معجم مقاييس اللغة (جزء 4) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

معجم مقاييس اللغة (جزء 4) - نسخه متنی

احمد بن فارس ابن فارس؛ محقق: عبد السلام محمد هارون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: معجم مقاييس اللغة
المؤلف: أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا
الجزء: 4
الوفاة: 395
المجموعة: علوم اللغة العربية
تحقيق: عبد السلام محمد هارون
الطبعة:
سنة الطبع: 1404
المطبعة: مكتبة الإعلام الإسلامي
الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي
ردمك:
ملاحظات:
معجم
مقاييس اللغة
لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا
... - 395
بتحقيق وضبط
عبد السلام محمد هارون
رئيس قسم الدراسات النحوية بكلية دار العلوم سابقا
وعضو المجمع اللغوي
الجزء الرابع

1
مركز النشر - مكتب الاعلام الاسلامي
اسم الكتاب: معجم مقاييس اللغة (المجلد الرابع)
الكاتب: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا
الناشر: مركز النشر - مكتب الاعلام الاسلامي
طباعة وتصحيف: مطبعة مكتب الاعلام الاسلامي
تاريخ النشر: جمادي الآخرة 1404
طبع منه: 5000 نسخة
حقوق النشر محفوظة للناشر
مراكز التوزيع:
قم - شارع ارم - مكتبة مكتب الاعلام الاسلامي - هاتف 23426
طهران - شارع ناصر خسرو - زقاق حاج نايب - سوق خاتمي هاتف: 539175

2
بسم الله الرحمن الرحيم
(كتاب العين)
(باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم)
(عف) العين والفاء أصلان صحيحان أحدهما الكف عن القبيح والآخر دال على قلة شيء
فالأول العفة الكف عما لا ينبغي
ورجل عف وعفيف
وقد عف يعف عفة وعفافة وعفافا
والأصل الثاني العفة بقية اللبن في الضرع
وهي أيضا العفافة
قال الأعشى:
لا تجافى عنه النهار ولا تعجوه * إلا عفافة أو فواق
ويقال تعاف ناقتك أي احلبها بعد الحلبة الأولى ودع فصيلها يتعففها كأنما يرتضع تلك البقية
وعففت فلانا سقيته العفافة
أما قولهم جاء على عفان ذاك أي إبانة فهو من الإبدال
والأصل إفان وقد مر
(عق) العين والقاف أصل واحد يدل على الشق وإليه يرجع فروع الباب بلطف نظر
قال الخليل أصل العق الشق
قال وإليه يرجع العقوق

3
قال وكذلك الشعر ينشق عنه الجلد
وهذا الذي أصله الخليل رحمه الله صحيح
وبسط الباب بشرحه هو ما ذكره فقال يقال عق الرجل عن ابنه يعق عنه إذا حلق عقيقته وذبح عنه شاة
قال وتلك الشاة عقيقة
وفي الحديث:
(كل امرئ مرتهن بعقيقته)
والعقيقة الشعر الذي يولد به
وكذلك الوبر فإذا سقط عنه مرة ذهب عنه ذلك الاسم
قال امرؤ القيس:
يا هند لا تنكحي بوهة * عليه عقيقته أحسبا
يصفه باللؤم والشح
يقول كأنه لم يحلق عنه عقيقته في صغره حتى شاخ
وقال زهير يصف الحمار:
أذلك أم أقب البطن جأب * عليه من عقيقته عفاء
قال ابن الأعرابي الشعور والأصواف والأوبار كلها عقائق وعقق واحدتها عقة
قال عدي:
صخب التعشير نوام الضحى * ناسل عقته مثل المسد
وقال رؤبة:
* طير عنها اللس حولي العقق *

4
ويقال أعقت النعجة إذا كثر صوفها والاسم العقيقة
وعققت الشاة جرزت عقيقتها وكذلك الإبل
والعق الجز الأول
ويقال عقوا بهمكم فقد أعق أي جزوه فقد آن له أن يجز
وعلى هذا القياس يسمى نبت الأرض الأول عقيقة
والعقوق قطيعة الوالدين وكل ذي رحم محرم
يقال عق أباه فهو يعقه عقا وعقوقا
قال زهير:
فأصبحتما منها على خير موطن * بعيدين فيها من عقوق ومأثم
وفي المثل ذق عقق
وفي الحديث أن أبا سفيان قال لحمزة رضي الله عنه وهو مقتول ذق عقق يريد يا عاق
وجمع عاق عققة
ويقولون العقوق ثكل من لم يثكل أي إن من عقه ولده فكأنه ثكلهم وإن كانوا أحياء
وهو أعق من ضب لأن الضب تقتل ولدها
والمعقة العقوق قال النابغة:
أحلام عاد وأجساد مطهرة * من المعقة والآفات والأثم
ومن الباب انعق البرق
وعقت الريح المزنة إذا استدرتها كأنها تشقها شقا
قال الهذلي:

5
حار وعقت مزنه الريح وانقار به العرض ولم يشمل
وعقيقة البرق ما يبقى في السحاب من شعاعه وبه تشبه السيوف فتسمى عقائق
قال عمرو بن كلثوم:
بسمر من قنا الخطي لدن * وبيض كالعقائق يختلينا
والعقاقة السحابة تنعق بالبرق أي تنشق
وكأن معقر بن حمار كف بصره فسمع صوت رعد فقال لابنته أي شيء ترين قالت أرى سحماء عقاقة كأنها حولاء ناقة ذات هيدب دان وسير وان
فقال يا بنتاه وائلي بي إلى قفلة فإنها لا تنبت إلا بمنجاة من السيل
والعقوق مكان ينعق عن أعلاه النبت
ويقال انعق الغبار إذا سطع وارتفع
قال العجاج:
* إذا العجاج المستطار انعقا *
ويقال لفرند السيف عقيقة
فأما الأعقة فيقال إنها أودية في الرمال
والعقيق واد بالحجاز
قال جرير:
فهيهات هيهات العقيق ومن به * وهيهات خل بالعقيق نواصله
وقال في الأعقة:
دعا قومه لما استحل حرامه * ومن دونهم عرض الأعقة فالرمل

6
وقد قلنا إن الباب كله يرجع إلى أصل واحد
ومن الكلام الباقي في العقيقة والحمل قولهم أعقت الحامل تعق إعقاقا وهي عقوق وذلك إذا نبتت العقيقة في بطنها على الولد والجمع عقق
قال:
* سرا وقد أون تأوين العقق *
ويقال العقاق الحمل نفسه
قال الهذلي:
أبن عقاقا ثم يرمحن ظلمه * إباء وفيه صول وذميل
يريد أظهرن حملا
وقال آخر:
جوانح يمزعن مزع الظباء * لم يتركن لبطن عقاقا
قال ابن الأعرابي العقق الحمل أيضا
قال عدي:
وتركت العير يدمى نحره * ونحوصا سمحجا فيها عقق
فأما قولهم الأبلق العقوق فهو مثل يقولونه لما لا يقدر عليه قال يونس الأبلق ذكر والعقوق الحامل والذكر لا يكون حاملا فلذلك يقال كلفتني الأبلق العقوق ويقولون أيضا هو أشهر من الأبلق العقوق يعنون به الصبح لأن فيه بياضا وسوادا
والعقوق الشنق
وأنشد:

7
فلو قبلوني بالعقوق أتيتهم * بألف أؤديه من المال أقرعا
يقول لو أتيتهم بالأبلق العقوق ما قبلوني
فأما العواق من النخل فالروادف واحدها عاق وتلك فسلان تنبت في العشب الخضر فإذا كانت في الجذع لا تمس الأرض فهي الراكبة
والعقيقة الماء القليل في بطن الوادي
قال كثير:
إذا خرجت من بيتها راق عينها * معوذه وأعجبتها العقائق
وقياس ذلك صحيح لأن الغدير والماء إذا لاحا فكأن الأرض انشقت يقول إذا خرجت رأت حول نبتها من معوذ النبات والغدران ما يروقها
قال الخليل العقعق طائر معروف أبلق بسواد وبياض أذنب يعقعق بصوته كأنه ينشق به حلقه
ويقولون هو أحمق من عقعق وذلك أنه يضيع ولده
ومن الكلام الأول نوى العقوق نوى هش رخو لين الممضغة تأكله العجوز أو تلوكه وتعلفه الإبل
قال الخليل وهو من كلام أهل البصرة لا تعرفه البادية
قال ابن دريد العقة الحفرة في الأرض إذا كانت عميقة
وهو من العق وهو الشق
ومنه اشتق العقيق الوادي المعروف
فأما قول الفرزدق:

8
نصبتم غداة الجفر بيضا كأنها * عقائق إذ شمس النهار استقلت
فقال الأصمعي العقائق ما تلوحه الشمس على الحائط فتراه يلمع مثل بريق المرآة
وهذا كله تشبيه
ويجوز أن يكون أراد عقائق البرق
وهو كقول عمرو:
* وبيض كالعقائق يختلينا *
وأما قول ابن الأعرابي أعق الماء يعقه إعقاقا فليس من الباب لأن هذا مقلوب من أقعه أي أمره
قال:
بحرك عذب الماء ما أعقه * ربك والمحروم من لم يلقه
(عك) العين والكاف أصول صحيحة ثلاثة أحدها اشتداد الحر والآخر الحبس والآخر جنس من الضرب
فالأول العكة الحر فورة شديدة في القيظ وذلك أشد ما يكون من الحر حين تركد الريح
ويقال أكه بالهمزة
قال الفراء هذه أرض عكة وعكة قال:
* ببلدة عكة لزج نداها *

9
قال ابن دريد عك يومنا إذا سكنت ريحه واشتد حره
قال ابن الأعرابي العكة شدة الحر مع لثق واحتباس ريح
قال الخليل العكة أيضا رملة حميت عليها الشمس
قال أبو زيد العكة بلة تكون بقرب البحر طل وندى يصيب بالليل وهذا لا يكون إلا مع حر
والعرب تقول إذا طلعت العذرة فعكة بكرة على أهل البصرة وليس بعمان بسرة ولا لأكار بها بذرة
قال اللحياني يوم عك أك شديد الحر
وتقول العرب في أسجاعها إذا طلع السماك ذهبت العكاك وقل على الماء اللكاك
ويوم ذو عكيك أي حار
قال طرفة:
تطرد القر بحر ساخن * وعكيك القيظ إن جاء بقر
وأما الأصل الآخر فقال الفراء إبل معكوكة أي محبوسة
وعك فلان حبس
قال رؤبة:
يا ابن الرفيع حسبا وبنكا * ماذا ترى رأي أخ قد عكا

10
ومن الباب عككته بكذا أعكه عكا أي ماطلته
ومنه عكني فلان بالقول إذا ردده عليك حتى يتعبك
ومن الباب العكة للسمن أصغر من القربة والجمع عكك وعكاك وسميت بذلك لأن السمن يجمع فيها كما يحبس الشيء
ومن الباب العكوك القصير الملزز الخلق أي القصير
قال:
* عكوكا إذا مشى درحايه *
وإنما سمي بذلك تشبيها بعكة السمن
والعكوكان مثل العكوك
قال:
* عكوكان ووآة نهده *
ومن الباب المعك من الخيل الذي يجري قليلا ثم يحتاج إلى الضرب وهو من الاحتباس
وأما الأصل الثالث فقال ابن الأعرابي عكة بالسوط أي ضربه
ويقال عكة وصكه
ومن الباب عكته الحمى أي كسرته
قال:
وهم تأخذ النجواء منه * تعك بصالب أو بالملال
وممكن أن يكون من الباب الأول كأنها ذكرت بذلك لحرها
ويقال في باب الضرب عكة بالحجة إذا قهره بها
وقد ذكر في الباب أن عكة

11
العشار لون يعلوها من صهبة في وقت أو رمكة في وقت
وأن فلانا قال:
ائتزر فلان إزرة عكي وكي وكل هذا مما لا معنى له ولا معرج عليه
وقد ذكر عن الخليل بعض ما يقارب هذا أن العكنكع الذكر الخبيث من السعالى
وأنشد:
كأنها وهو إذا استبا معا * غول تداهى شرسا عكنكعا
وهذا قريب في الضعف من الذي قبله
وأرى كتاب الخليل إنما تطامن قليلا عند أهل العلم لمثل هذه الحكايات
(عل) العين واللام أصول ثلاثة صحيحة أحدها تكرر أو تكرير والآخر عائق يعوق والثالث ضعف في الشيء
فالأول العلل وهي الشربة الثانية
ويقال علل بعد نهل
والفعل يعلون علا وعللا والإبل نفسها تعل عللا
قال:
عافتا الماء فلم نعطنهما * إنما يعطن من يرجو العلل
وفي الحديث (إذا عله ففيه القود) أي إذا كرر عليه الضرب
وأصله في المشرب
قال الأخطل:
إذا ما نديمي علني ثم علني * ثلاث زجاجات لهن هدير

12
ويقال أعل القوم إذا شربت إبلهم عللا
قال ابن الأعرابي في المثل ما زيارتك إيانا إلا سوم عالة أي مثل الإبل التي تعل
وعرض عليه سوم عالة
وإنما قيل هذا لأنها إذا كرر عليها الشرب كان أقل لشربها الثاني
ومن هذا الباب العلالة وهي بقية اللبن
وبقية كل شيء علالة حتى يقال لبقية جرى الفرس علالة
قال:
إلا علالة أو بداهة * قارح نهد الجزارة
وهذا كله من القياس الأول لأن تلك البقية يعاد عليها بالحلب
ولذلك يقولون عاللت الناقة إذا حلبتها ثم رفقت بها ساعة لتفيق ثم حلبتها فتلك المعالة والعلال
واسم اللبن العلالة
ويقال إن علالة السير أن تظن الناقة قد ونت فتضربها تستحثها في السير
يقال ناقة كريمة العلالة
وربما قالوا للرجل يمدح بالسخاء هو كريم العلالة والمعنى أنه يكرر العطاء على باقي حاله
قال:
فإلا تكن عقبي فإن علالة * على الجهد من ولد الزناد هضوم
وقال منظور بن مرثد في تعال الناقة في السير:
وقد تعاللت ذميل العنس * بالسوط في ديمومة كالترس
والأصل الآخر العائق يعوق
قال الخليل العلة حدث يشغل صاحبه عن وجهه
ويقال أعتله عن كذا أي اعتاقه
قال:

13
* فاعتله الدهر وللدهر علل *
والأصل الثالث العلة المرض وصاحبها معتل
قال ابن الأعرابي عل المريض يعل علة فهو عليل
ورجل عللة أي كثير العلل
ومن هذا الباب وهو باب الضعف العل من الرجال المسن الذي تضاءل وصغر جسمه
قال المتنخل:
ليس بعل كبير لا حراك به * لكن أثيلة صافي اللون مقتبل
قال وكل مسن من الحيوان عل
قال ابن الأعرابي العل الضعيف من كبر أو مرض
قال الخليل العل القراد الكبير
ولعله أن يكون ذهب إلى أنه الذي أتت عليه مدة طويلة فصار كالمسن
وبقيت في الباب اليعاليل وقد اختلفوا فيها فقال أبو عبيد اليعاليل سحائب بيض
وقال أبو عمرو بئر يعاليل صار فيها المطر والماء مرة بعد مرة
قال وهو من العلل
ويعاليل لا واحد لها
وهذا الذي قاله الشيباني أصح لأنه أقيس
ومما شذ عن هذه الأصول إن صح قولها إن العلعل الذكر من القنابر والعلعل رأس الرهابة مما يلي الخاصرة
والعلعل عضو الرجل
وكل هذا كلام

14
وكذلك قولهم إنه لعلان بركوب الخيل إذا لم يك ماهرا
وينشدون في ذلك ما لا يصح ولا يعول عليه
وأما قولهم لعل كذا يكون فهي كلمة تقرب من الأصل الثالث الذي يدل على الضعف وذلك أنه خلاف التحقيق يقولون لعل أخاك يزورنا ففي ذلك تقريب وإطماع دون التحقيق وتأكيد القول
ويقولون عل في معنى لعل
ويقولون لعلني ولعلي
قال:
وأشرف بالقور اليفاع لعلني * أرى نار ليلى أو يراني بصيرها
البصير الكلب
فأما لعل إذا جاءت في كتاب الله تعالى فقال قوم إنها تقوية للرجاء والطمع
وقال آخرون معناها كي
وحملها ناس فيما كان من إخبار الله تعالى على التحقيق واقتضب معناها من الباب الأول الذي ذكرناه في التكرير والإعادة
والله أعلم بما أراد من ذلك
(عم) العين والميم أصل صحيح واحد يدل على الطول والكثرة والعلو
قال الخليل العميم الطويل من النبات
يقال نخلة عميمة والجمع عم
ويقولون استوى النبات على عممه أي على تمامه
ويقال جارية عميمة أي طويلة
وجسم عمم
قال ابن شأس:
وإن عرارا إن يكن غير واضح * فإني أحب الجون ذا المنكب العمم

15
قال ابن الأعرابي رجل عمم وامرأة عمم
ويقال عشب عميم وقد اعتم
قال الهذلي:
يرتدن ساهرة كأن عميمها * وجميعها أسداف ليل مظلم
وقال بعضهم يقال للنخلة الطويلة عمة وجمعها عم
واحتج بقول لبيد:
سحق يمتعها الصفا وسرية * عم نواعم بينهن كروم
قال أبو عمرو العميم من النخل فوق الجبار
قال:
فعم لعمكم نافع * وطفل لطفلكم يؤهل
أي صغارها لصغاركم وكبارها لكباركم
وقال أبو دواد:
ميالة رود خدلجة * كعميمة البردي في الرفض
العميمة الطويلة: والرفض الماء القليل
ومن الباب العمامة معروفة وجمعها عمامات وعمائم
ويقال تعممت بالعمامة واعتممت وعممني غيري
وهو حسن العمة أي الاعتمام
قال:
تنجو إذا جعلت تدمى أخشتها * واعتم بالزبد الجعد الخراطيم

16
ويقال عمم الرجل سود وذلك أن تيجان القوم العمائم كما يقال في العجم توج يقال في العرب عمم
قال العجاج:
* وفيهم إذ عمم المعتم *
أي سود فألبس عمامة التسويد
ويقال شاة معممة إذا كانت سوداء الرأس
قال أبو عبيد فرس معمم للذي انحدر بياض ناصيته إلى منبتها وما حولها من الرأس وغرة معممة إذا كانت كذلك
وقال التعميم في البلق أن يكون البياض في الهامة ولا يكون في العنق
يقال أبلق معمم
فأما الجماعة التي ذكرناها في أصل الباب فقال الخليل وغيره العمائم الجماعات واحدها عم
قال أبو عمرو العمايم بالياء الجماعات
يقال قوم عمايم
قال ولا أعرف لها واحدا
قال العجاج:
* سالت لها من حمير العمايم *
قال ابن الأعرابي العم الجماعة من الناس
وأنشد:
يريح إليه العم حاجة واحد * فأبنا بحاجات وليس بذي مال
يريد الحجر الأسود

17
وقال آخر:
والعدو بين المجلسين إذا * آد العشي وتنادى العم
ومن الجمع قولهم عمنا هذا الأمر يعمنا عموما إذا أصاب القوم أجمعين
قال والعامة ضد الخاصة
ومن الباب قولهم إن فيه لعمية أي كبرا
وإذا كان كذا فهو من العلو
فأما النضر فقال يقال فلان ذو عمية أي إنه يعم بنصره أصحابه لا يخص
قال:
فذادها وهو مخضر نواجذه * كما يذود أخو العمية النجد
قال الأصمعي هو من عميمهم وصميمهم وهو الخالص الذي ليس بمؤتشب
ومن الباب على معنى التشبيه عمم اللبن أرغى
ولا يكون ذلك إلا إذا كان صريحا ساعة يحلب
قال لبيد:
تكر أحاليب اللديد عليهم * وتوفى جفان الضيف محضا معمما
ومما ليس له قياس إلا على التمحل عمان اسم بلد
قال أبو وجزة:
حنت بأبواب عمان القطاة وقد * قضى به صحبها الحاجات والوطرا

18
القطاة ناقته
(عن) العين والنون أصلان أحدهما يدل على ظهور الشيء وإعراضه والآخر يدل على الحبس
فالأول قول العرب عن لنا كذا يعن عنونا إذا ظهر أمامك
قال:
فعن لنا سرب كأن نعاجه * عذارى دوار في ملاء مذيل
قال ابن الأعرابي العنان ما عن لك من شيء
قال الخليل عنان السماء ما عن لك منها إذا نظرت إليها
فأما قول الشماخ:
طوى ظمأها في بيضة القيظ بعدما * جرت في عنان الشعريين الأماعز
فرواه قوم كذا بالفتح عنان ورواه أبو عمرو في عنان الشعريين يريد أول بارح الشعريين قال أبو عبيدة وفي المثل معترض لعنن لم يعنه
وقال الخليل العنون من الدواب وغيرها المتقدم في السير
قال:
كأن الرحل شد به خنوف * من الجونات هادية عنون

19
قال الفراء العنان المعانة وهي المعارضة والمعاندة
وأنشد:
ستعلم إن دارت رحى الحرب بيننا * عنان الشمال من يكونن أضرعا
قال ابن الأعرابي شارك فلان فلانا شركة عنان وهو أن يعن لبعض ما في يده فيشاركه فيه أي يعرض
وأنشد:
ما بدل من أم عثمان سلفع * من السود ورهاء العنان عروب
قال عروب أي فاسدة
من قولهم عربت معدته أي فسدت
قال أبو عبيدة المعن من الخيل الذي لا يرى شيئا إلا عارضه
قال والمعن الخطيب الذي يشتد نظره ويبتل ريقه ويبعد صوته ولا يعييه فن من الكلام
قال:
* معن بخطبته مجهر *
ومن الباب عنوان الكتاب لأنه أبرز ما فيه وأظهره
يقال عننت الكتاب أعنه عنا وعنونته وعننتة أعننه تعنينا
وإذا أمرت قلت عننه
قال ابن السكيت يقال لقيته عين عنة أي فجأة كأنه عرض لي من غير طلب
قال طفيل:
* إذا انصرفت من عنة بعد عنة *

20
ويقال إن الجبل الذاهب في السماء يقال له عان وجمعها عوان
وأما الأصل الآخر وهو الحبس فالعنة وهي الحظيرة والجمع عنن
قال أبو زياد العنة بناء تبنيه من حجارة والجمع عنن
قال الأعشى:
* ترى اللحم من ذابل قد ذوى * ورطب يرفع فوق العنن
يقال عننت البعير حبسته في العنة
وربما استثقلوا اجتماع النونات فقلبوا الآخرة ياء كما يقولون:
* تقضى البازي إذا البازي كسر *
فيقولون عنيت
قال:
قطعت الدهر كالسدم المعنى * تهدر في دمشق ولا تريم
يراد به المعنن
قال بعضهم الفحل ليس بالرضا عندهم يعرض على ثيله عود فإذا تنوخ الناقة ليطرقها منعه العود
وذلك العود النجاف
فإذا أرادوا ذلك نحوه وجاءوا بفحل أكرم منه فأضربوه إياها فسموا الأول المعنى
وأنشد:
* تعنيت للموت الذي هو نازل *
يريد حبست نفسي عن الشهوات كما صنع بالمعنى
وفي المثل هو كالمهدر في العنة
قال والرواية المشهورة تعننت وهو من العنين الذي لا يأتي النساء

21
ومن الباب عنان الفرس لأنه يحتبس وجمعه أعنة وعنن
الكسائي أعننت الفرس جعلت له عنانا
وعننتة حبسته بعنانه
فأما المرأة المعننة فذلك على طريقة التشبيه وإنما هي اللطيفة البطن المهفهفة التي جدلت جدل العنان
وأنشد:
وفي الحي بيضات دارية * دهاس معننة المرتدي
قال أبو حاتم عنان المتن حبلاه
وهذا أيضا على طريقة التشبيه
قال رؤبة:
* إلى عناني ضامر لطيف *
والأصل في العنان ما ذكرناه في الحبس
وللعرب في العنان أمثال يقولون ذل لي عنانه إذا انقاد
وهو شديد العنان إذا كان لا ينقاد
وأرخ من عنانه أي رفه عنه
وملأت عنان الفرس أي بلغت مجهوده في الحضر
قال:
حرف بعيد من الحادي إذا ملأت * شمس النهار عنان الأبرق الصخب
يريد إذا بلغت الشمس مجهود الجندب وهو الأبرق
ويقولون هما يجريان في عنان واحد إذا كانا مستويين في عمل أو فضل
وجرى فلان عنانا أو عنانين أي شوطا أو شوطين
قال الطرماح:

22
سيعلم كلهم أني مسن * إذا رفعوا عنانا عن عنان
قال ابن السكيت فلان طرب العنان يراد به الخفة والرشاقة
وفلان طويل العنان أي لا يذاد عما يريد لشرفه أو لماله
قال الحطيئة:
* مجد تليد وعنان طويل *
وقال بعضهم ثنيت على الفرس عنانه أي ألجمته
واثن على فرسك عنانه أي ألجمه
قال ابن مقبل:
وحاوطني حتى ثنيت عنانه * على مدبر العلباء ريان كاهله
وأما قول الشاعر:
ستعلم إن دارت رحى الحرب بيننا * عنان الشمال من يكونن أضرعا
فإن أبا عبيدة قال أراد بقوله عنان الشمال يعني السير الذي يعلق به في شمال الشاة ولقبه به
وقال غيره الدابة لا تعطف إلا من سمالها
فالمعنى إن دارت مدارها على جهتها
وقال بعضهم عنان الشمال أمر مشئوم كما يقال لها:
* زجرت لها طير الشمال *
ويقولون لمن أنجح في حاجته جاء ثانيا عنانه

23
(عب) العين والباء أصل صحيح واحد يدل على كثرة ومعظم في ماء وغيره
من ذلك العب وهو شرب الماء من غير مص
يقال عب في الإناء يعب عبا إذا شرب شربا عنيفا
وفي الحديث:
(اشربوا الماء مصا ولا تعبوه عبا فإن الكباد من العب)
قال:
* إذا يعب في الطوي هرهرا *
ويقال عب الغرب يعب عبا إذا صوت عند غرف الماء
والعباب في السير السرعة
قال الفراء العباب معظم السيل
ومن الباب اليعبوب الفرس الجواد الكثير الجري وقيل الطويل وقيل هو البعيد القدر في الجري
وأنشد:
بأجش الصوت يعبوب إذا * طرق الحي من الغزو صهل
واليعبوب النهر الكثير الماء الشديد الجرية
قال:
تخطو على برديتين غذاهما * غدق بساحة حائر يعبوب
ويقولون إن العبعب من الرجال الذي يعبعب في كلامه ويتكلم في حلقه
ويقال ثوب عبعب وعبعاب أي واسع
قال والعبعاب من الرجال الطويل
والعبعب كساء من أكسية الصوف ناعم دقيق
وأنشد:

24
بدلت بعد العري والتذعلب * ولبسك العبعب بعد العبعب
* مطارف الخز فجري واسحبي *
ومما شذ عن هذا الباب العبب شجرة تشبه الحرمل إلا أنها أطول في السماء تخرج خيطانا ولها سنفة مثل سنفة الحرمل وورقها كثيف
قال ابن ميادة:
كأن بردية جاشت بها خلج * خضر الشرائع في حافاتها العبب
وربما قالوا إن العب الكم
ومما يقارب الباب الأول ولا يبعد عن قياسه ما حكاه الخليل أن العبعب نعمة الشباب
والعبعب من الشبان التام
(عت) العين والتاء أصلان أحدهما صحيح يدل على مراجعة كلام وخصام والآخر شيء قد قيل من صفات الشبان ولعله أن يكون صحيحا
فالأول ما حكاه الخليل عت يعت عتا وذلك إذا ردد القول مرة بعد مرة وعتت على فلان قوله إذا رددت عليه القول مرة بعد مرة
ومنه التعتت في الكلام يقال تعتت يتعتت تعتتا إذا لم يستمر فيه
وأنشد:
خليلي عتا لي سهيلة فانظرا * أجازعة بعدي كما أنا جازع
يقول راداها الكلام
يقال منه عاتته أعاته معاتة
قال أبو عبيد ما زلت أعات فلانا وأصاته عتاتا وصتاتا وهما الخصومة
وأصل الصت الصدم

25
وأما الأصل الذي لعله أن يكون صحيحا فيقولون إن العتعت الشاب
قال:
لما رأته مودنا عظيرا * قالت أريد العتعت الذفرا
الذفر الطويل
والمودن والعظير القصير
ويقولون إن العتعت الجدي
(عث) العين والثاء أصلان صحيحان أحدهما يدل على دويبة معروفة ثم يشبه بها غيرها والآخر يدل على نعمة في شيء
فأما النعمة فقال الخليل العثعث الكثيب السهل
قال:
كأنه بالبحر من دون هجر * بالعثعث الأقصى مع الصبح بقر
قال بعضهم العثعث من العذاب واللبب وهما مسترق الرمل ومكتنزة
والعثعث من مكارم النبات
قال:
كأنها بيضة غراء خط لها * في عثعث ينبت الحوذان والعذما
ومن الباب أو قريب منه تسميتهم الغناء عثاثا وذلك لحسنه ودماثة اللفظ به
قال كثير:

26
هتوفا إذا ذاقها النازعون * سمعت لها بعد حبض عثاثا
وعثعث الورك ما لان منه
قال ذو الرمة:
تريك وذا غدائر واردات * يصبن عثاعث الحجبات سود
والأصل الآخر العثة وهي السوسة التي تلحس الصوف
يقال عثت الصوف وهي تعثه إذا أكلته
وتقول العرب:
* عثيثة تقرم جلدا أملسا *
يضرب مثلا للضعيف يجهد أن يؤثر في الشيء فلا يقدر عليه
ومما شبه بذلك قول أبي زيد إن العثة من النساء الخاملة ضاوية كانت أو غير ضاوية وجمعها عثائث
وقال غيره هي العجوز وأنشد فلا تحسبني مثل من هو قاعد على عثة أو واثق بكساد
ومما يحمل على هذا قولهم فلان عث مال أي إزاؤه أي كأنه يلزمه كما تلزم العثة الصوف
ومنه عثعث بالمكان أقام به
وعثعثت إلى فلان أي ركنت إليه
(عج) العين والجيم أصل واحد صحيح يدل على ارتفاع في شيء من صوت أو غبار وما أشبه ذلك
من ذلك العج رفع الصوت
يقال عج

27
القوم يعجون عجا وعجيجا وعجوا بالدعاء إذا رفعوا أصواتهم
وفي الحديث:
(أفضل الحج العج والثج) فالعج ما ذكرنا
والثج صب الدم
قال ورقة:
ولوجا في الذي كرهت معد * ولو عجت بمكتها عجيجا
أراد دخولا في الدين
وعجيج الماء صوته ومنه النهر العجاج
ويقال عج البعير في هديره يعج عجيجا
قال:
* أنعت قرما بالهدير عاججا *
فإن كرر هديره قيل عجعج
ويقولون عجت القوس إذا صوتت
قال:
تعج بالكف إذا الرامي اعتزم * ترنم الشارف في أخرى النعم
قال أبو زيد عجت الريح وأعجت إذا اشتدت وساقت التراب
ويوم معج أي ذو عجاج
والعجاج الغبار تثور به الريح الواحدة عجاجة
ويقال عججت الريح تعجيجا
وعججت البيت دخانا حتى تعجج
ومن الباب فرس عجعاج أي عداء
قال وإنما سمي بذلك لأنه يثير العجاج
وأنشد:
وكأنه والريح تضرب برده * في القوم فوق مخيس عجعاج
والعجاجة الكثيرة من الغنم والإبل

28
ومما يجري مجرى المثل والتشبيه فلان يلف عجاجته على فلان إذا أغار عليه وكأن ذلك من عجاجة الحرب وغيرها
قال الشنفري:
وإني لأهوي أن ألف عجاجتي * على ذي كساء من سلامان أو برد
وحكى اللحياني رجل عجعاج أي صياح
وقد مر قياس الباب مستقيما
فأما قولهم إن العجعجة أن تجعل الياء المشددة جيما وإنشادهم:
* يا رب إن كنت قبلت حجتج *
فهذا مما لا وجه للشغل به ومما لا يدري ما هو
(عد) العين والدال أصل صحيح واحد لا يخلو من العد الذي هو الإحصاء ومن الإعداد الذي هو تهيئة الشئ وإلى هذين المعنيين ترجع فروع الباب كلها فالعد إحصاء الشئ
تقول عددت الشيء أعده عدا فأنا عاد والشيء معدود
والعديد الكثرة
وفلان في عداد الصالحين أي يعد معهم
والعدد مقدار ما يعد ويقال ما أكثر عديد بني فلان وعددهم
وإنهم ليتعادون ويتعددون على عشرة آلاف أي يزيدون عليها
ومن الوجه الآخر العدة ما أعد لأمر يحدث
يقال أعددت الشيء أعده إعدادا
واستعددت للشيء وتعددت له

29
قال الأصمعي وفي الأمثال (كل امرئ يعدو بما استعدا)
ومن الباب العدة من العد
ومن الباب العد مجتمع الماء وجمعه أعداد
وإنما قلنا إنه من الباب لأن الماء الذي لا ينقطع كأنه الشيء الذي أعد دائما
قال:
وقد أجزت على عنس مذكرة * ديمومة ما بها عد ولا ثمد
قال أبو عبيدة العد القديمة من الركايا الغزيرة ولذلك يقال حسب عد أي قديم والجمع أعداد
قال وقد يجعلون كل ركية عدا
ويقولون ماء عد يجعلونه صفة وذلك إذا كان من ماء الركايا
قال:
لو كنت ماء عدا جممت إذا * ما أورد القوم لم يكن وشلا
قال أبو حاتم العد ماء الأرض كما أن الكرع ماء السماء
قال ذو الرمة:
بها العين والآرام لا عد عندها * ولا كرع إلا المغارات والربل

30
فأما العداد فاهتياج وجع اللديغ
واشتقاقه وقياسه صحيح لأن ذلك لوقت بعينه فكأن ذلك الوقت يعد عدا
قال الخليل العداد اهتياج وجع اللديغ وذلك أن رب حية إذا بل سليمها عادت
ولو قيل عادته كان صوابا وذلك إذا تمت له سنة مذ يوم لدغ اهتاج به الألم
وهو معاد وكأن اشتقاقه من الحساب من قبل عد الشهور والأيام يعني أن الوجع كان يعد ما يمضي من السنة فإذا تمت عاود الملدوغ
قال الشيباني عداد الملدوغ أن يجد الوجع ساعة بعد ساعة
قال ابن السكيت عداد السليم أن يعد له سبعة أيام فإذا مضت رجوا له البرء ولم تمض سبعة فهو في عداد
قال ابن الأعرابي العداد يوم العطاء وكذلك كل شيء كان في السنة وقتا مؤقتا
ومنه قوله عليه السلام:
(ما زالت أكلة خيبر تعادني فهذا أوان قطعت أبهري) أي تأتيني كل سنة لوقت
قال:
أصبح باقي الوصل من سعادا * علاقة وسقما عدادا
ومن الباب العدان الزمان وسمي عدانا لأن كل زمان فهو محدود معدود
وقال الفرزدق:
بكيت امرأ فظا غليظا ملعنا * ككسرى على عدانه أو كقيصرا
قال الخليل يقال كان ذلك في عدان شبابه وعدان ملكه هو أكثره وأفضله وأوله
قال:
* والملك مخبو على عدانه *

31
المعنى أن ذلك كان مهيأ له معدا
هذا قول الخليل
وذكر عن الشيباني أن العداد أن يجتمع القوم فيخرج كل واحد منهم نفقة
فأما عداد القوس فناس يقولون إنه صوتها هكذا يقولون مطلقا
وأصح من ذلك ما قاله ابن الأعرابي أن عداد القوس أن تنبض بها ساعة بعد ساعة
وهذا أقيس
قال الهذلي في عدادها:
وصفراء من نبع كأن عدادها * مزعزعة تلقي الثياب حطوم
فأما قول كثير:
فدع عنك سعدى إنما تسعف النوى * عداد الثريا مرة ثم تأفل
فقال ابن السكيت يقال لقيت فلانا عداد الثريا القمر أي مرة في الشهر
وزعموا أن القمر ينزل بالثريا مرة في الشهر
وأما معد فقد ذكره ناس في هذا الباب كأنهم يجعلون الميم زائدة ويزنونه بمفعل وليس هذا عندنا كذا لأن القياس لا يوجبه وهو عندنا فعل من الميم والعين والدال وقد ذكرناه في موضعه من كتاب الميم
(عر) العين والراء أصول صحيحة أربعة
فالأول يدل على لطخ شيء بغير طيب وما أشبه ذلك والثاني يدل على صوت والثالث يدل على سمو وارتفاع والرابع يدل على معالجة شيء
وذلك بشرط أنا لا نعد النبات ولا الأماكن فيما ينقاس من كلام العرب

32
فالأول العر والعر
قال الخليل هما لغتان يقال هو الجرب
وكذلك العرة
وإنما سمي بذلك لأنه كأنه لطخ بالجسد
ويقال العرة القذر بعينه
وفي الحديث (لعن الله بائع العرة ومشتريها)
قال ابن الأعرابي العر الجرب
والعر تسلخ جلد البعير
وإنما يكوى من العر لا من العر
قال محمد بن حبيب جمل أعر أي أجرب
وناقة عراء
قال النضر جمل عار وناقة عارة ولا يقال معرور في الجرب لأن المعرورة التي يصيبها عين في لبنها وطرقها
وفي مثل نح الجرباء عن العارة
قال والجرباء التي عمها الجرب والعارة التي قد بدأ فيها ذلك فكأن رجلا أراد أن يبعد بإبله الجرباء عن العارة فقال صاحبه مبكتا له بذلك أي لم ينحيها وكلها أجرب
ويقال ناقة معرورة قد مست ضرعها نجاسة فيفسد لبنها
ورجل عارورة أي قاذورة
قال أبو ذؤيب:
* فكلا أراه قد أصاب عرورها *

33
قال الأصمعي العر القرح مثل القوباء يخرج في أعناق الإبل وأكثر ما يصيب الفصلان
قال أبو زيد يقال أعر فلان إذا أصاب إبله العر
قال الخليل العرة القذر يقال هو عرة من العرر أي من دنا منه لطخه بشر قال
وقد يستعمل العرة في الذي للطير أيضا
قال الطرماح:
في شناظي أقن بينها * عرة الطير كصوم النعام
الشناظى أطراف الجبل الواحد شنظوة
ولم تسمع إلا في هذا البيت
ويقال استعرهم الشر إذا فشا فيهم
ويقال عره بشر يعره عرا إذا رماه به
قال الخليل المعرة ما يصيب الإنسان من إثم
قال الله سبحانه * (فتصيبكم منهم معرة بغير علم) *
ولعل من هذا الباب ما رواه أبو عبيد رجل فيه عرارة أي سوء خلق
فأما المعتر الذي هو الفقير والذي يعترك ويتعرض لك فعندنا أنه من هذا كأنه إنسان يلاز ويلازم
والعرارة التي ذكرها أبو عبيد من سوء الخلق ففيه لغة أخرى قال الشيباني العرعر سوء الخلق
قال مالك الدبيري:
وركبت صومها وعرعرها * فلم أصلح لها ولم أكد
يقول لم أصلح لهم ما صنعوا
والصوم القذر
يريد ارتكبت سوء أفعالها ومذموم خلقها

34
ومن الباب المعرار من النخل
قال أبو حاتم المعرار المحشاف
ويقال بل المعرار التي يصيبها مثل العر وهو الجرب
ومن الباب العرير وهو الغريب
وإنما سمي عريرا على القياس التي ذكرناه لأنه كأنه عر بهؤلاء الذين قدم عليهم أي ألصق بهم
وهو يرجع إلى باب المعتر
ومن ذلك حديث حاطب حين قيل له لم كاتبت أهل مكة فقال كنت عريرا فيهم أي غريبا لا ظهر لي
ومن الباب المعرة في السماء وهي ما وراء المجرة من ناحية القطب الشمالي
سمي معرة لكثرة النجوم فيه
قال وأصل المعرة موضع العر يعني الجرب
والعرب تسمي السماء الجرباء لكثرة نجومها
وسأل رجل رجلا عن منزله فأخبره أنه ينزل بين حيين عظيمين من العرب فقال نزلت بين المجرة والمعرة
والأصل الثاني الصوت
فالعرار عرار الظليم وهو صوته
قال لبيد:
تحمل أهلها إلا عرارا * وعزفا بعد أحياء حلال
قال ابن الأعرابي عار الظليم يعار
ولا يقال عر
قال أبو عمرو العرار صوت الذكر إذا أراد الأنثى
والزمار صوت الأنثى إذا أرادت الذكر
وأنشد:

35
متى ما تشأ تسمع عرارا بقفرة * يجيب زمارا كاليراع المثقب
قال الخليل تعار الرجل يتعار إذا استيقظ من نومه
قال وأحسب عرار الظليم من هذا
وفي حديث سلمان أنه كان إذا تعار من الليل سبح
ومن الباب عرعار وهي لعبة للصبيان يخرج الصبي فإذا لم يجد صبيانا رفع صوته فيخرج إليه الصبيان
قال الكميت:
حيث لا تنبض القسي ولا تل * قي بعرعار ولده مذعورا
وقال النابغة:
متكنفي جنبي عكاظ كليهما * يدعو وليدهم بها عرعار
يريد أنهم آمنون وصبيانهم يلعبون هذه اللعبة
ويريد الكميت أن هذا الثور لا يسمع إنباض القسي ولا أصوات الصبيان ولا يذعره صوت
يقال عرعرة وعرعار كما قالوا قرقرة وقرقار وإنما هي حكاية صبية العرب
والأصل الثالث الدال على سمو وارتفاع
قال الخليل عرعرة كل شيء أعلاه
قال الفراء العرعرة المعرفة من كل دابة
والعرعرة طرف السنام قال أبو زيد عرعرة السنام عصبة تلي الغراضيف
ومن الباب جمل عراعر أي سمين
قال النابغة:

36
له بفناء البيت جوفاء جونة * تلقم أوصال الجزور العراعر
ويتسعون في هذا حتى يسموا الرجل الشريف عراعرا
قال مهلهل:
خلع الملوك وسار تحت لوائه * شجر العرى وعراعر الأقوام
ومن الباب حمار أعر إذا كان السمن في صدره وعنقه
ومنه العرارة وهي السودد
قال:
إن العرارة والنبوح لدارم * والمستخف أخوهم الأثقالا
قال ابن الأعرابي العرارة العز يقال هو في عرارة خير وتزوج فلان في عرارة نساء إذا تزوج في نساء يلدن الذكور
فأما العرر الذي ذكره الخليل في صغر السنام فليس مخالفا لما قلناه لأنه يرجع إلى الباب الأول من لصوق الشئ بالشئ كأنه من صغره لاصق بالظهر
يقال جمل أعر وناقة عراء إذا لم يضخم سنامها وإن كانت سمينة وهي بينة العرر وجمعها عر
قال:
* ابدأن كوما ورجعن عرا *
ويقولون نعجة عراء إذا لم تسمن أليتها وهو القياس لأن ذلك كالشئ الذي كأنه قد عر بها أي ألصق

37
والأصل الرابع وهو معالجة الشيء
تقول عرعرت اللحم عن العظم وشرشرته بمعنى
قالوا والعرعرة المعالجة للشيء بعجلة إذا كان الشيء يعسر علاجه
تقول عرعرت رأس القارورة إذا عالجته لتخرجه
ويقال إن رجلا من العرب ذبح كبشا ودعا قومه فقال لامرأته إني دعوت هؤلاء فعالجي هذا الكبش وأسرعي الفراغ منه ثم أنطلق ودعا بالقوم فقال لها ما صنعت فقالت قد فرغت منه كله إلا الكاهل فأنا أعرعره ويعرعرني
قال تزوديه إلى أهلك
فطلقها
وقال ذو الرمة:
وخضراء في وكرين عرعرت رأسها * لأبلي إذا فارقت في صحبتي عذرا
فأما العرعر فشجر
وقد قلنا إن ذلك غير محمول على القياس وكذلك أسماء الأماكن نحو عراعر ومعر ين وغير ذلك
(عز) العين والزاء أصل صحيح واحد يدل على شدة وقوة وما ضاهاهما من غلبة وقهر
قال الخليل العزة لله جل ثناؤه وهو من العزيز
ويقال عز الشيء حتى يكاد لا يوجد
وهذا وإن كان صحيحا فهو بلفظ آخر أحسن فيقال هذا الذي لا يكاد يقدر عليه
ويقال عز الرجل بعد ضعف وأعززته أنا جعلته عزيزا
واعتز بي وتعزز
قال ويقال عزه

