تاريخ الكوفة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تاريخ الكوفة - نسخه متنی

حسین بن احمد براقی؛ محققین: ماجد عطیه، محمد صلدق آل بحرالعلوم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: تاريخ الكوفة
المؤلف: السيد البراقي
الجزء:
الوفاة: 1332
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق: تحقيق ماجد أحمد العطية / استدراكات السيد محمد صادق آل بحر العلوم المتوفي 1399 ه‍
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1424 ه‍ / 1382 ش / شريعت
المطبعة:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ردمك: 6-00-8163-964
ملاحظات:
تاريخ الكوفة
المؤرخ الشهير
السيد حسين ابن السيد أحمد البراقي النجفي
المتوفى سنة 1332 ه‍. ق
استدراك
السيد محمد صادق آل بحر العلوم
المتوفى سنة 1399 ه‍. ق
تحقيق
ماجد بن أحمد العطية

1
بسم الله الرحمن الرحيم
الكتاب:... تاريخ الكوفة
المؤلف:... السيد حسين ابن السيد أحمد البراقي النجفي
الناشر:... انتشارات المكتبة الحيدرية
عدد الصفحات والقطع:... 616 صفحة وزيري
الطبعة:... الأولى
عدد المطبوع:... 1500 نسخة
سنة الطبع:... 1424 ه‍. ق _ 1382 ش
المطبعة:... شريعت
السعر:... 3500 تومان
شابك: 6 _ 0 0 _ 8163 _ 964 ISBN: 964 _ 8163 _ 0 0 _ 6

2
مقدمة التحقيق
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله الأطهار، والحمد لله
سابغ النعم، والشكر لله ذو الجود والكرم، وبعد:
من ألطاف الله عز وجل علينا أن وفقنا للعمل في حقل التراث الإسلامي
المبارك، وجعل مدادنا يخالط مداد العلماء الكبار الذين حملوا راية الدين والهدى،
وجعلنا ممن يساهم في إحياء ذكرهم وعلمهم، وهذا وحده مما لا يسعه شكر ولا
يحده ثناء.
ونقدم خالص شكرنا وتقديرنا لسماحة الأستاذ أبي زينب الكتبي صاحب
انتشارات المكتبة الحيدرية، الذي بادر بفكرة تحقيق هذا الكتاب القيم الذي يعد
مصدرا من المصادر الإسلامية المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنه، خدمة للمكتبة
الإسلامية.
ونكتفي بما قدمه المحمدان الشبيبي والمظفر من ترجمة للمؤلف ومقدمة
للكتاب، ونقدم اليوم بين يدي القراء الكرام هذا المصدر التاريخي - تاريخ الكوفة -
بهذه الحلة الجميلة المحققة والمزدانة بالصور والفهارس، تسهيلا للقراء الكرام،
معتمدين في تحقيقه على النسختين المطبوعتين بالمطبعة الحيدرية للمكتبة
المرتضوية في النجف الأشرف، والنسخة الأولى منه طبعت في سنة 1356 ه‍ ق
وتقع في 463 صفحة، والثانية سنة 1379 ه‍ ق وتقع في 448 صفحة، وثبتنا نصا
صحيحا من النسختين، وأسمينا الطبعة الأولى منه: المطبوع الأول، والطبعة الثانية:
المطبوع الثاني، وكلمة المطبوع عنينا بها كلا الطبعتين، وقمنا بكافة مراحل التحقيق
التي بذلنا فيها جهدنا، وأبقينا أكثر ما دونه السيد محمد صادق بحر العلوم (رحمه الله) في
الهامش، آملين أن نوفق لخدمة ديننا المبارك الحنيف، سائلين المولى أن يتقبل منا
ويوفقنا لما فيه الخير والصلاح إنه نعم المولى ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد
لله رب العالمين.
ماجد بن أحمد العطية

3
كلمة الناشر
هذا الكتاب واحد من المؤلفات القيمة والكتب النفيسة، التي قامت بنشرها
مكتبتنا ومطبعتها في النجف الأشرف على عهد والدنا الشيخ محمد صادق
الكتبي (رحمه الله)، فقد عنى في حياته بمجموعة نادرة من كتب التاريخ والأدب والكلام
والرجال وغيرها، فبذل على اخراجها ووفق إلى خدمة المكتبة العربية خدمة تذكر
فتشكر.
وكان من عناية الله به وفضله علينا، أن وفقنا لاقتفاء أثره واتباع طريقته في
الاهتمام لتلك الآثار الخالدة التي تركها سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، فقد تمكنا
من إحياء مجموعة كبيرة منها وحلنا دون ضياعها أو تلفها، ويبلغ عدد الكتب التي
أخرجتها (المكتبة الحيدرية ومطبعتها) على نفقتها الخاصة نحو (1500) مجلد بين
كبير وصغير، وقد نشر فهرستها في آخر (فرق الشيعة) وتلك نعمة تستوجب الشكر
لله تعالى.
وهذا الكتاب - تاريخ الكوفة - مما نشرته المكتبة سنة 1356 ه‍ (ثم أعدنا
طباعته في سنة 1379 ه‍) ولما كان من الآثار المهمة والمصادر الموثوق بها تلاقفته
الأيدي بوقته، ولم تمض عليه مدة حتى نفد من الأسواق، أما في هذه الأواخر فقد
ندر وجوده فلا تكاد تقع العين عليه إلا في بعض المكتبات العامة والخاصة، لذلك
تصدينا لإعادة طبعه لنجعله في متناول أيدي الباحثين وأهل الفن، ونحن نقدمه إلى
القراء آملين أن نكون قد حققنا لهم رغبة وأسدينا لهم خدمة والله تعالى هو الموفق.
الناشر
محمد كاظم الكتبي
مدير المكتبة الحيدرية

5
ترجمة المؤلف
بقلم الأستاذ العلامة الكبير
الشيخ محمد رضا الشبيبي (1)
1 - نشأته وتحصيله:
ما زلت تلهج بالتاريخ تكتبه * حتى رأيناك بالتاريخ مكتوبا
من مؤرخينا الذين خدموا تاريخ هذه البلاد وخططها إجمالا، بما أثبتوه من الأحداث
التي أدركوها وأفاقوا عليها، وبما ضموه إلى ذلك، مما استخرجوه من بطون الدفاتر
والآثار، أو ما نقبوا عنه بين الجنادل والأحجار، المؤرخ العراقي الكبير السيد حسين
ابن أحمد بن إسماعيل بن زيني الحسني النجفي الشهير بالبراقي.
ولد في النجف سنة 1261 ه‍ أو بعدها بسنة، ومال منذ نعومة أظفاره إلى
البحث والعلم وذويهما، مباينا جميع أفراد أسرته في ذلك، وأولع بالتاريخ خاصة
كأنما جبل على استقراء الحوادث وتتبع الأحداث، فجلس إلى العلماء، واختلف
إلى أندية المعمرين من أهل العلم والخبرة، واستفاد مما يدور على ألسنتهم غير ما
كان يتقدم إلى السؤال عنه بنفسه، وقد نشأ واعيا جيد الانتباه، فكانت تسترعي
التفاته كل واقعة تقع حوله، فيبادر إلى تدوينها وهي على طرف التمام منه، سوى ما
كان ينتهي إليه من جوائب أخبار البلاد النائية، فكان يقيد أكثر ذلك ويحصيه حتى لا
يفوته منه شئ، ومن محاسن الاتفاق أنه عمر طويلا وسبق له الاشتغال بالتدوين
والتقييد منذ مراهقته، فعظمت مجموعة ما أحصاه من الوقائع التاريخية التي رافقت
أيامه، عدا ما استخرجه من بطون الدفاتر والآثار، وقد كان عاكفا على جمع الكتب
والنظر فيها، لا سيما ما كان منها تاريخيا، وكان تخلف حاله وقلة ماله يمنعانه من
اقتنائها، فالتجأ إلى انتساخ ما يحتاجه من الأسفار حتى انتسخ بيده بعض
المطبوعات، لما لم يتهيأ له الاحتواء عليها، فورق لنفسه بنفسه مكتبة صغيرة فيها



1 - نقلا عن مجلة الاعتدال النجفية: 1 / 113 - 117.
7
جملة من الآثار المهمة النادرة، وقد أفادته الوراقة وانتساخ الكتب فائدة
مزدوجة، وذلك أنه استنفض جميع ما ورقه من الكتب بالمطالعة، فاتسعت مادته
التأريخية من هذه الناحية، أضف إلى ذلك وقوفه في دور الكتب - وما أكثرها في
عهده - على كثير من الأمهات المطبوعة والمخطوطة، فعكف على مطالعتها
بحذافيرها حتى استخرج حقائق تأريخية كثيرة مما لا مظنة للتاريخ فيه من كتب الفقه
والحديث والرجال، فدل على عظم اجتهاده ومضاء عزيمته، كما تسنى له التطواف
في رقعة عريضة من سواد العراق، فشاهد طائفة من المعالم والأطلال العراقية
القديمة حيث قرن العلم بالعمل فيها، ثم لما كان ممن يميل إلى الاتساع في تاريخ
العراق - من بعد انقراض الدولة العباسية - لا مناص له من التعويل على اللغة الفارسية
إذ أن شطرا من تاريخ بلادنا إذ ذاك مدون بلغة الفرس، لقيام الدولة الأجنبية الصرفة
على أنقاض الدولة العباسية، فقد مال البراقي إلى تتبع كتب التاريخ الفارسية بغية
الاستفادة مما دون فيها من تاريخ العراق.
وبالجملة كان جل همه مصروفا إلى التاريخ، فلذلك استقل واختص فيه ولم
يشارك في شئ سواه من العلوم والفنون... اللهم إلا في علمي الأنساب والرجال
لاتصالهما بذلك الفن، فقد ضرب إليهما مؤرخنا بعرق عريق، وقد كان ضيق العطل
في اللغة العربية زهيد البضاعة في الإنشاء والترسل، فلا مطمع لعشاق البلاغة
والفصاحة في شئ من آثاره، لأن لغته في أكثرها نمط وسط بين لغة العامة
والفصحاء، وفي آثاره أيضا كثير من الحشو الذي لا يوافقه عليه ذوو العقول النيرة في
هذا العصر، وفيها أيضا ما فيها من الخطأ في الاجتهادات والاستنتاجات
التأريخية، دع عنك ما يغلب عليها شأن أكثر الكتب القديمة من التشويش وسوء
الترتيب والتبويب إلى هذا ونحوه، على أن ذلك بأجمعه لا يغض من منزلة كتبه
وآثاره الخطيرة بالقياس إلى فوائدها الجليلة.
2 - أخلاقه وأحواله:
كنا خلال أيام الطفولة نكثر من الاختلاف إلى دار إقامة السيد البراقي في النجف
للاستظهار من القرآن المجيد، فكانت داره لا تخلو من غروس مخضرة ومن شجرة
ونخيلة قائمة، وهناك شويهة مرتبطة، وها هنا وحشية مقتنصة، وثم طويرات جميلة
تتطاير في فضاء الدار أو تتدافع في ساحتها الواسعة، يتعهدها شيخ مشرق الوجه

8
باسم الثغر نحيف إلى الطول والسمرة، وكل ما يبدو لك في الدار يدل على لطف
الطبع، واجتناب التكلف، والميل إلى الحياة في مظاهرها الفطرية الصحيحة، وكان
البراقي مع ذلك رقيق القلب جم المروة، منفاقا على عياله الكثيرين، ممتعضا متبرما
من أخلاق معاصريه، لا سيما الطبقة التي انتظم في سلكها، وطالما شكا في مؤلفاته
مما تسرب إلى بيئته إذ ذاك من مساوئ غريبة لا تتفق مع ما طبع عليه العربي الصريح
من شيم محمودة وأخلاق فاضلة، حتى حمله ذلك على الانتزاح إلى قرية من قرى
السواد، هي قرية اللهيبات، إحدى قرى الحيرة وذلك في حدود سنة 1320
ه‍، فأقام فيها على نكد من العيش وضيق المكسب، يستغل هو وأولاده ضيعة
صغيرة تفاديا من مسألة اللئام، إلى أن توفي (رحمه الله) في ضيعته المذكورة، وذلك في
شعبان سنة 1332 ه‍.
كان أيضا على جانب لا يستهان به من قوة الحافظة وجودة الذكر وحضور البال
وكثرة التتبع والاستقراء، إلى هذا ومثله من مزايا المؤرخين على الإجمال، كما يظهر
ذلك مما تركه من الآثار الكثيرة تأليفا وانتساخا، مع قلة ذات يده، وانصرافه إلى
تدبير معاشه، وقد اتفقت لنا زيارته في ضيعته سنة 1331 - أي قبل وفاته بسنة -
وذلك بعد غياب طويل لمشارفة بعض كتبه التي لم يسبق لنا الاطلاع
عليها، ولمذاكرته في بعض المسائل التاريخية التي عرف بالتنقيب عنها في بعض
جهات العراق.
3 - مؤلفاته وآثاره:
تربو مؤلفات المؤرخ البراقي (رحمه الله) على ثمانين مجلدا رأينا أهمها بخط يده، ولم
يطبع منها شئ على ما نعلم إلى الآن، وهي نتيجة أبحاثه وتتبعه مدة عمره، وفيها
مادة تاريخية غزيرة على علاتها إجمالا، وقد رمى في بعض مؤلفاته المذكورة إلى
أغراض إصلاحية نسله، ومن ذلك أنه أزاح الستار عن حقيقة كثير من القبور
والمزارات المنتشرة في قرى السواد المنسوبة إلى بني الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)
وبناتهم، وأشار إلى أن الأصل في معظمها من عمل المرتزقة الذين يستغلون جهل
العامة، قال: ويوجد أمثال هذه المزارات في الشام والحجاز وأكثرها مصنوع، وقد
أورد ذلك في مجموعة الحكايات، وهي إحدى مجاميعه، وإليك قائمة بأسماء

9
مؤلفاته:
1 - بهجة المؤمنين في أحوال الأولين والآخرين، أربع مجلدات ضخمة كبيرة
وهو تاريخ عام انتهى به إلى أيامه.
2 - قلائد الدرر والمرجان فيما جرى في السنين من طوارق الحدثان. تاريخ
أيضا في مجلد واحد عول فيه على كتب نادرة.
3 - براقية السيرة في تحديد الحيرة، وفيه فصول تاريخية قيمة عن الحيرة، ومنه
يستدل على أنه كان مطبوعا على التنقيب عن تاريخ العراق وآثاره القديمة.
4 - كتاب الحنانة والثوية، رسالة لطيفة في تحقيق هذين الموضعين.
5 - الجوهرة الزاهرة في فضل كربلاء ومن حل فيها من العترة الطاهرة، مجلد
واحد وفيه مادة تأريخية عن كربلاء.
6 - السيرة البراقية في رد صاحب التحفة العنبرية، في الأنساب.
7 - عقد اللؤلؤ والمرجان في تحديد أرض كوفان ومن سكن فيها من القبائل
والعربان (1). مجلد واحد، وهو من أمتع آثاره ومن أوعى ما كتب عن الكوفة، وقد
ألم فيه بتاريخها القديم والحديث إلى أواخر أيامه.
8 - اليتيمة الغروية في الأرض المباركة الزكية، وهو تاريخ للنجف.
9 - النخبة الجلية في أحوال الوهابية، وفيه تاريخ ظهورهم ووقائعهم في العراق
وغيره.
10 - كتاب قريش وأحوالهم.
11 - كتاب بني أمية وأحوالهم.
12 - إكسير المقال في مشاهير الرجال.
13 - منبع الشرف، رسالة في مشاهير علماء النجف، وقد استعيرت منه نسخة
الأصل لهذا الكتاب ولم تعد إليه من قبل المستعير، كما ذكره لنا بحينه.
14 - تغيير الأحكام فيمن عبد الأصنام.
15 - كشف النقاب في فضل السادة الأنجاب.
16 - الهاوية في تاريخ يزيد بن معاوية.



1 - وهو هذا الكتاب الذي بأيدينا.
10
17 - معدن الأنوار في النبي وآله الأطهار (عليهم السلام).
18 - البقعة البهية، مختصر في تاريخ الكوفة الزكية.
19 - السر المكنون في الغائب المصون، وهو رد على الجهلاء الذين عينوا زمان
ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) زاعمين أننا في آخر زمان.
20 - ارشاد الأمة في جواز نقل الأموات إلى مشاهد الأئمة (عليهم السلام).
21 - كشف الأستار في أولاد خديجة من النبي المختار (صلى الله عليه وآله).
22 - رسالة في تاريخ الشيخ المفيد (رحمه الله).
23 - رسالة في السهو والنسيان وهل ثبتا للنبي (صلى الله عليه وآله) وكثير غير ذلك.
هذا وقد حملت مؤلفاته المذكورة في جملة ما حمل من كتبه ومعظمها بخط
يده وذلك من قبل ورثته، وهم يجهلون الاحتفاظ بالآثار، وذلك لينادي عليها في
سوق الكتب في النجف، وذلك في شوال سنة 1333، فداخلنا لذلك من الغم شئ
عظيم لعلمنا بما ستصير إليه حال هذه الكتب إذا احتوى عليها منتحلو الآثار وما
أكثرهم في هذه الديار، وكان ذلك آخر عهدنا بها، ففي ذمة التاريخ.

11
المقدمة
بقلم العلامة الأستاذ الشيخ محمد رضا المظفر
عميد كلية الفقه في النجف الأشرف
ما أعظم تاريخ الكوفة وما أجل ما أبقته لنا من آثار أدبية وعلمية لا تنسى مدى
الدهر، مصرها الإسلام في إبان نهضته الكبرى، وفي زمان كان يقفز بأجنحة من
الإيمان ليحلق على العالم كله بهدايته، ويكتسح جبابرة الكفر وطواغيت
الشرك، لقد كان وهو يناطح مملكة فارس العظيمة يبحث جيشه عن مقر للقيادة
العامة تتوفر فيه شروط الصحة والراحة، فرحبت به هذه الأرض (أرض كوفان) وهي
ضاحكة له بسمائها المجلوة، ومائها العذب، ونسيمها الساحر الذي يتألف من نسيم
السواد المبلول وهبوب الصحراء الجافة، وأصبحت (كوفة الجند)... وهذا مبدأ
تكونها التاريخي.
ولكن جامعها العظيم هو قلب الكوفة النابض، أو المركز الجذاب لدائرة الجند
العربي، فلف حوله هذا الجند الفاتح الفخور بقوته وإيمانه، والذي يتمثل في هذه
القبائل العربية، فراحت كل قبيلة تلتمس في هذا الجامع فخرا إلى فخر، أو ميزة
لعزها بالاختصاص بأحد جوانب الجامع الأعظم، فأصبحت الكوفة (كوفة القبائل)
أيضا، وقسمت إلى أرباعها المعروفة، كل ربع إلى جانب من الجامع تختص به عدة
قبائل، وكان أحظاها هاتي التي اختصت بالجانب الشرقي أفضل جوانب
المسجد، وهم قبائل اليمن، وقسمت بعد ذلك إلى محلاتها السبع.
فمرت عليها - بحكم ضرورة التقدم - أطوار العمران، من مضارب وخيم، إلى
دور بنيت باللبن غير المشوي فأنشأت الشوارع والسكك، إلى دور وقصور بنيت
بالآجر، وهذا حديث شيق يغري المؤرخ على البحث والتنقيب.
ولما تمصرت الكوفة على هذا النحو أصبحت مركزا للسياسة الإسلامية
وعاصمة للخلافة، فمرت عليها - بتأثير مركزها - أدوار متناقضة هي جملة أدوار
الإمبراطورية الإسلامية، فمنيت بحروب وحوادث محزنة ومدهشة، كل هذا ما

13
جعل لها منزلتها التاريخية اليوم وفي كل يوم التي ترتبط بتاريخ تطورات الإسلام في
أهم عصوره وأدق ظروفه، والتي تستهوي غواة التتبع والبحث.
ثم لم ترض بذلك حتى جعلت لها مركزا للأدب والعلم - نتيجة لمركزها
السياسي - هو الوحيد بين البلاد الإسلامية، ما عدا البصرة يومئذ التي تنازعها هذه
المنزلة فيتصارعان ويتجاولان، وكثيرا ما جر هذا التحزب إلى الخلاف في الآراء
العلمية والأبحاث الأدبية، ولا زلنا نسمع قال الكوفيون وقال البصريون.
فكانت الكوفة أيضا كوفة العلم والأدب، أو مدرسة الثقافة الإسلامية الجامعة
وهذا ما زاد في قيمتها التاريخية بآثارها العلمية والأدبية، وبما أنجبت من علماء
وأدباء وشعراء، هم مفاخر التاريخ الإسلامي في أهم أدوار نهضته الثقافية.
كلنا يعرف عن الكوفة شيئا من أهميتها التاريخية في هذه النواحي التي تقدمت
- وفي نواح أخرى تعرفها في غضون هذا المؤلف الذي بين أيدينا - ولكنا لم نعرفها
في مؤلف واحد جمع شتات تأريخها على ما بها من مغريات للباحثين
والمؤرخين، وإنما التاريخ الإسلامي في أدواره التي مرت، والكوفة مركز حركته
السياسية والعلمية والأدبية بل التجارية، يعطينا فكرة عامة مشوشة عنها تحتاج إلى
التنظيم والتنسيق، ولا يزال كثير من نواحيها يحتاج إلى تدقيق عميق وبحث طويل
في المصادر التاريخية المنوعة، وفي مواقع متفرقة في كتب اللغة والحديث والأدب
والرجال والبلدان التي لا تحصى، فما أشرف الناس إلى مؤلف يشبع نهمتهم في
تاريخ هذه البلدة القديمة، ولماذا غفل المؤرخون عن هذه النقطة الأخاذة.
نعم، سمعنا وقرأنا عن بعض المؤلفات القديمة التي طواها الدهر معه وضن بها
على الباحثين، فلم تبق لها عين ولا أثر، منها:
1 - تاريخ الكوفة، لأبي الحسين محمد بن جعفر المعروف بابن النجار الكوفي
المتوفى في سنة 402 ه‍ ذكره في كشف الظنون.
2 - تاريخ الكوفة، لابن مجاهد المعروف، ذكره في كشف الظنون أيضا.
3 - كتاب الكوفة وما فيها من الآثار والفضل، للنجاشي صاحب كتاب الرجال
المشهور، ذكر في ترجمته.
4 - كتاب في المزار وفضل الكوفة ومساجدها، لجعفر بن الحسن بن شهريار
المتوفى في سنة 340 ه‍، ذكره النجاشي المتقدم في رجاله.

14
ولما ألقى المستشرق الفرنسي المشهور المسيو ماسنيون محاضرته عن الكوفة
في الجامعة المصرية، لفت الأنظار إلى هذا الموضوع التاريخي المهم، وكان لها وقع
جميل في نفوس المثقفين، مما دل على شغف الناس في تعرف تاريخ الكوفة هذه
البلدة القديمة، وليس هذا مما يشفي العليل وينقع الغلة، أين المحاضرة الواحدة
مهما كان صاحبها من تاريخ هذه البلدة العظيمة الكبيرة التي امتدت عدة
قرون، شعلة من حروب وحركات سياسية وأدبية وعلمية إلى أن انطفأت مرة
واحدة، على أنا لا نزال بحاجة إلى كتاب قديم يصح أن نعول عليه كسند تاريخي
نحتج به.
إذن بماذا نسد هذه الحاجة، وأين لنا بالكتاب الذي يطمئن رغبة المولعين
بالآثار القديمة؟
أظن - لأدنى تفكير - يذهب فكر القارئ لينجو من هذه الحيرة إلى اقتراح جمع
المتفرقات فيما يخص الكوفة المبثوثة في غضون الكتب المتنوعة، فتؤلف تأليفا
منسقا في كتاب واحد على شريطة ألا يقحم رأي المؤلف بين آراء القدماء، ولا
يتصرف بأكثر من نقل أقوالهم وتنظيمها، وبذلك يهيأ كتاب قديم في أقواله وآرائه كما
نروم، وإن كان حديثا في جمعه، فيتمكن به الباحث أن يصل إلى الحقائق مع
الوقوف على حفريات الأثريين الحديثة، ويحقق الغرض الذي من أجله يعني
المحققون بالكتب القديمة.
ولكن هل يظن المقترح أن من السهل تلبية مثل هذا الاقتراح؟ وكم تراه يحتاج
إلى مجهود عظيم وسبر طويل في بطون الكتب التي لا حد لها، وكم يحتاج إلى أمانة
في النقل ودقة في الملاحظة وإتقان في الوضع.
ومن حسن الصدف أو من توفيق الباحثين أن يلبي هذا الاقتراح قبل وقوعه،
فيخرج لنا العلامة الأستاذ السيد محمد صادق آل بحر العلوم (1) هذا الكتاب الذي



1 - وهو أحد أعلام أسرة بحر العلوم العريقة، والتي عرفت بالعلم والتقوى، ونسب نفسه
بأرجوزته:
وبعد جاء في الصحيح المسند * عن النبي المصطفى محمد
بأن كل سبب ونسب * ينبت إلا سببي ونسبي
فاستمعن يا أيها الخل الوفي * نظم الفقير الفاطمي الأشرف
أرجوزة سمت على الجوزاء * إذا قد حوت لنسب الآباء
أنهيت فيها لعلي نسبي * أربعة بعد ثلاثين أبي
مبتدأ بوالدي المهذب * وفقه الله لنيل الأرب
وهو سمي المجتبى الزكي الحسن * ذا شبل إبراهيم صاحب المنن
نسل الحسين بن الرضا بن المهدي * حليف سؤدد ربيب المجد.
وينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن
المجتبى (عليه السلام)، وعرف السيد محمد صادق بحر العلوم بأنه صاحب التأليفات والتحقيقات
المشهورة والكثيرة، ومن تأليفاته: السلاسل الذهبية، والمجموع الرائق، ولؤلؤة البحرين،
ودليل القضاء الشرعي، وغيرها كثير، أما تحقيقاته فهي كثيرة جدا، منها: رجال الطوسي،
الفهرست للطوسي، فرق الشيعة، تاريخ اليعقوبي، رجال ابن داود، رجال الخاقاني، وغيرها
كثير، وأما الكتب التي صدرها بمقدمة فهي كثيرة جدا، توفي سنة 1399 ه‍ ق.
وللتفصيل راجع ترجمته في الفوائد الرجالية: 1 / 173 - 177 رقم 6.
15
بين أيدينا من تأليف الفاضل المرحوم السيد حسين البراقي، ذلك المؤلف الشهير
المشكور على تنبهاته لكثير من المواضيع التاريخية التي لم يطرقها غيره من
المؤلفين، وعنايته الخاصة بها، ولا تزال مؤلفاته المخطوطة بمكتبات النجف
مصدرا نافعا لتاريخ النجف وعلمائها يعتمد عليها، ومن مؤلفاته الثمينة المبتكرة له
هذا الكتاب (تاريخ الكوفة) الذي قد سمعت حاجة الباحثين إلى مثله وفقدان
المؤلفات القديمة التي سمعنا عنها ولم نرها.
وقد وفى هذا المؤلف بشرط المقترح، فجمع أقوال العلماء المتقدمين
والأحاديث والسنن كما هي، ليوقفك على إضمامة من تاريخ الكوفة لا تستطيع أن
تقف عليها في غير هذا الكتاب مجموعة.
ولما كان الكتاب الأصلي غير واف باستقصاء تاريخ الكوفة، انبرى له صديقنا
الأستاذ السيد محمد صادق آل بحر العلوم، فزاد فيه زيادة ذات شأن يذكر
فيشكر، ونقحه تنقيحا زاد في جماله وقيمته التأريخية، حتى أصبح كتابا مشتركا
بينهما، وإذا كان قد نسبه إلى مؤلفه الأصلي، فلأجل الاعتراف بفضل المتقدم
و إبتكاره للموضوع الذي كان أساسا متينا بني عليه هذا الكتاب، فخرج وافيا
بالغرض.

16
وتعرف تصرفاته وزياداته على الأكثر في أواسط الكتاب وأواخره، إذ تشم أن
الأسلوب قد تغير، لما لم يتفق له مؤلف في عصر السيد البراقي، ويتجلى ذلك لك
عندما تقرأ المنقول عن المؤلفات التي طبعت أو عن المقالات التي أنشأت بعد
البراقي بسنين كثيرة.
ولا يسعني إلا أن أعظم مجهود صديقي الأستاذ، وتحرياته الثمينة وتنقيباته عن
كل شاردة وواردة، بما لم يتفق له باحث غيره، ولئن زج بعض محاكماته التاريخية
وآرائه الخاصة أحيانا، فتلك ضرورة البحث تدعوه وإلا فهو محتفظ بشرط
المقترح، ينقل لنا أقوال المتقدمين وآراء المتأخرين كما هي، فأعطانا أثمن مجموعة
نادرة في هذا الموضوع.
ومن المواضيع التي استقل بها وحده في هذا الكتاب ولم يكن لها أساس في
الأصل: معجم أسماء الكوفة وقرائها ومحلاتها وما يتعلق بها من النواحي والبقاع
والديارات والقصور... الخ، ومعجم نقبائها وقضاتها وولاتها وتاريخ حوادثها وفتنها
وغير ذلك كثير.
فأرجو لكتابه التوفيق وأداء الغاية التي جمع لأجلها.
النجف الأشرف
محمد رضا المظفر

17
خارطة الكوفة القديمة

18
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والسماوات والأرضين،
أحمده وأستعين به، وأصلي على نبيه وأمينه محمد سيد المرسلين، وعلى آل بيته
الطيبين الطاهرين، سادات الأولين والآخرين، الذين بولايتهم ومودتهم يكمل الدين
و نعد من المؤمنين.
أما بعد:
فيقول المفتقر إلى رحمة ربه الغني، حسين بن أحمد الحسني، الشهير بالسيد
حسون البراقي النجفي عامله الله بلطفه الخفي: لما فرغت من تأليف كتاب البقعة
البهية فيما ورد في مبدأ الكوفة الزكية، وذكرت فيه فضل الكوفة وفضل مسجد
سهيل وما ورد فيهما وأعمالهما، وغير ذلك من تحديدها، وبنائها، ونزول القبال
فيها وخرابها، أحببت أن أذكر فيها رسالة مختصرة نافعة لمن نظر فيها، وأن أبين أن
الكوفة قديمة لا سيما مسجدها.

19
فضل مسجد الكوفة
إن مسجد الكوفة أقدم من كل المساجد عدا بيت الله الحرام، كما ورد في
الأخبار المأثورة في كتب السير والتواريخ.
وورد أنه كان معبد الملائكة من قبل خلق آدم، وأنه البقعة المباركة التي بارك الله
فيها، وأنه معبد أبينا آدم وما بعده من الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) ومعبد الأولياء
و الصديقين، وأن من فضله عند الله أن المسافر حكمه التقصير في الصلاة إلا في
أربعة مواضع: أحدها مسجد الكوفة، فله التخيير في القصر والإتمام.
وقد وردت في فضل مسجد الكوفة أخبار كثيرة، وأن جميع فقهائنا ممن ألف
و صنف من عصر الأئمة إلى عصرنا، ذكرها وذكر فضلها وشرفها وما لمن تعبد في
مسجدها، وكذلك ذكرها أهل السير والتواريخ من الخاصة والعامة، وأطنبوا في
ذكرها وما في مسجدها من المزية على سائر المساجد عدا بيت الله الحرام ومسجد
النبي (صلى الله عليه وآله).
مسجد الكوفة
قال المجلسي في الجزء الثاني والعشرين من البحار بحذف الإسناد: عن حبة
العرني وميثم الكناني قالا: أتى رجل عليا (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين إني تزودت

20
زادا وابتعت راحلة وقضيت ثباتي - أي حوائجي - وأريد أن أنطلق إلى بيت
المقدس.
قال له (عليه السلام): «انطلق فبع راحلتك وكل زادك وعليك بمسجد الكوفة، فإنه أحد
المساجد الأربعة، ركعتان فيه تعدلان كثيرا فيما سواه من المساجد، والبركة منه
على رأس اثني عشر ميلا من حيث ما جئته، وقد ترك من أسه ألف ذراع، ومن
زاويته فار التنور، وعند الأسطوانة الخامسة صلى إبراهيم الخليل، وصلى فيه ألف
نبي وألف وصي، وفيه عصا موسى وخاتم سليمان، وشجرة اليقطين، ووسطه
روضة من رياض الجنة، وفيه ثلاثة أعين يزهرن، عين من ماء، وعين من دهن،
وعين من لبن، أنبتت من ضغث تذهب الرجس وتطهر المؤمنين، ومنه مسير لجبل
الأهواز، وفيه صلى نوح النبي، وفيه أهلك يغوث ويعوق، ويحشر منه يوم القيامة
سبعون ألفا ليس عليهم حساب ولا عذاب، جانبه الأيمن ذكر وجانبه الأيسر مكر،
ولو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه (حبوا)» (1).
وروى المجلسي أيضا: بالإسناد عن حماد بن زيد الحارثي قال: كنت عند
جعفر بن محمد (عليه السلام) والبيت غاص من الكوفيين فسأله رجل منهم: يا بن رسول الله
إني ناء عن المسجد وليس لي نية الصلاة فيه.
فقال: «أئته، فلو يعلم الناس ما فيه لأتوه ولو حبوا».
قال: إني أشتغل.
قال: «فأته ولا تدعه ما أمكنك، وعليك بميامنه مما يلي أبواب كندة، فإنه
مقام إبراهيم، وعند الخامسة مقام جبرئيل، والذي نفسي بيده لو يعلم الناس من
فضله ما أعلم لازدحموا عليه» (2).
وفي محاسن البرقي والبحار: بالإسناد عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد
الله (عليه السلام): «كم بينك وبين مسجد الكوفة يكون ميلا؟»



1 - بحار الأنوار: 79 / 394 - 395 ح 28، وكذا: الكافي: 3 / 491 ح 2، التهذيب: 3 / 1
251 ح 9، كامل الزيارات: 80 ح 76، المزار للمشهدي: 127 ح 8، وما بين القوسين أثبتناه
من المصادر.
2 - بحار الأنوار: 79 / 395 ح 30، وكذا: فضل الكوفة ومساجدها للمشهدي: 35،
والمزار: 129 ح 10، ومستدرك الوسائل: 3 / 409 ح 1.
21
قلت: لا.
قال: «فتصلي فيه الصلاة كلها؟»
قلت: لا.
قال: «أما لو كنت حاضرا بحضرته لرجوت أن لا تفوتني فيه صلاة، أوتدري
ما فضل ذلك الموضع؟
ما من نبي ولا عبد صالح إلا وقد صلى في مسجد الكوفة، حتى أن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى السماء قال له جبرئيل (عليه السلام): أتدري أين أنت يا محمد
الساعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان.
قال: فاستأذن لي أصلي فيه ركعتين.
فنزل فصلى فيه، وأن مقدمه لروضة من رياض الجنة وميمنته وميسرته لروضة
من رياض الجنة، وأن وسطه لروضة من رياض الجنة، وأن مؤخره لروضة من
رياض الجنة، والصلاة فيه فريضة تعدل بألف صلاة والنافلة فيه بخمسمائة
صلاة» (1).
وذكر في الأمالي: بالإسناد عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ما مر
آنفا، وزاد في آخره: «وإن الجلوس فيه بغير صلاة ولا ذكر لعبادة، ولو علم الناس ما
فيه لأتوه ولو حبوا» (2).
وفي الأمالي والبحار: بالإسناد عن محمد بن الحسن، عن هارون بن خارجة
قال: قال لي الصادق (عليه السلام): «كم بين منزلك وبين مسجد الكوفة؟»
فأخبرته، قال: «ما بقي ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح دخل الكوفة
إلا وصلى فيه، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر به ليلة أسري به فاستأذن له الملك فصلى فيه
ركعتين، والصلاة فيه الفريضة بألف صلاة، والنافلة فيه بخمسمائة صلاة،
والجلوس فيه من غير تلاوة قرآن عبادة، فأته ولو زحفا» (3).
وفي تفسير العياشي والبحار أيضا: عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد



1 - المحاسن: 1 / 59 ح 86، بحار الأنوار: 79 / 398 ح 39.
2 - أمالي الطوسي: 429 ح 957، وكذا: الكافي: 3 / 491 ح 1، كامل الزيارات: 73 ح 6.
3 - أمالي الطوسي: 428 ح 14، أمالي الصدوق: 469 ح 4، البحار: 80 / 359 ح 11.
22
الله (عليه السلام): «يا هارون كم بين منزلك وبين المسجد (1) الأعظم؟»
فقلت: قريب.
قال: «يكون ميلا؟»
فقلت: لكنه أقرب.
قال: «فما تشهد الصلاة كلها فيه؟»
فقلت: لا والله جعلت فداك ربما شغلت.
فقال لي: «أما إني لو كنت بحضرته ما فاتني فيه الصلاة».
ثم قال هكذا بيده: «ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح إلا وقد
صلى في مسجد كوفان، حتى محمد (صلى الله عليه وآله) ليلة أسري به جبرئيل فقال: يا محمد
هذا مسجد كوفان.
فقال: استأذن لي حتى أصلي فيه ركعتين.
فاستأذن له فهبط به وصلى فيه ركعتين.
ثم قال: أما علمت أن عن يمينه روضة من رياض الجنة، وعن يساره روضة
من رياض الجنة، أما علمت أن الصلاة المكتوبة فيه تعدل ألف صلاة في غيره،
والنافلة فيه بخمسمائة صلاة، والجلوس فيه من غير قراءة قرآن عبادة».
ثم قال - هكذا بإصبعه فحركها -: «ما بعد المسجدين أفضل من مسجد
كوفان» (2).
وفي الأمالي والبحار: بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاء رجل إلى أمير
المؤمنين (عليه السلام) وهو في مسجد الكوفة فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة
الله وبركاته.
فرد عليه السلام فقال: جعلت فداك إني أردت المسجد الأقصى فأردت أن
أسلم عليك وأودعك.
فقال: وأي شئ أردت بذلك؟
فقال: الفضل جعلت فداك.
قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد، فإن الصلاة المكتوبة فيه



1 - في المطبوع زيادة: (الكوفة).
2 - تفسير العياشي: 2 / 277 ح 6، بحار الأنوار: 18 / 404 ح 109.
23
حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة، والبركة منه على اثني عشر ميلا، يمينه يمن
ويساره مكر، وفي وسطه عين من دهن وعين من لبن وعين من ماء شرابا للمؤمنين
وعين من ماء طهرا للمؤمنين، منه سارت سفينة نوح وكان فيه نسر ويغوث ويعوق
وصلى فيه سبعون نبيا وسبعون وصيا أنا أحدهم».
وقال بيده في صدره: «ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلا
أجابه الله وفرج عنه كربته» (1).
وفي الأمالي والبحار: بالإسناد عن إسحاق بن يزداد قال: أتى رجل أبا عبد
الله (عليه السلام) فقال: إني قد ضربت على كل شئ لي ذهبا وفضة وبعت ضياعي فقلت:
أنزل مكة؟
فقال: «لا تفعل فإن أهل مكة يكفرون بالله جهرة».
قال: ففي حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
قال: «هم شر منهم».
قال: فأين أنزل؟
قال: «عليك بالعراق الكوفة، فإن البركة منها على اثني عشر ميلا هكذا وهكذا
وإلى جانبها قبر ما أتاه مكروب قط ولا ملهوف إلا فرج الله عنه» (2).
وفي فرحة الغري والبحار: بالإسناد الطويل عن ابن البطائني عن صفوان عن
أبي أسامة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «الكوفة روضة من رياض
الجنة، فيها قبر نوح وإبراهيم وقبور ثلاثمائة نبي وسبعين نبيا وستمائة وصي، وقبر
سيد الأوصياء أمير المؤمنين (عليه السلام)» (3).
وفي تفسير العياشي والبحار: عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن
المساجد التي لها الفضل فقال: «المسجد الحرام ومسجد الرسول».
قلت: والمسجد الأقصى جعلت فداك؟
فقال: «ذاك في السماء إليه أسري رسول الله (صلى الله عليه وآله)».



1 - كامل الزيارات: 80 ح 19، بحار الأنوار: 97 / 403 ح 59، وقال العلامة المجلسي:
وأما العيون فستظهر فيها في زمن القائم (عليه السلام) كما يومي إليه بعض الأخبار.
2 - كامل الزيارات: 315 ح 9، بحار الأنوار: 96 / 83 ح 39 و 97 / 404 ح 60.
3 - فرحة الغري: 98 ح 45، بحار الأنوار: 97 / 404 ح 61.
24
فقلت: إن الناس يقولون: إنه بيت المقدس؟
فقال: «مسجد الكوفة أفضل منه» (1).
وفي الأمالي والبحار: بالإسناد عن الثمالي: أن علي بن الحسين (عليه السلام) أتى
مسجد الكوفة عمدا من المدينة فصلى فيه ركعتين، ثم جاء حتى ركب راحلته وأخذ
الطريق (2).
وفي البحار: بالإسناد إلى أبي حمزة الثمالي قال: بينا أنا قاعد يوما في المسجد
عند السابعة، إذا برجل مما يلي أبواب كندة قد دخل، فنظرت إلى أحسن الناس
وجها وأطيبهم ريحا وأنظفهم ثوبا، معمم بلا طيلسان ولا إزار، وعليه قميص
ودراعة (3) وعمامة، وفي رجليه نعلان عربيان، فخلع نعليه ثم قام عند السابعة ورفع
مسبحتيه حتى بلغتا (شحمتي) أذنيه ثم أرسلهما بالتكبير، فلم تبق في بدني شعرة
إلا قامت، ثم صلى أربع ركعات أحسن ركوعهن وسجودهن وقال: «إلهي إن كنت قد
عصيتك فقد أطعتك» إلى أن قال: «يا كريم» ثم خر ساجدا ثم رفع رأسه.
فتأملته فإذا هو مولاي زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)، فانكببت على يديه
أقبلهما، فنزع يده مني وأومأ إلي بالسكوت فقلت: يا مولاي أنا من عرفته في ولائكم
فما الذي قد أتى بك إلى ها هنا؟
قال: «هو ما رأيت» (4).
وفي الأمالي والبحار: بالإسناد عن الثمالي قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا
برجل عند الأسطوانة السابعة قائم يصلي يحسن ركوعه وسجوده، فجئت لأنظر
إليه، فسبقني إلى السجود فسمعته يقول: - ثم ساق الدعاء إلى أن قال: - ثم انفتل
وخرج من باب كندة، فتبعته حتى أتى مناخ (5) الكلبيين، فمر بأسود فأمره بشئ لم
أفهمه، فقلت: من هذا؟



1 - تفسير العياشي: 2 / 279 ح 13، بحار الأنوار: 18 / 385 ح 91.
2 - كامل الزيارات: 70 / ح 1، بحار الأنوار: 46 / 64 ح 24 و 97 / 389 ح 41.
3 - الدراعة: هو ثوب الصوف. مجمع البحرين: 2 / 26.
4 - بحار الأنوار: 97 / 388 ح 12، وكذا: فضل الكوفة: 77، وما بين القوسين أثبتناه من
المصادر.
5 - المناخ: مبرك الإبل. مجمع البحرين: 3 / 203.
25
فقال: هذا علي بن الحسين (عليه السلام).
فقلت: جعلني الله فداك ما أقدمك هذا الموضع؟
فقال: «الذي رأيت» (1).
وفي الأمالي والبحار: بالإسناد عن ابن نباتة قال: بينا (نحن) ذات يوم حول أمير
المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة إذ قال: «يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما
لم يحب به أحدا، ففضل مصلاكم وهو بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى
إبراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر ومصلاي، وأن مسجدكم هذا أحد المساجد
الأربعة التي اختارها الله عز وجل لأهلها، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين
شبيه بالمحرم، يشفع لأهله ولمن صلى فيه، فلا ترد شفاعته، ولا تذهب الأيام
حتى ينصب الحجر الأسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من
ولدي ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه
إليه، فلا تهجرن وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه، وارغبوا إليه في قضاء
حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا على
الثلج» (2).
وفي البحار: بالإسناد عن عبد الله بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبد الله
الحسين (عليه السلام) في زمان مروان فقال: «ممن أنتم؟»
فقلنا: من أهل الكوفة.
قال: «ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة لا سيما هذه العصابة، إن الله
هداكم لأمر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس وتابعتمونا وخالفنا الناس
وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا وأماتكم مماتنا، فأشهد على أبي
أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه
هكذا وأهوى بيده إلى حلقه، وقد قال الله عز وجل في كتابه: (ولقد أرسلنا رسلا من



1 - أمالي الصدوق: 389 ح 12، بحار الأنوار: 83 / 195 ح 2 و 97 / 390 ح 15.
2 - أمالي الصدوق: 298 ح 8، بحار الأنوار: 97 / 389 - 390 ح 14، وقال المجلسي:
نصب الحجر الأسود فيه كان في زمان القرامطة حيث خربوا الكعبة ونقلوا الحجر إلى مسجد
الكوفة ثم ردوه إلى موضعه ونصبه القائم (عليه السلام) بحيث لم يعرفه الناس.
26
قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) (1) فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله)» (2).
وفي ثواب الأعمال والبحار: عن المفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «صلاة في
الكوفة تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد» (3).
وفي ثواب الأعمال والبحار: بالإسناد عن أبي بصير قال: سمعت الصادق (عليه السلام)
يقول: «نعم المسجد مسجد الكوفة، صلى فيه ألف نبي وألف وصي، ومنه فار
التنور، وفيه نجرت السفينة، ميمنته رضوان الله ووسطه روضة من رياض الجنة
وميسرته مكر».
فقلت لأبي بصير: ما يعني بقوله مكر؟
قال: يعني منازل الشيطان (4).
وفي ثواب الأعمال والبحار: بالإسناد عن محمد بن سنان قال: سمعت
الرضا (عليه السلام) يقول: «الصلاة في مسجد الكوفة فرادى أفضل من سبعين صلاة في
غيره جماعة» (5).
وفي البحار: بالإسناد عن الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الصلاة في مسجد
الكوفة الفريضة تعدل حجة مقبولة، والتطوع فيه يعدل عمرة مقبولة» (6).
وفي الكامل والبحار: بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) قال: «النافلة
في هذا المسجد تعدل عمرة مع النبي، والفريضة فيه تعدل حجة مع النبي، وقد
صلى فيه ألف نبي وألف وصي» (7).
وفي الكامل والبحار: عن القلانسي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
«الصلاة في مسجد الكوفة بألف صلاة» (8).



1 - سورة الرعد: 38.
2 - بحار الأنوار: 27 / 165 ح 22 و 65 / 20 ح 34 و 97 / 393 ح 24.
3 - ثواب الأعمال: 30، بحار الأنوار: 97 / 397 ح 36.
4 - ثواب الأعمال: 30، بحار الأنوار: 97 / 397 ح 37.
5 - ثواب الأعمال: 30، بحار الأنوار: 97 / 397 ح 34.
6 - بحار الأنوار: 97 / 400 ح 47، وكذا: كامل الزيارات: 71 ح 4.
7 - كامل الزيارات: 72 ح، بحار الأنوار: 97 / 400 ح 48.
8 - كامل الزيارات: 73 ح 7، بحار الأنوار: 97 / 400 ح 49.
27
وفي البحار: بالإسناد عن المدائني قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «مكة
حرم الله، والمدينة حرم محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والكوفة حرم علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، إن عليا حرم من الكوفة ما حرم إبراهيم من مكة وما حرم محمد من
المدينة» (1).
وفي الكامل والبحار: بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «مكة حرم الله وحرم
رسوله وحرم علي، الصلاة فيها بمائة ألف صلاة والدرهم فيها بمائة ألف
درهم، والمدينة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب، الصلاة فيها (في
مسجدها) (2) بعشرة آلاف صلاة، والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم، والكوفة حرم
الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الصلاة في مسجدها
بألف صلاة» (3).
وفي الكامل والبحار: بالإسناد قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نفقة درهم بالكوفة
تحسب بمائة درهم فيما سواها، وركعتان فيها تحسب بمائة ركعة» (4).
وفي رواية: «الدرهم فيها بألف درهم» (5).
هذا ما ذكرناه في فضل مسجد الكوفة وقد اختصرنا، وأن الأخبار في فضله
كثيرة والكتب مشحونة لا حصر لعدها، ومن أراد الزيادة على ما ذكرناه فليراجع كتب
الفقهاء والمزارات والأخبار والتواريخ ومنها: أصول الكافي، وكامل
الزيارات، وثواب الأعمال، وأمالي الصدوق، والشيخ المفيد، وعلل الشرائع إلى
غير ذلك، وقد اغترفنا منها وفيها الكفاية، وربما نذكر بعد هذا طرفا من فضله.
وأما ما مر من فضل الصلاة في مسجد الكوفة في رواية بحجة، وفي رواية
بألف، وفي غيرها أقل أو أكثر، فهذا غير خفي على أهل المعرفة، وقد أشار إلى
ذلك العلامة المجلسي (رحمه الله) في قوله: لعل الاختلافات الواقعة في تلك الأخبار
محمولة على اختلاف الصلوات والمصلين ونياتهم وحالاتهم، مع أن الأقل لا ينافي



1 - بحار الأنوار: 97 / 399 ح 43، وكذا: أمالي الطوسي: 672 ح 23.
2 - ما بين القوسين لم يرد في الكامل.
3 - كامل الزيارات: 73 - 74 ح 8، بحار الأنوار: 97 / 400 ح 51.
4 - كامل الزيارات: 70 ح 2، بحار الأنوار: 97 / 399 ح 42.
5 - كامل الزيارات: 74 ح 8، فضل الكوفة: 12.
28
الأكثر إلا بالمفهوم (1).
وأما الأخبار التي ذكرها من أن ميمنة الكوفة يمن أو روضة من رياض الجنة أو
بركة، فذلك أيضا أشار إليه العلامة المجلسي (رحمه الله) وقال: هذا إشارة إلى أرض الغري
وكربلاء (2).
وذكرنا أيضا فيما مر: وفيه عصا موسى.
قال المجلسي: أي كانت مودعة فيه فأخذها النبي (صلى الله عليه وآله) والآن أيضا مودعة
فيه، وكلما أراد الإمام (عليه السلام) أخذه (3).
وروي في الكافي والبحار: بالإسناد عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
«مسجد كوفان روضة من رياض الجنة، صلى فيه ألف نبي وسبعون نبيا، وميمنته
رحمة وميسرته مكرمة، فيه عصا موسى وشجرة يقطين وخاتم سليمان، ومنه فار
التنور ونجرت السفينة، وهي صرة بابل ومجمع الأنبياء» (4).
قال الفاضل المجلسي: صرة بابل: أي أشرف أجزائها، لأن الصرة مجمع النقود
التي هي (أنفع) (5) الأموال.
وفي رواية العياشي: سرة بابل بالسين (6).
قال في القاموس: سرة الوادي: أفضل مواضعه (7).
وفي العلل: عن أبي سعيد الخدري قال: قال لي رسول الله: «الكوفة جمجمة
العرب ورمح الله تبارك وتعالى وكنز الإيمان» (8).
قال ابن الأثير في نهاية الحديث: أئت الكوفة فإن بها جمجمة العرب، أي
ساداتها، لأن الجمجمة الرأس وهو أشرف الأعضاء.



1 - بحار الأنوار: 97 / 401 ذيل ح 52.
2 - بحار الأنوار: 97 / 404 ذيل ح 60.
3 - بحار الأنوار: 97 / 389 ذيل ح 13.
4 - الكافي: 3 / 493 ح 9، بحار الأنوار: 97 / 389 ح 13.
5 - في المصدر: (أفضل).
6 - تفسير العياشي: 2 / 147 ح 23.
7 - القاموس المحيط: 2 / 47.
8 - علل الشرائع: 2 / 460 ح 1.
29
وقيل: جماجم العرب التي تجمع البطون فتنسب إليها دونهم (1).
(وقال في موضع آخر): إن العرب تجعل الرمح كناية عن الدفع والمنع
، انتهى (2).
فالمعنى: أن الله يدفع بها البلايا عن أهلها، وأما كونها كنز الإيمان، فلكثرة نشوء
المؤمنين الكاملين وانتشار شرائع الإيمان فيها (3).
وفي البحار: بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أما إنه ليس بلدة من البلدان
أكثر محبا لنا من أهل الكوفة» (4).



1 - النهاية لابن الأثير: 1 / 289.
2 - النهاية لابن الأثير: 2 / 262، وما بين القوسين أثبتناه من البحار.
3 - انظر: بحار الأنوار: 97 / 397 ذيل ح 33.
4 - بحار الأنوار: 97 / 399 ح 44.
30
قدم مسجد الكوفة
وأما قدم مسجد الكوفة، فإنه ذكر ذلك جماعة كثيرة من فقهائنا منهم: شيخنا
الصدوق محمد بن علي بن موسى بن الحسين بن بابويه القمي (رحمه الله) صاحب
التصانيف الكثيرة، فإنه ذكر ذلك في كتابه من لا يحضره الفقيه (1)، وآخر من ذكر
قدم مسجد الكوفة العلامة الكبير السيد محمد ابن السيد عبد الكريم
الطباطبائي (رحمه الله) (2)، وهذا السيد هو جد العلامة الحجة البالغة السيد محمد مهدي
الشهير ببحر العلوم (قدس سره) وله تصانيف منها: رسالة في فضل الكوفة، فإنه ذكر في أولها
نبذة من فضائل مسجد الكوفة الأعظم وفضل الصلاة فيه، قال: وقال
النبي (صلى الله عليه وآله): «لما أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة وأنا على البراق ومعي
جبرئيل فقال: يا محمد هذه كوفان وهذا مسجدها، إنزل فصل في هذا المكان.
قال: فنزل فصليت، فقلت: يا جبرئيل أي شيء هذا الموضع؟
قال: يا محمد هذه كوفان وهذا مسجدها، أما إني فقد رأيتها عشرين مرة
خرابا وعشرين مرة عمرانا ما بين كل مرتين خمسمائة عام» انتهي (3).
قال البراقي: انظر أيها القارئ إلى قدم مسجد الكوفة، ويحتمل لكلام
جبرئيل (عليه السلام) وجهان:
أحدهما: أن يكون رآه قبل أن يخلق آدم بهذه المدة وهي عشرون ألف سنة،
فيكون على ما ذكرنا في أول كتابنا هذا، أنه كان معبدا للملائكة.



1 - من لا يحضره الفقيه: 1 / 228 - 230، باب حد مسجد الكوفة وفضلها.
2 - هو السيد محمد بن عبد الكريم ابن السيد مراد ابن شاه أسد الله ابن السيد جلال الدين
أمير الحسني الحسيني الطباطبائي البروجردي المتوفى بها سنة 1160 وله فيها قبر يزار، وهو
جد آية الله بحر العلوم، له مؤلفات كثيرة منها: إثبات عصمة الأئمة الطاهرين، رسالة في
فضل مسجد الكوفة والصلاة فيها، وأسرار أشكال حروف الهجاء، والأعلام اللامعة، وتحفة
الغري، وتاريخ الأئمة، والجبر والاختيار، ودفع شبهة ابن كمونة، والرد على سهو
النبي، وشرح الزيارة الجامعة، وصلاة الجماعة، ورسالة في الأمر، ورسالة في شهادة
النساء، ورسالة في طالع الولادة، وشرح مفاتيح الشرائع وغيرها.
3 - من لا يحضره الفقيه: 1 / 231 ح 695.
31
والوجه الثاني: وهو غير متجه، أنه رآه من حين ما خلق آدم إلى زمان نبينا،
فعلى هذا الوجه لم يتجه، لأن من خلق آدم إلى نبينا ستة آلاف بالاتفاق من
المؤرخين وأهل السير والأخبار، نعم إن فيما بينهم اختلافا في الزيادة على الستة
آلاف بمقدار من السنين، فبعضهم يزيد مائة سنة وبعضهم أقل وبعضهم أكثر (1).
وقال السيد المذكور في رسالته: نقل أنه قد خطط ذلك المسجد أبو البشر
آدم (عليه السلام) لما ذكر من حديث جبرئيل (عليه السلام).
ثم قال: ولا ينافي ما ذكرنا من أنه خطه آدم بناء على ما نقل واشتهر: أنه كان من
ابتداء خلق آدم إلى زمان نبينا (صلى الله عليه وآله) ستة آلاف سنة أو قريب منها، فلو كان المسجد
مبنيا من زمانه (عليه السلام) لكان رؤية جبرئيل إياها من زمانه إلى زمان نبينا (صلى الله عليه وآله) اثنتي عشرة
مرة، وذلك لجواز كون الباقي ثماني وعشرين مرة أخرى في زمان خلافة الملائكة
والجن قبل آدم، وعمارته في زمانهما يمكن أن تكون بالعبادة أو مع البناء الظاهر.
انتهى.
فاتضح: أن مسجد الكوفة كان قبل خلق أبينا آدم (عليه السلام) بألوف من السنين، وأنه
كان قبل آدم معبدا للملائكة ولمن شاء الله من خلقه.



1 - انظر: تاريخ الطبري: 1 / 634.
32
أول من أسس مسجد الكوفة
إن أول من أسس مسجد الكوفة وبناه هو آدم (عليه السلام) كما هو المشهور والمأثور،
ولعل الملائكة فيما قبل بنته وإن كان لم يذكر أحد ذلك من أهل الأخبار، لكن
بمقتضى كلام جبرئيل للنبي: إني رأيته خرابا ورأيته عمرانا، أن تكون عمرته
الملائكة بأمر الله تعالى ثم عمره آدم (عليه السلام).
قال البراقي: ويؤيد ما ذكرناه من أن مسجد الكوفة خطه آدم (عليه السلام)، الأخبار
الكثيرة الآتية عن قريب من أن: مسجد الكوفة قد نقص عن بنائه كثيرا والأخبار في
ذلك كثيرة نذكر طرفا منها:
أما السيد الطباطبائي فقال: وكان هو أعظم مما هو الآن بكثير.
وأما الأخبار: فقد ذكر الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه والمجلسي في
البحار، بالإسناد عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «حد مسجد الكوفة آخر السراجين خطه
آدم (عليه السلام) وأنا أكره أن أدخله راكبا».
فقيل له: فمن غيره عن خطته؟
قال: «أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح، ثم غيره بعد أصحاب كسرى
والنعمان بن منذر، ثم غيره زياد بن أبي سفيان» (1).
وذكر ما مر من خبر الرجل الذي سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجابه الإمام
بقوله: «بع راحلتك وكل زادك وعليك بمسجد الكوفة» إلى أن قال: «والبركة منه إلى
اثني عشر ميلا من حيث ما جئته، وقد ترك من أسه ألف ذراع».
وفي رواية أخرى في البحار عنه (عليه السلام) قال: «إن مسجد الكوفة رابع أربعة
مساجد للمسلمين، ركعتان (فيه) أحب إلي من عشرة فيما سواه، ولقد نجرت
سفينة نوح (عليه السلام) في وسطه وفار التنور من زاويته (اليمنى)، والبركة منه على اثني
عشر ميلا من حيث ما أتيته، ولقد نقص منه اثنا عشر ألف ذراع بما كان على
عهدهم» (2).



1 - من لا يحضره الفقيه: 3 / 255 ح 24، بحار الأنوار: 97 / 386 ح 6.
2 - بحار الأنوار: 97 / 395 ح 29، وما أثبتناه من المصدر.
33
وفي البحار: بالإسناد عن حذيفة قال: والله إن مسجدكم هذا لأحد المساجد
الأربعة المعدودة: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى،
ومسجدكم هذا - يعني مسجد الكوفة - ألا وإن زاويته اليمنى مما يلي أبواب كندة
منها فار التنور، وإن السارية الخامسة مما يلي صحن المسجد عن يمنة المسجد مما
يلي أبواب كندة مصلى إبراهيم الخليل، وإن وسطه لنجرت فيه سفينة نوح، ولئن
أصلي فيه ركعتين أحب إلي من أن أصلي في غيره عشر ركعات، ولقد نقص من
ذرعه من الأس الأول اثنا عشر ألف ذراع، وإن البركة منه على اثني عشر ميلا من أي
الجوانب جئته (1).
وفي الكافي والبحار: بالإسناد عن ابن البطائني عن أبي بصير قال: سمعت
الصادق (عليه السلام) يقول: «نعم المسجد مسجد الكوفة، صلى فيه ألف نبي وألف وصي
ومنه فار التنور وفيه نجرت السفينة، ميمنته رضوان الله ووسطه روضة من رياض
الجنة وميسرته مكر».
فقلت لأبي بصير: ما يعني بقوله مكر؟
قال: يعني منازل الشياطين.
ثم قال: وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقوم على باب المسجد ثم يرمي بسهمه فيقع
في موضع التمارين، فيقول: «ذاك من المسجد».
وكان يقول: «قد نقص من أساس المسجد مثل ما نقص في تربيعه» (2).
وفي تفسير العياشي والبحار: عن المفضل بن عمر قال: كنت مع أبي عبد
الله (عليه السلام) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس، فلما انتهينا إلى الكناسة نظر عن يساره ثم
قال: «يا مفضل ها هنا صلب عمي زيد».
ثم مضى بأصحابه حتى أتى طاق (الزياتين) (3) وهو آخر السراجين، فنزل وقال
لي: «انزل، فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم (عليه السلام) وأنا أكره
أن أدخله راكبا».
فقلت له: فمن غيره عن خطته؟



1 - بحار الأنوار: 97 / 396 ح 31.
2 - الكافي: 3 / 492 ح 3، بحار الأنوار: 97 / 397 ح 38.
3 - في البحار والمطبوع الأول: (الرفائين).
34
قال: «أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح (عليه السلام)، ثم غيره بعد أصحاب كسرى
والنعمان بن منذر ثم غيره زياد بن أبي سفيان».
فقلت له: جعلت فداك وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح (عليه السلام)؟
فقال: «نعم يا مفضل وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات مما يلي
غربي الكوفة».
قال: «وكان نوح رجلا نجارا فأرسله الله وانتجبه، ونوح أول من عمل سفينة
فجرت على ظهر الماء، وأن نوحا لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما (1)
يدعوهم إلى الهدى فيمرون به ويسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم
وقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) إلى قوله: (ولا يلدوا إلا فاجرا
كفارا) (2).
فأوحى الله إليه: يا نوح أن أصنع الفلك وأوسعها وعجل عملها بأعيننا
ووحينا.
فعمل نوح السفينة في مسجد الكوفة بيده يأتي بالخشب من بعد حتى فرغ
منها».
قال المفضل: ثم أنقطع حديث أبي عبد الله (عليه السلام) عند ذلك عند زوال الشمس
فقام فصلى الظهر ثم صلى العصر ثم انصرف من المسجد، فالتفت عن يساره وأشار
بيده إلى موضع دار (الداريين) (3) وهو موضع دار ابن حكيم وذلك فرات اليوم وقال
لي: «يا مفضل ها هنا نصبت أصنام قوم نوح (عليه السلام) ويغوث ويعوق ونسرا».
ثم مضى حتى ركب دابته فقلت له: جعلت فداك في كم عمل نوح سفينة وفرغ



1 - الفرق بين العام والسنة: هو أن العام جمع أيام السنة والسنة جمع الشهور، والعام يفيد
كونه وقتا لشئ والسنة لا تفيد ذلك، ولهذا يقال: عام الفيل ولا يقال: سنة الفيل، ومع هذا
فان العام هو السنة والسنة هي العام.
وقال ابن الجواليقي: السنة من أول يوم عددته إلى مثله والعام لا يكون إلا شتاء وصيفا
وعليه فالعام أخص من السنة فكل عام سنة وليس كل سنة عاما.
انظر: الفروق اللغوية: 348 - 349 رقم 1393 و 1394، مجمع البحرين: 3 / 280.
2 - سورة نوح: 26 - 27.
3 - أي العطارين، وما بين القوسين لم يرد في المطبوع الأول.
35
منها؟
قال: «في الدورين».
فقلت: كم الدوران؟
قال: «ثمانون سنة».
قلت: إن العامة تقول: عملها في خمسمائة عام؟
فقال: «كلا، كيف والله يقول: (ووحينا)» (1).
قال المفضل: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أرأيت قول الله: (حتى إذا جاء أمرنا وفار
التنور) (2) ما هذا التنور وأين كان موضعه وكيف كان؟
فقال: «وكان التنور حيث وصفت لك».
فقلت: فكان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟
فقال: «نعم، إن الله أحب أن يري قوم نوح الآية، ثم إن الله بعد أن أرسل إليهم
مطرا يفيض فيضا وفاض الفرات فيضا أيضا والعيون كلهن عليها فأغرقهم الله
وأنجى نوحا ومن معه في السفينة».
فقلت له: فكم لبث نوح ومن معه في السفينة حتى نضب الماء وخرجوا منها؟
فقال: «لبثوا فيها سبعة أيام بلياليها وطافت بالبيت ثم استوت على الجودي
وهو فرات الكوفة».
فقلت له: إن مسجد الكوفة لقديم؟
فقال: «نعم، وهو مصلى الأنبياء، ولقد صلى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث انطلق به
جبرئيل على البراق، فلما انتهى به إلى دار السلام وهو ظهر الكوفة وهو يريد بيت
المقدس قال له: يا محمد هذا مسجد (أبيك) آدم (عليه السلام) ومصلى الأنبياء، فأنزل
فصل فيه.
فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصلى ثم انطلق به إلى بيت المقدس فصلى، ثم إن
جبرئيل عرج (به) إلى السماء» (3).



1 - تفسير العياشي: 2 / 144 - 145 ح 19، بحار الأنوار: 97 / 385 - 386 ح 6.
والآية في سورة هود: 37، والمؤمنون: 27.
2 - سورة هود: 40.
3 - تفسير العياشي: 2 / 146 ح 21، بحار الأنوار: 97 / 386 - 387 ح 7، وما بين
القوسين أثبتناه من المصادر.
36
قال البراقي: يتضح لك مما ذكرناه: أن مسجد الكوفة قديم وفضله عظيم، وأنه
قد خطه آدم (عليه السلام) فما دونه من الأنبياء، وأنه كان عظيما جدا، وأنه قد نقص منه اثنا
عشر ألف ذراع أو أقل بيسير أو أكثر كما بينا فيما تقدم من الأخبار، وأن نقيصته تكون
والله أعلم من جهة عكس القبلة، وذلك لما مر في حديث المفضل من قوله: (لما
انتهينا إلى الكناسة نظر الصادق عن يساره ثم قال: يا مفضل ها هنا صلب عمي
زيد، ثم مضى حتى أتى طاق (الزياتين) (1) وهو آخر السراجين فنزل وقال لي: إنزل
فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم) إلى آخر ما مر، فالكناسة
هي الآن فيها مقام زيد بن علي، وهو مقام دفنه وحرقه، وهو عن قرية الكفل على
بعد خمسة أميال، وكان مجيء الصادق (عليه السلام) من ذلك المكان، فنقصانه والله أعلم
يكون أوله من قرب مقام يونس، ويبعد كل البعد أن يكون نقصانه من الجهة
القبلة، ذلك لأن قصر الإمارة من جهة قبلة المسجد ومحاذيه، وأوضح من هذا أن
دار أمير المؤمنين (عليه السلام) يخرج الخارج منها ويدخل المسجد، ولو كان موضعها من
المسجد لما اتخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) مسكنا، وأن هذا البيت بيت أمير المؤمنين لا
ريب، ويؤيد ذلك ما أخبر عنه أهل التواريخ، ولعله يأتي ذلك إن شاء الله.
ولا يصح القول بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) أباح الله له من المساجد ما أبيح
للنبي (صلى الله عليه وآله)، لأنه إنما أباح الله ذلك للنبي ولأمير المؤمنين ولفاطمة وللحسنين (عليهم السلام)
فحسب لا لسائر أزواج أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا لمطلق أولاده، لأن ذلك مخصوص
بالمعصوم.
وأوضح برهان على ذلك تسالم الناس من عصر إلى عصر واتفاقهم على أن هذه
هي دار أمير المؤمنين (عليه السلام).



1 - في المطبوع الأول: (الرفائين).
37
تحديد مقامات مسجد الكوفة
وفيما ذكر العلامة المجلسي في تحديد المقامات التي في مسجد الكوفة دلالة
على ما قلناه، قال (رحمه الله) في البحار: اعلم أن لهذا المسجد في زماننا هذا بابين
متقابلين: أحدهما في جانب بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) مما يلي القبلة، والآخر مقابله
في دبر القبلة، وسائر الأبواب مسدودة إلى آخر كلامه (1).
وكتب القاضي الميرزا عبد الله أفندي (2) تلميذ العلامة المجلسي على هامش
المجلد الثاني والعشرين من البحار بخطه ما هذا نصه: نقلا عن كتاب محمد بن
المثنى عن جعفر بن محمد بن شريح عن ذريح المحاربي قال: سألت أبا عبد
الله (عليه السلام) عن حد المسجد إلى أن قال: وسألته عن بيت علي.
فقال: «إذا دخلت فهو من عضادته اليمنى إلى ساحة المسجد وكان بينه وبين
نبي الله خوخة» (3).
يريد بيت نبي الله بيت نوح، وهو المقام الملاصق للمنبر الموجود الآن الذي هو
ما بين مقام نوح (عليه السلام) ومقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو الباب الذي ذكره المجلسي فيما
مر من كلامه بقوله: بابين متقابلين أحدهما في جانب بيت أمير المؤمنين مما يلي
القبلة، إلى آخر ما مر، وهو بيت نوح (عليه السلام)، وسيأتي ما يؤيد ذلك.
قال المجلسي: قال الشهيد: روى حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن بن
الأسود الكاهلي قال: قال لي: ألا تذهب بنا إلى مسجد أمير المؤمنين (عليه السلام) فنصلي



1 - بحار الأنوار: 97 / 406 ذيل ح 65.
2 - هو الميرزا عبد الله أفندي ابن الميرزا عيسى بن محمد صالح بيك ابن الحاج مير محمد
بيك ابن خضر شاه الجيراني الأصفهاني، ولد حدود 1066 وتوفى سنة 1130، وجال في
أكثر البلاد وسافر في البر والبحر ورأى بلاد آذربايجان وخراسان والعراق والحجاز ومصر
وبلاد الروم وحج ثلاث مرات، وله تصانيف كثيرة منها: الأمان من النيران في تفسير القرآن
الكريم، ورياض العلماء الذي اشتهر به، وشرح شكل العروس، وشرح الصحيفة
السجادية، وغيرها. راجع ترجمته في كتابه رياض العلماء، والذريعة: 2 / 343 رقم 1364.
3 - رواه في بحار الأنوار: 97 / 180 ح 46.
38
فيه؟
قلت: وأي المساجد هذا؟
قال: مسجد بني كاهل، لم يبق منه سوى أسه وأس مأذنته.
قلت: حدثني بحديثه.
قال: صلى علي بن أبي طالب بنا في مسجد بني كاهل الفجر (1).
قال المجلسي: والآن توجد آثار تلك المأذنة وهي بجنب قبور بباب بيت أمير
المؤمنين (عليه السلام)، وصلى الصادق (عليه السلام) أيضا الفجر في مسجد بني كاهل (2).
قال البراقي: يريد المجلسي بقوله: والآن توجد آثار تلك المأذنة، أي في عصره
في حدود الثمانين بعد الألف من الهجرة، وكذا ذكر القاضي الميرزا عبد الله أفندي
في الهامش بخطه، فقال: أقول: الآن أيضا توجد آثار تلك المأذنة وهي بجنب قبور
بباب بيت أمير المؤمنين (عليه السلام).
وذكر العلامة المتتبع السيد عبد الله شبر في مزاره فقال: وأما بيت أمير
المؤمنين (عليه السلام) فهو وإن لم ترد في زيارته والصلاة فيه رواية، إلا أنه لما كان مشرفا
بسكناه فيه، فالدعاء والصلاة فيه لا يخلوان من فضل عظيم، وقد وردت أخبار
مطلقة في تعظيم مساكنهم ومشاهدهم.
ثم قال: ومزار بعض بنات أمير المؤمنين (عليه السلام) حوالي مسجد الكوفة معروف.
قال البراقي: كما وردت أخبار مطلقة في تعظيم مساكنهم ومشاهدهم، فقد نطق
القرآن الكريم بذلك فقال عزوجل: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) (3)
الآية. وذلك أقوى حجة وبرهان.
وذكر ابن بطوطة (4) الرحالة في رحلته التي هي في حدود السبع مائة من



1 - بحار الأنوار: 97 / 452.
2 - بحار الأنوار: 97 / 453.
3 - سورة النور: 36.
4 - هو شمس الدين - شرف الدين - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم
اللواتي الطنجي المغربي، ولد سنة 703 بطنجة وتقلب في بلاد العراق وصر والشام واليمن
والهند ودخل مدينة دهلي واتصل بملكها وساح في الأقطار الصينية والتترية وأواسط
أفريقية وبلاد السودان والأندلس، ثم انقلب إلى المغرب واتصل بالسلطان أبي عنان من ملوك
بني مدين، وزار ضريح أمير المؤمنين (عليه السلام) سنة 725، واستغرقت رحلته 27 سنة وكان
معاصرا لفخر المحققين ابن العلامة الحلي، وألف كتابه: تحفة النظار في غرائب الأمصار
وعجائب الأسفار، المعروف برحلة ابن بطوطة، ومات في مراكش سنة 779.
انظر: الدرر الكامنة: 3 / 480، أعلام الزركلي: 6 / 236.
39
الهجرة، وهو من أعاظم العلماء الخبيرين، وقد ساح في البلدان إلى أن وصل إلى
مدينة الكوفة فقال في ذكر المحراب ما نصه: ومحراب محلق بأعواد الساج مرتفع
وهو محراب أمير المؤمنين، وهنالك ضربه الشقي ابن ملجم والناس يقصدونه
للصلاة به، وفي الزاوية من آخر هذا البلاط مسجد صغير محلق عليه أيضا بأعواد
الساج يذكر أنه الموضع الذي فار منه التنور حين طوفان نوح (عليه السلام)، وفي ظهره خارج
المسجد بيت يزعمون أنه بيت نوح، وبإزائه بيت يزعمون أنه متعبد إدريس،
ويتصل بذلك فضاء متصل بالجدار القبلي من المسجد يقال: إنه موضع إنشاء سفينة
نوح (عليه السلام) وفي آخر هذا الفضاء دار علي بن أبي طالب والبيت الذي غسل فيه،
ويتصل به بيت يقال أيضا أنه بيت نوح (عليه السلام).
قال البراقي: إن ابن بطوطة شاهد آثارا كثيرة، وفي زماننا هذا ليس لها عين ولا
أثر، ويظهر من كلامه في محراب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه المحراب الموجود الآن
الذي بجنبه المنبر المبني بالجص والحجارة.
محراب أمير المؤمنين (ع)

40
وبقوله: في الزاوية من آخر هذا البلاط، يشير إلى الزاوية الغربية، وهي الآن
حجرة كبيرة، فعلى كلامه يكون منها فار التنور.
ويظهر من قوله: في ظهره خارج المسجد بيت يزعمون أنه بيت نوح (عليه السلام)، أن
بيت نوح ملاصق للزاوية الغربية ويتصل بالباب الذي ذكرنا أنه مقام نوح (عليه السلام) الذي
بجنب المنبر، وهو الباب الذي يدخل منه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد.
وأما متعبد إدريس، فليس له اليوم عين ولا أثر.
وأما الفضاء الذي ذكره المتصل بالجدار القبلي من المسجد الذي نجرت فيه
السفينة: فهو هذا الفضاء الموجود ما بين بيت أمير المؤمنين وبيت نوح الذي هو
ملاصق للحائط القبلي، وستطلع على زيادة بيان لذلك فيما يأتي إن شاء الله.
التياسر في قبلة مسجد الكوفة
أما قبلة مسجد الكوفة فإن فيها التياسر للمصلين، قال المجلسي (رضي الله عنه) ما نصه:
فائدة: قال شيخنا الفاضل الكامل السيد السند البارع التقي، أمير شرف الدين
علي الشولستاني الساكن في مشهد الغري حيا وميتا قدس الله روحه في بعض
فوائده: لا يخفى أنه إنما تعلم الكعبة وجهتها بمحراب المعصوم (إذا علم أن بناءه
بنصب المعصوم) وأمره (عليه السلام) في زمانه أو في زمان غيره، لكنه (عليه السلام) صلى إليه من
غير تيامن وتياسر، وعلى هذا أمر مسجد الكوفة مشكل، إذ بناؤه كان قبل زمان أمير
المؤمنين (عليه السلام) والحائط القبلي، والمحراب المشهور بمحراب أمير المؤمنين (عليه السلام)
ليسا موافقين لجعل الجدي خلف المنكب الأيمن، بل فيهما تيامن بحيث يصير
الجدي قدام المنكب الأيمن، وكنت في هذا متأملا ومتحيرا وأيد تحيري بأنهما كانا
عكس ضريحه المقدس، فإنه كان فيه تياسر كثير، ووقت عمارته بأمر السلطان
الأعظم شاه صفي قدس الله روحه وقلت للمعمار: غيره إلى التيامن، فغيره، ومع
هذا فيه تياسر في الجملة ومخالف لمحراب مسجد الكوفة، وحملته على أنه كان
بناه غير المعصوم من القائلين بالتياسر، وكنت في الروضة المقدسة متيامنا وفي
الكوفة متياسرا، لأنه نقل أنه صلى في مسجدها ولم ينقل أنه (عليه السلام) صلى باستقامة من

41
غير تيامن وتياسر، وكان في وسط الحائط المذكور محراب كبير متروك العبادة عنده
غير مشهور بمحراب أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا بمحراب أحد من الأنبياء
والأئمة (عليهم السلام)، ولما صار المسجد خرابا وتهدمت الأسطوانات الكائنة فيه واختفى
فرشه الأصلي بالأحجار والتراب، أراد الوزير الكبير ميرزا تقي الدين محمد (رحمه الله)
تنظيف المسجد من الكثافات الواقعة فيه وعمارة الجانب القبلي من المسجد ورفع
التراب والأحجار المرمية في صحنه إلى الفرش الأصلي، ونظف وسوى دكتين في
الجهتين الشرقية والغربية.
فظهر أن المحراب والباب المشهورين بمحرابه وبابه (عليه السلام) (ما) كانا متصلين
بالفرش الأصلي، بل كانا مرتفعين عنه قريبا من ذراعين، والمحراب المتروك الذي
كان في وسط الحائط القبلي كان متصلا وواصلا إليه.
وظهر أيضا باب كبير قريب منه واصل إليه، وكانت عند الحائط القبلي من أوله
إلى آخره أسطوانات وصفات، وبنى الوزير الأمجد عمارته عليها.
وعند ذلك المحراب كانت صفة كبيرة قدر صفتين من أطرافها لم يكن بينها أثر
أسطوانات، ولما صار هذا المحراب الكبير عتيقا كثيفا أمر الوزير بقلع وجهه
ليبيضوه، فقلعوا فإذا تحت الكثافة المقلوعة أنه بيضوه ثلاث مرات وحمروه
كذلك، وفي كل مرتبة بياض وحمرة أمالوه إلى اليسار، فتحير الأمير في ذلك
فأحضرني وأرانيه وكان معه جمع كثير من العلماء والعقلاء الأخيار وكانوا متحيرين
متفكرين في الوجه.
فخطر ببالي: أن ذلك المحراب كان محراب أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان يصلي إليه
لوصوله إلى الفرش الأصلي، ولوقوعه في صفة كبيرة يجتمع فيها العلماء والأخيار
خلف الإمام (عليه السلام) ولذلك كان الباب بابه (عليه السلام) الذي يجيء من البيت إلى المسجد منه
لاتصاله بالفرش، ولما كان الجدار قديما وكان ذلك المحراب فيه ولم يكن موافقا
للجهة شرعا تياسر (عليه السلام) وبعده المسلمون حرفوا وأمالوا البياض والحمرة إلى
التياسر، ليعلم الناس أنه (عليه السلام) تياسر فيه، وحمروه ليعلموا أنه (عليه السلام) قتل عنده.
وكان تكرار البياض والحمرة لتكرار الاندراس والكثافة، ولما خرب المسجد
واندرست الأسطوانات والصفات، واختفى الفرش الأصلي وحدث فرش آخر،
أحدث بعض الناس ذلك المحراب الصغير وفتح بابا صغيرا قريبا منه على السطح

42
الجديد واشتهر بمحرابه وبابه (عليه السلام)، وعرضت على الوزير والحضار، فكلهم
صدقوني (وقبلوا مني) (1) وصلوا الصلاة المقررة والمعهودة عند محرابه (عليه السلام)
(عنده) وقرأوا الدعاء المشهور قراءته بعد الصلاة عنده وتياسروا في الصلاة على ما
رأوا في المحراب، وأمر الوزير بزينته زائدا على زينة سائر المحاريب، وتساهل
المعمار فيها فحدث ما حدث في العراق، وبقي على ما كان عليه كسائر
المحاريب، والسلام على من اتبع الهدى.
إلى هنا كلام العلامة شرف الدين الشولستاني (رحمه الله) (2).
قال المجلسي: وجدت محاريب العراق وأبنيتها مختلفة غاية الاختلاف
وأقربها إلى (القواعد) الرياضية قبلة حائر الحسين (عليه السلام)، ولكنها أيضا منحرفة عن
نصف النهار أقل مما تقتضيه القواعد بقليل، وأما ضريح أمير المؤمنين (عليه السلام) وضريح
الكاظمين (عليهما السلام)، فهما على نصف النهار من غير انحراف بين، وضريح
العسكريين (عليهما السلام) منحرف عن يسار نصف النهار قريبا من عشرين درجة، ومحراب
مسجد الكوفة منحرف عن يمين نصف النهار نحوا من أربعين درجة وهو قريب من
قبلة أصفهان، وليس على ما ذكره السيد (رحمه الله) من كون الجدي قدام المنكب وإلا لكان
قريبا من المغرب، وانحراف الكوفة بحسب القواعد الرياضية اثنتا عشرة درجة عن
يمين نصف النهار، وانحراف بغداد قريب منه، وانحراف سر من رأى قريب من
ثماني درجات من جهة اليمين، وقبلة مسجد السهلة قريب من القواعد، فظهر مما
ذكرنا أن روضة أمير المؤمنين (عليه السلام) أقرب إلى القواعد من محراب مسجد الكوفة،
ولعل هذه الاختلافات مبنية على التوسعة في أمر القبلة، ولا يبعد أن يكون الأمر
بالتياسر لأهل العراق لكون المحاريب المشهورة المبنية فيها في زمان خلفاء الجور،
لا سيما المسجد الأعظم على هذا الوجه ولم يمكنهم إظهار خطأ هؤلاء، فأمروا
شيعتهم بالتياسر عن تلك المحاريب وعللوها بما عللوا به تقية، لئلا يشتهر منهم
الحكم بخطأ من مضى من خلفاء الجور.
إلى هنا كلام المجلسي أخذنا منه موضع الحاجة (3).



1 - في المطبوع: (وقبلوني)، وما أثبتناه من المصدر.
2 - بحار الأنوار: 97 / 431 - 432، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
3 - بحار الأنوار: 97 / 433.
43
تخيير المسافر
بين القصر والتمام في مسجد الكوفة
من فضل مسجد الكوفة: أن المسافر حكمه التقصير وإذا دخله المسافر يصلي
تماما، وذلك لما ورد عن جميع الفقهاء عن الأئمة (عليهم السلام) وإنا نقتصر على بعض ما
ذكره الحر العاملي في الوسائل، فإنه أفرد لذلك بابا تحت عنوان: باب تخيير
المسافر في مكة والمدينة والكوفة والحائر، مع عدم نية الإقامة بين القصر والتمام
واستحباب اختيار التمام.
عن محمد بن الحسن: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن
علي بن النعمان، عن أبي عبد الله البرقي، عن علي بن مهزيار وأبي علي بن راشد
جميعا، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من مخزون علم الله
الاتمام في أربعة مواطن: حرم الله، وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله)، وحرم أمير المؤمنين (عليه السلام)،
وحرم الحسين بن علي (عليه السلام)» (1).
ورواه الصدوق في الخصال، عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن الحسن بن
علي بن النعمان (2).
ورواه ابن قولويه في المزار عن العياشي، عن علي بن محمد (عن محمد) بن
أحمد، عن الحسن بن علي بن النعمان مثله (3).
وعنه: عن محمد بن همام، عن جعفر بن محمد يعني (مالك عن) محمد بن
حمدان، عن زياد القندي قال: قال أبو الحسن: «يا زياد أحب لك ما أحب لنفسي
وأكره لك ما أكره لنفسي، أتم الصلاة في الحرمين وفي الكوفة وعند قبر



1 - وسائل الشيعة: 8 / 524 ح 11343.
2 - الخصال: 252 ح 123، وقال الصدوق (رحمه الله) بعده: يعني أن ينوي الإنسان في
حرمهم (عليهم السلام) مقام عشرة أيام ويتم ولا ينوي مقام دون عشرة أيام فيقصر، وليس ما يقوله غير
أهل الاستبصار بشئ: أنه يتم في هذه المواضع على كل حال.
3 - كامل الزيارات: 431، وذكرها محقق الكتاب في هامشه على أنها وقعت زيادة في
النسخ من تلميذ المؤلف، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
44
الحسين (عليه السلام)» (1).
ورواه ابن قولويه في المزار: بإسناده عن محمد بن أحمد بن داود القندي، عن
الحسين بن علي بن سفيان، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن حمدان
المدائني، عن زياد القندي (2).
وبإسناده: عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين
ابن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الملك القمي، عن إسماعيل بن جابر، عن
عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «تتم الصلاة في
أربعة مواطن: في المسجد الحرام، ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومسجد الكوفة، وحرم
الحسين (عليه السلام)» (3).
ورواه الكليني: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد (4).
ورواه ابن قولويه في المزار: عن أبيه وأخيه وعلي بن الحسين رحمهم الله، عن
سعد (بن عبد الله) (5)، عن أحمد بن محمد، إلا أنه ترك ذكر محمد بن سنان (6).
ورواه الشيخ في المصباح: عن إسماعيل بن جابر والذي قبله عن زياد القندي
مثله (7).
وعن علي بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن حذيفة
ابن منصور وعمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «تتم الصلاة في المسجد الحرام
ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين (عليه السلام)» (8).
ورواه الشيخ: عن حذيفة بن منصور مثله.
ثم قال: وفي خبر آخر: «في حرم الله وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله) وحرم أمير



1 - وسائل الشيعة: 8 / 527 ح 11355، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
2 - كامل الزيارات: 431 ح 6.
3 - وسائل الشيعة: 8 / 528 ح 11356.
4 - الكافي: 4 / 587 ح 5.
5 - في المطبوع: (عن إسماعيل)، وما أثبتناه من المصدر.
6 - كامل الزيارات: 430 ح 4.
7 - مصباح المتهجد: 674.
8 - وسائل الشيعة: 8 / 530 ح 11365.
45
المؤمنين (عليه السلام) وحرم الحسين (عليه السلام)» (1).
وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسحاق
بن حريز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «تتم
الصلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ومسجد
الكوفة وحرم الحسين (عليه السلام)» (2).
ورواه الشيخ: بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا قبله (3).
وروى محمد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق (عليه السلام): «من الأمر المذخور
إتمام الصلاة في أربعة مواطن: مكة والمدينة ومسجد الكوفة وحائر
الحسين (عليه السلام)» (4).
وروى جعفر بن محمد بن قولويه في المزار: عن محمد بن عبد الله بن جعفر
الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن حماد بن
عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من الأمر المذخور إتمام
الصلاة في أربعة مواطن: بمكة والمدينة ومسجد الكوفة والحائر» (5).
والقول بالتخيير وترجيح الإتمام مذهب جميع الإمامية أو أكثرهم وخلافه شاذ
نادر، انتهى ما ذكره في الوسائل (6).
ومن أراد الزيادة على ما ذكرناه، فإن جميع فقهائنا ذكروا ذلك في تصانيفهم
أجمع، من عصر الأئمة إلى حين التاريخ وعليه عملهم وفتاواهم.



1 - مصباح المتهجد: 674.
2 - وسائل الشيعة: 8 / 531 ح 11367.
3 - الكافي: 4 / 586 ح 2.
4 - وسائل الشيعة: 8 / 531 ح 11368.
5 - كامل الزيارات: 430 - 431 ح 5.
6 - راجع وسائل الشيعة: 8 / 524 - 548 ح 11343 - 11376.
46
استحباب الاعتكاف في مسجد الكوفة
قد وردت أخبار كثيرة عن الأئمة (عليهم السلام) في الاعتكاف بمسجد الكوفة، وجميع
فقهائنا من عصر الأئمة أيضا إلى حين التاريخ، ذكروا ذلك وأفتوا فيه وعليه
عملهم، ونشير إلى طرف من الأخبار الواردة في ذلك ونقتصر على بعض ما أشار إليه
الحر العاملي في الوسائل، وقد أفرد له بابا تحت عنوان: اشتراط كون الاعتكاف في
المسجد الحرام ومسجد النبي ومسجد الكوفة ومسجد البصرة أو في مسجد جامع.
عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل عن الاعتكاف.
قال: «لا يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول أو مسجد
الكوفة أو مسجد جماعة وتصوم ما دمت معتكفا» (1).
وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمر
ابن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض
مساجدها؟
فقال: «لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل بصلاة جماعة
ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة» (2).
ورواه الشيخ: بإسناده عن محمد بن يعقوب إلا أنه ترك قوله: والبصرة (3).
ورواه أيضا: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن علي بن
الحسن بن محبوب مثله وزاد فيه: ومسجد البصرة (4).
وعن محمد بن محمد المفيد في المقنعة: قال: روي أنه لا يكون الاعتكاف إلا
في مسجد جمع فيه نبي أو وصي نبي، وهي أربعة مساجد: المسجد الحرام جمع
فيه رسول الله، ومسجد المدينة جمع فيه رسول الله وأمير المؤمنين، ومسجد



1 - وسائل الشيعة: 10 / 540 ح 14068.
2 - وسائل الشيعة: 10 / 540 ح 14069.
3 - الاستبصار: 2 / 126 ح 409، تهذيب الأحكام: 4 / 290 ح 882.
4 - الاستبصار: 2 / 126 ح 410، تهذيب الأحكام: 4 / 290 ح 883.
47
الكوفة، ومسجد البصرة جمع فيهما أمير المؤمنين (1).
ورواه الصدوق في المقنع أيضا مرسلا نحوه (2).
ونقل العلامة في المختلف: عن ابن أبي عقيل أنه قال: الاعتكاف عند آل
رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكون إلا في المساجد وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام
ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وسائر الأمصار مساجد الجماعات (3).
ونقل عن ابن الجنيد أنه قال: روى ابن سعيد يعني الحسين، عن أبي عبد
الله (عليه السلام): جواز الاعتكاف في كل مسجد صلى فيه إمام عدل صلاة الجمعة جماعة
وفي المسجد الذي تصلي فيه الجمعة بإمام وخطبة (4).
إلى هنا ما ذكره الحر العاملي في الوسائل، وفيما ذكرناه الكفاية وليس في وسعنا
ذكر جميع ما ورد في ذلك، إذ التطويل يوجب الملل.



1 - المقنعة: 363، وقال: المراد بالجمع فيما ذكرناه هاهنا صلاة الجمعة بالناس دون غيرها
من الصلاة.
2 - المقنع: 209، باب الاعتكاف.
3 - مختلف الشيعة: 3 / 578.
4 - وسائل الشيعة: 10 / 542 ح 14075.
48
فضل الصلاة في مسجد الكوفة
نقتصر في ذلك على ما ذكره الحر العاملي في الوسائل:
قال: عن محمد بن علي بن الحسين في الخصال (1)، عن أبيه ومحمد بن علي
ماجيلويه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن بعض
أصحابنا، عن الحسن بن علي وأبي الصخر جميعا يرفعانه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)
قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد
الرسول، ومسجد الكوفة» (2).
ورواه مرسلا: عن محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد، عن أحمد
ابن الحسن، عن محمد بن الحسين وعلي بن حديد ومحمد بن سنان، عن عمرو بن
خالد، عن أبي حمزة الثمالي: أن علي بن الحسين (عليه السلام) أتى مسجد الكوفة عمدا من
المدينة، فصلى فيه ركعات ثم عاد حتى ركب راحلته وأخذ الطريق (3).
وبإسناده: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن الحسين الجوهري،
عن محمد بن الحسين، عن علي بن حديد، عن محمد بن سليمان، عن عمرو بن
خالد مثله، إلا أنه قال: فصلى فيه ركعتين بما جاء (4).
وعن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن علي بن الحكم عن مالك
ابن عطية، عن أبي حمزة قال: إن أول ما عرفت عن علي بن الحسين أني رأيت رجلا
دخل من باب الفيل فصلى أربع ركعات، فتبعته حتى أتى بئر الركوة وإذا بناقتين
معقولتين ومعهما غلام أسود فقلت له: من هذا؟
فقال: علي بن الحسين.
فدنوت إليه فسلمت عليه فقلت له: ما أقدمك بلادا قتل فيها أبوك وجدك؟
فقال: «زرت أبي وصليت في هذا المسجد».



1 - الخصال: 143 ح 166.
2 - وسائل الشيعة: 5 / 262 ح 6296.
3 - وسائل الشيعة: 5 / 254 ح 6472.
4 - وسائل الشيعة: 5 / 254 ح 6473.
49
ثم قال: «ها هو ذا وجهي» (1).
وعن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده، عن الحسن بن
محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال لرجل من أهل الكوفة:
«أتصلي في مسجد الكوفة كل صلواتك؟»
قال: لا.
قال: «أتغتسل من فراتكم كل يوم مرة؟»
قال: لا.
قال: «ففي كل جمعة؟»
قال: لا.
قال: «ففي كل شهر؟»
قال: لا.
قال: «ففي كل سنة؟»
قال: لا.
قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنك لمحروم من الخير».
ثم قال: «أتزور قبر الحسين (عليه السلام) في كل جمعة؟»
قال: لا.
قال: «في كل شهر؟»
قال: لا.
قال: «في كل سنة؟»
قال: لا.
قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنك لمحروم من الخير» (2).
وبالإسناد عن الحسن بن محبوب، عن علي بن (رئاب) (3)، عن أبي
عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لا تدع يا أبا عبيدة الصلاة في مسجد الكوفة، ولو



1 - وسائل الشيعة: 5 / 254 ح 6471.
2 - وسائل الشيعة: 5 / 259 ح 6488.
3 - في المطبوع: (زياد)، وما أثبتناه من المصدر.
50
أتيته حبوا فإن الصلاة فيه تعدل سبعين صلاة في غيره من المساجد» (1).
وعن محمد بن الحسن، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن
عثمان، عن محمد بن عبد الله الخزاز، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: قال لي: «يا هارون بن خارجة كم بينك وبين مسجد الكوفة، يكون ميلا؟»
قلت: لا.
قال: «فتصلي فيه الصلوات كلها؟»
قلت: لا.
قال: «أما لو كنت بحضرته لرجوت أن لا تفوتني صلاة، أو تدري ما فضل
ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبي إلا وقد صلى في (مسجدكم) (2)، حتى
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسرى الله به قال له جبرئيل: أتدري أين أنت الساعة يا
رسول الله؟ أنت مقابل مسجد كوفان.
قال: فاستأذن لي ربي حتى آتيه فأصلي فيه ركعتين.
فاستأذن الله عزوجل فأذن له، وأن ميمنته لروضة من رياض الجنة وأن وسطه
لروضة من رياض الجنة وأن مؤخره لروضة من رياض الجنة، وأن الصلاة المكتوبة
فيه لتعدل بألف صلاة، وأن النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة، وأن الجلوس فيه
بغير تلاوة ولا ذكر لعبادة، ولو علم الناس ما فيه لأتوه ولو حبوا».
قال (سهل) (3): وروي لي عن عمرو: أن الصلاة فيه لتعدل بحجة، وأن النافلة
لتعدل بعمرة (4).
ورواه الشيخ مرسلا من قوله: «ما من عبد صالح»، إلى قوله: «لأتوه ولو حبوا»
وترك قوله: «وأن وسطه لروضة من رياض الجنة» (5).
ورواه أيضا: بإسناده عن سهل بن زياد مثله، إلى قوله: «ولو حبوا» (6).



1 - وسائل الشيعة: 5 / 259 ح 6489.
2 - في المصدر: (مسجد كوفان).
3 - أثبتناه من المصدر.
4 - وسائل الشيعة: 5 / 252 - 253 ح 6469.
5 - تهذيب الأحكام: 6 / 32 ح 62.
6 - تهذيب الأحكام: 3 / 250 ح 688.
51
ورواه الصدوق في المجالس: عن محمد بن علي بن المفضل، عن محمد بن
جعفر المعروف (بابن التبان) (1)، عن محمد بن القاسم (النهمي) (2)، عن محمد بن
عبد الوهاب، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن توبة بن الخليل، عن محمد بن
الحسن، عن ابن خارجة، نحوه كما في رواية الشيخ (3).
ورواه الطوسي في الأمالي: عن أبيه، عن الحسين بن عبد الله عن ابن بابويه
بالإسناد (4).
ورواه البرقي في المحاسن: عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن زياد، عن
هارون بن خارجة مثله، إلى قوله: «خمسمائة صلاة» (5).
محمد بن علي بن الحسين قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يشد الرحال إلا
إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة» (6).
قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لما أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة وأنا
على البراق ومعي جبرئيل فقال: يا محمد إنزل فصل في هذا المكان.
قال: فنزلت فصليت»، الحديث (7).
وعن أبيه ومحمد بن عبد الله جميعا، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن
إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي، عن الحسن بن سعيد، عن علي بن الحكم، عن
فضيل الأعور، عن ليث بن أبي سليم، عن عائشة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «عرج بي
إلى السماء فأهبطت إلى مسجد الكوفة فصليت فيه ركعتين».
ثم قال: «وإن الصلاة المفروضة فيه تعدل حجة مبرورة، والنافلة تعدل عمرة
مبرورة» (8).



1 - في المطبوع: (ابن نباتة)، وما أثبتناه من المصدر والبحار، وفي أمالي الطوسي: (ابن
البياتي).
2 - في المطبوع: (التميمي)، وما أثبتناه من المصادر.
3 - أمالي الصدوق: 469 ح 625.
4 - أمالي الطوسي: 428 ح 957.
5 - المحاسن: 1 / 56 ح 86.
6 - وسائل الشيعة: 5 / 257 ح 6482.
7 - وسائل الشيعة: 5 / 257 ح 6483.
8 - وسائل الشيعة: 5 / 260 ح 6492.
52
علي بن موسى بن طاووس في مصباح الزائر (1): قال: روي أن الفريضة في
مسجد الكوفة (تعدل) (2) بألف فريضة والنافلة بخمسمائة.
قال: وروي أن الفريضة (فيه) بحجة والنافلة بعمرة (3).
وعنه: عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده، عن علي
ابن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن (ظريف بن ناصح) (4)، عن خالد القلانسي،
قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «صلاة في مسجد الكوفة بألف صلاة» (5).
وبالإسناد عن خالد القلانسي عن الصادق (عليه السلام) قال: «مكة حرم الله وحرم
رسوله (صلى الله عليه وآله) وحرم علي بن أبي طالب (عليه السلام)» ثم ساق الحديث وقد مر إلى
قوله: «والكوفة حرم الله وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله) وحرم علي بن أبي طالب (عليه السلام) الصلاة
فيها بألف صلاة» وسكت عن الدرهم (6).
ورواه الصدوق: بإسناده عن خالد بن ماد القلانسي (7).
ورواه الكليني: عن علي بن إبراهيم وغيره، عن أبيه، عن خالد بن ماد القلانسي
وزاد: والدرهم فيها بألف درهم (8).
وعن ابن قولويه: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن
محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن إبراهيم بن محمد، عن المفضل بن
زكريا، عن نجم بن حطيم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «لو يعلم الناس ما في
مسجد الكوفة لأعدوا له الزاد والراحلة من مكان بعيد».
وقال: «صلاة الفريضة فيه تعدل حجة، وصلاة النافلة تعدل عمرة» (9).
وعنه عن أبي القاسم، عن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن



1 - مصباح الزائر: 35.
2 - لم ترد في المصدر.
3 - وسائل الشيعة: 5 / 260 ح 6493 و 6494.
4 - في المطبوع الأول: (طريف بن نافع).
5 - وسائل الشيعة: 5 / 255 - 256 ح 6477.
6 - وسائل الشيعة: 5 / 256 ح 6478.
7 - من لا يحضره الفقيه: 1 / 288 ح 680.
8 - الكافي: 4 / 586 ح 1، وفيه: والدرهم بمائة ألف درهم.
9 - كامل الزيارات: 71 ح 60، وسائل الشيعة: 5 / 256 ح 6480.
53
ابن محبوب، عن عبد الله بن جبلة، عن سلام بن أبي عميرة، عن سعد بن طريف،
عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «النافلة في هذا المسجد تعدل
عمرة مع النبي والفريضة (فيه) تعدل حجة مع النبي وقد صلى فيه ألف نبي وألف
وصي» (1).
وبإسناده: عن الأصبغ بن نباتة: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «يا أهل الكوفة لقد
حباكم الله عزوجل بما لم يحب به أحدا، ففضل مصلاكم وهو بيت آدم وبيت نوح
وبيت إدريس ومصلى إبراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر ومصلاي، وأن
مسجدكم هذا لأحد المساجد الأربعة التي اختارها الله عزوجل لأهلها، وكأني به
قد أتي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم يشفع لأهله ولمن يصلي
فيه، فلا ترد شفاعته ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه،
وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الأرض
مؤمن إلا وصلى به أو حن قلبه إليه، فلا تهجروه وتقربوا إلى الله عزوجل بالصلاة
فيه وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من
أقطار الأرض ولو حبوا على الثلج» (2).
وفي المجالس: عن محمد بن علي بن الفضل الكوفي، عن محمد بن جعفر
المعروف بابن التبان، عن إبراهيم بن خالد المقري الكسائي، عن عبد الله بن داهر،
عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة مثله (3).
وفي ثواب الأعمال: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن أبي القاسم،
عن محمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن
عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الصلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة في
غيره من المساجد» (4).
عن جعفر بن محمد بن قولويه في المزار: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن
محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن



1 - كامل الزيارات: 72 ح 62، وسائل الشيعة: 5 / 257 ح 6481.
2 - وسائل الشيعة: 5 / 257 - 258 ح 6484.
3 - أمالي الصدوق: 297 ح 334.
4 - ثواب الأعمال: 30.
54
سليمان مولى طربال وغيره قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نفقة درهم بالكوفة تحسب
بمائة درهم فيما سواها، وركعتان فيها تحسب بمائة ركعة» (1).
وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن رجل، عن محمد بن
عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن داود بن فرقد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)
قال: «الصلاة في مسجد الكوفة الفريضة تعدل حجة مقبولة، والتطوع فيه يعدل
عمرة مقبولة» (2).
قال البراقي: إنما كررنا ذكر بعض الأحاديث، لاختلاف سندها أو لزيادات
بعضها دون بعض أو لاختلاف المتن فيها، ولكن كلها واردة في كتب الأخبار.
ومن فضل مسجد الكوفة: أن الذي ينفق فيه الدرهم أما في مطعمه أو في غير
ذلك يضاعف له في الأجر.
وقد مر عليك قول الصادق (عليه السلام): «نفقة درهم بالكوفة تحسب بمائة درهم فيما
سواها».
وما رواه الكليني عن القلانسي عن الصادق (عليه السلام): «إن مكة حرم الله» إلى قوله:
«والصلاة فيها بألف صلاة والدرهم فيها بألف درهم».
إلى غير ذلك، كما مر أيضا: «أن مسجد الكوفة يشفع لمن صلى فيه».
ومر أيضا رواية الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «يا أهل الكوفة
لقد حباكم الله» إلى قوله: «وكأني به قد أتي به يوم القيامة بثوبين أبيضين شبيه
بالمحرم يشفع لأهله ولمن يصلي فيه فلا ترد شفاعته» إلى آخر الحديث.
وروى العلامة المجلسي: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «لكأني بمسجد كوفان يأتي يوم
القيامة محرما في ملاءتين يشهد لمن صلى فيه ركعتين» (3).
قال المجلسي أيضا: قال مؤلف المزار الكبير: أخبرني السيد الأجل عبد
الحميد ابن التقي، عن عبد الله بن أسامة الحسيني في ذي القعدة سنة ثمانين
وخمسمائة قراءة عليه بحلة الجامعين، (قال): أخبرنا الشيخ أبو الفرج أحمد
القرشي، عن أبي الغنائم محمد بن علي، عن الشريف محمد بن علي بن الحسن



1 - كامل الزيارات: 70 ح 59.
2 - كامل الزيارات: 71 ح 61.
3 - بحار الأنوار: 97 / 396 ح 32.
55
العلوي، عن أبي تمام عبد الله بن أحمد الأنصاري، عن عبد الله بن كثير العامري،
عن محمد بن إسماعيل الأحمسي، عن محمد بن فضيل الضبي، عن محمد بن
سوقة، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن الأسود، عن عبد الله بن الأسود، عن
عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا (بن) مسعود لما أسري بي إلى
السماء الدنيا أراني مسجد الكوفة فقلت: يا جبرئيل ما هذا؟
قال: مسجد مبارك كثير الخير عظيم البركة اختاره الله لأهله وهو يشفع لهم
يوم القيامة» وذكر الحديث بطوله، وفي ذلك أخبار كثيرة (1).
ومن فضل مسجد الكوفة: أنه من كانت له حاجة وقصده وصلى فيه، فإنها
تقضى، كما ذكر المجلسي والحر العاملي وغيرهما.
عن المفيد، عن محمد بن الحسين المقري، عن ابن عقدة، عن علي بن
الحسن بن فضال، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن إبراهيم شيخ من أصحابنا، عن
صباح الحذاء قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من كانت له إلى الله حاجة فليقصد إلى
مسجد الكوفة وليسبغ وضوءه وليصل في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة
منهما فاتحة الكتاب وسبع سور معها وهي المعوذتان، وقل هو الله أحد، وقل يا
أيها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وسبح اسم ربك الأعلى، وإنا أنزلناه في
ليلة القدر، فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم سأل الله حاجته، فإنها تقضى بعون
الله إن شاء الله».
قال علي بن الحسن بن فضال: وقال لي هذا الشيخ: إني فعلت ذلك ودعوت
الله أن يوسع في رزقي، فأنا من الله تعالى بكل نعمة، ثم دعوته أن يرزقني الحج
فرزقته، وعلمته رجلا كان من أصحابنا مقترا عليه في رزقه، فرزقه الله تعالى ووسع
عليه (2).
وفي المصباح: عنه (عليه السلام) مرسلا مثله (3).



1 - بحار الأنوار: 97 / 394 ح 27، وما بين القوسين من المصدر.
2 - أمالي الطوسي: 415 ح 936، بحار الأنوار: 97 / 393 ح 25، وسائل الشيعة: 8 /
134 ح 10241.
3 - مصباح المتهجد: 225.
56
مسجد الكوفة من دخله كتبت له مغفرة
ذكر المجلسي في البحار، والحر العاملي في الوسائل، وابن طاووس في فرحة
الغري: عن نصير الدين، عن والده، عن السيد فضل الله، عن ذي الفقار، عن الشيخ
المفيد، عن محمد بن بكران النقاش، عن الحسين بن محمد المالكي، عن أحمد بن
هلال، عن أبي (شعيب) (1) الخراساني قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أيما
أفضل زيارة قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) أو زيارة قبر الحسين (عليه السلام) إلى أن قال: قال
لي: «أين تسكن؟»
قلت: الكوفة.
قال: «فإن مسجد الكوفة بيت نوح، لو دخله الرجل مائة مرة لكتب الله له مائة
مغفرة، لأن فيه دعوة نوح حيث قال: (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي
مؤمنا) (2)».
قال: قلت: من عنى بوالديه؟
قال: «آدم وحواء» (3).



1 - في المطبوع: (سعد)، وما أثبتناه من المصادر.
2 - سورة نوح: 28.
3 - فرحة الغري: 130 ح 73، بحار الأنوار: 97 / 261 ح 14، وسائل الشيعة: 14 / 381 -
382 ح 19432.
57
أبواب مسجد الكوفة
أما أبواب مسجد الكوفة فأحدها: باب السدة: وهي التي كان يدخل منها أمير
المؤمنين (عليه السلام)، والثانية: باب كندة (1): وهي من طرف يمين المسجد من جهة
الغرب وأقرب ما يكون من الزاوية الغربية بإيوانين، ثم باب الأنماط: وهي تحاذي
باب الفيل، ثم باب الفيل: وهي في الأصل تسمى: باب الثعبان، لما روي في البحار
ومدينة المعاجز وغرر المناقب بالإسناد قالوا: بينما أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على
منبر الكوفة إذ ظهر ثعبان من جانب المنبر وجعل يجر ويرقى، حتى دنا من أمير
المؤمنين (عليه السلام)، فارتاع الناس من ذلك وهموا أن يدفعوه عن الإمام (عليه السلام)، فأومى
بالكف عنه، فلما صار الثعبان على المنبر رقى إلى المرقاة التي عليها الإمام، ثم قام
الثعبان ثم انحنى الإمام على الثعبان فتطاول الثعبان إليه حتى التقم أذنه، فتحير
الناس من ذلك وهو يحدثه، فسمع من كان قريبا كلام الثعبان ثم زال عن مكانه،
وأمير المؤمنين (عليه السلام) جعل يحرك شفتيه والثعبان كالمصغي إليه، ثم سار الثعبان وعاد
أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى خطبته وتممها، فلما فرغ نزل من المنبر فاجتمع إليه الناس
يسألونه عن حال الثعبان والأعجوبة فيه.
فقال (عليه السلام): «ليس ذلك كما ظننتم، وإنما كان هذا حاكما على الجن فالتبست
عليه قضية وصعبت عليه فجاء ليستفهمها فأفهمته إياها، فدعا لي بالخير
وانصرف» (2).
وكان قد دخل الثعبان من الباب الكبير الذي يدخل منه الناس اليوم وهو بجهة
عكس القبلة، فسمي باب الثعبان واشتهر بذلك، فكره بنو أمية ظهور هذه الفضيلة
لأمير المؤمنين (عليه السلام) فربطوا في ذلك الباب فيلا وراموا أن تنسى تلك الفضيلة،
فعرفت بباب الفيل حتى اليوم.



1 - وهو الباب الذي هرب منه شبيب بن بجرة الذي كان مع عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله.
2 - مناقب آل أبي طالب: 2 / 88، مدينة المعاجز: 1 / 139 ح 78، بحار الأنوار: 39 /
178 ح 78.
58
باب الفيل
والأبواب للمسجد كثيرة، لأن قبائل الكوفة كان لكل قبيلة منهم باب باسمه،
لكن بتداول الأيام والحوادث الكارثة سدت الأبواب ولم يبق منها إلا باب الثعبان.

59
آثار السيد بحر العلوم (1) في مسجدي الكوفة والسهلة
إن للعلامة الكبير الحجة السيد محمد مهدي النجفي الشهير ببحر العلوم رحمه
الله تعالى آثارا خالدة:
منها: أن المقامات الكريمة في مسجد الكوفة لم تزل من سالف الأيام مجهولة
عند الناس مستنكرة الأعلام، لا يعرفها إلا أولوا البصيرة في الدين (وقليل ما
هم) (2) فتصدى السيد (رحمه الله) لتعيين تلك المقامات الشريفة، وبنى فيها العلامات
والمحاريب، ووضع عمودا صخريا في محراب النبي (صلى الله عليه وآله) لتعيين القبلة، وهو
الشاخص المعروف اليوم بالرخامة، وشيد أيضا فيه الحجرات حتى تكون أظلة يلوذ
إليها من أصهرته الشمس من العبادة، أو يعتكف فيها من أراد الاعتكاف في أيام
الشتاء، كل ذلك إعانة على البر والتقوى وتخليدا لمآثر الأنبياء وأئمة الدين (عليهم السلام).
ومنها: أن أرض مسجد الكوفة في الأصل هي أرض السفينة والسرداب
المعروف ببيت الطشت (3)، وكانت تمر عليه المارة وتطأها أرجل الواطئين ويجتمع



1 - هو السيد محمد المهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد ابن السيد عبد الكريم ابن
السيد مراد ابن السيد شاه أسد الله، وينتهي إلى السيد إبراهيم الملقب بطباطبا ثم إلى الحسن
المثنى، ولد في كربلاء المقدسة ليلة الجمعة في غرة شوال سنة 1155، ودرس المقدمات
والسطح والخارج في كربلاء ثم انتقل إلى النجف الأشرف سنة 1169، لقب بسيد الطائفة
وبصاحب الكرامات، وضرب به المثل في العلم والزهد والتقوى والإدارة في غضون
شبابه، له كرامات كثيرة منها: تشرفه بلقاء صاحب الزمان (عليه السلام) في مسجد السهلة
وسامراء، وقصة فتح باب الصحن والحرم الشريف له، وتضليله الغمامة لتقيه حر
الشمس، وسبب لقبه ببحر العلوم: أنه حين سافر إلى إيران وأقام في خراسان نحو ستة أعوام
يدرس الفلسفة الإسلامية عند الشيخ محمد مهدي الأصفهاني، فاعجب به أستاذه لشدة ذكائه
وفهمه، وأطلق عليه ذلك اللقب الكبير وقال له أثناء الدرس: إنما أنت بحر العلوم، فاشتهر
به، وله مؤلفات كثيرة، وتوفى في رجب سنة 1212 عن عمر يناهز السابعة والخمسين.
2 - سورة ص: 24.
3 - وقصة الطشت عن عمار بن ياسر وزيد بن أرقم قالا: كنا بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام)
وكان يوم الاثنين أربع عشر خلت من صفر وإذا بزعقة عظيمة أصمت المسامع وكان علي
على دكة القضاء فقال: «يا عمار أئتني بذي الفقار»، وكان وزنه سبعة أمنان وثلثي من مكي.
فجئت به فانتضاه من غمده وتركه على فخذه وقال: «يا عمار هذا يوم أكشف فيه لأهل
الكوفة الغمة، يا عمار أئتني بمن على الباب». قال عمار: فخرجت فإذا على الباب امرأة في
قبة على جمل وهي تشتكي وتصيح: يا غياث المستغيثين ويا بغية الطالبين ويا كنز الراغبين
ويا ذا القوة المتين ويا مطعم اليتيم ويا رازق القديم ويا محيي كل عظم رميم ويا قديما سبق
قدمه كل قديم ويا عون من ليس له عون ولا معين يا طود من لا طود له يا كنز من لا كنز له
إليك توجهت وبوليك توسلت وخليفة رسولك قصدت فبيض وجهي وفرج عني كربتي.
فقال عمار: وكان حولها ألف فارس بسيوف مسلولة قوم لها وقوم عليها، فقلت: أجيبوا أمير
المؤمنين أجيبوا علم النبوة. قال: فنزلت المرأة من القبة ونزل القوم ودخلوا
المسجد، فوقفت المرأة بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت: يا مولاي يا إمام المتقين إليك
أتيت وإياك قصدت فاكشف كربتي وما بي من غمة فإنك قادر على ذلك وعالم بما كان وما
يكون إلى يوم القيامة، فعند ذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا عمار نادي في الكوفة من أراد أن
ينظر إلى ما أعطاه الله أخا رسوله فليأت المسجد». قال: فاجتمع الناس حتى امتلأ المسجد
بالناس فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: «سلوني ما بدا لكم يا أهل الشام». فنهض شيخ من
بينهم قد شاب وعليه بردة يمانية فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين هذه الجارية ابنتي وقد
خطبها ملوك العرب والآن قد فضحتني لأنها قد حملت بحمل لا أدري من أين هو. فقال أمير
المؤمنين (عليه السلام): «ما تقولين يا جارية؟» فقالت: يا مولاي وحقك ما علمت في نفسي خيانة قط
وإني أعلم أنك بنفسي أعلم بي مني. قال عمار: فأخذ الإمام (عليه السلام) ذا الفقار وصعد المنبر
وقال: «الله أكبر الله أكبر جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا - ثم قال -: علي بداية
الكوفة». فجاؤوا بها، فقال لها أمير المؤمنين: «اضربي فيما بينك وبين الناس حجابا وانظري
هذا الجارية عاتق أم لا - العاتق: الجارية التي أدركت وبلغت - حامل أم لا؟». ففعلت ما أمر
به (عليه السلام) ثم قالت: نعم يا سيدي هي عاتق حامل. فالتفت إلى أبي الجارية وقال: «يا أبا الغضب
ألست من قرية كذا وكذا من إعمال دمشق». قال: وما هذه القرية؟ قال: «هي قرية تسمى
أسعار؟». قال: بلى يا أمير المؤمنين. فقال (عليه السلام): «من منكم يقدر على قطعة ثلج في هذه
الساعة؟» قال: يا مولاي الثلج في بلادنا كثير ولكن ما نقدر عليه هاهنا. فقال (عليه السلام): «بينكم
وبيننا مائتان وخمسون فرسخا». قال: نعم يا مولاي. قال (عليه السلام): «أيها الناس انظروا إلى ما
أعطى الله عليا من العلم النبوي الذي أودعه الله ورسوله من العلم الرباني». قال عمار: فمد
يده من أعلى منبر الكوفة ورماها وإذا فيها قطعة ثلج يقطر الماء منها، فعند ذلك ضج الناس
وماج الجامع بأهله، فقال (عليه السلام): «اسكتوا فلو شئت أتيت بجبالها». ثم قال لها: «يا داية خذي
هذه القطعة من الثلج واخرجي الجارية من المسجد واتركي تحتها طشتا وضعي هذه القطعة
ما يلي الفرج فسترين علقة وزنها سبعمائة وخمسون درهما ودانقان». فقالت: سمعا وطاعة
لله ولك يا أمير المؤمنين، ثم أخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت
الثلج كما أمرها الإمام فرأت علقة وزنتها الدابة فوجدتها كما قال (عليه السلام) فأقبلت ووضعتها بين
يديه فقال (عليه السلام): «يا أبا الغضب خذ ابنتك فوالله ما زنت وإنما دخلت الموضع الذي فيه الماء
فدخلت هذه العلقة في جوفها وهي بنت عشرة سنين وكبرت إلى الآن في بطنها». فنهض
أبوها وهو يقول: أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر وأنت باب الدين وعموده...
انظر: نوادر المعجزات: 26 ح 10، الفضائل لشاذان: 155، مدينة المعاجز: 2 / 35 ح 339.
60
أخلاط الناس وفيهم الأعراب رجالا ونساءا، معهم الصبية الصغار ينزلون في زوايا
المسجد ويبيتون فيها ليالي، فلربما يصل إلى أرض المسجد شيء من القذارات
يكون الواجب تنزيهها عنه، فتنحت الأرض نحتا ويطرح ترابها إلى خارج
المسجد، وفيه من المحذور الشرعي ما لا يخفى، فاعتنى السيد (رحمه الله) بهذا الشأن وطم
أرض المسجد بالتراب الطاهر من خارجها، صونا للبقعة الشريفة عما يمس بطهارتها
وتيسيرا لإزالة الدرن عنها، فصارت أرض فوق أرض، ووضع محاريب فوق
المحاريب الأصلية على صورة يراها اليوم كل قاصد ومرتاد، ثم لما كثر في عصرنا
الفساد في تلك الحجر، جاء الحاج ميرزا أبو القاسم الكرباسي في سنة 1310 فهدم
قواطع الحجر وجعلها إيوانات، كل ذلك حفظا للمسجد من وقوع الفساد فيه، ثم إنه
في سنة 1325 تصدى السيد علي كمونة سادن الحرم العلوي، فصنع خانا عظيما
إلى جنب المسجد من الجهة الغربية وهو على طوله، وبنى فيه حجرا وبنى سوقا
لأجل الزائرين القاصدين للمسجد، وعمل مرابط للحيوانات على باب الخان، وقد
ساعده على بذل الأموال سيد شهم من أهل البحرين، فبني وتم بناؤه سنة 1327.
ومنها: أن في مسجد سهيل، المعروف بمسجد السهلة، مقاما لحجة الله الإمام
المنتظر عجل الله فرجه، ولم يكن معهودا بين الناس، فأمر السيد بحر العلوم (رحمه الله)
ببناء القبة فيه تعيينا لذلك المقام الكريم، ولا غرو فإنه (رحمه الله) أعرف به وأدرى، ولا
ينبؤك مثل خبير.

62
في أن مسجد الكوفة أفضل البقاع
روى المجلسي والحر العاملي وغيرهما، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد
الله أو عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: أي بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله وحرم
رسوله؟
فقال: «الكوفة يا أبا بكر هي الزكية الطاهرة، فيها قبور النبيين والمرسلين وغير
المرسلين والأوصياء الصادقين، وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا إلا وقد
صلى فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه، والقوام من بعده وهي منازل
النبيين والأوصياء الصالحين» (1).
وفي البحار وفرحة الغري: قال: حدثنا سلامة قال: حدثنا محمد بن جعفر،
عن محمد بن أحمد، عن أبي عبد الله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي
حمزة، عن صفوان، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته
يقول: «الكوفة روضة من رياض الجنة، فيها قبر نوح وإبراهيم وقبور ثلاثمائة نبي
وسبعين نبيا وستمائة وصي وقبر سيد الأوصياء أمير المؤمنين (عليه السلام)».
وفي البحار وبشائر الرضوان: قال: «إن الكوفة جمجمة (العرب) (2)، ورمح
الله، وكنز الإيمان» (3).
والطيبة الزكية، وروضة من رياض الجنة، وفيها قبر آدم ونوح وإبراهيم وقبور
ثلاثمائة وسبعين نبيا وستمائة وصي، وقبر سيدهم وهي حرمه (عليه السلام) ودار هجرته،
ولما عرض ولايته (عليه السلام) على السماوات والأرض أجابت منها السماء السابعة أولا ثم
الرابعة ثم الأولى ثم أرض الحجاز، فشرفت بالحرم ثم أرض الشام فشرفت ببيت
المقدس ثم أرض طيبة فشرفت بقبر النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أرض كوفان فشرفت بقبر
وصيه (عليه السلام) (4).



1 - بحار الأنوار: 97 / 440 ح 17، وسائل الشيعة: 5 / 255 ح 6467، وكذا: كامل
الزيارات: 76 ح 69، تهذيب الأحكام: 6 / 31 ح 57.
2 - في المطبوع: (العراق)، وما أثبتناه من المصادر.
3 - بحار الأنوار: 97 / 396، وكذا: الكافي: 6 / 243 ح 1، علل الشرائع: 2 / 460 ح 1.
4 - انظر: الغارات للثقفي: 2 / 844، بحار الأنوار: 27 / 281 ح 4.
63
مسجد الكوفة أول ما عبد الله فيه
روى في البحار والوسائل: بالإسناد قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أول بقعة
عبد الله عليها ظهر الكوفة، لما أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا على ظهر
الكوفة، (وأن الملائكة لتنزل في كل ليلة إلى مسجد الكوفة)» (1).
وفي البحار والوسائل والكافي: بالإسناد عن ابن أسباط قال: وحدثني غيره:
أنه كان ينزل في كل ليلة ستون ألف ملك يصلون عند السابعة - في مسجد الكوفة -
ثم لا يعود منهم ملك إلى يوم القيامة (2).
كراهية الخروج من مسجد الكوفة
قبل الظهر من يوم الجمعة
روى المجلسي في البحار والحر في الوسائل، في باب كراهية الخروج من مكة
والكوفة والحائر قبل انتظار الجمعة: عن محمد بن الحسن بإسناده، عن محمد بن
أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من خرج من مكة أو
المدينة أو مسجد الكوفة أو الحائر الحسيني قبل أن ينتظر الجمعة نادته الملائكة
أين تذهب لا ردك الله» (3).



1 - بحار الأنوار: 97 / 232 ح 25، مستدرك الوسائل: 4 / 484 ح 5227، وما بين
القوسين لم يرد في المصادر.
2 - الكافي: 3 / 493 ح 5، بحار الأنوار: 97 / 401 ح 55، الوسائل: 5 / 263 ح 6499.
3 - بحار الأنوار: 97 / 132 ح 19، وسائل الشيعة: 14 / 542 ح 19782.
64
ما ورد من القرآن في مدح الكوفة
وفي البحار والوسائل أيضا: عن المظفر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمد
ابن مسعود، عن أبيه، عن الحسين بن أشكيب، عن عبد الرحمن بن حماد، عن
أحمد بن الحسن، عن صدقة بن حسان، عن مهران بن أبي نصر، عن يعقوب بن
شعيب، عن أبي سعيد الإسكافي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال أمير
المؤمنين (عليه السلام): (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) (1).
قال: الربوة الكوفة، والقرار المسجد، والمعين الفرات» (2).
وفي البحار والوسائل أيضا: عن محمد بن علي بن الحسين في معاني
الأخبار (3)، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبي
عبد الله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن موسى بن بكر، عن أبي
الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن
الله اختار من البلدان أربعة فقال عزوجل: (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد
الأمين) (4) فالتين المدينة، والزيتون بيت المقدس، وطور سنين الكوفة، وهذا
البلد الأمين مكة» (5).
[وقال المجلسي في كتاب السماء والعالم من البحار: قوله: (وآويناهما إلى
ربوة) قال الطبرسي (6): أي جعلناهما مكانا مرتفعا مستويا واسعا، وهي حيرة
الكوفة وسوادها، والقرار مسجد الكوفة، والمعين الفرات، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) (7).



1 - سورة المؤمنون: 50.
2 - بحار الأنوار: 97 / 227 ح 3، وسائل الشيعة: 14 / 361 - 362 ح 18.
3 - معاني الأخبار: 364 - 365 ح 1.
4 - سورة التين: 1 - 3.
5 - بحار الأنوار: 96 / 77 ح 2، وسائل الشيعة: 14 / 361 ح 19389.
6 - تفسير مجمع البيان: 7 / 192.
7 - بحار الأنوار: 57 / 202.
65
وفي كتاب السماء والعالم، ومعاني الأخبار، والخصال: عن الحسين بن
إدريس، عن أبيه، عن محمد بن أحمد الأشعري، عن أبي عبد الله الرازي، عن
الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله اختار من البلدان أربعة فقال عزوجل: (والتين
والزيتون وطور سينين وهذا البلد الامين) فالتين المدينة، والزيتون بيت
المقدس، وطوس سنين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة» (1).
قال المجلسي: بيان: كني عن الكوفة بطور سينين، لأن ظهرها وهو النجف كان
محل مناجاة سيد الأوصياء كما أن الطور كان محل مناجاة موسى، أو لأن الجبل
الذي سأل موسى عليه الرؤية فتقطع ووقع جزء منه هناك كما ورد في بعض
الأخبار، أو أنه لما أراد ابن نوح أن يعتصم بهذا الجبل تقطع فصار بعضه في طور
سيناء، أو أنه هو طور سيناء حقيقة وغلط فيه المفسرون واللغويون] (2) (3).



1 - الخصال: 225 ح 58، معاني الأخبار: 364 ح 1.
2 - ما بين المعقوفتين كان في الباب الآتي وأثبتناه في مكانه المناسب.
3 - بحار الأنوار: 57 / 204 - 205 ذيل ح 2.
66
مسجد الكوفة قصر من قصور الجنة
روى في الوسائل والبحار: عن الحسن بن محمد الطوسي في مجالسه (1)، عن
أبيه، عن هلال بن محمد الحفار، عن إسماعيل بن علي الدعبلي، عن علي بن أخي
دعبل، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «أربعة من قصور
الجنة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد بيت
المقدس، ومسجد الكوفة» (2).
ما ورد في مدح تربة الكوفة وأهلها
في السماء والعالم والبصائر: عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي
جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عرض ولايتنا على
أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة» (3).
وفي البحار والبصائر: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن سنان، عن (عتيبة) (4) بياع
القصب، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن ولايتنا عرضت على
السماوات والأرض والجبال والأمصار ما قبلها قبول أهل الكوفة» (5).
وفي السماء والعالم: بإسناده عن عبد الواحد البصري، عن أبي وائل، عن عبد
الله الليثي، عن ثابت (البناني) (6)، عن أنس بن مالك قال: كنت جالسا ذات يوم عند
النبي (صلى الله عليه وآله) إذ دخل عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال (صلى الله عليه وآله): «إلي يا أبا الحسن».



1 - أمالي الطوسي: 369 ح 788.
2 - بحار الأنوار: 96 / 240 ح 4، وسائل الشيعة: 5 / 282 - 283 ح 6555.
3 - بصائر الدرجات: 96 ح 1، بحار الأنوار: 57 / 209 ح 10.
4 - في المطبوع: (عنبسة)، وما أثبتناه من المصادر.
5 - بصائر الدرجات: 97 ح 4، بحار الأنوار: 57 / 209 ح 11.
6 - في المطبوع: (الشبامي)، وما أثبتناه من المصدر.
67
ثم اعتنقه وقبل ما بين عينيه وقال: «يا علي إن الله عز اسمه عرض ولايتك على
السماوات فسبقت إليها السماء السابعة فزينها بالعرش، ثم سبقت إليها السماء
الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم سبقت إليها السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ثم
عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكة فزينها بالكعبة، ثم سبقت إليها المدينة
فزينها بي، ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بك، ثم سبقت إليها قم فزينها بالعرب
وفتح لها بابا من أبواب الجنة» (1).
وفي السماء والعالم وتاريخ قم: عن محمد بن قتيبة الهمداني والحسن بن علي
الكشمارجاني، عن علي بن النعمان، عن أبي الأكراد (علي بن) (2) ميمون
الصائغ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد،
وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد، واحتج ببلدة قم على سائر البلا،
وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والأنس» الحديث (3).
ما ورد في أن البلاء مدفوع عن الكوفة وأهلها
روى في البحار وتاريخ قم، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد
البرقي، عن سعد بن سعد الأشعري، عن جماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا
عمت البلايا فالأمن في الكوفة ونواحيها من السواد وقم من الجبل» الحديث (4).
وفي البحار وتاريخ قم أيضا: عن محمد بن سهل بن اليسع، عن أبيه، عن
جده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا (فقد) (5) الأمن من البلاد وركب الناس على
الخيول واعتزلوا النساء والطيب فالهرب الهرب عن جوارهم».
فقلت: جعلت فداك إلى أين؟



1 - بحار الأنوار: 57 / 212 ح 21.
2 - في المطبوع: (عن)، وما أثبتناه من المصدر.
3 - بحار الأنوار: 57 / 212 - 213 ح 22.
4 - تاريخ قم: 97، بحار الأنوار: 57 / 214 ح 28.
5 - في المطبوع: (نفذ)، وما أثبتناه من المصدر.
68
قال: «إلى الكوفة ونواحيها أو إلى قم وحواليها، فإن البلاء مدفوع عنها» (1).
وفي البحار وتاريخ قم أيضا: عن يعقوب بن يزيد، عن أبي الحسن الكرخي،
عن سليمان بن صالح قال: كنا ذات يوم عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكر فتن بني العباس
وما يصيب الناس منهم فقلنا: جعلنا فداك فأين المفزع والمفر في ذلك الزمان؟
فقال: «إلى الكوفة وحواليها وإلى قم ونواحيها» (2).
ما ورد من الأخبار في مدح الكوفة
وفي البحار وتاريخ قم: روى عدة من أهل الري: أنهم دخلوا على أبي عبد
الله (عليه السلام) وقالوا: نحن من أهل الري.
فقال (عليه السلام): «مرحبا بإخواننا من أهل قم».
فقالوا: نحن من أهل (الري) (3)؟
فأعاد عليهم الكلام، (قالوا ذلك) مرارا وأجابهم (عليه السلام) بمثل ما أجابهم أولا
فقال (عليه السلام): «إن لله حرما وهو مكة، وإن للرسول حرما وهو المدينة، وإن لأمير
المؤمنين حرما وهو الكوفة، وإن لنا حرما وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من
أولادي تسمى فاطمة فمن زارها وجبت له الجنة».
قال الراوي: وكان هذا الكلام منه قبل أن يولد الكاظم (عليه السلام) (4).
وفي البحار وتاريخ قم: عن الحسن بن يوسف، عن خالد بن أبي يزيد، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله اختار من جميع البلاد الكوفة وقم وتفليس» (5).
وفي البحار وتاريخ قم أيضا: عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير،
عن جميل بن دراج، عن زرارة بن أعين، عن الصادق (عليه السلام) قال: «أهل خراسان



1 - تاريخ قم: 97، بحار الأنوار: 57 / 214 ح 29، وفيه: (العباد) بدل: (البلاد).
2 - تاريخ قم: 98، بحار الأنوار: 57 / 215 ح 35.
3 - في المطبوع: (قم)، وما أثبتناه من المصادر.
4 - تاريخ قم: 214: بحار الأنوار: 57 / 216 - 217 ح 41.
5 - تاريخ قم: 97، بحار الأنوار: 57 / 213 ح 25، وتفليس: بلد بأرمينية وبعض
يقول: بأران وهي قصبة ناحية جرزان. معجم البلدان: 2 / 35.
69
أعلامنا، وأهل قم أنصارنا، وأهل الكوفة أوتادنا، وأهل هذا السواد منا ونحن
منهم» (1).
وفيهما وفي مجالس الشيخ: عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن
التلعكبري، عن محمد بن همام، عن عبد الله الحميري، عن الطيالسي، عن رزيق
الخلقاني قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) يوما إذ دخل عليه رجلان من أهل الكوفة
من أصحابنا، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «تعرفهما؟»
قلت: نعم هما من مواليك.
فقال: «نعم الحمد لله الذي جعل أجلة موالي بالعراق» الخبر (2).
وفيهما وفي مجالس الشيخ أيضا: عن ابن عبدون، عن علي بن محمد بن
الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس بن عامر، عن عبد الله بن الوليد
قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمنا عليه وجلسنا بين يديه فسألنا من أنتم؟
فقلنا: من أهل الكوفة.
فقال: «أما إنه ليس بلد من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ثم هذه
العصابة خاصة، إن الله هداكم لأمر جهله الناس أحببتمونا وأبغضنا الناس
وصدقتمونا وكذبنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس، فجعل الله محياكم محيانا
ومماتكم مماتنا» الخبر (3).
قال المجلسي: بيان: ثم هذه العصابة، أي هم فيها أكثر من غيرها من البلدان
والمراد عصابة الشيعة، فإن المحب أعم منها والعصابة بالكسر الجماعة من
الناس (4).



1 - تاريخ قم: 97، بحار الأنوار: 57 / 214 ح 30.
2 - أمالي الطوسي: 697 ح 1490، تاريخ قم: 99، بحار الأنوار: 57 / 222 ح 54.
3 - أمالي الطوسي: 678 ح 1440، تاريخ قم: 99.
4 - بحار الأنوار: 57 / 222 ح 53.
70
الكوفة ما قصدها جبار بسوء إلا وانتقم الله منه
إن الكوفة نزلت بها النوازل، وحدثت فيها الحوادث، وحكمت فيها الجبابرة،
وإن الله عاقبهم وأهلكهم، لأن من فضلها ما قصدها جبار إلا وانتقم الله منه.
ذكر المجلسي في السماء والعالم: فقال: من كلام له (عليه السلام) يعني أمير المؤمنين
في ذكر الكوفة: «كأني بك يا كوفة تمدين مد الأديم العكاظي، تعركين بالنوازل،
وتركبين بالزلازل، وأني لأعلم أنه ما أراد بك جبار سوء إلا ابتلاه الله بشاغل، أو
رماه بقاتل».
قال المجلسي: بيان، الأديم: الجلد المدبوغ، وعكاظ: بالضم موضع بناحية
مكة كانت العرب تجتمع فيه في كل سنة، ويقيمون به سوقا مدة شهر،
ويتعاكظون: أي يتفاخرون ويتناشدون، وينسب إليه الأديم لكثرة البيع فيه، والأديم
العكاظي: مستحكم الدباغ شديد المد وذلك وجه الشبه، والعرك: الدلك والحك،
وعركه: أي حمل عليه الشر، وعركت القوم الحرب إذا مارستهم حتى أتعبتهم،
والنوازل: المصائب والشدائد، والزلازل: البلايا، وتركبين: على بناء المجهول
كالفعلين السابقين، أي تجعلين مركوبة لها أو بها على أن تكون الباء للسببية
كالسابقة، والشدائد التي أصابت الكوفة وأهلها معروفة مذكورة في السير.
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «هذه مدينتنا ومحلنا ومقر شيعتنا».
وعن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «تربة تحبنا ونحبها».
وعنه (عليه السلام): «اللهم ارم من رماها وعاد من عاداها» (1).
وذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج الخطبة كما ذكرها المجلسي، ثم قال
قوله: تمدين مد الأديم، استعارة لما ينالها من العسف والخبط، وقوله: تعركين، من
عركت القوم الحرب إذا مارستهم حتى أتعبتهم (2).



1 - بحار الأنوار: 57 / 209 - 210 ح 12.
2 - شرح نهج البلاغة: 3 / 197 - 198.
71
قال في المجمع: مدت: أي بسطت، ومد الأرض: أي بسطها طولا وعرضا (1).
ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج
في فضل الكوفة
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: قد جاء في فضل أهل الكوفة عن أهل
البيت (عليهم السلام) شيء كثير، نحو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «نعمت المدرة».
وقوله (عليه السلام): «إنه يحشر من ظهرها يوم القيامة سبعون ألفا وجوههم على صورة
القمر».
وقوله (عليه السلام): «هذه مدينتنا ومحلتنا ومقر شيعتنا».
وقول جعفر بن محمد (عليه السلام): «اللهم ارم من رماها وعاد من عاداها».
وقوله (عليه السلام): «تربة تحبنا، ونحبها».
فأما ما هم به الملوك وأرباب السلطان فيها من السوء ودفاع الله عنها فكثير:
قال المنصور لجعفر بن محمد (عليه السلام): إني قد هممت أن أبعث إلى الكوفة من
ينقض منازلها ويجمر نخلها ويستصفي أموالها ويقتل أهل الريبة منها فأشر علي.
فقال: «يا أمير المؤمنين إن المرء ليقتدي بسلفه ولك أسلاف ثلاثة: سليمان
أعطي فشكر وأيوب ابتلي فصبر، ويوسف قدر فغفر، فاقتد بأيهم شئت».
فصمت قليلا ثم قال: قد غفرت.
وروى أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في كتاب المنتظم (2): أن
زيادا لما حصبه أهل الكوفة وهو يخطب على المنبر قطع أيدي ثمانين منهم، وهم
أن يخرب دورهم ويجمر نخلهم، فجمعهم حتى ملأ بهم المسجد والرحبة يعرضهم
على البراءة من علي، وعلم أنهم سيمتنعون فيحتج بذلك على استئصالهم وإخراب
بلدهم.
قال عبد الرحمن بن السائب الأنصاري: فإني لمع نفر من قومي والناس يومئذ
في أمر عظيم، إذ هومت تهويمة فرأيت شيئا أقبل طويل العنق مثل عنق البعير أهدر



1 - مجمع البحرين: 4 / 179.
2 - المنتظم: 5 / 227 ضمن حوادث سنة 50 (باختصار).
72
أهدل فقلت: ما أنت؟
فقال: أنا النقاد ذو الرقبة بعثت إلى صاحب هذا القصر.
فاستيقظت فزعا فقلت لأصحابي: هل رأيتم مثل ما رأيت؟
قالوا: لا.
فأخبرتهم وخرج علينا خارج من القصر فقال: انصرفوا فإن الأمير يقول
لكم: إني عنكم اليوم مشغول.
وإذا بالطاعون قد ضربه فكان يقول: إني لأجد في النصف من جسدي حر النار
حتى مات.
فقال عبد الرحمن بن السائب:
ما كان منتهيا عما أراد بنا * حتى تناوله النقاد ذو الرقبة
فأثبت الشق منه ضربة عظمت * كما تناول ظلما صاحب الرحبة
قلت: قد يظن ظان أن قوله: صاحب الرحبة، يمكن أن يحتج به من قال: إن قبر أمير
المؤمنين (عليه السلام) في رحبة المسجد بالكوفة، ولا حجة في ذلك، لأن أمير
المؤمنين (عليه السلام) كان يجلس معظم زمانه في رحبة المسجد يحكم بين الناس، فجاز أن
ينسب إليه بهذا الاعتبار، إلى هنا ما في شرح النهج (1).
الجبابرة الذين قصدوا الكوفة بسوء فابتلاهم الله
في البحار: قال محمد بن الحسين الكيدري في شرح النهج (2): فمن الجبابرة
الذين ابتلاهم الله بشاغل فيها زياد، وقد جمع الناس في المسجد ليلعن عليا صلوات
الله عليه فخرج الحاجب وقال: انصرفوا فإن الأمير مشغول، وقد أصابه الفالج في
هذه الساعة، وابنه عبيد الله بن زياد وقد أصابه الجذام، والحجاج بن يوسف وقد



1 - شرح نهج البلاغة: 3 / 198 - 199.
2 - الموسوم بحدائق الحقائق في تفسير دقائق أحسن الخلائق، وله أيضا: منهاج المنهج
في الفضائل، وأنوار العقول من أشعار وصي الرسول، وكفاية البرايا في معرفة الأنبياء
والأولياء، ولب الألباب في بعض مسائل الكلام، وبصائر الأنس بحظائر القدس، وينسب
اليه الدرة الباهرة من أصداف الطاهرة.
73
تولدت الحيات في بطنه حتى هلك، وعمر بن هبيرة وابنه يوسف وقد أصابهما
البرص، وخالد القسري وقد حبس فطولب حتى مات جوعا.
وأما الذين رماهم الله بقاتل فعبيد الله بن زياد ومصعب بن الزبير وأبو السرايا
وغيرهم فقتلوا جميعا، ويزيد بن المهلب قتل على أسوء حال (1).
وفي مجمع البحرين: في مادة (جبر) قال: وفي حديث الكوفة: «ما أراد بك
جبار سوء إلا ابتلاه الله بشاغل أو رماه بقاتل».
قيل: ومن الجبابرة الذين أرادوا بها السوء زياد بن أبيه، روي أنه كان جمعهم في
المسجد لسب علي (عليه السلام) والبراءة منه، ويقتل من يعصيه في ذلك، فبينا هم
مجتمعون إذ خرج صاحبه فأمرهم بالانصراف وقال: إن الأمير مشغول عنكم. وكان
قد رمي في تلك الساعة بالفالج.
(ومنهم: عبيد الله وأصابه الجذام).
ومنهم: الحجاج تولدت في بطنه الحيات واحترق دبره حتى هلك.
ومنهم: عمر بن هبيرة وابنه يوسف رميا بالبرص.
ومنهم: خالد القسري ضرب وحبس حتى مات جوعا.
وممن رمي بقاتل: عبيد الله بن زياد، ومصعب بن الزبير، ويزيد بن المهلب
وأحوالهم مشهورة (2).
وفي عيون الأخبار والبحار: بإسناد التميمي عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)
قال: ذكر علي (عليه السلام) الكوفة فقال: «يدفع البلاء عنها كما يدفع عن أخبية
النبي (صلى الله عليه وآله)» (3).
وفي أمالي المفيد والبحار: عن الكاتب عن الزعفراني، عن الثقفي، عن إبراهيم
ابن ميمون، عن مصعب بن سلام، عن ابن طريف، عن ابن نباتة قال: كان أمير
المؤمنين (عليه السلام) يصلي عند الأسطوانة السابعة من باب الفيل مما يلي الصحن، إذ أقبل
رجل عليه بردان أخضران وله عقيصتان سوداوان (4)، أبيض اللحية، فلما سلم أمير



1 - بحار الأنوار: 57 / 210.
2 - مجمع البحرين: 1 / 388، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
3 - عيون أخبار الرضا: 1 / 71 ح 291، بحار الأنوار: 97 / 392 ح 22.
4 - عقيصتان: أي ضفيرتان. الصحاح: 2 / 722.
74
المؤمنين (عليه السلام) من صلاته أكب عليه فقبل رأسه ثم أخذ بيده فأخرجه من باب كندة
قال: فخرجنا مسرعين خلفهما ولم نأمن عليه، فاستقبلنا (عليه السلام) في چهار سوج (1) قد
أقبل راجعا فقال: «ما لكم؟»
فقلنا: لم نأمن عليك هذا الفارس.
فقال: «هذا أخي الخضر، ألم تروا حيث أكب علي».
قلنا: بلى.
قال: «إنه قال لي: إنك في مدرة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله واحذر
الناس، فخرجت معه لأشيعه لأنه أراد الظهر».
قال المجلسي: المدرة بالتحريك: البلدة (2).
المساجد المباركة بالكوفة
إن بالكوفة مساجد كثيرة، إلا أن فيها مساجد مباركة ومساجد ملعونة، وقد
ذكرها المجلسي في البحار والحر العاملي في الوسائل وغيرهما (3)، وذكروا فضلها
مفصلا وقال: ألفت كتابا كبيرا في الكوفة وفي بقية مساجدها منها: مسجد سهيل
وفيه أخبار كثيرة يأتي ذكر بعضها، ويقال له: مسجد بني ظفر، ومسجد غني وهو
مسجد مبارك، فقد ورد أنه صلى فيه ودعا الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)، ومسجد
جعفي وهو مبارك أيضا، فقد ورد أنه صلى فيه ودعا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)،
ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متي (عليه السلام) وليس هو قبره، فقد ورد أن أمير
المؤمنين (عليه السلام) صلى فيه.



1 - أي في مفترق أربع جهات.
2 - أمالي الطوسي: 51 ح 67، بحار الأنوار: 97 / 392 ح 23.
3 - راجع: فضل الكوفة ومساجدها للمشهدي: 396، وسائل الشيعة: 5 / 396 باب 34 -
39، ومستدرك الوسائل: 3 / 396 باب 43 - 49.
75
المساجد الملعونة في الكوفة
إن المساجد الملعونة في الكوفة هي مسجد ثقيف، ومسجد الأشعث ما بين
السهلة والكوفة وقد بقي منه حائط قبلته ومنارته، وهو المسجد الذي يدعونه
بمسجد الجواشن، بناه الأشعث على بغض أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومسجد جرير بن
عبد الله البجلي، ومسجد سماك بن مخرمة وهو بالموضع الذي فيه الحدادون قريب
منه، وذكر أنه يسمى بمسجد الحوافر، ومسجد شبث بن ربعي في السوق آخر درب
الحجاج، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفراعنة، وهو بمحلة
النجار، ومسجد تيم، ومسجد بني السيد، ومسجد بني عبد الله بن رازم.
روى المجلسي في البحار بحذف الإسناد: عن محمد بن مسلم، عن أبي
جعفر (عليه السلام) أنه قال: «بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة، فأما المباركة
فمسجد غني، والله إن قبلته لقاسطة وإن طينته لطيبة، ولقد بناه رجل مؤمن ولا
تذهب الدنيا حتى تنفجر عنده عينان ويكون فيهما جنتان، وأهله ملعونون وهو
مسلوب منهم، ومسجد بني ظفر، ومسجد السهلة، ومسجد الحمراء، ومسجد
جعفي، وليس هو مسجدهم اليوم ويقال: درس.
وأما المساجد الملعونة: فمسجد ثقيف، ومسجد الأشعث، ومسجد جرير
البجلي، ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفراعنة» (1).
وروى أيضا بحذف الإسناد: عن خالد بن عرعرة قال: سمعت عليا (عليه السلام)
يقول: «إن بالكوفة مساجد مباركة ومساجد ملعونة، فأما المباركة فمنها: مسجد
غني وهو مسجد مبارك، والله إن قبلته لقاسطة، ولقد أسسه رجل مؤمن، وإنه لفي
سرة الأرض وإن بقعته لطيبة، ولا تذهب الليالي والأيام حتى تنفجر فيه عيون،
ويكون على جنبيه جنتان، وإن أهله ملعونون وهو مسلوب عنهم، ومسجد جعفي
مسجد مبارك، وربما اجتمع فيه ناس من العرب من أوليائنا فيصلون فيه، ومسجد
بني ظفر مسجد مبارك، والله إن فيه لصخرة خضراء وما بعث الله من نبي إلا فيها



1 - بحار الأنوار: 97 / 438 ح 10.
76
تمثال وجهه وهو مسجد السهلة، ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متي (عليه السلام)
ولينفجرن فيه عين يظهر على السبخة وما حولها.
وأما المساجد الملعونة: فمسجد الأشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبد الله
البجلي، ومسجد ثقيف، ومسجد سماك (1)، ومسجد بالحمراء بني على قبر
فرعون من الفراعنة.
ثم قال: بيان:
هذا الخبر يدل على اتحاد مسجد بني ظفر ومسجد السهلة، فيمكن أن يكون
في الخبر السابق زيدت الواو من النساخ أو يكون العطف للتفسير.
ثم قال: وفي المزار الكبير (ومسجد سهيل وهو مسجد مبارك)، الظاهر أن
مسجد الحمراء هو المعروف الآن بمسجد يونس (عليه السلام) وقبره، ولم نجد في خبر
كونه (عليه السلام) مدفونا هناك (2).
وعن سالم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «جددت أربعة مساجد بالكوفة فرحا بقتل
الحسين (عليه السلام)، مسجد الأشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي،
ومسجد سماك، ومسجد شبث بن ربعي» (3).



1 - مسجد سماك منسوب إلى سماك بن مخرمة بن حمين بن بلث الأسدي من بني الهالك
بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة، وفي سماك هذا يقول الأخطل:
إن سماكا بنى مجدا لأسرته * حتى الممات وفعل الخير يبتدر
قد كنت أحسبه قينا وأخبره * فاليوم طير عن أثوابه الشرر
2 - المزار: 118، بحار الأنوار: 97 / 438 - 439 ح 13، وما بين القوسين أثبتناه من
المصدر.
3 - بحار الأنوار: 45 / 189 ح 35.
77
بقية المساجد المباركة في الكوفة
من المساجد المباركة في الكوفة:
مسجد بني كاهل: قال الشهيد والمجلسي والحر العاملي رحمهم الله: إن
مسجد بني كاهل يعرف بمسجد أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنه لم يبق منه سوى أسه وأس
مأذنته (1).
قال المجلسي: والآن توجد آثار تلك المأذنة بجنب قبور بباب بيت أمير
المؤمنين (عليه السلام) (2).
وقد تقدم ما رواه المجلسي، عن الشهيد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن
الكاهلي فراجع.
ومنها: مسجد صعصعة بن صوحان: صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد رأي
صاحب الزمان (عليه السلام) صلى فيه ودعا، والحديث طويل (3).
مسجد صعصعة بن صوحان



1 - المزار للشهيد الأول: 276، بحار الأنوار: 97 / 452.
2 - لم نجد هذا القول في البحار، والظاهر أنه قول تلميذه عبد الله أفندي.
3 - راجع: المزار للمشهدي: 143 - 146، المزار للشهيد الأول: 264 - 266، بحار
الأنوار: 97 / 446 - 447 ح 23.
78
روى الشهيد ومؤلف المزار الكبير قالا: بالإسناد إلى علي بن محمد بن عبد
الرحمن التستري أنه قال: مررت ببني رواس فقال لي بعض إخواني: لو ملت بنا إلى
مسجد صعصعة فصلينا به، فإن هذا رجب وتستحب فيه زيارة هذه المواضع
المشرفة التي وطئها الموالي بأقدامهم وصلوا فيها، ومسجد صعصعة منها.
قال: فملت معه إلى المسجد، وإذا ناقة معقولة مرحلة قد أنيخت بباب
المسجد فدخلنا، فإذا برجل عليه ثياب الحجاز وعمته كعمتهم قاعد يدعو بهذا
الدعاء، فحفظته أنا وصاحبي وهو:
«اللهم يا ذا المنن السابغة - إلى قوله - وعيشا قريرا وملكا كبيرا وصلى الله
على محمد وآله كثيرا».
ثم سجد طويلا وقام وركب الراحلة وذهب، فقال صاحبي: نراه الخضر فما بالنا
لا نكلمه، كأنما أمسك على ألسنتنا.
فخرجنا فلقينا ابن أبي داود الرواسي فقال: من أين أقبلتما؟
قلنا: من مسجد صعصعة، وأخبرناه بالخبر.
فقال: هذا الراكب يأتي مسجد صعصعة في اليومين والثلاثة لا يتكلم.
قلنا: من هو؟
قال: فمن تريانه أنتما؟
قلنا: نظنه الخضر.
فقال: أنا والله ما أراه إلا من الخضر محتاج إلى رؤيته.
فانصرفا راشدين فقال لي صاحبي: هو والله صاحب الزمان (1).
وذكر محمد بن أبي داود الرواسي: أنه خرج مع محمد بن جعفر الدهان إلى
مسجد السهلة في يوم من أيام رجب فقال: مل بنا إلى مسجد صعصعة فهو مسجد
مبارك، وقد صلى به أمير المؤمنين (عليه السلام) ووطئه الحجيج بأقدامهم.
فملنا إليه فبينا نحن نصلي، إذا برجل قد نزل عن ناقته وعقلها بالظلال، ثم دخل
وصلى ركعتين أطال فيهما ثم مد يديه وقال: اللهم يا ذا المنن السابغة - إلى آخر
الدعاء - ثم قام إلى راحلته وركبها.



1 - المصدر السابق.
79
فقال لي ابن جعفر الدهان: ألا نقوم إليه فنسأله من هو.
فقمنا إليه فقلنا له: ناشدناك الله من أنت؟
فقال: «ناشدتكم من ترياني؟»
قال ابن جعفر الدهان: نظنك الخضر.
فقال: «وأنت أيضا؟»
فقلت: أظنك إياه.
فقال: «إني لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته، انصرفا فأنا إمام زمان كما» (1).
ومنها: مسجد السهلة: فإنه بيت إدريس النبي (عليه السلام) الذي كان يخيط ويصلي
فيه، ومن دعا الله بما أحب، قضى له حوائجه ورفعه يوم القيامة مكانا عليا إلى درجة
إدريس، وأجير من مكروه الدنيا ومكائد أعدائه.



1 - إقبال الأعمال: 3 / 212، بحار الأنوار: 97 / 447 ح 24، والدعاء هو:
اللهم يا ذا المنن السابغة والآلاء الوازعة والرحمة الواسعة والقدرة الجامعة والنعم الجسيمة
والمواهب العظيمة والأيادي الجميلة والعطايا الجزيلة، يا من لا ينعت بتمثيل ولا يمثل
بنظير ولا يغلب بظهير، يا من خلق فرزق وألهم فأنطق وابتدع فشرع وعلا فارتفع وقدر
فأحسن وصور فأتقن واحتج فأبلغ وأنعم فأسبغ وأعطى فأجزل ومنح فأفضل، يا من سما في
العز ففات خواطر الأبصار ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار، يا من توحد بالملك فلا ند
له في ملكوت سلطانه وتفرد بالكبرياء والآلاء فلا ضد له في جبروت شأنه، يا من حارت في
كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام وانحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام، يا من
عنت الوجوه لهيبته وخضعت الرقاب لعظمته ووجلت القلوب من خيفته، أسألك بهذه
المدحة التي لا تنبغي إلا لك وبما وأيت به على نفسك لداعيك من المؤمنين وبما ضمنت
الإجابة فيه على نفسك للداعين، يا أسمع السامعين ويا أبصر المبصرين ويا أنظر الناظرين
ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين ويا أرحم الراحمين صل على محمد خاتم النبيين
وعلى أهل بيته الطاهرين الأخيار، وأن تقسم لي في شهرنا هذا خير ما قسمت، وأن تحتم لي
في قضائك خير ما حتمت وتختم لي بالسعادة فيمن ختمت واحيني ما أحييتني موفورا
وأمتني مسرورا مغفورا وتول أنت نجاتي من مسألة البرزخ، وادرء عني منكرا ونكيرا
وارعني مبشرا وبشيرا، واجعل لي إلى رضوانك وجنانك مصيرا وعيشا قريرا وملكا
كبيرا، وصل على محمد وآله بكرة وأصيلا يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين.
80
مسجد السهلة
وفي البحار: عن ابن مهران، عن الصادق (عليه السلام) قال: «إذا دخلت الكوفة فأت
مسجد السهلة فصل فيه واسأل الله حاجتك لدينك ودنياك، فإن مسجد السهلة بيت
إدريس النبي (عليه السلام) الذي كان يخيط فيه ويصلي فيه، ومن دعا الله فيه بما أحب قضى
له حوائجه ورفعه يوم القيامة مكانا عليا إلى درجة إدريس، وأجير من مكروه الدنيا
ومكائد أعدائه» (1).
وفي البحار والوسائل وغيرهما: بالإسناد عن عمار اليقظان قال: كان عند أبي
عبد الله (عليه السلام) جماعة وفيهم رجل يقال له: أبان بن نعمان فقال: «أيكم له علم بعمي
زيد بن علي؟»
فقال: أنا أصلحك الله.
قال: «وما علمك به؟»
قال: كنا عنده ليلة فقال: هل لكم في مسجد السهلة، فخرجنا معه إليه فوجدنا
معه اجتهادا كما قال.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان بيت إبراهيم الذي خرج منه إلى العمالقة، وكان



1 - بحار الأنوار: 97 / 434 ح 1.
81
بيت إدريس الذي كان يخيط فيه، وفيه صخرة خضراء وفيها صورة وجوه النبيين،
وفيها مناخ الراكب». يعني الخضر (عليه السلام).
ثم قال: «لو أن عمي زيدا أتاه حين خرج فصلى فيه واستجار بالله لأجاره
عشرين سنة، وما أتاه مكروب قط فصلى فيه ما بين العشاءين ودعا الله إلا فرج الله
عنه» (1).
وبالإسناد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «يا أبا محمد كأني أرى
نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله».
قلت: يكون منزله؟
قال: «نعم، هو منزل إدريس، وما بعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه، والمقيم فيه
كالمقيم في فسطاط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه،
وما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون الله فيه، يا أبا
محمد أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه، ثم إذا قام قائمنا انتقم
لله ولرسوله ولنا أجمعين» (2).
في الكتب المذكورة والكافي: بالإسناد عن أبي عبد الله بن أبان قال: دخلنا
على أبي عبد الله (عليه السلام) فسألنا: «أفيكم أحد عنده علم عن زيد بن علي؟»
فقال رجل من القوم: عندي علم من عمك، كنا عنده ذات ليلة في دار معاوية
ابن إسحاق الأنصاري إذ قال: انطلقوا بنا نصلي في مسجد السهلة.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «وفعل؟»
فقال: لا، جاءه أمر فشغله عن الذهاب.
فقال: «أما والله لو أعاذ الله به حولا لأعاذه، أما علمت أنه موضع إدريس
النبي (عليه السلام) الذي كان يخيط فيه، ومنه سار إبراهيم إلى اليمن بالعمالقة، ومنه سار
داود إلى جالوت، وأن فيه لصخرة خضراء فيها مثال كل نبي، ومن تحت تلك
الصخرة أخذت طينة كل نبي، وأنه لمناخ الراكب»
قيل: ومن الراكب؟



1 - بحار الأنوار: 97 / 434 ح 1، وسائل الشيعة: 5 / 266 ح 6506، فضل الكوفة: 43.
2 - بحار الأنوار: 97 / 435 ح 3.
82
قال: «الخضر» (1).
وزاد في المزار الكبير: «أما والله لو استعاذ بالله حولا لأعاذه الله سنتين، ومنه
سار داود (عليه السلام) إلى طالوت».
قال: وأين كانت منازلهم؟
قال: «في زواياه، وأن فيه لصخرة خضراء فيها مثال وجه كل نبي» (2).
وبالإسناد قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): «من صلى في مسجد السهلة ركعتين
زاد الله في عمره سنتين» (3).
وفي الكافي والبحار: بالإسناد عن عبد الرحمن بن سعيد الخزاز، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال قال: «بالكوفة مسجد يقال له: مسجد السهلة، لو أن عمي زيدا أتاه
فصلى فيه واستجار الله، لأجاره عشرين سنة، وفيه مناخ الراكب، وبيت إدريس
النبي (عليه السلام)، ما أتاه مكروب قط فصلى فيه بين العشاءين ودعا الله إلا وفرج الله
كربته» (4).
وبالإسناد: عن عثمان عن صالح بن أبي الأسود قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) وذكر
مسجد السهلة: «أما إنه منزل صاحبنا إذا قام بأهله» (5).
وفي التهذيب والبحار: عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «ما من مكروب يأتي مسجد
السهلة فيصلي فيه ركعتين بين العشاءين ويدعو الله إلا فرج الله كربه» (6).
وفي الكامل والبحار: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «حد مسجد السهلة
الروحاء» (7).
وروى أيضا فيه بحذف الإسناد: عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «تصلي في



1 - الكافي: 3 / 494 ح 1، بحار الأنوار: 97 / 435 ح 4، وسائل الشيعة: 5 / 266 ح
6506.
2 - المزار للمشهدي: 133 ح 3.
3 - المزار للمشهدي: 134 ح 6.
4 - الكافي: 3 / 495 ح 3، بحار الأنوار: 97 / 439 ح 16.
5 - الكافي: 3 / 495 ح 2، بحار الأنوار: 97 / 439 ح 15.
6 - تهذيب الأحكام: 6 / 38 ح 77، بحار الأنوار: 97 / 440 ح 20.
7 - كامل الزيارات: 74 ح 66، بحار الأنوار: 97 / 440 ح 18.
83
المسجد الذي عندكم الذي تسمونه مسجد السهلة ونحن نسميه مسجد
(الثرى) (1)؟»
قلت: إني لأصلي فيه جعلت فداك.
قال: «ائته فإنه لم يأته مكروب إلا وفرج الله كربته - أو قال: - قضى حاجته
وفيه زبرجدة فيها صورة كل نبي وكل وصي» (2).
وقال السيد ابن طاوس (رحمه الله) في مصباح الزائر ما نصه: (إذا أردت أن تمضي إلى
السهلة فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء، وهو أفضل من
غيره من الأوقات» (3).
وقال المجلسي في البحار: قال الشيخ السعيد الشهيد قدس الله روحه (روي عن
بشار)، وقال مؤلف المزار الكبير: حدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن
ابن محمد بن علي الطوسي، وعن الشريف أبي الفضل المنتهى ابن أبي زيد
الحسيني، وعن الشيخ الأمين محمد بن شهريار الخازن، وعن الشيخ الجليل ابن
شهرآشوب، عن المقري، عن عبد الجبار الرازي، وكلهم يروون عن الشيخ أبي
جعفر محمد بن علي الطوسي، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي
المفضل محمد بن عبيد الله السلمي، قالوا: حدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن
محمد الطوسي، والشيخ محمد بن أحمد بن شهريار، قالا: حدثنا محمد بن أحمد
ابن عبد العزيز العكبري المعدل في داره ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة
قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، عن محمد بن
يزيد، عن أبي الأزهر النحوي، عن محمد بن عبد الله بن زيد النهشلي، عن أبيه، عن
الشريف زيد بن جعفر العلوي، عن محمد بن وهبان، عن الحسين بن علي بن سفيان
البزوفري، عن أحمد بن إدريس بن محمد بن أحمد العلوي، عن محمد بن جمهور
العمي، عن الهيثم بن عبد الله الناقد، عن بشار المكاري، قال: دخلت على أبي عبد
الله (عليه السلام) بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد وهو يأكل فقال لي: «يا بشار أدن



1 - في المطبوع: (البرى)، وما أثبتناه من المصار.
2 - بحار الأنوار: 97 / 437 ح 9، وكذا: قرب الإسناد: 159 ح 582، وسائل الشيعة: 5 /
268 ح 7.
3 - مصباح الزائر: 54.
84
فكل».
قلت: هنأك الله وجعلني فداك، قد أخذتني الغيرة من شيء رأيته في طريقي
أوجع قلبي وبلغ مني.
فقال لي: «بحقي لما دنوت فأكلت».
قال: فدنوت فأكلت.
قال لي: «حديثك».
قلت: رأيت جلوازا يضرب رأس امرأة يسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى
صوتها المستغاث بالله ورسوله ولا يغيثها أحد.
قال: «ولم فعل بها ذلك؟»
قال: سمعت الناس يقولون: إنها عثرت فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة،
فارتكب منها ما ارتكب.
قال: فقطع الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ولحيته وصدره بالدموع ثم
قال: «يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعوا الله ونسأله خلاص هذه المرأة».
قال: ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان وتقدم إليه بأن لا يبرح إلا أن يأتيه
رسوله، فإن حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا.
قال: فصرنا إلى مسجد السهلة وصلى كل واحد منا ركعتين، ثم رفع
الصادق (عليه السلام) يده إلى السماء وقال: «أنت الله لا إله إلا أنت» إلى آخر الدعاء (1).
قال: ثم خر ساجدا لا أسمع منه إلا النفس ثم رفع رأسه فقال: «قم فقد أطلقت
المرأة».



1 - وتكملته: لا إله إلا أنت مبدئ الخلق ومعيدهم، وأنت الله لا إله إلا أنت خالق الخلق
ورازقهم، وأنت الله لا إله إلا أنت القابض الباسط، وأنت الله لا إله إلا أنت مدبر الأمور وباعث
من في القبور، وأنت وارث الأرض ومن عليها، أسألك باسمك المخزون المكنون الحي
القيوم، وأنت الله لا إله إلا أنت عالم السر وأخفى، أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت
وإذا سئلت به أعطيت، وأسألك بحق محمد وأهل بيته وبحقهم الذي أوجبته على نفسك أن
تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي لي حاجتي الساعة الساعة يا سامع الدعاء يا سيداه
يا مولاه يا غياثاه، أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن
تصلي على محمد وآل محمد وأن تعجل خلاص هذه المرأة، يا مقلب القلوب والأبصار يا
سميع الدعاء.
85
قال: فخرجنا جميعا، فبينا نحن في بعض الطريق، إذ لحق بنا الرجل الذي
وجهنا به إلى باب السلطان فقال له: «ما الخبر؟»
قال له: لقد أطلق عنها.
قال: «كيف كان إخراجها؟»
قال: لا أدري، ولكنني كنت واقفا على باب السلطان إذ خرج حاجب فدعاها
وقال لها: ما الذي تكلمت به؟
قالت: عثرت فقلت: لعن الله ظالميك يا فاطمة ففعل بي ما فعل.
قال: فأخرج مائتي درهم وقال: خذي هذه واجعلي الأمير في حل.
فأبت أن تأخذها، فلما رأى ذلك منها دخل وأعلم صاحبه بذلك ثم خرج
فقال: انصرفي إلى بيتك، فذهبت إلى منزلها.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أبت أن تأخذ مائتي درهم!»
قال: نعم وهي والله محتاجة إليها.
فقال: فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال: «اذهب أنت بهذه إلى
منزلها فاقرأها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير».
فقال: فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام فقلت: بالله أقرأني جعفر بن محمد
السلام؟
فقلت لها: رحمك الله، والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام.
فشهقت ووقعت مغشية عليها.
(قال): فصبرنا حتى أفاقت وقالت: أعدها علي، فأعدناها عليها حتى فعلت
ذلك ثلاثا.
ثم قلنا لها: خذي هذا ما أرسل به إليك وأبشري بذلك.
فأخذته منا وقالت: سلوه أن يستوهب أمته من الله فما أعرف أحدا أتوسل به
إلى الله أكبر منه ومن آبائه وأجداده (عليهم السلام).
فرجعنا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فجعلنا نحدثه بما كان منها.
فجعل يبكي ويدعو لها، ثم قلت: ليت شعري متى أرى فرج آل محمد (صلى الله عليه وآله).
قال: «يا بشار إذا توفي ولي الله وهو الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار
العباد، فعند ذلك يصل إلى ولد فلان مصيبة سوداء مظلمة، فإذا رأيت ذلك التقت

86
حلق البطان ولا مرد لأمر الله» (1).
ومنها: مسجد زيد بن صوحان
فقد صلى فيه الخضر بعد أن خرج من مسجد السهلة، قال المجلسي ما نصه:
دخل إلى مسجد صغير بين يدي السهلة فصلى فيه ركعتين بسكينة ووقار ثم بسط
كفه فقال: إلهي قد مد إليك الخاطئ المذنب يديه... إلى آخر الدعاء (2)، ثم بكى
وعفر خده الأيمن وقال: ارحم... الخ (3)، ثم قلب خده الأيسر وقال: عظم
الذنب... الخ (4)، ثم خرج فاتبعته وقلت له: يا سيدي بم يعرف هذا المسجد؟
فقال: إنه مسجد زيد بن صوحان صاحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهذا دعاؤه
وتهجده.
ثم غاب عنا فلم نره، فقال لي صاحبي: إنه الخضر (عليه السلام) (5).



