندفعت. (7) البحار 43 / 323 عن البصائر والخرائج. 36 32 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الحسن بن علي (عليهما السلام) قال: إن لله مدينتين: إحداهما بالمشرق، والأخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد، وعلى كل واحدة منهما ألف مصراع، وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل بلغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللغات، وفيهما ولا عليهما حجة غيري وغير أخي الحسين. 33 - وقال (عليه السلام): المعروف ما لم يتقدمه مطل، ولم يتبعه من... (1) التبرع بالمعروف، والاعطاء قبل السؤال من أكبر السؤدد (2). 34 - سئل عن البخل؟ فقال: هو أن يرى الرجل ما أنفقه تلفا وما أمسكه شرفا. 35 - وقال: من عدد نعمة محق كرمه. 36 - وقال: الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم. 37 - وقال: الوعد مرض في الجود، والإنجاز دواؤه. 38 - وقال: الانجاز دواء الكرم. 39 - وقال: لا تعاجل الذنب بالعقوبة، واجعل بينهما للاعتذار طريقا. 40 - وقال: المزاح يأكل الهيبة، وأكثر من الهيبة الصامت. 41 - وقال: المسؤول حر حتى يعد، ومسترق المسؤول حتى ينجز. 42 - وقال: المصائب مفاتيح الأجر. 43 - وقال: النعمة محنة، فإن شكرت كانت نعمة، فإن كفرت صارت نقمة. 44 - وقال: الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود. 45 - وقال: لا يعرف الرأي إلا عند الغضب.
(1) بياض في الأصل وفي البحار حذف قوله (التبرع بالمعروف). (2) عنه البحار 78 / 113. 37 46 - وقال: من قل ذل، وخير الغنى القنوع، وشر الفقر الخضوع (1). 47 - وقال: كفاك من لسانك ما أوضح لك سبيل رشدك من غيك (2). 48 - وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للحسن (عليه السلام): قم فاخطب لأسمع كلامك، فقام وقال: الحمد لله الذي من تكلم سمع كلامه، ومن سكت علم ما في نفسه، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه معاده، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم. أما بعد: فإن القبور محلتنا، والقيامة موعدنا، والله عارضنا وأن عليا باب من دخله كان آمنا، ومن خرج منه كان كافرا. فقام إليه صلى الله عليهما فالتزمه، وقال: بأبي أنت وأمي ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم (3). 49 - وقال: إن هذا القرآن فيه مصابيح النور، وشفاء الصدور، فليجل جال بصره، وليلحم الصفة فكره، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور (4). 50 - واعتل أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة، فخرج الحسن (عليه السلام) يوم الجمعة، فصلى الغداة بالناس، وحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه (صلى الله عليه وآله) ثم قال: إن الله لم يبعث نبيا إلا اختار له نفسا ورهطا وبيتا، والذي بعث محمدا بالحق
(1) عنه البحار 78 / 113. (2) عنه البحار 78 / 114. (3) عنه البحار 78 / 114، برقم 8. (4) عنه البحار 92 / 32. 38 لا ينقص أحد من حقنا إلا نقصه الله من علمه، ويكون علينا دولة إلا كانت لنا عاقبة ولتعلمن نبأه بعد حين (1). 51 - ولما خرج حويرة (2) الأسدي [على معاوية] (3) وجه معاوية إلى الحسن (عليه السلام) يسأله أن يكون المتولي لمحاربة الخوارج (4) [فقال:] (5) والله يا معاوية كففت عنك لحقن دماء المسلمين، وما أحسب ذلك يسعني أن أقاتل عنك قوما، أنت والله أولى [بقتالي] (6) منهم (7). 52 - ولما قدم معاوية المدينة صعد، فخطب ونال من (8) أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا جعل له عدوا من المجرمين، قال الله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين) (9) فأنا ابن علي، وأنت ابن صخر وأمك هند، وأمي فاطمة، وجدتك نثيلة، وجدتي خديجة فلعن الله ألأمنا حسبا وأخملنا ذكرا، وأعظمنا كفرا، وأشدنا نفاقا. فصاح أهل المسجد: آمين آمين وقطع معاوية خطبته ودخل منزله (10). 53 - وقيل له (عليه السلام): فيك عظمة، قال: لا، بل في عزة، قال الله تعالى
(1) عنه البحار 77 / 114، برقم 9. (2) في البحار: حوثرة. (3) الزيادة من البحار. (4) في البحار: المتولي لقتاله. (5) الزيادة من البحار. (6) الزيادة من البحار. (7) عنه البحار 44 / 106، برقم: 15. (8) في الأصل: وقال: من. (9) سورة الفرقان: 31. (10) البحار 44 / 90، برقم: 4 عن الاحتجاج نحوه 39 (فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين) (1). 54 - قال الشعبي: كان معاوية فاحل الطير (2) قال يوما والحسن عنده: أنا ابن بحرها جوادا، وأكرمها جدودا، وأنضرها (3) عودا. فقال الحسن (عليه السلام): أفعلي تفتخر، أنا ابن عروق الثرى (4)، أنا ابن سيد أهل الدنيا، أنا ابن من رضاه رضى الرحمن، وسخطه سخط الرحمن، هل لك يا معاوية من قديم تباهى به؟ أو أب تفاخرني به، قل: لا أو نعم أي ذلك شئت فإن قلت نعم أبيت، وإن قلت لا عرفت. قال معاوية: فإني أقول: لا تصديقا لك. فقال الحسن (عليه السلام): الحق أبلج ما يحيل (5) سبيله * والحق يعرفه ذووا الألباب (6) 55 - وفي كتاب الروضة: عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ قال: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله عز وجل في عيسى بن مريم (ومن ذريته
(1) عنه البحار 44 / 106. (2) كذا في الأصل، وفي الكشف: كالجمل الطب. (3) وفي الأصل: وأتضرعها. (4) رأيت في بعض الكتب أن عروق الثرى إبراهيم عليه السلام لكثرة ولده في البادية، ولعله عليه السلام عرض بكون معاوية ولد زنا ليس من ولد إبراهيم. (5) أي: ما يتغير، حال يحيل حيولا تغير - البحار. (6) كشف الغمة 1 / 575 عن الشعبي والبحار 44 / 103، برقم 11 عن المناقب. 40 داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى) (1) فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح صلى الله عليه. قال: فأي شئ قالوا لكم؟ قلت: قالوا قد يكون ولد لابنه من الولد ولا يكون من الصلب. قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله تعالى (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) (2). قال: فأي شئ قالوا؟ قلت: قالوا قد يكون في كلام العرب أبناء واحد يقول: أبناءنا. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): والله يا أبا الجارود والله لأعطيتكها (3) من كتاب الله جل وتعالى أنهما من صلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يردها إلا كافر. قلت: وأين ذلك؟ جعلت فداك. قال: من حيث قال الله عز وجل (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم) الآية إلى أن انتهى إلى قوله تبارك وتعالى (وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم) (4) فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) نكاح حليلتهما؟ فإن قالوا: نعم كذبوا والله وفجروا، وإن قالوا: لا فهما ابناه لصلبه (5). 56 - من كتاب الدر: ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل حديثا عن أبي هريرة
(1) سورة الأنعام: 84. (2) سورة آل عمران: 61. (3) في التفسير: لأعطينك. (4) سورة النساء: 23. (5) تفسير القمي 1 / 209. 41 عن (صلى الله عليه وآله) أنه قال للحسن: اللهم إني أحبه فأحب من يحبه (1). 57 - وحدث عبد الله عن أبيه، عن رجاله، عن عمير بن إسحاق، قال: كنت مع الحسن بن علي (عليهما السلام) فلقينا أبو هريرة، فقال: أرني منك حيث (2) رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبل قال: فقال لقميصه كذا، فكشفه عن سرته (3). 58 - وعنه عن رجاله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء الحسن بن علي يحبو حتى صعد على صدره فبال عليه، فابتدرناه لنأخذه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ابني ابني ثم دعا بماء فصبه عليه (4). 59 - قال المسهر مولى الزبير: تذاكرنا من أشبه النبي (صلى الله عليه وآله) من أهله، فدخل علينا عبد الله بن الزبير، فقال: أنا أحدثكم بأشبه أهله إليه الحسن بن علي، رأيته يجئ وهو ساجد فيركب ظهره، فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل، ولقد رأيته يجئ وهو راكع، فيفرج له بين رجليه، حتى يخرج من الجانب الآخر. وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو ريحاني من الدنيا، وأن ابني هذا سيد، يصلح الله به بين فئتين من المسلمين. وقال: اللهم إني أحبه وأحب من يحبه (5). 60 - حدث أبو يعقوب يوسف بن الجراح، عن رجاله، عن حذيفة بن اليمان قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه في جبل أظنه حرى أو غيره ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السلام) وجماعة من المهاجرين والأنصار، وأنس حاضر لهذا الحديث وحذيفة يحدث به، إذ أقبل الحسن بن علي (عليه السلام) يمشي على هدوء
(1) عنه البحار 43 / 316، برقم: 74. (2) كذا في البحار وهامش الأصل مع علاقة (ظ) وفي الأصل: حين. (3) عنه البحار 43 / 317. (4) عنه البحار 43 / 317. (5) عنه البحار 43 / 317. 42 ووقار فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) [ورقعتاه معه، فقال بلال: يا رسول الله أما ترى بأحد] (1) فقال (عليه السلام): إن جبرئيل يهديه، وميكائيل يسدده، وهو ولدي، والطاهر من نفسي، وضلع من أضلاعي، هذا سبطي وقرة عيني بأبي هو. وقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقمنا معه، وهو يقول له: أنت تفاحتي، وأنت حبيبي ومهجة قلبي. وأخذ بيده، فمشى معه، وهو نحن نمشي، حتى جلس وجلسنا حوله ننظر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو لا يرفع بصره عنه. ثم قال: إنه سيكون بعدي هاديا مهديا، هذا هدية رب العالمين لي، ينبئ عني، ويعرف الناس آثاري، ويحيي سنتي، ويتولى أموري في فعله، ينظر الله إليه فيرحمه، رحم الله من عرف له ذلك، وبرني فيه وأكرمني فيه. فما قطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلامه، أقبل إلينا أعرابي يجر هراوة له فلما نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليه قال: قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم، وأنه يسألكم عن أمور، إلا أن لكلامه جفوة، فجاء الأعرابي فلم يسلم وقال: أيكم محمد؟ قلنا: وما تريد؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مهلا. فقال: يا محمد لقد كنت أبغضك ولم أرك، والآن فقد ازددت لك بغضا. قال: فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وغضبنا لذلك، وأردنا بالأعرابي إرادة، فأومأ إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن اسكتوا. فقال الأعرابي: يا محمد إنك تزعم أنك نبي، وإنك قد كذبت على الأنبياء وما معك من برهانك (2) شئ. قال له: يا أعرابي وما يدريك؟.
(1) الزيادة غير موجودة في البحار، وأثبتناها من الأصل. (2) في الأصل: المهم. 43 قال: فخبرني ببرهانك. قال: إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي، فيكون ذلك أوكد لبرهاني. قال: أو يتكلم العضو؟ قال: نعم، يا حسن قم، فازدرى الأعرابي نفسه (1) وقال: هو ما يأتي ويقيم صبيا ليكلمني. قال: إنك ستجده عالما بما تريد فابتدره الحسن (عليه السلام) وقال: مهلا يا أعرابي. ما غبيا سألت وابن غبي * بل فقيها إذن وأنت الجهول فإن تك قد جهلت فإن عندي * شفاء الجهل ما سأل السؤول وبحرا لا تقسمه الدوالي * تراثا كان أورثه الرسول لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعت نفسك، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن إنشاء الله. فتبسم الأعرابي وقال: هيه. فقال له الحسن (عليه السلام): نعم اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم، فزعمتم أن محمدا صنبور (2) والعرب قاطبة تبغضه ولا طالب له بثاره، وزعمت أنك قاتله، وكان في قومك مؤونته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلا ذلك، فأتيتنا خوفا من أن يشتهر، وإنك إنما جئت بخير يراد بك.
(1) أي: احتقره الأعرابي لصغر سنه عليه السلام. (2) في الأصل: صبور. والصنبور بمعنى الأبتر ومن لا عقب له، وأصل الصنبور سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الأرض. وقيل: هي النخلة المنفردة التي يدق أسفلها، أرادوا أنه إذا قطع انقطع ذكره، كما يذهب أثر الصنبور، لأنه لا عقب له. 44 أنبئك عن سفرك، خرجت في ليلة ضحياء، إذ عصفت ريح شديدة، اشتد منها ظلماؤها، وأطلت (1) سماؤها، وأعصر سحابها، فبقيت محرنجما كالأشقر، إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر (2) لا تسمع لواطئ حسا، ولا لنافخ نار جرسا، تراكمت (3) عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لامع، تقطع محجة، وتهبط لجة في ديمومة، قفر بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، علوت مصعدا ازددت بعدا، الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريح عاصف، وبرق خاطف، قد أوحشتك آكامها، قطعتك سلامها، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرت عينك، وظهر رينك، وذهب أنينك. قال: من أين قلت يا غلام هذا؟ كأنك كشفت عن سويد قلبي، ولقد كنت كأنك شاهدتني، وما خفي عليك بشئ (4) من أمري، وكأنه علم الغيب. قال له (5): ما الإسلام؟ فقال الحسن (عليه السلام): الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. فأسلم وحسن إسلامه، وعلمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا من القرآن، فقال: يا رسول الله أرجع إلى قومي فأعرفهم ذلك؟ فأذن له، فانصرف ورجع ومعه جماعة
(1) في الأصل: واطمئنت. (2) من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة، وكان على فرس أشقر، يقول: إن جريت على طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك، وإن أسرعت فتأخرت منهزما أتوك من ورائك فعقروك فأثبت والزم الوقار - مجمع الأمثال 2 / 140. (3) في الأصل: تداكت. (4) في البحار: شئ. (5) في الأصل: قال له. 45 من قومه، فدخلوا في الإسلام، فكان الناس إذا نظروا الحسن قالوا: لقد أعطى ما لم يعط أحد من الناس (1). 61 - قال سليم بن قيس الهلالي: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: قال لي معاوية: ما أكثر تعظيمك للحسن والحسين، وما هما بخير منك، ولا أبوهما خير من أبيك، ولولا أن أمهما فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقلت: ما أمك أسماء بنت عميس بدون منها. قال: فغضبت من مقالته وأخذني ما لا أملك معه نفسي، فقلت له: إنك لقليل المعرفة بهما وبأبيهما وأمهما، والله لهما خير مني، وأبوهما خير من أبي وأمهما خير من أمي. ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول فيهما وفي أبيهما وأنا غلام فحفظته منه ووعيته، وليس في المجلس غير الحسن والحسين (عليهما السلام) وأنا وابن عباس وأخوه الفضل رضي الله عنهم. فقال معاوية: هات ما سمعت، فوالله ما أنت بكذاب. قلت له: إنه أعظم مما في نفسك. قال: ولئن كان أعظم من أحد وحراء فآته ما لم يكن أحد من أهل الشام فأذكره، أما إذا قتل الله طاغيتكم وفرق جمعكم وصار الأمر إلى أهله، ما نبالي ما قلتم، ولا يضرنا ادعيتم. قلت: معت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن كنت أولى به من نفسه، فأنت يا أخي أولى به من نفسه، وعلي بين يديه في البيت والحسن والحسين وعمرو بن أم سلمة وأسامة بن زيد وفي البيت فاطمة وأم أيمن وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام، وضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عضدي علي وأعادها ثلاثا.
(1) عنه البحار 43 / 333 - 336، برقم: 6. 46 ثم نص بالإمامة على الأئمة تمام الاثنا عشر (عليهم السلام). ثم قال: لأمتي اثنا عشر إمام ضلالة كلهم ضال مضل، عشرة بني بني أمية ورجلان من قريش، وزر جميع الاثنا عشر وما أضلوا في أعناقهما، ثم سماهما رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسمى العشرة معهما. قال: فسم لنا؟ فقلت: فلان وفلان، وصاحب السلسلة، وابنه من آل أبي سفيان، وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص. فقال معاوية: لئن كان ما قلت حقا، لقد هلكت، وهلكت الثلاثة قبلي وجميع من تولاهم من هذه الأمة، ولقد هلك أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المهاجرين والأنصار والتابعين غيركم أهل البيت وشيعتكم. قلت: فإن الذي قلته والله حق، سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال معاوية للحسن والحسين وابن عباس: أحق ما يقول ابن جعفر؟ قال ابن عباس: وكان معاوية بالمدينة أول سنة اجتمع عليه الناس بعد قتل علي (عليه السلام)، أرسل إلى الذين قد سماهم عبد الله، فأرسل إلى عمرو بن أم سلمة ومن معه جميعا، فشهدوا أن الذي قال ابن جعفر قد سمعوه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما سمعه ابن جعفر. ثم أقبل معاوية على الحسن والحسين وابن عباس والفضل وابن أم سلمة فقال لهم: كلكم على ما قال ابن جعفر؟ قالوا: نعم. فقال معاوية: فإنكم يا بني المطلب تدعون أمرا عظيما، وتحتجون بحجة قوية، وإنكم تضمرون على ما تسترونه، والناس في غفلة وعمى، لئن كان ما تقولون حقا صحيحا، لقد هلكت الأمة، ورجعت عن دينها، وكفرت بربها، وجحدت
47 نبيها، إلا أنتم ومن قال بقولكم، وأولئك قليل في الناس. فأقبل ابن عباس على معاوية، وقال: قال الله تعالى (وقليل من عبادي الشكور) (1) وقال (وقليل ما هم) (2) وما تعجب منا يا معاوية، أعجب من بني إسرائيل، إن السحرة قالوا لفرعون (فاقض ما أنت قاض) (3) فآمنوا بموسى (عليه السلام) وصدقوه. ثم سار بهم وبمن اتبعهم من بني إسرائيل، فأقطعهم البحر، وأراهم العجائب وهم مصدقون بموسى والتوراة، يقرون له بدينه، ثم مروا بأصنام تعبد فقالوا: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون. وعكفوا على العجل غير هارون، فقالوا: هذا إلهكم وآله موسى. وبعد ذلك ادخلوا الأرض المقدسة، فكان من جوابهم ما قص الله عنهم فقال موسى (عليه السلام) رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين). (4) فأما أتباع هذه الأمة رجالا، سودوهم وأطاعوهم لهم سوابق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنازل قريبة منه، وأصهاره مقرين بدين محمد وبالقرآن، حملهم الكبر والحسد أن خالفوا إمامهم ووليهم، يا عجبا من قوم صاغوا من حليهم عجلا عكفوا عليه يعبدونه ويسجدون له، ويزعمون أنه رب العالمين، غير هارون وحده. وقد بقي مع صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى من أهل بيته ناس، منهم، سلمان، وأبو ذر والمقداد والزبير، ثم رجع الزبير وثبت هؤلاء الثلاثة مع إمامهم حتى لقوا الله. وتعجب يا معاوية من الأئمة واحدا بعد واحد، وقد نص عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
(1) سورة سبأ: 13. (2) سورة ص: 24. (3) سورة طه: 72. (4) سورة المائدة: 25. 48 بغدير خم وفي غير موطن، وأمر بطاعتهم، وأخبر أولهم علي بن أبي طالب ولي كل مؤمن ومؤمنة من بعده، وأنه خليفته فيهم ووصيه. وقد بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جيشا يوم موتة، فقال: عليكم بجعفر، فإن هلك فزيد، فإن هلك فعبد الله بن رواحة، فقتلوا جميعا، وتراه يترك الأمة جميعا ولم يبين لهم من الخليفة من بعده، ليختاروا هم لأنفسهم الخليفة، كأن رأيهم لأنفسهم أهدى لهم وأسد (1) من رأيه واختياره، وما ركب القوم ما ركبوا إلا بعد ما بينه لهم، ولم يتركهم في عمياء ولا شبهة. فأما ما قال الرهط الأربعة الذين تظاهروا على علي (عليه السلام) وكذبوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن الله لا يجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة، فقد لبسوا (2) على الناس بشهادتهم وكذبهم ومكرهم. قال معاوية: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا معاوية قد سمعت ما قال ابن عباس، ثم العجب منك معاوية ومن قلة حيائك، ومن جرأتك على الله حين قلت: قد قتل الله طاغيتكم، ورد الأمر إلى معدنه، فأنت يا معاوية معدن الخلافة من دوننا؟ ويل لك يا معاوية وللثلاثة الذين أجلسوك هذا المجلس، وسنوا هذه السنة، لأقولن كلاما ما أنت أهله ولكني أقول ليسمعه بنو أبي هؤلاء الذين حولي. إن الناس قد اجتمعوا على أمور كثيرة، ليس بينهم اختلاف فيها، ولا تنازع ولا فرقة، على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله عبده والصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصوم شهر رمضان، وحج بيت الله الحرام، ثم أشياء كثيرة لا تحصى ولا يعدها إلا الله.
(1) في الاحتجاج: وأرشد. (2) في الاحتجاج: شبهوا. 49 واجتمعوا على تحريم الزنا والسرق والكذب وقطع الأرحام والخيانة، وأشياء كثيرة من معاصي الله عز وجل، لا يحصيها إلا الله عز وجل. واختلفوا في سنن كثيرة اقتتلوا فيها، وصاروا فرقا يلعن بعضهم بعضا، وهي الولاية، ويتبرأ بعضهم من بعض، ويقتل بعضهم بعضا، أيهم أحق بها وأولى إلا فرقة تتبع كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) فمن أخذ بما عليه أهل القبلة الذي ليس فيه اختلاف، ورد علم ما اختلفوا فيه إلى الله، سلم ونجى من النار ودخل الجنة، ومن وفقه الله ومن عليه، واحتج عليه، فإن نور قلبه لمعرفة ولاة الأمر من أئمتهم ومعدن العلم أين هو، فهو عند الله سعيد، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رحم الله امرءا عرف (1) حقا فقال، أو سكت فسلم. نحن نقول أهل البيت: إن الأئمة منا، وأن الخلافة لا تصلح أن تكون إلا فينا، وأن الله جعلنا أهلها في كتابه، وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، فإن العلم فينا، ونحن أهله، وهو عندنا مجموع، وأنه لا يحدث شئ إلى يوم القيامة حتى أرش الخدش إلا وهو عندنا مكتوب بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخط علي بن أبي طالب (عليه السلام) بيده. وزعم قوم أنهم أولى بذلك منا، أنت يا ابن هند تدعي ذلك، وتزعم كل صنف مخالفينا من أهل هذه القبلة أنهم معدن الخلافة والعلم دوننا فنستعين بالله على من ظلمنا، وجحدنا حقنا، وركب رقابنا، وسن للناس علينا ما يحتج به مثلك، وحسبنا الله ونعم الوكيل. إنما الناس ثلاثة: مؤمن يعرف حقنا ومسلم لنا ومؤتم بنا، فذلك ناج يحب الله ورسوله، وناصب لنا العداوة يتبرأ منا ويلعننا، ويستحل دماءنا، ويجحد حقنا، ويدين الله بالبراءة منا، فهذا كافر مشرك وإنما كفر وأشرك من حيث لا يعلم، كما يسبوا الله عدوا بغير علم، ورجل أخذ بما لم يختلف فيه ورد علم
(1) في الاحتجاج: علم. 50 ما أشكل عليه إلى الله مع ولايتنا والايتمام بنا، ولا يعادينا ولا يعرف حقنا، فنحن نرجو أن يغفر الله له ويدخله الجنة. فهذا مسلم ضعيف. (1) 62 - قال سليم (2) بن قيس: قام الحسن بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهما) على المنبر. حين اجتمع الناس مع معاوية. فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: أيها الناس إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلا. ولم أر نفسي لها أهلا. وكذب معاوية أنا أولى الناس في كتاب الله عز وجل. وعلى لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقسم بالله لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني. لأعطتهم السماء قطرها. والأرض ببركتها (3). ولما طمعت فيها يا معاوية. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما ولت الأمة رجلا (4) وفيهم من هو أعلم منه. إلا لم يزل أمرهم إلا في سفال (5). حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل. فقد ترك بنو إسرائيل هارون. وعكفوا (6) على العجل. وهم يعلمون أن هارون خليفة موسى (عليهما السلام). وقد تركت الأمة عليا (عليه السلام) وقد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة. فلا نبي بعدي. وقد هرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قومه. وهو يدعوهم إلى الله. حتى فر إلى الغار. ولو وجد عليهم أعوانا ما هرب [منهم] (7) ولو وجدت أعوانا ما بايعتك يا معاوية.
(1) الاحتجاج 2 / 3 - 8، وراجع كتاب سليم بن قيس ص 231 - 237. (2) في الأصل: الحسين. (3) في البحار: بركتها. (4) في البحار: أمة أمرها رجلا قط. (5) في البحار: يذهب سفالا. (6) في البحار: واعتكفوا. (7) الزيادة من البحار. 51 وقد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه. ولم يجد أعوانا عليهم. وقد جعل الله النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة حين فر من قريش. ولم يجد (1) أعوانا عليهم. وكذلك أنا. فإني في سعة من الله تعالى حين تركتني الأمة وبايعت معاوية ولم أجد أعوانا. وإنما هي السنن (2) والأمثال يتبع بعضها بعضا. أيها الناس إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا [رجلا من] (3) ولد نبي غيري وغير أخي الحسين لن تجدوا. (4) 63 - قال مولانا الحسن (صلوات الله عليه): إن الله عز وجل أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) أحسن الأدب، فقال: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (5) فلما وعى الذي أمره قال تعالى (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (6) فقال لجبرئيل (عليه السلام): وما العفو؟ قال: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك، فلما فعل ذلك أوحى الله إليه (إنك لعلى خلق عظيم). (7). 64 - وقال (عليه السلام): السداد دفع المنكر بالمعروف، والشرف اصطناع العشيرة وحمل الجريرة، والمروة العفاف وإصلاح المرء ماله، والرقة النظر في اليسير ومنع الحقير، واللؤم إحراز المرء نفسه وبذله عرسه. السماحة البذل في العسر واليسر، الشح أن ترى ما في يديك شرفا وما أنفقته
(1) في البحار: من قومه لما لم يجد. (2) في الأصل: البيض. (3) الزيادة من البحار. (4) عنه وعن الاحتجاج، البحار 44 / 22 - 23، برقم: 6. (5) سورة الأعراف: 199. (6) سورة الحشر: 7. (7) عنه البحار 78 / 114، والآية في سورة القلم: 4. 52 تلفا، الإخاء الوفاء في الشدة والرخاء، الجبن الجرأة على الصديق، والنكول عن العدو، الغنيمة الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة. الحلم كظم الغيظ، وملك النفس الغنى ورضى النفس لما قسم الله عز وجل لها وإن قل، فإنما الغنى غنى النفس، الفقر شدة النفس في كل شئ، المنعة شدة البأس ومنازعة أشد، الذل الفزع (1) عند المصدوقة. الجرأة موافقة الاقران، الكلفة كلامك فيما لا يعنيك، المجد أن تعطى في العدم، وأن تعفو عن الجرم، الخرق معاداتك لإمامك، ورفعك عليه كلامك ألسنا إتيان الجميل وترك القبيح، الحزم طول الأناة والإقرار بالولاة، والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم. السرور موافقة الإخوان وحفظ الجيران، السفه اتباع الدناة ومصاحبة الغواة الغفلة تركك المسجد وطاعتك المفسد، الحرمان ترك حظك وقد عرض عليك السفه (2) الأحمق في ماله، المتهاون في عرضه، يشتم يجيب، المتحرم بأمر عشيرته هو السيد (3). 65 - في تاريخ المفيد: في النصف من جمادى الأولى من سنة ست وثلاثين من الهجرة كان فتح البصرة، ونزول النصر من الله تعالى على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (4). 66 - في كتاب التذكرة: في هذه السنة أظهر معاوية الخلافة، وفيها بايع جارية بن قدامة السعدي لعلي بالبصرة، وهرب منها عبد الله بن عامر.
(1) في البحار: التضرع. (2) في الأصل: السيد. (3) عنه البحار 78 / 114 - 115. (4) عنه البحار 32 / 211، برقم: 166. 53 وفيها لحق الزبير بمكة، وكانت عائشة معتمرة، فأشار عليهم ابن عامر بقصد البصرة، وجهزهم بألف ألف درهم ومائة بعير، وقدم معلى بن منبه من اليمن (1) فأعانهم بمائة ألف درهم، وبعث إلى عائشة بالجمل الذي يسمى (عسكر) اشتراه بمائتي دينار. وسار علي (عليه السلام) إليهم، وكان معه سبعمائة من الصحابة، وفيهم أربعمائة من المهاجرين والأنصار، منهم سبعون بدريا. وكانت وقعة الجمل بالخريبة يوم الخميس، لخمس خلون جمادى الآخرة، قتل فيها طلحة [ويدل عنه ألف واد في كل يوم] (2) وقتل محمد بن طلحة وكعب بن سور. وأوقف على الزبير ما سمعه من النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو أنك تحاربه وأنت ظالم فقال: أذكرتني ما أنسانيه الدهر، وانصرف راجعا، فلحقه عمرو بن جرموز بوادي السباع، وهو قائم يصلي، فطعنه فقتله، وهو ابن خمس وسبعين سنة. [وتذكر ثلاثة وخمسين ألف ألف درهم وألف مملوك كلهم ضائع] (3). وقيل: إن عدة من قتل من أصحاب الجمل ثلاثة عشر ألفا، ومن أصحاب على أربعة آلاف، أو خمسة آلاف. وسار أمير المؤمنين إلى الكوفة، واستخلف على البصرة عبد الله بن عباس وسير عائشة المدينة. وفي هذه السنة صالح معاوية الروم مال حمله إليهم، لشغله بحرب
(1) في البحار: البصرة. (2) كذا في الأصل، وهذه الزيادة غير موجودة في البحار. (3) كذا في الأصل، وهذه الزيادة غير موجودة في البحار. 54 علي (عليه السلام) (1). 67 - في تاريخ المفيد (2): في النصف من جمادى الأولى، من سنة ست وثلاثين من الهجرة، كان مولد سيدنا أبي محمد علي بن الحسين زين العابدين (عليهم السلام) (3). وهو شريف، عظيم البركة، يستحب فيه الصيام والتطوع بالخيرات. 68 - في كتاب الدر: ولد بالمدينة سنة ثمان وثلاثين من الهجرة. وكذا في كتاب مواليد الأئمة (4) (عليهم السلام)، قبل وفاة جده أمير المؤمنين (عليه السلام) بسنتين. وفي رواية أخرى: بست سنين. 69 - في كتاب الذخيرة: مولده سنة ست وثلاثين وقيل: ثمان وثلاثين. 70 - في كتاب الارشاد: كان مولد علي بن الحسين (عليه السلام) بالمدينة سنة ثمان وثلاثين من الهجرة (5). وكذا في كتاب الحجة. 71 - في كتاب المصباح: مولده في النصف من جمادى الأولى، سنة ست وثلاثين (6). وقيل: ولد يوم الخميس ثامن شعبان. وقيل: سابعه سنة ثمان وثلاثين بالمدينة في خلافة جده أمير المؤمنين (عليه السلام). 72 - في كتاب التذكرة: ولد علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) سنة ثمان وثلاثين (7).
(1) عنه البحار 32 / 211 - 212. (2) وهو كتاب حدائق الرياض للشيخ المفيد، كما في الاقبال ص 95. (3) عنه البحار 46 / 14، برقم: 31. (4) مواليد الأئمة لابن النجار البغدادي ص 4. (5) الارشاد للشيخ المفيد ص 253. (6) المصباح للشيخ الطوسي ص 733. (7) عنه البحار 46 / 15. 55 وفيها كان قتل محمد بن أبي بكر بمصر، قتله معاوية بن خديج، وأدخله جوف حمار وأحرقه، وولى علي (عليه السلام) مالك بن الحارث الأشتر مصر مكانه، فبلغ معاوية مسيره إليها، قدم عليه دهقان العريس، وقال له: إن تجمعت الخوارج في أربعة، وبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي، وقتلوا عبد الله بن حباب عامل علي (عليه السلام) على المدائن.... امرأته، وقتلوا ثلاث نسوة، وقتلوا الحارث بن مرة رسول علي (عليه السلام) فكانت وقعت النهروان معهم، وكان علي (عليه السلام) قال لأصحابه: ولا الله يقتل منكم عشرة، ولا يفلت منهم عشرة، فقتل من أصحابه سبعة، وأفلت من الخوارج ثمانية. وفيها خرج الحريث راشد المناجي في ثلاثمائة من بني ناجية، وأن بدوا إلى النصرانية، فوجه إليهم علي (عليه السلام) معقل بن قيس الرياحي والمريد بن سيف البحر، وسبى الذرية، واشتراهم مصقلة بن هبيرة الشيباني بثلاثمائة ألف درهم، وأعتقهم وأدى منها مائتي ألف، وهرب إلى معاوية. وفيها خرج أبو مريم الخارجي في أربعمائة، وصار شهر زوراء، ثم عاد إلى الكوفة، فخرج إليهم علي (عليه السلام) فقاتلوه إلا خمسين رجلا استأمنوا. وفيها مات سهل حنيف، ومات صهيب بن سنان. أمه شاه زنان بنت ملك قاشان. وقيل: بنت كسرى يزدجرد بن شهريار ويقال: اسمها شهر بانويه. 73 - روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولى حريث بن جابر المشرق، فبعث إليه ببنتي يزدجرد شهريار، فنحل ابنه الحسين (عليه السلام) شاه زنان، فأولدها زين العابدين (عليه السلام)، ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر، فولدت له القاسم، فهما ابنا خاله. 74 - وقال أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري ليس التاريخي: لما
56 ورد سبي الفرس إلى المدينة، أراد عمر بن الخطاب بيع النساء، وأن يجعل الرجال عبيدا، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أكرموا كريم كل قوم، فقال عمر: قد سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلام، ورغبوا في الإسلام، ولا بد من أن يكون لهم فيهم ذرية، وأنا أشهد الله وأشهدكم أني قد أعتقت (1) نصيبي منهم لوجه الله تعالى. فقال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا أيضا لك، فقال: اللهم اشهد أني قد أعتقت ما وهبوني لوجه الله. فقال المهاجرون والأنصار و: قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله. فقال: اللهم اشهد أنهم قد وهبوا لي حقهم وقبلته، وأشهدك أني قد أعتقتهم (2) لوجهك. فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الأعاجم؟ وما الذي رغبك عن رأيي فيهم، فأعاد عليه ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إكرام الكرماء. فقال عمر: قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): اللهم اشهد على ما قالوا وعلى عتقي إياهم. فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هؤلاء لا يكرهن على ذلك، ولكن يخيرن، فما (3) اخترنه عمل به، فأشار جماعة إلى شهر بانويه بنت كسرى، فخيرت وخوطبت من وراء الحجاب والجمع حضور فقيل لها: من تختارين من خطابك؟ وهل أنت ممن تريدين بعلا، فسكتت، فقال
(1) في الأصل: عتقت. (2) في الأصل: عتقهم: وفي المصدر: أعتقهم. (3) في الأصل: ما. 57 أمير المؤمنين (عليه السلام): قد أرادت وبقي الاختيار. فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها وقد خطبت، يأمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل، فإن استحيت وسكتت، جعلت أذنها صماتها وأمر بتزويجها وإن قالت: لا، لم تكره ما تختاره، وإن شهر بانويه أريت الخطاب، فأومأت بيدها واختارت الحسين بن علي (عليهما السلام). فأعيد القول عليها في التخيير، فأشارت بيدها وقالت بلغتها: هذا إن كنت مخيرة، وجعلت أمير المؤمنين وليها، وتكلم حذيفة بالخطبة (1). فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لها: ما اسمك؟ فقالت: شاه زنان بنت كسرى. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): نه شاه زنان نيست مگر دختر محمد (صلى الله عليه وآله) وهي سيدة النساء، أنت شهربانويه وأختك مرواريد بنت كسرى. قالت: آريه (2). 75 - قال المبرد: كان اسم أم علي بن الحسين (عليهما السلام) سلافة من ولد يزدجرد معروفة النسب، من خيرات النساء. وقيل: خولة. لقبه: ذو الثفنات، لقب به لأنه من طول سجوده وشدة عبادته يخفى غضون جبهته، فتصير ثفنات، فيقصها إذا طالت، لتستقر جبهته على الأرض في سجوده. والخالص والزاهد والخاشع والبكاء. والمتهجد. والرهباني. وزين العابدين وسيد العابدين والسجاد. كنيته: أبو محمد، وأبو الحسن بابه: يحيى بن أم الطويل المدفون بواسط، قتله الحجاج لعنه الله (3).
(1) إلى هنا عنه البحار 103 / 331، ح 10. (2) دلائل الإمامة للطبري ص 81 - 82، مع اختلاف يسير في الألفاظ وزيادات في المصدر. وعن العدد، البحار 46 / 15 - 16 - و 104 / 199 - 200. (3) الكامل للمبرد 2 / 93 ط سنة 1347. وعنه البحار 46 / 16. 58 76 - قيل: دخل أبو جعفر ولده (عليهما السلام) عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له وإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي وقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا ثم تركها من يده ضجرا وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام): 77 - قيل: كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا أراد الصلاة أصفر لونه فيقول له أهله: ما هذا الذي يغشاك، فيقول: أتدرون لمن أتأهب للقيام بين يديه. 78 - قيل: كان بالمدينة كذا وكذا أهل بيت، يأتيهم رزقهم وما يحتاجون إليه، لا يدرون من أين يأتيهم، فلما مات علي بن الحسين (عليهما السلام) فقدوا ذلك. 79 - من كتاب الروضة قال أبو حمزة: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا تكلم في الزهد ووعظ أبكى من بحضرته، قرأت عليه صحيفة فيها كلام زهد: بسم الله الرحمن الرحيم - كفانا الله وإياك كيد الظالمين، وبغي الحاسدين، وبطش الجبارين، أيها المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت، وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا، المائلون إليها، المفتتنون بها، المقبلون عليها، وعلى حطامها الهامد، وهشيمها البائد غدا (1). واحذروا ما حذركم الله منها، وازهدوا فيما زهدكم الله فيه، ولا تركنوا إلى [ما] (2) في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان،
(1) الحطام: ما يكسر من اليبس. والهامد: البالي المسود المتغير، واليابس من النبات. والهشيم من النبات: اليابس المتكسر. والبائد: الذاهب المنقطع أو الهالك. (2) الزيادة من المصدر. 59 وبالله (1) إن لكم مما فيها عليها لدليل من رسنها (2)، من تصريف أيامها، وتغير انقلابها وميلانها (3)، وتلاعبها بأهلها، إنها لترفع الخميل، وتضع الشريف، وتورد أقواما إلى النار غدا، ففي هذا معتبر، ومختبر، وزاجر لمنتبه. إن الأمور الواردة عليكم في كل وليلة من مطلخمات (4) الفتن وحوادث البدع، وسنن (5) الجور، وبوايق الزمان، وهيبة السلطان ووسوسة الشيطان لتترين (6) القلوب عن تيهها وتذهلها عن موجود الهدى ومعرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصم الله. فليس يعرف تصرف أيامها وتقلب حالاتها، وعاقبة ضرر فتنتها، إلا من عصمه (7) ونهج سبيل الرشد، وسلك طريق القصد، ثم استعان علي ذلك بالزهد فكرر الفكر، واتعظ بالصبر، وازدجر وزهد في عاجل بهجة الدنيا، وتجافى عن لذاتها، ورغب في دائم نعيم الآخرة، وسعى لها سعيها، وراقب الموت وشنأ (8) الحياة مع القوم الظالمين. نظر إلى ما في الدنيا بعين نيرة حديدة النظر (9) وأبصر حوادث الفتنة
(1) في المصدر: والله. (2) كذا في الأصل، ويقال: رمى برسنه على غاربه، أي خلى سبيله فلم يمنعه مما يريد، وفي المصدر: دليلا وتنبيها. (3) في المصدر: ومثلاتها. بمعنى عقوباتها. (4) أي شدائد الفتن، وفي المصدر: من مظلمات، وفي هامشه: ملمات. (5) في الأصل: وسير. (6) في المصدر: تشبط. (7) في المصدر: عصم الله. (8) شنأ الحياة، أي: أبغضها. (9) في المصدر: البصر. 60 وضلال البدع، وجور الملوك الظلمة، فقد (1) لعمري استدبرتم الأمور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة، والانهماك فيما تستدلون به على تجنب الغواة وأهل البدع والبغي والفساد في الأرض بغير الحق، فاستعينوا بالله وارجعوا (2) إلى طاعة الله وطاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع وأطيع. فالحذر الحذر من قبل الندامة والحسرة، والقدوم على الله، والوقوف بين يديه، وبالله (3) ما صدر قوم قط معصية الله إلا إلى عذابه، وما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم وساء مصيرهم، وما العلم بالله والعمل إلا الفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله وأن أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله، فعملوا له، ورغبوا إليه، وقد قال الله (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (4). ولا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا لمعصية الله، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، واغتنموا أيامها، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله، فإن ذلك أقل للتبعية (5) وأدنى من الغدر، وأرجى للنجاة. وقدموا أمر الله وطاعته وطاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الأمور كلها، ولا تقدموا الأمور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت من زهرة الدنيا بين يدي أمر الله وطاعته وطاعة أولي الأمر منكم. واعلموا أنكم عبيد الله ونحن معكم، يحكم علينا وعليكم سيد حاكم غدا،
(1) في المصدر: فلقد. (2) في الأصل: وراجعوا. (3) في المصدر: وتالله. (4) سورة فاطر: 28. (5) في المصدر: للتبعه. 61 وهو موقفكم ومسائلكم فأعدوا الجواب قبل الوقوف والمسائلة والعرض على رب العالمين يومئذ لا تكلم نفس إلا بإذنه. واعلموا أن الله لا يصدق يومئذ كذابا (1)، ولا يكذب صادقا، ولا يرد عذر مستحق ولا يعذر غير معذور، له الحجة على خلقه بالرسل وبالأوصياء (2) بعد الرسل فاتقوا عباد الله، واستقبلوا في (3) إصلاح أنفسكم وطاعة الله وطاعة من تولونه فيها، لعل نادما قد ندم فيما فرط بالأمس في جنب الله، وضيع من حقوق الله فاستغفروا وتوبوا إليه، فإنه يقبل التوبة، ويعفو عن السيئة، ويعلم ما تفعلون. وإياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين، ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم، واعلموا أنه من خالف أولياء الله، ودان بغير دين الله، واستبد بأمره من دون ولي الله، كان في نار تلتهب، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها، وغلبت عليها شقوتها، فهم موتى لا يجدون حر النار، ولو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار. فاعتبروا يا أولي الأبصار، واحمدوا الله على ما هداكم، واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله غير قدرته، وسيرى الله عملكم ثم إليه تحشرون، فانتفعوا بالعظة، وتأدبوا بآداب الصالحين. (4) 81 - كان لعلي بن الحسين (عليهما السلام) ناقة، حج عليها ثلاثين حجة، أو أربعا وعشرين حجة: ما قرعها قرعة قط. 82 - روي عنه (عليه السلام) أنه كان قائما يصلي حتى زحف ابنه محمد (عليه السلام) وهو
(1) في المصدر: كاذبا. (2) في المصدر: والأوصياء. (3) في الأصل: من. (4) الروضة من الكافي 8 / 14 - 17، والبحار عن التحف 78 / 148 - 151. 62 طفل صغير، إلى بئر كانت في داره بعيدة القعر، فسقط فيها، فنظرت إليه أمه وأقبلت تضرب بنفسها من حوالي البئر، وتستغيث به وتقول: يا بن رسول الله غرق ابني محمد، وكل ذلك لا يسمع قولها، ولا ينثني عن صلاته، وهو يسمع اضطراب ابنها في قعر البئر في الماء. فلما طال عليها ذلك قالت له - جزعا على ابنها -: ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت النبوة، فأقبل على صلاته، ولم يخرج عنها إلا بعد كمالها وتمامها، ثم أقبل عليها، فجلس على رأس البئر، ومد يده إلى قعرها، وكانت لا تنال إلا برشاء (1) طويل، فأخرج ابنه محمدا بيده وهو يناغيه (2) ويضحك، ولم يبتل له ثوب ولا جسد بالماء. فقال لها: هاك هو يا قليلة اليقين بالله، فضحكت لسلامة ابنها، وبكت لقوله (يا قليلة اليقين بالله) فقال لها: لا تثريب عليك لو علمت أني كنت بين يدي جبار لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني، أفمن ترى أرحم لعبده منه؟. (3) 83 - لما حضرت وفاة زيد بن أسامة بن زيد جعل يبكي، فقال له زين العابدين (عليه السلام): ما يبكيك؟ قال: أبكى على أن علي خمسة عشر ألف دينار فقال له علي: لا تبك فهي علي، وأنت منها برئ. (4) 84 - قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يحمل معه جرابا من خبز فيتصدق به ويقول: بلغني أن الصدقة تطفئ غضب الرب. 85 - وقع حريق في بيته فيه علي بن الحسين (عليهما السلام) وهو ساجد، فجعلوا
(1) الرشاء: ككساء الحبل - القاموس. (2) ويقال: ناغت الأم صبيها، أي لاطفته وشاغلته بالمحادثة والملاعبة - البحار. (3) عنه البحار 46 / 35، برقم: 30. (4) البحار 46 / 56. برقم: 8 عن الارشاد والمناقب. 63 يقولون له: يا بن رسول الله النار النار يا ابن رسول الله النار، فما رفع رأسه حتى أطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: ألهتني عنها النار الأخرى. 86 - قال زرارة بن أعين: سمع قائل في جوف الليل يقول: أين الزاهدون في الدنيا، الراغبون في الآخرة، فهتف هاتف من ناحية البقيع يسمع صوته ولا يرى شخصه: ذاك علي بن الحسين (عليهما السلام). 87 - قال علي بن الحسين (عليهما السلام): خرجت حتى انتهيت إلى حائط، فاتكيت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر تجاه وجهي، ثم قال: يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا حزنك؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر. فقلت: ما على هذا حزني، وأنه كما يقول. قال: فعلى الآخرة؟ فهو وعد صادق، يحكم فيه ملك قاهر، فعلام خوفك؟ قال قلت: أتخوف من فتنة ابن الزبير، فضحك ثم قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا قط توكل على الله فلم يكفه؟ قلت: لا. قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا قط خاف الله فلم ينجه؟ قلت: لا. قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا قط سأل فلم يعطه؟ قلت: لا. ثم نظرت إليه فإذا ليس قدامي أحد (1). 88 - قيل: حج هشام بن عبد الملك، فاجتهد أن يستلم الحجر فلم يتمكن وجاء علي بن الحسين (عليهما السلام) فوقف له الناس، وتنحوا له حتى استلم الحجر. نبذة من أحوال الإمام الحجة (عليه السلام): 89 - إذا مد (2) رأسه أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على
(1) البحار 46 / 37. برقم: 33، عن المناقب. (2) كذا في الأصل، ولعل هنا سقط من الرواية شئ، وذكر الروايات حول الحجة عليه السلام بمناسبة ولادة الإمام يوم الخامس عشر من شعبان. 64 رؤوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله عز وجل قوة أربعين رجلا، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرجة في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم (صلوات الله عليه) (1). 90 - قال أبو جعفر (عليه السلام): إن العلم بكتاب الله عز وجل، وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) لينبت في قلب مهدينا، كما ينبت الزرع على أحسن نباته، فمن بقي منكم حتى يراه فليقل حين يراه: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة. ومعدن العلم. وموضع الرسالة. السلام عليك يا بقية الله في أرضه (2). 91 - وقال (عليه السلام): يخرج القائم (عليه السلام) يوم السبت يوم عاشوراء، اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) (3). 92 - عن أبي بصير قال: سأل رجل من أهل (4) الكوفة أبا عبد الله (عليه السلام) كم يخرج مع القائم (عليه السلام)، فإنهم يقولون إنه يخرج معه مثل عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، قال: ما يخرج إلا في أولي قوة، ويكون أولوا القوة أقل من عشرة آلاف (5). 93 - عن أبي خالد الكابلي قال زين العابدين (عليه السلام): المفقودون عن فرشهم (6)
(1) البحار 52 / 328، برقم 47 و 48 عن الاكمال والكافي وكامل الزيارة والنعماني. (2) عنه البحار 52 / 317 - 318، برقم: 16. (3) البحار 52 / 285، برقم: 17 عن كمال الدين. (4) في الأصل: سألت أهل. (5) البحار 52 / 323، برقم: 33 عن كمال الدين وقال بيان: المعنى أنه عليه السلام لا تنحصر أصحابه في الثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا العدد هم المجتمعون في بدو خروجه. (6) في الأصل: فرسهم. 65 ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر، فيصبحون بمكة، وهو قول الله عز وجل (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا) (1) وهم أصحاب القائم (عليه السلام) (2). 94 - عن عبد الله بن عجلان قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أعبد أبي الله (عليه السلام)، فقلت (3) له: كيف لنا بعلم ذلك؟ فقال: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة. وفي راية المهدي (عليه السلام) البيعة لله (4). 95 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: آيتان بين يدي هذا الأمر: خسوف (5) القمر لخمس، وكسوف الشمس لخمسة عشر، لم يكن ذلك منذ هبط آدم إلى الأرض وعند ذلك يسقط حساب المنجمين (6). 96 - قال أبو عبد الله (عليه السلام): قدام القائم (عليه السلام) موتان: موت أحمر، وموت أبيض حتى يذهب من كل سبعة خمسة. الموت الأحمر السيف، والموت الأبيض الطاعون (7). 97 - قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يكون هذا الأمر، حتى يذهب ثلثا الناس فقلنا (8) له: إذا ذهب ثلثا فما يبقى؟ قال: أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي (9).
(1) سورة البقرة: 148. (2) البحار 52 / 323 - 324، برقم: 34 عن كمال الدين. (3) في الأصل: فقلنا. (4) البحار 52 / 324، برقم: 35 عن كمال الدين. (5) في الأصل: كسوف. (6) البحار 52 / 207، برقم: 41 عن كمال الدين. (7) البحار 52 / 207، برقم: 42 عن كمال الدين. (8) في البحار: فقيل. (9) البحار 52 / 207، برقم: 44 عن كمال الدين. 66 98 - عن المفضل بن عمر قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل (والعصر إن الإنسان لفي خسر) فقال (عليه السلام) العصر عصر خروج القائم (عليه السلام) (إن الإنسان لفي خسر) يعني: أعداءنا (إلا الذين آمنوا) يعني: بآياتنا (وعملوا الصالحات) يعني: المواسات الإخوان (وتواصوا بالحق) يعني: بالإمامة (وتواصوا بالصبر) في الفترة (1). 99 - عن هارون بن خارجة قال: قال لي هارون بن سعد العجلي (2): قد مات إسماعيل الذي كنتم تمدون إليه أعناقكم، وجعفر شيخ كبير يموت غدا، أو بعد غد، فتبقون بلا إمام، فلم أدر ما أقول له. فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالته. فقال: هيهات هيهات أبي الله، والله إن ينقطع هذا الأمر حتى ينقطع الليل والنهار، فإذا رأيته فقل له: هذا موسى بن جعفر يكبر ويزوجه فيولد له، فيكون خلفا إنشاء الله. ثم قال: وأجل الفرائض وأعظمها خطرا الإمامة التي هما تؤدي الفرائض والسنن، وبها كمل الدين وتمت النعمة، فالأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) إذ لا نبي بعده، فحملوا (3) العباد على محجة دينهم، ويلزموهم سبيل نجاتهم ويجنبوهم موارد هلكتهم، ويبينوا لهم فرائض الله ما شذ عن أفهامهم. ويهدون بكتاب الله عز وجل إلى مراشد أمورهم، فيكون الدين لهم محفوظا لا تعترض فيه الشبه، وفرائض الله بهم مؤداة لا يدخلها خلل (4) وأحكام الله ماضية لا
(1) رواه في كمال الدين ص 656. (2) في الأصل: البجلي. (3) في الاكمال: ليحملوا. (4) في الاكمال: باطل. 67 يلحقها تبديل، ولا يزيلها تغيير. والإمامة من فرائض الله عز وجل لازمة لنا، ثابتة علينا لا ينقطع ولا يتغير إلى يوم القيامة، وجعل لنا هداة من أهل بيته وعترته، يهدوننا إلى الحق، ويجلون عنا العمى، وينفون الاختلاف والفرقة، معصومين قد آمنا منهم الخطأ والزلل. وقرن بهم الكتاب، فقال (عليه السلام): إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. فأمر بالتمسك بهما، وأعلمنا على لسان نبيه (عليه السلام) إنا لا نضل ما إن تمسكنا بهما. ولولا ذلك ما كانت الحكمة توجب إلا بعثة الرسل إلى انقطاع التكليف عنا فالرسل والأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم لم تخل الأرض منهم، وقد كانت لهم فترات من خوف وأسباب، لا يظهرون فيها دعوة، ولا يبدون أمرهم إلا لمن أمنوه، حتى بعث الله عز وجل محمدا (صلى الله عليه وآله) فكان آخر أوصياء عيسى (عليه السلام) رجل يقال له: آبي، وكان يقال له: بالط أيضا (1). 100 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان سلمان الفارسي رحمة الله عليه قد أتى غير واحد من العلماء، وكان آخر من أتى آبي، فبات عنده ما شاء الله، فلما ظهر النبي (صلى الله عليه وآله) قال آبي لسلمان: إن صاحبك قد ظهر بمكة، فتوجه إليه سلمان (2). 101 - قال درست بن أبي منصور الواسطي: سألت أبا الحسن الأول موسى (صلى الله عليه وآله) أكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) محجوجا بآبي؟ فقال: لا ولكنه مستودعا للوصايا (3) فسلمها إليه (عليه السلام).
(1) كمال الدين ص 657 - 664. (2) كمال الدين ص 665، ح 6. (3) في الاكمال: لوصاياه. 68 قال: فقلت: فدفعها إليه على أنه كان محجوجا به؟ فقال: لو كان محجوجا به لما دفع إليه الوصايا. قلت: فما كان حال آبي؟ قال: أقر برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبما جاء به، ودفع إليه الوصايا ومات آبي من يومه (1). 102 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزلت هذه الآية في القائم (عليه السلام) (ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) (2) (3). 103 - عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها) (4) قال: يحييها الله عز وجل بالقائم (عليه السلام) بعد موتها، يعني بموتها كفر أهلها، والكافر ميت (5). 104 - قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (6) فقال: والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق كافر بالله العظيم، ولا مشرك بالإمام إلا كره خروجه، حتى لو كان كافرا أو مشركا في بطن صخرة، لقالت: يا مؤمن في بطني كافر، فانشرني واقتله (7). وقد ثبت أن الزمان لا يخلو من إمام، وأنه يجب أن يكون معصوما، وكل من
(1) كمال الدين ص 665، ح 7. (2) سورة الحديد: 16. (3) كمال الدين ص 668، ح 12. (4) سورة الحديد: 17. (5) كمال الدين ص 668، ح 13. (6) سورة التوبة: 33. (7) كمال الدين ص 670، ح 16، وفيه آخر: فاكسرني واقتله. 69 قال بذلك قال: إن الإمام الآن هو ابن الحسن صلوات الله عليهما. 105 - قال فخر الدين محمد بن الخطيب الرازي في كتاب الأربعين (1): الأمة أجمعت أنه لا بد من وجود إمام في الزمان، وقد ثبت بالدليل أن خلو الزمان عن الإمام غير جائز في شرع النبي (صلى الله عليه وآله) فكل من كان من أمته لا بد له من إمام هذا آخر كلامه. وثبت من الأخبار المتواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ما يتضمن النص على اسمه ونسبه ووجوده، ومع ثبوت عصمته يجب أن يحمل أفعاله على الصواب وإن خفي الوجه، فلو لا مصلحة مبيحة للاستيتار لما استتر. 106 - روى جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن المهدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، يكون له غيبة تضل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (2). 107 - روى الأصبغ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: الحادي عشر من ولدي يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما. 108 - روى جابر قال: دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأهنئها بمولد الحسن (عليه السلام)، وإذا بيدها صحيفة من درة بيضاء، فقلت: يا سيدة النساء ما هذه الصحيفة؟ فقالت: فيها أسماء الأئمة من ولدي. قلت لها: ناوليني لأنظر فيها. قالت: إليك مأذون أن تنظر إلى باطنها من ظاهرها، فقرأت فيها عدد الأئمة الاثنا عشر بأسمائهم، حتى انتهى إلى أبي القاسم محمد بن الحسن الحجة
(1) في الأصل: الخمسين. (2) البحار 51 / 72، برقم: 13 عن كمال الدين. 70 القائم (عليه السلام) (1). 109 - وفي رواية أخرى قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) وبين يديها لوح مكتوب فيه أسماء الأوصياء، فعددت اثنا عشر آخرهم القائم (عليه السلام) (2). 110 - وفي رواية أخرى عنه: ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم علي (3). 111 - روي عن الحسن (عليه السلام) لما ذكر القائم (عليه السلام): يخفى ولادته، ويغيب شخصه، ذاك من ولد أخي الحسين (عليه السلام) (4). 112 - عن الحسين (عليه السلام) قال: في التاسع من ولدي شبه (5) من يوسف وشبه (6) من موسى بن عمران، وهو قائمنا أهل البيت (7). 113 - وعنه عليه السلام قال: قائم هذه الأمة التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة (8). 114 - وعنه عليه السلام قال: منا اثنا عشر مهديا، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم التاسع من ولدي وهو الإمام القائم بالحق (9). 115 - وعن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن الله خلق محمدا وعليا والأئمة الأحد عشر من نور عظمته أرواحا (10) يعبدونه قبل خلق الخلق، وهم الأئمة الهادية
(1) البحار 36 / 194، برقم: 2 عن كمال الدين وعيون أخبار الرضا وغيرهما. (2 - 3) البحار 36 / 202، برقم: 5 عن المصدرين السابقين وغيرهما. (4) البحار 5 / 132، برقم: 1 عن كمال الدين. (5 - 6) في البحار: سنة. (7) البحار 51 / 133، برقم: 2 عن كمال الدين. (8) البحار 51 / 133، برقم: 3 عن كمال الدين. (9) البحار 51 / 133، برقم: 4 عن كمال الدين. (10) في الاكمال: أرواحا في ضياء نوره. 71 من آل محمد عليهم السلام (1). وما ذكروه في هذا أكثر من أن تسعة هذا الكتاب. 116 - وأما ولادته (صلوات الله عليه) بطريق النقل، فغير خاف أنه لا يطلع على الولادة إلا نساء الإنسان وخدمه، ثم يشيع ذلك مع اعتراف الوالد به. قالت حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عمة العسكري (عليه السلام) مع صلاحها وأخبرت بحضور ولادته (صلى الله عليه وآله) وقالت: رأيته ساجدا لوجهه، جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابتيه نحو السماء وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدي رسول الله وأن أمير المؤمنين، ثم عد إماما إماما حتى بلغ إلى نفسه، ثم قال: اللهم انجز عدتي، وأتمم أمري (2). 117 - وكذا أخبرت نسيم ومارية جارية الخيزران قالتا: وقع جاثيا على ركبتيه وهو يقول: زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة، ولو أذن لنا في الكلام لزال الريب (3). 118 - وأخبر غانم (4) الخادم فقال: ولد لأبي محمد ولد فسماه محمدا وعرضه على أصحابه وقال: هذا صاحبكم من بعدي (5). 119 - وعن أبي هارون قال: رأيت صاحب الزمان وكان مولده يوم الجمعة سنة ست وخمسين ومائتين (6).
(1) كمال الدين ص 318 - 319. (2) البحار 51 / 13. (3) البحار 51 / 4، برقم: 6 عن كمال الدين. (4) في البحار: أبو غانم. (5) البحار 51 / 5، برقم: 11 عن كمال الدين. (6) البحار 51 / 15، برقم: 16 عن كمال الدين. 72 120 - وعن محمد بن إبراهيم الكوفي أن أبا محمد (عليه السلام) بعث إلى نسائه وقال: هذه عقيقة ابني محمد. وكذا أخبر حمزة بن الفتح. 121 - وأما الذين شاهدوه فكثير، منهم أبو هارون. وحدث معاوية بن حكيم. ومحمد بن أيوب بن نوح. ومحمد بن عثمان العمري، قالوا: عرض علينا أبو محمد (عليه السلام) ابنه، وكنا في منزلة أربعين رجلا، فقال: هذا إمامكم بعدي وخليفتي عليكم. ويعقوب بن منقوش وأبو نصر ظريف ورآه البلالي. والعطار والعاصمي ومحمد بن إبراهيم بن مهزيار وأحمد بن إسحاق القمي ومحمد بن صالح الهمداني والسايي والأسدي. والقاسم بن العلاء وغير هؤلاء ممن لو استقصينا عددهم لطال الكتاب (1). وأما السبب الذي من أجله حصلت الغيبة: فقد ذكره الفضلاء من الإمامية أن ذلك هو الخوف على نفسه، والحال في ذلك كحال النبي (صلى الله عليه وآله) حين استتر تارة في الشعب، وأخرى في الغار. والأولى اعتقاد أنه لا بد في ذلك من مصلحة، وإن كنا لا نطلع عليها. وأما استبعاد الخصم بقاءه (عليه السلام) هذه المدة المتطاولة، فإن ذلك ينشأ من ضعف البصيرة، وإلا كيف يقال ذلك مع العلم بقدرة الله تعالى، وقيام الدلالة على إمكان فعل الكرامات للأولياء. غاية ما في الباب أن يقال: هو خرق للعادة ونحن نمنع ذلك، وهذا ممنوع ثم مع تسليمه فإنه يجوز أن يكون ذلك معجزا له (عليه السلام). ثم اعلم أن تطاول الاعمار أضعاف عن القائم (عليه السلام) وقع وقوعا دائما، حتى حصل ذلك لجماعة من الملوك والجبابرة، وذلك مما جرت به العوائد، فإن القرآن
(1) راجع كمال الدين ص 442 - 443. 73 المجيد نطق في طرف الصلحاء أن نوحا عاش زيادة على ألف سنة إلا خمسين عاما، وفي التواريخ عن غير الصلحاء، مثل شداد بن عاد بن ارم، أنه عاش تسعمائة سنة. ومن المعلوم عند المسلمين كافة وجود الخضر (عليه السلام) وعمره أضعاف عمر القائم (عليه السلام)، والنقل بعمر الخضر (عليه السلام) من المخالف والموافق أكثر من أن يوصف. 122 - من كتاب الدر: وليس ببدع ولا مستغرب بامتداد عمر بعض عباد الله الصالحين، ولا امتداد عمره، فقد مد الله تعالى في أعمار كثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه، ومن مطروديه وأعدائه. فمن الأوصياء عيسى (عليه السلام) والخضر، ولقمان ونوح، وشعيب. ومن الأعداء إبليس، والدجال وغيرهما كعاد الأولى، وكل ذلك لبيان اتساع القدرة الربانية في تمييز بعض خلقه، فأي مانع من امتداد عمر القائم الخلف الصالح (عليه السلام) إلى أن يظهر، فيعمل ما حكم الله له به. 123 - قال أبو عبد الله (عليه السلام) ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير. قلت: والله أن من يصف هذا الأمر فيهم (1) لكثير، قال: لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويستخرج الغربال خلقا كثيرا (2). 124 - قال أبو عبد الله (عليه السلام): كأنني بالقائم عليه السلام على ظهر النجف، لابس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيتقلص عليه، ثم ينتفض بها فيستدير عليه، ثم يغشى الدرع بثوب إستبرق، ثم يركب فرسا له، أبلق بين عينيه شمراخ، ينتفض به، لا يبقى
(1) في البحار: منهم. (2) البحار 5 / 219، برقم: 13 عن الكافي، وفي آخره: ويستخرج من الغربال خلق كثير. 74 أهل بلد إلا أتاهم نور ذلك الشمراخ، حتى يكون آية له، ثم ينشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذا نشرها أضاء لها ما بين المشرق والمغرب (1). 125 - قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كأنني به قد عبر من وادي السلام إلى مسيل السهلة على فرس محجل (2) له شمراخ (3) يزهر، يدعو ويقول في دعائه: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، اللهم معز كل مؤمن وحيد ومذل كل جبار عنيد، أنت كنفي حين تعييني المذاهب وتضيق علي الأرض بما رحبت. اللهم خلقتني وكنت غنيا عن خلقي، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين يا منشر الرحمة من مواضعها، ومخرج البركات من معادنها، ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة، فأولياؤه بعزة يتعززون، يا من وضعت له الملوك نير (4) المذلة على أعناقهم (5) فهم من سطوته خائفون. أسألك باسمك الذي فطرت به خلقك فكل لك مذعنون. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنجز لي أمري، وتعجل لي في الفرج، وتكفيني وتعافيني وتقضي حوائجي، الساعة الساعة، الليلة الليلة إنك على كل شئ قدير (6). 126 - قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي
(1) عنه البحار 52 / 391، برقم: 214. (2) التحجيل: بياض في قوائم الفرس. (3) الشمراخ: غرة الفرس إذا دقت وسالت وجللت الخيشوم. (4) النير: الخشبة المعترضة في عنقي الثورين بأداتها. (5) في الأصل: أعناقها. (6) عنه البحار 52 / 391 - 392، و 94 / 365 - 366، برقم: 2. 75 طالب (عليه السلام) خاليا (1). فقلت: يا أمير المؤمنين متى القائم من ولدك؟ فتنفس الصعداء وقال: لا يظهر القائم حتى يكون أمور الصبيان، وتضيع حقوق الرحمن، ويتغنى بالقرآن، فإذا قتلت ملوك بني العباس أولي العمى والالتباس، أصحاب الرمي عن الأقواس بوجوه كالتراس، وخربت البصرة هناك يقوم القائم من ولد الحسين (عليه السلام) (2). 127 - قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا اختلف رمحات بالشام، فهو آية من آيات الله. قيل: ثم ماذا؟ (3) قال: ثم رجفة تكون بالشام، تهلك فيها مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذابا للكافرين. فإذا كان كذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين (4) الشهب، والرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام، فإذا كان كذلك فانتظروا خسفا بقرية من قرى الشام، يقال لها (5): خرشنا، فإذا كان ذلك فانتظروا ابن آكلة الأكباد بالوادي اليابس (6). ثم تظلكم فتنة مظلمة عمياء منكشفة لا يغبو منها إلا النومة، قيل: وما النومة؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه. 128 - قال الصادق (عليه السلام): لا يخرج القائم (عليه السلام) إلا في وتر من السنين تسع
(1) يقال: خلا بفلان وإليه ومعه، سأله أن يجتمع به في خلوة، ففعل، فالمراد أني أتيته ونحن في خلوة. (2) عنه البحار 52 / 275، برقم: 168. (3) في البحار: مه. (4) البرذون ضرب من الدواب، دون الخيل وأقدر من الحمر، يقع على الذكر والأنثى، وربما قيل في الأنثى البرذونة والجمع براذين. (5) في الأصل: له. (6) إلى هنا البحار 52 / 216 برقم: 73 عن كتاب الغيبة للشيخ ص 277 - 278. 76 وثلاث وخمس وإحدى. 129 - وقال (عليه السلام): إذا هدم حائط مسجد الكوفة مؤخره مما يلي دار عبد الله بن مسعود، فعند ذلك زوال ملك بني العباس، أما أن هادمه لا يبنيه (1). 130 - قال (عليه السلام): من يضمن لي موت عبد الله أضمن له قيام القائم، لا تجتمع الناس بعده على أحد. 131 - قد ظهر من العلامات عدة كثيرة، مثل خراب حائط مسجد الكوفة وقتل أهل مصر أميرهم، وزوال ملك بني العباس على يد رجل، خرج عليهم من حيث بدأ ملكهم، وموت عبد الله آخر ملوك بني العباس، وخراب الشامات ومد الجسر مما يلي الكرخ ببغداد، كل ذلك في مدة يسيرة، وانشقاق الفرات وسيصل الماء إنشاء الله إلى أزقة الكوفة (2). 132 - قال بعض العلماء: إن عدد الأئمة الاثنا عشر (عليه السلام) وثبوت إمامتهم مستوفى في كتب الأصول. وأذكر في هذا الموضع لطيفة هو: أن الإيمان والإسلام مبني على أصلين: أحدهما: لا إله إلا الله. والثاني: محمد رسول الله، وكل واحد من هذين الأصلين مركب من اثنا عشر حرفا، والإمامة فرع الإيمان المتأصل والإسلام المقرر، فتكون عدة القائمين بها اثنا عشر، كعدد كل واحد من الأصلين المذكورين. 133 - وأيضا: فإن الله تعالى أنزل في كتابه العزيز (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) (3) فجعل عدة القائمين بهذه الفضيلة والتقدمة والنقيبة التي هي النقابة مجتمعة بهذا العدد، فتكون عدة القائمين بفضيلة
(1) البحار 52 / 210، برقم: 51 عن النعماني. (2) عنه البحار 52 / 275، برقم: 169. (3) سورة المائدة: 12. 77 الإمامة والتقدمة بها محتكم به. ولما بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأنصار ليلة العقبة قال لهم: أخرجوا لي منكم اثنا عشر نقيبا كنقباء بني إسرائيل، ففعلوا، فصار ذلك طريقا متبعا وعددا مطلوبا. 134 - وأيضا: قال الله تعالى (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وقطعناهم اثنا عشر أسباطا) (1) فجعل الأسباط الهداة إلى الحق في بني إسرائيل اثنا عشر، فتكون الأئمة الهداة في الإسلام اثنا عشر. 135 - وأيضا: أن مصالح العالم في تصرفاتهم لما كانت في حصولها مفتقرة إلى الزمان، لاستحالة انتظام مصالح الأعمال وإدخالها في الوجود الدنياوي بغير الزمان، وكان الزمان عبارة عن مرور الليل والنهار، وكل واحد منهما حال الاعتدال مركب من اثنا عشر جزءا يسمى ساعات، فكانت مصالح العالم مفتقرة إلى ما هو بهذا العدد، وكانت مصالح الأيام مفتقرة إلى الأئمة وإرشادها، فجعل عددهم بعدد أجزاء كل واحد من جزئي الزمان، للافتقار إليه كما تقدم. 136 - وأيضا: فإن نور الإمامة يهدي القلوب والعقول إلى سلوك طريق الحق، ويوضح لها المقاصد في سلوك سبيل النجاة، كما يهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلائق إلى سلوك الطرق، ويوضح لها المناهج السهلة ليسلكوها والمسالك الوغرة ليتركوها، فهما نوران هاديان، أحدهما: يهدي البصائر، وهو نور الإمامة. والآخر يهدي الأبصار، وهو نور الشمس والقمر. ولكل واحد من هذين النور محال يتأملها، فمحل ذلك النور الهادي للأبصار البروج الاثنا عشر التي أولها الحمل وآخرها الحوت، فينقل من واحد إلى آخر، فيكون محال النور الثاني الهادي للبصائر، وهو كون الإمامة منحصرا في اثنا عشر.
