موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السنة و التاريخ (جزء 10) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السنة و التاريخ (جزء 10) - نسخه متنی

محمد محمدی ری شهری؛ گردآورنده: مرکز تحقیقات دار الحدیث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ
المؤلف: محمد الريشهري
الجزء: 10
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر سيرة النبي والائمة
تحقيق: مركز بحوث دار الحديث وبمساعدة : السيد محمد كاظم الطباطبائي ، السيد محمود الطباطبائي نژاد
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: 1425
المطبعة: دار الحديث
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
ردمك: 964-5985-89-7
ملاحظات: ايران : قم المقدسة ، شارع معلم ، رقم 125 ، هاتف : 02517740545 - 02517740523 / لبنان : بيروت ، حارة حريك ، شارع دكاش ، هاتف : 03553892 - 01272664 / عنوان الاينترنت : www.hadith.net البريد الالكتروني : hadith@hadith.net
موسوعة
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
في الكتاب والسنة والتاريخ
محمد الريشهري
بمساعدة
محمد كاظم الطباطبائي ومحمود الطباطبائي
المجلد العاشر

1
الريشهري، محمد، 1325 ه‍. ش -
موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ / محمد الريشهري؛ بمساعدة السيد محمد
كاظم الطباطبائي ومحمود الطباطبائي نژاد. - قم: دار الحديث، 1421.
12 ج.
المصادر بالهوامش
300000 ريال ISBN (set): 964 - 5985 - 89 - 7
1. على بن أبى طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 ق. ه‍. - 40 ه‍ - الترجمة 2. على بن أبى طالب (عليه السلام)، الإمام الأول،
23 ق. ه‍. - 40 ه‍ - السياسة والحكومة. 3. على بن أبى طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 ق. ه‍. - 40 ه‍ - الحروب. 4. على بن
أبى طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 ق. ه‍. - 40 ه‍ - الفضائل. 5. على بن أبى طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 ق. ه‍. - 40 ه‍ -
الأقضية. 6. على بن أبى طالب (عليه السلام)، الإمام الأول، 23 ق. ه‍. - 40 ه‍ - الأصحاب. 7. على بن أبى طالب (عليه السلام)، الإمام
الأول، 23 ق. ه‍. - 40 ه‍ - إثبات الخلافة. الف. العنوان. ب. الطباطبائي، السيد محمد كاظم، 1344 ه‍. ش - المؤلف
المساعد. ج. الطباطبائي نژاد، السيد محمود، 1340 ه‍. ش -. المؤلف المساعد.
951 / 297
9 م 9 ر / 37 BP
موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ
المؤلف: محمد الريشهري
المساعدان: السيد محمد كاظم الطباطبائي، السيد محمود الطباطبائي نژاد
التحقيق: مركز بحوث دار الحديث
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
الطبعة: الثاني، 1425
المطبعة: دار الحديث
النسخ: 500
ثمن الدورة: 30000 تومان
مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية
مركز للطباعة والنشر
إيران: قم المقدسة، شارع معلم، رقم 125؛ هاتف: 7740545 - 7740523 0251
لبنان: بيروت، حارة حريك، شارع دكاش؛ هاتف: 559892 / 03 - 272664 / 01
hadith @ hadith. net
http: / / www. hadith. net

2
بسم الله الرحمن الرحيم

3
القسم الحادي عشر: علوم الإمام علي
وفيه فصول:
الفصل الأول: التعلم في مدرسة النبي
الفصل الثاني: المنزلة العلمية
الفصل الثالث: أنواع علومه
الفصل الرابع: قبسات من علمه

5
المدخل
يختص هذا القسم بدراسة المدى الذي يترامى على أطرافه علم الإمام
أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ إذ يتوفر من جهة على متابعة الجهود النبوية الحثيثة التي بذلها
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تنشئة الإمام معرفيا وإعداده علميا، كما يومئ من جهة اخرى
إلى الاستعداد العظيم الذي كان يتحلى به الإمام وسعته الوجودية وما بذله في
التعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتلقي منه، ومن ثم يكشف بالضرورة عن الموقع
الشاهق الذي يحظى به الإمام علميا وهيمنته المذهلة على العلوم.
إن متابعة هذا المسار، والتأمل في فصول القسم الحادي عشر يجذب الباحث
بقوة إلى علم الإمام، ويدفعه بشوق كي يطل على قبسات من علومه الممتدة،
ويطمح ببصره تلقاء رشفات من بحره الزخار. من هنا جاء هذا القسم وهو
يشتمل على قبسات من علمه كاستجابة طبيعية لذلك التطلع، كما يظهر ذلك جليا
من التدقيق في الفصول التي تنتظم القسم.
مع ذلك ليست هذه الجولة سوى غيض من فيض، وإن هي إلا إضمامة
متواضعة على هذا السبيل، وهي جهد المقل في بيان محض أمثلة من ينبوع العلم
العلوي، كما نؤكد أنه لا يمثل إلا شطرا ضئيلا مما وصلنا من المعرفة العلوية، على

7
أن ما وصلنا لا يمثل بدوره سوى شطر ضئيل أيضا مما بادر إلى بيانه الإمام،
وأعلنه على الامة، ثم ضاع ولم يصلنا خبره أو مادته وأثره لعوامل متعددة
ذكرت في مظانها.
عجيب هو علم الإمام، يثير التأمل في مدياته الممتدة الذهول والحيرى. إذا
رام القلم أن يخط من هذا العلم حقيقة واحدة سرعان ما يتراءى أمامه بحر زخار
تتدافع أمواجه، وتتباعد المسافة بين شطانه حتى تبلغ المدى الأقصى. بحر لا
ينزف هو علم الإمام، تتراكب أمواجه موج فوقه موج، شواطئ ممتدة على
الافق دون نهاية، وقعر ليس له قرار.
أنى للقلم أن يرقى إلى بيان علمه وهو " باب علم " النبي و " حكمته "، وأنى
للكلمات أن تتسلق إلى ذراه وهو " خزانة علم النبي " وجميع النبيين.
ثم كيف يقدر القلم أن يواكب علم علي (عليه السلام)، وفي مدى هذا العلم اجتمعت
جميع العلوم القرآنية، والمعارف الدينية، وعلم المنايا والبلايا؛ وقد كان صاحب
العلم ينظر إلى الماضي والحاضر كما ينظر إلى الذي بين يديه، يتبدى له كما
تتبدى الشمس في رابعة النهار!
(علم الكتب) (1) كله كان عند علي بن أبي طالب (عليه السلام) بنص الروايات، ولم يكن
عند آصف بن برخيا من هذا العلم إلا شيئا منه (عنده وعلم من الكتب) (2) وقد
استطاع أن يحضر عرش بلقيس عند سليمان (عليه السلام) من مسافة بعيدة بأقل من طرفة
عين. وعندئذ ينبغي التأمل ببصيرة وفكر في هذا العلم " علم من الكتاب " مقارنة



(1) الرعد: 43.
(2) النمل: 40.
8
بذلك العلم " علم الكتاب " لنتصور الفارق بين الاثنين، وفيما إذا كان بمقدور
الكلمات والصفحات والأقلام أن ترقى إلى بيان علم علي (عليه السلام) مهما بلغت، أو
تومئ إلى أبعاده!
كان علم الإمام من السعة بحيث أن شعاعا واحدا منه لو تبلج لكان حريا أن
يبهر العقول، ويأخذ بمجامع النفوس، ويبعث برعشة راحت تسري في
الأجساد، وذلك قوله (عليه السلام): " اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم
اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة ".
لقد برقت عن ينبوع الإمام المعرفي ومكنون علمه ومضات علمية ومعرفية
صدرت قبل أربعة عشر قرنا استجابة لمتطلبات ذلك العصر وتلبية لحاجات
الموقف إليها - لا أنها صدرت بدافع الواقع ونفس الأمر - راحت تلقي أضواء على
بداية الخليقة وانبثاق الوجود، وخلق الملائكة، وخلق السماوات والأرضين،
والإنسان، والحيوان، وأعطت رؤى مكثفة في المجتمع، وعلم النفس،
والتاريخ، والأدب، وأبدت إشارات في الفيزياء، وعلم الأرض " الجيولوجيا "
مما لا يزال يتسم بالجدة والحداثة لدى العلماء المعاصرين رغم التطور
والتكامل.
من تكون هذه أثارة من علمه وقبضة من معرفته، كيف يمكن تحديد أبعاد
علمه، والوقوف على مكنون معرفته؟
وهل يمكن تحري جميع الجوانب، ومعرفة كافة الزوايا في علم إنسان وقف
يصدع بعلو قامته، ويهتف بصلابة ورسوخ: " سلوني قبل أن تفقدوني "، ثم لم
يعجز عن جواب سؤال قط، ولم يسجل التاريخ مثيلا لهذه الظاهرة، ولم تعرف
الإنسانية في ماضيها وحاضرها من نطق بمثل هذه المقالة أبدا.

9
هالة من الغموض كانت ولا تزال تكتنف علم علي ومداه، ولا غرو فهذا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حق
معرفتك غير الله وغيري " (1).
إن القلم ليعجز، وتنكفئ الكلمات، ولن يكون أمام المرء مهما بلغت كفاءته إلا
الاعتراف بالعجز أمام هذه الظاهرة المدهشة.
على هذا يتحتم على الإنسان أن يكون كالمتنبي في الإفصاح عن عجزه في
بيان أبعاد المعرفة العلوية، حيث يكون الصمت في مثل هذا المشهد أبلغ من أي
نطق (2). ومن ثم ما أحرانا أن نرفع الأقلام صوب ساحته الغراء فنمسك عن
الكتابة لنصغي إليه وننصت له بأدب، عساه يفيض بشيء قليل مما عنده، ويبدي
قطرة من بحر علومه الزخار، وينشر وميضا من مكنون حقائقه.



(1) راجع: القسم التاسع / لا يعرف حق معرفته / ما عرفه إلا الله وأنا.
(2) راجع: القسم التاسع / علي عن لسان الشعراء / المتنبي.
10
الفصل الأول
التعلم في مدرسة النبي
1 / 1
شدة اهتمام النبي بتعليمه
4817 - الإمام علي (عليه السلام): كنت إذا سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاني، وإذا سكت
ابتدأني (1).
4818 - الطبقات الكبرى عن محمد بن عمر بن علي (عليه السلام): إنه قيل لعلي (عليه السلام): ما لك
أكثر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثا؟



(1) سنن الترمذي: 5 / 637 / 3722 عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو بن هند الحبلي و ص
640 / 3729، المستدرك على الصحيحين: 3 / 135 / 4630، خصائص أمير المؤمنين للنسائي:
221 / 119، المصنف لابن أبي شيبة: 7 / 495 / 7، اسد الغابة: 4 / 104 / 3789، تاريخ دمشق:
42 / 377؛ الأمالي للصدوق: 315 / 365 كلها عن عبد الله بن عمرو بن هند، غرر الحكم: 3779
و 7236 وفيه " أمسكت " بدل " سكت ".
11
فقال: إني كنت إذا سألته أنبأني، وإذا سكت ابتدأني (1).
4819 - الإمام علي (عليه السلام): كنت إذا سألته [(صلى الله عليه وآله)] أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت
مسائلي ابتدأني (2).
4820 - الطبقات الكبرى عن أبي البختري: أتينا عليا... قلنا: فأخبرنا عن نفسك
يا أمير المؤمنين.
قال: إياها أردتم! كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتدئت (3).
4821 - الإمام علي (عليه السلام): وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كان يسأله
ويستفهمه، حتى إن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ، فيسأله (عليه السلام) حتى
يسمعوا، وكان لا يمر بي من ذلك شيء إلا سألته عنه وحفظته (4).
4822 - التوحيد عن الأصبغ بن نباتة: لما جلس علي (عليه السلام) في الخلافة وبايعه الناس



(1) الطبقات الكبرى: 2 / 338، أنساب الأشراف: 2 / 351، تاريخ دمشق: 42 / 378، الصواعق
المحرقة: 123؛ المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 45.
(2) الكافي: 1 / 64 / 1، الخصال: 257 / 131، تحف العقول: 196، الاعتقادات: 121، الغيبة للنعماني:
80 / 10 وفيه " ابتدأت " بدل " سألته "، المسترشد: 235 / 67، بصائر الدرجات: 198 / 3 كلها عن
سليم بن قيس.
(3) الطبقات الكبرى: 2 / 346، المصنف لابن أبي شيبة: 7 / 495 / 6، المعجم الكبير: 6 / 214 / 6042،
تهذيب الكمال: 33 / 236 / 7305 كلاهما عن زاذان، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 223 / 120،
حلية الأولياء: 1 / 68، تاريخ دمشق: 42 / 377، كنز العمال: 13 / 128 / 36406 نقلا عن
المستدرك على الصحيحين عن هبيرة نحوه؛ الأمالي للصدوق: 324 / 377 عن المسيب بن نجبة،
الغارات: 1 / 178 عن أبي عمرو الكندي، الاحتجاج: 1 / 616 / 139 عن الأصبغ بن نباتة، شرح
الأخبار: 2 / 202 / 532 عن سلمان.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 210، الاحتجاج: 1 / 631 / 146 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عنه (عليهما السلام).
12
خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابسا بردة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، منتعلا
نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، متقلدا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصعد المنبر فجلس (عليه السلام) عليه
متمكنا، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه، ثم قال:
يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هذا ما زقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) زقا زقا، سلوني فإن عندي علم الأولين
والآخرين (1).
4823 - الإمام علي (عليه السلام) - بعد إخباره لحوادث آتية، فقال له بعض أصحابه: لقد
أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب! فضحك (عليه السلام)، وقال للرجل، وكان كلبيا -:
يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم وإنما علم الغيب
علم الساعة، وما عدده الله سبحانه بقوله (إن الله عنده وعلم الساعة وينزل الغيث
ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس م بأي أرض تموت)
الآية (2) فيعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو انثى، وقبيح أو جميل،
وسخي أو بخيل، وشقي أو سعيد، ومن يكون في النار حطبا، أو في الجنان
للنبيين مرافقا.
فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه
فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطم (3) عليه جوانحي (4).



(1) التوحيد: 305 / 1، الأمالي للصدوق: 422 / 560، الاحتجاج: 1 / 609 / 138؛ المناقب
للخوارزمي: 91 / 85، فرائد السمطين: 1 / 341 / 263 كلاهما عن أبي البختري نحوه.
(2) لقمان: 34.
(3) الاضطمام: من الضم، اضطممت الشيء: ضممته إلى نفسي (لسان العرب: 12 / 358).
(4) نهج البلاغة: الخطبة 128.
13
4824 - الإمام الصادق (عليه السلام): إن علم علي بن أبي طالب (عليه السلام) من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
فعلمناه نحن فيما علمناه، فالله فاعبد وإياه فارج (1).
4825 - المناقب لابن المغازلي عن ام سلمة: كان جبرئيل يمل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
ورسول الله يمل على علي (2).
راجع: أنواع علومه / علم القرآن.
كتاب " أهل البيت في الكتاب والسنة " / علم أهل البيت / مبادئ علومهم.
1 / 2
ساعة خاصة لتعليمه
4826 - الإمام علي (عليه السلام): كانت لي ساعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الليل ينفعني الله
عز وجل بما شاء أن ينفعني بها (3).
4827 - عنه (عليه السلام): كانت لي ساعة في السحر أدخل فيها على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن كان
قائما يصلي سبح بي، فكان ذاك إذنه لي، وإن لم يكن يصلي أذن لي (4).
4828 - عنه (عليه السلام): كانت لي منزلة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تكن لأحد من الخلائق،
فكنت آتيه كل سحر، فأقول: السلام عليك يا نبي الله! فإن تنحنح انصرفت إلى



(1) الاختصاص: 279، بصائر الدرجات: 295 / 1 كلاهما عن أبي يعقوب الأحول والأخير من دون
إسناد إلى المعصوم.
(2) المناقب لابن المغازلي: 253 / 302.
(3) مسند ابن حنبل: 1 / 317 / 1289 عن عبد الله بن نجي.
(4) مسند ابن حنبل: 1 / 167 / 570 عن عبد الله بن نجي و ص 172 / 598 عن القاسم بن أبي أمامة
نحوه، السنن الكبرى: 2 / 351 / 3339 و 3340، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 219 / 115
و 116 والأربعة الأخيرة عن عبد الله بن نجي و ص 217 / 114 عن نجي نحوه.
14
أهلي، وإلا دخلت عليه (1).
4829 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: ولقد علمتم أني كان لي منه [(صلى الله عليه وآله)]
مجلس سر لا يطلع عليه غيري (2).
4830 - عنه (عليه السلام): كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدخلان: مدخل بالليل، ومدخل
بالنهار، فكنت إذا أتيته وهو يصلي، يتنحنح لي (3).
4831 - عنه (عليه السلام): وقد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة،
فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لم يصنع
ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ذلك
في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني، وأقام عني نساءه. فلا
يبقى عنده غيري.
وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني، وكنت
إذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني.
فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها، وأملاها علي، فكتبتها
بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها،
وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب



(1) سنن النسائي: 3 / 12، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 220 / 118، مسند ابن حنبل:
1 / 184 / 647 نحوه وكلها عن نجي.
(2) شرح نهج البلاغة: 20 / 316 / 625.
(3) سنن ابن ماجة: 2 / 1222 / 3708، مسند ابن حنبل: 1 / 175 / 608، سنن النسائي: 3 / 12 كلها
عن عبد الله بن نجي، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 220 / 117 عن أبي نجي وفيهما " إذا دخلت
بالليل " بدل " إذا أتيته وهو يصلي ".
15
الله، ولا علما أملاه علي وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا.
وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، كان أو يكون،
ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية، إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس
حرفا واحدا.
ثم وضع يده على صدري، ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما، وحكما
ونورا، فقلت: يا نبي الله! بأبي أنت وامي، منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس
شيئا، ولم يفتني شيء لم أكتبه، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟
فقال: لا، لست أتخوف عليك النسيان والجهل (1).
راجع: القسم التاسع / علي عن لسان أصحاب النبي
/ أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك.
1 / 3
علمه ألف باب
4832 - الإمام علي (عليه السلام): علمني [(صلى الله عليه وآله)] ألف باب من العلم، فتح لي كل باب ألف
باب (2).



(1) الكافي: 1 / 64 / 1، الخصال: 257 / 131، الغيبة للنعماني: 80 / 10، كتاب سليم بن قيس:
2 / 624 / 10 كلاهما نحوه وكلها عن سليم بن قيس.
(2) الإرشاد: 1 / 34، إعلام الورى: 1 / 318 كلاهما عن عبد الله بن مسعود، الفصول المختارة: 106،
الاختصاص: 283، بصائر الدرجات: 303 / 6 كلاهما عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر
عنه (عليهما السلام)، الفضائل لابن شاذان: 87، كتاب سليم بن قيس: 2 / 801 / 30 وفيه " علمني مفتاح ألف "
بدل " علمني ألف " وكلاهما عن ابن عباس و ص 912 / 64 عن سليم، عوالي اللآلي: 4 / 123 / 207،
المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 36؛ فرائد السمطين: 1 / 101 / 70 كلاهما عن زيد بن علي عن أبيه
عن جده عنه (عليهم السلام)، تاريخ دمشق: 42 / 385 / 8992 عن عبد الله بن عمرو، البداية والنهاية: 7 / 360،
كنز العمال: 13 / 114 / 36372.
16
4833 - عنه (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) علمني ألف باب من العلم، يفتح كل باب ألف
باب، ولم يعلم ذلك أحدا غيري (1).
4834 - الإمام الباقر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) علم عليا (عليه السلام) ألف باب، يفتح كل باب
ألف باب (2).
4835 - الإمام علي (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) علمني ألف باب من الحلال والحرام،
ومما كان ومما يكون إلى يوم القيامة، كل باب منها يفتح ألف باب، فذلك ألف
ألف باب حتى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب (3).
راجع: القسم الثالث / أحاديث الوراثة / وارث علم النبي.
1 / 4
علمه ألف حرف
4836 - الإمام علي (عليه السلام): علمني [(صلى الله عليه وآله)] ألف حرف، الحرف يفتح ألف حرف (4).
4837 - الإمام الباقر (عليه السلام): علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ألف حرف، كل حرف يفتح



(1) الخصال: 572 / 1 عن مكحول.
(2) الخصال: 644 / 25 عن سالم بن أبي حفصة و ص 645 / 27 عن زرارة وراجع الكافي: 1 / 296 / 4
والخصال: 648 / 38 وبصائر الدرجات: 314 / 5 و ص 304 / 8.
(3) الخصال: 646 / 30 و ص 643 / 22، الاختصاص: 283 و ص 305، بصائر الدرجات: 305 / 11
وص 358 / 14 كلها عن الأصبغ بن نباتة.
(4) الخصال: 648 / 40 عن الحارث بن المغيرة، بصائر الدرجات: 308 / 6 عن الحارث بن المغيرة
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام).
17
ألف حرف (1).
1 / 5
علمه ألف كلمة
4838 - الإمام الباقر (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله) حدث عليا (عليه السلام) ألف كلمة، كل كلمة يفتح ألف
كلمة، فما يدري الناس ما حدثه (2).
4839 - الخصال عن ذريح بن محمد بن يزيد المحاربي: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول: نحن ورثة الأنبياء. ثم قال: جلل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) ثوبا، ثم علمه
ألف كلمة، كل كلمة يفتح ألف كلمة (3).
4840 - الإمام الجواد (عليه السلام): علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ألف كلمة، كل كلمة يفتح ألف
كلمة (4).
4841 - كنز العمال عن ابن عباس: إنه [(صلى الله عليه وآله)] علمه [(عليه السلام)] ألف ألف كلمة، كل كلمة
تفتح ألف كلمة (5).



(1) الكافي: 1 / 296 / 5، الخصال: 648 / 41، الاختصاص: 284 وليس فيه " كل حرف "، بصائر
الدرجات: 308 / 2 و ح 5 كلها عن أبي بكر الحضرمي.
(2) الخصال: 650 / 47، بصائر الدرجات: 310 / 6 وليس فيه ذيله وكلاهما عن عبد الله بن ميمون
القداح عن الإمام الصادق (عليه السلام).
(3) الخصال: 651 / 49، بصائر الدرجات: 309 / 4 و ص 310 / 9 وفيهما " حلل " بدل " جلل "،
الاصول الستة عشر: 88 نحوه.
(4) الخصال: 650 / 46 عن عبد الله بن المغيرة، بصائر الدرجات: 310 / 8 عن الحارث بن المغيرة عن
الإمام الباقر (عليه السلام).
(5) كنز العمال: 13 / 165 / 36500 نقلا عن الإسماعيلي في معجمه.
18
1 / 6
علمه ألف حديث
4842 - الإمام علي (عليه السلام): حدثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بألف حديث، لكل حديث ألف
باب (1).
4843 - الخصال عن الأصبغ بن نباتة: أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمسير إلى المدائن
من الكوفة، فسرنا يوم الأحد، وتخلف عمرو بن حريث في سبعة نفر، فخرجوا
إلى مكان بالحيرة (2) يسمى الخورنق (3)، فقالوا: نتنزه فإذا كان يوم الأربعاء
خرجنا فلحقنا عليا (عليه السلام) قبل أن يجمع (4)، فبينما هم يتغذون إذ خرج عليهم ضب
فصادوه، فأخذه عمرو بن حريث، فنصب كفه وقال: بايعوا، هذا أمير المؤمنين،
فبايعه السبعة وعمرو ثامنهم.
وارتحلوا ليلة الأربعاء فقدموا المدائن يوم الجمعة، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب
ولم يفارق بعضهم بعضا وكانوا جميعا حتى نزلوا على باب المسجد، فلما دخلوا
نظر إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسر إلي ألف
حديث في كل حديث ألف باب، لكل باب ألف مفتاح:
وإني سمعت الله جل جلاله يقول: (يوم ندعوا كل أناسم بإممهم) (5) وإني اقسم



(1) الخصال: 651 / 51 عن الأصبغ بن نباتة و ح 52، بصائر الدرجات: 314 / 3 كلاهما عن بكر بن
حبيب عن الإمام الباقر (عليه السلام) و ح 4 عن الأصبغ بن نباتة.
(2) الحيرة: مدينة على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف (معجم البلدان: 2 / 328).
(3) الخورنق: قصر كان بظهر الكوفة (معجم البلدان: 2 / 401).
(4) يجمع: أي يصلي، أو يصلون صلاة الجمعة (النهاية: 1 / 297).
(5) الإسراء: 71.
19
لكم بالله، ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر يدعون بإمامهم وهو ضب، ولو شئت أن
أسميهم لفعلت!
قال: فلقد رأيت عمرو بن حريث قد سقط كما تسقط السعفة حياء ولوما (1) (2).
1 / 7
إملاء النبي وكتابة علي
4844 - الإمام علي (عليه السلام): إن كل آية أنزلها الله جل وعلا على محمد (صلى الله عليه وآله) عندي
بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط يدي، وتأويل كل آية أنزلها الله على محمد (صلى الله عليه وآله)، وكل
حرام وحلال، أو حد أو حكم، أو شيء تحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة مكتوب
بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط يدي، حتى أرش الخدش (3).
4845 - الإمام الحسن (عليه السلام): إن العلم فينا، ونحن أهله، وهو عندنا مجموع كله
بحذافيره، وإنه لا يحدث شيء إلى يوم القيامة حتى أرش الخدش إلا وهو عندنا
مكتوب بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) بيده (4).
4846 - العلل لابن حنبل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: سألت الحسن بن علي عن



(1) الخصال: 644 / 26، الاختصاص: 283، بصائر الدرجات: 306 / 15.
(2) وردت أحاديث " الألف باب " بطرق مختلفة وبنقول كثيرة، ومن جملتها ما ورد في الخصال:
642 - 652 حيث ذكر فيه أكثر من ثلاثين رواية، وبصائر الدرجات: 302 - 315 وبحار الأنوار:
40 / 127 - 151.
(3) الاحتجاج: 1 / 356 / 56، كتاب سليم بن قيس: 2 / 657 / 11 كلاهما عن سليم بن قيس.
(4) الاحتجاج: 2 / 63 / 155، العدد القوية: 50 / 61 كلاهما عن عبد الله بن جعفر، بحار الأنوار:
44 / 100 / 9.
20
قول علي في الخيار، فدعا بربعة (1)، فأخرج منها صحيفة صفراء مكتوب فيها
قول علي في الخيار (2).
4847 - الإمام الباقر (عليه السلام): في كتاب علي (عليه السلام) كل شيء يحتاج إليه حتى الخدش
والأرش والهرش (3).
4848 - رجال النجاشي عن عذافر الصيرفي: كنت مع الحكم بن عتيبة عند
أبي جعفر (عليه السلام)، فجعل يسأله، وكان أبو جعفر (عليه السلام) له مكرما، فاختلفا في شيء،
فقال أبو جعفر (عليه السلام):
يا بني، قم فأخرج كتاب علي (عليه السلام).
فأخرج كتابا مدروجا عظيما، ففتحه وجعل ينظر حتى أخرج المسألة.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): هذا خط علي (عليه السلام) وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأقبل على الحكم وقال: يا أبا محمد، اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث
شئتم يمينا وشمالا، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم
جبرئيل (عليه السلام) (4).
4849 - الإمام الباقر (عليه السلام): وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا منعت
الزكاة منعت الأرض بركاتها (5).



(1) ربعة: إناء مربع (لسان العرب: 8 / 107).
(2) العلل لابن حنبل: 1 / 346 / 639.
(3) بصائر الدرجات: 164 / 5 و ص 148 / 6 وفيه " أرش الخدش والأرش " بدل " الخدش والأرش
والهرش " كلاهما عن عبد الله بن ميمون عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 26 / 35 / 59.
(4) رجال النجاشي: 2 / 261 / 967.
(5) الكافي: 3 / 505 / 17 عن أبي حمزة.
21
4850 - تهذيب الأحكام عن محمد بن مسلم: أقرأني أبو جعفر (عليه السلام) صحيفة كتاب
الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) بيده، فإذا فيها: إن السهام لا
تعول (1).
4851 - الكافي عن أبي الجارود (2) عن الإمام الباقر (عليه السلام): إن الحسين بن علي (عليهما السلام) لما
حضره الذي حضره، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) فدفع إليها كتابا
ملفوفا ووصية ظاهرة، وكان علي بن الحسين (عليهما السلام) مبطونا معهم لا يرون إلا أنه لما
به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين (عليه السلام)، ثم صار والله ذلك الكتاب
إلينا يا زياد.
قال: قلت: ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟
قال: فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا، والله
إن فيه الحدود، حتى إن فيه أرش الخدش (3).
4852 - الأمالي للطوسي عن يعقوب بن ميثم التمار مولى علي بن الحسين (عليهما السلام):
دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني وجدت
في كتب أبي أن عليا (عليه السلام) قال لأبي ميثم:... إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول:
(إن الذين ءامنوا وعملوا الصلحت أولئك هم خير البرية) (4)، ثم التفت إلي وقال: هم
والله أنت وشيعتك يا علي، وميعادك وميعادهم الحوض غدا، غرا
محجلين مكتحلين متوجين. فقال أبو جعفر (عليه السلام): هكذا هو عيانا في كتاب



(1) تهذيب الأحكام: 9 / 247 / 959، عوالي اللآلي: 2 / 152 / 424 عن الصادقين (عليهما السلام) نحوه.
(2) هو زياد بن المنذر الهمداني الأعمى.
(3) الكافي: 1 / 303 / 1، بصائر الدرجات: 148 / 9، الإمامة والتبصرة: 197 / 51.
(4) البينة: 7.
22
علي (عليه السلام) (1).
4853 - الإمام الصادق (عليه السلام): دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ودعا بدفتر، فأملى عليه
رسول الله صلى الله عليهما بطنه (2).
4854 - عنه (عليه السلام): إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، وإن الناس ليحتاجون
إلينا. وإن عندنا كتابا إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام)، صحيفة فيها كل حلال
وحرام (3).
4855 - عنه (عليه السلام): دفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) صحيفة مختومة باثني عشر خاتما
وقال: فض الأول واعمل به، وادفعها إلى الحسن (عليه السلام) يفض الثاني ويعمل به،
ويدفعها إلى الحسين (عليه السلام) يفض الثالث ويعمل بما فيه، ثم إلى واحد واحد من ولد
الحسين (عليهم السلام) (4).
4856 - الكافي عن معلى بن خنيس: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل محمد بن
عبد الله (5) فسلم ثم ذهب، فرق له أبو عبد الله (عليه السلام) ودمعت عيناه، فقلت له: لقد
رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع!
قال: رققت له لأنه ينسب إلى أمر ليس له، لم أجده في كتاب علي (عليه السلام) من



(1) الأمالي للطوسي: 405 / 909، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 831 / 4 نحوه، بحار الأنوار:
68 / 25 / 46.
(2) الاختصاص: 275 عن حنان بن سدير، بحار الأنوار: 39 / 152 / 5.
(3) الكافي: 1 / 241 / 6 عن بكر بن كرب الصيرفي.
(4) الغيبة للنعماني: 54 / 4 عن يونس بن يعقوب، بحار الأنوار: 36 / 210 / 11.
(5) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) (راجع قاموس الرجال (طبعة مركز
نشر الكتاب): 8 / 241 ومعجم رجال الحديث: 16 / 235 / 11083).
23
خلفاء هذه الامة ولا من ملوكها (1).
4857 - الكافي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن جنائز
الرجال والنساء إذا اجتمعت، فقال: يقدم الرجال في كتاب علي (عليه السلام) (2).
4858 - أدب الإملاء والاستملاء عن ام سلمة: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأديم وعلي بن
أبي طالب (رضي الله عنه) عنده، فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يملي وعلي يكتب حتى ملأ بطن
الأديم وظهره وأكارعه (3).
4859 - الإمامة والتبصرة عن ام سلمة: أقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) في بيته، ثم دعا
بجلد شاة، فكتب فيه حتى أكارعه (4).



(1) الكافي: 8 / 395 / 594، بصائر الدرجات: 168 / 1.
(2) الكافي: 3 / 175 / 6، الاستبصار: 1 / 472 / 1826.
(3) أدب الإملاء والاستملاء: 12.
(4) الإمامة والتبصرة: 174 / 28، بصائر الدرجات: 163 / 4 وفيه " ملأ أكارعه " بدل " أكارعه ".
24
الفصل الثاني
المنزلة العلمية
2 / 1
باب علم النبي
4860 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب (1).
4861 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب (2).



(1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 138 / 4639، المناقب لابن المغازلي: 80 / 120 كلاهما عن جابر
بن عبد الله و ص 81 / 121، المعجم الكبير: 11 / 55 / 11061، تاريخ بغداد: 4 / 348 / 2186 و ج
11 / 49، تاريخ دمشق: 42 / 379 / 8977 و ص 381 / 8981، اسد الغابة: 4 / 95 / 3789،
المناقب للخوارزمي: 83 / 69 والثمانية الأخيرة عن ابن عباس، الاستيعاب: 3 / 205 / 1875؛
صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 123 / 82 عن أحمد بن عامر الطائي عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)،
الاحتجاج: 1 / 196 / 37 عن أبان عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن عمار بن ياسر، شرح الأخبار:
1 / 89 / 2 عن ابن عباس، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 34.
(2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 137 / 4637 و ح 4638، تاريخ دمشق: 42 / 379 / 8978 كلها
عن ابن عباس و ص 383 / 8985 وفيه " الدار " بدل " المدينة "، تاريخ بغداد: 2 / 377 / 887 وفيه
" البيت " بدل " المدينة "، الفردوس: 1 / 44 / 106 والثلاثة الأخيرة عن جابر، كنز العمال:
13 / 148 / 36463؛ عيون أخبار الرضا: 1 / 233 / 1 عن الريان بن الصلت، تحف العقول: 430
كلاهما عن الإمام الرضا (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)، الفصول المختارة: 220، الصراط المستقيم: 2 / 19، عوالي
اللآلي: 4 / 123 / 205.
25
4862 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت باب
المدينة (1).
4863 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد الباب فليأت
عليا (2).
4864 - عنه (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنا مدينة العلم وأنت الباب، كذب من زعم أنه يصل إلى
المدينة إلا من الباب (3).
4865 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها، ولن تدخل المدينة إلا من
بابها (4).



(1) تاريخ دمشق: 42 / 378 / 8976، البداية والنهاية: 7 / 359 كلاهما عن الصنابحي عن الإمام
علي (عليه السلام).
(2) تاريخ دمشق: 42 / 380 / 8979، تذكرة الحفاظ: 4 / 1231 / 1047، فرائد السمطين: 1 / 98 / 67
كلها عن ابن عباس.
(3) المناقب لابن المغازلي: 85 / 126؛ الأمالي للطوسي: 578 / 1194، العمدة: 294 / 486 كلها
عن محمد بن عبد الله اللاحقي عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، الصراط المستقيم: 2 / 20، نهج الإيمان:
342.
(4) الخصال: 574 / 1 عن مكحول عن الإمام علي (عليه السلام)، المجازات النبوية: 207 / 166، مائة منقبة:
64 / 18 عن ابن عباس وفيه " تؤتى " بدل " تدخل "، كفاية الأثر: 184 عن ام سلمة وفيه " وما تؤتى "
بدل " لن تدخل "؛ المناقب لابن المغازلي: 82 / 122 عن جرير عن الإمام علي (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) وفيه " لا
تؤتى البيوت إلا من أبوابها " بدل " لن تدخل... ".
26
4866 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها، وهل تدخل المدينة إلا من بابها (1).
4867 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليقتبسه من علي (2).
4868 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا دار العلم وعلي بابها (3).
4869 - عنه (صلى الله عليه وآله): علي باب علمي، ومبين لامتي ما أرسلت به من بعدي (4).
4870 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا ميزان العلم وعلي كفتاه (5).
راجع: القسم التاسع / علي عن لسان النبي / باب الجنة.
2 / 2
باب حكمة النبي
4871 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكمة وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأت



(1) التوحيد: 307 / 1، الاختصاص: 238، الأمالي للصدوق: 425 / 560 كلها عن الأصبغ بن نباتة
عن الإمام الحسن (عليه السلام) و ص 655 / 891 عن الحسن بن راشد عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)،
تفسير فرات: 265 / 360 عن الإمام علي (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) وفيهما " تؤتى " بدل " تدخل ".
(2) الإرشاد: 1 / 33 عن أبي سعيد الخدري، بحار الأنوار: 40 / 203 / 7.
(3) ذخائر العقبى: 142، الرياض النضرة: 3 / 159، ينابيع المودة: 2 / 170 / 482 كلها عن الإمام
علي (عليه السلام).
(4) الفردوس: 3 / 65 / 4181 عن أبي ذر، ينابيع المودة: 2 / 240 / 672 عن أبي الدرداء، كنز العمال:
11 / 614 / 32981؛ كنز الفوائد: 2 / 67، كشف اليقين: 261 / 289 كلاهما عن أبي ذر،
بحار الأنوار: 40 / 76 / 112.
(5) الفردوس: 1 / 44 / 107 عن ابن عباس، ينابيع المودة: 2 / 242 / 679 عن عبد الله؛ الفضائل لابن
شاذان: 130 عن أنس بن مالك والزبير بن العوام، تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 105 / 10 عن الإمام
الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)، بحار الأنوار: 23 / 139 / 87.
27
الباب (1).
4872 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكم - أو الحكمة - وعلي بابها، فمن أراد المدينة
فليأت بابها (2).
4873 - عنه (صلى الله عليه وآله): معاشر الناس! أنا مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب بابها، ولن
تؤتى المدينة إلا من قبل الباب (3).
4874 - عنه (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنا مدينة الحكمة وأنت بابها، فمن أتى المدينة من
الباب وصل (4).
4875 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكمة وهي الجنة، وأنت يا علي بابها، فكيف يهتدي
المهتدي إلى الجنة؟! ولا يهتدي إليها إلا من بابها (5).
4876 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا دار الحكمة وعلي بابها (6).



(1) تاريخ بغداد: 11 / 204 / 5098، المناقب لابن المغازلي: 86 / 128 كلاهما عن ابن عباس؛
الأمالي للطوسي: 483 / 1055 عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عوالي اللآلي: 4 / 123 / 206.
(2) تاريخ دمشق: 42 / 382 / 8984 عن جابر بن عبد الله؛ الأمالي للصدوق: 619 / 843، بشارة
المصطفى: 230 كلاهما عن الريان بن الصلت عن الإمام الرضا (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله).
(3) الأمالي للصدوق: 188 / 197 عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام)
وص 342 / 408، كمال الدين: 241 / 65 كلاهما عن ابن عباس، بشارة المصطفى: 24 عن عبد الله
بن الفضل الهاشمي عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)، روضة الواعظين: 116.
(4) تفسير فرات: 64 / 29 عن علي بن سالم الأنصاري والحسين بن أبي العلاء وعاصم عن الإمام
الصادق (عليه السلام).
(5) الأمالي للصدوق: 472 / 632، الأمالي للطوسي: 431 / 964 كلاهما عن جابر عن الإمام الباقر
عن آبائه (عليهم السلام)، مائة منقبة: 148 / 94 عن أبي سعيد الخدري، روضة الواعظين: 134.
(6) سنن الترمذي: 5 / 637 / 3723، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 635 / 1081، تاريخ دمشق:
42 / 378 / 8975، حلية الأولياء: 1 / 64، البداية والنهاية: 7 / 359 كلها عن الصنابحي، المناقب
لابن المغازلي: 87 / 129 عن الصنابحي وكلها عن الإمام علي (عليه السلام) وزاد في آخره " فمن أراد الحكمة
فليأتها ".
28
4877 - عنه (صلى الله عليه وآله): معاشر الناس، أنا دار الحكمة وعلي مفتاحها، ولن يوصل إلى
الدار إلا بالمفتاح، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا (1).
4878 - عنه (صلى الله عليه وآله): أنا ميزان الحكمة وعلي لسانه (2).
2 / 3
خازن علم النبي
4879 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): معاشر الناس، من سره أن يتوالى ولاية الله فليقتد بعلي بن
أبي طالب، فإنه خزانة علمي (3).
4880 - عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: إني لم أسأل الله شيئا إلا أعطانيه... وسألته أن
يجعلك وصيي ووارثي وخازن علمي، ففعل (4).
4881 - الإمام علي (عليه السلام): أنا باب مدينة العلم وخازن علم رسول الله ووارثه (5).
4882 - عنه (عليه السلام): لقد علمت الكتاب، ولقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان وما



(1) الأمالي للصدوق: 434 / 574 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
(2) كتاب " شرح ديوان منسوب به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) " للميبدي (بالفارسية): 2 نقلا
عن الرسالة العقلية للغزالي، الغدير: 6 / 80.
(3) إرشاد القلوب: 293 عن ابن عباس.
(4) كتاب سليم بن قيس: 2 / 815 / 36.
(5) معاني الأخبار: 58 / 9، بشارة المصطفى: 12 كلاهما عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام).
29
يكون، وأنا أخو رسول الله وخازن علمه (1).
4883 - رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في علي (عليه السلام) -: هذا وصيي وخليفتي من بعدي، وخازن
سري (2).
4884 - الأمالي للصدوق عن أبي أمامة: كان علي (عليه السلام) إذا قال شيئا لم نشك فيه،
وذلك إنا سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: خازن سري بعدي علي (3).
2 / 4
عيبة علم النبي
4885 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي عيبة علمي (4).
4886 - عنه (صلى الله عليه وآله) - في وصف علي (عليه السلام) -: هو عيبة علمي (5).
4887 - عنه (صلى الله عليه وآله): هذا علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي (6).



(1) مشارق أنوار اليقين: 51 عن أبي سعيد الخدري، بحار الأنوار: 26 / 260 / 37.
(2) الفضائل لابن شاذان: 105 عن عمر، بحار الأنوار: 40 / 122 / 11.
(3) الأمالي للصدوق: 641 / 868، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 30، بحار الأنوار: 40 / 184 / 66.
(4) تاريخ دمشق: 42 / 385 / 8990 عن ابن عباس؛ شرح الأخبار: 2 / 205 / 533، المناقب لابن
شهر آشوب: 2 / 32، الصراط المستقيم: 2 / 10 عن ام سلمة.
(5) المناقب للخوارزمي: 87 / 77، فرائد السمطين: 1 / 332 / 257 كلاهما عن عبد الله، كفاية
الطالب: 312 عن سعيد بن زيد؛ علل الشرائع: 66 / 3 عن ابن عباس، اليقين: 290 / 104 عن
الرعلي عن الإمام علي (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) وعن زيد بن علي، الفضائل لابن شاذان: 6 عن جابر الجعفي عن
الإمام الباقر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله.
(6) المناقب للخوارزمي: 142 / 163، كفاية الطالب: 168، فرائد السمطين: 1 / 150 / 113؛ اليقين:
383 / 137 كلها عن ابن عباس، تفسير فرات: 545 / 700 عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
30
4888 - عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله جل جلاله جعل عليا وصيي، ومنار الهدى بعدي، وموضع
سري، وعيبة علمي (1).
2 / 5
وارث علم النبي
4889 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنت... وارث علمي (2).
4890 - عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: أنت وارث علمي، وأنت الإمام والخليفة بعدي،
تعلم الناس بعدي ما لا يعلمون (3).
4891 - عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: أنت وارث علمي، ومعدن حكمي، والإمام
بعدي (4).
4892 - عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: لتهنك الحكمة، ليهنك العلم يا أبا الحسن، وأنت
وارث علمي، والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي (5).



(1) الأمالي للصدوق: 359 / 443، بشارة المصطفى: 33 كلاهما عن عبد الرحمن بن كثير عن أبيه عن
الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام).
(2) الأمالي للصدوق: 383 / 489، بشارة المصطفى: 54 كلاهما عن ابن عباس، خصائص الأئمة (عليهم السلام):
75 عن أبي موسى الضرير البجلي عن أبي الحسن (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) وزاد في آخره " وحكمتي وسري
وعلانيتي "، كفاية الأثر: 121 عن عمار، مشارق أنوار اليقين: 52؛ ينابيع المودة: 1 / 397 / 17 عن
ابن عباس وراجع كمال الدين: 310 / 1 وعيون أخبار الرضا: 1 / 44 / 2.
(3) كفاية الأثر: 132 عن عمران بن حصين.
(4) كفاية الأثر: 167 عن داود بن أبي عوف، الصراط المستقيم: 2 / 154 كلاهما عن الإمام الحسن (عليه السلام).
(5) الأمالي للطوسي: 492 / 1077، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 355 كلاهما عن جابر بن عبد الله
وابن عباس، الصراط المستقيم: 2 / 13 عن أبي.
31
4893 - عنه (صلى الله عليه وآله): ليس أحد من امتي يعلم جميع علمي غير علي، وإن الله جل وعز
علمني علما لا يعلمه غيري، وعلم ملائكته ورسله علما، فكلما علمه ملائكته
ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله أن أعلمه إياه، ففعلت، فليس أحد من امتي يعلم
جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره (1).
4894 - عنه (صلى الله عليه وآله) - يوم الغدير -: معاشر الناس، ما من علم إلا وقد أحصاه الله في،
وكل علم علمت فقد أحصيته في إمام المتقين، وما من علم إلا علمته عليا، وهو
الإمام المبين (2).
4895 - عنه (صلى الله عليه وآله) - في علي (عليه السلام) -: فقلدوه دينكم، وأطيعوه في جميع اموركم؛ فإن
عنده جميع ما علمني الله عزوجل (3).
4896 - عنه (صلى الله عليه وآله): فوعزة ربي، ما علمني ربي شيئا إلا علمته عليا، وإنه بطرق
السماء أعرف منه بطرق الأرض (4).
4897 - الكافي عن حمران بن أعين عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن جبرئيل (عليه السلام) أتى



(1) كمال الدين: 263 / 10، إرشاد القلوب: 419، كتاب سليم بن قيس: 2 / 566 / 1 كلها عن سلمان
الفارسي وفيه " فقهي " بدل " حكمتي ".
(2) الاحتجاج: 1 / 144 / 32 عن علقمة بن محمد الحضرمي، روضة الواعظين: 105 كلاهما عن
الإمام الباقر (عليه السلام) وراجع اليقين: 350 / 127.
(3) الغيبة للنعماني: 71 / 8، كتاب سليم بن قيس: 2 / 761 / 25 كلاهما عن أبي الهيثم بن التيهان
وأبي أيوب وعمار وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين و ص 646 / 11، الاحتجاج: 1 / 344 / 56
كلاهما عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب وأبي ذر والمقداد وعمار وزاد في آخرهما " من علمه
وحكمته ".
(4) الفضائل لابن شاذان: 138 عن سلمان.
32
رسول الله (صلى الله عليه وآله) برمانتين، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إحداهما وكسر الاخرى بنصفين،
فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أخي، هل تدري ما هاتان الرمانتان؟ قال: لا.
قال: أما الاولى فالنبوة، ليس لك فيها نصيب، وأما الاخرى فالعلم، أنت
شريكي فيه.
فقلت: أصلحك الله، كيف كان يكون شريكه فيه؟
قال: لم يعلم الله محمدا (صلى الله عليه وآله) علما إلا وأمره أن يعلمه عليا (عليه السلام) (1).
راجع: القسم الثالث / أحاديث الوراثة.
2 / 6
وارث علم النبيين
4898 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد، وورث علم
الأوصياء، وعلم من كان قبله (2).
4899 - الإمام علي (عليه السلام): سلوني عن أسرار الغيوب، فإني وارث علوم الأنبياء
والمرسلين (3).



(1) الكافي: 1 / 263 / 1 و ح 2 عن زرارة و ح 3، الاختصاص: 279 كلاهما عن محمد بن مسلم وكلها
نحوه، بصائر الدرجات: 292 / 1 عن حمران وكلها عن الإمام الباقر (عليه السلام) وراجع ص 293 / 2 - 5.
(2) الكافي: 1 / 224 / 2 عن عبد الرحمن بن كثير، بصائر الدرجات: 121 / 1 عن عبد الرحمن بن بكير
الهجري و ص 294 / 10، الاختصاص: 279 كلاهما عن عبد الله بن بكير الهجري وزاد في آخرهما
" من الأنبياء والمرسلين " وكلها عن الإمام الباقر (عليه السلام).
(3) ينابيع المودة: 1 / 213 / 17.
33
4900 - الإمام الباقر (عليه السلام): لما أن قضى محمد نبوته، واستكمل أيامه، أوحى الله
تعالى إليه أن يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي
عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في أهل بيتك عند
علي بن أبي طالب، فإني لن أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم
وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء (1).
4901 - الكافي عن علي بن النعمان رفعه عن الإمام الباقر (عليه السلام): إن الله عز وجل جمع
لمحمد (صلى الله عليه وآله) سنن النبيين من آدم وهلم جرا إلى محمد (صلى الله عليه وآله). قيل له: وما تلك السنن؟
قال: علم النبيين بأسره، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صير ذلك كله عند
أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقال له رجل: يا بن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيين؟
فقال أبو جعفر (عليه السلام): اسمعوا ما يقول! إن الله يفتح مسامع من يشاء، إني حدثته
أن الله جمع لمحمد (صلى الله عليه وآله) علم النبيين وأنه جمع ذلك كله عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهو
يسألني أ هو أعلم أم بعض النبيين؟! (2)
4902 - الإمام الصادق (عليه السلام) - في حديث طويل ذكر فيه الأنبياء وأوصياءهم (عليهم السلام)، ثم
عرج بذكر النبي (صلى الله عليه وآله) ووصيته لعلي (عليه السلام) فقال -:... ثم أتاه جبرئيل فقال: يا محمد،
إنك قد قضيت نبوتك، واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم



(1) الكافي: 1 / 293 / 2 و ج 8 / 117 / 92، كمال الدين: 217 / 2، بصائر الدرجات: 469 / 3 كلها
عن أبي حمزة الثمالي وفيها " بيوتات " بدل " ذريات "، كفاية الأثر: 178 عن أبي خالد الكابلي عن
الإمام زين العابدين عن أبيه (عليهما السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) نحوه.
(2) الكافي: 1 / 222 / 6، بصائر الدرجات: 117 / 12، الخرائج والجرائح: 2 / 797 / 6 عن الحسين
بن علوان عن الإمام الصادق (عليه السلام) نحوه.
34
وآثار علم النبوة عند علي (عليه السلام)، فإني لم أترك الأرض إلا ولي فيها عالم تعرف به
طاعتي وتعرف به ولايتي، ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج
النبي الآخر.
قال: فأوصى إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة، وأوصى إليه
بألف كلمة وألف باب، يفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب (1).
4903 - الإمام الصادق (عليه السلام): إن في علي (عليه السلام) سنة ألف نبي من الأنبياء، وإن العلم
الذي نزل مع آدم (عليه السلام) لم يرفع، وما مات عالم فذهب علمه، والعلم يتوارث (2).
4904 - الإمام الرضا (عليه السلام): علي بن أبي طالب (عليه السلام)... وارث علم النبيين
والمرسلين (3).
2 / 7
أعلم الامة
4905 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب أعلم امتي (4).
4906 - عنه (صلى الله عليه وآله): أعلم امتي من بعدي علي بن أبي طالب (5).



(1) الكافي: 1 / 296 / 3 عن عبد الحميد بن أبي الديلم، تفسير فرات: 398 / 530 عن عبد الرحمن بن
كثير عن الإمام الباقر (عليه السلام) نحوه.
(2) الكافي: 1 / 222 / 4 عن الفضيل بن يسار، بصائر الدرجات: 114 / 2 عن فضيل عن الإمام
الباقر (عليه السلام).
(3) عيون أخبار الرضا: 2 / 122 / 1 عن الفضل بن شاذان.
(4) الإرشاد: 1 / 33 عن ابن عباس، بحار الأنوار: 40 / 144 / 49.
(5) الفردوس: 1 / 370 / 1491، المناقب للخوارزمي: 82 / 67، كفاية الطالب: 332، فرائد
السمطين: 1 / 97 / 66؛ الأمالي للصدوق: 642 / 870، شرح الأخبار: 1 / 126 / 58 و ج
2 / 310 / 636، المناقب للكوفي: 1 / 386 / 304 كلها عن سلمان الفارسي، المناقب لابن
شهر آشوب: 2 / 32.
35
4907 - عنه (صلى الله عليه وآله) - في وصف علي (عليه السلام) -: أقدم امتي سلما، وأكثرهم علما (1).
4908 - عنه (صلى الله عليه وآله): علي أشجع الناس قلبا، وأعلم الناس علما (2).
4909 - عنه (صلى الله عليه وآله): أعلمكم علي بن أبي طالب (3).
4910 - عنه (صلى الله عليه وآله): علي المحيي لسنتي من بعدي ومعلم امتي والقائم بحجتي (4).
4911 - عنه (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: أنت أقرأهم لكتاب الله عزوجل، وأعلمهم



(1) مسند ابن حنبل: 7 / 288 / 20329 عن معقل بن يسار، المصنف لابن أبي شيبة: 7 / 505 / 68،
المعجم الكبير: 1 / 94 / 156، أنساب الأشراف: 2 / 354 والثلاثة الأخيرة عن أبي إسحاق، المناقب
لابن المغازلي: 102 / 144 وفيه " أعلمهم " بدل " أكثرهم "، المناقب للخوارزمي: 112 / 122؛
الخصال: 412 / 16، المناقب للكوفي: 1 / 254 / 168 والأربعة الأخيرة عن أبي أيوب الأنصاري
وص 279 / 193 عن بكر بن عبد الله المزني، كمال الدين: 263 / 10 عن سلمان الفارسي، الإرشاد:
1 / 36 عن أبي سعيد الخدري، الأمالي للطوسي: 155 / 256 عن أبي أيوب و ص 248 / 436 و ص
633 / 1035 كلاهما عن الحارث عن الإمام علي (عليه السلام)، الأمالي للصدوق: 101 / 77 عن مقاتل بن
سليمان عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) والثلاثة الأخيرة عنه (صلى الله عليه وآله)، مائة منقبة: 74 / 25 عن جابر بن
عبد الله وراجع الاستيعاب: 3 / 203 / 1875.
(2) المناقب لابن المغازلي: 151 / 188، المناقب للخوارزمي: 290 / 279؛ الأمالي للصدوق:
524 / 709، بشارة المصطفى: 174، الفضائل لابن شاذان: 102، المناقب للكوفي:
2 / 595 / 1100 كلها عن ابن عباس.
(3) الكافي: 7 / 424 / 6، تهذيب الأحكام: 6 / 306 / 849، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 84 كلها عن عمر.
(4) الاحتجاج: 1 / 298 / 52، المناقب للكوفي: 1 / 225 / 142 و ص 416 / 330 كلها عن عبد الله
بن الحسن عن أبيه، اليقين: 449 / 170 عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن جده وكلها عن الإمام
علي (عليه السلام) عن أبي بن كعب.
36
بسنتي (1).
4912 - تاريخ بغداد عن أنس: قيل: يا رسول الله، عمن نكتب العلم؟
قال: عن علي وسلمان (2).
4913 - مسند ابن حنبل عن هبيرة: خطبنا الحسن بن علي (رضي الله عنه) [بعد مقتل الإمام
علي (عليه السلام)] فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس، لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه
الآخرون (3).
4914 - أنساب الأشراف عن أبي إسحاق: مر رجل على سلمان، فقال: أرى عليا
يمر بين ظهرانيكم فلا تقومون فتأخذون بحجزته (4)، فوالذي نفسي بيده
لا يخبركم أحد بسر نبيكم بعده (5).
4915 - الأمالي للصدوق عن زر بن حبيش: مر علي (عليه السلام) على بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وسلمان في ملأ فقال سلمان: أ لا تقومون تأخذون بحجزته تسألونه؟ فوالذي



(1) الاحتجاج: 1 / 363 / 60 عن سليم بن قيس، كتاب سليم بن قيس: 2 / 601 / 6 وفيه " بسنن الله "
بدل " بسنتي "، الفضائل لابن شاذان: 123 وكلها عن سلمان والمقداد وأبي ذر، بحار الأنوار:
40 / 1 / 1.
(2) تاريخ بغداد: 4 / 158 / 1830.
(3) مسند ابن حنبل: 1 / 425 / 1719 و ص 426 / 1720 عن عمرو بن حبشي، فضائل الصحابة لابن
حنبل: 2 / 601 / 1026 عن أبي رزين و ص 595 / 1013 و ج 1 / 548 / 922، المصنف لابن
أبي شيبة: 7 / 502 / 47 كلها عن عمرو بن حبشي و ص 499 / 31 عن عاصم بن ضمرة، حلية
الأولياء: 1 / 65، البداية والنهاية: 7 / 333؛ مسائل علي بن جعفر: 328 / 818 عن عمر بن علي،
بشارة المصطفى: 240 عن عامر بن واثلة.
(4) الحجزة: موضع شد الإزار، فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسك بالشيء (النهاية: 1 / 344).
(5) أنساب الأشراف: 2 / 406 وراجع الأمالي للمفيد: 354 / 6 والأمالي للطوسي: 124 / 194
وبشارة المصطفى: 124 و ص 265 والمناقب للكوفي: 2 / 532 / 1032 و ص 439 / 923.
37
فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لا يخبركم بسر نبيكم أحد غيره، وإنه لعالم الأرض
وربانيها وإليه تسكن، لو فقدتموه لفقدتم العلم وأنكرتم الناس (1).
4916 - اسد الغابة عن ابن عباس: إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل عنه إلى
غيره (2).
4917 - الأمالي للمفيد عن سعيد بن المسيب: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن
علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له ابن عباس: إن علي بن أبي طالب صلى القبلتين،
وبايع البيعتين، ولم يعبد صنما ولا وثنا، ولم يضرب على رأسه بزلم (3) ولا قدح،
ولد على الفطرة، ولم يشرك بالله طرفة عين.
فقال الرجل: إني لم أسألك عن هذا، إنما سألتك عن حمله سيفه على عاتقه
يختال به حتى أتى البصرة، فقتل بها أربعين ألفا، ثم سار إلى الشام فلقي
حواجب (4) العرب، فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم، ثم أتى النهروان وهم
مسلمون فقتلهم عن آخرهم.
فقال له ابن عباس: أ علي أعلم عندك أم أنا؟
فقال: لو كان علي أعلم عندي منك لما سألتك.
قال: فغضب ابن عباس حتى اشتد غضبه، ثم قال: ثكلتك امك علي علمني،



(1) الأمالي للصدوق: 641 / 869، الأمالي للمفيد: 138 / 2 وفيه " زرها " بدل " ربانيها "، شرح
الأخبار: 2 / 281 / 591.
(2) اسد الغابة: 4 / 96 / 3789، تاريخ دمشق: 42 / 407، الاستيعاب: 3 / 207 / 1875 نحوه.
(3) واحد الأزلام: وهي القداح التي كانت في الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهي: افعل ولا تفعل، كان
الرجل منهم يضعها في وعاء له، فإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما، فإن
خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله (النهاية: 2 / 311).
(4) حواجب الشمس: نواحيها (لسان العرب: 1 / 299).
38
كان علمه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) علمه الله من فوق عرشه، فعلم
النبي (صلى الله عليه وآله) من الله، وعلم علي من النبي، وعلمي من علم علي، وعلم أصحاب
محمد كلهم في علم علي (عليه السلام) كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر (1).
4918 - المصنف عن عبد الملك بن أبي سليمان: قلت لعطاء: كان في أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد أعلم من علي؟ قال: لا، والله أعلمه! (2)
4919 - مقتل أمير المؤمنين عن عبد الملك بن أبي سليمان: قلت لعطاء: أكان أحد
من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفقه من علي (عليه السلام)؟ قال: لا، والله ما علمته (3).
4920 - الكافي عن أبي سعيد الخدري: كنت حاضرا لما هلك أبو بكر واستخلف
عمر، أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب، وتزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل
زمانه، حتى رفع إلى عمر، فقال له: يا عمر، إني جئتك اريد الإسلام، فإن
أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما
اريد أن أسأل عنه.
قال: فقال له عمر: إني لست هناك، لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا
بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك - فأومأ إلى علي (عليه السلام) - (4).
4921 - الغارات عن علي بن محمد بن أبي سيف عن أصحابه - في بيان اهتمام



(1) الأمالي للمفيد: 235 / 6، الأمالي للطوسي: 11 / 14، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 30 عن ابن
عباس نحوه من " علمه من رسول الله... ".
(2) المصنف لابن أبي شيبة: 7 / 502 / 46، اسد الغابة: 4 / 95 / 3789، الاستيعاب: 3 / 206 / 1875،
تاريخ دمشق: 42 / 410، الرياض النضرة: 3 / 160؛ شرح الأخبار: 1 / 91 / 7 وج 2 / 310 / 635،
المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 30، كشف الغمة: 1 / 117.
(3) مقتل أمير المؤمنين: 107 / 97.
(4) الكافي: 1 / 531 / 8، الغيبة للطوسي: 152 / 113، كشف الغمة: 3 / 296، إعلام الورى: 2 / 167.
39
محمد بن أبي بكر بكتاب الإمام علي (عليه السلام) حين ولاه مصر والذي كان فيه علم
كثير -: كان ينظر فيه ويتعلمه ويقضي به، فلما ظهر عليه وقتل، أخذ عمرو بن
العاص كتبه أجمع، فبعث بها إلى معاوية بن أبي سفيان، وكان معاوية ينظر في
هذا الكتاب ويعجبه.
فقال الوليد بن عقبة وهو عند معاوية لما رأى إعجاب معاوية به: مر بهذه
الأحاديث أن تحرق! فقال له معاوية: مه يا بن أبي معيط، إنه لا رأي لك.
فقال له الوليد: إنه لا رأي لك أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث
أبي تراب عندك؟! تتعلم منها وتقضي بقضائه؟! فعلام تقاتله؟!
فقال معاوية: ويحك! أ تأمرني أن أحرق علما مثل هذا؟! والله ما سمعت
بعلم أجمع منه ولا أحكم ولا أوضح.
فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله؟
فقال معاوية: لولا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لأخذنا عنه، ثم سكت
هنيئة ثم نظر إلى جلسائه، فقال: إنا لا نقول: إن هذه من كتب علي بن أبي طالب
ولكنا نقول: إن هذه من كتب أبي بكر الصديق كانت عند ابنه محمد، فنحن نقضي
بها ونفتي.
فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني امية حتى ولي عمر بن عبد العزيز، فهو
الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فلما بلغ علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن ذلك الكتاب صار إلى معاوية اشتد ذلك
عليه (1).



(1) الغارات: 1 / 251، بحار الأنوار: 33 / 550 / 720؛ شرح نهج البلاغة: 6 / 72 وليس فيه " فلما بلغ
علي بن أبي طالب... ".
40
4922 - تفسير فرات عن كعب الأخبار: إني لأعلم أن أعلم هذه الامة علي بن
أبي طالب (عليه السلام) بعد نبيها؛ لأني لم أسأله عن شيء إلا وجدت عنده علما تصدقه به
التوراة وجميع كتب الأنبياء (1).
4923 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فاعطي علي تسعة أجزاء،
والناس جزءا واحدا (2).
4924 - عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل فرض العلم على ستة أجزاء، فأعطى عليا (عليه السلام)
خمسة أجزاء، وأسهم له في الجزء الآخر (3).
4925 - عنه (صلى الله عليه وآله): العلم خمسة أجزاء، اعطي علي بن أبي طالب من ذلك أربعة
أجزاء، واعطي سائر الناس جزءا واحدا، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا،
لعلي بجزء الناس أعلم (4).
4926 - الاستيعاب عن عبد الله بن عباس: والله لقد اعطي علي بن أبي طالب تسعة
أعشار العلم، وأيم الله، لقد شارككم في العشر العاشر (5).