38
على أمر يعزه إذا غلبه على أمره
وفي المثل من عز بز أي من غلب سلب
ويقولون إذا عز أخوك فهن أي إذا عاسرك فياسره
والمعازة المغالبة
تقول عازني فلان عزازا ومعازة فعززته أي غالبني فغلبته
وقال الشاعر يصف الشيب والشباب:
ولما رأيت النسر عز ابن دأية * وعشش في وكريه جاشت له نفسي
قال الفراء يقال عززت عليه فأنا أعز عزا وعزازة وأعززته قويته وعززته أيضا
قال الله تعالى * (فعززنا بثالث) *
قال الخليل تقول أعززت بما أصاب فلانا أي عظم على واشتد
ومن الباب ناقة عزوز إذا كانت ضيقة الإحليل لا تدر إلا بجهد
يقال قد تعززت عزازة
وفي المثل إنما هو عنز عزوز لها در جم يضرب للبخيل الموسر
قال ويقال عزت الشاة تعز عزوزا وعززت أيضا عززا فهي عزوز والجمع عزز
ويقال استعز على المريض إذا اشتد مرضه
قال الأصمعي رجل معزاز إذا كان شديد المرض واستعز به المرض
وفي الحديث (أن النبي عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة نزل على كلثوم بن الهدم وهو شاك فأقام عنده ثلاثا ثم استعز بكلثوم أي مات فانتقل إلى سعد

39
ابن خيثمة
ورجل معزوز أي اجتيح ماله وأخذ
ويقال استعز عليه الشيطان أي غلب عليه وعلى عقله
واستعز عليه الأمر إذا لج فيه
قال الخليل العزازة أرض صلبة ليست بذات حجارة لا يعلوها الماء
قال:
من الصفا العاسي ويدعسن الغدر * عزازه ويهتمرن ما انهمر
ويقال العزاز نحو من الجهاد أرض غليظة لا تكاد تنبت وإن مطرت وهي في الاستواء
قال أبو حاتم ثم اشتق العزاز من الأرض من قولهم تعزز لحم الناقة إذا صلب واشتد
قال الزهري كنت أختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أكتب عنه فكنت أقوم له إذا دخل أو خرج وأسوي عليه ثيابه إذا ركب ثم ظننت أني قد استفرغت ما عنده فخرج يوما فلم أقم إليه فقال لي إنك بعد في العزاز فقم أراد إنك في أوائل العلم والأطراف ولم تبلغ الأوساط
قال أبو حاتم وذلك أن العزاز تكون في أطراف الأرض وجوانبها فإذا توسطت صرت في السهولة
قال أبو زيد أعززنا صرنا في العزاز
قال الفراء أرض عزاء للصلبة مثل العزاز
ويقال استعز الرمل وغيره إذا تماسك فلم ينهل
وقال رؤبة:

40
(بات إلى أرطأة حقف أحقفا
متخذا منها إيادا هدفا * إذا رأى استعزازه تعففا
ومن الباب العزاء السنة الشديدة
قال:
* ويعبط الكوم في العزاء إن طرقا *
والعز من المطر الكثير الشديد وأرض معزوزة إذا أصابها ذلك
أبو عمرو عز المطر عزازة
قال ابن الأعرابي يقال أصابنا عز من المطر إذا كان شديدا
قال ولا يقال في السيل
قال الخليل عزز المطر الأرض لبدها تعزيزا
ويقال إن العزازة دفعة تدفع في الوادي قيد رمح
قال ابن السكيت مطر عز أي شديد
قال ويقال هذا سيل عز وهو السيل الغالب
ومن الباب العزيزاء من الفرس ما بين عكوته وجاعرته
قال ثعلبة الأسدي:
أمرت عزيزاه ونيطت كرومه * إلى كفل راب وصلب موثق
الكروم جمع كرمة وهي رأس الفخذ المستدير كأنه جونة
والعزيزاء ممدود ولعل الشاعر قصرها للشعر والدليل على أنها ممدودة قولهم في التثنية

41
عزيزاوان
ويقال هما طرفا الورك
والعزى تأنيث الأعز والجمع عزز
ويقال العزان جمع عزيز والذلان جمع ذليل
يقال أتاك العزان
ويقولون أعز من بيض الأنوق وأعز من الأبلق العقوق وأعز من الغراب الأعصم وأعز من مخة البعوض
وقال الفراء يقال عز علي كذا أي اشتد
ويقولون أتحبني فيقول لعز ما أي لشد ما
(عس) العين والسين أصلان متقاربان أحدهما الدنو من الشيء وطلبه والثاني خفة في الشيء
فالأول العس بالليل كأن فيه بعض الطلب
قال الخليل العس نفض الليل عن أهل الريبة
يقال عس يعس عسا
وبه سمي العسس الذي يطوف للسلطان بالليل
والعساس الذئب وذلك انه يعس بالليل
ويقال عسعس الليل إذا أقبل وعسعست السحابة إذا دنت من الأرض ليلا
ولا يقال ذلك إلا ليلا في ظلمه
قال الشاعر يصف سحابا:
عسعس حتى لو نشاء إذ دنا * كان لنا من ناره مقتبس
ويقال تعسعس الذئب إذا دنا من الشيء يشمه
وأنشد:
* كمنخر الذئب إذا تعسعسا *
قال الفراء جاء فلان بالمال من عسه وبسه
قال وذلك أنه يعسه أي

42
يطلبه
وقد يقال بالكسر
ويعتسه يطلبه أيضا
قال الأخطل:
وهل كانت الصمعاء إلا تعلة * لمن كان يعتس النساء الزوانيا
وأما الأصل الآخر فيقال إن العس خفة في الطعام
يقال عسست أصحابي إذا أطعمتهم طعاما خفيفا
قال عسستهم قريتهم أدنى قرى
قال أبو عمرو ناقة ما تدر إلا عساسا أي كرها
وإذا كانت كذا كان درها خفيفا قليلا
وإذا كانت كذا فهي عسوس
قال الخليل العسوس التي تضرب برجليها وتصب اللبن
يقولون فيها عسس وعساس
وقال بعضهم العسوس من الإبل التي ترأم ولدها وتدر عليه ما نأى عنها الناس فإن دني منها أو مست جذبت درها
قال يونس اشتق العس من هذا كأنه الاتقاء بالليل
قال وكذلك اعتساس الذئب
وفي المثل كلب عس خير من أسد اندس
وقال الخليل أيضا العسوس التي بها بقية من لبن ليس بكثير
فأما قولهم عسعس الليل إذا أدبر فخارج عن هذين الأصلين
والمعنى في ذلك أنه مقلوب من سعسع إذا مضى
وقد ذكرناه
فهذا من باب سع
وقال الشاعر في تقديم العين

43
نجوت بأفراس عتاق وفتية * مغاليس في أدبار ليل معسعس
ومما شذ عن البابين عسعس وهو مكان
قال امرؤ القيس:
ألم ترم الدار الكثيب بعسعسا * كأن أنادي أو أكلم أخرسا
(عش) العين والشين أصل واحد صحيح يدل على قلة ودقة ثم يرجع إليه فروعه بقياس صحيح
قال الخليل العش الدقيق عظام اليدين والرجلين وامرأة عشة
قال:
لعمرك ما ليلى بورهاء عنفص * ولا عشة خلخالها يتقعقع
وقال العجاج:
أمر منها قصبا خدلجا * لا قفرا عشا ولا مهبجا
ويقال ناقة عشة سقفاء القوائم فيها انحناء بينة العشاشة والعشوشة
ويقال فلان في خلقته عشاشة أي قلة لحم وعوج عظام
ويقال تعشش النخل

44
إذا يبس وهو بين التعشش والتعشيش
ويقال شجرة عشة أي قليلة الورق
وأرض عشة قليلة الشجر
قال الشيباني العش من الدواب والناس القليل اللحم ومن الشجر ما كان على أصل واحد وكان فرعه قليلا وإن كان أخضر
قال الخليل العشة شجرة دقيقة القضبان متفرقة الأغصان والجمع عشات قال جرير:
فما شجرات عيصك في قريش * بعشات الفروع ولا ضواح
ويقال عش الرجل القوم إذا أعطاهم شيئا نزرا
وعطية معشوشة أي قليلة
قال:
حارث ما سجلك بالمعشوش * ولا جدا وبلك بالطشيش
وقال آخر يصف القطا:
* يسقين لا عشا ولا مصردا *
أي لا مقللا
قال ابن الأعرابي قالت امرأة من كنانة فقدناك فاعتششنا لك أي دخلتنا من ذلك ذلة وقلة

45
ومن هذا القياس العش للغراب على الشجرة وكذلك لغيره من الطير والجمع عششة
يقال اعتش الطائر يعتش اعتشاشا
قال:
* بحيث يعتش الغراب البائض *
إنما نعته بالبائض وهو ذكر لأن له شركة في البيض على قياس والد
قال أبو عمرو وعشش الطائر اتخذ عشا
وأنشد:
وفي الأشاء النابت الأصاغر * معشش الدخل والتمامر
قال أبو عبيد تقول العرب ليس هذا بعشك فأدرجي يضرب مثلا لمن ينزل منزلا لا يصلح لمثله
وإنما قلنا إن هذا من قياس الباب لأن العش لا يكاد يعتشه الطائر إلا من دقيق القضبان والأغصان
وقال ابن الأعرابي الاعتشاش أن يمتار القوم ميرة ليست بالكثيرة
ومن الباب ما حكاه الخليل عشش الخبز إذا كرج
وقال غيره عش فهو عاش إذا تغير ويبس
وعشش الكلأ يبس
ويقال عششت الأرض يبست
ومما شذ عن هذا الأصل قولهم أعششت القوم إذا نزلت بهم على كره حتى يتحولوا من أجلك
وأنشد:

46
ولو تركت نامت ولكن أعشها * أذى من قلاص كالحني المعطف
ومن الأماكن التي لا تنقاس أعشاش موضع بالبادية فيه يقول الفرزدق:
عزفت بأعشاش وما كدت تعزف * وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف
وزعم ناس عن الليث قال سمعت راوية الفرزدق ينشد بإعشاش وقال الأعشاش الكبر
يقول عزفت بكبرك عمن تحب أي صرفت نفسك عنه
(عص) العين والصاد أصل يدل على شدة وصلابة في شيء
قال ابن دريد عص الشئ يعص إذا صلب واشتد
وهذا صحيح ومنه اشتق العصعص وهو أصل الذنب وهو العجب وجمعه عصاعص
قال ذو الرمة:
توصل منها بامرئ القيس نسبة * كما نيط في طول العسيب العصاعص

47
قال ويسمى العصعوص أيضا
قال الكسائي العصص لغة في العصعص
قال مرار العقيلي:
فأتى ملث الظلام على * لقم الطريق وضفتي قصصه
ذئب به وحش ليمنعه * من زادنا مقع على عصصه
ويقال له العصعوص أيضا كما يقال للبرقع برقوع
قال:
ما لقي البيض من الحرقوص * يدخل بين العجب والعصعوص
ومن الباب العصعص الرجل الملزز الخلق كالمكتل
(عض) العين والضاد أصل واحد صحيح وهو الإمساك على الشيء بالأسنان
ثم يقاس منه كل ما أشبهه حتى يسمى الشيء الشديد والصلب والداهي بذلك
فالأول العض بالأسنان يقال عضضت أعض عضا وعضيضا فأنا عاض
وكلب عضوض وفرس عضوض
وبرئت إليك من العضاض
وأكثر ما يجيء العيوب في الدواب على الفعال نحو الخراط والنفار ثم يحمل على ذلك فيقال عضضت الرجل إذا تناولته بما لا ينبغي
قال النضر يقال ليس لنا عضاض أي ما يعض كما يقال مضاغ لما يمضغ
ابن الأعرابي ما ذقت عضاضا أي شيئا يؤكل
قال أهل اللغة يقال هذا زمن عضوض أي شديد كلب
قال:

48
إليك أشكو زمنا عضوضا * من ينج منه ينقلب حريضا
ويقولون ركية عضوض إذا بعد قعرها وشق على الساقي الاستسقاء منها
قال:
أبيت على الماء العضوض كأنني * رقوب وما ذو سبعة برقوب
وقوس عضوض لازق وترها بكبدها
قال الخليل العض الرجل السيئ الخلق المنكر
قال:
* ولم أك عضا في الندامى ملوما *
ويقال العض الداهية
يقال هو عض ما يفلت منه شيء وهو الشحيح الذي يقع بيده شيء فيعض عليه
وإنه لعض شر أي صاحبه
قال أبو زيد فلان عض سفر وعض مال إذا كان قويا عليه مجربا له
وقد عض بماله يعض به عضوضا
قال الفراء رأيت رجلا عضا أي ماردا وامرأة عضة أيضا
وهذا عض هذا أي حتنه وقرنه
ويقال إن العض الداهي من الرجال
وينشد فيه:
أحاديث من عاد وجرهم جمة * يثورها العضان زيد ودغفل

49
ومما شذ عن هذا الأصل إن كان صحيحا يقولون العضاض عرنين الأنف
وينشدون:
وألجمه فأس الهوان فلاكه * وأغضى على عضاض أنف مصلم
فأما ما جاء على هذا من ذكر النبات فقد قلنا فيه ما كفى إلا أنهم يقولون إن العض مضموم علف أهل القرى والأمصار وهو النوى وألقت ونحوهما
قال الأعشى:
من سراة الهجان صلبها العض * ورعي الحمي وطول الحيال
وقال الشيباني العض العلف
ويقال بل العض الطلح والسمر والسلم وهي العضاة
قال الفراء أعض القوم فهم معضون إذا رعوا العضاة
وأنشد:
* أقول وأهلي مؤركون وأهلها * معضون إن سارت فكيف أسير
وإنما جاز ذلك لما كان العضاة من الشجر لا العشب صارت الإبل ما دامت
مقيمة فهي بمنزلة المعلوفة في أهلها النوى وشبهه
وذلك أن العض علف الريف من النوى وألقت
قال ولا يجوز أن يقال من العضاة معض إلا على هذا التأويل
والأصل في المعض أنه الذي تأكل إبله العض
وقال بعضهم العض بكسر العين العضاة
ويقال بعير غاض إذا كان يعلفه أو يرعاه
قال:

50
والله ما أدري وإن أوعدتني * ومشيت بين طيالس وبياض
أبعير عض وارم ألغاده * شثن المشافر أم بعير غاض
قال أبو عمرو العض الشعير والحنطة
ومعنى البيت أن العض علف الأمصار والغضى علف البادية
يقول فلا أدري أعربي أم هجين
ومما يعود إلى الباب الأول العضوض من النساء التي لا يكاد ينفذ فيها عضو الرجل
ويقال إنه لعضاض عيش أي صبور على الشدة
ويقال ما في هذا الأمر معض أي مستمسك
وقال الأصمعي يقال في المثل إنك كالعاطف على العاض
وأصل ذلك أن ابن مخاض أتى أمه يريد أن يرضعها فأوجع ضرعها فعضته فلم ينهه ذلك أن عاد
يقال ذلك للرجل يمنع فيعود
(عط) العين والطاء أصيل يدل على صوت من الأصوات
من ذلك العطعطة
قال الخليل هي حكاية صوت المجان إذا قالوا عيط عيط
وقال الدريدي العطعطة حكاية الأصوات إذا تتابعت في الحرب
ومن الباب قول أبي عمرو إن العطاط الشجاع الجسيم ويوصف به الأسد
وهذا أيضا من الأول كأن زئيره مشبه بالعطعطة
قال المتنخل:

51
وذلك يقتل الفتيان شفعا * ويلب حلة الليث العطاط
ومن الباب أيضا العط شق الثوب عرضا أو طولا من غير بينونة
يقال جذبت ثوبه فانعط وعططته أنا شققته
قال المتنخل:
بضرب في القوانس ذي فروغ * وطعن مثل تعطيط الرهاط
وقال أبو النجم:
كأن تحت درعها المنعط * شطا رميت فوقه بشط
والأصل في هذا أيضا من الصوت لأنه إذا عطه فهناك أدنى صوت
(عظ) العين والظاء ذكر فيه عن الخليل شيء لعله أن يكون مشكوكا فيه
فإن صح فلعله أن يكون من باب الإبدال وذلك قوله إن العظ الشدة في الحرب يقال عظته الحرب مثل عضته
فكأنه من عض الحرب إياه
فإن كان إبدالا فهو صحيح وإلا فلا وجه له
وربما أنشدوا:
* بصير في الكريهة والعظاظ *
ومما لعله أن يكون صحيحا قولهم إن العظعظة التواء السهم إذا لم يقصد للرمية وارتعش في مضيه
عظعظ يعظعظ عظعظة وعظعاظا وكذلك

52
عظعظ الدابة في المشية إذا حرك ذنبه ومشى في ضيق من نفسه
والرجل الجبان يعظعظ عن مقاتله إذا نكص عنه ورجع وحاد
قال العجاج:
* وعظعظ الجبان والزيني *
قال أبو عبيد ومن أمثالهم لا تعظيني وتعظعظي
(باب العين والفاء وما يثلثهما)
(عفق) العين والفاء والقاف أصل صحيح يدل على مجيء وذهاب وربما يدل على صوت من الأصوات
قال الخليل عفق الرجل يعفق عفقا إذا ركب رأسه فمضى
تقول لا يزال يعفق العفقة ثم يرجع أي يغيب الغيبة
والإبل تعفق عفقا وعفوقا إذا أرسلت في مراعيها فمرت على وجوهها
وربما عفقت عن المرعى إلى الماء ترجع إليه بين كل يومين
وكل وارد وصادر عافق وكل راجع مختلف عافق
وقال ابن الأعرابي في قوله:
* حتى تردى أربع في المنعفق *

53
قال أراد في المنصرف عن الماء
قال ويقال عفق بنو فلان بني فلان أي رجعوا إليهم
وأنشد:
* عفقا ومن يرعى الحموض يعفق *
والمعنى أن من يرعى الحموض تعطش ماشيته سريعا فلا يجد بدا من أن يعفق أي يرجع بسرعة
ومن الباب عفقه عن حاجته أي رده وصرفه عنها
ومنه التعفق وهو التصرف والأخذ في كل وجه مشيا لا يستقيم كالحية
قال أبو عمرو العفق سرعة رجع أيدي الإبل وأرجلها
قال:
* يعفقن بالأرجل عفقا صلبا *
قال أبو عمرو وهو يعفق الغنم أي يردها عن وجوهها
ورجل معفاق الزيارة لا يزال يجيء ويذهب
ويذكر عن بعض العرب أنه قال انتلى فيها تأويلات ثم أعفق أي أقضى بقايا من حوائجي ثم أنصرف
قال ابن الأعرابي تعفق بالشيء إذا رجع إليه مرة بعد أخرى
وأنشد:
تعفق بالأرظي لها وأرادها * رجال فبذت نبلها وكليب

54
ومن الباب قولهم للحلب عفاق
وتلخيص هذا الكلام أن يحلبها كل ساعة
يقال عفقت ناقتك يومك أجمع في الحلب
وقال ذو الخرق:
عليك الشاء شاء بني تميم * فعافقه فإنك ذو عفاق
ومن الباب عفقت الريح التراب إذا ضربته وفرقته
قال سويد:
وإن تك نار فهي نار بملتقى * من الريح تمريها وتعفقها عفقا
وأما الذي ذكرناه من الصوت فيقولون عفق بها إذا أنبق بها وحصم
ومما يقرب من هذا الباب العفق ضرب بالعصا والضراب وكأن ذلك تصويت
(عفك) العين والفاء والكاف أصل صحيح وهو لا يدل إلا على صفة مكروهة
قال الخليل الأعفك الأحمق
قال:
صاح ألم تعجب لذاك الضيطر * الأعفك الأخرق ثم الأعسر

55
الضيطر الأحمق الفاحش والأعفك أيضا والأخرق الذي لا خير فيه ولا يحسن عملا وهو المخلع من الرجال
قال ابن دريد بنو تميم يسمون الأعسر الأعفك
(عفل) العين والفاء واللام كلمة تدل على زيادة في خلقة
قال الخليل العفل يخرج في حياء الناقة كالأدرة وهي عفلاء
ويقال العفل شحم خصيي الكبش
قال بشر:
* وارم العفل معبر *
قال الكسائي العفل الموضع الذي يجس من الشاة إذا أرادوا أن يعرفوا سمنها
(عفن) العين والفاء والنون كلمة تدل على فساد في شيء من ندى
وهو عفن الشيء يعفن عفنا
(عفو) العين والفاء والحرف المعتل أصلان يدل أحدهما على ترك الشيء والآخر على طلبه
ثم يرجع إليه فروع كثيرة لا تتفاوت في المعنى
فالأول العفو عفو الله تعالى عن خلقه وذلك تركه إياهم فلا يعاقبهم فضلا منه
قال الخليل وكل من استحق عقوبة فتركته فقد عفوت عنه
يقال

56
عفا يعفو عفوا
وهذا الذي قاله الخليل صحيح وقد يكون أن يعفو الإنسان عن الشيء بمعنى الترك ولا يكون ذلك عن استحقاق
ألا ترى أن النبي عليه السلام قال
(عفوت عنكم عن صدقة الخيل) فليس العفو هاهنا عن استحقاق ويكون معناه تركت أن أوجب عليكم الصدقة في الخيل
ومن الباب العافية دفاع الله تعالى عن العبد تقول عافاه الله تعالى من مكروهة وهو يعافيه معافاة
وأعفاه الله بمعنى عافاه
والاستعفاء أن تطلب إلي من يكلفك أمرا أن يعفيك منه
قال الشيباني عفا ظهر البعير إذا ترك لا يركب وأعفيته أنا
ومن الباب العفاوة شيء يرفع من الطعام يتحف به الإنسان
وإنما هو من العفو وهو الترك وذلك أنه ترك فلم يؤكل
فأما قول الكميت:
وظل غلام الحي طيان ساغبا * وكاعبهم ذات العفاوة أسغب
فقال قوم كانت تعطى عفو المال فصارت تسغب لشدة الزمان
وهذا بعيد وإنما ذلك من العفاوة
يقول كان يرفع لها الطعام تتحف به فاشتد الزمان عليهم فلم يفعلوا ذلك
وأما العافي من المرق فالذي يرده المستعير للقدر
وسمي عاقبا لأنه يترك فلم يؤكل
قال:
* إذا رد عافي القدر من يستعيرها *

57
ومن هذا الباب العفو المكان الذي لم يوطأ
قال:
قبيلة كشراك النعل دارجة * إن يهبطوا العفو لا يوجد لهم أثر
أي إنهم من قلتهم لا يؤثرون في الأرض
وتقول هذه أرض عفو ليس فيها أثر فلم ترع وطعام عفو لم يمسه قبلك أحد وهو الأنف
فأما قولهم عفا درس فهو من هذا وذلك أنه شيء يترك فلا يتعهد ولا ينزل فيخفى على مرور الأيام
قال لبيد:
عفت الديار محلها فمقامها * بمنى تأبد غولها فرجامها
ألا تراه قال تأبد فأعلم أنه أتى عليه أبد
ويجوز أن يكون تأبد أي ألفته الأوابد
وهي الوحش
فهذا معنى العفو وإليه يرجع كل ما أشبهه
وقول القائل عفا درس وعفا كثر وهو من الأضداد ليس بشيء إنما المعنى ما ذكرناه فإذا ترك ولم يتعهد حتى خفي على مر الدهر فقد عفا وإذا ترك فلم يقطع ولم يجز فقد عفا
والأصل فيه كله الترك كما ذكرناه
ومن هذا الباب قولهم عليه العفاء فقال قوم هو التراب يقال ذلك في الشتيمة
فإن كان صحيحا فهو التراب المتروك الذي لم يؤثر فيه
ولم يوطأ لأنه إذا

58
وطئ ولم يترك من المشي عليه تكدد فلم يك ترابا
وإن كان العفاء الدروس فهو على المعنى الذي فسرناه
قال زهير:
تحمل أهلها عنها فبانوا * على آثار من ذهب العفاء
يقال عفت الدار فهو تعفو عفاء والريح تعفو الدار عفاء وعفوا
وتعفت الدار تعفيا
قال ابن الأعرابي العفو في الدار أن يكثر التراب عليها حتى يغطيها
والاسم العفاء والعفو
ومن الباب العفو والعفو والجمع العفاء وهي الحمر الفتاء والأنثى عفوة والجمع عفوة
وإنما سميت بذلك لأنها تترك لا تركب ولا يحمل عليها
فأما العفوة في هذا الجمع فلا يعلم في كلام العرب واو متحركة بعد حرف متحرك في آخر البناء غير هذه وذلك أنهم كرهوا أن يقولوا عفاة
قال الفراء العفو والعفو والعفي والعفي ولد الحمار والأنثى عفوة والجمع عفاء
قال:
بضرب يزيل الهام عن سكناته * وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق
ومن الباب العفاء ما كثر من الوبر والريش يقال ناقة ذات عفاء أي كثيرة الوبر طويلته قد كاد ينسل
وسمي عفاء لأنه ترك من المرط

59
والجز
وعفاء النعامة الريش الذي علا الزف الصغار
وكذلك عفاء الطير الواحدة عفاءة ممدود مهموز
قال ولا يقال للريشة عفاءة حتى يكون فيها كثافة
وقول الطرماح:
فيا صبح كمش غبر الليل مصعدا * ببم ونبه ذا العفاء الموشح
إذا صاح لم يخذل وجاوب صوته * حماش الشوي يصدحن من كل مصدح
فذو العفاء الريش
يصف ديكا
يقول لم يخذل أي إن الديوك تجيبه من كل ناحية
وقال في وبر الناقة:
أجد موثقة كأن عفاءها * سقطان من كنفي ظليم نافر
وقال الخليل العفاء السحاب كالخمل في وجهه
وهذا صحيح وهو تشبيه إنما شبه بما ذكرناه من الوبر والريش الكثيفين
وقال أهل اللغة كلهم يقال من الشعر عفوته وعفيته مثل قلوته وقليته وعفا فهو عاف وذلك إذا تركته حتى يكثر ويطول
قال الله تعالى * (حتى عفوا الأعراف 95) * أي نموا وكثروا
وهذا يدل على ما قلناه أن أصل الباب من هذا الوجه الترك

60
قال الخليل عفا الماء أي لم يطأه شيء يكدره
وهو عفوة الماء
وعفا المرعى ممن يحل به عفاء طويلا
قال أبو زيد عفوة الشراب خيره وأوفره
وهو في ذلك كأنه ترك فلم يتنقص ولم يتخون
والأصل الآخر الذي معناه الطلب قول الخليل إن العفاة طلاب المعروف وهم المعتفون أيضا
يقال اعتفيت فلانا إذا طلبت معروفه وفضله
فإن كان المعروف هو العفو فالأصلان يرجعان إلى معنى وهو الترك وذلك أن العفو هو الذي يسمح به ولا يحتجن ولا يمسك عليه
قال أبو عمرو أعطيته المال عفوا أي عن غير مسألة
الأصمعي اعتفاه وعفاه بمعنى واحد يقال للعفاة العفى
............ لا يجدبونني * إذا هر دون اللحم والفرث جازره
قال الخليل العافية طلاب الرزق اسم جامع لها
وفي الحديث (من أحيا أرضا ميتة فهي له وما أكلت العافية منها فهي له صدقة)
قال ابن الأعرابي يقال ما أكثر عافية هذا الماء أي واردته من أنواع شتى
وقال أيضا إبل عافية إذا وردت على كلأ قد وطئه الناس فإذا رعته لم ترض به فرفعت رؤسها عنه وطلبت غيره

61
وقال النضر استعفت الإبل هذا اليبيس بمشافرها إذا أخذته من فوق التراب
(عفت) العين والفاء والتاء كلمة تدل على كسر شيء يقولون عفت العظم كسره
ثم يقولون العفت في الكلام كسره لكنة ككلام الحبشي
(عفج) العين والفاء والجيم كلمتان إحداهما عضو من الأعضاء والآخر ضرب
فالأولى الأعفاج الأمعاء ويقولون إن واحدها عفج وعفج
وأما الأخرى فيقال عفج إذا ضرب
ويقال للخشبة التي يضرب بها الغاسل الثياب معفاج
وسائر ما يقال في هذا الباب مما لا أصل له
(عفر) العين والفاء والراء أصل صحيح وله معان
فالأول لون من الألوان والثاني نبت والثالث شدة وقوة والرابع زمان والخامس شيء من خلق الحيوان
فالأول العفرة في الألوان وهو أن يضرب إلى غبرة في حمرة ولذلك سمي التراب العفر
يقال عفرت الشيء في التراب تعفيرا
واعتفر الشيء سقط في العفر
قال الشاعر يصف ذوائب المرأة وأنها إذا أرسلتها سقطت على الأرض

62
تهلك المدراة في أكنافه * وإذا ما أرسلته يعتفر
قال ابن دريد العفر ظاهر تراب الأرض بفتح الفاء وتسكينها
قال والفتح اللغة العالية
ويقال للظبي أعفر للونه
قال:
يقول لي الأنباط إذ أنا ساقط * به لا بظبي في الصريمة أعفرا
قال وإنما ينسب إلى اسم التراب
وكذلك الرمل الأعفر
قال واليعفور الخشف سمي بذلك لكثرة لزوقه بالأرض
قال ابن دريد العفير لحم يجفف على الرمل في الشمس
ومن الباب شربت سويقا عفيرا وذلك إذا لم يلت بزيت ولا سمن
فأما الذي قاله ابن الأعرابي من قولهم وقعوا في عافور شر مثل عاثور فممكن أن يكون من العفر وهو التراب وممكن أن يكون الفاء مبدلة من ثاء
وقد قال ابن الأعرابي إن ذلك مشتق من عفره أي صرعه ومرغه في التراب
وأنشد:
* جاءت بشر مجنب عافور *

63
فأما ما رواه أبو عبيدة أن العفر بذر الناس الحبوب فيقولون عفروا أي بذروا فيجوز أن يكون من هذا لأن ذلك يلقى في التراب
قال الأصمعي وروي في حديث عن هلال بن أمية ما قربت امرأتي منذ عفرنا
ثم يحمل على هذا العفار وهو إبار النخل وتلقيحه
وقد قيل في عفار النخل غير هذا وقد ذكر في موضعه
وقال ابن الأعرابي العفر الليالي البيض
ويقال لليلة ثلاث عشرة من الشهر عفراء وهي التي يقال لها ليلة السواء
ويقال إن العفر الغنم البيض الجرد يقال قوم معفرون ومضيئون
قال وهذيل معفرة وليس في العرب قبيلة معفرة غيرها
ويقولون ما على عفر الأرض مثله أي على وجهها
ومن الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم جافى عضديه عن جنبيه حتى يرى من خلفه عفرة إبطيه
وأما الأصل الثاني فالعفار وهو شجر كثير النار تتخذ منه الزناد الواحدة عفارة
ومن أمثالهم اقدح بعفار أو مرخ واشدد إن شئت أو أرخ
قال الأعشى:
زنادك خير زناد الملوك * خالط منهن مرخ عفارا
ولعل المرأة سميت عفارة بذلك
قال الأعشى مرفل كامل:

64
بانت لتحزننا عفاره * يا جارتا ما أنت جاره
وكذلك عفيرة
وقال بعضهم العفر جمع العفار من الشجر الذي ذكرناه
وأنشدوا:
قد كان في هاشم في بيت محضهم * وارى الزناد إذا ما أصلد العفر
ويقولون في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار أي إنهما أخذا من النار ما أحسبهما
والأصل الثالث الشدة والقوة
قال الخليل رجل عفر بين العفارة يوصف بالشيطنة ويقال شيطان عفرية وعفريت وهم العفارية والعفاريت
ويقال إنه الكيس الظريف
وإن شئت فعفر وأعفار وهو المتمرد
وإنما أخذ من الشدة والبسالة
يقال للأسد عفر وعفرنى
ويقال للخبيث عفرين وهم العفرون
وأسد عفرني ولبؤة عفرناة أي شديدة
قال:
بذات لوث عفرناة إذا عثرت * فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا
ويسمون دويبة من الدواب ليث عفرين وهذا يقولون إن الأصل فيه الباب الأول لأن مأوى هذه الدويبة التراب في السهل تدور دارة ثم تندس في جوفها فإذا هيج رمى بالتراب صعدا

65
قال الخليل ويسمون الرجل الكامل من أبناء الخمسين ليث عفرين
يقولون ابن العشر لعاب بالقلين وابن العشرين باغي نسين وابن ثلاثين أسعى الساعين وابن الأربعين أبطش الباطشين وابن الخمسين ليث عفرين وابن ستين مؤنس الجليسين وابن السبعين أحكم الحاكمين وابن الثمانين أسرع الحاسبين وابن التسعين واحد الأرذلين وابن المائة لا جاء ولا ساء يقول لا رجل ولا امرأة
قال أبو عبيد العفرية النفرية الخبيث المنكر
وهو مثل العفر يقال رجل عفر وامرأة عفرة
وفي الحديث (إن الله تعالى يبغض العفرية النفرية الذي لم برزأ في ماله وجسمه)
قال وهو المصحح الذي لا يكاد يمرض
وزعم بعضهم أن العفرفر مثل العفرنى من الأسود وهو الذي يصرع قرنه ويعفر
فإذا كان صحيحا فقد عاد هذا الباب إلى الباب الأول
وأنشد:
إذا مشى في الحلق المخصر * وبيضة واسعة ومغفر
* يهوس هوس الأسد العفرفر *
ويقال إن عفار اسم رجل وإنه مشتق من هذا وكان ينسب إليه النصال
قال:

66
نصل عفاري شديد عيره * لم يبق ما النصال عاد غيره
ويقال للعفر عفارية أيضا
قال جرير:
قرنت الظالمين بمرمريس * يذل له العفارية المريد
والأصل الرابع من الزمان قولهم لقيته عن عفر أي بعد شهر
ويقال بالرجل إذا كان له شرف قديم ما شرفك عن عفر أي هو قديم غير حديث
قال كثير:
ولم يك عن عفر تفرعك العلى * ولكن مواريث الجدود تؤولها
أي تصلحها وتربها وتسوسها
ويقال في عفار النخل إن النخل كان يترك بعد التلقيح أربعين يوما لا يسقى
قالوا ومن هذا الباب التعفير وهو أن لا ترضع المطفل ولدها ساعة وتتركه ساعة
قال لبيد:
لمعفر قهد تنازع شلوه * غبر كواسب لا يمن طعامها
وحكي عن الفراء أن العفير من النساء هي التي لا تهدى لأحد شيئا
قال وهو مأخوذ من التعفير الذي ذكرناه
وهذا الذي قاله الفراء بعيد من الذي

67
شبه به ولعل العفير هي التي كانت هديتها تدوم وتتصل ثم صارت تهدى في الوقت
وهذا على القياس صحيح
ومما يدل على هذا البيت الذي ذكر الفراء للكميت:
وإذا الخرد اغبررن من المحل * وصارت مهداؤهن عفيرا
فالمهداء التي من شأنها الإهداء ثم عادت عفيرا لا تديم الهدية والإهداء
وأما الخامس فيقولون إن العفرية والعفراة واحدة وهي شعر وسط الرأس
وأنشد:
قد صعد الدهر إلى عفراته * فاحتصها بشفرتي مبراته
وهي لغة في العفرية كناصية وناصاة
وقد يقولون على التشبيه لعرف الديك عفرية
قال:
* كعفرية الغيور من الدجاج *
أي من الديكة
قال أبو زيد شعر القفا من الإنسان العفرية
(عفز) العين والفاء والزاء ليس بشيء ولا يشبه كلام العرب
على أنهم يقولون العفز ملاعبة الرجل امرأته وإن العفز الجوز
وهذا لا معنى لذكره
(عفس) العين والفاء والسين أصل صحيح يدل على ممارسة ومعالجة
يقولون هو يعافس الشيء إذا عالجه
واعتفس القوم اصطرعوا

68
وعفس إذا سجن
وهذا على معنى الاستعارة كأنه لما حبس كان كالمصروع
والمعفوس المبتذل
والعفس سوق الإبل
والمعنى في ذلك كله متقارب
(عفص) العين والفاء والصاد أصيل يدل على التواء أولي
يقال عفص يده لواها
ويقولون العفص التواء في الأنف
(عفط) العين والفاء والطاء أصيل صحيح يدل على صويت ثم يحمل عليه
يقولون العفطة نثرة الضائنة بأنفها
يقال ما له عافطة ولا نافطة
ويقال إن العافطة الأمة والنافطة الشاة
ثم يقولون للألكن العفطي
ويقولون عفط بغنمه إذا دعاها
والله أعلم بالصواب
(باب العين والقاف وما يثلثهما في الثلاثي)
(عقل) العين والقاف واللام أصل واحد منقاس مطرد يدل عظمه على حبسة في الشيء أو ما يقارب الحبسة
من ذلك العقل وهو الحابس عن ذميم القول والفعل
قال الخليل العقل نقيض الجهل
يقال عقل يعقل عقلا إذا عرف ما كان يجهله قبل أو انزجر عما كان يفعله
وجمعه عقول
ورجل عاقل وقوم عقلاء وعاقلون
ورجل عقول إذا كان حسن الفهم وافر العقل
وماله معقول أي عقل خرج مخرج المجلود للجلادة والميسور لليسر
قال:

69
فقد أفادت لهم عقلا وموعظة * لمن يكون له إرب ومعقول
ويقال في المثل رب أبله عقول
ويقولون علم قتيلا وعدم معقولا
ويقولون فلان عقول للحديث لا يفلت الحديث سمعه
ومن الباب المعقل والعقل وهو الحصن وجمعه عقول
قال أحيحة:
وقد أعددت للحدثان صعبا * لو أن المرء تنفعه العقول
يريد الحصون
ومن الباب العقل وهي الدية
يقال عقلت القتيل أعقله عقلا إذا أديت ديته
قال:
إني وقتلى سليكا ثم أعقله * كالثور يضرب لما عافت البقر
الأصمعي عقلت القتيل أعطيت ديته وعقلت عن فلان إذا غرمت جنايته
قال وكلمت أبا يوسف القاضي في ذلك بحضرة الرشيد فلم يفرق بين عقلته وعقلت عنه حتى فهمته
والعاقلة القوم تقسم عليهم الدية في أموالهم إذا كان قتيل خطأ
وهم بنو عم القاتل الأدنون وإخوته
قال الأصمعي صار دم فلان معقلة على قومه أي صاروا يدونه

70
ويقول بعض العلماء إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديتها
يعنون أن موضحتها وموضحته سواء فإذا بلغ العقل ما يزيد ثلث الدية صارت دية المرأة على نصف دية الرجل
وبنو فلان على معاقلهم التي كانوا عليها في الجاهلية يعني مراتبهم في الديات الواحدة معقلة
قالوا أيضا وسميت الدية عقلا لأن الإبل التي كانت تؤخذ في الديات كانت تجمع فتعقل بفناء المقتول فسميت الدية عقلا وإن كانت دراهم ودانانير
وقيل سميت عقلا لأنها تمسك الدم
قال الخليل إذا أخذ المصدق صدقة الإبل تامة لسنة قيل أخذ عقالا وعقالين لسنتين
ولم يأخذ نقدا أي لم يأخذ ثمنا ولكنه أخذ الصدقة على ما فيها
وأنشد:
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا * فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
وأهل اللغة يقولون إن الصدقة كلها عقال
يقال استعمل فلان على عقال بني فلان أي على صدقاتهم
قالوا وسميت عقالا لأنها تعقل عن صاحبها الطلب بها وتعقل عنه المأثم أيضا
وتأولوا قول أبي بكر لما منعت العرب الزكاة والله لو منعوني عقالا مما

71
أدوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه فقالوا أراد به صدقة عام وقالوا أيضا إنما أراد بالعقال الشيء التافه الحقير فضرب العقال الذي يعقل به البعير لذلك مثلا
وقيل إن المصدق كان إذا أعطى صدقة إبله أعطى معها عقلها وأرويتها
قال الأصمعي عقل الظبي يعقل عقولا إذا امتنع في الجبل
ويقال عقل الطعام بطنه إذا أمسكه
والعقول من الدواء ما يمسك البطن
قال ويقال اعتقل رمحه إذا وضعه بين ركابه وساقه
واعتقل شاته إذا وضع رجلها بين فخذه وساقه فحلبها
ولفلان عقلة يعتقل بها الناس إذا صارعهم عقل أرجلهم
ويقال عقلت البعير أعقله عقلا إذا شددت يده بعقاله وهو الرباط
وفي أمثالهم
الفحل يحمي شوله معقولا
واعتقل لسان فلان إذا احتبس عن الكلام
فأما قولهم فلانة عقيلة قومها فهي كريمتهم وخيارهم
ويوصف بذلك السيد أيضا فيقال هو عقيلة قومه
وعقيلة كل شيء أكرمه
والدرة عقيلة البحر
قال ابن قيس الرقيات:
درة من عقائل البحر بكر * لم يشنها مثاقب الللال

72
وذكر قياس هذا عن ابن الأعرابي قالوا عنه إنما سميت عقيلة لأنها عقلت صواحبها عن أن يبلغنها
وقال الخليل بل معناه عقلت في خدرها
قال امرؤ القيس:
عقيلة أخدان لها لا دميمة * ولا ذات خلق أن تأملت جأنب
قال أبو عبيدة العقيلة الذكر والأنثى سواء
قال:
بكر يبذ البزل والبكارا * عقيلة من نجب مهاري
ومن هذا الباب العقل في الرجلين اصطكاك الركبتين
يقال بعير أعقل وقد عقل عقلا
وأنشد:
أخو الحرب لباس إليها جلالها * وليس بو لاج الخوالف أعقلا
والعقال داء يأخذ الدواب في الرجلين وقد يخفف
ودابة معقولة بها عقال إذا مشت كأنها تقلع رجليها من صخرة
وأكثر ما يكون في ذلك في الشاء
قال أبو عبيدة امرأة عقلاء إذا كانت حمشة الساقين ضخمة العضلتين
قال الخليل العاقول من النهر والوادي ومن الأمور أيضا ما التبس وأعوج
وذكر عن ابن الأعرابي ولم نسمعه سماعا أن العقال البئر القريبة القعر سميت عقالا لقرب مائها كأنها تستقى بالعقال وقد ذكر ذلك عن أبي عبيدة أيضا
ومما يقرب من هذا الباب العقنقل من الرمل وهو ما ارتكم منه وجمعه عقاقيل وإنما سمي بذلك لارتكامه وتجمعه
ومنه عقنقل الضب مصيره

73
ويقولون أطعم أخاك من عقنقل الضب يتمثل به
ويقولون إنه طيب
فأما الأصمعي فإنه قال أنه يرمى به ويقال أطعم أخاك من عقنقل الضب استهزاء
قالوا وإنما سمي عقنقلا لتحويه وتلويه وكل ما تحوى والتوى فهو عقنقل ومنه قيل لقضبان الكرم عقاقيل لأنها ملتوية
قال:
نجذ رقاب القوم من كل جانب * كجذ عقاقيل الكروم خبيرها
فأما الأسماء التي جاءت من هذا البناء ولعلها أن تكون منقاسة فعاقل جبل بعينه
قال:
لمن الديار برامتين فعاقل * درست وغير آيها القطر
قال أبو عبيدة بنو عاقل رهط الحارث بن حجر سموا بذلك لأنهم نزلوا عاقلا وهم ملوك
ومعقلة مكان بالبادية
وأنشد:
وعين كأن البابليين لبسا * بقلبك منها يوم معقلة سحرا
وقال أوس:
فبطن السلى فالسخال تعذرت * فمعقلة إلى مطار فواحف
قال الأصمعي بالدهناء خبراء يقال لها معقلة

74
وذو العقال فرس معروف
وأنشد:
فكأنما مسحوا بوجه حمارهم * بالرقمتين جبين ذي العقال
(عقم) العين والقاف والميم أصل واحد يدل على غموض وضيق وشدة
من ذلك قولهم حرب عقام وعقام
لا يلوي فيها أحد على أحد لشدتها
وداء عقام لا يبرأ منه
ومن الباب قولهم رجل عقام وهو الضيق الخلق
قال:
أنت عقام لا يصاب له هوى * وذو همة في المطل وهو مضيع
ومن الباب عقمت الرحم عقما وذلك هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد
ويقال عقمت المرأة وعقمت وهي أجودهما
وفي الحديث: (تعقم أصلاب المنافقين فلا يقدرون على السجود) والمعنى يبس مفاصلهم
ويقال رجل عقيم ورجال عقماء ونسوة معقومات وعقائم وعقم
قال أبو عمرو عقمت المرأة إذا لم تلد
قال ابن الأعرابي عقمت المرأة عقما وهي معقومة وعقيم وفي الرجل أيضا عقم فهو عقيم ومعقوم
وربما قالوا عقمت فلانة أي سحرتها حتى صارت معقومة الرحم لا تلد