(1) سورة الأعراف: 159. 78 137 - وأيضا قد ورد في الحديث النبوي: أن الأرض بما عليها محمولة على الحوت. وفي هذا إشارة لطيفة وحكمة شريفة، وهو أن محال ذلك النور لما كان آخرها الحوت. والحوت حامل لأثقال هذا الوجود ومقر العالم في الدنيا فآخر محال هذا النور هو نور الإمامة أيضا حامل أثقال مصالح أديانهم، وهو المهدي (عليه السلام). 139 - وأيضا: فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الأئمة من قريش (1) فلا تجوز الإمامة في غير قريش، وإن كان غريبا. والذي عليه محققو أهل التنقيب أن كل من ولده النضر بن كنانة فهو قرشي فمرد كل قرشي إلى النضر بن كنانة، والنضر هو دوحة، يتفرع صفة الشرف عليها، وينبعث منها، وترجع إليها. وهذه القبيلة الشريفة كمل شرفها، وعظم قدرها واشتهر ذكرها، واستحقت التقدم على بقية القبائل وسائر البطون من العرب وغيرها برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنسب قريش انحدر من نضر بن كنانة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وشرف قريش إن بقي لها من رسول الله (صلى الله عليه وآله). فرسول الله في الشرف بمنزلة مركز الدائرة بالنسبة إلى محيطها، فمنه يرقى الشرف، فإذا فرضت الشرف خطا متصاعدا متراقيا متصلا إلى المحيط، مركبا من نقطة هي آباؤه وأبا فأبا وجدته (صلى الله عليه وآله) محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي غالب بن فهر بن مالك بن النضر. فالمركز الذي انبعث منه الشرف متصاعدا هو رسول الله (صلى الله عليه وآله). ووجدت المحيط الذي تنتهي الصفة الشريفة القرشية إليه، هو النضر بن كنانة، فالخط المتصاعد الذي بين المركز وبين المنتهى المحيط أجزاؤه اثنا عشر جزءا، فإذا كانت
(1) حديث متواتر بين الفريقين، راجع البحار 36 / 241. 79 درجات الشرف المعدودة متصاعدة اثنا عشر [فيكون] (1) لاستحالة أن يكون الخطان الخارجان من المركز إلى المحيط متفاوتين. فالنبي (صلى الله عليه وآله) منبع الشرف الذي الإمامة منه بنفسه متصاعدا، وهو منبع الشرف الذي هو محل الإمامة متنازلا، فيلزم أن تكون الأئمة اثنا عشر. فكما أن الخط المتصاعد اثنا عشر، فالخط المتنازل اثنا عشر، وهم: علي، الحسن، الحسين علي، محمد، جعفر، موسى، علي، محمد، علي الحسن، محمد (عليهم السلام). فأول من ثبتت له الصفة بأنه قرشي مالك بن النضر ولا تتعداه صاعدا وهو الثاني عشر، فكذلك منتهى من ثبتت له الإمامة ولا تتعداه نازلا واستقرت فيه محمد بن الحسن المهدي، وهو الثاني عشر صلى الله عليهم أجمعين. 140 - من طريق الجمهور روي عن مسروق قال: كنا عند ابن مسعود في المسجد بين المغرب والعشاء الآخرة، فقرأنا القرآن وقلنا له: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم الخلفاء بعده؟ فقال: بلى، قد سألناه، فقال: إنهم اثنا عشر بعدد نقباء بني إسرائيل (2). ومثله ما رووه عن جابر بن سمرة أنه قال: كنت مع والدي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يملك هذا الأمر بعدي اثنا عشر رجل، كل منهم هاد مهدي (3). 141 - ورووا عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لن يزال الدين إلى اثنا عشر رجلا من قريش، فإذا هلكوا ساخت الأرض بأهلها (4).
(1) الزيادة استظهار في هامش الأصل. (2) البحار 36 / 230، برقم: 9 و 10. (3) البحار 36 / 230، برقم: 11. (4) البحار 36 / 267 - 268. 80 142 - ورووا عن عبد العزيز بن حصين قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يكون بعدي اثنا عشر خليفة من قريش، ثم تكون فتنة دوارة. قال قلت: أنت سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: وأن على عبد الله يومئذ برنس خز (1). 143 - ورووا عن أبي هاشم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قدم يهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقال له: نعثل، فقال: يا محمد إني سائلك (2) عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، إن أنت أجبتني أسلمت على يدك. قال: سل يا أبا عمارة. قال: يا محمد صف لي ربك؟ فقال (عليه السلام): أن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده والأبصار أن تحيط به (3)؟ جل عما يصفه الواصفون، نأى في قربه وقرب في نأيه، كيف الكيف فلا يقال: كيف. وأين الأين، فلا يقال: أين، هو منقطع الكيفوفية (4) والأينونية، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن قولك (إنه واحد لا شبيه له) أليس
(1) البحار 36 / 371 عن مقتضب الأثر. (2) في البحار: أسألك. (3) في البحار: والأبصار الإحاطة به. (4) في الأصل: الكيفية فيه. 81 الله واحدا والانسان واحدا؟ فوحدانيته أشبهت (1) وحدانية الإنسان. فقال (صلى الله عليه وآله): الله واحد، واحدي المعنى، والإنسان واحد ثنوي المعنى جسم وعرض وبدن وروح وإنما التشبيه في المعاني لا غير. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن وصيك من هو؟ فما من نبي إلا وله وصي، وأن نبينا موسى بن عمران (عليه السلام) أوصى إلى يوشع بن نون. فقال: نعم، إن وصيي والخليفة [من] (2) بعدي علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن ثم الحسين (3) تتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار. قال: يا محمد فسمهم لي؟ قال: نعم، إذا مضى الحسين فابنه علي، فإذا مضى علي فابنه محمد، فإذا مضى محمد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، وبعد موسى علي ابنه وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، وبعده الحجة بن الحسن بن علي. فهؤلاء اثنا عشر أئمة عدد (4) نقباء بني إسرائيل. قال: فأين مكانهم في الجنة؟ قال: معي في درجتي. قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأشهد أنهم الأوصياء بعدك ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدمة، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران (عليه السلام): أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له: أحمد، خاتم الأنبياء لا نبي بعده يخرج من صلبه أئمة أبرار عدد الأسباط.
(1) في الأصل: ووحدانيته قد استرق. (2) الزيادة من البحار. (3) في البحار: الحسن والحسين. (4) في البحار: إماما على عدد. 82 قال: فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أبا عمارة أتعرف الأسباط؟ قال: نعم يا رسول الله، إنهم كانوا اثني عشرة. قال: فمنهم (1) لاوي بن أرحيا. قال: أعرفه يا رسول الله، وهو الذي غاب عن بني إسرائيل سنين، ثم عاد فأظهر شريعته بعد دراستها (2) وقاتل مع قرشيطا (3) الملك حتى قتله. فقال (صلى الله عليه وآله): كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، فإن الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى، ويأتي على أمتي زمن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه (4) ومن القرآن إلا رسمه، فحينئذ يأذن الله له بالخروج فيظهر الإسلام، ويجدد الدين. ثم قال (صلى الله عليه وآله) طوبى لمن أحبهم، وطوبى لمن تمسك بهم، فالويل لمبغضهم فانتفض (5) نعثل وقام بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: صلى العلي ذو العلى * عليك يا خير البشر أنت النبي المصطفى * والهاشمي المفتخر بك قد هدانا ربنا (6) * وفيك نرجو ما أمر ومعشر سميتهم * أئمة اثني عشر حباهم رب العلى * ثم صفاهم من كدر
(1) في البحار: فإن فيهم. (2) في البحار: اندراسها. (3) في البحار: قرسيطا. (4) في الأصل: رسمه. (5) أي: تحرك. (6) في البحار: بك اهتدينا رشدنا. 83 قد فاز من والاهم * وخاب من عادى الزهر (1) آخرهم يشفي الظمأ * وهو الإمام المنتظر عترتك الأخيار لي * والتابعون ما أمر من كان عنكم معرضا * فسوف تصلاه سقر (2) 144 - روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يكون خلفي اثنا عشر خليفة (3). وهذه الأخبار من طريق السنة، وما روي عن الإمامية في ذلك، فأكثر من أن تحصى (4) فهذه العدة لم توجد في الدين كانوا بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا في بني أمية، ولا في بني العباس، ولم تدع فرقة من فرق الإسلام هذه العدة في أئمتها إلا الإمامية، فدل ذلك على أن أئمتهم هم المعنيون في هذه الأحاديث. 145 - روى جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أنه رأى في يد فاطمة الزهراء (عليها السلام) لوحا أخضر من زمردة خضراء، فيه كتابة بيضاء، فقال جابر: قلت لها (عليها السلام): ما هذا اللوح يا بنت رسول الله؟ قالت: هذا لوح، أهداه الله عز وجل إلى أبي، وأهداه أبي إلي، فيه اسم أبي واسم بعلي والأئمة من ولدي، قال جابر: فنظرت في اللوح فرأيت فيها ثلاثة عشر اسما، كان فيهم محمد في أربعة مواضع (5). 146 - قال سلمان رضي الله عنه: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحسين بن
(1) في البحار: وخاب من عفى الأثر. (2) البحر 36 / 283 - 285 عن كفاية الأثر. (3) البحار 36 / 237 عن النعماني. (4) راجع البحار 36 / 226 - 373. (5) كمال الدين ص 309. 84 علي (عليهما السلام) على فخذه، فقال لي: يا سلمان ابني هذا سيد ابن سيد أبوه سادة، حجة وابن حجة وأبو حجج، إمام ابن إمام وأبو أئمة، تسعة من ولده تاسعهم قائمهم (1). 147 - روى بريد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفجر، فلما انفتل من الصلاة أقبل علينا بوجهه الكريم فقال: معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن افتقد القمر فليتمسك بالزهرة ومن افتقد الزهرة فليتمسك بالفرقدين، فسئل عن ذلك؟ فقال: أنا الشمس وعلي القمر، وفاطمة الزهرة، والحسن والحسين الفرقدان. ذكره النطنزي في الخصائص. 148 - وروى القاسم عن سلمان رضي الله عنه: فإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة، ثم قال: وأما النجوم الزاهرة، فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين، والتاسع مهديهم (2). 149 - قال جابر الجعفي في تفسيره عن جابر الأنصاري قال: سألت النبي (صلى الله عليه وآله) عن قوله (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) (2) الآية قد عرفنا الله ورسوله فمن أولوا الأمر؟ قال: هم خلفائي يا جابر، وأئمة المسلمين بعدي، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن. ثم الحسين. ثم علي بن الحسين. ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه عني السلام. ثم الصادق جعفر
(1) البحار 36 / 241، برقم: 47، عن كمال الدين والعيون والخصال والطرائف والكفاية. (2) البحار 36 / 289، برقم، 111 عن كفاية الأثر. (3) سورة النساء: 59. 85 ابن محمد. ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى. ثم محمد بن علي. ثم علي بن محمد. ثم الحسن بن علي. ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه، وبقيته في عباده، ابن الحسن بن علي، الذي يفتح على يده مشارق الأرض ومغاربها ذلك الذي يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان (1). 150 - من كتاب كشف الحيرة قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم) (2) الآية، فقام سلمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم الشهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم، قال: عني بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة، قال سلمان: بينهم لنا يا رسول الله؟ فقال: أنا وأخي وأحد عشر من ولده، قالوا: اللهم نعم (2). 151 - روى الكلبي عن الشرقي بن القطامي، عن تميم بن وعلة المري عن الجارود بن المنذر العبدي، وكان نصرانيا فأسلم عام الحديبية، وأنشد في رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنبأنا الأولون باسمك فينا * وبأسماء أوصياء كرام فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الأيادي، فقال الجارود كلنا يا رسول الله نعرفه، غير أني من بينهم عارف بخبره واقف على أثره، فقال سلمان: أخبرنا.
(1) البحار 36 / 250، برقم: 67 عن كمال الدين والكفاية. (2) سورة الحج: 77. (3) رواه سليم بن قيس الهلالي في كتابه في حديث المناشدة. 86 فقال: يا رسول الله لقد شهدت قسا وقد خرج ناد من أندية أياد إلى ضحضح ذي قتاد وسمر وغباد، وهو مشتمل بنجاد، فوقف في أضحيان ليل، كالشمس رافعا إلى السماء وجهه وإصبعه. فدنوت منه، فسمعته يقول: اللهم رب السماوات الأرفعة، والأرضين الممرعة بحق محمد والثلاثة المحاميد معه، والعليين الأربعة وفاطم والحسنين الأبرعة وجعفر وموسى التبعة، وسمي الكليم الصرعة، أولئك النقباء الشفعة، والطريق المهيعة، دراسة الأناجيل، ونقاة الأباطيل، الصادقي القيل عدد النقباء من بني إسرائيل، فهم أول البداية، وعليهم تقوم الساعة، ولهم من الله فرض الطاعة اسقنا غيثا مغيثا. ثم قال: ليتني أدركهم ولو بعدلاى من عمري ومحياي، ثم أنشأ يقول: أقسم قس قسما ليس به مكتتما * لو عاش ألفي سنة لم يلق منها سئما حتى يلاقي أحمدا والنجباء الحكماء * هم أوصياء أحمد أفضل من تحت السماء يعمى الأنام عنهم وهم ضباء للعمى * لست بناس ذكرهم حتى أحل الرجما قال الجارود، فقلت: يا رسول الله أنبئني أنبأك الله بخير هذه الأسماء التي لم نشهدها وأشهدنا قس ذكرها. فقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله): يا جارود ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله عز وجل إلي أن سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا قلت: على ما بعثوا؟ قال: بعثتهم على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب والأئمة منكما، ثم عرفني الله تعالى بهم وبأسمائهم.
87 ثم ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) للجارود أسماءهم واحدا واحدا إلى المهدي (عليه السلام) ثم قال لي الرب: هؤلاء أوليائي، وهذا المنتقم من أعدائي يعني المهدي. ذكر صاحب الروضة أن هذه الاستسقاء كان قبل النبوة بعشر سنين وشهادة سلمان بمثل ذلك مشهورة (1). 152 - عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي أنا نذير أمتي. وأنت هاديها. والحسن قائدها. والحسين سايقها. وعلي بن الحسين جامعها. ومحمد بن علي عارفها. وجعفر بن محمد كاتبها. وموسى بن جعفر محصيها. وعلي بن موسى معبرها ومنجيها، وطارد مبغضيها ومدني مؤمنيها (2). ومحمد بن علي قائدها وسائقها. وعلي بن محمد سايرها وعالمها. والحسن بن علي ناديها ومعطيها. والقائم الخلف ساقيها وناشدها وشاهدها، إن في ذلك لآيات للمتوسمين (3). وروى ذلك جماعة عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي (صلى الله عليه وآله). 153 - قال الأعمش عن أبي إسحاق، عن الحارث وسعيد بن قيس كلاهما (4) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي. والحسن الوالي الذائد. والحسين الآمر. وعلي بن الحسين الفارط (5). ومحمد بن علي الناشر. وجعفر بن محمد السائق. وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين
(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 1 / 287 - 288. (2) في الأصل: مبغضها ومؤمنها. (3) البحار 36 / 270 عن المناقب. (4) كذا في الأصل وفي البحار: عن الحارث بن سعيد بن قيس عن علي بن أبي طالب وعن جابر الأنصاري كليهما. (5) فرط القوم: تقدمهم إلى الماء أو الكلاء. 88 وقامع (1) المنافقين. وعلي بن موسى مزين المؤمنين. ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم. وعلي بن محمد خطيب شيعتهم ومزوجهم الحور العين. والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به. والهادي المهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن إلا لمن يشاء ويرضى (2). 154 - وروى محمد بن زكريا الغلابي، عن سليمان بن إسحاق بن سليمان ابن علي بن عبد الله بن العباس قال: حدثني أبي قال: كنت يوما عند الرشيد فذكر المهدي وعدله، فقال الرشيد: أحسبكم تحسبونه أبي المهدي (3). حدثني عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، عن أبيه العباس بن عبد المطلب أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: يا عم يملك من ولدي اثنا عشر خليفة، ثم تكون أمور كريهة وشدة عظيمة، ثم يخرج المهدي من ولدي، يصلح الله أمره في ليلة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ويمكث في الأرض ما شاء الله، ثم يخرج الدجال (4). 155 - حدث سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: من فسر (5) القرآن برأيه، فقد افترى على الله الكذب ومن أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار. قال ابن سمرة، فقلت: يا رسول الله أرشدني إلى النجاة، فقال: يا ابن سمرة
(1) قمعه: قهره وذلله. (2) البحار 36 / 270 عن المناقب والطرائف. (3) في الأصل: أبي أن أبي المهدي. (4) البحار 36 / 300 - 301 عن أعلام الورى والمناقب. (5) في الأصل: قرأ. 89 إذا اختلفت الأهواء، وتفرقت الآراء فعليك، بعلي أبي طالب إمام أمتي وخليفتي عليهم (1) من بعدي. وهو الفاروق الأعظم الذي يفرق (2) بين الحق والباطل، من سأله أجابه ومن استرشده أرشده، ومن طلب الحق من عنده وجده، ومن التمس الهدى لديه صادفه، ومن لجأ إليه أمنه، ومن استمسك به نجاه، ومن اقتدى به هداه سلم من سلم له ووالاه، وهلك من رد عليه وعاداه. يا ابن سمرة إن عليا مني، روحه من روحي، وطينته من طينتي، وهو أخي وأنا أخوه، وهو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين [من الأولين والآخرين] (3) وإن منه إمامي أمتي، وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائمهم (4) يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا (5). 155 - عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله): نحن ولد عبد المطلب، سادة أهل الجنة، أنا وأخي علي وعمي حمزة وجعفر والحسن والحسين والمهدي (6). 156 - عن عبد الله بن عباس قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس، إذ مر فتية من بني هاشم، كأن وجوههم المصابيح، فبكى فقلنا: يا رسول الله ما يبكيك؟
(1) في الأصل: عليها. (2) في البحار: يميز. (3) ما بين المعقوفتين من البحار. (4) في البحار: قائم أمتي. (5) البحار 36 / 226 - 227، برقم: 2 - 3 عن الأمالي وكامل الدين. (6) البحار 36 / 369 عن المستدرك لابن بطريق، و 51 / 65 عن النعماني. 90 قال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون من بعدي قتلا وتطريدا وتشريدا في البلاد، حتى يفتح الله لهم راية تخرج من قبل المشرق، فيها رجل مني اسمه كإسمي، وخلقه كخلقي، يؤوب الناس إليه كما تؤوب الطير إلى أوكارها، وكما يؤوب النحل يعسوبها. يملأها عدلا كما ملئت جورا (1). 157 - عن عبد الله بن مسعود قال: أتينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج إلينا مستبشرا يلوح السرور في وجهه، فما سألناه عن شئ إلا أخبرنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأنا حتى مر فتية من بني هاشم، منهم حسن وحسين، قال: فلما رآهم حثر لممرهم وانهملت عيناه. فقلنا: يا رسول الله خرجت إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهك، فما سألناك عن شئ إلا أخبرتنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأتنا، حتى مرت بك الفتية، فحثرت لممرهم، وانهملت عيناك. فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وأنه ستلقى أهل بيتي من بعدي قتلا وتطريدا وتشريدا في البلاد، حتى يرفع الله رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون وينصرون، فيعطون الذي سألوا فلا يقبلونه، فمن أدركهم منكم، أو من أبنائكم أو من أبناء أبنائكم فليأتوا ولو حبوا على الثلج، فإنها رايات هدى، يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (2).
(1) البحار 51 / 82 - 83. (2) البحار 51 / 87. 91 (اليوم السادس عشر) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم نحس مستمر، ردئ فلا تسافر فيه، فمن سافر فيه هلك ويناله مكروه، فاجتنبوا فيه الحركات، واتقوا فيه الحوائج، ما استطعتم، فلا تطلبوا فيه حاجة، ويكره فيه لقاء السلطان. 2 - وفي رواية: يصلح للتجارة، والبيع والمشاركة، والخروج إلى البحر، ويصلح للأبنية ووضع الأساسات، ويصلح لعمل الخير. 3 - وفي رواية خلقت فيه المحبة والشهوة، وهو يوم السفر فيه جيد في البر والبحر، استأجر فيه من شئت، وادفع فيه إلى من شئت، من ولد فيه يكون مجنونا لا محالة، ويكون بخيلا. 4 - وفي رواية: من ولد في صبيحته إلى الزوال مجنونا، وإن ولد بعد الزوال إلى آخره صلحت حاله، ومن هرب فيه يرجع، ومن ضل فيه سلم ومن ضلت له ضالة وجدها، ومن مرض فيه برئ عاجلا. 5 - قال: مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): من مرض فيه خيف عليه الهلاك. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف. 6 - وفي رواية: إنه يوم جيد لكل ما يراد من الأعمال والنيات والتصرفات
92 والمولود فيه يكون عاملا، وهو يوم لجميع ما يطلب فيه من الأمور الجيدة. 7 - وفي رواية: إنه يوم نحس، من ولد فيه يكون مجنونا لا بد من ذلك ومن سافر فيه يهلك، وتصلح لعمل (1) الخير، ويتقى فيه الحركة، والأحلام تصح فيه بعد يومين. 8 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: مهر روز اسم الملك الموكل بالرحمة (2). العوذة في أوله: أعوذ بذي القدرة المنيعة، والقوة (3) الرفيعة، والآيات البينات المحكمات والأسماء المتعاليات، الذي يعلم النجوى، والسر وما يخفى، ومحيط بالأشياء قدرة وعلما، ويمضي فيها قضاؤه حكما وحتما، لا تبديل لكلماته، ولا راد لقضائه وهو على كل شئ قدير. اللهم إني أستعيذك من نحس هذا اليوم وشره، وأستجير بآياتك وكبريائك من مكروهه وضره، درأت عن نفسي ما أخاف أذيته وبليته وآفته، وعن أهلي وولدي، وما حوته يدي، وملكته حوزتي، بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم بك أصبحت، وبك أمسيت، وبك قمت وقعدت، وبك أحيى وبك أموت، وعليك توكلت، وبك اهتديت، وبك آمنت وأسلمت، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، لا ضد لك ولا ند لك، تنزهت
(1) في الأصل: من عمل. (2) عنه البحار: 59 / 69 و 97 / 232. (3) في الأصل: والفترة. 93 عن الأضداد والأنداد، والصاحبة والأولاد، لا تدركك الأبصار، وأنت تدرك الأبصار وأنت (1) اللطيف الخبير. اللهم أسألك خير الصباح. وخير المساء. وخير القضاء. وخير القدر . خير ما جرى به القلم، وأعوذ بك شر الصباح. وشر المساء. وشر القضاء وشر القدر. وشر ما جرى به القلم. اللهم إني أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذل إلا لك، ومن الخوف إلا منك. اللهم وإني (2) وهذا اليوم خلقان من خلقك، فلا تبتليني فيه إلا بالتي هي أحسن، ولا تريني فيه جرأة على محارمك، ولا ركوبا لمعصيتك، ولا استخفافا بحق ما افترضته علي، وأعوذ بك في هذا اليوم من الزيغ والزلل والبلاء والبلوى ومن الكلم ودعوه المظلوم، ومن شر كتاب قد سبق، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب، وكل خطيئة تبت إليك منه ثم عدت فيه. اللهم إني أستغفرك من كل عقد عقدته لك ثم لم أف لك به. اللهم إني أستغفرك من نعمة أنعمت بها علي تقويت بها على معصيتك. اللهم وإني أستغفرك من كل عمل عملته لوجهك خالطه ما ليس لك. اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم إنك ما شئت كان ولم تشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شئ قدير وإليه والمصير، وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، وأحصى وأحاط بما لديه خبرا. اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم.
(1) في البحار: وهو. (2) في البحار: إني، بدون الواو. 94 اللهم إني أعوذ بك وباسمك وكلمتك التامة، من شر عذابك، ومن شر عبادك، وأعوذ بك وبكلمتك التامة من شر الشيطان الرجيم. اللهم إني أسألك ببسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بأسمائك وكلماتك التامة من شر ما يعطى وما يسأل، ومن شر كل حاسد وما يبدئ وما يعلن وما يخفى. اللهم إني أعوذ باسمك، وكلمتك التامة، من شر ما يجري به القلم، ومن شر ما يظلم عليه الليل ويضئ عليه النهار، أشهد (1) أن لا إله إلا الله عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم. اللهم إني ضعيف، فقو في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضاي، اللهم وصل إلي ما أريده إني ضعيف فقوني لما أريده وأطلبه، فإني (2) ذليل، فعزني، فإني (3) فقير فأغثني برحمتك أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، وأسألك الخير والعافية، والعفو في ديني ودنياي وآخرتي، وفي أهلي ومالي. اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، وأقل عثراتي. اللهم احفظني بين يدي، ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، وأعوذ من أن أغتال من تحتي. اللهم يا نور السماوات والأرضين، يا بديع السماوات والأرضين، يا ذا الجلال والاكرام، يا صريخ المستصرخين، يا غوث المستغيثين، يا منتهى رغبه الراغبين، والمفرج عن المكروبين، والمفرج عن المهمومين، ومجيب دعوة المضطرين، وكاشف السوء، وأنت أرحم الراحمين وآله العالمين أنزلت بك حاجتي وكل
(1) في البحار: نشهد. (2) في البحار: وإني. (3) في البحار: وإني. 95 الحوائج، فمرجوعها إليك، يا الله يا الله يا الله، يا رب يا رب يا رب، ولي المغفرة والرضوان والتجاوز، يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك بمحمد نبيك صلواتك عليه، وإبراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك وكلمتك، وبكلام موسى على الجبل، وبالتوراة وما فيها الأسماء الجليلة، وإنجيل عيسى وما فيه من الأسماء الجليلة المعظمة، وزبور داود وما فيه من الكلام الطيب الذي تحبه وترضاه، وبالفرقان والقرآن والذكر العظيم وما فيه (1) من الأسماء الجليلة الذي تحبه وترضاه، وبآدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى وعيسى، وخاتم أنبيائك محمد بن عبد الله، وبابن عمه الوصي والأوصياء الهداة المهديين. وأسألك بكل وحي أوحيته، أو قضاء، قضيته، أو سائل أعطيته أو غني أفقرته، أو فقير أغنيته، أو ضال هديته. وأسألك باسمك الذي أنزلته على كليمك موسى، وأسألك باسمك الذي قسمت به أرزاق عبادك رب العباد، وأسألك باسمك الذي وضعته على الأرض فاستقرت. وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فارسيت وقامت وسكنت به الأرض، وعلى المياه فجرت، وأسألك باسمك الذي استقر به عرشك، وأسألك باسمك الذي وضعته على السماوات فاستوت، وأسألك باسمك الذي وضعته على الأرض فاستقرت. وأسألك باسمك الطهر الطاهر، الأحد الصمد الوتر، المنزل في كتابك من لدنك النور المبين وأسألك باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار، وأسألك باسمك الذي وضعته على الليل فاظلم، وبعظمتك وكبريائك وبنور وجهك. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني حفظ القرآن والعلم،
(1) في البحار: فيها. 96 وتخلطه بلحمي ودمي وسمعي وبصري، وتستعمل جسدي بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم، يا علي يا كريم، لا قوة إلا بك، يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك الصلاة على محمد وآل محمد. وأسألك يا رب من الخير كله آجله وعاجله، علمت منه وما لم أعلم. وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب منها من قول أو عمل، وأسألك من الخير ما (1) سألك به عبدك ورسولك محمد صلواتك عليه، وأستعيذك مما استعاذ منه عبدك ورسولك محمد بن عبد الله صلواتك وآله، وأسألك بما قضيت لي من أمري، أن تجعل لي عاقبته رشدا، برحمتك يا أرحم الراحمين. يا حي يا قيوم، برحمتك استعنت (2) وبقوتك اعتصمت واعتضدت، لا تكلني إلى نفسي طرفه عين أبدا، فإني أعجز عنها وأصلح لي شأني كله، برحمتك يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء أسألك اللهم لا إله إلا أنت، باسمك الذي عزمت به على السماوات السبع والأرضين السبع، وما خلقت بينهما وفيهما من شئ وأستجير بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت، وأدعوك بذلك الاسم اللهم لا إله إلا أنت، وألجأ إليك بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت، وأومن بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت، واستعنت (3) بذلك. اللهم لا إله إلا أنت، أتضرع بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت، وأستعين بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت، وأتوكل بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت،
(1) في الأصل: وما. (2) في البحار: أستغيث. (3) في البحار: واستغثت. 97 وأتقرب بذلك الاسم. اللهم لا إله إلا أنت، وأتقوى بذلك الاسم، لا إله إلا أنت، وأسألك بذلك الاسم، اللهم لا إله أنت، وأدعوك بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت، أسألك بما دعوتك بذلك الاسم، اللهم لا إله إلا أنت. يا الله يا الله يا الله، أنت وحدك لا شريك له، أسألك يا كريم يا كريم، يا كريم أسألك بكرمك ومجدك وجدك وجودك، وفضلك ومنك، ورأفتك ورحمتك ومغفرتك، وجمالك وجلالك وعزتك وعزك، لما أوجبت لي على نفسك التي كتبت عليها الرحمة، أن تقول قد آتيتك يا عبدي مهما سألتني في عافية، وأدمتها لك ما أحييتك حتى أتوفاك في عافية إلى رضواني، وأن تبعثني من الشاكرين. أستجير وألوذ بذلك الاسم، اللهم لا (1) إله إلا أنت، وأستغيث بك اللهم لا إله إلا أنت، وأتوكل عليك اللهم لا إله إلا أنت، وأومن بك اللهم لا إله إلا أنت، وأتقرب إليك اللهم لا إله إلا أنت، وأرغب إليك اللهم لا إله إلا أنت، وأدعوك اللهم لا إله إلا أنت، وأتضرع إليك اللهم لا إله إلا أنت، وأسألك اللهم لا إله إلا أنت، فاستجب لي، وآتني بوجهك الكريم. يا كريم يا كريم يا كريم، يا رحمن يا رحمن يا رحمن، أسألك بذلك الاسم لا إله إلا أنت، فإنه لا إله إلا أنت العظيم، يا رحمن يا رحمن يا رحمن، يا رحيم يا رحيم يا رحيم، وأسألك ذلك اللهم لا إله إلا أنت، فإنه لا إله إلا أنت، اللهم بلا إله إلا أنت، وبكل قسم أقسمت به في أم الكتاب والكتاب المكنون، أو في زبر الأولين، وفي الصحف وفي الزبور، وفي الصحف والألواح، وفي التوراة والإنجيل، وفي الكتاب المبين، وفي القرآن العظيم، يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحيم.
(1) في الأصل: بلا. 98 وأسألك اللهم لا إله إلا أنت، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة عليه وآله السلام والصلوات والبركات، يا محمد بأبي أنت وأمي أتوجه بك في حاجتي هذه، وفي جميع حوائجي إلى ربك وربي، لا إله هو الرحمن الرحيم وأسألك ذلك اللهم لا إله إلا أنت، فإنه لا إله إلا أنت. يا بارئ لا ند لك (1) يا دائم لا نفاد لك، يا حي يا محيي الموتى، القائم على كل نفس بما كسبت، يا رحمن يا رحيم، وأسألك ذلك اللهم لا إله إلا أنت، فإنه لا إله إلا أنت، يا واحد الأحد الصمد، باسمك الوتر المتعالي الذي يملأ السماوات والأرض كلها، وباسمك الفرد الذي لا يعدله شئ، يا رحمن يا رحيم، وأسألك ذلك اللهم لا إله إلا أنت، فإنه لا إله إلا أنت. أسألك اللهم رب البشر، ورب إبراهيم، ورب محمد بن عبد الله خاتم النبيين، أن تصلي على محمد وآله، وأن ترحمني ووالدي وأهلي وولدي وإخواني من المؤمنين يا أرحم الراحمين. وأسألك يا حي الذي لا يموت، وأومن بك وبأنبيائك ورسلك، وجنتك ونارك وبعثك ونشورك ووعدك ووعيدك، وبكتابك وبكتبك، وأقر بما جاء من عندك وأرضى بقضائك. وأشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، ولا ضد لك ولا ند لك، ولا وزير لك، وصاحبة لك، ولا ولد لك، ولا مثل لك، ولا شبيه لك، ولا سمي لك، ولا تدركك الأبصار، وأنت تدرك الأبصار، وأنت اللطيف الخبير. وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. وأسألك ذلك اللهم لا إله إلا أنت باسمك العظيم الذي لا يمنع سائلا يوما
(1) في الأصل: يا بدي لا بدي لك. 99 سألك، من صغير أو كبير، يا رحمن يا رحيم، يا أرحم الراحمين، وأسألك اللهم لا إله إلا أنت، فإنه لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان، يا ذا الجلال والاكرام، يا إلهي وسيدي، يا حي يا قيوم يا كريم يا غني يا حي، لا إله إلا أنت، يا رحمن يا رحيم لا شريك لك، يا إلهي وسيدي لك الحمد شكرا، استجب لي في جميع ما أدعوك به، وارحمني من النار، يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلني من أفضل عبادك نصيبا، في كل خير تقسمه في هذه الغداة من نور تهدي به، أو رحمة تنشرها، أو عافية تجللها، أو رزق تبسطه، أو ذنب تغفره، أو عمل صالح توفق له، أو عدو تقمعه أو بلاء تصرفه، أو نحس تحوله إلى سعادة، يا أرحم الراحمين. أسألك باسمك الواحد الأحد الفرد الصمد الوتر المتعالي، رب النبيين ورب إبراهيم، ورب محمد، فإني أومن بك وبأنبيائك ورسلك وجنتك ونارك وبعثك ونشورك ونورك ووعدك ووعيدك، فاحبسني يا إلهي مما تكره إلى ما تحب واقض لي بالحسنى في الآخرة والأولى، إنك ولي الخير والموفق له، وأنت أرحم الراحمين. الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة. وكل ليلة. وهذا اليوم وكل يوم. يا جاعل الليل سكنا وجاعل الليل والنهار آيتين. يا مفصل كل شئ تفصيلا. يا الله يا عزيز. يا الله يا وهاب. يا صمد يا الله. يا واحد يا الله. يا الله يا الله. لك الأسماء الحسنى. والأمثال العليا. والآخرة والأولى. اغفر لي ذنوبي كلها. وارزقني التوبة والعصمة. وأقل عثرتي. ولا تؤاخذني بخطيئتي. وآتني في الدنيا حسنة. وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار. يا أرحم الراحمين.
100 اللهم إن إساءتي قد كثرت. وخطاياي قد تتابعت. ونفسي قد تقطعت وأنت غافر كل خطيئة. ودافع كل بلية. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد. وأن تغفر لي ما قدمت وأخرت. وما أسررت وما أعلنت إنك على كل شئ قدير.
(1) عنه البحار 97 / 233 - 239. 101 (اليوم السابع عشر) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم صاف، مختار لجميع الحوائج، يصلح للشراء. والبيع. والتزويج والدخول على السلطان وغير ذلك صالح لكل حاجة، فاطلب فيه ما تريد فإنه جيد، خلقت فيه القوة، وخلق فيه ملك الموت (عليه السلام)، وهو الذي بارك فيه الحق على يعقوب (عليه السلام)، جيد صالح للعمارة وفتق الأنهار، وغرس الأشجار، والسفر فيه لا يتم. 2 - وفي رواية أخرى: هذا اليوم متوسط، يحذر فيه المنازعة، ومن أقرض (1) فيه شيئا لم يرد إليه، وإن رد فيجهد، ومن استقرض فيه شيئا لم يرده. 3 - قال ابن معمر: [وفي] رواية أخرى: إنه يوم ثقيل، لا يصلح لطلب الحوائج، فاحذر فيه، وأحسن إلى ولدك وعبدك، ومن مرض فيه يبرأ، والرؤيا فيه كاذبة، والآبق فيه يوجد، ومن ولد فيه عاش طويلا، وصلحت حاله وتربيته ويكون عيشه طيبا لا يرى فيه فقرا. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف.
(1) في الأصل: اقترض. 102 4 - وفي رواية أخرى: إنه يوم ثقيل، غير صالح لعمل الخير، فلا تلتمس فيه حاجة. 5 - وفي رواية أخرى: يوم جيد مختار، يحمد فيه التزويج. والختانة. والشركة والتجارة ولقاء الإخوان والمضاربة للأموال. 6 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: سروش روز اسم الملك الموكل بحراسة العالم، وهو جبرئيل (عليه السلام) (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد. وهذا الشهر الجديد ماد الظل ولو شاء لجعله ساكنا. ثم جعل الشمس عليه دليلا. ثم قبضه إليه قبضا يسيرا. يا ذا الجود والطول والكبرياء. لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة. يا رحمن رحيم. يا الله لا إله إلا أنت. يا ملك يا قدوس يا سلام يا مؤمن. يا مهيمن يا عزيز. يا جبار يا متكبر. يا خالق يا بارئ مصور. يا الله يا الله. لك الأسماء الحسنى. والأمثال العليا. والآخرة والأولى، اغفر لي الذنوب يا غافر الخطايا أنت ربي وأنا عبدك المقر بذنبه. عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم. لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد. يحيي ويميت. ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت، بيده الخير. وهو على كل شئ قدير. اللهم إني بك أستفتح. وبك أستنجح وبك أمسى وبك أصبح. وبك أحيى. وبك أموت. وإليك التوبة.
(1) عنه البحار 59 / 70 - 71، و 97 / 239 - 240. 103 اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني من أفضل عبادك منزلة عندك. نصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم. من نور تهدي به. أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو شر تدفعه. أو بلاء ترفعه. أو هم تكشفه. اللهم إني قد أصبحت في نعمتك وعافيتك. فتمم علي نعمتك وعافيتك وارزقني شكرك. اللهم بنورك اهتديت وبفضلك استغنيت وبك أصبحت وأمسيت أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وسكان سماواتك وأرضك وجميع خلقك. أني أشهد أنك أنت لا الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك. وأن محمدا عبدك ورسولك. اللهم ما كتبت لي في هذا النهار بهذه الشهادة (1) أسألك أن تبلغني بها في يوم القيامة. وقد رضيت بها عني إنك كل شئ قدير. سبحانك لا إله إلا أنت، إنك أنت رب العالمين، سبحانك أنت الله لا لا إله إلا أنت الملك القدوس المؤمن المهيمن. سبحانك أنت الله الخالق البارئ سبحانك الله الحنان المتكبر. سبحانك أنت الله المصور الحكيم. سبحانك أنت الله السميع العليم. سبحانك أنت الله النصير الصادق. سبحانك أنت الله الحي القيوم. سبحانك أنت الله اللطيف الواسع. سبحانك الله أنت العلي الكبير. سبحانك أنت الله البديع الأحد. سبحانك أنت الله الغفور الودود. سبحانك أنت الحميد المجيد. سبحانك أنت الله الشكور الحليم. سبحانك أنت الله المبدئ المعيد. سبحانك أنت الله الظاهر الباطن. سبحانك أنت الله الأول الآخر. سبحانك أنت الله الغفور الغفار. سبحانك أنت الله الواحد الأحد. سبحانك أنت الله السيد السند الصمد. سبحانك أنت الله الشكور المتعال سبحانك أنت الله العظيم الكريم. سبحانك أنت الله الملك الحق المبين. سبحانك أنت الله الباعث الوارث. سبحانك أنت الله القريب المجيب.
(1) في الأصل: النهار والشهادة. 104 سبحانك أنت الله الباقي الرؤوف. سبحانك أنت الله القابض الباسط. سبحانك أنت الله السديد المنعم. سبحانك أنت الله الخالق الرزاق، سبحانك أنت الله الغني الولي. سبحانك أنت الله القادر المقتدر. سبحانك أنت الله التواب الوهاب. سبحانك أنت الله الخبير البارئ. سبحانك أنت الله الفاطر الأول. سبحانك أنت الله المحيي المميت. سبحانك أنت الله الحنان المنان. سبحانك أنت الله القريب الفتاح. سبحانك أنت الله الشكور الرزاق. سبحانك أنت الله الطهر الطاهر. سبحانك أنت الله الرفيع الباقي. سبحانك أنت الله القيوم القائم. سبحانك أنت الله الملك العزيز الهادي. سبحانك أنت الله القوي القائم سبحانك أنت الله المنعم المتفضل. سبحانك أنت الله الغالب المعطي. سبحانك أنت الله الكفيل المتعال، سبحانك أنت الله الأول النصير. سبحانك أنت الله المحسن المجمل. سبحانك أنت الله الفاطر الصادق. سبحانك أنت الله خير الراحمين. سبحانك أنت خير الرازقين. سبحانك أنت الله خير الفاصلين. سبحانك أنت الله خير الغافرين. سبحانك أنت الله القوي الرحيم. سبحانك أنت الله العزيز الحكيم. سبحانك لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم، وكذلك ننجي المؤمنين، حسبنا الله ونعم الوكيل. بسم الله الرحمن الرحيم، هو الله لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. سبحانك عما يشركون الخالق البارئ. المصور الغفار. القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم البصير الحكيم العدل اللطيف الخبير العظيم المعطي الحليم المصور الشكور الكبير الحفيظ المغيث الجليل الحسيب الرقيب المجيب الواسع الودود الباعث الوارث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد. اللهم صل على محمد وآل محمد. إني فقير أصبحت في هذا اليوم يا مولاي
105 وأنت ثقتي ورجائي في الأمور كلها، فاقض لي يا رب بخير. واصرف عني كل شر. اللهم صل على محمد وآل محمد، وقد سمعت فاستجب، وقد علمت فاغفر لي وما أنت أهله فافعل بي. فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة. وأنا فأهل الذنوب والخطايا. وأنت مولاي وخالقي وباعثي ورازقي. وإلى من يرجع العبد الضعيف إلا إلى مولاه. فانظر إلي منك نظرة رحمة ومغفرة ورضوان. أن تعينني بتلك النظرة عمن سواك. ولا تكلني يا رب إلى نفسي. ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين برحمتك يا أرحم الراحمين. ويا خير الغافرين. والحمد لله رب العالمين ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: لا إله إلا أنت المفرج عن كل مكروب. لا إله إلا أنت عز كل ذليل. لا إله إلا أنت أنس كل وحيد. لا إله إلا أنت غني كل فقير. لا إله إلا أنت قوة كل ضعيف. لا إله إلا أنت كاشف كل كربة. لا إله إلا الله قاضي كل حاجة. لا إله إلا أنت ولي كل حسنة. لا إله إلا الله منتهى كل رغبة. لا إله إلا الله دافع بلية وسيئة. لا إله إلا أنت عالم كل خفية. لا إله إلا أنت حاضر كل سريرة. لا إله إلا أنت شاهد كل نجوى. لا إله إلا أنت كاشف كل بلوى. لا إله إلا أنت كل [شئ] (1) خاشع لك. لا إله إلا أنت كل شئ داخر لك. لا إله إلا أنت كل شئ مشفق منك. لا إله إلا أنت كل شئ ضارع إليك. لا إله إلا أنت كل شئ راغب إليك. لا إله إلا أنت كل شئ راهب منك هارب إليك. لا إله إلا أنت كل شئ قائم بك. لا إله إلا أنت كل شئ مصيره إليك. لا إله إلا أنت كل شئ فقير مفتقر إليك. لا إله إلا أنت كل شئ منيب إليك. لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك إلها واحدا. لك الحمد والملك ولك
(1) الزيادة من البحار، وتقتضيه المقام. 106 المجد تحيي وتميت. وأنت حي لا تموت بيدك الخير، وأنت على كل شئ قدير. لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، أحدا صمدا لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا. لا إله إلا أنت قبل كل شئ لا إله إلا أنت بعد كل شئ، لا إله إلا أنت منتهى كل شئ. لا إله إلا أنت تبقى ويفنى كل شئ. الدائم لا زوال لك. لا إله إلا أنت الحي القيوم. ولا تأخذك سنة ولا نوم قائم بالقسط. لا إله إلا أنت العزيز الحكيم العدل. لا إله إلا الله سبحانه بديع السماوات والأرض ورب العرش العظيم. الحنان المنان. ذو الجلال والاكرام. لا إله إلا الله العلي العظيم. لا إله إلا الله الحليم الكريم. لا إله إلا الله رب السماوات والأرضين. والحمد رب العالمين. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد. يحيي ويميت. وهو حي لا يموت بيده الخير. وهو على كل شئ قدير. وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له. إلها واحدا أحدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. ولم يكن له كفوا أحد. أشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له. شهادة أرجو بها أن تجيرني من النار. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. شهادة أرجو أن تدخلني الجنة. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. ما دامت الجبال الراسية، وبعد زوالها أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله ما دامت الروح في جسدي، وبعد خروجها من جسدي أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، على النشاط قبل الكسل، وعلى الكسل بعد النشاط، وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. على الشباب قبل الهرم، وعلى الهرم بعد الشباب، وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، على
107 الفراغ قبل الشغل، وعلى الشغل بعد الفراغ، وعلى حال أبدا. وأسألك اللهم باسمك العظيم، الذي أنزلته في القرآن العظيم، الذي لا يمنع سائلا به ما سألك صغير وكبير، أسألك يا حنان يا منان، يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا غني، لا إله إلا أنت، بلا إله إلا أنت، صل على محمد وآل محمد، وهب لي العافية في جسدي، وفي سمعي وبصري، وفي جميع جوارحي، وارزقني شكرك وذكرك في كل حال أبدا. لا إله إلا أنت ما مشت الرجلان وما بعد ما تمشيا وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا أنت ما عملت اليدان وما لم تعملا وبعد فنائهما وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما سمعت الأذنان وبعد ما لا يسمعان وعلى كل حال أبدا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما أبصرت العينان وبعد ما لا يبصران وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما تحرك اللسان وبعد ما لا يتحرك وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما تحركت الشفتان واللسان وما لم يتحرك وعلى كل حال أبدا. لا إله إلا الله وحده لا شريك له قبل دخولي قبري وبعد دخولي قبري وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قبل دخولي فيهن (1) وبعد دخولي فيهن وعلى كل حال أبدا. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الليل إذا يغشى. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له النهار إذا تجلى. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ادخرها لهول المطلع. وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة أرجو بها النجاة من النار. وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة الحق
(1) في البحار: فيه وعلى كل حال أبدا. 108 أرجو بها دخولي الجنة. وأشهد أن لا إله إلا شهادة الحق وكلمة الاخلاص. وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له شهادة يسمع بها سمعي وبصري ولحمي ودمي وعظمي وبشري وشعري ومخي وعصبي وقصبي وما يستقل به قدمي وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له شهادة أرجو أن يطلق الله بها لساني عند خروج روحي ونفسي. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أبدا. والحمد لله رب العالمين. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو الجواز على الصراط والنجاة من النار والدخول إلى الجنة. أشهد أن لا إله إلا الله أرجو بها أن يطلق (1) لساني عند خروج روحي. أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أرجو أن يسعدني ربي في حياتي وبعد موتي من طاعة ينشرها وذنوب يغفرها ورزق يبسطه وشر يدفعه وخير يوفق لفعله حتى يتوفاني وقد ختم بخير عملي، آمين آمين رب العالمين. الدعاء في آخرة: اللهم رب هذه الليلة وكل ليلة. وجاعل النهار معاشا. والأرض مهادا. والجبال أوتادا. يا الله يا الله يا الله. يا قاهر يا الله. يا رحمن يا رحيم. يا سامع يا الله يا قريب يا مجيب. يا الله يا الله. لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا. أنت الحي القيوم والقائم على كل نفس بما كسبت. عملت سوءا وظلمت نفسي. فاغفر لي أنت تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. فاسترني بسترك الحصين الجزيل الجميل، يا أرحم الراحمين (2).
(1) في الأصل: ينطلق. (2) عنه البحار 97 / 240 - 245. 109 نبذة من أحوال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: 7 - في تاريخ المفيد: وفي اليوم السابع عشر من ربيع الأول عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل ولد سيدنا ومولانا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو يوم شريف عظيم البركة يستحب صيامه، والصدقة فيه والتطوع بالخيرات، وإدخال المسار على أهل الإيمان (1). 8 - في كتاب أسماء حجج الله: ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابع عشرة ليلة من شهر ربيع الأول في عام الفيل (2). 9 - في كتاب المصباح: وفي اليوم السابع عشر من ربيع الأول عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل كان، مولد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3). 10 - في كتاب الحجة: ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاثنا عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال. وروي أيضا عند طلوع الفجر قبل أن يبعث بأربعين سنة، وحملت به أمه في أيام التشريق عند الجمرة الوسطى (4). 11 - وكانت في منزل عبد الله بن عبد المطلب، وولدته في شعب أبي طالب، في دار محمد بن يوسف، في الزاوية القصوى عن يسارك وأنت داخل الدار وقد أخرجت الخيزران ذلك البيت، فصيرته مسجدا يصلي الناس فيه (5) وبقي بمكة بعد مبعثه ثلاث عشرة سنة، ثم هاجر المدينة، ومكث بها عشر سنين
(1) عنه البحار 98 / 193. (2) عنه البحار 98 / 193 و 15 / 250. (3) المصباح ص 733، وعنه البحار 98 / 193. (4) عنه البحار 98 / 193. (5) البحار 15 / 251 - 252 عن الكافي. 110 ثم قبض صلى الله عليه وآله. 12 - في كتاب الدر: الصحيح أنه ولد عليه السلام، عند طلوع الفجر من يوم الجمعة، السابع عشر من ربيع الأول، بعد خمس وخمسين يوما من هلاك أصحاب الفيل. وقال العامة: يوم الاثنين الثامن أو العاشر من ربيع الأول، لسبع بقين من ملك أنو شيروان، ويقال: في ملك هرمز بن أنو شيروان. وذكر الطبري أن مولده (عليه السلام) كان لاثنتي وأربعين سنة من ملك أنو شيروان. وهو الصحيح، لقوله عليه السلام (ولدت في زمن الملك العادل أنو شيروان) ووافق شهر الروم العشرين من شباط (1). 13 - في كتاب مواليد الأئمة (عليهم السلام): ولد النبي (صلى الله عليه وآله) لثلاث عشرة بقيت من شهر ربيع الأول، في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال. وروي عند طلوع الفجر، قبل المبعث بأربعين سنة، وحملت أمه في أيام التشريق، عند الجمرة الوسطى، وكانت في منزل عبد الله بن عبد المطلب، وولدته في شعب أبي طالب في دار محمد بن يوسف، في الزاوية القصوى. وقيل: ولد يوم الاثنين آخر النهار، ثالث عشر ربيع الأول، سنة ثمان وتسعمائة للاسكندر، في شعب أبي طالب، في ملك أنو شيروان (2). 14 - البشائر به: من ذلك بشائر موسى عليه السلام في السفر الأول، وبشائر إبراهيم (عليه السلام) في السفر الثاني، وفي السفر الخامس عشر، وفي الثالث والخمسين من مزامير داود (عليه السلام) وبشائر عويديا (3) وحيقوق، وحزقيل، ودانيال، وشعيا.
(1) عنه البحار 15 / 250 و 98 / 193 - 194. (2) عنه البحار 15 / 250 - 251 و 98 / 194. (3) في قاموس التوراة: عوبدياء بالباء والمد: أحد أنبياء بني إسرائيل، كان في سنة 578 قبل ميلاد المسيح تقريبا، ويظن أنه كان معاصر الارمياء وحزقيل، وله كتاب يعد من كتب العهد القديم. 111 وقال داود في زبوره: اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة. وقال عيسى (عليه السلام) في الإنجيل: إن البر ذاهب، والبارقليطا جائي من بعده وهو يخفف الآصار، ويفسر لكل (1) شئ، ويشهد لي كما شهدت له، أنا جئتكم بالأمثال، وهو يأتيكم بالتأويل (2). 15 - وكان كعب بن لؤي بن غالب يجتمع إليه الناس في كل جمعة، و [كانوا يسمونها عروبة، فسماه كعب يوم الجمعة، وكان يخطب فيه الناس، ويذكر فيه خبر النبي] (3) وآخر خطبته التي ذكر فيها النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: أم والله لو كنت فيها ذا سمع وبصر ويد ورجل، لتنصبت (4) فيها تنصب الجمل، ولارقلت (5) فيها ارقال الفحل (6). 16 - وبشر أوس بن حارثة بن ثعلبة به قبل مبعثه بثلاثمائة عام، وأوصى أهله باتباعه في حديث طويل، وهو القائل: إذا بعث المبعوث من آل غالب * بمكة فيما بين زمزم والحجر هنالك فاشروا نصره بقلادكم (7) * بني عامر أن السعادة في النصر
(1) في البحار: كل. (2) عنه البحار 15 / 231 - 232، برقم: 54. (3) ما بين المعقوفتين من البحار. (4) لتنصب أي: حملت النصب والتعب، أو انتصبت وقمت بخدمته - البحار. (5) الأرقال: الإسراع - البحار. (6) عنه وعن المناقب، البحار 15 / 221، برقم: 42. (7) في البحار: ببلادكم. 112 وفيه يقول النبي (صلى الله عليه وآله) رحم الله أوسا أنه مات على الحنيفية، وحث على نصرتنا في الجاهلية (1). 17 - قيل: كان تبع الأول (2) من الخمسة الذين ملكوا الدنيا بأسرها، فسار في الآفاق، وكان يختار من كل بلدة عشرة أنفس من حكمائهم، فلما وصل إلى مكة كان معه أربعة ألف (3) رجل من العلماء فلم يعظمه أهل مكة، فغضب عليهم وقال لوزيره [عمياريسا] (4) في ذلك: فقال الوزير: إنهم جاهلون، ويعجبون بهذا البيت. فعزم الملك في نفسه أن يخربها ويقتل أهلها، فأخذه الله بالصدام (5) وفتح من عينيه وأذنيه وأنفه وفمه ماءا منتنا، عجزت الأطباء عنه، وقالوا: هذا أمر سماوي وتفرقوا عنه. فلما أمسى جاء عالم من العلماء إلى وزيره وأسر إليه أن صدق الملك نيته عالجته، فاستأذن الوزير له، فلما خلا به قال له: هل نويت في هذا البيت أمرا؟ قال: كذا وكذا. قال العالم: تب من ذلك ولك خير الدنيا والآخرة. فقال: قد تبت مما كنت قد نويت، فعوفي في الحال، فآمن بالله وبإبراهيم الخليل (عليه السلام) وخلع على الكعبة سبعة أثواب، وهو أول من كسى الكعبة، وخرج
(1) عنه البحار 15 / 224 - 225. (2) ذكر ابن هشام في سيرته (1 / 14 - 21) أن تبع الأول هو زيد بن عمر، وأما من قدم المدينة وأراد إهلاك أهلها هو تبان أسعد أبي كرب بن كلى كرب بن زيد بن عمرو وهو تبع الآخر، وذكر فيه قصته مفصلا. وراجع تاريخ اليعقوبي 1 / 160. (3) في البحار: آلاف. (4) الزيادة من البحار. (5) الصدام ككتاب: داء في رؤوس الدواب - القاموس. 113 إلى يثرب، و [يثرب] (1) هي أرض فيها عين ماء، فاعتزل من بين أربعة ألف عالم، أربعمائة عالم على أنهم يسكنون فيها، وجاؤا إلى باب الملك وقالوا: إنا خرجنا من بلداننا وطفنا مع الملك زمانا، وجئنا إلى هذا المكان، ونريد المقام فيه إلى أن نموت فيه. فقال الوزير: الحكمة في ذلك؟ قالوا: إعلم أيها الوزير إن شرف هذا البيت بشرف محمد صاحب القرآن [والقبلة] واللواء والمنبر، مولده بمكة وهجرته إلى هاهنا، وإنا على رجاء أن ندركه أو تدركه أولادنا. فلما سمع الملك ذلك، تفكر أن يقيم معهم سنة رجاء أن يدرك محمدا (صلى الله عليه وآله) وأمر أن يبنوا أربعمائة دار لكل واحد دار، وزوج كل واحد منهم بجارية معتقة وأعطى كل واحد منهم مالا جزيلا (2). 18 - وروي أن تبعا قال للأوس والخزرج: كونوا هاهنا إلى أن يخرج هذا النبي، أما أنا لو أدركته لخدمته وخرجت معه. وكتب كتابا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يذكر إيمانه وإسلامه وأنه من أمته فليجعله تحت شفاعته، وعنوان الكتاب: إلى محمد بن عبد الله خاتم النبيين ورسول رب العالمين، من تبع الأول. ودفع الكتاب العالم الذي نصح له، ثم خرج منها وسار حتى مات بعلسان بلد من بلاد الهند، فكان بين موته ومولد النبي (صلى الله عليه وآله) ألف سنة. ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما بعث وآمن به أكثر أهل المدينة، أنفذوا الكتاب إليه على يد أبي ليلى، فوجدوا النبي (صلى الله عليه وآله) في قبيلة بني سليم، فعرفه رسول الله (صلى الله عليه وآله)
(1) الزيادة من البحار. (2) عنه البحار 15 / 222 - 223، برقم: 44. 114 فقال: أنت أبو ليلى؟ قال: نعم قال: ومعك كتاب تبع الأول؟ فتحير الرجل فقال: هات الكتاب. فأخرجه ودفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلام فدفعه النبي إلى علي (عليما السلام) فقرأه عليه فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) كلام تبع قال: مرحبا بالأخ الصالح ثلاث مرات، وأمر أبا ليلى بالرجوع إلى المدينة (1). 19 - قال محمد الفتال: كان عند تربة النبي (صلى الله عليه وآله) جماعة فسأل أمير المؤمنين (عليه السلام) سلمان عن مبدأ أمره؟ فقال: كنت من أبناء الدهاقين بشيراز، عزيز على والدي، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة، وإذا فيها رجل ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن عيسى روح الله، وأن محمدا حبيب الله. قال: فرصف (2) حب محمد لحمي ودمي، فلما انصرفت إلى منزلي إذا أنا بكتاب معلق من السقف، فسألت أمي عنه، فقالت: لا تقربه، فإنه يقتلك أبوك. فلما جن الليل أخذت الكتاب، فإذا فيه: بسم الرحمن الرحيم، هذا عهد من الله إلى آدم، أنه خالق من صلبه نبيا يقال له: محمد، يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن عبادة الأوثان، يا روزبه أنت وصي عيسى، فآمن واترك المجوسية. قال: فصعقت صعقة شديدة، فأخذني أبي وأمي وجعلاني في بئر عميقة وقالا إن رجعت وإلا قتلناك، وضيقوا علي الأكل والشرب. فلما طال أمري دعوت الله بحق محمد ووصيه أن يرحني مما أنا فيه، فأتاني آت عليه ثياب بيض، فقال: قم يا روزبه، فأخذ بيدي وأتى بي الصومعة، فقلت
(1) عنه البحار 15 / 223 - 224، برقم: 45. (2) رصفت الحجارة في البناء أرصفها رصفا: إذا ضممت بعضها إلى بعض. 115 أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى روح الله، وأن محمدا حبيب الله، فقال الديراني يا روزبه اصعد. فصعدت إليه، فخدمته حولين، فقال: إني ميت أوصيك براهب أنطاكية فاقرأه مني السلام، وادفع إليه هذا اللوح وناولني لوحا. فلما فرغت من دفنه أتيت الصومعة، وقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى روح الله، وأن محمدا حبيب الله. فقال: يا روزبه اصعد. فصعدت إليه فخدمته حولين فقال: إني ميت أوصيك براهب إسكندرية فاقرأه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح. فلما فرغت منه أتيت الصومعة قائلا: أشهد أن لا إله إلا الله. وأن عيسى روح الله. وأن محمدا حبيب الله فقال: يا روزبه اصعد. فصعدت إليه فخدمته حولين فقال: إني ميت، فقلت له: على من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول مقالتي في الدنيا، وأن ولادة محمد قد حانت فإذا أتيته فاقرأه مني السلام، وادفع إليه هذا اللوح. فلما فرغت من دفنه، فصحبت قوما لما أرادوا أن يأكلوا شدوا شاة فقتلوها بالضرب، فقالوا: كل فقلت: إني غلام ديراني، وأن الديرانيين لا يأكلون اللحم ثم أتوني بالخمر، فقلت مثل ذلك، فضربوني وكادوا يقتلونني. فأقررت لواحد منهم بالعبودية فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من يهودي فسألني عن قصتي فأخبرته وقلت: ليس لي ذنب سوى حبي محمدا ووصيه، فقال اليهودي: وإني لأبغضك وأبغض محمدا، ثم أخرجني إلى باب داره وإذا رمل كثير. فقال: والله لئن أصبحت ولم ينقل هذا الرمل كله من هذا الموضع لأقتلنك. قال: فجعلت أحمل طول ليلي، فلما أجهدني التعب سألت الله تعالى الراحة
116 منه، فبعث الله ريحا فقلعت ذلك الرمل إلى ذلك المكان، فلما أصبح نظر إلى الرمل فقال: أنت ساحر خفت منك. فباعني من امرأة سليمة (1) لها حائط، فقالت لي: أفعل بهذا الحائط ما شئت فكنت فيه إذا أنا بسبعة رهط تظللهم غمامة، فلما دخلوا كان رسول الله وأمير المؤمنين وأبو ذر والمقداد وعقيل وحمزة وزيد. فأوردتهم طبقا من رطب فقلت: هذه صدقة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كلوا وأمسك رسول الله وأمير المؤمنين وحمزة وعقيل. ووضعت طبقا آخر فقلت: هذه هدية فمد يده وقال: بسم الله كلوا. فقلت في نفسي بدت ثلاث علامات، وكنت أدور خلفه إذ التفت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا روزبه تطلب خاتم النبوة وكشف عن كتفه فإذا أنا بخاتم النبوة معجونا بين كتفيه عليه شعرات. فسقطت على قدميه أقبلها فقال لي: أدخل إلى هذه المرأة وقل لها يقول لك محمد بن عبد الله: تبيعينا هذا الغلام، فلما أخبرتها قالت قل لا أبيعه إلا بأربعمائة مائتي نخلة صفراء، ومائتي نخلة حمراء،، فأخبرته بذلك. فقال: ما أهون ما سألت، قم يا علي فاجمع هذا النوى كله، فأخذه فغرسه ثم قال له، اسقه فأسقاه، فلما بلغ آخره حتى خرج النخل ولحق بعضه بعضا. فقال لها: خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا، فخرجت وقالت: والله لا أبيعكه إلا بأربعمائة نخلة كلها صفراء، فهبط جبرئيل (عليه السلام) فمسح بجناحه على النخل فصار كله أصفر، فنظرت وقالت: والله نخلة من هذه أحب إلي من محمد ومنك. فقلت لها: والله إن يوما مع محمد أحب إلي منك ومن كل شئ أنت فيه
(1) في الأصل: سليمية. 117 فأعتقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسماني سلمانا (1). وقال نصر بن المنتصر في ذلك: من غرس النخل فجائت يانعا * مرضية ليومها من النوى 20 - في كتاب التذكرة: ولد (صلى الله عليه وآله) مختونا مسرورا، فأعجب جده عبد المطلب وقال: ليكونن لابني هذا شأن فكان له أعظم شأن وأرفعه. أمه: آمنة بنت وهب عبد مناف بن زهير بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. شهد الفجار (2) وهي حرب بين قريش وقيس. وهو ابن عشرين سنة وبنيت الكعبة بعد الفجار بخمس عشرة سنة. فرضيت به قريش في نصب الحجر الأسود وكان طول الكعبة قبل ذلك تسعة أذرع ولم تكن تسقف. فبنتها قريش ثمانية عشر ذراعا وسقفتها. وكان يدعى في قريش بالصادق والأمين. وخرج مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام وله تسع سنين. وقيل: اثنا عشر سنة، ونظر إلى بحيراء الراهب، فقال احفظوا به فإنه نبي. وخرج إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد وله خمس وعشرون سنة وتزوجها بعد ذلك بشهرين وأيام. ودفعه جده عبد المطلب إلى الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي زوج
(1) البحار 22 / 355 - 359 عن كمال الدين وعن الروضة ص 325 - 328. (2) فجار بالكسر بمعنى المفاجرة. وهي حرب وقعت بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان في الشهر الحرام، ولذا سمي حراما، وشهد النبي صلى الله عليه وآله بعض أيامه، أخرجه أعمامه معهم، وكانت للعرب فجارات أخرى، منها الفجار الأول وقد حضره النبي صلى الله عليه وآله فكان عمره فيه عشر سنين. 118 حليمة التي أرضعته، وهي بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث، وأخته أسماء وهي التي كانت ترضعه وسبيت يوم حنين. ومات عبد المطلب وله ثمان سنين، وأوصى به إلى أبي طالب. ودخل الشعب من بني هاشم بعد خمس سنين من مبعثه، وقيل: بعد سبع لما حصرتهم قريش، وخرج منه سنة تسع مبعثه، ثم رجع إلى مكة في جوار مطعم بن عدي. ثم كانت بيعة العقبة مع الأنصار، ثم كان من حديثها أنه خرج في موسم من المواسم، يعرض نفسه ويدعو إلى الإسلام، فلقي ستة نفر من الأنصار وهم: أبو أمامة أسعد بن زرارة، وعقبة بن عامر بن ناي [وقطنة بن عامر] وعون [بن الحارث، ورافع] بن مالك، وجابر بن عبد الله. [ثم كانت بيعة العقبة الأولى، بايعه اثنا عشر رجلا منهم، وبيعة العقبة الثانية وكانوا سبعين رجلا وامرأتين، واختار صلى الله عليه وآله منهم اثنا عشر نقيبا ليكونوا كفلاء قومه: جابر بن عبد الله. والبراء بن معرور. وعبادة. بن الصامت] (1) وعبد الله بن عمرو بن حزام. وأبو (2) ساعدة سعد بن عبادة. والمنذر بن عمرو وابني الحارث والخزرج. عبد الله بن رواحة. وسعد بن الربيع. وابن زريق رافع بن مالك بن العجلان. وأبو عبد الأشهل أسيد بن حصين (3). وأبو الهيثم ابن التيهان وابني (4) عمرو بن عوف. سعد بن خيثمة فكانوا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وأول من بايع منهم البراء بن معرور، ثم تبايع الناس.
(1) ما بين المعقوفات من البحار. (2) في الأصل: وابني. (3) في البحار: حضير. (4) في البحار: حليف بني. 119 ثم هاجر (1) إلى المدينة ومعه أبو بكر وعامر بن فهر مولى أبي بكر وعبد الله بن أريقط، وخلف علي بن أبي طالب على مكة آخر ليلة من صفر، وأقام في الغار ثلاثة أيام. ودخوله إلى المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول فنزل بقبا في بني عمرو بن عوف، على كلثوم بن الهرم، فأقام إلى يوم الجمعة فدخل المدينة فجمع في بني سالم، فكانت أول جمعة جمعها (صلى الله عليه وآله) في الإسلام ويقال: إنهم كانوا مائة رجل ويقال: بل كانوا أربعين. ثم نزل (عليه السلام) على أبي أيوب الأنصاري، فأقام عنده سبعة أيام، ثم بني المسجد، فكان يبنيه بنفسه ويبني معه المهاجرون والأنصار. ثم بني البيوت. وكان يصلي حين قدم المدينة ركعتين ركعتين، فأمر بإتمام أربع للمقيم وذلك في يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول بعد مقدمة بشهر (2). 21 - صفته (صلى الله عليه وآله): كان (عليه السلام) ليس بالطويل الذاهب، ولا بالقصير فوق الربعة. ضخم الرأس واللحية. شثن الكف والقدمين، ضخم الكراديس مشربا وجهه بحمرة طويل المسربة دقيقها. إذا مشى يكفأ تكفئا كأنما ينحط من صبب وكأنما ينقلع من صخر وإذا التفت التفت جميعا أدعج سبط الشعر، سهل الخدين، ذا وفرة، كأن عنقه إبريق فضة، لم يكن في رأسه ولا في لحيته عشرون شعرة بيضا. وكان خاتم النبوة شعرا مجتمعا على كتفيه. قال أبو سعيد الخدري، بضعة ناشزة، وقيل: كان مبلغ شعر كتفيه أو منكبيه، وقيل: كان له ضفائر أربع. قيل: أبيض اللون، مشربا بالحمرة، جعد، قطط، مفرق رأسه إلى شحمة
(1) في الأصل: هاجروا. (2) عنه البحار 15 / 369 - 371، برقم: 19. 120 أذنه سلب الخدين، مقرون الحاجبين. أدعج العينين، سبط الأشفار. أقنى الأنف. واضح الجبين. رقيق الأجفان، مفلج الثنايا. كث اللحية. كأن عنقه إبريق فضة. عرقه في وجهه كاللؤلؤ. كأن الدر يجري في تراقيه. إذا شعرات ما بين لبته سرته كأنهن قضب ريحان أطيب من المسك الأذفر. لم يكن على جسده شعرات غيرهن. ينقطع من منخر ينحدر من صبيب أطيب الناس ريحا. أصبح الناس وجها. أسمح الناس كفا أرحم الناس بالناس. حماره اليعفور بغلته الدلدل. ناقته العضباء. رايته الغراء. سيفه ذو الفقار. قضيبه الممشوق جبته الدكنا (1). 22 - قالت آمنة رضي الله عنها: لما قربت ولادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأيت جناح طائر أبيض قد مسح على فؤادي، فذهب الرعب عني وأتيت بشربة بيضاء وكنت عطشى فشربتها فأصابني نور عال. ثم رأيت نسوة كالنخل طوالا تحدثني وسمعت كلاما لا يشبه كلام الآدميين حتى رأيت كالديباج الأبيض قد ملأ بين السماء والأرض، وقائل يقول: خذوه من أعز الناس، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) رافعا إصبعه إلى السماء. ورأيت سحابة بيضاء تنزل من السماء حتى غشيته، فسمعت نداءا: طوفوا بمحمد شرق الأرض وغربها والبحار، ليعرفوه باسمه ونعته وصورته. ثم انجلت عنه الغمامة، فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن، وتحته حرير خ ضراء، وقد قبض على ثلاث مفاتيح من اللؤلؤ الرطب، وقائل يقول: قبض محمد على مفاتيح النصرة والريح والنبوة. ثم أقبلت سحابة أخرى فغيبته عن وجهي أطول من المرة الأولى، وسمعت
(1) البحر 16 / 144 - 194، وفيه بيان اللغات والكلمات ما فيه غنى وكفاية فراجع. 121 نداءا: طوفوا بمحمد الشرق والغرب وأعرضوه على روحاني الجن والإنس والطير والسباع، وأعطوه صفاء آدم. ورقة نوح، وخلة إبراهيم، ولسان إسماعيل. وجمال يوسف، وبشرى يعقوب. وصوت داود. وزهد يحيى. وكرم عيسى (1). 23 - قال ابن عباس: لما كانت الليلة التي ولد فيها النبي (صلى الله عليه وآله) ارتج إيوان كسرى، وسقط منه أربعة عشر شرافة، وغاضت بحيرة ساوة، وانقطع وادي السماوة، ولم تجر بحيرة طبرية، وخمدت بيوت النار. أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابنها مسروح أياما، ثم أرضعته حليمة السعدية، فلبث فيهم خمس سنين، وكان أرضعت قبله حمزة، وبعده أبا سلمة المخزومي. ولد صلى الله عليه وآله مسرورا مختونا. 24 - قالت: حليمة السعدية: كانت في بني سعد شجرة يابسة ما حملت قط فنزلنا يوما عندها ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجري، فما قمت حتى اخضرت وأثمرت ببركة منه، وما أعلم أني جلست موضعا قط إلا كان له أثر: إما نبات، وإما خصب. ولقد دخلت على امرأة من بني سعد يقال لها: أم مسكين، وكانت سيئة الحال فحملته فأدخلته منزلها فإذا قد أخصبت وحسن حالها، فكانت تجئ كل يوم فتقبل رأسه (2). 25 - قالت حليمة: ما نظرت في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نائم إلا ورأيت عينيه مفتوحتين كأنه يضحك، وكان لا يصيبه حر ولا برد (3). 26 - قالت حليمة السعدية: ما تمنيت شيئا قط في منزلي إلا أعطيته من الغد
(1) البحار 15 / 272، برقم: 17 عن المناقب. (2) عنه البحار 15 / 340 - 341. (3) عنه البحار 15 / 341. 122 ولقد أخذ ذئب عنيزة لي، فتداخلني من ذلك حزن شديد فرأيت النبي (صلى الله عليه وآله) رافعا رأسه إلى السماء، فما شعرت إلا والذئب والعنيزة على ظهره، قد ردها علي ما عقر منها شيئا (1). 27 - قالت حليمة: ما أخرجته قط شمس إلا وسحابة تظله، ولا في مطر إلا وسحابة تكنه من المطر (2). 28 - قالت حليمة: فما زال من خيمتي نور ممدود بين السماء والأرض ولقد كان الناس يصيبهم الحر والبرد، فما أصابني حر ولا برد منذ كان عندي ولقد هممت يوما أن أغسل رأسه، فجئته وقد غسل رأسه ودهن وطيب، وما غسلت له ثوبا قط، وكلما هممت بغسل ثوبه سبقت إليه فوجدت عليه ثوبا غيره جديدا. 29 - قالت: ما كنت أخرج لمحمد (صلى الله عليه وآله) ثديي إلا وسمعت له نغمة ولا شرب قط إلا وسمعته ينطق بشئ، فتعجبت منه، حتى إذا نطق وعقد كان يقول: بسم الله رب محمد إذا أكل وفي آخر ما يفرغ من أكله وشربه يقول: الحمد لله رب محمد (3). 30 - عن أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام) قال: لما أتى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثنان وعشرون شهرا من يوم ولادته رمدت عيناه، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اذهب بابن أخيك إلى عراف الجحفة، وكان بها راهب طبيب في صومعته، فحمله غلام له في سفط هندي، حتى أتى به الراهب فوضعه تحت الصومعة. ثم ناداه أبو طالب: يا راهب، فأشرف عليه، فنظر حول الصومعة إلى نور ساطع، وسمع حفيف أجنحة الملائكة، فقال له: أنت له: قال: أبو طالب بن
(1) عنه البحار 15 / 341. (2) عنه البحار 15 / 341. (3) عنه البحار 15 / 341. 123 عبد المطلب، جئتك بابن أخي لتداوي عينه. فقال: وأين هو؟ قال: في السفط قد غطيته من الشمس. قال: اكشف عنه، فكشف عنه فإذا هو بنور ساطع في وجهه قد أذعر الراهب فقال له: غطه، فغطاه. ثم أدخل الراهب رأسه في صومعته، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسوله حقا حقا، وأنك الذي بشر به في التوراة والإنجيل على لسان موسى وعيسى (عليه السلام)، فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ثم أخرج رأسه وقال: يا بني انطلق به، فليس عليه بأس. فقال له أبو طالب: ويلك يا راهب لقد سمعت منك قولا عظيما. فقال: يا بني شأن ابن أخيك أعظم مما سمعت مني، وأنت معينه على ذلك ومانعه ممن يريد قتله من قريش. قال: فأتى أبو طالب عبد المطلب، فأخبره بذلك، فقال له عبد المطلب: أسكت يا بني لا يسمع هذا الكلام منك أحد، فوالله ما يموت محمد حتى يسود العرب والعجم (1). 31 - وروي أن قريشا كانت في جدب شديد، وضيق من الزمان، فلما حملت آمنة بنت وهب برسول الله (صلى الله عليه وآله) اخضرت لهم الأرض، وحملت لهم الأشجار وأتاهم الوفد من كل مكان، فأخصب أهل مكة خصبا عظيما، فسميت السنة التي حمل فيها برسول الله (صلى الله عليه وآله) سنة الفتح والاستيفاء والابتهاج. ولم تبق كاهنة إلا حجبت عن صاحبها، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة ولم يبق سرير لملك من الملوك إلا أصبح منكوسا، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك، وفي كل شهر من الشهور نداء من السماء: أن أبشروا فقد آن لمحمد أن
(1) عنه البحار 15 / 358 - 359، برقم 15. 124 يخرج إلى الأرض ميمونا مباركا (1). 32 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعت آبائي يحدثون: كانت لقريش كاهنة يقال له: جرهمانية، وكان لها ابن من أشد قريش عبادة للأصنام، فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاءت إليها تابعتها، وقالت لها جرهمانية: حيل بيني وبينك، جاء النور الممدود الذي من دخل في نوره نجى، ومن تخلف عن نوره هلك، أحمد صاحب اللواء الأكبر، والعز الأبدي، وابنها يسمع. فلما كانت الليلة الثانية عاد بمثل قوله، ثم مر فلما كانت الليلة الثالثة عاد بمثل قوله (2)، فقالت: ويحك ومن أحمد؟ قالت: ابن عبد الله بن عبد المطلب يتيم قريش صاحب الغرة الحجلاء، والنور الساطع. فلما تكلمت بهذا الكلام نظرت إلى صنمها يمشي مرة ويعدو مرة ويقول: ويلي من هذا المولود، هلكت الأصنام، قال: فكانت الجرهمانية تنوح على نفسها بهذا الحديث (3). 33 - قيل: لما ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال أبو طالب لفاطمة بنت أسد: أي شئ خبرتك به آمنة أنها رأت حيث ولدت هذا المولود؟ قالت: خبرتني أنها لما ولدته خرج معتمدا على يده اليمنى، رافعا رأسه إلى السماء، يصعد منه نور في الهواء حتى ملأ الأفق. فقال لها أبو طالب: استري هذا، ولا تعلمي به أحدا، أما إنك ستلدين مولودا يكون وصيه (4).