1 - المزار للمشهدي: 135 ح 8، المزار للشهيد الأول: 254، بحار الأنوار: 97 / 440 -
442 ح 21.
2 - والدعاء هو: إلهي قد مد إليك الخاطئ المذنب يديه لحسن ظنه بك، إلهي قد جلس
المسي بين يديك مقرا لك بسوء عمله وراجيا منك الصفح عن زلله، إلهي قد رفع إليك
الظالم كفيه راجيا لما لديك فلا تخيبه برحمتك من فضلك، إلهي جثا العائد إلى المعاصي
بين يديك خائفا من يوم يجثوا فيه الخلائق بين يديك، إلهي قد جاءك العبد الخاطئ فزعا
مشفقا ورفع إليك طرفه حذرا راجيا وفاضت عبرته مستغفرا نادما، وعزتك وجلالك ما
أردت بمعصيتي مخالفتك وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك جاهل ولا لعقوبتك متعرض ولا
لنظرك مستخف، ولكن سولت لي نفسي وأعانتني على ذلك شقوتي وغرني سترك المرخى
علي، فمن الآن من عذابك يستنقذني وبحبل من اعتصم إن قطعت حبلك عني، فيا سوأتاه
غدا من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفين جوزوا وللمثقلين حطوا، أفمع المخفين أجوز أم
مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما كبر سني كثرت ذنوبي، ويلي كلما طال عمري كثرت
معاصيي، فكم أتوب وكم أعود؟ أما آن لي أن استحي من ربي، اللهم فبحق محمد وآل
محمد اغفر لي وارحمني يا أرحم الراحمين وخير الغافرين.
3 - ارحم من أساء واقترف واستكان واعترف.
4 - عظم الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك يا كريم.
5 - بحار الأنوار: 97 / 444.
87
مسجد السهلة
مسجد زيد بن صوحان
ومنها: مسجد الحنانة
قال ابن طاوس في فرحة الغري: رأيت في المناقب لابن شهرآشوب، وفيما
أجاز لي روايته والدي قدس الله روحه، عن السيد السعيد شمس الدين فخار عنه
قال: وسأل ابن مسكان الصادق (عليه السلام) عن القائم المائل في طريق الغريين.
فقال: «نعم لما جازوا بسرير أمير المؤمنين (عليه السلام) انحنى أسفا وحزنا على أمير
المؤمنين (عليه السلام)» (1).
وفي أمالي الشيخ: عن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان، عن إبراهيم بن
محمد المذاري، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن
مسكان، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: سألته عن القائم (المائل) في طريق الغري.
فقال: «نعم، إنه لما جازوا بسرير أمير المؤمنين (عليه السلام) انحنى أسفا وحزنا على
أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكذلك سرير أبرهة لما دخل عليه عبد المطلب انحنى
ومال» (2).
وذكر المجلسي هذا الحديث ثم قال: أقول: رأيت بخط الشيخ محمد بن علي



1 - فرحة الغري: 127 ح 69.
2 - أمالي الطوسي: 682 ح 1451، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
88
الجباعي (1) نقلا من خط الشهيد قدس الله روحيهما: ولعل موضع القائم المائل هو
المسجد المعروف الآن بمسجد الحنانة قرب النجف، ولذا يصلي الناس فيه (2).
وروى المجلسي: عن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان، عن علي بن
محمد القلانسي، عن حمزة بن القاسم، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن
الحسين، عن ابن أبي عمير، عن المفضل قال: جاز مولانا الإمام جعفر بن محمد
الصادق (عليه السلام) (بالقائم المائل) (3) في طريق الغري فصلى عنده ركعتين فقيل له: ما
هذه الصلاة؟
قال: «هذا موضع رأس جدي الحسين (عليه السلام) وضعوه هاهنا» (4).
قال المجلسي: قال مؤلف المزار الكبير (5): زيارة للحسين (عليه السلام) مختصرة (يزار
بها في كل يوم وفي كل شهر و) يزار بها عند قائم الغري، فقد جاء في الأثر: أن رأس
الحسين (عليه السلام) هناك وأن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) زاره هناك بهذه الزيارة وصلى
عنده أربع ركعات، والزيارة هي هذه: السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك
يا بن أمير المؤمنين، السلام عليك يا بن الصديقة الطاهرة سيدة نساء
العالمين... إلى آخرها (6).
وكتب القاضي ملا عبد الله أفندي تلميذ العلامة المجلسي بخطه على هامش
هذه الزيارة حديثا أعرضت عن ذكره، ومضمونه: أن رأس الحسين (عليه السلام) مدفون
بالحنانة، وذكر هذه الأخبار المذكورة الحر العاملي في الوسائل (7)، والعلامة الوحيد
البهبهاني (8)، والسيد عبد الله شبر (9)، والشيخ خضر شلال (10)، كل منهم في مزاره



1 - هو الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن محمد بن صالح اللويزاني الجبعي
العاملي، وهو جد الشيخ محمد بن الحسين البهائي، وينقل عنه كثيرا العلامة في البحار
والسيد حسن الصدر في تكملة الأمل.
2 - بحار الأنوار: 97 / 455 ذيل ح 29.
3 - في المطبوع: (بالمائل)، وما أثبتناه من المصدر.
4 - بحار الأنوار: 97 / 454 ح 28.
5 - المزار للمشهدي: 516 - 517 ح 11.
6 - بحار الأنوار: 98 / 256 ح 40، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
7 - انظر: وسائل الشيعة: 14 / 399 باب استحباب زيارة رأس الحسين (عليه السلام).
8 - في كتابه المزار، كما ذكره له الشيخ الطهراني في الذريعة: 20 / 321 برقم 3215.
9 - عالم متبحر فقيه، له مؤلفات في علوم شتى منها: حق اليقين، والأصول
الأصيلة، وتفسير القرآن، ومصابيح الظلام، وبغية الطالبين، وضياء الثقلين، وجامع
الأحكام، وجلاء العيون، وطب الأئمة، وارشاد المستبصر، والأنوار اللامعة، وجامع
المعارف، والأخلاق، والبرهان المبين، وعلامات الظهور، وغيرها.
10 - هو الشيخ خضر بن شلال آل خدام العفكاوي، من أصحاب الكرامات ومن تلاميذ
الشيخ الأكبر كاشف الغطاء، له كتاب: أبواب الجنان وبشائر الرضوان في الزيارات وأعمال
السنة، وجنة الخلد، والتحفة الغروية في شرح اللمعة.
89
وغير هؤلاء.
وهناك أخبار أخر لا يمكن حصرها لكثرتها، وقد ذكرها الكليني وابن طاوس
والمجلسي منها: مجيء الإمام الصادق (عليه السلام) وأنه صلى ركعتين، ثم سار ونزل وصلى
ركعتين، ثم سار ونزل وصلى ركعتين، فسأله صفوان عن ذلك فقال: «الركعتان
الأوليتان موضع قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، والركعتان الثانيتان موضع رأس
الحسين (عليه السلام)، والركعتان الثالثتان موضع منبر القائم (عليه السلام)» (1).
ومنها: مسجد جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين من بني أسد:
قاله الحموي في المعجم (2).
ومنها: مسجد بني عنزة.
فهذه مساجد الكوفة، ومن أراد تفصيل ذكرها وفضلها فعليه بالكتب
المبسوطة، وأما ما رواه المفيد وابن طاوس ومؤلف المزار الكبير والشهيد وغيرهم
في أعمال مسجد الكوفة، والصلاة فيه وآداب الدخول فقالوا: إذا وردت شريعة
الكوفة، فاغتسل وصل عند المسجد الذي بقرب القنطرة الجديدة من الجانب
الشرقي، فإنه موضع شريف.
روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) صلى فيه، ثم توجه إلى زيارة يونس بن متي واقصد



1 - الكافي: 4 / 571 - 572 ح 2، فرحة الغري: 87 ح 31، بحار الأنوار: 97 / 247 ح 35.
2 - معجم البلدان: 2 / 116.
90
مشهده وقف على الباب واستأذن عليه... إلى آخر كلامهم (1).
قال البراقي: لا يبعد أن يكون موضع القنطرة الجديدة من الجانب الشرقي هو
الآن قريب من معبر الجسر المعروف بعبرة البازول، محاذ للبستان الراجعة إلى آل
السيد رضا الرفيعي سدنة الحرم العلوي، وإلى القصر الذي بني فيها.
وأما أعمال مسجد السهلة، وفضل الصلاة فيه، وآداب الدخول، فقد ذكرها
المجلسي وغيره فراجع (2).



1 - بحار الأنوار: 97 / 407 ح 66.
2 - بحار الأنوار: 97 / 343 الباب السابع، وكذا: كامل الزيارات: 70 الباب 8، والمزار
للشيخ المفيد: 12 / باب 4 باب فضل مسجد الكوفة، وفضل الكوفة للمشهدي: 39 / باب
ذكر ما ورد من الفضل في مسجد السهلة، والمزار للشهيد الأول: 254 / الفصل الثالث فضل
مسجد السهلة والصلاة والدعاء فيه، ووسائل الشيعة: 5 / 248 باب 43.
91
العلويون الذين دفنوا بالكوفة ونواحيها
إن الذين دفنوا في الكوفة من العلويين من أولاد الأئمة المعصومين (عليهم السلام)
كثيرون، إلا أننا نذكر الذين ذكرهم صاحب العمدة، وبحر الأنساب،
والمجدي، وتحفة الأزهار، وسبك الذهب، ومقاتل الطالبيين وغيرهم (1)، فمنهم:
إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن السبط (عليه السلام)، وهو جد السادات
الطباطبائيين، دفن بقرب مسجد السهلة بجنب المحجة الحديدية، لقب بالغمر
لجوده، قال في عمدة الطالب: وكان سيدا شريفا روى الحديث، وهو صاحب
الصندوق بالكوفة، يزار قبره، وقبض عليه أبو جعفر المنصور مع أخيه، وتوفى في
حبسه سنة 145 وله تسع وستون سنة (2).
إبراهيم أحمر العين بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن
السبط، قتل سنة 145، ودفن بباخمراء (3) من أعمال الكوفة (4).
قال البراقي: وهو القبر الذي بقرب قرية أبو قوارير، وأهلها اليوم مكارية من
الرماحية، يدفنون موتاهم بقربه، أو القبر الذي في العذار، بقرب الحلة السيفية وهو



1 - عمدة الطالب: للسيد جمال الدين أحمد بن علي بن الحسين بن المهنى بن عنبة
المتوفى سنة 828، وبحر الأنساب: له أيضا، والمجدي في الأنساب: لنجم الدين ابن أبي
الغنائم المعروف بأبي الصوفي، وتحفة الأزهار وزلال الأنهار: للسيد ضامن بن شدقم،
وسبك الذهب في شبك النسب: للنسابة محمد بن القاسم بن معية الديباجي المتوفى سنة
776، ومقاتل الطالبيين: لأبي الفرج الأصفهاني.
2 - وفي المقاتل 161: ابن سبع وستين.
3 - قال الحموي: باخمرا: موضع بين الكوفة وواسط وهو إلى الكوفة أقرب، بها كانت
الوقعة بين أصحاب أبي جعفر المنصور وإبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن
أبي طالب، فقتل إبراهيم هناك، فقبره به إلى الآن يزار، وإياها عنى دعبل بن علي بقوله:
وقبر بأرض الجوزجان محله * وقبر بباخمرا لدى الغربات.
معجم البلدان: 1 / 316.
4 - وألف الشيخ عبد العزيز بن يحيى الجلودي المتوفى سنة 332 كتابا اسمه أخبار إبراهيم
ابن عبد الله المحض بن الحسن.
92
الأشبه.
أحمد بن رميثة بن محمد أبي نمي الحسني، دفن بالمشهد الغروي، وقد ذكره
في عمدة الطالب (1).
أحمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي الأمير بالكوفة، ابن محمد
البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط، دفن بالكوفة.
أحمد بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد ميتم الأشبال، دفن بالكوفة (2).
أحمد بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، دفن بالكوفة (3).
إسماعيل بن إبراهيم طباطبا، دفن بالهاشمية (4).
الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط (عليه السلام)، دفن بالهاشمية (5).
الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، دفن بالكوفة (6).
الحسين بن الحسن بن علي بن محمد بن جعفر بن الحسن بن موسى
الكاظم (عليه السلام) المعروف بالبلاء، قتل بطريق قصر ابن هبيرة (7).
قال البراقي: أي إلى جنب الهاشمية في العذار.
الحسين بن موسى الكاظم (عليه السلام)، مات بالكوفة، ودفن بالعباسية.
قلت: وهو القبر الذي بقرب أم البعرور المعروف عندهم بقبر الحسن.
الحسين الفدان بن محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، دفن
بالكوفة (8).



1 - عمدة الطالب: 146 - 148.
2 - وسمي بذلك لأنه قتل لبوة لها أشبال، مقاتل الطالبيين: 438، عمدة الطالب: 293.
3 - المجدي: 166.
4 - قال الحموي في معجم البلدان 5 / 389: الهاشمية: مدينة بناها السفاح بالكوفة وفيها
حبس المنصور عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب وكان معه من أهل بيته.
المجدي: 72، عمدة الطالب: 173.
5 - مقاتل الطالبيين: 126.
6 - المجدي: 169.
7 - المجدي: 122، عمدة الطالب: 232.
8 - عمدة الطالب: 274.
93
زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، صلب بكناسة الكوفة (1).
قلت: وهو علم لا يخفى، ومقامه على مسافة خمسة أميال عن مشهد ذي
الكفل، وهذا المقام مقام صلبه وحرقه.
زيد بن الحسين بن عيسى ميتم الأشبال، دفن بالكوفة (2).
عبد الله بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط (عليه السلام)، دفن
بالهاشمية من نواحي العذار (3).
عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط (عليه السلام)، دفن بالهاشمية من
نواحي العذار (4).
عبد الله بن الحسن المكفوف بن الحسن الأفطس بن علي الأصغر ابن الإمام زين
العابدين (عليه السلام)، دفن بالكوفة (5).
قلت: وأظنه هو القبر الذي بالقائم بقرب قرية الشنافية.
عبيد الله الأصغر بن علي باغر (6) بن عبيد الله الأمير بمكة والكوفة ابن عبد الله
ابن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى، دفن بالكوفة (7).
عبيد الله بن موسى الكاظم (عليه السلام)، دفن بالكوفة (8).
العباس بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى، دفن بالهاشمية من نواحي
العذار (9).
عيسى بن زيد ميتم الأشبال، دفن بالكوفة (10)، وهو صاحب القبر على مسافة



1 - مقاتل الطالبيين: 97، عمدة الطالب: 257.
2 - عمدة الطالب: 295.
3 - مقاتل الطالبيين: 125.
4 - المجدي: 37.
5 - عمدة الطالب: 346.
6 - سمي باغر لأنه صارع باغر التركي غلام المتوكل العباسي وكان شديد القوة، فقهره
العلوي فتعجب الناس منه وسمي به.
7 - عمدة الطالب: 187.
8 - المجدي: 111، عمدة الطالب: 223 - 224.
9 - مقاتل الطالبيين: 134.
10 - مقاتل الطالبيين: 268، عمدة الطالب: 286.
94
ثلاثة أميال عن قرية الشنافية، المعروف عند آل شبل: النبي عيسى، وله كرامات
منها: أنهم بنوا بناية بقربه فلما تم بناؤه سقطت لنفسها، ثم بنيت أخرى فسقطت
أيضا، وكان ذلك في سنة 1327.
عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر
الطيار، مات بالحبس بالكوفة (1).
علي الشديد بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى، دفن بالهاشمية من نواحي
العذار (2).
علي بن محمد بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى، دفن بالهاشمية من
نواحي العذار (3).
قلت: هذا والذين قبله ممن دفنوا بالهاشمية، حبسهم المنصور الدوانيقي
بالمطبق - أي في سرداب - وردمه عليهم، فماتوا جوعا وعطشا، وكلهم في مكان
واحد، وتعرف قبورهم اليوم ب‍ (القبور الخمسة) وهو علم لا يخفى.
علي بن محمد الأكبر الجواني ابن عبيد الله الأعرج بن الحسين ابن الإمام زين
العابدين (عليه السلام)، مات بالكوفة وبني على قبره مشهد مما يلي كندة.
قال في المجدي: علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد الجواني بن
عبيد الله الأعرج بن الحسين ابن الإمام زين العابدين (عليه السلام)، قبره مما يلي كندة
بالكوفة (4).
علي الأمير بن محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن
السبط (عليه السلام)، قبره بالكوفة (5).
علي كتيلة بن يحيى بن الحسين بن زيد ابن الإمام زين العابدين (عليه السلام)، قبره
بالكوفة.



1 - مقاتل الطالبيين: 434.
2 - المجدي: 23، عمدة الطالب: 93 - 94، وذكر بالسديد.
3 - مقاتل الطالبيين: 317، المجدي: 38.
4 - المجدي: 196 - 197.
5 - المجدي: 22، عمدة الطالب: 75، وقال ابن عنبة: البطحاني: بفتح الباء منسوبا إلى
البطحاء وبضمها منسوبا إلى بطحان واد بالمدينة.
95
علي بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، قبره بالكوفة.
عمر أبو علي بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، قبره بالكوفة.
القاسم بن العباس بن الكاظم (عليه السلام)، قبره بشوشي في سواد الكوفة (1)، وهو
بقرب مقام زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قريب من قرية ذي الكفل، وهو الذي تغرب
وزرع البقل وأرسل ابنته إلى المدينة، وهو صاحب القصة التي ينسبونها الخطباء
على المنابر اشتباها إلى القاسم ابن الكاظم (عليه السلام) ويزيدون عليها عبارات من عند
أنفسهم.
القاسم بن علي الأمير بالكوفة ابن محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن ابن زيد
ابن الحسن بن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قبره بالكوفة.
القاسم بن موسى الكاظم (عليه السلام)، قبره في سوراء (2).
قلت: وهو في الهاشمية.
محمد ابن عضد الدين أبو محمد عبد الله الفارس بن أبي نمي، مات بالحلة
ودفن بالمشهد الغروي بظهر النجف (3).
محمد بن إبراهيم طباطبا، دفن بالكوفة (4).
محمد الصوفي بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر الأطرف بن علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، قتله الرشيد محبوسا، ودفن بمقابر قرب مسجد السهلة بالكوفة (5).
محمد الأدرع بن عبيد الله الأمير بمكة والكوفة ابن عبد الله بن الحسن بن جعفر
ابن الحسن المثنى، كان رئيسا بالكوفة ومات بها ودفن بالكناسة (6).
محمد بن منصور بن جعفر بن يحيى بن الحسين بن يحيى بن يحيى بن الحسين
بن زيد بن الحسين الشهيد، قبره بالكوفة.
محمد بن الحسين بن القاسم بن محمد بن يحيى بن زيد بن الحسين الشهيد



1 - عمدة الطالب: 229.
2 - عمدة الطالب: 227.
3 - عمدة الطالب: 145.
4 - عمدة الطالب: 172.
5 - المجدي: 282.
6 - المجدي: 86، عمدة الطالب: 188.
96
قبره بالكوفة.
محمد بن زيد بن الحسين بن عيسى ميتم الأشبال ابن زيد الشهيد، قبره
بالكوفة.
محمد بن جعفر بن محمد بن زيد الشهيد، قبره بالكوفة.
موسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر
الطيار، مات بالكوفة.
موسى بن يحيى بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، قبره بالكوفة.
يحيى أبو الحسين بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، قتل بنواحي
شاهي من الكوفة (1).
قلت: يكون قبره بنواحي الهاشمية من العذار، ولعله القبر الذي بقرب قنطرة
السنية الشافعية.
يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر ابن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قبره بالكوفة قرب
مسجد السهلة.
يحيى بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، قبره بالكوفة.
يحيى إمام مسجد الجامع بالكوفة ابن أبي الحسين علي بن العاثر بن زيد بن
أحمد بن يحيى بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، قبره بالكوفة.
يحيى العالم بالكوفة ابن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد
الشهيد، قبره بالكوفة.
يحيى أبو الحسين بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن
الحسين بن زيد الشهيد، ظهر بالكوفة وقتل فيها.
يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، خرج بالكوفة وقتل بقرية
شاهي من قرى الكوفة.
قلت: ولعله القبر الذي هو بالشافعية.
يحيى بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، قبره بالكوفة.



1 - قال في المجدي 170: شاهي قرية بسواد الكوفة.
97
تعيين قبر مسلم بن عقيل (رضي الله عنه)
لا ريب أن قبر مسلم بن عقيل هو مشهده الآن، وإن لم يرد في تعيين قبره خبر،
إلا أن كتب الأخبار التي ألفها علماؤنا رضي الله عنهم متفقة على أن هذا قبره، مضافا
إلى تسالم الناس عليه من عصر إلى عصر لم يخالف أحد في ذلك، وهذا الاتفاق
والشهرة والتسالم في عصر بعد عصر من غير مخالف، حجة كافية وبرهان قاطع على
أن هذا القبر هو قبره (عليه السلام)، وهو كاشف عن رأي الإمام (عليه السلام)، وعليه اليوم شباك
فضي، وله رواق مبلط بالقاشاني، وعليه قبة كبيرة من القاشاني أيضا.
ضريح مسلم بن عقيل (عليه السلام)

98
يقصده الزائرون من كل حدب وصوب، ويعظمونه غاية التعظيم، وينذرون له
نذورا كثيرة يطلبون من الله تعالى عنده قضاء حوائجهم المهمة، وأن فقهاءنا أجمع
أشاروا إلى القبر، فإنهم رضوان الله عليهم لما ذكروا مسجد الكوفة وفضله والأعمال
فيه في جميع مقاماته، وذكروا مقام الصادق (عليه السلام) والصلاة والدعاء على دكته (عليه السلام).
قالوا: ثم إمض إليها وهي قريبة من قبر مسلم بن عقيل (رضي الله عنه)، وممن ذكر
ذلك: صاحب المزار الكبير والشهيد والمجلسي والحر العاملي وغيرهم،
فقالوا: فإذا فرغت فامض إلى قبر مسلم بن عقيل (رضي الله عنه) فقف على قبره وقل:... إلى
آخر زيارته، ولم يذكروا اختلافا في ذلك (1).
وكذلك الشيخ الديلمي في إرشاده، فإنه لما ذكر رفع عذاب البرزخ عمن دفن
بالغري قال: وعن القاضي ابن بدر الهمداني الكوفي - وكان رجلا صالحا -
قال: كنت في جامع الكوفة ذات ليلة مطيرة فدق باب مسلم جماعة، ففتح لهم
الباب وذكر بعضهم: أن معهم جنازة فأدخلوها وجعلوها على الضفة التي تجاه مسلم
ابن عقيل، الحديث.
وقد ذكر هذا الحديث ابن طاووس في فرحة الغري، والحر العاملي في
الوسائل، والسيد عبد الله شبر، والآغا البهبهاني، والشيخ خضر شلال، كل في
مزاره، والمجلسي في البحار، بل جميع فقهائنا ذكروه، وهذا لو لم يكن معروفا
لأوضحوا المقال فيه (2).
وأقوى حجة على ما قلناه: أن مسلم بن عقيل (رضي الله عنه) قتل يوم التروية قبل قدوم
الحسين (عليه السلام) بأربعة وعشرين يوما، وكان أئمتنا في عصرهم وكذا أولادهم وأولاد
أولادهم وأصحابهم كل في عصره، قد أخذ الناس عنهم في تعيين مرقد الإمام أمير
المؤمنين (عليه السلام) ومرقد غيره، فلو كان قبر مسلم رضوان الله عليه بغير هذا الموضع
المعروف اليوم، لأوضحوا للناس ذلك ولأزالوا اشتباههم وأبانوا لهم موضع
قبره، فسكوتهم عن ذلك أقوى حجة على ما بيناه وأدل دليل على ما ذكرناه.



1 - المزار للمشهدي: 177، المزار للشهيد الأول: 278، بحار الأنوار: 97 / 428 ح 71.
2 - ارشاد القلوب: 2 / 439، فرحة الغري: 179، بحار الأنوار: 97 / 232.
99
تعيين قبر هاني بن عروة (رضي الله عنه)
إن قبر هاني بن عروة رضوان الله عليه هو في موضعه المعروف اليوم خلف قبر
مسلم بن عقيل في الجهة الشمالية، وسط شباك من نحاس أصفر وعليه قبة من
القاشاني يقصده الزائرون من كل فج، وهو ومسلم رضوان الله عليهما أول الشهداء
وقد ترحم عليه وعلى مسلم الحسين (عليه السلام) لما أتاه نبأ قتلهما ولا مغمز فيه بكل
وجه، أنظر ترجمته التفصيلية في كتاب الفوائد الرجالية لسيدنا الحجة آية الله السيد
محمد المهدي بحر العلوم، تجد فيه الضالة المنشودة (1).
الجهة الشريفة للجامع الكبير ويسير من الجهة الشمالية



1 - الفوائد الرجالية: 4 / 18 - 52.
100
تعيين قبر المختار بن أبي عبيد الثقفي
إن العلامة الأكبر شيخ العراقين الشيخ عبد الحسين الطهراني (قدس سره) (1) لما يمم
الأعتاب المقدسة بالعراق ونهض بعمارتها، فحص عن مرقد المختار في مناحي
مسجد الكوفة ليجدد عمارته، وكانت علامة قبره في صحن مسلم بن عقيل سلام الله
عليه الملاصق بالجامع، وفوق الدكة الكبيرة أمام حرم هاني بن عروة رضوان الله
عليه، فحفروها فظهر فيها علامات الحمام وبان أنه ليس بقبره فمحي الأثر، ثم لم
يزل الشيخ يفحص عنه، فأنهي إليه عن العلامة الكبير السيد الرضا (2) ابن آية الله بحر
العلوم الطباطبائي (رحمه الله): أن أباه كان إذا اجتاز على الزاوية الشرقية بجنب الحائط
القبلي من مسجد الكوفة - حيث يعرف بقبره الآن - يقول: لنقرأ سورة الفاتحة
للمختار فيقرأها، فأمر الشيخ بحفر الموضع، فظهرت صخرة منقوش عليها: هذا قبر
المختار بن أبي عبيد الثقفي.
فعلم المكان قبرا له وهو خارج عن باحة المسجد تحت جداره القبلي وإن كان
مدخله منه، وكانت سنة عمارته في حدود سنة 1285، وقد نقل ذلك عن جماعة
من الأعلام منهم، العلامة الحجة الشيخ ميرزا حسين ابن الميرزا خليل الطهراني
النجفي (قدس سره) (3).



1 - قال الشيخ عباس القمي: قال شيخنا في المستدرك في ذكر مشايخه: ومنها ما أخبرني
به إجازة شيخي وأستاذي ومن اليه في العلوم الشرعية استنادي، أفقه الفقهاء وأفضل
العلماء، العالم العليم الرباني الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني أسكنه الله تعالى بحبوحة
جنته، كان نادرة الدهر وأعجوبة الزمان في الدقة والتحقيق وجودة الفهم وسرعة الانتقال
وحسن الضبط والاتقان، وكثرة الحفظ في الفقه والحديث والرجال واللغة، حامي الدين
ورافع شبهة الملحدين، جاهد في الله في محو صولة المبتدعين، أقام أعلام الشعائر في
العتبات العاليات، وبالغ مجهوده في عمارة القباب الساميات. توفي في 22 رمضان سنة
1286. الكنى والألقاب: 2 / 397 - 398.
2 - من العلماء الأعلام والفقهاء الكبار، له مؤلفات منها: كتاب في الفقه الاستدلالي في
عشر مجلدات، وشرح اللمعة، وأصحاب الاجماع، وشرح الشرائع، توفى سنة 1253.
3 - ونقل تلك القصة بعينها العلامة الخبير الأستاذ الميرزا محمد علي الأردوبادي الغروي
في رسالته الثمينة التي ألفها في تنزيه المختار وأسماها (سبيك النضار) بسند أنهاه إلى شيخ
العراقين ثم قال بعد ذكر القصة ما هذا نصه: (يا هل ترى إن شيخ العراقين كان يعتقد في
المختار انحرافه عن سوي الصراط ثم يتهالك في تشييد قبره وإحياء ذكره فيكون إعادة لجدة
أباطيله؟ أو أن آية الله بحر العلوم كان يعلم منه خلة في معتقده أو ضلة في نزعته ثم يقف على
قبره ويعظم محله ويقرأ له سورة الفاتحة فيعود ذلك نفخا فيما أضرمه من مضلاته؟ لاها الله
ليس هذا ولا ذاك وإنما عرفا منه ما عرف قبلهما العلماء الأعلام من صحة عقيدته وسداد رأيه
ونهوضه بعبئ الجهاد في سبيل الله والدعوة إليه).
101
تعيين قبر ميثم التمار وغيره
ترى خارج مسجد الكوفة بقرب بيت الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، بنية واسعة
فيها قبر ميثم التمار رضوان الله عليه، وهو مقام صلبه في السبخة، يقصده الزائر
ويتبرك به، وأما رشيد الهجري فإنه دفن بباب النخيلة من الكوفة وقبره بقرب قرية
ذي الكفل، وأما عبد الله بن عفيف الأزدي، فإنه دفن بالسبخة وقبره قريب من مقام
يونس (عليه السلام).
قبر ميثم التمار

102
وفي الثوية (1) قبور خواص الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) منهم خباب بن
الأرت، مات بالكوفة سنة 39 (2).
وجويرية بن مسهر العبدي، قتله زياد بن أبيه في أيام ولايته لمعاوية، فقطع يده
ورجله ثم صلبه بالكوفة.
وكميل بن زياد النخعي، قتله الحجاج بالكوفة، وكان شهد مع علي (عليه السلام) صفين.
والأحنف بن قيس التميمي، شهد مع علي (عليه السلام) صفين، وتوفي بالكوفة سنة
67.
وسهل بن حنيف الأنصاري، شهد بدرا والمشاهد كلها مع النبي (صلى الله عليه وآله)، مات
بالكوفة سنة 38 وصلى عليه علي (عليه السلام) وكبر عليه خمسا.
وعبد الله بن أبي أوفى، بايع بيعة الرضوان وشهد خيبر وما بعدها من المشاهد
ولم يزل بالمدينة حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم تحول إلى الكوفة وهو آخر من بقي
بالكوفة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، وتوفي سنة 86 بعدما كف بصره.
وعبد الله بن يقطر، رضيع الحسين (عليه السلام) ورسوله إلى أهل الكوفة، ظفر به ابن
زياد فرمى به من فوق القصر فتكسر، فقام إليه عمرو الأزدي فذبحه، ويقال: بل فعل
ذلك عبد الملك بن عمير اللخمي قاضي الكوفة.
وعبيد الله بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين (عليه السلام).
هذه القبور لم يعلم اليوم لها عين ولا أثر، إلا قبر كميل وميثم رضوان الله عليهما.
وفي الحنانة دفن رأس الحسين (عليه السلام) كما تقدم في بعض الروايات.
وفيما بين مسجد الكوفة والسهلة موضع يعرف بجبل الصياغ يقال: إنه موضع
حرق جثة الشقي ابن ملجم لعنه الله.
وفي فرحة الغري والبحار والوسائل وجميع المزارات: بالإسناد عن



1 - الثوية: بالفتح ثم الكسر وياء مشددة، ويقال بلفظ التصغير، موضع قريب من
الكوفة، وقيل: بالكوفة، وقيل: كانت سجنا للنعمان بن المنذر.
معجم البلدان: 2 / 87.
2 - قال في الاستيعاب: إنه كان من فضلاء المهاجرين الأولين شهد بدرا وما بعدها من
المشاهد إلى أن نزل الكوفة ومات بها بعد أن شهد مع علي (عليه السلام) صفين والنهروان وصلى عليه
علي (عليه السلام).
103
الصادق (عليه السلام) قال: «الكوفة روضة من رياض الجنة، فيها قبر نوح وإبراهيم وقبور
ثلاثمائة نبي وسبعين نبيا وستمائة وصي، وقبر سيد الأوصياء أمير
المؤمنين (عليه السلام)» (1).
وقالوا أيضا: توفي بالكوفة ثلاثمائة وثلاثة وعشرون من الصحابة لا يدرى قبر
أحد منهم إلا قبر علي (عليه السلام) (2).
قال المجلسي: الثوية تل بقرب القائم المائل المسمى بالحنانة، فيه قبور
خواص أمير المؤمنين (عليه السلام) (3).
وقال العلامة الكبير المحدث السيد مهدي القزويني النجفي (4) في رسالته (فلك
النجاة): وأصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) جملة في تلعة في مسجد الحنانة من الغري.
وكذلك ذكر السيد عبد الله شبر والآغا البهبهاني والشيخ خضر شلال والمحدث
النوري في مزاراتهم.
عودا على بدء
نعود إلى ذكر المسجد، وأنه كان قبل آدم معمورا كما مر من كلام جبرئيل إلى
النبي (صلى الله عليه وآله): «إني رأيته عشرين مرة عمرانا وعشرين مرة خرابا، وإن آدم خطه
بيده».



1 - فرحة الغري: 98 ح 45، بحار الأنوار: 97 / 251، وسائل الشيعة: 14 / 387 ح
19440.
2 - نسب هذا القول إلى أبي الغنائم ابن النرسي، انظر: الغارات للثقفي: 2 / 865، فرحة
الغري: 150، الصراط المستقيم: 3 / 123، بحار الأنوار: 42 / 339.
3 - بحار الأنوار: 97 / 282.
4 - هو السيد محمد مهدي بن حسن بن أحمد الحسيني القزويني الحلي النجفي، من
العلماء الأعلام، ولد بالنجف وسكن الحلة وتوفى عائدا من الحج قبل بلوغه السماوة، له
مؤلفات كثيرة منها: شرح التبصرة في ثمان مجلدات، حلية المجتهدين، شرح الروضة
البهية، السبائك المذهبة، الشهاب الرامض، القواعد الفقهية، فلك النجاة، مشارق
الأنوار، منظومة في العبادات، مواهب الأفهام، هدى المنصفين، بوار الغالبين، وغيرها
كثير، توفى سنة 1300.
104
ومر أيضا في حديث المفضل أنه قال له الإمام: «إنزل فإن هذا الموضع كان
مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم (عليه السلام)، وإن أول من غيره الطوفان في زمن
نوح (عليه السلام)».
وفي الروضتين: بالإسناد قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن نوحا لما فرغ من
السفينة وكان ميعاده فيما بينه وبين ربه في إهلاك قومه أن يفور التنور ففار، فقالت
امرأته: إن التنور قد فار - أي خرج منه ماء - فقام إليه فختمه، فقام وأدخل من أراد
إدخاله وأخرج من أراد أن يخرج، ثم جاء إلى خاتمه فنزعه، يقول الله: (ففتحنا
أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه
على ذات أ لواح ودسر) (1) وكان نجرها في وسط مسجدكم، ولقد نقص من ذرعه
سبعمائة ذراع» (2).
وفي الروضتين أيضا: بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه جاءت امرأة
نوح (عليه السلام) وهو يعمل السفينة فقالت له: إن التنور قد خرج منه ماء، فقام إليه مسرعا
حتى جعل الطبق عليه وختمه بخاتمه فأقام الماء (3)، فلما فرغ من السفينة جاء إلى
الخاتم ففضه وكشف الطبق ففار الماء» (4).
قال البراقي: ثم عمره نوح (عليه السلام)، وقد مر قول الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضل حين
سأله عمن غيره فقال (عليه السلام): «إن الطوفان ضربه ثم غيره أصحاب كسرى والنعمان بن
المنذر ثم غيره زياد بن أبي سفيان»... الخ.
فظهر من حديث الصادق (عليه السلام) أن الأكاسرة بنوه ونقصوا من المسجد، وكذلك
آل النعمان، وكذلك زياد ابن أبيه أيضا بناه ونقص منه.
قال ابن قتيبة في كتاب المعارف: وزياد ابن أبيه هو باني مسجد الكوفة (5).
وقال ابن الأثير في الكامل: وفي سنة خمس وخمسين ومائة عمل المنصور



1 - سورة القمر: 11 - 13.
2 - الكافي: 8 / 281 - 282 ح 422.
3 - في المصدر: (فقام الماء)، ومعناه: إذا ثبت متحيرا لا يجد منفذا أو إذا جمد. لسان
العرب: 12 / 497.
4 - الكافي: 8 / 282 ح 424.
5 - المعارف لابن قتيبة: 315.
105
للكوفة سورا (1).
ثم ظهروا آل بويه فعمروا قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) وقبة الكاظم والجواد (عليهم السلام)
وبنوا المساجد والجوامع، وعملوا القنوات وجاؤا بها إلى الكوفة.
وكذلك السلاطين الصفوية، فإنهم أيضا عمروا المشاهد الشريفة وعملوا القناة
إلى الكوفة، وقد تقدم حديث شرف الدين الشولستاني الذي نقله المجلسي (رحمه الله) (2)
فمن ذلك كله يتضح لنا أن المسجد عمر مرارا عديدة.
قصر الإمارة في الكوفة
لما أمر سعد بن أبي وقاص أبا الهيجاء الأسدي بتخطيط الكوفة سنة 17 بعد
عودته من فتح المدائن وخططها وخطط المسجد الأعظم، بنى لسعد قصرا بحياله
فشيده وجعل فيه بيت المال وسكن ناحيته، ثم إن بيت المال نقب عليه نقبا وأخذ
من المال، فكتب سعد بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: أن انقل المسجد حتى
تضعه إلى جنب الدار، واجعل الدار قبلته، فإن للمسجد أهلا بالنهار وبالليل وفيهم
حصن لمالهم.
فنقل المسجد وأراغ بنيانه، فقال دهقان من أهل همذان يقال له: روز به بن
بزرجمهر: أنا أبنيه لك وأبني لك قصرا فأصلهما ويكون بنيانا واحدا.
فخط قصر الكوفة على ما خط عليه ثم أنشأه من نقض آجر قصر كان للأكاسرة
في ضواحي الحيرة على مساحته ولم يسمح به، ووضع المسجد بحيال بيوت
الأموال منه إلى منتهى القصر يمنة عن القبلة، ثم مد به عن يمين ذلك إلى منقطع
رحبة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والرحبة قبلته، ثم مد به فكانت قبلة المسجد إلى
الرحبة وميمنة القصر.
فكان يعرف بقصر سعد وبقصر الإمارة وبدار الإمارة، وكان منزلا خاصا للخلفاء
والملوك والأمراء بعد سعد، وتكون به مؤامراتهم ومشاوراتهم، وأعظم مجتمع لهم
ولبطانتهم، وأحكم حصن لهم إذا اعترتهم الكوارث وألجأتهم الظروف عند



1 - الكامل في التاريخ: 6 / 5.
2 - راجع ص 43.
106
الحوادث والحروب، فلم يزل على بنائه وإحكامه حتى هدمه عبد الملك بن مروان
تشأما به (1).
قال القاضي الديار بكري المالكي المتوفى سنة 966 في تاريخ الخميس: في
سنة 71 هدم عبد الملك بن مروان قصر الإمارة بالكوفة، وسببه أنه جلس ووضع
رأس مصعب بين يديه، فقال له عبد الملك بن عمير: يا أمير المؤمنين جلست أنا
وعبيد الله بن زياد في هذا المجلس ورأس الحسين بين يديه، ثم جلست أنا
والمختار بن أبي عبيد فإذا رأس عبيد الله بن زياد بين يديه، ثم جلست أنا ومصعب
هذا فإذا رأس المختار بين يديه، ثم جلست مع أمير المؤمنين فإذا رأس مصعب بين
يديه، وأنا أعيذ أمير المؤمنين من شر هذا المجلس.
فارتعد عبد الملك وقام من فوره وأمر بهدم القصر (2).
وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: قال عبيد بن عمير: لقد رأيت في هذا
القصر عجبا - يعني قصر الكوفة - رأيت رأس الحسين بين يدي ابن زياد موضعا، ثم
رأيت رأس ابن زياد بين يدي المختار موضعا، ثم رأيت رأس المختار بين يدي
مصعب بن الزبير، ثم رأيت مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان.
قيل له: فكم كانت المدة؟
فقال: مقدار ثلاث سنين، فأف لدنيا تنتهي إلى هذا (3).
وفي الصواعق المحرقة: ومن عجيب الاتفاق قول عبد الملك بن عمير: دخلت
قصر الإمارة بالكوفة على ابن زياد والناس عنده سماطان، ورأس الحسين على ترس
عن يمينه، ثم دخلت على المختار فيه فوجدت رأس ابن زياد وعنده الناس
كذلك، ثم دخلت على مصعب بن الزبير فيه فوجدت رأس المختار عنده كذلك، ثم
دخلت على عبد الملك بن مروان فيه فوجدت عنده رأس مصعب كذلك، فأخبرته
بذلك.
فقال: لا أراك الله الخامس. ثم أمر بهدمه (4).



1 - تاريخ الطبري: 3 / 150.
2 - تاريخ الخميس: 2 / 309.
3 - تذكرة الخواص: 260.
4 - الصواعق المحرقة: 198.
107
وذكر مثله الشبلنجي في نور الأبصار نقلا عن الكنز المدفون (1)، ولكن أورد
المسعودي في مروج الذهب الحديث كما تقدم وزاد بعده: فوثب عبد الملك بن
مروان وأمر بهدم الطاق الذي على المجلس، ثم قال: ذكر هذا الحديث الوليد بن
خباب وغيره، انتهى (2).
وفي هذه الأيام أرسلت مديرية الآثار القديمة ببغداد بعض الخبراء
بالحفريات، لإجراء عملية الاستكشاف على قصر الإمارة، كي يهتدوا إلى أثريات
مطمورة تحت التراب على ما يزعمون، وكتابات تكشف عن خبايا هذه البلدة،
فلقد نشرت جريدة الأخبار البغدادية في العدد 15 من السنة الأولى: أنه قد جرى
الحفر لأول مرة في ثلاث جهات: الجهة الشرقية والجهة الشمالية وفي زاوية الشمال
الشرقي، فظهرت جدران ضخمة بسمك أربعة أمتار وارتفاع سبعة أمتار تقريبا،
وبنتيجة تقاطع الجدران الداخلية والخارجية ظهر أن طور القصر 170 مترا وعرضه
170 مترا كذلك ويوجد في زواياه الأربع، حيث تقاطع الجدران الخارجية أبراج
أربعة قطرها ستة أمتار ومحيطها 14 مترا، والأبنية كلها مبنية بالطابوق الضخم
والجص، غير أن هندسة بنائه عربية لم يتكلف فيه بالزخرفة والنقوش، ويظهر أنها
بنيت بسرعة كما أنها هدمت كذلك بسرعة، وقد تبين أن للقصر بابين، بابا كبيرا في
الجهة الشمالية قرب البرج الملتصق بالجامع مما يحاذي قبر المختار بن أبي عبيد
الثقفي، وبابا صغيرا في الجهة الغربية ملاصقا للجهة الجنوبية من الجامع، وكذلك
ظهر أن للقصر عدة أبراج كبيرة وجانبية، ولم يعثر فيه على آثار قيمة تستحق الذكر
لحد الآن، عدا عدة قطع زجاجية من الزجاج الملوكي الراقي الذي كان يستعمل في
ذلك العصر ذي الصنع الدقيق، مثل الأكواب وأواني الشراب وأمثالها، ولكنها غير
كاملة.
وعثر أيضا على قطع متنوعة من الفخار المحزز غير المزجج، وقطع قليلة من
الفخار المزجج.
وعثر على طابوقة مزخرفة مكتوب عليها: دار، ويظهر أنها كانت متممة لعدة
طابوقات أخرى مكتوبة.



1 - نور الأبصار: 276.
2 - مروج الذهب: 3 / 110.
108
وعثر على نقود نحاسية متنوعة، وقطعة نحاسية تشبه سكاكين العصور
الماضية، وعثر على قطع صخرية متنوعة يظهر أنها كانت تستعمل (سنارات)
للأبواب، أو توضع فوق أعمدة الرخام أو تحتها.
وعثر على طابوق من أشكال متنوعة وبأحجام مختلفة وألوان متعددة، يستبان
منها أنها أبنية إسلامية لبساطتها وعدم تكلف التزوق والنقوش في جدرانها، كما
كانت تفعله ملوك الكلدان والآشور قبل الإسلام، ولأن هندسة بنائها بسيطة جدا.
ووجدت في الركن الشمالي الغربي مما يتصل بركن المسجد غرفة، طولها نحو
ثمانية أمتار وعرضها خمسة أمتار ولها بابان، وبجنبها مما يلي المسجد أربع غرف
أخرى صغيرة، وكذلك ظهرت في داخل القصر عدة أبنية أخرى ربما كانت غرفا أو
مخازن متنوعة وهي كثيرة داخل القصر.
ولقد وجدت في الركن الشمالي الشرقي غرفة مزججة بالمسك، ولا تزال رائحة
المسك تفوح منها بشدة لكل من اقترب منها، وهي بديعة جدا وفواحة برائحة
عطرية شديدة.
ولقد اكتشف حوالي القصر من داخله عدة مجاري للمياه مبنية بالجص
والآجر، وربما كانت متصلة بآبار وبالوعات لنقل المياه الوسخة، أو أنها كانت
مجاري لمياه الشرب من النهر إلى القصر، واكتشفت بداخله عدة بالوعات وآبار
مبنية بالحصا والحجارة أيضا، انتهى.

109
ملاحم آخر الزمان تتعلق بالكوفة
روى المجلسي في البحار، في باب علامات ظهوره (عليه السلام): عن صاحب كتاب
سرور أهل الإيمان، عن السيد علي بن عبد الحميد بإسناده، عن إسحاق يرفعه إلى
الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول للناس: «سلوني قبل أن
تفقدوني لأني بطرق السماء أعلم من العلماء، وبطرق الأرض أعلم من العالم...
فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته، وذلك قوله عزوجل: (إنما أنت
منذر ولكل قوم هاد) (1).
ألا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فتشغر برجلها فتنة شرقية وتطأ في
خطامها بعد موتها وحياتها، وتشب نار بالحطب الجزل من غربي الأرض... إلى
أن قال: ولذلك آيات وعلامات، أولهن: احصار الكوفة بالرصد والخندق،
وتخريق الزوايا في سكك الكوفة، وتعطيل المساجد أربعين ليلة، وكشف
الهيكل، وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتز، القاتل والمقتول في النار، وقتل
سريع وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين، والمذبوح بين
الركن والمقام، وقتل الأسبع المظفر صبرا في بيعة الأصنام... إلى أن قال: ويبعث
مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة وينزلون الروحاء والفاروق، فيسير منها ستون ألفا
حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود (عليه السلام) بالنخيلة، فيهجمون إليهم يوم الزينة وأمير
الناس جبار عنيد يقال له: الكاهن الساحر، فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في
خمسة آلاف من الكهنة، ويقتل على جسرها سبعين ألفا حتى يحتمي الناس من
الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد، ويسبي من الكوفة سبعين ألف بكر، لا
يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل ويذهب بهن إلى الثوية - وهي
الغري - ثم يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق، حتى يقدموا دمشق لا
يصدهم عنها صاد - وهي إرم ذات العماد - وتقبل رايات من شرقي الأرض غير
معلمة ليست بقطن ولا كتان ولا حرير مختومة في رأس القنا بخاتم السيد الأكبر،



1 - سورة الرعد: 7.
110
يسوقها رجل من آل محمد (عليهم السلام) تظهر بالمشرق، وتوجد ريحها بالمغرب
كالمسك الأذفر، يسير الرعب أمامها شهرا حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء
آبائهم» (1).
وفي البحار أيضا: عن تفسير الثعلبي، بالإسناد إلى حذيفة بن اليمان: أن
النبي (صلى الله عليه وآله) ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب، قال: «فبينا هم كذلك يخرج
عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلك حتى ينزل دمشق، فيبعث جيشين
جيشا إلى المشرق وآخر إلى المدينة، حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة
(الملعونة) - يعني بغداد - فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويفضحون أكثر من مائة
امرأة... ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها، ثم يخرجون متوجهين إلى
الشام، فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم لا يفلت منهم
مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم، ويحل الجيش الثاني
بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة، حتى إذا
كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول: يا جبرئيل اذهب فأبدهم.
فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها، ولا يفلت منهم إلا رجلان من
جهينة» (2).
وقال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: بالإسناد إلى جابر، أنه قال لأبي جعفر
الباقر (عليه السلام): متى يكون هذا الأمر؟
فقال: «أنى يكون ذلك يا جابر ولما تكثر القتلى بين الحيرة والكوفة» (3).
وفيه أيضا: عنه (عليه السلام) قال: «تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى
الكوفة، فإذا ظهر المهدي بعث إليه بالبيعة» (4).
وفيه أيضا: بالإسناد إلى أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: «عام أو سنة الفتح
ينشق الفرات حتى يدخل أزقة الكوفة» (5).



1 - بحار الأنوار: 25 / 272 - 274 ح 167.
2 - بحار الأنوار: 25 / 186 - 187، وما بين القوسين من المصدر.
3 - الغيبة للشيخ الطوسي: 446 ح 441.
4 - الغيبة للشيخ الطوسي: 452 ح 457.
5 - الغيبة للشيخ الطوسي: 451 ح 456.
111
وقال الصدوق في إكمال الدين: بالإسناد إلى أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال:
«تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا (ظهر) (1) المهدي
بعث إليه بالبيعة» (2).
وفيه أيضا: بالإسناد إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال: «يخرج... رجل ربعة
وحش الوجه ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، إذا رأيته حسبته أعور، حتى يأتي
أرضا ذات قرار ومعين - يريد أرض الكوفة - فيستوي على منبرها» (3).
ثم قال (عليه السلام): «ورجفة تكون بالشام يهلك فيها مائة ألف رجل، يجعلها الله
رحمة للمؤمنين وعذابا للكافرين، فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين
الشهب والرايات الصفر (تقبل) (4) من المغرب حتى تحل بالشام، فإذا كان ذلك
فانظروا خسفا في قرية من قرى الشام يقال لها: حرستا، فإذا كان كذلك فانتظروا...
وقد أظلتكم فتنة مظلمة عمياء منكسفة لا ينجو منها إلا النومة».
قيل: وما النومة؟
قال (عليه السلام): «الذي (لا) يعرف الناس ما في نفسه» (5).
وفي الخرائج والجرائح: ذكر قطب الدين بإسناده قال: قال الصادق (عليه السلام): «لا
يخرج القائم حتى يخرج اثنا عشر (رجلا) من بني هاشم كلهم يدعوا إلى
نفسه» (6).
وقال (عليه السلام): «ليس بين قيام القائم وقتل النفس الزكية إلا خمس عشرة ليلة» (7).
وقال (عليه السلام): «إذا هدم حائط مسجد الكوفة مؤخره مما يلي دار عبد الله بن
مسعود فعند ذلك زوال ملك بني فلان، أما إن هادمه لا يبنيه» (8).



1 - في المطبوع: (بعث)، وما أثبتناه من المصادر.
2 - لم يرد في كمال الدين، وورد في: الغيبة للشيخ الطوسي: 452 ح 457، الخرائج
والجرائح: 3 / 1158، بحار الأنوار: 52 / 217 ح 77.
3 - كمال الدين: 651 ح 9، الخرائج والجرائح: 3 / 1150.
4 - في المطبوع: (تقرب)، وما أثبتناه من المصدر.
5 - الخرائج والجرائح: 3 / 1151 - 1152، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
6 - الخرائج والجرائح: 3 / 1162، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
7 - الخرائج والجرائح: 3 / 1162.
8 - الخرائج والجرائح: 3 / 1163.
112
وفي إكمال الدين أيضا: بالإسناد أنه قال (عليه السلام): «بين يدي القائم موت أحمر
وموت أبيض، وجراد في غير حينه أحمر كلون الدم، فأما الموت الأحمر
فالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون» (1).
وفي جوامع الكلم: قال الحسن بن علي (عليه السلام): «لا يكون هذا الأمر الذي
تنتظرون حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجه بعض، وحتى يشهد
بعضكم بالكفر على بعض».
قيل: ما في ذلك خير؟
قال: «الخير (كله) في ذلك، عند ذلك يقوم القائم فيرفع ذلك كله» (2).
وفيه: قال الصادق (عليه السلام): «قدام القائم موت أحمر وموت أبيض، حتى يذهب
من كل سبعة خمسة، فالموت الأحمر السيف، والموت الأبيض الطاعون» (3).
وفيه: بالإسناد عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن
علي (عليه السلام) يقول: «لو خرج قائم آل محمد لنصره الله بالملائكة المسومين والمردفين
والمنزلين والكروبيين، يكون جبرئيل أمامه، وميكائيل عن يمينه، وإسرافيل عن
يساره، والرعب مسيرة شهر أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله، والملائكة
المقربون حذاه، أول من (يبايعه) (4) محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) الثاني،
ومعه سيف مخترط يفتح الله به الروم والصين والترك والديلم والسند والهند وكابل
شاه والخزر.
يا أبا حمزة: لا يقوم القائم إلا في خوف شديد، وزلزال، وفتنة، وبلاء يصيب
الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد بين الناس،
وتشتت في دينهم، وتغير في حالهم، حتى يتمنى (المتمني) الموت صباحا
ومساء، من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا.



1 - وردت في: الغيبة للشيخ الطوسي: 438 ح 430، والخرائج والجرائح: 3 / 1152.
2 - الغيبة للشيخ الطوسي: 438 ح 429، الخرائج والجرائح: 3 / 1152 ح 59، بحار
الأنوار: 25 / 211 ح 58، وما بين القوسين أثبتناه من المصادر، وفي المصادر: (قائمنا)،
بدل: (القائم).
3 - كمال الدين: 655 ح 27، بحار الأنوار: 52 / 207 ح 42.
4 - في المصادر: يتبعه.
113
وخروجه إذا خرج عند (الإياس) (1) والقنوط، فيا طوبى لمن أدركه وكان من
أنصاره، والويل كل الويل لمن ناواه وخالف أمره وكان من أعدائه».
ثم قال: «يقوم بأمر جديد وكتاب جديد وسنة جديدة وقضاء جديد على
العرب شديد، ليس شأنه إلا القتل، لا يستتيب أحدا، لا تأخذه في الله لومة
لائم» (2).
وفيه: عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لو يعلم الناس ما
يصنع القائم إذا خرج، لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس، أما إنه لا يبدأ
إلا بقريش، فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف، حتى يقول أكثر
الناس: ما هذا من آل محمد ولو كان من آل محمد لرحم» (3).
وفيه: عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما تستعجلون بخروج القائم
فوالله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الجشب، وما هو إلا السيف والموت تحت
ظل السيف» (4).
وفيه: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا خرج القائم (عليه السلام)، لم يكن بينه وبين العرب
وقريش إلا السيف، ما يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف وما يستعجلون
بخروج القائم، والله ما لباسه إلا الغليظ وما طعامه إلا الشعير الجشب، وما هو إلا
السيف والموت تحت ظل السيف» (5).



1 - في المطبوع: (الآيات)، وما أثبتناه من المصادر.
2 - الغيبة للنعماني: 234 ح 22، بحار الأنوار: 52 / 348 ح 99.
3 - الغيبة للنعماني: 233 ح 18، بحار الأنوار: 52 / 354 ح 113.
4 - الغيبة للنعماني: 233 ح 20، بحار الأنوار: 52 / 354 ح 115.
5 - الغيبة للنعماني: 234 ح 21، بحار الأنوار: 52 / 355 ح 116.
114
في أنه (عليه السلام) إذا ظهر يكون حكمه في مسجد الكوفة
في البحار: بالإسناد عن أسعد بن الأصبغ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من كان
له دار بالكوفة فليتمسك بها» (1).
وعن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن قائمنا إذا قام يبنى له في
ظهر مسجد الكوفة مسجد له ألف باب، وتتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء حتى
يخرج الرجل يوم الجمعة على بغلة (2) يريد الجمعة فلا يدركها» (3).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا دخل المهدي الكوفة قال الناس: يا بن رسول الله
إن الصلاة معك تضاهي الصلاة خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا لا يسعنا، فيخرج إلى
الغري فيخط مسجدا له ألف باب يسع الناس، ويبعث فيجري خلف قبر
الحسين (عليه السلام) نهرا يجري إلى الغري حتى يجري إلى النجف، ويعمل هو على فوهة
النهر قناطر وأرحاء في السبيل» (4).
وفي جوامع الكلم: عن حبة العرني قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحيرة
فقال: «لتصلن هذه بهذه - وأومى بيده إلى (الكوفة و) الحيرة - حتى يباع الذراع
فيما بينهما بدينارين (5) وليبنين بالحيرة مسجدا له خمسمائة باب، يصلي فيه
خليفة القائم، لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم، وليصلين فيه اثنا عشر إماما عدلا».
قلت: يا أمير المؤمنين ويسع مسجد الكوفة هذا (الذي) تصف الناس يومئذ؟
قال: «يبني لهم أربعة مساجد الكوفة أصغرها، وهذا، ومسجدان (في) طرفي
مسجد الكوفة من هذا الجانب (وهذا الجانب)» وأومى بيده نحو نهر البصريين
والغريين (6).



1 - بحار الأنوار: 97 / 385 ح 2.
2 - في المصدر زياد: (سفواء)، وقال المجلسي: سفواء: خفيفة سريعة.
3 - بحار الأنوار: 97 / 385 ح 3.
4 - بحار الأنوار: 97 / 385 ح 4.
5 - في المصادر: (بدنانير).
6 - تهذيب الأحكام: 3 / 253 ح 699، بحار الأنوار: 52 / 374 ح 173، وما أثبتناه من
المصادر.
115
وفيه أيضا: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل منه قال: «إذا
قام القائم سار إلى الكوفة، وليهدم بها أربعة مساجد، ولم يبق مسجد على وجه
الأرض له شرف إلا هدمها وجعلها جماء (1)، ووسع الطريق الأعظم وكسر كل
جناح خارج في الطريق، وأبطل الكنف والميازيب إلى الطرقات، فلا يترك بدعة
إلا أزالها ولا سنة إلا أقامها، ويفتح الصين وقسطنطينية وجبال الديلم»... الخ (2).
وفيه أيضا: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن القائم إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى
الكوفة نادى مناديه: (ألا) لا يحمل منكم أحد طعامه ولا شرابه، ويحمل حجر
موسى بن عمران (عليه السلام) وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انبعث عين منه، فمن كان
جائعا شبع ومن كان ظمآن روى، فهو زادهم حتى ينزل النجف من ظهر
الكوفة» (3).
وفيه أيضا: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته متى يقوم
قائمكم؟
قال: «يا أبا الجارود لا تدركون».
قلت: أهل زمانه؟
فقال: «و (لا) تدرك أهل زمانه، يقوم قائمنا بالحق بعد أياس من الشيعة
ويدعوا الناس ثلاثا فلا يجيبه أحد، فإذا كان اليوم الرابع تعلق بأستار الكعبة فقال:
يا رب انصرني، ودعوته لا تسقط، فيقول الله للملائكة الذين نصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يوم بدر ولم يحطوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم فيبايعون، ثم يبايعه من الناس
ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، ثم يسير إلى المدينة فيسير الناس حتى يرضى الله،
فيقتل ألفا وخمسمائة قرشيا ليس فيهم إلا (فرخ زنية) (4) ثم يدخل المسجد
(فينقض) الحائط حتى يضعه إلى الأرض، ويهدم قصر المدينة، ويسير إلى الكوفة
فيخرج منها ستة عشر ألفا من البترية، شاكين في السلاح قراء القرآن فقهاء في



1 - جماء: أي ملساء. لسان العرب: 12 / 109.
2 - روضة الواعظين: 264، بحار الأنوار: 52 / 339 ح 84، وسائل الشيعة: 25 / 436 ح
32295.
3 - الكافي: 1 / 231 ح 3، بحار الأنوار: 13 / 185 ح 20.
4 - في المطبوع: (فوح الزيبية)، وما أثبتناه من المصدر.
116
الدين، قد نزعوا جباههم وشمروا ثيابهم وعممهم النفاق وكلهم يقول: يا بن فاطمة
ارجع لا حاجة لنا فيك.
فيضع فيهم السيف على ظهر النجف عشية الاثنين من العصر إلى العشاء
فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل ولا يصاب من أصحابه أحد،
دماؤهم قربان إلى الله، ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله تعالى».
قال: فلم أعقل المعنى، فمكثت طويلا ثم قلت: وما يدريه جعلت فداك حتى
يرضى الله؟
قال: «يا أبا الجارود إن الله تعالى أوحى إلى أم موسى وهو خير من أم موسى،
وأوحى إلى النحل وهو خير من النحل».
فعقلت المذهب فقال: «أعقلت المذهب؟»
قلت: نعم.
قال: «إن القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين، كما لبث أصحاب الكهف في
الكهف، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، ويفتح الله عليه شرق
الأرض ومغربها، يقتل الناس حتى لا يرى إلا دين محمد (صلى الله عليه وآله) يسير بسيرة سليمان
ابن داود (عليه السلام) يدعو الشمس والقمر فيجيبانه، وتطوى له الأرض ويوحي الله إليه
فيعمل بأمر الله» (1).
وفيه أيضا: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أول ما يبدأ القائم بأنطاكية
فيستخرج منها التوراة من غار فيه عصا موسى وخاتم سليمان».
قال: «وأسعد الناس به أهل الكوفة».
قال: «وإنما سمي المهدي، لأنه يهدي إلى أمر خفي، حتى أنه يبعث إلى
رجل لا يعلم الناس له ذنبا فيقتله، حتى أن أحدهم يتكلم في بيته فيخاف أن يشهد
عليه الجدار» (2).
وفيه: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كأني أنظر إلى القائم على ظهر النجف، فإذا
استوى على ظهر النجف ركب فرسا أدهم أبلق بين عينيه شمراخ (3)، ثم ينتفض به



1 - دلائل الإمامة: 455 ح 435.
2 - بحار الأنوار: 52 / 390 ح 212.
3 - الشمراخ: غرة الفرس إذا دقت وسالت وجللت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة.
الصحاح: 1 / 425.
117
فرسه فلا يبقى أهل بلدة إلا وهم يظنون أنه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية رسول
الله (صلى الله عليه وآله) انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملكا كلهم ينتظرون القائم، وهم الذين كانوا مع
نوح (عليه السلام) في السفينة، والذين كانوا مع إبراهيم (عليه السلام) حيث ألقي في النار، وكانوا مع
عيسى (عليه السلام) حين رفع، وأربعة آلاف مسومين ومردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا
يوم بدر، وأربعة آلاف (ملك) الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين (عليه السلام) فلم
يؤذن لهم فصعدوا إلى السماء وهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السلام)، فهم شعث غبر
يبكون عند قبر الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة، وما بين قبره والسماء مختلف
الملائكة» (1).
وفيه: عنه (عليه السلام) قال: «إذا بلغ السفياني أن القائم توجه (إليه) من ناحية الكوفة
فيجرد بخيله حتى يلقى القائم فيخرج فيقول: أخرجوا إلي ابن عمي.
فيخرج إليه السفياني فيبايعه ثم ينصرف إلى أصحابه فيقولون له: ما صنعت؟
فيقول: أسلمت وتابعت (2).
فيقولون: قبح الله رأيك بينما أنت متبوع فصرت تابعا.
فيستقبله فيقاتله، (ثم) يمسون تلك الليلة ثم يصبحون للقائم بالحرب
فيقتتلون يومهم ذلك، ثم إن الله تعالى يمنح القائم (عليه السلام) وأصحابه أكتافهم فيقتلونهم
حتى يفنوهم، حتى أن الرجل يختفي في الشجرة والحجرة فتقول الشجرة
والحجرة: يا مؤمن هذا رجل كافر فاقتله (فيقتله).
قال: فتشبع السباع من لحومهم، فيقيم بها القائم ما شاء الله.
قال: ثم يعقد بها القائم ثلاث رايات: لواء إلى القسطنطينية يفتح الله له، ولواء
إلى الصين (يفتح الله له)، ولواء إلى جبال الديلم فيفتح الله له» (3).
وفيه: قال الصادق (عليه السلام): «كأني أنظر إلى القائم على منبر الكوفة وحوله
أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر عدة أصحاب بدر، وهم أصحاب الألوية وهم حكام



1 - كمال الدين: 671 - 672 ح 22، بحار الأنوار: 52 / 325 - 326 ح 40، وما بين
القوسين أضفناه من المصدر.
2 - في المصدر: (وبايعت).
3 - بحار الأنوار: 52 / 388 ح 206، وما بين القوسين من المصدر.
118
الله في أرضه على خلقه، حتى يستخرج من قبائه كتابا مختوما بخاتم من ذهب
عهد معهود من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيجفلون عليه إجفال الغنم، فلا يبقى منهم إلا
الوزير - المراد بالوزير عيسى بن مريم وسلمان الفارسي من النقباء - وأحد عشر
نقيبا، كما بقوا مع موسى بن عمران (عليه السلام)، فيجولون الأرض فما يجدون عنه مذهبا
فيرجعون إليه، فوالله إني لأعرف الكلام الذي يقوله لهم فيكفرون به» (1).
وفي الوسائل والبحار: عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لأبي بصير: «يا أبا محمد
كأني أرى نزول القائم (عليه السلام) في مسجد السهلة بأهله وعياله».
قلت: يكون منزله جعلت فداك؟
قال: «نعم، كان فيه منزل إدريس، وكان منزل إبراهيم خليل الرحمن، وما
بعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه، وفيه مسكن الخضر (عليه السلام)، والمقيم فيه كالمقيم في
فسطاط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه، وفيها صخرة
فيها صورة كل نبي، وما صلى فيه أحد فدعا الله بنية صادقة إلا وصرفه الله بقضاء
حاجته، وما من أحد استجاره إلا أجاره الله مما يخاف».
قلت: هذا لهو الفضل.
قال: «نزيدك؟»
قلت: نعم.
قال: «هو من البقاع التي أحب الله أن يدعى فيها، وما من يوم وليلة إلا
والملائكة تزور هذا المسجد يعبدون الله فيه، أما إني لو كنت بالقرب منكم ما
صليت صلاة إلا فيه، يا أبا محمد وما لم أصف أكثر».
قلت: جعلت فداك لا يزال القائم فيه أبدا؟
قال: «نعم».
قلت: فمن بعده؟
قال: «هكذا من بعده إلى انقضاء الخلق» (2).
وفي البحار: عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا حمزة هل
شهدت عمي ليلة خرج؟»



1 - كمال الدين: 672 - 673 ح 25، بحار الأنوار: 52 / 326 ح 42.
2 - بحار الأنوار: 97 / 436 ح 7، مستدرك الوسائل: 3 / 417 - 418 ح 3907.
119
قال: نعم.
قال: «فهل صلى في مسجد سهيل؟»
قال: وأين مسجد سهيل، لعلك تعني مسجد السهلة؟
قال: «نعم».
قال: لا.
قال: «أما إنه لو صلى فيه ركعتين ثم استجار الله لأجاره سنة».
فقال له أبو حمزة: بأبي أنت وأمي هذا مسجد السهلة.
قال: «نعم، فيه بيت إبراهيم الذي كان يخرج منه إلى العمالقة، وفيه بيت
إدريس الذي كان يخيط فيه، وفيه مناخ الراكب، وفيه صخرة خضراء فيها صورة
جميع النبيين، (وتحت الصخرة الطينة التي خلق الله عزوجل منها النبيين)، وفيها
المعراج وهو الفاروق الأعظم موضع منه، وهو ممر الناس وهو من كوفان، وفيه
ينفخ في الصور وإليه المحشر، ويحشر من جانبه سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير
حساب، أولئك الذين أفلج الله حججهم وضاعف نعمهم المستبقون الفائزون
القانتون، يحبون أن يدرؤا عن أنفسهم المفخر ويجلون بعدل الله عن لقائه،
وأسرعوا في الطاعة فعملوا وعلموا أن الله بما يعملون بصير، ليس عليهم حساب
ولا عذاب يذهب الضغن يطهر المؤمنين، ومن وسطه سار جبل الأهواز وقد أتى
عليه زمان وهو معمور».
قال المجلسي: قوله: (وفيه المعراج) لعل المراد: أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزل ليلة
المعراج وصلى في مسجد الكوفة أتى هذا الموضع وعرج منه إلى السماء.
أو المراد: أن المعراج المعنوي يحصل فيه للمؤمنين.
قوله (عليه السلام): (وهو الفاروق الأعظم موضع منه) أي: المعراج وقع في موضع منه
وهو المسمى (بالفاروق) (1)، أو أن في موضع منه يفرق القائم بين الحق
والباطل، كما ورد في خبر آخر أن فيها يظهر عدل الله.
وقوله (عليه السلام): (هو ممر الناس) أي: إلى المحشر (2).



1 - في المطبوع: (بالغار)، وما أثبتناه من المصدر.
2 - بحار الأنوار: 97 / 436 - 437 ح 8، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
120
نقل الحجر الأسود من مكة إلى الكوفة
روى المجلسي في البحار: عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) رواية
منها: «يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عزوجل بما لم يحب به أحدا، ففضل مصلاكم
بيت آدم و (بيت) نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم الخليل ومصلى أخي
الخضر (عليه السلام) - إلى أن قال -: ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر
الأسود، وليأتين (عليه) زمان يكون مصلى المهدي من ولدي» الخ (1).
قال (رحمه الله) في البيان: قوله: (ولا تذهب الأيام والليالي... الخ: يمكن أن يكون
نصب الحجر بطريق الحق من المعصوم لا عدوانا، ويكون من خصائص زمانه (صلى الله عليه وآله)
كأشياء كثيرة، ويخدش فيه: أنه لم ينقل من خصائصه ذلك النقل والتحويل، ولعل
المراد: الإخبار بما وقع عدوانا زمن القرامطة، حيث نقلوا الحجر من مكة إلى الكوفة
ونصبوه في ذلك المسجد، وكان فيه مدة مديدة حتى انقرضوا، فنقل إلى موضعه،
واشتهر أن في نقله من مكة انكسر من ثقله كثير من الإبل، وفي إعادته حمله بعير
واحد، وكانت الإعادة في عهد محمد بن قولويه وله قصة عجيبة (2).
وسبب نقله:
أن زكرويه القرمطي (3) خرج في سنة ثلاث وتسعين ومائتين وابتدع دينا، ودعا
الناس إليه فأجابوه وقوي أمره واستفحل، فأخذ يقتل الناس قتلا ذريعا حتى قتل



1 - بحار الأنوار: 97 / 389 - 390 ح 14، وما بين القوسين من المصدر.
2 - لم نجد هذا البيان في المصدر.
3 - زكرويه بن مهرويه القرمطي، من زعماء القرامطة ومتألهيهم، من أهل القطيف، اختفى
أربع سنين في أيام المعتضد العباسي فلم يظفر به، ولما مات المعتضد أظهر نفسه واستهوى
طوائف من أهل بادية العراق وبث الدعاة، وكان أتباعه يسجدون له ويسمونه السيد
والمولى، ولم يكن يظهر لعسكره بل يسير وهو محجوب ويتولى أموره أحد ثقاته، وأغار
زكرويه على حجاج خراسان وكانوا نحو عشرين ألفا فأفنى أكثرهم، وانتشرت جموعه بين
زبالة وفيد والنباج وحفير أبي موسى، وانتدب المكتفي الجيوش لقتاله فأصيب في معركة
بين القادسية وخفان فمات بعد أيام وحملت جثته إلى بغداد فأحرقت وأرسل رأسه إلى
خراسان لئلا ينقطع أهلها عن الحج.
121
زكرويه في أحد المواقع، فقام مقامه أبو طاهر القرمطي (1) وأخذ يقتل وينهب إلى
سنة سبع عشرة وثلاثمائة، فقصد مكة المشرفة وفي يوم التروية دخلها وقتل الحاج
قتلا ذريعا في المسجد الحرام وفي البيت وفي فجاج مكة، ونهب أموالهم وقلع
الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر (2)، وخرج أهل مكة فقاتلوه فقتلهم كلهم، ثم إن أبا
طاهر قلع باب البيت وأصعد الخبيث رجلا من أصحابه ليقلع الميزاب، فسقط
الرجل ومات، وعمد اللعين القرمطي فطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في
المسجد الحرام حيث قتلوا، وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه، ونهب دور
أهل مكة، وصعد اللعين على البيت وقال شعرا:
أنا بالله وبالله أنا * يخلق الخلق وأفنيهم أنا
وكان لما قلع الحجر الأسود قال شعرا:
ولو كان هذا البيت معبد ربنا * لصب علينا النار من فوقه صبا
لأنا حججنا حجة جاهلية * مما حلة لم تبق شرقا ولا غربا
وإنا تركنا بين زمزم والصفا * جنائز لا تبغي سوى ربها ربا
وهذا الشعر دليل على كفره، ومكث الحجر عندهم اثنين وعشرين سنة (3)، وكان
بحكم التركي الذي استولى على بغداد في أيام الراضي بالله، دفع إليهم خمسين
ألف دينار على رده، فأبوا أن يردوه وحملوه إلى الكوفة وعلقوه بجامعها حتى رآه
الناس، وفي سنة تسع وثلاثين ردوه إلى مكة وقالوا: أخذناه بأمر وأعدناه بأمر.
فأعادت القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه في ذي القعدة (4).



1 - أبو طاهر سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الهجري القرمطي، ملك البحرين وزعيم
القرامطة، خارجي، طاغية جبار، وثب على البصرة سنة 311 ونهبها وسبى نساءها، وكتب
إلى المقتدر أن يضم اليه البصرة والأهواز فلم يجبه، فأغار على الكوفة سنة 312 فأقام فيها
ستة أيام وحمل منها ما حمل، وسير المقتدر جيشا لقتاله فشتته القرمطي، وأغار على مكة
يوم التروية سنة 317 وبلغ عدد القتلى ثلاثين ألفا واقتلع الحجر الأسود، ومات كهلا
بالجدري في هجر.
2 - هجر: بفتح أوله وثانيه، مدينة وهي قاعدة البحرين، وقيل: ناحية البحرين كلها هجر،
وقيل: هجر قصبة البحرين. معجم البلدان: 1 / 347 و 5 / 393.
3 - أي من سنة 317 إلى سنة 339.
4 - راجع: البداية والنهاية: 11 / 182، الكامل في التاريخ: 8 / 486، النجوم الزاهرة: 3 /
225، تاريخ الخميس: 2 / 383، فوات الوفيات: 1 / 175.
122
قال في الخرائج والجرائح: عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال: لما
وصلت بغداد في سنة (تسع) (1) وثلاثين وثلاثمائة عزمت على الحج، وهي السنة
التي رد القرامطة فيها الحجر في مكانه إلى البيت، فكان أكثر همي الظفر بمن ينصب
الحجر، لأنه لا يضعه في مكانه إلا الحجة في الزمان، كما في زمان الحجاج وضعه
زين العابدين (عليه السلام) في مكانه فاستقر، فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي ولم
يتهيأ (لي) ما قصدت له، فعرفت أن ابن هشام يمضي إلى الحرم، فكتبت رقعة
وأعطيته إياها مختومة، أسأل فيها عن مدة عمري وهل تكون الموتة في هذه العلة أم
لا؟ وقلت له: همي في إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه.
قال ابن هشام: ثم مضيت إلى الحرم وأخذت معي من يمنعني ازدحام
الناس، وكلما عمد إنسان أن يضعه في موضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام
أسمر اللون حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام كأنه لم يزل عنه، وعلت
لذلك الأصوات.
فانصرف خارجا من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عني يمينا
وشمالا حتى ظن بي خلاط، والناس يفرجون له وعيني لا تفارقه حتى انقطع عن
الناس فكنت أسرع المشي خلفه، وهو يمشي على تؤدة (2) ولا أدركه، فلما حصل
بحيث لا يراه أحد غيري وقف والتفت إلي وقال: «هات ما معك».
فناولته الرقعة فقال من غير أن ينظر إليها: «قل له: لا خوف عليك في هذه العلة
ويكون ما لابد منه بعد ثلاثين سنة».
قال: فوقع علي الزمع (3) حتى لم أطق حراكا وتركني وانصرف.
قال أبو القاسم: فحضر وأعلمني بهذه الجملة، قال: فلما كانت سنة ثلاثين
اعتل أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره بتحصيل جهاز قبره وكتب وصيته واستعمل
الجد في ذلك.
فقيل له: ما هذا الخوف، ونرجوا أن يتفضل الله بالسلامة فما عليك مخوفة.



1 - في المصدر والمطبوع: (سبع)، وما أثبتناه هو الموافق للمصادر التاريخية.
2 - التؤدة: التأني والرزانة. مجمع البحرين: 1 / 2778.
3 - الزمع: الذهول والدهشة. مجمع البحرين: 2 / 290.
123
فقال: هذه السنة التي خوفت فيها. فمات في علته (1).
وقد حكى العلامة الكبير السيد محمد الطباطبائي في رسالته التي ألفها في
فضل مسجد الكوفة، القصة التي أشار إليها المجلسي في إعادة الحجر الأسود
فقال: فقد حكي أنه - أي محمد بن قولويه - لما سمع أنه يعاد إلى مكة وكان هو
ببغداد، عزم على المسير معه ليرى صاحب الأمر (عليه السلام)، لعلمه بأنه لا يضع الحجر
مقامه إلا من عصمه الله سبحانه، فلما بلغ إلى الكوفة مرض مرضا شديدا عجز عن
المسير معه، فأرسل أحدا من أمنائه بأموال كثيرة لقوام المسجد الحرام وخدمته
وقال له: التمس منهم أن يحضروك عند الركن حين يضعون الحجر.
وأرسل بيده عريضة مختومة إلى صاحب الأمر (عليه السلام) وقال له: أعط هذا
المكتوب من يضع الحجر مقامه.
فسار ذلك الأمين معه حتى وصلوا إلى مكة ففعل ما أمر به، فأحضره القوام عند
الركن حين أرادوا وضع الحجر في مقامه، فرأى مشايخ العرب وصناديدهم جاؤوا
ووضعوا الحجر في ثوب ورفعوا بأجمعهم ذلك الثوب حتى وصل محاذي مقام
الحجر، فإذا بشاب حسن الهيئة قد أخذ الحجر من الثوب وأقامه مقامه، وخرج من
بين القوم خارجا من المسجد، فسارع خلفه حتى أنه راح إلى خلف جبال مكة
فنادى: «يا فلان جئني بكتاب محمد بن قولويه».
فذهب إليه وأعطاه إياه فقال: «قل لمحمد بن قولويه إني دعوت لك فقد عافاك
الله من هذا الداء العضال وأنك ستمرض مرضا شديدا يقنط من برئه من يراك
مكررا ويشفيك الله منها إلى ثلاثين سنة، ففي ساعة كذا من ليلة كذا يقبض الله
روحك من غير مرض».
ثم غاب (عليه السلام) فقال ذلك الرسول، فحينئذ عرفت أنه صاحب الأمر، فلما رجع
إلى بغداد أخبر صاحبه بما رأى وسمع، وكان محمد بن قولويه كثيرا ما يمرض بعد
ذلك مرضا شديدا ييأس منه الأطباء والأقرباء وهو يؤنسهم ويقول: إني لا أموت من
هذا المرض، فلما جاءت الليلة الموعودة جمع أقرباءه وخلطاءه وودعهم قائلا: إني
أقبض في ساعة كذا من هذه الليلة.



1 - الخرائج والجرائح: 1 / 475 - 477 ح 18.
124
فقالوا: إنك تمرض كثيرا مرضا شديدا وإنا كنا نيأس منك وكنت تؤنسنا، والليلة
ليس بك عاهة ولا بك عارضة، فمن أين لك تلك ومن أتى لك هذا؟
فقص عليهم القصة وقبض في الساعة الموعود فيها.
ثم قال (رحمه الله): قوله: (ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود) لعله
تأييدا لما ذكرناه، لدلالته على وقوع ذلك قريبا من عهده صلوات الله عليه.
الكوفة في معاجم اللغة
قال في القاموس، وشرحه تاج العروس:
الكوفة: بالضم الرملة الحمراء المجتمعة: وقيل: المستديرة أو كل رملة تخالطها
حصباء أو الرملة ما كانت.
والكوفة: مدينة العراق الكبرى، وهي قبة الإسلام ودار هجرة المسلمين،
قيل: مصرها سعد بن أبي وقاص، وكان قبل ذلك منزل نوح (عليه السلام) وبنى مسجدها
الأعظم، واختلف في سبب تسميتها، فقيل: سميت لاستدارتها، وقيل: بسبب
اجتماع الناس بها: وقيل: لكونها كانت رملة حمراء، أو لاختلاط ترابها بالحصا، قاله
النووي (1).
قال الصاغاني: ووردت رامة بنت الحصين بن منقذ بن الطماح الكوفة
فاستوبلتها (2) فقالت:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * وبيني وبين الكوفة النهران
فإن ينجني منها الذي ساقني لها * فلابد من عمر ومن شنآن
ويقال لها أيضا: كوفان بالضم، نقله النووي في شرح مسلم عن أبي بكر الحازمي
الحافظ وغيره، واقتصروا على الضم، قال أبو نؤاس:
ذهبت بنا كوفان مذهبها * وعدمت عن ظرفائها خيري



1 - شرح مسلم للنووي: 4 / 175 - 176.
2 - إستوبل الأرض: إذا لم توافقه في بدنه وإن كان محبا لها، واستوبلت الأرض والبلد:
استوخمتها. لسان العرب: 11 / 720.
125
وقال اللحياني: كوفان اسم للكوفة، وبها كانت تدعى قبل، وقال الكسائي: كانت
الكوفة تدعى كوفان، قوله: ويفتح، إنما نقل ذلك عن ابن عباد في قولهم: إنه لفي
كوفان كما سيأتي.
ويقال لها أيضا: كوفة الجند، لأنه اختطت فيها خطط العرب أيام عثمان (رضي الله عنه)
وفي العباب أيام عمر (رضي الله عنه).
خططها: أي تولى تخطيطها السائب بن الأقرع بن عوف الثقفي (رضي الله عنه) وهو الذي
شهد فتح نهاوند مع النعمان بن مقرن، وقد ولي أصبهان أيضا وبها مات وعقبه
بها، ومنه قول عبدة بن الطبيب العبشمي:
إن التي ضربت بيتا مهاجرة * بكوفة الجند غالت ودها غول
وسميت بكوفان، وهو جبيل صغير فسهلوه وأختطوا عليه، وقد تقدم ذلك عن
اللحياني والكسائي، أو من الكيف، وهو القطع، لأن أبرويز أقطعه لبهرام، أو لأنها
قطعة من البلاد والأصل كيفة، فلما سكنت الياء وانضم ما قبلها جعلت واوا، أو هي
من قولهم: هم في كوفان بالضم ويفتح وهذه عن ابن عباد، والضم عن الأموي،
وكوفان: محركة مشددة الواو، أي في عز ومنعة، أو لأن جبل ساتيذما محيط بها
كالكاف، أو لأن سعدا - أي ابن أبي وقاص (رضي الله عنه) - لما أراد أن يبني الكوفة ارتاد هذه
المنزلة للمسلمين قال لهم: تكوفوا في هذا المكان، أي اجتمعوا فيه، أو لأنه قال:
كوفوا هذه الرملة، أي نحوها وانزلوا، وهذا قول المفضل نقله ابن سيدة.
قال ياقوت: ولما بنى عبيد الله بن زياد مسجد الكوفة صعد المنبر وقال: يا أهل
الكوفة إني قد بنيت لكم مسجدا لم يبن على وجه الأرض مثله، وقد أنفقت على كل
أسطوانة سبع عشرة مائة، ولا يهدمه إلا باغ أو حاسد (1).
وروي عن بشر بن عبد الوهاب القرشي مولى بني أمية وكان ينزل دمشق، وذكر
أنه قدر الكوفة فكانت ستة عشر ميلا وثلثي ميل.
وذكر أن فيها خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر، وأربعة وعشرين ألف
دار لسائر العرب، وستة وثلاثين ألف دار لليمن، والمسافة ما بين الكوفة والمدينة
نحو عشرين مرحلة، وكويفة، كجهينة موضع بقربها أي الكوفة، ويضاف لابن عمر



1 - معجم البلدان: 4 / 492، وفيه: (جاحد) بدل: (حاسد).
126
لأنه نزلها وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب، هكذا ذكره الصاغاني.
والصواب ما في اللسان: يقال له: كويفة عمرو وهو عمرو بن قيس من
الأزد، كان أبرويز لما انهزم من بهرام جور نزل به فقراه، فلما رجع إلى ملكه أقطعه
ذلك الموضع (1).
والكوفان بالضم ويفتح عن ابن عباد، والكوفان والكوفان كهيبان وجلسان،
الرملة المستديرة، وهو أحد أوجه تسمية الكوفة كوفة كما تقدم.
والكوفان: الأمر المستدير، يقال: ترك القوم في كوفان. نقله الجوهري (2).
وتكوف الرمل تكوفا وكوفانا بالفتح استدار، وكذلك الرجل، وتكوف الرجل
تشبه بالكوفيين أو انتسب إليهم أو تعصب لهم وذهب مذهبهم، ومما يستدرك عليه
كوف الشيء نحاه، وقيل: جمعه، وكوف القوم أتوا الكوفة، قال:
إذا ما رأت يوما من الناس راكبا * يبصر من جيرانها ويكوف
وقال يعقوب: كوف صار إلى الكوفة (3). انتهى.
وقال في مختصر الصحاح: الكوفة الرملة الحمراء وبها سميت الكوفة (4).
وقال في المصباح المنير: الكوفة مدينة مشهورة بالعراق، قال: سميت الكوفة
لاستدارة بنائها لأنه يقال: تكوف القوم إذا اجتمعوا واستداروا (5).
وفي نهاية ابن الأثير: قال في حديث سعد لما أراد أن يبني الكوفة قال: تكوفوا
في هذا الموضع، أي اجتمعوا فيه، وبه سميت الكوفة.
وقيل: كان اسمها قديما كوفان (6).



1 - لسان العرب: 9 / 312.
2 - الصحاح: 4 / 1424 - 1425.
3 - تاج العروس: 6 / 240 - 241.
4 - مختار الصحاح: 299.
5 - المصباح المنير: 544.
6 - النهاية لابن الأثير: 4 / 210.
127
الكوفة في عهد ابن جبير الرحالة
يصف لنا الرحالة الكبير ابن جبير (1) الكوفة في رحلته، وقد دخلها يوم الجمعة
28 شهر المحرم سنة 580 وشاهد آثارها الجميلة فيقول: هي مدينة كبيرة عتيقة
البناء، قد استولى الخراب على أكثرها، فالغامر منها أكثر من العامر، ومن أسباب
خرابها قبيلة خفاجة المجاورة لها فهي لا تزال تضر بها، وكفاك بتعاقب الأيام والليالي
محييا ومميتا (2)، وبناء هذه المدينة بالآجر خاصة ولا سور لها، والجامع العتيق
آخرها مما يلي شرقي البلد ولا عمارة تتصل به من جهة الشرق، وهو جامع كبير في
الجانب القبلي منه خمسة أبلطة وفي سائر الجوانب بلاطان، وهذه البلاطات على
أعمدة من السواري الموضوعة من صم الحجارة المنحوتة قطعة على قطعة مفرغة
بالرصاص ولا قسي عليها، وهي في نهاية الطول متصلة بسقف المسجد، فتحار
العيون في تفاوت ارتفاعها، فما أرى في الأرض مسجدا أطول أعمدة منه ولا أعلى
سقفا، ولهذا الجامع المكرم آثار كريمة:
فمنها:
بيت بإزاء المحراب عن يمين مستقبل القبلة يقال: إنه كان مصلى إبراهيم
الخليل (عليه السلام) وعليه ستر أسود صونا له، ومنه يخرج الخطيب لابسا ثياب السواد
للخطبة، فالناس يزدحمون على هذا الموضع المبارك للصلاة فيه، وعلى مقربة منه
مما يلي الجانب الأيمن من القبلة، محراب محلق عليه بأعواد الساج مرتفع عن
صحن البلاط كأنه مسجد صغير، وهو محراب أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، وفي ذلك الموضع ضربه الشقي اللعين عبد الرحمن بن ملجم بالسيف
فالناس يصلون فيه باكين داعين.



1 - هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جبير بن محمد بن عبد السلام الكناني البلنسي
المالكي، ولد ببلنسية سنة 540 وتوفى بالإسكندرية سنة 614.
2 - في المصدر: (محييا ومفنيا).
128
محراب أمير المؤمنين (عليه السلام)
وفي الزاوية من آخر هذا البلاط القبلي المتصل بآخر البلاط الغربي شبيه مسجد
صغير محلق عليه أيضا بأعواد الساج، هو موضع مفار التنور الذي كان آية
لنوح (عليه السلام)، وفي ظهره خارج المسجد بيته الذي كان فيه، وفي ظهره بيت آخر
يقال: إنه كان متعبد إدريس (عليه السلام)، ويتصل بهما فضاء متصل بالجدار القبلي من
المسجد يقال: إنه كان منشأ السفينة، ومع آخر هذا الفضاء دار علي بن أبي
طالب (عليه السلام) والبيت الذي غسل فيه، ويتصل به بيت يقال: إنه كان بيت ابنة نوح.

129
دار الإمام علي (عليه السلام)
وهذه الآثار الكريمة تلقيناها من ألسنة أشياخ من أهل البلد، وفي الجهة الشرقية
من الجامع بيت صغير يصعد إليه في قبر مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عليه السلام)، وفي
جوف الجامع على بعد منه يسير سقاية كبيرة من ماء الفرات، فيها ثلاث أحواض
كبار.
وفي غداء يوم السبت رحلنا ونزلنا قرب الظهر على نهر منسرب من الفرات،
والفرات من الكوفة على مقدار نصف فرسخ مما يلي الجانب الشرقي، والجانب
الشرقي كله حدائق نخيل ملتفة يتصل سوادها ويمتد امتداد البصر (1).



1 - رحلة ابن جبير: 187 - 189.
130
الكوفة في عهد ابن بطوطة الرحالة
ويصفها لنا الرحالة الكبير ابن بطوطة في رحلته، وقد دخلها أواخر سنة 725
فيقول:
هي إحدى أمهات البلاد العراقية المتميزة فيها بفضل المزية، مثوى الصحابة
والتابعين، ومنزل العلماء والصالحين، وحضرة علي بن أبي طالب أمير
المؤمنين (عليه السلام)، إلا أن الخراب قد استولى عليها بسبب أيدي العدوان التي امتدت
إليها، وفسادها من عرب خفاجة المجاورين لها، فإنهم يقطعون طريقها ولا سور
عليها، وبناؤها بالآجر وأسواقها حسان، وأكثر ما يباع فيها التمر والسمك، وجامعها
الأعظم جامع كبير شريف، بلاطاته سبعة قائمة على سواري حجارة ضخمة منحوتة
قد صنعت قطعا ووضع بعضها على بعض وأفرغت بالرصاص وهي مفرطة الطول،
وبهذا المسجد آثار كريمة فمنها: بيت إزاء المحراب عن يمين مستقبل القبلة
يقال: إن الخليل صلوات الله عليه كان له مصلى بذلك الموضع، وعلى مقربة منه
محراب محلق عليه بأعواد الساج مرتفع وهو محراب علي بن أبي طالب (عليه السلام)
وهنالك ضربه الشقي ابن ملجم والناس يقصدون الصلاة به، وفي الزاوية من آخر
هذا البلاط مسجد صغير محلق عليه أيضا بأعواد الساج، يذكر أنه الموضع الذي فار
منه التنور حين طوفان نوح (عليه السلام)، وفي ظهره خارج المسجد بيت يزعمون أنه بيت
نوح (عليه السلام)، وإزاءه بيت يزعمون أنه متعبد إدريس (عليه السلام)، ويتصل بذلك فضاء متصل
بالجدار القبلي من المسجد يقال: إنه موضع إنشاء سفينة نوح (عليه السلام)، وفي آخر هذا
الفضاء دار علي بن أبي طالب (عليه السلام) والبيت الذي غسل فيه، ويتصل به بيت يقال
أيضا: إنه بيت نوح (عليه السلام)، وفي الجهة الشرقية من الجامع بيت مرتفع يصعد إليه فيه
قبر مسلم بن عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وبمقربة منه خارج المسجد قبر عاتكة
وسكينة بنتي الحسين (عليه السلام)، وأما قصر الإمارة بالكوفة الذي بناه سعد بن أبي وقاص
فلم يبق منه إلا أساسه، والفرات من الكوفة على مسافة نصف فرسخ في الجانب
الشرقي منها، وهو منتظم بحدائق النخل الملتفة المتصل بعضها ببعض، ورأيت
بغربي جبانة الكوفة موضعا مسودا شديد السواد في بسيط أبيض فأخبرت أنه قبر

131
الشقي ابن ملجم، وأن أهل الكوفة يأتون في كل سنة بالحطب الكثير فيوقدون النار
على موضع قبره سبعة أيام، وعلى قرب منه قبة أخبرت أنها على قبر المختار بن أبي
عبيد (1).



1 - رحلة ابن بطوطة: 1 / 198.
132
الكوفة في التاريخ
لم يزل تاريخ الكوفة بالرغم من كثرة البحث والاستطلاع كامنا في الزوايا غير
منكشف الستار، ولقد كانت الكوفة حرية بالتتبع والبحث لدى المؤرخين وأرباب
الخطط، لكونها من أمهات المدن العراقية، وقد سكنها جمع كبير من الصحابة
والتابعين وتابعي التابعين والعلماء والصالحين والأمراء والولاة والشعراء
وغيرهم، وفيها من (جميع) (1) الآثار والمشاهد الكريمة ما كان حقيقا بالظهور
والتعريف، ولو رام باحث أن يبحث عن جمع آثارها وتراجم من ورد إليها أو سكنها
وما وقع فيها من الحوادث والوقائع، لتعذر عليه أو تعسر، غير أنا نذكر النزر القليل
مما أوقفنا عليه التتبع ومما تطمئن إليه النفس وتساعد عليه القرائن، وإليك أولا
طائفة من كلمات المؤرخين في سبب تمصيرها.
قال ابن حوقل (2): مدينة الكوفة قريبة من مدينة البصرة في الكبر، هواؤها أصح
وماؤها أعذب، وهي على الفرات، بناؤها كبناء البصرة، وهي خطط لقبائل العرب
إلا أنها خراب بخلاف البصرة، لأن ضياع الكوفة قديمة جدا وضياع البصرة إحياء
موات في الإسلام.
وقال القزويني (3): هي التي مصرها الإسلاميون بعد البصرة بسنتين، يأتيها
الماء بعذوبة وبرودة، وأما البصرة فبعد تغيره وفساده، وزعموا أن من أصدق ما
يقول الناس في أهل كل بلدة قولهم: الكوفي لا يوفي، ومما نقم على أهل الكوفة
أنهم طعنوا الحسن بن علي (عليه السلام) وقتلوا الحسين (عليه السلام) بعد أن استدعوه.



1 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني.
2 - هو الرحالة المؤرخ أبو القاسم محمد بن علي بن حوقل البغدادي الموصلي، المعروف
بابن حوقل، كان تاجرا، سافر إلى الأندلس وتوفى بها سنة 350، له كتاب المسالك
والممالك أو صورة الأرض.
3 - هو حمد الله بن أتابك بن حمد المستوفي القزويني، المتوفى سنة 750 له نزهة
القلوب (فارسي)، وتاريخ گزيده.
133
وقال سراج الدين (عمر) (1) ابن الوردي في خريدة العجائب: الكوفة مدينة
علوية مدنها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي كبيرة حسنة على شاطئ الفرات، لها
بناء حسن وحصن حصين، ولها نخل كثير وثمرة طيبة جدا، وهي كهيئة بناء البصرة
وعلى ستة أميال منها، وفيها قبة عظيمة يقال: إنها قبر علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وما
استدار بتلك القبة مدفن آل علي، والقبة بناء أبي العباس عبد الله بن حمدان في دولة
بني العباس.
وقال البلاذري في فتوح البلدان: إن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي
وقاص يأمره أن يتخذ للمسلمين دار هجرة وقيروانا، وأن لا يجعل بينه وبينهم بحرا.
فأتى الأنبار وأراد أن يتخذها منزلا، فكثر على الناس الذباب فتحول إلى موضع
آخر فلم يصلح، فتحول إلى الكوفة فاختطها وأقطع الناس المنازل وأنزل القبائل
منازلهم وبنى مسجدها وذلك في سنة سبع عشرة (2).
وقال أيضا: لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة القادسية، وجه إلى المدائن
فصالح أهل الرومية وبهرسير، ثم افتتح المدائن وأخذ أسبانبر (3) وكرد بنداذ عنوة
فأنزلها جنده فاحتووها، فكتب إلى سعد: أن حولهم، فحولهم إلى سوق حكمة،
وبعضهم يقول: حولهم إلى كويفة دون الكوفة.
وقال الأثرم: وقد قيل: التكوف الاجتماع، وقيل أيضا: إن المواضع المستديرة
من الرمل تسمى كوفان، وبعضهم يسمي الأرض التي فيها الحصباء مع الطين والرمل
كوفة.
قالوا: فأصابهم البعوض فكتب سعد إلى عمر يعلمه أن الناس قد بعضوا وتأذوا
بذلك، فكتب إليه عمر: أن العرب بمنزلة الإبل لا يصلحها إلا ما يصلح الإبل فارتد
لهم موضعا عذبا ولا تجعل بيني وبينهم بحرا.
وولى الاختطاط للناس أبا الهياج الأسدي عمرو بن مالك بن جنادة (4)، ثم إن



1 - في المطبوع الثاني: (ذكر) بدل: (عمر).
2 - فتوح البلدان: 2 / 338 ح 698.
3 - قال الحموي: أسبانبر: اسم أجل مدائن كسرى وأعظمها وهي التي فيها إيوان
كسرى. معجم البلدان: 1 / 171.
4 - أول شيء اختطه أبو الهياج بالكوفة المسجد الجامع وضعه في موضع أصحاب
الصابون والتمارين غير الموضع الذي اختطه سعد حين النزول ثم حفر خندقا عليه وبنى في
مقدمته صفة على رخام للأكاسرة جيء به من الحيرة وكان قدرها مائتي ذراع لاجتماع الناس
فيها، كيلا يزدحموا ثم بنى أساطينها بغير مجنبات ولا مواخير ولم يكن للمسجد
جدران، قال الشعبي فيما حدث ابن شبرمة عنه: كان الرجل يجلس في المسجد فيرى باب
الجسر ودير هند، ثم بقي على ذلك الوضع إلى زمن معاوية فزاد فيه المغيرة بن شعبة أيام
ولايته الكوفة وبناه، ثم زاد فيه زياد بن أبيه عشرين ذراعا وبناه بناءا مفخما جعل له أبوابا
وجدرانا كان ارتفاعها ثلاثين ذراعا وجيئ برخامة من جبال الأهواز فصرف على كل أسطوانة
ألفا وثمانمائة ثم هدمه الحجاج بن يوسف الثقفي وبناه، وفي أيام يوسف بن عمر الثقفي
سقط الحائط مما يلي دار المختار بن أبي عبيد الثقفي فبناه.
134
عبد المسيح بن بقيلة أتى سعدا وقال له: أدلك على أرض انحدرت عن الفلاة
وارتفعت عن المباق.
فدله على موضع الكوفة اليوم، وكان يقال لها: سورستان، فلما انتهى إلى
موضع مسجدها أمر رجلا فغلا بسهم قبل مهب القبلة فأعلم على موقعه، ثم غلا
بسهم آخر قبل مهب الشمال وأعلم على موقعه، ثم غلا بسهم قبل مهب الجنوب
وأعلم على موقعه، ثم غلا بسهم قبل مهب الصبا فأعلم على موقعه، ثم وضع
مسجدها ودار إمارتها في مقام الغالي وما حوله، وأسهم لنزار وأهل اليمن بسهمين
على أنه من خرج بسهمه أولا فله الجانب الأيسر وهو خيرهما، فخرج سهم أهل
اليمن فصارت خططهم في الجانب الشرقي، وصارت خطط نزار في الجانب الغربي
من وراء تلك العلامات، وترك ما دونها فناء للمسجد ودار الإمارة.
ثم إن المغيرة بن شعبة وسعه وبناه زياد فأحكمه وبنى دار الإمارة، وكان زياد
يقول: أنفقت على كل أسطوانة من أساطين مسجد الكوفة ثماني عشرة ومائة، وبنى
فيها عمرو بن حريث المخزومي بناء، وكان زياد يستخلفه على الكوفة إذا شخص
إلى البصرة، ثم بنى العمال فيها فضيقوا رحابها وأفنيتها.
قال: وصاحب زقاق عمرو بالكوفة بنو عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن
عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة (1).
وعن الشعبي قال: كنا - يعني أهل اليمن - اثني عشر ألفا وكانت نزار ثمانية
آلاف، ألا ترى إنا أكثر أهل الكوفة وخرج سهمنا بالناحية الشرقية، فلذلك صارت



1 - فتوح البلدان: 2 / 338 - 339 ح 699.
135
خططنا بحيث هي (1).
وقال أيضا: زاد المغيرة في مسجد الكوفة وبناه ثم زاد فيه زياد، وكان سبب
القاء الحصا فيه وفي مسجد البصرة، أن الناس كانوا يصلون فإذا رفعوا أيديهم وقد
تربت نفضوها.
فقال زياد: ما أخوفني أن يظن الناس على غابر الأيام أن نفض الأيدي سنة في
الصلاة.
فزاد في المسجد ووسعه وأمر بالحصا فجمع وألقي في صحن المسجد، وكان
الموكلون بجمعه يتعنتون الناس ويقولون لمن وظفوه عليه: إيتونا به علي ما نريكم.
وانتقوا منه ضروبا اختاروها فكانوا يطلبون ما أشبهها فأصابوا مالا، فقيل: حبذا
الإمارة ولو على الحجارة.
وقال الأثرم: قال أبو عبيدة (إنما قيل ذلك لأن الحجاج بن عتيك الثقفي أو ابنه
تولى قطع حجارة أساطين مسجد البصرة من جبل الأهواز، فظهر له مال فقال
الناس: حبذا الإمارة ولو على الحجارة.
وقال أبو عبيدة): وكان تكويف الكوفة في سنة ثمان عشرة.
قال: وكان زياد اتخذ في مسجد الكوفة مقصورة، ثم جددها خالد بن عبد الله
القسري (2).
وقال أيضا: أقام المسلمون بالمدائن واختطوها وبنوا المساجد فيها، ثم إن
المسلمين استوخموها واستوبؤها، فكتب بذلك سعد بن أبي وقاص إلى عمر
فكتب إليه عمر: أن تنزلهم منزلا غريبا، فارتاد كويفة ابن عمر، فنظروا فإذا الماء
محيط بها فخرجوا حتى أتوا موضع الكوفة اليوم فانتهوا إلى الظهر، وكان يدعى خد
العذراء، ينبت الخزامي والاقحوان والشيح والقيصوم والشقائق فاختطوها (3).
وحدثني شيخ من الكوفيين: أن ما بين الكوفة والحيرة كان يسمى الملطاط.
قال: وكانت دار عبد الملك بن عمير للضيفان، أمر عمر أن يتخذ لمن يرد من



1 - فتوح البلدان: 2 / 339 - 340 ح 700.
2 - فتوح البلدان: 2 / 340 ح 701، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
3 - فتوح البلدان: 2 / 340 - 341 ح 702.
136
الآفاق دارا فكانوا ينزلونها (1).
وقال: اتخذ سعد بن أبي وقاص بابا مبوبا من خشب وخص على قصره خصا
من قصب، فبعث عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة الأنصاري حتى أحرق الباب
والخص، وأقام سعدا في مسجد الكوفة فلم يقل فيه إلا خيرا (2).
وقال أيضا: كان مع رستم يوم القادسية أربعة آلاف يسمون: جند
شهانشاه، فاستأمنوا على أن ينزلوا حيث أحبوا ويحالفوا من أحبوا ويفرض لهم في
العطاء، فأعطوا الذي سألوه وحالفوا زهرة بن (حوية) (3) السعدي من بني
تميم، وأنزلهم سعد بحيث اختاروا وفرض لهم في ألف ألف، وكان لهم نقيب منهم
يقال له: ديلم، فقيل: حمراء ديلم (4).
وقال أيضا: جبانة السبيع نسبت إلى ولد السبيع بن سبع بن صعب
الهمداني، وصحراء بني قرار نسبت إلى بني قرار بن ثعلبة بن مالك بن حرب بن
طريف بن النمر بن يقدم بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
قال: وكانت دار الروميين مزبلة لأهل الكوفة، تطرح فيها القمامات والكساحات
حتى استقطعها عنبسة بن سعيد بن العاصي من يزيد بن عبد الملك فأقطعه
إياها، فنقل ترابها بمائة ألف وخمسين ألف درهم (5).
وقال: حمام أعين نسب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقاص، وأعين هذا هو
الذي أرسله الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الجارود العبدي من رستقاباذ (6) حين
خالف وتابع الناس على إخراج الحجاج من العراق ومسألة عبد الملك تولية غيره.
فقال له حين أدى الرسالة: لولا أنك رسول لقتلتك (7).



1 - فتوح البلدان: 2 / 341 ح 703.
2 - فتوح البلدان: 2 / 341 ح 704.
3 - في المطبوع الثاني: (جويرية).
4 - فتوح البلدان: 2 / 343 ح 708.
5 - فتوح البلدان: 2 / 344 ح 710.
6 - ذكرها الحموي باسم رستقباذ: أرض من دستوا من نواحي الأهواز. معجم البلدان: 2 /
455.
7 - فتوح البلدان: 2 / 345 ح 711.
137
قال ابن مسعود: وسمعت أن الحمام قبله كان لرجل من العباد يقال له: جابر
أخو حيان، الذي ذكره الأعشى وهو صاحب مسناة جابر بالحيرة فابتاعه من
ورثته (1).
وقال: وشهار سوج بجيلة (2)، إنما نسب إلى بني بجلة وهم ولد مالك بن ثعلبة
ابن بهثة بن سليم بن منصور، وبجلة أمهم وهي غالبة على نسبهم فغلط الناس
فقالوا: بجيلة (3).
وقال: وجبانة بشر، نسبت إلى بشر بن ربيعة بن عمرو بن منارة بن قمير
الخثعمي الذي يقول:
تحن بباب القادسية ناقتي * وسعد بن وقاص علي أمير (4).
وقال أيضا: وقال ابن مسعود: وكان بالكوفة موضع يعرف بعنترة الحجام، وكان
أسود، فلما دخل أهل خراسان الكوفة كانوا يقولون: حجام عنترة، فبقي الناس على
ذلك، وكذلك حجام فرج، وضحاك رواس (5).
قال: وقصر مقاتل نسب إلى مقاتل بن حسان بن ثعلبة بن أوس بن إبراهيم بن
أيوب بن محروق، أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم.
قال: وقرية أبي صلابة التي على الفرات نسبت إلى صلابة بن مالك بن طارق بن
جبر بن همام العبدي، وأقساس مالك نسبت إلى مالك بن قيس بن عبد هند بن لجم
أحد بني حذافة بن زهر بن إياد بن نزار.
قال: ودير قرة (نسب إلى قرة) أحد بني أمية بن حذاقة، وإليهم بنسب دير
السوا، والسوا العدل، كانوا يأتونه فيتناصفون فيه ويحلف بعضهم لبعض على
الحقوق، وبعض الرواة يقول: السوا امرأة منهم.
قال: ودير الجماجم لإياد، وكانت بينهم وبين بهراء بن عمرو بن الحاف بن



1 - فتوح البلدان: 2 / 345 ح 712.
2 - شهار سوج: هو فارسي معناه بالعربية: أربع جهات، والحموي في المعجم يجعل شهار
سوج بجلة هذه محلة بالبصرة ولم يذكر محلة بالكوفة بهذا الاسم.
3 - فتوح البلدان: 2 / 345 ح 714.
4 - فتوح البلدان: 2 / 346 ح 715.
5 - فتوح البلدان: 2 / 346 ح 716.
138
قضاعة، وبين بني القين بن حسر بن شيع الله بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران
ابن الحاف حرب، فقتل فيها من إياد خلق، فلما انقضت الوقعة دفنوا قتلاهم عند
الدير، وكان الناس بعد ذلك يحفرون، فخرج جماجم فسمي دير الجماجم.
هذه رواية الشرقي بن القطامي (1).
وقال محمد بن السائب الكلبي: كان مالك الرماح بن محرز الأيادي قتل قوما من
الفرس ونصب جماجمهم عند الدير فسمي دير الجماجم، ويقال: إن دير كعب لأياد
ويقال لغيرهم، ودير هند لأم عمرو بن هند، وهو عمرو بن المنذر بن ماء السماء
وأمه كنديه (2).
قالوا: وكانت طيزناباذ تدعى: ضيزناباذ (3)، فغيروا اسمها، وإنما نسبت إلى
الضيزن بن معاوية بن العبيد السليحي، واسم سليح: عمر بن طريف بن عمران بن
الحاف بن قضاعة، وربة الخضراء النضيرة بنت الضيزن، وأم الضيزن جهلة بنت
تزيد بن حيران بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
قال: والذي نسب إليه مسجد سماك بالكوفة (سماك) بن مخرمة بن حمين
الأسدي من بني الهالك بن عمرو بن أسد، وهو الذي يقول له الأخطل:
إن سماكا بنى مجدا لأسرته * حتى الممات وفعل الخير يبتدر
قد كنت أحسبه قينا وأخبره * فاليوم طير عن أثوابه الشرر
وكان الهالك أول من عمل الحديد، وكان ولده يعيرون بذلك، فقال سماك
للأخطل: ويحك ما أعياك أردت أن تمدحني فهجوتني.
وكان هرب من علي بن أبي طالب من الكوفة ونزل الرقة (4).
قال: وقال ابن الكلبي: موضع دار عيسى بن موسى التي يعرف بها اليوم، كان
للعلاء بن عبد الرحمن بن محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن
عبد مناف، وكان العلاء على ربع الكوفة أيام ابن الزبير، وسكة ابن محرز تنسب



1 - فتوح البلدان: 2 / 346 - 347 ح 717، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
2 - فتوح البلدان: 2 / 347 ح 718.
3 - طيزناباذ: موضع بين الكوفة والقادسية على حافة الطريق على جادة الحاج. معجم
البلدان: 4 / 55.
4 - فتوح البلدان: 2 / 348 ح 719، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
139
إليه، وبالكوفة سكة تنسب إلى عميرة بن شهاب بن محرز بن أبي شمر
الكندي، الذي كانت أخته عند عمر بن سعد بن أبي وقاص، فولدت له حفص بن
عمر، وصحراء شبث، نسبت إلى شبث بن ربعي الرياحي من بني تميم (1).
قال: ودار حجير بالكوفة، نسبت إلى حجير بن الجعد الجمحي.
وقال: بئر المبارك في مقبرة جعفي، نسبت إلى المبارك بن عكرمة بن حمير
الجعفي، وكان يوسف بن عمر ولاه بعض السواد (2).
قال: ومسجد بني عنز، نسب إلى بني عنز بن وائل بن قاسط، ومسجد بني
جذيمة نسب إلى بني جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن
دودان بن أسد، ويقال إلى بني جذيمة بن رواحة العبسي، وفيه حوانيت الصيارفة.
قال: وبالكوفة مسجد، نسب إلى بني المقاصف بن ذكوان بن زبينة بن الحارث
ابن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، ولم
يبق منهم واحد.
قال: ومسجد بني بهدلة، نسب إلى بني بهدلة بن المثل بن معاوية من كندة.
قال: وبئر الجعد بالكوفة، نسبت إلى الجعد مولى همدان.
قال: ودار أبي أرطاة، نسبت إلى أرطاة بن مالك البجلي (3).
وقال أيضا: كان خالد بن عبد الله بن أسد بن كرز القسري من بجيلة، بنى لأمه
بيعة هي اليوم سكة البريد بالكوفة، وكانت أمه نصرانية.
قال: وبنى خالد حوانيت أنشأها وجعل سقوفها آزاجا معقودة بالآجر والجص،
وحفر خالد النهر الذي يعرف بالجامع، واتخذ بالقرية قصرا يعرف بقصر خالد،
واتخذ أخوه أسد بن عبد الله القرية التي تعرف بسوق أسد، وسوقها ونقل الناس
إليها فقيل: سوق أسد، وكان العبر الآخر ضيعة عتاب بن ورقاء الرياحي، وكان
معسكره حين شخص إلى خراسان واليا عليها عند سوقه هذا (4).
وقال أيضا: قال ابن مسعود: وكان عمر بن هبيرة بن معية الفزاري أيام ولايته



1 - فتوح البلدان: 2 / 348 - 349 ح 720.
2 - فتوح البلدان: 2 / 349 ح 721.
3 - فتوح البلدان: 2 / 349 - 350 ح 723.
4 - فتوح البلدان: 2 / 350 - 351 ح 725.
140
العراق، أحدث قنطرة الكوفة ثم أصلحها خالد بن عبد الله القسري واستوثق منها
وقد أصلحت بعد ذلك مرات.
قال: وقال بعض أشياخنا: كان أول من بناها رجل من العباد من جعفي في
الجاهلية ثم سقطت فاتخذ في موضعها جسرا، ثم بناها في الإسلام زياد بن أبي
سفيان، (ثم ابن هبيرة) (1) ثم خالد بن عبد الله، ثم يزيد بن عمر بن هبيرة، ثم
أصلحت بعد بني أمية مرات (2).
وقال أيضا: حدثني ابن مسعود الكوفي قال: حدثنا يحيي بن سلمة بن كهيل
الحضرمي، عن مشايخ من أهل الكوفة: أن المسلمين لما فتحوا المدائن أصابوا بها
فيلا، وقد كانوا قتلوا ما لقيهم قبل ذلك من الفيلة، فكتبوا فيه إلى عمر، فكتب
إليهم: أن بيعوه إن وجدتم له مباعا.
فاشتراه رجل من أهل الحيرة، فكان عنده يريه الناس ويجلله ويطوف به في
القرى فمكث عنده حينا، ثم إن أم أيوب بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط امرأة
المغيرة بن شعبة - وهي التي خلف عليها زياد بعده - أحبت النظر إليه وهي تنزل دار
أبيها، فأتي به ووقف على باب المسجد الذي يدعى اليوم: باب الفيل، فجعلت
تنظر إليه ووهبت لصاحبه شيئا وصرفته، فلم يخط إلا خطى يسيرة حتى سقط
ميتا، فسمي الباب: باب الفيل.
وقد قيل: إن الناظرة إليه امرأة الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وقيل: إن ساحرا
أرى الناس أنه أخرج من هذا الباب فيلا على حمار، وذلك باطل، وقيل: إن الأجانة
التي في المسجد حملت على فيل وأدخلت من هذا الباب فسمي باب الفيل، وقال
بعضهم: إن فيلا لبعض الولاة اقتحم هذا الباب فنسب إليه، والخبر الأول أثبت هذه
الأخبار (3).
وقال أيضا: أخذ المنصور أهل الكوفة بحفر خندقها، وألزم كل امرئ منهم
للنفقة عليه أربعين درهما، وكان ذاما لهم لميلهم إلى الطالبيين وإرجافهم



1 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني.
2 - فتوح البلدان: 2 / 351 ح 726.
3 - فتوح البلدان: 2 / 352 - 353 ح 728.
141
بالسلطان (1).
وقال: حدثنا أبو نصر التمار، قال: حدثنا شريك بن عبد الله بن أبي شريك
العامري، عن جندب عن سلمان - الفارسي - قال: الكوفة قبة الإسلام يأتي على
الناس زمان لا يبقى مؤمن إلا وهو بها أو يهوى قلبه إليها (2).
وقال ابن جرير الطبري في التاريخ الكبير في حوادث سنة 17: كتب عمر إلى
سعد: أنبئني ما الذي غير ألوان العرب ولحومهم.
فكتب إليه: إن العرب خددهم وكفى ألوانهم وخومة المدائن ودجلة.
فكتب إليه: إن العرب لا يوافقها إلا ما وافق إبلها من البلدان، فابعث سلمان
رائدا وحذيفة - وكانا رائدي الجيش - فيرتادا منزلا بريا بحريا ليس بيني وبينكم فيه
بحر ولا جسر.
ولم يكن بقي من أمر الجيش شيء إلا وقد أسنده إلى رجل، فبعث سعد
حذيفة وسلمان، فخرج سلمان حتى يأتي الأنبار فسار في غربي الفرات لا يرضى
شيئا حتى أتى الكوفة - والكوفة على حصباء، وكل رملة حمراء يقال لها: سهلة،
وكل حصباء ورمل هكذا مختلطين، فهو كوفة - فأتيا عليها وفيها ديرات ثلاثة: دير
حرقة، ودير أم عمرو، ودير سلسلة، وخصاص خلال ذلك فأعجبتهما البقعة فنزلا
فصليا، وقال كل واحد منهما: اللهم رب السماء وما أظلت ورب الأرض وما أقلت
والريح وما ذرت والنجوم وما هوت والبحار وما جرت والشياطين وما أضلت
والخصاص وما أجنت، بارك لنا في هذه الكوفة واجعله منزل ثبات.
وكتب إلى سعد بالخبر (3).
وقال أيضا: لما هزم الناس يوم جلولاء رجع سعد بالناس، فلما قدم عمار خرج
بالناس إلى المدائن فاجتووها قال عمار: هل يصلح بها الإبل؟
قالوا: لا، إن بها البعوض.
قال: قال عمر: إن العرب لا تصلح بأرض لا يصلح بها الإبل.
قال: فخرج عمار بالناس حتى نزل الكوفة.



1 - فتوح البلدان: 2 / 353 ح 729.
2 - فتوح البلدان: 2 / 354 ح 734.
3 - تاريخ الطبري: 3 / 145 - 146.
142
وقال أيضا: ولما اجتوى (1) المسلمون المدائن بعدما نزلناها وآذاهم الغبار
والذباب، وكتب إلى سعد في بعثه روادا يرتادون منزلا بريا بحريا، فإن العرب لا
يصلحها من البلدان إلا ما أصلح البعير والشاة، سأل من قبله عن هذه الصفة فيما
بينهم.
فأشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب باللسان - وظهر الكوفة يقال له:
اللسان، وهو فيما بين النهرين إلى العين عين بني الحذاء، كانت العرب تقول: أدلع
البر لسانه في الريف، فما كان يلي الفرات منه فهو الملطاط، وما كان يلي الطين منه
فهو النجاف - فكتب إلى سعد يأمره به.
وقال أيضا: لما قدم سلمان وحذيفة على سعد وأخبراه عن الكوفة، وقدم
كتاب عمر بالذي ذكرا له، كتب سعد إلى القعقاع بن عمرو: أن خلف على الناس
بجلولاء قباذ فيمن تبعكم إلى من كان معه من الحمراء، ففعل وجاء حتى قدم على
سعد في جنده، وكتب سعد إلى عبد الله بن المعتم: أن خلف على الموصل مسلم
ابن عبد الله الذي كان أسر أيام القادسية، فيمن استجاب لكم من الأساورة ومن كان
معكم منهم، ففعل وجاء حتى قدم على سعد في جنده.
فارتحل سعد بالناس من المدائن حتى عسكر بالكوفة في المحرم سنة سبع
عشرة، وكان بين وقعة المدائن ونزول الكوفة سنة وشهران، وكان بين قيام عمر
وإختطاط الكوفة ثلاث سنين وثمانية أشهر، اختطت سنة أربع من إمارة عمر في
المحرم سنة سبع عشرة من التاريخ، وأعطوا العطايا بالمدائن في المحرم من هذه
السنة قبل أن يرتحلوا، وفي بهر سير في المحرم سنة ست عشرة، واستقر بأهل
البصرة منزلهم اليوم بعد ثلاث نزلات قبلها كلها، ارتحلوا عنها في المحرم سنة سبع
عشرة واستقر باقي قرارهما اليوم في شهر واحد.
وقال الواقدي: سمعت القاسم بن معين يقول: نزل الناس الكوفة في آخر سنة
سبع عشرة.
قال: وحدثني ابن أبي الرقاد عن أبيه قال: نزلوها حين دخلت سنة ثمان عشرة
في أول السنة.



1 - اجتوى: إذا كره المقام بها وإن كان في نعمة. لسان العرب: 11 / 720.
143
وقال أيضا: قالوا: وكتب عمر إلى سعد بن مالك وإلى عتبة بن غزوان: أن يتربعا
بالناس في كل حين ربيع في أطيب أرضهم، وأمر لهم بمعاونهم في الربيع من كل
سنة، وباعطائهم في المحرم من كل سنة، وبفيئهم عند طلوع الشعرى في كل سنة،
وذلك عند إدراك الغلات، وأخذوا قبل نزول الكوفة عطاءين.
وقال أيضا: لما نزل سعد الكوفة كتب إلى عمر: إني قد نزلت بكوفة منزلا بين
الحيرة والفرات، بريا وبحريا ينبت الحلي والنصي، وخيرت المسلمين بالمدائن
فمن أعجبه المقام فيها تركته فيها كالمسلحة، فبقي أقوام من الأفناء وأكثرهم بنو
عبس.
وقال أيضا: لما نزل أهل الكوفة الكوفة واستقرت بأهل البصرة الدار، عرف
القوم أنفسهم وثاب إليهم ما كانوا فقدوا، ثم إن أهل الكوفة استأذنوا في بنيان القصب
واستأذن فيه أهل البصرة.
فقال عمر: العسكر أجد لحربكم وأذكى لكم وما أحب أن أخالفكم وما
القصب؟
قالوا: العكرش إذا روي قصب فصار قصبا.
قال: فشأنكم.
فابتنى أهل المصرين بالقصب، ثم إن الحريق وقع بالكوفة وبالبصرة وكان
أشدهما حريقا الكوفة، فاحترق ثمانون عريشا ولم يبق فيها قصبة في شوال، فما
زال الناس يذكرون ذلك، فبعث سعد منهم نفرا إلى عمر يستأذنون في البناء باللبن
فقدموا عليه بالخبر عن الحريق وما بلغ منهم وكانوا لا يدعون شيئا ولا يأتونه إلا
وآمروه فيه.
فقال: افعلوا ولا يزيدن أحدكم على ثلاث أبيات، ولا تطاولوا في البنيان،
والزموا السنة تلزمكم الدولة.
فرجع القوم إلى الكوفة بذلك، وكتب عمر إلى عتبة وأهل البصرة بمثل ذلك
وعلى تنزيل أهل الكوفة أبو الهياج بن مالك وعلى تنزيل أهل البصرة عاصم بن
الدلف أبو الجرباء.
قال: وعهد عمر إلى الوفد وتقدم إلى الناس أن لا يرفعوا بنيانا فوق القدر.
قالوا: وما القدر؟

144
قال: مالا يقربكم من السرف ولا يخرجكم من القصد (1).
وقال أيضا: فتوح المدائن السواد وحلوان وماسبذان وقرقيسياء، فكانت الثغور
ثغور الكوفة أربعة: حلوان عليها القعقاع بن عمرو، وماسبذان عليها ضرار بن
الخطاب الفهري، وقرقيسياء عليها عمر بن مالك، أو عمرو بن عتبة بن نوفل بن عبد
مناف، والموصل عليها عبد الله بن المعتم، فكانوا بذلك والناس مقيمون بالمدائن
بعدما تحول سعد إلى تمصير الكوفة وانضمام هؤلاء النفر ا لي الكوفة واستخلافهم
على الثغور من يمسك بها ويقوم عليها، فكان خليفة القعقاع على حلوان قباذ بن
عبد الله، وخليفة عبد الله على الموصل مسلم بن عبد الله، وخليفة ضرار رافع بن
عبد الله، وخليفة عمر عشنق بن عبد الله.
وكتب إليهم عمر: أن يستعينوا بمن احتاجوا إليه من الأساورة ويرفعوا عنهم
الجزاء، ففعلوا.
فلما اختطت الكوفة وأذن للناس بالبناء نقل الناس أبوابهم من المدائن إلى
الكوفة فعلقوها على ما بنوا وأوطنوا الكوفة، وهذه ثغورهم وليس في أيديهم من
الريف إلا ذلك.
وقال أيضا: كانت الكوفة وسوادها والفروج: حلوان والموصل وماسبذان
وقرقيسياء.
وقال: ولي سعد بن مالك على الكوفة بعدما اختطت ثلاث سنين ونصفا سوى
ما كان بالمدائن قبلها، وعمالته ما بين الكوفة وحلوان والموصل وماسبذان
وقرقيسياء إلى البصرة (2).
وقال الإصطخري في المسالك والممالك: وأما الكوفة فإنها قريبة من البصرة
في الكبر، وهواؤها أصح وماؤها أعذب من البصرة، وهي على الفرات وبناؤها مثل
بناء البصرة ومصرها سعد بن أبي وقاص، وهي أيضا خطط لقبائل العرب إلا أنها
خراجية بخلاف البصرة، لأن ضياع الكوفة جاهلية وضياع البصرة إحياء موات في
الإسلام، والقادسية والحيرة والخورنق هي على طرف البادية مما يلي الغرب،
ويحيط بها مما يلي الشرق النخيل والأنهار والزروع وهما والكوفة في أقل من



1 - تاريخ الطبري: 3 / 146 - 148.
2 - تاريخ الطبري: 3 / 152 - 153.
145
مرحلة.
والحيرة: مدينة جاهلية طيبة التربة مفترشة البناء كبيرة، إلا أنها خلت عن الأهل
لما عمرت الكوفة وهواؤها وترابها أصح من الكوفة، وبينها وبين الكوفة نحو
فرسخ، وقريب من الكوفة قبر علي (عليه السلام) (1).
وقال المسعودي في التنبيه والاشراف: تنوزع في تمصير سعد بن أبي وقاص
الكوفة فمنهم من قال: كان ذلك في سنة 17، وإلى هذا ذهب الواقدي في آخرين،
وذهب آخرون إلى أنها مصرت سنة 15، وأن عبد المسيح بن بقيلة الغساني دل
سعدا على موضعها وقال: أدلك على أرض ارتفعت عن البق وانحدرت عن الفلاة.
ولا خلاف بينهم جميعا أن البصرة والكوفة بنيتا بعد فتح المدائن دار مملكة
فارس، وخروج الملك يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز عنها إلى حلوان ووقعة
جلولاء الوقيعة (2)، ومثله ما ذكره في مروج الذهب (3).
وقال حمد الله بن أبي بكر بن أحمد المستوفي القزويني المتوفى سنة 750 في
نزهة القلوب ما ترجمته: وأما بلاد الكوفة فهي دار الملك ومدفن أمير المؤمنين (عليه السلام)
والإقليم الثالث وأنها بلاد الإسلام، وطولها من جزائر الخالدات تسع وتسعون درجة
واثنان وثلاثون دقيقة، وعرضها من خط الاستواء إحدى وستون درجة، وهذا قدر
الطول منها والعرض بحسب (تجلس: عط: لب: لآل).
ثم قال: وكان هوشنك عمرها في قديم الزمان، ثم خرجت بعد وجدد عمارتها
سعد بن أبي وقاص، وكان الطالع عند عمارته لها برج الدلو، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام)
أحدث بجنبها قرى، والمنصور الدوانيقي أتم بناءها وبنى فيها دارا للإمارة، ودور
تلك الدار ثمانية عشر ألف خطوة، وكان هواء رياحها أحر من هواء بغداد وأكثر
هوائها الشمالي، وماؤها من نهر التاجية خارج من الفرات، وفيها النخل الكثير،
ومواشيها أحسن وأسمن من بقية الأماكن، والتنور الذي فار فيه الماء على عهد نوح
نبع منها، والقرآن المجيد شاهد بذلك في قوله تعالى: (وفار التنور) (4) ونبع من



1 - المسالك والممالك: 58.
2 - التنبيه والأشراف: 310.
3 - مروج الذهب: 3 / 320.
4 - سورة هود: 40.
146
مكان في الأرض هو الآن داخل المسجد في الزاوية ما بين القبلي والغرب، وأن
المرادي لعنه الله لما ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) في المسجد ضرب (عليه السلام) بيده على
الأسطوانة فأثرت يده فيها فبقي أثر كفه في تلك الأسطوانة مدة، وأنه لما كثر مس
الناس لها والتبرك بها انطمس وانمحى ذلك الأثر.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) حفر بالكوفة بئرا وليس بالكوفة بئر عذب ماؤها سوى
تلك البئر التي حفرها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأن غيرها من الآبار مياهها مالحة ومرة،
وأن الكوفة بحسب هذا الزمان خراب، وأغلب أهلها شيعة اثني عشرية وألسنتهم
عربية، وفيها مزارات كثيرة للصحابة، وآخر نيشان قبر عبد الله بن بكر.
وفي سنة 86 لم يبق لها أثر، ومن جملة قبور الأكابر والمشايخ، قبر أبي عمر،
والكوفة ثالث القرى السبعة، وكان لها ولايات كثيرة وتوابع عظيمة، ومداخل
حكامها من أموال مقررة معروفة، وديارات عراق العرب وبساتينها فيها خراج كثير
فبعضه مقرر معروف كان من القديم وبعضه كان حادثا، وكان يؤخذ من زراعة
الشتوي والصيفي ثلث للديوان وثلث لصاحب الزراعة وثلث لبذل المصارف
والبزر، وملاكية الكوفة في هذا الزمان مقررة من الديوان، ومن جهة طرف القبلة على
بعد فرسخين من الكوفة مشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ويسمى المشهد الغروي، وأن
أمير المؤمنين (عليه السلام) لما أن ضربه المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة أوصى أن يحمل
جسده الشريف بعد وفاته على بعير وقال: «إذا وضعتموني على ظهر البعير دعوه
ينطلق ويسير بنفسه فأينما وقف البعير فادفنوني هناك».
ففعلوا ذلك، فأناخ البعير بمكان مشهده الآن.
وقال اليعقوبي أحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكاتب في كتاب البلدان:
الكوفة مدينة العراق الكبرى، والمصر الأعظم، وقبة الإسلام، ودار هجرة
المسلمين، وهي أول مدينة اختطها المسلمون بالعراق في سنة أربع عشرة، وبها
خطط العرب، وهي على معظم الفرات ومنه شرب أهلها، وهي من أطيب البلدان
وأفسحها وأغذاها وأوسعها، وخراجها داخل في خراج طساسيج السواد.
وطساسيجها التي تنسب إليها: طسوج الجبة وطسوج البدأة وفرات بادقلا
والصالحين ونهر يوسف، والحيرة منها على ثلاثة أميال، والحيرة على النجف

147
والنجف كان ساحل بحر الملح (1).
وقال ابن قتيبة في المعارف: لما نزل المسلمون المدائن وطال بها مكثهم
وآذاهم الغبار والذباب، كتب عمر إلى سعد في بعثه روادا يرتادون منزلا بريا
بحريا، فإن العرب لا يصلحها من البلدان إلا ما صلح الشاة والبعير، فسأل من قبله عن
هذه الصفة، فأشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب باللسان وهو ظهر الكوفة،
وكانت العرب تقول: أدلع البر لسانه في الريف، فما كان يلي الفرات منه فهو
الملطاط، وما كان يلي الطين منه فهو النجاف.
فكتب عمر إلى سعد يأمره به، وكان نزولهم الكوفة سنة 17، فالبصرة أقدم من
الكوفة بثلاث سنين (2).
وقال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 17: اختطت الكوفة وتحول سعد
إليها من المدائن.
وكان سبب ذلك: أن سعدا أرسل وفدا إلى عمر بهذه الفتوح المذكورة، فلما
رآهم عمر سألهم عن تغير ألوانهم وحالهم.
فقالوا: وخومة البلاد غيرتنا.
فأمرهم عمر أن يرتادوا منزلا ينزله الناس، وكان قد حضر مع الوفد نفر من بني
تغلب ليعاقدوا عمر على قومهم فقال عمر: أعاقدهم على أن من أسلم منكم كان له
ما للمسلمين وعليه ما عليهم، ومن أبى فعليه الجزية.
فقالوا: إذن يهربون ويصيرون عجما.
وبذلوا له الصدقة فأبى فجعلوا جزيتهم مثل صدقة المسلم، فأجابهم على أن لا
ينصروا وليدا، فهاجر هؤلاء التغلبيون ومن أطاعهم من النمر وإياد إلى سعد بالمدائن
ونزلوا بالمدائن ونزلوا معه بعد بالكوفة.
وقيل: بل كتب حذيفة إلى عمر: إن العرب قد رقت بطونها وجفت أعضادها
وتغيرت ألوانها وكان مع سعد.
فكتب عمر إلى سعد: أخبرني ما الذي غير ألوان العرب ولحومهم؟
فكتب إليه سعد: إن الذي غيرهم وخومة البلاد، وإن العرب لا يوافقها إلا ما



1 - البلدان لليعقوبي: 73.
2 - المعارف: 314 - 315.
148
وافق إبلها من البلدان.
فكتب إليه عمر: أن ابعث سلمان وحذيفة رائدين، فليرتادا منزلا بريا بحريا
ليس بيني وبينكم فيه بحر ولا جسر.
فأرسلهما سعد فخرج سلمان حتى أتى الأنبار، فسار في غربي الفرات لا
يرضى شيئا حتى أتى الكوفة، وسار حذيفة في شرقي الفرات لا يرضى شيئا حتى
أتى الكوفة - وكل رملة وحصباء مختلطين فهو كوفة - فأتيا عليها، وفيها ديرات
ثلاث: دير حرقة، ودير أم عمرو، ودير سلسلة، وخصاص خلال ذلك فأعجبتهما
البقعة فنزلا فصليا ودعوا الله تعالى أن يجعلها منزل الثبات، فلما رجعا إلى سعد
بالخبر وقدم كتاب عمر إليه أيضا، كتب سعد إلى القعقاع بن عمرو وعبد الله بن
المعتم: أن يستخلفا على جندهما ويحضرا عنده.
ففعلا، فارتحل سعد من المدائن حتى نزل الكوفة في المحرم سنة سبع
عشرة، وكان بين نزول الكوفة ووقعة القادسية سنة وشهران، وكان فيما بين قيام عمر
واختطاط الكوفة ثلاث سنين وثمانية أشهر، ولما نزلها سعد كتب إلى عمر: إني قد
نزلت بالكوفة منزلا فيما بين الحيرة والفرات بريا وبحريا تنبت الحلفاء والنصي
وخيرت المسلمين بينها وبين المدائن، فمن أعجبه المقام بالمدائن تركته فيها
كالمسلحة، ولما استقروا بها عرفوا أنفسهم ورجع إليهم ما كانوا فقدوا من قوتهم.
واستأذن أهل الكوفة في بنيان القصب، واستأذن فيه أهل البصرة أيضا، واستقر
منزلهم فيها في الشهر الذي نزل فيه أهل الكوفة بعد ثلاث نزلات قبلها.
فكتب إليهم: أن العسكر أشد لحربكم وأذكر لكم وما أحب أن أخالفكم.
فابتنى أهل المصرين بالقصب، ثم إن الحريق وقع في الكوفة والبصرة وكانت
الكوفة أشد حريقا في شوال، فبعث سعد نفرا منهم إلى عمر يستأذنونه في البنيان
باللبن، فقدموا عليه بخبر الحريق واستئذانه أيضا فقال: افعلوا ولا يزيدن أحدكم
على ثلاثة أبيات ولا تطاولوا في البنيان والزموا السنة تلزمكم الدولة.
فرجع القوم إلى الكوفة بذلك، وكتب عمر إلى البصرة بمثل ذلك، وكان على
تنزيل الكوفة أبو هياج بن مالك، وعلى تنزيل البصرة عاصم بن دلف أبو
الجرباء، وقدر المناهج أربعين ذراعا وما بين ذلك عشرين ذراعا، والأزقة سبعة أذرع
والقطائع ستين ذراعا.

149
وأول شيء خطه فيهما وبني مسجداهما وقام في وسطهما رجل شديد النزع،
فرمى في كل جهة بسهم وأمر أن يبنى ما وراء ذلك، وبني (ظلة) (1) في مقدمة
مسجد الكوفة على أساطين رخام من بناء الأكاسرة في الحيرة، وجعلوا على الصحن
خندقا لئلا يقتحمه أحد ببنيان، وبنوا لسعد دارا بحياله وهي قصر الكوفة اليوم، بناه
روز به من آجر بنيان الأكاسرة بالحيرة، وجعل الأسواق على شبه المساجد من سبق
إلى مقعد فهو له حتى يقوم منه إلى بيته ويفرغ من معه، وبلغ عمر أن سعدا قال - وقد
سمع أصوات الناس من الأسواق -: سكتوا عني السيوط.
وأن الناس يسمونه قصر سعد، فبعث محمد بن مسلمة إلى الكوفة وأمره أن
يخرق باب القصر ثم يرجع، ففعل.
فبلغ سعدا ذلك فقال: هذا رسول أرسل لهذا.
فاستدعاه سعد فأبى أن يدخل إليه، فخرج إليه سعد وعرض عليه نفقة فلم
يأخذ، وأبلغه كتاب عمر إليه: بلغني أنك اتخذت قصرا جعلته حصنا ويسمى قصر
سعد بينك وبين الناس باب، فليس بقصرك ولكنه قصر الخبال، أنزل منه مما يلي
بيوت الأموال وأغلقه وألا تجعل على القصر بابا يمنع الناس من دخوله.
فحلف له سعد ما قال الذي قالوا، فرجع محمد فأبلغ عمر قول سعد فصدقه.
وكانت ثغور الكوفة أربعة: حلوان وعليها القعقاع، وماسبذان وعليها ضرار بن
الخطاب، وقرقيسياء وعليها عمر بن مالك أو عمرو بن عتبة بن نوفل، والموصل
وعليها عبد الله بن المعتم، وكان بها خلفاؤهم إذا غابوا عنها، وولي سعد الكوفة
بعدما اختطت ثلاث سنين ونصفا سوى ما كان بالمدائن قبلها (2).
وقال أبو بكر أحمد بن محمد الهمذاني المعروف بابن الفقيه في كتاب البلدان:
قال قطرب: سميت الكوفة من قولهم: تكوف الرمل، أي ركب بعضه بعضا،
والكوفان الاستدارة، وقال أبو حاتم السجستاني: الكوفة رملة مستديرة يقال: كأنهم
في كوفان.
وقال المغيرة بن شعبة: أخبرنا الفرس الذين كانوا بالحيرة قالوا: رأينا قبل
الإسلام في موضع الكوفة فيما بين الحيرة إلى النخيلة نارا تأجج فإذا أتينا موضعها لم



1 - في المطبوع الثاني: (المظلة).
2 - الكامل في التاريخ: 2 / 527 - 530.
150
نر شيئا.
فكتب في ذلك صاحب الحيرة إلى كسرى، فكتب إليه: أن ابعث إلي من
تربتها.
قال: فأخذنا من حواليها ووسطها وبعثنا به إليه، فرآه علماء وكهنة فقالوا: يبنى
في هذا الموضع قرية يكون على يدي أهلها هلاك الفرس.
قالوا: فرأينا والله الكوفة في ذلك الموضع.
قالوا: وأول من اختط مسجد الكوفة سعد بن أبي وقاص، وقال غيره: اختط
الكوفة السائب بن الأقرع وأبو الهياج الأسدي، وكانت العرب تقول: أدلع البر لسانه
في الريف، فما كان يلي الفرات فهو الملطاط وما كان يلي الطين فهو النجف (1).
ويروى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «الكوفة كنز الإيمان وجمجمة الإسلام
وسيف الله ورمحه يضعه حيث يشاء، والذي نفسي بيده لينصرن الله جل وعز
بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز».
وكان (عليه السلام) يقول: «حبذا الكوفة، أرض سهلة معروفة تعرفها جمالنا المعلوفة».
ويقال: إن موضع الكوفة اليوم كانت سورستان.
وكان سلمان يقول: أهل الكوفة أهل الله وهي قبة الإسلام يحن إليها كل مسلم.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ليأتين على الكوفة زمان وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا
بها أو قلبه يحن إليها».
وكان عبد الله بن عمر يقول: يا أهل الكوفة أنتم أسعد الناس بالمهدي.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للكوفة: «ويحك يا كوفة وأختك البصرة كأني بكما
تمدان مد الأديم وتعركان عرك العكاظي، إلا أني أعلم فيما أعلمني الله عزوجل
أنه ما أراد بكما جبار سوء إلا ابتلاه الله بشاغل».
وكتب عمر بن الخطاب: أني أختبرتكم فأحببت النزول بين أظهركم لما أعرف
من حكم الله ولرسوله، وقد بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا وعبد الله بن مسعود
مؤذنا ووزيرا وهما من النجباء من أهل بدر، فخذوا عنهما واقتدوا بهما وقد آثرتكم
بعبد الله بن مسعود على نفسي (2).



1 - البلدان لابن الفقيه: 200.
2 - البلدان لابن الفقيه: 201.
151
وقال أيضا: نزل الكوفة من الخلفاء والأئمة علي والحسن (عليهما السلام)، ومن الملوك
والخلفاء معاوية وعبد الملك وأبو العباس وأبو جعفر المنصور والمهدي وهارون
الرشيد، وكان عمال العراق والدعوة لهم في العطاء قبل أهل البصرة (1).
وقال أيضا: عدة أهل الكوفة ثمانون ألفا ومقاتلهم أربعون ألفا.
وكان زياد يقول: أهل الكوفة أكثر طعاما وأهل البصرة أكثر دراهما.
وقال الأحنف بن قيس: نزل أهل الكوفة في منازل كسرى بن هرمز بين الجنان
الملتفة والمياه الغزيرة والأنهار المطردة، تأتيهم ثمارهم غضة لم تخضد ولم تفسد،
ونزلنا أرضا هشاشة في طرف فلاة وطرف ملح أجاج في سبخة نشاشة لا يجف ثراها
ولا ينبت مرعاها، يأتينا ما يأتينا في مثل مرعى نعامه.
قال: ولما ظهر أمير المؤمنين (عليه السلام) على أهل البصرة قال أعشى همدان:
أكسع البصري إن لاقيته * إنما يكسع من قل وذل
واجعل الكوفي في الختل ولا * تجعل البصري إلا في النفل
وإذا فاخرتمونا فاذكروا * ما فعلنا بكم يوم الجمل
بين شيخ خاضب عثنونه * وفتى أبيض وضاح رفل
جاءنا يخطر في سابغة * فذبحناه ضحى ذبح الجمل
وعفونا فنسيتم عفونا * وكفرتم نعمة الله الأجل (2).
وقال فطر بن خليفة: نازعني قتادة في الكوفة والبصرة فقلت: دخل الكوفة سبعون
بدريا ودخل البصرة عتبة بن غزوان فسكت.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «قبة الإسلام الكوفة، والهجرة بالمدينة، والأبدال
بالشام، والنجباء بمصر وهم قليل» (3).
وقالوا: من نزل الكوفة فلم يقر لهم بفضل ثلاث فليست لهم بدار، بفضل ماء
الفرات، ورطب المشان، وفضل أمير المؤمنين (عليه السلام) (4).
قالوا: ومن أسخياء الكوفة: هلال بن عتاب وأسماء بن خارجة وعكرمة بن



1 - البلدان لابن الفقيه: 202.
2 - البلدان لابن الفقيه: 203.
3 - البلدان لابن الفقيه: 203.
4 - البلدان لابن الفقيه: 203.
152
ربعي الفياض، ومن فتيانها: خالد بن عتاب وأبو سفيان بن عروة بن المغيرة بن
شعبة، وعمرو بن محمد بن حمزة (1).
وقال سعيد بن مسعود المازني لسليمان بن عبد الملك: منا أحلم الناس
الأحنف وأحملهم بحمالة إياس بن قتادة، وأسخاهم طلحة بن عبد الله بن خلف،
وأشجعهم عباد بن حصين والحريش، وأعبدهم عامر بن عبد قيس.
فقال نظار الكوفة: منا أشجع الناس الأشتر، وأسخاهم خالد بن عتاب،
وأحملهم عكرمة الفياض، وأعبدهم عمرو بن عتبة بن فرقد.
وقالوا جميعا: إذا كان علم الرجل حجازيا وطاعته شاميا وسخاوته كوفيا فقد
كمل (2).
وقال ابن خلدون في تاريخه: وفي هذه السنة وهي أربع عشرة، بلغ عمر أن
العرب تغيرت ألوانهم، ورأى ذلك في وجوه وفودهم فسألهم فقالوا: وخومة البلاد
غيرتنا.
وقيل: إن حذيفة وكان مع سعد، كتب بذلك إلى عمر فسأل عمر سعدا فقال:
غيرتهم وخومة البلاد، والعرب لا يوافقها من البلاد إلا ما وافق إبلها.
فكتب إليه: أن يبعث سلمان وحذيفة شرقية، فلم يرضيا إلا بقعة الكوفة،
فصليا فيها ودعيا أن تكون منزل ثبات ورجعا إلى سعد، فكتب إلى القعقاع وعبد الله
ابن المعتمر أن يستخلفا على جندهما ويحضرا، وارتحل من المدائن فنزل الكوفة
في المحرم سنة 17 لسنتين وشهرين من وقعة القادسية، ولثلاث سنين وثمانية أشهر
من ولاية عمر، وكتب إلى عمر: أني قد نزلت الكوفة بين الحيرة والفرات بريا بحريا
بين الجلاء والنصر، وخيرت الناس بينهما وبين المدائن، ومن أعجبته تلك جعلته
فيها مسلحة، فلما استقروا بالكوفة ثاب إليهم ما فقدوه من حالهم ونزل أهل البصرة
منازلهم في وقت واحد مع أهل الكوفة بعد ثلاث مرات نزلوها من قبل، واستأذنوا
جميعا في بناء القصب، فكتب عمر: أن العسكر أشد لحربكم وأذكر لكم وما أحب
أن أخالفكم (فابتنوا بالقصب ثم وقع الحريق في القصرين) فاستأذنوا في البناء باللبن
فقال: افعلوا ولا يزيد أحد على ثلاثة بيوت، ولا تطاولوا في البنيان، والزموا السنة



1 - البلدان لابن الفقيه: 204.
2 - البلدان لابن الفقيه: 204.
153
تلزمكم الدولة.
وكان على تنزيل الكوفة أبو هياج بن مالك، وعلى تنزيل البصرة أبو المحرب
عاصم بن الدلف، وكانت ثغور الكوفة أربعة: حلوان وعليها القعقاع، وماسبذان
وعليها ضرار بن الخطاب، وقرقيسياء وعليها عمر بن مالك، والموصل وعليها عبد
الله بن المعتمر، ويكون بها خلفاؤهم إذا غابوا (1).
وفي كتاب حماة الإسلام الجزء الأول: أن المدائن كانت قاعدة إعمال العراق
زمنا، حتى رأى عمر في وجوه العرب تغيرا وفي أبدانهم ضعفا، فأمر سعد أن يرتاد
منزلا فاختار الكوفة، واختطت وبنيت دورها باللبن، وجعل النهج الشارع الأعظم
40 ذراعا، وما بين ذلك 30 ذراعا، والأزقة سبعة أذرع، وأسس مسجدها وصارت
قاعدة إعمال العراق تتبع لها من إعمال الفرس الباب وأذربيجان وهمدان والري
وأصبهان وماه والموصل وقرقيسياء، وكلها في الجهة الشمالية.
هذا ما كان يهمنا أن نمليه عليك من كلمات المؤرخين حول تمصير الكوفة،
ولعلك إذا ألقيت نظرة على ما فيها من الخلاف في بعض المواد التاريخية، تعرف أن
أهمه ما كان في تخطيط الكوفة، وأن سعدا بن أبي وقاص هل ألقى عهدة التخطيط
إلى أبي الهياج الأسدي أو إلى السائب بن الأقرع أو إليهما معا؟
وإلا ما كان في عام تمصيرها، وأنه هل كان سنة 14 أو سنة 15، أو 16، أو 17،
أو أول سنة 18، غير أنك لو سبرت كلمات المؤرخين سبرا صحيحا لاتضح لك أن
الأثبت أنه سنة 17 وهو المشهور من بين الأقوال.



1 - تاريخ ابن خلدون: 2 / 110 - 111، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
154
حدود الكوفة
كانت الكوفة واسعة كبيرة، تتصل قراها وجباناتها إلى الفرات الأصلي وقرى
العذار، فهي تبلغ ستة عشر ميلا وثلثي ميل.
الجهة المطلة على الفرات من بلدة الكوفة
قال ياقوت في المعجم: ذكر أن فيها من الدور خمسين ألف دار للعرب من
ربيعة ومضر، وأربعة وعشرين ألف دار لسائر العرب، وستة آلاف دار لليمن (1).
وعد الطبري في التاريخ: من اليمن الأزد وبجيلة وخثعم والأنصار وخزاعة
وقضاعة وحضرموت، وعد من مضر تميما وهوازن وأبناء أعصر وأسدا وغطفان
ومذحج وهمدان (2).
قال البراقي: أحد حدودها خندق الكوفة المعروف بكري سعد، والحد الآخر
القاضي الذي هو بقرب القائم إلى أن يصل قريبا من القرية المعروفة اليوم بالشنافية،
والحد الآخر الفرات الذي هو ممتد من الديوانية إلى الحسكة إلى القرية المعروفة



1 - معجم البلدان: 4 / 492.
2 - تاريخ الطبري: 4 / 193 - 194.
155
اليوم ب‍ (أبو قوارير) وهي منزل الرماحية، والحد الرابع قرى العذار التي هي من
نواحي الحلة السيفية.
تخطيط الكوفة
قال الطبري في التاريخ الكبير في حوادث سنة 17: لما أجمعوا على أن يضعوا
بنيان الكوفة، أرسل سعد إلى أبي الهياج فأخبره بكتاب عمر في الطرق، أنه أمر
بالمناهج أربعين ذراعا وما يليها ثلاثين ذراعا وما بين ذلك عشرين، وبالأزقة سبعة
أذرع، ليس دون ذلك شيء، وفي القطائع ستين ذراعا إلا الذي لبني ضبة.
فاجتمع أهل الرأي للتقدير، حتى إذا أقاموا على شيء قسم أبو الهياج عليه،
فأول شيء خط بالكوفة وبني حين عزموا على البناء المسجد، فوضع في موضع
أصحاب الصابون والتمارين من السوق، فاختطوه ثم قام رجل في وسطه رام شديد
النزع فرمى عن يمينه، فأمر من شاء أن يبني وراء موقع ذلك السهم، ورمى من بين
يديه ومن خلفه، وأمر من شاء أن يبني وراء موقع السهمين، فترك المسجد في
مربعة علوه من كل جوانبه، وبنى ظلة في مقدمه ليست لها مجنبات ولا مواخير،
والمربعة لاجتماع الناس لئلا يزدحموا، وكذلك كانت المساجد ما خلا المسجد
الحرام، فكانوا لا يشبهون به المساجد تعظيما لحرمته، وكانت ظلته مائتي ذراع على
أساطين رخام كانت للأكاسرة سماؤها كإسمية الكنائس الرومية، وأعلموا على
الصحن بخندق لئلا يقتحمه أحد ببنيان، وبنوا لسعد دارا بحياله بينهما طريق منقب
مائتي ذراع، وجعل فيها بيوت الأموال وهي قصر الكوفة اليوم، بنى ذلك له روز به
من آجر بنيان الأكاسرة بالحيرة، ونهج في الودعة من الصحن خمسة مناهج وفي
قبلته أربعة مناهج وفي شرقيه ثلاثة مناهج وفي غربيه ثلاثة مناهج وعلمها، فأنزل
في ودعة الصحن سليما وثقيفا مما يلي الصحن على طريقين، وهمدان على
طريق، وبجيلة على طريق آخر، وتيم اللات على آخرهم وتغلب، وأنزل في قبلة
الصحن بني أسد على طريق، وبين بني أسد والنخع طريق، وبين النخع وكندة
طريق، وبين كندة وأزد طريق، وأنزل في شرقي الصحن الأنصار ومزينة على طريق،
وتميم ومحارب على طريق، وأسد وعامر على طريق، وأنزل في غربي الصحن

156
بجالة وبجلة على طريق، وجديلة وأخلاط على طريق، وجهينة وأخلاط على
طريق، فكان هؤلاء الذين يلون الصحن وسائر الناس بين ذلك ومن وراء ذلك
واقتسمت على السهمان، فهذه مناهجها العظمى.
وبنوا مناهج دونها تحاذي هذه ثم تلاقيها، وأخر تتبعها وهي دونها في الذرع،
والمحال من ورائها وفيما بينهما، وجعل هذه الطرقات من وراء الصحن، ونزل فيها
الأعشار من أهل الأيام والقوادس، وحمى لأهل الثغور والموصل أماكن حتى يوافوا
إليها، فلما ردفتهم الروادف البدء والثناء وكثروا عليهم ضيق الناس المحال، فمن
كانت رادفته كثيرة شخص إليهم وترك محلته، ومن كانت رادفته قليلة أنزلوهم منازل
من شخص إلى رادفته لقلته إذا كانوا جيرانهم، وإلا وسعوا على روادفهم وضيقوا
على أنفسهم، فكان الصحن على حاله زمان عمر كله، لا تطمع فيه القبائل ليس فيه
إلا المسجد والقصر والأسواق في غير بنيان ولا أعلام.
وقال عمر: الأسواق على سنة المساجد من سبق إلى مقعد، فهو له حتى يقوم
منه إلى بيته أو يفرغ من بيعه، وقد كانوا أعدوا مناخا لكل رادف، فكان كل من يجيء
سواء فيه - وذلك المناخ اليوم دور بني البكاء - حتى يأتوا أبا الهياج فيقوم في أمرهم
حتى يقطع لهم حيث أحبوا.
وقد بنى سعد في الذي خطوا للقصر قصرا بحيال محراب مسجد الكوفة اليوم
فشيده وجعل فيه بيت المال وسكن ناحيته، ثم إن بيت المال نقب عليه نقبا وأخذ
من المال، وكتب سعد بذلك إلى عمر (ووصف له موضع الدار وبيوت المال من
الصحن مما يلي ودعة الدار) (1).
فكتب إليه عمر: أن انقل المسجد حتى تضعه إلى جنب الدار، واجعل الدار
قبلته، فإن للمسجد أهلا بالنهار وبالليل وفيهم حصن لمالهم.
فنقل المسجد وأراغ بنيانه فقال له دهقان من أهل همذان يقال له: روزبه بن
بزرجمهر: أنا أبنيه لك وأبني لك قصرا فأصلهما ويكون بنيانا واحدا.
فخط قصر الكوفة على ما خط عليه، ثم أنشأه من نقض آخر قصر كان للأكاسرة
في ضواحي الحيرة على مساحته اليوم ولم يسمح به، ووضع المسجد بحيال بيوت



1 - ما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
157
الأموال منه إلى منتهى القصر يمنة عن القبلة، ثم مد به عن يمين ذلك إلى منقطع
رحبة علي بن أبي طالب (عليه السلام) والرحبة قبلته، ثم مد به فكانت قبلة المسجد إلى
الرحبة وميمنة القصر، وكان بنيانه على أساطين من رخام كانت لكسرى بكنائس بغير
مجنبات، فلم يزل على ذلك حتى بني زمان معاوية بن أبي سفيان بنيانه اليوم على
يدي زياد، ولما أراد زياد بنيانه دعا ببنائين من بنائي الجاهلية فوصف لهم موضع
المسجد وقدره وما يشتهي من طوله في السماء وقال: أشتهي من ذلك شيئا لا أقع
على صفته.
فقال له بناء قد كان بناء لكسرى: لا يجيء هذا إلا بأساطين من جبال أهواز تنقر
ثم تثقب ثم تحشى بالرصاص، وبسفافيد الحديد فترفعه ثلاثين ذراعا في السماء ثم
تسقفه وتجعل له مجنبات ومواخير فيكون أثبت له.
فقال: هذه الصفة التي كانت نفسي تنازعني إليها ولم تعبرها.
وغلق باب القصر وكانت الأسواق تكون في موضعه بين يديه، فكانت
غوغاؤهم تمنع سعدا الحديث.
فلما بنى ادعى الناس عليه ما لم يقل وقالوا: قال سعد: سكن عني الصويت.
وبلغ عمر ذلك، وأن الناس يسمونه: قصر سعد، فدعا محمد بن مسلمة
فسرحه إلى الكوفة وقال: اعمد إلى القصر حتى تحرق بابه ثم ارجع عودك على
بدئك.
فخرج حتى قدم الكوفة فاشترى حطبا ثم أتى به إلى القصر فأحرق الباب،
وأتى سعدا فأخبر الخبر فقال: هذا رسول أرسل لهذا من الشأم.
وبعث لينظر من هو، فإذا هو محمد بن مسلمة، فأرسل إليه رسولا بأن ادخل
فأبى، فخرج إليه سعد فأراده على الدخول والنزول فأبى وعرض عليه نفقة فلم
يأخذ، ودفع كتاب عمر إلى سعد: بلغني أنك بنيت قصرا اتخذته حصنا ويسمى
قصر سعد، وجعلت بينك وبين الناس بابا، فليس بقصرك ولكنه قصر الخبال، انزل
منه منزلا مما يلي بيوت الأموال وأغلقه، ولا تجعل على القصر بابا يمنع الناس من
دخوله وتنفيهم به عن حقوقهم ليوافقوا مجلسك، ومخرجك من دارك إذا خرجت.
فحلف له سعد ما قال الذي قالوا، ورجع محمد بن مسلمة من فوره حتى إذا دنا
من المدينة فنى زاده، فتبلغ بلحاء من لحاء الشجر فقدم على عمر وقد سبق فأخبره

158
خبره كله.
فقال: فهلا قبلت من سعد.
فقال: لو أردت ذلك كتبت لي به أو أذنت لي فيه.
فقال عمر: إن أكمل الرجال رأيا من إذا لم يكن عنده عهد من صاحبه عمل
بالحزم أو قال به ولم ينكل.
وأخبره بيمين سعد وقوله، فصدق سعدا وقال: هو أصدق ممن روي عليه
ومن أبلغني.
وقال أيضا: عن عطاء أبي محمد مولى إسحق بن طلحة قال: كنت أجلس في
المسجد الأعظم قبل أن يبنيه زياد، وليست له مجنبات ولا مواخير فأرى منه دير
هند وباب الجسر (1).
تعديل العشائر والقبائل
وقال أيضا: قالوا: ورجح الأعشار بعضهم بعضا رجحانا كثيرا، فكتب سعد إلى
عمر في تعديلهم، فكتب إليه: أن عدلهم.
فأرسل إلى قوم من نساب العرب وذوي رأيهم وعقلائهم، منهم سعيد بن نمران
ومشعلة بن نعيم فعدلوهم على الأسباع فجعلوهم أسباعا، فصارت كنانة وحلفاؤها
من الأحابيش وغيرهم، وجديلة وهم بنو عمرو بن قيس عيلان سبعا، وصارت
قضاعة ومنهم يومئذ غسان بن شبام، وبجيلة (2) وخثعم وكندة وحضرموت والأزد
سبعا، وصارت مذحج وحمير وهمدان وحلفاؤهم سبعا، وصارت تميم وسائر
الرباب وهوازن سبعا، وصارت أسد وغطفان ومحارب والنمر وضبيعة وتغلب
سبعا، وصارت إياد وعك وعبد القيس وأهل هجر والحمراء سبعا، فلم يزالوا بذلك
زمان عمر وعثمان وعلي وعامة إمارة معاوية حتى ربعهم زياد (3).