(1) تفسير فرات: 184 / 235.
(2) تاريخ دمشق: 42 / 384 / 8988 و 8989، حلية الأولياء: 1 / 65، المناقب لابن المغازلي:
287 / 328، البداية والنهاية: 7 / 360 كلها عن عبد الله، الفردوس: 3 / 227 / 4666، المناقب
للخوارزمي: 82 / 68 كلاهما عن ابن مسعود، كنز العمال: 11 / 615 / 32982 وزاد فيه " وعلي
أعلم بالواحد منهم ".
(3) مختصر بصائر الدرجات: 67 عن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بصائر الدرجات: 518 / 52 عن
أبي بصير عنه (صلى الله عليه وآله).
(4) مائة منقبة: 133 / 78 عن أبي سعيد الخدري.
(5) الاستيعاب: 3 / 207 / 1875، اسد الغابة: 4 / 96 / 3789، ذخائر العقبى: 143، مطالب السؤول:
30؛ المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 30 وفيهما " وإنه لأعلمهم بالعشر الباقي " بدل " وأيم الله لقد... "،
كشف الغمة: 1 / 117.
41
4927 - المناقب للخوارزمي عن ابن عباس: العلم ستة أسداس، لعلي بن
أبي طالب (عليه السلام) خمسة أسداس، وللناس سدس، ولقد شاركنا في السدس حتى
لهو أعلم به منا (1).
4928 - الكامل في التاريخ عن ابن عباس: قسم علم الناس خمسة أجزاء، فكان
لعلي منها أربعة أجزاء، ولسائر الناس جزء شاركهم علي فيه فكان أعلمهم به (2).
2 / 8
لم ينس ما سمعه
4929 - أنساب الأشراف عن مكحول: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وتعيهآ أذن وعية) (3)
فقال: يا علي، سألت الله أن يجعلها أذنك.
قال علي: فما نسيت حديثا أو شيئا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (4).
4930 - الإمام الباقر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): اكتب ما املي
عليك.
قال: يا نبي الله أ تخاف علي النسيان؟ فقال: لست أخاف عليك النسيان، وقد



(1) المناقب للخوارزمي: 92 / 88 و ح 89، مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 44، فرائد السمطين:
1 / 369 / 298؛ شرح الأخبار: 2 / 312 / 641، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 31 عن عمر،
كشف الغمة: 1 / 117.
(2) الكامل في التاريخ: 2 / 441، تاريخ دمشق: 42 / 407.
(3) الحاقة: 12.
(4) أنساب الأشراف: 2 / 363، تفسير الطبري: 14 / الجزء 29 / 55، الدر المنثور: 8 / 267.
42
دعوت الله لك أن يحفظك ولا ينسيك، ولكن اكتب لشركائك.
قال: قلت: ومن شركائي يا نبي الله؟
قال: الأئمة من ولدك، بهم تسقى امتي الغيث، وبهم يستجاب دعاؤهم، وبهم
يصرف الله عنهم البلاء، وبهم تنزل الرحمة من السماء، وهذا أولهم - وأومأ بيده
إلى الحسن (عليه السلام)، ثم أومأ بيده إلى الحسين (عليه السلام) - ثم قال (عليه السلام): الأئمة من ولده (1).
4931 - الإمام علي (عليه السلام): ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها
وأملاها علي، فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها
ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها
وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا علما أملاه علي وكتبته، منذ دعا الله
لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو
يكون، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته،
فلم أنس حرفا واحدا.
ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما، وحكما
ونورا، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وامي، منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس
شيئا، ولم يفتني شيء لم أكتبه، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟
فقال: لا، لست أتخوف عليك النسيان والجهل (2).



(1) كمال الدين: 206 / 21، الأمالي للطوسي: 441 / 989، الأمالي للصدوق: 485 / 659، الإمامة
والتبصرة: 183 / 38 والثلاثة الأخيرة عن الإمام الباقر عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله)، بصائر الدرجات:
167 / 22 كلها عن أبي الطفيل.
(2) الكافي: 1 / 64 / 1، الخصال: 257 / 131، كمال الدين: 284 / 37، تفسير العياشي: 1 / 14 / 2
وص 253 / 177، كتاب سليم بن قيس: 2 / 624 / 10 نحوه وكلها عن سليم بن قيس.
43
4932 - عنه (عليه السلام): دعا [رسول الله (صلى الله عليه وآله)] الله أن يحفظني ويفهمني، فما نسيت شيئا
قط مذ دعا لي (1).
4933 - عنه (عليه السلام): ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا إلا حفظته ووعيته، ولم أنسه (2).
4934 - عنه (عليه السلام): والله ما ضللت ولا ضل بي، ولا نسيت الذي قيل لي (3).
4935 - عنه (عليه السلام): والله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بي، ولا نسيت ما
عهد إلي (4).
راجع: القسم التاسع / علي عن لسان القرآن / اذن واعية.
2 / 9
لم يجد حملة لعلمه
4936 - الإمام علي (عليه السلام): اندمجت (5) على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم
اضطراب الأرشية (6) في الطوي (7) البعيدة (8).



(1) الغيبة للنعماني: 80 / 10 عن سليم بن قيس.
(2) المناقب للخوارزمي: 283 / 278؛ سعد السعود: 108، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 715 / 4
كلاهما عن مكحول وفيهما " كان علي يقول... "، بحار الأنوار: 35 / 329 / 8.
(3) تاريخ دمشق: 42 / 534 عن أبي وائل.
(4) تاريخ دمشق: 42 / 396 عن عبد الله بن يحيى، ينابيع المودة: 1 / 240 / 13 عن جابر الجعفي عن
الإمام الباقر عن أبيه عن جده عنه (عليهم السلام)؛ الأمالي للطوسي: 261 / 473 عن عبد الله بن نجي، الأمالي
للصدوق: 491 / 668، وقعة صفين: 315 كلاهما عن جابر عن الإمام الباقر عنه (عليهما السلام)، المزار للشهيد
الأول: 74.
(5) اندمجت: أي اجتمعت عليه، وانطويت واندرجت (النهاية: 2 / 132).
(6) الأرشية: جمع رشاء وهو الحبل (لسان العرب: 14 / 322).
(7) الطوي: البئر المطوية بالحجارة (لسان العرب: 15 / 19).
(8) نهج البلاغة: الخطبة 5، الاحتجاج: 1 / 246 / 48 وفيه " لو بحت بما أنزل الله سبحانه في كتابه
فيكم " بدل " اندمجت على مكنون علم لو بحت به "؛ تذكرة الخواص: 128 وليس فيه " مكنون "،
النهاية في غريب الحديث: 2 / 132، لسان العرب: 2 / 275، تاج العروس: 3 / 374.
44
4937 - عنه (عليه السلام): ليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس؛ لأن
منهم القوي والضعيف، ولأن منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله إلا من
يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه (1).
4938 - عنه (عليه السلام) - لكميل بن زياد النخعي -: ها إن هاهنا لعلما جما - وأشار بيده
إلى صدره - لو أصبت له حملة! بلى أصبت لقنا (2) غير مأمون عليه، مستعملا آلة
الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا
لحملة الحق، لا بصيرة له في أحنائه (3)، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من
شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك! أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع
والادخار، ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شيء شبها بهما الأنعام السائمة!
كذلك يموت العلم بموت حامليه (4) (5).



(1) التوحيد: 268، تفسير الصافي: 1 / 489، بحار الأنوار: 93 / 141 / 2.
(2) لقنا: أي فهما غير ثقة (النهاية: 4 / 266).
(3) أحناء الامور: أطرافها ونواحيها (لسان العرب: 14 / 204).
(4) وفي فيض القدير (6 / 410): وقال علي كرم الله وجهه - وأشار إلى صدره -: إن هاهنا علما جما لو
وجدت له حملة... قال الغزالي: وصدق؛ فقلوب الأبرار قبور الأسرار، فلا ينبغي أن يفشي العالم كل
ما يعلمه إلى كل أحد، هذا إذا كان من يفهمه كيسا أهلا للانتفاع به فكيف بمن لا يفهمه؟! وقيل في قوله
تعالى: (ولا تؤتوا السفهآء أموالكم) الآية (النساء: 5) إنه نبه به على هذا المعنى وذلك لأنه لما منعنا من
تمكين السفيه من المال الذي هو عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر تفاديا أنه ربما يؤديه إلى هلاك
دنيوي، فلأن يمنع عن تمكينه من حقائق العلوم التي إذا تناولها السفيه أداه إلى ضلال وإضلال وهلاك
وإهلاك.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 147، الإرشاد: 1 / 228، الأمالي للمفيد: 249 / 3، كمال الدين: 291 / 2،
الخصال: 186 / 257، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 105، الأمالي للطوسي: 20 / 23، الغارات: 1 / 150،
تاريخ اليعقوبي: 2 / 206، شرح الأخبار: 2 / 370 / 732 كلها عن كميل بن زياد، تحف العقول:
170؛ حلية الأولياء: 1 / 80 كلها نحوه، تاريخ بغداد: 6 / 379 / 3413 وفيه إلى " للدنيا " وكلاهما
عن كميل بن زياد.
45
4939 - عنه (عليه السلام): إن هاهنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - ولكن طلابه يسيرة،
وعن قليل يندمون لو قد يفقدوني (1).
4940 - عنه (عليه السلام): إن في صدري هذا لعلما جما، علمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لو أجد له
حفظة يرعونه حق رعايته ويروونه كما يسمعونه مني إذا لأودعتهم بعضه، فعلم
به كثيرا من العلم، إن العلم مفتاح كل باب، وكل باب يفتح ألف باب (2).
4941 - الإمام الصادق (عليه السلام): قدم وفد من أهل فلسطين على الباقر (عليه السلام)، فسألوه عن
مسائل، فأجابهم:... لم يجد جدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حملة لعلمه حتى كان
يتنفس الصعداء، ويقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين الجوانح (3)
مني علما جما، ها هاه ألا لا أجد من يحمله! (4)
4942 - المزار الكبير عن ميثم: أصحر (5) بي مولاي أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (عليه السلام) ليلة من الليالي، حتى خرج من الكوفة وانتهى إلى مسجد جعفي،



(1) علل الشرائع: 40 / 1، عيون أخبار الرضا: 1 / 205 / 1 كلاهما عن أبي الصلت عن الإمام الرضا عن
آبائه (عليهم السلام).
(2) الخصال: 645 / 29، الاختصاص: 283، بصائر الدرجات: 305 / 12 كلها عن أبي إسحاق
السبيعي عن بعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ممن يثق به.
(3) الجوانح: أوائل الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر، كالضلوع مما يلي الظهر، سميت بذلك
لجنوحها على القلب (لسان العرب: 2 / 429).
(4) التوحيد: 92 / 6 عن وهب بن وهب القرشي وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 38.
(5) أصحر الرجل: إذا خرج إلى الصحراء (النهاية: 3 / 12).
46
توجه إلى القبلة وصلى أربع ركعات، فلما سلم وسبح بسط كفيه وقال: " إلهي
كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك... " وأخفت دعاءه،
وسجد وعفر وقال: العفو العفو، مائة مرة، وقام وخرج واتبعته حتى خرج إلى
الصحراء، وخط لي خطة وقال: إياك أن تجاوز هذه الخطة، ومضى عني.
وكانت ليلة دلهمة (1)، فقلت: يا نفسي أسلمت مولاك وله أعداء كثيرة، أي
عذر يكون لك عند الله وعند رسوله؟! والله لأقفن أثره، ولأعلمن خبره، وإن
كنت قد خالفت أمره، وجعلت أتبع أثره، فوجدته (عليه السلام) مطلعا في البئر إلى نصفه
يخاطب البئر والبئر تخاطبه، فحس بي، والتفت (عليه السلام) وقال: من؟ قلت: ميثم.
فقال: يا ميثم، ألم آمرك أن لا تجاوز الخطة؟ قلت: يا مولاي، خشيت عليك
من الأعداء، فلم يصبر لذلك قلبي.
فقال: أ سمعت مما قلت شيئا؟ قلت: لا يا مولاي. فقال: يا ميثم
وفي الصدر لبانات (2) * إذا ضاق لها صدري
نكت الأرض بالكف * وأبديت لها سري
فمهما تنبت الأرض * فذاك النبت من بذري (3)



(1) في المصدر: " دلهة "، وما أثبتناه من المزار للشهيد الأول وليل دلهم: مظلم (المحيط في اللغة:
4 / 136).
(2) جمع اللبانة: الحاجة من غير فاقة ولكن من همة (لسان العرب: 13 / 377).
(3) المزار الكبير: 149 و ص 153، المزار للشهيد الأول: 270 و ص 275.
47
الفصل الثالث
أنواع علومه
3 / 1
علم الكتاب
4943 - الإمام علي (عليه السلام): في قول الله تبارك وتعالى: (قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم
ومن عنده وعلم الكتب) (1) أنا هو الذي عنده علم الكتاب (2).
4944 - المناقب لابن المغازلي عن عبد الله بن عطاء: كنت عند أبي جعفر جالسا
إذ مر عليه ابن عبد الله بن سلام، قلت: جعلني الله فداك، هذا ابن الذي عنده علم
من الكتاب؟ قال: لا، ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب الذي نزلت فيه آيات
من كتاب الله عز وجل، الذي عنده علم من الكتاب (3).



(1) الرعد: 43.
(2) بصائر الدرجات: 216 / 21 عن سلمان.
(3) المناقب لابن المغازلي: 314 / 358، شواهد التنزيل: 1 / 402 / 425؛ تفسير الحبري: 28 / 41
وليس فيهما " الذي نزلت فيه... "، شرح الأخبار: 2 / 347 / 698 كلها نحوه وراجع تفسير العياشي:
2 / 220 / 77 والعمدة: 290 / 476 والمناقب لابن شهر آشوب: 2 / 29.
49
4945 - الإمام الحسين (عليه السلام): نحن الذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه، وليس
لأحد من خلقه ما عندنا، لأنا أهل سر الله (1).
4946 - الكافي عن عبد الرحمن بن كثير عن الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى:
(قال الذي عنده وعلم من الكتب أنا ءاتيك به ى قبل أن يرتد إليك طرفك) (2) -: ففرج
أبو عبد الله (عليه السلام) بين أصابعه فوضعها في صدره، ثم قال: وعندنا والله علم الكتاب
كله (3).
4947 - عيون أخبار الرضا عن أبي الحسن محمد بن يحيى الفارسي: نظر
أبو نواس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) ذات يوم وقد خرج من عند
المأمون على بغلة له، فدنا منه أبو نواس، فسلم عليه وقال: يا بن رسول الله، قد
قلت فيك أبياتا فأحب أن تسمعها مني، قال: هات. فأنشأ يقول:
مطهرون نقيات ثيابهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه * فماله من قديم الدهر مفتخر
فالله لما برا (4) خلقا فأتقنه * صفاكم واصطفاكم أيها البشر
فأنتم الملأ الأعلى وعندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور



(1) المناقب لابن شهر آشوب: 4 / 52 عن الأصبغ بن نباتة، بحار الأنوار: 44 / 184 / 11.
(2) النمل: 40.
(3) الكافي: 1 / 229 / 5 و ص 257 / 3 عن سدير نحوه، مختصر بصائر الدرجات: 108، الخرائج
والجرائح: 2 / 797 / 6 كلاهما عن الحسين بن علوان، بصائر الدرجات: 212 / 2، تأويل الآيات
الظاهرة: 1 / 239 / 22.
(4) في المصدر: " برئ "، وما أثبتناه من المناقب لابن شهر آشوب.
50
فقال الرضا (عليه السلام): قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد (1).
راجع: كتاب " أهل البيت في الكتاب والسنة " / علم أهل البيت / أبواب علومهم / علم الكتاب.
3 / 2
علم القرآن
4948 - شواهد التنزيل عن أنس: قال النبي (صلى الله عليه وآله): علي يعلم الناس بعدي من تأويل
القرآن ما لا يعلمون - أو قال: يخبرهم - (2).
4949 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): معاشر الناس، هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي
وخليفتي في امتي على من آمن بي، ألا إن تنزيل القرآن علي، وتأويله وتفسيره
بعدي عليه (3).
4950 - الإمام علي (عليه السلام): والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت، وأين نزلت،
وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا (4).



(1) عيون أخبار الرضا: 2 / 143 / 10، المناقب لابن شهر آشوب: 4 / 366 وفيه من " مطهرون
نقيات... ".
(2) شواهد التنزيل: 1 / 39 / 28.
(3) اليقين: 352 / 127، الاحتجاج: 1 / 147 / 32 كلاهما عن علقمة بن محمد الحضرمي عن الإمام
الباقر (عليه السلام) وفيه " على امتي وعلى تفسير كتاب الله عز وجل والداعي إليه " بدل " في امتي... "، التحصين
لابن طاووس: 583 / 29 وفيه " على تفسير كتاب ربي والدعاء إليه " بدل " ألا إن تنزيل... "، العدد
القوية: 174 / 8 وفيه " على تفسير كتاب الله ربي والداعي إليه " بدل " ألا إن تنزيل... "، الصراط
المستقيم: 1 / 302 وفيه " على تفسير كتاب ربي " بدل " ألا إن تنزيل... " والثلاثة الأخيرة عن زيد بن
أرقم.
(4) الطبقات الكبرى: 2 / 338، تاريخ دمشق: 42 / 398، شواهد التنزيل: 1 / 45 / 38، المناقب
للخوارزمي: 90 / 82 كلها عن سليمان الأحمسي عن أبيه، الصواعق المحرقة: 127 وفيه " ناطقا "
بدل " طلقا "؛ تفسير العياشي: 1 / 17 / 12 عن سليمان الأعمش عن أبيه.
51
4951 - عنه (عليه السلام): والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت، وأين نزلت، إن ربي
وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا (1).
4952 - عنه (عليه السلام): سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت
أم بنهار، في سهل أم في جبل (2).
4953 - عنه (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما في القرآن آية إلا وأنا أعلم
فيمن نزلت، وأين نزلت، في سهل أو في جبل، وإن ربي وهب لي قلبا عقولا،
ولسانا ناطقا (3).
4954 - عنه (عليه السلام): يا أيها الناس، إن العلم يقبض قبضا سريعا، وإني أوشك أن
تفقدوني فسلوني، فلن تسألوني عن آية من كتاب الله إلا نبأتكم بها، وفيما
انزلت، وإنكم لن تجدوا أحدا من بعدي يحدثكم (4).
4955 - عنه (عليه السلام): يا أيها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما بين لوحي
المصحف آية تخفى علي فيما انزلت، ولا أين نزلت، ولا ما عني بها (5).



(1) أنساب الأشراف: 2 / 351 عن سليمان الأحمسي، حلية الأولياء: 1 / 67، المناقب للخوارزمي:
90 / 81 كلاهما عن سليمان الأحمسي عن أبيه، تاريخ دمشق: 42 / 397 عن ثوير عن أبيه نحوه.
(2) الطبقات الكبرى: 2 / 338، التاريخ الكبير: 8 / 165 / 2570 وفيه " ما في القرآن آية إلا أعلم أين
نزلت، في سهل أو جبل، أو بليل أو بنهار "، أنساب الأشراف: 2 / 351، الصواعق المحرقة: 128،
تاريخ دمشق: 42 / 398، المناقب للخوارزمي: 94 / 92 كلها عن أبي الطفيل وراجع علل الشرائع:
40 / 1 والأمالي للصدوق: 350 / 423 والاصول الستة عشر: 64.
(3) غرر الحكم: 5637.
(4) تاريخ دمشق: 42 / 397 عن عامر بن واثلة.
(5) تاريخ دمشق: 42 / 397 عن أبي الطفيل؛ تفسير العياشي: 1 / 17 / 11 عن أبي فاختة وفيه " ما بين
اللوحين شيء إلا وأنا أعلمه ".
52
4956 - عنه (عليه السلام): يا أيها الناس سلوني، فإنكم لا تجدون أحدا بعدي هو أعلم بما
تسألونه مني، ولا تجدون أحدا أعلم بما بين اللوحين مني، فسلوني (1).
4957 - عنه (عليه السلام): ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها
علي، فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها،
ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها (2).
4958 - عنه (عليه السلام): ما نزلت عليه [(صلى الله عليه وآله)] آية في ليل ولا نهار، ولا سماء ولا أرض، ولا
دنيا وآخرة، ولا جنة ولا نار، ولا سهل ولا جبل، ولا ضياء ولا ظلمة، إلا أقرأنيها
وأملأها علي، فكتبتها بيدي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها،
ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، وأين نزلت وفيم نزلت إلى يوم
القيامة (3).
4959 - عنه (عليه السلام): ما في القرآن آية إلا وقد قرأتها على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلمني
معناها (4).
4960 - عنه (عليه السلام): لم ينزل الله على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا وقد جمعتها،
وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمني تأويلها (5).



(1) تاريخ دمشق: 42 / 398 عن أبي الطفيل وراجع شرح الأخبار: 2 / 217 و ص 231 و ج 1 / 91 / 7
وص 196 / 160.
(2) الكافي: 1 / 64 / 1، الخصال: 257 / 131، كمال الدين: 284 / 37، تفسير العياشي: 1 / 14 / 2
وص 253 / 177 وفيهما إلى " متشابهها "، كتاب سليم بن قيس: 2 / 624 / 10 وفيه إلى " بخطي "
وكلها عن سليم بن قيس.
(3) تحف العقول: 196، بصائر الدرجات: 198 / 3 عن سليم بن قيس.
(4) شواهد التنزيل: 1 / 43 / 33 عن إسماعيل بن جعفر عن أبيه الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام).
(5) الاحتجاج: 1 / 207 / 38، كتاب سليم بن قيس: 2 / 581 / 4 كلاهما عن سلمان.
53
4961 - الإمام الصادق عن الإمام علي (عليهما السلام): سلوني عن كتاب الله عزوجل، فوالله
ما نزلت آية منه في ليل أو نهار، ولا مسير ولا مقام، إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وعلمني تأويلها.
فقال ابن الكواء: يا أمير المؤمنين، فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه؟
قال: كان يحفظ علي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب
حتى أقدم عليه فيقرئنيه ويقول لي: يا علي، أنزل الله علي بعدك كذا وكذا وتأويله
كذا وكذا، فيعلمني تنزيله وتأويله (1).
4962 - الإمام علي (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى قد خصني من بين أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)
بعلم الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والخاص والعام، وذلك مما من الله
به علي وعلى رسوله (2).
4963 - عنه (عليه السلام): ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، أخبركم عنه: إن فيه علم
ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما أصبحتم فيه
تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم (3).
4964 - عنه (عليه السلام): ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن اخبركم عنه: ألا إن فيه
علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم (4).



(1) الأمالي للطوسي: 523 / 1158، بشارة المصطفى: 219 كلاهما عن محمد بن جعفر بن محمد (عليهما السلام)
وعن المجاشعي عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، الاحتجاج: 1 / 617 / 140 عن الإمام الصادق عن
آبائه (عليهم السلام)، كتاب سليم بن قيس: 2 / 802 / 31 عن الإمام علي (عليه السلام) نحوه.
(2) الخصال: 576 / 1 عن مكحول.
(3) الكافي: 1 / 61 / 7 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، تفسير القمي: 1 / 3.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 158، بحار الأنوار: 92 / 23 / 24.
54
4965 - الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله علم نبيه التنزيل والتأويل، فعلمه رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عليا (عليه السلام). قال: وعلمنا والله (1).
4966 - الإمام علي (عليه السلام): لو شئت لأوقرت (2) من تفسير الفاتحة سبعين بعيرا (3).
4967 - ينابيع المودة عن ابن عباس: أخذ بيدي الإمام علي ليلة مقمرة، فخرج بي
إلى البقيع بعد العشاء (4)، وقال: اقرأ يا عبد الله، فقرأت: (بسم الله الرحمن
الرحيم)، فتكلم لي في أسرار الباء إلى بزوغ الفجر (5).
4968 - تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة: لما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة
صلى بهم أربعين صباحا يقرأ بهم: (سبح اسم ربك الاعلى) (6) قال: فقال المنافقون:
لا والله ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، ولو أحسن أن يقرأ القرآن لقرأ بنا
غير هذه السورة.
قال: فبلغه ذلك، فقال: ويل لهم، إني لأعرف ناسخه من منسوخه، ومحكمه
من متشابهه، وفصله من فصاله، وحروفه من معانيه. والله ما من حرف نزل على
محمد (صلى الله عليه وآله) إلا أني أعرف فيمن انزل، وفي أي يوم، وفي أي موضع.
ويل لهم! أ ما يقرؤون: (إن هذا لفي الصحف الاولى * صحف إبر هيم



(1) الكافي: 7 / 442 / 15، تهذيب الأحكام: 8 / 286 / 1052، تفسير العياشي: 1 / 17 / 13 وفيه
إلى " عليا (عليه السلام) " وكلها عن أبي الصباح.
(2) الوقر - بكسر الواو -: الحمل، وأكثر ما يستعمل في حمل البغل والحمار (النهاية: 5 / 213).
(3) ينابيع المودة: 3 / 209؛ المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 43.
(4) البقيع: وهو مقبرة أهل المدينة، وهو داخل المدينة، ويسمى بقيع الغرقد (معجم البلدان: 1 / 473).
(5) ينابيع المودة: 1 / 214 / 19.
(6) الأعلى: 1.
55
وموسى) (1)؟ والله عندي، ورثتهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد أنهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من
إبراهيم وموسى (عليهما السلام).
ويل لهم! والله أنا الذي أنزل الله في: (وتعيهآ أذن وعية) (2) فإنما كنا عند
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال
آنفا؟ (3)
4969 - تاريخ دمشق عن ابن شبرمة: ما كان أحد على المنبر يقول: سلوني عما
بين اللوحين إلا علي بن أبي طالب (4).
4970 - المناقب لابن شهر آشوب عن الشعبي: ما أحد أعلم بكتاب الله بعد نبي الله
من علي بن أبي طالب (5).
4971 - النهاية عن ابن عباس: فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة (6) في
المثعنجر (7) (8).
4972 - الكافي عن منصور بن حازم: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الله أجل وأكرم من
أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون بالله. قال: صدقت.



(1) الأعلى: 18 و 19.
(2) الحاقة: 12.
(3) تفسير العياشي: 1 / 14 / 1، بصائر الدرجات: 135 / 3.
(4) تاريخ دمشق: 42 / 399، شواهد التنزيل: 1 / 50 / 46 و 47.
(5) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 43؛ شواهد التنزيل: 1 / 48 / 42 وص 49 / 43 كلاهما نحوه.
(6) القرارة: الغدير الصغير (النهاية: 1 / 212).
(7) ثعجر: هو أكثر موضع في البحر ماء. والميم والنون زائدتان (النهاية: 1 / 212).
(8) النهاية في غريب الحديث: 1 / 212، لسان العرب: 4 / 103؛ بحار الأنوار: 92 / 106 نقلا عن
النقاش.
56
قلت: إن من عرف أن له ربا فينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا،
وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي
له أن يطلب الرسل، فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة.
وقلت للناس: تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو الحجة من الله على خلقه؟
قالوا: بلى.
قلت: فحين مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من كان الحجة على خلقه؟ فقالوا: القرآن.
فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق الذي لا
يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم،
فما قال فيه من شيء كان حقا.
فقلت لهم: من قيم القرآن؟ فقالوا: ابن مسعود، قد كان يعلم، وعمر يعلم،
وحذيفة يعلم.
قلت: كله؟ قالوا: لا.
فلم أجد أحدا يقال: إنه يعرف ذلك كله إلا عليا (عليه السلام)، وإذا كان الشيء بين القوم
فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: أنا
أدري، فأشهد أن عليا (عليه السلام) كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة
على الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن ما قال في القرآن فهو حق. فقال: رحمك الله (1).
4973 - تاريخ دمشق عن أبي عبد الرحمن السلمي: ما رأيت أحدا أقرأ لكتاب الله
من علي بن أبي طالب (2).



(1) الكافي: 1 / 168 / 2.
(2) تاريخ دمشق: 42 / 401، الاستيعاب: 3 / 210 / 1875، شواهد التنزيل: 1 / 33 / 17 وص
34 / 19 وليس فيها ذيله وص 32 / 15؛ المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 42 عن ابن مسعود.
57
4974 - المعجم الكبير عن عبد الله [ابن مسعود]: قرأت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعين
سورة، وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) (1).
4975 - شواهد التنزيل عن عبد الله بن مسعود: أفرض أهل المدينة وأقرؤها علي
بن أبي طالب (عليه السلام) (2).
4976 - تاريخ دمشق عن أبي عبد الرحمن السلمي: ما رأيت قرشيا قط أقرأ من
علي بن أبي طالب (3).
4977 - شرح نهج البلاغة - في علي (عليه السلام) -: أما قراءته القرآن واشتغاله به فهو
المنظور إليه في هذا الباب... إذا رجعت إلى كتب القراءات وجدت أئمة القراء
كلهم يرجعون إليه؛ كأبي عمرو بن العلاء وعاصم بن أبي النجود وغيرهما؛ لأنهم
يرجعون إلى أبي عبد الرحمن السلمي القارئ، وأبو عبد الرحمن كان تلميذه،
وعنه أخذ القرآن، فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي إليه أيضا، مثل كثير
مما سبق (4).
4978 - شرح نهج البلاغة - في علي (عليه السلام) -: ما أقول في رجل تعزى إليه كل
فضيلة... ومن العلوم علم تفسير القرآن، وعنه اخذ، ومنه فرع. وإذا رجعت إلى
كتب التفسير علمت صحة ذلك، لأن أكثره عنه وعن عبد الله بن عباس، وقد علم
الناس حال ابن عباس في ملازمته له، وانقطاعه إليه، وأنه تلميذه وخريجه.



(1) المعجم الكبير: 9 / 76 / 8446، المعجم الأوسط: 5 / 101 / 4792، تاريخ دمشق: 42 / 401
وفيه " تسعين " بدل " سبعين "، المناقب للخوارزمي: 93 / 90؛ شرح الأخبار: 1 / 144 / 83،
الأمالي للطوسي: 606 / 1253 نحوه.
(2) شواهد التنزيل: 1 / 34 / 20.
(3) تاريخ دمشق: 42 / 402.
(4) شرح نهج البلاغة: 1 / 27.
58
وقيل له: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر
المحيط! (1)
4979 - مطالب السؤول: قد استفاض بين الامة أن رئيس أئمة التفسير وقدوتهم
والمقدم عليهم والمشار إليه فيه عبد الله بن عباس، وهو كان تلميذا لعلي (عليه السلام)،
ومقتديا به، وآخذا عنه، ومستفيدا منه.
وإمام الكوفيين المشهور بالقراءة بينهم عاصم بن أبي النجود، وقد انتشر
قراءته في الدنيا، وأخذت عنه من رواية أبي بكر وحفص وهي القراءة المشهورة
المذكورة، وهو فيها تلميذ لأبي عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الرحمن تلميذ
لعلي (عليه السلام)، نقلها عنه وأخذها منه، وهو (عليه السلام) أخذها واستفادها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
فعاصم فيها تلميذ لتلميذ علي (عليه السلام) (2).
راجع: القسم التاسع / علي عن لسان القرآن / الذي عنده علم الكتاب.
على عن لسان علي / الفضائل الباهرة / القرآن الناطق.
3 / 3
علم الدين
4980 - رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا ام سلمة، اسمعي واشهدي: هذا علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعنده علم الدين (3).
4981 - الإمام الصادق (عليه السلام): كان علي (عليه السلام) يعلم الخبر الحلال والحرام، ويعلم



(1) شرح نهج البلاغة: 1 / 17 وص 19.
(2) مطالب السؤول: 29.
(3) اليقين: 415 / 154، بحار الأنوار: 38 / 123 / 70.
59
القرآن، ولكل شيء منهما حدا (1).
4982 - عنه (عليه السلام): كان علي (عليه السلام) صاحب حلال وحرام وعلم بالقرآن، ونحن على
منهاجه (2).
4983 - الطبقات الكبرى عن ابن عباس: إذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا لا نعدوها (3).
4984 - تاريخ دمشق عن ابن عباس: إذا بلغنا شيء تكلم به علي من فتيا أو قضاء
وثبت، لم نجاوزه إلى غيره (4).
4985 - فضائل الصحابة عن عبد الله: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن
أبي طالب (5).
4986 - تاريخ دمشق عن الشعبي: ليس منهم أحد أقوى قولا في الفرائض من
علي ابن أبي طالب (6).
4987 - التاريخ الكبير عن عائشة: علي أعلم الناس بالسنة (7).



(1) المحاسن: 1 / 425 / 978 عن حفص بن قرط.
(2) تفسير العياشي: 1 / 15 / 5 عن حفص بن قرط الجهني، بحار الأنوار: 92 / 95 / 53.
(3) الطبقات الكبرى: 2 / 338، أنساب الأشراف: 2 / 352، تاريخ دمشق: 42 / 407 وفيه " بقينا " بدل
" بفتيا ".
(4) تاريخ دمشق: 42 / 407.
(5) فضائل الصحابة لابن حنبل: 1 / 534 / 888، أنساب الأشراف: 2 / 354، تاريخ دمشق:
42 / 405، الاستيعاب: 3 / 207 / 1875، الرياض النضرة: 3 / 160.
(6) تاريخ دمشق: 42 / 405، الاستيعاب: 3 / 207 / 1875 عن مغيرة.
(7) التاريخ الكبير: 2 / 255 / 2377 وج 3 / 228 / 767، أنساب الأشراف: 2 / 365 وفيه " من بقي "
بدل " الناس "، تاريخ دمشق: 42 / 408، الاستيعاب: 3 / 206 / 1875، المناقب للخوارزمي:
91 / 84؛ شرح الأخبار: 2 / 310 / 633.
60
4988 - شرح نهج البلاغة عن عمر: لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر (1).
4989 - الاستيعاب عن اذينة بن سلمة العبدي: أتيت عمر بن الخطاب فسألته: من
أين أعتمر؟ فقال: ائت عليا فاسأله... وذكر الحديث. وفيه: وقال عمر: ما أجد
لك إلا ما قال علي (2).
4990 - السنن الكبرى عن أبي جعفر: أبصر عمر بن الخطاب على عبد الله بن
جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم، فقال: ما هذه الثياب؟
فقال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): ما أخال (3) أحدا يعلمنا السنة. فسكت عمر (4).
راجع: القسم التاسع / علي عن لسان أصحاب النبي / عمر بن الخطاب.
3 / 4
علم الشرائع
4991 - الإمام علي (عليه السلام): أنا والله أعلم بالتوراة من أهل التوراة، وأعلم بالإنجيل من
أهل الإنجيل، وأعلم بالقرآن من أهل القرآن (5).
4992 - عنه (عليه السلام): والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين



(1) شرح نهج البلاغة: 1 / 18.
(2) الاستيعاب: 3 / 208 وص 206 / 1875 عن اذينة بن مسلمة، ذخائر العقبى: 145 وفيه إلى
" فاسأله ".
(3) خلت إخال - بالكسر والفتح، والكسر أفصح وأكثر استعمالا -: إذا ظننت (النهاية: 2 / 93).
(4) السنن الكبرى: 5 / 94 / 9115، الام: 2 / 147 عن عمرو بن إيثار عن أبي جعفر محمد بن علي، كنز
العمال: 5 / 267 / 12839 وراجع تفسير العياشي: 2 / 38 / 105.
(5) كتاب سليم بن قيس: 2 / 913 / 65 وص 942 / 78، الفضائل لابن شاذان: 119، تفسير فرات:
68 / 38 كلها عن سليم بن قيس.
61
أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل القرآن بقرآنهم (1).
4993 - الإرشاد عن الأصبغ بن نباتة: لما بويع أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (عليه السلام) بالخلافة خرج إلى المسجد معتما بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لابسا
برديه، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وأنذر، ثم جلس متمكنا
وشبك بين أصابعه ووضعها أسفل سرته.
ثم قال: يا معشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، فإن عندي علم الأولين
والآخرين.
أما والله لو ثني لي الوساد لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل
الإنجيل بإنجيلهم، وأهل الزبور بزبورهم، وأهل القرآن بقرآنهم، حتى يزهر كل
كتاب من هذه الكتب ويقول: يا رب، إن عليا قضى بقضائك.
والله إني أعلم بالقرآن وتأويله من كل مدع علمه، ولولا آية في كتاب الله
لأخبرتكم بما يكون إلى يوم القيامة.
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لو
سألتموني عن آية آية لأخبرتكم بوقت نزولها، وفيمن نزلت، وأنبأتكم بناسخها
من منسوخها، وخاصها من عامها، ومحكمها من متشابهها، ومكيها من مدنيها،



(1) الأمالي للطوسي: 523 / 1159، بشارة المصطفى: 216 كلاهما عن عن محمد بن جعفر بن
محمد (عليهما السلام) عن الإمام الصادق (عليه السلام) وعن المجاشعي عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام) وليس فيه " بين أهل
الزبور بزبورهم "، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 55، الاحتجاج: 1 / 625 / 145، الاصول الستة عشر: 40،
العمدة: 208 / 321، تفسير فرات: 188 / 239 والثلاثة الأخيرة عن زاذان، شرح الأخبار:
2 / 311 / 639؛ ينابيع المودة: 1 / 216 / 28 وح 29 وليس في الثلاثة الأخيرة " بين أهل الزبور
بزبورهم " وراجع تفسير العياشي: 1 / 15 / 3 وبصائر الدرجات: 132 - 134.
62
والله ما من فئة تضل أو تهدى إلا وأنا أعرف قائدها وسائقها وناعقها (1) إلى يوم
القيامة (2).
3 / 5
علم البلايا والمنايا
4994 - الإمام علي (عليه السلام): أنا الذي علمت علم المنايا والبلايا (3) والقضايا، وفصل
الخطاب والأنساب (4).
4995 - عنه (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، أ لا تسألون من عنده علم المنايا
والبلايا والأنساب؟ (5)
4996 - عنه (عليه السلام): عندي علم المنايا والبلايا، والوصايا والأسباب، وفصل
الخطاب، ومولد الإسلام، وموارد الكفر، وأنا صاحب الميسم، وأنا الفاروق
الأكبر، وأنا صاحب الكرات ودولة الدول، فاسألوني عما يكون إلى يوم القيامة،



(1) نعق الراعي بالغنم: صاح (لسان العرب: 10 / 356).
(2) الإرشاد: 1 / 34، التوحيد: 305 / 1، الأمالي للصدوق: 422 / 560، الاحتجاج: 1 / 609 / 138،
الاختصاص: 235، روضة الواعظين: 132، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 38 كلها نحوه وراجع
الفصول المختارة: 222 وشرح نهج البلاغة: 20 / 283 / 242.
(3) علمت المنايا: أي آجال الناس، والبلايا: أي ما يمتحن الله به العباد من الشرور والآفات أو الأعم
منها ومن الخيرات (مرآة العقول: 2 / 371).
(4) مختصر بصائر الدرجات: 34 عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر (عليه السلام)، بصائر الدرجات:
269 / 16 عن سلمان، الخصال: 414 / 4 عن يزداد بن إبراهيم عمن حدثه من أصحابنا، الأمالي
للطوسي: 205 / 351 عن المفضل بن عمر، تفسير فرات: 178 / 230 والثلاثة الأخيرة عن الإمام
الصادق عنه (عليهما السلام) نحوه.
(5) بصائر الدرجات: 266 / 1 عن عباية بن ربعي وص 267 / 7 عن هشام بن سالم رفعه وفيه " القضايا
وفصل الخطاب " بدل " الأنساب " وص 268 / 14 عن عمران بن عباية.
63
وعما كان على عهد كل نبي بعثه الله (1).
4997 - الإمام الصادق (عليه السلام): كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما يقول:... ولقد أعطيت
خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي، علمت المنايا والبلايا، والأنساب وفصل
الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، ابشر بإذن الله
واؤدي عنه، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه (2).
3 / 6
علم ما كان وما يكون
4998 - الإمام الباقر (عليه السلام): سئل علي (عليه السلام) عن علم النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال:
علم النبي علم جميع النبيين، وعلم ما كان وعلم ما هو كائن إلى قيام الساعة.
ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأعلم علم النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلم ما كان وما هو كائن
فيما بيني وبين قيام الساعة (3).
4999 - الإمام علي (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) التقم (4) اذني وعلمني ما كان وما يكون
إلى يوم القيامة، فساق الله عز وجل ذلك إلي على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) (5).
راجع: مبادئ علمه / تعليم النبي
إخباره بما يأتي.



(1) بصائر الدرجات: 202 / 5، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 39 كلاهما عن سلمان.
(2) الكافي: 1 / 196 / 1 عن المفضل بن عمر وص 197 / 2 عن سعيد الأعرج، بصائر الدرجات:
201 / 3 عن المفضل بن عمر الجعفي وفيه " انشر " بدل " ابشر ".
(3) بصائر الدرجات: 127 / 1 عن أبي بصير، بحار الأنوار: 26 / 110 / 6.
(4) التقم اذنه: ساره (تاج العروس: 17 / 656).
(5) الخصال: 576 / 1 عن مكحول.
64
3 / 7
علم كل شيء
5000 - الإمام علي (عليه السلام): يا كميل، ما من علم إلا وأنا أفتحه، وما من سر إلا
والقائم (عليه السلام) يختمه. يا كميل، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم (1).
5001 - الإمام الحسين (عليه السلام): لما انزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وكل شىء
أحصينه في إمام مبين) (2) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما فقالا:
يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا.
قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا.
قالا: فهو القرآن؟ قال: لا.
قال: فأقبل أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو هذا، إنه الإمام
الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شيء (3).
5002 - الإمام علي (عليه السلام): أنا والله الإمام المبين، أبين الحق من الباطل، وورثته من
رسول الله (صلى الله عليه وآله) (4).
5003 - ينابيع المودة عن عمار بن ياسر: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) سائرا، فمررنا



(1) تحف العقول: 171، بشارة المصطفى: 25 عن كميل بن زياد، بحار الأنوار: 77 / 267 / 1.
(2) يس: 12.
(3) معاني الأخبار: 95 / 1 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عن أبيه (عليهما السلام)، الأمالي للصدوق:
235 / 250 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر (عليه السلام)، مشارق أنوار اليقين: 55 عن ابن عباس؛ ينابيع
المودة: 1 / 230 / 66 عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عن أبيه عنه (عليهم السلام) نحوه.
(4) تفسير القمي: 2 / 212 عن ابن عباس.
65
بواد مملوء نملا، فقلت: يا أمير المؤمنين، ترى أحدا من خلق الله يعلم عدد هذا
النمل؟
قال: نعم يا عمار، أنا أعرف رجلا يعلم كم عدده، وكم فيه ذكر وكم فيه انثى.
فقلت: من ذلك الرجل؟
فقال: يا عمار، ما قرأت في سورة يس (وكل شىء أحصينه في إمام مبين).
فقلت: بلى يا مولاي.
قال: أنا ذلك الإمام المبين (1).
5004 - ينابيع المودة عن أبي ذر: كنت سائرا مع علي (عليه السلام) إذ مررنا بواد نمله
كالسيل، فقلت: الله أكبر جل محصيه!
فقال (عليه السلام): لا تقل ذلك، ولكن قل: جل بارئه، فوالذي صورني وصورك إني
أحصي عددهم، وأعلم الذكر منهم والأنثى بإذن الله عزوجل (2).
5005 - الإمام الصادق (عليه السلام): (وكل شىء أحصينه في إمام مبين) في أمير المؤمنين
صلوات الله عليه نزلت (3).



(1) ينابيع المودة: 1 / 230 / 68؛ الفضائل لابن شاذان: 81.
(2) ينابيع المودة: 1 / 231 / 69؛ تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 490 / 8.
(3) ينابيع المودة: 1 / 230 / 67؛ تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 487 / 2 كلاهما عن صالح بن سهل.
66
الفصل الرابع
قبسات من علمه
القبس الأول: معرفة الله
وفيه أبواب:
الباب الأول: فضل معرفة الله
الباب الثاني: طرق معرفة الله
الباب الثالث: موانع معرفة الله
الباب الرابع: ما يمتنع في معرفة الله
الباب الخامس: الصفات الثبوتية
الباب السادس: الصفات السلبية
الباب السابع: جوامع الأسماء والصفات

67
الباب الأول
فضل معرفة الله
1 / 1
أهمية معرفة الله
5006 - الإمام علي (عليه السلام): ما يسرني لو مت طفلا وأدخلت الجنة ولم أكبر فأعرف
ربي عزوجل (1).
5007 - عنه (عليه السلام): معرفة الله سبحانه أعلى المعارف (2).
5008 - عنه (عليه السلام): العلم بالله أفضل العلمين (3).
5009 - عنه (عليه السلام): من عرف الله كملت معرفته (4).



(1) حلية الأولياء: 1 / 74 عن أبي الفرج، ربيع الأبرار: 2 / 60، كنز العمال: 13 / 151 / 36472.
(2) غرر الحكم: 9864، عيون الحكم والمواعظ: 486 / 8989.
(3) غرر الحكم: 1674.
(4) غرر الحكم: 7999، عيون الحكم والمواعظ: 431 / 7384.
69
5010 - عنه (عليه السلام): أول الدين معرفته (10).
1 / 2
بركات معرفة الله
5011 - الإمام علي (عليه السلام): التوحيد حياة النفس (1).
5012 - عنه (عليه السلام): من عرف الله سبحانه لم يشق أبدا (2).
5013 - عنه (عليه السلام) - في خطبته في صفة الملائكة -: ووصلت حقائق الإيمان بينهم
وبين معرفته، وقطعهم الإيقان به إلى الوله (3) إليه، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى
ما عند غيره. قد ذاقوا حلاوة معرفته، وشربوا بالكأس الروية من محبته،
وتمكنت من سويداء (4) قلوبهم وشيجة (5) خيفته (6).
5014 - عنه (عليه السلام): من عرف الله توحد (7).
5015 - عنه (عليه السلام): سهر العيون بذكر الله خلصان العارفين، وحلوان المقربين (8).
5016 - عنه (عليه السلام) - في دعائه -: يا أمل العارفين، ورجاء الآملين (9).



(10) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 473 / 113، عوالي اللآلي: 4 / 126 / 215.
(1) غرر الحكم: 540، عيون الحكم والمواعظ: 40 / 883.
(2) غرر الحكم: 8954، عيون الحكم والمواعظ: 463 / 8427.
(3) الوله: ذهاب العقل، والتحير من شدة الوجد (النهاية: 5 / 227).
(4) سويداء القلب: حبته وقيل: دمه (لسان العرب: 3 / 227).
(5) الوشيجة: عرق الشجرة، وليف يفتل ثم يشد به ما يحمل. ووشجت العروق والأغصان: إذا اشتبكت
(النهاية: 5 / 187).
(6) نهج البلاغة: الخطبة 91، بحار الأنوار: 57 / 110 / 90.
(7) غرر الحكم: 7829، عيون الحكم والمواعظ: 452 / 8101.
(8) غرر الحكم: 5612، عيون الحكم والمواعظ: 286 / 5163 وفيه " دأب " بدل " حلوان ".
(9) بحار الأنوار: 87 / 242 / 51، مستدرك الوسائل: 6 / 341 / 6958 كلاهما نقلا عن مصباح ابن
الباقي.
70
5017 - عنه (عليه السلام): الشوق خلصان العارفين (1).
5018 - عنه (عليه السلام): الخوف جلباب العارفين (2).
5019 - عنه (عليه السلام): البكاء من خيفة الله للبعد عن الله عبادة العارفين (3).
5020 - عنه (عليه السلام): عجبت لمن عرف الله كيف لا يشتد خوفه؟! (4)
5021 - عنه (عليه السلام): أعلم الناس بالله أكثرهم له مسألة (5).
5022 - عنه (عليه السلام) - في دعاء دعا به في مسجد جعفي -: إلهي كيف أدعوك وقد
عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك (6).
5023 - عنه (عليه السلام): أعلم الناس بالله أكثرهم خشية له (7).
5024 - عنه (عليه السلام): أعلم الناس بالله سبحانه أخوفهم منه (8).
5025 - عنه (عليه السلام): من سكن قلبه العلم بالله، سكنه الغنى عن خلق الله (9).
5026 - عنه (عليه السلام): ثمرة المعرفة العزوف عن دار الفناء (10).
5027 - عنه (عليه السلام): من صحت معرفته انصرفت عن العالم الفاني نفسه وهمته (11).



(1) غرر الحكم: 855، عيون الحكم والمواعظ: 40 / 923.
(2) غرر الحكم: 664، عيون الحكم والمواعظ: 24 / 242.
(3) غرر الحكم: 1791، عيون الحكم والمواعظ: 53 / 1386.
(4) غرر الحكم: 6261، عيون الحكم والمواعظ: 329 / 5646.
(5) غرر الحكم: 3260، عيون الحكم والمواعظ: 122 / 2795.
(6) المزار للشهيد الأول: 270 عن ميثم.
(7) غرر الحكم: 3157، عيون الحكم والمواعظ: 111 / 2418.
(8) غرر الحكم: 3121، عيون الحكم والمواعظ: 121 / 2762.
(9) غرر الحكم: 8896، عيون الحكم والمواعظ: 463 / 8415.
(10) غرر الحكم: 4651.
(11) غرر الحكم: 9142.
71
5028 - عنه (عليه السلام): يسير المعرفة يوجب الزهد في الدنيا (1).
5029 - عنه (عليه السلام): ينبغي لمن عرف الله سبحانه أن يرغب فيما لديه (2).
5030 - عنه (عليه السلام): ينبغي لمن عرف الله سبحانه أن لا يخلو قلبه من رجائه
وخوفه (3).
5031 - عنه (عليه السلام) - من دعائه بعد صلاة الصبح -: سبحانك اللهم وبحمدك! من ذا
يعرف قدرك فلا يخافك؟! ومن ذا يعلم ما أنت فلا يهابك؟! (4)
5032 - عنه (عليه السلام): العارف وجهه مستبشر متبسم، وقلبه وجل محزون (5).
5033 - عنه (عليه السلام): كل عارف مهموم (6).
5034 - عنه (عليه السلام): كل عارف عائف (7) (8).
5035 - عنه (عليه السلام): العارف من عرف نفسه فأعتقها، ونزهها عن كل ما يبعدها
ويوبقها (9).
5036 - عنه (عليه السلام): لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم؛ فإن رفعة الذين يعلمون
ما عظمة الله أن يتواضعوا له (10).



(1) غرر الحكم: 10984.
(2) غرر الحكم: 10935، عيون الحكم والمواعظ: 549 / 10131.
(3) غرر الحكم: 10926، عيون الحكم والمواعظ: 551 / 10167.
(4) بحار الأنوار: 87 / 341 / 19 وج 94 / 245 / 11 كلاهما نقلا عن اختيار السيد ابن الباقي.
(5) غرر الحكم: 1985، عيون الحكم والمواعظ: 60 / 1515.
(6) غرر الحكم: 6827، عيون الحكم والمواعظ: 376 / 6341.
(7) وفي طبعة النجف: " عازف ".
(8) غرر الحكم: 6829، عيون الحكم والمواعظ: 376 / 6343.
(9) غرر الحكم: 1788، عيون الحكم والمواعظ: 53 / 1384.
(10) الكافي: 8 / 390 / 586 عن محمد بن الحسين عن أبيه عن جده عن أبيه، نهج البلاغة: الخطبة
147.
72
الباب الثاني
طرق معرفة الله
2 / 1
الفطرة
5037 - الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله الملهم عباده حمده، وفاطرهم على معرفة
ربوبيته (1).
5038 - عنه (عليه السلام): إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان
به وبرسوله والجهاد في سبيله، فإنه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنها
الفطرة، وإقام الصلاة فإنها الملة (2).



(1) الكافي: 1 / 139 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 110، علل الشرائع: 247 / 1، الزهد للحسين بن سعيد: 13 / 27، المحاسن:
1 / 451 / 1040 والثلاثة الأخيرة عن إبراهيم بن عمر رفعه، الأمالي للطوسي: 216 / 380 عن
أبي بصير عن الإمام الباقر عنه (عليهما السلام) وليس فيها " فإنه ذروة الإسلام "، تحف العقول: 149.
73
5039 - عنه (عليه السلام): فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته،
ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول (1).
5040 - عنه (عليه السلام) - في الدعاء -: اللهم خلقت القلوب على إرادتك، وفطرت
العقول على معرفتك، فتململت الأفئدة من مخافتك، وصرخت القلوب بالوله،
وتقاصر وسع قدر العقول عن الثناء عليك، وانقطعت الألفاظ عن مقدار
محاسنك، وكلت الألسن عن إحصاء نعمك، فإذا ولجت بطرق البحث عن نعتك
بهرتها حيرة العجز عن إدراك وصفك، فهي تردد في التقصير عن مجاوزة ما
حددت لها؛ إذ ليس لها أن تتجاوز ما أمرتها (2).
2 / 2
العقل
2 / 2 - 1
علامات التدبير
5041 - الإمام علي (عليه السلام) - في تعظيم الله جل جلاله -: الذي بطن من خفيات الامور،
وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير، الذي سئلت الأنبياء
عنه، فلم تصفه بحد ولا ببعض، بل وصفته بفعاله ودلت عليه بآياته، لا تستطيع
عقول المتفكرين جحده؛ لأن من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهن وما
بينهن، وهو الصانع لهن؛ فلا مدفع لقدرته (3).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 1.
(2) مهج الدعوات: 154، بحار الأنوار: 95 / 403 / 34.
(3) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 31 / 1 وفيه " بنقص " بدل " ببعض " وكلاهما عن الحارث الأعور.
74
5042 - عنه (عليه السلام) - أيضا -: وأرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار
حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوته، ما دلنا باضطرار
قيام الحجة له على معرفته، فظهرت البدائع التي أحدثتها آثار صنعته وأعلام
حكمته، فصار كل ما خلق حجة له ودليلا عليه؛ وإن كان خلقا صامتا، فحجته
بالتدبير ناطقة، ودلالته على المبدع قائمة (1).
5043 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي بطن خفيات الامور، ودلت عليه أعلام الظهور،
وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته
يبصره... فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود (2).
5044 - عنه (عليه السلام): بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تعتقد معرفته، وبالتفكر تثبت
حجته، معروف بالدلالات، مشهود بالبينات (3).
5045 - عنه (عليه السلام) - في المخلوقات -: بها تجلى صانعها للعقول (4).
5046 - عنه (عليه السلام): الحمد لله المتجلي لخلقه بخلقه، والظاهر لقلوبهم بحجته (5).
5047 - عنه (عليه السلام): ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن، والقضاء
المبرم (6).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 52 / 13 نحوه من " فظهرت... " وكلاهما عن مسعدة بن صدقة
عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 107 / 90.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 49، بحار الأنوار: 4 / 308 / 36.
(3) جامع الأخبار: 35 / 14، روضة الواعظين: 25، الإرشاد: 1 / 223 عن صالح بن كيسان،
الاحتجاج: 1 / 475 / 114 وليس فيهما من " معروف... "، بحار الأنوار: 3 / 55 / 28.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 186، تحف العقول: 66، الاحتجاج: 1 / 476 / 116.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 108.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 182 عن نوف البكالي، بحار الأنوار: 77 / 308 / 13.
75
5048 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي... تتلقاه الأذهان لا بمشاعرة، وتشهد له المرائي
لا بمحاضرة. لم تحط به الأوهام، بل تجلى لها بها (1).
5049 - عنه (عليه السلام): وأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته، وعظيم قدرته، ما
انقادت له العقول معترفة به، ومسلمة له، ونعقت في أسماعنا دلائله على
وحدانيته (2).
5050 - عنه (عليه السلام) - لما قال له الجاثليق في مناظرته: خبرني عنه تعالى، أمدرك
بالحواس عندك فيسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم كيف طريق
المعرفة به إن لم يكن الأمر كذلك؟ -: تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار، أو
تدركه الحواس أو يقاس بالناس، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول،
الدالة ذوي الاعتبار بما هو عنده مشهود ومعقول (3).
5051 - عنه (عليه السلام) - لما سئل عن إثبات الصانع -: البعرة تدل على البعير، والروثة
تدل على الحمير، وآثار القدم تدل على المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة،
ومركز سفلي بهذه الكثافة، كيف لا يدلان على اللطيف الخبير؟! (4)
5052 - عنه (عليه السلام): عجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله (5).
5053 - التوحيد عن سلمان الفارسي: سأل الجاثليق من علي (عليه السلام): أخبرني!



(1) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 480 / 117.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 165، بحار الأنوار: 65 / 30 / 1.
(3) الأمالي للطوسي: 220 / 382، الخرائج والجرائح: 2 / 555 / 14، المناقب لابن شهر آشوب:
2 / 258 كلها عن سلمان الفارسي.
(4) جامع الأخبار: 35 / 13، بحار الأنوار: 3 / 55 / 27.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 126، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 101.
76
عرفت الله بمحمد، أم عرفت محمدا بالله عزوجل؟
فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): ما عرفت الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، ولكن عرفت محمدا
بالله عز وجل حين خلقه وأحدث فيه الحدود من طول وعرض، فعرفت أنه مدبر
مصنوع باستدلال وإلهام منه وإرادة، كما ألهم الملائكة طاعته وعرفهم نفسه بلا
شبه ولا كيف (1).
5054 - الإمام علي (عليه السلام) - أنه كان كثيرا ما يقول إذا فرغ من صلاة الليل -: أشهد أن
السماوات والأرض وما بينهما آيات تدل عليك، وشواهد تشهد بما إليه دعوت.
كل ما يؤدي عنك الحجة، ويشهد لك بالربوبية، موسوم بآثار نعمتك ومعالم
تدبيرك. علوت بها عن خلقك، فأوصلت إلى القلوب من معرفتك ما آنسها من
وحشة الفكر، وكفاها رجم الاحتجاج؛ فهي مع معرفتها بك، وولهها إليك؛
شاهدة بأنك لا تأخذك الأوهام، ولا تدركك العقول ولا الأبصار (2).
5055 - عنه (عليه السلام) - من قوله عند رؤية الهلال -: أيها الخلق المطيع، الدائب
السريع، المتردد في فلك التدبير، المتصرف في منازل التقدير، آمنت بمن نور بك
الظلم، وأضاء بك البهم، وجعلك آية من آيات سلطانه، وامتهنك بالزيادة
والنقصان، والطلوع والأفول، والإنارة والكسوف، في كل ذلك أنت له مطيع
وإلى إرادته سريع، سبحانه ما أحسن ما دبر! وأتقن ما صنع في ملكه! وجعلك
الله هلال شهر حادث لأمر حادث، جعلك الله هلال أمن وإيمان، وسلامة
وإسلام، هلال أمنة من العاهات وسلامة من السيئات، اللهم اجعلنا أهدى من
طلع عليه! وأزكى من نظر إليه! وصلى الله على محمد النبي وآله، اللهم افعل بي



(1) التوحيد: 286 / 4، بحار الأنوار: 3 / 272 / 9.
(2) شرح نهج البلاغة: 20 / 255 / 1.
77
كذا وكذا يا أرحم الراحمين (1).
2 / 2 - 2
حدوث الخلق
5056 - الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله... الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث
خلقه على وجوده... مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته، وبما وسمها به من
العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه (2).
5057 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الملهم عباده حمده، وفاطرهم على معرفة ربوبيته،
الدال على وجوده بخلقه، وبحدوث خلقه على أزله (3).
5058 - عنه (عليه السلام) - في المخلوقات -: كفى بإتقان الصنع لها آية، وبمركب الطبع
عليها دلالة، وبحدوث الفطر عليها قدمة، وبإحكام الصنعة لها عبرة (4).
2 / 2 - 3
معرفة النفس
5059 - الإمام علي (عليه السلام): من عرف نفسه عرف ربه (5).



(1) من لا يحضره الفقيه: 2 / 101 / 1847.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 480 / 117، التوحيد: 69 / 26 عن الهيثم بن عبد الله
الرماني عن الإمام الرضا عن آبائه عنه (عليهم السلام)، البلد الأمين: 92 وفيهما من " مستشهد بحدوث... ".
(3) الكافي: 1 / 139 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، نهج البلاغة: الخطبة 152 وفيه
من " الدال على... ".
(4) التوحيد: 71 / 26 عن الهيثم بن عبد الله الرماني عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، البلد الأمين: 92.
(5) غرر الحكم: 7946، عيون الحكم والمواعظ: 430 / 7348؛ شرح نهج البلاغة: 20 / 292 / 339،
المناقب للخوارزمي: 375 / 395، مائة كلمة: 22 / 6، ينابيع المودة: 2 / 413 / 94.
78
5060 - عنه (عليه السلام): أكثر الناس معرفة لنفسه أخوفهم لربه (1).
5061 - عنه (عليه السلام): عجبت لمن يجهل نفسه، كيف يعرف ربه؟! (2)
5062 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: من عجز عن معرفة نفسه فهو عن
معرفة خالقه أعجز (3).
2 / 2 - 4
فسخ العزائم
5063 - الإمام علي (عليه السلام): عرفت الله بفسخ العزائم، وحل العقود، ونقض الهمم (4).
5064 - عنه (عليه السلام): عرف الله سبحانه بفسخ العزائم، وحل العقود، وكشف الضر
والبلية عمن أخلص له النية (5).
5065 - الإمام الحسين (عليه السلام): إن رجلا قام إلى أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين،
بماذا عرفت ربك؟
قال: بفسخ العزم، ونقض الهم، لما هممت فحيل بيني وبين همي، وعزمت
فخالف القضاء عزمي، علمت أن المدبر غيري (6).



(1) غرر الحكم: 3126، عيون الحكم والمواعظ: 112 / 2438 وفيه " أكبر " بدل " أكثر ".
(2) غرر الحكم: 6270، عيون الحكم والمواعظ: 329 / 5639.
(3) شرح نهج البلاغة: 20 / 292 / 340.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 250، روضة الواعظين: 38 وليس فيه " نقض الهمم ".
(5) غرر الحكم: 6315، عيون الحكم والمواعظ: 339 / 5778.
(6) التوحيد: 288 / 6 عن زياد بن المنذر عن الإمام الباقر عن أبيه (عليهما السلام)، الخصال: 33 / 1، مختصر
بصائر الدرجات: 131 كلاهما عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده عنه (عليهم السلام)، روضة
الواعظين: 38 عن الإمام الباقر (عليه السلام) من دون اسناد إليه (عليه السلام)، إرشاد القلوب: 168 وفيه " الهمم " بدل
" الهم ".
79
5066 - جامع الأخبار: سئل أمير المؤمنين: ما الدليل على إثبات الصانع؟
قال: ثلاثة أشياء: تحويل الحال، وضعف الأركان، ونقض الهمة (1).
2 / 3
القلب
2 / 3 - 1
خرق حجب النور
5067 - الإمام علي (عليه السلام) - من مناجاته في شهر شعبان -: إلهي هب لي كمال
الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب
حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك... إلهي
وألحقني بنور عزك الأبهج؛ فأكون لك عارفا، وعن سواك منحرفا، ومنك خائفا
مراقبا، يا ذا الجلال والإكرام (2).
5068 - الإمام علي (عليه السلام) - في وصف السالك الطريق إلى الله سبحانه -: قد أحيا
عقله وأمات نفسه، حتى دق جليله ولطف غليظه، وبرق له لامع كثير البرق،
فأبان له الطريق وسلك به السبيل، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ودار
الإقامة، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة، بما استعمل قلبه



(1) جامع الأخبار: 39 / 28، بحار الأنوار: 3 / 55 / 29.
(2) الإقبال: 3 / 299، بحار الأنوار: 94 / 99 / 13 نقلا عن الكتاب العتيق الغروي وفيه " أتحفني " بدل
" ألحقني " وكلاهما عن ابن خالويه.
80
وأرضى ربه (1).
5069 - الإمام علي (عليه السلام) - من دعاء علمه نوف البكالي -: فأسألك باسمك الذي
ظهرت به لخاصة أوليائك فوحدوك وعرفوك فعبدوك بحقيقتك، أن تعرفني
نفسك لأقر لك بربوبيتك على حقيقة الإيمان بك، ولا تجعلني يا إلهي ممن يعبد
الاسم دون المعنى، والحظني بلحظة من لحظاتك تنور بها قلبي بمعرفتك خاصة
ومعرفة أوليائك، إنك على كل شيء قدير (2).
5070 - عنه (عليه السلام): ومعنى " قد قامت الصلاة " في الإقامة، أي حان وقت الزيارة
والمناجاة، وقضاء الحوائج، ودرك المنى، والوصول إلى الله عزوجل، وإلى
كرامته وغفرانه وعفوه ورضوانه (3).
5071 - نور البراهين عن كميل - لعلي (عليه السلام) -: يا أمير المؤمنين ما الحقيقة؟ فقال: ما
لك والحقيقة؟ فقال: أ ولست صاحب سرك يا أمير المؤمنين؟ فقال: بلى، ولكن
أخاف أن يطفح عليك ما يرشح مني. فقال: أومثلك من يخيب سائلا؟
فقال: الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة. فقال: زدني فيه بيانا يا
أمير المؤمنين!
فقال: نفي الموهوم مع صحة المعلوم. فقال: زدني فيه بيانا!
فقال: هتك الستر لغلبة السر. فقال: زدني فيه بيانا!