(1) عنه البحار 15 / 296 - 297، برقم: 33. (2) استظهر العلامة المجلسي أن الصحيح في العبارة كذا: عادت بمثل قولها، ثم مرت، فلما كانت الليلة الثالثة عادت بمثل قولها. (3) عنه البحار 15 / 297، برقم: 34. (4) عنه البحار 15 / 297، برقم: 35. 125 34 - قيل: إنه لما شب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وترعرع وسعى، ردته حليمة إلى أمه، فافتصلته وقدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار بالمدينة. ثم رجعت به حتى إذا كان بالأبواء هلكت بها، فيتم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان عمره يومئذ ست سنين، فرجعت به أم أيمن إلى مكة، وكانت تحضنه. وورث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أمه أم أيمن، وخمسة أجمال أو ذاك (1) وقطيعة غنم، فلما تزوج بخديجة أعتق أم أيمن (2). 35 - وروي أن آمنة لما قدمت برسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة، نزلت به في دار النابغة رجل من بني عدي بن النجار، فأقامت بها شهرا، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يذكر أمورا كانت في مقامه ذلك. فقال (صلى الله عليه وآله): نظرت إلى رجل من اليهود يختلف وينظر إلي، ثم ينصرف عني فلقيني يوما خاليا، فقال لي: يا غلام ما اسمك؟ قلت: أحمد، فنظر إلى ظهري فأسمعه يقول: هذا نبي هذه الأمة، ثم راح إلى أخوالي (3) فخبرهم الخبر فأخبروا أمي، فخافت علي وخرجنا من المدينة (4). 36 - وحدثت أم أيمن قالت: أتاني رجلان من اليهود يوما نصف النهار بالمدينة، فقالا: أخرجي لنا أحمد. فأخرجته، فنظرا إليه وقلباه مليا ونظرا إلى سرته. ثم قال أحدهما لصاحبه: هذا نبي هذه الأمة. وهذه دار هجرته. وسيكون بهذه البلدة من القتل والسبي أمر عظيم (5).
(1) استظهر العلامة المجلسي: جمال أوارك. (2) عنه البحار 15 / 116. (3) في الأصل: أخواله. (4) عنه البحار 15 / 116. (5) عنه البحار 15 / 116. 126 37 - فلما ماتت أمه ضم عبد المطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى نفسه، وكان يرق عليه، ويحبه ويقربه إليه ويدنيه. وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما يلعب مع الغلمان، حتى بلغ الردم (1)، فرآه قوم من بني مدلج (2) فدعوه فنظروا إلى قدميه وإلى أثره. ثم خرجوا في أثره فصادفوا عبد المطلب قد أعنقه فقالوا له: ما هذا منك؟ قال: ابني. قالوا: احتفظ به، فإنا لم نر قدما أشبه بالقدم التي في المقام منه. فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هذا، فكان أبو طالب يحتفظ به (3). 38 - قال (4) كميل بن سعيد عن أبيه قال: حججت في الجاهلية، فإذا أنا برجل يطوف بالبيت وهو يرتجز ويقول: يا رب رد راكبي محمدا * رد إلي واصطنع عندي يدا قال: فقلت: من هذا؟ قيل: هو عبد المطلب بن هاشم، ذهبت إبل له، فأرسل ابن ابنه في طلبها، ولم يرسله في حاجة قط إلا جاء بها، وقد احتبس عليه، قال: فما برحت أن جاء النبي (صلى الله عليه وآله) وجاء بالإبل، فقال له: يا بني قد حزنت عليك حزنا لا يفارقني أبدا. وتوفي عبد المطلب والنبي (صلى الله عليه وآله) ثمان سنين وشهران وعشرة أيام، وكان خلف جنازته يبكي، حتى دفن بالحجون فكفله أبو طالب عمه، وكان أخا عبد الله لأبيه وأمه (5).
(1) الردم: السد، وقيل: الحاجز الحصين أكبر من السد، ومنه الردم بمكة. (2) أي: من بني مدلج بن مرة بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة. (3) عنه البحار 15 / 156، برقم: 81. (4) في البحار: روى. (5) عنه البحار 15 / 156. 127 قيل: إنه لما كبر واستوى عاداه أبو جهل، وجمع صبيان بني مخزوم وقال: أنا أميركم وانعقد صبيان بني هاشم وبني عبد المطلب على النبي (صلى الله عليه وآله) وقالوا له: أنت الأمير (1). 40 - قالت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها: كان في صحن داري نخلة قد يبست وخاست (2) ولها زمان يابسة، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) يوما إلى النخلة، فمسها بكفه فصارت من وقتها وساعتها خضراء وحملت. فكنت في كل يوم أجمع له الرطب في دوخلة (3) فإذا كان وقت ضاحي النهار يدخل فيقول: يا أماه أعطيني ديوان العسكر، فكان يأخذ الدوخلة ثم يخرج ويقسم الرطب على صبيان بني هاشم. فلما كان بعض الأيام دخل وقال: يا أماه أعطيني ديوان العسكر، فقلت: يا ولدي اعلم أن النخلة ما أعطتنا اليوم شيئا. قالت: فوحق نور وجهه لقد رأيته وقد تقدم نحو النخلة وتكلم بكلمات، وإذا بالنخلة قد انحنت حتى صار رأسها عنده، فأخذ من الرطب ما أراد، ثم عادت النخلة إلى ما كانت. فمن ذلك اليوم قلت: اللهم رب السماء والأرض ارزقني ولدا ذكرا يكون أخا لمحمد، فصار لي علي، فما كان يقرب صنما ولا يسجد لوثن، كل ذلك ببركة محمد (صلى الله عليه وآله) (4). 41 - وكان من وقاية أبي طالب للنبي (صلى الله عليه وآله) أنه عزم على الخروج في ركب
(1) مناقب آل أبي طالب 1 / 37. (2) خاست أي: تغيرت وفسدت من قولهم (خاس اللحم) إذا فسد وتغير. (3) الدوخلة: شئ كالزنبيل منسوج من ورق النخل يجعل فيه الرطب. (4) مناقب آل أبي طالب 1 / 37 - 38. 128 من قريش إلى الشام تاجرا، سنة ثمان من مولده، وفي رواية أنه كان عمره اثنا عشر سنة وشهرين وعشرة أيام أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بزمام ناقة أبي طالب، وقال له: يا عم على من تخلفني ولا أب لي ولا أم، وكان قد قيل له: ما تفعل به في هذا الحر (1) وهو غلام صغير. فقال: والله لأخرجن به ولا أفارقه أبدا، وكانوا ركبانا كثيرا، فكان والله البعير الذي كان عليه محمد أمامي لا يفارقني، وكان يسبق الركب كلهم (2) وكانت سحابة بيضاء مثل الثلج تظله، وربما مطرت علينا أنواع الفواكه، وكان يكثر الماء وتخضر الأرض، وكان قد وقفت جمال قوم، فمشى إليها ومسح عليها فسارت. فلما قربنا من بصرى إذا نحن بصومعة تمشي، كما تمشي الدابة السريعة، حتى إذا قربت منا وقفت، فإذا فيها راهب، نظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن كان أحد فأنت أنت. قال: فنزلنا تحت شجرة عظيمة قليلة الأغصان ليس لها حمل، فاهتزت الشجرة وألقت أغصانها عليه (3) وحملت ثلاثة أنواع: فاكهتان للصيف، وفاكهة للشتاء. فجاء بحيراء بطعام يكفي النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: من يتولى أمر هذا الغلام؟ فقلت أنا. فقال: أي شئ تكون منه؟ أنا عمه، فقال له: أعمام كثيرة، فأيهم أنت؟ فقلت: أنا أخو أبيه من أم واحدة. قال: أشهد أنه هو، وإلا فلست بحيراء فأذن في تقريب الطعام.
(1) في الأصل: الحير. (2) في الأصل: كله. (3) في البحار: على رسول الله. 129 فقلت: رجل أحب أن يكرمك فكل، فقال: هو لي دون أصحابي، قال: فهو لك خاصة، فقال: إني لا آكل دون هؤلاء، إنه لم (1) يكن عندي أكثر من هذا؟ قال: أفتأذن أن يأكلوا معي؟ قال: بلى. قال: كلوا بسم الله. فأكل وأكلنا معه، فوالله لقد كنا مائة وسبعين رجلا، فأكل كل واحد منا حتى شبع وتجشأ، وبحيراء قائم على رأسه يذب عنه (عليه السلام) ويتعجب من كثرة الرجال وقلة الطعام، وفي كل ساعة يقبل يافوخه ويقول: هو هو ورب المسيح فقالوا له: إن لك لشأنا. فقال: وإني لأرى ما لا ترون، وأعلم ما لا تعلمون، وإن تحت هذه الشجرة لغلاما لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه إلى وطنه. ولقد رأيت له وقد أقبل نورا أمامه ما بين السماء والأرض، ولقد رأيت سراجا في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروحونه، وآخرين ينثرون عليه (1) أنواع الفواكه، ثم هذه السحابة لا تفارقه، ثم صومعتي مشت إليه، كما تمشي الدابة على رجلها، ثم هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان، وقد كثرت أغصانها واهتزت وحملت ثلاثة أنواع الفواكه، ثم هذه الحياض قد فاضت بعد ما غارت في أيام الحواريين. ثم قال: يا غلام أسألك باللات والعزى عن ثلاث. فقال: والله ما أبغضت شيئا كبغضي إياهما، فسأله بالله من حاله ونومه وهيئته، ثم نظر إلى خاتم النبوة فجعل يقبل رجليه. ثم قال لأبي طالب: فارجع به إلى بلده، واحذر عليه اليهود، والله لئن عرفوا منه ما عرفت ليقتلنه، وإن لابن أخيك لشأنا عظيما.
(1) في الأصل: لمن. (2) في الأصل: علينا. 130 فقال له: إن كان كما وصفت فهو في حصن الله، وذلك يقول أبو طالب: إن ابن آمنة النبي محمدا * عندي بمثل منازل الأولاد لما تعلق بالزمام رحمته * والعيس قد قلص بالأزواد فارفض من عيني دمعا ذارقا * مثل الجمان مفرد الأفراد راعيت فيه قرابة موصولة * وحفظت فيه وصية الأجداد وأمرته بالسير بين عمومة * بيض الوجوه مصالت الأنجاد حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا * لاقوا على شرف من المرصاد حبرا فأخبرهم حديثا صادقا * عنه ورد معاشر الحساد (1) 42 - عن آمنة بنت أبي سعيد السهمي قالت: امتنع أبو طالب من إتيان اللات والعزى بعد رجوعه من الشام في المرة الأولى، حتى وقع بينه وبين قريش كلام كثير. فقال لهم أبو طالب: إنه لا يمكنني أن أفارق هذا الغلام ولا مخالفته، وأنه يأبى أن يصير إليهما، ولا يقدر أن يسمع بذكرهما، ويكره أن آتيهما أنا. قالوا: فلا تدعه وأدبه حتى يفعل ويعتاد عبادتهما. فقال أبو طالب: هيهات ما أظنكم تجدونه ولا ترونه يفعل أبدا. قالوا: ولم ذاك؟ قال: لأني سمعت بالشام جميع الرهبان يقولون: هلاك الأصنام على يد هذا الغلام. قالوا: فهل رأيت يا أبا طالب منه شيئا غير هذا الذي تحكيه عن الرهبان؟ فإنه غير كائن أبدا أو نهلك جميعا. قال: نعم، نزلنا تحت شجرة يابسة فاخضرت وأثمرت فلما ارتحلنا وسرنا
(1) البحار 15 / 193 - 200، برقم: 14 و 16 عن كمال الدين وأعلام الورى والرواية هنا مختصرة هنا عما فيهما. 131 نثرت (1) على رأسه جميع ثمرها ونطقت، فما رأيت شجرة قط تنطق قبلها، وهي تقول: يا أطيب الناس فرعا، وأزكاهم عودا امسح بيديك المباركتين علي لأبقى خضرا إلى يوم القيامة. قال: فمسح يده عليها، فازدادت الضعف نورا وخضرة، فلما رجعنا للانصراف ومررنا عليها ونزلنا تحتها فإذا لكل طير على ظهر الأرض له فيها عش وفرخ ولها بعدد كل صنف من الطير أغصان كأعظم الأشجار على ظهور الأرضين. قال: فما بقي طير إلا استقبله يمد جناحه على رأسه. قال: فسمعت صوتا من فوقها وهي تقول: ببركتك يا سيد النبيين والمرسلين قد صارت هذه الشجرة لنا مأوى، فهذا ما رأيت. فضحكت قريش في وجهه وهم يقولون: أترى يطمع أبو طالب أن يكون ابن أخيه ملك هذا الزمان (2). 43 - عن ابن عباس عن أبيه عن أبي طالب أن بحيراء الراهب قال للنبي (صلى الله عليه وآله): يا من بهاء نور الدنيا من نوره. يا من بذكره تعمر المساجد كأني بك قد قدمت الأجناد والخيل [الجياد] (3) وتبعك العرب والعجم طوعا وكرها وكأني باللات والعزى قد كسرتهما، وقد صار البيت العتيق لا يملكه غيرك تضع مفاتيحه حيث تريد، كم من بطل من قريش والعرب تصرعه، معك مفاتيح (4) الجنان والنيران، ومعك الذبح الأكبر، وهلاك الأصنام، أنت الذي لا تقوم الساعة حتى يدخل الملوك كلها في دينك صاغرة قمئة.
(1) في الأصل: اهتزت. (2) عنه البحار 15 / 357 - 358، برقم: 14. (3) الزيادة من البحار. (4) في الأصل: كنت مفتاح. 132 فلم يزل يقبل رجليه مرة ويديه مرة ويقول: لئن أدركت زمانك لأضربن بين يديك بالسيف ضرب الزند بالزند. أنت سيد ولد آدم. وسيد المرسلين. وإمام المتقين. وخاتم النبيين، والله لقد بكت له البيع والأصنام والشياطين فهي باكية إلى يوم القيامة. وأنت دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى. أنت المقدس المطهر من أنجاس الجاهلية. قال لأبي طالب: أرى لك أن ترده إلى بلدة عن هذا، الوجه فإنه ما بقي على وجه الأرض يهودي ولا نصراني ولا صاحب كتاب إلا وقد علم بولادة هذا الغلام ولئن عرفوا منه ما عرفت أنا منه لاتبعوه سرا (1) أكثر ذلك من هؤلاء اليهود. فقال أبو طالب: ولم ذاك؟ قال: لأنه كائن لابن أخيك هذا النبوة والرسالة، ويأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى بن عمران وعيسى بن مريم. قال أبو طالب: كلا لم يكن الله ليضيعه (2). 44 - حدث خالد بن أسيد بن أبي العاص وطليق بن أبي سفيان بن أمية، أنهما كانا مع النبي (صلى الله عليه وآله) قالا: لما قربنا من الشام رأينا والله قصور الشامات كلها قد اهتزت وعلا منها نور أعظم من نور الشمس، فلما توسطنا الشام ما قدرنا أن نجوز السوق من ازدحام الناس ينظرون إلى وجه النبي (صلى الله عليه وآله). فجاء حبر عظيم اسمه (نسطور) فجلس بحذائه ينظر إليه، فقال: لأبي طالب ما اسمه؟ قال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فتغير لونه. ثم قال: اكشف ظهره، فلما كشفه رأى الخاتم فانكب عليه يقبله ويبكي وقال: أسرع برده إلى موضعه، فما أكثر عدوه في أرضنا، فلم يزل يتعاهده في
(1) في البحار: ليبغنه شرا. (2) البحار 15 / 196 - 197 عن كمال الدين. 133 كل يوم، وأتاه بقميص فلم يقبله، فأخذه أبو طالب مخافة أن يغتم الرجل. وقال أبو طالب: فعجلت به حتى رددته إلى مكة، فوالله ما بقي بمكة يومئذ امرأة ولا كهل ولا شاب ولا صغير ولا كبير إلا استقبلوه شوقا إليه، ما خلا أبا جهل ابن هاشم لعنه الله، فإنه كان فاتكا ماجنا قد ثمل من السكر (1). 45 - رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبو القاسم محمد، وأحمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن النبت بن حمل بن قيداد بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) بن تارخ بن ناخور بن شروغ - بالشين المعجمة والغين المعجمة - ابن أرغوا بن فالغ - بالغين معجمة فيهما - ابن عابر - بفتح الباء والعين غير المعجمة - ابن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن ملك بن متوشلخ - بكسر اللام - ابن أخنوخ بن اليارذ - بالذال المعجمة - ابن مهلايل (2) بن فينان بن أنوش بن شيث بن آدم (عليه السلام). وقال ابن بابويه: عدنان بن أد بن أدد بن زيد بن يعدد بن يقدم بن الهميسع ابن نبت بن قيذار بن إسماعيل. وقال ابن عباس: عدنان بن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع. يقال: ابن يامين بن يحشب بن منحد بن صابوع بن الهميسع بن نبت بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارخ بن سروع بن ارغوا، وهو هود. ويقال: ابن قالع بن عامر بن أرفخشد بن ناحور بن متوشلح بن سام بن نوح بن لمك بن أحنوح، وهو إدريس بن مهلايل.
(1) البحار 15 / 197 - 198، مع بيان لألفاظه. (2) في الأصل: مهلابيل. 134 ويقال: مهائيل بن زياد ويقال: مارد، ويقال: أياد بن قينان بن أنوش ويقال: قينان بن أود بن أنوش بن شيث، وهو هبة الله بن آدم (عليه السلام) (1). 46 - وعبد الله هو الذي تصور عبد المطلب أبوه أن ذبح الولد أفضل قربة لما علم من حال إسماعيل (عليه السلام)، فنذر أنه متى رزق عشر ذكور أن ينحر أحدهم للكعبة شكرا لربه عز وجل، فلما وجدهم عشرة قال لهم: ما تقولون في نذري؟ فقالوا: الأمر إليك. قال: فلينطلقون كل منكم يكتب اسمه على قدح، فقدمهم ثم تعلق بأستار الكعبة ونادى: اللهم رب البلد الحرام والركن والمقام، ورب المشاعر العظام والملائكة الكرام، اللهم أنت خلقت الخلق لطاعتك، وأمرتهم بعبادتك، لا حاجة منك في كلام له. ثم أمر بضرب القداح وقال: اللهم إليك أسلمتهم، ولك أعطيتهم، فخذ من أحببت منهم، فإني راض بما حكمت، وهب لي أصغرهم سنا فإنه أضعفهم ركنا. فخرج السهم على عبد الله، فأخذ عبد المطلب الشفرة وأتى عبد الله حتى أضجعه في الكعبة وهم بذبحه. فأمسك أبو طالب يده، ثم قال: اللهم اجعلني فديته، وهب ذبحته وعاونه أخواله من بني مخزوم، فأشاروا عليه بكاهنة بني سعد، فخرج في (2) ثمانمائة رجل.
(1) عنه البحار 15 / 107 - 108 برقم: 50، أقول: قد وقع الخلاف في نسبه صلى الله عليه وآله بين أرباب السير والتواريخ من بعد عدنان، فمن أراد الوقوف على ذلك فعليه بتاريخ اليعقوبي 2 / 97 وسيرة ابن هشام 1 / 1 - 2 ومروج الذهب 2 / 272. (2) في الأصل: من. 135 فلما دخلوا عليها قالت: كم دية الرجل عندكم؟ قالوا: عشرة من الإبل قالت: فاضربوا على الغلام وعلى الإبل القداح، فإن خرج القداح على الإبل فاذبحوها، وإن خرج عليه فزيدوا في الإبل عشرة عشرة حتى يرضى ربكم. فكانوا يضربون القداح على عبد الله وعلى عشرة، فيخرج السهم على عبد الله، إلى أن جعلها مائة، وضرب فخرج القدح على الإبل، فكبر عبد المطلب وكبرت قريش، ووقع عبد المطلب مغشيا عليه، وتواثبت بنو مخزوم، فحملوه على أكتافهم، فلما أفاق من غشيته قالوا: قد قبل الله منك فداء ولدك. فإذا هاتف من داخل البيت يقول: قبل الفداء ونفذ القضاء، وآن ظهور محمد المصطفى، فنحرها كلها، فجرت السنة في الدية بمائة من الإبل، ولهذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا ابن الذبيحين، يعني: عبد الله وإسماعيل (عليه السلام) (1). 47 - وعبد الله أنفذه أبوه يمتار (2) له تمرا من يثرب، فتوفي بها (3). 48 - وكان لعبد المطلب عشرة اسما: عمر. وشيبة الحمد. وسيد البطحاء وساقي الحجيج. وساقي الغيث. وغيث الورى في العام الجدب وأبو السادة العشرة. وحافر زمزم. وعبد المطلب [إبراهيم الثاني] (4). وله عشر بنين: الحارث، والزبير. وحجل. وهو الغيداق. وضرار وهو نوفل. والمقوم. وأبو لهب وهو عبد العزى. وعبد الله. وأبو طالب. وحمزة. والعباس. وكانوا من أمهات شتى، إلا عبد الله وأبو طالب والزبير، فإن أمهم فاطمة بنت عمرو بن عايد.
(1) البحار 15 / 111 - 113، برقم: 58 عن المناقب. (2) أمتار لنفسه أو لعياله: جمع الطعام والمؤونة. (3) عنه البحار 15 / 117، برقم: 62. (4) في الأصل مكان الزيادة بياض، وأضفنا الزيادة من المصادر الأخرى. 136 وأعقب من البنين خمسة: عبد الله أعقب محمدا (صلى الله عليه وآله) سيد البشر. وأبو طالب أعقب جعفرا وعقيلا وعليا (عليه السلام) سيد الوصيين، والعباس أعقب عبد الله وقثم والفضل وعبيد الله. والحارث أعقب عتبة ومعتبة وعتيقا. وكان لعبد المطلب ست بنات: عاتكة. وأميمة. والبيضاء وهي أم حكيم، وبرة وصفية وهي أم الزبير. وأروى ويقال: وريدة. وأسلم من أعمام النبي (صلى الله عليه وآله) أبو طالب وحمزة والعباس، ومن عماته صفية وأروى وعاتكة، وآخر من مات من أعمامه العباس. ومن عماته صفية (1). 49 - وكانت لعبد المطلب خمس من السنين، أجراها الله في الإسلام: حرم نساء الآباء على الأبناء. وسن الدية في القتل مائة من الإبل، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس، وسمي حافر زمزم حين حفرها وجعلها سقاية الحاج (2) وكان أول من بني معبدا بحراء وكان يدخل فيه إذا أهل هلال شهر رمضان إلى آخر الشهر. 50 - وهو الذي خرج إلى أبرهة بن الصباح ملك الحبشة لما قصد لهدم البيت وتسرعت الحبشة فأغاروا عليها، فأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم. فجاء عبد المطلب إلى الملك، فاستأذن عليه فأذن له، وهو في قبة ديباج على سرير له، فسلم عليه فرد أبرهة السلام، وجعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه وجماله وهيبته. فقال له: هل كان في آبائك مثل هذا النور الذي أراه لك والجمال؟
(1) عنه البحار 15 / 163، برقم: 94. (2) البحار 15 / 127 نحوه عن الخصال وقال:: بيان: لعله عليه السلام فعل هذه الأمور بالهام من الله تعالى، أو كانت في ملة إبراهيم عليه السلام، فتركتها قريش فأجراها فيهم، فلما جاء الإسلام. لم ينسخ هذه الأمور لما سنة عب المطلب. 137 قال: نعم أيها الملك كل آبائي كان لهم هذا الجمال والنور والبهاء. فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا، ويحق لك أن تكون سيد قومك، ثم أجلسه سريره، وقال لسائس فيله الأعظم - وكان فيلا أبيض عظيم الخلق، له نابان مرصعان بأنواع الدر والجواهر، وكان الملك يباهي به ملوك الأرض - ايتني به. فجاء به سائسه وقد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له ولم يكن سجد لملكه، وأطلق الله لسانه بالعربية، فسلم على المطلب، وقال بلسان فصيح: يا نور خير البرية، وصاحب البيت والسقاية، ويا جد سيد المرسلين السلام على النور الذي في ظهرك، يا عبد المطلب معك العز والشرف، لن تذل ولن تغلب أبدا، فلما رأى الملك ذلك ارتاع له وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه. ثم قال: لعبد المطلب: فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت؟ وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكة. فقال له عبد المطلب: إن أصحابك عدوا على سرح لي. فذهبوا به، فمرهم برده علي. قال: فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني جئتني تسألني في سرحك، وأنا قد جئت لهدم شرفك، وشرف قومك، ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الأرض فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك. فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من
138 الخلق كلهم وأولى به منهم. فقال الملك: ردوا عليه سرحه، وانصرف عبد المطلب إلى مكة، وأتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت. فكانوا إذا حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب [لغلمانه] (1): ادعوا لي ابني، فجئ بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا إلي ابني فجئ بأبي طالب، فقال: ليس هذا أريد ادعوا إلي ابني، فجئ بعبد الله أب النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما أقبل إليه قال له: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس، ثم اضرب (2) بنظرك ناحية البحر، فانظر أي شئ يجئ من هناك، وخبرني به قال: فصعد عبد الله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السيل والليل فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت فطاف سبعا، ثم صار إلى الصفا والمروة وطاف بهما سبعا، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر، فقال: انظر ما يكون من أمرها، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبره بذلك. فخرج عبد المطلب (3) وقال: يا أهل مكة أخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم قال (4): فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النخرة، وليس من الطير إلا معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه، يقتل بكل حصاة واحدا من القوم، فلما هلك القوم فكانوا بين هالك مكانه، أو مائت في الطريق عطشا، وسلط الله على حبشه من المرض الجدري والحصبة، وورث قريشا أموالهم وما معهم، وسمتهم العرب
(1) الزيادة من البحار. (2) في الأصل: اضطرب. (3) في الأصل: عبد الله. (4) في الأصل: قالوا. 139 الحمى الممنوع (1). 51 - وكان لهاشم خمس بنين: عبد المطلب. وأسد ونضلة، وصيفي وأبو صيفي، وسمي هاشما لهشمه الثريد للناس في زمن المسبغة (2). وكنيته أبو نضلة، واسمه عمرو العلى. قال: ابن الزبعري: كانت قريشا بيضة فتقلقلت (3) * فالمخ خالصها لعبد مناف الرايشون وليس يوجد رايش (4) * والقائلون هلم للأضياف والخالطون فقيرهم بغنيهم * حتى يكون فقيرهم كالكاف عمرو العلى هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف ولد هاشم وعبد شمس توأمان في بطن واحد، فقيل: إنه أخرج أحدهما وإصبعه ملتصقة بجبهة الآخر، فلما أزيلت من موضعها أدميت، فقيل: يكون بينهما دم. وكان مناف وصى إلى هاشم، ودفع إليه مفتاح البيت، وسقاية الحاج وقوس إسماعيل. ومات هاشم بغزة من آخر عمل الشام، ومات عبد المطلب بالطائف. وأسد من ولد هاشم انقرض عقبه، إلا من ابنته فاطمة أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبو صيفي انقرض عقبه، إلا من ابنته رفيقة وهي أم مخزومة بن نوفل. وصيفي لا عقب له. ونضلة لا عقب له. والبقية من سائر ولد هاشم من عبد المطلب.
(1) عنه البحار 15 / 130 - 132. (2) أي: عام المجاعة. (3) في هامش الأصل: فتفلقت - ظ. (4) راش: جمع المال والأثاث، والصديق: أطعمه وسقاه وكساه وأصلح حاله - البحار. 140 وعبد مناف اسمه المغيرة بن قصي، واسمه زيد، قصا عن دار قومه، لأنه حمل من مكة في صغرة إلى بلاد أزد شنوءة، فسمي قصيا، ويلقب بالمجمع لأنه جمع قبائل قريش. وكلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وسمي قريشا ابن خزيمة بن مدركة لأنهم أدركوا الشرف في أيامه ابن الياس لأنه جاء على أياس وانقطاع، ابن مضرة لآخذه بالقلوب، ولم يكن يراه أحد إلا أحبه ابن نزار واسمه عمرو معد بن عدنان (1). 52 - روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إذا بلغ نسبي عدنان فأمسكوا (2). ابن أدد لأنه كان ماد الصوت كثير العز. ابن زيد بن ثرى بن أعراق الثرى قالت أم سلمة: زيد هميسع، وثرى نبت، وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام) (3) 53 - ذكر النسابون أن عدنان هو ابن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع سبن سلامان بن نبت بن حمل بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارخ بن سروغ ابن أرغو وهو هود. ويقال: ابن قالع بن عامر بن أرفخشد بن ناحور بن متوشلخ بن سالم بن نوح ابن لمك بن أخنوخ، وهو إدريس بن مهلايل. ويقال: مهاييل بن زياد، ويقال: مارد ويقال: أياد بن قينان بن أدد بن أنوش ابن شيث، وهو هبة الله آدم (عليه السلام) (4).
(1) عنه البحار 15 / 161 - 162، برقم: 92. (2) البحار 15 / 105 عن المناقب 1 / 155. (3) البحار 15 / 105. (4) البحار 15 / 105 - 106 عن المناقب 1 / 155. 141 54 - لم يلق النبي (صلى الله عليه وآله) عند عبد الله أحدا يلقاه عند عبد المطلب بنو عبد المطلب ويلقاه عند هاشم بنو هاشم، ويلقاه عند عبد مناف بنو عبد مناف بنو هاشم، وبنو عبد شمس رهط أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، وبنو المطلب وهو الفيض بن عبد مناف رهط عبيدة بن الحارث البدري، وهم يد مع بني هاشم ومن ولده عمرو بن علقمة المطلب الذي قتله خداش بن أبي قيس العامري وله خبر بنو نوفل بن عبد مناف، وهم يد مع عبد شمس (1). 55 - وأجمعت نسابة قريش أن من لم يلده فهر بن مالك، فليس من قريش وقال آخرون: من لم يلده النضر. والمعنى واحد، لأنه لا بقية للنضر إلا من فهر ابن مالك بن النضر. 56 - قيل: إن نساء قريش كن مجتمعن في عيد لهن في المسجد، فإذا هن بيهودي يقول: ليوشك أن يبعث فيكن نبي، فأيكن استطاعت أن تكون له أرضا يطأها فلتفعل، فحصبنه (2) وقر ذلك القول في قلب خديجة. وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد استأجرته خديجة على أن تعطيه بكرين، فلما مر في سفره نزل تحت شجرة لم ينزل تحتها إلا نبي. فرآه راهب يقال: له نسطور، فاستقبله وقبل يديه ورجليه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. ثم قال: لميسرة: طاوعه في أوامره ونواهيه، فإنه نبي والله ما جلس هذا المجلس بعد عيسى أحد غيره، ولقد بشر به عيسى (عليه السلام) ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد وهو يملك الأرض بأسرها.
(1) هذا الفصل كذا أوردته من الأصل، وفيه غلق وتشويش، وكذا لم يرده العلامة المجلسي في البحار. (2) قوله (فحصبته) أي: رمينه بالحصباء - البحار. 142 وقال ميسرة: يا محمد لقد اجتزنا في ليلة عقبات كنا نجوزها بأيام كثيرة وربحنا في هذه السفرة ما لم نربح في أربعين سنة ببركتك يا محمد، فاستقبل خديجة وبشرها بربحها، وكانت حينئذ جالسة على منظرة لها، وهو يوم صائف ينتظر ميسرة، إذ طلع رجل من عقبة المدينة، والسماء ليس فيها سحاب إلا قطعة قدر ما يظل ذلك الرجل. فلما رأته قد طلع من العقبة، رأت على رأسه سحابة وعلى يمينه ملكا مصليا سيفه، وفي السحابة قنديل معلق من زبرجدة خضراء وحوله قبة من ياقوتة حمراء فقالت: إن كان ما يقول اليهودي حقا، فما ذلك الرجل إلا هو. وقالت: اللهم إلي وإلى داري. فلما أتى كان محمدا (صلى الله عليه وآله)، فبشرها بالأرباح، فقالت: فأين ميسرة؟ قال: يقفو على أثري. قالت: فارجع إليه وكن معه، ومقصودها لتتيقن حال السحابة، فرجعت السحابة معه، فأقبل ميسرة إلى خديجة وأخبرها بحاله، وقال لها: إني كنت آكل معه حتى نشبع ويبقى الطعام كما هو، وكنت أرى وقت الهاجرة ملكين يظلانه. فدعت خديجة بطبق عليه رطب، ودعت رجالا ورسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأكلوا حتى شبعوا ولم ينقص شيئا، فأعتقت ميسرة وأولاده، وأعطته عشرة آلاف درهم لتلك البشارة، ورتبت الخطبة من عمرو بن أسد عمها (1). 57 - وقال النسوي في تاريخه: أنكحه إياها أبوها خويلد بن أسد، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) يومئذ خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام، فحضر أبو طالب ومعه بنو هاشم ورؤساء مضر، فخطب أبو طالب وقال:
(1) عنه البحار 16 / 4 - 5. 143 الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وصئصئ (1) معد وعنصر مضر، وجعلنا سدنة بيته، وسواس (2) حرمه، وجعل لنا بيتا محجوبا وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس. ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل إلا رجح، وإن كان في المال قل، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، محمد من عرفتم قرابته وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطب جليل (3). فلما تزوجها بقيت عنده قبل الوحي خمسة عشر سنة، وأولدها ستة: القاسم وبه يكنى (صلى الله عليه وآله). والطاهر. ويقال: اسمه عبد الله. وفاطمة وهي خير ولده. وزينب. ورقية. وأم كلثوم. 58 - وروي أنه قال بعض قريش: يا عجبا أيمهر النساء الرجال، فغضب أبو طالب وقال: إذا كان الرجال مثل ابن أخي هذا طلبوا بأغلى الأثمان، وإذا كانوا أمثالكم لم تزوجوا إلا بالمهر الغالي، وقال عبد الله بن غنم القرشي: هنيئا مريئا يا خديجة قد جرت * لك الطير فيما كان منك بأسعد تزوجته خير البرية كلها * ومن ذا الذي في الناس مثل محمد وبشر به المرء آن عيسى بن مريم * وموسى بن عمران فيا قرب موعد أقرت به الكتاب قدما بأنه * رسول من البطحاء هاد ومهتد (4). 59 - حدث بكر بن عبد الله الأشجعي عن آبائه قالوا: خرج سنة خرج
(1) في البحار: وصئصئ بالمهملتين والمعجمتين: الأصل. (2) سواس جمع السائس: المدبر والمتولي لأمر القوم. (3) عنه البحار 16 / 5 - 6، مع اختلاف كثير في الألفاظ. (4) عنه البحار 16 / 6. 144 رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الشام عبد مناف بن كنانة، ونوفل بن معاوية بن عروة تجارا إلى الشام. فلقاهما أبو المويهب (1) الراهب فقال لهما: من أنتما؟ قالا: نحن تجار من أهل الحرم من قريش، قال لهما: من أي قريش؟ فأخبراه، فقال لهما: هل قدم معكما من قريش غير كما؟ قالا: نعم شاب من بني هاشم اسمه محمد. فقال أبو المويهب (2): إياه والله أردت، فقالا: والله ما في قريش أخمل ذكرا منه، إنما يسمونه يتيم قريش، وهو أجير لامرأة منا يقال لها: خديجة، فما حاجتك إليه؟ فأخذ يحرك رأسه ويقول: هو هو، فقال لهما: تدلاني عليه، فقالا: تركناه في سوق بصرى. فبينما هم في الكلام إذ طلع عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: هو هذا، فخلا به ساعة يناجيه ويكلمه، ثم أخذ يقبل بين عينيه، وأخرج شيئا من كمه لا ندري ما هو ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يأبى أن يقبله. فلما فارقه قال لنا: تسمعان مني، هذا والله نبي هذا الزمان، سيخرج إلى قريب يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإذا رأيتم ذلك فاتبعوه. ثم قال: هل ولد لعمه أبي طالب ولد يقال له: علي؟ فقلنا: لا. قال: إما أن يكون قد ولد أو يولد في سنته وهو أول من يؤمن به، نعرفه وإنا لنجد صفته عندنا في الوصية، كما نجد صفة محمد بالنبوة، وإنه سيد العرب وربانيها وذو قرنيها، يعطي السيف حقه. اسمه في الملاء الأعلى علي، هو أعلى الخلائق يوم القيامة بعد الأنبياء ذكرا وتسميه الملائكة البطل الأزهر المفلح، لا يتوجه إلى وجه إلا أفلح وظفر، والله
(1) في الأصل: أبو الموهب. (2) في الأصل: أبو الموهب. 145 لهو أعرف بين أصحابه في السماوات من الشمس الطالعة (1). 60 - حدث العباس عن أبي طالب، قال أبو طالب: يا عباس ألا أخبرك عن محمد (صلى الله عليه وآله) بما رأيت منه؟ قلت: بلى. قال: إني ضممته إلي، فلم أفارقه في ليل ولا نهار، وكنت أنومه في فراشي وآمره أن يخلع ثيابه وينام معي، فرأيت في وجهه الكراهة، وكره أن يخالفني. فقال: يا عماه اصرف وجهك عني حتى أخلع ثيابي وادخل فراشي. قلت له: ولم ذلك؟ قال: لا ينبغي لأحد من الناس أن ينظر إلى جسدي. قال: فتعجبت من ذلك، وصرفت بصري عنه حتى دخل فراشه، فلما دخلت أنا الفراش إذا بيني وبينه ثوب ألين ثوب مسسته قط، ثم شممته فإذا كأنه قد غمس في المسك، فكنت إذا أصبحت افتقدت الثوب فلم أجده. فكان هذا دأبي ودأبه، فجهدت وتعمدت أن أنظر إلى جسده، فوالله ما رأيت له جسدا، ولقد كنت كثيرا ما أسمع إذا ذهب من الليل شئ كلاما يعجبني وكنت ربما أتيته غفلة، فأرى من لدن رأسه نورا ممدودا قد بلغ السماء، فهذا ما رأيت عباس (2). 61 - قال ليث بن أبي نعيم: حدثني أبي، عن جدي، عن أبي طالب قال: كنا لا نسمي على الطعام، وعلى الشراب. ولا ندري ما هو حتى ضممت محمدا (صلى الله عليه وآله) إلي، فأول ما سمعته يقول: بسم الله الأحد، ثم يأكل. فإذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله كثيرا، فتعجبنا منه. وكان يقول: ما رأيت جسد محمد قط، وكان لا يفارقني الليل والنهار، وكان
(1) عنه البحار 15 / 359 - 360. (2) عنه البحار 15 / 360. 146 ينام معي في فراشي، فأفقده من فراشه، فإذا قمت لأطلبه بادرني من فراشه فيقول: ها أنا يا عم ارجع إلى مكانك. ولقد رأيت ذئبا يوما قد جاءه وشمه وبصبص حوله، ثم ربض بين يديه ثم انصرف عنه. ولقد دخل ليلا البيت، فأضاء ما حوله، ولم أر منه نجوا قط، ولا رأيته يضحك في غير موضع الضحك، ولا وقف مع صبيان في لعب، ولا التفت إليهم، وكان الوحدة أحب إليه والتواضع. ولقد كنت أرى أحيانا رجلا أحسن الناس وجها يجئ حتى يمسح على رأسه ويدعو له ثم يغيب ولقد رأيت رؤيا في أمره رأيتها قط، رأيته وكأن الدنيا قد سبقت إليه وجميع الناس يذكرونه، ورأيته وقد رفع فوق الناس كلهم، وهو يدخل في السماء ولقد غاب عني يوما، فذهبت في طلبه، فإذا أنا به يجئ ومعه رجل لم أر مثله قط. فقلت له: يا بني أليس قد نهيتك أن تفارقني؟ فقال الرجل: إذا فارقك كنت أنا معه أحفظه فلم أر منه في كل يوم إلا ما أحب حتى شب، وخرج يدعو إلى الدين (1). * (نبذة من أحوال الإمام الصادق (عليه السلام): 62 - في كتاب المناقب: ولد مولانا جعفر محمد الصادق (عليهم السلام) بالمدينة يوم الجمعة عند طلوع الفجر، ويقال يوم الاثنين لثلاث عشر ليلة بقيت من شهر ربيع الأول، سنة ثلاث وثمانين وقالوا: سنة ست وثمانين (2).
(1) عنه البحار 15 / 360 - 361. (2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 4 / 279 - 280. 147 وفي كتاب الكافي: ولد سنة ثلاث وثمانين (1) وكذا كتاب الارشاد (2). وكذا في كتاب عتيق. وكذا في كتاب مواليد الأئمة (عليهم السلام) (3) وكذا في كتاب الدر (4). 63 - أقام مع جده علي بن الحسين (عليهما السلام) اثنا عشر سنة، ومع أبيه بعد جده تسع عشر، وعاش بعد أبيه في ملك إبراهيم بن الوليد وأيام مروان بن محمد الحمار، ثم سارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم سنة ثلاثين ومائة من الهجرة، وملك أبو العباس السفاح أربع سنين وأربعة أشهر وأياما، ثم ملك أخوه أبو جعفر المنصور إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأياما. 64 - وقيل: يوم الاثنين سابع عشر ربيع الأول، سنة ثلاث وثمانين بالمدينة في ولاية عبد الملك بن مروان (5). 65 - نقش خاتمه: الله عوني وعصمتي من الناس. وقيل: نقشه أنت ثقتي فاعصمني من خلقك. وقيل: ربي عصمني من خلقه. كنيته: أبو عبد الله، وأبو إسماعيل، والخالص، وأبو موسى. وألقابه: الصادق، والفاضل، والقاهر. والباقي. والكامل. والمنجي والصابر. والفاطر. والطاهر. أمه أم فروة. وقيل: أم القاسم فاطمة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر (6). 66 - ذكر علماء السير أنه اشتغل بالعبادة عن طلب الرئاسة (7).
(1) أصول الكافي 1 / 472. (2) الارشاد للشيخ المفيد ص 271. (3) مواليد الأئمة ص 5. (4) عنه البحار 98 / 194. (5) عنه البحار 98 / 194. (6) عنه البحار 47 / 11، برقم: 12. (7) تذكرة الخواص ص 342. 148 ذكر في كتاب الذخيرة: أنه كان مقبلا على العبادة والخضوع، مؤثرا للعزلة والخشوع، مظهرا للاستكانة والخضوع، محزنا من خشية الله فائض الدموع معرضا عن الرئاسة والجموع. 68 - عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين (1). 69 - قال له سفيان الثوري: لا أقوم حتى تحدثني، فقال له جعفر (عليه السلام): أما إني أحدثك، وما كثرة الحديث لك بخير، يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها، فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله عز وجل قال في كتابه (لئن شكرتم لأزيدنكم) (2) وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار فإن الله قال (استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين - يعني: في الدنيا والآخرة - ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) (3). يا سفيان إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره، فأكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فإنها مفتاح الفرج، وكنز من كنوز الجنة، فعقد سفيان بيده وقال: ثلاثا (4) وأي ثلاث، قال مولانا الصادق (عليه السلام): عقلها والله ولينفعنه بها (5). 70 - قال سفيان: دخلت على جعفر بن محمد (عليهما السلام) وعليه جبة خز دكناء وكساء خز، فجعلت أنظر تعجبا، فقال لي: يا ثوري مالك تنظر إلينا؟ لعلك تعجب مما رأيت؟
(1) تذكرة الخواص ص 342. (2) سورة إبراهيم: 7. (3) سورة نوح: 10 - 12. (4) في الأصل: ثلاث. (5) عنه البحار 78 / 226 - 227، برقم: 96. 149 قال قلت: يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك. فقال لي: يا ثوري كان ذلك زمانا منهقرا مقفرا (1) وكانوا يعملون على قدر اقتار وافتقار، وهذا زمان قد أسبل كل شئ عزاليه، ثم حسر عن ردن جبته، فإذا تحتها جبة صوف بيضاء، يقصر الذيل عن الذيل، والردن عن الردن، فقال: يا ثوري لبسنا هذا لله وهذا لكم، فما كان لله تعالى أخفيناه، وما كان لكم أبديناه (2). 71 - وكان يقول: أوحى الله تعالى إلى الدنيا: أن اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك (3). 72 - قال: حرم الله تعالى الربا لئلا يتمانع الناس المعروف (4). 73 - وقال: الفقهاء أمناء الرسل فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم (5). 74 - وقال: الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة، وما (6) عال من اقتصد، والتقدير نصف العيش والتودد نصف العقل، وقلة العيال أحد اليسارين، ومن حزن والديه فقد عقهما. ومن ضرب بيده على فخذه عند المصيبة، فقد حبط عمله (7)، والصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب أو دين، والله تعالى منزل الصبر على قدر المصيبة
(1) في البحار: زمان اقتار وافتقار. (2) البحار 47 / 221، برقم: 7 عن كشف الغمة. (3) البحار 78 / 203، ح 40. (4) البحار 78 / 201، ح 32. (5) عوالي اللئالي 4 / 59 و 77. (6) في الأصل: ومن. (7) في البحار: أجره. 150 ومنزل الرزق على قدر المؤونة، ومن قدر معيشته رزقه الله، ومن بذر معيشته حرمه الله (1). 75 - أوصى ولده موسى (عليهما السلام) فقال: يا بني أقبل وصيتي، واحفظ مقالتي فإنك إن حفظتها تعيش سعيدا وتموت حميدا. يا بني من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ومن لم يرض بما قسم الله له اتهم الله تعالى في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه. يا بني من كشف حجاب غيره انكشف (2) عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم. يا بني إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعينك فتذل لذلك. [يا بني قل الحق وعليك تستشار من بين أقرانك] (3). يا بني كن لكتاب تاليا. وللسلام فاشيا. وبالمعروف آمرا. وعن المنكر ناهيا. ولمن قطعك واصلا. ولمن سكت عنك مبتدئا. ولمن سألك معطيا. وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال. وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف. يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن، وللمعادن أصولا وللأصول فروعا، وللفروع ثمرا، ولا يطيب إلا ثمر إلا بفرع، ولا فرع إلا بأصل ولا أصل ثابت إلا بمعدن طيب.
(1) البحار 78 / 203 - 204. (2) في البحار: تكشف. (3) الزيادة من البحار. 151 يا بني إذا زرت فزر الأخيار، ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا ينفجر ماؤها وشجرة لا يخضر ورقها وأرض لا يظهر عشبها (1). 76 - وقال: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شئ أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدرئ من الكذب. 77 - في كتاب تذكرة الخواص من الأمة قال أبو نعيم في الحلية بأسناده قال: كان جعفر (عليه السلام) يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ. قال: وقع الذباب على وجه أبي جعفر المنصور، وكان جعفر (عليه السلام) حاضرا عنده، فلم يزل يقع عليه حتى ضجر، فقال له المنصور: يا أبا عبد الله لم خلق الله تعالى الذباب؟ فقال أبو عبد الله: ليذل به الله الجبابرة، فوجم لها المنصور. وقال (عليه السلام): من لم يغضب من الجفوة لم يشكر النعمة. قال: وكان يتردد إليه رجل من السواد، فانقطع عنه، فسأل عنه، فقال بعض القوم: إنه نبطي يريد أن يضع منه، أصل الرجل عقله، وكرمه تقواه والناس في آدم مستوون. وقال (عليه السلام) عزت السلامة حتى لقد خفي مطلبها، فإن تكن في شئ، فيوشك أن تكون في الخمول، فإن لم يوجد الخمول ففي التخلي وليس كالخمول، وإن لم يوجد في التخلي ففي الصمت، والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها (2) 78 - ذكر الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار عن الشقراني مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: خرج العطاء أيام المنصور وما لي شفيع، فوقفت على الباب متحيرا وإذا بجعفر بن محمد قد أقبل فذكرت له حاجتي فدخل وخرج وإذا بعطائي في كمه فناولني إياه.
(1) البحار 78 / 204 - 205. (2) تذكرة الخواص ص 343. 152 وقال: إن الحسن من كل أحد حسن، وأنه منك أحسن لمكانك منا، وأن القبيح من كل أحد قبيح، وأنه منك أقبح لمكانك منا. وإنما قال له جعفر ذلك لأنه كان يشرب الشراب (1). فمن مكارم أخلاق جعفر: إنه رحب به وقضى حاجته مع علمه بحاله ووعظه على وجه التعريض، وهذا من أخلاق الأنبياء (2). 79 - قال الثوري لجعفر: يا ابن رسول الله اعتزلت الناس، فقال: يا سفيان فسد الزمان، وتغير الإخوان، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد، ثم قال ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب * والناس بين مخاتل وموارب يغشون بينهم المودة والصفا * وقلوبهم محشوة بعقارب وقال الواقدي: جعفر من الطبقة الخامسة من التابعين من أهل المدينة (3). 80 - في مسند أبي حنيفة: قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل من أفقه من رأيت؟ فقال: جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد، فهيئ له من مسائلك الشداد فهيأت له أربعين مسألة. ثم بعث إلي أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمت عليه، فأومأ إلي فجلست. ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة؟ قال: نعم أعرفه، ثم التفت إلي فقال: يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك.
(1) عنه البحار 47 / 350. (2) تذكرة الخواص عن ربيع الأبرار ص 345. (3) عنه البحار 47 / 60 - 61، وتذكرة الخواص ص 346. 153 فجعلت ألقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا، فربما تابعناكم وربما تابعناهم، وربما خالفنا جميعا، حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخل فيها بشئ، ثم قال أبو حنيفة: أليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس (1). 81 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: تزول الشمس في النصف من حزيران على نصف قدم، وفي النصف من تموز على قدم ونصف وفي النصف من آب على قدمين ونصف، وفي النصف من أيلول على ثلاثة ونصف وفي النصف من تشرين الأول على خمسة ونصف، وفي النصف من تشرين الثاني على سبعة ونصف، وفي النصف من كانون الأول على تسعة ونصف وفي النصف من كانون الثاني على سبعة ونصف، وفي النصف من شباط على خمسة ونصف، وفي النصف من آذار على ثلاثة ونصف، وفي النصف من نيسان على قدمين ونصف، وفي النصف من أيار على قدم ونصف، وفي النصف من حزيران على نصف قدم (2). 82 - عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد فسموه (الصادق) فإن الخامس من ولده يدعي الإمامة، افتراءا على الله وكذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكاذب (3) وجعفر الكاذب المعروف بزق الخمر. 83 - دخل الأشجع السلمي على الصادق (عليه السلام) فوجده عليلا فجلس وسأل فقال له الصادق (عليه السلام): عد عن العلة واذكر ما جئت له، فقال:
(1) البحار 47 / 217 عن المناقب عن مسند أبي حنيفة. (2) من لا يحضره الفقيه 1 / 223 - 224، برقم: 673، تهذيب الأحكام 2 / 276. ح 133. (3) البحار 47 / 9، ح 4 عن الخرائج. 154 ألبسك الله منه عافية * في نومك المعترى وفي أرقك تخرج من جسمك السقام كما * أخرج ذل الفعال من عنقك (1) 84 - وروي أن سائلا سأله فقال (عليه السلام): إذا ما طلبت خصال الندى * وقد عضك الدهر من جهده فلا تطلبن إلى كالح * أصاب اليسارة من كده ولكن عليك بأهل العلى * ومن ورث المجد عن جده فذاك إذا جئته طالبا * تحب اليسارة من جده (2) 85 - من كتاب الروضة: دخل سفيان الثوري على الصادق (عليه السلام) فرآه متغير اللون فسأله عن ذلك، فقال: كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت، فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي، معها، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الأرض فمات، فما تغير لوني لموت الصبي، وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب، وقال لها: أنت حرة لوجه الله، ولا بأس عليك - مرتين (3). 86 - قال مالك بن أنس: ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد فضلا وعلما وورعا، وكان لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما صائما. وإما قائما وإما ذاكرا، وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون ربهم، وكان كثير الحديث. طيب المجالسة. كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اخضر مرة واصفر أخرى حتى ينكره من كان يعرفه (4).
(1) البحار 47 / 24 عن المناقب. (2) البحار 47 / 24 عن المناقب. (1) البحار 47 / 24 عن مناقب عن الروضة. (1) البحار 47 / 16 عن الخصال والعلل والأمالي والمناقب. 155 87 - قال أبو حنيفة لشيطان الطاق بحضرة المهدي لما توفي الصادق (عليه السلام): قد مات إمامك، فقال له الطاق: أما إمامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فضحك المهدي وأمر له بعشرة ألف درهم (1). 88 - والكتاب المذكور بحذف الإسناد عن الربيع صاحب المنصور قال: لما استوت الخلافة له قال: يا ربيع ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتيني به ثم قال بعد ساعة: ألم أقل لك أن تبعث إلى جعفر بن محمد، فوالله لتأتيني به وإلا قتلتك، فلم أجد بدا فذهبت إليه فقلت: يا أبا عبد الله أجب أمير المؤمنين فقام معي، فلما دنونا من الباب رأيته يحرك شفتيه. ثم دخل فسلم عليه فلم يرد عليه ووقف فلم يجلسه، ثم رفع رأسه فقال: يا جعفر أنت ألببت علي وكثرت، فقد حدثني أبي عن أبيه عن جده أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به. فقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): وحدثني أبي عن عن جده أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش: ألا فليقم كل من أجره علي، فلا يقوم إلا من عفى عن أخيه. فما زال يقول حتى سكن ما به ولان له. فقال: اجلس أبا عبد الله ارتفع أبا عبد الله، ثم دعا بمدهن من غالية فجعل يغلفه بيده، والغالية تقطر من بين أنامل أمير المؤمنين. ثم قال: انصرف أبا عبد الله في حفظ الله، وقال لي: يا ربيع اتبع أبا عبد الله جائزته وأضعفها له. قال: فخرجت فقلت: أبا عبد الله أتعلم محبتي لك؟ قال: نعم يا ربيع أنت منا، حدثني أبي عن أبيه عن جده عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: مولى القوم من أنفسهم فأنت منا.
(1) البحار 47 / 400 عن الاحتجاج. 156 قلت: يا أبا عبد الله شهدت ما لم نشهد، وسمعت ما لم نسمع وقد دخلت عليه ورأيتك تحرك شفتيك الدخول عليه. قال: نعم دعاء كنت أدعو به. فقلت: أدعاء كنت تلقيته عند الدخول أو شئ تأثره عن آبائك الطيبين؟ فقال: بل حدثني أبي عن أبيه عن جده أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا حزنه أمر دعا بهذا الدعاء. ويقال له دعاء الفرج، وهو: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام. واكنفني بركنك الذي لا يرام وارحمني بقدرتك علي ولا أهلك وأنت رجائي. فكم من نعمة أنعمت بها علي قل لك بها شكري. وكم من بلية ابتليتني قل لك بها صبري. فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني. ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني. ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد. اللهم أعني على ديني بالدنيا. وعلى آخرتي بالتقوى. واحفظني فيما غبت عنه. ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته. يأمن لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة هب لي ما لا ينقصك. واغفر ما لا يضرك. إنك رب وهاب. أسألك فرجا قريبا. وصبرا جميلا ورزقا واسعا. والعافية من جميع البلاء وشكر العافية. وفي رواية: وأسألك الغني تمام العافية، وأسألك دوام العافية، وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال الربيع: فكتبته من جعفر بن محمد (عليهما السلام) في رقعة، فها هو ذا في جيبي. وقال موسى بن سهل: كتبته من الربيع، وها هو في جيبي. وقال محمد بن هارون: كتبته من العبسي وها هو جيبي. وقال علي بن أحمد المحتسب: كتبته من محمد بن هارون، وها هو في جيبي. وقال علي بن الحسن: كتبته من المحتسب وها هو في جيبي، وقال السلمي مثله، وقال أبو صالح مثله، وقال الحافظ أبو
157 منصور مثله، وأنا أقول مثله (1). 89 - قال صفوان الجمال: كنت بالحيرة مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل إليه الربيع. وقال: أجب أمير المؤمنين، فلم يلبث أن عاد، فقلت: لقد أسرعت الانصراف، قال: إنه سألني عن شئ، فاسأل الربيع عنه. قال صفوان: وكان بيني وبين الربيع لطف، فخرجت إلى الربيع وسألته فقال أخبرك بالعجب، إن الأعراب خرجوا يجتنون الكماة، فأصابوا في البر خلقا ملقى، فأتوني به، فأدخلته على الخليفة. فلما رآه قال: نحه وادع جعفرا، فدعوته فقال: أخبرني عن الهواء ما فيه؟ قال: في الهواء موج مكفوف. قال: ففيه سكان؟ نعم. قال: وما سكانه؟ قال: خلق أبدانهم أبدان الحيتان، ورؤوسهم رؤوس الطير، ولهم أعرفة كأعرفة الديك، ونغائغ كنغائغ الديكة، وأجنحة كأجنحة الطير من ألوان، أشد بياضا من الفضة المجلوة. فقال لي الخليفة: هلم الطشت، فجئت بها وفيها ذلك الخلق، وإذا هو والله كما وصفه جعفر ف. لما خرج قال المنصور: يا ربيع هذا الشجى المعترض في حلقي من أعلم الناس (2). 90 - قال جعفر بن محمد (عليهما السلام) - حين سئل عن كنز الغلامين اليتيمين وصلاح أبيهما - فقال (عليه السلام): كان أبوهما صالحا دونه سيفه (3). أبا، فحفظ الغلامان فصلاح
(1) عنه البحار 94 / 315 - 316، ثم قال العلامة المجلسي أقول: وهذا الدعاء من الأدعية الجليلة العظيمة الشأن، ولكن الروايات في ألفاظها وفقراتها مختلفة جدا، ثم قال: وفي بعضها كما حكيناه من كتاب العدد القوية المشار إليه. (2) البحار 47 / 170، برقم: 14 عن الخرائج، وكشف الغمة. (3) كذا في الأصل. 158 أبيهما الأكبر، وإنما كان الكنز علما شطرين ونصفا، ولم يتم الثالث فيهم مكتوب: يا عجبا من الموقن بالموت كيف يفرح، ويا عجبا من الموقن بالرزق كيف يتعب، ويا عجبا من الموقن بالحساب كيف يغفل (1). 91 - قال المهاجر بن عمار الخزاعي: بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة وبعث معي بمال كثير، وأمرني أن أتضرع لأهل هذا البيت، وأتحفظ مقالتهم قال: فلزمت الزاوية التي تلي القبر، فلم أكن أتنحى منها في وقت الصلاة لا في ليل ولا نهار. قال: وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدراهم ومن هو فوقهم الشئ بعد الشئ، حتى ناولت شبابا من بني الحسن ومشيخة حتى ألفوني وألفتهم في السر. قال: وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني ويكرمني، حتى إذا كان يوما من الأيام بعد ما قلت حاجتي ممن كنت أريد من بني الحسن وغيرهم دنوت من أبي عبد الله وهو يصلي. فلما فرغ وقضى صلاته التفت إلي وقال: تعال يا مهاجر - ولم أكن أتسمى باسمي ولا أتكنى بكنيتي - فقال: قل لصاحبك يقول لك جعفر: كان أهل بيتك إلى غير هذا أحوج منهم إلى هذا، تجئ إلى قوم شباب محتاجين فتدس إليهم فلعل أحدهم أن يتكلم بكلمة تستحل به سفك دمه، فلو بررتهم ووصلتهم وأمهلتهم وأغنيتهم كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم. قال: فلما أتيت أبا الدوانيق قلت له: جئتك من عند ساحر كان من أمره كذا وكذا، فقال: صدق والله لقد كانوا إلى غير هذا أحوج، إياك أن يسمع هذا
(1) مجمع البيان 3 / 488. 159 الكلام منك إنسان (1). 92 - قال أبو بصير: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعل أبو حمزة؟ قلت: خلفته صالحا، قال: إذا رجعت إليه فاقرأه السلام، وقل له: إنه يموت كذا من شهر كذا. فقلت: كان فيه أنس، وكان من شيعتكم. فقال: نعم: إن الرجل من شيعتنا إذا خاف الله وراقبه، وتوقى الذنوب كان معنا في درجتنا. قال أبو بصير: فرجعت فما لبث أبو حمزة أن مات في تلك الساعة في ذلك اليوم (2).
(1) البحار 47 / 172، برقم: 18 عن الخرائج. (2) اختيار معرفة الرجال 2 / 458، برقم: 356. 160 (اليوم الثامن عشر) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم مختار جيد مبارك سعيد، يصلح للتزويج والسفر، فمن سافر فيه قضيت حاجته، مبارك لكل ما تريد عمله، ولطلب الحوائج، صالح لكل حاجة من بيع وشراء وزرع، فإنك تربح واسع في جميع حوائجك فإنها تقضى، واطلب فيه ما شئت فإنك تظفر، ويصلح للدخول على السلطان والقضاة والعمال. ومن خاصم فيه عدوه ظفر به بإذن الله وغلبه، ومن تزوج فيه يرى خيرا ومن اقترض قرضا رده إلى من اقترض منه، ومن مرض فيه يوشك أن يبرأ والمولود يصلح حاله، ويكون عيشه طيبا، ولا يرى فقرا، ولا يموت إلا عن توبة (1). وقال الفرس: إنه يوم خفيف. 2 - وفي رواية أخرى: تحمد فيه العمارات والأبنية، ويشترى فيه البيوت والمنازل، وتقضى الحوائج والمهمات، ويصلح للسفر.
(1) عنه البحار 59 / 72، ح 106 و 97 / 245 - 246. 161 3 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: رش روز اسم الملك الموكل بالنيران (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد وكل يوم. ومخزن الليل الهواء، ومجرى النور في السماء، ومانع السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه. وحابسهما أن تزولا يا الله يا وارث. يا الله يا باعث من في القبور. وأنت الحي القيوم لا إله إلا أنت. لك الأسماء الحسنى. والأمثال العليا. تعلم خائنة النجوى والسر وما يخفى. وأنت على كل شئ قدير. فاغفر لي الذنوب إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم إني في قبضتك. عليك أتوكل. وإليك أنيب. وأنت فاطر السماوات والأرض. تعلم ما يكون قبل أن يكون. اغفر لي وارحمني. إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. يا أرحم الراحمين. إليك رفعت يدي. وقصدت جوارحي. واضمار قلبي. وبك آنست روحي. فلا تردني خائبا. ولا يدي صفرا. واغفر لي وارحمني يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعا: بسم الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. اللهم إنك حي لا تموت. وغالب لا تغلب. وبصير لا ترتاب. وسميع لا تشك وقهار لا تقهر. وقريب لا تبعد. وشاهد لا تغيب. وآله لا تضاد. وغافر لا تظلم. وصمد لا تطعم. وقيوم لا تنام. ومحتجب لا ترى. وجبار لا تتكلم. وعظيم لا ترام وعدل لا تحيف. وغني لا تفتقر. وكبير لا تدرك. وحليم لا تجور. ومنيع لا تقهر.