1 - تاريخ الطبري: 3 / 148 - 151.
2 - في المطبوع الثاني: (ونجيلة).
3 - تاريخ الطبري: 3 / 151 - 152.
159
إعادة تعريف الناس
وقال أيضا: وعرفوهم على مائة ألف درهم، فكانت كل عرافة من القادسية
خاصة ثلاثة وأربعين رجلا وثلاثا وأربعين امرأة وخمسين من العيال لهم مائة ألف
درهم، وكل عرافة من أهل الأيام عشرين رجلا على ثلاثة آلاف وعشرين امرأة، وكل
عيل على مائة ألف درهم، وكل عرافة من الرادفة الأولى ستين رجلا وستين امرأة
وأربعين من العيال ممن كان رجالهم ألحقوا على ألف وخمسمائة على مائة ألف
درهم، ثم على هذا من الحساب.
وقال عطية بن الحارث: قد أدركت مائة عريف، وعلى مثل ذلك كان أهل
البصرة، كان العطاء يدفع إلى أمراء الأسباع وأصحاب الرايات (والرايات) (1) على
أيادي العرب، فيدفعونه إلى العرفاء والنقباء والأمناء فيدفعونه إلى أهله في
دورهم (2).
وقال اليعقوبي أحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكاتب في كتاب البلدان: كتب
عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص لما افتتح العراق، يأمره أن ينزل بالكوفة
ويأمر الناس أن يختطوها، فاختط كل قبيلة مع رئيسها، فأقطع عمر أصحاب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فكانت عبس إلى جانب المسجد، ثم تحول قوم منهم إلى أقصى الكوفة،
واختط سلمان بن ربيعة الباهلي والمسيب بن نجبة الفزاري وناس من قيس حيال دار
مسعود، واختط عبد الله بن مسعود وطلحة بن عبيد الله وعمرو بن حريث الدور
حول المسجد، وأقطع عمر بن جبير بن مطعم، فبنى دارا ثم باعها من موسى بن
طلحة، وأقطع سعد بن قيس عند دار سلمان بن ربيعة بينهما طريقا، واستقطع سعد
ابن أبي وقاص لنفسه الدار التي تعرف بدار عمر بن سعد، وأقطع خالد بن عرفطة
وخباب بن الإرث وعمرو بن الحرث بن أبي ضرار وعمارة بن رويبة التميمي، وأقطع
أبا مسعود عقبة بن عمر الأنصاري، وأقطع بني شمج بن فزارة مما يلي جهينة،
وأقطع هاشم بن عتبة بن أبي وقاص شهارسوج خنيس، وأقطع شريح بن الحارث



1 - في المطبوع الثاني: (والروايات).
2 - تاريخ الطبري: 3 / 152.
160
الطائي، وأقطع عمر بن أسامة بن زيد دارا ما بين المسجد إلى دار عمرو بن الحارث
ابن أبي ضرار، وأقطع أبا موسى الأشعري نصف الآري، وكان فضاء عند المسجد،
وأقطع حذيفة بن اليمان مع جماعة من عبس نصف الآري، وهو فضاء كانت فيه
خيل المسلمين، وأقطع عمرو بن ميمون الآوي الرحبة التي تعرف بعلي بن أبي
طالب (عليه السلام)، وأقطع أبا جبيرة الأنصاري وكان على ديوان الجند، وأقطع علي بن
حاتم وسائر طي ناحية جبانة بشر، وأقطع الزبير بن العوام، وأقطع جرير بن عبد الله
البجلي وسائر بجيلة قطعة واسعة كبيرة، وأقطع الأشعث بن قيس الكندي وكندة من
ناحية جهينة إلى بني أود، وجاء قوم من الأزد فوجدوا فرجة فيما بين بجيلة وكندة
فنزلوا، وتفرقت همدان بالكوفة، وجاءت تميم وبكر وأسد فنزلوا الأطراف وأقطع
أبا عبد الله الجدلي في بجيلة فقال جرير بن عبد الله: لم نزل هذا فينا وليس منا؟
فقال له عمر: انتقل إلى ما هو خير لك.
فانتقل للبصرة وانتقلت عامة أحمس عن جرير بن عبد الله إلى الجبانة، وقد
تغيرت الخطط وصارت تعرف بقوم اشتروا بعد ذلك وبنوا.
وكان لكل قبيلة جبانة تعرف بهم وبرؤسائهم منها: جبانة عرزم، وجبانة كندة،
وجبانة الصائدين، وصحراء أثير، وصحراء بني يشكر، وصحراء بني عامر.
وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد: أن يجعل سكك الكوفة خمسين ذراعا
بالسواء، وجعلت السوق من القصر والمسجد إلى دار الوليد إلى القلائين إلى دور
ثقيف وأشجع، وعليها ظلال بواري إلى أيام خالد بن عبد الله القسري، فإنه بنى
الأسواق وجعل لأهل كل باعة دارا وطاقا وجعل غلالها للجند، وكان ينزلها عشرة
آلاف مقاتل (1).
وقال العلامة الشيخ علي الشرقي (2)، فيما نشره في مجلة الاعتدال النجفية
تحت عنوان عروبة المتنبي:
مصرت الكوفة في العام السابع عشر للهجرة، وتكاملت كمدينة أكواخ في



1 - البلدان لليعقوبي: 74 - 76.
2 - هو الشيخ علي بن جعفر الشرقي الخاقاني، من شعراء العراق، ولد سنة 1309 ه‍ في
الشطرة وتعلم في النجف وعين قاضيا لمحكمة البصرة سنة 1933 م، واختير رئيسا لمجلس
التمييز الشرعي الجعفري وأصبح من أعضاء مجلس الأعيان، توفي سنة 1384 ه‍.
161
خمس سنوات، وفي عهد المغيرة نهضت جدر من اللبن غير المشوي تقبعها خيام
ومضارب بصورة ثابتة، وعلى عهد زياد شيدت بالآجر، وأول ما شيد بالآجر أبواب
الدور، وأول دور نهضت من هذا النوع كانت في شارع كندة التي هي محلة المتنبي،
وخططت الكوفة من جانبين شرقي الجامع وغربيه، فالجانب الشرقي وهو الأفضل
والأقرب من الماء لليمانيين والغربي لنزار.
وقد قسمت ادارتها إلى أرباع، على كل ربع زعيم يقوم بإدارته، أما تقسيمها من
حيث التخطيط، فكان ذلك المخيم الواسع موزعا توزيعا عسكريا يتألف من سبعة
أفواج، كل فوج يضم قسما من محلاتها المعروفة باسم قبائلها، ولم تكن في الكوفة
أولا شوارع، بل كانت خليطا من تجمعات سبع، كل مجموعة من عدة عشائر تنزل
في جهة، وكان العرب أول هبوطهم إلى العراق ينزلون الشواطئ من الريف والسواد
ويبنون بشكل هندسي مكون من خيمتين خيمتين، وإذا طغى النهر ارتفعوا عن
الشواطئ ملتجئين إلى المخيمين الكبيرين البصرة والكوفة، وإليكم التقسيمات
السبعة التي كانت عليها الكوفة:
الأول: كنانة وحلفاؤها وجديلة، وقد كانت هذه القبائل سناد العامل في الكوفة
من زمن سعد إلى العهد الأموي وهم المعروفون بأهل العالية، كان لهم العدد الأوفر
ولكنه أخذ يتضاءل تدريجا.
والقسم الثاني: قضاعة وبجيلة وغسان وخثعم وكندة وحضرموت والأزد.
الثالث: مذحج وحمير وهمدان، وقد لعب هذا القسم دوره في حوادث الكوفة
وكانت له المواقف البارزة.
الرابع: تميم ورباب.
الخامس: بنو أسد ومحارب ونمر من بني بكر وتغلب، وأكثرية هؤلاء من
ربيعة.
والسادس: إياد وبنو عبد قيس وأهل هجر والحمر، والأولان من هذا القسم
بقية قبائل كانت تقيم هناك من السابق، أما بنو عبد القيس فقد هبطوا من البحرين
تحت زعامة زهرة بن حوية، وقد كان الحمر حلفاء زهرة وينزلون معه، وهؤلاء الحمر
عدتهم أربعة آلاف جندي فارسي يسمون جند شاهنشاه، كما ذكر البلاذري: استأموا
يوم القادسية على أن ينزلوا حيث أحبوا ويخالفوا من أحبوا، ويفرض لهم في العطاء

162
فأعطوا الذي سألوه، وكان لهم نقيب يقال له: ديلم، فقيل لهم: حمراء ديلم (1).
ولما جاء عهد زياد فرقهم في الشام والبصرة والكوفة.
وكان لهذا القسم السادس دور ثقافي في الكوفة والبصرة.
السابع: ململمة أظهرهم طي.
وقد غير الإمام علي (عليه السلام) تشكيل هذه التجمعات عندما تولى قيادة الكوفيين
فكانت:
أولا: همدان وحمير والحمر.
ثانيا: مذحج وأشعر وطي، والعلم في هذا القسم يحمله نصر بن مزاحم.
ثالثا: قيس وعبس وذبيان وعبد القيس.
رابعا: كندة وحضرموت وقضاعة ومهرة.
خامسا: الأزد وبجيلة وخثعم والأنصار.
سادسا: بكر وتغلب وبقية ربيعة.
سابعا: قريش وكنانة وأسد وتميم وضبة ورباب.
ولما تم تمصير الكوفة شقت فيها شوارع سكك، وكان عرض السكة خمسين
ذراعا، وكانت السكك تنور أثناء الليل بالمشاعل، وقد وصل إلينا من السكك سكة
البريد وسكة العلاء وسكة بني محرز وسكة شبث وسكة عميرة وسكة دار الروميين
قريبة من قصر الإمارة، وكثير غيرها كانت تعرف بأسماء الأعلام والتجار من قبيل
سكة عنترة الحجام، وأهم سكك الكوفة سكة البريد، وموقعها بين الجسر الذي كان
في الجانب الشرقي وبين القصر وبين الكناسة، وموقع القصر اليوم إلى جانب الجامع
من الجنوب الشرقي.
أما موقع الكناسة فستعرفه في الشمال الشرقي بين مسجد السهلة ومسجد
الكوفة، وكانت أرباع الكوفة تنقسم إلى خمسة عشر منهجا:
فمنهاج الربع الأول - وهو الواقع شمال الجامع - محلات سليم وثقيف وهمذان
وبجيلة وتيم اللات وتغلب.
ومناهج الربع الثاني - وموقعه في جهة القبلة جنوبا - محلات بني أسد ونخع



1 - انظر: فتوح البلدان للبلاذري: 2 / 343.
163
وكندة والأزد.
ومناهج الربع الثالث - وموقعه شرقي الجامع - محلات الأنصار ومزينة وتميم
ومحارب وأسد وعامر.
ومناهج الربع الرابع - وموقعه غربي الجامع - محلات بجيلة غطفان وبجيلة قيس
وجديلة وجهينة وغيرها من عدة عشائر.
لم ينشأ للكوفة سور، وإنما كان في الشمال الشرقي موضع خندق معروف
وكانت مسناة جابر في محلة مزينة، وإلى الجنوب الشرقي نهر بني سليم ومنه يشق
أسواق وحمامات، وأخذ المنصور الكوفيين بحفر خندق يحيط بها يأخذ من الفرات
ويعبر بواسطة قناطر لها أبواب، وكانت القوارب تجري في هذا الخندق تسهيلا
لأعمال التجارة.
وفي خلال القرن الأول لم تكن في الكوفة بئر للاستقاء، وإنما كانت بعض أقنية
والناس يعتمدون على السقائين الذين يحملون الماء من الشريعة، وبعد ذلك عرفت
بئر علي واستقى الناس منها، وأحدث ابن هبيرة قنطرة الكوفة، وربما تكون قنطرة
الكوفة هي المكان المعروف اليوم عند العامة باسم «كنيدرة» وموقعها في الجنوب
الشرقي من الجامع، ثم أصلح قنطرة الكوفة خالد القسري وأصلحت بعد ذلك
مرات.
وقيل: أنشأت قبل الإسلام ثم سقطت واتخذ مكانها جسرا ثم بناها زياد، فابن
هبيرة فخالد القسري فيزيد بن عمر، ثم أصلحت بعد بني أمية مرات عديدة.
ومن المواقع البارزة في وضع الكوفة الهندسي: الجبانات والصحاري، فكان
يترك في كل خطة ووسط كل محلة رحبة من الأرض فسيحة ترى أمثالها اليوم في
المدن العربية، مثل يثرب والنجف والكوفة والزبير وشطرة المنتفق يسمونها
صفا، وصفاوة، وفضوة، ومناخة، وكان يطلق على قسم من تلك الرحاب الجبانة،
وهي المحل الذي يدفن أهل تلك المحلة موتاهم فيه، ويطلق على الباقي صحراء
وهو محل الاحتفالات والاجتماعات العامة أقدمها وأهمها جبانة الثوية، وهي
لثقيف وقريش، وهذه الثوية تكرر ذكرها في شعر المتنبي، وموقعها اليوم بين النجف
والكوفة المكان المعروف عند عامة الناس ب‍ «كميل» وهو قبر كميل بن زياد، أحد
التابعين المدفون بالثوية، وقريب من الثوية البسيطة، وهي المحلة الجديدة من

164
محلات النجف المعروفة بمحلة غازي، وفيها يقول المتنبي:
بسيطة مهلا سقيت القطارا * تركت عيون عبيدي حيارى (1).
وجبانة السبيع، وهي المحلة التي ذكرت في شعر المتنبي، وجبانة عرزم الفزاري
لقيس.
وجبانة بشر الخثعمي لعشيرة طي.
وجبانة مخنف للأزد.
وجبانة سالم لبني عامر بن قيس.
وجبانة مراد لمذحج.
وجبانة كندة لكندة وربيعة، ومحلة كندة وردت في شعر المتنبي.
وجبانة الصعيدين لبني أسد الذين هم من قيس.
وجبانة عثير الأسدي كانت أولا إلى عبس ثم عادت لعشيرة السكون، ومحلة
السكون ذكرت في شعر المتنبي.
وجبانة رهط زعيم همذان، وكان هذا الموقع مشهورا ومعروفا للاجتماعات
العامة وفيه شيد الحجاج داره.
أما جبانة ميمون وجبانة يشكر وجبانة يعقوب وجبانة بني عامر، فقد قال
المستشرق ماسنيون: إنها لم تعرف بعد (2).
الصحاري
صحراء عبد القيس، وصحراء عثير، وصحراء شبث، وصحراء أم سلمة،
وصحراء سالم، وصحراء البردخت نسبة إلى البردخت الشاعر الضبي، وصحراء
عرزم، وصحراء بني قرار، وصحراء أثير، وكان في الكوفة نوع من الإقطاع وهو إقطاع
يتعلق برحاب وسطها، دور وإقطاع يتعلق بالأرضين الزراعية، أي إقطاع للسكنى
وإقطاع للحرث، أما الإقطاع للسكنى: فقد كان إلى جنب تلك الرحاب التي يطلق
عليها صحاري دور، في وسط سوح فسيحة اتخذت لبعض النابهين وسكنت على



1 - ديوان المتنبي: 400.
2 - مجلة الاعتدال: مجلد 4 / ج 1 ص 41.
165
النظام الإقطاعي، للصحابة منها فقط تسع عشرة دارا، وفي العهد الأموي اختص
أيضا جماعة بدور عديدة من هذا القبيل، أما الإقطاع أو توزيع أراضي الحرث ما بين
الفاتحين، فلما كان السواد أو أراضي الكوفة من المواقع المفتوحة عنوة كانت أرضها
خراجية وهي على أنواع ثلاثة:
الأراضي المأهولة بعرب الحيرة الذين انكشفوا عنها على أثر حوادث الفتح،
وهي الممسوحة والمسجلة بأسماء أصحابها كما نقول اليوم: لزمه، والأراضي
الخاضعة للجباية الساسانية كما نقول اليوم: أميرية.
والأراضي المملوكة للساسانيين كما نقول اليوم: طابو.
كل هذه الأنواع أعطيت إقطاعا للزعماء والنابهين قرية قرية، ولم يبتدئ
الإقطاع على عهد عثمان كما هو معروف، بل الظاهر أنه كان أسبق من ذلك، فإن أبا
عبيد الثقفي بطل (قس الناطف) (1) ترك لابنه المختار طسوجا قريبا من بابل كان
إقطاعا له، وأبو عبيد لم يدرك عهد عثمان.
وقد ذكر الطبري: أن هذا الإقطاع لما وصل إلى أرض الملطاط، وهي الواقعة
بين الحيرة والكوفة، سبب نزاعا بين أشراف الكوفة.
وفي عهد المتنبي بلغت الكوفة الغاية في العمران، فكانت مساحة المعمور
منها ستة عشر ميلا وثلثي ميل، وفيها خمسون ألف دار لربيعة ومضر، و 24000 دار
لغيرهم من العرب، و 6000 دار لأهل اليمن، وذلك في عام 314 للهجرة، حسبما
ذكر ذلك بشر بن عبد الوهاب القرشي (2).
الحالة الاقتصادية وأثر المال في الكوفة
وجد العمل المالي المتقن في الحيرة أولا ثم الكوفة، ثم المدائن، ثم بغداد
وإليك التفصيل:
كانت الحيرة محطة تجارية كبرى بين بلاد الفرس والهند، وبين سورية وبلاد



1 - قس الناطف: موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقية، وفيه حدثت
الواقعة بين المسلمين والفرس قرب الحيرة. معجم البلدان: 2 / 140 و 4 / 349.
2 - انظر: تاج العروس: 6 / 240.
166
الروم واليونان، فعظمت الحركة الاقتصادية فيها وفاض المال، حتى أن أهالي الحيرة
من سعة ذات اليد كانوا أولا يتعاملون بالذهب وزنا، فقد ابتاع أوس بن قلام لأيوب
ابن معروف أرضا لبناء دار بثلاثمائة أوقية ذهبا وأنفق على عمارتها مأتي أوقية، وكان
من العباديين نصارى الحيرة الصيارفة والتجار.
ولما جاء دور الكوفة نشأت فيها مدينة الرزق كما يقول البلاذري (1)، أو دار
الرزق التي أنهضها المسلمون في الكوفة، ومثلها في البصرة والفسطاط، وكان يجمع
في هذه الدار متاع المقاتلة أولا، ثم أصبحت دار مضاربة اقتصادية، وقد لعبت هذه
الدار دورا مهما في الكوفة أثناء الفتن، وموقع هذه الدار كان قريبا من شارع اليهود بين
الجسر في شرقي الكوفة وبين المحل المعروف ب‍ (النبي يونس)، ومقام النبي يونس
اليوم معروف في قصبة الكوفة قائم على النهر في وسط العمارات من الشمال الغربي
للجامع، وعلى هذا فدار الرزق أو مدينة الرزق يكون موقعها في محل السوق
المعروف اليوم بسوق آل شمسة أو قريبا منه، وكانت أسواق الكوفة تنتظم من قصر
الإمارة وموقعه شرقي الجامع وإلى جنبه إلى دار الوليد بن عقبة من جهة، ومن الجهة
الأخرى إلى مساكن ثقيف وأشجع، وموقعها اليوم ما بين الشرقي للجامع إلى ما
يقارب مسجد سهيل (السهلة)، لأن هذه الأسواق تتصل بالكناسة والكناسة - كما
ستعرفه - في ذلك المكان، وكانت هذه الأسواق مغطاة بالحصر وعلى عهد خالد
القسري عقدت بالحجارة، وكان في هذه الأسواق محكمة القضاء يجلس فيها
المحتسب، وفي هذه الأسواق الصيارفة والمسلفون (2)، وفيها دكاك العبيد
ومحلات المراهنين على الحيوانات العاملة يجمعونها في الكناسة، وكانت الصيرفة
عملا كبيرا ورابحا في الكوفة، لأنها كانت تمون المؤامرات والأحداث بصفقات
رابحة، وكان المسلفون والصرافون يمتلكون ناحية البلد بعملهم هذا، ومن هنا تعهد
الصيرفي ابن مقرن للمنصور في عام 145 للهجرة بالدعة والطمأنينة في الكوفة، وقد
أتقنت الكوفة عمل الصيرفة ونظمته على شبه (بنوكة اليوم) وصيارفة اليهود في
بغداد اليوم مدينون للكوفة بعملهم، لأن الكوفة كانت تدير المدائن بعملها الصيرفي
مباشرة وكان في المدائن أقلية مسيحية برعت في الصيرفة، حتى أصبحت الواسطة



1 - فتوح البلدان: 1 / 252.
2 - وروي أن مؤمن الطاق كان ممن يمتهن الصيرفة بالكوفة وله دكان بها بطاق المحامل.
167
الوحيدة بين فضة الفرس وذهب الرومان، وأكبر محلات الصيرفة في الكوفة كانت
للمسيحيين الذين كانوا في الحيرة، وفي القرن العاشر للميلاد تلقف فن الصيرفة هذا
جماعة من يهود بغداد آخذين له من المدائن.
الكناسة
كانت أولا تعرف بكناسة أسد، ثم صارت محلة أو سوقا أو محطة تجارية كبرى
للعرب، وهي في الكوفة مثل المربد في البصرة، وموقعها من المدخل الغربي
للكوفة، وفيها تمركزت الأشغال التجارية مع البلاد العربية فكانت موضعا للحمولة،
توضع فيها الأحمال وترفع منها، وكان في ناحية من نواحي الكناسة أسواق البراذين
تجري فيها المعاملات على الماشية من بغال وحمير وإبل بيعا واكتراءا من قبل
النخاسين وهناك يباع الرقيق، وكان في الكناسة محل للشنق، وفيه عرض جثمان
زيد بن علي، واليوم توجد بناية قائمة بين مسجد سهيل (السهلة) وقريبة منه وبين
مسجد الكوفة يؤمها الناس وتعرف باسم زيد بن علي، ويعتقدون أنها المحل الذي
عرض فيه جثمانه شنقا، فيكون موقع الكناسة اليوم بين مسجد السهلة ومسجد
الكوفة.
هذا كلام الأستاذ الشرقي حول الكناسة وتعيين موقعها، ومن الغريب جدا
صدور ذلك منه، فإنا لم نعهد اليوم ولا قبل اليوم بناية قائمة بين مسجد السهلة
والكوفة يؤمها الناس وتعرف عندهم باسم زيد بن علي كي يعقد أحد أنها المحل
الذي عرض فيه جثمانه شنقا، فيحكم الأستاذ أنه موقع الكناسة؟
وإنما البناية التي توجد اليوم هناك هي مسجد زيد بن صوحان صاحب الإمام
علي (عليه السلام) وهي التي يؤمها الناس وتعرف عندهم بمسجد زيد بن صوحان، يؤدون
فيه من الوظائف الشرعية ما هو مدون في كتب الأدعية، ولم يزد الحموي في
المعجم على قوله: الكناسة بالضم، محلة بالكوفة عندها أوقع يوسف بن عمر
الثقفي بزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (1).



1 - معجم البلدان: 4 / 481.
168
قال العلامة الخبير السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم في كتاب زيد الشهيد
صفحة 153: ليس بالهين معرفة موقع الكناسة مع ما لها من الشهرة وتكرر الذكر في
صفحات التاريخ بمناسبة الحوادث الواقعة فيها، إذ لم تكن خارطة تخطط أرجاءها
ولا بقيت من آثارها ما يتعرف بها الأحوال إلا أعلام دارسة وصوى (1) مجهولة، كما
هو الشأن في آثار الأمم البائدة والديار الخاوية، فليس في وسع المنقب الجزم بشيء
منها إلا بالتقريب بالوقوف على الرسوم والأتلال والحفريات، أو الركون إلى كلمات
مستطردة خلال السير، وحتى الآن لم يتسن لنا شيء من تلك القرائن سوى ما
وجدناه في فلك النجاة للعلامة الحجة السيد مهدي القزويني (قدس سره): إن المشهد
المعروف لزيد بن علي الذي يزار ويتبرك به محل صلبه وحرقه (2).
وهذه الكلمة من سيدنا البحاثة، يجب الاحتفاظ بها لما هو المعهود من غزارة
علمه وسعة إحاطته، وقد وثق بها وأرسلها إرسال المسلمات أخذا عن أوثق
المصادر المتوفرة عليه، لذلك لم تترك لنا منتدحا عن الإذعان بها بأن هذا المشهد
القائم في شرق قرية ذي الكفل واقع في محل الكناسة، ويشهد له أن الصلب
وأشباهه مما يقصد فيه الإرهاب وتمثيل قوة البأس وشدة السلطان، لا يكون إلا في
المحتشدات العامة ومختلف زرافات الناس، وهذا الموضع قريب من النخيلة وهي
العباسية في كلام ابن نما (3)، والعباسيات اليوم، ولا شك أن النخيلة كانت باب
الكوفة للخارج إلى الشام والمدائن وكربلاء، ومن هنا عسكر فيها علي (عليه السلام) لما خرج
إلى صفين، وعسكر الحسن بن علي (عليه السلام) لما خرج إلى معاوية، وعسكر ابن زياد لما
جهز الجيوش لحرب الحسين (عليه السلام)، فمناسب أن يكون الصلب في الموضع العام أو
بالقرب منه، على أن لا يفوت الغرض المقصود من الإرهاب وإراءة الغلبة وقوة
السلطان، وهذا الاعتبار يؤيد ما أرسله السيد المتتبع، وبقي تحديد الموضع الذي
دفن فيه قبل النبش والإخراج على ذمة التاريخ وسعة المنقب.



1 - الصوى: الأعلام من الحجارة، ومفردها: صوة. الصحاح: 6 / 2404.
2 - زيد الشهيد: 164.
3 - مثير الأحزان: 65.
169
مدرسة الكوفة
كانت المدن ولا تزال دون الريف والقرى، مركزا للعلم والفن والأدب، لأنها
أوفر مؤنا وأوسع عمرانا، تتوفر فيها الوسائل المهيئة للحركة الفكرية أكثر من غيرها،
لأن العمران ووسائل العمران تستتبع شيئا من الغنى والرفاهية، وهذه تستتبع شيئا
من الرقي في الفكر والعاطفة والذوق، وعند ذلك يحدث الرأي وتبتدع الطريقة
فينشأ العلم ويعمر الأدب، نعم إن الشؤون وآداب الشؤون تستدعي قوانين تنتظم
علوما يحصل بها رقي للعقل.
والعراق العربي تركزت شؤونه في الكوفة والبصرة، ولا تزال المدن تختلف في
لون الذهنية الذي يظهر فيها ويكون مدرستها الخاصة، تبعا لتوفر أسباب وتظافر
عوامل تستدعي ذلك اللون، على هذا الأساس كانت مدرسة الكوفة مدرسة آداب
اللغة العربية على الأكثر دون بقية العلوم، لأن كل شيء فيها عربي، وقد قيل: إن
آداب اللغة العربية ميراث الكوفة.
وكانت الكوفة بعيدة عن الذهنية الهندية التي طغت موجتها على البصرة،
وبعيدة عن مخلفات الأدب الفارسي الذي غشى المدرسة البغدادية، ولم يؤثر
الحمر أو الأساورة على صبغتها الأدبية، الكوفة من أسارير خد الغذراء، ذلك النشز
الذي ازدهر فيه الأدب العربي أيام الحيرة وعلى عهد المناذرة، وأن الكوفة تسلمت
الأمانة من الحيرة، ولا حاجة بنا إلى رواية حماد القائلة: إن النعمان بن المنذر
نسخت له أشعار العرب ومزاياهم الأدبية فاختزنها في قصره الأبيض، وكان الناس
من الكوفيين يشيرون إلى ذلك المكان قائلين: إن هنا كنزا، حتى جاء المختار
وكشف الموضع فظهرت كنوز العرب الأدبية (1).
وموقع القصر الأبيض اليوم في الجعارة، نهض عليه بيت آل زوين أو مضيفهم،
وهم بيت علوي شريف وإلى اليوم يسمون ذلك المكان بالقصر، وفيه آثار للعمارة
القديمة من بقايا سوار وجدر لا حاجة بنا إلى هذا، لأن وحدة المكان والزمان واللغة



1 - انظر: لسان العرب: 2 / 317.
170
ورابطة الدم وانسكاب الحيرة في الكوفة، يستلزم أن تتحول المزايا الأدبية من الحيرة
إلى الكوفة، كما أنها ولا شك تحولت على مثل هذا من الكوفة إلى النجف، فتكون
الحيرة قد انسكبت في الكوفة والكوفة قد انسكبت في النجف، وعليه فإن خد
العذراء الذي من أساريره اليوم مدينة النجف، وفي جنوبها على عشرة أميال
الحيرة، وفي شرقيها على خمسة أميال الكوفة، كان ولا يزال محطة الأدب العالي
للعروبة.
كانت مدرسة الكوفة على عهد المتنبي عربية محضة، تعرف ذلك جيدا من
كتاب ابن النديم (الفهرست) فقد كان ابن النديم معاصرا للمتنبي (1) وتأخر عنه
قليلا، وأن كتابه هذا خير دليل على لون الحركة الفكرية في الكوفة أيام المتنبي،
تجده يخبرك عن الأقلام العربية وآثارها في الكوفة (2).
في هذه المدرسة العربية تثقف المتنبي ثقافة عربية بحتة، دخل وهو صبي
كتاتيب الأشراف، وبعد أن تخرج منها انخرط في صفوف الجامعة الأدبية في
الكوفة، وهي تلك الحلقات والمجالس العلمية الأدبية التي كانت تنعقد في مسجد
الكوفة وفي الضاحية، وقرأ على أئمة الأدب العربي، وتوفر بالاطلاع على أخبار
العرب ومنازلهم ومياههم، أما مبلغه في اللغة فتشهد له أولا المجموعة الغالية التي
اشتمل عليها ديوانه، وثانيا ملحه ونوادره المروية في مجالس علماء اللغة، ومنها
شهادة أبي علي (3) عندما استجوبه عن الجموع على وزن فعلى.
وأما خبرته بمنازل العرب ومياههم، فتشهد له قصيدته المقصورة، فقد
اشتملت تلك القصيدة على كثير من المنازل والمياه التي سلكها عند رحلته من
مصر، وأن الطريق التي سلكها وذكرها في مقصورته طريق غير مسلوكة لا يتغلغل
فيها وينفذ منها إلا الخريت.



1 - هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكندي المتنبي، ولد سنة 303
وقتل في رمضان سنة 354، وراجع ترجمته في: الأنساب للسمعاني: 5 / 192، تاريخ
بغداد: 4 / 324، لسان الميزان: 1 / 159 رقم 512.
2 - راجع: الفهرست لابن النديم البغدادي: 102 - 123، الفن الثاني من المقالة الثانية،
في أخبار النحويين واللغويين الكوفيين.
3 - أي أبي علي الفارسي.
171
وقد صقل ثقافته العربية تجواله في البادية، وتطوافه في الجزيرة أول نشأته
محاولا تجديد ما فيه من أخلاق العروبة وتقاليدها، حتى طبع نفسه بذلك الطابع
العربي الناصع وجدد ما فيه من روح ودم، ولما عاد إلى الكوفة تردد على المكتبات
العامة ودكاكين الوراقين، تلك الحوانيت الغاصة بالورق الصيني والتهامي
والخراساني والقرطاس المصري والجلود والصكاك، التي حفظت علوم العرب
ونتاجهم العقلي.
وقد كان غاية في الحفظ، كما تشعر بذلك قصته في حانوت أحد الوراقين
عندما استعرض من أحد الدلالين كتابا من كتب الأصمعي (1).



1 - كان المتنبي جالسا عند أحد الوراقين فأحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي نحو ثلاثين
ورقة ليبيعه، فأخذه المتنبي وأطال النظر فيه، فقال له الرجل: يا هذا أريد بيعه وقد قطعتني
عن ذلك فان كنت تريد حفظه من هذه المدة فبعيد. فقال له المتنبي، ان كنت حفظته فمالي
عليك؟
قال: أهب لك الكتاب. فأخذ الوراق الكتاب من يده وأقبل المتنبي يتلوه على الوراق إلى
آخره، ثم استلبه وجعله في كمه وقام. فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن، فقال له المتنبي: ما
إلى ذلك سبيل قد وهبته لي. قال الوراق: فمنعناه منه وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا
للغلام، فتركه.
172
السدير في الحيرة أو كري سعد في الكوفة (1)
لقد اشتهر في تاريخ الحيرة والكوفة نهران لا زالا يترددان على لسان العام
والخاص وهما: نهر السدير الذي عرف باسم النعمان بين بقايا آثار الحيرة، وكري
سعد بين آثار الكوفة، أما آثار نهر السدير فهي ظاهرة بالقرب من خورنق النعمان
المطل على طف الحيرة جنوبا، ويقع غربي الخورنق المذكور بمسافة قدرها 300
متر تقريبا ومصبه طف الحيرة، وأما الآثار التي تنسب لكري سعد فهي تخترق آثار
مباني الكوفة الحادثة على عهد الإسلام، والذي ظهر لنا مما كنا نسمع ونرى بأنهما
نهران متباينان يستقل أحدهما عن الآخر، إلا أن تتبعاتنا المتوالية قد أثبتت لنا أنهما
شيء واحد، وأن هذين النهرين هما نهر واحد يعرف في الحيرة المندرسة باسم
السدير للنعمان، وفي كوفة الجند الإسلامية باسم كري سعد.
لقد تتبعنا هذا الأثر مبتدئين من نهر السدير المار الذكر سائرين على ضفته، فلم
يختلف خط طريقنا، بل أخذنا نشق آثار نهر السدير أولا بالقرب من بقايا الحيرة
القديمة في مسافة لا تزيد على ال‍ 6 كيلو مترات، حتى وصلنا بدء آثار الكوفة وإذا بنا
نشق آثار كري سعد الذي يخترق مدينة الكوفة، ولم نشاهد أي اختلاف أثناء
الفحص الذي قمنا به بين آثاره البارزة، فكان هذا النهر نهرا واحدا يبتدئ من مصبه
بعد أن يخترق آثار الحيرة والكوفة ويمتد على ظهر كوفان بخط مستقيم حتى يصل
أكناف طف كربلاء بمسافة قدرها 95 كيلو مترا تقريبا، وكانت العلائم والإمارات تدل
على أن هذا النهر له اتصال بأراضي الدليم غربي كربلاء، ويرافق أكناف أراضي
الطفوف الغربية من الجهات الشمالية حتى طف كربلاء وطف الغري (بحر النجف)
وطف الحيرة، وأن الفروع المنبعثة منه كالجداول والأقنية الأرضية القديمة المنصبة
منه على جهات مدينة النجف وطف الحيرة والمشخاب والمحاجير وغيرها
المتفرعة بالقرب من جامع سهيل بالكوفة، ومن بين جامع الكوفة القديم وقصر
الخورنق تدل دلالة واضحة بأن هذا النهر كان جدولا رئيسيا للري على (ظهر كوفان
للجهات الجنوبية والشرقية من أراضي الطفوف على) (2) عهد الحكومات العربية



1 - ورد هذا الموضوع في مجلة الاعتدال النجفية: ج 6 / السنة الثانية ص 249.
2 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني.
173
قبل الإسلام، حيث وجدنا بين آثار مدينة الحيرة القديمة (كنيدرة) قنوات تحت
الأرض تخترق آثار مباني المدينة القديمة وتصب في منخفضات طف الحيرة (بين
النجف وأبو صخير) والذي كان يحملنا على الاعتقاد القوي بأن نهر السدير وكري
سعد واحد، وإنما وجد هذا الاختلاف في التسمية، وكان سببه اختلاف الحكومات
العربية وتعاقبها على هذه المنطقة في غابر العصور، ويمكننا التدليل على صحة هذا
الظن بما هو مشاهد في العصر الحاضر، حيث نرى اليوم أسماء الترع والأنهر بل
وأغلب المشاريع تتبدل أسماؤها باعتبار الحكومات المتعاقبة من وقت لآخر، كنهر
النجف الحالي الذي كان يسمى بالسنية نسبة للسلطان عبد الحميد في عهد الدولة
العثمانية، وقد سمي اليوم بعد إحيائه ثانيا باسم الملك الغازي (عاهل البلاد) (1)،
وكذلك نهر البديرية في ناحية الحيرة، فإنه سمي اليوم الفيصلي، نسبة إلى فيصل
الأول، وعلى هذه القاعدة المطردة في التاريخ - القديم والحديث - ينبغي أن يكون
قد تبدل اسم السدير للنعمان على عهد فاتح هذه الديار سعد بن أبي وقاص، فسمي
بكري سعد، لأن الأرض كما نرى واحدة، والنهر واحد لا غير، والتاريخ يعيد نفسه
في كل الأمور، كما كنا نرى في هذه الرقعة من الأرض آثارا متصلة بعضها ببعض
يسمى طرف منها آثار الحيرة والطرف الآخر يسمى آثار الكوفة، وهي مدينة واحدة
تتطور أسماؤها بحسب مقتضيات الظروف والحوادث من شتى وجوه التسمية.
وعلى كل فقد تبين لنا من التتبعات المقترنة باستقرآتنا الفنية بالمسح
الطبوغرافي الحديث الذي بين لنا وضعية ارتفاعات وانخفاضات الأراضي في هذه
الديار، بأن هذا النهر هو المصدر الوحيد لإرواء هذه المدن العربية القديمة على ظهر
كوفان، من طريق طف كربلاء، وكان يجري ماؤه كلما تمركز نفوذ العرب على هذا
السنام المرتفع بين أراضي الفرات الأوسط، سواء كان ذلك في زمن حكومات بابل
أو المناذرة أو غيرهما في الحيرة قبل الإسلام أو في الكوفة بعد الإسلام، ولا ريب
في أن منبعه أنبار الحبانية في لواء الدليم.
نعم، إن آثاره كانت تدلنا على أنه يجري ماؤه كلما ارتفع مستوى الماء في أعالي
الفرات، سواء كان بواسطة الخزن في الأنبار المار الذكر، أو بالسدود الفنية، وكان



1 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني.
174
يدوم مجراه كلما استتب الأمن والسلام في هذه الديار، كما وينقطع مجراه كلما فسد
نظام الري في المنبع أو انخفض مستوى الماء في أعالي الفرات، بسبب تخريب
السدود والنواظم التي تخلفها الحروب والحوادث التاريخية... كحروب جنكيز،
وتاتار، وأمثالها، أو كلما قل النفوذ الذي يحافظ بطبيعته على تلك السدود.
المنازل من الكوفة إلى مكة والبصرة ودمشق
ذكر ابن رستة في الأعلاق النفيسة، الطرق التي سلكها المسافرون من الكوفة
إلى مكة وإلى البصرة، فقال في صفحة 175 - 176: من الكوفة إلى القادسية 15 ميلا
ومن القادسية إلى العذيب 6 أميال - وهي مسلحة كانت للفرس على طريق البادية -
وبين العذيب والقادسية حائطان متصلان من جانبيهما نخيل، فإذا خرجت منه
دخلت البرية، ومن القادسية إلى المغيثة 30 ميلا، وهو منزل فيه برك لماء السماء
والمتعشى فيه بوادي السباع على رأس 15 ميلا، ومن المغيثة إلى القرعاء 32
ميلا، ومن القرعاء إلى الواقصة 24 ميلا، وهو منزل كثير الأهل فيه دور وقصور والماء
فيه برك وآبار، ومن الواقصة إلى العقبة 39 ميلا، ومن العقبة إلى القاع 24 ميلا، ومن
القاع إلى زبلة 24 ميلا، وهي قرية عظيمة بها أسواق، ومن زبلة إلى الشقوق 21
ميلا، ومن الشقوق إلى بطان - وهو قبر العبادي - 39 ميلا، ومن بطان إلى الثعلبية 39
ميلا، وهي مدينة عليها سور وفيها حمامات وسوق وهي ثلث الطريق إلى مكة،
وفيها مسجد وجامع ومنبر والماء من البرك، ومن الثعلبية إلى الخزيمية 32 ميلا،
وكان هذا المنزل يسمى زرود، ومن الخزيمية إلى الأجفر 42 ميلا، ومن الأجفر إلى
فيد 31 ميلا... الخ.
وأما الطريق من الكوفة إلى البصرة، فقد قال ابن رستة أيضا في الأعلاق النفيسة
ص 180: من الكوفة إلى القرعاء وبها مسجد سعد، ومنها إلى مارق، ومنها إلى القلع
ثم إلى سلمستان ثم إلى أقر ثم إلى الأخاديد ثم إلى عين صيد ثم إلى عين جمل ثم
إلى البصرة.
هذا هو الطريق فيما بين الكوفة والبصرة، الذي كان يسلكه العمال أيام بني
أمية، ومسافة هذا الطريق 85 فرسخا، ذكر ذلك هشام ابن الكلبي عن أبيه.

175
وذكر ابن بلال بن أبي بردة: أنه سارها في يوم وليلة من البصرة إلى الكوفة أيام
خالد بن عبد الله القسري (1).
وأما الطريق من الكوفة إلى دمشق، فقد قال ابن خرداذبه ما يأتي:
هو من الحيرة إلى القطقطانة، ثم إلى البقعة، ثم إلى الأبيض وإلى الحوشي وإلى
الجمع وإلى الخطير وإلى الجبة وإلى القلوفي الرواري، ثم إلى الساعدة والبقيعة
فالأعناك فالأذرعات فالمنزل فدمشق (2).
وقال اليعقوبي في كتاب البلدان في ذكر المنازل من الكوفة إلى المدينة ومكة:
من أراد أن يخرج من الكوفة إلى الحجاز، خرج على سمت القبلة في منازل عامرة
ومناهل قائمة فيها قصور لخلفاء بني هاشم، فأول المنازل القادسية ثم المغيثة ثم
القرعاء ثم الواقصة ثم العقبة ثم القاع ثم زبالة ثم الشقوق ثم بطان، وهذه الأربعة
الأماكن ديار بني أسد.
والثعلبية هي مدينة عليها سور، وزرود، والأجفر منازل طي، ثم مدينة فيد
وهي المدينة التي ينزلها عمال طريق مكة وأهلها طي وهي في سفح جبلهم
المعروف بسلمى، وتوز هي منازل طي أيضا، وسميراء والحاجر وأهلهما قيس
وأكثرهم بنو عبس، والنقرة ومعدن النقرة وأهلهما أخلاط من قيس وغيرهم، ومنها
يعطف من أراد مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بطن نخلة، ومن قصد مكة فإلى مغيث،
ماوان وهي ديار بني محارب ثم الربذة ثم السليلة ثم العمق ثم معدن بني سليم ثم
أفيعية ثم المسلح ثم غمرة، ومنها يهل بالحج ثم ذات عرق ثم بستان ابن عامر ثم
مكة (3).
وقال الإصطخري في المسالك والممالك: من الكوفة إلى المدينة نحو من 20
مرحلة (4) ومن المدينة إلى مكة نحو من 10 مراحل، وطريق الجادة من الكوفة إلى
مكة أقصر من هذا الطريق بنحو 3 مراحل، إذا انتهى إلى معدن النقرة عدل عن
المدينة حتى يخرج على معدن بني سليم إلى ذات عرق حتى ينتهي إلى مكة، وأما



1 - الأعلاق النفيسة: 180.
2 - المسالك والممالك لابن خرداذبه: 99.
3 - البلدان لليعقوبي: 76.
4 - المرحلة: المسافة التي يقطعها المسافر في يومه، وتقدر عندهم بثمانية فراسخ.
176
طريق البصرة إلى المدينة نحو 18 مرحلة، ويلتقي مع طريق الكوفة بقرب معدن
النقرة (1).



1 - المسالك والممالك للاصطخري: 60.
177
المعجم الهجائي
ترى فيما يلي معجما منظما على ترتيب حروف الهجاء، يتضمن ذكر أسماء
الكوفة وقراها ومحلاتها، والقرى التي في سوادها ونواحيها وبقاعها ومياهها
وصحاريها وأوديتها ودياراتها وقصورها، وغير ذلك مما له علاقة بتاريخ الكوفة
مقتصرين على ما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان، وما ذكره صاحب مراصد
الاطلاع، وإليك ما يلي:
إستينيا: بالكسر، ثم السكون، وكسر التاء، وياء ساكنة، ونون مكسورة، وياء،
وألف، قرية بالكوفة.
قال المدائني: كان الناس يقدمون على عثمان بن عفان فيسألونه أن يعوضهم
مكان ما خلفوا من أرضهم بالحجاز وتهامة ويقطعهم عوضه بالكوفة والبصرة، فأقطع
خباب بن الأرت إستينيا قرية بالكوفة (1).
أقساس: قرية بالكوفة أو كورة يقال لها: أقساس مالك، منسوبة إلى مالك بن
عبد هند بن نجم - بالجيم بوزن زفر - ابن منعة بن برجان بن الدوس بن الديل بن أمية
ابن حذاقة بن زهو بن إياد بن نزار، والقس في اللغة: تتبع الشيء وطلبه، وجمعه
أقساس، فيجوز أن يكون مالك تطلب هذا الموضع وتتبع عمارته فسمي بذلك،
وينسب إلى هذا الموضع أبو محمد يحيى بن محمد بن الحسن بن محمد بن علي
ابن محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (بن الحسين بن علي) بن أبي
طالب (عليه السلام)، الأقساسي، توفي سنة نيف وسبعين وأربعمائة بالكوفة (2)، وجماعة
من العلويين ينسبون كذلك إليها (3).
الأكيراح: بالضم ثم الفتح، وياء ساكنة، وراء، وألف، وحاء مهملة: رستاق نزه
بأرض الكوفة، والأكيراح أيضا: بيوت صغار تسكنها الرهبان الذين لا قلالي لهم،
يقال لواحدها: كرح، بالقرب منها ديران يقال لأحدهما: دير مر عبدا وللآخر دير



1 - معجم البلدان: 1 / 176.
2 - قال السمعاني في أنسابه 1 / 200: كان ثقة نبيلا، وعرف بهذا النسب من أهل الكوفة.
3 - معجم البلدان: 1 / 236، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
178
حنة، وهو موضع بظاهر الكوفة، كثير البساتين والرياض وفيه يقول أبو نؤاس:
يا دير حنة من ذات الأكيراح * من يصح عنك فإني لست بالصاحي
يعتاده كل محفو مفارقه * من الدهان عليه سحق أمساح
في فتية لم يدع منهم تخوفهم * وقوع ما حذروه غير أشباح
لا يدلفون إلى ماء بباطية * إلا اغترافا من الغدران بالراح (1).
بابل: بكسر الباء، اسم ناحية منها الكوفة والحلة، ينسب إليها السحر والخمر، قال
المفسرون في قوله تعالى: (وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) (2).
قيل: بابل العراق، وقيل: بابل دنباوند، وقال أبو الحسن: بابل الكوفة (3).
بانقيا: بكسر النون، ناحية من نواحي الكوفة ذكرها في الفتوح (4)، وفي أخبار
إبراهيم الخليل (عليه السلام): خرج من بابل على حمار له ومعه ابن أخيه لوط يسوق غنما
ويحمل دلوا على عاتقه حتى نزل بانقيا، وكان طولها اثني عشر فرسخا، وكانوا
يزلزلون في كل ليلة، فلما بات إبراهيم عندهم لم يزلزلوا فقال لهم شيخ بات عنده
إبراهيم (عليه السلام): والله ما دفع عنكم إلا بشيخ بات عندي، فإني رأيته كثير الصلاة.
فجاؤوه وعرضوا عليه المقام عندهم وبذلوا له البذول.
فقال: إنما خرجت مهاجرا إلى ربي.
وخرج حتى أتى النجف، فلما رآه رجع أدراجه، أي من حيث مضى.
فتباشروا وظنوا أنه رغب فيما بذلوا له، فقال لهم: لمن تلك الأرض؟ يعني
النجف.
قالوا: هي لنا.
قال: فتبيعونيها؟
قالوا: هي لك، فوالله ما تنبت شيئا.
فقال: لا أحبها إلا شراء.



1 - معجم البلدان: 1 / 242.
2 - سورة البقرة: 102.
3 - معجم البلدان: 1 / 309.
وراجع: تفسير التبيان: 1 / 374، تفسير الطبري: 1 / 643، تفسير القرطبي: 2 / 52.
4 - فتوح البلدان: 2 / 299 - 300.
179
فدفع إليهم غنيمات كن معه به، والغنم يقال لها بالنبطية: نقيا.
فقال: أكره أن آخذها بغير ثمن، فصنعوا ما صنع أهل بيت المقدس بصاحبهم
وهبوا له أرضهم، فلما نزلت بها البركة رجعوا عليه.
وذكر إبراهيم (عليه السلام) أنه يحشر من ولده من ذلك الموضع سبعون ألف شهيد،
فاليهود تنقل موتاها إلى هذا الكان لهذا السبب، لما رأى (عليه السلام) غدرهم به تركهم
ومضى نحو مكة في قصة فيها طول، وقد ذكرها الأعشى، فقال:
فما نيل مصر إذ تسامى عبابه * ولا بحر بانقيا إذا راح مفعما
بأجود منه نائلا إن بعضهم * إذا سئل المعروف صد وجمجما (1).
وقال أيضا:
قد سرت ما بين بانقيا إلى عدن * وطال في العجم تكراري وتسياري (2).
وأما ذكرها في الفتوح، فقال أحمد بن يحيى: لما قدم خالد بن الوليد (رضي الله عنه) العراق
بعث بشير بن سعد أبا النعمان بن بشير الأنصاري إلى بانقيا، فخرج عليه فرخبنداذ
في جيش فهزمهم بشير وقتل فرخبنداذ وانصرف بشير وبه جراحة فمات بعين
التمر، ثم بعث خالد جرير بن عبد الله إلى بانقيا، فخرج إليه بصبهري بن صلوبا
فاعتذر إليه وصالحه على ألف درهم وطيلسان وقال: ليس لأحد من أهل السواد
عهد إلا لأهل الحيرة وأليس وبانقيا.
فلذلك قالوا: لا يصلح بيع أرض دون الجبل إلا أرض بني صلوبا وأرض الحيرة.
وذكر إسحق بن بشير أبو حذيفة فيما قرأته بخط أبي عامر العبدري: بإسناده إلى
الشعبي: أن خالد بن الوليد سار من الحيرة حتى نزل بصلوبا صاحب بانقيا وسميا
على ألف درهم وزن ستة، وكتب لهم كتابا فهو عندهم إلى اليوم معروف.
قال: فلما نزل بانقيا على شاطئ الفرات قاتلوه ليلة حتى الصباح، فقال في
ذلك ضرار بن الأزور الأسدي:
أرقت ببانقيا ومن يلق مثل ما * لقيت ببانقيا من الحرب يأرق
فلما رأوا أنه لا طاقة لهم بحربه، طلبوا منه الصلح فصالحهم وكتب لهم كتابا فيه:



1 - ديوان الأعشى: 189.
2 - ديوان الأعشى: 69، وفيه:
قد طفت ما بين بانقيا إلى عدن * وطال في العجم ترحالي وتسياري.
180
بسم الله الرحمن الرحيم:
هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن بصبهري ومنزله بشاطئ الفرات، أنك
آمن بأمان الله على حقن دمك في إعطاء الجزية عن نفسك وجيرتك وأهل قريتك
بانقيا وسميا على ألف درهم جزية، وقد قبلنا منك ورضي من معي من المسلمين
بذلك، فلك ذمة الله وذمة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وذمة المسلمين، على ذلك شهد هشام
ابن الوليد وجرير بن عبد الله بن أبي عوف وسعيد بن عمرو، وكتب سنة 13
والسلام.
ويروى ذلك: أنه كان سنة 12 (1).
البداة: بفتح الدال، طسوج من سواد الكوفة.
برثة: بالفتح، موضع بنواحي الكوفة، له ذكر في الأخبار (2).
البردان: بالراء والدال المهملتين، بالكوفة، وكان منزل وبرة بن رومانس، وقال
هشام: هو وبرة الأصغر بن رومانس بن معقل بن محاسن بن عمرو بن عبد ود بن
عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة أخو
النعمان بن المنذر لأمه، فمات ودفن بهذا الموضع، فلذلك يقول مكحول بن حرثة
يرثيه:
إلا يا عين جودي باندفاق * على مردي قضاعة بالعراق
فما الدنيا بباقية لحي * ولا حي على الدنيا بباق
لقد تركوا على البردان قبرا * وهموا للتفرق بانطلاق (3).
بقيقا: من قرى الكوفة، كانت بها وقعة الخوارج، وكان مصعب قد استخلف على
الكوفة الحرث بن عبد الله بن أبي ربيعة القباع، فبلغه أن قطري بن الفجاءة سار إلى
المدائن فخرج إلى القباع فكان مسيره من الكوفة إلى باجوا شهرا، وقال عند ذلك
بعض الشعراء:
سار بنا القباع سيرا ملسا * بين بقيقا وبديقا خمسا
قال: وفيما بينهما نحو ميلين، وقال أيضا:



1 - معجم البلدان: 1 / 331 - 332.
2 - معجم البلدان: 1 / 372.
3 - معجم البلدان: 1 / 376.
181
سار بنا القباع سيرا نكرا * يسير يوما ويقيم شهرا (1).
البويب: بلفظ تصغير الباب، نهر كان بالعراق موضع الكوفة، فمه عند دار الرزق
يأخذ من الفرات، كانت عنده وقعة أيام الفتوح بين المسلمين والفرس في أيام أبي
بكر الصديق، وكان مجراه إلى موضع دار صالح بن علي بالكوفة، ومصبه في الجوف
العتيق، وكان مغيضا للفرات أيام المدود ليزيدوا به الجوف تحصينا، وقد كانوا فعلوا
ذلك الجوف حتى كانت السفن البحرية ترفأ إلى الجوف (2).
البهقباذ: بالكسر ثم السكون، وضم القاف، وباء موحدة، وألف، وذال معجمة
الأسفل، خمسة طساسيج (3) أحدها الكوفة (4).
بيعة خالد: منسوبة إلى خالد بن عبد الله القسري، أمير الكوفة، كان بناها لأمه
وكانت نصرانية، وبنى حولها حوانيت بالآجر والجص، ثم صارت سكة البريد (5).
بيعة عدي: هو عدي بن الدميك اللخمي، بالكوفة أيضا (6).
التاجية: نهر عليه كور، بناحية الكوفة (7).
تل بونا: بفتحتين وتشديد النون، من قرى الكوفة، قال مالك بن أسماء
الفزاري:
حبذا ليلتي بتل بونا * حيث نسقي شرابنا ونغني
ومررنا بنسوة عطرات * وسماع وقرقف فنزلنا
حيث ما دارت الزجاجة درنا * يحسب الجاهلون أنا جننا (8).
الثوية: بالفتح ثم الكسر، وياء مشددة، ويقال: الثوية، بلفظ التصغير: موضع قريب



1 - معجم البلدان: 1 / 474.
2 - معجم البلدان: 1 / 512، مراصد الاطلاع: 1 / 232.
3 - الأستان ينقسم إلى الرساتيق، وتنقسم إلى الطساسيج، وينقسم كل طسوج إلى عدة من
القرى، وأكثر ما تستعمل هذه اللغة في سواد العراق، وقد قسموا سواد العراق على ستين
طسوجا أضيف كل طسوج إلى اسم.
4 - معجم البلدان: 1 / 516.
5 - معجم البلدان: 1 / 532.
6 - معجم البلدان: 1 / 532.
7 - معجم البلدان: 2 / 5.
8 - معجم البلدان: 2 / 40.
182
من الكوفة، وقيل: بالكوفة، وقيل: خريبة إلى جانب الحيرة على ساعة منها، ذكر
العلماء: أنها كانت سجنا للنعمان بن المنذر، كان يحبس بها من أراد قتله، فكان يقال
لمن حبس بها: ثوى، أي أقام، فسميت الثوية بذلك، وقد ذكرها المتنبي في
شعره (1).
جبانة: بالفتح، ثم التشديد، والجبان في الأصل الصحراء، وأهل الكوفة
يسمون المقابر جبانة، كما يسمونها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محال تسمى بهذا
الاسم وتضاف إلى القبائل منها: جبانة كندة مشهورة، وجبانة السبيع، كان بها يوم
للمختار بن عبيد (2)، وجبانة ميمون، منسوبة إلى أبي بشير ميمون مولى محمد بن
علي بن عبد الله بن عباس صاحب الطاقات ببغداد بالقرب من باب الشام، وجبانة
عرزم نسب إليها بعض أهل العلم عرزميا، وجبانة سالم تنسب إلى سالم بن عمارة بن
عبد الحارث بن ملكان بن نهار بن مرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وغير
هذه، وجميعها بالكوفة (3).
الجبة: بضم الجيم، طسوج من سواد (4) الكوفة (5).
جرزة: بالهاء، اسم أرض باليمامة من أرض الكوفة، وهي لبني ربيعة (6).



1 - معجم البلدان: 2 / 87 - 88.
2 - انظر: تاريخ الطبري: 4 / 519 - 521، ذوب النضار: 115.
3 - معجم البلدان: 2 / 99 - 100.
4 - السواد: هي البساتين والمزارع من النخيل والأشجار إذا التفت واتصل بعضها
ببعض، وكان سواد الكوفة مما يلي الفرات من جهة شرقي مسجد الكوفة إلى ما ورائه من
جهة الشمال، والفرات: هو فرات الحلة السيفية، وهو عمود الأصل ويجري إلى مكان يقال
له اليوم: الديوانية، وهي بلدة حادثة ثم يجري إلى مكان قرية الحمزة، إلى أن ينحط إلى
جملة قرى، منها أم النجرس وأبو قوارير والرميثة ويقال له: الدهلة، ثم يصل إلى بلدة
السماوة، ومن فرات الحلة حفروا أنهارا، وأن قرى الكوفة متصلة إلى الفرات وبساتينها
ومزارعها على الفرات، ولكثرتها والتفاف بعضها ببعض سميت سوادا.
قال في مجمع البحرين: وسواد الكوفة نخيلها وأشجارها ومثله سواد العراق سمي بذلك
لخضرة الأشجار وزرعه.
5 - مراصد الاطلاع: 1 / 313.
6 - معجم البلدان: 2 / 126.
183
الجرعة: بالتحريك، وقيد الصدفي بسكون الراء، وهو موضع قرب الكوفة،
المكان الذي فيه سهولة ورمل، ويقال: جرع وجرع وجرعاء بمعنى، وإليه يضاف
يوم الجرعة المذكور في كتاب مسلم (1)، وهو يوم خرج فيه أهل الكوفة إلى سعيد
ابن العاص وقت قدم عليهم واليا من قبل عثمان فردوه وولوا أبا موسى، ثم سألوا
عثمان حتى أقره عليهم، وبخط العبدري: لما قدم خالد العراق نزل بالجرعة بين
النجف والحيرة، وضبطه بسكون الراء (2).
جرير: موضع بالكوفة، كانت به وقعة زمن عبيد الله بن زياد لما جاءها (3).
الجوسق الخرب: بظاهر الكوفة عند النخيلة، وكانت الخوارج قد اختلفت يوم
النهروان، فاعتزلت طائفة في خمسمائة فارس مع فروة بن نوفل الأشجعي وقالوا: لا
نرى قتال علي بل نقاتل معاوية.
وانفصلت حتى نزلت بناحية شهرزور، فلما قدم معاوية من الكوفة بعد قتل
علي (رضي الله عنه) تجمعوا وقالوا: لم يبق عذر في قتال معاوية.
وساروا حتى نزلوا النخيلة بظاهر الكوفة، فنفذ إليهم معاوية طائفة من جنده،
فهزمتهم الخوارج فقال معاوية لأهل الكوفة: هذا فعلكم ولا أعطيكم الأمان حتى
تكفوني أمر هؤلاء.
فخرج إليهم أهل الكوفة فقاتلوهم فقتلوهم، وكان عند المعركة جوسق خرب
ربما ألجأت الخوارج إليه ظهورها، فقال قيس بن الأصم يرثي الخوارج:
إني أدين بما دان الشراة به * يوم النخيلة عند الجوسق الخرب
النافرين على منهاج أولهم * من الخوارج قبل الشك والريب
قوما إذا ذكروا بالله أو ذكروا * خروا من الخوف للأذقان والركب
ساروا إلى الله حتى أنزلوا غرفا * من الأرائك في بيت من الذهب
ما كان إلا قليل ريث وقفتهم * من كل أبيض صافي اللون ذي شطب
حتى فنوا ورأى الرائي رؤوسهم * تغدو بها قلص مهرية نجب



1 - انظر: صحيح مسلم: 8 / 174.
2 - معجم البلدان: 2 / 127 - 128.
3 - معجم البلدان: 2 / 131.
184
فأصبحت عنهم الدنيا قد انقطعت * وبلغوا الغرض الأقصى من الطلب (1).
حبانية: منسوبة من قرى الكوفة، كانت بها وقعة بين زياد بن خراس العجلي من
الخوارج وطائفة معه وبين أهل الكوفة، هزم فيها الكوفيين وقتل منهم جماعة،
وذلك في أيام زياد بن أبيه (2).
حراضة: بالضم، سوق بالكوفة يباع فيها الحرض، وهو الأشنان (3).
حرام: بلفظ ضد الحلال، محلة وخطة كبيرة بالكوفة، يقال لهم: بنو حرام
مسماة ببطن تميم، وهو حرام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم، منهم
عيسى بن المغيرة الحرامي، روى عن الشعبي وغيره، روى عنه الثوري (4).
حروراء: بفتحتين، وسكون الواو، وراء أخرى، وألف ممدودة: قرية بظاهر
الكوفة، وقيل: موضع على ميلين منها نزل بها الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي
طالب (رضي الله عنه) فنسبوا إليها، وقال ابن الأنباري: حروراء كورة، وقال أبو منصور:
الحرورية منسوبون إلى موضع بظاهر الكوفة، نسبت إليه الحرورية من الخوارج،
وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليه (5).
الحصاصة: بالفتح، وتشديد ثانية، من قرى السواد قرب قصر ابن هبيرة، من
إعمال الكوفة (6).
حفر السبيع: بفتح السين، وكسر الباء الموحدة، والسبيع قبيلة، وهو السبيع بن
صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد بن خيوان بن نوف بن
همدان، ولهم بالكوفة خطة معروفة، قال محمد بن سعد: حفر السبيع موضع
بالكوفة، ينسب إليه أبو داود الحفري، يروي عن الثوري، روى عنه أبو بكر بن أبي
شيبة، مات سنة 203 وقيل: سنة 206 (7).



1 - معجم البلدان: 2 / 185.
2 - معجم البلدان: 2 / 211.
3 - معجم البلدان: 2 / 234.
4 - معجم البلدان: 2 / 234.
5 - معجم البلدان: 2 / 245.
6 - معجم البلدان: 2 / 263.
7 - معجم البلدان: 2 / 275.
185
حمام أعين: (بتشديد الميم) بالكوفة، ذكره في الأخبار مشهور، منسوب إلى
أعين مولى سعد بن أبي وقاص (1).
حمام سعد: موضع في طريق الحاج، بالكوفة (2).
حوز: بالفتح، ثم السكون، وزاي: موضع بالكوفة ينسب إليه أبو علي الحسن
ابن علي بن زيد بن الهيثم الحوزي، حدث عن محمد بن الحسن النحاس، حدث
عنه أبي (النرمي) (3) ومحمد بن علي بن ميمون وابنه أبو محمد يحيى بن الحسن بن
علي بن زيد الحوزي، حدث عن محمد بن عبد الله بن هشام التيملي، حدث عنه
أبي (4).
خانقين: بلدة بالكوفة (5).
خد العذراء: في كتاب الساجي: كانوا يسمون الكوفة: خد العذراء، لنزاهتها
وطيبها وكثرة أشجارها وأنهارها (6).
الخرارة: بفتح الخاء، وتشديد الراء: موضع قرب السيلحون من نواحي
الكوفة (7).
خطة بني عبد الله بن دارم: بالكوفة، مما يلي الخندق (8).
خفان وخفية: إجمتان قريبتان من مسجد سعد بن أبي وقاص، بالكوفة (9).
خندق سابور (10): في برية الكوفة، حفره سابور ملك الفرس، بينه وبين



1 - معجم البلدان: 2 / 299، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
2 - معجم البلدان: 2 / 299.
3 - في المطبوع: (البرسي)، وما أثبتناه من المصدر.
4 - معجم البلدان: 2 / 318 - 319.
5 - معجم البلدان: 2 / 341.
6 - معجم البلدان: 2 / 348.
7 - معجم البلدان: 2 / 350.
8 - معجم البلدان: 2 / 541.
9 - معجم البلدان: 2 / 379.
10 - قال ابن الأثير في الكامل إنما سمي المنصور بالدوانيقي لبخله وذلك لما حفر الخندق
بالكوفة قسط على كل منهم دانقا فضة وصرفه إلى الحفر، والدانق سدس الدرهم، ثم
قال: وفي سنة خمس وخمسين ومائة عمل المنصور للكوفة والبصرة سورا وخندقا وأمر
لمن عمل بالسور والخندق لكل واحد خمسة دراهم، فلما فرغوا أمر بجمعهم وأخذ من كل
واحد أربعين درهما فقال الشاعر:
يا لقوم ما لقينا * من أمير المؤمنينا
قسم الخمسة فينا * وجبانا الأربعينا
وهذا هو خندق الكوفة الذي حفره سابور وجدده المنصور، وهو المعروف اليوم بكري
سعد.
186
العرب خوفا من شرهم، قالوا: وكانت هيت وعانات مضافة إلى طسوج الأنبار، فلما
ملك أنوشروان بلغه أن طوائف من الأعراب يغيرون على ما قرب من السواد إلى
البادية، فأمر بتجديد سور مدينة تعرف بالنسر، كان سابور ذو الأكتاف
بناها، وجعلها مسلحة تحفظ ما قرب من البادية، وأمر بحفر خندق من هيت يشق
طف البادية إلى كاظمة مما يلي البصرة وينفذ إلى البحر، وبنى عليها المناظر
والجواسق ونظمه بالمسالح، ليكون ذلك مانعا لأهل البادية من السواد، فخرجت
هيت وعانات بسبب ذلك الخندق من طسوج شاه فيروز، لأن عانات كانت قرى
مضمومة إلى هيت (1).
الخورنق: بفتح أوله وثانيه، وراء ساكنة، ونون مفتوحة، وآخره قاف، ذكرته
العرب في أشعارها وضربت به الأمثال في أخبارها، موضع بالكوفة.
قال أبو منصور: هو نهر، وأنشد:
وتجبى إليه السيلحون ودونها * صريفون في أنهارها والخورنق
قال: وهكذا قال ابن السكيت في الخورنق، والذي عليه الأثر والأخبار: أن الخورنق
قصر كان بظهر الحيرة، وقد اختلفوا في بانيه، فقال الهيثم بن عدي: الذي أمر ببناء
الخورنق النعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن الحارث بن عمرو
ابن لخم بن عدي بن مرة بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان، ملك
ثمانين سنة، وبني الخورنق في ستين سنة بناه له رجل من الروم يقال له:
سنمار، فكان يبني السنتين والثلاث ويغيب الخمس سنين وأكثر من ذلك وأقل
فيطلب فلا يوجد، ثم يأتي فيحتج، فلم يزل يفعل هذا الفعل ستين سنة حتى فرغ



1 - معجم البلدان: 2 / 392.
187
من بنائه، فصعد النعمان على رأسه ونظر إلى البحر تجاهه والبر خلفه، فرأى الحوت
والضب والظبي والنخل فقال: ما رأيت مثل هذا البناء قط.
فقال له سنمار: إني أعلم موضع آجرة لو زالت لسقط القصر كله.
فقال النعمان: أيعرفها أحد غيرك؟
قال: لا.
قال: لا جرم لأدعنها وما يعرفها أحد.
ثم أمر به فقذف من أعلى القصر إلى أسفله فتقطع، فضربت العرب به المثل
فقال شاعر:
جزاني جزاه الله شر جزائه * جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
سوى رمه البنيان ستين حجة * يعل عليه بالقراميد والسكب
فلما رأى البنيان تم سحوقه * وآض كمثل الطود والشامخ الصعب
فظن سنمار به كل حبوة * وفاز لديه بالمودة والقرب
فقال: اقذفوا بالعلج من فوق رأسه * فهذا لعمر الله من أعجب الخطب
وقد ذكرها كثير منهم وضربوا سنمار مثلا.
وكان النعمان هذا قد غزا الشام مرارا، وكان من أشد الملوك بأسا، فبينما هو
ذات يوم جالس في مجلسه في الخورنق فأشرف على النجف وما يليه من البساتين
والنخل والجنان والأنهار، مما يلي المغرب وعلى الفرات مما يلي المشرق
والخورنق مقابل الفرات يدور عليه على عاقول كالخندق، فأعجبه ما رأى من
الخضرة والنور والأنهار فقال لوزيره: أرأيت مثل هذا المنظر وحسنه؟
فقال: لا والله أيها الملك ما رأيت مثله لو كان يدوم.
قال: فما الذي يدوم؟
قال: ما عند الله في الآخرة.
قال: فبم ينال ذلك؟
قال: بترك هذه الدنيا وعبادة الله والتماس ما عنده.
فترك ملكه في ليلته ولبس المسوح وخرج متخفيا هاربا ولا يعلم به أحد، ولم
يقف الناس على خبره إلى الآن، فجاؤوا بابه بالغداة على رسمهم فلم يؤذن لهم عليه
كما جرت العادة، فلما أبطأ الآذن أنكروا ذلك وسألوا عن الأمر، فأشكل الأمر عليهم

188
أياما، ثم ظهر تخليه من الملك ولحاقه بالنسك في الجبال والفلوات، فما رؤي بعد
ذلك.
ويقال: إن وزيره صحبه ومضى معه، وفي ذلك يقول عدي بن زيد:
وتبين رب الخورنق إذ أشر * ف يوما وللهدى تفكير
سره ما رأى وكثرة ما يم‍ * - لك والبحر معرضا والسدير
فارعوى قلبه وقال فما غب‍ * - طة حي إلى الممات يصير
ثم بعد الفلاح والملك والأم‍ * - ة وارتهم هناك القبور
ثم صاروا كأنهم ورق ج‍ * - ف فألوت به الصبا والدبور
وقال عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة عند غلبة خالد بن الوليد على الحيرة في خلافة
أبي بكر (رضي الله عنه):
أبعد المنذرين أرى سواما * تروح بالخورنق والسدير
تحاماه فوارس كل حي * مخافة ضيغم عالي الزئير
فصرنا بعد هلك أبي قبيس * كمثل الشاء في اليوم المطير
تقسمنا القبائل من معد * كأنا بعض أجزاء الجزور
وقال ابن الكلبي: صاحب الخورنق والذي أمر ببنائه بهرام جور بن يزدجرد بن سابور
ذي الأكتاف، وذلك أن يزدجرد كان لا يبقى له ولد، وكان قد لحق ابنه بهرام جور في
صغره علة تشبه الاستسقاء، فسأل عن منزل مرئ صحيح من الأدواء والأسقام،
ليبعث بهرام إليه خوفا عليه من العلة.
فأشار عليه أطباؤه أن يخرجه من بلده إلى أرض العرب ويسقى أبوال الإبل
وألبانها، فأنفذه إلى النعمان وأمره أن يبني له قصرا مثله على شكل بناء الخورنق،
فبناه له وأنزله إياه وعالجه حتى برأ من مرضه، ثم استأذن أباه في المقام عند النعمان
فأذن له، فلم يزل عنده نازلا قصره الخورنق حتى صار رجلا ومات أبوه، فكان من
أمره في طلب الملك حتى ظفر بما هو متعارف مشهور.
وقال الهيثم بن عدي: لم يقدم أحد من الولاة الكوفة إلا وأحدث في قصرها
المعروف بالخورنق شيئا من الأبنية، فلما قدم الضحاك بن قيس بنى فيه مواضع
وبيضه وتفقده، فدخل إليه شريح القاضي فقال: يا أبا أمية أرأيت بناء أحسن من
هذا؟

189
قال: نعم، السماء وما بناها.
قال: ما سألتك عن السماء، أقسم لتسبن أبا تراب.
قال: لا أفعل.
قال: ولم؟
قال: لأنا نعظم أحياء قريش ولا نسب موتاهم.
قال: جزاك الله خيرا.
وقال علي بن محمد العلوي الكوفي المعروف بالحماني:
سقيا لمنزلة وطيب * بين الخورنق والكثيب
بمدافع الجرعات من * أكناف قصر أبي الخصيب
دار تخيرها الملو * ك فهتكت رأي اللبيب
أيام كنت من ألغوا * ني في السواد من القلوب
لو يستطعن خبأنني * بين المخانق والجيوب
أيام كنت وكن لا * متحرجين من الذنوب
غرين يشتكيان ما * يجدان بالدمع السروب
لم يعرفا نكدا سوى * صد الحبيب عن الحبيب
وقال علي بن محمد الكوفي أيضا:
كم وقفة لك بالخور * نق ما توازي بالمواقف
بين الغدير إلى السدي‍ * - ر إلى ديارات الأساقف
فمدارج الرهبان في * أطمار خائفة وخائف
دمن كأن رياضها * يكسين أعلام المطارف
وكأنما غدرانها * فيها عشور في مصاحف
وكأنما أغصانها * تهتز بالريح العواصف
طرر الوصائف يلتقي‍ * - ن بها إلى طرر المصاحف
تلقى أواخرها أوا * ئلها بألوان الرفارف
بحرية شتواتها * برية فيها المصائف

190
درية الصهباء كا * فورية منها المشارف (1).
دار الحكيم: محلة بالكوفة مشهورة، منسوبة إلى الحكيم بن سعد بن ثور البكائي من
بني البكاء بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (2).
دار قمام: بالكوفة، منسوبة إلى قمامة بنت الحارث بن هاني الكندي، عند دار
الأشعث بن قيس (3).
دار المقطع: بالكوفة، تنسب إلى المقطع الكلبي، وله يقول عدي بن الرقاع:
على ذي منار تعرف العين متنه * كما تعرف الأضياف دار المقطع (4).
درتا: بضم الدال، وسكون الراء، ناحية من نواحي الكوفة، كان فيها من الناس
الأعداد المتوافرة، ومن النخل أكثر من مائة وعشرين ألف رأس، ومن الشجر
المختلف الأصناف الجربان العظيمة (5).
دوران: بضم أوله، موضع خلف جسر الكوفة، كان به قصر لإسماعيل القسري
أخي خالد بن عبد الله القسري أمير الكوفة (6).
دوما: بالكوفة والنجف محلة منها، ويقال اسمها: دومة، لأن عمر لما أجلى
أكيدر صاحب دومة الجندل، قدم الحيرة فبنى بها حصنا وسماه دومة أيضا (7).
ديارات الأساقف: الديارات جمع دير، والأساقف جمع أسقف وهم رؤساء
النصارى، وهذه الديارات بالنجف ظاهر الكوفة، وهو أول الحيرة، وهي قباب
وقصور، بحضرتها نهر يعرف بالغدير عن يمينه قصر أبي الخصيب وعن شماله
السدير، وفيه يقول علي بن محمد بن جعفر العلوي الحماني:
كم وقفة لك بالخور * نق ما توازي بالمواقف
بين الغدير إلى السدي‍ * - ر إلى ديارات الأساقف



1 - معجم البلدان: 2 / 401 - 403.
2 - معجم البلدان: 2 / 419.
3 - معجم البلدان: 2 / 423، وفي المصدر: (قمامة) بدل: (قمام).
4 - معجم البلدان: 2 / 423.
5 - معجم البلدان: 2 / 449.
6 - معجم البلدان: 2 / 480.
7 - معجم البلدان: 2 / 486.
191
فمدارج الرهبان في * أطمار خائفة وخائف
دمن كأن رياضها * يكسين أعلام المطارف
وكأنما غدرانها * فيها عشور في مصاحف
بحرية شتواتها * برية فيها المصائف (1).
دير الأعور: هو بظاهر الكوفة، بناه رجل من إياد يقال له: الأعور، من بني حذافة بن
زهر بن إياد (2).
دير حنه: بظاهر الكوفة والحيرة (3).
دير الشاء: بأرض الكوفة، على رأس فرسخ وميل من النخيلة (4).
رحا عمارة: محلة بالكوفة، تنسب إلى عمارة بن عقبة بن أبي معيط (5).
رحبة خنيس: محلة بالكوفة، تنسب إلى خنيس بن سعد، أخي النعمان بن
سعد، جد أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس القاضي (6).
رصافة الكوفة: أحدثها المنصور العباسي، وقد ذكرها الحسين بن السري
الكوفي فقال:
ولقد نظرت إلى الرصا * فة فالثنية فالخورنق
جر البلى أذياله * فيها فأدرسها وأخلق (7).
زرارة: محلة بالكوفة، سميت بزرارة بن يزيد بن عمرو بن عدس من بني البكار،
وكانت منزله فأخذها معاوية منه ثم أصفيت حتى أقطعها أبو جعفر محمد بن
الأشعث بن عقبة الخزاعي، وكان زرارة على شرطة سعيد بن العاص إذ كان
بالكوفة، وفي الحديث: نظر علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى زرارة فقال: «ما هذه
القرية؟»



1 - معجم البلدان: 2 / 498.
2 - معجم البلدان: 2 / 499.
3 - معجم البلدان: 2 / 507.
4 - معجم البلدان: 2 / 518.
5 - معجم البلدان: 3 / 32.
6 - معجم البلدان: 3 / 33.
7 - معجم البلدان: 3 / 49.
192
قالوا: قرية تدعى زرارة، يلحم فيها ويباع فيها الخمر.
فعبر إليها الفرات على الجسر ثم قال: «علي بالنيران، أضرموا فيها فإن الخبيث
يأكل بعضه بعضا».
قال: فاحترقت من غربيها حتى بلغت بستان خواستابر حيرونا (1).
زورة: موضع بالكوفة (2).
زيدان: موضع بالكوفة (3).
سكن: بفتح أوله، وكسر ثانيه: موضع بأرض الكوفة، عن العمراني (4).
سنينيا: بعد النون المكسورة ياء ساكنة، ثم نون أخرى، ثم ياء وألف مقصورة:
قرية من نواحي الكوفة، أقطعها عثمان بن عفان عمار بن ياسر رضي الله عنهما (5).
السوادية: بالفتح: قرية بالكوفة، منسوبة إلى سواد بن زيد بن عدي بن زيد بن
أيوب بن محروق بن عامر بن عصية بن امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم (6).
السوارية: محلة بالكوفة، منسوبة إلى سوار بن يزيد بن عدي بن يزيد العبادي
الشاعر (7).
سوق أسد: بالكوفة، منسوب إلى أسد بن عبد الله القسري، أخي خالد بن عبد
الله أمير العراقين (8).
سوق حكمة: بالتحريك، موضع بنواحي الكوفة، قال أحمد بن يحيى بن
جابر: نسب إلى حكمة بن حذيفة بن بدر، وكان قد نزل عنده، قال: وأم حكمة: هي
أم قرفة التي كانت تؤلب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقتلها زيد بن حارثة في بيتها، وقال
أبو اليقظان: نسبت إلى رجل من ولد حكمة يقال له: حكم، والله أعلم، كان فيه يوم



1 - معجم البلدان: 3 / 135.
2 - معجم البلدان: 3 / 157.
3 - معجم البلدان: 3 / 163.
4 - معجم البلدان: 3 / 231.
5 - معجم البلدان: 3 / 270.
6 - معجم البلدان: 3 / 275.
7 - معجم البلدان: 3 / 276.
8 - معجم البلدان: 3 / 283.
193
لشبيب الخارجي، قتل فيه عتاب بن ورقاء الرياحي (1).
سوق يوسف: بالكوفة، منسوب إلى يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم بن
أبي عقيل الثقفي (2).
السهلة: بفتح أوله، ومعناه مفهوم، مسجد بالكوفة، قال أبو حمزة الثمالي: قال
لي أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (رضي الله عنه): «يا أبا حمزة هل تعرف مسجد
سهل؟»
قلت: عندنا مسجد يسمى السهلة.
قال: «أما إني لم أرد سواه، لو أن زيدا أتاه فصلى فيه واستجار به من القتل
لأجاره، إن فيه لموضع البيت الذي كان يخيط فيه إدريس (عليه السلام)، ومنه رفع إلى
السماء، ومنه كان إبراهيم (عليه السلام) يخرج إلى العمالقة، وفيه موضع الصخرة التي
صورت الأنبياء فيها، ومنه الطينة التي خلق الله الأنبياء منها، وهو موضع مناخ
الخضر، وما أتاه مغموم إلا فرج الله عنه» (3).
السيب: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وأصله مجرى الماء كالنهر وهو كورة (4) من
سواد الكوفة، وهما سيبان الأعلى والأسفل من طسوج، سورا عند قصر ابن هبيرة،
ينسب إليها أحمد بن محمد بن أحمد بن علي السيبي، أبو بكر الفقيه الشافعي، ولد
بقصر ابن هبيرة سنة 276، ومات به سنة 392 (5).
شانيا: رستاق من نواحي الكوفة من طسوج، سورا من السيب الأعلى (6).
شوميا: موضع في بقعة الكوفة، نزله جيش مهران لمحاربة المثنى، والمسلمين
قالوا: وشوميا: هي موضع دار الرزق بالكوفة (7).



1 - معجم البلدان: 3 / 283.
2 - معجم البلدان: 3 / 285.
3 - معجم البلدان: 3 / 290 - 291.
4 - الكورة: كل صقع يشتمل على عدة قرى، ولابد لتلك القرى من قصبة أو مدينة أو نهر
يجمع اسمها ذلك اسم الكورة.
5 - معجم البلدان: 3 / 293.
6 - معجم البلدان: 3 / 315.
7 - معجم البلدان: 3 / 374.
194
شيلي: ناحية من نواحي الكوفة، ولها نهر يعرف بنهر شيلي، لها ذكر في
الفتوح (1)، والنهر اليوم يعرف: بنهر زياد، ينسب إلى زياد بن أبيه، والله أعلم (2).
صحراء أثير: كأنه تصغير أثر، صحراء أثير: بالكوفة تنسب إلى أثير بن عمرو
السكوني الطبيب الكوفي، يعرف بابن عمريا، قال عبد الله بن مالك: جمع الأطباء
لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) لما ضربه ابن ملجم لعنه الله تعالى، وكان أبصرهم بالطب
أثير، فأخذ أثير رئة شاة حارة فتتبع عرقا فيها فاستخرجه وأدخله في جراحة
علي (عليه السلام)، ثم نفخ العرق واستخرجه فإذا عليه بياض الدماغ، وإذا الضربة قد
وصلت إلى أم رأسه فقال: يا أمير المؤمنين أعهد عهدك فإنك ميت.
وفي صحراء أثير أحرق علي بن أبي طالب (عليه السلام) الطائفة الغلاة (3).
صحراء أم سلمة: موضع بالكوفة، ينسب إلى أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة
ابن عبد الله بن الوليد بن المغيرة المخزومية زوجة السفاح، وبالكوفة عدة مواضع
تعرف بالصحراء (4).
صحراء البردخت: هي محلة بالكوفة، نسبت إلى البردخت الشاعر الضبي
العكلي، واسمه علي بن خالد (5).
صريفين: من قرى الكوفة، منها الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن
سليمان الدهقان المقري المعدل الصريفيني، أبو القاسم الكوفي أحد أعيانها
ومقدميها، وكان قد ختم عليه خلق كثير كتاب الله، وكان قارئا فهما محدثا مكثرا ثقة
أمينا مستورا، وكان يذهب إلى مذهب الزيدية، ورد بغداد في المحرم سنة 480
وقرئ عليه الحديث، سمع أبا محمد جناح بن نذير بن جناح المحاري وغيره،
روى عنه جماعة، توفى ليلة المحرم السابع عشر منه سنة 490 (6).
الصنين: بالكسر، ثم التشديد، مفتوح، بلفظ تثنية الصن، بلد كان بظاهر



1 - فتوح البلدان: 2 / 336 - 337.
2 - معجم البلدان: 3 / 386.
3 - معجم البلدان: 1 / 93.
4 - معجم البلدان: 3 / 394.
5 - معجم البلدان: 3 / 394.
6 - معجم البلدان: 3 / 404.
195
الكوفة، كان من منازل المنذر، وبه نهر ومزارع، باعه عثمان بن عفان من طلحة بن
عبيد الله، وكتب له به كتابا مشهورا مذكورا عند المحدثين، وجدت نسخته سقيمة
فلم أنقله (1).
الصين: بالكسر، وآخره نون، موضع بالكوفة، قاله العمراني (2).
ضباب: بكسر أوله، وتكرير الباء الموحدة، قلعة الضباب بالكوفة، ينسب إليها
الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن حمزة الحسيني العلوي
الضبابي الزيدي النحوي (3).
عبس: محلة بالكوفة، تنسب إلى القبيلة، وهو عبس بن بغيض بن ريث بن
غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار، وقد نسب إليها (4).
العراقان: البصرة والكوفة (5).
عرزم: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وزاي مفتوحة، اسم جبانة بالكوفة، وقيل:
عرزم محلة بالكوفة تعرف بجبانة عرزم، نسبت إلى رجل كان يضرب فيها اللبن اسمه
عرزم، وقد نسب إليها جماعة من أهل العلم منهم: عبد الملك بن ميسرة بن عمر بن
محمد بن عبيد الله، أبو عبد الله بن أبي سليمان العرزمي، حدث عن عطاء وسعيد
ابن جبير، روى عن سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان
وغيرهم، وكان ثقة يخطئ في بعض الحديث، توفى سنة 145 وابن أخيه أبو عبد
الرحمن محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي، يروي عن عطاء، روى عنه أبو
أفنون ومات سنة 155 (6).
عقر بابل: قرية من نواحي الكوفة، قرب كربلاء، وقد روي أن الحسين بن
علي (عليه السلام) لما انتهى إلى كربلاء وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد قال: «ما اسم تلك
القرية؟»



1 - معجم البلدان: 3 / 431.
2 - معجم البلدان: 3 / 440.
3 - معجم البلدان: 3 / 451.
4 - معجم البلدان: 4 / 79.
5 - معجم البلدان: 3 / 57.
6 - معجم البلدان: 4 / 100.
196
وأشار إلى العقر، فقيل له: اسمها العقر.
فقال: «نعوذ بالله من العقر، فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟»
قالوا: كربلاء.
قال: «أرض كرب وبلاء».
وأراد الخروج منها فمنع، حتى كان ما كان، قتل عنده يزيد بن المهلب بن أبي
صفرة في سنة 102، وكان خلع طاعة بني مروان ودعا إلى نفسه، وأطاعه أهل
البصرة والأهواز وفارس وواسط، وخرج في مائة وعشرين ألفا، فندب له يزيد بن
عبد الملك أخاه مسلمة، فوافقه بالعقر من أرض بابل، فأجلت الحرب عن قتل يزيد
بن المهلب (1).
عين جمل: بنواحي الكوفة من النجف، قرب القطقطانة، مات عندها جمل
فسميت به، وقيل: بل الذي استخرجها اسمه جمل (2).
الغاضرية: بعد الألف ضاد معجمة، منسوبة إلى غاضرة من بني أسد، وهي
قرية من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء (3).
الغريان: تثنية الغري، وهو المطلي بالغراء ممدود، والغري: نصب كان يذبح
عليه العتائر، والغريان: طربالان، وهما بناءان كالصومعتين بظاهر الكوفة، قرب قبر
علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال: فأما الغريان بالكوفة، فحدث هشام بن محمد الكلبي قال: حدثني شرقي
ابن القطامي قال: بعثني المنصور إلى بعض الملوك، فكنت أحدثه بحديث العرب
وأنسابها، فلا أراه يرتاح لذلك ولا يعجبه.
قال: فقال لي رجل من أصحابه: يا أبا المثنى أي شيء الغري في كلام العرب؟
قلت: الغري: الحسن، والعرب تقول: هذا رجل غري، وإنما سميا الغريين
لحسنهما في ذلك الزمان، وإنما بني الغريان اللذان في الكوفة على مثل الغريين،
بناهما صاحب مصر وجعل عليهما حرسا، فكل من لم يصل لهما قتل، إلا أنه يخيره
خصلتين ليس فيهما النجاة من القتل ولا الملك، ويعطيه ما يتمنى في الحال ثم



1 - معجم البلدان: 4 / 136.
2 - معجم البلدان: 4 / 177.
3 - معجم البلدان: 4 / 183.
197
يقتله، فغبر بذلك دهرا.
قال: فأقبل قصار من أهل إفريقية، ومعه حمار له وكذين (1) فمر بهما، فلم
يصل فأخذه الحرس فقال: مالي؟
فقالوا: لم تصل للغريين.
فقال: لم أعلم.
فذهبوا به إلى الملك فقالوا: هذا لم يصل للغريين.
فقال له: ما منعك أن تصلي لهما.
قال: لم أعلم، وأنا رجل غريب من أهل إفريقية، أحببت أن أكون في جوارك
لأغسل ثيابك وثياب خاصتك، وأصيب من كنفك خيرا، ولو علمت لصليت لهما
ألف ركعة.
فقال له: تمن.
فقال: وما أتمنى؟
فقال: لا تتمن الملك، ولا أن تنجي نفسك من القتل، وتمن ما شئت.
قال: فأدبر القصار وأقبل وخضع وتضرع وأقام عذره لغربته.
فأبى أن يقبل، فقال: إني أسألك عشرة آلاف درهم.
فقال: علي بعشرة آلاف درهم.
قال: وبريدا.
فأتى البريد فسلم إليه وقال: إذا أتيت إفريقية فسل عن منزل فلان القصار،
فادفع هذه العشرة آلاف درهم إلى أهله.
ثم قال له الملك: تمن ثانية.
فقال: أضرب كل واحد منكم بهذا الكذين ثلاث ضربات: واحدة شديدة،
وأخرى وسطى، وأخرى دون ذلك.
قال: فارتاب الملك ومكث طويلا ثم قال لجلسائه: ما ترون؟
قالوا: نرى أن لا تقطع سنة سنها آباؤك.
قالوا: فبمن تبدأ؟



1 - الكذان: حجارة كأنها المدر فيها رخاوة. لسان العرب: 3 / 505.
198
قال: أبدأ بالملك ابن الملك، الذي سن هذا.
قال: فنزل عن سريره ورفع القصار الكذين فضرب أصل قفاه، فسقط على
وجهه.
فقال الملك: ليت شعري، أي الضربات هذه! والله لئن كانت الهينة ثم جاءت
الوسطى والشديدة لأموتن، فنظر إلى الحرس وقال: أولاد الزنا تزعمون أنه لم يصل
وأنا والله رأيته حيث صلى، خلوا سبيله واهدموا الغريين.
قال: فضحك القصار حتى جعل يفحص برجله من كثرة الضحك.
قلت أنا: فالذي يقع لي ويغلب على ظني: أن المنذر لما صنع الغريين ظاهر
الكوفة سن تلك السنة ولم يشرط قضاء الحوائج الثلاثة التي كان يشرطها ملك مصر،
والله أعلم.
وأن الغريين بظاهر الكوفة، بناهما المنذر بن امرئ القيس بن ماء السماء، وكان
السبب في ذلك: أنه كان له نديمان من بني أسد يقال لأحدهما خالد بن نضلة
والآخر عمرو بن مسعود فمثلا، فراجعا الملك ليلة في بعض كلامه، فأمر وهو
سكران، فحفر لهما حفيرتان في ظهر الكوفة ودفنهما حيين، فلما أصبح استدعاهما
فأخبر بالذي أمضاه فيهما، فغمه ذلك وقصد حفرتهما، وأمر ببناء طربالين عليهما
وهما صومعتان.
فقال المنذر: ما أنا بملك إن خالف الناس أمري، لا يمر أحد من وفود العرب
إلا بينهما.
وجعل لهما في السنة يوم بؤس ويوم نعيم، يذبح في يوم بؤسه كل من يلقاه
ويغري بدمه الطربالين، فإن رفعت له الوحش طلبتها الخيل، وإن رفع طائر أرسل
عليه الجوارح، حتى يذبح ما يعن ويطليان بدمه.
ولبث بذلك برهة من دهره، وسمى أحد اليومين: يوم البؤس، وهو اليوم الذي
يقتل فيه ما ظهر له من إنسان وغيره، وسمى الآخر: يوم النعيم، يحسن فيه إلى كل
من يلقى من الناس ويحملهم ويخلع عليهم، فخرج يوما من أيام بؤسه إذ طلع عليه
عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر، وقد جاء ممتدحا، فلما نظر إليه قال: هلا كان
الذبح لغيرك يا عبيد.
فقال عبيد: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها مثلا.

199
فقال له المنذر: أو أجل قد بلغ أناه.
فقال رجل ممن كان معه: أبيت اللعن، اتركه فإني أظن أن عنده من حسن
القريض أفضل ما تريد من قتله، فاسمع فإن سمعت حسنا فاستزده، وإن كان غيره
قتلته، وأنت قادر عليه.
فأنزل فطعم وشرب، ثم دعا به المنذر فقال له: زدنيه ما ترى؟
قال: أرى المنايا على الحوايا.
ثم قال المنذر: أنشدني، فقد كان يعجبني شعرك.
فقال عبيد: حال الجريض دون القريض، وبلغ الحزام الطبيين، فأرسلهما
مثلين.
فقال له بعض الحاضرين: انشد الملك هبلتك أمك.
فقال عبيد: وما قول قائل مقتول، فأرسلها مثلا، أي لا تدخل في همك من لا
يهتم بك.
قال المنذر: قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك.
قال عبيد: من عز بز، فأرسلها مثلا.
فقال المنذر: أنشدني قولك:
أقفر من أهله ملحوب
فقال عبيد:
أقفر من أهله عبيد * فاليوم لا يبدي ولا يعيد
عنت له منية تكود * وحان منها له ورود
فقال له المنذر: أسمعني يا عبيد قولك قبل أن أذبحك.
فقال:
والله إن مت ما ضرني * وإن عشت ما عشت في واحدة
فأبلغ بني وأعمامهم * بأن المنايا هي الواردة
لها مدة فنفوس العباد * إليها وإن كرهت قاصدة
فلا تجزعوا لحمام دنا * فللموت ما تلد الوالدة
فقال المنذر: ويلك أنشدنا.
فقال:

200
هي الخمر بالهزل تكنى الطلا * كما لذئب يكنى أبا جعده
فقال المنذر: يا عبيد لابد من الموت، وقد علمت أن النعمان ابني لو عرض لي يوم
بؤسي لم أجد بدا من أن أذبحه، فأما إن كانت لك وكنت لها، فاختر إحدى ثلاث
خلال: (إن شئت فصدتك من الأكحل) (1)، وإن شئت من الأبجل، وإن شئت من
الوريد.
فقال عبيد: أبيت اللعن، ثلاث خلال كساحيات وآردها شر وارد وحاديها شر
حاد ومعاديها شر معاد، فلا خير فيها لمرتاد، إن كنت لا محالة قاتلي فاسقني الخمر
حتى إذا ماتت لها مفاصلي وذهلت منها ذواهلي فشأنك وما تريد من مقاتلي.
فاستدعى له المنذر الخمر فشرب، فلما أخذت منه وطابت نفسه، وقدمه
المنذر أنشأ يقول:
وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه * خلالا أرى في كلها الموت قد برق
كما خيرت عاد من الدهر مرة * سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب ريح لم توكل ببلدة * فتتركها إلا كما ليلة الطلق
ثم أمر به المنذر ففصد حتى نزف دمه، فلما مات غرى بدمه الغريين.
فلم يزل على ذلك حتى مر به في بعض أيام البؤس رجل من طيء يقال له:
حنظلة، فقرب ليقتل.
فقال: أبيت اللعن، إني أتيتك زائرا ولأهلي من بحرك مائرا، فلا تجعل ميرتهم
ما تورده عليهم من قتلي.
قال له المنذر: لابد من قتلك، فسل حاجتك تقض لك قبل موتك.
فقال: تؤجلني سنة أرجع فيها إلى أهلي فأحكم فيهم بما أريد، ثم أسير إليك
فينفذ في أمرك.
فقال له المنذر: ومن يكفلك أنك تعود؟
فنظر حنظلة في وجوه جلسائه، فعرف شريك بن عمرو بن شراحيل الشيباني
فقال:
يا شريك يا بن عمرو * هل من الموت محاله



1 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني.
201
يا شريك يا بن عمرو * يا أخا من لا أخا له
يا أخا المنذر فك ال‍ * - يوم رهنا قد أناله
يا أخا كل مضاف * وأخا من لا أخا له
إن شيبان قبيل * أكرم الناس رجاله
وأبو الخيرات عمرو * وشراحيل الحما له
رقباك اليوم في المج‍ * - د وفي حسن المقالة
فوثب شريك وقال: أبيت اللعن، يدي بيده ودمي بدمه، إن لم يعد إلى أجله.
فأطلقه المنذر، فلما كان من القابل قعد المنذر في مجلسه في يوم بؤسه ينتظر
حنظلة، فأبطأ عليهم فقدم شريك ليقتل، فلم يشعر إلا وراكب قد طلع، فإذا هو
حنظلة وقد تحنط وتكفن، ومعه نادبته تندبه.
فلما رأى المنذر ذلك عجب من وفائه وقال: ما حملك على قتل نفسك؟
فقال: أيها الملك إن لي دينا يمنعني من الغدر.
قال: وما دينك؟
قال: النصرانية.
فاستحسن ذلك منه وأطلقهما معا وأبطل تلك السنة، وكان سبب تنصره وتنصر
أهل الحيرة فيما زعموا.
وروى الشرقي بن القطامي قال: الغري: الحسن من كل شيء، وإنما سميا
الغريان لحسنهما، وكان المنذر بناهما على صورة غريين، كان بعض ملوك مصر
بناهما.
وقرأت على ظهر كتاب شرح سيبويه للمبرد بخط الأديب عثمان بن عمر
الصقلي النحوي الخزرجي ما صورته: وجدت بخط أبي بكر السراج (رحمه الله) على ظهر
جزء من أجزاء كتاب سيبويه: أخبرني أبو عبد الله اليزيدي قال: حدثني ثعلب قال:
مر معن بن زائدة بالغريين فرأى أحدهما وقد شعث وهدم فأنشأ يقول:
لو كان شيء له أن لا يبيد على * طول الزمان لما باد الغريان
ففرق الدهر والأيام بينهما * وكل إلف إلى بين وهجران (1).



1 - معجم البلدان: 4 / 196 - 201.
202
غطط: رستاق بالكوفة، متصل بشانيا من السيب الأعلى، قرب سورا (1).
قبة: بالضم والتشديد، قبة الكوفة: وهي الرحبة بها، ينسب إليها عمرو بن كثير
القبي الكوفي، سمع سعيد بن جبير، روى عنه حسان بن أبي يحيى الكندي، نسبه
يحيى بن معين (2).
قسين: بالضم، ثم الكسر، والتشديد، وياء مثناة من تحت، ونون، كورة من
نواحي الكوفة (3).
قصر أبي الخصيب: بظاهر الكوفة، قريب من السدير، بينه وبين السدير
ديارات الأساقف، وهو أحد المنتزهات، يشرف على النجف... وأبو الخصيب ابن
ورقاء مولى المنصور أحد حجابه، وفي (قصر) (4) أبي الخصيب يقول بعضهم:
يا دار غير رسمها * مر الشمال مع الجنوب
بين الخورنق والسدير * فبطن قصر أبي الخصيب
فالدير فالنجف الأشم * جبال أرباب الصليب (5).
قصر العدسيين: جمع العدسي الذي يطبخ العدس، وهو قصر كان بالكوفة في طرف
الحيرة، لبني عمار بن عبد المسيح بن قيس بن حرملة بن علقمة بن عشير بن الرماح
ابن عامر المذمم بن عوف بن عامر الأكبر بن عوف بن بكر بن عذرة بن زيد اللات بن
رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، وإنما نسبوا إلى أمهم عدسة بنت مالك بن عامر بن
عوف الكلبي، كذا قال ابن الكلبي في جمهرته، وهو أول شيء فتحه المسلمون لما
غزوا العراق (6).
قصر الكوفة: ينسب إليه عبد الخالق بن محمد بن المبارك الهاشمي، أبو جعفر
ابن أبي هاشم بن أبي القاسم القصري الكوفي، مولده في سنة 513، ومات ببغداد



1 - معجم البلدان: 4 / 207.
2 - معجم البلدان: 4 / 308.
3 - معجم البلدان: 4 / 350.
4 - أثبتناه من المصدر.
5 - معجم البلدان: 4 / 354، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
6 - معجم البلدان: 4 / 360.
203
في سنة 589 ثاني رجب، ودفن بباب الأزج عند ابن الخلال (1).
قصر ابن هبيرة: ينسب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة بن معية بن سكين بن خديج
ابن بغيض بن مالك بن سعد بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن
غطفان، كان لما ولي العراق من قبل مروان بن محمد بن مروان، بنى على فرات
الكوفة مدينة فنزلها ولم يستتمها، حتى كتب إليه مروان بن محمد يأمره بالاجتناب
عن مجاورة أهل الكوفة، فتركها وبنى قصره المعروف به بالقرب من جسر سورا،
فلما ملك السفاح نزله واستتم تسقيف مقاصير فيه وزاد في بنائه، وسماه الهاشمية،
وكان الناس لا يقولون إلا قصر ابن هبيرة على العادة الأولى.
فقال: ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنه، فرفضه وبنى حياله مدينة، ونزلها أيضا
(المنصور) (2) واستتم بناء كان قد بقي فيها وزاد فيها أشياء، وجعلها على ما أراد، ثم
تحول منها إلى بغداد فبنى مدينة وسماها مدينة السلام.
قال ابن طاهر: حدث من هذا القصر علي بن محمد بن علي بن الحسن المكنى
أبا الحسن، وهو أخو أحمد بن محمد، روى عن عبد الله بن إبراهيم الأزدي وغيره،
روى عنه ابن أخيه أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد، وعبد الله بن إبراهيم بن
محمد بن الحسن الأزدي القصري الضرير، حدث عن الحسن الحلواني وأحمد
الدورقي، روى عنه أبو أحمد ابن عدي وأبو بكر الإسماعيلي وغيرهما، وعبد
الكريم بن علي بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبد الله، أبو عبيد الله التميمي
المعروف بابن السيني القصري، روى عن محمد بن عمر بن زنبور، وأبي محمد
الأكفاني، روى عنه أبو بكر الخطيب ووثقه، توفى سنة 459، وأبو بكر محمد بن
جعفر بن رميس القصري، ومحمد بن طوسي القصري، الذي ينسب إليه تعليق
الكتاب عن أبي علي الفارسي، قاله أبو منصور المقدر الأصبهاني في كتاب له صنفه
في ثلب أبي الحسن الأشعري (3).
قطوان: بالتحريك، وآخره نون، قال أبو الفضل بن طاهر المقدسي: قطوان:
موضع بالكوفة وليس باسم قبيلة، ينسب إليه أبو الهيثم خالد بن مخلد القطواني



1 - معجم البلدان: 4 / 363.
2 - أثبتناه من المصدر.
3 - معجم البلدان: 4 / 365، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
204
المحدث المشهور، وعبد الله بن أبي زياد القطواني، سمع عبيد الله بن موسى، روى
عنه أبو بكر بن خزيمة وغيره، ويحيى بن يعلى أبو زكريا الأسلمي القطواني، وليس
بيحيى بن يعلى المحاربي، فإن المحاربي ثقة والأسلمي ضعيف، وإسماعيل بن
خالد القطواني الكوفي (1).
قورا: بالفتح، طسوج من ناحية الكوفة، ونهر عليه عدة قرى منها، سوار
وغرما (2).
الكناسة: بالضم، محلة بالكوفة، عندها أوقع يوسف بن عمر الثقفي بزيد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، وفيها يقول الشاعر:
يا أيها الراكب الغادي لطيته * يؤم بالقوم أهل البلدة الحرم
أبلغ قبائل عمرو إن أتيتهم * أو كنت من دارهم يوما على أمم
إنا وجدنا (فقروا) (3) في بلادكم * أهل الكناسة أهل اللوم والعدم
أرض تغير أحساب الرجال بها * كما رسمت بياض الريط بالحمم (4).
كوفان: والكوفة واحد، وقال علي بن محمد الكوفي العلوي المعروف بالحماني:
ألا هل سبيل إلى نظرة * بكوفان يحيى بها الناظران
يقلبها الصب دون السدير * حيث أقام بها القائمان
وحيث أناف بأرواقه * محل الخورنق والماديان
وهل أبكرن وكثبانها * تلوح كأودية الشاهجان
وأنوارها مثل برد النبي * ردع بالمسك والزعفران
وقال أبو نؤاس وقدم الكوفة واستطابها وأقام بها مدة وقال:
ذهبت بها كوفان مذهبها * وعدمت عن أربابها صبري
ما ذاك إلا أنني رجل * لا أستخف صداقة البصري (5).
الكوفة: بالضم، المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق، ويسميها قوم خد



1 - معجم البلدان: 4 / 375.
2 - معجم البلدان: 4 / 411.
3 - في المصدر طبعة إحياء التراث: (قفيرا)، وفي طبعة ليدن: (فقيرا).
4 - معجم البلدان: 4 / 481.
5 - معجم البلدان: 4 / 489 - 490، وفي المصدر: (الصب) بدل: (الضب).
205
العذراء.
قال أبو بكر محمد بن القاسم: سميت الكوفة لاستدارتها، أخذا من قول
العرب: رأيت كوفانا، وكوفانا بضم الكاف وفتحها، للرميلة المستديرة، وقيل:
سميت الكوفة كوفة لاجتماع الناس بها من قولهم: قد تكوف الرمل، وطول الكوفة
تسع وستون درجة ونصف، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وثلثان، وهي في الإقليم
الثالث، يتكوف تكوفا إذا ركب بعضه بعضا، ويقال: أخذت الكوفة من الكوفان،
يقال: هم في كوفان، أي في بلاء وشر.
وقيل: سميت كوفة، لأنها قطعة من البلاد من قول العرب: قد أعطيت فلانا
كيفة، أي قطعة، ويقال: كفت أكيف كيفا، إذا قطعت، فالكوفة قطعة من هذا انقلبت
الياء فيها واوا لسكونها، وانضمام ما قبلها.
وقال قطرب: يقال: القوم في كوفان، أي في أمر يجمعهم، قال أبو القاسم: قد
ذهب جماعة إلى أنها سميت كوفة بموضعها من الأرض، وذلك أن كل رملة يخالطها
حصباء تسمى كوفة، قال آخرون: سميت كوفة، لأن جبل ساتيد ما يحيط بها
كالكفاف عليها، وقال ابن الكلبي: سميت بجبل صغير في وسطها كان يقال له:
كوفان، وعليه اختطت مهرة موضعها، وكان هذا الجبل مرتفعا عليها فسميت به فهذا
في اشتقاقها كاف.
وقد سماها عبدة بن الطبيب كوفة الجند، فقال:
إن التي وضعت بيتا مهاجرة * بكوفة الجند غالت ودها غول.
وأما تمصيرها وأوليته، فكانت أيام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في السنة التي مصرت فيها
البصرة وهي سنة 17، وقال قوم: إنها مصرت بعد البصرة بعامين في سنة 19،
وقيل: سنة 18.
قال أبو عبيدة معمر (بن) (1) المثنى: لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة رستم
بالقادسية، وضمن أرباب القرى ما عليهم، بعث من أحصاهم ولم يسمهم حتى يرى
عمر فيهم رأيه، وكان الدهاقين ناصحوا المسلمين ودلوهم على عورات فارس،
وأهدوا لهم وأقاموا لهم الأسواق، ثم توجه سعد نحو المدائن إلى يزدجرد، وقدم



1 - أثبتناه من المصدر.
206
خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب، فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد
ساباط المدائن، ثم توجه إلى المدائن فلم يجد معابر، فدلوه على مخاضة عند قرية
الصيادين أسفل المدائن، فأخاضوها الخيل حتى عبروا وهرب يزدجرد إلى
إصطخر، فأخذ خالد كربلاء عنوة وسبى أهلها فقسمها سعد بين أصحابه، ونزل كل
قوم في الناحية التي خرج (بها) (1) سهمه فأحيوها، فكتب بذلك سعد إلى
عمر، فكتب إليه عمر: أن حولهم.
فحولهم إلى سوق حكمة، ويقال: إلى كويفة ابن عمر دون الكوفة فقضوا.
فكتب سعد إلى عمر بذلك، فكتب إليه: أن العرب لا يصلحها من البلدان إلا ما
أصلح الشاء والبعير، فلا تجعل بيني وبينهم بحرا، وعليك بالريف.
فأتاه ابن بقيلة فقال له: أدلك على أرض انحدرت عن الفلاة وارتفعت عن
المبقة؟
قال: نعم.
فدله على موضع الكوفة اليوم، وكان يقال له: سورستان، فانتهى إلى موضع
مسجدها، فأمر راميا فرمى بسهم قبل مهب القبلة فعلم على موقعه، ثم غلا بسهم
قبل مهب الشمال فعلم على موقعه، ثم علم دار إمارتها ومسجدها في (مقام
الغالي) (2) وفيما حوله، ثم أسهم لنزار وأهل اليمن سهمين، فمن خرج اسمه أولا
فله الجانب الشرقي وهو خيرهما، فخرج سهم أهل اليمن فصارت خططهم في
الجانب الشرقي، وصارت خطط نزار في الجانب الغربي من وراء تلك الغايات
والعلامات وترك ما دون تلك العلامات، فخط المسجد ودار الإمارة فلم يزل على
ذلك.
وقال ابن عباس: كانت منازل أهل الكوفة قبل أن تبنى أخصاصا من قصب، إذا
غزوا قلعوها وتصدقوا بها، فإذا عادوا بنوها فكانوا يغزون ونساؤهم معهم، فلما كان
في أيام المغيرة بن شعبة، بنت القبائل باللبن من غير ارتفاع ولم يكن لهم غرف، فلما
كان في أيام إمارة زياد بنوا أبواب الآجر، فلم يكن في الكوفة أكثر أبواب آجر من مراد
والخزرج.



1 - من المصدر.
2 - في المطبوع: (معالم العالي)، وما أثبتناه من المصدر.
207
وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد: أن اختط موضع المسجد الجامع على عدة
مقاتلتكم، فخط على أربعين ألف إنسان، فلما قدم زياد زاد فيه عشرين ألف إنسان،
وجاء بالآجر وجاء بأساطينه من الأهواز.
قال أبو الحسن محمد بن علي بن عامر الكندي البندار: أنبأنا علي بن الحسن بن
صبيح البزاز قال: سمعت بشر بن عبد الوهاب القرشي مولى بني أمية، وكان
صاحب خير وفضل، وكان ينزل دمشق، وذكر قدر الكوفة فكانت ستة عشر ميلا
وثلثي ميل، وذكر أن فيها خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر، وأربعة وعشرين
ألف دار لسائر العرب، وستة آلاف دار لليمن، أخبرني بذلك سنة (264) (1).
وقال الشعبي: كنا نعد أهل اليمن اثني عشر ألف، وكانت نزار ثمانية آلاف،
وولى سعد بن أبي وقاص السائب بن الأقرع وأبا الهياج الأسدي، خطط الكوفة فقال
ابن الأقرع لجميل بن بصبهري دهقان الفلوجة: اختر لي مكانا من القرية.
قال: ما بين الماء إلى دار الإمارة. فاختط لثقيف في ذلك الموضع.
وقال الكلبي: قدم الحجاج بن يوسف على عبد الملك بن مروان ومعه أشراف
العراقيين، فلما دخلوا على عبد الملك بن مروان تذاكروا أمر الكوفة والبصرة، فقال
محمد بن عمير العطاردي الكوفة: سفلت عن الشام ووبائها، وارتفعت عن البصرة
وحرها، فهي (برية) (2) مريئة مريعة، إذا أتتنا الشمال ذهبت مسيرة شهر على مثل
رضراض الكافور، وإذا هبت الجنوب جاءتنا ريح السواد وورده وياسمينه واترنجه،
ماؤنا عذب وعيشنا خصب.
فقال عبد الملك بن الأهتم السعدي: نحن والله يا أمير المؤمنين أوسع منهم
برية، وأعد منهم في السرية، وأكثر منهم ذرية، وأعظم منهم نفرا، يأتينا ماؤنا عفوا
صفوا، ولا يخرج من عندنا إلا سائق أو قائد.
فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين إن لي بالبلدين خبرا.
فقال: هات غير متهم فيهم.
فقال: أما البصرة: فعجوز شمطاء بخراء دفراء أوتيت من كل حلي، وأما
الكوفة: فبكر عاطل عيطاء لا حلي لها ولا زينة.



1 - في المطبوع: (314)، وما أثبتناه من المصدر.
2 - من المصدر.
208
فقال عبد الملك: ما أراك إلا قد فضلت الكوفة (1).
وكان علي (عليه السلام) يقول: «الكوفة كنز الإيمان وجمجمة الإسلام وسيف الله
ورمحه يضعه حيث شاء، والذي نفسي بيده لينتصرن الله بأهلها في شرق الأرض
وغربها كما انتصر بالحجاز» (2).
وكان سلمان الفارسي يقول: أهل الكوفة أهل الله، هي قبة الإسلام يحن إليها كل
مؤمن (3).
وأما مسجدها: فقد رويت فيه فضائل كثيرة، روى حبة العرني قال: كنت جالسا
عند علي (عليه السلام) فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين هذه راحلتي وزادي أريد هذا البيت
أعني بيت المقدس.
فقال (عليه السلام): «كل زادك وبع راحلتك، وعليك بهذا المسجد - يعني مسجد
الكوفة - فإنه أحد المساجد الأربعة، ركعتان فيه تعدلان عشرا فيما سواه من
المساجد، والبركة منه على اثني عشر ميلا من حيث ما أتيته، وهي نازلة من كذا
ألف ذراع، وفي زاويته فار التنور، وعند الأسطوانة الخامسة صلى إبراهيم (عليه السلام)،
وقد صلى فيه ألف نبي وألف وصي، وفيه عصا موسى، والشجرة اليقطين، وفيه
هلك يغوث ويعوق وهو الفاروق، وفيه مسير لجبل الأهواز، وفيه مصلى نوح (عليه السلام)،
ويحشر منه يوم القيامة سبعون ألفا ليس عليهم حساب، ووسطه على روضة من
رياض الجنة، وفيه ثلاث أعين من الجنة، يذهب الرجس وتطهر المؤمنين، لو
يعلم الناس ما فيه من الفضل لأتوا حبوا».
وقال الشعبي: مسجد الكوفة: ستة أجربة وأقفزة، وقال: زادا نفروخ: هو تسعة
أجربة.
ولما بنى عبيد الله بن زياد مسجد الكوفة، جمع الناس ثم صعد المنبر وقال: يا
أهل الكوفة قد بنيت لكم مسجدا لم يبن على وجه الأرض مثله، وقد أنفقت على
كل أسطوانة سبع عشرة مائة ولا يهدمه إلا باغ أو جاحد.
وقال عبد الملك بن عمير: شهدت زيادا وطاف بالمسجد، فطاف به وقال: ما



1 - البلدان لابن الفقيه: 201.
2 - البلدان لابن الفقيه: 210.
3 - البلدان لابن الفقيه: 210.
209
أشبهه بالمساجد، قد أنفقت على كل أسطوانة ثمان عشرة مائة، ثم سقط منه شيء
فهدمه الحجاج وبناه، ثم سقط بعد ذلك الحائط الذي يلي دار المختار فبناه يوسف
ابن عمر، وقال السيد إسماعيل بن محمد الحميري يذكر مسجد الكوفة:
لعمرك ما من مسجد بعد مسجد * بمكة ظهرا أو مصلى بيثرب
بشرق ولا غرب علمنا مكانه * من الأرض معمورا ولا متجنب
بأبين فضلا من مصلى مبارك * بكوفان رحب ذي أواس ومحصب
مصلى به نوح تأثل وابتنى * به ذات حيزوم وصدر محنب
وفار به التنور ماءا وعنده * له قيل يا نوح ففي الفلك فاركب
وباب أمير المؤمنين الذي به * ممر أمير المؤمنين المهذب
عن مالك بن دينار قال: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذا أشرف على الكوفة قال:
يا حبذا مقالنا بالكوفة * أرض سواء سهلة معروفة
تعرفها جمالنا العلوفة
وقال سفيان بن عيينة: خذوا المناسك عن أهل مكة، وخذوا القراءة عن أهل
المدينة، وخذوا الحلال والحرام عن أهل الكوفة.
ومع ما قدمنا من صفاتها الحميدة، فلن تخلو الحسناء من ذام، قال النجاشي
يهجوا أهلها:
إذا سقى الله قوما صوب غادية * فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا
التاركين على طهر نساءهم * والنايكين بشاطي دجلة البقرا
والسارقين إذا ما جن ليلهم * والدارسين إذا ما أصبحوا السورا
ألق العداوة والبغضاء بينهم * حتى يكونوا لمن عاداهم جزرا
وأما ظاهر الكوفة، فإنها منازل النعمان بن المنذر، والحيرة والنجف والخورنق
والسدير والغريان، وما هناك من المتنزهات والديرة الكبيرة، فقد ذكرت في هذا
الكتاب حيث ما اقتضاه ترتيب أسمائها، ووردت رامة بنت الحسين بن المنقذ بن
الطماح الكوفة فاستوبلتها فقالت:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * وبيني وبين الكوفة النهران
فإن ينجني منها الذي ساقني لها * فلابد من عمر ومن شنآن
وأما المسافات، فمن الكوفة إلى المدينة نحو عشرين مرحلة، ومن المدينة إلى مكة

210
نحو عشرة مراحل في طريق الجادة، ومن الكوفة إلى مكة أقصر من هذا الطريق نحو
من ثلاث مراحل، لأنه إذا انتهى الحاج إلى معدن النقرة عدل عن المدينة حتى
يخرج إلى معدن بني سليم، ثم إلى ذات عرق حتى ينتهي إلى مكة.
ومن حفاظ الكوفة: محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي، سمع بالكوفة
عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن إدريس، وحفص بن غياث، ووكيع بن الجراح
وخلقا غيرهم، وروى عنه محمد بن يحيى الذهلي، وعبد الله بن يحيى الذهلي،
وعبد الله بن يحيى بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان الثوري، وأبو
عبد الله البخاري، ومسلم بن الحجاج، وأبو داود السجستاني، وأبو عيسى
الترمذي، وأبو عبد الرحمن النسائي، وابن ماجة القزويني، وأبو عروة المرادي
وخلق سواهم.
وكان ابن عقدة يقدمه على جميع مشايخ الكوفة في الحفظ والكثرة فيقول: ظهر
لابن كريب بالكوفة ثلاثمائة ألف حديث، وكان ثقة مجمعا عليه، ومات لثلاث بقين
من جمادي الأولى سنة 243 وأوصى أن تدفن كتبه، فدفنت (1).
اللسان: لسان البر الذي أدلعه في الريف عليه الكوفة اليوم والحيرة قبل اليوم،
قالوا: ولما أراد سعد تمصير الكوفة، أشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب
باللسان، وظهر الكوفة يقال له: اللسان، وهو فيما بين النهرين إلى العين عين بني
الجراء، وكانت العرب تقول: أدلع البر لسانه في الريف، فما كان يلي الفرات منه فهو
الملطاط، وما كان يلي البطن فهو النجاف (2).
محلة السبيع: بفتح أوله، وكسر ثانيه، ثم ياء، وآخره عين مهملة: محلة
بالكوفة، كان يسكنها الحجاج بن يوسف، وهي مسماة بقبيلة السبيع رهط أبي
إسحق السبيعي، وهو السبيع بن السبع بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن
جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان، واسم همدان أوسلة بن
مالك بن زيد بن أوسلة بن زيد بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان، وقد
نسب إلى هذه المحلة جماعة من أهل العلم (3).



1 - معجم البلدان: 4 / 490 - 494.
2 - معجم البلدان: 5 / 16.
3 - معجم البلدان: 3 / 187.
211
محلة شيطان: بفتح الشين، ثم سكون الياء: بطن من تميم، تنسب إليهم محلة
بالكوفة، وهو شيطان بن زبير بن شهاب بن ربيعة بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن
تميم (1).
مسجد جذيمة: ينسب إلى جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين من بني أسد (2).
مسلية: بضم أوله، وسكون ثانيه، وكسر اللام، وتخفيف الياء المثناة من تحتها:
محلة بالكوفة سميت باسم القبيلة، وهو مسلية بن عامر بن عمرو بن علة بن جلد بن
مالك بن أدد بن زيد بن يشجب ومالك هو مذحج، وقد نسب إلى هذه المحلة أبو
العباس أحمد بن يحيى بن الناقة المسلي، سكن المحلة فنسب إليها، وكان فاضلا
شاعرا، سمع الحديث الكثير وجمع فيه كتابا، سمع أبا البقاء المعمر بن محمد بن
علي بن الحبال، وأبا الغنائم أبي النرسي، ذكره أبو سعد في شيوخه (3).
المصران: البصرة والكوفة (4).
ملح: بفتحتين، موضع بسواد الكوفة (5).
النجف: بالتحريك، هو بظهر الكوفة كالمسناة، تمنع مسيل الماء أن يعلو
الكوفة ومقابرها، والنجف قشور الصليان، وبالقرب من هذا الموضع قبر أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وقد ذكرته الشعراء في أشعارها فأكثرت، فقال
علي بن محمد العلوي المعروف بالحماني الكوفي:
فيا أسفي على النجف المعرى * وأودية منورة الأقاحي
وما بسط الخورنق من رياض * مفجرة بأفنية فساح
ووا أسفا على القناص تغدو * خرائطها على مجرى الوشاح
وقال إسحق بن إبراهيم الموصلي يمدح الواثق ويذكر النجف:
يا راكب العيس لا تعجل بنا وقف * نحي دارا لسعدى ثم ننصرف
وابك المعاهد من سعدى وجارتها * ففي البكاء شفاء الهائم الدنف



1 - معجم البلدان: 3 / 384 - 385.
2 - معجم البلدان: 2 / 116.
3 - معجم البلدان: 5 / 129.
4 - معجم البلدان: 5 / 137.
5 - معجم البلدان: 5 / 190.
212
أشكو إلى الله يا سعدى جوى كبد * حرى عليك متى ما تذكري تجف
أهيم وجدا بسعدى وهي تصرمني * هذا لعمرك شكل غير مؤتلف
دع عنك سعد فسعدى عنك نازحة * واكفف هواك وعد القول في لطف
ما إن أرى الناس في سهل ولا جبل * أصفى هواء ولا أعذى من النجف
كأن تربته مسك يفوح به * أو عنبر دافه العطار في صدف
حفت ببر وبحر من جوانبها * فالبر في طرف والبحر في طرف
وبين ذاك بساتين تسيح بها * نهر يجيش بجاري سيله القصف
وما يزال نسيم من أيامنه * يأتيك منه بريا روضة أنف
تلقاك منه قبيل الصبح رائحة * تشفي السقيم إذا أشفى على التلف
لو حله مدنف يرجو الشفاء به * إذن شفاه من الأسقام والدنف
يؤتي الخليفة منه كلما طلعت * شمس النهار بأنواع من التحف
والصيد منه قريب إن هممت به * يأتيك مؤتلفا في زي مختلف
فياله منزلا طابت مساكنه * بحيز من حاز بيت العز والشرف
خليفة واثق بالله همته * تقوى الآله بحق الله معترف (1).
نشاستج: ضيعة أو نهر بالكوفة، كانت لطلحة بن عبيد الله التميمي، وكانت
عظيمة، كثيرة الدخل، اشتراها من أهل الكوفة المقيمين بالحجاز بمال كان له
بخيبر، وعمرها فعظم دخلها، حتى قال سعيد بن العاص - وقيل له: إن طلحة بن
عبيد الله جواد إن من له مثل نشاستج لحقيق أن يكون جوادا -: والله لو أن (لك) (2)
مثله لأعاشك الله به عيشا رغدا.
وقال الواقدي: عن إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة قال: أول من أقطع
بالعراق عثمان بن عفان قطائع مما كان من صوافي آل كسرى ومما جلا عنه أهله،
فقطع لطلحة بن عبيد الله النشاستج، وقيل: بل أعطاه إياها عوضا عن مال كان له
بحضرموت (3).
نعماباذ: قال الكلبي: قرية بسواد الكوفة، يقال لها: نعماباذ، فهي منسوبة إلى



1 - معجم البلدان: 5 / 271 - 272.
2 - في المطبوع الثاني: (لي).
3 - معجم البلدان: 5 / 285 - 286.
213
نعم سرية النعمان قطيعة لها، وبها سميت (1).
نهر سورا: بالضم، ويقال: سوراء من نواحي الكوفة (2).
نهر القورا: طسوج من ناحية الكوفة، عليه عدة قرى منها سورا (3).
نينوى: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح النون والواو: ناحية بسواد الكوفة منها
كربلاء (4).
وادي السباع: من نواحي الكوفة (5).
الهاشمية: مدينة بناها السفاح بالكوفة، وذلك لما ولي الخلافة نزل بقصر ابن
هبيرة واستتم بناءه وجعله مدينة، وسماها: الهاشمية، فكان الناس ينسبونها إلى ابن
هبيرة على العادة، فقال: ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنها، فرفضها وبنى حيالها
مدينة سماها: الهاشمية ونزلها، ثم اختار نزول الأنبار، فبنى مدينتها المعروفة، فلما
توفي دفن بها، واستخلف المنصور فنزلها أيضا، واستتم بناء كان بقي فيها وزاد فيها
على ما أراد، ثم تحول عنها فبنى مدينة بغداد وسماها: مدينة السلام، وبالهاشمية
هذه حبس المنصور عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومن
كان معه من أهل بيته (6).
ملاحظة:
إن هذه الأماكن التي ذكرناها في المعجم الهجائي، هي عين ما نص عليها
ياقوت في معجم البلدان، وعبد المؤمن صفي الدين في مراصد الاطلاع، وليس من
بينها - كما عرفت - البسيطة بالتصغير، التي ذكرها الأستاذ الشرقي - المتقدم - وقال:
(إنها المحلة الجديدة من محلات النجف المعروفة بمحلة غازي) وأنها التي ذكرها
المتنبي في شعره، ذلك لأن التي عناها المتنبي في شعره، والتي ذكرها شراح ديوانه



1 - معجم البلدان: 5 / 293.
2 - معجم البلدان: 5 / 321.
3 - معجم البلدان: 5 / 323، مراصد الاطلاع: 3 / 1405.
4 - معجم البلدان: 5 / 339.
5 - معجم البلدان: 5 / 343.
6 - معجم البلدان: 389.
214
وياقوت في المعجم، هي أرض في البادية بين الشام والعراق، حدها من جهة الشام
ماء يقال له: أمر، ومن جهة القبلة موضع يقال له: قعبة العلم، وهي أرض مستوية،
فيها حصا منقوش أحسن ما يكون، وليس بها ماء ولا مرعى، أبعد أرض الله من
السكان، سلكها أبو الطيب المتنبي لما هرب من مصر إلى العراق، فلما توسطها قال
بعض عبيده - وقد رأى ثورا وحشيا -: هذه منارة الجامع، وقال آخر منهم - وقد رأى
نعامة -: وهذه نخلة.
فضحكوا، فقال المتنبي:
بسيطة مهلا سقيت القطارا * تركت عيون عبيدي حيارى
فظنوا النعام عليك النخيل * وظنوا الصوار عليك المنارا
فأمسك صحبي بأكوارهم * وقد قصد الضحك منهم وجارا (1).
وليس التي عناها المتنبي في شعره هي البسيطة - بفتح أوله وكسر ثانيه - فإن ذلك
موضع بين الكوفة وحزن يربوع، أو أرض بين العذيب والقاع، والمتنبي لم يسلكه
ولم يقل شعره فيه (2).



1 - ديوان المتنبي: 400.
2 - معجم البلدان: 1 / 424.
215
الأنهار والعيون والأقنية
نورد لك فيما يلي طائفة من الأنهار والعيون والأقنية التي في الكوفة ونواحيها
وسوادها، سواء شقت الأنهار، أو نبعت العيون، أو عملت الأقنية في الكوفة
نفسها، أو في خارجها ومرت على أرضها، وقد أوردنا بعضها في المعجم الهجائي.
إن الفرات هو الأصل للأنهار التي نذكرها، ومنه تشق وتسقى الزروع، والفرات
نهر من أنهار الجنة، وفي الخبر: «الفرات والنيل مؤمنان، ودجلة وبرهوت
كافران» (1).
وقال عبد الملك بن عمير: الفرات نهر من أنهار الجنة، ولولا ما يخالطه من
الأذى، ما تداوى به مريض إلا أبرأه الله، فإن عليه ملكا يذود عنه الأدواء (2).
ومخرج الفرات من فاليقلا، ويدور بتلك الجبال حتى يدخل أرض الروم
ويجيء إلى كمخ وإلى ملطية ويجيء إلى جبلتا وعيونها حتى يبلغ سميساط،
فيحمل من هناك السفن ثم يصب إليه الأنهار الصغار نهر سنجة ونهر كيسوم ونهر
ديصان والبليخ، ثم يجيء إلى الرقة ثم يتفرق فيصير أنهارا، فمن أنهاره نهر سورا
وهو أكبرها، ونهر الملك ونهر صرصر، ونهر عيسى والصراتين، ونهر الخندق،
وكوثي وسوق أسد ونهر الكوفة والفرات العتيقة (3).
نهر سورا: وهو عمود الفرات، أوله من القرية المعروفة بالجديدة من قرى
العذار، ويكون مجراه ما بين قرية ذي الكفل وبين قرية القاسم ابن الإمام الكاظم (عليه السلام)
وإلى قرية القاسم (عليه السلام) أقرب، وكانت سورا بلدة قديمة وفيها نهر عظيم.
قال الحموي في المعجم: سورا، ألفه مقصورة على وزن بشرى: موضع بالعراق
من أرض بابل، وهي مدينة السريانيين، وهي قريبة من الوقف والحلة المزيدية (4).
وقال العلامة الكبير السيد مهدي القزويني (رحمه الله) في رسالته فلك النجاة: والقاسم



1 - ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أربعة أنهار من الجنة: النيل والفرات وسيحان
وجيحان...»، انظر: الخصال: 250 ح 116، روضة الواعظين: 406.
2 - معجم البلدان: 4 / 242.
3 - كتاب البلدان لابن الفقيه: 202.
4 - معجم البلدان: 3 / 278.
216
ابن الكاظم (عليه السلام) في سورا المعروفة الآن بأرض نهر الجربوعية، من أعمال الحلة
السيفية (1).
ونهر سورا بعدما يسقي الزروع وينتفع بمائه يصب فاضله - ما كان في غربيه -
إلى بطائح الكوفة، وعلى السيب قرى كثيرة تستقي منه، ثم يقع فاضله في البطائح،
وهو بر الكوفة على ظهر النجف.
نهر كوثى: بضم الكاف، ثم الواو الساكنة، والثاء المثلثة المفتوحة، وألف
مقصورة، تكتب بالياء، لأنها رابعة الاسم، قال الحموي في المعجم: قال أبو المنذر:
سمي نهر كوثى بالعراق بكوثى من بني أرفخشد بن سام بن نوح (عليه السلام)، وهو الذي
كراه فنسب إليه، وهو جد إبراهيم (عليه السلام) أبو أمه بونا بنت كزنبا بن كوثى، وهو أول نهر
أخرج بالعراق من الفرات، ثم حفر سليمان نهرا كلف ثم كثرت الأنهار، وكوثى
العراق كوثيان: أحدهما: كوثى الطريق، والآخر: كوثى ربى، وبها مشهد إبراهيم
الخليل (عليه السلام) وبها مولده، وهما من أرض بابل، وبها طرح إبراهيم (عليه السلام) بالنار، وهما
ناحيتان، وسار سعد من القادسية في سنة عشر ففتح كوثي (2).
وبين الكوثيين تلول من رماد يقال: إنه من رماد النار التي أوقدها نمرود لإحراق
إبراهيم الخليل (عليه السلام) والله أعلم، ونهر الكوفة بالجانب الغربي منها.
نهر أبا: بفتح الهمزة، وتشديد الباء الموحدة والقصر، بين الكوفة وقصر ابن
هبيرة، حفره أبا بن الصمغان النبطي (3).
نهر البردان: بالكوفة، كان منزل وبرة بن رومانس (4).
نهر البويب: بلفظ التصغير، كان فمه عند دار الرزق، مأخذه من الفرات، وكان
مجراه إلى موضع دار صالح بن علي بالكوفة، ومصبه بالجوف العتيق (5).
نهر الغدير: عند ديارات الأساقف (6).



1 - فلك النجاة: 336.
2 - معجم البلدان: 4 / 487.
3 - معجم البلدان: 1 / 59 و 5: 315.
4 - معجم البلدان: 1 / 376.
5 - معجم البلدان: 1 / 512.
6 - معجم البلدان: 2 / 498.
217
نهر شيلي: وشيلي في ناحية من نواحي الكوفة، ويعرف النهر اليوم بنهر
زياد، مأخذه من الفرات (1).
نهر الصنين: بظاهر الكوفة، وعليه مزارع (2).
نهر نرس: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره سين مهملة، وهو نهر حفره نرسي
ابن مهرام بن بهرام بن بهرام بنواحي الكوفة، مأخذه من الفرات، عليه عدة قرى قد
نسب إليه قوم، والثياب النرسية منه (3).
نهر نشاستج: قيل: إن نشاستج نهر، وقيل: ضيعة بالكوفة كانت لطلحة بن عبيد
الله التميمي، وكانت عظيمة كثيرة الدخل، اشتراها من أهل الكوفة المقيمين
بالحجاز بمال كان له بخيبر، وعمرها فعظم دخلها (4).
نهر القورا: طسوج من ناحية الكوفة، عليه عدة قرى منها سورا (5).
عين جمل: بنواحي الكوفة من النجف، قرب القطقطانة (6).
عين صيد: بين واسط العراق وخفان بالسواد، مما يلي البر تعد في الطف
بالكوفة، سميت بذلك لكثرة السمك الذي كان يصاد بها (7).
عين النسوخ: بالضم، وسين مهملة، وآخره خاء معجمة، وهي عين عليها قرية
لولد عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس، يقال لها: النسوخ، من ورائها خفان على
يسار القادسية (8).
عين الرهيمة: بالتصغير، هي عين بعد خفية بثلاثة أميال إذا أردت الشام من
الكوفة (9).
خليج النيل: النيل: بليدة بسواد الكوفة، قرب حلة بني مزيد، يخترقها خليج



1 - معجم البلدان: 3 / 386.
2 - معجم البلدان: 3 / 431.
3 - معجم البلدان: 5 / 280.
4 - معجم البلدان: 5 / 286.
5 - معجم البلدان: 5 / 323.
6 - معجم البلدان: 4 / 177.
7 - معجم البلدان: 4 / 179.
8 - معجم البلدان: 5 / 285.
9 - معجم البلدان: 3 / 109.
218
كبير يتخلج من الفرات الكبير، حفره الحجاج بن يوسف وسماه بنيل مصر.
نهر التاجية: مأخوذ من الفرات، ويصل إلى مسجد الكوفة ثم ينتهي إلى
النجف.
قال المؤرخ الشهير محمد بن خاوند شاه (1) في روضة الصفا: في أيام أبا أقا
خان ابن هلاكو خان، خواجة شمس الدين محمد ابن صاحب ديوان خواجة وأخوه
علاء الدين (2) عطاء ملك الجويني، فإنه حفر نهرا إلى أرض النجف، أنفق عليه ما
يزيد على مائة ألف دينار أحمر، حتى أوصل الماء إلى مسجد الكوفة.
وقال وصاف أفندي في تاريخه (3): ولما قام الخان العادل أبا أقا خان ابن هلاكو
خان ابن أورخان بن جنكيز خان بالأمر، وفتح بغداد، وقتل المستعصم الخليفة
العباسي آخر الخلفاء العباسيين، وانقطعت الخلافة من بغداد، وأمن أهلها، وصاروا
في أرغد عيش وأهنأه، بعدما كانوا في تمام الخوف والذل من سطوة أبا أقا خان،
حصل في أثناء ذلك التلطف والالتفات من وزيره ونبهه على الأعمال الخيرية
والصدقات الجارية، فمن جملة ما عمل من رأفته ولطفه وشفقته وحسن سيرته
وعدالته: أن جمع المعمارين وأمرهم بصنع الخيرات، وتفضل على جميع الناس



1 - هو محمد مير خواند ابن خاوند شاه ابن محمد ابن السيد برهان الدين من نسل زيد بن
علي بن الحسين (عليه السلام)، ولد سنة 837، وتوفى سنة 903.
2 - الصاحب عطاء الملك هو علاء الدين بن بهاء الدين محمد، وهو أخو شمس الدين
محمد، تقلد هو وأخوه محمد الوزارة في أيام هلاكو خان وأيام الملك العادل أبا أقا خان ابن
هلاكو خان وأيام السلطان أحمد، كان لهما في دولته الحل والعقد ونالا في دولته من الجاه
والحشمة ما يجاوز الحد والوصف، وقد قاما بكثير من الخيرات وقربا العلماء والأدباء وبنيا
المدارس والرباطات والخانقاهات (تكايا الصوفية) وكانا سخيين خدمهما كثير من العلماء
في مؤلفاتهم ومدحتهما الشعراء، قال محمد بن علي العريضي في عطاء الملك:
ولأنت وابن أبيك قد شيدتما * وبنوكما بيتا فويق الفرقد
يبقى على مر الزمان وما وهي * بيت يقل ذراه ستة أعمد
كان مولد الصاحب عطاء الملك سنة 623، وكانت وفاة أخيه محمد في شهر شعبان سنة
683. انظر: ماضي النجف وحاضرها.
3 - الموسوم بتجزئة الأمصار وتزجية الأعصار، المعروف بتاريخ وصاف أو وصاف
الحضرة، فارسي.
219
بالإحسان والمسرات، وعمل الباقيات الصالحات، فأمر بحفر نهر لإجراء الماء من
نهر الفرات إلى أرض النجف.
فامتثل المنهدسون والمعمارون أمره وأسرعوا لما أراد ورغب، بعد أن بذل
الأموال الطائلة ما يزيد على المائة ألف دينار من الذهب الأحمر، واكتروا نهرا من
شط الفرات العذب من سلسال عين الحياة، فجرى ذلك الماء إلى الكوفة روح الله
روح ساكنها، وكانت تلك الأرض قبل ذلك خالية من العمارات، مقفرة العرصات،
موحشة لعدم النزهة فيها والكلاء، فحدثت بحدوث النهر الأشجار، وجرت في
جوانبها الأنهار، (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) (1)، وأن الله لا
يضيع أجر من أحسن عملا، فجرى ذلك بواد غير ذي زرع، فأحدقت بهجتها
برياضها، من بعد ما كانت موحشة أطلالها، فزهرت لها أنوارها، ولم يكن قبل ذلك
ممن تقدم من الملوك والسلاطين من يهتدي إلى هذه الخيرية الشاملة لثواب يوم
الدين، مع أنهم قد جمعوا وادخروا.
وكان تاج الدين علي ابن أمير الدين من بعض فضلاء ذلك العصر، وكان أيضا
من جملة المأمورين بهذا العمل واستخراج ماء الفرات واستنباط ذلك الخير النبيل،
وإجراء الفضل الجزيل، فمما في ذلك قيل: ألفاظها كسلسل بل أين الفرات عن
الرحيق الأسلس، ومعانيها تزدري برياض الجنات، فقال القائل في هذه الكلمات:
آضت به أرض النجف، روضة غناء، وحلة زهراء، موشية بعد أن كانت
موسخة، كأن ثراها عنبر سحيق، أو مسك فتيق، يتصبب منها زلال سحها الدرور،
ويرقص على ايقاع تصفيق مائها السرور، فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد
موتها وكذلك النشور:
والماء يبدو في الوقائع لامعا * كالبحر مع نور الغزالة تشرق
فإذا تخلل في الخمائل خلته * صلا يحاذر وقع نصل يمرق
تتراقص الأغصان من فرح بها * ويمر بالأنهار وهو يصفق
قد اخضرت بأزهار الحدائق روضها، وأعشبت بأنوار الخمائل أرضها، وتأرج
بنفحات الرياحين ونسمات البساتين طولها وعرضها، كأنها حقائب تجار، أو بيت



1 - سورة الكهف: 46.
220
عطار، ولقد أحسن من قال:
يا نزهة اليوم المطير * بين الخورنق والسدير
والماء شبه بواطن ال‍ * - حيات مجدول الظهور
والطل في دمن الثرى * كالبكر في ثوب حرير
تأوي إليها الوحوش من القفار، وتصفق بها المياه على غناء الأطيار، فتعم القاصي
والداني فائدتها، ويشمل الحاضر والبادي والطاري والنائي نفعها وعائدتها.
وقال محمد بن أحمد الهاشمي: روضة تلحظ منها الأبصار زهرا، فتقطفه
الأذهان فتراه درا، فتحققه الأفكار فتجده سحرا، فلا تعلم شاهدت روضة أم رأيت
بحرا؟ هذا غير بدع ولا بعيد، فمن أيده الصاحب الأعظم وجده السعيد الذي
أجرى بتدبيره المصلح في أرض النجف ماء الفرات، وأدخل بفكره المنجح فيها ما
أخرجت به من كل الثمرات، فتجدد تلك الأرض، وعاد ماء الفرات يجيء من
أطواد، فيا لها مكرمة أحرز قرب أجرها وبعد صوتها، فانظر إلى آثار رحمة الله كيف
يحيي الأرض بعد موتها:
ناجته همته العليا بما نصكت * كل الخواطر عن إمكانه ركبا
واستبعدت أن يرى ماء الفرات بأك‍ * - ناف الغري ويجري دافقا صببا
واستكثرت دونه الانفاق إذ علمت * إمكانه فرأت انفاقه عجبا
حتى أتاه بعزم نافذ وندى * غمر فسهل منه كل ما صعبا
فصمم العزم حتى تم مطلبه * ونال منه الذي في نيله رغبا
وافتض مكرمة بكرا فأولدها * أجرا جزيلا وشكرا ينفذ الحقبا
وصير النجف المهجور يغمره * ماء الفرات فيسقي النخل والعنبا
وهكذا الكوفة المعمور جامعها * أجرى بها الماء يبغي أجر من شربا
لأنه خلد الرحمن دولته * يريد أن لا يخلي موضعا خربا
فالله يعطيه في تأييد دولته * وبسط قدره شمس الدين ما طلبا (1)
صنوان لا افترقا شمسان لا أفلا * بدران لا نقصا نجمان لا غربا
أيا بني صاحب الديوان لا برح ال‍ * - دين الحنيف بكم للخلق منتصبا (2)



1 - شمس الدين هذا هو: الخواجة محمد بن صاحب ديوان الدولة.
2 - يعني ببني صاحب الديوان: شمس الدين المذكور وأخاه الصاحب عطاء ملك ابني
محمد الجويني، ولهذين الأخوين خدمات جلى أيام وزارتهما، ومن آثارهما عمارة ضريح
مسلم بن عقيل (عليه السلام) في سنة 681 كما وجد مكتوبا على أحد جدرانه، وكان المتولي لذلك
محمد بن محمود الرازي وأبو المحاسن بن أحمد التبريزي، ولكن لم يكن لهذه الكتابة اليوم
عين ولا أثر.
221
الله قد وهب الإسلام نصرته * بكم ولم يسترد الله ما وهبا.
وقال السيد ابن طاوس في فرحة الغري: ولقد أحسن الصاحب عطاء ملك ابن محمد
الجويني صاحب ديوان الدولة الإيلخانية، حيث أجرى الماء إلى النجف في شهر
رجب سنة 676، وابتدأ بعمل البركة في جامع الكوفة في ذي القعدة وأوائل ذي
الحجة سنة 667، وفرغ منها سنة 669 (1).
وسمي هذا النهر: بنهر التاجية، نسبة إلى المتولي على حفره السيد تاج الدين
علي ابن أمير الدين (2)، وكان من بعض فضلاء ذلك العصر وأعلامهم، وهذا النهر
غير نهر التاجية الذي ذكره الحموي في المعجم في حرف التاء حيث قال: هو نهر
عليه كور بناحية الكوفة (3)، لأن ذلك حفر في عصره في أواخر القرن السادس أو قبل
عصره، وهذا حفر في أواخر القرن السابع كما عرفت.
نهر الشاه: أو نهر المكرية، وقد حدث هذا النهر بعد نهر التاجية، فإنه بعد
تداول السنين والأعوام قد طم نهر التاجية وآل إلى الخراب، فأصدر الشاه طهماسب
الصفوي (4) سنة 943 الأمر بحفر نهر من الفرات إلى الكوفة ثم إلى النجف، غير أنه
لم يتوفق لذلك، فإنه قد وصل إلى قرب المكان المعروف: بالنمرود، ووقف
العمل، ويعرف النهر بنهر الطهماسية، نسبة إلى الشاه طهماسب، فصحف إلى
الطهمازية، ثم إنه لما جاء الشاه عباس الأول (5) إلى النجف لزيارة الإمام أمير



1 - فرحة الغري: 158.
2 - انظر: ماضي النجف وحاضرها: 1 / 186.
3 - معجم البلدان: 2 / 5.
4 - الشاه طهماسب الأول ابن الشاه إسماعيل الأول، ولد يوم الأربعاء في 28 من شهر ذي
الحجة سنة 919 في قرية شهاب آباد من أعمال أصفهان، وملك تسع عشرة سنة وكان
جلوسه على سرير الملك سنة 930، وتوفي في العاشر من شهر صفر سنة 984.
5 - هو ابن الشاه محمد خدابنده بن طهماسب، ولد ليلة الاثنين غرة رمضان سنة 979 في
هراة وتوفي ليلة الخميس سنة 1037.
222
المؤمنين (عليه السلام) سنة 1032 أمر بتنظيف النهر الذي حفره الشاه إسماعيل الأول من
الفرات سنة زيارته مرقد جده الإمام علي (عليه السلام) وهي سنة 914، حيث إنه قد طم في
زمن محاصرة الروم أرض النجف أيام السلطان سليم، فحفر وعمر وجرى الماء فيه
حتى دخل مسجد الكوفة، ويعرف هذا النهر بنهر الشاه، نسبة إلى الشاه عباس
المذكور، ويعرف اليوم بنهر المكرية أيضا.
نهر الشاه صفي: ولما زار مرقد الأمير (عليه السلام) الشاه صفي (1) سنة 1042، أمر بشق
نهر من حوالي الحلة إلى مسجد الكوفة ومنه إلى الخورنق، وعمل قناة من الخورنق
إلى بحر النجف، وأحدثوا له هناك بحيرة يجتمع فيها الماء، ثم أوصلوه إلى البلدة
وجاء في مادة تاريخه: آب ما أز مدد ساقي كوثر آمد (2).
نهر الهندية: إن يحيى خان الملقب بآصف الدولة اللكهنوي، المتوفى سنة
1220، كان من رجال الهند الشهيرين، وله آثار خالدة، وصيت طائر، وكان وزيرا
لمحمد شاه الهندي، وقد بعث أموالا طائلة على يد العلامة الجليل السيد علي
الكبير الطباطبائي، لحفر نهر من الفرات وإيصاله إلى النجف، فاجتمعت القبائل
ووفر عليهم العطاء، يبتدئ هذا النهر من عمود الفرات (المسيب) وهو المندفع
الأعظم لمائه، فحفر وسمي كما هو اليوم: نهر الهندية، ولما أوصلوه إلى الكوفة
صنعوا له قناة في وسط خندق الكوفة المعروف: بكري سعد وأجري الماء فيه إلى
النجف، وكان ذلك سنة 1208، وجاء في مادة تاريخه: صدقة جارية.
فصادف هذا النهر أراضي منخفضة، فجرى عليها الماء، فحدثت منها أهوار
كثيرة منها: هور الدخن، والعوينة، وأبو طرفة، وهور الكفل، وبحيرة يونس، وبحر
الشنافية، وبحر النجف، وكان الراكب يجيء في سفينة من البصرة حتى يصل إلى
النجف.
وحدثت على حافتي هذا النهر الأشجار والبساتين والمزارع الكثيرة، وحدثت
أيضا عليه قرى عديدة مثل: طويريج، والجعارة، والشنافية، وأم البعرور وغيرها،
وسكنت على حافتيه القبائل الكثيرة: كآل فتلة، وبني حسن، والحميدات، وآل
شبل، وآل زياد وغيرهم، ولم تزل تلك القرى في تقدم عمراني حتى اليوم.



1 - هو حفيد الشاه عباس الأول، توفي في قاشان سنة 1062.
2 - انظر: ماضي النجف وحاضرها: 1 / 194.
223
القبائل التي نزلت الكوفة
أوردنا لك عند تخطيط الكوفة مواقع نزول القبائل فيما ذكره الطبري في تاريخه
في حوادث سنة 17، وإليك فيما يلي أسماء القبائل التي نزلتها: أما قبل الإسلام
فنزلتها تغلب والنمر وإياد، وأما بعد الإسلام فقد نزلتها:
1 - كندة: واسمه ثور بن عفير بن عدي بن الحارث (بن مرة) بن أدد بن زيد (بن
يشجب) (1) بن عريب (بن زيد) بن كهلان، ولقب بكندة، لأنه كند أباه، (أي كفر
نعمته) (2)، فاشتهر به، وهم: معاوية، الأشرس، بنو عمرو، بنو وهب،
السكون، السكاسك، تجيب العوادر، الصدف (3).
2 - مذحج: وهو ابن أدد بن زيد بن عمر بن عريب بن كهلان، وهم:
جلد، سعد العشيرة، مراد - واسمه يحابر -، عنس، الحارثيون، عبد المدان،
بنو الدنان، بنو مسلية - لهم مسجد بالكوفة -، النخع، جنب، مرثد، مازن، أدد،
صداء الفلي، هفان، شمران، سيحان، بنو عبيدة، حكم، صعب، جعفر، حرث،
غطيف، سلمان، قرن - لهم مسجد بالكوفة -، أنعم، سيف، محادرة، رواق، زهر،
حرب، يام، قرية، حكم، قدح، هيس، صدقة، بندقة، عمرو، صومعة، بنو عبد
الجد، عبس، الجحافل، بنو نهيك، صعب.
3 - طي: واسمه: جلهمة بن أدد بن زيد بن عمر بن عريب بن كهلان - وهم
جذيلة، الغوث، الثعالب وهم: ثعلبة بن رومان، وثعلبة بن ذهل، وثعلبة بن جدعان
ابن ذهل بن رومان، بنو تيم - غير تيم قريش -، بنو صنبر، بنو طريف، بنو ثمامة، بنو
لام، بنو ثعل، بحتر، سنبس، جرم، نبهان، بولان.
4 - أشعر: أخو طي ومذحج، وهم:
الجماهر، جدة، أنعم، أدعم كاهل، عبد شمس، عبد الثريا، عامر، عارض،
ثابت، ناعم، الركب، تاج، شعذف، يقرم، جماد، شهلة، المحتار، حسيب، عيدل،



1 - في المطبوع: (بن عمر)، وما أثبتناه من المصادر.
2 - في المطبوع الأول: (أي عقه).
3 - تاريخ دمشق: 9 / 118، معجم قبائل العرب لكحالة: 3 / 998.
225
الأفخوذ، الأخلود، الأخبوق، الأخدوع، الأعيوق، ناجية، الحنيك، وائل، غاسل،
دحران، صمامة، حسامة، سدوس، سايب، ياسر، مجيد، بجيلة، مريطة، زعيج،
بنو أعر، الزجالة، الزمالة، بنو بجير، المساور، بنو حكيم، عبس.
5 - لخم: واسمه: مالك بن عدي بن الحارث بن مرة وهم: الداريون بنو أراش،
بنو جدس، بنو نمارة.
6 - جذام: واسمه: عامر وهو أخو لخم وهم: أفصى، غطفان، عاملة.
7 - أزد: وهو ابن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان وهم:
جفنة، غلبة، خزاعة، مازن، بارق، المعي، الحجر، العتيك، راسب، عامل،
والبة، ثمالة، لهب، زهران، الحدان، يشكر، عك، دوس، فهم، الجهاضم،
الأشاقر، قسامل، الفراديس، سليح، عوف، بنو عدي، بنو فهير، سلول، مصطلق،
الحبا.
8 - خثعم: وهم: شهران، نهيس، ولود، أكلب، قسر، منهم خالد بن عبد الله
القسري والي العراق، عرينة، أحمس، دهن.
9 - همدان: وهم:
حاشد، بكيل، حجور، قدم، أدران، أهنوم، راهب، شاور، خيوان، غدر، وادعة، يام،
شبام، جشم، تغلب، مذكر، هبيرة، العزة، دعام، مرهبة، أرحب، شاكر، سفيان،
ذبيان، بنو حريم، بنو صاع، بنو مدلج، بنو حملة، أسلم، الاقروح، فهؤلاء
النزاريون.
أما المضريون فمنهم:
1 - قيس عيلان: وبطونه: هوازن، غطفان، سليم، فهم، عدوان، غني، باهلة.
أما مدركة فبطونه:
قريش، أسد، القارة، هذل.
وأما طابخة فبطونه:
تميم، الرباب، ضبة، مزينة، حميس، كاهل، فقعس، دودان، عمرو، صعب، والبة،
صيدا، ناشب، غاضرة، غنم، ثعلبة، عضل، بنو لحيان، بنو دهمان، بنو غازيه، بنو
صاهلة، بنو ضاعنه، بنو فناعة، هذيل، تميم بن مر، دارم، مجاشع، نهشل،
سدوس، حنظلة، يربوع، رياح، سليط، البراجم، كليب، الهجيم، مازن، بنو

226
منقرة، عمر، قيس، غالب، طلفة، ظليم، بنو العنبر، بنو عطارد، بنو
عدانة، عدي، عوف، ثور، أطحل، أشيب، عكل، عامر، كلاب الضباب،
جعدة، الجريش، قشيل، عقيل، خفاجة عجلان، نمير، هلال، سلول، نصير،
غزية، جشم، سعد، ثقيف، عامر، بنو مطرود، بنو الشريد، بنو ذكوان، بنو أبهر،
ذبيان، عبس، بنو أشجع، بنو عبد الله، بنو أعود، بنو مخزوم، بنو رواحة، بنو
سهم، بنو فزارة، بنو أنمار، هؤلاء كلهم يجمعهم مضر الحمراء.
2 - ربيعة: أخو مضر وهم:
عنزة، عبد قيس، تيم، بنو غدن، جشم، بنو حصين، بنو أرقم.
3 - إياد: أخو مضر وربيعة - وهم:
بقت، بنو حذافة، بنو دعمي، بنو طماح.
4 - قضاعة: وهم:
بنو الحارث، بنو الحافي، بنو عمران، بنو أسلم، بنو حلوان، نهد، جهينة،
عذرة، جرم، البرك، كلب، أسد، حيدان، مهرة، بلي، مجيد، يزيد، بهرا، خولان،
حي، رزاح، صحاري، هاني، رسوان، سعد، وداعة، الأقارع، مسبح، الكحل،
هزان، الكرب، منبه، بنو جماعة، بنو غالب، بنو حرب، ربيعة، بنو أبحر،
العقارب، بنو عوف، بنو مالك، الأنبار، الفاطميون، بنو عبيدة، بنو سليح، بنو
تنوخ، القين، الحنش، زبيد - غير زبيد مذحج -، فهؤلاء بطون قضاعة بن معد بن
عدنان.
5 - العكوك: أولاد عك بن عدنان، أخي معد وهم: النعمان، والضحاك
والشهد، وعبد الله، وتفرعت منهم:
غافق، ساعدة، بنو قين، بنو مقصر، رهينة، رامي، دب، لعسان، شبام،
الركب، لام، صخر، دعج، يعج، رعل، قاصية، علافة، هامل، والبه، قحر، فخر،
وابصة، وزن، رقابة، راشد، زهير، مالك، زوال، صريف، زيد، بنو حييس، بنو
المحدون، عبيدة، الحجبة، غنم، ناج منك، عمران، بجيلة، الخبا، الهزمة،
الحوية، سيعة، وهم أهل القرية المسماة بالسيعة، المطارفة، الحديون، صهيب،
الزيول، الأضم، هليل، الواغط، العبديون، الكعبيون، المياريون، الراسبون، بنو
رضوان، بنو حبيش، بنو وهبان، العليون، نسبة إلى علي بن راشد، الحربيون.

227
فهؤلاء الذين توطنوا الكوفة، وهم زهاء 400 بطن.
قال لوط بن يحيى الأزدي، وعبد الله بن العلا، وأبو الحسن البكري وغيرهم:
إنه كان بالكوفة ثلاثمائة وستون قبيلة وأربعمائة راية.
أما الأشعريون منهم: فإنهم هاجروا من الكوفة وتوطنوا بلدة قم من بلاد إيران،
وكان السبب في ذلك: أنه لما قتل الحجاج بن يوسف الثقفي محمد بن السائب بن
مالك الأشعري، هرب الأشعريون من سطوته وسكنوا بلدة قم، وأسسوا فيها
النوادي العلمية، وازدهرت بهم البلدة، وبثوا فيها الآثار الدينية (1).
قال العلامة المجلسي في السماء والعالم من البحار: كان أكثر أهل قم من
الأشعريين.
وروى فيه وفي تاريخ قم عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «اللهم اغفر للأشعريين
صغيرهم وكبيرهم».
وقال (صلى الله عليه وآله): «الأشعريون مني وأنا منهم» (2).
وإن أول من أظهر التشيع في بلدة قم منهم: موسى بن عبد الله بن سعد
الأشعري، وقد ورد أنه قال الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه قال لزكريا بن آدم بن
عبد الله بن سعد الأشعري: «إن الله يدفع البلاء بك عن أهل قم كما يدفع البلاء عن
أهل بغداد بقبر موسى بن جعفر (عليه السلام)» (3).
وهم الذين اشتروا من دعبل الخزاعي - الشاعر الشهير - ثوب الإمام الرضا (عليه السلام)
الذي أكرمه إياه بألف درهم من الذهب.
وقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنه قال لعمر بن عبد الله
الأشعري: «أظلك الله يوم لا ظل إلا ظله» (4).
والأخبار في فضلهم كثيرة تجدها في السماء والعالم من البحار، وفي تاريخ قم
وغيرها.



1 - انظر: تاريخ قم للحسن بن محمد القمي: 119، گنجينة آثار قم: 138، الكليني
والكافي للغفاري: 61 - 95.
2 - بحار الأنوار: 57 / 220.
3 - بحار الأنوار: 57 / 220.
4 - بحار الأنوار: 57 / 220 - 221.
228
المفاخرة بين الكوفيين والبصريين
إن من يلقي نظرة في التاريخ، لا سيما في العهد العباسي الأول، يرى أن
المناظرة والمفاخرة كانت رائجة بين الكوفيين والبصريين في مسائل كثيرة في الفقه
والنحو والأدب واللغة وغير ذلك، الأمر الذي سبب المنافرة بين الفريقين بحيث
انتمى إلى كل مذهب طائفة حتى قيل: مذهب الكوفيين ومذهب البصريين.
ويقال: إن أهل البصرة أرسخ قدما وأوسع علما وأولى بالثقة، ولكن السياسة
اقتضت ظهور الكوفيين بعد قيام الدولة العباسية فقدمهم خلفاؤها، لأنهم كانوا من
أنصارهم، ذلك لأنه نصروهم لما قاموا لطلب الخلافة، فكانوا يقربونهم دون
البصريين ويختارون منهم أساتذة لأولادهم، فالكسائي والفراء والمفضل الضبي
والشرقي بن القطامي كلهم من أهل الكوفة، وقد علموا أبناء الخلفاء ولولا الغرض
السياسي لم يكن لهم ذكر، وتحامل الأمين على سيبويه في المناظرة التي عقدها بينه
وبين الكسائي بشأن العقرب والزنبور، أشهر من أن تذكر (1).
وأنك سترى مما يلي، كيف يتعصب أبو العباس السفاح للكوفيين، حتى يقول
بعد ختام المفاخرة: الكوفة بلاد الأدب ووجه العراق ومبزغ أهلة... الخ.
وإليك ما يلي صورة المفاخرة بين الكوفيين والبصريين، وقد أوردها ابن الفقيه
في كتاب البلدان:
قال: اجتمع عند أبي العباس السفاح عدة من بني علي وعدة من بني العباس،
وفيهم بصريون وكوفيون، منهم أبو بكر الهذلي وكان بصريا (2)، وابن عياش وكان
كوفيا (3)، فقال أبو العباس: تناظروا حتى يعرف لمن الفضل منكم.
قال بعض بني علي: إن أهل البصرة قاتلوا عليا (عليه السلام) يوم الجمل وشقوا عصا



1 - وهي المناظرة المعروفة بالزنبورية، فصلها السيوطي في بغية الوعاة، سير أعلام
النبلاء: 8 / 352.
2 - هو سلمى بن عبد الله بن سلمى، وقيل: اسمه روح، مات سنة 167.
3 - هو ابن عياش الكوفي الحناط الأسدي، مولى لبني أسد، من علماء الكوفة، كان يبيع
الحنطة، ولد سنة 95 أو 96، ومات سنة 193.
229
المسلمين.
قال أبو العباس: ما تقول يا أبا بكر؟
قال: معاذ الله أن يجهل أهل البصرة، إنما كانت شرذمة منها شذت عن سبل
المنهج واستحوذ عليها الشيطان، وفي كل قوم صالح وطالح، فأما أهل البصرة فهم
أكثر أموالا وأولادا، وأطوع للسلطان، وأعرف برسوم الإسلام.
قال ابن عياش: نحن أعلم بالفتوح منكم، نحن نفينا كسرى عن البلاد، وأبرنا
جنوده، وأبحنا ملكه، وفتحنا الأقاليم، وإنما البصرة من العراق بمنزلة المثانة من
الجسد ينتهى إليها الماء بعد تغييره وفساده، مضغوطة قبل ظهرها بأخشن أحجار
الحجاز، وأقلها خيرا، مضغوطة من فوقها ببطحتها، وإن كانوا يستعذبون ماءهم
ولولا ذلك ما انتفعوا بالعيش، ومضغوطة بالبحر الأخضر من أسفلها، ونحن قللناهم
على وجه المعزاء، وبعثنا إليهم من جندنا ما كان منه قوامهم، وإنما أهل البصرة
بمنزلة الرسل لنا، ومحل الكوفة محل اللهوات واللسان من الجسد، وموضعها على
صدور الأرضين، ينتهي إليها الماء ببرده وعذوبته ويتفرق في بلادنا ويجوز بالعذبة
الزكية، الفرات ودجلة، والبصرة من العراق بمنزلة المثانة من الجسد.
قال أبو بكر: أنتم مع ما وصفت أكثر أنبياء، وما لنا إلا نبي واحد وهو
محمد (صلى الله عليه وآله) وعامة أنبيائكم الحاكة.
فضحك أبو العباس حتى كاد يسقط عن السرير ثم قال: لله درك يا أبا بكر.
فقال أبو بكر: وما رأيت الأنبياء مصلوبين إلا ببلاد الكوفة.
قال ابن عياش: عيرت أهل الكوفة بثلاثة مجانين من السفلة، ادعوا النبوة
بالجنون فصلبهم الله بالكوفة، فمن يعير به أهل البصرة من المدعين للعقول والشرف
والروايات للحديث كثير، كلهم يزعم أنه يهدي نفسه ويضلها، والمتنبئ بالجنون
أيسر خطبا من ادعاء الصحيح هدي نفسه وضلالها، فلقد ادعوا الربوبية في قول
بعضهم.
فقال أبو العباس: هذه بتلك أو أشد يا أبا بكر.
فاعترض عليهم بعض العلوية وهو الحسن بن زيد، فقال: يا أبا بكر قاتلتم عليا
يوم الجمل؟
فقال: بلى، قاتله شرذمة، وكف الله عزوجل أيدينا وسلاحنا عن قتله، نظرا منه

230
لنا، ثم رجع إلى الكوفة فقتلوه وولده وولد ولده وبني عمه، وأخرجوا الحسن بن
علي (عليه السلام) بعد بيعتهم له حتى هرب منهم.
قال ابن عياش: بل قصر الله أيديكم بطول أيدي الكوفة وبنصرتهم عليكم،
وكيف تعيرنا بباطل رجل واحد منا يبلغ بباطله ما عجز عنه عامتكم؟ ولقد حدثني
أشياخ من النخع: أن أهل الكوفة كانوا يوم الجمل تسعة آلاف رجل مع أمير
المؤمنين (عليه السلام)، وكان عليه ثلاثون ألفا مع طلحة والزبير وعائشة، فلما التقوا لم يكن
أهل البصرة إلا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.
فقال أبو بكر: ومتى كان أهل البصرة ثلاثين ألفا يقاتلون أمير المؤمنين، وقد
اعتزلهم الأحنف بن قيس في سعد والرباب، وقد دخلنا بعد ذلك الكوفة، فذبحنا
بها ستة آلاف رجل من أصحاب نبيهم المختار، كما يذبح الحملان سوى من هرب،
بعد أن جاء أسماء بن خارجة الفزاري ومحمد بن الأشعث الكندي وشبث بن ربعي
التميمي، واستعانوا بأهل البصرة وشكوا إليهم المختار وأصحابه وما قتل من رجالهم
واستباح من حريمهم، فخرجنا مع مصعب بن الزبير حتى قتلنا نبيهم المختار (1)
ومن قدرنا عليه من أصحابه وأعتقانهم من الرق، فلنا الفضل على أهل الكوفة ولنا
المنة عليهم وعلى أعقابهم لو كانوا يشكرون.
قال ابن عياش: أتاكم أهل الكوفة يوم الجمل مع علي (عليه السلام) فقتلوكم، فأرى أهل
الكوفة غالبين ومغلوبين على الحق؟ وأرى أهل البصرة غالبين ومغلوبين على



1 - لم يكن المختار نبي أهل الكوفة ولا ادعاها هو، وإنما وصمه بها أضداده كأشياء أخر
اختلقوها عليه تشتيتا لأمره وتفخيذا للملأ عنه، وكان لتلك النسب المكذوبة مكاء وتصدية
من الزبيريين في الحجاز والبصرة، ومن الأمويين في الشام، ومن بقايا قتلة السبط
الشهيد (عليه السلام) في الكوفة، فألقتها رواة السوء في أسانيد ضعيفة ومتون متهافتة إلى من بعدهم
فحسبها الأغرار كحقيقة راهنة، ولم يقتل المختار إلا من أهدر الدين الإلهي دمه ممن أجلبوا
بخيلهم ورجلهم على آل الرسول (عليهم السلام) فقتلوهم ظلما ومنعوهم الروي ونهبوا خيامهم وسبوا
نساءهم كما تسبى نساء الترك والديلم، ووطئوا صدر السبط (عليه السلام) وظهره بسنابك الخيل، فأي
حرمة لزبانية الكفر والإلحاد حتى يغمز في المختار بقتلهم، وكيف يكون المختار كما يقولون
وقد ترحم عليه الإمامان الباقر والصادق (عليهما السلام) ونفى الباقر (عليه السلام) الكذب عنه، ونهى عن سبه،
وجزاه الإمام السجاد (عليه السلام) خيرا، وأنك تجد تفصيل هذه الجمل في كتاب: سبيك النضار في
تنزيه المختار للعلامة الكبير الميرزا محمد علي الغروي الأردوبادي.
231
الباطل؟
فقال أبو العباس: يا أبا بكر دونك، فإني أرى ابن عياش مفوها جدلا.
قال أبو بكر: ما لهم بنا طاقة.
قال ابن عياش: لسنا في حرب فيرى مغالبنا، وإنما نحن في كلام فأحسن الكلام
أوضحه حجة.
فقال الحسن بن زيد: يا أبا بكر لا تغالب أهل الكوفة ولا تفاخرهم، فإنهم أكثر
فقهاء وأشرافا منكم.
فقال أبو بكر: معاذ الله أنى يكون هذا وما كان فيهم شريف إلا وفينا أشرف منه،
وما كان في تميم الكوفة مثل الأحنف في تميم البصرة، ولا في عبد القيس الكوفة
مثل الحكم بن الجارود في عبد القيس البصرة، ولا كان في قيس الكوفة مثل قتيبة بن
مسلم في قيس البصرة.
قال ابن عياش: زدنا يا أبا بكر إن وجدت مزيدا، فعندنا أضعاف ما ذكرت، وما
أنت ذاكر إن شاء الله.
قال أبو بكر: كفى بهذا فخرا وعزا وشرفا.
قال ابن عياش: قطع بك يا أبا بكر، إنما أهل البصرة مثل نظام البعر المستوي
واسطته درة، فهي فيهم مشهورة، وأهل الكوفة مثل نظيم الدر فواسطته منه لها أشباه
كثيرة، ذكرت الأحنف في تميم البصرة وفي تميم الكوفة محمد بن عمير بن عطارد
ابن حاجب بن زرارة بن عديس، رهن (قوسه) (1) عن جميع العرب، والنعمان بن
مقرن صاحب النبي (صلى الله عليه وآله) المقدم على جميع جيوش المسلمين أيام عمر بن
الخطاب، وحسان بن المنذر بن ضرار من بيت ضبة، وسيدها عتاب بن ورقاء جواد
العرب، وشبث بن ربعي التميمي قائد أهل البصرة وسائقهم مع مصعب بن
الزبير، وعكرمة بن ربعي التميمي الذي قيل فيه: وعكرمة الفياض رب
الفضائل، فهؤلاء سادة تميم الكوفة، والعجب لفخرك بمالك بن مسمع بن بكر بن
وائل على مصقلة بن هبيرة، وقد أقر بين يدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) بشرفه
وفضله، ومنهم خالد بن معمر وشقيق بن ثور السدوسي وسويد بن منجوف وحريث



1 - في المطبوع الأول: (فرسه).
232
ابن جابر والحضين بن المنذر ومحدوج المخزومي ويزيد بن رؤيمة الشيباني
والقعقاع بن شور الذهلي، وأما فخرك بقتيبة بن مسلم فما أنت وذاك، إنما هو رجل
من باهلة صنعه الحجاج، والشرف من قيس في عامر بن صعصعة في بني لبيد بن
ربيعة الشاعر جاهليا وإسلاميا، وإنما فخرت بواحد من مائة إلا أني أجمل لك:
أميرنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومؤذننا عبد الله بن مسعود، وقاضينا شريح،
فهات في أهل البصرة واحدا من هؤلاء الثلاثة.
قال أبو بكر: أميرنا عبد الله بن عباس.
قال ابن عياش: نحن بطانة عبد الله وظهارته وأنصاره وجنده عليكم، ونحن
أحق به منكم.
فقال أبو بكر: فإن كان مؤذنكم عبد الله بن مسعود، فمنا أنس بن مالك خادم
النبي (صلى الله عليه وآله).
فقال ابن عياش: وأين أنس من ابن مسعود فتقيسه به؟ ولقد نزل الكوفة سوى
من سميت لك سبعون رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنقيم لك واحدا بأنس ثم
نفتخر عليك بتسعة وستين باقين.
فقال أبو بكر: فإن كان شريح قاضيكم، ففينا الحسن البصري سيد التابعين،
وابن سيرين، في فضلهما وفقههما.
فقال ابن عياش: إن عددت هذين وباهيت بهما، عددنا لك أويسا القرني الذي
يشفع في مثل ربيعة ومضر، وربيع بن خثيم، والأسود بن يزيد، وعلقمة، ومسروقا،
وهبيرة بن بريم، وأباه ميسرة، وسعيد بن جبير، والحارث الأعور صاحب علي بن
أبي طالب (عليه السلام) وراويته، وأين أنت عمن لم تر عينك مثله في زمانه من أصحاب
النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا أحفظ لما سمع، ولا أفقه في الدين، ولا أصدق في الحديث، ولا
أعرف بمغازي النبي (صلى الله عليه وآله)، وأيام العرب، وحدود الإسلام، والفرائض، والغريب،
والشعر، ولا أوصف لكل أمر من عامر بن شراحيل الشعبي.
فقال كل من حضر: لقد كان كذلك.
وبالكوفة بيوتات العرب الأربعة: فحاجب بن زرارة بيت تميم، وآل زيد بيت
قيس، وآل ذي الجدين بيت ربيعة، وآل قيس بن معدي كرب الزبيدي بيت اليمن،
وبالكوفة فرسان العرب الأربعة في الجاهلية والإسلام: عمرو بن معدي كرب،

233
والعباس بن مرداس السلمي، وطليحة بن خويلد الأسدي، وأبو محجن
الثقفي، وأهل الكوفة جند سعد بن أبي وقاص يوم القادسية، وأصحاب الجمل
وصفين وخانقين وجلولاء ونهاوند، وفرسانهم المعدودون في الإسلام: مالك بن
الحارث الأشتر النخعي، وسعد بن قيس الهمداني، وعروة بن زيد الطائي صاحب
وقعة الديلم، وعبد الرحمن بن محمد الأشعث الكندي.
فقال أبو بكر: هذا الذي سلب الحسين بن علي (عليه السلام) قطيفة فسماه أهل الكوفة
عبد الرحمن قطيفة، فقد كان ينبغي أن لا تذكره.
فضحك أبو العباس من قول أبي بكر.
فقال ابن عياش: والذي سار تحت لوائه أهل الكوفة والبصرة وجماعة أهل
العراق، وبالكوفة من أحياء العرب بأسرهم ما ليس بالبصرة منهم إلا أهل بيت
واحد، وهم الذين يقول فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام):
ولو كنت بوابا على باب جنة * لقلت لهمدان ادخلي بسلام.
فقال أبو بكر: فهل فيمن سميت أحدا إلا قاتل الحسين بن علي (عليه السلام) وأهل بيته، أو
خذلهم، أو سلبهم وأوطأ الخيل صدورهم؟
فقال ابن عياش: تركت الفخر وأقبلت على التعيير، أنتم قتلتم أباه علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، فأما أهل الكوفة فكان منهم مع الحسين يوم قتل أربعون رجلا، وإنما
كان معه سبعون رجلا فماتوا كلهم دونه، وقتل كل واحد منهم عدوه قبل أن يقتل.
فقال أبو بكر: إن أهل الكوفة قطعوا الرحم ووصلوا المثانة، كتبوا إلى الحسين بن
علي (عليه السلام): إنا معك مائة ألف، وغروه حتى إذا جاء خرجوا إليه فقتلوه وأهل بيته
صغيرهم وكبيرهم، ثم ذهبوا يطلبون دمه! فهل سمع السامعون بمثل هذا؟
فقال ابن عياش: ومن أهل الكوفة أبو عبد الله الجدلي الذي صار ناصرا لبني
هاشم حين حصرهم ابن الزبير، حتى صير الله بني هاشم حيث أحبوا، فهل كان
فيهم بصري؟
فنهض أبو العباس وهو يقول: الكوفة بلاد الأدب، ووجه العراق، ومبزغ أهله،
وعليها الجحاش، وهي غاية الطالب، ومنزل خيار الصحابة، وأهل الشرف، وأن

234
أهل البصرة لأشبه الناس بهم. ثم قام (1).
ثم قال ابن الفقيه في كتابه: قال المدائني اجتمع أهل العراق عند يزيد بن عمر
ابن هبيرة، فقال ابن هبيرة: أي البلدين أطيب ثمرة الكوفة أم البصرة؟
فقال خالد بن صفوان: ثمرتنا أطيب أيها الأمير منها كذا ومنها كذا.
فقال عبد الرحمن بن بشير العجلي: لست أشك أيها الأمير إلا وأنكم قد اخترتم
للخليفة ما تبعثون به إليه.
فقال: أجل.
فقال: قد رضينا بأن تحكم لنا وعلينا، فأي الرطب تحملون إليه؟
قال: المشان.
قال: فليس بالبصرة منه واحدة، فأي التمر تحملون إليه؟
قال: النرسيان.
قال: وهذا فليس بالبصرة منه واحدة.
قال: والهيرون والأزاذ.
قال: وهذا فليس بالبصرة منهما واحدة.
ثم قال: فأي القسب تحملون إليه؟
قال: قسب العنبر.
قال: وهذا فليس بالبصرة منه واحدة.
قال: أفلست تعلم أنها أفضل من البصرة، وأنت ترى كيف يتعصب أمير الكوفة
ابن هبيرة لبلده فيحكم بأنها أفضل من البصرة، حيث يجد ثمرتها أطيب من ثمرة
البصرة (2).
وكان هذا ديدن ملوك الكوفة وأمرائها، يعقدون المحافل والنوادي للمناظرة في
كل أنواعها، فقهية كانت أو كلامية أو نحوية أو لغوية أو غير ذلك من أنواع العلوم،
وتجدهم يطربون إذا رأوا الكوفي يستظهر على البصري في مسألة من المسائل،
هكذا شأن كل أحد نسبه إلى بلده، سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا.
سئل خالد عن الكوفة فقال: نحن منابتنا قصب، وأنهارنا عجب، وثمارنا رطب



1 - البلدان لابن الفقيه، 176 - 177.
2 - البلدان لابن الفقيه: 204 - 211.
235
وأرضنا ذهب.
قال الأحنف: نحن أبعد منكم سرية، وأعظم منكم بحرية، وأعذى منكم برية.
وقال أبو بكر الهذلي: نحن أكثر منكم ساجا وعاجا وديباجا وخراجا ونهرا
عجاجا (1).