(1) نهج البلاغة: الخطبة 220، بحار الأنوار: 69 / 316 / 34.
(2) بحار الأنوار: 94 / 96 / 12 نقلا عن الكتاب العتيق الغروي عن نوف البكالي.
(3) التوحيد: 241 / 1، معاني الأخبار: 41 / 1 كلاهما عن يزيد بن الحسن عن الإمام الكاظم عن
آبائه (عليهم السلام).
81
فقال: جذب الأحدية لصفة التوحيد. فقال: زدني فيه بيانا!
فقال: نور يلمع من صبح الأزل فيظهر على هياكل التوحيد آثاره. فقال: زدني
فيه بيانا!
فقال: أطف المصباح فقد أضاء المصباح (1).
2 / 3 - 2
معنى رؤية الله بالقلب
5072 - الإمام الصادق (عليه السلام): بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على منبر الكوفة إذ قام
إليه رجل يقال له " ذعلب " ذو لسان بليغ في الخطب، شجاع القلب، فقال: يا
أمير المؤمنين، هل رأيت ربك؟
قال: ويلك يا ذعلب! ما كنت أعبد ربا لم أره.
فقال: يا أمير المؤمنين، كيف رأيته؟
قال: ويلك يا ذعلب! لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب
بحقائق الإيمان (2).



(1) نور البراهين: 1 / 221، شرح الأسماء الحسنى: 1 / 131 - 133، روضات الجنات: 6 / 62 / 562
كلاهما نحوه وفي ذيلهما " أطف السراج فقد طلع الصبح ".
(2) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه وص 98 / 6، التوحيد: 109 / 6 كلاهما عن
أبي الحسن الموصلي، نهج البلاغة: الخطبة 179، الأمالي للصدوق: 423 / 561 عن الأصبغ بن نباتة
وكلها نحوه.
82
الباب الثالث
موانع معرفة الله
3 / 1
الذنوب
5073 - الكافي عن محمد بن يزيد الرفاعي رفعه: إن أمير المؤمنين سئل عن
الوقوف بالجبل؛ لم لم يكن في الحرم؟ فقال: لأن الكعبة بيته والحرم بابه، فلما
قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون.
قيل له: فالمشعر الحرام لم صار في الحرم؟ قال: لأنه لما اذن لهم بالدخول
وقفهم بالحجاب الثاني، فلما طال تضرعهم بها اذن لهم لتقريب قربانهم، فلما
قضوا تفثهم (1) [و] (2) تطهروا بها من الذنوب التي كانت حجابا بينهم وبينه، اذن لهم



(1) التفث: إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا (النهاية: 1 / 191).
(2) هذه الزيادة من تهذيب الأحكام.
83
بالزيارة على الطهارة (1).
3 / 2
الغفلة
5074 - الإمام علي (عليه السلام) - من دعاء علمه نوف البكالي -: إلهي تناهت أبصار
الناظرين إليك بسرائر القلوب، وطالعت أصغى السامعين لك نجيات الصدور،
فلم يلق أبصارهم رد دون ما يريدون، هتكت بينك وبينهم حجب الغفلة،
فسكنوا في نورك، وتنفسوا بروحك (2).
3 / 3
أمراض القلوب
5075 - الإمام علي (عليه السلام): لو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى
الطريق، وخافوا عذاب الحريق، ولكن القلوب عليلة، والبصائر مدخولة!
ألا ينظرون إلى صغير ما خلق؛ كيف أحكم خلقه، وأتقن تركيبه، وفلق له السمع
والبصر، وسوى له العظم والبشر!... فالويل لمن أنكر المقدر، وجحد المدبر!
زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع؛ ولم يلجؤوا إلى
حجة فيما ادعوا، ولا تحقيق لما أوعوا. وهل يكون بناء من غير بان، أو جناية
من غير جان؟ (3)



(1) الكافي: 4 / 224 / 1، تهذيب الأحكام: 5 / 448 / 1565 كلاهما عن محمد بن يزيد الرفاعي
رفعه؛ شعب الإيمان: 3 / 468 / 4084 عن عبد الرحمن بن أحمد بن عطية نحوه.
(2) بحار الأنوار: 94 / 95 / 12 نقلا عن الكتاب العتيق الغروي عن نوف البكالي.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 481 / 117 وفيه " الأبصار " بدل " البصائر ".
84
3 / 4
حجاب الخلق
5076 - الإمام علي (عليه السلام): لا تشمله المشاعر، ولا تحجبه الحجب، والحجاب بينه
وبين خلقه خلقه إياهم؛ لامتناعه مما يمكن في ذواتهم، ولإمكان (1) مما يمتنع
منه، ولافتراق الصانع من المصنوع، والحاد من المحدود، والرب من
المربوب (2).



(1) قال الفيض الكاشاني: " لإمكان " بالتنوين بحذف المضاف إليه؛ أي: ولإمكان ذواتهم، وفي توحيد
الصدوق هكذا: ولإمكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته (الوافي: 1 / 437).
(2) الكافي: 1 / 139 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام).
85
الباب الرابع
ما يمتنع في معرفة الله
4 / 1
معرفة الله بالحواس
5077 - الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الله سبحانه -: لا تلمسه لامسة، ولا تحسه
حاسة (1).
5078 - الكافي عن علي بن عقبة: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): بم عرفت ربك؟ قال:
بما عرفني نفسه. قيل: وكيف عرفك نفسه؟ قال: لا يشبهه صورة، ولا يحس
بالحواس، ولا يقاس بالناس (2).



(1) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
(2) الكافي: 1 / 85 / 2، التوحيد: 285 / 2 كلاهما عن علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة
مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، المحاسن: 1 / 373 / 818 عن أبي ربيحة رفعه وفيه " بالقياس " بدل " بالناس "،
بحار الأنوار: 3 / 270 / 8 وج 61 / 105.
87
5079 - الإمام علي (عليه السلام): ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية (1).
5080 - عنه (عليه السلام): الرادع أناسي (2) الأبصار عن أن تناله أو تدركه (3).
5081 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: لم ينته إليك نظر، ولم يدركك بصر.
أدركت الأبصار، وأحصيت الأعمال (4).
5082 - عنه (عليه السلام) - في صفة الله سبحانه -: لم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا،
ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا... كلت عن إدراكه طروف العيون،
وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق (5).
5083 - عنه (عليه السلام) - أيضا -: لا تناله الأبصار من مجد جبروته؛ إذ حجبها بحجب لا
تنفذ في ثخن كثافته، ولا تخرق إلى ذي العرش متانة خصائص ستراته، الذي
صدرت الامور عن مشيته (6).
5084 - عنه (عليه السلام): من حاز (7) عليه البصر والرؤية فهو مخلوق، ولابد للمخلوق من



(1) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
(2) أناسي: جمع إنسان؛ وهو المثال الذي يرى في السواد (لسان العرب: 6 / 13).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 106 / 90
وج 77 / 315 / 17.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 160؛ جواهر المطالب: 1 / 351 وراجع بحار الأنوار: 95 / 424.
(5) الكافي: 1 / 141 وص 142 / 7، التوحيد: 31 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار:
4 / 265 / 14.
(6) التوحيد: 52 / 13 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 276 / 16.
(7) في بعض النسخ - كما في هامش المصدر -: " جاز ".
88
الخالق (8).
4 / 2
معرفة كنه ذاته
5085 - الإمام علي (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: كلت الأوهام عن تفسير صفتك،
وانحسرت العقول عن كنه عظمتك... وكل دون ذلك تحبير (1) اللغات، وضل
هنالك التدبير في تصاريف الصفات، فمن تفكر في ذلك رجع طرفه إليه حسيرا،
وعقله مبهورا، وتفكره متحيرا (2).
5086 - عنه (عليه السلام): ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه، وعن الأفهام أن تستغرقه، وعن
الأذهان أن تمثله (3).
5087 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: فلسنا نعلم كنه عظمتك، إلا أنا نعلم أنك
حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، لم ينته إليك نظر، ولم يدركك بصر (4).
5088 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي أظهر من آثار سلطانه وجلال كبريائه ما حير
مقل (5) العقول من عجائب قدرته، وردع خطرات هماهم النفوس عن عرفان كنه



(8) كفاية الأثر: 257 عن هشام عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 4 / 54 / 34.
(1) حبرت الشعر والكلام: حسنته (لسان العرب: 4 / 157).
(2) مهج الدعوات: 140 عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر، بحار الأنوار: 95 / 243 / 31.
(3) التوحيد: 70 / 26، عيون أخبار الرضا: 1 / 121 / 15 كلاهما عن الهيثم بن عبد الله الرماني عن
الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، البلد الأمين: 92، بحار الأنوار: 90 / 138 / 7.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 160؛ جواهر المطالب: 1 / 351 نحوه.
(5) جمع مقلة؛ وهي شحمة العين التي تجمع سوادها وبياضها، تستعار لقوة العقل باعتبار إدراكها (مجمع
البحرين: 3 / 1709).
89
صفته (6).
5089 - عنه (عليه السلام): حار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ
في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، تاهت
في أدنى أدانيها طامحات (1) العقول في لطيفات الامور (2).
5090 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: إنك أنت الله الذي لم تتناه في العقول
فتكون في مهب فكرها مكيفا، ولا في رويات خواطرها فتكون محدودا
مصرفا (3).
5091 - عنه (عليه السلام) - في تنزيه الله سبحانه -: تتلقاه الأذهان لا بمشاعرة، وتشهد له
المرائي لا بمحاضرة، لم تحط به الأوهام، بل تجلى لها بها (4).
5092 - عنه (عليه السلام): فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن (5).



(6) نهج البلاغة: الخطبة 195، بحار الأنوار: 77 / 314 / 15.
(1) طمح بصري إليه: امتد وعلا (لسان العرب: 2 / 534).
(2) الكافي: 1 / 134 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 41 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده عنه (عليهم السلام)، بحار الأنوار:
4 / 269 / 15.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 54 / 13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)،
غرر الحكم: 7559 وفيه " محددا " بدل " فتكون محدودا "، بحار الأنوار: 77 / 318 / 17.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 480 / 117، بحار الأنوار: 4 / 261 / 9.
(5) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده عنه (عليهم السلام)، نهج البلاغة: الخطبة
94 وفيه " حدس " بدل " غوص "، الاحتجاج: 1 / 473 / 113 نحوه، بحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
90
5093 - عنه (عليه السلام) - في تنزيه الله سبحانه -: لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها،
ولم تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثلا (1).
5094 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول
أن تتخيل ذاته؛ لامتناعها من الشبه والتشاكل (2).
5095 - عنه (عليه السلام): أزله نهية لمجاول الأفكار، ودوامه ردع لطامحات العقول (3).
5096 - عنه (عليه السلام): فانظر أيها السائل؛ فما دلك القرآن عليه من صفته فائتم به،
واستضئ بنور هدايته، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك
فرضه ولا في سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وأئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله سبحانه؛ فإن
ذلك منتهى حق الله عليك.
واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة
دون الغيوب، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح الله
تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمق فيما
لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا. فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة الله
سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين.



(1) نهج البلاغة: الخطبة 155، بحار الأنوار: 4 / 317 / 42 وج 64 / 323 / 2.
(2) الكافي: 8 / 18 / 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، التوحيد: 73 / 27، الأمالي للصدوق:
399 / 515 وفيهما " أعجز " بدل " منع " و " في امتناعها من الشبه والشكل " بدل " لامتناعها... "
وكلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه (عليهم السلام)، تحف العقول: 92 وفيه " أعدم " بدل
" منع "، بحار الأنوار: 70 / 280 / 1.
(3) الكافي: 1 / 140 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 287.
91
هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته، وحاول الفكر المبرأ
من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته، وتولهت القلوب
إليه؛ لتجري في كيفية صفاته، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه
الصفات لتناول علم ذاته، ردعها وهي تجوب مهاوي سدف (1) الغيوب، متخلصة
إليه سبحانه، فرجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بجور الاعتساف كنه معرفته،
ولا تخطر ببال اولي الرويات (2) خاطرة من تقدير جلال عزته (3).
5097 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: غاية كل متعمق في معرفة الخالق
سبحانه الاعتراف بالقصور عن إدراكها (4).
5098 - عنه (عليه السلام) - في الديوان المنسوب إليه -:
كيفية المرء ليس المرء يدركها * فكيف كيفية الجبار في القدم
هو الذي أنشأ الأشياء مبتدعا * فكيف يدركه مستحدث النسم (5)
5099 - عنه (عليه السلام): من تفكر في ذات الله ألحد (6).



(1) السدف: جمع سدفة؛ وهي من الأضداد؛ تقع على الضياء والظلمة (النهاية: 2 / 354 - 355) والمراد
هنا الظلم.
(2) هو جمع روية؛ وهي التفكر في الأمر (تاج العروس: 19 / 481).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 55 وص 51 / 13، تفسير العياشي: 1 / 163 / 5 وفيه إلى
" رسوخا " وكلها عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، تيسير المطالب: 203 عن زيد بن أسلم
وكلها نحوه، بحار الأنوار: 57 / 107 / 90.
(4) شرح نهج البلاغة: 20 / 292 / 344.
(5) الديوان المنسوب إلى الإمام علي (عليه السلام): 518 / 390.
(6) غرر الحكم: 8487، عيون الحكم والمواعظ: 449 / 7976.
92
5100 - عنه (عليه السلام): من أفكر في ذات الله تزندق (1) (2).
راجع: الصفات الثبوتية / الظاهر الباطن.
4 / 3
إحاطة القلب به
5101 - الإمام علي (عليه السلام): لا تناله التجزئة والتبعيض، ولا تحيط به الأبصار
والقلوب (3).
5102 - عنه (عليه السلام): عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر (4).
4 / 4
توصيفه بغير ما وصف به نفسه
5103 - الإمام علي (عليه السلام): سبحانه هو كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون
نعته (5).
5104 - عنه (عليه السلام): من اعتمد على الرأي والقياس في معرفة الله ضل وتشعبت عليه



(1) أفكر في الشيء وفكر فيه وتفكر بمعنى، وتزندق: أي صار زنديقا، ويطلق الزنديق على الثنوي،
وعلى المنكر للصانع، وعلى كل ملحد كافر (مرآة العقول: 25 / 48).
(2) الكافي: 8 / 22 / 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، تحف العقول: 96 وفيه " فكر " بدل
" أفكر "، غرر الحكم: 8503 وفيه " تفكر " بدل " أفكر "، بحار الأنوار: 77 / 285 / 1؛ دستور معالم
الحكم: 29 وفيه " تفكر " بدل " أفكر ".
(3) نهج البلاغة: الخطبة 85، بحار الأنوار: 4 / 319 / 45.
(4) نهج البلاغة: الكتاب 31، بحار الأنوار: 4 / 317 / 41.
(5) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، الغارات: 1 / 172 عن إبراهيم
بن إسماعيل اليشكري، بحار الأنوار: 4 / 269 / 15؛ جواهر المطالب: 1 / 346.
93
الامور (1).
5105 - عنه (عليه السلام): إن من يعجز عن صفات ذي الهيئة والأدوات فهو عن صفات
خالقه أعجز، ومن تناوله بحدود المخلوقين أبعد (2).
5106 - عنه (عليه السلام): كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله (3).
5107 - عنه (عليه السلام): لم يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب
معرفته (4).
5108 - عنه (عليه السلام): من وصف الله فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن عده فقد أبطل
أزله، ومن قال: أين؟ فقد غياه، ومن قال: علام؟ فقد أخلا منه، ومن قال: فيم؟
فقد ضمنه (5).
5109 - عنه (عليه السلام): كمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات
عنه؛ لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة؛
فمن وصف الله فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد
جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده،
ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن قال: علام؟ فقد أخلى منه (6).



(1) غرر الحكم: 9191، عيون الحكم والمواعظ: 433 / 7463.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 163، بحار الأنوار: 60 / 348 / 34.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 112، بحار الأنوار: 6 / 143 / 9.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 49، شرح الأخبار: 2 / 312 / 640 عن جعفر بن سليمان بإسناده عنه (عليه السلام) وفيه
" السواتر عن يقين " بدل " عن واجب "، بحار الأنوار: 4 / 308 / 36.
(5) الكافي: 1 / 140 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، نهج البلاغة: الخطبة 152 وفيه
إلى " أزله "، بحار الأنوار: 4 / 267 / 5؛ دستور معالم الحكم: 122 وفيه " نعته " بدل " غياه ".
(6) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 473 / 113، بحار الأنوار: 4 / 247 / 5؛ دستور معالم
الحكم: 122 نحوه.
94
5110 - عنه (عليه السلام): قد جهل الله من استوصفه، وتعداه من مثله، وأخطأه من اكتنهه،
فمن قال: أين؟ فقد بوأه (2)، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن قال: إلام؟ فقد
نهاه، ومن قال: لم فقد علله، ومن قال: كيف؟ فقد شبهه، ومن قال: إذ فقد وقته،
ومن قال: حتى فقد غياه، ومن غياه فقد جزأه، ومن جزأه فقد وصفه، ومن وصفه
فقد ألحد فيه، ومن بعضه فقد عدل عنه (3).
5111 - عنه (عليه السلام): لم تره سبحانه العقول فتخبر عنه، بل كان تعالى قبل الواصفين به
له (4).
5112 - عنه (عليه السلام): لا تحويه الأماكن، ولا تضمنه الأوقات، ولا تحده الصفات،
ولا تأخذه السنات (5).
5113 - عنه (عليه السلام): لا تقع الأوهام له على صفة، ولا تعقد القلوب منه على كيفية (6).
5114 - عنه (عليه السلام): تبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن (1).



(2) يقال: بوأه الله منزلا: أي أسكنه إياه، وتبوأت منزلا: أي اتخذته، والمباءة: المنزل (النهاية:
1 / 159).
(3) تحف العقول: 63.
(4) غرر الحكم: 7556، عيون الحكم والمواعظ: 414 / 7045.
(5) الكافي: 1 / 139 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه عن الإمام الصادق (عليه السلام)، التوحيد: 308 / 2 عن
عبد الله بن يونس وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه " لا تصحبه " بدل " لا تضمنه "، بحار الأنوار:
4 / 305 / 34.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 85؛ المعيار والموازنة: 254.
(1) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، نهج البلاغة: الخطبة 94 وفيه
" حدس " بدل " غوص ".
95
5115 - عنه (عليه السلام): فليست له صفة تنال، ولا حد تضرب له فيه الأمثال، كل دون
صفاته تحبير اللغات، وضل هناك تصاريف الصفات (2).
5116 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي... لا يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولا يوصف بأين
ولا بم ولا مكان، الذي بطن من خفيات الامور، وظهر في العقول بما يرى في
خلقه من علامات التدبير، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض، بل
وصفته بفعاله، ودلت عليه بآياته (3).
5117 - عنه (عليه السلام): لا يوصف بالأزواج، ولا يخلق بعلاج، ولا يدرك بالحواس...
بل إن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف ربك، فصف جبريل وميكائيل وجنود
الملائكة المقربين في حجرات القدس، مرجحنين (4) متولهة عقولهم أن يحدوا
أحسن الخالقين؛ فإنما يدرك بالصفات ذوو الهيئات والأدوات، ومن ينقضي إذا
بلغ أمد حده بالفناء (5).
5118 - عنه (عليه السلام): من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود، ومن ذكر أن
الأماكن به تحيط لزمته الحيرة والتخليط، بل هو المحيط بكل مكان؛ فإن كنت
صادقا أيها المتكلف لوصف الرحمن، بخلاف التنزيل والبرهان، فصف لي
جبريل وميكائيل وإسرافيل، هيهات! أ تعجز عن صفة مخلوق مثلك وتصف



(2) الكافي: 1 / 134 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 41 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام) وفيه
" تعبير اللغات " بدل " تحبير اللغات "، بحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
(3) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 31 / 1 نحوه وكلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار:
4 / 265 / 14.
(4) ارجحن الشيء: إذا مال من ثقلة وتحرك (النهاية: 2 / 198).
(5) نهج البلاغة: الخطبة 182 عن نوف البكالي، بحار الأنوار: 4 / 314 / 40 وج 77 / 310 / 13.
96
الخالق المعبود، وإنما لا تدرك (1) صفة رب الهيئة والأدوات، فكيف من لم تأخذه
سنة ولا نوم؟ له ما في الأرضين والسماوات وما بينهما وهو رب العرش
العظيم (2).



(1) في المصدر: " أنت تدرك " وما أثبتناه من كنز العمال.
(2) حلية الأولياء: 1 / 73، كنز العمال: 1 / 409 / 1737 كلاهما عن النعمان بن سعد.
97
الباب الخامس
الصفات الثبوتية
5 / 1
الواحد
5119 - الإمام علي (عليه السلام): الواحد بلا تأويل عدد (1).
5120 - عنه (عليه السلام): واحد لا من عدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد (2).
5121 - الخصال عن شريح بن هاني: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى
أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين أ تقول: إن الله واحد؟ قال: فحمل



(1) الكافي: 1 / 140 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، نهج البلاغة: الخطبة 152،
مجمع البيان: 10 / 862 عن عبد خير، روضة الواعظين: 24 وفيها " الأحد " بدل " الواحد "، تحف
العقول: 63 وفيه " أحد لا بتأويل عدد ".
(2) التوحيد: 70 / 26، عيون أخبار الرضا: 1 / 121 / 15 كلاهما عن الهيثم بن عبد الله الرماني عن
الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، نهج البلاغة: الخطبة 185، تيسير المطالب: 198 عن الإمام زين العابدين
عنه (عليهما السلام) وفيهما " لا بعدد " بدل " لا من عدد "، بحار الأنوار: 4 / 222 / 2 وج 90 / 139 / 7.
99
الناس عليه، وقالوا: يا أعرابي! أ ما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): دعوه؛ فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من
القوم، ثم قال: يا أعرابي! إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام:
فوجهان منها لا يجوزان على الله عزوجل، ووجهان يثبتان فيه. فأما اللذان
لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد، يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز؛
لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى أنه كفر من قال: إنه ثالث
ثلاثة؟ وقول القائل: هو واحد من الناس، يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا
يجوز عليه؛ لأنه تشبيه، وجل ربنا وتعالى عن ذلك.
وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه
كذلك ربنا، وقول القائل: إنه عز وجل أحدي المعنى، يعني به أنه لا ينقسم في
وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عزوجل (1).
5122 - الإمام علي (عليه السلام): ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه
عنى من شبهه (2).
5123 - عنه (عليه السلام): التوحيد ألا تتوهمه (3).
5124 - عنه (عليه السلام): دليله آياته، ووجوده إثباته، ومعرفته توحيده، وتوحيده تمييزه
من خلقه، وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة، إنه رب خالق غير مربوب



(1) الخصال: 2 / 1، معاني الأخبار: 5 / 2، التوحيد: 83 / 3، روضة الواعظين: 45، إرشاد القلوب:
166 نحوه من " إن القول... "، بحار الأنوار: 3 / 206 / 1.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 186، بحار الأنوار: 77 / 310 / 14.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 470، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 124، روضة الواعظين: 48، بحار الأنوار:
5 / 52 / 86.
100
مخلوق كلما يتصور فهو بخلافه (1).
5125 - عنه (عليه السلام) - في قول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله -: إعلام بأن الشهادة
لا تجوز إلا بمعرفته من القلب، كأنه يقول: أعلم أنه لا معبود إلا الله عزوجل، وأن
كل معبود باطل سوى الله عزوجل، وأقر بلساني بما في قلبي من العلم بأنه لا إله
إلا الله، وأشهد أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، ولا منجا من شر كل ذي شر وفتنة كل
ذي فتنة إلا بالله.
وفي المرة الثانية: أشهد أن لا إله إلا الله. معناه: أشهد أن لا هادي إلا الله، ولا
دليل لي إلى الدين إلا الله، واشهد الله بأني أشهد أن لا إله إلا الله، واشهد سكان
السماوات وسكان الأرضين وما فيهن من الملائكة والناس أجمعين، وما فيهن
من الجبال والأشجار والدواب والوحوش، وكل رطب ويابس بأني أشهد أن لا
خالق إلا الله، ولا رازق ولا معبود، ولا ضار ولا نافع، ولا قابض ولا باسط، ولا
معطي ولا مانع، ولا ناصح ولا كافي ولا شافي، ولا مقدم ولا مؤخر إلا الله، له
الخلق والأمر، وبيده الخير كله، تبارك الله رب العالمين (2).
5126 - عنه (عليه السلام) - في خطبة له -: ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما
دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة، لدقيق تفصيل كل شيء،
وغامض اختلاف كل حي، وما الجليل واللطيف، والثقيل والخفيف، والقوي
والضعيف في خلقه إلا سواء (3).



(1) الاحتجاج: 1 / 475 / 115، بحار الأنوار: 4 / 253 / 7.
(2) معاني الأخبار: 39 / 1، التوحيد: 239 / 1 كلاهما عن يزيد بن الحسن عن الإمام الكاظم عن
آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 84 / 132 / 24.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 482 / 117، بحار الأنوار: 3 / 26 / 1.
101
5127 - عنه (عليه السلام): لما لم يكن إلى إثبات صانع العالم طريق إلا بالعقل؛ لأنه لا يحس
فيدركه العيان أو شيء من الحواس، فلو كان غير واحد بل اثنين أو أكثر لأوجب
العقل عدة صناع كما أوجب إثبات الصانع الواحد، ولو كان صانع العالم اثنين لم
يجر تدبيرهما على نظام، ولم ينسق أحوالهما على إحكام ولا تمام؛ لأنه معقول
من الاثنين الاختلاف في دواعيهما وأفعالهما.
ولا يجوز أن يقال: إنهما متفقان ولا يختلفان؛ لأن كل من جاز عليه الاتفاق
جاز عليه الاختلاف، أ لا ترى أن المتفقين لا يخلو أن يقدر كل منهما على ذلك
أو لا يقدر كل منهما على ذلك؛ فإن قدرا كانا جميعا عاجزين، وإن لم يقدرا كانا
جاهلين، والعاجز والجاهل لا يكون إلها ولا قديما (1).
5128 - عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) -: اعلم يا بني أنه لو كان لربك
شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته،
ولكنه إله واحد كما وصف نفسه، لا يضاده في ملكه أحد (2).
5 / 2
الصمد
5129 - الإمام علي (عليه السلام): صمد لا بتبعيض بدد (3) (4).



(1) بحار الأنوار: 93 / 91 نقلا عن النعماني في كتابه في تفسير القرآن عن إسماعيل بن جابر عن الإمام
الصادق (عليه السلام).
(2) نهج البلاغة: الكتاب 31، تحف العقول: 72، بحار الأنوار: 3 / 234.
(3) الصمد: الذي يقصد في الحوائج، والبدد: الحاجة (تاج العروس: 5 / 66 وج 4 / 347) أي: السيد
المقصود إليه في الحوائج من دون تبعيض الحاجة.
(4) تحف العقول: 63، مجمع البيان: 10 / 862 عن عبد خير.
102
5130 - عنه (عليه السلام): تأويل الصمد: لا اسم ولا جسم، ولا مثل ولا شبه، ولا صورة
ولا تمثال، ولا حد ولا محدود، ولا موضع ولا مكان، ولا كيف ولا أين، ولا هنا
ولا ثمة ولا على، ولا خلاء ولا ملاء، ولا قيام ولا قعود، ولا سكون ولا
حركات، ولا ظلماني ولا نوراني، ولا روحاني ولا نفساني، ولا يخلو منه موضع
ولا يسعه موضع، ولا على لون، ولا خطر على قلب، ولا على شم رائحة، منفي
من هذه الأشياء (1).
5 / 3
العالم
5131 - الإمام علي (عليه السلام): كل عالم غيره متعلم (2).
5132 - عنه (عليه السلام): كل عالم فمن بعد جهل تعلم، والله لم يجهل ولم يتعلم (3).
5133 - عنه (عليه السلام): العالم بلا اكتساب ولا ازدياد ولا علم مستفاد... ليس إدراكه
بالإبصار، ولا علمه بالإخبار (4).
5134 - عنه (عليه السلام): علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين، وعلمه بما في
السماوات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى (5).



(1) جامع الأخبار: 38 / 25 عن محمد ابن الحنفية، بحار الأنوار: 3 / 230 / 21.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 65، غرر الحكم: 6887، عيون الحكم والمواعظ: 375 / 6317 وفيهما " غير
الله "، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(3) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 43 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، الغارات: 1 / 174 عن إبراهيم
بن إسماعيل اليشكري، بحار الأنوار: 4 / 270 / 15.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 213، بحار الأنوار: 4 / 319 / 45.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 163، بحار الأنوار: 4 / 307 / 35.
103
5135 - عنه (عليه السلام): علمها لا بأداة، لا يكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه
علم غيره (1) به كان عالما بمعلومه (2).
5136 - عنه (عليه السلام): كان ربا إذ لا مربوب، وإلها إذ لا مألوه، وعالما إذ لا معلوم (3).
5137 - عنه (عليه السلام): أحال الأشياء لأوقاتها... عالما بها قبل ابتدائها (4).
5138 - عنه (عليه السلام): أحاط بالأشياء علما قبل كونها، فلم يزدد بكونها علما، علمه بها
قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها (5).
5139 - عنه (عليه السلام): علمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرض السفلى،
وعلمه بكل شيء، لا تحيره الأصوات، ولا تشغله اللغات (6).



(1) قال المجلسي: " علمها ": أي علم الأشياء. " علم غيره ": يحتمل الإضافة والتوصيف فعلى الأول:
فالمراد أنه لا يتوسط بينه وبين معلومه علم عالم آخر به. وعلى الثاني: فالمراد أن ذاته المقدسة كافية
للعالم، ولا يحتاج إلى علم أي صورة علمية غيره (مرآة العقول: 25 / 37).
(2) الكافي: 8 / 18 / 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، التوحيد: 73 / 27، الأمالي للصدوق:
399 / 515 كلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه (عليهم السلام) وليس فيهما " به كان عالما
بمعلومه "، تحف العقول: 92 وراجع كنز الفوائد: 1 / 75.
(3) الكافي: 1 / 139 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 309 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 166 / 104.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 474 / 113، بحار الأنوار: 57 / 177 / 136.
(5) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 43 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، الغارات: 1 / 174 عن إبراهيم
بن إسماعيل اليشكري نحوه، بحار الأنوار: 4 / 270 / 15.
(6) حلية الأولياء: 1 / 73، جواهر المطالب: 1 / 340 وفيه " الأرضين " بدل " الأرض " وكلاهما عن
النعمان بن سعد، كنز العمال: 1 / 409 / 1737.
104
5140 - عنه (عليه السلام): فسبحان من لا يخفى عليه سواد غسق داج، ولا ليل ساج (1)، في
بقاع الأرضين المتطأطئات، ولا في يفاع السفع (2) المتجاورات، وما يتجلجل به
الرعد في افق السماء، وما تلاشت عنه بروق الغمام، وما تسقط من ورقة تزيلها
عن مسقطها عواصف الأنواء وانهطال السماء! ويعلم مسقط القطرة ومقرها
ومسحب الذرة ومجرها، وما يكفي البعوضة من قوتها، وما تحمل الأنثى في
بطنها (3).
5141 - عنه (عليه السلام): لا يعزب (4) عنه عدد قطر الماء، ولا نجوم السماء، ولا سوافي
الريح في الهواء، ولا دبيب النمل على الصفا، ولا مقيل الذر في الليلة الظلماء،
يعلم مساقط الأوراق وخفي طرف الأحداق (5).
5142 - عنه (عليه السلام): لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور لفظة،
ولا ازدلاف (6) ربوة، ولا انبساط خطوة، في ليل داج، ولا غسق ساج (7).
5143 - عنه (عليه السلام): لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء، ولا غوامض مكنون ظلم
الدجى، ولا ما في السماوات العلى إلى الأرضين السفلى (8).



(1) ليل ساج: أي يغطي بظلامه وسكونه (النهاية: 2 / 344).
(2) اليفاع: المرتفع من كل شيء. والسفع: جمع سفعة: نوع من السواد ليس بالكثير. وقيل: هو سواد مع
لون آخر (النهاية: 5 / 299 وج 2 / 374). والمراد منها الجبال عبر عنها بلونها فيما يظهر للنظر على بعد.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 182، بحار الأنوار: 77 / 309 / 13.
(4) عزب يعزب: غاب وبعد (لسان العرب: 1 / 596).
(5) نهج البلاغة: الخطبة 178، بحار الأنوار: 4 / 312 / 39 وج 77 / 307 / 12.
(6) أي قرب دخولهم فيها ونظرهم إليها (لسان العرب: 9 / 138).
(7) نهج البلاغة: الخطبة 163، بحار الأنوار: 4 / 306 / 35.
(8) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 4 / 270 / 15.
105
5144 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: كل سر عندك علانية (1).
5145 - عنه (عليه السلام) - أيضا -: كل غيب عندك شهادة (2).
5146 - عنه (عليه السلام): خرق علمه باطن غيب السترات، وأحاط بغموض عقائد
السريرات (3).
5147 - عنه (عليه السلام): عالم السر من ضمائر المضمرين، ونجوى المتخافتين، وخواطر
رجم الظنون، وعقد عزيمات اليقين، ومسارق إيماض (4) الجفون، وما ضمنته
أكنان القلوب، وغيابات الغيوب (5).
5148 - عنه (عليه السلام): يعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو انثى، وقبيح أو جميل،
وسخي أو بخيل، وشقي أو سعيد، ومن يكون في النار حطبا أو في الجنان
للنبيين مرافقا (6).
5149 - عنه (عليه السلام): قد علم السرائر، وخبر الضمائر، له الإحاطة بكل شيء (7).
5150 - عنه (عليه السلام): كل باطن عند الله جلت آلاؤه ظاهر (8).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 109، غرر الحكم: 6891 وفيه " عند الله " بدل " عندك "، بحار الأنوار:
4 / 318 / 43.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 109، بحار الأنوار: 4 / 318 / 43.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 108، غرر الحكم: 5053، عيون الحكم والمواعظ: 242 / 4609 وفيهما
" علم الله سبحانه " بدل " علمه ".
(4) يقال: أومض البرق إيماضا: إذا لمع لمعا خفيا ولم يعترض (النهاية: 5 / 230).
(5) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 77 / 328 / 17.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 128، بحار الأنوار: 26 / 103 / 6.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 86، بحار الأنوار: 4 / 319 / 45.
(8) غرر الحكم: 6890، عيون الحكم والمواعظ: 376 / 6362.
106
5151 - عنه (عليه السلام): إن الله سبحانه عند إضمار كل مضمر، وقول كل قائل، وعمل كل
عامل (1).
5152 - عنه (عليه السلام): أيها الناس! اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم (2).
5153 - عنه (عليه السلام): العالم بما تكن الصدور وما تخون العيون (3).
5154 - عنه (عليه السلام): قسم أرزاقهم، وأحصى آثارهم وأعمالهم، وعدد أنفسهم،
وخائنة أعينهم، وما تخفي صدورهم من الضمير (4).
5155 - عنه (عليه السلام): قد أحاط علم الله سبحانه بالبواطن، وأحصى الظواهر (5).
5156 - عنه (عليه السلام) - في دعاء علمه كميل بن زياد -: اللهم إني أسألك... بعلمك الذي
أحاط بكل شيء (6).
5 / 4
الشاهد
5157 - الإمام علي (عليه السلام): شاهد كل نجوى، لا كمشاهدة شيء من الأشياء، علا
السماوات العلى إلى الأرضين السفلى، وأحاط بجميع الأشياء علما، فعلا الذي



(1) غرر الحكم: 3447، عيون الحكم والمواعظ: 142 / 3177.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 203، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 115، روضة الواعظين: 479، غرر الحكم:
2506، عيون الحكم والمواعظ: 87 / 2074؛ جواهر المطالب: 2 / 155 / 102 وص 158 / 119.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 132؛ جواهر المطالب: 1 / 332.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 90، بحار الأنوار: 4 / 310 / 38 وج 77 / 305 / 10.
(5) غرر الحكم: 6677، عيون الحكم والمواعظ: 368 / 6199.
(6) مصباح المتهجد: 844 / 910، الإقبال: 3 / 331 كلاهما عن كميل بن زياد النخعي، البلد الأمين:
188.
107
دنا، ودنا الذي علا، له المثل الأعلى، والأسماء الحسنى تبارك وتعالى (1).
5158 - عنه (عليه السلام): المشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها (2).
5 / 5
السميع البصير
5159 - الإمام علي (عليه السلام): من تكلم سمع نطقه، ومن سكت علم سره (3).
5160 - عنه (عليه السلام): كان... سميعا إذ لا مسموع (4).
5161 - عنه (عليه السلام): سميع للأصوات المختلفة، بلا جوارح له مؤتلفة (5).
5162 - عنه (عليه السلام): السميع لا بأداة (6).
5163 - عنه (عليه السلام): سميع لا بآلة (7).
5164 - عنه (عليه السلام): السميع لا بتفريق آلة (8).
5165 - عنه (عليه السلام): كل سميع غيره يصم عن لطيف الأصوات، ويصمه كبيرها
ويذهب عنه ما بعد منها وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان، ولطيف



(1) الغارات: 1 / 176 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري، بحار الأنوار: 4 / 273.
(2) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 109، بحار الأنوار: 4 / 318 / 43؛ جواهر المطالب: 1 / 332 نحوه.
(4) الكافي: 1 / 139 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 309 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام).
(5) حلية الأولياء: 1 / 73، كنز العمال: 1 / 409 / 1737 كلاهما عن النعمان بن سعد.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 152.
(7) الكافي: 1 / 139 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، تحف العقول: 63.
(8) الكافي: 1 / 140 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام).
108
الأجسام (1).
5166 - عنه (عليه السلام): بصير إذ لا منظور إليه من خلقه (2).
5167 - عنه (عليه السلام): بصير لا يوصف بالحاسة (3).
5168 - عنه (عليه السلام): البصير لا بتفريق آلة (4).
5169 - عنه (عليه السلام): بصير لا بأداة (5).
5 / 6
اللطيف الخبير
5170 - الإمام علي (عليه السلام): إن ربي لطيف اللطافة، لا يوصف باللطف (6).
5171 - عنه (عليه السلام): لطيف لا بتجسم (7).
5172 - عنه (عليه السلام): لطيف لا يوصف بالخفاء (8).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 65، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 474 / 113، بحار الأنوار: 4 / 247 / 5.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 179، بحار الأنوار: 4 / 53 / 29.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 152.
(5) الكافي: 1 / 139 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه وص 140 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة،
التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس وكلها عن الإمام الصادق (عليه السلام)، تحف العقول: 63.
(6) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام) وص 306 / 1، الأمالي للصدوق: 423 / 560، الاختصاص: 236،
إرشاد القلوب: 374 كلها عن الأصبغ بن نباتة، روضة الواعظين: 40، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
(7) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، تحف العقول: 63، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
(8) نهج البلاغة: الخطبة 179، بحار الأنوار: 4 / 53 / 29؛ تذكرة الخواص: 157 عن ابن عباس وفيه
" بالجفا " بدل " بالخفاء ".
109
5173 - عنه (عليه السلام): لا إله إلا الله اللطيف بمن شرد عنه من مسرفي عباده؛ ليرجع عن
عتوه وعناده (1).
5174 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الكريم في ملكه، القاهر لمن فيه، القادر على أمره،
المحمود في صنعه، اللطيف بعلمه، الرؤوف بعباده، المستأثر في جبروته في عز
جلاله وهيبته (2).
5175 - عنه (عليه السلام): إن الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم
ونهارهم، لطف به خبرا وأحاط به علما (3).
5176 - عنه (عليه السلام): يجيب دعوة من يدعوه، ويرزق عبده ويحبوه، ذو لطف خفي
وبطش قوي (4).
5177 - عنه (عليه السلام) - في الديوان المنسوب إليه -:
وكم لله من لطف خفي * يدق خفاه عن فهم الذكي
وكم يسر أتى من بعد عسر * وفرج كربة القلب الشجي
وكم أمر تساء به صباحا * وتأتيك المسرة بالعشي
ولا تجزع إذا ما ناب خطب * فكم لله من لطف خفي (5)



(1) البلد الأمين: 112، بحار الأنوار: 90 / 171 / 19.
(2) الدروع الواقية: 182، بحار الأنوار: 97 / 142 / 4.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 199، بحار الأنوار: 33 / 450.
(4) المصباح للكفعمي: 968، بحار الأنوار: 77 / 340 / 28؛ شرح نهج البلاغة: 19 / 141، مطالب
السؤول: 60، كنز العمال: 16 / 210 / 44234 عن أبي صالح.
(5) الديوان المنسوب إلى الإمام علي (عليه السلام): 650 / 506.
110
5 / 7
القادر
5178 - الإمام علي (عليه السلام): فطر الخلائق بقدرته (1).
5179 - عنه (عليه السلام): كل قادر غير الله سبحانه مقدور (2).
5180 - عنه (عليه السلام): قادر إذ لا مقدور (3).
5181 - عنه (عليه السلام): المستشهد بآياته على قدرته (4).
5182 - عنه (عليه السلام): كل قادر غيره يقدر ويعجز (5).
5183 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الكريم في ملكه... القادر على أمره (6).
5184 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك!
وما أصغر كل عظيمة في جنب قدرتك! وما أهول ما نرى من ملكوتك! وما
أحقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك! وما أسبغ نعمك في الدنيا! وما أصغرها
في نعم الآخرة! (7)
5185 - عنه (عليه السلام): هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته، وحاول



(1) نهج البلاغة: الخطبة 1 و 183 وفيه " خلق " بدل " فطر "، الاحتجاج: 1 / 473 / 113، بحار الأنوار:
4 / 247 / 5.
(2) غرر الحكم: 6889، عيون الحكم والمواعظ: 377 / 6400.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 152؛ دستور معالم الحكم: 122.
(4) الكافي: 1 / 139 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام).
(5) نهج البلاغة: الخطبة 65، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(6) الدروع الواقية: 182، بحار الأنوار: 97 / 142 / 4.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 109، بحار الأنوار: 4 / 318 / 43؛ جواهر المطالب: 1 / 333 نحوه.
111
الفكر المبرأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته،
وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته، وغمضت مداخل العقول في حيث
لا تبلغه الصفات لتناول علم ذاته، ردعها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب
متخلصة إليه سبحانه (1).
5186 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد، الذي لا من شيء كان
ولا من شيء خلق ما كان، قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه (2).
5187 - عنه (عليه السلام) - في دعاء علمه كميل بن زياد -: اللهم عظم سلطانك، وعلا
مكانك، وخفي مكرك، وظهر أمرك، وغلب قهرك، وجرت قدرتك، ولا يمكن
الفرار من حكومتك (3).
5 / 8
القوي
5188 - الإمام علي (عليه السلام): كل قوي غيره ضعيف (4).
5189 - عنه (عليه السلام): كل شيء خاشع له، وكل شيء قائم به، غنى كل فقير، وعز كل



(1) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 275 / 16.
(2) الكافي: 1 / 134 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 41 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)،
بحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
(3) مصباح المتهجد: 845 / 910، الإقبال: 3 / 332 وفيه " جندك " بدل " قهرك " وكلاهما عن كميل بن
زياد، البلد الأمين: 188.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 65، غرر الحكم: 6884، عيون الحكم والمواعظ: 375 / 6314 وفيهما " غير
الله ".
112
ذليل، وقوة كل ضعيف (1).
5190 - عنه (عليه السلام): فتعالى من قوي ما أكرمه! وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على
معصيته! (2)
5191 - عنه (عليه السلام) - في دعاء علمه كميل بن زياد -: اللهم إني أسألك... بقوتك التي
قهرت بها كل شيء، وخضع لها كل شيء، وذل لها كل شيء (3).
5 / 9
القاهر
5192 - الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله الكريم في ملكه، القاهر لمن فيه (4).
5193 - عنه (عليه السلام): الواحد الصمد، والمتكبر عن الصاحبة والولد، رافع السماء بغير
عمد، ومجري السحاب بغير صفد (5)، قاهر الخلق بغير عدد (6).
5194 - عنه (عليه السلام): الله أكبر القاهر للأضداد، المتعالي عن الأنداد، المتفرد بالمنة على
جميع العباد (7).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 109، بحار الأنوار: 4 / 317 / 43؛ جواهر المطالب: 1 / 332.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 223، بحار الأنوار: 71 / 192 / 59.
(3) مصباح المتهجد: 844 / 910، الإقبال: 3 / 331 كلاهما عن كميل بن زياد النخعي، البلد الأمين:
188.
(4) الدروع الواقية: 182.
(5) الصفد: حبل يوثق به أو غل (لسان العرب: 3 / 256).
(6) مهج الدعوات: 144، بحار الأنوار: 94 / 232 / 8.
(7) البلد الأمين: 93، بحار الأنوار: 90 / 139 / 7.
113
5195 - عنه (عليه السلام): هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته واتسعت
رحمته لأوليائه في شدة نقمته، قاهر من عازه (1)، ومدمر من شاقه، ومذل من
ناواه، وغالب من عاداه (2).
5 / 10
القائم
5196 - الإمام علي (عليه السلام): كل شيء قائم به (3).
5197 - عنه (عليه السلام): كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول (4).
5198 - عنه (عليه السلام): إن الله قائم باق، وما دونه حدث حائل زائل، وليس القديم الباقي
كالحدث الزائل (5).
5199 - عنه (عليه السلام): سبحان من هو قائم لا يلهو (6).
5200 - عنه (عليه السلام): الحمد لله المعروف من غير رؤية، والخالق من غير روية، الذي
لم يزل قائما دائما إذ لا سماء ذات أبراج، ولا حجب ذات إرتاج (7)، ولا ليل
داج، ولا بحر ساج (8)، ولا جبل ذو فجاج، ولا فج ذو اعوجاج، ولا أرض ذات



(1) عازه أي غالبه (شرح نهج البلاغة: 6 / 396).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 90، بحار الأنوار: 4 / 310 / 38.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 109، بحار الأنوار: 4 / 317 / 43.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 186، بحار الأنوار: 77 / 310 / 14.
(5) تحف العقول: 468 عن الإمام الهادي (عليه السلام)، بحار الأنوار: 5 / 75 / 1.
(6) الدروع الواقية: 200.
(7) الرتج والرتاج: الباب العظيم، وقيل: هو الباب المغلق (لسان العرب: 2 / 279).
(8) ساج: أي ساكن (النهاية: 2 / 345).
114
مهاد، ولا خلق ذو اعتماد (1).
5201 - عنه (عليه السلام): واحد لا بعدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد (2).
5202 - عنه (عليه السلام): القيوم الذي لا ينام (3).
5203 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل: أنت... القيوم الذي لا زوال لك (4).
5 / 11
الحي القيوم
5204 - الإمام علي (عليه السلام): هو حياة كل شيء، ونور كل شيء، سبحانه وتعالى
عما يقولون علوا كبيرا... وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى
معرفته (5).
5 / 12
الأول والآخر
5205 - الإمام علي (عليه السلام): الأول لا شيء قبله، والآخر لا غاية له (6).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 90، بحار الأنوار: 4 / 310 / 38.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 185، التوحيد: 70 / 26 عن الهيثم بن عبد الله الرماني عن الإمام الرضا عن
آبائه عنه (عليهم السلام)، الاحتجاج: 1 / 480 / 117، البلد الأمين: 92، بحار الأنوار: 90 / 139 / 7.
(3) مهج الدعوات: 145.
(4) الدروع الواقية: 204، بحار الأنوار: 97 / 203 / 3.
(5) الكافي: 1 / 130 / 1 عن أحمد بن محمد البرقي رفعه، بحار الأنوار: 58 / 10 / 8.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 85.
115
5206 - عنه (عليه السلام): الأول الذي لا غاية له فينتهي، ولا آخر له فينقضي (1).
5207 - عنه (عليه السلام): الأول الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله، والآخر الذي ليس
له بعد فيكون شيء بعده (2).
5208 - عنه (عليه السلام): لا تصحبه الأوقات، ولا ترفده الأدوات، سبق الأوقات كونه،
والعدم وجوده، والابتداء أزله... منعتها " منذ " القدمة، وحمتها " قد " الأزلية (3).
5209 - عنه (عليه السلام): لم يتقدمه وقت ولا زمان (4).
5210 - عنه (عليه السلام): الذي ليس له وقت معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود؛
سبحان الذي ليس له أول مبتدأ، ولا غاية منتهى، ولا آخر يفنى (5).
5211 - عنه (عليه السلام): ليس لأوليته ابتداء، ولا لأزليته انقضاء، هو الأول ولم يزل،
والباقي بلا أجل... لا يقال له: " متى؟ " ولا يضرب له أمد ب‍ " حتى "... قبل كل
غاية ومدة، وكل إحصاء وعدة (6).
5212 - عنه (عليه السلام): قبل كل شيء لا يقال شيء قبله، وبعد كل شيء لا يقال له بعد...
موجود لا بعد عدم (7).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 94.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 91، بحار الأنوار: 57 / 106 / 90.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 186، بحار الأنوار: 57 / 30 / 6.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 182 وراجع بحار الأنوار: 57 / 167 / 107.
(5) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، الغارات:
1 / 172 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري نحوه، بحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 163، بحار الأنوار: 57 / 27 / 3.
(7) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
116
5213 - عنه (عليه السلام): لا أمد لكونه، ولا غاية لبقائه (1).
5214 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش، أو سماء أو
أرض، أو جان أو إنس (2).
5215 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي لم تسبق له حال حالا، فيكون أولا قبل أن يكون
آخرا (3).
5216 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الأول فلا شيء قبله، والآخر فلا شيء بعده (4).
5217 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، وبأوليته
وجب أن لا أول له، وبآخريته وجب أن لا آخر له (5).
5218 - عنه (عليه السلام): الذي ليست في أوليته نهاية، ولا لآخريته حد ولا غاية، الذي لم
يسبقه وقت، ولم يتقدمه زمان (6).
5219 - عنه (عليه السلام): الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور، وبعد
صروف الامور، الذي لا يبيد ولا ينفد (7).



(1) الكافي: 1 / 139 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار:
57 / 166 / 105.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 182 عن نوف البكالي، بحار الأنوار: 4 / 314 / 40.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 65، بحار الأنوار: 4 / 308 / 37.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 96.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 101.
(6) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 31 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 265 / 14.
(7) الكافي: 1 / 136 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 43 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام) وفيه
" صرف " بدل " صروف " و " لا يفقد " بدل " لا ينفد "، بحار الأنوار: 4 / 271 / 15.
117
5220 - عنه (عليه السلام): لا يزول أبدا ولم يزل، أول قبل الأشياء بلا أولية، وآخر بعد
الأشياء بلا نهاية (1).
5221 - الإمام الصادق (عليه السلام): جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا
أمير المؤمنين، متى كان ربك؟ فقال له: ثكلتك امك! ومتى لم يكن حتى يقال:
متى كان؟ كان ربي قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى
لغايته، انقطعت الغايات عنده؛ فهو منتهى كل غاية (2).
5 / 13
الظاهر والباطن
5222 - الإمام علي (عليه السلام) - في تمجيد الله -: الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين،
والباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين (3).
5223 - عنه (عليه السلام): الظاهر فلا شيء فوقه، والباطن فلا شيء دونه (4).
5224 - عنه (عليه السلام): هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بعلمه
ومعرفته (5).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 31، بحار الأنوار: 4 / 317 / 41؛ كنز العمال: 16 / 171 / 44215 نقلا عن
وكيع والعسكري في المواعظ.
(2) الكافي: 1 / 89 / 5، التوحيد: 174 / 3، الأمالي للصدوق: 769 / 1041 كلها عن أبي الحسن
الموصلي، الاحتجاج: 1 / 496 / 126، بحار الأنوار: 3 / 283 / 1 وراجع الكافي: 1 / 89 / 4 وص
90 / 6 وح 8.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 213، بحار الأنوار: 4 / 319 / 45.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 96.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 478 / 116، بحار الأنوار: 77 / 313 / 14.
118
5225 - عنه (عليه السلام): الظاهر لا يقال: " مم "، والباطن لا يقال: " فيم " (1).
5226 - عنه (عليه السلام): الذي بطن من خفيات الامور، وظهر في العقول بما يرى في خلقه
من علامات التدبير (2).
5227 - عنه (عليه السلام): الظاهر لقلوبهم بحجته (3).
5228 - عنه (عليه السلام): الظاهر على كل شيء بالقهر له (4).
5229 - عنه (عليه السلام): الظاهر لا برؤية، والباطن لا بلطافة (5).
5230 - عنه (عليه السلام): باطن لا بمداخلة، ظاهر لا بمزايلة (6).
5231 - عنه (عليه السلام): لا يجنه (7) البطون عن الظهور، ولا يقطعه الظهور عن البطون؛
قرب فنأى، وعلا فدنا، وظهر فبطن، وبطن فعلن (8).
5232 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي لم تسبق له حال حالا؛ فيكون أولا قبل أن يكون
آخرا، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا... كل ظاهر غيره غير باطن، وكل
باطن غيره غير ظاهر (9).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 163.
(2) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 31 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 265 / 14.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 108.
(4) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 152.
(6) تحف العقول: 63 وراجع نهج البلاغة: الخطبة 1.
(7) يجنه: أي يغطيه ويستره (النهاية: 1 / 308).
(8) نهج البلاغة: الخطبة 195، بحار الأنوار: 77 / 315 / 15.
(9) نهج البلاغة: الخطبة 65، بحار الأنوار: 4 / 308 / 37.
119
5 / 14
القريب البعيد
5233 - الإمام علي (عليه السلام): قريب من الأشياء غير ملابس، بعيد منها غير مباين (1).
5234 - عنه (عليه السلام): المتعالي على الخلق بلا تباعد منهم، ولا ملامسة منه لهم (2).
5235 - عنه (عليه السلام): إنه لبكل مكان، وفي كل حين وأوان، ومع كل إنس وجان (3).
5236 - عنه (عليه السلام): لم يقرب من الأشياء بالتصاق، ولم يبعد عنها بافتراق (4).
5237 - عنه (عليه السلام): ناء لا بمسافة، قريب لا بمداناة (5).
5238 - عنه (عليه السلام): سبق في العلو؛ فلا شيء أعلى منه، وقرب في الدنو؛ فلا شيء
أقرب منه، فلا استعلاؤه باعده من شيء من خلقه، ولا قربه ساواهم في المكان به (6).
5 / 15
البائن الداخل
5239 - الإمام علي (عليه السلام): البائن لا بتراخي مسافة (7).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 179، غرر الحكم: 6796، عيون الحكم والمواعظ: 372 / 6309.
(2) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 وفيه " القريب منهم بلا ملامسة " وكلاهما عن الحارث
الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 195، بحار الأنوار: 77 / 315 / 15.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 163، بحار الأنوار: 4 / 306 / 35.
(5) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه " بائن " بدل " ناء "، تحف العقول: 63 وفيه " بعيد " بدل " ناء "،
بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 49، شرح الأخبار: 2 / 312 / 640، بحار الأنوار: 4 / 308 / 36.
(7) الكافي: 1 / 140 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس وكلاهما عن
الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه " بائن لا بمسافة "، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
120
5240 - عنه (عليه السلام): مبائن لجميع ما أحدث في الصفات (1).
5241 - عنه (عليه السلام): بان من الأشياء بالقهر لها والقدرة عليها، وبانت الأشياء منه
بالخضوع له والرجوع اليه (2).
5242 - عنه (عليه السلام): لا أن الأشياء تحويه فتقله (3) أو تهويه، أو أن شيئا يحمله فيميله
أو يعدله، ليس في الأشياء بوالج، ولا عنها بخارج (4).
5243 - عنه (عليه السلام): في الأشياء كلها، غير متمازج بها، ولا بائن منها (5).
5244 - عنه (عليه السلام): فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، ويكون فيها لا على وجه
الممازجة (6).
5245 - عنه (عليه السلام) - عندما سأله حبر يهودي عن الله أ هو في السماء أم في الأرض؟
فقال -: إن الله جل وعز أين الأين فلا أين له، وجل عن أن يحويه مكان، وهو
في كل مكان بغير مماسة ولا مجاورة، يحيط علما بما فيها، ولا يخلو شيء منها



(1) عيون أخبار الرضا: 1 / 121 / 15، التوحيد: 69 / 26 كلاهما عن الهيثم بن عبد الله الرماني عن
الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 4 / 222 / 2.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 152 وراجع الكافي: 1 / 134 / 1 والتوحيد: 41 / 3 والغارات: 1 / 171
وبحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
(3) أقل الشيء: رفعه وحمله (النهاية: 4 / 104).
(4) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 477 / 116، بحار الأنوار: 77 / 312 / 14.
(5) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
(6) الكافي: 8 / 18 / 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، تحف العقول: 92، التوحيد: 73 / 27،
الأمالي للصدوق: 399 / 515 كلاهما عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عن آبائه عنه (عليهم السلام)
وفيهما " تمكن منها " بدل " يكون فيها "، بحار الأنوار: 4 / 221 / 1.
121
من تدبيره، وإني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك، فإن
عرفته أتؤمن به؟ قال اليهودي: نعم.
قال: أ لستم تجدون في بعض كتبكم أن موسى بن عمران (عليه السلام) كان ذات يوم
جالسا إذ جاءه ملك من المشرق، فقال له موسى: من أين أقبلت؟ قال: من
عند الله عزوجل، ثم جاءه ملك من المغرب فقال له: من أين جئت؟ قال: من
عند الله، وجاءه ملك آخر فقال: قد جئتك من السماء السابعة من عند الله تعالى،
وجاءه ملك آخر فقال: قد جئتك من الأرض السابعة السفلى من عند الله عز
اسمه، فقال موسى (عليه السلام): سبحان من لا يخلو منه مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب
من مكان؟
فقال اليهودي: أشهد أن هذا هو الحق، وأنك أحق بمقام نبيك ممن استولى
عليه (1).
5246 - عنه (عليه السلام): وحد الأشياء كلها عند خلقه إبانة لها من شبهه، وإبانة له من
شبهها، لم يحلل فيها فيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن، ولم
يخل منها فيقال له: أين، لكنه سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، وأحصاها
حفظه. لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء، ولا غوامض مكنون ظلم الدجى،
ولا ما في السماوات العلى إلى الأرضين السفلى. لكل شيء منها حافظ ورقيب،
وكل شيء منها بشيء محيط، والمحيط بما أحاط منها (2).



(1) الإرشاد: 1 / 201، الاحتجاج: 1 / 494 / 124، بحار الأنوار: 3 / 309 / 2.
(2) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، الغارات:
1 / 172 عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري نحوه، بحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
122
5 / 16
العزيز الحكيم
5247 - الإمام علي (عليه السلام): كل عزيز غيره ذليل (1).
5248 - عنه (عليه السلام): عز كل ذليل (2).
5249 - عنه (عليه السلام): الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا (3).
5250 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء، واختارهما لنفسه دون
خلقه (4).
5251 - عنه (عليه السلام): ظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير... وهو
الحكيم العليم. أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح كلها، لا بمثال سبق إليه،
ولا لغوب (5) دخل عليه في خلق ما خلق لديه (6).
5252 - عنه (عليه السلام): أمره قضاء وحكمة، ورضاه أمان ورحمة؛ يقضي بعلم، ويعفو
بحلم (7).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 65، غرر الحكم: 6878 وفيه " غير الله سبحانه "، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 109.
(3) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 31 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، نهج البلاغة: الخطبة 182
وفيهما " لم يولد " بدل " لم يلد "، بحار الأنوار: 4 / 265 / 14.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 192، بحار الأنوار: 14 / 465 / 37 وج 63 / 214 / 49.
(5) اللغوب: التعب والإعياء (لسان العرب: 1 / 742).
(6) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 31 - 33 / 1 وفيه " ما أراد خلقه من الأشياء " بدل " ما أراد من خلقه
من الأشباح " وكلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 57 / 167 / 107.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 160.
123
5253 - عنه (عليه السلام): وفرقها أجناسا مختلفات في الحدود والأقدار، والغرائز
والهيئات، بدايا خلائق أحكم صنعها، وفطرها على ما أراد وابتدعها! (1)
5254 - عنه (عليه السلام): وأرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته...
ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته، فظهرت البدائع التي أحدثتها آثار
صنعته وأعلام حكمته، فصار كل ما خلق حجة له ودليلا عليه (2).
5 / 17
الرحمن الرحيم
5255 - الإمام علي (عليه السلام): الرحمن الذي يرحم ببسط الرزق علينا، الرحيم بنا في
أدياننا ودنيانا وآخرتنا (3).
5256 - عنه (عليه السلام) - في كتابه إلى قيصر -: وأما سؤالك عن الرحمن؛ فهو عون لكل
من آمن به، وهو اسم لم يتسم به غير الرحمن تبارك وتعالى، وأما الرحيم فرحيم
من عصى وتاب وآمن وعمل صالحا (4).
5257 - عنه (عليه السلام): البر الرحيم بمن لجأ إلى ظله واعتصم بحبله (5).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 54 / 13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)،
بحار الأنوار: 4 / 276 / 16 وج 57 / 108 / 90.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 107 / 90.
(3) التوحيد: 232 / 5 عن محمد بن زياد ومحمد بن سيار، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام):
28 / 9 كلاهما عن الإمام العسكري عن الإمام زين العابدين عن آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار:
92 / 233 / 14.
(4) إرشاد القلوب: 366، بحار الأنوار: 92 / 259 / 53.
(5) البلد الأمين: 93، بحار الأنوار: 90 / 139 / 7.
124
5258 - عنه (عليه السلام): متقدس بعلوه، متكبر بسموه، ليس يدركه بصر، ولم يحط به
نظر، قوي منيع، بصير سميع، علي حكيم، رؤوف رحيم، عزيز عليم، عجز في
وصفه من يصفه، وضل في نعته من يعرفه، قرب فبعد وبعد فقرب، يجيب دعوة
من يدعوه، ويرزق عبده ويحبوه، ذو لطف خفي، وبطش قوى، ورحمة موسعة،
وعقوبة موجعة، رحمته جنة عريضة مونقة، وعقوبته جحيم موصدة موبقة (1).
5259 - عنه (عليه السلام): الحمد لله... الذي لا تبرح (2) منه رحمة، ولا تفقد له نعمة (3).
5260 - عنه (عليه السلام): هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت
رحمته لأوليائه في شدة نقمته (4).
5261 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: يسرني من القرآن كلمة أرجوها
لمن أسرف على نفسه: (قال عذابى أصيب به ى من أشآء ورحمتي وسعت كل شىء) (5)
فجعل الرحمة عموما، والعذاب خصوصا (6).
5262 - عنه (عليه السلام) - في دعاء علمه كميل بن زياد -: اللهم إني أسألك برحمتك التي



(1) المصباح للكفعمي: 968، بحار الأنوار: 77 / 340 / 28؛ شرح نهج البلاغة: 19 / 140، مطالب
السؤول: 60 كلاهما نحوه، كنز العمال: 16 / 210 / 44234 نقلا عن أبي الفتوح يوسف بن المبارك
بن كامل الخفاف في مشيخته عن أبي صالح.
(2) البرح: الشدة (النهاية: 1 / 113) وأبرحت: أعظمت واتخذته عظيما (العين: 75).
يعني أن الرحمة ليست عظيمة أو عزيزة على الله سبحانه وتعالى، نعم البرح فيه معنى البعد أيضا؛ أي لا
تبعد.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 45، بحار الأنوار: 73 / 81 / 42.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 90، بحار الأنوار: 77 / 306 / 10.
(5) الأعراف: 156.
(6) شرح نهج البلاغة: 20 / 344 / 960.
125
وسعت كل شيء (1).
5263 - عنه (عليه السلام): فلا يبعد الله إلا من أبى الرحمة، وفارق العصمة (2).
5264 - عنه (عليه السلام): لا تحجزه هبة عن سلب، ولا يشغله غضب عن رحمة، ولا تولهه
رحمة عن عقاب (3).
5 / 18
الغني
5265 - الإمام علي (عليه السلام): كل شيء خاشع له، وكل شيء قائم به، غنى كل فقير، وعز
كل ذليل (4).
5266 - عنه (عليه السلام): لم يكونها [الأشياء] لتشديد سلطان، ولا خوف من زوال، ولا
نقصان، ولا استعانة على ضد مناو، ولا ند مكاثر، ولا شريك مكابر (5).
5267 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: لم تخلق الخلق لوحشة، ولا استعملتهم
لمنفعة (6).
5268 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: سبحان الواحد الذي ليس غيره،



(1) الإقبال: 3 / 331، مصباح المتهجد: 844 / 910 كلاهما عن كميل بن زياد، البلد الأمين: 188.
(2) الإرشاد: 1 / 291 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 34 / 156 / 967.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 195، بحار الأنوار: 77 / 315 / 15.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 109، بحارالأنوار: 4 / 317 / 43؛ جواهر المطالب: 1 / 350 وفيه إلى " قائم به ".
(5) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
نهج البلاغة: الخطبة 186، التوحيد: 43 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق
عن آبائه عنه (عليهم السلام)، الاحتجاج: 1 / 479 / 116 كلها نحوه.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 109، غرر الحكم: 7554 نحوه، بحار الأنوار: 4 / 318 / 43.
126
سبحان الدائم الذي لا نفاد له، سبحان القديم الذي لا ابتداء له، سبحان الغني عن
كل شيء ولا شيء من الأشياء يغني عنه (1).
5 / 19
العظيم
5269 - الإمام علي (عليه السلام) - في دعاء علمه كميل بن زياد -: اللهم إني أسألك بعظمتك
التي ملأت كل شيء، وبسلطانك الذي علا كل شيء (2).
5270 - عنه (عليه السلام): تواضعت الأشياء لعظمته، وانقادت لسلطانه وعزته (3).
5271 - عنه (عليه السلام): صغر كل جبار في عظمة الله (4).
5272 - عنه (عليه السلام): عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر،
جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ (5).
5273 - عنه (عليه السلام): لا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك، فتكون من
الهالكين (6).