(1) عنه البحار 59 / 72، ح 107 و 97 / 246. 162 ومعروف لا تنكر. ووكيل لا تحقر. ووتر لا تستنصر (1). وفرد لا تستشير. ووهاب لا تمل. وسريع لا تذهل. وجواد لا تبخل. وعزيز لا تذل (2). وعالم لا تجهل. وحافظ لا تغفل. ومجيب لا تسأم. ودائم لا تفنى. وباق لا تبلى. وواحد لا تشبه. ومقتدر لا تنازع. يا كريم يا كريم. يا دائم الجود والكرم. يا قريب. يا مجيب. يا متعال. يا جليل. المحل يا سلام. يا مؤمن. يا مهيمن. يا عزيز. يا جبار. يا طهر. يا مطهر يا قاهر. يا ظاهر. يا قادر. يا مقتدر. يا معين. يا من ينادى من كل فج عميق بألسنة شتى. ولغات مختلفة. وحوائج كثيرة. يا من لا يشغله شأن عن شأن. أنت الذي لا تغيرك الأزمنة. ولا تحيط بك الأمكنة. ولا تأخذك سنة ولا نوم. يسر لي من أمري ما أخاف عسره. وفرج عني ما أخاف كربه. سبحانك لا إله إلا أنت. ذو الجلال والاكرام بديع السماوات والأرض. اللهم إني أسألك ولا أسأل أحدا غيرك. وأرغب إليك ولا أرغب إلى غيرك. أسألك يا أمان الخائفين. وجار المستجيرين. أنت الفتاح ذو الخيرات. مقيل العثرات. ماحي السيئات. جامع الشتات. رافع الدرجات. أسألك بأفضل المسائل وأكملها وأعظمها التي لا ينبغي للعباد أن يسألوك إلا بها. يا الله يا الله يا رحمن يا رحيم. أسألك يا الله يا رحمن. أسألك بأسمائك الحسنى. وأمثالك العليا. ونعمتك التي لا تحصى. بأكرم أسمائك عليك. وأحبها إليك. وأشرفها عندك منزلة وأقربها منك وسيلة. وأجزلها ثوابا. وأسرعها فيك إجابة. وباسمك المكنون المخزون الجليل الأجل العظيم الأعظم الذي تحبه وترضى عمن دعاك به. وتستجيب له دعاءه. وحق عليك أن
(1) في الأصل: لا تستبصر. (2) في الأصل: لا تظل. 163 لا تحرم سائلا. وبكل اسم هو لك. أو علمته أحدا من خلقك. أو لم تعلمه أحدا من خلقك. وبكل اسم هو لك دعاك به حملة عرشك وملائكتك وأصفيائك من خلقك. وبحق السائلين لك عليك. الراغبين إليك. المتعوذين بك. المتضرعين إليك. وبحق كل عبد تعبد لك في بر أو بحر أو سهل أو جبل. وأدعوك دعاء من قد اشتدت فاقته. وعظمت جريرته. وأشرف على الهلكة وضعفت قوته. دعاء من لا يثق بأحد من خلقك. ولا يجد لفاقته سواك. ولا لذنبه غافرا غيرك. ولا مغيث سواك. هربت منك إليك. معترفا غير مستنكف ولا مستكبر عن عبادتك. بائسا فقيرا. أشهد لك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت. الحنان المنان. بديع السماوات والأرض. ذو الجلال والاكرام. عالم الغيب والشهادة. الرحمن الرحيم. اللهم أنت الرب وأنا العبد. وأنت المولى وأنا المملوك. وأنت العزيز وأنا الذليل، وأنت الغني وأنا الفقير. وأنت الحي وأنا الميت. وأنت الباقي وأنا الفاني. وأنت المحيي وأنا الممات. وأنت المحسن وأنا المسئ. وأنت الغفور وأنا المذنب. وأنت الرحمن وأنا المرحوم الخاطئ. وأنت الخالق وأنا المخلوق وأنت القوي وأنا الضعيف. وأنت المعطي وأنا السائل. وأنت الآمن وأنا الخائف وأنت الرزاق وأنا المرزوق. وأنت أحق من شكوت إليه، واستغثت بكرمه ورجوتك. إلهي كم مذنب قد عفوت عنه، وكم من مسئ قد تجاوزت عنه فاغفر لي وتجاوز عني، يا أرحم الراحمين، ويا خير الغافرين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: لا إله إلا الله عدد رضاه. لا إله إلا الله عدد خلقه، لا إله إلا الله عدد كلماته لا إله إلا الله زنة عرشه، لا إله إلا الله ملء سماواته وأرضه، لا إله إلا الله الحميد
164 المجيد، لا إله إلا الله الغفور الرحيم، لا إله إلا الله المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر القاهر، لا إله إلا الله القابض الباسط، العلي الوفي، الواحد الأحد الفرد الصمد، القاهر لعباده الرؤوف الرحيم. لا إله إلا الله الأول الآخر. الظاهر الباطن. المغيث القريب المجيب. الله الغفور الشكور. الله اللطيف الخبير الصادق الأول القائم العالم الأعلى. الله الطالب الغالب. الله الخالق. الله النور. الله النور. الله الجليل الجميل. الله الرازق. الله البديع المبتدع. الله الصمد الديان. العلي الأعلى الله الخالق الكافي. الله الباقي المعافي. الله المعز المذل السميع البصير القدير الحليم. الله الظاهر الباطن. الله الأول الآخر الصادق الفاضل. الله القريب المجيب الرؤوف الرحيم. الله الجواد الكريم. الله الدافع المانع النافع. الله الرافع الواضع. الله الحنان المنان. الله الوارث القديم الباعث. الله القائم الدائم. الله الرفيع الرافع. الله الواسع المفضل. الله الغياث المغيث. الله الحي الذي لا يموت الجبار المتكبر، هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم، هو الله الجبار المتكبر في ديمومته، فلا شئ يعادله ولا يشبهه ولا يواصفه ولا يوازنه ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، وهو اللطيف الخبير، وهو الله أسرع الحاسبين، وأعطى الفاضلين، وأجود المفضلين، المجيب دعوة المضطرين والطالبين إلى وجهك الكريم. أسأل الله بمنتهى كلمته التامة، وبعزته وقدرته وسلطانه وجبروته، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تبارك لنا في محيانا ومماتنا، وأن توجب لنا السلامة والمعافاة والعافية في أجسادنا، والسعة في أرزاقنا، والأمن في سربنا، وأن توفقنا
165 أبدا للأعمال الصالحة، فإنه لا يوفق الخير للخير إلا هو، ولا يصرف المحذور والشر إلا هو، وهو أرحم الراحمين. الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة وكل ليلة، تكور الليل على النهار، وتكور النهار على الليل، يا حليم يا كبير، يا رب الأرباب، لا إله إلا أنت، يا سيد السادة، يا الله لا إله إلا أنت، يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا الله لك الأسماء الحسنى، والأمثال العليا، والآخرة والأولى، تعلم ما أخفي وما أبدي، وما يخفى عليك شئ من أمري، وأنت على كل شئ قدير، اللهم إني أتوب إليك، فاقبل توبتي وأستغفرك فاغفر لي، وأسترحمك فارحمني، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يا أرحم الراحمين (1). أعمال يوم الغدير ووقائعه: 4 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا (2) لو عاش إنسان، ثم صام ما عمرت الدنيا، لكان له ثواب ذلك وصيامه يعدل عند الله مائة حجة ومائة عمرة في كل عام مبرورات متقبلات، وهو عيد الله جل اسمه الأكبر، وما بعث الله نبيا إلا وتعيد في هذا اليوم، وعرفه حرمته واسمه في السماء يوم العيد المعهود، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ، والجمع المشهود. ومن صلى فيه ركعتين يغتسل لهما قبل الزوال بنصف ساعة، ثم يصليهما مع
(1) عنه البحار 97 / 246 - 249. (2) في الأصل: عمران. 166 الزوال شكرا لله تعالى، يقرأ في كل ركعة منهما فاتحة الكتاب وسورة الاخلاص عشر مرات، وآية الكرسي عشر مرات، وسورة القدر عشر مرات، وآية الكرسي عشر مرات، هي تعدل (1) عند الله مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة، ولم يسأل الله تعالى حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضاها. فإن فاتتك الركعتان فاقضها. ومن فطر مؤمنا كمن أطعم فئاما وفئاما، ولم يزل (صلى الله عليه وآله) يعد حتى عد عشرا، ثم قال (عليه السلام): أتدري ما الفئام؟ فقلت: لا مائة ألف وكان له ثواب من أطعم بعددهم من النبيين والصديقين والشهداء في حرم الله عز وجل وسقاهم في يوم ذي مسغبة، والدرهم ينفق بألف درهم. ثم قال: لعلك تظن أن الله عز وجل خلق يوما أعظم حرمة منه؟ لا والله لا والله لا والله. ثم قال (عليه السلام): وليكن من قولكم إذا تلاقيتم (2): الحمد لله الذي أكرمنا بهذا اليوم، وجعلنا من الموفين بعهده إلينا، وميثاقه الذي واثقنا به، من ولاية ولاة أمره والقوام بقسطه، ولم يجعلنا من الجاحدين والمكذبين ليوم الدين، ثم يدعو في دبر الركعتين بالدعاء المعروف (3) 5 - قال الفياض بن محمد بن عمر الطوسي: حضرت مجلس مولانا علي ابن موسى الرضا (عليهما السلام) في يوم الغدير، وبحضرته جماعة من خواصه قد احتبسهم عنده للافطار معه، وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر، وألبسهم الصلات والكسوة
(1) في الأصل: عدل. (2) في البحار: لقيتم. (3) عنه البحار 98 / 321 - 322 والدعاء المعروف هو ما ذكر السيد ابن طاووس في الإقبال ص 474 - 475، فراجع. 167 حتى الخواتيم والنعال (1). 6 - قال الحسن بن راشد: قلت لمولانا أبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال: نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما. قال قلت: وأي يوم هو؟ قال: يوم نصب أمير المؤمنين (عليه السلام) علما للناس. قلت: وأي يوم هو؟ قال: يوم ثمانية عشر من ذي الحجة. قلت: جعلت فداك: وما ينبغي أن تصنع فيه؟ قال: تصومه، وتكثر الصلاة على محمد وأهل بيته، وتبرأ إلى الله عز وجل ممن ظلمهم حقهم، فإن الأنبياء (عليهم السلام) كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقيم الوصي فيه أن يتخذ عيدا. قلت: ما لمن صامه؟ قال: صيام ستين شهرا (2). 7 - عن المفضل بن عمر قال الصادق (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة زفت أربعة أيام إلى الله عز وجل، كما تزف العروس إلى خدرها: يوم الفطر. ويوم الأضحى ويوم الجمعة، ويوم غدير خم. وأن يوم غدير خم بين الفطر والأضحى والجمعة كالقمر بين الكواكب. وإن الله عز وجل ليوكل بيوم غدير خم ملائكته المقربين وسيدهم جبرئيل
(1) عنه البحار 98 / 322. (2) عنه البحار 98 / 322. 168 (عليه السلام)، وأنبياءه (1) المرسلين وسيدهم محمد (صلى الله عليه وآله)، وأوصياء الله المنتجبين وسيدهم يومئذ أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعباد الله الصالحين وسيدهم يومئذ سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار، حتى يذادوا بها الجنان، كما يذاد (2) الراعي بغنمه الماء والكلاء. قال المفضل قلت: يا سيدي تأمرني بصيامه؟ قال: أي والله إنه اليوم الذي نجى الله فيه إبراهيم (عليه السلام) من النار فصام شكرا لله عز وجل ذلك اليوم، وأنه اليوم أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علما وأبان فضله ووصيته، فصام (عليه السلام) ذلك اليوم، وإنه ليوم صيام وقيام وإطعام الطعام وصلة الإخوان، وفيه مرضاة الرحمن، ومرغمة الشيطان (3). خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم: 8 - روي عن زيد بن أرقم قال: لما أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع جاء حتى نزل بغدير خم بالجحفة بين مكة والمدينة، ثم أمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك، ثم نودي بالصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم شديد الحر، وإن منا من يضع رداءه تحت قدميه من شدة الحر والرمضاء ومنا من يضعه فوق رأسه، فصلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم التفت إلينا وقال: الحمد لله الذي علا في توحده، ودنا في تفرده، وجل في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكل شئ علما وهو في مكانه، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، حمدا لم يزل، ومحمودا لا تزال، ومجيدا لا يزول، ومبدءا ومعيدا وكل أمر إليه يعود، بارئ المسموكات، وداحي المدحوات، قدوس سبوح رب
(1) في الأصل: أنبياء الله. (2) في الأصل: يردوا بها الجنان كما يرد. (3) عنه البحار 98 / 323. 169 الملائكة والروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على كل من ذرأه، يلحظ كل نفس والعيون لا تراه، كريم حليم ذو أناة، قد وسع كل شئ رحمته، ومن عليهم بنعمته، يعجل بانتقامه، ولا يبادر إليهم بما يستحقون من عذابه. قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيات، له الإحاطة بكل شئ، والغلبة لكل شئ، والقوة في كل شئ والقدرة على كل شئ، ليس كمثله شئ، وهو منشئ الشئ حين لا شئ ودائم حي وقائم بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، جل أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، لا يلحق وصفه أحد من معانيه، ولا يجده أحد كيف هو من سر ولا علانية إلا ما دل عز وجل علي نفسه. أشهد له بأنه الله الذي ملأ الدهر قدسه، والذي يغشى الأبد نوره، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة، ولا معه شريك في تقديره، ولا يعاون في تدبيره، وصور ما ابتدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال أنشأها وكانت وبرأها فبانت، فهو الذي لا إله إلا هو المتقن الصنيعة، والحسن الصبغة، العدل الذي لا يجور، والأكرم الذي إليه ترجع الأمور. أشهد أنه الذي تواضع كل شئ لعظمته، وذل كل شئ لهيبته، مالك الأملاك، ومسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، وكل شيطان مريد، لم يكن له ضد ولا معه ند، صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، إله واحد، ورب ماجد، يشاء فيمضي، ويزيد فيقضي، ويعلم ويحصي ويميت ويحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويدني ويقضي، ويمنع ويعطي له الملك وله الحمد بيده الخير، وهو على كل شئ قدير. لا مولج الليل في نهار ولا مولج النهار في ليل إلا هو، مستجيب الدعاء،
170 مجزل العطاء، محصي الأنفاس، رب الجنة والناس، لا يشكل عليه لغة ولا يضجره مستصرخة، ولا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين، والموفق للمفلحين مولى المؤمنين، ورب العالمين، الذي استحق من كل خلق أن يشكره ويحمده على كل حال، أحمده كثيرا، وأشكره دائما، على السراء والضراء والشدة والرخاء. أو من به وبملائكته وكتبه ورسله، أسمع لأمره، وأطيع وأبادر إلى ما أرضاه وأسلم لما قصى عنه في طاعته وخوفا من عقوبته، لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، أقر له على نفسي بالعبودية وأشهد له بالربوبية، وأؤدي ما أوحى به إلي حذارا من لا أفعل، فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد، وإن عظمت حيلته وصفت خلته. لا إله إلا هو، لأنه قد أعلمني أني إذا لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، وقد ضمن لي العصمة، وهو الله الكافي الكريم. أوحى إلي: بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (1) إلى آخر الآية. معاشر الناس وما قصرت فيما بلغت، ولا قعدت عن تبليغ ما أنزله، وأنا أبين لكم سبب هذه الآية، إن جبرئيل (عليه السلام) هبط إلي مرارا ثلاثا، يأمرني عن السلام رب السلام أن أقوم في هذا المشهد، وأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي، والإمام من بعدي، الذي محله مني محل هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وهو وليكم بعد الله ورسوله، نزل الله بذلك آية هي (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذي يقيمون الصلاة ويؤتون
(1) سورة المائدة: 67. 171 الزكاة وهم راكعون) (1) وعلي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع، يريد الله في كل حال. فسألت جبرئيل (عليه السلام): أن يستغفر لي السلام من تبليغ ذلك إليكم، أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين، ولأعذال اللائمين، وحيل المستسرين الذين وصفهم الله تعالى في كتابه بأنهم (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) (2) (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) (3). وكثرة أذاهم لي حتى سموني أذنا، وزعموا أني هو لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه وقبوله مني، حتى أنزل الله تعالى في ذلك لا إله إلا هو (الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم) (4) إلى آخر الآية. ولو شئت أسمي القائلين بذلك بأسمائهم سميت (5) وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت. وأن أدل عليهم لدللت، ولكنني والله بسرهم قد تكرمت، وكل ذلك لا يرضى الله مني، إلا أن أبلغ ما أنزل إلي (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) إلى آخر الآية. فاعلموا معاشر الناس ذلك وافهموه، واعلموا أن الله قد نصب لكم وليا وإماما وفرض طاعته على المهاجرين والأنصار، وعلى التابعين بإحسان، وعلى البادي والحاضر، وعلى العجمي والعربي، وعلى الحر والمملوك، والصغير والكبير وعلى الأبيض والأسود، وعلى كل موجود، ماض حكمه، وجائز قوله، ونافذ
(1) سورة المائدة: 55. (2) سورة الفتح: 11. (3) سورة النور: 15. (4) سورة التوبة: 61. (5) لسميتهم - خ ل. 172 أمره، ملعون من خالفه، ومرحوم من صدقه، قد غفر الله لمن سمع وأطاع له. معاشر الناس إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر ربكم، فإن الله هو مولاكم وإلهكم، ثم من دونه نبيه ورسوله محمد القائم المخاطب لكم، ومن بعده علي وليكم وإمامكم، ثم الإمامة في ولدي وهم الذين من صلبه إلى يوم القيامة ويوم يلقون الله ورسوله، لا حلال إلا ما أحله الله وهو لكم، ولا حرام إلا ما حرمه الله عليكم، وهو والله عرفني الحلال والحرام وأنا وضيت بعلمه. معاشر الناس ما من علم إلا وقد أحصاه الله في، كل علم علمته فقد علمته عليا وهو المبين لكم بعدي. معاشر الناس فلا تضلوا عنه، ولا تفتروا، ولا تستنكفوا عن ولايته فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به، ويزهق الباطل وينهى عنه، لا تأخذه في الله لومة لائم أول من آمن بالله ورسوله، والذي فدى رسول الله بنفسه، والذي كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا أحد يعبد الله مع رسوله غيره. معاشر الناس فضلوه، فقد فضله الله، واقبلوه فقد نصبه الله. معاشر الناس إنه إمام من الله، ولن يتوب الله على أحد أنكره (1)، ولن يغفر له حتما على الله أن يفعل ذلك، وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الآباد ودهر الدهور فاحذروا أن تخالفوا فتضلوا بنار وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين. معاشر الناس بي والله بشر الأولون من النبيين والمرسلين، وأنا والله خاتم النبيين والمرسلين، والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين ومن شك في شئ من قولي فقد شك في الكل منه، والشاك في ذلك في النار. معاشر الناس حباني الله بهذه الفضيلة منا منه علي، وإحسانا منه إلي، لا إله
(1) في البحار: أنكر ولايته. 173 إلا هو له الحمد مني أبد الأبد ودهر الدهر كل حال. معاشر الناس فضلوا عليا، فهو أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى بنا نزل الرزق وبقي الخلق، ملعون ملعون من خالفه مغضوب عليه، قولي عن جبرئيل وقول جبرئيل عن الله عز وجل، فلتنظر نفس ما قدمت لغد، واتقوا الله أن تخالفوه إن الله خبير بما تعملون. معاشر الناس تدبروا القرآن، وافهموا آياته ومحكماته، ولا تتبعوا متشابهه فوالله لن يبين لكم زواجره، ولن يوضح لكم تفسيره، إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إلي، وشائل بعضده ورافعها بيدي، ومعلمكم من كنت مولاه فهو مولاه هو علي بن أبي طالب أخي ووصيي، وموالاته من الله عز وجل نزل علي. معاشر الناس إن عليا والطيبين من ولدي من صلبه، وهو الثقل الأصغر والقرآن هو الثقل الأكبر، وكل واحد منهما منبئ صاحبه، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، أمناء الله في خلقه، وحكماؤه في أرضه، ألا وقد أديت، ألا وقد بلغت. ألا وقد أسمعت. ألا وقد أوضحت. ألا إن الله تعالى قال وأنا قلت عن الله. ألا أنه لا أمير المؤمنين غير أخي هذا. ألا ولا تحل إمرة المؤمنين لأحد غيره بعدي. ثم ضرب بيده على عضده فرفعه، وكأن منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منبره على درجة دون مقامه، متيامنا عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنهما في مقام واحد فرفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وبسطها إلى السماء، وشال عليا حتى صارت رجله مع ركبة رسول (صلى الله عليه وآله). ثم قال: معاشر الناس هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي، وخليفتي على من آمن بي وعلى تفسير كتاب الله ربي، والداعي إليه، والعامل بما يرضاه، والمحارب لأعدائه، والدال على طاعته، والناهي عن معصيته، خليفة رسول الله وأمير المؤمنين
174 والإمام الهادي من الله، بأمر الله أقول (ما يبدل القول لدي (1)) بأمر ربي. أقول: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره. واخذل من خذله، والعن من أنكره، وأغضب على من جحده، اللهم إنك أنزلت في علي وليك عند تبيين ذلك ونصبك إياه لها (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا (2)) ويبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين (3)) اللهم أشهدك أني قد بلغت. معاشر الناس إنما أكمل الله لكم دينكم بإمامته، فمن لم يأتم به وبمن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله، فأولئك الذين حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون، لا يخفف الله عنهم العذاب ولا هم ينظرون. معاشر الناس هذا علي أنصركم لي وأحقكم بي، والله وأنا عنه راضيان وما نزلت آية رضى إلا فيه، ولا خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به، وما أنزلت آية مدح القرآن إلا فيه، ولا شهد الله بالجنة في (هل أتى على الإنسان) إلا له ولا أنزلها في سواه، ولا مدح بها غيره. معاشر الناس وهو مؤدي دين الله، والمجادل عن رسول الله، والتقي النقي الهادي المهدي، نبيكم خير نبي، وهو خير وصي. معاشر الناس ذرية كل نبي من صلبه، وذريتي من صلب أمير المؤمنين علي. معاشر الناس إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم، أهبط آدم إلى الأرض وهو صفوة الله بخطيئة فكيف أنتم فإن أبيتم وأنتم أعداء الله، ما يبغض عليا إلا شقي، ولا يوالي عليا إلا تقي، ولا يؤمن
(1) سورة ق: 29. (2) سورة المائدة: 3. (3) سورة آل عمران: 85. 175 به إلا مؤمن مخلص، في علي والله نزلت سورة العصر، بسم الله الرحمن الرحيم والعصر * إن الإنسان لفي خسر - إلا عليا الذي آمن ورضي بالحق والصبر -. معاشر قد أشهدني الله وأبلغتكم، وما على الرسول إلا البلاغ المبين معاشر الناس اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. معاشر الناس آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت. معاشر الناس النور من الله تعالى في، ثم مسلوك في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله، وبكل حق هو لنا، حجة على المقصرين والقادرين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين. معاشر الناس: إني أنذرتكم أني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أفإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين، ألا أن عليا الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدي من صلبه. معاشر الناس: لا تمنوا على الله فينا ما لا يطيعكم الله ويسخط عليكم، ويبتليكم بسوط عذاب، إن ربكم لبالمرصاد. معاشر الناس سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار، ويوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس إن الله تعالى وأنا بريئان منهم. معاشر الناس إنهم وأشياعهم وأنصارهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار وبئس مثوى المتكبرين. معاشر الناس إني أدعها إمامة وراثة، وقد بلغت ما بلغت، حجة على كل
176 حاضر وغائب، وعلى كل أحد ممن ولد أو شهد ولم يولد ولم يشهد، يبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة، وسيجعلونها ملكا واغتصابا فعندها يفرغ لكم أيها الثقلان من يفرغ، ويرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران. معاشر الناس إن الله تعالى لم يكن ليذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب. معاشر الناس إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها قبل يوم القيامة، ومهلكها الإمام المهدي، والله مصدق وعده. معاشر الناس قد ضل قبلكم أكثر الأولين، والله فقد هلك الأولين بمخالفة أنبيائهم وهو مهلك الآخرين، ثم تلا الآية إلى آخرها. ثم قال: معاشر الناس إن الله أمرني ونهاني، وقد أمرت عليا ونهيته، وعلم الأمر والنهي لديه، فاسمعوا لأمره وانتهوا لنهيه، ولا تفرق بكم السبل عن سبيله. معاشر الناس أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم أن تسلكوا الهدى إليه ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة الهدى يهدون بالحق وبه يعدلون. ثم قرأ الحمد وقال: في نزلت وفيهم والله نزلت، ولهم شملت وإياهم خصت وعمت، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وحزب الله هم الغالبون. ألا أن أعداءهم السفهاء والغاوون وإخوان الشياطين، الذي يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. ألا أن أولياءهم هم المؤمنون الذين ذكر في كتابه فقال: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو
177 إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان) (1) إلى آخر الآية ألا إن أولياءهم المؤمنون الذين وصفهم الله أنهم لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) (2) ألا أن أولياءهم الذين آمنوا ولم يرتابوا. ألا أن أولياءهم الذين يدخلون بسلام آمنين، وتتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين، ألا أن أولياءهم الذين لهم الجنة يرزقون فيها بغير حساب. ألا أن أعداءهم الذين يصلون سعيرا، ألا أن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا، ويرون لها زفيرا، كلما دخلت أمة لعنت أختها إلى آخر الآية. ألا أن أعداءهم الذين قال الله (كلما ألقى فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) (3) إلى آخر الآية ألا فسحقا لأصحاب السعير. ألا أن أولياءهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير. معاشر الناس شتان ما بين السعير والأجر الكبير. معاشر الناس عدونا كل من ذمه الله ولعنه، وولينا كل من أحبه الله ومدحه. معاشر الناس ألا أني أنا النذير وعلي البشير. معاشر الناس إني منذر وعلي هاد. معاشر الناس ألا أني نبي وعلي وصيي. معاشر الناس ألا أني رسول وعلي إمام والأئمة بعده ولده، الأئمة منه ومن ولده، ألا وأني والدهم يخرجون من صلبه، ألا وأني والد الأئمة، منا القائم المهدي الظاهر على الدين.
(1) سورة المجادلة: 22. (2) سورة الأنعام: 82. (3) سورة الملك: 8. 178 ألا أنه المنتقم من الظالمين، ألا أنه فاتح الحصون وهادمها، ألا أنه غالب كل قبيلة من الشرك وهادمها، ألا أنه المدرك لكل ثار لأولياء الله، ألا أنه ناصر دين الله، ألا أنه المصباح من البحر العميق، ألا أنه الواسم كل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله، ألا أنه خيرة الله ومختاره. ألا أنه وارث كل علم والمحيط بكل فهم، ألا أنه المخبر عن ربه والمسند لأمر آبائه، ألا أنه الرشيد السديد، ألا أنه المفوض إليه، ألا أنه قد بشر به كل من سلف بين يديه، ألا أنه غالب له ولا منصور عليه، ألا أنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه، وأمينه في علانيته وسره. معاشر الناس إني قد بينت لكم وأفهمتكم، وهذا علي بعدي يفهمكم، ألا وإن عند انقضاء خطبتي أدعوكم على مصافقتكم على يدي ببيعته والاقرار له، ثم مصافقته بعد يدي، ألا أني قد بايعت الله وعلي قد بايع، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) (1) إلى آخر الآية. معاشر الناس ألا وإن الحج والعمرة (من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر) (2) إلى آخر الآية. معاشر الناس حجوا البيت، فما ورده أهل بيت إلا نمؤوا ونسلوا ولا تخلفوا عنه إلا تبروا وافتقروا. معاشر الناس ما وقف الموقف مؤمن إلا غفر له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك فإذا انقضت حجته استونف به. معاشر الناس الحجاج معانون نفقاتهم مخلفة والله لا يضيع أجر المحسنين.
(1) سورة الفتح: 10. (2) سورة البقرة: 158. 179 معاشر الناس حجوا بكمال الدين والتفقه، ولا تنصرفوا المشاهد إلا بتوبة وإقلاع. معاشر الناس أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمرتكم، فإن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم، الذي نصبه الله لكم أو من خلفكم ومنه يخبركم بما تسألون، ويبين لكم ما لا تعلمون. ألا وإن الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما وأعدهما، فأمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد، أمرت فيه أن آخذ البيعة عليكم والصفقة منكم بقبول ما جئت به من الله عز وجل في علي أمير المؤمين، والأولياء من بعده الذين هم مني، ومنه أئمة فيهم قائمة، خاتمها المهدي إلى يوم يلقى الله عز وجل الذي يقدر ويقضي الآن. معاشر الناس وكل حلال دللتكم عليه وحرام نهيتكم عنه، فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل، ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه، ألا وإني أجدد القول، فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وائمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر. ألا وإن رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي، وتبلغوه إلى من لم يحضر، وتأمروه بقبوله عني وتنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله ذي الآلاء، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا بحضرة إمام. معاشر الناس القرآن فيكم، وعلي والأئمة من بعده فقد عرفتكم أنهم مني وأنا منهم، فلن تضلوا ما تمسكتم به. معاشر الناس التقوى التقوى، احذروا الساعة، كما قال الله تعالى (إن زلزلة الساعة شئ عظيم (1)) اذكروا المآب والحساب ووضع الموازين والمحاسبة بين يدي رب العالمين، والثواب والعقاب، فمن جاء بالحسنة أثيب، ومن جاء
(1) سورة الحج: 1. 180 بالسيئة، فليس له في الجنان من نصيب. معاشر الناس إن أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة في وقت واحد، وقد أمرني الله أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدته أمره لعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين فما جاء بعده من الأئمة مني ومنه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت من أمر ربك وربنا في أمر إمامنا علي أمير المؤمنين ومن ولدت من صلبه من الأئمة. تبايعك على ذلك قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا. على ذلك نحيى ونموت ونبعث، لا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب، ولا نرجع في عهد وميثاق. نطيع الله ونطيعك، وعليا أمير المؤمنين ذلك، والأئمة الذين ذكرت أنهم منك من صلبه متى جاؤوا دعوا بعد الحسن والحسين الذين مكانهما، ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربي قد أديت ذلك إليهم، وإنهما سيدا شباب أهل الجنة، وأنهما الإمامان من بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله. قولوا: أطعناك ذلك والله وعليا أمير المؤمنين والحسن والحسين، والأئمة الذين ذكرت على عهد وميثاق، فهي مأخوذة من من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا، لا نبتغي بذلك بدلا ولا يرى الله منا عنه حولا أبدا، ونحن نؤدي ذلك عنك إلى كل من رأينا ممن ولدنا ولم نلده. أشهدنا الله بذلك وكفى بالله شهيدا، وأنت علينا به شهيد، وكل من أطاع الله ممن أظهر واستتر، من ملائكة الله وجنوده وعبيده والله أكبر من كل شهيد. معاشر الناس ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس وعيب (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها (1)) ومن بايع فإنما يبايع الله
(1) سورة الإسراء: 15. 181 (يد الله فوق أيديهم (1)) إلى آخر الآية. معاشر الناس بايعوا الله وبايعوني وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة منهم في الدنيا إلى الآخرة، فإنها كلمة باقية يهلك الله بها من غدر، ويرحم من وفا (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) (2). معاشر الناس قولوا الذي قلت لكم، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، وقولوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق (3)) إلى آخر الآية. معاشر الناس إن فضائل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عند الله، وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد، فمن أنبأكم وعرفها فصدقوه. معاشر الناس من يطع الله ورسوله وعليا والأئمة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا عظيما. معاشر الناس السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين أولئك المقربون في جنات النعيم. معاشر الناس قولوا ما يرضى الله عنكم به من القول، وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا، فإن الله لغني حميد، اللهم اغفر للمؤمنين واغضب على الكافرين والحمد لله رب العالمين. فنادته الناس بنعم سمعنا وأطعنا على ما أمر الله ورسوله بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا
(1) سورة الفتح: 10. (2) سورة الفتح: 10. (3) سورة الأعراف: 43. 182 وأيدينا، وتداكوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى علي (عليه السلام) وصافقوا بأيديهم. وكان أول من صافق رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين من الأولين، وباقي الناس على قدر منازلهم، إلى أن صليت الظهر والعصر في وقت واحد، وبقوا ذلك اليوم إلى أن صليت العشاء والعتمة في وقت واحد، وأوصلوا البيعة بالمصافقة ثلاثا، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) كلما بايع فوج يقول: الحمد الذي فضلنا على جميع العالمين (1) تمت الخطبة. تصحيح حديث الغدير: 9 - وقد طعن في خبر الغدير ابن أبي داود السجستاني المحدث في أيام المقتدر، واستعلاء الحنبلية، فخرجه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله من سبعين طريقا، وزاد بعد ذلك ابن عقدة فرواه عن مائة صحابي وخمس، منهم ست نساء، والحمد لله رب العالمين. 10 - من كتاب تذكرة الخواص من الأمة يذكر خصائص الأئمة تأليف يوسف الجوزي: اتفق علماء السير أن قصة الغدير كانت بعد رجوع رسول (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة، وكان معه من الصحابة والأعراب وممن يسكن حول مكة والمدينة مائة وعشرون ألفا، وهم الذين شهدوا معه حجة الوداع، وسمعوا منه (من كنت مولاه فعلي مولاه). وأخرجه أحمد بن حنبل في المسند والفضائل، وأخرجه الترمذي أيضا. 11 - وقال في المسند: عن زاذان قال: سمعت عليا ينشد الناس في الرحبة
(1) البحار 37 / 201 - 218 عن الاحتجاج مع اختلاف كثير جدا في الألفاظ والمعاني. 183 ويقول: أنشد الله رجلا سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقام ثلاثة عشر رجلا من الصحابة فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك. 12 - وزاد الترمذي فيه: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأدر الحق معه كيف ما دار وحيث دار. 13 - وذكر في الفضائل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنت وليه فعلي وليه. 14 - وقال: جاء رهط إلى أمير المؤمنين، فقالوا له: السلام عليك يا مولانا وكان بالرحبة، فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ فقالوا: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. 15 - قال رباح: فقلت: من هؤلاء؟ فقيل لي: نفر من الأنصار، فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله). 15 - وقال أحمد بن حنبل: حدث عبد الملك (1) بن عطية العوفي (2) قال: أتيت زيد بن أرقم، فقلت له: ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الغدير، وأنا أحب أن أسمعه منك، فقال: إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت: ليس عليك مني بأس. فقال: نعم كنا بالجحفة، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) علينا ظهرا، وهو آخذ بعضد علي بن أبي طالب، فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى الناس (3) من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، قالها أربع مرات. 16 - وقال: عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سفر،
(1) في المصدر: ابن نمير بن عبد الملك. (2) في المصدر: العراقي. (3) في المصدر: بالمؤمنين. 184 فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة (1) وكسح لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: اللهم من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم انصر من نصره، واخذل من خذله. فقال عمر بن الخطاب: هنيئا (2) لك يا ابن أبي طالب أصبحت [وأمسيت] (3) مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. 17 - قال أبو إسحاق الثعلبي: لما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك، طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، فبلغ ذلك النعمان بن الحارث الفهري، فأتاه على ناقة، فأناخها على باب المسجد، ثم عقلها [وجاء ف] (4) ودخل المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس فيه، فجاء حتى جلس بين يديه أوجثا. ثم قال: يا محمد إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك، وإنك أمرتنا أن نصلي خمس صلوات في اليوم والليلة، ونصوم شهر رمضان، ونزكي أموالنا ونحج البيت، فقبلنا منك ذلك ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك، ففضلته على الناس وقلت، من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شئ من الله أو منك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد احمرت عيناه: والله الذي لا إله إلا هو أنه من الله وليس مني، قالها ثلاثا. فقام الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك. وفي رواية: إن كان ما يقول محمد حقا، فأرسل علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم. قال: فوالله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحجر من السماء، فوقع على
(1) في الأصل: جماعة. (2) في المصدر: قال فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئا. (3) الزيادة من المصدر. (4) الزيادة من المصدر. 185 هامته فخرج من دبره، فمات فأنزل الله تعالى (سأل سائل بعذاب واقع) الآية. ولا بد من تفسير لفظة المولى، وما المراد بها؟ فنقول: اختلف العلماء فيها على أقوال: أحدها: أنها ترد بمعنى المالك، قال الله تعالى (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ، وهو كل على مولاه (1)) أي: مالك رقه. الثاني: المولى المعتق بكسر التاء. والثالث: المعتق بفتح التاء. والرابع: الناصر، ومنه قوله تعالى (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) (2). الخامس: ابن العم، ومنه قول الهذلي: مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا والسادس: الحليف، ومنه قول الذبياني: * موالي حلف لا موالي قرابة * يقول: هم حلفاء لا أبناء عم. والسابع: المتولي لضمان الجريرة وحيازة الميراث، وكان ذلك في الجاهلية فنسخ بآية الميراث. والثامن: الجار، وإنما سمي به لما له من الحقوق بالجاورة. والتاسع: السيد المطاع، وهو المولى المطلق. والعاشر: بمعنى الأولى، ومنه قوله تعالى (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا
(1) سورة النحل: 75. (2) سورة محمد: 11. 186 من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم (1) أي: هي أولى بكم. وإذا ثبت هذا لم يجز حمل لفظ المولى على مالك الرق لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن مالكا لرق علي (عليه السلام) ولا على المولى المعتق، لأنه لم يعتقه ولا على المعتق بفتح التاء، لأن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان حرا. ولا الناصر، لأنه كان ينصره ولا على ابن العم، لأنه ابن عمه، ولا على الحلف لأن الحلف كان بين الغرماء للتعاضد والتناصر، وهذا المعنى موجود فيه. ولا المتولي لضمان الجريرة لأن ذلك منسوخ. ولا على الجار، لأنه يكون لغوا من الكلام. فتعين السيد المطاع والأولى، ومعناه: من كنت أولى به من نفسه، فعلي أولى به. 18 - وقد صرح بهذا الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الأصفهاني في كتابه المسمى ب (مرج البحرين) فإنه روى هذا الحديث، وقال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) وقال: من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه. وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته، وكذا قوله (صلى الله عليه وآله) (وأدر الحق معه كيف ما دار) نص صريح ذلك. وإجماع الأمة منعقد على أنه ما جرى خلاف بينه وبين أحد من الصحابة إلا وكان الحق مع أمير المؤمنين، ألا ترى أن الفقهاء استنبطوا أحكام البغاة وقعة الجمل وصفين. وقد أكثرت الشعراء في يوم الغدير، فقال حسان بن ثابت: يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم فاسمع بالرسول مناديا وقال فمن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا إلهك مولانا وأنت ولينا * وما لك منا في الولاية عاصيا
(1) سورة الحديد: 15. 187 فقال له قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): يا حسان تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا أو نافحت عنا بلسانك. وقال قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، وأنشدها بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) بصفين: قلت لما بغى العدو علينا * حسبنا ربنا ونعم الوكيل وعلي إمامنا وإمام * لسوانا به أتى التنزيل يوم قال النبي من كنت مولاه * فهذا مولاه خطب جليل إن ما قاله الرسول على الأمة * حتم ما فيه قال وقيل وقال الكميت: نقي عن عينك الأرق الهجوعا * وهما تمتري عنها الدموعا لدى الرحمن يشفع بالمثاني * وكان لنا أبو حسن شفيعا ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا ولكن الرجال تدافعوها (1) * فلم أر مثلها خطرا منيعا ولهذه الأبيات قصة عجيبة قال بعض إخواننا: أنشدت ليلة هذه الأبيات وبت متفكرا، فنمت فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) في منامي، فقال لي: أنشدني أبيات الكميت، فأنشدته إياها، فلما أنهيتها قال (عليه السلام): فلم أر مثل ذاك اليوم يوما * ولم أر مثله حقا أضيعا قال: فانتبهت مذعورا.
(1) في المصدر: تبايعوها. 188 وقال السيد الحميري: يا بايع الأخرى بدنياه * ليس بهذا أمر الله من أين أبغضت علي الرضا * وأحمد قد كان يرضاه من الذي أحمد من بينهم * يوم غدير الخم ناداه أقامه من بين أصحابه * وهم حواليه فسماه هذا علي بن أبي طالب * مولى لمن قد كنت مولاه فوال والاه يا ذا العلى * وعاد من قد كان عاداه وقال بديع الزمان أحمد بن الحسين بن الهمداني: يا دار منتجع الرسالة * وبيت مختلف الملائك يا بن الفواطم والعواتك * والترايك والأرائك أنا حائك إن لم أكن * مولى ولائك وابن حائك (1) 19 - في كتاب الارشاد لكيفية الطلب أئمة العباد تصنيف محمد بن الحسن الصفار قال: وقد كفانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه المؤونة في خطبة خطبها، أودعها من البيان والبرهان ما يجلي الغشاوة عن أبصار متأمليه، والعمى عن عيون متدبريه، وحلينا الكتاب بها ليزداد المسترشدون في هذا الأمر بصيرة وهي منة الله جل ثناؤه علينا وعليهم يجب شكرها، خطب صلوات الله عليه فقال: ما لنا ولقريش وما تنكر منا قريش، غير إنا أهل بيت شيد الله فوق بنيانهم بنياننا، وأعلى فوق رؤوسهم رؤوسنا، واختارنا الله عليهم، فنقموا على الله أن اختارنا عليهم، وسخطوا ما رضا الله، وأحبوا ما كره الله. فلما اختارنا الله عليهم، شركناهم في حريمنا، وعرفناهم الكتاب والنبوة،
(1) تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 28 - 34. 189 وعلمناهم الفرض والدين، وحفظناهم الصحف والزبر، وديناهم (1) الدين والإسلام فوثبوا علينا، وجحدوا فضلنا ومنعونا حقنا وألتونا (2) أسباب أعمالنا وأعلامنا (3). اللهم فإني استعديك (4) على قريش، فخذ لي بحقي منها، ولا تدع مظلمتي لديها وطالبهم يا رب بحقي، فإنك الحكم العدل، فإن قريشا صغرت عظيم أمري واستحلت المحارم مني، واستخفت بعرضي وعشيرتي، وقهرتني على ميراثي من ابن عمي (5) واعزوا بي أعدائي، ووتروا (6) بيني وبين العرب والعجم، وسلبوني ما مهدت لنفسي من لدن صباي بجهدي وكدي، ومنعوني ما خلفه أخي وجسمي وشقيقي، وقالوا إنك لحريص متهم. أليس بنا اهتدوا من متاه (7) الكفر، ومن عمى الضلالة، وعلى الظلماء. أليس أنقذتهم من الفتنة الصماء (8) والمحنة العمياء. وبلهم ألم أخلصهم من نيران الطغاة، وكرة العتاة، وسيوف البغاة، ووطأة (9)
(1) ديناهم على بناء التفعيل، أي: جعلنا الإسلام دينهم وقهرناهم عليه. وفي المناقب وعلمناهم الفرائض والسنن وحفظناهم الصدق واللين وورثناهم الدين - البحار. (2) أي: نقصونا ومنعونا ما هو من أسباب قوتنا واقتدارنا - ب. (3) وأعلامنا بالفتح، أي: ما هو علامة لإمامتنا ودولتنا، أو بالكسر، أي: ما هو سبب تعليمنا، كما قال تعالى (وما ألتناهم من عملهم) - ب. (4) يقال: استعديت على فلان الأمير فأعداني، أي: استعنت به عليه فأعانني عليه - ب. (5) في الأصل: أبى. (6) قوله (ووتروا) أي: ألقوا الجنايات والدخول بيني وبين العرب والعجم فإنهم غصبوا خلافتي وأجروا الناس على الباطل، فصار ذلك سببا للحروب وسفك الدماء - ب. (7) المتاه: اسم مكان أو مصدر ميمى من التيه، وهو الحيرة والضلالة - ب. (8) الفتنة الصماء، أي: التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في زمانها - ب. (9) الوطئ في الأصل: الدوس بالقدم، فسمي به الغزو والقتل - ب. 190 الأسد، ومقارعة الطماطمة (1)، ومماحكة (2) القمامة (3) الذين كانوا عجم العرب (4) وغنم الحروب (5)، وقطب الأقدام (6)، وجبال القتال، وسهام الخطاب، وسل السيوف (7). أليس (8) بي تسموا الشرف، وبي نالوا الحق والنصف، ألست آية نبوة محمد، ودليل رسالته، وعلامة رضاه وسخطه. أليس بي كان يقطع الدروع الدلاص (9)، وتصطلم الرجال الحراص.
(1) الطمطام: معظم ماء البحر، وقد يستعار لمعظم النار، واستعير هنا لعظماء أهل الشر والفساد - ب. (2) قال الجوهري: المحك اللجاج، والمماحكة الملاحة - ب. (3) القمقام: البحر، والأمر الشديد، والسيد، والعدد الكثير - ب. (4) وعجم العرب، أي: كانوا من العرب بمنزلة الحيوانات العجم - ب. (5) وغنم الحرب، أي: أهل غنم الحرب الذين لهم غنائمها، أو يغتنمونها. ويمكن أن يقرأ (الحرب) بالتحريك، وهو سلب المال، وفي بعض النسخ: الحروب - ب -. (6) لعله بكسر الهمزة، أي: كانوا كالقطب للإقدام على الحروب. أو بالفتح، أي: بهم كانت الأقدام تستقر في الحروب، أو كانت أقدامهم بمنزلة القطب لرحاء الحرب والقطب أيضا سيد القوام وملاك الشئ ومداره - ب. (7) قوله عليه السلام (وسل السيوف) الحمل على المبالغة، أي: سلال السيوف ولعله تصحيفه، وفي بعض النسخ: سيل السيوف - ب. (8) من قوله (أليس) إلى قوله (وسخطه) سقط من البحار. (9) الدلاص: بالكسر اللين البراق. يقال: درع دلاص وأدرع دلاص - ب، وفي الأصل: القلاص. 191 وبي كان يفري جماجم البهم (1)، وهام الأبطال (2)، إذا فزعت يتم إلى الفرار وعدي إلى الانتكاص (3). أما وأني لو أسلمت قريشا للمنايا والحتوف (4) وتركتها فحصدتها سيوف الغوانم (5)، ووطأتهم الأعاجم، وكرات الأعادي، وحملات الأعالي، وطحنتهم سنابك (6) الصافنات (7)، وحوافر الصاهلات، في مواقف الأزل (8) والهزل (9) في ظلال الأعنة (10)، وبريق الأسنة ما بقوا لهضمي، ولا عاشوا لظلمي، ولما قالوا إنك لحريص متهم اليوم، نتواقف (11) على حدود الحق والباطل.
(1) قوله عليه السلام (يفري جماجم البهم) وفي بعض النسخ (يبري) بالباء. الفري: الشق. والبري: النحت. والبهم: كصرد جمع بهمة، وهو الفارس الذي لا يدري من أين يؤتى من شدة بأسه. والجمجمة: بالضم القحف، أو العظم فيه الدماغ - ب. (2) الهام جمع هامة، وهو رأس كل شئ. والأبطال: الشجعان - ب. (3) النكص: الإحجام عن الأمر والرجوع عنه - ب. (4) الحتوف بالضم جمع الحتف، وهو الموت - ب. (5) الغوانم: الجيوش الغانمة، وفي بعض النسخ (العرازم) جمع عرزم، وهو الشديد والأسد، وفي بعضها (الغواة) - ب. (6) السنبك: بالضم طرف الحافر - ب. (7) صفن الفرس قام على ثلاثة قوائم وطرف حافر الرابعة - ب. (8) الأزل: الضيق والشدة. (9) قوله عليه السلام (والهزل) لعل المراد أنهم لم يكونوا يثبتون في مقام الهزل فكيف في مقام الجد. وفي بعض النسخ (والزلزال) - ب. (10) قوله عليه السلام (في ظلال الأعنة) في بعض النسخ (في طلاب الأعنة) أي: مطالبتها، وفي بعضها (في إطلاق الأعنة) وهو أصوب - ب. (11) قوله عليه السلام (نتواقف) أي: وقفت على حد الحق ووقفتم على حد الباطل - ب. 192 اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق، فإني مهدت مهاد نبوة محمد (صلى الله عليه وآله)، ورفعت أعلام دينك، وأعلنت منار رسولك، فوثبوا علي وغالبوني ونالوني (1) ووتروني. فقام إليه أبو حازم الأنصاري: فقال: يا أمير المؤمنين أبو بكر وعمر ظلماك أحقك أخذا، وعلى الباطل مضيا، أعلى حق كانا؟ أعلى صواب أقاما؟ أم ميراثك غصبا؟ أفهمنا لنعلم باطلهم من حقك، أو نعلم حقهما من حقك، أبزاك (2) أمرك؟ أم غصباك إمامتك، أم غالباك فيها عزا، أم سبقاك إليها عجلا؟ فجرت الفتنة، ولم تستطع منها استقلالا، فإن المهاجرين والأنصار يظنان أنهما كانا على حق، وعلى الحجة الواضحة مضيا. فقال صلوات الله عليه: يا أخا اليمن لا بحق أخذا، ولا على إصابة أقاما، ولا على دين مضيا، ولا على فتنة خشيا، يرحمك الله، اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل، أتعلمون يا إخواني أن بني يعقوب على حق ومحجة كانوا حين باعوا أخاهم، وعقوا أباهم، وخانوا خالقهم، وظلموا أنفسهم، فقالوا: لا. فقال: يرحمكم الله أيعلم إخوانك هؤلاء أن ابن آدم قاتل الأخ كان على حق ومحجة وإصابة وأمره من رضا الله؟ فقالوا: فقال: لا. فقال: أوليس كل فعل بصاحبه ما فعل، لحسده إياه وعدوانه وبغضانه له؟ فقالوا: نعم. قال: وكذلك فعلا بي ما فعلا حسدا، ثم إنه لم يتب على ولد يعقوب إلا بعد استغفار وتوبة وإقلاع وإنابة وإقرار، ولو أن قريشا تابت إلي واعتذرت من فعلها
(1) قوله عليه السلام (وناولوني) أي: أصابوني بالمكان، وفي بعض النسخ (قالوني) من القلا، وهو البغض - ب. (2) يقال: بزه ثيابه وابتزه إذا سلبه إياها - ب. 193 لاستغفرت الله لها. ثم قال: إنما أنطق لكم العجماء ذات البيان (1) وأفصح الخرساء ذات البرهان، لأني فتحت الإسلام، ونصرت الدين، وعززت الرسول، وثبت أركان الإسلام، وبينت أعلامه، وأعليت مناره، وأعلنت أسراره، وأظهرت آثاره وحاله، وصفيت الدولة ووطئت للماشي والراكب، ثم قدتها صافية، على أني بها مستأثر (2). ثم قال بعد كلام: ثم سبقني إليه التيمي والعدوي، كسباق الفرس احتيالا واغتيالا وخدعة وغلبة. ثم قال بعد كلام: اليوم أنطق الخرساء ذات البرهان، وأفصح العجماء ذات البيان، فإنه شارطني رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن من مواطن الحروب، وصافقني على أن أحارب الله وأحامي لله، وأنصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) جهدي وطاقتي وكدحي (3) وكدي، وأحامي عن حريم الإسلام، وأرفع عن أطناب الدين، وأعز الإسلام وأهله، على أن ما فتحت وبنيت عليه دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقرأت فيه المصاحف،
(1) قوله عليه السلام (العجماء ذات البيان) قيل: كنى عليه السلام بها عن العبر الواضحة، وما حل بقوم فسقوا عن أمر ربهم، وعما هو واضح من كمال فضله عليه السلام وعن حال الدين ومقتضى أوامر الله تعالى، فإن هذه الأمور عجماء لا نطق لها بيانا ذات البيان حالا، ولما بينها عليه السلام فكأنه أنطقها لهم، وقيل: العجماء صفة لمحذوف، أي: الكلمات العجماء، والمراد ما في هذه الخطبة من الرموز التي لا نطق لها مع أنها ذات بيان عند أولي الألباب - البحار. (2) قوله عليه السلام (على أني بها مستأثر) على بناء المفعول، والاستيثار الاستبداد والانفراد بالشئ، والكلام مسوق على المجاز، أي: ثم تصرفوا في الخلافة على وجه كأني فعلت جميع ذلك ليأخذوها مني مستبدين بها، ويحتمل الاستفهام الإنكاري، ويمكن أن يقرأ على بناء اسم الفاعل - البحار. (3) الكدح: العمل والسعي - البحار. 194 وعبد فيه الرحمن، وفهم به القرآن فلي إمامته وحله وعقده وإصداره وإيراده ولفاطمة فدك، ومما خلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) النصف، فسبقاني إلى جميع نهاية الميدان يوم الرهان. وما شككت في الحق منذ رأيته، هلك قوم أرجفوا عني أنه لم يوجس موسى في نفسه خيفة، ارتيابا ولا شكا فيما آتاه من عند الله، ولم أشك فيما آتاني من حق الله، ولا ارتبت في إمامتي وخلافة ابن عمي ووصية الرسول وإنما أشفق أخي موسى من غلبة الجهال، ودول الضلال، وغلبه الباطل على الحق. ولما أنزل الله جل وعز (وآت ذا القربى حقه (1)) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة فنحلها فدك، وأقامني للناس علما وإماما وعقد لي وعهد إلي، فأنزل الله عز وجل (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (2). فقاتلت حق القتال، وصبرت حق الصبر، على أنه أعربتما وعربا (3) على دين أتت به تيم وعدي، أم على دين أتى به ابن عمي وصنوي وجسمي، على أن أنصر تيما وعديا أم أنصر ابن عمي وحقي وديني وإمامتي. وإنما قمت تلك المقامات، واحتملت تلك الشدائد، وتعرضت للحتوف، على أن نصيبي من الآخرة موفرا، وأني صاحب محمد وخليفته، وإمام أمته بعده وصاحب رايته في الدنيا والآخرة. اليوم أكشف السريرة عن حقي. وأجلى القذى عن ظلامتي، حتى يظهر لأهل اللب والمعرفة أني مذلل، مضطهد مظلوم، مغصوب، مقهور، محقور، وأنهم ابتزوا حقي، واستأثروا بميراثي.
(1) سورة الإسراء: 26. (2) سورة النساء: 59. (3) في البحار: أعز يتما وعديا. 195 اليوم نتوافق على حدود الحق والباطل، من وثق بما لم يضم، من استودع خائنا فقد غش نفسه، من استرعا ذئبا فقد ظلم من ولي غشوما (1) فقد اضطهد هذا، هذا موقف صدق ومقام أنطق فيه بحقي، وأكشف الستر والغمة عن ظلامتي. يا معشر المجاهدين المهاجرين والأنصار أين سبقت تيم وعدي إلى سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة، ألا كانت يوم الإيواء، إذ تكانفت (2) الصفوف، وتكاثرت الحتوف، وتقارعت السيوف. أم هلا خشيا فتنة الإسلام يوم ابن عبد ود، وقد نفح (3) بسيفه، وشمخ بأنفه وطمح بطرفه، ولم لم يشفقا على الدين وأهله يوم بواط، إذ اسود لون الأفق، وأعوج عظم العنق، وانحل سيل العرق، ولم يشفقا يوم رضوي، إذ السهام تطير والمنايا تسير، والأسد تزأر (4). وهلا بادرا يوم العشيرة، إذ الأسنان تصطك، والأذان تستك (5)، والدروع تهتك وهلا كانت مبادرتهما يوم بدر، إذ الأرواح في الصعداء (6) ترتقي والجياد بالصناديد ترتدي (7) والأرض من دماء الأبطال ترتوي.
(1) الغشم: الظلم. (2) اكتنفه أحاط به، وكانفه عاونه - البحار. (3) قال الجوهري: نفحه بالسيف تناوله من بعيد. (4) قوله عليه السلام (تزأر) الزرء والزئير: صوت الأسد من صدره والفعل كضرب ومنع وسمع، وفي بعض النسخ بالياء، ولعله على التخفيف بالقلب لرعاية السجع - البحار. (5) الاستكاك: الصمم - البحار. (6) الصعد: المشقة، أو هو بالمد بمعنى ما يصعد عليه. (7) قوله عليه السلام (ترتدي) لعله عليه السلام شبه وقوعهم بعد القتل على أعناق الجياد بارتدائها بهم، أو هو افتعال من الردى وهو الهلاك، وإن لم يأت فيما عندنا من كتب اللغة - البحار. 196 ولم لم يشفقا على الدين يوم بدر الثانية؟ والرعابيب (1) ترعب، والأوداج تشخب، والصدور تخصب، أم هلا بادرا يوم ذات الليوث، وقد أبيح التولب (2) واصطلم (3) الشوقب (4)، وأدلهم الكوكب. ولم لا كانت شفقتهما على الإسلام يوم الكد؟ والعيون تدمع، والمنية تلمع، والصفايح (5) تنزع. ثم عدد وقائع النبي (صلى الله عليه وآله) كلها على هذا النسق، وقرعهما بأنهما في هذه المواقف كلها كانا مع النظارة والخوالف والقاعدين، فكيف بادرا الفتنة بزعمهما يوم السقيفة؟ وقد توطأ الإسلام بسيفه، واستقر قراره وزال حذاره. ثم قال بعد ذلك كلمة: ما هذه الدهماء (6) والدهياء وردت علينا من
(1) قوله عليه السلام (والرعابيب ترعب) قال الفيروزآبادي: الرعبوب الضعيف الجبان، وجارية رعبوبة ورعبوب ورعبيب بالكسر شطبة تارة، أو بيضاء حسنة رطبة حلوة، أو ناعمة، ومن النوق طياشة. وفي (قب) والدعاس ترعب، من الدعس، وهو الطعن، والمداعسة: المطاعنة - البحار. (2) قوله عليه السلام (وقد أبيح التولب) التولب: ولد الحمار، وهو كناية عن كثرة الغنائم أو الأسارى على الاستعارة وفي (قب): وقد أمج التولب. إما بتشديد الجيم من أمج الفرس إذا بدأ بالجري قبل أن يضطرم، وأمج الرجل إذا ذهب في البلاد. أو بالتخفيف من أمج كفرح إذا سار شديدا، ولعله على الوجهين كناية عن الفرار، والنسخة الأولى أظهر وأنسب البحار. (3) الاصطلام: الاستيصال - البحار. (4) الشوقب: الرجل الطويل والواسع من الحوافر، وخشبتا القتب اللتان تعلق فيهما الجبال - البحار. (5) قوله عليه السلام (والصفايح تنزع) في بعض النسخ (تربع) من ربع الإبل إذا سرحت في المرعى وأكلت حث شاءت وشربت، وكذلك الرجل بالمكان - البحار. (6) الدهماء: الفتنة المظلمة. والدهياء: الداهية الشديدة - البحار. 197 قريش، أنا صاحب هذه المشاهد، وأبو هذه المواقف، وهذه الأفعال. يا معشر المهاجرين والأنصار إني على بصيرة من أمري، وعلى ثقة من ديني اليوم أنطقت الخرساء البيان، وفهمت العجماء الفصاحة، وأتيت العمياء بالبرهان هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، قد توافقنا على حدود الحق والباطل، وأخرجتكم من الشبهة إلى الحق، ومن الشك إلى اليقين. فتبرؤا رحمكم الله ممن نكثوا البيعتين، وغلب الهوى به فضل، وأبعدوا رحمكم الله ممن أخفى العذر، وطلب الحق من غير أهله فتاه، والعنوا رحمكم الله من انهزم الهزيمتين، إذ يقول الله (إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله) (1) وقال (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) (2). أغضبوا رحمكم الله على من غضب الله عليهم وتبرؤا رحمكم الله ممن يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، ترتفع يوم القيامة ريح سوداء تخطف من دوني قوما من أصحابي من عظماء المهاجرين، فأقول: أصيحابي فيقال: محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. وتبرؤا رحمكم الله من النفس الضال من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال فيقولوا: ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين، ومن قبل أن يقولوا: يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو يقولوا: وما أضلنا إلا المجرمين، أو يقولوا ربنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا.
(1) سورة الأنفال: 15. (2) سورة التوبة: 25. 198 إن قريشا طلبت السعادة فسقيت، وطلبت النجاة فهلكت، وطلبت الهداية فظلت. إن قريشا قد أضلت أهل دهرها ومن يأتي من بعدها من القرون، إن الله تبارك اسمه وضع إمامتي في قرآنه فقال: (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما (1)) (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (2)) وقال (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور (3)). وهذه خطبة طويلة. واعلم أن كل ما احتججنا به وسائر الشيعة إنما أصله من كلامه صلوات الله عليه، هو الذي أعطاه الله من الفضل والقوة ما صلح به أن يصير أخا لرسول الله (صلى الله عليه وآله). تلك المكارم لاقعيان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا وقد قال صلوات الله عليه في بعض مقاماته كلاما لو لم يقل غيره لكفى قوله صلوات الله عليه: أنا ولي هذا الأمر دون قريش. لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الولاء لمن أعتق، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعتق الرقاب من النار، وبعتقها من السيف، وهذان لما اجتمعا كانا أفضل من عتق الرقاب من الرق. فما كان لقريش على العرب برسول الله (صلى الله عليه وآله) كان لبني هاشم على قريش، وما كان لبني هاشم على قريش برسول الله (صلى الله عليه وآله) كان لي على بني هاشم، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه (4).
(1) سورة الفرقان: 64. (2) سورة الفرقان: 74. (3) سورة الحج: 41. (4) عنه البحار 8 / 169 - 172 من الطبعة الحجرية: 8. 199 ترجمة عثمان وكيفية قتله 20 - وفي الثامن عشر من ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين من الهجرة قتل عثمان بن عفان بن الحكم بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي، وهو أول خلفاء بني أمية (1). كنيته أبو عمرو، وأبو عبد الله، وأبو ليلى، مولده في السنة السادسة بعد عام الفيل بعد ميلاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقليل، مدة ولايته اثنا عشر سنة إلا أياما. قتل بالسيف وله يومئذ اثنتان وثمانون سنة، وقيل: ست وثمانون سنة، وأخرج من الدار وألقى على بعض مزابل المدينة، لا يقدم أحد على مواراته خوفا من المهاجرين والأنصار، حتى احتيل لدفنه بعد ثلاث، فأخذ سرا فدفن في حش كوكب، وهي مقبرة كانت لليهود بالمدينة، فلما ولى معاوية بن أبي سفيان وصلها بمقابر أهل الإسلام. 21 - وفي هذا اليوم بعينه بايع الناس أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعد عثمان ورجع الأمر إليه في الظاهر والباطن، واتفقت الكافة طوعا بالاختيار (2). 22 - وفي هذا اليوم فلح موسى بن عمران على السحرة، وأخزى الله عز وجل فرعون وجنوده من أهل الكفر والضلال. وفيه نجى الله تعالى إبراهيم (عليه السلام) من النار، وجعلها بردا وسلاما، كما نطق به القرآن. وفيه نصب موسى بن عمران (عليه السلام) وصيه يوشع بن نون، ونطق بفضله على رؤوس الاشهاد.
(1) إلى هنا عنه البحار 98 / 194. (2) عنه البحار 98 / 194. 200 وفيه أظهر عيسى وصيه شمعون الصفا. وفيه أشهد سليمان بن داود (عليهما السلام) سائر رعيته على استخلاف آصف وصيه عليه السلام ودل على فضله بالآيات والبينات، وهو يوم كثير البركات (1). 23 - وذكر ابن عبد البر في الإستيعاب: أن أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بي قصي، وأمها البيضاء أم حكيم بنت المطلب عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يشهد بدرا ولا بيعة الرضوان بالحديبية. قال: كثر المال في زمن عثمان، حتى بيعت جارية بوزنها. وفرس بمائة ألف درهم، ونخلة بألف درهم. قال ابن عمر: لقد عتبوا على عثمان أشياء لو فعلها عمر ما عتبوا عليه. قام عمرو بن العاص إلى عثمان، وهو يخطب الناس، فقال: يا عثمان إنك قد ركبت بالناس المهامة وركبوها، فتب الله عز وجل وليتوبوا. قال: فالتفت إليه عثمان فقال: وإنك هنا يا ابن النابغة، ثم رفع يديه واستقبل القبلة وقال: أتوب إلى الله، اللهم أنا أول تائب إليك. كان يصغر لحيته، ويشد أسنانه بالذهب. قال ابن عمر: أذنب عثمان ذنبا عظيما يوم التقى الجمعان بأحد، فعفى الله عنه وأذنب فيكم ذنبا صغيرا فقتلتموه. بويع عثمان يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام، وقتل بالمدينة يوم الجمعة لثمان عشرة، أو سبع عشرة خلت من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين من الهجرة. وقيل: في وسط أيام التشريق وقيل: قتل على رأس أحد عشرة سنة وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما
(1) عنه البحار 98 / 194. 201 من مقتل عمر بن الخطاب، وعلى رأس خمس وعشرين من متوفى رسول الله (صلى الله عليه وآله). وقيل: قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية، سنة خمس وثلاثين. وقيل: قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة. وحاصروه تسعة وأربعين يوما. وقيل: حاصروه شهرين وعشرين يوما وكان أول من دخل إليه الدار محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته، فقال: دعها يا ابن أخي فوالله لقد كان أبوك يكرمها، فاستحى وخرج. ثم دخل رومان بن سرحان، عداده في مراد، وهو من ذي أصبح معه خنجر فاستقبله به وقال: على أي دين أنت يا نعثل؟ فقال: لست بنعثل ولكني عثمان وأنا على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، قال له: كذبت، وضربه على صدغه الأيسر فقتله فخر، وأدخلته امرأته نائلة بينها وبين ثيابها وكانت امرأة جسيمة. ودخل رجل من أهل مصر معه السيف مصلتا، فقال: والله لأقطعن أنفه، فعالج المرأة فكشفت عن ذراعيها وقبضت على السيف فقطع إبهامها. وبقي عثمان يومه كذلك مطروحا إلى الليل فحمله رجال على باب ليدفنوه فعرض لهم ناس ليمنعوهم من دفنه. واختلف في من باشر قتله بنفسه، فقيل: محمد بن أبي بكر، ضربه بمشقص وقيل: سودان بن حمران، وقيل: رومان اليماني. وقيل: رومان رجل من بني أسد بن خزيمة. وقيل: إن محمد بن أبي بكر أخذ بلحيته فهزها وقال: ما أغنى عنك معاوية وما أغنى عنك ابن أبي سرحان، وما أغنى عنك ابن عامر، وأشار إلى من معه
202 فطعنه أحدهم فقتلوه. قال كنانة مولى صفيه بنت حي بن أخطب: شهدت مقتل عثمان، فاخرج من الدار أمامي أربعة من شباب قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرؤن عن عثمان، الحسن بن علي (عليهما السلام)، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان ابن الحكم، وعبد الله بن عمر، و عبد الله بن سلام، وأبو هريرة، وزيد ثابت في طائفة من الناس، فيهم المغيرة بن الأخنس، ويومئذ قتل المغيرة قبل قتل عثمان قتله رجل من أهل مصر يقال له: جبلة بن الأبهم، ثم طاف بالمدينة ثلاثا يقول: أنا قاتل نعثل. قيل: قتل وهو ابن ثمانين سنة. وقيل: ابن ثمان وثمانين سنة. وقيل: ابن تسعين سنة. وقيل: ابن ست وثمانين سنة. وقيل: ابن اثنين وثمانين سنة. قال المعتمر بن سليمان قال: سمعت حميد الطويل قال: قيل لأنس بن مالك إن حب علي وعثمان لا يجتمعان في قلب واحد، فقال أنس: كذبوا والله لقد اجتمع حبهما في قلوبنا (1).
(1) الإستيعاب 3 / 69 - 85 المطبوع على هامش الإصابة. 203 (اليوم التاسع عشر) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم خفيف، يصلح لكل شئ والسفر، فمن سافر فيه قضى حاجته، وقضيت أموره، وكل ما يريد يصل إليه، صالح للتزويج والمعاش والحوائج، وتعلم العلم، وشراء الرقيق والماشية سعيد مبارك، ولد فيه إسحاق بن إبراهيم (عليهما السلام) ومن ضل فيه أو هرب قدر عليه بعد خمسة عشر ليلة، ومن ولد فيه كان صالح الحال، متوقعا لكل خير (1). 2 - وفي رواية أخرى: أنه يوم شديد كثير شره، لا تعمل فيه عملا من أعمال الدنيا، والزم فيه بيتك، وأكثر فيه ذكر الله عز وجل، وذكر النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن مرض فيه ينجو، ولا تسافر فيه، ولا تدفع إلى أحد شيئا، ولا تدخل على سلطان ومن رزق فيه ولدا يكون سيئ الخلق (2). 3 - وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): من ولد فيه يكون مرزوقا مباركا. وقالت الفرس: يوم ثقيل. 4 - وفي رواية أخرى: أنه يحمد فيه لقاء الملوك والسلاطين لطلب الحوائج
(1) عنه البحار 59 / 73 و 97 / 250. (2) عنه البحار 59 / 73 و 97 / 250. 204 وطلب ما عندهم، وفي أيديهم، وهو يوم مبارك. 5 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: فروردين روز اسم الملك الموكل بالأرواح وقبضها. 6 - وفي ليلة تسع عشرة ليلة رمضان يكتب وفد الحاج، ويستحب فيها الغسل، وفي ليلة الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ضرب مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد. وهذا الشهر الجديد وكل شهر. أسألك باسمك العظيم المبين. الفاضل المتفضل. الحق المبين. وباسمك الذي مشى به على ظلل الماء. كما مشى به على جاد الأرض. وباسمك الذي أشرقت له السماوات والأرض. وكسفت به الظلماء. وصلح عليه أمر الأولين والآخرين. وباسمك الأعظم المكنون المخزون عن أعين الناظرين. الذي إذا دعيت به أحبت. وإذا سئلت به أعطيت. أسألك بهذا كله وبحق محمد وآله صلى الله عليه وآله أن تجعلني من الذين إذا حدثوا صدقوا. وإذا حلفوا بروا. وإذا أعطوا شكروا. وإذا أقلوا صبروا. وإذا ذكروك استبشروا. وإذا أساؤا استغفروا. وإذا رزقوا أحسنوا. وإذا غضبوا غفروا. وإذا قدروا لم يظلموا. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الرحمن الرحيم. اللهم صل على محمد وآل محمد وأسألك يا رب
(1) عنه البحار 59 / 73 - 74 و 97 / 250 و 98 / 195. 205 يا كبير كل كبير. يا نصير. يا عليم. يا سميع. يا بصير. يا من لا شريك له ولا وزير يا خالق الشمس والقمر المنير. يا عصمة الخائف المستجير. يا مطلق المكبل الأسير. يا رازق الطفل الصغير. يا جابر العظم الكسير. يا صانع كل مصنوع. يا مؤنس كل وحيد. يا صاحب كل غريب. يا قريبا غير بعيد. يا شاهدا لا يغيب. يا غالبا غير مغلوب. يا قاصم كل جبار عنيد. أدعوك دعاء البائس الفقير دعاء المضطر الضرير. أسألك بمعاقد العز من عرشك. ومنتهى الرحمة من كتابك. وبالأسماء الحسنى الثمانية المكتوبة على نور الشمس. يا نور النور. يا مدبر الأمور. يا باعث من في القبور. يا شافي الصدور. يا منزل السور والآيات ومنزل الكتاب والزبور يا جاعل الظل والحرور. يا عالم في الصدور. يا من يسبح له الملائكة بالأبكار والظهور. يا دائم الثبات. يا مخرج النبات. يا محيي الأموات. يا منشئ العظام الدارسات يا سامع الأصوات. يا مجيب الدعوات. يا ولي الحسنات. يا رافع الدرجات. يا منزل البركات. يا خالق الأرض والسماوات. يا معيد العظام البالية بعد الموت. يا من لا يشغله شئ عن شئ ولا يخاف الفوت. يا من لا يتغير من حال إلى حال يا من لا يحتاج إلى تجشم ولا انتقال. يا من يرد بألطف الصدقة والدعاء من عنان السماء ما حتم وابرم من سوء القضاء. يا من لا تحيط به الأمكنة. ولا موضع ولا مكان. يا من لا يغيره دهر ولا زمان. يا من يجعل الشفاء فيما أراد من الأشياء. يا من يمسك رمق المدنف العميد بما قل من الغذاء. يا من يرد بأدنى الدواء ما عظم من الداء. يا عظيم الخطر. كريم الظفر. يا من له وجه لا يبلى. يا من له ملك لا يفنى. يا من له نور لا يطفى يا من فوق كل شئ عرشه. يا من في البر والبحر سلطانه. يا من في جهنم سخطه
206 يا من في الجنة رحمته. يا من في القيامة عذابه. يا من هو بالمنظر الأعلى. يا من خلقه بالمنزل الأدنى. يا من إذا وعد وفى. يا من يملك حوائج السائلين. ويعلم ما في ضمير الصامتين والمضمرين. يا من مواعيده صادقة. يا من أياديه فاضلة. يا من رحمته واسعة. يا غياث المستغيثين يا مجيب دعوة المضطرين. والمفرج عن المهمومين. يا رب الأرواح الفانية. يا رب الأجساد البالية. يا أبصر الأبصرين. يا أسمع السامعين. يا أسرع الحاسبين يا أحكم الحاكمين. يا أرحم الراحمين. يا خير الغافرين. يا أكرم الأكرمين. يا إله العالمين. يا وهاب العطايا. يا مطلق الأسارى. يا رب العزة. يا أهل المغفرة يا من لا يدرك أمره. يا من لا ينقطع عدده. يا من لا ينقطع مدده. أشهد - والشهادة لي رفعة وعدة، وهي مني سمع وطاعة، أرجو المفازة يوم الحسرة والندامة - أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك صلواتك عليه وعلى أنبيائك أجمعين، وأنه قد بلغ رسالاتك وأدى عنك ما كان واجبا عليه، وجاهد في سبيلك حتى أتاه اليقين، وأنك تعطي دائما وترزق، وتعطي وتمنع. وترفع وتضع. وتغني وتفقر. وتخذل وتنصر. وتعفو وترحم وتجاوز وتصفح عما تعلم. ولا تجور ولا تظلم. وإنك تقبض وتبسط وتثبت وتمحو. وتبدي وتعيد. وتحيي وتميت. وأنت حي لا تموت. اللهم صل على محمد وآل محمد. واهدني من عندك. وأفض علي من فضلك. وانشر علي من حمتك. وأنزل علي من بركاتك. فطال ما عودتني الحسن الجميل. وأعطيتني الكبير الجزيل. وسترت بما يرضيك عني. وأبرء به سقمي. ووسع رزقي من عندك. وسلامة شاملة في بدني وبصيرة نافذة في ديني ودنياي. وأعني على استغفارك قبل أن يفنى الأجل وينقطع العمل. وأعني على الموت وكربته وعلى القبر ووحشته وعلى الصراط وزلته وعلى يوم
207 القيامة وروعته. وأسألك يا رباه نجاح العمل عند انقطاع الأجل. وقوة في سمعي وبصري. واستعملني فيما علمتني وفهمتني. فإنك الرب الجليل. وأنا العبد الذليل وشتان ما بيننا يا حنان يا منان. يا ذا الجلال والاكرام. اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك والصبر على بليتك. والخروج من الدنيا إلى رحمتك. اللهم خر لي واختر لي. اللهم حسن خلقي. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت. اللهم آت نفسي نقها وزكها. وأنت خير من زكاها وأنت وليها ومولاها. اللهم واقية كواقية الوليد. اللهم إليك انتهت الأماني يا صاحب العافية. تقبل توبتي. واغسل حوبتي اللهم إني أسألك عيشة سوية. وميتة تقية. وموتا غير مخز ولا فاضح. فإنك أهل النفع وأهل المغفرة. برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: الحمد لله بما حمد الله به نفسه، ولا إله إلا الله بما هلل الله به نفسه، وسبحان الله بما سبح الله به نفسه في عرشه ومن تحته، والحمد لله بما حمد الله به نفسه وخلقه، والله أكبر بما كبر الله به نفسه وخلقه وعرشه ومن تحته، وسبحان الله بما سبح الله به خلقه، والحمد لله منتهى علمه ومبلغ رضاه، حمدا لا نفاد له ولا انقضاء والحمد لله بما حمد الله به خلقه، وأكبر بما كبر الله به خلقه، وسبحان الله بما سبح به خلقه، ولا إله إلا الله بما هلل الله به خلقه. والحمد لله بما حمد الله به ملائكته، ولا إله إلا الله بما هلل الله به ملائكته والله أكبر بما كبر الله به ملائكته، والحمد لله بما حمد الله به سماواته وأرضه، ولا
208 إله إلا الله بما هلل الله به سماواته وأرضه، وأكبر بما كبر الله به سماواته وأرضه، وسبحان الله بما سبح الله به سماواته وأرضه، والحمد لله بما حمد به رعده وبرقه ومطره، والله أكبر بما كبره رعده وبرقه ومطره، وسبحان الله بما سبحه به رعده وبرقه ومطره، ولا إله إلا الله بما هلله به رعده وبرقه ومطره، والحمد لله بما حمد به كرسيه وكل شئ أحاط به علمه، وسبحان الله بما سبحه به كرسيه وكل شئ أحاط به علمه، والله أكبر بما كبره به كرسيه وكل شئ أحاط به علمه، والحمد لله بما حمده به بحاره بما فيها، والله أكبر بما كبره بحاره بما فيها، وسبحان الله بما سبحه بحاره بما فيها، ولا إله إلا الله بما هلله بحاره بما فيها. والحمد لله منتهى علمه ومبلغ رضاه وما لا نفاد له، ولا إله إلا الله منتهى علمه ومبلغ رضاه وما لا نفاد له، اللهم وصل على سيدنا محمد النبي الأمي وأهل بيته الطاهرين، اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما صليت ورحمت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم إني أسألك على أثر تهليلك وتمجيدك وتسبيحك وتحميدك وتكبيرك وتكثير الصلاة على نبيك أن تغفر لي ذنوبي كلها صغيرها وكبيرها، وسرها وعلانيتها، قديمها وحديثها، ما أحصيته وأنسيته أنا من نفسي أيام حياتي، ما علمت منها وما لم أعلم وما أخطيت. يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحمن يا رحمن، يا رحيم يا رحيم يا رحيم، أن توفقني للأعمال الصالحة، حتى تتوفاني عليها على أحسن الأحوال، واستعدني في جميع الآمال، لا تفرق بيني وبين العافية والمعافاة أبدا ما أبقيتني، ولا تقتر علي رزقي، واجعله اللهم واسعا علي عند كبر سني، واقتراب أجلى، واقض لي بالخيرة في جميع الأمور، وصلى الله على محمد وآل محمد وسلم تسليما.
209 الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة الجديدة، وكل ليلة، وهذا الشهر وكل شهر، أسألك من حلمك لجهلي ومن فضلك لفاقتي، ومن مغفرتك لخطيئتي، فصل على محمد وآله، وامنن علي بذلك، ولا تكلني إلى قلبي، ولا تردني على عقبي، ولا تزل قدمي، ولا تقفل علي قلبي، ولا تختم فمي، ولا تسقط عملي، ولا تزل نعمتك عني ولا تشمت بي عدوي، ولا تسلط علي الشيطان، فيغويني ويزلني ويهلكني، وتفضل علي برحمتك، يا أرحم الراحمين وخير الغافرين، إنك كل شئ قدير (1).