1 - عيون الأخبار لابن قتيبة: 1 / 217، لسان العرب: 2 / 319، تاج العروس: 2 / 71.
236
الخط العربي أو الخط الكوفي
تاريخه:
ليس في آثار العرب ما يدل على أنهم كانوا يعرفون الكتابة إلا قبيل الإسلام، مع
أنهم كانوا محاطين شمالا وجنوبا بأمم من العرب، خلفوا نقوشا كتابية كثيرة، وأشهر
تلك الأمم: حمير في اليمن كتبوا بالحرف المسند، والأنباط في الشمال كتبوا
بالحرف النبطي، وآثارهم باقية إلى هذه الغاية في ضواحي حوران والبلقاء، والسبب
في ذلك: أن الحجازيين أو عرب مضر، كانت البداوة غالبة على طباعهم والكتابة من
الصنائع الحضرية، على أن بعض الذين رحلوا منهم إلى العراق أو الشام قبل
الإسلام، تخلقوا بأخلاق الحضر واقتبسوا الكتابة منهم على سبيل الاستعارة، فعادوا
وبعضهم يكتب العربية بالحرف النبطي أو العبراني أو السرياني، ولكن النبطي
والسرياني ظل عندهم إلى ما بعد الفتوح الإسلامية، فتخلف عن الأول الخط
النسخي - الدارج - وعن الثاني الخط الكوفي، نسبة إلى مدينة الكوفة، وكان الخط
الكوفي يسمى قبل الإسلام الحيري، نسبة إلى الحيرة وهي مدينة عرب العراق قبل
الإسلام، وابتنى المسلمون الكوفة بجوارها.
ومعنى ذلك: أن السريان في العراق كانوا يكتبون ببضعة أقلام من الخط
السرياني، في جملتها قلم يسمونه السطر نجيلي، كانوا يكتبون به الأسفار النصرانية
فاقتبسه العرب في القرن الأول قبل الإسلام، وكان من أسباب تلك النهضة عندهم،
وعنه تخلف الخط الكوفي وهما متشابهان إلى الآن.
واختلفوا في من نقله إلى بلاد العرب، والأشهر أن أهل الأنبار نقلوه، وذلك أن
رجلا منهم اسمه: بشر بن عبد الملك الكندي، أخو أكيدر بن عبد الملك صاحب
دومة الجندل، تعلم هذا الخط من الأنبار وخرج إلى مكة فتزوج الصهباء بنت حرب
ابن أمية أخت أبي سفيان والد معاوية، فعلم جماعة من أهل مكة فكثر من يكتب
بمكة من قريش (1) عند ظهور الإسلام، ولذلك توهم بعضهم أن أول من نقل الخط



1 - المزهر: 2 / 177.
237
إلى العرب سفيان بن أمية.
والخلاصة: أن العرب تعلموا الخط النبطي من حوران في أثناء تجاراتهم إلى
الشام، وتعلموا الخط الكوفي من العراق قبل الهجرة بقليل، وظل الخطان معروفين
عندهم بعد الإسلام، والأرجح أنهم كانوا يستخدمون القلمين معا، الكوفي لكتابة
القرآن الكريم ونحوه من النصوص الدينية، كما كان سلفه السطر نجيلي يستخدم
عند السريان لكتابة الأسفار النصرانية، والنبطي لكتابة المراسلات والمكاتبات
الاعتيادية.
ومما يدل على تخلف القلم الكوفي عن السطر نجيلي فضلا عن شكله، أن
الألف إذا جاءت حرف مد في وسط الكلمة تحذف، وتلك قاعدة مطردة في الكتابة
السريانية، وكان ذلك شائعا في أوائل الإسلام وخصوصا في القرآن المجيد،
فيكتبون: الكتب، بدل: الكتاب، و: الظالمين، بدل: الظالمين.
فجاء الإسلام والكتابة معروفة في الحجاز، ولكنها غير شائعة، فلم يكن يعرف
الكتابة إلا بضعة عشر إنسانا أكثرهم من كبار الصحابة وهم: الإمام علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، وعمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وطلحة بن عبيد الله، وعثمان، وأبان ابنا
سعيد بن خالد بن حذيفة، ويزيد بن أبي سفيان، وحاطب بن عمرو بن عبد
شمس، والعلاء بن الحضرمي، وأبو سلمة بن عبد الأشهل، وعبد الله بن سعد بن
أبي سرح، وحويطب بن عبد العزى، وأبو سفيان بن حرب، وولده معاوية، وجهيم
ابن الصلت بن مخرمة، ثم تعلم غيرهم من الصحابة.
ومنهم خرج كتاب الدواوين للخلفاء الراشدين وكتاب الرسائل وكتاب القرآن،
فكتبوا القرآن بالكوفي أيام الراشدين وأيام بني أمية، وفي أيامهم تفرع الخط المذكور
إلى أربعة أقلام اشتقها بعضها من بعض كاتب اسمه: قطبة، كان أكتب أهل زمانه،
وكان يكتب لبني أمية المصاحف، ثم اشتهر بعده الضحاك بن عجلان في أوائل
الدولة العباسية فزاد على قطبة، وزاد بعده إسحق بن حماد وغيره، فبلغ عدد الأقلام
العربية إلى أوائل الدولة العباسية 12 قلما وهي:
1 - قلم الجليل.
2 - قلم السجلات.
3 - قلم الديباج.

238
4 - قلم أسطور مار الكبير.
5 - قلم الثلاثين.
6 - قلم الزنبور.
7 - قلم المفتح.
8 - قلم الحرم.
9 - قلم المدامرات.
10 - قلم العهود.
11 - قلم القصص.
12 - قلم الحرفاج.
فحين ظهر الهاشميون حدث خط يسمى: العراقي، وهو المحقق ولم يزل يزيد
حتى انتهى الأمر إلى المأمون فأخذ كتابه بتجويد خطوطهم، وظهر رجل يعرف
بالأحول المحرر، فتكلم على رسومه وجعله أنواعا، ثم ظهر قلم المرصع، وقلم
النساخ، وقلم الرياسي، نسبة إلى مخترعه ذي الرئاستين الفضل بن سهل، وقلم
الرقاع، وقلم غبار الحلية (1)، فزادت الخطوط على عشرين شكلا، وكلها تعد من
الكوفي.
وأما الخط النسخي أو النبطي، فقد كان شائعا بين الناس لغير المخطوطات
الرسمية، حتى إذا نبغ ابن مقلة المتوفى سنة 328 فأدخل في الخط المذكور تحسينا
جعله على نحو ما هو عليه الآن وأدخله في كتابة الدواوين، والمشهور عند
المؤرخين: أن ابن مقلة نقل الخط من صورة القلم الكوفي إلى صورة القلم النسخي،
والغالب في اعتقادنا أن الخطين كانا شائعين معا من أول الإسلام الكوفي للمصاحف
ونحوها، والنسخي أو النبطي للرسائل ونحوها كما تقدم، وأن ابن مقلة إنما جعل
الخط النسخي على قاعدة جميلة حتى يصلح لكتابة المصاحف، وقد شاهدنا في
معرض الخطوط العربية القديمة في دار الكتب السلطانية عقد نكاح مكتوبا في
أواسط القرن الثالث للهجرة سنة 264 على رق مستطيل في أعلاه صورة العقد بالقلم
الكوفي المنتظم، وتحتها خطوط الشهود بالقلم النسخي بغاية الاختلال، فابن مقلة



1 - كشف الظنون: 1 / 466.
239
حسن هذا الخط تحسينا وأدخله في كتابة المصاحف.
ثم تفرع الخط النسخي المذكور بتوالي الأعوام إلى فروع كثيرة، وأصبحت
الأقلام الرئيسية في اللغة العربية اثنين: الكوفي والنسخي، ولكل منها فروع كثيرة
اشتهر منها بعد القرن السابع للهجرة ستة أقلام وهي: الثلث، والنسخي، والتعليقي،
والريحاني، والمحقق، والرقاع.
واشتهر من الخطاطين جماعة كبيرة ألفوا فيه الكتب والرسائل، بعضها في
أدوات الخط كالأقلام وطرق بريها، وأحوال الشق، والقط، والدواة، والمداد،
والكاغد وغير ذلك (1)، وما زال الخط يتفرع إلى اليوم ولن يزال إلى ما شاء الله عملا
بسنة الارتقاء (2).
قال القلقشندي في صبح الأعشى: والخط العربي هو المعروف الآن بالكوفي،
ومنه استنبطت الأقلام التي هي الآن.
وقد ذكر ابن الحسين في كتابه في قلم الثلث: أن الخط الكوفي فيه عدة أقلام،
مرجعها إلى أصلين وهما: التقوير والبسط.
فالمقور: هو المعبر عنه الآن باللين، وهو الذي تكون عراقاته وما في معناها
منخسفة منحطة إلى أسفل كالثلث والرقاع ونحوها.
والمبسوط: هو المعبر عنه الآن باليابس، وهو ما لا انخساف وانحطاط فيه
كالمحقق، وعلى ترتيب هذين الأصلين الأقلام الموجودة الآن.
وذكر صاحب إعانة المنشئ: أن أول ما نقل الخط العربي من الكوفي إلى ابتداء
هذه الأقلام المستعملة الآن في أواخر خلافة بني أمية وأوائل خلافة بني العباس (3).
كيف اشتهر الخط الكوفي دون غيره في صدر الإسلام
إن الإسلام هو ولا ريب مبعث حضارة العرب، والأساس الأعظم في تمدنهم،
والخط إنما هو من لوازم الحضارة وتوابع العمران، كما نص عليه ابن خلدون قال في
مقدمته: لهذا نجد أكثر البدو أميين لا يكتبون ولا يقرأون، ومن قرأ منهم أو كتب
فيكون خطه قاصرا وقراءته غير نافذة، ونجد تعليم الخط في الأمصار الخارج



1 - كشف الظنون: 1 / 711.
2 - تاريخ التمدن الإسلامي لجرجي زيدان: 3 / 54 - 56.
3 - صبح الأعشى: 3 / 15.
240
عمرانها عن الحد أبلغ وأحسن وأسهل طريقا لاستحكام الصنعة فيها (1).
ولا شك أيضا أن الإسلام قد صبغ بصبغة أهله أكثر الديار التي دخلها، بل كل
البلاد التي دخلت في طاعته زمن الخلفاء الراشدين من حيث اللغة والعادات، لأن
العرب وهم يومئذ معتزون بعربيتهم حاكمون بسلطتهم، لأن منهم دعاة الإسلام
وحملة القرآن، وقد نزل القرآن بلسانهم، فزادهم ذلك استمساكا بما هم عليه من
العصبية العربية، كانوا إذا فتحوا بلادا واستعمروها لا يجدون بعد دينهم أمرا
يحتفظون به أعظم من عاداتهم التي قبلها الإسلام منهم وأقرهم عليها، ومن ذلك
الكتابة، فإنها وإن عرفت في ديار اليمن وكانت الحميرية لهم، وفي ديار العراق وكان
الجزم خطهم، إلا أن انتشارها كان بانتشار المسلمين الذين تلقاها الصدر الأول منهم،
فكتبوا بها القرآن (2) واحتذى سبيلهم جميع المسلمين يومئذ، فانمحت الكتابة
الحميرية من اليمن وحل محلها الخط الكوفي (3).
وجدت هذه الكتابة على إحدى مقابر المسلمين في الكوفة، غير أنه لم تؤرخ
كي يتضح لنا عهدها على التحقيق، وترى على اليمين آية الكرسي إلى قوله: (العلي
العظيم) مبتدأ فيها بالبسملة، وعلى اليسار سورة التوحيد، وفي آخرها: هذا قبر
جعفر بن معمر رحمه الله وغفر له، صلى الله على محمد وعلى آل محمد.
وتحته: الله ولي التوفيق.
وأما المربعة التي في الوسط، فهي الصلاة على محمد وآله، وأما السطران
المستطيلان من تحت، فهما البسملة مع قوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك
المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة



1 - تاريخ ابن خلدون: 1 / 418.
2 - قال في كشف الظنون 1 / 710: قال ابن إسحاق: أول من كتب المصاحف في الصدر
الأول ويوصف بحسن الخط خالد بن أبي الهياج، وكان سعد نصبه لكتب المصاحف والشعر
والأخبار للوليد بن عبد الملك، ومن كتاب المصاحف خشنام البصري والمهدي الكوفي
وكانا في أيام الرشيد، ومنهم أبو حدي وكان يكتب المصاحف في أيام المعتصم من كبار
الكوفيين وحذاقهم.
3 - المفصل في تاريخ الإسلام للدكتور جواد: 8 / 154.
241
متكئين عليها) (1) وأما البقية فلم نهتد لقراءتها.
نموذج من الخط الكوفي
وقد كان كتبة الوحي من المهاجرين والأنصار، يرجع السند في اتصال الكتابة
إليهم إلى حرب بن أمية، أب الصهباء زوج بشر بن عبد الملك الكندي، أو إلى بشر
وحده كما تقدم، وكان خطهم يومئذ هو المعروف بعدهم باسم الكوفي، ولا ريب
أن المسلمين بعد ذلك ساروا بسيرة كتبة الوحي، الذين هم أول من كتب في الإسلام
واتخذوا شكل حروفهم، فعمت حينئذ الكتابة الكوفية، ولم يقم أحد يومئذ
بالدعوة إلى غيرها، حتى استبحر عمران الإسلام وتفرقت أمصاره، فتفاوتت البلاد
في العناية بأمره (2).



1 - سورة الواقعة: 10 - 16.
2 - راجع مفصلا: فهرست ابن النديم: 9 - 11، رسالة الخط للعلامة البارع الشيخ أحمد
رضا العاملي النباطي: 17 - 18 طبع صيدا سنة 1332.
242
نقباء الأشراف في الكوفة
توطئة:
النقابة: ونعني بها نقابة الأشراف، سموها بذلك إشارة إلى أنها تتعلق بأشراف
المسلمين وهم أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك أن عائلة النبي كانت في أوائل الإسلام
محفوظة الحرمة لقرب عهدهم من النبوة، فكانوا يجعلون على أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)
رئيسا منهم يتولى أمورهم، ويضبط أنسابهم، ويدون مواليدهم ووفياتهم، وينزههم
عن المكاسب الدنيئة، ويمنعهم من ارتكاب المآثم، ويطالب بحقوقهم، ويدعوهم
إلى أداء الحقوق، وينوب عنهم في المطالبة بحقوقهم في سهم ذوي القربى من
الفيء والغنيمة، ويقسمه بينهم، ويمنع أيامهم أن يتزوجن إلا من الأكفاء (1).
قال النبهاني في الشرف المؤبد: ويلزمه لهم بتقلدها اثنا عشر حقا:
أحدها: حفظ أنسابهم من داخل فيها وليس منها أو خارج عنها وهو منها.
الثاني: معرفة أنسابهم وتمييز بطونهم، ويثبتهم في ديوانه على التمييز.
الثالث: معرفة من ولد منهم من ذكر أو أنثى فيثبته ومعرفة من مات فيذكره.
الرابع: أن يحملهم على الآداب التي تضاهي شرف أنسابهم وكرم محتدهم
لتكون حشمتهم في النفوس موفورة وحرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم محفوظة.
الخامس: أن ينزههم عن المكاسب الدنيئة ويمنعهم من المطالب الخبيثة حتى
لا يستقل ولا يستضام منهم أحد.
السادس: أن يكفهم عن ارتكاب المآثم ويمنعهم من انتهاك المحارم ليكونوا
على الدين الذي نصروه أغير وللمنكر الذي أزالوه أنكر، فلا ينطلق بذمهم لسان ولا
يشنؤهم إنسان.
السابع: أن يمنعهم من التسلط على العامة لشرفهم والتشطط عليهم لنسبهم
فيدعوهم ذلك إلى المقت والبغض، ويبعثهم على المناكرة والبعد، وأن يندبهم إلى



1 - تاريخ التمدن الإسلامي: 1 / 245.
243
استعطاف القلوب وتألف النفوس ليكون الميل إليهم أوفى والقلوب لهم أصفى.
الثامن: أن يكون عونا لهم في استيفاء حقوقهم حتى لا يضعفوا عنها، وعونا
عليهم في أخذ الحقوق منهم حتى لا يمنعوا أهلها منها ليصيروا بالمعونة لهم
منتصفين وبالمعونة عليهم منصفين، فإن من عدل السيرة فيهم إنصافهم واإتصافهم.
التاسع: أن ينوب عنهم في حقوقهم في بيت مال المسلمين.
العاشر: أن يمنع نساءهم أن يتزوجن إلا من الأكفاء لشرفهن على سائر النساء
صيانة لأنسابهن وتعظيما لحرمتهن.
الحادي عشر: أن يقوم ذوي الهفوات منهم، ويقيل ذا الهيئة منهم عثرته ويغفر
بعد الوعظ زلته.
الثاني عشر: أن يراعي وقوفهم بحفظ أصولها وتنمية فروعها ويراعي قسمتها
عليهم بحسب الشروط والأوصاف.
ويزاد على ذلك في النقابة العامة خمسة أشياء أخرى:
أحدها: الحكم بينهم فيما تنازعوا فيه.
الثاني: الولاية على أيتامهم فيما ملكوه.
الثالث: إقامة الحدود عليهم فيما ارتكبوه.
الرابع: تزويج الأيامى اللاتي لا يتعين أولياؤهن أو قد تعينوا فعضلوهن.
الخامس: إيقاع الحجر على من عته منهم أو سفه وفكه إذا أفاق ورشد (1).
ولا تصح ولاية النقابة إلا من إحدى ثلاث جهات: إما من جهة الخليفة
المستولي على كل الأمور، وإما ممن فوض إليه تدبير الأمور كوزير التفويض وأمير
الإقليم، وإما من نقيب عام الولاية، يعني به نقيب النقباء (2).
وكانت نقابة الأشراف من المناصب السامية ولها الشأن الأول من الشرف بعد
الخلافة، ولذلك قال الشريف الرضي نقيب الأشراف يخاطب الخليفة القادر بالله
العباسي من قصيدة:
عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا كلانا في المعالي معرق



1 - الشرف المؤبد: 47، وكذا: الأحكام السلطانية: 82 - 86.
2 - الأحكام السلطانية للماوردي: 92.
244
إلا الخلافة ميزتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق (1).
وكان الخلفاء يكتبون لنقباء الأشراف عهودا وتقاليدا تدل على جلالة قدرهم ورفعة
منزلتهم، وكانوا كثيرا ما يعهدون إليهم بسقاية الحاج وديوان المظالم من الخطط
السامية، وما زالت الدول الإسلامية تحترم نقابة الأشراف في كل أدوار تاريخها حتى
الدول العثمانية، فإنها لا تزال محافظة على ذلك إلى الآن، فنقيب الأشراف فيها
يقدم في التشريفات الرسمية على سائر رجال الدولة العلية، حتى الصدر الأعظم
وشيخ الإسلام (2).
وإليك فيما يلي أسماء الذين تولوا نقابة الكوفة، ومنهم من جمع بينها وبين
نقابة المشهدين - الغري والحائر - ونقابة الحلة، كما أن منهم من ضم إلى ذلك إمارة
الحاج وديوان المظالم، ومنهم من كان نقيب النقباء في العراق:
1 - القاسم بن الحسين السبيعي، يكنى أبا القاسم، ابن القاسم، بن أحمد، بن
عبد الله، بن علي الشديد، ابن الحسن، بن زيد، بن الحسن، ابن الإمام علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، نسب إلى محلة بالكوفة يقال لها: السبيعية (3).
2 - ناصر الدين مطهر، ابن رضي الدين محمد، بن علي، ابن عرب شاه
حمزة، بن أحمد، ابن السيد عبد العظيم، بن عبد الله، بن علي الشديد الحسني،
تولى نقابة المشهدين والحلة والكوفة أشهرا (4).
3 - أبو جعفر محمد بن الحسن الأعور الجواد، ابن محمد، بن عبد الله الأشتر
الكابلي ابن محمد ذي النفس الزكية الحسني، وقد قتل (5).
4 - أبو عبد الله الحسين بن الحسن الأعور، الجواد الحسني المذكور، كان له
عقب بالكوفة يعرفون ببني الأشتر، انقرضوا بعد أن بقيت بقيتهم إلى المائة
السادسة (6).



1 - خصائص الأئمة: 23 - 24، شرح نهج البلاغة: 1 / 34، عمدة الطالب: 210.
2 - ماضي النجف وحاضرها: 1 / 281، تاريخ التمدن الإسلامي: 1 / 245.
3 - عمدة الطالب: 94، وفيه: (السديد) بدل: (الشديد).
4 - عمدة الطالب: 95.
5 - عمدة الطالب: 107، وقال: كان سيدا نقيبا وقتل بفيد.
6 - عمدة الطالب: 107.
245
5 - أبو الحسن محمد، الملقب بكمال الشرف، ابن أبي القاسم الأديب،
الحسن ابن أبي جعفر محمد، بن علي الزاهد، بن محمد الأقساسي، ولاه الشريف
المرتضى نقابة الكوفة وإمارة الحاج، فحج بالناس مرارا، وفي ولده جلالة
ورئاسة (1).
6 - أبو الحسن محمد بن الحسين، بن علي كتيلة، بن يحيى، بن يحيى، بن
الحسين ذي العبرة، بن زيد الشهيد (عليه السلام) (2).
7 - ناصر بن علي، المعروف بالدخ، ابن الحسين، بن علي كتيلة المذكور (3).
8 - زيد بن أبي الفتح ناصر، ابن أبي الحسين زيد، بن الحسين، بن علي كتيلة
المذكور، كان نقيب المشهد والكوفة، ذكره ابن مهنا العبيدلي في شجرته (4).
9 - السيد شريف الدين محمد، المعروف بابن السدرة، نازع أبا الحسين زيدا
الأسود بن الحسين بن كتيلة فضيق عليه وغلبه وصار هو النقيب، وسافر إلى المشهد
الغري في النجف، وأقام فيه سنة 308 حتى توفي، وخلف من الذكور سبعة ومن
الإناث خمسة، وكثروا وانتشروا واشتهروا ببني السدرة (5).
10 - جلال الدين عبد الحميد ابن أبي طالب محمد، بن عبد الحميد، بن
عبد الله التقي النسابة، ابن أسامة الحسيني، كان عالما فاضلا نسابة، تولى نقابة
المشهد والكوفة، وتوفي سنة 666 ودفن بالمشهد الغروي (6).
11 - أبو الفتح محمد ابن أبي طاهر عبد الله، ابن الأمير أبي الفتح محمد، ابن
الأمير أبي الحسن محمد الأشتر، ابن عبيد الله الثالث، ابن علي بن عبيد الله الثاني
الحسيني (7).



1 - توفى سنة 415، ورثاه الشريف المرتضى بقصيدة مطلعها:
عرفت ويا ليتني ما عرفت * فمر الحياة لمن قد عرفت.
انظر: عمدة الطالب: 462، المنتظم لابن الجوزي: 8 / 20، الغدير: 5 / 5.
2 - غاية الاختصار: 113، عمدة الطالب: 462.
3 - عمدة الطالب: 270، والدخ: الدخان. لسان العرب: 3 / 14.
4 - عمدة الطالب: 271.
5 - عمدة الطالب: 271.
6 - غاية الاختصار: 115، عمدة الطالب: 277.
7 - عمدة الطالب: 324، ولقب بالأشتر لضربة كانت في وجهه.
246
12 - أبو محمد عمر، ابن أبي الفتح محمد، بن أبي طاهر المذكور الحسيني (1).
13 - أبو عبد الله أحمد، أمير الحاج، ابن أبي علي محمد أمير الحاج، ابن الأمير
محمد الأشتر المذكور، ولي نقابة الطالبيين مدة عمره ومات سنة 389، وفيها قتل
أخوه أبو العلاء مسلم الأحول الحسيني (2).
14 - الأمير شمس الدين أبو الفتح محمد، ابن أبي طاهر محمد، ابن أبي
البركات محمد، بن زيد، بن الحسين، بن أحمد، ابن أبي علي محمد الأمير الرئيس
بالكوفة، حج بالحاج سنة 353، ابن الأمير أبي الحسن محمد الأشتر (3).
15 - شهاب الدين أبو عبد الله أحمد، ابن أبي محمد عمر نقيب الكوفة، ابن
أبي الفتح محمد مجد الدين نقيب الكوفة، ابن الفقيه أبي طاهر عبد الله نقيب
الكوفة، ابن أبي الفتح محمد نقيب الكوفة، هكذا ساق نسبه ابن مهنا العبيدلي في
مشجرته (4).
16 - أبو العباس غراب البين، ابن أبي طاهر محمد، بن علي، بن شهاب الدين،
ابن محمد بن أبي طاهر، ابن أبي البركات محمد، بن زيد، بن الحسين، بن أحمد،
ابن أبي علي محمد، ابن الأمير أبي الحسن محمد الأشتر، كان نقيبا في المشهدين
والكوفة، ذكره ابن مهنا العبيدلي في مشجرته (5).
17 - عميد الدين أبو جعفر، ابن أبي نزار عدنان نقيب المشهد، ابن عبد الله أبي
الفضل، ابن أبي علي عمر المختار، ابن أبي العلاء مسلم الأحول، ابن أبي علي
محمد أمير الحاج، ابن الأمير محمد الأشتر (6).
18 - شمس الدين أبو القاسم علي، ناظر الكوفة، جمع بين نقابة الكوفة
والنجف، قال ابن أنجب في كتابه الدر الثمين في أسماء المصنفين (7): حضرت داره



1 - عمدة الطالب: 324.
2 - عمدة الطالب: 328.
3 - عمدة الطالب: 324، ماضي النجف وحاضرها: 1 / 290.
4 - عمدة الطالب: 325، وذكره باسم شهاب الشرف.
5 - عمدة الطالب: 302.
6 - عمدة الطالب: 330.
7 - هو المؤرخ تاج الدين علي بن أنجب المعروف بابن الساعي البغدادي خازن كتب
المدرسة المستنصرية وصاحب التصانيف الكثيرة، توفى سنة 674.
247
بالكوفة فأحسن ضيافتي وناولني ديوان شعره بخطه، وكان قد جمع فضلاء العلويين
الحسينيين من أهل الكوفة، فلما عرف الناصر فضله استحضره إلى بغداد لتقليده
نقابة الطالبيين، فحضر إلى بغداد فكتب ضراعة - عريضة - يسأل فيها ذلك،
فأجيب سؤله، وكتب تقليده وأحضرت الخلع إلى دار الوزير، فحضر في الليلة التي
يريدون أن يخلعوا عليه في صبيحتها دار زعيم الدين أستاذ الدار ابن الضحاك، فوقع
غيث كثير فركب في الليل متوجها إلى داره بظاهر باب المراتب، فسقط من دابته
فانكسرت رجله، فحمل في محفة إلى داره، فلما انتهت حاله تقرر أن يولى
أخوه (1).
19 - فخر الدين الأطروش، فغير الاسم في التقليد، وخلع على فخر الدين خلع
النقابة، حبس شمس الدين بالكوفة بأمر الناصر العباسي، وكان عم أمه صفي الدين
الفقيه محمد بن معد في تلك الأيام، ذا مكانة سامية ومنزلة رفيعة عند الناصر
ووزيره القمي، فكتب شمس الدين إليه يستنجده ويسأله التوصل في الإفراج عنه
قصيدة - منها -:
يا قادرين على الإحسان ما لكم * من غير جرم عدتنا منكم النعم
مالي إذا دكما ذيدت محلأة * عن وردها ولديكم مورد شبم
مولده سنة 536 كما عن غاية الاختصار (2)، وكان حيا إلى سنة 584 كما يظهر من
فرحة الغري، عند ذكر بعض الكرامات الواقعة في شهر رمضان في السنة
المذكورة (3)، ويقال: إنه قتل في دخول التاتار بغداد (4).
20 - أبو طاهر هبة الله، الملقب بزين الدين ابن الفقيه العامل، فخر الدين يحيى
ابن أبي طاهر هبة الله، ابن شمس الدين أبي الحسن علي بن محمد مجد الشرف،
ابن أبي نصر أحمد، بن أحمد أبي الفضل علي، ابن أبي تغلب علي، نقيب النقباء
بسوراء، ابن الحسن الأصم السوراوي، ابن أبي الحسن محمد الفارس النقيب، ابن



1 - غاية الاختصار: 147.
2 - غاية الاختصار: 19.
3 - فرحة الغري: 174.
4 - عمدة الطالب: 330، ماضي النجف وحاضرها: 1 / 287.
248
يحيى بن الحسين النسابة، ابن أحمد، بن عمر، بن يحيى، بن الحسين ذي العبرة،
هكذا سرد نسبه في عمدة الطالب، وقال: إنه تولى النقابة الطاهرية وصدارة البلاد
الفراتية وغيرها، (وقتل) (1) بظاهر بغداد سنة 701، وقتله بنو محاسن بدم صفي
الدين ابن محاسن، وكان السيد قد أمر به فرفس فمات، وقتلوه قتلة شنيعة ورخص
لهم في ذلك: أدينه، حاكم بغداد (2).
وفي غاية الاختصار: النقيب الكبير زين الدين هبة الله ابن أبي طاهر، ولد في
سنة 667، وولي صدارة البلاد الحلية والكوفة ونقابتها مع المشهدين الغروي
والحائري، فاستقر فيها عن سياسة ورئاسة وسماحة، وهو اليوم أوفى الطالبيين
عزة، وقد فاق أضرابه كرما ونبلا ورفعة وصلاة وبرا وشرفا، وكان أبوه الفقيه فخر
الدين يملأ العين قرة والقلب مسرة، وأخوه تاج الدين كذلك (3).
21 - السيد علي بن أبي طالب، نقيب الكوفة ورئيسها، العالم (4).
22 - الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد (عليه السلام)، أبو
عبد الله، جمع النسب، وأخذ تعليقة ابن دينار النسابة الكوفي، وظفر ابن دينار
بجرائده فأفاد منها (5).
23 - الشريف أبو الحسين، فخر الدين حمزة، من أولاد الشريف الأمير علي
الحاج، أبي الحسن محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن
الحسين بن زيد بن علي الشهيد (عليه السلام) (6).
هؤلاء الذين نص على نقابتهم في عمدة الطالب والمجدي وغاية الاختصار
ومشجرة ابن مهنا العبيدلي، ولعل في الكوفة نقباء كثيرين لم نهتد إليهم بالرغم من
كثرة التتبع.



1 - في المطبوع: (وصل): وما أثبتناه من المصدر.
2 - عمدة الطالب: 281 - 282.
3 - غاية الاختصار: 73 - 74.
4 - المجدي: 176، عمدة الطالب: 275.
5 - المجدي: 171، عمدة الطالب: 274.
6 - المجدي: 180، عمدة الطالب: 302.
249
قضاة الكوفة
توطئة:
القضاء - ويراد به منصب الفصل بين الناس في الخصومات - قديم (1)، لأن
الإنسان لم يستغن عمن يفصل في قضاياه من أول أزمان وجوده، وكان قضاة القبائل
عقلاؤها وكبارها وهم أيضا حكامها وأمراؤها، فكان الرجل إذا نبغ في عقله وقوته
تولى حكومة قبيلته وحكم في قضاياها، وهو حال البدو على فطرتهم، وكذلك كان
العرب في جاهليتهم، فقد كانوا يتقاضون إلى وجهائهم وعقلائهم، واشتهر من هؤلاء
القضاة قبل الإسلام جماعة كبيرة يحكم كل منهم في قبيلته، فمن تميم: حاجب بن
زرارة، والأقرع بن حابس، وربيعة بن مخاشن (2)، ومن ثقيف: غيلان بن سلمة (3)،
ومن قريش: هاشم بن عبد مناف، وعبد المطلب بن هاشم، وأبو طالب بن عبد
المطلب عم النبي (صلى الله عليه وآله)، والعاص بن وائل (4)، ومن بني أسد: ربيعة بن حذار (5)،
ومن كنانة: سلمى بن نوفل (6)، وغير هؤلاء ممن اشتهر في كل القبائل مثل: أكثم بن
صيفي (7)، وعامر بن الظرب وغيرهما (8)، وكان العرب أيضا يتقاضون إلى الكهان
والعرافين، هكذا كان القضاء قبل الإسلام.



1 - انظر: تاريخ ابن خلدون: 1 / 220.
2 - انظر: الإصابة: 1 / 657 رقم 1360 و 1 / 253، الأعلام للزركلي: 2 / 5 و 152،
المحبر: 134.
3 - تاريخ ابن خلدون: 2 / 309، وفي المطبوع: (مسلمة)، والصحيح ما أثبتناه من
المصادر الرجالية.
4 - المحبر: 132، سير أعلام النبلاء: 1 / 302، الأعلام: 3 / 247.
5 - أسد الغابة: 2 / 91، الاعلام: 3 / 16.
6 - المحبر: 133.
7 - تهذيب الكمال: 7 / 438، الإصابة: 1 / 350 رقم 485.
8 - المصنف لعبد الرزاق الصنعاني: 10 / 309 ح 19207، تاريخ اليعقوبي: 1 / 227.
250
منصب القضاء:
القضاء منصب جليل ومرتبة سامية، فإنه إمارة شرعية، وغصن من دوحة
الرئاسة العامة الثابتة للنبي والأئمة وخلافة عنهم (عليهم السلام)، وخطره عظيم جدا إذ
القاضي على شفير جهنم، ولما ولي الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) شريحا القضاء
في الكوفة اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه، وقال له يوما: «يا
شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي» (1).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): «لسان القاضي بين جمرتين من نار حتى يقضي بين الناس،
فإما في الجنة وإما في النار» (2).
إن الدين الإسلامي يوجب القضاء على كل من له الأهلية وجوبا كفائيا، بحيث
إذا قام به من فيه الكفاية سقط عن الآخرين، وقد يوجبه وجوبا عينيا على كل من
جمع شروطه، وذلك إذا لم يكن في بلده أو ما يقرب منه مما لا يتعسر الرجوع إليه
للمرافعة من له أهلية غيره، فإنه يجب عليه حينئذ عينا مع فرض حاجتهم إلى
القاضي وعدم إمكان (رفع التنازع بالمصالحة ونحوها) (3).
وإن الدين الإسلامي يشترط في القاضي شروطا عديدة منها: الاجتهاد، فلا
ينفذ قضاء غير المجتهد، وإن بلغ من العلم والفضل ما بلغ، لإجماع المسلمين على
ذلك، لأن منصب القضاء - كما عرفت - مختص بالنبي والأئمة (عليهم السلام)، لقوله تعالى:
(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) (4)، وقد تقدم قول الإمام علي (عليه السلام)
لشريح القاضي، فحينئذ يتوقف جواز القضاء من غير النبي والأئمة على الإذن
منهم (عليهم السلام).
وقد وردت الآثار من أئمة الهدى (عليهم السلام) بالإذن في القضاء للمجتهد العادل
خاصة، القادر على استنباط الأحكام من أدلتها الشرعية، فإن الإمام الصادق (عليه السلام)
يقول فيما يحدثنا به الصدوق (رحمه الله) في الفقيه: «إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى
أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم،



1 - الكافي: 7 / 406 ح 2، الفقيه: 3 / 5 ح 3223، التهذيب: 6 / 217 ح 509.
2 - تهذيب الأحكام: 6 / 292 ح 808، وسائل الشيعة: 27 / 214 ح 33622.
3 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني.
4 - سورة النساء: 59.
251
فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» (1).
وقال (عليه السلام) أيضا: «القضاة أربعة: ثلاثة في النار وواحد في الجنة: رجل قضى
بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار،
(ورجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار)، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو
في الجنة» (2).
وقال الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) (3)، وفي آية
أخرى: (هم الكافرون) (4).
وقد حرم الدين الإسلامي أخذ الرشوة للقاضي، وهي: ما يبذله أحد المترافعين
للقاضي ليحكم له بالباطل، أو ليحكم له حقا كان أو باطلا، أو ليعلمه طريق المخالفة
حتى يغلب على خصمه (5)، قال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم) (6).
وقد جوز الدين الإسلامي ارتزاق القاضي من بيت مال المسلمين، لأنه معد
لمصالح المسلمين والقضاء منها، لتوقف انتظام أمورهم عليه، وإن كان الأولى تركه
توفرا على سائر المصالح، وقد ترك كثير من القضاة أخذ ذلك تورعا في الدين أو
توفيرا لمصالح المسلمين.
وقد علم الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) شريحا القاضي آداب القضاء، وذلك
فيما حدثنا به الكليني في الكافي في باب آداب القاضي: عن سلمة بن كهيل قال:
سمعت عليا (عليه السلام) يقول لشريح: «أنظر إلى أهل المعك والمطل (7) ودفع حقوق
الناس من أهل المقدرة واليسار، ممن يدلي بأموال الناس إلى الحكام، فخذ للناس



1 - الفقيه: 3 / 2 - 3 ح 3216، وكذا: الكافي: 7 / 412 ح 4، التهذيب: 6 / 219 ح 516.
2 - الفقيه: 3 / 4 ح 3221، وكذا: الكافي: 7 / 407 ح 1، التهذيب: 6 / 218 ح 513، وما
بين القوسين أثبتناه من المصادر.
3 - سورة المائدة: 47.
4 - سورة المائدة: 44.
5 - انظر: تكملة العروة الوثقى للسيد اليزدي: 2 / 22 مسألة 19.
6 - سورة البقرة: 188.
7 - المعك: الرجل المطول، والمماعك: مماطل، والمطل: التسويف والمدافعة بالعدة
والدين، الفائق للزمخشري: 3 / 249، لسان العرب: 11 / 624.
252
بحقوقهم منهم وبع فيها العقار والديار، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: مطل
المسلم الموسر ظلم للمسلم.
ومن لم يكن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبيل عليه، واعلم أنه لا يحمل الناس
على الحق إلا من ورعهم عن الباطل، ثم واس بين المسلمين بوجهك ومنطقك
ومجلسك، حتى لا يطمع قريبك في حيفك ولا ييأس عدوك من عدلك، ورد
اليمين على المدعي مع بينته، فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء، واعلم أن
المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا مجلود في حد لم يتب منه، أو معروف
بشهادة زور، أو ظنين، وإياك والتضجر والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب
الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق، واعلم أن الصلح جائز بين
المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، واجعل لمن ادعى شهودا غيبا
أمدا بينهما، فإن أحضرهم أخذت له بحقه، وإن لم يحضرهم أوجبت عليه
القضية، وإياك أن تنفذ قضية في قصاص أو حد من حدود الله أو حق من حقوق
المسلمين، حتى تعرض ذلك علي إن شاء الله، ولا تقعد في مجلس القضاء حتى
تطعم» (1).
هذه الكلمات الذهبية، وجوامع الكلم التي علمها الإمام علي (عليه السلام) لشريح
القاضي، هي مجموعة صالحة من قوانين إسلامية، يدور عليها أكثر أحكام القضاء
بأوجز الكلام وأبلغه.
وقد قال (عليه السلام) يوما لعمر بن الخطاب: «ثلاث إن حفظتهن وعملت بهن كفتك ما
سواهن، وإن تركتهن لم ينفعك شيء سواهن».
قال عمر: وما هن يا أبا الحسن؟
قال: «إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا
والسخط، والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود».
قال عمر: لعمري لقد أوجزت وأبلغت (2).



1 - الكافي: 7 / 412 ح 1، الفقيه: 3 / 15 ح 3243، التهذيب: 6 / 225 ح 541.
2 - التهذيب: 6 / 227 ح 547، وسائل الشيعة: 27 / 212 ح 33619.
253
القضاء في الإسلام:
إن أول من تولى القضاء في الإسلام النبي (صلى الله عليه وآله)، صاحب الشريعة الإسلامية
نفسه ثم تولاه خلفاؤه، لأن القضاء من المناصب الداخلة تحت الخلافة - كما عرفت
- فكان الخلفاء في صدر الإسلام يباشرونه بأنفسهم ولا يجعلونه إلى من سواهم،
حتى إذا اتسع سلطانهم وكثرت مهام منصبهم اضطروا إلى استنابة من يقوم عنهم
بالقضاء في مركز الخلافة وفي الأعمال، وأول من فعل ذلك منهم عمر بن الخطاب،
فولى أبا الدرداء معه في المدينة، وولى شريحا بالبصرة، وولى أبا موسى الأشعري
بالكوفة (1).
أما مصر، فالقضاء فيها كان موكولا إلى أمرائها، وهم الذين كانوا يولون قضاتها،
وكان عمر بن الخطاب قد أراد أن يولي قاضي مصر كما ولى قضاة المدينة والبصرة
والكوفة، فكتب إلى عمرو بن العاص أن يولي القضاء كعب بن يسار بن ضنة، وكان
ممن قضى في الجاهلية، فأبى كعب أن يقبل ذلك وقال: قضيت في الجاهلية ولا
أعود إليه في الإسلام.
فولى عمرو عثمان بن قيس بن أبي العاص (2)، وما زال أمير مصر هو الذي يولي
القضاة، حتى أفضت الخلافة إلى بني العباس، فأرادوا توطيد سلطانهم على مصر
فجعلوا تولية القضاء إليهم، وأول قاض ولاه الخلفاء على مصر مباشرة عبد الله بن
لهيعة الحضرمي، ولاه أبو جعفر المنصور سنة 155 (3)، ثم صارت تولية قضاة مصر
إلى الخلفاء حتى عهد الدولة العثمانية.
وكان القضاة في أول الأمر يولون على الأقاليم على كل إقليم قاض، فلما عمرت
المملكة واتسعت، تعدد القضاة حتى صاروا يولون في المدن الكبرى عدة قضاة،
كل قاض في جانب من جوانبها، والخليفة هو الذي يولي كلا منهم بنفسه إلى زمن
الرشيد وقد اتسعت بغداد في أيامه، ونبغ يومئذ القاضي أبو يوسف الشهير وكان



1 - انظر: تاريخ دمشق: 23 / 28، الثقات لابن حبان: 3 / 286، تهذيب الكمال: 12 /
437 و: 4 / 286، تهذيب التهذيب: 4 / 287، الأعلام: 5 / 98.
2 - الإصابة: 5 / 459 رقم 7450.
3 - تاريخ اليعقوبي: 2 / 389 و 401.
254
الرشيد يكرمه ويجله فدعاه: قاضي القضاة، وهو أول من دعى بذلك (1)، وصار
قاضي القضاة بعده هو الذي يولي قضاة مدينة بغداد، ثم صار يولي قضاة الأقاليم
واقتدى بالعباسيين من عاصرهم وخلفهم من الخلفاء في الأندلس ومصر، وصاروا
يولون قاضي القضاة وهو يولي القضاة.
وكانت وظيفة القاضي في صدر الإسلام محصورة في الفصل بين الخصوم، ثم
صاروا يتعاطون أمورا أخرى على ما تقتضيه الأحوال، بحسب اشتغال الخلفاء بأمور
السياسة، فأضيف إلى أعمال القاضي استيفاء بعض الحقوق العامة للمسلمين،
كالنظر في أموال المحجور عليهم من المجانين واليتامى والمفلسين وأهل السفه،
وفي وصايا المسلمين وأوقافهم وتزويج الأيامى عند فقد الأولياء، ثم امتدت
سلطتهم إلى النظر في مصالح الطرقات والأبنية وتصفح الشهود والأمناء والنواب
واستيفاء العلم والخبرة فيهم بالعدالة والجرح.
وتوسع بعض الخلفاء حتى جعل للقضاة قيادة الجهاد في عساكر الصوائف،
منهم: يحيى بن أكثم، فقد كان يخرج في أيام المأمون بالصائفة (2) إلى أرض
الروم (3)، وكذلك منذر بن سعيد قاضي عبد الرحمن الناصر الأموي بالأندلس (4)،
وولى العزيز بالله الفاطمي علي بن النعمان القضاء بمصر، وأضاف إليه قضاء الشام
والحرمين والمغرب وجميع مملكة العزيز والخطابة والإمامة والعيار في الذهب
والفضة والموازين والمكاييل (5)، ثم تولى القضاء أبو محمد البازوري سنة 441
وأضيف إليه الوزارة، وهو أول قاض جمع بينهما، ثم أضيفت إلى غيره بعده.
فترى فيما تقدم أن منصب القضاء كان واسعا جدا، على أنه لم يكن كذلك في
كل الأعصر، وإنما اختلف باختلاف الدول كما رأيت، ثم إن الخلفاء كانوا في أوائل
الإسلام لا يولون القضاء إلا أهل عصبتهم من العرب أو مواليهم بالحلف أو بالرق أو



1 - البداية والنهاية: 10 / 194، سير أعلام النبلاء: 8 / 535 و 538، الأعلام: 8 / 193.
2 - الصائفة: الغزو في الصيف وبها سميت غزوة الروم لأنهم كانوا يغزون صيفا لمكان البرد
والثلج. لسان العرب: 9 / 202.
3 - الأعلام: 8 / 138.
4 - سير أعلام النبلاء: 16 / 175.
5 - سير أعلام النبلاء: 16 / 209 و 367.
255
بالاصطناع، ممن يوثق بكفائته أو غنائه فيما يدفع إليه، فلما تحولت الخلافة
الإسلامية من الغرض الديني إلى الغرض السياسي وصار الأمر كله ملكا أو
سلطانا (1)، ضعف هذا الشرط ثم تحولت أزمة الأحكام إلى الأعاجم، فتقاصرت
واجبات القاضي بالتدريج إلى الفصل بين الخصوم والحكم في الأحوال الشخصية،
ثم انحصرت في الأحوال الشخصية بالمحاكم الشرعية كما هو اليوم.
وكان القضاة يجلسون في المساجد للحكم بين الناس، فإذا جاءهم الخصوم
حكموا بينهم هناك، هذا الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان له في جامع الكوفة أيام
خلافته موضع يعرف حتى الآن بدكة القضاء (2)، وهو إلى جانب الموضع المعروف
ببيت الطشت، كان يجلس فيه لفصل الحكومة بين الخصمين، وكانت هناك أسطوانة
قصيرة مكتوب عليها: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، ولكن محتها يد الجور
والعدوان، كما محت غيرها من الآثار، فلم يكن لها اليوم عين ولا أثر.
وكانوا يعدون القضاء من الأعمال الشاقة الخطرة بالنظر إلى الدين، لما فيه من
تحمله التبعة فيما قد يخطئ به القاضي فيحكم على صاحب الحق فيظلمه وهو
مسؤول عنه، فكثيرا ما كان العلماء ورجال التقوى يأبون ولايته، وكثيرا ما كانوا
يقهرون على توليه، وكان منهم من لم يتقاض الراتب الشهري إزاء قضائه، تورعا منه
واحتياطا في الدين (3).
وكانوا إذا ولوا القاضي جاؤوا به الجامع واحتفلوا هناك بقراءة السجل الصادر له
بذلك، وكان القاضي حرا في حكمه، فيحكم على مذهبه واجتهاده، ولا يجبر أن
يحكم وفق مذهب من المذاهب، ولكن بتداول الأيام ودخول أكثر الممالك



1 - ولذلك قال محمد بن عمر: لقد كان الرجلان يتقاولان بالمدينة في أول الزمان فيقول
أحدهما لصاحبه: لأنت أفلس من القاضي، فصار القضاة اليوم ولاة وجبابرة وملوكا
وأصحاب غلات وضياع وتجارات وأموال. الطبقات الكبرى: 5 / 280.
2 - انظر: نوادر المعجزات: 26 ح 10، الفضائل لشاذان القمي: 74، بحار الأنوار: 80 /
362، وقال: قال الراوندي: الظاهر من دكة القضاء والمشهور في ذلك وقوع الحكم فيها غالبا
ولم يذكر موضع آخر لجلوسه (عليه السلام) للحكم فيه.
3 - انظر: الطبقات الكبرى: 6 / 82، الثقات لابن حبان: 4 / 268، تاريخ دمشق: 13 /
361.
256
الإسلامية في قبضة الدولة العثمانية المقلد جمهور حكامهم لأبي حنيفة النعمان،
انتهى الأمر أن صار حصر القضاء وفق مذهب إمامهم.
وأما راتب القاضي فيختلف باختلاف الدول والأزمان، فإن عمر بن الخطاب
ولى شريحا قضاء البصرة وفرض له مائة درهم في كل شهر ومؤنته من الحنطة (1)،
وظلت رواتب القضاة على نحو ذلك في سائر أيام الراشدين، ثم تصاعدت في أيام
بني أمية مثل تصاعد رواتب الجند وسائر العمال.
فلما كانت أيام العباسيين أصبح راتب قاضي مصر ثلاثين دينارا في الشهر،
وأول من اقتضى هذا الراتب ابن لهيعة الذي ولاه المنصور كما تقدم (2)، ثم تصاعد
الراتب تصاعدا عظيما في أيام المأمون، فبلغ عطاء عيسى بن المنكدر قاضي مصر
يومئذ 4000 درهم أو نحو 270 دينارا، وهو راتب فاحش ربما جعل كذلك لغرض
خاص، لأنه أجيز فوق هذا الراتب بألف دينار.
وعاد راتب قاضي مصر بعد ذلك بضعا وعشرين سنة إلى ألف دينار في السنة،
وأول من اقتضى هذا الراتب بكار بن قتيبة الذي تولى قضاء مصر على عهد أحمد بن
طولون سنة 245 (3)، وزاد ذلك في الدولة الفاطمية فأصبح راتب القاضي وهو
قاضي القضاة يومئذ 12000 دينار في السنة ما عدا المؤونة والهدايا، ولعلها
استمرت على ذلك في دولة الأيوبيين ومن تلاهم.
أما بغداد فاختلف راتب القاضي فيها باختلاف الأزمان، وكان في زمن المعتضد
نحو 500 دينار في الشهر بما فيه أجور عشرة من الفقهاء وخليفة القاضي، ثم دخل
القضاء في الالتزام فصار القضاة يضمنون دخل القضاء بمال يؤدونه إلى الخليفة أو
السلطان، وأول من ضمن القضاء عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب سنة 350 في
أيام معز الدولة ابن بويه، فقد سمي قاضي قضاة بغداد، والتزم القضاء على أن يؤدي
200000 درهم كل سنة، ثم صار ذلك أمرا مألوفا وصاروا يضمنون الحسبة
والشرطة (4).



1 - انظر: تاريخ دمشق: 23 / 18، سير أعلام النبلاء: 4 / 102.
2 - انظر: تذكرة الحفاظ: 1 / 239، ميزان الاعتدال: 2 / 478.
3 - انظر: سير أعلام النبلاء: 12 / 603.
4 - انظر: تاريخ بغداد: 2 / 197، تاريخ التمدن الإسلامي: 1 / 215 - 230.
257
وإليك طائفة كبيرة ممن تولى القضاء بالكوفة من لدن تمصيرها حتى أواخر
العصر العباسي وما بعده:
1 - عروة بن أبي الجعد، ولاه عمر قضاء الكوفة قبل شريح (1).
2 - شريح بن الحارث بن قيس، ولي قضاء الكوفة من أيام عمر، وبقي على
القضاء إلى أيام يزيد بن معاوية، واستقضى المختار شريحا على الكوفة، فسمع
الناس يقولون: إنه عثماني، وإنه شهد على حجر بن عدي، وإنه لم يبلغ مرادا ما قاله
هانئ بن عروة فتمارض، فاستعمل على القضاء عبد الله بن عتبة بن مسعود
فمرض، فجعل مكانه عبد الله بن مالك الطائي، وولي شريح القضاء لعبد الله بن
الزبير أيضا، توفي شريح في الكوفة سنة 76، أو 78 أو 79، أو 80 (2).
3 - سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو بن سهم بن ثعلبة بن غنم، ولاه عمر
القضاء، ولما غزا بلنجر (3) في خلافة عثمان بن عفان قتل بها سنة 30 (4).
4 - مسروق بن الأجدع عبد الرحمن بن ملك بن أمية، استقضاه زياد بالكوفة
سنة، وكان لا يأخذ على القضاء رزقا، وكان شريح القاضي يستشيره، مات بالسلسلة
بواسط سنة 63 (5).
5 - عبد الملك بن عمير بن سويد بن حارثة القرشي، ويقال: اللخمي، أبو
عمرو المعروف بالقبطي، ولاه القضاء زياد بن أبيه، توفي سنة 136 وله يومئذ 103
سنين (6).
6 - عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة بن كلاب، روى عن
ابن مسعود، تولى القضاء للمختار ولمصعب بن الزبير، توفى سنة 73، وقيل: سنة



1 - تاريخ بغداد: 1 / 207، تاريخ دمشق: 40 / 216، تهذيب الكمال: 20 / 6.
2 - انظر: تاريخ دمشق: 23 / 7 و 12، الإصابة: 3 / 271، مقتل الحسين: 346.
3 - بلنجر: مدينة ببلاد الخزر. معجم البلدان: 1 / 490.
4 - تاريخ دمشق: 21 / 475، أسد الغابة: 2 / 327.
5 - انظر: الطبقات الكبرى: 6 / 82 - 84، تاريخ بغداد: 13 / 234 - 236، تهذيب
الكمال: 27 / 455.
6 - سير أعلام النبلاء: 5 / 455.
258
74 (1).
7 - أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، واسمه عامر بن عبد الله بن قيس،
استقضاه الحجاج على الكوفة بعد شريح، وألزمه سعيد بن جبير كاتبا ووزيرا،
وتوفى بالكوفة سنة 103 أو سنة 104 (2).
8 - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، ولي القضاء في أيام عبد
الملك بن مروان، وتوفى سنة 94، وقيل: سنة 95، وقيل: غير ذلك (3).
9 - أبو قرة بن سلمة الكندي، ولي قضاء الكوفة، روى عن سلمان وحذيفة بن
اليمان (4).
10 - بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
الأنصاري، ولي قضاء الكوفة بضع عشرة سنة ثم عزل، وتوفى بعد ذلك بالكوفة سنة
211، أو سنة 212 (5).
11 - نوح بن دراج النخعي مولاهم، كان قاضي الجانب الشرقي من الكوفة،
عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق (عليه السلام)، وكان يخفي أمره، روى
الكشي في رجاله عن محمد بن مسعود قال: سألت أبا جعفر حمدان بن أحمد
الكوفي عن نوح بن دراج، فقال: كان من الشيعة وكان قاضي الكوفة.
فقيل له: لم دخلت في أعمالهم؟
فقال: لم أدخل في أعمال هؤلاء حتى سألت أخي جميلا يوما فقلت: لم لا
تحضر المسجد؟
فقال: ليس لي إزار. توفي سنة 182 (6).
12 - عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي الكوفي، وهو من حمير، وعداده في



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 120، أسد الغابة: 2 / 316.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 268، معرفة الثقات: 2 / 387 رقم 2089، تاريخ دمشق: 26 /
56.
3 - الثقات لابن حبان: 5 / 63.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 148.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 406.
6 - رجال الطوسي: 314 رقم 4671، نقد الرجال: 5 / 19 رقم 5602.
259
همدان، ولد سنة 19، وقد ولاه قضاء الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن
الخطاب، وكان والي عمر بن عبد العزيز على العراق، توفى الشعبي سنة 103 وقيل
غير ذلك (1).
13 - القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، تولى القضاء ليزيد
ابن عبد الملك بن مروان، توفي سنة 120، وقيل: سنة 116، وكان لا يأخذ على
القضاء أجرا (2).
14 - القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله
ولي قضاء الكوفة، وكان لا يأخذ عليه أجرا، وكان شاعرا نحويا، توفي وهو على
القضاء سنة 175 (3).
15 - سعد بن نمران الهمداني، سيد همدان كاتب علي (عليه السلام)، ولي القضاء لعبد
الله بن الزبير (4).
16 - أبو بكر بن أبي موسى الأشعري، ولي القضاء للوليد بن عبد الملك بن
مروان (5).
17 - الحسين بن الحسن الكندي، ولي القضاء ليزيد بن عبد الملك (6).
18 - محارب بن دثار، من بني سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن
صعب بن علي بن بكر بن وائل، أبو مطرف، ولي القضاء لخالد بن عبد الله
القسري، توفي في خلافة هشام بن عبد الملك سنة 116 (7).
19 - سعيد بن عمرو بن أشوع الهمداني، ولي القضاء في خلافة هشام، وتوفي
في ولاية خالد بن عبد الله القسري سنة 110 (8).



1 - تاريخ بغداد: 12 / 277، تذكرة الحفاظ: 1 / 80.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 303، تاريخ دمشق: 49 / 92 - 100.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 384، تهذيب الكمال: 23 / 450 - 451.
4 - تاريخ الطبري: 4 / 451، الاعلام: 3 / 103.
5 - البداية والنهاية: 9 / 87، سير أعلام النبلاء: 5 / 6.
6 - تاريخ دمشق: 49 / 96.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 307، ميزان الاعتدال: 3 / 440 رقم 7078.
8 - تهذيب الكمال: 11 / 16.
260
20 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بن بلال بن بليل بن أحيحة بن الجلاح
الأنصاري، ولي القضاء لهشام بن عبد الملك، ثم وليه لأبي العباس السفاح في ولاية
عيسى بن موسى على الكوفة، وتوفي بها سنة 148 (1).
21 - عبد الله بن شبرمة بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد
ابن كعب بن بجالة الضبي، أبو شبرمة الكوفي، كان شاعرا جوادا، ولد سنة 72
وتوفي سنة 144، وقد ولي القضاء لهشام عبد الملك (2).
22 - السري بن إسماعيل الهمداني، من الصائديين أنفسهم، وكان كاتبا للشعبي
وابن عمه، وقد ولي القضاء بعده، توفي بعد سنة 100 (3).
23 - عيسى بن المسيب البجلي، ولاه القضاء خالد بن عبد الله القسري، توفي
في خلافة أبي جعفر المنصور العباسي (4).
24 - غيلان بن جامع بن أشعث المحاربي، أبو عبد الله الكوفي وقاضيها، أخذ
عن محمد بن أبي ليلى، وتوفي في ولاية يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق، قتله
المسودة (5) في أول ما جاؤوا بين واسط والكوفة سنة 132 (6).
25 - الحجاج بن عاصم المحاربي، ولي القضاء في أيام مروان الحمار، وتوفي
في سلطان بني أمية (7).
26 - شريك بن عبد الله بن أبي شريك الحارث بن أوس بن الحارث بن الأذهل
ابن وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع، من مذحج، أبو عبد الله، ولاه أبو جعفر
المنصور قضاء الكوفة بالقهر عليه فلم يزل عليها حتى مات أبو جعفر، وولي المهدي
فأقره على القضاء ثم عزله، وتوفي شريك بالكوفة يوم السبت مستهل ذي القعدة



1 - وفيات الأعيان: 1 / 452، الأعلام: 6 / 189.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 351، تاريخ دمشق: 48 / 132.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 369.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 346، ميزان الاعتدال: 3 / 323 رقم 6607.
5 - المسودة: هم أصحاب الدعوة العباسية، وسموا بذلك لأنهم كانوا يلبسون ثيابا سودا.
مجمع البحرين: 2 / 45.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 352، تهذيب الكمال: 23 / 130.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 353.
261
سنة 177 عن نيف وثمانين سنة (1).
27 - حفص بن غياث بن طلق بن معاوية بن مالك بن الحارث بن ثعلبة بن عامر
ابن ربيعة، أبو عمر، ولاه هارون القضاء ببغداد بالشرقية، ثم ولاه قضاء الكوفة فلم
يزل قاضيا بها إلى أن مات في عشر ذي الحجة سنة 194 (2).
28 - سعيد بن جبير الوالبي، مولاهم الكوفي المقري المفسر الفقيه المحدث،
أحد الأعلام، ولاه الحجاج القضاء في الكوفة فضج أهل الكوفة وقالوا: لا يصلح
للقضاء إلا عربي (3)، فعزله واستقضى مكانه أبا بردة ابن (أبي) موسى
الأشعري، وأمره أن لا يقطع أمرا دونه، ثم قتله في شعبان سنة 95.
29 - الحكم بن عتيبة بن النهاس العجلي الكوفي وقاضيها، توفي سنة 115 (4).
30 - عدي بن ثابت الأنصاري، كان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم، توفي سنة
116 (5).
31 - أبو عتاب منصور بن المعتمر السلمي، الحافظ، أكره على قضاء الكوفة
فقضى شهرين، توفي بالمدينة سنة 132 (6).
32 - حفص بن سليمان الغاضري الكوفي، تلميذ عاصم، عاش تسعين سنة
وتوفي سنة 180 (7).
33 - علي بن غراب الكوفي، وكان شيعيا، توفي سنة 184 (8).
34 - حفص بن غياث بن طلق النخعي، أبو عمر، قاضي الكوفة وبغداد، وكان



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 379.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 390، الاعلام: 2 / 264.
3 - ذكرت المصادر أن هذا القول موجها ليحيى بن وثاب، انظر: معرفة الثقات للعجلي: 2
/ 359 رقم 1999، سير أعلام النبلاء: 4 / 381.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 332، ميزان الاعتدال: 1 / 577 رقم 2189، تهذيب التهذيب:
2 / 374.
5 - تهذيب التهذيب: 7 / 150 رقم 330.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 337، معرفة الثقات: 2 / 299، تهذيب الكمال: 28 / 554.
7 - تهذيب الكمال: 7 / 15، ميزان الاعتدال: 1 / 559.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 392، تهذيب الكمال: 21 / 95.
262
من أوثق أصحاب الأعمش، توفي آخر سنة 194 (1).
35 - أحمد بن بديل، أبو جعفر، اليامي الكوفي، كان يسمى: راهب الكوفة
لعبادته، توفي سنة 258 في أيام المهتدي العباسي (2).
36 - أبو الحسن علي بن محمد بن هارون الحميري الكوفي الفقيه، تولى القضاء
في أيام الراضي بالله، وتوفي سنة 323 (3).
37 - أحمد بن كامل بن شجرة أبو بكر البغدادي، تلميذ محمد بن جرير
وصاحب التصانيف في الفنون، عاش تسعين سنة، وتوفي في المحرم سنة 350 في
أيام معز الدولة (4).
38 - أبو عبد الله الحسين بن هارون، البغدادي الضبي، ولي قضاء مدينة
المنصور، وقضاء الكوفة في أيام القادر بالله، وتوفي سنة 398 (5).
39 - عبد الواحد بن أحمد بن محمد الثقفي، أبو جعفر، ولاه المستنجد القضاء
توفي سنة 555 (6).
هذا ما تيسر جمعه من القضاة على العجالة، ولا ريب أن في الكوفة كثيرين تولوا
القضاء حتى خرابها، لا سيما في عهد ملوك الشيعة.



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 390، الثقات لابن حبان: 6 / 201.
2 - تاريخ بغداد: 4 / 269، تهذيب الكمال: 1 / 272، سير أعلام النبلاء: 12 / 331 رقم
128.
3 - تاريخ بغداد: 12 / 68 رقم 6466، سير أعلام النبلاء: 15 / 13 رقم 6.
4 - ميزان الاعتدال: 1 / 129، لسان الميزان: 1 / 249 رقم 777.
5 - الأنساب للسمعاني: 5 / 393، تاريخ بغداد: 7 / 315، وقالا: توفي سنة 411.
6 - ذيل تاريخ بغداد: 1 / 123 رقم 114.
263
ولاة الكوفة
توطئة:
يراد بالولاية الإمارة على البلاد، فيولي السلطان أو الملك من يقوم مقامه في
حكومة الولايات وهي الأعمال في اصطلاحهم، وهذا النوع من الحكومة قديم،
وكانت الشام لما فتحها المسلمون، ولاية واحدة من ولايات الروم يسمونها: ولاية
الشرق، وتقسم إلى 11 إقليما، تحت كل إقليم عدة بلاد، ولكل إقليم قصبة، وكان
لكل إقليم حاكم أو عامل، والغالب أن يكون بطريقا، والبطريق عند الروم غير
البطريرك، وإنما هو لقب جماعة من شرفاء المملكة الرومانية، نشأوا بنشوء مدينة
رومية، وكان لهم نفوذ عظيم في دولة الرومان، وكانوا بعد انقسام المملكة الرومانية
قد انحط شأنهم ولم يعد لهم عمل في الحكومة، فلما امتدت تلك المملكة إلى
إفريقية وسائر الشرق، رأت الحكومة أن هذه الولايات البعيدة تحتاج إلى من يتولاها
ويكون له هيبة وسطوة، فجعلوا يولونهم الحكومات في تلك المستعمرات، وفي
جملتها الشام ومصر وما يليهما، فكان على كل إقليم من أقاليم الشام حاكم يقيم في
قصبتها ومعه الجند في القلاع، وكان على كل من هذه الأقاليم حاكم عام يقيم في
أنطاكية، ولهذا الحاكم أن يولي ويعزل من يشاء من حكام الأقاليم، وهو يتولى جباية
الخراج والإنفاق على الجند وسائر أعمال الولاية، وكانت مصر أيضا على نحو هذا
النظام من حيث الانقسام إلى أقاليم وبلاد، وحاكمها العام كان يقيم في الإسكندرية.
وكانت العراق وبلاد فارس هكذا أيضا، وربما كان ولاتها أكثر تقليدا من ولاة
الشام ومصر لقرب دار الملك منهم.
الولايات في الإسلام (1):
فلما ظهر الإسلام ونهض المسلمون للفتح، كانوا إذا أرسلوا قائدا إلى فتح بلد



1 - انظر العهد الذي عهده الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمالك الأشتر حين
ولاه مصر وأعمالها، لما اضطر أمر أميرها محمد بن أبي بكر وهو أطول عهد كتبه (عليه السلام)
وأجمعه محاسن، وقد أورده الشريف الرضي (رحمه الله) في نهج البلاغة، أنظر شرحه لابن أبي
الحديد: 4 / 119 - 153، وقد شرح هذا العهد شروحا عديدة وترجم إلى لغات أجنبية.
264
ولوه عليه قبل خروجه لفتحه أو شرطوا عليه إذا فتحه فهو أمير عليه، وكان ذلك
شأنهم من أيام النبي (صلى الله عليه وآله)، فإنه أرسل في السنة الثامنة للهجرة أبا زيد الأنصاري
وعمرو بن العاص ومعهما كتاب منه يدعو الناس إلى الإسلام وقال لهما: «إن أجاب
القوم إلى شهادة الحق وأطاعوا الله ورسوله، فعمرو الأمير وأبو زيد على الصلاة
وأخذ الإسلام على الناس وتعليمهم القرآن والسنن» وكان كذلك (1).
فلما تولى أبو بكر وبعث البعوث لفتح الشام، كان إذا عقد لأحدهم لواء على
بلد أو إقليم ولاه عليه قبل ذهابه لفتحه، هكذا فعل في أول بعث بعثه، وهم ثلاثة:
فعقد لواء لعمرو بن العاص وأمره أن يسلك طريق إيلة عامدا إلى فلسطين، وعقد
لواء آخر ليزيد بن أبي سفيان وأمره أن يسلك طريق تبوك إلى دمشق، وعقد
لشرحبيل بن حسنة على أن يسير في طريق تبوك أيضا إلى الأردن، وولى كل واحد
منهم البلد الذي هو سائر لفتحه وقال لهم: إذا كان بكم قتال فأميركم الذي تكونون
في عمله (2).
ولما تولى عمر بن الخطاب الخلافة ولى أبا عبيدة بن الجراح أمر الشام كله
وإمرة الأمراء في الحرب والسلم (3)، فأشبه عمله هذا ما كانت عليه الشام قبل فتحها
وهي أن يكون على كل إقليم عامل وعلى عمال الأقاليم وال عام كما رأيت.
ولكن حاكم الروم العام كان يقيم في أنطاكية، فاختار المسلمون دمشق بدلا منها
لبعدها عن البحر وقربها من بلاد العرب، عملا برغبة عمر بن الخطاب أن لا يقيم
المسلمون في مكان يحول بينه وبينهم ماء.
وكانت ولاية الأعمال في بادئ الرأي أشبه بالاحتلال العسكري منه بالتملك،
وكان العمال أو الولاة عبارة عن قوات الجند المقيم بضواحي البلاد المفتوحة، بما
يعبرون عنه بالرابطة أو الحامية، وكانت الجنود الإسلامية منقسمة إلى قوات تقيم
في محطات عسكرية بأماكن أقرب إلى طريق الصحراء منها إلى السواحل للأسباب
التي قدمناها.
فكانت عساكر الشام أربعة أجناد تقيم في: دمشق وحمص والأردن



1 - فتوح البلدان للبلاذري: 1 / 92.
2 - فتوح البلدان للبلاذري: 1 / 129.
3 - فتوح البلدان للبلاذري: 1 / 138.
265
وفلسطين، ومنها تسمية هذه الأقاليم بالأجناد (1)، وقوات العراق كانت تقيم في
الكوفة والبصرة، وقوات مصر في الفسطاط وضواحي الإسكندرية، ولم يكونوا
يسكنون القرى ولا المدن ولا يختلطون بالأهلين، وقد منعهم عمر بن الخطاب من
اتخاذ الزرع وشدد عليهم في ذلك، فكانوا يقيمون في معسكراتهم إلى زمن الربيع
فيسرحون خيولهم بالمرعى في القرى، يسوقها الأتباع ومعهم طوائف من
السادات، وكانوا كثيري العناية بتربية خيولهم وإسمانها، ومن أقوال عمرو بن العاص
لجنده في مصر:
(لا أعلمن ما أتى رجلا قد أسمن جسمه وأهزل فرسه، واعلموا أني معترض
الخيل كاعتراض الرجل، فمن أهزل فرسه من غير علة حططت من فريضته قدر
ذلك) (2).
وكان عمرو بن العاص إذا جاء الربيع، كتب لكل قوم بربيعهم ولبنهم إلى حيث
أحبوا، فتفرق العرب في القرى على حسب راياتهم وقبائلهم، وخصوصا في منوف
وسمنود وأهناس وطحا، فكانت قرى مصر كلها في جميع الأقاليم مملوءة بالقبط
والروم، ولم ينتشر الإسلام في قرى مصر إلا بعد المائة الأولى من تاريخ الهجرة، ثم
تضاعف في أواسط المائة الثانية، ولم يقووا إلا في المائة الثالثة، يؤيد ذلك أن
المسلمين لم ينشئوا في القرى مساجد قبل ذلك الحين، وأن القبط كانوا إذا انتقضوا
أتعبوا المسلمين ولا يهون على هؤلاء اخضاعهم، وما زالوا في ذلك حتى أوقع
المأمون بهم سنة 216 وجعل الإسلام ينتشر في القرى.
وقس على ذلك حال الأندلس لما فتحها المسلمون سنة 92، فإنهم أقروا أهلها
على ما كانوا عليه إداريا وسياسيا ودينيا، وتركوا لهم أعمال الحكومة وإدارة شؤونها
وإنما أبقوا لأنفسهم الرئاسة العامة وقيادة الجند.



1 - قال البلاذري: اختلفوا في تسمية الأجناد فقال بعضهم: سمي المسلمون فلسطين جندا
لأنه جمع كورا وكذلك دمشق وكذلك الأردن وكذلك حمص مع قنسرين، وقال بعضهم:
سميت كل ناحية لها جند يقبضون أطماعهم بها جندا، وذكروا أن الجزيرة كانت إلى قنسرين
فجندها عبد الملك بن مروان أي أفردها فصار جندها يأخذون أطماعهم من
خراجها. انظر: فتوح البلدان: 1 / 156.
2 - تاريخ دمشق: 46 / 163، وفيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
266
هكذا كانت حال الأعمال الإسلامية في أوائل الإسلام، إلا ما قرب منها من مركز
الخلافة كالشام في أيام بني أمية والعراق في أيام بني العباس.
فكان العمال في عهد الخلفاء الراشدين، قواد الجند الذين افتتحوا تلك
الأعمال، وواجباتهم في الأكثر مراقبة سير الأحكام في البلاد التي افتتحوها وإقامة
الصلاة واقتضاء الخراج.
إن أعمال الحكومة في البلاد المفتوحة في مصر والشام والعراق، ظلت سائرة
على ما كانت عليه قبل الفتح إلى أواسط بني أمية، وبدأت ولايات الأعمال تتحول
إلى حكومات محلية من أواخر دولة الراشدين حتى كانت أيام عبد الملك بن
مروان، فأتم السيطرة الإسلامية بنقل الدواوين إلى رجل من المسلمين، ثم تنوعت
الولايات وصارت درجات متفاوتة على ما اقتضاه الزمان والمكان، ولكنها ترجع إلى
إمارتين: إمارة عامة وإمارة خاصة، والإمارة العامة ضربان: إمارة استكفاء وإمارة
استيلاء، إمارة الاستكفاء أو إمارة التفويض: هي التي كان يعقدها الخليفة لمن
يختاره من رجاله الأكفاء، فيفوض إليه إمارة الإقليم على جميع أهله، ويجعله عام
النظر في كل أموره، ويشتمل نظره فيه على سبعة أمور:
الأول: تدبير الجيوش وترتيبهم في النواحي، وتقدير أرزاقهم إلا إذا كان الخليفة
قدرها.
الثاني: النظر في الأحكام وتقليد القضاء والحكام.
الثالث: جباية الخراج وقبض الصدقات وتقليد العمال فيهما، وتفريق ما
استحق منهما.
الرابع: حماية الدين والدفاع عن الحريم.
الخامس: إقامة حدود الشرع.
السادس: الإمامة في الصلوات.
السابع: تسيير الحج، وإذا كان الإقليم المشار إليه متآخما لعدو، ترتب على
العامل أمر ثامن هو جهاد ذلك العدو، وقسمة الغنائم في المقاتلة وأخذ خمسها
لأهل الخمس (1).



1 - انظر: الأحكام السلطانية: 24.
267
وكان أكثر ولايات الإسلام على هذه الصورة، وخصوصا لما بعد منها عن مركز
الخلافة كالعراق في بني أمية ومصر والشام في بني العباس وخراسان في كليهما.
ومن عمال الاستكفاء في بني أمية في العراق زياد بن أبيه، وابنه عبيد الله،
وبشر بن مروان، والحجاج بن يوسف، ويزيد بن الملهب، ومسلمة بن عبد الملك،
وعمر بن هبيرة، وخالد بن عبد الله القسري، ويوسف بن عمر الثقفي، وعبد الله بن
عمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عمر بن هبيرة، وكانت تسمى إمارة كل منهم: إمارة
العراقين، لاشتمالها على الكوفة والبصرة.
فكان كل أمير من هؤلاء يتصرف في إمارته تصرف الملوك المستقلين بالكيفية
التي قدمناها، فيعين العمال على البلاد تحت إمارته وسائر عمال حكومته، ويجبي
الأموال فينفق منها على جنده، وفيما تقتضيه العمارة، من إصلاح الجسور، وإحتفار
الترع ونحو ذلك، ويرسل ما يبقى عنده إلى بيت المال في الشام.
وكانت الحال نحو ذلك في مصر، فقد كان عاملها من عمال الاستكفاء من عهد
عمرو بن العاص فما بعده، وربما كان عامل مصر أكثر استقلالا من سواه وخصوصا
عمرو بن العاص لما تولاها المرة الأخيرة بأمر معاوية بعد أن نصره على علي (عليه السلام)،
وربما فعل معاوية مثل ذلك بزياد بن أبيه، لما ولاه خراسان، وبالمغيرة بن شعبة لما
ولاه الكوفة رغبة منه في أطماع هؤلاء الدهاة كما تقدم.
ولما أفضت الخلافة إلى بني العباس ساروا على نحو هذه الخطة، لكنهم قلما
كانوا يجعلون أمر العراق مفوضا للعمال لقربه من مركز الخلافة، على أنهم كانوا
يفوضون العمال في الأقاليم البعيدة، كالشام ومصر وخراسان وسائر ما وراء العراق
نحو الشرق، إلى أقصى بلاد الترك وما وراء النهر، ولما تمكن البرامكة من الدولة
وغلب نفوذهم فيها، ولى الرشيد أحدهم جعفر بن يحيى الغرب كله من الأنبار إلى
أفريقيا، وقلد أخاه الفضل بن يحيى الشرق كله من شروان إلى أقصى بلاد الترك سنة
176، فأقام جعفر بمصر وأرسل العمال بأمره إلى الشام وإفريقيا وغيرهما، وأما
الفضل فإنه سار إلى عمله حتى وصل إلى خراسان، فأصلح وبدل واستخلف عمالا
وعاد إلى العراق.
وكثيرا ما كان الخلفاء يفوضون إلى بعض خاصتهم عملا من الأعمال، فيرسل
هذا من يقوم مقامه في ذلك العمل ويبقى هو في بلاد الخليفة، وأكثر ما كان يقع في

268
الدولة العباسية.
وكانت إمارة الاستكفاء هذه من جملة الأسباب التي ساعدت على تشعب
المملكة العباسية إلى دولة مستقلة، لأن الوالي كان يقيم في ولايته كأنه ملك مستقل
إلا فيما يتعلق بإرسال فضلات الخراج إلى الخليفة والخطبة له وضرب النقود باسمه
وأمور أخرى لا تضغط على ارادته، فإذا كان الوالي ذا دهاء وأنس من الخليفة ضعفا
جمع أهل الإقليم على ولائه واستقل بعمله إما استقلالا تاما وإما على مال معين
يبعث به إلى الخليفة ببغداد، أو على شروط أخرى، وعلى نحو هذا النمط استقل
الأغالبة في أفريقية وابن طاهر في خراسان وابن طولون في مصر، ولكن تلك الأقاليم
ما زالت تعد إمارات عباسية ويعبرون عنها بإمارة الاستكفاء.
وأما إمارة الاستيلاء - ويراد بها أن يعقد الخليفة لأمير على إقليم اضطرارا بعد
أن يستولي الأمير على ذلك الإقليم بالقوة - فكان الخليفة يثبته في إمارته ويفوض إليه
تدبير سياسته، فيكون الأمير باستيلائه مستبدا بالسياسة والتدبير، والخليفة بإذنه
منفذا لأحكام الدين، ولهذه الإمارة شروط تفرض على الأمير في مقابل ذلك وهي:
1 - حفظ منصب الإمامة في خلافة النبوة وتدبير أمور الملة.
2 - ظهور الطاعة الدينية.
3 - اجتماع الكلمة على الألفة والتناصر، لتكون للمسلمين يد على سواهم.
4 - أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة والأحكام فيها نافذة.
5 - أن يكون استيفاء الأموال الشرعية بحق تبرأ به ذمة مؤديها.
6 - أن تكون الحدود مستوفاة بحق وقائمة على مستحق.
7 - أن يهتم الأمير في حفظ الدين، ولأمير الاستيلاء أن يستخدم الوزراء
وغيرهم.
ومن هذه الإمارات ما انتهت إليه الدولة العباسية من التشعب وظهور الدول
الصغرى فيها، كالدولة الحمدانية والبويهية والغزنوية والإخشيدية وغيرها، وكلها
كانت إمارات مستقلة تدعو للخليفة على المنابر وتضرب السكة باسمه وترسل إليه
مالا معينا في السنة يتم الاتفاق عليه، وهو الذي يثبت أمراءها ويكون متسلسلا في
أعقابهم على نحو حال الخديوية المصرية بالنظر إلى الدولة العثمانية، هذا كله في
الإمارة العامة.

269
وأما الإمارة الخاصة فهي: أن يكون الأمير فيها مقصورا على تدبير الجيش
وسياسة الرعية وحماية البيضة والدفاع عن الحريم ضمن حدود معينة، وليس له أن
يتعرض للقضاء أو الأحكام أو لجباية الخراج أو الصدقات في شيء، حتى الإمامة
في الصلاة، فربما كان القاضي أولى بها منه، والخليفة يعين لهذه الإمارة قضاة
وجبات من عنده، فالجبات يجمعون الخراج لحساب بيت المال المركزي وهم
يؤدون أعطيات الجند وغيرها مما يجمعونه، والإمارات الخاصة كانت قليلة في إبان
الدولة العباسية.
أما رواتب العمال فقد قدرها عمر بن الخطاب بعد تدوين الدواوين وتعيين
أرزاق الجند، وأول من فعل ذلك لما وجه عمار بن ياسر إلى الكوفة وولاه صلاتها
وجيوشها، فجعل له ستمائة درهم في الشهر، وعين الرواتب لولاته وكتابه ومؤذنيه
ومن كان يلي معه، فبعث عثمان بن حنيف على مساحة الأرض وعبد الله بن مسعود
على قضاء الكوفة، وشريحا على قضاء البصرة، وأجرى على عثمان ربع شاة
وخمسة دراهم كل يوم، وجعل عطاءه خمسة آلاف درهم في السنة، وأجرى على
عبد الله مائة درهم في الشهر وربع شاة في اليوم، وأجرى على شريح مائة درهم
وعشرة أجربه في الشهر.
فترى مما تقدم أنه فضل عمار بن ياسر عليهم أجمعين، لأنه كان على الصلاة
والجند وهي الإمارة يومئذ، ولما ولى عمر معاوية بن أبي سفيان على الشام، جعل
له ألف درهم كل سنة.
وأما بنو أمية فقد نال عمال الأقاليم في أيامهم امتيازات كثيرة منحهم إياها
معاوية، ترغيبا لهم في البقاء على ولائه، فولى زياد بن أبيه البصرة وخراسان
وسجستان ووسع له بما يريد، وفعل نحو ذلك في عمرو بن العاص بمصر.
وجرى العباسيون على نحو ذلك، فلما ولى المأمون الفضل بن سهل على
الشرق جعل له 3000000 درهم في السنة، وكانت رواتب العمال تختلف باختلاف
نوع العمل وسعته وأهميته (1).
وإليك فيما يلي أسماء الذين كانوا ولاة في الكوفة من أول تمصيرها حتى آخر



1 - تاريخ التمدن الاسلامي: 1 / 128 و 134.
270
العهد العباسي حسب ما وقفنا عليه:
1 - سعد بن أبي وقاص، أبو إسحق، وهو الذي افتتح القادسية ونزل الكوفة
ومصرها - كما عرفت فيما تقدم - ولاه عمر بن الخطاب، وأقره عثمان زمنا ثم عزله
عنها فعاد إلى المدينة وأقام قليلا وفقد بصره، فمات في قصره بالعقيق سنة 55
ودفن بالبقيع (1).
2 - المغيرة بن شعبة، أبو عبد الله، ولاه عمر بن الخطاب وعزله عثمان بن
عفان عنها، فلما ولي معاوية الخلافة ولاه إياها، فلم يزل فيها إلى أن مات سنة
50 (2).
3 - عمار بن ياسر، أبو اليقظان، ولاه عمر، قتل بصفين سنة 37 ودفن هناك
وهو ابن ثلاث وتسعين سنة (3).
4 - الوليد بن عقبة بن أبي معيط، ولاه عثمان سنة 25 بعد سعد بن أبي
وقاص، وكان أخاه لأمه أروى بنت عامر بن كريز ثم عزله، توفي سنة 61 (4).
5 - سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص، ولاه عثمان بعد عزله الوليد بن عقبة
وقد أخرجه أهل الكوفة سنة 34، ورضوا بأن يكون الوالي أبا موسى الأشعري وكتبوا
إلى عثمان فأقره (5).
6 - عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري البدري، يكنى أبا مسعود، استخلفه
الإمام علي (عليه السلام) لما خرج إلى صفين ثم عزله عنها، توفي سنة 40 (6).
7 - عمارة بن شهاب، كان عامل علي (عليه السلام) سنة 36 (7).
8 - أبو موسى الأشعري، عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب من بني
الأشعر، من قحطان، صحابي، ولاه عمر البصرة سنة 17، ولما ولي عثمان أقره



1 - الطبقات الكبرى: 3 / 148، الأخبار الطوال: 129، تهذيب الكمال: 1 / 312 - 313.
2 - تاريخ دمشق: 60 / 16، تهذيب الكمال: 28 / 374.
3 - تاريخ دمشق: 43 / 438، تهذيب الكمال: 21 / 226.
4 - تهذيب الكمال: 31 / 53 - 54، البداية والنهاية: 8 / 234، الأعلام: 8 / 122.
5 - الطبقات الكبرى: 5 / 32، تاريخ دمشق: 21 / 114 - 115.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 16، تاريخ دمشق: 40 / 522.
7 - الإصابة: 4 / 479 رقم 5735، البداية والنهاية: 7 / 256.
271
عليها ثم عزله فانتقل إلى الكوفة، فطلب أهلها من عثمان توليته عليهم - بعدما
أخرجوا سعيد بن العاص كما تقدم - فولاه إياها، فأقام بها إلى أن قتل عثمان فأقره
الإمام علي (عليه السلام)، ثم كانت وقعة الجمل وأرسل علي (عليه السلام) يدعو أهل الكوفة لينصروه
فأمرهم أبو موسى بالقعود في الفتنة، فعزله علي (عليه السلام)، فأقام إلى أن كان التحكيم
وخدعه عمرو بن العاص، فارتد أبو موسى إلى الكوفة فتوفي فيها سنة 44 (1).
9 - زياد بن أبيه، ولاه معاوية البصرة والكوفة، فلم يزل على ولايته إلى أن
توفي سنة 53 (2).
10 - الضحاك بن قيس بن خالد الفهري، القرشي، ولاه معاوية بن أبي سفيان
سنة 53 بعد موت زياد بن أبيه، فانصرف يدعو الناس إلى بيعة عبد الله بن الزبير،
وحارب مروان بن الحكم، وقتل في مرج راهط سنة 65، وكانت ولادته سنة 5 (3).
11 - عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص المخزومي، ولاه معاوية بن أبي
سفيان (4).
12 - (سعيد) بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى، من خزاعة ولاه
معاوية، توفي سنة 50 أو سنة 51 (5).
13 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان بن ربيعة الثقفي، وهو ابن أم الحكم
أخت معاوية بن أبي سفيان، ولاه خاله معاوية الكوفة سنة 57، فلم تحمد سيرته
فأخرجه أهل الكوفة، فعاد إلى الشام فولاه معاوية مصر، توفي سنة 66 (6).
14 - النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الله، آخر
من ولي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان، قتل سنة 65 (7).



1 - غريب الحديث لابن سلام: 4 / 173، أسد الغابة: 5 / 309، الأعلام: 4 / 114.
2 - الطبقات الكبرى: 7 / 99 - 100، تاريخ دمشق: 19 / 165، سير أعلام النبلاء: 3 /
496.
3 - تاريخ دمشق: 24 / 283 - 284، سير أعلام النبلاء: 3 / 242.
4 - تاريخ خليفة: 165.
5 - الطبقات الكبرى: 3 / 385، تهذيب الكمال: 10 / 453، وفي المطبوع: (سعد)، وما
أثبتناه من المصادر.
6 - الطبقات الكبرى: 5 / 519، تاريخ دمشق: 35 / 47.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 53، تهذيب الكمال: 29 / 414.
272
15 - عبيد الله بن زياد بن أبيه، ولاه يزيد بن معاوية الكوفة لما دخلها مسلم بن
عقيل بن أبي طالب (عليه السلام) سنة 60 يدعو للحسين (عليه السلام)، وكان عبيد الله واليا ليزيد
بالبصرة فضم إليه الكوفة، وكان الوالي عليها يومئذ النعمان بن بشير الأنصاري،
فعزله يزيد وأعطى المصرين لعبيد الله، قتله إبراهيم بن مالك الأشتر قائد المختار بن
أبي عبيد الثقفي سنة 67 (1).
16 - عمرو بن حريث بن عمر بن عثمان المخزومي القرشي، ولي الإمارة لزياد
ابن أبيه، كان إذا خرج من الكوفة استخلفه عليها، ووليها أيضا لعبيد الله بن زياد،
توفي سنة 85 (2).
17 - عامر بن مسعود بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحي،
ولي الكوفة بعد هلاك يزيد باختيار أهل الكوفة إلى أن تعين لهم الخليفة، ثم وليها
لعبد الله بن الزبير (3).
18 - السائب بن مالك الأشعري، كان المختار إذا خرج إلى المدائن جعله واليا
بالكوفة (4).
19 - عبد الله بن يزيد بن زيد الخطمي، من بني خطمة، الأوسي، الأنصاري،
من أصحاب علي (عليه السلام)، شهد الحديبية وهو صغير، وشهد الجمل وصفين مع
علي (عليه السلام) وولي مكة لعبد الله بن الزبير، ثم ولاه إمارة الكوفة، فتوفى فيها نحو سنة
70 (5).
20 - عبد الله بن مطيع بن الأسود الكعبي القرشي العدوي، استعمله ابن الزبير
على الكوفة فأخرجه المختار بن أبي عبيد منها، فعاد إلى مكة فلم يزل فيها إلى أن
قتل مع ابن الزبير في حصار الحجاج له، وأرسل رأسه إلى الشام مع رأسي ابن الزبير
وصفوان، وذلك سنة 73 (6).



1 - الثقات لابن حبان: 2 / 307، سير أعلام النبلاء: 3 / 541.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 23.
3 - تاريخ دمشق: 37 / 458، أسد الغابة: 3 / 95.
4 - تاريخ الطبري: 4 / 569.
5 - تهذيب الكمال: 16 / 203، تهذيب التهذيب: 6 / 71 رقم 156.
6 - الطبقات الكبرى: 5 / 147، تهذيب الكمال: 16 / 154.
273
21 - مصعب بن الزبير بن العوام الأسدي، القرشي، ولاه أخوه عبد الله البصرة
سنة 67 ثم عزله عنها مدة سنة، وأعاده في أواخر سنة 68 وأضاف إليه الكوفة، قتله
جيش عبد الملك بن مروان سنة 71 (1).
22 - الحارث بن عبد الله، أبي ربيعة بن أبي ربيعة، عمرو بن المغيرة بن عبد الله
ابن عمر بن مخزوم، الأمير المخزومي، المعروف بالقباع، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)
مرسلا، استعمله ابن الزبير على البصرة ثم استعمله على الكوفة، توفي قبل سنة
70 (2).
23 - قطن بن عبد الله الحارثي، ولاه عبد الملك بن مروان (3).
24 - بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص القرشي، الأموي، ولي أمرة البصرة
والكوفة لأخيه عبد الملك، توفي بالبصرة سنة 75 عن نيف وأربعين سنة (4).
25 - الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، ولاه عبد الملك بن مروان الكوفة
وجمع له العراقين فسار بالناس سيرة جائرة، أخرج الترمذي من طريق هشام بن
حسان ما نصه: (أحصينا من قتله الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا) (5).
وقد كفره جماعة منهم: سعيد بن جبير، والنخعي، ومجاهد، وعاصم بن أبي
النجود، والشعبي وغيرهم، حتى قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها
وجئنا بالحجاج لغلبناهم، مات بواسط سنة 95 وأجري على قبره الماء فاندرس (6).
26 - عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي، أبو يعفور، ولاه الحجاج الكوفة سنة 75
وكان من أفاضل أهل بيته، توفي بعد سنة 90 (7).
27 - يزيد بن أبي كبشة السكسكي، الدمشقي، من أهل بيت لهيا، استخلفه



1 - الطبقات الكبرى: 5 / 183، تاريخ اليعقوبي: 2 / 265 - 266.
2 - تهذيب التهذيب: 4 / 267، معجم البلدان: 1 / 474.
والقباع: هو مكيال الوزن وله قعر. النهاية لابن الأثير: 4 / 7.
3 - تاريخ الطبري: 5 / 12، تاريخ دمشق: 10 / 255 و 15 / 178.
4 - تاريخ دمشق: 10 / 253 و 264.
5 - سنن الترمذي: 3 / 339 ح 2319.
6 - الأخبار الطوال: 275 و 328، تاريخ دمشق: 12 / 186، تهذيب التهذيب: 2 / 185.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 269، تاريخ دمشق: 40 / 299 - 300.
274
الوليد بن عبد الملك، توفي في خلافة سليمان بن عبد الملك بعد سنة 100 (1).
28 - يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، أبو خالد، ولاه سليمان بن عبد
الملك بن مروان، قتله مسلمة بن عبد الملك بعد مقاتلة وقعت بينهما سنة 102،
وكانت ولادته سنة 53 (2).
29 - حرملة اللخمي، ولاه سليمان بن عبد الملك بن مروان (3).
30 - (بشير) بن حسان النهدي، ولاه سليمان بن عبد الملك بن مروان (4).
31 - عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، العدوي، أبو عمر، ولاه
عمر بن عبد العزيز، توفي بحران في خلافة هشام نحو سنة 115 (5).
32 - محمد بن عمرو، ذو الشامة، ولاه يزيد بن عبد الملك بن مروان (6).
33 - مسلمة بن عبد الملك بن مروان، ولاه أخوه يزيد على الكوفة والبصرة سنة
101، وتوفي سنة 121 (7).
34 - عمر بن هبيرة الفزاري، ولاه يزيد بن عبد الملك، ثم عزله هشام بن عبد
الملك سنة 105 فانقطع خبره، توفي نحو سنة 110 (8).
35 - خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري، من بجيلة، ولاه هشام بن عبد
الملك الكوفة والبصرة سنة 105، فأقام بالكوفة وطالت مدته إلى أن عزله هشام سنة
120، وولى مكانه يوسف بن عمر الثقفي وأمره أن يحاسبه، فسجنه يوسف وعذبه
ثم قتله بالحيرة في أيام الوليد بن يزيد سنة 126، وكان خالد يرمى بالزندقة، وكان



1 - تاريخ دمشق: 12 / 192، تهذيب التهذيب: 11 / 311، سير أعلام النبلاء: 4 / 444.
2 - تاريخ جرجان: 236، تاريخ دمشق: 63 / 181، سير أعلام النبلاء: 4 / 503 - 506.
3 - هو حرملة بن عمير اللخمي، تاريخ الطبري: 5 / 291، البداية والنهاية: 9 / 193.
4 - تاريخ خليفة: 247، تاريخ الطبري: 5 / 291، وفي المطبوع: (بشر)، وما أثبتناه من
المصار.
5 - الطبقات الكبرى: 5 / 341.
6 - هو محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة، تاريخ الطبري: 5 / 340 و 359، تاريخ
دمشق: 34 / 77، الكامل في التاريخ: 5 / 89.
7 - تاريخ دمشق: 58 / 46، تاريخ ابن خلدون: 3 / 80، تقريب التهذيب: 2 / 183.
8 - تاريخ دمشق: 45 / 373، سير أعلام النبلاء: 4 / 562.
275
ناصبيا جلدا يقع في الإمام علي (عليه السلام) (1).
36 - يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم، أبو يعقوب، الثقفي، ولاه هشام بن
عبد الملك سنة 121، بعد قتل خالد بن عبد الله القسري، وأقام بالكوفة إلى أيام
يزيد بن الوليد، فعزله يزيد في أواخر سنة 126، وقبض عليه وحبسه في دمشق إلى
أن قتله يزيد بن خالد القسري بثار أبيه سنة 127 (2).
37 - منصور بن جمهور، ولاه يزيد بن الوليد بن عبد الملك (3).
38 - عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن مروان، ولاه يزيد بن الوليد بن عبد
الملك (4).
39 - النضر بن محمد بن موسى الجرشي، أبو محمد، اليمامي، مولى بني
أمية، ولاه مروان الحمار (5)، توفي بعد سنة 200 (6).
40 - يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري، ولي الكوفة والبصرة لمروان الحمار، وله
خمس وأربعون سنة، قتله أبو جعفر المنصور سنة 132 (7).
41 - موسى بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم
ابن مرة، كان عاملا لعمر بن هبيرة على الكوفة، توفي سنة 103، قاله ابن سعد في
الطبقات (8).



1 - الإمامة والسياسة: 150 - 153، تاريخ دمشق: 16 / 135 - 139.
2 - تاريخ ابن خلدون: 3 / 96، سير أعلام النبلاء: 5 / 442 رقم 197.
3 - تاريخ خليفة: 294، تاريخ دمشق: 60 / 311 رقم 7660.
4 - تاريخ دمشق: 31 / 216 رقم 3425.
5 - هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي، يعرف بالجعدي وبالحمار، آخر
خلفاء بني أمية في الشام، وذكر ابن الأثير والذهبي وابن كثير أن سبب تسميته بالحمار
لجرأته وثباته في الحروب!!! فهل سمع أو قرأ عن حمار يثبت في الحروب؟
والحق ما قاله ابن حبان في ثقاته: إنما عرف بالحمار لقلة عقله، وقال السمعاني: شنعة عليه.
انظر: الأنساب: 2 / 66، الثقات لابن حبان: 2 / 321، الكامل في التاريخ: 5 / 424 -
429، البداية والنهاية: 10 / 50، شذرات الذهب: 1 / 153، تاريخ الإسلام: 5 / 32.
6 - تهذيب الكمال: 29 402 رقم 643، تقريب التهذيب: 2 / 247.
7 - تاريخ خليفة: 330، تاريخ دمشق: 65 / 335.
8 - الطبقات الكبرى: 5 / 162 - 163.
276
42 - الصقر بن عبد الله المزني، كان عاملا لعمر بن هبيرة على الكوفة (1).
43 - داود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، ولاه عمه السفاح
العباسي إمارة الكوفة ثم عزله، وولاه إمارة المدينة ومكة واليمن واليمامة والطائف،
مات بالمدينة سنة 133 (2).
44 - عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ولاه السفاح
الكوفة وسوادها سنة 132، وجعله ولي عهد المنصور، فاستنزله المنصور عن ولاية
عهده سنة 147 وعزله عن الكوفة وأرضاه بمال وفير وجعل له ولاية عهد ابنه
المهدي، فلما ولي المهدي خلعه سنة 160 بعد تهديد ووعيد، فقام بالكوفة إلى أن
توفي سنة 167 (3).
45 - محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، ولاه المنصور الكوفة ثم
عزله سنة 155، وتوفي سنة 173 (4).
46 - عمر بن زهير الضبي، أخو المسيب بن زهير الذي كان على شرط المنصور
والمهدي، ولاه بعد عزل محمد بن سليمان سنة 155 (5).
47 - روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب الأزدي، ولاه المهدي العباسي السند
ثم نقله إلى البصرة ثم إلى الكوفة، وولاه الرشيد على القيروان سنة 171 فلم يزل
واليا عليها إلى أن مات سنة 174 (6).
48 - إسحق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث الكندي،
أبو يعقوب، ولاه المهدي العباسي، ثم لما مات المهدي أقره الرشيد عليها، توفي
بمصر سنة 277 (7).



1 - الطبقات الكبرى: 5 / 163، تاريخ دمشق: 60 / 426.
2 - تاريخ خليفة: 331 و 333، تاريخ دمشق: 17 / 165.
3 - تاريخ دمشق: 48 / 7 رقم 5524.
4 - تاريخ دمشق: 53 / 128 رقم 6421.
5 - تاريخ ابن خلدون: 3 / 202.
6 - تاريخ دمشق: 18 / 234 - 238 رقم 2197، سير أعلام النبلاء: 7 / 441 رقم 166.
7 - تاريخ الطبري: 6 / 356، تهذيب الكمال: 2 / 436 رقم 359.
277
49 - إسماعيل بن أبي إسماعيل، ولاه المهدي العباسي (1).
50 - هاشم بن سعيد بن منصور، ولاه المهدي العباسي (2).
51 - موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ولاه
الهادي العباسي، وأقره الرشيد، توفي ببغداد سنة 183 (3).
52 - يعقوب بن أبي جعفر، ولاه الرشيد (4).
53 - محمد بن إبراهيم، ولاه الرشيد (5).
54 - عبيد الله بن محمد بن إبراهيم، ولاه الرشيد.
55 - العباس بن عيسى بن موسى العباسي، ولاه الرشيد (6).
56 - جعفر بن أبي جعفر ولاه الرشيد (7).
57 - العباس بن موسى العباسي، ولاه الرشيد (8).
58 - عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن ابن الإمام
علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولاه المأمون العباسي (9).
59 - أبو عيسى ابن هارون الرشيد، ولاه أخوه المأمون سنة 204 (10).
60 - سليمان بن منصور، ولاه الحسن بن سهل وزير المأمون.
61 - العباس بن موسى بن عيسى، العباسي، ولاه الأمين أخ المأمون، مات في
بلبيس (11) سنة 199 (12).



1 - تاريخ الطبري: 6 / 355.
2 - تاريخ الطبري: 6 / 379.
3 - تاريخ دمشق: 53 / 130 و 61 / 190.
4 - تاريخ دمشق: 16 / 191.
5 - تاريخ خليفة: 358.
6 - تاريخ الطبري: 6 / 529.
7 - تاريخ الطبري: 6 / 529.
8 - تاريخ خليفة: 379، تاريخ الطبري: 6 / 445 و 489.
9 - المجدي: 84.
10 - تاريخ خليفة: 388.
11 - بلبيس: بكسر البائين وسكون اللام، مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة
فراسخ، على طريق الشام. معجم البلدان: 1 / 479.
12 - تاريخ الطبري: 6 / 529، تاريخ اليعقوبي: 2 / 444 - 445.
278
62 - العباس ابن الإمام موسى بن جعفر العلوي، استعمله على الكوفة حميد بن
عبد الحميد - الذي كان عاملا للحسن بن سهل وزير المأمون في قصر ابن هبيرة أيام
المأمون العباسي - وأمره أن يدعو لأخيه الإمام الرضا علي بن موسى (عليه السلام) بعد
المأمون، وذلك سنة 202 (1).
63 - الفضل بن محمد بن الصباح الكندي، ولاه الكوفة سعيد بن الساجور القائد
وأبو البط وأصحابهما، لما هجموا على الكوفة سنة 202 أيام إبراهيم المهدي، ثم
عزلوه لميله إلى أهل بلده واستعملوا مكانه.
64 - غسان بن أبي الفرج، ثم عزلوه بعد ما قتل أبا عبد الله، أخا أبي السرايا
واستعملوا مكانه.
65 - الهول ابن أخي سعيد بن الساجور، فلم يزل عليها حتى قدمها حميد بن
عبد الحميد فهرب الهول (2).
66 - محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن
الحسن ابن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولاه الكوفة الحسين بن أحمد بن حمزة
ابن عبد الله ابن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، ذلك الطالبي الذي ظهر بالكوفة سنة
251 (3).
67 - الناصر لدين الله، أبو أحمد الموفق، ولاه أخوه المعتمد سنة 261 (4).
68 - جعفر بن ورقاء الشيباني، ولي في زمن المقتدر العباسي (5).
69 - أيوب بن الحسن بن موسى بن جعفر بن سليمان الهاشمي، ولاه محمد بن
عبد الله بن طاهر الخزاعي سنة 250، في خلافة المستعين أحمد بن محمد بن



1 - تاريخ الطبري: 7 / 143.
2 - تاريخ الطبري: 7 / 145، تاريخ ابن خلدون: 3 / 248، الكامل في التاريخ: 6 / 344.
3 - في المصدر: محمد بن جعفر بن الحسين بن جعفر بن الحسين، والطالبي: الحسين بن
محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).
انظر: تاريخ الطبري: 7 / 477.
4 - تاريخ ابن خلدون: 3 / 307.
5 - صلة تاريخ الطبري: 85، تاريخ ابن خلدون: 3 / 377.
279
المعتصم ابن العباسي، وهي السنة التي ظهر فيها بالكوفة يحيى بن عمر بن يحيى بن
الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومحاربة محمد بن
عبد الله بن طاهر له (1).
70 - أحمد بن (نصر) بن حمزة بن مالك الخزاعي، ولاه المعتز بالله (2).
71 - أبو أحمد محمد بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، ولاه المعتز الكوفة بعدما هزم مزاحم بن خاقان عنها، العلوي الذي ظهر
بالكوفة سنة 251، وهو الحسين بن أحمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن علي
ابن أبي طالب (عليه السلام) (3).
هذا ما وقفنا عليه من أسماء الولاة في الكوفة حسب الجهد والطاقة، ولعله قد
فاتنا الكثير مما لم تصل إليه يد التتبع والفحص.



1 - أنظر: تاريخ الطبري: 7 / 425، تاريخ ابن الأثير: 7 / 126، البداية والنهاية: 11 / 8.
2 - في المطبوع: (نصير)، وما أثبتناه من المصدر. انظر: تاريخ الطبري: 7 / 477.
3 - تاريخ الطبري: 7 / 511.
280
صدارة الخلافة في الكوفة
صدارة الخلافة رتبة من الرتب السامية، ولم يكن يعرف هذا النعت إلا في
أواسط القرن السابع، والذي يترجح في النظر أنه في الأصل من الرتب التي اتخذتها
الفرس في حكوماتها، وهي رتبة زعامة يمنحها الوالي أو الخليفة فيقوم ذلك الصدر
بأعمال حكومية في كل المملكة أو بعضها، حسب وظيفته العامة أو الخاصة، وممن
منح هذه الرتبة في أخريات القرن السابع:
1 - السيد النقيب الكبير، زين الدين، هبة الله بن أبي طاهر، المولود سنة 667،
ولي صدارة البلاد الحلية والكوفة ونقابتها مع المشهدين الغروي والحائر، فاستقر
فيها عن سياسة ورئاسة وسماحة (1).
قال في غاية الاختصار: وهو اليوم أوفى الطالبيين عزة، وقد فاق أضرابه كرما
ونبلا ورفعة وصلاة وبرا وشرفا، وكان أبوه الفقيه فخر الدين يملأ العين قرة والقلب
مسرة، وأخوه تاج الدين كذلك (2).
2 - فخر الدين مظفر بن الطراح، رتب صدرا في الحلة والكوفة والمسيب، رتبه
والي العراق جمال الدين الدستجرداني، وكان جوادا سخيا كريما، ذا ناموس عظيم
وسياسة، يخافه الأعراب وسائر الرعايا، رتب صدرا مرارا عديدة ثم عزل، وآلت
حاله إلى القتل سنة 694، ودفنت جثته في مشهد الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)،
وكان قد تجاوز في العمر ستين سنة، وكان يقول الشعر الجيد، وله أشعار كثيرة مدح
بها الصاحب علاء الدين ابن الجويني وأخاه شمس الدين، وآخر ما قاله وهو في



1 - هبة الدين، زين الدين، ابن الفقيه العامل فخر الدين يحيى بن أبي طاهر هبة الله بن
شمس الدين أبي الحسن علي بن محمد مجد الشرف ابن أبي نصر أحمد بن أحمد أبي
الفضل علي ابن أبي تغلب علي، نقيب النقباء بسوراء ابن الحسن الأصم السوراوي ابن أبي
الحسن محمد الفارس النقيب ابن يحيى بن الحسين النسابة، ابن أحمد بن عمر بن يحيى بن
الحسين ذي العبرة، هكذا أنهى نسبه في عمدة الطالب: 324 - 326، وقد مر ذكره في عداد
النقباء فراجع.
2 - غاية الاختصار: 73 - 74.
281
السجن بدار النيابة ببغداد قبل أن يقتل بأيام، وجدت بخطه:
القول فيما مضى من عمرنا هذر * فدعه واصبر لما يأتي به القدر
واستشعر الصبر إن نابتك نائبة * فالصبر أجمل ما حلي به البشر
إلى أن قال:
وكل حادثة في الدهر هينة * إذا غدا سالما في طيها العمر
قل للعتات من الغايات ويحكم * طيبوا فقد فقد الرئبالة الذمر
وقل لبيض السيوف المرهفات لدى ال‍ * أغماد قري فقد أودى به القدر
مضى المظفر ليث الغاب عن كثب * فليهني أعداءه من بعده الظفر (1).
وممن ولي نظارة الكوفة:
عز الدين عبد العزيز الأربلي، وقد أمر أمير الأشراف بالعراق سعد الدولة سنة
687 بإعادة ما أخذ من الرعية في السنة الحالية من القرض، ثم طولب ولاة الأعمال
والضمناء بما عليهم من البقايا، وضويقوا على ذلك فأدوا أموالا كثيرة، وضرب عز
الدين عبد العزيز الأربلي فباع أملاكه فلم يقم بما عليه، وكان مريضا فمات من تواتر
الضرب والعقاب (2).
وممن ولي حماية الكوفة:
أبو طريف عليان بن ثمال الخفاجي، وهي أول إمارة بني ثمال، وكان ذلك سنة
374 (3).



1 - الحوادث الجامعة للفوطي: 349 - 500، تاريخ العراق: 1 / 369.
2 - الحوادث الجامعة: 454.
3 - الكامل في التاريخ: 9 / 39.
282
المسكوكات الكوفية
نذكر في هذا الفصل النقود التي كان أهل الكوفة يتعاملون بها، وكانت مضروبة
بالخط الكوفي، سواء أكان دار الضرب الكوفة أو غيرها من مدن العراق.
كان العرب قبل الإسلام يتعاملون بنقود كسرى وقيصر، وهي الدراهم والدنانير،
وكانت الدنانير نقودا ذهبية والدراهم نقودا فضية، وكانوا يعبرون عن الذهب بالعين
وعن الفضة بالورق (1)، وكانت عندهم أيضا نقودا نحاسية منها: الحبة، والدانق (2)
ومرجع قيمة هذه النقود إلى الوزن، لأن المراد بالدينار: قطعة من الذهب وزنها
مثقال، عليه نقش للملك والسلطان الذي ضربه، والمراد بالدرهم: وزن درهم من
الفضة ويسمونه أيضا الوافي (3)، وكان الدينار عندهم عشرة دراهم، وربما اختلفت
قيمته إلى 13، أو 15 درهما، أو أكثر على حسب الأحوال.
وكانت النقود على نوعين: السوداء الوافية وهي: البغلية والطبرية العتق، وهما
غالبا ما كان البشر يتعاملون به، وكانت لهم أيضا دراهم تسمى: جوارقية، وكانت لهم
أيضا الدراهم السمرية الثقال، وزن الواحد منها ستة مثاقيل، والدراهم السمرية
الخفاف وزن الواحد منها خمسة مثاقيل، وكلها فارسية (4).
وكانت الدنانير عند العرب قبيل الإسلام صنفين: هرقلية أو رومية، ودنانير
كسروية أو فارسية (5)، وكذلك كانت الدراهم، ولكن الغالب كانت معاملتهم بالدنانير
الرومية والدراهم الفارسية، ولذلك كانت الهرقلية أعز عندهم وأرغب، حتى ضربوا
المثل بجمالها وزهوها (6).



1 - قال الجوهري: العين: الذهب والدنانير، والورق: الدراهم المضروبة.
انظر: الصحاح: 3 / 1083 و 4 / 1564.
2 - الحبة والدانق: سدس الدرهم، والدنقة: حبة سوداء مستديرة من الحنطة.
انظر: الصحاح: 4 / 1477، لسان العرب: 10 / 106.
3 - لسان العرب: 15 / 399، وقال: يسمونه كذلك إذا كان وزنه مثقالا.
4 - انظر: مستدرك الوسائل: 7 / 86.
5 - فتوح البلدان: 3 / 574.
6 - للتفصيل راجع: الأوزان والمقادير للمقريزي: 44، الأحكام السلطانية: 150، الأوزان
والمقادير للشيخ إبراهيم سلمان: 25.
283
النقود الإسلامية:
وما زال العرب يتعاملون بالنقود الفارسية والرومية، ولما ظهر النبي (صلى الله عليه وآله)
وابتعث للنبوة أقر أهل مكة على ذلك وقال (صلى الله عليه وآله): «الميزان ميزان أهل مكة»، وفي
رواية: «ميزان المدينة» (1).
ولما استخلف أبو بكر لم يغير منها شيئا، وكذلك لما استخلف عمر لم يعترض
لها وأقرها على حالها، فلما كانت سنة 18 من الهجرة أتته الوفود منهم: وفد البصرة
وفيهم الأحنف بن قيس، فكلم عمر بن الخطاب في مصالح أهل البصرة... فضرب
الدراهم على نقش الكسروية وشكلها بأعيانها، غير أنه زاد في بعضها: الحمد
لله، وفي بعضها: محمد رسول الله، وفي بعضها: لا إله إلا الله وحده.
وفي آخر مدة عمر جعل وزن كل عشرة دراهم ستة مثاقيل (2).
ذكر الدميري في ج 1 من حياة الحيوان، في فصل خلافة عبد الملك بن مروان
وجه تسمية الدراهم بالبغلي قال:
إن رأس البغل، ضراب مشهور بهذا الاسم، ضربها لعمر بن الخطاب بسكة
كسروية في الإسلام، مكتوب عليها صورة الملك وتحت الكرسي مكتوب
بالفارسية: نوش خور، أي: كل هنيئا.
ولما بويع عثمان بن عفان، ضرب في خلافته دراهم نقشها: الله أكبر (3).
وقد نقل بعض الخبراء عن المجلد 17 من دائرة المعارف البريطانية ص 904،
الطبعة 13 ما تعريبه: إن أول من أمر بضرب السكة الإسلامية على الفضة هو الخليفة
علي (عليه السلام) بالبصرة سنة أربعين من الهجرة، موافقة لسنة ستين وست مائة م.
وفي ج 49 ص 58 من مجلة المقتطف ما نصه: وفي خلافة حضرة علي كرم الله
وجهه كان مكتوبا على دائرة السكة التي ضربت في سنة 37 بالخط الكوفي: ولي
الله.



1 - وروي: المكيال مكيال أهل مكة والميزان ميزان أهل المدينة.
انظر: غريب الحديث لابن سلام: 3 / 41، كنز العمال: 4 / 121 ح 9850 و 9851.
2 - الأعلام: 5 / 45.
3 - حياة الحيوان: 1 / 91.
284
وفي عهد إمارة معاوية، ضرب السود الناقصة من ستة دوانيق، فتكون 15
قيراطا ينقص حبة أو حبتين، وضرب منها زياد - أيام إمارته في الكوفة والبصرة -
وجعل وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وكتب عليها فكانت تجري مجرى
الدراهم، وضرب معاوية أيضا دنانير عليها تمثاله متقلدا سيفا.
ولما قام عبد الله بن الزبير بمكة ضرب دراهم مدورة، فكان أول من ضرب
الدراهم المستديرة، وكان ما ضرب منها قبل ذلك ممسوحا غليظا قصيرا، ونقش
بدورها: عبد الله، وبأحد الوجهين: محمد رسول الله، وبالآخر: أمر الله بالوفاء
والعدل (1).
وضرب أخوه مصعب بن الزبير دراهم بالعراق، وجعل كل عشرة دراهم سبعة
مثاقيل وأعطاها الناس في العطاء، حتى قدم الحجاج بن يوسف العراق من قبل عبد
الملك بن مروان فقال: ما نبقي من سنة الفاسق، أو قال: المنافق شيئا. فغيرها.
ثم لما استوسق الأمر لعبد الملك بن مروان بعد مقتل عبد الله ومصعب ابني
الزبير، فحص عن النقود والأوزان والمكاييل، وضرب الدنانير والدراهم في سنة 76
من الهجرة، فجعل وزن الدينار اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامي، وجعل وزن
الدرهم خمسة عشرة قيراطا سوا، والقيراط أربع حبات، وكل دانق قيراطين ونصفا،
وكتب إلى الحجاج وهو بالعراق: أن اضربها قبلك، فضربها وقدمت مدينة رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وبها بقايا من الصحابة (رض) فلم ينكروا منها سوى نقشها فإن فيه صورة.
على أن هذه المسكوكات لم تكن تعتبر رسمية في الدول الاسلامية، بل كانت
أكثر معاملاتهم بالنقود الرومية والفارسية (2).
فاتفق أيام عبد الملك بن مروان سنة 65 - 86، أن هذا الخليفة أراد تغيير الطراز
من الرومية إلى العربية، فشق ذلك على ملك الروم فبعث إليه يهدده بأن ينقش على
دنانيره شتم النبي (صلى الله عليه وآله) فعظم هذا الأمر على عبد الملك، فجمع إليه كبار المسلمين
واستشارهم، فلم يجد عند أحد منهم رأيا يعمل به، فقال له روح بن زنباع: إنك
لتعلم المخرج من الأمر، ولكنك تتعمد تركه.
فقال له: ويحك من؟



1 - تاريخ دمشق: 57 / 140، الأعلام: 4 / 87.
2 - انظر: نصب الراية: 2 / 437، سبل الهدى والرشاد: 9 / 3 - 5.
285
فقال: عليك بالباقر من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله).
قال: صدقت، ولكنه ارتج علي الرأي فيه.
فكتب إلى عامله بالمدينة أن اشخص إلي محمد بن علي بن الحسين مكرما
ومتعه بمائة ألف درهم لجهازه وبثلاث مائة ألف درهم لنفقته، وأرح عليه في جهازه
وجهاز من يخرج معه من أصحابه.
وحبس الرسول قبله إلى موافاة محمد بن علي، فلما وافاه أخبره الخبر فقال له
محمد بن علي (عليه السلام): «لا يعظم هذا عليك، فإنه ليس بشيء من جهتين: إحداهما أن
الله عزوجل لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والأخرى
وجود الحيلة فيه».
ثم علمه الإمام (عليه السلام) وجه الحيلة (1).
فبعث عبد الملك نقوده إلى جميع بلدان الإسلام، وتقدم إلى الناس في التعامل



1 - ووجه الحيلة هو ما قاله (عليه السلام): تدعو في هذه الساعة بصناع فيضربون بين يديك سككا
للدراهم والدنانير وتجعل النقش عليها سورة التوحيد وذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحدهما: في وجه
الدرهم والدينار، والآخر: في الوجه الثاني، وتجعل مدار الدرهم والدينار ذكر البلد الذي
يضرب فيه والسنة التي يضرب فيها تلك الدراهم والدنانير وتعمد إلى وزن ثلاثين درهما
عددا من الأصناف الثلاثة التي تكون العشرة منها وزن عشرة مثاقيل وعشرة منها وزن ستة
مثاقيل وعشرة منها وزن خمسة مثاقيل، فتكون أوزانها جميعا إحدى وعشرين
مثقالا، فتجزئتها من الثلاثين كل عشرة وزن سبعة مثاقيل، وتصحب صنجات (قوالب) من
قوارير لا تستحيل إلى زيادة ولا نقصان، فتضرب الدراهم على وزن الأجزاء العشرة التي
تعادل سبعة مثاقيل وتضرب الدنانير على وزن سبعة مثاقيل التي تعادل عشرة دراهم فتكون
كل عشرة دراهم يعادل وزنها سبعة دنانير، فيصير وزن كل درهم نصف مثقال وخمسة.
ففعل ذلك عبد الملك، وأمره محمد بن علي بن الحسين الباقر (عليه السلام) أن تكتب السكك في
جميع بلدان الإسلام وأن تتقدم إلى الناس في التعامل بها وأن يتهدد بقتل من يتعامل بغير
هذه السكة من الدراهم والدنانير وأن تبطل وترد إلى مواضع العمل حتى تعاد إلى السكك
الإسلامية.
ففعل ذلك عبد الملك ورد رسول ملك الروم وقال له: إن الله عزوجل مانعك مما قد أردت أن
تفعله وقد تقدمت إلى عمالي في أقطار البلاد بكذا وكذا وبإبطال السكك والطروز الرومية.
فقيل لملك الروم: افعل ما كنت تهدد به ملك العرب.
فقال: إنما أردت أن أغيظه بما كتبت اليه لأني كنت قادرا عليه فأما الآن فلا.
286
بها، وهدد بقتل من يتعامل بغير هذه السكة من الدراهم والدنانير وغيرها، وأن تبطل
تلك وترد إلى مواضع العمل حتى تعاد إلى السكك الإسلامية.
أنظر تفصيل القصة في ج 1 من حياة الحيوان للدميري في فصل خلافة عبد
الملك بن مروان (1).
وتسمى دنانير عبد الملك: الدنانير الدمشقية، وأمر الحجاج عامله في العراق
أن يضرب الدراهم على 15 قيراطا من قراريط الدنانير، ثم صار أمراء العراق يضربون
النقود لبني أمية في الأكثر (2).
ومات عبد الملك والأمر على ما تقدم، فلم يزل من بعده في خلافة الوليد ثم
سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز، إلى أن استخلف يزيد بن عبد الملك
فضرب الهبيرية بالعراق عمر بن هبيرة على عيار ستة دوانيق، فلما قام هشام بن عبد
الملك، أمر خالد بن عبد الله القسري أن يعيد العيار إلى وزن سبعة وأن يبطل السكك
من كل بلدة إلا واسط، فضرب الدراهم بواسط فقط، وكبر السكة فضربت الدراهم
على السكة الخالدية، حتى عزل خالد في سنة 120 وولى من بعده يوسف بن عمر
الثقفي فصغر السكة وأجراها على وزن سبعة، وضربها في واسط وحدها حتى قتل
الوليد بن يزيد سنة 126، فلما استخلف مروان بن محمد الجعدي آخر خلفاء بني
أمية ضرب الدراهم بالجزيرة على السكة بحران إلى أن قتل (3).
وأتت دولة بني العباس، فضرب عبد الله بن محمد السفاح الدراهم بالأنبار
وعملها على نقش الدنانير، وكتب عليها: السكة العباسية، وقطع منها ونقصها حبة
ثم نقصها حبتين.
فلما قدم من بعده أبو جعفر المنصور نقصها ثلاث حبات، وسميت تلك
الدراهم ثلاثة أرباع قيراط، لأن القيراط أربع حبات فكانت الدراهم كذلك، وحدثت
الهاشمية على المثقال البصري إلى سنة 158 فضرب المهدي محمد بن جعفر سكة
مدورة فيها نقطة، ولم يكن لموسى الهادي بن محمد المهدي سكة تعرف، وتمادى
الأمر على ذلك إلى شهر رجب سنة 178 فصار نقصانها قيراطا إلا ربع حبة.



1 - حياة الحيوان: 1 / 91 - 92.
2 - فتوح البلدان: 3 / 572.
3 - انظر: فتوح البلدان: 3 / 576، تاريخ ابن خلدون: 3 / 45، البداية والنهاية: 9 / 20.
287
فلما صير هارون الرشيد السكك إلى جعفر بن يحيى البرمكي كتب اسمه
بمدينة السلام وبالمحمدية من الري على الدنانير والدراهم، وصير نقصان الدرهم
قيراطا إلا حبة.
وضرب المأمون الدنانير والدراهم وأسقط منها اسم أخيه محمد الأمين، فلم
تجز مدة وسميت الرباعيات، واستمر الأمر على ذلك إلى شهر رمضان سنة 184
فصار النقص أربعة قراريط وحبة ونصف حبة، فلما قتل هارون الرشيد جعفرا صير
السكك إلى السندي، فضرب الدراهم على مقدار الدنانير، وكان سبيل الدنانير في
جميع ما تقدم ذكره سبيل الدراهم، فلما كان شهر رجب سنة 191 نقصت الدنانير
الهاشمية نصف حبة، حتى كان أيام الأمين محمد بن هارون الرشيد، فصير دور
الضرب إلى العباس بن الفضل بن الربيع، فنقش في السكة بأعلى السطر: ربي
الله، ومن أسفلها: العباس بن الفضل، فلما عهد الأمين إلى ابنه موسى ولقبه الناطق
بالحق المظفر بالله، ضرب الدنانير والدراهم باسمه وجعل زنة كل واحد عشرة
ونقش عليه:
كل عز ومفخر * فلموسى المظفر
ملك خص ذكره * في الكتاب المسطر
فلما قتل الأمين واجتمع الأمر لعبد الله المأمون لم يجد أحدا ينقش الدراهم،
فنقشت بالمخراط كما تنقش الخواتيم.
وقد ضرب المأمون دراهم باسم الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وذلك بعد
ولاية عهده، وقيل: ضرب اسمه على الدينار والدرهم.
أنظر: الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني (1)، ووفيات الأعيان عند ترجمة الإمام
الرضا (عليه السلام) (2)، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي، وكشف الغمة للأربلي
وغيرها (3).
وما برحت النقود على ما ذكر أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، فلما



1 - الأغاني: 20 / 482.
2 - وفيات الأعيان: 3 / 269 صمن ترجمة رقم 423.
3 - كشف الغمة: 3 / 71، المجدي: 128، مناقب أهل البيت للشيرواني: 279، ينابيع
المودة: 3 / 167، الأعلام: 5 / 26.
288
قتل المتوكل، وتغلب الموالي من الأتراك، وتناثر سلك الخلافة، وتفننت الدولة
العباسية في الترف، وقوي عامل كل جهة على ما يليه، وكثرت النفقات، وقلت
المجابي بتغلب الولاة على الأطراف، حدثت بدع كثيرة من جملتها غش الدراهم،
ويقال: أول من غش الدراهم عبيد الله بن زياد حين فر من البصرة سنة 64 ثم فشت
في الأمصار (1).
إن للنقود الإسلامية تاريخا طويلا، ولكنا نقول بالإجمال: إن المسكوكات
الإسلامية ضربت في كل عواصم الإسلام وفي أشهر مدنها في العراق والشام
والأندلس وخراسان وصقلية والهند وغيرها، وهي تختلف رسما وسعة ونصا
باختلاف الدول والعصور.
وكانت الكتابة على النقود تنقش بالحرف الكوفي، ثم تحولت إلى الحرف
النسخي الاعتيادي سنة 621 في أيام العزيز محمد ابن صلاح الدين الأيوبي بمصر،
وكانوا لم يذكروا اسم البلد التي ضربت النقود فيه إلى أوائل القرن الثاني للهجرة،
وكانوا إذا ذكروا تاريخ الضرب سبقوه بلفظ: السنة، ثم أبدلوه بلفظ: عام، وكثيرا ما
كانوا يقولون: شهور سنة كذا، أو شهور عام كذا، أو في أيام دولة فلان، وكان يكتب
التاريخ أولا بالحروف على حساب الجمل ثم كتب بالأرقام، وأقدم ما عثروا عليه
مؤرخا بالأرقام سنة 614.
وكانت دار الضرب ضرورية للدولة كما نراها ضرورية في هذه الأيام، إذ لا تخلو
دولة من دول الأرض المتمدنة من دار تضرب فيها النقود، وكان ذلك شأن الدول
الإسلامية في كل أدوارها، ولم تكن تخلو عاصمة أو قصبة من دار للضرب في بغداد
والقاهرة ودمشق والبصرة وقرطبة وغيرها شيء كثير.
وكان لدار الضرب ضريبة على ما يضرب فيها من النقود يسمونها: ثمن الحطب
وأجرة الضراب، ومقدار ذلك درهم عن كل مئة درهم، أي واحد في المائة، وربما
اختلفت هذه الضريبة باختلاف المدن، فكان للدولة من ذلك دخل حسن (2).
وكانت صناعة ضرب النقود في تلك العصور لا تزال في أبسط أحوالها، وهي
عبارة عن طابع من حديد تنقش فيه الكلمات التي يراد ضربها على النقود مقلوبة،



1 - سبل الهدى والرشاد: 9 / 5.
2 - انظر: تاريخ الطبري: 8 / 79، شرح نهج البلاغة: 8 / 186.
289
ثم يقسمون الذهب أو الفضة أجزاء بوزن الدنانير والدراهم، ويضعون الطابع فوق
تلك القطعة ويضربون عليها بمطرقة ثقيلة حتى تتأثر وتظهر الكتابة عليها، وكانت
هذه الحديدة تسمى أولا: السكة، ثم نقل هذا المعنى إلى أثرها في النقود وهي
النقوش، ثم نقل إلى القيام على ذلك العمل والنظر في استيفاء حاجاته وشروطه،
هي الوظيفة فصارت علما عليها (1).
ذكر ابن الأثير في ج 6 في حوادث ظهور أبي السرايا في الكوفة سنة 199: أنه
ضرب الدراهم فيها باسمه (2).
وذكر يوسف رزق الله غنيمة في كتاب الحيرة ص 281: أن قطع المسكوكات
التي اكتشفتها البعثة الأثرية عرفت تواريخ بعضها، فوجدت واحدة منها من ضرب
البصرة لسنة 152 هجرة، وواحدة من ضرب الكوفة لسنة 167، وهناك قطعتان من
ضرب بغداد لسنة 157، ونحو عشرين قطعة لم يعرف محل ضربها وهي من
منتصف القرن الثاني للهجرة.
ومما تقدم عرفت أنه كان بالكوفة دار لضرب النقود الإسلامية، كما كانت كذلك
في سائر البلدان، وأن كثيرا من المسكوكات الإسلامية التي كانت تضرب في غير
الكوفة كان يتعامل بها في الكوفة لا ريب، وهذا غاية ما أردنا أن نثبته في هذا
البحث.



1 - انظر: شذور العقود في ذكر النقود للمقريزي طبع النجف سنة 1356، وتاريخ التمدن
الإسلامي لجرجي زيدان: 1 / 120 - 123.
2 - الكامل في التاريخ: 6 / 305.
290
نفسية أهل الكوفة
لم يسجل التاريخ لرجالات الكوفة - بالرغم من شهرة هذه المدينة العظيمة
وموقعها التاريخي الكبير في بدء تمصيرها، وكونها مرتكز الخلافة الكبرى ردحا من
الزمن، ونبوغ رجالات الأمة فيها - مآثر جديرة بالتقدير، وكأن من انتحى نحوها يوم
مصرت إنما تبوأها ليبث روح الشقاق، أو يزرع بأرجائها بذور النفاق، ويخبئ بين
فجاجها جراثيم الفساد، لذلك لما أينعت وبسقت أغصانها لم يشهد فيها غير الإنثيال
عن الحق وأهله، والميل إلى الجور، والإصاخة (1) إلى داعية ضلال.
هذه نفسية القوم عرفوا بها منذ العهد العلوي، فيوم كان يستنصرهم علي (عليه السلام)
في وقعة الجمل ويخذلهم عنه أبو موسى الأشعري، وما كان نفيرهم إليه إلا بعد هن
وهن (2)، وقدوم الأشتر واستنفارهم بقوة بأسه، ولا تنس يوم رفع المصاحف
بصفين، يوم جاؤوا بالفاجعة الكبرى شوهاء شنعاء، التقت بها حلقتا البطان، ثم ندموا
على ما فرطوا في جنب ولي الله، فأثاروا فتنة النهروان غير متأثمين، وألقوا
المسؤولية فيها على عاتق علي (عليه السلام) بحجة داحضة، وبعد أن مسحهم السيف الإلهي
وتطامنت النفوس على حرب معاوية، لم يبرح الإمام (عليه السلام) يستشيرهم الآونة بعد
الآونة، وهو لا يجد إلا متترسا بالأعذار أو متسترا بالفشل أو مضمرا غدرا، أو
متحيزا إلى فئة، فجرعوه الغصص حتى مجهم وتمنى أن معاوية عوضه واحدا من
الشام بعشرة منهم صرف الدينار بالدرهم (3)، وقال فيهم: «قاتلكم الله لقد ملأتم



1 - أصاخ: استمع. الصحاح: 1 / 426.
2 - الهن: على وزن أخ كناية عن شي قبيح، وقيل: هن وهن: يعني الأدنياء من الناس
وتقول العرب: فلان هني وهو تصغير هن، أي دون الناس ويريدون تصغير أموره، ووردت
ضمن خطبة للإمام علي (عليه السلام): «فصغا رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مه هن وهن» قال
ابن أبي الحديد: أي مع أمور يكنى عنها ولا يصرح بذكرها. انظر: شرح نهج البلاغة: 1 /
184، حلية الأبرار: 2 / 294.
3 - شرح نهج البلاغة: 7 / 70 ضمن خطبة رقم 96.
291
قلبي قيحا» الخ (1).
وتلت تلك الفضائع ما إحتقبوه أمام المجتبى سبط الرسول (صلى الله عليه وآله) يوم سار إلى
معاوية فوافوا وحشو إهابهم عار وملء عيابهم (2) عيوب ومخازي، وخامرهم حب
الشهوات، فتركوا داعية الحق أمام معاوية فشلا، ولم يقنعهم ذلك حتى انتهبوا ثقله
وهتكوا حرمته وطعنوه بمغول في فخذه (3).
ومهما ننسى لأهل الكوفة كل كارثة، فلا ننسى يومهم مع الحسين (عليه السلام)، فلقد
جاؤوا بما هو أدهى وأنكى:
أتت كتبهم في طيهن كتائب * وما رقمت إلا بسم الأراقم.
تواردت عليه كتب القوم - اثنا عشر ألفا - ينادون فيها بصوت واحد:
أن أقدم علينا يا بن بنت محمد * لك الدهر عبد والزمان غلام.
فلما حل بين أظهرهم قلبوا عليه ظهر المجن، وقابلوه بأسنة الرماح وشفار السيوف،
فكانت هناك مجزرة لآل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعصابة الإيمان، ومستأصل العترة
الطاهرة، فخلدوها صحيفة سوداء إلى يوم الإشهاد، وما اكتفوا بكل ذلك حتى
ارتكبوا ما تندى منه جبهة البشرية وتتقلص جلدة وجه الإنسانية، سلب مخدرات
النبوة وسوقهن إلى الشام أسرى عليهن ثوب الحزن سربال.
وقبل ذلك يوم مسلم بن عقيل رضوان الله عليه، فلقد بايعه اثنا عشر ألفا أو
يزيدون على النصر والهدى، فما أسرع من أن نأوا عنه يخذل بعضهم بعضا، حتى لم
يبق معه أحد يدله على الطريق.
وبعده يوم المختار واجتماعهم عليه وثباتهم مع ابن مطيع، وبعد خروج ابن
الأشتر إبراهيم لمقابلة ابن سمية والتياثهم (4) حول راية ابن الزبير، في كل ذلك لم



1 - شرح نهج البلاغة: 2 / 75 ضمن خطبة رقم 27.
2 - إهابهم: أي أجسادهم. لسان العرب: 1 / 217.
والعياب: ما يجعل فيه الثياب، والعرب تكني عن الصدور والقلوب التي تحتوي على
الضمائر المخفاة بالعياب. لسان العرب: 1 / 634.
3 - المغول: شبه سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطيه. النهاية لابن الأثير: 3 /
397.
4 - التياثهم: أي اجتماعهم حوله. لسان العرب: 2 / 188.
292
تنقطع عنهم المخازي في الفينة بعد الفينة (1) مع الهاشميين وغيرهم فكل يوم
يغرون واحدا منهم بأعدائهم، ثم يسلمونه إلى البلاء وحيدا.
وبعده غدرهم بالشهيد زيد (رضي الله عنه)، فلقد بايعه من أهل الكوفة خمسة وعشرون
ألفا، حتى قتلوه شر قتلة، وصلبوا جسده الطاهر منكوسا بسوق الكناسة سنتين أو
أكثر، حتى اتخذته الفاختة وكرا، ثم أنزلوه من جذعه وأحرقوه بالنار وجعلوه في
قواصر (2) وحملوه في سفينة وذروه في الفرات.
إلى غير هاتيك من جرائر لا مبرر لها وجرائم لا مبرئ لمرتكبها، مما أثبتها لهم
التاريخ، حديث خزاية لا يدحرها عنهم أي تحوير في القول، ولعذاب الآخرة أشد
وأبقى (3).
ولما أرادت سكينة بنت الحسين بن علي (عليه السلام) الرحيل من الكوفة إلى المدينة -
بعد قتل زوجها المصعب بن الزبير - حف بها أهل الكوفة وقالوا: أحسن الله
صحابتك يابنة رسول الله.
فقالت: لا جزاكم الله خيرا من قوم، ولا أحسن الخلافة عليكم، قتلتم أبي
وجدي وأخي وعمي وزوجي، أيتمتوني صغيرة (وأرملتموني) كبيرة (4).
خطبة أم كلثوم (عليه السلام) في الكوفة:
وقد كشفت عن نفسية أهل الكوفة أم كلثوم بنت الإمام أبي عبد الله
الحسين (عليه السلام) لما جيء بها مع السبايا إلى الكوفة، وأبانت ما فيهم من الغدر والخديعة
والشقاق والنفاق.
يحدثنا أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور، عن سعيد بن محمد الحميري أبو
معاذ، عن عبد الله بن عبد الرحمن - رجل من أهل الشام - عن شعبة، عن حذام



1 - الفينة بعد الفينة: أي الحين بعد الحين. الصحاح: 6 / 2179.
2 - القواصر: أوعية التمر، وهي من قصب. كتاب العين: 5 / 322.
3 - انظر: كتاب زيد الشهيد: 164 - 165.
4 - أنساب الأشراف: 193، المجدي: 92، العقد الفريد: 4 / 277، درر السمط لابن الأبار
: 115، وفي المطبوع: (وأيتمتموني) وما أثبتناه من المصدر.
293
الأسدي قال: قدمت الكوفة سنة 61 وهي السنة التي قتل فيها الحسين (عليه السلام)، فرأيت
نساء أهل الكوفة يومئذ (يلتدمن) (1) مهتكات الجيوب، ورأيت علي بن
الحسين (عليهما السلام) وهو يقول بصوت ضئيل وقد نحل من المرض: «يا أهل الكوفة إنكم
تبكون علينا فمن قتلنا غيركم؟» ثم ذكر الحديث.
ورأيت أم كلثوم (عليها السلام)، ولم أر خفرة (2) والله أنطق منها، كأنما تنطق وتفرغ على
لسان أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فلما سكنت الأنفاس
وهدأت الأجراس قالت:
أبدأ بحمد الله، والصلاة والسلام على نبيه، أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختر
والخذل، ألا فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم كمثل التي (نقضت غزلها
من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم) (3)، ألا وهل فيكم إلا الصلف
والشنف وملق الإماء وغمز الأعداء؟
وهل أنتم إلا كمرعى على دمنة؟ وكفضة على ملحودة؟ ألا ساء ما قدمت
أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون؟ إي والله فابكوا وإنكم والله أحرياء بالبكاء، فابكوا كثيرا واضحكوا
قليلا، فلقد فزتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا، وأنى ترحضون
قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، ومنار محجتكم
ومدرة حجتكم، ومفرخ نازلتكم؟ فتعسا ونكسا، لقد خاب السعي وخسرت
الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة: (لقد جئتم شيئا إدا
تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) (4).
أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي دم له
سفكتم؟ لقد جئتم بها شوهاء خرقاء، شرها طلاع الأرض والسماء، أفعجبتم أن
قطرت السماء دما (ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) (5) فلا يستخفنكم



1 - أثبتناه من المصدر.
2 - خفرة: الشديدة الحياء. لسان العرب: 4 / 253.
3 - سورة النحل: 92.
4 - سورة مريم: 89 - 90.
5 - سورة فصلت: 16.
294
المهل، فإنه لا تحفزه المبادرة، ولا يخاف عليه فوت الثأر، كلا إن ربك لنا ولهم
لبالمرصاد. ثم ولت عنهم.
قال: فرأيت الناس حيارى وقد ردوا أيديهم إلى أفواههم، ورأيت شيخا كبيرا
من بني جعفي وقد اخضلت لحيته من دموع عينيه وهو يقول:
كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يبور ولا يخزي (1).
ومما نقموا به على أهل الكوفة: أنهم أبغضوا عمار بن ياسر (رضي الله عنه) ذلك العبد الصالح،
وكان أميرا عليهم سنة وبعض سنة، حتى اجترأ عليه عطارد وقال له: أيها العبد
الأجدع (2).
وشكوه إلى عمر بن الخطاب وقالوا له: إنه لا يحتمل ما هو فيه، وإنه ليس بأمين
ويرأ به أهل الكوفة، وقالوا: إنه غير كاف وغير عالم بالسياسة ولا يدري على ما
استعملته.
فدعاه عمر، فخرج معه وفد، فكانوا أشد عليه ممن تخلف عنه، وكان منهم
سعد بن مسعود الثقفي عم المختار وجرير بن عبد الله، فسعيا به فعزله عمر وقال
عمر لعمار: أساءك العزل؟
قال: ما سرني حين استعملت ولقد ساءني حين عزلت.
فقال له: قد علمت ما أنت بصاحب عمل، ولكني تأولت (نريد أن نمن على
الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (3).
ثم أقبل عمر على أهل الكوفة فقال: من تريدون؟
قالوا: أبا موسى.
فأمره عليهم بعد عمار، وكان ذلك سنة 22 فأقام عليهم سنة، فباع غلامه
العلف، فشكاه الوليد بن عبد شمس وجماعة معه وقالوا: إن غلامه يتجر في



1 - بلاغات النساء لابن طيفور: 23 - 24.
2 - تاريخ الطبري: 3 / 240، نصب الراية: 4 / 265، مجمع الزوائد: 5 / 340.
وممن قال ذلك لعمار أيضا خالد بن الوليد فأجابه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينئذ بقوله: «يا خالد لا
تسب عمارا فان من سب عمارا فقد سب الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله ومن لعن عمارا
لعنه الله». انظر: تفسير الطبري: 5 / 206، تفسير ابن كثير: 1 / 530.
3 - سورة القصص: 5.
295
(حشرنا) (1).
فعزله عنهم وصرفه إلى البصرة، وصرف عمر بن سراقة إلى الجزيرة وخلا عمر
في ناحية المسجد فنام، فأتاه المغيرة بن شعبة فحرسه حتى استيقظ فقال: ما فعلت
هذا يا أمير المؤمنين إلا من عظيم.
فقال: وأي شيء أعظم من مائة ألف لا يرضون على أمير ولا يرضى عنهم أمير.
وأحيطت الكوفة على مائة ألف مقاتل وأتاه أصحابه فقالوا: ما شأنك؟
فقال: إن أهل الكوفة قد عضلوني، واستشارهم فيمن يوليه وقال: ما تقولون
في تولية رجل ضعيف مسلم أو رجل قوي مسدد (2).
فقال المغيرة: أما الضعيف المسلم فإن إسلامه لنفسه وضعفه عليك، وأما
القوي المسدد فإن سداده لنفسه وقوته للمسلمين.
فولي المغيرة الكوفة فبقي عليها حتى مات عمر وذلك نحو سنتين وزيادة (3).
هكذا كانت الكوفة وهكذا كان أهلها، فقد غلب فيها أولوا الجهل والعماية،
وقل فيها العقلاء، وكثر فيها السفهاء، ولم يبق لها في قلوب الناس أي أثر، فحدثت
بعدئذ فيها فتن وكوارث مما ستسمع فيما بعد إن شاء الله.
إذا سقى الله قوما صوب غادية * فلا سقى الله أرض الكوفة المطرا
ألق العداوة والبغضاء بينهم * حتى يكونوا لمن عاداهم جزرا (4).



1 - في المطبوع: (جسرنا) وما أثبتناه من المصادر.
2 - في المصادر: (مشدد).
3 - تاريخ الطبري: 3 / 242 - 243، أسد الغابة: 4 / 46، تاريخ دمشق: 43 / 450، سير
أعلام النبلاء: 1 423.
4 - الأبيات لقيس بن عمرو النجاشي، شرب الخمر في شهر رمضان فضربه الإمام علي (عليه السلام)
بالسوط وأوقفه أمام الناس فهجا أهل الكوفة بقوله هذا.
انظر: الغارات للثقفي: 2 / 903، معجم البلدان: 4 / 493.
296
فتن الكوفة وحوادثها
ليست الكوفة بدعا من لداتها (1) من الأوساط الفخمة والحواضر الكبرى التي
تزدلف إليها أخلاط من الناس من هنا وهنا فمن تجع علما، إلى طالب وفرا، إلى ميمم
بلغة، إلى مستأمن بفنائها من ملمة الحطب وعادية المرجفين، إلى متقو بمن فيها
يريد تطفيف المكاييل مع متغلب عليه، فكان بطبع الحال فيها طبقات من الأمم،
علماء أبرار، ونساك زهاد، وعقلاء ساسة، وما لكون أمراء، وفا تكون ثوار، ورعرعة
دهماء.
فكانت الأفكار فيها تتضارب والنزعات تتخالف، فربما أخذت الحقائق بأعضاد
ذويها، وربما ساعدت الحظوظ وثابة النهمة والشره، وكلما خبا ذكر أحد الفريقين
تربص الفريق الآخر به الدوائر، حتى تتضاءل مرة صاحبه وتلين قوته، ولم يزل تباين
الخطط بهذه العاصمة الإسلامية حتى حكم ما انتابها من الكوارث والفتن من جرائه
عليها بالتدمير، وألحقتها بحديث أمس الدابر.
وأعجب شيء كان بالكوفة - وهي عاصمة أمير المؤمنين (عليه السلام) وفيها شيعته
ومحبوه، وبها أنصاره وأعضاده - أن تلك الدوائر المقلقة للسلام ما دارت على أي
أحد كما دارت على أشياعه ومن لاث به وبنيه وذويه، ذلك أن المقعي (2) على
أنقاض ولايتها، بعده كانوا في الغالب جبابرة طغاة ينصبون له ولشيعته العداء،
وتحدوهم المطامع في سيب الأمويين إلى الوقيعة فيهم والنيل منهم.
وفي الكوفة زعانفة (3) يميلون مع كل ناعق، هم أعضاد كل ظالم، لكن الحقيقة
الناصعة أبقت لعلي (عليه السلام) وولده وشيعته، صحيفة بيضاء يتلوها الملوان (4) وذكرى
خالدة يتداولها مر الجديدين، وما عند الله خير وأبقى.



1 - لداتها: أي أترابها، ومفردها لدة. النهاية لابن الأثير: 4 / 246.
2 - المقعي: هو الجالس على أطراف أصابعه ورافع قدميه. الصحاح: 6 / 2300.
3 - الزعانف: الأدعياء. الفائق للزمخشري: 2 / 83.
4 - الملوان: الليل والنهار. لسان العرب: 15 / 291.
297
وأما من ناواهم فقد طحنهم الفناء بكلكله (1) وأبادهم سوء الأحدوثة، فها هم لا
ذكر جميل يعنى، ولا رمة بالية تأم وتقصد، فلم تبق إلا ثياب خزاية ألبستهم إياها
الخلاعة والهرطقة (2)، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
وإليك ما يلي أهم الفتن والحوادث التي انتابتها مرتبة على العصور، أخذناها من
أوثق المصادر التأريخية:
1 - حادثة ابن الحيسمان الخزاعي (3):
إن الكوفة أول مصر نزغ الشيطان بين أهله في الإسلام - كما عرفت - وكان بدء
ذلك: أن سعد بن أبي وقاص كان أمير الكوفة في خلافة عثمان بوصية من عمر،
وكان عبد الله بن مسعود أمين بيت المال، فاستقرض سعد من عبد الله بن مسعود من
بيت المال مالا، فلما جاء الأجل أتى ابن مسعود إلى سعد وقال له: أد المال الذي
قبلك.
فقال له سعد: ما أراك إلا ستلقى شرا، أهل أنت إلا ابن مسعود عبد من هذيل؟
فقال: أجل والله إني لابن مسعود وإنك لابن حمينة.
فقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص: أجل، والله إنكما لصاحبا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ينظر إليكما.
فطرح سعد عودا كان في يده - وكان رجلا فيه حدة - ورفع يده وقال: اللهم رب
السماوات والأرض.
فقال عبد الله: ويلك قل خيرا، ولا تلعن.
فقال سعد: أما والله لولا اتقاء الله لدعوت عليك دعوة لا تخطئك.
فولى عبد الله سريعا حتى خرج، ولم يتيسر لسعد الاسراع بأداء المال،
فاستعان عبد الله بأناس على استخراج المال من سعد، واستعان سعد بأناس على
استنظاره، وافترقوا وبعضهم يلوم سعدا وبعضهم يلوم عبد الله، ووصل الخبر بذلك
إلى عثمان فغضب عليهما وهم بهما ثم ترك ذلك، وعزل سعدا وأخذ ما عليه وأقر



1 - الكلكل: الصدر، أي بصدره. الصحاح: 5 / 1812.
2 - الهرطقة: ما هو باطل في حكم الشرع. معجم ألفاظ الفقه الجعفري: 84.
3 - ترجمته: تاريخ الطبري: 2 / 159، الإصابة: 2 / 129 رقم 1902، أسد الغابة: 2 / 70.
298
عبد الله بن مسعود وتقدم إليه في ذلك.
ولما عزل عثمان سعدا ولى الوليد بن عقبة الكوفة - وكان قبل ذلك عاملا على
الجزيرة من عهد عمر - فلما قدم الوليد كان أحب الناس في الناس وأرفقهم بهم،
فكان كذلك خمس سنين وليس على داره باب (1).
حدث في أثناء ولاية الوليد: أن شبابا من شباب الكوفة نقبوا (2) على ابن
الحيسمان الخزاعي داره وكاثروه ونذر بهم فخرج إليهم بسيفه، فلما رأى كثرتهم
استصرخ وكان أبو شريح الخزاعي جارا له - وهو من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) نقل
أهله من المدينة إلى الكوفة ليكون قريبا من الغزو - فلما سمع استصراخ ابن
الحيسمان أطل هو وابنه، فإذ هو بأولئك الشباب يقولون لجاره: لا تصح فإنما هي
ضربة حتى نريحك.
وضربوه فقتلوه وأبو شريح يصيح بهم، وأحاط الناس بهم فأخذوهم وفيهم
زهير بن جندب الأزدي، ومورع بن أبي مورع الأسدي، وشبيل بن أبي الأزدي، في
عدة فشهد عليهم أبو شريح وابنه أنهم دخلوا عليه فقتله بعضهم.
فكتب الوليد إلى عثمان فيهم، وارتحل إليه أبو شريح ونقل أهله إلى المدينة.
ولهذا الحديث لما كثر أحدثت القسامة، وأخذ بقول ولي المقتول ليفطم الناس
عن القتل عن ملأ من الناس يومئذ، وقال عثمان: القسامة على المدعى عليه، وعلى
أوليائه يقسم منهم خمسون رجلا إذا لم تكن بينة، فإن نقصت قسامتهم أو إن نكل
منهم رجل واحد ردت قسامتهم ووليها المدعون، فإن حلف منهم خمسون
استحقوا وقد ثبت القتل على هؤلاء النفر.
فكتب فيهم الوليد إلى عثمان، فكتب إليه في قتلهم فقتلوا على باب القصر في
الرحبة، وقد قال في ذلك عمرو بن عاصم التميمي:
لا تأكلوا أبدا جيرانكم سرفا * أهل الذعارة في ملك ابن عفان
وقال:
إن ابن عفان الذي جربتموه * فطم اللصوص بمحكم الفرقان



1 - مصنف ابن أبي شيبة: 7 / 255 ح 43، تاريخ الطبري: 3 / 311، تاريخ دمشق: 20 /
343 - 344، وفي المصنف وتاريخ دمشق: (حمنة) بدل: (حمينة).
2 - نقبوا: طوفوا وفتشوا. لسان العرب: 1 / 769.
299
ما زال يعمل بالكتاب مهيمنا * في كل عنق منهم وبنان
ولما قتل هؤلاء الرهط قصاصا بمن قتلوا أضطغن آباؤهم على الوليد لذلك، وصاروا
يتحينون الفرص للإيقاع به، وكان للوليد سمار يسمرون عنده ومنهم أبو زبيد الطائي
كان رجلا نصرانيا معروفا بشرب الخمر قد عرفه الوليد أيام نصرانيته، وكان مقامه في
تغلب أخواله أيام كان الوليد أميرا عليهم بالجزيرة، وكان يغشى الوليد بالجزيرة أيام
كان فيها وبالمدينة إذ كان بها، فلما جاء الوليد الكوفة قدم عليه أبو زبيد، وكان للوليد
عنده يد حين أسلم إذ اضطهده أخواله كراهة لدخوله في الإسلام، فأخذ له الوليد
بحقه فشكرها له أبو زبيد وانقطع إليه وجاء إليه الكوفة مسلما معظما على مثل ما كان
يأتيه بالجزيرة والمدينة، وقد حسن إسلامه فاستدخله الوليد وكان عربيا شاعرا،
فأتى آت أبا زينب وأبا مورع وجندبا وهم يحقدون عليه مذ قتل أبناءهم ويضعون له
العيون فقال: هل لكم في الوليد يشارب أبا زبيد.
فثاروا في ذلك وقالوا لأناس من أهل الكوفة: هذا أميركم وأبو زبيد خيرته وهما
عاكفان على الخمر.
فقاموا معهم إلى منزل الوليد وليس عليه باب، واقتحموا عليه فلم يفجأ إلا بهم
فنحى شيئا فأدخله تحت السرير، فأدخل بعضهم يده فأخرجه، فإذا طبق عليه
تفاريق عنب، وإنما نحاه استحياء من أن يرى طبقه وليس عليه إلا تفاريق عنب،
فأقبل الناس على المرجفين يسبونهم ويلعنونهم وأقبل آخرون يقولون فيه، فدعاهم
ذلك إلى التجسس والبحث.
ستر عليهم الوليد وطوى ذلك عن عثمان، ولم يشأ أن يدخل بين الناس في
ذلك بشيء فسكت وصبر، وجاء جندب ورهط معه إلى ابن مسعود فقالوا: الوليد
يعتكف على شرب الخمر.
فقال ابن مسعود: من استتر عنا بشيء لم نتبع عورته ولم نهتك ستره.
ونمي كلامه إلى الوليد فعاتبه وقال: أيرضى من مثلك بأن يجيب قوما موتورين
بما أجبت علي، أي شيء أستتر به؟ إنما يقال هذا للمريب.
فتلاحيا وافترقا على تغاضب، وأذاع المرجفون بعكوفه على الخمر وطرحوه
على ألسنة الناس.
وقد أتي الوليد بساحر وهو على الكوفة، فأرسل إلى ابن مسعود يسأله عن

300
حده.
فقال: وما يدريكم أنه ساحر؟
قالوا: يزعم ذاك.
قال: أساحر أنت؟
قال: نعم.
قال: وتدري ما السحر؟
قال: نعم، وثار إلى حمار فجعل يركبه من قبل ذنبه ويريهم أنه يدخل من فمه
ويخرج من أسته ويدخل من أسته ويخرج من فمه.
فقال ابن مسعود: فاقتله.
فانطلق الوليد، فنادوا في المسجد: أن رجلا يلعب السحر عند الوليد.
جاء جندب - واغتنمها - يقول: أين هو حتى أريه، فضربه وقتله.
فاجتمع عبد الله والوليد على حبسه، وكان جندب يعتذر بأنه ما كان يعلم أن
الوليد سيقيم الحد على ذلك الساحر، وأنه ظن أنه عطل حده فأراد أن يستوفيه.
وكتب الوليد إلى عثمان، فأجاب أن استحلفوه بالله ما علم برأيكم فيه وأنه
لصادق فيما ظن من تعطيل حده وعزروه وخلوا سبيله، وتقدم إلى الناس في أن لا
يعملوا بالظنون وأن لا يقيموا الحدود دون السلطان، فإنا نقيد المخطئ ونؤدب
المصيب.
فعل به الوليد ما أمر به عثمان، وغضب لجندب أصحابه واتفقوا فيما بينهم
على الكيد للوليد بالذهاب إلى المدينة، وشكوى الوليد إلى الخليفة واستعفائه
منه، فجاؤوا عثمان فقال لهم: تعملون بالظنون وتخطؤون في الإسلام وتخرجون بغير
إذن، ارجعوا.
فلما رجعوا إلى الكوفة لم يبق موتور في نفسه إلا أتاهم، فاجتمعوا على رأي
فأصدروه ثم تغفلوا الوليد، وكان ليس عليه حجاب، فدخل عليه أبو زينب الأزدي
وأبو مورع الأسدي، وبقيا معا إلى أن نام فسلا خاتمه من إصبعه وهو نائم، فلما لم
يجد خاتمه بعد أن استيقظ سأل جاريتين له، فقالتا: جاءك رجلان وأحدهما كانت
يده على يدك ثم وصفتهما له، فعرف أنهما أبو زينب وأبو مورع وقال: قد أرادوا
داهية، فليت شعري ماذا يريدان وطلبهما فلم يجدهما، وكان وجههما المدينة

301
فقدما على عثمان ومعهما نفر يعرفهم عثمان ممن قد عزل الوليد عن الأعمال فقال:
من يشهد؟
قالوا: أبو زينب وأبو مورع وكاع الآخران.
فقال: كيف رأيتماه؟
قالا: كنا من غاشيته فدخلنا عليه وهو يقيء الخمر، وفي رواية: اعتصرناها من
لحيته وهو يقيئها.
فقال: ما يقيء الخمر إلا شاربها فبعث إليه، فلما قدم الوليد رآهما عند عثمان
فقال:
ما إن خشيت على أمر خلوت به * فلم أخفك على أمثالها حار
وحلف الوليد وأخبره خبرهم، فقال عثمان: نقيم الحدود ويبوء شاهد الزور بالنار
فاصبر يا أخي.
وأمر سعيد بن العاص فجلده أربعين، فأورث ذلك عدواة بين ولديهما،
والصحيح أن الذي جلده عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، لأن عليا (عليه السلام) أمر ابنه
الحسن أن يجلده فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها.
فأمر عبد الله بن جعفر فجلده، وعزله عثمان عن الكوفة وولى بعده سعيد بن
العاص، وكان بقية العاص بن أمية، وكان ذلك سنة 30 (1).
قدم سعيد أميرا على الكوفة ومعه أولئك النفر الذين كادوا للوليد ومنهم: أبو
(خشة) (2) الغفاري، وجندب بن عبد الله، وأبو مصعب بن جثامة، فصعد سعيد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:
والله لقد بعثت إليكم وإني لكاره، ولكني لم أجد بدا إذ أمرت أن أئتمر، ألا إن
الفتنة قد أطلعت خطمها وعينيها، ووالله لأضربن وجهها حتى أقمعها أو تعييني،
وإني لرائد نفسي اليوم.
ونزل وسأل عن أهل الكوفة، فأقيم على حالها وما عليه أهلها، فكتب إلى
عثمان بالذي انتهى إليه: أن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم وغلب أهل الشرف منهم
والبيوتات والسابقة والقدمة، والغالب على تلك البلاد روادف ردفت وأعراب



1 - تاريخ الطبري: 3 / 326 - 330، تاريخ دمشق: 63 / 245.
2 - في المطبوع: (خشنة)، وما أثبتناه من المصادر.
302
لحقت، حتى ما ينظر إلى ذي شرف وبلاء من نازلتها ولا نابتتها.
فكتب إليه عثمان:
أما بعد ففضل أهل السابقة والقدمة ممن فتح الله عليه تلك البلاد، وليكن من
نزلها بسببهم تبعا، إلا أن يكونوا تثاقلوا عن الحق وتركوا القيام به وقام به هؤلاء،
واحفظ لكل منزلته وأعطهم جميعا بقسطهم من الحق، فإن المعرفة بالناس بها
يصاب العدل.
فأرسل سعيد إلى وجوه الناس من أهل أيام القادسية فقال: أنتم وجوه من
وراءكم والوجه ينبئ عن الجسد، فأبلغونا حاجة ذي الحاجة وخلة ذي الخلة،
وأدخل معهم من يحتمل من اللواحق والروادف (1) وخلص بالقراء والمتسمتين في
سمره، فكأنما كانت الكوفة يبسا شملته نار، فانقطع إلى ذلك الضرب (ضربهم) (2)
وفشت القالة والإذاعة.
وذلك أمر طبيعي، لأن أولئك الشاغبين الذين أزالوا سلطان الوليد، كانوا يرون
أقل جزاء لهم من سعيد أن يشركهم في سلطانه، ولا يصدر إلا بإذنهم ولا يورد إلا عن
رأيهم، فلما فاتهم ما أملوا في سلطانه عادوا سيرتهم الأولى.
كتب سعيد إلى عثمان بأمرهم، فلما وصل إليه كتابه نادى مناديه الصلاة
جامعة، فاجتمعوا فأخبرهم بالذي بلغه من أول ولايته وبما كتب به إليه وبما جاءه
من القالة والإذاعة.
فقالوا: أصبت فلا تسعفهم في ذلك ولا تطمعهم فيما ليسوا له بأهل، فإنه إذا
نهض في الأمور من ليس لها بأهل لم يحتملها وأفسدها.
وقد أشار عثمان على من في المدينة أن يستبدلوا بأموالهم في الحجاز وجزيرة
العرب أموالا بنواحي الكوفة وفارس، وقصده من ذلك أن يوجد في هذه الأمصار
قوما من أهل السابقة والفضل ليكونوا سادتهم وقادتهم، وتنقطع أطماع غيرهم في
السياسة والرئاسة، فلم يجد ذلك نفعا، بل زاد الأمر ونما غرس الفساد (3).



1 - اللواحق: ضامرة البطن وأقرب إلى الخاصرة، أي أقرب من الروادف.
والروادف: الذين في المؤخرة. لسان العرب: 1 / 433.
2 - في المطبوع: (حزبهم)، وما أثبتناه من المصادر.
3 - تاريخ الطبري: 3 / 331 - 333، تاريخ دمشق: 21 / 121 - 122.
303
2 - حادثة عبد الرحمن بن حبيش (1):
كان سعيد بن العاص لا يغشاه إلا نازلة أهل الكوفة ووجوه أهل الأيام وأهل
القادسية والقراء والمتسمتون، وكان هؤلاء دخلته إذا خلا فإذا جلس مجلسا عاما
دخل عليه كل أحد فجلس للناس يوما، فبينما هم جلوس يتحدثون قال حبيش
الأسدي: ما أجود طلحة بن عبيد الله؟
فقال سعيد: إن من له مثل النشاستج (2) لحقيق أن يكون جوادا، والله لو أن لي
مثله لأعاشكم الله عيشا رغدا.
فقال عبد الرحمن بن حبيش وهو حدث: والله لوددت أن هذا الملطاط لك،
يعني ما كان لآل كسرى على الفرات الذي يلي الكوفة.
قالوا: فض الله فاك، والله لقد هممنا بك.
فقال أبوه حبيش: غلام فلا تجاوزوه.
فقالوا: يتمنى له من سوادنا؟
فقال: ويتمنى لكم أضعافه.
فقالوا: لا يتمنى لنا ولا له.
فقال: ما هذا بكم؟
فقالوا: أنت والله أمرته بها.
وثار إليه ابن ذي (الحبكة) (3) وجندب وصعصعة وابن الكوا وعمير بن ضابئ
فأخذوه، وهب أبوه ليمنعه منهم، فضربوهما حتى غشي عليهما، وجعل سعيد
يناشدهم وهم لا يلتفتون إليه حتى اشتفوا منهما.
وسمعت بذلك بنو أسد فجاؤوا وفيهم طليحة، فأحاطوا بالقصر وكثرت القبائل،
ففزع الضاربون إلى سعيد وقالوا: أفلتنا وتخلصنا.



1 - انظر ترجمته في: إكمال الكمال: 2 / 337 رقم 358، الإصابة: 5 / 81 رقم
6384، وبعض المصادر سمته عبد الرحمن بن خنيس.
2 - نشاستج: ضيعة كبيرة كثيرة الدخل، اشتراها طلحة بن عبيد الله من أهل الكوفة
المقيمين بالحجاز وعمرها وكثر دخلها، ولذلك ضرب بها المثل. معجم البلدان: 5 / 285.
3 - في المطبوع: (الحنكة)، وما أثبتناه من المصادر.
304
فخرج سعيد إلى الناس فقال: أيها الناس قوم تنازعوا وتهاونوا وقد رزق الله
العافية، ثم قعدوا وعادوا في حديثهم وتراجعوا وسألهم (1) وردهم، ولما أفاق
الرجلان قال لهما: أبكما حياة؟
قالا: قتلتنا غاشيتك.
قال: لا يغشوني والله أبدا، فاحفظا على ألسنتكما ولا تجرئا علي الناس، ففعلا.
وحفظ عن سعيد أنه قال: إنما هذا السواد بستان قريش، وكان حاضرا مالك بن
كعب الأرحبي والأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس النخعيان وغيرهم، فزادوا عليه
وأساؤا إلى صاحب شرطته، فمنعهم سعيد أن يسمروا عنده (2).
ولما انقطع رجاء أولئك النفر عن غشيان مجلسه وقعدوا في بيوتهم، أقبلوا على
الإذاعة وشتم عثمان وسعيد، حتى لامه أهل الكوفة في إرخاء الحبل لهم والسكوت
عنهم على ما بهم من شر، وكتب سعيد وأشرافهم إلى عثمان في إخراجهم من
الكوفة.
فكتب إليهم: إذا اجتمع ملأكم على ذلك فألحقوهم بمعاوية.
فأخرجوهم إليه، فذلوا وانقادوا وخرجوا حتى أتوه فوبخهم، ثم جاء الأمر من
عثمان بإعادتهم إلى الكوفة، ولكنهم أشفقوا من ذلك، فبقوا في الجزيرة، وفي تلك
الأثناء فرق سعيد العمال والأمراء فيما يليه من فارس، فخلت الكوفة من الرؤساء
والأشراف وأهل السابقة، وكان سعيد قد خرج إلى عثمان فلم يفجأ الناس إلا بهم قد
عادوا إلى بغيهم وفسادهم، فلما أراد سعيد العودة إلى الكوفة تلقوه من الجرعة
وردوه لا يريدون دخوله عليهم أميرا، فعاد إلى عثمان فلم يغير من إرادة القوم،
وأرادوه على أن يولي عليهم أبا موسى الأشعري، فنزل عندما يريدون وولى عليهم
أبا موسى وصرف سعيدا عنهم، وكانت تلك الحادثة سنة 33 (3).