75
قال الخليل عقل عقيم للذي لا يجدي على صاحبه شيئا
ويروى أن العقل عقلان فعقل عقيم وهو عقل صاحب الدنيا وعقل مثمر وهو عقل صاحب الآخرة
ويقال الملك عقيم وذلك أن الرجل يقتل أباه على الملك والمعنى أنه يسد باب المحافظة على النسب
والدنيا عقيم لا ترد على صاحبها خيرا
والريح العقيم التي لا تلقح شجرا ولا سحابا
قال الله تعالى:
(وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) * قيل هي الدبور
قال الكسائي يقال عقمت عليهم الريح تعقم عقما
والعقيم من الأرض ما اعتقمتها فحفرتها قال:
تزود منا بين أذناه ضربة * دعته إلى هابي التراب عقيم
قال الخليل الاعتقام الحفر في جوانب البئر
قال ربيعة بن مقروم:
وماء آجن الجمات قفر * تعقم في جوانبه السباع
وإنما قيل لذلك اعتقام لأنه في الجانب وذلك دليل الضيق الذي ذكرناه
ومن الباب المعاقم المخاصم والوجه فيه أنه يضيق على صاحبه بالكلام
وكان الشيباني يقول هذا كلام عقمي أي إنه من كلام الجاهلية لا يعرف
وزعم أنه سال رجلا من هذيل يكنى أبا عياض عن حرف من غريب هذيل فقال:

76
هذا كلام عقمي أي من كلام الجاهلية لا يتكلم به اليوم
ويقولون إن الحاجز بين التبن والحب إذا ذري الطعام معقم
(عقو) العين والقاف والحرف المعتل كلمات لا تنقاس وليس يجمعها أصل وهي صحيحة
وإحداها العقوة ما حول الدار
يقال ما يطور بعقوة فلان أحد
والكلمة الأخرى العقي ما يخرج من بطن الصبي حين يولد
والثالثة العقيان وهو فيما يقال ذهب ينبت نباتا وليس مما يحصل من الحجارة
والاعتقاء مثل الاعتقام في البئر وقد ذكرناه
ويقال عقي الطائر إذا ارتفع في طيرانه
وعقى بسهمه في الهواء
وينشد:
عقوا بسهم فلم يشعر به أحد * ثم استفاءوا وقالوا حبذا الوضح
ومن الكلمات أعقى الشيء إذا اشتدت مرارته
(عقب) العين والقاف والباء أصلان صحيحان أحدهما يدل على تأخير شيء وإتيانه بعد غيره
والأصل الآخر يدل على ارتفاع وشدة وصعوبة
فالأول قال الخليل كل شيء يعقب شيئا فهو عقيبه كقولك خلف يخلف بمنزلة الليل والنهار إذا مضى أحدهما عقب الآخر
وهما عقيبان كل واحد منهما

77
عقيب صاحبه
ويعقبان إذا جاء الليل ذهب النهار فيقال عقب الليل النهار وعقب النهار الليل
وذكر ناس من أهل التفسير في قوله تعالى:
(له معقبات من بين يديه ومن خلفه) * قال يعني ملائكة الليل والنهار لأنهم يتعاقبون
ويقال إن العقيب الذي يعاقب آخر في المركب وقد أعقبته إذا نزلت ليركب
ويقولون عقب علي في تلك السلعة عقب أي أدركني فيها درك والتعقبة الدرك
ومن الباب عاقبت الرجل معاقبة وعقوبة وعقابا
واحذر العقوبة والعقب
وأنشد:
فنعم والي الحكم والجار عمر * لين لأهل الحق ذو عقب ذكر
ويقولون إنها لغة بني أسد
وإنما سميت عقوبة لأنها تكون آخرا وثاني الذنب
وروى عن ابن الأعرابي المعاقب الذي أدرك ثأره
وإنما سمي بذلك للمعنى الذي ذكرناه
وأنشد:
ونحن قتلنا بالمخارق فارسا * جزاء العطاس لا يموت المعاقب
أي أدركنا بثأره قدر ما بين العطاس والتشميت
ومثله:

78
فقتل بقتلانا وجز بجزنا * جزاء العطاس لا يموت من اتأر
قال الخليل عاقبة كل شيء آخره وكذلك العقب جمع عقبة
قال:
* كنت أخي في العقب النوائب *
ويقال استعقب فلان من فعله خيرا أو شرا واستعقب من أمره ندما وتعقب أيضا
وتعقبت ما صنع فلان أي تتبعت أثره
ويقولون ستجد عقب الأمر كخير أو كشر وهو العاقبة
ومن الباب قولهم للرجل المنقطع الكلام لو كان له عقب تكلم أي لو كان عنده جواب
وقالوا في قول عمر:
فلا مال إلا قد أخذنا عقابه * ولا دم إلا قد سفكنا به دما
قال عقابه أراد عقباه وعقبانه
ويقال فلان وفلان يعتقبان فلانا إذا تعاونا عليه
قال الشيباني إبل معاقبة ترعى الحمض مرة والبقل أخرى
ويقال العواقب من الإبل ما كان في العضاة ثم عقبت منه في شجر آخر
قال ابن الأعرابي العواقب من الإبل التي تداخل الماء تشرب ثم تعود إلى المعطن ثم تعود إلى الماء وأنشد يصف إبلا:
* روابع خوامس عواقب *
وقال أبو زياد المعقبات اللواتي يقمن عند أعجاز الإبل التي تعترك على

79
الحوض فإذا انصرفت ناقة دخلت مكانها أخرى الواحدة معقبة
قال:
* الناظرات العقب الصوادف *
وقالوا وعقبة الإبل أن ترعى الحمض مرة والخلة أخرى
وقال ذو الرمة:
ألهاه آء وتنوم وعقبته * من لائح المرو والمرعى له عقب
قال الخليل عقبت الرجل أي صرت عقبه أعقبه عقبا
ومنه سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم العاقب لأنه عقب من كان قبله من الأنبياء عليهم السلام
وفعلت ذلك بعاقبة كما يقال بآخره
قال:
أرث حديث الوصل من أم معبد * بعاقبة وأخلفت كل موعد
وحكى عن الأصمعي رأيت عاقبة من الطير أي طيرا يعقب بعضها بعضا تقع هذه مكان التي قد كانت طارت قبلها
قال أبو زيد جئت في عقب الشهر وعقبانه أي بعد مضيه العينان مضمومتان
قال وجئت في عقب الشهر وعقبه وفي عقبه
قال:
وقد أروح عقب الإصدار * مخترا مسترخي الإزار

80
قال الخليل جاء في عقب الشهر أي آخره وفي عقبه إذا مضى ودخل شيء من الآخر
ويقال أخذت عقبة من أسيري وهو أن تأخذ منه بدلا
قال:
* لا بأس إني قد علقت بعقبة *
وهذا عقبة من فلان أي أخذ مكانه
وأما قولهم عقبة القمر
ومن الباب قولهم عقبة القدر وهو أن يستعير القدر فإذا ردها ترك في أسفلها شيئا
وقياس ذلك أن يكون آخر ما في القدر أو يبقى بعد أن يغرف منها
قال دريد:
إذا عقب القدور يكن مالا * تحب حلائل الأقوام عرسي
وقال الكميت:
............... ولم يكن * لعقبه قدر المستعيرين معقب
ويقولون تصدق بصدقة ليست فيها تعقبة أي استثناء
وربما قالوا عاقب بين رجليه
إذا راوح بينهما اعتمد مرة على اليمنى ومرة على اليسرى
ومما ذكره الخليل أن المعقاب المرأة التي تلد ذكرا بعد أنثى وكان ذلك عادتها
وقال أبو زيد ليس لفلان عاقبة يعني عقبا
ويقال عقب للفرس جري بعد جري أي شيء بعد شيء
قال امرؤ القيس:

81
على العقب جياش كأن اهتزامه * إذا جاش منه حمية غلي مرجل
وقال الخليل كل من ثنى شيئا فهو معقب قال لبيد:
حتى تهجر للرواح وهاجها * طلب المعقب حقه المظلوم
قال ابن السكيت المعقب الماطل وهو هاهنا المفعول به لأن المظلوم هو الطالب كأنه قال طلب المظلوم حقه من ماطله
وقال الخليل المعنى كما يطلب المعقب المظلوم حقه فحمل المظلوم على موضع المعقب فرفعه
وفي القرآن:
* (ولي مدبرا ولم يعقب النمل 10) * أي لم يعطف
والتعقيب غزوة بعد غزوة
قال طفيل:
وأطنابه أرسان جرد كأنها * صدور القنا من بادىء ومعقب
ويقال عقب فلان في الصلاة إذا قام بعد ما يفرغ الناس من الصلاة في مجلسه يصلي
ومن الباب عقب القدم مؤخرها
وفي المثل ابنك من دمي عقبيك وكان أصل ذلك في عقيل بن مالك وذلك أن كبشة بنت عروة الرحال تبنته فعرم عقيل على أمه يوما فضربته فجاءتها كبشة تمنعها فقالت ابني
ابني فقالت القينية وهي أمة من بني القين ابنك من دمى عقبيك أي ابنك هو الذي نفست به وولدته حتى أدمى النفاس عقبيك لا هذا

82
ومن كلامهم في العقوبة والعقاب قال امرؤ القيس:
* وبالأشقين ما كان العقاب *
ويقال أعقب فلان أي رجع والمعنى أنه جاء عقيب مضيه قال لبيد:
فجال ولم يعقب بغضف كأنها * دقاق الشعيل يبتدرن الجعائلا
قال الدريدي المعقب نجم يعقب نجما آخر أي يطلع بعده
قال:
* كأنها بين السجوف معقب *
ومن الباب قولهم عليه عقبة السرو والجمال أي أثره
قال وقوم عليهم عقبة السرو وإنما قيل ذلك لأن أثر الشيء يكون بعد الشيء
ومما يتكلمون به في مجرى الأمثال قولهم من أين جاءت عقبك أي من أين جئت
وفلان موطأ العقب أي كثير الأتباع
ومنه حديث عمار اللهم إن كان كذب فاجعله موطأ العقب
دعا أن يكون سلطانا يطأ الناس عقبه أي يتبعونه ويمشون وراءه أو يكون ذا مال فيتبعونه لماله
قال:
عهدي بقيس وهم خير الأمم * لا يطؤون قدما على قدم

83
أي إنهم قادة يتبعهم الناس وليسوا أتباعا يطؤون أقدام من تقدمهم
وأما قول النخعي المعتقب ضامن لما اعتقب فالمعتقب الرجل يبيع الرجل شيئا فلا ينقده المشتري الثمن فيأبى البائع أن يسلم إليه السلعة حتى ينقده فتضع السلعة عند البائع
يقول فالضمان على البائع
وإنما سمي معتقبا لأنه أتى بشيء بعد البيع وهو إمساك الشيء
ويقولون اعتقبت الشئ أي حبسته
ومن الباب الإعقابة سمة مثل الإدبارة ويكون أيضا جلدة معلقة من دبر الأذن
وأما الأصل الآخر فالعقبة طريق في الجبل وجمعها عقاب
ثم رد إلى هذا كل شيء فيه علو أو شدة
قال ابن الأعرابي البئر تطوى فيعقب وهي أواخرها بحجارة من خلفها
يقال أعقبت الطي
وكل طريق يكون بعضه فوق بعض فهي أعقاب
قال الكسائي المعقب الذي يعقب طي البئر أن يجعل الحصباء والحجارة الصغار فيها ولي خللها لكي يشد أعقاب الطي
قال:
* شدا إلى التعقيب من ورائها *
قال أبو عمرو العقاب الخزف الذي يدخل بين الآجر في طي البئر لكي تشتد
وقال الخليل العقاب مرقى في عرض جبل وهو ناشز
ويقال العقاب

84
حجر يقوم عليه الساقي
ويقولون إنه أيضا المسيل الذي يسيل ماؤه إلى الحوض
وينشد:
كأن صوت غربها إذا انثعب * سيل على متن عقاب ذي حدب
ومن الباب العقب ما يقعب به الرماح والسهام
قال وخلاف ما بينه وبين العصب أن العصب يضرب إلى صفرة والعقب يضرب إلى البياض وهو أصلبهما وأمتنهما
والعصب لا ينتفع به فهذا يدل على ما قلناه أن هذا الباب قياسه الشدة
ومن الباب ما حكاه أبو زيد عقب العرفج يعقب أشد العقب
وعقبه أن يدق عوده وتصفر ثمرته
ثم ليس بعد ذلك إلا يبسه
ومن الباب العقاب من الطير سميت بذلك لشدتها وقوتها وجمعه أعقب وعقبان وهي من جوارح الطير
ويقال عقاب عقبناه أي سريعة الخطفة
قال:
عقاب عقبناه كأن وظيفها * وخرطومها الأعلى بنار ملوح
خرطومها منسرها
ووظيفها ساقها
أراد أنهما أسودان

85
ثم شبهت الراية بهذه العقاب كأنها تطير كما تطير
(عقد) العين والقاف والدال أصل واحد يدل على شد وشدة وثوق وإليه ترجع فروع الباب كلها
من ذلك عقد البناء والجمع أعقاد وعقود
قال الخليل ولم أسمع له فعلا
ولو قيل عقد تعقيدا أي بنى عقدا لجاز
وعقدت الحبل أعقده عقدا وقد انعقد وتلك هي العقدة
ومما يرجع إلى هذا المعنى لكنه يزاد فيه للفصل بين المعاني أعقدت العسل وانعقد وعسل عقيد ومنعقد
قال:
كأن ربا سال بعد الإعقاد * على لديدي مصمئل صلخاد
وعاقدته مثل عاهدته وهو العقد والجمع عقود
قال الله تعالى:
* (أوفوا بالعقود) * والعقد عقد اليمين ومنه قوله تعالى:
* (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) *
وعقدة النكاح وكل شيء وجوبه وإبرامه
والعقدة في البيع إيجابه
والعقدة الضيعة والجمع عقد
يقال اعتقد فلان عقدة أي اتخذها واعتقد مالا وأخا أي اقتناه
وعقد قلبه على كذا فلا ينزع عنه
واعتقد الشيء

86
صلب
واعتقد الإخاء ثبت
والعقيد طعام يعقد بعسل
والمعاقد مواضع العقد من النظام
قال:
* معاقد سلكه لم توصل *
وعقد القلادة ما يكون طوار العنق أي مقداره
قال الدريدي المعقاد خيط تنظم فيه خرزات
قال الخليل عقد الرمل ما تراكم واجتمع والجمع أعقاد
وقلما يقال عقد وعقدات وهو جائز
قال ذو الرمة:
بين النهار وبين الليل من عقد * على جوانبه الأسباط والهدب
ومن أمثالهم أحمق من ترب العقد يعنون عقد الرمل وحمقه أنه لا يثبت فيه التراب إنما ينهار
وهو أعطش من عقد الرمل وأشرب من عقد الرمل أي إنه يتشرب كل ما أصابه من مطر ودثة
قال الخليل ناقة عاقد إذا عقدت
قال ابن الأعرابي العقدة من الشجر ما يكفي المال سنته
قال غيره

87
العقدة من الشجر ما اجتمع وثبت أصله
ويقال للمكان الذي يكثر شجره عقدة أيضا
وكل الذي قيل في عقدة الشجر والنبت فهو عائد إلى هذا
ولا معنى لتكثير الباب بالتكرير
ويقولون هو آلف من غراب العقدة
ولا يطير غرابها
والمعنى أنه يجد ما يريده فيها
ويقال اعتقدت الأرض حيا سنتها وذلك إذا مطرت حتى يحفر الحافر الثرى فتذهب يده فيه حتى يمس الأرض بأذنه وهو يحفر والثرى جعد
قال ابن الأعرابي عقد الدور والأرضين مأخوذة من عقد الكلأ لأن فيها بلاغا وكفاية
وعقد الكرم إذا رأيت عوده قد يبس ماؤه وانتهى
وعقد الإفط
ويقال إن عكد اللسان ويقال له عقد أيضا هو الغلظ في وسطه
وعقد الرجل إذا كانت في لسانه عقدة فهو أعقد
ويقال ظبية عاقد إذا كانت تلوى عنقها
والأعقد من التيوس والظباء الذي في قرنه عقدة أو عقد قال النابغة في الظباء العواقد:
ويضربن بالأيدي وراء براغز * حسان الوجوه كالظباء العواقد
ومن الباب ما حكاه ابن السكيت لئيم أعقد إذا لم يكن سهل الخلق
قال الطرماح:
ولو أني أشاء حدوت قولا * على أعلامه المتبينات

88
لأعقد مقرف الطرفين يبني * عشيرته له خزي الحياة
يقال إن الأعقد الكلب شبهه به
ومن الباب ناقة معقودة القرى أي موثقة الظهر
وأنشد:
موترة الأنساء معقودة القرى * ذقونا إذا كل العتاق المراسل
وجمل عقد أي ممر الخلق
قال النابغة:
فكيف مزارها إلا بعقد * ممر ليس ينقضه الخؤون
ويقال تعقد السحاب إذا صار كأنه عقد مضروب مبني
ويقال للرجل قد تحللت عقده إذا سكن غضبه
ويقال قد عقد ناصيته إذا غضب فتهيأ للشر
قال:
* بأسواط قوم عاقدين النواصيا *
ويقال تعاقدت الكلاب إذا تعاظلت
قال الدريدي عقد فلان كلامه إذا عماه وأعوصه
ويقال إن المعقد الساحر
قال:
يعقد سحر البابليين طرفها * مرارا وتسقينا سلافا من الخمر
وإنما قيل ذلك لأنه يعقد السحر
وقد جاء في كتاب الله تعالى:
* (ومن شر النفاثات في العقد) * من السواحر اللواتي يعقدن في الخيوط
ويقال إذا أطبق الوادي على قوم فأهلكهم عقد عليهم

89
ومما يشبه هذا الأصل قولهم للقصير أعقد
وإنما قيل له ذلك لأنه كأنه عقدة
والعقد القصار
قال:
ماذية الخرصان زرق نصالها * إذا سددوها غير عقد ولا عصل
(عقر) العين والقاف والراء أصلان متباعد ما بينهما وكل واحد منهما مطرد في معناه جامع لمعاني فروعه
فالأول الجرح أو ما يشبه الجرح من الهزم في الشيء
والثاني دال على ثبات ودوام
فالأول قول الخليل العقر كالجرح يقال عقرت الفرس أي كسعت قوائمه بالسيف
وفرس عقير ومعقور
وخيل عقري
قال زياد:
وإذا مررت بقبره فاعقر به * كوم الهجان وكل طرف سابح
وقال لبيد:
لما رأى لبد النسور تطايرت * رفع القوادم كالعقير الأعزل
شبه النسر بالفرس المعقور
وتعقر الناقة حتى تسقط فإذا سقطت نحرها مستمكنا منها
قال امرؤ القيس:
ويوم عقرت للعذارى مطيتي * فيا عجبا لرحلها المتحمل

90
والعقار الذي يعنف بالإبل لا يرفق بها في أقتابها فتدبرها وعقرت ظهر الدابة أدبرته
قال امرؤ القيس:
تقول وقد مال الغبيط بنا معا * عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
وقول القائل عقرت بي أي أطلت حبسي ليس هذا تلخيص الكلام إنما معناه حبسه حتى كأنه عقر ناقته فهو لا يقدر على السير
وكذلك قول القائل:
قد عقرت بالقوم أم الخزرج * إذا مشت سالت ولم تدحرج
ويقال تعقر الغيث أقام كأنه شيء قد عقر فلا يبرح
ومن الباب العاقر من النساء وهي التي لا تحمل
وذلك أنها كالمعقورة
ونسوة عواقر والفعل عقرت تعقر عقرا وعقرت تعقر أحسن
قال الخليل لأن ذلك شيء ينزل بها من غيرها وليس هو من فعلها بنفسها
وفي الحديث: (عجز عقر)
قال أبو زيد عقرت المرأة وعقرت ورجل عاقر وكان القياس عقرت لأنه لازم كقولك ظرف وكرم
وفي المثل أعقر من بغلة
وقول الشاعر يصف عقابا:

91
لها ناهض في الوكر قد مهدت له * كما مهدت للبعل حسناء عاقر
ذلك أن العاقر أشد تصنعا للزوج وأحفى به لأنه لا ولد لها تدل بها ولا يشغلها عنه
ويقولون لقحت الناقة عن عقر أي بعد حيال كما يقال عن عقم
ومما حمل على هذا قولهم لدية فرج المرأة عقر وذلك إذا غصبت
وهذا مما تستعمله العرب في تسمية الشيء باسم الشيء إذا كانا متقاربين فسمي المهر عقرا لأنه يؤخذ بالعقر
وقولهم بيضة العقر اسم لآخر بيضة تكون من الدجاجة فلا تبيض بعدها فتضرب مثلا لكل شيء لا يكون بعده شيء من جنسه
قال الخليل سمعت أعرابيا من أهل الصمان يقول كل فرجة بين شيئين فهو عقر وعقر ووضع يده على قائمتي المائدة ونحن نتغدى فقال ما بينهما عقر
ويقال النخلة تعقر أي يقطع رأسها فلا يخرج من ساقها أبدا شيء
فذلك العقر ونخلة عقرة
ويقال كلأ عقار أي يعقر الإبل ويقتلها
وأما قولهم رفع عقيرته إذا تغنى أو قرأ فهذا أيضا من باب المجاورة وذلك فيما يقال رجل قطعت إحدى رجليه فرفعها ووضعها على الأخرى وصرخ بأعلى صوته ثم قيل ذلك لكل من رفع صوته
والعقيرة هي الرجل المعقورة ولما كان رفع الصوت عندها سمي الصوت بها
فأما قولهم ما رأيت عقيرة كفلان يراد الرجل الشريف فالأصل في

92
ذلك أن يقال للرجل القتيل الكبير الخطير ما رأيت كاليوم عقيرة وسط قوم قال:
إذا الخيل أجلى شاؤها فقد * عقر خير من يعقره عاقر
قال الخليل يقال في الشتيمة عقرا له وجذعا
ويقال للمرأة حلقي عقري
يقول عقرها الله أي عقر جسدها وحلقها أي أصابها بوجع في حلقها
وقال قوم توصف بالشؤم أي إنها تحلق قومها وتعقر هم
ويقال عقرت الرجل إذا قلت له عقري حلقي
وحكى عن بعض الأعراب ما نتشت الرقعة ولا عقرتها أي ولا أتيت عليها
والرقعة الكلأ المتلبد
يقال كلؤها ينتش ولا يعقر
ويقولون عقرة العلم النسيان على وزن تخمة أي إنه يعقره
وأخلاط الدواء يقال لها العقاقير واحدها عقار
وسمي بذلك لأنه كأنه عقر الجوف
ويقال العقر داء يأخذ الإنسان عند الروع فلا يقدر أن يبرح وتسلمه رجلاه
قال الخليل سرج معقر وكلب عقور
قال ابن السكيت كلب عقور وسرج عقرة ومعقر
قال البعيث:
* ألح على أكتافهم قتب عقر *

93
ويقال سرج معقر وعقار ومعقار
وأما الأصل الآخر فالعقر القصر الذي يكون معتمدا لأهل القرية يلجؤون إليه قال لبيد:
كعقر الهاجري إذ ابتناه * بأشباه حذين على مثال
الأشباه الآجر لأنها مضروبة على مثال واحد
قال أبو عبيد العقر كل بناء مرتفع
قال الخليل عقر الدار محلة القوم بين الدار والحوض كان هناك بناء أو لم يكن
وأنشد لأوس بن مغراء:
أزمان سقناهم عن عقر دارهم * حتى استقر وأدناهم لحورانا
قال والعقر أصل كل شيء
وعقر الحوض موقف الإبل إذا وردت قال ذو الرمة:
بأعقاره القردان هزلى كأنها * نوادر صيصاء الهبيد المحطم
يعني أعقار الحوض
وقال في عقر الحوض:
فرماها في فرائصها * من إزاء الحوض أو عقره
ويقال للناقة التي تشرب من عقر الحوض عقرة وللتي تشرب من إزائه أزية
ومن الباب عقر النار مجتمع جمرها
قال:

94
وفي قعر الكنانة مرهفات * كأن ظباتها عقر بعيج
قال الخليل العقار ضيعة الرجل والجمع العقارات
يقال ليس له دار ولا عقار
قال ابن الأعرابي العقار هو المتاع المصون ورجل معقر كثير المتاع
قال أبو محمد القتيبي العقيرى اسم مبني من عقر الدار ومنه حديث أم سلمة لعائشة: (سكني عقيراك فلا تصحريها) تريد الزمي بيتك
ومما شبه بالعقر وهو القصر العقر غيم ينشأ من قبل العين فيغشى عين الشمس وما حولها
قال حميد:
فإذا احزألت في المناخ رأيتها * كالعقر أفرده العماء الممطر
وقد قيل إن الخمر تسمى عقارا لأنها عاقرت الدن أي لازمته
والعاقر من الرمل ما ينبت شيئا كأنه طحين منخول
وهذا هو الأصل الثاني
وقد بقيت أسماء مواضع لعلها تكون مشتقة من بعض ما ذكرناه
من ذلك عقاراء موضع قال حميد:
ركود الحميا طلة شاب ماءها * بها من عقاراء الكروم ربيب

95
والعقر موضع ببابل قتل فيه يزيد بن المهلب يقال لذلك اليوم يوم العقر
قال الطرماح:
فخرت بيوم العقر شرقي بابل * وقد جبنت فيه تميم وقلت
وعقري ماء
قال:
ألا هل أتى سلمى بأن خليلها * على ماء عقري فوق إحدى الرواحل
(عقز) العين والقاف والزاء بناء ليس يشبه كلام العرب وكذلك العين والقاف والسين والقاف والشين مع أنهم يقولون العقش بقلة أو نبت وليس بشيء
(عقص) العين والقاف والصاد أصل صحيح يدل على التواء في شيء قال الخليل العقص التواء في قرن التيس وكل قرن
يقال كبش أعقص وشاة عقصاء
قال ابن دريد العقص كزازة اليد وإمساكها عن البذل
يقال هو عقص اليدين وأعقص اليدين إذا كان كزا بخيلا
قال الشيباني العقص من الرجال الملتوي الممتنع العسر وجمعه أعقاص
قال:
* مارست نفسا عقصا مراسها *

96
قال الخليل العقص أن تأخذ كل خصلة من شعر فتلويها ثم تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثم ترسلها
وكل خصلة عقيصة والجمع عقائص وعقاص
ويقال عقص شعره إذا ضفره وفتله
ويقال العقص أن يلوي الشعر على الرأس ويدخل أطرافه في أصوله من قولهم قرن أعقص
ويقال لكل لية عقصة وعقيصة
قال امرؤ القيس:
غدائره مستشزرات إلى العلى * تضل العقاص في مثنى ومرسل
ويقال العقاص الخيط تعقص به أطراف الذوائب
ومن الباب العقص من الرمال رمل لا طريق فيه
قال:
كيف اهتدت ودونها الجزائر * وعقص من عالج تياهر
قال ابن الأعرابي المعقص سهم ينكسر نصله ويبقى سنخه فيخرج ويضرب أصل النصل حتى يطول ويرد إلى موضعه فلا يسد الثقب الذي يكون فيه لأنه قد دقق مأخود من الشاة العقصاء
ومن الحوايا واحدة يقال لها العقيصاء
ويقولون العقص عنق الكرش
وأنشد:

97
هل عندكم مما أكلتم أمس * من فحث أو عقص أو رأس
وقال الخليل في قول امرئ القيس:
* تضل العقاص في مثنى ومرسل *
هي المرأة ربما اتخذت عقيصة من شعر غيرها تضل في رأسها
ويقال إنه يعني أنها كثيرة الشعر فما عقص لم يتبين في جميعه لكثرة ما يبقى
(عقف) العين والقاف والفاء أصل صحيح يدل على عطف شيء وحنيه
قال الخليل عقفت الشيء فأنا أعقفه عقفا وهو معقوف إذا عطفته وحنوته
وانعقف هو انعقافا مثل انعطف
والعقافة كالمحجن
وكل شيء فيه انحناء فهو أعقف
ويقال للفقير أعقف ولعله سمي بذلك لانحنائه وذلته
قال:
يا أيها الأعقف المزجي مطيته * لا نعمة تبتغي عندي ولا نشبا
والعقاف داء يأخذ الشاة في قوائمها حتى تعوج يقال شاة عاقف ومعقوفة الرجلين
وربما اعترى كل الدواب وكل أعقف
وقال أبو حاتم ومن ضروع البقر عقوف وهو الذي يخالف شخبه عند الحلب
ويقال أعرابي أعقف

98
أي محرم جاف لم يلن بعد وكأنه معوج بعد لم يستقم
والبعير إذا كان فيه جنأ فهو أعقف
والله أعلم
(باب العين والكاف وما يثلثهما في الثلاثي)
(عكل) العين والكاف واللام أصل صحيح يدل على جمع وضم
قال الخليل يقال عكل السائق الإبل يعكل عكلا إذا ضم قواصيها وجمعها
قال الفرزدق:
وهم على شرف الأميل تداركوا * نعما تشل إلى الرئيس وتعكل
ويقال عكلت الإبل حبستها
وكل شيء جمعته فقد عكلته
والعوكل ظهر الكثيب المجتمع
قال:
بكل عقنقل أو رأس برث * وعوكل كل قوز مستطيل
ويقال العوكلة العظيمة من الرمل
قال:
وقد قابلته عوكلات عوازل
فأما قولهم إن العوكل المرأة الحمقاء فهو محمول على الرمل المجتمع لأنه

99
لا يزال ينهال فالمرأة القليلة التماسك مشبهة بذلك كما مر في ترب العقد
ويقال العوكل من الرجال القصير
وذلك بمعنى التجمع
قال:
* ليس براعي نعجات عوكل *
ويقال إبل معكولة أي محبوسة معقولة
وهذا من القياس الصحيح وعكل قبيلة معروفة
ومن الباب عكلت المتاع بعضه على بعض إذا تضدته
(عكم) العين والكاف والميم أصل صحيح يدل على ضم وجمع لشيء في وعاء قال الخليل يقال عكمت المتاع أعكمه عكما إذا جمعته في وعاء
والعكمان العدلان يشدان من جانبي الهودج
قال:
يا رب زوجني عجوزا كبيرة * فلا جد لي يا رب بالفتيات
تحدثني عما مضى من شبابها * وتطعمني من عكمها تمرات
ويقال في المثل للمتساويين وقعا كالعكمين
وأعكمت الرجل أعنته على حمل عكمة
وعاكمته حملت معه
قال القطامي في أعكم:
إذا وكرت منها قطاة سقاءها * فلا تعكم الأخرى ولا تستعينها

100
أي إنها تحمل الماء إلى فراخها في حواصلها فإذا ملأت حوصلتها لم تعن القطاة الأخرى على حملها
وتقول أعكمني أي أعني على حمل العكم
فإن أمرته بحمله قلت أعكمني مكسورة الألف إن ابتدأت ومدرجة إن وصلت
كما تقول أبغني ثوبا أي أعني على طلبه
ويقال عكمت الناقة وغيرها حملت شحما على شحم وسمنا على سمن
واعتكم الشيء وارتكم بمعنى
وأما قولهم عكم عنه إذا عدل جبنا فهو من الباب لأن الفزع إلى جانب يتضام
وقال:
ولاحته من بعد الورود ظماءة * ولم يك عن ورد المياه عكوما
أي لم ينصرف ولم يتضام إلى جانب
فأما قوله:
فجال فلم يعكم وشيع إلفه * بمنقطع الغضراء شد موالف
فقوله لم يعكم معناه لم يكر لأن الكار على الشيء متضام إليه
ويقال ما عكم عن شتمي أي ما انقبض
ومنه قول الهذلي:
أزهير هل عن شيبة من معكم * أم لا خلود لباذل متكرم

101
يريد بمعكم المعدل
وأما قول الخليل يقال للدابة إذا شربت فامتلأ بطنها ما بقيت في جوفها هزمة ولا عكمة إلا امتلأت فإنه يريد بالعكمة الموضع الذي يجتمع فيه الماء فيروى
والقياس واحد
قال:
حتى إذا ما بلت العكوما * من قصب الأجواف والهزوما
ومن الباب رجل معكم أي صلب اللحم
(عكن) العين والكاف والنون أصل صحيح قريب من الذي قبله قال الخليل العكن جمع عكنة وهي الطي في بطن الجارية من السمن
ولو قيل جارية عكناء لجاز ولكنهم يقولون معكنة
ويقال تعكن الشيء تعكنا إذا ارتكم بعضه على بعض
قال الأعشى:
إليها وإن فاته شبعة * تأتي لأخرى عظيم العكن
ومن الباب النعم العكنان الكثير المجتمع ويقال عكنان بسكون الكاف أيضا
قال:
* وصبح الماء بورد عكنان *
قال الدريدي ناقة عكناء إذا غلظت ضرتها وأخلافها

102
(عكو) العين والكاف والحرف المعتل أصل صحيح يدل على تجمع وغلظ أيضا وهو قريب من الذي قبله
العكوة أصل الذنب
وعكوت ذنب الدابة إذا عطفت الذنب عند العكوة وعقدته
ويقال عكت المرأة شعرها ضفرته
وربما قالوا عكا على قرنه مثل عكر وعطف
فإن كان صحيحا فهو القياس
وجمع عكوة الذنب عكي
قال:
* حتى توليك عكي أذنابها *
ويقال للشاة التي ابيض مؤخرها وسائرها أسود عكواء
وإنما قيل ذلك لأن البياض منها عند العكوة
فأما قول ابن مقبل:
* لا يعكون بالأزر *
فمعناه أنهم أشراف وثيابهم ناعمة فلا يظهر لمعاقد أزرهم عكي
وهذا صحيح لأنه إذا عقد ثوبه فقد عكاه وجمعه
ويقال عكت الناقة غلظت
وناقة معكاء أي غليظة شديدة
(عكب) العين والكاف والباء أصل صحيح واحد وليس ببعيد

103
من الباب الذي قبله بل يدل على تجمع أيضا
يقال للإبل عكوب على الحوض أي ازدحام
وقال الخليل العكب غلظ في لحي الإنسان
وأمة عكباء علجة جافية الخلق من آم عكب
ويقال عكبت حولهم الطير أي تجمعت فهي عكوب
قال:
تظل نسور من شمام عليهما * عكوبا مع العقبان عقبان يذبل
ويقال العكب عوج إبهام القدم وذلك كالوكع
وهو من التضام أيضا
وقال قوم رجل أعكب وهو الذي تدانت أصابع رجله بعضها من بعض
قال الخليل العكوب الغبار الذي تثير الخيل
وبه سمي عكابة ابن صعب
قال بشر:
نقلناهم نقل الكلاب جراءها * على كل معلوب يثور عكوبها
والغبار عكوب لتجمعه أيضا
قال أبو زيد العكاب الدخان وهو صحيح وفي القياس الذي ذكرناه
ومن الباب رجل عكب أي قصير
وكل قصير مجتمع الخلق
فأما قول الشيباني يقال قد ثار عكوبه وهو الصخب والقتال فهذا إنما هو على معنى تشبيه ما ثار الغبار الثائر والدخان
وأنشد:
لبينما نحن نرجو أن نصبحكم * إذ ثار منكم بنصف الليل عكوب
والتشديد الذي تراه لضرورة الشعر

104
(عكد) العين والكاف والدال أصل صحيح واحد يدل على مثل ما دل عليه الذي قبله
فالعكدة أصل اللسان
ويقال اعتكد الشيء إذا لزمه
قال ابن الأعرابي وهو مشتق من عكدة اللسان
فأما قول القائل:
سيصلى بها القوم الذين عنوا بها * وإلا فمعكود لنا أم جندب
فمعناه أن ذلك ممكن لنا معد لنا مجمع عليه
وأم جندب الغشم والظلم
ويقال لأصل القلب عكدة
ومن الباب عكد الضب عكدا إذا سمن وغلظ لحمه
قال والعكد بمنزلة الكدنة وهي السمن
ويقال إن العكد في النبات غلظه وكثرته
وشجر عكد أي يابس بعضه على بعض
وناقة عكدة متلاحمة سمنا
ويقال استعكد الضب إذا لاذ بحجر أو جحر
قال الطرماح:
إذا استعكدت منه بكل كداية * من الصخر وافاها لدى كل مسرح
وعكد مثل حبس
والشيء المعد معكود
(عكر) العين والكاف والراء أصل صحيح واحد يدل على مثل ما دل عليه الذي قبله من التجمع والتراكم
يقال اعتكر الليل إذا اختلط سواده
قال:

105
* تطاول الليل علينا واعتكر *
ويقال اعتكر المطر بالمكان إذا اشتد وكثر
واعتكرت الريح بالتراب إذا جاءت به
ومن الباب العكر دردي الزيت
يقال عكر الشراب يعكر عكرا
وعكرته أنا جعلت فيه عكرا
ومن الباب عكر على قرنه أي عطف لأنه إذا فعل فهو كالمتضام إليه
قال:
يا زمل إني إن تكن لي حاديا * أعكر عليك وإن ترغ لا نسبق
ويقال ليس له معكر أي مرجع ومعطف
ويقال المعكر أصل الشيء
وهو القياس الصحيح لأن كل شيء يتضام إلى أصله
ورجع فلان إلى عكره أي أصله
ويقولون عادت لعكرها لميس
ومن الباب العكر القطيع الضخم من الإبل فوق الخمسمائة
قال:
* فيه الصواهل والرايات والعكر *
ويقال للقطعة عكرة والجمع عكر وربما زادوا في أعداد الحروف والمعنى واحد يقال العكر كر اللبن الغليظ
قال:
فجاءهم باللبن العكر كر * عض لئيم المنتمي والمفخر

106
وذكر ابن دريد تعاكر القوم اختلطوا في خصومة أو نحوها
(عكز) العين والكاف والزاء أصيل يقرب من الباب قبله
قال الدريدي العكز التقبض
يقال عكز يعكز عكزا
فأما العكازة فأظنها عربية ولعلها أن تكون سميت بذلك لأن الأصابع تتجمع عليها إذا قبضت
وليس هذا ببعيد
(عكس) العين والكاف والسين أصل صحيح واحد يدل على مثل ما تقدم ذكره من التجمع والجمع
قال الخليل العكيس من اللبن الحليب تصب عليه الإهالة
قال:
فلما سقيناها العكيس تملأت * مذاخرها وارفض رشحا وريدها
المذاخر الأمعاء التي تذخر الطعام
ومن الباب العكس قال الخليل هو ردك آخر الشيء على أوله وهو كالعطف
ويقال تعكس في مشيته
ويقال العكس عقل يد البعير والجمع بينهما وبين عنقه فلا يقدر أن يرفع رأسه
ويقال من دون ذلك الأمر عكاس أي تراد وتراجع
(عكش) العين والكاف والشين أصل صحيح يدل على مثل ما دل عليه الذي تقدم من التجمع
يقال عكش شعره إذا تلبد
وشعر متعكش

107
وقد تعكش
قال دريد:
تمنيتني قيس بن سعد سفاهة * وأنت امرؤ لا تحتويك المقانب
وأنت امرؤ جعد القفا متعكش * من الأقط الحولي شبعان كانب
وأنشد ابن الأعرابي:
إذ تستبيك بفاحم متعكش
* فلت مداريه أحم رفال *
وقد يقال ذلك في النبات
يقال نبات عكش إذا التف
وقد عكش عكشا
والذي ذكر في الباب فهو راجع إلى هذا كله
وفي كتاب الخليل أن هذا البناء مهمل
وقد يشذ عن العالم الباب من الأبواب
والكلام أكثر من ذلك
(عكص) العين والكاف والصاد قريب من الذي قبله إلا أن فيه زيادة معنى هي الشدة
قال الفراء رجل عكص أي شديد الخلق سيئه وعكص الرمل شدة وعوثته
يقال رملة عكصة
(عكف) العين والكاف والفاء أصل صحيح يدل على مقابلة وحبس
يقال عكف يعكف ويعكف عكوفا وذلك إقبالك على الشيء لا تنصرف عنه
قال:
فهن يعكفن به إذا حجا * عكف النبيط يلعبون الفنزجا

108
ويقال عكفت الطير بالقتيل
قال عمرو:
تركنا الخيل عاكفة عليه * مقلدة أعنتها صفونا
والعاكف المعتكف
ومن الباب قولهم للنظم إذا نظم فيه الجوهر عكف تعكيفا
قال:
وكأن السموط عكفها السلك * بعطفي جيداء أم غزال
والمعكوف المحبوس
قال ابن الأعرابي يقال ما عكفك عن كذا أي ما حبسك
قال الله تعالى * (والهدي معكوفا أن يبلغ محله) *
(باب العين واللام وما يثلثهما)
(علم) العين واللام والميم أصل صحيح واحد يدل على أثر بالشيء يتميز به عن غيره
من ذلك العلامة وهي معروفة
يقال علمت على الشيء علامة
ويقال أعلم الفارس إذا كانت له علامة في الحرب
وخرج فلان معلما بكذا
والعلم الراية والجمع أعلام
والعلم الجبل وكل شيء يكون معلما خلاف المجهل
وجمع العلم أعلام أيضا
قالت الخنساء:
وإن صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار
والعلم الشق في الشفة العليا والرجل أعلم
والقياس واحد لأنه كالعلامة

109
بالإنسان
والعلام فيما يقال الحناء وذلك أنه إذا خضب به فذلك كالعلامة
والعلم نقيض الجهل وقياسه قياس العلم والعلامة والدليل على أنهما من قياس واحد قراءة بعض القراء (وإنه لعلم للساعة) قالوا يراد به نزول عيسى عليه السلام وإن بذلك يعلم قرب الساعة
وتعلمت الشيء إذا أخذت علمه
والعرب تقول تعلم أنه كان كذا بمعنى اعلم
قال قيس بن زهير:
تعلم أن خير الناس حيا * على جفر الهباءة لا يريم
والباب كله قياس واحد
ومن الباب العالمون وذلك أن كل جنس من الخلق فهو في نفسه معلم وعلم
وقال قوم العالم سمي لاجتماعه
قال الله تعالى * (والحمد لله رب العالمين) * قالوا الخلائق أجمعون
وأنشدوا:
ما إن رأيت ولا سمعت * بمثلهم في العالمينا
وقال في العالم:
* فخندف هامة هذا العالم *

110
والذي قاله هذا القائل في أن في ذلك ما يدل على الجمع والاجتماع فليس ببعيد وذلك أنهم يسمون العيلم فيقال إنه البحر ويقال إنه البئر الكثيرة الماء
(علن) العين واللام والنون أصل صحيح يدل على إظهار الشيء والإشارة إليه وظهوره
يقال علن الأمر يعلن
وأعلنته أنا
والعلان المعالنة
(عله) العين واللام والهاء أصل صحيح
ويمكن أن يكون من باب إبدال الهمزة عينا لأنه يجرى مجرى الإله والوله
وهؤلاء الكلمات الثلاث من واد واحد يشتمل على حيرة وتلدد وتسرع ومجئ وذهاب لا تخلو من هذه المعاني
قال الخليل عله الرجل يعله علها فهو علهان إذا نازعته نفسه إلى شيء وهو دائم العلهان
قال:
أجدت قروني وانجلت بعد حقبة * عماية قلب دائم العلهان
ومن الباب عله إذا اشتد جوعه والجائع علهان والمرأة علهى والجمع علاه وعلاهى
يقال علهت إلى الشيء إذا تاقت نفسك إليه
ومن الباب قول ابن أحمر:
علهن فما نرجو حنينا لحرة * هجان ولا نبني خباء لأيم
كأنه يريد تحيرن فلا استقرار لهن
قالوا والعلهان والعالة الظليم

111
وليس هذا ببعيد من القياس
ومن الذي يدل على أن العلة التردد في الأمر كالحيرة قول لبيد يصف بقرة:
علهت تبلد في نهاء صعائد * سبعا تؤاما كاملا أيامها
ومنه قول أبي النجم يصف الفرس بنشاط وطرب:
* من كل علهى في اللجام جائل *
ومن الأسماء التي يمكن أن تكون مشتقة من هذا القياس العلهان اسم فرس لبعض العرب
قال جرير:
شبث فخرت به عليك ومعقل * وبمالك وبفارس العلهان
(علو) العين واللام والحرف المعتل ياء كن أو واوا أو ألفا أصل واحد يدل على السمو والارتفاع لا يشذ عنه شيء
ومن ذلك العلاء والعلو
ويقولون تعالى النهار أي ارتفع
ويدعى للعاثر لعا لك عاليا أي ارتفع في علاء وثبات
وعاليت الرجل فوق البعير عاليته
قال:
وإلا تجللها يعالوك فوقها * وكيف توقى ظهر ما أنت راكبه