(1) عنه البحار 97 / 250 - 254. 210 (اليوم العشرون) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم جيد مبارك، يصلح لطلب الحوائج والسفر، فمن سافر فيه كانت حاجته مقضية، والبناء، والتزويج والدخول على السلطان وغيره. 2 - وفي رواية أخرى: أنه ولد فيه إسحاق (عليه السلام) محمود العاقبة، جيد لطلب الحوائج، طالب فيه بحقك، وازرع ما شئت، ولا تشتر فيه عبدا. 3 - وفي رواية أخرى: يجتنب فيه شراء العبيد. 4 - وفي رواية أخرى: إنه يوم متوسط الحال، صالح للسفر والبناء ووضع الأساس وحصاد الزرع، وغرس الشجر والكرم، واتخاذ الماشية، من هرب فيه كان بعيد الدرك، ومن ضل فيه خفي أمره، ومن مرض فيه صعب مرضه. 5 - وفي رواية: من مرض مات، ومن ولد فيه يكون في صعوبة من العيش ويكون ضعيفا. 6 - وفي رواية أخرى: من ولد فيه كان حليما فاضلا. 7 - وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام من سافر فيه رجع سالما غانما وقضى الله حوائجه، وحصنه من جميع المكاره.
211 وقالت الفرس: إنه يوم خفيف مبارك. 8 - وفي رواية أخرى: إنه يوم محمود يحمد فيه الطلب للمعاش والتوجه بالانتقال والأشغال والأعمال الرضية، والابتداءات للأمور. 9 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: بهرام روز (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم وكل يوم، وهذا الشهر وكل شهر، أسألك بأحب وسائلك إليك وأعظمها وأقربها منك، أن ترزقني قبول التوابين، وتوبة الأنبياء وصدقهم، ونية المجاهدين وثوابهم، وشكر المصطفين ونصحهم، وعمل الذاكرين وتعبدهم، وإيثار العلماء وفقههم، وتعبد الخاشعين وذلهم، وحكم العلماء وبصيرتهم وخشية المتقين ورغبتهم، وتصديق المؤمنين وتوكلهم، ورجاء الخائفين المحسنين وبرهم. اللهم فصل على محمد وآل محمد، وتفضل علي بذلك كله وأعذني من شماتة الأعداء ومن درك الشقاء، ومن سوء المنظر والمنقلب، في النفس والأهل والمال والولد، ولا تؤاخذني بظلمي. ولا تطبع علي قلبي، واجعلني خيرا ممن ينظرني، وألحقني بمن هو خير مني. برحمتك يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم يا ودود يا حميد. يا ذا العرش المجيد. يا مبدئ يا معيد. يا فعالا لما يريد. أسألك بنور وجهك الكريم. الذي ملأ أركان عرشك. وأسألك بقدرتك التي قدرت بها أحوال خلقك. وبرحمتك التي وسعت كل شئ. لا إله إلا أنت يا مغيث. يا إلهي إن لم أدعك فتستجيب لي. فمن ذا الذي أدعوه
(1) عنه البحار 59 / 74 - 75 و 97 / 255. 212 فيستجيب لي. إلهي إن لم أتضرع إليك فترحمني. فمن ذا الذي أتضرع إليه فيرحمني. إلهي إن لم أسألك فتعطيني. فمن ذا الذي أسأله فيعطيني. إلهي إن لم أتوكل عليك فتكفيني. فمن ذا الذي أتوكل عليه فيكفيني. إلهي أسألك باسمك العظيم الأعظم الأكرم. إلهي أسألك بالاسم الذي فلقت به البحر لموسى عليه السلام ونجيته من الغرق. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد. وأن تنجيني من كل هم وغم وضيق. وارزقني العافية. واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الأرض وما يخرج منها. وما ينزل من السماء وما يعرج فيها. اللهم إني أعوذ بكلماتك التامات كلها من شر كل ما خلقت وذرأت وبرأت. اللهم يا حافظ الذكر بالذكر. احفظني بما حفظت به الذكر. وانصرني بما نصرت الرسول. اللهم إني أسألك يا من لا يشغله سمع عن سمع. يا من لا يغلطه المسائل. يا من لا يبرمه إلحاح الملحين عليه. أذقني برد عفوك. وحلاوة مغفرتك. والفوز بالجنة. والنجاة من النار. برحمتك يا أرحم الراحمين. يا ذا المعروف الدائم الذي لا يحصيه أحد سواك. يا من لا يحفظه أحد غيرك. اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا. اعتصمت بالله وحده. واستجرت بالله، وتوكلت على الله، واستعنت بالله. ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم يا من له وجه لا يبلى. يا من الكرسي منه ملاء. يا من إذا سئل أعطى، يا من قال اسألوني أستجب لكم. أسألك يا سيدي يا من إذا قضى أمضى، يا عظيم الرجاء، يا حسن البلاء، يا إله الأرض والسماء اصرف عني القضاء والبلاء، وشماتة الأعداء، ولا تحرمني جنة المأوى. استجرت بذي القوة والقدرة والملكوت، واعتصمت بذي العزة والعظمة
213 والجبروت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، ورميت من يؤذيني بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إنك ملك، وإنك على كل شئ قدير، وبالأمور خبير، فمهما تشاء من أمر يكن، اغفر لي وارحمني وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم. اللهم إني أسألك رحمة من عندك، تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها العمى عني، وتصلح بها ديني. وتحفظ غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلقنني بها رشدي وتعصمني بها من كل سوء، اللهم إني أسألك أن تعطيني إيمانا صادقا، ويقينا ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف الآخرة، وكرامتك في الدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك النور عند اللقاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، وارزقني الصبر على البلاء، اللهم اصرف عني الأعداء، اللهم أنزلت بك حاجتي وإن قصر رأيي بضعف عملي، وافتقرت إلى رحمتك، وأسألك يا ماضي الأمور، يا من هو عدل لا يجور، يا شافي الصدور، وكل ما يجري في البحور، ولن يجيرني أحد من النار غيرك لأنك بي مالك، يا شافي من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور. اللهم من قصر عنه رأيي، وضعف عملي عنه، ولم يسعه نيتي ولا قوتي من خير وعدته أحدا من عبادك، أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك، فإني أرغب إليك فيه وأسألكه (1) يا رب العالمين. اللهم اجعلنا هادين مهديين غير ضالين ولا مضلين، حربا لأعدائك، سلما لأوليائك، نحب من يحبك من الناس، ونعادي من يعاديك من خلقك ممن خالفك. اللهم هذا الدعاء وعليك الإجابة، وهذا الجد والاجتهاد والجهد، وعليك
(1) في الأصل: وأسألك هو. 214 التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ذا الحبل الشديد، والأمر الرشيد أسألك الأمن يوم الوعيد، والخير يوم الخلود، ومع المقربين الشهود، والركع السجود، والموفين بالعهود، إنك رحيم ودود، إنك تفعل ما تريد. سبحان من تعطف بالعز ونال به، سبحان الذي لبس المجد وتكرم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان ذي القدرة والكرم، سبحان الذي أحصى كل شئ بعلمه، اللهم اجعل لي نورا في قلبي، ونورا في سمعي، ونورا في بصري، ونورا في شعري، ونورا في بشري، ونورا في لحمي، ونورا في دمي، ونورا في عظامي، ونورا من بين يدي، ونورا من خلفي، ونورا عن يميني، ونورا عن شمالي، ونورا من فوقي، ونورا من تحتي اللهم زدني نورا وأعطني نورا، واجعل لي نورا، برحمتك يا أرحم الراحمين وخير الغافرين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، صلاة نبلغ بها رضوانك والجنة، وننجو بها من سخطك والنار اللهم ابعث نبينا محمدا مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، وصلى الله على محمد وآله وسلم عليه وعلى آله وسلم. اللهم واخصص محمدا بأفضل قسم الفضائل، وبلغه أفضل السؤدد، ومحل المكرمين، اللهم وخص محمدا بالذكر المحمود، والحوض المورود، اللهم شرف محمدا بمقامه، وشرف بنيانه، وعظم برهانه، وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه، واحشرنا في زمرته، غير خزايا ولا نادمين، ولا شاكين ولا مبدلين، ولا ناكثين ولا مرتابين، ولا جاحدين ولا مفتونين، ولا ضالين ولا مضلين، قد
215 رضينا الثواب، وأمنا العقاب نزلا من عندك، إنك أنت العزيز الحكيم الوهاب. اللهم صل على محمد وآل محمد إمام الخير. وقائد الخير. والداعي إلى الخير. وعظم بركته على جميع العباد والبلاد. والدواب والشجر. يا أرحم الراحمين. بركة يوفى على جميع العباد. اللهم أعط محمدا من كل كرامة أفضل تلك الكرامة، ومن كل نعمة أفضل تلك النعمة، ومن كل يسر أفضل من ذلك اليسر، ومن كل عطاء أفضل من ذلك العطاء، ومن كل قسم أفضل ذلك القسم، حتى لا يكون أحد من خلقك أقرب منه مجلسا، ولا أحظى عندك منه منزلا، ولا أقرب منك وسيلة، ولا أعظم لديك وعندك شرفا، ولا أعظم عليك حقا ولا شفاعة من محمد صلواتك عليه وعلى آله، في برد العيش والبشر، وظل الروح، وقرار النعمة، ومنتهى الفضيلة، وسرور الكرامة، وسؤددها، ورجاء الطمأنينة، ومنى اللذات، ولهو الشهوات وبهجة لا تشبه بهجات الدنيا. اللهم آت محمدا الوسيلة، وأعطه أعظم الرفعة، والوسيلة والفضيلة، واجعل في عليين درجته، وفي المصطفين محبته، وفي المقربين ذكره وذكر داره، فنحن نشهد أنه بلغ رسالاتك، ونصح لعبادك، وتلا آياتك، وأقام حدودك، وصدع بأمرك، وبين حكمك وأنفذه، ووفى بعهدك، وجاهد في سبيلك، وعبدك حق عبادتك حتى أتاه اليقين، وأنه أمر بطاعتك وعمل بها وائتمر بها، ونهى عن معصيتك وانتهى عنها، ووالى أولياءك بالذي تحب أن يوالي أولياءك، وعادى عدوك بالذي تحب أن يعادي عدوك، فصلواتك على سيدنا محمد سيد المرسلين وإمام المتقين، وخاتم النبيين، ورسول رب العالمين. اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين، اللهم صل على محمد وآل محمد في الليل إذ يغشى، اللهم صل على محمد وآل محمد في النهار إذا تجلى، وصل
216 عليه في الآخرة والأولى، وأعطه الرضا وزده بعد الرضا، اللهم أقرر عيني نبينا بمن تبعه من أمته وأزواجه وذريته وأصحابه وأهل بيته وأمته جميعا، واجعلنا وأهل بيوتنا ومن أوجبت حقه علينا الأحياء منهم والأموات، فيمن تقر به عينه، وأقرر عيوننا جميعا برؤيته، ولا تفرق بيننا وبينه. اللهم وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه، واحشرنا في زمرته وتحت لوائه، وتوفنا على ملته، ولا تحرمنا أجره ومرافقته، إنك على كل شئ قدير، وصل على محمد وآله الطيبين الأخيار، والسلام عليه وعلى آله ورحمة الله وبركاته. اللهم رب الموت والحياة ورب السماوات والأرض، والعالمين، وربنا ورب آبائنا الأولين، وربنا ورب آبائنا الآخرين، أنت الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ملكت الملوك بعزتك وقدرتك، واستعبدت الأرباب بقدرتك وعزتك، وسدت العظماء بجودك، وبددت الأشراف بتجبرك، وهددت الجبال بعظمتك، واصطفيت المجد والكبرياء والفخر والكرم لنفسك، وأقام الحمد والثناء عندك، وجل المجد والكرم بك. ما بلغ شئ مبلغك، ولا قدر شئ قدرك، ولا يقدر على شئ من قدرتك غيرك ولا يبلغ عزيز عزك سواك، أنت جار المستجيرين، ولجأ اللاجين، ومعتمد المؤمنين وسبيل حاجة الطالبين والصالحين. اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا نبي الرحمة أن تصرف عني فتنة الشهوات وأسألك أن ترحمني وثبتني عند كل فتنة مضلة، أنت إلهي وموضع شكواي ومسألتي، ليس مثلك أحد، ولا يقدر قدرتك أحد، أنت أكبر وأجل وأكرم وأعز وأعلى وأعظم وأجل وأمجد وأفضل وأحلم، وما يقدر الخلائق على صفتك أنت كما وصفت به نفسك، يا مالك يوم الدين. اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك تحب أن تدعى به، وبكل دعوة دعاك
217 بها أحد من خلقك من الأولين والآخرين فاستجبت له بها، أن تغفر لي ذنوبي كلها، صغيرها وكبيرها، قديمها وحديثها، سرها وعلانيتها، ما علمت منها وما لم أعلم، وما أحصيت علي منها وحفظته ونسيته أنا من نفسي أيام حياتي، وأن تصلح أمر ديني ودنياي صلاحا باقيا على كل شئ من رغائبي إليك وحوائجي ومسائلي لك، اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الأخيار الأبرار المبرئين من النفاق أجمعين يا رب العالمين. الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة الجديدة وكل ليلة. ورب هذا اليوم الجديد وكل يوم ورب هذا الشهر وكل شهر. فإنك أمرت بالدعاء. وتكفلت بالإجابة فاسمع دعائي وتقبل مني. وأسبغ علي نعمتك. وارزقني صبرا على بليتك. ورضا بقدرك. وتصديقا لوعدك. وحفظا لوصيتك. ووصل ما أمرت به أن يوصل إيمانا بك وتوكلا عليك. واعتصاما بحبلك. وتمسكا بكتابك. ومعرفة بحقك. وقوة على عبادتك ونشاطا لذكرك وعملا بطاعتك أبدا ما أبقيتني. فإذا كان ما لا بد منه الموت فاجعل منيتي قتلا في سبيلك بيد شرار خلقك مع أحب خلقك إليك من الأمناء المرزوقين عندك. يا أرحم الراحمين (1). 10 - وفي يوم العشرين من رمضان سنة ثمان من الهجرة كان فتح مكة (2) وهو عيد لأهل الإسلام، ومسرة بنصرة الله تعالى نبيه (عليه السلام)، وإنجاز له ما وعده من الإبانة عن حقه. وإبطال عدوه. ويستحب فيه التطوع بالخيرات. ومواصلة ذكر
(1) عنه البحار 97 / 255 - 261. (2) عنه البحار 21 / 111. 218 الله تعالى. والشكر له على جليل الأنعام (1). 11 - وفي اليوم العشرين صفر سنة إحدى وستين. أو اثنتين وستين على اختلاف الرواية به في قتل مولانا الحسين (عليه السلام) كان رجوع حرم مولانا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورضي عنه وأرضاه، من المدينة إلى كربلاء، لزيارة قبر الحسين (عليه السلام) وكان أول من زاره من الناس (2). نبذة من أحوال الصديقة الطاهرة عليها السلام وكيفية ولادتها: 12 - في تاريخ المفيد: وفي اليوم العشرين من جمادى الآخر، سنة اثنين من المبعث، كان مولد السيدة الزهراء فاطمة عليها السلام، وهو يوم شريف متجدد فيه سرور المؤمنين. ويستحب فيه التطوع بالخيرات والصدقة على المساكين. وكذا في كتاب المصباح. وفي رواية أخرى: سنة خمس من المبعث، والجمهور يرون أن مولدها قبل المبعث بخمس سنين (3). 13 - وفي الدر: إن فاطمة عليها السلام ولدت بعد ما أظهر الله نبوة أبيها صلى الله عليه وآله بخمس سنين، وقريش تبني البيت. وروي أنها ولدت عليها السلام في جمادى الآخرة يوم العشرين منه، سنة خمس وأربعين من مولد النبي (صلى الله عليه وآله).
(1) عنه البحار 98 / 195. (2) عنه البحار 98 / 195. (3) المصباح ص 733. 219 في المناقب: روي أن فاطمة عليها السلام ولدت بمكة بعد المبعث بخمس سنين، وبعد الإسراء بثلاث سنين، في العشرين من جمادى الآخرة (1). وولدت الحسن عليهما السلام ولها اثنتا عشرة سنة، وقيل: إحدى عشرة سنة بعد الهجرة، وكان بين ولادتها الحسن وبين حملها بالحسين عليهم السلام خمسون يوما. وروي أنها ولدت بعد خمس سنين من ظهور الرسالة ونزول الوحي (2). في عام بناء البيت الحرام بمكة الذي كان أخربه أبرهة بن الصباح ملك الحبشة، وهو الجلندي بن كركر صاحب الفيل. 14 - قيل: بينا النبي (صلى الله عليه وآله) جالس بالأبطح ومعه عمار بن ياسر، والمنذر بن الضحضاح، وأبو بكر، وعمر، وعلي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب وحمزة بن عبد المطلب، إذ هبط عليه جبرئيل (عليه السلام) في صورته العظمى، قد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب. فناداه: يا محمد العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحا، فشق ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان لها محبا وبها وامقا. قال: فأقام النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين يوما، يصوم النهار ويقوم الليل، حتى إذا كان في آخر أيامه تلك، بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر، وقال قل لها: يا خديجة لا تظني أن انقطاعي عنك هجرة ولا قلى، ولكن ربي عز وجل أمرني بذلك لينفذ أمره، فلا تظني يا خديجة إلا خيرا، فإن الله عز وجل ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم مرارا، فإذا جنك الليل فأجيفي الباب، وخذي مضجعك من فراشك، فإني في منزل فاطمة بنت أسد، فجعلت خديجة تحزن في كل يوم مرارا لفقد رسول
(1) المناقب 3 / 357. (2) من أوله إلى هنا عنه البحار 98 / 196 ومن قوله (وفي الدر) إلى هنا 16 / 77 - 78. 220 الله (صلى الله عليه وآله). فلما كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرأك السلام، وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته. قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل وما تحفة رب العالمين وما تحيته؟ قال: لا علم لي. قال: فبينا النبي (صلى الله عليه وآله) كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس أو قال: إستبرق، فوضعه بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله)، وأقبل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا محمد يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام. فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد إلى الإفطار، فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي (صلى الله عليه وآله) على باب المنزل، وقال: يا ابن أبي طالب إنه طعام محرم إلا علي. قال علي (عليه السلام): فجلست على الباب، وخلا النبي (صلى الله عليه وآله) بالطعام، وكشف الطبق فإذا عذق من رطب وعنقود من عنب، فأكل النبي (صلى الله عليه وآله) منه شبعا وشرب من الماء ريا، ومد يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل، وغسل يده ميكائيل، وتمندله إسرافيل، وارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء. ثم قام النبي (صلى الله عليه وآله) ليصلي، فأقبل عليه جبرئيل وقال: الصلاة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها، فإن الله عز وجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة، فوثب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى منزل خديجة. قالت خديجة رضوان الله عليها: وكنت قد ألفت الوحدة، فكان إذا جنتني الليل غطيت رأسي وأسجفت ستري وغلقت بأبي وصليت وردي وأطفأت مصباحي
221 وآويت إلى فراشي. فلما كان في تلك الليلة أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقرع الباب، فناديت: من هذا الذي يقرع حلقه لا يقرعها إلا محمد (صلى الله عليه وآله). قالت خديجة: فنادى النبي (صلى الله عليه وآله) بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه: افتحي يا خديجة فإني محمد. قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي (صلى الله عليه وآله) وفتحت الباب، ودخل النبي المنزل، وكان من أخلاقه (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المنزل دعا بالاناء فتطهر للصلاة ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجر فيهما ثم يأوي إلى فراشه، فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالاناء، ولم يتأهب بالصلاة، غير أنه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه وداعبني ومازحني، وكان بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها، فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء ما تباعد عني النبي (صلى الله عليه وآله) حتى حسست بثقل فاطمة في بطني (1). 15 - وفيه (2) عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): كيف كانت ولادة فاطمة عليها السلام؟ قال: نعم إن خديجة رضوان الله عليها لما تزوج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكة، فكن لا يدخلن عليها ولا يسلمن عليها، ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة من ذلك، فلما حملت بفاطمة عليها السلام صارت تحدثها في بطنها وتصبرها. وكانت خديجة تكتم ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل يوما وسمع خديجة تحدث فاطمة، فقال لها: يا خديجة من يحدثك؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني.
(1) عنه البحار 16 / 78 - 80. (2) أي: وفي كتاب الدر. 222 فقال لها: هذا جبرئيل يبشرني أنها أنثى، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمة في الأمة، يجعلهم خلفاؤه في أرضه بعد انقضاء وحيه. فلم تزل خديجة رضي الله عنها على ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجهت إلى نساء قريش ونساء بني هاشم يجئن ويلين منها ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها عصيتينا ولم تقبلي قولنا، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا. فاغتمت خديجة لذلك فبينا هي كذلك، إذ دخل عليها أربع نسوة طوال، كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن، فقال لها إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك، ونحن أخواتك: أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم، وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه صفراء بنت شعيب، بعثنا الله تعالى إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء. فجلست واحدة عن يمينها والأخرى عن يسارها والثالثة من بين يديها والرابعة من خلفها. فوضعت خديجة فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة، فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور. فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها، فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة وقنعتها بالأخرى. ثم استنطقتها، فنطقت فاطمة عليها السلام بشهادة أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وأن ولدي سيد الأسباط.
223 ثم سلمت عليهن، وسمت كل واحدة منهن باسمها، وضحكن إليها وتباشرن الحور العين، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم، فلذلك سميت الزهراء عليها السلام. وقالت: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها فتناولتها خديجة عليها السلام فرحة مستبشرة، فألقمتها ثديها فشربت فدر عليها، وكانت عليها السلام تنمي في كل يوم كما ينمي الصبي في شهر، وفي شهر كما ينمي الصبي في سنة صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها (1). 16 - ومناقبها أكثر من أن تحصى، رواها الموافق والمخالف، وأنا أذكر طرقا يسيرا عن مولانا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي صلوات الله عليهم أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عليها أعمى فحجبته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة حجبتيه وهو لا يراك؟ فقالت: يا رسول الله إن لم يكن يراني فأنا أراه وهو يشم الريح، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): أشهد أنك بضعة مني (2). 17 - وعن مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن فاطمة عليها السلام قالت: دخل علي علي أبي طالب وبه كآبة شديدة فقلت له: ما هذه الكآبة؟ فقال: سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن مسألة لم يكن عندنا لها جواب، فقالت: وما هي؟ قال: سألنا عن المرأة ما هي؟ فقلنا: عورة، فقال: متى تكون أدنى من ربها؟ فلم ندر. قالت: ارجع إليه فاعلمه أن أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها، فانطلق فأخبره، فقال له: ما ذا من تلقاء نفسك، فأخبره أن فاطمة عليها السلام أخبرته، فقال:
(1) من أول قوله (في الدر) إلى هنا عنه البحار 16 / 77 - 81. (2) نوادر الراوندي ص 13 - 14، البحار 43 / 91. 224 صدقت، فاطمة بضعة مني (1). 18 - وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سألها ما خير النساء؟ قالت: أن لا يرين الرجال ولا يروهن، فسمع النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك فقال: إنها بضعة مني (2). 19 - وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: قال جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ملعون ملعون من يظلم بعدي فاطمة ابنتي ويغصبها حقها ويقتلها. ثم قال: يا فاطمة البشرى، فلك عند الله مقام محمود تشفعين فيه لمحبيك وشيعتك، فتشفعين يا فاطمة لو أن كل نبي بعثه الله وكل ملك قربه الله شفعوا في مبغض لك غاصب لك ما أخرجه الله من النار أبدا. 20 - ذكر الغزالي في الجزء السادس من كتاب إحياء علوم الدين قال: روي عن عمران بن الحصين أنه قال: كانت لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزلة وجاه فقال لي يوما: يا عمران لك عندنا منزلة وجاها، فهل لك في عيادة فاطمة بنت رسول الله؟ فقلت: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فقام وقمت معه حتى وقف بباب فاطمة، فقرع الباب وقال: السلام عليكم أأدخل؟ فقالت: ادخل بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال لها: ومن معي؟ قالت ومن معك يا رسول الله. ثم قالت: والذي بعثك بالحق ما علي عباءة، قال: اصنعي بها هكذا وهكذا وأشار بيده، فقالت: هذا جسدي قد واريته فكيف برأسي؟ فألقى إليها ملاءة كانت عليه خلقة، فقال: شدي بها على رأسك. ثم أذنت له فدخل، فقال: السلام عليكم يا ابنتاه كيف أصبحت؟ فقالت: أصبحت والله وجعة وزادني وجعا على ما بي أني لست أقدر على طعام آكله فقد
(1) نوادر الراوندي ص 14. البحار 43 / 92. (2) البحار 43 / 54. 225 أجهدني (1) الجوع. فبكى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال لها: لا تجزعي يا ابنتي فوالله ما ذقت طعاما منذ ثلاث وإني لأكرم على الله منك، ولو سألت الله ربي لأطعمني، ولكن آثرت الآخرة على الدنيا. ثم ضرب بيده على منكبها وقال لها: أبشري فوالله إنك لسيدة نساء أهل الجنة، فقالت: أين آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران؟ فقال: آسية سيدة نساء عالمها، ومريم سيدة نساء عالمها، وخديجة سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك، إنك (2) في بيوت من قصب لا أذى فيها ولا صخب. ثم قال لها: اقنعي بابن عمك، فوالله لقد زوجتك سيدا في الدنيا وسيدا في الآخرة (3). 21 - من كتاب الدر وكتاب مواليد الأئمة (4) عليهم السلام اسمها: فاطمة، والمرضية. والمباركة. والطاهرة. والزكية. والرضية. والمحدثة. والزهراء. والبتول. وأم الحسن. وأم الحسين. وأم الأئمة. والحصان. والحوراء. والسيدة والصديقة. ومريم الكبرى. فاطمة فطمت من الشرك. وفطم من أحبها من النار. ومحدثة لأن الملائكة كانوا ينادونها يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ويحدثهم
(1) في المصدر: أضر بي. (2) في المصدر: انكن. (3) إحياء علوم الدين 4 / 197 - 198. (4) مواليد الأئمة ص 10. 226 ويحدثونها. فقالت لهم ذات ليلة: ما السبب المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: إن مريم كانت سيدة نساء عالمها، إن الله عز وجل جعلك سيدة نساء عالمك وسيدة نساء الأولين والآخرين. سميت الزهراء لأن الله عز وجل خلقها من نور عظمته، فلما أشرقت أضاءت السماوات والأرض بضوء نورها، وغشت أبصار الملائكة وخروا ساجدين وقالوا الهنا ما هذا النور؟ فأوحى الله إليهم هذا نور من نوري أسكنته في سمائي وخلقته من عظمتي، أخرجه من صلب نبي من أنبيائي، أفضله على جميع الأنبياء وأخرج من ذلك النور أئمة يقومون بأمري، ويهدون إلى خلقي، واجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وعدي (1). 22 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تطمث ولم تحض وإنما سماها فاطمة، لأن الله عز وجل فطمها ومحبيها من النار (2). 23 - وعنه صلوات الله عليه: إن فاطمة خلقت حورية أنسية، وإن بنات الأنبياء لا يحضن (3).
(1) البحار 43 / 12. (2) البحار 43 / 13. (3) البحار 43 / 25. 227 (اليوم الحادي والعشرين) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: إنه يوم نحس مستمر يصلح فيه إراقة الدماء، فاتقوا فيه ما استطعتم، ولا تطلبوا فيه حاجة، ولا تنازعوا فيه، فإنه ردئ منحوس مذموم، ولا تلق فيه سلطانا وتتقيه، فهو يوم ردئ لسائر الأمور، ولا تخرج من بيتك، وتوق ما استطعت، وتجنب فيه اليمين الصادقة، وتجنب فيه الهوام، فإن من يلسع فيه مات، ولا تواصل فيه أحدا، فهو أول يوم أريق فيه الدم، وحاضت فيه حواء، ومن سافر فيه لم يرجع، وخيف عليه ولم يربح، والمريض يشتد علته ولم يبرأ، ومن ولد فيه يكون محتاجا فقيرا. 2 - وفي رواية أخرى: من ولد فيه يكون صالحا. قالت الفرس: إنه يوم جيد. 3 - وفي رواية أخرى: يصلح فيه إهراق الدم، لا تطلب فيه حاجة، ويتقى فيه من الأذى. 4 - وفي رواية أخرى: يكره فيه سائر الأعمال، والفصد، والحجامة، ولقاء الأجناد، والقواد، والساسة. 5 - قال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: رام روز (1).
(1) عنه البحار 59 / 76 - 77 و 97 / 261 - 262. 228 العوذة في أوله: أعوذ بالله السميع العليم. الذي ليس كمثله شئ. وهو على كل شئ قدير وبكل شئ عليم. رب الملائكة المقربين. ورسلك الأنبياء المرسلين. ورب الخلائق أجمعين. أسألك بأسمائك الحسنى. وآلائك الكبرى. وقدرتك العظمى وكلماتك العليا. بها تحيي وتميت. وتعلم ما في السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى. من شر هذا اليوم ونحسه وما يليه. وجميع آفاته وطوارقه وأحداثه. ودفعت ذلك كله بعلم الله وقوته. وبقدرته ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. صرفت ذلك بالعزائم المحكمات. والآيات العاليات. وبالأسماء المباركات بالحي القيوم القائم على كل نفس بما كسبت. وهو على كل شئ قدير. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين. اللهم وصل على ملائكتك المقربين. وعلى جميع أنبيائك المرسلين اللهم وهذا يوم خلقته بقدرتك وكونته بكينونتك. اجعل ظاهرة السلامة. وباطنه الخير والكرامة. خلقته كما أردت. ولطفت فيه كما أحببت. وأحسنت فيه وأنعمت. ومننت فيه وأفضلت. وتقدست فيه. وتعززت فيه واحتجبت. وتعاليت وتعاظمت وأغنيت وأفقرت وملكت وقهرت. فتعاليت يا ربنا عن ذلك علوا كبيرا وتعاليت عن ذلك يا حنان يا منان. عصمتنا بنبيك محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) من الشرك والطغيان. والمعاصي والآثام. فعليه منك أفضل تحية وسلام. فلقد أكرمتنا بعز الإسلام. وبدعوة نبينا محمد صلواتك عليه. الذي حفظتنا من زلازل الأرض. وبقيت الدنيا ببقية ولده الأئمة الأطهار الأخيار.
229 اللهم اجعل هذا اليوم شاهدا لنا نعمل فيه بطاعتك. وسهل لنا رزقك وفضلك واسترنا بسترك وعافيتك وامتنانك. واجعلنا من الذين آثرتهم بتوفيقك ورعايتك وسامحنا بلطفك وعفوك. اللهم احفظنا من القبائح والعيوب. وفرج عنا كل مكروب. واجعل طلبتنا للحق. فأنت خير مطلوب. اللهم أطلق ألسنتنا بذكرك. ولا تنسنا شكرك. ولا تحرمنا أجرك. اللهم وقنا جميع المخاوف والشدائد. ولا تشمت بنا عدوا ولا حاسدا فإني لبابك قاصد. وعليك عاقد. ولك راكع وساجد. ولما أوليت وأنعمت من معروفك شاكر. يا من يعلم سري وعلانيتي ارحم خطيئتي. اللهم ارحم عبدا تذلل لك. وخضع لعظمتك. فلا ترده خائبا من لطفك. اللهم بارك لي في هذا اليوم. وأوسع رزقي. واغفر لي ذنبي. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم وهذا اليوم الحادي والعشرون من شهرك العظيم الجليل الكريم. خلقته بآلائك. وجعلت الرغبة فيه طلبا لثوابك. فتوحدت فيه بالوحدانية. وتفردت فيه بالصمدانية. وتقدست فيه بالأسماء العليا (1). ذلت فيه لعظمتك الرقاب ودانت بقدرتك فيه الأمور الصعاب. وتاه في عز سلطانك أولوا الألباب. إلهي وسيدي ومولاي قصدتك لما ضاقت على المسالك. ووقعت في بحر المهالك. لعلمي بأنك تجيب الداعي. وتسمع سؤال السائلين. بسطت إليك كفا هي ضائقة مما جنيته من الخطايا وجلة. فيا من يعلم سريرتي وعلانيتي. ارحم ضعفي ومسكنتي. وتغمدني بعفوك ومغفرتك في دنياي وآخرتي. فلا تكلني إلا إليك. فإنك رجائي وأملي وعدتي وإليك مفزعي. وأنت غياثي. وبك ملاذي وبابك للطالبين مفتوح. وأنت مشكور ممدوح. اللهم صل على محمد وآل محمد. ووفقني للأعمال الصالحة والتجارة
(1) في الأصل: العلية. 230 الرابحة. وسلوك المحجة الواضحة. واجعله أفضل يوم جاء علينا بالخير والبركة ولا تشمت بي عدوا ولا حاسدا. أنت الواحد الأحد الصمد السيد السند. إلهي استرني يوم تبلى السرائر. واحفظني مما منه أحاذر. وكن لي ساترا وراحما. اللهم اجعلني من الصالحين الأخيار الأتقياء الأبرار. وأسكني جنانك في دار القرار مع المصطفين الأخيار. وارحم ضعفي. وحرم جسدي على النار يا عزيز يا جبار يا حليم يا غفار. اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني. اللهم صل على محمد وآل محمد. وهذا اليوم خلق جديد. فافتحه علي بطاعتك. واختمه علي بمغفرتك ورضوانك. وارزقني فيه حسنة تقبلها مني وزكها وضاعفها لي. وما عملت فيه من سيئة فاغفرها لي. إنك غفور رحيم. جواد كريم ودود. اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك نفع ما أرجو. وأصبح الأمر بيد غيري وأصبحت مرتهنا بعملي. فلا فقير أفقر مني اللهم لا تشمت بي عدوي. ولا تشوه وجهي عند صديقي. ولا تجعل مصيبتي في ديني. ولا تجعل الدنيا أكبر همى. ولا تسلط علي من لا يرحمني. حسبي الله تبارك وتعالى، وأستغفر الله عز وجل، حسبي الله تبارك وتعالى لدنياي، حسبي الله الكريم الله القوي الشديد لمن جازاني بسوء، حسبي الله الكريم عند الموت، حسبي الله الرؤف عند المسألة في القبر، حسبي الله الكريم عند الحساب، حسبي الله اللطيف عند الميزان، حسبي الله العزيز القدير القدوس عند الصراط، حسبي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم. اللهم يا عالم الخفيات، رفيع الدرجات، ذو العرش تلقي الروح من أمرك
231 على من تشاء من عبادك، يا غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا أنت الملك البصير الكريم. يا هادي المضلين، وراحم المذنبين، ومقيل عثرات العاثرين، ارحم عبدك، يا ذا الخطر العظيم، والمسلمين كلهم أجمعين. واجعلني مع الأحياء المرزوقين، الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، آمين رب العالمين. يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا تشتبه عليه الأصوات، ولا يغلطه السائلون ولا تختلف عليه اللغات، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أذقنا برد عفوك، وحلاوة مغفرتك، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، برحمتك يا أرحم الراحمين ويا خير الغافرين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: اللهم إنك جعلتني من الذين يؤمنون بالغيب، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ومما رزقناهم ينفقون، فاجعلني على هدى منك، واجعلني من المهتدين ولقني الكلمات التي لقنت آدم (عليه السلام) وتبت عليه، إنك أنت التواب الرحيم اللهم خلقتني في من يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، اللهم فاجعلني ممن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، واجعلني من الخاشعين في الصلاة، الذين يستعينون بالصبر والصلاة واجعلني من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. اللهم اجعلني من الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، واجعل علي منك صلاة ورحمة، واجعلني من المهتدين، اللهم ثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولا تجعلني من الظالمين، اللهم اجعلني من الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم، ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون، اللهم اجعلني من الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، واجعلني من الذين اتقوا
232 والذين هم محسنون، سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجب لي ونجني من النار، يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلني من المحسنين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمين الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، اللهم اجعلني من الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، اللهم اجعلني من الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، والذين هم بشهاداتهم قائمون، والذين هم على صلواتهم يحافظون، اللهم اجعلني من الوارثين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون، الذين هم من خشيتك مشفقون. اللهم إنك جعلتني من الذين هم بآياتك يؤمنون، والذين هم بربهم لا يشركون اللهم واجعلني من الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون، اللهم اجعلني من الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون، اللهم اجعلني من حزبك فإن حزبك هم الغالبون المفلحون، اللهم اجعلني من جندك فإن جندك هم الغالبون، اللهم اسقني من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، اللهم اسقني من تسنيم عينا يشرب بها المقربون، اللهم إني ظلمت نفسي، وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين، اللهم سؤالي التيسير بعد التعسير، اللهم يسر لي اليسير بعد العسير، واجعل لي أجرا غير ممنون. ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيآتنا وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد، اللهم اجعل وارفع لي عندك درجة ومغفرة ورحمة ورزقا كريما، اللهم اجعلني من الذين يوفون بعهدك ولا ينقضون الميثاق
233 ومن الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب اللهم اجعلني من الذين صبروا ابتغاء وجه الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية، ويدرؤن بالحسنة السيئة، وممن جعلت لهم عقبى الدار، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. الدعاء آخره: اللهم رب هذه الليلة الجديدة وكل ليلة. وهذا الشهر وكل شهر. صل على محمد وآل محمد. وتولني في ليلي ونهاري وصباحي ومسائي (1) وظعني. ولا تبتليني في هذه الليلة بغرق ولا حرق ولا شرق. ونجني من طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك من حلمك لجهلي. ومن فضلك لفاقتي. ومن سعة مغفرتك لخطاياي. فصل على محمد وآل محمد. وامنن علي بذلك. ولا تكلني إلى نفسي. ولا تردني على عقبي. ولا تزل قدمي. ولا تغفل قلبي. ولا تختم على فمي ولا تسقط عملي. ولا تزل عني نعمتي. ولا تشمت بي عدوا. ولا تسلط الشيطان علي فيهلكني. وامنن علي بالجنة والرحمة. والأمن والعافية. والسعادة في الدنيا والآخرة. برحمتك يا أرحم الراحمين (2). 6 - وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان قبل الهجرة بستة أشهر كان الإسراء برسول الله (صلى الله عليه وآله). وقيل: في السابع عشر من شهر رمضان ليلة السبت. وقيل: ليلة الاثنين من شهر ربيع الأول بعد النبوة بسنتين (3).
(1) في الأصل: ومنامي. (2) عنه البحار 97 / 262 - 267. (3) عنه البحار 18 / 319، برقم: 33. 234 7 - وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان رفع عيسى بن مريم عليه السلام (1) وفيها من رمضان قبض موسى بن عمران (عليه السلام)، وفي مثلها قبض وصيه يوشع بن نون (2). نبذة من أحوال أمير المؤمنين عليه السلام وكيفية شهادته: 8 - في الارشاد: إن ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ضرب ابن ملجم لعنه الله لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالسيف، وقبض قبل الفجر ليلة الجمعة حادي وعشرين رمضان سنة أربعين (3). 9 - في كتاب الذخيرة: جرح أمير المؤمنين عليه السلام لتسع عشرة ليلة مضت (4) من شهر رمضان سنة أربعين، وتوفي (عليه السلام) في ليلة الثاني والعشرين منه. وفي كتاب الحجة: قتل في شهر رمضان لسبع بقين منه ليلة، سنة أربعين من الهجرة. وفي التحفة: في شهر رمضان سنة أربعين. وفي التذكرة: حادي وعشرين رمضان سنة أربعين. وفي الكافي: ليلة الأحد حادي وعشرين رمضان سنة أربعين من الهجرة (5). وفي كتاب عتيق: ليلة الأحد لسبع بقين من رمضان سنة أربعين. في مواليد الأئمة (عليهم السلام): ليلة الأحد لتسع بقين من شهر رمضان (6).
(1) عنه البحار 14 / 335، برقم: 2. (2) عنه البحار 13 / 376، برقم: 22. (3) الارشاد ص 12. (4) في الأصل: خلت. (5) أصول الكافي 1 / 452. (6) مواليد الأئمة ص 3. 235 في كتاب أسماء حجج الله: قبض في إحدى وعشرين ليلة من رمضان في عام الأربعين. وفي تاريخ المفيد: وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان سنة أربعين من الهجرة وفاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. وقيل: يوم الاثنين لتسع عشر من رمضان، سنة إحدى وأربعين بالكوفة. دفن بالغري، وعمره (عليه السلام) ثلاث وستون سنة. كان مقامه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد البعثة ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة مشاركا له في محنه كلها، محتملا عنه أثقاله، وعشر سنين بعد الهجرة بالمدينة، يكافح (1) عنه المشركين، ويجاهد دونه الكافرين، ويقيه بنفسه، فمضى صلى الله عليه وآله ولأمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاث وثلاثون سنة، وكانت إمامته (عليه السلام) ثلاثون سنة، منها أربع وعشرون سنة ممنوع من التصرف للتقية والمداراة، ومنها خمس سنين وأشهر ممتحنا بجهاد المنافقين. وقيل: مدة ولايته أربع سنين وتسعة أشهر. وقيل: عمره (عليه السلام): أربع وستون سنة وأربع شهور وعشرون يوما. وقيل: قتل (عليه السلام) في شهر رمضان لتسع مضين منه. وقيل: لتسع بقين منه، ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة (2) وهو أول هاشمي ولده هاشم مرتين. 10 - في كتاب تذكرة الخواص ليوسف الجوزي قال أحمد في الفضائل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أتدري من أشقى الأولين والآخرين؟ قلت: الله ورسوله أعلم، فقال: من يخضب هذه من هذه - يعني: لحيته من هامته.
(1) أي: يدافع. (2) عنه البحار 42 / 200، برقم: 2. 236 11 - قال الزهري: وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يستبطئ القاتل، فيقول: متى يبعث أشقاها؟ وقال: قدم على أمير المؤمنين وفد من الخوارج من أهل البصرة، فيهم رجل يقال له: الجعد بن نعجة، فقال له: يا علي اتق الله فإنك ميت، فقال له: بل أنا مقتول بضربة على هذا، فتخضب هذه - يعني: لحيته من رأسه - عهد معهود وقضاء مقضي، وقد خاب من افترى. وعاتبه ابن نعجة في خشونة لباسه، فقال: هو أبعد من الكفر، وأجدر أن يقتدي به المسلم. 12 - عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري، وكان أبو فضالة من أهل بدر قتل بصفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال فضالة: خرجت مع أبي عائدا أمير المؤمنين (عليه السلام) من مرض أصابه بالكوفة وقد أبل منه. فقال له أبي: ما يقيمك هاهنا بين أعراب جهينة؟ تحمل إلى المدينة، فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك. فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد إلي أن لا أموت حتى تخضب هذه من هذه - أي: لحيته من هامته. 13 - قال أبو الطفيل عامر بن وائلة: دعا أمير المؤمنين الناس إلى البيعة، فجاءه عبد الرحمن ملجم المرادي، فرده مرتين، ثم أتاه فقال: ما يحبس أشقاها ليخضبن أو ليصبغن هذه من هذه، ثم تمثل: اشدد حيازيمك للموت * فإن الموت لاقيك ولا تجزع من الموت * إذا حل بواديك فإن الدرع والبيضة * يوم الروع يكفيك 14 - ذكر ابن سعد في الطبقات: أن أمير المؤمنين عليه السلام لما جاء ابن ملجم
237 وطلب البيعة منه فرسا أشقر، فحمله عليه فركبه، فأنشد أمير المؤمنين (عليه السلام): أريد حباءه ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد 15 - عن أبي مجلز (1) قال: جاء رجل من مراد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يصلي في المسجد، فقال له: احترس، فإن أناسا من مراد يريدون قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين، يحفظانه مما لم يقدر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإن الأجل جنة حصينة. 16 - وقال الشعبي: أنشد أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل أن يستشهد بأيام: تلكم قريش تمناني لتقتلني * فلا وربك ما فازوا ولا ظفروا فإن بقيت فرهن ذمتي لهم * وإن عدمت فلا يبقى لها أثر وسوف يورثهم فقدي علي وجل * ذل الحياة بما خانوا وما غدروا 17 - عن محمد بن عبيدة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما يحبس أشقاكم أن يجئ فيقتلني، اللهم قد سئمتهم وسئموني فأرحهم مني وأرحني منهم. قالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا بالذي تخضب هذه من هذه نبيد عشيرته، فقال: إذن والله تقتلون بي غير قاتلي (2). 18 - قال أهل السير: اجتمع ثلاثة من الخوارج عبد الرحمن بن ملجم، وهو من حمير وقيل: من مضر. والبرك بن عبد الله التميمي الصريمي، واسمه الحجاج، وعمرو بكر التميمي (3) السعدي بمكة عند انقضاء الموسم فتذاكروا قتلى النهروان الذي قتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبكوا وترحموا عليهم، وقالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم، فإنهم إخواننا لن يأخذهم في الله لومة لائم. ثم تذكروا
(1) كذا في المصدر، وفي الأصل: أبي محلف. (2) إلى هنا مختصرا عنه البحار 42 / 195 - 196، و 222 - 223. (3) في المصدر: السهمي. 238 ما لقي الناس يوم الجمل وصفين بين علي عليه السلام ومعاوية وعمرو بن العاص. ثم قالوا: لو شرينا أنفسنا وقتلنا أئمة الضلالة وأرحنا المسلمين والبلاد منهم وثأرنا بهم إخواننا، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم ابن أبي طالب، وقال البرك: وأنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو: وأنا لعمرو بن العاص. فدخلوا الكعبة وتحالفوا فيها وتعاهدوا وتعاقدوا أن لا ينكص أحد منهم عن صاحبه الذي توجه إليه يقتله، أو يقتل دونه. ثم أخذوا سيوفهم فسموها، وتعاهدوا أن يكون الاجتماع في سابع وعشرين من شهر رمضان، وقصد كل واحد منهم الجهة التي توجه إليها. فأما ابن ملجم فقصد الكوفة، فتلقى أصحابه من الخوارج، فكاتمهم ما يريد وكان يزورهم ويزورونه وهو ساكت، مخافة أن يظهر شئ مما قدم له، فزار يوما أصحابا له من بني تيم الرباب، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قتل منهم يوم النهروان عدة. فرأى منهم امرأة يقال لها: قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قتل أباها وأخاها يوم النهروان، وكانت فائقة الجمال، فعشقها وأخذت بمجامع قلبه وعقله، ونسي الأمر الذي قدم لأجله، فخطبها. فقالت: أشرط عليك شروطا، فقال: ما هي؟ قالت: ثلاثة آلاف درهم، وعبدا وقينة، وقتل علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال: لك ما سألت من الدراهم والعبد والقينة، وأما قتل علي فما أراك ذكرتيه لي وأنت تريدينني، لأني لا أقدر عليه. فقالت: التمس غرته، فإن أصبته شفيت نفسي ونفسك ونفعك العيش معي وأخذت بثار الأحبة، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها وأبقى.
239 فقال لها: والله ما قدمت إلا لهذا، وفيها يقول الشاعر (1): ولم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام بيننا غير معجم ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وقتل علي بالحسام المصمم ثم دخل بها فازداد لها عشقا، فقالت له: والله لا تساكنني حتى تقتل عليا. ثم قالت: سأطلب لك رجلا يساعدك على أمرك، فأرسلت إلى وردان بن مجالد، من تيم الرباب، من قومها في ذلك، فأجابها ثم استعان ابن ملجم برجل من الخوارج يقال له: شبيب بن بجرة، فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: قتل علي، فقال له: ثكلتك أمك لقد جئت شيئا نكرا، قال: ولم؟ قال: كيف تصل إليه؟ قال: أكمن له في المسجد، فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه وإن نجونا فقد شفينا أنفسنا وأدركنا ثارنا، وإن قتلنا فما عند الله خير، فأجابه. وكانت قطام قد اعتكفت في المسجد في قبة قريبة من القبلة، فجاء ابن ملجم وشبيب ووردان ليلة الجمعة، فدخلوا القبة، فكمنوا فيها، وعصبتهم قطام بالحرير فأخذوا سيوفهم، ثم خرجوا وقت السحر، فجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها أمير المؤمنين، وكان الأشعث بن قيس مواطئا على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) لأن حجر بن عدي كان نائما في المسجد، فسمع الأشعث بن قيس يقول لهم: ويحكم اسرعوا فقد فضحكم الصبح، فصاح به حجر ويحك يا أعور ما تقول، ثم جاء إلى أمير المؤمنين ليخبره، ففاته وخرج من مكان آخر فقتل (عليه السلام). فلما خرج أمير المؤمنين يريد صلاة الفجر، أقبلن الأوز يصحن في وجهه، فقال: إنهن نوايح. فلما حصل في المحراب، وثبوا وصاح ابن ملجم لعنه الله، ومن الناس
(1) وهو وهب بن منبه. 240 من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله، الحكم لله لا لك يا ابن أبي طالب، ثم ضربه على هامته. فصاح أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يفوتنكم الكلب، فشدوا عليه فأخذوه، وقتل وردان، ونجى شبيب. فصاحت أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) يا عدو الله لا بأس على أبي والله يجزيك وبكت، فقال لها ابن ملجم: فعلام تبكين، فوالله لقد ضربته بسيف اشتريته بألف وسممته بألف درهم، فإن خانني فأبعده الله، والله لو كانت هذه الضربة بأهل مضر لما بقي منهم أحد. ثم تأخر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن المحراب، وقدم جعدة بن هبيرة، فصلى بالناس الفجر، ودخل علي (عليه السلام) القصر، وقيل: حمل على أكتاف الرجال، ثم قال: علي بالرجل، فأدخل عليه، فقال له: يا عدو الله ألم أحسن إليك (1)؟ قال: بلى، قال: فما حملك على هذا؟ والله لقد كنت أعلم أنك قاتلي، وإنما أحسنت إليك لأستظهر بالله عليك. ثم قال لبنيه: يا بني إن هلكت فالنفس بالنفس، اقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيا. وفي رواية: وإن عشت فضربة بضربة أو أعفو. وصاحت زينب بنت أمير المؤمنين يا ملعون قتلت أمير المؤمنين، فقال: إنما قتلت أباك، ثم حبسوه (2). 19 - واختلف في الليلة التي استشهد فيها: أحدها: آخر الليلة السابع عشرة من شهر رمضان، صبيحة الجمعة بمسجد الكوفة الجامع، قاله ابن عباس.
(1) أشار عليه السلام إلى إحسانه إليه وحمله على الأشقر، كما تقدم. (2) تذكرة الخواص ص 172 - 177. 241 الثاني: ليلة إحدى وعشرين من رمضان، فبقي الجمعة ثم يوم السبت، وتوفي ليلة الأحد، قاله مجاهد. والثالث: إنه قتل في الليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان، قاله الحسن البصري، وهي ليلة القدر، وفيها عرج بعيسى بن مريم (عليه السلام)، وفيها توفي يوشع ابن نون، وهذا أشهر (1). 20 - قال الواقدي: آخر كلمة قالها أمير المؤمنين (عليه السلام): يا بني إذا مت فألحقوا بي ابن ملجم لعنه الله أخاصمه عند رب العالمين، ثم قرأ (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) الآية. 21 - ولما توفي (عليه السلام) غسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وقيل: محمد بن الحنفية، وقيل: إنه لم يغسل، لأنه سيد الشهداء. قيل: كفن في ثلاثة أثواب بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة، وكان عنده من بقايا حنوط رسول الله صلى الله عليه وآله فحنطوه بها، وصلى عليه ولده الحسن (عليه السلام) وكبر عليه خمسا، وقيل: ستا، وقيل: سبعا (2). 22 - كان له (عليه السلام) سبعة وعشرون ذكرا وأنثى: الحسن، والحسين، وزينب الكبرى المكناة بأم كلثوم من فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأبو القاسم محمد أمه خولة بنت جعفر بن الحنفية. وعمر، ورقية كانا توأمين أمهما الصهباء، ويقال: أم حبيب التغلبية. والعباس، وجعفر، وعثمان، وعبد الله الشهداء بكربلاء، أمهم أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كلاب بن ربيعة الكلابية، وله من أسماء بنت عميس الخثعمية يحيى وعون. وكان له من ليلى ابنة مسعود الدارمية الأصغر المكنى أبا بكر، وعبيد الله
(1) عنه البحار 42 / 201، برقم 4. (2) عنه البحار 42 / 254، برقم 56. 242 وكان له خديجة، وأم هاني، وميمونة، وفاطمة لأم ولد. وكان له من أم شعيب الدارمية - وقيل: أم مسعود المخزومية - أم الحسن، ورملة. وأعقب لأمير المؤمنين (عليه السلام) من البنين خمسة: الحسن والحسين (عليهما السلام) ومحمد والعباس وعمر رضي الله عنهم (1). 23 - من تذكرة الخواص لابن الجوزي: النسل من ولد مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) لخمسة: الحسن، والحسين، ومحمد بن الحنفية، وعمر الأكبر والعباس الأكبر. فأما عمر الأكبر فعاش خمسا وثمانين سنة، حتى حاز نصف ميراث أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وروى الحديث، وكان فاضلا، وتزوج أسماء بنت عقيل ابن أبي طالب، فأولدها: محمد، وأم موسى، وأم حبيب. وأما العباس، فأول من استشهد مع الحسين (عليه السلام). قال الزبير بن بكار: كان للعباس ولد اسمه عبد الله، كان من العلماء، فمن ولده: عبيد الله بن علي إبراهيم بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان عالما فاضلا جوادا، طاف الدنيا وجمع كتبا تسمى الجعفرية فيها فقه أهل البيت (عليهم السلام)، قدم بغداد فأقام بها وحدث، ثم سافر إلى مصر، فتوفي بها سنة اثني عشر وثلاثمائة. ومن نسل العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام) العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، فقال: قدم إليها في أيام الرشيد وصحبه وكان يكرمه، ثم صحب المأمون بعده، وكان فاضلا شاعرا فصيحا، وتزعم العلوية أنه أشعر ولد أبي طالب (2).
(1) عنه البحار 42 / 74. (2) إلى هنا عنه البحار 42 / 75. 243 قال: ودخل يوما على المأمون، فتكلم فأحسن، فقال له المأمون: والله إنك لتقول فتحسن، وتشهد فترين، وتغيب فتؤمن. قال: وجاء يوما إلى باب المأمون فنظر إليه الحاجب، ثم أطرق، فقال له العباس: لو أذن لنا لدخلنا، ولو اعتذر إلينا لقبلنا، ولو صرفنا لانصرفنا، فأما النظر الشزر والاطراق والقزة فلا أدري ما هو، فخجل الحاجب، فأنشد: وما عن رضا كان الحمار مطيتي * ولكن من يمشي سيرضى بما ركب وكان للعباس هذا إخوة علماء فضلاء: محمد، وعبيد الله، والفضل، وحمزة وكلهم بنو الحسن بن عبيد الله بن العباس (1). 24 - ذكر أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري في كتاب الإستيعاب: أن مولانا أمير المؤمنين علي أبي طالب صلوات الله عليه وآله كان أصغر ولد أبي طالب كان أصغر من جعفر بعشر سنين، وجعفر أصغر من عقيل بعشر سنين، وعقيل أصغر من طالب بعشر سنين (2). 25 - وروي عن سلمان وأبي ذر والمقداد وحباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم أنه (عليه السلام) أول من أسلم، وفضله هؤلاء على غيره. 26 - وقال ابن إسحاق: أول من آمن بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله خديجة، ومن الرجال علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو قول ابن شهاب. 27 - وروى عكرمة: عن ابن عباس قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد من الناس غيره، هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم فر غيره عنه، وهو الذي غسله وأدخله قبره.
(1) تذكرة الخواص ص 54 - 56، وعنه البحار 49 / 233. (2) إلى هنا عنه البحار 42 / 110. 244 28 - وروي عن سلمان الفارسي قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): أولكم ورودا على الحوض أولكم اسلاما علي بن أبي طالب. 29 - وعن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي بن أبي طالب: أنت ولي كل مؤمن بعدي. 30 - وعنه أنه قال: أول من صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد خديجة علي بن أبي طالب. 31 - وعنه قال: كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة. 32 - وقال ابن شهاب وعبد الله بن محمد بن عقيل وقتادة وابن إسحاق وأبو رافع: أول من أسلم من الرجال علي. 33 - عن قتادة عن الحسن قال: أسلم علي وهو وأول من أسلم، وهو ابن خمس عشرة سنة، أو ست عشرة سنة. 34 - قال أبو عمرو: أسلم علي بن أبي طالب وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل: ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل: ابن خمس عشرة، وقيل: ابن ست عشرة سنة، وقيل: ابن عشر، وقيل: ابن ثمان. 35 - عن أبي معشر (1) قال: كان علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة ابن عبيد الله في سن واحد. 36 - عن حبة بن جرير العرني قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين. 37 - عن أنس بن مالك قال: استنبئ النبي صلى الله عليه وآله يوم الاثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء، ومثله روي زيد بن أرقم.
(1) في المصدر: أبي جعفر. 245 38 - عن إسماعيل بن أياس بن عفيف الكندي عن أبيه عن جده قال: كنت امرءا تاجرا، فقدمت الحج، فأتيت العباس بن عبد المطلب لابتاع منه بعض التجارة، وكان امرءا تاجرا، فوالله إني لعنده بمنى، إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى الشمس، فلما رآها قد مالت قام يصلي. قال: ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل، فقامت تصلي خلفه، ثم خرج غلام قد راهق الحلم من ذلك الخباء، فقام معه يصلي. فقلت للعباس: من هذا يا عباس؟ قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. قلت: من هذه المرأة؟ قال: امرأته خديجة بنت خويلد. قلت: من هذا الفتى؟. قال: علي بن أبي طالب ابن عمه. قلت: ما هذا الذي يصنع؟. قال: يصلي وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الغلام، وهو يزعم أنه سيفتح على أمته كنوز كسرى وقيصر، وكان يقول وقد أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه: لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ، فأكون ثانيا مع علي. 39 - وقال علي (عليه السلام): صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا وكذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة. 40 - وأجمعوا على أنه صلى القبلتين، وهاجر وشهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد، وأنه أبلى ببدر وبأحد والخندق وخيبر بلاءا عظيما، وأنه أغني في تلك المشاهد، وقام فيها المقام الكريم.
246 وكان لواء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده في مواطن كثيرة، وكان يوم بدر بيده، دفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الراية يوم بدر إلى علي وهو ابن عشرين سنة، ذكره السراج في تاريخه. ولم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ قدم المدينة إلا تبوك، فإنه خلفه على المدينة وعلى عياله بعده في غزاة تبوك، وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. روى ذلك جماعة من الصحابة، وهو من أثبت الأخبار وأصحها، رواه جماعة من الصحابة يطول ذكرهم. 41 - عن أبي الطفيل قال: لما احتضر عمر جعلها شورى بين علي وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد، فقال لهم علي: أنشدكم الله هل فيكم أحد آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبينه إذ آخى بين المسلمين غيري؟ قالوا: اللهم لا، وكان يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب. 42 - قال أبو عمر: آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار، فقال في كل واحد منهما لعلي: أنت أخي في الدنيا والآخرة، وآخى بينه وبين نفسه قال لفاطمة: زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة، وأنه أول أصحابي اسلاما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما. 43 - روى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كل واحد منهم عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. 44 - وروى سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وسهل بن سعيد وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وعمران بن الحصين وسلمة بن الأكوع كلهم بمعنى واحد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ليس بفرار يفتح الله على يديه، ثم دعا
247 بعلي وهو أرمد، فتفل في عينيه وأعطاه الراية، ففتح الله عليه. 45 - وبعثه رسول الله إلى اليمن وهو شاب ليقضي بينهم، فقال: يا رسول الله: إني لا أدري ما القضاء؟ فضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده على صدره. وقال: اللهم اهد قلبه وسدد لسانه، قال علي: فوالله ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين. 46 - ولما نزلت آية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة وعليا وحسنا وحسينا عليهم السلام في بيت أم سلمة، وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. 47 - وروت طائفة من الصحابة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. 48 - وقال (صلى الله عليه وآله): يهلك فيك رجلان: محب مفرط، وكذاب مفتر. 49 - وقال له: تفترق فيك أمتي، كما افترقت بنو إسرائيل في عيسى. 50 - وقال (صلى الله عليه وآله): من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل. 51 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه. 52 - وقال (عليه السلام): أقضاكم علي بن أبي طالب. 53 - وقال عمر: أقضانا علي. 54 - سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن، وقال: لولا علي لهلك عمر. 55 - عن عبد الملك بن أبي سليمان قال قلت لعطاء: أكان في أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أعلم من علي بن أبي طالب؟ قال: والله ما أعلم.
(1) سورة الأحزاب: 33. 248 56 - عن جبير قال قالت عائشة: من أفتاكم بصوم عاشورا؟ قالوا: علي قالت: أما أنه أعلم الناس بالسنة. 57 - قال ابن مسعود: إن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب. 58 - عن سعيد بن وهب قال قال عبد الله: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي ابن أبي طالب. 59 - وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قلت لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: يا عم لو كان صفو الناس إلى علي، فقال: يا ابن أخي إن عليا كان له ما شئت من ضرس قاطع العلم، وكان له البسطة في العشيرة، والقدم في الإسلام، والصهر لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، والفقه في السنة، والنجدة في الحرب، والجود في الماعون. 60 - قال معاوية لضرار الصدائي: يا ضرار صف لي عليا؟ قال: اعفني يا أمير المؤمنين، قال: لتصفنه، قال: أما إذا لا بد من وصفه، فكان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته. وكان غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، كان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه (1)، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له. يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين و يقول: يا دنيا غري غيري، إلي تعرضت أم إلي تشوقت، هيهات هيهات قد
(1) في الأصل: وينشدنا إذا استنشدناه. 249 باينتك ثلاثا لا رجعة لي فيها، فعمرك قصير، وخطرك حقير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح ولدها حجرها. 61 - وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل علي بن أبي طالب عن ذلك فلما بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب، له عتبة أخوه: لا يسمع هذا منك أهل الشام، دعني عنك. 62 - عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لوفد ثقيف حين جاءه: لتسلمن أو لأبعثن رجلا مني، أو قال: مثل نفسي، فليضربن أعناقكم وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم، قال عمر: فوالله ما تمنيت الإمارة إلا يومئذ، وجعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول هو هذا، قال: فالتفت إلى علي، فأخذ بيده ثم قال: هو هذا. 63 - عن جابر قال: كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب. 64 - وسئل الحسن بن أبي الحسن البصري عن علي بن أبي طالب؟ قال: كان علي والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه، ورباني هذه الأمة، وذا فضلها، وذا سابقتها، وذا قرابتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لم يكن بالنومة عن أمر الله ولا بالملونة (1) في دين الله، ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمه، ففاز برياض مونقه، ذلك علي بن أبي طالب يا لكع. 65 - عن الثوري عن أبي قيس الأودي قال: أدركت الناس وهم ثلاث طبقات: أهل دين يحبون عليا، وأهل دنيا يحبون معاوية، وخوارج. 66 - عن عامر بن الله بن الزبير أنه سمع ابنا له ينتقص عليا، فقال:
(1) في المصدر: بالملومة. 250 يا بني إياك والعودة إلى ذلك، فإن بني مروان شتموه ستين سنة، فلم يزده الله تعالى بذلك إلا رفعة، وإن الدين لم يبن شيئا فهدمته الدنيا، وأن الدنيا لم تبن شيئا إلا عاودت على ما بنته فهدمته (1). 67 - عن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد إلى أهل اليمين يدعوهم إلى الإسلام، فكنت في من سار معه، فأقام عليهم ستة أشهر لا يجيبونه إلى شئ، فبعث النبي (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل (2) خالدا ومن اتبعه إلا من أراد البقاء مع علي فيتركه. فكنت ممن عقب مع علي، فلما انتهينا إلى أوائل اليمن وبلغ القوم الخبر فجمعوا له، فصلى بنا علي (عليه السلام) صلاة الفجر، فلما فرغ صفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه. ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد. وكتب بذلك علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما قرأ كتابه خر ساجدا، ثم جلس، فقال: السلام على همدان، وتتابع أهل اليمن الإسلام (3). 68 - عن ابن عباس قال: بينا أمشى عمر يوما، إذ تنفس نفسا ظننت أنه قد قصمت أضلاعه، فقلت: سبحان الله والله ما أخرج هذا منك إلا أمر عظيم. قال: ويحك يا ابن عباس، ما أدري ما أصنع بأمة محمد (صلى الله عليه وآله)؟! قلت: ولم؟ وأنت قادر أن تضع ذلك مكان الثقة. قال: إني أراك تقول: إن صاحبك أولى الناس بها - يعني: عليا (عليه السلام)، قلت: أجل والله إني لأقول في سابقته وعلمه وقرابته وصهره.
(1) الإستيعاب 3 / 27 - 55، المطبوع على هامش الإصابة. (2) القفول: الرجوع، وأقفله: رده وأرجعه. (3) عنه البحار 21 / 363. 251 قال: إنه كما ذكرت، ولكنه كثير الدعابة. وفي رواية: فيه دعابة. وفي رواية: لله درهم إن ولوها الأصيلع (1) كيف يحملهم على الحق؟ ولو كان السيف على عنقه. فقلت: أتعلم ذلك منه ولا توليه. قال: إن لم استخلف وأتركهم، فقد تركهم من هو خير مني. قلت: فعثمان، قال: والله لو فعلت لجعل بني أبي معيط على رقاب الناس يعملون فيهم بمعصية الله حتى يقتلوه، والله لو فعلت لفعل، ولو فعل لفعلوا، فوثب الناس إليه فقتلوه. وفي رواية: كلف (2) بأقاربه. قلت: طلحة بن عبد الله. قال: الأكنع (3) هو أزهى من ذلك، ما كان الله ليراني أوليه أمر أمة محمد (صلى الله عليه وآله) على ما هو عليه من الزهو (4). وفي رواية قال: فيه نخوة يعني كبر. قلت: الزبير بن العوام. قال: إذن كان يلاطم الناس في الصاع والمد. وفي رواية: كافر الغضب مؤمن الرضا. قلت: سعد بن أبي وقاص. قال: ليس بصاحب ذاك، صاحب مقنب (5) يقاتل به. وفي رواية: صاحب مقنب خيل. قلت: عبد الرحمن بن عوف. قال: نعم الرجل ذكرت، ولكنه ضعيف عن ذلك. وفي رواية: ذلك الرجل لين أو ضعيف. وفي رواية: ذاك رجل لو وليته
(1) الأصيلع تصغير الأصلع، وهو الذي انحسر الشعر عن رأسه - البحار. (2) كلفت بهذا الأمر أكلف به إذا أولعت به وأحببته - النهاية. (3) الأكنع الأشل، وقد كنعت أصابعه إذا يبست، وقد كانت داه أصيبت يوم أحد لما وقى بها رسول الله صلى الله عليه وآله فشلت - النهاية. (4) الزهو: الكبر والفخر - النهاية. (5) المقنب بالكسر جماعة الخيل والفرسان، وقيل: هو دون المائة، يريد أنه صاحب حرب وجيوش وليس بصاحب هذا الأمر - البحار. 252 جعل خاتمه في إصبع امرأته. والله يا ابن عباس ما يصلح هذا الأمر إلا للقوي في غير عنف واللين في غير ضعف، والجواد في غير سرف، الممسك في غير نجل. هذا آخر ما نقلت من كتاب الإستيعاب (1). 69 - روى أبو الحسن اليشكري قال: حدثني عمرو بن العلاء، قال: حدثني يونس النحوي اللغوي، قال: حضرت مجلس الخليل بن أحمد العروضي، قال: روى هذا الحديث، قال: حضرت مجلس الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان قال: وقد اسحنفر (2) في سب علي، واثعنجر (3) في ثلبه إذ خرج عليه أعرابي على ناقة له، وذفراها (4) يسيلان لاغذاذ (5) السير دما. فلما رآه الوليد لعنه الله في منظرته قال: ائذنوا لهذا الأعرابي، فإني أراه قد قصدنا. وجاء الأعرابي، فعقل ناقته بطرف زمامها، ثم أذن فدخل، فأورده قصيدة لم يسمع السامعون مثلها جودة قط، إلى أن انتهى إلى قوله: ولما أن رأيت الدهر إلى * علي ولح في إضعاف حالي وفدت إليك أبغي حسن عقبي * أسد بها خصاصات العيالي وقائلة إلى من قد رآه * يؤم ومن يرجى للمعالي فقلت إلى الوليد أؤم قصدا * وقاه الله من غير الليالي هو الليث الهصور (7) شديد بأس * هو السيف المجرد للقتال
(1) عنه البحار 8 / 352 من الطبعة الكمباني. (2) اسحنفر الرجل: مضى مسرعا. البحار. (3) يقال: ثعجرت الدم وغيره فاثعنجر، أي: صببته فانصب - البحار. (4) ذفرى البعير أصل أذنيها - البحار. (5) أغذ السير أسرع - البحار. (6) يقال: إلى يؤلى تألية إذا قصر وأبطأ - البحار. (7) الهصور: الأسد الشديد الذي يفترس ويكسر. 253 خليفة ربنا الداعي علينا * وذو المجد التليد أخو الكمال قال: فقبل مدحته وأجزل عطيته، وقال له: يا أخا العرب قد قبلنا مدحتك، وأجز لنا صلتك، فاهج لنا عليا أبا تراب. فوثب الأعرابي يتهافت قطعا (1)، ويزأر (2) حنقا، ويشمذر (3) شفقا، وقال: والله إن الذي عنيته بالهجاء لهو أحق منك بالمديح، وأنت أولى منه بالهجاء. فقال له جلساؤه: اسكت نزحك الله (4). قال: علام ترجوني؟ وبم تبشروني؟ ولما أبديت سقطا، ولا قلت شططا، ولا ذهبت غلطا، على إنني فضلت عليه من هو أولى بالفضل منه، علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، الذي تجلبب بالوقار، ونبذ الشنار (5)، وعاف (6) العار، وعمد الانصاف، وأبد الأوصاف (7)، وحصن الأطراف، وتألف الأشراف. وأزال الشكوك في الله، بشرح ما استودعه الرسول، من مكنون العلم الذي نزل به الناموس وحيا من ربه، ولم يفتر طرفا، ولم يصمت ألفا، ولم ينطق خلفا
(1) التهافت: التساقط. وقطعا جمع قطعة، وهي الطائفة من الشئ، والمراد بها هنا شطر من الكلام. (2) الزأر: صوت الأسد من صدره - البحار. (3) الشميذر: كسفرجل البعير السريع، والغلام النشيط الخفيف كالشمذارة، والسير الناجي كالشمذار والشمذر - القاموس. (4) قوله (نزحك الله) أي: أنفذ الله ما عندك من خيره - البحار. (5) الشنار: بالفتح أقبح العيب والعار. (6) عاف الشئ كرهه. (7) قوله (وأبد الأوصاف) أي: جعل الأوصاف الحسنة جارية بين الناس. أو بتخفيف الباء المكسورة من قولهم (أبد) كفرح إذا غضب وتوحش، فالمراد الأوصاف الردية - البحار. 254 الذي شرفه فوق شرفه، وسلفه في الجاهلية أكرم من سلفه، لا تعرف الماديات في الجاهلية إلا بهم ولا الفضل إلا فيهم، صفة من اصطفاها الله واختارها. فلا يغتر الجاهل بأنه قعد عن الخلافة بمثابرة من ثابر عليها، وجالد بها، والسلال المارقة، والأعوان الظالمة، ولئن قلتم ذلك كذلك إنما استحقها بالسبق تالله مالكم الحجة في ذلك، هلا سبق صاحبكم إلى المواضع الصعبة، والمنازل الشعبة والمعارك المرة، كما سبق إليها علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، الذي لم يكن بالقبعة (1) ولا الهبعة (2)، ولا مضطغنا آل الله، ولا منافقا رسول الله. كان يدرأ عن الإسلام كل أصبوحة، ويذب عنه كل أمسية ويلج في الليل الديجور المظلم الحلكوك (3)، مرصدا للعدو، هو ذل (4) تارة، وتضكضك (5) أخرى، ويا رب
(1) يقال: فبع القنفذ يقبع قبوعا أدخل رأسه في جلده، وكذلك الرجل إذا أدخل رأسه في قميصه، وامرأة قبعة طلعة تقبع مرة وتطلع أخرى، والقبعة أيضا طوير أبقع مثل العصفور يكون عنده حجرة الجرذان، فإذا فزع ورمى بحجر انقبع فيها - البحار. (2) هبع هبوعا مشى ومد عنقه. وكأن الأول كناية عن الجبن، والثاني عن الزهو والتبختر - البحار. (3) الحلكوك بالضم والفتح: الأسود الشديد السواد - البحار. (4) وهو ذل في مشيه: أسرع - البحار. (5) والضكضكة: مشية في سرعة، وتضكضك انبسط وابتهج، والأخير أنسب - البحار. 255 لزبة (1) آتية (2) قسية (3)، وأوان آن (4) أرونان (5) قذف بنفسه في لهوات وشيجة (6) وعليه زغفة (7) ابن عمه الفضفاضة (8)، وبيده خطية (9) عليها سنان لهذم (10)، فبرز عمرو بن ود القرم (11) الأود (12) والخصم الألد، والفارس الأشد، على فرس عنجوج (13)، كأنما نجر نجره باليلنجوج (14)، فضرب قونسه (15) ضربة قنع (16) منها عنقه.