1 - في بعض المصادر: (فساءهم) وفي بعضها: (فعلهم) بدل: (وسألهم).
2 - انظر: الطبقات الكبرى: 5 / 33، تاريخ الطبري: 3 / 365، تاريخ دمشق: 21 / 114.
3 - انظر: الفتنة ووقعة الجمل للضبي: 36 - 40، تاريخ الطبري: 3 / 361 - 364، تاريخ
دمشق: 24 / 94 - 96.
305
3 - حادثة أبي موسى الأشعري (1):
لما خرج الإمام علي (عليه السلام) إلى البصرة لحرب الجمل سنة 36، كان أبو موسى
الأشعري واليا في الكوفة من قبل علي (عليه السلام)، وكان يثبط أهل الكوفة عن نصرته، فلما
بلغه ذلك أرسل - وهو بذي قار - محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر إليه يلومه على
ذلك ويردعه عن مثل هذا الفساد.
فلم يرتدع فرجعا، ثم أرسل الأشتر وابن عباس إليه، فلم ينجع أيضا وأصر على
عناده، فرجعا إلى علي (عليه السلام) فأخبراه الخبر، فأرسل ابنه الحسن (عليه السلام) وعمار بن ياسر
رضوان الله عليه، فأقبلا حتى دخلا المسجد وأقبل الحسن (عليه السلام) على أبي موسى
فقال له: لم تثبط الناس عنا؟ فوالله ما أردنا إلا الإصلاح ولا مثل أمير المؤمنين يخاف
على شيء.
فقال: صدقت بأبي أنت وأمي، ولكن المستشار مؤتمن سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: «إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم
خير من الماشي والماشي خير من الراكب، وقد جعلنا الله إخوانا، وقد حرم علينا
دماءنا وأموالنا».
فغضب عمار وسبه وقام وقال: أيها الناس إنما قال له وحده: أنت فيها قاعد
خير منك قائما.
فقام رجل من بني تميم فسب عمارا وقال: أنت أمس مع الغوغاء واليوم تسافه
أميرنا؟
وثار زيد بن صوحان وطبقته وثار الناس، وجعل أبو موسى يكفكف الناس،
ووقف زيد على باب المسجد ومعه كتاب إليه من عائشة تأمره فيه بملازمة بيته أو
نصرتها، وكتاب إلى أهل الكوفة بمعناه، فأخرجهما فقرأهما على الناس، فلما فرغ
منهما قال: أمرت أن تقر في بيتها وأمرنا أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، فأمرتنا بما
أمرت به وركبت ما أمرنا به.
فقال له شبث بن ربعي: يا عماني - لأنه من عبد القيس وهم يسكنون عمان -



1 - انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى: 2 / 344، التاريخ الكبير: 5 / 22 رقم 35، تاريخ
دمشق: 32 / 18، تهذيب الكمال: 15 / 446 رقم 3491، سير أعلام النبلاء: 2 / 380 رقم
82.
306
سرقت بجلولاء فقطعت يدك وعصيت أم المؤمنين، وتهاوى الناس وقام أبو موسى
وقال: أيها الناس أطيعوني وكونوا جرثومة من جراثيم العرب، يأوي إليكم المظلوم
ويأمن فيكم الخائف، إن الفتنة إذا أقبلت فقد شبهت فإذا أدبرت بنيت، وإن هذه
الفتنة باقرة كداء البطن، تجري لها الشمال والجنوب والصبا والدبور تذر الحليم وهو
حيران كابن أمس، شيموا سيوفكم وقصدوا رماحكم وقطعوا أوتاركم والزموا
بيوتكم، خلوا قريشا إذا أبوا إلا الخروج من دار الهجرة وفراق أهل (العلم
بالأمرة) (1)، استنصحوني ولا تستغشوني، أطيعوني يسلم لكم دينكم ودنياكم
ويشقى بحر هذه الفتنة من جناها.
فقام زيد فشال يده المقطوعة فقال: يا عبد الله بن قيس ردت الفرات على
أدراجه أردده من حيث يجيء حتى يعود كما بدأ، فإن قدرت على ذلك فستقدر
على ما تريد، فدع عنك ما لست مدركه، سيروا إلى أمير المؤمنين وسيد المسلمين
انفروا إليه أجمعين تصيبوا الحق.
فقام القعقاع بن عمرو فقال: إني لكم ناصح وعليكم شفيق، أحب لكم أن
ترشدوا ولأقولن لكم قولا وهو الحق، أما ما قال الأمير فهو الحق لو أن إليه سبيلا،
وأما ما قال زيد فزيد عدو هذا الأمر فلا تستنصحوه، والقول الذي هو الحق أنه لابد
من إمارة تنظم الناس وتنزع الظالم وتعز المظلوم، وهذا أمير المؤمنين ولي بمن ولي
وقد أنصف في الدعاء، وإنما يدعوا إلى الإصلاح، فانفروا وكونوا من هذا الأمر
بمرأى ومسمع.
وقال عبد الخير الخيواني: يا أبا موسى هل بايع طلحة والزبير؟
قال: نعم.
قال: هل أحدث علي ما يحل به نقض بيعته؟
قال: لا أدري.
قال: لا دريت، نحن نتركك حتى تدري، هل تعلم أحدا خارجا من هذه الفتنة،
إنما الناس أربع فرق: علي بظهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة، ومعاوية
بالشام، وفرقة بالحجاز لا غناء بها ولا يقاتل بها عدو.



1 - في المطبوع: (علم بالأمراء)، وما أثبتناه من المصادر.
307
فقال أبو موسى: أولئك خير الناس وهي فتنة.
فقال عبد الخير: غلب عليك غشك يا أبا موسى.
فقال سيحان بن صوحان: أيها الناس لابد لهذا الأمر وهؤلاء الناس من وال يدفع
الظالم ويعز المظلوم ويجمع الناس، وهذا واليكم يدعوكم لتنظروا فيما بينه وبين
صاحبيه، وهو المأمون على الأمة، الفقيه في الدين، فمن نهض إليه فإنا سائرون
معه.
فلما فرغ سيحان، قال عمار: هذا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستنفركم إلى زوجة
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلى طلحة والزبير، أشهد أنها زوجته في الدنيا والآخرة فانظروا ثم
انظروا في الحق فقاتلوا معه.
فقال له رجل: إنا مع من شهدت له بالجنة على من لم تشهد له.
فقال له الحسن (عليه السلام): «اكفف عنا فإن للإصلاح أهلا».
وقام الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: «أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم وسيروا إلى
إخوانكم فإنه سيوجد إلى هذا الأمر من ينفر إليه، ووالله لئن يليه أولو النهى أمثل في
العاجل والآجل وخير في العافية فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على ما ابتلينا به
وابتليتم، وإن أمير المؤمنين يقول: قد خرجت مخرجي هذا ظالما أو
مظلوما، وإني أذكر الله رجلا رعى حق الله إلا نفر، فإن كنت مظلوما أعانني وإن
كنت ظالما أخذ مني، والله إن طلحة والزبير لأول من بايعني وأول من غدر، فهل
استأثرت بمال أو بدلت حكما، فانفروا فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر».
فسامح الناس وأجابوا ورضوا، وأتى قوم من طيء عدي بن حاتم فقالوا: ماذا
ترى وما تأمر؟
فقال: قد بايعنا هذا الرجل وقد دعانا إلى جميل وإلى هذا الحدث العظيم لننظر
فيه ونحن سائرون وناظرون.
فقام هند بن عمرو فقال: إن أمير المؤمنين قد دعانا وأرسل إلينا رسله حتى
جاءنا ابنه فاسمعوا إلى قوله وانتهوا إلى أمره وانفروا إلى أميركم فانظروا معه في هذا
الأمر وأعينوه برأيكم.
وقام حجر بن عدي فقال: أيها الناس أجيبوا أمير المؤمنين وانفروا خفافا وثقالا
مروا وأنا أولكم.

308
فأذعن الناس للمسير، فقال الحسن (عليه السلام): «أيها الناس إني غاد فمن شاء منكم
أن يخرج معي على الظهر ومن شاء في الماء».
فنفر معه قريب من تسعة آلاف، أخذ في البر ستة آلاف ومائتان وأخذ في الماء
ألفان (وثمانمائة) (1).
وقيل: إن عليا (عليه السلام) أرسل الأشتر بعد ابنه الحسن وعمار إلى الكوفة، فدخلها
والناس في المسجد وأبو موسى يخطبهم ويثبطهم والحسن وعمار معه في منازعة
وكذلك سائر الناس كما تقدم، فجعل الأشتر لا يمر بقبيلة فيها جماعة إلا دعاهم
ويقول: اتبعوني إلى القصر.
فانتهى إلى القصر في جماعة من الناس فدخله وأبو موسى في المسجد
يخطبهم ويثبطهم والحسن يقول له: «اعتزل عملنا لا أم لك وتنح عن منبرنا».
وعمار ينازعه، فأخرج الأشتر غلمان أبي موسى من القصر فخرجوا يعدون
وينادون: يا أبا موسى هذا الأشتر قد دخل القصر فضربنا وأخرجنا.
فنزل أبو موسى فدخل القصر فصاح به الأشتر: أخرج لا أم لك أخرج الله
نفسك.
فقال: أجلني هذه العشية.
فقال: هي لك ولا تبيتن في القصر الليلة.
ودخل الناس ينهبون متاع أبي موسى، فمنعهم الأشتر وقال: أنا له جار فكفوا
عنه، فنفر الناس في العدد المذكور.
وقيل: إن عدد من سار إلى الكوفة اثنا عشر ألف رجل ورجل.
قال أبو الطفيل: سمعت عليا يقول ذلك قبل وصولهم، فقعدت فأحصيتهم فما
زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا.
وكان على كنانة وأسد وتميم والرباب ومزينة: معقل بن يسار الرياحي، وكان
على سبع قيس: سعد بن مسعود الثقفي عم المختار، وعلى بكر وتغلب: وعلة بن
محدوج الذهلي، وكان على مذحج والأشعريين: حجر بن عدي، وعلى بجيلة
وأنمار وخثعم والأزد: مخنف بن سليم الأزدي، فقدموا على أمير المؤمنين (عليه السلام)



1 - في المطبوع: (وأربعمائة)، وما أثبتناه من المصادر.
309
بذي قار فلقيهم في أناس معه فيهم ابن عباس فرحب بهم وقال:
«يا أهل الكوفة أنتم قاتلتم ملوك العجم وفضضتم جموعهم حتى صارت
إليكم مواريثهم فمنعتم حوزتكم وأعنتم الناس على عدوهم، وقد دعوتكم
لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة، فإن يرجعوا فذلك الذي نريد، وإن يلجوا
داويناهم بالرفق حتى يبدؤنا بظلم، ولم ندع أمرا فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه
الفساد إن شاء الله».
ثم إنهم توجهوا إلى البصرة فكان من أمرهم ما كان (1).
4 - حادثة الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
هي أم الحوادث وأشجاها وأفظعها في الإسلام، فقد روى المفيد في الإرشاد
عن الفضل بن دكين، عن حيان بن العباس، عن عثمان بن المغيرة قال: لما دخل
شهر رمضان كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن (عليه السلام) وليلة عند
الحسين (عليه السلام) وليلة عن عبد الله بن العباس (جعفر خ ل) وكان لا يزيد على ثلاث لقم
فقيل له في ليلة من تلك الليالي في ذلك.
فقال: «يأتيني أمر الله وأنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان»، فأصيب (عليه السلام) في
آخر الليل.
وقد سمع علي (عليه السلام) ينعى نفسه إلى أهله وأصحابه قبل قتله، يقول (عليه السلام) وهو
على المنبر: «ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم» ويضع يده على لحيته (2).
قال الحس بن كثير عن أبيه: خرج علي (عليه السلام) من الفجر فأقبل الأوز يصحن في
وجهه فطردوهن عنه، فقال: «ذروهن فإنهن نوائح»، فضربه ابن ملجم في ليلته (3).
وقال الحسن بن علي (عليه السلام) يوم قتل علي (عليه السلام): «خرجت البارحة وأبي يصلي
في مسجد داره فقال لي: يا بني إني بت أوقظ أهلي، لأنها ليلة الجمعة صبيحة بدر
فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من



1 - تاريخ الطبري: 3 / 497 - 501، الجمل للشيخ المفيد: 132 - 137، البداية
والنهاية: 7 / 263 - 264، تاريخ ابن خلدون: 2 / 159 - 160.
2 - الارشاد: 1 / 13 - 14.
3 - تاريخ دمشق: 42 / 555، كنز العمال: 13 / 195 ح 36584.
310
أمتك من الأود واللدد.
فقال لي: أدع عليهم.
فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير (منهم) (1) وأبدلهم بي من هو شر مني.
فجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة، فخرج وخرجت خلفه فضربه ابن ملجم
فقتله».
وكان قد ضربه ليلة تسع عشرة من رمضان فبقي إلى الليلة الحادية والعشرين منه
قبل الفجر وتوفي سنة 40 من الهجرة، وكان (عليه السلام) إذا رأى ابن ملجم قال:
أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مرادي (2).
وكان سبب قتله (عليه السلام): أن عبد الرحمن بن ملجم المرادي والبرك بن عبد الله التميمي
الصريمي، وقيل: اسم البرك الحجاج (3)، وعمرو بن بكر التميمي السعدي وهم من
الخوارج، اجتمعوا فتذاكروا أمر الناس وعابوا عمل ولاتهم، ثم ذكروا أهل النهروان
فترحموا عليهم، وقالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم، فلو شرينا أنفسنا وقتلنا أئمة
الضلال وأرحنا منهم البلاد.
فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم عليا، وقال البرك بن عبد الله: أنا أكفيكم معاوية،
وقال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا أن لا ينكص أحدهم عن
صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، وأخذوا سيوفهم فسموها
واتعدوا لتسع (4) عشرة من شهر رمضان وقصد كل رجل منهم الجهة التي يريد، فأتى
ابن ملجم الكوفة فلقي أصحابه بالكوفة وكتمهم أمره، ورأى يوما أصحابا له من تيم
الرباب وكان علي (عليه السلام) قد قتل منهم يوم النهروان عدة، فتذاكروا قتلى النهروان ولقي
معهم امرأة من تيم الرباب اسمها: قطام، وقد قتل أبوها وأخوها يوم النهروان،
وكانت فائقة الجمال فلما رآها أخذت قلبه فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفي
لي.



1 - في المطبوع: (مني)، وما أثبتناه من المصادر.
2 - تاريخ دمشق: 42 / 556 - 557، أسد الغابة: 4 / 36، والبيت لعمرو بن معدي كرب،
انظر: الأغاني: 10 / 27، العقد الفريد: 1 / 121.
3 - أنساب الأشراف: 490.
4 - في بعض المصادر: لسبع.
311
فقال: وما تريدين؟
قالت: ثلاثة آلاف وعبدا وقينة وقتل علي.
فقال: أما قتل علي فما أراك ذكرتيه وأنت تريدينني.
قالت: بلى التمس غرته، فإن أصبته شفيت نفسك ونفسي ونفعك العيش
معي، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها.
قال: والله ما جاء بي إلا قتل علي فلك ما سألت.
قالت: سأطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك.
وبعثت إلى رجل من قومها اسمه: وردان وكلمته فأجابها، وأتى ابن ملجم رجلا
من أشجع اسمه: شبيب بن بجرة فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟
قال: وماذا؟
قال: قتل علي.
قال شبيب: ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إدا، كيف تقدر على قتله؟
قال: أكمن له في المسجد، فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن
نجونا فقد شفينا أنفسنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها.
قال: ويحك لو كان غير علي كان أهون، قد عرفت سابقته وفضله وبلاءه في
الإسلام، وما أجدني أنشرح لقتله.
قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد الصالحين.
قال: بلى.
قال: فنقتله بمن قتل من أصحابنا.
فأجابه، فلما كان ليلة الجمعة - وهي الليلة التي واعد ابن ملجم أصحابه على
قتل علي (عليه السلام) وقتل معاوية وعمرو - أخذ سيفه ومعه شبيب ووردان وجلسوا مقابل
السدة التي يخرج منها علي (عليه السلام) للصلاة، وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن
قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وواطأهم على ذلك،
وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه، وكان حجر
بن عدي (رحمه الله) في تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الأشعث يقول: يا بن ملجم
النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح.
فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له: قتلته يا أعور، وخرج مبادرا ليمضي

312
إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ليخبره الخبر ويحذره من القوم، وخالفه أمير المؤمنين (عليه السلام)
الطريق، فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف، وأقبل حجر والناس
يقولون: قتل أمير المؤمنين.
وذكر عبد الله بن محمد الأزدي قال: إني لأصلي في تلك الليلة في المسجد
الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أوله إلى آخره، إذ
نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة، وخرج علي بن أبي طالب (عليه السلام) لصلاة
الفجر فأقبل ينادي: «الصلاة الصلاة»، فما أدري أنادى أم رأيت بريق السيوف
وسمعت قائلا يقول: لله الحكم يا علي لا لك ولا لأصحابك.
وسمعت عليا (عليه السلام) يقول: «لا يفوتنكم الرجل».
فإذا علي (عليه السلام) مضروب وقد ضربه شبيب بن بجرة فأخطأه ووقعت ضربته في
الطاق، وهرب القوم نحو أبواب المسجد وتبادر الناس لأخذهم.
فأما شبيب بن بجرة فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره وأخذ السيف من
يده ليقتله به، فرأى الناس يقصدون نحوه فخشي أن يعجلوا عليه ولم يسمعوا منه،
فوثب عن صدره وخلاه وطرح السيف من يده، ومضى شبيب هاربا حتى دخل
منزله ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له: ما هذا، لعلك
قتلت أمير المؤمنين؟
فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم، فمضى ابن عمه واشتمل على سيفه ثم دخل
عليه فضربه به حتى قتله.
وأما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه فطرح عليه قطيفة كانت في يده ثم
صرعه وأخذ السيف من يده وجاء به إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأفلت الثالث وانسل
بين الناس، فلما أدخل ابن ملجم على أمير المؤمنين (عليه السلام) نظر إليه قال ثم: «النفس
بالنفس، فإن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن أنا عشت رأيت فيه رأيي».
فقال ابن ملجم: والله لقد ابتعته بألف وسممته بألف، فإن خانني فأبعده الله.
قال: ونادته أم كلثوم: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين.
قال: إنما قتلت أباك.
قالت: يا عدو الله إني لأرجوا أن لا يكون عليه بأس.
قال لها: فأراك إنما تبكين علي، إذن والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل

313
الأرض لأهلكتهم.
فأخرج من بين يديه (عليه السلام) وأن الناس ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم
يقولون: يا عدو الله ماذا فعلت أهلكت أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وقتلت خير الناس، وأنه
لصامت لم ينطق، فذهب به إلى الحبس وجاء الناس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا
له: يا أمير المؤمنين مرنا بأمرك في عدو الله لقد أهلك الأمة وأفسد الملة.
فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن أنا عشت رأيت فيه رأيي وإن هلكت
فاصنعوا به كما يصنع بقاتل النبي (صلى الله عليه وآله)، اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار».
قال: فلما قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) نحبه وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن (عليه السلام)
وأمر أن يؤتى بابن ملجم فجيء به، فلما وقف بين يديه قال له: «يا عدو الله قتلت
أمير المؤمنين وأعظمت الفساد في الدين».
ثم أمر به فضربت عنقه واستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جثته منه
لتتولى إحراقها، فوهبها لها فأحرقتها بالنار، وفي أمر قطام وقتل أمير المؤمنين (عليه السلام)
يقول ابن أبي مياس المرادي:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المسمم
ولا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
وأما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم في العقد على قتل معاوية وعمرو بن العاص،
فإن أحدهما ضرب معاوية وهو راكع فوقعت ضربته في أليته ونجا منها، وأخذ وقتل
من وقته، وأما الآخر فإنه وآفى عمروا في تلك الليلة وقد وجد علة فاستخلف رجلا
يصلي بالناس يقال له: خارجة بن أبي حبيبة العامري، فضربه بسيفه وهو يظن أنه
عمرو فأخذ وأتي به عمروا فقتله، ومات خارجة في اليوم الثاني (1).



1 - الطبقات الكبرى: 3 / 36، تاريخ الطبري: 4 / 110 - 113، مقاتل الطالبيين: 20،
أنساب الأشراف: 493، الارشاد للشيخ المفيد: 1 / 18 - 23، مناقب الخوارزمي: 381 -
383، كشف الغمة: 2 / 55 - 58، أسد الغابة: 4 / 35 - 37، تذكرة الخواص: 186.
314
5 - حادثة حجر بن عدي وعمرو بن الحمق وأصحابهما:
إن الذي سبب هذه الكارثة العظمي - قتل حجر بن عدي (1) وعمرو بن
الحمق (2) وأصحابهما - هو أن معاوية لما استعمل المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة
41 وأمره عليها، دعاه وقال له: أما بعد، فإن لذي الحلم قبل اليوم (ما) تقرع العصا
وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها
اعتمادا على بصرك ولست تاركا إيصاءك بخصلة لا تترك، شتم علي وذمه والترحم
على عثمان والاستغفار له والعيب لأصحاب علي والإقصاء لهم والإطراء بشيعة
عثمان والإدناء لهم.
فقال له المغيرة: قد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك، فلم يذممني
وستبلوا فتحمد أو تذم.
فقال: بل نحمد إن شاء الله.
فأقام المغيرة عاملا على الكوفة (3) وهو لا يدع شتم علي والوقوع فيه والدعاء
لعثمان والاستغفار له، فإذا سمع ذلك حجر بن عدي قال: بل إياكم فذم الله
ولعن، ثم قام وقال: أنا أشهد أن من تذمون أحق بالفضل ومن تزكون أولى بالذم.
فيقول له المغيرة: يا حجر اتق هذا السلطان وغضبه وسطوته، فإن غضب
السلطان يهلك أمثالك، ثم يكف عنه ويصفح، فلما كان آخر إمارته قال في علي



1 - حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي، كان
ممن وفد هو وأخوه هاني بن عدي على النبي (صلى الله عليه وآله) وممن شهد القادسية والجمل وصفين
وصحب عليا (عليه السلام) فكان من شيعته.
قال حجر بن عدي - على ما رواه الكشي في رجاله -: قال لي علي بن أبي طالب: كيف
تصنع أنت إذا ضربت وأمرت أن تلعنني. قلت: كيف أصنع؟ قال: العني ولا تبرأ مني فإني
على دين الله. قال: ولقد ضربه محمد بن يوسف وأمره أن يلعن عليا (عليه السلام) وأقامه على باب
مسجد صنعاء. قال: إن الأمير - يعني معاوية - أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله، فرأيت
محواذا - جمعا - من الناس إلا رجلا واحدا فهمها وسلم.
2 - عمرو بن الحمق بن الكاهن الخزاعي، شهد مع علي (عليه السلام) مشاهده وكان فيمن سار إلى
عثمان وأعان على قتله، قبض عليه زياد وأمر أن يطعن تسع طعنات فمات في الأولى أو
الثانية، وذلك سنة 51 وأرسل زياد برأسه إلى معاوية، وكان أول رأس حمل في الإسلام.
3 - مدة سبع سنين وأشهر.
315
وعثمان ما كان يقوله، فقام حجر فصاح صيحة بالمغيرة سمعها كل من بالمسجد،
وقال له: مر لنا أيها الإنسان بأرزاقنا فقد حبستها عنا وليس ذلك لك وقد أصبحت
مولعا بذم أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقام أكثر من ثلثي الناس يقولون: صدق حجر وبر، مر لنا بأرزاقنا فإن ما أنت
عليه لا يجدي علينا نفعا، وأكثروا من هذا القول وأمثاله، فنزل المغيرة فاستأذن عليه
قومه ودخلوا وقالوا: علام تترك هذا الرجل يجترئ عليك في سلطانك ويقول لك
هذه المقالة فيوهن سلطانك ويسخط عليك معاوية.
فقال لهم المغيرة: إني قد قتلته، سيأتي من بعدي أمير يحسبه مثلي فيصنع به
ما ترونه يصنع بي فيأخذه ويقتله، إني قد قرب أجلي ولا أحب أن أقتل خيار أهل
هذا المصر فيسعدون وأشقى، ويعز في الدنيا معاوية ويشقى في الآخرة المغيرة.
ثم توفى المغيرة، وولي زياد فقام في الناس فخطبهم عند قدومه ثم ترحم على
عثمان وأثنى على أصحابه ولعن قاتليه، فقام حجر ففعل كما كان يفعل بالمغيرة
ورجع زياد إلى البصرة واستخلف على الكوفة عمرو بن حريث، فبلغه أن حجرا
يجتمع إليه شيعة علي (عليه السلام) ويظهرون لعن معاوية والبراءة منه وأنهم حصبوا عمرو بن
حريث، فشخص زياد إلى الكوفة حتى دخلها فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه -
وحجر جالس - ثم قال:
أما بعد، فإن غب البغي والغي وخيم، إن هؤلاء جمعوا وأشروا وأمنوني
فاجترؤا على الله، لئن لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم، ولست بشيء إن لم أمنع
الكوفة من حجر وأدعه نكالا لمن بعده، ويل أمك يا حجر سقط العشاء بك على
سرحان، وأرسل إلى حجر يدعوه وهو بالمسجد، فلما أتى رسول زياد يدعوه قال
أصحابه: لا تأته ولا كرامة.
فرجع الرسول فأخبر زيادا، فأمر صاحب شرطته وهو شداد بن الهيثم الهلالي
أن يبعث إليه جماعة ففعل فسبهم أصحاب حجر، فرجعوا وأخبروا زيادا فجمع
أهل الكوفة وقال: تشجون بيد وتأسون بأخرى، أبدانكم معي وقلوبكم مع حجر
الأحمق، هذا والله من دحسكم، والله لتظهرن لي براءتكم أو لآتينكم بقوم أقيم بهم
أودكم وصعركم.
فقالوا: معاذ الله أن يكون لنا رأي إلا طاعتك وما فيه رضاك.

316
قال: فليقم كل رجل منكم فليدع من عند حجر من عشيرته وأهله.
ففعلوا وأقاموا أكثر أصحابه عنه، وقال زياد لصاحب شرطته: انطلق إلى حجر
فإن تبعك فأتني به وإلا فشدوا عليهم بالسيوف حتى تأتوني به.
فأتاه صاحب الشرطة يدعوه، فمنعه أصحابه من إجابته فحمل عليهم فقال أبو
العمرطة الكندي لحجر: إنه ليس معك من معه سيف غيري وما يغني عنك
سيفي، قم فالحق بأهلك يمنعك قومك.
وزياد ينظر إليهم وهو على المنبر، وغشيهم أصحاب زياد وضرب رجل من
الحمراء رأس عمرو بن الحمق بعموده فوقع وحمله أصحابه إلى الأزد فاختفى
عندهم حتى خرج، وانحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة، وضرب بعض الشرطة
يد عائذ بن حملة التميمي وكسر نابه، وأخذ عمودا من بعض الشرط فقاتل به
وحمى حجرا وأصحابه حتى خرجوا من أبواب كندة، وأتى حجر بغلته فقال له أبو
العمرطة: اركب فقد قتلتنا ونفسك، وحمله حتى أركبه وركب أبو العمرطة فرسه
ولحقه يزيد بن طريف المسلي فضرب أبا العمرطة على فخذه بالعمود، وأخذ أبو
العمرطة سيفه فضرب به رأسه فسقط ثم برأ، وكان ذلك السيف أول سيف ضرب به
في الكوفة في اختلاف بين الناس.
ومضى حجر وأبو العمرطة إلى دار حجر واجتمع إليهما ناس كثير ولم يأته من
كندة كثير أحد.
فأرسل زياد وهو على المنبر مذحجا وهمدان إلى جبانة كندة، وأمرهم أن يأتوه
بحجر، وأرسل سائر أهل اليمن إلى جبانة الصائدين وأمرهم أن يمضوا إلى صاحبهم
حجر فيأتوه به ففعلوا، فدخل مذحج وهمدان إلى جبانة كندة فأخذوا كل من
وجدوا، فأثنى عليهم زياد، فلما رأى حجر قلة من معه أمرهم بالانصراف وقال لهم:
لا طاقة لكم بمن قد اجتمع عليكم، وما أحب أن تهلكوا.
فخرجوا فأدركهم مذحج وهمدان فقاتلوهم وأسروا قيس بن يزيد ونجا الباقون.
فأخذ حجر طريقا إلى بني حوت فدخل دار رجل منهم يقال له: سليم بن يزيد،
وأدركه الطلب فأخذ سليم سيفه ليقاتل فبكته بناته.
فقال حجر: بئسما أدخلت على بناتك إذن.
قال: والله لا تؤخذ من داري أسيرا ولا قتيلا وأنا حي.

317
فخرج حجر من خوخة في داره فأتى النخع فنزل دار عبد الله بن الحرث أخي
الأشتر فأحسن لقاءه، فبينما هو عنده إذ قيل له: إن الشرط تسأل عنك في النخع،
وسبب ذلك أن أمة سوداء لقيتهم فقالت: من تطلبون؟
فقالوا: حجر بن عدي.
فقالت: هو في النخع.
فخرج حجر من عنده فأتى الأزد فاختفى عند ربيعة بن ناجد، فلما أعياهم
طلبه، دعا زياد محمد بن الأشعث وقال له: والله لتأتيني به أو لأقطعن كل نخلة لك
وأهدم دورك، ثم لا تسلم مني حتى أقطعك إربا إربا. فاستمهله فأمهله ثلاثا.
وأحضر قيس بن يزيد أسيرا فقال له زياد: لا بأس عليك قد عرفت رأيك في
عثمان وبلاءك مع معاوية بصفين، وإنك إنما قاتلت مع حجر حمية وقد غفرتها لك،
ولكن ائتني بأخيك عمير فاستأمن له منه على ماله ودمه، فأمنه.
فأتاه به وهو جريح فأثقله حديدا وأمر الرجال أن يرفعوه ويلقوه، ففعلوا به ذلك
مرارا.
فقال قيس بن يزيد لزياد: ألم تؤمنه؟
قال: بلى قد أمنته على دمه ولست أهريق له دما، ثم ضمنه وخلى سبيله.
ومكث حجر بن عدي في بيت ربيعة يوما وليلة فأرسل إلى محمد بن الأشعث
يقول له: ليأخذ له من زياد أمانا حتى يبعث به إلى معاوية.
فجمع محمد جماعة منهم: جرير بن عبد الله وحجر بن يزيد وعبد الله بن
الحرث أخو الأشتر، فدخلوا على زياد واستأمنوا له على أن يرسله إلى معاوية،
فأجابهم فأرسلوا إلى حجر بن عدي، فحضر عند زياد، فلما رآه قال: مرحبا بك أبا
عبد الرحمن، حرب (في) أيام الحرب، وحرب وقد سالم الناس، على أهلها تجني
براقش (1).
فقال حجر: ما خلعت طاعة ولا فارقت جماعة وإني على بيعتي.
فأمر به إلى السجن فلما ولى قال زياد: والله لأحرصن على قطع خيط رقبته.



1 - براقش اسم كلبة دلت على أهلها، لأنها سمعت وقع حوافر دواب فنبحت فاستدلوا
بنباحها على القبيلة فاستباحوهم، فذهب مثلا. انظر: القاموس المحيط: 2 / 262، تاج
العروس: 4 / 282.
318
وطلب أصحابه فخرج عمرو بن الحمق حتى أتى الموصل ومعه رفاعة بن شداد
فاختفيا بجبل هناك، فرفع خبرهما إلى عامل الموصل فسار إليهما فخرجا إليه،
فهرب رفاعة وقتل عمرو بالطعن، ثم إن زيادا جمع من أصحاب عدي اثني عشر
رجلا في السجن ثم دعا رؤساء الأرباع يومئذ وهم: عمرو بن حريث على ربع أهل
المدينة، وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد على ربع ربيعة
وكندة، وأبا بردة بن أبي موسى الأشعري على ربع مذحج وأسد، فشهد هؤلاء أن
حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم
أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، ووثب بالمصر، وأخرج عامل أمير
المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه، وأن
هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه على مثل رأيه وأمره.
ونظر زياد في شهادة الشهود وقال: إني لأحب أن يكونوا أكثر من أربعة، فدعا
الناس ليشهدوا، فشهد إسحق وموسى ابنا طلحة بن عبيد الله، والمنذر بن الزبير،
وعمارة بن عقبة بن أبي معيط، وعمر بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم، وكتب في
الشهود شريح بن الحرث القاضي وشريح بن هاني، فأما شريح بن هاني فكان
يقول: ما شهدت وقد لمته.
ثم دفع زياد حجر بن عدي وأصحابه إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن
شهاب، وأمرهما أن يسيرا بهم إلى الشام فخرجوا عشية، فلما بلغوا الغريين لحقهم
شريح بن هاني وأعطى وائلا كتابا وقال: أبلغه أمير المؤمنين.
فأخذه وساروا حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء عند دمشق، وكانوا: حجر بن
عدي الكندي، والأرقم بن عبد الله الكندي، وشريك بن شداد الحضرمي، وصيفي
ابن فسيل الشيباني، وقبيصة بن ضبيعة العبسي، وكريم بن عفيف
الخثعمي، وعاصم بن عوف البجلي، وورقاء بن سمي البجلي، وكدام بن
حيان، وعبد الرحمن بن حسان العنزيان، ومحرز بن شهاب التميمي، وعبد الله بن
حوية السعدي التميمي، فهؤلاء اثنا عشر رجلا وأتبعهم زياد برجلين وهما: عتبة بن
الأخنس من سعد بن بكر، وسعد بن نمران الهمداني، فتموا أربعة عشر رجلا، فأمر
معاوية بترك ستة منهم وقتل ثمانية بعد أن عرض عليه البراءة من علي (عليه السلام) واللعن له
فأبوا.

319
وقالت هند بنت زيد الأنصارية ترثي حجرا وكانت تتشيع:
ترفع أيها القمر المنير * تبصر هل نرى حجرا يسير
يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الأمير
تجبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد له محولا * كأن لم يحيها مزن مطير
ألا يا حجر حجر بني عدي * تلقتك السلامة والسرور
أخاف عليك ما أردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير
فإن تهلك فكل زعيم قوم * من الدنيا إلى هلك يصير.
وقيل: إنه قال لمن حضره من قومه حين القتل: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا
عني دما، فإني لاق معاوية غدا على الجادة.
قال ابن سيرين: بلغنا أن معاوية لما حضرته الوفاة جعل يقول: يومي منك
يا حجر طويل.
وكانت تلك الحادثة المؤلمة سنة 51 (1).
6 - حادثة جويرية بن مسهر العبدي (2):
كان جويرية بن مسهر العبدي الكوفي صالحا، وكان لعلي (عليه السلام) صديقا، وكان
علي (عليه السلام) يحبه، نظر يوما إليه وهو يسير فناداه: «يا جويرية الحق بي فإني إذا رأيتك
هويتك» (3).
قال إسماعيل بن أبان: فحدثني الصباح عن مسلم، عن حبة العرني قال: سرنا
مع علي (عليه السلام) يوما فالتفت، فإذا جويرية خلفه بعيدا فناداه: «يا جويرية الحق بي لا
أبا لك، ألا تعلم أني أهواك وأحبك».
قال: فركض نحوه فقال له: «إني محدثك بأمور فاحفظها» ثم اشتركا في



1 - تاريخ الطبري: 4 / 188 - 209، الكامل في التاريخ: 3 / 472 - 485.
2 - انظر ترجمته في: رجال الطوسي: 59 رقم 499، رجال ابن داود: 67 رقم 351،
خلاصة الأقوال: 308، نقد الرجال: 1 / 376 رقم 1077، أعيان الشيعة: 17 / 195، معجم
رجال الحديث: 5 / 151 رقم 2420.
3 - شرح نهج البلاغة: 2 / 290، بحار الأنوار: 41 / 342.
320
الحديث سرا، فقال له جويرية: يا أمير المؤمنين، إني رجل نساء.
فقال: «أنا أعيد عليك الحديث لتحفظه»، ثم قال في آخر ما حدثه إياه: «يا
جويرية أحب حبيبنا ما أحبنا، فإذا أبغضنا فأبغضه، وأبغض بغضنا ما أبغضنا،
فإذا أحبنا فأحبه».
قال: فكان ناس ممن يشك في أمر علي (عليه السلام) يقولون: أتراه جعل جويرية وصيه
كما يدعي هو من وصية رسول الله؟
قال: يقولون ذلك لشدة اختصاصه له، حتى دخل على علي (عليه السلام) يوما وهو
مضطجع وعنده قوم من أصحابه فنادى به جويرية: أيها النائم استيقظ فلتضربن على
رأسك ضربة تخضب منها لحيتك.
قال: فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قال: «وأحدثك يا جويرية بأمرك، أما
والذي نفسي بيده لتعتلن (1) إلى العتل الزنيم وليقطعن يدك ورجلك وليصلبنك
تحت جذع كافر».
قال: فوالله ما مضت الأيام على ذلك حتى أخذ زياد اللعين جويرية فقطع يده
ورجله، وصلب إلى جانب (جذع) ابن معكر، وكان جذعا طويلا فصلبه على جذع
قصير إلى جانبه (2).
كان زياد بن أبيه ممن نصب العداء لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان يتتبع أصحاب
علي (عليه السلام) وهو بهم أبصر فيقتلهم تحت كل حجر ومدر، وكان عبد الرحمن بن حسان
العنزي من أصحاب علي (عليه السلام)، أقام بالكوفة يحرض الناس على بني أمية، فقبض
عليه زياد وأرسله إلى الشام، فدعاه معاوية إلى البراءة من علي (عليه السلام) فأغلظ عبد
الرحمن في الجواب، فرده معاوية إلى زياد فقتله سنة 51 (3).



1 - تعتلن: أي يؤخذ بمجامعك وتجر جرا عنيفا. لسان العرب: 11 / 423.
2 - الارشاد: 1 / 322، شرح نهج البلاغة: 2 / 290 - 291، معجم رجال الحديث: 5 /
152، وفي بعض المصادر: (ابن مكعبر)، بدل: (ابن معكر)، وما بين القوسين أثبتناه من
المصادر.
3 - تاريخ الطبري: 4 / 206، تاريخ دمشق: 8 / 26، النصائح الكافية: 84.
321
7 - حادثة عبد الله بن يقطر رضيع الحسين (عليه السلام) (1):
كان عبد الله بن يقطر الحميري صحابيا، وكان لدة الحسين (عليه السلام)، كما ذكره ابن
حجر في الإصابة والجزري في أسد الغابة (2)، واللدة: الترب الذي ولد معك
وتربى (3)، لأن يقطر أباه كان خادما عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكانت زوجته ميمونة في
بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) فولدت عبد الله قبل ولادة فاطمة الحسين (عليه السلام) بثلاثة أيام،
وكانت ميمونة حاضنة له، فلذا عرف عبد الله برضيع الحسين (عليه السلام)، وإلا فالحسين لم
يرضع من غير ثدي أمه فاطمة (عليها السلام) (4).
قال أبو مخنف: لما بلغ الحسين (عليه السلام) الحاجر من بطن الرمة، بعث أخاه من
الرضاعة عبد الله بن يقطر الحميري إلى مسلم بن عقيل بعد خروجه من مكة في
جواب كتاب مسلم إلى الحسين (عليه السلام)، يسأله القدوم ويخبره باجتماع الناس، فقبض
عليه الحصين بن نمير التميمي بالقادسية وأرسله إلى عبيد الله بن زياد، فسأله عن
حاله فلم يخبره فقال له: اصعد القصر والعن الكذاب ابن الكذاب ثم انزل حتى أرى
فيك رأيي.
فصعد القصر، فلما أشرف على الناس قال: أيها الناس أنا رسول الحسين بن
علي ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليكم لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة وابن سمية
الدعي ابن الدعي.
فأمر به عبيد الله بن زياد فألقي من فوق القصر إلى الأرض، فتكسرت عظامه
وبقي به رمق، فأتاه عبد الملك بن عمير اللخمي - وكان قاضي الكوفة وفقيهها -
فذبحه بمدية، فلما عيب عليه قال: إني أردت أن أريحه.
ولما جاء خبره وخبر مسلم وهاني إلى الحسين (عليه السلام) وهو بزبالة (5)، نعاه



1 - انظر ترجمته في: رجال الطوسي: 103 رقم 1006، خلاصة الأقوال: 192 رقم 9، نقد
الرجال: 3 / 154 رقم 284، معجم رجال الحديث: 11 / 408 رقم 7247.
2 - الإصابة: 5 / 8 رقم 6180، وذكره باسم (بقطر)، ولم نجده في أسد الغابة.
3 - لسان العرب: 3 / 469.
4 - الفوائد الرجالية: 4 / 32.
5 - زبالة: بضم أوله، منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وسميت زبالة لزبلها الماء أي
بضبطها له وأخذها منه، وقيل: لأن امرأة من العمالقة نزلتها اسمها زبالة بنت مسعر، فسميت
باسمها. معجم البلدان: 3 / 129.
322
لأصحابه، فقال مما قال: «أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد
الله بن يقطر وقد خذلتنا شيعتنا» الخ (1).
أما الطبري في التاريخ، والأربلي في كشف الغمة، فإنهما ذكرا أن الذي أرسله
الحسين (عليه السلام) في جواب كتاب مسلم هو قيس بن مسهر الصيداوي، فقبض عليه
الحصين بن نمير التميمي بالقادسية وبعثه إلى عبيد الله بن زياد، فسأله ابن زياد عن
الكتاب فقال: خرقته.
قال: ولم؟
قال: لئلا تعلم ما فيه.
قال: إلى من؟
قال: إلى قوم لا أعرف أسماءهم.
قال: إن لم تخبرني فاصعد المنبر وسب الكذاب ابن الكذاب، يعني به
الحسين (عليه السلام).
فصعد المنبر فقال: أيها الناس إن الحسين بن علي (عليه السلام) خير خلق الله وابن
فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنا رسوله إليكم وقد فارقته بالحاجر من بطن الرمة
فأجيبوه، ثم لعن عبيد الله بن زياد ولعن يزيد بن معاوية وأباه، وصلى على أمير
المؤمنين (عليه السلام).
فأمر ابن زياد فأصعد القصر ورمي به من أعلاه فتقطع فمات (رضي الله عنه) (2).
أما عبد الله بن يقطر فيقولان (الطبري والأربلي): فقد بعثه الحسين (عليه السلام) مع
مسلم بن عقيل (رضي الله عنه) فلما أن رأى مسلم الخذلان من أهل الكوفة قبل أن يتم عليه ما
تم، بعث عبد الله بن يقطر إلى الحسين (عليه السلام) يخبره بالأمر الذي انتهى، فقبض عليه
الحصين بن نمير التميمي وجرى عليه ما ذكرنا (3).



1 - مقتل الحسين: 78 - 79، الارشاد: 2 / 75.
2 - تاريخ الطبري: 4 / 297 - 298.
3 - تاريخ الطبري: 4 / 300.
323
8 - حادثة مسلم بن عقيل (1) وهاني بن عروة (2):
لما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية، أرجفوا بيزيد وعرفوا خبر الحسين (عليه السلام)
وامتناعه وخروجه إلى مكة، فاجتمعت الشيعة في دار سليمان بن صرد الخزاعي
فذكروا ما كان، وتؤامروا على أن يكتبوا للحسين (عليه السلام) بالقدوم إليهم، وخطبت بذلك
خطباؤهم فكتبوا إليه كتبا وسرحوها مع عبد الله بن مسمع وعبد الله بن وال،
وأمروهما بالنجاء فجدا حتى دخلا مكة لعشر مضين من شهر رمضان، ثم كتبوا إليه
بعد يومين وسرحوا الكتب مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله
الأرحبي، ثم كتبوا إليه بعد يومين آخرين وسرحوا الكتب مع هاني بن هاني السبيعي
وسعيد بن عبد الله الحنفي، حتى بلغت الكتب اثني عشر ألفا، وهي تنطوي على
الاستبشار بهلاك معاوية والاستخفاف بيزيد، وطلب قدومه والعهد له ببذل النفس
والنفيس دونه، وكان من المكاتبين: حبيب بن مظهر، ومسلم بن عوسجة، وسليمان
ابن صرد، ورفاعة بن شداد، والمسيب بن نجبة، وشبث بن ربعي، وحجار بن
أبجر، ويزيد بن الحرث بن رؤيم، وعزرة بن قيس، وعمرو بن الحجاج، ومحمد بن
عمير، وأمثالهم من الوجوه.
فلما رأى الحسين (عليه السلام) ذلك، دعا مسلم بن عقيل (رضي الله عنه) وأمره بالرحيل إلى
الكوفة وأوصاه بما يجب، وكتب معه إلى أهل الكوفة مجيبا لما كتبوه إليه:
«أما بعد، فإن هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم وكانا آخر من قدم علي من
رسلكم، وقد فهمت ما اقتصصتم من مقالة جلكم: إنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله
يجمعنا بك على الحق والهدى، وإني باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل
بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إلي أنه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجى



1 - انظر ترجمته في: الثقات لابن حبان: 5 / 391، رجال ابن داود: 189 رقم 1562،
الكامل في التاريخ: 4 / 19، نقد الرجال: 4 / 373 رقم 12، معجم رجال الحديث: 19 /
165 رقم 12362، الأعلام: 7 / 222.
2 - انظر ترجمته في: مقاتل الطالبيين: 97، الأخبار الطوال: 233، الثقات لابن حبان: 2 /
307 - 309، تهذيب الكمال: 6 / 424، الفوائد الرجالية: 4 / 18، معجم رجال الحديث:
20 / 273 رقم 13308، الأعلام: 8 / 67 - 86.
324
والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، فإني أقدم إليكم
وشيكا إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن
بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله، والسلام» (1).
وكان مسلم (رضي الله عنه) كبقية آل علي (عليهم السلام) رجل الصدق والصفاء ومثال الشجاعة
والإيمان، فقام لأمر صهره وسيده الحسين (عليه السلام)، وما قدم الكوفة إلا وتكوفت
جماهير الرؤساء لأخذ يمينه يبايعونه نائبا عن الحسين (عليه السلام)، ونزل دار المختار بن
أبي عبيد الثقفي، فحضرته الشيعة واجتمعت له فقرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام)
الذي أجابهم به فأخذوا يبكون، وخطبت بمحضره خطباؤهم كعابس بن أبي شبيب
الشاكري، وحبيب بن مظهر الأسدي، فانتهى ديوانه إلى ثمانية عشر ألف مبايع أو
أكثر.
وقد كان لآل علي (عليه السلام) وفي صدورهم عتاب مع أهل الكوفة في خذلانهم
الحسن بن علي (عليه السلام) واغترارهم بدراهم معاوية، لكن حسن استقبالهم لمسلم محا
كل عتاب، وكفر كل ذنب، فكتب مسلم إلى الحسين (عليه السلام) بإقبال العامة وإخلاص
الخاصة نادمين على ما فرطوا في جنب البيت الهاشمي، الذي كان سلطانه أنفع
لدينهم ودنياهم، وحث الحسين (عليه السلام) على القدوم إلى العراق ليجدد على ربوعه
معالم أسلافه، وسرح الكتاب مع عابس بن أبي شبيب الشاكري وسأله الإعجال
بالقدوم عليه.
أخذت هذه القضية تحرك العزائم وتنبه المشاعر في الدوائر الأموية، وساد
القلق على حلفائهم وأوليائهم، فكتب عمر بن سعد، وعمارة بن عقبة وعبد الله بن
مسلم الحضرمي وأضرابهم إلى يزيد: أما بعد، فإن مسلم بن عقيل قدم الكوفة
وبايعته الشيعة للحسين، فإن يكن لك في الكوفة حاجة، فابعث إليها رجلا قويا ينفذ
أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك، فإن النعمان بن بشير - والي الكوفة - رجل
ضعيف أو يتضعف (2).



1 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 17، الإمامة والسياسة: 2 / 8، إعلام الورى: 1 /
436.
2 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 22، تاريخ الطبري: 4 / 265، تاريخ ابن خلدون: 3
/ 22.
325
أما يزيد فلم يكن منه بادئ بدء سوى استشارة سرحون، مولى أبيه معاوية في
كتب القوم إليه، فأشار عليه باستعمال عبيد الله بن زياد على العراق، وكانت بينه
وبين يزيد برودة، وأبرز سرحون ليزيد عهدا كان معاوية قد كتبه في هذا الشأن قبيل
وفاته حسب ما ذكره المؤرخون (1)، وأنهى إلى ابن زياد أمره وهو يومئذ واليا
بالبصرة، فضم إليه معها الكوفة، وكتب إليه: أما بعد، فإنه كتب إلي شيعتي من أهل
الكوفة يخبرونني أن ابن عقيل فيها يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين، فسر حين
تقرأ كتابي هذا حتى تأتي الكوفة فتطلب ابن عقيل طلب الخرزة، حتى تثقفها وتوثقه
أو تقتله أو تنفيه.
فأخذ ابن زياد من كتاب يزيد ورسوله قوة وبصيرة وصلاحية واسعة في صرف
المال وبث المواعيد، ومنحه الاختيارات التامة فحسب ذلك ضربا من الترفيع،
فمهد أمره في البصرة وعهد بأزمتها إلى أخيه وإلى أعوانه المجربين، خوفا من نشر
الدعاية فيها لابن الزبير أو الحسين (عليه السلام)، وتأهب إلى الكوفة من حيث لم يعلم العامة
أمره، وسرعان ما قدمها بكل جسارة ودخلها متنكرا ومتلثما، وعليه عمامة سوداء
يوهم الناس أنه الحسين بن علي (عليه السلام)، وصار من يصادفونه في خطط الكوفة
وطرقاتها يزعمونه الحسين السبط (عليه السلام)، فيسلمون عليه بالإمامة ويحيونه بكل كرامة
ويقبلون يديه ورجليه وهو لا يكلم أحدا فوق راحلته، حتى بلغ قصر الإمارة، فطرق
الباب وعلى واليها المحصور النعمان بن بشير، حتى إذا عرفه فتح الباب ودخل،
عند ذلك فشا خبره وأنه ابن زياد.
فباتت الكوفة تلك الليلة تغلي كالمرجل بين مثبت ومثبط وابن زياد دخل البلدة
وحده وعلى حين غرة، ولم ينزل إلا في مركز الحكم، وأخذ في قبضته المال
والسلاح ورتب في ليلته على الدوائر المهمة من لم يتجاهر بمعية مسلم (رضي الله عنه)،
وأصبح مناديه يجمع الناس لخطابته في الجامع الأعظم، فرقى المنبر بكل جسارة -
وجسارة الخطيب تعطي لكلامه قوة نفوذ وتأثير على الأوهام - فصار يعد ويوعد، لا
عن لسان الله ورسوله بل عن لسان أميره يزيد، فبلغهم سلامه، ولكن الناس لم يردوا
السلام عليه أولا، حتى أخذ يطمع المطيع بمواعيد جسام ويهدد مخالفيه بحد



1 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 22، تاريخ الطبري: 4 / 265، الارشاد: 2 /
42، روضة الواعظين: 173، إعلام الورى: 1 / 437.
326
الحسام والسيف مصلت بيده.
فعند ذلك رد السلام عليه نفر قليل، ثم أضحى مناديه يجمع الرؤساء والعرفاء
إليه، لأخذ المواثيق وإنجاز المواعيد وتوزيع العطايا ومعاقبة المتخلفين عقوبة
صارمة، فهرع لندائه خلق كثير وانقلبت القلوب وانحرفت الوجوه وتبدلت لهجات
الأندية ونشريات الشيع.
نعم، لا ينقضي العجب من خيبة الكوفة في نهضتها إلا بعد التدبر في أسبابها
وأسرارها، إذ باغت ابن زياد الكوفيين بزي الحسين (عليه السلام) حتى استقر في دار الإمارة
بين حامية مستعدة، وقد كان الواجب على أهل الكوفة بعدما لبى الحسين (عليه السلام)
دعوتهم وإرساله مسلما (رضي الله عنه) وكيلا عنه، أن تجتمع أحياؤها ويتحد رؤساؤها
فيخرجوا عامل يزيد وحاشيته ويسلموا دوائرها إلى وكيل الحسين (عليه السلام)، وأن
يقترحوا عليه من الأعمال المهمة ما هم أدرى به وأعرف، ومسلم (رضي الله عنه) لم يقدم
عليهم كوال مختار أو مفوض مطلق ليستقل في أعمال له وأعمالهم بالتصرف
والمسؤولية، وإنما بعثه الحسين (عليه السلام) كمعتمد يشرف على أمرهم ويستطلع حقيقة
خبرهم، لكن الكوفيين غروا مسلما واغتروا، ولم يغتنموا صفاء وجوهم وتواني
عدوهم إلى أن دهمهم ابن زياد وفرق جمعهم بالوعد والوعيد، وسكن فورتهم
بالطمع والتهديد، حتى إذا سكت الضجيج من حول مسلم (رضي الله عنه)، نفى الرجال
العاملين لمعونة مسلم من بلده، وزج في السجن من وجوه الشيعة أمثال المختار بن
أبي عبيد الثقفي والمسيب بن نجبة وسليمان ورفاعة وغيرهم ممن لم تؤثر عليهم
التضييقات ولا اغتروا بباطل الوعد، وإستوظف آخرين واختفى بعد ذلك أكثر
المتهوسين في زوايا البيوت (1).
إن مسلما - وهو الذي بايعه أكثر من ثلاثين ألف مسلم - بقي وحيدا فريدا بعد
القبض على الوجوه من أوليائه، كالمختار الثقفي وسليمان الخزاعي، فلاذ بصديقه
هاني أكبر مشايخ الكوفة سنا وشأنا وبصيرة وعشيرة، إذ كان معمرا فوق الثمانين
وشيخ كندة أعظم أرباع الكوفة، وكان إذا صرخ لباه ثلاثون ألف سيف، وكان هو
وأبوه من أحبة علي (عليه السلام) وأنصاره في حروبه العراقية.



1 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 61، تاريخ الطبري: 4 / 286.
327
فهنا هاني مسلما بالرحب والسعة والحفاظ حتى يفرج الله عنه، والتزم هاني
بالتمارض مجاملة مع ابن زياد في عدم إجابته لدعوته، لكن ابن زياد يطمع في هاني
وسابقته معه، ويرى في جذب أمثاله من المتنفذين الحقيقيين معونة كبرى لانفاذ
مقاصده.
ويروى: أن هانيا أو شريكا اقترح على عميد آل عقيل ومندوب الحسين مسلم،
الفتك بابن زياد غيلة وغفلة، لكن مسلما لم يجب بسوى كلمة: إنا أهل بيت نكره
الغدر.
كلمة كبيرة المغزى، بعيدة المرمى، فإن آل علي (عليه السلام) من قوة تمسكهم بالحق
والصدق، نبذوا الغدر والمكر حتى لدى الضرورة، واختاروا النصر الآجل بقوة الحق
على النصر العاجل بالخديعة، شنشنة فيهم معروفة عن أسلافهم وموروثة في
أخلافهم، كأنهم مخلوقون لإقامة حكومة الحق والفضيلة في قلوب العرفاء
الأصفياء، وقد حفظ التاريخ لهم الكراسي في القلوب.
وبالجملة فقد دبر ابن مرجانة حيلة الفتك بهاني، فأحضره لديه بحجة مداولة
الرأي معه في الشؤون الداخلية، غير أن هانيا بعدما حضر لديه غدر به ابن زياد
وشتم عرضه وهشم أنفه وقطع رأسه.
وكان لهذه الحادثة دوي في الرؤوس وفي النفوس، واستولت بذلك دهشة على
الجمهور، أدت إلى تفرق الناس من حول مسلم (رضي الله عنه)، فأمسى وحيدا حائرا بنفسه
ومبيته، وأشرف في طريقه على امرأة صالحة في كندة تسمى: طوعة - وهي أم ولد
حازت شرف التاريخ، إذ عرفت قيمة الفضيلة، بينما قومها ضيعوا هذا الشرف
الخالد وغرتهم المطامع - جالسة على باب دارها، فاستسقاها مسلم ماء، فجاءته به
وشرب، ثم وقف يطيل النظر إلى مبدأ الشارع تارة وإلى منفذه أخرى، كأنه يتوقع من
يتطلبه، فتوسمت المرأة فيه غربته وسألته.
فقال: نعم أنا مسلم بن عقيل، خذلني هؤلاء.
فاستعظمت طوعة ذلك ودعته إلى بيتها لتخفيه حتى الصباح، وفرشت له في
بيت وعرضت عليه العشاء فلم يتعش، ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها (1) وقد كان



1 - وهو بلال بن أسيد.
328
مع الغوغاء، فأوهمه تردد أمه إلى البيت فقال لها: والله ليريبني كثرة دخولك هذا
البيت.
ثم ألح عليها، فأخذت عليه العهود كي لا يفشي سرها وسر مندوب
الحسين (عليه السلام) مسلم، وأخبرته بالأمر بعد الأيمان، ثم إن الغلام غدا عند الصباح إلى
ابن الأشعث وأفشى له سر مسلم ومبيته، فأبلغ بذلك ابن زياد فأرسل الجموع
للقبض عليه.
وكان مسلم يتلو القرآن دبر صلاته، إذ سمع وقع حوافر الخيل وهمهمة الفرسان
فأوحت إليه نفسه بدنو الأجل، فبرز ليث بني عقيل من عرينه مستقبلا باب الدار
والعسكر وعليهم محمد بن الأشعث، وانتهى أمر المتقابلين إلى النزال، ومسلم
راجل وهم فرسان، لكن فحل بني عقيل شد عليهم شد الضرغام على الأنعام وهم
يولونه الأدبار ويستنجدون بالحاميات، وقذائف النار ترمى عليه من السطوح، وهو
لا يزال يضرب فيهم بسيفه ويقول في خلال ذلك متحمسا:
أقسمت لا أقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا
كل امرئ يوما ملاق شرا * أو يخلط البارد سخنا مرا
رد شعاع النفس فاستقرا * أخاف أن أكذب أو أغرا
ثم اختلف هو وبكير بن حمران الأحمري بضربتين، فضرب بكير فم مسلم فقطع
شفته العليا وأسرع السيف في السفلى ونصلت لها ثنيتان، فضربه مسلم ضربة منكرة
في رأسه، وثنى بأخرى على حبل عاتقه كادت تأتي على جوفه، فاستنقذه
أصحابه، وعاد مسلم ينشد شعره.
اضطر ابن الأشعث إلى وعده مسلما بالأمان إذا ألقى سلاحه، فقال: لا أمان
لكم.
وبعدما كرروا عليه رأى التسليم فريضة محافظة للنفس وحقنا للدماء، فسلم
إليه نفسه وسلاحه، ثم استولوا عليه فعرف أنه مخدوع، فندم ولات حين مندم.
ثم أقبل محمد بن الأشعث بمسلم إلى باب القصر، فاستأذن فأذن له فأخبر
عبيد الله بخبر مسلم وضرب بكير إياه.
فقال: بعدا له.
فأخبره بأمانه فقال: ما أرسلناك لتؤمنه، إنما أرسلناك لتأتي به.

329
فسكت، وانتهى مسلم إلى باب القصر وهو عطشان، وعلى باب القصر أناس
ينتظرون الأذن منهم: عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وعمرو بن حريث، ومسلم بن
عمرو الباهلي، وكثير بن شهاب، فاستسقى مسلم (رضي الله عنه) الماء وقد رأى قلة (1)
موضوعة على الباب، فقال مسلم الباهلي: أتراها ما أبردها، لا والله لا تذوق منها
قطرة حتى تذوق الحميم في نار جهنم.
فقال له: ويحك من أنت؟
قال: أنا من عرف الحق إذ أنكرته، ونصح لإمامه إذ غششته، وسمع وأطاع إذ
عصيته وخالفته، أنا مسلم بن عمرو الباهلي.
فقال: لأمك الثكل، ما أجفاك وما أفظك وأقسى قلبك وأغلظك، أنت يا بن
باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني.
ثم تساند وجلس إلى الحائط، فبعث عمرو بن حريث مولاه سليمان فجاءه
بقلة، وبعث عمارة غلامه قيسا فجاءه بقلة عليها منديل، فصب له ماءا بقدح، فأخذ
كلما شرب امتلأ القدح دما من فمه، حتى إذا كانت الثالثة سقطت ثنيتاه في القدح
فقال: الحمد لله لو كان من الرزق المقسوم لي لشربته.
ولما أدخلوه على عبيد الله لم يسلم عليه بالإمرة، فقال له الحرسي: ألا تسلم
على الأمير؟
فقال: إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه؟
فقال له ابن زياد: لعمري لتقتلن.
قال: فدعني أوص بعض قومي.
قال: افعل.
فنظر مسلم (رضي الله عنه) إلى جلساء عبيد الله وفيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال:
يا عمر إن بيني وبينك قرابة ولي إليك حاجة وهي سر.
فامتنع عمر أن يسمع منه، فقال له عبيد الله: لم تمتنع أن تنظر في حاجة ابن
عمك؟
فقام معه فجلس حيث ينظر إليهما ابن زياد، فقال له: إن علي بالكوفة سبعمائة



1 - القلة: إناء للعرب كالجرة الكبيرة. الصحاح: 5 / 1804.
330
درهم، فبع سيفي ودرعي فاقضها عني، وإذا قتلت فاستوهب جثتي من ابن زياد
فوارها، وابعث إلى الحسين (عليه السلام) من يرده، فإني كتبت إليه وأعلمته أن الناس معه ولا
أراه إلا مقبلا ومعه تسعون إنسانا بين رجل وامرأة وطفل.
فقال عمر لابن زياد: أتدري أيها الأمير ما قال لي؟
فقال له ابن زياد - على ما رواه في العقد الفريد (1) -: اكتم على ابن عمك.
قال: هو أعظم من ذلك، إنه ذكر كذا وكذا.
فقال له ابن زياد: إنه لا يخونك الأمين، ولكن قد ائتمن الخائن، أما ماله فهو له،
ولسنا نمنعك أن تصنع به ما أحببت، وأما جثته فإنا لا نبالي إذا قتلناه ما صنع بها،
وأما حسين فإن هو لم يردنا لم نرده.
ثم قال لعمر بن سعد: أما والله إذ دللت عليه لا يقاتله أحد غيرك.
ثم أقبل ابن زياد على مسلم يشتمه ويشتم الحسين وعليا وعقيلا، ومسلم لا
يكلمه، ثم قال ابن زياد: اصعدوا به فوق القصر وادعوا بكير بن حمران الأحمري
الذي ضربه مسلم.
فصعدوا به وهو يكبر ويستغفر الله ويصلي على رسوله ويقول: اللهم احكم بيننا
وبين قوم غرونا وكذبونا وخذلونا.
فأشرف به على موضع الحذائين، فضرب عنقه بكير بن حمران ثم أتبع رأسه
جسده من أعلا القصر.
وكان مقتل مسلم (رضي الله عنه) يوم الأربعاء في اليوم الثامن من ذي الحجة - يوم التروية
- وهو اليوم الذي خرج فيه الحسين (عليه السلام) يقصد الكوفة ملبيا دعوتها.
وجاء الحسين (عليه السلام) هذا النبأ المفجع وهو بزرود (2)، فلم يبد من مظاهر الحزن
سوى الاسترجاع، وأخفى كل حزنه في أعماق قلبه، لأن العيون لدى الشدائد
شاخصة إلى الزعيم، فإن بدا عليه لائحة حزن عم الغم أحباءه، وتوهم كل منهم ما
شاء الله أن يتوهم.
ولما شاع نعي مسلم في ركب الحسين (عليه السلام) وانقلاب الكوفة ضده بعد أن كانت
المطمع الوحيد لتحقيق آمال أهله وصحبه، صار كثير من ذوي الطمع وذباب



1 - العقد الفريد: 4 / 482.
2 - زرود: تقع بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة. معجم البلدان: 3 / 139.
331
المجتمع يتفرقون عنه سرا وجهارا، ليلا ونهارا، وسلموا ولي نعمتهم حين الوثبة
وخذلوه عند النكبة، بعدما كانوا يضيقون فسح خوانه حتى على إخوانه، لا ضير فإن
خف رحل الحسين (عليه السلام) من القش وذوي الغش، فقد ملأ فراغهم أبطال صدق ممن
عشقوا الحسين (عليه السلام)، لا خوفا من رجاله ولا طمعا في ماله، بل وجدوا من اختار
نفسه ونفيسه فداء للإسلام ففدوه بكل ما عز وهان (1).
وأما هاني بن عروة، فقد كان محبوسا عند ابن زياد فأخرج من الحبس - بعد قتل
مسلم - وجئ به إلى السوق الذي يباع فيه الغنم مكتوفا، فجعل ينادي: وا مذحجاه
ولا مذحج لي اليوم، وا مذحجاه وأين مني مذحج.
فلما رأى أن أحدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال: أما من عصا
أو سكين أو حجر أو عظم يجاهد به رجل عن نفسه.
فتواثبوا عليه وشدوه وثاقا ثم قيل له: أمدد عنقك.
فقال: ما أنا بها سخي، وما أنا بمعينكم على نفسي.
فضربه مولى لعبيد الله بن زياد تركي يقال له: رشيد، بالسيف فلم يصنع سيفه
شيئا.
فقال هاني: إلى الله المعاد، اللهم إلى رحمتك ورضوانك.
ثم ضربه ضربة أخرى فقتله، وكان ذلك يوم التاسع من ذي الحجة بعد قتل
مسلم بيوم واحد، وكان له من العمر سبع وتسعون سنة، وأمر ابن زياد فسحب
جثتاهما من أرجلهما بالأسواق والناس ينظرون إليهما، يا له منظرا فظيعا وعبرة
للمعتبر.
ثم إن ابن زياد بعث برأسي مسلم وهاني إلى يزيد الخنا، مع هاني بن أبي حية
الوادعي والزبير بن الأروح التميمي، واستوهب جثتيهما ودفنوهما عند القصر
حيث موضعهما اليوم، وقبراهما كل على حدة، قال عبد الله بن الزبير الأسدي
يؤبنهما من أبيات:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري * إلى هاني في السوق وابن عقيل



1 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 45 - 56، تاريخ الطبري: 4 / 277 - 284، الأخبار
الطوال: 238 - 242، الارشاد: 2 / 52 - 63، الكامل في التاريخ: 4 / 19 - 35، مروج
الذهب: 3 / 70 - 73، إعلام الورى: 1 / 437 - 444، البداية والنهاية: 8 / 167 - 172.
332
إلى بطل قد هشم السيف وجهه * وآخر يهوي من طمار قتيل (1).
ثم إن ابن زياد كان قد حبس جماعة ممن نصر مسلم وأخذ البيعة للحسين (عليه السلام)
فأخرجهم واحدا بعد واحد وأمر بضرب عنقه، وهم:
1 - عبيد الله بن عمرو بن عزيز الكندي، وكان فارسا شجاعا كوفيا من الشيعة،
وشهد مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) مشاهده كلها، وكان من الذين بايعوا مسلما وممن
يأخذ البيعة من أهل الكوفة للحسين (عليه السلام) هو ومسلم بن عوسجة، فلما رأي مسلم بن
عقيل اجتماع الناس عقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج وأسد، وعلى
ربع كندة وربيعة عبيد الله بن عمرو بن عزيز الكندي، فلما تخاذل الناس عن مسلم
قبض عليه الحصين بن نمير التميمي فسلمه إلى عبيد الله بن زياد فحبسه، ولما قتل
مسلم بن عقيل أحضره ابن زياد فسأله ممن أنت؟
قال: من كندة.
قال: أنت صاحب راية كندة وربيعة؟
قال: نعم.
قال: انطلقوا به فاضربوا عنقه.
قال: فانطلقوا به فضربت عنقه (رضي الله عنه) (2).
2 - عبيد الله بن الحارث بن نوفل بن عمرو بن الحارث بن ربيعة بن بلال بن أنس
ابن سعد الهمداني، أدرك الصحبة، وشهد صفين مع الإمام علي (عليه السلام)، وكان يأخذ
البيعة من أهل الكوفة للحسين (عليه السلام)، فلما خرج مسلم (رضي الله عنه) خرج معه براية حمراء
وعليه ثياب حمر فركزها على باب دار عمرو بن حريث، وقال: إنما خرجت لأمنع
عمرا (3).



1 - انظر: مقتل الحسين: 56، تاريخ الطبري: 4 / 284، الارشاد: 2 / 64، اللهوف: 36،
الإصابة: 6 / 445 رقم 9051، البداية والنهاية: 8 / 166 و 169.
2 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 42، تاريخ الطبري: 4 / 275، وفي مقاتل
الطالبيين: 70، عبد الرحمن بن عزيز الكندي، وفي الأخبار الطوال: 238 عبد الرحمن بن
كريز الكندي.
3 - نسبت المصادر هذا القول إلى المختار بن أبي عبيد الثقفي، والذي كان خارجا معه
براية خضراء.
333
لأن ابن الأشعث والقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي قاتلوا مسلما
وأصحابه عشية سار مسلم إلى قصر ابن زياد قتالا شديدا، فلما تخاذل الناس عن
مسلم أمر عبيد الله بن زياد أن يطلب عبيد الله بن الحارث، فقبض عليه كثير بن
شهاب فسلمه إلى ابن زياد فحبسه مع من حبس، ولما قتل مسلم (رضي الله عنه) أحضره عبيد
الله فسأله: من أنت؟
فلم يتكلم، فقال: أنت الذي خرجت براية حمراء وركزتها على باب دار عمرو
ابن حريث، وبايعت مسلما، وكنت تأخذ البيعة للحسين.
فسكت، فقال ابن زياد: انطلقوا به إلى قومه فاضربوا عنقه.
فانطلقوا به فضربت عنقه (رضي الله عنه) (1).
3 - عبد الأعلى بن يزيد الكلبي العليمي، من بني عليم، كان فارسا شجاعا
قارئا، من الشيعة، كوفيا، وكان هو وحبيب بن مظهر الأسدي يأخذان البيعة من أهل
الكوفة للحسين (عليه السلام)، ثم خرج مع مسلم بن عقيل فيمن خرج، فلما تخاذل الناس
عن مسلم، قبض عليه كثير بن شهاب فسلمه إلى عبيد الله بن زياد فحبسه مع من
حبس، ولما قتل مسلم وهاني دعاه ابن زياد فسأله عن حاله فقال له: أخبرني بأمرك.
فقال: أصلحك الله خرجت لأنظر ما يصنع الناس فأخذني كثير بن شهاب.
فقال له ابن زياد: فعليك من الأيمان المغلظة إن كان ما أخرجك إلا ما زعمت.
فأبى أن يحلف، فقال ابن زياد: انطلقوا بهذا إلى جبانة السبيع (2) فاضربوا عنقه.
فانطلقوا به فضربت عنقه (رضي الله عنه) (3).
4 - العباس بن جعدة الجدلي، كان من الشيعة الذين بايعوا مسلم بن عقيل (رضي الله عنه)
في الكوفة، ومن المخلصين في الولاء لأهل البيت، وكان يأخذ البيعة من الناس
للحسين بن علي (عليه السلام)، قال عبد الله بن حازم: أنا والله رسول ابن عقيل إلى القصر
لأنظر إلى ما صار أمر هاني، فلما ضرب وحبس ركبت فرسي وكنت أول أهل الدار



1 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 61، تاريخ الطبري: 4 / 286.
2 - جبانة السبيع: محلة بالكوفة كان بها يوم للمختار بن عبيد، وقال البلاذري: نسبت إلى
ولد السبيع بن سبع بن مصعب الهمداني. فتوح البلدان: 2 / 344 رقم 710، معجم
البلدان: 2 / 99.
3 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 57، تاريخ الطبري: 4 / 284.
334
ممن دخل على مسلم بن عقيل بالخبر، فأمرني أن أنادي في أصحابه فاجتمعوا
إليه، وعقد لعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة، ثم أقبل نحو القصر فلما بلغ
ابن زياد إقباله تحرز في القصر وغلق الأبواب، فلما تخاذل الناس عن مسلم، قبض
عليه محمد بن الأشعث الكندي فسلمه إلى ابن زياد فحبسه، ولما قتل مسلم
أحضره ابن زياد وقال له: أنت العباس بن جعدة الذي عقد لك ابن عقيل على ربع
المدينة؟
قال: نعم.
قال: انطلقوا به فاضربوا عنقه. فانطلقوا به فضربت عنقه (رضي الله عنه) (1).
5 - عمارة بن صلخب الأزدي، كان فارسا شجاعا من الشيعة الذين بايعوا مسلم
ابن عقيل (رضي الله عنه)، وكان يأخذ البيعة من أهل الكوفة للحسين بن علي (عليه السلام)، كان خرج
مع مسلم لنصرته، فلما تخاذل الناس عنه خرج محمد بن الأشعث حتى وقف عند
دور بني عمارة، وجاء عمارة بن صلخب وعليه سلاحه فقبض عليه فبعث به إلى ابن
زياد فحبسه، فلما قتل مسلم (رضي الله عنه) أحضره ابن زياد فسأله: ممن أنت؟
قال: من الأزد.
فقال: انطلقوا به إلى قومه فاضربوا عنقه.
فانطلقوا به إلى الأزد فضربت عنقه بين ظهرانيهم (رضي الله عنه) (2).
9 - حادثة ميثم التمار:
كان ميثم التمار الأسدي (رضي الله عنه) ممن نزل الكوفة وله بها ذرية، وكان من خاصة
الإمام علي (عليه السلام)، وكان (عليه السلام) طالما يخرج من جامع الكوفة فيجلس عنده فيحادثه،
وربما كان يبيع له التمر إذا غاب، قال له ذات يوم: «ألا أبشرك يا ميثم؟»
فقال: بماذا يا أمير المؤمنين؟
قال: «بأنك تموت مصلوبا».
فقال: يا مولاي وأنا على فطرة الإسلام؟
قال: «نعم».



1 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 42، تاريخ الطبري: 4 / 275.
2 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 44 و 58، تاريخ الطبري: 4 / 276 و 285.
335
ثم قال له: «يا ميثم تريد أريك الموضع الذي تصلب فيه والنخلة التي تتعلق
عليها وعلى جذعتها؟»
قال: نعم يا أمير المؤمنين.
فجاء به إلى رحبة الصيارف وقال له: «ها هنا» ثم أراه نخلة قال له: «على جذع
هذه».
فما زال ميثم (رضي الله عنه) يتعاهد تلك النخلة حتى قطعت وشقت نصفين وبقي النصف
الآخر، فما زال يتعاهد النصف ويصلي في ذلك الموضع ويقول لبعض جيران
الموضع: يا فلان إني أريد أن أجاورك عن قريب فأحسن جواري.
فيقول ذلك الرجل في نفسه: يريد ميثم أن يشتري دارا في جواري، ولا يعلم
ما يريد بقوله حتى قبض الإمام علي (عليه السلام) وظفر عبيد الله بن زياد وأصحابه وأخذ
ميثم فيمن أخذ وأمر بصلبه، فصلب على ذلك الجذع في ذلك المكان، فلما رأى
ذلك الرجل أن ميثما قد صلب في جواره قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أخبر
الناس بقصة ميثم وما قاله في حياته، وما زال ذلك الرجل يتعاهده ويكنس تحت
الجذع ويبخره ويصلي عنده ويكرر الرحمة عليه (1).
يحدثنا الكشي في رجاله فيقول: مر ميثم التمار على فرس له، فاستقبل حبيب
ابن مظاهر الأسدي الفقعسي عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلفت أعناق
فرسيهما ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق
قد صلب في حب أهل بيت نبيه، تبقر بطنه على الخشبة.
فقال ميثم: وإني لأعرف رجلا أحمر له ضفيرتين يخرج لنصرة ابن بنت نبيه
فيقتل ويجال برأسه بالكوفة. ثم افترقا.
فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين.
قال: فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري فطلبهما فسأل أهل
المجلس عنهما فقالوا: افترقا وسمعنا مما يقولان كذا وكذا.
فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة
درهم. ثم أدبر.



1 - الفضائل لشاذان: 103، بحار الأنوار: 42 / 138 ح 19.
336
فقال القوم: هذا والله أكذبهم.
فقال القوم: والله ما ذهبت الأيام والليالي حتى رأيناه مصلوبا على باب دار
عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين بن علي (عليهما السلام)
ورأينا كل ما قالوا (1).
روى ابن حجر العسقلاني في الإصابة قال:
كان ميثم عبدا لامرأة من بني أسد فاشتراه علي منها وأعتقه وقال له: «ما
اسمك؟»
قال: سالم.
قال: «أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن اسمك الذي سماك به أبواك في
العجم: ميثم»
قال: صدق الله ورسوله وأمير المؤمنين، والله إنه لا سمي.
قال: «فارجع إلى اسمك الذي سماك به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودع سالما».
فرجع ميثم واكتنى بأبي سالم فقال له علي ذات يوم: «إنك تؤخذ بعدي
فتصلب وتطعن بحربة، فإذا جاء اليوم الثالث ابتدر منخراك وفوك دما فتخضب
لحيتك، وتصلب على باب عمرو بن حريث عاشر عشرة وأنت أقصرهم خشبة
وأقربهم من المطهرة، فامض حتى أريك النخلة التي تصلب على جذعها».
فأراه إياها، وكان ميثم يأتيها فيصلي عندها ويقول: بوركت من نخلة لك خلقت
ولي غذيت، فلم يزل يتعاهدها حتى قطعت.
ثم كان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: إني مجاورك فأحسن جواري.
فيقول له عمرو: أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم، وهو لا يعلم
ما يريد.
ثم حج في السنة التي قتل فيها، فدخل (على) (2) أم سلمة أم المؤمنين زوجة
النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت له: من أنت؟
قال: أنا ميثم.
فقالت: والله لربما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يذكرك ويوصي بك عليا (عليه السلام).



1 - رجال الكشي: 1 / 292.
2 - في المصدر: (غلام).
337
فسألها عن الحسين بن علي، فقالت: هو في حائط له.
فقال: أخبريه أني أحببت السلام عليه فلم أجده، ونحن ملتقون عند رب
العرش إن شاء الله.
فدعت أم سلمة (رض) بطيب فطيب به لحيته فقالت: أما إنها ستخضب بدم.
فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فأدخل عليه فقيل له: هذا كان آثر الناس
عند علي بن أبي طالب.
قال: ويحكم هذا الأعجمي.
فقيل له: نعم.
فقال له: أين ربك؟
قال: بالمرصاد للظلمة، وأنت منهم.
قال: إنك على أعجميتك لتبلغ الذي تريد، أخبرني ما الذي أخبرك صاحبك
أني فاعل بك.
قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة، وأنا أقصرهم خشبة وأقربهم من
المطهرة.
قال: لنخالفنه.
قال: كيف تخالفه! والله ما أخبرني إلا عن النبي (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل عن الله
عزوجل، ولقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه، وأني أول خلق الله ألجم في
الإسلام.
فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيد الثقفي - بعد شهادة مسلم بن عقيل
وهاني بن عروة بيومين أو ثلاث - فقال ميثم للمختار: إنك ستفلت وتخرج ثائرا بدم
الحسين فتقتل هذا الذي يريد أن يقتلك.
فلما أراد عبيد الله بن زياد أن يقتل المختار، وصل بريد من يزيد يأمره بتخلية
سبيله، فخلاه وأمر بميثم أن يصلب، فلما رفع على الخشبة عند باب عمرو بن
حريث قال عمرو: قد كان والله يقول لي: إني مجاورك.
فجعل ميثم يحدث الناس بفضائل علي وبني هاشم.
فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد.
قال: ألجموه.

338
فكان أول من ألجم في الإسلام، فلما أن كان اليوم الثالث من صلبه طعن
بالحربة، فكبر، ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دما.
وكان ذلك قبل مقدم الحسين بن علي العراق بعشرة أيام (1).
10 - حادثة رشيد الهجري:
كان رشيد الهجري رضي الله عنه يسميه الإمام علي (عليه السلام) رشيد البلايا، ويقال
له: راشد أيضا (2)، وكان قد ألقي إليه علم البلايا والمنايا، فكان يلقى الرجل ويقول
له: يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا، فيكون الأمر كما
قاله راشد (رحمه الله) (3).
يحدثنا الثقة العدل محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات (4): عن ابن
محبوب، عن عبد الكريم يرفعه إلى رشيد الهجري، قال: لما طلب عبيد الله بن زياد
رشيدا الهجري اختفى رشيد، فجاء ذات يوم إلى أبي أراكة وهو جالس على بابه في
جماعة من أصحابه، فدخل منزل أبي أراكة ففزع لذلك أبو أراكة وخاف وقام فدخل
في أثره فقال: ويحك قتلتني وأيتمت ولدي وأهلكتهم.
قال: وما ذاك؟
قال: أنت مطلوب وجئت حتى دخلت داري وقد رآك من كان عندي.
فقال: ما رآني أحد منهم.
قال: (وتسخر بي) (5) أيضا، فأخذه وشده كتافا ثم أدخله بيتا وأغلق عليه بابه
ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم: إنه خيل إلي أن رجلا شيخا قد دخل داري آنفا.
قالوا: ما رأينا أحدا.
فكرر ذلك عليهم، كل ذلك يقول أصحابه: ما رأينا أحدا فسكت عنهم.



1 - الإصابة: 6 / 249 - 250 رقم 8493.
2 - انظر: بشارة المصطفى: 151 ح 109، المحتضر: 86، بحار الأنوار: 42 / 121 ح 1.
3 - انظر: الاختصاص: 77، الهداية الكبرى: 132، مناقب آل أبي طالب: 2 / 105.
4 - الظاهر هنا اشتباه في النقل عن البحار، لأنه ذكر الرواية عن (ختص) أي الاختصاص، لا
البصائر.
5 - في المصدر: (وستجربن).
339
ثم إنه تخوف أن يكون قد رآه غيره، فذهب إلى مجلس زياد بن أبيه ليتجسس
هل يذكرونه، فإن هم أحسوا بذلك أخبرهم أنه عنده ودفعه إليهم، فسلم على زياد
وقعد عنده وكان الذي بينهما لطيف، قال: فبينا هو كذلك إذ أقبل رشيد على بغلة
أبي أراكة مقبلا نحو مجلس زياد، فلما نظر إليه أبو أراكة تغير وجهه وأسقط في يده
وأيقن في الهلاك، فنزل رشيد عن البغلة وأقبل على زياد فسلم عليه.
فقام إليه زياد فاعتنقه فقبله، ثم أخذ يسأله كيف قدمت وكيف من خلفت
وكيف كنت في مسيرك؟ وأخذ يجيبه، ثم مكث هنيئة ثم قام فذهب.
فقال أبو أراكة لزياد: أصلح الله الأمير من هذا الشيخ؟
فقال: هذا أخ من إخواننا من أهل الشام قدم علينا زائرا.
فانصرف أبو أراكة إلى منزله، فإذا رشيد بالبيت كما تركه، فقال له أبو أراكة: أما
إذا كان عندك من العلم مثل ما أرى فاصنع ما بدا لك وادخل علينا كيف شئت (1).
حدث أبو عمرو الكشي في رجاله: بإسناده إلى أبي حيان العجلي، عن قنواء
بنت رشيد الهجري قال: قلت لها أخبريني ما سمعت من أبيك؟
قالت: سمعت أبي يقول: أخبرني أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: «يا رشيد كيف
صبرك، (إذا) (2) أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟»
قلت: يا أمير المؤمنين آخر ذلك إلى الجنة؟
فقال: «يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة».
قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل عبيد الله بن زياد الدعي، فدعاه إلى
البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام) فأبى أن يبرأ منه، فقال له الدعي: فبأي ميتة قال لك
تموت؟
فقال له: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ، فتقدمني فتقطع
يدي ورجلي ولساني.
فقال: والله لأكذبن قوله (فيك) (3).
قال: فقدموه فقطعوا يديه ورجليه، وتركوا لسانه.



1 - الاختصاص: 78 - 79، بحار الأنوار: 42 / 140 ح 23.
2 - في المطبوع: (متى)، وما أثبتناه من المصدر.
3 - أثبتناه من المصدر.
340
فحملت أطراف يديه ورجليه، فقلت: يا أبه هل تجد ألما مما أصابك؟
فقال: لا يا بني إلا كالزحام بين الناس.
فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال: ايتوني بصحيفة
ودواة أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة، فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه
فمات (رحمه الله) في ليلته (1).
11 - حادثة التوابين:
لما قتل الحسين (عليه السلام) ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة (2) ودخل الكوفة،
تلاقته الشيعة بالتلاوم والمنادمة، ورأت أن قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم
الحسين (عليه السلام) وتركهم نصرته وإجابته حتى قتل إلى جانبهم، ورأوا أنه لا يغسل عارهم
والإثم عليهم إلا قتل من قتله والقتل فيهم، فاجتمعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من
رؤساء الشيعة إلى: سليمان بن صرد الخزاعي - وكانت له صحبة - وإلى المسيب بن
نجبة الفزاري - وكان من أصحاب علي (عليه السلام) - وإلى عبد الله بن سعد بن نفيل
الأزدي، وإلى عبد الله بن وال التيمي - تيم بكر بن وائل - وإلى رفاعة بن شداد
البجلي، وكانوا من خيار أصحاب علي (عليه السلام)، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد
الخزاعي، فبدأهم المسيب بن نجبة فخطب في أصحابه خطبة طويلة أبان فيها ندمه
على عدم نصرة الحسين (عليه السلام)، وحثه أصحابه على القيام بأخذ ثأره، ثم تلاه الآخر
بعد الآخر، وكل منهم يظهر شدة الندم في خطبته، وعقدوا المؤامرات في ذلك.
ما زالوا بجمع آلة الحرب ودعاء الناس في السر إلى الطلب بدم الحسين (عليه السلام)،
فكان يجيبهم النفر ولم يزالوا على ذلك إلى أن هلك يزيد بن معاوية سنة 64، فلما
مات يزيد جاء إلى سليمان بن صرد أصحابه فقالوا له: قد هلك هذا الطاغية، والأمر
ضعيف، فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث - وكان خليفة ابن زياد على الكوفة -
ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين (عليه السلام) وتتبعنا قتلته ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت
المستأثر عليهم المدفوعين عن حقهم.
فقال سليمان بن صرد: لا تعجلوا إني قد نظرت فيما ذكرتم، فرأيت أن قتلة



1 - رجال الكشي: 1 / 290 - 291 رقم 131.
2 - موضع قرب الكوفة على جهة الشام. معجم البلدان: 5 / 278.
341
الحسين (عليه السلام) هم أشراف الكوفة وفرسان العرب، وهم المطالبون بدمه، ومتى علموا
ما تريدون كانوا أشد الناس عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو
خرجوا لم يدركوا ثأرهم، ولم يشفوا نفوسهم، وكانوا جزرا لعدوهم، ولكن بثوا
دعاتكم وادعوا إلى أمركم.
بث أولئك دعاتهم في البلدان، واستجاب لهم ناس كثير بعد هلاك يزيد، وأن
أهل الكوفة أخرجوا عمرو بن حريث وبايعوا لابن الزبير، وسليمان وأصحابه ما زالوا
يدعون الناس إلى ذلك.
لم تمض على هلاك يزيد الفجور إلا ستة أشهر، حتى قدم المختار بن أبي عبيد
الثقفي (رضي الله عنه) الكوفة في النصف من رمضان، وقدم عبد الله بن يزيد الأنصاري أميرا
على الكوفة من قبل ابن الزبير لثمان بقين من رمضان، وقدم إبراهيم بن محمد بن
طلحة معه على خراج الكوفة، فأخذ المختار يدعوا الناس إلى قتال قتلة
الحسين (عليه السلام) ويقول: جئتكم من عند محمد بن الحنفية وزيرا أمينا، فرجع إليه طائفة
من الشيعة، وكان يقول: إنما يريد سليمان أن يخرج فيقتل نفسه ومن معه وليس له
بصرة في الحرب.
وبلغ الخبر عبد الله بن يزيد بالخروج عليه بالكوفة في هذه الأيام.
وقيل له: ليحبسه وخوف عاقبة أمره إن تركه.
فقال عبد الله: إن هم قاتلونا قاتلناهم، وإن تركونا لم نطلبهم، إن هؤلاء القوم
يطلبون بدم الحسين بن علي (عليه السلام)، فرحم الله هؤلاء القوم آمنون، فليخرجوا ظاهرين
وليسيروا إلى من قاتل الحسين (عليه السلام)، فقد أقبل إليهم - يعني ابن زياد - وأنا لهم
ظهير، هذا ابن زياد قاتل الحسين (عليه السلام) وقاتل أخياركم وأمثالكم قد توجه إليكم، وقد
فارقوه على ليلة من جسر منبج، فالقتال والاستعداد إليه أولى من أن تجعلوا بأسكم
بينكم فيقتل بعضكم بعضا، فيلقاكم عدوكم وقد ضعفتم، وتلك أمنيته، وقد قدم
عليكم أعدى خلق الله لكم من ولي عليكم هو وأبوه سبع سنين لا يقلعان عن قتل
أهل العفاف والدين، هو الذي من قبله أتيتم، والذي قتل من تنادون بدمه قد جاءكم
فاستقبلوه بحدكم وشوكتكم واجعلوها به ولا تجعلوها بأنفسكم، إني لكم ناصح.
وكان مروان قد سير ابن زياد إلى الجزيرة، ثم إذا فرغ منها سار إلى العراق.
فلما فرغ عبد الله بن يزيد من قوله، قال إبراهيم بن محمد بن طلحة: أيها الناس

342
لا يغرنكم من السيف والغشم مقالة هذا الداهن، والله لئن خرج علينا خارج لنقتله،
ولئن استيقنا أن قوما يريدون الخروج علينا لنأخذن الوالد بولده والمولود بوالده
والحميم بالحميم والعريف بما في عرافته، حتى يدينوا للحق ويذلوا للطاعة.
فوثب إليه المسيب بن نجبة فقطع عليه منطقه ثم قال: يا بن (الناكثين) (1) أنت
تهددنا بسيفك وغشمك وأنت والله أذل من ذلك، إنا لا نلومك على بغضنا وقد قتلنا
أباك وجدك، وأما أنت أيها الأمير فقد قلت قولا سديدا.
فقال إبراهيم: والله ليقتلن وقد أوهن (2) هذا، يعني عبد الله بن يزيد.
فقال له عبد الله بن وال: ما اعتراضك فيما بيننا وبين أميرنا ما أنت علينا
بأمير، إنما أنت أمير هذه الجزية فاقبل على خراجك، ولئن أفسدت أمر هذه الأمة
فقد أفسده والداك وكانت عليهما دائرة السوء.
فشتمهم جماعة ممن مع إبراهيم فشاتموه، فنزل الأمير من على المنبر وتهدده
إبراهيم بأن يكتب إلى ابن الزبير يشكوه، فجاءه عبد الله في منزله واعتذر إليه فقبل
عذره، ثم إن أصحاب سليمان بن صرد خرجوا يشترون السلاح ظاهرين ويتجهزون.
لما أراد سليمان بن صرد الشخوص سنة 65، بعث إلى رؤوس أصحابه فأتوه،
فلما أهل ربيع الآخر خرج في وجوه أصحابه، وكانوا تواعدوا للخروج تلك الليلة
فلما أتى النخيلة دار في الناس فلم يعجبه عددهم، فأرسل حكيم بن منقذ الكندي
والوليد بن عصير الكناني فناديا في الكوفة: يا لثارات الحسين.
فكانا أول خلق الله دعا يا لثارات الحسين، فأصبح من الغد وقد أتاه نحو مما في
عسكره، ثم نظر في ديوانه فوجدهم ستة عشر ألفا ممن بايعه.
فقال: سبحان الله ما وافانا من ستة عشر ألفا إلا أربعة آلاف.
فقيل له: إن المختار يثبط الناس عنك إنه قد تبعه ألفان.
فقال: قد بقي عشرة آلاف، أما هؤلاء بمؤمنين؟ أما يذكرون الله والعهود
والمواثيق؟
فأقام بالنخيلة ثلاثا يبعث إلى من تخلف عنه، فخرج إليه نحو من ألف رجل،
فقام إليه المسيب بن نجبة فقال: رحمك الله إنه لا ينفعك الكاره ولا يقاتل معك إلا



1 - في المطبوع: (الساكنين)، وما أثبتناه من المصدر.
2 - في المصدر: (أدهن).
343
من أخرجته النية، فلا تنتظر أحدا وجد في أمرك.
قال: نعم ما رأيت.
ثم قام سليمان في أصحابه فقال: أيها الناس من كان خرج يريد بخروجه وجه
الله والآخرة فذلك منا ونحن منه، فرحمة الله عليه حيا وميتا، ومن كان إنما يريد
الدنيا فوالله ما يأتي فيئ نأخذه وغنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله، وما معنا من
ذهب ولا فضة ولا متاع ما هو إلا سيوفنا على عواتقنا وزاد قدر البلغة، فمن كان ينوي
هذا فلا يصحبنا.
فتنادى أصحابه من كل جانب: إنا لا نطلب الدنيا وليس لها خرجنا، إنما خرجنا
نطلب التوبة والطلب بدم ابن بنت رسول الله نبينا (صلى الله عليه وآله).
ثم ساروا حتى انتهوا إلى قبر الحسين (عليه السلام)، فلما وصلوا صاحوا صيحة واحدة
فما رؤي أكثر باكيا من ذلك اليوم، فترحموا عليه وتابوا عنده من خذلانه وترك القتال
معه، وأقاموا عنده يوما وليلة يبكون ويتضرعون ويترحمون عليه وعلى أصحابه،
وكان من قولهم عند ضريحه:
اللهم ارحم حسينا الشهيد ابن الشهيد، المهدي ابن المهدي، الصديق ابن
الصديق، اللهم إنا نشهدك إنا على دينهم وسبيلهم وأعداء قاتليهم وأولياء محبيهم،
اللهم إنا خذلنا ابن بنت نبينا (صلى الله عليه وآله) فاغفر لنا ما مضى منا وتب علينا، فارحم حسينا
وأصحابه الشهداء الصديقين، وإنا نشهدك إنا على دينهم وعلى ما قتلوا عليه، وإن
لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
وزادهم النظر إليه حنقا، ثم ساروا بعد أن كان الرجل يعود إلى ضريحه كالمودع
له، فازدحم الناس عليه أكثر من ازدحامهم على الحجر الأسود، ثم ساروا على
الأنبار حتى وصلوا إلى عين الوردة (1) وأقبل أهل الشام في عساكرهم وعلى رأسهم
عبيد الله بن زياد، فوقعت هناك مقتلة عظيمة قتل فيها سليمان بن صرد وأصحابه،
ولم ينج منهم غير رفاعة بن شداد ونفر يسير عادوا إلى الكوفة، وكان قتل سليمان
وأصحابه في شهر ربيع الآخر.
ولما بلغ رفاعة الكوفة كان المختار محبوسا - في سجن عبد الله بن يزيد



1 - مدينة من مدن الجزيرة بين حران ونصيبين ودنيسر، وتسمى رأس العين. معجم
البلدان: 4 / 180.
344
الخطمي عامل ابن الزبير - فأرسل إليه: أما بعد فمرحبا بالعصبة الذين عظم الله لهم
الأجر حين انصرفوا ورضي فعلهم حين قتلوا، أما ورب البيت ما خطا خاط منكم
خطوة ولا ربا ربوة، إلا كان ثواب الله أعظم من الدنيا، إن سليمان قد قضى ما عليه،
وتوفاه الله وجعل روحه مع أرواح النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ولم
يكن بصاحبكم الذي به تنصرون، إني أنا الأمير المأمور والأمين المأمون وقاتل
الجبارين، والمنتقم من أعداء الدين المقيد من الأوتار، فأعدوا واستعدوا وأبشروا،
أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدم أهل البيت والدفع عن الضعفاء وجهاد
المحلين والسلام (1).
ثم خرج المختار بالكوفة على ما سيوافيك خبره فيما يأتي.
12 - حادثة المختار بن أبي عبيد الثقفي:
لم يكن المختار (2) ببدع من عظماء أمته في نشأته الراقية بين أكابر من رجالات
بيته الرفيع من ثقيف، بين زعامة وإمارة وقيادة جيش ووجاهة عند الناس.
يقول ابن قتيبة في المعارف: إن جده مسعودا هو عظيم القريتين (3).
وكأنه يريد ما حكاه الله سبحانه عن مشركي قريش بقوله: (لولا نزل هذا القرآن
على رجل من القريتين عظيم) (4).
يقول ابن حجر في الإصابة: عن ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن
عباس: إنها نزلت في رجل من ثقيف ورجل من قريش، والثقفي هو مسعود بن
عمرو (5).
كان من قضاء الطبيعة في منابذة الخصماء وتحري كل الغوائل، قذف من



1 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 248 - 310، تاريخ الطبري: 4 / 426 - 471.
2 - أبو إسحق المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن
غيرة بن عوف بن ثقيف الثقفي، كذا سرد نسبه ابن حجر في الإصابة: 7 / 223 رقم 10228،
وابن الأثير في أسد الغابة: 5 / 248.
3 - المعارف: 226.
4 - سورة الزخرف: 31.
5 - الإصابة: 6 / 81 رقم 7974، ضمن ترجمة مسعود بن عمرو الثقفي.
345
يريدون الفتك به بكل ما يسعهم من عوامل الوقيعة فيه من كلام قاتل وكلام
شائن، يستثير عليه العواطف ويبلغ به لأجله اللغوب (1) فتا في عضده وتشتيتا لقوته
التي كان عليها في سبيل مبتغاه، لأن يصرفها في تدمير العدو وإبادة نفوذه، فهو
يحسب من سعادته أن يكتفي في ملاشاة أضداده بتفخيذ الملأ عنها وتنفير الجامعة
منها، أو استجاشة الأفئدة عليها مهما أمكنه، ويكون له منتدح (2) عن سوق العساكر
والإنفاق في سبيله من الأموال والنفوس مهما كان هو الغالب على السلطة، وعلى
الأقل يكون فيه تبريرا لعمله وصونا لحسن سمعته عن الوقيعة.
كانت الشهوات تختلف في رمي الأعداء بأنواع من القذائف حسب الظروف
والأحوال والمباءات (3) التي تكون فيها، فهي في الأوساط الدينية غيرها في
الحواضر السياسية، كما أنها في الجامعات المدنية غيرها في الوحشية.
كان المختار يوم نهض بأمره في محيط عريق في الإسلامية، هنالك منهم أمم
متهالكون في ولاء أهل البيت (عليهم السلام)، وهم الذين لاثوا به وأخذوا بناصره، وعاصمة
ملكه هي الكوفة، وفيها أشراف العرب وزعماؤهم وذوو النجدة والبأس منهم،
وكانت البغضاء متواصلة بينه وبين ابن الزبير، الذي كان يطمع فيه أن يخضع له العباد
والبلاد، فلم يفلس منه (4) إلا وقد أفلت عن سيطرته ممالك وأمصار، أضف إلى
ذلك ما كانت تحتدم بينه وبين عبد الملك من الأحقاد، شأن كل علوي في دينه
وأموي في هواه، غير ما كان يحقده على إشغاله فراغا واسعا من فضاء الملك،
خسره المقعي يومذاك على أنقاض مملكة الإسلام.
كل ذلك وفي حشوة الناس ورعاعهم قتلة السبط الشهيد صلوات الله عليه،
الذين توطدت إمرة المختار باجتياح أصولهم واكتساح أشواكهم المتكدسة أمام
السير الديني والبشري، وفيهم ذوو رأي وشيطنة ورئاسة، غير من كان يلتف منهم
بالرايتين الزبيرية والأموية.
كل هذه كانت كمراجل تغلي على المختار غيظا وحنقا، ومن جرائها كانت



1 - اللغوب: التعب والإعياء. الصحاح: 1 / 220.
2 - أي سعة وفسحة. لسان العرب: 2 / 613.
3 - المباءة: هي منزل القوم في كل موضع. الصحاح: 1 / 37.
4 - أي طلبه فأخطأ موضعه. لسان العرب: 6 / 116.
346
حروب طاحنة مع ابن مطيع عامل ابن الزبير أولا، حتى نفي من الكوفة مخذولا،
ومع مصعب بن الزبير وفيها كانت شهادة المختار أخيرا ووقعة الخازر (1)، ولقد
عادت مجزرة كبرى لزبائن الكفر والإلحاد من طغمة الأمويين، وفيها مقتل ابن زياد
ابن أبيه الموجف على ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخيله ورجله، وقبلها وقعة ابن زياد مع
يزيد بن أنس الأسدي (رحمه الله)، وفيها توفي يزيد المذكور، وبينهما انتكاث الكوفيين
على المختار، واستعادته ابن الأشتر عن مسيره إلى ابن زياد، حتى أخمد لهبهم
وفرقهم أيدي سبأ (2)، ثم ارتجع عائدا إلى مناضلة ابن زياد، فكان إذ ذاك من الأمر
الذي دبر بليل لانثيال المسلمين عنه، أن عزوا إليه دعوة النبوة ونزول الوحي عليه،
فإنهم كانوا ولا يبرحون يكفرون صاحب تلك الدعوى ويوجبون قتله ولإنفضاض
خصوص الشيعة عنه، أن قذفوه بحب أضداد أهل البيت (عليهم السلام) تارة، وبعدم
الاستقامة في طريقته أخرى، ولتثبط أهل النسك والعبادة الذين كانوا معه عنه.
عملوا له كل قول مائن من نسبة الكذب إليه آونة، وحب الملك والجاه، وأن ما
تظاهر به من الدعاية إلى إدراك الثأر، كان فخا من فخوخه يصطاد به البسطاء طورا
إلى غير ذلك، وألقوا إلى زعماء الكوفة أنه يزلف إليه أبناء العجم ويشركهم مع
العرب في الفيء ويسلط الموالي على السادات، فخذلوا فريقا منهم عن نصرته.
هكذا كانت تأتي المختار القذائف والطامات، حتى إذا بعد المدى حسبت
الأغرار تلك اللهجات حقائق ذهبت بها الأعصر الخالية، وأني لا أعجب ممن قال
ذلك في العصور المظلمة، من الذين حدت بهم الأهواء والميول، وإنما العجب كله
ممن نشأ في عصر النور وبلغ من الحنكة أن عاد مدرسا في جامعة كمثل الأزهر،
كمثل الشيخ علي محفوظ في كتابه وهو يقتص أثر أولئك المهملجين مع الشهوات،
وإن كان شواظ الحقد الثائر يقذف بصاحبه إلى حيث تنيخ العصبية العمياء.
كان بين المختار وبين عبد الله بن الزبير إحن مستحكمة، فإن ابن الزبير كان



1 - الخازر: نهر بين الموصل وأربل، قال الحموي: هو موضع كانت عنده وقعة بين عبيد
الله بن زياد وإبراهيم بن مالك الأشتر النخعي في أيام المختار ويومئذ قتل ابن زياد الفاسق.
انظر: معجم البلدان: 2 / 337.
2 - أيدي سبأ، وأيادي سبأ، أي: تفرقوا أو تبددوا. لسان العرب: 1 / 94، القاموس
المحيط: 4 / 340، وللميداني في مجمع الأمثال: 1 / 278 كلام طويل فراجع.
347
يطمع في أن يضمه إليه ويتخذه عضدا له في قيادة الجيوش وإخضاع البلاد له،
والمختار كان على بصيرة من أمره وسداد في عقله، يتحرى نيل الأمنية الوحيدة من
إدراك الأوتار التي لم تزل تتغلغل بين صدره والتراقي، وقد أحنى عليه أضالعه منذ
بشر بتلك السعادة الرابحة وهو يطوي الجديدين، يتطلب وليجة إلى ذلك من أي
الطرق وسعة، حتى حسب بصيصا منه في جانب ابن الزبير، لأنه قبل هلاك يزيد بن
معاوية كان ربما يهتف بثارات الحسين (عليه السلام) وأصحابه، ويغري الناس بيزيد ويوثبهم
عليه، لأنه كان يجده أقرب الوسائل إلى التنكيل به وهدم قوى الأمويين، فلما هلك
يزيد أعرض عنه، فبان أنه كان يطلب الملك لنفسه، وأن ما كان يبديه من ذلك كان
فخا من فخوخه يصطاد به شيعة آل محمد (عليهم السلام) على ما كان هو عليه من نزعته
العثمانية، وسوابقه فيها معلومة منذ عهد الجمل إلى أن قتل، وإذا تواصلت الأنباء
بمظاهراته تلك إلى المختار يممه عسى يجد عنده بغيته، لكنه بالرغم من حرصه
على تلك الأمنية ألفاه - بعد أن خبره ردحا - وقد قلب ظهر المجن ومحض الدعوة
لنفسه من غير ما جدارة أو حنكة فانتكص عنه وقال:
ذو مخاريق وذو مندوحة * وركابي حيث وجهت ذلل
لأبيتن منزلا تكرهه * فإذا زلت بك النعل فزل
فخرج من مكة متوجها إلى الكوفة، فلقي في طريقه هاني بن أبي حية الوداعي فسأله
عن أهلها.
فقال: لو كان لهم رجل يجمعهم على شيء واحد لأكل الأرض بهم.
فقال المختار: أنا والله أجمعهم على الحق، وألقي بهم ركبان الباطل، وأقتل بهم
كل جبار عنيد إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله.
ثم سأله المختار عن سليمان بن صرد هل توجه لقتال المحلين؟
قال: لا، ولكنهم عازمون ذلك.
ثم سار المختار حتى انتهى إلى نهر الحيرة يوم الجمعة، فنزل واغتسل ولبس
ثيابه وتقلد سيفه وركب فرسه ودخل الكوفة نهارا، لا يمر على مسجد القبائل
ومجالس القوم ومجتمع المحال، إلا وقف وسلم وقال: أبشروا بالفرج، فقد جئتكم

348
بما تحبون وأنا المسلط على الفاسقين، والطالب بدم أهل بيت (نبي) (1) رب
العالمين.
ثم دخل الجامع وصلى فيه، فرأى الناس ينظرون إليه ويقول بعضهم لبعض:
هذا المختار ما قدم إلا لأمر نرجو به الفرج (2).
يقول ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 66:
في هذه السنة رابع عشر ربيع الأول، وثب المختار بالكوفة وأخرج عنها عبد الله
ابن المطيع عامل عبد الله بن الزبير، فلما كان المغرب صلى إبراهيم الأشتر بأصحابه
ثم خرج يريد المختار وعليه وعلى أصحابه السلاح، وقد أتى إياس بن مضارب عبد
الله بن مطيع فقال له: إن المختار خارج عليك بإحدى هاتين الليلتين وقد بعثت ابني
إلى الكناسة، فلو بعثت في كل جبانة عظيمة بالكوفة رجلا من أصحابك في جماعة
من أهل الطاعة، لهاب المختار وأصحابه الخروج عليك.
فبعث ابن مطيع عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني إلى جبانة السبيع
وقال: اكفني قومك ولا تحدثن بها حدثا.
وبعث كعب بن أبي كعب الخثعمي إلى جبانة بشر، وبعث زجر بن قيس
الجعفي إلى جبانة كندة، وبعث عبد الرحمن بن مخنف إلى جبانة الصائدين، وبعث
شمر بن ذي الجوشن إلى جبانة سالم، وبعث يزيد بن رؤيم إلى جبانة مراد، وأوصى
كلا منهم أن لا يؤتى من قبله، وبعث شبث بن ربعي إلى السبخة وقال: إذا سمعت
صوت القوم فوجه نحوهم.
وكان خروجهم إلى الجبانين يوم الاثنين، وخرج إبراهيم بن الأشتر يريد المختار
ليلة الثلاثاء، وقد بلغه أن الجبانين قد ملئت رجالا وأن إياس بن مضارب في الشرط
قد أحاط بالسوق والقصر، فأخذ معه من أصحابه نحو مائة دارع وقد لبسوا عليها
الأقبية فقال له أصحابه: تجنب الطريق.
فقال: والله لأمرن وسط السوق بجنب القصر، ولأرعبن عدونا ولأرينهم هوانهم
علينا.
فسار على باب الفيل ثم على دار عمرو بن حريث، فلقيهم إياس بن مضارب



1 - أضفناه للسياق.
2 - مقتل الحسين لأبي مخنف: 278، تاريخ الطبري: 4 / 447، ذوب النضار: 78.
349
في الشرط مظهرين السلاح فقال: من أنتم؟
فقال إبراهيم: أنا إبراهيم بن الأشتر.
فقال إياس: ما هذا الجمع الذي معك وما تريد؟ ولست بتاركك حتى آتي بك
الأمير.
فقال إبراهيم: خل سبيلا.
قال: لا أفعل.
وكان مع إياس بن مضارب رجل من همدان يقال له: أبو قطن، وكان يكرمه وكان
صديقا لابن الأشتر فقال له ابن الأشتر: ادن مني يا أبا قطن.
فدنا منه وهو يظن أن إبراهيم يطلب منه أن يشفع فيه إلى إياس، فلما دنا منه
أخذ رمحا كان معه وطعن به إياسا في ثغرة نحره فصرعه، وأمر رجلا من قومه فاحتز
رأسه وتفرق أصحاب إياس ورجعوا إلى ابن مطيع، فبعث مكانه ابنه راشد بن إياس
على الشرط، وبعث مكان راشد إلى الكناسة سويد بن عبد الرحمن المنقري أبا
القعقاع بن سويد، وأقبل إبراهيم بن الأشتر إلى المختار وقال: إنا أتعدنا للخروج
القابلة وقد جاء أمر لابد من الخروج الليلة.
وأخبره الخبر، ففرح المختار بقتل إياس وقال: هذا أول الفتح إن شاء الله.
ثم قال لسعيد بن منقذ: قم فأشعل النيران في الهوادي (1) والقصب
وأرفعها، وسر أنت يا عبد الله بن شداد فناد: يا منصور أمت، وقم أنت يا سفيان بن
ليلى (2)، وأنت يا قدامة بن مالك فناديا: يا لثارات الحسين.
ثم لبس سلاحه فقال له إبراهيم: إن هؤلاء الذين في الجبانين يمعنون أصحابنا
من إتياننا، فلو سرت إلى قومي بمن معي ودعوت من أجابني وسرت بهم في
نواحي الكوفة ودعوت بثأرنا، لخرج إلينا من أراد الخروج، ومن أتاك حبسته عندك
إلى من معك، فإن عوجلت كان عندك من يمنعك إلى أن آتيك.
فقال له: افعل وعجل، وإياك أن تسير إلى أميرهم تقاتله، ولا تقاتل أحدا وأنت
تستطيع أن لا تقاتله إلا أن يبدأك أحد بقتال.



1 - في المطبوع والمصدر: (الهوادي)، وفي بعض المصادر: (الهرادي)، والهرادي:
قصبات تضم ملوية بطاقات الكرم تحمل عليها قضبانه. لسان العرب: 3 / 436.
2 - اختلف في اسم أبيه، فذكر تارة (ليل)، وتارة (أبي ليلى)، وتارة (ليلى).
350
فخرج إبراهيم وأصحابه حتى أتى قومه واجتمع إليه جل من كان أجابه، وسار
بهم في سكك المدينة ليلا طويلا، وهو يتجنب المواضع التي فيها الأمراء الذين
وضعهم ابن المطيع، فلما انتهى إلى مسجد السكون أتاه جماعة من خيل زجر بن
قيس الجعفي ليس عليهم أمير، فحمل عليهم إبراهيم فكشفهم حتى أدخلهم جبانة
كندة وهو يقول: اللهم إنك تعلم أنا غضبنا لأهل بيت نبيك وثرنا لهم فانصرنا على
هؤلاء.
ثم رجع إبراهيم عنهم بعد أن هزمهم، ثم سار إبراهيم حتى أتى جبانة أثير
فتنادوا بشعارهم، فوقف فيها فأتاه سويد بن عبد الرحمن المنقري، ورجا أن
يصيبهم فيحظى بها عند ابن مطيع، فلم يشعر به إبراهيم إلا وهو معه فقال إبراهيم
لأصحابه: يا شرطة الله انزلوا فإنكم أولى بالنصر من هؤلاء الفساق الذين خاضوا في
دماء أهل بيت نبيكم. فنزلوا.
ثم حمل عليهم إبراهيم حتى أخرجهم إلى الصحراء فانهزموا، فركب بعضهم
بعضا وهم يتلاومون، وتبعهم حتى أدخلهم الكناسة، فقال لإبراهيم أصحابه:
اتبعهم واغتنم ما دخلهم من الرعب.
فقال: لا، ولكن نأتي صاحبنا يؤمن الله بنا وحشته ويعلم ما كان من نصرنا له
فيزداد هو وأصحابه قوة، مع أني لا آمن أن يكون قد أوتي.
ثم سار إبراهيم حتى أتى باب المختار، فسمع الأصوات عالية والقوم يقتتلون،
وقد جاء شبث بن ربعي من قبل السبخة، فعبأ له المختار يزيد بن أنس، وجاء حجار
ابن أبجر العجلي فجعل المختار في وجهه أحمر بن شميط، فبينما الناس يقتتلون إذ
جاء إبراهيم من قبل القصر، فبلغ حجارا وأصحابه أن إبراهيم قد أتاهم من ورائهم،
فتفرقوا في الأزقة قبل أن يأتيهم، وجاء قيس بن طهفة النهدي في قريب من مائة وهو
من أصحاب المختار، فحمل على شبث بن ربعي وهو يقاتل يزيد بن أنس، فخلى
لهم الطريق حتى اجتمعوا، وأقبل شبث إلى ابن مطيع وقال له: اجمع الأمراء الذين
بالجبانين وجميع الناس، ثم أنفذ إلى هؤلاء القوم فقاتلهم، فإن أمرهم قد قوي وقد
خرج المختار وظهر واجتمع له أمره.
فلما بلغ قوله المختار خرج في جماعة من أصحابه حتى نزل في ظهر دير هند
في السبخة، وخرج أبو عثمان النهدي فنادى في شاكر وهم مجتمعون في دورهم

351
يخافون أن يظهروا لقرب كعب الخثعمي منهم، وكان قد أخذ عليهم أفواه السكك،
فلما أتاهم أبو عثمان في جماعة من أصحابه نادى: يا لثارات الحسين، يا منصور
أمت، أمت يا أيها الحي المهتدون، إن أمين آل محمد ووزيرهم قد خرج فنزل دير
هند، وبعثني إليكم داعيا ومبشرا فأخرجوا رحمكم الله.
فخرجوا يتداعون: يا لثارات الحسين، وقاتلوا كعبا حتى خلى لهم الطريق،
فأقبلوا إلى المختار فنزلوا معه، وخرج عبد الله بن قتادة في نحو مائتين فنزل مع
المختار، وكان قد تعرض لهم كعب، فلما عرف أنهم من قومه خلى عنهم، وخرجت
شبام وهم حي من همدان من آخر ليلتهم، فبلغ خبرهم عبد الرحمن بن سعيد
الهمداني، فأرسل إليهم إن كنتم تريدون المختار فلا تمروا على جبانة السبيع،
فلحقوا بالمختار فتوافى إلى المختار ثلاثة آلاف وثمانمائة من اثني عشر ألفا كانوا
بايعوه فاجتمعوا له قبل الفجر، فأصبح وقد فرغ من تعبئته وصلى بأصحابه بغلس،
وأرسل ابن مطيع إلى الجبانين فأمر من بها أن يأتوا المسجد، وأمر راشد بن إياس
فنادى في الناس: برئت الذمة من رجل لم يأت المسجد الليلة.
فاجتمعوا، فبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف إلى المختار،
وبعث راشد بن إياس في أربعة آلاف من الشرط.
فسار شبث إلى المختار فبلغه خبره وقد فرغ من صلاة الصبح، فأرسل من أتاه
بخبرهم، وأتى إلى المختار ذلك الوقت سعر بن أبي سعر الحنفي وهو من أصحابه
لم يقدر على اتيانه إلا تلك الساعة، فرأى راشد بن إياس في طريقه فأخبر المختار
خبره أيضا، فبعث المختار إبراهيم بن الأشتر إلى راشد في سبعمائة فارس وستمائة
راجل (1)، وبعث نعيم بن هبيرة أخا مصقلة بن هبيرة في ثلاثمائة فارس وستمائة
راجل، وأمره بقتال شبث بن ربعي ومن معه وأمرهما بتعجيل القتال وأن لا يستهدفا
لعدوهما فإنه أكثر منهما، فتوجه إبراهيم إلى راشد وقدم المختار يزيد بن أنس في
موضع مسجد شبث بن ربعي في تسعمائة أمامه، فتوجه نعيم إلى شبث فقاتله قتالا
شديدا فجعل نعيم سعر بن أبي سعر على الخيل ومشى هو في الرجالة فقاتلهم حتى
أشرقت الشمس وانبسطت، فانهزم أصحاب شبث حتى دخلوا البيوت فناداهم



1 - في بعض المصادر: (تسعمائة فارس).
352
شبث وحرضهم، فرجع إليه منهم جماعة فحملوا على أصحاب نعيم وقد تفرقوا
فهزموهم وصبر نعيم فقتل وأسر سعر بن أبي سعر وجماعة من أصحابه، فأطلق
العرب وقتل الموالي، وجاء شبث حتى أحاط بالمختار وكان قد وهن لقتل نعيم،
وبعث ابن مطيع يزيد بن الحريث بن رؤيم في ألفين فوقفوا في أفواه السكك، وولى
المختار يزيد بن أنس خيله وخرج هو في الرجالة، فحملت عليه خيل شبث فلم
يبرحوا مكانهم.
فقال لهم يزيد بن أنس: يا معشر الشيعة إنكم كنتم تقتلون وتقطع أيديكم
وأرجلكم وتسمل أعينكم وترفعون على جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم
وأنتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم، فما ظنكم بهؤلاء القوم إذا ظهروا عليكم
اليوم؟ والله لا يدعون منكم عينا تطرف وليقتلنكم صبرا، ولترون منهم في أولادكم
وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه، والله لا ينجيكم منهم إلا الصدق والصبر
والطعن الصائب والضرب الدراك، فتهيئوا للحملة.
فتيسروا ينتظرون أمره وجثوا على ركبهم.
وأما إبراهيم بن الأشتر فإنه لقي راشدا فإذا معه أربعة آلاف، فقال إبراهيم
لأصحابه: لا يهولنكم كثرة هؤلاء، فوالله لرب رجل خير من عشرة والله مع الصابرين.
وقدم خزيمة بن نصر إليهم في الخيل ونزل هو يمشي في الرجالة، وأخذ
إبراهيم يقول لصاحب رايته: تقدم برايتك، إمض بهؤلاء وبها.
اقتتل الناس قتالا شديدا وحمل خزيمة بن نصر العبسي على راشد فقتله، ثم
نادى: قتلت راشدا ورب الكعبة.
وانهزم أصحاب راشد، وأقبل إبراهيم وخزيمة ومن معهما بعد قتل راشد نحو
المختار، وأرسل البشير إلى المختار بقتل راشد، فكبر هو وأصحابه وقويت
نفوسهم، ودخل أصحاب ابن مطيع الفشل، وأرسل ابن مطيع حسان بن قائد بن بكر
العبسي في جيش كثيف نحو ألفين، فاعترض إبراهيم ليرده عمن بالسبخة من
أصحاب ابن مطيع، فتقدم إليهم إبراهيم فانهزموا من غير قتال، وتأخر حسان يحمي
أصحابه فحمل عليه خزيمة فعرفه فقال: يا حسان لولا القرابة لقتلتك فأنج بنفسك.
فعثر به فرسه فوقع فابتدره الناس فقاتل ساعة، فقال له خزيمة: أنت آمن فلا
تقتل نفسك.

353
وكف عنه الناس وقال لإبراهيم: هذا ابن عمي وقد أمنته.
فقال: أحسنت، وأمر بفرسه فأحضر، فأركبه وقال: ألحق بأهلك.
أقبل إبراهيم نحو المختار وشبث بن ربعي محيط به، فلقيه يزيد بن الحرث وهو
على أفواه السكك التي تلي السبخة، فأقبل إلى إبراهيم ليصده عن شبث وأصحابه،
فبعث إبراهيم إليه طائفة من أصحابه مع خزيمة بن نصر وسار نحو المختار وشبث
فيمن بقي معه، فلما دنا منهم إبراهيم حمل على شبث وحمل يزيد بن أنس فانهزم
شبث ومن معه إلى أبيات الكوفة، وحمل خزيمة بن نصر على يزيد بن الحرث
فهزمه وازدحموا على أفواه السكك وفوق البيوت، وأقبل المختار فلما انتهى إلى
أفواه السكك رمته الرماة بالنبل فصدوه عن الدخول إلى الكوفة من ذلك الوجه.
رجع الناس من السبخة منهزمين إلى ابن مطيع، وجاء قتل راشد بن إياس فسقط
في يده، فقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي: أيها الرجل لا تلق بيدك واخرج إلى
الناس وأندبهم إلى عدوك، فإن الناس كثير وكلهم معك إلا هذه الطائفة التي خرجت
والله يخزيها، وأنا أول مندوب فانتدب معي طائفة ومع غيري طائفة.
خرج ابن مطيع فقام في الناس ووبخهم على هزيمتهم وأمرهم بالخروج إلى
المختار وأصحابه، ولما رأى المختار أنه قد منعه يزيد بن الحرث من دخول الكوفة،
عدل إلى بيوت مزينة وأحمس وبارق وبيوتهم منفردة، فسقوا أصحابه الماء ولم
يشرب هو، فإنه كان صائما، فقال أحمر بن شميط لابن كامل: أتراه صائما؟
قال: نعم.
قال: لو أفطر كان أقوى له، إنه معصوم وهو أعلم بما يصنع.
فقال أحمر: صدقت أستغفر الله.
فقال المختار: نعم المكان للقتال هذا.
فقال إبراهيم: إن القوم قد هزمهم الله وأدخل الرعب في قلوبهم، سر بنا فوالله
ما دون القصر مانع.
فترك المختار هناك كل شيخ ضعيف ذي علة وثقلهم، واستخلف عليهم أبا
عثمان النهدي، وقدم إبراهيم أمامه، وبعث ابن مطيع عمرو بن الحجاج في ألفين،
فخرج عليهم فأرسل المختار إلى إبراهيم: أن اطوه ولا تقم عليه. فطواه وأقام.
أمر المختار يزيد بن أنس أن يواقف عمرو بن الحجاج فمضى إليه، وسار

354
المختار في أثر إبراهيم ثم وقف في موضع مصلى خالد بن عبد الله، ومضى إبراهيم
ليدخل الكوفة من نحو الكناسة، فخرج إليه شمر بن ذي الجوشن في ألفين، فسرح
إليه المختار سعيدا بن منقذ الهمداني فواقعه، وأرسل إلى إبراهيم يأمره بالمسير
فسار حتى انتهى إلى سكة شبث فإذا نوفل بن مساحق في ألفين، وقيل: خمسة
آلاف، وهو الصحيح، وقد أمر ابن مطيع مناديا فنادى في الناس: أن ألحقوا بابن
مساحق، وخرج ابن مطيع فوقف بالكناسة واستخلف شبث بن ربعي على القصر
فدنا ابن الأشتر من ابن مطيع فأمر أصحابه بالنزول وقال لهم: لا يهولنكم أن يقال جاء
شبث وآل عتيبة بن النهاس وآل الأشعث وآل يزيد بن الحرث وآل فلان، فسمى
بيوتات أهل الكوفة.
ثم قال: إن هؤلاء لو وجدوا حر السيوف لانهزموا عن ابن مطيع انهزام المعزى
من الذئب.
ففعلوا ذلك، وأخذ ابن الأشتر أسفل قبائه فأدخله في منطقته - وكان القباء
على الدرع - فلم يلبثوا حين حمل عليهم أن انهزموا يركب بعضهم بعضا على أفواه
السكك وازدحموا.
انتهى ابن الأشتر إلى ابن مساحق فأخذ بعنان دابته ورفع السيف عليه فقال له:
يا بن الأشتر أنشدك الله هل بيني وبينك من إحنة (1) أو تطلبني بثأر.
فخلى سبيله وقال: اذكرها.
فكان يذكرها له، ودخلوا الكناسة في آثارهم حتى دخلوا السوق والمسجد
وحصروا ابن مطيع ومعه الأشراف من الناس، غير عمرو بن حريث فإنه أتي داره ثم
خرج إلى البر، وجاء المختار حتى نزل جانب السوق، وولي إبراهيم حصار القصر
ومعه يزيد بن أنس وأحمر بن شميط، فحصروهم ثلاثا فاشتد الحصار عليهم، فقال
شبث لابن مطيع: أنظر لنفسك ولمن معك، فوالله ما عندهم غنى عنك ولا عن
أنفسهم.
فقال: أشيروا علي.
فقال شبث: الرأي أن تأخذ لنفسك ولنا أمانا وتخرج ولا تهلك نفسك ومن



1 - إحنة: أي حقد. الصحاح: 5 / 2068.
355
معك.
فقال ابن مطيع: إني لأكره أن آخذ منه أمانا والأمور لأمير المؤمنين مستقيمة
بالحجاز والبصرة.
قال: فتخرج ولا يشعر بك أحد فتنزل بالكوفة عند من تثق إليه، حتى تلحق
بصاحبك.
وأشار بذلك عبد الرحمن بن سعيد وأسماء بن خارجة وابن مخنف وأشراف
الكوفة، فأقام حتى أمسى وقال لهم: قد علمت إن الذين صنعوا هذا بكم أنهم
أراذلكم وأخساؤكم، وأن أشرافكم وأهل الفضل منكم سامعون مطيعون، وأنا مبلغ
ذلك صاحبي ومعلمه طاعتكم وجهادكم حتى كان الله الغالب على أمره، فأثنوا عليه
خيرا.
خرج عنهم وأتى دار أبي موسى فجاء ابن الأشتر ونزل القصر ففتح أصحابه
الباب وقالوا: يا بن الأشتر آمنون نحن.
قال: أنتم آمنون.
فخرجوا فبايعوا المختار، ودخل المختار القصر فبات فيه وأصبح أشراف
الناس في المسجد وعلى باب القصر، وخرج المختار فصعد المنبر فحمد الله وأثنى
عليه، فقال:
الحمد لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر، وجعله فيه إلى آخر الدهر وعدا
مفعولا وقضاء مقضيا، وقد خاب من افترى، أيها الناس إنا رفعت لنا راية، ومدت لنا
غاية، فقيل لنا في الراية: أن ارفعوها (1)، وفي الغاية: أن اجروا إليها ولا تعدوها.
فسمعنا دعوة الداعي ومقالة الواعي، فكم من ناع وناعية لقتلى في الواعية،
وبعدا لمن طغى وأدبر وعصى وكذب وتولى، ألا فأدخلوا أيها الناس وبايعوا بيعة
هدى، فلا والذي جعل السماء سقفا مكفوفا، والأرض فجاجا سبلا، ما بايعتم بعد
بيعة علي بن أبي طالب وآل علي أهدى منها.
ثم نزل ودخل عليه أشراف الكوفة، فبايعوه على كتاب الله وسنة رسول
الله (صلى الله عليه وآله) والطلب بدماء أهل البيت (عليهم السلام) وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال



1 - في بعض المصادر زيادة: (ولا تضيعوها).
356
من قاتلنا وسلم من سالمنا.
وكان ممن بايعه المنذر بن حسان وابنه حسان، فلما خرجا من عنده إستقبلهما
سعيد بن منقذ الثوري في جماعة من الشيعة، فلما رأوهما قالوا: هذان والله من
رؤوس الجبارين، فقتلوا المنذر وابنه حسانا، فنهاهم سعيد حتى يأخذوا أمر المختار
فلم ينتهوا، فلما سمع المختار ذلك كرهه، وأقبل المختار يمني الناس ويستجر مودة
الأشراف ويحسن السيرة.
وقيل له: إن ابن مطيع في دار أبي موسى.
فسكت، لما أمسى بعث له بمائة ألف درهم وقال: تجهز بهذه فقد علمت
مكانك، وأنك لم يمنعك من الخروج إلا عدم النفقة، وكان بينهما صداقة.
ووجد المختار في بيت المال تسعة آلاف ألف، فأعطى أصحابه الذين قاتل بهم
حين حصر ابن مطيع في القصر وهم ثلاثة (آلاف) (1) وخمسمائة، لكل رجل منهم
خمسمائة درهم، وأعطى ستة آلاف من أصحابه أتوه بعدما أحاط بالقصر وأقاموا
معه تلك الليلة وتلك الأيام الثلاثة، مائتين مائتين، واستقبل الناس بخير وجعل
الأشراف جلساءه (2).
تفرغ المختار لتتبع قتلة الحسين (عليه السلام) الذين شركوا في دمه، فجد في الأمر وبالغ
في النصرة، وتتبع أولئك الأرجاس فقتل ثمانية عشر ألف، ولكثرة الفتك والقتل
هرب إلى البصرة من أشراف الكوفة زهاء عشرة آلاف رجل، والتحقوا بمصعب -
على ما حدث الدينوري في الأخبار الطوال (3) - وكان فيهم شبث بن ربعي جاء راكبا
بغلة قد قطع ذنبها وقطع أطراف أذنها في قباء مشقوق، وهو ينادي: وا غوثاه.
فقال الأشراف لمصعب: سر بنا إلى محاربة هذا الفاسق الذي هدم دورنا،
وأخذوا يحرضونه على ذلك.
بالرغم من ذلك الجد والجهد شاءت الأقدار أن يحاصره ابن الزبير بقصر الإمارة
مع أربعمائة رجل من أصحابه ثلاثة أيام أو أربعين يوما - بعد أن وقعت مقتلة عظيمة



1 - من المصدر.
2 - الكامل في التاريخ: 4 / 211 - 228، وكذا: مقتل الحسين: لأبي مخنف: 327 -
344، تاريخ الطبري: 4 / 496 - 509.
3 - الأخبار الطوال: 304.
357
بينهما قتل فيها خلق كثير - حتى فنى طعامهم، وكان معه في القصر صاحب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) أبو الطفيل عامر بن واثلة، ولما اشتد الأمر رمى بنفسه من القصر وأفلت فلم
يقتل وقال:
ولما رأيت الباب قد حيل دونه * تكسرت باسم الله فيمن تكسرا
ولأربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان خرج المختار بمن معه مستميتين، فقتلوا
وقتل المختار عند موضع الزياتين، قتله أخوان من بني حنيفة يقال لأحدهما:
طارف، وللآخر طريف ابنا عبد الله بن دجاجة.
وقيل: قتله صراف بن يزيد الحنفي، وجاءا برأسه إلى مصعب بن الزبير،
فأجازهما بثلاثين ألف درهم، ثم قطع كفه وسمرها إلى جنب المسجد الأعظم
بمسمار حديد، واستمرت على هذا الحال إلى أن استولى الحجاج، فذكرت له
فأنزلها وكفنها ودفنها، ثم بعث مصعب الرأس إلى أخيه عبد الله، فلم يدفع لحامله
شيئا وقال له: خذ الرأس جائزتك (1).
يقول ابن الأثير: قيل: إن مصعبا لقي ابن عمر فسلم عليه وقال له: أنا ابن أخيك
مصعب.
فقال له ابن عمر: أنت القاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة واحدة غير ما
بدا لك.
فقال مصعب: إنهم كانوا كفرة فجرة.
فقال: والله لو قتلت عدتهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا.
وقال ابن الزبير لعبد الله بن عباس: ألم يبلغك قتل الكذاب؟
قال: ومن الكذاب؟
قال: ابن أبي عبيدة.
قال: قد بلغني قتل المختار.
قال: كأنك أنكرت تسميته كذابا ومتوجع له؟
قال: ذاك رجل قتل قتلتنا وطلب ثأرنا وشفى غليل صدورنا، وليس جزاؤه منا
الشتم والشماتة (2).



1 - تاريخ الطبري: 558 - 572، البداية والنهاية: 8 / 317 - 318، ذوب النضار: 149.
2 - الكامل في التاريخ: 4 / 278.
358
ولما قتل المختار تتبع مصعب أصحابه بالكوفة، فقتل من الناهظين معه سبعة
آلاف رجل كلهم خرجوا للطلب بدم الحسين (عليه السلام)، ثم بعث على حرم المختار
ودعاهن إلى البراءة منه، ففعلن إلا امرأتان له، إحداهما: أم ثابت بنت سمرة بن
جندب الفزاري، وثانيتهما: عمرة ابنة النعمان بن بشير الأنصاري.
قالتا: كيف نتبرأ من رجل يقول: ربي الله، وكان صائما نهاره قائما ليله، قد بذل
دمه لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) في طلب قتلة ابن بنت رسول الله وأهله وشيعته، فأمكنه الله
منهم حتى شفى النفوس.
فكتب مصعب إلى أخيه عبد الله بخبرهما، فكتب إليه: إن رجعتا عما هما عليه
وتبرأتا منه وإلا فاقتلهما.
فعرضهما مصعب على السيف فرجعت ابنة سمرة بن جندب ولعنته، وتبرأت
منه وقالت: لو دعوتني إلى الكفر مع السيف لأقررت، أشهد أن المختار كافر.
وأبت ابنة النعمان بن بشير وقالت: شهادة أرزقها ثم أتركها، كلا إنها موتة ثم
الجنة والقدوم على الرسول وأهل بيته (عليهم السلام)، والله لا يكون أتي مع ابن هند فأتبعه
وأترك ابن أبي طالب، اللهم اشهد أني متبعة نبيك وابن بنته وأهل بيته وشيعته.
فأمر بها مصعب فأخرجت إلى ما بين الحيرة والكوفة وقتلت صبرا، وفي قتلها
يقول عمر بن أبي ربيعة القرشي:
إن من أعجب العجائب عندي * قتل بيضاء حرة عطبول
قتلت هكذا على غير جرم * إن لله درها من قتيل
كتب القتل والقتال علينا * وعلى المحصنات جر الذيول (1).
13 - حادثة شبيب الخارجي (2):
كان أبو الضحاك شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني، من أبطال العالم
وأحد كبار الثائرين على بني أمية، كان داهية طماحا إلى السيادة، وإليه تنسب الفرقة



1 - الأخبار الطوال: 309، تاريخ اليعقوبي: 2 / 264، تاريخ الطبري: 4 / 574، تاريخ
دمشق: 69 / 296 - 297، البداية والنهاية: 8 / 319.
2 - انظر ترجمته في: تاريخ اليعقوبي: 2 / 274، شرح نهج البلاغة: 4 / 225، سير أعلام
النبلاء: 4 / 146 رقم 50، الكنى والألقاب: 1 / 106، الأعلام: 3 / 156.
359
الشبيبية من فرق النواصب.
قال الجاحظ في نعته: كان يصيح في جنبات الجيش إذا أتاه، فلا يلوي أحد
على أحد، خرج في الموصل مع صالح بن مسرح على الحجاج الثقفي فقتل صالح
ابن مسرح، فنادى شبيب بالخلافة فبايعه نحو 120 رجلا ثم قويت شوكته، فوجه
إليه الحجاج خمسة قواد قتلهم واحدا بعد واحد ومزق جموعهم، ثم رحل من
الموصل يريد الكوفة، فقصده الحجاج بنفسه - كما ستعرف - فنشبت بينهما معارك
فشل فيها الحجاج، فأنجده عبد الملك بجيش من الشام ولي قيادته سفيان بن الأبرد
الكلبي، فتكاثر الجمعان على شبيب، فقتل كثيرون من أصحابه ونجا بمن بقي
منهم، فمر بجسر دجيل - في نواحي الأهواز - فنفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل
من درع ومغفر وغيرهما، فاضطربت الحجر تحته ونزل حافر الفرس على جرف
السفينة فسقط في الماء، فلما سقط قال: ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وانغمس في
الماء ثم ارتفع وقال: ذلك تقدير العزيز العليم، وغرق (1).
وقيل في قتله غير ذلك، وكان ذلك سنة 77، وإليك فيما يلي نص الحادثة على
ما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 77:
سار شبيب من سورا فنزل حمام أعين، فدعا الحجاج الحرث بن معاوية الثقفي
فوجهه في ناس من الشرط لم يشهدوا يوم عتاب وغيرهم فخرج في نحو ألف، فنزل
زرارة فبلغ ذلك شبيبا فجعل إلى الحرث بن معاوية، فلما انتهى إليه حمل عليه فقتله
وانهزم أصحابه، وجاء المنهزمون فدخلوا الكوفة، وجاء شبيب فعسكر بناحية
الكوفة وأقام ثلاثا فلم يكن في اليوم الأول غير قتل الحرث، فلما كان اليوم الثاني
أخرج الحجاج مواليه فأخذوا بأفواه السكك، فجاءه شبيب فنزل السبخة وابتنى بها
مسجدا، فلما كان اليوم الثالث أخرج الحجاج أبا الورد مولاه عليه تجفاف (2) ومع
غلمان له، وقالوا: هذا الحجاج.
فحمل عليه شبيب فقتله، وقال: إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه.
ثم أخرج الحجاج غلامه طهمان في مثل تلك العدة والحالة فقتله شبيب،



1 - البيان والتبيين: 1 / 71.
2 - التجفاف: هو شي من سلاح يترك على الفرس يقيه من الأذى وقد يلبسه الإنسان أيضا.
النهاية لابن الأثير: 1 / 270.
360
وقال: إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه.
ثم إن الحجاج خرج ارتفاع النهار من القصر فطلب بغلا يركبه إلى السبخة، فأتي
ببغل فركبه ومعه أهل الشام فخرج، فلما رأى الحجاج شبيبا وأصحابه نزل، وكان
شبيب في ستمائة فارس، فأقبل نحو الحجاج، وجعل الحجاج سبرة بن عبد
الرحمن بن مخنف على أفواه السكك في جماعة الناس، ودعا الحجاج بكرسي
فقعد عليه ثم نادى: يا أهل الشام أنتم أهل السمع والطاعة واليقين، فلا يغلبن باطل
هؤلاء الأرجاس حقكم، غضوا الأبصار وأجثوا على الركب واستقبلوهم بأطراف
الأسنة.
ففعلوا وأشرعوا الرماح وكأنهم حرة سوداء، وأقبل شبيب في ثلاثة كراديس:
كتيبة معه، وكتيبة مع سويد بن سليم، وكتيبة مع المحلل بن وائل، وقال لسويد:
احمل عليهم في خيلك.
فحمل عليهم، فثبتوا له ووثبوا في وجهه بأطراف الرماح، فطعنوه حتى
انصرف هو وأصحابه.
وصاح الحجاج: هكذا فافعلوا، وأمر بكرسيه فقدم، وأمر شبيب المحلل
فحمل عليهم، ففعلوا به كذلك، فناداهم الحجاج: هكذا فافعلوا، وأمر بكرسيه
فقدم.
ثم إن شبيبا حمل عليهم في كتيبة فثبتوا له وصنعوا به كذلك، فقاتلهم طويلا.
ثم إن أهل الشام طاعنوه حتى ألحقوه بأصحابه، فلما رأى صبرهم نادى: يا
سويد احمل عليهم بأصحابك على أهل هذه السكة، لعلك تزيل أهلها وتأتي
الحجاج من ورائه ونحمل نحن عليه من أمامه.
فحمل سويد فرمي من فوق البيوت وأفواه السكك فرجع، وكان الحجاج قد
جعل عروة بن المغيرة بن شعبة في ثلاثمائة رجل من أهل الشام ردءا له لئلا يؤتوا من
خلفهم، فجمع شبيب أصحابه ليحمل بهم، فقال الحجاج: اصبروا لهذه الشدة
الواحدة ثم هو الفتح.
فجثوا على الركب وحمل عليهم شبيب بجميع أصحابه فوثبوا في وجهه، وما
زالوا يطاعنونه ويضاربونه قدما ويدفعونه وأصحابه حتى أجازوهم مكانهم، وأمر
شبيب أصحابه بالنزول فنزل نصفهم، وجاء الحجاج حتى انتهى إلى مسجد شبيب

361
ثم قال: يا أهل الشام هذا أول الفتح، وصعد المسجد ومعه جماعة معهم النبل
ليرموهم إن دنوا منه، فاقتتلوا عامة النهار أشد قتال رآه الناس، حتى أقر كل واحد من
الفريقين لصاحبه.
ثم إن خالد بن عتاب قال للحجاج: ائذن لي في قتالهم فإني موتور.
فأذن له فخرج ومعه جماعة من أهل الكوفة وقصد عسكرهم من ورائهم، فقتل
مصادا أخا شبيب وقتل امرأته غزالة وحرق في عسكره، وأتى الخبر الحجاج وشبيبا
فكبر الحجاج وأصحابه، وأما شبيب فركب هو وأصحابه وقال الحجاج لأهل الشام:
احملوا عليهم فإنهم قد أتاهم ما أرعبهم، (فشدوا عليهم) (1) فهزموهم وتخلف
شبيب في حامية الناس فبعث الحجاج إلى خيله: أن دعوه، فتركوه ورجعوا، ودخل
الحجاج الكوفة فصعد المنبر ثم قال: والله ما قوتل شبيب قبلها، ولى والله هاربا
وترك امرأته يكسر في أستها القصب (2).
وقيل في هزيمته غير ذلك، وهو أن الحجاج كان قد بعث إلى شبيب أميرا،
فقتله، أحدهما أعين صاحب حمام أعين، ثم جاء شبيب حتى دخل الكوفة ومعه
زوجته غزالة - وكانت نذرت أن تصلي في جامع الكوفة ركعتين تقرأ فيهما البقرة وآل
عمران - واتخذ في عسكره إخصاصا، فجمع الحجاج ليلا بعد أن لقى من شبيب
الناس ما لقوا، فاستشارهم في أمر شبيب فأطرقوا، وفصل قتيبة من الصف فقال:
أتأذن لي في الكلام؟
قال: نعم.
قال: إن الأمير ما راقب الله ولا أمير المؤمنين ولا نصح الرعية.
قال: وكيف ذلك؟
قال: لأنك تبعث الرجل الشريف وتبعث معه رعاعا فينهزمون ويستحي أن
ينهزم فيقتل.
قال: فما الرأي؟
قال: الرأي أن تخرج إليه فتحاكمه.
قال: فانظر لي معسكرا.



1 - أثبتناه من المصدر.
2 - الكامل في التاريخ: 4 / 425 - 427.
362
فخرج الناس يلعنون عنبسة بن سعيد، لأنه هو الذي كلم الحجاج فيه حتى
جعله من صحابته.
وصلى الحجاج من الغد الصبح واجتمع الناس وأقبل قتيبة وقد رأى معسكرا
حسنا، فدخل إلى الحجاج ثم خرج ومعه لواء منشور، وخرج الحجاج يتبعه حتى
خرج إلى السبخة وبها شبيب، وذلك يوم الأربعاء فتواقفوا.
وقيل للحجاج: لا تعرفه مكانه.
فأخفى مكانه وشبه له أبا الورد مولاه، فنظر إليه شبيب فحمل عليه فضربه
بعمود فقتله، وحمل شبيب على خالد بن عتاب ومن معه وهو على ميسرة الحجاج
فبلغ بهم الرحبة، وحمل على مطر بن ناجية وهو على ميمنة الحجاج فكشفه، فنزل
عند ذلك الحجاج ونزل أصحابه وجلس على عباءة ومعه عنبسة بن سعيد، فإنهم
على ذلك إذ تناول مصقلة بن مهلهل الضبي لجام شبيب وقال: ما تقول في صالح بن
مسرح وبم تشهد عليه؟
قال: أعلى هذه الحال؟
قال: نعم.
قال: فبرئ من صالح.
فقال له مصقلة: برئ الله منك، وفارقه إلا أربعين فارسا.
فقال الحجاج: قد اختلفوا، وأرسل إلى خالد بن عتاب فأتي به في عسكرهم
فقاتلهم فقتلت غزالة، ومر برأسها إلى الحجاج مع فارس، فعرفه شبيب فأمر رجلا
فحمل على الفارس فقتله وجاء بالرأس فأمر به فغسل ثم دفنه.
ومضى القوم على حاميتهم ورجع خالد فأخبر الحجاج بانصرافهم، فأمره
باتباعهم فاتبعهم يحمل عليهم، فرجع إليه ثمانية نفر فقاتلوه حتى بلغوا به
الرحبة (1).



1 - الكامل في التاريخ: 4 / 428 - 430.
363
14 - حادثة الحجاج وابن الأشعث:
لما فرغ الحجاج وعبد الرحمن بن الأشعث من وقعة يوم الزاوية - وهي الوقعة
الشديدة في البصرة التي اقتتل فيها عسكر الحجاج وعسكر ابن الأشعث في المحرم
سنة 82، وأسفرت النتيجة عن انهزام عبد الرحمن وجيشه إلى الكوفة - أقام الحجاج
أول صفر بالبصرة ثم خرج منها واستعمل عليها الحكم بن أيوب الثقفي حتى دخل
الكوفة، وكان قد استعمل عليها عند مسيره إلى البصرة عبد الرحمن بن عبد الله بن
عامر الحضرمي في القصر ووثب أهل الكوفة مع مطر، فأخرج ابن الحضرمي ومن
معه من أهل الشام وكانوا أربعة آلاف واستولى مطر على القصر واجتمع الناس وفرق
فيهم مائتي درهم مائتي درهم.
وصل ابن الأشعث إلى الكوفة وكان مطر بالقصر فخرج أهل الكوفة يستقبلونه
ودخل الكوفة وقد سبق إليه همدان، فكانوا حوله فأتى القصر فمنعه مطر بن ناجية
ومعه جماعة من بني تميم فاصعد عبد الرحمن الناس في السلاليم إلى القصر
فأخذوه فأتي عبد الرحمن بمطر بن ناجية فحبسه ثم أطلقه وصار معه، فلما استقر
عبد الرحمن بالكوفة اجتمع إليه الناس وقصده أهل البصرة منهم عبد الرحمن بن
العباس بن ربيعة الهاشمي بعد قتاله الحجاج بالبصرة، وقتل الحجاج يوم الزاوية بعد
الهزيمة أحد عشر ألفا خدعهم بالأمان، وأمر مناديا فنادى لا أمان لفلان بن فلان
فسمى رجالا، فقال العامة: قد أمن الناس فحضروا عنده فأمر بهم فقتلوا (1).
15 - حادثة قنبر مولى علي (عليه السلام):
روى أصحاب السيرة من طرق مختلفة، على ما يحدثنا المفيد في إرشاده: أن
الحجاج بن يوسف الثقفي قال ذات يوم: أحب أن أصيب رجلا من أصحاب أبي
تراب فأتقرب إلى الله بدمه.



1 - تاريخ الطبري: 5 / 145 - 155 و 182، البداية والنهاية: 9 / 50، تاريخ ابن
خلدون: 3 / 48، تاريخ ابن الأثير: 4 / 467 - 469.
364
فقيل له: ما نعلم أحدا كان أطول صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه.
فبعث في طلبه فأتي به، فقال له: أنت قنبر؟
قال: نعم.
قال: أبو همدان؟
قال: نعم.
قال: مولى علي بن أبي طالب؟
قال: الله مولاي وأمير المؤمنين علي ولي نعمتي.
قال: أبرأ من دينه.
قال: فإذا برئت من دينه تدلني على دين غيره أفضل منه؟
قال: إني قاتلك، فاختر أي قتلة أحب إليك.
قال: قد صيرت ذلك إليك.
قال: ولم؟
قال: لأنك لا تقتلني قتلة إلا قتلتك مثلها، ولقد أخبرني أمير المؤمنين (عليه السلام) أن
ميتتي تكون ذبحا ظلما بغير حق، قال فأمر به فذبح (1).
وحدث الكشي في رجاله، قال: إن قنبرا مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل على
الحجاج بن يوسف فقال له: ما الذي كنت تلي من علي بن أبي طالب؟
فقال: كنت أوضئه.
فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟
فقال: كان يتلو هذه الآية: (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء
حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا
والحمد لله رب العالمين) (2).
فقال الحجاج: أظنه كان يتأولها علينا؟
قال: نعم.
فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك - رأسك -؟



1 - الارشاد: 1 / 328.
2 - سورة الأنعام: 44 - 45.
365
قال: إذن أسعد وتشقى. فأمر به (1).
16 - حادثة كميل بن زياد النخعي:
كميل بن زياد بن نهيك بن الهيثم بن سعيد بن مالك بن الحارث بن صهبان بن
سعيد بن مالك بن النخع، من مذحج، وقيل: كميل بن عبد الله، وقيل: ابن عبد
الرحمن.
روي عن الإمام علي (عليه السلام)، وعن ابن مسعود، وروي عنه أبو إسحق السبيعي
والعباس بن ذريح وعبد الله بن يزيد الصهباني وعبد الرحمن بن عابس والأعمش
وغيرهم (2).
قال ابن سعد في الطبقات: شهد مع علي صفين، وكان شريفا مطاعا في قومه،
وكان ثقة قليل الحديث (3).
وقال ابن عمار: كان من رؤساء الشيعة (4).
وذكره المدائني في عباد أهل الكوفة (5).
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج: كان عامل علي (عليه السلام) على هيت (6).
وقال ابن حجر العسقلاني في الإصابة: أدرك من الحياة النبوية ثمان عشرة
سنة (7).



1 - رجال الكشي: 1 / 290 رقم 130.
2 - انظر: تهذيب الكمال: 24 / 218 رقم 4996، تهذيب التهذيب: 8 / 402 رقم
813، تاريخ دمشق: 50 / 247 رقم 5829، الإصابة: 5 / 485 رقم 7516، ميزان
الاعتدال: 3 / 415 رقم 6978.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 179 - 180، والظاهر أن كلمة: (ثقة) قد حذفت من هذه
الطبعة، ووردت في مصادر كثيرة، راجع مصادر ترجمته.
4 - الغارات للثقفي: 50 / 251، وراجع مصادر ترجمته.
5 - المصدر السابق.
6 - شرح نهج البلاغة: 17 / 149.
7 - الإصابة: 5 / 485 رقم 7516.
366
ولما ولي الحجاج طلب كميل بن زياد فهرب منه فحرم قومه عطاهم، فلما رأى
كميل ذلك قال: أنا شيخ كبير وقد نفد عمري ولا ينبغي أن أحرم قومي عطاءهم،
فخرج فدفع بيده إلى الحجاج، فلما رآه قال له: لقد كنت أحببت أن أجد عليك
سبيلا.
فقال له كميل: لا تصرف علي أنيابك ولا تهر علي، فوالله ما بقي من عمري إلا
(كواثل الغبار) (1)، فاقض ما أنت قاض، فإن الموعد الله وبعد القتل الحساب، ولقد
أخبرني أمير المؤمنين (عليه السلام) أنك قاتلي.
فقال له الحجاج: الحجة عليك إذن.
فقال له كميل: ذاك إذا كان القضاء إليك.
قال: بلى، قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان، اضربوا عنقه فضربت عنقه (2).
ويقول ابن حجر: أخرج ابن أبي الدنيا من طريق الأعمش قال: دخل الهيثم بن
الأسود على الحجاج فقال له: ما فعل كميل بن زياد؟
قال: شيخ كبير في البيت.
قال: فأين هو؟
قال: ذلك شيخ كبير خرف.
فدعاه، فقال له: أنت صاحب عثمان.
قال: ما صنعت بعثمان.
قال: لطمني فطلبت القصاص فأقادني فعفوت.
قال: فأمر الحجاج بقتله (3).
وكان قتله سنة 82، وقيل: سنة 88 وهو ابن سبعين سنة على ما يقول ابن حجر
في الإصابة عن ابن أبي خيثمة، وقبره عند الثوية معروف يزار ويتبرك به (4).



1 - اختلفت هذه العبارة في المصادر، فوردت: (كواسل الغبار) و (كواسر الغبار) و (كواهل
الغبار) وفي الطبري: (ظم الحمار)، أي: لم يبق من عمره إلا اليسير. الصحاح: 1 / 61.
2 - الارشاد: 1 / 327، بحار الأنوار: 42 / 148 ح 12، وراجع مصادر ترجمته.
3 - الإصابة: 5 / 486، وكذا: تاريخ دمشق: 12 / 127.
4 - وقبره الآن في محلة حي الحسين (عليه السلام) في محافظة النجف الأشرف.
367
17 - حادثة سعيد بن جبير:
سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي، مولاهم أبو محمد، ويقال: أبو عبد
الله الكوفي، روى عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري، وروى عنه سلمة بن كهيل
والأعمش بن السائب والمنهال بن عمرو وغيرهم (1).
قال يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة: كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة
يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء، يعني سعيد بن جبير (2).
وقال عمرو بن ميمون عن أبيه: لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الأرض
أحد إلا وهو محتاج إلى علمه (3).
قال عثمان بن بوذويه: كنت مع وهب بن منبه وسعيد بن جبير يوم عرفة فقال
وهب لسعيد: أبا عبد الله كم لك منذ خفت من الحجاج؟
قال: خرجت من امرأتي وهي حامل فجاءني الذي في بطنها وقد جرح
وجهه (4).
وقال هشيم: حدثني عتبة مولى الحجاج قال: حضرت سعيد بن جبير حتى أتي
به الحجاج بواسط، فجعل الحجاج يقول له: ألم أفعل بك ألم أفعل بك؟
فيقول: بلى.
قال: فما حملك على ما صنعت من خروجك علينا؟



1 - انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى: 6 / 256، الإمامة والسياسة: 60، حلية الأولياء:
4 / 272، الثقات لابن حبان: 4 / 275، أخبار أصبهان: 1 / 324، مشاهير علماء
الأمصار: 133 رقم 591، سير أعلام النبلاء: 4 / 321 رقم 116، رجال ابن داود: 102 رقم
687، خلاصة الأقوال: 157 رقم 2، تهذيب الكمال: 10 / 358 رقم 2245، البداية
والنهاية: 9 / 113، تاريخ ابن خلدون: 3 / 65، نقد الرجال: 2 / 319 رقم 12.
2 - الجرح والتعديل للرازي: 4 / 9، تهذيب الكمال: 10 / 364، سير أعلام النبلاء: 4 /
325، تهذيب التهذيب: 4 / 11..
3 - تهذيب الكمال: 10 / 364، سير أعلام النبلاء: 4 / 325، تهذيب التهذيب: 4 /
12، البداية والنهاية: 9 / 116، إسعاف المبطأ للسيوطي: 40.
4 - المصدر السابق، وفي بعضها: (خرج) و (شعر)، بدل: (جرح).
368
قال: بيعة كانت علي.
قال: فغضب الحجاج وصفق بيديه وقال: فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق
وأولى، وأمر به فضربت عنقه (1).
وقال عمر بن سعيد بن أبي حسين: دعا سعيد بن جبير ابنه حين دعي ليقتل
فجعل ابنه يبكي فقال: ما يبكيك ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة (2)؟
وقال أبو القاسم الطبري: هو ثقة، إمام، حجة على المسلمين، قتل في شعبان
سنة 95 وهو ابن 49 سنة (3).
وقال أبو الشيخ: قتله الحجاج صبرا سنة 95 (4).
وقال ابن حبان في الثقات: كان فقيها، عابدا، فاضلا، ورعا، وكان يكتب لعبد
الله بن عتبة بن مسعود حيث كان على قضاء الكوفة، ثم كتب لأبي بردة بن أبي
موسى الأشعري، ثم خرج مع ابن الأشعث في جملة القراء، فلما هزم ابن الأشعث
هرب سعيد بن جبير إلى مكة، فأخذه خالد القسري بعد مدة وبعث به إلى الحجاج
فقتله الحجاج سنة 95 وهو ابن 49 سنة ثم مات الحجاج بعده بأيام (5).
وقيل: إن قتله كان في آخر سنة أربع وتسعين (6).
يقول ابن الأثير في تاريخه في حوادث 94: قيل: وفي هذه السنة قتل سعيد بن
جبير، وكان سبب قتله خروجه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وكان
الحجاج قد جعله على عطاء الجند حين وجه عبد الرحمن إلى رتبيل (7) لقتاله، فلما
خلع عبد الرحمن الحجاج كان سعيد فيمن خلع، فلما هزم عبد الرحمن ودخل بلاد



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 265، حلية الأولياء: 4 / 290، تهذيب الكمال: 10 /
368، سير أعلام النبلاء: 4 / 328، تهذيب التهذيب: 4 / 12، وقال خلف بن خليفة، عن
أبيه: فلما بان رأسه قال: لا إله إلا الله لا إله إلا الله، ثم قالها الثالثة فلم يتمها.
2 - تهذيب الكمال: 10 / 375، سير أعلام النبلاء: 4 / 333، تهذيب التهذيب: 4 /
12، تذكرة الحفاظ: 1 / 76.
3 - عنه تهذيب الكمال: 10 / 376.
4 - طبقات المحدثين بأصبهان: 1 / 315، تهذيب التهذيب: 4 / 12.
5 - الثقات: 4 / 275 - 276.
6 - تهذيب التهذيب: 4 / 13.
7 - رتبيل: ملك الترك فيما وراء سجستان.
369
رتبيل، هرب سعيد إلى أصبهان، فكتب الحجاج إلى عاملها بأخذ سعيد، فخرج
العامل من ذلك فأرسل إلى سعيد يعرفه ذلك ويأمره بمفارقته، فسار عنه فأتى
أذربيجان فطال عليه القيام، فاغتم بها فخرج إلى مكة فكان بها هو وأناس أمثاله
يستخفون فلا يخبرون أحدا أسماءهم، فلما ولي خالد بن عبد الله مكة قيل
لسعيد: إنه رجل سوء فلو سرت عن مكة.
فقال: والله لقد فررت حتى استحييت من الله وسيجيئني ما كتب الله لي.
فلما قدم خالد مكة كتب إليه الوليد بحمل أهل العراق إلى الحجاج، فأخذ
سعيد بن جبير ومجاهدا وطلق بن حبيب، فأرسلهم إليه فمات طلق بالطريق وحبس
مجاهد حتى مات الحجاج، وكان سيرهم مع حرسين فانطلق أحدهما لحاجة وبقي
الآخر فقال لسعيد - وقد استيقظ من نومه ليلا -: يا سعيد إني أبرأ إلى الله من دمك إني
رأيت في منامي فقيل لي: ويلك تبرأ من دم سعيد بن جبير، فاذهب حيث شئت
فإني لا أطلبك.
فأبى سعيد، فرأى ذلك الحرسي مثل تلك الرؤيا ثلاثا، ويأذن لسعيد في
الذهاب وهو لا يفعل، فقدموا به الكوفة فأنزل في داره، وأتاه قراء الكوفة فجعل
يحدثهم وهو يضحك وبنية له في حجره، فلما نظرت إلى القيد في رجله بكت.
ثم أدخلوه على الحجاج فلما أتي به قال: لعن الله ابن النصرانية - يعني خالدا
وكان هو أرسله - أما كنت أعرف مكانه، بلى والله والبيت الذي هو فيه بمكة، ثم
أقبل عليه فقال: يا سعيد ألم أشركك في إمامتي؟ ألم أفعل؟ ألم أستعملك؟
قال: بلى.
قال: فما أخرجك علي؟
قال: إنما أنا امرؤ من المسلمين يخطئ مرة ويصيب مرة.
فطابت نفس الحجاج ثم عاوده في شيء فقال: إنما كانت بيعة في عنقي.
فغضب الحجاج وانتفخ وقال: يا سعيد ألم أقدم مكة فقتلت ابن الزبير وأخذت
بيعة أهلها وأخذت بيعتك لأمير المؤمنين عبد الملك؟
قال: بلى.
قال: ثم قدمت الكوفة واليا فجددت البيعة فأخذت بيعتك لأمير المؤمنين
ثانية؟

370
قال: بلى.
قال: فتنكث بيعتين لأمير المؤمنين وتوفي بواحدة للحائك ابن الحائك، والله
لأقتلنك.
قال: إني إذن لسعيد كما سمتني أمي.
فضربت رقبته، فبدر رأسه عليه كمة بيضاء لاطية (1)، فلما سقط رأسه هلل ثلاثا
أفصح بمرة ولم يفصح بمرتين.
فلما قتل التبس عقل الحجاج فجعل يقول: قيودنا قيودنا.
فظنوا أنه يريد القيود، فقطعوا رجلي سعيد من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود
وكان الحجاج إذا نام يراه في منامه يأخذ بمجامع ثوبه فيقول: يا عدو الله فيما
قتلتني؟
فيقول: مالي ولسعيد بن جبير مالي ولسعيد بن جبير.
هذا ما ذكره ابن الأثير في خبر قتله (2).
ولكن ابن قتيبة الدينوري في كتاب الإمامة والسياسة، يذكر لنا وجها آخر في
ذلك فيقول: وذكروا أن مسلمة بن عبد (الملك) (3) كان واليا على أهل مكة، فبينما
هو يخطب على المنبر إذ أقبل خالد بن عبد الله القسري من الشام واليا عليها فدخل
المسجد، فلما قضى مسلمة خطبته صعد خالد المنبر، فلما ارتقى في الدرجة الثالثة
تحت مسلمة أخرج طومارا مختوما ففضه ثم قرأه على الناس فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أهل مكة، أما بعد فإني وليت
عليكم خالد بن عبد الله القسري فاسمعوا له وأطيعوا، ولا يجعلن امرؤ على نفسه
سبيلا، فإنما هو القتل لا غير، وقد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير
والسلام.
ثم التفت إليهم خالد وقال: والذي نحلف به ونحج إليه، لا أجده في دار أحد إلا
قتلته وهدمت داره ودار كل من جاوره واستبحت حرمته، وقد أجلت لكم فيه ثلاثة



1 - الكمة اللاطية: القلنسوة الصغيرة المدورة الراخية. الصحاح: 3 / 1156 و 5 / 2024.
2 - الكامل في التاريخ: 4 / 580، وكذا ابن سعد في الطبقات: 6 / 265.
3 - في المطبوع: (الله)، وما أثبتناه من المصدر.
371
أيام.
ثم نزل ودعا مسلمة برواحله ولحق بالشام، فأتى رجل إلى خالد فقال له: إن
سعيد بن جبير بواد من أودية مكة مختفيا بمكان كذا.
فأرسل خالد في طلبه فأتاه الرسول، فلما نظر إليه الرسول قال: إنما أمرت
بأخذك وأتيت لأذهب بك إليه، وأعوذ بالله من ذلك، فالحق بأي بلد شئت وأنا
معك.
قال له سعيد بن جبير: ألك هاهنا أهل وولد؟
قال: نعم.
قال: إنهم يؤخذون وينالهم من المكروه مثل الذي كان ينالنا.
قال الرسول: فإني أكلهم إلى الله.
فقال سعيد: لا يكون هذا.
فأتى به إلى خالد، فشده وثاقا وبعث به إلى الحجاج، فقال له رجل من أهل
الشام: إن الحجاج قد أنذر (بك) (1) وأشعر قبلك فما عرض له، فلو جعلته فيما
بينك وبين الله لكان أزكى من كل عمل يتقرب به إلى الله.
فقال خالد - وقد كان ظهره إلى الكعبة قد استند إليها -: والله لو علمت أن عبد
الملك لا يرضى عني إلا بنقض هذا البيت حجرا حجرا لنقضته في مرضاته.
فلما قدم سعيد على الحجاج قال له: ما اسمك؟
قال: سعيد.
قال: ابن من؟
قال: ابن جبير.
قال: بل أنت شقي ابن كسير.
قال سعيد: أمي أعلم باسمي واسم أبي.
قال الحجاج: شقيت وشقيت أمك.
قال سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
قال الحجاج: لأوردنك حياض الموت.



1 - في المطبوع: (به)، وما أثبتناه من المصدر.
372
قال سعيد: أصابت إذن أمي اسمي.
فقال الحجاج: لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى.
قال سعيد: ولو أني أعلم أن ذاك بيدك لاتخذتك إلها.
قال الحجاج: فما قولك في محمد؟
قال سعيد: نبي الرحمة ورسول رب العالمين إلى الناس كافة بالموعظة الحسنة.
فقال الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟
قال سعيد: لست عليهم بوكيل، كل امرئ بما كسب رهين.
قال الحجاج: أشتمهم أم امدحهم؟
قال سعيد: لا أقول ما لا أعلم، إنما استحفظت أمر نفسي.
قال الحجاج: أيهم أعجب إليك؟
قال: حالاتهم يفضل بعضهم على بعض.
قال الحجاج: صف لي قولك في علي، أفي الجنة هو أم في النار؟
قال سعيد: لو دخلت الجنة فرأيت أهلها علمت، ولو رأيت من في النار
علمت، فما سؤالك عن غيب قد حفظ بالحجاب؟
قال الحجاج: فأي رجل أنا يوم القيامة؟
فقال سعيد: أنا أهون على الله من أن يطلعني على الغيب.
قال الحجاج: أبيت أن تصدقني.
قال سعيد: بل لم أرد أن أكذبك.
فقال الحجاج: فدع عنك هذا كله، أخبرني مالك لم تضحك قط؟
قال: لم أر شيئا يضحكني، وكيف يضحك مخلوق من طين والطين تأكله النار
ومنقلبه إلى الجزاء، واليوم يصبح ويمسي في الابتلاء.
قال الحجاج: فأنا أضحك.
فقال سعيد: كذلك خلقنا الله أطوارا.
قال الحجاج: هل رأيت شيئا من اللهو؟
قال: لا أعلمه.
فدعا الحجاج بالعود والناي، قال: فلما ضرب بالعود ونفخ في الناي بكى
سعيد.

373
قال الحجاج: ما يبكيك؟
قال: يا حجاج ذكرتني أمرا عظيما، والله لا شبعت ولا رويت ولا اكتسيت ولا
زلت حزينا لما رأيت.
قال الحجاج: وما كنت رأيت هذا اللهو؟
فقال سعيد: بل هذا والله (الحزن) (1)، أما هذه النفخة فذكرتني يوم النفخ في
الصور، وأما هذا المصران فمن نفس ستحشر معك يوم الحساب، وأما هذا العود
فنبت بحق وقطع لغير حق.
فقال الحجاج: أنا قاتلك.
قال سعيد: قد فرغ من تسبب موتي.
قال الحجاج: أنا أحب إلى الله منك.
قال سعيد: لا يقدم أحد على ربه حتى يعرف منزلته منه، والله بالغيب أعلم.
قال الحجاج: كيف لا أقدم على ربي في مقامي هذا وأنا مع إمام الجماعة وأنت
مع إمام الفرقة والفتنة.
قال سعيد: ما أنا بخارج عن الجماعة ولا أنا براض عن الفتنة، ولكن قضاء الرب
نافذ لا مرد له.
قال الحجاج: كيف ترى ما نجمع لأمير المؤمنين؟
قال سعيد: لم أر.
فدعا الحجاج بالذهب والفضة والكسوة والجوهر فوضع بين يديه.
قال سعيد: هذا حسن إن قمت بشرطه.
قال الحجاج: وما شرطه؟
قال: أن تشتري له بما تجمع الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، وإلا فإن كل
مرضعة تذهل عما أرضعت، ويضع كل ذي حمل حمله، ولا ينفعه إلا ما طاب منه.
قال الحجاج: فترى جمعنا طيبا؟
قال: برأيك جمعته وأنت أعلم بطيبه.
قال الحجاج: أتحب أن لك منه شيئا؟



1 - في المطبوع: (الخرق)، وما أثبتناه من المصدر.
374
قال: لا أحب ما لا يحب الله.
قال الحجاج: ويلك.
قال سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة فأدخل النار.
قال الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه.
قال: إني أشهدك يا حجاج أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده
ورسوله، استحفظ كهن يا حجاج حتى ألقاك.
فلما أدبر ضحك، قال الحجاج: ما يضحكك يا سعيد؟
قال: عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عليك.
قال الحجاج: إنما أقتل من شق عصا الجماعة ومال إلى الفرقة التي نهى الله
عنها، اضربوا عنقه.
قال سعيد: حتى أصلي ركعتين، فاستقبل القبلة وهو يقول: (وجهت وجهي
للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أ نا من المشركين) (1).
قال الحجاج: اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى الذين تفرقوا واختلفوا بغيا
بينهم فإنه من حزبهم.
فصرف عن القبلة، فقال سعيد: (فأينما تولوا فثم وجه الله) (2) الكافي
بالسرائر.
قال الحجاج: لم نوكل بالسرائر وإنما وكلنا بالظواهر.
قال سعيد: اللهم لا تترك له ظلمي واطلبه بدمي واجعلني آخر قتيل يقتل من
أمة محمد.
فضربت عنقه، ثم قال الحجاج: هاتوا من بقي من الخوارج.
فقرب إليه جماعة فأمر بضرب أعناقهم، وقال: ما أخاف إلا دعاء من هو في
ذمة الجماعة من المظلومين، فأما أمثال هؤلاء فإنهم ظالمون حين خرجوا من
جمهور المسلمين وقائد سبيل المتوسمين.
وقال قائل: إن الحجاج لم يفرغ من قتله حتى خولط في عقله وجعل يصيح:
قيودنا قيودنا، يعني القيود التي كانت في رجل سعيد بن جبير.