(1) شرح نهج البلاغة: 20 / 348 / 997.
(2) مصباح المتهجد: 844 / 910، الإقبال: 3 / 332 وفيه " ملأت أركان كل شيء " وكلاهما عن كميل
بن زياد النخعي، البلد الأمين: 188.
(3) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
(4) مكارم الأخلاق: 2 / 294 / 2652، بحار الأنوار: 94 / 195 / 3.
(5) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
كلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، الأمالي للصدوق: 423 / 560، الاختصاص: 236 كلاهما عن الأصبغ
بن نباتة، روضة الواعظين: 40، بحار الأنوار: 4 / 27 / 2.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 56 / 13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)،
تفسير العياشي: 1 / 163 / 5 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن أبيه عنه (عليهم السلام)، أعلام الدين:
103، بحار الأنوار: 4 / 278 / 16.
127
5274 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته، وردعت
عظمته العقول، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته (1).
5275 - عنه (عليه السلام): فلا إله إلا الله من عظيم ما أعظمه، ومن جليل ما أجله، ومن عزيز
ما أعزه، وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا (2).
5 / 20
المريد
5276 - الإمام علي (عليه السلام): مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة (3).
5277 - عنه (عليه السلام): شاء الأشياء لا بهمة... مريد لا بهمامة (4).
5278 - عنه (عليه السلام): يقول ولا يلفظ... ويريد ولا يضمر (5).
5279 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الولي الحميد، الحكيم المجيد، الفعال لما يريد، علام
الغيوب، وخالق الخلق، ومنزل القطر، ومدبر أمر الدنيا والآخرة (6).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 155، بحار الأنوار: 4 / 317 / 42.
(2) الكافي: 1 / 136 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 44 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده عنه (عليهم السلام)، بحار الأنوار:
4 / 271 / 15.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 179، بحار الأنوار: 4 / 53 / 29.
(4) الكافي: 1 / 138 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 477 / 116، بحار الأنوار: 4 / 254 / 8.
(6) من لا يحضره الفقيه: 1 / 427 / 1263، مصباح المتهجد: 380 / 508 عن زيد بن وهب نحوه.
128
5280 - عنه (عليه السلام) - لما سئل عن مشية الله وإرادته -: إن لله مشيتين: مشية حتم،
ومشية عزم، وكذلك إن لله إرادتين: إرادة عزم، وإرادة حتم لا تخطئ، وإرادة عزم
تخطئ وتصيب، وله مشيتان: مشية يشاء، ومشية لا يشاء، ينهى وهو ما يشاء،
ويأمر وهو لا يشاء (1).
5 / 21
المقدر
5281 - الإمام علي (عليه السلام): مقدر لا بحركة (2).
5282 - عنه (عليه السلام): مقدر لا بجول فكرة (3).
5283 - عنه (عليه السلام) - في تمجيد الله وتعظيمه -: المقدر لجميع الامور بلا روية
ولا ضمير (4).
5284 - عنه (عليه السلام): قدر ما خلق، فأحكم تقديره (5).
5 / 22
المتكلم
5285 - الإمام علي (عليه السلام): يخبر لا بلسان ولهوات (6)، ويسمع لا بخروق وأدوات،



(1) الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام): 410، بحار الأنوار: 5 / 124 / 73.
(2) الكافي: 1 / 139 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 304 / 34.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 186، تحف العقول: 63، بحار الأنوار: 77 / 310 / 14.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 213، بحار الأنوار: 4 / 319 / 45.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 53 / 13 كلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)،
بحار الأنوار: 77 / 319 / 17.
(6) اللهوات: جمع لهاة؛ وهي اللحمات في سقف أقصى الفم (النهاية: 4 / 284).
129
يقول ولا يلفظ، ويحفظ ولا يتحفظ... يقول لمن أراد كونه: " كن " فيكون، لا
بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه، أنشأه ومثله، لم
يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا (1).
5286 - عنه (عليه السلام): كلم موسى تكليما، بلا جوارح وأدوات، ولا شفة ولا لهوات (2).
5287 - عنه (عليه السلام): الذي كلم موسى تكليما، وأراه من آياته عظيما، بلا جوارح ولا
أدوات، ولا نطق ولا لهوات (3).
5288 - عنه (عليه السلام): ما برح لله - عزت آلاؤه - في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان
الفترات، عباد ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم (4).
5 / 23
الخالق
5289 - الإمام علي (عليه السلام): الخالق لا بمعنى حركة ونصب (5).
5290 - عنه (عليه السلام): الخالق من غير منصبة، خلق الخلائق بقدرته (6).
5291 - عنه (عليه السلام): خلق الخلق من غير روية؛ إذ كانت الرويات لا تليق إلا بذوي



(1) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 477 / 116، بحار الأنوار: 4 / 254 / 8.
(2) التوحيد: 79 / 34 عن أبي المعتمر مسلم بن أوس، بحار الأنوار: 4 / 295 / 22؛ حلية الأولياء:
1 / 73، جواهر المطالب: 1 / 341 كلاهما عن النعمان بن سعد، كنز العمال: 1 / 409 / 1737.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 182 عن نوف البكالي، بحار الأنوار: 13 / 50 / 21.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 222، بحار الأنوار: 69 / 325 / 39.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 152، الكافي: 1 / 140 / 5 عن إسماعيل بن قتيبة عن الإمام الصادق عنه (عليهما السلام)
وليس فيه " ونصب ".
(6) نهج البلاغة: الخطبة 183.
130
الضمائر، وليس بذي ضمير في نفسه (1).
5292 - عنه (عليه السلام): لا يؤوده (2) خلق ما ابتدأ (3).
5293 - عنه (عليه السلام): صانع لا بجارحة (4).
5294 - عنه (عليه السلام): الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله، ولا مقدار احتذى عليه
من خالق معبود كان قبله (5).
5295 - عنه (عليه السلام): ابتدع ما خلق بلا مثال سبق (6).
5296 - عنه (عليه السلام): لم يذرأ الخلق باحتيال (7).
5297 - عنه (عليه السلام): ما خلق الله سبحانه أمرا عبثا فيلهو (8).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 108 والخطبة 90 و 91 نحوه.
(2) آده الأمر يؤوده: بلغ منه المجهود والمشقة (لسان العرب: 3 / 74).
(3) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
نهج البلاغة: الخطبة 65، التوحيد: 43 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق
عن آبائه عنه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 179، بحار الأنوار: 4 / 53 / 29.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 50 / 13 وليس فيه " خالق " وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن
الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 275 / 16.
(6) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 43 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)،
بحار الأنوار: 4 / 270 / 15.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 195، بحار الأنوار: 77 / 315 / 15.
(8) غرر الحكم: 9606، عيون الحكم والمواعظ: 477 / 8764، بحار الأنوار: 78 / 5 / 55؛ دستور
معالم الحكم: 44 وفيه " امرؤ " بدل " أمرا ".
131
5298 - عنه (عليه السلام): خلق الخلق على غير تمثيل، ولا مشورة مشير، ولا معونة معين؛
فتم خلقه بأمره، وأذعن لطاعته، فأجاب ولم يدافع، وانقاد ولم ينازع (1).
5299 - عنه (عليه السلام): ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق، ولكنه جعل
الأناة والمداراة مثالا لأمنائه، وإيجابا للحجة على خلقه (2).
5300 - عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: (إنما قولنا لشيء إذآ أردناه أن نقول لهو كن
فيكون) (3) -: فهذه القدرة التامة التي لا يحتاج صاحبها إلى مباشرة الأشياء، بل
يخترعها كما يشاء سبحانه ولا يحتاج إلى التروي في خلق الشيء، بل إذا أراده
صار على ما يريده من تمام الحكمة، واستقام التدبير له بكلمة واحدة، وقدرة
قاهرة بان بها من خلقه (4).
5301 - عنه (عليه السلام): فإذا قال المؤذن " الله أكبر " فإنه يقول: الله الذي له الخلق والأمر
وبمشيته كان الخلق، ومنه كان كل شيء للخلق (5).
5302 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه؛ لأنه كل يوم في
شأن من إحداث بديع لم يكن (6).
5303 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد، الذي لا من شيء كان،



(1) نهج البلاغة: الخطبة 155، بحار الأنوار: 4 / 317 / 42 وج 64 / 323 / 2.
(2) الاحتجاج: 1 / 601 / 137، بحار الأنوار: 57 / 6.
(3) النحل: 40.
(4) بحار الأنوار: 93 / 42 نقلا عن رسالة النعماني.
(5) التوحيد: 238 / 1، معاني الأخبار: 38 / 1 كلاهما عن أبي يزيد بن الحسن عن الإمام الكاظم عن
آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 84 / 131 / 24.
(6) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 31 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 57 / 167 / 107.
132
ولا من شيء خلق ما كان... ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ولا تعب ولا نصب،
وكل صانع شيء فمن شيء صنع، والله لا من شيء صنع ما خلق (1).
5304 - عنه (عليه السلام): لم يخلق الأشياء من اصول أزلية، ولا من أوائل أبدية، بل خلق
ما خلق، فأقام حده، وصور ما صور فأحسن صورته (2).
5305 - عنه (عليه السلام): ولو اجتمع جميع حيوانها؛ من طيرها وبهائمها، وما كان من
مراحها وسائمها، وأصناف أسناخها وأجناسها، ومتبلدة (3) أممها وأكياسها، على
إحداث بعوضة - ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها،
ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت
خاسئة حسيرة، عارفة بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف
عن إفنائها! (4)
5 / 24
المالك
5306 - الإمام علي (عليه السلام): كل مالك غيره مملوك (5).



(1) الكافي: 1 / 134 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 41 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)، بحار الأنوار:
57 / 164 / 103.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 163، التوحيد: 79 / 34 عن أبي المعتمر مسلم بن أوس نحوه، بحار الأنوار:
4 / 295 / 22؛ حلية الأولياء: 1 / 73 عن النعمان بن سعد نحوه، كنز العمال: 1 / 409 / 1737.
(3) من البلادة: ضد النفاذ والذكاء (لسان العرب: 3 / 96).
(4) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 478 / 116، بحار الأنوار: 6 / 330 / 16.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 65، غرر الحكم: 6885، عيون الحكم والمواعظ: 375 / 6316 وفيهما " غير
الله "، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
133
5307 - عنه (عليه السلام) - عندما سئل عن معنى قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله -: إنا لا نملك
مع الله شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا، فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا، ومتى
أخذه منا وضع تكليفه عنا (1).
5 / 25
العادل
5308 - الإمام علي (عليه السلام): أشهد أنه عدل عدل، وحكم فصل (2).
5309 - عنه (عليه السلام): الذي عظم حلمه فعفا، وعدل في كل ما قضى (3).
5310 - عنه (عليه السلام): الذي صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقسط في
خلقه، وعدل عليهم في حكمه (4).
5311 - عنه (عليه السلام) - وسئل عن العدل -: العدل ألا تتهمه (5).
5312 - عنه (عليه السلام): ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب
اجترحوها؛ لأن الله ليس بظلام للعبيد (6).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 404، بحار الأنوار: 5 / 209 / 49.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 214، بحار الأنوار: 69 / 311 / 32.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 191.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 480 / 117، بحار الأنوار: 4 / 261 / 9.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 470، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 124، إعلام الورى: 1 / 545، روضة الواعظين:
48، بحار الأنوار: 5 / 52 / 86.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 178 وراجع الخصال: 624 / 10 وتحف العقول: 114.
134
الباب السادس
الصفات السلبية
6 / 1
الحد
5313 - الإمام علي (عليه السلام): لا يشمل بحد ولا يحسب بعد، وإنما تحد الأدوات
أنفسها، وتشير الآلات إلى نظائرها... ولا يقال له حد ولا نهاية، ولا انقطاع ولا
غاية، ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه (1).
5314 - عنه (عليه السلام): حد الأشياء عند خلقه لها إبانة له من شبهها. لا تقدره الأوهام
بالحدود والحركات، ولا بالجوارح والأدوات (2).
5315 - عنه (عليه السلام): ليس له حد ينتهي إلى حده (3).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 476 و 477 / 116.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 163، بحار الأنوار: 4 / 306 / 35.
(3) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
135
5316 - عنه (عليه السلام): لا يدرك بوهم، ولا يقدر بفهم... ولا يحد بأين (1).
5317 - عنه (عليه السلام): فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن وتعالى
الذي ليس له وقت معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود (2).
5318 - عنه (عليه السلام): الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس
لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود (3).
5319 - عنه (عليه السلام): وحد الأشياء كلها عند خلقه، إبانة لها من شبهه، وإبانة له من
شبهها (4).
6 / 2
المثل
5320 - الإمام علي (عليه السلام): الذي نأى من الخلق فلا شيء كمثله (5).
5321 - عنه (عليه السلام): لا له مثل فيعرف بمثله (6).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 182 عن نوف البكالي، بحار الأنوار: 4 / 314 / 40.
(2) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)؛ المعيار والموازنة: 255.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 473 / 113، بحار الأنوار: 77 / 300 / 7 نقلا عن عيون
الحكمة والمواعظ وج 4 / 247 / 5 وراجع المناقب للخوارزمي: 300 / 296.
(4) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام) وزاد فيه
" إياها " بعد " خلقه "، بحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
(5) الكافي: 1 / 141 / 7، التوحيد: 32 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور وفيه " بان " بدل " نأى "،
بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
(6) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
136
5322 - عنه (عليه السلام): من وحد الله سبحانه لم يشبهه بالخلق (1).
5323 - عنه (عليه السلام): فلا إليه حد منسوب، ولا له مثل مضروب، ولا شيء عنه
محجوب، تعالى عن ضرب الأمثال والصفات المخلوقة علوا كبيرا (2).
5324 - عنه (عليه السلام): اتقوا الله أن تمثلوا بالرب الذي لا مثل له، أو تشبهوه بشيء من
خلقه، أو تلقوا عليه الأوهام، أو تعملوا فيه الفكر، أو تضربوا له الأمثال، أو
تنعتوه بنعوت المخلوقين؛ فإن لمن فعل ذلك نارا (3).
5325 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: وأشهد أن من ساواك بشيء من خلقك
فقد عدل بك، والعادل بك كافر بما تنزلت به محكمات آياتك، ونطقت عنه
شواهد حجج بيناتك (4).
5326 - عنه (عليه السلام) - أيضا -: فأشهد أن من شبهك بتباين أعضاء خلقك وتلاحم حقاق
مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك لم يعقد غيب ضميره على معرفتك، ولم
يباشر قلبه اليقين بأنه لا ند لك، وكأنه لم يسمع تبرؤ التابعين من المتبوعين
إذ يقولون: (تالله إن كنا لفي ضلل مبين * إذ نسويكم برب العلمين) (5) (6).



(1) غرر الحكم: 8648.
(2) التوحيد: 71 / 26، عيون أخبار الرضا: 1 / 122 / 15 كلاهما عن الهيثم بن عبد الله الرماني عن
الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام).
(3) روضة الواعظين: 46، بحار الأنوار: 3 / 298 / 25.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 54 / 13 نحوه وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام
الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 4 / 277 / 16.
(5) الشعراء: 97 و 98.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 77 / 318 / 17.
137
6 / 3
التغيير
5327 - الإمام علي (عليه السلام): الواحد الأحد الصمد الذي لا يغيره صروف الأزمان (1).
5328 - عنه (عليه السلام): لا يشغله شأن، ولا يغيره زمان، ولا يحويه مكان (2).
5329 - عنه (عليه السلام): لا يتغير بحال، ولا يتبدل في الأحوال، ولا تبليه الليالي والأيام،
ولا يغيره الضياء والظلام (3).
6 / 4
الحركة والسكون
5330 - الإمام علي (عليه السلام): لا يجري عليه السكون والحركة، وكيف يجري عليه ما
هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه؟ إذا لتفاوتت ذاته،
ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولكان له وراء إذ وجد له أمام، ولالتمس
التمام إذ لزمه النقصان! وإذا لقامت آية المصنوع فيه، ولتحول دليلا بعد أن كان
مدلولا عليه، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره؟! (4)
5331 - عنه (عليه السلام): إن ربي لا يوصف بالبعد، ولا بالحركة ولا بالسكون، ولا بالقيام



(1) الكافي: 1 / 135 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 42 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)؛ المعيار
والموازنة: 256 وفيه " صدوف سوالف الأزمان ".
(2) نهج البلاغة: الخطبة 178، بحار الأنوار: 77 / 307 / 12.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 477 / 116، بحار الأنوار: 4 / 254 / 8.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 476 / 116، بحار الأنوار: 57 / 30 / 6.
138
قيام انتصاب، ولا بجيئة ولا بذهاب (1).
5332 - عنه (عليه السلام): المشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها (2).
6 / 5
الوالد والولد
5333 - الإمام علي (عليه السلام): لم يلد فيكون مولودا، ولم يولد فيصير محدودا، جل عن
اتخاذ الأبناء، وطهر عن ملامسة النساء (3).
5334 - عنه (عليه السلام): لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا
هالكا (4).
5335 - عنه (عليه السلام): علا عن اتخاذ الأبناء، وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء
وعز وجل عن مجاورة الشركاء (5).



(1) التوحيد: 305 / 1، الأمالي للصدوق: 423 / 560، الاختصاص: 236 كلها عن الأصبغ بن نباتة،
روضة الواعظين: 40، بحار الأنوار: 4 / 27 / 2.
(2) الكافي: 1 / 142 / 7، التوحيد: 33 / 1 كلاهما عن الحارث الأعور، بحار الأنوار: 4 / 266 / 14.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 476 / 116، بحار الأنوار: 4 / 254 / 8.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 182 عن نوف البكالي، التوحيد: 31 / 1 عن الحارث الأعور، بحار الأنوار:
4 / 314 / 40. وجاء في الكافي (1 / 141 / 7): " الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا، ولم يولد
فيكون موروثا هالكا "، كما جاء نظيرها في روضة الواعظين: 24. ولما كان الراوي لهاتين الروايتين
هو الحارث الأعور مع تضاد معانيهما فالصحيح هو إحدى الروايتين. ومع ملاحظة معناهما، وأن
الوارد في نهج البلاغة والتوحيد يوافق مضمونا لما ورد في الأحاديث الثلاثة التالية والتي هي عن
الإمام علي (عليه السلام) والإمام الصادق (عليه السلام) مع ورودها في مصادر مختلفة يظهر أن هذا الحديث هو المنقول
صحيحا، وإن كان النقل الآخر - الوارد في الكافي - قابلا للتوجيه (راجع مرآة العقول: 2 / 104 و 105).
(5) الكافي: 1 / 136 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 43 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام).
139
الباب السابع
جوامع الأسماء والصفات
5336 - الإمام علي (عليه السلام): الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه
العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص
الفطن، الذي ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا
أجل ممدود. فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور ميدان
أرضه.
أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده،
وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل
صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة.
فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه،
ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن
حده فقد عده.
ومن قال " فيم؟ " فقد ضمنه، ومن قال " علام؟ " فقد أخلى منه. كائن لا عن

141
حدث، موجود لا عن عدم مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة.
فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا
سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده (1).
5337 - عنه (عليه السلام) - في الحث على معرفته تعالى والتوحيد له -: أول عبادة الله
معرفته، وأصل معرفته توحيده، ونظام توحيده نفي التشبيه عنه، جل عن أن
تحله الصفات لشهادة العقول: أن كل من حلته الصفات مصنوع، وشهادة العقول:
أنه جل جلاله صانع ليس بمصنوع، بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تعتقد
معرفته، وبالنظر تثبت حجته، جعل الخلق دليلا عليه، فكشف به عن ربوبيته،
هو الواحد الفرد في أزليته، لا شريك له في إلهيته، ولا ند له في ربوبيته، بمضادته
بين الأشياء المتضادة علم أن لا ضد له، وبمقارنته بين الامور المقترنة علم أن لا
قرين له (2).
5338 - عنه (عليه السلام): ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عنى من
شبهه، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه. كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في
سواه معلول. فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة، غني لا باستفادة.
لا تصحبه الأوقات، ولا ترفده الأدوات.
سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله. بتشعيره المشاعر عرف
أن لا مشعر له، وبمضادته بين الامور عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأشياء



(1) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 473 / 113، بحار الأنوار: 77 / 300 / 7 وج 4 / 247 / 5
وراجع نهج الحق: 65.
(2) الإرشاد: 1 / 223 عن صالح بن كيسان، الاحتجاج: 1 / 475 / 114 وفيه " نفي الصفات " بدل
" نفي التشبيه " و " بالفكر " بدل " بالنظر "، بحار الأنوار: 4 / 253 / 6.
142
عرف أن لا قرين له.
ضاد النور بالظلمة، والوضوح بالبهمة، والجمود بالبلل، والحرور بالصرد (1).
مؤلف بين متعادياتها، مقارن بين متبايناتها، مقرب بين متباعداتها، مفرق بين
متدانياتها. لا يشمل بحد، ولا يحسب بعد، وإنما تحد الأدوات أنفسها، وتشير
الآلات إلى نظائرها.
منعتها " منذ " القدمة، وحمتها " قد " الأزلية، وجنبتها " لولا " التكملة (2)! بها
تجلى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظر العيون، ولا يجري عليه السكون
والحركة، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما
هو أحدثه! إذا لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولكان له
وراء إذ وجد له أمام، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان. وإذا لقامت آية المصنوع
فيه، ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر
فيه ما يؤثر في غيره.
الذي لا يحول ولا يزول، ولا يجوز عليه الأفول. لم يلد فيكون مولودا،
ولم يولد فيصير محدودا. جل عن اتخاذ الأبناء، وطهر عن ملامسة النساء.



(1) الحرور: الريح الحارة بالليل، وقد تكون بالنهار. والصرد: البرد وقيل: شدته (لسان العرب: 4 / 177
وج 3 / 248).
(2) قال ابن أبي الحديد ما خلاصته: تقدير الكلام - على القول بنصب القدمة والأزلية والتكملة -: أن
إطلاق لفظة " منذ " على الآلات والأدوات يمنعها عن كونها قديمة؛ لأن لفظة " منذ " وضعت لابتداء
الزمان، والقديم لا ابتداء له....
وتقديره - على القول برفعها - أن قدم الباري وأزليته وكماله منعت الأدوات والآلات من إطلاق لفظة " منذ "
و " قد " و " لولا " عليه سبحانه؛ لأن الله تعالى قديم كامل، ولفظتا " منذ " و " قد " لا يطلقان إلا على
محدث، ولفظة " لولا " لا تطلق إلا على ناقص... (شرح نهج البلاغة: 13 / 76 و 77).
143
لا تناله الأوهام فتقدره، ولا تتوهمه الفطن فتصوره، ولا تدركه الحواس
فتحسه، ولا تلمسه الأيدي فتمسه. ولا يتغير بحال، ولا يتبدل في الأحوال. ولا
تبليه الليالي والأيام، ولا يغيره الضياء والظلام. ولا يوصف بشيء من الأجزاء،
ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض، ولا بالغيرية والأبعاض.
ولا يقال له حد ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية؛ ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو
تهويه، أو أن شيئا يحمله فيميله أو يعدله. ليس في الأشياء بوالج، ولا عنها
بخارج. يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وأدوات. يقول ولا يلفظ،
ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر.
يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة. يقول لمن أراد
كونه: " كن فيكون "، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع؛ وإنما كلامه سبحانه فعل
منه أنشأه ومثله، لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا.
لا يقال: كان بعد أن لم يكن؛ فتجري عليه الصفات المحدثات، ولا يكون
بينها وبينه فصل، ولا له عليها فضل؛ فيستوي الصانع والمصنوع، ويتكافأ
المبتدع والبديع. خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره، ولم يستعن على
خلقها بأحد من خلقه. وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال، وأرساها على
غير قرار، وأقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحصنها من الأود
والاعوجاج، ومنعها من التهافت والانفراج. أرسى أوتادها، وضرب أسدادها،
واستفاض عيونها، وخد أوديتها، فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما قواه.
هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته، والعالي
على كل شيء منها بجلاله وعزته. لا يعجزه شيء منها طلبه، ولا يمتنع عليه
فيغلبه، ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه. خضعت

144
الأشياء له، وذلت مستكينة لعظمته، لا تسطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع
من نفعه وضره، ولا كفء له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه. هو المفني لها بعد
وجودها، حتى يصير موجودها كمفقودها.
وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها. وكيف ولو
اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها، وما كان من مراحها وسائمها،
وأصناف أسناخها وأجناسها، ومتبلدة أممها وأكياسها، على إحداث بعوضة ما
قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها، ولتحيرت عقولها في
علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئة حسيرة، عارفة
بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف عن إفنائها!
وإن الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه. كما كان قبل ابتدائها
كذلك يكون بعد فنائها، بلا وقت ولا مكان، ولا حين ولا زمان. عدمت عند ذلك
الآجال والأوقات، وزالت السنون والساعات، فلا شيء إلا الله الواحد القهار
الذي إليه مصير جميع الامور. بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها
كان فناؤها، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها.
لم يتكاءده (1) صنع شيء منها إذ صنعه، ولم يؤده منها خلق ما خلقه وبرأه، ولم
يكونها لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان، ولا للاستعانة بها على ند
مكاثر، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور، ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة
شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه؛ فأراد أن يستأنس إليها.
ثم هو يفنيها بعد تكوينها، لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا



(1) يتكاءده: أي يصعب عليه ويشق (النهاية: 4 / 137).
145
لراحة واصلة إليه، ولا لثقل شيء منها عليه. لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى
سرعة إفنائها، ولكنه سبحانه دبرها بلطفه، وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته، ثم
يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، ولا استعانة بشيء منها عليها، ولا
لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس، ولا من حال جهل وعمى إلى حال
علم والتماس، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة، ولا من ذل وضعة إلى عز
وقدرة (1).
5339 - عنه (عليه السلام) - عندما استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلما
اجتمع الناس قام خطيبا -: الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد الذي لا من
شيء كان، ولا من شيء خلق ما كان، قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء
منه، فليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال، كل دون صفاته تحبير
اللغات، وضل هناك تصاريف الصفات، وحار في ملكوته عميقات مذاهب
التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه
المكنون حجب من الغيوب، تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات
الامور.
فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، وتعالى الذي ليس
له وقت معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود، سبحان الذي ليس له أول
مبتدأ، ولا غاية منتهى، ولا آخر يفنى.
سبحانه هو كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، وحد الأشياء كلها
عند خلقه، إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها، لم يحلل فيها فيقال: هو فيها



(1) نهج البلاغة: الخطبة 186، بحار الأنوار: 77 / 310 / 14.
146
كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال له: أين، لكنه
سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، وأحصاها حفظه، لم يعزب عنه خفيات
غيوب الهواء، ولا غوامض مكنون ظلم الدجى، ولا ما في السماوات العلى إلى
الأرضين السفلى، لكل شيء منها حافظ ورقيب، وكل شيء منها بشيء محيط،
والمحيط بما أحاط منها.
الواحد الأحد الصمد، الذي لا يغيره صروف الأزمان، ولا يتكأده صنع شيء
كان، إنما قال لما شاء: كن فكان. ابتدع ما خلق بلا مثال سبق، ولا تعب ولا
نصب، وكل صانع شيء فمن شيء صنع، والله لا من شيء صنع ما خلق، وكل
عالم فمن بعد جهل تعلم، والله لم يجهل ولم يتعلم. أحاط بالأشياء علما قبل
كونها، فلم يزدد بكونها علما، علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها، لم
يكونها لتشديد سلطان، ولا خوف من زوال ولا نقصان، ولا استعانة على ضد
مناو، ولا ند مكاثر، ولا شريك مكابر، لكن خلائق مربوبون وعباد داخرون.
فسبحان الذي لا يؤوده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من
فترة بما خلق اكتفى، علم ما خلق وخلق ما علم، لا بالتفكير في علم حادث
أصاب ما خلق، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، لكن قضاء مبرم، وعلم
محكم، وأمر متقن. توحد بالربوبية، وخص نفسه بالوحدانية، واستخلص
بالمجد والثناء، وتفرد بالتوحيد والمجد والسناء، وتوحد بالتحميد، وتمجد
بالتمجيد، وعلا عن اتخاذ الأبناء، وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء، وعز وجل
عن مجاورة الشركاء.
فليس له فيما خلق ضد، ولا له فيما ملك ند، ولم يشركه في ملكه أحد،
الواحد الأحد الصمد، المبيد للأبد والوارث للأمد، الذي لم يزل ولم يزال

147
وحدانيا أزليا، قبل بدء الدهور وبعد صروف الامور، الذي لا يبيد ولا ينفد،
بذلك أصف ربي فلا إله إلا الله، من عظيم ما أعظمه؟! ومن جليل ما أجله؟!
ومن عزيز ما أعزه؟! وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا (1).
5340 - عنه (عليه السلام) - في خطبته في مسجد الكوفة -: الحمد لله الذي لا من شيء كان،
ولا من شيء كون ما قد كان، المستشهد بحدوث الأشياء على أزليته، وبما
وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه، لم يخل
منه مكان فيدرك بأينيته، ولا له شبح مثال فيوصف بكيفيته، ولم يغب عن شيء
فيعلم بحيثيته.
مباين لجميع ما أحدث في الصفات، وممتنع عن الإدراك بما ابتدع من
تصريف الذوات، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات، محرم
على بوارع ناقبات الفطن تجديدها، وعلى غوامض ثاقبات الفكر تكييفه وعلى
غوائص سابحات النظر تصويره.
لا تحويه الأماكن لعظمته، ولا تدركه المقادير لجلاله، ولا تقطعه المقائيس
لكبريائه، ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه، وعن الأفهام أن تستغرقه، وعن الأذهان
أن تمثله، وقد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول، ونضبت عن
الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم، ورجعت بالصغر عن السمو إلى وصف قدرته
لطائف الخصوم.
واحد لا من عدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد، ليس بجنس فتعادله



(1) الكافي: 1 / 134 / 1 عن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)،
التوحيد: 41 / 3 عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)،
بحار الأنوار: 4 / 269 / 15.
148
الأجناس، ولا بشبح فتضارعه الأشباح، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات، قد
ضلت العقول في أمواج تيار إدراكه، وتحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته،
وحصرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته، وغرقت الأذهان في لجج أفلاك
ملكوته، مقتدر بالآلاء، وممتنع بالكبرياء، ومتملك على الأشياء.
فلا دهر يخلقه ولا زمان يبليه، ولا وصف يحيط به، وقد خضعت له الرقاب
الصعاب في محل تخوم قرارها، وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق
أقطارها، مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته، وبعجزها على قدرته،
وبفطورها على قدمته، وبزوالها على بقائه، فلا لها محيص عن إدراكه إياها، ولا
خروج من إحاطته بها، ولا احتجاب عن إحصائه لها، ولا امتناع من قدرته
عليها.
كفى بإتقان الصنع لها آية، وبمركب الطبع عليها دلالة، وبحدوث الفطر عليها
قدمة، وبإحكام الصنعة لها عبرة (1).
5341 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول
أن تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاكل، بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته،
ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله.
فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، ويكون فيها لا على وجه الممازجة.
وعلمها لا بأداة؛ لا يكون العلم إلا بها. وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان
عالما بمعلومه. إن قيل: كان، فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل: لم يزل، فعلى



(1) عيون أخبار الرضا: 1 / 121 / 15، التوحيد: 69 / 26 كلاهما عن الهيثم بن عبد الله الرماني عن
الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، البلد الأمين: 92 كلاهما نحوه، بحار الأنوار: 4 / 221 / 2.
149
تأويل نفي العدم (1).
5342 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي بطن خفيات الامور، ودلت عليه أعلام الظهور،
وامتنع على عين البصير؛ فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره.
سبق في العلو فلا شيء أعلى منه، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه.
فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه، ولا قربه ساواهم في المكان به، لم
يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته، فهو الذي تشهد
له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود. تعالى الله عما يقوله المشبهون به
والجاحدون له علوا كبيرا (2).
5343 - عنه (عليه السلام): قريب من الأشياء غير ملابس، بعيد منها غير مباين، متكلم
لا بروية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير
لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسة، رحيم لا يوصف بالرقة، تعنو
الوجوه لعظمته، وتجب القلوب من مخافته (3).
5344 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي لم تسبق له حال حالا، فيكون أولا قبل أن يكون
آخرا، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا، كل مسمى بالوحدة غيره قليل، وكل



(1) الكافي: 8 / 18 / 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، التوحيد: 73 / 27، الأمالي للصدوق:
399 / 515 كلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه (عليهم السلام) نحوه وفيهما " أعجز الأوهام "
بدل " منع الأوهام "، تحف العقول: 92 وفيه " أعدم الأوهام " بدل " منع الأوهام "، بحار الأنوار:
77 / 280 / 1.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 49، شرح الأخبار: 2 / 311 / 640 نحوه وفيه " واستتر بلطفه عن عين
البصيرة " بدل " وامتنع على عين البصير "، بحار الأنوار: 4 / 308 / 36.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 179، بحار الأنوار: 72 / 279.
150
عزيز غيره ذليل، وكل قوي غيره ضعيف، وكل مالك غيره مملوك، وكل عالم
غيره متعلم (1).
5345 - عنه (عليه السلام): لا إله إلا الله الشاكر للمطيع له، المملي للمشرك به، القريب ممن
دعاه على حال بعده، والبر الرحيم بمن لجأ إلى ظله واعتصم بحبله.
ولا إله إلا الله المجيب لمن ناداه بأخفض صوته، السميع لمن ناجاه لأغمض
سره، الرؤوف بمن رجاه لتفريج همه، القريب ممن دعاه لتنفيس كربه وغمه.
ولا إله إلا الله الحليم عمن ألحد في آياته، وانحرف عن بيناته، ودان بالجحود
في كل حالاته. والله أكبر القاهر للأضداد، المتعالي عن الأنداد، المتفرد بالمنة
على جميع العباد، والله أكبر المحتجب بالملكوت والعزة، المتوحد بالجبروت
والقدرة، المتردي بالكبرياء والعظمة، والله أكبر المتقدس بدوام السلطان،
والغالب بالحجة والبرهان، ونفاذ المشية في كل حين وأوان (2).
5346 - حلية الأولياء عن النعمان بن سعد: كنت بالكوفة في دار الإمارة دار علي
بن أبي طالب، إذ دخل علينا نوف بن عبد الله فقال: يا أمير المؤمنين بالباب
أربعون رجلا من اليهود فقال علي: علي بهم، فلما وقفوا بين يديه قالوا له: يا
علي صف لنا ربك هذا الذي في السماء، كيف هو؟ وكيف كان؟ ومتى كان؟
وعلى أي شيء هو؟
فاستوى علي جالسا وقال: معشر اليهود! اسمعوا مني ولا تبالوا أن تسألوا أحدا
غيري! إن ربي عز وجل هو الأول لم يبد من ما، ولا ممازج مع ما، ولا حال



(1) نهج البلاغة: الخطبة 65، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(2) البلد الأمين: 93، بحار الأنوار: 90 / 139 / 7.
151
وهما، ولا شبح يتقصى، ولا محجوب فيحوى، ولا كان بعد أن لم يكن فيقال
حادث، بل جل أن يكيف المكيف الأشياء كيف كان، بل لم يزل ولا يزول
لاختلاف الأزمان، ولا لتقلب شان بعد شان.
وكيف يوصف بالأشباح، وكيف ينعت بالألسن الفصاح من لم يكن في
الأشياء.
فيقال: بائن ولم يبن عنها فيقال: كائن؟ بل هو بلا كيفية، وهو أقرب من حبل
الوريد، وأبعد في الشبه من كل بعيد، لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة،
ولا كرور لفظة، ولا ازدلاف رقوة، ولا انبساط خطوة، في غسق ليل داج،
ولا ادلاج، ولا يتغشى عليه القمر المنير، ولا انبساط الشمس ذات النور
بضوئهما في الكرور، ولا إقبال ليل مقبل، ولا إدبار نهار مدبر إلا وهو محيط بما
يريد من تكوينه.
فهو العالم بكل مكان، وكل حين وأوان، وكل نهاية ومدة، والأمد إلى الخلق
مضروب، والحد إلى غيره منسوب، لم يخلق الأشياء من اصول أولية ولا بأوائل
كانت قبله بدية، بل خلق ما خلق فأقام خلقه. وصور ما صور فأحسن صورته،
توحد في علوه.
فليس لشيء منه امتناع، ولا له بطاعة شيء من خلقه انتفاع، إجابته للداعين
سريعة، والملائكة في السماوات والأرضين له مطيعة، علمه بالأموات البائدين
كعلمه بالأحياء المتقلبين، وعلمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرض
السفلى، وعلمه بكل شيء.
لا تحيره الأصوات، ولا تشغله اللغات، سميع للأصوات المختلفة، بلا
جوارح له مؤتلفة، مدبر بصير، عالم بالامور، حي قيوم، سبحانه.

152
كلم موسى تكليما بلا جوارح ولا أدوات ولا شفة ولا لهوات، سبحانه وتعالى
عن تكييف الصفات.
من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود، ومن ذكر أن الأماكن به
تحيط لزمته الحيرة والتخليط، بل هو المحيط بكل مكان.
فإن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف الرحمن بخلاف التنزيل والبرهان
فصف لنا جبريل وميكائيل وإسرافيل، هيهات! أ تعجز عن صفة مخلوق مثلك
وتصف الخالق المعبود؟! وأنت تدرك صفة رب الهيئة والأدوات، فكيف من لم
تأخذه سنة ولا نوم، له ما في الأرضين والسماوات، وما بينهما وهو رب العرش
العظيم! (1)



(1) حلية الأولياء: 1 / 72، كنز العمال: 1 / 408 / 1737.
153
القبس الثاني
معرفة خلق الله
وفيه أبواب:
الباب الأول: بدء الخلق وخلق السماوات
الباب الثاني: خلق الملائكة
الباب الثالث: خلق الأرض وتأهيلها للمعيشة
الباب الرابع: خلق الإنسان
الباب الخامس: خلق الحيوانات

155
الباب الأول
بدء الخلق والخلق السماوات
(1)
(1)
5347 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة له يصف فيها خلق العالم -: ثم
أنشأ - سبحانه - فتق الأجواء وشق الأرجاء وسكائك (2) الهواء. فأجرى فيها



(1) تكلم الإمام علي (عليه السلام) عن خلق الكون في عدة مواضع من نهج البلاغة. وملخص نظريته حول خلق
الكون: إن أول الخلق كان للفضاء الذي فتقه الله من العدم، وشق فيه النواحي والأرجاء وطرق الهواء.
ثم خلق سبحانه في هذا الفضاء سائلا كثيفا متلاطما، حمله على متن ريح قوية عاصفة، تلمه إلى
بعضه، وتحجزه عن الانتشار والاندثار. ثم خلق سبحانه ريحا عقيمة من نوع آخر، سلطها على ذلك
السائل من جهة واحدة، فبدأت بتصفيقه وإثارته، حتى مخضته مخض السقاء، وبعثرته في أنحاء
الفضاء كالدخان. ومن الغاز الناتج (وهو الهدروجين على ما يظن) خلق الله السماوات والنجوم
والكواكب، ولا زالت الفراغات بين عناصر المجرات مليئة بهذا الغاز.
وقد تم تشكل النجوم من هذا الغاز بتجمع دقائقه في مراكز معينة مشكلة أجراما، وذلك عن طريق
دورانها حول هذه المراكز. وبتبرد هذا الغاز وتحوله إلى عناصر أكثر تعقيدا تحولت الغازات إلى سوائل
كما في الشمس، ثم تحولت السوائل إلى جسم صلب كما في الأرض والكواكب السيارة... (راجع
تصنيف نهج البلاغة: 777 - 788).
(2) السكاك: الجو، وهو ما بين السماء والأرض (النهاية: 2 / 385).
157
ماء متلاطما تياره، متراكما زخاره (1). حمله على متن الريح العاصفة،
والزعزع (2) القاصفة، فأمرها برده، وسلطها على شده، وقرنها إلى حده. الهواء
من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق (3). ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها
وأدام مربها (4). وأعصف مجراها وأبعد منشاها. فأمرها بتصفيق الماء الزخار،
وإثارة موج البحار. فمخضته (5) مخض السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء. ترد
أوله إلى آخره، وساجيه (6) إلى مائره (7). حتى عب عبابه، ورمى بالزبد ركامه،
فرفعه في هواء منفتق، وجو منفهق (8). فسوى منه سبع سماوات جعل سفلاهن
موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا. وسمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها، ولا
دسار (9) ينظمها. ثم زينها بزينة الكواكب، وضياء الثواقب، وأجرى فيها سراجا
مستطيرا، وقمرا منيرا: في فلك دائر، وسقف سائر، ورقيم مائر (10) (11).
5348 - عنه (عليه السلام) - من خطبة له في صفة السماء -: ونظم بلا تعليق رهوات (12)



(1) زخر: أي مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه (النهاية: 2 / 299).
(2) ريح زعزع: شديدة (لسان العرب: 8 / 142).
(3) الدفاق: المطهر الواسع الكثير (النهاية: 2 / 125).
(4) أرب الدهر: اشتد (لسان العرب: 1 / 208).
(5) المخض: تحريك السقاء الذي فيه اللبن؛ ليخرج زبده (النهاية: 4 / 307).
(6) الساجي: أي الساكن (النهاية: 2 / 345).
(7) مار الشيء يمور مورا إذا جاء وذهب (النهاية: 4 / 371).
(8) الفهق هو الامتلاء والاتساع (النهاية: 3 / 482).
(9) الدسار: المسمار وجمعه دسر (النهاية: 2 / 116).
(10) يريد به وشي السماء بالنجوم (النهاية: 2 / 254).
(11) نهج البلاغة: الخطبة 1، بحار الأنوار: 57 / 177 / 136 وج 77 / 301 / 7.
(12) الرهوات: أي المواضع المتفتحة منها، وهي جمع رهوة (النهاية: 2 / 285).
158
فرجها، ولاحم صدوع انفراجها، ووشج بينها وبين أزواجها، وذلل للهابطين
بأمره والصاعدين بأعمال خلقه حزونة (1) معراجها، وناداها بعد إذ هي دخان (2)،
فالتحمت عرى أشراجها (3)، وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها، وأقام رصدا من
الشهب الثواقب على نقابها، وأمسكها من أن تمور في خرق الهواء بأيده (4)،
وأمرها أن تقف مستسلمة لأمره، وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها، وقمرها آية
ممحوة من ليلها، وأجراهما في مناقل مجراهما. وقدر سيرهما في مدارج
درجهما؛ ليميز بين الليل والنهار بهما، وليعلم عدد السنين والحساب
بمقاديرهما. ثم علق في جوها فلكها، وناط بها زينتها من خفيات دراريها
ومصابيح كواكبها، ورمى مسترقي السمع بثواقب شهبها وأجراها على أذلال (5)
تسخيرها من ثبات ثابتها ومسير سائرها وهبوطها وصعودها ونحوسها
وسعودها (6).



(1) الحزونة: الخشونة (النهاية: 1 / 380).
(2) يتصور علماء الفلك اليوم أن أول نشوء الكون كان نتيجة انفجار كبير شاع منه دخان مؤلف من دقائق
ناعمة، وساد عندها في الكون سكون وظلام دامس، ثم بدأت الذرات تتجمع في مناطق معينة مشكلة
أجراما، ما لبثت أن بدأت فيها التفاعلات النووية، التي جعلت هذا الأجرام نجوما مضيئة. وفي قول
الإمام: " فالتحمت عرى أشراجها " تشبيه لنجوم المجرة بالحلقات المرتبطة ببعضها بوشاج الجاذبية
والتأثير المتبادل. وبعد نشوء النجوم الملتهبة الدائرة بدأت تقذف بالحمم التي شكلت الكواكب
السيارة كالأرض وغيرها، وهو ما عبر عنه الإمام (عليه السلام) ب‍ " وفتق بعد الارتتاق " (تصنيف نهج البلاغة:
779).
(3) أسرجت العيبة وشرجتها إذا شددتها بالشرج وهي العرى (النهاية: 2 / 456).
(4) الأيد: القوة (النهاية: 1 / 84).
(5) أذلال: على وجوهه وطرقه، وهو جمع ذل (النهاية: 2 / 166).
(6) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 108 / 90.
159
5349 - عنه (عليه السلام) - من خطبة له في التوحيد ويذكر فيها خلق السماوات -: فمن
شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد، قائمات بلا سند. دعاهن
فأجبن طائعات مذعنات، غير متلكئات ولا مبطئات. ولولا إقرارهن له
بالربوبية وإذعانهن بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه، ولا مسكنا لملائكته،
ولا مصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من خلقه. جعل نجومها أعلاما يستدل
بها الحيران في مختلف فجاج الأقطار. لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف الليل
المظلم، ولا استطاعت جلابيب سواد الحنادس (1) أن ترد ما شاع في السماوات
من تلألؤ نور القمر (2).
5350 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل - فمن فرغ قلبه وأعمل فكره؛ ليعلم كيف
أقمت عرشك، وكيف ذرأت خلقك، وكيف علقت في الهواء سماواتك، وكيف
مددت على مور الماء أرضك، رجع طرفه حسيرا، وعقله مبهورا، وسمعه والها،
وفكره حائرا (3).
5351 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي... خلق الخلق على غير أصل، وابتدأهم على
غير مثال، وقهر العباد بغير أعوان، ورفع السماء بغير عمد، وبسط الأرض على
الهواء بغير أركان (4).
5352 - الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام): كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالكوفة في الجامع،
إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين، إني أسألك. عن



(1) حندس: أي شديدة الظلمة (النهاية: 1 / 450).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 182 عن نوف البكالي، بحار الأنوار: 77 / 308 / 13.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 160 وراجع المعيار والموازنة: 257 وجواهر المطالب: 1 / 333 وص 351.
(4) الدروع الواقية: 182.
160
أشياء.
فقال سل تفقها ولا تسأل تعنتا. فأحدق الناس بأبصارهم فقال: أخبرني عن
أول ما خلق الله تعالى؟ فقال (عليه السلام): خلق النور.
قال: فمم خلقت السماوات؟ قال (عليه السلام): من بخار الماء.
قال: فمم خلقت الأرض؟ قال (عليه السلام): من زبد الماء.
قال: فمم خلقت الجبال؟ قال: من الأمواج (1).
5353 - كنز العمال عن حبة العرني: سمعت عليا (عليه السلام) يحلف ذات يوم: والذي خلق
السماء من دخان وماء (2).
5354 - الإمام علي (عليه السلام) - في جواب رجل من أهل الشام فيما سأله عن السماء
الدنيا مما هي؟ قال -: من موج مكفوف (3).



(1) عيون أخبار الرضا: 1 / 241 / 1 عن أحمد بن عامر الطائي، علل الشرائع: 593 / 44 عن عبد الله بن
أحمد بن عامر الطائي.
(2) كنز العمال: 6 / 170 / 15235 نقلا عن ابن أبي حاتم، الدر المنثور: 1 / 110 عن حبة العوفي؛
بحار الأنوار: 58 / 104 / 35.
(3) علل الشرائع: 593 / 44 عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، عيون أخبار الرضا: 1 / 241 / 1 عن
أحمد بن عامر الطائي وكلاهما عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 10 / 76 / 1.
161
الباب الثاني
خلق الملائكة
5355 - الإمام علي (عليه السلام) - في صفة الملائكة (عليهم السلام) -: ثم خلق سبحانه لإسكان
سماواته، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته خلقا بديعا من ملائكته، وملأ بهم
فروج فجاجها، وحشى بهم فتوق أجوائها. وبين فجوات تلك الفروج زجل (1)
المسبحين منهم في حظائر القدس وسترات الحجب وسرادقات (2) المجد. ووراء
ذلك الرجيج (3) الذي تستك منه الأسماع سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها،
فتقف خاسئة على حدودها، وأنشأهم على صور مختلفات وأقدار متفاوتات.
(أولى أجنحة) (4) تسبح جلال عزته لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه، ولا
يدعون أنهم يخلقون شيئا معه مما انفرد به. (بل عباد مكرمون * لا يسبقونه وبالقول



(1) زجل: صوت رفيع عال (النهاية: 2 / 297).
(2) السرادق: وهو كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء (النهاية: 2 / 359).
(3) الرج: الحركة الشديدة (النهاية: 2 / 197).
(4) فاطر: 1.
163
وهم بأمره ى يعملون) (1).
جعلهم الله فيما هنالك أهل الأمانة على وحيه، وحملهم إلى المرسلين ودائع
أمره ونهيه، وعصمهم من ريب الشبهات، فما منهم زائغ عن سبيل مرضاته.
وأمدهم بفوائد المعونة، وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السكينة، وفتح لهم أبوابا
ذللا إلى تماجيده. ونصب لهم منارا واضحة على أعلام توحيده. لم تثقلهم
موصرات (2) الآثام، ولم ترتحلهم عقب الليالي والأيام، ولم ترم الشكوك
بنوازعها عزيمة إيمانهم، ولم تعترك الظنون على معاقد يقينهم، ولا قدحت
قادحة الإحن (3) فيما بينهم، ولا سلبتهم الحيرة ما لاق من معرفته بضمائرهم، وما
سكن من عظمته وهيبة جلالته في أثناء صدورهم، ولم تطمع فيهم الوساوس
فتقترع برينها على فكرهم، ومنهم من هو في خلق الغمام الدلح (4)، وفي عظم
الجبال الشمخ، وفي قترة (5) الظلام الأيهم (6)، ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم
الأرض السفلى، فهي كرايات بيض قد نفذت في مخارق الهواء، وتحتها ريح
هفافة (7) تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية، قد استفرغتهم أشغال
عبادته، ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته، وقطعهم الإيقان به إلى الوله



(1) الأنبياء: 26 و 27.
(2) يقال للثقل إصر؛ لأنه يأصر صاحبه من الحركة لثقله (مجمع البحرين: 1 / 500).
(3) الإحنة: الحقد، وجمعها إحن إحنات (النهاية: 1 / 27).
(4) الدلح: أن يمشي بالحمل وقد أثقله (النهاية: 2 / 129).
(5) القترة: غبرة يعلوها سواد كالدخان (لسان العرب: 5 / 71).
(6) الأيهم: البلد الذي لا علم به. واليهماء: الفلاة التي لا يهتدى لطرقها، ولا ماء فيها ولا علم بها (النهاية:
5 / 304).
(7) هفافة: سريعة المرور في هبوبها (النهاية: 5 / 266).
164
إليه، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره.
قد ذاقوا حلاوة معرفته، وشربوا بالكأس الروية من محبته، وتمكنت من
سويداء قلوبهم وشيجة خيفته، فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم، ولم ينفد
طول الرغبة إليه مادة تضرعهم، ولا أطلق عنهم عظيم الزلفة ربق (1) خشوعهم،
ولم يتولهم الإعجاب فيستكثروا ما سلف منهم، ولا تركت لهم استكانة الإجلال
نصيبا في تعظيم حسناتهم. ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤوبهم، ولم
تغض (2) رغباتهم فيخالفوا عن رجاء ربهم، ولم تجف لطول المناجاة أسلات (3)
ألسنتهم، ولا ملكتهم الأشغال فتنقطع بهمس الجؤار (4) إليه أصواتهم، ولم تختلف
في مقاوم الطاعة مناكبهم، ولم يثنوا إلى راحة التقصير في أمره رقابهم، ولا تعدو
على عزيمة جدهم بلادة الغفلات، ولا تنتضل (5) في هممهم خدائع الشهوات.
قد اتخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم، ويمموه عند انقطاع الخلق إلى
المخلوقين برغبتهم، لا يقطعون أمد غاية عبادته، ولا يرجع بهم الاستهتار (6)
بلزوم طاعته، إلا إلى مواد من قلوبهم غير منقطعة من رجائه ومخافته، لم تنقطع
أسباب الشفقة منهم، فينوا (7) في جدهم، ولم تأسرهم الأطماع فيؤثروا وشيك



(1) الربقة: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، وتجمع الربقة على ربق (النهاية:
2 / 190).
(2) غاض الماء يغيض: نقص أو غار فنهب (لسان العرب: 7 / 201).
(3) جمع أسلة وهي طرف اللسان (النهاية: 1 / 49).
(4) الجؤار: رفع الصوت والاستغاثة، جأر: يجأر (النهاية: 1 / 232).
(5) نضل البصير والرجل نضلا: هزل وأعيى وأنضله هو (لسان العرب: 11 / 666).
(6) مستهتر: أي مولع به لا يتحدث بغيره، ولا يفعل غيره (النهاية: 5 / 243).
(7) أي يفتروا في عزمهم واجتهادهم (النهاية: 5 / 231).
165
السعي على اجتهادهم. لم يستعظموا ما مضى من أعمالهم، ولو استعظموا ذلك
لنسخ الرجاء منهم شفقات وجلهم، ولم يختلفوا في ربهم باستحواذ الشيطان
عليهم. ولم يفرقهم سوء التقاطع، ولا تولاهم غل التحاسد، ولا تشعبتهم مصارف
الريب، ولا اقتسمتهم أخياف الهمم، فهم اسراء إيمان لم يفكهم من ربقته زيغ ولا
عدول ولا ونى ولا فتور. وليس في أطباق السماء موضع إهاب إلا وعليه ملك
ساجد، أو ساع حافد (1)، يزدادون على طول الطاعة بربهم علما، وتزداد عزة
ربهم في قلوبهم عظما (2).
5356 - عنه (عليه السلام) - في خلق الملائكة -: ثم فتق ما بين السماوات العلا، فملأهن
أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا
يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا
فترة الأبدان، ولا غفلة النسيان. ومنهم امناء على وحيه، وألسنة إلى رسله،
ومختلفون بقضائه وأمره، ومنهم الحفظة لعباده، والسدنة لأبواب جنانه. ومنهم
الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم،
والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم. ناكسة دونه
أبصارهم، متلفعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة،
وأستار القدرة. لا يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات
المصنوعين، ولا يحدونه بالأماكن، ولا يشيرون إليه بالنظائر (3).
5357 - عنه (عليه السلام) - أيضا، مخاطبا الله عز وجل -: وملائكة خلقتهم وأسكنتهم



(1) نحفد: أي نسرع في العمل والخدمة (النهاية: 1 / 406).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 109 / 90.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 1، بحار الأنوار: 57 / 177 / 136.
166
سماواتك فليس فيهم فترة ولا عندهم غفلة ولا فيهم معصية، هم أعلم خلقك
بك، وأخوف خلقك منك، وأقرب خلقك إليك وأعلمهم بطاعتك، ولا يغشاهم
نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان، لم يسكنوا الأصلاب ولم تتضمنهم
الأرحام ولم تخلقهم من ماء مهين، أنشأتهم إنشاء فأسكنتهم سماواتك وأكرمتهم
بجوارك وائتمنتهم على وحيك، وجنبتهم الآفات ووقيتهم البليات وطهرتهم من
الذنوب، ولولا قوتك لم يقووا، ولولا تثبيتك لم يثبتوا، ولولا رحمتك لم
يطيعوا (1).
5358 - عنه (عليه السلام) - أيضا -: من ملائكة أسكنتهم سماواتك، ورفعتهم عن أرضك،
هم أعلم خلقك بك، وأخوفهم لك، وأقربهم منك. لم يسكنوا الأصلاب، ولم
يضمنوا الأرحام، ولم يخلقوا من (مآء مهين)، ولم يتشعبهم (ريب المنون). وإنهم
على مكانهم منك، ومنزلتهم عندك، واستجماع أهوائهم فيك، وكثرة طاعتهم
لك، وقلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا كنه ما خفي عليهم منك لحقروا أعمالهم،
ولزروا (2) على أنفسهم، ولعرفوا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، ولم يطيعوك حق
طاعتك. سبحانك خالقا ومعبودا! (3)



(1) تفسير القمي: 2 / 207، بحار الأنوار: 59 / 175 / 6.
(2) الازدراء: الاحتقار والانتقاص والعيب (النهاية: 2 / 302).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 109.
167
الباب الثاني
خلق الأرض وتأهيلها للمعيشة
5359 - الإمام علي (عليه السلام): أنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال. وأرساها على
غير قرار، وأقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحصنها من الأود (1)
والاعوجاج، ومنعها من التهافت والانفراج. أرسى أوتادها، وضرب
أسدادها (2)، واستفاض عيونها، وخد أوديتها، فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما
قواه. هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته، والعالي
على كل شيء منها بجلاله وعزته. لا يعجزه شيء منها طلبه، ولا يمتنع عليه
فيغلبه، ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه. خضعت
الأشياء له، وذلت مستكينة لعظمته، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره
فتمتنع من نفعه وضره، ولا كفء له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه. هو المفني لها



(1) الأود: العوج (النهاية: 1 / 79).
(2) السد بالفتح والضم: الجبل والردم (النهاية: 2 / 353).
169
بعد وجودها، حتى يصير موجودها كمفقودها. وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها
بأعجب من إنشائها واختراعها (1).
5360 - عنه (عليه السلام) - في صفة الأرض ودحوها على الماء -: كبس الأرض على مور
أمواج مستفحلة. ولجج بحار زاخرة. تلتطم أواذي أمواجها وتصطفق متقاذفات
أثباجها (2)، وترغوا زبدا كالفحول عند هياجها، فخضع جماح الماء المتلاطم لثقل
حملها، وسكن هيج ارتمائه إذ وطئته بكلكلها، وذل مستخذيا إذ تمعكت (3) عليه
بكواهلها، فأصبح بعد اصطخاب أمواجه ساجيا مقهورا، وفي حكمة الذل منقادا
أسيرا، وسكنت الأرض مدحوة في لجة تياره، وردت من نخوة بأوه (4) واعتلائه،
وشموخ أنفه وسمو غلوائه، وكعمته (5) على كظة جريته، فهمد بعد نزقاته، ولبد (6)
بعد زيفان (7) وثباته.
فلما سكن هيج الماء من تحت أكنافها، وحمل شواهق الجبال الشمخ البذخ
على أكتافها، فجر ينابيع العيون من عرانين (8) أنوفها، وفرقها في سهوب (9) بيدها



(1) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 477 / 116، بحار الأنوار: 4 / 255 / 8.
(2) الثبج: ما بين الكاهل إلى الظهر (النهاية: 1 / 206).
(3) تمعك: أي تمرغ في ترابه (النهاية: 4 / 343).
(4) البأو: الكبر والتعظيم (النهاية: 1 / 91).
(5) كعم: أن يلثم الرجل صاحبه، ويضع فمه على فمه كالتقبيل، اخذ من كعم البعير؛ وهو أن يشد فمه إذا
هاج (النهاية: 4 / 180).
(6) لبد بالمكان: أقام به ولزق فهو ملبد به (لسان العرب: 3 / 385).
(7) الزيفان: التبختر في المشي، من زاف البعير يزيف إذا تبختر (النهاية: 2 / 325).
(8) العرنين: الأنف. وقيل: رأسه، وجمعه عرانين (النهاية: 3 / 223).
(9) السهب: وهي الأرض الواسعة (النهاية: 2 / 428).
170
وأخاديدها، وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها وذوات الشناخيب (1) الشم
من صياخيدها (2)، فسكنت من الميدان لرسوب الجبال في قطع أديمها، وتغلغلها
متسربة في جوبات (3) خياشيمها، وركوبها أعناق سهول الأرضين وجراثيمها (4)،
وفسح بين الجو وبينها، وأعد الهواء متنسما لساكنها، وأخرج إليها أهلها على
تمام مرافقها، ثم لم يدع جرز الأرض التي تقصر مياه العيون عن روابيها، ولا
تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها، حتى أنشأ لها ناشئة سحاب تحيي مواتها
وتستخرج نباتها.
ألف غمامها بعد افتراق لمعه وتباين قزعه (5)، حتى إذا تمخضت لجة المزن
فيه، والتمع برقه في كففه، ولم ينم وميضه في كنهور (6) ربابه (7) ومتراكم سحابه،
أرسله سحا متداركا، قد أسف هيدبه (8)، تمريه (9) الجنوب درر أهاضيبه ودفع
شآبيبه. فلما ألقت السحاب برك بوانيها (10)، وبعاع (11) ما استقلت به من العبء



(1) رؤوس الجبال العالية، واحدها شنخوب (النهاية: 2 / 504).
(2) جمع صيخود، وهي الصخرة الشديدة (النهاية: 3 / 14).
(3) الجوبة: هي الحفرة المستديرة الواسعة (النهاية: 1 / 310).
(4) الجراثيم: أماكن مرتفعة عن الأرض مجتمعة من تراب أو طين (النهاية: 1 / 254).
(5) قزع: أي قطعة من الغيم وجمعها: قزع (النهاية: 4 / 59).
(6) الكنهور: العظيم من السحاب (النهاية: 4 / 206).
(7) الرباب: الأبيض منه (النهاية: 4 / 206) أي من السحاب.
(8) الهيدب: سحاب يقرب من الأرض، كأنه متدل (لسان العرب: 1 / 780).
(9) تمريه: من مري الضرع يمريه (النهاية: 4 / 322).
(10) بواينها: ما فيها من المطر (النهاية: 1 / 164).
(11) البعاع: شدة المطر (النهاية: 1 / 140).
171
المحمول عليها، أخرج به من هوامد الأرض النبات، ومن زعر (1) الجبال
الأعشاب، فهي تبهج بزينة رياضها، وتزدهي بما ألبسته من ريط (2) أزاهيرها،
وحلية ما سمطت به من ناضر أنوارها، وجعل ذلك بلاغا للأنام ورزقا للأنعام
وخرق الفجاج في آفاقها، وأقام المنار للسالكين على جواد طرقها.
فلما مهد أرضه وأنفذ أمره، اختار آدم (عليه السلام) خيرة من خلقه، وجعله أول جبلته،
وأسكنه جنته وأرغد فيها أكله، وأوعز إليه فيما نهاه عنه، وأعلمه أن في الإقدام
عليه التعرض لمعصيته والمخاطرة بمنزلته، فأقدم على ما نهاه عنه - موافاة
لسابق علمه - فأهبطه بعد التوبة ليعمر أرضه بنسله، وليقيم الحجة به على
عباده، ولم يخلهم بعد أن قبضه، مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته، ويصل بينهم
وبين معرفته، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه، ومتحملي
ودائع رسالاته، قرنا فقرنا حتى تمت بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) حجته، وبلغ المقطع عذره
ونذره.
وقدر الأرزاق فكثرها وقللها. وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلي
من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها.
ثم قرن بسعتها عقابيل (3) فاقتها، وبسلامتها طوارق آفاتها، وبفرج أفراحها
غصص أتراحها.
وخلق الآجال فأطالها وقصرها، وقدمها وأخرها، ووصل بالموت أسبابها،



(1) الزعر: قليلة النبات (النهاية: 2 / 303).
(2) ريط: جمع ريطة: كل ثوب رقيق لين (النهاية: 2 / 289).
(3) العقابيل: بقايا المرض وغيره، واحدها عقبول (النهاية: 3 / 269).
172
وجعله خالجا (1) لأشطانها (2) وقاطعا لمرائر أقرانها. عالم السر من ضمائر
المضمرين، ونجوى المتخافتين، وخواطر رجم الظنون، وعقد عزيمات اليقين،
ومسارق إيماض الجفون، وما ضمنته أكنان القلوب وغيابات الغيوب، وما
أصغت لاستراقه مصائخ الأسماع، ومصائف الذر ومشاتي الهوام، ورجع الحنين
من المولهات وهمس الأقدام، ومنفسح الثمرة من ولائج غلف الأكمام، ومنقمع
الوحوش من غيران الجبال وأوديتها. ومختبأ البعوض بين سوق الأشجار
وألحيتها، ومغرز الأوراق من الأفنان، ومحط الأمشاج من مسارب الأصلاب،
وناشئة الغيوم ومتلاحمها. ودرور قطر السحاب في متراكمها، وما تسفي
الأعاصير بذيولها، وتعفو الأمطار بسيولها، وعوم بنات الأرض في كثبان
الرمال، ومستقر ذوات الأجنحة بذرا شناخيب الجبال، وتغريد ذوات المنطق في
دياجير الأوكار، وما أوعبته الأصداف، وحضنت عليه أمواج البحار، وما غشيته
سدفة (3) ليل أو ذر عليه شارق نهار، وما اعتقبت عليه أطباق الدياجير وسبحات
النور، وأثر كل خطوة، وحس كل حركة، ورجع كل كلمة، وتحريك كل شفة،
ومستقر كل نسمة، ومثقال كل ذرة، وهماهم كل نفس هامة، وما عليها من ثمر
شجرة، أو ساقط ورقة، أو قرارة نطفة، أو نقاعة دم ومضغة، أو ناشئة خلق
وسلالة، لم يلحقه في ذلك كلفة، ولا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه
عارضة، ولا اعتورته في تنفيذ الامور وتدابير المخلوقين ملالة ولا فترة، بل



(1) الخالج: المسرع في الأخذ (النهاية: 2 / 475).
(2) الشطن: الحبل وقيل: هو الطويل منه، وإنما شده بشطنين لقوته وشدته. فاستعار الأشطان للحياة
لامتدادها وطولها (النهاية: 2 / 475).
(3) السدفة: من الأضداد تقع على الضياء والظلمة، ومنهم من يجعلها اختلاط الضوء والظلمة معا، لوقت
ما بين طلوع الفجر والإسفار (النهاية: 2 / 354).
173
نفذهم علمه، وأحصاهم عدده، ووسعهم عدله، وغمرهم فضله مع تقصيرهم عن
كنه ما هو أهله.
اللهم أنت أهل الوصف الجميل والتعداد الكثير، إن تؤمل فخير مأمول وإن
ترج فخير مرجو. اللهم وقد بسطت لي فيما لا أمدح به غيرك، ولا اثني به على
أحد سواك، ولا أوجهه إلى معادن الخيبة ومواضع الريبة، وعدلت بلساني عن
مدائح الآدميين، والثناء على المربوبين المخلوقين.
اللهم ولكل مثن على من أثنى عليه مثوبة من جزاء أو عارفة من عطاء، وقد
رجوتك دليلا على ذخائر الرحمة وكنوز المغفرة. اللهم وهذا مقام من أفردك
بالتوحيد الذي هو لك، ولم ير مستحقا لهذه المحامد والممادح غيرك، وبي فاقة
إليك لا يجبر مسكنتها إلا فضلك، ولا ينعش من خلتها إلا منك وجودك، فهب لنا
في هذا المقام رضاك، وأغننا عن مد الأيدي إلى سواك، إنك على كل شيء قدير (1).
5361 - عنه (عليه السلام): ألا وإن الأرض التي تقلكم والسماء التي تظلكم مطيعتان لربكم،
وما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجعا لكم ولا زلفة إليكم، ولا لخير ترجوانه
منكم، ولكن امرتا بمنافعكم فأطاعتا، واقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا (2).
5362 - عنه (عليه السلام): وكان من اقتدار جبروته، وبديع لطائف صنعته أن جعل من ماء
البحر الزاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا، ثم فطر منه أطباقا ففتقها سبع
سماوات بعد ارتتاقها، فاستمسكت بأمره، وقامت على حده. وأرسى أرضا
يحملها الأخضر المثعنجر (3) والقمقام المسخر، قد ذل لأمره، وأذعن لهيبته،



(1) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 111 / 90.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 143، بحار الأنوار: 91 / 312 / 3.
(3) ثعجر: هو أكثر موضع في البحر ماء. والميم والنون زائدتان (النهاية: 1 / 212).
174
ووقف الجاري منه لخشيته. وجبل جلاميدها ونشوز متونها وأطوادها،
فأرساها في مراسيها، وألزمها قراراتها فمضت رؤوسها في الهواء، ورست
اصولها في الماء، فأنهد جبالها عن سهولها، وأساخ قواعدها في متون أقطارها
ومواضع أنصابها، فأشهق قلالها، وأطال أنشازها، وجعلها للأرض عمادا،
وأرزها فيها أوتادا، فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها أو تسيخ بحملها أو
تزول عن مواضعها. فسبحان من أمسكها بعد موجان مياهها، وأجمدها بعد
رطوبة أكنافها! فجعلها لخلقه مهادا، وبسطها لهم فراشا فوق بحر لجي راكد لا
يجري، وقائم لا يسري، تكركره الرياح العواصف، وتمخضه الغمام الذوارف (إن
في ذلك لعبرة لمن يخشى) (1) (2).
5363 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي سد الهواء بالسماء، ودحا الأرض على الماء (3).
5364 - عنه (عليه السلام): فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور
ميدان أرضه (4).
5365 - عنه (عليه السلام) - مخاطبا الله عز وجل -: أنت الذي في السماء عظمتك، وفي
الأرض قدرتك وعجائبك (5).
5366 - عنه (عليه السلام) - في الدعاء -: سبحانك ما أعظم شأنك، وأعلى مكانك، وأنطق
بالصدق برهانك، وأنفذ أمرك، وأحسن تقديرك! سمكت السماء فرفعتها،



(1) النازعات: 26.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 211، بحار الأنوار: 57 / 38 / 15.
(3) الدروع الواقية: 187، بحار الأنوار: 97 / 194.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 473 / 113، بحار الأنوار: 4 / 247 / 5.
(5) الدروع الواقية: 202، بحار الأنوار: 97 / 202.
175
ومهدت الأرض ففرشتها، وأخرجت منها ماء ثجاجا، ونباتا رجراجا (1)،
فسبحك نباتها، وجرت بأمرك مياهها، وقاما على مستقر المشية كما أمرتهما (2).
5367 - عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته، ولا مخلو من نعمته، ولا
مؤيس من روحه، ولا مستنكف عن عبادته الذي بكلمته قامت السماوات
السبع، واستقرت الأرض المهاد، وثبتت الجبال الرواسي، وجرت الرياح
اللواقح، وسار في جو السماء السحاب، وقامت على حدودها البحار (3).
5368 - عنه (عليه السلام): السحاب غربال المطر، لولا ذلك لأفسد كل شيء وقع عليه (4).
5369 - تفسير القمي: نظر أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجوعه من صفين إلى المقابر
فقال: هذه كفات الأموات؛ أي مساكنهم، ثم نظر إلى بيوت الكوفة فقال: هذه
كفات الأحياء، ثم تلا قوله: (ألم نجعل الأرض كفاتا * أحيآء وأمواتا) (5) (6).
5370 - الإمام علي (عليه السلام) - في دعائه -: اللهم رب السقف المرفوع... ورب هذه
الأرض التي جعلتها قرارا للأنام، ومدرجا للهوام والأنعام، وما لا يحصى مما
يرى وما لا يرى (7).