(1) اللزبة: الشدة - البحار. (2) قوله (آتية) أي: تأتي على الناس وتهكهم. وفي بعض النسخ (آبية) أي: يأبى عنها الناس - البحار. (3) قوله (قسية) أي: شديدة، من قولهم (عام قسى) أي: شديد من حر أو برد - البحار. (4) قوله (آن) أي: حار، كناية عن الشدة - البحار. (5) يوم أرونان: صعب البحار. (6) قوله (وشيجة) أي: ما اشتبك من الحروب والأسلحة - البحار. (7) الزغفة: الدرع اللينة - البحار. (8) الفضفاضة: الواسعة - البحار. (9) الرماح الخطية منسوبة إلى خط موضع باليمامة - البحار. (10) اللهذم من الأسنة القاطع - البحار. (11) القرم: البعير يتخذ للفحل. والسيد - البحار. (12) الأود: الاعوجاج، والمراد به المعوج. أو هو (الأرد) بالراء والدال المشددة لردة الخصام عنه - البحار. (13) العنجوج: الفرس الجيد - البحار. (14) اليلنجوج: العود الذي يتبخر به - البحار. (15) القونس: أعلى البيضة من الحديد - البحار. (16) قنعت المرأة ألبستها القناع، وقنعت رأسه بالسود ضربا - البحار. 256 أو نسيتم عمرو بن معدي كرب الزبيدي، إذ أقبل يسحب ذلاذل درعه (1)، مدلا بنفسه قد زحزح الناس عن أماكنهم، ونهضهم عن مواضعهم، ينادي أين المبارزون يمينا وشمالا؟ فانقض عليه كسود (2) نيق (3)، أو كصيخودة (4) منجنيق، فوقصه (5) وقص القطام (6) بحجره الحمام، وأتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كالبعير الشارد، يقاد كرها وعينه تدمع، وأنفه ترمع (7)، وقلبه يجزع، هذا وكم له من يوم عصيب برز فيه إلى المشركين بنية صادقة، وبرز غيره وهو أكشف (8) أميل (9)، أجم (10) أعزل (11).
(1) ذلاذل الدرع: ما يلي الأرض من أسافله - البحار. (2) السود كأنه جمع الأسود بمعنى الحية العظيمة، وإن كان نادرا - البحار. (3) النيق بالكسر أعلى موضع من الجبل - البحار. أقول: الصحيح (السوذنيق) والكلمة واحدة، وزان زنجبيل، ويضم أوله، بمعنى الصقر والشاهين، وهو المناسب لقوله (فانقض). (4) الصيخودة كأنها بمعنى الصخرة، وإن لم نرها في كتب اللغة - البحار. (5) وقص عنقه كسرها - البحار. (6) القطام كسحاب الصقر - البحار. (6) القطام كسحاب الصقر - البحار. (7) رمع أنفه من الغضب تحرك - البحار. (8) الاكشف من ينهزم في الحرب - البحار. (9) الاميل: الجبان - البحار. (10) الاجم: الرجل بلا رمح - البحار. (11) الأعزل الرجل المنفرد المنقطع، ومن لا سلاح معه - البحار. 257 ألا وإني مخبركم بخبر، على أنه مني بأوباش (1)، كالمراطة (2)، بين لغموط (3) وحجابه، وفقامه (4)، ومغذمر (5)، ومهزمر (6)، حملت به شوهاء شهواء في أقصى مهيلها، فأتت به محضا بحتا، وكلهم أهون على علي من سعدانة بغل. أفمثل هذا يستحق الهجاء، وعزمه الحاذق، وقوله الصادق، وسيفه الفالق. وإنما يستحق الهجاء من سامه إليه، وأخذ الخلافة، وأزالها عن الوارثة، وصاحبها ينظر إلى فيئه، وكأن الشبادع (7)، تلسبه (8)، حتى إذا لعب بها فريق بعد فريق، وخريق (9)، بعد خريق، اقتصروا على ضراعة الوهز (10)، وكثرة الابز (11)، ولو ردوه إلى سمت الطريق، والمرت (12)، البسيط، والتامور (13)، العزيز، ألفوه قائما، واضعا
(1) الأوباش: الاخلاط والسفلة - البحار. (2) المراطة: ما سقط في التسريح أو النتف - البحار. (3) اللغموط: لم أجده في اللغة، وفي القاموس: اللعمط كزبرج المرأة البذية. ولا يبعد كون الميم زائدة، واللغط: الأصوات المختلفة والجبلة - البحار. (4) فقم فلان: بطر وأشر، والأمر لم يجر على استواء - البحار. (5) غذمره باعه جزافا، والغذمرة: الغضب، والصخب، واختلاط الكلام والصياح والمغذمر: من يركب الأمور، فيأخذ من هذا ويعطي هذا، ويدع لهذا من حقه - البحار. (6) الهزمرة: الحركة الشديدة، وهزمره عنف به - البحار. (7) الشبادع: جمع الشبدع بالدال المهملة كزبرج، وهو العقرب - البحار. (8) يقال: لسبته الحية وغيرها كمنعه وضربه لدغنه - البحار. (9) المراد بالخريق من يخرق الدين ويضيعه. وكان يحتمل النون فيهما، فالفرنق كقنفذ الردى. والخرنق كزبرج الردى من الأرانب - البحار. (10) الوهز: الوطئ، والدفع، والحث - البحار. (11) الأبز: الوثب والبغي - البحار. (12) المرت: المفازة - البحار. (13) التامور: الوعاء، والنفس وحياتها، والقلب وحياته، ووزير الملك، والماء ولكل وجه مناسبة - البحار. 258 الأشياء في مواضعها، لكنهم انتهزوا الفرصة، واقتحموا الغصة، وباؤا بالحسرة. قال: فأربد وجه الوليد، وتغير لونه، وغص بريقه، وشرق بعبرته، كأنما فقئ (1)، في عينه حب المحض الحاذق، فأشار عليه بعض جلسائه بالانصراف، وهو لا يشك أنه مقتول به. فخرج فوجد بعض الأعراب الداخلين، فقال له: هل لك أن تأخذ خلعتي الصفراء وآخذ خلعتك السوداء واجعل لك بعض الجائزة حظا؟ ففعل الرجل. وخرج الأعرابي فاستوى عل راحلته، وغاص في صحرائه، وتوغل في بيدائه، واعتقل الرجل الآخر فضرب عنقه، وجئ به إلى الوليد، فقال: ليس هو هذا بل صاحبنا، وأنفذ الخيل السراع في طلبه، فلحقوه بعد لأي (2). فلما أحس بهم أدخل يده إلى كنانته يخرج سهما سهما يقتل، به فارسا، إلى أن قتل من القوم أربعين وانهزم الباقون، فجاؤوا إلى الوليد، فأخبروه بذلك، فأغمي عليه يوما وليلة أجمع، قالوا: ما تجد؟ قال: أجد على قلبي غمة كالجبل من فوت هذا الأعرابي، فلله دره (3). 70 - وقد كان وضع سور الحلة السيفية حادي عشرين رمضان سنة خمسمائة وقيل: سنة إحدى وخمسمائة، نزل سيف الدولة صدقة بن منصور بن علي بن
(1) قوله (كأنما فقئ) أي: كأنما كسر حاذق لا يخطئ حبا يمض العين ويوجعها في عينه، فدخل ماؤه فيها كحب الرمان أو الحصرم، عبر بذلك عن شدة احمرار عينه - البحار. (2) اللاي: الابطاء والاحتباس والشدة. (3) عنه البحار 46 / 321 - 323 وقال العلامة المجلسي بعد إيراد القصة أقول: إنما أوردت هذه القصة مع كون النسخة سقيمة قد بقي منها كثير لم يصحح لغرابتها ولطافتها انتهى. أقول: أشار قدس سره بقوله (مع كون النسخة سقيمة) إلى هذه النسخة التي بين يدي عند تحقيق الكتاب. 259 دبيس سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، عمر أرض الحلة وهي آجام، ووضع الأساس للدار والأبواب سنة خمس وتسعين وأربعمائة. وحفر الخندق حول الحلة سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، ووضع الكشك، ولده دبيس بعد وفاته، وتولى بعده، ثم توفي دبيس وتولى بعده ولده علي، وانقرض ملكهم على يد علي، ولهذا يقولون: إن أول ملك بني دبيس علي وآخره علي (1)، وفي دبيس يقول الشاعر: سألت الندى والجود حيان أنتما * وهل عشتما من بعد آل محمد فقالا نعم متنا جميعا وضمنا * صريح وأحيانا دبيس بن مزيد 71 - وفي ليلة إحدى وعشرين من المحرم ليلة الخميس سنة ثلاث من الهجرة كان نقل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليهما وآلهما) إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وزفافها إليه، ولها يومئذ ست عشرة سنة، وروي تسع سنين (2).
(1) عنه البحار 98 / 197. (2) عنه البحار 98 / 197. 260 (اليوم الثاني والعشرون) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم مختار حسن ما فيه مكروه، يصلح لكل حاجة، وللشراء والبيع والصيد فيه والسفر، ومن سافر فيه ربح، ويرجع معافى إلى أهله سالما، وطلب الحوائج والمهمات وسائر الأعمال والصدقة فيه مقبولة، ومن دخل على سلطان قضيت حاجته، ويبلغ بقضاء الحوائج. 2 - وفي نسخة أخرى: ومن قصد السلطان وجد مخافة. 3 - وفي رواية أخرى: خفيف صالح لكل شئ يلتمس فيه، والرؤيا فيه مقصوصة، والتجارة فيه مباركة، والآبق فيه يوجد، وإن خاصمت فيه كانت الغلبة لك، والتزويج فيه جيد، ومن ولد فيه يكون عيشه طيبا ويكون مباركا، ومن مرض فيه يبرء سريعا. وقالت الفرس: إنه يوم ثقيل. 4 - وفي رواية أخرى أنه يحمد فيه كل حاجة، والأعمال السلطانية وسائر التصاريف في الأعمال المرضية، وهو يوم خفيف، يصلح لكل حاجة يراد قضاؤها. 5 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: باد روز (1).
(1) عنه البحار 59 / 78 و 97 / 267. 261 الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد وكل يوم، وكل شئ خلقت فيه، صل على محمد وآل محمد، واجعل يومئ هذا أوله صلاحا، وأوسطه فلاحا، وآخره نجاحا ولقني فيه الحسنى، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك قول التوابين وعملهم، وتوبة الأنبياء وصدقهم، وسخاء المجاهدين وثوابهم، وشكر المصطفين ونصحهم، وعمل الذاكرين ويقينهم، وأيمان العلماء وفقههم، وتعبد الخاشعين وتواضعهم، وحلم العلماء وصبرهم، وخشية المتقين ورغبتهم، وتصديق المؤمنين وتوكلهم، ورجاء الخائفين المحسنين وبرهم، والعافية بالمغفرة، وصرف المعرة كلها عني، يا أرحم الراحمين، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على كل شئ قدير، سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب، لا إله إلا الله أهل النعم والكرم والفضل والتقى (2) والباقي الحي لا إله إلا هو الواحد الأحد، لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. بسم الله بسم من اسمه المبدء، رب الآخرة والأولى، لا غاية ولا منتهى، له ما في السماوات العلى، الرحمن على العرش استوى، عظيم الآلاء، كريم النعماء قاهر الأعداء، عاطف برزقه، معروف بلطفه، عادل في حكمه، عليم في ملكه رحيم الرحماء، بصير البصراء، عليم العلماء، غفور الغفراء، صاحب الأنبياء، قادر على ما يشاء.
(1) في الأصل: والمنتهى. 262 سبحان الله الملك المجيد، ذي العرش المجيد، فعال لما يريد، رب الأرباب، وصاحب الأصحاب، ومسبب الأسباب وسابق الأسباق، ورازق الأرزاق وخالق الأخلاق، وقادر المقدور، وقاهر المقهور، وعادل في يوم النشور، إله الآلهة، يوم الواقعة، غفور حليم شكور، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن والدائم، رازق البهائم، صاحب العطايا، ومانع البلايا يشفي السقيم، ويغفر للخاطئين، ويعفو عن الهاربين، ويحب الصالحين، ويبر النادمين، ويستر على المذنبين، ويؤمن الخائفين. سبحانك لا إله إلا أنت الكريم الغفور، وتغفر الخطايا، وتستر العيوب، شكور حليم عالم في الحدود، منبت الزروع والأشجار، وصاحب الجبروت، غني عن الخلق، قاسم الأرزاق، علام الغيوب. أنت الذي ليس كمثله شئ، وأنت على كل شئ قدير، أنت الكبير تعلم السر والعلانية، وتعلم ما في القلوب، أنت الذي تعفو عن الخاطئ والعاصي بعد أن يغرق في الذنوب، أنت الذي كل شئ خلقته منصرف إليك بالنشور، اغفر لي خطيئتي كما قلت: (ادعوني أستجب لكم) وأنت بوعدك صدوق نجني من الكربات، اللهم يا غياث، ل مكروب، أنت الذي قلت: (ادعوني أستجب لكم) وأنت بوعدك صدوق صادق، احفظني من آفات الدنيا وهول اللحود، لا تفضحني على رؤوس الخلائق في اليوم الموعود المشهود. يا سيدي يا سيدي، الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا، لا حد له، ولا ند له، ولا شبيه له، ولا ضد له، ولا حدود له، ولا كفو له، ولا كنه، ولا مثل له، ولا شريك له في ملكه، ولا وزير له. أسألك يا عزيز يا عزيز يا عزيز عزيز، يا الله يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحيم، ارزقني في حياتي ما أرجوه منك، وأكرمني بمغفرتك واغفر لي خطيئتي، إنك على ما تشاء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
263 يا ديان، يا حنان، يا منان، يا ذا الجلال والاكرام، يا الهنا وآله الخلق أجمعين أشهد أن كل معبود دون عرشك إلى قرار الأرضين باطل غير وجهك الكريم، أشهد أن لا إله إلا أنت، أغثني يا غياث المستغيثين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل يومنا هذا يوم سرور ونعمة، أصبحت فيه راجيا فضلك وبرك، منتظرا لإحسانك ولطفك، طالبا لما عندك من الخير المدخور، معتصما بك من شر ما أخاف وأحذر، ومن شر كل من نظر إلى بشر. اللهم إني بك أسر، وبك أنتصر، وبك أنتشر، وبطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وآله أفتخر، اللهم ارزقني حفظ الدين والسريرة، وأعز نفسي برحمتك، فهي متضيقة فقيرة، يا من يعلم سري وعلانيتي وقلبي، ويعلم مني ما لا أعلم، ويستر علي قبائح فعلي، ويحفظني وتحفظ خطائي وقدري، وأنا لا أحصيها ولا أدركها، وأنا عبدك وفي قبضتك وناصيتي بيدك، شاكرا لنعمتك، ذاكرا لفضلك وكرمك. اللهم إني أسألك بأسمائك المكنونة أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعلني في هذا اليوم من الشاكرين لما أوليتنيه، والصابرين على ما بليت، والحامدين على ما أعطيت، واسترني في صباح هذا اليوم، وإذا أمسيت فلا تفضحني فيما جنيت، سبحانك ظالما أنعمت وأسديت، سبحانك ظالما بذلت وأوليت، فلك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد بعد الرضا. اللهم إني أعوذ بك من السوء، ومن الشيطان الرجيم، وأنا بفضلك عارف وأتوسل إليك. وأنا بجودك وإحسانك واثق. وأتنصل إليك من الذنوب. وأنا بين يديك واقف. وأتضرع إليك بقلب وجل خائف. وأنظر عظمتك بعين دمعها ذارف. فلك الحمد على مواهبك السنية. ولك الحمد على عطاياك الهنيئة ولك الحمد على منعك كل محنة وبلية. ولك الحمد على ما حبوتني به من
264 أياديك العلية. اللهم إني أسألك يا خير مسؤول. وخير مأمول. أسألك أن تبارك لي فيما رزقتني، وتخير لي فيما أبقيتني. وتهنئني فيما أعطيتني. وترحمني إذا توفيتني. ولا تسلبني ما أعطيتني. واجعلني ممن قبلت عمله. وغفرت زلله. وبلغته من الدارين أمله. اللهم اجعل بذكرك فكري. وارفع ذكري بعمل الصالحات وقدري. واجعل فيما يرضيك سري وجهري. وأنت أملى وذخري. فاستر قبائح عملي إذا بعثرت القبور. وتهتك الستور. وظهر كل جني مذخور. إلهي وسيدي ها أنا ذا عبدك طريح بين يديك. معتذر مما جنيت. شاكر لما أنعمت وأوليت. حامد لما مننت وعافيت. صابر على ما قضيت وأبليت. يا من يجيب الداعي إذا دعاه. ويجود عليه بسوابغ نعماه. اللهم اجعلني من الذين أنعمت عليهم بمغفرتك. وخصصتهم بمواهبك. وأعني على القيام بطاعتك. وثبتني لما تريد. وثبتني بالقول الثابت بجودك ومعونتك. اللهم كن لي عونا ومعينا إذا أدرجت في الأكفان. ولقني حجتي إذا سألني الملكان. وكن لي مؤنسا إذا أوحشني المكان. وخلوت بعملي مصاحبا للجيران بالديدان. اللهم برد مضجعي. وآمن روعتي. وضاعف حسناتي. وارحمني على طول الدهر. ولا تذقني مرارة الفقر. وألهمني لك الحمد والشكر. وأنت لي كفو وذخر. فلك الحمد والشكر. اللهم وفقني لعمل الأبرار. ونجني من الأشرار. واكتب لي براءة من النار. يا عزيز يا غفار. يا العالمين. برحمتك يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: اللهم اجعلني ممن يلقاك مؤمنا. اللهم اجعلني ممن رأيته قد عمل الصالحات وممن تسكنه الدرجات العلى. جنات عدن تجري من تحتها الأنهار. اللهم
265 واجعلني ممن يزكي ويقول: ربنا آمنا فاغفر لنا ربنا وارحمنا وأنت خير الراحمين وأرحم الراحمين. اللهم اجعلنا من عبادك الذين يمشون على الأرض هونا. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما. ومن الذين يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم. إن عذابها كان غراما. إنها ساءت مستقرا ومقاما. والذين لا يدعون مع الله إلها آخر. ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون. ومن يفعل ذلك يلق أثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا. ومن الذين لا يشهدون الزور. وإذا مروا باللغو مروا كراما. ومن الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا. اللهم اجعلني من الذين يقولون: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما. اللهم اجعلني من الذين يجزون الغرفة بما صبروا. ويلقون فيها تحية وسلاما. خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما. اللهم اجعلني من الذين تحلهم دار الكرامة من فضلك. لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب. اللهم واجعلني في جنات النعيم. في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. اللهم وقني شح نفسي. واغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب. اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم. اللهم اجعلني من الذين يخافون يوما كان شره مستطيرا. وممن يطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا. اللهم وقني كما وقيتهم شر ذلك اليوم. ولقني كما لقيتهم نضرة وسرورا. وأجزني كما جزيتهم بما صبروا جنة وحريرا. متكئين فيها على الأرائك لا يرون
266 فيها شمسا ولا زمهريرا. اللهم قني شر يوم كان شره مستطيرا. ولقني نضرة وسرورا اللهم واسقني كما سقيتهم كأسا كان مزاجها زنجبيلا من عين تسمى سلسبيلا اللهم واسقني كما سقيتهم شرابا طهورا. وحلني كما حليتهم أساور من فضة. وارزقني كما رزقتهم سعيا مشكورا. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة. إنك أنت الوهاب. اللهم واجعلني من الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا، فانصرنا على القوم الكافرين. اللهم إني أسألك أن تختم لي بصالح الأعمال، وأن تعطيني الذي سألتك في دعائي، يا كريم الفعال، هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال، ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال، له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال، ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال. اللهم إني أسألك بأنك رؤوف رحيم، أولم تروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمال سجدا وهم داخرون، ولله يسجد ما في السماوات وفي الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون، يخافون ربهم من خوفهم ويفعلون ما يؤمرون. اللهم اجعلني من الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويؤمنون بما أنزلت، فإنك أنزلته قرآنا بالحق، قل آمنوا به أو لا تؤمنوا، إن
267 الذين أوتوا العلم من قبله إذا تتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا، ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا. اللهم اجعلني من الذين أنعمت عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملت مع نوح من ذرية إبراهيم وإسرائيل. اللهم واجعلني من الذين أنعمت عليهم من النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم اجعلني ممن هديت واجتبيت، ومن الذين إذا يتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا. اللهم اجعلني من الذين يسبحون لك بالليل والنهار وآناء الليل وأطراف النهار لا يفترون من ذكرك، اللهم واجعلني من الذين يملون ذكرك. ولا يسأمون من عبادتك. يسبحون لك ولك يسجدون. اللهم واجعلني من الذين يذكرونك قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار، ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار، ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. اللهم واجعلني لك شاكرا، فإنك تفعل ما تشاء، ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس، وكثير حق عليه العذاب، ومن يهن الله فما له من مكرم، إن الله يفعل ما يشاء، وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا. اللهم إني أسألك يا ولي الصالحين أن تختم لي عملي بصالح الأعمال، وأن تستجيب لي دعائي يا رب العزة، الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم
268 استوى على العرش، فاسأل به خبيرا، اللهم إني أسألك يا ولي الصالحين أن تختم لي بصالح الأعمال، وأن تستجيب لي دعائي. وتعطيني سؤلي في نفسي ومن يعنيني أمره يا أرحم الراحمين. الدعاء في آخره: اللهم هذه الليلة وكل ليلة، وهذا اليوم وكل يوم، صل على محمد وآل محمد، وأعذني من شماتة الأعداء، ومن درك الشقاء، ومن خزي الدنيا، وسوء المنقلب في النفس والأهل والمال والولد، يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تؤاخذني بظلمي، ولا تعاقبني بجهلي، ولا تستدرجني بخطيئتي، ولا تكبني على وجهي، ولا تطبع على قلبي، ولا تردني على عقبي، يا أرحم الراحمين. (1)
(1) عنه البحار 97 / 267 - 274. 269 (اليوم الثالث والعشرون) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): إنه يوم سعيد مختار، ولد فيه يوسف النبي الصديق (عليه السلام)، يصلح لكل حاجة، ولكل ما يريدونه، وخاصة للتزويج والتجارات كلها، وللدخول على السلطان والسفر، ومن سافر فيه غنم وأصاب خيرا، جيد للقاء الملوك والأشراف، والمهمات، وسائر الأعمال. وهو يوم خفيف مثل الذي قبله، يصلح للبيع والشراء، والرؤيا فيه كاذبة، والآبق فيه يوجد، والضالة ترجع، والمريض يبرأ، من ولد فيه يكون صالحا طيب النفس، حسنا محبوبا، حسن التربية في كل حال، رخي البال، وفي نسخة أخرى: أنه يوم نحس مشوم، من ولد فيه لا يموت إلا مقتولا، ولد فيه فرعون. 2 - قال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ولد فيه ابن يامين أخو يوسف (عليه السلام)، ومن ولد فيه يكون مرزوقا مباركا. 3 - وقالت الفرس: إنه يوم خفيف، يحمد فيه التزويج والنقلة والسفر والأخذ والعطاء، ولقاء السلاطين، صالح لسائر الأعمال، ولقضاء الحوائج. 4 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: ديبدين روز اسم الملك الموكل بالنوم واليقظة، وحراسة الأرواح حتى ترجع إلى الأبدان.
270 5 - وفي رواية: إنه اسم من أسماء الله تعالى (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد وكل يوم، وهذا الشهر وكل شهر، أسألك خير مسألة، وخير دعا، وخير الآخرة، وخير القبر، وخير القدر، وخير الثواب وخير العمل، وخير المحيا، وخير الممات، وخير المقدم، وخير المسكن وخير المأوى، وخير الصبر، وأسألك الدرجات العلى من الجنة، فصل على محمد وآل محمد، وامنن علي بذلك، يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك خير ما قبل، وخير ما عمل، وخير ما غاب، وخير ما حضر. وخير ما ظهر. وخير ما بطن. وأسألك الدرجات العلى من الجنة. فصل على محمد وآل محمد. وامنن على بذلك. اللهم إني أسألك مفاتح الخير وخواتمه وجوامعه، وأوله وآخره، إنك على كل شئ قدير، يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين أجمعين، والعاقبة للمتقين. اللهم إني أسألك سؤال وجل من انتقامك، فزع من نقمتك وعذابك، لم يجد لفاقته مجيرا غيرك، ولا أمنا غير فنائك، ويطول على طول معصيتي لك أقدمني إليك، وأن توهنني الذنوب وحالت بيني وبينك، لأنك عماد المعتمدين ورصد الراصدين، لا ينقصك المواهب ولا يفوتك الطالب فلك المنن العظام، والنعم الجسام. يا من لا ينقص خزائنه، ولا يبيد ملكه، ولا تراه العيون، ولا يعزب عنه حركة ولا سكون، ولم يزل ولا يزال، ولا يتوارى عنك مقدار في أرض ولا سماء، ولا
(1) عنه البحار 59 / 79 و 97 / 274. 271 بحور ولا هواء، تكفلت بالأرزاق، يا أجود الأجودين، وتقدست عن تناول الصفات وتعززت عن الإحاطة بتصاريف اللغات، ولم تكن مستحدثا فتوجد متنقلا من حالة إلى حالة، بل أنت الأول والآخر، ذو القوة القاهرة، جزيل العطاء، جليل الثناء، سابغ النعماء، عظيم الآلاء، فاطر الأرض والسماء، ذو البهاء والكبرياء. أنت أحق من تجاوز وعفا، وجاد بالمغفرة عمن ظلم وأساء إليه، وأخذ بكل لسان يمجد ويحمد، أنت ولي الشدائد ودافعها، عليك يعتمد، فلك الحمد والمجد، لأنك الملك الأحد، والرب السرمد الذي لا يحول ولا يزول، ولا يغيره مر الدهور، أتقنت إنشاء البرية وأحكمتها بلفظ التقدير وحكم التغيير. ولم يحتل فيك محتال أن يصفك بها الملحد إلى تبديل، أو يحدك بالزيادة والنقصان، شاغل في اجتلاب التحويل، وما فلق سحائب الإحاطة في بحورهم أحلام، بمشيتك لك فيها حليلة تظل نهاره، متفكرا بآيات الأوهام، ولك إنفاذ الخلق، مستجدين بأنوار الربوبية، ومعترفين خاضعين بالعبودية. فسبحانك يا رب ما أعظم شأنك، وأعلا مكانك، وأعز سلطانك، وأنطق بالتصديق برهانك، وأنفذ أمرك، وأحسن تقديرك، سمكت السماء، فرفعتها، جلت قدرتك القاهرة، ومهدت الأرض ففرشتها، وأخرجت منها ماءا ثجاجا، ونباتا رجراجا، سبحانك يا سيدي سبح لك نباتها وماؤها، وأقاما على مستقر المشية كما أمرتهما. فيا من انفرد بالبقاء، وقهر عباده بالموت والفناء، صل على محمد وآل محمد، وأكرم اللهم مثواي، فإنك خير من انتجع لكشف الضر، يا من هو مأمول في كل عسر، والمرتجى لكل يسر، بك أنزلت حاجتي وفاقتي، وإليك أبتهل فلا تردني خائبا فيما رجوته، ولا تحجب دعائي إذ فتحته لي، فقد عذت بك يا إلهي. صل على محمد وآل محمد، واجعل خير أيامى لقائك واغفر لي خطاياي
272 فقد أوحشتني، وتجاوز عن ذنوبي فقد أوبقتني، فإنك قريب مجيب، وذلك عليك يا رب سهل يسير. اللهم إنك افترضت على الآباء والأمهات حقوقا عظمتها، وأنت أولى من حط الأوزار عني وخففها، وأدى الحقوق عن عبيده واحتملها، يا رب أدها عني إليهم واغفر لي ولإخواني المؤمنين الصالحين، إنك أرحم الراحمين، وأغفر الغافرين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم، وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون، ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم، فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم، وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعلمون، إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون. اللهم اجعلني ممن لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون، اللهم اجعلني من الذين جعلت جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون، قال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه، وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود إنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب. ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر، واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون. اللهم أنت الغفور الرحيم، وأنا المذنب الخاطئ الذليل، اللهم أنت المعطي
273 وأنا السائل، اللهم أنت الباقي وأنا الفاني، اللهم أنت الغني وأنا الفقير، وأنت العزيز وأنا الذليل، اللهم أنت الخالق وأنا المخلوق، اللهم أنت الرازق وأنا المرزوق، اللهم أنت المالك وأنا المملوك، اللهم اصرف عني عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، ربنا سمعنا وأطعنا غفرانك، ربنا وإليك المصير، رب زدني علما، ولا تخزني يوم يبعثون. رب أدخلني مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا، رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين، رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري، ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم. ربنا تب علينا وارحمنا واهدنا واغفر لنا، واجعل خير أعمالنا آخرها، وخير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك، واختم لنا بالسعادة، يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث. اللهم يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، أنت رحمان الدنيا والآخرة، ورحيمهما، ارحمني في جميع أسبابي وأموري وحوائجي، رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. اللهم يا حي يا قيوم، برحمتك استغيث فأغثني، فإني لا أملك ما أرجو، ولا أستطيع دفع ما أكره واحذر، والأمر بيدك وأنا عبدك فقير إلى أن تغفر لي، وكل خلقك إليك فقير، ولا أجد أفقر مني إليك. اللهم بنورك اهتديت، وبفضلك استغيث، وفي نعمتك أصبحت وأمسيت، ذنوبي بين يديك، أستغفرك وأتوب إليك، اللهم إني أدرأ في نحور كل من أخاف وأستنجدك من شره، وأستجيرك وأستعينك عليه، لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين. اللهم إني أسألك عيشة هنيئة بقية، وميتة سوية، ومردا غير مخز ولا فاضح
274 يا أرحم الراحمين، اللهم إني أعوذ بك أن أذل أو أذل أو أضل، أو أضل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي، يا ذا العرش العظيم، والمنن القديم، تباركت وتعاليت، يا أرحم الراحمين. الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة الجديدة وكل ليلة. وهذا الشهر وكل شهر. ورب الخلائق كلهم. صل على محمد وآل محمد. وارفع بالخير ذكري. وضع به وزري. واشرح به صدري. وطهر به قلبي. وحصن به فرجي. واغفر به ذنبي وأسألك الدرجات العلى من الجنة برحمتك. وأن تبارك لي في سمعي وبصري ونفسي وروحي وجسدي وخلقي وأهلي ومالي وأهل بيتي. وأجب دعوتي وصل على محمد وآل محمد. وامنن علي بذلك. يا أرحم الراحمين (1). 6 - في ليلة ثلاث وعشرين من رمضان أنزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله) الذكر ويستحب فيها الغسل، وهي آخر ليالي القدر، وفيه فضل كثير، ويستحب فيها قراءة الروم والعنكبوت، وقراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر ألف مرة (2) نبذة من أحوال الإمام الرضا (عليه السلام) وكيفية شهادته: 7 - وفي الثالث والعشرين من ذي القعدة كانت وفاة مولانا أبي الحسن علي ابن موسى الرضا (عليهما السلام). 8 - في الارشاد: في صفر سنة ثلاث ومائتين (3). وكذا في كتاب الكافي (4)
(1) عنه البحار 97 / 275 - 278. (2) عنه البحار 98 / 198. (3) الارشاد ص 304. (4) أصول الكافي 1 / 486. 275 وكذا في كتاب الدر، وكذا في كتاب عتيق. 9 - في كتاب مواليد الأئمة: في عام اثنتين ومائتين من سنين الهجرة (1). 10 - وفي كتاب المناقب يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة اثنتين ومائتين، وقيل: سنة ثلاث (2). 11 - وفي الدر: يوم الجمعة ة غرة رمضان سنة اثنتين ومائتين وكذا في كتاب الذخيرة. 12 - وقال الطبرسي: في آخر صفر سنة ثلاث ومائتين (3). وقيل: يوم الاثنين رابع عشر صفر سنة اثنتين ومائتين بالسم في العنب في زمن المأمون بطوس. وقيل: دفن في دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها: سناباد (4). بأرض طوس من رستاق نوقان، وفيها قبر الرشيد. عمره يومئذ خمس وخمسون سنة. وقيل: تسع وأربعون سنة وستة أشهر وقيل: وأربعه أشهر. وقيل: تسعة وأربعون سنة إلا ثمانية أيام. أقام أبيه تسعة وعشرين سنة وأشهر، وبعد أبيه اثنين وعشرين سنة إلا شهرا وقيل: عشرين سنة (5). 13 - حدث هرثمة قال: كنت بين يدي المأمون إلى أن مضى من الليل أربع ساعات، ثم انصرفت إلى منزلي، فلما مضى من الليل ساعات قرع قارع
(1) مواليد الأئمة ص 5. (2) المناقب 4 / 367. (3) إعلام الورى ص 303. (4) من أول الباب إلى هنا عنه البحار 98 / 198. (5) من أول الباب إلى هنا عنه البحار 49 / 293. 276 بابي، فكلمه بعض غلماني، فقال له: قل لهرثمة: أجب سيدك، فقمت مسرعا وأخذت على أثوابي، وأسرعت إلى سيدي، ودخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه، فإذا بسيدي في صحن داره جالس. فقال لي: يا هرثمة فقلت: لبيك يا مولاي، فقال لي: اجلس، فجلست. فقال لي: اسمع وع يا هرثمة، هذا أوان رحيلي إلى الله عز وجل ولحوقي بآبائي وجدي (عليهم السلام)، وقد بلغ الكتاب أجله، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك. فأما العنب، فإنه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب. وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه، ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم. وإنه سيعودني في يومنا هذا المقبل، ويقرب إلي الرمان والعنب، ويسألني أن آكله فآكله، فينفذ الحكم ويحضر القضاء. فإذا أنا مت فسيقول: أنا اغسله بيدي، فإذا قال ذلك، فقل له عني بينك وبينه أنه قال لا تتعرض لغسلي ولا لكفني ولا لدفني، فإنه إن فعل ذلك عاجله من العذاب ما أخر عنه، وحل به أليم العقاب، فإنه سينتهي. فقلت: نعم يا سيدي. قال لي: إذا خلى بينك وبين غسلي، فسيجلس في علو من أبنيته هذه، مشرفا على موضع غسلي لينظر إلي، فلا تعرض لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا قد ضرب جانب الدار أبيض، فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها، فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه، ويكون معك دونك. ولا تكشف الفسطاط وتراني، فإنه سيشرف عليك ويقول لك: يا هرثمة أليس تزعم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله، فمن يغسل أبا الحسن على موسى وابنه محمد بالمدينة ونحن بطوس؟ فإذا قال لك ذلك فأجبه وقل له: ما يغسله غير من ذكرته.
277 فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني محنطا، فضعني على نعشي واحملني وصل علي، واعلم أن صاحب الصلاة ابني محمد. فإذا أرادوا أن يحفروا قبري، فإنه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ولن يكون ذلك أبدا، فإذا ضربوا بالمعاول ستنبوا عن الأرض ولا تنحفر لهم فيها ولا مثل قلامة الظفر. فإذا اجتهدوا في ذلك فقل لهم: إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة أبيك الرشيد، فإذا ضربت معولا فانفذ في الأرض، فترى قبرا محفورا وضريحا قائما. فإذا انفرج ذلك القبر فلا تنزلني فيه حتى تقرب منه، فترى ماءا أبيض فيمتلئ به ذلك القبر، حتى يصير الماء مع وجه الأرض، ثم يضطرب فيه حوت بطوله فإذا اضطرب فلا تنزلني في القبر حتى إذا غاب الحوت منه وغار الماء، فأنزلني في القبر، وألحدني في ذلك الضريح، ولا تتركهم يأتوا بتراب ليلقوه في قبري فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ ويرتفع. فقلت: نعم يا سيدي. قال ثم قال لي: احفظ ما عهدت به إليك واعمل به ولا تخالف. قلت: أعوذ بالله أخالف لك أمرا. قال هرثمة: ثم خرجت من عنده باكيا حزينا. فلم أزل كالحبة على المقلاة (1) لا يعلم ما في نفسي إلا الله عز وجل. ثم دعاني المأمون، فلم أزل قائما إلى أن أضاء النهار، ثم قال لي المأمون: امض يا هرثمة إلى أبي الحسن، فاقرأه عني السلام وقل له يصير إلينا أو نصير إليك؟ فإن قال لك: بل يصير إلينا فسله أن يقدم ذلك.
(1) المقلاة: وعاء من نحاس أو خزف يقلى فيه الطعام. 278 قال: فجئته، فلما طلعت على مولاي الرضا (عليه السلام) قال لي: يا هرثمة أليس قد حفظت ما وصيتك به؟ قلت: بلى. قال: قدموا نعلي فقد علمت ما أرسلك به، فقدمت نعله ومشى إليه، فلما دخل عليه قام المأمون إليه قائما معانقا له، وقبل بين عينيه، وأجلسه إلى جانبه على سريره، وأقبل عليه يحادثه ساعة من النهار، ثم قال لبعض غلمانه: أيتني بعنب ورمان. قال هرثمة: فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر، ورأيت النفضة (1) قد عرضت في جسدي، فكرهت أن يبين ذلك في وجهي، فتراجعت القهقرى حتى خرجت، فرميت نفسي في موضع من الدار. فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيدي (عليه السلام) قد خرج من عند المأمون ورجع إلى داره، ثم رأيت الأمر قد خرج من عند المأمون بإحضار الأطباء، فقلت: ما هذا؟ فقيل لي: علة عرضت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وكان الناس في شك وكنت أنا في يقين، لما علمت من سيدي (عليه السلام). فلما كان في بعض الليل علا الصياح، وسمعت الوجبة من الدار، فأسرعت في من أسرع، فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس، محلل الأزرار، قائما على قدميه. فقلت: ما القصة؟ فقالوا: توفي والله أبو الحسن الرضا (عليه السلام). ثم إن الناس كتموا أمره يوما وليلة، ثم أنفذ إلى محمد بن جعفر الصادق (عليه السلام) وجماعة من آل أبي طالب الذين كانوا عنده، فلما حضروا نعاه إليهم وبكى، وأظهر حزنا شديدا، وأراهم أنه صحيح الجسم، وقال: يعز علي يا أخي أن أراك في هذه الحال، وقد كنت أؤمل أن أتقدم قبلك، فأبى الله إلا ما أراد. قال هرثمة: فلما أصبحنا جلس المأمون للتعزية، ثم قام يمشي إلى الموضع
(1) النفضة كحمرة وهمزة رعدة النافض من الحمى أو غيره. 279 الذي فيه سيدنا الرضا (عليه السلام)، فقال: أصلحوا لنا موضعا، فإني أريد أن أغسله، فدنوت منه، فقلت خلوه يا أمير المؤمنين، فأخلا نفسه، فأعدت عليه ما قاله سيدي بسبب الغسل والكفن والدفن، فقال لي: لست أعرض لك في ذلك، شأنك يا هرثمة. قال: فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط الأبيض قد نصب في جانب الدار، فحملته ووضعته إلى جانب الفسطاط، ووقفت من ظاهره، وكل من في الدار دوني، وأنا أسمع التكبير والتهليل والتسبيح، وتردد الأواني وصوت صب الماء وتضوع رائحة الطيب لم أشم مثله. قال: فإذا أنا بالمأمون قد أشرف على من بعض داره، فصاح يا هرثمة أليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله؟ وأين ابنه عنه؟ وهو بمدينة الرسول ونحن بطوس من أرض خراسان؟ قال فقلت: يا أمير المؤمنين إن الإمام لا يجب أن يغسله إلا إمام مثله، فإن تعدى متعد ومنع من ذلك فغسل الإمام لم تبطل إمامة الإمام لتعدي غاسله، ولا بطلت إمامة الإمام الذي هو بعده بأن غلب غسل أبيه، ولو توفي أبو الحسن علي ابن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا، ولا يغسله الآن إلا هو من حيث يخفى. قال: فسكت عني، ثم ارتفع الفسطاط، فإذا أنا بسيدي مدرج في أكفانه، فوضعته على نعشه، ثم حملناه فصلى عليه المأمون وجميع من حضر. ثم جئنا إلى موضع القبر، فوجدتهم يضربون المعاول من فوق قبر هارون الرشيد ليجعلوه قبلة لقبره، والمعاول تنبو عنه، فقال: ويحك يا هرثمة أما ترى الأرض كيف تمتنع من حفر قبر له؟ فقلت: يا أمير المؤمنين إنه قد أمرني أن أضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيك الرشيد لا أضرب غيره. قال: إذا ضربت يا هرثمة يكون ماذا؟ فقلت له: أخبرني أنه لا يجوز أن يكون قبر أبيك قبلة لقبره، وأنني إذا ضربت هذا المعول الواحد يصير القبر محفورا
280 من غير يد تحفره، وبان ضريحه في وسطه. قال المأمون: سبحان الله ما أعجب هذا الكلام. ولا عجب من أمر أبي الحسن، فاضرب حتى نرى. قال هرثمة: فأخذت المعول بيدي، فضربت في قبلة قبر هارون، قال: فانفرج القبر محفورا، وبان الضريح في وسطه قائم، والناس ينظرون إليه. قال: أنزله يا هرثمة. فقلت: يا أمير المؤمنين إن سيدي قد أمرني أن لا أنزله حتى ينفجر من أرض هذا القبر ماء أبيض، فيمتلئ به القبر حتى يكون الماء مع وجه الأرض ثم يظهر فيه حوت بطول القبر، فإذا غاب الحوت وغار الماء وضعته على جانب قبره وخليت بينه وبين ملحده. قال: فافعل يا هرثمة ما أمرت. قال: فانتظرت حتى ظهر الماء والحوت، وانتظرت الحوت حتى غاب وغار الماء والناس ينظرونه، ثم جعلت النعش على جانب القبر، فغطى قبره بثوب أبيض لم أبسطه ثم نزل إلى القبر بغير يدي ولا يد أحد ممن حضر. فأشار المأمون إلى الناس أن هاتوا (1) بأيديكم، فاطرحوا فيه التراب. فقلت: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فقال: ويحك فمن يملؤه؟ قلت: قد أمرني أن لا يطرح عليه التراب، وأن القبر يمتلئ من نفسه، ويطبق ويرتفع على وجه الأرض، فأشار إلى الناس أن كفوا. قال: فرموا ما في أيديهم من التراب، ثم امتلأ القبر وانطبق وتربع على وجه الأرض، وانصرف المأمون وانصرفنا. قال: فدعاني المأمون وأخلى مجلسه، ثم قال: والله يا هرثمة لتصدقني بجميع ما سمعته من أبي الحسن علي بن موسى (عليهما السلام). قال قلت: أخبرت يا أمير المؤمنين بما قال لي. قال: لا والله لتصدقني بما أخبرك مما قلته له. قال قلت: يا أمير المؤمنين! فعما تسألني؟ قال: بالله يا هرثمة أسر إليك شيئا غير هذا؟ فقلت: نعم، قال: ما
(1) كذا في الأصل، وهو تصحيف: هالوا. 281 هو؟ قلت: خبر العنب والرمان. قال: فأقبل يتلون ألوانا بصفرة وحمرة وسواد، ثم مد نفسه كالمغشى عليه وسمعته في غشيته وهو يقول: ويل للمأمون من الله، ويل للمأمون من رسول الله ويل للمأمون من علي بن أبي طالب، ويل للمأمون من فاطمة، ويل للمأمون من الحسن والحسين، ويل للمأمون من علي بن موسى، ويل لأبيه هارون من موسى ابن جعفر، هذا والله الخسران حقا، يقول هذا القول ويكرره. فلما رأيته قد أطال ذلك وليت عنه، فجلست في بعض نواحي الدار. قال: فجلس ودعاني، فدخلت إليه وهو كالسكران، فقال لي: والله ما أنت علي أعز منه، ولا جميع من في الأرض، فوالله لئن بلغني أنك أعدت ما سمعت ورأيت ليكونن هلاكك أهون علي مما لم يكن. قال فقلت: يا أمير المؤمنين! إن ظهرت على شئ من ذلك، فأنت في حل من دمي، قال: لا والله إلا أن تعطيني عهدا وميثاقا أنك تكتم هذا ولا تعيده. قال: فأخذ مني العهد والميثاق وأكثره علي، وليت عنه صفق بيده وسمعته يقول: (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله) (1) إلى آخر الآية (2). 14 - ذكر المدائني عن رجاله قال: لما جلس الرضا (عليه السلام) في الخلع بولاية العهد، قام بين يديه الخطباء والشعراء وخفقت (3) له الألوية على رأسه، فذكر بعض من كان حضر بحضرة الرضا (عليه السلام) أنه قال: كنت بين يديه في ذلك اليوم، فنظر إلى وأنا مستبشر لما جرى، فأومى إلي، فدنوت منه، فقال لي من غير أن يسمعه غيري: لا تشغل قلبك بهذا الأمر ولا تسرر، فإنه شئ لا يتم.
(1) سورة النساء: 108. (2) البحار 49 / 293 - 298 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام. (3) خفق الألوية: تحركها واضطرابها - البحار. 282 وكان في من ورد عليه من الشعراء دعبل بن علي الخزاعي، فلما دخل عليه قال: إنني قد قلت قصيدة، وجعلت على نفسي أن لا أنشدها على أحد قبلك، فأمر بالجلوس حتى خف مجلسه، ثم قال له: هات، فأنشده قصيدته التي قالها (مدارس آيات) حتى أتى على آخرها. فلما فرغ قام الرضا عليه السلام فدخل إلى حجرته، وبعث إليه خادم بخرقة خز فيها ستمائة دينار وقال لخادمه: قل له استعن بها على سفرك واعذرنا. فقال له دعبل: لا والله ما هذا أردت، ولا لهذا خرجت، ولكن قل له يكسوني ثوبا من أثوابك وردها عليه، فردها الرضا (عليه السلام) وبعث إليه معها جبة من ثيابه. فخرج دعبل حتى ورد قم، فلما رأوا الجبة معه أعطوه بها ألف دينار، فأبى وقال: لا آخذ والله، ثم خرج من قم، فاتبعوه فقطعوها عليه وأخذوا الجبة، فرجع إلى قم فكلمهم فيها، فقالوا: ليس إليها سبيل، ولكن إن شئت فخذ ألف دينار، فقال لهم: وخرقة منها، فأعطوه ألف دينار وخرقة من الجبة (1). 15 - قال علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي: قلت لأخي دعبل بن علي: لم بدأت ب (مدارس آيات)؟ فقال: استحييت من مولاي الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام أن أنشد التشبب، فأنشدته المناقب. قصيدة دعبل الخزاعي: تجاوبن بالأرنان والزفرات * نوائح عجم اللفظ (2) والنطقات
(1) البحار 49 / 147 عن الارشاد. (2) قوله (عجم اللفظ) أي: لا يفهم معناه، والأعجم الذي لا يفصح ولا يبين كلامه والمراد أصوات الطيور ونغماتها - البحار. 283 يخبرن بالأنفاس عن سر أنفس * أسارى هوى (1) ماض وآخر آت فأسعدن (2) أو أسعفن حتى تفوضت (3) * صفوف الدجى بالفجر منهزمات على العرصات الخاليات من المها (4) * سلام شج صب (5) على العرصات (6) فعهدي بها خضر المعاهد (7) مألفا * من العطرات البيض والخفرات (8) ليالي (9) يعدين الوصال على القلى (10) * ويعدي تدانينا (11) على العزبات (12) وإذ هن يلحظن (13) العيون سوافرا * ويسترن بالأيدي على الوجنات (14)
(1) قوله (أسارى هوى ماض) أي: يخبرن عن العشاق الماضين والآتين - ب. (2) قوله (فأسعدن) أي: العشاق. والإسعاد الإعانة، والاسعاف الايصال إلى البغية - ب. (3) تقوضت الصفوف انتقضت وتفرقت - ب. (4) المها بالفتح جمع مهاة، وهي البقرة الوحشية - ب. (5) رجل شج، أي: حزين. ورجل صب: عاشق مشتاق - ب. (6) قوله (على العرصات) ثانيا تأكيد للأولى، أو متعلق بشج وصب - ب. (7) قوله (خضر المعاهد) أي: كنت أعهدها خضرة أماكنها المعهودة، والظاهر أنه من قبيل ضربي زيدا قائما، أو عهدي مبتدأ وبها خبره باعتبار المتعلق، وخضرا حال عن المجرور بها، و (مألفا) أيضا حال منه، أو من المعاهد، و (من) للتعليق متعلق بمألفا - ب. (8) الخفر بالتحريك شدة الحياء، تقول منه: رجل خفر بالكسر - ب. (9) ليالي متعلقة بعهدي يعدين، أي: الليالي والعطرات، وأعداه عليه أعانه عليه - ب. (10) القلى بالكسر البغض، أي: ينصرن الوصال على الهجران - ب. (11) يعدى تدانينا، أي: يعدينا تدانينا وقربنا، أو تعدى الليالي قربنا - ب. (12) على العزبات: أي: المفارقات البعيدة - ب. (13) يلحظن أي: ينظرن أي العطرات - ب. (14) الوجنة: ما ارتفع من الخدين - ب. 284 وإذ كل يوم لي بلحظي نشوة (1) * يبيت بها قلبي على نشوات فكم حسرات هاجها بمحسر (2) * وقوفي يوم الجمع من عرفات ألم تر للأيام ماجر (3) جورها * على الناس من نقض وطول شتات ومن دول المستهزئين (4) ومن غدا (5) * بهم طالبا للنور في الظلمات فكيف ومن أنى بطالب زلفة * إلى الله بعد الصوم والصلوات سوى حب أبناء النبي ورهطه * وبغض بني الزرقاء (6) والعبلات (7) وهند وما أدت (8) سمية وابنها * أولوا الكفر في الإسلام والفجرات هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه * ومحكمه بالزور والشبهات ولم تك إلا محنة (9) كشفتهم * بدعوى ضلال من هن وهنات (10)
(1) النشوة بالفتح السكر - ب. (2) أي: بوادي محسر بكسر السين المشددة، وهو حد منى إلى جهة عرفة - ب. (3) من الجريرة وهي الجناية، أو الجر - ب. (4) أي: بالشرع والدين وبأئمة المسلمين - ب. (5) قوله (ومن غدا بهم) عطف على المستهزئين أو الدول، أي، من صار بهم في الظلمات طالبا للنور، أي: يطلبون الهداية منهم، وهذا محال ويحتمل على الثاني أن يكون المراد بهم الأئمة وأتباعهم - ب. (6) الزرقة أبغض الألوان إلى العرب، لأنه لون أعدائهم الروم، والمراد بهم بنو مروان، فإن أمه كانت زرقاء زانية - ب. (7) عبلة اسم أمية الصغرى، وهم من قريش يقال لهم: العبلات بالتحريك - ب. (8) أي: حصل منها ومن أبيها من الأولاد والأفعال، وسمية أم زياد - ب. (9) أي: لم يكن إلا امتحان أصابهم بعد النبي صلى الله عليه وآله، فظهر كفرهم ونفاقهم بدعوى ضلال - ب. (10) كناية عن الشئ القبيح، أي: من شئ وأشياء من القبائح، وبسبب الكفر والأغراض الباطلة، والأحقاد القديمة، والعقائد الفاسدة - ب. 285 تراث بلا قربى وملك بلا هدى * وحكم بلا شورى بغير هداة (1) رزايا أرتنا خضرة الأفق حمرة (2) * وردت أجاجا طعم كل فرات وما سهلت تلك المذاهب فيهم * على الناس إلا بيعة الفلتات (3) وما قيل أصحاب السقيفة جهرة * بدعوى تراث في الضلال نتات (4) ولو قلدوا الموصى إليه أمورها * لزمت (5) بمأمون عن العثرات أخي خاتم الرسل المصفى من القذى * ومفترس الأبطال في الغمرات فإن جحدوا كان الغدير شهيده * وبدر واحد شامخ الهضبات (6) وآي من القرآن تتلى بفضله * وإيثاره بالقوت في الكربات (7) وعز خلال أفردته بسبقها * مناقب كانت منه مؤتنفات (8) مناقب لم تدرك بكيد (9) ولم تنل * بشئ سوى حد القنا الذربات نجى لجبريل الأمين وأنتم * عكوف (10) على العزى معا ومنات (11)
(1) أي: ورثوا النبي صلى الله عليه وآله بلا قرابة، وملكوا الخلافة بلا هداية وعلم وحكموا في النفوس والأموال والفروج بغير مشورة من الهداة - ب. (2) أي: تلك الأمور مصائب صارت بسببها خضرة أفق السماء حمرة - ب. (3) إشارة إلى قول عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها - ب. (4) من نتا، أي: ارتفع - ب. (5) أي: الأمور من الزمام، كناية عن انتظامها - ب. (6) الهضبة الجبل المنبسط على وجه الأرض - ب. (7) في البحار: اللزبات، بمعنى الشدة والقحط. (8) أي: طريات مبتدعات لم يسبقه إليها أحد - ب. (9) في البحار: بخير. (10) أي: والحال أنتم ملازمون ومحبوسون على عبادة الأصنام، والخطاب لغاصبي الخلافة - ب. (11) فيه تقديم وتأخير، أي: ومنات معا - ب. 286 وإني لأرجو غاديا ببواركم * من الله أو ليلا بسوء بيات مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر (1) العرصات لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالركن والتعريف (2) والجمرات ديار لعبد الله بالخيف من منى * وللسيد الداعي إلى الصلوات ديار علي والحسين وجعفر * وحمزة والسجاد ذي الثفنات منازل كانت للصلاة وللتقى * وللصوم والتطهير والحسنات منازل وحي الله ينزل بينها * على أحمد المذكور في السورات قفا (3) نسأل الدار التي خف أهلها * متى عهدها بالصوم والصلوات وأين الأولى شطت (4) بهم غربة النوى (5) * أفانين (6) في الأطراف مفترقات هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا (7) * وهم خير سادات وخير حمات مطاعيم (8) في الاقتار في كل مشهد * لقد شرفوا بالفضل والبركات وما الناس إلا غاصب ومكذب * ومضطغن (9) ذو أحنة (10) وترات
(1) القفر مفازة لا نبات فيها ولا ماء، وأقفرت الدار خلت - ب. (2) التعريف وقوف عرفة، والمراد هنا محله. (3) قوله (قفا) قد شاع في الأشعار هذا النوع من الخطاب، فقيل: إن العرب قد يخاطب الواحد مخاطبة الاثنين، وقيل: هو للتأكيد من قبيل لبيك أي: قف قف - ب. (4) شطت بتشديد الطاء، أي: بعدت - ب. (5) النوى: الوجه الذي ينويه المسافر - ب. (6) الأفانين: الأغصان جمع أفنان، وهو جمع فنن، وهنا كناية عن التفرق - ب. (7) أي: انتسبوا - ب. (8) المطاعيم جمع المطعام، أي كثير الاطعام والقرى - ب. (9) تضاغن القوم واضطغنوا: انطووا على الأحقاد - ب. (10) الأحنة بالكسر: الحقد. 287 إذا ذكروا (1) قتلى ببدر وخيبر * ويوم حنين أسبلوا العبرات فكيف يحبون النبي وأهله * وهم تركوا أحشاءهم وغرات (2) لقد لاينوه في المقال وأضمروا * قلوبا على الأحقاد منطويات أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي * نجوم سماوات بأرض فلات قبور بكوفان وأخرى بطيبة * وأخرى بفخ (3) نالها صلواتي وأخرى بأرض الجوزجان (4) محلها * وقبر بباخمرى (5) لدى الغربات وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها (6) الرحمن في الغرفات وقبر بطوس يا لها من مصيبة * ألحت على الأحشاء بالزفرات فأما الممضات (7) التي لست بالغا (8) * مبالغها مني بكنه صفات قبور لدى النهرين من أرض كربلا * معرسهم منها بشط فرات توفوا عطاشا بالفرات فليتني * توفيت فيهم قبل حين وفاتي
(1) أي: منافقي قريش وأهل الكتاب معا، ولو خص بالأول فذكر خيبر، لأنهم انهزموا فيه وجرى الفتح على يد علي عليه السلام فبكائهم للحسد - ب. (2) الوغرة: شدة توقد الحر، ومنه قيل: في صدره على وغر، بالتسكين أي: ضغن وعداوة وتوقد من الغيظ - ب. (3) إشارة إلى القتلى بفخ في زمن الهادي، وهم الحسين بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وسليمان بن عبد الله بن الحسن وأتباعهما - ب. (4) إشارة إلى قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام، فإنه قتل بجوزجان وصلب بها في زمن الوليد، وكان مصلوبا حتى ظهر أبو مسلم وأنزله ودفنه - ب. (5) باخمرا اسم موضع على سنة عشر فرسخا من الكوفة، قتل فيها إبراهيم بن عبد الله بن الحسن - ب. (6) أي: قبل ضمانها، أو اشتمل عليه مجازا - ب. (7) أمضه الجرح، أي: أوجعه، والمضض وجع المصيبة - ب. (8) أي: لا أبلغ بكنه صفاتي أن أصف أنها بلغت مني أي مبلغ من الحزن - ب. 288 إلى الله أشكو لوعة (1) عند ذكرهم * سقتني بكأس الثكل والفظعات أخاف بأن أزدار (2) هم فتشوقني * مصارعهم بالجزع (3) ذي النخلات (4) تقسمهم ريب (5) المنون (6) فما ترى * لهم عقرة (7) مغشية الحجرات قليلة زوار خلا أن زورا * من الضبع والعقبان والرخمات (8) لهم كل يوم تربة بمضاجع * ثوت (9) في نواحي الأرض مفترقات وقد كان منهم بالحجاز وأرضها * مغاوير نجارون في الأزمات إذا وردوا خيلا بسمر من القنا (10) * مساعير (11) حرب أقحموا (12) الغمرات (13) فإن فخروا يوما أتوا بمحمد * وجبريل والقرآن والسورات أولئك لا ملقوح هند (14) وحربها * سمية من نوكى (15) ومن قذرات
(1) لوعة الحب حرقته - ب. (2) ازدار افتعل من الزيارة - ب. (3) الجزع بالكسر منعطف الوادي ووسطه أو منقطعه أو منحناه - ب. (4) أي: أخاف من زيارتهم أن يهيج حزني عند رؤية مصارعهم الواقعة بين الوادي وأشجار النخل - ب. (5) الريب: ما يقلق النفوس من الحوادث - ب. (6) المنون: الدهر والموت - ب. (7) العقر بالضم والفتح محلة القوم، ووسط الدار وأصلها، أي: ليس لهم دار - ب. (8) أي: لا يزور قبورهم سوى هذه الطيور من العقاب والرخمة - ب. (9) أي: أقامت - ب. (10) القنا جمع القنات، وهي الرمح - ب. (11) المسعر بكسر الميم الخشب الذي تسعر به النار - ب. (12) أي: أدخلوا أنفسهم بلا رؤية - ب. (13) الغمرة: الشدة، وغمرة البحر معظمه - ب. (14) أي: لم يحصلوا من لقاحها ووطئها - ب. (15) قوم نوكى أي: حمقى، ويمكن أن يكون من النيك وهو الجماع - ب. 289 هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم * وهم تركوا الأبناء وهن شتات وهم عدلوها عن وصي محمد * فبيعتهم جاءت على فلتات ملامك (1) في آل النبي فإنهم * أحباي ما داموا وأهل ثقات تخيرتهم رشدا لنفسي أنهم * على كل حال خيرة الخيرات نبذت إليهم بالمودة صادقا * وسلمت نفسي طائعا لولاتي فيا رب زدني في هداي بصيرة * وزد حبهم يا رب في حسناتي بنفسي أنتم من كهول وفتية * لفك عتاة أو لحمل ديات وللخيل لما قيد الموت خطوها * فأطلقتم منهن في الذربات (2) أحب قصي الرحم من أجل حبكم * وأهجر فيكم زوجتي وبناتي (3) وأكتم حبيكم (4) مخافة كاشح * عنيد لأهل الحق غير موات ألم تر أني مذ ثلاثون حجة (5) * أروح وأغدو دائم الحسرات أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات وآل رسول الله نحف جسومهم * وآل زياد غلظ القصرات وآل رسول الله تدمى نحورهم * وآل زياد غلظ الحجلات (6)
(1) ملامك بالنصب، أي: كف عني ملامك - ب. (2) أي: كانوا معدين مرجون لفك الأسارى وحمل الديات عن القوم ولنجاة قوم من الركبان وقعوا في مخمصة، فأشرفوا على الموت والقيد، كأنه قيد خيولهم فأطلقتم وحللتم القيود عن الخيول بالقنا والسيوف الذربة الحديدة - ب. (3) أي: أحب من كان بعيدا من جهة الرحم إذا كان محبا لكم، وأهجر زوجتي وبناتي إذا كن مخالفات لكم - ب. (4) أي: حبي إياكم - ب. (5) الحجة بالكسر: السنة - ب. (6) الحجلة بالتحريك موضع يزين بالثياب والستور للعروس - ب. 290 وآل رسول الله تسبى حريمهم * وآل زياد آمنوا السربات (1) إذا وتروا (2) مدوا إلى واتريهم * أكفا عن الأوتار منقبضات فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد * تقطع قلبي أثرهم فظعات خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات يبين فينا كل حق وباطل * ويجزي عن الإحسان والنقمات ويلعن فذ الناس في الناس كلهم * إذا ما ادعى ذاك ابن هن وهنات فيا نفس طيبي ثم يا نفس فأبشري * فغير بعيد كل ما هو آت فلا تجزعي من مدة الجور إنني * كأني بها قد آذنت بثبات فإن قرب الرحمن من تلك مدتي * وأخر من عمري ووقت وفاتي شفيت ولم أترك لنفسي ريبة * ورويت منهم منصلي (3) وقناتي عسى الله أن يرتاح (4) للخلق أنه * إلى كل قوم دائم اللحظات فإن قلت عرفا أنكروه بمنكر * وغطوا على التحقيق بالشبهات فحسبي منهم أن أبوء بغصة * تردد بين الصدر واللهوات كأنك بالأضلاع قد ضاق ذرعها * لما حملت من شدة الزفرات (5)
(1) فلان آمن في سربه، بالكسر أي في نفسه - ب. (2) أي: قتل منهم أحد لم يقدروا على القصاص وأخذ الدية، بل احتاجوا إلى السؤال منهم، ولم يقدروا على إظهار الجناية، وقيل: أي مدوا أيديهم لأخذ الدية ولم يقدروا على الأخذ، والأول أبلغ وأظهر - ب. (3) المتصل بضمتين السيف - ب. (4) يقال: ارتاح الله لفلان أي رحمه - ب. (5) البحار 49 / 245 - 251 عن كشف الغمة. ونقله جمع من أعلام القوم منهم الحصري في زهر الآداب 1 / 86 وابن عساكر في تاريخه 5 / 234 والحموي في معجم الأدباء 4 / 196، وابن طلحة في مطالب السؤل 85 - 86، وابن الجوزي في التذكرة ص 130، والصفدي في الوافي بالوفيات 1 / 156 والشبراوي في الإتحاف ص 165. والشبلنجي في نور الأبصار ص 153. 291 16 - قال صاحب الأغاني: قصد دعبل بن علي الخزاعي بقصيدته هذه علي ابن موسى الرضا (عليهما السلام) بخراسان، فأعطاه عشرة آلاف درهم من الدراهم المضروبة باسمه، وخلع عليه خلعة من ثيابه، فأعطاه بها أهل قم ثلاثين ألف درهم، فلم يبعها، فقطعوا عليه الطريق فأخذوها فقال لهم: إنها تراد لله عز وجل وهي محرمة عليكم، فحلف أن لا يبيعها، أو يعطونه بعضها ليكون في كفنه، فأعطوه فرد كم كان في أكفانه. وكتب قصيدته (مدارس آيات) فيما يقال على ثوب وأحرم فيه، وأمر بأن يكون في كفنه، ولم يزل دعبل مرهوب اللسان، ويخاف من هجائه الخلفاء. قال ابن المدبر: لقيت دعبلا فقلت له: أنت أجسر الناس حيث تقول في المأمون: إني من القوم الذين سيوفهم * قتلت أخاك وشرفتك بمقعد رفعوا محلك بعد طول خموله * واستنقذوك من الحضيض الأوهد فقال لي: يا أبا إسحاق إني أحمل خشبتي مذ أربعين سنة، ولا أجد من يصلبني عليها (1). 17 - من كتاب الذخيرة: كان علي بن موسى (عليهما السلام) غزير الفضل، واسع الرواية، وافر الأدب، متقن الدراية، إذا عمل وعلم وزهد وورع وحلم. 18 - قال: من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم، وصديق الجاهل في تعب، وأفضل المال ما وقي به العرض، وأفضل العقل معرفة الإنسان نفسه، والمؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا قدر لم يأخذ
(1) الأغاني 20 / 69 و 81، وعن العدد البحار 49 / 259 - 260. 292 أكثر من حقه (1). 19 - وروي أن رجلا من أهل المدينة كان عليه لرجل من أولاد رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله دينا، فألح عليه بالمطالبة، وأجحفه بالمضايقة، فجاء إلى علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) فوقف على بابه، ليستشفع به إليه ليمهله ويصبر عليه. فلما قرب من منزله، خرج علي (عليه السلام) فرآه، فاستحى الرجل، فنظر إليه وقال: هل من حاجة؟ قال: إن فلانا من أولاد رافع له علي دين، وقد شهرني بالمطالبة، وأحب اسمها له، فأمره بالجلوس في المسجد إلى حين عوده، فعاد عشاه فصلى المغرب وذلك في شهر رمضان، فصلى المغرب ثم دخل إلى بيته وخرج فاستدعاه. قال: فدخلت إليه وعنده صاحبي وهما يتحادثان، فقال: ما أظنك أفطرت ودعا بطعام فأكل وأكلنا معه، فلما فرغنا قال: ارفع هذه الوسادة، فرفعتها وإذا تحتها صرة دنانير، فقال: خذها وأحسن قضاء دينك، واصرف باقيها في صلاح شأنك، فمضيت إلى منزلي، ففتحتها وهي مائة دينار، وكان الدين علي ثمانية وعشرون دينارا (2). 20 - قال الرضا (عليه السلام): الغوغاء قتلة الأنبياء، والعامة اسم مشتق من العمى، ما رضي الله لهم أن شبههم بالأنعام، حتى بل قال: (هم أضل سبيلا) (3). 21 - قال (عليه السلام): قال لي المأمون: هل رويت شيئا من الشعر؟ قلت: ورويت منه الكثير، فقال: أنشدني أحسن ما رويته في الحلم، فأنشدته: إذا كان دوني من بليت بجهله * أبيت لنفسي أن أقابل بالجهل
(1) عنه البحار 78 / 352. (2) البحار 49 / 97 - 98، نحوه عن الارشاد. (3) عنه البحار 78 / 352. 293 وإن كان مثلي في محلي من النهى * هربت لحلمي كي أجل عن المثل وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى * عرفت له حق التقدم والفضل قال المأمون من قائله؟ قلت: بعض فتياننا. قال: فأنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل، فقلت: إني ليهجرني الصديق تجنبا * فأريه أن لهجره أسبابا وأراه إن عاتبته أغريته * فأرى له ترك العتاب عتابا وإذا ابتليت بجاهل متحلم * يجد المحال من الأمور صوابا أوليته مني السكوت وربما * كان السكوت عن الجواب جوابا فقال: من قائله؟ قلت: بعض فتياننا (1). نقش خاتمه عليه السلام: ولي الله (2). 22 - كان له (عليه السلام) ولدان: أحدهما محمد، والآخر موسى، لم يترك غيرهما. 23 - في كتاب الدر: مضى الرضا عليه السلام ولم يترك ولدا إلا أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام، وكان سنه يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهر (3). 24 - قال الحاكم بخراسان صاحب كتاب المقتفي: رأيت في منامي، وأنا في مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) وكأن ملكا نزل من السماء وعليه ثياب خضر، وكتب على شاذروان القبر بيتين حفظتهما وهما: من سره أن يرى قبرا برؤيته * يفرج الله عمن زاره كربه فليأت ذا القبر إن الله أسكنه * سلالة من رسول الله منتجبه 25 - قال محمد بن زيد الطبري: سمعت الرضا (عليه السلام) يتكلم في التوحيد،
(1) عنه البحار 78 / 352 - 352. (2) البحار 49 / 7، برقم: 10 عن العيون. (3) عنه البحار 49 / 222، برقم: 13. 294 فقال: أول عبادة الله عز وجل معرفته، وأصل معرفة توحيده، ونظام توحيده نفي التحديد عنه، لشهادة العقول أن كل محدود مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقا بمخلوق، الممتنع من الحدث. هو القديم في الأزل، فليس الله عبد من نعت ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه بشئ من الحواس، ولا إياه عني من شبهه، ولا له عرف من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه، كل معروف بنسبه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول. بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول يعتقد معرفته، وبالفطرة تثبت حجته، خلق الله تعالى الخلق حجاب بينه وبينهم، ومباينته إياهم مفارقته لهم (1)، وابتداؤه لهم دليل على أن لا ابتداء له، لعجز كل مبتدء منهم عن ابتداء مثله. فأسماؤه تعالى تعبير، وأفعاله سبحانه تفهيم، قد جهل الله من وحده، وقد تعداه من اشتمله، وقد أخطأه من اكتنهه. ومن قال: كيف هو؟ فقد شبهه، ومن قال فيه: لم؟ فقد علله، ومن قال: متى؟ فقد وقته، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن قال: إلى م؟ فقد نهاه، ومن قال: حتى م؟ فقد عياه، ومن عياه فقد جزاه، ومن جزاه فقد الحد فيه، لا يتغير الله بتغاير المخلوق، ولا يتحدد بتحدد المحدود. واحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشرة، مبجل لا باستهلال رؤية باطن لا بمزايلة مباين، لا بمسافة قريب، لا بمداناة لطيف، لا بتجسم موجود، لا عن عدم فاعل، لا باضطرار مقدر، لا بفكرة مدبر، لا بحركة مريد، لا بعزيمة شاء، لا بهمة مدرك، لا بحاسة سميع، لا بآلة بصير، لا بأداة لا تصحبه، الأوقات. ولا تضمنه الأماكن، ولا تأخذه السنات، ولا تحده الصفات، ولا تقيده الأدوات
(1) في الأصل: انيهم. 295 سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بخلقه الأشباه علم أن لا شبيه له وبمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له، وبمقاربته بين الأمور علم أن لا قرين له. ضاد النور بالظلمة، والصر بالحرور، مؤلف بين متباعداتها، ومفرق بين متدانياتها، بتفريقها دل على مفرقها، وبتأليفها دل على مؤلفها، قال الله تعالى: (ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (1). له معنى الربوبية إذ لا مربوب، وحقيقة الإلهية إذ لا مألوه، ومعنى العالم إذ لا معلوم، وليس منذ خلق استحق معنى الخالق، ولا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث، لا تغيبه (منذ) ولا تدنيه (قد) ولا تحجبه (لعل) ولا توقته (متى) ولا تشمله (حين) ولا تقارنه (مع) كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه. لا تجري عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ أو يعود فيه ما هو ابتدأه إذا لتفاوتت ذاته، ولامتنع من الأزل معناه، ولا كان للبارئ معنى غير المبروء. لو حد له وراء لحد له أمام، ولو التمس له التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث؟ وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الانشاء؟ لو تعلقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع، ولتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه، ليس في محال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب، لا إله إلا الله العلي العظيم (2). 26 - من كتاب النزهة قال مولانا الرضا (عليه السلام): من رضي من الله عز وجل بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل، من كثرت محاسنه مدح بها،
(1) سورة الذاريات: 49. (2) أمالي الشيخ المفيد ص 253 - 258، ورواه العلامة المجلسي في البحار مع بيان 4 / 227 - 231 عن التوحيد والعيون والاحتجاج وأمالي الشيخ المفيد والطوسي. 296 واستغنى التمدح بذكرها من شبه الله بخلقه فهو مشرك، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر به، من لم تتابع رأيك في صلاحه، فلا تصغ إلى رأيه، وانتظر به أن يصلحه شر. ومن طلب الأمر من وجهه لم يزل، وإن زل لم تخذله الحيلة، لا يعدم المرء دائرة الشر مع نكث الصفقة، ولا يعدم تعجيل العقوبة مع ادراع البغي. الناس ضربان: بالغ لا يكتفي، وطالب لا يجد، طوبى لمن شغل قلبه بشكر النعمة، لا يختلط بالسلطان في أول اضطراب الأمور، يعني: أول المخالطة. القناعة تجمع إلى صيانة النفس وعز القدرة، وطرح مؤونة الاستكثار، والتعبد لأهل الدنيا، ولا يسلك طريق القناعة إلا رجلان: إما متعبد يريد أجر الآخرة، أو كريم ينزه عن لئام الناس، كفاك من يريد نصحك بالنميمة ما يجد من سوء الحساب في العاقبة، الاسترسال بالأنس يذهب المهابة (1). 27 - وقال (عليه السلام): للحسن بن سهل في تعزيته: التهنية بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة (2). 28 - وقال (عليه السلام): من صدق الناس كرهوه، المسكنة مفتاح البؤس، إن للقلوب إقبالا وإدبارا ونشاطا وفتورا، فإذا أقبلت بصرت وفهمت، وإذا أدبرت كلت وملت، فخذوها عند إقبالها ونشاطها، واتركوها عند إدبارها وفتورها لا خير في المعروف إذا رخص (3). 29 - وقال (عليه السلام) للصوفية لما قالوا له: إن المأمون قد رد هذا الأمر إليك، وإنك لاحق الناس به، إلا أنه يحتاج من يتقدم منك بقدمك إلى لبس الصوف
(1) عنه البحار 78 / 353. (2) عنه البحار 78 / 353. (3) عنه البحار 78 / 354. 297 وما يخشن لبسه: ويحكم إنما يراد من الإمام قسطه وعدله، إذا قال صدق، وإذا حكم عدل، وإذا وعد أنجز، والخير معروف (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) (1) وإن يوسف الصديق لبس الديباج المنسوج بالذهب وجلس على متكآت فرعون (2). 30 - قال (عليه السلام) في صفة الزاهد: متبلغ بدون قوته، مستعد ليوم موته متبرم بحياته (3). 31 - وقال في تفسير (فاصفح الصفح الجميل) (4) عفو بغير عتاب (5). وقال للمأمون لما أراد قتل رجل: إن الله لا يزيدك بحسن العفو إلا عزا، فعفا عنه (6). 32 - وقال له بعض أصحابه: روي لنا عن الصادق عليه السلام أنه قال: لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين، فما معناه؟ قال: من زعم أن الله فوض أمر الخلق والرزق إلى عباده فقد قال بالتفويض، قلت: يا ابن رسول الله والقائل به مشرك؟ فقال: نعم، ومن قال بالجبر فقد ظلم الله تعالى، فقلت: يا ابن رسول الله فما أمر بين أمرين؟ فقال: وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه (7). 33 - وقال وقد قال له رجل: إن الله تعالى فوض إلى العباد أفعالهم؟ فقال: هم أضعف من ذلك وأقل، قال: فجبرهم؟ قال: هو أعدل من ذلك وأجل، قال:
(1) سورة الأعراف: 32. (2) عنه البحار 78 / 354. (3) عنه البحار 78 / 354. (4) سورة الحجر: 85. (5) عنه البحار 78 / 354. (6) عنه البحار 78 / 354. (7) عنه البحار 78 / 354. 298 فكيف تقول؟ قال: نقول: إن الله أمرهم ونهاهم، وأقدرهم على ما أمرهم به ونهاهم عنه (1). 34 - سأله (عليه السلام) الفضل بن الحسن بن سهل الخلق مجبورون؟ قال: الله أعدل من أن يجبر ويعذب، قال: فمطلقون؟ قال: الله أحكم أن يمهل عبده ويكله إلى نفسه. اصحب السلطان بالحذر، والصديق بالتواضع، والعدو بالتحرز، والعامة بالبشر. الإيمان فوق الإسلام بدرجة، والتقوى فوق الإيمان بدرجة، ولم يقسم بين العباد شئ أقل من اليقين (2). 35 - وسئل عن المشية والإرادة؟ فقال: المشية كالاهتمام بالشئ، والإرادة إتمام ذلك الشئ، الأجل آفة الأمل، والعزم من ذخيرة الأبد، والبر غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة ذي القدرة، والبخل يمزق العرض، والحب داعي المكاره. وأجل الخلائق وأكرمها (3) اصطناع المعروف، وإغاثة الملهوف، وتحقيق أمل الآمل، وتصديق مخيلة الراجي، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة والباكين بعد الوفاة (4). 36 - من كتاب الدر قال (عليه السلام): اتقوا الله أيها الناس في نعم الله عليكم، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه، واعلموا أنكم لا تشكرون الله بشئ بعد الإيمان بالله ورسوله، وبعد الاعتراف
(1) عنه البحار 78 / 354. (2) عنه البحار 78 / 354 - 355. (3) في الأصل: كرما. (4) عنه البحار 78 / 355. 299 بحقوق أولياء الله من آل محمد (عليهم السلام)، أحب إليكم من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنات ربهم، فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله. من حاسب نفسه ربح. ومن غفل عنها خسر. ومن خاف أمن. ومن اعتبر أبصر. ومن أبصر فهم. ومن فهم عقل. وصديق الجاهل في تعب. وأفضل المال ما وقى به العرض. وأفضل العقل معرفة الإنسان نفسه. والمؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق. وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل. وإذا قدر لم يأخذ أكثر من حقه. الغوغاء قتلة الأنبياء. والعامة اسم مشتق من العمى. ما رضي الله لهم أن شبههم بالأنعام. حتى قال: (بل هم أضل سبيلا) (1). صديق كل امرئ عقله. وعدوه جهله. العقل حباء من الله عز وجل. والأدب كلفة. فمن تكلف الأدب قدر عليه. ومن تكلف العقل لم يزده إلا جهلا. التواضع درجات: منها أن يعرف المرء قدر نفسه، فينزلها منزلتها بقلب سليم لا يحب أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه، إن أتى إليه سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ، عاف عن الناس، والله يحب المحسنين (2).