112
قال الخليل أصل هذا البناء العلو
فأما العلاء فالرفعة
وأما العلو فالعظمة والتجبر
يقولون علا الملك في الأرض علوا كبيرا
قال الله تعالى * (إن فرعون علا في الأرض القصص 4)
ويقولون رجل عالي الكعب أي شريف
قال:
* لما علا كعبك لي عليت *
ويقال لكل شيء يعلو علا يعلو
فإن كان في الرفعة والشرف قيل علي يعلى
ومن قهر أمرا فقد اعتلاه واستعلى عليه وبه كقولك استولى
والفرس إذا جرى الرهان فبلغ الغاية قيل استعلى على الغاية واستولى
وقال ابن السكيت إنه لمعتل بحمله أي مضطلع به
وقد اعتلى به
وأنشد:
إني إذا ما لم تصلني خلتي * وتباعدت مني اعتليت بعادها
يريد علوت بعادها
وقد علوت حاجتي أعلوها علوا إذا كنت ظاهرا عليها
وقال الأصمعي في قول أوس:
* جل الرزء والعالي *
أي الأمر العظيم الذي يقهر الصبر ويغلبه
وقال أيضا في قول أمية ابن أبي الصلت:

113
إلى الله أشكو الذي قد أرى * من النائبات بعاف وعال
أي بعفوي وجهدي من قولك علاه كذا أي غلبه
والعافي السهل
والعالي الشديد
قال الخليل المعلاة كسب الشرف والجمع المعالي
وفلان من علية الناس أي من أهل الشرف
وهؤلاء علية قومهم مكسورة العين على فعلة مخففة
والسفل والعلو أسفل الشيء وأعلاه
ويقولون عال عن ثوبي واعل عن ثوبي إذا أردت قم عن ثوبي وارتفع عن ثوبي وعال عنها أي تنح واعل عن الوسادة
قال أبو مهدي أعل علي وعال علي أي احمل علي
ويقولون فلان تعلوه العين وتعلو عنه العين أي لا تقبله تنبو عنه
والأصل في ذلك كله واحد
ويقال علا الفرس يعلوه علوا إذا ركبه وأعلى عنه إذا نزل
وهذا وإن كان في الظاهر بعيدا من القياس فهو في المعنى صحيح لأن الإنسان إذا نزل عن شيء فقد باينه وعلا عنه في الحقيقة لكن العرب فرقت بين المعنيين بالفرق بين اللفظين
قال الخليل العلياء رأس كل جبل أو شرف
قال زهير:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن * تحملن بالعلياء من فوق جرثم

114
ويسمى أعلى القناة العالية وأسفلها السافلة والجمع العوالي
قال الخليل العالية من محال العرب من الحجاز وما يليها والنسبة إليها على الأصل عالي والمستعمل علوي
قال أبو عبيد عالي الرجل إذا أتى العالية
وزعم ابن دريد أنه يقال للعالية علو اسم لها وأنهم يقولون قدم فلان من علو
وزعم أن النسب إليه علوي
قالوا والعلية غرفة على بناء حرية
وهي في التصريف فعلية ويقال فعلولة
قال الفراء في قوله تعالى * (إن كتاب الأبرار لفي عليين المطففين 18) * قالوا إنما هو ارتفاع بعد ارتفاع إلى ما لا حد له
وإنما جمع بالواو والنون لأن العرب إذا جمعت جمعا لا يذهبون فيه إلى أن له بناء من واحد واثنين قالوه في المذكر والمؤنث نحو عليين فإنه إنما يراد به شيء لا يقصد به
واحد ولا اثنان كما قالت العرب أطعمنا مرقة مرقين
وقال:
* قليصات وأبيكرينا *
فجمع بالنون لما أراد العدد الذي لا يحده
وقال آخر في هذا الوزن:

115
فأصبحت المذاهب قد أذاعت * بها الإعصار بعد الوابلينا
أراد المطر بعد المطر شيئا غير محدود
وقال أيضا يقال عليا مضر وسفلاها وإذا قلت سفل قلت علي والسماوات العلى الواحدة عليا
فأما الذي يحكى عن أبي زيد جئت من عليك أي من عندك واحتجاجه بقوله:
غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها * تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
والمستعلي من الحالين الذي في يده الإناء ويحلب بالأخرى
ويقال المستعلى الذي يحلب الناقة من شقها الأيسر
والبائن الذي يحلبها من شقها الأيمن
وأنشد:
يبشر مستعليا بائن * من الحالبين بان لا غرارا
ويقال جئتك من أعلى ومن علا ومن عال ومن عل
قال أبو النجم:
* أقب من تحت عريض من عل *
وقد رفعه بعض العرب على الغاية قال ابن رواحة:
شهدت فلم أكذب بأن محمدا * رسول الذي فوق السماوات من عل

116
وقال آخر في وصف فرس:
ظمأي النساء من تحت ريا من عال * فهي تفدى بالأبين والخال
فأما قول الأعشى:
إني أتتني لسان لا أسر لها * من علو لا عجب فيها ولا سخر
فإنه ينشد فيها على ثلاثة أوجه مضموما ومفتوحا ومكسورا وأنشد غيره:
فهي تنوش الحوض نوشا من علا * نوشا به تقطع أجواز الفلا
قال ابن السكيت أتيته من معال
وأنشد:
فرج عنه حلق الأغلال * جذب البري وجرية الجبال
* ونغضان الرحل من معال *
ويقال عوليت الفرس إذا كان خلقها معالي
ويقال ناقة عليان أي طويلة جسيمة
ورجل عليان طويل
وأنشد:
أنشد من خوارة عليان * ألقت طلا بملتقى الحومان

117
قال الفراء جمل عليان وناقة عليان
ولم نجد المكسور أوله جاء نعتا في المذكر والمؤنث غيرهما
وأنشد:
حمراء من معرضات الغربان * تقدمها كل علاة عليان
ويقال لمعالي الصوت عليان أيضا
فأما أبو عمرو فزعم أنه لا يقال للذكر عليان إنما يقولون جمل نبيل
فأما قولهم تعال فهو من العلو كأنه قال اصعد إلي ثم كثر حتى قاله الذي بالحضيض لمن هو في علوه
ويقال تعاليا وتعالوا لا يستعمل هذا إلا في الأمر خاصة وأميت فيما سوى ذلك
ويقال لرأس الرجل وعنقه علاوة
والعلاوة ما يحمل على البعير بعد تمام الوقر
وقوله:
ألا أيها الغادي تحمل رسالة * خفيفا معلاها جزيلا ثوابها
معلاها محملها
ويقال قعد في علاوة الريح وسفالتها
وأنشد:
تهدي لنا كلما كانت علاوتنا * ريح الخزامي فيها الندى والخضل
قال الخليل المعلى السابع من القداح وهو أفضلها وإذا فاز حاز سبعة أنصباء من الجزور وفيه سبع فرض علامات
والمعلي الذي يمد الدلو إذا متح
قال:

118
* هوي الدلو نزاها المعل *
ويقال للمرأة إذا طهرت من نفاسها قد تعلت وهي تتعلى
وزعموا أن ذلك لا يقال إلا للنفساء ولا يستعمل في غيرها
قال جرير:
فلا ولدت بعد الفرزدق حامل * ولا ذات حمل من نفاس تعلت
قال الأصمعي يقال عل رشاءك أي ألقه فوق الأرشية كلها
ويقال إن المعلي الذي إذا زاغ الرشاء عن البكرة علاه فأعاده إليها
قال العجير:
ولي مائح لم يورد الماء قبله * معل وأشطان الطوي كثير
ويقولون في رجل خاصمه آخر إن له من يعليه عليه
وأما علوان الكتاب فزعم قوم أنه غلط إنما هو عنوان
وليس ذلك غلطا واللغتان صحيحتان وإن كانتا مولدتين ليستا من أصل كلام العرب
وأما عنوان فمن عن
وأما علوان فمن العلو لأنه أول الكتاب وأعلاه
ومن الباب العلاة وهي السندان ويشبه به الناقة الصلبة
قال:

119
ومبلد بين موماة بمهلكة * جاوزته بعلاة الخلق عليان
قال الخليل علي على فعيل والنسبة إليه علوي
وبنو علي بطن من كنانة يقال هو علي بن سود الغساني تزوج بأمهم بعد أبيهم ورباهم فنسبوا إليه
قال:
وقالت ربايانا ألا يال عامر * على الماء رأس من علي ملفف
وقال أبو سعيد يقال ما أنت إلا على أعلى وأروح أي في سعة وارتفاع
ويقال أعلى السماوات
وأما أروح فمهب الرياح من آفاق الأرض
قال ابن هرمة:
غدا الجود يبغي من يؤدي حقوقه * فراح وأسرى بين أعلى وأروحا
أي راح وأسرى بين أعلى ماله وأدونه فاحتكم في ذلك كله
(علب) العين واللام والباء أصلان صحيحان يدل أحدهما على غلظ في الشيء وجسأة والآخر على أثر
فالأول قولهم علب النبات جسأ
ويقال لحم علب غليظ
ويقال العلب المكان الغليظ
ومن الباب العلب الضب المسن
والعلباء عصب العنق سمي بذلك لصلابته
ويقال علب البعير إذا أخذ داء في أحد

120
جانبي عنقه
ويقال للرجل إذا أسن قد تشنج علباؤه
وتيس علب غليظ العلباء
وعلبت السكين بالعلباء جلزته
والأصل الآخر العلب وهو الخدش والأثر
وطريق معلوب لا حب قال بشر:
نقلناهم نقل الكلاب جراءها * على كل معلوب يثور عكوبها
وعلبت الشيء إذا أثرت فيه
ومن الباب العلاب وسم في طول العنق ناقة معلبة
ومما شذ عن هذين الأصلين العلبة
وعليب واد
(علث) العين واللام والثاء أصل صحيح واحد يدل على خلط الشيء بالشيء
من ذلك العليث وهي الحنطة يخلط بها الشعير
وكل شيء غير خالص فهذا قياسه
ومن ذلك أعلاث الزاد وهو ما أكل غير متخير من شيء
ويقال قضيب معتلث إذا لم يتخير شجره
وإنه ليعتلث الزناد مثل يضرب لمن لا يتخير منكحه
(علج) العين واللام والجيم أصل صحيح يدل على تمرس ومزاولة في جفاء وغلظ
من ذلك العلج وهو حمار الوحش وبه يشبه الرجل الأعجمي

121
ويقولون إنه من المعالجة وهي مزاولة الشيء
هذا عن ابن الأعرابي
وقال الخليل سمي علجا لاستعلاج خلقه وهو غلظه
قال والرجل إذا خرج وجهه وغلظ فقد استعلج
والعلاج مزاولة الشيء ومعالجته
تقول عالجته علاجا ومعالجة
واعتلج القوم في صراعهم وقتالهم
ويقال للأمواج إذا التطمت اعتلجت
قال:
* يعتلج الآذي من حبابها *
أي يركب بعضه بعضا
وعالجت فلانا فعلجته علجا إذا غلبته
وفلان علج مال أي يقوم عليه ويسوسة
والعلج الشديد من الرجال قتالا وصراعا
قال:
* منا خراطيم ورأسا علجا *
ويقولون ناقة علجة غليظة شديدة قال:
* ولم يقاس العلجات الحنفا *
وقال آخر:
هناك منها علجات نيب * أكلن حمضا فالوجوه شيب
وحكوا أرض معتلجة وهي التي تراكب نبتها وطال ودخل بعضه في بعض
ومما شذ عن هذا الباب وقد ذكرنا من أمر النبات ما ذكرناه العلجان شجر أخضر يقولون إن الإبل لا تأكله إلا مضطرة
قال:

122
يسليك عن لبنى إذا ما ذكرتها * أجارع لم ينبت بها العلجان
وزعموا أن العلج أشاء النخل
قال:
إذا اصطبحت فاصطبح مسواكا * من علج إن لم تجد أراكا
وقال عبد بني الحسحاس:
وبتنا وسادانا إلى علجانة * وحقف تهاداه الرياح تهاديا
(علد) العين واللام والدال أصل صحيح يدل على قوة وشدة
من ذلك العلد وهو الصلب من الشيء يقال لعصب العنق علد
ورجل علود رزين
ويقال منه اعلود
وما لم نذكره منه فهو هذا القياس
(علز) العين واللام والزاء أصيل يدل على اضطراب من مرض
من ذلك العلز كالرعدة تأخذ المريض
وربما قالوا علز من الشئ غرض وعالز موضع
قال:
عفا بطن قو من سليمى فعالز * فذات الغضا........
(علس) العين واللام والسين أصل صحيح يدل على شدة في شيء
يقال جمل علسي شديد
قال:
* إذا رآها العلسي أبلسا *

123
ويقولون المعلس الرجل المجرب
والعلس القراد الضخم
(علش) العين واللام والشين ليس بشيء
على أنهم يقولون إن العلوش الذئب
وليس قياسه صحيحا لأن الشين لا تكون بعد اللام
(علص) العين واللام والصاد قريب من الذي قبله
على أنهم يقولون إن العلوص التخمة وليس بشيء ولا له قياس
ويقولون إن العلاص المضاربة بالسيف وهذا أيضا لا معنى له وكل ما ذكر في هذا البناء فمجراه هذا المجرى
(علط) العين واللام والطاء معظمه على صحته إلصاق شيء بشيء أو تعليقه عليه
تقول علطته بسهم أصبته
وإذا أصبته به فقد ألصقته به
والعلطة سواد تخطه المرأة في وجهها تزين به
والعلطة القلادة من الحنظل
ويقال اعلوطني فلان لزمني
ومن الباب العلاط وهي كي أو سمة تكون في مقدم العنق عرضا
وعلطت البعير أعلطه علطا
ويقال إن علاط الإبرة خيطها
وعلاط الشمس الذي كأنه خيط
والإعليط وعاء ثمر المرخ وهو معلق في شجره
قال:
لها أذن حشرة مشرة * كإعليط مرخ إذا ما صفر
والعلاطان صفقا العنق من الجانبين
فأما البعير العلط والناقة العلط وهي التي ليس في رأسها رسن فليس من هذا الباب وإنما ذاك مقلوب والأصل عطل وهي المرأة التي لا حلي لها
والقياس واحد
قال ابن أحمر:

124
ومنحتها قولي على عرضية * علط أداري ضغنها بتودد
(علف) العين واللام والفاء ليس بأصل كثير إنما هو العلف
تقول علفت الدابة
ويقال للغنم التي تعلف علوفة
والعلف ثمر الطلح
(علق) العين واللام والقاف أصل كبير صحيح يرجع إلى معنى واحد وهو أن يناط الشيء بالشيء العالي
ثم يتسع الكلام فيه والمرجع كله إلى الأصل الذي ذكرناه
تقول علقت الشيء أعلقه تعليقا
وقد علق به إذا لزمه
والقياس واحد
والعلق ما تعلق به البكرة من القامة
ويقال العلق آلة البكرة
ويقولون
البئر محتاجة إلى العلق
وقال أبو عبيدة العلق هي البكرة بكل آلتها دون الرشاء والدلو
والعلق الدم الجامد وقياسه صحيح لأنه يعلق بالشيء والقطعة منه علقة
قال:
* ينزو على أهدامه من العلق *
ويقول القائل في الوعيد لتفعلن كذا أو لتشرقن بعلقة يعني الدم كأنه يتوعده بالقتل
والعلق أن يلز بعيران بحبل ويسنى عليهما إذا عظم الغرب
وأعلقت بالغرب بعيرين إذا قرنتهما بطرف رشائه
قال اللحياني بئر فلان تدوم على علق أي لا تنزح إذا كان عليها دلوان وقامة ورشاء
وهذه قامة ليس لها علق أي ليس لها حبل يعلق بها

125
قال الخليل العلق أن ينشب الشيء بالشيء
قال جرير:
إذا علقت مخالبه بقرن * أصاب القلب أو هتك الحجابا
وعلق فلان بفلان خاصمه
والعلق الهوى
وفي المثل نظرة من ذي علق أي ذي هوى قد علق قلبه بمن يهواه
وقال الأعشى:
علقتها عرضا وعلقت رجلا * غيري وعلق أخرى غيرها الرجل
ومن الباب العلاق وهو الذي يجتزئ به الماشية من الكلأ إلى أوان الربيع
وقال الأعشى:
وفلاة كأنها ظهر ترس * ليس إلا الرجيع فيها علاق
يقول لا تجد الإبل فيها علاقا إلا ما تردده من جرتها في أفواهها
والظبية تعلق علوقا إذا تناولت الشجرة بفيها
وفي حديث الشهداء إن أرواحهم في أجواف طير خضر تعلق في الجنة
والعلقة شجر يبقى في الشتاء تعلق به الإبل فتستغني به مثل العلاق
ويقال ما يأكل فلان إلا علقة أي ما يمسك نفسه
قال ابن الأعرابي العلقة الشيء القليل ما كان والجمع علق
ومن الباب العلقة دويبة تكون في الماء والجمع علق تعلق بحلق الشارب
ورجل

126
معلوق إذا أخذت العلق بحلقه
وقد علقت الدابة علقا إذا علقتها العلقة عند الشرب
ومن الباب على نحو الاستعارة قولهم علق دم فلان ثياب فلان إذا كان قاتله
ويقولون دم فلان في ثوب فلان
قال أبو ذؤيب:
تبرأ من دم القتيل وبزه * وقد علقت دم القتيل إزارها
قالوا الإزار يذكر ويؤنث في لغة هذيل وبزه سلاحه
وقال قوم علقت دم القتيل إزارها مثل يقال حملت دم فلان في ثوبك أي قتلته
وهذا على كلامين أراد علقت المرأة دم القتيل ثم قال علقه إزارها
قالوا والعلاقة الخصومة
قال الخليل رجل معلاق إذا كان شديد الخصومة
قال مهلهل:
إن تحت الأحجار حزما وجودا * وخصيما ألد ذا معلاق
ورواه غيره بالغين وهو الخصم الذي يغلق عنده رهن خصمه فلا يقدر على افتكاكه منه للدده
وتعليق الباب نصبه
والمعاليق والأعاليق للعنب ونحوه ولا واحد للأعاليق
والعلاقة علاقة السوط ونحوه
والعلاقة للحب
والعلاقة

127
ما ذكرناه من العلاق الذي يتعلق به في معيشة وغيرها
والعليق القضيم من قولك أعلقته فهو عليق كما يقال أعقدت العسل فهو عقيد
وذكر عن الخليل أنه قال يسمى الشراب عليقا
ومثل هذا مما لعل الخليل لا يذكره ولا سيما هذا البيت شاهده:
واسق هذا وذا وذاك وعلق * لا نسمي الشراب إلا العليقا
ويقولون لمن رضي بالأمر بدون تمامه متعلق
ومن أمثالهم:
* علقت معالقها وصر الجندب *
وأصله أن رجلا انتهى إلى بئر فأعلق رشاءه برشائها ثم صار إلى صاحب البئر فادعى جواره فقال له وما سبب ذلك فقال علقت رشائي برشائك
فأمره بالارتحال عنه فقال الرجل علقت معالقها وصر الجندب أي علقت الدلو معالقها وجاء الحر ولا يمكن الذهاب
وقد علقت الفسيلة إذا ثبتت في الغراس
ويقولون أعلقت الأم من عذرة الصبي بيدها تعلق إعلاقا والعذرة قريبة من اللهاة وهي وجع فكأنها لما رفعته أعلقته
ويقال هذا علق من الأعلاق للشيء النفيس كأن كل من رآه يعلقه
ثم يشبهون ذلك فيسمون الخمر العلق
وأنشدوا:
إذا ذقت فاها قلت علق مدمس * أريد به قيل فغودر في ساب

128
ويقال للشيء النفيس علق مضنة ومضنة
ويقال فلان ذو معلقة إذا كان مغيرا يعلق بكل شيء
وأعلقت أي صادفت علقا نفيسا وجمع العلق علوق
قال الكميت:
إن يبع بالشباب شيبا فقد با ع * رخيصا من العلوق بغال
والعلاقة الحب اللازم للقلب
ويقولون إن العلوق من النساء المحبة لزوجها
وقوله تعالى * (فتذروها كالمعلقة النساء 129) * هي التي لا تكون أيما ولا ذات بعل كأن أمرها ليس بمستقر
وكذلك قول المرأة في حديث أم زرع إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق
وقولهم ليس المتعلق كالمتأنق أي ليس من عيشه قليل كمن يتأنق فيختار ما شاء
والعلائق البضائع
ويقولون جاء فلان بعلق فلق أي بداهية
وقد أعلق وأفلق
وأصل هذا أنها داهية تعلق كلا
ويقال إن العلوق ما تعلقه السائمة من الشجر بأفواهها من ورق أو ثمر
وما علقت منه السائمة علوق
قال:
هو الواهب المائة المصطفاة * لاط العلوق بهن احمرارا

129
يريد أنهن رعين في الشجر وعلقنة حتى سمن واحمررن ولاط بهن
والإبل إذا رعت في الطلح ونحوه فأكلت ورقه أخصبت عليه وسمنت واحمرت
والعليق شجر من شجر الشوك لا يعظم فإذا نشب فيه الشيء لم يكد يتخلص من كثرة شوكه وشوكه حجن حداد ولذلك سمي عليقا
ويقولون هذا حديث طويل العولق أي طويل الذنب
وأما العلوق من النوق فقال الكسائي العلوق الناقة التي تأبى أن ترأم ولدها
والمعالق مثلها
وأنشد:
أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به * رئمان أنف إذا ما ضن باللبن
فقياسه صحيح كأنها علقت لبنها فلا يكاد يتخلص منها
قال أبو عمرو: العلوق ما يعلق الإنسان
ويقال للمنية علوق
قال:
وسائلة بثعلبة بن سير * وقد علقت بثعلبة العلوق
وعلق الظبي في الحبالة يعلق إذا نشق فيها
وقد أعلقته الحبالة
وأعلق الحابل إعلاقا إذا وقع في حبالته الصيد
وقال أعرابي فجاء ظبي يستطيف

130
الكفة فأعلقته
ويقال للحابل أعلقت فأدرك
وكذلك الظبي إذا وقع في الشرك أعلق به
قال ذو الرمة:
ويوم يزير الظبي أقصى كناسه * وتنزو كنزو المعلقات جنادبه
ويقولون ما ترك الحالب للناقة علقة أي لم يدع في ضرعها شيئا إلا حلبه
وقلائد النحور وهي العلائق
فأما العليقة فالدابة تدفع إلى الرجل ليمتار عليها لصاحبها والجمع علائق
قال:
وقائلة لا تركبن عليقة * ومن لذة الدنيا ركوب العلائق
وقال آخر:
أرسلها عليقة وقد علم * أن العليقات يلاقين الرقم
ويقولون علق يفعل كذا كأنه يتعلق بالأمر الذي يريده
وقد علق الكبر منه معالقه
ومعاليق العقد والشنوف ما يعلق بهما مما يحسنهما
ويقولون علقت المرأة حبلت
ورجل ذو معلقة إذا كان مغيرا يتعلق بكل شيء
قال:
* أخاف أن يعلقها ذو معلقة *

131
والعلاقية الرجل الذي إذا علق شيئا لم يكد يدعه
وأما العلقة فقال ابن السكيت هي قميص يكون إلى السرة وإلى أنصاف السرة وهي البقيرة
وأنشد:
وما هي إلا في إزار وعلقة * مغار ابن همام على حي خثعما
وهو من القياس لأنه إذا لم يكن ثوبا واسعا فكأنه شيء علق على شيء
قال أبو عمرو وهو ثوب يجاب ولا يخاط جانباه تلبسه الجارية إلى الحجزة وهو الشوذر
(علك) العين واللام والكاف أصل صحيح يدل على شيء شبه المضغ والقبض على الشيء
من ذلك قول الخليل العلك المضغ
ويقال علكت الدابة اللجام وهي تعلكه علكا
قال وسمي العلك علكا لأنه يمضغ
قال النابغة:
خيل صيام وأخرى غير صائمة * تحت العجاج وخيل تعلك اللجما
قال الدريدي طعام علك متين الممضغة
ويقولون في لسانه عولك إذا كان يمضغه ويعلكه

132
قال أبو زيد أرض علكة قريبة الماء
وطينة علكة طيبة خضراء لينة
والله أعلم بالصواب
(باب العين والميم وما يثلثهما)
(عمن) العين والميم والنون ليس بأصل وفيه عمان بلد
ويقولون أعمن إذا أتى عمان
قال:
فإن تتهموا أنجد خلافا عليكم * وإن تعمنوا مستحقبي الشر أعرق
(عمه) العين والميم والهاء أصل صحيح واحد يدل على حيرة وقلة اهتداء
قال الخليل عمه الرجل يعمه عمها وذلك إذا تردد لا يدري أين يتوجه
قال الله * (ويذرهم في طغيانهم يعمهون) *
قال يعقوب ذهبت إبله العميهى مشددة الميم إذا لم يدر أين ذهبت
(عمى) العين والميم والحرف المعتل أصل واحد يدل على ستر وتغطية
من ذلك العمى ذهاب البصر من العينين كلتيهما
والفعل منه عمي يعمى عمى
وربما قالوا اعماى يعماي أعمياء مثل ادهام
أخرجوه على لفظ الصحيح
رجل أعمى وامرأة عمياء
ولا يقع هذا النعت على العين الواحدة
يقال

133
عميت عيناه
في النساء عمياء وعمياوان وعمياوات
ورجل عم إذا كان أعمى القلب وقوم عمون
ويقولون في هذا المعنى ما أعماه ولا يقولون في عمي البصر ما أعماه لأن ذلك نعت ظاهر يدركه البصر ويقولون فيما خفي من النعوت ما أفعله
قال الخليل لأنه قبيح أن تقول للمشار إليه ما أعماه والمخاطب قد شاركك في معرفة عماه
قال والتعمية أن تعمي على إنسان شيئا فتلبسه عليه لبسا
وأما قول العجاج:
* وبلد عامية أعماؤه *
فإنه جعل عمى اسما ثم جمعه على الأعماء
ويقولون حبك الشيء يعمي ويصم
ويقولون الحب أعمى
وربما قالوا أعميت الرجل إذا وجدته أعمى
قال:
فأصممت عمرا وأعميته * عن الجود والفخر يوم الفخار
وربما قالوا العميان للعمي أخرجوه على مثال طغيان
ومن الباب العمية الضلالة وكذلك العمية
وفي الحديث (إن الله تعالى قد أذهب عنكم عمية الجاهلية) قالوا أراد الكبر
وقيل فلان في عمياء إذا لم يدر وجه الحق

134
وقتيل عميا أي لم يدر من قتله
والعماية الغواية وهي اللجاجة
ومن الباب العماء السحاب الكثيف المطبق والقطعة منه عماءة
وقال الكسائي هو في عماية شديدة وعماء أي مظلم
وقال أهل اللغة المعامى من الأرضين الأغفال التي ليس بها أثر من عمارة
ومنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكيدر إن لنا المعامى وأغفال الأرض
ومن الباب العمي على وزن رمي وذلك دفع الأمواج القذى والزبد في أعاليها
وهو القياس لأن ذلك يغطي وجه الماء
قال:
* لها زبد يعمي به الموج طاميا *
والبعير إذا هدر عمي بلغامه على هامته عميا
قال:
* يعمي بمثل الكرسف المسبخ *
وتقول العرب
أتيته ظهرا صكة عمي إذا أتيته في الظهيرة
قال ابن الأعرابي يراد حين يكاد الحر يعمي
وقال محمد بن يزيد المبرد حين يأتي الظبي كناسه فلا يبصر من الحر
ويقال العماء الغبار
وينشد للمرار:
تراها تدور بغيرانها * ويهجمها بارح ذو عماء

135
(عمت) العين والميم والتاء أصيل صحيح يدل على التباس الشيء والتوائه ثم يشتق منه ما أشبهه
قال الخليل العمت أن يعمت الصوف فيلف بعضه على بعض مستطيلا ومستديرا كما يفعل الذي يغزل الصوف
يقال عمت يعمت
قال أبو عبيدة العميت الرجل الأعمى الجاهل بالأمور
وقال الطويل أو المديد أو البسيط أو الوافر أو الكامل أو غيرها:
* كالخرس العماميت *
ويقولون العميت السكران
والعمت أن يضرب ولا يبالي من أصابه ضربه
(عمج) العين والميم والجيم أصل صحيح يدل على التواء واعوجاج
قال الخليل التعمج الاعوجاج في السير لا اعوجاج الطريق كما يتعمج السيل إذا انقلب بعضه على بعض
ويقال سهم عموج يلتوي في ذهابه
قال الهذلي:
كمتن الذئب لا نكس قصير * فأغرقه ولا جلس عموج
ويقال تعمجت الحية إذا تلوت في سيرها
قال:

136
تلاعب مثنى حضرمي كأنه * تعمج شيطان بذي خروع قفر
ويقال للحية نفسه العمج لأنه يتعمج
قال:
* يتبعن مثل العمج *
(عمد) العين والميم والدال أصل كبير فروعه كثيرة ترجع إلى معنى وهو الاستقامة في الشئ منتصبا أو ممتدا وكذلك في الرأي وإرادة الشيء
من ذلك عمدت فلانا وأنا أعمده عمدا إذا قصدت إليه
والعمد نقيض الخطأ في القتل وغيره وإنما سمي ذلك عمدا لاستواء إرادتك إياه
قال الخليل والعمد أن تعمد الشيء بعماد يمسكه ويعتمد عليه
قال ابن دريد عمدت الشيء أسندته
والشيء الذي يسند إليه عماد وجمع العماد عمد
ويقال عمود وعمد
والعمود من خشب أو حديد والجمع أعمدة ويكون ذلك في عمد الخباء
ويقال لأصحاب الأخبية الذين لا ينزلون غيرها هم أهل عمود وأهل عماد

137
قال الخليل وعمود السنان متوسط من شفرتيه من أصله وهو الذي فيه خط العير
ويقال لرجلي الظليم عمودان
وعمود الأمر قوامه الذي لا يستقيم إلا به
وعميد القوم سيدهم ومعتمدهم الذي يعتمدونه إذا حزبهم أمر فزعوا إليه
وعمود الأذن معظمها وقوامها الذي ثبتت إليه
فأما قولهم للمريض عميد فقال أهل اللغة العميد الرجل المعمود الذي لا يستطيع الجلوس من مرضه حتى يعمد من جوانبه بالوسائد
قالوا ومنه اشتق القلب العميد وهو المعمود المشعوف الذي هده العشق وكسره وصار كالشئ عمد بشيء
قال الأخطل:
بانت سعاد فنوم العين تسهيد * والقلب مكتئب حران معمود
ويقال عميد ومعمود ومعمد
قال الخليل العمد أن تكابد أمرا بجد ويقين
تقول فعلت ذلك عمدا وعمد عين وتعمدت له وفعلته معتمدا أي متعمدا
ومن الباب السنام العمد عمد يعمد عمدا
وهذا محمول على ما ذكرناه من قولهم قلب عميد ومعمود وذلك السنام إذا كان ضخما واريا فحمل عليه فكسر ومات فيه شحمه فلا يستوي أبدا والواري السمين كما يعمد الجرح إذا عصر قبل أن تنضج بيضته فيرم وبعير عمد وناقة عمدة وسنامها عمد

138
فأما قوله تعالى * (في عمد ممدة) * أي في شبه أخبية من نار ممدودة
وقال بعضهم (في عمد) وقرئت (في عمد) وهو جمع عماد
وقال المبرد رجل معمد أي طويل
والعماد الطول
قال الله تعالى * (إرم ذات العماد) أي ذات الطول
وفي الحديث (هو رفيع العماد طويل النجاد)
قال أبو عبيد عمدت الشيء أقمته فهو معمود
وأعمدته بالألف إعمادا أي جعلت تحته عمدا
ومن الباب العمد الدال شديدة والعين والميم مضمومتان الشاب الممتلئ شبابا
وهو العمداني والجمع العمدانيون
وامرأة عمدانية أي ذات جسم وعبالة
ومن الباب العمود عرق الكبد الذي يسقيها
ويقال للوتين عمود السحر
قال وعمود البطن شبه عرق ممدود من لدن الرهابة إلى دوين السرة في وسطه يشق عن بطن الشاة
ويقولون أيضا إن عمودا البطن الظهر والصلب وإنما قيل عمودا البطن لأن كل واحد منهما معتمد على الآخر
ومن الباب ثرى عمد وذلك إذا بلته الأمطار
قال:
وهل أحطبن القوم وهي عرية * أصول ألاء في ثرى عمد جعد
قال أبو زيد عمدت الأرض عمدا أي رسخ فيها المطر إلى الثرى حتى إذا قبضت عليه تعقد في كفك وجعد
ويقولون الزم عمدتك أي قصدك
قد مضى هذا الباب على استقامة في أصوله وفروعه وبقيت كلمة أما نحن فلا ندري ما معناها ومن أي شيء مأخذها وفيما أحسب إنها من الكلام الذي

139
درج بذهاب من كان يحسنه وذلك قولهم أن أبا جهل لما صرع قال أعمد من سيد قتله قومه والحديث مشهور
فأما معناه فقالوا أراد هل زاد على سيد قتله قومه ومعلوم أن هذه اللفظة لا تدل على التفسير ولا تقاربه فلست أدري كيف هي
وأنشدوا لابن ميادة:
وأعمد من قوم كفاهم أخوهم * صدام الأعادي حين فلت نيوبها
قالوا معناه هل زدنا على أن كفينا إخوتنا
فهذا ما قيل في ذلك وحكى عن النضر أن معناها أعجب من سيد قتله قومه
قال والعرب تقول أنا أعمد من كذا أي أعجب منه
وهذا أبعد من الأول
والله أعلم كيف هو
(عمر) العين والميم والراء أصلان صحيحان أحدهما يدل على بقاء وامتداد زمان والآخر على شيء يعلو من صوت أو غيره
فالأول العمر وهو الحياة وهو العمر أيضا
وقول العرب لعمرك يحلف بعمره أي حياته
فأما قولهم عمرك الله فمعناه أعمرك الله أن تفعل كذا أي أذكرك الله تحلفه بالله وتسأله طول عمره
ويقال عمر الناس طالت أعمارهم وعمرهم الله جل ثناؤه تعميرا

140
ومن الباب عمارة الأرض يقال عمر الناس الأرض عمارة وهم يعمرونها وهي عامرة معمورة
وقولهم عامرة محمول على عمرت الأرض والمعمورة من عمرت
والاسم والمصدر العمران
واستعمر الله تعالى الناس في الأرض ليعمروها
والباب كله يؤول إلى هذا
وأما الآخرة فالعومرة الصياح والجلبة
ويقال اعتمر الرجل إذا أهل بعمرته وذلك رفعه صوته بالتلبية للعمرة
فأما قول ابن أحمر:
يهل بالفرقد ركبانها * كما يهل الراكب المعتمر
فقال قوم هو الذي ذكرناه من رفع الصوت عند الإهلال بالعمرة
وقال قوم المعتمر المعتم
وأي ذلك كان فهو من العلو والارتفاع على ما ذكرنا
قال أهل اللغة والعمار كل شيء جعلته على رأسك من عمامة أو قلنسوة أو إكليل أو تاج أو غير ذلك كله عمار
قال الأعشى:
فلما أتانا بعيد الكرى * سجدنا له ورفعنا عمارا
وقال قوم العمار يكون من ريحان أيضا
قال ابن السكيت العمار النحية
يقال عمرك الله أي حياك
ويجوز أن يكون هذا لرفع الصوت
وممكن أن يكون الحي العظيم يسمى عمارة لما يكون ذلك من جلبة وصياح
قال:

141
لكل أناس من معد عمارة * غروض إليها يلجئون وجانب
ومما شذ عن هذين الأصلين العمر ضرب من النخل
وكان فلان يستاك بعراجين العمر
وربما قالوا العمر
ومن هذا أيضا العمر ما بدا من اللثة وهي العمور
ومنه اشتق اسم عمرو
(عمس) العين والميم والسين أصل صحيح يدل على شدة في اشتباه والتواء في الأمر
قال الخليل العماس الحرب الشديدة
وكل أمر لا يقام له ولا يهتدى لوجهه فهو عماس
ويوم عماس من أيام عمس
قال العجاج:
ونزلوا بالسهل بعد الشأس * في مر أيام مضين عمس
ولقد عمس يومنا عماسة وعموسة
قال العجاج:
* إذ لقح اليوم العماس واقمطر *
قال أبو عمرو أتانا بأمور معمسات ومعمسات أي ملتويات
ورجل عموس

142
يتعسف الأشياء كالجاهل بها
قال الخليل تعامست عن الشيء
إذا أريت كأنك لا تعرفه وأنت عالم به وبمكانه
وتقول اعمسه أي لا تبينه حتى يشتبه
ويقال اعمس الأمر أي أخفه
ومن الباب العماس وهي الداهية
قال ابن الأعرابي التعامس أن تركب رأسك فتغشم وتغطرس
قال المخبل:
* تعامس حتى تحسب الناس أنها *
قال الفراء عمس الخبر أظلم
وأعمس الطريق التبس
وعمس الكتاب درس
قال المرار
فوقفت تعترف الصحيفة بعدما * عمس الكتاب وقد يرى لم يعمس
(عمش) العين والميم والشين كلمتان صحيحتان متباينتان جدا
فالأولى ضعف في البصر والأخرى صلاح للجسم
فالأول العمش ألا تزال العين تسيل دمعا ولا يكاد الأعمش يبصر بها والمرأة عمشاء والفعل عمش يعمش عمشا
والكلمة الأخرى العمش بسكون الميم ما يكون فيه صلاح البدن
ويقولون الختان عمش الغلام لأنك ترى فيه بعد ذلك زيادة
وهذا طعام عمش لك أي صالح موافق.
وأما العين والميم والصاد فليس فيه ما يصلح أن يذكر

143
(عمق) العين والميم والقاف أصل ذكره ابن الأعرابي قال العمق إذا كان صفة للطريق فهو البعد وإذا كان صفة للبئر فهو طول جرابها
قال الخليل بئر عميقة إذا بعد قعرها وأعمقها حافرها
ويقولون ما أبعد عماقة هذه الركية أي ما أبعد قعرها
ومن الباب تعمق الرجل في كلامه إذا تنطع
وذكر ابن الأعرابي عن بعض فصحاء العرب رأيت خليقة فما رأيت أعمق منها
قال والخليقة البئر الحديثة الحفر
والذي بقي في الباب بعد ما ذكرناه أسماء الأماكن أو نبات
وقد قلنا إن ذلك لا يكاد يجيء على قياس إلا أنا نذكره
فعمق أرض لمزينة
قال ساعدة:
لما رأى عمقا ورجع عرضه * هدرا كما هدر الفنيق المعصب
والعمقى موضع
قال أبو ذؤيب:
لما ذكرت أخا العمقي تأوبني * هم وأفرد ظهري الأغلب الشيح
والعمقى من النبات مقصور
قال يونس جمل عامق إذا كان يرعى العمقي
ويقال أعامق اسم موضع
قال الأخطل:

144
وقد كان منها منزل نستلذه * أعامق برقاواته فأجاوله
(عمل) العين والميم واللام أصل واحد صحيح وهو عام في كل فعل يفعل
قال الخليل عمل يعمل عملا فهو عامل واعتمل الرجل إذا عمل بنفسه
قال:
إن الكريم وأبيك يعتمل * إن لم يجد يوما على من يتكل
والعمالة أجر ما عمل
والمعاملة مصدر من قولك عاملته وأنا أعامله معاملة
والعملة القوم يعملون بأيديهم ضروبا من العمل حفرا أو طيا أو نحوه
ومن الباب عامل الرمح وعاملته وهو ما دون الثعلب قليلا مما يلي السنان وهو صدره
قال:
أطعن النجلاء يعوي كلمها * عامل الثعلب فيها مرجحن
قال والرجل يعتمل لنفسه ويعمل لقوم ويستعمل غيره ويعمل رأيه أو كلامه أو رمحه
والبناء يستعمل اللبن إذا بنى به
قال واليعملة من الإبل اسم لها اشتق من العمل والجمع يعملات
ولا يقال ذلك إلا للأنثى وقد يجوز اليعامل
قال ذو الرمة أو غيره:

145
واليعملات على الوجي * يقطعن بيدا بعد بيد
والله أعلم
(باب العين والنون وما يثلثهما)
(عنى) العين والنون والحرف المعتل أصول ثلاثة الأول القصد للشيء بانكماش فيه وحرص عليه والثاني دال على خضوع وذل والثالث ظهور شيء وبروزه
فالأول منه عنيت بالأمر وبالحاجة
قال ابن الأعرابي عني بحاجتي وعني وغيره قال أيضا ذلك
ويقال مثل ذلك تعنيت أيضا كل ذلك يقال عناية وعنيا فأنا معني به وعن به
قال الأصمعي لا يقال عني
قال الفراء رجل عان بأمري أي معني به
وأنشد:
عان بقصواها طويل الشغل * له جفيران وأي نبل
ومن الباب عناني هذا الأمر يعنيني عناية وأنا معني به
واعتنيت به وبأمره
والأصل الثاني قولهم عنا يعنو إذا خضع
والأسير عان
قال أبو عمرو أعن هذا الأسير أي دعه حتى ييبس القد عليه
قال زهير:

146
ولولا أن ينال أبا طريف * إسار من مليك أو عناء
قال الخليل العنو والعناء مصدر للعاني
يقال عان أقر بالعنو وهو الأسير
والعاني الخاضع المتذلل
قال الله تعالى:
* (وعنت الوجوه للحي القيوم) *
طه 111 وهي تعنو عنوا
ويقال للأسير عنا يعنو
قال:
* ولا يقال طوال الدهر عانيها *
وربما قالوا أعنوه أي ألقوه في الإسار
وكانت تلبية أهل اليمن في الجاهلية هذا:
جاءت إليك عانيه * عبادك اليمانية
كيما تحج الثانية * على قلاص ناجية
ويقولون العاني العبد والعانية الأمة
قال أبو عمرو وأعنيته إذا جعلته مملوكا
وهو عان بين العناء
والعنوة القهر
يقال أخذناها عنوة أي قهرا بالسيف
ويقال جئت إليك عانيا أي خاضعا
ويقولون العنوة الطاعة
قال:
* هل أنت مطيعي أيها القلب عنوة *
والعناء معروف وهو من هذا
قال الشيباني ربت عنوة لك من هذا الأمر أي عناء
قال القطامي:
ونأت بحاجتنا وربت عنوة * لك من مواعدها التي لم تصدق

147
قالوا وتقول العرب عنوت عند فلان عنوا إذا كنت أسيرا عنده
ويقولون في الدعاء على الأسير لا فك الله عنوته بالضم أي إساره
ومن هذا الباب وهو عندنا قياس صحيح العنية وذلك أنها تعني كأنها تذل وتقهر وتشتد على من طلي بها
والعنية أبوال الإبل تخثر وذلك إذا وضعت في الشمس
ويقولون بل العنية بول يعقد بالبعر
قال أوس:
كأن كحيلا معقدا أو عنية * على رجع ذفراها من الليت واكف
قال أبو عبيد من أمثال العرب عنية تشفي الجرب يضرب مثلا لمن يتداوى بعقله ورأيه كما تداوى الإبل الجربى بالعنية
قال بعضهم عنيت البعير أي طليته بالعنية
وأنشد:
على كل حرباء رعيل كأنه * حمولة طال بالعنية ممهل
والأصل الثالث عنيان الكتاب وعنوانه وعنيانه
وتفسيره عندنا أنه البارز منه إذا ختم
ومن هذا الباب معنى الشيء
ولم يزد الخليل على أن قال معنى كل شيء محنته وحاله التي يصير إليها أمره
قال ابن الأعرابي يقال ما أعرف معناه ومعناته
والذي يدل عليه قياس اللغة أن المعنى هو القصد الذي يبرز ويظهر في الشيء إذا بحث عنه
يقال هذا

148
معنى الكلام ومعنى الشعر أي الذي يبرز من مكنون ما تضمنه اللفظ
والدليل على القياس قول العرب لم تعن هذه الأرض شيئا ولم تعن أيضا وذلك إذا لم تنبت فكأنها إذا كانت كذا فإنها لم تفد شيئا ولم تبرز خيرا ومما يصححه قول القائل:
ولم يبق بالخلصاء مما عنت به * من البقل إلا يبسها وهجيرها
ومما يصححه أيضا قولهم عنت القربة تعنو وذلك إذا سال ماؤها قال المتنخل:
* تعنو بمخروت *
قال الخليل عنوان الكتاب يقال منه عنيت الكتاب وعننتة وعنونته
قال وهو فيما ذكروا مشتق من المعنى
قال غيره من جعل العنوان من المعنى قال عنيت بالياء في الأصل
وعنوان تقديره فعوال
وقولك عنونت فهو فعولت
قال الشيباني يقال ما عنا من فلان خير وما يعنو من عملك هذا خير عنوا
(عنب) العين والنون والباء أصيل يدل على ثمر معروف وكلمة غير ذلك
فالثمر العنب واحدته عنبة
ويقولون ليس في كلامهم فعلة إلا عنبة وربما قالوا للعنب العنباء
قال:

149
* العنباء المتنقى والتين *
وربما جمعوا العنب على الأعناب
ويقال رجل عانب أي كثير العنب كما يقال تأمر ولابن
والكلمة الأخرى العنبان على وزن فعلان الوعل الطويل القرون
قال:
* يشد شد العنبان البارح *
ويقال للظبي النشيط العنبان ولا يبنى منه فعل.
(عنت) العين والنون والتاء أصل صحيح يدل على مشقة وما أشبه ذلك ولا يدل على صحة ولا سهولة
قال الخليل العنت المشقة تدخل على الإنسان
تقول عنت فلان أي لقي عنتا يعني مشقة
وأعنته فلان إعناتا إذا أدخل عليه عنتا
وتعنته تعنتا إذا سأله عن شيء أراد به اللبس عليه والمشقة
قال ابن دريد العنت العسف والحمل على المكروه
أعنته يعنته إعناتا
ويحمل على هذا ويقاس عليه فيقال للآثم عنت عنتا إذا اكتسب مأثما
قال الفراء في قوله تعالى:
* (ذلك لمن خشي العنت منكم) * أي يرخص

150
لكم في تزويج الإماء إذا خاف أحدكم أن يفجر
قال الزجاج العنت في اللغة المشقة الشديدة
يقال أكمة عنوت أي شاقة
قال المبرد العنت هاهنا الهلاك وقال غيره معناه ذلك لمن خاف أن تحمله الشهوة على الزنى فيلقى الإثم العظيم في الآخرة
(عنج) العين والنون والجيم أصل صحيح واحد يدل على جذب شيء بشيء يمتد كحبل وما أشبهه
قال الخليل العناج سير أو خيط يشد في أسفل الدلو ثم يشد في عروتها
وكل شيء له ذلك فهو عناج
فإذا انقطع الحبل أمسك العناج الدلو أن تقع في البئر
قال وكل شيء تجذبه إليك فقد عنجته
قال:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم * شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا
وقال آخر:
وبعض القول ليس له عناج * كسيل الماء ليس له إتاء
الإتاء المادة
وجمع العناج عنج وثلاثة أعنجة
والرجل يعنج إليه رأس بعيره أي يجذبه بخطامه
ويقال إن العناج إنما يكون في عرى الدلو ولا يكون في أسفلها
وأنشد:
لها عناجان وست آذان * واسعة الفرغ أديمان اثنان

151
قال ابن الأعرابي عنجت الدول وأعنجتها
قال أبو زيد العنج جذبك رأسها وأنت راكبها
يعني الناقة
قال أبو عبيدة من أمثالهم في الذي لا يقبل الرياضة عود يعلم العنج
وأما الذي ذكرناه من قوله:
* وبعض القول ليس له عناج *
فقال أبو عمرو بن العلاء العناج في القول أن يكون له حصاة فيتكلم بعلم ونظر وإذا لم يكن له عناج خرج منه ما لا يريد صاحبه
ومعنى هذا الكلام ألا يكون لكلامه خطام ولا زمام فهو يذهب بحيث لا معنى له
وتقول العرب عناج أمر فلان أي مقادة وملاك أمره
وأما العنجوج فالرائع من الخيل والجمع عناجيج
قال الشاعر:
نحن صبحنا عامرا وعبسا * جردا عناجيج سبقن الشمسا
فمحتمل أن يكون اسما موضوعا من غير قياس كسائر ما يشذ عن الأصول ومحتمل أن يكون سمي بذلك لطوله أو طول عنقه فقياس بالحبل الطويل
قال أبو عبيدة العنجوج من الخيل الطويل العنق والأنثى عنجوجة
ومما يؤيد هذا التأويل قولهم استقام عنجوج القوم أي سننهم
فهذا يصحح ذاك لأن السنن يمتد أيضا
ومما حمل على هذا تشبيها قولهم عناجيج الشباب وهي أسبابه
قال ابن أحمر:
* ومضت عناجيج الشباب الأغيد *
ويقولون رجل معنج إذا تعرض في الأمور كأنه أبدا يمد بسبب منها فيتعلق به

152
(عند) العين والنون والدال أصل صحيح واحد يدل على مجاوزة وترك طريق الاستقامة
قال الخليل عند الرجل وهو عاند يعند عنودا إذا عتا وطغى وجاوز قدره
ومنه المعاندة وهي أن يعرف الرجل الشيء ويأبى أن يقبله
يقال عند فلان عن الأمر إذا حاد عنه
والعنود من الإبل الذي لا يخالط الإبل إنما هو في ناحية
قال:
وصاحب ذي ريبة عنود * بلد عني أسوأ التبليد
ويقال رجل عنود إذا كان وحده لا يخالط الناس
وأنشد:
ومولى عنود ألحقته جريرة * وقد تلحق المولى العنود الجرائر
قال وأما العنيد فهو من التجبر لذلك خالفوا بين العنيد والعنود والعاند
ويقال للجبار العنيد لقد عند عندا وعنودا
قال الخليل العرق العاند الذي يتفجر منه الدم فلا يكاد يرقأ تقول عند عرقه
قال ابن دريد طريق عاند أي مائل
وناقة عنود إذا تنكبت الطريق من نشاطها وقوتها
قال الراجز:
إذا ركبتم فاجعلوني وسطا * إني كبير لا أطيق العندا

153
ما عنه عندد أي ما منه بد فهذا من الباب
تفسير ما عنه عندد أي ما عنه ميل ولا حيدودة
قال جندل:
ما الموت إلا منهل مستورد * لا تأمننه ليس عنه عندد
ويقال أعند في قيئه إذا لم ينقطع
قال يعقوب عرق عاند قد عند يعند دمه أي يأخذ في شق
قال:
وأي شيء لا يحب ولده * حتى الحبارى ويدف عنده
أي ناحية منه يراعيه
ويقال استعند البعير إذا غلب قائده على الزمام فجره
ومن الباب مثل من أمثالهم إن تحت طريقته لعندأوة
الطريقة اللين
يقال إن تحت ذلك اللين لعظمة وتجاوزا وتعديا
فأما قولهم زيد عند عمرو فليس ببعيد أن يكون من هذا القياس كأنه قد مال عن الناس كلهم إليه حتى قرب منه ولزق به
(عنز) العين والنون والزاء أصلان صحيحان أحدهما يدل على تنح وتعزل والآخر جنس من الحيوان
فالأول قولهم اعتنز فلان أي تنحى وترك الناحية اعتنازا
ويقال مالي عنه معتنز أي معتزل وأنشدوا:
كأني سهيل واعتناز محله * تعرضه في الأفق ثم يجور

154
والأصل الآخر العنز الأنثى من المعزى ومن الأوعال والظباء
ويقال للأنثى من أولاد الظباء عنز وثلاث أعنز والجمع عناز قال أبو حاتم لم أسمع في الغنم إلا ثلاث أعنز ولم أسمع العناز إلا في الظباء
ويقولون العنز ضرب من السمك
وربما قالوا للأنثى من العقبان عنز
قال بعضهم العنز العقاب
وكل ذلك مما حمل على العنز من الغنم
ومما شذ عن هذا الباب وعن الأول العنزة كهيئة العصا
وبه سمي عنزة من العرب
ومن الباب الأول قولهم معنز الوجه إذا كان خفيف لحم الوجه
وهذا كأنه مشبه بالعنز من الغنم
ومن الأماكن عنيزة وهي أرض
قال مهلهل:
كأنا غدوة وبنى أبينا * بجنب عنيزة رحيا مدير
(عنس) العين والنون والسين أصل صحيح واحد يدل على شدة في شيء وقوة
قال الخليل العنس اسم من أسماء الناقة يقال إنما سميت عنسا إذا تمت سنها واشتدت قوتها ووفرت عظامها وأعضاؤها واعنونس ذنبها واعنيناسه وفور هلبه وطوله
قال الطرماح يصف الثور:
يمسح الأرض بمعنونس * مثل مئلاة النياح القيام
وقال العجاج:

155
كم قد حسرنا من علاة عنس * كبداء كالقوس وأخرى جلس
ومن الباب عنست المرأة وهي تعنس عنوسا إذا صارت نصفا وهي بعد بكر لم تزوج وعنسها أهلها تعنيسا إذا حبسوها عن الأزواج حتى جازت فتاء السن ولم تعجز بعد
وهذا قياس صحيح لأن ذلك حين اشتدادها وقوتها
ويقال امرأة معنسة والجمع معانس ومعنسات وهي عانس والجمع عوانس
وأنشد:
وعيط كأسراب القطا قد تشوفت * معاصيرها والعاتقات العوانس
وجمع عانس عنس
قال:
* في خلق غراء تبذ العنسا *
وذكر الأصمعي أنه يقال في الرجال أيضا عانس وهو الذي لم يتزوج
وأنشد:
منا الذي هو ما إن طر شاربه * والعانسون ومنا المرد والشيب
وذكر بعضهم أن العنس الصخرة
وبها تشبه الناقة الصلبة فتسمى عنسا وليس ذلك ببعيد
(عنش) العين والنون والشين أصيل لعله أن يكون صحيحا
وإن

156
صح فهو يدل على تمرس بشيء
يقولون فلان يعانش الناس أي يقاتلهم ويتمرس بهم
ويعانش يظالم
وينشدون:
إذا لأتاه كل شاك سلاحه * يعانش يوم البأس ساعده جزل
ويقولون عانشت الرجل عانقته
وينشدون لساعدة:
عناش عدو لا ينال مشمرا * برجل إذا ما الحرب شب سعيرها
وهذا إن لم يكن من باب الإبدال وأن يكون الشين بدلا من القاف فما أدري كيف هو
ونرجو أن يكون صحيحا إن شاء الله
قال ابن دريد عنشت الشيء أعنشه عنشا إذا عطفته
وهذا أيضا قريب من الذي ذكرناه
(عنص) العين والنون والصاد أصيل صحيح على شيء من الشعر
قال الخليل العنصوة الخصلة من الشعر
قال الشاعر:
لقد عيرتني الشيب عرسي ومسحت * عناصي رأسي فهي من ذاك تعجب
ومما يقاس على هذا قولهم بأرض بني فلان عناص من النبت وكذلك الشعر إذا كان قليلا متفرقا الواحدة عنصوة
قال أبو النجم:
إن يمس رأسي أشمط العناصي * كأنما فرقه مناصي
قال الفراء يقال ما بقي من ماله إلا عناص وذلك إذا بقي منه اليسير
قال ابن الأعرابي العنصوة قنزعة في جانب الرأس

157
(عنط) العين والنون والطاء أصيل صحيح يدل على طول جسم وحسن قوام
قال الخليل العنطنط اشتقاقه من عنط ولكنه قد أردف
بحرفين في عجزه
قال رؤبة:
* يمطو السرى بعنق عنطنط *
وامرأة عنطنطة طويلة العنق مع حسن قوام
قال يصف رجلا وفرسا:
عنطنط تعدو به عنطنطة * للماء تحت البطن منه غطمطه
(عنف) العين والنون والفاء أصل صحيح يدل على خلاف الرفق
قال الخليل العنف ضد الرفق
تقول عنف يعنف عنفا فهو عنيف إذا لم يرفق في أمره
وأعنفته أنا
ويقال اعتنفت الشيء إذا كرهته ووجدت له عنفا عليك ومشقة
ومن الباب التعنيف وهو التشديد في اللوم
فأما العنفوان فأول الشيء يقال عنفوان الشباب وهو أوله فهذا ليس من الأول إنما هذا من باب الإبدال وهو أن العين مبدلة من همزة والأصل الأنف وأنف كل شيء أوله
قال:
ماذا تقول بنتها تلمس * وقد دعاها العنفوان المخلس
وقال آخر:
تلوم امرأ في عنفوان شبابه * وتترك أشياع الضلال تحين

158
(عنق) العين والنون والقاف أصل واحد صحيح يدل على امتداد في شيء إما في ارتفاع وإما في انسياح
فالأول العنق وهو وصلة ما بين الرأس والجسد مذكر ومؤنث وجمعه أعناق
ورجل أعنق أي طويل العنق
وجبل أعنق مشرف
ونجد أعنق وهضبة عنقاء
وامرأة عنقاء طويلة العنق
وهضبة معنقة أيضا
قال:
عيطاء معنقة يكون أنيسها * ورق الحمام جميعها لم يؤكل
قال الأصمعي المعنقات مثل المعنقات
قال عمر بن لجأ:
* ومن هضب الأروم معنقات *
قال أبو عمرو المعنق الطويل
وأنشد:
* في تامك مثل النقا المعنق *
قال أبو عمرو العنقاء فيما يقال طائر لم يبق إلا اسمه
وسميت عنقاء لبياض كان في عنقها وفي المثل لما لا يوجد طارت به العنقاء
فأما قولهم للجماعة عنق فقياسه صحيح لأنه شيء يتصل بعضه ببعض
قال الله تعالى:
* (فظلت أعناقهم لها خاضعين) * أي جماعتهم
ألا ترى أنه قال (* (خاضعين) * ولو كانت الأعناق أنفسها لقال خاضعة أو خاضعات
وإلى هذا ذهب أبو زيد
وقال النحويون لما كانت الأعناق مضافة إليهم رد الفعل إليهم دونها
قال محمد بن يزيد لما كان خضوع أهلها بخضوع أعناقهم أخبر عنهم لأن

159
المعنى راجع إليهم
والعرب تقول ذلت عنقي لفلان وخضعت رقبتي له أي خضعت له وذلك كما قالوا في ضده لوى عنقه عني ولم تلن لي أخادعه أي لم يخضع لي ولم ينقد
قال الدريدي أعنقت الكلب أعنقه إعناقا إذا جعلت في عنقه قلادة أو وترا
والمعنقة معنقة الكلب وهي قلادته
ويقال لما سطع من الرياح أعناق الرياح ويقولون أعنقت الريح بالتراب
قال الخليل اعتنقت الدابة في الوحل إذا أخرجت عنقها
قال رؤبة:
* خارجة أعناقها من معتنق *
المعتنق مخرج أعناق الجبال من السراب أي اعتنقت فأخرجت أعناقها والاعتناق من المعانقة أيضا غير أن المعانقة في المودة والاعتناق في الحرب ونحوها
تقول اعتنقوا في الحرب ولا تقول تعانقوا
والقياس واحد غير أنهم اختاروا الاعتناق في الحرب والمعانقة في المودة ونحوها
فإذا خصصت بالفعل واحدا دون الآخر لم تقل إلا عانق فلان فلانا
وقد يقال للواحد اعتنق قال زهير:
يطعنهم ما ارتموا حتى إذا أطعنوا * ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا

160
قال يونس بن حبيب عنقت البعير إذا ضربت عنقه كما يقال رأسته
قال الخليل يقال تعنق الأرنب في العانقاء وهو جحر مملوء ترابا رخوا يكون للأرنب واليربوع إذا خافا
وربما دخل ذلك التراب فيقال تعنق لأنه يدس رأسه وعنقه فيه ويمضي حتى يصير تحته
قال ابن الأعرابي العانقاء تراب لغيزي اليربوع وتراب مجراه
ولغيزاه حفراه في جانبي الجحر
قال قطرب عنق الرحم ما استدق منها مما يلي الحياء
قال أبو حاتم عنق الكرش أسفلها
قال والعنق والقبة شئ واحد
ويقال عنقت كوافير النخل إذا طالت ولم تفلق وهو التعنيق
يقال بسرة معنقة إذا بقي منها حول القمع مثل الخاتم وذلك إذا بلغ الترطيب قريبا من قمعها
والأعنق رجل من العرب وهو قيس بن الحارث بن همام وسميه لطول عنقه
وينسب إليه قوم يقال لهم بنو الأعنق وهم بطن من وائل ابن قاسط
وقوم آخرون من اليمن يقال لهم بنو العنقاء
قال الخليل العنقاء ثعلبة ابن عمرو بن مالك من خزاعة قال قوم سميه لطول عنقه وذهب بلفظه إلى تأنيث العنق
كقولهم:
* وعنترة الفلحاء *

161
أنثه لما ذهب إلى الشفة
وقال:
أو العنقاء ثعلبة بن عمرو و * دماء القوم للكلبي شفاء
قال قطرب تقول العرب في الشيء لا يفارق هو منك عنق الحمامة يريد طوقها لأنه لا يفارق أبدا
ومن الباب العنق من سير الدواب والنعت معناق وعنيق
يقال برذون عنيق وسير عنيق
قال:
لما رأتني عنقي دبيب * وقد أري وعنقي سرحوب
قال أبو عبيدة العنق المسبطر من السير
وهذا هو الذي ذكرناه في أصل الباب أن الباب موضوع على الامتداد
قال ابن السكيت أعنق الفرس يعنق إعناقا وهو المشي الخفيف
وبرذون معناق
وفي المثل لألحقن قطوفها بالمعناق
قال أبو حاتم المعناق من الإبل الخفيفة تريد المرتع ولا ترتع
ويقال المعانيق من الإبل التي لا تقنع بالمرتع نكدا منها وقلة خير لا يزال راعيها في تعب
ومعنى هذا أنها تمد أبدا أعناقها لما بين أيديها
وأنشد:
وهو بحمد الله يكفيني العمل * السقي والرعية والمشي المئل
* وطلب الذود المعانيق الأول *
قال بعض أهل اللغة أعنقت ماجت في مراعيها فلم ترتع لطلب كلإ آخر
قال ابن الأعرابي في قول ابن أحمر:

162
تظل بنات أعنق مسرجات * لرؤيتها يرحن ويغتدينا
قال يريد ببنات أعنق كل دابة أعنقت من فرس أو بعير وإنما يصف درة
يقول تظل الدواب مسرجة في طلبها والنظر إليها
فأما العنقاء فيقال هي الداهية وسميت بذلك تقبيحا وتهويلا كأنها شيء طويل العنق
قال:
يحملن عنقاء وعنقفيرا * والدلو والديلم والزفيرا
ويقال إن المعنق من جلد الأرض ما صلب وارتفع وما حواليه سهل وهو منقاد طولا نحو ميل وأقل من ذلك والجمع معانق
ومن الباب العناق الأنثى من أولاد المعز والجمع عنوق
قال جميل:
إذا مرضت منها عناق رأيته * بسكينة من حولها يتلهف
ويقال للرجل إذا تحول من الرفعة إلى الدناءة العنوق بعد النوق أي صرت راعيا للعنوق بعد ما كنت راعيا للنوق
قال ابن الأعرابي العناق من حين تلقيها أمها حتى تجذع بعد فطامها بشهرين وهي ابنة خمسة أشهر
قال أبو عبيدة العناق يقع على الأنثى من أولاد الغنم ما بين أن تولد إلى أن يأتي عليها الحول وتصير عنزا
وشاة معناق إذا كانت تلد العنوق
وأنشد:
عتيقة من غنم عتاق * مرغوسة مأمورة معناق

163
وعناق الأرض شيء أصغر من الفهد
فأما قولهم للخيبة عناق فليس بأصل على ما ذكرنا
ووجه ذلك عندنا أن العرب ربما لقبت بعض الأشياء بلقب يكنون به عن الشيء كما يلقبون الغدر كيسان وما أشبه هذا
فلذلك كنوا عن الخيبة بالعناق
وربما قالوا العناقة بالهاء
قال:
لم ينالوا إلا العناقة منا * بئس أوس المطالب الجواب
الأوس العطية والعوض
يقال أسته أوسا
وقال آخر في العناق:
أمن ترجيع قارية قتلتم * أساراكم وأبتم بالعناق
وعلى هذا أيضا يحمل ما حكاه ابن السكيت أن العناق الداهية
وأنشد
إذا تمطين على القياقي * لاقين منه أذني عناق
فأما الذي يروونه من قولهم ماؤكم هذا عناق الأرض وإنه ماء الكذب والحديث الذي ذكر فيه فمما تكثر به الحكايات وتحشي به الكتب ولا معنى له ولا فائدة فيه
(عنك) العين والنون والكاف أصلان أحدهما لون من الألوان
والآخر ارتباك في الأمر واستغلاق في الشئ فالأول العانك قال الخليل هو لون من الحمرة يقال دم عانك
قال
* أو عانك كدم الذبيح مدام *

164
وغيره برواية أو عاتق
وقال عرق عانك إذا كان في لونه حمرة
قال ذو الرمة
على أقحوان في حناديج حرة * يناصي حشاها عانك متكاوس
والأصل الآخر المعتنك من الإبل الذي إذا اشتد عليه الرمل برك وحبا عليه
قال
* أوديت إن لم تحب حبو المعتنك *
قال ابن الأعرابي يقال اعتنك البعير إذا مشى في رمل عانك أي كثير فهو لا يقدر على المشي فيه إلا أن يحبو
وأنشد هذا البيت
ومعناه إن لم تحمل لي على نفسك حمل هذا البعير على نفسه في الرمل فقد هلكت
ومن الباب العنك قال الخليل وهو الباب
وقال ابن دريد عنكت الباب وأعنكته أي أغلقته لغة يمانية
وهذا يصحح ما ذكرناه من قياس هذا الأصل الثاني
ومما يقرب من هذا العنك من الليل وهي سدفة منه
وذلك أن الظلمة كأنها تسد باب الضوء
والكلمة صحيحة أعني أن العنك الظلمة
وأنشد
وفتيان صدق قد بعثت بجهمة * من الليل لولا حب ظمياء عرسوا
فقاموا كسالى يلمسون وخلفهم * من الليل عنك كالنعامة أقعس

165
ومما يقرب من هذا إن صح شيء ذكره يونس قال عنك اللبن إذا خثر
(عنم) العين والنون والميم ليس بأصل يقاس عليه وإنما هو نبت أو شيء يشبه به
قالوا العنم شجر من شجر السواك لين الأغصان لطيفها كأنه بنان جارية الواحدة عنمة
ومما شبه بذلك العنمة قال الخليل هي العظاية
وقال رؤبة:
يبدين أطرافا لطافا عنمه * إذ حب أروى همه وسدمه
السدم الكلف بالشيء
والله أعلم
(باب العين والهاء وما يثلثهما)
(عهب) العين والهاء والباء كلمة واحدة إن صحت
قال الخليل العيهب الضعيف من الرجال عن طلب الوتر
قال الشاعر:
حللت به وتري وأدركت ثؤرتي * إذا ما تناسى ذحله كل عيهب
فأما الذي يروى عن الشيباني كان ذلك على عهبي فلان أي في زمانه
وأنشد:
عهدي بسلمى وهي لم تزوج * على عهبي عيشها المخرفج

166
فقد قيل والله أعلم بصحته
(عهج) العين والهاء والجيم كلمة صحيحة لا قياس لها ولا عليها
قالوا العوهج ظبية حسنة اللون طويلة العنق
وتسمى المرأة عوهج تشبيها لها بها
قال الأصمعي العوهج المخططة العنق
ويقال للنعامة أيضا عوهج لطول عنقها
قال العجاج:
كالحبشي التف أو تسبجا * في شملة أو ذات زف عوهجا
ويقال للناقة الفتية عوهج
ويقولون للحية عوهج
قال:
* حصب الغواة العوهج المنسوسا *
المنسوس المطرود
(عهد) العين والهاء والدال أصل هذا الباب عندنا دال على معنى واحد قد أومأ إليه الخليل
قال أصله الاحتفاظ بالشيء وإحداث العهد به
والذي ذكره من الاحتفاظ هو المعنى الذي يرجع إليه فروع الباب
فمن ذلك قولهم عهد الرجل يعهد عهدا وهو من الوصية
وإنما سميت بذلك لأن العهد مما ينبغي الاحتفاظ به
ومنه اشتقاق العهد الذي يكتب للولاة من الوصية وجمعه عهود
والعهد الموثق وجمعه عهود
ومن الباب العهد الذي معناه الالتقاء والإلمام يقال هو قريب العهد به وذلك أن إلمامه به احتفاظ به وإقبال

167
و العهيد الشئ الذي قدم عهده
والعهد المنزل الذي لا يزال القوم إذا انتووا عنه يرجعون إليه
قال رؤبة:
هل تعرف العهد المحيل أرسمه * عفت عوافيه وطال قدمه
والمعهد مثل ذلك وجمعه معاهد
وأهل العهد هم المعاهدون والمصدر المعاهدة أي إنهم يعاهدون على ما عليهم من جزية
والقياس واحد كأنه أمر يحتفظ به لهم فإذا أسلموا ذهب عنهم اسم المعاهدة
وذكر الخليل أن الاعتهاد مثل التعاهد والتعهد وأنشد للطرماح:
ويضيع الذي قد أوجبه الله * عليه فليس يعتهده
وقال أيضا عهيدك الذي يعاهدك وتعاهده
وأنشد:
فللترك أوفى من نزار بعهدها * فلا يأمنن الغدر يوما عهيدها
ومن الباب العهدة الكتاب الذي يستوثق به في البيعات
ويقولون إن في هذا الأمر لعهدة ما أحكمت والمعنى أنه قد بقي فيه ما ينبغي التوثق له
ومن الباب قولهم الملسي لا عهدة يقوله المتبايعان أي تملسنا عن إحكام فلم يبق في الأمر ما يحتاج إلى تعهد بإحكام
ويقولون في أمره عهدة يؤمئون إلى الضعف وإنما يريدون بذلك ما قد فسرناه

168
قال الخليل تعهد فلان الشيء وتعاهد
قال أبو حاتم تعهدت ضيعتي ولا يقال تعاهدت لأن التعاهد لا يكون إلا من اثنين
قلنا والخليل على كل حال أعرف بكلام العرب من النضر
على أنه يقال قد تغافل عن كذا وتجاوز عن كذا وليس هذا من اثنين
وربما سموا الاشتراط استعهادا وإنما سمي كذا لأن الشرط مما ينبغي الاحتفاظ به إذا شرط
قال:
وما استعهد الأقوام من زوج حرة * من الناس إلا منك أو من محارب
وفي كتاب الله تعالى * (ألم أعهد إليكم) * ومعناه والله أعلم ألم أقدم إليكم من الأمر الذي أوجبت عليكم الاحتفاظ به
فهذا الذي ذكرناه من أول الباب إلى حيث انتهينا مطرد في القياس الذي قسناه
وبقي في الباب العهد من المطر وهو عندنا من القياس الذي ذكرناه وذلك أن العهد على ما ذكره الخليل هو من المطر الذي يأتي بعد الوسمي وهو الذي يسميه الناس الولي
وإذا كان كذا كان قياسه قياس قولنا هو يتعهد أمره وضيعته كأن المطر وسم الأرض أولا وتعهدها ثانيا أي احتفظ بها فأتاها

169
وأقبل عليها
قال الخليل وذلك أن يمضي الوسمي ثم يردفه الربيع بمطر بعد مطر يدرك آخره بلل أوله ودموثته
قال وهو العهد والجمع عهاد
وقال ويقال كل مطر يكون بعد مطر فهو عهاد
وعهدت الروضة وهذه روضة معهودة أصابها عهاد من مطر
قال الطرماح:
عقائل رملة نازعن منها * دفوف أقاح معهود ودين
المعهود الممطور
وأنشد ابن الأعرابي:
* ترى السحاب العهد والفتوحا *
الفتوح جمع فتح وهو المطر الواسع
وقال غير هؤلاء العهاد أول الربيع قبل ان يشتد القر الواحدة عهدة
وكان بعض العرب يقول العهاد من الوسمي وأوائل الأمطار يكون ذخرا في الأرض تضرب لها العروق وتسبط الأرض بالخضرة فإن كانت لها أولية وتبعات فهي الحياء وإلا فليست بشيء
ويقولون كان ذلك على عهد فلان وعهدانه
وأنشدوا:
لست سليمان كعهدانك *
(عهر) العين والهاء والراء كلمة واحدة لا تدل على خير وهي الفجور
قال الخليل وغيره العهر الفجور
والعاهر الفاجر
يقال عهر وعهر عهرا

170
وعهورا إذا كان إتيانه إياها ليلا
وفي الحديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر) لا حظ له في النسب
قال:
لا تلجئن سرا إلى خائن * يوما ولا تدن إلى العاهر
قال يعقوب العهور يكون بالأمة والحرة والمساعاة لا تكون إلا بالإماء
ومما جاء في هذا الباب نادرا شيء حكي عن المنتجع قال كل من طلب الشر ليلا من سرق أو زنى فهو عاهر
ويقولون وهو من المشكوك فيه إن العاهر المسترخي الكسلان
(عهق) العين والهاء والقاف ليس له قياس مطرد وقد ذكرت فيه كلمات لعلها والله أعلم أن تكون صحيحة
ولولا ذكرهم لها لكان إلغاؤها عندنا أولى
قال الخليل العوهق على تقدير فوعل هو الغراب الأسود الجسيم
ويقال هو البعير الأسود
وهو أيضا لون اللازورد
ويقولون العوهق فحل كان في الزمن الأول تنسب إليه كرام النجائب
قال رؤبة:
* قرواء فيها من بنات العوهق *
قال والعوهق الثور الذي لونه إلى سواد
والعوهق الخطاف الجبلي
قال:
* فهي ورقاء كلون العوهق *

171
ويقال بعير عوهق أي طويل
قال:
تراخى به حب الضحاء وقد رأى * سماوة قشراء الوظيفين عوهق
قال الخليل العوهقان كوكبان إلى جنب الفرقدين على نسق وطريقهما مما يلي القطب
وأنشد:
بحيث بارى الفرقدان العوهقا * عند مسد القطب حين استوسقا
وقال أيضا العيهقة عيهقة النشاط والاستنان
قال:
* إن لريعان الشباب عيهقا *
قال ابن السكيت العوهق خيار النبع ولبابه يتخذ منه القسي
قال:
* وكل صفراء طروح عوهق *
وعوهق اسم روضة
قال ابن هرمة:
فكأنما طرقت بريا روضة * من روض عوهق طلة معشاب

172
(عهل) العين والهاء واللام أصل صحيح يدل على انطلاق وذهاب وقلة استقرار
قال الخليل العيهل الناقة السريعة
قال:
زجرت فيها عيهلا رسوما * مخلصة الأنقاء والزعوما
وقال ابن الأعرابي مثل ذلك إلا أنه قال وتكون مسنة شديدة
وقال أبو حاتم يقال ناقة عيهلة وعيهل ولا يقال جمل عيهل
وأنشدوا:
* ببازل وجناء أو عيهل *
قالوا شدد اللام للحاجة إلى ذلك
ويقال امرأة عيهل وعيهلة جميعا إذا كانت لا تستقر نزقا
وربما وصفوا الريح فقالوا عيهل
وهذا يدل على صحة هذا القياس
فأما قولهم للمرأة التي لا زوج لها عاهل وجمعها عواهل فصحيح وسميت بذلك لأنه لا زوج لها يقصرها
وأنشد:
مشي النساء إلى النساء عواهلا * من بين عارفة السباء وأيم
ذهب الرماح ببعلها فتركنه * في صدر معتدل الكعوب مقوم
وقال في العيهل أيضا:

173
فنعم مناخ ضيفان وتجر * وملقى رحل عيهلة بحال
وبقي في الباب كلمة إن كانت صحيحة فليست ببعيد من القياس الذي ذكرناه حكي عن أبي عبيدة العاهل الملك ليس الذي فوقه أحد إلا الله تعالى
يقال للخليفة عاهل
فإن كان كذا فلأنه لا بد له من الخلق فوق يده تمنعه
(عهم) العين والهاء والميم قريب من الذي قبله وليس ببعيد أن يكون من الإبدال
قال الخليل العيهامة الناقة الماضية
وأنشد:
وردت بعيهامة حرة * فعبت يمينا وعبت شمالا
ويقولون إنها كاملة الخلق أيضا
قال:
مسترعفات بخدب عيهام * مدامج الخلق درفس مسعام
قال أبو زيد ناقة عيهمة نجيبة سريعة
ويقولون إنها تعطش سريعا والجمع عياهيم
قال ذو الرمة:
هيهات خرقاء إلا أن يقربها * ذو العرش والشعشعانات العياهيم
وأنشد أبو عمرو:
عيهمة ينتحي في الأرض منسمها * كما انتحى في أديم الصرف إزميل

174
قال أبو عمرو عيهمتها سرعتها
وربما قالوا عياهمة على وزن عذافرة
ومما شذ عن هذا الأصل عيهم اسم موضع
قال:
* وللعراقي ثنايا عيهم *
ويقولون العيهوم أصل شجرة
ويقولون هو الأديم الأحمر
قال أبو دواد:
فتعفت بعد الرباب زمانا * فهي قفر كأنها عيهوم
فأما قول القائل:
* وقد أثير العيهمان الراقدا *
فيقولون إنه الذي لا يدلج ينام على ظهر الطريق
(عهن) العين والهاء والنون أصل صحيح يدل على لين وسهولة وقلة غذاء في الشيء
قال الخليل العاهن المال الذي يتروح على أهله وهو العتيد الحاضر
يقال أعطاه من عاهن ماله
وأنشد:

175
فقتل بقتلانا وسبي بسبينا * ومال بمال عاهن لم يفرق
قال الشيباني العاهن العاجل يقال ما أعهن ما أتاك
قال ويقولون أبعاهن بعت أم بدين
قال ابن الأعرابي يقال عاهن إذا كان في يدك تقدر عليه وقد عهن يعهن عهونا وأنشد للشاعر:
ديار ابنة الضمري إذ وصل حبلها * متين وإذ معروفها لك عاهن
أي حاضر مقيم
قال أبو زيد عهن من فلان خير أو خبر أنا أشك في ذلك يعهن عهونا إذا خرج منه
قال النضر يقال أعهن له أي عجل له
وقد عهن له ما أراد
قال ابن حبيب يقال هو يلقي الكلام على عواهنه إذا لم يبال كيف تكلم
وهذا قياس صحيح لأنه لا يقوله بتحفظ وتثبت
وربما قالوا يرمى الكلام على عواهنه إذا قاله بما أداه إليه ظنه من دون يقين
وهو ذلك المعنى
ومن هذا الباب قضيب عاهن أي متكسر منهصر
ويقال في القضيب عهنة وذلك انكسار من غير بينونة إذا نظرت إليه حسبته صحيحا وإذا هززته انثنى
ويقال للفقير عاهن من ذلك
وربما قالوا عهنت القضيب أعهنه عهنا
فأما الذي يحكى عن أبي الجراح أنه قال عهنت عواهن النخل إذا يبست تعهن عهونا فغلط لأن القياس بخلاف ذلك
قال ابن الأعرابي عواهن النخل ما يلي قلب النخلة من الجريد
وهذا أصح من الأول وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لبعض أصحابه ائتني بسعف واجتنب العواهن

176
لأنها رطبة
قال بعض أهل اللغة أهل الحجاز يسمون السعفات التي تلي القلبة العواهن لأنها رطبة لم تشتد
فأما قولهم إن العاهن الحابس وإنشادهم للنابغة:
أقول لها لما ونت وتخاذلت * أجدي فما دون الجبا لك عاهن
فهو عندنا غلط وإنما معناه على موضوع القياس الذي قسناه أن ما دون الجبا ممكن غير ممنوع أي السبيل إليه سهل
ويكون ما في معنى اسم
ومن الباب إن كان صحيحا ما رواه ابن السكيت أن العواهن عروق في رحم الناقة
وأنشد لابن الرقاع:
أوكت عليها مضيقا من عواهنها * كما تضمن كشح الحرة الحبلا
كأنه شبه تلك العروق بعواهن النخل
وأما العهن وهو الصوف المصبوغ فليس ببعيد أن يكون من القياس لأن الصبغ يلينه
والله أعلم

177
(باب العين والواو وما يثلثهما)
(عوي) العين والواو والياء أصل صحيح يدل على لي في الشيء وعطف له
قال الخليل عويت الحبل عيا إذا لويته
وعويت رأس الناقة إذا عجته فانعوى
والناقة تعوي برتها في سيرها إذا لوتها بخطمها
قال رؤبة:
* تعوي البري مستوفضات وفضا *
أي سريعات يصف النوق في سيرها
قال وتقول للرجل إذا دعا الناس إلى الفتنة عوى قوما واستعوى
فأما عواء الكلب وغيره من السباع فقريب من هذا لأنه يلويه عن طريق النبح
يقال عوت السباع تعوي عواء
وأما الكلبة المستحرمة فإنها تسمى المعاوية وذلك من العواء أيضا كأنها مفاعلة منه
والعواء نجم في السماء يؤنث يقال لها عواء البرد إذا طلعت جاءت بالبرد
وليس ببعيد أن تكون مشتقة من العواء أيضا لأنها تأتي ببرد تعوي له الكلاب
ويقولون في أسجاعهم إذا طلعت العواء جثم الشتاء وطاب الصلاء
وهي في هذا السجع ممدودة وهي تمد وتقصر
ويقولون على معنى الاستعارة لسافلة الإنسان العواء
وأنشد الخليل:

178
قياما يوارون عواتهم * بشتمي وعواتهم أظهر
ويروى عوراتهم
وقال أيضا أنشده الخليل:
فهلا شددت العقد أو بت طاويا * ولم تفرج العوا كما تفرج القلب
جمع قليب
ومن باب العواء قولهم للراعي قد عاعى يعاعي عاعاة
قال:
* ولم أستعرها من معاع وناعق *
(عوج) العين والواو والجيم أصل صحيح يدل على ميل في الشيء أو ميل وفروعه ترجع إليه
قال الخليل العوج عطف رأس البعير بالزمام أو الخطام
والمرأة تعوج رأسها إلى ضجيعها
قال ذو الرمة:
خليلي عوجا بارك الله فيكما * على دارمي من صدور الركائب
وقال:

179
حتى إذا عجن من أجيادهن لنا * عوج الأخشة أعناق العناجيج
يعني عطف الجواري أعناقهن كما يعطف الخشاش عنق الناقة
وكل شيء تعطفه تقول عجته فانعاج
قال رؤبة:
* وانعاج عودي كالشظيف الأخشن *
قال الخليل والعوج اسم لازم لما تراه العيون في قضيب أو خشب أو غيره وتقول فيه عوج بين
والعوج مصدر عوج يعوج عوجا
ويقال اعوج يعوج اعوجاجا وعوجا
فالعوج مفتوح في كل ما كان منتصبا كالحائط والعود والعوج ما كان في بساط أو أمر نحو دين ومعاش
يقال منه عود أعوج بين العوج
والنعت أعوج وعوجاء والجمع عوج
والعوج من الخيل التي في أرجلها تحنيب
وأما الخيل الأعوجية فإنها تنسب إلى فرس سابق كان في الجاهلية والنسبة إليه أعوجي
ويقال هو من بنات أعوج
وقال طفيل:
بنات الوجيه والغراب ولاحق * وأعوج تنمى نسبة المتنسب
ويمكن أن يكون سمي بذلك لتحنيب كان به وأما قولهم ناقة عاج وهي المذعان في السير اللينة الانعطاف فمن الباب أيضا
قال ذو الرمة:

180
تقدي بي الموماة عاج كأنها * أمام المطايا نقنق حين تذعر
وإذا عطفوها قالوا عاج عاج
(عود) العين والواو والدال أصلان صحيحان يدل أحدهما على تثنية في الأمر والآخر جنس من الخشب
فالأول العود قال الخليل هو تثنية الأمر عودا بعد بدء
تقول بدأ ثم عاد
والعودة المرة الواحدة
وقولهم عاد فلان بمعروفه وذلك إذا أحسن ثم زاد
ومن الباب العيادة أن تعود مريضا
ولآل فلان معادة أي أمر يغشاهم الناس له
والمعاد كل شيء إليه المصير
والآخرة معاد لناس
والله تعالى المبدئ المعيد وذلك أنه أبدأ الخلق ثم يعيدهم
وتقول رأيت فلانا ما يبدئ وما يعيد أي ما يتكلم ببادئة ولا عائدة
قال عبيد:
أقفر من أهله عبيد * فاليوم لا يبدي ولا يعيد
والعيد ما يعتاد من خيال أو هم
ومنه المعاودة واعتياد الرجل والتعود
وقال عنترة يصف ظليما يعتاد بيضه كل ساعة:
صعل يعود بذي العشيرة بيضه * كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم

181
ويقولون أعاد الصلاة والحديث
والعادة الدربة
والتمادي في شيء حتى يصير له سجية
ويقال للمواظب على الشيء المعاود
وفي بعض الكلام الزموا تقى الله واستعيدوها أي تعودوها
ويقال في معنى تعود أعاد
قال:
الغرب غرب بقري فارض * لا يستطيع جره الغوامض
* إلا المعيدات به النواهض *
يعني النوق التي استعادت النهض بالدلو
ويقال للشجاع بطل معاود أي لا يمنعه ما رآه من شدة الحرب أن يعاودها
والقياس في كل هذا صحيح
فأما الجمل المسن فهو يسمى عودا
وممكن أن يكون من هذا كأنه عاود الأسفار والرحل مرة بعد مرة
وقد أومأ الخليل إلى معنى آخر فقال هو الذي فيه بقية
فإن كان كذا فلأن لأصحابه في إعماله عودة
والمعنيان كلاهما جيدان
وجمع الجمل العود عوده
ويقال منه عود يعود تعويدا إذا بلغ ذلك الوقت
وقال:
هل المجد إلا السودد العود والندى * ورأب الثأي والصبر عند المواطن

182
وهذا على معنى الاستعارة كأنه أراد السودد القديم
ويقولون أيضا للطريق القديم عود
قال:
عود على عود لأقوام أول * يموت بالترك ويحيا بالعمل
يعني بالعود الجمل
على عود أي طريق قديم
وكذلك الطريق يموت أو يدرس إذا ترك ويحيا إذا سلك
ومن الباب العائدة وهو المعروف والصلة
تقول ما أكثر عائدة فلان علينا
وهذا الأمر أعود من هذا أي أرفق
ومن الباب العيد كل يوم مجمع
واشتقاقه قد ذكره الخليل من عاد يعود كأنهم عادوا إليه
ويمكن أن يقال لأنه يعود كل عام
وهذا عندنا أصح
وقال غيره وهو قريب من المعنيين إنه سمي عيدا لأنهم قد اعتادوه
والياء في العيد أصلها الواو ولكنها قلبت ياء لكسرة العين
وقال العجاج:
يعتاد أرباضا لها آري * كما يعود العيد نصراني
ويجمعون العيد أعيادا ويصغرونه على التغيير عييد
ويقولون فحل معيد معتاد للضراب
والعيدية نجائب منسوبة قالوا نسبت إلى عاد
والله أعلم
وأما الأصل الآخر فالعود وهو كل خشبة دقت
ويقال بل كل خشبة عود
والعود الذي يتبخر به معروف
(عوذ) العين والواو والذال أصل صحيح يدل على معنى واحد وهو الالتجاء إلى الشيء ثم يحمل عليه كل شيء لصق بشيء أو لازمه

183
قال الخليل تقول أعوذ بالله جل ثناؤه أي ألجأ إليه تبارك وتعالى عوذا أو عياذا
ذكر أيضا أنهم يقولون فلان عياذ لك أي ملجأ
وقولهم معاذ الله معناه أعوذ بالله
وكذا أستعيذ بالله
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للتي استعاذت منه لقد عذت بمعاذ
قال والعوذة والمعاذة التي يعوذ بها الإنسان من فزع أو جنون
ويقولون لكل أنثى إذا وضعت عائذ
وتكون كذا سبعة أيام
والجمع عوذ
قال لبيد:
والعين ساكنة على أطلائها * عوذ تأجل بالفضاء بهامها
تأجل تصير آجالا أي قطعا وإنما سميت لما ذكرناه من ملازمة ولدها إياها أو ملازمتها إياه
(عور) العين والواو والراء أصلان أحدهما يدل على تداول الشيء والآخر يدل على مرض في إحدى عيني الإنسان وكل ذي عينين
ومعناه الخلو من النظر
ثم يحمل عليه ويشتق منه
فالأول قولهم تعاور القوم فلانا واعتوروه ضربا إذا تعاونوا فكلما كف واحد ضرب آخر
قال الخليل والتعاور عام في كل شيء
ويقال تعاورت الرياح رسما حتى عفته أي تواظبت عليه
قال الأعشى:
دمنة قفرة تعاورها الصيف * بريحين من صبا وشمال