(1) الرجرجة: الاضطراب، ورجه: حركه (لسان العرب: 2 / 281).
(2) البلد الأمين: 94، بحار الأنوار: 90 / 141 / 7.
(3) من لا يحضره الفقيه: 1 / 514 / 1482، مصباح المتهجد: 659 / 728 عن عبد الله الأزدي وفيه
" وقرت الأرضون السبع " بدل " واستقرت الأرض المهاد ".
(4) من لا يحضره الفقيه: 1 / 525 / 1495، قرب الإسناد: 136 / 479 عن أبي البختري عن الإمام
الصادق عن أبيه عنه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 59 / 373 / 5.
(5) المرسلات: 25 و 26.
(6) تفسير القمي: 2 / 400، بحار الأنوار: 82 / 34 / 22.
(7) نهج البلاغة: الخطبة 171، وقعة صفين: 232 عن زيد بن وهب وليس فيه " ومدرجا "،
بحار الأنوار: 32 / 462 / 402.
176
الباب الرابع
خلق الانسان
4 / 1
آدم أبو البشر
5371 - الإمام علي (عليه السلام) - في صفة خلق آدم (عليه السلام) -: ثم جمع سبحانه من حزن
الأرض وسهلها، وعذبها وسبخها، تربة سنها بالماء حتى خلصت، ولاطها بالبلة
حتى لزبت (1)، فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول وأعضاء وفصول، أجمدها
حتى استمسكت، وأصلدها حتى صلصلت، لوقت معدود وأمد معلوم؛ ثم نفخ
فيها من روحه فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها، وفكر يتصرف بها، وجوارح
يختدمها، وأدوات يقلبها، ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل والأذواق والمشام
والألوان والأجناس، معجونا بطينة الألوان المختلفة، والأشباه المؤتلفة،



(1) أي لصقت ولزمت (النهاية: 4 / 248).
177
والأضداد المتعادية، والأخلاط المتباينة من الحر والبرد والبلة والجمود.
واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم، وعهد وصيته إليهم في الاذعان
بالسجود له والخنوع لتكرمته، فقال سبحانه: (اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس) (1)
اعترته الحمية وغلبت عليه الشقوة وتعزز بخلقة النار واستهون خلق الصلصال،
فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة واستتماما للبلية وإنجازا للعدة، فقال: (إنك
من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم) (2) ثم أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها
عيشه، وآمن فيها محلته، وحذره إبليس وعداوته. فاغتره عدوه نفاسة عليه بدار
المقام ومرافقة الأبرار، فباع اليقين بشكه والعزيمة بوهنه، واستبدل بالجذل
وجلا وبالاغترار ندما. ثم بسط الله سبحانه له في توبته ولقاه كلمة رحمته،
ووعده المرد إلى جنته. وأهبطه إلى دار البلية، وتناسل الذرية (3).
5372 - عنه (عليه السلام): فلما مهد أرضه وأنفذ أمره، اختار آدم (عليه السلام) خيرة من خلقه، وجعله
أول جبلته وأسكنه جنته وأرغد فيها أكله، وأوعز إليه فيما نهاه عنه. وأعلمه أن
في الإقدام عليه التعرض لمعصيته والمخاطرة بمنزلته، فأقدم على ما نهاه
عنه - موافاة لسابق علمه - فأهبطه بعد التوبة؛ ليعمر أرضه بنسله وليقيم الحجة
به على عباده (4).
5373 - عنه (عليه السلام) - في صفة خلق آدم من طين -: ولو أراد الله أن يخلق آدم من



(1) البقرة: 34.
(2) الحجر: 37 و 38.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 1، بحار الأنوار: 11 / 122 / 56؛ جواهر المطالب: 2 / 161 / 137 وفيه إلى
" الجمود ".
(4) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 112 / 90.
178
نور يخطف الأبصار ضياؤه، ويبهر العقول رواؤه، وطيب يأخذ الأنفاس عرفه
لفعل. ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة، ولخفت البلوى فيه على الملائكة.
ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم ونفيا
للاستكبار عنهم، وإبعادا للخيلاء منهم (1).
4 / 2
ذرية آدم
5374 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة يصف فيها خلقة الإنسان -: أم هذا الذي أنشأه
في ظلمات الأرحام، وشغف الأستار نطفة دهاقا... ثم منحه قلبا حافظا،
ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا؛ ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا، حتى إذا قام
اعتداله، واستوى مثاله، نفر مستكبرا (2).
5375 - عنه (عليه السلام): أيها المخلوق السوي، والمنشأ المرعي في ظلمات الأرحام،
ومضاعفات الأستار، بدئت من سلالة من طين، ووضعت في قرار مكين إلى قدر
معلوم، وأجل مقسوم، تمور في بطن امك جنينا لا تحير دعاء، ولا تسمع نداء.
ثم اخرجت من مقرك إلى دار لم تشهدها، ولم تعرف سبل منافعها، فمن هداك
لاجترار الغذاء من ثدي امك، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك وإرادتك؟ (3)
5376 - عنه (عليه السلام): عالم السر من ضمائر المضمرين... ومحط الأمشاج من



(1) نهج البلاغة: الخطبة 192، بحار الأنوار: 14 / 465 / 37.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 83، بحار الأنوار: 60 / 349 / 35.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 163، بحار الأنوار: 60 / 347 / 34.
179
مسارب (1) الأصلاب (2).
5377 - عنه (عليه السلام) - في قوله تعالى: (وفى أنفسكم أفلا تبصرون) (3) قال -:
سبيل الغائط والبول (4).



(1) وفي نسخة: " مشارب ".
(2) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 113 / 90؛
النهاية في غريب الحديث: 4 / 333 وفيه ذيله.
(3) الذاريات: 21.
(4) فضيلة الشكر للخرائطي: 40 / 22 عن الأصبغ بن نباتة، الدر المنثور: 7 / 619 نقلا عن مساوئ
الأخلاق للخرائطي.
180
الباب الخامس
خلق الحيوانات
5 / 1
الطيور
5378 - الإمام علي (عليه السلام): ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات، وساكن وذي
حركات. وأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ما انقادت له
العقول معترفة به ومسلمة له، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته، وما ذرأ
من مختلف صور الأطيار التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها،
ورواسي أعلامها، من ذات أجنحة مختلفة، وهيئات متباينة، مصرفة في زمام
التسخير، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح، والفضاء المنفرج.
كونها بعد إذ لم تكن في عجائب صور ظاهرة، وركبها في حقاق مفاصل
محتجبة، ومنع بعضها بعبالة (1) خلقه أن يسمو في الهواء خفوفا، وجعله يدف



(1) العبل: الضخم من كل شيء (لسان العرب: 11 / 420).
181
دفيفا. ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته ودقيق صنعته. فمنها
مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه، ومنها مغموس في لون
صبغ قد طوق بخلاف ما صبغ به (1).
5379 - عنه (عليه السلام): فتبارك الله الذي يسجد له من في السماوات والأرض طوعا
وكرها، ويعفر له خدا ووجها، ويلقي إليه بالطاعة سلما وضعفا، ويعطي له القياد
رهبة وخوفا! فالطير مسخرة لأمره. أحصى عدد الريش منها والنفس، وأرسى
قوائمها على الندى واليبس. وقدر أقواتها، وأحصى أجناسها. فهذا غراب وهذا
عقاب. وهذا حمام وهذا نعام. دعا كل طائر باسمه، وكفل له برزقه (2).
5 / 2
الطاووس
5380 - الإمام علي (عليه السلام) - في بيان عجائب خلقة الطاووس -: ومن أعجبها
خلقا الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد،
بجناح أشرج قصبه (3)، وذنب أطال مسحبه. إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه،
وسما به مطلا على رأسه كأنه قلع داري (4) عنجه نوتيه (5). يختال بألوانه،
ويميس (6) بزيفانه، يفضي كإفضاء الديكة، ويؤر بملاقحه أر (7) الفحول



(1) نهج البلاغة: الخطبة 165، بحار الأنوار: 65 / 30 / 1.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 483 / 117، بحار الأنوار: 3 / 27 / 1.
(3) القصب: كل عظم مستدير أجوف (لسان العرب: 1 / 675).
(4) القلع: شراع السفينة. والداري: البحار والملاح (النهاية: 4 / 102).
(5) عنجه: أي عطفه. ونوتيه: ملاحه (النهاية: 3 / 307).
(6) يميس: إذا تبختر في مشيه وتثنى (النهاية: 4 / 380).
(7) الأر: الجماع (النهاية: 1 / 37).
182
المغتلمة (1) للضراب. أحيلك من ذلك على معاينة، لا كمن يحيل على ضعيف
إسناده. ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه، فتقف في ضفتي
جفونه، وأن أنثاه تطعم ذلك، ثم تبيض لا من لقاح فحل سوى الدمع المنبجس،
لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب! تخال قصبه مداري من فضة، وما انبت
عليها من عجيب داراته وشموسه خالص العقيان (2) وفلذ الزبرجد.
فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت: جنى جني من زهرة كل ربيع. وإن ضاهيته
بالملابس فهو كموشي الحلل، أو كمونق عصب اليمن. وإن شاكلته بالحلي فهو
كفصوص ذات ألوان، قد نطقت باللجين (3) المكلل.
يمشي مشي المرح المختال، ويتصفح ذنبه وجناحيه، فيقهقه ضاحكا لجمال
سرباله وأصابيغ وشاحه، فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا (4) معولا بصوت يكاد
يبين عن استغاثته، ويشهد بصادق توجعه؛ لأن قوائمه حمش (5) كقوائم الديكة
الخلاسية (6)، وقد نجمت من ظنبوب (7) ساقه صيصية خفية، وله في موضع
العرف قنزعة (8) خضراء موشاة. ومخرج عنقه كالإبريق، ومغرزها إلى حيث بطنه



(1) الغلمة: هيجان شهوة النكاح من المرأة والرجل وغيرهما (النهاية: 3 / 382).
(2) العقيان: هو الذهب الخالص (النهاية: 3 / 283).
(3) اللجين: هو الفضة (النهاية: 4 / 235).
(4) زقا يزقو إذا صاح (النهاية: 2 / 307).
(5) حمشت قوائمه وحمشت: دقت (لسان العرب: 6 / 288).
(6) الخلاسي من الديكة: بين الدجاج الهندية والفارسية (لسان العرب: 6 / 66).
(7) الظنوب: حرف العظم اليابس من الساق (النهاية: 3 / 162).
(8) القنازع: خصل الشعر، واحدتها قنزعة (النهاية: 4 / 112).
183
كصبغ الوسمة اليمانية، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال، وكأنه متلفع بمعجر (1)
أسحم (2)، إلا أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه أن الخضرة الناضرة ممتزجة به.
ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في لون الأقحوان أبيض يقق (3)، فهو ببياضه
في سواد ما هنالك يأتلق (4).
وقل صبغ إلا وقد أخذ منه بقسط، وعلاه بكثرة صقاله وبريقه وبصيص
ديباجه ورونقه، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع ولا شموس قيظ.
وقد ينحسر من ريشه، ويعرى من لباسه، فيسقط تترى، وينبت تباعا، فينحت
من قصبه انحتات أوراق الأغصان، ثم يتلاحق ناميا حتى يعود كهيئته قبل
سقوطه، لا يخالف سالف ألوانه، ولا يقع لون في غير مكانه! وإذا تصفحت شعرة
من شعرات قصبه أرتك حمرة وردية، وتارة خضرة زبرجدية، وأحيانا صفرة
عسجدية (5). فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن، أو تبلغه قرائح العقول، أو
تستنظم وصفه أقوال الواصفين؟! وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه،
والألسنة أن تصفه! فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون
فأدركته محدودا مكونا، ومؤلفا ملونا، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته، وقعد
بها عن تأدية نعته! (6)



(1) المعجر: ثوب تعتجر به المرأة أصغر من الرداء وأكبر من المقنعة (لسان العرب: 4 / 544).
(2) الأسحم: الأسود (النهاية: 2 / 348).
(3) يقق: أبيض يقق ويقق، بكسر القاف الأولى: شديد البياض ناصعه (لسان العرب: 1 / 387).
(4) تألق البرق: التمع (تاج العروس: 13 / 10).
(5) العسجد: الذهب (لسان العرب: 3 / 290).
(6) نهج البلاغة: الخطبة 165، بحار الأنوار: 65 / 30 / 1.
184
5 / 3
الجرادة
5381 - الإمام علي (عليه السلام): وإن شئت قلت في الجرادة، إذ خلق لها عينين حمراوين،
وأسرج لها حدقتين قمراوين، وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها الفم السوي،
وجعل لها الحس القوي، ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض. يرهبها
الزراع في زرعهم، ولا يستطيعون ذبها، ولو أجلبوا بجمعهم، حتى ترد الحرث
في نزواتها، وتقضي منه شهواتها. وخلقها كله لا يكون إصبعا مستدقة (1).
5 / 4
الخفاش
5382 - الإمام علي (عليه السلام): ومن لطائف صنعته وعجائب خلقته ما أرانا من غوامض
الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شيء، ويبسطها
الظلام القابض لكل حي، وكيف عشيت أعينها عن أن تستمد من الشمس
المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها، وتتصل بعلانية برهان الشمس إلى معارفها.
وردعها بتلألؤ ضيائها عن المضي في سبحات إشراقها. وأكنها في مكامنها عن
الذهاب في بلج ائتلاقها، فهي مسدلة الجفون بالنهار على حداقها. وجاعلة الليل
سراجا تستدل به في التماس أرزاقها. فلا يرد أبصارها إسداف ظلمته، ولا تمتنع
من المضي فيه لغسق دجنته. فإذا ألقت الشمس قناعها، وبدت أوضاح نهارها،



(1) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 483 / 117، بحار الأنوار: 3 / 27 / 1؛ ربيع الأبرار:
4 / 459.
185
ودخل من إشراق نورها على الضباب في وجارها (1)، أطبقت الأجفان على
مآقيها، وتبلغت بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها.
فسبحان من جعل الليل لها نهارا ومعاشا، والنهار سكنا وقرارا! وجعل لها
أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطيران، كأنها شظايا الآذان، غير
ذوات ريش ولا قصب. إلا أنك ترى مواضع العروق بينة أعلاما. لها جناحان لما
يرقا فينشقا، ولم يغلظا فيثقلا. تطير وولدها لاصق بها لاجئ إليها يقع إذا وقعت
ويرتفع إذا ارتفعت. لا يفارقها حتى تشتد أركانه، ويحمله للنهوض جناحه،
ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه. فسبحان البارئ لكل شيء على غير مثال
خلا من غيره! (2)
5 / 5
النملة
5383 - الإمام علي (عليه السلام): أ لا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه، وأتقن
تركيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر! انظروا إلى النملة في
صغر جثتها ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف
دبت على أرضها، وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في
مستقرها. تجمع في حرها لبردها، وفي وردها لصدرها، مكفول برزقها مرزوقة
بوفقها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان ولو في الصفا اليابس والحجر



(1) حجرها الذي تأوي إليه (النهاية: 5 / 156).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 155، بحار الأنوار: 64 / 323 / 2.
186
الجامس (1)! ولو فكرت في مجاري أكلها في علوها وسفلها، وما في الجوف من
شراسيف (2) بطنها، وما في الرأس من عينها وأذنها لقضيت من خلقها عجبا،
ولقيت من وصفها تعبا!
فتعالى الذي أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها! لم يشركه في فطرتها
فاطر، ولم يعنه على خلقها قادر. ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما
دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة، لدقيق تفصيل كل شيء،
وغامض اختلاف كل حي. وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي
والضعيف في خلقه إلا سواء (3).
5 / 6
الوحوش والحيتان
5384 - الإمام علي (عليه السلام): وسبحان من أدمج قوائم الذرة (4) والهمجة (5) إلى ما فوقهما
من خلق الحيتان والفيلة! (6)
5385 - عنه (عليه السلام): يعلم عجيج الوحوش في الفلوات، ومعاصي العباد في



(1) الجمس بالفتح: الجامد (النهاية: 1 / 294).
(2) الشرسوف واحد الشراسيف، وهي أطراف الأضلاع المشرفة على البطن، وقيل: هو غضروف معلق
بكل بطن (النهاية: 2 / 459).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 185، الاحتجاج: 1 / 481 / 117، بحار الأنوار: 3 / 26 / 1؛ ربيع الأبرار:
4 / 481 وفيه إلى " قادر ".
(4) الذر: النمل الأحمر الصغير، واحدتها ذرة (النهاية: 2 / 157).
(5) الهمج: ذباب صغير يسقط على وجوه الغنم والحمير (النهاية: 5 / 273).
(6) نهج البلاغة: الخطبة 165، بحار الأنوار: 65 / 32 / 1.
187
الخلوات، واختلاف النينان (1) في البحار الغامرات، وتلاطم الماء بالرياح
العاصفات (2).



(1) النون: الحوت، والجمع أنوان ونينان، وأصله نونان فقلبت الواو ياء لكسرة النون (لسان العرب:
13 / 427).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 198، بحار الأنوار: 77 / 315 / 16.
188
القبس الثالث
الفروع المختلفة من العلوم
وفيه أبواب:
الباب الأول: علم الاجتماع
الباب الثاني: علم النفس
الباب الثالث: علم التاريخ
الباب الرابع: علم الموعظة
الباب الخامس: علم الآداب
الباب السادس: علم الذرة
الباب السابع: علم الحساب
الباب الثامن: علم الفيزياء
الباب التاسع: علم طبقات الأرض وحركة الجو
الباب العاشر: سلوني قبل أن تفقدوني
الباب الحادي عشر: سرعة البديهة

189
الباب الأول
علم الاجتماع
1 / 1
المجتمع قبل البعثة
5386 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة له (عليه السلام) يصف فيها العرب قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله) -:
إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل. وأنتم معشر العرب
على شر دين وفي شر دار. منيخون بين حجارة خشن وحيات صم، تشربون
الكدر وتأكلون الجشب (1)، وتسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم. الأصنام
فيكم منصوبة والآثام بكم معصوبة (2).
5387 - عنه (عليه السلام) - من خطبة له (عليه السلام) يصف فيها الناس قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله) -: وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور والكتاب



(1) الجشب: الغليظ الخشن من الطعام، وقيل غير المأدوم، وكل بشع الطعم جشب (النهاية: 1 / 272).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 26، الغارات: 1 / 303 عن جندب نحوه، بحار الأنوار: 18 / 226 / 68.
191
المسطور، والنور الساطع والضياء اللامع، والأمر الصادع، إزاحة للشبهات،
واحتجاجا بالبينات، وتحذيرا بالآيات، وتخويفا بالمثلات، والناس في فتن
انجذم (1) فيها حبل الدين وتزعزعت سواري اليقين، واختلف النجر وتشتت
الأمر، وضاق المخرج، وعمي المصدر، فالهدى خامل والعمى شامل. عصي
الرحمن، ونصر الشيطان، وخذل الإيمان، فانهارت دعائمه، وتنكرت معالمه،
ودرست سبله، وعفت شركه.
أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه، ووردوا مناهله. بهم سارت أعلامه، وقام
لواؤه في فتن داستهم بأخفافها، ووطئتهم بأظلافها وقامت على سنابكها. فهم
فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون في خير دار وشر جيران. نومهم سهود
وكحلهم دموع. بأرض عالمها ملجم وجاهلها مكرم (2).
1 / 2
أصناف الناس
5388 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة له (عليه السلام) يصف زمانه بالجور، ويقسم الناس فيه
خمسة أصناف، ثم يزهد في الدنيا -: أيها الناس، إنا قد أصبحنا في دهر عنود،
وزمن كنود، يعد فيه المحسن مسيئا، ويزداد الظالم فيه عتوا، لا ننتفع بما علمنا،
ولا نسأل عما جهلنا، ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا. والناس على أربعة
أصناف:
منهم من لا يمنعه الفساد في الأرض إلا مهانة نفسه وكلالة حده ونضيض
وفره.



(1) الجذم: القطع (النهاية: 1 / 251).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 2، بحار الأنوار: 18 / 217 / 49.
192
ومنهم المصلت لسيفه، والمعلن بشره، والمجلب بخيله ورجله، قد أشرط
نفسه وأوبق دينه لحطام ينتهزه أو مقنب (1) يقوده أو منبر يفرعه. ولبئس المتجر
أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا ومما لك عند الله عوضا!
ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا، قد طامن
من شخصه وقارب من خطوه وشمر من ثوبه وزخرف من نفسه للأمانة، واتخذ
ستر الله ذريعة إلى المعصية.
ومنهم من أبعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه وانقطاع سببه، فقصرته الحال
عن حاله فتحلى باسم القناعة وتزين بلباس أهل الزهادة، وليس من ذلك في
مراح ولا مغدى.
وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع، وأراق دموعهم خوف المحشر، فهم
بين شريد ناد، وخائف مقموع، وساكت مكعوم، وداع مخلص، وثكلان موجع،
قد أخملتهم التقية وشملتهم الذلة، فهم في بحر اجاج، أفواههم ضامزة (2)،
وقلوبهم قرحة، قد وعظوا حتى ملوا وقهروا حتى ذلوا، وقتلوا حتى قلوا.
فلتكن الدنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ (3)، وقراضة الجلم (4)، واتعظوا
بمن كان قبلكم، قبل أن يتعظ بكم من بعدكم، وارفضوها ذميمة، فإنها قد رفضت
من كان أشغف بها منكم (5).



(1) المقنب بالكسر: جماعة الخيل والفرسان (النهاية: 4 / 111).
(2) الضامز: الممسك (النهاية: 3 / 100).
(3) القرظ: ورق السلم (النهاية: 4 / 43).
(4) الجلم: الذي يجز به الشعر والصوف (النهاية: 1 / 290).
(5) نهج البلاغة: الخطبة 32، بحار الأنوار: 78 / 4 / 54؛ مطالب السؤول: 32.
193
5389 - نهج البلاغة: من كلام له (عليه السلام) لكميل بن زياد النخعي، قال كميل بن زياد:
أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخرجني إلى الجبان (1)، فلما
أصحر تنفس الصعداء ثم قال:
يا كميل بن زياد، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أقول
لك:
الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل
ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.
يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال
تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، وصنيع المال يزول بزواله.
يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به، به يكسب الإنسان الطاعة في
حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم والمال محكوم عليه.
يا كميل، هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر:
أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ها، إن ههنا لعلما جما - وأشار
بيده إلى صدره - لو أصبت له حملة! بلى أصبت لقنا (2) غير مأمون عليه،
مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه،
أو منقادا لحملة الحق، لا بصيرة له في أحنائه (3)، ينقدح الشك في قلبه لأول
عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك! أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو



(1) الجبان في الأصل: الصحراء، وأهل الكوفة يسمون المقابر جبانة، وبالكوفة محال تسمى بهذا الاسم
(معجم البلدان: 2 / 99).
(2) أي فهم حسن التلقن لما يسمعه (النهاية: 4 / 266).
(3) الحنو: واحد الأحناء، وهي الجوانب (لسان العرب: 14 / 206).
194
مغرما بالجمع والادخار، ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شيء شبها بهما
الأنعام السائمة! كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى! لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا أو
خائفا مغمورا؛ لئلا تبطل حجج الله وبيناته. وكم ذا؟ وأين أولئك؟
أولئك - والله - الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا. يحفظ الله بهم حججه
وبيناته حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم. هجم بهم العلم
على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استعوره المترفون،
وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة
بالمحل الأعلى. اولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى
رؤيتهم! انصرف يا كميل إذا شئت (1).
1 / 3
أوصاف المنافقين
5390 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة له (عليه السلام) يصف فيها المنافقين -: احذركم
أهل النفاق فإنهم الضالون المضلون، والزالون المزلون، يتلونون ألوانا،
ويفتنون افتنانا، ويعمدونكم بكل عماد، ويرصدونكم بكل مرصاد. قلوبهم
دوية، وصفاحهم نقية. يمشون الخفاء، ويدبون الضراء. وصفهم دواء،
وقولهم شفاء، وفعلهم الداء العياء. حسدة الرخاء، ومؤكدو البلاء، ومقنطوا



(1) نهج البلاغة: الحكمة 147، الإرشاد: 1 / 227، الأمالي للمفيد: 247 / 3، كمال الدين: 290 / 2،
الخصال: 186 / 257، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 105، تحف العقول: 169، الأمالي للطوسي: 20 / 23،
الغارات: 1 / 149؛ حلية الأولياء: 1 / 79، تاريخ بغداد: 6 / 379 / 3413 وفيه إلى " آلة الدين
للدنيا "، المعيار والموازنة: 79، كنز العمال: 10 / 262 / 29391.
195
الرجاء. لهم بكل طريق صريع، وإلى كل قلب شفيع، ولكل شجو دموع.
يتقارضون الثناء، ويتراقبون الجزاء: إن سألوا ألحفوا، وإن عذلوا كشفوا،
وإن حكموا أسرفوا. قد أعدوا لكل حق باطلا، ولكل قائم مائلا، ولكل
حي قاتلا، ولكل باب مفتاحا، ولكل ليل مصباحا. يتوصلون إلى الطمع
باليأس ليقيموا به أسواقهم، وينفقوا به أعلاقهم (1). يقولون فيشبهون،
ويصفون فيموهون. قد هونوا الطريق، وأضلعوا المضيق (2). فهم لمة الشيطان،
وحمة (3) النيران: (أولئك حزب الشيطن ألا إن حزب الشيطن هم الخسرون) (4) (5).
1 / 4
مبادئ اختلاف الناس
5391 - الإمام علي (عليه السلام) - وقد ذكر عنده اختلاف الناس -: إنما فرق بينهم مبادئ
طينهم، وذلك أنهم كانوا فلقة من سبخ أرض وعذبها، وحزن تربة وسهلها، فهم
على حسب قرب أرضهم يتقاربون، وعلى قدر اختلافها يتفاوتون. فتام الرواء (6)
ناقص العقل، وماد القامة قصير الهمة، وزاكي العمل قبيح المنظر، وقريب القعر



(1) الأعلاق: جمع العلق؛ وهو النفيس من كل شيء (تاج العروس: 13 / 350).
(2) أي: يجعلونها معوجة يصعب تجاوزها، فيهلكون (صبحي الصالح).
(3) الحمة: السم، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة لأن السم منها يخرج (النهاية: 1 / 446).
(4) المجادلة: 19.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 194، بحار الأنوار: 72 / 177 / 6 وراجع عيون الحكم والمواعظ:
105 / 2358 وص 234 / 4492 وص 554 / 10209.
(6) الرواء: المنظر الحسن (النهاية: 2 / 280).
196
بعيد السبر (1)، ومعروف الضريبة (2) منكر الجليبة (3)، وتائه القلب متفرق اللب،
وطليق اللسان حديد الجنان (4).
5392 - عنه (عليه السلام): إنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرق بينكم إلا خبث السرائر،
وسوء الضمائر. فلا توازرون ولا تناصحون، ولا تباذلون ولا توادون (5).
5393 - عنه (عليه السلام): لو سكت الجاهل ما اختلف الناس (6).
1 / 5
النوادر
5394 - الإمام علي (عليه السلام): الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم (7).
5395 - عنه (عليه السلام): خوض الناس في الشيء مقدمة الكائن (8).
5396 - عنه (عليه السلام): الناس كالشجر؛ شرابه واحد وثمره مختلف (9).
5397 - نهج البلاغة: قال (عليه السلام) في صفة الغوغاء:... هم الذين إذا اجتمعوا ضروا،



(1) السبر: التجربة واستخراج كنه الأمر، وسبره: حزره وخبره (لسان العرب: 4 / 340).
(2) الضريبة: الطبيعة والسجية (النهاية: 3 / 80).
(3) قال المجلسي: الجليبة ما يجلبه الإنسان ويتكلفه؛ أي خلقه حسن يتكلف فعل القبيح (بحار الأنوار:
5 / 254).
(4) نهج البلاغة: الخطبة 234 عن مالك بن دحية، بحار الأنوار: 5 / 254 / 50.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 113.
(6) كشف الغمة: 3 / 139، بحار الأنوار: 78 / 81 / 75؛ الفصول المهمة: 271.
(7) المائة كلمة: 19 / 3، المناقب للخوارزمي: 375 / 395، شرح نهج البلاغة: 19 / 209،
ينابيع المودة: 2 / 412 / 90؛ خصائص الأئمة (عليهم السلام): 115، عيون الحكم والمواعظ: 66 / 1674.
(8) غرر الحكم: 5067، عيون الحكم والمواعظ: 242 / 4612.
(9) غرر الحكم: 2097، عيون الحكم والمواعظ: 64 / 1649؛ جواهر المطالب: 2 / 145 / 40.
197
وإذا تفرقوا نفعوا، فقيل: قد عرفنا مضرة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم؟
فقال (عليه السلام): يرجع أصحاب المهن إلى مهنتهم، فينتفع الناس بهم؛ كرجوع البناء
إلى بنائه، والنساج إلى منسجه، والخباز إلى مخبزه (1).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 199، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 113، بحار الأنوار: 70 / 11 / 13.
198
الباب الثاني
علم النفس
2 / 1
أصناف النفس (1)
5398 - الإمام علي (عليه السلام): خلق الله عزوجل الناس على ثلاث طبقات، وأنزلهم
ثلاث منازل، وذلك قول الله عز وجل في الكتاب: أصحاب الميمنة وأصحاب (2)



(1) قال العلامة المجلسي: قد روى بعض الصوفية في كتبهم عن كميل بن زياد أنه قال: سألت مولانا
أمير المؤمنين عليا (عليه السلام)
فقلت: يا أمير المؤمنين اريد أن تعرفني نفسي.
قال: يا كميل! وأي الأنفس تريد أن أعرفك؟
قلت: يا مولاي هل هي إلا نفس واحدة؟
قال: يا كميل إنما هي أربعة: النامية النباتية، والحسية الحيوانية، والناطقة القدسية، والكلية
الإلهية، ولكل واحدة من هذه خمس قوى وخاصيتان، فالنامية النباتية لها خمس قوى: ماسكة،
وجاذبة، وهاضمة، ودافعة، ومربية، ولها خاصيتان: الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الكبد. والحسية
الحيوانية لها خمس قوى: سمع، وبصر، وشم، وذوق، ولمس، ولها خاصيتان: الرضا والغضب،
وانبعاثها من القلب. والناطقة القدسية لها خمس قوى: فكر، وذكر، وعلم، وحلم، ونباهة، وليس لها
انبعاث، وهي أشبه الأشياء بالنفوس الفلكية، ولها خاصيتان: النزاهة والحكمة. والكلية الإلهية لها
خمس قوى: بهاء في فناء، ونعيم في شقاء، وعز في ذل، وفقر في غناء، وصبر في بلاء، ولها
خاصيتان: الرضا والتسليم، وهذه التي مبدؤها من الله وإليه تعود، قال الله تعالى: (ونفخت فيه من
روحي) (الحجر: 29) وقال تعالى: (يأيتها النفس المطمئنة * ارجعى إلى ربك راضية) (الفجر: 27
و 28) والعقل في وسط الكل.
أقول: هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الأخبار المعتبرة المتداولة، وهي شبيهة بأضغاث
أحلام الصوفية، وقال بعضهم في شرح هذا الخبر: النفسان الأوليان في كلامه عليه السلام مختصان
بالجهة الحيوانية التي هي محل اللذة والألم في الدنيا والآخرة. والأخيرتان بالجهة الانسانية، وهما
سعيدة في النشأتين وسيما الأخيرة، فإنها لا حظ لها من الشقاء؛ لأنها ليست من عالم الشقاء، بل هي
منفوخة من روح الله، فلا يتطرق إليها أ لم هناك من وجه وليست هي موجودة في أكثر الناس، بل ربما
لم يبلغ من الوف كثيرة واحد إليها، وكذلك الأعضاء والجوارح بمعزل عن اللذة والألم، أ لا ترى إلى
المريض إذا نام وهو حي والحس عنده موجود والجرح الذي يتألم به في يقظته موجود في العضو ومع
هذا لا يجد ألما؟ لأن الواجد للألم قد صرف وجهه عن عالم الشهادة إلى البرزخ فما عنده خير، فإذا
استيقظ المريض أي رجع إلى عالم الشهادة ونزل منزل الحواس قامت به الأوجاع والآلام، فإن كان في
البرزخ في ألم كما في رؤيا مفزعة مؤلمة أو في لذة كما في رؤيا حسنة ملذة انتقل منه الألم واللذة
حيث انتقل، وكذلك حاله في الآخرة - انتهى - (بحار الأنوار: 61 / 84).
199
المشأمة والسابقون. فأما ما ذكره من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون، وغير
مرسلين جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح القوة
وروح الشهوة وروح البدن... ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا
بأعيانهم، جعل الله فيهم أربعة أرواح: روح الإيمان وروح القوة وروح الشهوة
وروح البدن... فأما أصحاب المشأمة... فسلبهم روح الإيمان وأسكن أبدانهم
ثلاثة أرواح: روح القوة وروح الشهوة وروح البدن، ثم أضافهم إلى الأنعام،

200
فقال: (إن هم إلا كالأنعام) (1) لأن الدابة إنما تحمل بروح القوة وتعتلف بروح
الشهوة وتسير بروح البدن (2).
2 / 2
أحوال النفس
5399 - الإمام علي (عليه السلام): إن للجسم ستة أحوال: الصحة والمرض والموت والحياة
والنوم واليقظة، وكذلك الروح فحياتها علمها، وموتها جهلها، ومرضها شكها،
وصحتها يقينها، ونومها غفلتها، ويقظتها حفظها (3).
2 / 3
تشاكل النفوس
5400 - الإمام علي (عليه السلام): النفوس أشكال، فما تشاكل منها اتفق، والناس إلى
أشكالهم أميل (4).
5401 - عنه (عليه السلام): إن النفوس إذا تناسبت ائتلفت (5).
5402 - عنه (عليه السلام): اللئيم لا يتبع إلا شكله، ولا يميل إلا إلى مثله (6).



(1) الفرقان: 44.
(2) الكافي: 2 / 282 / 16، بصائر الدرجات: 449 / 6 كلاهما عن الأصبغ بن نباتة، تحف العقول:
189، بحار الأنوار: 25 / 65 / 46.
(3) التوحيد: 300 / 7 عن محمد بن عمارة عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار:
61 / 40 / 10.
(4) كنز الفوائد: 2 / 32، بحار الأنوار: 78 / 92 / 100.
(5) غرر الحكم: 3393، عيون الحكم والمواعظ: 149 / 3270.
(6) غرر الحكم: 1920، عيون الحكم والمواعظ: 21 / 130.
201
5403 - عنه (عليه السلام): لا يواد الأشرار إلا أشباههم (1).
5404 - عنه (عليه السلام) - في وصيته لبنيه -: يا بني، إن القلوب جنود مجندة، تتلاحظ
بالمودة وتتناجى بها، وكذلك هي في البغض؛ فإذا أحببتم الرجل من غير خير
سبق منه إليكم فارجوه، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم
فاحذروه (2).
5405 - الاختصاص عن الأصبغ بن نباتة: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) فأتاه رجل
فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، إني والله لأحبك في الله، وأحبك في السر
كما أحبك في العلانية، وأدين الله بولايتك في السر كما أدين بها في العلانية. وبيد
أمير المؤمنين عود، طأطأ رأسه، ثم نكت بالعود ساعة في الأرض، ثم رفع
رأسه إليه فقال:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حدثني بألف حديث، لكل حديث ألف باب، وإن أرواح
المؤمنين تلتقي في الهواء فتشم (3) وتتعارف، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر
منها اختلف، وبحق الله لقد كذبت؛ فما أعرف وجهك في الوجوه، ولا اسمك في
الأسماء (4).



(1) غرر الحكم: 10602، عيون الحكم والمواعظ: 533 / 9748.
(2) الأمالي للطوسي: 595 / 1232 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، بحار الأنوار:
74 / 163 / 26.
(3) كذا في المصدر، والأصح " فتشام " كما في بصائر الدرجات وكنز العمال.
(4) الاختصاص: 311، بصائر الدرجات: 391 / 2، بحار الأنوار: 61 / 134 / 7 وراجع كنز العمال:
9 / 172 / 25560.
202
2 / 4
ربط السجايا بعضها ببعض
5406 - الإمام علي (عليه السلام): إذا كان في رجل خلة رائقة فانتظروا أخواتها (1).
5407 - عنه (عليه السلام): أعجب ما في الإنسان قلبه، وله موارد من الحكمة، وأضداد من
خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن
ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن سعد بالرضى
نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته الغفلة،
وإن حدثت له النعمة أخذته العزة، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن استفاد
مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء، وإن جهده الجوع قعد به الضعف،
وإن أفرط في الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر، وكل إفراط به مفسد (2).
2 / 5
العلاقة بين الخصائص الظاهرية والباطنية
5408 - الإمام علي (عليه السلام): من أحسن لله سريرته أحسن الله علانيته (3).
5409 - عنه (عليه السلام): من حسنت سريرته، حسنت علانيته (4).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 445.
(2) علل الشرائع: 109 / 7 عن محمد بن سنان بإسناده يرفعه، الكافي: 8 / 21 / 4 عن جابر بن يزيد
عن الإمام الباقر عنه (عليهما السلام)، نهج البلاغة: الحكمة 108، الإرشاد: 1 / 301، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 97،
تحف العقول: 95 كلها نحوه، بحار الأنوار: 77 / 284 / 1.
(3) الجعفريات: 236، كنز الفوائد: 2 / 68 عن سهل بن سعيد، بحار الأنوار: 27 / 113 / 87.
(4) غرر الحكم: 8026، عيون الحكم والمواعظ: 431 / 7404.
203
5410 - عنه (عليه السلام): اعلم أن لكل ظاهر باطنا على مثاله، فما طاب ظاهره طاب
باطنه، وما خبث ظاهره خبث باطنه (1).
5411 - عنه (عليه السلام): عند فساد العلانية تفسد السريرة (2).
5412 - عنه (عليه السلام): صلاح الظواهر عنوان صحة الضمائر (3).
5413 - عنه (عليه السلام): ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه (4).
5414 - نهج البلاغة عن مالك بن دحية: كنا عند أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر عنده
اختلاف الناس فقال: إنما فرق بينهم مبادئ طينهم، وذلك أنهم كانوا فلقة من
سبخ أرض وعذبها، وحزن تربة وسهلها، فهم على حسب قرب أرضهم
يتقاربون، وعلى قدر اختلافها يتفاوتون. فتام الرواء ناقص العقل، وماد القامة
قصير الهمة، وزاكي العمل قبيح المنظر، وقريب القعر بعيد السبر، ومعروف
الضريبة منكر الجليبة، وتائه القلب متفرق اللب، وطليق اللسان حديد الجنان (5).
2 / 6
دور الخصائص النفسانية في الأعمال
5415 - الإمام علي (عليه السلام): الخلق أشكال فكل يعمل على شاكلته (6).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 154، غرر الحكم: 7313، عيون الحكم والمواعظ: 401 / 6769،
بحار الأنوار: 71 / 367 / 17.
(2) غرر الحكم: 6227، عيون الحكم والمواعظ: 338 / 5770.
(3) غرر الحكم: 5808، عيون الحكم والمواعظ: 301 / 5335.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 26؛ المائة كلمة للجاحظ: 113 / 96، المناقب للخوارزمي: 376 / 395،
دستور معالم الحكم: 25.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 234، بحار الأنوار: 5 / 254 / 50.
(6) كشف الغمة: 3 / 139، بحار الأنوار: 78 / 82 / 78؛ الفصول المهمة: 271.
204
5416 - عنه (عليه السلام): إن طباعك تدعوك إلى ما ألفته (1).
5417 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: الخير النفس تكون الحركة في
الخير عليه سهلة متيسرة، والحركة في الإضرار عسرة بطيئة، والشرير بالضد من
ذلك (2).
2 / 7
دور كرامة النفس في الأخلاق والأعمال
5418 - الإمام علي (عليه السلام): من كرمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية (3).
5419 - عنه (عليه السلام): من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته (4).
5420 - عنه (عليه السلام): من كرمت نفسه صغرت الدنيا في عينه (5).
5421 - عنه (عليه السلام): من كرمت نفسه قل شقاقه وخلافه (6).
5422 - عنه (عليه السلام): النفس الكريمة لا تؤثر فيها النكبات (7).
5423 - عنه (عليه السلام): النفس الشريفة لا تثقل عليها المؤنات (8).



(1) غرر الحكم: 3420، عيون الحكم والمواعظ: 142 / 3183.
(2) شرح نهج البلاغة: 20 / 275 / 179.
(3) غرر الحكم: 8730، عيون الحكم والمواعظ: 439 / 7616.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 449، غرر الحكم: 8771، عيون الحكم والمواعظ: 437 / 7565؛ شرح
نهج البلاغة: 11 / 128 وفيه " هان عليه دينه " وج 20 / 327 / 742 وفيه " هان عليه ماله ".
(5) غرر الحكم: 9130 وراجع عيون الحكم والمواعظ: 482 / 8889.
(6) غرر الحكم: 9051، عيون الحكم والمواعظ: 464 / 8448.
(7) غرر الحكم: 1555، عيون الحكم والمواعظ: 27 / 336.
(8) غرر الحكم: 1556، عيون الحكم والمواعظ: 49 / 1242.
205
5424 - عنه (عليه السلام): يشرف الكريم بآدابه ويفتضح اللئيم برذائله (1).
5425 - عنه (عليه السلام): أطهر الناس أعراقا أحسنهم أخلاقا (2).
2 / 8
دور الأخلاق في الأرزاق
5426 - الإمام علي (عليه السلام): في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق (3).
5427 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: سعة الأخلاق كيمياء الأرزاق (4).
5428 - عنه (عليه السلام): من ساء خلقه ضاق رزقه، من كرم خلقه اتسع رزقه (5).
5429 - عنه (عليه السلام): حسن الأخلاق يدر الأرزاق ويونس الرفاق (6).
2 / 9
عوامل البناء الروحي
2 / 9 - 1
المجاهدة
5430 - الإمام علي (عليه السلام): صلاح النفس مجاهدة الهوى (7).



(1) غرر الحكم: 9694، عيون الحكم والمواعظ: 484 / 8923.
(2) غرر الحكم: 3032، عيون الحكم والمواعظ: 119 / 2691.
(3) الكافي: 8 / 23 / 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، تحف العقول: 214، بحار الأنوار:
78 / 53 / 86؛ دستور معالم الحكم: 22.
(4) شرح نهج البلاغة: 20 / 339 / 884.
(5) غرر الحكم: 8023 و 8024، عيون الحكم والمواعظ: 431 / 7401 و 7402.
(6) غرر الحكم: 4856، عيون الحكم والمواعظ: 228 / 4398.
(7) غرر الحكم: 5805، عيون الحكم والمواعظ: 303 / 5398 وفيه " مخالفة " بدل " مجاهدة ".
206
5431 - عنه (عليه السلام): املكوا أنفسكم بدوام جهادها (1).
5432 - عنه (عليه السلام): لا تترك الاجتهاد في إصلاح نفسك، فإنه لا يعينك إلا الجد (2).
5433 - عنه (عليه السلام) - من وصيته لشريح بن هاني، لما جعله على مقدمته إلى الشام -:
اعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروه سمت بك الأهواء
إلى كثير من الضرر، فكن لنفسك مانعا رادعا (3)، ولنزوتك عند الحفيظة واقما (4)
قامعا (5).
5434 - عنه (عليه السلام): أقبل على نفسك بالإدبار عنها (6).
5435 - عنه (عليه السلام): دواء النفس الصوم عن الهوى، والحمية عن لذات الدنيا (7).
5436 - عنه (عليه السلام): أكره نفسك على الفضائل، فإن الرذائل أنت مطبوع عليها (8).



(1) غرر الحكم: 2489، عيون الحكم والمواعظ: 89 / 2113.
(2) غرر الحكم: 10365، عيون الحكم والمواعظ: 526 / 9573.
(3) في نهج السعادة: 2 / 116 " أنه (عليه السلام) دعا زياد بن النضر وشريح بن هاني ثم أوصى زيادا وقال:...
اعلم أنك إن لم تزع نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروهه سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر، فكن
لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان ".
(4) الوقم: جذبك العنان... ووقم الرجل وقما ووقمه: أذله وقهره (لسان العرب: 12 / 642).
(5) نهج البلاغة: الكتاب 56، تحف العقول: 191 نحوه وفيه " من وصيته لزياد بن النضر، عيون الحكم
والمواعظ: 162 / 3461 وفيه إلى " الضرر "، وقعة صفين: 121؛ المعيار والموازنة: 140 كلاهما
نحوه وفيهما " دعا زياد بن النضر وشريح بن هاني ثم أوصى زيادا ".
(6) غرر الحكم: 2434، عيون الحكم والمواعظ: 81 / 1959.
(7) غرر الحكم: 5153، عيون الحكم والمواعظ: 250 / 4686.
(8) غرر الحكم: 2477، عيون الحكم والمواعظ: 86 / 2072.
207
2 / 9 - 2
الاستقامة
5437 - الإمام علي (عليه السلام): إذا صعبت عليك نفسك فاصعب لها تذل لك، وخادع
نفسك عن نفسك تنقد لك (1).
5438 - عنه (عليه السلام): من لزم الاستقامة لزمته السلامة (2).
5439 - عنه (عليه السلام): عليك بمنهج الاستقامة؛ فإنه يكسبك الكرامة ويكفيك
الملامة (3).
5440 - عنه (عليه السلام): لا مسلك أسلم من الاستقامة، لا سبيل أشرف من الاستقامة (4).
2 / 9 - 3
الذكر
5441 - الإمام علي (عليه السلام): إن الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به
بعد الوقرة (5)، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعد المعاندة (6).
5442 - عنه (عليه السلام) - في وصيته للإمام الحسن (عليه السلام) -: إني اوصيك بتقوى الله - أي
بني - ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره (7).



(1) غرر الحكم: 4107، عيون الحكم والمواعظ: 133 / 2985.
(2) كنز الفوائد: 1 / 280، بحار الأنوار: 78 / 91 / 95.
(3) غرر الحكم: 6127، عيون الحكم والمواعظ: 333 / 5679.
(4) غرر الحكم: 10636 و 10556، عيون الحكم والمواعظ: 537 / 9892 وص 532 / 9711.
(5) الوقر - بفتح الواو -: ثقل السمع (النهاية: 5 / 213).
(6) نهج البلاغة: الخطبة 222، بحار الأنوار: 69 / 325 / 39.
(7) نهج البلاغة: الكتاب 31، تحف العقول: 68، كشف المحجة: 221 عن عمرو بن أبي المقدام عن ف
الإمام الباقر عنه (عليهما السلام)، المناقب لابن شهر آشوب: 4 / 37 عن الإمام الصادق عنه (عليهما السلام)، كنز العمال:
16 / 168 / 44215 نقلا عن وكيع والعسكري في المواعظ.
208
5443 - عنه (عليه السلام): الذكر نور ورشد (1).
5444 - عنه (عليه السلام): الذكر نور العقل وحياة النفوس وجلاء الصدور (2).
5445 - عنه (عليه السلام): الذكر يشرح الصدر (3).
2 / 9 - 4
التقوى
5446 - الإمام علي (عليه السلام): إن تقوى الله دواء داء قلوبكم، وبصر عمى أفئدتكم،
وشفاء مرض أجسادكم، وصلاح فساد صدوركم، وطهور دنس أنفسكم،
وجلاء عشا أبصاركم، وأمن فزع جأشكم (4)، وضياء سواد ظلمتكم (5).
5447 - عنه (عليه السلام): سبب صلاح النفس الورع (6).
2 / 9 - 5
القناعة
5448 - الإمام علي (عليه السلام): أعون شيء على صلاح النفس القناعة (7).



(1) غرر الحكم: 602، عيون الحكم والمواعظ: 50 / 1290.
(2) غرر الحكم: 1999، عيون الحكم والمواعظ: 60 / 1523.
(3) غرر الحكم: 835، عيون الحكم والمواعظ: 32 / 542.
(4) الجأش: القلب، والنفس، والجفان (النهاية: 1 / 232).
(5) نهج البلاغة: الخطبة 198، بحار الأنوار: 70 / 284 / 6.
(6) غرر الحكم: 5547.
(7) غرر الحكم: 3191، عيون الحكم والمواعظ: 112 / 2424.
209
5449 - عنه (عليه السلام): كيف يستطيع صلاح نفسه من لا يقنع بالقليل؟! (1)
5450 - عنه (عليه السلام): إذا رغبت في صلاح نفسك فعليك بالاقتصاد والقنوع والتقلل (2).
2 / 9 - 6
سعة الرزق
5451 - الإمام علي (عليه السلام) - في كتاب كتبه إلى مالك الأشتر لما ولاه على مصر -:
أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن
تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك (3).
2 / 9 - 7
اللذات المحللة
5452 - الإمام علي (عليه السلام): للمؤمن ثلاث ساعات، فساعة يناجي فيها ربه، وساعة
يرم معاشه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل (4).
2 / 9 - 8
طرائف الحكم
5453 - الإمام علي (عليه السلام): إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف



(1) غرر الحكم: 6979، عيون الحكم والمواعظ: 384 / 6484.
(2) غرر الحكم: 4172، عيون الحكم والمواعظ: 137 / 3124.
(3) نهج البلاغة: الكتاب 53، تحف العقول: 137، دعائم الإسلام: 1 / 361 نحوه، بحار الأنوار:
33 / 605 / 744.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 390، الأمالي للطوسي: 146 / 240 عن أبي وجزة السعدي عن أبيه، غرر
الحكم: 7370، عيون الحكم والمواعظ: 405 / 6856 وفيها " يحاسب نفسه " بدل " يرم معاشه ".
210
الحكم (1).
5454 - عنه (عليه السلام): أجمعوا هذه القلوب وابتغوا لها طرائف الحكمة، فإنها تمل كما
تمل الأبدان (2).
5455 - عنه (عليه السلام): كل شيء يمل ما خلا طرائف الحكم (3).
2 / 10
عوامل الهدم الروحي
2 / 10 - 1
الهوى
5456 - الإمام علي (عليه السلام): من عشق شيئا أعشى بصره وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين
غير صحيحة، ويسمع باذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت
الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه (4).
5457 - عنه (عليه السلام): النفس مجبولة على سوء الأدب، والعبد مأمور بملازمة حسن
الأدب، والنفس تجري بطبعها في ميدان المخالفة، والعبد يجهد بردها عن سوء
المطالبة، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها، ومن أعان نفسه في هوى



(1) نهج البلاغة: الحكمة 91 و 197، مشكاة الأنوار: 447 / 1497، روضة الواعظين: 453؛ أنساب
الأشراف: 2 / 373 عن عبد الله بن صالح، دستور معالم الحكم: 25، العقل وفضله لابن أبي الدنيا:
35 / 90 عن النجيب بن السري وفيه " فالتمسوا لها من الحكمة طرفا " بدل " فابتغوا... ".
(2) جامع بيان العلم: 1 / 104 عن النجيب بن السري، كنز العمال: 3 / 669 / 8411.
(3) غرر الحكم: 6896، عيون الحكم والمواعظ: 376 / 6365.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 109، عيون الحكم والمواعظ: 366 / 6141 وفيه من " قد خرقت "؛ المعيار
والموازنة: 284 نحوه.
211
نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه (1).
5458 - عنه (عليه السلام): آفة النفس الوله بالدنيا (2).
5459 - عنه (عليه السلام): رأس الآفات الوله باللذات (3).
5460 - عنه (عليه السلام): خدمة الجسد إعطاؤه ما يستدعيه من الملاذ والشهوات
والمقتنيات، وفي ذلك هلاك النفس (4).
2 / 10 - 2
العجب
5461 - الإمام علي (عليه السلام): عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله (5).
5462 - عنه (عليه السلام): العجب يفسد العقل (6).
5463 - عنه (عليه السلام): آفة اللب العجب (7).
2 / 10 - 3
تضييع الحقوق
5464 - الإمام علي (عليه السلام): إذا غلبت الرعية واليهم وعلا الوالي الرعية، اختلفت



(1) مشكاة الأنوار: 433 / 1448.
(2) غرر الحكم: 3926، عيون الحكم والمواعظ: 182 / 3731 وفيه " العقل " بدل " النفس ".
(3) غرر الحكم: 5244، عيون الحكم والمواعظ: 264 / 4797.
(4) غرر الحكم: 5097، عيون الحكم والمواعظ: 245 / 4650.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 212، مشكاة الأنوار: 539 / 1810، بحار الأنوار: 72 / 317 / 25.
(6) غرر الحكم: 726.
(7) غرر الحكم: 3956، عيون الحكم والمواعظ: 181 / 3715.
212
هنالك الكلمة، وظهرت مطامع الجور، وكثر الإدغال في الدين، وتركت معالم
السنن، فعمل بالهواء [بالهوى] وعطلت الآثار وكثرت علل النفوس (1).
2 / 10 - 4
صحبة الأشرار
5465 - الإمام علي (عليه السلام): صحبة الأشرار تكسب الشر، كالريح إذا مرت بالنتن
حملت نتنا (2).
5466 - عنه (عليه السلام): صحبة الأشرار توجب سوء الظن بالأخيار (3).
5467 - عنه (عليه السلام): مصاحب الأشرار كراكب البحر؛ إن سلم من الغرق لم يسلم من
الفرق (4) (5).
5468 - عنه (عليه السلام): ينبغي لمن أراد صلاح نفسه وإحراز دينه أن يجتنب مخالطة أبناء
الدنيا (6).
2 / 10 - 5
صحبة السفهاء
5469 - الإمام علي (عليه السلام): فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء (7).



(1) الكافي: 8 / 353 / 550 عن جابر عن الإمام الباقر (عليه السلام)، نهج البلاغة: الخطبة 216 نحوه.
(2) غرر الحكم: 5839، عيون الحكم والمواعظ: 304 / 5409.
(3) غرر الحكم: 5868، عيون الحكم والمواعظ: 302 / 5368.
(4) الفرق بالتحريك: الخوف والفزع (النهاية: 3 / 438).
(5) غرر الحكم: 9835، عيون الحكم والمواعظ: 487 / 9011.
(6) غرر الحكم: 10951، عيون الحكم والمواعظ: 555 / 10221 وفيه " ينبغي للعاقل أن
يتجنب... ".
(7) كشف الغمة: 3 / 139، بحار الأنوار: 78 / 82 / 78.
213
2 / 10 - 6
العسر
5470 - الإمام علي (عليه السلام): العسر يشين الأخلاق ويوحش الرفاق (1).
5471 - عنه (عليه السلام) - في وصف الدنيا -: من افتقر فيها حزن (2).
5472 - عنه (عليه السلام) - لابنه محمد ابن الحنفية -: يا بني، إني أخاف عليك الفقر،
فاستعذ بالله منه، فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت (3).
5473 - عنه (عليه السلام): إن الفقر مذلة للنفس مدهشة للعقل جالب للهموم (4).
5474 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: نظرت إلى كل ما يذل العزيز
ويكسره، فلم أر شيئا أذل له ولا أكسر من الفاقة (5).
2 / 10 - 7
الإكراه
5475 - الإمام علي (عليه السلام): إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا، فأتوها من قبل شهوتها



(1) غرر الحكم: 1599، عيون الحكم والمواعظ: 49 / 1264 وص 30 / 480 وفيه " العسر يفسد
الأخلاق ".
(2) نهج البلاغة: الخطبة 82، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 118، تحف العقول: 201، الأمالي للسيد المرتضى:
1 / 107، الاختصاص: 188، روضة الواعظين: 488، بحار الأنوار: 73 / 120 / 110؛ مطالب
السؤول: 52، المناقب للخوارزمي: 364 / 379 عن عبيد الله بن محمد التقي عن شيخ من بني عدي،
كنز العمال: 3 / 720 / 8567 نقلا عن ابن أبي الدنيا والدينوري عن شيخ من بني عدي.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 319، بحار الأنوار: 72 / 53 / 83.
(4) غرر الحكم: 3428، عيون الحكم والمواعظ: 149 / 3285 وفيه " مذهلة " بدل " مذلة ".
(5) شرح نهج البلاغة: 20 / 293 / 355.
214
وإقبالها، فإن القلب إذا اكره عمي (1).
5476 - عنه (عليه السلام): إن نفسك مطيتك؛ إن أجهدتها قتلتها، وإن رفقت بها أبقيتها (2).
5477 - عنه (عليه السلام) - في وصيته لابنه الحسن -: يا بني إن النفس حمضة والأذن
مجاجة، فلا تحث فهمك على الإلحاح على عقلك، وروح من عقلك فإن لكل
عضو من الجسد مستراحا (3).
2 / 11
طرق النفوذ في قلوب الآخرين
2 / 11 - 1
حسن النية
5478 - الإمام علي (عليه السلام): من حسنت نيته كثرت مثوبته، وطابت عيشته، ووجبت
مودته (4).
2 / 11 - 2
حسن الظن
5479 - الإمام علي (عليه السلام): من حسن ظنه بالناس حاز منهم المحبة (5).