(1) سورة الفرقان: 44. (2) عنه البحار 78 / 355 - 356. 300 (اليوم الرابع والعشرون) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم نحس مستمر، مذموم مشوم ملعون، ولد فيه فرعون لعنه الله، وهو يوم عسير نكد، فاتقوا فيه ما استطعتم لا ينبغي أن يبتدأ فيه بحاجة، يكره في جميع الأحوال والأعمال، نحس لكل أمر يطلب فيه، من سافر فيه مات في سفره. 2 - وفي رواية أخرى: ومن مرض فيه طال مرضه، ومن ولد فيه يكون سقيما حتى يموت نكدا في عيشه، ولا يوفق لخير، وإن حرص عليه جهده، ويقتل في آخر عمره أو يغرق. 3 - وفي رواية أخرى: إنه جيد للسفر. والرؤيا فيه كاذبة. 4 - وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: من ولد في هذا اليوم علا أمره إلا أنه يكون حزينا حقيرا، ومن مرض فيه طال مرضه. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف جيد. 5 - وفي رواية أخرى: إنه ردئ مذموم، لا يطلب فيه حاجة، ولد فيه فرعون ذو الأوتاد.
301 6 - وقال سلمان الفارسي رحمه الله: دين روز اسم الملك الموكل بالسعي والحركة. 7 - وفي رواية أخرى: اسم الملك الموكل بالنوم واليقظة، وحراسة الأرواح حتى ترجع إلى الأبدان. العوذة في أوله: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين. إياك نعبد وإياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم. ولا الضالين. بسم الله الرحمن الرحيم. قل أعوذ برب الفلق. من شر ما خلق. ومن شر غاسق إذا وقب. ومن شر النفاثات في العقد. ومن شر حاسد إذا حسد. بسم الله الرحمن الرحيم. قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. من الجنة والناس بسم الله الرحمن الرحيم. قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. أعوذ بالله الذي لا شبيه له. الرب لا رب غيره. وأعوذ وأستعين بالله الذي له الخلق والأمر. وله الحكم وإليه المصير. أعوذ بقدرة الله الغالبة. وبمشيته النافذة وبأحكامه الماضية. وبآياته الظاهرة. وكلماته القاهرة. الذي يحيي ويميت. ويقول للشئ كن فيكون. من شر نحس هذا اليوم. وما يخاف شومه. وأعوذ بالله العزيز الحكيم. رب الملائكة والنبيين. أعوذ بالله من شر ذلك وأستجلب بالله العزيز خير ذلك. وأستدفع بقدرة الله محذور ذلك. وأطلب من
302 الله عز وجل السلامة من ضره وشره. وسره وجهره. لا يدفع الشر إلا بالله. ولا يأتي بالخير إلا الله. توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم، اللهم هذا يوم جديد، أعطني فيه خيرا دائما مقيما، واكفني فيه كل شر عظيم، واجعل ظاهره كرامة، وباطنه سلامة، آمني فيه ما أخافه وأحذره، وادفع عني شره وارزقني خيره، تولني فيه بدعائك ورعايتك وحياطتك. واكفني بكفايتك ووقايتك. فأنت الكريم الرحمن الرحيم. تعطي من تشاء وتهب لمن تشاء. فتعاليت من عزيز جبار. وعظيم قهار. وحليم غفار. ورؤف ستار. تستر على من عصاك. وتجيب من دعاك. وترحم من تراه. ولا تزال. يا من ليس لي آمل سواه. ولا أفزع إلا من لقاه. ولا أطلب من يرحمني إلا إياه. اللهم إني أسألك سؤال معترف بذنبه. ونادم على اقتراف تبعته، وأنت أولى بالمغفرة على من ظلم وأساء، فقد أوبقتني الذنوب في مهاوي الهلكة، وأحاطت بي الآثام، فبقيت غير مستقلق بها، وأنت المرتجى، وعليك المعول في الشدة والرخاء، وأنت لجاء الخائف الغريق، وأرأف من كل شفيق. إلهي إليك قصدت راجيا، وأنت منتهى القاصدين، وأرحم من استرحم، تجاوز عن المذنبين، إلهي أنت الغني الذي لا يفوتك، ولا يتعاظمك، لأنك الباقي الرحمن الرحيم، الذي تسربلت بالربوبية، وتوحدت بالإلهية، وتنزهت عن الحدوثية، فليس يحدك واصف بحدود الكيفية، ولم يقع عليك الأوهام بالمائية فلك الحمد بعدد نعمائك على الأنام، صل على محمد وآل محمد. اللهم بيدك الخير، وأنت وليه ومنح الرغائب، وغاية المطالب، أتقرب
303 إليك بمحمد وأهل بيته، صلواتك عليه وعليهم، وبسعة رحمتك التي وسعت كل شئ، وأنا شئ فلتسعني رحمتك. أسألك في خلاص نفسي ورقبتي من النار، فقد ترى يا رب مكاني، وتطلع على ضميري، وتعلم سري، ولا يخفى عليك شئ من أمري، وأنت أقرب إلي من حبل الوريد، فصل على محمد وآل محمد، وتب علي توبة نصوحا لا أعود بعدها يسخطك، وارحمني واغفر لي مغفرة لا أرجع بعدها إلى معصيتك، يا كريم يا علي يا عظيم. اللهم أنت الذي أصلحت قلوب المفسدين، فصلحت بصلاحك لها، فصل على محمد وآل محمد بكرة وأصيلا، وصل على محمد وآل محمد أولا وآخرا. إلهي وأنت مننت على الصالحين. فهديتهم برشدك عن الضلالة. وسددتهم ونزهتهم عن الزلل. فمنحتهم منحك. وحصنتهم عن معصيتك. وأدرجتهم في درج المغفورين لهم وإليهم. وأحللتهم محل الفائزين المكرمين المطمئنين وأسألك يا مولاي أن تصلي على محمد وآل محمد. وأن تفعل بي ما فعلت بهم. وأسألك عملا صالحا يقربني إليك يا خير مسؤول. وأتضرع إليك تضرع مقر على نفسه بالهفوات. وأبواب الواصلين إليك يا تواب. فلا تردني خائبا من جزيل عطائك يا وهاب. فقديما جدت على المذنبين بالمغفرة. وسترت على عبيدك قبيحات الأفعال. يا جليل يا متعال. صل على محمد وآل محمد. واغفر لي وللمؤمنين والآباء والأمهات، والأخوة والأخوات، والجيرة من القرابات، وأعد علينا بركات العافيات الصالحات، برحمتك يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: اللهم عافني في ديني، وعافني في بدني، وعافني في جسدي، وعافني في
304 سمعي. وعافني في بصري. واجعلهما الوارثين مني. يا بدئ لا بدء لك. يا دائم لا نفاد لك. يا حيا لا تموت. يا محيي الموتى. أنت القائم على كل نفس بما كسبت صل على محمد النبي الأمي وعلى أهل بيته. وافعل بي ما أنت أهله. وافعل بي كذا وكذا. اللهم فالق الأصباح، وجاعل الليل سكنا، والشمس والقمر حسبانا، اللهم اقض عني الدين، وأعذني من الفقر، ومتعني بسمعي وبصري، وقوني في نفسي وفي سبيلك، يا أرحم الراحمين. اللهم أنت أرحم الراحمين، اللهم أنت لا إله إلا أنت الحق الذي لا إله غيرك البديع، ليس مثلك شئ، الدائم غير الغافل، الحي الذي لا تموت، وخالق ما يرى وما لا يرى، كل يوم أنت في شأن، وعلمت كل شئ بغير تعليم فلك الحمد، الله ربي لا أشرك به شيئا ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، صل على محمد وآل محمد، وليكن من شأنك المغفرة لي ولوالدي ولولدي وإخواني ومن يعنيني أمره، يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك بأنك الجليل المقتدر، وأنك ما تشاء من أمر يكون، وأتوجه إليك بنبيك صلى الله عليه وآله الأخيار، الطيبين الأبرار، يا محمد إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك في حاجتي هذه، فكن شفيعي فيها وفي حوائجي ومطالبي، أن يصلي، عليك وعلى آلك الطيبين الأخيار، وأن تفعل بي ما هو أهله. اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به المقادير، وبه يمشى على ظلل الماء كما يمشى على جدد الأرض، أسألك باسمك الذي تهتز به أقدام ملائكتك، وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور، فاستجبت له، وألقيت عليه محبة منك.
305 وأسألك بالاسم الذي دعاك به محمد صلى الله عليه وآله، فغفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأتممت عليه نعمتك. أن تصلي على محمد وآله، وأن تفعل بي ما أنت أهله، وتفعل بي كذا وكذا... اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومستقر الرحمة ومنتهاها من كتابك، اللهم وإني أسألك باسمك الأعظم، وجلالك الأعلى، وجدك الأكرم، وكلماتك التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا. اللهم وأسألك يا الله يا رحمن يا رحيم، يا ذا الجلال والاكرام، إلها واحدا فردا صمدا قائما بالقسط، لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، وأنت الوتر الكبير المتعال، أن تصلي على محمد وآله، وأن تدخلني الجنة عفوا بغير حساب، وأن تفعل بي ما أنت أهله من الجود والكرم والرأفة والرحمة والتفضل. اللهم لا تبدل اسمي، ولا تغير جسمي، ولا تجهد بلائي يا كريم، اللهم إني أعوذ بك من غنى يطغيني، وفقر ينسيني، ومن هوى يرديني، ومن عمل يخزيني، أصبحت وربي الواحد الأحد محمودا، أصبحت لا أشرك به شيئا ولا أدعو معه إلها آخر، ولا أتخذ من دونه وليا. اللهم صل على محمد وآله، وهون علي ما أخاف مشقته، ويسر لي ما أخاف عسرته، وسهل ما أخاف حزونته، ووسع علي ما أخاف ضيقته، وفرج عني هموم آخرتي ودنياي في دنياي وآخرتي برضاك عني. اللهم هب لي صدق التوكل. وهب لي صدق اليقين. في التوكل عليك. واجعل دعائي في المستجاب من الدعاء. واجعل عملي في المرفوع المتقبل. اللهم طوقني ما حملتني. وأعني علي ما حملتني. ولا تحملني ما لا طاقة لي به. حسبي الله ونعم الوكيل.
306 اللهم أعني ولا تعن علي. وانصرني ولا تنصر علي. وامكر لي ولا تمكر بي. وانصرني على من بغى علي. واقض لي على كل من يبغي علي. ويسر الهدى لي. اللهم إني أستودعك ديني ودنياي وأمانتي وخواتيم عملي. وخواتيم أعمالي. وجميع ما أنعم الله به علي في الدنيا والآخرة. فأنت السيد لا تضيع ودائعك. اللهم وأعلم أنه لن يجيرني منك أحد. ولن أجد من دونك ملتحدا. اللهم صل على محمد وآله. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا فما سواها. ولا تنزع منى صالحا أعطيتنيه. فإنه لا مانع لما أعطيت. ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة الجديدة وكل ليلة. وهذا الشهر وكل شهر. صل على محمد وآل محمد. وطهر قلبي من النفاق. وعملي من الرياء. ولساني من الكذب. وعيني من الخيانة. فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. وصل على محمد وآله. وارزقني السعة والدعة. والأمن والقناعة والعصمة. والتوفيق في جميع أموري. والعفو والعافية والمغفرة والشكر والصبر. يا أرحم الراحمين. إنك على كل شئ قدير (1). وقائع اليوم الرابع والعشرين: 8 - وفي اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة من سنة [تسع من الهجرة] (2) باهل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعلي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) نصارى نجران،
(1) عنه البحار 97 / 279 - 284. (2) ما بين المعقوفتين استظهار في البحار، وبياض في الأصل. 307 وجاء بذكر المباهلة به وبزوجته وولديه عليهم السلام محكم القرآن (1). وروي أن المباهلة في اليوم الخامس والعشرين من ذي الحجة. 9 - وفي الرابع والعشرين تصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخاتم وهو راكع فنزلت ولايته في القرآن (2). 10 - وفي كتاب الكافي: أنزل القرآن لأربع وعشرين ليلة من شهر رمضان (3).
(1) في سورة آل عمران: 61. (2) في سورة المائدة: 55. (3) عنه البحار 98 / 198. 308 (اليوم الخامس والعشرون) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): أنه يوم مذموم نحس، وهو اليوم الذي أصاب مصر فيه تسعة ضروب من الآفات، فلا تطلب فيه حاجة، واحفظ فيه نفسك، فإنه اليوم الذي ضرب الله عز وجل فيه أهل الآيات مع فرعون، وهو شديد البلاء، والآبق فيه يرجع، ولا تحلف فيه صادقا ولا كاذبا، وهو يوم سوء، من سافر فيه لا يربح، ومن مرض فيه أجهد، ولم يفق من مرضه، فاتقه. 2 - وفي رواية أخرى: من مرض فيه لا يكاد يبرء، وهو إلى الموت أقرب من الحياة، ومن مرض فيه لا ينجو، ومن ولد فيه كان ملكا مرزوقا نجيبا من الناس، تصيبه علة شديدة ويسلم منها. 3 - وفي رواية أخرى: من ولد فيه يكون فقيها عالما. 4 - وفي رواية أخرى: أنه يوم جيد للشراء والبيع والبناء والزرع، يصلح لقضاء الحوائج، ومن ولد فيه كان كذابا نماما لا خير فيه. 5 - وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): استعيذوا فيه بالله تعالى. 6 - وقالت الفرس: إنه يوم ثقيل ردئ مكروه، أصيب فيه أهل مصر بسبع ضربات من البلاء، وهو نحس، تفرغ فيه للدعاء والصلاة، وعمل الخير.
309 7 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: أرد روز اسم الملك الموكل بالجن والشياطين (1). العوذة في أوله: أعوذ بالله الحي القيوم، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، من شر ما خلق وذرء، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله رب الأشياء، ومقدرها، وخالق الأجسام ومصورها، ومنشئ الأشياء ومدبرها، وأعوذ بالكلمات العليا، والأسماء الحسنى والعزائم الكبرى، وبرب الأرض والسماء، ومحيي الموتى ومميت الأحياء من شر هذا اليوم وشومه، وشره وضره، صرفت ذلك عني بقدرة الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله أجمعين، والعاقبة للمتقين، اللهم إني أسألك في هذا اليوم الجديد سؤال الخائف من وقفة الموقف، الوجل والعرض المشفق من الخسران وبوائق القيامة، المأخوذ على الغرة، النادم على خطيئته، المسؤول المحاسب المثاب المعاقب الذي لا يكنه منك مكان، ولا يجد مفرا منك إلا إليك، متنصل منك من سوء عمله مقر به، قد أحاطت به الهموم، وضاقت عليه رحائب النجوم موقن بالموت، مبادر بالتوبة قبل الفوت، التي إن مننت بها عليه، وعفوت عنه. فأنت إلهي ورجائي إذا ضاق عني الرجاء، وفنائي إذا لم أجد فناء ألجأ إليه، فتوحدت يا سيدي بالعز والعلاء، وتفردت بالفردانية والبقاء، وأنت المنعوت
(1) عنه البحار 59 / 81 - 82 و 97 / 284 - 285. 310 الفرد، والمنفرد بالحمد، لا يتوارى منك مكان، ولا يعزل زمان، ألفت بلطفك الفرق، وفجرت (1) بقدرتك الماء من الصم الصلاب الصياخيذ عذبا واجاجا، وأنزلت من المعصرات ماءا ثجاجا، وجعلت في السماء سراجا، والقمر والنجوم أبراجا، من غير أن تماس فيما ابتدعت لغوبا. أنت إله كل شئ وخالقه، وجبار كل مخلوق ورازقه، والعزيز من أعززت، والذليل من أذللت، والغني من أغنيت والفقير من أفقرت، وأنت وليي ومولاي عليك رفقي، وأنت مولاي، فصل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله وعد علي بفضلك، ولا تجعلني ممن زيد عمره وجهله، واستولى عليه التسويف حتى سالم الأيام، واعتنق المحارم والآثام. اللهم فصل على محمد وآل محمد، واجعلني سيدي عبدا أفزع إلى التوبة، فإنها مفزع المذنبين، وأغنني بجودك الواسع عن المخلوقين، ولا تحوجني إلى أشرار العالمين، وهبني منك عفوك في موقف يوم الدين، يا من له الأسماء الحسنى والأمثال العليا، ويا جبار السماوات والأرضين، إليك قصدت راغبا راجيا، فلا تردني خائبا من سيئ عملي، وارزقني من سني مواهبك، ولا تردني صفر اليدين خائبا. يا كاشف الكربة، إنك جواد كريم، يا رؤوفا بالعباد، ومن هو لهم بالمرصاد صل على محمد وآل محمد، وأكرم مثواي ومآبي، وأجزل اللهم ثوابي، واستر عيوبي وأنقذني بفضلك من أليم العذاب إنك كريم وهاب، فقد ألقتني سيئاتي بين ثواب وعقاب، وقد رجوت أن أكون بلطفك وجودك متغمدا بجودك، والمفر لغفران الذنوب بالمغفرة والعفو. يا غافر الذنب اصفح عن زللي، يا ساتر العيوب، فليس لي رب ولا مجير
(1) في الأصل: وبلغت. 311 أحد غيرك، ولا تردني منك بالخيبة، يا كاشف الكربة، يا مقيل العثرة، سرني بنجاح طلبتي، واخصصني منك بمغفرة لا يقارنها بلاء، ولا يدانيها أذى، وألهمني هداك وبقاك وتحفتك ومحبتك، وجنبني موبقات معصيتك، إنك أهل التقوى (1) وأهل المغفرة. اللهم وما افترضت علي من حقوق الوالدين الآباء والأمهات، والأخوة والأخوات، فاحتمله بجودك ومغفرتك، يا أرحم الراحمين، يا أهل التقوى وأهل المغفرة، يا ذا الجود والفضل. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما ذرأ وبرأ في الأرض، وما يخرج منها ومن شر ما ينزل من السماء، وما يعرج فيها، ومن شر طوارق الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير في عافية بخير منك يا رحمن. اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد، ومرافقة النبي محمد، ومرافقة آله الطيبين الأخيار، صلوات الله عليه وعليهم، في أعلى جنة الخلد مع النبيين والصالحين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا. اللهم آمن روعتي وروعاتي، واستر عورتي وعوراتي، وأقلني عثرتي وعثراتي فإنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، الملك ولك الحمد، وأنت على كل شئ قدير، إني أسألك وأنت المسؤول المحمود المعبود المتوحد وأنت المنان ذو الإحسان بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والاكرام، أن تغفر لي ذنوبي كلها صغيرها وكبيرها، وعمدها وخطأها، ما حفظته علي وأنسيته أنا من نفسي، وما نسيته من نفسي وحفظته أنت علي، فإنك أنت الغفار، وأنت الجبار،
(1) في الأصل: النفع. 312 وأنت الرحمن، وأنت الرحيم، وأنت أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك بلا إله إلا أنت إلهي وآله كل شئ. يا إلهي الواحد لا إله إلا أنت وآله كل شئ الواحد القهار، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي ما أنت أهله مما أنا إليه فقير، وأنت به عالم، وأن تفعل بي كذا وكذا. اللهم وأعطني ذلك. وما قصر عنه رأيي ولم تبلغه مسألتي. ولم تنله نيتي من شئ وعدته أحدا من عبادك، أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك، فإني أرغب إليك فيه، وأسألك يا رب برحمتك يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين. اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون المبارك الطهر الطاهر، الفرد الوتر الواحد الأحد، الصمد الكبير المتعال، الذي هو نور السماوات والأرض، وأنا أسألك بما سميت به نفسك، فإنك قلت: الله نور السماوات والأرض، فإني أسألك يا نور السماوات والأرض، وأنا أقول كما قلت، وأسميك بما سميت به نفسك يا نور السماوات والأرض أن تصلي على محمد وآل محمد واغفر لي ذنوبي كلها صغيرها وكبيرها، وما نسيته أنا من نفسي وحفظته أنت عمدها وخطأها، إنك أنت الله التواب الرحيم، وافعل بي كذا وكذا. يا الله، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والاكرام، يا صريخ المستصرخين، وغياث المستغيثين، ومنتهى رغبة الراغبين، أنت المفرج عن المكروبين، وأنت المروح عن المغمومين، وأنت مجيب دعوة المضطرين، وأنت إله العالمين وأرحم الراحمين. اللهم يا كاشف كل كربة. ويا ولي كل نعمة، ومنتهى كل رغبة، وموضع كل حاجة. بديع السماوات والأرض. ذا الجلال والاكرام، صريخ المستصرخين وغياث المكروبين. ومنتهى حاجة الراغبين، ومفرج عن المغمومين. ومجيب دعوة المضطرين إله العالمين. وأرحم الراحمين. صل على محمد وآله. وافعل
313 بي كذا وكذا. لا إله إلا أنت ربي وسيدي. وأنا عبدك وابن عبدك. وابن أمتك. ناصيتي بيدك. عملت سوءا، وظلمت نفسي، وأقررت بخطيئتي واعترفت بذنبي. أسألك بأن لك المن. يا منان. يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والاكرام. أن تصلي على محمد وآل محمد. عبدك ونبيك ورسولك. وعلى آل محمد أفضل صلواتك على أحد من خلقك. وأسألك بالعز والقدرة التي فلقت بها البحر لبني إسرائيل. لما كفيتني كل باغ وعدو وحاسد ومخالف. وبالعز الذي نتقت به الجبل فوقهم كأنه ظلة. لما كفيتني. اللهم إني أسألك وأدرء بك في نحورهم. وأعوذ بك من شرورهم. وأستجير بك منك. وأستعين بك عليهم. الله الله ربي لا أشرك بك شيئا. أنت أنت ربي لا أشرك بك شيئا. ولا أتخذ من دونك وليا. الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة وكل ليلة. والشهر وكل شهر. أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد. وعافني في جميع أموري كلها بأفضل عافيتك. وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم إني أسألك عملا بالحسنات. وعصمة عن السيئات. ومغفرة للذنوب. وحبا للمساكين. وإذا أرادني قوم بسوء فنجني منهم غير مفتون. إني أسألك من كل خير أحاط به علمك. اللهم أنت ربي وثقتي ومنتهى طلبتي. والعالم بحاجتي. فاقض لي سؤلي. واقض لي حوائجي. اللهم صل على محمد وآل محمد. ووال من والاهم. وعاد من عاداهم. وأغننا بالحلال عن الحرام. وبفضلك عن سؤال الخلق. صل على محمد وآل محمد. ولا تهتك ستري. ولا تبد عورتي. وآمن روعتي. وأقلني عثرتي واقض
314 عني ديني. واخز عدو آل محمد صلى الله عليهم من الجن والإنس وعجل هلاكهم يا أرحم الراحمين. إنك على كل شئ قدير (1). وقائع اليوم الخامس والعشرين: 8 - وفي الخامس والعشرين من ذي القعدة نزلت الكعبة، وهو أول رحمة نزلت. وفيه دحى الله تعالى الأرض من تحت الكعبة، يستحب صومه. وفي ليلة الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة... تصدق أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام على المسكين واليتيم والأسير بثلاثة أقراص كانت قوتهما من الشعير وآثراهم على أنفسهما، وواصلا الصيام. وفي الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة.... نزلت أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (هل أتى على الإنسان) (2). تاريخ وفاة الإمام السجاد (ع) وأولاده: 9 - وفي تاريخ المفيد: وفي اليوم الخامس والعشرين من المحرم، سنة أربع وتسعين كانت وفاة مولانا الإمام السجاد زين العابدين أبو محمد وأبو الحسن علي بن الحسين صلوات الله عليهما. 10 - وفي كتاب تذكرة الخواص: توفي سنة أربع وتسعين، ذكره ابن عساكر وسنة اثنين وتسعين قاله أبو نعيم، وسنة خمس وتسعين، والأول أصح، لأنها تسمى سنة الفقهاء، لكثرة من مات بها من العلماء، وكان علي سيد الفقهاء، مات في أولها وتتابع الناس بعده سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير
(1) عنه البحار 97 / 285 - 289. (2) تذكرة الخواص ص 332. 315 وعامة فقهاء المدينة (1). 11 - وفي كتاب الكافي (2) والارشاد (3) والدر: توفي في المحرم سنة خمس وتسعين من الهجرة. وقيل: توفي (عليه السلام) يوم السبت ثامن عشر المحرم سنة خمس وسبعين، سمه الوليد بن عبد الملك بن مروان (4). وعمره عليه السلام تسعة وخمسون سنة وأربع أشهر وأيام. وروي أن عمره سبعة وخمسون سنة مثل عمر أبيه. أقام مع جده سنتين، ومع عمه الحسن اثنا عشر سنة، ومع أبيه الحسين ثلاث وعشرين، وبعد أبيه أربعا وثلاثين سنة (5). 12 - وروي في الدر والكافي: عمره (عليه السلام) سبع وخمسون سنة. وقيل: ثمان وخمسون سنة، ودفن بالبقيع مع عمه الحسن (عليهما السلام) (6). 13 - قيل: كان له من الأولاد عشر رجال وأربع نسوة. 14 - في الدر: ولد علي بن الحسين (عليها السلام) خمسة عشر ولدا: مولانا محمد الباقر (عليه السلام) أمه أم الحسن بنت الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام). وعبد الله. والحسن. والحسين أمهم أم ولد. وزيد. وعمر لأم ولد. والحسين الأصغر. وعبد الرحمن. وسليمان لأم ولد. وعلي وكان أصغر ولده. وخديجة أمهما أم ولد. ومحمد الأصغر أمه أم ولد. وفاطمة. وعلية. وأم كلثوم أمهن أم ولد.
(1) تذكرة الخواص ص 332. (2) أصول الكافي 1 / 466. (3) الارشاد ص 254. (4) من قوله (في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة نزلت الكعبة) إلى هنا عنه البحار 98 / 199. (5) في البحار: ومع عمه عشر سنين، ومع أبيه عشر سنين، وبعد وفاة أبيه خمسا وثلاثين سنة. (6) من قوله (في تاريخ المفيد) إلى هنا عنه البحار 46 / 154. 316 والعقب من ولد زين العابدين (عليه السلام) في ستة رجال: مولانا الباقر. وعبد الله الأرقط. وعمر بن علي. وزيد بن علي. والحسين الأصغر. وعلي بن علي. والعقب من ولد عبد الله بن علي بن الحسين: محمد الأرقط المجدر. ومنه: من إسماعيل بن محمد في رجلين: محمد بن إسماعيل. والحسين بن إسماعيل. والعقب من ولد عمر بن علي بن الحسين: من علي بن عمر، وفيه العدد، ومحمد بن عمر. ومن علي بن عمر: في الحسن بن علي بن عمر الأشرف، والقاسم بن علي، وعمر بن علي، ومحمد بن علي. ومن محمد بن عمر أخي علي بن عمر من رجلين. من أبي عبد الله الحسين بالكوفة، والقاسم بن محمد بطبرستان، وعمر وجعفر لهما عقب بخراسان. والعقب من ولد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) من ثلاثة نفر: الحسين، وعيسى، ومحمد. ومن الحسين بن زيد في يحيى بن وفيه البيت، وعلي بن الحسين، والحسين بن الحسين، والقاسم بن الحسين في (صح) ومحمد بن الحسين في (صح) وإسحاق بن الحسين في (صح) وعبد الله في (صح). ومن ولد محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في رجل واحد، وهو جعفر بن محمد بن زيد. ومنه في ثلاثة: محمد، وأحمد، والقاسم. والعقب من ولد الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في خمسة رجال: منهم عبيد الله، وعبد الله، وعلي، وسليمان، والحسن. ومن ولد عبيد بن الحسين الأصغر في خمسة رجال: منهم علي بن عبيد الله، ومحمد بن عبيد الله، وجعفر بن عبيد الله، وحمزة بن عبيد الله، ويحيى بن عبيد الله.
317 ومن ولد عبد الله بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في جعفر وحده، ومنه في محمد العقيقي أعقب، وإسماعيل المنقذي أعقب، وأحمد المنقذي أعقب. ومن ولد علي بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم في عيسى بن علي أعقب، وأحمد بن علي أعقب، وهو المعروف بحقينة، وموسى بن علي ويعرف ب (حمصة) أعقب، ومحمد بن علي بعض ولده بطبرستان. 15 - وفي تذكرة الخواص لابن الجوزي: قال ابن سعد في الطبقات: ولد لزين العابدين أولاد: الحسن درج. والحسين الأكبر درج. ومحمد الباقر، فهو أبو جعفر الفقيه (عليه السلام)، والنسل له وسنذكره. وعبد الله، وأمهم أم عبد الله بنت الحسن بن علي (عليهم السلام). وعمر. وزيد المقتول بالكوفة وسنذكره. وعلي. وخديجة وأمهم أم ولد. وحسين الأصغر. وأم علي وتسمى (علية) وأمهما أم ولد. وكلثوم وسليمان. ومليكة لأم ولد أيضا. والقاسم. وأم الحسن. وأم البنين. وفاطمة لأمهات أولاد شتى. وقيل: وعبيد الله (1). 16 - قال رجل لسعيد بن المسيب: ما رأيت أحدا (2) أورع من فلان، قال: فهل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا، قال: ما رأيت أحدا (3) أورع منه (4). 17 - قال الزهري: ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن الحسين. وكذا قال أبو حازم. وقال: ما رأيت أفقه منه.
(1) طبقات ابن سعد 5 / 211، تذكرة الخواص ص 332 - 333، وعنه البحار 46 / 155 - 163. (2 - 3) في البحار: رجلا. (4) عنه البحار 46 / 144. تذكرة الخواص ص 330. 318 18 - وحكى الزهري عن عائشة قالت: رأيت علي بن الحسين ساجدا في الحجر، وهو يقول: عبدك بفنائك، مسكينك بفنائك. سائلك بفنائك. فقيرك بفنائك. فما دعوت بها في كرب إلا وفرج عني. 19 - وقال الزهري: كانت الريح إذا هبت، سقط علي مغشيا عليه من الخوف. 20 - وقال أيضا: خرج يوما من المسجد، فتبعه رجل فسبه، فلحقه العبيد والموالي، فهموا بالرجل، فقال: دعوة، ثم قال: ما ستر الله عنك من أمرنا أكثر ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحى الرجل، فألقى علي عليه قميصة كانت عليه، وأعطاه ألف درهم، فكان الرجل إذا رآه بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الرسول. 21 - قال رجل من ولد عمار بن ياسر: كان عند علي بن الحسين قوم، فاستعجل خادما له، فأخرج شواء من التنور، وأقبل الخادم عجلا وبيده السفود وبين يدي علي ولد له صغير، فسقط السفود على الصغير، فنش ومات، فبهت الخادم، فنظر إليه علي وقال: أنت لم تتعمد هذا، أنت حر لوجه الله تعالى، ثم أمر بمواراة الولد. 22 - قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال لي أبي علي: يا بني لا تصحبن خمسة، ولا توافقهم في طريق: لا تصحبن فاسقا، فإنه يبيعك بأكلة فما دونها، ولا بخيلا فإنه يقطع بك عن ماله أحوج ما كنت إليه، ولا كذابا فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد، ولا أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، ولا قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في مواضع من كتاب الله (1). 23 - قال الثمالي: حدثني إبراهيم بن محمد قال: سمعت علي بن الحسين
(1) تذكرة الخواص ص 331 - 332. 319 عليهما السلام يقوله ليلة في مناجاته: الهنا وسيدنا ومولانا لو بكينا حتى تسقط أشفارنا. وانتحبنا حتى تنقطع أصواتنا. وقمنا حتى تيبس أقدامنا. وركعنا حتى تنخلع أوصالنا. وسجدنا حتى تتفقأ أحداقنا. وأكلنا تراب طول أعمارنا وذكرناك حتى تكل ألسنتنا. ما استوجبنا بذلك محو سيئة من سيئاتنا (1).
(1) عنه البحار 94 / 138، تذكرة الخواص ص 332. 320 (اليوم السادس والعشرون) 1 - قال مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): إنه يوم صالح مبارك للسيف ضرب موسى (عليه السلام) فيه البحر فانفلق، يصلح لكل حاجة ما خلا التزويج والسفر، فاجتنبوا فيه ذلك فإنه من تزوج فيه لم يتم تزويجه ويفارق أهله، ومن سافر فيه ولم يصلح له ذلك فليتصدق. 2 - وفي رواية أخرى: يوم صالح للسفر ولكل أمر يراد إلا التزويج، فإنه من تزوج فيه فرق بينهما، كما انفرق البحر لموسى (عليه السلام) وكان عيشهما نكدا ولا تدخل إذا وردت من سفرك إلى أهلك، والنقلة فيه جيدة، ومن ولد فيه يكون قليل الحظ، ويغرق كما غرق فرعون في اليم. 3 - وفي رواية أخرى: من ولد طال عمره. 4 - وفي رواية أخرى: من ولد فيه يكون مجنونا بخيلا، ومن مرض فيه أجهد. 5 - وقالت الفرس: إنه يوم جيد مختار مبارك، ومن تزوج فيه لا يتم أمره ويفارق أهله. 6 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: أشتاد روز اسم الملك الذي خلق عند ظهور الدين.
321 الدعاء في أوله. اللهم رب هذا اليوم الجديد. وهذا الشهر الجديد. صل على محمد وآل محمد. وتجعل مصيبتي في ديني. ولا تسلبني صالح ما أعطيتني. فأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معيشتي. وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي. اللهم اجعل الصحة في جسمي. والنور في بصري. واليقين في قلبي. والنصيحة في صدري. وذكرك بالليل والنهار على لساني. ورزقا منك طيبا غير ممنون ولا محظور. فارزقني منع مضلات الفتن ما أحراني. اللهم إني أسألك عيش تقي. وميتة سوية. غير مخز ولا فاضح. اللهم صل على محمد وآل محمد. واجعلني من أفضل عبادك الصالحين في هذا اليوم من نور تهدي به. أو رحمة تنشرها. أو رزق عندك تبسطه. أو ضر تكشفه. برحمتك يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين أجمعين. المختارين من جميع الخلق. الذابين عن حرم الله. المعتزين بعز الله. اللهم إني أسألك يا الله يا رب. يا رب الكبير. يا من يعلم الخطايا ويصرف البلايا. ويعلم الخفايا. ويجزل العطايا. يا من أجاب سؤال آدم على اقترافه بالآثام ومعاصي الأنام. وساتر على المعاصي ذيل الليالي والأيام. إذ لم يجد مع الله مجيرا ولا مديلا يفزع إليه. ولا يرتجى لكشف به أحدا سواك. يا جليل أنت الذي عم الخلائق نعمتك. وغمرتهم سعة رحمتك. وشملتهم سوابغ مغفرتك يا كريم المآب
322 الواحد الوهاب. المنتقم ممن عصاك بأليم العذاب. أتيتك يا إلهي مقرا بالإساءة على نفسي، إذ لم أجد منجا ألتجئ إليه في اغتفار ما اكتسبت من الذنوب. يا كاشف ضر أيوب وهم يعقوب. ولم أجد من ألتجئ إليه سواك. يا حي يا قيوم. إلهي أنت أقمتني مقام إلهيتك. وأنت جميل الستر. وتسألني على رؤوس الاشهاد. وقد علمت يا سيدي ومولاي ما اكتسبت من الذنوب. يا خير من استدعى لكشف الرغائب وأنجح مأمول لكشف اللوازب لك يا رباه عنت الوجوه. وقد علمت منى مخبيات السرائر. فإن كنت أهلا غير مستأهل وكنت مسرفا على نفسي بانتهاك الحرمات. ناسيا لما اجترمت من الهفوات المستحق بها العقوبات. وأنت لطيف بجودك على المسرفين. أصبحت وأمسيت على باب من أبواب منحك سائلا، وعن التعرض لسؤال غيرك بالمسألة عادلا، وليس من جميع (1) صفاتك رد سائل ملهوف، فلا تردني من كرمك ونعمك، يا أرحم الراحمين، اللهم وما افترضت علي من حقوق الآباء والأمهات، والأخوة والأخوات فاحمله اللهم عني بجودك ومغفرتك، يا كريم يا عظيم. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إن اتفق أن يكون هذا اليوم الجمعة، فلتصم الأربعاء والخميس والجمعة، وليقل هذا الدعاء مع الزوال، وإن لم يتفق فلتدع أول النهار به. اللهم صل على محمد وآله، وسد فقري بجودك، وتغمد ظلمي بفضلك وعفوك، وفرغ قلبي لذكرك، رب السماوات السبع وما فيهن، ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم، ورب جبرئيل
(1) في البحار: جميل. 323 وميكائيل وإسرافيل، ورب الملائكة والروح أجمعين، ورب محمد خاتم النبيين ورب النبيين والمرسلين، ورب الخلق أجمعين. اللهم إني أسألك باسمك الذي تقوم به السماوات، وتقوم به الأرضين، وبه ترزق الأحياء، وبه أحصيت كيل البحور وزنة الجبال. وبه تميت الأحياء، وبه تحيي الموتى. وبه تنشئ السحاب، وبه ترسل الرياح وبه ترزق الأحياء وبه أحصيت عدد الرمال، وبه تفعل ما تشاء، وبه تقول للشئ: كن، فيكون: أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تستجيب لي دعائي، وأن تعطيني سؤلي ومناي، وأن تجعل لي الفرج من عندك، وتعجل فرجي من عندك، برحمتك في عافية، وأن تؤمن خوفي، وأن تحييني في أتم النعمة، وأعظم العافية، وأفضل الرزق والسعة والدعة، وما لم تزل تعودينه يا إلهي، وترزقني الشكر على ما آتيتني وأبليتني، وتجعل ذلك تاما ما أبقيتني، وصل ذلك تاما أبدا ما أبقيتني، حتى تصل ذلك لي بنعيم الآخرة. اللهم بيدك مقادير الدنيا والآخرة، وبيدك مقادير النصر والخذلان، وبيدك مقادير الغنى والفقر، وبيدك مقادير الخير والشر، اللهم بارك في ديني الذي هو ملاك أمري، ودنياي التي فيها معيشتي، وآخرتي التي إليها منقلبي. اللهم وبارك لي في جميع أموري. اللهم لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وعدك حق، ولقاؤك حق، والساعة حق، والجنة حق، والنار حق، وأعوذ بك من نار جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من شر المحيا والممات، وأعوذ بك من مكاره الدنيا والآخرة وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من الشك والفجور، والكسل والعجز (1) وأعوذ بك من البخل والسرف والهرم والفقر، وأعوذ بك من مكاره الدنيا والآخرة
(1) في البحار: والفخر. 324 اللهم قد سبق مني ما قد سبق من قديم ما اكتسبت، وجنيت به على نفسي ومن زلل قدمي، وما كسبت يداي، ومما جنيت على نفسي، وقد علمته وعلمك بي أفضل من علمي بنفسي، وأنت يا رب تملك مني ما لا أملك من نفسي، منها ما خلقتني يا رب وتفردت بخلقي ولم أك شيئا، ولست شيئا إلا بك، ولست أرجو الخير إلا من عندك، ولم أصرف عن نفسي سوء قط إلا ما صرفته عني، علمتني يا رب ما لم أعلم، ورزقتني يا رب لم أملك ولم أحتسب، وبلغتني يا رب ما لم أكن أرجو، وأعطيتني يا رب ما قصر عنه أملى، فلك الحمد كبيرا، يا غافر الذنب اغفر لي، وأعطني في قلبي الرضا ما يهون علي به بوائق الدنيا. اللهم افتح لي اليوم يا رب باب الأمن، الباب الذي فيه الفرج والعافية والخير كله. اللهم افتح لي بابه وهي لي، واهدني سبيله، وابن لي، ولين لي مخرجه، اللهم فكل من قدرت له علي مقدره من خلقك ومن عبادك، أو ملكته شيئا من أمري، فخذ عني بقلبهم وألسنتهم وأسماعهم وأبصارهم، ومن بين أيديهم، ومن خلفهم ومن فوقهم، ومن تحت أرجلهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ومن حيث شئت وكيف شئت وأني شئت، حتى لا يصل إلي أحد منهم بسوء. اللهم واجعلني في حفظك وسترك وجوارك، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، ولا إله إلا أنت، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، أسألك يا ذا الجلال والاكرام فكاك رقبتي من النار، وأن تسكنني دارك دار السلام. اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك اللهم من الخير كله ما أدع وما لم أدع، اللهم إني أسألك خير ما أرجو، وأعوذ بك من شر ما أحذر، وشر ما لا أحذر، وأسألك أن ترزقني من حيث أحتسب، ومن حيث لا أحتسب.
325 اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك وفي قبضتك، وناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في شئ من كتبك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلي على محمد النبي الأمي، عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك، وعلى آل محمد، الطيبين الأخيار، وأن ترحم محمدا وآل محمد، وتبارك على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت ورحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وأن تجعل القرآن نور صدري، وتيسر به أمري، وربيع قلبي، وجلاء حزني، وذهاب همي، واشرح به صدري، واجعله نورا في بصري، ونورا في سمعي، ونورا في مخي، ونورا في عظامي، ونورا في عصبي، ونورا في شعري، ونورا في بشري، ونورا أمامي، ونورا فوقي، ونورا تحتي، ونورا عن يميني، ونورا عن شمالي، ونورا في مطعمي، ونورا في مشربي، ونورا في مماتي، ونورا في محياي، ونورا في قبري، ونورا في محشري، ونورا في كل شئ مني، حتى تبلغني به الجنة. يا نور السماوات والأرض، أنت كما وصفت نفسك في كتابك على لسان نبيك وقولك الحق، تباركت وتعاليت، قلت: (الله نور السماوات والأرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة، لا شرقية ولا غربية، يكاد زيتها يضئ، ولو لم تمسسه نار نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء، ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم). اللهم اهدني بنورك، واجعل لي في القيامة نورا من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، أهتدي به إلى دارك دار السلام، يا ذا الجلال والاكرام
326 اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في كل شئ أعطيتني، اللهم إني أسألك العفو والعافية في أهلي ومالي وولدي، وكل شئ أحببت أن تلبسني فيه العافية والمغفرة. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأقلني عثرتي، وآمن روعتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، وأعوذ بك أن أغتال من بين يدي، أو من خلفي، أو عن يميني، أو عن شمالي، أو من فوقي، أو من تحتي. وأعوذ بك اللهم مالك الملك. تؤتى الملك من تشاء. وتنزع الملك ممن تشاء. وتعز من تشاء. وتذل من تشاء. بيدك الخير إنك على كل شئ قدير. تولج الليل في النهار. وتولج النهار في الليل. وتخرج الحي من الميت. وتخرج الميت من الحي. وترزق من تشاء بغير حساب. يا رحمن الدنيا والآخرة، ورحيمهما. أنت رحمن الدنيا مع الآخرة ورحيمهما صل على محمد وآله. واغفر لي ذنبي. واقض عني ديني. واقض لي جميع حوائجي. إنك على كل شئ قدير. أسألك ذلك بأنك مالك. وأنك على كل شئ قدير. وأنك ما تشاء من أمر يكون. اللهم إني أسألك إيمانا صادقا. ويقينا ثابتا ليس بعده شك ولا معه كفر. وتواضعا ليس معه كبر. ورحمة أنال بها شرف والآخرة. وإنك على كل شئ قدير. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. الدعاء في آخرة: اللهم رب هذه الليلة وكل ليلة. وهذا الشهر وكل شهر. صل على محمد وآل محمد. وأعذني من الفقر والوقر. وسوء المنظر في النفس والأهل والمال والولد.
327 ومن عذاب القبر، والمرجع إلى النار. يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا. يا ذا النعم التي لا تحصى عددا. صل على محمد وآل محمد. ولا تقطع معروفك ولا عادتك الجميلة عندي أبدا ما أبقيتني. بالتضرع إلى أحد من خلقك. ولا بالدخول معهم في شئ من أمورهم المشاركة في حال من أحوالهم في الدنيا والآخرة. ولا تؤاخذني بذنوب قدمتها. إنك على كل شئ قدير (1). كيفية قتل عمر بن الخطاب: 7 - وفي اليوم السادس والعشرين من ذي الحجة. سنة ثلاث وعشرين من الهجرة طعن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي أبو حفص. 8 - قال سعيد المسيب: قتل أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب. وطعن معه اثنا عشر رجلا. فمات منهم ستة. فرمى عليه رجل من أهل العراق برنسا، ثم برك عليه فلما رأى أنه لا يستطيع أن يتحرك وجاء بنفسه فقتلها (2). 9 - عن عمرو بن ميمون قال: أقبل عمر. فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ففاجأ عمر قبل أن تستوى الصفوف. ثم طعنه ثلاث طعنات. فسمعت عمر يقول: دونكم الكلب فإنه قتلني. وماج الناس وأسرعوا إليه. فجرح ثلاثة عشر رجلا. فانكفأ عليه رجل من خلفه فأحتضنه. وحمل عمر. فماج الناس حتى قال قائل الصلاة: عباد الله طلعت الشمس. فقدموا عبد الرحمن بن عوف. فصلى بنا بأقصر سورتين في القرآن (إذا جاء نصر الله) وإنا أعطيناك
(1) عنه البحار 97 / 290 - 295. (2) عنه البحار 98 / 199. 328 الكوثر) ودخل الناس عليه. فقال: يا عبد الله بن عباس اخرج فناد في الناس: اعن ملأ منكم هذا. فخرج ابن عباس. فقال: أيها الناس عمر يقول: اعن ملأ منكم هذا. فقالوا: معاذ الله. والله ما علمنا ولا اطلعنا. وقال: ادعوا إلي الطبيب. فدعي الطبيب، فقال: أي الشراب أحب إليك؟ قال: النبيذ، فسقي نبيذا، فخرج من بعض طعناته، فقال بعض الناس: هذا دم هذا صديد، فقال: اسقوني لبنا، فسقي لبنا، فخرج من الطعنة، فقال له الطبيب: لا أرى أن تمسي، فما كنت فاعلا فافعل. وذكر باقي الخبر في الشورى، وتقديمه لصهيب في الصلاة، وقوله في علي (عليه السلام): أن ولوها الأصلع سلك بهم الطريق المستقيم، يعني: عليا، فقال له ابن عمر: ما يمنعك أن تقدم عليا؟ قال: أكره أن أتحملها حيا وميتا. 10 - قال عبد الله بن الزبير غدوت مع عمر بن الخطاب إلى السوق، وهو متكئ على يدي، فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، فقال له: ألا تكلم مولاي يضع عني من خراجي؟ قال: كم خراجك؟ قال: دينار. فقال عمر: ما أرى أن أفعل إنك لعامل محسن وما هذا بكثير، ثم قال له عمر: ألا تعمل لي رحى؟ قال: بلى. فلما ولى أبو لؤلؤة: لأعملن لك رحى يتحدث بها ما بين المشرق والمغرب. قال ابن الزبير: فوقع في نفسي قوله، فلما كان في النداء لصلاة الصبح خرج أبو لؤلؤة فضربه بالسكين ستة طعنات، إحداهن من تحت سرته وهي قتلته، وجاءه بسكين لها طرفان، فلما جرح عمر جرح معه ثلاثة عشر رجلا في المسجد، ثم أخذ، فلما أخذ قتل نفسه. 11 - واختلف في سن عمر، فقيل: توفي وهو ابن ثلاث وستين. وقال عبد الله بن عمر: توفي عمر وهو ابن بضع وخمسين. وعن سالم بن عبد الله: إن عمر
329 قبض وهو ابن خمس وخمسين. وقال الزهري: توفي وهو ابن أربع وخمسين سنة. وقال قتادة: توفي وهو ابن اثنين وخمسين. وقيل: مات وهو ابن ستين. وقيل: ابن ثلاث وستين. 12 - عن الزهري قال: صلى عمر على أبي بكر حين مات، وصلى صهيب على عمر. 13 - وروي عن عمر أنه قال في انصرافه في حجته التي لم يحج بعدها: الحمد لله، ولا إله إلا الله، يعطي من يشاء ما يشاء، لقد كنت بهذا الوادي - يعني: ضجعان - أرعى غنما (1) للخطاب، وكان فظا غليظا، يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أصبحت وأمسيت وليس بيني وبين الله أحدا أخشاه، ثم تمثل: لا شئ مما ترى تبقى بشاشته * يبقى الإله ويؤدي المال والولد لم تغن عن هرمز يوما خزائنه * والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا ولا سليمان إذ يجري الرياح له * والجن والإنس فيما بينها ترد أين الملوك التي كانت لعزتها * من كل أوب إليها وافد يفد حوض هنالك مورود بلا كذب * لا بد من ورده يوما كما وردوا 13 - أمه حيتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. ولد عمر بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. وقال عمر: ولدت قبل الفجار الأعظم بأربع سنين. أسلم عمر بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة. بويع له بالخلافة يوم مات أبو بكر باستخلافه له، سنة ثلاث عشرة. كان آدم شديد الأدمة، طوالا، كث اللحية، أصلع، أعسر، أيسر. وقيل:
(1) في الإستيعاب: إبلا. 330 كان طويلا جسيما، أصلع، شديد الصلع، أبيض شديد حمرة العينين، في عارضيه خفة. وقيل: كان رجلا آدم ضخما، كأنه من رجال سدوس. مدة ولايته: عشرة سنين وستة أشهر وأيام (1).
(1) من أوله إلى هنا الإستيعاب 2 / 458 - 473 المطبوع على هامش الإصابة. 331 (اليوم السابع والعشرون) 1 - قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم مبارك مختار جيد، يصلح لطلب الحوائج والشراء والبيع، والدخول على السلطان، والبناء والزرع والخصومة، ولقاء القضاة والسفر، والابتداءات والأسباب والتزويج، وهو يوم سعيد جيد، وفيه ليلة القدر (1)، فاطلب ما شئت، خفيف لسائر الأحوال أتجر فيه وطالب بحقك، واطلب عدوك، وتزوج، وادخل على السلطان والق فيه من شئت، ويكره فيه إخراج الدم، ومن مرض فيه مات، ومن ولد فيه يكون جميلا حسنا، طويل العمر، كثير الرزق، قريبا إلى الناس، محببا إليهم. 2 - وفي رواية أخرى: غشوما مرزوقا. 3 - قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولد فيه يعقوب (عليه السلام)، من ولد فيه يكون مرزوقا محبوبا عند أهله، لكنه تكثر أحزانه ويفسد بصره. 4 - وقالت الفرس: إنه يوم جيد يحمد للحوائج، وتسهيل الأمور والأعمال والتصرفات، ولقاء التجار والسفر والمسافر يحمد فيه أمره ومن ولد فيه يكون
(1) ما وقع في قوله عليه السلام (وفيه ليلة القدر) لعله محمول على التقية، لأن كون ليلة القدر الليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان إنما هو مذهب العامة - البحار. 332 مرزوقا محببا إلى الناس طويل عمره. 5 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: آسمان روز اسم الملك الموكل بالطير. وفي رواية أخرى: بالسماوات (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد. وهذا الشهر الجديد. ورب كل يوم. أنت الأول بلا نفاد. والآخر بلا أعواد. يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وما يسر الضمير. أنت ربي وأنا عبدك الخاضع المستكين المستجير. عملت سوءا وظلمت نفسي. فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. يا أرحم الراحمين. اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن. والإثم والبغي بغير الحق. وأن أشرك بك ما لم تنزل به سلطانا. وأن أقول عليك كذبا وبهتانا. اللهم إني أسألك العافية ودوام العافية التامة المحيطة بجميع الأهل والمال. وكل نعمة. أسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين. إياك نعبد وإياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم ولا الضالين. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين. وذريته أجمعين. اللهم إني أسألك سؤال معترف من لم يجد لسؤاله مسؤولا غيرك. وأعتمد عليك اعتماد من لا يجد لاعتماده معتمدا سواك. لأنك الأول الأولى الذي ابتدأت الابتداء. وكونته باديا بلطفك. فاستكان على سنتك. وأنشأتها كما أردت بأحكام
(1) عنه البحار 59 / 84 - 85 و 97 / 295 - 296. 333 التدبير. وأنت أجل وأحكم وأعز من أن تحيط العقول بمبلغ علمك ووصفك. أنت القائم الذي لا يلحك الملحين عليك. فإنما أنت تقول للشئ كن فيكون. أمرك ماض. ووعدك حتم. لا يعزب عنك شئ. ولا يفوتك شئ. وإليك ترد كل شئ. وأنت الرقيب علي. إلهي أنت الذي ملكت الملوك، فتواضعت لهيبتك الأعزاء، ودان لك بالطاعة الأولياء، واحتويت بإلهيتك على المجد والسناء، وأنت علام الغيوب، إلهي إن كنت اقترفت ذنوبا حالت بيني وبينك باقترافي إياها، فأنت أهل أن تجود علي بسعة رحمتك، وتنقذني من أليم عقوبتك إلهي، إني أسألك سؤال ملح لا يمل دعاء ربه، وأتضرع إليك تضرع غريق رجاك لكشف ما به، وأنت الرؤوف الرحيم. إلهي ملكت الخلائق كلهم وفطرتهم أجناسا مختلفات ألوانهم حتى يقع هناك معرفتهم لبعضهم بعضا، تباركت وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا كما شئت فتعاليت عن اتخاذ وزير، وتعززت عن مؤامرة شريك، وتنزهت عن اتخاذ الأبناء وتقدست عن ملامسة النساء، فليست الأبصار بمدركة لك، ولا الأوهام واقعة عليك فليس لك شبيه ولا ند ولا عديل، وأنت الفرد الواحد الأحد. الأول الآخر، القائم الأحد الدائم الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. يا من ذلت لعظمته العظماء، ومن كلت عن بلوغ ذاته ألسن البلغاء، ومن تضعضعت لهيبته رؤوس الرؤساء، وقد استحكمت بتدبيره الأشياء، واستعجمت عن بلوغ صفاته عبارة العلماء، أنت الذي في علوه دان، وفي دنوه عال، أنت أملى، سلطت الأشياء علي بعد إقراري لك بالتوحيد، فيا غاية الطالبين، وأمان الخائفين، وغياث المستغيثين، وأرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد واجعلني من الفائزين، وأنت يا رؤوف يا رحيم، وما ألزمتنيه من فرض الآباء والأمهات
334 والأخوة والأخوات، فاحمل ذلك عني لهم، ووفقني للقيام بأداء فرائضك وأوامرك إنك على كل شئ قدير، برحمتك يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك رحمة من عندك، تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري، وتلم بها شعثي، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غائبي، وتوفي بها شهادتي، وتكثر بها مالي، وتثمر بها عمري، وتيسر بها أمري، وتستر بها عيني، وتصلح بها كل فاسد من حالي، وتصرف بها عني كل ما أكره، وتبيض بها وجهي، وتعصمني بها من كل سوء بقية عمري، وتزيدها في رزقي وعمري، وتعطيني بها كل ما أحب، وتصرف بها عني كل ما أكره. اللهم أنت الأول فلا شئ قبلك، وأنت الآخر فلا شئ بعدك، ظهرت فبطنت وبطنت فظهرت، علوت في دنوك فقدرت، ودنوت في علوك فلا إله غيرك أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وتصلح لي دنياي التي فيها معيشتي، وأن تصلح لي آخرتي التي إليها مآبي ومنقلبي، وأن تجعل الحياة زيادة لي في كل خير، وأن تجعل الموت راحة لي من كل سوء. اللهم لك الحمد قبل كل شئ، ولك الحمد بعد كل شئ، يا صريخ المستصرخين، ومفرج كربات المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرين يا كاشف الكرب العظيم، يا أرحم الراحمين، اكشف كربي وغمي فإنه لا يكشفها غيرك عني قد تعلم حالي وصدق حاجتي إلى برك وإحسانك، فصل على محمد وآل محمد واقضهما يا أرحم الراحمين. اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، ولك العز كله، ولك السلطان كله، ولك القدرة كلها، والجبروت والفخر كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله
335 علانيته وسره، اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا مؤخر لما قدمت، ولا مقدم لما أخرت، ولا باسط لما قبضت، ولا قابض لما بسطت، اللهم صل على محمد وآل محمد، وابسط علي بركاتك وفضلك ورحمتك ورزقك. اللهم إني أسألك الغنى يوم الفقر والفاقة، وأسألك الأمن يوم الخوف، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول. اللهم رب السماوات السبع وما فيهن وما بينهن، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شئ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان العظيم، فالق الحب والنوى، وأعوذ بك من شر كل ذي شر، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على كل شئ قدير، وبكل شئ محيط، وإنك على صراط مستقيم. اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن بخبر كل شئ فليس دونك شئ، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله، وافعل بي كذا وكذا. بسم الله وبالله أو من، وبالله أعوذ، وبالله ألوذ وبالله أعتصم، وبعزة الله ومنعته أمتنع من الشيطان الرجيم، وعمله ومن غلبته وحيلته وخيله ورجله، ومن شر كل دابة ترجف معه، أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها، ما علمت منها وما لم أعلم، ومن شر ما خلق وذرأ وبر. ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق منك بخير في عافية يا رحمن. اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل عين ناظرة، وأذن سامعة، ولسان ناطق، ويد باطشة، وقدم ماشية، وما أخفيته مما أخافه في نفسي في ليلي ونهاري، اللهم ومن أرادني ببغي، أو عنت، أو مساءة، أو شئ مكروه، أو شر، أو خلاف من جن أو إنس، قريب أو بعيد، أو صغير أو كبير، فأسألك أن تحرج
336 صدره، وأن تمسك يده، وتقصر قدمه، وتقمع بأسه ودغله، وتقحم لسانه، وتعمى بصره، وتقمع رأسه، وترده بغيظه، وتشرقه بريقه، وتحول بينه وبيني، وتجعل له شغلا شاغلا من نفسه، وتميته بغيظه، وتكفينيه بحولك وقوتك، إنك على كل شئ قدير. الدعاء في آخره: اللهم رب هذه الليلة وهذا اليوم، ورب كل ليلة وكل يوم، أنت تأتي باليسير بعد العسير وأنت تأتي بالرخاء بعد الشدة، وتأتي بالرحمة بعد القنوط، والعافية والروح والفرج من عندك، أنت لا شريك لك، اللهم إني أسألك اليسير، وأعوذ بك من العسر، وأدعوك بما دعاك به عبدك، ذو النون إذ ذهب مغاضبا، فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبت له ونجيته من الغم، استجب لي ونجني من الغم، برحمتك يا أرحم الراحمين، إنك على كل شئ قدير (1). حول مبعث النبي (صلى الله عليه وآله): 6 - روي عن ابن عباس وأنس بن مالك أنهما قالا: أوحى الله عز وجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الاثنين السابع والعشرين من رجب، وله أربعون سنة، وقال ابن مسعود: أحد وأربعون سنة. وقيل: بعث في شهر رمضان، لقوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) أي: ابتداء إنزاله السابع عشر أو الثامن عشر (2). 7 - وروي أن جبرئيل عليه السلام أخرج له قطعة ديباج فيها خط، فقال: اقرأ، قلت:
(1) عنه البحار 97 / 296 - 300. (2) عنه البحار 98 / 200. 337 كيف أقرأ ولست بقارئ؟ إلى ثلاث مرات، فقال في المرة الرابعة: (اقرأ باسم ربك) إلى قوله (ما لم يعلم) ثم أنزل جبرئيل وميكائيل (عليهم السلام)، ومع كل واحد منهما سبعون ألف ملك، وأتى بالكرسي، ووضع تاجا على رأس محمد (صلى الله عليه وآله) وأعطى لواء الحمد بيده، فقالا له: اصعد على الكرسي واحمد الله. فلما نزل عن الكرسي توجه إلى خديجة، فكان كل شئ يراه يسجد له ويقول بلسان فصيح، السلام عليك يا نبي الله، فلما دخل الدار صارت الدار منورة، فقالت خديجة: ما هذا النور؟ قال: هذا نور النبوة، قولي: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فقالت: طال ما قد عرفت ذلك، ثم أسلمت. فقال: يا خديجة إني لأجد بردا، فدثرت عليه فنام، فنودي: (يا أيها المدثر) الآية، فقام وجعل إصبعه في أذنه، وقال: الله أكبر، الله أكبر، فكان كل موجود يسمعه يوافقه (1). 8 - وكان لبني عذرة صنم يقال له: حمام، بعث النبي (صلى الله عليه وآله) سمع من جوفه قائل يقول: يا بني هند بن حزام، ظهر الحق وأودى الحمام، ودفع الشرك الإسلام، ثم نادى بعد أيام لطارق يقول: يا طارق يا طارق، بعث النبي الصادق، جاء بوحي ناطق، صدع صادع بتهامة، لناصريه السلامة، ولخاذليه الندامة، هذا الوداع مني إلى يوم القيامة، ثم وقع الصنم لوجهه فتكسر. قال زيد بن ربيعة: فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته بذلك، فقال: كلام الجن المؤمنين، فدعانا إلى الإسلام (2). 9 - في تاريخ الطبري: في حديث جبير بن مطعم، عن أبيه قال: كنا جلوسا قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه وآله) بشهر وقد نحرنا جزورا، فإذا صائح يصيح من جوف
(1) البحار 18 / 196 - 197 عن المناقب. (2) البحار 18 / 93 عن المناقب. 338 الصنم: اسمعوا العجب، ذهب استراق الوحي، ويرمى بالشهب لنبي بمكة، اسمه محمد مهاجرته إلى يثرب (1). 10 - دخل العباس بن مرداس على وثن، يقال له: الضمير، فكنس ما حوله ومسحه وقبله، فإذا صائح يصيح: يا عباس بن مرداس: قل للقبائل من سليم كلها * هلك الضمير وفاز أهل المسجد هلك الضمير وكان يعبد مرة * قبل الكتاب إلى النبي محمد إن الذي جاء بالنبوة والهدى * بعد ابن مريم من قريش مهتد فخرج في ثلاثمائة راكب من قومه إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما رآه النبي (صلى الله عليه وآله) تبسم، ثم قال: يا عباس بن مرداس كيف كان إسلامك؟ فقص عليه القصة، فقال له: صدقت وسر بذلك (2). 11 - وتكلم شيطان من جوف هبل بهذه الأبيات: قاتل الله كعب بن فهر * ما أضل العقول والأحلاما جاءنا تائه يعيب علينا * دين آبائنا الحماة الكراما فسجدوا كلهم له، وتنقصوا النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: هلموا غدا نسمع أيضا، فحزن النبي (صلى الله عليه وآله) من ذلك، فأتاه جني مؤمن وقال: يا رسول الله أنا قتلت مسعر الشيطان المتكلم في الأوثان، فاحضر المجمع لأجيبهم، فلما اجتمعوا ودخل النبي صلى الله عليه وآله خرت الأصنام على وجوهها، فنصبوها وقالوا: تكلم، فقال: أنا الذي سماني المطهرا * أنا قتلت ذا الفجور مسعرا إذا طغى لما طغى واستكبرا * وأنكر الحق ورام المنكرا بشتمه نبينا المطهرا * قد أنزل الله عليه السورا من بعد موسى فاتبعنا الأثرا
(1) البحار 18 / 95 - 96 عن المناقب. (2) البحار 18 / 94 عن المناقب. 339 فقالوا: إن محمدا يخادع اللات كما خادعنا (1). 12 - وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): كنت أخرج مع رسول الله إلى أسفل مكة وأشجارها، فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قالت: السلام عليك يا رسول الله وأنا أسمع (2). 13 - وكان مارا في بطحاء مكة، فرماه أبو جهل بحصاة، فوقفت الحصاة معلقة سبعة أيام ولياليها، فقالوا: من يرفعها؟ قال: يرفعها الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها (3). 14 - استغاثت قريش إلى معمر بن يزيد، وكان أشجع الناس ومطاعا في بني كنانة، فقال لقريش: أنا أريحكم منه، فعندي عشرون ألف مدحج، فلا أرى هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حربي، فإن سألوني الدية أعطيتهم عشر ديات ففي مالي سعة. وكان يتقلد بسيف طوله عشرة أشبار في عرض شبر، فأهوى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بسيفه وهو ساجد في الحجر، فلما قرب منه عثر بدرعه فوقع، ثم قام وقد أدمي وجهه بالحجارة وهو يعدو أشد العدو حتى بلغ البطحاء. فاجتمعوا إليه وغسلوا الدم عن وجهه وقالوا: ما ذا أصابك؟ فقال: المغرور والله من غررتموه، قالوا: ما شأنك؟ قال: دعوني تعد إلي نفسي ما رأيت كاليوم قالوا: ما ذا أصابك؟ قال: لما دنوت منه وثب إلي من عند رأسه شجاعان أقرعان ينفخان بالنيران (4).
(1) البحر 18 / 95 عن المناقب. (2) مناقب آل أبي طالب 1 / 90. (3) مناقب آل أبي طالب 1 / 72. (4) مناقب آل أبي طالب 1 / 76 - 77. 340 15 - وروى محمد بن كعب وعائشة: أول ما بدأ به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الوحي الرؤيا الصادقة، وكان يرى الرؤيا فتأتيه مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلا، فكان يخلو بغار حراء، فسمع نداء: يا محمد، فغشي عليه. فلما كان اليوم الثاني سمع مثله نداء: فرجع إلى خديجة، فقال: زملوني زملوني فوالله لقد خشيت على عقلي. قالت: كلا والله لا يخزيك أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل، فقال ورقة: هذا والله الناموس الذي أنزل الله على موسى وعيسى، وإني أرى في المنام ثلاث ليال، إن الله أرسل في مكة رسولا اسمه محمد وقد قرب وقته، ولست أرى في الناس رجلا أفضل منه. فخرج عليه السلام إلى حراء، فرأى كرسيا من ياقوتة حمراء مرقاة من زبرجد، ومرقاة من لؤلؤ، فلما رأى ذلك غشي عليه، فقال ورقة: يا خديجة إذا أتته الحالة، فاكشفي عن رأسك، فإن خرج فهو ملك، وإن بقي فهو شيطان، فنزعت خمارها فخرج الجائي. فلما اختمرت عاد، فسأله ورقة عن صفة الجائي، فلما حكاه قام وقبل رأسه، وقال: ذاك الناموس الأكبر الذي نزل على موسى وعيسى، ثم قال: أبشر إنك أنت النبي الذي بشر به موسى وعيسى، وإنك نبي مرسل ستؤمر بالجهاد، ثم توجه نحوها وأنشأ يقول: فإن يك حقا خديجة فاعلمي * حديثك إيانا فأحمد مرسل وجبرئيل يأتيه وميكال معهما * من الله وحي يشرح الصدر منزل يفوز به من فاز عزا لدينه * ويشقى به الغاوي الشقي المضلل
341 فريقان منهم فرقة في جنانه * وأخرى بأغلال الجحيم تغلل (1) 16 - قال خزيمة بن حكيم النهدي قبل ذلك: ويعلو أمره حتى تراه * يشير إليه أعظم ما مشير وهذا عمه سيذب عنه * وينصره بمشحوذ تبور وتخرجه قريش بعد هذا * إذا ما العم صار إلى القبور وينصره بيثرب كل قوم * بنو أرس وخزرج الأثير سيقتل من قريش كل قوم * وكبشهم سينحر كالجزور وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وآله: مرحبا بالمهاجر الأول (2). 17 - ولبعثته (صلى الله عليه وآله) درجات: أولها الرؤيا الصادقة. والثانية: ما رواه الشعبي وداود بن عامر: إن الله تعالى قرن جبرئيل بنبوة رسوله ثلاث سنين، يسمع حسه ولا يرى شخصه، ويعلمه الشئ بعد الشئ، ولا ينزل عليه القرآن، فكان في هذه المدة مبشرا بالنبوة غير مبعوث إلى الأمة. والثالثة: حديث خديجة وورقة نوفل. الرابعة: أمره بتحديث النعم، فأذن له في ذكره دون إنذاره، قوله (وأما بنعمة ربك فحدث) أي: بما جاءك من النبوة. الخامسة: حين نزل عليه القرآن بالأمر والنهي، فصار به مبعوثا ولم يؤمر بالجهر، ونزل (يا أيها المدثر) فأسلم علي وخديجة، ثم زيد، ثم جعفر. والسادسة: أمر بأن يعم بالانذار بعد خصوصه ويجهر بذلك، ونزل (فاصدع
(1) مناقب آل أبي طالب 1 / 44 - 45. (2) مناقب آل أبي طالب 1 / 48. 342 بما تؤمر) (1) قال ابن إسحاق: وذلك بعد ثلاث سنين من مبعثه، ونزل (وأنذر عشيرتك الأقربين) (2) فنادى يا صباحاه. والسابعة: العبادات لم يشرع منها مدة مقامه بمكة إلا الطهارة والصلاة، وكانت فرضا عليه وسنة لأمته، ثم فرضت الصلوات الخمس بعد إسرائه، وذلك في السنة التاسعة من نبوته (3). 18 - وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بينا أنا نائم بالأبطح، جعفر عن يميني، وعلي عن يساري، وحمزة بين يدي، إذ أنا بحفيف أجنحة الملائكة وقائل يقول: إلى أيهم بعثت؟ فأشار إلي وقال: إلى هذا وهو سيد ولد آدم، وهذا عمه سيد الشهداء، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان يطير بهما في الجنة مع الملائكة وحيث يشاء، وهذا أخوه ووزيره وخليفته على أمته على دعه، فلتنم عيناه وتسمع أذناه، ويعي قلبه، وضربوا له مثلا: ملك، وبني دارا واتخذ مأذنة، وبعث داعيا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله الملك، والدار الدنيا، والمأذنة الجنة، والداعي أنا. تاريخ وفاة أبي بكر 19 - وفي السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة كانت وفاة أبي بكر عبد الله بن عثمان أبي قحافة بن عمرو التيمي بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن لؤي بن غالب بن فهر بن النضر، ويسمى قريشا، فكل من ولده النضر فهو قرشي، ومن لم يلده فليس بقرشي (4).