184
وحكى الأصمعي أو غيره تعورنا العواري
والأصل الآخر العور في العين
قال الخليل يقال انظروا إلى عينه العوراء
ولا يقال لإحدى العينين عمياء لأن العور لا يكون إلا في إحدى العينين
وتقول عرت عينه وعورت وأعرت كل ذلك يقال
ويقولون في معنى التشبيه هي كلمة عوراء
قال الخليل الكلمة التي تهوى في غير عقل ولا رشد
قال:
ولا تنطق العوراء في القوم سادرا * فإن لها فاعلم من القوم واعيا
وقال بعضهم العوراء الكلمة القبيحة التي يمتعض منها الرجل ويغضب وأنشد:
وعوراء قد قيلت فلم ألتفت لها * وما الكلم العوراء لي بقبول
ومن الباب العواء وهو خرق أو شق يكون في الثوب
ومن الباب العورة واشتقاقها من الذي قدمنا ذكره وأنه مما حمل على الأصل كأن العورة شئ ينبغي مراقبته لخلوه
وعلى ذلك فسر قوله تعالى:
يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة) * قالوا كأنها ليست بحريزة وجمع العورة عورات
قال الشاعر:

185
في جميع حافظي عوراتهم * لا يهمون بإدعاق الشلل
الإدعاق الإسراع
والشلل الطرد
ويقال في المكان يكون عورة قد أعور يعور إعوارا
قال الخليل ولو قلت أعار يعير إعارة جاز في القياس أي صار ذا عورة
ويقال أعور البيت صارت فيه عورة
قال الخليل: يقال عور يعور عورا
فعورة في قوله تعالى:
إن بيوتنا عورة) قال الخليل نعت يخرج على العدة والتذكير والتأنيث وعورة مجزومة على حال واحد في الجمع والواحد والتأنيث والتذكير كقولك رجل صوم وامرأة صوم ورجال صوم ونساء صوم
فأما قولهم إن العور ترك الحق وإنشادهم قول العجاج:
قد جبر الدين الإله فجبر * وعور الرحمن من ولي العور
فالقياس غير مقتض للفظ الذي ذكر من ترك الحق وإنما أراد العجاج العور الذي هو عور العين يضربه مثلا لمن عمي عن الحق فلم يهتد له
وأما قول العرب إن لفلان من المال عائرة عين يريدون الكثرة فمعناه المعنى الذي ذكرناه كأن العين تتحير عند النظر إلى المال الكثير فكأنها عورة
ويقولون عورت عين الركية إذا كبستها حتى نضب الماء
والمكان المعور الذي يخاف فيه القطع
(عوز) العين والواو والزاء كلمة واحدة تدل على سوء حال
من ذلك العوز أن يعوز الإنسان الشيء الذي هو محتاج إليه يرومه ولا يتهيأ له

186
يقال عازني
وأعوز الرجل ساءت حاله
ومن الباب المعوز والجمع معاوز وهي الثياب الخلقان والخرق التي تدل على إعواز صاحبها
قال الشماخ:
إذا سقط الأنداء صينت وأشعرت * حبيرا ولم تدرج عليها المعاوز
فأما العزة
(عوس) العين والواو والسين كلمة قد ذكرها أهل اللغة وقياسها قياس صحيح بعيد
قالوا العواساء الحامل من الخنافس وأنشدوا:
* بكرا عواساء تفاسى مقربا *
أي دنا أن تضع حملها
ويقولون العوسان والعوس الطوفان بالليل
ويقولون أيضا الأعوس الصيقل
والأعوس الوصاف للشيء
وكل هذا مما لا يكاد القلب يسكن إلى صحته
(عوص) العين والواو والصاد أصيل يدل على قلة الإمكان
في الشيء
يقال اعتاص الشيء إذا لم يمكن
والعوص مصدر الأعوص والعويص
ومنه كلام عويص وكلمة عوصاء
وقال:
* أيها السائل عن عوصائها *

187
ويقال أعوص في المنطق وأعوص بالخصم إذا كلمه بما لا يفطن له
قال لبيد:
فلقد أعوص بالخصم وقد * أملا الجفنة من شحم القلل
ومن الباب اعتاصت الناقة إذا ضربها الفحل فلم تحمل من غير علة
(عوض) العين والواو والضاد كلمتان صحيحتان إحداهما تدل على بدل للشئ والأخرى على زمان
فالأولى العوض والفعل منه العوض قال الخليل عاض يعوض عوضا وعياضا والاسم العوض والمستعمل التعويض تقول عوضته من هبته خيرا
واعتاضنى فلان إذا جاء طالبا للعوض والصلة
واستعاضني إذا سألك العوض
وقال رؤبة:
نعم الفتى ومرغب المعتاض * والله يجزي القرض بالإفراض
وتقول اعتضت مما أعطيت فلانا وعضت أصبت عوضا
وقال:
يا ليل أسقاك البريق الوامض * هل لك والعارض منك عائض
* في مائة يسئر منها القابض *

188
ومعناه أنه خطبها على مائة من الإبل ثم قال لها وأنا آخذك فأنا عائض قد عضت أي صار الفضل لي والعوض بأخذيك
والكلمة الأخرى قولهم عوض واختلف فيها فقال قوم هي كلمة قسم
وذكر عن الخليل أنه قال هو الدهر والزمان
يقول الرجل لصاحبه عوض لا يكون ذلك أي أبدأ
ثم قال الخليل لو كان عوض اسما للزمان لجرى بالتنوين ولكنه حرف يراد بها القسم كما أن أجل ونعم ونحوهما لما لم يتمكن حمل على غير الإعراب
وقال الأعشى:
رضيعي لبان ثدي أم تقاسما * بأسحم داج عوض لا نتفرق
والله أعلم بالصواب
(باب العين والياء وما يثلثهما)
(عيب) العين والياء والباء أصل صحيح فيه كلمتان إحداهما العيب والأخرى العيبة وهما متباعدتان
فالعيب في الشئ معروف
تقول عاب فلان فلانا يعيبه
ورجل عيابة وقاع في الناس
وعاب الحائط وغيره إذا ظهر فيه عيب
والعاب العيب
والكلمة الأخرى العيبة عيبة الثياب وغيرها وهي عربية صحيحة

189
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(الأنصار كرشي وعيبتي) ضربها لهم مثلا كأنهم موضع سره والذين يأمنهم على أمره
(عيث) العين والياء والثاء أصلان صحيحان متقاربان أحدهما الإسراع في الفساد والآخر تطلب الشيء على غير بصيرة
فالأول قولهم عاث يعيث إذا أسرع في الفساد
ويقولون هو أعيث الناس في ماله
والذئب يعيث في الغنم لا يأخذ منها شيئا إلا قتله
قال:
قد قلت للذئب أيا خبيث * والذئب وسط غنمي يعيث
والأصل الآخر التعييث قال الخليل هو طلب الأعمى للشيء والرجل في الظلمة
ومنه التعييث إدخال اليد في الكنانة تطلب سهما
قال أبو ذؤيب:
وبدا له أقراب هاد رائغ * عجل فعيث في الكنانة يرجع
وقال ابن أبي عائذ:
فعيث ساعة أقفرنه * بالايفاق والرمي أو باستلال

190
(عيج) العين والياء والجيم أصيل صحيح يدل على إقبال واكتراث للشيء
يقولون ما عجت بقول فلان أي لم أصدقه ولم أقبل عليه
وما أعيج بشيء يأتيني من قبله
قال النابغة:
فما رأيت لها شيئا أعيج به * إلا الثمام وإلا موقد النار
(عيد) العين والياء والدال قد مضى ذكره في محله لأن ذلك هو الأصل
(عير) العين والياء والراء أصلان صحيحان يدل أحدهما على نتو الشيء وارتفاعه والآخر على مجيء وذهاب
فالأول العير وهو العظم الناتئ وسط الكتف والجمع عيورة
وعير النصل حرف في وسطه كأنه شظية
وقال:
فصادف سهمه أحجار قف * كسرن العير منه والغرارا
والغرار الحد
والعير في القدم العظم الناتئ في ظهر القدم
وحكي عن الخليل العير سيد القوم
وهذا إن كان صحيحا فهو القياس وذلك أنه أرفعهم منزلة وأنتأ
قال ولو رأيت في صخرة نتوءا أي حرفا ناتئا خلقة كان ذلك عيرا
والأصل الآخر العير الحمار الوحشي والأهلي والجمع الأعيار والمعيوراء
وإنما سمي عيرا لتردده ومجيئه وذهابه
قال الخليل وكلمات جاءت في الجمع عن العرب

191
في مفعولاء المعيوراء والمعلوجاء والمشيوخاء
قال ويقولون مشيخة على مفعلة
ولم يقولوا مثله في شيء من الجمع
ومما جاء من الأمثال في العير إذا ذهب عير فعير في الرباط
وإنسان العين عير يسمى لما قلناه من مجيئه وذهابه واضطرابه
وقال الخليل في أمثالهم جاء فلان قيل عير وما جرى يريدون به السرعة أي قبل لحظ العين
وأنشد لتأبط شرا:
ونار قد حضأت بعيد هدء * بدار ما أريد بها مقاما
سوى تحليل راحلة وعير * أغالبه مخافة أن يناما
وقال الحارث بن حلزة:
زعموا أن كل من ضرب العير * موال لنا وأنى الولاء
أي أن كل من طرف جفن له على عير وهو إنسان العين والعيار فعل الفرس العائر
يقال عار يعير وهو ذهابه كأنه متفلت من صاحبه يتردد
وقصيدة عائرة سائرة
وما قالت العرب بيتا أعير من قوله:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
يعني بيتا أسير
(عيس) العين والياء والسين كلمتان إحداهما لون أبيض مشرب والأخرى عسب الفحل

192
قال الخليل العيس والعيسة لون أبيض مشرب صفاء في ظلمة خفية
جمل أعيس وناقة عيساء والجمع عيس
قال أبو دواد:
* وعيس قد براها لذة الموكب والشرب *
وقال آخر في وصف الثور:
* وعانق الظل الشبوب الأعيس *
قال والعرب قد خصت بالعيس الإبل العراب البيض خاصة
والعيسة في أصل البناء الفعلة على قياس الصهبة والكمتة ولكن كسرت العين لأجل الياء بعدها
ويقولون ظبي أعيس
وفي الذي ذكره في الظبي والشبوب الأعيس خلاف لما قاله من أن العرب خصت بالعيس الإبل العراب البيض خاصة
والكلمة الأخرى العيس ماء الفحل
قال الخليل العيس عسب الفحل وهو ضرابه
يقال لا تأخذ على عيس جملك أجرا
وهذا الذي ذكره الخليل أصح

193
(عيش) العين والياء والشين أصل صحيح يدل على حياة وبقاء
قال الخليل العيش الحياة
والمعيشة الذي يعيش بها الإنسان من مطعم ومشرب وما تكون به الحياة
والمعيشة اسم لما يعاش به
وهو في عيشة ومعيشة صالحة والعيشة مثل الجلسة والمشية
والعيش المصدر الجامع
والمعاش يجري مجرى العيش
تقول عاش يعيش عيشا ومعاشا
وكل شيء يعاش به أو فيه فهو معاش
قال الله تعالى:
* (وجعلنا النهار معاشا) *
والأرض معاش للخلق فيها يلتمسون معايشهم
وذكر الخليل أن المعيش بطرح الهاء يقوم في الشعر مقام المعيشة وأنشد لحميد:
إزاء معيش ما تحل إزارها * من الكيس فيها سورة وهي قاعد
والناس يروونه إزاء معاش
وقال بعضهم عاش فلان عيشوشة صالحة وإنهم لمتعيشون إذا كانت لهم بلغة من عيش
ورجل عائش إذا كانت حاله حسنة
(عيص) العين والنون والصاد أصل صحيح وهو المنبت
قال الخليل
العيص منبت خيار الشجر
قال وأعياص قريش كرامهم يتناسبون إلى عيص
وأعياص وعيص في أبائهم
وذكر أيضا المعيص وقال هو كالمنبت
وقال العجاج في العيص:

194
* من عيص مروان إلى عيص غطم *
وقال جرير:
فما شجرات عيصك في قريش * بعشات الفروع ولا ضواح
(عيط) العين والياء والطاء أصلان صحيحان يدل أحدهما على ارتفاع والآخر على تتبع شيء
فالأول العيط وهو مصدر الأعيط وهو الطويل الرأس والعنق
ويقال ناقة عيطاء وجمل أعيط والجمع العيط
قال الخليل وتوصف به حمر الوحش
قال العجاج يصف الفرس بأنه يعقر عيطا:
فهو يكب العيط منها للذقن * بأرن أو بشبيه بالأرن
والأرن النشاط حتى يكون كالمجنون
ويقال للقارة المستطيلة في السماء جدا إنها لعيطاء
وكذلك القصر المنيف أعيط
قال أمية:
نحن ثقيف عزنا منيع * أعيط صعب المرتقى رفيع
ومما يجوز أن يقاس على هذا الناقة التي لم تحمل سنوات من غير عقر يقال قد اعتاطت وذلك أنها ترفع وتتعالى عن الحمل قالوا وربما كان اعتياطها من

195
كثرة شحمها
وتعتاط المرأة أيضا
ويقال ناقة عائط وقد عاطت تعيط عياطا في معنى حائل في نوق عيط وعوائط
وقال:
وبالبزل قد دمها نيها * وذات المدارأة العائط
والمصدر أيضا عوطط وعوطة
والأصل الآخر التعيط نتع الشيء من حجر أو عود يخرج منه شبه ماء فيصمغ أو يسيل
وذفرى الجمل يتعيط بالعرق
قال:
تعيط ذفراها بجون كأنه * كحيل جرى منها على الليت واكف
(عيف) العين والياء والفاء أصل صحيح واحد يدل على كراهة
من ذلك قولهم عاف الشيء يعافه عيافا إذا كره من طعام أو شراب

196
والعيوف من الإبل الذي يشم الماء وهو عطشان فيدعه وذلك لأنه يتكرهه
وربما جهد فشربه
قال ابن أبي ربيعة:
فسافت وما عافت وما صد شربها * عن الري مطروق من الماء أكدر
ومن هذا القياس عيافة الطير وهو زجرها
وهو من الكراهة أيضا وذلك أن يرى غرابا أو طائرا غيره أو غير ذلك فيتطير به
وربما قالوا للمتكهن عائف
قال الأعشى:
ما تعيف اليوم في الطير الروح * من غراب الطير أو تيس برح
وقال:
* لقد عيثرت طيرك لو تعيف *
(عيق) العين والياء والقاف لم يذكر الخليل فيه شيئا وهو صحيح
يقولون العيقة ساحل البحر
قال الهذلي:
ساد تجرم في البضيع ثمانيا * يلوي بعيقات البحار ويجنب
وقد أومأ الخليل إلى أن هذا مستعمل وليس من المهمل فقال في كتابه:

197
عيوق فيعول يحتمل أن يكون بناؤه مه عوق ومن عيق لأن الياء والواو في ذلك سواء
فقد أعلم أن البناء مستعمل أعني العين والياء والقاف
(عيك) العين والياء والكاف
لم يذكر الخليل فيه شيئا وهو بناء جيد وإن لم يجيء فيه كلام لكن العيكتين موضع في بلاد العرب معروف
(عيل) العين واللام والياء ليس فيه إلا ما هو منقلب عن واو
العيلة الفاقة والحاجة يقال عال يعيل عيلة إذا احتاج
قال الله تعالى:
* (وإن خفتم عيلة) *
وفي الحديث (ما عال مقتصد)
وقال:
* من عال منا بعدها فلا انجبر *
وعيلان اسم
(عيم) العين والياء والميم كلمة واحدة صحيحة وهي شهوة اللبن يقال للذي اشتهى اللبن عيمان والمرأة عيمى
تقول عمت إلى اللبن عيمة وعيما شديدا
قال الخليل وكل مصدر مثل هذا مما يكون لفعلان وفعلي فإذا أنثت المصدر قلته على فعلة خفيفة وإذا ثقلت
فعلى فعل نحو الحير والحيرة
وجمع العيمان عيامى وعيام

198
(عين) العين والياء والنون أصل واحد صحيح يدل على عضو به يبصر وينظر ثم يشتق منه والأصل في جميعه ما ذكرنا
قال الخليل العين الناظرة لكل ذي بصر
والعين تجمع على أعين وعيون وأعيان
قال الشاعر:
فقد أروع قلوب الغانيات به * حتى يملن بأجياد وأعيان
وقال:
* فقد قر أعيان الشوامت أنهم *
وربما جمعوا أعينا على أعينات
قال:
* بأعينات لم يخالطها قذى *
وعين القلب مثل على معنى التشبيه
ومن أمثال العرب في العين قولهم لا أفعله ما حملت عيني الماء أي لا أفعله أبدا
ويقولون عين بها كل داء للكثير العيوب
ويقال رجل شديد جفن العين إذا كان صبورا على السهر
ويقال عنت الرجل إذا أصبته بعينك فأنا أعينه عينا وهو معيون
قال:
قد كان قومك يحسبونك سيدا * وإخال أنك سيد معيون
ورجل عيون ومعيان خبيث العين
والعائن الذي يعين ورأيت

199
الشيء عيانا أي معاينة
ويقولون لقيته عين عنة أي عيانا
وصنعت ذاك عمد عين إذا تعمدته
والأصل فيه العين الناظرة أي إنه صنع ذلك بعين كل من رآه
وهو عبد عين أي يخدم ما دام مولاه يراه
ويقال للأمر يضح بين الصبح لذي عينين
ومن الباب العين الذي تبعثه يتجسس الخبر كأنه شيء ترى به ما يغيب عنك
ويقال رأيتهم أدنى عائنة أي قبل كل أحد يريد والله أعلم قبل كل نفس ناظرة
ويقال اذهب فاعتن لنا أي انظر
ويقال ما بها عين متحركة الياء تريد أحدا له عين فحركت الياء فرقا
قال:
* ولا عينا إلا نعاما مشمرا *
فأما قولهم اعتان لنا منزلا أي ارتاده فإنهم لم يفسروه
والمعنى أنه نظر إلى المنازل بعينه ثم اختار
ومن الباب العين الجارية النابعة من عيون الماء وإنما سميت عينا تشبيها لها بالعين الناظرة لصفائها ومائها
ويقال قد عانت الصخرة وذلك إذا كان بها صدع يخرج منه الماء
ويقال حفر فأعين وأعان
ومن الباب العين السحاب ما جاء من ناحية القبلة وهذا مشبه بمشبه لأنه شبه بعين الماء التي شبهت بعين الإنسان
يقولون إذا نشأ السحاب من قبل العين فلا يكاد يخلف
قال ابن الأعرابي يقال هذا مطر العين ولا يقال مطرنا بالعين
وعين الشمس مشبه بعين الإنسان
قال الخليل عين الشمس صيخدها المستدير

200
ومن الباب ماء عائن أي سائل
ومن الباب عين السقاء
قال الخليل يقال للسقاء إذا بلي ورق موضع منه قد تعين
وهذا أيضا من العين لأنه إذا رق قرب من التخرق فصار السقاء كأنه ينظر به
وأنشد ثعلب:
قالت سليمى قولة لريدها * ما لابن عمي صادرا عن شيدها
* بذات لوث عينها في جيدها *
أراد قربة قد تعينت في جيدها
ويقال سقاء عين إذا كانت فيه كالعيون وهو الذي قد ذكرناه
وأنشد:
* ما بال عيني كالشعيب العين *
وقالوا في قول الطرماح:
فأخضل منها كل بال وعين * وجف الروايا بالملا المتباطن
إن العين الجديد بلغة طي
وهذا عندنا مما لا معنى له إنما العين الذي به عيون وهي التي ذكرناها من عيون السقاء
وإنما غلط القوم لأنهم رأوا باليا وعينا فذهبوا إلى أن الشاعر أراد كل جديد وبال
وهذا خطأ لأن البالي الذي بلي والعين الذي يكون به عيون
وقد تكون القربة الجديد ذات عيون لعيب في الجلد
والدليل على ما قلناه قول القطامي:

201
ولكن الأديم إذا تفرى * بلي وتعينا غلب الصناعا
ومن باقي كلامهم في العين العين البقر وتوصف البقرة بسعة العين فيقال بقرة عيناء
والرجل أعين
قال الخليل ولا يقال ثور أعين
وقال غيره يقال ثور أعين
قال ذو الرمة:
رفيق أعين ذيال تشبهه * فحل الهجان تنحى غير مخلوج
قال الخليل الأعين اسم الثور ويقال معين أيضا
قال:
ومعينا يحوي الصوار كأنه * متخمط قطم إذا ما بربرا
ويقال قواف عين
وسئل الأصمعي عن تفسيرها فقال لا أعرفه
وهذا من الورع الذي كان يستعمله في تركه تفسير القرآن فكأنه لم يفسر العين كما لم يفسر الحور لأنهما لفظتان في القرآن
قال الله تعالى:
(وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون) *
إنما المعنى في القوافي العين أنها نافذة كالشئ النافذ البصر
قال الهذلي:
بكلام خصم أو جدال مجادل * غلق يعالج أو قواف عين
ومن الباب قولهم أعيان القوم أي أشرافهم وهم قياس ما ذكرناه

202
كأنهم عيونهم التي بها ينظرون وكذلك الإخوة قال الخليل تقول لكل إخوة يكونون لأب وأم ولهم إخوة من أمهات شتى هؤلاء أعيان إخوتهم
وهذا أيضا مقيس على ما ذكرناه
وعينة كل شيء خياره يستوي فيه الذكر والأنثى كما يقال هذا عين الشيء وعينته أي أجوده لأن أصفى ما في وجه الإنسان عينه
ومن الباب ابنا عيان خطان يخطهما الزاجر ويقول ابني عيان أسرعا البيان كأنه بهما ينظر إلى ما يريد أن يعلمه
وقال الراعي يصف قدحا:
* جرى ابنا عيان بالشواء المضهب *
ويقال نظرت البلاد بعين أو بعينين إذا طلع النبت
وكل هذا محمول واستعارة وتشبيه
قال الشاعر:
إذا نظرت بلاد بني نمير * بعين أو بلاد بني صباح
رميناهم بكل أقب نهد * وفتيان العشية والصباح
ومن الباب العين وهو المال العتيد الحاضر يقال هو عين غير دين أي هو مال حاضر تراه العيون
وعين الشيء نفسه
تقول خذ درهمك بعينه

203
فأما قولهم للميل في الميزان عين فهو من هذا أيضا لأن العين كالزيادة في الميزان
وقال الخليل العينة السلف يقال تعين فلان من فلان عينة وعينه تعيينا
قال الخليل واشتقت من عين الميزان وهي زيادته
وهذا الذي ذكره الخليل صحيح لأن العينة لا بد أن تجر زيادة
ويقال من العينة اعتان
وأنشد:
فكيف لنا بالشرب إن لم تكن لنا * دراهم عند الحانوي ولا نقد
أندان أم نعتان أم ينبري لنا * فتى مثل نصل السيف أبرزه الغمد
ومن الباب عين الركية وهما عينان كأنهما نقرتان في مقدمها
فهذا باب العين والياء وما معهما في الثلاثي
فأما العين والألف فقد مضى ذكر ذلك لأن الألف فيه لا بد أن تكون منقلبة عن ياء أو واو وقد ذكر ذلك والله أعلم

204
(باب العين والباء وما يثلثهما)
(عبث) العين والباء والثاء أصل صحيح واحد يدل على الخلط يقال عبث الأقط وأنا أعبثه عبثا وهو عبيث وهو يخلط ويجفف في الشمس
والعبيث كل خلط
ويقال في هذا الوادي عبيثة أي خلط من حيين
ومما قيس على هذا العبث هو الفعل لا يفعل على استواء وخلوص صواب
تقول عبث يعبث عبثا وهو عابث بما لا يعنيه وليس من باله وفي القرآن:
* (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) * أي لعبا
والقياس في ذلك كله واحد
(عبج) العين والباء والجيم ليس عند الخليل فيه شيء
وقد قيل العبجة الأحمق
(عبد) العين والباء والدال أصلان صحيحان كأنهما متضادان والأول من ذينك الأصلين يدل على لين وذل والآخر على شدة وغلظ
فالأول العبد وهو المملوك والجماعة العبيد وثلاثة أعبد وهم العباد
قال الخليل إلا أن العامة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد الله والعبيد المملوكين
يقال هذا عبد بين العبودة
ولم نسمعهم يشتقون منه فعلا ولو اشتق لقيل عبد أي صار عبدا وأقر بالعبودة ولكنه أميت الفعل فلم يستعمل
قال وأما عبد يعبد عبادة فلا يقال إلا لمن يعبد الله تعالى
يقال منه عبد يعبد عبادة وتعبد يتعبد

205
تعبدا
فالمتعبد المتفرد بالعبادة
واستعبدت فلانا اتخذته عبدا
وأما عبد في معنى خدم مولاه فلا يقال عبده ولا يقال يعبد مولاه
وتعبد فلان فلانا إذا صيره كالعبد له وإن كان حرا
قال:
تعبدني نمر بن سعد وقد أرى * ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع
ويقال أعبد فلان فلانا أي جعله عبدا
ويقال للمشركين عبدة الطاغوت والأوثان وللمسلمين عباد يعبدون الله تعالى
وذكر بعضهم عابد وعبد كخادم وخدم
وتأنيث العبد عبدة كما يقال مملوك ومملوكة
قال الخليل والعبداء جماعة العبيد الذين ولدوا في العبودة
ومن الباب البعير المعبد أي المهنوء بالقطران
وهذا أيضا يدل على ما قلناه لأن ذلك يذله ويخفض منه
قال طرفة:
إلى أن تحامتني العشيرة كلها * وأفردت إفراد البعير المعبد
والمعبد الذلول يوصف به البعير أيضا
ومن الباب الطريق المعبد وهو المسلوك المذلل
والأصل الآخر العبدة وهي القوة والصلابة يقال هذا ثوب له عبدة إذا كان صفيقا قويا
ومنه علقمة بن عبدة بفتح الباء

206
ومن هذا القياس العبد مثل الأنف والحمية
يقال هو يعبد لهذا الأمر
وفسر قوله تعالى:
* (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) * أي أول من غضب عن هذا وأنف من قوله
وذكر عن علي عليه السلام أنه قال (عبدت فصمت) أي أنفت فسكت
وقال:
ويعبد الجاهل الجافي بحقهم * بعد القضاء عليه حين لا عبد
وقال آخر:
* وأعبد أن تهجى كليب بدارم *
أي آنف من ذلك وأغضب منه
(عبر) العين والباء والراء أصل صحيح واحد يدل على النفوذ والمضي في الشيء
يقال عبرت النهر عبورا
وعبر النهر شطه
ويقال ناقة عبر أسفار لا يزال يسافر عليها
قال الطرماح:
قد تبطنت بهلواعة * عبر أسفار كتوم البغام

207
والمعبر شط نهر هئ للعبور
والمعبر سفينة يعبر عليها النهر
ورجل عابر سبيل أي مار
قال الله تعالى:
* (ولا جنبا إلا عابري سبيل) *
ومن الباب العبرة قال الخليل عبرة الدمع جريه
قال والدمع أيضا نفسه عبرة
قال امرؤ القيس:
وإن شفائي عبرة إن سفحتها * فهل عند رسم دارس من معول
وهذا من القياس لأن الدمع يعبر أي ينفذ ويجري
والذي قاله الخليل صحيح يدل على صحة القياس الذي ذكرناه
وقولهم عبر فلان يعبر عبرا من الحزن وهو عبران والمرأة عبرى وعبرة فهذا لا يكون إلا وثم بكاء
ويقال استعبر إذا جرت عبرته
ويقال من هذا امرأة عابر أي بها العبر
وقال:
يقول لي الجرمي هل أنت مردفي * وكيف رداف الفل أمك عابر
فهذا الأصل الذي ذكرناه
ثم يقال لضرب من السدر عبري وإنما يكون كذلك إذا نبت على شطوط الأنهار
والشط يعبر ويعبر إليه
قال العجاج:

208
* لاث بها الأشاء والعبري
الأشاء الفسيل الواحدة أشاءة وقد ذكرناه
ويقال إن العبري لا يكون إلا طويلا وما كان أصغر منه فهو الضال
قال ذو الرمة:
قطعت إذا تجوفت العواطي * ضروب السدر عبريا وضالا
ويقال بل الضال ما كان في البر
ومن الباب عبر الرؤيا يعبرها عبرا وعبارة ويعبرها تعبيرا إذا فسرها
ووجه القياس في هذا عبور النهر لأنه يصير من عبر إلى عبر
كذلك مفسر الرؤيا يأخذ بها من وجه إلى وجه كأن يسال عن الماء فيقول حياة ألا تراه قد عبر في هذا من شيء إلى شيء
ومما حمل على هذه العبارة قال الخليل تقول عبرت عن فلان تعبيرا إذا عي بحجته فتكلمت بها عنه
وهذا قياس ما ذكرناه لأنه لم يقدر على النفوذ في كلامه فنفذ الآخر بها عنه
فأما الاعتبار والعبرة فعندنا مقيسان من عبري النهر لأن كل واحد منهما

209
عبر مساو لصاحبه فذلك عبر لهذا وهذا عبر لذاك
فإذا قلت اعتبرت الشيء فكأنك نظرت إلى الشيء فجعلت ما يعنيك عبرا لذاك فتساويا عندك
هذا عندنا اشتقاق الاعتبار
قال الله تعالى:
* (فاعتبروا يا أولي الأبصار) * كأنه قال انظروا إلى من فعل ما فعل فعوقب بما عوقب به فتجنبوا مثل صنيعهم لئلا ينزل بكم مثل ما نزل بأولئك
ومن الدليل على صحة هذا القياس الذي ذكرناه قول الخليل عبرت الدنانير تعبيرا إذا وزنتها دينارا دينارا قال والعبرة الاعتبار بما مضى
ومما شذ عن الأصل المعبر من الجمال الكثير الوبر
والمعبر من الغلمان الذي لم يختن
وما أدري ما وجه القياس في هذا
وقال في المعبر الذي لم يختن بشر بن أبي خازم:
وارم العفل معبر *
ومن هذا الشاذ العبير قال قوم هو الزعفران
وقال قوم هي أخلاط طيب
وقال الأعشى:
وتبرد برد رداء العرو س * بالصيف رفرفت فيه العبيرا
(عبس) العين الباء والسين أصل صحيح يدل على تكره

210
في شيء
وأصله العبس ما يبس على هلب الذنب من بعر وغيره وهو من الإبل كالوذح من الشاء
قال أبو النجم:
كأن في أذنابهن الشول * من عبس الصيف قرون الأيل
وفي الحديث أنه مر بإبل قد عبست في أبوالها
وقال جرير يذكر راعية:
ترى العبس الحول جونا بكوعها * لها مسكا من غير عاج ولا ذيل
ثم اشتق من هذا اليوم العبوس وهو الشديد الكريه
واشتق منه عبس الرجل يعبس عبوسا وهو عابس الوجه غضبان
وعباس إذا كثر ذلك منه
(عبط) العين والباء والطاء أصل صحيح يدل على شدة تصيب من غير استحقاق
وهذه عبارة ذكرها الخليل وهي صحيحة منقاسة
فالعبط أن تعبط الناقة صحيحة من غير داء ولا كسر قالوا والعبيط الطري من كل شئ وهذا الذي ذكروه في الطري توسع منهم وإنما الأصل ما ذكر يقال من الأول
عبطت الناقة واعتبطت اعتباطا إذا نحرت سمينة فتية من غير داء
قالوا والرجل يعبط بنفسه في الحرب عبطا إذا ألقاها فيها غير مكره
والرجل يعبط الأرض عبطا إذا حفر فيها موضعا لم يحفر قبل ذلك
قال مرار:

211
ظل في أعلى يفاع جاذلا * يعبط الأرض اعتباط المحتفر
ويقال مات فلان عبطة أي شابا سليما
واعتبطه الموت
قال أمية:
من لم يمت عبطة يمت هرما * للموت كأس فالمرء ذائقها
ومن ذلك الدم العبيط الطري
قال الخليل وهي العبارة التي قد قدمنا ذكرها يقال عبطته الدواهي إذا نالته من غير استحقاق لذلك
قال حميد:
بمنزل عف ولم يخالط * مدنسات الريب العوابط
والعبيطة الشاة أو الناقة المعتبطة
قال الشاعر:
وله لا يني عبائط من كوم * إذا كان من رقاق وبزل
الرقاق الصغار من الإبل
(عبق) العين والباء والقاف أصل صحيح واحد وهو لزوم الشيء للشيء
من ذلك عبق الطيب به إذا لصق ولازم قال:
عبق العنبر والمسك بها * فهي صفراء كعرجون العمر

212
وقال طرفة:
ثم راحوا عبق المسك بهم * يلحفون الأرض هداب الأزر
ومن هذا الباب قولهم ما بقي لهم عبقة أي ما بقيت لهم بقية من المال
والمعنى في ذلك البقية من السمن تبقى في النحي قد عبقت به
ويقولون إن العباقية شجر له شوك
وهذا إن حمل على القياس صح لأنه يعلق بالشيء ويعلق به
وينشد:
غداة شواحط فنجوت شدا * وثوبك في عباقية هريد
ويقال العباقية بقية الطيب والدين وقد ذكرنا وجه قياسه
ومن الباب العباقية من الرجال
قال الخليل العباقية الداهي المنكر على وزن علانية
وإنما سمي بذلك لأنه تعلق كل شيء
وقال:
أتيح لها عباقية سرندي * جري الصدر منبسط اليمين
وقال الأصمعي شانه شينا عباقية أي شيئا شديدا والأجود أن يقال شينا لازما لا يفارق
قال الكسائي ويقال إن العباقية جرح يصيب الرجل في حر وجهه
وهذا صحيح لأنه شين باق يلازم
(عبك) العين والباء والكاف أصيل صحيح يدل على ما يدل عليه الذي قبله وليس ببعيد أن يكون من باب الإبدال
قال الخليل ما ذقت عبكة ولا لبكة
وقال ابن الأعرابي يقال ما أغنيت عني عبكة ولا لبكة

213
أي شيئا
وأصله قولهم الذي يبقى في النحي من السمن عبكة
وقد يقال ذلك للطينة من الوحل
والصحيح في هذا الباب هذا وقد ذكرت فيه كلمات من أعراب مجهولين لا أصل لها فلذلك تركناها
(عبل) العين والباء واللام أصل صحيح يدل على ضخم وامتداد وشدة
من ذلك العبل من الأجسام وهو الضخم
تقول عبل يعبل عبالة
قال:
خبطناهم بكل أرح لأم * كمرضاح النوى عبل وقاح
الأرح الحافر الواسع
ومن الباب الأعبل وهو الحجر الصلب ذو البياض
ويقال جبل أعبل وصخرة عبلاء
وقال أبو كبير الهذلي يصف ناب الذئبة:
أخرجت منها سلقة مهزولة * عجفاء يبرق نابها كالأعبل
ومنه قولهم هو عبل الذراعين أي غليظهما مد يدهما
ومنه ألقى عليه عبالته أي ثقله
ومحتمل أن يكون العبل وهو ثمر الأرطى من هذا ولعل فيه امتدادا وطولا

214
(عبم) العين والباء والميم كلمة تدل على غلظ وجفاء
من ذلك العبام وهو الرجل الغليظ الخلقة في حمق
تقول عبم يعبم عبامة
قال:
فأنكرت إنكار الكريم ولم أكن * كفدم عبام سيل شيئا فجمجما
ويقال إن العبام الماء الكثير فإن كان صحيحا فهو قريب وإلا فهو من الإبدال
(عبن) العين والباء والنون صحيح فيه كلمة واحدة
يقولون إن العبن الجمل الضخم الجسيم
ويقال العبن ويقال العبني والأنثى عبناة
وكل ذلك واحد
وربما وصفوا به الرجل
وقال حميد في صفة بعير:
أمين عبن الخلق مختلف الشبا * يقول المماري طال ما كان مقرما
(عبأ) العين والباء والهمزة والحرف المعتل غير المهموز أصل واحد يدل على اجتماع في ثقل
من ذلك العبء وهو كل حمل من غرم أو حمالة والجمع الأعباء
قال:
وحمل العبء عن أعناق قومي * وفعلي في الخطوب بما عناني
ومن الباب ما عبأت به شيئا إذا لم تباله كأنك لم تجد له ثقلا
ومن

215
الباب عبأت الطيب وفرقوا بين ذلك وبين الجيش فقالوا عبيت الكتيبة أعبيها تعبية إذا هيأتها
وقد قالوا عبأت الجيش أيضا ذكرها ابن الأعرابي
وقال في عبأت الطيب:
كأن بصدره وبمنكبيه * عبيرا بات تعبؤه عروس
والعباءة ضرب من الأكسية
وقياسه صحيح لأنه يشتمل على لابسه ويجمعه
والله أعلم بالصواب
(باب العين والتاء وما يثلثهما)
(عتد) العين والتاء والدال أصل واحد يدل على حضور وقرب
قال الخليل تقول عتد الشيء وهو يعتد عتادا فهو عتيد حاضر
قال ومن ذلك سميت العتيدة التي يكون فيها الطيب والأدهان
ويقال للشيء المعتد إنه لعتيد وقد اعتدناه وهيأناه لأمر إن حزب
وجمع العتاد عتد وأعتدة
قال النابغة:
عتاد امرئ لا ينقض البعد همه * طلوب الأعادي واضح غير خامل

216
قال الخليل يقولون هذا الفرس عتد أي معد متى شاء صاحبه ركبه الذكر والأنثى فيه سواء
قال سلامة بن جندل:
بكل محنب كالسيد نهد * وكل طوالة عتد مزاق
فأما العتود فذكر الخليل فيه قياسا صحيحا وهو الذي بلغ السفاد
فإن كان كذا فكأنه شيء أعد للسفاد والجمع عدان على وزن فعلان وكان الأصل عتدان فأدغمت التاء في الدال
قال الأخطل:
واذكر غدانة عدانا مزنمة * من الحبلق تبنى حولها الصير
(عتر) العين والتاء والراء أصل صحيح يدل على معنيين أحدهما الأصل والنصاب والآخر التفرق
فالأول ما ذكره الخليل أن عتر كل شيء نصابه
قال وعترة المسحاة خشبتها التي تسمى يد المسحاة
قال ومن ثم قيل عترة فلان أي منصبه
وقال أيضا هم أقرباؤه
من ولده وولد ولده وبني عمه
هذا قول الخليل في اشتقاق العترة وذكر غيره أن القياس في العترة ما نذكره من بعد
والأصل الثاني العتر قال قوم هو الذي يقال له المرزنجوش
قال وهو لا ينبت إلا متفرقا
قال وقياس عترة الإنسان من هذا لأنهم أقرباؤه متفرقي الأنساب هذا من أبيه وهذا من نسله كولده
وأنشد في العتر:

217
فما كنت أخشى أن أقيم خلافهم * لستة أبيات كما ينبت العتر
فهذا يدل على التفرق وهو وجه جميل في قياس العترة
ومما يشبهه عتر المسك وهي حصاة تكون متفرقة فيه ولعل عتر المسك أن تكون عربية صحيحة فإنها غير بعيدة مما ذكرناه ولم نسمعها من عالم
ومن هذا الأصل قولهم عتر الرمح فهو يعتر عترا وعترانا إذا اضطرب وترأد في اهتزاز
قال:
* وكل خطي إذا هز عتر *
وإنما قلنا إنه من الباب لأنه إذا هز خيل أنه تتفرق أجزاؤه
وهذا مشاهد فإن صح ما تأولناه وإلا فهو من باب الإبدال يكون من عسل وتكون التاء بدلا من السين والراء بدلا من اللام
ومما يصلح حمله على هذا العتيرة لأن دمها يعتر أي يسال حتى يتفرق
قال الخليل العاتر الذي يعتر شاة فيذبحها كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية يذبحها ثم يصب دمها على رأس الصنم فتلك الشاة هي العتيرة والمعتورة والجمع عتائر
وكان بعضهم يقول العتير هو الصنم الذي تعتر له العتائر في رجب
وأنشد لزهير:

218
فزل عنها وأوفى راس مرقبة * كمنصب العتر دمى رأسه النسك
فإن كان صحيحا هذا فهو من الباب الأول وقد أفصح الشاعر بقياسه حيث قال:
* كمنصب العتر دمى رأسه النسك *
(عتق) العين والتاء والقاف أصل صحيح يجمع معنى الكرم خلقة وخلقا ومعنى القدم
وما شذ من ذلك فقد ذكر على حدة
قال الخليل عتق العبد يعتق عتاقا وعتاقة وعتوقا وأعتقه صاحبه إعتاقا
قال الأصمعي عتق فلان بعد استعلاج إذا صار رقيق الخلقة بعد ما كان جافيا
ويقال حلف بالعتاق وهو مولى عتاقة
وصار العبد عتيقا
ولا يقال عاتق في موضع عتيق إلا أن تنوى فعله في قابل فتقول عاتق غدا
وامرأة عتيقة حرة من الأموة
وامرأة عتيقة أيضا أي جميلة كريمة
وفرس عتيق رائع بين العتق وثوب ناعم عتيق
والعتيق أيضا الكريم من كل شيء
وقد عتق وعتق إذا أتى عليه زمن
قال الخليل جارية عاتق أي شابة أول ما أدركت
قال ابن الأعرابي إنما سميت عاتقا لأنها عتقت من الصبا وبلغت أن تدرع
قالوا والجوارح من

219
الطير عتاق لأنها تصيد ولا تصاد فهي أكرم الطير وكأنها عتقت أن تصاد وذلك كالبازي وما أشبهه
قال لبيد:
فانتضلنا وابن سلمى قاعد * كعتيق الطير يغضي ويجل
قال أبو عبيد أعتقت المال فعتق أي أصلحته فصلح
ويقال عتقت الفرس إذا سبقت
قال الأصمعي وكنت بالمربد فأجري فرسان فقال أعرابي هذا أوان عتقت الشقراء أي سبقت
ويقال فلان معتاق الوسيقة إذا طرد طريدة أنجاها وسلم بها
ويقال ما أبين العتق في وجه فلان أي الكرم
قال الخليل البيت العتيق الكعبة لأن أول بيت وضع للناس
قال الله تعالى:
* (وليطوفوا بالبيت العتيق) *
ويقال سمي بذلك لأنه أعتق من الغرق أيام الطوفان فرفع
ويقال أعتق من الحبشة عام الفيل ويقال أعتق من أن يدعيه أحد فهو بيت الله تعالى
قال أبو عبيدة من أمثالهم لولا عتقه لقد بلى يقال ذلك للرجل إذا ثبت ودام
وقال الخليل العاتق من الطير فوق الناهض
وقال الأصمعي يقال أخذ فرخ قطاة عاتقا إذا استقل وطار
ونرى أنه من عتقت الفرس
قال أبو حاتم طير عاتق إذا كان فوق الناهض لأنه قد خرج عن حد

220
الزق
فأما العاتق من الزقاق فهو الواسع الجيد وهذا على معنى التشبيه بالشيء الكريم
قال لبيد:
أغلي السباء بكل أدكن عاتق * أو جونة قدحت وفض ختامها
وقال الخليل شراب عاتق أي عتيق
قال أبو زبيد:
لا تبعدن إداوة مطروحة * كانت زمانا للشراب العاتق
ويقال للبئر القديمة عاتقة
والخمر العتيقة التي عتقت زمانا حتى عتقت
قال الأعشى:
وسبيئة مما تعتق بابل * كدم الذبيح سلبتها جريالها
قال بعضهم العاتق في وصف الخمر التي لم تفض ولم تبزل ذهب إلى الجارية العاتق التي لم تبن عن أبويها
ويقال بل الخمر العاتق من القدم وكل شيء تقادم فهو عاتق وعتيق
قال ابن الأعرابي كل شيء بلغ إناه فقد عتق وسمي العبد عتيقا لأنه بلغ غايته
فأما قول عنترة:
كذب العتيق وماء شن بارد * إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي

221
فقال قوم إنه نوع من التمر العتيق
ومعنى كذب أي عليك بهذا النوع
ويقال بل العتيق الماء وسمي بذلك لأنه أجل الأشربة وفيه الحياة
ومن القدم الذي ذكرناه قولهم عتقت عليه يمين أي قدمت ووجبت
قال:
علي ألية عتقت قديما * فليس لها وإن طلبت مرام
ويقال لكل كريم عتيق
ومما شذ عن هذا الأصل عاتقا الإنسان وهما ما بين المنكبين والعنق والجمع العواتق
ويقال العاتق يذكر ويؤنث
وقال الأصمعي يقال فلان أميل العاتق
إذا كان موضع الرداء منه معوجا
وقال في تأنيث العاتق:
لا صلح بيني فاعلموه ولا * بينكم ما حملت عاتقي
سيفي وما كنا بنجد وما * قرقر قمر الواد بالشاهق
قال ابن الأعرابي العاتق القوس التي تغير لونها واسودت وهذا أيضا من القدم راجع إلى الباب الأول
(عتك) العين والتاء والكاف أصل صحيح يدل على قريب من الذي قبله وليس ببعيد أن يكون من باب الإبدال وهو من الإقدام والقدم