(1) نهج البلاغة: الحكمة 193، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 112، نزهة الناظر: 47 / 16، عيون الحكم
والمواعظ: 158 / 3424.
(2) غرر الحكم: 3643، عيون الحكم والمواعظ: 155 / 3384.
(3) نزهة الناظر: 63 / 48، غرر الحكم: 3603 نحوه.
(4) غرر الحكم: 9094، عيون الحكم والمواعظ: 465 / 8473.
(5) غرر الحكم: 8842، عيون الحكم والمواعظ: 435 / 7529.
215
5480 - عنه (عليه السلام): من غلب عليه سوء الظن، لم يترك بينه وبين خليل صلحا (1).
2 / 11 - 3
حسن الخلق
5481 - الإمام علي (عليه السلام): حسن الخلق يورث المحبة، ويؤكد المودة (2).
5482 - عنه (عليه السلام): عليك بحسن الخلق؛ فإنه يكسبك المحبة (3).
2 / 11 - 4
حسن المقال
5483 - الإمام علي (عليه السلام): الاستصلاح للأعداء بحسن المقال وجميل الأفعال، أهون
من ملاقاتهم ومغالبتهم بمضيض (4) القتال (5).
5484 - عنه (عليه السلام): من لانت كلمته وجبت محبته (6).
5485 - عنه (عليه السلام): من عذب لسانه كثر إخوانه (7).



(1) غرر الحكم: 8950، عيون الحكم والمواعظ: 433 / 7477.
(2) غرر الحكم: 4864، عيون الحكم والمواعظ: 228 / 4400.
(3) غرر الحكم: 6100، عيون الحكم والمواعظ: 335 / 5726.
(4) مضيض: وجع المصيبة، ومض الكحل العين يمضها ويمضها وأمضها: آلمها وأحرقها (لسان العرب:
7 / 233).
(5) غرر الحكم: 1926، عيون الحكم والمواعظ: 57 / 1472.
(6) تحف العقول: 91، نزهة الناظر: 62 / 43، غرر الحكم: 7941، عيون الحكم والمواعظ:
429 / 7331، بحار الأنوار: 71 / 396 / 79؛ شرح نهج البلاغة: 19 / 35، المناقب للخوارزمي:
368 / 385 وفيه " مودته " بدل " محبته "، كشف الخفاء: 2 / 285 / 2648.
(7) المائة كلمة: 24 / 8، المناقب للخوارزمي: 375 / 395؛ عيون الحكم والمواعظ: 424 / 7142.
216
5486 - عنه (عليه السلام): عود لسانك لين الكلام وبذل السلام، يكثر محبوك ويقل
مبغضوك (1).
2 / 11 - 5
حسن العشرة
5487 - الإمام علي (عليه السلام): بحسن العشرة تأنس الرفاق (2).
5488 - عنه (عليه السلام): بحسن الصحبة تكثر الرفاق (3).
5489 - عنه (عليه السلام): حسن الصحبة يزيد في محبة القلوب (4).
5490 - عنه (عليه السلام): من أحسن المصاحبة كثر أصحابه (5).
2 / 11 - 6
الرفق
5491 - الإمام علي (عليه السلام): رفق المرء وسخاؤه يحببه إلى أعدائه (6).
5492 - عنه (عليه السلام): من يلن حاشيته يعرف صديقه منه المودة (7).
5493 - عنه (عليه السلام): بالرفق تدوم الصحبة (8).



(1) غرر الحكم: 6231، عيون الحكم والمواعظ: 340 / 5793.
(2) غرر الحكم: 4233، عيون الحكم والمواعظ: 187 / 3835.
(3) غرر الحكم: 4282، عيون الحكم والمواعظ: 188 / 3874.
(4) غرر الحكم: 4812، عيون الحكم والمواعظ: 228 / 4381.
(5) غرر الحكم: 8341، عيون الحكم والمواعظ: 447 / 7908.
(6) غرر الحكم: 5429، عيون الحكم والمواعظ: 269 / 4944.
(7) الكافي: 2 / 154 / 19 عن يحيى عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 74 / 122 / 86.
(8) غرر الحكم: 4342، عيون الحكم والمواعظ: 186 / 3779.
217
5494 - عنه (عليه السلام): من تلن حاشيته يستدم من قومه المودة (1).
2 / 11 - 7
إخلاص المودة
5495 - الإمام علي (عليه السلام): دار عدوك، وأخلص لودودك؛ تحفظ الاخوة، وتحرز
المروءة (2).
2 / 11 - 8
البشاشة
5496 - الإمام علي (عليه السلام): البشاشة حبالة المودة (3).
5497 - عنه (عليه السلام): البشاشة فخ (4) المودة (5).
5498 - عنه (عليه السلام): دار الناس تستمتع بإخائهم، وألقهم بالبشر تمت أضغانهم (6).
5499 - عنه (عليه السلام): حسن اللقاء يزيد في تأكد الإخاء (7).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 23، غرر الحكم: 8583، عيون الحكم والمواعظ: 441 / 7682، مجمع
البحرين: 3 / 1665 " المحبة " بدل " المودة ".
(2) غرر الحكم: 5130، عيون الحكم والمواعظ: 251 / 4705.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 6، مشكاة الأنوار: 394 / 1297، روضة الواعظين: 413، غرر الحكم:
1075 و 6101 وفيه " عليك بالبشاشة فإنها... "، عيون الحكم والمواعظ: 44 / 1052، بحار الأنوار:
74 / 167 / 35؛ ينابيع المودة: 2 / 232 / 651.
(4) الفخ: المصيدة (الصحاح: 1 / 428).
(5) تحف العقول: 202، كنز الفوائد: 1 / 93، أعلام الدين: 178، بحار الأنوار: 78 / 39 / 13؛ دستور
معالم الحكم: 20 وفيه " مح " بدل " فخ ".
(6) غرر الحكم: 5129، عيون الحكم والمواعظ: 251 / 4704.
(7) غرر الحكم: 4827، عيون الحكم والمواعظ: 227 / 4372 وليس فيه " تأكد ".
218
2 / 11 - 9
التودد
5500 - الإمام علي (عليه السلام): بالتودد تكون المحبة (1).
5501 - عنه (عليه السلام): بالتودد تتأكد المحبة (2).
5502 - عنه (عليه السلام): من تألف الناس أحبوه. من عاند الناس مقتوه (3).
2 / 11 - 10
التواضع
5503 - الإمام علي (عليه السلام): ثمرة التواضع المحبة (4).
2 / 11 - 11
الوفاء
5504 - الإمام علي (عليه السلام): سبب الايتلاف الوفاء (5).
5505 - عنه (عليه السلام): من كان ذا حفاظ ووفاء لم يعدم حسن الإخاء (6).
2 / 11 - 12
الإنصاف
5506 - الإمام علي (عليه السلام): الإنصاف يؤلف القلوب (7).



(1) غرر الحكم: 4194، عيون الحكم والمواعظ: 187 / 3808 وفيه " تكثر " بدل " تكون ".
(2) غرر الحكم: 4341، عيون الحكم والمواعظ: 186 / 3778.
(3) غرر الحكم: 7895 و 7896، عيون الحكم والمواعظ: 424 / 7166 وفيه صدره.
(4) غرر الحكم: 4613، عيون الحكم والمواعظ: 209 / 4192؛ شرح نهج البلاغة: 20 / 296 / 389.
(5) غرر الحكم: 5511، عيون الحكم والمواعظ: 282 / 5080.
(6) غرر الحكم: 8726، عيون الحكم والمواعظ: 462 / 8392.
(7) غرر الحكم: 1130.
219
5507 - عنه (عليه السلام): الإنصاف يستديم المحبة (1).
5508 - عنه (عليه السلام): على الإنصاف ترسخ المودة (2).
5509 - عنه (عليه السلام): المنصف كثير الأولياء والأوداء (3).
2 / 11 - 13
الصدق
5510 - الإمام علي (عليه السلام): يكتسب الصادق بصدقه ثلاثا: حسن الثقة به، والمحبة
له، والمهابة عنه (4).
2 / 11 - 14
الكرم
5511 - الإمام علي (عليه السلام): الكريم عند الله محبور (5) مثاب، وعند الناس محبوب
مهاب (6).
2 / 11 - 15
السخاء
5512 - الإمام علي (عليه السلام): السخاء يكسب المحبة، ويزين الأخلاق (7).



(1) غرر الحكم: 1076، عيون الحكم والمواعظ: 44 / 1053.
(2) غرر الحكم: 6190، عيون الحكم والمواعظ: 327 / 5628 وفيه " على قدر الإنصاف... ".
(3) غرر الحكم: 2116، عيون الحكم والمواعظ: 20 / 102.
(4) غرر الحكم: 11038، عيون الحكم والمواعظ: 550 / 10159 وفيه " منه " بدل " عنه ".
(5) الحبرة بالفتح: النعمة وسعة العيش (النهاية: 1 / 327).
(6) غرر الحكم: 2146، عيون الحكم والمواعظ: 67 / 1705.
(7) غرر الحكم: 1600، عيون الحكم والمواعظ: 50 / 1265.
220
5513 - عنه (عليه السلام): سبب المحبة السخاء (1).
2 / 11 - 16
الإحسان
5514 - الإمام علي (عليه السلام): الإحسان محبة (2).
5515 - عنه (عليه السلام): سبب المحبة الإحسان (3).
5516 - عنه (عليه السلام): من كثر إحسانه أحبه إخوانه (4).
2 / 11 - 17
بذل النوال
5517 - الإمام علي (عليه السلام): العطاء محبة (5).
5518 - عنه (عليه السلام): من سمحت نفسه بالعطاء استعبد أبناء الدنيا (6).
5519 - عنه (عليه السلام): من بذل معروفه كثر الراغب إليه (7).
5520 - عنه (عليه السلام): من بذل النوال قبل السؤال فهو الكريم المحبوب (8).



(1) غرر الحكم: 5510، عيون الحكم والمواعظ: 282 / 5079 وراجع بحار الأنوار: 15 / 31 / 48.
(2) غرر الحكم: 109، عيون الحكم والمواعظ: 37 / 785.
(3) غرر الحكم: 5518، عيون الحكم والمواعظ: 281 / 5059.
(4) غرر الحكم: 8473، عيون الحكم والمواعظ: 449 / 7965.
(5) مطالب السؤول: 56.
(6) غرر الحكم: 9077، عيون الحكم والمواعظ: 465 / 8461.
(7) غرر الحكم: 8492، عيون الحكم والمواعظ: 449 / 7978 وص 440 / 7644 وفيه " مالت إليه
القلوب " بدل " كثر الراغب إليه ".
(8) غرر الحكم: 8643، عيون الحكم والمواعظ: 440 / 7645.
221
2 / 11 - 18
ترك الحسد
5521 - الإمام علي (عليه السلام): من ترك الحسد كانت له المحبة عند الناس (1).
2 / 11 - 19
تناسي المساوئ
5522 - الإمام علي (عليه السلام): تناس مساوئ الإخوان تستدم ودهم (2).
5523 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: مما تكتسب به المحبة أن تكون
عالما كجاهل، وواعظا كموعوظ (3).
2 / 11 - 20
الزهد فيما في أيدي الناس
5524 - الإمام علي (عليه السلام): تحبب إلى الناس بالزهد فيما في أيديهم تفز بالمحبة
منهم (4).
5525 - عنه (عليه السلام): تحل باليأس مما في أيدي الناس تسلم من غوائلهم، وتحرز
المودة منهم (5).



(1) تحف العقول: 89 وص 99، بحار الأنوار: 77 / 237 / 1.
(2) غرر الحكم: 4584، عيون الحكم والمواعظ: 200 / 4054.
(3) شرح نهج البلاغة: 20 / 330 / 788.
(4) غرر الحكم: 4506، عيون الحكم والمواعظ: 200 / 4053.
(5) غرر الحكم: 4507، عيون الحكم والمواعظ: 202 / 4088.
222
2 / 11 - 21
العدل
5526 - الإمام علي (عليه السلام): من عمل بالحق مال إليه الخلق (1).
5527 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: قدم العدل على البطش تظفر
بالمحبة، ولا تستعمل الفعل حيث ينجع القول (2).
5528 - عنه (عليه السلام): من كثر عدله حمدت أيامه (3).
2 / 11 - 22
حسن الكفاية
5529 - الإمام علي (عليه السلام): من حسنت كفايته أحبه سلطانه (4).
2 / 11 - 23
صلة الرحم
5530 - الإمام علي (عليه السلام): صلة الرحم توجب المحبة (5).
2 / 11 - 24
الهدية
5531 - الإمام علي (عليه السلام): الهدية تجلب المحبة (6).



(1) غرر الحكم: 8646، عيون الحكم والمواعظ: 460 / 8362.
(2) شرح نهج البلاغة: 20 / 278 / 207.
(3) غرر الحكم: 8410، عيون الحكم والمواعظ: 455 / 8221.
(4) غرر الحكم: 8474، عيون الحكم والمواعظ: 449 / 7966.
(5) غرر الحكم: 5852، عيون الحكم والمواعظ: 304 / 5413.
(6) غرر الحكم: 316، عيون الحكم والمواعظ: 39 / 859.
223
5532 - عنه (عليه السلام): ما استعطف السلطان، ولا استسل سخيمة (1) الغضبان،
ولا استميل المهجور، ولا استنجحت صعاب الامور، ولا استدفعت الشرور بمثل
الهدية (2).
2 / 11 - 25
النصيحة
5533 - الإمام علي (عليه السلام): النصيحة تثمر الود (3).
5534 - عنه (عليه السلام): النصح يثمر المحبة (4).
2 / 11 - 26
عتاب العاقل
5535 - الإمام علي (عليه السلام): العتاب حياة المودة (5).
5536 - عنه (عليه السلام): لا تعاتب الجاهل فيمقتك، وعاتب العاقل يحببك (6).
2 / 11 - 27
جوامع الأسباب
5537 - الإمام علي (عليه السلام): إن أحسن ما يألف به الناس قلوب أودائهم، ونفوا به
الضغن عن قلوب أعدائهم، حسن البشر عند لقائهم، والتفقد في غيبتهم،



(1) السخيمة: الحقد في النفس (النهاية: 2 / 351).
(2) غرر الحكم: 9695، عيون الحكم والمواعظ: 478 / 8780.
(3) غرر الحكم: 844، عيون الحكم والمواعظ: 32 / 540.
(4) غرر الحكم: 614، عيون الحكم والمواعظ: 32 / 558.
(5) غرر الحكم: 315، عيون الحكم والمواعظ: 39 / 858.
(6) غرر الحكم: 10215، عيون الحكم والمواعظ: 519 / 9414.
224
والبشاشة بهم عند حضورهم (1).
5538 - عنه (عليه السلام): العقل غطاء ستير، والفضل جمال ظاهر، فاستر خلل خلقك
بفضلك، وقاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودة، وتظهر لك المحبة (2).
5539 - عنه (عليه السلام): طلاقة الوجه بالبشر، والعطية، وفعل البر، وبذل التحية، داع إلى
محبة البرية (3).
5540 - عنه (عليه السلام): ما استجلبت المحبة بمثل السخاء، والرفق، وحسن الخلق (4).
5541 - عنه (عليه السلام): ثلاث يوجبن المحبة: حسن الخلق، وحسن الرفق،
والتواضع (5).
5542 - عنه (عليه السلام): تسربل الحياء، وادرع الوفاء، واحفظ الإخاء، واقلل محادثة
النساء يكمل لك السناء (6).
5543 - عنه (عليه السلام): بكثرة الصمت تكون الهيبة، وبالنصفة يكثر المواصلون،
وبالإفضال تعظم الأقدار، وبالتواضع تتم النعمة، وباحتمال المؤن يجب السؤدد،
وبالسيرة العادلة يقهر المناوئ، وبالحلم عن السفيه تكثر الأنصار عليه (7).
5544 - عنه (عليه السلام): أحمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة، وعند صدوده



(1) تحف العقول: 218، بحار الأنوار: 78 / 57 / 124.
(2) الكافي: 1 / 20 / 13 عن سهل بن زياد رفعه.
(3) غرر الحكم: 6032، عيون الحكم والمواعظ: 318 / 5541.
(4) غرر الحكم: 9561.
(5) غرر الحكم: 4684، عيون الحكم والمواعظ: 212 / 4235.
(6) غرر الحكم: 4536، عيون الحكم والمواعظ: 202 / 4098.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 224، نزهة الناظر: 47 / 15، بحار الأنوار: 69 / 410 / 126؛ ينابيع المودة:
2 / 244 / 686 وفيه إلى " تتم النعمة ".
225
على اللطف والمقاربة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند
شدته على اللين، وعند جرمه على العذر حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة
عليك. وإياك أن تضع ذلك في غير موضعه أو أن تفعله بغير أهله. لا تتخذن عدو
صديقك صديقا فتعادي صديقك، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو
قبيحة. وتجرع الغيظ فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا ألذ مغبة. ولن لمن
غالظك فإنه يوشك أن يلين لك. وخذ على عدوك بالفضل فإنه أحلى الظفرين
وإن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية يرجع إليها إن بدا له ذلك يوما
ما. ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه. ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك
وبينه فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه. ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك. ولا
ترغبن فيمن زهد عنك، ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته،
ولا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان، ولا يكبرن عليك ظلم من
ظلمك، فإنه يسعى في مضرته ونفعك، وليس جزاء من سرك أن تسوءه (1).
2 / 12
موانع النفوذ في قلوب الآخرين
2 / 12 - 1
خبث السريرة
5545 - الإمام علي (عليه السلام): إنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرق بينكم إلا خبث
السرائر وسوء الضمائر، فلا توازرون، ولا تناصحون، ولا تباذلون، ولا



(1) نهج البلاغة: الكتاب 31، كشف المحجة: 232 عن عمرو بن أبي المقدام عن الإمام الباقر عنه (عليهما السلام)،
تحف العقول: 81 نحوه، بحار الأنوار: 74 / 168 / 35 وراجع دستور معالم الحكم: 63.
226
توادون (1).
2 / 12 - 2
سوء الخلق
5546 - الإمام علي (عليه السلام): من ساء خلقه قلاه مصاحبه ورفيقه (2).
5547 - عنه (عليه السلام): من ساء خلقه أعوزه الصديق والرفيق (3).
5548 - عنه (عليه السلام): من خشنت عريكته أقفرت حاشيته (4).
2 / 12 - 3
تتبع العيوب
5549 - الإمام علي (عليه السلام): من تتبع خفيات العيوب حرمه الله مودات القلوب (5).
2 / 12 - 4
مناقشة الأصدقاء
5550 - الإمام علي (عليه السلام): من ناقش الإخوان قل صديقه (6).
5551 - عنه (عليه السلام): من استقصى على صديقه انقطعت مودته (7).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 113.
(2) غرر الحكم: 8773، عيون الحكم والمواعظ: 437 / 7567.
(3) غرر الحكم: 9187.
(4) غرر الحكم: 8581.
(5) غرر الحكم: 8800، عيون الحكم والمواعظ: 436 / 7540.
(6) غرر الحكم: 8772، عيون الحكم والمواعظ: 437 / 7566.
(7) غرر الحكم: 8582، عيون الحكم والمواعظ: 459 / 8320.
227
5552 - عنه (عليه السلام): من جانب الإخوان على كل ذنب قل أصدقاؤه (1).
5553 - عنه (عليه السلام): شرط المصاحبة قلة المخالفة (2).
2 / 12 - 5
المراء
5554 - الإمام علي (عليه السلام): لا محبة مع المراء (3).
5555 - عنه (عليه السلام): لا محبة مع كثرة مراء (4).
5556 - عنه (عليه السلام): ليس برفيق محمود الطريقة من أحوج صاحبه إلى مماراته (5).
2 / 12 - 6
السفة
5557 - الإمام علي (عليه السلام): إياك والسفه؛ فإنه يوحش الرفاق (6).
2 / 12 - 7
الاحتشام
5558 - الإمام علي (عليه السلام): إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه (7).



(1) غرر الحكم: 8166، عيون الحكم والمواعظ: 443 / 7766.
(2) غرر الحكم: 5783، عيون الحكم والمواعظ: 298 / 5327.
(3) المائة كلمة: 36 / 20، المناقب للخوارزمي: 375 / 395، الإعجاز والإيجاز للثعالبي: 37.
(4) غرر الحكم: 10532، عيون الحكم والمواعظ: 531 / 9663.
(5) غرر الحكم: 7504، عيون الحكم والمواعظ: 411 / 7001.
(6) غرر الحكم: 2655، عيون الحكم والمواعظ: 95 / 2198.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 480؛ شرح نهج البلاغة: 20 / 251 / 488.
228
2 / 12 - 8
الشح
5559 - الإمام علي (عليه السلام): زيادة الشح تشين الفتوة، وتفسد الاخوة (1).
5560 - عنه (عليه السلام): ليس لشحيح رفيق (2).
5561 - عنه (عليه السلام): ليس لبخيل حبيب (3).
2 / 12 - 9
الملل
5562 - الإمام علي (عليه السلام): الملل يفسد الاخوة (4).
5563 - عنه (عليه السلام): لا أخوة لملول (5).
5564 - عنه (عليه السلام): لا خلة لملول (6).
5565 - عنه (عليه السلام) - كان يقول -: لا راحة لحسود، ولا مودة لملول (7).
5566 - عنه (عليه السلام): قلما تنجح حيلة العجول، أو تدوم مودة الملول (8).



(1) غرر الحكم: 5508، عيون الحكم والمواعظ: 277 / 5051.
(2) غرر الحكم: 7465، عيون الحكم والمواعظ: 409 / 6953.
(3) غرر الحكم: 7473، عيون الحكم والمواعظ: 410 / 6956.
(4) غرر الحكم: 1108.
(5) غرر الحكم: 10437، عيون الحكم والمواعظ: 532 / 9678.
(6) غرر الحكم: 10443، عيون الحكم والمواعظ: 532 / 9682.
(7) الإرشاد: 1 / 303، تحف العقول: 215 وفيه " لا عيش " بدل " لا راحة "، كنز الفوائد: 1 / 137.
(8) غرر الحكم: 6741، عيون الحكم والمواعظ: 371 / 6274 وفيه " خلة " بدل " مودة ".
229
2 / 12 - 10
الكبر
5567 - الإمام علي (عليه السلام): ليس لمتكبر صديق (1).
5568 - عنه (عليه السلام): من استطال على الإخوان لم يخلص له إنسان (2).
2 / 12 - 11
الجفاء
5569 - الإمام علي (عليه السلام): الجفاء يفسد الإخاء (3).
5570 - عنه (عليه السلام): إياك والجفاء؛ فإنه يفسد الإخاء، ويمقت إلى الله والناس (4).
5571 - عنه (عليه السلام): لا تطلبن الإخاء عند أهل الجفاء، واطلبه عند أهل الحفاظ
والوفاء (5).
2 / 12 - 12
الحقد
5572 - الإمام علي (عليه السلام): لا مودة لحقود (6).
5573 - عنه (عليه السلام): ليس لحقود أخوة (7).



(1) غرر الحكم: 7464، عيون الحكم والمواعظ: 409 / 6952 وفيه " لكل متكبر ".
(2) غرر الحكم: 8393، عيون الحكم والمواعظ: 455 / 8210.
(3) غرر الحكم: 562، عيون الحكم والمواعظ: 50 / 1283.
(4) غرر الحكم: 2662، عيون الحكم والمواعظ: 97 / 2240.
(5) غرر الحكم: 10421، عيون الحكم والمواعظ: 519 / 9429.
(6) غرر الحكم: 10436، عيون الحكم والمواعظ: 531 / 9669.
(7) غرر الحكم: 7483، عيون الحكم والمواعظ: 409 / 6939.
230
2 / 12 - 13
الحسد
5574 - الإمام علي (عليه السلام): الحسود لا خلة له (1).
5575 - عنه (عليه السلام): حسد الصديق من سقم المودة (2).
2 / 12 - 14
الغدر
5576 - الإمام علي (عليه السلام): لا تدوم مع الغدر صحبة خليل (3).
5577 - عنه (عليه السلام): إذا ظهر غدر الصديق سهل هجره (4).
2 / 12 - 15
طاعة الواشي
5578 - الإمام علي (عليه السلام): من أطاع الواشي ضيع الصديق (5).
5579 - عنه (عليه السلام): من صدق الواشي أفسد الصديق (6).



(1) غرر الحكم: 886، عيون الحكم والمواعظ: 409 / 6940.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 218، غرر الحكم: 4928، عيون الحكم والمواعظ: 234 / 4483،
بحار الأنوار: 74 / 163 / 28.
(3) غرر الحكم: 10601، عيون الحكم والمواعظ: 533 / 9746.
(4) غرر الحكم: 4162، عيون الحكم والمواعظ: 131 / 2959.
(5) نهج البلاغة: الحكمة 239، بحار الأنوار: 73 / 160 / 7؛ ينابيع المودة: 2 / 245 / 688.
(6) غرر الحكم: 8479، عيون الحكم والمواعظ: 449 / 7972.
231
2 / 12 - 16
كثرة التقريع
5580 - الإمام علي (عليه السلام): كثرة التقريع توغر القلوب، وتوحش الأصحاب (1).
5581 - عنه (عليه السلام): لا تنابذ عدوك ولا تقرع صديقك، واقبل العذر وإن كان كذبا،
ودع الجواب عن قدرة وإن كان لك (2).
2 / 12 - 17
ترك التعاهد
5582 - الإمام علي (عليه السلام): ترك التعاهد للصديق داعية القطيعة (3).
5583 - عنه (عليه السلام): من لم يتعاهد موادده فقد ضيع الصديق (4).
5584 - عنه (عليه السلام):
الصبر من كرم الطبيعة * والمن مفسدة الصنيعه
والحق أمنع جانبا * من قلة الجبل المنيعه
والشر أسرع جرية * من جرية الماء السريعة
ترك التعاهد للصديق * يكون داعية القطيعة (5)



(1) غرر الحكم: 7112، عيون الحكم والمواعظ: 390 / 6600.
(2) غرر الحكم: 10358، عيون الحكم والمواعظ: 529 / 9624 وفيه " لا تأمن " بدل " لا تنابذ ".
(3) الإرشاد: 1 / 303، كشف اليقين: 223 / 249، بحار الأنوار: 77 / 421 / 40.
(4) غرر الحكم: 8550.
(5) تاريخ دمشق: 42 / 529 عن محمد بن علي بن عبيد الله؛ الديوان المنسوب إلى الإمام علي (عليه السلام):
338 / 262 نحوه.
232
2 / 12 - 18
عدم الإنصاف
5585 - الإمام علي (عليه السلام): من عدم إنصافه لم يصحب (1).
5586 - عنه (عليه السلام): لا تدوم على عدم الإنصاف المودة (2).
2 / 12 - 19
منع الخير
5587 - الإمام علي (عليه السلام): منع خيرك يدعو إلى صحبة غيرك (3).
2 / 12 - 20
العجب وسوء الخلق وقلة الصبر
5588 - الإمام علي (عليه السلام): إياك والعجب وسوء الخلق وقلة الصبر؛ فإنه لا يستقيم
لك على هذه الخصال الثلاث صاحب، ولا يزال لك عليها من الناس مجانب (4).
2 / 13
ما يظهر الخصال الروحية
5589 - الإمام علي (عليه السلام): القدرة تظهر محمود الخصال ومذمومها (5).



(1) غرر الحكم: 8114، عيون الحكم والمواعظ: 442 / 7715.
(2) غرر الحكم: 10827، عيون الحكم والمواعظ: 541 / 10040.
(3) غرر الحكم: 9783، عيون الحكم والمواعظ: 489 / 9056.
(4) الخصال: 147 / 178 عن حماد بن عيسى عمن ذكره عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار:
74 / 175 / 6.
(5) غرر الحكم: 1153، عيون الحكم والمواعظ: 18 / 34 وليس فيه " ومذمومها ".
233
5590 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: السفر ميزان الأخلاق (1).
5591 - عنه (عليه السلام): خوافي الأخلاق تكشفها المعاشرة (2).
5592 - عنه (عليه السلام): في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال (3).
5593 - عنه (عليه السلام): المرء يتغير في ثلاث: القرب من الملوك والولايات، والغناء من
الفقر، فمن لم يتغير في هذه فهو ذو عقل قويم وخلق مستقيم (4).
5594 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: إذا ولي صديقك ولاية فأصبته على
العشر من صداقته فليس بصاحب سوء (5).
5595 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: المرآة التي ينظر الإنسان فيها إلى
أخلاقه هي الناس؛ لأنه يرى محاسنه من أوليائه منهم، ومساويه من أعدائه فيهم (6).
2 / 14
علم النفس التربوي
2 / 14 - 1
المبادرة بتأديب الأولاد
5596 - الإمام علي (عليه السلام) - فيما أوصى إلى ابنه الحسن (عليه السلام) -: إنما قلب الحدث



(1) شرح نهج البلاغة: 20 / 294 / 366.
(2) غرر الحكم: 5099، عيون الحكم والمواعظ: 244 / 4647.
(3) الكافي: 8 / 23 / 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، من لا يحضره الفقيه: 4 / 388 / 5834،
نهج البلاغة: الحكمة 217، تحف العقول: 97.
(4) غرر الحكم: 2133، عيون الحكم والمواعظ: 65 / 1670.
(5) شرح نهج البلاغة: 20 / 295 / 372.
(6) شرح نهج البلاغة: 20 / 271 / 128.
234
كالأرض الخالية ما القي فيها من شيء قبلته. فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو
قلبك ويشتغل لبك (1).
2 / 14 - 2
المواساة بين الأولاد
5597 - ربيع الأبرار: لما تزوج علي (رضي الله عنه) النهشلية بالبصرة، قعد على سريره وأقعد
الحسن عن يمينه، والحسين عن شماله، وأجلس محمد ابن الحنفية بالحضيض،
فخاف أن يجد من ذلك فقال: يا بني أنت ابني وهذان ابنا رسول الله (2).
5598 - الإمام علي (عليه السلام): أبصر رسول الله رجلا له ولدان فقبل أحدهما وترك
الآخر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فهلا واسيت بينهما! (3)
2 / 14 - 3
العدل مع الصبيان
5599 - الإمام الصادق (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) ألقى صبيان الكتاب ألواحهم بين
يديه ليخير بينهم، فقال: أما إنها حكومة! والجور فيها كالجور في الحكم، أبلغوا
معلمكم إن ضربكم فوق ثلاث ضربات في الأدب اقتص منه (4).



(1) نهج البلاغة: الكتاب 31، تحف العقول: 70، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 116، نزهة الناظر: 58 / 341؛
ينابيع المودة: 3 / 439 / 10.
(2) ربيع الأبرار: 2 / 330.
(3) النوادر للراوندي: 96 / 43، الجعفريات: 55 وص 189، بحار الأنوار: 74 / 84 / 94 نقلا عن
الإمامة والتبصرة.
(4) الكافي: 7 / 268 / 38، تهذيب الأحكام: 10 / 149 / 599 كلاهما عن السكوني وراجع من لا
يحضره الفقيه: 4 / 72 / 5137.
235
2 / 14 - 4
أدب التعليم
5600 - الإمام علي (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: لا تقسروا أولادكم على
آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم (1).
5601 - عنه (عليه السلام): من تواضع للمتعلمين وذل للعلماء ساد بعلمه (2).
5602 - عنه (عليه السلام): ينبغي للعاقل إذا علم أن لا يعنف، وإن علم أن لا يأنف (3).
2 / 14 - 5
آداب التأديب
5603 - الإمام علي (عليه السلام): لا أدب مع غضب (4).
5604 - عنه (عليه السلام): لا تكثر العتاب؛ فإنه يورث الضغينة ويجر إلى البغضة، واستعتب
من رجوت إعتابه (5).
5605 - عنه (عليه السلام) - في الحكم المنسوبة إليه -: إذا عاتبت الحدث فاترك له موضعا
من ذنبه، لئلا يحمله الإخراج (6) على المكابرة (7).



(1) شرح نهج البلاغة: 20 / 267 / 102.
(2) مطالب السؤول: 48؛ بحار الأنوار: 78 / 6 / 57.
(3) غرر الحكم: 10954، عيون الحكم والمواعظ: 553 / 10182.
(4) غرر الحكم: 10529، عيون الحكم والمواعظ: 531 / 9654.
(5) تحف العقول: 84، كنز الفوائد: 1 / 93 وليس فيه " واستعتب من رجوت إعتابه "، غرر الحكم:
10412، عيون الحكم والمواعظ: 519 / 9424؛ كنز العمال: 16 / 181 / 44215 نقلا عن الوكيع
والعسكري في المواعظ.
(6) كذا ورد في شرح نهج البلاغة بجميع طبعاته المتيسرة لنا، ولعل الصحيح " الإحراج ".
(7) شرح نهج البلاغة: 20 / 333 / 819.
236
5606 - عنه (عليه السلام): استصلاح الأخيار بإكرامهم، والأشرار بتأديبهم (1).
5607 - عنه (عليه السلام): ولا تكونن ممن لا تنفعه العظة إلا إذا بالغت في إيلامه، فإن
العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب (2).
5608 - عنه (عليه السلام): إذا لوحت للعاقل فقد أوجعته عتابا (3).
5609 - عنه (عليه السلام): عقوبة العقلاء التلويح، عقوبة الجهلاء التصريح (4).
5610 - عنه (عليه السلام): التعريض للعاقل أشد عتابه (5).
5611 - عنه (عليه السلام) - في عهده إلى مالك الأشتر لما ولاه على مصر -: لا يكونن
المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن ذلك تزهيد لأهل الإحسان في
الإحسان، وتدريب لأهل الإساءة على الإساءة، فألزم كلا منهم ما ألزم نفسه،
أدبا منك ينفعك الله به وتنفع به أعوانك (6).
5612 - عنه (عليه السلام): أزجر المسئ بثواب المحسن (7).



(1) كشف الغمة: 3 / 140، بحار الأنوار: 78 / 82 / 81.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 31، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 117، تحف العقول: 83، كشف المحجة: 233 عن
عمر بن أبي المقدام عن الإمام الباقر عنه (عليهما السلام)، نزهة الناظر: 59 / 41 وفيه " بالقليل " بدل " بالآداب "؛
دستور معالم الحكم: 64، كنز العمال: 16 / 180 / 44215 نقلا عن الوكيع والعسكري في المواعظ.
(3) غرر الحكم: 4103، عيون الحكم والمواعظ: 136 / 3104.
(4) غرر الحكم: 6328 و 6329، عيون الحكم والمواعظ: 339 / 5776 و 5777.
(5) غرر الحكم: 1161.
(6) تحف العقول: 130 وراجع نهج البلاغة: الكتاب 53.
(7) نهج البلاغة: الحكمة 177، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 110، عيون الحكم والمواعظ: 75 / 1827 وفيه
" بفعل " بدل " بثواب ".
237
الباب الثالث
علم التاريخ
3 / 1
اهتمام الإمام بعلم التاريخ
5613 - الإمام علي (عليه السلام) - من وصية له لابنه الحسن (عليه السلام) كتبها إليه بحاضرين عند
انصرافه من صفين -: أي بني، إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي؛ فقد
نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم، حتى عدت
كأحدهم، بل كأني - بما انتهى إلي من امورهم - قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم؛
فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كل أمر
نخيله (1) وتوخيت لك جميله، وصرفت عنك مجهوله، ورأيت - حيث عناني من
أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت عليه من أدبك - أن يكون ذلك وأنت



(1) نخله: صفاه واختاره (تاج العروس: 15 / 723).
239
مقبل العمر ومقتبل الدهر، ذو نية سليمة ونفس صافية (1).
3 / 2
تأكيد الإمام على الاعتبار بالتاريخ
5614 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة له (عليه السلام) تسمى بالقاصعة -: احذروا ما نزل
بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال. فتذكروا في الخير
والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم.
فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم فالزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم، وزاحت
الأعداء له عنهم، ومدت العافية فيه عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت
الكرامة عليه حبلهم، من الاجتناب للفرقة، واللزوم للألفة، والتحاض عليها،
والتواصي بها، واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم، وأوهن منتهم (2). من تضاغن
القلوب، وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي، وتدبروا أحوال
الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء؛ أ لم يكونوا
أثقل الخلائق أعباء، وأجهد العباد بلاء، وأضيق أهل الدنيا حالا؟ اتخذتهم
الفراعنة عبيدا، فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم
في ذل الهلكة وقهر الغلبة. لا يجدون حيلة في امتناع، ولا سبيلا إلى دفاع. حتى
إذا رأى الله سبحانه جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه
من خوفه؛ جعل لهم من مضايق البلاء فرجا؛ فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن



(1) نهج البلاغة: الكتاب 31، تحف العقول: 70، كشف المحجة: 223 عن عمر بن أبي المقدام عن
الإمام الباقر عنه (عليهما السلام)، بحار الأنوار: 77 / 201؛ ينابيع المودة: 3 / 439 / 10، كنز العمال:
16 / 169 / 44215.
(2) المنة: القوة (تاج العروس: 18 / 547).
240
مكان الخوف، فصاروا ملوكا حكاما، وأئمة أعلاما، وقد بلغت الكرامة من الله
لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم.
فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب
معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة.
ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين، وملوكا على رقاب العالمين؟ فانظروا إلى
ما صاروا إليه في آخر امورهم حين وقعت الفرقة، وتشتتت الالفة، واختلفت
الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس
كرامته، وسلبهم غضارة نعمته. وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين.
فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل (عليهم السلام)؛ فما أشد اعتدال
الأحوال، وأقرب اشتباه الأمثال! تأملوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم ليالي
كانت الأكاسرة والقياصرة أربابا لهم، يحتازونهم عن ريف الآفاق، وبحر العراق،
وخضرة الدنيا إلى منابت الشيح، ومهافي (1) الريح، ونكد المعاش. فتركوهم عالة
مساكين، إخوان دبر (2) ووبر، أذل الامم دارا، وأجدبهم قرارا. لا يأوون إلى
جناح دعوة يعتصمون بها، ولا إلى ظل ألفة يعتمدون على عزها. فالأحوال
مضطربة، والأيدي مختلفة، والكثرة متفرقة؛ في بلاء أزل (3)، وإطباق جهل! من
بنات موؤودة، وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة، وغارات مشنونة.
فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا، فعقد بملته طاعتهم،
وجمع على دعوته ألفتهم؛ كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها، وأسالت لهم



(1) مهافي: جمع مهفى؛ وهو موضع هبوبها في البراري (النهاية: 5 / 267).
(2) الدبر: الجرح الذي يكون في ظهر البعير (النهاية: 2 / 97).
(3) الأزل: الشدة والضيق (لسان العرب: 1 / 46).
241
جداول نعيمها، والتفت الملة بهم في عوائد بركتها، فأصبحوا في نعمتها غرقين،
وفي خضرة عيشها فكهين. قد تربعت الامور بهم في ظل سلطان قاهر، وآوتهم
الحال إلى كنف عز غالب. وتعطفت الامور عليهم في ذرى ملك ثابت. فهم حكام
على العالمين، وملوك في أطراف الأرضين. يملكون الامور على من كان
يملكها عليهم. ويمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم. لا تغمز لهم قناة، ولا
تقرع لهم صفاة (1).
ألا وإنكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة. وثلمتم حصن الله المضروب
عليكم بأحكام الجاهلية. فإن الله سبحانه قد امتن على جماعة هذه الامة - فيما
عقد بينهم من حبل هذه الالفة التي ينتقلون في ظلها، ويأوون إلى كنفها - بنعمة
لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة؛ لأنها أرجح من كل ثمن، وأجل من كل
خطر (2).



(1) الصفاة: الصخرة والحجر الأملس. والكلام هنا تميل؛ أي لا ينالهم أحد بسوء (النهاية: 3 / 41).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 192، بحار الأنوار: 14 / 472 / 37.
242
الباب الرابع
علم الموعظة
4 / 1
كلمة جامعة للعظة
5615 - نهج البلاغة: من خطبة له (عليه السلام) وهي كلمة جامعة للعظة والحكمة:
فإن الغاية أمامكم، وإن وراءكم الساعة تحدوكم. تخففوا تلحقوا (1)؛ فإنما
ينتظر بأولكم آخركم.
قال السيد الشريف: أقول: إن هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه وبعد
كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكل كلام لمال به راجحا، وبرز عليه سابقا. فأما قوله (عليه السلام):
" تخففوا تلحقوا " فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر محصولا، وما أبعد
غورها من كلمة، وأنقع نطفتها (2) من حكمة! وقد نبهنا في كتاب الخصائص على



(1) أي تخففوا من الذنوب تلحقوا من سبقكم في العمل الصالح (مجمع البحرين: 1 / 530).
(2) ماء ناقع ونقيع: ناجع يقطع العطش ويذهبه ويسكنه. والنطفة: الماء الصافي (تاج العروس: 11 / 488
وج 12 / 505).
243
عظم قدرها، وشرف جوهرها (1).
4 / 2
الطريق الواضح
5616 - الإمام علي (عليه السلام) - من كلام له (عليه السلام) يعظ بسلوك الطريق الواضح -: أيها الناس!
لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله؛ فإن الناس قد اجتمعوا على مائدة
شبعها قصير، وجوعها طويل.
أيها الناس! إنما يجمع الناس الرضا والسخط، وإنما عقر ناقة ثمود رجل
واحد، فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا، فقال سبحانه: (فعقروها فأصبحوا
ندمين) (2) فما كان إلا أن خارت (3) أرضهم بالخسفة خوار السكة (4) المحماة في
الأرض الخوارة (5).
أيها الناس من سلك الطريق الواضح ورد الماء، ومن خالف وقع في
التيه! (6)



(1) نهج البلاغة: الخطبة 21، روضة الواعظين: 537، عيون الحكم والمواعظ: 203 / 4120 وفيه
" تخففوا؛ فإن الغاية أمامكم، والساعة من ورائكم تحدوكم "، بحار الأنوار: 6 / 135 / 36.
(2) الشعراء: 157.
(3) خار: صاح، والخوار: ما اشتد من الصوت (لسان العرب: 4 / 261).
(4) السكة: هي التي تحرث بها الأرض (النهاية: 2 / 384).
(5) أرض خوارة: لينة سهلة (لسان العرب: 4 / 262).
(6) نهج البلاغة: الخطبة 201، الغارات: 2 / 584 عن فرات بن أحنف وليس فيه من " فقال سبحانه " إلى
" الخوارة "، المسترشد: 407 / 138 وليس فيه من " فقال سبحانه... " وكلاهما نحوه، بحار الأنوار:
70 / 107 / 5.
244
4 / 3
صفات المتقين
5617 - نهج البلاغة: من خطبة له (عليه السلام) يصف فيها المتقين. روي أن صاحبا
لأمير المؤمنين (عليه السلام) يقال له: همام كان رجلا عابدا، فقال له: يا أمير المؤمنين،
صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم. فتثاقل (عليه السلام) عن جوابه ثم قال: يا همام!
اتق الله وأحسن ف‍ (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) (1) فلم يقنع همام بهذا
القول حتى عزم عليه، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال (عليه السلام):
أما بعد؛ فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم،
آمنا من معصيتهم؛ لأنه لا تضره معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه.
فقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم. فالمتقون فيها هم أهل
الفضائل؛ منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع. غضوا
أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم. نزلت
أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء. ولولا الأجل الذي كتب الله عليهم
لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين؛ شوقا إلى الثواب، وخوفا من
العقاب.
عظم الخالق في أنفسهم؛ فصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها؛
فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة،
وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة.
صبروا أياما قصيرة، أعقبتهم راحة طويلة. تجارة مربحة يسرها لهم ربهم.



(1) النحل: 128.
245
أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها.
أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا. يحزنون به
أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا،
وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها
تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في اصول
آذانهم؛ فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف
أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم.
وأما النهار فحلماء علماء، أبرار أتقياء. قد براهم الخوف بري القداح (1)، ينظر
إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، ويقول: قد خولطوا!، ولقد
خالطهم أمر عظيم! لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير. فهم
لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون. إذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له
فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بي من نفسي. اللهم لا تؤاخذني
بما يقولون، واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون.
فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في
يقين، وحرصا في علم، وعلما في حلم، وقصدا في غنى، وخشوعا في عبادة،
وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة، وطلبا في حلال، ونشاطا في هدى، وتحرجا
عن طمع. يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل. يمسي وهمه الشكر، ويصبح
وهمه الذكر. يبيت حذرا، ويصبح فرحا؛ حذرا لما حذر من الغفلة، وفرحا بما
أصاب من الفضل والرحمة. إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها



(1) القداح: جمع قدح؛ السهم قبل أن ينصل ويراش (لسان العرب: 2 / 556).
246
فيما تحب. قرة عينه فيما لا يزول، وزهادته فيما لا يبقى. يمزج الحلم بالعلم،
والقول بالعمل. تراه قريبا أمله، قليلا زلله، خاشعا قلبه، قانعة نفسه، منزورا (1)
أكله، سهلا أمره، حريزا دينه، ميتة شهوته، مكظوما غيظه. الخير منه مأمول،
والشر منه مأمون. إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين، وإن كان في الذاكرين
لم يكتب من الغافلين. يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه.
بعيدا فحشه، لينا قوله، غائبا منكره. حاضرا معروفه، مقبلا خيره، مدبرا شره.
في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور. لا يحيف على من
يبغض، ولا يأثم فيمن يحب. يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه. لا يضيع ما
استحفظ، ولا ينسى ما ذكر، ولا ينابز بالألقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت
بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق.
إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته، وإن بغي عليه صبر حتى
يكون الله هو الذي ينتقم له. نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة. أتعب نفسه
لآخرته، وأراح الناس من نفسه. بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن
دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة.
قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما والله لقد كنت أخافها عليه. ثم قال: أ هكذا تصنع
المواعظ البالغة بأهلها؟ فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين!
فقال (عليه السلام): ويحك! إن لكل أجل وقتا لا يعدوه، وسببا لا يتجاوزه. فمهلا لا تعد



(1) أي قليلا (النهاية: 5 / 40).
247
لمثلها (1)؛ فإنما نفث (2) الشيطان على لسانك! (3).
4 / 4
الخطبة الغراء
5618 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة له، وهي من الخطب العجيبة، وتسمى الغراء -:
الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله (4). مانح كل غنيمة وفضل،. وكاشف كل
عظيمة وأزل.
أحمده على عواطف كرمه، وسوابغ نعمه. وأؤمن به أولا باديا، وأستهديه
قريبا هاديا، وأستعينه قاهرا قادرا، وأتوكل عليه كافيا ناصرا. وأشهد أن
محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله؛ أرسله لإنفاذ أمره، وإنهاء عذره، وتقديم نذره.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال، ووقت لكم الآجال.



(1) قال ابن أبي الحديد: إنما نهى أمير المؤمنين (عليه السلام) القائل: " فهلا أنت يا أمير المؤمنين! " لأنه اعترض
في غير موضع الاعتراض، وذلك أنه لا يلزم من موت العامي عند وعظ العارف أن يموت العارف عن
وعظ نفسه؛ لأن انفعال العامي ذي الاستعداد التام للموت عند سماع المواعظ البالغة أتم من استعداد
العارف عند سماع نفسه أو الفكر في كلام نفسه؛ لأن نفس العارف قوية جدا، والآلة التي يحفر بها
الطين قد لا يحفر بها الحجر (شرح نهج البلاغة: 10 / 161).
(2) نفث الشيطان على لسانه: أي ألقى فتكلم (مجمع البحرين: 3 / 1808).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 193، صفات الشيعة: 96 / 35، الأمالي للصدوق: 666 / 897 كلاهما عن
عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الإمام الصادق عن أبيه عنه (عليهم السلام)، تحف العقول: 159، التمحيص:
70 / 170، كتاب سليم بن قيس: 2 / 849 / 43 كلها نحوه وراجع الخطبة 87 و 157 و 161 و 178
و 188 و 190 و 191 والكافي: 2 / 226 / 1 وبحار الأنوار: 77 / 367 - 442 وتذكرة
الخواص: 138.
(4) الطول: الفضل (النهاية: 3 / 145).
248
وألبسكم الرياش وأرفغ لكم المعاش (1). وأحاط بكم الإحصاء (2)، وأرصد (3) لكم
الجزاء، وآثركم بالنعم السوابغ، والرفد الروافغ، وأنذركم بالحجج البوالغ.
فأحصاكم عددا، ووظف لكم مددا، في قرار خبرة، ودار عبرة، أنتم مختبرون
فيها، ومحاسبون عليها.
فإن الدنيا رنق (4) مشربها، ردغ (5) مشرعها، يونق منظرها، ويوبق مخبرها.
غرور حائل، وضوء آفل، وظل زائل، وسناد مائل. حتى إذا أنس نافرها،
واطمأن ناكرها؛ قمصت (6) بأرجلها، وقنصت بأحبلها، وأقصدت بأسهمها،
وأعلقت المرء أوهاق (7) المنية قائدة له إلى ضنك المضجع، ووحشة المرجع،
ومعاينة المحل، وثواب العمل. وكذلك الخلف بعقب السلف. لا تقلع المنية
اختراما (8) ولا يرعوي الباقون اجتراما. يحتذون مثالا ويمضون أرسالا (9)، إلى
غاية الانتهاء، وصيور الفناء.



(1) أي أوسع عليكم. وعيش رافغ: أي واسع (النهاية: 2 / 244).
(2) قال ابن أبي الحديد: تقول: حاط فلان كرمه: أي جعل عليه حائطا، فكأنه جعل الإحصاء والعد
كالحائط المدار عليهم؛ لأنهم لا يبعدون منه ولا يخرجون عنه (شرح نهج البلاغة: 6 / 245).
(3) أرصد: أعد (النهاية: 2 / 226).
(4) رنق: كدر (تاج العروس: 13 / 177).
(5) مكان ردغ: أي وحل. والردغة: السماء والطين والوحل الكثير الشديد (تاج العروس: 12 / 20).
(6) قمص: أي نفر وأعرض. يقال: قمص الفرس؛ وهو أن ينفر ويرفع يديه ويطرحهما معا (النهاية:
4 / 108).
(7) الأوهاق: جمع وهق؛ وهو حبل كالطول تشد به الإبل والخيل، لئلا تند (النهاية: 5 / 233).
(8) يقال: اخترمهم وتخرمهم: أي اقتطعهم واستأصلهم (النهاية: 2 / 27).
(9) أرسالا: أي أفواجا وفرقا متقطعة، يتبع بعضهم بعضا (النهاية: 2 / 222).
249
حتى إذا تصرمت الامور، وتقضت الدهور، وأزف (1) النشور؛ أخرجهم من
ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة (2) السباع، ومطارح المهالك، سراعا إلى
أمره، مهطعين (3) إلى معاده. رعيلا صموتا، قياما صفوفا. ينفذهم البصر،
ويسمعهم الداعي. عليهم لبوس الاستكانة، وضرع الاستسلام والذلة. قد ضلت
الحيل، وانقطع الأمل. وهوت الأفئدة كاظمة، وخشعت الأصوات مهينمة (4).
وألجم (5) العرق، وعظم الشفق، وأرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل
الخطاب، ومقايضة الجزاء، ونكال العقاب، ونوال الثواب.
عباد مخلوقون اقتدارا، ومربوبون اقتسارا، ومقبوضون احتضارا،
ومضمنون أجداثا، وكائنون رفاتا (6). ومبعوثون أفرادا، ومدينون جزاء،
ومميزون حسابا. قد أمهلوا في طلب المخرج، وهدوا سبيل المنهج، وعمروا
مهل المستعتب، وكشفت عنهم سدف (7) الريب، وخلوا لمضمار الجياد، وروية
الارتياد، وأناة المقتبس المرتاد، في مدة الأجل، ومضطرب المهل.
فيالها أمثالا صائبة، ومواعظ شافية، لو صادفت قلوبا زاكية، وأسماعا واعية،
وآراء عازمة، وألبابا حازمة!
فاتقوا الله تقية من سمع فخشع، واقترف فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر



(1) أزف: أي دنا وقرب (النهاية: 1 / 45).
(2) أوجرة السباع: جمع وجار؛ وهو جحرها الذي تأوي إليه (النهاية: 5 / 156).
(3) الإهطاع: الإسراع في العدو. وأهطع: إذا مد عنقه، وصوب رأسه (النهاية: 5 / 266).
(4) الهينمة: الكلام الخفي لا يفهم (النهاية: 5 / 290).
(5) الجم العرق: أي وصل إلى أفواههم، فيصير لهم بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام (النهاية: 4 / 234).
(6) الرفات: الحطام من كل شيء تكسر (لسان العرب: 2 / 34).
(7) سدف الريب: ظلمها (النهاية: 2 / 355).
250
فبادر، وأيقن فأحسن، وعبر فاعتبر، وحذر فحذر، وزجر فازدجر، وأجاب
فأناب، وراجع فتاب، واقتدى فاحتذى، واري فرأى، فأسرع طالبا، ونجا
هاربا، فأفاد ذخيرة، وأطاب سريرة. وعمر معادا، واستظهر زادا ليوم رحيله،
ووجه سبيله، وحال حاجته، وموطن فاقته، وقدم أمامه، لدار مقامه.
فاتقوا الله عباد الله جهة ما خلقكم له، واحذروا منه كنه ما حذركم من نفسه،
واستحقوا منه ما أعد لكم بالتنجز (1) لصدق ميعاده، والحذر من هول معاده.
ومنها: جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها، وأبصارا لتجلو عن عشاها،
وأشلاء (2) جامعة لأعضائها، ملائمة لأحنائها (3)، في تركيب صورها ومدد
عمرها، بأبدان قائمة بأرفاقها (4)، وقلوب رائدة لأرزاقها، في مجللات (5) نعمه،
وموجبات مننه، وحواجز عافيته. وقدر لكم أعمارا سترها عنكم، وخلف لكم
عبرا من آثار الماضين قبلكم؛ من مستمتع خلاقهم (6)، ومستفسح خناقهم (7).
أرهقتهم (8) المنايا دون الآمال، وشذبهم عنها (9) تخرم الآجال. لم يمهدوا في



(1) التنجز: طلب شيء قد وعدته (لسان العرب: 5 / 414).
(2) الأشلاء: جمع شلو؛ وهو العضو، وأراد (عليه السلام) بالأشلاء هاهنا الأعضاء الظاهرة، وبالأعضاء: الجوارح
الباطنة (شرح نهج البلاغة: 6 / 258).
(3) أحناؤها: أي معاطفها (النهاية: 1 / 455).
(4) أرفاقها: منافعها، يقال: هذا الأمر رفيق بك أي نافع (تاج العروس: 13 / 169).
(5) جلل الشيء: عم (تاج العروس: 14 / 118).
(6) الخلاق: الحظ والنصيب (النهاية: 2 / 70).
(7) الخناق: الحبل الذي يخنق به (لسان العرب: 10 / 93).
(8) أرهقه: أغشاه وأعجله (النهاية: 2 / 283).
(9) شذبهم عنها: قطعهم وفرقهم، من تشذيب الشجرة؛ وهو تقشيرها. وتخرمت زيدا المنية استأصلته
واقتطعته (شرح نهج البلاغة: 6 / 260).
251
سلامة الأبدان،
ولم يعتبروا في أنف (1) الأوان.
فهل ينتظر أهل بضاضة (2) الشباب إلا حواني الهرم؟ وأهل غضارة (3) الصحة
إلا نوازل السقم؟ وأهل مدة البقاء إلا آونة الفناء؟ مع قرب الزيال، وأزوف
الانتقال، وعلز (4) القلق، وألم المضض وغصص الجرض (5)، وتلفت الاستغاثة
بنصرة الحفدة والأقرباء والأعزة والقرناء! فهل دفعت الأقارب أو نفعت
النواحب، وقد غودر في محلة الأموات رهينا، وفي ضيق المضجع وحيدا، قد
هتكت الهوام جلدته، وأبلت النواهك جدته، وعفت (6) العواصف آثاره، ومحا
الحدثان (7) معالمه، وصارت الأجساد شحبة بعد بضتها، والعظام نخرة بعد قوتها،
والأرواح مرتهنة بثقل أعبائها، موقنة بغيب أنبائها، لا تستزاد من صالح عملها،
ولا تستعتب من سيئ زللها!
أولستم أبناء القوم والآباء، وإخوانهم والأقرباء، تحتذون أمثلتهم، وتركبون
قدتهم (8) وتطؤون جادتهم؟!. فالقلوب قاسية عن حظها، لاهية عن رشدها،
سالكة في غير مضمارها، كأن المعني سواها، وكأن الرشد في إحراز دنياها!