1 - سورة الأنعام: 79.
2 - سورة البقرة: 115.
375
ويقال: متى كان الحجاج يسأل عن القيود أو يعبأ بها، وهذا يمكن القول فيه
لأهل الأهواء في الفتح والاغلاق (1).
18 - حادثة زيد الشهيد صليب الكناسة:
كانت كنية زيد التي يعرف بها، أبا الحسين، أحد أولاده، وهو ذو الدمعة،
وعلى هذا مشهور المؤرخين وأرباب السير والتراجم (2)، وقد نشأ في حجر أبيه
السجاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وتخرج عليه وعلى الإمامين
الباقر والصادق (عليهما السلام)، ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام، فأفحم العلماء
وأكابر المناظرين من سائر الملل والأديان، ولا بدع ممن تخرج من مدرسة الإمامة
وتربى في جامعة النبوة، أن كانت له في حلبة العلم والعرفان مواقف محمودة
ومناظرات مشهودة.
وكان عنده ما تحمله آباؤه الهداة من سرعة الجواب والوضوح في البيان
ممزوجا ببراعة في الخطاب، فبلغ من ذلك كله مقاما لم يترك لأحد ملتحدا عن
الإذعان له بالعبقرية والنبوغ، حتى أنك تجد المتنكبين عن خطة آبائه (عليهم السلام) لم تدع
لهم الحقيقة من ندحة عن الاعتراف بفضله الظاهر، فهذا أبو حنيفة يقول: شاهدت
زيد بن علي كما شاهدت أهله، فما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أسرع جوابا ولا أبين
قولا (3).
وينفي الشعبي أن تلد النساء مثل زيد في الفقه والعلم (4).
وأما الحافظ ابن شبة، وابن حجر الهيثمي، والذهبي، وابن تيمية، فكلماتهم



1 - الإمامة والسياسة: 60 - 63.
2 - انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى: 5 / 325، تاريخ الطبري: 5 / 481، مقاتل
الطالبيين: 86، الارشاد للمفيد: 1 / 171، تهذيب الكمال: 10 / 95 رقم 2120، تاريخ
دمشق: 19 / 450 رقم 2344، سير أعلام النبلاء: 5 / 389 رقم 178، تهذيب التهذيب: 3 /
362 رقم 769.
3 - الخطط المقريزية: 4 / 307، الأعلام: 3 / 59.
4 - المصدر السابق.
376
تشهد بأنه من أكابر العلماء وأفاضل أهل البيت في العلم والفقه (1).
ومن عثرنا على كلامه من أصحابنا الإمامية، وجدناه مصرحا بفضله في العلم
وتبصره بالمناظرات.
وكان عمر بن موسى الوجيهي يقول: رأيت زيد بن علي (رضي الله عنه) فما رأيت أحدا
يفضله في معرفة الناسخ والمنسوخ والمتشابه من الكتاب المجيد (2).
وفي حديث أبي خالد الواسطي: صحبت زيدا بالمدينة خمس سنين، كل سنة
أقيم شهرا وقت الحج ولم أفارقه حتى أقدم الكوفة، فما رأيت مثله في العلم، فلذا
اخترت صحبته (3).
ويشهد لذلك كله حديث أبي غسان الأزدي قال: قدم زيد بن علي الشام أيام
هشام بن عبد الملك، فما رأيت رجلا أعلم بكتاب الله منه، ولقد حبسه هشام
خمسة أشهر وهو يقص علينا ونحن معه في الحبس تفسير سورة الحمد وسورة
البقرة هذ ذلك هذا (4)، وذكر الكتاب فقال فيه: واعلموا رحمكم الله أن القرآن
والعمل به يهدي للتي هي أقوم، لأن الله شرفه وكرمه ورفعه وعظمه، وسماه روحا
ورحمة وشفاء وهدى ونورا، وقطع منه بمعجز التأليف أطماع الكائدين، وأبانه
بعجيب النظم عن حيل المتكلفين، وجعله متلوا ومسموعا لا تمجه الآذان، وغضا
لا يخلق من كثرة الرد، وعجيبا لا تنقضي عجائبه، ومفيدا لا تنفد فوائده، والقرآن
على أربعة أوجه: حلال وحرام لا يسع الناس جهله، وتفسير لا يعلمه إلا العلماء،
وعربية تعرفها العرب، وتأويل لا يعلمه إلا الله، وهو ما يكون مما لم يكن.
واعلموا رحمكم الله أن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلقا، فظهره تنزيله، وبطنه
تأويله، وحده فرائضه وأحكامه، ومطلقه ثوابه وعقابه.
وقد كان زيد بن علي مصدرا لجمع كثير من حملة الآثار وعليه معولهم، لما
عرفوا منه غزارة في العلم ونزاهة في التحمل والنشر، أمثال ابنه يحيى، ومحمد بن



1 - انظر: تاريخ الإسلام: 8 / 105، ومنهاج السنة: 1 / 35.
2 - الفهرست للشيخ الطوسي: 186 رقم 7، وفيه: وما رأيت أعلم بكتاب الله عزوجل
وناسخه ومنسوخه ومشكله واعرابه منه.
3 - الروض النضير: 1 / 128.
4 - الهذ: سرعة القراءة. لسان العرب: 3 / 517.
377
مسلم، ومحمد بن بكير، وعبيد الله بن صالح، وهاشم بن الزبير، وأبي جعفر بن أبي
زياد الأحمر، وأبي الجارود زياد بن المنذر، وكثير بن طارق، وعمر بن موسى ابن
الوجهي، وعبيد الله بن أبي العلاء، ورزين بياع الأنماط، وأبان بن عثمان الأجلح،
والفضيل، وعمر بن خالد، والزهري، والأعمش، وسعيد بن خيثم، وإسماعيل
السدي، وزبيد اليامي، وزكريا بن زائدة، وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي
ربيعة، وابن أبي الزناد، وشعبة.
وفي التحفة الاثني عشرية لعبد العزيز الدهلوي: أن أبا حنيفة أخذ العلم
والطريقة من الإمام الباقر ومن الصادق (عليهما السلام) ومن عمه زيد بن علي بن
الحسين (عليه السلام) (1).
وفي الروض النضير: تلمذ أبو حنيفة على زيد مدة سنتين ولم يمنعه من
التجاهر بذلك إلا سلطان بني أمية، وكان سلمة بن كهيل ويزيد بن أبي زياد وهارون
ابن سعيد وأبو هاشم الرماني وحجاج بن دينار في عدد كثير من فقهاء الكوفة، يأتون
إلى زيد ويأخذون منه العلم والفقه، وكانوا على رأيه (2).
وتروي الزيدية: أن جماعة كثيرة روت الحديث عن زيد، ذكر أسماءهم في
الروض ج 1 ص 62.
وعن تهذيب الكمال للحافظ المزي: أن آدم بن عبد الله الخثعمي وإسحق بن
سالم وبسام الصيرفي وراشد بن سعد الصائغ وزياد بن علاقة وعبد الله بن عمرو بن
معاوية، حملوا الحديث عن زيد (3).
وهؤلاء غير رجالات أهل البيت الهاشمي، كإبراهيم بن الحسن المثنى وأخيه
الحسن المثلث والحسين ابن الإمام زين العابدين (عليه السلام) وعبيد الله وعبد الله ابني
محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فإنهم كانوا يأتون إليه ويأخذون منه العلم
والحديث (4).
وقد كان لزيد الشهيد المثل الأعلى للفضائل بعد الأئمة الهداة (عليهم السلام)، فقد



1 - التحفة الاثني عشرية: 8، طبع بمبي.
2 - الورض النضير: 1 / 66.
3 - تهذيب الكمال: 10 / 96.
4 - الروض النضير: 1 / 65.
378
احتذى مثال آبائه في كثرة العبادة والاستغفار والتفكر في آلاء الله وصنائعه، فطار
صيته بذلك واشتهر بأنه حليف القرآن والعبادة (1).
قال أبو الجارود: قدمت المدينة فجعلت كلما أسأل عن زيد قيل لي: ذاك
حليف القرآن، ذاك أسطوانة المسجد، من كثرة صلاته (2).
ويقول أبو حنيفة حينما يسئل عنه: هو حليف القرآن منقطع القرين (3).
وفي كلام الفخري والذهبي والشبلنجي وأحمد بن حميد: أنه من أكابر الصلحاء
وأعاظم أهل البيت عبادة وزهدا وورعا ودينا وخضوعا (4).
وكان زيد الشهيد معروفا بفصاحة المنطق، وجزالة القول، والسرعة في
الجواب، وحسن المحاضرة، والوضوح في البيان، والإيجاز في تأدية المعاني على
أبلغ وجه، وكان كلامه يشبه كلام جده علي بن أبي طالب (عليه السلام) بلاغة وفصاحة (5).
فلا بدع إذن إن عده الجاحظ من خطباء بني هاشم (6)، ووصفه أبو إسحق
السبيعي والأعمش بأنه أفصح أهل بيته لسانا وأكثرهم بيانا (7).
ويشهد له: أن هشام بن عبد الملك لم يزل منذ دخل زيد الكوفة، يبعث الكتاب
إثر الكتاب إلى عامله بالعراق، يأمره بإخراج زيد من الكوفة ومنع الناس من حضور
مجلسه، لأنه الجذاب للقلوب بعلمه الجم وبيانه السهل، وأن له لسانا أقطع من
السيف وأحد من شبا الأسنة، وأبلغ من السحر والكهانة، ومن النفث في العقد (8).
وجوابه لهشام بن عبد الملك يوم قال له: بلغني أنك تذكر الخلافة وتتمناها
ولست هناك وأنت ابن أمة، شاهد عدل على تلك الدعوى التي لم تقع محل
التشكيك، فلقد بان عليه في ذلك المجلس المحتشد بوجوه أهل الشام العجز



1 - راجع المصدر السابق.
2 - سر السلسلة العلوية: 57، مقاتل الطالبيين: 88، الارشاد: 2 / 172.
3 - الخطط المقريزية: 4 / 307.
4 - انظر: نور الأبصار للشبلنجي: 402، والحدائق الوردية: 1 / 138.
5 - الحدائق الوردية: 1 / 138.
6 - البيان والتبيين: 1 / 190.
7 - الخطط المقريزية: 4 / 307.
8 - تاريخ الطبري: 5 / 482، نور الأبصار للشبلنجي: 84.
379
والانقطاع (1).
كان السبب الوحيد الدافع للشهيد زيد على النهضة هو (2): تنبيه الأمة على
زلات ولاة الأمر، وتعريفهم مضار تلك السطوة الغاشمة وذلك الحكم الجائر، ولولا
نهضة الهاشميين في سائر الأنحاء والأزمان لذهب الدين الحنيف الذي لاقى
المتاعب صادعة، وكابد في تأييده كل شدة إدراج المنكرات، وذلك النهوض الباهر
أفاد الأمة شعورا وإحساسا بما عليه القوة العادية من الأخذ بالمشاق والحكم
بالشفاعات، كما عرفهم الصالح للقيام بتلك الوظيفة التي لا يقوم بها إلا نبي أو وصي
نبي، ولا شك في محبوبية ذلك القيام للأئمة الأطهار (3)، لما فيه من فوائد ومنافع
أهمها إبقاء الناس على موالاتهم واعتقاد تقدمهم ومظلوميتهم، وإليه يشير الإمام
الصادق (عليه السلام) بقوله: «خير الناس بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا» (4).
وكون زيد قاصدا تلك الغاية فشئ لا ينكر، خصوصا بعدما نقرأ في حديث
أهل البيت المتواتر: «إنما دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا
إليه، إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه» (5).
وقوله لجابر بن عبد الله الأنصاري: إني شهدت هشاما ورسول الله يسب عنده،
فوالله لو لم يكن إلا أنا وآخر لخرجت عليه (6).
تعرفنا هذه المصارحة مقاصده العالية، ونيته الحسنى في أمة جده واسترجاع
الإمامة إلى أهلها، تراجمة الوحي ومصدر الحكم والأسرار، فلقد تلاعب الأمويون
بالدين الإسلامي تلاعب الصبيان بالأكر.
لم يوقفه عن الإصحار بالحقيقة كل ما كان يلاقيه من الذل والهوان من هشام بن



1 - تاريخ الطبري: 5 / 486، العقد الفريد: 4 / 32، شرح نهج البلاغة: 3 / 386.
2 - انظر: عيون أخبار الرضا: 2 / 225، الارشاد: 2 / 171، وسائل الشيعة: 15 / 53.
3 - عن عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: دخل زيد بن علي على أخيه أبي
جعفر الباقر (عليه السلام) فلما رآه تلا هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء
لله) ثم قال: أنت والله يا زيد من أهل ذلك. الروض النضير: 1 / 55.
4 - أمالي الطوسي: 224 ح 40، بشارة المصطفى: 175 ح 147، وعنه في البحار.
5 - الكافي: 8 / 264 ح 381، وسائل الشيعة: 15 / 50 ح 1.
6 - الكافي: 8 / 395 ح 593، كشف الغمة: 2 / 353، بحار الأنوار: 46 / 192 ح 59.
380
عبد الملك، فإنه كان يقيم بالشام الأيام المتطاولة، وفي كل يوم يطلب الإذن من
هشام ليرفع إليه القصص، وفيها الشكايات من سوء معاملة عماله معه، فلم يأذن له،
في حين أنه يشاهد الإذن للأذناب ومن لاحظ له في العلم والعرفان، وإذا أذن له أمر
أهل المجلس بالتضايق وعدم التوسع له، لئلا يظهر للناس كلامه وحسن بيانه، ولكن
لم يمنعه ذلك من الجواب وأداء المقصود والرد عليه، فكان يسمع هشاما من الكلام
ما هو أحد من السيف وأنفذ من السهم (1).
قال هشام لزيد في جملة تلك الأيام - وقد احتشد المجلس بأهل الشام -: ما
يصنع أخوك البقرة.
فغضب زيد حتى كاد يخرج من إهابه وقال: سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الباقر وأنت
تسميه البقرة لشد ما اختلفتما، لتخالفه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة
وترد النار.
فانقطع هشام عن الجواب وبان عليه العجز ولم يستطع دون أن صاح بغلمانه:
أخرجوا هذا الأحمق المائق، فأخذه الغلمان بيده فأقاموه (2).
وفي حديث عبد الأعلى الشامي: أن زيدا بن علي لما قدم الشام ثقل ذلك على
هشام، لما كان فيه من حسن الخلق وحلاوة اللسان، فشكا ذلك إلى مولى له.
فقال: ائذن للناس إذنا عاما وأحجب زيدا، ثم ائذن له في آخر الناس، فإذا
دخل عليك وسلم فلا ترد عليه، ولا تأمره بالجلوس، فإذا رأى أهل الشام هذا سقط
من أعينهم.
ففعل بكل ما أشار عليه، أذن للناس وحجبه ثم أذن له في آخر الناس، ولما
دخل عليه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فلم يرد عليه.
فقال: السلام عليك يا أحول، فإنك ترى نفسك أهلا لهذا الاسم.
فقال له هشام: بلغني أنك تذكر الخلافة وتتمناها ولست هناك وأنت ابن أمة.
فقال له زيد: إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل



1 - الارشاد: 2 / 172، روضة الواعظين: 270، الكامل في التاريخ: 5 / 231، كشف
الغمة: 2 / 241.
2 - عيون الأخبار لابن قتيبة: 1 / 312، سر السلسلة العلوية: 33، مناقب آل أبي طالب: 3
/ 328، شرح نهج البلاغة: 3 / 286.
381
أمة لأم إسحق، فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبيا وجعله أبا للعرب وأخرج من صلبه
خير الأنبياء محمدا (صلى الله عليه وآله)، وأخرج من إسحق القردة والخنازير وعبدة الطاغوت (1).
فغضب هشام وأمر بضربه ثمانين سوطا (2).
فخرج زيد من المجلس وهو يقول: لن يكره قوم حر السيوف إلا ذلوا.
فحملت كلمته إلى هشام فعرف أنه خارج عليه، فقال: ألستم تزعمون أن أهل
هذا البيت قد بادوا، فلعمري ما انقرض من مثل هذا خلفهم (3).
وتمثل زيد هذين البيتين:
إن المحكم ما لم يرتقب حسدا * لو يرهب السيف أو وخز القنا (هتفا)
من عاذ بالسيف لاقى فرجة عجبا * موتا على عجل أو عاش فانتصفا (4).
وتمثل بهذه الأبيات أيضا (5):
شرده الخوف وأزرى به * كذاك من يطلب حر الجلاد
منخرق الكفين يشكو (الوجى) * تنكبه أطراف مر حداد
قد كان في الموت له راحة * والموت حتم في رقاب العباد
إن يحدث الله له دولة * يترك آثار العدى كالرماد (6).
لما ولي يوسف بن عمر الثقفي العراق لهشام بن عبد الملك، أخذ يحاسب خالد بن



1 - العقد الفريد: 2 / 381، تاريخ دمشق: 19 / 471، وفيه: أنه خرج من مجلسه وأنشأ
يقول:
مهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا * سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم * وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبكم * ولا نلومكم ألا تحبونا
كل امرئ مولع في بغض صاحبه * نحمد الله نقلوكم وتقلونا.
2 - تذكرة الخواص: 333.
3 - سر السلسة العلوية: 58، عمدة الطالب: 256.
4 - تاريخ دمشق: 19 / 467، سير أعلام النبلاء: 5 / 390، وفي المطبوع: (صفا)، وما
أثبتناه من المصادر.
5 - مروج الذهب: 2 / 181.
6 - العقد الفريد: 1 / 32، تاريخ اليعقوبي: 2 / 326، مروج الذهب: 2 / 181، تاريخ
دمشق: 66 / 346، وفي المطبوع: (الجوى)، وما أثبتناه من المصادر، والوجى: الحفا.
382
عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثم القسري على بيت المال، وكان قبله واليا
على العراق فحبسه وعذبه، فادعى خالد أنه اشترى أرضا بالمدينة من زيد بن
علي (رضي الله عنه) بعشرة آلاف دينار، فكتب يوسف بن عمر إلى هشام بذلك، فاستحضر
زيدا وسأله عن الأرض، فأنكر واستحلفه فحلف له فخلى سبيله.
وكتب يوسف بن عمر كتابا ثانيا، يقول فيه: إن خالدا ادعى أنه أودع مالا جزيلا
عند زيد بن علي، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وداود بن علي بن عبد الله
ابن العباس بن عبد المطلب، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وأيوب
ابن سلمة بن عبد الله بن العباس بن الوليد المخزومي.
فكتب هشام إلى عامله بالمدينة أن يحمل إليه الجماعة، فحملهم إليه
مكرهين، ولما اجتمعوا عند هشام سألهم عن المال فأنكروا فاستحلفهم فحلفوا،
وأقر بعضهم بأنه لم يستفد من خالد سوى الجائزة.
فقال لهم هشام: إنا باعثون بكم إلى يوسف بن عمر ليجمعكم مع خالد.
فقال زيد: نشدتك بالله يا هشام والرحم أن لا تبعث بنا إليه فإنا نخاف أن يتعدى
علينا.
فقال: كلا أنا باعث معكم رجلا من الحرس يأخذه بذلك.
فبعث هشام بهم إلى العراق، واجتنب أيوب بن سلمة لخؤلته، فقدموا على
يوسف بن عمر فسألهم عن المال فأنكروا، ثم قال زيد: كيف يودعني خالد المال
وهو يشتم آبائي على منبره.
فأخرج خالدا إليهم وقال له: هؤلاء الذين ادعيت عندهم.
فاعترف بأنه لم يكن له عندهم شيء، فغضب يوسف وقال: أفبي تهزأ أم بأمير
المؤمنين؟ وضربه حتى خشي عليه الهلاك.
فقال زيد لخالد: ما الذي دعاك إلى ذلك؟
قال: شدة العذاب ورجوت به الفرج (1).
أقام الشهيد زيدا بالكوفة أياما بعد أن وضح حاله للوالي وعرف براءته من تلك
التهمة، ثم قفل راجعا إلى المدينة، وفي القادسية أو الثعلبية لحقه جماعة من أهل



1 - مقاتل الطالبيين: 90 - 91، تاريخ الطبري: 5 / 482 - 483 العقد الفريد: 4 / 32.
383
الكوفة واستجاروا به من جور الأمويين وظلمهم الفاحش، وطلبوا منه المصير إلى
بلادهم، وقالوا له: نحن أربعون ألفا نضرب بأسيافنا دونك، وليس من عندنا من أهل
الشام إلا عدة وبعض قبائلها يكفيهم بإذن الله تعالى، وأعطوه العهود والمواثيق أن لا
يخذلوه.
فقال لهم: إني أخاف أن تفعلوا معي كفعلكم مع أبي وجدي.
فحلفوا له بالأيمان المغلظة على أن يجاهدوا بين يديه.
فلما عزم على موافقتهم عرفه جماعة ممن يمحضه الود والنصيحة غدر أهل
الكوفة، وأنهم لا ثبات لهم في قول ولا عمل، لما أجاب أهل الكوفة ورجع إليها
عظم ذلك على صحبه وأهل بيته، فبالغوا في تخويفه وعرفوه عواقب هذا الوفاق
لما عليه أولئك الخونة من الشقاق والميل إلى الأطماع، وأول من حذره داود بن
علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان مع زيد بالثعلبية، قال له: لا
يغروك هؤلاء من نفسك، أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك؟ جدك علي بن
أبي طالب (عليه السلام) حتى قتل والحسن (عليه السلام) من بعده، بايعوه ثم وثبوا عليه فانتزعوه
رداءه من عنقه وانتهبوا فسطاطه وجرحوه؟ أوليس قد أخرجوا جدك الحسين (عليه السلام)
وحلفوا له بأوكد الأيمان ثم خذلوه وأسلموه ثم لم يرضوا بذلك حتى قتلوه؟ فلا
ترجع معهم.
فقال كل من حضر من أهل الكوفة: إن هذا لا يريد أن تظهر أنت، ويزعم أنه
وأهل بيته أحق بهذا الأمر منكم.
فقال زيد لداود: إن معاوية كان يقاتل عليا (عليه السلام) بذهابه، وأن الحسين (عليه السلام) قاتله
يزيد والأمر عليهم مقبل.
فقال له داود: إني لخائف إن رجعت إليهم أن لا يكون أحد أشد عليك منهم،
ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة (1).
دخل زيد الكوفة في شهر شوال سنة 120، وقيل: سنة 119، فأقام بالكوفة
خمسة عشر شهرا وفي البصرة شهرين (2) فأخذت الشيعة وغيرهم من المحكمة (3)



1 - مقاتل الطالبيين: 91، تاريخ الطبري: 5 / 488، الخطط المقريزية: 4 / 310.
2 - عمدة الطالب: 256.
3 - المحكمة: هم الخوارج سموا بذلك لقولهم: لا حكم إلا لله.
384
تختلف إليه يبايعونه، فبلغ ديوانه خمسة وعشرين ألفا، وقيل: أربعين ألفا.
وقال أبو معمر: بلغ ثمانين ألفا كلهم من أهل الكوفة (1)، وبايعه من أهل
المدائن والبصرة وواسط والموصل والجزيرة والري وخراسان وجرجان خلق
كثير (2)، وفيمن بايعه من أهل الكوفة: نصر بن خزيمة العبسي، ومعاوية بن إسحاق
ابن زيد بن حارث الأنصاري، وحجية بن الأجلح الكندي، وكان نصر على إحدى
مجنبتيه، وكان معمر بن خيثم وفضيل الرسان يدخلان الناس عليه وعليهم براقع لئلا
يعرف موضع زيد (3).
وبايعه من فقهاء الكوفة وقضاتها ومحدثيها عدد كثير، نذكر بعضا ممن وقفنا
عليه كمثل يتعرف منه القراء أن الشهيد زيد لم يتبعه سواد الناس ومن لا معرفة له
بمقاصد الرجال الناهضين، بل الذين اتبعوه مع هؤلاء خواص الناس ومن لهم
المعرفة التامة بالسبب الدافع لزيد على هذه النهضة الهاشمية التي لم يقصد بها إلا
إحياء السنة وإقامة العدل، وإليك أسماء من بايعه من الفقهاء:
1 - عبد الله بن شبرمة بن الطفيل، من بني ضبة، كان فقيها، شاعرا، تابعيا،
تقلد القضاء للمنصور على سواد الكوفة، توفي بالكوفة سنة 144 (4).
2 - الأعمش، سليمان بن مهران، أحد أعلام الشيعة بالكوفة، روى في فضل
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) عشرة آلاف حديث، ولد سنة 60 وتوفي سنة
148 (5).



1 - الروض النضير: 1 / 75.
2 - تاريخ الطبري: 5 / 491، سر السلسلة العلوية: 58، مقاتل الطالبيين: 91، الخطط
المقريزية: 4 / 310، عمدة الطالب: 256، وفي أكثر المصادر: (خمسة عشر) بدل: (خمسة
وعشرين).
3 - تاريخ الطبري: 5 / 502، الروض النضير: 1 / 75.
4 - انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى: 6 / 350، التاريخ الكبير: 5 / 117 رقم
349، تاريخ خليفة: 283، تهذيب الكمال: 15 / 76 رقم 2328، معرفة الثقات: 2 / 33
رقم 901، مشاهير علماء الأمصار: 265 رقم 1333، تهذيب التهذيب: 12 / 329.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 342، طبقات خليفة: 278، التاريخ الكبير: 4 / 37 رقم 1886،
معرفة الثقات: 1 / 432 رقم 676، الثقات لابن حبان: 4 / 302، تهذيب التهذيب: 4 / 195
رقم 286، تذكرة الحفاظ: 1 / 154 رقم 149، سير أعلام النبلاء: 6 / 226 رقم 110، ميزان
الاعتدال: 2 / 224 رقم 3517.
385
3 - مسعر بن كدام، من بني صعصعة، من مشاهير رواة الحديث في الكوفة،
كان يبسط له في المسجد الأعظم لبد (1) يجلس عليه يحدث، طلبه المنصور للقضاء
فأبى، ومات سنة 152 ولم يتول شيئا من ذلك (2).
4 - قيس بن الربيع الأسدي، كان من فقهاء الكوفة، ولكثرة أحاديثه وسماعه
الحديث قيل له: الحوال، قال أبو الوليد: كتبت عن قيس ستة آلاف حديث، توفي
بالكوفة سنة 168 (3).
5 - الحسن بن عمارة البجلي، مولى لهم، تولى قضاء بغداد، وتوفي سنة
153 (4).
6 - أبو حصين عثمان بن عاصم بن حصين، من بني جشم، كان من المحدثين
بالكوفة، مات سنة 128 (5).
وهؤلاء الستة نص على بيعتهم لزيد وأخذهم برأيه وتنشيط الناس على
متابعته، (حميد بن أحمد) في الحدائق الوردية (6).



1 - اللبد: الصوف. الصحاح: 2 / 533.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 364، التاريخ الكبير: 8 / 13 رقم 1971، معرفة الثقات: 2 /
274 رقم 1710، تهذيب الكمال: 27 / 461 رقم 5906، تهذيب التهذيب: 10 / 102 رقم
210، سير أعلام النبلاء: 7 / 163 رقم 55.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 377، طبقات خليفة: 287، التاريخ الكبير: 7 / 156 رقم 704،
معرفة الثقات: 2 / 220 رقم 1530، تهذيب الكمال: 24 / 25 رقم 4903.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 368، التاريخ الكبير: 2 / 303 رقم 2549، تاريخ بغداد: 7 /
356 رقم 3870، تهذيب الكمال: 6 / 265 رقم 1252، ميزان الاعتدال: 1 / 513 رقم
1918، تهذيب التهذيب: 2 / 263 رقم 532.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 321، طبقات خليفة: 270، التاريخ الكبير: 6 / 240 رقم 2277
معرفة الثقات: 2 / 129 رقم 1213، تاريخ دمشق: 38 / 397 رقم 4607، تهذيب الكمال:
19 / 401 رقم 3828، سير أعلام النبلاء: 5 / 412 رقم 182.
6 - الحدائق الوردية في أحوال الأئمة الزيدية، للفقيه أبي عبد الله حسام الدين حميد بن
أحمد المحلي الهمداني المعروف بالقاضي الشهيد، وفي المطبوع: (أحمد بن حميد)، وما
أثبتناه من المصدر. انظر: الذريعة: 6 / 291 رقم 1562 و 20 / 194 رقم 2540، معجم
المؤلفين: 4 / 84.
386
7 - يزيد بن أبي زياد القرشي، الهاشمي، مولاهم، كان أحد أعلام الشيعة
بالكوفة، مات سنة 137 (1).
8 - هارون بن سعيد العجلي، ويقال: الجعفي، الأعور، الفقيه، كان من حملة
الآثار في الكوفة، عده ابن معين من غلاة الشيعة (2).
9 - حجاج بن دينار كان كثير الرواية، أخذ عنه العلماء والمحدثون (3).
10 - أبو هاشم الرماني، اسمه يحيى بن دينار، من الفقهاء التابعين (4).
11 - منصور بن المعتمر، يكنى أبا عتاب، كان رفيعا عاليا في الشيعة، كثير
الحديث، توفي سنة 132، ولاه يزيد بن عمر القضاء، فجلس للناس وتقدموا إليه
فجعل يقول: لا أحسن، حتى عزل (5).
12 - أبو اليقظان عثمان بن عمير، الثقفي، الكوفي، البجلي، قال ابن معين: كان
غاليا في التشيع، مؤمنا بالرجعة، يكتب حديثه، مات ما بين العشرين والثلاثين بعد
المائة (6).
13 - سفيان الثوري، نسبة إلى ثور بن عبد مناة، سمي بذلك لأنه نزل جبل ثور
الذي به الغار، كان من أعيان فقهاء الكوفة ورواة الحديث، استقضاه المهدي على



1 - تهذيب الكمال: 32 / 135 رقم 6991، سير أعلام النبلاء: 6 / 129 رقم 41، تهذيب
التهذيب: 11 / 287 رقم 531.
2 - تهذيب التهذيب: 11 / 6 رقم 9.
3 - التاريخ الكبير للبخاري: 2 / 375 رقم 2820، الثقات لابن حبان: 6 / 205، تهذيب
الكمال: 5 / 435 رقم 1118، سير أعلام النبلاء: 7 / 77 رقم 33.
4 - الطبقات الكبرى: 7 / 310، تاريخ ابن معين: 1 / 369، التاريخ الكبير: 9 / 92 رقم
991، تهذيب الكمال: 34 / 362 رقم 7680، ميزان الاعتدال: 4 / 581 رقم 10686.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 337، تاريخ ابن معين: 1 / 250 رقم 1645، تاريخ خليفة: 326
التاريخ الكبير: 7 / 346 رقم 1491، الثقات لابن حبان: 7 / 473، تهذيب الكمال: 28 /
546 رقم 6201، تهذيب التهذيب: 10 / 277 رقم 547.
6 - الجرح والتعديل: 6 / 161 رقم 884، تهذيب الكمال: 19 / 469 رقم 3851، تهذيب
التهذيب: 7 / 132 رقم 293.
387
الكوفة فامتنع، وتولاه شريك بن عبد الله النخعي فقال الشاعر:
تحرز سفيان (وفر) بدينه * وأمسى شريك مرصدا للدراهم (1)
مات بالبصرة سنة 161، وكان مختفيا من السلطان، قال في الروض النضير: بايع
زيدا على الخروج، ولما بلغه قتل زيد قال: لقد بذل مهجته لربه وقام بالحق لخالقه
ولحق بالشهداء المرزوقين من آبائه (2).
14 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، كان من أصحاب الرأي،
تولى قضاء الكوفة وأقام حاكما 33 سنة، ولي لبني أمية ثم لبني العباس، ومات على
القضاء سنة 148 وله 74 سنة (3).
15 - زبيد بن الحارث اليامي، نسبة إلى يام بطن من همدان، كان من الشيعة
المحدثين في الكوفة ومن التابعين (4).
16 - الحسن بن (سعد) الفقيه، كان راوية للحديث في الكوفة (5).
17 - هلال بن (حباب) (6)، كان عالما، فاضلا، راويا، تولى قضاء المدائن،
ومات بها سنة 144.
ذكر بيعة هؤلاء أبو الفرج في المقاتل (7).



1 - انظر: تفسير الثوري: 25، السنن الكبرى للبيهقي: 10 / 99، وفي المطبوع:
(وفاز)، وما أثبتناه من المصادر.
2 - الروض النضير: 1 / 55.
وانظر: الطبقات الكبرى: 6 / 371، معرفة الثقات: 1 / 407 رقم 625، تهذيب الكمال: 11
/ 154 رقم 2407، سير أعلام النبلاء: 7 / 229 رقم 82.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 358، معرفة الثقات: 2 / 86 رقم 1072، تهذيب الكمال: 25 /
622 رقم 5406، ميزان الاعتدال: 3 / 613 رقم 7825، تهذيب التهذيب: 9 / 268 رقم
503.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 309، التاريخ الكبير: 3 / 450 رقم 1499، معرفة الثقات: 1 /
367 رقم 491، الثقات لابن حبان: 6 / 341، مشاهير علماء الأمصار: 263 رقم
1322، سير أعلام النبلاء: 5 / 296 رقم 141، ميزان الاعتدال: 2 / 66 رقم 2829.
5 - مقاتل الطالبيين: 100، وفي المطبوع: (سعيد)، وما أثبتناه من المصدر.
6 - في المطبوع: (خباب)، وما أثبتناه من المصدر.
7 - مقاتل الطالبيين: 98 - 101، تسمية من عرف ممن خرج مع زيد بن علي من أهل
العلم ونقلة الآثار والفقهاء.
388
18 - سليمان بن خالد بن دهقان بن نافلة، مولى عفيف بن معدي كرب، عم
الأشعث بن قيس لأبيه، وأخوه لأمه أبو الربيع بن الأقطع، كان سليمان من رجال
الشيعة ومحدثيها، روى الحديث عن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله
الصادق (عليهما السلام)، خرج مع زيد ولم يخرج من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) معه غيره، ولما
أسر أتي به إلى يوسف بن عمر الثقفي، فقطع يده، فقيل له: الأقطع.
مات في حياة الصادق (عليه السلام) فتوجع لفقده، ودعا لولده وأوصى بهم أصحابه،
وكان لسليمان كتاب رواه عن عبد الله بن مسكان (1).
هذا ما وقفنا عليه من موافقة فقهاء الكوفة على هذه النهضة التي ذكرت الناس
جور الخلفاء، ولم يمنع أولئك الفقهاء من الخروج معه إلا تخاذل الناس عنه وخوف
السلطان، وكان الأعمش يقول: لولا ضرارة بي لخرجت معه، والله ليخذلنه أهل
العراق وليسلمنه كما فعلوا بجده وعمه (2).
لم يزل هشام بن عبد الملك منذ عرف بقاء زيد في الكوفة، يبعث إلى العامل
يوسف بن عمر الثقفي الرسل والكتب، يستحثه فيها على إخراج زيد من الكوفة،
لئلا يبايعه أهلها، فإنه الجذاب للقلوب بعلمه وورعه ولسانه ونسبه.
وبعد أن وقف الوالي على الكتب وفهم رأي الخليفة، طلب زيدا طلب الخرزة،
وكتب إلى عامله على الكوفة - الحكم بن الصلت من آل بني عقيل - وهو يومئذ
بالحيرة يأمره بطلب زيد، فخفي على الحكم موضعه، فدس مملوكا خراسانيا
ألكن (3) وأعطاه خمسة آلاف درهم وأمره أن يلطف ببعض الشيعة فيخبره أنه قدم
من خراسان حبا لأهل البيت وأن معه مالا يريد أن يقويهم به.
فلم يزل المملوك يلقى الشيعة ويخبرهم عن المال الذي معه، حتى أدخلوه
على زيد فسلمه المال ثم خرج من عنده وأعلم يوسف بن عمر بموضعه (4).



1 - رجال النجاشي: 183، رجال الطوسي: 2 / 644 رقم 664، الجرح والتعديل للرازي:
4 / 131 رقم 570، الثقات لابن حبان: 8 / 280.
2 - الروض النضير: 1 / 55.
3 - اللكنة: عجمة في اللسان وعي. الصحاح: 6 / 2196.
4 - انظر: مقتل الحسين لأبي مخنف: 31، أنساب الأشراف: 79، تاريخ الطبري: 4 /
270، مقاتل الطالبيين: 64، الارشاد: 2 / 45، روضة الواعظين: 174، إعلام الورى: 1 /
439، مثير الأحزان: 21.
389
وجاء سليمان بن سراقة البارقي إلى يوسف بن عمر ودله على رجلين يختلفان
إلى زيد وقد بايعاه، يقال لأحدهما: عامر، وللآخر: طعمة من بني تميم ابن أخت
لبارق، وأن زيدا نازل فيهم، فبعث يوسف عليهما فجيء بهما ولم يوجد زيد في
منزلهما ولما كلمهما استبان له أمر زيد وأصحابه، فأمر بالرجلين فضربت أعناقهما.
لما عرف زيد من يوسف بن عمر التطلب له والإستبحاث عن أمره وتتبع
شيعته، وبلغه خبر الرجلين اللذين أخذا وقتلا، خاف على نفسه أن يؤخذ غيلة،
فتعجل الخروج قبل الأجل الذي كان بينه وبين الأمصار، وأمر من ثبت معه بالتهيؤ
والاستعداد، وكان ظهوره بالكوفة ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة (122) (1)،
ونص أبو الفرج في المقاتل: أنه خرج ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم (2)، وإذا
لاحظنا ما أثبته من استدامة الحرب يومين فقط، وأنه قتل يوم الجمعة من صفر،
يتبين الخطأ في ذلك الحكم.
قال ابن جرير الطبري: جمع الحكم بن الصلت أهل الكوفة في المسجد الأعظم
قبل خروج زيد، وبعث إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة فحصرهم في
المسجد، ومكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليالي في المسجد الأعظم يؤتى إليهم
بالطعام والشراب من منازلهم، ونادى مناديه: ألا إن أمير المؤمنين يقول: من أدركنا
زيدا في رحله فقد برئت منه الذمة.
وكان يومئذ على ربع المدينة إبراهيم بن عبد الله بن جرير البجلي، وعلى ربع
مذحج وأسد عمرو بن أبي بذل العبدي، وعلى ربع كندة وربيعة المنذر بن محمد
ابن الأشعث بن قيس الكندي، وعلى ربع تميم وهمدان محمد بن مالك الهمداني
ثم الخيواني.
في يوم الثلاثاء قبل خروج زيد، أمر الحكم بن الصلت بدروب السوق فغلقت
وغلقت أبواب المسجد على أهل الكوفة، وبعث إلى يوسف بن عمر وهو بالحيرة
يعلمه الحال، فأمر يوسف مناديه فنادى في أصحابه: من يأتي الكوفة ويقترب من



1 - انظر: تاريخ الطبري: 5 / 499، وفي المطبوع: (111)، وما أثبتناه من المصدر.
2 - مقاتل الطالبيين: 92.
390
هؤلاء القوم، فركب جعفر بن العباس الكندي في خمسين فارسا حتى انتهى إلى
جبانة سالم السلولي، فعرف موضعهم ورجع إليه (1).
وفي ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر، طلبوا زيدا في دار معاوية بن إسحاق بن زيد
ابن حارثة الأنصاري فلم يجدوه، لأنه خرج من دار معاوية في ليلة شديدة البرد
والظلمة، وأصحابه يستضيئون بالهرادي يشعلون فيها النار، وما زالوا على هذا الحال
طول ليلهم وشعارهم كأصحاب بدر: يا منصور أمت.
وفي صباح يوم الأربعاء، خرج يوسف بن عمر إلى تل قريب من الحيرة، فنزل
عليه ومعه جماعة من كبار قريش وأشراف الناس، وبعث الريان بن سلمة الأراشي
في ألفين وثلاثمائة من القيقانية (2) معهم النشاب، قوة لصاحب شرطته العباس بن
سعيد المزني، وفي هذا اليوم بعث زيد القاسم بن كثير بن يحيى بن صالح بن يحيى
ابن عزيز بن عمرو بن مالك بن خزيمة التنعي (3) ثم الحضرمي، ورجلا آخر يقال له:
صدام، يناديان بشعارهما: يا منصور أمت، فالتقيا مع جعفر بن العباس الكندي في
صحراء عبد القيس واقتتلا معهم، فقتل صدام وارتث القاسم فأسر وجئ به إلى ابن
الصلت، فكلمه فلم يرد عليه، فأمر به فضربت عنقه على باب القصر، فقالت ابنته
سكينة ترثيه:
عين جودي لقاسم بن كثير * بدرور من الدموع غزير
أدركته سيوف قوم لئام * من أولي الشرك والردى والشرور
سوف أبكيك ما تغنى حمام * فوق غصن من الغصون نضير
لم يواف زيدا ممن بايعه في هذا اليوم غير مائتين وثمانية عشر رجلا، فقال زيد:
سبحان الله أين الناس؟
قيل: إنهم محصورون في المسجد الأعظم.
قال: والله ما هذا لمن بايعنا بعذر.
وسمع نصر بن خزيمة النداء، فأقبل إليه ولقي عمرو بن عبد الرحمن صاحب



1 - تاريخ الطبري: 5 / 499.
2 - نسبة إلى قيقان وهي بلاد قرب طبرستان. معجم البلدان: 4 / 423.
3 - هكذا أورده في الطبري، وفي المقاتل: (التبعي)، والتبعي نسبة إلى بني تنع بطن من
همدان، وقيل: نسبة إلى تنعة مدينة قرب حضرموت.
391
شرطة الحكم بن الصلت في خيله من جهينة عند دار الزبير بن حكيمة في الطريق
الخارج إلى مسجد بني عدي، فقال نصر بن خزيمة: يا منصور أمت.
فلم يرد عليه شيئا، فحمل عليه نصر وأصحابه فقتل عمرو بن عبد الرحمن
وانهزم من كان معه، وأقبل نصر إلى زيد، فالتقى معه في جبانة الصائدين، وفيها
خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد فيمن معه فهزمهم، وتحت زيد برذون
بهيم اشتراه رجل من بني نهد بن كهمس بن مروان النجاري بخمسة وعشرين دينارا
ثم صار بعد زيد إلى الحكم بن الصلت، وانتهى زيد إلى باب رجل من الأزد يقال له:
أنس بن عمرو، وكان ممن بايعه، فناداه زيد: يا أنس اخرج إلي رحمك الله فقد جاء
الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
فلم يخرج إليه، فقال زيد: ما أخلفكم فقد فعلتموها الله حسيبكم.
ومضى زيد حتى انتهى إلى الكناسة، وكان بها جماعة من أهل الشام، فحمل
عليهم وهزمهم ثم خرج حتى أتى الجبانة، وكانت فيما بين الحيرة والكوفة،
ويوسف بن عمر على تل قريب من الحيرة معه من قريش وأشراف الناس نحو مائتي
رجل، فيهم حزام بن مرة المزني وزمزم بن سليم الثعلبي، ولو أقبل على يوسف
لقتله، وكان الريان بن سلمة يتبع أثر زيد في أهل الشام فمانعه عن التوجه نحو
يوسف بن عمر، فأخذ زيد على مصلى خالد بن عبد الله القسري حتى دخل الكوفة
وقد انشعب أصحابه لما قصد الجبانة، فذهب بعضهم نحو جبانة مخنف بن سليم
ثم تراجعوا إلى جبانة كندة، وبينا هم يسيرون إذ طلعت عليهم خيل أصحاب
يوسف بن عمر فلما رأوهم دخلوا زقاقا ونجوا منهم إلا رجلا دخل مسجدا يصلي
فيه ركعتين، وبعد أن فرغ خرج إلى أصحاب يوسف وقاتلهم فتكاثروا عليه وصرعوه
وحمل عليه رجل بعمود فقتله، وخرج أولئك النفر الذين دخلوا الزقاق وقاتلوا
أصحاب يوسف بن عمر فاقتطع أهل الشام منهم رجلا دخل دار عبد الله بن عوف
فهجموا عليه وأسروه وأتوه به إلى يوسف بن عمر فقتله.
ولما دخل زيد الكوفة أشار عليه نصر بن خزيمة بالتوجه نحو المسجد الأعظم
لاجتماع الناس فيه.
فقال له زيد: إنهم فعلوها حسينية.
فقال نصر: أما أنا فأضربن معك بسيفي هذا حتى أقتل.

392
وبينا يسير زيد نحو المسجد الأعظم، إذ طلع عليه عبيد الله بن العباس الكندي
في أهل الشام والتقى معه على باب عمر بن سعد بن أبي وقاص، فأراد الحملة عبيد
الله وتكعكع مولاه سلمان وبيده اللواء، فصاح به: احمل يا بن الخبيثة.
فحمل عليهم ولم ينصرف حتى خضب اللواء بالدم، وضرب واصل الحناط
عبيد الله وقال: خذها وأنا الغلام الحناط، فلم تعمل فيه شيئا.
وقال عبيد الله: قطع الله يدي إن أكلت بقفيز أبدا.
ثم ضرب الحناط فلم يصنع شيئا واشتد القتال بينهم، ولكثرة من قتل من
أصحاب عبيد الله فر بمن بقي معه وانتهى إلى دار عمرو بن حريث، وكانت في
السبخة قريبة من المسجد الأعظم، وأقبل زيد بأصحابه وانتهى إلى باب الفيل،
فأدخل أصحابه راياتهم من فوق الأبواب وهم يقولون: يا أهل المسجد أخرجوا إلى
العز، اخرجوا إلى الدين والدنيا، فإنكم لستم في دين ولا دنيا.
فأشرف عليهم أهل الشام يرمونهم بالحجارة من فوق المسجد.
وفي عشية الأربعاء انصرف الريان بن سلمة إلى الحيرة، وخرج زيد فيمن معه
فنزل دار الرزق، فأتاه الريان بن سلمة وقاتله هناك قتالا شديدا، فخرج بعض
أصحاب الريان وقتل منهم كثير وفر الباقون، فتبعهم أصحاب زيد من دار الرزق حتى
انتهوا إلى المسجد، ورجع أهل الكوفة عشية الأربعاء بأسوأ حال.
وفي صباح يوم الخميس الثاني من صفر، بعث يوسف بن عمر العباس بن
سعيد المزني صاحب شرطه في جماعة من أصحابه، فأتوا زيدا وهو في دار
الرزق، فاقتتلوا هناك والطريق متضايق بخشب كثير للنجار، وعلى ميمنة زيد
وميسرته نصر بن خزيمة العبسي ومعاوية بن إسحاق الأنصاري، فصاح العباس
بأصحابه: الأرض الأرض.
فنزلوا عن خيولهم واشتد القتال، فضرب نائل بن فروة نصر بن خزيمة على
فخذه وضربه نصر فقتله، ولم يلبث نصر أن مات، وقتل في هذه الصدمة من
أصحاب العباس بن سعيد نحو من سبعين رجلا وفر الباقون، وفي عشية الخميس
عبأ يوسف بن عمر أصحابه وسيرهم إلى زيد فاقتتلوا، ثم كشفهم زيد إلى السبخة

393
واشتد القتال فيها، فكانت الدبرة (1) على أصحاب يوسف بن عمر، وتبعهم زيد بمن
معه حتى أخرجهم إلى بني سليم وطاردهم في خيله ورجاله فأخذوا طريق
المسناة، ثم ظهر لهم فيما بين بارق ورؤاس (2) فقاتلهم، وصاحب لوائه عبد الصمد
ابن أبي مالك بن مسروح من بني سعد بن زيد حليف العباس بن عبد المطلب، وكان
مسروح السعدي متزوجا صفية بنت العباس بن عبد المطلب، وتمثل زيد يوم
السبخة بأبيات ضرار بن الخطاب الفهري التي قالها يوم الخندق (3):
مهلا بني عمنا ظلامتنا * إن بنا سورة من القلق
لمثلكم نحمل السيوف ولا * نغمز أحسابنا من الرقق
إني لأنمى إذا انتميت * إلى عز عزيز ومعشر صدق
بيض سباط كأن أعينهم * تكحل يوم الهياج بالعلق.
وفي حديث محمد بن فرات الكوفي: كان الناس ينظرون إلى زيد يقاتل يوم السبخة
وعلى رأسه سحابة صفراء تدور معه حيثما دار (4).
وبينا زيد يقاتل أصحاب يوسف بن عمر، إذ انفصل رجل من كلب على فرس له
رائع وصار بالقرب من زيد، فشتم الزهراء فاطمة (عليها السلام)، فغضب زيد وبكى حتى
ابتلت لحيته والتفت إلى من معه وقال: أما أحد يغضب لفاطمة، أما أحد يغضب
لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، أما أحد يغضب لله؟
قال سعيد بن خيثم: أتيت إلى مولى لي كان معه مشمل (5) فأخذته منه
وتسترت خلف النظارة والناس يومئذ فرقتان مقاتلة ونظارة، ثم صرت وراء الكلبي
وقد تحول من فرسه وركب بغلة، فضربته في عنقه فوقع رأسه بين يدي البغلة، وشد
أصحابه علي وكادوا يرهقونني، فلما رأى أصحابنا ذلك كبروا وحملوا عليهم
واستنقذوني، فركبت البغلة وأتيت زيدا فقبل بين عيني وقال: أدركت والله



1 - الدبرة: أي الهزيمة. النهاية لابن الأثير: 2 / 98.
2 - في المقاتل: (دواس).
3 - وتمثل بها علي (عليه السلام) يوم صفين، والحسين (عليه السلام) يوم الطف، ويحيى بن زيد يوم
الجوزجان، وإبراهيم بن عبد الله المحض يوم باخمرى.
4 - انظر: مقاتل الطالبيين: 89.
5 - المشمل: سيف صغير يتغطى تحت الثوب. القاموس المحيط: 3 / 403.
394
ثأرنا، أدركت والله شرف الدنيا والآخرة وذخرهما، ثم أعطاني البغلة.
وسار زيد حتى انتهى إلى الجسر ونادى أصحابه: والله لو كنت أعلم عملا
أرضى لله من قتال هؤلاء لفعلته، وقد كنت نهيتكم أن لا تتبعوا مدبرا، ولا تجهزوا
على جريح، ولا تفتحوا بابا مغلقا، ولكني سمعتهم يسبون عليا (عليه السلام) فاقتلوهم من
كل وجه، فوالله لا ينصرني رجل عليهم اليوم إلا أخذت بيده وأدخلته الجنة.
واشتد القتال، فكانت خيل أهل الكوفة لا تثبت لخيل أصحاب زيد، فبعث
العباس بن سعيد المزني إلى يوسف بن عمر يستمده الرجال والخيل، فمده
بسليمان بن كيسان الكلبي في القيقانية والنجارية وهم نشابة (1)، وحرص زيد حين
انتهوا إليه أن يصرفهم نحو السبخة فلم يتمكن، وفي هذه الصدمة قاتل معاوية بن إسحاق
حتى قتل، وكان زيد يتمثل:
أذل الحياة وعز الممات * وكلا أرآه طعاما وبيلا
فإن كان لابد من واحد * فسيري إلى الموت سيرا جميلا
ولما جنح الليل من ليلة الجمعة الثالثة من صفر سنة 121 ه‍ رمي زيد بسهم غرب (2)
أصاب جبهته ووصل إلى الدماغ، فرجع زيد ورجع أصحابه، ولم يظن أصحاب
يوسف بن عمر إلا أنهم رجعوا للمساء والليل، وكان الرامي له مملوك ليوسف بن
عمر اسمه راشد، ويقال من أصحابه اسمه داود بن كيسان.
وجاء بزيد أصحابه فأدخلوه بيت حران بن كريمة مولى لبعض العرب في سكة
البريد (3) في دور أرحب وشاكر، وجاؤا بطبيب يقال له: شقير - وفي مقاتل أبي
الفرج، اسمه: سفيان - فقال له الطبيب: إن نزعته من رأسك مت.
فقال: الموت أهون علي مما أنا فيه.



1 - في المقاتل: 96: (القيقانية وهم نجارية)، وفي الطبري: (والبخارية) بدل:
(والنجارية)، والبخارية: سكة بالبصرة أسكنها عبيد الله بن زياد أهل بخارى الذين نقلهم من
بخارى إلى البصرة وبنى لهم هذه السكة فعرفت بهم. معجم البلدان: 1 / 356.
2 - يقال: سهم غرب: إذا كان لا يعرف راميه، وقيل: إذا أتاه من حيث لا يدري. النهاية لابن
الأثير: 3 / 350.
3 - تقع هذه السكة بالقرب من المسجد الأعظم، وفيها بنى خالد القسري لأمه بيعة وكانت
نصرانية. معجم البلدان: 1 / 532.
395
فأخذ الكلبتين فانتزعه، فساعة انتزعه مات رضوان الله عليه، ولعن قاتله
وخاذله، وكان له يوم قتله اثنتان وأربعون سنة على ما نص عليه ابن سعد في
الطبقات (1) والمقريزي في الخطط (2) والشيخ المفيد في الإرشاد (3)، وعلى ذلك
جمهور المؤرخين (4).
لما بلغ يوسف بن عمر قتل زيد، أقبل من الحيرة ودخل الكوفة ورقى المنبر
وخطب خطبة هدد بها أهل الكوفة، ثم نزل وبعث أصحابه يطوفون في دور الكوفة
يلتمسون الجرحى، فكانوا يخرجون النساء إلى صحن الدار ويفتشون البيوت، ثم
نادى مناديه: ألا من جاء برأس فله خمسمائة درهم.
فجاءه محمد بن عباد برأس نصر بن خزيمة، فأمر له بألف درهم، وجاءه
الأحول مولى الأشعريين برأس معاوية بن إسحاق فقال له: أنت قتلته؟
قال: لا، ولكني رأيته فعرفته.
فأمر له بسبعمائة درهم ولم يمنعه من الألف إلا أنه لم يقتله.
لما قتل زيد اختلف أصحابه في دفنه ومواراته، بصورة تخفى عن الأعداء خوفا
من إخراجه والتمثيل به، فقال بعضهم: نلبسه درعه ونطرحه في الماء، وهذه
الوسيلة تمناها الصادق (عليه السلام)، قال لسليمان بن خالد: «كم بين الموضع الذي واروه
فيه وبين الفرات؟»
قال سليمان: قذفة حجر.
فقال الصادق (عليه السلام): «سبحان الله، أفلا كنتم أوقرتموه حديدا وقذفتموه في
الفرات وكان أفضل» (5).
وأشار بعض من حضر من أصحابه بدفنه في العباسية وهي النخيلة، وارتأى
آخرون حز رأسه وإلقاءه بين القتلى حتى لا يعرف.



1 - الطبقات الكبرى: 5 / 326.
2 - الخطط للمقريزي: 4 / 312.
3 - الارشاد: 2 / 174.
4 - انظر: تاريخ دمشق: 19 / 456 عمدة الطالب: 258، تهذيب الكمال: 10 / 98.
5 - الكافي: 8 / 251 ح 351، وسائل الشيعة: 3 / 207 ح 3421.
396
فلم يوافق ابنه يحيى على هذا الرأي وقال: لا والله لا تأكل لحم أبي الكلاب (1).
يشير إلى أن هذه الوسيلة لإخفاء الجسد الطاهر عن الأعداء لا يدفع محذور
التمثيل به، فإن الكلاب لا تصل إليه وتتحاماه، فيوجب ذلك اهتداء الأعداء إليه
فيعود المحذور.
قال سلمة بن ثابت: لما كثر الخلاف بين أصحابه، أشرت عليه أن ننطلق به إلى
نهر هناك وندفنه فيه فقبلوا الرأي، وكان في النهر ماء كثير حتى إذا أمكنا له دفناه
ووضعنا عليه الحشيش والتراب وأجري عليه الماء، وكان النهر في بستان رجل يقال
له: زائدة، وقيل: يعقوب.
دخل يوسف بن عمر الكوفة بعد قتل زيد وتطلب مكان دفنه، ونادى مناديه:
ألا من أخبر بمكان دفنه فله الجائزة.
فجاءه الطبيب الذي أخرج السهم، وكان حاضرا دفنه فأعلمه بمكانه، وكان
مملوكا لعبد الحميد الرواسي، وقيل: إن مملوكا سنديا لزيد بن علي أخبر بمكان
دفنه.
وحدث أبو مخنف عن كهمس: أن نبطيا كان يسقي زرعا له بتلك الناحية رآهم
حين دفنوه فأخبر به.
وبعد أن استبان للوالي موضع دفنه بعث العباس بن سعيد المزني، وفي نقل
آخر: بعث الحجاج بن القاسم بن محمد بن أبي عقيل ويقال: بعث خراش بن
حوشب بن يزيد الشيباني وكان على شرط يوسف بن عمر، وحمل الجسد الطاهر
على جمل وكان عليه قميص هروي، فألقي على باب القصر فخر كأنه جبل، فأمر
يوسف بن عمر بقطع رأسه.
وفي حديث أبي مخنف: قطع رأسه ابن الحكم بن الصلت، فإن الحكم بن
الصلت بعث ابنه وصاحب الشرطة العباس بن سعيد المزني لاستخراج زيد، فكره
العباس أن يغلب ابن الحكم عليه فتركه، وسرح الحجاج بن القاسم بن محمد بن
الحكم بن أبي عقيل بشيرا إلى يوسف بن عمر.
لما جيء بالجسد الطاهر وألقي أمام الوالي - وكان هناك عدد كثير من جثث



1 - في المقاتل: السباع.
397
أصحابه - أمر بالجسد فصلب منكوسا بسوق الكناسة، وصلب معه أصحابه وفيهم
معاوية بن إسحاق ونصر بن خزيمة العبسي وزياد الهندي، وأمر بحراسة زيد لئلا ينزل
من الخشبة، وكان فيمن يحرسه زهير بن معاوية بن جديح بن الرحيل.
حدث ابن تيمية في منهاج السنة: لما صلب زيد كان أهل الكوفة يأتون خشبته
ليلا ويتعبدون عندها (1).
وبقي مرفوعا على الخشبة زمنا طويلا حتى اتخذته الفاختة وكرا، قيل: سنة
وأشهرا، وقيل: ثلاث سنين، وقيل: أربع سنين، وقيل: خمس سنين، وقيل: ست
سنين.
ثم أمر هشام بإحراقه، وقيل: إن الذي أمر بإحراقه الوليد بن يزيد بن عبد الملك
عند ظهور يحيى بن زيد سنة 125 كتب إلى يوسف بن عمر: إذا أتاك كتابي فأنزل
عجل أهل العراق وانسفه في اليم نسفا، فلما وقف على الكتاب أمر خراش بن
حوشب (2) فأنزله من جذعه وأحرقه بالنار وجعله في قواصر وحمله في السفينة
وذراه في الفرات.
وفي حديث أبي حمزة الثمالي: بعد أن أحرقه دق عظمه بالهواوين وذراه
بالعريض من أسفل العاقول (3).
لما قطع يوسف بن عمر رأسه، بعث به وبرؤوس أصحابه إلى هشام بن عبد



1 - منهاج السنة: 1 / 35.
2 - وفي ذلك يقول السيد الحميري:
بت ليلي مسهدا * ساهر الطرف مقصدا
ولقد قلت قولة * وأطلت التلبدا
لعن الله حوشبا * وخراشا ومزيدا
ويزيدا فإنه * كان أعتى وأعندا
ألف ألف وألف ألف * من اللعن سرمدا
إنهم حاربوا الآل * وآذوا محمدا
شركوا في دم * المطهر زيد تعندا
ثم عالوه فوق * جذع صريعا مجردا
يا خراش بن حوشب * أنت أشقى الورى غدا.
3 - العاقول: معظم البحر أو موجه، ومعطف الوادي والنهر. القاموس المحيط: 4 / 19.
398
الملك مع زهرة بن سليم، وفي ضيعة أم الحكم ضربه الفالج فانصرف وأتته جائزته
من هشام، ودفع هشام لمن أتاه بالرأس عشرة دراهم، ونصبه على باب دمشق.
ويروى أنه: ألقى الرأس أمامه فأقبل الديك ينقر رأسه، فقال بعض من حضر من
الشاميين:
اطردوا الديك عن ذوابة زيد * فلقد كان لا يطأه الدجاج (1).
بعث هشام بالرأس من الشام إلى مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله)، فنصب عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله)
يوما وليلة، وكان العامل على المدينة محمد بن إبراهيم بن هشام المخزومي، فتكلم
معه ناس من أهل المدينة أن ينزله فأبى إلا ذلك، فضجت المدينة بالبكاء من دور
بني هاشم وكان كيوم الحسين (عليه السلام)، ثم سير الرأس الشريف إلى مصر، فنصب
بالجامع فسرقه أهل مصر ودفنوه في مسجد محرس الخصي.
قال الكندي في كتاب الأمراء: قدم إلى مصر سنة 122 أبو الحكم بن أبي
الأبيض القيسي خطيبا برأس زيد بن علي يوم الأحد لعشر خلون من جمادي الآخرة
واجتمع عليه الناس في المسجد.
وذكر الشريف (الحسن بن) (2) محمد بن أسعد الجواني في كتاب الجوهر
المكنون في ذكر القبائل والبطون: أن رأس زيد بن علي دفن بمصر بين الكومين
بطريق جامع ابن طولون وبركة الفيل، وهذا المسجد يعرف بمسجد محرس
الخصي، وهو مشهد صحيح، لأنه طيف به بمصر ثم نصب على المنبر بالجامع سنة
122 (3).



1 - الكنى والألقاب: 1 / 231.
2 - أثبتناه من الذريعة: 26 / 265 رقم 1331، ومعجم المؤلفين: 3 / 275.
3 - زيد الشهيد للسيد المقرم: 164 - 165.
وللتفصيل راجع: مقاتل الطالبيين: 86 - 102، تاريخ الطبري: 5 / 481 - 497، عمدة
الطالب: 255 - 259، تاريخ ابن خلدون: 3 / 98.
399
19 - حادثة عبد الله بن معاوية الطالبي:
كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي من شجعان
الطالبيين ورؤسائهم وشعرائهم، ظهر سنة 127 بالكوفة خالعا طاعة بني مروان
وداعيا إلى نفسه، فبايع له أهل الكوفة وأتته بيعة المدائن، ثم قاتله عبد الله بن عمر
والي الكوفة - على ما ستسمع - فتفرق عنه أصحابه فخرج إلى المدائن، فلحق به
جمع من أهل الكوفة فغلب بهم على حلوان والجبال وهمذان وأصبهان والري
واستفحل أمره، فجبي له خراج فارس وكورها، وأقام بإصطخر، فسير أمير العراق
ابن هبيرة الجيوش لقتاله، فصبر لها ثم انهزم إلى شيراز ومنها إلى هراة، فقبض عليه
عاملها وقتله بأمر أبي مسلم الخراساني سنة 129.
وأما سبب ظهوره بالأمر على ما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 127 من
تاريخه فهو: أنه قدم على عبد الله بن عمر بن عبد العزيز والي الكوفة فأكرمه وأجازه
وأجرى عليه وعلى أخوته كل يوم ثلاثمائة درهم، فكانوا كذلك حتى هلك يزيد بن
الوليد، وبايع الناس أخاه إبراهيم بن الوليد وبعده عبد العزيز بن الحجاج بن عبد
الملك، فلما بلغ خبر بيعتهما عبد الله بن عمر بالكوفة، بايع الناس وزاد في العطاء
وكتب بيعتهما إلى الآفاق فجاءته البيعة، ثم بلغه امتناع مروان بن محمد من البيعة
ومسيره إليهما إلى الشام، فحبس عبد الله بن معاوية عنده وزاده فيما كان يجري عليه
وأعده لمروان بن محمد إن هو ظفر بإبراهيم بن الوليد ليبايع له ويقاتل به مروان،
فماج الناس وورد مروان الشام وظفر بإبراهيم، فانهزم إسماعيل بن عبد الله القسري
إلى الكوفة مسرعا، وافتعل كتابا على لسان إبراهيم بأمرة الكوفة، وجمع اليمانية
وأعلمهم ذلك فأجابوه وامتنع عبد الله بن عمر عليه وقاتله.
فلما رأى الأمر كذلك، خاف أن يظهر أمره فيفتضح ويقتل، فقال لأصحابه: إني
أكره سفك الدماء فكفوا أيديكم.
فكفوا، وظهر أمر إبراهيم وهربه، ووقعت العصبية بين الناس، وكان سببها أن
عبد الله بن عمر كان أعطى مضر وربيعة عطايا كثيرة ولم يعط جعفر بن القعقاع بن
شور الذهلي وعثمان بن الخيبري من تيم اللات بن ثعلبة شيئا وهما من ربيعة فكانا
مغضبين، وغضب لهما ثمامة بن خوشب بن رؤيم الشيباني، وخرجوا من عند

400
عبد الله بن عمر وهو بالحيرة إلى الكوفة فنادوا: يا آل ربيعة.
فاجتمعت ربيعة وتنمروا وبلغ الخبر عبد الله بن عمر فأرسل إليهم أخاه عاصما
فأتاهم وهم بدير هند فألقى نفسه بينهم، وقال: هذه يدي لكم فاحكموا.
فاستحيوا ورجعوا وعظموا عاصما وشكروه.
فلما كان المساء أرسل عبد الله بن عمر إلى عمر بن الغضبان القبعثري بمائة
ألف، فقسمها في قومه بني همام بن مرة بن ذهل الشيباني، وإلى ثمامة بن خوشب
بمائة ألف فقسمها في قومه، وأرسل إلى جعفر بن نافع بمال وإلى عثمان بن
الخيبري بمال، فلما رأت الشيعة ضعف عبد الله بن عمر طمعوا فيه ودعوا إلى عبد
الله بن معاوية واجتمعوا في المسجد وثاروا، وأتوا عبد الله بن معاوية وأخرجوه من
داره وأدخلوه القصر، ومنعه عاصم بن عمر عن القصر فلحق بأخيه بالحيرة.
وجاء ابن معاوية الكوفيون فبايعوه فيهم: عمر بن الغضبان، ومنصور بن
جمهور، وإسماعيل بن عبد الله القسري أخو خالد، وأقام أياما يبايعه الناس، وأتته
البيعة من المدائن وفم النيل، واجتمع إليه الناس فخرج إلى عبد الله بن عمر بالحيرة
فقيل لابن عمر: قد أقبل ابن معاوية في الخلق.
فأطرق مليا، وأتاه رئيس خبازيه فأعلمه بإدراك الطعام، فأمر بإحضاره فأحضره
فأكل هو ومن معه وهو غير مكترث، والناس يتوقعون أن يهجم عليهم ابن معاوية،
وفرغ من طعامه وأخرج المال ففرقه في قواده، ثم دعا مولى له كان يتبرك به ويتفأل
باسمه، كان اسمه إما: ميمونا، وإما: رباحا، أو: فتحا، أو اسما يتبرك به، فأعطاه
اللواء وقال له: امض به إلى موضع كذا فأركزه، وادع أصحابك وأقم حتى
آتيك، ففعل.
خرج عبد الله فإذا الأرض بيضاء من أصحاب ابن معاوية، فأمر ابن عمر مناديا
فنادى: من جاء برأس فله خمسمائة، فأتي برؤوس كثيرة وهو يعطي ما ضمن، وبرز
رجل من أهل الشام فبرز إليه القاسم بن عبد الغفار العجلي، فسأله الشامي فعرفه
فقال: قد ظننت أنه لا يخرج إلي رجل من بكر بن وائل، والله ما أريد قتالك ولكن
أحببت أن ألقي إليك حديثا أخبرك أنه ليس معكم رجل من أهل اليمن لا إسماعيل
ولا منصور ولا غيرهما إلا وقد كاتب ابن عمر وكاتبته مضر، وما أرى لكم يا ربيعة
كتابا ولا رسولا وأنا رجل من قيس، فإن أردتم الكتاب أبلغته ونحن غدا بإزائكم

401
فإنهم اليوم لا يقاتلونكم.
فبلغ الخبر ابن معاوية فأخبر به عمر بن الغضبان، فأشار عليه أن يستوثق من
إسماعيل ومنصور وغيرهما فلم يفعل.
أصبح الناس من الغد غادين على القتال، فحمل عمر بن الغضبان على ميمنة
ابن عمر فانكشفوا، ومضى إسماعيل ومنصور من فور هما إلى الحيرة فانهزم
أصحاب ابن معاوية إلى الكوفة، وابن معاوية معهم فدخلوا القصر وبقي من
بالميسرة من ربيعة ومضر ومن بإزائهم من أصحاب ابن عمر، فقال لعمر بن
الغضبان: ما كنا نأمن عليكم ما صنع الناس بكم فانصرفوا.
فقال ابن الغضبان: لا أبرح حتى أقتل.
فأخذ أصحابه بعنان دابته فأدخلوه الكوفة، فلما أمسوا قال لهم ابن معاوية: يا
معشر ربيعة قد رأيتم ما صنع الناس بنا وقد علقنا دماءنا في أعناقكم، فإن قاتلتم
قاتلنا معكم، وإن كنتم ترون الناس يخذلنا وإياكم فخذوا لنا ولكم أمانا.
فقال له عمر بن الغضبان: ما نقاتل معكم وما نأخذ لكم أمانا كما نأخذ لأنفسنا.
فأقاموا في القصر والزيدية على أفواه السكك يقاتلون أصحاب ابن عمر أياما.
ثم إن ربيعة أخذت أمانا لابن معاوية ولأنفسهم وللزيدية ليذهبوا حيث شاؤوا،
وسار ابن معاوية من الكوفة فنزل المدائن، فأتاه قومه من أهل الكوفة فخرج بهم
فغلب على حلوان والجبال وهمذان وأصبهان والري، وخرج إليه عبيد أهل الكوفة
واستفحل أمره، وحدثت هناك حوادث عظيمة قتل فيها ابن معاوية (1).
20 - حادثة أولاد الحسن (عليه السلام):
يقول ابن الأثير في حوادث سنة 144: في هذه السنة استعمل المنصور على
المدينة رياح بن عثمان المري، وعزل محمد بن خالد بن عبد الله القسري عنها،
وكان سبب عزله وعزل زياد قبله، أن المنصور أهمه أمر محمد وإبراهيم ابني عبد



1 - الكامل في التاريخ: 5 / 324 - 327، وكذا: تاريخ خليفة: 298، أنساب
الأشراف: 62، تاريخ الطبري: 5 / 599، ذكر أخبار إصبهان: 2 / 42، البداية والنهاية: 10 /
37، عمدة الطالب: 38.
402
الله (1) بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وتخلفهما عن الحضور عنده، مع
من حضره من بني هاشم عام حج أيام السفاح سنة 136، وذكر أن محمد بن عبد الله
كان يزعم أن المنصور ممن بايعه ليلة تشاور بني هاشم بمكة فيمن يعقدون له
الخلافة حين اضطرب أمر مروان بن محمد، فلما حج المنصور سنة 136 سأل
عنهما.
فقال له زياد بن عبيد الله الحارثي: ما يهمك من أمرهما أنا آتيك بهما.
وكان معه بمكة فرده المنصور إلى المدينة، فلما استخلف المنصور لم يكن
همه إلا أمر محمد والمسألة عنه وما يريد، فدعا بني هاشم رجلا رجلا يسأله سرا
عنه، فكلهم يقول: قد علم أنك عرفته يطلب هذا الأمر فهو يخافك على نفسه وهو
لا يريد لك خلافا وما أشبه هذا الكلام.
ألح المنصور على عبد الله بن الحسن المحض في إحضار ابنه محمد سنة حج.
فقال عبد الله لسليمان بن علي بن عبد الله بن عباس: يا أخي بيننا من الصهر
والرحم ما تعلم فما ترى؟
فقال سليمان: والله لكأني أنظر إلى أخي عبد الله بن علي حين حالت المنية بينه
وبيننا وهو يشير إلينا هذا الذي فعلتم بي، فلو كان عافيا عفا عن عمه.
فقبل عبد الله رأي سليمان وعلم أنه قد صدقه ولم يظهر ابنه.
لم يزل عبد الله هذا في ضيق وضنك أيام المنصور بسبب ابنيه محمد
وإبراهيم، فقد حبسه المنصور بالمدينة في دار مروان وبقي محبوسا ثلاث سنين،
ولم يكتف به حتى حبس من بني الحسن ما يزيد على الخمسة عشر.
وقيل: إن رياحا هو الذي حبسهم.
قال علي بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي: حضرنا باب رياح في المقصورة
فقال الآذن: من كان هاهنا من بني الحسين فليدخل.



1 - ولد عبد الله هذا بالمدينة في بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) سنة 70، وكنيته أبو
محمد، ولقبه المحض لأنه أول من جمعت له ولادة الحسنين فإن أباه الحسن المثنى ابن
الحسن السبط، وأمه فاطمة بنت الحسين السبط، ومن هنا كان يقول: ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله)
مرتين، وكان أكبر أخويه لأمه وأبيه الحسن المثلث وإبراهيم، وكان شاعرا خطيبا شجاعا له
هيبة ولسان فصيح. انظر: مقاتل الطالبيين: 123 - 124.
403
فدخلوا من باب المقصورة، وخرجوا من باب مروان، ثم قال: من كان هاهنا من
بني الحسن فليدخل.
فدخلوا من باب المقصورة، ودخل الحدادون من بني مروان فدعا بالقيود
فقيدهم وحبسهم، وكانوا: عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، والحسن وإبراهيم
ابني الحسن بن الحسن، وجعفر بن الحسن بن الحسن، وسليمان وعبد الله ابني داود
ابن الحسن بن الحسن، ومحمدا وإسماعيل وإسحق بني إبراهيم بن الحسن بن
الحسن، وعباس بن الحسن بن الحسن بن علي، وموسى بن عبد الله بن الحسن بن
الحسن.
فلما حبسهم لم يكن فيهم علي بن الحسن بن الحسن بن علي العابد، فلما كان
الغد بعد الصبح، إذ قد أقبل رجل متلفف فقال له رياح: مرحبا بك ما حاجتك؟
قال: جئتك لتحبسني مع قومي.
فإذا هو علي بن الحسن بن الحسن، فحبسه معهم، وكان محمد قد أرسل ابنه
عليا إلى مصر يدعو إليه فبلغ خبره عامل مصر.
وقيل: إنه أتى على الوثوب بك والقيام عليك بمن شايعه، فقبضه وأرسله إلى
المنصور، فاعترف له وسمى أصحاب أبيه، وكان فيمن سمى: عبد الرحمن بن أبي
الوالي، وأبو حبير، فضربهما المنصور وحبسهما، وحبس عليا فبقي محبوسا إلى أن
مات.
وكتب المنصور إلى رياح: أن يحبس معهم محمد بن عبد الله بن عمرو بن
عثمان بن عفان المعروف بالديباج، وكان أخا عبد الله بن الحسن بن الحسن، لأن
أمهما جميعا فاطمة بنت الحسين بن علي، فأخذه معهم.
وقيل: إن المنصور حبس عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي وحده وترك
باقي أولاد الحسن، فلم يزل محبوسا، فبقي الحسن بن الحسن بن الحسن قد نصل
خضابه حزنا على أخيه عبد الله، وكان المنصور يقول: ما فعلت الجادة.
ومر الحسن بن الحسن بن الحسن على إبراهيم بن الحسن وهو يعلف إبلا له
فقال: أتعلف إبلك وعبد الله محبوس، يا غلام أطلق عقلها.
فأطلقها، ثم صاح في أدبارها فلم يوجد منها بعير، فلما طال حبس عبد الله بن
الحسن قال عبد العزيز بن سعيد للمنصور: أتطمع في خروج محمد وإبراهيم وبنو

404
الحسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد.
فكان ذلك سبب حبس الباقين.
ولما حج المنصور سنة 144 أمر واليه على المدينة رياح بن عثمان أن يحملهم
إلى الربذة مقيدين مغللين، فحملهم على غير وطاء، ومعادل كل واحد منهم
جندي، ولما خرج بهم رياح من المدينة وقف الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)
من وراء ستر يراهم ولا يرونه وهو يبكي ودموعه تجري على لحيته وهو يدعو الله،
ثم قال: «والله لا يحفظ الله حرمته بعد هؤلاء».
وجئ بهم إلى المنصور مكتفين عراة وأوقفوا في الشمس، فقال له عبد الله
هذا: ما هكذا فعلنا بأسراكم يوم بدر.
فأطرق برأسه وثقل عليه هذا التلميح والإشارة، وأمر بهم أن يحملوا إلى العراق
فحبسوا بالهاشمية عند قنطرة الكوفة في سرداب، ما كانوا يعرفون فيه الليل والنهار،
ولم يكن عندهم ماء للطهور، فكانوا يبولون ويتغوطون في مواضعهم حتى اشتدت
عليهم الرائحة.
وبعد أن مضى عليهم ستون ليلة في الحبس، جاء أمر المنصور بقتلهم فدفن
إبراهيم بن الحسن حيا، وأما محمد بن إبراهيم بن الحسن فقد أحضره المنصور -
وكان أحسن الناس صورة - فقال له: أنت الديباج الأصغر؟
قال: نعم.
قال: لأقتلنك قتلة لم أقتلها أحدا، ثم أمر به فبنى عليه أسطوانة وهي حي
فمات فيها.
وقيل: أمر بهم المنصور فسقوا السم فماتوا.
وقيل: إن المنصور أمر بهم فقتلوا، أما عبد الله المحض فقد مات مخنوقا.
وقيل: وضع المنصور على عبد الله من قال له: إن ابنه محمدا قد خرج فقتل،
فانصدع قلبه فمات، وكانت شهادته يوم عيد الأضحى سنة 145 عن 75 سنة، وقبره
في موضع الحبس مع جماعة من بني الحسن تعرف قبورهم بالسبعة.
قال ابن الأثير: لم ينج منهم إلا سليمان وعبد الله ابنا داود بن الحسن بن الحسن
ابن علي، وإسحق وإسماعيل ابنا إبراهيم بن الحسن بن الحسن، وانقضى

405
أمرهم (1).
روى السيد ابن طاووس في الفصل المتعلق بيوم عاشوراء من كتابه الإقبال
حديثا يسنده إلى فاطمة بنت الحسين عن أبيها، قال: «يقتل منك نفر بشط الفرات
ما سبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون» (2).
وفي حديثها الآخر عن أبيها: «يدفن من ولدك سبعة بشط الفرات لم يسبقهم
الأولون ولا يدركهم الآخرون» (3).
21 - حادثة ابن طباطبا العلوي وأبي السرايا:
في أيام المأمون سنة 199 ظهر بالكوفة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) لعشر خلون
من جمادي الآخرة، يدعو إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله) والعمل بالكتاب
والسنة، وهو الذي يعرف بابن طباطبا، وكان القيم بأمره في الحرب أبو السرايا
السري بن منصور، وكان يذكر أنه من ولد هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود
الشيباني.
كان سبب خروجه: أن المأمون لما صرف طاهرا عما كان إليه من الأعمال التي
افتتحها ووجه الحسن بن سهل إليها، تحدث الناس بالعراق: أن الفضل بن سهل قد
غلب على المأمون، وأنه أنزله قصرا حجبه فيه عن أهل بيته وقواده، وأنه يستبد
بالأمر دونه، فغضب لذلك بنو هاشم ووجوه الناس واجترؤا على الحسن بن سهل،
وهاجت الفتن في الأمصار، فكان أول من ظهر ابن طباطبا بالكوفة.
وقيل: كان سبب اجتماع ابن طباطبا بأبي السرايا: أن أبا السرايا كان يكري



1 - الكامل في التاريخ: 5 / 513 - 527.
2 - إقبال الأعمال: 3 / 86.
3 - إقبال الأعمال: 3 / 87، وفيه: (ولدي) بدل: (ولدك).
وللتفصيل في هذه الحوادث راجع: مقاتل الطالبيين: 131 - 147، تاريخ الطبري: 6 / 155
- 172، مروج الذهب: 2 / 242، المسائل الجارودية: 5، تاريخ دمشق: 27 / 388، البداية
والنهاية: 10 / 86، تاريخ ابن خلدون: 3 / 188.
406
الحمير ثم قوي حاله، فجمع نفرا فقتل رجلا من بني تميم بالجزيرة وأخذ ما معه،
فطلب فاختفى وعبر الفرات إلى الجانب الشامي، فكان يقطع الطريق في تلك
النواحي، ثم لحق بيزيد بن مزيد الشيباني بأرمينية ومعه ثلاثون فارسا، فقوده فجعل
يقاتل معه الخرمية (1) وأثر فيهم وفتك وأخذ معه غلامه أبا الشوك، فلما عزل أسد
عن أرمينية صار أبو السرايا إلى أحمد بن مزيد، فوجهه أحمد طليعة إلى عسكر
هرثمة في فتنة الأمين والمأمون، وكانت شجاعته قد اشتهرت، فراسله هرثمة
يستميله فمال إليه، فانتقل إلى عسكره وقصده العرب من الجزيرة واستخرج لهم
الأرزاق من هرثمة، فصار معه نحو ألفي فارس وراجل فصار يخاطب بالأمير، فلما
قتل الأمين نقصه هرثمة من أرزاقه وأرزاق أصحابه فاستأذنه في الحج، فأذن له
وأعطاه عشرين ألف درهم، ففرقها في أصحابه ومضى وقال لهم: اتبعوني متفرقين.
ففعلوا فاجتمع معه منهم نحو مائتي فارس، فسار بهم إلى عين التمر (2) وحصر
عاملها وأخذ ما معه من المال وفرقه في أصحابه، وسار فلقى عاملا آخر ومعه مال
على ثلاثة بغال فأخذها وسار، فلحقه عسكر كان قد سيره هرثمة خلفه فعاد إليهم
وقاتلهم فهزمهم، ودخل البرية وقسم المال بين أصحابه.
وانتشر جنده فلحق به من تخلف عنه من أصحابه وغيرهم فكثر جمعه، فسار
نحو دقوقا (3) وعليها أبو ضرغامة العجلي في سبعمائة فارس، فخرج إليه فلقيه
فاقتتلوا، فانهزم أبو ضرغامة ودخل قصر دقوقا فحصره أبو السرايا وأخرجه من
القصر بالأمان وأخذ ما عنده من الأموال، وسار إلى الأنبار وعليها إبراهيم الشروي
مولى المنصور، فقتله أبو السرايا وأخذ ما فيها، وسار عنها ثم عاد إليها بعد إدراك
الغلال فاحتوى عليها، ثم ضجر من طول السري في البلاد فقصد الرقة، فمر بطوق
ابن مالك التغلبي وهو يحارب القيسية، فأعانه عليهم وأقام معه أربعة أشهر يقاتل
على غير طمع إلا للعصبية الربيعية على المضرية، فظفر طوق وانقادت له قيس.



1 - الخرمية: طائفة تنسب إلى بابك الخرمي.
2 - عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة، وتشتهر بكثرة التمر. معجم البلدان: 4 /
176.
3 - قال في معجم البلدان: 2 / 459: داقوقاء: بفتح أوله وضم ثانيه، وبعد الواو قاف أخرى
وألف ممدودة ومقصورة، مدينة بين إربل وبغداد معروفة.
407
وسار عنه أبو السرايا إلى الرقة (1)، فلما وصلها لقيه محمد بن إبراهيم المعروف
بابن طباطبا فبايعه وقال له: انحدر أنت في الماء وأسير أنا على البر حتى نوافي
الكوفة، فدخلاها.
أول ما ابتدأ أبو السرايا بقصر العباس بن موسى بن عيسى، فأخذ ما فيه من
الأموال والجواهر، وكان عظيما لا يحصى وبايعهم أهل الكوفة.
وقيل: كان سبب خروجه: أن أبا السرايا كان من رجال هرثمة فمطله بأرزاقه،
فغضب ومضى إلى الكوفة فبايع ابن طباطبا وأخذ الكوفة واستوسق له أهلها، وأتاه
الناس من نواحي الكوفة والأعراب فبايعوه، وكان العامل عليها الحسن بن سهل بن
سليمان بن المنصور، فلامه الحسن ووجه زهير بن المسيب الضبي إلى الكوفة في
عشرة آلاف فارس وراجل، فخرج إليه ابن طباطبا وأبو السرايا فواقعوه في قرية
شاهي، فهزموه واستباحوا عسكره.
وكانت الوقعة سلخ جمادي الآخرة، فلما كان الغد مستهل رجب مات محمد
ابن إبراهيم بن طباطبا فجأة، سمه أبو السرايا، وكان سبب ذلك: أنه لما غنم ما في
عسكر زهير منع عنه أبو السرايا وكان الناس له مطيعين، فعلم أبو السرايا أنه لا حكم
له معه، فسمه فمات وأخذ مكانه غلام أمرد يقال له: محمد بن محمد بن زيد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان الحكم إلى أبي السرايا، ورجع
زهير إلى قصر ابن هبيرة فأقام به، ووجه الحسن بن سهل عبدوس بن محمد بن أبي
خالد المروروذي في أربعة آلاف فارس، فخرج إليه أبو السرايا فلقيه بالجامع (2)
لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب، فقتل عبدوسا ولم يفلت من أصحابه أحد، كانوا
بين قتيل وأسير وانتشر الطالبيون في البلاد، وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة،
وسير جيوشه إلى البصرة وواسط ونواحيهما، فولى البصرة العباس بن محمد بن
عيسى بن محمد الجعفري، وولى مكة الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن
علي الذي يقال له: الأفطس، وجعل إليه الموسم، وولى اليمن إبراهيم بن موسى بن



1 - الرقة: بفتح أوله وثانيه وتشديده، وأصله كل أرض إلى جنب واد ينبسط عليها
الماء، وهي مدينة مشهورة على الفرات، بينها وبين حران ثلاثة أيام، معدودة في بلاد
الجزيرة لأنها من جانب الفرات الشرقي. معجم البلدان: 3 / 58.
2 - الجامع: من قرى الغوطة. معجم البلدان: 2 / 96.
408
جعفر، وولى فارس إسماعيل بن موسى بن جعفر، وولى الأهواز زيد بن موسى بن
جعفر، فسار إلى البصرة وغلب عليها وأخرج عنها العباس بن محمد الجعفري
ووليها مع الأهواز.
ووجه أبو السرايا محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي إلى
المدائن، وأمره أن يأتي بغداد من الجانب الشرقي، فأتى المدائن وأقام بها، وسير
عسكره إلى ديالى، وكان بواسط عبد الله بن سعيد الحرشي واليا عليها من قبل
الحسن بن سهل، فانهزم من أصحاب أبي السرايا إلى بغداد.
فلما رأى الحسن أن أصحابه لا يلبثون لأصحاب أبي السرايا، أرسل إلى هرثمة
يستدعيه لمحاربة أبي السرايا، وكان قد سار إلى خراسان مغاضبا للحسن، فحضر
بعد امتناع وسار إلى الكوفة في شعبان، وسير الحسن إلى المدائن وواسط علي بن
سعيد، فبلغ الخبر أبا السرايا وهو بقصر ابن هبيرة، فوجه جيشا إلى المدائن فدخلها
أصحابه في رمضان، وتقدم حتى نزل بنهر صرصر (1) وجاء هرثمة فعسكر بإزائه
بينهما النهر.
وسار علي بن سعيد في شوال إلى المدائن، فقاتل بها أصحاب أبي السرايا
فهزمهم واستولى على المدائن، وبلغ الخبر أبا السرايا فرجع من نهر صرصر إلى قصر
ابن هبيرة فنزل به، وسار هرثمة في طلبه فوجد جماعة من أصحابه فقتلهم ووجه
رؤوسهم إلى الحسن بن سهل، ونازل هرثمة أبا السرايا فكانت بينهما وقعة، قتل فيها
جماعة من أصحاب أبي السرايا فانحاز إلى الكوفة، ووثب من معه من الطالبيين على
دور بني العباس ومواليهم وأتباعهم، فهدموها وانتهبوها وخربوا ضياعهم
وأخرجوهم من الكوفة وعملوا أعمالا قبيحة واستخرجوا الودائع التي كانت لهم عند
الناس.
وكان هرثمة يخبر الناس أنه يريد الحج، وحبس من قدم للحج من خراسان
وغيرها ليكون هو أمير الموسم، ووجه إلى مكة داود بن عيسى بن موسى بن عيسى
ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وكان الذي وجهه أبو السرايا إلى مكة
حسين بن حسن الأفطس بن علي بن علي بن الحسين بن علي (عليه السلام)، ووجه أيضا إلى



1 - صرصر: قريتان من سواد بغداد على ضفة نهر عيسى، معجم البلدان: 3 / 401.
409
المدينة محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن علي فدخلها، ولم يقاتله بها أحد.
ولما بلغ داود بن عيسى توجيه أبي السرايا حسين بن حسن إلى مكة لإقامة
الموسم، جمع أصحاب بني العباس ومواليهم، وكان مسرور الكبير قد حج في
مائتي فارس فتعبأ للحرب وقال لداود: أقم إلى شخصك أو بعض ولدك وأنا أكفيك.
فقال: لا أستحل القتال في المحرم، والله لئن دخلوها من هذا الفج لأخرجن من
غيره.
وانحاز داود إلى ناحية المشاش (1) وافترق الجمع الذين كان جمعهم، وخاف
مسرور أن يقاتلهم، فخرج في أثر داود راجعا إلى العراق وبقي الناس بعرفة، فصلى
بهم رجل من عرض الناس بغير خطبة ودفعوا من عرفة بغير إمام، وكان حسين بن
حسن بسرف (2) يخاف دخول مكة حتى خرج إليه قوم أخبروه أن مكة قد خلت من
بني العباس، فدخلها في عشرة أنفس فطافوا بالبيت وبين الصفا والمروة ومضوا إلى
عرفة، فوقفوا ليلا ثم رجعوا إلى مزدلفة فصلى بالناس الصبح وأقام بمنى أيام الحج،
وبقي بمكة إلى أن انقضت السنة.
وكذلك أيضا أقام محمد بن سليمان بالمدينة حتى انقضت السنة، وأما هرثمة
فإنه نزل بقرية شاهي (3) ورد الحاج واستدعى المنصور بن المهدي وكاتب رؤساء
أهل الكوفة.
وأما علي بن سعيد فإنه توجه من المدائن إلى واسط فأخذها، وتوجه إلى
البصرة فلم يقدر على أخذها هذه السنة.
وفي سنة 200 هرب أبو السرايا من الكوفة، وكان قد حصره فيها ومن معه
هرثمة وجعل يلازم قتالهم حتى ضجروا وتركوا القتال، فلما رأى ذلك أبو السرايا تهيأ
للخروج من الكوفة فخرج في ثمانمائة فارس، ومعه محمد بن محمد بن زيد



1 - المشاش: بالضم، نهر يجري من جبال الطائف إلى جبال عرفات ويصل إلى
مكة، معجم البلدان: 5 / 131.
2 - سرف: بالفتح ثم الكسر، وآخره فاء، موضع على ستة أميال من مكة، بنى به رسول
الله (صلى الله عليه وآله) بميمونة بنت الحارث وفيه ماتت، معجم البلدان: 3 / 212.
3 - قرية شاهي: قرية بسواد الكوفة، وقيل: موضع قرب القادسية. معجم البلدان: 3 /
316، المجدي: 170.
410
ودخلها هرثمة فأمن أهلها ولم يتعرض إليهم، وكان هربه سادس عشر المحرم، وأتى
القادسية وسار منها إلى السوس (1) بخوزستان، فلقي مالا قد حمل من الأهواز
فأخذه وقسمه بين أصحابه.
وأتاه الحسن بن علي المأموني فأمره بالخروج من عمله وكره قتاله، فأبى أبو
السرايا إلا قتاله، فقاتله فهزمهم المأموني وجرحه وتفرق أصحابه، وسار هو ومحمد
ابن محمد وأبو الشوك نحو منزل أبي السرايا برأس عين، فلما انتهوا إلى جلولاء (2)
ظفر بهم حماد الكندغوش فأخذهم وأتى بهم الحسن بن سهل وهو بالنهروان، فقتل
أبا السرايا وبعث رأسه إلى المأمون، ونصبت جثته على جسر بغداد، وسير محمد
ابن محمد إلى المأمون.
وأما هرثمة فإنه أقام بالكوفة يوما واحدا وعاد، واستخلف بها غسان بن أبي
الفرج أبا إبراهيم ابن غسان صاحب حرس والي خراسان، هذه رواية ابن الأثير في
حوادث سنة 199 وسنة 200 (3).
وأما ابن جرير الطبري في تاريخه وأبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين،
فإنهما يرويان الحادثة بوجه آخر يختلف مع ما ذكرناه اختلافا يسيرا (4).
22 - حادثة إبراهيم بن المهدي وحميد بن عبد الحميد:
كان بقصر ابن هبيرة حميد بن عبد الحميد عاملا للحسن بن سهل، ومعه من
القواد سعيد بن الساجور، وأبو البط، وغسان بن أبي الفرج، ومحمد بن إبراهيم
الأفريقي وغيرهم، فكاتبوا إبراهيم بن المهدي العباسي على أن يأخذوا له قصر ابن
هبيرة، وكانوا قد تحرفوا عن حميد، وكتبوا إلى الحسن بن سهل يخبرونه أن حميدا
يكاتب إبراهيم، وكان حميد يكتب فيهم بمثل ذلك.



1 - وهي تعريب الشوش، وفيها قبر النبي دانيال (عليه السلام). معجم البلدان: 3 / 280.
2 - جلولاء: تقع في طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ. معجم البلدان: 2 /
156.
3 - الكامل في التاريخ: 6 / 302 - 310.
4 - مقاتل الطالبيين: 344، تاريخ الطبري: 7 / 117.
411
فكتب الحسن إلى حميد يستدعيه إليه، فلم يفعل، خاف أن يسير إليه فيأخذ
هؤلاء القواد ماله وعسكره ويسلمونه إلى إبراهيم، فلما ألح الحسن عليه بالكتب سار
إليه في ربيع الآخر، وكتب أولئك القواد إلى إبراهيم لينفذ إليهم عيسى بن محمد بن
أبي خالد، فوجهه إليهم فانتهبوا ما في عسكر حميد، فكان مما أخذوا له مائة بدرة،
وأخذ ابن حميد جواري أبيه وسار إليه وهو بعسكر الحسن، ودخل عيسى القصر
وتسلمه لعشر خلون من ربيع الآخر سنة 202، فقال حميد للحسن: ألم أعلمك
لكنك خدعت؟
وعاد إلى الكوفة فأخذ أمواله واستعمل عليها العباس بن موسى بن جعفر
العلوي، وأمره أن يدعو لأخيه علي بن موسى (عليه السلام) بعد المأمون وأعانه بمائة ألف
درهم، وقال له: قاتل عن أخيك فإن أهل الكوفة يجيبونك إلى ذلك وأنا معك.
فلما كان الليل خرج حميد إلى الحسن، وكان الحسن قد وجه حكيما الحارثي
إلى النيل، فسار إليه عيسى بن محمد فاقتتلوا فانهزم حكيم، فدخل عيسى النيل
ووجه إبراهيم إلى الكوفة سعيدا وأبا البط لقتال العباس بن موسى، وكان العباس قد
دعا أهل الكوفة فأجابه بعضهم.
وأما الشيعة فإنهم قالوا: إن كنت تدعونا لأخيك وحده فنحن معك، وأما
المأمون فلا حاجة لنا فيه.
فقال: إنما أدعو للمأمون وبعده لأخي، فقعدوا عنه.
فلما أتاه سعيد وأبو البط ونزلوا قرية شاهي، بعث إليهم العباس ابن عمه علي
ابن محمد بن جعفر وهو ابن الذي بويع له بمكة، وبعث معه جماعة منهم أخو أبي
السرايا فاقتتلوا ساعة فانهزم علي بن محمد العلوي وأهل الكوفة، ونزل سعيد
وأصحابه الحيرة، وكان ذلك ثاني جمادي الأولى.
ثم تقدموا فقاتلوا أهل الكوفة، وخرج إلى شيعة بني العباس ومواليهم فاقتتلوا
إلى الليل، وكان شعارهم: يا أبا إبراهيم يا منصور لا طاعة للمأمون، وعليهم السواد
وعلى أهل الكوفة الخضرة، فلما كان الغد اقتتلوا، وكان كل فريق منهم إذا غلب على
شيء أحرقه ونهبه، فلما رأى ذلك رؤساء أهل الكوفة خرجوا إلى سعيد فسألوه
الأمان للعباس وأصحابه، فأمنهم على أن يخرجوا من الكوفة فأجابوه إلى ذلك.
ثم أتو العباس فأعلموه ذلك فقبل منهم، وتحول عن داره، فشغب أصحاب

412
العباس بن موسى على من بقي من أصحاب سعيد وقاتلوهم، فانهزم أصحاب سعيد
إلى الخندق، ونهب أصحاب العباس دور عيسى بن موسى وأحرقوا وقتلوا من
ظفروا به، فأرسل العباسيون إلى سعيد وهو بالحيرة يخبرونه أن العباس بن موسى
قد رجع عن الأمان، فركب سعيد وأصحابه وأتوا الكوفة عتمة، فقتلوا من ظفروا به
ممن انتهب وأحرقوا ما معهم من النهب، فمكثوا عامة الليل، فخرج إليهم رؤساء
الكوفة فأعلموهم أن هذا فعل الغوغاء وأن العباس لم يرجع عن الأمان فانصرفوا
عنهم.
فلما كان الغد دخلها سعيد وأبو البط، ونادوا بالأمان ولم يتعرضوا إلى أحد،
وولوا على الكوفة الفضل بن محمد بن الصباح الكندي، ثم عزلوه لميله إلى بلده،
واستعملوا مكانه غسان بن أبي الفرج، ثم عزلوه بعدما قتل أبا عبد الله أخا أبي
السرايا، واستعملوا الهول ابن أخي سعيد فلم يزل عليها حتى قدمها حميد بن عبد
الحميد فهرب الهول، وأمر إبراهيم بن المهدي عيسى بن محمد أن يسير إلى ناحية
واسط على طريق النيل، وأمر ابن عائشة الهاشمي ونعيم بن حازم أن يسيرا جميعا،
ولحق بهما سعيد وأبو البط والإفريقي، وعسكروا جميعا بالصيادة قرب واسط
عليهم جميعا عيسى بن محمد، فكانوا يركبون ويأتون عسكر الحسن بواسط فلا
يخرج إليهم منهم أحد وهم متحصنون بالمدينة.
ثم إن الحسن أمر أصحابه بالخروج إليهم، فخرجوا إليهم لأربع بقين من رجب،
فاقتتلوا قتالا شديدا إلى الظهر، وانهزم عيسى وأصحابه حتى بلغوا طرنايا والنيل،
وغنموا عسكر عيسى وما فيه (1).
23 - حادثة يحيى بن عمر العلوي:
كان يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن الإمام
علي بن أبي طالب (عليه السلام) يكنى أبا الحسين، وكانت أمه فاطمة بنت الحسين بن عبد
الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وكان فارسا شجاعا شديد
البدن مجتمع القلب، بعيدا من رهق الشباب وما يعاب به مثله، وكان له عمود من



1 - الكامل في التاريخ: 6 / 342 - 344.
413
حديد ثقيل يكون معه في منزله، وكان ربما سخط على العبد أو الأمة من حشمه
فيلوي العمود في عقنه، فلا يقدر أحد أن يحله عنه حتى يحله يحيى.
ظهر يحيى بالكوفة أيام المستعين العباسي، وكان سبب ظهوره على ما ذكره ابن
الأثير من تاريخه في حوادث سنة 250: هو أنه نالته ضيقه ولزمه دين ضاق به
ذرعا، فلقي عمر بن الفرج الرخمي، وهو يتولى أمر الطالبيين عند مقدمه من
خراسان أيام المتوكل، فكلمه في صلته فأغلظ له عمر القول وحبسه، فلم يزل
محبوسا حتى كفله أهله فأطلق، فسار إلى بغداد فأقام بها بحال سيئة، ثم رجع إلى
سامراء فلقي وصيفا في رزق يجري له فأغلظ له وصيف وقال: لأي شيء يجري
على مثلك.
فانصرف عنه إلى الكوفة وبها أيوب بن الحسن بن موسى بن جعفر بن سليمان
الهاشمي عامل محمد بن عبد الله بن طاهر، فجمع أبو الحسين يحيى جمعا كثيرا من
الأعراب وأهل الكوفة وأتى الفلوجة فكتب صاحب البريد بخبره إلى محمد بن عبد
الله بن طاهر، فكتب محمد إلى أيوب وعبد الله بن محمود السرخسي عامله على
معاون السواد يأمرهما بالاجتماع على محاربة يحيى بن عمر.
فمضى يحيى إلى بيت مال الكوفة يأخذ الذي فيه، وكان فيما قيل: ألفي دينار
وسبعين ألف درهم، وأظهر أمره بالكوفة وفتح السجون وأخرج من فيها وأخرج
العمال عنها، فلقيه عبد الله بن محمود السرخسي فيمن معه، فضربه يحيى بن عمر
ضربة على وجهه أثخنه بها، فانهزم عبد الله وأخذ أصحاب يحيى ما كان معهم من
الدواب والمال.
وخرج يحيى إلى سواد الكوفة وتبعه جماعة من الزيدية وجماعة من أهل تلك
النواحي إلى ظهر واسط، وأقام بالبستان فكثر جمعه، فوجه محمد بن عبد الله إلى
محاربته الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب في جمع من أهل
النجدة والقوة، فسار إليه فنزل في وجهه لم يقدم عليه، فسار يحيى والحسين في
أثره حتى نزل الكوفة، ولقيه عبد الرحمن بن الخطاب المعروف بوجه الفلس قبل
دخولها، فقاتله وانهزم عبد الرحمن إلى ناحية شاهي، ووافاه الحسين فنزلا بشاهي.
واجتمعت الزيدية إلى يحيى بن عمر، ودعا بالكوفة إلى الرضا من آل
محمد (صلى الله عليه وآله)، فاجتمع الناس إليه وأحبوه وتولاه العامة من أهل بغداد، ولا يعلم أنهم

414
ولوا أحدا من بيته سواه، وبايعه جماعة من أهل الكوفة ممن له تدبير وبصيرة في
تشيعهم، ودخل فيهم أخلاط لا ديانة لهم، وأقام الحسين بن إسماعيل بشاهي
واستراح واتصلت بهم الأمداد.
وأقام يحيى بالكوفة يعد العدد ويصلح السلاح، فأشار عليه جماعة من الزيدية
ممن لا علم له بالحرب بمعاجلة الحسين بن إسماعيل وألحوا عليه، فزحف إليه ليلة
الاثنين لثلاث عشرة خلت من رجب، ومعه الهيثم العجلي وغيره، ورجالة من أهل
الكوفة ليس لهم علم ولا شجاعة، وأسروا ليلتهم وصبحوا حسينا وهو مستريح، فثار
بهم في الغلس، وحمل عليهم أصحاب الحسين فانهزموا ووضعوا فيهم السيف،
وكان أول أسير الهيثم العجلي، وانهزم رجالة أهل الكوفة وأكثرهم بغير سلاح،
فداستهم الخيل وانكشف العسكر عن يحيى بن عمر وعليه جوشن قد تقطر به
فرسه، فوقف عليه ابن لخالد بن عمران فقال له: خير، فلم يعرفه، وظنه رجلا من
أهل خراسان لما رأى عليه الجوشن، فأمر رجلا فنزل إليه فأخذ رأسه وعرفه رجل
كان معه، وسير الرأس إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، وادعى قتله غير واحد، فسير
محمد الرأس إلى المستعين، فنصب بسامراء لحظة ثم حطه ورده إلى بغداد لينصب
بها، فلم يقدر محمد على ذلك لكثرة من اجتمع من الناس، فخاف أن يأخذوه، فلم
ينصبه وجعله في صندوق في بيت السلاح.
ووجه الحسين بن إسماعيل برؤوس من قتل وبالأسرى فحبسوا ببغداد، وكتب
محمد بن عبد الله يسأل العفو عنهم، فأمر بتخليتهم وأن تدفن الرؤوس ولا تنصب،
ففعل ذلك.
ولما وصل الخبر بقتل يحيى، جلس محمد بن عبد الله يهنأ بذلك، فدخل عليه
داود بن القسم أبو هاشم الجعفري فقال: أيها الأمير إنك لتهنأ بقتل رجل لو كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيا لعزي به.
فما رد عليه محمد شيئا، فخرج داود وهو يقول:
يا بني طاهر كلوه وبيئا * إن لحم النبي غير مري
إن وترا يكون طالبه الل‍ * - ه لوتر نجاحه بالحري
وأكثر الشعراء مراثي يحيى لما كان عليه من حسن السيرة والديانة، فمن ذلك قول
بعضهم:

415
بكت الخيل شجوها بعد يحيى * وبكاه المهند المصقول
وبكته العراق شرقا وغربا * وبكاه الكتاب والتنزيل
والمصلى والبيت والركن والح‍ * - جر جميعا له عليه عويل
كيف لم تسقط السماء علينا * يوم قالوا أبو الحسين قتيل
وبنات النبي تبدين شجوا * موجعات دموعهن همول
قطعت وجهه سيوف الأعادي * بأبي وجهه الوسيم الجميل
إن يحيى أبقى بقلبي غليلا * سوف يودي بالجسم ذاك الغليل
قتله مذكر لقتل علي * وحسين ويوم أوذي الرسول
صلوات الإله وقفا عليهم * ما بكى موضع وحن ثكول (1).
وأورد أبو الفرج في المقاتل قصيدة في 110 بيتا لعلي بن العباس الرومي في رثاء
يحيى، يقول في أولها:
أمامك فانظر أي نهجيك تنهج * طريقان شتى مستقيم وأعوج
ألا أيهذا الناس طال ضريركم * بآل رسول الله فاخشوا أو إرتجوا
(أفي كل يوم) (2) للنبي محمد * قتيل زكي بالدماء مضرج
تبيعون فيه الدين شر أئمة * فلله دين الله قد كان يمرج
إلى أن قال:
أبعد المكنى بالحسين شهيدكم * تضيء مصابيح السماء فتسرج (3).
وقد أورد أيضا في المقاتل قصائد أخر في رثائه فراجع (4).



1 - الكامل في التاريخ: 7 / 126 - 130.
2 - في المصدر: (أكل أوان).
3 - مقاتل الطالبيين: 424 - 428.
4 - مقاتل الطالبيين: 429 - 430.
416
24 - حادثة الحسين بن أحمد الطالبي:
ظهر بالكوفة سنة 251 رجل من الطالبيين اسمه: الحسين بن (أحمد) (1) بن
حمزة بن عبد الله بن (2) الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، واستخلف بها محمد
ابن جعفر بن حسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)،
يكنى أبا أحمد، فوجه إليه المستعين العباسي مزاحم بن خاقان، وكان الحسين
بسواد الكوفة في جماعة من بني أسد ومن الزيدية، وأجلى عنها عامل الخليفة وهو
أحمد بن نصير بن حمزة بن مالك الخزاعي إلى قصر ابن هبيرة.
واجتمع مزاحم وهشام بن أبي دلف العجلي، فسار مزاحم إلى الكوفة فحمل
أهل الكوفة العلوية على قتالهما ووعدهم النصرة، فتقدم مزاحم وقاتلهم، وكان قد
سير قائدا معه جماعة، فأتى أهل الكوفة من ورائهم فأطبقوا عليهم فلم يفلت منهم
واحد، ودخل الكوفة فرماه أهلها بالحجارة فأحرقها بالنار، فاحترق منها سبعة
أسواق حتى خرجت النار إلى السبيع (3)، ثم هجم على الدار التي فيها الحسين
فهرب، وأقام المزاحم بالكوفة، فأتاه كتاب المعتز يدعوه إليه فسار إليه (4).
25 - حادثة علي بن زيد العلوي:
ظهر بالكوفة سنة 256 رجل من العلويين اسمه: علي بن زيد بن الحسين بن
عيسى بن زيد بن علي بن الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأمه بنت
القاسم بن عقيل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنه)،
استولى على الكوفة وبايعه نفر من عوامها وأعرابها، ولم يكن للزيدية وأهل الفضل
والوجوه فيه هوى، أخرج عن الكوفة نائب الخليفة واستقر بها، فسير إليه الشاه بن



1 - كذا في الكامل في التاريخ، وفي المقاتل والطبري والبداية: (محمد).
2 - في بعض المصادر زيادة: (الحسين بن علي بن)
3 - السبيع: موضع بالكوفة. معجم البلدان: 2 / 275.
4 - انظر: مقاتل الطالبيين: 430، تاريخ الطبري: 7 / 477، البداية والنهاية: 11 /
13، الكامل في التاريخ: 7 / 164 - 165.
417
ميكال في جيش كثير فالتقوا واقتتلوا، فانهزم الشاه وقتل جماعة كثيرة من أصحابه
ونجا الشاه.
ثم وجه المعتمد إلى محاربته كيجور التركي وأمره أن يدعوه إلى الطاعة وبذل له
الأمان، فطلب علي بن زيد أمورا لم يجبه إليها كيجور، فتنحى علي بن زيد عن
الكوفة إلى القادسية فعسكر بها، ودخل كيجور إلى الكوفة ثالث شوال من
السنة، ومضى علي بن زيد إلى خفان (1) ودخل بلاد بني أسد، وكان قد صاهرهم،
وأقام هناك ثم سار إلى جنبلاء (2)، وبلغ كيجور خبره فأسرى إليه من الكوفة سلخ
ذي الحجة من السنة، فواقعه فانهزم علي بن زيد وطلبه كيجور، وقتل نفرا من
أصحابه وأسر آخرين، وعاد كيجور إلى الكوفة، فلما استقامت أمورها عاد إلى سر
من رأى بغير أمر الخليفة، فوجه إليه الخليفة نفرا من القواد فقتلوه بعكبرا في ربيع
الأول سنة 257 (3).
26 - حادثة القرامطة:
كان ابتداء أمرهم: أن رجلا منهم قدم من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة
فكان بموضع يقال له: النهرين، يظهر الزهد والتقشف ويسف الخوص ويأكل من
كسب يده ويكثر الصلاة، فأقام على ذلك مدة، فكان إذا قعد إليه رجل ذاكره أمر
الدين وزهده في الدنيا، وأعلمه أن الصلاة المفروضة على الناس خمسون صلاة في
كل يوم وليلة، حتى فشا ذلك بموضعه، ثم أعلمهم أنه يدعو إلى إمام من آل بيت
الرسول، فلم يزل على ذلك حتى استجاب له جمع كثير.
وكان يقعد إلى بقال هناك، فجاء قوم إلى البقال يطلبون منه رجلا يحفظ عليهم
ما صرموا من نخلهم، فدلهم عليه وقال لهم: إن أجابكم إلى حفظ تمركم فإنه بحيث



1 - خفان: بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، موضع قرب الكوفة يسلكه الحاج
أحيانا، وقيل: هو فوق القادسية. معجم البلدان: 2 / 379.
2 - جنبلاء: بضمتين، وثانيه ساكن، وهو منزل بين واسط والكوفة. معجم البلدان: 2 /
168.
3 - مقاتل الطالبيين: 435، تاريخ ابن خلدون: 3 / 339، الكامل في التاريخ: 7 / 239.
418
تحبون.
فكلموه في ذلك، فأجابهم على أجرة معلومة، فكان يحفظ لهم ويصلي أكثر
نهاره ويصوم، ويأخذ عند إفطاره من البقال رطل تمر فيفطر عليه ويجمع نوى ذلك
التمر ويعطيه البقال، فلما حمل التجار تمرهم حاسبوا أجيرهم عند البقال ودفعوا
إليه أجرته، وحاسب الأجير البقال على ما أخذ منه من التمر وحط ثمن النوى،
فسمع أصحاب التمر محاسبته للبقال بثمن النوى فضربوه وقالوا له: ألم ترض بأكل
تمرنا حتى بعت النوى؟
فقال لهم البقال: لا تفعلوا، وقص عليهم القصة، فندموا على ضربه واستحلوا
منه ففعل، وازداد بذلك عند أهل القرية لما وقفوا عليه من زهده.
ثم مرض فمكث على الطريق مطروحا، وكان في القرية رجل أحمر العينين
يحمل على أثوار له يسمونه: كرميتة، لحمرة عينيه، وهو بالنبطية: أحمر العين،
فكلم البقال الكرميتة في حمل المريض إلى منزله والعناية به، ففعل، وأقام عنده
حتى برأ، ودعا أهل تلك الناحية إلى مذهبه فأجابوه، وكان يأخذ من الرجل إذا
أجابه دينارا، ويزعم أنه للإمام، واتخذ منهم اثني عشر نقيبا أمرهم أن يدعوا الناس
إلى مذهبهم وقال: أنتم كحواري عيسى بن مريم.
فاشتغل أهل كور تلك الناحية عن أعمالهم بما رسم لهم من الصلوات.
وكان للهيثم في تلك الناحية ضياع، فرأى تقصير الأكرة في عمارتها فسأل عن
ذلك فأخبر بخبر الرجل، فأخذه وحبسه وحلف أن يقتله لما اطلع على مذهبه.
وأغلق باب البيت عليه وجعل مفتاح البيت تحت وسادته واشتغل بالشرب،
فسمع بعض من في الدار من الجواري بحبسه، فرقت للرجل، فلما نام الهيصم
أخذت المفتاح وفتحت الباب وأخرجته ثم أعادت المفتاح إلى مكانه، فلما أصبح
الهيصم فتح الباب ليقتله فلم يجده، وشاع ذلك في الناس فافتتن أهل تلك الناحية
وقالوا: رفع.
ثم ظهر في ناحية أخرى ولقي جماعة من أصحابه وغيرهم وسألوه عن قصته
فقال: لا يمكن أحدا أن ينالني بسوء.
فعظم في أعينهم، ثم خاف على نفسه فخرج إلى ناحية الشام، فلم يوقف له
على خبر، وسمي باسم الرجل الذي كان في داره: كرميتة صاحب الأثوار، ثم خفف

419
فقيل: قرمط، هذا ذكره بعض أصحاب زكرويه عنه.
وقيل: إن قرمط لقب رجل كان بسواد الكوفة، ووقف الطائي أحمد بن محمد
على أمرهم فجعل على الرجل منهم في السنة دينارا، فقدم قوم من الكوفة فرفعوا
أمر القرامطة والطائي إلى السلطان وأخبروه أنهم قد أحدثوا دينا غير دين الإسلام،
وأنهم يرون السيف على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) إلا من بايعهم، فلم يلتفت إليهم ولم يسمع
قولهم.
وكان فيما حكي عن القرامطة من مذهبهم: أنهم جاؤوا بكتاب فيه: بسم الله
الرحمن الرحيم يقول الفرج بن عثمان وهو من قرية يقال لها: نصرانة، داعية المسيح
وهو عيسى وهو الكلمة وهو المهدي وهو أحمد بن محمد بن الحنفية وهو
جبرئيل، وذكر أن المسيح تصور له في جسم إنسان وقال له: إنك الداعية وإنك
الحجة وإنك الناقة وإنك الدابة وإنك يحيى بن زكريا وإنك روح القدس، وعرفه أن
الصلاة أربع ركعات ركعتان قبل طلوع الشمس، وركعتان بعد غروبها، وأن الأذان في
كل صلاة أن يقول المؤذن:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن آدم رسول الله،
أشهد أن نوحا رسول الله، أشهد أن إبراهيم رسول الله، أشهد أن موسى رسول الله،
أشهد أن عيسى رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن أحمد بن محمد
ابن الحنفية رسول الله، وأن يقرأ في كل ركعة الاستفتاح وهي من المنزل على أحمد
ابن محمد بن الحنفية، والقبلة إلى بيت المقدس، وأن الجمعة يوم الاثنين لا يعمل
فيه شيء والسورة: الحمد لله بكلمته وتعالى باسمه المتخذ لأوليائه بأوليائه، قل إن
الأهلة مواقيت للناس، ظاهرها ليعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام،
وباطنها أوليائي الذين عرفوا عبادي سبيلي، إتقوني يا أولي الألباب، وأنا الذي لا
أسئل عما أفعل وأنا العليم الحكيم، وأنا الذي أبلو عبادي وأمتحن خلقي فمن صبر
على بلائي ومحنتي وإختباري، ألقيته في جنتي وأخلدته في نعمتي، ومن زال عن
أمري وكذب رسلي أخذته مهانا في عذابي وأتممت أجلي وأظهرت أمري على
ألسنة رسلي، وأنا الذي لم يعل علي جبار إلا وضعته ولا عزيز إلا أذللته، وليس الذي
أصر على أمره ودام على جهالته، وقالوا: لن نبرح عليه عاكفين وبه موقنين أولئك
هم الكافرون، ثم يركع ويقول في ركوعه: سبحان ربي رب العزة وتعالى عما يصف

420
الظالمون، يقولها مرتين، فإذا سجد قال: الله أعلى الله أعلى الله أعظم الله أعظم.
ومن شريعته أن يصوم يومين في السنة، وهما المهرجان والنيروز، وأن النبيذ
حرام والخمر حلال، ولا غسل من جنابة إلا الوضوء كوضوء الصلاة، وأن من حاربه
وجب قتله، ومن لم يحاربه ممن يخالفه أخذ منه الجزية، ولا يأكل كل ذي ناب ولا
كل ذي مخلب.
وكان مسير قرمط إلى سواد الكوفة قبل قتل صاحب الزنج، فسار قرمط إليه وقال
له: إني على مذهب ورأي، ومعي مائة ألف ضارب سيف فتناظرني فإن اتفقنا على
المذهب ملت إليك بمن معي وإن تكن الأخرى انصرفت عنك.
فتناظرا فاختلفت آراؤهما فانصرف قرمط عنه.
هذا ما أورده ابن الأثير في شرح حالهم في حوادث سنة 278 ج 7 (1)، وقريب
منه ما أورده ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس (2).
وقيل: إنما عرف حمدان هذا بقرمط، من أجل قصر قامته وقصر رجليه وتقارب
خطوه (3)، وكان يقال له: صاحب الخال، والمدثر، والمطوق، وكان ابتداء أمره في
سنة 264 وحيث كان ظهوره بسواد الكوفة اشتهر مذهبه بالعراق، ثم قام بالبحرين
منهم أبو سعيد بن بهرام الجنابي من أهل جنابة وذلك في سنة 288، قتله خادمه في
الحمام بهجر سنة 301، وولي الأمر بعده ابنه أبو طاهر سليمان فقوي أمره إلى أن
مات بالجدري في هجر سنة 332 (4).
لما عبثت القرامطة في البلاد الإسلامية ووصلوا إلى هيت وأهلها غافلون، نهبوا
ربضها وامتنع أهل المدينة بسورهم ونهبوا السفن وقتلوا من أهل المدينة مائتي نفس
ونهبوا الأموال والمتاع وأوقروا ثلاثة آلاف راحلة من الحنطة، وبلغ الخبر إلى
المكتفي العباسي فسير محمد بن إسحاق بن كنداج، فلم يقيموا لمحمد ورجعوا إلى
الماءين، فنهض محمد خلفهم فوجدهم قد غوروا المياه فأنفذ إليه من بغداد الأزواد



1 - الكامل في التاريخ: 7 / 444 - 449.
2 - تلبيس إبليس: 105.
3 - فهرست ابن النديم: 238، أنساب السمعاني: 4 / 478، تاريخ ابن خلدون: 3 / 335.
4 - الأنساب للسمعاني: 2 / 89، تاريخ دمشق: 13 / 6، سير أعلام النبلاء، 13 / 470،
تاريخ ابن خلدون: 4 / 85.
421
والدواب وكتب ابن حمدان بالمسير إليهم من جهة الرحبة ليجتمع هو ومحمد على
الايقاع بهم ففعل ذلك.
فلما أحس الكلبيون بإقبال الجيش إليهم وثبوا بنصر فقتلوه، قتله رجل منهم
يقال له: الذئب بن القائم، وسار برأسه إلى المكتفي متقربا بذلك مستأمنا فأجيب
إلى ذلك وأجيز بجائزة سنية، وأمر بالكف عن قومه، واقتتلت القرامطة بعد نصر
حتى سالت بينهم الدماء، وسارت فرقة كرهت أمورهم إلى بني أسد بنواحي عين
التمر واعتذروا إلى الخليفة فقبل عذرهم، وبقي على الماءين بقيتهم ممن له بصيرة
في دينه، فكتب الخليفة إلى ابن حمدان يأمره بمعاودتهم واجتثاث أصلهم، فأرسل
إليهم زكرويه بن مهرويه داعية له يسمى: القاسم بن أحمد، ويعرف بأبي محمد
وأعلمهم أن فعل الذئب قد نفره منهم وأنهم قد ارتدوا عن الدين وأن وقت ظهورهم
قد حضر، وقد بايع له من أهل الكوفة أربعون ألفا، وأن يوم موعدهم الذي ذكره الله
في شأن موسى (ص) وعدوه فرعون إذ يقول: (موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس
ضحى) (1) ويأمرهم أن يخفوا أمرهم وأن يسيروا حتى يصبحوا الكوفة يوم النحر
سنة 293 فإنهم لا يمنعون منها، وأنه يظهر لهم وينجز لهم وعده الذي يعدهم إياه،
وأن يحملوا إليه القاسم بن أحمد.
فامتثلوا رأيه ووافوا باب الكوفة وقد انصرف الناس عن مصلاهم، وعاملهم
إسحق بن عمران ووصلوها في 800 فارس عليهم الدروع والجواشن والآلات
الحسنة وقد ضربوا على القاسم بن أحمد قبة وقالوا: هذا أثر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعوا
: يا لثارات الحسين، يعنون الحسين بن زكرويه المصلوب ببغداد، وشعارهم: يا
أحمد يا محمد، يعنون ابني زكرويه المقتولين، فأظهروا الأعلام البيض وأرادوا
استمالة رعاع الناس بالكوفة بذلك، فلم يمل إليهم أحد، فأوقع القرامطة بمن لحقوه
من أهل الكوفة وقتلوا نحوا من عشرين نفسا، وبادر الناس الكوفة وأخذوا السلاح،
ونهض بهم إسحق ودخل مدينة الكوفة من القرامطة مائة فارس فقتل منهم عشرين
نفسا، وأخرجوا عنها، وظهر إسحق وحاربهم إلى العصر، ثم انصرفوا نحو
القادسية، وعاثوا بالبلاد الإسلامية وقطعوا طريق الحاج على المسلمين وقتلوا منهم



1 - سورة طه: 59.
422
عددا كثيرا وقتل زكرويه سنة 294.
وفي سنة 312 دخل أبو طاهر القرمطي (1) إلى الكوفة، وكان سبب ذلك: أن أبا
طاهر أطلق من كان عنده من الأسرى الذين كان أسرهم من الحجاج وفيهم ابن
حمدان وغيره وأرسل إلى المقتدر يطلب البصرة والأهواز، فلم يجبه إلى
ذلك، فسار من هجر يريد الحاج، وكان جعفر بن ورقاء الشيباني متقلدا أعمال
الكوفة وطريق مكة، فلما سار الحاج من بغداد سار جعفر بين أيديهم خوفا من أبي
طاهر ومعه ألف رجل من بني شيبان، وسار مع الحاج من أصحاب السلطان ثمل
صاحب البحر وجني الصفواني وطريف السبكري وغيرهم في ستة آلاف رجل،
فلقي أبو طاهر القرمطي جعفر الشيباني فقاتله جعفر، فبينما هو يقاتله إذ طلع جمع
من القرامطة عن يمينه فانهزم من بين أيديهم فلقى القافلة الأولى وقد انحدرت من
العقبة فردهم إلى الكوفة ومعهم عسكر الخليفة، وتبعهم أبو طاهر إلى باب الكوفة
فقاتلهم فانهزم عسكر الخليفة، وقتل منهم وأسر جنيا الصفواني وهرب الباقون
والحجاج من الكوفة.
دخل الكوفة أبو طاهر وأقام ستة أيام بظاهرها يدخل البلد نهارا فيقيم بالجامع
إلى الليل ثم يخرج يبيت في عسكره، وحمل منها ما قدر على حمله من الأموال
والثياب وغير ذلك وعاد إلى هجر ودخل المنهزمون بغداد، فتقدم المقتدر إلى
مؤنس المظفر بالخروج إلى الكوفة فسار إليها فبلغها وقد عاد القرامطة عنها
فاستخلف عليها ياقوتا، وسار مؤنس إلى واسط خوفا عليها من أبي طاهر، وخاف
أهل بغداد وانتقل الناس إلى الجانب الشرقي ولم يحج في هذه السنة من الناس
أحد.
وفي سنة 315 وردت الأخبار بمسير أبي طاهر من هجر نحو الكوفة، ثم وردت
الأخبار من البصرة بأنه اجتاز قريبا منهم نحو الكوفة، فكتب المقتدر إلى يوسف بن
أبي الساج يعرفه هذا الخبر ويأمره بالمبادرة إلى الكوفة، فسار إليها عن واسط آخر
شهر رمضان، وقد أعد له بالكوفة الأنزال له ولعسكره، فلما وصلها أبو طاهر هرب
نواب السلطان عنها واستولى عليها أبو طاهر وعلى تلك الأنزال والعلوفات، وكان



1 - انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 15 / 320 رقم 159.
423
فيها مائة كر دقيقا وألف كر شعيرا، وكان قد فني ما معه من الميرة والعلوفة فقووا بما
أخذوه، ووصل يوسف إلى الكوفة بعد وصول القرمطي بيوم واحد فحال بينه وبينها
وكان وصوله يوم الجمعة ثامن شوال، فلما وصل إليهم أرسل إليهم يدعوهم إلى
طاعة المقتدر فإن أبوا فموعدهم الحرب يوم الأحد.
فقالوا: لا طاعة علينا إلا لله تعالى والموعد بيننا للحرب بكرة غد.
فلما كان الغد ابتدأ أوباش العسكر بالشتم ورمي الحجارة.
رأى يوسف قلة القرامطة فاحتقرهم وقال: إن هؤلاء الكلاب بعد ساعة في
يدي.
وتقدم بأن يكتب كتاب الفتح والبشارة بالظفر قبل اللقاء تهاونا بهم وزحف
الناس بعضهم إلى بعض، فسمع أبو طاهر أصوات البوقات والزعقات، فقال
لصاحب له: ما هذا؟
فقال: فشل.
قال: أجل، لم يزد على هذا.
فاقتتلوا من ضحوة النهار يوم السبت إلى غروب الشمس وصبر الفريقان، فلما
رأى أبو طاهر ذلك باشر الحرب بنفسه ومعه جماعة يثق بهم وحمل بهم فطحن
أصحاب يوسف ودقهم فانهزموا بين يديه وأسر يوسف وعددا كثيرا من أصحابه،
وكان أسره وقت المغرب وحملوه إلى عسكرهم، ووكل به أبو طاهر طبيبا يعالج
جراحه، وورد الخبر إلى بغداد بذلك، فخاف الخاص والعام من القرامطة خوفا
شديدا وعزموا على الهرب إلى حلوان وهمذان، ودخل المنهزمون بغداد أكثرهم
رجالة حفاة عراة، فبرز مؤنس المظفر ليسير إلى الكوفة فأتاهم الخبر بأن القرامطة قد
ساروا إلى عين التمر، فأنفذ من بغداد خمسمائة سميرية فيها المقاتلة لتمنعهم من
عبور الفرات، وسير جماعة من الجيش إلى الأنبار لحفظها ومنع القرامطة من العبور
هنالك.
ثم إن القرامطة عادوا من هيت إلى الكوفة، فبلغ الخبر إلى بغداد فأخرج هارون
ابن غريب وبني بن نفيس ونصر الحاجب إليها، ووصلت خيل القرمطي إلى قصر ابن
هبيرة فقتلوا منه جماعة، ثم انصرفوا إلى البرية.
وفي سنة 374 ورد إسحق وجعفر البحريان وهما من الستة القرامطة الذين

424
يلقبون بالسادة، فملكا الكوفة وخطبا لشرف الدولة فانزعج الناس لذلك لما في
النفوس من هيبتهم وبأسهم، وكان لهم من الهيبة ما أن عضد الدولة وبختيار أقطعاهم
الكثير، وكان نائبهم ببغداد - الذي يعرف بأبي بكر ابن شاهويه - يتحكم تحكم
الوزراء، فقبض عليه صمصام الدولة، فلما ورد القرامطة الكوفة كتب إليهما صمصام
الدولة يتلطفهما ويسألهما عن سبب حركتهما، فذكرا أن قبض نائبهم هو السبب في
قصدهم بلاده، وبثا أصحابهما وجبيا المال، ووصل أبو قيس الحسن بن المنذر إلى
الجامعين (1) وهو من أكابرهم، فأرسل صمصام الدولة العساكر ومعهم العرب فعبروا
الفرات إليه وقاتلوه فانهزم عنهم، وأسر أبو قيس وجماعة من قواده فقتلوا، فعاد
القرامطة وسيروا جيشا آخر في عدد كثير وعدة فالتقوا هم وعساكر صمصام الدولة
بالجامعين أيضا، فأجلت الوقعة عن هزيمة القرامطة، وقتل مقدمهم وغيره وأسر
جماعة ونهب سوادهم، فلما بلغ المنهزمون إلى الكوفة رحل القرامطة وتبعهم
العسكر إلى القادسية فلم يدركوهم، وزال من حينئذ ناموسهم (2).
27 - حادثة قرواش العقيلي وابن ثمال الخفاجي:
كان معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلد بن المسيب العقيلي من هوازن
صاحب الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات، وليها بعد مقتل أبيه سنة 391،
وكان أديبا شاعرا، أحسن تدبير ملكه وسياسته، ودامت إمارته خمسين سنة، فوقع
خصام بينه وبين أخيه بركة بن المقلد، قبض عليه بركة سنة 441 وحبسه في إحدى
قلاع الموصل، ثم نقله ابن أخيه قريش بن بدران بن المقلد إلى قلعة الجراحية من
أعمال الموصل فتوفي فيها سنة 444 (3)، وكان أبو علي بن ثمال الخفاجي ولاه
الرحبة الحاكم بأمر الله صاحب مصر فسار إليها، فخرج إليه عيسى بن خلاط العقيلي



1 - الجامعين: هي حلة بني مزيد التي بأرض بابل، على الفرات بين بغداد والكوفة، وهي
الآن مدينة كبيرة آهلة. معجم البلدان: 2 / 96.
2 - تاريخ الطبري: 8 / 159 - 240، تاريخ ابن خلدون: 3 / 335 و 4 / 459.
3 - انظر: فوات الوفيات: 2 / 131.
425
فقتله وملك الرحبة، وكان ذلك سنة 399 (1).
وفي سنة 397 جرت وقعة بين قرواش بن المقلد وبين أبي علي بن ثمال
الخفاجي، كان سببها أن قرواشا جمع جمعا كثيرا وسار إلى الكوفة وأبو علي غائب
عنها فدخلها ونزل بها، وعرف أبو علي الخبر فسار إليه فالتقوا واقتتلوا فانهزم قرواش
وعاد إلى الأنبار مغلولا، وملك أبو علي الكوفة وأخذ أصحاب قراوش
فصادرهم (2).
28 - حادثة العلويين والعباسيين:
في سنة 415 وقعت بالكوفة فتنة بين العلويين والعباسيين، كان سببها أن
المختار أبا علي بن عبيد الله العلوي وقعت بينه وبين الزكي أبي علي النهر سابسي
وبين أبي الحسن علي بن أبي طالب بن عمر مباينة، فاعتضد المختار بالعباسيين
فساروا إلى بغداد وشكوا ما يفعل بهم النهر سابسي، فتقدم الخليفة القادر بالله
بالإصلاح بينهم مراعاة لأبي القاسم الوزير المغربي، لأن النهر سابسي كان صديقه
وابن أبي طالب كان صهره، فعادوا واستعان كل فريق بخفاجة، فأعان كل فريق من
الكوفيين طائفة من خفاجة، فجرى بينهم قتال، فظهر العلويون وقتل من العباسيين
ستة نفر وأحرقت دورهم ونهبت، فعادوا إلى بغداد ومنعوا من الخطبة يوم الجمعة،
وثاروا وقتلوا ابن أبي العباس العلوي، وقالوا: إن أخاه كان في جملة الفتكة بالكوفة.
فبرز أمر الخليفة إلى المرتضى يأمره بصرف ابن أبي طالب عن نقابة الكوفة
وردها إلى المختار، فأنكر الوزير المغربي ما يجري على صهره ابن أبي طالب من
العزل، وكان عند قرواش بسر من رأى، فاعترض أرحاء كانت للخليفة
بدرزيجان (3)، فأرسل الخليفة القاضي أبا جعفر السمناني في رسالة إلى قرواش



1 - الكامل في التاريخ: 9 / 210.
2 - انظر: سير أعلام النبلاء: 17 / 633 رقم 427، البداية والنهاية: 12 / 78، تاريخ ابن
خلدون: 3 / 442، الكامل في التاريخ: 9 / 197.
3 - درزيجان: قرية كبيرة تحت بغداد على دجلة بالجانب الغربي، أصلها درزيندان فعربت
على درزيجان. معجم البلدان: 2 / 450.
426
يأمره بإبعاد المغربي عنه، (ففعل) فسار المغربي إلى ابن مروان بديار بكر، وغضب
الخليفة على النهر سابسي وبقي تحت السخط إلى سنة 418 فشفع فيه الأتراك
وغيرهم فرضي عنه، وحلفه على الطاعة فحلف (1).
29 - حادثة خفاجة:
كانت خفاجة من القبائل العظيمة في العراق (2)، وكانت عدة من البلدان
العراقية يقاسي أهلها الأمرين من جراء الغارات التي تغيرها عليهم هذه القبيلة
الوحشية، وكانت تبدي من الأعمال البربرية ما يندى له وجه الإنسانية خجلا، نهبا
وسلبا وعذابا وقتلا وسبيا، وقد وقعت بينهم وبين الأهالي حروب دامية سجلها
المؤرخون، لذلك كانت السلطة الوقتية تراقب سطوتها وعيثها في البلدان، فكانت
تمنحها من الوظائف الدولية ما لعلها تطمع به ويكون عائقا لها عن تلك الأعمال
الوحشية نوعا ما.
يحدثنا ابن الأثير في حوادث سنة 452 من تاريخه يقول: في هذه السنة خلع
السلطان طغر لبك على محمود بن الأخرم الخفاجي وردت إليه إمارة بني خفاجة
وولاية الكوفة وسقي الفرات، وضمن خواص السلطان هناك بأربعة آلاف دينار كل
سنة، وصرف عنها رجب بن منيع (3).
ولكن عبثا حاولت السلطة إذ لا يجدي ذلك، فقد توالت منها الغارات على
الحلة وواسط والكوفة، ويسند بعض المؤرخين تدهور مدينة الكوفة وتأخر عمرانها
وخرابها إلى هذه القبيلة المتوحشة.



1 - سير أعلام النبلاء: 17 / 633 رقم 427، البداية والنهاية: 12 / 78: تاريخ ابن
خلدون: 3 / 442، الكامل في التاريخ: 9 / 336، وما بين القوسين أثبتناه من المصادر.
2 - بنو خفاجة: بطن من بني عقيل بن عامر بن صعصعة، وقد انتقلوا في أواخر الأيام إلى
العراق والجزيرة، وكان لهم ببادية العراق دولة، قال المؤيد صاحب حماة: وهم أمراء العراق
من قديم الزمان وإلى الآن، وقد ذكر الحمداني منهم طائفة ببلاد البحيرة من الديار المصرية،
ولهم اليوم بقية في العراق يسكنون الفرات ودجلة.
3 - الكامل في التاريخ: 10 / 12.
427
ويقول ابن الأثير في حوادث سنة 485: سار الحجاج هذه السنة من بغداد
فقدموا الكوفة، ورحلوا منها فخرجت عليهم خفاجة، وقد طمعوا بموت السلطان
ملكشاه ابن ألب أرسلان وبعد العسكر، فأوقعوا بهم وقتلوا أكثر الجند الذين معهم
وانهزم باقيهم، ونهبوا الحجاج وقصدوا الكوفة فدخلوها وأغاروا عليها، وقتلوا في
أهلها، فرماهم الناس بالنشاب فخرجوا بعد أن نهبوا، وأخذوا ثياب من لقوه من
الرجال والنساء، فوصل الخبر إلى بغداد فسيرت العساكر منها، فلما سمع بهم بنو
خفاجة انهزموا، فأدركهم العسكر فقتل منهم خلق كثير ونهبت أموالهم، وضعفت
خفاجة بعد هذه الوقعة (1).
هذه أهم الحوادث التي وصلت إلينا بالتتبع والاستقراء قدر الجهد والطاقة،
معتمدين في نقلها على أهم المصادر الوثيقة، ولعله قد فاتنا البعض مما لم نهتد إليه
فإن أصبنا الهدف فذلك غاية ما كنا نتمناه، وإن فاتنا ذلك فإنه عن قصور وقصر باع،
وفوق كل ذي علم عليم.



1 - الكامل في التاريخ: 10 / 217.
428
الصحابة الذين نزلوا الكوفة
بما أن الكوفة عادت بعد ردح من تمصرها من أكبر العواصم الإسلامية، يوم
احتلها سيد المسلمين وأمير المؤمنين (عليه السلام) (1) - أول خليفة هاشمي انعقدت له
الخلافة الكبرى بين لابتي العالم، وخفقت بنوده على المسلمين وبلادهم جمعاء -
أزدلفت إليها زرافات من خيار الصحابة ورجالات التابعين ورواد العلم وحفاظ
الحديث، فمن والج مدينة العلم من بابه المفتوح على هذه الحاضرة الدينية بكلا
مصراعيه، ومن كارع من بحر فضله المديد الوافر متهذب بخلقه العذب النمير
ومعتبر بعظاته البالغة، وآخذ منه معالم دينه وراو عنه صدق الحديث، ومحض
الحقيقة، ومن عامل له في شؤون مملكته الإدارية والعسكرية.
فمن كل ذلك كان في الكوفة من كل هؤلاء فريق لا يستهان بعدتهم، وإليك فيما
يلي مختصرا من تراجم الصحابة، معتمدين في ذكرها على أوثق المصادر، وجل
اعتمادنا على طبقات ابن سعد:
1 - الإمام أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) بن عبد المطلب بن هاشم بن
عبد مناف بن قصي، أبو الحسن، نزل الكوفة في الرحبة (2) التي يقال لها: رحبة علي
في إخصاص كانت فيها، ولم ينزل القصر الذي كانت تنزله الولاة قبله، ولد بمكة في
بيت الله الحرام يوم الجمعة 13 رجب سنة 30 من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده
مولود في بيت الله الحرام سواه، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، ضربه اللعين عبد
الرحمن بن ملجم، سحر ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، وتوفي ليلة 21 منه سنة
40 من الهجرة، وله يومئذ ثلاث وستون سنة، ودفن بالنجف في موضع قبره
الآن (3).
2 - سعد بن أبي وقاص، أبو إسحق، شهد بدرا، وهو الذي افتتح القادسية،
ونزل الكوفة وخطها خططا لقبائل العرب، وابتنى بها دارا، ووليها لعمر بن الخطاب



1 - دخلها (عليه السلام) بعد الفراغ من وقعة الجمل سنة 36 للهجرة.
2 - الرحبة: قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا
مكة، وفيها كان يقضي (عليه السلام)، وفيها ناشد الناس على يوم الغدير، وقيل: فيها دفن (عليه السلام).
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 11 - 12، أسد الغابة: 4 / 16، الإصابة: 4 / 464 رقم 5704.
429
وعثمان بن عفان ثم عزل عنها، توفي سنة 55 ودفن بالبقيع (1).
3 - سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى، أبو الأعور، شهد بدرا،
توفي سنة 50 وهو ابن بضع وسبعين سنة (2).
4 - عبد الله بن مسعود، الهذلي، حليف بني زهرة بن كلاب، أبو عبد
الرحمن، شهد بدرا، توفي بالمدينة سنة 32 وهو ابن بضع (وستين) (3) سنة، وكان
ابتنى بالكوفة دارا، وقد بعثه عمر إلى الكوفة وزيرا (4).
5 - عمار بن ياسر، من عنس، من اليمن، أبو اليقظان، شهد مع علي (عليه السلام)
مشاهده، وقتل بصفين سنة 37 ودفن هناك، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وقد شهد
بدرا (5).
6 - خباب بن الأرت، مولى لأم أنمار ابنة سباع بن عبد العزى، أبو عبد الله،
شهد بدرا، وابتنى بالكوفة دارا في جهار سوج خنيس، وتوفي بها منصرف
علي (عليه السلام) من صفين سنة 37، فصلى عليه ودفنه بظهر الكوفة، وكان يوم مات ابن
ثلاث وسبعين سنة (6).
7 - سهل بن حنيف، أبو عدي، شهد بدرا، ولاه علي (عليه السلام) المدينة، توفي سنة
38 بالكوفة، وصلى عليه علي (عليه السلام) وكبر عليه ستا (7).
8 - حذيفة بن اليمان، أبو عبد الله، شهد أحدا وما بعد ذلك من المشاهد،
وتوفي بالمدائن سنة 36 (8).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 12، الثقات: 3 / 150، الإصابة: 3 / 62 رقم 3202.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 13، أسد الغابة: 2 / 306، الإصابة: 3 / 87 رقم 3271..
3 - في المطبوع: (وسبعين)، وما أثبتناه من المصادر.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 13، تاريخ دمشق: 33 / 191، سير أعلام النبلاء: 1 / 499.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 14، الثقات لابن حبان: 3 / 301، الإصابة: 4 / 473 رقم
5720.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 14، الثقات لابن حبان: 3 / 106، الإصابة: 2 / 221 رقم
2215.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 15، الثقات لابن حبان: 3 / 170، الإصابة: 3 / 165 رقم
3540.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 15، الثقات لابن حبان: 3 / 80، الإصابة: 2 / 39 رقم 1651.
430
9 - أبو قتادة بن ربعي، الأنصاري، شهد أحدا، توفي بالمدينة سنة 54 وهو
ابن سبعين سنة (1).
10 - أبو مسعود، الأنصاري، واسمه عقبة بن عمرو، من بني خدارة، مات
بالمدينة في أواخر خلافة معاوية بن أبي سفيان (2).
11 - أبو موسى الأشعري، من مذحج، واسمه عبد الله بن قيس، أول مشاهده
خيبر، نزل الكوفة وابتنى بها دارا، وهو أحد الحكمين، توفي بالكوفة سنة 42 (3).
12 - سلمان الفارسي، أبو عبد الله، أول مشاهده الخندق، أسلم عند قدوم
النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة، وكان عبدا لقوم من بني قريظة فكاتبهم، فأدى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
كتابته وعتق، ووالى بني هاشم، وأول مشاهده الخندق، توفي بالمدائن سنة 36،
وقيل غير ذلك (4).
13 - البراء بن عازب بن الحارث، الأنصاري، أبو عمارة، نزل الكوفة وابتنى بها
دارا، توفي بالمدينة في زمن مصعب بن الزبير، أرخ وفاته ابن حبان سنة 72 (5).
14 - عبيد بن عازب، هو أحد العشرة من الأنصار الذين وجههم عمر بن
الخطاب مع عمار بن ياسر إلى الكوفة (6).
15 - قرظة بن كعب، الأنصاري، أحد العشرة من الأنصار الذين وجههم عمر إلى
الكوفة، وابتنى بها دارا في الأنصار، ومات بها في خلافة علي (عليه السلام)، وقد صلى



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 15، الثقات لابن حبان: 3 / 73، الإصابة: 7 / 272 رقم
10411.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 16، الثقات لابن حبان: 3 / 279، الإصابة: 4 / 432 رقم
5622.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 16، الثقات لابن حبان: 3 / 221، الإصابة: 4 / 181 رقم
4916.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 16، الثقات لابن حبان: 3 / 157، تهذيب الكمال: 11 / 245
رقم 2438.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 17، الثقات لابن حبان: 3 / 26.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 17، الثقات لابن حبان: 3 / 283، الإصابة: 4 / 344 رقم
5360.
431
عليه (1).
16 - زيد بن أرقم، الأنصاري، أبو أنيس، أول مشاهده مع النبي (صلى الله عليه وآله)
المريسيع (2)، ابتنى بالكوفة دارا في كندة، وتوفي بها أيام المختار سنة 68 (3).
17 - الحارث بن زياد، الأنصاري، أحد بني ساعدة، ابتنى بالكوفة دارا في
الأنصار، وكان بدريا (4).
18 - عبد الله بن يزيد بن زيد، الخطمي، من الأنصار، ابتنى بالكوفة دارا، ومات
بها في خلافة عبد الله بن الزبير، وكان عبد الله ولاه الكوفة (5).
19 - النعمان بن عمرو بن مقرن، أبو عمرو، أول مشاهده الخندق، قتل في
وقعة نهاوند سنة 21، ونعاه عمر بن الخطاب على المنبر (6).
20 - معقل بن مقرن، أبو عبد الله، قال ابن حجر في الإصابة: قال الواقدي وابن
نمير: كان بنو مقرن سبعة كلهم صحب النبي (صلى الله عليه وآله)، ولهم بقية بالكوفة (7).
21 - سنان بن مقرن، شهد الخندق، وقد ذكره ابن حجر في الإصابة (8).
22 - سويد بن مقرن، أبو عدي، قال ابن حجر في الإصابة: روى حديثه مسلم
وأصحاب السنن (9).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 17، الثقات لابن حبان: 3 / 347، الإصابة: 5 / 329 رقم
7113.
2 - المريسيع: هي غزوة بني المصطلق، وقعت في شعبان سنة خمس للهجرة، وكان
الشعار فيها: يا منصور أمت، وسميت بذلك لأن بني المصطلق كانوا ينزلون على بئر لهم
يقال له: المريسيع.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 18، الثقات لابن حبان: 3 / 139، الإصابة: 2 / 488 رقم
2880.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 18، الثقات لابن حبان: 3 / 75، أسد الغابة: 1 / 329.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 18، الثقات لابن حبان: 3 / 225، الإصابة: 4 / 227 رقم
5048.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 18 - 19، أسد الغابة: 5 / 30، الإصابة: 6 / 354 رقم 8773.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 19، الإصابة: 6 / 145 رقم 8157.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 19، الإصابة: 3 / 159 رقم 3524.
9 - الطبقات الكبرى: 6 / 19، الإصابة: 3 / 190 رقم 3623.
432
23 - عبد الرحمن بن مقرن المزني، يقال إن اسمه: عبد عمرو، فغيره
النبي (صلى الله عليه وآله) قاله ابن حجر (1).
24 - عقيل بن مقرن، أبو حكيم المزني (2).
25 - عبد الرحمن بن عقيل بن مقرن المزني، شهد الخندق (3).
26 - المغيرة بن شعبة، أبو عبد الله، شهد الحديبية وغيرها، توفي بالكوفة في
شعبان سنة 50 في خلافة معاوية وهو ابن سبعين سنة (4).
27 - خالد بن عرفطة، كان سعد بن أبي وقاص ولاه القتال يوم القادسية ابتنى
بالكوفة دارا، توفي سنة 60، وقيل: 61 (5).
28 - عبد الله بن أبي أوفى علقمة، أبو معاوية، من أصحاب الشجرة، ابتنى
بالكوفة دارا في أسلم، وتوفي بها سنة 86، وهو آخر من مات بها من أصحاب
النبي (صلى الله عليه وآله) (6).
29 - عدي بن حاتم، الطائي، أحد بني ثعل، أبو طريف، ابتنى بالكوفة دارا في
طيء ولم يزل مع علي (عليه السلام) وشهد معه الجمل وصفين، وذهبت عينه يوم الجمل،
مات بالكوفة سنة 68 زمن المختار (7).
30 - جرير بن عبد الله البجلي، أبو عمرو، ابتنى بالكوفة دارا في بجيلة، وتوفي
بالسراة في ولاية (الضحاك) (8) بن قيس على الكوفة سنة 51، وقيل: سنة 54 (9).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 19، الإصابة: 4 / 282 رقم 5183.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 19، أسد الغابة: 3 / 424، الإصابة: 4 / 439 رقم 5645.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 20، تقريب التهذيب: 1 / 591، الإصابة: 4 / 282 رقم 5183
، وفي بعض المصادر: (معقل) بدل: (عقيل)..
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 20، الثقات لابن حبان: 3 / 372، الإصابة: 6 / 155 رقم
8197.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 21، الإصابة: 2 / 208 رقم 2187.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 21، أسد الغابة: 3 / 121، الإصابة: 4 / 16 رقم 4573.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 22، الثقات لابن حبان: 3 / 317، الإصابة: 4 / 388 رقم
5491.
8 - في المطبوع: (النعمان)، وما أثبتناه من المصادر.
9 - الطبقات الكبرى: 6 / 22، الثقات لابن حبان: 3 / 55، الإصابة: 1 / 582 رقم 1138.
433
31 - الأشعث بن قيس بن معدي كرب، الكندي، أبو محمد، شهد مع
علي (عليه السلام) صفين وله معه أخبار، ابتنى بالكوفة دارا في كندة، ومات بها في زمن
الحسن بن علي (عليه السلام) وصلى هو عليه، وكانت ابنة الأشعث تحته، وقيل: مات سنة
42، وله ثلاث وستون سنة (1).
32 - سعيد بن حريث بن عمرو بن عثمان، شهد فتح مكة مع النبي (صلى الله عليه وآله) وهو
ابن خمس عشرة سنة، ثم تحول فنزل الكوفة مع أخيه عمرو بن حريث، ومات
بالكوفة (2).
33 - عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان، أبو سعيد، ابتنى بالكوفة دارا إلى
جانب المسجد، وهي كبيرة مشهورة فيها أصحاب الخز اليوم، مات بها سنة 85 (3).
34 - سمرة بن جنادة بن جندب بن حجير بن رياب بن حبيب بن سواءة بن عامر
ابن صعصعة، حليف بني زهرة، توفي سنة 58، وقيل: سنة 59، وقيل: في أول
سنة 61 (4).
35 - جابر بن سمرة، السوائي، أبو عبد الله، حليف بني زهرة بن كلاب، ابتنى
بالكوفة دارا في بني سواءة، وتوفي بها في أول خلافة عبد الملك بن مروان، قال ابن
حجر: توفي في ولاية بشر على العراق سنة 74 (5).
36 - حذيفة بن أسيد، الغفاري، أبو سريحة، شهد مع النبي (صلى الله عليه وآله) الحديبية وهو
أول مشهده معه، قال ابن حبان: مات سنة 42، قاله ابن حجر في الإصابة (6).
37 - الوليد بن عقبة بن أبي معيط، أبو وهب، وهو أخو عثمان لأمه، ابتنى
بالكوفة دارا كبيرة إلى جنب المسجد، تسمى دار القصارين، اعتزل الحرب التي
وقعت بين علي (عليه السلام) ومعاوية، ولكن يحرض معاوية على قتال علي (عليه السلام) بكتبه



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 22، الإصابة: 1 / 239 - 240 رقم 205.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 23، الثقات لابن حبان: 3 / 156.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 23، الإصابة: 4 / 509 رقم 5824.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 24، الثقات لابن حبان: 3 / 175، الإصابة: 3 / 149 رقم
3487.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 24، الثقات لابن حبان: 3 / 52، الإصابة: 1 / 543 رقم 1019.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 24، الثقات لابن حبان: 3 / 81، الإصابة: 2 / 38 رقم 1649.
434
وبشعره، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (1)
الآية (2)، وقصة عزله عن ولاية الكوفة في خلافة عثمان لشربه الخمر وجلده
وصلاته بالناس الصبح أربعا وهو سكران مشهورة مخرجة في الصحيحين (3)، قاله
ابن حجر في الإصابة (4).
38 - عمرو بن الحمق بن الكاهن، الخزاعي، شهد مع علي (عليه السلام) مشاهده، وكان
فيمن سار إلى عثمان وأعان على قتله، قتل سنة 51، قيل: أول رأس حمل في
الإسلام رأس عمرو بن الحمق (5).
39 - سليمان بن صرد بن الجون، الخزاعي، أبو مطرف، ابتنى بالكوفة دارا في
خزاعة، شهد مع علي صفين، وكان فيمن كتب إلى الحسين بن علي (عليه السلام) يسأله
القدوم عليهم الكوفة ولكن لم يشهد معه، كان من الثائرين بعده بدمه مع التوابين،
وكان يرأسهم، قتل بعين الوردة في شهر ربيع الآخر سنة 65، وهو ابن ثلاث وتسعين
سنة (6).
40 - هاني بن أوس، الأسلمي، ابتنى بالكوفة دارا في أسلم، توفي في خلافة
معاوية، وفي ولاية المغيرة بن شعبة على الكوفة (7).
41 - حارثة بن وهب، الخزاعي، أمه أم كلثوم بنت جرول بن مالك الخزاعية،



1 - سورة الحجرات: 6.
2 - انظر: أسباب النزول للواحدي: 261، تفسير الطبري: 26 / 160، تفسير القرطبي: 16
/ 311، تفسير ابن كثير: 4 / 223، زاد المسير: 7 / 180، فتح القدير: 5 / 60، تهذيب
الكمال: 31 / 56، تهذيب التهذيب: 11 / 126، وقال ابن حجر في الإصابة: 6 / 481 عن
ابن عبد البر: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله عزوجل: (إن
جاءكم فاسق بنبأ) نزلت في الوليد بن عقبة، وعنه في أسد الغابة: 5 / 90.
3 - انظر: مسند أحمد: 1 / 140 و 144، صحيح البخاري: 4 / 245.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 24 - 25، الإصابة: 6 / 481 رقم 9167.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 25، الإصابة: 4 / 514 رقم 5834.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 25 - 26، الإصابة: 3 / 144 رقم 3470.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 26، وذكر في كثير من المصادر باسم أهبان بن أوس
الأسلمي، راجع: تهذيب الكمال: 3 / 384 رقم 572، الإصابة: 1 / 289 رقم 307، تهذيب
التهذيب: 1 / 332.
435
فهو أخو عبيد الله بن عمر لأمه (1).
42 - وائل بن حجر، الحضرمي، قال أبو نعيم: أصعده النبي (صلى الله عليه وآله) على المنبر
وأقطعه وكتب له عهدا وقال: «هذا وائل سيد الأقيال» ثم نزل وائل الكوفة وعقبه
بها، توفي في خلافة معاوية (2).
43 - صفوان بن عسال، المرادي، غزا مع النبي (صلى الله عليه وآله) اثنتي عشرة غزوة (3).
44 - أسامة بن شريك، الثعلبي، من قيس عيلان، روى الحديث عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (4).
45 - مالك بن عوف بن نضلة بن خديج، والد أبي الأحوص صاحب عبد الله بن
مسعود (5).
46 - عامر بن شهر، الهمداني، أبو الكنود، كان أحد عمال النبي (صلى الله عليه وآله) على
اليمن (6).
47 - نبيط بن شريط، الأشجعي، من قيس عيلان، أبو سلمة، بقي بعد
النبي (صلى الله عليه وآله) زمانا (7).
48 - سلمة بن يزيد بن مشجعة، المذحجي، وفد على النبي وأسلم، له ذكر في
صحيح مسلم (8).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 26، الثقات لابن حبان: 3 / 79، الإصابة: 1 / 708 رقم 1535.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 26، الثقات لابن حبان: 3 / 424 - 425، الإصابة: 6 / 466 -
467 رقم 9120.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 27، الثقات لابن حبان: 3 / 191، الإصابة: 3 / 352 رقم
4100.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 27، الثقات لابن حبان: 3 / 2 - 3، الإصابة: 1 / 203 رقم 90.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 28، أسد الغابة: 4 / 294، وذكر باسم مالك بن نضلة، وقال ابن
حجر: إن مالك بن نضلة هو والد أبي الأحوص.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 28 - 29، الثقات لابن حبان: 3 / 293، الإصابة: 3 / 472 رقم
4412.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 29، الثقات لابن حبان: 3 / 418، الإصابة: 6 / 332 رقم
8704.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 30، الثقات لابن حبان: 3 / 165، الإصابة: 3 / 131 رقم
3417.
436
49 - عرفجة بن شريح، الأشجعي، له حديث في صحيح مسلم وأبي داود
والنسائي (1).
50 - صخر بن العيلة بن عبد الله بن ربيعة، البجلي، أبو حازم، أخرج حديثه أبو
داود (2).
51 - عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة، الطائي، كان من بيت الرئاسة في
قومه، وجده كان سيدهم وكذا أبوه (3).
52 - الهلب بن يزيد بن عدي، الطائي، وكان اسمه سلامة، فوفد على
النبي (صلى الله عليه وآله) وهو أقرع، فمسح رأسه فنبت شعره فسمي الهلب (4).
53 - زاهر أبو مجزأة بن زاهر، الأسلمي، كان ممن بايع تحت الشجرة، وكان من
أصحاب عمرو بن الحمق، عاش إلى خلافة معاوية (5).
54 - نافع بن عتبة بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف، وهو ابن أخي سعد بن
أبي وقاص، كان من مسلمة الفتح (6).
55 - لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة، أبو عقيل، مات
بالكوفة ليلة نزل معاوية النخيلة لمصالحة الحسن بن علي (عليه السلام) سنة 41، ودفن في
صحراء بني جعفر بن كلاب (7).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 30، الثقات لابن حبان: 3 / 320، الإصابة: 4 / 400 رقم
5523.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 31، الثقات لابن حبان: 3 / 193، الإصابة: 3 / 335 رقم
4069.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 31، الثقات لابن حبان: 3 / 313، الإصابة: 4 / 408 رقم
5543.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 32، أسد الغابة: 5 / 69، الإصابة: 6 / 432 رقم 9012.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 32، الثقات لابن حبان: 3 / 143، الإصابة: 7 / 298 رقم
10505.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 32، الثقات لابن حبان: 3 / 412، الإصابة: 6 / 322 رقم
8681.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 33، الثقات لابن حبان: 3 / 360، الإصابة: 5 / 500 رقم
7557.
437
56 - حبة وسواء ابنا خالد، الأسديان، روي حديثهما عن النبي (صلى الله عليه وآله) ابن ماجة
من طريق الأعمش عن أبي شرحبيل (1).
57 - سلمة بن قيس، الأشجعي، الغطفاني، له رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) (2).
58 - ثعلبة بن الحكم بن عرفطة الليثي، شهد مع النبي (صلى الله عليه وآله) (خيبر) (3)، مات
بين السبعين إلى الثمانين (4).
59 - عروة بن أبي الجعد، البارقي، من الأزد، استعمله عمر على قضاء الكوفة
قبل شريح، وضم إليه سلمان بن ربيعة (5).
60 - سمرة بن جندب بن هلال بن (حريج) (6) بن مرة، أبو سليمان، كان من
خلفاء الأنصار، توفي سنة 58، وقيل: سنة 59، وقيل: أول سنة 60 (7).
61 - جندب بن عبد الله بن سفيان، البجلي (8).
62 - مخنف بن سليم بن الحارث بن عوف، الأزدي، وبيت الأزد بيت بالكوفة،
ومن ولده أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم (9).
63 - الحارث بن حسان، البكري، الذهلي، روى له أحمد والترمذي والنسائي
وابن ماجة (10).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 33، الثقات لابن حبان: 3 / 90، الإصابة: 2 / 13 رقم 1567.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 33، الثقات لابن حبان: 3 / 165، الإصابة: 3 / 128 رقم
3404.
3 - في المطبوع: (خيبر)، وما أثبتناه من المصادر.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 33، الثقات لابن حبان: 3 / 46، الإصابة: 1 / 517 رقم 932.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 34، الثقات لابن حبان: 3 / 314 وفيه: (عروة بن الجعد بن أبي
الجعد)، الإصابة: 5 / 96 رقم 6438 وفيه: (عروة بن عياش بن أبي الجعد).
6 - في المطبوع: (جريح)، وما أثبتناه من المصادر.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 34، الثقات لابن حبان: 3 / 174، الإصابة: 3 / 150 رقم
3488.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 35، الثقات لابن حبان: 3 / 56، الإصابة: 1 / 613 رقم 1225.
9 - الطبقات الكبرى: 6 / 35، الثقات لابن حبان: 3 / 406، الإصابة: 6 / 45 رقم 7865.
10 - الطبقات الكبرى: 6 / 35، الثقات لابن حبان: 3 / 75، الإصابة: 1 / 664 رقم 1397.
438
64 - جابر بن أبي طارق، الأحمسي، من بجيلة، حديثه صحيح عند
النسائي (1).
65 - عوف بن عبد الحارث بن عوف، أبو حازم البجلي، والد قيس بن
عوف، قتل بصفين (2).
66 - قطبة بن مالك من بني ثعلبة، وهو عم زياد بن علاقة، أخرج له مسلم دون
البخاري (3).
67 - معن بن يزيد بن الأخنس بن حبيب، شهد يوم مرج راهط (4) مع الضحاك
ابن قيس الفهري في سنة 54، وقتل فيها هو وأبوه (5).
68 - طارق بن الأشيم، الأشجعي، وهو أبو أبي مالك، واسم أبي
مالك: سعد (6).
69 - أبو مريم، السلولي، واسمه: مالك بن ربيعة، وهو أبو بريد بن أبي مريم،
شهد الشجرة مع النبي (صلى الله عليه وآله) (7).
70 - حبشي بن جنادة بن نصر بن أسامة، شهد مع علي (عليه السلام) مشاهده (8).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 36، الثقات لابن حبان: 3 / 53، الإصابة: 1 / 544 رقم 1023.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 36 وفيه: (عوف بن عبد الحارث بن حشيش)، الثقات لابن
حبان: 3 / 305 وفيه: (عبد عوف بن الحارث)، الإصابة: 4 / 316 رقم 5265 وفيه: (عبد
عوف بن عبد الحارث).
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 36، الثقات لابن حبان: 3 / 347، الإصابة: 5 / 340 رقم
7137.
4 - المرج: هو الموضع الذي ترعى فيه الدواب، وراهط: رجل من قضاعة، ومرج
راهط: موضع في غوطة دمشق، جرت فيه الوقعة المشهورة بين مروان بن الحكم والضحاك
بن قيس انتهت بقتل الأخير، وتفصيلها في تاريخ الطبري: 4 / 415.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 36، الثقات لابن حبان: 3 / 401، الإصابة: 6 / 151 رقم
8179.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 37، الثقات لابن حبان: 3 / 202، الإصابة: 3 / 411 رقم
4241.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 37، الثقات لابن حبان: 3 / 388، الإصابة: 5 / 536 رقم
7647.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 37، الثقات لابن حبان: 3 / 96، الإصابة: 2 / 12 رقم 1563.
439
71 - دكين بن سعيد، الخثعمي، ويقال: المزني، له حديث واحد تفرد أبو
إسحق السبيعي بروايته عنه (1).
72 - برمة بن معاوية بن أبي سفيان بن منقذ، وهو أبو قبيصة بن برمة (2).
73 - خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو، كان ابنه أيمن بن خريم شاعرا فارسا
شريفا، مات في عهد معاوية (3).
74 - ضرار بن الأزور، واسم الأزور: مالك بن أوس بن خزيمة، استشهد
باليمامة (4).
75 - فرات بن حيان بن ثعلبة بن عبد العزى، ابتنى بالكوفة دارا في بني عجل
وله عقب بها، وكان ممن شهد الخندق (5).
76 - يعلى بن مرة بن وهب بن جابر، الثقفي، وهو الذي يقال له: يعلى بن سيابة
وهي أمه أو جدته، شهد مع النبي (صلى الله عليه وآله) بيعة الرضوان وخيبر وفتح مكة وغزوة
الطائف وحنين (6).
77 - عمارة بن (رويبة) (7)، وقيل: اسم أبيه: رؤبة أبو زهرة، الثقفي، روى عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (8).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 38، الثقات لابن حبان: 3 / 118، الإصابة: 2 / 326 رقم
2406.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 38، الثقات لابن حبان: 3 / 345، الإصابة: 1 / 418 رقم 631.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 38، الثقات لابن حبان: 3 / 113، الإصابة: 2 / 236 رقم
2251، وفي الأخيرين: (خريم بن فاتك).
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 39، الثقات لابن حبان: 3 / 200، الإصابة: 3 / 390 رقم
4192.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 40، الثقات لابن حبان: 3 / 333، الإصابة: 5 / 272 رقم
6980.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 40، الثقات لابن حبان: 3 / 440، الإصابة: 6 / 540 رقم
9382.
7 - في المطبوع: (رومية)، وما أثبتناه من المصادر.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 40، الثقات لابن حبان: 3 / 294، الإصابة: 4 / 478 رقم
5731.
440
78 - عبد الرحمن بن أبي عقيل، الثقفي، من رهط الحجاج بن يوسف، روى
عنه هشام بن المغيرة (1).
79 - عتبة بن فرقد، وهو يربوع بن حبيب بن مالك بن أسعد بن رفاعة بن
ربيعة، من بيت بالكوفة يقال لهم: الفراقدة، ولاه عمر في الفتوح ففتح الموصل سنة
18 مع عياض بن غنم، مات بالكوفة (2).
80 - عبيد بن خالد، السلمي، شهد صفين مع الإمام علي (عليه السلام)، قال العسكري:
بقي إلى أيام الحجاج (3).
81 - طارق بن عبد الله، المحاربي، من محارب خصفة، روى عنه أبو الشعثاء
وربعي بن خراش وأبو ضمرة (4).
82 - ابن أبي شيخ، المحاربي، ذكره ابن سعد في الطبقات (5).
83 - سالم بن عبيد، الأشجعي، من أهل الصفة ثم نزل الكوفة، وروى له من
أصحاب السنن حديثين في العطاس (6).
84 - نوفل بن فروة، الأشجعي، والد فروة وعبد الرحمن وسحيم، روى عن
النبي (صلى الله عليه وآله)، وروى عنه أولاده (7).
85 - سلمة بن نعيم بن مسعود، الأشجعي، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) (8).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 41، الثقات لابن حبان: 3 / 257، الإصابة: 4 / 282 رقم
5184.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 41، الثقات لابن حبان: 3 / 297، الإصابة: 4 / 364 رقم 4528
وقال ابن حجر: عتبة بن فرقد بن يربوع.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 42، الثقات لابن حبان: 3 / 284، الإصابة: 4 / 340 رقم
5348.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 42، الثقات لابن حبان: 3 / 202، الإصابة: 3 / 414 رقم
4246.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 43، وكذا: الإصابة: 4 / 113 رقم 4774.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 44، الثقات لابن حبان: 3 / 158، الإصابة: 3 / 8 رقم 3052.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 44، الثقات لابن حبان: 3 / 416، الإصابة: 6 / 380 رقم
8855.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 44، الثقات لابن حبان: 3 / 166، الإصابة: 3 / 129 رقم
3411.
441
86 - شكل بن حميد، العبسي، وهو أبو شتير بن شكل، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)
وعن الإمام علي (عليه السلام) (1).
87 - الأسود بن ثعلبة، اليربوعي، شهد خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع (2).
88 - رشيد بن مالك، السعدي، ويكنى أبا عميرة، من بني تميم، ويقال:
الأسدي من أسد بن خزيمة (3).
89 - الفجيع بن عبد الله بن (حندج) بن البكاء بن عامر بن ربيعة بن عامر بن
صعصعة، العامري، وفد على النبي (صلى الله عليه وآله) وكتب له كتابا (4).
90 - عتاب بن شمير، بالمعجمة، وقيل: نمير بالنون، الضبي، روى عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (5).
91 - ذو الجوشن، الضبابي، اسمه: شرحبيل بن الأعور بن عمرو بن معاوية،
وهو الضباب بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، قيل: إنما لقب بذي الجوشن
لأنه دخل على كسرى فأعطاه جوشنا فلبسه، فكان أول عربي لبسه (6).
92 - غالب بن أبجر، المزني، له حديث في سنن أبي داود في الحمر
الأهلية (7).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 45، الثقات لابن حبان: 3 / 190، الإصابة: 3 / 285 رقم
3936.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 45، الثقات لابن حبان: 3 / 9، الإصابة: 1 / 222 رقم 151.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 45، الثقات لابن حبان: 3 / 127، الإصابة: 2 / 405 رقم
2664.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 46، الثقات لابن حبان: 3 / 334، الإصابة: 6 / 454 رقم
9084، وفي المطبوع: (خندج)، وفي الإصابة ورد باسم: (الهجنع بن عبد الله بن جندع بن
البكاء)، وما بين القوسين أثبتناه من الطبقات والثقات.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 46، الثقات لابن حبان: 3 / 304، الإصابة: 4 / 358 رقم
5410.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 46، الثقات لابن حبان: 3 / 120، الإصابة: 2 / 342 رقم
2455، والجوشن: الدرع. الصحاح: 5 / 2092.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 48، الثقات لابن حبان: 3 / 327، الإصابة: 1 / 363 رقم 504.
442
93 - عامر أبو هلال بن عمرو، المزني، والد هلال بن عامر، روى عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (1).
94 - الأغر بن يسار، المزني، ويقال: الجهني، من المهاجرين، روى عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (2).
95 - هاني بن يزيد بن نهيك بن دريد بن سفيان بن الضباب، من بني الحارث بن
كعب، أبو الحكم، والد شريح (3).
96 - أبو سبرة، واسمه: يزيد بن مالك بن عبد الله بن الذؤيب بن سلمة بن عمرو
ابن ذهل بن مران بن جعفي بن سعد العشيرة، من مذحج، روى عنه الأعمش،
توفي بعد سنة 100 (4).
97 - المسور بن يزيد، الأسدي، الكاهلي (5).
98 - بشير بن الخصاصية، واسمه: زحم بن معبد، السدوسي (6).
99 - نمير أبو مالك، الخزاعي، روى عنه ابنه مالك بن نمير (7).
100 - أبو رمثة، التيمي، من تيم الرباب، واسمه: حبيب بن حيان، وقيل: رفاعة
ابن يثربي، وقيل: يثربي بن رفاعة، وبه جزم الطبراني، روى له أصحاب السنن
الثلاثة (8).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 48 وفيه: (عامر المزني)، الثقات لابن حبان: 3 /
15، الإصابة: 1 / 247 رقم 223.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 49، الثقات لابن حبان: 3 / 15، الإصابة: 1 / 247 رقم 223.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 49، الثقات لابن حبان: 3 / 432، الإصابة: 6 / 411 رقم
8933.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 49، الثقات لابن حبان: 3 / 443، الإصابة: 7 / 141 رقم
9989.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 50، الثقات لابن حبان: 3 / 395، الإصابة: 6 / 95 رقم 8013.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 50، الثقات لابن حبان: 3 / 33، الإصابة: 1 / 444 رقم
704، والخصاصية اسم أمه.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 51، الثقات لابن حبان: 3 / 421، الإصابة: 6 / 373 رقم
8830.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 51، الثقات لابن حبان: 3 / 126، الإصابة: 7 / 118 رقم
9905.
443
101 - أبو أمية، الفزاري، ذكره ابن سعد في الطبقات، وابن حجر في الإصابة (1).
102 - خزيمة بن ثابت بن الفاكه، الخطمي، من الأنصار، ويكنى أبا عمارة، وهو
ذو الشهادتين، قدم الكوفة مع الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلم يزل معه حتى قتل
بصفين سنة 37 (2).
103 - مجمع بن جارية بن عامر بن مجمع، وهو الذي روى الكوفيون أنه جمع
القرآن على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) إلا سورة أو سورتين منه، توفي في خلافة معاوية (3).
104 - ثابت بن وديعة بن جذام من بني عمرو بن عوف، وكان قد نزل الكوفة
بآخره (4).
105 - سعد بن بجير بن معاوية، وهو الذي يقال له: سعد بن حبتة، وهو من
بجيلة، مات بالكوفة، من ولده خنيس بن سعد صاحب شهار سوج خنيس
بالكوفة، ومن ولده أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد، وقد
شهد سعد أحدا (5).
106 - قيس بن سعد بن عبادة بن دليم، من بني ساعدة، أبو عبد الملك، خدم
النبي (صلى الله عليه وآله) عشر سنين، ولحق بعلي (عليه السلام) بالكوفة فلم يزل معه، وكان على شرطة
الخميس، وشهد معه صفين، وتوفي بالمدينة سنة 85 في خلافة عبد الملك (6).
107 - النعمان بن بشير بن سعد، من بني الحارث بن الخزرج، أبو عبد الله، وكان
أول مولود من الأنصار ولد بالمدينة بعد هجرة النبي (صلى الله عليه وآله)، ولد على رأس أربعة عشر
شهرا من هجرته (صلى الله عليه وآله)، استعمله معاوية على الكوفة قبل عبيد الله بن زياد، قتله أهل



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 51، الإصابة: 7 / 3 رقم 9496.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 51، الثقات لابن حبان: 3 / 107، الإصابة: 2 / 239 رقم
2256.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 52، الثقات لابن حبان: 3 / 60، الإصابة: 5 / 577 رقم 7749.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 52 وفيه: (خذام) بدل: (جذام)، الثقات لابن حبان: 3 /
43، الإصابة: 1 / 513 رقم 915 وفيه: (خذام).
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 52، أسد الغابة: 2 / 270، الإصابة: 3 / 40 رقم 3137.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 52، الثقات لابن حبان 3 / 339، الإصابة: 5 / 359 رقم 7192.
444
حمص سنة 65، واحتزوا رأسه ووضعوه في حجر امرأته الكلبية (1).
108 - أبو ليلى، واسمه: بلال بن بليل بن أحيحة، له دار بالكوفة في جهينة شهد
أحدا وما بعدها، ثم سكن الكوفة، وكان مع علي (عليه السلام) في حروبه، وقيل: إنه قتل
بصفين (2).
109 - عمرو بن بليل بن أحيحة بن الجلاح (3).
110 - شيبان، جد أبي هبيرة، وكان من الأنصار (4).
111 - قيس بن أبي غرزة بن عمير بن وهب بن (حراق) (5) بن حارثة بن غفار
الغفاري، وقيل: الجهني، أو البجلي، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) (6).
112 - حنظلة بن الربيع الكاتب، من بني تميم، ثم من بني أسيد بن عمرو بن
تميم، كتب مرة كتابا للنبي (صلى الله عليه وآله) فسمي كاتبا، وكانت الكتابة في العرب قليلا، وهو
ابن أخي أكثم بن صيفي، شهد القادسية ونزل الكوفة، وتخلف عن علي (عليه السلام) يوم
الجمل، ونزل قرقيساء حتى مات في خلافة معاوية (7).
113 - رياح بن الربيع بن صيفي، التميمي، أخو حنظلة المذكور، ويقال: بالباء
الموحدة، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) (8).
114 - معقل بن سنان، الأشجعي، قتل يوم الحرة صبرا في ذي الحجة سنة
63 (9).
115 - عدي بن عميرة، الكندي، أبا زرارة، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)، توفي بالكوفة



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 53، الثقات لابن حبان: 3 / 2339، الإصابة: 6 / 346 رقم
8749.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 54، الثقات لابن حبان 3 / 448، الإصابة: 7 / 292 رقم
10478.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 54، إكمال الكمال: 1 / 355، الإصابة: 4 / 499 رقم 5796.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 54، الثقات لابن حبان 3 / 188، الإصابة: 3 / 296 رقم 3960.
5 - في المطبوع: (حران)، وما أثبتناه من المصادر.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 55، الثقات لابن حبان 3 / 342، الإصابة: 5 / 374 رقم 7232.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 55، الثقات لابن حبان 3 / 29، الإصابة: 2 / 117 رقم 1864.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 55، الثقات لابن حبان 3 / 127، الإصابة: 1 / 292 رقم 1877.
9 - الطبقات الكبرى: 6 / 55، الثقات لابن حبان 3 / 393، الإصابة: 6 / 143 رقم 8154.
445
سنة 40 (1).
116 - مرداس بن مالك، الأسلمي، روى عنه قيس بن أبي حازم، شهد بيعة
الرضوان (2).
117 - عبد الرحمن بن حسنة، الجهني، وهو ابن المطاع بن عبد الله بن
الغطريف، وحسنة أمه، وهو أخو شرحبيل بن حسنة (3).
118 - عبد الله بن المعرض بن عمر بن أسد بن خزيمة، أبو المغيرة بن عبد الله
المعروف بالأقيشر (4).
119 - أبو شهيم صاحب الجبيذة - تصغير جبذة -، قيل: اسمه زيد أو يزيد بن
أبي شيبة، وقيل: عبيد بن كعب، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) (5).
120 - أبو الخطاب، لا يوقف له على اسم، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) (6).
121 - حريز أو أبو حريز، غير منسوب، روى له الطبراني والبغوي رواية عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (7).
122 - الرسيم، ولعله العبدي الهجري الذي وفد على النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان فقيها من
أهل هجر (8).
123 - ابن سيلان جابر، أو عبد ربه (9).
124 - أبو طيبة، صاحب منحة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقيل: أبو ظبية بالظاء المعجمة
ثم الباء الموحدة، حدث في الكوفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بخ بخ لخمس ما
أثقلهن في الميزان: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، والمؤمن يموت



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 55، الثقات لابن حبان 3 / 317، الإصابة: 4 / 393 رقم 5503.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 55، الثقات لابن حبان 3 / 398، الإصابة: 6 / 60 رقم 7911.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 56، الثقات لابن حبان 3 / 256، الإصابة: 4 / 302 رقم 5218.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 56، أسد الغابة: 3 / 264، الإصابة: 4 / 205 رقم 4984.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 56، الثقات لابن حبان 3 / 455، الإصابة: 7 / 177 رقم
10114، وفي الأخيرين: (شهم) بدل: (شهيم).
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 57، أسد الغابة: 5 / 181، الإصابة: 7 / 91 رقم 9843.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 57، أسد الغابة: 1 / 400، الإصابة: 2 / 50 رقم 1693.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 57، أسد الغابة: 2 / 175، الإصابة: 2 / 403 رقم 2659.
9 - الطبقات الكبرى: 6 / 58، أسد الغابة: 5 / 327، الإصابة: 7 / 167 رقم 10076.
446
له الولد الصالح فيحتسبه».
روى هذا الحديث عنه أبو سلام مولى قريش، قاله ابن حجر في الإصابة (1).
125 - رجل من بني تغلب، وهو جد حرب بن هلال الثقفي من قبل أمه (2).
126 - طلحة بن مصرف الأيامي (3).
127 - أبو مرحب، سويد بن قيس، العبدي، أو محمد بن صفوان الأنصاري (4).
128 - قيس بن الحارث، الأسدي، وهو جد قيس بن الربيع (5).
129 - الفلتان بن عاصم، الجرمي، وهو خال عاصم بن كليب الجرمي، روى عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (6).
130 - عمرو بن الأحوص، الجشمي، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وشهد معه حجة
الوداع، وهو أبو سليمان، وأم سليمان أم جندب الأزدية التي روت عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله)، روى عنه ابنه (7).
131 - نقادة بن عبد الله بن خلف بن عميرة، الأسدي، يكنى أبا (نهيسة) (8)،
روى عنه زيد بن أسلم والبراء السيلطي (9).
132 - المستورد بن شداد بن عمرو، من بني محارب بن فهر، نزل الكوفة، وروى
عنه الكوفيون، وروى هو عن النبي (صلى الله عليه وآله)، توفي بالإسكندرية سنة 45 (10).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 58، أسد الغابة: 5 / 236، الإصابة: 7 / 204 رقم 100179.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 59، تعجيل المنفعة لابن حجر: 465.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 59، الثقات لابن حبان: 4 / 393، أسد الغابة: 4 / 346.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 59، الثقات لابن حبان: 3 / 177، الإصابة: 3 / 189 رقم
3620، ومحمد بن صفوان سيأتي برقم 134.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 60، الثقات لابن حبان: 3 / 341، الإصابة: 5 / 14 رقم 7793.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 60، الثقات لابن حبان: 3 / 333، الإصابة: 5 / 288 رقم
7021.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 60، الثقات لابن حبان: 3 / 278، الإصابة: 4 / 492 رقم
5774.
8 - في المطبوع: (بهيه)، وما أثبتناه من المصادر.
9 - الطبقات الكبرى: 6 / 61، أسد الغابة: 5 / 38، الإصابة: 6 / 401 رقم 8925.
10 - الطبقات الكبرى: 6 / 61، الثقات لابن حبان: 3 / 403، الإصابة: 6 / 71 رقم 7946.
447
133 - محمد بن صفوان، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)، ولعله أبو مرحب المتقدم (1).
134 - محمد بن صيفي بن سهل بن الحرث، الخطمي، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)
حديثا في صوم يوم عاشوراء، وقيل: إنه محمد بن صفوان المتقدم (2).
135 - وهب بن خنبش الطائي (3).
136 - مالك بن عبد الله، الخزاعي، ويقال: الخثعمي، غزا مع النبي (صلى الله عليه وآله) (4).
137 - أبو كاهل، الأحمسي، من بجيلة، واسمه: قيس بن عائذ، وقيل: عبد الله
ابن مالك، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)، توفي أيام المختار (5).
138 - عمرو بن خارجة بن المنتفق، الأسدي، حليف آل أبي سفيان، وكان رسول
أبي سفيان إلى النبي (صلى الله عليه وآله) (6).
139 - الصنابح بن الأعسر، الأحمسي، من بجيلة، روى عنه قيس بن أبي
حازم (7).
140 - مالك بن عمير، ويكنى أبا صفوان، روى عنه سماك بن حرب (8).
141 - عمير ذو مران بن أفلح بن شراحيل بن ربيعة، وهو جد مجالد بن سعيد بن
عمير الهمداني، وهو الذي كتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسلم ومن معه من



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 61، الثقات لابن حبان: 3 / 364، الإصابة: 6 / 14 رقم 7793.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 62، تهذيب الكمال: 25 / 402 رقم 5304، الإصابة: 6 / 15
رقم 7795.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 62، أسد الغابة: 5 / 94، الإصابة: 6 / 488 رقم 9179.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 62، الثقات لابن حبان: 3 / 377، الإصابة: 5 / 541 رقم
76611.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 62، الثقات لابن حبان: 3 / 240، الإصابة: 5 / 370 رقم
7213.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 63، الثقات لابن حبان: 3 / 270، الإصابة: 4 / 517 رقم
5838.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 63، الثقات لابن حبان: 3 / 196، الإصابة: 3 / 362 رقم
4121.
8 - الطبقات الكبرى: 6 / 63، الثقات لابن حبان: 3 / 375، الإصابة: 5 / 549 رقم
7687، وفي المطبوع: (عمير)، وما أثبتناه من المصادر.
448
همدان (1).
142 - أبو جحيفة، السوائي، واسمه: وهب بن عبد الله من بني سواءة بن عامر بن
صعصعة، توفي بالكوفة في ولاية بشر بن مروان سنة 74، وقيل: تأخر إلى ما بعد
الثمانين (2).
143 - طارق بن زياد، الجعفي، توفي بعد سنة 100 (3).
144 - عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش، أبو الطفيل الكناني، عمر
إلى أن توفى سنة 110، وهو آخر من مات من الصحابة (4).
145 - الجحدمة، غير منسوب، له رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وقيل: جهدمة بالهاء
بدل الحاء المهملة بعد الجيم (5).
146 - يزيد بن نعامة، أبو مودود الضبي، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) وقيل: إنه تابعي
يروي عن أنس بن مالك (6).
147 - أبو خلاد، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) (7).