(1) سورة الحجر: 94. (2) سورة الشعراء: 214. (3) مناقب آل أبي طالب 1 / 42 - 43. (4) عنه البحار 98 / 200. 343 وأجمعت نسابة قريش أن من لم يلده فهر بن مالك، فليس من قريش، والمعنى واحد، لأنه لا بقية للنضر إلا من فهر بن مالك بن النضر. 20 - مولده بمكة بعد عام الفيل بثلاث سنين، عمره ثلاث وستون سنة، مدة ولايته سنتان وأربعة أشهر وأياما، مات بالسل، وقيل: لسعته (1) الغار، أمه أم حبيب سلمى بنت صخر تيمية. 21 - في كتاب التذكرة: أمه أم الخير سلمى بنت عمر بن عامر بن تيم بم مرة. بايعه المهاجرون والأنصار في سقيفة بني ساعدة، يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ويقال: لثلاث من شهر ربيع الأول، سنة إحدى عشرة من الهجرة. كان عالما بالأشعار وأيام العرب نسابة. توفي لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من انتفاض لسعة قريش ليلة الغار. وكانت ولايته على إحدى الروايتين سنتين وثلاثة أشهر وخمسة أيام غسلته امرأته وعائشة. ومات عن ثلاث وستين. وكاتبه عثمان. وقاضيه عمر. وحاجبه سعد مولاه مؤذنه سعد القرط. أولاده: عبد الله، وعبد الرحمن، ومحمد، وأسماء، وعائشة وأم كلثوم مات وهي حمل. 22 - من كتاب التذكرة: وفي ليلة السابع والعشرين من رجب السنة الثانية من الهجرة كان الإسراء (2). وفيها بعث عبد الله بن جحش إلى بطن نخلة، فلقي لطيمة قريش، وقيل: عمرو الحضرمي، وهو أول دم أريق في الإسلام.
(1) لم تقرأ في الأصل. (2) عنه البحار 18 / 319. 344 (اليوم الثامن والعشرون) 1 - قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم سعيد مبارك، ولد فيه يعقوب (عليه السلام): يصلح للسفر وجميع الحوائج، وكل أمر، والعمارة والبيع والشراء، والدخول على السلطان، وقاتل فيه أعداءك فإنك تظفر بهم، والتزويج. 2 - وفي رواية أخرى: لا تخرج فيه الدم فإنه، ردئ ومن مرض فيه يموت ومن أبق فيه يرجع، ومن ولد فيه يكون حسنا جميلا مرزوقا محبوبا محببا إلى الناس وإلى أهله، مشغوفا محزونا طول عمره، ويصيبه الغموم، ويبتلي في بدنه وفي آخر عمره، ويعمر طويلا، ويبتلي في بصره. 3 - قال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): من ولد فيه يكون صبيح الوجه مسعود الجد، مباركا ميمونا، ومن طلب فيه شيئا تم له، وكانت عاقبته محمودة. وقالت الفرس: إنه يوم ثقيل منحوس. 4 - وفي رواية أخرى: يحمد فيه قضاء الحوائج، ومبارك فيها، وقضاء الأمور والمهمات، ودفع الضرورات، ولقاء القواد والحجاب والأجناد، وهو يوم مبارك سعيد، والأحلام فيه تصح من يومها.
345 5 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: راهياذ روز اسم الملك الموكل بالقضاء بين الخلق. وروي: اسم الملك الموكل بالسماوات (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد وكل يوم. ورب هذا الشهر وكل شهر. صل على محمد وآله. ولا تعدني في سوء استنقذتني منه. ولا تشمت بي عدوا. ولا حاسدا أبدا. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ما أبقيتني أصبح ظلمي مستجيرا بقوتك. وأصبح ذنبي مستجيرا بمغفرتك. وأصبح فقري مستجيرا بغناك. وأصبح خوفي مستجيرا بأمنك. وأصبح وجهي البالي الفاني مستجيرا بوجهك الدائم الباقي الذي لا يفنى ولا يبلى. يا كائنا قبل كل شئ. ومكون كل شئ. وكائنا بعد كل شئ. صل على محمد وآل محمد، وأعذني من شر كل ما خلقت وذرأت وبرأت، وما أنت خالقه. واصرف عني مكر الماكرين. وحسد الحاسدين. يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصل الله على سيدنا محمد النبي وآله أجمعين. اللهم إني أسألك سؤال معترف مذنب أوبقته ذنوبه ومعاصيه وأصبى إليك. فليس لي منه مجير سواك. ولا أحد غيرك. ولا مغيث أرءف منك. ولا معتمد يعتمد عليه غيرك. وأنت الذي عدت بالنعم والكرم والتكرم قبل استحقاقها. وآهلها بتطولك على غير مستأهلها. ولا يضرك منع ولا حالك عطاء ولا أبعد سعتك سؤال. بل أدررت أرزاق عبادك. وقدرت أرزاق الخلائق جميعهم تطولا منك عليهم وتفضلا. فصل على محمد وآل محمد. وافعل بي يا رب ما أنت
(1) عنه البحار 59 / 86 - 87 و 97 / 300 - 301. 346 أهله. ولا تفعل بي ما أنا أهله. فإنك أهل العفو والمغفرة. اللهم كلت العبارة عن بلوغ مدحك. وهفا اللسان عن نشر محامدك. وتفضلت علي بقصدي إليك. وإن أحاطت بي الذنوب. وأنت أرحم الراحمين. وأنعم الرازقين. وأحسن الخالقين. وأجود الأجودين. الأول والآخر. والظاهر والباطن وأنت أجل وأعز من أن ترد من أملك ورجاك. ولك الحمد يا أهل الحمد. اللهم إني أسألك بالاسم الذي تقضي به الأمور والمقادير. وبعزتك التي تلي التدبير أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تحول بيني وبين ما يبعدني منك، يا حنان يا منان، أدركني فيمن أحببت. وأوجب لي عفوك وغفرانك، وأسكنت له جنتك برأفتك ورضوانك وامتنانك. إلهي من يتابع المهالك وأنا عبدك فأنقذني، وإلى طاعتك فخذني، وعن طغيانك ومعاصيك فردني، فقد عجت الأصوات إليك بصنوف اللغات، يرتجي محو الذنوب، وستر العيوب. اللهم إني أسألك العافية. وأسألك تمام العافية. اللهم إني أستهديك فاهدني وأعتصم بك فاعصمني. إنك أهل التقوى وأهل المغفرة. واصرف عني شر كل ذي شر. وأجلب إلي خيرا لا يملكه سواك. واحمل عني مغرمات الآباء والأمهات والأخوة والأخوات. يا ولي البركات. والرغائب والحاجات. اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات. إنك ولي الحسنات. قريب ممن دعاك. مجيب لمن سألك وناداك برحمتك يا أرحم الراحمين. والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين برحمتك يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: اللهم أنت الكبير الأكبر من كل شئ. اللهم إني أعوذ بك ممن يحول دونك. لا تحرمني خير ما أعطيتني. ولا تفتني بما منعتني. اللهم إني أسألك
347 خير ما تعطي عبادك من الأهل والمال والإيمان والأمانة والولد النافع غير الضال ولا المضل. وغير الضار ولا المضر. اللهم إني إليك فقير. وإني منك خائف وبك مستجير. اللهم لا تبدل اسمي ولا تغير جسمي ولا تجهد بلائي. اللهم إني أعوذ بك من غنى مطغ أو هوى مرد أو عمل مخز. اللهم اغفر لي ذنوبي. واقبل توبتي وأظهر حجتي. واستر عورتي. واغفر جرمي. واجعل محمدا وآل محمد المصطفين أوليائي. والأنبياء المصطفين يستغفرون لي. اللهم إني أعوذ بك أن أقول قولا هو من طاعتك أريد به سوءا (1) أو جهارا أو أريد به سوى وجهك. اللهم إني أعوذ بك أن يكون غيري أعد بما آتيتني به مني. اللهم إني أعوذ بك من شر الشيطان. وشر السلطان. وما تجري به الأقلام. اللهم إني أسألك عملا بارا. وعيشا قارا. ورزقا دارا. اللهم كتبت الآثام. واطلعت على السرائر. وحلت بيننا وبين القلوب. فالقلوب إليك مفضية مصفية والسر عندك علانية. وإنما أمرك إذا أردت شيئا أن تقول له كن فيكون. اللهم إني أسألك برحمتك أن تدخل طاعتك في كل عضو من أعضائي لأعمل بها. ثم لا تخرجها مني أبدا. اللهم إني أسألك برحمتك أن تخرج معصيتك من كل عضو من أعضائي برحمتك لانتهى عنها ثم لا تعيدها إلي أبدا. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. اللهم كنت إذ لا شئ محسوسا وتكون أخيرا. أنت الحي القيوم لا تنام. تنام العيون. وتغور النجوم. ولا تأخذك سنة ولا نوم. صل على محمد وآل محمد. وفرج عني غمي وهمي. اللهم اجعل لي في كل أمر يهمني فرجا ومخرجا. وثبت رجاك في قلبي يصدني حتى تغنيني به عن
(1) في البحار: أرائي به سرا. 348 رجاء المخلوقين. ورجاء من سواك. وحتى لا يكون ثقتي إلا بك. اللهم لا تردني في غمرة ساهية. ولا تكتبني من الغافلين. اللهم إني أعوذ بك أن أضل عبادك. وأستريب إجابتك. اللهم إن لي ذنوبا قد أحصاها كتابك وأحاط بها علمك. ونفذها بصري. ولطف بها خبرك. وكتبتها ملائكتك. أنا الخاطئ المذنب. وأنت الرب الغفور المحسن. أرغب إليك في التوبة والإنابة. وأستقيلك فيما سلف مني. فاغفر لي واعف عني ما سلف. إنك أنت التواب الرحيم. لا تسلط علي اللهم في الدنيا والآخرة من لم يخلقني ومن لا يرحمني، ومن أنت أولى برحمتي منه. اللهم ولا تجعل ما سترت علي من فعل العيوب والعورات وأخرت من تلك العقوبات مكرا منك واستدراجا لتأخذني به يوم القيامة وتفضحني بذلك على رؤوس الخلائق. واعف عني في الدارين كلتيهما يا رب فإنك غفور رحيم. اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك. فإن رحمتك أهل أن تبلغني. لأنها وسعت كل شئ وأنا شئ فلتسعني رحمتك. يا أرحم الراحمين. اللهم وإن كنت خصصت بذلك عبادا أطاعوك فيما أمرتهم به. وعملوا فيما خلقتهم له. فإنهم لن ينالوا ذلك إلا بك. ولا يوفقهم إلا أنت كانت رحمتك إياهم قبل طاعتهم لك. يا أرحم الراحمين. اللهم فخصني يا سيدي ويا مولاي ويا إلهي ويا كهفي ويا حرزي ويا ذخري ويا قوتي ويا جابري ويا خالقي، ويا رازقي ويا كنزي، بما خصصتهم به ووفقني لما وفقتهم له، وارحمني كما رحمتهم رحمة لامة تامة عامة يا أرحم الراحمين. يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يغلطه السائلون، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك، وحلاوة مغفرتك وطلب ذكرك ورحمتك.
349 اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لما وعدتك من نفسي، ثم أخلفتك وأستغفرك لكل أمر أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك، وأستغفرك للنعم التي أنعمت بها علي فتقويت بها على معصيتك، وأستغفرك لما دعاني إليه الهوى من قبول الرخص فيما أتيته وأثبته علي مما هو عندك حرام وأستغفرك للذنوب التي لا يعلمها غيرك، ولا يسعها إلا حلمك وعفوك، وأستغفرك لكل يمين سبقت مني حنثت فيها عندك، يا ذا الجلال والاكرام. يا من عرفني نفسه. لا تشغلني بغيرك. وأسقط عنا ما كان لغيرك. ولا تكلني إلى سواك. وأغنني عن كل مخلوق غيرك. يا أرحم الراحمين. الدعاء في آخره: اللهم رب هذا اليوم وكل يوم. وهذه الليلة وكل ليلة. صل على محمد وآل محمد. وأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي منها معيشتي. وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي. واجعل الحياة زيادة لي من كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل سوء. اللهم يا رازق المقلين. ويا راحم المساكين. ويا مجيب دعوة المضطرين. ويا ذا القوة المتين. ويا رب العالمين. وآله النبيين. أدخلني في رحمتك. وارزقني من فضلك. يا من يكفي من خلقه كلهم أجمعين. ولا يكفي منه أحد. صل على محمد وآل محمد. واكفني الدنيا والآخرة. واصرف عني شرهما. واقض لي حوائجي. وارحمني إنك على كل شئ قدير (1). تاريخ وفاة الإمام الحسن عليه السلام: 6 - في تاريخ المفيد: ولليلتين بقيتا من شهر صفر سنة سبع وأربعين من
(1) عنه البحار 97 / 301 - 305. 350 الهجرة كانت وفاة مولانا وسيدنا الإمام السبط أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما. 7 - وفي الارشاد (1) والمصباح: في صفر سنة خمسين من الهجرة (2). 8 - وفي كتاب الكافي: روى في صفر في آخرة سنة تسع وأربعين (3) وكذا في كتاب الدر. وقيل: يوم الخميس من ربيع الأول سنة إحدى وخمسين. 9 - من كتاب الإستيعاب: اختلف في وقت وفاته، فقيل: مات سنة تسع وأربعين. وقيل: في ربيع الأول سنة خمسين بعد ما مضى من خلافة معاوية عشر سنين. وقيل: بل مات سنة إحدى وخمسين، ودفن بدار أبيه ببقيع الغرقد (4). وصلى عليه سعيد بن العاص أمير المدينة، قدمة أخوه الحسين (عليه السلام) وقال: لولا أنها سنة ما قدمتك (5). سمته امرأته جعدة ابنة الأشعث بن قيس. وقيل: جون بنت الأشعث، وكان معاوية بن أبي سفيان قد ضمن لها مائة ألف درهم، وأن يزوجها ابنه يزيد إذا قتلته، فلما فعلت ذلك لم يف لها بما ضمن. 10 - في الارشاد: عمره ثمانية وأربعون سنة (6). في الكافي: عمره سبع وأربعون سنة وأشهر (7). في الدر: عمره خمس وأربعون سنة. وقيل: تسعة وأربعون سنة وأربع شهور وتسعة عشر يوما.
(1) الارشاد ص 192. (2) المصباح ص 732. (3) أصول الكافي 1 / 461. (4) من قوله (في تاريخ المفيد) إلى هنا عنه البحار 98 / 200. (5) الإستيعاب 1 / 374. (6) الارشاد ص 192. (7) أصول الكافي 1 / 461. 351 وقيل: كان مقامه مع جده (صلى الله عليه وآله) سبع سنين، ومع أبيه (عليه السلام) ثلاث وثلاثون وعاش بعده عشر سنين، فكان جميع عمره خمسين سنة (1). 11 - عن عمر بن إسحاق قال: كنا عند الحسن بن (عليهما السلام) فدخل المخرج ثم خرج، وقال: لقد سقيت السم مرارا، وما سقيته مثل هذه المرة، ولقد لفظت طائفة من كبدي. فقال: له الحسين (عليه السلام): يا أخي من سقاك؟ قال: وما تريد منه؟ أتريد أن تقتله؟ قال: نعم، قال: لئن الذي أظن، فالله أشد نقمة، وإن كان غيره ما أحب أن تقتل بي برئ (2). 12 - عن أنس قال: لم يكن فيهم أحد أشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الحسن. 13 - وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال في الحسن والحسين (عليهما السلام): إنهما سيدا شباب أهل الجنة، وقال: إني أحبهما، فأحبهما وأحب من يحبهما (3). ذكر زوجاته وولده: 14 - روي أنه (عليه السلام) تزوج سبعين حرة، وملك مائة وستين أمة في سائر عمره (4) 15 - أما أولاده (عليه السلام) خمسة عشر ولدا ذكرا وأنثى، منهم: زيد بن الحسن وأختاه أم الحسن وأم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود بن عقبة بن عمرو ابن ثعلبة الخزرجية، والحسن بن الحسن، أمه خولة بنت منظور بن زيان الفزارية وعمرو بن الحسن، والقاسم وعبد الله ابنا الحسن، أمهم أم ولد، وعبد الرحمن ابن الحسن، أمه أم ولد، والحسين بن الحسن الملقب بالأثرم لأم ولد، وأخوه
(1) من قوله (في تاريخ المفيد) إلى هنا عنه البحار 44 / 149 - 150. (2) البحار 44 / 156 عن الارشاد والمناقب. (3) البحار 43 / 292 - 294. (4) عنه البحار 44 / 173. 352 طلحة بن الحسن، وأختهما فاطمة بنت الحسن، أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد التيمي، وأم عبد الله، وفاطمة، وأم سلمة، ورقية بنات الحسن (عليه السلام) لأمهات شتى. أما زيد فكان جليل القدر، كريم الطبع، كثير البر، مدحه الشعراء، وقصده الناس من الآفاق لطلب فضله. ذكر أصحاب السير أن زيد بن الحسن كان يلي صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما ولى سليمان بن عبد الملك، كتب إلى عامله: أما بعد: فإذا جاءك كتابي هذا، فاعزل زيدا عن صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وادفعها إلى فلان بن فلان - رجلا من قومه - وأعنه على ما استعانك عليه السلام. فلما استخلف عمر بن عبد العزيز إذا كتاب قد جاء منه: أما بعد: فإن زيد بن الحسن شريف بني هاشم وذو سنهم، فإذا جاءك كتابي هذا، فاردد عليه صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأعنه على ما استعانك عليه والسلام. وفي زيد يقول محمد بن بشير الخارجي: إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة * نفى جدبها واخضر بالنبت عودها وزيد ربيع الناس في كل شتوة * إذا أخلفت أنواؤها ورعودها حمول لاشناق الديات كأنه * سراج الدجى إذا قارنته سعودها ومات زيد بن الحسن وله تسعون سنة، ورثاه جماعة من الشعراء، وذكروا مآثره، وتلوا فضله، فممن رثاه قدامة بن موسى الجمحي حيث يقول: فإن يك زيد غالت الأرض شخصه * فقد بان معروف هناك وجود وإن يك أمسى رهن رمس فقد ثوى * به وهو محمود الفعال فقيد سميع إلى المعتر يعلم أنه * سيطلبه المعروف ثم يعود وليس بقوال وقد حط رحله * لملتمس المعروف أين تريد إذا قصر الوغد الدني نمى به * إلى المجد آباء له وجدود
353 مناكير للمولى محاشيد للقرى * وفي الروع عند النائبات أسود إذا انتحل العز الطريف فإنهم * لهم إرث مجد ما يرام تليد إذا مات منهم سيد قام سيد * كريم يبني بعده ويشيد (1) والعقب من زيد من رجل واحد، وهو الحسن بن زيد. والعقب من الحسن بن زيد في سبعة رجال، وهم: القاسم، وعلي، وإسماعيل وإبراهيم، وزيد، وعبد الله، وإسحاق، هؤلاء أولاد الحسن بن زيد. وأما الحسن بن الحسن فكان جليلا رئيسا فاضلا ورعا، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين (عليه السلام) في وقته. 16 - روى الزبير بن بكار قال: ساير الحسن بن الحسن يوما الحجاج في موكبه، وهو إذ ذاك أمير المدينة، فقال له الحجاج: أدخل عمر بن علي معك في صدقات أبيه، فإنه عمك وبقية أهلك، فقال له الحسن: لا أغير شرط علي، ولا أدخل فيه من لم يدخله، الحجاج، إذن أدخله أنا معك. فنكص الحسن بن الحسن عنه، ثم توجه إلى عبد الملك حتى قدم عليه، فوقف ببابه يطلب الإذن، فمر به يحيى بن أم الحكم، فلما رآه يحيى مال إليه وسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره، فقال له: إني سأنفعك عند أمير المؤمنين عبد الملك. فلما دخل الحسن بن الحسن على عبد الملك رحب به، وأحسن مساءلته وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب، ويحيى بن أم الحكم في المجلس، فقال له عبد الملك: لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد؟ فقال له يحيى: وما يمنع من شيبة أماني أهل العراق تفد عليه الركب يمنونه الخلافة. فأقبل عليه الحسن بن الحسن وقال له: بئس والله الرفد رفدت، وليس كما
(1) البحار 44 / 163 - 164 عن الارشاد. 354 قلت، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب وعبد الملك يسمع، فأقبل عليه وقال: هلم بما قدمت له: فأخبره بقول الحجاج، فقال: ليس له ذلك، اكتب إليه كتابا لا يجاوزه، فكتب إليه ووصل الحسن بن الحسن فأحسن صلته. فلما خرج من عنده لقيه يحيى بن أم الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره وقال له: ما هذا الذي وعدتني به، فقال له يحيى: أيها عنك، فوالله لا يزال يهابك ولولا هيبتك ما قضى لك حاجة، وما أنا لك رفدا. 17 - وكان الحسن بن الحسن مع عمه الحسين صلوات الله عليه يوم الطف فلما قتل الحسين (عليه السلام) وأسر الباقون من أهله جاءه أسماء بنت خارجة فانتزعه من بين الأسارى وقال: والله لا يوصل إلى ابن خولة أبدا، فقال عمر بن سعد: دعوا لأبي حسان ابن أخته، ويقال: إنه أسر وكان به جراح قد أشفى منها. 18 - وروي أن الحسن بن الحسن خطب إلى عمه الحسين (عليه السلام) إحدى ابنتيه فقال له الحسين (عليه السلام): اختر يا بني أحبهما إليك، فاستحى الحسن ولم يحر جوابا فقال له الحسين (عليه السلام): فإني قد اخترت لك ابنتي فاطمة وهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). 19 - وقبض الحسن بن الحسن وله خمس وثلاثون سنة وأخوه زيد حي ووصى إلى أخيه من أمه إبراهيم بن محمد بن طلحة ولما مات الحسن بن الحسن ضربت زوجته فاطمة بنت الحسين بن علي (عليهما السلام) على قبره فسطاطا، وكانت تقوم الليل وتصوم النهار، فلما كان رأس السنة قالت لمواليها: إذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط، فلما أظلم الليل سمعت قائلا يقول: هل وجدوا ما فقدوا، فأجابه آخر يقول: بل يئسوا فانقلبوا (1). 20 - وخلف الحسن بن الحسن: عبد الله، والحسن المثلث، وإبراهيم
(1) البحار 44 / 166 - 167. 355 الغمر، وأمهم فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، ومحمدا، وجعفرا، وداود لأم ولد. وكان عبد الله بن الحسن بن الحسن مع أبي العباس السفاح، وكان مكرما له، وله به أنس. 21 - وأخرج أبو العباس يوما سفط فيه جواهر فقاسمه إياه، وأراه بناء قد بناه، وقال له: كيف ترى هذا؟ فقال عبد الله: ألم تر حوشبا أمسى ويبني * قصورا نفعها لبني نفيلة يؤمل أن يعمر عمر نوح * وأمر الله يحدث كل ليلة فقال له السفاح: أتتمثل بهذا؟ وقد رأيت صنعي بك، قال: والله ما أردت سوءا، ولكنها أبيات خطرت لي، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحتمل ما كان مني قال: قد فعلت، ثم رده إلى المدينة. فلما ولي المنصور ألح في طلب ابنيه محمد وإبراهيم ابني عبد الله، فتواريا بالبادية، فأمر المنصور أن يؤخذ أبوهما عبد الله وإخوته حسن وداود وإبراهيم ويشرون وثاقا ويبعث بهم إليه، فوافوه في طريق مكة بالربذة مكفوفين، فسأله عبد الله أن يأذن له عليه، فأبى ذلك، فلم يره حتى فارق الدنيا ومات في الحبس وماتوا. وخرج ابناه محمد وإبراهيم على المنصور، وغلبا على المدينة ومكة والبصرة وبعث إليهما المنصور بعثا، فقتل محمد بالمدينة وقتل إبراهيم بعد ذلك بباخمرى على ستة عشر فرسخا من الكوفة. وإدريس بن عبد الله هو الذي صار إلى الأندلس والبربر، وغلب عليهما، وكان معه أخوه سليمان بن عبد الله بن الحسن، وأمهما عاتكة بنت عبد الملك بن الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم، وعقبهما بالغرب.
356 والعقب من ولد عبد الله بن الحسن بن الحسن في ستة: من محمد بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن النفس الزكية القتيل بالمدينة، وإبراهيم بن عبد الله قتيل باخمرى، وموسى الجون صاحب سويقة، وأمهم هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله ابن زمعة، ويحيى صاحب الديلم مات في حبس الرشيد، وسليمان وإدريس عقبهما في الغرب. والعقب من محمد النفس الزكية في رجل واحد، وهو عبد الله الأشتر وحده قتل بكابل، وأمه أم سلمة بنت أبي محمد بن الحسن بن الحسن المثنى. والعقب من عبد الله الأشتر من محمد بن عبد الله وحده. والعقب من ولد إبراهيم قتيل باخمرى من الحسن بن إبراهيم وحده. والعقب من ولد الحسن بن إبراهيم من عبد الله بن الحسن وحده، ومنه انتشر ولد إبراهيم. والعقب من ولد موسى بن عبد الله الجون من رجلين: عبد الله بن موسى، وإبراهيم بن موسى، وأمهما من بني تيم بن مرة. والعقب من ولد يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (عليه السلام) من رجل واحد، وهو محمد بن يحيى، ومنه في رجلين: عبد الله بن محمد وأحمد بن محمد. والعقب من ولد داود بن بن الحسن بن الحسن (عليه السلام) من رجلين: سليمان بن داود، وعبد الله بن داود (1). 22 - من وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه لولده الحسن (عليه السلام): كيف وأنى بك يا بني إذا صرت في قوم، صبيهم غاو، وشابهم فاتك
(1) راجع تذكرة الخواص ص 214 - 229. 357 وشيخهم لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، وعالمهم خب مواه (1) مستحوذ عليه هواه، متمسك بعاجل دنياه، أشد هم عليك إقبالا، يرصدك بالغوايل. ويطلب الحيلة بالتمني، ويطلب الدنيا بالاجتهاد، خوفهم أجل، ورجاؤهم عاجل، لا يهابون إلا من يخافون لسانه، ويرجون نواله، دينهم الربا، كل حق عندهم مهجور، يحبون من غشهم، ويملون من داهنهم، قلوبهم خاوية. لا يسمعون دعاء ولا يجيبون سائلا، قد استولت عليهم سكرة الغفلة، إن تركتهم لم يتركون، وإن تابعتهم اغتالوك، إخوان الظاهر، وأعداء السر، يتصاحبون على غير تقوى، فإذا افترقوا ذم بعضهم بعضا، تموت فيهم السنن، وتحيى فيهم البدع، فأحمق الناس من أسف على فقدهم، أو سر بكثرتهم. فكن يا بني عند ذلك كابن اللبون، لا ظهر فيركب، ولا وبر فيسلب، ولا ضرع فيحلب، فما طلابك لقوم إن كنت عالما أعابوك، وإن كنت جاهلا لم يرشدوك، وإن طلبت العلم قالوا: متكلف متعمق، وإن تركت طلب العلم قالوا: عاجز غبي وإن تحققت لعبادة ربك قالوا: متصنع مراء. وإن لزمت الصمت قالوا: ألكن، وإن نطقت قالوا: مهذار، وإن أنفقت قالوا: مسرف، وإن اقتصدت قالوا: بخيل، وإن احتجت إلى ما في أيديهم صارموك وذموك، وإن لم تعتد بهم كفروك، فهذه صفة أهل زمانك، فاصغاك من فرغ من جورهم، وأمن من الطمع فيهم، فهو مقبل على شأنه مدار لأهل زمانه. ومن صفة العالم أن لا يعظ إلا من يقبل عظته، ولا ينصح معجبا برأيه، ولا يخبر بما يخاف إذاعته. ولا تودع سرك إلا عند كل ثقة، ولا تلفظ إلا بما يتعارفون به الناس، ولا تخالطهم إلا بما يعقلونه، فاحذر كل الحذر، وكن فردا وحيدا.
(1) الخب: الخداع. وموه الخبر: زوره عليه وزخرفه ولبسه، أو بلغه خلاف ما هو. 358 واعلم أن من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره، ومن كابد الأمور عطب ومن اقتحم اللجج غرق، ومن أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن مزح استخف به، ومن كثر من شئ عرف به، ومن كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه قل دينه، ومن قل دينه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار (1). 23 - قيل: وقف رجل على الحسن بن علي عليهما السلام فقال: يا ابن أمير المؤمنين بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه، بل إنعاما منه عليك، إلا ما أنصفتني من خصمي، فإنه غشوم ظلوم، لا يوقر الشيخ الكبير، ولا يرحم الطفل الصغير. وكان متكئا فاستوى جالسا وقال له: من خصمك حتى أنتصف لك منه، فقال له: الفقر، فأطرق (عليه السلام) ساعة، ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال له: أحضر ما عندك من موجود، فأحضر خمسة آلاف درهم، فقال: ادفعها إليه، ثم قال له: بحق هذه الأقسام التي أقسمت بها علي متى أتاك خصمك جائرا إلا ما أتيتني منه متظلما (2).
(1) عنه البحار 77 / 234 - 235. (2) عنه البحار 43 / 350 و 77 / 235. 359 (اليوم التاسع والعشرون) 1 - قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): إنه مختار، يصلح لكل حاجة، وإخراج الدم، وهو يوم سعيد لسائر الأمور والحوائج والأعمال فيه بارك الله تعالى على الأرض المقدسة، ويصلح للنقلة، وشراء العبيد والبهائم ولقاء الإخوان والأصدقاء، وفعل البر والحركة، ويكره فيه الدين والسلف والإيمان ومن سافر فيه يصيب مالا كثيرا إلا من كان كاتبا، فإنه يكره له ذلك، والرؤيا فيه صادقة، ولا يقصها إلا بعد يوم، والمريض فيه يموت، والآبق فيه يوجد، ولا تستحلف فيه أبدا، ولا تأخذ فيه من أحد، وأدخل فيه على السلطان، ولا تضرب فيه حرا ولا عبدا ومن ضلت له ضالة وجدها. 2 - وفي رواية: من مرض فيه يبرء، ومن ولد فيه يكون صالحا حليما. 3 - وفي رواية أخرى: أنه متوسط لا محمود ولا مذموم، تجتنب فيه الحركة. 4 - وقالت الفرس: إنه يوم جيد صالح، يحمد فيه النقلة والسفر والحركة والمولود فيه يكون شجاعا، وهو صالح لكل حاجة، ولقاء الإخوان والأصدقاء والأوداء، وفعل الخير، والأحلام فيه تصح في يومها. 5 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: ماراسفند روز اسم الملك الموكل
360 بالأوقات والأزمان والعقول والأسماع والأبصار. وفي رواية أخرى: الموكل بالأفئدة (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد وكل يوم، ورب هذه الليلة وكل ليلة، صل على محمد وآل محمد، وأصلح لي ديني الذي ألقاك به، أنت ربي لا إله بيدك أنت بيدك مقادير الليل والنهار، وبيدك مقادير الشمس والقمر، وبيدك مقادير الغنى والفقر، وبيدك مقادير العز والذل، فصل على محمد وآل محمد، وبارك لي في ديني ودنياي وآخرتي، وفي جسدي وأهلي ومالي، وبارك لي في جميع ما رزقتني وأنعمت به علي. اللهم ادرء عني فسقة العرب والعجم، وارزقني رزقا واسعا، وفك رقبتي من النار، اللهم من أرادني بسوء من خلقك، فإني أدرء بك في نحره، فخذ من بين يديه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، وامنعه من أن يصل إلي بسوء أبدا، يا أرحم الراحمين، اللهم استرني من كل سوء، وحطني من كل بلية، ولا تسلط علي جبارا لا يرحمني، إنك على كل شئ قدير، يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل النبيين وآله الطيبين الطاهرين. والحمد لله الذي خلق الليل والنهار بقوته وميز بينهما بقدرته، وجعل لكل واحد منهما حدا محدودا، وأمدا موقوتا ممدودا يولج كل واحد في صاحبه، ويولج صاحبه فيه بتقدير منه للعباد فيما يغذوهم به، وينشئهم عليه، وخلق لهم الليل ليسكنوا فيه من حركات التعب، وبهضات النصب
(1) عنه البحار 59 / 78 - 88 و 97 / 305. 361 وجعله لباسا ليلبسوا من راحته ومنامه، ليكون ذلك جماما وقوة، ولينالوا به لذة وشهوة. وخلق النهار مبصرا، ليبتغوا من فضله، وليتسببوا إلى رزقه، ويسرحوا في أرضه، طلبا لما فيه نيل العاجل في دنياهم، ودرك الأجل في أخراهم، بكل ذلك يصلح شأنهم ويبلو أخبارهم، وينظر كيف هم في أوقات طاعته، ومنازل فروضه ومواقع أحكامه، ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. اللهم فلك الحمد على ما فلقت لنا من الأصباح، ومتعتنا به من ضوء النهار وبصرتنا به من مطالب الأفوات، ووقيتنا فيه من طوارق الآفات، أصبحنا (1) وأصبحت الأشياء كلها لك بجملتها، سماؤها وأرضها، وما بث في كل واحد منهما، ساكنه ومتحركه، ومقيمه وشاخصه، وما علا في الهواء، وبطن في الثرى، أصبحنا اللهم في قبضتك وملكك يحوينا سلطانك، وتضمنا مشيتك، ونتصرف عن أمرك ونتقلب في تدبيرك، ليس لنا من الأمر إلا ما قضيت، ولا من الخير إلا ما أعطيت وهذا يوم حادث جديد، وهو علينا شاهد عتيد، إن أحسنا ودعنا بحمد، وإن أسأنا فارقنا بذم. اللهم فصل على محمد و آل محمد. وارزقنا حسن مصاحبته. واعصمنا من سوء مفارقته بارتكاب جريرة. أو اقتراف كبيرة أو صغيرة. وأجزل لنا فيه من الحسنات. وأخلنا فيه من السيئات. واملأ لنا ما بين طرفيه حمدا وشكرا. وأجرا وذخرا. وفضلا وإحسانا. اللهم يسر على الكرام الكاتبين مؤنتنا. واملأ لنا من حسناتنا صحائفنا. ولا تخزنا عندهم بسوء أعمالنا. اللهم اجعل لنا في كل ساعة من ساعاته حظا من عبادتك. ونصيبا من شكرك. وشاهد صدق من ملائكتك.
(1) في الأصل: أمسينا. 362 اللهم صل على محمد وآل محمد. واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا. وعن أيماننا وعن شمائلنا. ومن جميع نواحينا حفظا عاصما من معصيتك. هاديا إلى طاعتك. مستعملا لمحبتك. اللهم صل على محمد وآل محمد. واجعله أفضل يوم عهدناه. وأيمن صاحب صحبناه. وخير وقت ظللنا فيه. واجعلنا أرضى من مر عليه الليل والنهار من جميع (1) خلقك. أشكر لما أبليت من نعمك. وأقوم بما شرعت من شرائعك. وأوبقه عما حذرت من نهيك. اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا. وأشهد سماواتك وأرضك وجميع من أسكنتهما من ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك. إنني أشهد في يومي هذا وفي كل يوم. إنك أنت لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك. ولا ند لك. ولا ضد لك. ولا صاحبة لك. ولا ولد لك. ولا وزير لك. وأنك قائم بالقسط. عادل في الحكم. رؤوف بالعباد. رحيم بالخلق. ونشهد أن محمدا عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك. حملته رسالاتك فأداها. وأمرته بالنصح لأمته فنصح لها. فصل على محمد وآل محمد. أفضل ما صليت على أحد من خلقك. وأبله (2) عنا أفضل وأجزل وأكرم وأنمى وأجمل ما أبليته (3) أحدا من الأنبياء عن أمته. إنك أنت الحنان المنان بالجزيل الغافر للعظيم وأنت أكرم من كل كريم، يا ذا الجلال والاكرام. برحمتك يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: لا إله إلا الله الحليم الكريم. لا إله إلا الله العلي العظيم. سبحان الله رب
(1) في البحار: جملة. (2) في البحار: أنله. (3) في البحار: أنلته. 363 السماوات السبع وما فيهن وما بينهن. ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن. ورب العرش العظيم. والحمد لله رب العالمين. وتبارك أحسن الخالقين. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم صل على محمد وآل محمد. وألبسني العافية حتى تهنئني المعيشة. واختم لي بخير وبالمغفرة. حتى لا يضرني معها الذنوب. واكفني بهم نوائب الدنيا وهموم الآخرة. حتى تدخلني الجنة برحمتك. إنك على كل شئ قدير. اللهم أنت تعلم سريرتي. فاقبل معذرتي. وتعلم حاجتي فأعطني مسألتي. وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي. اللهم وأنت الرب وأنا العبد المربوب. وأنت المالك وأنا المملوك. وأنت العزيز وأنا الذليل. وأنت الحي وأنا الميت خلقتني للموت. وأنت القوي وأنا الضعيف. وأنت الغني وأنا الفقير. وأنت الباقي وأنا الفاني. وأنت المعطي وأنا السائل. وأنت الغفور وأنا المذنب. وأنت السيد المولى وأنا العبد. وأنت العالم وأنا الجاهل. عصيتك بجهلي. وارتكبت الذنوب بجهلي لفساد عقلي. وألهتني الدنيا لسوء عملي. واغتررت بزينتها بجهلي. وسهوت عن ذكرك. فأنت أرحم الراحمين. أنت أرحم لي من نفسي. وأرحم بي مني بنفسي. وأنت أنظر لي مني لنفسي. فانظر لي منها فاغفر وارحم وتجاوز عما تعلم. اللهم وأوسع لي في رزقي. وامدد لي في عمري. واغفر لي ذنوبي. واجعلني ممن تنتصر به لدينك. ولا تستبدل بي غيري. يا حنان يا منان. يا حي يا قيوم. فرغ قلبي لذكرك. وألبسني عافيتك. لا إله إلا أنت. اللهم رب السماوات السبع، وما أظلت وما فيهن، وما بينهن ورب الأرضين السبع، وما أقلت ورب البحار وما في قعرها، ورب الجبال الرواسي وما في أقطارها أنت رب كل شئ ووارثه، وخالق كل شئ ومفنيه، والعالم بكل شئ والقاهر
364 لكل شئ، والمحيط بكل شئ علما، والرازق لكل شئ، أسألك بقدرتك على كل شئ أن تصلي على محمد وآله، وتستجيب دعائي برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم رب السماوات السبع وما فيهن وما بينهن، ورب المثاني والقرآن العظيم ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب الملائكة أجمعين ورب محمد خاتم النبيين والمرسلين أجمعين، صل على محمد وآله، وأغنني عن خدمة عبادك، وفرغني لعبادتك بالليل والنهار، وارزقني الكفاية والقنوع، وصدق اليقين في التوكل عليك. اللهم إني أسألك باسمك الذي يقوم به السماوات السبع، وما فيهن وما بينهن، وبه ترزق الأحياء، وبه أحصيت وزن الجبال، وبه أحصيت كيل البحار وبه أحصيت عدد الرمال، وبه أمت الأحياء، وبه تحيي الموتى، وبه تعز الذليل وبه تذل العزيز، وبه تفعل ما تشاء، وبه تقول للشئ كن فيكون، وإذا سألك به سائل أعطيته سؤله. أسألك باسمك الأعظم الأعظم الذي إذا سألك به السائلون أعطيتهم سؤلهم وإذا دعاك به الداعون أجبتهم، وإذا استجار بك المستجيرون أجرتهم، وإذا دعاك به المضطرون أنقذتهم، وإذا تشفع به المستشفعون شفعتهم، وإذا استصرخك به المستصرخون أصرختهم، وإذا ناداك به الهاربون إليك سمعت نداءهم وأغثتهم، وإذا أقبل به التائبون قبلت توبتهم. فأنا أسألك يا سيدي ويا مولاي ويا إلهي، ويا قوتي، ويا رجائي، ويا كهفي، ويا ركني، ويا فخري، ويا عدتي لديني ودنياي وآخرتي باسمك الأعظم، وأدعوك به لذنب لا يغفره غيرك، ولكرب لا يكشفه سواك، ولضر لا يقدر على إزالته عني إلا أنت، ولذنوبي التي بارزتك بها وقل منها حيائي عند ارتكابي لها منها، أنا قد أتيتك مذنبا خاطئا، قد ضاقت علي الأرض فقيرا محتاجا لا أجد لذنبي غافرا
365 غيرك ولا لكربي جابرا سواك، ولا لضري كاشفا إلا أنت. وأنا أقول كما قال عبدك ذو النون حين تبت عليه ونجيته من الغم رجاء أن تتوب علي وتنقذني من الذنوب، يا سيدي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فأنا أسألك يا سيدي ومولاي باسمك العظيم الأعظم أن تستجيب لي دعائي، وأن تعطيني سؤلي، وأن تعجل لي الفرج من عندك، برحمتك في عافية. وأن تؤمن خوفي في أتم النعمة، وأعظم العافية، وأفضل الرزق والسعة والدعة، وما لم تزل تعودينه يا إلهي، وترزقني الشكر على ما تؤتيني، وتعجل ذلك تاما ما أبقيتني، وتعفو عن ذنوبي وخطاياي وإسرافي وإجرامي وإذا توفيتني تصل لي سعادة الدنيا بنعيم الآخرة. اللهم بيدك مقادير الليل والنهار، وبيدك مقادير الشمس والقمر، وبيدك مقادير الخير والشر، اللهم فبارك لي في دنياي وآخرتي، اللهم وبارك لي في جميع أموري، اللهم لا إله إلا أنت، وعدك حق، ولقاؤك حق، فصل على محمد وآله، واختم لي أجلى بأفضل عملي حتى تتوفاني وقد رضيت عني، يا قيوم، يا كاشف الكرب العظيم، اللهم صل على محمد وآله، ووسع علي من طيب رزقك حسب جودك وكرمك. اللهم إنك تكفلت برزقي ورزق كل دابة، يا خير مدعو، ويا خير مسؤول، يا أوسع معط وأفضل مرجو، وسع لي في رزقي ورزق عيالي، اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم، وفيما يفرق من الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل. أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترحم محمدا وآل محمدا، وأن تبارك على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت ورحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وأن تكتبني من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم
366 المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم سيئاتهم، الواسعة أرزاقهم، الصحيحة أبدانهم، المؤمن خوفهم، واجعل فيما تقضي وتقدر أن تطيل عمري وأن تزيد في رزقي. يا كائنا قبل كل شئ، ويا مكون كل شئ، ويا كائنا بعد كل شئ، تنام العيون وتنكدر النجوم، وأنت حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم. اللهم إني أسألك بجلال وجهك وحلمك ومجدك وكرمك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي ولوالدي وترحمهما رحمة واسعة، إنك أرحم الراحمين، اللهم إني أسألك بأنك ملك، وأسألك بأنك كل شئ قدير، وأسألك بأنك ما تشاء من أمر يكون، أن تغفر لي ولإخواني من المؤمنين، إنك رؤوف رحيم. الحمد لله الذي أشبعنا في الجائعين، الحمد لله الذي كسانا في العارين، الحمد لله الذي آوانا في الغائبين، والحمد لله الذي أكرمنا في المهابين، والحمد لله الذي آمننا في الخائفين، والحمد لله الذي هدانا في الضالين، يا جار المؤمنين لا تخيب رجائي، يا غياث المستغيثين أغثني، يا معين المؤمنين أعني، يا مجيب التوابين تب علي إنك أنت التواب الرحيم. حسبي الرب من العباد، حسبي المالك من المملوكين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الحي الذي لا يموت، حسبي الرازق المرزوقين، حسبي الذي لم يزل حسبي مذ قط، حسبي الله ونعم الوكيل، لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله الله والله أكبر كبيرا مباركا فيه من أول الدهر إلى آخره. لا إله إلا الله رب كل شئ وراحمه، لا إله إلا الله الذي لا حي معه في ديمومة بقائه، قيوم لا يفوت شئ عليه ولا يؤده، لا إله إلا الله الباقي بعد كل شئ وآخره دائم بغير فناء ولا زوال لملكه، الصمد في غير شبه فلا شئ كمثله، لا إله إلا الله
367 لا شئ كفوه، ولا مداني لوصفه، كبير لا يهتدي القلوب لكنه عظمته، لا إله إلا الله البارئ المنشئ بلا مثال، خلا من غيره الطاهر من كل آفة بقدسه، لا إله إلا الله الموسع في عطايا خلقه من فضله البرئ من كل جور، لم يرضه ولم يخالط فعاله لا إله إلا الله الذي وسعت رحمته، المنان ذو الإحسان، قد عم الخلائق منه. لا إله إلا الله ديان العباد، وكل يقوم خاضعا من هيبته، خالق ما في السماوات والأرض وكل إليه معاده، لا إله إلا الله رحيم كل صارخ ومكروب وغياثه ومعاذه يا رب فلا تصف الألسن كل جلال ملكك وعزك، لا إله إلا الله البديع البرايا لم يبغ في إنشائها عونا من خلقه، وعلام الغيوب، فلا يفوت شيئا حفظه، لا إله إلا الله المعيد ما بدا، إذا برز الخلائق لدعوته من مخافته، لا إله إلا الله العزيز المنيع الغالب في أمره، فلا شئ يعادله، لا إله إلا الله الحميد الفعال، ذو المن على جميع خلقه، لا إله إلا الله ذو البطش الشديد، الذي لا يطاق انتقامه. لا إله إلا الله العالي في ارتفاع مكانه فوق كل شئ فوقه، لا إله إلا الله الجبار المذل كل شئ بقهر عزه وسلطانه، لا إله إلا الله نور كل شئ وهداه، لا إله إلا الله القدوس الظاهر على كل شئ فلا شئ يعادله، لا إله إلا الله العزيز المجيب المتداني دون كل شئ قربه، لا إله إلا الله العلي الشامخ في السماء فوق كل شئ ارتفاع علوه، لا إله إلا الله المبدئ البرايا ومعيدها بعد فنائها بقدرته، لا إله إلا الجليل المتكبر على كل شئ، فالعدل أمره، والصدق وعده، لا إله إلا الله المحمود الذي لا يبلغ الأوهام كل ثنائه ومجده، ولا إله إلا الله الكريم العفو الذي وسع كل شئ عفوه، لا إله إلا الله العزيز الكريم، فلا يذل عزه، لا إله إلا الله العجيب، فلا ينطق الألسن بكل آلائه وثنائه، وهو كما أثنى على نفسه ووصفها به. الله الرحمن الرحيم، الحق المبين، البرهان العظيم، الله العليم الحكيم، الله الرب الكريم، الله السلام المؤمن العزيز الجبار المتكبر، الله المصور الوتر
368 النور ومنه النور، الله الحميد الكبير، لا إله إلا الله عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم. الدعاء في آخره: اللهم إني أسألك يا رب هذه الليلة وكل ليلة. برحمتك التي وسعت كل شئ ودان لها كل شئ. صل على محمد وآل محمد. واغفر لي الذنوب التي تحبس القسم. واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم. واغفر لي الذنوب التي تديل الأعداء، واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء. واغفر لي الذنوب التي تعجل العناء. واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء، سبقت رحمتك غضبك، ونفذ علمك وبلغت حجتك. ولم تخيب سائلك إذا سألك. اللهم أنت موضع كل شكوى وشاهد كل نجوى. وغوث كل مستغيث. ومجيب دعوة المضطرين. صل على محمد وآل محمد. وافعل بي ما أنت أهله. يا أرحم الراحمين (1).
(1) عنه البحار 97 / 305 - 313. 369 (اليوم الثلاثون) 1 - قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إنه يوم مختار جيد، يصلح لكل شئ وللشراء والبيع والزرع والغرس والبناء، والتزويج، والسفر، وإخراج الدم. 2 - وفي رواية أخرى: لا تسافر فيه، ولا تتعرض لغيره إلا المعاملة، وقلل فيه الحركة، والسفر فيه ردئ، ومن ولد فيه يكون حليما مباركا، ويعسر تربيته ويسئ خلقه ويرزق رزقا يكون لغيره، ويمنع من التمتع بشئ منه. 3 - وفي رواية أخرى: من ولد فيه كفى كل أمر يؤذيه، ويكون المولود فيه مباركا صالحا يرتفع أمره ويعلو شأنه، ولد فيه إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام) وفيه خلق الله العقل، وأسكنه رؤوس من أحب من عباده، ومن هرب فيه أخذ، ومن ضلت عنه ضالة وجدها، ومن اقترض فيه شيئا رده سريعا، ومن مرض فيه برئ سريعا. 4 - قال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): من ولد فيه يكون حليما مباركا صادقا أمينا، يعلو شأنه، ومن ضاع له شئ يجده بإذن الله تعالى. 5 - قالت الفرس: إنه يوم خفيف يحمد فيه سائر الأعمال والتصرفات،
370 ويصلح لشرب الأدوية المسهلة. 6 - وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: إيران روز اسم الملك الموكل بالدهور والأزمنة (1). الدعاء في أوله: اللهم رب هذا اليوم الجديد وكل يوم. وآله من في السماوات السبع وآله من في الأرضين السبع. لا إله فيهن غيرك. وأنت إله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل إله كل شئ. ورب كل شئ. وسعت كل شئ رحمة وعلما. أسألك بأسمائك الحسنى. وأمثالك العليا. وبكلماتك التامات المستجابات المباركات. وبكل اسم هو لك في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. وبالمثاني والصحف الأولى. وبما أحصاه كتابك. وبما أنت أعلم بإحصائه. وبما آليت به على نفسك. أن تصلي على محمد وآل محمد. وأن تحفظني من الشيطان الرجيم. ومن أوليائه ومن همزهم وخيلهم وشرورهم واستقرارهم وآفاتهم. ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها. إنك على كل شئ قدير. وعلى صراط مستقيم. يا أرحم الراحمين. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد خاتم النبيين. وسيد المرسلين. وقائد الغر المحجلين. وإمام المتقين خير ولد آدم. والمرتقى به إلى السماء. والمخاطب لربه في السماء حين دنى فتدلى. فكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى. اللهم فصل على ملائكتك المقربين. وعلى
(1) عنه البحار 59 / 89 و 97 / 313 - 314. 371 جميع أنبيائك المرسلين. وعلى جميع من تابعهم وآمن بك إلى يوم الدين. اللهم بك أصبحت. وبك انتشرت. وبك آمنت. ولك أسلمت. وبك خاصمت. وعليك توكلت. وإليك أنبت. أصبحت على فطرة الإسلام. وكلمة الاخلاص. وسنة نبينا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) وملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين. اللهم لك الحمد حمدا دائما لا ينقطع ولا ينفد. والحمد لله الذي ليس لفضله دافع. ولا لعطائه مانع. ولا كصنعه صنع صانع. وهو الجواد الواسع. فطر أجناس البدائع. وأتقن بحكمته الصنايع. لا يخفى عليه الطلائع. ولا يضيع عنده الودائع. والمجزي لكل صانع. والرازق لكل مانع. وراحم كل ضارع، منزل المنافع. والكتاب الجامع بالنور الساطع. الذي هو للدعوات سامع، وللمكرمات رافع. وللجبابرة قامع. لا إله غيره. ولا شئ بعده ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. اللطيف الخبير على كل شئ قدير. اللهم إني أرغب إليك. وأشهد لك مقرا بأنك ربي. وإليك مردي. ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا. خلقتني وأنا من التراب. وأسكنتني من الأصلاب آمنا لريب المنون. واختلاف الدهر. فلم أزل ظاعنا من صلب إلى صلب إلى رحم في تقادم الأيام الماضية. والقرون الخالية. لم تخرجني بلطفك لي وإحسانك بي (1) في دولة أئمة الكفر. الذين نقضوا عهدك. وكذبوا رسلك لكنك أخرجتني رأفة منك. وتحننا علي للذي سبق لي من الهدى. الذي يسرتني وعليه أنشأتني من قبل ذلك رأفة بي. بجميل صنعك. وسوابغ نعمتك. ابتدعت خلقي من مني يمنى. ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث. بين لحم وجلد ودم. لم تشهرني بخلقي. ولم تجعل لي شيئا من أمري. ثم أخرجتني إلى الدنيا
(1) في البحار: إلي. 372 تاما سويا. وحفظتني في المهد طفلا صبيا. ورزقتني من الغذاء لبنا مريئا. وعطفت علي قلوب الحواضن. وكفلتني بالأمهات الرحائم. وكلأتني من طوارق الحدثان. وسلمتني من الزيادة والنقصان. فتعاليت ربنا يا أرحم الراحمين حتى إذا استهللت بالكلام. أتممت علي بالإنعام. وربيتني متزائدا في كل عام. حتى إذا أكملت فطنتي (1) واعتدلت قوتي. أوجبت علي حجتك. بأن ألهمتني معرفتك. وروعتني بعجائب رحمتك. وأيقظتني بما ذرأت في سمائك وأرضك في بدائع خلقك. ونبهتني لشكرك وذكرك. وأوجبت طاعتك وعبادتك وفهمتني ما جاءت به رسلك. ومننت علي بجميع ذلك بعونك ولطفك. ثم أدخلتني (2) يا رب في الثرى. لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أن أحييتني ورزقتني من أنواع المعائش. وصنوف الرياش. بمنك العظيم. وإحسانك القديم إلي. حتى أتممت علي جميع النعم. لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك أن دللتني إلى ما يقربني منك. ووفقتني لما يزلفني لديك. إن دعوتك أجبتني. وإن سألتك أعطيتني. وإن أطعتك شكرتني. وإن شكرتك زدتني. وإن عصيتك سترتني كل ذلك إكمالا لنعمك علي وإحسانك إلي. فسبحانك سبحانك من مبدئ حميد مجيد. تقدست أسماؤك. وعظمت آلاؤك. فأي نعمك يا مولاي ويا إلهي أحصي عددها أو ذكرها. أم أي عطائك أقوم بها شكرا. وهي يا رب أكثر من أن يحصى العادون أو يبلغ علما بها الحافظون ثم ما فرقت وذرأت عني من الهم والغم والشر والضر أكثر ما ظهر لي من العافية والسراء. وأنا أشهدك يا إلهي بحقيقة إيماني، وعقد عزمات معرفتي، وخالص صريح
(1) في البحار: فطرتي. (2) في البحار: ثم إذ خلقتني. 373 توحيدي، وباطن مكنون ضميري، وعلائق مجاري نور بصري، وأسارير صفحة جبيني، وما ضمت عليه شفتاي وحركات لفظ لساني، ومسارب صماخ سمعي، ومنابت أضراسي، ومساغ مطعمي ومشربي، وحمالة أم رأسي، وبلوغ حبائل عنقي، وما اشتمل عليه تامور صدري، وحمل حبائل وتيني، ونياط حجاب قلبي وأفلاذ حواشي كبدي، وما حواه شراسيف أضلاعي، وحقاف مفاصلي وطراف أناملي. وقبض شراسيف عواملي، ولحمي ودمي وشعري، وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخي وعروقي، وجميع جوارحي وجوانحي، وما انتسج على ذلك أيام رضاعي، وما أقلت الأرض مني في نومي ويقظتي، وسكوني وحركتي وحركات ركوعي وسجودي، لو حاولت واجتهدت مدى الأعمار والأحقاف لو عمرتها أن أؤدي بعض شكر واحدة من أنعمك، فما استطعت ذلك إلا بمنك الموجب به علي شكرا آنفا جديدا، أو ثناء طارقا عتيدا. أجل ولو حرصت أنا والعادون من أنامك أن نحصي شيئا من أنعامك، سالفه وآنفه، ما حصرنا عددا، ولا أحصيناه أبدا، هيهات أني ذلك وأنت المخبر في كتابك الناطق (1) والنبأ الصادق (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (2) صدق كتابك اللهم ونبأك (3) وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت عليهم من وحيك وشرعت لهم ولنا من دينك. غير أني يا إلهي أشهد بجدي واجتهادي وجهدي ومبلغ طاقتي ووسعي، وأقول مؤمنا موقنا: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، فيكون موروثا ولم يكن له
(1) في البحار: الصادق. (2) سورة إبراهيم: 34. (3) في الأصل: وتبارك. 374 شريك في ملكه فيضاده فيما ابتدع، ولا ولي من الذل فيرفده فيما صنع، سبحانه لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فسبحان الله الواحد الأحد الحي الصمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، والحمد لله حمدا يعدل حمد ملائكته المقربين، وأنبيائه المرسلين، وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين. اللهم صل على محمد وآل محمد. وأسألك الثبات في الأمر. والمعونة على الرشد. وأسألك شكر نعمتك. وحسن عبادتك. وأسألك قلبا خاشعا سليما. ولسانا صادقا. وأسألك من خير ما نعلم ومن خير ما لا نعلمه. وأسألك ما تعلم إنك على كل شئ قدير. وإنك علام الغيوب. وساتر العيوب. وكاشف الضر عن أيوب وهم يعقوب. اللهم لا تؤمني مكرك. ولا تكشف عني سترك. ولا تصرف عني رحمتك. ولا تحل بي غضبك. اللهم اجعلني من الصادقين الأبرار الأخيار المتقين. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلني أخشاك حتى كأني أراك وأسعدني بتقواك. ولا تشقني بقصدك. وخر لي في قدرك. وبارك لي في رزقك حتى لا أحب تأخير ما قدمت. ولا تعجيل ما أخرت اللهم اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي. والإخلاص في عملي والبصيرة في ديني والنور في بصري. ومتعني بجوارحي. واجعل سمعي وبصري الوارثين مني. وانصرني على من ظلمني. اللهم اكشف كربتي. واستر عورتي. واغفر لي خطيئتي. واخسأ شيطاني وفك رهاني. واجعل لي يا إلهي الدرجة العليا في الآخرة. اللهم لك الحمد كما خلقتني فجعلتني سميعا بصيرا. ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني بشرا سويا رحمة لي. وكنت عن خلقي غنيا. رب كما بدأتني فعدلت
375 فطرتي. يا رب كما أنشأتني فأحسنت صورتي. رب بما أحسنت لي وفي نفسي وعافيتي. يا رب بما أقدرتني ورفعتني. رب بما أنعمت علي فهديتني. رب بما آويتني ومن كل خير أوليتني. رب بما أطعمتني وأسقيتني. رب بما أغنيتني وأعززتني. رب بما ألبستني من سترك الحلال. ويسرت لي من فضلك ورزقك الكافي، صل على محمد وآل محمد. وأعني على بوائق الدهر وصروف الأيام والليالي. ونجني من أهوال الدنيا وكرب الآخرة. واكفني شر ما يعمل الظالمون في الأرض. اللهم اكفني شر ما أخاف وأحذر في نفسي وديني، واحرسني من الآفات في سفري وفي حضري. واحفظني في غيبتي وفي أهلي ومالي فاخلفني وفيما رزقتني فبارك لي يا رب وفي نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، ومن شر الجن والإنس فسلمني، وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني، ولما أعطيتني من بركاتك ومعروفك فلا تسلبني، وإلى غيرك فلا تكلني. اللهم صل على محمد وآل محمد، واقبضني أرضى بما يكون وأكون عني، وأطوع ما أكون بين يديك، اللهم لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا، اللهم صل على محمد وآل محمد، وكما اجتبيت آدم وتبت عليه فتب علينا، وكما نجيت من الغرق عبدك نوحا وحملته في سفن النجاة فنجنا، وكما نجيت هودا من الريح العقيم فنجنا، وكما صرفت عن يوسف السوء والفحشاء فاصرف عنا. وكما كشفت عن أيوب الضر والبلوى فاكشف عنا ضرنا وبلوانا، وكما نجيت يونس من بطن الحوت وأخرجته من الظلمات إلى النور، واستجبت له دعوته ونجيته من الغم فنجنا، وكما أعطيت موسى وهارون سؤلهما فآتنا سؤلنا وكما أيدت عيسى بن مريم بروح القدس فأيدنا بما تحب وترضى. وكما غفرت لنبينا محمد صلواتك عليه ما تقدم من ذنبه وما تأخر فاغفر لنا
376 ذنوبنا، وكما أيدت عبدك ورسولك وخاتم رسلك محمد بن عبد الله بعلي بن أبي طالب وولديه الحسن والحسين فأيدنا من عندك بالخير، واختم لنا بما تشاء وتريد اغفر لنا ذنوبنا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا. وما أسررنا وما أعلنا. وما أسرفنا. وما أنت أعلم به منا. أنت المقدم وأنت المؤخر. لا إله إلا أنت. اغفر لنا مغفرة لا سخط بعدها. وآتنا اللهم في الدنيا حسنة. وفي الآخرة حسنة. ورضوانك والجنة، وقنا عذاب النار. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صلى على محمد وآل محمد وارحمنا بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني. وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني. اللهم بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والاكرام، والعزة التي لا ترام أسألك يا الله بجلالك ونور وجهك أن تلهم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أبعد عن الأشياء التي لا ترضيك، اللهم أنت بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والاكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا الله يا رحمن يا رحيم، وأسألك بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق لساني بكتابك، وأن تشرح لي صدري، وأن تفرج به غمي عن قلبي، وأن تغسل به درني عن بدني فإنه لا يغنيني عن الخلق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويستحب أن يدعا فيه أيضا بهذا الدعاء: اللهم صلى على محمد وآله، واشرح صدري للإسلام وزيني ورضني بالإيمان وألبسني التقوى، وقني عذاب النار. تقول ذلك سبع مرات ثم تسأل الله عز وجل حاجتك وتقول: اللهم يا رب أنت هو. يا رب يا قدوس. يا قدوس يا قدوس. أسألك باسمك
377 الأعظم. الله الذي لا إله إلا هو الحق المبين. الحي القيوم لا تأخذك سنة ولا نوم لك ما في السماوات والأرض. من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم. ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. أن تصلي على محمد وآله في الأولين. وأن تصلي على محمد وآله في الآخرين. وأن تصلي على محمد وآله قبل كل شئ. وأن تصلي على محمد وآله بعد كل شئ وبعدد كل شئ. وأن تصلي على محمد وآله في الليل إذا يغشى. وأن تصلي على محمد وآله في النهار إذا تجلى. وأن تصلي على محمد وآله في الآخرة والأولى. وأن تعطيني سؤلي في جميع ما أدعوك به للآخرة والدنيا. يا حي حين لا حي. يا حي قبل كل حي. وقبل كل شئ. وقبل كل أحد ويا حي بعد كل حي. لا إله إلا أنت. يا قيوم برحمتك استغيث. صل على محمد وآله. وأغثني وأصلح لي شأني كله وأسبابي ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا والحمد لله رب العالمين لا شريك له. تقول ذلك أربع مرات. يا رب أنت لي وبي رحيم يا رب فكن لي ركنا معي. أسألك يا رب بما حمل عرشك من عز جلالك. أن تفعل بي ما أنت أهله لا ما أنا أهله. فإنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة. اللهم إني أحمدك حمدا حميدا. وأتوكل عليك وحيدا. وأستغفرك فريدا. وأشهد أن لا إله إلا أنت. شهادة أفنى بها عمري. وألقى بها ربي. وأدخل بها قبري. وأخلو بها في وحدتي. اللهم وأسألك مع ما سألتك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني. وإذا أردت بقوم سوءا أو فتنة أن تقيني ذلك وأنا غير مفتون. وأسألك حبك وحب من يحبك. وحب من أحببت. وحب ما يقربني حبه إلى حبك. وحبا يقرب من حبك. اللهم صل على محمد وآل محمد. واجعل
378 لي من الذنوب فرجا. واجعل لي إلى كل خير سبيلا. اللهم إني خلق من خلقك. ولخلق من خلقك قبلي حقوق. ولي فيما بيني وبينك ذنوب. اللهم واجعل في خيرا تجده. فإنك أن لا تجعله لا تجده اللهم فارض عني خلقك من حقوقهم علي. وهب لي الذنوب التي بيني وبينك. اللهم خلقتني كما أردت. فاجعلني كما تحب. اللهم اغفر لنا وارحمنا واعف عنا وارض وتقبل منا وأدخلنا الجنة. ونجنا من النار. وأصلح لنا نياتنا وشأننا كله. اللهم صل على محمد النبي الأمي الطيب المبارك نبي الرحمة. كما أمرتنا أن نصلي عليه. اللهم صل على محمد النبي الأمي عدد من صلى عليه وعدد من أن يصلي عليه وعدد من لم يصل عليه. واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم. اللهم رب البيت الحرام. ورب الركن والمقام. ورب المشعر الحرام والحل والاحرام أبلغ روح محمد منا السلام وعليه السلام. وصلوات الله عليه ورحمته وبركاته. وعلى أهل بيته الطيبين الأبرار المصطفين الأخيار. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وآله وسلم. اللهم رب المثاني والقرآن العظيم، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب الملائكة والخلق أجمعين صل على محمد وآله، وافعل بي كذا وكذا... أسألك اللهم رب السماوات السبع ومن فيهن، وباسمك الذي به ترزق الأحياء، وبه أحصيت كيل البحار، وبه أحصيت عدد الرمال، وبه تميت الأحياء وبه تحيي الموتى، وبه تعز الذليل، وبه تذل العزيز، وبه تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، وبه تقول للشئ كن فيكون. اللهم وباسمك العظيم الذي إذا سألك به السائلون أعطيتهم سؤلهم، وإذا دعاك به الداعون أجبتهم، وإذا استجارك به المستجيرون أجرتهم، وإذا دعاك به المضطرون أنقذتهم، وإذا شفع به إليك المستشفعون شفعتهم، وإذا استصرخك
379 به المستصرخون أصرختهم، وفرجت عنهم، وإذا ناداك به الهاربون إليك سمعت نداءهم وأغثتهم، وإذا أقبل به التائبون قبلتهم وقبلت توبتهم. فإني أسألك به يا سيدي ومولاي وإلهي، يا حي يا قيوم، يا رجائي، ويا كهفي ويا كنزي، ويا ذخري وذخيرتي، ويا عدتي لديني ودنياي ومنقلبي، بذلك الاسم الأعظم، أدعوك لذنب لا يغفره غيرك، ولكرب لا يكشفه غيرك، ولهم لا يقدر على إزالته غيرك، ولذنوبي التي بارزتك بها، وقل معها حيائي عندك بفعلها. فها أنا قد أتيتك خاطئا مذنبا، قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، وضاقت علي الحيل، فلا ملجأ وملتجأ إلا إليك، فها أنا ذا بين يديك، قد أصبحت وأمسيت مذنبا خاطئا فقيرا محتاجا، لا أجد لذنبي غافرا غيرك، ولا لكسرى جابرا سواك، ولا لضري كاشفا غيرك، أقول كما قال يونس حين سجنته في الظلمات رجاء أن تتوب علي، وتنجيني من غم الذنوب: لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين. وإني أسألك يا سيدي ومولاي باسمك أن تستجيب دعائي، وتعطيني سؤلي ومناي، وأن تعجل لي الفرج من عندك في أتم نعمة، وأعظم عافية، وأوسع رزق، وأفضل دعة، ما لم تزل تعودنيه إلهي وترزقني الشكر على ما آتيتني، وتجعل ذلك باقيا ما أبقيتني، وتعفو عن ذنوبي وخطائي وإسرافي واجترامي إذا توفيتني حتى تصل نعيم الدنيا بنعيم الآخرة. اللهم بيدك مقادير الليل والنهار، والسماوات والأرض، والشمس والقمر، والخير والشر، فبارك لي في ديني ودنياي، وبارك اللهم في جميع أموري، اللهم وعدك حق، ولقاءك حق لا بد منه ولا محيد عنه، وافعل بي كذا وكذا... اللهم إنك تكفلت برزقي ورزق كل دابة أنت آخذ بناصيتها، يا خير مدعو وأكرم مسؤول، وأوسع معط، وأفضل مرجو، وأوسع لي في رزقي ورزق
380 عيالي، اللهم اجعل لي فيما تقضي وتقدر من الأمور المحتومة، وفيما تفرق به بين الحلال والحرام، من الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تكتبني من حجاج بيتك الحرام المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنبهم، المكفر عنهم سيئاتهم، الموسعة أرزاقهم، الصحيحة أبدانهم، الآمنين خوفهم. واجعل فيما تقضي وتقدر أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تطيل عمري وتمد في أجلي، وتزيد في رزقي، وتعافيني في جسدي، وكل ما يهمني من أمر ديني ودنياي وآخرتي، وعاجلي وآجلي لي، ولمن يعنيني أمره، ويلزمني شأنه من قريب أو بعيد إنك جواد كريم، رؤوف رحيم، يا كائنا قبل كل شئ، تنام العيون، وتنكدر النجوم، وأنت حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، وأنت اللطيف الخبير. الدعاء في آخره: اللهم إني أسألك يا رب هذه الليلة وكل ليلة، يا علي يا عظيم، يا كريم يا غفور يا رحيم يا سميع، يا عليم يا حي يا قيوم، أسألك بأسمائك الحسنى التي إذا دعيت بها أجبت، وإذ سئلت بها أعطيت، يا عزيزا لا تستذل، يا منيعا لا ترام، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعتق رقبتي من النار، وتدخلني الجنة برحمتك، وتعيذني من مضلات الفتن، ومن الشيطان الرجيم. اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا، وأجزهما عني خيرا، أستودع الله العلي الأعلى الذي لا يضيع ودائعه، ولا يخيب سائله، ديني ونفسي وخواتيم عملي وولدي وأهلي ومالي وأهل بيتي وقراباتي، اللهم صل على محمد وآل محمد، أولا وآخرا، وبارك عليهم باطنا وظاهرا.
381 واحفظني في كنفك، واجعلني في حفظك، وفي عزك، وفي جوارك، وفي عنايتك، واستر علي وحطني، وأصلح شأني، واهدني وتب علي، واكفني واعصمني، وتولني ولا تكلني إلى غيرك، ولا تزل عني نعمتك ولا سترك. عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، تقدست أسماؤك، وسبحانك سبحانك ما أعظم شأنك وأعز برهانك، يا أرحم الراحمين، اللهم اهدني في من هديت، وتولني في من توليت وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، يا أرحم الراحمين، إنك على كل شئ قدير (1). تم الكتاب والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا. وتم استنساخ الكتاب مع تحقيقه وتصحيحه والتعليق عليه في يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الثاني سنة ألف وأربعمائة وثمان هجرية في بلدة قم عش آل محمد على يد العبد السيد مهدي الرجائي.