(1) أنف: أي مستأنف استئنافا، وأنفة الشيء: ابتداؤه (النهاية: 1 / 75).
(2) البضاضة: رقة اللون وصفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شيء (النهاية: 1 / 132).
(3) الغضارة: النعمة والخير والسعة في العيش والخصب والبهجة (تاج العروس: 7 / 311).
(4) العلز: خفة وهلع يصيب الإنسان (النهاية: 3 / 287).
(5) الجرض: أن تبلغ الروح الحلق (النهاية: 1 / 261).
(6) عفا الأثر: بمعنى درس وامحى (النهاية: 3 / 266).
(7) حدثان الدهر: نوبه وما يحدث منه (لسان العرب: 2 / 132).
(8) القدة: الطريقة (لسان العرب: 3 / 344).
252
واعلموا أن مجازكم على الصراط ومزالق دحضه (1) وأهاويل زلله، وتارات
أهواله. فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه، وأنصب الخوف بدنه،
وأسهر التهجد غرار (2) نومه، وأظمأ الرجاء هواجر (3) يومه، وظلف الزهد
شهواته (4)، وأوجف الذكر بلسانه (5)، وقدم الخوف لأمانه، وتنكب المخالج (6) عن
وضح السبيل، وسلك أقصد المسالك إلى النهج المطلوب، ولم تفتله فاتلات
الغرور، ولم تعم عليه مشتبهات الامور. ظافرا بفرحة البشرى، وراحة النعمى
في أنعم نومه وآمن يومه. قد عبر معبر العاجلة حميدا، وقدم زاد الآجلة سعيدا.
وبادر من وجل، وأكمش (7) في مهل. ورغب في طلب، وذهب عن هرب،
وراقب في يومه غده، ونظر قدما أمامه. فكفى بالجنة ثوابا ونوالا، وكفى بالنار
عقابا ووبالا! وكفى بالله منتقما ونصيرا! وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما!
أوصيكم بتقوى الله الذي أعذر بما أنذر، واحتج بما نهج، وحذركم عدوا نفذ
في الصدور خفيا، ونفث في الآذان نجيا (8)؛ فأضل وأردى، ووعد فمنى، وزين
سيئات الجرائم، وهون موبقات العظائم. حتى إذا استدرج قرينته (9)، واستغلق



(1) دحض: زلق (النهاية: 2 / 104).
(2) الغرار: النوم القليل (لسان العرب: 5 / 17).
(3) الهواجر: جمع هاجرة؛ وهي نصف النهار عند اشتداد الحر (الصحاح: 2 / 851).
(4) أي: كفها ومنعها (النهاية: 3 / 159).
(5) أي: حركه مسرعا (النهاية: 5 / 157).
(6) تنكب عن الطريق: إذا عدل عنه. والمخالج: أي الطرق المتشعبة عن الطريق الأعظم الواضح (النهاية:
5 / 112 وج 2 / 59).
(7) أي تشمر وجد (النهاية: 4 / 200).
(8) من النجوى؛ وهو السر ما بين الاثنين والجماعة (مجمع البحرين: 3 / 1756).
(9) القرينة - هاهنا -: الإنسان الذي قارنه الشيطان، ولفظه لفظ التأنيث، وهو مذكر. ويجوز أن يكون
أراد بالقرينة النفس (شرح نهج البلاغة: 6 / 268).
253
رهينته، أنكر ما زين، واستعظم ما هون، وحذر ما أمن.
أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام، وشغف (1) الأستار، نطفة دهاقا (2)،
وعلقة محاقا، وجنينا وراضعا، ووليدا ويافعا. ثم منحه قلبا حافظا، ولسانا
لافظا، وبصرا لاحظا؛ ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا. حتى إذا قام اعتداله،
واستوى مثاله؛ نفر مستكبرا، وخبط سادرا (3)، ماتحا في غرب (4) هواه، كادحا
سعيا لدنياه، في لذات طربه، وبدوات أربه (5)، ثم لا يحتسب رزية، ولا يخشع
تقية. فمات في فتنته غريرا (6)، وعاش في هفوته يسيرا. لم يفد عوضا، ولم
يقض مفترضا. دهمته فجعات المنية في غبر (7) جماحه، وسنن مراحه، فظل
سادرا، وبات ساهرا، في غمرات الآلام، وطوارق الأوجاع والأسقام، بين أخ
شقيق، ووالد شفيق، وداعية بالويل جزعا، ولادمة (8) للصدر قلقا. والمرء في
سكرة ملهثة، وغمرة (9) كارثة، وأنة موجعة، وجذبة مكربة، وسوقة متعبة. ثم



(1) الشغف: جمع شغاف القلب، وهو حجابه، فاستعاره لموضع الولد (النهاية: 2 / 483).
(2) نطفة دهاقا: أي نطفة قد أفرغت إفراغا شديدا؛ فهو إذا من الأضداد (النهاية: 2 / 145).
(3) سادرا: أي لاهيا (النهاية: 2 / 354).
(4) الماتح: المستقي من البئر بالدلو من أعلى البئر. والغرب: الدلو العظيمة (النهاية: 4 / 291 وج
3 / 349).
(5) دوات: آراء تظهر للرجل فيختار بعضا ويسقط بعض (تاج العروس: 19 / 190).
(6) الغرير: المغرور (لسان العرب: 5 / 13).
(7) الغبر: جمع الغابر؛ أي الباقي (النهاية: 3 / 338).
(8) أي ضاربات. والالتدام: ضرب النساء وجوههن في النياحة (النهاية: 4 / 245).
(9) غمرة كل شيء: منهمكه وشدته، كغمرة الهم والموت ونحوهما (لسان العرب: 5 / 29).
254
أدرج في أكفانه مبلسا (1)، وجذب منقادا سلسا. ثم القي على الأعواد رجيع
وصب (2)، ونضو (3) سقم، تحمله حفدة الولدان، وحشدة الإخوان، إلى دار غربته،
ومنقطع زورته، ومفرد وحشته. حتى إذا انصرف المشيع، ورجع المتفجع؛ اقعد
في حفرته، نجيا لبهتة السؤال، وعثرة الامتحان. وأعظم ما هنالك بلية نزول
الحميم، وتصلية الجحيم، وفورات السعير، وسورات (4) الزفير. لا فترة مريحة،
ولا دعة مزيحة، ولا قوة حاجزة، ولا موتة ناجزة، ولا سنة مسلية بين أطوار
الموتات وعذاب الساعات، إنا بالله عائذون!
عباد الله! أين الذين عمروا فنعموا، وعلموا ففهموا، وانظروا فلهوا وسلموا
فنسوا!. أمهلوا طويلا، ومنحوا جميلا، وحذروا أليما، ووعدوا جسيما. احذروا
الذنوب المورطة، والعيوب المسخطة.
اولي الأبصار والأسماع، والعافية والمتاع! هل من مناص أو خلاص، أو
معاذ أو ملاذ، أو فرار أو محار (5) أم لا؟ (فأنى تؤفكون) (6)! أم أين تصرفون! أم
بماذا تغترون! وإنما حظ أحدكم من الأرض ذات الطول والعرض قيد (7) قده، متعفرا



(1) المبلس: الساكت من الحزن أو الخوف. والإبلاس: الحيرة (النهاية: 1 / 152).
(2) الرجيع من الدواب: ما رجعته من سفر إلى سفر؛ وهو الكال. والوصب: دوام الوجع ولزومه، وقد
يطلق على التعب والفتور في البدن (لسان العرب: 8 / 116 وج 1 / 797).
(3) النضو: الدابة التي أهزلتها الأسفار، وأذهبت لحمها (النهاية: 5 / 72).
(4) سورات: جمع سورة؛ أي شدة. وزفرت النار: سمع لتوقدها صوت (تاج العروس: 6 / 552 وص
465).
(5) من حار يحور: إذا رجع (النهاية: 1 / 459).
(6) الأنعام: 95 وغيرها. وأفكه: أي صرفة عن الشيء وقلبه (النهاية: 1 / 56).
(7) قيد: أي قدر (النهاية: 4 / 131).
255
على خده!
الآن عباد الله والخناق مهمل، والروح مرسل، في فينة (1) الإرشاد، وراحة
الأجساد، وباحة الاحتشاد، ومهل البقية، وانف المشية، وإنظار التوبة، وانفساح
الحوبة (2) قبل الضنك والمضيق، والروع والزهوق، وقبل قدوم الغائب المنتظر،
وأخذة العزيز المقتدر (3).
4 / 5
التحذير من الغفلة
5619 - الإمام علي (عليه السلام) - من خطبة له في صفة الضال -: وهو في مهلة من الله يهوي
مع الغافلين، ويغدو مع المذنبين، بلا سبيل قاصد، ولا إمام قائد.
... حتى إذا كشف لهم عن جزاء معصيتهم، واستخرجهم من جلابيب غفلتهم،
استقبلوا مدبرا، واستدبروا مقبلا؛ فلم ينتفعوا بما أدركوا من طلبتهم، ولا بما
قضوا من وطرهم (4).
إني احذركم ونفسي هذه المنزلة؛ فلينتفع امرؤ بنفسه؛ فإنما البصير من سمع
فتفكر، ونظر فأبصر، وانتفع بالعبر ثم سلك جددا (5) واضحا يتجنب فيه الصرعة



(1) الفينة: الحين والساعة (النهاية: 3 / 486).
(2) الحوبة: الحاجة (النهاية: 1 / 455).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 83. وقال الشريف الرضي في ذيل الخطبة: وفي الخبر: أنه (عليه السلام) لما خطب بهذه
الخطبة اقشعرت لها الجلود، وبكت العيون، ورجفت القلوب. ومن الناس من يسمي هذه الخطبة:
" الغراء ".
(4) الوطر: كل حاجة كان لصاحبها فيها همة (لسان العرب: 5 / 285).
(5) الجدد: المستوي من الأرض (النهاية: 1 / 245).
256
في المهاوي، والضلال في المغاوي، ولا يعين على نفسه الغواة بتعسف في حق،
أو تحريف في نطق، أو تخوف من صدق.
فأفق أيها السامع من سكرتك، واستيقظ من غفلتك، واختصر من عجلتك.
وأنعم الفكر فيما جاءك على لسان النبي الامي (صلى الله عليه وآله) مما لا بد منه، ولا محيص عنه.
وخالف من خالف ذلك إلى غيره، ودعه وما رضي لنفسه. وضع فخرك واحطط
كبرك، واذكر قبرك؛ فإن عليه ممرك، وكما تدين تدان. وكما تزرع تحصد. وما
قدمت اليوم تقدم عليه غدا؛ فامهد لقدمك، وقدم ليومك. فالحذر الحذر أيها
المستمع! والجد الجد أيها الغافل! (ولا ينبئك مثل خبير) (1) (2).
4 / 6
المبادرة بالعمل الصالح
5620 - الإمام علي (عليه السلام): فاتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم، وابتاعوا
ما يبقى لكم بما يزول عنكم، وترحلوا فقد جد بكم (3)، واستعدوا للموت فقد
أظلكم، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا، وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار
فاستبدلوا؛ فإن الله سبحانه لم يخلقكم عبثا، ولم يترككم سدى، وما بين أحدكم
وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به. وإن غاية تنقصها اللحظة، وتهدمها
الساعة لجديرة بقصر المدة، وإن غائبا يحدوه الجديدان؛ الليل والنهار لحري



(1) فاطر: 14.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 153، بحار الأنوار: 77 / 407 / 38؛ جواهر المطالب: 1 / 308 نحوه وراجع
تحف العقول: 154.
(3) أي حثثتم على الرحيل (شرح نهج البلاغة: 5 / 146).
257
بسرعة الأوبة (1)، وإن قادما يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة.
فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا. فاتقى عبد ربه نصح
نفسه، وقدم توبته، وغلب شهوته؛ فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له،
والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها، ويمنيه التوبة ليسوفها. إذا هجمت
منيته عليه أغفل ما يكون عنها.
فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، وأن تؤديه أيامه
إلى الشقوة! نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصر به
عن طاعة ربه غاية، ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة (2).
4 / 7
في التزهيد من الدنيا
5621 - الإمام علي (عليه السلام): أوصيكم عباد الله بتقوى الله التي هي الزاد وبها المعاذ؛ زاد
مبلغ، ومعاذ منجح. دعا إليها أسمع داع، ووعاها خير واع. فأسمع داعيها، وفاز
واعيها.
عباد الله! إن تقوى الله حمت (3) أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته،
حتى أسهرت لياليهم، وأظمأت هواجرهم. فأخذوا الراحة بالنصب، والري
بالظمأ. واستقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذبوا الأمل فلاحظوا الأجل.
ثم إن الدنيا دار فناء وعناء وغير وعبر؛ فمن الفناء أن الدهر موتر قوسه،



(1) الأوبة: الرجوع (لسان العرب: 1 / 219).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 64؛ جواهر المطالب: 1 / 305 نحوه.
(3) حمى الشيء: منعه ودفع عنه (لسان العرب: 14 / 198).
258
لا تخطئ سهامه، ولا تؤسى (1) جراحه. يرمي الحي بالموت، والصحيح بالسقم،
والناجي بالعطب. آكل لا يشبع، وشارب لا ينقع. ومن العناء أن المرء يجمع ما
لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى الله تعالى لا مالا حمل، ولا بناء نقل!
ومن غيرها أنك ترى المرحوم مغبوطا والمغبوط مرحوما، ليس ذلك إلا نعيما
زل (2)، وبؤسا نزل.
ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله، فيقطعه حضور أجله؛ فلا أمل يدرك،
ولا مؤمل يترك. فسبحان الله! ما أعز سرورها! وأظمأ ريها! وأضحى فيئها.
لا جاء يرد، ولا ماض يرتد. فسبحان الله! ما أقرب الحي من الميت للحاقه به،
وأبعد الميت من الحي لانقطاعه عنه!
إنه ليس شيء بشر من الشر إلا عقابه، وليس شيء بخير من الخير إلا ثوابه.
وكل شيء من الدنيا سماعه أعظم من عيانه، وكل شيء من الآخرة عيانه أعظم
من سماعه؛ فليكفكم من العيان السماع، ومن الغيب الخبر. واعلموا أن ما نقص
من الدنيا، وزاد في الآخرة خير مما نقص من الآخرة، وزاد في الدنيا؛ فكم من
منقوص رابح، ومزيد خاسر! إن الذي أمرتم به أوسع من الذي نهيتم عنه. وما
أحل لكم أكثر مما حرم عليكم؛ فذروا ما قل لما كثر، وما ضاق لما اتسع. قد
تكفل لكم بالرزق وأمرتم بالعمل؛ فلا يكونن المضمون لكم طلبه أولى بكم من
المفروض عليكم عمله، مع أنه والله لقد اعترض الشك، ودخل اليقين، حتى كأن
الذي ضمن لكم قد فرض عليكم، وكأن الذي قد فرض عليكم قد وضع عنكم.
فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل؛ فإنه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من



(1) أسا الجرح: داواه. والأسا: المداواة والعلاج (لسان العرب: 14 / 34).
(2) زل يزل: إذا مر مرورا سريعا (لسان العرب: 11 / 307).
259
رجعة الرزق؛ ما فات من الرزق رجي غدا زيادته، وما فات أمس من العمر لم
يرج اليوم رجعته. الرجاء مع الجائي، واليأس مع الماضي. ف‍ (اتقوا الله حق تقاته ى
ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (1) (2).
4 / 8
نداء طالما نادى به أصحابه
5622 - الإمام علي (عليه السلام): تجهزوا رحمكم الله! فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلوا
العرجة (3) على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد؛ فإن أمامكم عقبة
كؤودا، ومنازل مخوفة مهولة لابد من الورود عليها، والوقوف عندها. واعلموا
أن ملاحظ المنية نحوكم دانية،. وكأنكم بمخالبها وقد نشبت فيكم، وقد
دهمتكم فيها مفظعات الامور، ومعضلات المحذور؛ فقطعوا علائق الدنيا،
واستظهروا بزاد التقوى (4).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 114 وراجع الخطبة 103 و 111 و 113 و 132 و 203 و 226 وتحف العقول:
218 وعيون الحكم والمواعظ: 158 / 3421 وص 370 / 6242.
(2) آل عمران: 102.
(3) العرجة: أي الإقامة، وعرج فلان على المنزل: إذا حبس عليه مطيته وأقام (مجمع البحرين:
2 / 1188).
(4) نهج البلاغة: الخطبة 204، خصائص الأئمة (عليهم السلام): 98، الإرشاد: 1 / 234، الأمالي للصدوق:
587 / 810 عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام)، بحار الأنوار: 73 / 106 / 102؛ المعيار
والموازنة: 270 كلها نحوه وليس فيها من " واعلموا... ".
260
الباب الخامس
علم الآداب
5 / 1
معرفة الإمام جميع اللغات
5623 - الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما فرغ من أهل
البصرة أتاه سبعون رجلا من الزط (1) فسلموا عليه وكلموه بلسانهم فرد عليهم
بلسانهم (2).
5624 - الإمام الصادق (عليه السلام): أخرج [يهودي] من قبائه كتابا فدفعه إلى
أمير المؤمنين (عليه السلام) ففضه ونظر فيه وبكى، فقال له اليهودي: ما يبكيك يا بن



(1) وهم جنس من السودان والهنود (النهاية: 2 / 302).
(2) الكافي: 7 / 259 / 23 عن كردين عن رجل، من لا يحضره الفقيه: 3 / 150 / 3550 عن الإمام
الباقر (عليه السلام) وليس فيه " فرد عليهم بلسانهم "، رجال الكشي: 1 / 325 / 175 عن مسمع بن عبد الملك
أبي سيار عن رجل عن الإمام الباقر (عليه السلام)، بحار الأنوار: 25 / 287 / 43.
261
أبي طالب؟ إنما نظرت في هذا الكتاب وهو كتاب سرياني وأنت رجل عربي،
فهل تدري ما هو؟
فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: نعم، هذا اسمي مثبت.
فقال له اليهودي: فأرني اسمك في هذا الكتاب، وأخبرني ما اسمك
بالسريانية؟
قال: فأراه أمير المؤمنين سلام الله عليه اسمه في الصحيفة وقال: اسمي
إليا (1).
5625 - عنه (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) حين أتى أهل النهروان نزل قطفتا (2)، فاجتمع
إليه أهل بادرويا (3)، فشكوا ثقل خراجهم، وكلموه بالنبطية، وأن لهم جيرانا
أوسع أرضا وأقل خراجا، فأجابهم بالنبطية: وغرزطا من عوديا.
قال: فمعناه: رب رجز صغير خير من رجز كبير (4).
5626 - المناقب لابن شهر آشوب: روي أنه قال [علي] (عليه السلام) لابنة يزدجرد: ما



(1) الكافي: 4 / 183 / 7 عن محمد بن عمران، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 256، بحار الأنوار:
38 / 61 / 13.
(2) قطفتا: محلة كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربي من بغداد، مجاورة لمقبرة الدير التي فيها قبر الشيخ
معروف الكرخي (معجم البلدان: 4 / 374).
(3) في تقويم البلدان: 294 " بادرايا: قرية، وأظنها من أعمال واسط "، وفي معجم البلدان: 1 / 317
" بادوريا: طسوج [أي ناحية] من كورة [أي بلدة] الأستان بالجانب الغربي من بغداد ".
(4) بصائر الدرجات: 335 / 10 عن إبراهيم الكرخي، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 55 وفيه " زعر
اوطائه من زعر ارباه، معناه: دخن صغير خير من دخن كبير " بدل " وغرزطا... "، بحار الأنوار:
41 / 289 / 13.
262
اسمك؟ قالت: جهان بانويه. فقال: بل شهر بانويه. وأجابها بالعجمية (1).
5627 - الخرائج والجرائح عن ابن مسعود: كنت قاعدا عند أمير المؤمنين (عليه السلام) في
مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ نادى رجل: من يدلني على من آخذ منه علما؟ ومر.
فقلت له: يا هذا، هل سمعت قول النبي (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها؟
فقال: نعم. قلت: وأين تذهب وهذا علي بن أبي طالب؟ فانصرف الرجل
وجثا بين يديه. فقال (عليه السلام) له: من أي بلاد الله أنت؟ قال: من أصفهان. قال له:
اكتب: أملى علي بن أبي طالب (عليه السلام)... قال: زدني يا أمير المؤمنين. قال - باللسان
الأصفهاني -: أروت إين وس. يعني اليوم حسبك هذا (2).
5628 - عيون أخبار الرضا عن أبي الصلت الهروي: كان الرضا (عليه السلام) يكلم الناس
بلغاتهم، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة، فقلت له يوما: يا بن
رسول الله إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها!
فقال: يا أبا الصلت أنا حجة الله على خلقه، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم
وهو لا يعرف لغاتهم، أو ما بلغك قول أمير المؤمنين (عليه السلام): أوتينا فصل الخطاب؟
فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات؟ (3)
راجع: كتاب " أهل البيت في الكتاب والسنة " / علم أهل البيت / أبواب علومهم / جميع اللغات.



(1) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 56، بحار الأنوار: 40 / 171 وراجع بصائر الدرجات: 335 / 8.
(2) الخرائج والجرائح: 2 / 545 / 7، بحار الأنوار: 41 / 301 / 32.
(3) عيون أخبار الرضا: 2 / 228 / 3، إعلام الورى: 2 / 70، المناقب لابن شهر آشوب: 4 / 333،
كشف الغمة: 3 / 119، بحار الأنوار: 49 / 87 / 3.
263
5 / 2
مؤسس علم النحو
5629 - سير أعلام النبلاء عن أبي الأسود: دخلت على علي فرأيته مطرقا، فقلت:
فيم تتفكر يا أمير المؤمنين؟
قال: سمعت ببلدكم لحنا فأردت أن أضع كتابا في اصول العربية.
فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا. فأتيته بعد أيام، فألقى إلي صحيفة فيها:
الكلام كله: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمى، والفعل: ما
أنبأ عن حركة المسمى، والحرف: ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل. ثم قال
لي: زده وتتبعه. فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه (1).
5630 - تاريخ الخلفاء عن أبي الأسود الدؤلي: دخلت على أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب (رضي الله عنه) فرأيته مطرقا مفكرا، فقلت: فيم تفكر يا أمير المؤمنين؟
قال: إني سمعت ببلدكم هذا لحنا فأردت أن أصنع كتابا في اصول العربية.
فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا، وبقيت فينا هذه اللغة.
ثم أتيته بعد ثلاث، فألقى إلي صحيفة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الكلمة:
اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمى، والفعل: ما أنبأ عن حركة
المسمى، والحرف: ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل.
ثم قال: تتبعه وزد فيه ما وقع لك، واعلم يا أبا الأسود، أن الأشياء ثلاثة:



(1) سير أعلام النبلاء: 4 / 84 / 28؛ الفصول المختارة: 91، الصراط المستقيم: 1 / 220، الفصول
المهمة للحر العاملي: 1 / 684 / 1079 كلها نحوه.
264
ظاهر، ومضمر، وشئ ليس بظاهر ولا مضمر، وإنما يتفاضل العلماء في معرفة
ما ليس بظاهر ولا مضمر.
قال أبو الأسود: فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه، فكان من ذلك حروف
النصب، فذكرت منها: إن وأن وليت ولعل وكأن، ولم أذكر لكن، فقال لي: لم
تركتها؟
فقلت: لم أحسبها منها. فقال: بلى هي منها، فزدها فيها (1).
5631 - شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان: جاء أعرابي إلى علي بن
أبي طالب، فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين، كيف تقرأ هذا الحرف " لا
يأكله إلا الخاطون " كل والله يخطو؟
فتبسم علي (رضي الله عنه) وقال يا أعرابي: (لا يأكله وإلا الخاطئون) (2)
قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ما كان الله ليسلم عبده.
ثم التفت علي إلى أبي الأسود الدؤلي فقال: إن الأعاجم قد دخلت في الدين
كافة، فضع للناس شيئا يستدلون به على صلاح ألسنتهم، فرسم له الرفع والنصب
والخفض (3).
5632 - المناقب لابن شهر آشوب: وهو [الإمام علي (عليه السلام)] واضع النحو؛ لأنهم
يروونه عن الخليل بن أحمد بن عيسى بن عمرو الثقفي عن عبد الله بن إسحاق



(1) تاريخ الخلفاء: 213، كنز العمال: 10 / 283 / 29456 وفيه " الكلام " بدل " الكلمة " وراجع
الفصول المهمة للحر العاملي: 1 / 681 / 1073.
(2) الحاقة: 37.
(3) شعب الإيمان: 2 / 259 / 1684، كنز العمال: 10 / 284 / 29457.
265
الحضرمي عن أبي عمرو بن العلاء عن ميمون الأفرن عن عنبسة الفيل عن
أبي الأسود الدؤلي عنه (عليه السلام).
والسبب في ذلك: إن قريشا كانوا يزوجون بالأنباط (1) فوقع فيما بينهم أولاد
ففسد لسانهم، حتى إن بنتا لخويلد الأسدي كانت متزوجة بالأنباط، فقالت: إن
أبوي مات وترك علي مال كثير. فلما رأوا فساد لسانها أسس النحو.
وروي أن أعرابيا سمع من سوقي يقرأ: " إن الله بريء من المشركين
ورسوله " (2) فشج رأسه، فخاصمه إلى أمير المؤمنين، فقال له في ذلك، فقال: إنه
كفر بالله في قراءته.
فقال (عليه السلام): إنه لم يتعمد ذلك.
وروي أن أبا الأسود كان في بصره سوء، وله بنية تقوده إلى علي (عليه السلام)، فقالت:
يا أبتاه، ما أشد حر الرمضاء! تريد التعجب، فنهاها عن مقالتها، فأخبر
أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك فأسس.
وروي أن أبا الأسود كان يمشي خلف جنازة، فقال له رجل: من المتوفي؟
فقال: الله، ثم أخبر عليا بذلك فأسس.
فعلى أي وجه كان وقعه إلى أبي الأسود وقال: ما أحسن هذا النحو!، احش
له بالمسائل، فسمي نحوا (3).
5633 - تاج العروس: إن أول من رسم للناس النحو واللغة أبو الأسود الدؤلي،



(1) النبط والنبيط: قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين (الصحاح: 3 / 1162).
(2) ومراده الآية: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) (التوبة: 3).
(3) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 46.
266
وكان أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) (1).
5634 - تاج العروس - في بيان الأقوال في وجه تسمية علم النحو بهذا الاسم -:
قيل: لقول علي رضي الله تعالى عنه بعدما علم أبا الأسود الاسم والفعل وأبوابا
من العربية: انح على هذا النحو (2).
5635 - البداية والنهاية عن ابن خلكان وغيره: كان أول من ألقى إليه علم النحو
علي بن أبي طالب، وذكر له أن الكلام: اسم، وفعل، وحرف. ثم إن أبا الأسود
نحا نحوه، وفرع على قوله، وسلك طريقه، فسمي هذا العلم: النحو، لذلك (3).
5 / 3
فصاحة الإمام وبلاغته
5636 - الإمام علي (عليه السلام): إنا لأمراء الكلام، وفينا تنشبت (4) عروقه، وعلينا
تهدلت (5) غصونه (6).
5637 - المناقب لابن شهر آشوب: عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام): إنه اجتمعت الصحابة
فتذاكروا أن الألف أكثر دخولا في الكلام، فارتجل (عليه السلام) الخطبة المونقة التي أولها:
حمدت من عظمت منته، وسبغت نعمته، وسبقت رحمته، وتمت كلمته، ونفذت
مشيته، وبلغت قضيته... إلى آخرها (7).



(1) تاج العروس: 1 / 62، البداية والنهاية: 8 / 312 نحوه.
(2) تاج العروس: 20 / 226؛ الفصول المهمة للحر العاملي: 1 / 681 / 1073.
(3) البداية والنهاية: 8 / 312.
(4) نشب الشيء في الشيء نشوبا: أي علق فيه (الصحاح: 1 / 224).
(5) في حديث قس: " وروضة قد تهدل أغصانها " أي تدلت واسترخت لثقلها بالثمرة (النهاية: 5 / 251).
(6) نهج البلاغة: الخطبة 233، بحار الأنوار: 71 / 292.
(7) راجع: خطبته الخالية من الألف.
267
ثم ارتجل خطبة اخرى من غير النقط التي أولها: الحمد لله أهل الحمد ومأواه،
وله أوكد الحمد وأحلاه، وأسرع الحمد وأسراه، وأظهر الحمد وأسماه، وأكرم
الحمد وأولاه... إلى آخرها (1). وقد أوردتهما في المخزون المكنون.
ومن كلامه: تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم.
وقوله: ومن يقبض يده عن عشيرته فإنما يقبض عنهم بيد واحدة، ويقبض
منهم عنه أيد كثيرة، ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة.
وقوله: من جهل شيئا عاداه، مثله: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ى) (2).
وقوله: المرء مخبو تحت لسانه، فإذا تكلم ظهر، مثله: (ولتعرفنهم في لحن
القول) (3).
وقوله: قيمة كل امرئ ما يحسن، مثله: (إن الله اصطفاه عليكم وزاده وبسطة في
العلم والجسم) (4).
وقوله: القتل يقل القتل، مثله: (ولكم في القصاص حيوة) (5) (6).
5638 - تاريخ دمشق: قال معاوية: إن كنا لنتحدث أنه ما جرت المواسي (7) على
رأس رجل من قريش أفصح من علي (8).



(1) راجع: خطبته الخالية من النقط.
(2) يونس: 39.
(3) محمد: 30.
(4) البقرة: 247.
(5) البقرة: 179.
(6) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 48.
(7) الموسى: الذي يحلق به، والمراد: من جرت عليه المواسي: من بلغ الحلم (لسان العرب: 6 / 224).
(8) تاريخ دمشق: 42 / 414، جواهر المطالب: 1 / 297.
268
5639 - الإمامة والسياسة - في ذكر قدوم ابن أبي محجن على معاوية -: قال
معاوية: فوالله لو أن ألسن الناس جمعت فجعلت لسانا واحدا لكفاها لسان
علي (1).
5640 - مروج الذهب - في ذكر لمع من كلام علي (عليه السلام) -: والذي حفظ الناس عنه
من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة يوردها على
البديهة، وتداول الناس ذلك عنه قولا وعملا (2).
5641 - نثر الدر عن محمد ابن الحنفية - في وصف علي (عليه السلام) -: كان إذا تكلم بذ (3)،
وإذا كلم (4) حذ (5) وهذا مثل قول غيره: كان علي إذا تكلم فصل وإذا ضرب قتل (6).
5642 - الشريف الرضي في مقدمة نهج البلاغة:... وسألوني [جماعة من
الأصدقاء والإخوان] عند ذلك [أي بعد تأليف كتاب خصائص الأئمة] أن أبتدئ
بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في جميع فنونه،
ومتشعبات غصونه: من خطب وكتب ومواعظ وأدب، علما أن ذلك يتضمن
عجائب البلاغة، وغرائب الفصاحة، وجواهر العربية، وثواقب الكلم الدينية
والدنيوية، ما لا يوجد مجتمعا في كلام، ولا مجموع الأطراف في كتاب.
إذ كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مشرع الفصاحة وموردها، ومنشأ البلاغة ومولدها،
ومنه (عليه السلام) ظهر مكنونها، وعنه اخذت قوانينها، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب،



(1) الإمامة والسياسة: 1 / 134؛ شرح الأخبار: 2 / 99 وفيه " ولو لم يكن للامة إلا لسان علي لكفاها ".
(2) مروج الذهب: 2 / 431.
(3) بذ القوم يبذهم بذا: سبقهم وغلبهم (لسان العرب: 3 / 477).
(4) الكلم: الجرح (النهاية: 4 / 199).
(5) الحذ، ويروى بالجيم من الجذ: القطع (النهاية: 1 / 356).
(6) نثر الدر: 1 / 407.
269
وبكلامه استعان كل واعظ بليغ، ومع ذلك فقد سبق وقصروا، وقد تقدم
وتأخروا؛ لأن كلامه (عليه السلام) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من
الكلام النبوي.
فأجبتهم إلى الابتداء بذلك، عالما بما فيه من عظيم النفع ومنشور الذكر،
ومذخور الأجر، واعتمدت به أن أبين عن عظيم قدر أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه
الفضيلة، مضافة إلى المحاسن الدثرة، والفضائل الجمة، وأنه (عليه السلام) انفرد ببلوغ
غايتها عن جميع السلف الأولين، الذين إنما يؤثر عنهم منها القليل النادر، والشاذ
الشارد.
فأما كلامه فهو البحر الذي لا يساجل، والجم الذي لا يحافل. وأردت أن
يسوغ لي التمثل في الافتخار به (عليه السلام) بقول الفرزدق:
اولئك آبائي فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا يا جرير المجامع (1)
وقال في ذيل قوله (عليه السلام): " قيمة كل امرئ ما يحسنه "، وهي الكلمة التي لا
تصاب لها قيمة، ولا توزن بها حكمة، ولا تقرن إليها كلمة (2).
وقال في ذيل قوله (عليه السلام): " فإن الغاية أمامكم، وإن وراءكم الساعة تحدوكم.
تخففوا تلحقوا، فإنما ينتظر بأولكم آخركم "، أقول: إن هذا الكلام لو وزن، بعد
كلام الله سبحانه وبعد كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بكل كلام لمال به راجحا، وبرز عليه
سابقا. فأما قوله (عليه السلام): " تخففوا تلحقوا " فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر
منه محصولا، وما أبعد غورها من كلمة! وأنقع (3) نطفتها (4) من حكمة! وقد نبهنا



(1) نهج البلاغة: مقدمة الشريف الرضي.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 81، بحار الأنوار: 1 / 182 / 77.
(3) يقع به العطش: أي يروى (النهاية: 5 / 108).
(4) النطفة: الماء الصافي (لسان العرب: 9 / 335).
270
في كتاب " الخصائص " على عظم قدرها وشرف جوهرها (1).
وقال في ذيل الخطبة السادسة عشرة: إن في هذا الكلام الأدنى من مواقع
الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان، وإن حظ العجب منه أكثر من حظ
العجب به! وفيه - مع الحال التي وصفنا - زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ولا
يطلع فجها إنسان، ولا يعرف ما أقول إلا من ضرب في هذه الصناعة بحق،
وجرى فيها على عرق (وما يعقلهآ إلا العلمون) (2).
5643 - ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: وأما الفصاحة فهو (عليه السلام) إمام
الفصحاء، وسيد البلغاء، وفي كلامه قيل: دون كلام الخالق، وفوق كلام
المخلوقين. ومنه تعلم الناس الخطابة والكتابة.
قال عبد الحميد بن يحيى: حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع، ففاضت
ثم فاضت.
وقال ابن نباتة: حفظت من الخطابة كنزا لا يزيده الإنفاق إلا سعة وكثرة،
حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب.
ولما قال محفن بن أبي محفن لمعاوية: جئتك من عند أعيى الناس، قال له:
ويحك، كيف يكون أعيى الناس! فوالله ما سن الفصاحة لقريش غيره.
ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالة على أنه لا يجارى في
الفصاحة، ولا يبارى في البلاغة. وحسبك أنه لم يدون لأحد من فصحاء



(1) نهج البلاغة: الخطبة 21 وراجع خصائص الأئمة (عليهم السلام): 112.
(2) العنكبوت: 43.
271
الصحابة العشر ولا نصف العشر مما دون له، وكفاك في هذا الباب ما يقوله
أبو عثمان الجاحظ في مدحه في كتاب " البيان والتبيين " وفي غيره من كتبه (1).
وقال في ذيل الكتاب 35: انظر إلى الفصاحة كيف تعطي هذا الرجل قيادها،
وتملكه زمامها، وأعجب لهذه الألفاظ المنصوبة، يتلو بعضها بعضا كيف تؤاتيه
وتطاوعه، سلسة سهلة، تتدفق من غير تعسف ولا تكلف، حتى انتهى إلى آخر
الفصل فقال: " يوما واحدا، ولا ألتقي بهم أبدا ". وأنت وغيرك من الفصحاء إذا
شرعوا في كتاب أو خطبة، جاءت القرائن والفواصل تارة مرفوعة، وتارة
مجرورة، وتارة منصوبة، فإن أرادوا قسرها بإعراب واحد ظهر منها في التكلف
أثر بين، وعلامة واضحة
وهذا الصنف من البيان أحد أنواع الإعجاز في القرآن، ذكره عبد القاهر قال:
انظر إلى سورة النساء وبعدها سورة المائدة، الاولى منصوبة الفواصل والثانية
ليس فيها منصوب أصلا، ولو مزجت إحدى السورتين بالاخرى لم تمتزجا،
وظهر أثر التركيب والتأليف بينهما، ثم إن فواصل كل واحد منهما تنساق سياقة
بمقتضى البيان الطبيعي لا الصناعة التكلفية.
ثم انظر إلى الصفات والموصوفات في هذا الفصل، كيف قال: ولدا ناصحا،
وعاملا كادحا، وسيفا قاطعا، وركنا دافعا، لو قال: ولدا كادحا، وعاملا ناصحا،
وكذلك ما بعده لما كان صوابا ولا في الموقع واقعا.
فسبحان الله من منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة والخصائص الشريفة! أن
يكون غلام من أبناء عرب مكة ينشأ بين أهله، لم يخالط الحكماء وخرج أعرف



(1) شرح نهج البلاغة: 1 / 24.
272
بالحكمة ودقائق العلوم الإلهية من أفلاطون وأرسطو! ولم يعاشر أرباب الحكم
الخلقية، والآداب النفسانية؛ لأن قريشا لم يكن أحد منهم مشهورا بمثل ذلك،
وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط. ولم يرب بين الشجعان؛ لأن أهل مكة كانوا
ذوي تجارة ولم يكونوا ذوي حرب، وخرج أشجع من كل بشر مشى على
الأرض.
قيل لخلف الأحمر: أيما أشجع عنبسة وبسطام أم علي بن أبي طالب؟
فقال: إنما يذكر عنبسة وبسطام مع البشر والناس لا مع من يرتفع عن هذه
الطبقة.
فقيل له: فعلى كل حال. قال: والله لو صاح في وجوههما لماتا قبل أن يحمل
عليهما.
وخرج أفصح من سحبان وقس، ولم تكن قريش بأفصح العرب، كان غيرها
أفصح منها، قالوا: أفصح العرب جرهم وإن لم تكن لهم نباهة.
وخرج أزهد الناس في الدنيا وأعفهم، مع أن قريشا ذوو حرص ومحبة
للدنيا، ولا غرو فيمن كان محمد (صلى الله عليه وآله) مربيه ومخرجه، والعناية الإلهية تمده
وترفده، أن يكون منه ما كان (1)!
وذكر عن شيخه أبي عثمان قال: حدثني ثمامة، قال: سمعت جعفر بن يحيى
- وكان من أبلغ الناس وأفصحهم - يقول: الكتابة ضم اللفظة إلى اختها، أ لم
تسمعوا قول شاعر لشاعر وقد تفاخرا: أنا أشعر منك لأني أقول البيت وأخاه،
وأنت تقول البيت وابن عمه! ثم قال: وناهيك حسنا بقول علي بن أبي طالب (عليه السلام):



(1) شرح نهج البلاغة: 16 / 145.
273
هل من مناص أو خلاص، أو معاذ أو ملاذ، أو فرار أو محار!.
قال أبو عثمان: وكان جعفر يعجب أيضا بقول علي (عليه السلام): أين من جد واجتهد،
وجمع واحتشد، وبنى فشيد، وفرش فمهد، وزخرف فنجد؟!
قال: ألا ترى أن كل لفظة منها آخذة بعنق قرينتها، جاذبة إياها إلى نفسها،
دالة عليها بذاتها؟!
قال أبو عثمان: فكان جعفر يسميه فصيح قريش.
واعلم أننا لا يتخالجنا الشك في أنه (عليه السلام) أفصح من كل ناطق بلغة العرب من
الأولين والآخرين، إلا من كلام الله سبحانه، وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ وذلك لأن
فضيلة الخطيب والكاتب في خطابته وكتابته تعتمد على أمرين، هما: مفردات
الألفاظ ومركباتها.
أما المفردات: فأن تكون سهلة، سلسة، غير وحشية ولا معقدة، وألفاظه (عليه السلام)
كلها كذلك.
فأما المركبات فحسن المعنى، وسرعة وصوله إلى الأفهام، واشتماله على
الصفات التي باعتبارها فضل بعض الكلام على بعض، وتلك الصفات هي
الصناعة التي سماها المتأخرون البديع، من المقابلة والمطابقة، وحسن التقسيم،
ورد آخر الكلام على صدره، والترصيع، والتسهيم، والتوشيح، والمماثلة،
والاستعارة، ولطافة استعمال المجاز، والموازنة، والتكافؤ، والتسميط،
والمشاكلة.
ولا شبهة أن هذه الصفات كلها موجودة في خطبه وكتبه، مبثوثة متفرقة في
فرش كلامه (عليه السلام)، وليس يوجد هذان الأمران في كلام أحد غيره، فإن كان قد

274
تعملها وأفكر فيها، وأعمل رويته في رصفها ونثرها، فلقد أتى بالعجب العجاب،
ووجب أن يكون إمام الناس كلهم في ذلك، لأنه ابتكره ولم يعرف من قبله وإن
كان اقتضبها ابتداء، وفاضت على لسانه مرتجلة، وجاش بها طبعه بديهة، من
غير روية ولا اعتمال، فأعجب وأعجب!
وعلى كلا الأمرين فلقد جاء مجليا، والفصحاء تنقطع أنفاسهم على أثره.
وبحق ما قال معاوية لمحقن الضبي، لما قال له: جئتك من عند أعيى الناس: يا بن
اللخناء، ألعلي تقول هذا؟! وهل سن الفصاحة لقريش غيره؟!
واعلم أن تكلف الاستدلال على أن الشمس مضيئة يتعب، وصاحبه منسوب
إلى السفه، وليس جاحد الامور المعلومة علما ضروريا بأشد سفها ممن رام
الاستدلال بالأدلة النظرية عليها (1).
وقال أيضا في ذيل الخطبة 91 - التي تعرف بخطبة الأشباح -: " إذا جاء نهر الله
بطل نهر معقل "! إذا جاء هذا الكلام الرباني واللفظ القدسي بطلت فصاحة العرب
وكانت نسبة الفصيح من كلامها إليه نسبة التراب إلى النضار الخالص، ولو فرضنا
أن العرب تقدر على الألفاظ الفصيحة المناسبة أو المقاربة لهذه الألفاظ، من أين
لهم المادة التي عبرت هذه الألفاظ عنها؟! ومن أين تعرف الجاهلية بل الصحابة
المعاصرون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه المعاني الغامضة السمائية ليتهيأ لها التعبير عنها؟!
أما الجاهلية فإنهم إنما كانت تظهر فصاحتهم في صفة بعير أو فرس أو حمار
وحش أو ثور فلاة أو صفة جبال أو فلوات ونحو ذلك.
وأما الصحابة فالمذكورون منهم بفصاحة إنما كان منتهى فصاحة أحدهم



(1) شرح نهج البلاغة: 6 / 277.
275
كلمات لا تتجاوز السطرين أو الثلاثة؛ إما في موعظة تتضمن ذكر الموت أو ذم
الدنيا أو ما يتعلق بحرب وقتال من ترغيب أو ترهيب، فأما الكلام في الملائكة
وصفاتها وصورها وعباداتها وتسبيحها ومعرفتها بخالقها وحبها له وولهها إليه،
وما جرى مجرى ذلك مما تضمنه هذا الفصل على طوله فإنه لم يكن معروفا
عندهم على هذا التفصيل، نعم ربما علموه جملة غير مقسمة هذا التقسيم ولا
مرتبة هذا الترتيب بما سمعوه من ذكر الملائكة في القرآن العظيم.
وأما من عنده علم من هذه المادة كعبد الله بن سلام وأمية بن أبي الصلت
وغيرهم فلم تكن لهم هذه العبارة ولا قدروا على هذه الفصاحة، فثبت أن هذه
الامور الدقيقة في مثل هذه العبارة الفصيحة لم تحصل إلا لعلي وحده، واقسم إن
هذا الكلام إذا تأمله اللبيب اقشعر جلده ورجف قلبه، واستشعر عظمة الله العظيم
في روعه وخلده وهام نحوه وغلب الوجد عليه، وكاد أن يخرج من مسكه شوقا
وأن يفارق هيكله صبابة ووجدا (1).
وقال في ذيل الخطبة 109: هذا موضع المثل: " في كل شجرة نار، واستمجد
المرخ والعفار (2) " الخطب الوعظية الحسان كثيرة، ولكن هذا حديث يأكل
الأحاديث:
محاسن أصناف المغنين جمة * وما قصبات السبق إلا لمعبد
من أراد أن يتعلم الفصاحة والبلاغة ويعرف فضل الكلام بعضه على بعض



(1) شرح نهج البلاغة: 6 / 425.
(2) المرخ: من شجر النار، سريع الوري، والعفار: شجر يتخذ منه الزناد (تاج العروس: 4 / 311 وج
7 / 243). قال الميداني: استمجد المرخ والعفار: أي استكثرا وأخذا من النار ما هو حسبهما يضرب
في تفضيل بعض الشيء على بعض (مجمع الأمثال: 2 / 445).
276
فليتأمل هذه الخطبة، فإن نسبتها إلى كل فصيح من الكلام - عدا كلام الله ورسوله
- نسبة الكواكب المنيرة الفلكية إلى الحجارة المظلمة الأرضية، ثم لينظر الناظر
إلى ما عليها من البهاء والجلالة والرواء والديباجة، وما تحدثه من الروعة
والرهبة والمخافة والخشية، حتى لو تليت على زنديق ملحد مصمم على اعتقاد
نفي البعث والنشور؛ لهدت قواه وأرعبت قلبه وأضعفت على نفسه وزلزلت
اعتقاده، فجزى الله قائلها عن الإسلام أفضل ما جزى به وليا من أوليائه، فما أبلغ
نصرته له تارة بيده وسيفه وتارة بلسانه ونطقه وتارة بقلبه وفكره، إن قيل: جهاد
وحرب فهو سيد المجاهدين والمحاربين، وإن قيل: وعظ وتذكير فهو أبلغ
الواعظين والمذكرين، وإن قيل: فقه وتفسير فهو رئيس الفقهاء والمفسرين، وإن
قيل: عدل وتوحيد فهو إمام أهل العدل والموحدين:
ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد (1)
وقال في ذيل الخطبة 221: من أراد أن يعظ ويخوف ويقرع صفاة القلب،
ويعرف الناس قدر الدنيا وتصرفها بأهلها، فليأت بمثل هذه الموعظة في مثل هذا
الكلام الفصيح وإلا فليمسك، فإن السكوت أستر، والعي خير من منطق يفضح
صاحبه، ومن تأمل هذا الفصل علم صدق معاوية في قوله فيه: " والله ما سن
الفصاحة لقريش غيره " وينبغي لو اجتمع فصحاء العرب قاطبة في مجلس وتلي
عليهم أن يسجدوا له كما سجد الشعراء لقول عدي بن الرقاع:
" قلم أصاب من الدواة مدادها " (2)



(1) شرح نهج البلاغة: 7 / 202.
(2) صدره: " تزجي أغن كأن إبرة روقة " (أمالي للسيد المرتضى: 4 / 37).
277
فلما قيل لهم في ذلك قالوا: إنا نعرف مواضع السجود في الشعر كما تعرفون
مواضع السجود في القرآن.
وإني لأطيل التعجب من رجل يخطب في الحرب بكلام يدل على أن طبعه
مناسب لطباع الأسود والنمور وأمثالهما من السباع الضارية، ثم يخطب في ذلك
الموقف بعينه إذا أراد الموعظة بكلام يدل على أن طبعه مشاكل لطباع الرهبان
لابسي المسوح، الذين لم يأكلوا لحما ولم يريقوا دماء، فتارة يكون في صورة
بسطام بن قيس الشيباني وعتيبة بن الحارث اليربوعي وعامر بن الطفيل
العامري، وتارة يكون في صورة سقراط الحبر اليوناني ويوحنا المعمدان
الإسرائيلي والمسيح بن مريم الإلهي.
واقسم بمن تقسم الامم كلها به، لقد قرأت هذه الخطبة منذ خمسين سنة وإلى
الآن أكثر من ألف مرة، ما قرأتها قط إلا وأحدثت عندي روعة وخوفا وعظة،
وأثرت في قلبي وجيبا (1) وفي أعضائي رعدة، ولا تأملتها إلا وذكرت الموتى
من أهلي وأقاربي وأرباب ودي، وخيلت في نفسي أني أنا ذلك الشخص الذي
وصف (عليه السلام) حاله.
وكم قد قال الواعظون والخطباء والفصحاء في هذا المعنى، وكم وقفت على ما
قالوه وتكرر وقوفي عليه، فلم أجد لشيء منه مثل تأثير هذا الكلام في نفسي،
فإما أن يكون ذلك لعقيدتي في قائله، أو كانت نية القائل صالحة ويقينه كان ثابتا
وإخلاصه كان محضا خالصا، فكان تأثير قوله في النفوس أعظم، وسريان
موعظته في القلوب أبلغ (2).



(1) وجب القلب يجب وجبا ووجيبا ووجوبا ووجبانا: خفق واضطرب (لسان العرب: 1 / 794).
(2) شرح نهج البلاغة: 11 / 152.
278
5644 - البيان والتبيين - في بيان قول علي (عليه السلام) " قيمة كل امرئ ما يحسن " -: فلو
لم نقف من هذا الكتاب إلا على هذه الكلمة لوجدناها شافية كافية، ومجزئة
مغنية، بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية، وغير مقصرة عن الغاية. وأحسن الكلام
ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهر لفظه، وكان الله عز وجل قد ألبسه
من الجلالة، وغشاه من نور الحكمة على حسب نية صاحبه وتقوى قائله (1).
5645 - رسائل الجاحظ: أجمعوا على أنهم لم يجدوا كلمة أقل حرفا، ولا أكثر
ريعا (2)، ولا أعم نفعا، ولا أحث على بيان، ولا أدعى إلى تبين، ولا أهجى لمن
ترك التفهم وقصر في الإفهام، من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان
الله عليه: قيمة كل امرئ ما يحسن (3).
5646 - المناقب لابن شهر آشوب عن الجاحظ في كتاب الغرة: كتب [علي (عليه السلام)] إلى
معاوية: غرك عزك، فصار قصار ذلك ذلك، فاخش فاحش فعلك فعلك تهدى
بهذا، وقال (عليه السلام): من آمن أمن! (4) (5)
5647 - المناقب لابن شهر آشوب - في وصف علي (عليه السلام) -: وهو أخطبهم، ألا ترى
إلى خطبه مثل: التوحيد، والشقشقية، والهداية، والملاحم، واللؤلؤة، والغراء،
والقاصعة، والافتخار، والأشباح، والدرة اليتيمة، والأقاليم، والوسيلة،



(1) البيان والتبيين: 1 / 83.
(2) الريع: الزيادة والنماء على الأصل (النهاية: 2 / 289).
(3) رسائل الجاحظ: 3 / 29.
(4) إذا التفتنا إلى نقطتين نستطيع حينئذ أن نتحسس جمال هذا الكلام: أولا: إنه كلام مكتوب. ثانيا: إنه
لم يكن منقطا؛ إذ أن التنقيط أحدث فيما بعد.
(5) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 48، بحار الأنوار: 40 / 163؛ مطالب السؤول: 61 وفيه " نفعا " بدل
" تهدى بهذا... ".
279
والطالوتية، والقصبية، والنخيلة، والسلمانية، والناطقة، والدامغة، والفاضحة،
بل إلى نهج البلاغة عن الشريف الرضي، وكتاب خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) عن
إسماعيل بن مهران السكوني عن زيد بن وهب أيضا؟! (1)
5648 - مطالب السؤول - في وصف علي (عليه السلام) -: علم البلاغة والفصاحة، وكان فيها
إماما لا يشق غباره، ومقدما لا تلحق آثاره، ومن وقف على كلامه المرقوم
الموسوم بنهج البلاغة صار الخبر عنده عن فصاحته عيانا، والظن بعلو مقامه فيه
إيقانا (2).
5649 - تذكرة الخواص: كان علي (عليه السلام) ينطق بكلام قد حف بالعصمة، ويتكلم
بميزان الحكمة، كلام ألقى الله عليه المهابة، فكل من طرق سمعه راعه فهابه، وقد
جمع الله له بين الحلاوة والملاحة، والطلاوة والفصاحة، لم يسقط منه كلمة، ولا
بارت له حجة، أعجز الناطقين، وحاز قصب السبق في السابقين، ألفاظ يشرق
عليها نور النبوة، ويحير الأفهام والألباب (3).
5 / 4
خطبته الخالية من الألف
5650 - شرح نهج البلاغة: روى كثير من الناس قالوا: تذاكر قوم من أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي حروف الهجاء أدخل في الكلام؟ فأجمعوا على الألف، فقال
علي (عليه السلام):



(1) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 47، بحار الأنوار: 40 / 162؛ البيان والتبيين: 1 / 353 وفيه " وكان
علي أخطبهم " فقط.
(2) مطالب السؤول: 29.
(3) تذكرة الخواص: 119.
280
حمدت من عظمت منته وسبغت نعمته وسبقت غضبه رحمته وتمت كلمته
ونفذت مشيئته وبلغت قضيته، حمدته حمد مقر بربوبيته متخضع لعبوديته
متنصل من خطيئته متفرد بتوحيده مؤمل منه مغفرة تنجيه يوم يشغل عن فصيلته
وبنيه.
ونستعينه ونسترشده ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه، وشهدت له شهود
مخلص موقن وفردته تفريد مؤمن متيقن، ووحدته توحيد عبد مذعن، ليس له
شريك في ملكه، ولم يكن له ولي في صنعه جل عن مشير ووزير وعن عون
معين ونصير ونظير.
علم فستر وبطن فخبر وملك فقهر وعصي فغفر وحكم فعدل لم يزل ولن يزول
(ليس كمثله ى شىء) (1) وهو بعد كل شيء رب متعزز بعزته متمكن بقوته متقدس
بعلوه متكبر بسموه، ليس يدركه بصر ولم يحط به نظر، قوي منيع بصير سميع
رؤوف رحيم. عجز عن وصفه من يصفه وضل عن نعته من يعرفه.
قرب فبعد وبعد فقرب، يجيب دعوة من يدعوه ويرزقه ويحبوه، ذو لطف
خفي وبطش قوي ورحمة موسعة وعقوبة موجعة، رحمته جنة عريضة
مونقة (2)، وعقوبته جحيم ممدودة موبقة.
وشهدت ببعث محمد رسوله وعبده وصفيه ونبيه ونجيه وحبيبه وخليله، بعثه
في خير عصر وحين فترة وكفر، رحمة لعبيده ومنة لمزيده، ختم به نبوته وشيد به
حجته، فوعظ ونصح وبلغ وكدح، رؤوف بكل مؤمن رحيم سخي رضي ولي



(1) الشورى: 11.
(2) الأنق: الفرح والسرور، الشيء الأنيق: المعجب (النهاية: 1 / 76).
281
زكي، عليه رحمة وتسليم وبركة وتكريم من رب غفور رحيم قريب مجيب.
وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربكم، وذكرتكم بسنة نبيكم، فعليكم
برهبة تسكن قلوبكم، وخشية تذري دموعكم، وتقية تنجيكم قبل يوم تبليكم
وتذهلكم، يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته، وخف وزن سيئته، ولتكن
مسألتكم وتملقكم مسألة ذل وخضوع وشكر وخشوع بتوبة وتورع وندم
ورجوع، وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه وشبيبته قبل هرمه، وسعته
قبل فقره وفرغته قبل شغله وحضره قبل سفره، قبل تكبر وتهرم وتسقم، يمله
طبيبه ويعرض عنه حبيبه، وينقطع غمده ويتغير عقله.
ثم قيل: هو موعوك وجسمه منهوك، ثم جد في نزع شديد، وحضره كل
قريب وبعيد، فشخص بصره وطمح نظره، ورشح جبينه وعطف عرينه وسكن
حنينه، وحزنته نفسه وبكته عرسه، وحفر رمسه ويتم منه ولده، وتفرق منه عدده
وقسم جمعه، وذهب بصره وسمعه، ومدد وجرد وعري وغسل ونشف وسجي
وبسط له وهيئ، ونشر عليه كفنه وشد منه ذقنه وقمص وعمم وودع وسلم،
وحمل فوق سرير، وصلي عليه بتكبير، ونقل من دور مزخرفة وقصور مشيدة
وحجر منجدة (1)، وجعل في ضريح ملحود وضيق مرصود بلبن منضود، مسقف
بجلمود، وهيل عليه حفره وحثي عليه مدره، وتحقق حذره ونسي خبره، ورجع
عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه، وتبدل به قرينه وحبيبه، فهو حشو قبر ورهين
قفر، يسعى بجسمه دود قبره، ويسيل صديده (2) من منخره، يسحق تربه لحمه،



(1) التنجيد: التزيين. يقال: بيت منجد، ونجوده: ستوره التي تعلق على حيطانه، يزين بها (النهاية:
5 / 19).
(2) الصديد: قيح ودم (مجمع البحرين، 2 / 1015).
282
وينشف دمه ويرم عظمه حتى يوم حشره، فنشر من قبره حين ينفخ في صور
ويدعى بحشر ونشور.
فثم بعثرت قبور، وحصلت سريرة صدور، وجئ بكل نبي وصديق وشهيد،
وتوحد للفصل قدير بعبده خبير بصير، فكم من زفرة تضنيه وحسرة تنضيه (1) في
موقف مهول ومشهد جليل بين يدي ملك عظيم وبكل صغير وكبير عليم، فحينئذ
يلجمه عرقه ويحصره قلقه، عبرته غير مرحومة وصرخته غير مسموعة وحجته
غير مقولة، زالت جريدته (2) ونشرت صحيفته، نظر في سوء عمله، وشهدت
عليه عينه بنظره، ويده ببطشه ورجله بخطوه وفرجه بلمسه وجلده بمسه،
فسلسل جيده وغلت يده، وسيق فسحب وحده، فورد جهنم بكرب وشدة، فظل
يعذب في جحيم، ويسقى شربة من حميم تشوي وجهه وتسلخ جلده وتضربه
زبنية بمقمع من حديد، ويعود جلده بعد نضجه كجلد جديد، يستغيث فتعرض
عنه خزنة جهنم، ويستصرخ فيلبث حقبة يندم.
نعوذ برب قدير من شر كل مصير، ونسأله عفو من رضي عنه ومغفرة من قبله،
فهو ولي مسألتي ومنجح طلبتي، فمن زحزح عن تعذيب ربه، جعل في جنته
بقربه وخلد في قصور مشيدة وملك بحور عين وحفدة، وطيف عليه بكؤوس،
اسكن في حظيرة قدوس، وتقلب في نعيم وسقي من تسنيم، وشرب من عين
سلسبيل، ومزج له بزنجبيل مختم بمسك وعبير، مستديم للملك مستشعر
للسرر، يشرب من خمور، في روض مغدق، ليس يصدع من شربه وليس
ينزف.



(1) الضنى: السقيم، وأضناه المرض أي أثقله، والضنى بالكسر: الأوجاع (لسان العرب: 14 / 486 وص 487).
(2) جريدة: تصغير جردة، وهي: الخرقة البالية (النهاية: 1 / 257).
283
هذه منزلة من خشي ربه، وحذر نفسه معصيته، وتلك عقوبة من جحد
مشيئته، وسولت له نفسه معصيته، فهو قول فصل وحكم عدل وخبر قصص قص
ووعظ نص (تنزيل من حكيم حميد) (1) نزل به روح قدس مبين على قلب نبي مهتد
رشيد، صلت عليه رسل سفرة مكرمون بررة.
عذت برب عليم رحيم كريم من شر كل عدو لعين رجيم فليتضرع متضرعكم
وليبتهل مبتهلكم، وليستغفر كل مربوب منكم لي ولكم، وحسبي ربي وحده (2).
5 / 5
خطبته الخالية من النقط
5651 - الإمام علي (عليه السلام) - في خطبة خطبها ارتجالا خالية من النقط (3) -: الحمد لله
أهل الحمد ومأواه، وله أوكد الحمد وأحلاه، وأسعد الحمد وأسراه، وأطهر
الحمد وأسماه، وأكرم الحمد وأولاه. الواحد الأحد الصمد لا والد له ولا ولد.
سلط الملوك وأعداها، وأهلك العداة وأدحاها، وأوصل المكارم وأسراها،
وسمك السماء وعلاها، وسطح المهاد وطحاها، ووطدها ودحاها، ومدها
وسواها، ومهدها ووطاها، وأعطاكم ماءها ومرعاها، وأحكم عدد الامم
وأحصاها، وعدل الأعلام وأرساها.



(1) فصلت: 42.
(2) شرح نهج البلاغة: 19 / 140، مطالب السؤول: 60، كفاية الطالب: 393 عن أبي صالح،
كنز العمال: 16 / 209 / 44234؛ المصباح للكفعمي: 968، كلها نحوه، بحار الأنوار:
77 / 340 / 28 وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 48 والخرائج والجرائح: 2 / 740 / 56.
(3) يجد القارئ الكريم في ثنايا هذه الخطبة الغراء أن الهاء الآخرية في بعض الكلمات منقطة؛ ولكن بما
أنها تلفظ هاء عند الوقف في أكثر الأحيان، فلذا لم يورد الكثير عليها هذا الإشكال.
284
ألا له الأول لا معادل له، ولا راد لحكمه، لا إله إلا هو الملك السلام المصور
العلام الحاكم الودود، المطهر الطاهر، المحمود أمره، المعمور حرمه، المأمول
كرمه.
علمكم كلامه وأراكم أعلامه وحصل لكم أحكامه، وحلل حلاله وحرم
حرامه وحمل محمدا الرسالة، رسوله المكرم المسود المسدد الطهر المطهر،
أسعد الله الامة؛ لعلو محله وسمو سؤدده وسداد أمره وكمال مراده.
أطهر ولد آدم مولودا وأسطعهم سعودا وأطولهم عمودا وأرواهم عودا
وأصحهم عهودا وأكرمهم مردا وكهولا!
صلاة الله له ولآله الأطهار مسلمة مكررة معدودة، ولآل ودهم الكرام محصلة
مرددة ما دام للسماء أمر مرسوم وحد معلوم.
أرسله رحمة لكم وطهارة لأعمالكم وهدوء داركم ودحور عاركم وصلاح
أحوالكم، وطاعة لله ورسله، وعصمة لكم ورحمة.
اسمعوا له وراعو أمره وحللوا ما حلل، وحرموا ما حرم، واعمدوا رحمكم الله
لدوام العمل، وداحروا الحرص واعدموا الكسل وادروا السلامة وحراسة الملك
وروعها، وهلع الصدور وحلول كلها وهمها.
هلك والله أهل الإصرار، وما ولد والد للأسرار، كم مؤمل أمل ما أهلكه، وكم
مال وسلاح اعد صار للأعداء عده وعمده.
اللهم لك الحمد ودوامه والملك وكماله لا إله إلا هو، وسع كل حلم حلمه،
وسدد كل حكم حكمه، وحدر كل علم علمه.
عصمكم ولواكم ودوام السلامة أولاكم وللطاعة سددكم وللإسلام هداكم

285
ورحمكم، وسمع دعاءكم وطهر أعمالكم وأصلح أحوالكم.
وأسأله لكم دوام السلامة، وكمال السعادة، والآلاء الدارة، والأحوال السارة،
والحمد لله وحده (1).
5 / 6
الإمام وفن الشعر
5652 - أنساب الأشراف عن الشعبي: كان أبو بكر يقول الشعر، وكان عمر يقول
الشعر، وكان علي أشعر الثلاثة (2).
5653 - شرح نهج البلاغة عن ابن عرادة: كان علي بن أبي طالب (صلى الله عليه وآله) يعشي الناس
في شهر رمضان باللحم ولا يتعشى معهم، فإذا فرغوا خطبهم ووعظهم، فأفاضوا
ليلة في الشعراء وهم على عشائهم، فلما فرغوا خطبهم (عليه السلام) وقال في خطبته:
اعلموا أن ملاك أمركم الدين، وعصمتكم التقوى، وزينتكم الأدب، وحصون
أعراضكم الحلم. ثم قال: قل يا أبا الأسود، فيم كنتم تفيضون فيه، أي الشعراء



(1) نهج السعادة (طبعة مؤسسة المحمودي): 1 / 100 وراجع تصنيف نهج البلاغة: 99 وقد ذكر خطبة
اخرى خالية من النقط.
قال الشيخ المحمودي في نهج السعادة: " ومن خطبة له (عليه السلام) خطبها ارتجالا خالية من النقط " وقال في
آخرها: أقول: لفظ الخطبة الشريفة من قوله " الواحد الأحد " إلى آخر الخطبة أعني قوله " والحمد لله
وحده " أخذناه من مجموعة أدبية للعلامة محيي الدين محمد بن عبد القاهر ابن الشهرزوري الموصلي
من أعلام القرن الثامن - إلى أن قال: - والمجموعة من كتب أيا صوفيا توجد نسخة منها في المكتبة
السليمانية في إسلامبول تحت الرقم 4250، راجع تمام الكلام.
(2) أنساب الأشراف: 2 / 382، تاريخ دمشق: 42 / 520، البداية والنهاية: 8 / 8؛ المناقب لابن
شهر آشوب: 492.
286
أشعر؟ فقال: يا أمير المؤمنين، الذي يقول:
ولقد أغتدي يدافع ركني * أعوجي ذو ميعة إضريج
مخلط مزيل معن مفن * منفح مطرح سبوح خروج (1)
يعني أبا دواد الإيادي، فقال (عليه السلام): ليس به، قالوا: فمن يا أمير المؤمنين؟
فقال: لو رفعت للقوم غاية فجروا إليها معا علمنا من السابق منهم، ولكن إن
يكن فالذي لم يقل عن رغبة ولا رهبة.
قيل: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: هو الملك الضليل ذو القروح.
قيل: امرؤ القيس يا أمير المؤمنين؟ قال: هو (2).



(1) قال ابن دريد: إضريج: ينبثق في عدوه، وقيل: واسع الصدر. ومنفح: يخرج الصيد من مواضعه،
ومطرح: يطرح ببصره. وخروج: سابق. والغاية: الراية. والميعة: أول جري الفرس؛ وقيل: الجري
بعد الجري (شرح نهج البلاغة: 20 / 154).
(2) شرح نهج البلاغة: 20 / 153 / 464.
287
بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه
يحظى الشعر بمكانة مرموقة في المعارف البشرية وذلك لدوره المتميز في
نقل المفاهيم وتخليد الأحداث وإغناء الثقافة، أما من حيث المضمون فمن
الواضح أنه لا يختلف عن كثير من الأدوات والوسائل التي يمكن استخدامها
كسلاح ذي حدين؛ فمن الممكن أن يرتدي حلة رائعة، أو يتخذ قالبا مقيتا. ومن
هنا يعد نظم الشعر وإجادته منقبة، ويعتبر استخدامه أمرا ضروريا.
لقد كان القادة الربانيون يملكون هذه المقدرة، ولكن هناك خلاف تاريخي
حول ما إذا كانوا أنفسهم ينظمون الأشعار، وإلى أي حد؟
من هنا، يرى البعض أن الإمام عليا (عليه السلام) كان معروفا بقول الشعر، وكان متفوقا
في معرفة الشعر، هذا فضلا عما لديه من مقدرة فائقة على نقد الشعر. فعن ابن
عبد ربه:
" قال سعيد بن المسيب: كان أبو بكر شاعرا، وعمر شاعرا، وعلي أشعر
الثلاثة " (1).



(1) العقد الفريد: 4 / 230 عن سعيد بن المسيب.
289
ويبدو أن الشعر وإنشاء الكلام الموزون والمقفى والمسجع كان صفة غالبة
لدى الإمام علي (عليه السلام) إلى درجة أنه أصبح يعرف بها، بحيث إن بطلة كربلاء " زينب
الكبرى " بعدما ألقت كلمتها المشهورة في الكوفة بعد واقعة كربلاء جعلت
عبيد الله بن زياد يقول:
هذه سجاعة! ولعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا (1).
ذكر الشريف الرضي أن الإمام عليا (عليه السلام) لما سئل: من أشعر الشعراء؟ قال:
" إن القوم لم يجروا في حلبة تعرف الغاية عند قصبتها، فإن كان ولابد فالملك
الضليل " (2).
وبين الشريف الرضي المراد من هذا الكلام بقوله: يريد امرأ القيس (3).
وفي هذا السياق استند الأديب والكاتب المصري المعروف الأستاذ عباس
محمود العقاد إلى هذا الخبر وإلى غيره من الأخبار قائلا في هذا المعنى:
" وعندنا أنه (عليه السلام) كان ينظم الشعر ويحسن النظر فيه، وكان نقده للشعراء نقد
عليم بصير، يعرف اختلاف مذاهب القول، واختلاف وجوه المقابلة والتفضيل
على حسب المذاهب. ومن بصره بوجوه المقابلة بينهم أنه سئل: من أشعر
الناس (4)؟ قال: إن القوم لم يجروا في حلقة تعرف الغاية عند قصبتها، فإن كان



(1) الإرشاد: 2 / 116، مثير الأحزان: 90، كشف الغمة: 2 / 276، بحار الأنوار: 45 / 116 / 1.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 455؛ النهاية في غريب الحديث: 3 / 98.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 455. نقل ابن أبي الحديد عن ابن دريد مضمون الجملة المذكورة، ونقل
تصريح الإمام (عليه السلام) بأن المراد من " الملك الضليل " امرؤ القيس (انظر شرح نهج البلاغة: 20 / 153
و 154.
(4) في نهج البلاغة: " الشعراء " بدل " الناس ".
290
ولابد فالملك الضليل.
وهذا - فيما نعتقد - أول تقسيم لمقاييس الشعر على حسب " المدارس "
و " الأغراض الشعرية " بين العرب، فلا تكون المقابلة إلا بين أشباه وأمثال، ولا
يكون التعميم بالتفضيل إلا على التغليب " (1).
وأمثال هذه المنقولات - التي تعكس آراء الإمام على (عليه السلام) في الشعر والشعراء -
ليست قليلة في النصوص القديمة (2). وهي تدل - كما أشار العقاد - على مدى
تضلعه في هذا الميدان، فهو - بحق - " أمير البيان " و " سيد البلاغة ".
يستدل من الوثائق التاريخية أن الإمام عليا (عليه السلام) كان ينظم الشعر، وكان يوصي
بتعلمه واستخدامه ضمن المعايير التي كان يؤكد هو عليها (3). وكان يتمثل في
خطبه ورسائله شيئا من أشعار الآخرين، ومع كل ذلك فإن العلماء والمؤرخين
كانوا منذ القدم يتأملون في نسبة كل ما ورد باسم الإمام علي (عليه السلام) إليه، وطرحوا
آراء كثيرة في كيفية الأشعار المنسوبة إليه (4).
نقل عن الجاحظ أنه كان يقول: لم يقل علي شعرا سوى الرجز (5).