1 - الطبقات الكبرى: 6 / 63، أسد الغابة: 4 / 147، الإصابة: 5 / 126 رقم 6550.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 63، الثقات لابن حبان: 3 / 428، الإصابة: 6 / 490 رقم
9187، وفي المطبوع: (جحيفة)، وما أثبتناه من المصادر.
3 - الطبقات الكبرى: 6 / 64، الثقات لابن حبان: 4 / 395، الإصابة: 3 / 447 رقم
4328.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 64، الثقات لابن حبان: 3 / 291، الإصابة: 7 / 193 رقم
10166.
5 - الطبقات الكبرى: 6 / 65، الثقات لابن حبان: 3 / 67، الإصابة: 1 / 651 رقم 1352.
6 - الطبقات الكبرى: 6 / 65، الثقات لابن حبان: 3 / 442، الإصابة: 6 / 530 رقم
9338.
7 - الطبقات الكبرى: 6 / 65، أسد الغابة: 5 / 181، الإصابة: 7 / 92 رقم 9846.
449
الأسر العلمية في الكوفة
1 - آل أبي الجعد
رافع الغطفاني (1) الأشجعي، مولاهم، وأبناؤه: سالم وعبيدة وزياد، من
أصحاب الأمام علي (عليه السلام)، ورافع بن سلمة بن زياد بن أبي الجعد من رجال الإمام
الباقر (عليه السلام)، وسلمة بن زياد مولى بني أمية من رجال الإمام الصادق (عليه السلام) (2).
وفي التقريب لابن حجر: سالم بن أبي الجعد رافع، الغطفاني، الأشجعي،
مولاهم، الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيرا، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين،
وقيل: مائة أو بعد ذلك، ولم يثبت أنه جاوز المائة (3).
وذكر جملة من آل أبي الجعد ابن حجر في التقريب (4).
2 - آل أبي الجهم
القابوسي، اللخمي، من ولد قابوس بن النعمان بن المنذر، بيت كبير جليل
بالكوفة، منهم: أبو الحسين سعيد بن أبي الجهم، وابناه الحسين بن سعيد، والمنذر
ابن سعيد، ومحمد بن المنذر بن سعيد، والمنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد
صاحب كتاب جامع الفقه (5).
3 - آل أبي رافع
من أرفع بيوت الشيعة بنيانا، وأعلاها شأنا، وأقدمهم إسلاما، منهم: عبيد الله
وعلي، كانا كاتبي الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأبوهما رافع مولى رسول



1 - الغطفاني: بالفتح، نسبة إلى قبيلة كبيرة من قيس عيلان. انظر: الصحاح: 4 / 1411.
2 - رجال النجاشي: 169 رقم 447، رجال الطوسي: 205 رقم 47، رجال ابن داود: 93
رقم 604، الفوائد الرجالية: 1 / 269.
3 - تقريب التهذيب: 1 / 334 رقم 2176.
4 - 1 / 318 و 337 و 483 و 643 و 670 و 2 / 324 و 375.
5 - رجال النجاشي: 179 رقم 472 و 418 رقم 1118، رجال ابن داود: 102 رقم 683 و
192 رقم 1602، خلاصة الأقوال: 157 رقم 3 و 280 رقم 15، الفوائد الرجالية: 1 / 272.
450
الله (صلى الله عليه وآله)، وقد شهد مع علي (عليه السلام) حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة، ومات
في أوائل خلافته (1).
4 - آل أبي سارة
أهل بيت فضل وأدب، منهم: محمد بن الحسن بن أبي سارة، أبو جعفر
الرواسي، روى هو وأبوه عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، ومحمد بن أبي سارة
من رجال الصادق (عليه السلام)، ومعاذ وعمر ابنا مسلم بن أبي سارة (2).
5 - آل أبي شعبة الحلبيون
بيت كبير بالكوفة، روى جدهم أبو شعبة عن الحسن والحسين (عليهما السلام)، وابناه:
علي وعمر، وبنو علي وهم: عبيد الله ومحمد وعمران وعبد الأعلى كلهم من
أصحاب الصادق (عليه السلام)، ويحيى بن عمران بن علي من أصحاب الصادق
والكاظم (عليهما السلام)، وأحمد بن عمر بن أبي شعبة، وكان عبيد الله كبيرهم ووجههم،
وكان يتجر هو وأبوه وأخوته إلى حلب فغلب عليهم النسبة إليها (3).
6 - آل أبي صفية
واسم أبي صفية دينار، وهو أبو ثابت المعروف بأبي حمزة الثمالي،
الكوفي، وأولاد أبي حمزة الثلاثة: نوح ومنصور وحمزة قتلوا مع زيد بن
علي (عليه السلام) (4).
7 - آل أعين
بفتح الهمزة وسكون العين وفتح المثناة من تحت، وهم أكبر بيت في الكوفة



1 - رجال النجاشي: 4 رقم 1، رجال الطوسي: 117 رقم 18، معالم العلماء: 112 رقم
542، ايضاح الاشتباه: 79 رقم 1، الفوائد الرجالية: 1 / 203.
2 - رجال النجاشي: 324 رقم 883، رجال الطوسي: 279 رقم 63، رجال ابن داود: 168
رقم 1344، الفوائد الرجالية: 1 / 276.
3 - رجال النجاشي: 98 رقم 245 و 230 رقم 612 و 325 رقم 885 و 444 رقم 1199،
رجال ابن داود: 204 رقم 1713، خلاصة الأقوال: 294 رقم 12، الفوائد الرجالية: 1 /
214.
4 - رجال الطوسي: 129 رقم 2 و 333 رقم 1، الفهرست للطوسي: 90 رقم 1، خلاصة
الأقوال: 85 رقم 5، نقد الرجال: 1 / 311 رقم 14، الفوائد الرجالية: 1 / 258، والثمالي:
نسبة إلى ثمالة بطن من الأزد.
451
من شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، وأعظمهم شأنا، وأكثرهم رجالا وأعيانا، وأطولهم مدة
وزمانا، أدرك أوائلهم السجاد والباقر والصادق (عليهم السلام)، وبقي أواخرهم إلى أوائل
الغيبة الكبرى، وكان فيهم العلماء والفقهاء والقراء والأدباء ورواة الحديث، ومن
مشاهيرهم: حمران، وزرارة، وعبد الملك، وبكير بن أعين، وحمزة بن حمران،
وعبيد بن زرارة، وضريس بن عبد الملك، وعبد الله بن بكير، ومحمد بن عبد الله بن
زرارة، والحسن بن الجهم بن بكير، وسليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير، وأبو
طاهر محمد بن سليمان بن الحسن، وأبو غالب أحمد بن محمد بن محمد بن
سليمان، وكان أبو غالب (رحمه الله) شيخ علماء عصره وبقية آل أعين، وله في بيان أحوالهم
ورجالهم رسالة عهد فيها إلى ابن ابنه محمد بن عبد الله بن أحمد، وهو آخر من
عرف من هذا البيت، (وقد أجاز له جده في رسالته إليه جميع ما رواه من
الكتب، وذكر طريقه إلى أصحابها) (1)، وهي رواية الشيخ الفقيه أبي عبد الله
الحسين بن عبد الله الواسطي الغضائري شيخ النجاشي والشيخ الطوسي، وقد ألحق
بها جملة من أحوال آل أعين وبعض ما لم يقع منها لشيخه أبي غالب رضوان الله
عليه.
قال أبو غالب في الرسالة المذكورة:
إنا أهل بيت أكرمنا جل وعز بدينه، واختصنا بصحبة أوليائه، وحججه على
خلقه، من أول ما نشأنا إلى وقت الفتنة التي امتحنت بها الشيعة، فلقي عمنا حمران
سيدنا وسيد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)، ولقي حمران وجدنا زرارة وبكير أبا
جعفر محمد بن علي وأبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، ولقي بعض أخوتهم
وجماعة من أولادهم مثل: حمزة بن حمران، وعبيد بن زرارة، ومحمد بن حمران
وغيرهم أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام).
وآل أعين أكبر أهل بيت في الشيعة، وأكثرهم حديثا وفقها، وذلك موجود في
كتب الحديث، ومعروف عند رواته، ولقي عبيد بن زرارة وغيره من بني أعين أبا
الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، وكان جدنا الأدنى الحسن بن الجهم من خواص سيدنا
أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، وله كتاب معروف، وكان للحسن بن الجهم جدنا



1 - ما بين القوسين أثبتناه من الفوائد الرجالية.
452
(أبناء) (1): سليمان ومحمد والحسين، ولم يبق لمحمد والحسين ولد، وكانت أم
الحسن بن الجهم ابنة عبيد بن زرارة، ومن هذه الجهة نسبنا إلى زرارة ونحن من ولد
بكير، وكنا قبل ذلك نعرف بولد الجهم، وأول من نسب منا إلى زرارة جدنا
سليمان، نسبه إليه سيدنا أبو الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) صاحب العسكر، كان إذا
ذكره في توقيعاته إلى غيره قال: «الزراري» تورية عنه وسترا له، ثم اتسع ذلك
وسمينا به.
وكان (عليه السلام) يكاتبه في أمور له بالكوفة وبغداد، وأمه أم ولد يقال لها: رومية.
وكان الحسن بن الجهم اشتراها جلبا ومعها ابنة لها صغيرة، فرباها فخرجت
بارعة الجمال، وأدبها فحسن أدبها، فاشتريت لعبد الله بن طاهر، فأولدها عبيد الله
ابن عبد الله، وكان سليمان خال عبد الله، وانتقل إليه من الكوفة وباع عقاره بها في
محلة بني أعين، وخرج معه إلى خراسان عند خروجه إليها، فتزوج بنيشابور امرأة
من وجوه أهلها، فولدت له جدي محمد بن سليمان وعم أبي علي بن سليمان وأختا
لهما تزوجها عند عود سليمان إلى الكوفة محمد بن يحيى المعادي، فأولدها محمد
ابن محمد بن يحيى وأخته فاطمة بنت محمد.
وقد روى محمد بن يحيى طرفا من الحديث، وروى محمد بن محمد بن يحيى
ابن عمة أبي أيضا صدرا صالحا من الحديث، ولم تطل أعمارها فيكثر النقل عنهما،
فلما صرف آل طاهر عن خراسان أراد سليمان أن ينقل عياله بها وولده إلى العراق،
فامتنعت زوجته (ووطنت) (2) بعمتها وأهلها، فاحتال عليها بالحج ووعدها بالرجوع
بها إلى خراسان، فرغبت في الحج فأجابته إلى ذلك، فخرج بها وبولدها فحج بها ثم
عاد إلى الكوفة، وخلف من الولد بعد ابنه الذي مات في حياته جدي محمد بن
سليمان، وكان أسن ولده، وعليا أخاه من أمه، وحسنا، وحسينا، وجعفرا، وأربع
بنات إحداهن زوجة المعادي من المرأة النيشابورية، وباقي البنين والبنات من
أمهات أولاد.
وكان عمال الحرب والخراج يركبون إلى سليمان وسيدنا أبو الحسن (عليه السلام) يكاتبه



1 - أثبتناه من المصدر.
2 - في المطبوع: (وظنت)، وما أثبتناه من المصدر.
453
إلى أن مات، فكانت الكتب (بعد ذلك) (1) ترد على جدي محمد بن سليمان إلى أن
مات، وكاتب الصاحب (عليه السلام) جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه إلى أن وقعت
الغيبة، وقل منا رجل إلا وقد روى الحديث، وحدثني أبو عبد الله بن الحجاج -
وكان من رواة الحديث - أنه قد جمع من روى الحديث من آل أعين فكانوا ستين
رجلا، وحدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن لاحق الشيباني عن مشايخه: أن بني
أعين بقوا أربعين سنة أربعين رجلا لا يموت منهم رجل إلا ولد فيهم غلام وهم على
ذلك يستولون على دور بني شيبان في خطة بني سعد بن همام، ولهم مسجد الخطة
يصلون فيه، وقد دخله سيدنا أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) وصلى فيه.
وفي هذه المحلة دور بني أعين متقاربة، قال أبو غالب: وكان أعين غلاما روميا
اشتراه رجل من بني شيبان من الجلب، فرباه وتبناه وأحسن تأديبه، فحفظ القرآن
وعرف الأدب، وخرج بارعا أديبا، فقال له مولاه: أستلحقك؟
فقال: لا، ولائي منك أحب إلي من النسب.
فلما كبر قدم عليه أبوه من بلاد الروم، وكان راهبا اسمه: سنسن، وذكر أنه من
غسان ممن دخل بلد الروم في أول الإسلام، وقيل: إنه كان يدخل بلاد الإسلام
بأمان فيزور ابنه أعين ثم يعود إلى بلاده، فولد أعين: عبد الملك، وحمران،
وزرارة، وبكيرا، وعبد الرحمن بن أعين، هؤلاء كبراؤهم معروفون، وقعنب،
ومالك، ومليك من بني أعين غير معروفين، فذلك ثمانية أنفس، ولهم أخت يقال
لها: أم الأسود، ويقال: إنها أول من عرف هذا الأمر منهم من جهة أبي خالد
الكابلي، وروي أن أول من عرف هذا الأمر عبد الملك، عرفه من صالح بن ميثم ثم
عرفه حمران من أبي خالد الكابلي.
وكان بكير يكنى أبا الجهم، وحمران أبا حمزة، وزرارة أبا علي، ولآل أعين من
الفضائل وما روي فيهم أكثر من أن أكتبه لك، وهو موجود في كتب الحديث، وكان
مليك وقعنب ابنا أعين يذهبان مذهب العامة مخالفين لإخوتهم، وخلف أعين:
حمران، وزرارة، وبكيرا، وعبد الملك، وعبد الرحمن، (ومالكا) (2)، وموسى،
وضريسا، ومليكا، وكذا قعنب، فذلك عشرة أنفس.



1 - أثبتناه من المصدر.
2 - ورد بدله في المصدر: (عبيد الله).
454
وروى ابن المغيرة عن أبي محمد الحسن بن حمزة العلوي، عن أبي العباس
أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي المشهور بكثرة الحديث: أنهم سبعة
عشر رجلا، إلا أنه لم يذكر أسماءهم، وما يتهم في معرفته ولا شك في علمه (1).
8 - آل حيان التغلبي
مولى بني تغلب، بيت كبير في الشيعة، كوفيون، صيارفة، معروفون بهذه
الصنعة وبالنسبة إلى تغلب، منهم: إسحق بن عمار بن حيان الصيرفي التغلبي،
وأخوته: إسماعيل، وقيس، ويوسف، ويونس، وأولادهم: محمد، ويعقوب ابنا
إسحق، وبشر وعلي ابنا إسماعيل، وعبد الرحمن بن بشر، ومحمد بن يعقوب بن إسحاق
وعلي بن محمد بن يعقوب، وأبوهم عمار بن حيان من أصحاب الحديث
روى عن الصادق (عليه السلام)، وقد عد الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب
الصادق (عليه السلام): إسحق بن عمار، وإسماعيل بن عمار، ويونس بن عمار، وبشر بن
إسماعيل، وأحمد بن بشر بن عمار، وعبد الرحمن بن بشر (2).
وعد البرقي في رجاله من أصحاب الكاظم (عليه السلام) علي بن إسماعيل بن عمار (3).
9 - آل نعيم الأزدي الغامدي
بيت كبير، منهم: عبد الرحمن بن نعيم وأبناؤه: محمد وشديد وعبد السلام،
وأولادهم: بكر بن محمد وموسى والمثنى ابنا عبد السلام وجعفر بن المثنى (4).
10 - آل أبي أراكة
مولى كندة البجلي، واسم أبي أراكة: ميمون مولى بني وابش، وكان ابنا ميمون
هذا بشير وشجرة وأبناؤهما: إسحق بن بشير، وعلي بن شجرة، والحسن بن شجرة



1 - تاريخ آل زرارة: 2 / 2 - 30، الفهرست لابن النديم: 322، الفوائد الرجالية: 1 /
222، وقلما تجد مصدرا يخلو من ذكر آل زرارة.
2 - رجال الطوسي: 161 رقم 125 و 162 رقم 135 و 324 رقم 68 و 169 رقم 12 و
155 رقم 3.
3 - رجال النجاشي: 71 رقم 169، رجال الطوسي: 327 رقم 9، رجال ابن داود: 48 رقم
164، خلاصة الأقوال: 317 رقم 1، الفوائد الرجالية: 1 / 289.
4 - رجال النجاشي: 108 رقم 273 و 121 رقم 309، رجال ابن داود: 64 رقم 322،
خلاصة الأقوال: 80 رقم 1، نقد الرجال: 3 / 61 رقم 6، الفوائد الرجالية: 1 / 283.
455
من بيوت الشيعة، وممن روى عن الأئمة (عليهم السلام) وفيهم الثقات (1).
قال النجاشي (رحمه الله): علي بن شجرة بن ميمون روى أبوه عن أبي جعفر وأبي عبد
الله (عليهما السلام)، وأخوه الحسن بن شجرة روى، وكلهم ثقات وجوه جلة، ولعلي كتاب
روي عنه الحسن بن علي بن فضال (2).
وفي فهرست الشيخ (رحمه الله): له كتاب، روى الحسن بن محمد بن سماعة والقاسم
ابن إسماعيل القرشي عنه (3).
وعد الشيخ (رحمه الله) في رجاله بشير النبال في أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) (4).
وكذا البرقي في رجاله وقال: إنه شيباني، وذكر في أصحاب الباقر (عليه السلام) إسحق
ابن بشير النبال، وأبو أراكة هذا هو الذي اختفى عنده رشيد الهجري لما طلبه عبيد
الله بن زياد وله قصة (5).
11 - بنو الحر الجعفي
والحر هذا مولى، جعفي، وبنوه: أديم، وأيوب، وزكريا، من أصحاب
الصادق (عليه السلام)، ذكرهم النجاشي في فهرسته وأثبت لأديم وأيوب أصلا ووثقهما،
وأثبت لزكريا كتابا وقال: هو أخو أديم وأيوب (6)، وأيوب يعرف بأخي أديم، ووثقه
الشيخ الطوسي في الفهرست، وجعل أصله كتابا (7)، وقد يوجد في بعض النسخ
ابن أبجر مكان ابن الحر، والصواب ما تقدم.
وذكر النجاشي في أول فهرسته: عبيد الله بن الحر، الفارس، الفاتك، الشاعر،
وعده من سلفنا الصالحين المتقدمين في التصنيف وقال: له نسخة يرويها عن أمير
المؤمنين (عليه السلام) (8).



1 - رجال الكشي: 2 / 666، الفوائد الرجالية: 1 / 264.
2 - رجال النجاشي: 274 رقم 720.
3 - الفهرست للشيخ الطوسي: 160 رقم 37.
4 - رجال الطوسي: 127 رقم 4.
5 - رجال البرقي: 13، وانظر قصته في حادثة رشيد الهجري المتقدمة.
6 - رجال النجاشي: 103 رقم 256 و 106 رقم 267 و 174 رقم 459.
7 - الفهرست: 132 رقم 2.
8 - رجال النجاشي: 9 رقم 6.
456
وعبيد الله هذا هو: عبيد الله بن المجمع بن خزيم الجعفي من أشراف الكوفة
عربي صميم، وليس هو من أخوة أديم مولى جعفي، لما ذكرناه من قولنا: عربي
صميم (1)، مع بعد الطبقة، والعجب من النجاشي (رحمه الله) كيف عد هذا من سلفنا
الصالح وهو الذي خذل الحسين (عليه السلام) وقد مشى إليه يستنصره فأبى أن ينصره،
وعرض عليه فرسه لينجو عليها فأعرض عنه الحسين (عليه السلام) وقال: «لا حاجة لنا فيك
ولا في فرسك وما كنت متخذ المضلين عضدا» (2).
ثم إنه قام مع المختار في طلب الثأر ورجع مغاضبا لإبراهيم بن الأشتر، حيث
استقل العطاء، وأغار على سواد الكوفة فنهب القرى وقتل العمال وأخذ الأموال
ومضى إلى مصعب بن الزبير، وقصته معروفة (3)، وله في ذلك أشعار يتأسف فيها
ويتلهف على ما فاته من نصر الحسين (عليه السلام) ومن أخذه بالثأر مع المختار (رضي الله عنه) (4).
قالوا: وتداخله من الندم شيء عظيم، حتى كادت نفسه تفيض، والرجل
صحيح الاعتقاد سئ العمل، وقد يرجى له النجاة بحسن عقيدته وبحنو
الحسين (عليه السلام) وتعطفه عليه، حيث أمره بالفرار من مكانه حتى لا يسمع الواعية فيكبه
الله على وجهه في النار، والله أعلم بحقيقة حاله (5).
12 - بنو الياس البجلي
منهم: أبو الياس عمرو بن الياس، من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)
وروى عنهما (عليهما السلام)، له كتاب رواه عنه ابن جبلة، وابنه الياس بن عمرو شيخ من
أصحاب الصادق (عليه السلام) متحقق بهذا الأمر، له كتاب رواه عنه الحسن بن علي
الأشعري، وهو جد الحسن بن علي ابن بنت الياس المعروف بذلك وبالوشا
والخزاز، وأولاد الياس بن عمرو وهم: عمرو، ويعقوب، ورقيم، ثقات رووا عن أبي



1 - أي أن العربي الصميم غير الذي من الموالي.
2 - أمالي الصدوق: 132، الارشاد: 2 / 82.
3 - الأخبار الطوال: 297.
4 - الأخبار الطوال: 262، ذوب النضار: 85.
5 - انظر: تاريخ الطبري: 4 / 567، تاريخ دمشق: 37 / 417 رقم 4434، الفوائد الرجالية:
1 / 323.
457
عبد الله الصادق (عليه السلام) أيضا (1).
13 - بنو عبد ربه بن أبي ميمونة بن يسار الأسدي
الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، وقال: إنه مولى
كوفي، وأولاده: شهاب، ووهب، وعبد الرحيم، وعبد الخالق، وإسماعيل بن عبد
الخالق (2).
قال النجاشي في فهرسته: إسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه بن أبي ميمونة
ابن يسار، مولى بني أسد، وجه من وجوه أصحابنا، وفقيه من فقهائنا، وهو من بيت
الشيعة، عمومته شهاب وعبد الرحيم ووهب، وأبوه عبد الخالق، كلهم ثقات، رووا
عن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، وإسماعيل نفسه روى عن أبي عبد الله
الصادق وأبي الحسن الكاظم (عليهما السلام)، له كتاب، روى عنه جماعة منهم محمد بن
خالد (3).
وقال أيضا: وهب بن عبد ربه بن أبي ميمونة بن يسار الأسدي، مولى بني نصر
ابن قعين أخو شهاب بن عبد ربه، وعبد الخالق ثقة له كتاب يرويه جماعة، منهم
الحسن بن محبوب (4).
وقال في شهاب: له كتاب رواه ابن أبي عمير (5).
وذكره الشيخ في الفهرست وجعل كتابه أصلا (6).
وقال الكشي في رجاله: شهاب وعبد الرحيم وعبد الخالق ووهب ولد عبد
ربه، من موالي بني أسد من صلحاء الموالي (7).



1 - رجال النجاشي: 107 رقم 272، رجال الطوسي: 354 رقم 5، رجال ابن داود: 53 رقم
220، خلاصة الأقوال: 214 رقم 7، نقد الرجال: 1 / 244 رقم 1، الفوائد الرجالية: 1 /
329.
2 - رجال الطوسي: 242 رقم 255.
3 - رجال النجاشي: 27 رقم 5.
4 - رجال النجاشي: 430 رقم 1156.
5 - رجال النجاشي: 196 رقم 523.
6 - الفهرست: 145 رقم 2.
7 - رجال الكشي: 2 / 712 رقم 778.
458
14 - بنو أبي سبرة
قال النجاشي في الفهرست: بسطام بن الحصين بن عبد الرحمن الجعفي بن
أخي خيثمة، وإسماعيل كان وجها في أصحابنا وأبوه وعمومته، وكان أوجههم
إسماعيل، وهم بيت بالكوفة من جعفي يقال لهم: بنو أبي سبرة، منهم خيثمة بن
عبد الرحمن صاحب عبد الله بن مسعود له كتاب، روى عنه محمد بن عمرو بن
النعمان الجعفي (1).
وذكر الشيخ الطوسي في رجاله: إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي في
أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)، وقال: إنه تابعي سمع أبا الطفيل عامر بن واثلة وأخاه
خيثمة في أصحابهما (عليهما السلام)، وكناه أبا عبد الرحمن وبسطام بن الحصين في أصحاب
الصادق (عليه السلام) (2).
15 - بنو سوقة
حفص وزياد ومحمد، أبناء سوقة، ثقات جميعا، قال النجاشي: حفص بن
سوقة العمري مولى عمرو بن حريث المخزومي، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي
الحسن (عليه السلام)، ذكره أبو العباس بن نوح في رجالهما (عليهما السلام)، أخواه زياد ومحمد ابنا
سوقة أكثر منه رواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، روى محمد بن سوقة عن
أبي الطفيل عامر بن واثلة عن علي (عليه السلام) حديث تفرقة هذه الأمة، وروى زياد عن أبي
جعفر الباقر (عليه السلام) قوله: «لا تصلوا خلف الناصب»، لحفص كتاب رواه عنه محمد بن
أبي عمير (3).
وذكر الشيخ الطوسي في رجال الصادق (عليه السلام): عثمان بن سوقة الكوفي (4)،
وزيد بن سوقة البجلي مولى حريز بن عبد الله أبا الحسن الكوفي، والظاهر كونهما من
أخوة حفص، ولا يبعد أن يكون زيد وزياد واحدا (5).



1 - رجال النجاشي: 110 رقم 281.
2 - رجال الطوسي: 124 رقم 15 و 133 رقم 3 و 172 رقم 76.
3 - رجال النجاشي: 135 رقم 348.
4 - رجال الطوسي: 260 رقم 607.
5 - لم نجد زيد بن سوقة في رجال الطوسي، وذكر في: نقد الرجال: 2 / 285 رقم 19،
الفوائد الرجالية: 1 / 369.
459
16 - بنو نعيم الصحاف
محمد، وعلي، والحسين، وعبد الرحمن، قال النجاشي: الحسين بن نعيم
الصحاف، مولى بني أسد، ثقة، وأخواه علي ومحمد رووا عن الصادق (عليه السلام)، له
كتاب رواه عنه ابن أبي عمير، قال عثمان بن حاتم المنتاب: قال محمد بن عبدة:
وعبد الرحمن بن نعيم الصحاف مولى بني أسد أعقب، وأخوه الحسين كان متكلما
مجيدا، له كتاب بروايات كثيرة منها رواية ابن أبي عمير (1).
وعد الشيخ الطوسي في رجاله علي بن نعيم الصحاف الكوفي وأخويه: حسينا
ومحمدا من أصحاب الصادق (عليه السلام) (2).
17 - بنو عطية
محمد، وعلي، والحسن، وجعفر، أولاد عطية، والثلاثة الأول ثقات، قال
النجاشي: الحسن بن عطية الحناط، كوفي، مولى، ثقة، وأخواه أيضا محمد
وعلي، وكلهم رووا عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وهو الحسن بن عطية الدغشي المحاربي
أبو ناب، ومن ولده: علي بن إبراهيم بن الحسن، روى عن أبيه عن جده، ما رأيت
أحدا من أصحابنا ذكر له تصنيفا (3).
ثم قال: محمد بن عطية الحناط: أخو الحسن وجعفر، كوفي، روى عن أبي
عبد الله (عليه السلام) وهو صغير، له كتاب رواه عنه ابن أبي عمير (4).
وقال الشيخ في الفهرست: علي بن عطية، له كتاب رواه عنه ابن أبي عمير (5).
وقال أيضا في رجاله في باب من لم يرو عنهم (عليهم السلام): علي بن إبراهيم الخياط،
روى عنه حميد أصولا، مات سنة 207 وصلى عليه إبراهيم بن محمد العلوي،
ودفن عند مسجد السهلة (6).
ولعل هذا هو علي بن إبراهيم بن الحسن بن عطية الحناط المتقدم في كلام



1 - رجال النجاشي: 53 رقم 120.
2 - رجال الطوسي: 246 رقم 330.
3 - رجال النجاشي: 46 رقم 93.
4 - رجال النجاشي: 356 رقم 952.
5 - الفهرست: 162 رقم 47.
6 - رجال الطوسي: 430 رقم 21.
460
النجاشي، وما في نسخ رجال الشيخ (رحمه الله) من (الخياط) بالمعجمة والياء، تصحيف
(الحناط) بالمهملة والنون (1).
18 - بنو رباط
أهل بيت كبير، من بجيل أو من مواليهم، منهم الرواة والثقات وأصحاب
المصنفات، ومن مشاهيرهم: عبد الله، والحسن، وإسحق، ويونس، أولاد
رباط، ومحمد بن عبد الله بن رباط، وعلي بن الحسن، وجعفر بن محمد بن إسحاق
ابن رباط، ومحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن رباط، وهو من رجال الغيبة
وآخر من يعرف من هذا البيت.
قال النجاشي: الحسن بن رباط البجلي، كوفي، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)
وأخوته: إسحق، ويونس، وعبد الله، له كتاب رواه عن الحسن بن محبوب.
ثم ذكر: محمد بن عبد الله، وعلي بن الحسن، وجعفر بن محمد، ومحمد بن
محمد، وأثبت لهم كتبا ووثقهم في تراجمهم، ووثق عبد الله بن رباط في ترجمة ابنه
محمد بن عبد الله (2).
قال الكشي: قال نصر بن الصباح: بنو رباط كانوا أربعة أخوة: الحسن،
والحسين، وعلي، ويونس، كلهم أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام)، وله أولاد كثيرة من
حملة الحديث (3).
19 - بنو فرقد
داود، ويزيد، وعبد الرحمن، وعبد الحميد، وعبد الملك، قال النجاشي:
داود بن فرقد، مولى آل أبي السمال، الأسدي، النصري، وفرقد يكنى أبا يزيد،
كوفي، ثقة، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي الحسن الكاظم (عليه السلام)، وأخوته: يزيد،
وعبد الرحمن، وعبد الحميد، قال ابن فضال: داود ثقة، له كتاب رواه عنه عدة من
أصحابنا منهم: صفوان بن يحيى، وإبراهيم بن أبي السمال (4).



1 - الفوائد الرجالية: 1 / 377.
2 - رجال النجاشي: 46 رقم 94 و 356 رقم 955 و 251 رقم 659 و 121 رقم 311 و
393 رقم 1051.
3 - رجال الكشي: 663 رقم 685.
4 - رجال النجاشي: 158 رقم 418.
461
وذكره الشيخ في الفهرست، وروى كتابه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر، وعده في رجاله من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) ووثقه (1).
وذكر: يزيد، وعبد الحميد، وعبد الملك، أبناء فرقد في أصحاب
الصادق (عليه السلام)، وقال في عبد الملك: إنه أخو داود، وفي يزيد: إنه نهدي (2).
20 - بنو دراج
جميل بن دراج، وأخوه نوح، وابن أخيه أيوب، قال النجاشي: جميل بن
دراج، ودراج يكنى بأبي الصبيح بن عبد الله، أبو علي النخعي، وقال ابن فضال: أبو
محمد شيخنا، ووجه الطائفة، ثقة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، أخذ
عن زرارة، وأخوه نوح بن دراج القاضي، كان أيضا من أصحابنا، وكان يخفي
أمره، وكان أكبر من نوح، وعمي في آخر عمره، ومات في أيام الرضا (عليه السلام)، له كتاب
روى عنه ابن أبي عمير (3).
ووثقه الشيخ الطوسي في الفهرست، وجعل كتابه أصلا (4)، وعده الكشي في
رجاله من أصحاب الإجماع، وحاله في الثقة والجلالة شهير، وكذا ابن أخيه أيوب،
روي عن العسكري (عليه السلام) توثيقه (5)، وقال النجاشي أيضا: أيوب بن نوح النخعي، أبو
الحسين، كان وكيلا لأبي الحسن وأبي محمد (عليهما السلام)، عظيم المنزلة عندهما،
مأمونا، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته، وأبوه نوح بن دراج كان
قاضيا بالكوفة، وكان صحيح الاعتقاد، روى أيوب عن جماعة من أصحاب
الصادق (عليه السلام)، ولم يرو عن أبيه وعن عمه شيئا (6).
ومن بني دراج: الحسن بن أيوب بن نوح، وهو أحد الشهود الأربعين على وكالة
عثمان بن سعيد، وممن رأى القائم (عليه السلام) وروى النص عليه (7).



1 - الفهرست: 126 رقم 9.
2 - رجال الطوسي: 240 رقم 205 و 324 رقم 73 و 265 رقم 716.
3 - رجال النجاشي: 126 رقم 328.
4 - الفهرست: 94 رقم 1.
5 - رجال الكشي: 2 / 520 و 841.
6 - رجال الكشي: 2 / 841.
7 - الفوائد الرجالية: 1 / 383.
462
21 - بنو عمار البجلي الدهني
مولاهم، والد معاوية بن عمار المشهور، يكنى به، واختلف في اسم أبيه
فقيل: معاوية، وقيل: أبو معاوية خباب بن عبد الله بالمعجمة والبائن، قال
النجاشي: كان عمار بن أبي معاوية خباب بن عبد الله الدهني ثقة في العامة،
وجها (1).
وقال الشيخ في الفهرست: عمار بن معاوية الدهني، له كتاب ذكره ابن
النديم (2).
وعده في كتاب الرجال من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، وقال: عمار بن
خباب، أبو معاوية العجلي الدهني الكوفي، والعجلي فيه تصحيف البجلي (3).
وظاهر كلام النجاشي: أن عمارا هذا ليس منا، وهو خلاف ظاهر الشيخ (رحمه الله) في
كتابيه خصوصا الفهرست، فإنه موضوع لذكر المصنفين من أصحابنا.
وقد ذكر عمارا علماء العامة ومدحوه ووثقوه ونسبوه إلينا، ففي التقريب: عمار
ابن معاوية الدهني، بضم أوله وسكون الهاء، بعدها نون، أبو معاوية، البجلي،
الكوفي، صدوق، يتشيع، من الخامسة، مات سنة 133 (4).
وفي تهذيب الكمال: عمار بن معاوية، ويقال: ابن أبي معاوية، وابن صالح
(وابن خباب) (5) الدهني، البجلي، الكوفي، مولى الحكم بن نفيل ووالد معاوية بن
عمار، ودهن هو ابن معاوية بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار، وفي عبد
القيس دهن بن عذرة، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه وإسحق ومنصور عن
يحيى بن معين وأبو حاتم والنسائي: ثقة، وقال علي بن المدائني عن سفيان: قطع
بشر بن مروان - والي الكوفة - عرقوبيه فقلت: في أي شيء؟
قال: في التشيع.
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، مات سنة 133، روى له جماعة سوى



1 - رجال النجاشي: 411 رقم 1096.
2 - الفهرست لابن النديم: 275، الفهرست للشيخ الطوسي: 189 رقم 3.
3 - رجال الطوسي: 251 رقم 434، وفيه: البجلي.
4 - تقريب التهذيب: 1 / 708.
5 - في المصدر: (وابن حيان).
463
البخاري (1).
وأما ولده معاوية بن عمار، من جلة أصحابنا، وأفاضل علمائنا، عده الشيخ
الطوسي (رحمه الله) في الفهرست من هذه الطائفة، وذكر كتبه ورواها عن ابن أبي عمير
وصفوان بن يحيى ومحمد بن سكين (2).
وقال النجاشي (رحمه الله) في فهرسته: معاوية بن عمار بن أبي معاوية خباب بن عبد
الله الدهني - ودهن من بجيلة - كان وجها في أصحابنا ومقدما، كبير الشأن، عظيم
المحل، ثقة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، وله كتب منها: كتاب الحج،
رواه عنه جماعة كثيرة من أصحابنا منهم: ابن أبي عمير، ومات معاوية سنة
175 (3).
وفي التقريب لابن حجر: معاوية بن عمار بن أبي معاوية، الدهني، صدوق،
من الثامنة (4)، وهو يؤيد ما قلناه.
ويشهد لاستقامته ما قاله النجاشي في عبد الله بن القاسم الحارثي: إنه صحب
معاوية بن عمار ثم خلط وفارقه (5).
وكانت أخت معاوية بن عمار منية بنت عمار الدهني، أم يونس بن يعقوب
البجلي الدهني من خواص الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)، قاله النجاشي في ترجمة
يونس (6).
ومن بني عمار: محمد بن معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار، وهو من
أصحاب العسكري (عليه السلام)، وممن روى النص على الحجة القائم (عليه السلام) وعلى توكيل
عثمان بن سعيد العمري (رضي الله عنه)، وقد روي أنه كان في الشهود على ذلك وهم أربعون
رجلا من رؤساء الشيعة، ويعطي ذلك جلالة محمد ورئاسته، وهو آخر من يعرف



1 - تهذيب الكمال: 21 / 208 رقم 4171، الثقات لابن حبان: 5 / 268.
2 - الفهرست للشيخ الطوسي: 247 رقم 2.
3 - رجال النجاشي: 411 رقم 1096.
4 - تقريب التهذيب: 2 / 196.
5 - رجال النجاشي: 226 رقم 593.
6 - رجال النجاشي: 446 رقم 1207.
464
من بني عمار (1).
تنبيه:
قد أورد ابن سعد في الطبقات الكبرى (2) تراجم 850 تابعيا ممن نزل
الكوفة، وابتنى كثير منهم دارا فيها، وتقلد بعضهم الوظائف الحكومية، وكان
لأكثرهم المكانة العليا الروحية، والمنزلة السامية في الزعامة، وكلهم رواة محدثون
تلقوا الحديث من الصحابة، وانتهلوا من المنبع الفياض باب مدينة العلم الإمام علي
أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما أنه نزل الكوفة الجم الغفير من حفاظ الحديث، وممن تلقى
العلم من الأئمة الهداة، كالحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر
الصادق وغيرهم من الأئمة (عليهم السلام)، لا سيما بعدما دخلوا الكوفة وبثوا العلم فيها،
وخصوصا من روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) يوم ازدهر العلم في عصره واتسع
نطاقه، ويوم أتيحت له الفرص في الفترة بين انقراض دولة الأمويين واستفحال أمر
بني العباس، وفي أولياتهم إذ لم يتفرغوا بعد إلى سحق الخطط الغير الملائمة
لنزعاتهم، فنشر أحاديث جده النبي (صلى الله عليه وآله) وآبائه الهداة (عليهم السلام)، وبث علومه في أرجاء
البسيطة، وقد صنف الحافظ أبو العباس ابن عقدة أحمد بن محمد بن سعيد
الهمداني الكوفي المتوفى سنة 333، كتابا في أسماء الرجال الذين رووا الحديث
عن الإمام الصادق (عليه السلام)، فذكر ترجمة 4000 رجل، خرج فيه لكل رجل الحديث
الذي رواه (3).



1 - انظر: الفوائد الرجالية: 1 / 398، طرائف المقال: 1 / 259 رقم 1674، معجم رجال
الحديث: 18 / 279 رقم 11833.
2 - انظر: الطبقات الكبرى: 6 / 5، مشاهير علماء الأمصار: 159 - 180.
3 - الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد مولى عبد
الرحمن بن سعيد بن قيس السبيعي الهمداني، المعروف بابن عقدة الحافظ، من أصحاب
الحديث، مشهور بالحفظ، حيث نقل أنه كان يحفظ مائة وعشرين ألف حديث بأسانيدها،
وكان زيديا جاروديا وعلى ذلك مات، ولكثرة مخالطته ومداخلته مع الشيعة، ذكر في ترجم
ورجال الشيعة، مات بالكوفة سنة 333، وقيل: سنة 332.
وألف عدة كتب منها: (رجال ابن عقدة) وهو في خصوص رجال أصحاب الصادق (عليه السلام)، قال
الشيخ الطوسي: قد ذكر كل إنسان منهم من أصحابنا المصنفين طرفا إلا ما ذكره ابن عقدة من
رجال الصادق (عليه السلام) فإنه بلغ الغاية في ذلك ولم يذكر رجال باقي الأئمة عليهم السلام.
وقال النجاشي في عداد تصانيفه: وكتاب الرجال.
انظر: رجال النجاشي: 94 رقم 233، الفهرست: 28 رقم 86، نقد الرجال: 1 / 158 رقم
144، ايضاح الاشتباه: 5 / 107 رقم 76، الذريعة: 10 / 86 رقم 161.
465
وقد ألف أربعمائة رجل من أجوبة مسائله (عليه السلام) أربعمائة مصنف سموها
الأصول الأربعمائة، ويوجد كثير منها اليوم في أيدينا (1)، ولقد بقي (عليه السلام) في الكوفة
سنتين أيام أبي العباس السفاح، فازدلفت إليه الشيعة من كل فج زرافات ووحدانا
تستقي منه العلم وترتوي من منهله العذب الروي وتروي عنه الأحاديث في مختلف
العلوم، وكان منزله (عليه السلام) في بني عبد القيس.
قال محمد بن معروف الهلالي: مضيت إلى الحيرة إلى جعفر بن محمد (عليه السلام) فما
كان لي فيه حيلة من كثرة الناس، فلما كان اليوم الرابع رآني فأدناني وتفرق الناس عنه
ومضى يريد قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، فتبعته وكنت أسمع كلامه وأنا معه أمشي (2).
وقال الحسن بن علي بن زياد الوشاء البجلي لابن عيسى القمي: إني أدركت في
هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن
محمد (عليه السلام) (3).
وممن أكثر من الرواية عنه (عليه السلام): أبان بن تغلب بن رباح، أبو سعيد البكري،
الجريري - مولى جرير بن عباد - الكوفي، نزيل كندة، المتوفى سنة 141، فإنه روى
عنه (عليه السلام) 30000 حديث (4).



1 - لقد ترجم الشيخ أغا بزرك الطهراني في الذريعة لمائتي رجل من مصنفي تلامذة الإمام
الصادق (عليه السلام) عدا غيرهم من المؤلفين من أصحاب سائر الأئمة، وذكر لهم من كتب الأصول
739 كتابا.
انظر: الذريعة: 6 / 301 - 374، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 275، الإمام الصادق
والمذاهب الأربعة: 1 / 500، دراسة حول الأصول الأربعمائة للسيد محمد حسين الجلالي.
2 - مناقب آل أبي طالب: 3 / 363، فرحة الغري: 88، بحار الأنوار: 47 / 93 ح 104.
3 - رجال النجاشي: 40 رقم 80 ضمن ترجمة الحسن بن علي الوشاء، معجم رجال
الحديث: 6 / 38 رقم 2968.
4 - انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى: 6 / 360، الثقات لابن حبان: 6 / 67، رجال
النجاشي: 11 رقم 7، رجال الكشي: 2 / 622، رجال ابن داود: 29 رقم 4، ايضاح الاشتباه:
81 رقم 3، تهذيب الكمال: 2 / 6 رقم 135، ميزان الاعتدال: 1 / 5 رقم 2، سير أعلام
النبلاء: 6 / 308 رقم 131.
466
وممن أكثر من الرواية عنه وعن أبيه الإمام الباقر (عليه السلام): محمد بن مسلم بن رباح
أبو جعفر، الأوقص، الطحان، الأعور، السمان، الطائفي، الكوفي، المتوفى سنة
105، فإنه روى عنهما (عليهما السلام) 40000 حديث (1).
ومنهم: جابر بن يزيد الجعفي المتوفى سنة 128، فإنه روى عنهما (عليهما السلام)
90000 حديث (2).
وقد نصر الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء عدد غير يسير من أهل الكوفة ممن
حظوا بالسعادة وأبلوا بلاء حسنا ورزقوا الشهادة، أولئك الذين عجم الحسين (عليه السلام)
عودهم (3) واختبر حدودهم وكسب منهم الثقة البليغة، وأسفرت امتحاناته كلها عن
فوزه بصحب أوفياء وأصفياء، وإخوان صدق عند اللقاء، قل ما فاز أو يفوز بأمثالهم
ناهض، فلا نجد أدنى مبالغة في وصفه لهم عندما قال: «أما بعد، فإني لا أعلم
أصحابا خيرا من أصحابي ولا أهل بيت أبر وأوفى من أهل بيتي» (4).
وكانوا يفتدونه بأنفسهم كما كان يتمنى القتل لنفسه قبلهم، وأخيرا قتلوا، وكان
سبيلهم سبيل من قبلهم من الأنبياء والمصلحين إلى روح وريحان وجنة ورضوان،
فاستراحوا من آلام الحياة الدنيا الفانية، وسعدوا بحياة راقية باقية.



1 - انظر ترجمته في: تاريخ ابن معين: 197 رقم 721، رجال النجاشي: 324 رقم 882،
رجال الكشي: 1 / 383، رجال الطوسي: 294 رقم 318، رجال ابن داود: 184 رقم 1504،
خلاصة الأقوال: 251 رقم 60، ايضاح الاشتباه: 261 رقم 541، ميزان الاعتدال: 4 / 40 رقم
8172، نقد الرجال: 4 / 322 رقم 720.
2 - الطبقات الكبرى: 6 / 345، معرفة الثقات للعجلي: 1 / 264 رقم 206، رجال
النجاشي: 128 رقم 332، رجال الكشي: 2 / 436، رجال الطوسي، 129 رقم 6،
الفهرست: 95 رقم 1، رجال ابن داود: 61 رقم 290 و 235 رقم 87، خلاصة الأقوال: 94
رقم 2، ميزان الاعتدال: 1 / 379 رقم 1425، نقد الرجال: 1 / 325 رقم 15.
3 - عجمت عودهم: أي بلوت أمرهم وخبرت حالهم. الصحاح: 5 / 1981.
4 - تاريخ الطبري: 4 / 317، الارشاد: 2 / 91، اللهوف: 55، إعلام الورى: 1 / 455،
ينابيع المودة: 3 / 65.
467
أجل كانت جماعة الحسين (عليه السلام) مفعمة رؤوسها بشعور التضحية، حتى إذا أذن
لهم بذلك لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا يتهافتون كالفراش على المصباح
لتضحية الأرواح، فكلما أذن حجة الله لأحدهم، وآدعه وداع من لا يعود، وهم
يتطايرون من مخيمه إلى خصومه تطاير السهام لإنفاذ الغرض المقدس، بأراجيز
بليغة وحجج بالغة من شأنها إزاحة الشبهات عن البعيد والقريب وعن الشاهد
والغائب، لكن المستمعين (صم بكم عمى فهم لا يعقلون) (1) قد غشيت الأطماع
أبصارهم وغشت المخاوف بصائرهم، فلا يفكرون بسوى دراهم ابن زياد وعصاه،
ومن لا يهتم إلا بالسيف والرغيف، فلا نصح يفيده ولا دليل يحيده.
نعم، نصروا الحسين (عليه السلام) من الكوفيين صيد جحاجيح أمثال: حبيب بن مظاهر
الأسدي، ومسلم بن عوسجة الأسدي، وبرير بن خضير الهمداني المشرفي، وقيس
ابن مسهر الأسدي الصيداوي، وعمرو بن خالد الأسدي الصيداوي، وأبي ثمامة
عمرو الهمداني الصائدي، وعابس بن أبي شبيب الهمداني الشاكري، وحنظلة بن
أسعد الهمداني الشبامي، والحجاج بن مسروق المذحجي الجعفي، ويزيد بن
مغفل المذحجي الجعفي، وعمرو بن قرظة الأنصاري الخزرجي، وزهير بن القين
الأنماري البجلي، ومسلم بن كثير الأعرج الأزدي، والحر بن يزيد الرياحي، وغير
هؤلاء ممن حاز السعادة والشهادة.
من كل أبيض وضاح الجبين له * نوران من جانبيه الفضل والنسب
تجلو العفاة لهم تحت القنا غررا * تلاعب البيض فيها والقنا السلب
فوارس اتخذوا سمر القنا سمرا * فكلما سجعت ورق القنا طربوا
يستنجعون الردى شوقا لغايته * كأنما الضرب في أفواهها الضرب
واستأثروا بالردى من دون سيدهم * قصدا وما كل إيثار به الأدب
فقتلوا تقتيلا (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم
يرزقون) (2) أحياء بأرواحهم، أحياء بتاريخهم المجيد، ولهم لسان صدق في
الآخرين.



1 - سورة البقرة: 171.
2 - سورة آل عمران: 169.
468
البيوتات الطالبية والعلوية في الكوفة
كانت في الكوفة أسر طالبية وبيوتات علوية ليست بالنزر القليل، وكان لبعضهم
السلطة والسيطرة، لا سيما أيام ازدهرت بخلافة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام)،
وكان لأفراد منهم النقابة فيها والزعامة البدنية والروحية، مضافا إلى شرفهم العلوي
بانتسابهم إلى زعيمهم الإمام علي (عليه السلام)، ذلك الشرف الباذخ والنسب الوضاح، وقد
بقيت لبعضهم بقية إلى القرن الثامن.
وإليك فيما يلي بعض البيوتات التي نص عليها النجفي النسابة في المشجر،
وصاحب عمدة الطالب، والمجدي وغيرهم من النسابين:
1 - بيت عبد الله بن الحسين بن محمد بن مسلم، كانت له بقية بالكوفة (1).
2 - بيت أبي عبد الله الحسين الثائر بقزوين، الذي هو من ولد علي بن داود بن
أبي الكرام عبد الله بن محمد الرئيس ابن عبد الله بن عبد الله بن جعفر
الطيار (رضي الله عنه) (2).
3 - بنو جعفر، ينتهي نسبهم إلى عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن مسلم بن عبد
الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنه)، منهم فاطمة النائحة بالحلة المعروفة
ببنت الهريش (3).
4 - بنو غريزة، أبوهم علي يعرف بابن غريزة، ويكنى أبا عيسى، وهو ابن
الحسين بن محمد بن هارون بن محمد البطحاني ابن القاسم بن الحسن بن زيد ابن
الإمام الحسن (عليه السلام) (4).
5 - بنو أبي عبد الله الحسين بن زيد بن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى
يلقب بالحصا (5).
6 - بيت طاهر الفقيه، بالكوفة، المعروف بابن كأس ابن أحمد بن طاهر بن



1 - المجدي: 309، عمدة الطالب: 34.
2 - المجدي: 305، عمدة الطالب: 52.
3 - المجدي: 313، عمدة الطالب: 34.
4 - المجدي: 24 وفيه: (بنو عزيز)، عمدة الطالب: 73 وفيه: (بنو عزيزة).
5 - المجدي: 172، عمدة الطالب: 274.
469
يحيى ابن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد (عليه السلام) (1).
7 - بنو سخطة، ينتمون إلى الشريف أبي الهيجاء عبد الله بن محمد بن جعفر
ابن محمد بن الحسين بن يحيى بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد (عليه السلام) (2).
8 - بيت العراقي، ينتمون إلى أبي الهيجاء محمد بن القاسم بن محمد بن
أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن محمد بن عيسى بن زيد الشهيد (عليه السلام) (3).
9 - بيت علي بن إبراهيم أبي الحسن الجليل النسابة ابن محمد بن الحسن بن
محمد الجواني بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، ولد علي بن إبراهيم هذا بالمدينة، ونشأ بالكوفة، وتوفي بها، وقبره مما
يلي كندة، وقد ذكره النجاشي في فهرسته، وقال: له كتاب أخبار الحسين صاحب
فخ، وكتاب أخبار يحيى بن عبد الله بن الحسن، ثم ذكر طريقه إلى
روايتهما، والجواني: نسبة إلى الجوانية قرية بالمدينة (4).
10 - بيت علي بن عبيد الله بن الحسين الأصغر المذكور، أبي الحسن الزوج
الصالح، وكان علي ورعا دينا، شهد مع أبي السرايا بالكوفة، ذكره النجاشي في
الفهرست (5).
11 - بيت محمد الكوفي الزاهد ابن الشريف الورع الكريم، إبراهيم بن علي بن
عبيد الله بن الحسين الأصغر المذكور (6).
12 - بيت المختار، أبي علي عمر بن أبي العلاء مسلم الأحول ابن أبي علي
محمد أمير الحاج ابن الأمير محمد بن عبد الله الأشتر بن محمد ذي النفس الزكية
الحسني (7).



1 - المجدي: 268، عمدة الطالب: 181.
2 - المجدي: 182، عمدة الطالب: 269.
3 - المجدي: 191، عمدة الطالب: 294.
4 - المجدي: 197، عمدة الطالب: 320، رجال النجاشي: 262 رقم 687، وانظر: معجم
البلدان: 2 / 175.
5 - المجدي: 197، عمدة الطالب: 321، رجال النجاشي: 256 رقم 671.
6 - المجدي: 198.
7 - المجدي: 200، عمدة الطالب: 328.
470
13 - بيت الحسن بن إبراهيم بن محمد البطحاني المذكور (1).
14 - بيت أبي القاسم حمزة، الملقب بتكة ابن محمد الكوفي بن إبراهيم بن
محمد البطحاني (2).
15 - بيت إبراهيم الأكبر أبي محمد ابن محمد الكوفي بن إبراهيم بن محمد
البطحاني (3).
16 - بيت أبي الحسن علي المصاب، الملقب طنجيرا ابن محمد الكوفي ابن
إبراهيم بن محمد البطحاني (4).
17 - بيت جعفر أبي عبد الله ابن محمد الكوفي بن إبراهيم بن محمد
البطحاني (5).
18 - بيت عيسى بن محمد بن هارون بن محمد البطحاني، كان رئيسا بالكوفة
وجها (6).
19 - بيت أبي محمد الحسن بن حمزة بن محمد بن إبراهيم بن محمد
البطحاني (7).
20 - بيت أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن القاسم بن محمد
البطحاني (8).
21 - بيت إبراهيم بن محمد بن القاسم بن محمد البطحاني (9).
22 - بيت أبي عبد الله محمد، العالم بالكوفة ابن علي بن الحسن بن علي بن
الحسين البرسي بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد البطحاني (10).



1 - المجدي: 27، عمدة الطالب: 76.
2 - المجدي: 28، وفيه: (بنكه).
3 - المجدي: 28.
4 - المجدي: 28.
5 - المجدي: 28.
6 - عمدة الطالب: 74.
7 - عمدة الطالب: 76.
8 - عمدة الطالب: 79.
9 - المجدي: 28.
10 - المجدي: 345.
471
23 - بنو البرسي الحسين، المكنى أبا عبد الله ابن عبد الرحمن بن القاسم
البطحاني (1).
24 - بيت أبي علي الحسن بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن بن علي بن
معية، ومعية أمه، وهو ابن الحسن بن الحسن بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر
ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن (عليه السلام) (2).
25 - بنو عبد العظيم، نسبة إلى أبي محمد عبد العظيم بن الحسين الكوفي بن
علي بن معية (3).
26 - بيت سليمان البرسي، من أولاد إسماعيل البرسي، وكان سليمان له قدر
وتقدم بالكوفة (4).
27 - بيت علي بن محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن
علي (عليه السلام)، وكان علي أميرا بالكوفة (5).
28 - بيت محمد الأكبر بن علي الأصغر بن الحسين بن زيد بن علي بن
الحسين (عليه السلام) (6).
29 - بيت زيد الشهيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، صليب الكناسة (7).
30 - بنو القاسم بن عبد الله بن الحسين الأصغر، وكان القاسم خيرا فاضلا مقيما
بطبرستان، ولكن ذريته بالكوفة (8).
31 - بيت الحسن المكفوف بن الحسن الأفطس بن علي الأصغر ابن الإمام علي
زين العابدين (عليه السلام)، وكان الحسن أولا بمكة، ولكن أخرجه منها إلى الكوفة ورقاء بن



1 - المجدي: 29، عمدة الطالب: 82.
2 - المجدي: 71، عمدة الطالب: 163.
3 - المجدي: 71.
4 - المجدي: 29، عمدة الطالب: 82.
5 - المجدي: 22، عمدة الطالب: 72.
6 - المجدي: 164، عمدة الطالب: 285، ويسمى ذي الدمعة وذي العبرة، ولقب بذلك
لكثرة بكائه على أبيه.
7 - المجدي: 159، عمدة الطالب: 264 و 273.
8 - المجدي: 206 وقال: ومن ولده علي يقال لولده: العمرية، عمدة الطالب: 316.
472
زيد (1).
32 - بيت العباس الجمال الكوفي، ابن أحمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن
الأفطس (2).
33 - بنو بقبق وبنو كندة، ينتمون إلى أبي الطيب أحمد الداعي بن حمزة بن
الحسين صوفة بن زيد الطويل بن جعفر الثالث بن عبد الله رأس المذري بن جعفر
الثاني بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن الحنفية ابن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) (3).
34 - بنو إسماعيل بن عبد الله بن عبيد الله الأمير بن الحسن بن عبيد الله بن
العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (4).
35 - بيت أبي الغارات، ينتمون إلى حمزة بن زيد سيد الكوفي بن الحسن بن
محمد الصوفي الآتي ذكر نسبه في بني الصوفي (5).
36 - بنو حمزة بن محمد ابن صاحب الزواريق يحيى بن هارون بن محمد بن
الحسن بن أبي القاسم محمد بن الحسن بن محمد ابن الشجري الحسني (6).
37 - بنو الحسن بن علي السيد بن عبد الرحمن، الشجري، الحسني (7).
38 - بنو الأشتر، وهم عقب أبي عبد الله الحسين، نقيب الكوفة ابن الحسن
الأعور الجواد بن محمد بن عبد الله الأشتر الكابلي ابن ذي النفس الزكية ابن عبد الله
المحض بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، انقرضوا بعد أن بقيت
منهم بقية إلى المائة السادسة (8).
39 - بيت أبي طالب محمد العالم، المحدث بهمدان، ونقيب الكوفة ابن
الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي جعفر محمد، نقيب الكوفة



1 - المجدي: 215، عمدة الطالب: 346.
2 - المجدي: 217.
3 - المجدي: 230.
4 - المجدي: 241، عمدة الطالب: 290.
5 - المجدي: 285.
6 - المجدي: 90.
7 - المجدي: 32، عمدة الطالب: 91.
8 - المجدي: 40، عمدة الطالب: 107.
473
ابن الحسن الأعور المذكور (1).
40 - السبيعيون، ينتسبون إلى أبي محمد القاسم بن الحسين، نقيب الكوفة ابن
القاسم بن أحمد بن عبد الله بن علي الشديد بن الحسن بن زيد ابن الإمام الحسن
المجتبى (عليه السلام)، نسبوا إلى محلة بالكوفة يقال لها: السبيعية، وكان القاسم السبيعي من
أعيان العلويين (2).
41 - بنو أبي طاهر، الحسن بن علي بن معية بن الحسن بن الحسن بن إسماعيل
الديباج ابن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) له عقب
بالكوفة، منهم العالم النسابة عبد الجبار بن الحسن بن محمد بن جعفر ابن أبي طاهر
الحسن المذكور، ينسب له مسجد عبد الجبار بالكوفة (3).
42 - بيت أبي جعفر محمد الأدرع بن عبيد الله أمير الكوفة، ابن عبد الله بن
الحسن بن جعفر الغدار بن الحسن بن جعفر بن الحسن ابن الإمام الحسن ابن الإمام
علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، كان أبو جعفر محمد الأدرع رئيسا بالكوفة وخراسان وما
وراء النهر وغيرها، مات بالكوفة ودفن بالكناسة (4).
43 - بنو أحمد بن القاسم بن العباس ابن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) (5).
44 - بنو طويل الباع، محمد بن محمد بن يحيى ابن أبي الحارث محمد ابن أبي
الحسن علي المعروف بابن الديلمية ابن أبي طاهر عبد الله ابن أبي الحسن محمد
المحدث ابن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطيعي بن موسى أبي شجة بن إبراهيم
المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) (6).
45 - بيت أبي البركات الشريف، عمر بن إبراهيم، قاضي حمص المكنى بأبي
علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي دانقين بن الحسين بن علي بن حمزة بن



1 - عمدة الطالب: 107.
2 - المجدي: 35، عمدة الطالب: 94.
3 - المجدي: 71، عمدة الطالب: 163.
4 - المجدي: 86، عمدة الطالب: 186 و 188، ولقب بالأدرع لأنه كانت له أدرع
كثيرة، وقيل: لأنه قتل أسدا أدرع.
5 - عمدة الطالب: 229.
6 - عمدة الطالب: 215.
474
يحيى بن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد (عليه السلام)، مات أبو البركات الشريف سنة
539، وكان أديبا لغويا نحويا محدثا مكثرا صدوقا فقيها زيدي المذهب (1).
46 - بيت عمار أخي الشريف أبي البركات عمر المذكور (2).
47 - بيت محمد الأصغر الأقساسي - نسبة إلى أقساس قرية من قرى الكوفة -
ابن يحيى بن الحسن ذي العبرة ابن زيد الشهيد (عليه السلام) (3).
48 - بيت أبي جعفر محمد بن علي الزاهد بن محمد الأقساسي المذكور (4).
49 - بيت أبي محمد يحيى بن محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن
يحيى بن الحسين ذي العبرة بن زيد الشهيد (عليه السلام)، توفي أبو محمد يحيى المذكور
سنة نيف وسبعين وأربعمائة بالكوفة، ذكره ياقوت في معجم البلدان في مادة
أقساس (5).
50 - بنو الصابوني، وهم ولد أبي الفضل محمد الصابوني ابن أبي الحسن علي
ابن أبي الغنائم محمد بن زيد الأسود بن الحسين بن علي كتيلة بن يحيى بن يحيى بن
الحسين ذي العبرة بن زيد الشهيد (عليه السلام) (6).
51 - بيت يحيى بن عمر، المكنى أبا الحسين ابن يحيى بن الحسين بن زيد
الشهيد (عليه السلام)، صاحب شاهي، أحد أئمة الزيدية، الذي خرج داعيا إلى الرضا من آل
محمد (عليهم السلام)، وكان من أزهد الناس، وكان مثقلا بالطالبيات، يجهد نفسه في برهن،
وأمه أم الحسن بنت الحسن بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر
الطيار (رضي الله عنه)، ظهر بالكوفة أيام المستعين فحاربه محمد بن عبد الله بن طاهر فقتله
وحمل رأسه إلى سامراء، وكان ذلك سنة 250 (7).
52 - بيت أبي الفوارس، محمد بن عيسى الفارس بن زيد الجندي بن الحسين



1 - عمدة الطالب: 263.
2 - عمدة الطالب: 263.
3 - عمدة الطالب: 263.
4 - عمدة الطالب: 263.
5 - المجدي: 180، معجم البلدان: 1 / 236.
6 - عمدة الطالب: 270.
7 - المجدي: 170، عمدة الطالب: 273.
475
الفدان بن محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد (عليه السلام)، وكان
هذا البيت بطنا بالكوفة (1).
53 - بنو زيد - المعروف بعم عمر - ابن الحسين النسابة بن أحمد المحدث بن
عمر بن يحيى بن الحسين ذي العبرة بن زيد الشهيد (عليه السلام) (2).
54 - بنو قاسم، هم ولد قاسم بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الأشل بن محمد
ابن إبراهيم ابن أبي جعفر محمد ابن أبي الحسن علي الجرار بن الحسن بن علي بن
إبراهيم بن علي الصالح بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر ابن الإمام علي زين
العابدين (عليه السلام) (3).
55 - بنو الأشتر، ينتسبون إلى الإمام أبي الحسين محمد الأشتر بن عبيد الله
الثالث بن علي بن عبيد الله الثاني بن علي الصالح بن عبيد الله الأعرج المذكور،
ويلقب بالأشتر، لضربة كانت في وجهه ضربه إياها غلام الفدان الزيدي، وقد مدحه
أبو الطيب المتنبي الشاعر الشهير في صباه بالقصيدة المثبتة في أول ديوانه التي
أولها:
أهلا بدار سباك أغيدها * أبعد ما بان عنك خردها
فيها يذكر الضربة بقوله:
يا ليت لي ضربة أتيح لها * كما أتيحت لها محمدها
وأعقب الأشتر نيفا وعشرين ولدا تقدموا بالكوفة، وملكوا حتى قال الناس: السماء
لله والأرض لبني عبيد الله.
وهم غير بني الأشتر الذين تقدم ذكرهم آنفا، لأنهم حسينيون والذين تقدموا
حسنيون كما عرفت (4).
56 - بيت عبد الحميد ابن أبي طالب محمد ابن جلال الدين التقي النسابة عبد
الحميد ابن أبي طالب عبد الله بن أسامة، العلوي الحسيني، وكان عبد الحميد عالما
فاضلا نسابة كجده، تولى نقابة المشهد والكوفة، وتوفي سنة 666، وقد ذكرناه في



1 - عمدة الطالب: 274.
2 - عمدة الطالب: 274.
3 - عمدة الطالب: 322.
4 - المجدي: 200، عمدة الطالب: 323.
476
فصل النقابة، وابنه السيد محمد بن عبد الحميد، كان جليلا زاهدا ورعا شريف
الأسرة، ولد سنة 637، وتوفي في شهر ربيع الأول سنة 697 (1).
57 - بنو محمد ابن أبي علي الحسن ابن أبي الحسين محمد ابن أبي الفتح
محمد نقيب الكوفة ابن أبي طاهر عبد الله ابن الأمير أبي الفتح محمد ابن الأمير أبي
الحسن محمد الأشتر المذكور آنفا (2).
58 - بنو فوارس ابن أبي علي الحسن، وهو أخو محمد المذكور (3).
59 - بنو علي الشاب، المكنى أبا الحسن، أخ الفوارس ومحمد المذكورين،
وتعرف بقيتهم اليوم في الغري والرماحية بآل الفتال (4).
60 - بنو أبي جعفر شرف الدين هبة الله، وقيل: محمد ابن شهاب الشرف أحمد
ابن أبي محمد عمر ابن أبي الفتح محمد نقيب الكوفة المذكور (5).
61 - بنو أبي الفرح محمد ابن أبي الغنائم محمد ابن أبي الفرح محمد بن الأشتر
المذكور (6).
62 - بنو مصابيح، ينتمون إلى علي ابن أبي العلاء مسلم الأحول، أمير الحاج
ابن أبي علي محمد أمير الحاج ابن الأمير محمد الأشتر المذكور (7).
63 - المخائطة، بيت معروف بالكوفة ينتمون إلى الحسين مخيط بن أحمد بن
الحسين ابن أبي هاشم داود ابن الأمير أبي أحمد القاسم بن عبيد الله بن طاهر بن
يحيى، النسابة الحسيني، وكان الحسين مخيط عابدا ورعا، ولي المدينة سبعة
أشهر، وكان مقيما بمصر، ولقب بمخيط، لأنه كان كلما أتي بمكلوب يقول: آتوني
بمخيط، وهي الإبرة فلقب بذلك، وهو جد المخائطة بالمدينة (8).



1 - عمدة الطالب: 277.
2 - عمدة الطالب: 325.
3 - عمدة الطالب: 332.
4 - عمدة الطالب: 325.
5 - عمدة الطالب: 325.
6 - عمدة الطالب: 325.
7 - عمدة الطالب: 329.
8 - عمدة الطالب: 336.
477
64 - بنو شعر أبط، وهو لقب للقاسم بن الحسن المكفوف بن الحسن الأفطس
ابن علي الأصغر ابن الإمام زين العابدين (عليه السلام) (1).
65 - بنو الصياد، ينتمون إلى محمد الصياد عبد الله بن أحمد الداعي بن حمزة
ابن الحسين صوفة بن زيد الطويل بن جعفر الثالث بن عبد الله رأس المذري بن جعفر
الثاني بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن الحنفية ابن الإمام علي أمير
المؤمنين (عليه السلام) (2).
66 - بنو الأيسر، ينتمون إلى أبي القاسم حسين بن حمزة بن الحسين صوفة
المذكور (3).
67 - بيت موسى بن عبد الله بن الحسن بن عبيد الله الأمير، قاضي قضاة
الحرمين ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس ابن الإمام علي (عليه السلام)، ويعرف موسى هذا
بالملاح الأطروش الشجاع (4).
68 - بنو الصوفي، ينتمون إلى يحيى الطحان بدرب الزرقاء ابن أبي القاسم
الحسن نقيب المشهد ابن أبي الطيب يحيى بن الحسن بن محمد الصوفي بن يحيى
الصالح بن عبد الله بن محمد بن عمر الأطرف ابن الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام)،
وكان لآل الصوفي عقب في الكوفة إلى سنة 800، وهم أهل ثروة وأملاك كثيرة في
الكوفة ونواحيها، تولى بعضهم نقابة الأشراف في المشهد العلوي (5).
69 - بنو قفح، ينتمون إلى علي بن الحسن ابن أبي طالب محمد بن الحسن بن
محمد الصوفي المذكور (6).
70 - بيت اللين، ينتمون إلى عبد الله بن محمد الصوفي المذكور (7).



1 - عمدة الطالب: 346.
2 - عمدة الطالب: 354.
3 - عمدة الطالب: 354.
4 - المجدي: 241، عمدة الطالب: 360.
5 - المجدي: 282، عمدة الطالب: 368.
6 - عمدة الطالب: 369.
7 - المجدي: 284، عمدة الطالب: 369.
478
نحاة الكوفيين
ذكرنا لك في فصل المفاخرة بين الكوفيين والبصريين، صورة مصغرة مما كان
بين هذين الفريقين من المجادلات الأدبية، وأن الحرب كانت قائمة بينهما في كثير
من المسائل العربية في النحو والأدب واللغة، حتى انتمى إلى كل فريق وتكون لكل
أحزاب وأصحاب.
وقد ضبط أبو البركات عبد الرحمن بن أبي الوفاء الأنباري المتوفى سنة 577 في
كتابه: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين (طبع باريس
سنة 1913)، المسائل الخلافية بين الفريقين فأنهاها إلى 102 مسألة، وتبعه في
ذلك أبو البقاء العكبري عبد الله بن الحسين النحوي الضرير المتوفى سنة 616 في
كتابه: التبيين في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، وزاد على ذلك جلال
الدين السيوطي المتوفى سنة 911 نقلا عن ابن إياز مسألتين، أنظر الأشباه والنظائر له
(ج 2 ص 147 طبع حيدر آباد)، ومن أشهر المجادلات الأدبية مسألة الزنبور
والعقرب، التي انتشبت نارها بين سيبويه (1) من البصرة والكسائي (2) من الكوفة،
وكان الكسائي يعلم الأمين بن الرشيد، فكان الأمين ينصره، كأن على انتصار أحد



1 - هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، مولى بني الحارث بن كعب، الفارسي،
البصري، المشهور بسيبويه، برع في العربية وساد أهل العصر، وكان فيه مع فرط ذكائه حبسة
في عبارته وانطلاق في قلمه، وسمي بسيبويه لأن وجنتيه كانتا كالتفاحتين، وقيل: لأنه كان
يكثر من شم التفاح، وكان بديع الحسن وله ذوابتان، مات في شيراز.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد: 12 / 190 رقم 6658، إكمال الكمال: 4 / 419، سير أعلام
النبلاء: 8 / 351 رقم 97، البداية والنهاية: 11 / 80.
2 - هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي، مولاهم، من فارس، إمام
النحو، شهد له بذلك الإمام الشافعي وابن الأنباري، علم الرشيد وابنه الأمين، وسمي
بالكسائي لأنه أحرم في كساء عليه، وقيل: لأنه حضر مجلس حمزة في مسجد السبيع
بالكوفة وهو ملتف بكساء، مات بالري سنة 189.
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير: 6 / 268، الثقات لابن حبان: 8 / 458، تاريخ بغداد: 11 /
402، سير أعلام النبلاء: 9 / 131، تهذيب التهذيب: 7 / 275 رقم 533.
479
النحويين يتوقف انتصار أهل بلده جميعا.
وإليك خلاصة المسألة الزنبورية، كي يظهر لك مقدار اهتمام الملوك العباسيين
في المسائل العلمية:
كان الكسائي مقيما في بغداد يعلم الأمين، واتفق أن سيبويه قدم إليها من
البصرة، فجمع الأمين بينهما في مجلس فتناظرا في أمور كثيرة، من جملتها مسألة
الزنبور والعقرب، فذكر الكسائي من أمثال العرب مثلا رواه على هذه الصورة: كنت
أظن أن الزبور أشد لسعا من العقرب فإذا هو إياها.
فقال سيبويه: ليس المثل كذلك بل: فإذا هو هي.
وتشاجروا طويلا واتفقا على مراجعة عربي خالص لا يشوب كلامه شيء من
كلام أهل الحضر.
وكان الأمين شديد العناية بالكسائي لكونه معلمه، فاستدعى عربيا وسأله فقال
كما قال سيبويه، فقال له: نريد أن تقول كما قال الكسائي.
فقال: لساني لا يطاوعني على ذلك، فإنه ما يسبق إلا إلى الصواب.
فقرروا معه أن شخصا يقول: قال سيبويه كذا وقال الكسائي كذا، فالصواب مع
من منهما؟
فيقول العربي: مع الكسائي.
فقال: هذا يمكن.
ثم عقد لهما المجلس واجتمع أئمة النحو، وحضر العربي وقيل له ذاك فقال:
الصواب مع الكسائي وهو كلام العرب.
فعلم سيبويه أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي، فخرج من بغداد وقد حمل
في نفسه لما جرى عليه، وقصد بلاد فارس فأقام بها حتى مات ولم يعد إلى
البصرة (1).
وزها القرن الثاني وبعض الثالث في الكوفة، ونبغ فيها النحاة والرواة والحفاظ
والأدباء والشعراء، قيل: كانت البصرة متقدمة في ذلك وأهل الكوفة يأخذون عن
أهل البصرة، وهؤلاء يستنكفون أن يأخذوا عن أهل الكوفة، لاعتقادهم أنهم غير



1 - تفسير مجمع البيان: 4 / 321، شرح الرضي على الكافية: 3 / 194، سير أعلام
النبلاء: 8 / 352، مغني اللبيب: 1 / 88، البداية والنهاية: 11 / 80.
480
محققين، ولم يعلم أن أحدا من البصريين أخذ عن أهل الكوفة إلا أبو زيد
الأنصاري، على أن الشعر كان في الكوفة أكثر وأجمع منه في البصرة، ولكن كثيرا
منه مصنوع.
وقد نبغ بعد فوز الكسائي جماعة كبيرة من أهل الكوفة، لأن انتصاره على
سيبويه كان انتصارا لبلده، واشتهر جماعة منهم في بغداد: كالفراء، وابن الأعرابي،
وهشام بن معاوية الضرير، وابن السكيت، وإليك فيما يلي أسماء طائفة من النحاة
الذي نبغوا في الكوفة وألفوا في النحو وغيره، معتمدين في ذكرهم على ما أورده أبو
بكر محمد الزبيدي الأشبيلي المتوفى سنة 379 في كتابه طبقات اللغويين والنحاة
في المشرق والأندلس من زمن أبي الأسود إلى قرب زمنه، وما أورده جلال الدين
السيوطي في بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة.
1 - أبو الأسود الدؤلي، ظالم بن عمر بن ظالم، أول من أسس النحو، تلقاه من
الإمام علي (عليه السلام)، وكان من سادات التابعين، ومن أصحابه (عليه السلام)، وشهد معه صفين،
ولي قضاء البصرة، وهو أول من نقط المصحف، توفي سنة 67 بالطاعون
الجارف (1).
2 - أبو جعفر الرواسي، اسمه محمد بن الحسن ابن أبي سارة، أستاذ الكوفيين
في النحو، وهو أول من وضع من الكوفيين كتابا في النحو، وكان أستاذ الكسائي
توفي نحو سنة 190 (2).
3 - معاذ بن مسلم، الهراء، كان يبيع الهروي من الثياب، وكان أستاذ الكسائي
توفي سنة 187 (3).
4 - أبو الحسن، علي بن حمزة، المعروف بالكسائي، مولى بني أسد، إمام
الكوفيين في النحو واللغة، وأحد القراء السبعة المشهورين، وسمي الكسائي لأنه
أحرم في كساء دخل الكوفة وهو غلام، وكان مؤدب ولد الرشيد العباسي، توفي
بالري سنة 189 (4).



1 - طبقات النحويين واللغويين: 21 رقم 1.
2 - طبقات النحويين واللغويين: 125 رقم 56.
3 - طبقات النحويين واللغويين: 125 رقم 57.
4 - طبقات النحويين واللغويين: 127 رقم 59.
481
5 - أبو زكريا الفراء، يحيى بن زياد بن عبد الله، الباهلي، وكان أبرع الكوفيين
في علمهم، توفي في طريق مكة سنة 207 (1).
6 - القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، الهذلي، كان قاضيا
في الكوفة، توفي سنة 175، وقيل: 188 (2).
7 - علي بن المبارك، الأحمر، أدب محمد الأمين ابن هارون الرشيد
العباسي، توفي في طريق الحج سنة 194 (3).
8 - هشام بن معاوية، الضرير، أبو عبد الله، أحد أعيان أصحاب الكسائي،
توفي سنة 209 (4).
9 - أبو طالب المكفوف، عبد العزيز بن محمد، أخذ النحو عن الكسائي
أيضا (5).
10 - سلمويه، أخذ عن الكسائي أيضا (6).
11 - إسحق البغوي، أخذ عن الكسائي أيضا (7).
12 - أبو مسحل، عبد الله بن خريش، قال أبو بكر الأنباري: كان مسحل يروي
عن علي بن المبارك الأحمر أربعين ألف بيت شاهدا في النحو، ذكره ابن النديم في
الفهرست وسماه عبد الوهاب (8).
13 - قتيبة الجعفي، كان في عصر المهدي العباسي (9).
14 - قتيبة بن مهران، الأزاذاني، أبو عبد الرحمن الأصبهاني، قال في البلغة:
أحد نحاة الكوفة أخذ عن الكسائي وصحبه وصار إماما (10).



1 - طبقات النحويين واللغويين: 131 رقم 60.
2 - طبقات النحويين واللغويين: 133 رقم 61.
3 - طبقات النحويين واللغويين: 134 رقم 62.
4 - طبقات النحويين واللغويين: 134 رقم 63.
5 - طبقات النحويين واللغويين: 135 رقم 64، بغية الوعاة: 2 / 16 رقم 1320.
6 - طبقات النحويين واللغويين: 135 رقم 65.
7 - طبقات النحويين واللغويين: 135 رقم 66.
8 - طبقات النحويين واللغويين: 135 رقم 67.
9 - طبقات النحويين واللغويين: 135 رقم 68، بغية الوعاة: 2 / 265 رقم 1945.
10 - بغية الوعاة: 2 / 264 رقم 1944.
482
15 - سلمة بن عاصم، أبو محمد، والد المفضل بن سلمة، روى عن الفراء
كتاب الحدود في النحو (1).
16 - عبد الله بن أحمد بن عبد الله، الطوال، أبو محمد، حدث عن
الأصمعي، توفي سنة 243 (2).
17 - محمد بن عبد الله بن قادم، أستاذ ثعلب، توفي سنة 251 تقريبا في خلافة
المعتز (3).
18 - محمد بن سعدان، أبو جعفر الضرير، ولد سنة 161، وتوفي يوم عيد
الأضحى سنة 231 (4).
19 - محمد بن حبيب، أبو جعفر، مولى العباس بن محمد العباسي، وكان من
أعلم شيوخ ثعلب، توفي بسامراء في ذي الحجة سنة 245 (5).
20 - أبو العباس، أحمد بن يحيى بن زيد، المعروف بثعلب، مولى بني شيبان
ولد سنة 200، وتوفي سنة 291 (6).
21 - هارون بن الحائك، الضرير، أحد أعيان أصحاب ثعلب، أصله يهودي من
أهل الحيرة (7).
22 - أبو موسى، سليمان بن محمد، الحامض، لقب بالحامض لشراسة
أخلاقه، توفي سنة 305 (8).
23 - أحمد بن محمد بن عبد الله، المعبدي، من ولد معبد بن العباس بن عبد
المطلب، من أصحاب ثعلب، توفي سنة 292 (9).
24 - محمد بن القاسم (بن محمد) بن بشار بن الحسن، الأنباري، توفي سنة



1 - بغية الوعاة: 1 / 596 رقم 1260، وفيه: (المسلوك في النحو).
2 - بغية الوعاة: 2 / 318 رقم 13050.
3 - بغية الوعاة: 1 / 140 رقم 232.
4 - بغية الوعاة: 1 / 111 رقم 182.
5 - بغية الوعاة: 1 / 73 رقم 126.
6 - بغية الوعاة: 1 / 396 رقم 787.
7 - بغية الوعاة: 2 / 319 رقم 2076.
8 - بغية الوعاة: 1 / 601 رقم 1274.
9 - بغية الوعاة: 1 / 370 رقم 722.
483
327، وقيل: سنة 328 (1).
25 - نفطويه، وهو أبو عبد الله، إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن
المغيرة بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة، العتكي، الأزدي، توفي سنة 323 (2).
26 - محمد بن الحسن بن يونس، أبو العباس، الهذلي، توفي سنة 332 (3).
27 - محمد بن فرج، الغساني، أبو جعفر، أخذ عن سلمة بن عاصم صاحب
الفراء (4).
28 - محمد بن هبيرة، الأسدي، أبو سعيد، المعروف بصعوداء، من أعيان
الكوفة وعلمائها، اختص بعبد الله بن المعتز (5).
29 - أحمد بن علي بن أحمد، الهمداني، ثم الكوفي الحنفي، فخر الدين ابن
الفصيح، كان له صيت في العراق، توفي في شعبان سنة 755 (6).
30 - أحمد بن يحيى بن أحمد بن زيد بن ناقد، المسيكي، أبو العباس، ولد سنة
477، وتوفي سنة 559 (7).
31 - إبراهيم بن إسحاق بن راشد، الكوفي، نزيل حران، أبو إسحق، روى القراءة
عن حمزة (8).
32 - جعفر بن عنبسة بن عمر بن يعقوب،، أبو محمد، اليشكري، توفي بالكوفة
سنة 275 (9).
33 - جوية بن عائذ، ويقال: ابن عاتك، من بني نضر بن معاوية، ويقال:
الأسدي، كان ممن دخل على معاوية بن أبي سفيان (10).



1 - بغية الوعاة: 1 / 212 رقم 379، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
2 - بغية الوعاة: 1 / 428 رقم 868.
3 - بغية الوعاة: 1 / 90 رقم 142.
4 - بغية الوعاة: 1 / 209 رقم 370.
5 - بغية الوعاة: 1 / 256 رقم 476.
6 - بغية الوعاة: 1 / 339 رقم 645.
7 - بغية الوعاة: 1 / 395 رقم 785.
8 - بغية الوعاة: 1 / 407 رقم 814.
9 - بغية الوعاة: 1 / 486 رقم 1002.
10 - بغية الوعاة: 1 / 490 رقم 1016.
484
34 - محمد بن جعفر بن محمد بن هارون، أبو الحسين، التميمي، يعرف بابن
النجار الكوفي، له تاريخ الكوفة ينقل عنه كثيرا، ولد سنة 303 بالكوفة، وتوفي سنة
460 في جمادي الأولى (1).
35 - الحسن بن داود بن الحسن بن عون، المعروف بالنقار، صلى بالناس بجامع
الكوفة ثلاثا وأربعين سنة، صنف أصول النحو، توفي بالكوفة سنة 352 (2).
36 - داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول، أبو سعيد، التنوخي، الأنباري،
الكوفي، توفي بالأنبار سنة 316 وله ثمان وثمانون سنة (3).
37 - ربيع بن محمد، الكوفي، عفيف الدين، له شرح مقصورة ابن دريد، قال
السيوطي في البغية: رأيت خطه عليها في جمادي الأولى سنة 682 (4).
38 - سعد بن شداد، المعروف بسعد الرابية، موضع كان يعلم فيه النحو، أخذ
عن أبي الأسود الدؤلي، وكان مزاحا مضحكا (5).
39 - صالح بن عبد الله بن جعفر بن علي بن صالح، الأسدي، أبو التقي الفقيه،
ولد سنة 639، وتوفي سنة 727 (6).
40 - عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد، الفقيه، النحوي، جلال الدين، ولد
في شوال سنة 702، وتوفي سنة 745 (7).
41 - عبد الله بن محمد بن حرب بن خطاب، الخطابي، أبو محمد، شاعر،
نحوي، صنف أربعة كتب في النحو (8).
42 - عبيدة - بفتح العين - بن حميد بن صهيب، الحذاء، أبو عبد الرحمن،
روى عنه البخاري والأربعة، توفي سنة 190 (9).



1 - بغية الوعاة: 1 / 69 رقم 117.
2 - بغية الوعاة: 1 / 503 رقم 1042.
3 - بغية الوعاة: 1 / 563 رقم 1179.
4 - بغية الوعاة: 1 / 566 رقم 1183.
5 - بغية الوعاة: 1 / 579 رقم 1211.
6 - بغية الوعاة: 2 / 10 رقم 1307.
7 - بغية الوعاة: 2 / 32 رقم 1359.
8 - بغية الوعاة: 2 / 54 رقم 1318.
9 - بغية الوعاة: 2 / 131 رقم 1621.
485
43 - علي بن محمد بن عبدوس، مصنف البرهان في علل النحو، ومعاني الشعر
وميزان الشعر (1).
44 - علي بن محمد بن عبيد بن الزبير، الأسدي، أبو الحسن، المعروف بابن
الكوفي، من أجل أصحاب ثعلب صاحب الخط المشهور بالصحة والضبط، ولد
سنة 254 وتوفي في ذي القعدة سنة 348 (2).
45 - عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد، العلوي، الزيدي، من أئمة النحو
واللغة والفقه والحديث، ولد سنة 442، وتوفي سنة 539 (3).
46 - عيسى بن (مروان)، أبو موسى، أخذ النحو عن المفضل بن سلمة، وروى
وصنف كتاب القياس على أصول النحو (4).
47 - الفضل بن إبراهيم بن عبد الله، المقري، أبو العباس، أخذ عن
الكسائي (5).
48 - المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب، كان من خاصة الفتح بن خاقان
وزير المتوكل، توفي نحو سنة 250 (6).
49 - يحيى بن محمد بن أحمد بن سعيد، الحارثي، ولد سنة 708، وتوفي
بالكوفة سنة 752 (7).
50 - يعقوب بن إسحاق، أبو يوسف ابن السكيت، كان عالما بنحو الكوفيين
وعلم القرآن واللغة والشعر، راوية ثقة، وله تصانيف كثيرة في النحو ومعاني الشعر
وتفسير دواوين العرب زاد فيها على من تقدمه، كان مؤدبا لأولاد المتوكل ومنادما
له، وقد أمر المتوكل العباسي فسلوا لسانه من قفاه فمات لقصة ذكرت في البغية،
وكان ذلك يوم الاثنين لخمس خلون من رجب سنة 244، ووجه ديته إلى أمه، أنظر
أخباره في بغية الوعاة للسيوطي وغيرها من المعاجم (8).



1 - بغية الوعاة: 2 / 194 رقم 1771.
2 - بغية الوعاة: 2 / 195 رقم 1772.
3 - بغية الوعاة: 2 / 215 رقم 1824.
4 - بغية الوعاة: 2 / 238 رقم 1882، في المطبوع: (مردان)، وما أثبتناه من المصدر.
5 - بغية الوعاة: 2 / 244 رقم 1900.
6 - بغية الوعاة: 2 / 296 رقم 2013.
7 - بغية الوعاة: 2 / 341 رقم 2136.
8 - قال السيوطي في معرض ذكر قصته: بينما هو مع المتوكل في بعض الأيام إذ مر بهما
ولداه المعتز والمؤيد فقال له: يا يعقوب من أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟
فغض يعقوب من ابنيه وقال: قنبر خير منهما، وأثنى على الحسن والحسين بما هما أهله.
وقيل: قال: والله إن قنبرا خادم علي خير منك ومن ابنيك، فأمر الأتراك فداسوا بطنه فحمل
فعاش يوما وبعض الآخر، وقيل: حمل ميتا في بساط، وقيل: قال: سلوا لسانه من
قفاه، ففعلوا به ذلك فمات.
انظر: بغية الوعاة: 2 / 349 رقم 2159.
486
اللغويون من الكوفيين
لما أخذ المسلمون في تفسير القرآن، احتاجوا إلى ضبط معاني ألفاظه وتفهم
أساليب عباراته، فجرهم ذلك إلى البحث في أساليب العرب وأقوالهم وأشعارهم
وأمثالهم، ولا يكون ذلك سالما من العجمة والفساد، إلا إذا أخذ عن عرب البادية
الذين كانت قريش في الجاهلية تتخير من ألفاظهم وأساليبهم، فعني جماعة كبيرة
من المسلمين في الرحلة إلى بادية العرب والتقاط الأشعار والأمثال والسؤال من أفواه
العرب عن معاني الألفاظ وأساليب التعبير، وسموا الاشتغال بذلك مع ما يتبعه من
صرف ونحو وبلاغة بعلم الأدب.
والذين نقلوا اللغة وأساليبها عن القبائل وأثبتوها في الكتب وصيروها علما، هم
أهل البصرة والكوفة فقط (1)، وكان أكثر المشتغلين في جمع اللغة وآدابها العجم،
لحاجتهم إلى ذلك أكثر من العرب.
ومن أقدم المشتغلين في جمع اللغة والأدب وأوسعهم حفظا ورواية، أبو عمر
ابن العلاء التميمي المتوفى بالكوفة سنة 154 وهو من مواليد مكة، وكانت كتبه عن
العرب الفصحاء تملأ بيته إلى قريب السقف (2) وقال مع ذلك: ما انتهى إليكم مما
قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير (3).
ونبغ في العراق جماعة كبيرة من طلاب الأدب واللغة في القرن الثاني للهجرة،
أشهرهم أربعة في عصر واحد، وهم: أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعي والخليل، وكان
العلم كله عندهم، والثلاثة الأول أخذوا اللغة والنحو والشعر والقراءة عن أبي عمرو



1 - المزهر للسيوطي: 1 / 105.
2 - وفيات الأعيان لابن خلكان: 1 / 386.
3 - المحصول للرازي: 1 / 214.
487
الكوفي المذكور (1).
وكان الحفاظ والرواة يدققون فيما يأخذونه عن العرب من شعر أو مثل أو قول
أو غير ذلك وما يسمعونه من معانيها، لأن عليها يتوقف تفسير القرآن، ولذلك فإنهم
تحدوا في نقل اللغة طريقة الإسناد المتسلسل، كما كانوا يفعلون في رواية الحديث
وعنى الناس بحفظها مثل عنايتهم بحفظه، لاعتبارهم أن ناقل اللغة يجب أن يكون
عدلا كما يشترط في ناقل الحديث، لأنها واسطة تفسيره وتأويله، على أنهم لم
يستطيعوا ذلك تماما.
ولما بنيت بغداد وانتقل العلم إليها، غلب ورود أهل الكوفة إليها لقربهم منها،
وكان العباسيون يكرمونهم، لأنهم نصروهم لما قاموا لطلب الخلافة، فقدمهم
الخلفاء على أهل البصرة واستقدموهم إليهم ووسعوا لهم، ورغب الناس في
الروايات الشاذة، وتفاخروا في النوادر، وتباهوا بالترخيصات، وتركوا الأصول،
واعتمدوا على الفروع.
ولما قدم العباسيون أهل الكوفة، ارتقوا في عين أنفسهم وأرادوا مسابقة أهل
البصرة ومفاخرتهم، فقامت المجادلات بين البلدين في مسائل كثيرة في النحو
والأدب واللغة، وكانت علوم اللغة في أول أمرها مشتركة مختلطة ثم تميزت
وتشعبت فصارت علوما عديدة، كل منها مستقل عن الآخر، كالنحو والصرف واللغة
والمعاني والبيان والاشتقاق والعروض والقوافي وأخبار العرب وأمثالهم والجدل
وغيرها، وقد يطلقون عليها علم الأدب، ولكل منها تاريخ وشروح (2).
وإليك فيما يلي أسماء طائفة من الكوفيين نبغوا في اللغة ودونوا فيها على
الأكثر، معتمدين في نقل أسمائهم على: طبقات اللغويين الكوفيين، لأبي بكر
الزبيدي الأشبيلي (طبع ليدن)، وعلى: بغية الوعاة، لجلال الدين السيوطي (طبع
مصر)، وربما اعتمدنا على غيرهما من المعاجم.
1 - حماد بن هرمز، أبو ليلى، ذكره الزبيدي في الطبقة الأولى من اللغويين
الكوفيين (3).



1 - المزهر: 2 / 202.
2 - تاريخ التمدن الإسلامي: 3 / 77 - 80.
3 - طبقات النحويين واللغويين: 191 رقم 112.
488
2 - أبو البلاد الأعمى، عده الزبيدي في الطبقة الأولى منهم أيضا (1).
3 - المفضل بن محمد بن يعلى بن سالم الضبي، أبو العباس، صنف للمهدي
العباسي كتاب المفضليات (مطبوع)، توفي سنة 168 (2).
4 - أبو محمد، عبد الله بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص، الأموي، روى
عنه أبو عبيد (3).
5 - خالد بن كلثوم، الكلبي، له تصانيف منها أشعار القبائل، عده الزبيدي في
الطبقة الثانية (4).
6 - محمد بن عبد الأعلى بن كناسة، عده الزبيدي في الطبقة الثانية، توفي
بالكوفة (سنة) 207 (5).
7 - أبو عمرو الشيباني، هو إسحق بن مرار، وكان يؤدب في أحياء بني شيبان
بالكوفة فنسب إليهم، وكان له بنون وبنو بنين يروون عنه كتبه، وذكر أحد أولاده أن
أباه جمع أشعار نيف وثمانين قبيلة، وكان كلما جمع أشعار قبيلة وأخرجها للناس
كتب مصحفا وجعله في مسجد الكوفة، وعاش أكثر من مائة سنة وتوفي سنة
206 (6).
8 - علي بن حازم، اللحياني، غلام الكسائي، لقى العلماء الفصحاء من
الأعراب، وعنه أخذ أبو عبيد القاسم بن سلام (7).
9 - أبو عبد الله، محمد بن زياد، الأعرابي، مولى العباس بن محمد بن علي بن
العباس، توفي سنة 231، وأخوه (8).
10 - أبو توبة، زيادة بن زياد، يروي عنه ثعلب، ذكرهما الزبيدي في الطبقة



1 - طبقات النحويين واللغويين: 191 رقم 113.
2 - طبقات النحويين واللغويين: 193 رقم 114.
3 - طبقات النحويين واللغويين: 193 رقم 115.
4 - طبقات النحويين واللغويين: 194 رقم 116.
5 - طبقات النحويين واللغويين: 194 رقم 117، وما بين أثبتناه للسياق.
6 - طبقات النحويين واللغويين: 194 رقم 118.
7 - طبقات النحويين واللغويين: 195 رقم 119.
8 - طبقات النحويين واللغويين: 195 رقم 120.
489
الثانية، وكان أبو توبة مولى لعمر بن سعيد بن سلم (1).
11 - محمد بن حبيب بن أمية، أبو جعفر، روى عن ابن الأعرابي وقطرب وأبي
عبيدة، تقدم ذكره في فصل النحاة (2).
12 - أبو عبيد، القاسم بن سلام، الخزاعي، توفي بمكة سنة 224، وله ثلاث
وسبعون سنة (3).
13 - أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق، السكيت، قتله المتوكل على التشيع سنة
244، وقد تقدم (4).
14 - عمرو بن أبي عمرو، الشيباني، ذكره الزبيدي في الطبقة الثالثة، وقال:
توفي سنة 231 (5).
15 - أبو جعفر، أحمد بن عبيد بن ناصح، يعرف بأبي عصيدة، من موالي بني
هاشم، توفي سنة 273، وقيل: سنة 278 (6).
16 - أبو موسى، هارون بن الحارث، السامري، ذكره الزبيدي (7).
17 - أبو محمد، ثابت بن أبي ثابت، من أصحاب أبي عبيد القاسم بن سلام،
وهو من كبار الكوفيين، وقد لقى فصحاء الأعراب، ذكره الزبيدي وابن النديم في
الفهرست (8).
18 - علي بن عبد الله بن سنان، التميمي، الطوسي، وكان من أعلم أصحاب
أبي عبيد (9).
19 - أبو عبد الرحمن، أحمد بن سهل، ذكره الزبيدي (10).



1 - طبقات النحويين واللغويين: 197 رقم 121.
2 - طبقات النحويين واللغويين: 198 رقم 122.
3 - طبقات النحويين واللغويين: 199 رقم 123.
4 - طبقات النحويين واللغويين: 202 رقم 124.
5 - طبقات النحويين واللغويين: 204 رقم 125.
6 - طبقات النحويين واللغويين: 204 رقم 126.
7 - طبقات النحويين واللغويين: 204 رقم 127.
8 - الفهرست: 76، طبقات النحويين واللغويين: 205 رقم 128.
9 - طبقات النحويين واللغويين: 205 رقم 129.
10 - طبقات النحويين واللغويين: 205 رقم 130.
490
20 - أحمد بن عاصم، ذكره الزبيدي (1).
21 - علي بن ثابت بن أبي ثابت، ذكره الزبيدي (2).
22 - نصر بن داود، الصاغاني، أبو منصور، ذكره الزبيدي (3).
23 - محمد بن وهب، المشعري، ذكره الزبيدي (4).
24 - محمد بن عبد الخالق بن منصور، النيسابوري، ذكره الزبيدي (5).
25 - أحمد بن يوسف، الثعلبي، ذكره الزبيدي (6).
26 - أحمد بن القاسم، ذكره الزبيدي (7).
27 - إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الرحمن، البغوي، وأخوه (8).
28 - علي بن عبد العزيز بن عبد الرحمن، ذكرهما الزبيدي (9).
29 - أحمد بن يحيى، ثعلب، توفي سنة 291، تقدم في فصل النحاة (10).
30 - محمد بن الحسن بن دينار، أبو العباس، الأحول، ذكره الزبيدي في طبقة
المبرد وثعلب (11).
31 - بندار بن عبد الحميد، أبو عمر، الأصفهاني، كان يحفظ 700 قصيدة أول
كل قصيدة بانت سعاد، وكان في أيام المتوكل العباسي (12).
32 - القاسم بن (محمد بن) بشار، الأنباري، والد أبي بكر محمد المتوفى سنة



1 - طبقات النحويين واللغويين: 205 رقم 131.
2 - طبقات النحويين واللغويين: 205 رقم 132.
3 - طبقات النحويين واللغويين: 206 رقم 133.
4 - طبقات النحويين واللغويين: 206 رقم 134.
5 - طبقات النحويين واللغويين: 206 رقم 137، وفيه: عبد الخالق بن منصور، وذكر قبله
محمد بن سعيد الهروي برقم 135، ومحمد بن المغيرة البغدادي برقم 136.
6 - طبقات النحويين واللغويين: 207 رقم 138.
7 - طبقات النحويين واللغويين: 207 رقم 139.
8 - طبقات النحويين واللغويين: 207 رقم 140.
9 - طبقات النحويين واللغويين: 207 رقم 141.
10 - طبقات النحويين واللغويين: 207 رقم 142.
11 - طبقات النحويين واللغويين: 208 رقم 143.
12 - طبقات النحويين واللغويين: 208 رقم 144.
491
327، ذكره الزبيدي (1).
33 - عبد الله بن رستم، مستملي يعقوب بن السكيت، ذكره الزبيدي في الطبقة
الرابعة (2).
34 - داود بن محمد بن صالح، أبو الفوارس، المروزي، مات بمصر سنة
283 (3).
35 - محمد بن عبد الواحد، أبو عمرو الزاهد، غلام ثعلب، توفي سنة
345 (4).
36 - محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن، أبو بكر، العطار، المقري، ولد
سنة 265، وسمع ثعلبا، وتوفي لثمان خلون من ربيع الآخر سنة 303، وقيل: سنة
355 (5).
37 - الحسين بن أحمد، الفزاري، أبو عبد الله، ذكره الزبيدي (6).
38 - خشاف الكوفي، صاحب اللغة، توفي سنة 175 (7).
39 - محمد بن هبيرة، الأسدي، أبو سعيد، المعروف بصعوداء، تقدم في
فصل النحاة (8).
40 - أبان بن تغلب بن رباح، الجريري، أبو سعيد، البكري، مولى بني جرير بن
عباد، له غريب القرآن وغيره، توفي سنة 141، تقدم (9).
41 - الحسن بن داود بن الحسن بن عون، النقار، صنف كتاب اللغة في مخارج
الحروف، توفي بالكوفة سنة 352، تقدم في فصل النحاة (10).



1 - طبقات النحويين واللغويين: 208 رقم 145، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
2 - طبقات النحويين واللغويين: 208 رقم 146.
3 - طبقات النحويين واللغويين: 208 رقم 147، وفيه: (المروروذي).
4 - طبقات النحويين واللغويين: 209 رقم 148.
5 - طبقات النحويين واللغويين: 209 رقم 149.
6 - طبقات النحويين واللغويين: 209 رقم 150.
7 - بغية الوعاة: 1 / 551 رقم 1156.
8 - بغية الوعاة: 1 / 256 رقم 476.
9 - بغية الوعاة: 1 / 404 رقم 803.
10 - بغية الوعاة: 1 / 503 رقم 1042.
492
42 - داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول، أبو سعد، التنوخي، الأنباري،
الكوفي، توفي بالأنبار سنة 316 تقدم (1).
43 - علي بن حمزة، المعروف بالكسائي، أبو الحسن، مولى بني أسد،
المتوفى سنة 189، تقدم (2).
44 - علي بن محمد بن عبيد بن الزبير، الأسدي، المعروف بابن الكوفي،
صنف: الفرائد والقلائد في اللغة، توفي سنة 348، تقدم (3).
45 - عمر بن إبراهيم بن محمد، العلوي، الزيدي، من أئمة اللغة، ولد سنة
442، وتوفي سنة 539، تقدم (4).
46 - المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب، صاحب: البارع في اللغة، توفي
نحو سنة 250، تقدم (5).
47 - أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون، النديم، أبو عبد الله
أستاذ أبي العباس ثعلب، وكان خصيصا بالمتوكل ونديما له، ذكره الشيخ في
الفهرست والنجاشي وقالا: إنه شيخ أهل اللغة ووجههم، وكان من أهل المائة
الثالثة (6).
48 - محمد بن أحمد بن إبراهيم، المعروف بالصابوني، من أصحاب الإمام
علي الهادي (عليه السلام)، له المفاخر في اللغة، توفي سنة 300 (7).



1 - بغية الوعاة: 1 / 563 رقم 1179.
2 - بغية الوعاة: 2 / 162 رقم 1701.
3 - بغية الوعاة: 2 / 195 رقم 1772.
4 - بغية الوعاة: 2 / 215 رقم 1824.
5 - بغية الوعاة: 2 / 296 رقم 2013.
6 - رجال النجاشي: 93 رقم 230، الفهرست للشيخ الطوسي: 72 رقم 21، بغية الوعاة: 1
/ 291 رقم 531.
7 - رجال النجاشي: 374 رقم 1022، بغية الوعاة: 1 / 18 رقم 28.
493
شعراء الكوفة
كانت الكوفة - لا سيما في العصر الأموي - بؤرة العلم والأدب، وملتقى العلماء
والأدباء والشعراء، يزدحمون في المسجد أو غيره من الجوامع العامة والنوادي
والمحافل، للمفاخرة أو المناظرة أو المناضلة أو المناشدة، وكان أشراف الكوفة
يخرجون إلى ضواحيها أيضا لمثل هذا الغرض، لما كان في ضواحيها من جالية
العرب أهل البادية من القبائل التي نزحت إلى هناك بعد الإسلام، فكانت الكوفة
وضواحيها كسوق عكاظ في الجاهلية والمربد في البصرة الذي كان سوقا من
أسواقها يعرف بسوق الإبل، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس وأقاموا بها
مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء، يؤمها الأدباء من كل فج للمناشدة
والمحاكمة، ومثلهما الكوفة، فقد كانت تتألف فيها لفحول شعرائها حلقات
المناشدة والمفاخرة ومجالس العلم والأدب.
وكان الشعر في الكوفة أكثر منه في البصرة، ووقف المختار بن أبي عبيد الثقفي
في أثناء حروبه بالعراق على أشعار مدفونة في القصر الأبيض بالكوفة، مما يدل
على عناية الكوفيين بالشعر، لكن أكثره مصنوع ومنسوب إلى من لم يقله (1).
ولم ينبغ شاعر أو خطيب في بلاد العرب كلها، إلا جاء البصرة والكوفة،
فازدحمت الأقدام فيهما ونبغ الرواة والأدباء وغيرهم فيهما.
وبما أن لقول الشاعر من التأثير في نفوس عشيرته لأنه لسان حالها، ازداد
الشعراء بذلك نفوذا وتقربا من الخلفاء والأمراء، وكان الخليفة يعد مدح الشاعر له
دليلا على رضا قبيلته عن أغراضه، لأنه لسان حالها، والقبيلة تعد إكرام الخليفة
لشاعرها إكراما لها، وكان للشعراء رواتب في بيت المال مثل سائر المسلمين، فلم
يكن الشعراء يرون بدا من استرضاء الخلفاء والأمراء خوفا من قطع أعطيتهم فضلا
عما يرجونه من الجوائز إذا أحسنوا إرضاءهم.
وكان لبعض الملوك والأمراء شغف بالأدب منهم: معاوية وعبد الملك وهشام،



1 - المزهر للسيوطي: 2 / 206 - 208.
494
وكان لهم عناية بالأدباء وخصوصا عبد الملك، والأدب لا ينمو ويثمر إلا في ظل
محبيه من الملوك والأمراء، فلا عجب إذا كان أكثر أحاديث الناس في مجتمعاتهم
ومنتدياتهم في الشعر ومن هو أشعر الشعراء.
وفي الكوفة احتك العرب بغيرهم من الأمم المتمدنة، وفيها اشتغل المسلمون
بجمع أخبار العرب وأشعارهم وأمثالهم، وفيها ولدت الآداب اللسانية، فتكاثرت
فيها الأندية الأدبية، وذلك من جملة البواعث على زهو الشعر في الكوفة، فلا غرو
إذا نبغ فيها الشعراء والأدباء، ولعل شعراء السياسة أكثر من غيرهم من سائر
الطبقات، إذ قلما نبغ شاعر لم يتعرض لأحد الأحزاب التي كانت شائعة يومئذ، لا
سيما في الكوفة التي كانت معروفة بأنها علوية المبدأ على الأكثر، فكان فيها من
أنصار العلويين أو الهاشميين، ومن أنصار الأمويين، وفيها من أنصار الخوارج، وآل
الزبير وغيرهم.
هكذا كانوا الشعراء أيام الخلفاء والأمراء الأمويين، أما في العصر العباسي فكان
الغرض الغالب من تقريب الشعراء رغبة الخلفاء والأمراء في الأدب، وكثيرا ما كانت
تعقد مجالس الشعراء لغرض أدبي كوصف منظر أو سيف، كما فعل الهادي إذ
استقدم الشعراء إليه واقترح عليهم أن يصفوا سيفا أهداه إليه المهدي وهو سيف
معدي كرب، فوضع السيف بين يديه وقال للشعراء: صفوه.
فنال الجائزة ابن يامين البصري (1).
وإليك فيما يلي أسماء طائفة من الشعراء الذي نبغوا في الكوفة، معتمدين على



1 - وما قاله ابن يامين:
حاز صمصامه الزبيدي من * بين جميع الأنام موسى الأمين
سيف عمرو وكان فيما سمعنا * خير ما أغمدت عليه الجفون
أخضر اللون بين حديه برد * من ذعاف تميس فيه المنون
أوقدت فوقه الصواعق نارا * ثم شابت فيه الذعاف القيون
فإذا ما سللته بهر الشمس * ضياء فلم تكد تستبين
ما يبالي من انتضاه لضرب * أشمال سطت به أم يمين
وكأن الفرند والجوهر الجاري * في صفحتيه ماء معين
نعم مخراق ذي الحفيظة في * الهيجاء يعصى به ونعم القرين
انظر: فتوح البلدان: 1 / 143، اعجاز القرآن للباقلاني: 242، مروج الذهب: 2 / 188.
495
الأكثر في نقل أسمائهم على: المؤتلف والمختلف، لأبي القاسم الحسن بن بشر
الآمدي المتوفى سنة 370 (طبع القاهرة)، ومعجم الشعراء لأبي عبيد الله محمد بن
عمران المرزباني المتوفى سنة 384، وكتاب الشعر والشعراء لأبي محمد عبد الله بن
مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276، وفهرست ابن النديم، وبغية الوعاة
لجلال الدين السيوطي.
1 - المنازل بن الأعرف، أخو فرعان، كان ينزل الكوفة، وهو القائل يتشكى
ابنه، من أبيات:
تظلمني مالي خليج وعقني * على حين كانت كالحني عظامي (1).
2 - مرداس بن خذام، أو حزام، كان ينزل الكوفة، وكان تزوج امرأة من أهل الري
يقال لها: دختكا، كثيرة المال، وله فيها أشعار كثيرة (2).
3 - عجرد، أحد بني جندل بن نهشل بن دارم، كان ينزل الكوفة، وأنشد له:
فقلت له وأنكر بعض شأني * ألم تعرف رقاب بني تميم
رقاب لم تقر بيوم خسف * أبيات على الملك الغشوم (3).
4 - عمر بن يزيد بن هلال بن سعد بن عمرو بن سلامان النخعي، وهو القائل
لإبراهيم بن الأشتر معاتبا له من أبيات:
أبلغ لديك أبا النعمان معتبة * فهل لديك لمن يرجوك معتتب.
5 - عمرو بن الحسن الأباضي، من الموالي، أحد شعراء الخوارج، وهو القائل يرثي
الأباضية من قصيدة طويلة:
في فتية شرطوا نفوسهم * للمشرفية والقنا السمر (4).
6 - عمير بن ضابي بن الحرث البرجمي، هو وأبوه ممن سكن الكوفة، حبسه
عثمان بن عفان لهجائه قوما من الأنصار، فمات في الحبس (5).
7 - عمارة بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، وكان



1 - المؤتلف والمختلف: 65.
2 - المؤتلف والمختلف: 155.
3 - المؤتلف والمختلف: 234.
4 - معجم الشعراء: 229.
5 - معجم الشعراء: 244.
496
ممن رثي عثمان بن عفان (1).
8 - عقاب بن قيس الطائي، القائل لبني أسد، من أبيات:
تعالوا أقاضيكم أأعيار فقعس * إلى المجد أدنى أم عشيرة حاتم (2).
9 - عتاب بن عبد الله بن عنبسة بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، كان في
أيام المهدي العباسي (3).
10 - عيينة بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، شريف
جليل، وأخوه (4).
11 - مالك بن أسماء بن خارجة، يكنى أبا الحسن، وأمه أم ولد تسمى: صفية،
وشعره كثير، وكان هو وأبوه من أشراف أهل الكوفة، وكان الحجاج متزوجا بهند
بنت أسماء أخت مالك، وللحجاج معها أخبار، وكان غزلا ظريفا تقلد خوارزم (5).
12 - علي بن أديم البزاز، كان في صدر الدولة العباسية، وعشق جارية يقال لها:
منهلة، وله معها حديث (6).
13 - علي بن الخليل، مولى يزيد بن مزيد الشيباني، ويكنى أبا الحسن، أحد
شعراء الكوفة وظرفائهم، طلبه الرشيد العباسي مع الزنادقة فاشتهر اشتهارا طويلا ثم
قصده بالرقة وهو شيخ كبير فأنشده قصيدة فآمنه ووهب له 5000 آلاف درهم (7).
14 - علي بن حمزة الكسائي، أبو الحسن، إمام أهل الكوفة في النحو، تقدم في
فصل النحاة.
15 - فضالة بن شريك بن سلمان بن خويلد بن سلمة بن عامر الموقد بن نمير بن
أسامة بن والبة بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد، وشعره حجة، وهو القائل لما



1 - معجم الشعراء: 246.
2 - نسبت إلى حريث بن عناب أو عتاب، يلقب بالغباب، انظر: تصحيفات المحدثين
للعسكري: 879، الصحاح: 6 / 2443.
3 - معجم الشعراء: 266.
4 - معجم الشعراء: 267.
5 - الشعر والشعراء: 527.
6 - معجم الشعراء: 283.
7 - معجم الشعراء: 283.
497
مات يزيد بن معاوية من أبيات:
وإنك لو شهدت بكاء هند * ورملة إذ تصكان الخدودا
رأمت بكل معولة ثكول * أباد الدهر واحدها الفقيدا (1).
16 - الفضل بن العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث، الخزاعي، له أشعار كثيرة،
ولي بلخ وطخارستان وغزا كابل، وله فيها أثر حسن، ولدعبل الخزاعي في العباس
أب الفضل مدح كثير (2).
17 - الفضل بن جعفر، أبو علي البصير ابن الفضل بن يونس، الكاتب، الأنباري
أصلهم من الأنبار وانتقلوا إلى الكوفة فنزلوا في النخع، لقب بالبصير لذكائه وكان
ضريرا، توفي في سامراء سنة 251 (3).
18 - فائد بن حبيب بن الكميت بن ثعلبة بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جخوان
ابن فقعس، الأسدي، إسلامي معروف (4).
19 - القعقاع بن شور، الربعي، الذهلي، الذي يقول فيه بعض الكوفيين:
وكنت جليس قعقاع بن شور * ولا يشقى بقعقاع جليس (5).
20 - القحيف العقيلي بن (خمير) بن سليم الندي بن عبد الله بن عوف بن حزن بن
خفاجة، واسمه معاوية بن عمرو بن عقيل، شاعر مفلق لحق الدولة العباسية، وله
قصيدة قالها في الفتنة عند قتل الوليد بن يزيد (6).
21 - القاسم بن أحمد، الكاتب، أبو الحسن، كتب إليه عبيد الله بن عبد الله بن
طاهر يتشوقه، من أبيات:
محبك شاك ولو يستطيع * أتاك لإعظام حق الصديق (7).



1 - معجم الشعراء: 308.
2 - معجم الشعراء: 311.
3 - معجم الشعراء: 315.
4 - معجم الشعراء: 316.
5 - معجم الشعراء: 330.
6 - المؤتلف والمختلف: 129، وفي المطبوع: (حمير)، وما أثبتناه من المصدر.
7 - معجم الشعراء: 336.
498
22 - كندة بن هذيم الطائي القائل:
أيا راكبا أما عرضت فبلغن * بني قبطي كلهم وبني خضف
فلا تقطعوا حبل المودة بيننا * وصدوا وأنتم إن صددتم على النصف (1).
23 - مالك بن الشرعبي، السكوني، ذكره دعبل وقال: هو كثير الشعر (2).
24 - مالك بن أبي حبال، الأسدي من فرسان الكوفة، خرج على الحجاج في
بعض السواد فأسره الحجاج وقتله (3).
25 - المنذر بن الطفيل، الربعي، المرثدي القائل:
كفيت بني عجل وسعد بن مالك * من الدهر يوما كاسف الوجه أقتما (4).
26 - المنذر بن صخر، الأسدي القائل:
إذا المجلس العبدي يوما تقابلوا * رأى كلهم وجها لئيما يقابله
وإن سيل أي الناس ألام والدا * أشار إلى العبدي من أنت سائله (5).
27 - المغيرة بن عبد الله بن الأسود بن وهب، من بني ناعج بن عمرو بن أسد،
ويكنى أبا المعرض، وهو أحد مجان الكوفة وشعرائهم، وهجا عبد الملك ورثى
مصعب بن الزبير (6).
28 - منظور بن سحيم، الفقعسي، إسلامي، يقول في الحماسة من أبيات:
ولست بهاج في القرى أهل منزل * على زادهم أبكي وأبكي البواكيا (7).
29 - مسعود بن علية، إسلامي، قال دعبل: كان شاعرا محسنا (8).



1 - معجم الشعراء: 356.
2 - معجم الشعراء: 365.
3 - معجم الشعراء: 365.
4 - معجم الشعراء: 367.
5 - معجم الشعراء: 367.
6 - المؤتلف والمختلف: 71.
7 - المؤتلف والمختلف: 147.
8 - معجم الشعراء: 376.
499
30 - معاذ بن مسلم، الهراء، النحوي، واضع علم الصرف، كان من أصحاب
الصادق (عليه السلام)، وكان صديق الكميت بن زيد الأسدي، تقدم في فصل النحاة (1).
31 - المفضل بن قدامة، القائل في بيعة الزبير على رواية دعبل من أبيات:
دعا ابن مطيع للبياع فجئته * إلى بيعة قلبي لها غير عارف (2).
32 - المؤمل بن أميل، المحاربي، أحد بني جسر بن محارب، وكان يقال له: البارد،
مدح المهدي العباسي في أيام أبيه، وله مع المنصور خبر مشهور، توفي نحو سنة
190 (3).
33 - المعذل بن غيلان بن الحكم بن أعين، العبدي، من عبد القيس من
أنفسهم، وهو أبو أحمد الفقيه، وعبد الصمد الشاعر ابني المعذل، ويكنى أبا
عمرو، وله من الولد أحد عشر ابنا وكلهم أدباء شعراء، كان من أهل الكوفة وقدم
البصرة مع عيسى بن جعفر بن المنصور وأقام بها هو وولده (4).
34 - معن بن زائدة بن عبد الله، الشيباني، أبو الوليد، من أشهر أجواد العرب
وشجعانهم، أدرك العصر الأموي والعباسي، ولاه المنصور ولاية سجستان فأقام مدة
وقتل فيها غيلة سنة 151 (5).
35 - معدان بن جواس، الكندي، السكوني، له حلف في ربيعة، مخضرم، نزل
الكوفة وكان نصرانيا فأسلم في أيام عمر بن الخطاب، وقام الزبير بن العوام بأمره
فمدحه (6).
36 - المتوكل الليثي، ابن عبد الله بن نهشل بن وهب بن عمرو بن لقيط بن يعمر
بن عوف (بن كعب) بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، يكنى أبا
جهمة، وكان على عهد معاوية بن أبي سفيان، وهو القائل:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم



1 - بغية الوعاة: 2 / 290 رقم 2006.
2 - معجم الشعراء: 383.
3 - معجم الشعراء: 384.
4 - معجم الشعراء: 388.
5 - معجم الشعراء: 400.
6 - المؤتلف والمختلف: 250.
500
قد يكثر النكث المقصر همه * ويقل مال المرء وهو كريم (1).
37 - محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط، المعروف بذي الشامة، وبابن
أبي قطيفة، ولاه عبد الملك الكوفة، تقدم في فصل الولاة (2).
38 - محمد بن عبيد الله، أبو بكر العرزمي، من اليمن من حضرموت، نزل
الكوفة، أدرك أول الدولة العباسية، وجل شعره آداب وأمثال (3).
39 - محمد البجلي، مأموني، وكان هجاء للحسن بن رجاء بن أبي الضحاك (4).
40 - محمد بن جميل، الكاتب، التميمي، مولى بني تميم، من المادحين لأبي
غانم الأمير حميد بن عبد الحميد الطوسي (5).
41 - محمد بن أبي الحارث، ذكر دعبل أن له أشعارا كثيرة حسانا ملاحا (6).
42 - محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر
بن أبي طالب (رضي الله عنه)، أبو طالب، الجعفري، شاعر مقل يسكن الكوفة، فلما جرى بين
الطالبيين والعباسيين بالكوفة ما جرى وطلب الطالبيون قال أبو طالب:
بني عمنا لا تذمرونا سفاهة * فينهض في عصيانكم من تأخرا
وإن ترفعوا عنا يد الظلم تجتنوا * لطاعتكم منا نصيبا موفرا
وإن تركبونا بالمذلة تبعثوا * ليوثا ترى ورد المنية أغدرا (7).
43 - محمد بن نوفل، التيمي، العامري، من ولد الحارث بن تيم، له قصيدة طويلة
يطعن فيها على يحيى بن عمر العلوي عند ظهوره بالكوفة، أولها:
عجبت ليحيى الطالبي وحينه * وتغريره بالنفس عند فسا العمر (8).
44 - محمد بن الدقيقي، ويقال: أحمد، كنيته أبو جعفر، كان خبيث اللسان، وهو



1 - المؤتلف والمختلف: 272، وما بين القوسين أثبتناه من المصدر.
2 - معجم الشعراء: 416.
3 - معجم الشعراء: 417.
4 - معجم الشعراء: 421.
5 - معجم الشعراء: 421.
6 - معجم الشعراء: 434.
7 - معجم الشعراء: 435.
8 - معجم الشعراء: 441.
501
صاحب القصيدة التي سماها السنية، مزدوجة ذكر فيها جميع رؤساء الدولة في أيام
المتوكل العباسي من أهل سر من رأى وبغداد ورماهم بالقبائح، وأبوه الدقيقي شاعر
أيضا (1).
45 - المكاء بن هميم، الربعي، إسلامي، وهو القائل:
إني امرؤ من بني شيبان قد علمت * هذي القبائل أمي منهم وأبي
إني إذا ما شربت الخمر ينكرني * قومي وتعرف مني آية الغضب (2).
46 - المستهل بن الكميت بن زيد، الشاعر الأسدي، وفد على أبي العباس السفاح
بالأنبار فأخذه الطائف بها فحبسه فكتب إلى أبي العباس:
إذا نحن خفنا في زمان عدوكم * وخفناكم إن البلاء لراكد.
فأمر بتخليته وأحسن جائزته، ووفد بعد ذلك على المنصور وله معه حديث (3).
47 - مطيع بن إياس، الكناني، من بني ليث بن بكر، يكنى أبا سلم، وهو من
ظرفاء أهل الكوفة ومجانهم، وكان حسن الوجه، وفي صحابة المنصور ثم انقطع إلى
ابنه جعفر (4).
48 - مرزوق، مولى عمر بن سماك بن حصين الأسدي، كان أسود دميما
قصيرا، أدرك الدولة العباسية، وله في المهدي قصيدة أولها:
دعاك الشوق والأدب * ومات بقلبك الطرب (5).
49 - الهذيل بن عبد الله بن سالم - وقيل: سليم - بن هلال بن الحراق بن زبينة بن
عصم بن زبينة بن هلال، الأشجعي، أحد شعراء الكوفة ومجانها، هجا قضاة الكوفة
عبد الملك بن عمير والشعبي وابن أبي ليلى، وهو القائل للشعبي أيام قضائه الأبيات
التي أولها:
فتن الشعبي لما * رفع الطرف إليها (6).



1 - معجم الشعراء: 443.
2 - معجم الشعراء: 477.
3 - معجم الشعراء: 479.
4 - معجم الشعراء: 480.
5 - معجم الشعراء: 480.
6 - معجم الشعراء: 482.
502
50 - أبو عمران الضرير، يحيى بن سعيد، مولى لآل طلحة بن عبيد الله التميمي،
وهو القائل:
إذا أنا لم أثن بخير مجازيا * ولم أذمم الرجس البخيل المذمما
ففيم عرفت الخير والشر باسمه * وشق لي الله المسامع والفما (1).
51 - يحيى بن زياد بن عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان، أبو الفضل ابن خال أبي
العباس السفاح، كان أديبا ظريفا، ماجنا خليعا، وكان صديق مطيع بن إياس وحماد
عجرد، وهو القائل:
ولما رأيت الشيب حل بياضه * بمفرق رأسي قلت للشيب مرحبا (2).
52 - يحيى بن بلال، العبدي، أبو محمد، البحراني، كوفي، نزل همذان وهو
محسن، وله في الرشيد مدائح حسنة، وهو القائل:
وللموت خير من حياة زهيدة * وللمنع خير من عطاء مكدر
فعش مثريا أو مكديا من عطية * تمنى وإلا فاسأل الله واصبر (3).
53 - يحيى بن أبي الخصيب، ماجن، كان في أيام المعتضد العباسي، وله قصيدة
طويلة ذكر فيها خلوته بامرأة لقيها في الطريق بالكوفة، أولها:
أبا حسن إن لي قصة * ولولا أعاجيبها لم تطل (4).
54 - يوسف بن لقوة، الكاتب، كان الفضل بن سهل يفضله في الكتبة ويصفه، وله
القصيدة الحرفية الطويلة التي يقول في آخرها:
إن صرف الزمان ضعضع ركني * ما أرى لي من الزمان مجيرا
ليس ذنبي إلى الزمان سوى أن‍ * - ني أحببت شبرا وشبيرا
وعليا أباهما أفضل الأم‍ * - ة بعد النبي سبقا وخيرا
فعلى حبهم أموت وأحيا * وعلى هديهم ألاقي النشورا (5).
55 - أبو السمال الأسدي، كوفي، محدث، رشيدي، لم يقع إلينا اسمه، وهو



1 - معجم الشعراء: 497.
2 - معجم الشعراء: 497.
3 - معجم الشعراء: 499.
4 - معجم الشعراء: 502.
5 - معجم الشعراء: 508.
503
معروف بكنيته (1).
56 - أبو اللفائف، لم يقع لنا اسمه أيضا، وهو مشهور بكنيته.
57 - محمد بن الأشعث بن فجوة، القرشي، ثم الزهري، كان كاتبا ومن فتيان
أهل الكوفة وظرفائهم، وكان حسن الوجه، يقول الشعر ويتغنى به، وكان يألف
الزرقاء جارية ابن رامين، وقال فيها شعرا، وكان ابن رامين مولى الزرقاء أجل مقيم
بالكوفة وأكبرهم.
58 - أبو جلدة (2)، اليشكري بن عبد الله بن منقذ بن حجر، من بني يشكر بن
بكر بن وائل، ومن شعراء الدولة الأموية، وكان ممن خرج مع ابن الأشعث فقتله
الحجاج، وله ديوان شعر (3).
59 - قيس بن عمرو بن مالك من بني حارث بن كلب، وهو المعروف
بالنجاشي، كان فاسقا رقيق الإسلام، ضربه الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) سبعة
وثمانين سوطا لشربه الخمر في شهر رمضان، هو وأبو سماك العدوي، وهو الذي
هجا أهل الكوفة بقوله من أبيات:
إذا سقى الله أرضا صوب غادية * فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا (4).
60 - علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ابن الإمام علي بن
أبي طالب (عليه السلام)، الحماني (5)، المعروف بالأفوه.
كان يقول: أنا شاعر وأبي شاعر وجدي شاعر إلى أبي طالب.
وسأل المتوكل العباسي الإمام علي الهادي (عليه السلام) فقال له: من أشعر الناس؟
فقال: «الحماني».
وقال الناصر: لو جاز قراءة شعر في الصلاة لكان شعر الحماني، توفي سنة



1 - المؤتلف والمختلف: 202، وقال الآمدي: واسمه سمعان بن هبيرة بن مساحق.
2 - في المطبوع: (كلدة)، وما أثبتناه من المصدر.
3 - الشعر والشعراء: 711.
4 - الشعر والشعراء: 115.
5 - سمي بذلك نسبة إلى محلة بالكوفة، وحمان قبيلة من تميم، وهم بنو حمان بن عبد
العزيز بن كعب، واسم حمان عبد العزى، وكل من نزل هذه المحلة نسب إليها وإن لم يكن
منها. معجم البلدان: 5 / 300، معجم الأدباء: 5 / 285.
504
260 (1).
61 - عبد الله بن محمد بن حرب بن خطاب، الخطابي، أبو محمد النحوي،
تقدم في فصل النحاة (2).
62 - أعشى ربيعة، عبد الله بن خارجة، من شيبان (ربيعة)، كان مرواني
المذهب يتعصب لبني أمية تعصبا شديدا، توفي سنة 85 (3).
63 - عبد الله بن الزبير، الأسدي، وهو غير عبد الله بن الزبير القائم بالدعوة في
الحجاز، وهو شاعر هجاء يرهب شره، وكان يتعصب لبني أمية، وأخيرا كان مع
مصعب بن الزبير لما غلب على الكوفة، ولما قتل سنة 71 عمي عبد الله ومات في
خلافة عبد الملك (4).
64 - حمزة بن بيض، هو حنفي، من بكر وائل (ربيعة) من أهل الكوفة، خليع
ماجن، وكان منقطعا لآل المهلب وولده، توفي سنة 120 (5).
65 - الطرماح بن حكيم بن الحكم، هو من طي من فحول الشعراء الإسلاميين
وفصحائهم، وكان هجاء، نشأ بالشام وانتقل إلى الكوفة، واعتقد مذهب الشراة
والأزارقة، وكان صديقا للكميت بن زيد، وله ديوان شعر، توفي سنة 100 (6).
66 - أبو العتاهية، هو مولى، واسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان،
ولد بعين التمر سنة 130، ونشأ في الكوفة، وكان يصطنع الجرار ويحملها في قفص
على ظهره ويدور في الكوفة ويبيع منه، له ديوان شعر مطبوع في بيروت، توفي سنة
211 (7).
67 - دعبل الخزاعي بن علي بن رزين، هو عربي من اليمن، شديد التعصب
للقحطانية على النزارية، أصله من الكوفة وجاء بغداد بطلب من الرشيد العباسي،



1 - سر السلسلة العلوية: 68، معجم الشعراء: 286.
2 - بغية الوعاة: 2 / 54 رقم 1318.
3 - المؤتلف والمختلف للآمدي: 11.
4 - حلية الأولياء: 1 / 329، تاريخ دمشق: 28 / 259.
5 - المؤتلف والمختلف: 140.
6 - المؤتلف والمختلف: 219.
7 - الشعر والشعراء: 534.
505
وأكثر مدائحه في أهل البيت (عليهم السلام)، لأنه كان شديد التعصب لعلي
وأهله (عليهم السلام)، توفي سنة 246 (1).
68 - أبو دلامة الأسدي، زند بن الجون، سمي أبا دلامة نسبة إلى ابنه دلامة،
وهو كوفي المنشأ، أسود اللون، مولى لبني أسد، توفي سنة 161 (2).
69 - حماد، عجرد بن عمر بن يونس، هو مولى أيضا، نشأ في الكوفة وعاصر
الدولتين، وكان ماجنا ظريفا خليعا، توفي بشيراز سنة 161 ودفن بها (3).
70 - مطيع بن إياس، هو عربي الأصل، يرجع نسبه إلى كنانة، وقد عاصر
الدولتين الأموية والعباسية، كان ماجنا خليعا ظريفا مليح النادرة، ولد ونشأ بالكوفة
وانقطع للمنصور، ولاه المهدي العباسي الصدقات بالبصرة فتوفي فيها سنة
166 (4).
71 - حماد الراوية، هو حماد بن ميسرة، أصله ديلمي من موالي بني بكر بن
وائل، نشأ بالكوفة، وكان من أعلم الناس بأيام العرب وأشعارها وأخبارها، لكنه
اختص بجمع الشعر، توفي سنة 156 (5).
72 - سليمان بن صرد، الخزاعي، كان من الصحابة المهاجرين والنازلين
بالكوفة، شهد مع علي (عليه السلام) الجمل وصفين، قتل مع التوابين سنة 65، تقدم في
حادثة التوابين (6).
73 - القاضي عبد الله بن شبرمة الضبي، عده ابن شهرآشوب في شعراء أهل
البيت المتقين من أصحاب زين العابدين (عليه السلام) (7)، توفي سنة 144، تقدم في فصل
القضاة.
74 - محمد بن غالب بن الهذيل، المكنى بأبي الهذيل، عده الشيخ الطوسي (رحمه الله)



1 - الشعر والشعراء: 576.
2 - الشعر والشعراء: 523، المؤتلف والمختلف: 192.
3 - الشعر والشعراء: 525.
4 - معجم الشعراء: 480.
5 - أمالي المرتضى: 1 / 90، الأغاني: 6 / 70، وفيات الأعيان: 1 / 164.
6 - تهذيب الكمال: 11 / 454 رقم 2531، سير أعلام النبلاء: 3 / 394 رقم 61.
7 - معالم العلماء: 186.
506
في رجاله من أصحاب الصادق (عليه السلام) وصرح بكونه شاعرا (1)، وذكره ابن شهرآشوب
في شعراء أهل البيت (عليهم السلام) (2)، توفي في المائة الثانية (3).
75 - شريك بن عبد الله، القاضي، النخعي، عده المرزباني من شعراء الشيعة،
وذكر له خبرا مع المهدي العباسي يدل على تشيعه، توفي بالكوفة سنة 177، تقدم
في فصل القضاة (4).
76 - علي بن حمزة، الكسائي، النحوي، قال ابن النديم في الفهرست: شاعر
مقل (5)، توفي سنة 179، تقدم في فصل النحاة واللغويين (6).
77 - يوسف بن الحسين، الحلبي، المكنى بأبي المحاسن، المعروف بالشوا، له
ديوان شعر في أربع مجلدات، توفي سنة 635 (7).
78 - الكميت بن زيد بن خنيس بن مجالد بن وهيب بن عمرو بن سبيع بن مالك
ابن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، ويكنى
أبا المستهل، شاعر مقدم، عالم بلغات العرب، خبير بآياتها، من شعراء مضر
وألسنتها المتعصبين على القحطانية القارعين لشعرائهم، العلماء بالمثالب والأيام
المفاخرين بها، ومذهبه في التشيع ومدح أهل البيت (عليهم السلام) في أيام بني أمية
مشهور، وقصائده فيهم تسمى: الهاشميات، وهي من جيد شعره، وكانت أول
منظوماته، طبعت بمصر وفي ليدن ولها شرح مخطوط في المكتبة الخديوية.
قيل: جاء الفرزدق وعرض عليه شعره فسمع له وهو يستخف به حتى بلغ إلى
قوله:
بني هاشم رهط النبي فإنني * بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب
خفضت لهم مني جناحي مودة * إلى كنف عطفاه أهل ومرحب



1 - رجال الشيخ الطوسي: 292 رقم 275.
2 - معالم العلماء: 185.
3 - تهذيب الكمال: 23 / 93 رقم 4682، تهذيب التهذيب: 8 / 218 رقم 449.
4 - الطبقات الكبرى: 6 / 379.
5 - الفهرست لابن النديم: 187.
6 - بغية الوعاة: 2 / 162 رقم 1701.
7 - سير أعلام النبلاء: 23 / 28 رقم 21، وفيات الأعيان: 7 / 231.
507
وكنت لهم من هؤلاء وهؤلاء * محبا على أني أحب وأغضب
وأرمي وأرمي بالعداوة أهلها * وإني لأوذي فيهم وأؤنب.
فقال له الفرزدق: يا بن أخي أذع ثم أذع فأنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي.
توفي سنة 126 وله ستون سنة، وكان يبلغ شعره لما مات 5289 بيتا (1).
79 - أبو الطيب المتنبي، أحمد بن الحسين بن عبد الصمد، الجعفي،
الكندي، وبنو جعفي بطن من سعد العشيرة من القحطانية، فهو عريق بالعروبة، ولد
بالكوفة سنة 303 في محلة تسمى: كندة، فنسب إليها، وليس هو من كندة القبيلة
المعروفة، وكان أبوه من العامة يسقي الناس ويسمونه: عبدان السقاء، لكن أبا
الطيب نشأ على طلب العلم والأدب، وكان قوي الحافظة، مطبوعا على الشعر، فلما
ترعرع حمله أبوه إلى الشام ينتقل به من باديتها إلى حاضرتها، وأخذ العلم من
أصحابه، فمهر أولا باللغة فحفظ غريبها وحوشيها وأشعار الجاهلية وغيرهم،
واشتهر بالفصاحة والبلاغة، ونال من الشهرة الأدبية ما لم ينله سواه، فراجت سوق
شعره بما أصابه من رغبة الملوك والأمراء فيه، فنظم القصائد في أغراض مختلفة،
وفاق معاصريه على الإطلاق، فتسابق الملوك إلى استدعائه بالجوائز ففعل، وبدأ
بسيف الدولة ابن حمدان، فقدم عليه سنة 337 ومجلسه حافل بفحول الشعراء،
فأحرز المتنبي قصب السبق بقصائد سار بذكرها الركبان.
ثم فارق سيف الدولة وخرج إلى مصر مغضبا، لقضية صدرت، فاتصل بكافور
الأخشيدي سنة 346 لما يعلم من عداوته لبني حمدان وامتدحه، ثم خرج من مصر
مغضبا سنة 350 فأتى بغداد، ثم ذهب إلى بلاد فارس وامتدح عضد الدولة ابن بويه
الديلمي فأجزل عطاءه، ثم رجع من فارس سنة 354 قاصدا بغداد معه ابنه محسد
وغلامه مفلح، حتى إذا كان بالقرب من النعمانية في موضع يقال له: الصافية في
الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين، عرض له فاتك
ابن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه فاقتتلا، فأحس المتنبي بالضعف فعمد
إلى الفرار، فقال له غلامه مفلح: لا يتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل:
فالخيل والليل والبيداء تعرفني * والسيف والرمح والقرطاس والقلم.



1 - الشعر والشعراء: 385، الأغاني: 15 / 115.
508
فكر راجعا حتى قتل سنة 354 (1).
أما شعره: ففي الدرجة الأولى من المتانة والبلاغة، وهو مشهور بفخامة المعاني
ومتانة المباني، ولم يدع بابا من أبواب الشعر إلا طرقه وأجاد فيه، وخصوصا الحكم
والحماسة والمديح والفخر والعتاب (2)، وحوى شعره من الفلسفة والحكمة ما
جرى على ألسنة الناس مجرى الأمثال (3)، واقتبس كثيرون من المنشئين معانيه،
وحلوا شعره إلى نثر أدخلوه في نثرهم، كما فعل الصاحب بن عباد (4)، أو نظموه
لأنفسهم كما فعل أبو بكر الخوارزمي وغيره.
مضى على شعره نحو ألف سنة ولا يزال موضع مناقشات أهل الأدب، وكثيرا
ما اشتغلوا في تفسير أشعاره وحل مشكلها وعويصها، وألفت الكتب في ذكر جيده
ورديئه، وتكلم الأفاضل في الوساطة بينه وبين خصومه (5)، والإفصاح عن أبكار
كلامه، وتفرقوا فرقا في مدحه والقدح فيه والتعصب له وعليه (6)، وذلك دليل على
وفور فضله وتقدمه على أقرانه، والكامل من عدت سقطاته والسعيد من حسبت
هفواته.
وممن درس شعر المتنبي وبين حسنه وقبيحه (7) ونقده أبو منصور الثعالبي في
الجزء الأول من يتيمة الدهر، فإنه بين حسناته وسيئاته مفصلا مع سائر أخباره في
نحو مائة صفحة (8)، ولم يبق شاعر أو أديب جاء بعد المتنبي إلا انتقده.
وقد جمع ديوانه ورتب على الحروف، وشرحه كثيرون، وطبع في الهند ومصر
والشام وغيرها، ومن شروحه المطبوعة: شرح الواحدي علي بن أحمد المتوفى



1 - سير أعلام النبلاء: 16 / 199 رقم 139، وفيات الأعيان: 1 / 103، يتيمة الدهر: 3
/ 109.
2 - كتب الصاحب بن عباد في ذلك: نخبة من أمثال المتنبي وحكمه.
3 - كتب في ذلك محمد مهدي علام كتابه: فلسفة المتنبي من شعره.
4 - انظر: يتيمة الدهر: 1 / 87.
5 - كتب الجرجاني: الوساطة بين المتنبي وخصومه.
6 - كتب المتيم الأفريقي: الانتصار المنبي عن فضل المتنبي، وكتب الحاتمي: الرسالة
الموضحة في سرقات أبي الطيب وساقط شعره.
7 - كتب الصاحب بن عباد: الكشف عن مساوئ شعر المتنبي.
8 - وله كتاب في ذلك اسمه: أبو الطيب المتنبي وماله وما عليه.
509
سنة 468 طبع في بمباي سنة 1271، وشرح أبي البقاء العكبري المتوفى سنة 616
المعروف بالتبيان طبع بولاق سنة 1860 وطبع بمصر سنة 1287، وأحدث شروحه
العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب للشيخ ناصيف اليازجي المتوفى سنة
1287 طبع في بيروت غير مرة، وشرح عبد الرحمن البرقوقي في جزءين طبع
بمصر سنة 1348.
هذه خلاصة تاريخ الكوفة، وأهم أخبارها في العصور السالفة، وقد كانت عامرة
حتى القرن الثامن الهجري على ما نحسب، ثم توالى عليها التدهور والخراب
وهجرها أهلها فعادت مقفرة العرصات حتى سنة 1290، فنزلها بعض النازلين وبنوا
فيها بيوتا من القصب على ضفة الفرات اليمنى بالقرب من مقام النبي يونس (عليه السلام)
فكثر سكانها فأحدثوا بساتين على جانبي الفرات وبنوا فيها حماما وبركة للماء،
فأخذت البلدة بالعمران شيئا فشيئا، وفي سنة 1310 تصدى العلامة الكبير ميرزا أبو
القاسم الكلباسي أحد أعلام النجف الأشرف لعمارة بعض الحجر في الجامع
الكبير، ثم إنه لما جف بحر النجف وشح الماء فيها سنة 1305، تقدم عمران بلدة
الكوفة فأخذوا يحدثون فيها الدور والأسواق والحمامات، وفي سنة 1317 يوم
الأحد الموافق للخامس والعشرين من شهر ذي الحجة نصبوا الجسر على نهر الفرات
ثم تخرب الحمام العتيق، فتصدى السيد عبد الرحمن الخلخالي لبناء حمام جديد،
فبني في موضعه اليوم وقد تم بناؤه أول يوم من شهر رمضان سنة 1318، ثم مدت
أسلاك البرق إليها من الحلة سنة 1323، وفي سنة 1325 تصدى السيد علي كمونة
سادن الحرم العلوي، فبنى محلا واسعا بجنب الجامع مع الجهة الغربية في موضعه
اليوم، وبنى فيه حجرا، وبنى سوقا لراحة الزائرين، وقد تم بناؤه سنة 1327، ثم
مدت السكة الحديدية (ترامواي) من الكوفة إلى النجف، وتم عملها في أول شهر
رمضان سنة 1327، وقد أنشأتها شركة أهلية.
والكوفة اليوم ناحية لقضاء النجف تبعد عنها سبعة أميال، وهي قصبة جميلة
حسنة الهواء، كثيرة البيوت، منظمة الجادات، تحيط بها الحدائق وتكتنفها البساتين
الجميلة، وفيها من النفوس حسب الإحصاءات الأخيرة 150000 نسمة.
ويكون الجامع الكبير على بعد نصف ميل منها.

510
إلى هنا نختم الكلام، ونرجو أن نكون قد وصلنا إلى ما قصدناه من جمع أهم ما
يتعلق بتاريخ الكوفة في هذا الموجز، وإن كان نزرا، وأن نكون قد مهدنا الطريق لمن
أراد السلوك في هذا السبيل ويكتب في هذا الموضوع، فلقد طرحنا بين يديه مواد
غزيرة، وجمعنا له مواضيع نحسبها ليست قليلة، اعتمدنا فيها على أهم المصادر
الوثيقة، فإن أتينا بما رجونا وأصبنا الهدف فهو أقصى ما نتمنى ونرجو، وإن لم نوفق
لذلك فما هو عن تقصير في البحث وتساهل في التتبع، فلقد بذلنا من الجهد ما
وسعته الطاقة، وما كل ما يتمنى المرء يدركه.
وبالختام نصلي على النبي وآله الهداة الكرام (عليهم السلام).