(1) المجموعة الكاملة (عبقرية الإمام علي (عليه السلام)): 2 / 136.
(2) انظر على سبيل المثال: العمدة في محاسن الشعر وآدابه: 1 / 111، مصادر نهج البلاغة وأسانيده:
4 / 312.
(3) وعلى سبيل المثال أنه كان يؤكد على تعلم شعر أبي طالب وتدوينه ونشره عند تعليله لسبب تعلم
شعر هذا الرجل الذي كان يدافع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قائلا: " تعلموا شعر أبي طالب وعلموه أولادكم؛
فإنه كان على دين الله، وفيه علم كثير " (راجع تصنيف نهج البلاغة: 773 ووسائل الشيعة:
12 / 248).
(4) راجع مقدمة كتاب " أنوار العقول من أشعار وصي الرسول " بقلم كامل سليمان الحبوري.
(5) فهرست نسخ الكتب الخطية في المكتبة المركزية بجامعة طهران: 2 / 116.
291
وأورد ياقوت الحموي عن أبي عثمان المازني: لا يصح عندنا أنه تكلم بشيء
من الشعر غير هذين البيتين:
تلكم قريش تمناني لتقتلني * فلا وجدك ما بروا ولا ظفروا
فإن هلكت فرهن ذمتي لهم * بذات روقين (1) لا يعفو لها أثر (2)
وهذان الرأيان كلاهما غير صائب، ويبالغان في نفي أشعار الإمام.
وبين البعض عند نقدهم لرأي المازني بأن هناك أبيات مروية عن الإمام
علي (عليه السلام) لا يمكن تجاهلها بهذه البساطة. ومع أن العلامة المجلسي يذهب إلى
القول بأن الحكم على نسبة جميع ما نسب إلى الإمام علي (عليه السلام) في الديوان
المشهور، موضع تأمل إلا أنه يقر بأن نسبة الديوان إليه أمر مشهور (3).
وعلى كل حال هناك علائم عريقة في القدم تحمل دلالات على جمع
وتدوين شعر الإمام علي (عليه السلام)؛ فقد كتب النجاشي ضمن إحصائه لآثار أبي أحمد
عبد العزيز ابن يحيى الجلودي الأزدي البصري (م 332 ه‍)، ما يلي: وله كتب
منها... شعره (عليه السلام) (4).
" إن أشهر وأقدم الكتب الموجودة من أشعار أمير المؤمنين (عليه السلام) هو كتاب (أنوار
العقول من أشعار وصي الرسول) الذي أعده قطب الدين محمد البيهقي الكيدري



(1) الروقان: تثنية الروق؛ وهو القرن، وأراد بها هاهنا الحرب الشديدة وقيل: الداهية. ويروى: بذات
ودقين؛ وهي الحرب الشديدة أيضا (النهاية: 2 / 279).
(2) معجم الادباء: 4 / 1810 / 784، النهاية في غريب الحديث: 2 / 279؛ العدد القوية: 238 / 16
كلاهما نحوه، بحار الأنوار: 42 / 223 / 31.
(3) لمزيد من التفاصيل راجع كتاب " تحقيقات أدبي " لكيوان سميعي: 333 - 359.
(4) رجال النجاشي: 2 / 55 / 638.
292
على أساس مصدرين توليا قبل ذلك مهمة جمع وتدوين هذا الكتاب، وكذلك
على أساس المنقولات التي عثر عليها بين طيات الكتب الموجودة. ووصف
الكيدري نفسه في مقدمة الكتاب كيفية كتابة هذا الديوان وطبيعة محتواه على
النحو التالي:
وقد كنت على قديم الدهر ظفرت بمجموع من أشعاره الجامعة لجلائل الكلم،
وعقابل الحكم، نحوا من مائتي بيت جمعها الإمام أبو الحسن الفنجكردي رحمه
الله، فأنست بذلك، واجتهدت في اقتناص شوارد، على ما فيه زوائد؛ إذ لم يكن
إلا طرفا من طرفه، ودرة من صدفه، إلى أن عثرت بمجموع آخر أبسط منه باعا،
وأرحب ذراعا، وإن لم يكن شمل الكل واستجمع الكل الكثر والقل، قد استخرج
بعضها من كتاب محمد بن إسحاق وغيره من العلماء والتقط بعضها من ستون
الكتب مما وجد منسوبا إليه.
فاقترح علي بعض الإخوان أن أجرد من المجموعين ما اختص بالآداب
والمواعظ والحكم والعبر دون ما ذكر في سائر الأغراض، فأسعفت سؤله،
وحققت مأموله، وسميت المجموع بالحديقة الأنيقة.
ثم وقع إلي بأخرة مجموع من أشعاره (عليه السلام) جمعه السيد الجليل أبو البركات هبة
الله بن محمد الحسني، فلم أجد فيه كثيرا مما وصل إلي، وإن كان قد أورد أبياتا
شردت مني، وشذت من يدي، وكنت في خلال ذلك أجد في الطلب، وأدأب كل
الدأب، أتفحص كتب التواريخ والسير، والتقط ما أقف عليه من الغرر والدرر،
مسندا ومرسلا، مقيدا ومهملا؛ إذ كان غرضي أن أنظم أفرادها، وأجمع آحادها.
فلذلك لست أدعي أن كل فلق فيه سمع من فلق فيه، وأنه (عليه السلام) قطعا ويقينا ناظمه
ومنشئه، بل في كثير منه أخذ بالظن والتخمين؛ إذ من المتعذر في مثله الحكم

293
باليقين؛ فإن ورد على امرئ ما يريبه، فحسبه من الكلام طيبه. هذا ولا أزعم أني
أحطت بجميع أشعاره، واطلعت على نتائج أفكاره، بل أجوز أن يكون الحاصل
عندي دون ما ظفرت منه يدي، وما علي إلا بذل جهدي، وأرجو أن تكون
المنفعة به كاملة تامة، والفائدة شاملة عامة. وها أنا قد أملت زمام الهمة إلى القيام
بهذه المهمة، ورأيت بعد أن اسمي هذا المجموع ب‍: أنوار العقول من أشعار وصي
الرسول " (1).
ومن الواضح أن كلام الكيدري كلام رصين؛ فمن جهة لا يمكن التصديق بأن
جميع الأشعار الواردة في هذا الديوان من نظم الإمام علي (عليه السلام) وإنشائه، ومن جهة
اخرى لا يمكن القطع بأن كل الأشعار المنسوبة إليه وردت في هذا الكتاب.
ويمكن تبويب الأشعار الواردة في هذه المجموعة، والأشعار الاخرى
المنسوبة إليه، على النحو التالي:
1 - ما جاء على صيغة الرجز، والأشعار التي وردت في المصادر المعتبرة
الاخرى.
2 - أشعار الآخرين التي تمثل بها الإمام (عليه السلام) في طيات خطبه وكتبه.
3 - قول أو فعل الإمام (عليه السلام) الذي نظم شعرا على لسان شاعر آخر، ثم نسب
على مر الزمن إليه.
4 - أشعار من تطابقت أسماؤهم مع اسمه، أو غيرهم، ثم نسبت إليه على
امتداد التاريخ، وتسللت إلى الديوان (2).



(1) أنوار العقول من أشعار وصي الرسول: 92.
(2) راجع: الذريعة: 2 / 431 وج 9 / 101.
294
الباب السادس
علم الذرة
5654 - الإمام علي (عليه السلام): مؤلف بين متعادياتها، ومفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها
على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها، وذلك قوله تعالى: (ومن كل شىء خلقنا زوجين
لعلكم تذكرون) (1) (2).
5655 - عنه (عليه السلام): وأما الجمادات فهو يمسكها بقدرته، ويمسك المتصل منها أن
يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق (3).
5656 - عنه (عليه السلام): أحال الأشياء لأوقاتها، ولام بين مختلفاتها، وغرز غرائزها،



(1) الذاريات: 49.
(2) الكافي: 1 / 139 / 4 عن محمد بن أبي عبد الله رفعه، التوحيد: 308 / 2 عن عبد الله بن يونس
وكلاهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، الأمالي للمفيد: 256 / 4 عن محمد بن زيد الطبري وفيه " متباعداتها "
بدل " متعادياتها "، الأمالي للطوسي: 23 / 28 عن محمد بن يزيد الطبري وفيه " متعاقباتها " بدل
" متعادياتها " وكلاهما عن الإمام الرضا (عليه السلام)، تحف العقول: 65 وفيه " متقاربا بين متبايناتها " بدل
" مفرق بين متدانياتها " وليس فيه الآية، بحار الأنوار: 4 / 229 / 3.
(3) عيون أخبار الرضا: 1 / 282 / 30، علل الشرائع: 416 / 3، بشارة المصطفى: 213 كلها عن محمد
بن زياد ومحمد بن سيار عن الإمام العسكري عن آبائه (عليهم السلام)، بحار الأنوار: 92 / 224 / 2.
295
وألزمها أشباحها (1).
5657 - عنه (عليه السلام): فأقام من الأشياء أودها (2)، ونهج حدودها، ولاءم بقدرته بين
متضادها، ووصل أسباب قرائنها (3).
نكتة
يقول أينشتاين: " لقد تمكن بنو البشر وبعد مرور قرون متمادية من التعرف إلى
أسرار تركيب الذرة، وتبين لهم أن هذا العالم المادي إنما يتألف من الذرات الناتجة
بدورها من اتحاد الألكترونات بالبروتونات، وأن وجود المادة وبقاءها رهين بدوام
تلك الآصرة التي تربط بين أجزاء الذرة المتكونة من جسمين متضادين؛ سالب
وموجب ". لكن الباحث المتتبع إذا نظر بدقة وتفحص في كلام الإمام علي (عليه السلام)؛ في
تفسيره للآية الشريفة (49) من سورة الذاريات، سيندهش حين يرى بأنه (عليه السلام) قد سبق
علماء عصرنا ب‍ (14) قرنا من الزمان؛ بالتعرف إلى أسرار تركيب الذرة؛ حيث جاء في
أحاديث هذا الباب أن الإمام (عليه السلام) أشار إلى ما يمكن انطباقه اليوم ب‍ (الألكترون)
و (البروتون)، وتطرق إلى الآصرة الموجودة بين هذين الجسمين بشكل دقيق للغاية.
وعلى ما تقدم يمكن حمل كلام الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في مناظرته مع الدهريين حيث
أشار إلى تلك المسألة العلمية الدقيقة بقوله: "... فهذا الذي نشاهده من الأشياء بعضها
إلى بعض مفتقر؛ لأنه لا قوام للبعض إلا بما يتصل به " (بحار الأنوار: 9 / 262 / 1).
وفي هذا السياق أيضا يقول الإمام الرضا (عليه السلام): " ولم يخلق شيئا فردا قائما بنفسه
دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه وإثبات وجوده، فالله تبارك وتعالى فرد
واحد لا ثاني معه يقيمه ولا يعضده ولا يكنه، والخلق يمسك بعضه بعضا بإذن الله
تعالى ومشيته " (عيون أخبار الرضا: 1 / 176 / 1، بحار الأنوار: 10 / 316 / 1).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 474 / 113.
(2) الأود: العوج (لسان العرب: 3 / 75).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 91، التوحيد: 54 / 13 وفيه " ونهى معالم " بدل " ونهج " وكلاهما عن مسعدة بن
صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 77 / 319 / 17.
296
الباب السابع
علم الحساب
5658 - تصنيف نهج البلاغة: سئل (عليه السلام) عن أصغر عدد يقسم على الأعداد الطبيعية
من واحد إلى تسعة بدون باق، فقال على الفور: اضرب أيام أسبوعك في أيام
سنتك (1) (2).
5659 - بحار الأنوار - في تفسير قوله تعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلث مائة
سنين وازدادوا تسعا) (3) -: وروى الطبرسي (رحمه الله) وغيره أن يهوديا سأل عليا (عليه السلام)
عن مدة لبثهم، فأخبر (عليه السلام) بما في القرآن، فقال: إنا نجد في كتابنا ثلاثمائة!



(1) المقصود بالسنة هنا: السنة القمرية (360) يوما، فإذا ضربنا 360 × 7 وهو عدد أيام الأسبوع حصلنا
على (2520) وهو العدد الذي يقسم على الأعداد الطبيعية من 1 إلى 9 بدون باقي.
(2) تصنيف نهج البلاغة: 780 و 781 وراجع بحار الأنوار: 40 / 187 وينابيع المودة:
1 / 227 / 59.
(3) الكهف: 25.
297
فقال (عليه السلام): ذلك بسني الشمس، وهذا بسني القمر (1) (2).
5660 - تهذيب الأحكام عن عبيدة السلماني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - حيث سئل
عن رجل مات وخلف زوجة وأبوين وابنتيه، فقال -: صار ثمنها تسعا (3).
5661 - المصنف عن سفيان عن رجل لم يسمه: ما رأيت رجلا كان أحسب من
علي، سئل عن ابنتين وأبوين وامرأة، فقال: صار ثمنها تسعا (4).
5662 - الاستيعاب عن زر بن حبيش: جلس رجلان يتغديان، مع أحدهما خمسة
أرغفة، ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مر بهما رجل
فسلم، فقالا: اجلس للغداء، فجلس، وأكل معهما، واستوفوا في أكلهم



(1) يعني أن السنين التي اعتمدها القرآن الكريم هي السنين القمرية؛ ولذا كان عدد السنين التي نام فيها
أصحاب الكهف هو ثلاثمائة وتسع سنين، وأما السنين المذكورة في كتابكم فهي على أساس السنين
الشمسية؛ وتكون حينئذ ثلاثمائة سنة.
(2) بحار الأنوار: 58 / 352.
(3) تهذيب الأحكام: 9 / 257، الصراط المستقيم: 1 / 220، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 44 وفيهما
" سئل وهو على المنبر "، كشف الغمة: 1 / 132 وفيهما " فلقبت بالمسألة المنبرية "؛ سنن الدارقطني:
4 / 69 / 5، السنن الكبرى: 6 / 414 / 12455 كلاهما عن الحارث، المصنف لعبد الرزاق:
10 / 258 / 19033 عن ابن عباس، شرح نهج البلاغة: 20 / 284 / 250 وفيه " هذا من العجائب ".
شرح ذلك المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 45 فقال:
للأبوين السدسان وللبنتين الثلثان وللمرأة الثمن عالت الفريضة؛ فكان لها ثلاث من أربعة
وعشرين ثمنها، فلما صارت إلى سبعة وعشرين صار ثمنها تسعا، فإن ثلاثة من سبعة وعشرين
تسعها، ويبقى أربعة وعشرون للابنتين ستة عشر وثمانية للأبوين سواء، قال: هذا على الاستفهام، أو
على قولهم: صار ثمنها تسعا، أو على مذهب نفسه، أو بين كيف يجيء الحكم على مذهب من يقول
بالعول، فبين الجواب والحساب والقسمة والنسبة.
(4) المصنف لابن أبي شيبة: 7 / 349 / 1.
298
الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وقال: خذا هذا عوضا مما
أكلت لكما، ونلته من طعامكما، فتنازعا، وقال صاحب الخمسة الأرغفة: لي
خمسة دراهم، ولك ثلاثة، فقال صاحب الثلاثة الأرغفة: لا أرضى إلا أن تكون
الدراهم بيننا نصفين. وارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فقصا
عليه قصتهما، فقال لصاحب الثلاثة الأرغفة: قد عرض عليك صاحبك ما
عرض، وخبزه أكثر من خبزك، فارض بثلاثة. فقال: لا والله، لا رضيت منه إلا
بمر الحق. فقال علي (رضي الله عنه): ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة.
فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين! وهو يعرض علي ثلاثة فلم أرض،
وأشرت علي بأخذها فلم أرض، وتقول لي الآن: إنه لا يجب في مر الحق إلا
درهم واحد. فقال له علي: عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحا،
فقلت: لم أرض إلا بمر الحق، ولا يجب لك بمر الحق إلا واحد. فقال له الرجل:
فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله.
فقال علي (رضي الله عنه): أ ليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا أكلتموها وأنتم
ثلاثة أنفس، ولا يعلم الأكثر منكم أكلا، ولا الأقل، فتحملون في أكلكم على
السواء؟ قال: بلى. قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث،
وأكل صاحبك ثمانية أثلاث، وله خمسة عشر ثلثا، أكل منها ثمانية ويبقى له
سبعة، وأكل لك واحدا من تسعة، فلك واحد بواحدك، وله سبعة بسبعته. فقال له
الرجل: رضيت الآن (1).



(1) الاستيعاب: 3 / 207 / 1875، جواهر المطالب: 1 / 205، كنز العمال: 5 / 835 / 14512؛
تهذيب الأحكام: 8 / 319 / 1184، كنز الفوائد: 2 / 69 كلاهما نحوه.
299
الباب الثامن
علم الفيزياء
5663 - الإمام علي (عليه السلام): كل سميع غيره يصم عن لطيف الأصوات، ويصمه
كبيرها (1) (2).
5664 - عنه (عليه السلام): كل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان، ولطيف الأجسام (3) (4).



(1) أثبت العلم الحديث باستخدام الهزازات الصوتية، أن الاذن البشرية تتحسس فقط بمجال معين من
الاهتزازات، هي التي يقع تواترها بين 15 هزة في الثانية و 15000 هزة، فإذا كان تواتر الصوت أقل
من 15 هزة في الثانية لا تسمعه الاذن، وكذلك إذا كان تواتر الصوت أعلى من 15000 هزة في الثانية.
ولعل هذا هو المقصود ب‍ (لطيف الأصوات) و (كبير الأصوات) (تصنيف نهج البلاغة: 782).
والجدير ذكره إن أحدث ما توصلت إليه النظريات الفيزيائية أن عدد الذبذبات الصوتية القابلة
للسماع تتراوح ما بين 20 - 20000 ذبذبة / ثانية على عكس ما أثبتته النظريات السابقة من أنها تتراوح
بين 15 - 15000 ذبذبة / ثانية (راجع: كتاب " الفيزياء " تأليف هاليدي ورزنيك، ترجمة گلستانيان وبهار: 2 / 95).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 65، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 65، بحار الأنوار: 4 / 309 / 37.
(4) كثير من الحيوانات لا ترى الألوان، بل ترى الصورة سوداء بيضاء فقط. أما الإنسان فإنه يرى الألوان
السبعة التي هي ألوان الطيف المرئي والتي تنحصر أطوال موجاتها بين 4 /. مكرون (البنفسجي)
و 8 /. مكرون (الأحمر). أما الأضواء التي تقع أطوال موجاتها خارج هذا المجال فإن الانسان
لا يراها، ومنها الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء. إذن فقدرة الإنسان البصرية محدودة،
أما الله تعالى فهو يرى كل جسم وكل لون مهما كان نوعه أو لطافته. وقد وجد بقدرة الله أن النحلة
تستطيع أن تميز بين سبعة ألوان مختلفة من اللون الأبيض، يراها الإنسان لونا واحدا. بهذه الدقة
الكبيرة تستطيع أن تميز بين أنواع الزهور وهي تطير في أعلى السماء (تصنيف نهج البلاغة: 782).
301
5665 - عنه (عليه السلام) - حيث كان جالسا على نهر الفرات وبيده قضيب، فضرب به على
صفحة الماء وقال: لو شئت لجعلت لكم من الماء نورا ونارا (1) (2).



(1) لم يفصح الإمام (عليه السلام) عن مضمون كلامه بل أجراه مجرى الرموز، وذلك لأن عقول الناس في ذلك
الزمان لا تتحمل أكثر من هذا. وفي قوله: " لجعلت لكم من الماء نورا ونارا " دلالة خفية إلى ما في
الماء من طاقة يمكن أن تولد النور (وهو الكهرباء) والنار (وهو الطاقة الحرارية). وإذا تعمقنا في النظرة
وجدنا أن الماء يتركب من عنصرين هما الهيدروجين والأكسجين. الأول قابل للاحتراق وإعطاء
النور، والثاني يساعد على الاحتراق ويعطي الحرارة. وأبعد من ذلك فإن وجود الماء الثقيل O 2 D في
الماء الطبيعي بنسبة 2 إلى... / 10 يجعله أفضل مصدر طبيعي للهيدروجين الثقيل الذي نسميه
(الدوتريوم) ونرمز له بالرمز D. وهذا النظير هو حجر الأساس في تركيب القنبلة الهيدروجينية،
القائمة على اندماج ذرتين من الدوتيريوم لتشكيل الهليوم. علما بأن الطاقة الناتجة عن هذا الاندماج
والتي - هي منشأ طاقة الشمس - تفوق آلاف المرات الطاقة الناتجة عن القنبلة الذرية التي تقوم على
انشطار اليورانيوم، ولأخذ فكرة فإن اصطناع غرام من الهليوم نتيجة اندماج الدوتيريوم يعطي طاقة =
675 مليون بليون ارغة = 200 ألف كيلو واط ساعي (تصنيف نهج البلاغة: 783).
(2) تصنيف نهج البلاغة: 782.
302
الباب التاسع
علم طبقات الأرض وحركة الجو
9 / 1
وظيفة الجبال في الأرض
5666 - الإمام علي (عليه السلام): عدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها، وذوات الشناخيب
الشم من صياخيدها (1). فسكنت من الميدان لرسوب الجبال في قطع أديمها،
وتغلغلها متسربة في جوبات خياشيمها، وركوبها أعناق سهول الأرضين
وجراثيهما (2).
5667 - عنه (عليه السلام): أنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال، وأرساها على
غير قرار، وأقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم وحصنها من الأود
والاعوجاج، ومنعها من التهافت والانفراج، أرسى أوتادها، وضرب



(1) الصيخود: الصخرة الملساء الصلبة لا تحرك من مكانها ولا يعمل فيها الحديد (لسان العرب: 3 / 245).
(2) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 112 / 90.
303
أسدادها (1).
5668 - عنه (عليه السلام) - في عجيب صنعة الكون -: جبل جلاميدها ونشوز متونها
وأطوادها، فأرساها في مراسيها، وألزمها قرارتها فمضت رؤوسها في الهواء،
ورست أصولها في الماء، فأنهد جبالها عن سهولها، وأساخ قواعدها في متون
أقطارها ومواضع أنصابها، فأشهق قلالها، وأطال أنشازها، وجعلها للأرض
عمادا، وأرزها فيها أوتادا، فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها أو تسيخ
بحملها أو تزول عن مواضعها (2).
5669 - عنه (عليه السلام): فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور
ميدان أرضه (3) (4).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 477 / 116، بحار الأنوار: 4 / 255 / 8.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 211، بحار الأنوار: 57 / 38 / 15.
(3) يؤكد الإمام (عليه السلام) على أن الله سبحانه حين خلق الجبال في الأرض، جعل لكل جبل منها جذرا في
الأرض هو الوتد، ولهذا الوتد وظيفتان: الاولى: أنه يحفظ الجبل من التهافت والانزلاق، كما حدث
لجبل السلط قرب عمان، الذي انزلق من مكانه وسار والثانية: أن الوتد المغروس في أديم الأرض
يمسك طبقات الأرض نفسها، بعضها ببعض، فيمنعها من الاضطراب والميدان، تماما كما نفعل عندما
نمسك الصفائح المعدنية ببعضها عن طريق غرس مسامير قوية فيها.
هذه وظيفة الجبال بالنسبة لاستقرار الأرض، أما وظيفتها بالنسبة لاستقرار حياة الإنسان فوجود
الجبال على الأرض يحافظ على التربة والصخور الموجودة على سطح الأرض من الزوال والانتقال،
ويحفظها من تأثير الرياح العاصفة بها، فيتسنى بذلك إقامة حياة إنسانية رتيبة في الجبال والسهول
والوديان ولو كان سطح الأرض مستويا بدون جبال لكان عرضة للتغير (تصنيف نهج البلاغة: 783).
(4) نهج البلاغة: الخطبة 1، الاحتجاج: 1 / 473 / 113، بحار الأنوار: 77 / 300 / 7 وج 4 / 247 / 5.
304
9 / 2
تسيير سحب الأمطار إلى أعالي الجبال (1)
5670 - الإمام علي (عليه السلام): وفسح بين الجو وبينها، وأعد الهواء متنسما لساكنها،
وأخرج إليها أهلها على تمام مرافقها، ثم لم يدع جرز (2) الأرض التي تقصر مياه
العيون عن روابيها، ولا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها، حتى أنشأ لها
ناشئة سحاب تحيي مواتها وتستخرج نباتها. ألف غمامها بعد افتراق لمعه وتباين
قزعه، حتى إذا تمخضت لجة المزن فيه، والتمع برقه في كففه (3)، ولم ينم وميضه
في كنهور ربابه ومتراكم سحابه، أرسله سحا متداركا، قد أسف هيدبه، تمريه
الجنوب درر أهاضيبه ودفع شآبيبه، فلما ألقت السحاب برك بوانيها، وبعاع ما
استقلت به من العبء المحمول عليها أخرج به من هوامد الأرض النبات، ومن
زعر الجبال الأعشاب، فهي تبهج بزينة رياضها، وتزدهي بما ألبسته من ريط



(1) يبين الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة 91 نعمة من نعم الله على عباده، تتصل بتحريك الجو وما فيه من هواء
ورياح وغيوم. ففي تقدير الله تعالى أنه أجرى في السهول أنهارا ليشرب منها الناس والدواب
والنبات، أما المناطق العالية في الجبال فلم يتركها بدون ماء وحياة، بل سير لها نصيبها من الماء عن
طريق حركة الرياح التي تنشأ عن اختلاف الحرارة بين سطح البحر وسطح الجبل، فإذا تبخر ماء البحر
علا في الجو لخفته، وانحدر من الجبل هواء بارد يملأ فراغه، فتحدث بذلك دورة للرياح، تحمل
بموجبها سحب الأمطار إلى أعالي الجبال، فإذا وصلت إلى هنالك فوجئت ببرودة جو الجبال،
فتكاثفت وانعقدت أمطارا، تجري على رؤوس الجبال، مشيعة الحياة والخصب والنضارة والرزق
للنبات والأنعام والأنام (تصنيف نهج البلاغة: 785).
(2) الجرز: الأرض التي لا نبات بها ولا ماء (النهاية: 1 / 260).
(3) كفة كل شيء بالضم: طرته وحاشيته (النهاية: 4 / 191).
305
أزاهيرها، وحلية ما سمطت به من ناضر أنوارها، وجعل ذلك بلاغا للأنام ورزقا
للأنعام، وخرق الفجاج في آفاقها وأقام المنار للسالكين على جواد طرقها (1).
9 / 3
الجبال مخازن مياه الأنهار (2)
5671 - الإمام علي (عليه السلام): فلما سكن هيج الماء من تحت أكنافها، وحمل شواهق
الجبال الشمخ البذخ على أكتافها، فجر ينابيع العيون من عرانين أنوفها، وفرقها
في سهوب بيدها وأخاديدها (3).
5672 - عنه (عليه السلام): أرسى أوتادها، وضرب أسدادها، واستفاض عيونها، وخد
أوديتها، فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما قواه (4).



(1) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 112 / 90.
(2) عندما تسقط الأمطار على الجبال ترتوي تربتها فتنمو فيها الأشجار والزروع، وتزدهر حياة الانسان
والحيوان. أما المياه الفائضة فتمتصها الجبال لتخزنها في جيوب كبيرة نقية باردة. حتى إذا جاء الصيف
وقلت مياه الأنهار، تفجرت تلك المياه من الينابيع معينا عذبا سلسبيلا، وقد أشار القرآن إلى هذه
الحقيقة العلمية التي تفيد أن الجبال مخازن مياه الينابيع، والأنهار، كما أشار إليها الإمام علي (عليه السلام) في
عدة مواضع (تصنيف نهج البلاغة: 787).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: 57 / 111 / 90.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 186، الاحتجاج: 1 / 478 / 116، بحار الأنوار: 57 / 30 / 6.
306
الباب العاشر
سلوني قبل أن تفقدوني
5673 - الإمام علي (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني (1).
5674 - تاريخ دمشق عن عمير بن عبد الله: خطبنا علي على منبر الكوفة، فقال:
أيها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، فبين الجبلين (2) مني علم جم (3).
5675 - الإمام علي (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق السماء أعلم مني



(1) التوحيد: 305 / 1، الاحتجاج: 1 / 610 / 138 كلاهما عن الأصبغ بن نباتة، تاريخ اليعقوبي:
2 / 193، تفسير العياشي: 2 / 282 / 22 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (عليهم السلام)،
الملاحم والفتن: 221 / 319 عن زر بن حبيش، غرر الحكم: 5637، المناقب لابن شهر آشوب:
2 / 38 وفيه " روى ابن البختري من ستة طرق وابن القصل من عشر طرق، وإبراهيم الثقفي من أربعة
عشر طريقا "؛ المناقب للخوارزمي: 91 / 85 عن أبي البختري.
(2) وفي نسخة: " الجنبين ".
(3) تاريخ دمشق: 42 / 400؛ التوحيد: 92 / 6 عن وهب بن وهب القرشي عن الإمام الصادق عن أبيه
عنه (عليهم السلام)، تفسير العياشي: 2 / 282 / 22 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده
عنه (عليهم السلام) وفيهما " فإن بين جوانحي علما جما " بدل " فبين الجبلين... ".
307
بطرق الأرض، قبل أن تشغر (1) برجلها فتنة تطأ في خطامها (2) وتذهب بأحلام
قومها (3).
5676 - عنه (عليه السلام): سلوني عن طرق السماء، فإني أعلم بها من طرق الأرض،
سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جنبي علوما كثيرة كالبحار الزواخر (4).
5677 - عنه (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فإني لا اسأل عن شيء دون العرش إلا
أخبرت عنه (5).
5678 - عنه (عليه السلام): سلوني عما فوق العرش، سلوني عما تحت العرش، سلوني قبل
أن تفقدوني (6).
5679 - عنه (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله لا تسألوني عن شيء مضى ولا
عن شيء يكون إلا أنبأتكم به (7).
5680 - عنه (عليه السلام): سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا
حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما منه آية إلا أنا أعلم بليل نزلت أم



(1) الشغر: الرفع (لسان العرب: 4 / 417).
(2) الخطم من كل طائر: منقاره. والخطم من كل دابة: مقدم أنفها وفمها نحو الكلب والبعير (لسان العرب:
12 / 186).
(3) نهج البلاغة: الخطبة 189، غرر الحكم: 5635، عيون الحكم والمواعظ: 285 / 5145 كلاهما إلى
" بطرق الأرض " وفيهما " أخبر " بدل " أعلم ".
(4) ينابيع المودة: 3 / 208 وص 223 وفيه من " سلوني قبل أن تفقدوني... ".
(5) كنز العمال: 13 / 165 / 36502 نقلا عن ابن النجار عن أبي المعتمر مسلم بن أوس وجارية بن
قدامة السعدي وراجع إرشاد القلوب: 377.
(6) الفضائل لابن شاذان: 117، بحار الأنوار: 46 / 135 / 25.
(7) الأمالي للصدوق: 196 / 207 عن الأصبغ بن نباتة، كامل الزيارات: 155 / 191.
308
بنهار، أم بسهل نزلت أم بجبل (1).
5681 - تفسير الطبري عن أبي الطفيل: سمعت عليا (رضي الله عنه) يقول: لا تسألوني عن
كتاب ناطق ولا سنة ماضية إلا حدثتكم، فسأله ابن الكواء عن الذاريات. فقال:
هي الرياح (2).
5682 - المستدرك على الصحيحين عن أبي الطفيل: رأيت أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (رضي الله عنه) قام على المنبر فقال: سلوني قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي
مثلي.
قال: فقام ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين، ما (الذريت ذروا) (3)؟ قال:
الرياح.
قال: فما (الحملت وقرا) (4)؟ قال: السحاب.
قال: فما (الجريت يسرا) (5)؟ قال: السفن.
قال: فما (المقسمت أمرا) (6)؟ قال: الملائكة.
قال: فمن (الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم) (7)؟ قال:
منافقو قريش (8).



(1) جامع بيان العلم: 1 / 114، الاستيعاب: 3 / 208 / 1875، كنز العمال: 2 / 565 / 4740، ذخائر
العقبى: 151، شواهد التنزيل: 1 / 42 / 31؛ سعد السعود: 109 كلها عن أبي الطفيل، غرر الحكم:
5637 كلاهما نحوه.
(2) تفسير الطبري: 13 / الجزء 26 / 186، تفسير ابن كثير: 7 / 390 عن أبي الطفيل نحوه.
(3 - 6) الذاريات: 1 - 4.
(7) إبراهيم: 28 و 29.
(8) المستدرك على الصحيحين: 2 / 506 / 3736؛ الاحتجاج: 1 / 612 / 139 عن الأصبغ بن نباتة
نحوه، وراجع المستدرك على الصحيحين: 2 / 383 / 3342 والمعيار والموازنة: 298.
309
5683 - الإمام علي (عليه السلام): والله لو شئت أن اخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه
وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله (صلى الله عليه وآله).
ألا وإني مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك منه، والذي بعثه بالحق واصطفاه
على الخلق، ما أنطق إلا صادقا، وقد عهد إلي بذلك كله، وبمهلك من يهلك،
ومنجى من ينجو، ومآل هذا الأمر، وما أبقى شيئا يمر على رأسي إلا أفرغه في
اذني وأفضى به إلي (1).
5684 - عنه (عليه السلام) - من خطبة له ذكر فيها الفتنة، ثم قال -: فاسألوني قبل أن
تفقدوني، فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا
عن فئة تهدي مائة وتضل مائة، إلا أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ
ركابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلا ومن يموت منهم موتا.
ولو قد فقدتموني ونزلت بكم كرائه الامور، وحوازب الخطوب (2)، لأطرق
كثير من السائلين، وفشل كثير من المسؤولين، وذلك إذا قلصت (3) حربكم
وشمرت عن ساق، وضاقت الدنيا عليكم ضيقا، تستطيلون معه أيام البلاء
عليكم، حتى يفتح الله لبقية الأبرار منكم (4).
5685 - عنه (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فإني عن قليل مقتول، فما يحبس



(1) نهج البلاغة: الخطبة 175، غرر الحكم: 7606، عيون الحكم والمواعظ: 416 / 7071 وليس
فيهما " ومآل هذا الأمر "؛ ينابيع المودة: 1 / 207 / 8.
(2) حوازب الخطوب: الأمر الشديد (لسان العرب: 1 / 309).
(3) قلصت الإبل: استمرت في مضيها (لسان العرب: 7 / 81).
(4) نهج البلاغة: الخطبة 93، الغارات: 1 / 7 عن ابن أبي ليلى، شرح الأخبار: 2 / 39 / 410 كلاهما
نحوه، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 39 وفيه إلى " موتا " وراجع عوالي اللآلي: 4 / 129 / 221.
310
أشقاها أن يخضبها بدم أعلاها، فوالذي فلق البحر وبرأ النسمة، لا تسألوني عن
شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فتنة تضل مائة أو تهدي مائة إلا أنبأتكم
بناعقها وقائدها وسائقها إلى يوم القيامة.
إن القرآن لا يعلم علمه إلا من ذاق طعمه، وعلم بالعلم جهله، وأبصر عمله،
واستمع صممه، وأدرك به مأواه، وحي به إن مات، فأدرك به الرضى من الله،
فاطلبوا ذلك عند أهله. فإنهم في بيت الحياة، ومستقر القرآن، ومنزل الملائكة،
وأهل العلم الذين يخبركم عملهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم. هم الذين
لا يخالفون الحق، ولا يختلفون فيه، قد مضى فيهم من الله حكم صادق، وفي
ذلك ذكرى للذاكرين (1).
5686 - الأمالي للطوسي عن عباية بن ربعي: كان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما
يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما من أرض مخصبة (2) ولا مجدبة (3)، ولا
فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم
القيامة (4).
5687 - بصائر الدرجات عن سلام: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نروي أحاديث لم
نجد عند أحد من أهل بيتك فيها شيئا.



(1) تاريخ اليعقوبي: 2 / 193، الملاحم والفتن: 221 / 319 عن زر بن حبيش، شرح الأخبار:
2 / 286 / 601 كلاهما نحوه إلى " وسائقها ".
(2) المخصبة: الأرض المكلئة (لسان العرب: 1 / 356).
(3) الجدبة: الأرض التي ليس بها قليل ولا كثير ولا مرتفع ولا كلأ (لسان العرب: 1 / 256).
(4) الأمالي للطوسي: 58 / 85، الإرشاد: 1 / 330 عن أبي الحكم نحوه، الاختصاص: 279 عن
الأصبغ بن نباتة، بصائر الدرجات: 299 / 13 عن سعد بن الأصبغ وليس فيهما " وناعقها إلى يوم
القيامة "؛ ينابيع المودة: 1 / 222 / 45.
311
فقال: ما هي؟
قلت: يروون أن عليا (عليه السلام) كان يقول وهو يخطب الناس: يا أيها الناس، سلوني
فإنكم لن تسألوني عن شيء فيما بيني وبين الساعة، لا عن أرض مجدبة ولا عن
أرض مخصبة، ولا فرقة تضل مائة وتهدي مائة إلا أن لو شئت أنبئكم بناعقها
وقائدها وسائقها.
قال: وإنه حق (1).
5688 - الكافي عن زرارة: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فقال له رجل من أهل الكوفة
يسأله عن قول أمير المؤمنين (عليه السلام): سلوني عما شئتم، فلا تسألوني عن شيء إلا
أنبأتكم به.
قال: إنه ليس أحد عنده علم شيء إلا خرج من عند أمير المؤمنين (عليه السلام)،
فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الأمر إلا من هاهنا. وأشار بيده إلى
بيته (2).
5689 - الاستيعاب عن سعيد بن المسيب: ما كان أحد من الناس يقول:
" سلوني "، غير علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) (3).
5690 - التوحيد عن الأصبغ بن نباته: لما جلس علي (عليه السلام) في الخلافة وبايعه
الناس، خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابسا بردة رسول الله (صلى الله عليه وآله)



(1) بصائر الدرجات: 296 / 2 وص 297 / 8.
(2) الكافي: 1 / 399 / 2، بصائر الدرجات: 12 / 1 وفيه " المدينة " بدل " بيته ".
(3) الاستيعاب: 3 / 206 / 1875، اسد الغابة: 4 / 95 / 3789، جامع بيان العلم: 1 / 114؛ المناقب
لابن شهر آشوب: 2 / 39.
312
متنعلا نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) متقلدا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصعد المنبر فجلس (عليه السلام) عليه
متمكنا، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال:
يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط (1) العلم، هذا لعاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا ما زقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) زقا زقا. سلوني فإن عندي علم الأولين
والآخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها؛ لأفتيت أهل التوراة
بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله
في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق على ما
كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن
فيقول: صدق على ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في. وأنتم تتلون القرآن ليلا
ونهارا فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان
وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي هذه الآية (يمحوا الله ما يشآء ويثبت
وعنده وأم الكتب) (2).
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فو الله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو
سألتموني عن آية آية في ليل انزلت أو في نهار انزلت، مكيها ومدنيها، سفريها
وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها
لأخبرتكم.
فقام إليه رجل يقال له ذعلب وكان ذرب اللسان بليغا في الخطب شجاع
القلب فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي
إياه فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟



(1) السفط، الذي يعبى فيه الطيب ونحوه (مجمع الحرين: 2 / 850).
(2) الرعد: 39.
313
قال: ويلك يا ذعلب! لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره.
قال: فكيف رأيته؟ صفه لنا.
قال: ويلك! لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق
الإيمان! ويلك يا ذعلب! إن ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون
ولا بالقيام قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف،
عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة
لا يوصف بالغلظ. رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة. مؤمن لا بعبادة، مدرك
لا بمجسة، قائل لا باللفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على
غير مباينة، فوق كل شيء فلا يقال: شيء فوقه، أمام كل شيء فلا يقال: له أمام،
داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج منها لا كشيء من شيء
خارج.
فخر ذعلب مغشيا عليه، ثم قال: تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله
لا عدت إلى مثلها.
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه الأشعث بن قيس فقال:
يا أمير المؤمنين، كيف يؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم
يبعث إليهم نبي؟
قال: بلى يا أشعث قد أنزل الله عليهم كتابا وبعث إليهم رسولا، حتى كان لهم
ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلما أصبح تسامع به قومه
فاجتمعوا إلى بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا وأهلكته فأخرج نطهرك
ونقم عليك الحد.
فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا

314
فشأنكم. فاجتمعوا فقال لهم: هل علمتم أن الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا
آدم وأمنا حواء؟
قالوا: صدقت أيها الملك. قال: أفليس قد زوج بنيه من بناته وبناته من بنيه؟
قالوا: صدقت هذا هو الدين. فتعاقدوا على ذلك، فمحا الله ما في صدورهم
من العلم، ورفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب. والمنافقون
أشد حالا منهم.
قال الأشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله لا عدت إلى مثلها أبدا.
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا
على عصاه، فلم يزل يتخطى الناس حتى دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين دلني
على عمل أنا إذا عملته نجاني الله من النار.
قال له: اسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن، قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق
مستعمل لعلمه، وبغني لا يبخل بماله على أهل دين الله، وبفقير صابر. فإذا كتم
العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور! وعندها يعرف
العارفون بالله أن الدار قد رجعت إلى بدئها أي الكفر بعد الإيمان. أيها السائل فلا
تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى. أيها
السائل، إنما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من
الدنيا أتاه ولا يحزن على شيء منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فإن أدرك
منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من
حل أصابها أم من حرام.
قال له: يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟
قال: ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه، وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ
منه وإن كان حميما قريبا. قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين. ثم غاب الرجل

315
فلم نره فطلبه الناس فلم يجدوه. فتبسم علي (عليه السلام) على المنبر ثم قال: ما لكم هذا
أخي الخضر (عليه السلام).
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فلم يقم إليه أحد، فحمد الله وأثنى عليه
وصلى على نبيه (صلى الله عليه وآله)، ثم قال للحسن (عليه السلام): يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام
لا تجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسن بن علي لا يحسن شيئا.
قال الحسن: (عليه السلام) يا أبت كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى؟
قال له: بأبي وامي أواري نفسي عنك وأسمع وأرى وأنت لا تراني.
فصعد الحسن (عليه السلام) المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة، وصلى على النبي وآله
صلاة موجزة، ثم قال: أيها الناس سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا مدينة
العلم وعلي بابها وهل تدخل المدينة إلا من بابها ثم نزل.
فوثب إليه علي (عليه السلام) فحمله وضمه إلى صدره، ثم قال للحسين: يا بني قم
فاصعد المنبر وتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسين بن
علي لا يبصر شيئا، وليكن كلامك تبعا لكلام أخيك.
فصعد الحسين (عليه السلام) المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه (صلى الله عليه وآله) صلاة
موجزة، ثم قال: معاشر الناس سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: إن عليا هو
مدينة هدى فمن دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك.
فوثب إليه علي فضمه إلى صدره وقبله ثم قال: معاشر الناس اشهدوا أنهما
فرخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وديعته التي استودعنيها وأنا أستودعكموها، معاشر الناس
ورسول الله (صلى الله عليه وآله) سائلكم عنهما (1).



(1) التوحيد: 305 / 1، الأمالي للصدوق: 423 / 560، الاختصاص: 235، الاحتجاج: 1 / 609 / 138
وفيه إلى " هذا أخي الخضر (عليه السلام) "؛ ينابيع المودة: 2 / 337 / 982 نحوه إلى " نهارا ".
316
خزي من قال سلوني غير النبي والإمام
5691 - العلامة الأميني (قدس سره) في الغدير: لم أر في التاريخ قبل مولانا أمير المؤمنين
من عرض نفسه لمعضلات المسائل وكراديس الأسئلة، ورفع عقيرته (1) بجأش
رابط بين الملأ العلمي بقوله: سلوني، إلا صنوه النبي الأعظم؛ فإنه (صلى الله عليه وآله) كان يكثر
من قوله: " سلوني عما شئتم "، وقوله: " سلوني، سلوني "، وقوله: " سلوني، ولا
تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به ". فكما ورث أمير المؤمنين علمه (صلى الله عليه وآله) ورث
مكرمته هذه وغيرها، وهما صنوان في المكارم كلها.
وما تفوه بهذا المقال أحد بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا وقد فضح ووقع في
ربيكة (2)، وأماط بيده الستر عن جهله المطبق، نظراء:
1 - إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي



(1) العقيرة: الصوت (النهاية: 3 / 275).
(2) يقال: إرتبك الرجل في الأمر: أي نشب فيه ولم يكد يتخلص منه. وارتبك في كلامه: تتعتع (انظر
لسان العرب: 10 / 431).
317
القرشي والي مكة والمدينة والموسم لهشام بن عبد الملك، حج بالناس سنة
(107)، وخطب بمنى، ثم قال: سلوني؛ فأنا ابن الوحيد، لا تسألوا أحدا أعلم
مني!
فقام إليه رجل من أهل العراق، فسأله عن الأضحية أ واجبة هي؟ فما درى
أي شيء يقول له، فنزل عن المنبر (1).
2 - مقاتل بن سليمان: قال إبراهيم الحربي: قعد مقاتل بن سليمان فقال:
سلوني عما دون العرش إلى لويانا (2)!
فقال له رجل: آدم حين حج من حلق رأسه؟
قال: فقال له: ليس هذا من عملكم، ولكن الله أراد أن يبتليني بما أعجبتني
نفسي! (3)
3 - قال سفيان بن عيينة: قال مقاتل بن سليمان يوما: سلوني عما دون
العرش!
فقال له إنسان: يا أبا الحسن، أرأيت الذرة أو النملة أمعاؤها في مقدمها أو
مؤخرها؟
قال: فبقي الشيخ لا يدري ما يقول له. قال سفيان: فظننت أنها عقوبة عوقب
بها (4).



(1) راجع: تاريخ دمشق: 7 / 261 / 535 وتاريخ الطبري: 7 / 53.
(2) كذا في المصدر.
(3) راجع: تاريخ بغداد: 13 / 163 / 7143 وتهذيب الكمال: 28 / 447 / 6161.
(4) راجع: تاريخ بغداد: 13 / 166 / 7143 وتهذيب الكمال: 28 / 447 / 6161.
318
4 - قال موسى بن هارون الحمال: بلغني أن قتادة قدم الكوفة، فجلس في
مجلس له وقال: سلوني عن سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أجيبكم.
فقال جماعة لأبي حنيفة: قم إليه فسله. فقام إليه فقال: ما تقول يا أبا الخطاب
في رجل غاب عن أهله فتزوجت امرأته، ثم قدم زوجها الأول فدخل عليها
وقال: يا زانية، تزوجت وأنا حي؟! ثم دخل زوجها الثاني فقال لها: تزوجت يا
زانية ولك زوج؟! كيف اللعان؟
فقال قتادة: قد وقع هذا؟
فقال له أبو حنيفة: وإن لم يقع نستعد له!
فقال له قتادة: لا أجيبكم في شيء من هذا؛ سلوني عن القرآن.
فقال له أبو حنيفة: ما تقول في قوله عز وجل: (قال الذي عنده وعلم من الكتب أنا
ءاتيك بهى) (1)؛ من هو؟
قال قتادة: هذا رجل من ولد عم سليمان بن داود؛ كان يعرف اسم الله الأعظم.
فقال أبو حنيفة: أكان سليمان يعلم ذلك الاسم؟
قال: لا.
قال: سبحان الله! ويكون بحضرة نبي من الأنبياء من هو أعلم منه؟!
قال قتادة: لا أجيبكم في شيء من التفسير؛ سلوني عما اختلف الناس فيه.
فقال له أبو حنيفة: أمؤمن أنت؟
قال: أرجو.



(1) النمل: 40.
319
قال له أبو حنيفة: فهلا قلت كما قال إبراهيم فيما حكى الله عنه حين قال له:
(أو لم تؤمن قال بلى) (1).
قال قتادة: خذوا بيدي؛ والله لا دخلت هذا البلد أبدا! (2)
5 - وحكي عن قتادة أنه دخل الكوفة فاجتمع عليه الناس، فقال: سلوا عما
شئتم، وكان أبو حنيفة حاضرا وهو يومئذ غلام حدث، فقال: سلوه عن نملة
سليمان أكانت ذكرا أم انثى؟ فسألوه فأفحم.
فقال أبو حنيفة: كانت انثى. فقيل له: كيف عرفت ذلك؟ فقال: من قوله
تعالى: (قالت) (3)، ولو كانت ذكرا لقال: قال نملة؛ مثل الحمامة والشاة في
وقوعها على الذكر والأنثى (4).
6 - قال عبيد الله بن محمد بن هارون: سمعت الشافعي بمكة يقول: سلوني
عما شئتم أحدثكم من كتاب الله وسنة نبيه.
فقيل: يا أبا عبد الله، ما تقول في محرم قتل زنبورا؟
قال: (ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه) (5) (6) (7).



(1) البقرة: 260.
(2) راجع: الانتقاء لابن عبد البر: 156.
(3) النمل: 18.
(4) راجع: حياة الحيوان الكبرى: 2 / 368 والكشاف: 3 / 137 وفيض القدير: 4 / 673 وبحار الأنوار:
14 / 95.
(5) الحشر: 7.
(6) راجع: تذكرة الحفاظ: 2 / 755 / 756 والسنن الكبرى: 5 / 347 / 10055.
(7) الغدير: 6 / 195.
320
5692 - قال زين الدين العاملي في الصراط المستقيم: مما سمعناه مذاكرة أن ابن
الجوزي قال على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني. فسألته امرأة عما روي أن
عليا سار في ليلة إلى سلمان فجهزه ورجع.
فقال: روي ذلك.
قالت: وعثمان تم ثلاثة أيام منبوذا في مزابل البقيع، وعلي حاضر؟
قال: نعم.
قالت: فقد لزم الخطأ لأحدهما!
فقال: إن كنت خرجت من بيتك بغير إذن بعلك فعليك لعنة الله وإلا فعليه!
فقالت: خرجت عائشة إلى حرب علي بإذن النبي أو لا؟! فانقطع (1).
راجع: القسم الثالث عشر / إخباره بالأمور الغيبية.



(1) الصراط المستقيم: 1 / 218.
321
الباب الحادي عشر
سرعة البديهة
5693 - نهج البلاغة: قال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه!
فقال (عليه السلام) له: إنما اختلفنا عنه لا فيه (1)، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر
حتى قلتم لنبيكم: (اجعل لنآ إلها كما لهم ءالهة قال إنكم قوم تجهلون) (2)! (3)
5694 - نهج البلاغة: سئل (عليه السلام): كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم؟!
فقال (عليه السلام): كما يرزقهم على كثرتهم.
فقيل: كيف يحاسبهم ولا يرونه؟
فقال (عليه السلام): كما يرزقهم ولا يرونه (4).



(1) أي في أخبار وردت عنه، لا في صدق نبوته.
(2) الأعراف: 138.
(3) نهج البلاغة: الحكمة 317، الأمالي للسيد المرتضى: 1 / 198 وراجع جواهر المطالب: 1 / 259.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 300، الأمالي للسيد المرتضى: 1 / 103، روضة الواعظين: 41،
بحار الأنوار: 7 / 271 / 37.
323
5695 - الأمالي للسيد المرتضى: قال له (عليه السلام) ابن الكواء: يا أمير المؤمنين، كم بين
السماء والأرض؟
قال: دعوة مستجابة (1).
5696 - نهج البلاغة: سئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب، فقال (عليه السلام): مسيرة
يوم للشمس (2).
5697 - الغارات عن أبي عمرو الكندي - في ذكر أسئلة ابن الكواء منه (عليه السلام) -:
قال [ابن الكواء]: فكم بين السماء والأرض؟
قال: مد البصر، ودعوة بذكر الله فيسمع. لا نقول غير ذلك؛ فاسمع، لا أقول
غير ذلك (3).
5698 - الإمام علي (عليه السلام) - حين قال له ابن الكواء: يا أمير المؤمنين، كم بين موضع
قدمك إلى عرش ربك؟ قال -: ثكلتك امك يا بن الكواء! سل متعلما ولا تسأل
متعنتا؛ من موضع قدمي إلى عرش ربي أن يقول قائل مخلصا: لا إله إلا الله (4).
5699 - عنه (عليه السلام) - في جواب سائل -: أما الابن الذي أكبر من أبيه وله ابن أكبر منه
فهو عزير؛ بعثه الله وله أربعون سنة ولابنه مائة وعشر سنين (5).



(1) الأمالي للسيد المرتضى: 1 / 198، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 383، بحار الأنوار: 10 / 84 / 5.
(2) نهج البلاغة: الحكمة 294، الغارات: 1 / 180، بحار الأنوار: 58 / 166 / 25.
(3) الغارات: 1 / 180، بحار الأنوار: 58 / 93 / 13، نهج السعادة: 2 / 632 / 342؛ كنز العمال:
13 / 161 / 36492 نقلا عن ابن منيع عن زاذان وفيهما " قدر دعوة عبد دعا الله، لا أقول غير ذلك ".
(4) الاحتجاج: 1 / 614 / 139، بحار الأنوار: 10 / 122 / 2.
(5) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 385، الصراط المستقيم: 2 / 19 نحوه، بحار الأنوار: 10 / 88 / 7
وراجع تفسير العياشي: 1 / 141 / 468.
324
5700 - خصائص الأئمة (عليهم السلام): قال كعب الأحبار:... أخبرني يا أبا الحسن عمن لا
أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن لا قبلة له؟
قال: أما من لا أب له فعيسى (عليه السلام)، وأما [من] (1) لا عشيرة له فآدم (عليه السلام)، وأما من
لا قبلة له فهو البيت الحرام؛ هو قبلة ولا قبلة لها.
هات يا كعب.
فقال: أخبرني يا أبا الحسن عن ثلاثة أشياء لم ترتكض في رحم ولم تخرج
من بدن؟
فقال (عليه السلام): هي عصا موسى (عليه السلام)، وناقة ثمود، وكبش إبراهيم.
ثم قال: هات يا كعب.
فقال: يا أبا الحسن، بقيت خصلة؛ فإن أنت أخبرتني بها فأنت أنت! قال:
هلمها يا كعب.
قال: قبر سار بصاحبه؟
قال: ذلك يونس بن متى إذ سجنه الله في بطن الحوت (2).
5701 - تذكرة الخواص عن ابن المسيب: كتب ملك الروم إلى عمر:... أما بعد؛
فإني مسائلك عن مسائل، فأخبرني عنها: ما شيء لم يخلقه الله؟ وما شيء لا
يعلمه الله؟ و... فقرأ علي (عليه السلام) الكتاب، وكتب في الحال خلفه: بسم الله الرحمن
الرحيم،... أما الذي لا يعلمه الله فقولكم: له ولد وصاحبة وشريك؛ (ما اتخذ



(1) إضافة يقتضيها السياق.
(2) خصائص الأئمة (عليهم السلام): 89 وراجع الخصال: 456 / 1 وبحار الأنوار: 10 / 3 / 1.
325
الله من ولد وما كان معه ومن إله) (1)؛ (لم يلد ولم يولد) (2).
وأما الذي ليس عند الله: فالظلم؛ (وما ربك بظلم للعبيد) (3).
وأما الذي كله فم: فالنار تأكل ما يلقى فيها.
وأما الذي كله رجل: فالماء.
وأما الذي كله عين: فالشمس.
وأما الذي كله جناح: فالريح.
وأما الذي لا عشيرة له: فآدم (عليه السلام).
وأما الذين لم يحمل بهم رحم: فعصا موسى، وكبش إبراهيم، وآدم، وحواء.
وأما الذي يتنفس من غير روح: فالصبح؛ لقوله تعالى: (والصبح إذا
تنفس) (4)....
وأما الظاعن (5): فطور سيناء (6)؛ لما عصت بنو إسرائيل، وكان بينه وبين
الأرض المقدسة أيام، فقلع الله منه قطعة وجعل لها جناحين من نور، فنتقه (7)



(1) المؤمنون: 91.
(2) الإخلاص: 3.
(3) فصلت: 46.
(4) التكوير: 18.
(5) اسم فاعل من ظعن يظعن: أي ذهب وسار (انظر لسان العرب: 13 / 270).
(6) طور سيناء: سينا - بفتح السين أو كسرها - اسم موضع بالشام يضاف إليه الطور فيقال: طور سيناء،
الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى بن عمران (عليه السلام) (معجم البلدان: 3 / 300).
(7) النتق: أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمي به (النهاية: 5 / 13).
326
عليهم؛ فذلك قوله: (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنهو ظلة وظنوا أنه وواقع م بهم) (1)، وقال
لبني إسرائيل: إن لم تؤمنوا وإلا أوقعته عليكم، فلما تابوا رده إلى مكانه.
وأما المكان الذي لم تطلع عليه الشمس إلا مرة واحدة: فأرض البحر لما فلقه
الله لموسى (عليه السلام)، وقام الماء أمثال الجبال، ويبست الأرض بطلوع الشمس عليها،
ثم عاد ماء البحر إلى مكانه.
وأما الشجرة التي يسير الراكب في ظلها مائة عام: فشجرة طوبى؛ وهي سدرة
المنتهى في السماء السابعة، إليها ينتهي أعمال بني آدم، وهي من أشجار الجنة،
ليس في الجنة قصر ولا بيت إلا وفيه غصن من أغصانها. ومثلها في الدنيا
الشمس أصلها واحد وضوؤها في كل مكان.
وأما الشجرة التي نبتت من غير ماء: فشجرة يونس، وكان ذلك معجزة له؛
لقوله تعالى: (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) (2).
وأما غذاء أهل الجنة: فمثلهم في الدنيا الجنين في بطن امه؛ فإنه يغتذي من
سرتها ولا يبول ولا يتغوط.
وأما الألوان في القصعة الواحدة: فمثله في الدنيا البيضة فيها لونان أبيض
وأصفر ولا يختلطان.
وأما الجارية التي تخرج من التفاحة: فمثلها في الدنيا الدودة تخرج من
التفاحة ولا تتغير.
وأما الجارية التي تكون بين اثنين: فالنخلة التي تكون في الدنيا لمؤمن مثلي



(1) الأعراف: 171.
(2) الصافات: 146.
327
ولكافر مثلك، وهي لي في الآخرة دونك؛ لأنها في الجنة وأنت لا تدخلها!
وأما مفاتيح الجنة: فلا إله إلا الله، محمد رسول الله.
قال ابن المسيب: فلما قرأ قيصر الكتاب قال: ما خرج هذا الكلام إلا من بيت
النبوة! (1)
5702 - بحار الأنوار: قضى [علي (عليه السلام)] بالبصرة لقوم حدادين اشتروا باب حديد
من قوم، فقال أصحاب الباب: كذا وكذا منا، فصدقوهم وابتاعوه، فلما حملوا
الباب على أعناقهم قالوا للمشتري: ما فيه ما ذكروه من الوزن، فسألوهم
الحطيطة فأبوا، فارتجعوا عليهم، فصاروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: أدلكم؛
احملوه إلى الماء. فحمل فطرح في زورق صغير وعلم على الموضع الذي بلغه
الماء. ثم قال: أرجعوا مكانه تمرا موزونا. فما زالوا يطرحون شيئا بعد شيء
موزونا حتى بلغ الغاية. قال: كم طرحتم؟ قالوا: كذا وكذا منا ورطلا. قال (عليه السلام):
وزنه هذا (2).
5703 - الفضائل: روي أن امرأة تركت طفلا ابن ستة أشهر على سطح، فمشى
الصبي يحبو حتى خرج من السطح وجلس على رأس الميزاب، فجاءت امه
على السطح فما قدرت عليه، فجاؤوا بسلم ووضعوه على الجدار فما قدروا على
الطفل؛ من أجل طول الميزاب وبعده عن السطح، والأم تصيح وأهل الصبي كلهم
يبكون، وكان في أيام عمر بن الخطاب، فجاؤوا إليه فحضر مع القوم فتحيروا
فيه، وقالوا: ما لهذا إلا علي بن أبي طالب! فحضر علي (عليه السلام)، فصاحت ام الصبي



(1) تذكرة الخواص: 145؛ الغدير: 6 / 248 عن ابن المسيب.
(2) بحار الأنوار: 40 / 286 / 45 نقلا عن كتاب صفوة الأخبار.
328
في وجهه، فنظر أمير المؤمنين إلى الصبي، فتكلم الصبي بكلام لا يعرفه أحد،
فقال (عليه السلام): أحضروا هاهنا طفلا مثله، فأحضروه، فنظر بعضهما إلى بعض وتكلم
الطفلان بكلام الأطفال، فخرج الطفل من الميزاب إلى السطح، فوقع فرح في
المدينة لم ير مثله (1).



(1) الفضائل لابن شاذان: 56، بحار الأنوار: 40 / 267 / 36.
329
كلام ابن أبي الحديد في علوم الإمام
قال ابن أبي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة: قد عرفت أن أشرف العلوم
هو العلم الإلهي؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم، ومعلومه أشرف الموجودات،
فكان هو أشرف العلوم. ومن كلامه (عليه السلام) اقتبس، وعنه نقل، وإليه انتهى، ومنه
ابتدأ.
فإن المعتزلة - الذين هم أهل التوحيد والعدل، وأرباب النظر، ومنهم تعلم
الناس هذا الفن - تلامذته وأصحابه؛ لأن كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم
عبد الله بن محمد ابن الحنفية، وأبو هاشم تلميذ أبيه، وأبوه تلميذه (عليه السلام).
وأما الأشعرية: فإنهم ينتمون إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر
الأشعري، وهو تلميذ أبي علي الجبائي، وأبو علي أحد مشايخ المعتزلة،
فالأشعرية ينتهون بأخرة إلى استاذ المعتزلة ومعلمهم، وهو علي بن
أبي طالب (عليه السلام).
وأما الإمامية والزيدية فانتماؤهم إليه ظاهر.
ومن العلوم علم الفقه، وهو (عليه السلام) أصله وأساسه، وكل فقيه في الإسلام فهو عيال

331
عليه، ومستفيد من فقهه.
أما أصحاب أبي حنيفة، كأبي يوسف ومحمد وغيرهما، فأخذوا عن
أبي حنيفة.
وأما الشافعي فقرأ على محمد بن الحسن، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة.
وأما أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة،
وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمد (عليه السلام)، وقرأ جعفر على أبيه (عليه السلام)، وينتهي الأمر
إلى علي (عليه السلام).
وأما مالك بن أنس فقرأ على ربيعة الرأي، وقرأ ربيعة على عكرمة، وقرأ
عكرمة على عبد الله بن عباس، وقرأ عبد الله بن عباس على علي بن أبي طالب.
وإن شئت فرددت إليه فقه الشافعي بقراءته على مالك كان لك ذلك.
فهؤلاء الفقهاء الأربعة.
وأما فقه الشيعة فرجوعه إليه ظاهر. وأيضا فإن فقهاء الصحابة كانوا: عمر بن
الخطاب، وعبد الله بن عباس؛ وكلاهما أخذ عن علي (عليه السلام).
وأما ابن عباس فظاهر، وأما عمر فقد عرف كل أحد رجوعه إليه في كثير من
المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة، وقوله غير مرة: " لولا علي
لهلك عمر! "، وقوله: " لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن! "، وقوله: " لا يفتين
أحد في المسجد وعلي حاضر ".
فقد عرف بهذا الوجه أيضا انتهاء الفقه إليه.
وقد روت العامة والخاصة قوله (صلى الله عليه وآله): " أقضاكم علي ". والقضاء هو الفقه، فهو
إذا أفقههم.

332
وروى الكل أيضا أنه (عليه السلام) قال له وقد بعثه إلى اليمن قاضيا: " اللهم اهد قلبه،
وثبت لسانه ". قال: فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين.
وهو (عليه السلام) الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر، وهو الذي أفتى في
الحامل الزانية، وهو الذي قال في المنبرية (1): " صار ثمنها تسعا ". وهذه المسألة
لو فكر الفرضي (2) فيها فكرا طويلا لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب،
فما ظنك بمن قاله بديهة، واقتضبه ارتجالا!
ومن العلوم علم تفسير القرآن، وعنه اخذ، ومنه فرع. وإذا رجعت إلى كتب
التفسير علمت صحة ذلك؛ لأن أكثره عنه وعن عبد الله بن عباس، وقد علم
الناس حال ابن عباس في ملازمته له وانقطاعه إليه، وأنه تلميذه وخريجه. وقيل
له: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر
المحيط.
ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوف، وقد عرفت أن أرباب
هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون. وقد صرح بذلك
الشبلي، والجنيد، وسري، وأبو يزيد البسطامي، وأبو محفوظ معروف الكرخي،
وغيرهم.
ويكفيك دلالة على ذلك، الخرقة التي هي شعارهم إلى اليوم، وكونهم
يسندونها بإسناد متصل إليه (عليه السلام).
ومن العلوم علم النحو والعربية، وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه



(1) راجع: علم الحساب.
(2) هو الذي يعرف الفرائض (لسان العرب: 7 / 202).
333
وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعه وأصوله؛ من جملتها: الكلام
كله ثلاثة أشياء: اسم وفعل وحرف. ومن جملتها: تقسيم الكلمة إلى معرفة
ونكرة، وتقسيم وجوه الإعراب إلى الرفع والنصب والجر والجزم، وهذا يكاد
يلحق بالمعجزات؛ لأن القوة البشرية لا تفي بهذا الحصر، ولا تنهض بهذا
الاستنباط (1).



(1) شرح نهج البلاغة: 1 / 17.
334
/ 1