511
الفهارس العامة
1 - فهرس الآيات
2 - فهرس الأحاديث
3 - فهرس الأشعار
4 - فهرس الأعلام
5 - فهرس الفرق والجماعات
6 - فهرس البقع والأماكن
7 - فهرس الأنهار
8 - فهرس مصادر التحقيق
9 - فهرس المحتويات

513
فهرس الآيات
اغفر لي ولوالدي ولمن... 57
إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا... 435
إنما أنت منذر ولكل قوم هاد... 110
حتى إذا جاء أمرنا وفار... 36، 146
رب لا تذر على الأرض من... 35
صم بكم عمى فهم لا يعقلون... 468
فإن تنازعتم في شيء فردوه... 251
فأينما تولوا فثم وجه الله... 375
ففتحنا أبواب السماء بماء... 105
فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا... 365
في بيوت أذن الله أن ترفع... 39
لقد جئتم شيئا إدا... 294
لولا نزل هذا القرآن... 345
موعدكم يوم الزينة وأن يحشر... 422
نريد أن نمن على... 295
نقضت غزلها من بعد قوة... 294
وآويناهما إلى ربوة ذات... 65
والباقيات الصالحات خير عند... 220
والتين والزيتون وطور سينين... 65، 66
والسابقون السابقون أولئك... 241
وجهت وجهي للذي فطر... 375
ولا تأكلوا أموالكم بينكم... 252
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل... 468
ولعذاب الآخرة أخزى... 294
ولقد أرسلنا رسلا من قبلك... 26
وما انزل على الملكين ببابل... 179
ومن لم يحكم بما أنزل الله... 252

514
فهرس الأحاديث
ائته فإنه لم يأته مكروب... 84
ائته فلو يعلم الناس ما فيه... 21
اتانا خبر فظيع قتل مسلم بن... 323
أتزور قبر الحسين في... 50
أتصلي في مسجد الكوفة... 50
أخبرني رسول الله أن اسمك... 337
إذا بلغ السفياني أن القائم... 118
إذا خرج القائم لم يكن... 114
إذا دخل المهدي الكوفة قال... 115
إذا دخلت الكوفة فأت... 81
إذا دخلت فهو من عضادته... 38
إذا عمت البلايا فالأمن في... 68
إذا فقد الأمن من البلاد... 68
إذا قام القائم سار إلى... 116
إذا وضعتموني على ظهر البعير... 147
إذا هدم حائط مسجد الكوفة... 112
اذهب أنت بهذه إلى منزلها... 86
أربعة من قصور الجنة في... 67
ارض كرب وبلاء... 196
أظلك الله يوم لا ظل إلا ظله... 228
اعتزل عملنا لا أم لك وتنح... 309
أفيكم أحد عنده علم عن... 82
إقامة الحدود على القريب... 253
اكفف عنا فإن للإصلاح أهلا... 308
الا أبشرك يا ميثم... 335
الأشعريون مني وأنا منهم... 228
الخير كله في ذلك... 113
الدرهم فيها بألف درهم... 28
الذي لا يعرف الناس ما في... 112
الربوة الكوفة والقرار... 65
الصلاة في مسجد الكوفة... 27، 54، 55
الصلاة في مسجد الكوفة الفريضة... 27
الصلاة في مسجد الكوفة فرادى... 27
القضاة أربعة ثلاثة في النار... 252
الكوفة جمجمة العرب ورمح... 29
الكوفة روضة من رياض الجنة... 24، 104
الكوفة كنز الإيمان وجمجمة... 151، 208
الكوفة يا أبا بكر هي... 63
اللهم ارم من رماها وعاد... 71، 72
اللهم اغفر للأشعريين... 228
اللهم أبدلني بهم من هو... 311
اللهم يا ذا المنن السابغة... 79
الميزان ميزان أهل مكة... 284
النافلة في هذا المسجد... 27، 54

515
النفس بالنفس فإن أنا مت... 313
الهي إن كنت قد عصيتك فقد... 25
إلى الكوفة وحواليها وإلى... 69
إلى الكوفة ونواحيها أو... 69
اما إنه لو صلى فيه ركعتين... 120
اما إنه ليس بلد من البلدان... 30، 70
اما إنه منزل صاحبنا إذا... 83
أما أول ذلك فالطوفان في... 33، 35
أما بعد فإن هانيا وسعيدا... 324
اما لو كنت حاضرا بحضرته... 22
اما والله لو استعاذ بالله... 83
اما والله لو أعاذ الله به... 82
انا أعيد عليك الحديث لتحفظه... 321
ان الطوفان ضربه ثم غيره... 105
ان القائم إذا قام بمكة... 116
ان القائم ليملك ثلاثمائة وتسع... 117
ان الكوفة جمجمة العرب... 63
ان الله احتج بالكوفة على سائر... 68
ان الله اختار من البلدان... 65، 66
ان الله اختار من جميع البلاد... 69
ان الله عرض ولايتنا على أهل... 67
ان الله يدفع البلاء بك عن أهل... 228
ان أجاب القوم إلى شهادة... 265
ان بالكوفة مساجد مباركة... 76
انزل فإن هذا الموضع كان... 34، 105
انطلق فبع راحلتك وكل... 21
انظر إلى أهل المعك والمطل... 252
ان قائمنا إذا قام يبنى... 115
إنك تؤخذ بعدي فتصلب وتطعن... 337
انك لمحروم من الخير... 50
ان لله حرما وهو مكة وإن... 69
إنما دعا إلى الرضا من آل... 380
ان مسجد الكوفة رابع... 33
ان مسجد الكوفة يشفع لمن... 55
ان نوحا لما فرغ من السفينة... 105
ان ولايتنا عرضت على السماوات... 67
إنها ستكون فتنة القاعد... 306
انه جاءت امرأة نوح وهو يعمل... 105
أنه قال لي إنك في مدرة... 75
انه يحشر من ظهرها يوم القيامة... 72
اني رأيته عشرين مرة عمرانا... 104
اني لمن الخضر مفتقر إلى... 80
انى يكون ذلك يا جابر ولما... 111
أول بقعة عبد الله عليها... 64
أول ما يبدأ القائم بأنطاكية... 117
أهل خراسان أعلامنا وأهل قم... 70
إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا... 251
أيكم له علم بعمي زيد بن... 81
أيها الناس إني غاد فمن... 309
أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم... 308
بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد... 76
بالكوفة مسجد يقال له مسجد... 83
بخ بخ لخمس ما أثقلهن... 446
بع راحلتك وكل زادك وعليك... 33
بين يدي القائم موت أحمر... 113
تتم الصلاة في المسجد... 45
تتم الصلاة في أربعة مواطن... 45، 46
تربة تحبنا ونحبها... 71، 72
تصلي في المسجد الذي... 84
تنزل الرايات السود التي... 111، 112
ثلاث إن حفظتهن وعملت بهن... 253
جددت أربعة مساجد بالكوفة... 77
حبذا الكوفة أرض سهلة معروفة... 151
حد مسجد السهلة الروحاء... 83

516
حد مسجد الكوفة آخر... 33
خرجت البارحة وأبي يصلي... 310
خير الناس بعدنا من ذاكر... 380
ذاك في السماء إليه أسري... 24
ذاك من المسجد... 34
ذروهن فإنهن نوائح... 310
زرت أبي وصليت في هذا... 49
سبحان الله أفلا كنتم أوقرتموه... 396
سلوني قبل أن تفقدوني لأني... 110
صلاة الفريضة فيه تعدل حجة... 53
صلاة في الكوفة تعدل ألف صلاة... 27
صلاة في مسجد الكوفة بألف... 53
عام أو سنة الفتح ينشق... 111
عرج بي إلى السماء فأهبطت... 52
علي بالنيران أضرموا فيها... 192
عليك بالعراق الكوفة فإن... 24
فان مسجد الكوفة بيت نوح... 57
فأته ولا تدعه ما أمكنك... 21
فبع راحلتك وكل زادك وصل... 23
فبينا هم كذلك يخرج عليهم... 111
فهل صلى في مسجد سهيل... 120
في الدورين... 36
في زواياه وأن فيه لصخرة... 83
قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي... 291
قبة الإسلام الكوفة والهجرة... 152
قدام القائم موت أحمر... 113
قد نقص من أساس المسجد... 34
قل له لا خوف عليك في هذه... 123
كان بيت إبراهيم الذي... 81
كأني أنظر إلى القائم... 117، 118
كأني بك يا كوفة تمدين مد... 71
كل زادك وبع راحلتك وعليك... 209
كم بين الموضع الذي واروه... 396
كم بينك وبين مسجد الكوفة... 21
كم بين منزلك وبين مسجد... 22
لا اعتكاف إلا في مسجد... 47
لا تدع يا أبا عبيدة الصلاة... 50
لا تشد الرحال إلا إلى... 49
لا تصلوا خلف الناصب... 459
لا تفعل فإن أهل مكة يكفرون... 24
لا حاجة لنا فيك ولا في... 457
لا يخرج القائم حتى يخرج... 112
لا يشد الرحال إلا إلى... 52
لا يعظم هذا عليك فإنه ليس... 286
لا يكون هذا الأمر الذي... 113
لبثوا فيها سبعة أيام... 36
لتتصلن هذه بهذه حتى يباع... 115
لسان القاضي بين جمرتين... 251
لكأني بمسجد كوفان يأتي... 55
لما أسري بي مررت بموضع... 52
لو أن عمي زيدا أتاه حين... 82
لو خرج قائم آل محمد لنصره... 113
لو يعلم الناس ما في مسجد... 53
لو يعلم الناس ما يصنع... 114
ليس بين قيام القائم وقتل... 112
ليس ذلك كما ظننتم وإنما... 58
ما أراد بك جبار سوء إلا... 74
ما بقي ملك مقرب ولا نبي... 22
ما تستعجلون بخروج القائم... 114
ما دعا فيه مكروب بمسألة... 24
ما من البلدان أكثر محبا لنا... 26
ما من مكروب يأتي مسجد... 83
ما من ملك مقرب ولا نبي... 23
ما يمنع أشقاها أن يخضبها... 310

517
مرحبا بإخواننا من أهل قم... 69
مسجد كوفان روضة من رياض... 29
مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم... 253
مكة حرم الله والمدينة... 28
مكة حرم الله وحرم رسوله... 28، 53
من الأمر المذخور إتمام... 46
من خرج من مكة أو المدينة... 64
من صلى في مسجد السهلة... 83
من كانت له إلى الله حاجة... 56
من كان له دار بالكوفة... 115
من مخزون علم الله الاتمام... 44
ناشدتكم من ترياني... 80
نعم الحمد لله الذي جعل أجلة... 70
نعم المسجد مسجد الكوفة... 27، 34
نعم إنه لما جازوا بسرير... 88
نعمت المدرة... 72
نعم فيه بيت إبراهيم الذي... 120
نعم لما جازوا بسرير أمير... 88
نعم وهو مصلى الأنبياء... 36
نعم هو منزل إدريس وما... 82
نعم يا مفضل وكان منزل نوح... 35
نعوذ بالله من العقر فما اسم... 196
نفقة درهم بالكوفة تحسب... 28، 55
وأسعد الناس به أهل الكوفة... 117
والله لا يحفظ الله حرمته بعد... 405
وانما سمي المهدي لأنه... 117
وأحدثك يا جويرية بأمرك أما... 321
ورجفة تكون بالشام يهلك... 112
وكان نوح رجلا نجارا فأرسله... 35
ولا تدرك أهل زمانه يقوم... 116
ويحك يا كوفة وأختك البصرة... 151
هات ما معك... 123
هذا أخي الخضر ألم تروا... 75
هذا موضع رأس جدي الحسين... 89
هذا وائل سيد الأقيال... 436
هذه مدينتنا ومحلنا ومقر... 71، 72
هكذا من بعده إلى انقضاء... 119
هو من البقاع التي أحب الله... 119
يا أبا الجارود إن الله... 117
يا أبا الجارود لا تدركون... 116
يا أبا حمزة لا يقوم القائم... 113
يا أبا حمزة هل تعرف مسجد سهل... 194
يا أبا حمزة هل شهدت عمي... 119
يا أبا محمد كأني أرى... 82، 119
يا أمير المؤمنين إن المرء... 72
يا أهل الكوفة إنكم تبكون... 294
يا أهل الكوفة أنتم قاتلتم... 310
يا أهل الكوفة لقد حباكم... 26، 54
55، 121
يا بشار إذا توفي ولي الله... 86
يا بشار أدن فكل... 85
يا بشار قم بنا إلى مسجد... 85
يا بن مسعود لما أسري... 56
يا جويرية الحق بي فإني... 320
يا جويرية الحق بي لا أبا... 320
يا جويرية أحب حبيبنا ما أحبنا... 321
يا حبذا مقالنا بالكوفة... 210
يا رشيد أنت معي في الدنيا... 340
يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل... 340
يا زياد أحب لك ما أحب... 44
يا شريح قد جلست مجلسا... 251
يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين... 314
يا علي إن الله عز اسمه... 68
يا فلان جئني بكتاب محمد بن... 124

518
يا مفضل ها هنا صلب عمي... 34
يا مفضل ها هنا نصبت أصنام... 35
يا ميثم تريد أريك الموضع... 336
يا هارون بن خارجة كم بينك... 51
يا هارون كم بين منزلك... 23
يأتيني أمر الله وأنا خميص... 310
يخرج رجل ربعة وحش الوجه... 112
يدفع البلاء عنها كما يدفع... 74
يدفن من ولدك سبعة بشط الفرات... 406
يقتل منك نفر بشط الفرات... 406
يقوم بأمر جديد وكتاب... 114

519
فهرس الأشعار
المقدمة: 7
ما زلت تلهج بالتاريخ تكتبه * حتى رأيناك بالتاريخ مكتوبا
عبد الرحمن بن السائب: 73
ما كان منتهيا عما أراد بنا * حتى تناوله النقاد ذو الرقبة
فأثبت الشق منه ضربة عظمت * كما تناول ظلما صاحب الرحبة
أبو طاهر القرمطي: 123
أنا بالله وبالله أنا * يخلق الخلق وأفنيهم أنا
أبو طاهر القرمطي: 123
ولو كان هذا البيت معبد ربنا * لصب علينا النار من فوقه صبا
لأنا حججنا حجة جاهلية * مما حلة لم تبق شرقا ولا غربا
وإنا تركنا بين زمزم والصفا * جنائز لا تبغي سوى ربها ربا
رامة بنت الحصين: 125
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * وبيني وبين الكوفة النهران
فإن ينجني منها الذي ساقني لها * فلابد من عمر ومن شنآن
أبو نؤاس: 125
ذهبت بنا كوفان مذهبها * وعدمت عن ظرفائها خيري

521
عبدة بن الطبيب العبشمي: 126
إن التي ضربت بيتا مهاجرة * بكوفة الجند غالت ودها غول
ص: 127
إذا ما رأت يوما من الناس راكبا * يبصر من جيرانها ويكوف
بشر بن ربيعة الخثعمي: 138
تحن بباب القادسية ناقتي * وسعد بن وقاص علي أمير
الأخطل: 139
إن سماكا بنى مجدا لأسرته * حتى الممات وفعل الخير يبتدر
قد كنت أحسبه قينا وأخبره * فاليوم طير عن أثوابه الشرر
أعشى همدان: 125
أكسع البصري إن لاقيته * إنما يكسع من قل وذل
واجعل الكوفي في الختل ولا * تجعل البصري إلا في النفل
وإذا فاخرتمونا فاذكروا * ما فعلنا بكم يوم الجمل
بين شيخ خاضب عثنونه * وفتى أبيض وضاح رفل
جاءنا يخطر في سابغة * فذبحناه ضحى ذبح الجمل
وعفونا فنسيتم عفونا * وكفرتم نعمة الله الأجل
المتنبي: 165
بسيطة مهلا سقيت القطارا * تركت عيون عبيدي حيارى
أبو نؤاس: 179
يا دير حنة من ذات الأكيراح * من يصح عنك فإني لست بالصاحي

522
يعتاده كل محفو مفارقه * من الدهان عليه سحق أمساح
في فتية لم يدع منهم تخوفهم * وقوع ما حذروه غير أشباح
لا يدلفون إلى ماء بباطية * إلا اغترافا من الغدران بالراح
الأعشى: 180
فما نيل مصر إذ تسامى عبابه * ولا بحر بانقيا إذا راح مفعما
بأجود منه نائلا إن بعضهم * إذا سئل المعروف صد وجمجما
الأعشى: 180
قد سرت ما بين بانقيا إلى عدن * وطال في العجم تكراري وتسياري
ضرار بن الأزور الأسدي: 180
أرقت ببانقيا ومن يلق مثل ما * لقيت ببانقيا من الحرب يأرق
مكحول بن حرثة: 181
إلا يا عين جودي باندفاق * على مردي قضاعة بالعراق
فما الدنيا بباقية لحي * ولا حي على الدنيا بباق
لقد تركوا على البردان قبرا * وهموا للتفرق بانطلاق
ص: 181
سار بنا القباع سيرا ملسا * بين بقيقا وبديقا خمسا
ص: 182
سار بنا القباع سيرا نكرا * يسير يوما ويقيم شهرا
مالك بن أسماء الفزاري: 182
حبذا ليلتي بتل بونا * حيث نسقي شرابنا ونغني

523
ومررنا بنسوة عطرات * وسماع وقرقف فنزلنا
حيث ما دارت الزجاجة درنا * يحسب الجاهلون أنا جننا
قيس بن الأصم: 184
إني أدين بما دان الشراة به * يوم النخيلة عند الجوسق الخرب
النافرين على منهاج أولهم * من الخوارج قبل الشك والريب
قوما إذا ذكروا بالله أو ذكروا * خروا من الخوف للأذقان والركب
ساروا إلى الله حتى أنزلوا غرفا * من الأرائك في بيت من الذهب
ما كان إلا قليل ريث وقفتهم * من كل أبيض صافي اللون ذي شطب
حتى فنوا ورأى الرائي رؤوسهم * تغدو بها قلص مهرية نجب
فأصبحت عنهم الدنيا قد انقطعت * وبلغوا الغرض الأقصى من الطلب
أبو منصور: 187
وتجبى إليه السيلحون ودونها * صريفون في أنهارها والخورنق
ص: 188
جزاني جزاه الله شر جزائه * جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
سوى رمه البنيان ستين حجة * يعل عليه بالقراميد والسكب
فلما رأى البنيان تم سحوقه * وآض كمثل الطود والشامخ الصعب
فظن سنمار به كل حبوة * وفاز لديه بالمودة والقرب
فقال: اقذفوا بالعلج من فوق رأسه * فهذا لعمر الله من أعجب الخطب
عدي بن زيد: 189
وتبين رب الخورنق إذ أشر * ف يوما وللهدى تفكير
سره ما رأى وكثرة ما يم‍ * - لك والبحر معرضا والسدير
فارعوى قلبه وقال فما غب‍ * - طة حي إلى الممات يصير
ثم بعد الفلاح والملك والأم‍ * - ة وارتهم هناك القبور

524
ثم صاروا كأنهم ورق ج‍ * - ف فألوت به الصبا والدبور
عبد المسيح بن عمرو: 189
أبعد المنذرين أرى سواما * تروح بالخورنق والسدير
تحاماه فوارس كل حي * مخافة ضيغم عالي الزئير
فصرنا بعد هلك أبي قبيس * كمثل الشاء في اليوم المطير
تقسمنا القبائل من معد * كأنا بعض أجزاء الجزور
علي بن محمد الحماني: 190
سقيا لمنزلة وطيب * بين الخورنق والكثيب
بمدافع الجرعات من * أكناف قصر أبي الخصيب
دار تخيرها الملو * ك فهتكت رأي اللبيب
أيام كنت من ألغوا * ني في السواد من القلوب
لو يستطعن خبأنني * بين المخانق والجيوب
أيام كنت وكن لا * متحرجين من الذنوب
غرين يشتكيان ما * يجدان بالدمع السروب
لم يعرفا نكدا سوى * صد الحبيب عن الحبيب
علي بن محمد العلوي الحماني: 190
كم وقفة لك بالخور * نق ما توازي بالمواقف
بين الغدير إلى السدي‍ * - ر إلى ديارات الأساقف
فمدارج الرهبان في * أطمار خائفة وخائف
دمن كأن رياضها * يكسين أعلام المطارف
وكأنما غدرانها * فيها عشور في مصاحف
وكأنما أغصانها * تهتز بالريح العواصف
طرر الوصائف يلتقي‍ * - ن بها إلى طرر المصاحف
تلقى أواخرها أوا * ئلها بألوان الرفارف

525
بحرية شتواتها * برية فيها المصائف
درية الصهباء كا * فورية منها المشارف
عدي بن الرقاع: 192
على ذي منار تعرف العين متنه * كما تعرف الأضياف دار المقطع
الحسين بن السري الكوفي: 192
ولقد نظرت إلى الرصا * فة فالثنية فالخورنق
جر البلى أذياله * فيها فأدرسها وأخلق
عبيد بن الأبرص الأسدي: 200
أقفر من أهله عبيد * فاليوم لا يبدي ولا يعيد
عنت له منية تكود * وحان منها له ورود
عبيد بن الأبرص الأسدي: 200
والله إن مت ما ضرني * وإن عشت ما عشت في واحدة
فأبلغ بني وأعمامهم * بأن المنايا هي الواردة
لها مدة فنفوس العباد * إليها وإن كرهت قاصدة
فلا تجزعوا لحمام دنا * فللموت ما تلد الوالدة
عبيد بن الأبرص الأسدي: 201
هي الخمر بالهزل تكنى الطلا * كما لذئب يكنى أبا جعده
عبيد بن الأبرص الأسدي: 201
وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه * خلالا أرى في كلها الموت قد برق
كما خيرت عاد من الدهر مرة * سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب ريح لم توكل ببلدة * فتتركها إلا كما ليلة الطلق

526
حنظلة: 201 - 202
يا شريك يا بن عمرو * هل من الموت محاله
يا شريك يا بن عمرو * يا أخا من لا أخا له
يا أخا المنذر فك ال‍ * - يوم رهنا قد أناله
يا أخا كل مضاف * وأخا من لا أخا له
إن شيبان قبيل * أكرم الناس رجاله
وأبو الخيرات عمرو * وشراحيل الحما له
رقباك اليوم في المج‍ * - د وفي حسن المقالة
معن بن زائدة: 202
لو كان شيء له أن لا يبيد على * طول الزمان لما باد الغريان
ففرق الدهر والأيام بينهما * وكل إلف إلى بين وهجران
ص: 203
يا دار غير رسمها * مر الشمال مع الجنوب
بين الخورنق والسدير * فبطن قصر أبي الخصيب
فالدير فالنجف الأشم * جبال أرباب الصليب
ص: 205
يا أيها الراكب الغادي لطيته * يؤم بالقوم أهل البلدة الحرم
أبلغ قبائل عمرو إن أتيتهم * أو كنت من دارهم يوما على أمم
إنا وجدنا فقروا في بلادكم * أهل الكناسة أهل اللوم والعدم
أرض تغير أحساب الرجال بها * كما رسمت بياض الريط بالحمم

527
علي بن محمد الحماني: 205
ألا هل سبيل إلى نظرة * بكوفان يحيى بها الناظران
يقلبها الصب دون السدير * حيث أقام بها القائمان
وحيث أناف بأرواقه * محل الخورنق والماديان
وهل أبكرن وكثبانها * تلوح كأودية الشاهجان
وأنوارها مثل برد النبي * ردع بالمسك والزعفران
أبو نؤاس: 205
ذهبت بها كوفان مذهبها * وعدمت عن أربابها صبري
ما ذاك إلا أنني رجل * لا أستخف صداقة البصري
عبدة بن الطبيب: 206
إن التي وضعت بيتا مهاجرة * بكوفة الجند غالت ودها غول.
إسماعيل بن محمد الحميري: 210
لعمرك ما من مسجد بعد مسجد * بمكة ظهرا أو مصلى بيثرب
بشرق ولا غرب علمنا مكانه * من الأرض معمورا ولا متجنب
بأبين فضلا من مصلى مبارك * بكوفان رحب ذي أواس ومحصب
مصلى به نوح تأثل وابتنى * به ذات حيزوم وصدر محنب
وفار به التنور ماءا وعنده * له قيل يا نوح ففي الفلك فاركب
وباب أمير المؤمنين الذي به * ممر أمير المؤمنين المهذب
النجاشي: 210
إذا سقى الله قوما صوب غادية * فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا
التاركين على طهر نساءهم * والنايكين بشاطي دجلة البقرا
والسارقين إذا ما جن ليلهم * والدارسين إذا ما أصبحوا السورا
ألق العداوة والبغضاء بينهم * حتى يكونوا لمن عاداهم جزرا

528
رامة بنت الحسين بن المنقذ: 210
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * وبيني وبين الكوفة النهران
فإن ينجني منها الذي ساقني لها * فلابد من عمر ومن شنآن
علي بن محمد الحماني: 212
فيا أسفي على النجف المعرى * وأودية منورة الأقاحي
وما بسط الخورنق من رياض * مفجرة بأفنية فساح
ووا أسفا على القناص تغدو * خرائطها على مجرى الوشاح
إسحق بن إبراهيم الموصلي: 212 - 213
يا راكب العيس لا تعجل بنا وقف * نحي دارا لسعدى ثم ننصرف
وابك المعاهد من سعدى وجارتها * ففي البكاء شفاء الهائم الدنف
أشكو إلى الله يا سعدى جوى كبد * حرى عليك متى ما تذكري تجف
أهيم وجدا بسعدى وهي تصرمني * هذا لعمرك شكل غير مؤتلف
دع عنك سعد فسعدى عنك نازحة * واكفف هواك وعد القول في لطف
ما إن أرى الناس في سهل ولا جبل * أصفى هواء ولا أعذى من النجف
كأن تربته مسك يفوح به * أو عنبر دافه العطار في صدف
حفت ببر وبحر من جوانبها * فالبر في طرف والبحر في طرف
وبين ذاك بساتين تسيح بها * نهر يجيش بجاري سيله القصف
وما يزال نسيم من أيامنه * يأتيك منه بريا روضة أنف
تلقاك منه قبيل الصبح رائحة * تشفي السقيم إذا أشفى على التلف
لو حله مدنف يرجو الشفاء به * إذن شفاه من الأسقام والدنف
يؤتي الخليفة منه كلما طلعت * شمس النهار بأنواع من التحف
والصيد منه قريب إن هممت به * يأتيك مؤتلفا في زي مختلف
فياله منزلا طابت مساكنه * بحيز من حاز بيت العز والشرف
خليفة واثق بالله همته * تقوى الآله بحق الله معترف

529
المتنبي: 215
بسيطة مهلا سقيت القطارا * تركت عيون عبيدي حيارى
فظنوا النعام عليك النخيل * وظنوا الصوار عليك المنارا
فأمسك صحبي بأكوارهم * وقد قصد الضحك منهم وجارا
ص: 220
والماء يبدو في الوقائع لامعا * كالبحر مع نور الغزالة تشرق
فإذا تخلل في الخمائل خلته * صلا يحاذر وقع نصل يمرق
تتراقص الأغصان من فرح بها * ويمر بالأنهار وهو يصفق
ص: 221
يا نزهة اليوم المطير * بين الخورنق والسدير
والماء شبه بواطن ال‍ * - حيات مجدول الظهور
والطل في دمن الثرى * كالبكر في ثوب حرير
ص: 221
ناجته همته العليا بما نصكت * كل الخواطر عن إمكانه ركبا
واستبعدت أن يرى ماء الفرات بأك‍ * - ناف الغري ويجري دافقا صببا
واستكثرت دونه الانفاق إذ علمت * إمكانه فرأت انفاقه عجبا
حتى أتاه بعزم نافذ وندى * غمر فسهل منه كل ما صعبا
فصمم العزم حتى تم مطلبه * ونال منه الذي في نيله رغبا
وافتض مكرمة بكرا فأولدها * أجرا جزيلا وشكرا ينفذ الحقبا
وصير النجف المهجور يغمره * ماء الفرات فيسقي النخل والعنبا
وهكذا الكوفة المعمور جامعها * أجرى بها الماء يبغي أجر من شربا
لأنه خلد الرحمن دولته * يريد أن لا يخلي موضعا خربا
فالله يعطيه في تأييد دولته * وبسط قدره شمس الدين ما طلبا

530
صنوان لا افترقا شمسان لا أفلا * بدران لا نقصا نجمان لا غربا
أيا بني صاحب الديوان لا برح ال‍ * - دين الحنيف بكم للخلق منتصبا
الله قد وهب الإسلام نصرته * بكم ولم يسترد الله ما وهبا.
علي بن أبي طالب (عليه السلام): 234
ولو كنت بوابا على باب جنة * لقلت لهمدان ادخلي بسلام.
الشريف الرضي: 244
عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا كلانا في المعالي معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق
شمس الدين أبو القاسم: 248
يا قادرين على الإحسان ما لكم * من غير جرم عدتنا منكم النعم
مالي إذا دكما ذيدت محلأة * عن وردها ولديكم مورد شبم
مظفر بن الطراح: 282
القول فيما مضى من عمرنا هذر * فدعه واصبر لما يأتي به القدر
واستشعر الصبر إن نابتك نائبة * فالصبر أجمل ما حلي به البشر
وكل حادثة في الدهر هينة * إذا غدا سالما في طيها العمر
قل للعتات من الغايات ويحكم * طيبوا فقد فقد الرئبالة الذمر
وقل لبيض السيوف المرهفات لدى ال‍ * أغماد قري فقد أودى به القدر
مضى المظفر ليث الغاب عن كثب * فليهني أعداءه من بعده الظفر
ص: 288
كل عز ومفخر * فلموسى المظفر
ملك خص ذكره * في الكتاب المسطر

531
ص: 292
أتت كتبهم في طيهن كتائب * وما رقمت إلا بسم الأراقم.
ص: 292
أن أقدم علينا يا بن بنت محمد * لك الدهر عبد والزمان غلام.
شيخ من بني جعفي: 295
كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يبور ولا يخزي.
ص: 296
إذا سقى الله قوما صوب غادية * فلا سقى الله أرض الكوفة المطرا
ألق العداوة والبغضاء بينهم * حتى يكونوا لمن عاداهم جزرا
عمرو بن عاصم التميمي: 299
لا تأكلوا أبدا جيرانكم سرفا * أهل الذعارة في ملك ابن عفان
عمرو بن عاصم التميمي: 299
إن ابن عفان الذي جربتموه * فطم اللصوص بمحكم الفرقان
ما زال يعمل بالكتاب مهيمنا * في كل عنق منهم وبنان
الوليد بن عقبة: 302
ما إن خشيت على أمر خلوت به * فلم أخفك على أمثالها حار
علي بن أبي طالب: 312
أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مرادي

532
ابن أبي مياس المرادي: 314
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المسمم
ولا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
هند بنت زيد الأنصارية: 320
ترفع أيها القمر المنير * تبصر هل نرى حجرا يسير
يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الأمير
تجبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد له محولا * كأن لم يحيها مزن مطير
ألا يا حجر حجر بني عدي * تلقتك السلامة والسرور
أخاف عليك ما أردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير
فإن تهلك فكل زعيم قوم * من الدنيا إلى هلك يصير.
مسلم بن عقيل: 329
أقسمت لا أقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا
كل امرئ يوما ملاق شرا * أو يخلط البارد سخنا مرا
رد شعاع النفس فاستقرا * أخاف أن أكذب أو أغرا
عبد الله بن الزبير الأسدي: 332
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري * إلى هاني في السوق وابن عقيل
إلى بطل قد هشم السيف وجهه * وآخر يهوي من طمار قتيل
المختار: 348
ذو مخاريق وذو مندوحة * وركابي حيث وجهت ذلل

533
لأبيتن منزلا تكرهه * فإذا زلت بك النعل فزل
عامر بن واثلة: 358
ولما رأيت الباب قد حيل دونه * تكسرت باسم الله فيمن تكسرا
عمر بن أبي ربيعة القرشي: 359
إن من أعجب العجائب عندي * قتل بيضاء حرة عطبول
قتلت هكذا على غير جرم * إن لله درها من قتيل
كتب القتل والقتال علينا * وعلى المحصنات جر الذيول
زيد بن علي: 382
إن المحكم ما لم يرتقب حسدا * لو يرهب السيف أو وخز القنا هتفا
من عاذ بالسيف لاقى فرجة عجبا * موتا على عجل أو عاش فانتصفا
زيد بن علي: 382
شرده الخوف وأزرى به * كذاك من يطلب حر الجلاد
منخرق الكفين يشكو الوجى * تنكبه أطراف مر حداد
قد كان في الموت له راحة * والموت حتم في رقاب العباد
إن يحدث الله له دولة * يترك آثار العدى كالرماد
ص: 388
تحرز سفيان وفر بدينه * وأمسى شريك مرصدا للدراهم
سكينة بنت القاسم بن كثير: 391
عين جودي لقاسم بن كثير * بدرور من الدموع غزير
أدركته سيوف قوم لئام * من أولي الشرك والردى والشرور
سوف أبكيك ما تغنى حمام * فوق غصن من الغصون نضير

534
ضرار بن الخطاب الفهري: 394
مهلا بني عمنا ظلامتنا * إن بنا سورة من القلق
لمثلكم نحمل السيوف ولا * نغمز أحسابنا من الرقق
إني لأنمى إذا انتميت * إلى عز عزيز ومعشر صدق
بيض سباط كأن أعينهم * تكحل يوم الهياج بالعلق.
زيد بن علي: 395
أذل الحياة وعز الممات * وكلا أرآه طعاما وبيلا
فإن كان لابد من واحد * فسيري إلى الموت سيرا جميلا
أحد الشاميين: 399
اطردوا الديك عن ذوابة زيد * فلقد كان لا يعطاه الدجاج
أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري: 415
يا بني طاهر كلوه وبيئا * إن لحم النبي غير مري
إن وترا يكون طالبه الل‍ * - ه لوتر نجاحه بالحري
ص: 416
بكت الخيل شجوها بعد يحيى * وبكاه المهند المصقول
وبكته العراق شرقا وغربا * وبكاه الكتاب والتنزيل
والمصلى والبيت والركن والح‍ * - جر جميعا له عليه عويل
كيف لم تسقط السماء علينا * يوم قالوا أبو الحسين قتيل
وبنات النبي تبدين شجوا * موجعات دموعهن همول
قطعت وجهه سيوف الأعادي * بأبي وجهه الوسيم الجميل
إن يحيى أبقى بقلبي غليلا * سوف يودي بالجسم ذاك الغليل
قتله مذكر لقتل علي * وحسين ويوم أوذي الرسول

535
صلوات الإله وقفا عليهم * ما بكى موضع وحن ثكول
علي بن العباس الرومي: 416
أمامك فانظر أي نهجيك تنهج * طريقان شتى مستقيم وأعوج
ألا أيهذا الناس طال ضريركم * بآل رسول الله فاخشوا أو إرتجوا
أفي كل يوم للنبي محمد * قتيل زكي بالدماء مضرج
تبيعون فيه الدين شر أئمة * فلله دين الله قد كان يمرج
ص: 468
من كل أبيض وضاح الجبين له * نوران من جانبيه الفضل والنسب
تجلو العفاة لهم تحت القنا غررا * تلاعب البيض فيها والقنا السلب
فوارس اتخذوا سمر القنا سمرا * فكلما سجعت ورق القنا طربوا
يستنجعون الردى شوقا لغايته * كأنما الضرب في أفواهها الضرب
واستأثروا بالردى من دون سيدهم * قصدا وما كل إيثار به الأدب
المتنبي: 476
أهلا بدار سباك أغيدها * أبعد ما بان عنك خردها
يا ليت لي ضربة أتيح لها * كما أتيحت لها محمدها
ما زل بن الأعرف: 496
تظلمني مالي خليج وعقني * على حين كانت كالحني عظامي
عجرد: 496
فقلت له وأنكر بعض شأني * ألم تعرف رقاب بني تميم
رقاب لم تقر بيوم خسف * أبيات على الملك الغشوم

536
عمر بن يزيد النخعي: 496
أبلغ لديك أبا النعمان معتبة * فهل لديك لمن يرجوك معتتب.
عمرو بن الحسن الأباضي: 496
في فتية شرطوا نفوسهم * للمشرفية والقنا السمر
عقاب بن قيس الطائي: 497
تعالوا أقاضيكم أأعيار فقعس * إلى المجد أدنى أم عشيرة حاتم
فضالة بن شريك: 498
وإنك لو شهدت بكاء هند * ورملة إذ تصكان الخدودا
رأمت بكل معولة ثكول * أباد الدهر واحدها الفقيدا
ص: 498
وكنت جليس قعقاع بن شور * ولا يشقى بقعقاع جليس
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: 498
محبك شاك ولو يستطيع * أتاك لإعظام حق الصديق
كندة بن هذيم الطائي: 499
أيا راكبا أما عرضت فبلغن * بني قبطي كلهم وبني خضف
فلا تقطعوا حبل المودة بيننا * وصدوا وأنتم إن صددتم على النصف
المنذر بن الطفيل: 499
كفيت بني عجل وسعد بن مالك * من الدهر يوما كاسف الوجه أقتما

537
المنذر بن صخر الأسدي: 499
إذا المجلس العبدي يوما تقابلوا * رأى كلهم وجها لئيما يقابله
وإن سيل أي الناس ألام والدا * أشار إلى العبدي من أنت سائله
منظور بن سحيم الفقعسي: 499
ولست بهاج في القرى أهل منزل * على زادهم أبكي وأبكي البواكيا
المفضل بن قدامة: 500
دعا ابن مطيع للبياع فجئته * إلى بيعة قلبي لها غير عارف
المتوكل الليثي: 500
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم
قد يكثر النكث المقصر همه * ويقل مال المرء وهو كريم
محمد بن عبد الله الجعفري: 501
بني عمنا لا تذمرونا سفاهة * فينهض في عصيانكم من تأخرا
وإن ترفعوا عنا يد الظلم تجتنوا * لطاعتكم منا نصيبا موفرا
وإن تركبونا بالمذلة تبعثوا * ليوثا ترى ورد المنية أغدرا
محمد بن نوفل: 501
عجبت ليحيى الطالبي وحينه * وتغريره بالنفس عند فسا العمر
المكاء بن هميم الربعي: 502
إني امرؤ من بني شيبان قد علمت * هذي القبائل أمي منهم وأبي
إني إذا ما شربت الخمر ينكرني * قومي وتعرف مني آية الغضب

538
المستهل بن الكميت بن زيد: 502
إذا نحن خفنا في زمان عدوكم * وخفناكم إن البلاء لراكد.
مرزوق: 502
دعاك الشوق والأدب * ومات بقلبك الطرب
الهذيل بن عبد الله: 502
فتن الشعبي لما * رفع الطرف إليها
أبو عمران يحيى بن سعيد: 503
إذا أنا لم أثن بخير مجازيا * ولم أذمم الرجس البخيل المذمما
ففيم عرفت الخير والشر باسمه * وشق لي الله المسامع والفما
يحيى بن زياد بن عبد الله: 503
ولما رأيت الشيب حل بياضه * بمفرق رأسي قلت للشيب مرحبا
يحيى بن بلال العبدي:
وللموت خير من حياة زهيدة * وللمنع خير من عطاء مكدر
فعش مثريا أو مكديا من عطية * تمنى وإلا فاسأل الله واصبر
يحيى بن أبي الخصيب: 503
أبا حسن إن لي قصة * ولولا أعاجيبها لم تطل
يوسف بن لقوة: 503
إن صرف الزمان ضعضع ركني * ما أرى لي من الزمان مجيرا
ليس ذنبي إلى الزمان سوى أن‍ * - ني أحببت شبرا وشبيرا
وعليا أباهما أفضل الأم‍ * - ة بعد النبي سبقا وخيرا
فعلى حبهم أموت وأحيا * وعلى هديهم ألاقي النشورا

539
قيس بن عمرو بن مالك: 504
إذا سقى الله أرضا صوب غادية * فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا
الكميت بن زيد: 508
بني هاشم رهط النبي فإنني * بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب
خفضت لهم مني جناحي مودة * إلى كنف عطفاه أهل ومرحب
وكنت لهم من هؤلاء وهؤلاء * محبا على أني أحب وأغضب
وأرمي وأرمي بالعداوة أهلها * وإني لأوذي فيهم وأؤنب
المتنبي: 508
فالخيل والليل والبيداء تعرفني * والسيف والرمح والقرطاس والقلم.

540
فهرس الأعلام
أبا بن الصمغان... 217
أبان بن تغلب... 466، 492
أبان بن سعيد... 238
أبان بن عثمان الأجلح... 378
أبان بن نعمان... 81
إبراهيم... 119، 120، 179، 180
194، 209، 217
إبراهيم الأشتر... 273، 292، 347
349، 350، 351
352، 353، 354
355، 356، 547، 496
إبراهيم الشروي... 407
إبراهيم الغمر بن الحسن... 92
إبراهيم المهدي... 279
إبراهيم النخعي... 56
إبراهيم بن أبي السمال... 461
إبراهيم بن إسحاق بن راشد... 484
إبراهيم بن الحسن المثنى... 378
إبراهيم بن الحسن بن الحسن... 404، 405
إبراهيم بن المهدي... 411، 412، 413
إبراهيم بن الوليد... 400
إبراهيم بن خالد... 54
إبراهيم بن عبد العزيز... 491
إبراهيم بن عبد الله البجلي... 390
إبراهيم بن عبد الله المحض... 92، 402
إبراهيم بن محمد الثقفي... 52، 53
إبراهيم بن محمد العلوي... 460
إبراهيم بن محمد المذاري... 88
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم... 471
إبراهيم بن محمد بن القاسم... 471
إبراهيم بن محمد بن طلحة... 342، 343
إبراهيم بن محمد بن عرفة = نفطويه
إبراهيم بن موسى بن جعفر... 408
إبراهيم بن مهزيار... 52
إبراهيم بن ميمون... 74
أبرويز... 126، 127
أبرهة الحبشي... 88
ابن أبي الحديد... 71، 72، 366
ابن أبي الدنيا... 367
ابن أبي الرقاد... 143
ابن أبي الزناد... 378
ابن أبي العباس العلوي... 426
ابن أبي حاتم... 345
ابن أبي خيثمة... 367
ابن أبي شيخ المحاربي... 441
ابن أبي عقيل... 48

541
ابن أبي ليك... 502
ابن أبي مياس المرادي... 314
ابن أسباط... 64
ابن الأثير... 29، 148، 150، 127، 290
322، 349، 358، 360، 369
371، 400، 402، 405، 411
414، 421، 427، 428
ابن الاعرابي... 481، 490
ابن الأنباري... 185
ابن البطائني... 24، 34
ابن الجنيد... 48
ابن الجوزي... 421
ابن الحسين... 240
ابن الحيسمان الخزاعي... 298، 299
ابن الخلال... 203
ابن السكيت... 187، 486
481، 490، 492
ابن الضحاك... 248
ابن العلاء التميمي... 487
ابن الفقيه... 229، 235
ابن الكوا... 304
ابن المغيرة... 455
ابن المهنا العبيدلي... 247، 249
ابن النديم... 171، 463، 479، 482
490، 496، 507
ابن أنجب... 247
ابن أياز... 479
ابن بدر الهمداني... 99
ابن بطوطة... 39، 40، 131
ابن بقيلة... 206
ابن بلال بن أبي بردة... 176
ابن بويه الديلمي... 508
ابن بويه معز الدولة... 257
ابن تيمية... 376، 398
ابن ثمال الخفاجي... 425، 426
ابن جبلة... 457
ابن جبير... 128
ابن جرير الطبري... 142، 155، 156، 166
225، 390، 323، 411
ابن حبان... 463، 369، 431، 434
ابن حجر العسقلاني... 322، 337، 345
366، 432، 433، 434
435، 444، 447، 450، 464
ابن حجر الهيثمي... 376
ابن حكيم... 337
ابن حمدان... 422، 423، 508
ابن حوقل... 133
ابن حيان العجلي... 340
ابن خرداذبه... 176
ابن خلدون... 153، 240
ابن دريد... 485
ابن دينار النسابة... 249
ابن ذي الحبكة... 304
ابن رامين... 504
ابن رستة... 175
ابن سعد... 276، 366، 396
429، 441، 444، 465
ابن سمية... 292
ابن سيدة... 126
ابن سيرين... 233، 320
ابن شبة... 376
ابن شهرآشوب... 84، 88، 506، 507
ابن طاهر... 204، 269
ابن طباطبا... 406، 408

542
ابن طولون... 269
ابن عائشة الهاشمي... 413
ابن عباد... 126، 127
ابن عبدون... 70
ابن عقدة... 56، 211، 455، 465
ابن عمار... 366
ابن عياش... 230، 231، 232
ابن عياش 233، 234
ابن عيسى القمي... 466
ابن فضال... 461، 462
ابن قتيبة الدينوري... 147، 105، 345
357، 371، 496
ابن قولويه... 44، 45، 46، 49
53، 54، 123
ابن كامل... 354
ابن ماجة... 438
ابن مخنف... 356
ابن مردويه... 345
ابن مسكان... 88
ابن مطيع... 292
ابن مكبرا... 321
ابن معين... 387
ابن مقرن الصيرفي... 167
ابن مقلة... 239
ابن مهران... 81
ابن نباتة... 74
ابن نمير... 432
ابن هشام... 123
ابن هولاكو... 219
ابن يامين البصري... 495
أبو احمد الموفق... 279
أبو أحمد بن عدي... 204
أبو أراكة... 339، 340
أبو اسامة... 24، 63
أبو إسحاق السبيعي... 366، 379، 440
أبو أفنون... 196
أبو الأزهر النحوي... 84
أبو الأسود الدؤلي... 481، 485
أبو البط... 279، 411، 413
أبو البقاء العكبري... 509
أبو البلاد الأعمى... 489
أبو الجارود... 116، 117، 378، 379
أبو الحسن... 179
أبو الحسن الأشعري... 204
أبو الحسن البكري... 228
أبو الحسن الكرخي... 69
أبو الحكم بن أبي الأبيض... 399
أبو الخصيب بن ورقاء... 203
أبو الخطاب... 446
أبو الدرداء... 254
أبو الربيع بن الأقطع... 389
أبو السرايا... 74، 279، 290، 407
408، 409، 410، 470
أبو السمال الأسدي... 503
أبو الشعثاء... 441
أبو الشوك... 407، 411
أبو الشيخ... 369
أبو الطفيل... 309
أبو العباس... 34
أبو العباس بن نوح... 459
أبو العتاهية = إسماعيل بن القاسم
أبو العمرطة الكندي... 317
أبو الغنائم... 212
أبو الفرج الإصفهاني... 288، 388، 390

543
395، 411، 416
أبو الفضل بن أبي زيد... 84
أبو الفضل بن طاهر... 204
أبو القاسم... 54، 205
أبو القاسم الطبري... 369
أبو القاسم الكرباسي... 62
أبو القاسم الكلباسي... 510
أبو القاسم المغربي... 426، 427
أبو اللفائف... 504
أبو المنذر... 217
أبو النرمي... 186
أبو النعمان بن بشير... 180
أبو الورد... 360، 363
أبو الوليد... 386
أبو الهياج... 106، 151، 144، 149
15، 156، 157، 208
أبو اليقظان... 193
أبو أمية الفزاري... 444
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري... 262، 319
369
أبو بصير... 27، 34، 46، 82
67، 114، 116، 118
أبو بكر الإسماعيلي... 204
أبو بكر الحازمي... 125
أبو بكر الحضرمي... 63
أبو بكر الخطيب... 204
أبو بكر الخوارزمي... 509
أبو بكر السراج... 202
أبو بكر الصديق... 182، 189، 265، 284
أبو بكر الفقيه... 194
أبو بكر الهذلي... 229، 230، 231، 232
233، 234، 236
أبو بكر بن أبي شيبة... 185
أبو بكر بن أبي موسى الأشعري... 260
أبو بكر بن خزيمة... 204
أبو بكر بن شاهويه... 425
أبو بكر محمد الزبيدي... 489، 490
491، 492
أبو تمام = عبد الله بن أحمد الأنصاري
أبو ثابت بن دينار... 451
أبو ثمامة... 468
أبو جبيرة الأنصاري... 161
أبو جعفر السمناني... 426
أبو جعفر بن أبي زياد... 378
أبو جعفر بن أبي هاشم... 203
أبو جعفر بن عدنان... 247
أبو جلدة اليشكري... 504
أبو جميلة... 67
أبو حاتم... 463
أبو حاتم السجستاني... 150
أبو حبير... 404
أبو حمزة الثمالي... 25، 27، 49
55، 194، 389، 113، 119
أبو حنيفة النعمان... 257، 378، 379
أبو خالد الكابلي... 454
أبو خالد الواسطي... 377
أبو خشة الغفاري... 302
أبو خلاد... 449
أبو داود... 437
أبو داود... 442
أبو داود الحفري... 185
أبو داود السجستاني... 211
أبو زبيد الطائي... 300
أبو زيد... 487

544
أبو زيد الأنصاري... 265، 481
أبو سعد... 212
أبو سعيد الإسكافي... 65
أبو سعيد البكري... 466
أبو سعيد الخدري... 29، 368
أبو سفيان بن حرب... 238
أبو سفيان بن عروة... 153
أبو سلام... 447
أبو سلمة بن عبد الله الأشهل... 238
أبو سماك العدوي... 504
أبو شرحبيل... 438
أبو شريح الخزاعي... 299
أبو شعيب الخراساني... 57
أبو صخر... 49
أبو ضرغامة العجلي... 407
أبو ضمرة... 441
أبو طالب... 501
أبو طالب بن عبد المطلب... 250
أبو طاهر القرمطي... 122
أبو طاهر سليمان... 421، 423، 424
أبو طيبة... 446
أبو ظبية... 446
أبو عامر العبدري... 180، 184
أبو عبد الله الجدلي... 161، 234
أبو عبد الله الرازي... 63، 65، 66
أبو عبد الله اليزيدي... 202
أبو عبد الله بن الحجاج... 454
أبو عبيد الثقفي... 166
أبو عبيد الله التميمي... 204
أبو عبيدة... 29، 50، 136
487، 489، 490
أبو عبيدة الجراح... 265
أبو عثمان النهدي... 351، 352
أبو عروة المرادي... 211
أبو علوي النهر سابسي... 426، 427
أبو علي الفارسي... 204
أبو علي بن راشد... 44
أبو عمر... 147
أبو عمران الضرير = يحيى بن سعيد
أبو عمرو الكوفي... 487
أبو عيسى بن هارون الرشيد... 278
أبو غسان الأزدي... 377
أبو قتادة بن ربعي... 431
أبو قرة بن سلمة... 259
أبو قطن الهمداني... 350
أبو محجن الثقفي... 234
أبو محمد الأكفاني... 204
أبو محمد البازوري... 255
أبو مخنف = لوط بن يحيى
أبو مريم السلولي = مالك بن ربيعة
أبو مسعود الأنصاري = عقبة بن عمرو
أبو مسلم الخراساني... 400
أبو مصعب بن جثامة... 302
أبو معمر... 385
أبو منصور... 185، 187
أبو منصور الأصبهاني... 204
أبو منصور الثعالبي... 509
أبو مورع... 300، 301، 302
أبو موسى الأشعري... 161، 184، 271
272، 254، 291
295، 305، 306
307، 308، 309
356، 357، 431
أبو نصر التمار... 142

545
أبو نعيم... 436
أبو نؤاس... 67، 179، 205
أبو وائل... 67
أبو هاشم الجعفري... 415
أبو هاشم الرماني = يحيى بن دينار
أبو يعلى الموصلي... 211
أبو يوسف القاضي = يعقوب بن إبراهيم
أثرم... 134، 136
أثير بن عمرو السكوني... 195
احمد الدورقي... 204
احمد القرشي... 55
أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل... 493
أحمد بن إبراهيم بن محمد... 471
أحمد بن أبي يعقوب... 147
أحمد بن أحمد بن محمد... 204
أحمد بن إدريس العلوي... 84
أحمد بن الحسن... 49، 65
أحمد بن الحسين... 508، 809
أحمد بن الحسين = المتنبي
أحمد بن الحسين بن علي... 93
أحمد بن القاسم... 491
أحمد بن القاسم بن العباس... 474
أحمد بن بديل... 263
أحمد بن بشير بن عمار... 455
أحمد بن حمزة الداعي... 473
أحمد بن حميد... 379
أحمد بن رميثة... 93
أحمد بن زيد بن الحسين... 93
أحمد بن سهل... 490
أحمد بن طيفور... 293
أحمد بن عاصم... 491
أحمد بن علي الحنفي... 484
أحمد بن عمر... 247
أحمد بن عمر بن أبي شعبة... 451
أحمد بن كامل... 263
أحمد بن محمد... 45، 49، 53، 67
أحمد بن محمد الحسيني... 247
أحمد بن محمد السيبي... 194
أحمد بن محمد الطائي... 420
أحمد بن محمد الهمداني... 150
أحمد بن محمد بن أبي نصر... 462
أحمد بن محمد بن الحنفية... 420
أحمد بن محمد بن خالد... 65
أحمد بن محمد بن سعيد = ابن عقدة
أحمد بن محمد بن عبد الله... 483
أحمد بن محمد بن علي... 204
أحمد بن محمد بن عيسى... 68
أحمد بن محمد بن لاحق... 454
أحمد بن محمد بن محمد... 452، 454
أحمد بن مزيد... 407
أحمد بن نصر بن حمزة... 280، 417
أحمد بن هلال... 57
أحمد بن يحيى... 180
أحمد بن يحيى المسلي... 212
أحمد بن يحيى بن أحمد... 484
أحمد بن يحيى بن الحسين... 93
أحمد بن يحيى بن جابر... 193
أحمد بن يحيى بن زيد... 483، 486، 493
أحمد بن يعقوب... 160
أحمد بن يوسف... 491
احمد طليعة... 407
احمر بن شميط... 351، 345، 355
الأحنف بن قيس... 103، 152، 153
231، 232، 236، 284

546
الأخطل... 139
إدريس... 41، 54، 82، 119
120، 121، 129، 131
ادم... 20، 31، 32، 33
34، 37، 54، 57
63، 104، 121
ادم بن عبد الله... 378
أديم بن الحر... 456
أذينة... 249
الأربلي... 288، 323
أرطأة بن مالك... 140
أرقم بن عبد الله... 319
أروى بنت عامر... 271
أزد بن الغوث... 226
اسامة بن شريك... 436
إسحاق... 110، 382، 463
إسحاق البغوي... 482
إسحاق القرمطي... 424
إسحاق بن إبراهيم الموصلي... 212
إسحاق بن إبراهيم بن الحسن... 404، 405
إسحاق بن الصباح... 277
إسحاق بن بشير... 180، 455، 456
إسحاق بن حريز... 46
إسحاق بن حماد... 238
إسحاق بن رباط... 461
إسحاق بن سالم... 378
إسحاق بن طلحة... 319
إسحاق بن علي... 65، 66
إسحاق بن عمار بن حيان... 455
إسحاق بن عمران... 422
إسحاق بن مرار... 489
إسحاق بن يحيى... 214
إسحاق بن يزداد... 24
أسد... 407
أسد بن عبد الله... 140، 193
أسعد بن الأصبغ... 115
إسماعيل... 381
إسماعيل الأول... 223
إسماعيل السدي... 378
إسماعيل بن ابان... 320
إسماعيل بن إبراهيم... 93
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن... 404، 405
إسماعيل بن أبي إسماعيل... 278
إسماعيل بن القاسم... 505
إسماعيل بن جابر... 45
إسماعيل بن جعفر... 45
إسماعيل بن خالد... 204
إسماعيل بن عبد الخالق... 458
إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي... 459
إسماعيل بن عبد الله القسري... 191، 400
401، 402
إسماعيل بن عبد الله بن عبيد الله... 473
إسماعيل بن علي الدعبلي... 67
إسماعيل بن عمار بن حيان... 455
إسماعيل بن محمد الحميري... 209
إسماعيل بن موسى بن جعفر... 409
أسماء بن خارجة... 152، 355
اسود بن ثعلبة... 442
اسود بن يزيد... 233، 305
أسيد بن عمرو... 445
الأشتر بن الحرث... 318
الأشعث بن قيس... 161، 191، 89
434، 312
الأصبغ بن نباتة... 26، 27، 54

547
55، 110، 121
الأصمعي... 172، 483، 487
أعشى ربيعة... 505
أعشى همدان... 152
الأعمش... 138، 180، 366
367، 368، 378، 379
385، 389، 438، 443
أعين... 137، 362، 454
أعين مولى سعد... 186
أغر بن يسار... 443
أقرع بن حابس... 250
أكثم بن صيفي... 250، 445
أكيدر... 191
أكيدر بن عبد الملك... 237
الإصطخري... 145، 176
العباس بن جعدة... 334، 335
الفرات... 35
أم الأسود بنت أعين... 454
أم الحسن بنت الحسن... 475
أم الحكم بنت أبي سفيان... 272
أم الهيثم بنت الأسود... 314
أم أنمار بنت سباع... 430
أم أيوب بنت عمارة... 141
أم ثابت بنت سمرة... 359
أم جندب الأزدية... 447
أم حكمة... 193
أم سلمة... 337، 338
أم سلمة بنت يعقوب... 195
أم سليمان... 447
أم كلثوم بنت الحسين... 293، 294
أم كلثوم بنت جرول... 435
أم كلثوم بنت علي... 313
الأمين... 278، 288، 407
479، 480، 482
انس بن عمرو... 392
انس بن مالك... 67، 233، 449
أنو شروان... 187
أوس بن قلام... 167
أوسلة بن مالك... 211
أويس القرني... 233
اياد بن قيس... 153
اياس بن مضارب... 349، 350
أيمن بن خريم... 440
أيوب... 72
أيوب بن الحر... 456
أيوب بن الحسن... 279
أيوب بن الحسن بن موسى... 414
أيوب بن سلمة... 383
أيوب بن معروف... 167
أيوب بن نوح... 462
البخاري... 211، 439، 485، 464
البراقي... 31، 33، 37، 40، 55
90، 92، 93، 105، 155
البراء السيلطي... 447
البراء بن عازب... 431
برد خت الضبي... 165
البرقي... 455، 456
برك بن عبد الله... 311
بركة بن المقلد... 425
برمة بن معاوية... 440
بريد بن خضير... 468
بسام الصيرفي... 378
بسطام بن الحصين... 459
بشار... 84

548
بشار المكاري... 84
بشر... 434
بشر بن إسماعيل بن عمار... 455
بشر بن ربيعة... 138
بشر بن عبد الملك... 237، 242
بشر بن عبد الوهاب... 126، 166، 207
بشر بن مروان... 268، 274
449، 463
بشير النبال... 456
بشير بن الخصاصية... 443
بشير بن حسان... 275
بشير بن سعد... 180
بشير بن ميمون... 455
بصبهري بن صلوبا... 180
بضيرة بنت الضيزن... 139
البغوي... 446
بكار بن قتيبة... 257
بكر بن عبد الرحمن... 259
بكر بن محمد... 455
بكير بن أعين... 452، 453، 454
بكير بن حمران... 329، 331
البلاذري... 134، 162، 167
بلال بن بليل... 445
بندار بن عبد الحميد... 491
بني بن نفيس... 424
بونا بنت كزنبا... 217
بهرام... 126، 127، 421
بهرام جور بن يزدجرد... 189
بهراء بن عمرو... 138
تاج الدين... 281
الترمذي... 211، 274، 438
تقي الدين محمد... 42
تلعكبري... 70
توبة بن الخليل... 52
ثابت البناني... 67
ثابت بن أبي ثابت... 490
ثابت بن وديعة... 444
ثعلب... 202، 483، 489، 491، 492
ثعلبة بن الحكم... 438
ثعلبة بن جدعان... 225
ثعلبة بن ذهل... 225
ثعلبة بن رومان... 225
الثعلبي... 111
الثقفي... 74
ثمامة بن خوشب... 400، 401
ثور بن عبد مناة... 387
ثور بن عفير... 225
الثوري... 185
جابر أخو حيان... 138
جابر بن أبي طارق... 439
جابر بن سمرة... 434
جابر بن سيلان... 446
جابر بن عبد الله... 380
جابر بن عبد الله الأنصاري... 111، 117
جابر بن يزيد... 467
الجاحظ... 360، 379
جالوت... 82
جبهلة بنت تزيد... 139
جحدمة... 449
جذيمة بن مالك... 212
جرير بن عباد... 466
جرير بن عبد الله... 161، 180، 181
295، 318، 433
الجعد مولى همدان... 140

549
جعفر القرمطي... 424
جعفر بن أبي المغيرة... 368
جعفر بن أبي جعفر... 278
جعفر بن الحسن بن الحسن... 404
جعفر بن العباس... 391
جعفر بن القعقاع... 400
جعفر بن المثنى... 455
جعفر بن سليمان... 453
جعفر بن عطية... 460
جعفر بن عنبسة... 484
جعفر بن محمد... 38، 44، 45
جعفر بن محمد البطحاني... 471
جعفر بن محمد بن إسحاق... 461
جعفر بن محمد بن مسعود... 65
جعفر بن معمر... 241
جعفر بن نافع... 401
جعفر بن ورقاء... 279، 423
جعفر بن يحيى... 268
جعفر بن يحيى البرمكي... 287
جلهمة بن أدد... 225
جمال الدين الدستجرداني... 281
جميل بن بصبهري... 208
جميل بن دراج... 69، 462
جناح بن نذير... 195
جندب بن عبد الله... 300، 301، 302
304، 438
جنكيز خان... 175
جني الصفواني... 423
الجوهري... 127
جويرية بنت مسهر... 320، 321
جويرية بن مهر... 103
جوية بن عائذ... 484
جهيم بن الصلت... 238
حاجب بن زرارة... 233، 250
الحارث الأعور... 233
الحارث بن تيم... 501
الحارث بن حسان... 438
الحارث بن زياد... 432
الحارث بن عبد الله... 274
حارثة بن وهب... 435
حاطب بن عمرو... 238
حبشي بن جنادة... 439
حبة العرني... 20، 115، 209، 320
حبة بن خالد... 438
حبيب بن أبي ثابت... 38، 78
حبيب بن حيان... 443
حبيب بن مظاهر... 324، 325، 334
336، 337، 468
الحجاج بن يوسف... 73، 74، 103
165، 208، 209، 211، 218
228، 233، 273، 259، 262
268، 285، 286، 358، 360
361، 362، 363، 364، 365
367، 368، 369، 370، 371
372، 441، 497، 499، 504
الحجاج بن القاسم... 397
الحجاج بن دينار... 378، 387
الحجاج بن عاصم... 261
الحجاج بن عتيك... 136
الحجاج بن مسروق... 468
الحجاج بن يوسف... 137
حجار بن أبجر... 324، 351
حجر بن عدي... 258، 308، 309
312، 315، 316

550
317، 318، 319، 320
حجر بن يزيد... 318
حجير بن الجعد... 140
حجية بن الأجلح... 385
حذام الأسدي... 293
حذيفة بن أسيد... 434
حذيفة بن اليمان... 34، 111، 142
143، 148، 149
153، 161، 259، 430
حذيفة بن منصور... 45
الحر الجعفي... 456
الحر العاملي... 44، 47، 48، 49
56، 57، 63، 64
75، 78، 89، 99
حرام بن سعد... 185
حران بن كريمة... 395
حرب بن أمية... 242
حرب بن هلال... 447
الحر بن يزيد... 468
الحرث بن عبد الله... 181
الحرث بن معاوية... 360
حرملة اللخمي... 275
حريث بن جابر... 232
حريز بن عبد الله... 459
حريش... 153
حزام بن مرة... 392
حسان بن أبي يحيى... 202
حسان بن المنذر... 232، 357
حسان بن قائد... 353
الحسن البصري... 233
حسن الحلواني... 204
الحسن المثلث بن الحسن المثنى... 93
الحسن بن إبراهيم البطحاني... 471
الحسن بن الجهم... 452، 453
الحسن بن الحسن الأفطس... 472
الحسن بن الحسن بن الحسن... 404
الحسن بن المنذر... 425
الحسن بن أيوب بن نوح... 462
الحسن بن بشير... 496
الحسن بن حمزة العلوي... 455
الحسن بن حمزة بن محمد... 471
الحسن بن داود النقار... 492
الحسن بن داود بن الحسن... 485
الحسن بن رباط... 461
الحسن بن رجاء... 501
الحسن بن زيد... 230، 232
الحسن بن سعد الفقيه... 388
الحسن بن سعيد... 52، 53
الحسن بن سفيان... 211
الحسن بن سليمان... 453
الحسن بن سهل... 278، 279، 406
408، 409، 411، 412
الحسن بن شجرة... 455، 456
الحسن بن عبد الله بن محمد... 54
الحسن بن عطية... 460
الحسن بن علي... 49
الحسن بن علي الأشعري... 457
الحسن بن علي البجلي... 466
الحسن بن علي الحوزي... 186
الحسن بن علي الكشمارجاني... 68
الحسن بن علي المأموني... 411
الحسن بن علي بن أبي حمزة... 63
الحسن بن علي بن النعمان... 44
الحسن بن علي بن عبد الرحمن... 473

551
الحسن بن علي بن فضال... 53، 456
الحسن بن علي بن معيه... 474
الحسن بن عمارة... 386
الحسن بن كثير... 310
الحسن بن محبوب... 47، 50، 54
458، 461
الحسن بن محمد الجواني... 399
الحسن بن محمد بن سماعة... 456
الحسن بن محمد بن معيه... 472
الحسن بن يحيى بن الحسين... 93
الحسن بن يوسف... 69
الحسين بن أحمد الطالبي... 417
الحسين بن أحمد الفزاري... 492
الحسين بن أحمد بن حمزة... 279، 280
الحسين بن أحمد بن عمر... 249
الحسين بن أحمد مخيط... 477
الحسين بن إدريس... 66
الحسين بن إسماعيل... 414، 415
الحسين بن أشكيب... 65
الحسين بن الحسن الأعور... 245، 473
الحسين بن الحسن الأفطس... 408
الحسين بن الحسن الكندي... 260
الحسين بن الحسن بن الجهم... 453
الحسين بن الحسن بن علي... 93
الحسين بن السري... 192
الحسين بن حسن الأفطس... 410
الحسين بن حمزة الأيسر... 478
الحسين بن زكرويه... 422
الحسين بن زيد بن الحسين... 469
الحسين بن سعيد... 45، 48، 450
الحسين بن سليمان... 453
الحسين بن عبد الرحمن بن القاسم... 472
الحسين بن عبد الله الغضائري... 70، 84
الحسين بن عبد الله الواسطي... 452
الحسين بن علي بن سفيان... 45، 84
الحسين بن محمد الصريفيني... 195
الحسين بن محمد الفدان... 93
الحسين بن محمد المالكي... 57
الحسين بن موسى الكاظم... 93
الحسين بن نعيم... 460
الحسين بن هارون... 263
الحسين خليل الطهراني... 101
الحصين بن نمير... 322، 323، 333
حضين بن المنذر... 233
حفص بن البختري... 64
حفص بن سليمان... 262
حفص بن سوقة... 459
حفص بن عمر... 140
حفص بن غياث... 211، 262
الحكم بن الصلت... 389، 390، 391
392، 397
الحكم بن أيوب... 364
الحكم بن عتيبة... 262
الحكم بن نفيل... 463
حكمة بن حذيفة... 193
حكيم الحارثي... 412
حكيم بن سعد... 191
حكيم بن منقذ... 343
الحلبي... 47
حماد... 170
حماد الكندغوش... 411
حماد بن زيد... 21
حماد بن عيسى... 44، 46، 47
حماد بن ميسرة الراوية... 506

552
حماد بن هرمز... 488
حمد الله القزويني... 146
حمدان بن أحمد... 259
حمران بن أعين... 452، 454
حمزة بن أبي حمزة الثمالي... 451
حمزة بن القاسم... 89
حمزة بن بيض... 505
حمزة بن حمران... 452
حمزة بن زيد... 473
حمزة بن محمد... 473
حمزة بن محمد الكوفي... 471
حميد... 460
حميد بن أحمد... 386
حميد بن عبد الحميد... 279، 411
412، 413، 501
حنان بن سدير... 50
حنظلة... 201
حنظلة بن أسعد... 468
حنظلة بن الربيع... 445
حويطب بن عبد العزى... 238
حيان بن العباس... 310
خارجة الفزاري... 231
خارجة بن أبي حبيبة... 314
خالد القلانسي... 53، 55
خالد بن أبي يزيد... 69
خالد بن الوليد... 180، 181، 189
خالد بن صفوان... 235
خالد بن عبد الله القسري... 74، 136، 140
141، 161، 164، 167
176، 182، 184، 191
193، 226، 260، 261
268، 275، 276، 287
355، 369، 370، 371
372، 383، 392
خالد بن عتاب... 153، 362، 363
خالد بن عرعرة... 76
خالد بن عرفطة... 160، 206
433، 319
خالد بن عمر... 415
خالد بن كلثوم... 489
خالد بن مخلد... 204
خالد بن معمر... 232
خالد بن نضلة... 199
خباب بن الأرت... 103، 160، 430، 178
خباب بن عبد الله... 463
خراش بن حوشب... 397، 398
خريم بن الأخرم... 440
خزيمة بن نصر... 353، 354
خزيمة بن ثابت... 444
خشاف الكوفي... 492
الخضر... 54، 75، 79، 80
82، 83، 87
119، 121، 194
خضر شلال... 89، 99، 104
الخليل... 487
خنيس بن سعد... 192، 444
خيثمة بن عبد الرحمن... 459
داود... 82، 83
داود بن القاسم = أبو هاشم الجعفري
داود بن الهيثم... 485، 493
داود بن علي بن عبد الله... 277، 383، 384
داود بن عيسى بن موسى... 409، 410
داود بن فرقد... 55، 461
داود بن كيسان... 395

553
داود بن محمد بن صالح... 492
دختكا... 496
دعبل... 501
دعبل الخزاعي... 228، 498، 499
500، 505
دكين بن سعيد... 440
الدميري... 284، 287
الدهن بن عذرة... 463
الديار بكري المالكي... 107
ديلم النقيب... 163
الديلمي... 99
الذئب بن القاسم... 422
ذريح المحاربي... 38
ذو الفقار... 57
الذهبي... 376، 379
راشد المملوك... 395
راشد بن اياس... 350، 352، 353، 354
راشد بن سعد... 378
الراضي بالله... 122، 263
رافع الغطفاني... 450
رافع بن سلمة بن زياد... 450
رافع بن عبد الله... 145
رامة بنت الحسين بن منقذ... 210
رامة بنت الحصين... 125
رباح... 401
ربعي بن خراش... 441
ربيع بن خيثمة... 233
ربيع بن محمد... 485
ربيعة بن حذار... 250
ربيعة بن مخاشن... 250
ربيعة بن ناجذ... 318
رتبيل... 369، 370
رجب بن منيع... 427
رزيق الخلقاني... 70
رزين... 378
رستم... 137
رسيم العبدي... 446
الرشيد... 481، 482، 503، 505
رشيد الهجري... 336، 339، 440، 456
رشيد بن مالك... 442
رشيد مولى... 332
رضا بحر العلوم... 101
رفاعة بن شداد... 319، 324، 327
341، 344، 345
رفاعة بن يثربي... 443
رقيم بن الياس... 457
روح بن حاتم... 277
روح بن زنباع... 285
روز به... 106، 150، 156، 157
رومية... 453
رياح بن الربيع... 445
رياح بن عثمان... 402، 404، 405
ريان بن سلمة... 391، 392، 393
زائدة... 397
زاهر بن زاهر... 437
زبيد اليامي... 378
زبيد بن الحارث... 388
الزبير... 231
الزبير بن الأروح... 332
الزبير بن العوام... 161، 307، 308، 500
الزبير بن حكيمة... 392
زجر بن قيس... 349، 351
زحم بن معبد... 443
زرارة بن أعين... 69، 452، 454، 462

554
زرارة بن يزيد... 192
الزرقاء... 504
الزعفراني... 74
زكرويه... 420
زكرويه القرمطي... 121، 122
زكرويه بن مهرويه... 422، 423
زكريا بن ادم... 228
زكريا بن الحر... 456
زكريا بن زائدة... 378
زمزم بن سليم... 392
زند بن الجون... 506
زهرة بن حوية... 137، 162
زهرة بن سليم... 399
الزهري... 378
زهير بن القين... 468
زهير بن المسيب... 408
زهير بن جندب... 299
زهير بن معاوية... 398
زياد القندي... 44، 45
زياد النهدي... 398
زياد بن أبيه... 33، 35، 72، 73، 74
103، 135، 141، 105، 136
152، 158، 159، 162، 163
164، 194، 207، 268، 270
272، 273، 285، 316، 317
318، 319، 321، 340
زياد بن المنذر = أبو الجارود
زياد بن خراس... 185
زياد بن رافع... 450
زياد بن سوقة... 459
زياد بن عبيد الله الحارثي... 402، 403
زياد بن علاقة... 378، 439
زيادة بن زياد... 489
زيد الأسود بن الحسين... 246
زيد بن أبي الفتح... 246
زيد بن أبي شيبة... 446
زيد بن أرقم... 432
زيد بن اسلم... 447
زيد بن جعفر العلوي... 84
زيد بن الحسين... 476
زيد بن الحسين بن عيسى... 93
زيد بن حارثة... 193
زيد بن سوقة... 459
زيد بن صوحان... 306، 307
زيد بن علي... 37، 81، 82، 83، 94
168، 169، 194، 205، 293
376، 377، 378، 379، 380
381، 382، 383، 384، 385
386، 388، 389، 390، 391
392، 393، 394، 395، 396
397، 398، 399، 451، 472
زيد بن موسى بن جعفر... 409
السائب بن الأقرع... 151، 154
208، 126
السائب بن مالك... 273
سابور... 187
سالم... 77
سالم بن أبي الجعد... 450
سالم بن رافع... 450
سالم بن عبيد... 441
سالم بن عمارة... 183
سبرة بن عبد الرحمن... 361
سبط ابن الجوزي... 107، 288
السبيع بن الصعب... 185

555
السبيع بن سبع... 137، 211
سحيم بن نوفل... 441
سرحون... 326
السري بن إسماعيل... 261
السري بن منصور = أبو السرايا
سعد بن إبراهيم... 383
سعد بن أبي وقاص... 429، 433، 437
106، 125، 126، 127، 131
134، 135، 136، 137، 138
142، 143، 144، 145، 146
148، 149، 150، 151، 153
154، 156، 157، 158، 159
160، 161، 162، 174، 187
205، 206، 207، 208، 211
217، 233، 271، 298
299، 429، 433، 437
سعد بن بجير... 444
سعد بن حبتة... 444
سعد بن خيثم... 394
سعد بن زيد... 394
سعد بن سعد الأشعري... 68
سعد بن طريف... 54
سعد بن عبد الله... 45، 54، 89
سعد بن قيس... 160، 234
سعد بن مالك... 144، 145، 499
سعد بن مسعود... 295، 305
سعد بن نمران... 260، 319
سعر بن أبي سعر... 352
سعيد بن أبي الجهم... 450
سعيد بن الساجور... 279، 411، 412، 413
سعيد بن العاص... 184، 192، 213، 271
272، 203، 303، 304، 305
196، 202، 233، 259، 262
274، 368، 369، 370، 371
372، 373، 374، 375
سعيد بن حريث... 434
سعيد بن خيثم... 378
سعيد بن زيد... 272، 430
سعيد بن شداد... 485
سعيد بن عبد الله... 324
سعيد بن عمرو... 181
سعيد بن عمرو بن أشوع... 260
سعيد بن محمد الحميري... 293
سعيد بن مسعود... 153
سعيد بن منقذ... 350، 355، 357
سعيد بن نمران... 159
السفاح... 152، 195، 204، 214
229، 230، 232، 234، 261
277، 287، 466، 502، 503
سفيان... 463
سفيان الثوري... 196، 387
سفيان الطبيب... 395
سفيان بن الأبرد... 360
سفيان بن أمية... 238
سفيان بن عيينة... 210
سفيان بن ليلى... 350
السفياني... 111، 118
سكينة بنت الحسين... 131، 293
سكينة بنت القاسم بن كثير... 391
سلام بن أبي عميرة... 54
سلامة... 63
سلمان الفارسي... 142، 143، 149، 151
153، 119، 209، 259، 431
سلمان بن ربيعة... 258، 438

556
سلمان بن ربيعة الباهلي... 160
سلمان مولى عبيد الله... 393
سلمويه... 482
سلمة بن ثابت... 397
سلمة بن عاصم... 483، 484
سلمة بن قيس... 438
سلمة بن كهيل... 252، 368، 378
سلمة بن نعيم... 441
سلمة بن يزيد... 436
سلمى بن نوفل... 250
سليم السلطان... 223
سليمان... 29، 72، 117، 217
سليمان بن إسماعيل... 472
سليمان بن الحسن... 452
سليمان بن خالد... 389، 396
سليمان بن داود بن الحسن... 404، 405
سليمان بن سراقة... 390
سليمان بن صالح... 69
سليمان بن صرد... 324، 327، 435
341، 342، 343
344، 345، 348، 506
سليمان بن عبد الملك... 153، 275، 287
سليمان بن علي بن عبد الله... 403
سليمان بن كيسان... 395
سليمان بن محمد... 483
سليمان بن منصور... 278
سليمان بن مهران = الأعمش
سليمان مولى... 330
سليمان مولى طربال... 55
سليم بن يزيد... 317
سماك بن حرب... 448
سماك بن مخرمة... 139
سمرة بن جندب... 434، 438
سنان بن مقرن... 432
سندي... 288
سنسن... 454
سنمار... 187، 188
سواد بن زيد... 193
سواء بن خالد... 438
سويد بن سليم... 361
سويد بن عبد الرحمن... 350، 351
سويد بن قيس... 447
سويد بن مقرن... 432
سويد بن منجرف... 232
سهل بن حنيف... 103، 430
سهل بن زياد... 47، 51
سيبويه... 202، 229
479، 480، 481
سيحان بن صوحان... 308
السيوطي... 485، 486، 488
496، 479، 481
شاه بن ميكال... 417، 418
شاه صفي... 41، 223
شبث بن ربعي... 140، 231، 232
306، 324، 334، 349، 351
352، 353، 354، 355، 357
الشبلنجي... 108، 379
شبيب الخارجي... 193
شبيب بن بجرة... 312، 313
شبيب بن يزيد... 359، 360، 361
362، 363
شبيل بن أبي الأزدي... 299، 301، 302
شتير بن شكل... 442
شجرة بن ميمون... 455

557
شداد بن الهيثم... 316
شديد بن عبد الرحمن... 455
شرحبيل بن الأعور... 442
شرحبيل بن حسنة... 265، 446
شرقي بن القطامي... 139، 197
202، 229
شريح... 38، 207، 259
شريح القاضي... 189، 233، 251
252، 253، 257، 258، 438
شريح بن الحارث... 160، 319
شريح بن هاني... 319، 443
الشريف الرضي... 244
شريك بن شداد... 319
شريك بن عبد الله... 142، 261
... 388، 507
شريك بن عمرو... 201، 202
شعبة... 293، 378
شعبة بن الحجاج... 196
الشعبي... 135، 180، 185، 208
209، 261، 274، 376، 502
شقير الطبيب... 395
شقيق بن ثور... 232
شكل بن حميد... 442
الشمر بن ذي الجوشن... 349، 355
شمس الدين بن الجويني... 281
شمس الدين علي... 247
شمس الدين محمد... 219
شهاب بن عبد ربه... 458
شهد بن عدنان... 227
شيبان... 445
شيطان بن زبير... 211
الصاغاني... 125، 127
صالح بن أبي الأسود... 83
صالح بن أبي حماد... 49
صالح بن عبد الله... 485
صالح بن علي... 182، 217
صالح بن مسرح... 360، 363
صالح بن ميثم... 454
صباح... 320
صباح الحذاء... 56
صخر بن العيلة... 437
صدام... 391
صدقة بن حسان... 65
الصدوق... 28، 31، 33، 44، 48
49، 52، 53، 65، 251
صراف بن يزيد... 358
صعصعة... 304
الصفار... 44، 53
صفوان... 24، 63، 90، 273
صفوان بن عسال... 436
صفوان بن يحيى... 461، 464
صفي الدين بن محاسن... 249
صفية... 497
صفية بنت العباس... 394
صقر بن عبد الله... 277
صلابة بن مالك... 138
صلوبا بن بصبهري... 181
الصنابح بن الأعسر... 448
صهباء بنت حرب... 237، 242
صيفي بن فسيل... 319
ضحاك بن عجلان... 227، 238
ضحاك بن قيس... 189، 272
433، 439
ضرار بن الأزور... 180، 440

558
ضرار بن الخطاب... 145، 150
ضرار بن الخطاب... 154، 394
ضريس بن أعين... 454
ضريس بن عبد الملك... 452
ضيزن بن معاوية... 139
طارف بن عبد الله... 358
طارق بن الأشيم... 439
طارق بن زياد... 449
طارق بن عبد الله... 441
طالوت... 83
طاهر... 406
طاهر بن أحمد الفقيه... 469
الطبراني... 443، 446
الطبرسي... 65
الطرماح بن حكيم... 505
طريف البكري... 423
طريف بن عبد الله... 358
طعمة التميمي... 390
طغر لبك... 427
طلحة... 231، 307، 308
طلحة بن عبد الله بن خلف... 153
طلحة بن عبيد الله... 160، 195، 213
214، 218، 238، 304
طلحة بن مصرف... 447
طلق بن حبيب... 370
طليحة بن خويلد... 234
الطوسي... 45، 46، 51، 52، 67
70، 84، 88، 111، 259، 452
455، 456، 458، 459، 460
461، 462، 463، 464، 493، 506
طوعة الكندية... 328
طهماسب الصفوي... 222
طهمان... 360
طيالسي... 70
ظالم بن عمر = أبو الأسود الدؤلي
ظريف بن ناصح... 53
عائذ بن حملة... 317
عائشة... 52، 231، 306
عابس بن أبي شبيب... 325، 468
عاتكة بنت الحسين... 131
عاص بن أمية... 302
عاص بن وائل... 250
عاصم... 262
عاصم بن أبي النجود... 274
عاصم بن الدلف... 144، 149، 154
عاصم بن عمر... 401
عاصم بن عوف... 319
عاصم بن كليب... 447
عامر التميمي... 390
عامر بن الظرب... 250
عامر بن شراحيل... 259، 260، 233
عامر بن شهر... 436
عامر بن صعصعة... 233
عامر بن عبد الله بن قيس... 259
عامر بن عبد قيس... 153
عامر بن عدي... 226
عامر بن عمرو... 443
عامر بن مسعود... 273، 358
449، 459
عباد بن حصين... 153
العبادي... 175
العباس الأول... 222، 223
العباس بن أحمد... 473
العباس بن الحسن المثلث... 94

559
العباس بن الحسن بن الحسن... 404
العباس بن الفضل... 288
العباس بن الكاظم... 279
العباس بن ذريح... 366
العباس بن سعيد... 391، 393
395، 397
العباس بن عامر... 70
العباس بن عبد المطلب... 394
العباس بن عيسى... 278
العباس بن محمد العباسي... 483
العباس بن محمد بن علي... 489
العباس بن محمد بن عيسى... 408، 409
العباس بن مرداس... 234
العباس بن موسى العباسي... 278
العباس بن موسى بن عيسى... 278، 408
412، 413
عبد الأعلى الشامي... 381
عبد الأعلى بن علي بن أبي شعبة... 451
عبد الأعلى بن يزيد... 334
عبد الجبار الرازي... 84
عبد الجبار بن الحسن... 474
عبد الحسين الطهراني... 101
عبد الحميد الخادم... 45
عبد الحميد الرواسي... 397
عبد الحميد السلطان... 174
عبد الحميد بن التقي... 55
عبد الحميد بن عبد الرحمن... 260، 275
عبد الحميد بن فرقد... 461، 462
عبد الحميد بن محمد... 246، 476
عبد الخالق بن عبد ربه... 458
عبد الخالق بن محمد... 203
عبد الخير الخيواني... 307، 308
عبد الرحمن الأنباري... 479، 482
عبد الرحمن البرقوقي... 510
عبد الرحمن الخلخالي... 510
عبد الرحمن الناصر... 255
عبد الرحمن بن إبراهيم... 56
عبد الرحمن بن أبي الوالي... 404
عبد الرحمن بن أبي عقيل... 441
عبد الرحمن بن أعين... 454
عبد الرحمن بن الأسود... 38
عبد الرحمن بن الأشعث... 364، 369، 504
عبد الرحمن بن الجوزي... 72
عبد الرحمن بن الحارث... 378
عبد الرحمن بن الخطاب... 414
عبد الرحمن بن السائب... 72، 73
عبد الرحمن بن العباس... 364
عبد الرحمن بن بشر... 455
عبد الرحمن بن بشير... 235
عبد الرحمن بن حبيش... 304
عبد الرحمن بن حسان... 319، 321
عبد الرحمن بن حسنة... 446
عبد الرحمن بن حماد... 65
عبد الرحمن بن سعيد... 83، 349
352، 356
عبد الرحمن بن عابس... 366
عبد الرحمن بن عبد الله... 272، 324، 364
عبد الرحمن بن عقيل... 433
عبد الرحمن بن فرقد... 461
عبد الرحمن بن محمد الأشعث... 234
عبد الرحمن بن مخنف... 349
عبد الرحمن بن مقرن... 433
عبد الرحمن بن ملجم... 40، 103، 128
131، 147، 195، 310

560
311، 312، 313، 314، 429
عبد الرحمن بن نعيم... 455، 460
عبد الرحمن بن نوفل... 441
عبد الرحيم بن عبد ربه... 458
عبد الرزاق المقرم... 169
عبد السلام بن عبد الرحمن... 455
عبد الصمد بن أبي مالك... 394
عبد العزيز الأربلي... 282
عبد العزيز الدهلوي... 378
عبد العزيز بن الحجاج... 400
عبد العزيز بن سعيد... 404
عبد العزيز بن محمد... 482
عبد العظيم بن الحسين... 472
عبد الكريم... 339
عبد الكريم بن علي... 204
عبد الله أفندي... 38، 39، 89
عبد الله الحميري... 70
عبد الله الليثي... 67
عبد الله بن ابان... 82
عبد الله بن إبراهيم الأزدي... 204
عبد الله بن أبي أوفى... 103، 433
عبد الله بن أبي زياد... 204
عبد الله بن أحمد الأنصاري... 56
عبد الله بن أحمد الفقيه... 485
عبد الله بن أحمد بن حنبل... 463
عبد الله بن أحمد بن عبد الله... 483
عبد الله بن إدريس... 211
عبد الله بن اسامة... 55
عبد الله بن الأسود... 56
عبد الله بن الجارود... 137
عبد الله بن الحرث... 318
عبد الله بن الحسن المثلث... 94
عبد الله بن الحسن المحض... 403، 404
عبد الله بن الحسن المحض... 405
عبد الله بن الحسن المكفوف... 94
عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب... 257
عبد الله بن الحسين العكبري... 479
عبد الله بن الحسين بن محمد... 469
عبد الله بن الزبير... 139، 234، 258، 260
272، 273، 274، 285، 292
326، 332، 342، 343، 345
346، 347، 348، 349، 358
432
عبد الله بن الزبير الأسدي... 505
عبد الله بن العباس... 393
عبد الله بن العلاء... 228
عبد الله بن القاسم الحارثي... 464
عبد الله بن المبارك... 211
عبد الله بن المعتز... 484
عبد الله بن المعتم... 142، 145، 149، 150
عبد الله بن المعتمر... 153، 154
عبد الله بن المعرض... 446
عبد الله بن الوليد... 26، 70
عبد الله بن بكير... 452
عبد الله بن جبلة... 54
عبد الله بن جعفر... 302
عبد الله بن حازم... 334
عبد الله بن حسن بن حسن... 214
عبد الله بن حمدان... 134
عبد الله بن حوية... 319
عبد الله بن خارجة = أعشى ربيعة
عبد الله بن خالد... 272
عبد الله بن خريش... 482
عبد الله بن داود بن الحسن... 404، 405

561
عبد الله بن داهر... 54
عبد الله بن رباط... 461
عبد الله بن رستم... 492
عبد الله بن سعد... 238، 341
عبد الله بن سعيد... 489
عبد الله بن سعيد الحرشي... 409
عبد الله بن شبرمة... 261، 385، 506
عبد الله بن شداد... 350
عبد الله بن صالح... 378
عبد الله بن طاهر... 453
عبد الله بن عباس... 207، 233، 306
310، 345، 358، 368
عبد الله بن عبد الرحمن... 293
عبد الله بن عتبة... 258، 369
عبد الله بن عدنان... 227
عبد الله بن عفيف... 102
عبد الله بن علي... 403
عبد الله بن عمر... 127، 151
358، 400، 401
عبد الله بن عمر بن عبد العزيز... 276، 268
عبد الله بن عمرو... 378
عبد الله بن عوف... 392
عبد الله بن قتادة... 352
عبد الله بن قيس = أبو موسى الأشعري
عبد الله بن كثير العامري... 56
عبد الله بن لهيعة... 254، 257
عبد الله بن مالك... 195، 258، 259، 448
عبد الله بن محمد الأزدي... 313
عبد الله بن محمد الخطابي... 485، 505
عبد الله بن محمد بن جعفر... 470
عبد الله بن محمد بن عمر... 378
عبد الله بن محمود... 414
عبد الله بن مسعود... 56، 112، 137، 140
141، 151، 160، 233
270، 298، 299، 300، 301
337، 366، 430، 436، 459
عبد الله بن مسكان... 389
عبد الله بن مسلم... 325
عبد الله بن مسلم بن عبد الله... 469
عبد الله بن مسمع... 324
عبد الله بن مطيع... 273، 347، 349، 350
351، 352، 353، 354
355، 356، 357
عبد الله بن معاوية... 400، 401، 402
عبد الله بن وال... 324، 341، 343
عبد الله بن يحيى الذهلي... 211
عبد الله بن يحيى بن حنبل... 211
عبد الله بن يزيد... 342، 343، 345، 366
عبد الله بن يزيد الخطمي... 273
عبد الله بن يزيد بن زيد... 432
عبد الله بن يقطر... 103، 322، 323
عبد الله شبر... 39، 89، 99، 104
عبد المسيح بن بقلة... 135، 146
عبد المسيح بن عمرو... 189
عبد المطلب... 88
عبد المطلب بن هاشم... 250
عبد الملك القمي... 45
عبد الملك بن أعين... 452، 454
عبد الملك بن الأهتم... 208
عبد الملك بن عمير... 103، 107، 136
209، 216، 258
322، 402، 502
عبد الملك بن فرقد... 461، 462
عبد الملك بن مروان... 107، 108، 152

562
208، 267، 274، 284، 285
286، 287، 346، 360، 370
372، 434، 444، 494، 495
499، 501، 505
عبد الملك بن ميسرة... 196
عبد المؤمن صفي الدين... 215
عبد الواحد البصري... 67
عبد الواحد بن أحمد... 263
عبدان السقا... 508
عبدوس بن محمد... 408
عبدة بن الطبيب... 126، 205
عبس بن بغيض... 196
عبيد الله بن أبي العلاء... 378
عبيد الله بن أبي رافع... 103
عبيد الله بن الحارث... 333، 334
عبيد الله بن الحر... 456
عبيد الله بن المجمع... 457
عبيد الله بن رافع... 450
عبيد الله بن زياد... 73، 74، 103، 107
126، 169، 185، 196، 209
268، 273، 289، 322، 323
326، 327، 328، 329، 330
331، 332، 333، 334، 335
336، 338، 339، 340، 341
342، 344، 347، 444، 456
468
عبيد الله بن عبد الله... 453
عبيد الله بن عبد الله بن الحسن... 278
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر... 498
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة... 259
عبيد الله بن علي... 451
عبيد الله بن علي باغر... 94
عبيد الله بن عمر... 436
عبيد الله بن عمرو بن عزيز... 333
عبيد الله بن محمد... 278
عبيد الله بن محمد بن عمر... 378
عبيد الله بن موسى... 204
عبيد الله بن موسى الكاظم... 94
عبيد بن الأبرص... 199، 200، 201
عبيد بن خالد... 441
عبيد بن زرارة... 452، 453
عبيد بن عمير... 107
عبيد بن كعب... 446
عبيدة بن حميد الحذاء... 485
عبيدة بن رافع... 450
عبيدة بن عازب... 431
عتاب بن شمير... 442
عتاب بن عبد الله... 497
عتاب بن ورقاء... 140، 193، 232
عتبة بن الأخنس... 319
عتبة بن غزوان... 144، 152
عتبة بن فرقد... 441
عتبة مولى الحجاج... 368
عتيبة... 67
عثمان... 83
عثمان بن الخيبري... 400، 401
عثمان بن المغيرة... 310
عثمان بن بوذويه... 368
عثمان بن حاتم... 460
عثمان بن حنيف... 270
عثمان بن سعيد... 238، 462، 464
عثمان بن سوقة... 459
عثمان بن عاصم... 386
عثمان بن عفان... 126، 159، 166

563
178، 184، 193، 195، 214
258، 271، 272، 284، 298
299، 300، 301، 302، 303
305، 315، 316، 318، 367
430، 434، 435، 496، 497
عثمان بن عمر الصقلي... 202
عثمان بن عمير... 387
عثمان بن قيس... 254
عجرد... 496
عجرد بن عمر... 503، 506
عدسة بن مالك... 203
عدي بن الدميك... 182
عدي بن الرقاع... 191
عدي بن ثابت... 262
عدي بن حاتم الطائي... 433
عدي بن زيد... 189
عدي بن عميرة... 445
عرفجة بن شريح... 437
عروة بن أبي الجعد... 258، 438
عروة بن المغيرة... 274، 361
عروة بن مضرس... 437
عزرة بن قيس... 324
عسكري... 441
عشنق بن عبد الله... 145
عطارد... 196، 295
عطاء الجويني... 219، 222
عطاء مولى اسحق... 159
عطية بن الحارث... 160
عفيف بن معدي كرب... 389
عقاب بن قيس... 497
عقبة بن عمر... 160، 271، 431
عقيل بن مقرن... 433
عك بن عدنان... 227
عكرمة الفياض... 153
عكرمة بن ربعي... 152، 232
علاء الدين بن الجويني... 281
علاء بن الحضرمي... 238
علاء بن عبد الرحمن... 139
علقمة... 233
علقمة بن الأسود... 56
علقمة بن قيس... 305
علي الأمير بن محمد البطحاني... 95
علي الشديد بن الحسن... 95
علي الشرقي... 161، 168، 215
علي الشولستاني... 41، 43، 106
علي الطباطبائي... 223
عليان بن ثمال... 282
علي بن إبراهيم... 47، 53
علي بن إبراهيم النسابة... 470
علي بن إبراهيم بن الحسن... 460
علي بن إبراهيم بن محمد... 95
علي بن أبي شعبة... 451
علي بن أبي طالب النقيب... 249
علي بن أبي طالب بن عمر... 426
علي بن أحمد الواحدي... 509
علي بن أديم... 497
علي بن إسماعيل بن عمار... 455
علي بن الحسن البزاز... 207
علي بن الحسن الشاب... 477
علي بن الحسن الصوفي... 478
علي بن الحسن بن الحسن... 404
علي بن الحسن بن رباط... 461
علي بن الحسن بن فضال... 47، 56
67، 70

564
علي بن الحسين... 45
علي بن الحسين بن غريزة... 469
علي بن الحكم... 49، 52
علي بن الخليل... 497
علي بن العباس الرومي... 416
علي بن المبارك الأحمر... 482
علي بن النعمان... 68، 255
علي بن أمير الدين... 220، 222
علي بن ثابت... 491
علي بن حاتم... 161
علي بن حازم... 489
علي بن حديد... 49
علي بن خالد... 195
علي بن داود بن أبي الكرام... 469
علي بن رئاب... 50
علي بن راشد... 227
علي بن رافع... 450
علي بن زيد... 417، 418
علي بن سعيد... 409، 410
علي بن سليمان... 453، 454
علي بن شجرة... 455، 456
علي بن طاوس... 53، 57، 84، 88
90، 99، 222، 406
علي بن عبد الحميد... 110
علي بن عبد العزيز... 491
علي بن عبد الله بن سنان... 490
علي بن عبد الله بن محمد... 403
علي بن عبيد الله بن الحسين... 470
علي بن عطية... 460
علي بن غراب... 262
علي بن محمد... 44، 45، 49، 51
علي بن محمد البطحاني... 472
علي بن محمد التستري... 79
علي بن محمد الجواني... 95
علي بن محمد الحماني... 190، 191، 205
212، 504
علي بن محمد الحميري... 263
علي بن محمد بن الزبير... 70
علي بن محمد بن المحض... 95
علي بن محمد بن جعفر... 412
علي بن محمد بن عبدوس... 486
علي بن محمد بن عبيد... 486، 493
علي بن محمد بن علي... 204
علي بن محمد بن يعقوب... 455
علي بن محمد طنجيرا... 471
علي بن مسلم الأحول... 477
علي بن مهزيار... 44، 50، 52، 53
علي بن ميمون... 68
علي بن نعيم... 460
علي بن يحيى بن الحسين... 96
علي كتيلة بن يحيى... 95
علي كمونة... 62، 510
عمادة بن رويبة... 160
عمار اليقظان... 81
عمار بن إبراهيم... 475
عمار بن حيان... 455
عمار بن معاوية... 463
عمار بن ياسر... 142، 151، 193
270، 271، 295، 306
308، 309، 430، 431
عمارة بن رويبة... 440
عمارة بن شهاب... 271
عمارة بن صلخب... 335
عمارة بن عقبة... 192، 319

565
325، 330، 496
عمران بن علي بن أبي شعبة... 451
العمراني... 193، 196
عمر بن إبراهيم الضبابي... 196
عمر بن إبراهيم العلوي... 493
عمر بن إبراهيم القاضي... 474
عمر بن إبراهيم بن محمد... 486
عمر بن أبي ربيعة... 359
عمر بن أبي شعبة... 451
عمر بن اسامة... 161
عمر بن الخطاب 106، 126، 134، 136
137، 141، 142، 143، 144
148، 149، 150، 151، 153
154، 156، 157، 159، 160
161، 191، 205، 206، 207
232، 238، 252، 253، 254
257، 258، 265، 266، 270
271، 284، 295، 296، 298
299، 429، 430، 431، 432
438، 441، 500
عمر بن الغضبان... 401، 402
عمر بن الفرج... 414
عمر بن الوردي... 134
عمر بن جبير... 160
عمر بن خالد... 378
عمر بن زهير... 277
عمر بن سراقة... 296
عمر بن سعد... 140، 319، 325
330، 331، 369، 393
عمر بن سعيد بن سالم... 490
عمر بن سماك... 502
عمر بن عبد العزيز... 175، 260
274، 287
عمر بن عبد الله الأشعري... 228
عمر بن مالك... 145، 150، 154
عمر بن محمد الحسيني... 247
عمر بن مسلم الأحول... 470
عمر بن مسلم بن أبي سارة... 451
عمر بن موسى... 377، 378
عمر بن هبيرة... 74، 140، 164
268، 275، 276
277، 287، 400
عمر بن يحيى بن الحسين... 96
عمر بن يزيد... 47
عمر بن يزيد النخعي... 496
عمرو الأزدي... 103
عمرو بن أبي بذل... 390
عمرو بن أبي عمرو... 490
عمرو بن الأحوص... 447
عمرو بن الحارث... 160، 161
عمرو بن الحجاج... 324، 354
عمرو بن الحسن الأباضي... 496
عمرو بن الحمق... 315، 317، 319
435، 437
عمرو بن الحسن الأباضي... 496
عمرو بن العاص... 254، 265، 266
268، 270، 272
311، 312، 314
عمرو بن المنذر... 139
عمرو بن الياس... 457
عمرو بن بكر... 311
عمرو بن بليل... 445
عمرو بن حريث... 135، 160، 273، 316
330، 334، 337، 338

566
341، 342، 349، 355
359، 393، 434
عمرو بن خارجة... 448
عمرو بن خالد... 49، 468
عمرو بن طريف... 139
عمرو بن عاصم التميمي... 299
عمرو بن عبد الرحمن... 391، 392
عمرو بن عتبة... 145، 150، 153
عمرو بن عثمان... 51، 52
عمرو بن قرظة... 468
عمرو بن قيس... 127
عمرو بن كثير... 202
عمرو بن مالك... 134
عمرو بن محمد بن حمزة... 153
عمرو بن مسعود... 199
عمرو بن معدي كرب... 233
عمرو بن ميمون... 161، 368
عمرة بنت النعمان... 359
عمير بن أفلح... 448
عمير بن ضابي... 304، 496
عمير بن يزيد... 318
عميرة بن شهاب... 140
عنبسة بن سعيد... 137، 363
عوف بن عبد الحارث... 439
العياشي... 29، 34، 44
عياض بن غنم... 441
عيسى بن إسماعيل بن جعفر... 95
عيسى بن المسيب... 261
عيسى بن المغيرة... 185
عيسى بن المنكدر... 257
عيسى بن جعفر بن المنصور... 500
عيسى بن خلاط... 425
عيسى بن زيد... 94
عيسى بن محمد... 413
عيسى بن محمد بن أبي خالد... 412
عيسى بن محمد بن هارون... 471
عيسى بن مروان... 486
عيسى بن مريم... 419
عيسى بن موسى... 139، 261، 413
عيسى بن موسى بن محمد... 277
عيينة بن أسماء... 497
غازي الملك... 174
غالب بن أبجر... 442
غراب البين بن محمد... 247
غزالة... 362، 363
غسان بن أبي الفرج... 279، 411، 413
غسان بن شبام... 159
غيلان بن جامع... 261
غيلان بن مسلمة... 250
فائد بن حبيب... 498
فاتك بن أبي الجهل... 508
فاطمة بنت أسد... 429
فاطمة بنت الحسين... 404، 406
فاطمة بنت الحسين بن عبد الله... 413
فاطمة بنت الهريش... 469
فاطمة بنت محمد بن يحيى... 453
الفتح... 401
الفتح بن خاقان... 486
الفجيع بن عبد الله... 442
الفخار... 88
فخر الدين... 281
فخر الدين الأطروش... 248، 249
فخر الدين حمزة... 249
الفخري... 379

567
الفدان الزيدي... 476
الفرات بن حيان... 440
الفراء... 229، 481، 482، 483
فرج بن عثمان... 420
فرخبنداذ... 180
الفرزدق... 507، 508
فرعان بن الأعرف... 496
فروة بن نوفل... 184، 441
فضالة بن شريك... 497
الفضل... 378
فضل الله... 57
الفضل بن إبراهيم بن عبد الله... 486
الفضل بن العباس الخزاعي... 498
الفضل بن جعفر... 498
الفضل بن دكين... 310
الفضل بن سهل... 239، 270، 406، 503
الفضل بن محمد بن الصباح... 279، 413
الفضل بن يحيى... 268
الفضيل الأعور... 52
فضيل الرسان... 385
فطر بن خليفة... 152
فلتان بن عاصم... 447
فوارس بن الحسن... 477
فيصل الأول... 174
قابوس بن النعمان... 450
القادر بالله... 244، 263، 426
القاسم بن أحمد... 422
القاسم بن أحمد الكاتب... 498
القاسم بن إسماعيل... 456
القاسم بن الحسن المكفوف... 478
القاسم بن الحسين... 245
القاسم بن الحسين السبيعي... 474
القاسم بن العباس... 96
القاسم بن الكاظم... 96، 216
القاسم بن سلام... 489، 490
القاسم بن عبد الرحمن... 260
القاسم بن عبد الغفار... 401
القاسم بن عبد الله بن الحسين... 472
القاسم بن عقيل... 417
القاسم بن علي الأمير البطحاني... 96
القاسم بن كثير... 391
القاسم بن محمد بن بشار... 491
القاسم بن محمد بن جعفر... 476
القاسم بن معن... 260، 482
القاسم بن معين... 143
قباذ بن عبد الله... 145
قبيصة بن ضبيعة... 319
قتادة... 152
قتيبة... 362
قتيبة الجعفي... 482
قتيبة بن مسلم... 232، 233
قتيبة بن مهران... 482
قحيف العقيلي... 498
قدامة بن مالك... 350
قرظة بن كعب... 431
قرمط... 420، 421
قرواش بن المقلد... 425، 426
قريش بن بدران... 425
قزويني... 133
قضاعة بن معد... 227
قطام... 311، 314
قطب الدين الراوندي... 112
قطبة... 238
قطبة بن مالك... 439

568
قطرب... 205، 490
القطري بن الفجاءة... 181
قطن بن عبد الله... 274
القعقاع بن شور... 233، 498، 334
قعقاع بن عمرو... 142، 144، 149
150، 153، 154، 307
قعنب بن أعين... 454
القلانسي... 27، 89
القلقشندي... 240
قمامة بنت الحارث... 191
قنبر مولى علي... 364، 365
قنواء بنت رشيد... 340
قيس بن أبي حازم... 446، 448
قيس بن أبي غرزة... 445
قيس بن الأصم... 184
قيس بن الحارث... 447
قيس بن الربيع... 386، 447
قيس بن الوليد... 319
قيس بن سعد بن عبادة... 444
قيس بن طهفة... 351
قيس بن عائذ... 448
قيس بن عمار بن حيان... 455
قيس بن عمرو = النجاشي
قيس بن عوف... 439
قيس بن مسهر... 323، 324، 468
قيس بن يزيد... 317، 318
قيس مولى... 330
قيصر... 283
كافور الأخشيدي... 508
الكاهلي... 78
كثير بن شهاب... 319، 334
كثير بن طارق... 378
كدام بن حيان... 319
كرميتة... 419
كريم بن عفيف... 319
الكسائي... 126، 229، 479، 480
481، 482، 486، 489
493، 497، 507
33، 35، 39، 105
151، 158، 214، 230
283، 304، 442
الكشي... 259، 336، 340، 364
458، 461، 463
كعب الخثعمي... 351، 352
كعب بن أبي كعب... 349
كعب بن يسار... 254
الكلبي... 214
الكليني... 45، 46، 47، 53
55، 90، 252
الكميت بن زيد... 500، 505، 507
كميل بن زياد... 103، 164
366، 367
كندة البجلي... 455
كندة بن هذيم... 499
الكندي... 399
كهمس... 397
كيجور التركي... 418
لبيد بن ربيعة... 437
لحياني... 126
لوط... 179
لوط بن يحيى... 228، 322
397، 438
ليث بن أبي سليم... 52
ماسنيون... 165

569
مالك الأشتر... 153، 291
306، 309
مالك بن أبي حبال... 499
مالك بن أسماء... 497182،
مالك بن أعين... 454
مالك بن الحارث... 234
مالك بن الشرعبي... 499
مالك بن حرز... 139
مالك بن دينار... 210
مالك بن ربيعة... 439
مالك بن عبد الله... 448
مالك بن عبد هند... 178
مالك بن عثمان... 138
مالك بن عدي... 226
مالك بن عطية... 50
مالك بن عمير... 448
مالك بن عوف... 436
مالك بن قيس... 138
مالك بن كعب... 305
مالك بن مسمع... 232
مالك بن نمير... 443
المأمون... 255، 266، 270، 278
279، 288، 406
407، 411، 412
مبارك بن عكرمة... 140
المبرد... 202، 491
المتنبي... 161، 162، 164، 165
166، 171، 183
215، 476، 508
المتوكل... 288، 289، 414، 486
490، 491، 493، 502، 504
المتوكل بن عبد الله الليثي... 500
المثنى... 194
المثنى بن عبد السلام... 455
مجالد بن سعيد... 448
مجاهد... 274، 370
المجلسي... 20، 21، 28، 29، 33
38، 39، 41، 43، 55
56، 57، 63، 64، 65
66، 70، 71، 75، 76
78، 84، 87، 88، 89
90، 91، 99، 104، 106
110، 120، 121، 124، 228
مجمع بن جارية... 444
محارب بن دثار... 260
محدوج المخزومي... 233
محرز بن شهاب... 319
محسد بن أحمد... 508
محلل بن وائل... 361
محمد البجلي... 501
محمد الحلبي... 67
محمد الزبيدي... 481، 488، 489
محمد الطباطبائي... 124
محمد بن إبراهيم... 278
محمد بن إبراهيم الإفريقي... 411
محمد بن إبراهيم بن إسماعيل = ابن طباطبا
محمد بن إبراهيم بن الحسن... 404، 405
محمد بن إبراهيم بن علي... 470
محمد بن إبراهيم بن هشام... 399
محمد بن إبراهيم طباطبا... 96
محمد بن أبي الحارث... 501
محمد بن أبي الغنائم... 477
محمد بن أبي القاسم... 54
محمد بن أبي بكر... 306

570
محمد بن أبي داود... 79
محمد بن أبي عمير... 47، 64، 69، 89
89، 458، 459
460، 462، 464
محمد بن أبي ليلى... 261
محمد بن أحمد... 44، 45، 63
محمد بن أحمد الأشعري... 66
محمد بن أحمد الصابوني... 493
محمد بن أحمد العكبري... 84
محمد بن أحمد الهاشمي... 221
محمد بن أحمد بن شاذان... 88، 89
محمد بن أحمد بن محمد... 477
محمد بن أحمد بن يحيى... 44
محمد بن إسحاق بن عمار... 455
محمد بن إسحاق بن كنداج... 421، 422
محمد بن إسماعيل الأحمسي... 56
محمد بن إسماعيل بن بزيع... 54
محمد بن الأشعث... 231، 318، 329
334، 335
محمد بن الأشعث الخزاعي... 192
محمد بن الأشعث بن فجوة... 504
محمد بن الحسن... 22، 44
محمد بن الحسن... 49، 51، 52، 64
محمد بن الحسن الأعور... 245
محمد بن الحسن الصفار... 339
محمد بن الحسن العطار... 492
محمد بن الحسن النحاس... 186
محمد بن الحسن بن أبي سارة... 451، 481
محمد بن الحسن بن الجهم... 453
محمد بن الحسن بن الوليد... 53
محمد بن الحسن بن محمد... 477
محمد بن الحسن بن مهزيار... 53
محمد بن الحسن بن يونس... 484
محمد بن الحسين... 45، 46، 49، 54، 89
محمد بن الحسين الجوهري... 49
محمد بن الحسين العالم... 473
محمد بن الحسين الكيدري... 73
محمد بن الحسين المقري... 56
محمد بن الحسين بن القاسم... 96
محمد بن الحسين بن علي كتيلة... 246
محمد بن الحنفية... 342
محمد بن الدقيقي... 501
محمد بن السائب... 139، 228
محمد بن السدرة... 246
محمد بن العلاء بن كريب... 210، 211
محمد بن الفرج... 484
محمد بن الفضيل... 56
محمد بن القاسم... 205
محمد بن القاسم الأديب... 246
محمد بن القاسم الأنباري... 483
محمد بن القاسم النهمي... 52
محمد بن القاسم بن محمد... 470
محمد بن المثنى... 38
محمد بن المنذر... 450
محمد بن بكران... 57
محمد بن بكير... 378
محمد بن جرير... 263
محمد بن جعفر... 63، 88، 306
محمد بن جعفر التبان... 52، 54
محمد بن جعفر الدهان... 79، 80
محمد بن جعفر بن الحسن... 279، 280
محمد بن جعفر بن حسن... 417
محمد بن جعفر بن رميس... 204
محمد بن جعفر بن محمد... 97، 485

571
محمد بن جمهور... 84
محمد بن جميل... 501
محمد بن حبيب... 483
محمد بن حبيب بن أمية... 490
محمد بن حمدان... 44، 45
محمد بن حمران... 452
محمد بن خالد... 458
محمد بن خالد القسري... 402
محمد بن خاوند شاه... 219
محمد بن زياد... 52، 489
محمد بن زيد بن الحسين... 97
محمد بن سعدان... 483
محمد بن سكين... 464
محمد بن سليمان... 49، 452
453، 454
محمد بن سليمان بن داود... 409، 410
محمد بن سليمان بن علي... 277
محمد بن سنان... 27، 45، 56
49، 54، 67
محمد بن سوقة... 56، 459
محمد بن سهلة بن اليسع... 68
محمد بن شهريار... 84
محمد بن صفوان... 447، 448
محمد بن صلاح الدين... 289
محمد بن صيفي... 448
محمد بن طوسي... 204
محمد بن عباد... 396
محمد بن عبد الأعلى... 489
محمد بن عبد الحميد... 477
محمد بن عبد الخالق... 491
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى... 388
محمد بن عبد الرحمن بن أبي هاشم... 55
محمد بن عبد الرحمن بن نعيم... 455
محمد بن عبد الكريم... 31، 33
محمد بن عبد الله... 52
محمد بن عبد الله الأشتر... 246
محمد بن عبد الله البرقي... 21، 44، 46
52، 54، 68
محمد بن عبد الله التيملي... 186
محمد بن عبد الله الحميري... 46، 52، 55
محمد بن عبد الله الخزاز... 51
محمد بن عبد الله الشيباني... 84
محمد بن عبد الله الصياد... 478
محمد بن عبد الله الفارس... 96
محمد بن عبد الله النهشلي... 84
محمد بن عبد الله بن أحمد... 452
محمد بن عبد الله بن الحسن... 402، 403
محمد بن عبد الله بن الحسين... 501
محمد بن عبد الله بن رباط... 461
محمد بن عبد الله بن زرارة... 452
محمد بن عبد الله بن طاهر... 279، 280
414، 415، 475
محمد بن عبد الله بن عمرو... 404
محمد بن عبد الله بن قادم... 483
محمد بن عبد الواحد... 492
محمد بن عبد الوهاب... 52
محمد بن عبدة... 460
محمد بن عبيد الله الأدرع... 96، 474
محمد بن عبيد الله الأشتر... 476
محمد بن عبيد الله السلمي... 84
محمد بن عبيد الله العرزمي... 196، 501
محمد بن عطية... 460
محمد بن علي أبو الغنائم... 55
محمد بن علي الأصغر... 472

572
محمد بن علي الجباعي... 88
محمد بن علي الزاهد... 475
محمد بن علي الصابوني... 475
محمد بن علي الطوسي... 84
محمد بن علي العالم... 471
محمد بن علي العلوي... 55
محمد بن علي الكندي... 207
محمد بن علي بن أبي شعبة... 451
محمد بن علي بن الحسن... 47، 49
محمد بن علي بن الفضل... 54
محمد بن علي بن المفضل... 52
محمد بن علي بن بابويه = الصدوق
محمد بن علي بن عبد الله... 183
محمد بن علي بن محبوب... 45
محمد بن علي بن ميمون... 186
محمد بن علي ماجيلويه... 49، 54
محمد بن عمر... 383
محمد بن عمران... 496
محمد بن عمر بن زنبور... 204
محمد بن عمرو... 275
محمد بن عمرو الجعفي... 459
محمد بن عمرو بن الوليد... 501
محمد بن عمير... 324
محمد بن عمير العطاردي... 208
محمد بن عمير بن عطارد... 232
محمد بن عيسى... 88
محمد بن عيسى الفارس... 475
محمد بن غالب... 506
محمد بن فرات... 394
محمد بن قتيبة... 68
محمد بن قولويه... 121، 122، 124
محمد بن مالك... 390
محمد بن محمد الأشتر... 247
محمد بن محمد بن أحمد... 461
محمد بن محمد بن النعمان = المفيد
محمد بن محمد بن زيد... 408، 410
محمد بن محمد بن يحيى... 453، 474
محمد بن مسعور... 259
محمد بن مسلم... 76، 114
377، 467
محمد بن مسلمة... 137، 150، 158
محمد بن معاوية... 464
محمد بن معد... 248
محمد بن معروف الهلالي... 466
محمد بن منصور بن جعفر... 96
محمد بن نعيم الصحاف... 460
محمد بن نوفل... 501
محمد بن وهب... 491
محمد بن وهبان... 84
محمد بن هبيرة... 484، 492
محمد بن همام... 44، 70
محمد بن يحيى... 46، 49، 65
محمد بن يحيى الأقساسي... 475
محمد بن يحيى الذهلي... 211
محمد بن يحيى الصوفي... 96
محمد بن يحيى المعادي... 453
محمد بن يزيد... 84
محمد بن يعقوب بن إسحاق... 455
محمد شاه الهندي... 223
محمد مهدي بحر العلوم... 31، 60
62، 100
محمود بن الأخرم... 427
المختار... 101، 107، 108، 131، 166
170، 183، 209، 231، 272

573
258، 292، 295، 325، 327
338، 342، 343، 345، 346
347، 348، 349، 351، 352
353، 354، 355، 356، 357
358، 359، 432، 433، 448
457، 494
مختار بن عبيد الله العلوي... 426
مخنف بن سليم... 309، 438
المدائني... 28، 178، 235، 366، 463
مرداس بن خذام... 496
مرداس بن مالك... 446
المرزباني... 507
مرزوق... 502
مروان الحمار... 261، 276
مروان بن الحكم... 26، 272، 342
مروان بن محمد... 203، 204، 400
403، 404
مروان بن محمد الجعدي... 287
مزاحم بن خاقان... 280، 417
المزي... 378
المستعصم... 219
المستعين... 279، 414، 415
417، 475
المستورد بن شداد... 447
المستهل بن الكميت... 502
مسروح السعدي... 394
مسرور الكبير... 410
مسروق... 233
مسروق بن الأجدع... 258
مسعر بن كدام... 386
مسعود بن علية... 499
مسعود بن عمرو... 345
المسعودي... 108، 146
مسلم... 320
مسلم الأحول... 247
مسلم بن الحجاج... 183، 211، 432
436، 437، 439
مسلم بن عبد الله... 143، 145
مسلم بن عقيل... 98، 99، 100، 101
130، 131، 273، 292، 322
323، 324، 325، 326، 327
328، 329، 330، 331، 332
333، 334، 335، 338
مسلم بن عمرو... 330
مسلم بن عوسجة... 324، 333، 468
مسلم بن كثير... 468
مسلمة بن المهلب... 197
مسلمة بن عبد الملك... 268، 275
371، 372
مسلية بن عامر... 212
مسور بن يزيد... 443
مسيب بن زهير... 277
مسيب بن نجبة... 160، 324
327، 341
343، 344
مشعلة بن نعيم... 159
مصاد بن يزيد... 362
مصعب بن الزبير... 74، 107، 181
231، 232، 258
274، 285، 293
347، 357، 358
359، 431، 457
499، 505
مصقلة بن هبيرة... 232، 352

574
مطر بن ناجية... 363، 346
المطهر بن محمد بن علي... 245
مطيع بن اياس... 502، 503، 506
المظفر بالله... 288
المظفر بن الطراح... 281
المظفر بن جعفر العلوي... 65
معاذ بن مسلم... 481، 500
معاذ بن مسلم بن أبي سارة... 451
معاوية بن أبي سفيان... 103، 152، 158
159، 169، 184، 192، 237
238، 268، 270، 272، 285
291، 292، 305، 307، 311
312، 314، 315، 316، 318
319، 320، 321، 324، 325
326، 413، 433، 434، 435
436، 437، 440، 444، 445
484، 494، 505
معاوية بن إسحاق... 82، 385، 391
393، 395، 396، 398
معاوية بن عمار... 463، 464
معبد بن العباس... 483
المعتز... 280، 417، 483
المعتصم... 288
المعتضد... 503
المعتمد... 279، 418
معدان بن جواس... 500
معد بن عدنان... 227
معدي كرب... 495
معذل بن غيلان... 500
معز الدولة... 263
معقل بن سنان... 445
معقل بن مقرن... 432
معقل بن يسار... 309
معمر بن المثنى... 205
معمر بن خيثم... 385
معمر بن محمد... 212
معن بن زائدة... 202
معن بن يزيد... 439
المغيرة بن شعبة... 135، 136، 141
150، 162، 207، 268، 271
296، 315، 316، 433، 435
المغيرة بن عبد الله... 446
المغيرة بن عبد الله بن الأسود... 499
المفضل... 105
المفضل الضبي... 229
المفضل بن زكريا... 53
المفضل بن سلمة... 483، 486، 493
المفضل بن عمر... 27، 34، 35، 36
37، 54، 115، 126
المفضل بن قدامة... 500
المفضل بن محمد الضبي... 489
مفلح... 508
المفيد... 28، 47، 56، 57
74، 90، 310، 364، 396
مقاتل بن حسان... 138
المقتدر... 279، 423، 424
المقري... 84
المقريزي... 396
المقطع الكلبي... 191
المكاء بن هميم... 502
المكتفي... 421، 422
مكحول بن حرثة... 181
ملك شاه بن آلب... 428
مليك بن أعين... 454

575
منازل بن الأعرف... 496
منذر بن الزبير... 319
منذر بن الطفيل... 499
منذر بن النعمان... 195
منذر بن أمرء القيس... 199، 200
201، 202
منذر بن حسان... 357
منذر بن سعيد... 255، 450
منذر بن صخر... 499
منذر بن محمد... 450
منذر بن محمد بن الأشعث... 390
المنصور... 72، 92، 95، 105، 141
146، 152، 167، 192، 197
203، 204، 214، 254، 257
261، 276، 277، 287، 385
386، 402، 403، 404، 405
407، 410، 463، 500، 502، 506
منصور بن أبي حمزة الثمالي... 451
المنصور بن المعتمر... 262، 387
المنصور بن جمهور... 276، 401، 402
المنصور بن يونس... 54
منظور بن سحيم... 499
المنهال بن عمرو... 368
منهلة... 497
منية بنت عمار... 464
مورع بن أبي مورع... 299، 300
موسى... 29، 66، 116، 117
119، 209، 422
موسى بن إسماعيل بن جعفر... 97
موسى بن أعين... 454
موسى بن بكر... 65، 66
موسى بن طلحة... 160، 214
276، 319
موسى بن عبد السلام... 455
موسى بن عبد الله الأشعري... 228
موسى بن عبد الله بن الحسن... 404، 478
موسى بن عيسى بن موسى... 278
موسى بن يحيى بن يحيى... 97
المهتدي العباسي... 263
المهدي العباسي... 152، 261، 277، 278
287، 387، 495، 497
482، 489، 500
506، 507
مهدي القزويني... 104، 169، 216
مهران... 194
مهران بن أبي نصر... 65
ميثم التمار... 102، 103، 335
336، 337، 338
ميثم الكناني... 20
ميسرة... 233
ميمون... 401
ميمون أبي بشير... 183
ميمون بن أبي أراكة... 455
ميمونة... 322
مؤمل بن أميل... 500
مؤنس المظفر... 423، 424
نائل بن فروة... 393
الناصر العباسي... 248
ناصر بن علي الدخ... 246
ناصيف اليازجي... 510
نافع بن عتبة... 437
النبهاني... 243
نبيط بن شريط... 436
النجاشي... 210، 452، 456

576
457، 458، 459
460، 461، 463
464، 470، 493، 504
نجم بن حطين... 53
النخعي... 274
نرسي بن مهرام... 218
النسائي... 211، 437، 438، 439، 463
نصر بن الحاجب... 424
نصر بن الصباح... 461
نصر بن خزيمة... 385، 391، 392
392، 393، 396، 398
نصر بن داود... 491
نصر بن مزاحم... 163
نصير الدين الطوسي... 57
النظر بن محمد... 276
النعمان... 214
النعمان بن المنذر... 33، 35، 105
170، 173، 174
181، 183، 200، 210
النعمان بن أمرء القيس... 187، 188، 189
النعمان بن بشير... 272، 273، 325
326، 444
نعمان بن سعد... 192
نعمان بن عدنان... 227
نعمان بن عمرو... 432
نعمان بن مقرم... 126
نعمان بن مقرن... 232
نعيم بن حازم... 413
نعيم بن هبيرة... 352، 353
نفطويه... 484
نقادة بن عبد الله... 447
نمير الخزاعي... 443
نوح... 35، 36، 38، 40، 41
54، 57، 63، 104، 105
118، 121، 129، 131
146، 209، 210
نوح بن أبي حمزة الثمالي... 451
نوح بن دراج... 259، 462
النوري... 104
نوفل بن فروة... 441
نوفل بن مساحق... 355
النووي... 125
النهد بن كهمس... 392
وائل بن حجر... 319، 436
الواثق بالله... 288
واصل الحناط... 393
الواقدي... 143، 146، 214، 432
وبرة بن رومانس... 181، 217
الوحيد البهبهاني... 89، 99، 104
وردان... 312
ورقاء بن سمي... 319
ورقاء بن يزد... 472
وصاف أفندي... 219
وصيف... 414
وعلة بن محدوج... 309
وكيع بن الجراح... 211
الوليد بن خباب... 108
الوليد بن عبد الملك... 161، 260
275، 287
الوليد بن عبد شمس... 295
الوليد بن عصير... 343
الوليد بن عقبة... 141، 167، 271
299، 300، 301
302، 303، 434

577
الوليد بن يزيد... 275، 287، 398، 498
وهب بن خنبش... 448
وهب بن عبد الله... 449
وهب بن عبد ربه... 458
وهب بن منبه... 368
الهادي العباسي... 278، 287، 495
هارون الرشيد... 96، 152، 255
262، 268، 277
278، 287، 497
هارون بن الحائك... 483
هارون بن الحارث... 490
هارون بن خارجة... 21، 22، 51، 52
هارون بن سعيد... 378، 387
هارون بن غريب... 424
هاشم بن الزبير... 378
هاشم بن سعيد... 278
هاشم بن عبد مناف... 250
هاشم بن عتبة... 160، 298
هالك... 139
هاني بن أبي حية... 332، 348
هاني بن أوس... 435
هاني بن عروة... 100، 258، 322، 323
324، 327، 328
332، 335، 338
هاني بن قبيصة... 406
هاني بن هاني... 324
هاني بن يزيد... 443
هبة الله بن أبي طاهر... 281
هبة الله بن يحيى... 248، 249
هبيرة بن بريم... 233
هذيل بن عبد الله... 502
هرثمة... 407، 408، 409، 410
هرثمة... 411
هشام بن أبي دلف... 417
هشام بن الكلبي... 175، 181، 189
197، 203، 205، 208
هشام بن المغيرة... 441
هشام بن الوليد... 181
هشام بن حسان... 274
هشام بن عبد الملك... 167، 260، 261
275، 287، 377
... 379، 380، 381
... 382، 383، 389
... 398، 399، 495
هشام بن معاوية... 481، 482
هشيم... 368
هلال بن حباب... 388
هلال بن عامر... 443
هلال بن عتاب... 152
هلال بن محمد الحفار... 67
هلب بن يزيد... 437
هند بنت أسماء... 497
هند بنت زيد... 320
هود... 110
الهول... 279، 413
الهيثم بن الأسود... 367
الهيثم بن عبد الله... 84
الهيثم بن عدي... 187، 189
الهيصم... 419
الهيثم العجلي... 415
الياس بن عمرو... 457
ياقوت الحموي... 126، 155، 168
178، 215، 216
217، 222، 423، 475

578
يثربي بن رفاعة... 443
يحيى بن أبي الخصيب... 503
يحيى بن أكثم... 255
يحيى بن الحسن الحوزي... 186
يحيى بن الحسن الطحان... 478
يحيى بن الحسين بن أحمد... 97
يحيى بن بلال... 503
يحيى بن دينار... 387
يحيى بن زكريا... 420
يحيى بن زياد... 503
يحيى بن زيد... 377، 397، 398
يحيى بن سعيد... 503
يحيى بن سعيد القطان... 196
يحيى بن سلمة... 141
يحيى بن عبد الله بن الحسن... 470
يحيى بن عبد الله بن محمد... 97
يحيى بن علي بن العاثر... 97
يحيى بن عمر العلوي... 413، 414، 415
416، 501
يحيى بن عمران بن علي... 451
يحيى بن عمر بن يحيى... 97، 280، 475
يحيى بن محمد بن أحمد... 486
يحيى بن محمد بن الحسن... 178، 475
يحيى بن معن... 203، 463
يحيى بن يحيى بن الحسين... 97
يحيى بن يعلى الأسلمي... 204
يحيى بن يعلى المحاربي... 204
يحيى خان... 223
يزدجرد... 205
يزدجرد بن شهريار... 146
يزيد بن أبي زياد... 387
يزيد بن أبي سفيان... 238، 265
يزيد بن أبي كبشة... 274
يزيد بن الحرث... 324، 354
يزيد بن المهلب... 74، 197، 275، 268
يزيد بن الوليد... 276، 400
يزيد بن انس... 347، 351، 352
353، 354، 355
يزيد بن خالد... 276
يزيد بن رؤيمة... 233، 349، 353
يزيد بن طريف... 317
يزيد بن عبد الملك... 137، 197، 260
275، 287
يزيد بن عمر... 141، 164، 235، 387
يزيد بن عمر بن هبيرة... 203، 261
268، 276
يزيد بن فرقد... 461، 462
يزيد بن مالك بن عبد الله... 443
يزيد بن مزيد... 407، 497
يزيد بن معاوية... 273، 323، 324، 325
326، 327، 332، 338
341، 342، 348، 498
يزيد بن مغفل... 468
يزيد بن نعامة... 449
يعقوب... 127
يعقوب... 397
يعقوب القمي... 368
يعقوب بن إبراهيم... 444
يعقوب بن إبراهيم القاضي... 192، 254
يعقوب بن أبي جعفر... 278
يعقوب بن إسحاق = ابن السكيت
يعقوب بن إسحاق بن عمار... 455
يعقوب بن الياس... 457
يعقوب بن شعيب... 65

579
يعقوب بن يزيد... 67، 69
يعلى بن مرة... 440
يوسف... 72
يوسف بن أبي الساج... 423، 424
يوسف بن الحسين الحلبي... 507
يوسف بن عمار بن حيان... 455
يوسف بن عمر... 140، 209، 268
287، 389، 390
391، 392، 393
394، 395، 396
397، 398
يوسف بن عمر الثقفي... 168، 193، 205
382، 383
يوسف بن عمرة... 275، 276
يوسف بن لقوة... 503
يوسف رزق الله... 290
يونس... 88، 90، 102، 510
يونس بن رباط... 461
يونس بن عمار بن جبان... 455
يونس بن يعقوب... 464

580
فهرس الفرق والجماعات
آل أبي أراكة... 455
آل أبي الجعد... 450
آل أبي الجهم... 450
آل أبي السمال... 461
آل أبي رافع... 450
آل أبي سارة... 451
آل أبي سفيان... 448
آل أبي شعبة... 451
آل أبي صفية... 451
آل أعين... 451، 454
آل الأشعث... 355
آل الزبير... 495
آل الفتال... 477
آل المهلب... 505
آل النعمان... 105
آل بويه... 106
آل حيان... 455
آل ذي الجدين... 233
آل رضا الرفيعي... 91
آل زوين... 170
آل زياد... 223
آل زيد... 233
آل شبل... 95، 223
آل شمسة... 167
آل طاهر... 453
آل طلحة... 503
آل عتيبة... 355
آل عقيل... 328، 389
آل علي... 134، 325، 328، 356
آل فتلة... 223
آل قيس بن معدي كرب... 233
آل نعيم... 455
آل يزيد... 355
الأباضية... 496
الأتراك... 113، 289، 427
أثور... 109
أحمس... 161، 226، 354
الأخبوق... 226
الأخدوع... 226
الأخلود... 226
أدد... 225
أدران... 226

581
أدعم كاهل... 225
أرحب... 226، 395
الأزد... 127، 155، 161، 162
156، 159، 164، 163
165، 309، 317، 318
335، 392، 438
الأساورة... 170
أسد... 155، 156، 159، 161، 162
163، 164، 165، 212، 226
227، 309، 319، 333، 390، 442
أسلم... 226
الأشاقر... 226
أشجع... 161، 167، 312
أشعر... 163، 225
الأشعريون... 227، 309
أشيب... 227
أصحاب الكهف... 117
أضم... 227
أطحل... 227
الأعيوق... 226
الأفخوذ... 226
أقارع... 227
الاقروح... 226
الأكاسرة... 105، 106، 150، 156، 157
أكلب... 226
العباسيون... 413
أنباط... 237
الأنصار... 155، 156، 163، 164
432، 438، 444، 445، 496
أنعم... 225
أنمار... 309
أهل الأنبار... 237
أهل البصرة... 143، 144، 149، 151
153، 160، 183، 227
230، 231، 232، 233
235، 364، 480، 488
أهل الحيرة... 141، 167، 483
أهل الري... 69، 496
أهل الشام... 293، 340، 344، 361
362، 364، 379، 381
384، 392، 393، 401
أهل الصفة... 441
أهل العراق... 151، 234، 235
370، 389، 398
أهل الكوفة... 144، 151، 230، 232
233، 234، 248، 271، 273
293، 294، 295، 300، 304
305، 306، 310، 316، 323
324، 326، 333، 335، 342
362، 364، 366، 368، 384
385، 395، 396، 398، 400
402، 408، 410، 412، 414
415، 417، 422، 480، 481
488، 500، 504، 505
أهل المدينة... 210
أهل النهروان... 311، 312
أهل اليمامة... 401
أهل اليمن... 135، 166، 207، 208، 317
أهل بغداد... 423
أهل جنابة... 421
أهل حمص... 444
أهل خراسان... 69، 138، 415
أهل قم... 69، 70
أهل مصر... 399

582
أهل مكة... 121، 210، 237، 371
أهل هجر... 159، 162
أهل همذان... 157
أناس... 266
أهنوم... 226
إياد... 138، 139، 148، 159
162، 192، 225، 227
الأيوبيون... 257
بارق... 354
باهلة... 226
البترية... 116
بجالة... 157
بجيل... 461
بجيلة... 155، 159، 161، 162
163، 164، 226، 227
275، 309، 433، 439
444، 448، 464
بجيلة قيس... 164
البحتر... 225
البراجم... 226
البرامكة... 268
البرك... 227
البصريون... 227
البقت... 227
بكر... 161، 162، 163، 309، 401
بكيل... 226
بلي... 227
بندقة... 225
بنو أبحر... 227
بنو أبهر... 227
بنو أبي الفرج... 477
بنو أبي سبرة... 459
بنو أبي طاهر... 474
بنو أرفخشد... 217
بنو أرقم... 227
بنو أسد... 176، 197، 199، 250
304، 336، 337، 417
418، 422، 458، 460
بنو اسلم... 227
بنو إسماعيل... 473
بنو أشجع... 227
بنو أعر... 226
بنو اعصر... 155
بنو أعود... 227
بنو الأشتر... 245، 473، 476
بنو الأشرس... 225
بنو الأيسر... 478
بنو البرسي... 472
بنو البكار... 192
بنو البكاء... 190
بنو الحارث... 227، 443، 444
بنو الحافي... 227
بنو الحر... 456
بنو الحسن... 403، 404، 405
بنو الحسن الحسيني... 473
بنو الحسين... 403
بنو الحسين بن زيد... 469
بنو الدنان... 225
بنو السدرة... 246
بنو الشريد... 227
بنو الصابوني... 475
بنو الصوفي... 473، 478
بنو الصياد... 478
بنو العباس... 69، 134، 227

583
240، 254، 267
268، 270، 287
388، 409، 410
412، 465
بنو العنبر... 227
بنو القاسم... 472، 476
بنو القين... 139
بنو المحدون... 227
بنو المصابيح... 477
بنو الياس... 457
بنو أمية... 58، 126، 138، 141
164، 175، 207، 237
240، 257 261، 267
268، 270، 276، 287
321، 340، 359، 378
388، 450، 505، 507
بنو أنمار... 227
بنو أود... 161
بنو امرئ القيس... 138
بنو بجلة... 138، 157
بنو بقبق... 473
بنو بكر... 505، 506
بنو بهدلة... 140
بنو تغلب... 148، 447، 455
بنو تميم... 140، 161، 162
306، 346، 407
442، 445، 496، 501
بنو تنوخ... 227
بنو تيم... 225
بنو ثعل... 225
بنو ثعلبة... 439
بنو ثمال... 282
بنو ثمامة... 225
بنو جذيمة... 140
بنو جرير... 492
بنو جسر... 500
بنو جعفر... 469
بنو جعفي... 295، 508
بنو جماعة... 227
بنو جندل... 496
بنو حبيش... 227
بنو حذافة... 138، 192، 227
بنو حرام... 185
بنو حرب... 227
بنو حريم... 226
بنو حسن... 223
بنو حصين... 227
بنو حلوان... 227
بنو حمدان... 508
بنو حمزة... 473
بنو حملة... 226
بنو حنيفة... 358
بنو حوت... 317
بنو خدارة... 431
بنو خطمة... 273
بنو دراج... 462
بنو دعمي... 227
بنو دهمان... 226
بنو ذكوان... 227
بنو رباط... 461
بنو رضوان... 227
بنو رواحة... 227
بنو رواس... 79
بنو زهرة... 206، 430، 434

584
بنو زيد... 476
بنو ساعدة... 432، 444
بنو سخطة... 470
بنو سدوس... 260
بنو سعد... 394، 454
بنو سليح... 227
بنو سليم... 176، 394
بنو سواءة... 434، 449
بنو سوقة... 459
بنو سهم... 227
بنو شرف الدين... 477
بنو شعر أبط... 478
بنو شمج... 160
بنو شيبان... 423، 454
بنو شيبان... 483، 489، 502
بنو صاع... 226
بنو صاهلة... 226
بنو صعصعة... 386
بنو صلوبا... 180
بنو صنبر... 225
بنو ضاعنه... 226
بنو ضبة... 156، 385
بنو طريف... 225
بنو طماح... 227
بنو طويل الباع... 474
بنو عامر بن قيس... 165
بنو عبد الجد... 225
بنو عبد العظيم... 472
بنو عبد القيس... 463، 466
بنو عبد ربه... 458
بنو عبس... 144، 160، 163، 165، 176
بنو عبيدة... 225، 227
بنو عجل... 440، 499
بنو عدانة... 227
بنو عدي... 226
بنو عطارد... 227
بنو عطية... 460
بنو علي... 227
بنو علي الشاب... 477
بنو عليم... 334
بنو عمار... 203، 463، 465
بنو عمارة... 335
بنو عمران... 227
بنو عمر بن قيس... 159
بنو عمرو... 135
بنو عمرو... 225
بنو عنز... 140
بنو عوف... 227
بنو غازية... 226
بنو غالب... 227
بنو غدن... 227
بنو غريز... 469
بنو فرقد... 461
بنو فزارة... 227
بنو فناعة... 226
بنو فوارس... 477
بنو فهير... 226
بنو قرار... 137
بنو قريظة... 431
بنو قفح... 478
بنو قين... 227
بنو كندة... 473
بنو لام... 225
بنو لبيد... 233

585
بنو لحيان... 226
بنو ليث... 502
بنو مالك... 227
بنو محارب... 447
بنو محاسن... 249
بنو مخزوم... 227
بنو مدلج... 226
بنو مروان... 197، 400، 404
بنو مزيد... 218
بنو مسيلة... 225
بنو مطرود... 227
بنو معاوية... 225
بنو المقاصف... 140
بنو مقرن... 432
بنو مقصر... 227
بنو منقرة... 226
بنو ناعج... 499
بنو نصر... 458
بنو نضر... 484
بنو نعيم الصحاف... 460
بنو نهد... 392
بنو نهيك... 225
بنو وابش... 455
بنو وهب... 225
بنو وهبان... 227
بنو هاشم... 112، 176، 234، 338
379، 403، 406، 431
490، 507
بنو همام... 401
بنو يشكر... 504
بولان... 225
بهرا... 227
بيت أبي الغار... 473
بيت أبي الفوارس... 475
بيت العراقي... 470
بيت اللين... 479
التاج... 225
التتار... 175، 248
تجيب العوادر... 225
تغلب... 156، 159، 162، 163
225، 226، 309
تميم... 155، 156، 159، 163
164، 185، 211، 226
232، 233، 250، 309
319، 390
تميم بن مر... 226
التوابون... 341، 435، 506
تيم... 227
تيم الرباب... 443
تيم اللات... 156، 163، 400
تيم بكر... 341
ثابت... 225
الثعالب... 225
ثعلبة... 226
ثقيف... 156، 161، 163، 164، 167
208، 227، 250، 345
ثمالة... 226
ثور... 227
الجحافل... 225
جدة... 225
الجديلة... 157، 159، 162، 164، 225
جرم... 225، 227
جريش... 227
جشم... 226، 227

586
جعدة... 227
جعفر... 225
جعفي... 459
جلد... 225
جماد... 225
جماهر... 225
جنب... 225
الجهاضم... 226
جهينة... 111، 160، 161
164، 157، 227
الحارثيون... 225
حاشد... 226
حبا... 226
حجبة... 227
حجور... 226
حدان... 226
الحديون... 227
حرب... 225
الحربيون... 227
حرث... 225
حسامة... 226
حسيب... 225
الحسينيون... 248
الحكم... 225
الحمر... 170
الحمراء... 159، 162، 163، 317
الحميدات... 223
الحمير... 237، 259
حميس... 226
حنش... 227
حنظلة... 226
حنيك... 226
حوية... 227
حي... 227
حيدان... 227
خبا... 227
خثعم... 155، 159، 162
163، 226، 309
الخرمية... 407
خزاعة... 155، 272، 435
خزرج... 207
خفاجة... 128، 131، 227
426، 427، 428
الخوارج... 184، 185، 311
375، 495، 496
خولان... 227
خيوان... 226
دارم... 226
دب... 227
دحران... 226
دعام... 226
دعج... 227
دليم... 173، 174
دودان... 226
دوس... 226
دهن... 226
ذبيان... 163، 226، 227
الراسبون... 227
راشد... 227
رامي... 227
راهب... 226
رباب... 162، 163، 226، 231، 309
ربيعة... 126، 155، 162، 163
165، 166، 183، 208

587
227، 233، 319، 333
390، 400، 401، 402، 500
رزاح... 227
رسوان... 227
رعل... 227
رقابة... 227
الركب... 225، 227
الرماحية... 92
الرواق... 225
الروم... 113، 187، 223، 255
264، 265، 266، 285، 454
رومان... 168
رهينة... 227
رياح... 226
زبيد... 227
زرارة... 360
زعيج... 226
زوال... 227
زهر... 225
زهران... 226
زهير... 227
زيد... 227
الزيدية... 195، 378، 402، 414، 417
الزيول... 227
الساسانيون... 166
ساعدة... 227
السايب... 226
سبع قيس... 309
السبيعيون... 474
السدوس... 226
السريانيون... 216، 237، 238
سعد... 227، 231
سعد العشيرة... 225
سفيان... 226
سكاسك... 225
السكون... 225
السلمان... 225
السلول... 226، 227
سليط... 226
سليم... 156، 163، 226
سمنود... 266
سنبس... 225
سيحان... 225
سيعة... 227
سيف... 225
شاكر... 226، 395
شاور... 226
شبام... 226، 227، 352
الشبيبية... 360
شعذف... 225
شمران... 225
شهران... 226
شهلة... 225
الشيعة... 70، 116، 147، 259
262، 263، 324، 325
333، 334، 335، 341
353، 366، 384، 385
387، 388، 389، 401
412، 450، 452، 455
456، 458، 464، 466، 507
صحاري... 227
صخر... 227
صداء الفلي... 225
صدف... 225

588
صدقة... 225
صريف... 227
صعب... 225، 226
صمامة... 226
صومعة... 225
صهيب... 227
صيدا... 226
ضبة... 226، 232
ضبيعة... 159
الطالبيون... 501
الطانجة... 226
طحا... 266
طلفة... 227
طي... 161، 163، 165، 176
201، 225، 433، 505
ظليم... 227
عارض... 225
عامر... 156، 164، 225، 227
العباديين... 167
العباسيون... 426، 480، 488، 501
عبد الثريا... 225
عبد القيس... 159، 162، 163
227، 306، 500
عبد المدان... 225
عبد شمس... 225
العبديون... 227
عبس... 225، 227
عبيدة... 227
عدوان... 226
عدي... 227
عذرة... 227
عرينة... 226
عزة... 226
عشيرة السكون... 165
العضل... 226
العقارب... 227
عقيل... 227
العك... 159، 226
عكل... 227
العكوك... 227
علافة... 227
العلويون... 248، 426، 495، 227
عمر... 227
العمران... 227
عمرو... 225، 226
عمير... 159، 162، 163
عنزة... 227
عنس... 225، 430
عوف... 226، 227
عيدل... 225
غاسل... 226
غاضرة... 226
غافق... 227
غالب... 227
غدر... 226
غزية... 227
غسان... 162، 454
غطفان... 155، 159، 164، 226
غطيف... 225
غنم... 226، 227
غني... 226
غوث... 225
فارس... 400
الفاطميون... 227

589
الفخر... 227
الفراديس... 226
الفراقدة... 441
الفرس... 168، 182، 186
فقعس... 226
الفهم... 226
القارة... 226
القاصية... 227
القبط... 266
قبيلة السبيع... 211
القحر... 227
قحطان... 271
القدح... 225
القدم... 226
القرامطة... 122، 123، 418، 419، 421
422، 423، 424، 425
قرن... 225
قريش... 114، 163، 164، 190، 226
237، 250، 305، 307، 345، 391
قرية... 225
قسامل... 226
قسر... 226
قشيل... 227
قضاعة... 155، 159، 162، 163، 227
قيس... 160، 163، 165، 176
227، 232، 233
401، 407، 436
قيس عيلان... 226
القيقانية... 391
القين... 227
كاهل... 226
الكحل... 227
الكرب... 227
الكعبيون... 227
كلاب الضباب... 227
كلب... 227
الكلبيون... 422
كلدان... 109
كليب... 226
كنانة... 159، 162، 163، 250، 309، 506
كندة... 156، 161، 162، 1163
164، 165، 225، 319
327، 333، 390، 432، 434
الكوفيون... 227
لام... 227
لعسان... 227
لهب... 226
مازن... 225، 226
مالك... 227
مجاشع... 226
مجيد... 226، 227
محادرة... 225
محارب... 156، 159، 162، 164، 176
المحتار... 225
المحكمة... 384
المخائطة... 477
مدركة... 226
مذحج... 155، 159، 162، 163، 165
225، 309، 317، 319، 332
333، 366، 390، 431، 443
مذكر... 226
مراد... 207، 225
مرثد... 225
مرهبة... 226

590
المريط... 226
مزينة... 156، 164، 226، 309، 354
مسبح... 227
المسودة... 261
المسيحيون... 168
مصطلق... 226
مضر... 126، 155، 166، 208، 227
233، 237، 400، 401، 402، 507
مضر الحمراء... 227
المضريون... 226
المطارفة... 227
الململمة... 163
المناذرة... 170، 174
منبه... 227
منوف... 266
مهرة... 163، 227
المياريون... 227
ناج منك... 227
ناجية... 226
ناشب... 226
ناعم... 225
نبهان... 225
النخع... 225، 318، 498، 156، 163
نزار... 135، 162، 207، 208
النزاريون... 226
نصير... 227
نمر... 148، 159، 162، 225
نمير... 227
نواصب... 359
نهشل... 226
نهيس... 226
وائل... 226
وابصة... 227
والبة... 226
وادعة... 226، 227
الواغط... 227
والبة... 226، 227
وزن... 227
ولود... 226
الهاشميون... 239، 292، 295
هامل... 227
هاني... 227
هبيرة... 226
هجيم... 226
هذان... 227
هذل... 226
هذيل... 226، 298
هزمة... 227
هفان... 225
هلال... 227
هليل... 227
همدان... 155، 156، 159، 161، 162
163، 165، 226، 234، 260
313، 317، 319، 350، 352
364، 388، 390، 449
همذان... 400، 402، 424
هوازن... 155، 159، 226، 425
الهيس... 225
ياسر... 226
يام... 225، 226، 388
يربوع... 226
يزيد... 227
يشكر... 226
يعج... 227

591
يقرم... 225
اليمانيون... 162
اليمانية... 400
اليهود... 167، 186

592
فهرس البقع والأماكن
أبو صخير... 174
أبو طرفة... 223
أبو قوارير... 156
ابيض... 176
الأجفر... 175، 176
أخاديد... 175
أردن... 265
آذربيجان... 154، 370
فالأذرعات... 176
ارم... 110
أرمينية... 407
أسبانبر... 134
إستينيا... 178
إسكندرية... 264، 266، 447
أصبهان... 126، 154، 370، 400، 402
إصطخر... 206، 400
أعناك... 176
إفريقية... 197، 198، 264، 268، 269
أفيعية... 176
أقر... 175
أقساس... 178، 475
أقساس مالك... 138
اكيراح... 178
اللسان... 211
أليس... 180
أم البعرور... 93، 223
الأنبار... 149، 187، 214، 237، 268
287، 344، 407، 424، 426
485، 493، 498، 502
الأندلس... 255، 266
أنطاكية... 117، 264
الأهواز... 158، 197، 207، 360
409، 411، 423
إيران... 228
أيلة... 265
بئر الجعد... 140
باب الأنماط... 58
باب الجسر... 159
باب السدة... 58
باب الشام... 183
باب الفيل... 49، 58، 74، 141، 349، 393
باب كندة... 58، 74

593
بابل... 111، 166، 174، 179، 205، 216، 217
باجوا... 181
باخمرا... 92
بارق... 394
بانقيا... 178، 180
البحرين... 162، 421
بحيرة... 237
بدأة... 181
برثة... 181
بردان... 181
بركة الفيل... 399
بستان... 414
بستان ابن عامر... 176
البسيطة... 215
البصرة... 47، 133، 135، 144، 145
146، 148، 149، 152، 154
161، 163، 167، 168، 170
175، 176، 177، 178، 187
196، 167، 205، 208، 212
223، 230، 234، 235، 254
266، 268، 270، 271، 273، 274
275، 276، 277، 284، 285، 289
290، 296، 306، 307، 316، 326
346، 356، 357، 384، 385، 388
408، 409، 410، 423، 479، 480
481، 494، 500، 506
البطان... 175، 176
بغداد... 43، 47، 84، 108، 111، 122
123، 124، 166، 167، 168، 183
195، 203، 204، 214، 219، 228
248، 249، 254، 255، 261، 264
266، 267، 268، 281، 282، 283
285، 286، 287، 289، 325، 326
339، 342، 379، 383، 400، 405
406، 410، 421، 427، 434
453، 484، 487، 494
البقعة... 176
البقيع... 271، 430
البقيعة... 176
بقيقا... 181
بلخ... 498
البلقان... 237
بلنجر... 258
بليخ... 216
بمباي... 510
بولاق... 510
بهر سير... 134
البهقباذ... 182
بيت إدريس... 80، 81، 82، 83
بيت الطشت... 60، 256
بيت المقدس... 25، 36، 63، 65، 66، 67
بيت المقدس... 180، 209، 420
البيداء... 111
بيروت... 505، 510
بيعة خالد... 182
بيعة عدي... 182
تبوك... 265
تفليس... 69
تل بونا... 182
تهامة... 178
الثعلبية... 175، 176، 383
الثنية... 192
ثور... 176

594
الثوية... 103، 104، 110
164، 182، 367
جامع ابن طولون... 399
الجامعين... 425
جبانة أثير... 351
جبانة السبيع... 165، 137، 183
334، 349، 352
جبانة الصائدين... 161، 317، 349، 392
جبانة الصعيدين... 165
جبانة بشر... 138، 161، 165، 349
جبانة بني عامر... 165
جبانة رهط... 165
جبانة سالم... 165، 183، 349، 391
جبانة عثير الأسدي... 165
جبانة عرزم... 161، 165، 183، 196
جبانة كندة... 161، 165، 183
317، 349، 351، 392
جبانة مخنف... 165، 392
جبانة مراد... 165، 349
جبانة ميمون... 165، 183
جبانة يشكر... 165
جبانة يعقوب... 165
جبل الأهواز... 120، 136، 209
جبل الصياغ... 103
جبلتا... 216
جبل ثور... 387
جبل سلمى... 176
الجبة... 176، 183
الجديدة... 216
جرجان... 385
الجرزة... 183
الجرعة... 184
جرير... 184
جسر الدجيل... 360
جسر منبج... 342
الجعارة... 170، 223
جلولاء... 143، 146، 233، 307، 411
جمع... 176
جنبلاء... 418
الجوانية... 470
الجوسق الخرب... 184
جهار سوج خنيس... 430، 444
جهينة... 392، 445
الحاجر... 176
الحبانية... 174، 185
الحجاز... 176، 178، 213، 218
238، 302، 307، 356
حجام فرج... 138
الحراضة... 185
حران... 275، 287، 484
حرستا... 112
حروراء... 185
الحسكة... 155
الحصاصة... 185
حضرموت... 155، 159، 162
163، 214، 501
حفر السبيع... 185
حلب... 451
حلوان... 145، 146، 154
400، 402، 424
الحلة... 96، 179، 223، 245، 281، 510
الحلة السيفية... 92، 156، 217
الحلة المزيدية... 216
حلة بني مزيد... 218

595
حمام أعين... 137، 186، 360، 362
حمام سعد... 186
حمص... 265، 474
الحنانة... 103، 104
حوران... 237، 238
الحوز... 186
الحوشي... 176
حيدر آباد... 479
الحيرة... 111، 115، 136، 138، 144، 147
149، 150، 151، 153، 166، 167
168، 170، 171، 173، 174، 176
180، 184، 189، 191، 192، 210
211، 275، 359، 389، 391، 392
393، 396، 401، 412، 413، 466
خانقين... 186، 233
خد العذراء... 136، 170، 171، 186، 205
خرارة... 186
خراسان... 111، 112، 140، 268
269، 270، 289، 385
389، 411، 414، 453، 474
الخزر... 113
الخزيمية... 175
خطة بني عبد الله... 186
الخطير... 176
خفان... 418
خفان وخفية... 186
خندق سابور... 186
خوارزم... 497
الخورنق... 145، 187، 189، 190، 191
192، 205، 210، 212، 223، 320
خوزستان... 411، 418
خيبر... 103، 213، 218
431، 438، 440
دار الإمارة... 207، 208
دار الحكيم... 191
دار الداريين... 35
دار المقطع... 191
دار قمام... 191
درب الزرقاء... 478
درتا... 191
درزيجان... 426
دقوقا... 407
دمشق... 110، 111، 126، 175، 176
208، 276، 289، 319، 399
دنباوند... 179
دوران... 191
دوما... 191
دومة الجندل... 237
ديار بكر... 427
ديالى... 409
دير الأعور... 192
دير الجماجم... 138، 139
دير السوا... 138
دير الشاء... 192
دير العاقول... 508
دير أم عمرو... 142، 149
دير حرقة... 142، 149
دير حنة... 178، 192
دير سلسلة... 142، 149
دير قرة... 138
دير كعب... 139
دير مرا عبد الله... 178
دير هند... 139، 159، 351، 352، 401
الديلم... 113، 116، 18

596
الديوانية... 155
ذات عرق... 176، 210
ذي الكفل... 216
راس عين... 411
الربذة... 176، 405
رحا عمارة... 192
رحبة الصيارف... 336
رحبة خنيس... 192
رحبة علي... 429
رستقاباذ... 137
رصافة الكوفة... 192
الرقة... 139، 216، 407، 408، 497
الرماحية... 156، 477
الروم... 167، 454
الري... 154، 288، 385، 400، 402، 481
رواس... 394
زبالة... 322
زبلة... 175، 176
زبير... 164
زرارة... 192
زرود... 175، 176، 331
الزوراء... 110
زورة... 193
زيدان... 193
ساعدة... 176
سامراء... 414، 415، 418، 427
475، 483، 498، 502
والسالحين... 147
السبخة... 101، 349، 351، 353، 354
360، 361، 363، 393، 394، 395
السبيعية... 245، 474
سجستان... 270، 500
السدير... 210، 221، 320
السراة... 433
سرف... 410
سر من رأى... 43
سرة بابل... 29
سكن... 193
سكون... 165
سكة ابن محرز... 139
سكة البريد... 140
سكة شبث... 355
السلسلة... 258
سلمستان... 175
السليلة... 176
سميراء... 176
سميساط... 216
سند... 113
سنينيا... 193
سنية... 174
سوادية... 193
السوارية... 193
سورا... 202، 204، 205، 217، 218
سوراء... 96، 248
سورستان... 135، 151، 207
سوريا... 166
السوس... 411
سوق آل شمسة... 167
سوق أسد... 140، 193، 216
سوق حكمة... 193، 206
سوق عكاظ... 494
سوق يوسف... 193
السيب... 194، 217
سيلحون... 186

597
الشافعية... 97
الشام... 63، 110، 112، 152، 163
169، 188، 208، 215، 218
237، 238، 225، 264، 265
267، 268، 270، 272، 273
289، 292، 307، 319، 321
371، 372، 377، 381، 399
400، 419،... 505، 508، 509
شانيا... 194، 202
شاهي... 97
شروان... 268
شطرة المنتفق... 164
الشقوق... 175، 176
الشنافية... 94، 95، 155، 223
الشتوي... 96
شوميا... 194
شهار سوج خنيس... 160
شهرزور... 184
شيراز... 400، 506
شيلي... 194
الصافية... 508
صحراء أثير... 161، 165، 195
صحراء البردخت... 165، 195
صحراء أم سلمة... 165، 195
صحراء بني جعفر... 437
صحراء بني عامر... 161
صحراء بني قرار... 165
صحراء بني يشكر... 161
صحراء سالم... 165
صحراء شبث... 140، 165
صحراء عبد القيس... 165، 391
صحراء عثير... 165
صحراء عرزم... 165
الصراتين... 216
الصريفين... 195
صفين... 103، 169، 271، 273، 291
233، 318، 333، 366، 430
433، 434، 435، 439، 441
444، 445، 481، 509
صقيلة... 289
صلوبا... 180
بالصيادة... 413
الصين... 113، 116، 118، 196
ضباب... 196
ضحاك رواس... 138
ضيعة أم الحكم... 399
الضين... 195
الطائف... 277، 440
طاق الزياتين... 34، 37
طبرستان... 472
وطخارستان... 498
طرنايا... 413
طف كربلاء... 173، 174
طور سيناء... 66
طسوج البدأة... 147
طويريج... 223
طيزناباذ... 139
عانات... 187
العباسية... 93، 396
عبس... 196
العذار... 92، 93، 94، 95، 97
العذيب... 175
العراق... 24، 43، 70، 101، 127
137، 143، 125، 141، 147

598
148، 151، 154، 160، 162
170، 179، 180، 182، 184
188، 203، 205، 211، 214
215، 216، 217، 226، 229
230، 234، 237، 238، 241
245، 260، 621، 264، 266
267، 268، 281، 282، 283
285، 286، 287، 289، 325
326، 339، 342، 379، 383
400، 405، 406، 410، 421
427، 434، 453، 484، 487، 494
العقبة... 175، 176
عقر بابل... 196، 197
العقيق... 271
عكبرا... 418
العمق... 176
عنترة الحجام... 138
والعوينة... 223
عين التمر... 180، 407، 422، 424، 505
عين الرهيمة... 218
عين النسوخ... 218
عين الوردة... 344، 435
عين بئر الحذاء... 143
عين بني الجراء... 211
عين جمل... 175، 197، 218
عين صيد... 175، 218
الغاضرية... 197
غرما... 205
الغري... 29، 41، 88، 89، 99
104، 115، 197، 221، 245، 346
غطط... 202
الغمرة... 176
فارس... 197، 264، 302
305، 409، 480، 508
فاليقلا... 216
الفرات... 293، 304
فرات بادقلا... 147
فسطاط... 266
الفسطاط... 167، 266
فلسطين... 265، 266
الفلوجة... 414
فم الفيل... 401
الفيد... 175، 176
القادسية... 145، 160، 162، 175، 176
205، 217، 218، 233، 271
303، 304، 322، 323، 418، 422
425، 429، 433، 445، 383، 411
القاع... 175، 176
القاهرة... 289
القباع... 181
قبة... 202
قرطبة... 289
القرعاء... 175، 176
قرقيسيا... 145، 150، 154، 445
قرية أبو قوارير... 92
قرية أبي صلابة... 138
قرية بالسيعة... 227
قرية الصيادين... 206
قرية القاسم... 216
قرية الكفل... 169، 37
قرية شاهي... 408، 410، 412، 414، 415
القسطنطينية... 116، 118
قسين... 203
قصر ابن هبيرة... 93، 185، 194، 203

599
214، 217، 279، 408
409، 411، 417، 424
قصر أبي الخصيب... 190، 191، 203
قصر الأبيض... 170
قصر الامارة... 106، 131، 163
167، 326، 327، 357
قصر الخورنق... 173
قصر العدسيين... 203
قصر الكوفة... 203
قصر خالد... 140
قصر سعد... 150، 158
قصر مقاتل... 138
القطقطانة... 197، 176، 218
قطوان... 204
قعبة العلم... 215
القلع... 175
قلعة الجراحية... 425
القلوفي... 176
قم... 228
قم... 68، 69
قنطرة السنية... 97
قورا... 205
القيروان... 277
كابل... 113، 498
كاظمة... 187
كربلاء... 29، 115، 169، 2173
206، 214، 196، 197
كرد بنداذ... 134
كري سعد... 155، 173، 174، 223
الكعبة... 41، 68، 372
الكفل... 94، 102
كمخ... 216
الكناسة... 34، 37، 94، 96، 163
167، 168، 169، 205، 293
349، 350، 351، 355، 392
398، 472، 474
كندة... 95، 466، 470، 508
كنيدرة... 164
لبيس... 278
لسان... 143، 149
ليدن... 507
وماسبذان... 145، 150، 154
ماوان... 176
والمحاجير... 173
محلة السبيع... 211
محلة النبي يونس... 167
محلة النجار... 76
محلة بني أعين... 453
محلة شيطان... 211
محلة غازي... 215
محلة غازي... 165، 215
المدائن... 134، 136، 142، 143، 144
145، 146، 148، 150، 153
154، 166، 168، 169، 181
205، 273، 385، 388، 400
401، 402، 409، 410، 425
430، 431
المدينة... 25، 28، 44، 65، 66، 68
96، 103، 110، 111، 116
126، 152، 158، 176، 177
210، 254، 262، 270، 277
286، 299، 300، 301، 302
319، 377، 379، 383، 384
390، 399، 402، 403، 405، 410

600
430، 431، 444، 470، 477، 478
مدينة السلام... 204، 214
المربد... 168، 494
مرج راهط... 272، 439
مرج عذراء... 319
المسجد الأقصى... 23، 24، 34
مسجد الأشعث... 76، 77
المسجد الأعظم... 23، 43، 106، 159
358، 386، 390
391، 392، 393
مسجد البصرة... 47، 48، 134، 136
مسجد الجواشن... 76
المسجد الحرام... 24، 34، 45، 46
47، 48، 49، 52
67، 122، 124
مسجد الحمراء... 75، 76، 77
مسجد الحنانة... 88، 89، 104
مسجد الحوافر... 76
مسجد الخطة... 454
مسجد الرسول... 24، 45، 46، 47
48، 49، 52، 67
مسجد السهلة... 43، 62، 63، 75، 76، 77
77، 79، 80، 81، 82، 83
84، 85، 87، 91، 92، 96
97، 103، 118، 120، 163
167، 168، 173، 194، 460
مسجد المدينة... 34
مسجد بني السيد... 76
مسجد بني بهدلة... 140
مسجد بني جذيمة... 140
مسجد بني ظفر... 75، 76، 77
مسجد بني عبد الله بن رازم... 76
مسجد بني عدي... 392
مسجد بني عنز... 140
مسجد بني عنزة... 90
مسجد بني كاهل... 39، 78
مسجد تيم... 76
مسجد ثقيف... 76، 77
مسجد جذيمة بن مالك... 90، 212
مسجد جرير بن عبد الله... 76، 77
مسجد جعفي... 75، 76
مسجد زيد بن صوحان... 78، 168
مسجد سعد... 175
مسجد سماك بن مخرمة... 76، 77، 139
مسجد شبث بن ربعي... 76، 77
مسجد صعصعة بن صوحان... 78، 79
مسجد عبد الجبار... 474
مسجد غني... 75، 76
مسجد محرس الخصا... 399
مسجد يونس... 75، 77
مسلح... 176
مسلحة... 149
مسلية... 212
مسناة جابر... 164
المسيب... 223، 281
المشخاب... 173
مصر... 152، 215، 254، 255، 257
264، 266، 267، 268، 270
277، 399، 404، 425، 477
488، 492، 507، 508، 509، 510
معدن... 176
معدن النقرة... 176، 177، 210
معدن بني سليم... 210
المغرب... 255

601
المغيث... 176
المغيثية... 175، 176
مقام إبراهيم... 21
مقام نوح... 40
مقام يونس... 37
مكة... 24، 28، 44، 46، 53
55، 64، 65، 66، 68
94، 96، 110، 111، 116
121، 122، 124، 175، 176
180، 210، 237، 273، 277
285، 322، 324، 348، 423
429، 434، 440، 473، 369
370، 371، 372، 402، 408
409، 410، 412، 482، 487، 490
ملح... 212
الملطاط... 136، 143، 148، 151
166، 211، 304
مليطة... 216
منزل... 176
الموصل... 143، 145، 150، 154
157، 319، 360
385، 425، 441
النجف... 89، 96، 115، 116، 117
147، 148، 151، 164، 165
171، 173، 174، 178، 184
188، 191، 197، 203، 210
212، 215، 217، 218، 219
220، 222، 223، 246، 429، 510
نخيلة... 101، 110، 150، 169، 184
192، 341، 343، 396، 437
نسر... 187
نشاستج... 213، 214
نصرانة... 420
نعماباذ... 214
النعمانية... 508
نقرة... 176
نمرود... 222
نهاوند... 126، 233
النهروان... 291، 411
النهرين... 418
نيشابور... 453
نينوى... 214
وادي السباع... 175، 214
واسط... 197، 261، 258، 287
368، 385، 408، 409
410، 413، 414، 423
واقصة... 175، 176
الهاشمية... 93، 94، 95، 96، 97
97، 214، 405
هجر... 421، 423، 446
هراة... 400
همدان... 154، 473، 503
الهند... 113، 166، 223
289، 509
هيت... 187، 366، 421، 424
يثرب... 164
اليمامة... 183، 277، 440
اليمن... 126، 155، 208، 233
237، 241، 408، 430
436، 501، 505
اليونان... 167

602
فهرس الأنهار
بحر الشنافية... 223
بحر النجف... 173، 223، 510
بحيرة يونس... 223
دجلة... 124، 164، 210، 216، 230
الفرات... 36، 65، 111، 130، 131
134، 142، 144، 145، 146
147، 148، 149، 151، 152
153، 155، 174، 180، 181
182، 192، 203، 211، 216
217، 218، 219، 220، 221
222، 223، 230، 396، 398
406، 424، 425، 427، 510
نهر آبا... 217
نهر البديرية... 174
نهر البردان... 217
نهر البصريين... 115
نهر البويب... 182، 217
نهر التاجية... 146، 182، 219، 222
نهر الجربوعية... 217
نهر الحيرة... 348
نهر الخازر... 347
نهر الخندق... 216
نهر السدير... 173، 174
نهر الشاه صفي... 223
نهر الضنين... 218
نهر الطهماسية... 222
نهر الغدير... 217
نهر القورا... 214، 218
نهر الكوفة... 216، 217
نهر المشاش... 401
نهر المكرية... 222، 223
نهر الملك... 216
نهر النجف... 174
نهر الهندية... 223
نهر بني سليم... 164
نهر ديصان... 216
نهر زياد... 218
نهر سنجة... 216
نهر سورا... 214، 216، 217
نهر شيلي... 218
نهر صرصر... 216، 409
نهر عيسى... 216
نهر الكوتي... 216، 217
نهر كيسوم... 216
نهر نرس... 218
نهر نشاستج... 218
نهر يوسف... 147
النيل... 216، 219، 412، 413
هور الدخن... 223
هور الكفل... 223

603
فهرس مصادر التحقيق
1 - أسباب النزول: للواحدي. مؤسسة الحلبي / القاهرة.
2 - أسد الغابة: لابن الأثير. مؤسسة اسماعيليان / طهران.
3 - الاختصاص: للشيخ المفيد. نشر جماعة المدرسين / قم.
4 - الاستبصار: للشيخ الطوسي. دار الكتب الاسلامية / طهران.
5 - الإصابة: لابن حجر العسقلاني. دار الكتب العلمية / بيروت.
6 - الأعلاق النفيسة: لابن رستة. طبع ليدن.
7 - الأعلام: للزركلي. دار العلم للملايين / بيروت.
8 - الأغاني: لأبي الفرج. نشر دار احياء التراث العربي / بيروت.
9 - الإمامة والسياسة: لابن قتيبة. مؤسسة الحلبي / القاهرة.
10 - الأنساب: للسمعاني. نشر دار الجنان / بيروت.
11 - البداية والنهاية: ابن الأثير. دار احياء التراث العربي / بيروت.
12 - البلدان: لابن الفقيه. نشر عالم الكتب / بيروت.
13 - البلدان: لابن واضح اليعقوبي. نشر المكتبة المرتضوية / النجف.
14 - التنبيه والاشراف: للمسعودي.
15 - الثقات: لابن حبان. نشر مؤسسة الكتب الثقافية.
16 - الجرح والتعديل: للرازي. دار احياء التراث العربي / بيروت.
17 - الحدائق الوردية: لحميد بن أحمد المحلي. نشر دار أسامة.
18 - الخرائج والجرائح: قطب الدين الراوندي. مؤسسة الإمام المهدي / قم.

605
19 - الخصال: للشيخ الصدوق. جماعة المدرسين / قم.
20 - الذريعة: أقا بزرك الطهراني. دار الأضواء / بيروت.
21 - الشعر والشعراء: ابن قتيبة. دار الكتب العلمية / بيروت.
22 - الصحاح: إسماعيل بن محمد الجوهري. دار العلم للملايين / بيروت.
23 - الصواعق المحرقة: لابن حجر الهيتمي. نشر مكتبة القاهرة / مصر.
24 - الطبقات الكبرى: لابن سعد. دار صادر / بيروت.
25 - العقد الفريد: أحمد بن عبد ربه الأندلسي. دار الكتاب العربي / بيروت.
26 - العين: الخليل بن أحمد الفراهيدي. مؤسسة دار الهجرة.
27 - الغدير: للعلامة الأميني. دار الكتاب العربي / بيروت.
28 - الفوائد الرجالية: بحر العلوم. نشر مكتبة الصادق / طهران.
29 - الفهرست لابن النديم. تحقيق رضا تجدد.
30 - الكافي: للشيخ الكليني. دار الكتب الإسلامية / آخوندي.
31 - الكامل في التاريخ: لابن الأثير. نشر دار صادر / بيروت.
32 - المجدي: لعلي العلوي العمري. نشر مكتبة السيد المرعشي / قم.
33 - المحاسن: أحمد بن محمد بن خالد البرقي. دار الكتب الإسلامية.
34 - المحبر: محمد بن حبيب البغدادي.
35 - المزار: للشيخ المفيد. مدرسة الأمام المهدي / قم.
36 - المزار: للشهيد الأول. نشر مدرسة الإمام المهدي / قم.
37 - المزار: لمحمد بن المشهدي. نشر قيوم.
38 - المسالك والممالك: لابن خرداذبه. طبع ليدن.
39 - المسالك والممالك: للاصطخري. نشر دار القلم / تحقيق محمد جابر.
40 - المستدرك على الصحيحين: الحاكم النيسابوري. دار المعرفة / بيروت.
41 - المصباح المنير: للفيومي. نشر دار الهجرة / قم.
42 - المصنف: لعبد الرزاق الصنعاني. نشر المجلس العلمي.
43 - المعارف: ابن قتيبة. دار الكتب العلمية / بيروت.
44 - المقنعة: للشيخ المفيد. جامعة المدرسين / قم.
45 - المؤتلف والمختلف: للآمدي. دار احياء الكتب العربية / القاهرة.

606
46 - النهاية في غريب الحديث: ابن الأثير. مؤسسة إسماعيليان / قم.
47 - ايضاح المكنون: إسماعيل باشا. دار احياء التراث العربي / بيروت.
48 - أمالي الصدوق. مؤسسة البعثة / قم.
49 - أمالي الطوسي: دار الثقافة / قم.
50 - أمل الآمل: الحر العاملي. مكتبة الأندلس / بغداد.
51 - أنساب الأشراف: للبلاذري. مؤسسة الأعلمي / بيروت.
52 - بحار الأنوار: محمد باقر المجلسي. مؤسسة الوفاء / بيروت.
53 - بشارة المصطفى: عماد الدين الطبري. مؤسسة النشر الاسلامي / قم.
54 - بصائر الدرجات: للصفار. دار الأعلمي / بيروت.
55 - بغية الوعاة: للسيوطي. المكتبة العصرية / بيروت.
56 - تاج العروس: للزبيدي. نشر مكتبة الحياة بيروت.
57 - تاريخ ابن خلدون. دار احياء التراث العربي / بيروت.
58 - تاريخ الإسلام: للذهبي. نشر دار الكتاب العربي / بيروت.
59 - تاريخ الخميس: للديار بكري. مؤسسة شعبان / بيروت.
60 - تاريخ اليعقوبي. دار صادر / بيروت.
61 - تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي. نشر دار الكتب العلمية / بيروت.
62 - تاريخ خليفة. نشر دار الفكر / بيروت.
63 - تاريخ دمشق: لابن عساكر. دار الفكر / بيروت.
64 - تحف العقول: ابن شعبة الحراني. مؤسسة النشر الإسلامي / قم.
65 - تذكرة الحفاظ: للذهبي. نشر مكتبة الحرم المكي.
66 - تذكرة الخواص: لابن الجوزي. مكتبة نينوى الحديثة / طهران.
67 - تفسير الطبري. نشر مؤسسة الأعلمي / بيروت.
68 - تفسير القرطبي. دار احياء التراث العربي / بيروت.
69 - تقريب التهذيب: لابن حجر. نشر دارالكتب العلمية / بيروت.
70 - تلبيس إبليس: لابن الجوزي. نشر دار الباز / مكة المكرمة.
71 - تهذيب الأحكام: للشيخ الطوسي. الطبعة الرابعة / دار الكتب الإسلامية.
72 - تهذيب التهذيب: لابن حجر. نشر دار الفكر / بيروت.

607
73 - تهذيب الكمال: للمزي. نشر مؤسسة الرسالة.
74 - ثواب الأعمال: للشيخ الصدوق. منشورات الشريف الرضي / قم.
75 - حياة الحيوان: للدميري. انتشارات ناصر خسرو / طهران.
76 - خصائص الأئمة: للشريف الرضي. مجمع البحوث الاسلامية / مشهد.
77 - خلاصة الأقوال: للعلامة الحلي. نشر المكتبة الحيدرية / النجف.
78 - ديوان الأعشى: نشر دار صادر / بيروت.
79 - ديوان المتنبي: نشر مؤسسة الأعلمي / بيروت.
80 - ذوب النضار: لابن نما الحلي. مؤسسة النشر الاسلامي / قم.
81 - ذيل تاريخ بغداد: لابن الدبيثي. نشر دار الكتب العلمية / بيروت.
82 - رجال ابن داود. نشر المكتبة الحيدرية / النجف.
83 - رجال الطوسي. نشر مؤسسة آل البيت / قم.
84 - رجال الكشي: للشيخ الطوسي. مؤسسة آل البيت / قم.
85 - رحلة ابن بطوطة: نشر مؤسسة الرسالة / بيروت.
86 - رحلة ابن جبير: نشر دار صادر / بيروت.
87 - روضة الواعظين: الفتال النيسابوري. منشورات الشريف الرضي / قم.
88 - زيد الشهيد: للسيد عبد الرزاق المقرم. نشر المكتبة الحيدرية / النجف.
89 - سر السلسلة العلوية: لأبي نصر. انتشارات الشريف الرضي / قم.
90 - سنن الترمذي: محمد بن عيسى الترمذي. دار الفكر / بيروت.
91 - سير أعلام النبلاء: للذهبي. مؤسسة الرسالة / بيروت.
92 - شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد. دار احياء الكتب العلمية / بيروت.
93 - صبح الأعشى: للقلقشندي. نشر دار الفكر / بيروت.
94 - صحيح مسلم. دار الفكر / بيروت.
95 - طبقات اللغويين والنحويين: للزبيدي. نشر دار المعارف / بيروت.
96 - علل الشرائع: للشيخ الصدوق. المكتبة الحيدرية / النجف.
97 - عمدة الطالب: لابن عنبة. نشر المكتبة الحيدرية / النجف.
98 - عيون أخبار الرضا: للشيخ الصدوق. مؤسسة الأعلمي / بيروت.
99 - غاية الاختصار: لابن زهرة الحسيني. المطبعة الحيدرية / النجف.

608
100 - غريب الحديث لابن سلام. نشر دار الكتاب العربي / بيروت.
101 - فتوح البلدان: للبلاذري. مكتبة النهضة المصرية / القاهرة.
102 - فرحة الغري: ابن طاوس. مركز الغدير للدراسات الاسلامية / قم.
103 - فضل الكوفة: للمشهدي. دار المرتضى / بيروت.
104 - قرب الإسناد: عبد الله الحميري. مؤسسة آل البيت لإحياء التراث / قم.
105 - كامل الزيارات: ابن قولويه. مؤسسة النشر الاسلامي / قم.
106 - كشف الظنون: حاجي خليفة. دار احياء التراث العربي / بيروت.
107 - كنز العمال: المتقي الهندي. مؤسسة الرسالة / بيروت.
108 - لسان العرب: محمد بن منظور المصري. أدب الحوزة / قم.
109 - لسان الميزان: لابن حجر. نشر مؤسسة الأعلمي / بيروت.
110 - ماضي النجف وحاضرها: لجعفر آل محبوبة. دار الأضواء / بيروت.
111 - مثير الأحزان: لابن نما الحلي. نشر المطبعة الحيدرية / النجف.
112 - مجمع البحرين: فخر الدين الطريحي. مكتب نشر الثقافة الإسلامية / قم.
113 - مراصد الاطلاع: عبد المؤمن الحنبلي. دار المعرفة / بيروت.
114 - مروج الذهب: للمسعودي. نشر دار الأندلس / بيروت.
115 - مستدرك وسائل الشيعة: النوري الطبرسي. مؤسسة آل البيت / قم.
116 - مشاهير علماء الأمصار: ابن حبان. دار احياء التراث العربي / بيروت.
117 - مصباح المتهجد: للشيخ الطوسي. مؤسسة فقه الشيعة / بيروت.
118 - معاني الأخبار: للشيخ الصدوق. انتشارات اسلامي / قم.
119 - معجم البلدان: ياقوت بن عبد الله الحموي. دار صادر / بيروت.
120 - معجم الشعراء: للمرزباني. نشر دار الكتب العلمية / بيروت.
121 - معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة. مكتبة المثنى / بيروت.
122 - معجم قبائل العرب: لكحالة. دار العلم للملايين / بيروت.
123 - معرفة الثقات: للعجلي. نشر مكتبة الدار / المدينة المنورة.
124 - مقاتل الطالبيين: لأبي الفرج الإصفهاني. مؤسسة دار الكتاب / قم.
125 - مقتل الحسين: لأبي مخنف. نشر مكتبة المرعشي / قم.
126 - مناقب آل أبي طالب: ابن شهرآشوب. دار الأضواء / بيروت.

609
127 - من لا يحضره الفقيه: للشيخ الصدوق. جماعة المدرسين / قم.
128 - منهاج السنة: لابن تيمية. نشر دار الكتاب الإسلامي.
129 - ميزان الاعتدال: للذهبي. دار المعرفة / بيروت.
130 - نقد الرجال: مصطفى التفرشي. مؤسسة آل البيت لإحياء التراث / قم.
131 - نور الأبصار: للشبلنجي. منشورات الشريف الرضي / قم.
132 - وسائل الشيعة: الحر العاملي. مؤسسة آل البيت لإحياء التراث / قم.
133 - وفيات الأعيان: لابن خلكان. نشر دار صادر / بيروت.

610
/ 1