222
قال الخليل وغيره عتك فلان بفلان إذا أقدم عليه ضربا لا ذ شيء
قال الأصمعي هو أن يحمل عليه حملة أخذ وبطش
قال الخليل عتك الرجل يعتك عتكا وعتوكا إذا ذهب في الأرض
والقوس العاتكة طال عليها العهد حتى احمرت
قال الهذلي:
وصفراء البراية عود نبع * كوقف العاج عاتكة اللياط
وامرأة عاتكة إذا كانت متضمخة بالخلوق
ومنه عتكت القوس قال الخليل يقال لكل كريم عاتك أي قديم
وأصله من عتكت القوس
(عتل) العين والتاء واللام أصل صحيح يدل على شدة وقوة في الشيء
من ذلك الرجل العتل وهو الشديد القوي المصحح الجسم واشتقاقه من العتلة التي يحفر بها
والعتلة أيضا الهراوة الغليظة من الخشب والجمع عتل
وقال:
وأينما كنت من البلاد * فاجتنبن عرم الذواد
* وضربهم بالعتل الشداد *
ومن الباب العتل وهو أن تأخذ بتلبيب الرجل فتعتله أي تجره إليك

223
بقوة وشدة
قال الله تعالى:
* (خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم) *
ولا يكون عتلا إلا بجفاء وشدة
وزعم قوم أنهم يقولون لا أنعتل معك أي لا أنقاد معك
(عتم) العين والتاء والميم أصل صحيح يدل على إبطاء في الشيء أو كف عنه
قال الخليل عتم الرجل يعتم إذا كف عن الشيء بعد المضي فيه وعتم يعتم
وحملت على فلان فما عتمت أن ضربته أي ما نهنهت وما نكلت وما أبطأت
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس كذا ودية فما عتمت منها ودية أي ما أبطأت حتى علقت
وقال:
* مجامع الهام ولا يعتم *
أي لا يمهل ولا يكف
وقال:
ولست بوقاف إذا الخيل أحجمت * ولست عن القرن الكمي بعاتم
قال والعتمة هو الثلث الأول من الليل بعد غيبوبة الشمس والشفق
يقال أعتم القوم إذا صاروا في ذلك الوقت
وجاء الضيف عاتما أي معتما في تلك الساعة
ومما شذ عن هذا الباب العتم الزيتون البري
قال النابغة:

224
تستن بالضرو من براقش أو * هيلان أو ناضر من العتم
(عتو) العين والتاء والحرف المعتل أصل صحيح يدل على استكبار
قال الخليل وغيره عتا يعتو عتوا استكبر قال الله تعالى:
* (وعتوا عتوا كبيرا) *
وكذلك يعتو عتيا فهو عات والملك الجبار عات وجبابرة عتاة
قال:
* والناس يعتون على المسلط *
ويقال تعتى فلان وتعتت فلانة إذا لم تطع
قال العجاج:
الحمد لله الذي استقلت * بأمره السماء واطمأنت
* بأمره الأرض فما تعتت *
أي ما عصت
(عتب) العين والتاء والباء أصل صحيح يرجع كله إلى الأمر فيه بعض الصعوبة من كلام أو غيره
من ذلك العتبة وهي أسكفة الباب وإنما سميت بذلك لارتفاعها عن المكان المطمئن السهل
وعتبات الدرجة مراقيها كل مرقاة من الدرجة عتبة
ويشبه بذلك العتبات تكون في الجبال والواحدة عتبة وتجمع أيضا على عتب
وكل شيء جسا وجفا فهو يشتق له هذا اللفظ
يقال فيه عتب إذا اعتراه ما يغيره عن الخلوص
قال:

225
فما في حسن طاعتنا * ولا في سمعنا عتب
وقال في وصف سيف:
* مجرب الوقع غير ذي عتب *
أي غير ملتو عن الضريبة ولا ناب عنها
ويقولون حمل فلان على عتبة كريهة وعتب كريه من بلاء وشر
قال المتلمس:
* يعلى على العتب الكريه ويوبس *
ويقال للفحل المعقول أو الظالع إذا مشى على ثلاث قوائم كأنه يقفز عتب عتبانا
قال الخليل وهذا تشبيه كأنه يمشي على عتبات الدرجة فينزو من عتبة إلى عتبة
ويقال عتب لنا عتبة أي اتخذها
ومن الباب وهو القياس الصحيح العتب الموجدة
تقول عتبت على فلان عتبا ومعتبة أي وجدت عليه
ثم يشتق منها فيقال أعتبني أي ترك ما كنت أجد عليه ورجع إلى مسرتي وهو معتب راجع عن الإساءة
وأنشد:

226
عتبت على جمل ولست بشامت * بجمل وإن كانت بها النعل زلت
ويقولون أعطاني العتبي أي أعتبني
ولك العتبى أي أعطيتك العتبى
والتعتب إذا قال هذا وهذا يصفان الموجدة
وكذلك المعاتبة إذا لامك واستزادك قلت عاتبني
قال:
إذا ذهب العتاب فليس حب * ويبقى الحب ما بقي العتاب
ويقال للرجل إذا طلب أن يعتب قد استعتب
قال أبو الأسود:
فعاتبته ثم راجعته * عتابا رقيقا وقولا أصيلا
فألفيته غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا
وقال بعضهم ما رأيت عند فلان عتبانا إذا أردت أنه أعتبك ولم تر لذلك بيانا

227
(باب العين والثاء وما يثلثهما)
(عثر) العين والثاء والراء أصلان صحيحان يدل أحدهما على الاطلاع على الشيء والآخر على الإثارة للغبار
فالأول عثر يعثر عثورا وعثر الفرس يعثر عثارا وذلك إذا سقط لوجهه
قال بعض أهل العلم إنما قيل عثر من الاطلاع وذلك أن كل عاثر فلا بد أن ينظر إلى موضع عثرته
ويقال عثر الرجل يعثر عثورا وعثرا إذا اطلع على أمر لم يطلع عليه غيره
كذا قال الخليل
وأعثرت فلانا على كذا إذا أطلعته عليه
قال الله تعالى:
* (فإن عثر على أنهما استحقا إثما) * أي إن اطلع
وقال تعالى:
(وكذلك أعثرنا عليهم)
والعاثور المكان يعثر به
قال:
* وبلدة كثيرة العاثور *
أراد كثيرة المتالف
والأصل الآخر العثير والعثيرة وهو الغبار الساطع
قال:
* ترى لهم حول الصقعل عثيرة *
فأما قولهم ما رأيت له أثرا ولا عثيرا فقالوا العثير ما قلب من تراب أو مدر
وهو راجع إلى ما ذكرناه
وقال:

228
* لقد عيثرت طيرك لو تعيف *
أي رأيتها جرت كأنه أراد الأثر
(عثل) ذكروا فيه كلمة إن صحت
يقال إن العثول من الرجال الجافي
قالوا والعثول النخلة الجافية الغليظة
قال:
هززت عثولا مصت الماء والثرى * زمانا فلم تهمم بأن تتبرعا
(عثم) العين والثاء والميم أصل صحيح يدل على غلظ ونتو في الشيء
قالوا العيثوم الضخم الشديد من كل شيء
وقالوا وتسمى الفيلة العيثوم
قال ويصف ناقة:
وقد أسير أمام الحي تحملني * والفصلتين كناز اللحم عيثوم
أي ضخمة شديدة
ويقال للجمل الضخم عيثوم
والعثمثم من الإبل الطويل في ضخم ويقال في الجميع عثمثمات
وربما وصف الأسد بالعثمثم
ومن الباب العثم وهو أن يساء جبر العظم فيبقى فيه عوج ونتو كالورم
ويقال هو عثم وبه عثم كأنه مشش
قال الخليل وبه سمي عثمان لأنه مأخوذ من الجبر
ويقال بل العثمان..

229
(عثن) العين والثاء والنون أصل صحيح يدل على انتشار في شيء وانتفاش
من ذلك العثان وهو الدخان سمي بذلك لانتشاره في الهواء
تقول عثن يعثن إذا دخن
والنار تعثن وتعثن
وتقول عثنت البيت بريح الدخنة تعثينا وعثن البيت يعثن عثنا إذا عبق به ريح الدخنة تقول عثنت الثوب بالطيب تعثينا كقولك دخنته تدخينا
ومن الباب العثنون عثنون اللحية وهو طولها وما تحتها من شعرها
وسمي بذلك للذي ذكرناه من الانتشار والانتفاش
ومن الباب عثنون الريح هيدبها في أوائلها إذا أقبلت تجر الغبار جرا والجمع العثانين
وهيدبها ما وقع على الأرض منها
وقال ابن مقبل:
هيف هدوج الضحى سهو مناكبها * يكسونها بالعشيات العثانينا
وعثنون البعير شعيرات عند مذبحه
والجمع عثانين
(عثى) العين والثاء والحرف المعتل كلمة تدل على فساد
يقال عثا يعثو ويقال عثي يعثي مثل عاث
قال الله تعالى:
* (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) *

230
(باب العين والجيم وما يثلثهما)
(عجد) العين والدال ليس بشيء على أنهم يقولون العجد الزبيب
ويقال هو العنجد
(عجر) العين والجيم والراء أصل واحد صحيح يدل على تعقد في الشئ ونتو مع التواء
من ذلك العجر مصدر قولك عجر يعجر عجرا
والأعجر النعت
والعجرة موضع العجر
ويقال حافر عجر صلب شديد
قال مرار بن منقذ:
سائل شمراخه ذي جبب * سلط السنبك في رسغ عجر
والأعجر كل شيء ترى فيه عقدا كبش أعجر وبطن أعجر إذا امتلأ جدا
قال عنترة:
ابني زبيبة ما لمهركم * متخددا وبطونكم عجر
وقال بعضهم وأراه مصنوعا إلا أن الخليل أنشده:
حسن الثياب يبيت أعجر طاعما * والضيف من حب الطعام قد التوى
والعجرة كل عقدة في خشبة أو غيرها من نحو عروق البدن والجمع عجر
ومن الباب الاعتجار وهو لف العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك
قال:
جاءت به معتجرا ببرده * سفواء تردي بنسيج وحده

231
وإنما سمي اعتجارا لما فيه من لي ونتو
ومما شذ عن هذا الأصل العجير وهو من الخيل كالعنين من الرجال
(عجز) العين والجيم والزاء أصلان صحيحان يدل أحدهما على الضعف والاخر على مؤخر الشيء
فالأول عجز عن الشيء يعجز عجزا فهو عاجز أي ضعيف
وقولهم إن العجز نقيض الحزم فمن هذا لأنه يضعف رأيه
ويقولون المرء يعجز لا محالة
ويقال أعجزني فلان إذا عجزت عن طلبه وإدراكه
ولن يعجز الله تعالى شيء أي لا يعجز الله تعالى عنه متى شاء
وفي القرآن:
* (لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا) * وقال تعالى:
(وما أنتم بمعجزين في الأرض)
ويقولون عجز بفتح الجيم
وسمعت علي بن إبراهيم القطان يقول سمعت ثعلبا يقول سمعت ابن الأعرابي يقول لا يقال عجز إلا إذا عظمت عجيزته
ومن الباب العجوز المرأة الشيخة والجمع عجائز
والفعل عجزت تعجيزا
ويقال فلان عاجز فلانا إذا ذهب فلم يوصل إليه
وقال تعالى:
(يسعون في آياتنا معاجزين)
ويجمع العجوز على العجز أيضا وربما حملوا على هذا فسموا الخمر عجوزا وإنما سموها لقدمها كأنها امرأة عجوز
والعجزة وابن العجزة آخر ولد الشيخ
وأنشد:

232
* عجزة شيخين يسمى معبدا *
وأما الأصل الآخر فالعجز مؤخر الشيء والجمع أعجاز حتى إنهم يقولون عجز الأمر وأعجاز الأمور
ويقولون لا تدبروا أعجاز أمور ولت صدورها)
قال والعجيزة عجيزة المرأة خاصة إذا كانت ضخمة يقال امرأة عجزاء
والجمع عجيزات كذلك
قال الخليل ولا يقال عجائز كراهة الالتباس
وقال ذو الرمة:
عجزا ممكورة خمصانة قلق * عنها الوشاح وتم الجسم والقصب
وقال أبو النجم
من كل عجزاء سقوط البرقع * بلهاء لم تحفظ ولم تضيع
(والعجز داء يأخذ الدابة في عجزها يقال هي عجزاء والذكر أعجز
ومما شبه في هذا الباب العجزاء من الرمل رملة مرتفعة كأنها جبل والجمع العجز
وهذا على أنها شبهت بعجيزة ذات العجيزة كما قد يشبهون العجيزات بالرمل والكثيب
والعجزاء من العقبان الخفيفة العجيزة
قال الأعشى:
عجزاء ترزق بالسلي عيالها *

233
وما تركنا في هذا كراهة التكرار راجع إلى الأصلين اللذين ذكرناهما
وسمعنا من يقول إن العجوز نصل السيف
وهذا إن صح فهو يسمى بذلك لقدمه كالمرأة العجوز وإتيان الأزمنة عليه
(عجس) العين والجيم والسين أصل صحيح واحد يدل على تأخر الشيء كالعجز في عظم وغلظ وتجمع
من ذلك العجس والمعجس مقبض القوس وعجسها وعجزها سواء
وإنما ذلك مشبه بعجز الإنسان وعجيزته
قال أوس في العجس:
كتوم طلاع الكف لا دون ملئها * ولا عجسها عن موضع الكف أفضلا
يقول عجسها على قدر القبضة سواء
وقال في المعجس مهلهل:
أنبضوا معجس القسي وأبرقنا * كما توعد الفحول الفحولا
ومن الباب عجاساء الليل ظلمته وذلك في مآخيره وشبهت بعجاساء الإبل
قال أهل اللغة العجاساء من الإبل العظام المسان
قال الراعي:
إذا بركت منها عجاساء جلة * بمحنية أجلى العفاس وبروعا

234
العفاس وبروع ناقتان
وهذا منقاس من الذي ذكرناه من ما خير الشيء ومعظمه
وذلك أن أهل اللغة يقولون التعجس التأخر
قالوا ويمكن أن يكون اشتقاق العجاساء من الإبل منه وذلك أنها هي التي تستأخر عن الإبل في المرتع
قالوا والعجاساء من السحاب عظامها
وتقول تعجسنى عنك كذا أي أخرني عنك
وكل هذا يدل على صحة القياس الذي قسناه
وقال الدريدي تعجست الرجل إذا أمر امرأ فغيرته عليه
وهذا صحيح لأنه من التعقب وذلك لا يكون إلا بعد مضي الأول وإتيان الآخر على ساقته وعند عجزه
وذكروا أن العجيساء مشية بطيئة
وهو من الباب
ومما يدل على صحة قياسنا في آخر الليل وعجاسائه قول الخليل العجس آخر الليل
وأنشد:
وأصحاب صدق قد بعثت بجوشن * من الليل لولا حب ظمياء عرسوا
فقاموا يجرون الثياب وخلفهم * من الليل عجس كالنعامة أقعس
وذكر أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي أن العجسة آخر ساعة في الليل
فأما قولهم لا آتيك سجيس عجيس فمن هذا أيضا أي لا آتيك آخر الدهر
وحجة هذا قول أبي ذؤيب:
سقى أم عمرو كل آخر ليلة * حناتم مزن ماؤهن ثجيج
لم يرد أواخر الليالي دون أوائلها لكنه أراد أبدا

235
(عجف) العين والجيم والفاء أصلان صحيحان أحدهما يدل على هزال والآخر على حبس النفس وصبرها على الشيء أو عنه
فالأول العجف وهو الهزال وذهاب السمن والذكر أعجف والأنثى عجفاء والجمع عجاف من الذكران والإناث
والفعل عجف يعجف وليس في كلام العرب أفعل مجموعا على فعال غير هذه الكلمة حملوها على لفظ سمان
وعجاف على فعال
ويقال أعجف القوم إذا عجفت مواشيهم وهم معجفون
وحكى الكسائي شفتان عجفاوان أي لطيفتان قال أبو عبيد يقال عجف إذا هزل والقياس عجف لأن ما كان على أفعل وفعلاء فماضيه فعل نحو عرج يعرج إلا ستة حروف جاءت على فعل وهي سمر وحمق ورعن وعجف وخرق
وحكى الأصمعي في الأعجم عجم
وربما اتسعوا في الكلام فقالوا أرض عجفاء أي مهزولة لا خير فيها ولا نبات
ومنه قول الرائد وجدت أرضا عجفاء
ويقولون نصل أعجف أي دقيق
قال ابن أبي عائذ:
تراح يداه بمحشورة * خواظى القداح عجاف النصال

236
وأما الأصل الثاني فقولهم عجفت نفسي عن الطعام أعجفها عجفا إذا حبست نفسك عنه وهي تشتهيه
وعجفت غيري قليل
قال:
لم يغذها مد ولا نصيف * ولا تميرات ولا تعجيف
ويقال عجفت نفسي على المريض أعجفها إذا صبرت عليه ومرضته
قال:
إني وإن عيرتني نحولي * لأعجف النفس على خليلي
* أعرض بالود وبالتنويل *
(عجل) العين والجيم واللام أصلان صحيحان يدل أحدهما على الإسراع والآخر على بعض الحيوان
فالأول العجلة في الأمر يقال هو عجل وعجل لغتان
قال ذو الرمة:
كأن رجليه رجلا مقطف عجل * إذا تجاوب من برديه ترنيم *
واستعجلت فلانا حثثته
وعجلته سبقته
قال الله تعالى:
* (أعجلتم أمر ربكم) * والعجالة ما تعجل من شيء
ويقال عجالة الراكب تمر وسويق
وذكر عن الخليل أن العجل ما استعجل به طعام فقدم قبل إدراك الغذاء
وأنشد:

237
إن لم تغثني أكن يا ذا الندى عجلا * كلقمة وقعت في شدق غرثان
ونحن نقول أما قياس الكلمة التي ذكرناها فصحيح لأن الكلمة لا أصل لها والبيت مصنوع
ويقال من العجالة عجلت القوم كما يقال لهنتهم
وقال أهل اللغة العاجل ضد الآجل
ويقال للدنيا العاجلة وللآخرة الآجلة
والعجلان هو كعب بن ربيعة بن عامر قالوا سمي العجلان باستعجاله عبده
وأنشدوا:
وما سمي العجلان إلا لقوله * خذ الصحن واحلب أيها العبد واعجل
وقالوا إن المعجل والمعجل من النوق التي تنتج قبل أن تستكمل الوقت فيعيش ولدها
ومما حمل على هذا العجلة عجلة الثيران
والعجلة المنجنون التي يستقى عليها والجمع عجل وعجلات
قال أبو عبيد العجلة خشبة معترضة على نعامتي البئر والغرب مغلق بها والجمع عجل
قال أبو زيد العجلة المحالة
وأنشد:
وقد أعد ربها وما عقل * حمراء من ساج تتقاها العجل
ومن الباب العجلة الإداوة الصغيرة والجمع عجل
وقال الأعشى:

238
والساحبات ذيول الخز آونة * والرافلات على أعجازها العجل
وإنما سميت بذلك لأنها خفيفة يعجل بها حاملها وقال الخليل العجول من الإبل الواله التي فقدت ولدها والجمع عجل
وأنشد:
أحن إليك حنين العجول * إذا ما الحمامة ناحت هديلا
وقالت الخنساء:
فما عجول على بو تطيف به * قد ساعدتها على التحنان أظآر
قالوا وربما قيل للمرأة الثكلى عجول والجمع عجل
قال الأعشى:
حتى يظل عميد القوم مرتفقا * يدفع بالراح عنه نسوة عجل
ولم يفسروه بأكثر من هذا
قلنا وتفسيره ما يلحق الواله عند ولهه من الاضطراب والعجلة إلا أن هذه العجول لم يبن منها فعل فيقال عجلت كما بني من الثكل ثكلت والأصل فيه واحد إلا أنه لم يأت من العرب
والأصل الآخر العجل ولد البقرة وفي لغة عجول والجمع عجاجيل والأنثى عجلة وعجولة وبذلك سمي الرجل عجلا
(عجم) العين والجيم والميم ثلاثة أصول أحدها يدل على سكوت وصمت والآخر على صلابة وشدة والآخر على عض ومذاقه
فالأول الرجل الذي لا يفصح هو أعجم والمرأة عجماء بينة العجمة
قال أبو النجم:

239
* أعجم في آذانها فصيحا *
ويقال عجم الرجل إذا صار أعجم مثل سمر وأدم ويقال للصبي ما دام لا يتكلم ولا يفصح صبي أعجم
ويقال صلاة النهار عجماء إنما أراد أنه لا يجهر فيها بالقراءة
وقولهم العجم الذين ليسوا من العرب فهذا من هذا القياس كأنهم لما لم يفهموا عنهم سموهم عجما ويقال لهم عجم أيضا
قال:
ديار مية إذ مي تساعفنا * ولا يرى مثلها عجم ولا عرب
ويقولون استعجمت الدار عن جواب السائل
قال:
صم صداها وعفا رسمها * واستعجمت عن منطق السائل
ويقال الأعجمي الذي لا يفصح وإن كان نازلا بالبادية
وهذا عندنا غلط وما نعلم أحدا سمي أحدا من سكان البادية أعجميا كما لا يسمونه عجميا ولعل صاحب هذا القول أراد الأعجم فقال الأعجمي
قال الأصمعي يقال بعير أعجم إذا كان لا يهدر
والعجماء البهيمة وسميت عجماء لأنها لا تتكلم وكذلك كل من لم يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم
وفي الحديث (جرح العجماء جبار) تراد البهيمة
قال الخليل حروف المعجم مخفف هي الحروف المقطعة لأنها أعجمية
وكتاب معجم وتعجيمه تنقيطه كي تستبين عجمته ويضح
وأظن أن الخليل أراد بالأعجمية أنها ما دامت مقطعة غير مؤلفة تأليف الكلام المفهوم فهي

240
أعجمية لأنها لا تدل على شيء
فإن كان هذا أراد فله وجه وإلا فما أدري أي شيء أراد بالأعجمية
والذي عندنا في ذلك أنه أريد بحروف المعجم حروف الخط المعجم وهو الخط العربي لأنا لا نعلم خطا من الخطوط يعجم هذا الإعجام حتى يدل على المعاني الكثيرة
فأما أنه إعجام الخط بالأشكال فهو عندنا يدخل في باب العض على الشيء لأنه فيه فسمي إعجاما لأنه تأثير فيه يدل على المعنى
فأما قول القائل:
* يريد أن يعربه فيعجمه *
فإنما هو من الباب الذي ذكرناه
ومعناه يريد أن يبين عنه فلا يقدر على ذلك فيأتي به غير فصيح دال على المعنى
وليس ذلك من إعجام الخط في شيء
(عجن) العين والجيم والنون أصل صحيح يدل على اكتناز شيء لين غير صلب
من ذلك العجن وهو اكتناز لحم ضرع الناقة وكذلك من البقر والشاء
تقول إنها عجناء بينة العجن
ولقد عجنت تعجن عجنا
والمتعجن من الإبل المكتنز سمنا كأنه لحم بلا عظم
ومن الباب عجن الخباز العجين يعجنه عجنا
ومما يقرب من هذا قولهم

241
للأحمق عجان وعجينة
قال معناه أنهم يقولون فلان يعجن بمرفقيه حمقا ثم اقتصروا على ذلك فقالوا عجينة وعجان أي بمرفقيه كما جاء في المثل
ومن الباب العجان وهو الذي يستبرئه البائل وهو لين
قال جرير:
يمد الحبل معتمدا عليه * كأن عجانه وتر جديد
(عجى) العين والجيم والحرف المعتل أصل صحيح يدل على وهن في شيء إما حادثا وإما خلقة
من ذلك العجاية وهو عصب مركب فيه فصوص من عظام يكون عند رسغ الدابة ويكون رخوا وزعموا أن أحدهم يجوع فيدق تلك العجاية بين فهرين فيأكلها
والجمع العجايات والعجى
قال كعب بن زهير:
سمر العجايات يتركن الحصى زيما * لم يقهن رؤوس الأكم تنعيل
ومما يدل على صحة هذا القياس قولهم للأم هي تعجو ولدها وذلك أن يؤخر رضاعة عن مواقيته ويورث ذلك وهنا في جسمه
قال الأعشى:
مشفقا قلبها عليه فما تعجوه * إلا عفافة أو فواق
العفافة الشيء اليسير
والفواق ما يجتمع في الضرع قبل الدرة

242
وتعجوه
أي تداويه بالغذاء حتى ينهض
واسم ذلك الولد العجي والأنثى عجية والجمع عجايا
قال:
عداني ان أزورك أن بهمي * عجايا كلها إلا قليلا
وإذا منع الولد اللبن وغذي بالطعام قيل قد عوجي
قال ذو الإصبع:
إذا شئت أبصرت من عقبهم * يتامى يعاجون كالأذؤب
وقال آخر في وصف جراد:
إذا ارتحلت من منزل خلفت به * عجايا يحاثي بالتراب صغيرها
ويروى رذايا يعاجى
(عجب) العين والجيم والباء أصلان صحيحان يدل أحدهما على كبر واستكبار للشيء والآخر خلقة من خلق الحيوان
فالأول العجب وهو أن يتكبر الإنسان في نفسه
تقول هو معجب بنفسه
وتقول من باب العجب عجب يعجب عجبا وأمر عجيب وذلك إذا استكبر واستعظم
قالوا وزعم الخليل أن بين العجيب والعجاب فرقا
فأما العجيب والعجب مثله فالأمر يتعجب منه وأما العجاب فالذي يجاوز

243
حد العجيب
قال وذلك مثل الطويل والطوال فالطويل في الناس كثير والطوال الأهوج الطول
ويقولون عجب عاجب
والاستعجاب شدة التعجب يقال هو مستعجب ومتعجب مما يرى
قال أوس:
ومستعجب مما يرى من أناتنا * ولو زبنته الحرب لم يترمرم
وقصة عجب
وأعجبني هذا الشيء وقد أعجبت به
وشئ معجب إذا كان حسنا جدا
والأصل الآخر العجب وهو من كل دابة ما ضمت عليه الوركان من أصل الذنب المغروز في مؤخر العجز
وعجوب الكثبان سميت عجوبا تشبيها بذلك وذلك أنها أواخر الكثبان المستدقة
قال لبيد:
* بعجوب أنقاء يميل هيامها *
وناقة عجباء بينة العجب والعجبة وشد ما عجبت وذلك إذا دق أعلى مؤخرها وأشرفت جاعرتاها وهي خلقة قبيحة

244
(باب العين والباء وما يثلثهما)
(عدر) العين والدال والراء ليس بشيء
وقد ذكرت فيه كلمة
قالوا العدر المطر الكثير
(عدس) العين والدال والسين ليس فيه من اللغة شيء لكنهم يسمون الحب المعروف عدسا
ويقولون عدس زجر للبغال
قال:
عدس ما لعباد عليك إمارة * نجوت وهذا تحملين طليق
وقوله:
* إذا حملت بزتي على عدس *
فإنه يريد البغلة سماها عدس بزجرها
(عدف) العين والدال والفاء أصيل صحيح يدل على قلة أو يسير من كثير
من ذلك العدف والعدوف وهو اليسير من العلف
يقال ما ذاقت الخيل عدوفا
قال:
ومجنبات ما يذقن عدوفا * يقذفن بالمهرات والأمهار
والعدف النوال القليل
يقال أصبنا من ماله عدفا

245
ومن الباب العدفة وهي كالصنفة من الثوب
وأما قول الطرماح:
حمال أثقال ديات الثأي * عن عدف الأصل وكرامها
قالوا العدف القليل
(عدق) العين والدال والقاف ليس بشيء
وذكروا أن حديدة ذات شعب يستخرج بها الدلو من البئر يقال لها عودقة
وحكوا عدق بظنه مثل رجم
وما أحسب لذلك شاهدا من شعر صحيح
(عدك) العين والدال والكاف ليس بشيء إلا كلمة من هنوات ابن دريد قال العدك ضرب الصوف بالمطرقة
(عدل) العين والدال واللام أصلان صحيحان لكنهما متقابلان كالمتضادين أحدهما يدل على استواء والآخر يدل على اعوجاج
فالأول العدل من الناس المرضى المستوي الطريقة
يقال هذا عدل وهما عدل
قال زهير:
متى يشتجر قوم يقل سرواتهم * هم بيننا فهم رضا وهم عدل
وتقول هما عدلان أيضا وهم عدول وإن فلانا لعدل بين العدل والعدولة
والعدل الحكم بالاستواء
ويقال للشيء يساوي الشيء هو

246
عدله
وعدلت بفلان فلانا وهو يعادله
والمشرك يعدل بربه تعالى عن قولهم علوا كبيرا كأنه يسوي به غيره
ومن الباب العدلان حملا الدابة سميا بذلك لتساويهما
والعديل الذي يعادلك في المحمل
والعدل قيمة الشيء وفداؤه
قال الله تعالى:
(ولا يقبل منها عدل) أي فدية
وكل ذلك من المعادلة وهي المساواة
والعدل نقيض الجور تقول عدل في رعيته
ويوم معتدل إذا تساوى حالا حره وبرده وكذلك في الشيء المأكول
ويقال عدلته حتى اعتدل أي أقمته حتى استقام واستوى
قال:
صبحت بها القوم حتى أمتسك * ت بالأرض تعدلها أن تميلا
ومن الباب المعتدلة من النوق وهي الحسنة المتفقة الأعضاء
فأما قولهم لضرب من السفن عدولية فقد يجوز أن يكون من القياس الذي قسناه لأنها لا تكون إلا مستوية معتدلة
على أن الخليل زعم أنها منسوبة إلى موضع يقال له عدولي
قال طرفة:
عدولية أو من سفين ابن يامن * يجور بها الملاح طورا ويهتدي
فأما الأصل الآخر فيقال في الاعوجاج عدل
وانعدل أي انعرج
وقال ذو الرمة:
وإني لأنحي الطرف من نحو غيرها حياء * ولو طاوعته لم يعادل

247
(عدم) العين والدال والميم أصل واحد يدل على فقدان الشيء وذهابه
من ذلك العدم
وعدم فلان الشيء إذا فقده
وأعدمه الله تعالى كذا أي أفاته
والعديم الذي لا مال له ويجوز جمعه على العدماء كما يقال فقير وفقراء
وأعدم الرجل صار ذا عدم
وقال في العديم:
وعديمنا متعفف متكرم * وعلى الغني ضمان حق المعدم
وقال في العدم حسان بن ثابت:
رب حلم أضاعه عدم الما * ل وجهل غطى عليه النعيم
(عدن) العين والدال والنون أصل صحيح يدل على الإقامة
قال الخليل العدن إقامة الإبل في الحمض خاصة
تقول عدنت الإبل تعدن عدنا
والأصل الذي ذكره الخليل هو أصل الباب ثم قيس به كل مقام فقيل جنة عدن أي إقامة
ومن الباب المعدن معدن الجواهر
ويقيسون على ذلك فيقولون هو معدنا لخير والكرم
وأما العدان والعدان فساحل البحر
ويجوز أن يكون من القياس الذي ذكرناه وليس ببعيد
وقال لبيد:
ولقد يعلم صحبي كلهم * بعدان السيف صبري ونقل
وعدن بلد

248
(عدو) العين والدال والحرف المعتل أصل واحد صحيح يرجع إليه الفروع كأنها وهو يدل على تجاوز في الشيء وتقدم لما ينبغي أن يقتصر عليه
من ذلك العدو وهو الحضر
تقول عدا يعدو عدوا وهو عاد
قال الخليل والعدو مضموم مثقل وهما لغتان إحداهما عدو كقولك غزو والأخرى عدو كقولك حضور وقعود
قال الخليل التعدي تجاوز ما ينبغي أن يقتصر عليه
وتقرأ هذه الآية على وجهين:
(فيسبوا الله عدوا بغير علم) * و * (عدوا) *
والعادي الذي يعدو على الناس ظلما وعدوانا
وفلان يعدو أمرك وما عدا أن صنع كذا
ويقال من عدو الفرس عدوان أي جيد العدو وكثيره
وذئب عدوان يعدو على الناس
قال:
تذكر إذ أنت شديد القفز * نهد القصيري عدوان الجمز
وتقول ما رأيت أحدا ما عدا زيدا
قال الخليل أي ما جاوز زيدا
ويقال عدا فلان طوره
ومنه العدوان قال وكذلك العداء والاعتداء والتعدي
وقال أبو نخيلة:
ما زال يعدو طوره العبد الردي * ويعتدي ويعتدي ويعتدي
قال والعدوان الظلم الصراح
والاعتداء مشتق من العدوان
فأما

249
العدوي فقال الخليل هو طلبك إلى وال أو قاض أن يعديك على من ظلمك أي ينقم منه باعتدائه عليك
والعدوي ما يقال إنه يعدى
من جرب أو داء
وفي الحديث: * (لا عدوى ولا يعدي شئ شيئا) *
والعدواء كذلك
وهذا قياس أي إذا كان به داء لم يتجاوزه إليك
والعدوة عدوة اللص وعدوة المغير
يقال عدا عليه فأخذ ماله وعدا عليه بسيفه ضربه لا يريد به عدوا على رجليه لكن هو من الظلم
وأما قوله:
* وعادت عواد بيننا وخطوب *
فإنه يريد أنها تجاوزت حتى شغلت
ويقال كف عنا عاديتك
والعادية شغل من أشغال الدهر يعدوك عن أمرك أي يشغلك
والعداء الشغل قال زهير:
فصرم حبلها إذ صرمته * وعادك أن تلاقيها عداء
فأما العداء فهو أن يعادي الفرس أو الكلب أو الصياد بين صيدين يصرع أحدهما على إثر الآخر
قال امرؤ القيس:

250
فعادى عداء بين ثور ونعجة * وبين شبوب كالقضيمة قرهب
فإن ذلك مشتق من العدو أيضا كأنه عدا على هذا وعدا على الآخر
وربما قالوا عداء بنصب العين
وهو الطلق الواحد
قال:
* يصرع الخمس عداء في طلق *
والعداء طوار كل شيء انقاد معه من عرضه أو طوله
يقولون لزمت عداء النهر وهذا طريق يأخذ عداء الجبل
وقد يقال العدوة في معنى العداء وربما طرحت الهاء فيقال عدو ويجمع فيقال أعداء النهر وأعداء الطريق
قال والتعداء التفعال
وربما سموا المنقلة العدواء
وقال ذو الرمة:
هام الفؤاد بذكراها وخامره * منها على عدواء الدار تسقيم
قال الخليل والعندأوة التواء وعسر قال الخليل وهو من العداء
وتقول عدي عن الأمر يعدي تعدية أي جاوزه إلى غيره
وعديت عني الهم أي نحيته عني
وعد عني إلى غيري
وعد عن هذا الأمر أي تجاوزه وخذ في غيره
قال النابغة:
فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له * وانم القتود على عيرانة أجد

251
وتقول تعديت المفازة أي تجاوزتها إلى غيرها
وعديت الناقة أعديها
قال:
ولقد عديت دوسرة * كعلاة القين مذكارا
ومن الباب العدو وهو مشتق من الذي قدمنا ذكره يقال للواحد والاثنين والجمع عدو
قال الله تعالى في قصة إبراهيم:
* (فإنهم عدو لي إلا رب العالمين) *
والعدي والعدي والعادي والعداة
وأما العدواء فالأرض اليابسة الصلبة وإنما سميت بذلك لأن من سكنها تعداها
قال الخليل وربما جاءت في جوف البئر إذا حفرت وربما كانت حجرا حتى يحيدوا عنها بعض الحيد
وقال العجاج في وصف الثور وحفره الكناس يصف أنه انتهى إلى عدواء صلبة فلم يطق حفرها فاحرورف عنها:
وإن أصاب عدواء احرورفا * عنها وولاها الظلوف الظلفا
والعدوة صلابة من شاطئ الواد
ويقال عدوة لأنها تعادي النهر مثلا أي كأنهما اثنان يتعاديان
قال الخليل والعدوية من نبات الصيف بعد ذهاب الربيع يخضر فترعاه الإبل
تقول أصابت الإبل عدوية وزنه فعلية
(عدب) العين والدال والباء زعم الخليل أنه مهمل ولعله لم يبلغه فيه شيء
فأما البناء فصحيح
والعداب مسترق من الرمل
قال ابن أحمر:

252
كثور العداب الفرد يضربه الندى * تعلى الندى في متنه وتحدرا والله أعلم
(باب العين والذال وما يثلثهما)
(عذر) العين والذال والراء بناء صحيح له فروع كثيرة ما جعل الله تعالى فيه وجه قياس بتة بل كل كلمة منها على نحوها وجهتها مفردة
فالعذر معروف وهو روم الإنسان إصلاح ما أنكر عليه بكلام
يقال منه: عذرته فأنا أعذره عذرا والاسم العذر
وتقول عذرته من فلان أي لمته ولم ألم هذا
يقال من عذيري من فلان ومن يعذرني منه
قال:
أريد حباءه ويريد قتلى * عذيرك من خليلك من مراد
ويقال إن عذير الرجل ما يروم ويحاول مما يعذر عليه إذا فعله
قال

253
الخليل وكان العجاج يرم رحله لسفر أراده فقالت امرأته ما هذا الذي ترم فقال:
* جاري لا تستنكري عذيري *
يريد لا تنكري ما أحاول
ثم فسر في بيت آخر فقال:
سيري وإشفاقي على بعيري *
وتقول اعتذر يعتذر اعتذارا وعذرة من ذنبه فعذرته
والمعذرة الاسم
قال الله سبحانه:
(قالوا معذرة إلى ربكم)
وأعذر فلان إذا أبلى عذرا فلم يلم
ومن هذا الباب قولهم عذر الرجل تعذيرا إذا لم يبالغ في الأمر وهو يريك أنه مبالغ فيه
وفي القرآن * (وجاء المعذرون من الأعراب) * ويقرأ * (المعذرون) *
قال أهل العربية المعذرون بالتخفيف هم الذين لهم العذر والمعذرون الذين لا عذر لهم ولكنهم يتكلفون عذرا
وقولهم للمقصر في الأمر معذر وهو عندنا من العذر أيضا لأنه يقصر في الأمر معولا على العذر الذي لا يريد يتكلف

254
وباب آخر لا يشبه الذي قبله يقولون تعذر الأمر إذا لم يستقم
قال امرؤ القيس:
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت * علي وآلت حلفة لم تحلل
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذار عذار اللجام
قال وما كان على الخدين من كي أو كدح طولا فهو عذار
تقول من العذار عذرت الفرس فأنا أعذره عذرا بالعذار في معنى ألجمته
وأعذرت اللجام أي جعلت له عذارا
ثم يستعيرون هذا فيقولون للمنهمك في غيه خلع العذار
ويقال من العذار عذرت الفرس تعذيرا أيضا
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذار وهو طعام يدعى إليه لحادث سرور
يقال منه أعذروا إعذارا
قال:
كل الطعام تشتهي ربيعه * الخرس والإعذار والنقيعة
ويقال بل هو طعام الختان خاصة
يقال عذر الغلام إذا ختن
وفلان وفلان عذار عام واحد
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذور قال الخليل هو الواسع الجوف الشديد العضاض
قال الشاعر يصف الملك أنه واسع عريض:

255
وحاز لنا الله النبوة والهدى * فأعطى به عزا وملكا عذورا
ومما يشبه هذا قول القائل يمدح
إذا نزل الأضياف كان عذورا * على الحي حتى تستقل مراجله
قالوا أراد سئ الخلق حتى تنصب القدور
وهو شبيه بالذي قاله الخليل في وصف الحمار الشديد العضاض
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذرة عذرة الجارية العذراء جارية عذراء لم يمسها رجل
وهذا مناسب لما مضى ذكره في عذرة الغلام
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذرة وجع يأخذ في الحلق
يقال منه عذر فهو معذور
قال جرير:
غمز ابن مرة يا فرزدق كينها * غمز الطبيب نغانغ المعذور
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذرة نجم إذا طلع اشتد الحر يقولون إذا طلعت العذرة لم يبق بعمان بسرة
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذرة خصلة من شعر والخصلة من عرف الفرس
وناصيته عذرة
وقال:
* سبط العذرة مياح الحضر *

256
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذرة فناء الدار
وفي الحديث (اليهود أنتن خلق الله عذرة) أي فناء
ثم سمي الحدث عذرة لأنه كان يلقى بأفنية الدور
(عذق) العين والذال والقاف أصل واحد يدل على امتداد في شيء وتعلق شيء بشيء
من ذلك العذق عذق النخلة وهو شمراخ من شماريخها
والعذق النخلة بفتح العين
وذلك كله من الأشياء المتعلقة بعضها ببعض
قال:
ويلوي بريان العسيب كأنه * عثاكيل عذق من سميحة مرطب
قال الخليل العذق من كل شيء الغصن ذو الشعب
ومن الباب عذق الرجل إذا وسم بعلامة يعرف بها
وهذا صحيح وإنما هذا من قولهم عذق شاته يعذقها عذقا إذا علق عليها صوفة تخالف لونها
ومما جرى مجرى الاستعارة والتمثيل قولهم في بني فلان عذق كهل إذا كان فيهم عز ومنعة
قال ابن مقبل:
وفي غطفان عذق صدق ممنع * على رغم أقوام من الناس يانع
(عذل) العين والذال واللام أصل صحيح يدل على حر وشدة فيه ثم يقاس عليه ما يقاربه
من ذلك اعتذل الحر اشتد
قال أبو عبيد أيام معتذلات شديدات الحرارة

257
ومما قيس على هذا قولهم عذل فلان فلانا عذلا والعذل الاسم
ورجل عذال وامرأة عذالة إذا كثر ذلك منهما
والعذال الرجال والعذل النساء
وسمي هذا عذلا لما فيه من شدة ومس لذع
قال:
غدت عذ التاى فقلت مهلا * أفي وجد بسلمى تعذلاني
(عذم) العين والذال والميم أصيل صحيح يدل على عض وشبهه
قال الخليل أصل العذم العض ثم يقال عذمه بلسانه يعذمه عذما إذا أخذه بلسانه
والعذيمة الملامة
قال الراجز:
يظل من جاراه في عذائم * من عنفوان جريه العفاهم
أي ملامات
وفرس عدوم
فأما العذمذم فإن الخليل ذكره في هذا الباب بغين معجمة وقال غيره بل هو غذمذم بالعين
قال الخليل وهو الجراف
يقال موت غذمذم جراف لا يبقي شيئا
قال:
ثقال الجفان والحلوم رحاهم * رحى الماء يكتالون كيلا عذمذما
(عذى) العين والذال والحرف المعتل أصيل صحيح يدل على طيب تربة
قال الخليل وغيره العذاة الأرض الطيبة التربة الكريمة المنبت
قال:
بأرض هجان الترب وسمية الثرى * عذاة نأت عنها المؤوجة والبحر

258
قال والعذي الموضع ينبت شتاء وصيفا من غير نبع
ويقال هو الزرع لا يسقى إلا من ماء المطر لبعده من المياه
قالوا ويقال لها العذا الواحدة عذاة
وأنشدوا:
بأرض عذاة حبذا ضحواتها * وأطيب منها ليله وأصائله
(عذب) العين والذال والباء أصل صحيح لكن كلماته لا تكاد تنقاس ولا يمكن جمعها إلى شيء واحد
فهو كالذي ذكرناه آنفا في باب العين والذال والراء
وهذا يدل على أن اللغة كلها ليست قياسا لكن جلها ومعظمها
فمن الباب عذب الماء يعذب عذوبة فهو عذب طيب
وأعذب القوم إذا عذب ماؤهم
واستعذبوا إذا استقوا وشربوا عذبا
وباب آخر لا يشبه الذي قبله يقال عذب الحمار يعذب عذبا وعذوبا فهو عاذب وعذوب لا يأكل من شدة العطش
ويقال أعذب عن الشيء إذا لها عنه وتركه
وفي الحديث (أعذبوا عن ذكر النساء)
قال:
وتبدلوا اليعبوب بعد إلههم * صنما ففروا يا جديل وأعذبوا
ويقال للفرس وغيره عذوب إذا بات لا يأكل شيئا ولا يشرب لأنه ممتنع من ذلك
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذوب الذي ليس بينه وبين السماء ستر وكذلك العاذب
قال نابغة الجعدي:

259
فبات عذوبا للسماء كأنه * سهيل إذا ما أفردته الكواكب
فأما قول الآخر:
بتنا عذوبا وبات البق يلسبنا * عند النزول قرانا نبح درواس
فممكن أن يكون أراد ليس بيننا وبين السماء ستر وممكن أن يكون من الأول إذا باتوا لا يأكلون ولا يشربون
وحكى الخليل عذبته تعذيبا أي فطمته
وهذا من باب الامتناع من المأكل والمشرب
وباب آخر لا يشبه الذي قبله العذاب يقال منه عذب تعذيبا
وناس يقولون أصل العذاب الضرب
واحتجوا بقول زهير:
وخلفها سائق يحدو إذا خشيت * منه العذاب تمد الصلب والعنقا
قال ثم استعير ذلك في كل شدة
وباب آخر لا يشبه الذي قبله يقال لطرف السوط عذبة والجمع عذب
قال:
غضف مهرتة الأشداق ضارية * مثل السراحين في أعناقها العذب
والعذبة في قضيب البعير أسلته
والعذيب موضع

260
(باب العين والراء وما يثلثهما)
(عرز) العين والراء والزاء أصل صحيح يدل على استصعاب وانقباض
قال الخليل استعرز علي مثل استصعب
وهذا الذي قاله صحيح وحجته قول الشماخ:
وكل خليل غير هاضم نفسه * لوصل خليل صارم أو معارز
أراد المنقبض عنه
والعرب تقول الاعتراز الاحتراز أي الانقباض داعية الاحتراز
ينهون عن التبسط والتذرع فربما أدى إلى مكروه
ويقال العرز اللوم والعتب في بيت الشماخ وهو يرجع إلى ذاك الذي ذكرنا
(عرس) العين والراء والسين أصل واحد صحيح تعود فروعه إليه وهو الملازمة
قال الخليل عرس به إذا لزمه
فمن فروع هذا الأصل العرس امرأة الرجل ولبؤة الأسد
قال امرؤ القيس:
كذبت لقد أصبي على المرء عرسه * وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي
ويقال إنه يقال للرجل وامرأته عرسان واحتجوا بقول علقمة:

261
* أدحي عرسين فيه البيض مركوم
ورجل عروس في رجال عرس وامرأة عروس في نسوة عرائس وعرس
وأنشد:
جرت بها الهوج أذيالا مظاهرة * كما تجر ثياب الفوة العرس
وزعم الخليل أن العروس نعت للرجل والمرأة على فعول وقد استويا فيه ما داما في تعريسهما أياما إذا عرس أحدهما بالآخر
وأحسن من ذلك أن يقال للرجل معرس أي اتخذ عروسا
والعرب تؤنث العرس
قال الراجز:
إنا وجدنا عرس الحناط * مذمومة لئيمة الحواط
وقال في المعرس:
يمشي إذا أخذ الوليد برأسه * مشيا كما يمشي الهجين المعرس
قال أبو عمرو بن العلاء يقال أعرس الرجل بأهله إذا بنى بها يعرس إعراسا وعرس يعرس تعريسا
وربما اتسعوا فقالوا للغشيان تعريس وإعراس
ويقال تعرس الرجل لامرأته أي تحبب إليها
قال يونس وهو ما يدل على القياس الذي قسناه
وعرس الصبي بأمه يعرس تقديره علم يعلم وذلك إذا أولع بها ولزمها
وكذلك عرس الرجل بصاحبه
قال المعقر:

262
* وقد عرس الإناخة والنزولا
وذكر الخليل عرس يعرس عرسا إذا بطر ويقال بل أعيا ونكل
وهذا إنما يصح إذا حمل على القياس الذي ذكرناه وذلك أن يعرس عن الشيء بالشيء
قال الأصمعي عرست الكلاب عن الثور أي بطرت عنه
وهذا على ما ذكرناه كأنها شغلت بغيره وعرست
قال يعقوب العرس من الرجال الذي لا يبرح القتال مثل الحلس
وقال غيره رجل عرس مرس
ومن الباب العريس مأوى الأسد في خيس من الشجر والغياض في أشدها التفافا
فأما قول جرير:
* مستحصد أجمي فيهم وعريسي *
فإنه يعني منبت أصله في قومه
ويقال عريس وعريسة
وتقول العرب في أمثالها:
* كمبتغي الصيد في عريسة الأسد *
ومن الباب التعريس نزول القوم في سفر من آخر الليل يقعون وقعة ثم

263
يرتحلون
قلنا في هذا وإن خف نزولهم فهو محمول على القياس الذي ذكرناه لأنهم لا بد لهم من المقام
قال زهير:
وعرسوا ساعة في كثب أسنمة * ومنهم بالقسوميات معترك
وقال ذو الرمة:
معرسا في بياض الصبح وقعته * وسائر السير إلا ذاك منجذب
ومن الباب عرست البعير أعرسه عرسا وهو أن تشد عنقه مع يديه وهو بارك
وهذا يرجع إلى ما قلناه
ومما يقرب من هذا الباب المعرس الذي عمل له عرس وهو الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يبلغ به أقصاه ثم يوضع الجائز من طرف العرس الداخل إلى أقصى البيت ويسقف البيت كله
ومن أمثالهم لا مخبأ لعطر بعد عروس وأصله أن رجلا تزوج امرأة فلما بنى بها وجدها تفلة فقال لها أين الطيب فقالت خبأته فقال لا مخبأ لعطر بعد عروس
(عرش) العين الراء والشين أصل صحيح واحد يدل على ارتفاع في شيء مبني ثم يستعار في غير ذلك
من ذلك العرش قال الخليل العرش سرير الملك
وهذا صحيح قال الله تعالى * (ورفع أبويه على العرش) *

264
ثم استعير ذلك فقيل لأمر الرجل وقوامه عرش
وإذا زال ذلك عنه قيل ثل عرشه
قال زهير:
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها * وذبيان إذ زلت بأقدامها النعل
ومن الباب تعريش الكرم لأنه رفعه والتوثق منه
والعريش بناء من قضبان يرفع ويوثق حتى يظلل
وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ألا نبني لك عريشا
وكل بناء يستظل به عرش وعريش
ويقال لسقف البيت عرش
قال الله تعالى * (فهي خاوية على عروشها) *
والمعنى أن السقف يسقط ثم يتهافت عليه الجدران ساقطة
ومن الباب العريش وهو شبه الهودج يتخذ للمرأة تقعد فيه على بعيرها
قال رؤبة يصف الكبر:
إما تري دهرا حناني حفضا * أطر الصناعين العريش القعضا
ومما جاء في العريش أيضا قول الخنساء:
كان أبو حسان عرشا خوى * مما بناه الدهر دان ظليل
فأما قول الطرماح:
قليلا تتلي حاجة ثم عوليت * على كل معروش الحصيرين بادن
فقال قوم أراد العريش وهو الهودج
وحصيراه جنباه

265
ويقال المعروش الجمل الشديد الجنبين
ومن الباب عرشت الكرم وعرشته
يقال اعترش العنب إذا علا على العرش
ويقال العروش الخيام من خشب واحدها عريش
وقال:
* كوانسا في العرش الدوامج *
الدوامج الدواخل
ومن الباب عرش البئر طيها بالخشب
قال بعضهم تكون البئر رخوة الأسفل والأعلى فلا تمسك الطي لأنها رملة فيعرش أعلاها بالخشب يوضع بعضه على بعض ثم يقوم السقاة عليه فيستقون
وأنشد:
وما لمثابات العروش بقية * إذا استل من تحت العروش الدعائم
المثابة أعلى البثر حيث يقوم الساقي
وقال بعضهم العرش الذي يكون على فم البئر يقوم عليه الساقي
قال الشماخ:
ولما رأيت الأمر عرش هوية * تسليت حاجات الفؤاد بشمرا
الهوية الموضع الذي يهوي من يقوم عليه أي يسقط وقال الخليل
وإذا حمل الحمار على العانة رافعا رأسه شاحيا فاه قيل عرش بعانته تعريشا
وهذا من قياس الباب لرفعه رأسه

266
ومن الباب العرش عرش العنق عرشان بينهما الفقار وفيهما الأخدعان وهما لحمتان مستطيلتان عداء العنق أي ناحية العنق
قال ذو الرمة:
وعبد يغوث تحجل الطير حوله * قد احتز عرشيه الحسام المذكر
وزعم ناس أنهما عرشان بفتح العين
والعرش في القدم ما بين العير والأصابع من ظهر القدم والجمع عرشه
وقد قيل في العرشين أقوال متقاربة كرهنا الإطالة بذكرها
ويقال إن عرش السماك أربعة كواكب أسفل من الغواء على صورة النعش
ويقال هي عجز الأسد
قال ابن أحمر:
باتت عليه ليلة عرشية * شريت وبات إلى نقا متهدد
يصف ثورا
وقوله شريت أي ألحت بالمطر
(عرص) العين والراء والصاد أصلان صحيحان أحدهما يدل على إظلال شيء على شيء والآخر يدل على الاضطراب
وقد ذكر الخليل القياسين جميعا
قال الخليل العرص خشبة توضع على البيت عرضا إذا أريد تسقيفه ثم يوضع عليها أطراف الخشب
تقول عرصت السقف تعريصا
وهذا الذي قاله

267
الخليل صحيح إلا أن العرص إنما هو السقف بتلك الخشبة وسائر ما يتم به التسقيف
وقال الخليل أيضا العراص من السحاب ما أظل من فوق فقرب حتى صار كالسقف لا يكون إلا ذا رعد وبرق
فقد قاس الخليل قياس ما ذكرناه من الإظلال في السقف والسحاب
وأنشد:
يرقد في ظل عراص ويطرده * حفيف نافجة عثنونها حصب
ألا تراه جعل له ظلا
والأصل الآخر الدال على الاضطراب
قال الخليل العراص أيضا من السحاب ما ذهبت به الريح وجاءت
قال وأصل التعريص الاضطراب ومنه قيل رمح عراص لاضطرابه إذا هز
قال أبو عمرو ويقال ذلك في السيف أيضا وذلك لبريقه ولمعانه
ورمح عراص المهزة وبرق عراص
قال:
* وكل غاد عرص التبوج *
ومن الباب عرصة الدار وهي وسطها والجمع عرصات وعراص
قال جميل:
وما يبكيك من عرصات دار * تقادم عهدها ودنا بلاها
ويقال سميت عرصة لأنها كانت ملعبا للصبيان ومختلفا لهم يضطربون فيه كيف شاءوا
وكان الأصمعي يقول كل جوبة منفتقة ليس فيها بناء فهي عرصة

268
ومن الباب العرص وهو النشاط يقال عرص إذا أشر
قال وتقول حلبتها حلبا كعرص الهرة وهو أشرها ونشاطها ولعبها بيديها
واعترص مثل عرص
قال:
إذا اعترصت كاعتراص الهرة * أوشكت أن تسقط في أفره
وقال أبو زيد عرصت السماء تعرص عرصا إذا دام برقها
وباتت السماء عراصة
ويقال غيث عراص أي لا يسكن برقه
ومن الباب عرص البيت
قال هو من خبث الريح
وهذا مع خبث ريحه فإن الرائحة لا تثبت بمكان بل هي تضطرب
ومن ذلك لحم معرص قال قوم هو الذي فيه نهوءة لم ينضج
وأنشد:
سيكفيك صرب القوم لحم معرص * وماء قدور في القصاع مشوب
(عرض) العين والراء والضاد بناء تكثر فروعه وهي مع كثرتها ترجع إلى أصل واحد وهو العرض الذي يخالف الطول
ومن حقق النظر ودققه علم صحة ما قلناه وقد شرحنا ذلك شرحا شافيا
فالعرض خلاف الطول
تقول منه عرض الشيء يعرض عرضا فهو عريض

269
وقال أبو زيد عرض عراضة
وأنشد:
إذا ابتدر القوم المكارم عزهم * عراضة أخلاق ابن ليلى وطولها
وقوس عراضة عريضة
وأعرضت المرأة أولادها ولدتهم عراضا كما يقال أطالت في الطول
ومن الباب عرض المتاع يعرضه عرضا
وهو كأنه في ذاك قد أراه عرضه
وعرض الشيء تعريضا جعله عريضا
ومن ذلك عرض الجند أن تمرهم عليك وذلك كأنك نظرت إلى العارض من حالهم
ويقال للمعروض من ذلك عرض متحركة كما يقال قبض قبضا وقد ألقاه في القبض
وعرضوهم على السيف عرضا كأن السيف أخذ عرض القوم فلم يفته أحد
وعرضت العود على الإناء أعرضه بضم الراء إذا وضعته عليه عرضا
وفي الحديث: (هلا خمرته ولو بعود تعرضه عليه)
ويقال في غير ذلك عرض يعرض بكسر الراء
وما عرضت لفلان ولا تعرض له وذلك أن تجعل عرضك بإزاء عرضه
ويقال عرض الرمح يعرضه عرضا
قال النابغة:
لهن عليهم عادة قد عرفنها * إذا عرضوا الخطي فوق الكواثب
وعرض الفرس في عدوه عرضا كأنه يرى الناظر عرضه
قال:
* يعرض حتى ينصب الخيشوما *

270
قالوا إذا عدا عارضا صدره أو مائلا برأسه
ويقال عرض فلان من سلعته إذا عارض بها أعطى واحدة وأخذ أخرى
ومنه:
* هل لك والعارض منك عائض *
أي يعارضك فيأخذ منك شيئا ويعطيك شيئا
ويقال عرضت أعوادا بعضها على بعض واعترضت هي
قال أبو دواد:
ترى الريش في جوفه طاميا * كعرضك فوق نصال نصالا
يصف الماء أن الريش بعضه معترض فوق بعض كما يعترض النصل على النصل كالصليب
ويقال عرضت له من حقه ثوبا فأنا أعرضه إذا كان له حق فأعطاه ثوبا كأنه جعل عرض هذا بإزاء عرض حقه الذي كان له
ويقال أعيا فاعترض على البعير
وذكر الخليل أعرضت الشيء جعلته عريضا
وتقول العرب أعرضت القرفة
وكان بعضهم يقول أعرضت الفرقة ولعله أجود وذلك للرجل
يقال له من تتهم فيقول أتهم بني فلان للقبيلة بأسرها
فيقال له أعرضت القرفة أي جئت بتهمة عريضة تعترض القبيل بأسره
ومن الباب أعرضت عن فلان وأعرضت عن هذا الأمر وأعرض

271
بوجهه
وهذا هو المعنى الذي ذكرناه لأنه إذا كان كذا ولاه عرضه
والعارض إنما هو مشتق من العرض الذي هو خلاف الطول ويقال أعرض لك الشيء من بعيد فهو معرض وذلك إذا ظهر لك وبدا
والمعنى أنك رأيت عرضه
قال عمرو بن كلثوم:
وأعرضت اليمامة واشمخرت * كأسياف بأيدي مصلتينا
وتقول عارضت فلانا في السير إذا سرت حياله
وعارضته مثل ما صنع إذا أتيت إليه مثل ما أتى إليك
ومنه اشتقت المعارضة
وهذا هو القياس كأن عرض الشيء الذي يفعله مثل عرض الشيء الذي أتاه
وقال طفيل:
وعارضتها رهوا على متتابع * نبيل القصيري خارجي محنب
ويقال اعترض في الأمر فلان إذا أدخل نفسه فيه
وعارضت فلانا في الطريق وعارضته بالكتاب واعترضت أعطي من أقبل وأدبر
وهذا هو القياس
واعترض فلان عرض فلان يقع فيه
أي يفعل فعلا يأخذ عرض عرضه
واعترض الفرس إذا لم يستقم لقائده
قال الطرماح:
وأراني المليك رشدي وقد كنت * أخا عنجهية واعتراض
وتعرض لي فلان بما أكره
ورجل عريض أي متعرض

272
ومن الباب استعرض الخوارج الناس إذا لم يبالوا من قتلوا
وفي الحديث: (كل الجبن عرضا) أي اعترضه كيف كان ولا تسأل عنه
وهذا كما قلناه في إعراض القرفة
والمعرض الذي يعترض الناس يستدين ممن أمكنه
ومنه حديث عمر: (ألا إن أسيفع جهينة ادان معرضا)
ومن الباب العرض عرض الإنسان
قال قوم هو حسبة وقال آخرون نفسه
وأي ذلك كان فهو من العرض الذي ذكرناه
وأما قولهم إن العرض ريح الإنسان طيبة كانت أم غير طيبة فهذا طريق المجاوزة لأنها لما كانت من عرضه سميت عرضا
وقوله صلى الله عليه وسلم:
(إنما هو عرق يجري من أعراضهم) أي أبدانهم يدل على صحة هذا
واستدلوا على أن العرض النفس بقول حسان يمدح رسول الله عليه الصلاة والسلام:
هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء
وتقول هو نقي العرض أي بعيد من أن يشتم أو يعاب

273
ومن الباب معاريض الكلام وذلك أنه يخرج في معرض غير لفظه الظاهر فيجعل هذا المعرض له كمعرض الجارية وهو لباسها الذي تعرض فيه وذلك مشتق من العرض
وقد قلنا في قياس العرض ما كفى
وزعم ناس أن العرب تقول عرفت ذاك في عروض كلامه أي في معاريض كلامه
ومن الباب العرض الجيش العظيم وهذا على معنى التشبيه بالعرض من السحاب وهو ما سد بعرضه الأفق
قال:
* كنا إذا قدنا لقوم عرضا *
أي جيشا كأنه جبل أو سحاب يسد الأفق وقال دريد:
نعية منسر أو عرض جيش * تضيق به خروق الأرض مجر
وكان ابن الأعرابي يقول الأعراض الجبال والأودية والسحاب الواحد عرض
كذا قال بكسر العين وروي عنه أيضا بالفتح
وقال أبو عبيدة العرض سند الجبل
وأنشد:
* ألا ترى بكل عرض معرض *

274
وأنشد الأصمعي:
* كما تدهدى من العرض الجلاميد *
والعريض الجدي إذا نزا أو يكاد ينزو وذلك إذا بلغ
وهذا قياسه أيضا قياس الباب وهو من العرض وجمعه عرضان
فأما عروض الشعر فقال قوم مشتق من العروض وهي الناحية كأنه ناحية من العلم
وأنشد في العروض:
لكل أناس من معد عمارة * عروض إليها يلجؤون وجانب
وقال آخرون العريض الطريق الصعب ذلك يكون في عرض جبل فقد صار بابه قياس سائر الباب
قالوا وهذا من قولهم ناقة عرضية إذا كانت صعبة
ومعنى هذا أنها لا تستقيم في السير بل تعترض
قال الشاعر:
ومنحتها قولي على عرضية * علط أداري ضغنها بتودد
ومن الباب عرض الحائط وعرض المال وعرض النهر يراد به وسطه
وذلك من العرض أيضا
وقال لبيد:
فتوسطا عرض السري وصدعا * مسجورة متجاورا قلامها

275
وعرض المال من ذلك وكله الوسط
وكان اللحياني يقول فلان شديد العارضة أي الناحية
والعرض من أحداث الدهر كالمرض ونحوه سمي عرضا لأنه يعترض أي يأخذه فيما عرض من جسده
والعرض طمع الدنيا قليلا كان أو كثيرا
وسمي به لأنه يعرض أي يريك عرضه
وقال:
من كان يرجو بقاء لا نفاد له * فلا يكن عرض الدنيا له شجنا
ويقال الدنيا عرض حاضر يأخذ منه البر والفاجر
فأما قوله صلى الله عليه وسلم:
(ليس الغني عن كثرة العرض)
فإنما سمعناه بسكون الراء وهو كل ما كان من المال غير نقد وجمعه عروض
فأما العرض بفتح الراء فما يصيبه الإنسان من حظه من الدنيا
قال الله تعالى:
* (وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه *
وقال الخليل فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه
ومعنى ذلك أنهم يعترضون عرضه
والمعراض سهم له أربع قذذ دقاق وإذا رمي به اعترض
قال الخليل هو السهم الذي يرمى به لا ريش له يمضي عرضا
فأما قولهم شديد العارضة فقد ذكرنا ما قاله اللحياني فيه
وقال الخليل هو شديد العارضة أي ذو جلد وصرامة
والمعنيان متقاربان أي شديد

276
ما يعرض للناس منه
وعارضه الوجه ما يبدو منه عند الضحك
وزعم أن أسنان المرأة تسمى العوارض والقياس في ذلك كله واحد
قال عنترة:
وكأن فارة تاجر بقسيمة * سبقت عوارضها إليك من الفم
ورجل خفيف العارضين يعني عارضي اللحية
وقال أبو ليلى العوارض الضواحك لمكانها في عرض الوجه
قال ابن الأعرابي عارضا الرجل شعر خديه لا يقال للأمرد امسح عارضيك
فأما قولهم يمشي العرضنى
فالنون فيه زائدة وهو الذي يشتق في عدوه معترضا
قال العجاج:
* تعدو العرضنى خيلهم حراجلا *
وامرأة عرضة ضخمة قد ذهبت من سمنها عرضا
قال الخليل العوارض سقائف المحمل العراض التي أطرافها في العارضين وذلك أجمع هو سقف المحمل
وكذلك عوارض سقف البيت إذا وضعت عرضا
وقال أيضا عارضة الباب هي الخشبة التي هي مساك العضادتين من فوق
والعرضي ضرب من الثياب ولعل له عرضا
قال أبو نخيلة:

277
هزت قواما يجهد العرضيا * هز الجنوب النخلة الصفيا
وكل شيء أمكنك من عرضه فهو معرض لك بكسر الراء
ويقال أعرض لك الظبي فارمه إذا أمكنك من عرضه مثل أفقر وأعور
ومن أمثالهم فلان عريض البطان إذا أثرى وكثر ماله
ويقال ضرب الفحل الناقة عراضا إذا ضربها من غير أن يقاد إليها
وهذا من قولنا اعترض الشيء أتاه من عرض كأنه اعترضها من سائر النوق
قال الراعي:
نجائب لا يلقحن إلا يعارة * عراضا ولا يبتعن إلا غواليا *
وقال اللحياني لقحت الناقة عراضا أي ذهبت إلى فحل لم تقد إليه
والعارض السحاب وقد مضى ذكر قياسه
قال الله تعالى:
(قالوا هذا عارض ممطر)
والعارض من كل شيء ما يستقبلك كالعارض من السحاب ونحوه
وقال أبو عبيدة
العارض من السحاب الذي يعرض في قطر من أقطار السماء من العشي ثم يصبح قد حبا واستوى
ويقال له العان بالتشديد
ومن المشتق من هذا قولهم مر بي عارض من جراد إذا ملأ الأفق
ولفلان على أعدائه عرضية أي صعوبة
وهذا من قولنا ناقة عرضية وقد ذكر قياسه
ويقال إن التعريض ما كان على ظهر الإبل من ميرة أو زاد
وهذا مشتق من أنه يعرض على من لعله يحتاج إليه
ويقال عرضوا من ميرتكم أي أطعمونا منها قال:

278
* حمراء من معرضات الغربان *
يصف ناقة له عليها الميرة فهي تتقدم الإبل وينفتح ما عليها لسرعتها فتسقط الغربان على أحمالها فكأنها عرضت للغربان ميرتهم
ويقال للإبل التي تبعد آثارها في الأرض العراضات أي إنها تأخذ في الأرض عرضا فتبين آثارها
ويقولون إذا طلعت الشعرى سفرا ولم تر فيها مطرا فأرسل العراضات أثرا يبغينك في الأرض معمرا
ويقال ناقة عرضة للسفر أي قوية عليه
ومعنى هذا أنها لقوتها تعرض أبدا للسفر
فأما العارضة من النوق أو الشاء فإنها التي تذبح لشيء يعتريها
وقال:
من شواء ليس من عارضة * بيدي كل هضوم ذي نفل
وهذا عندنا مما جعل فيه الفاعل مكان المفعول لأن العارضة هي التي عرض لها بمرض كما يقولون سر كاتم
ومعنى عرض لها أن المرض أعرضها وتوسعوا في ذلك حتى بنوا الفعل منسوبا إليها فقالوا عرضت
قال الشاعر:

279
إذا عرضت منها كهاة سمينة * فلا تهد منها واتشق وتجبجب
والعرض الوادي والعرض واد باليمامة
قال الأعشى:
ألم تر أن العرض أصبح بطنه * نخيلا وزرعا نابتا وفصافصا
وقال المتلمس:
فهذا أوان العرض حي ذبابه * زنابيره والأزرق المتلمس
ومن الباب نظرت إليه عرض عين أي اعترضته على عيني
ورأيت فلانا عرض عين أي لمحة
ومعنى هذا أنه عرض لعيني فرأيته
ويقال علقت فلانا عرضا أي اعتراضا من غير استعداد مني لذلك ولا إرادة
وهذا على ما ذكرناه من عراض البعير والناقة
وأنشد:
علقتها عرضا وأقتل قومها * زعما لعمر أبيك ليس بمزعم
ويقال أصابه سهم عرض إذا جاءه من حيث لا يدرى من رماه
وهذا من الباب أيضا كأنه جاءه عرضا من حيث لم يقصد به كما ذكرناه في المعراض من السهام
والمعارض جمع معرض وهي بلاد تعرض فيها الماشية للرعي
قال:

280
أقول لصاحبي وقد هبطنا * وخلفنا المعارض والهضايا
(عرف) العين والراء والفاء أصلان صحيحان يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض والآخر يدل على السكون والطمأنينة
فالأول العرف عرف الفرس
وسمي بذلك لتتابع الشعر عليه
ويقال جاءت القطا عرفا عرفا أي بعضها خلف بعض
ومن الباب العرفة وجمعها عرف وهي أرض منقادة مرتفعة بين سهلتين تنبت كأنها عرف فرس
ومن الشعر في ذلك
والأصل الآخر المعرفة والعرفان
تقول عرف فلان فلانا عرفانا ومعرفة
وهذا أمر معروف
وهذا يدل على ما قلناه من سكونه إليه لأن من أنكر شيئا توحش منه ونبا عنه
ومن الباب العرف وهي الرائحة الطيبة
وهي القياس لأن النفس تسكن إليها
يقال ما أطيب عرفه
قال الله سبحانه وتعالى:
* (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) * أي طيبها
قال:
إلا رب يوم قد لهوت وليلة * بواضحة الخدين طيبة العرف
والعرف المعروف وسمي بذلك لأن النفوس تسكن إليه
قال النابغة:
أبى الله إلا عدله ووفاءه * فلا النكر معروف ولا العرف ضائع

281
فأما العريف فقال الخليل هو القيم بأمر قوم قد عرف عليهم
قال وإنما سمي عريفا لأنه عرف بذلك
ويقال بل العرافة كالولاية وكأنه سمي بذلك ليعرف أحوالهم
وأما عرفات فقال قوم سميت بذلك لأن آدم وحواء عليهما السلام تعارفا بها
وقال آخرون بل سميت بذلك لأن جبريل عليه السلام لما علم إبراهيم عليه السلام مناسك الحج قال له أعرفت وقال قوم بل سميت بذلك لأنه مكان مقدس معظم كأنه قد عرف كما ذكرنا في قوله تعالى:
* (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) *
والوقوف بعرفات تعريف
والتعريف تعريف الضالة واللقطة أن يقول من يعرف هذا ويقال اعترف بالشيء إذا أقر كأنه عرفه فأقر به
ويقال النفس عروف إذا حملت على أمر فباءت به أي اطمأنت
وقال:
فآبوا بالنساء مردفات * عوارف بعد كن واتجاح
من الوجاح وهو الستر
والعارف الصابر يقال أصابته مصيبة فوجد عروفا أي صابرا
قال النابغة:
على عارفات للطعان عوابس * بهن كلوم بين دام وجالب

282
(عرق) العين والراء والقاف أربعة أصول صحيحة أحدها الشيء يتولد من شئ كالندى والرشح وما أشبهه
والآخر الشيء ذو السنخ فسنخه منقاس من هذا الباب
والثالث كشط شيء عن شيء ولا يكاد يكون إلا في اللحم
والرابع اصطفاف وتتابع في أشياء
ثم يشتق من جميع هذه الأصول وما يقاربها
فالأول العرق وهو ما جرى في أصول الشعر من ماء الجلد
تقول عرق يعرق عرقا
قال ولم أسمع للعرق جمعا فإن جمع فقياسه أعراق كجمل وأجمال
ورجل عرقة كثير العرق
ويقال استعرق إذا تعرض للحر كي يعرق
ومن الباب جرى الفرس عرقا أو عرقين أي طلقا أو طلقين
وذلك من العرق
ويقال عرق فرسك أي أجره حتى يتعرق
قال الأعشى:
يعالى عليه الجل كل عشية * ويرفع نقلا بالضحى ويعرق
ويقال اللبن عرق يتحلب في العروق حتى ينتهي إلى الضرع
قال الشماخ:
تضح وقد ضمنت ضراتها عرقا * من طيب الطعم حلو غير مجهود
ولبن عرق وهو أن يجعل في سقاء فيشد بجنب البعير فيصيبه العرق

283
فيفسد
وأما عرق القربة في قوله جشمت إليك عرق القربة فمعناه فيما زعم يونس عطية القربة وهو ماؤها كأنه يقول جشمت إليك حتى سافرت واحتجت إلى عرق القربة في الأسفار وهو ماؤها
ويقال عرق له بكذا كأنه تندى له وسمح
قال:
سأجعله مكان النون مني * وما أعطيته عرق الخلال
يقول لم أعطه عطية مودة لكنه أخذته قسرا
والنون السيف وقال بعضهم جشمت إليك حتى عرقت كعرق القربة وهو سيلان مائها
وقال قوم عرق القربة أن يقول تكلفت لك ما لا يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون لأن القربة لا تعرق يذهب إلى مثل قولهم حتى يشيب الغراب
وكان الأصمعي يقول عرق القربة كلمة تدل على الشدة وما أدري ما أصلها وقال ابن أبي طرفة يقال لقيت من فلان عرق القربة
أي الشدة
قال وأنشد الأحمر:
ليست بمشتمة تعد وعفوها * عرق السقاء على القعود اللاغب
يمدح رجلا يسمع الكلمة الشديدة فلا يأخذ صاحبها بها

284
ومن الباب عرقت في الدلو وذلك إذا كان دون الملء كأن هذا لقلته شبه بالعرق
ويقال للمعطي اليسير عرق
قال:
لا تملأ الدلو وعرق فيها * أما ترى حبار من يسقيها
ويقال كأس معرقة إذا لم تكن مملوءة قد بقيت منها بقية
وخمر معرقة أي ممزوجة مزجا خفيفا شبه ذلك المزج اليسير بالعرق
وقال في المعرق القليل المزج:
أخذت برأسه فدفعت عنه * بمعرقة ملامة من يلوم
والأصل الثاني السنخ المتشعب
من ذلك العرق عرق الشجرة
وعروق كل شيء أطناب تتشعب من أصوله
وتقول العرب استأصل الله عرقاتهم زعموا أن التاء مفتوحة ثم اختلفوا في معناه فقال قوم أرادوا واحدة وأخرجها مخرج سعلاة
وقال آخرون بل هي تاء جماعة المؤنث لكنهم خففوه بالفتحة
ويقال أعرقت الشجرة إذا ضربت عروقها فامتدت في الأرض
ومن هذا الباب عرق الرجل يعرق عروقا إذا ذهب في الأرض
وهذا تشبيه شبه ذهابه بامتداد عروق الشجرة وذهابها في الأرض
فأما قوله صلى الله عليه وسلم:
(من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس

285
لعرق ظالم حق
فهو مثل
قال العلماء العروق أربعة عرقان ظاهران وعرقان باطنان فالظاهران الغرس والبناء والباطنان البئر والمعدن
ومعنى العرق الظالم أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا أو يحدث شيئا يستوجب به الأرض
والعرق نبات أصفر
ومن أمثالهم فلان معرق له في الكرم أي له فيه أصل وسنخ
وقد عرق فيه أعماله وأخواله تعريقا وأعرقوا فيه أعراقا
وقد أعرق فيه أعراق العبيد إذا خالطه ذلك وتخلق بأخلاقهم
ويقال تداركه أعراق خير وأعراق شر
قال الشاعر:
جرى طلقا حتى إذا قيل سابق * تداركه إعراق سوء فبلدا
والعريق من الخيل والناس الذي له عرق في الكرم
وفلان يعارق فلانا أي يفاخره ومعناه أن يقول إننا أكرم عرقا
ويقال عرق في بنات صعدة وهي الحمر الأهلية
وقول عكراش بن ذؤيب أتيته بإبل كأنها عروق الأرطى أراد أنها حمر لأن عروق الأرطى حمر وحمر الإبل كرائمها
قال:
يثير ويبدي عن عروق كأنها * أعنة جراز تحط وتبشر
وصف ثورا يحفر كناسا تحت أرطى
والأصل الثالث كشط اللحم عن العظم
قال الخليل العراق العظم الذي قد أخذ عنه اللحم
قال:
* فألق لكلبك منه عراقا *

286
فإذا كان العظم بلحمه فهو عرق
ويقال العراق جمع عرق كما يقال ظئر وظؤار
ويقال في المثل هو ألأم من كلب على عرق)
قال ابن الأعرابي جمع عرق عراق
وأنشد:
يبيت ضيفي في عراق ملس * وفي شمول عرضت للنحس
ملس يعني الودك والشحم
والنحس الريح
يقال عرقت العظم وأنا أعرقه واعترقته وتعرقته إذا أكلت ما عليه من اللحم
ويقال أعطني عرقا أتعرقه أي عظما عليه اللحم
وفلان معترق أي مهزول كأن لحمه قد اعترق
قال:
* غول تصدى لسبنتى معترق *
وقال:
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني * جرداء معروقة اللحيين سرحوب
يصف الفرس بقلة اللحم على وجهه وذلك أكرم له
قال الكسائي فم معرق قليل الريق
ووجه معروق قليل اللحم
والأصل الرابع الامتداد والتتابع في أشياء يتبع بعضها بعضا
من ذلك

287
العرقة والجمع عرقات وذلك كل شيء مضفور أو مصطف
وإذا اصطفت الطير في الهواء فهي عرقة وكذلك الخيل
قال طفيل:
كأنه بعد ما صدرن من عرق * سيد تمطر جنح الليل مبلول
والعرقة السفينة المنسوجة من الخوص قبل أن يجعل منها زبيل
وسمي الزبيل عرقا لذلك
ويقال عرقة أيضا
قال أبو كبير:
نغدو فنترك في المزاحف من ثوى * ونمر في العرقات من لم يقتل
يعني نأسرهم فنشدهم في العرقات وهي النسوع
ويقال لآثار الخيل المصطفة عرقة
والعرقة طرة تنسج ثم تخاط على شقة الشقة التي للبيت
وقال ابن الأعرابي العرقة جماعة من الخيل والإبل القائمة على سطر
فأما عراق المزادة والراوية فهو الخرز الذي في أسفلها والجمع عرق
وذلك عندنا مما ذكرناه من الامتداد والتتابع
قال ابن أحمر:
من ذي عراق نيط في جوزها * فهو لطيف طيه مضطمر
وقال آخر:
* تضحك عن مثل عراق الشنة *
ومن هذا الباب العراق وهو عند الخليل شاطئ البحر
وسميت العراق

288
عراقا لأنه على شاطئ دجلة والفرات عداء حتى يتصل بالبحر
والعراق في كلام العرب شاطئ البحر على طوله
ومن هذا الباب العراق وهو ما أحاط بالظفر من اللحم
قال الدريدي سميت العراق لأنها استكفت أرض العرب أي صارت كالكفاف لها
وذكر عن أبي عمرو بن العلاء أن العراق مأخوذ من عروق الشجر وهي منابت الشجر
والعراقان الكوفة والبصرة
وقال الأصمعي العراق كل موضع ريف
قال جرير:
نهوى ثرى العرق إذ لم نلق بعدكم * كالعرق عرقا ولا السلان سلانا
ويقال أعرق الرجل وأشأم أي أتى العراق والشام
قال الممزق:
فإن تنجدوا أتهم خلافا عليكم * وإن تعمنوا مستحقبي الشر أعرق
وأما عرقوة الدلو ف الخشبة المعروضة عليها
(عرك) العين والراء والكاف أصل واحد صحيح يدل على دلك وما أشبهه من تمريس شيء بشيء أو تمرسه به
قال الخليل عركت الأديم عركا إذا دلكته دلكا
وعركت القوم في الحرب عركا
قال زهير:

289
فتعرككم عرك الرحى بثفالها * وتلقح كشافا ثم تحمل فتتئم
ومن الباب اعترك القوم في القتال وذلك تمرس بعضهم ببعض وعرك بعضهم بعضا وذلك المكان معترك ومعتركة
وقال الخليل رجل عرك وقوم عركون وهم الأشداء في الصراع
ومن الباب وإنما زيد في حروفه ابتغاء زيادة في معناه قولهم عركرك أي غليظ شديد صبور
قال:
لا تشهد الورد بكل حائر * إلا بفعم المنكبين حادر
* عركرك يملأ عين الناظر *
ويقال رجل عرك حلس لا يبرح القتال
وعريكة البعير سنامه وذلك أن الحمل يعركه
قال ذو الرمة:
* خفاف الخطى مطلنفئات العرائك *
مطلنفئة لاصقة بالأرض
ويقال ناقة عروك مثل اللموس وذلك إذا كان عليها وبر فلا يرى طرقها تحت الوبر حتى يلمس
وعركت الشاة أيضا إذا جسستها
قال ولا تكون المرة والمرتان عركا وإنما يكون ذلك إذا

290
بولغ في الجس
وتقول لقيته عركات أي مرات
وهذا على معنى التمثيل بعركات الجس
قال الخليل والعرك عرك المرفق الجنب من الضاغط يكون بالبعير
قال الطرماح:
* قليل العرك يهجو مرفقاها *
فأما قولهم هو لين العريكة فقال الخليل فلان لين العريكة إذا لم يكن ذا إباء وكان سلسا
وقال ابن الأعرابي العريكة شدة النفس
قال:
خرجها صوارم كل يوم * فقد جعلت عرائكها تلين
خرجها هذبها وأدبها كما يتخرج الإنسان وهذا كله راجع إلى ما تقدم ذكره من عريكة السنام
فأما الملاحون فهم العرك يقال عركي للواحد وعرك للجمع مثل عربي وعرب
قال زهير:
يغشى الحداة بهم وعث الكثيب كما * يغشي السفائن موج اللجة العرك
وإنما سموا عركا لمعاركتهم الماء والسفن

291
ويقال أرض معروكة إذا عركتها السائمة وأكلت نباتها
ومن الباب العراك في الورد
ويقال ماء معروك أي مزدحم عليه
وهو القياس لأن المورد إذا أورد إبله أجمع تزاحمت وتعاركت
قال لبيد:
فأوردها العراك ولم يذدها * ولم يشفق على نغص الدخال
ومن أمثالهم عارك بجذع أو دع
فأما العارك فإنها الحائض وممكن أن يكون من قياسه أن تكون معانية لما تعانيه من نفاسها ودمها وكأنها تعارك شيئا
يقال امرأة عارك ونساء عوارك
قالت الخنساء:
لن تغسلوا أبدا عارا أظلكم * غسل العوارك حيضا بعد أطهار
يقال منه عركت تعرك عركا وعراكا فهي عارك
(عرم) العين والراء والميم أصل صحيح واحد يدل على شدة وحدة
يقال عرم الإنسان يعرم عرامة وهو عارم
قال:
إني امرؤ يذب عن محارمي * بسطة كف ولسان عارم
وفيه عرام إذا كان فيه ذلك
وعرام الجيش شرته وحده وكثرته
قال:

292
وليلة هول قد سريت وفتية * هديت وجمع ذي عرام ملادس
ولذلك يقال جيش عرمرم
وقد قلنا إنهم إذا أرادوا تفخيم أمر زادوا في حروفه
والعرمرم من عرم وعرر
قال:
أدارا بأجماد النعام عهدتها * بها نعما حوما وعزا عرمرما
وأما سيل العرم فيقال العرمة السكر وجمعها عرم
وهذا صحيح لأن الماء إذا سكر كان له عرام من كثرته
ومحتمل أن يكون العرمة الكدس المدوس الذي لم يذر يجعل كهيئة الأزج
فإن كان كذا فلأنه متكاثف كثير كالماء ذي العرام
فأما العرمة فالبياض يكون بمرمة الشاة يقال شاة عرماء وهذا شاذ عن الأصل الذي ذكرناه وأفعى عرماء
وممكن أن يكون من باب الإبدال كأن الراء بدل من لام كأنها علماء
وذلك يكون البياض كعلامة عليها وليس هذا ببعيد
قال:
أبا معقل لا توطئنك بغاضتي * رؤوس الأفاعي في مراصدها العرم
فأما قولهم إن العرم الجرذ الذكر فمما لا معنى له ولا يعرج على مثله

293
(عرن) العين والراء والنون أصل صحيح واحد يدل على ثبات وإثبات شيء كالشئ المركب
من ذلك العرنين وهو الأنف والجمع عرانين سمي بذلك كأنه عرن على الأنف أي ركب
وكذلك اللحم عرين لأنه مثبت مركب على الجسم
قال:
* موشمة الأطراف رخص عرينها *
وقال في العرنين:
تثني الخمار على عرنين أرنبة * شماء مارنها بالمسك مرثوم
ومن الباب العران وهي خشبة تجعل في أنف البعير
وقال:
وإن تظهر حديثك يؤت غدوا * برأسك في زناق أو عران
ومن الباب العرين مأوى الأسد لأنه مكانه الذي يثبت فيه
وقال:
أحم سراة أعلى اللون منه * كلون سراة ثعبان العرين
ورمح معرن قد سمر سنانه فيه
وقال:
مصانع فخر ليس بالطين شيدت * ولكن بطعن السمهري المعرن
ومن الباب قولهم للشديد الصريع هو عرنة لا يطاق أي إنه ثابت لا يزول

294
(عروى) العين والراء والحرف المعتل أصلان صحيحان متباينان يدل أحدهما على ثبات وملازمة وغشيان والآخر يدل على خلو ومفارقة
فالأول قولهم عراه أمر إذا غشيه وأصابه وعراه البرد
ويقولون إذا طلع السماك فعند ذلك يعروك ما عناك من البرد الذي يغشاك
وعراة الهم واعتراه
والعرواء قرة تأخذ المحموم
ومن الباب العروة عروة الكوز ونحوه والجمع عرى
وعريت الشيء اتخذت له عروة
قال لبيد:
فخمة ذفراء ترتى بالعرى * قردمانيا وتركا كالبصل
وقال آخر والله لو عريت في علباوي ما خضعت لك أي لو جعلت فيهما عروتين وإنما سميت عروة لأنها تمسك وتلزمها الإصبع
ومن الباب العروة وهو من النبات شجر تبقى له خضرة في الشتاء تتعلق به الإبل حتى يدرك الربيع فهي العروة والعلقة
وقال مهلهل:
قتل الملوك وسار تحت لوائه * شجر العرى وغراعر الأقوام

295
وقال بعضهم العروة الشجر المتلف
وقال الفراء العروة من الشجر ما لا يسقط ورقه
وكل هذا راجع إلى قياس الباب لأن الماشية تتعلق به فيكون كالعروة وسائر ما ذكرناه
وربما سموا العلق النفيس عروة كما يسمى علقا والقياس فيهما واحد ويقال إن عروة الإسلام بقيته كقولهم بأرض بني فلان عروة أي بقية من كلا
وهذا عندي كلام فيه جفاء لأن الإسلام والحمد لله باق أبدا وإنما عرى الإسلام شرائعه التي يتمسك بها كل شريعة عروة
قال الله تعالى عند ذكر الإيمان:
* (فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها) *
فأما العرى فهي الريح الباردة وهي عرية أيضا
وسميت لأنها تعرو وتعتري أي تغشى
قال ذو الرمة:
وهل أحطبن القوم وهي عرية * أصول آلاء في ثرى عمد جعد
ويقولون أهلك فقد أعريت أي غابت الشمس وهبت عريا
وأما الأصل الآخر فخلو الشيء من الشيء
من ذلك العريان يقال منه قد عري من الشيء يعرى وجمع عار عراة
قال أبو دواد:
فبتنا عراة لدى مهرنا * ننزع من شفتيه الصفارا
أي متجردين كما يقال تجرد للأمر إذا جد فيه
ويقولون إنه من العرواء أي كأنهم ينتفضون من البرد
ويقال من الأول ما أحسن عرية هذه

296
الجارية أي معراها وما تجرد منها
وعريتها جردتها
ويقال المعاري اليدان والرجلان والوجه لأن ذلك باد أبدا
قال أبو كبير:
متكورين على المعاري بينهم * ضرب كتعطاط المزاد الأثجل
ويقال اعروريت الفرس إذا ركبته عريا ليس بين ظهره وبينك شيء
وأنشد:
واعروروت العلط العرضي تركضه * أم الفوارس بالدئداد والربعة
ويقال فرس عرى ورجل عريان
ومن الباب العراء كل شيء أعريته من سترته
ويقال استره عن العراء
أما العرى مقصور فما ستر شيئا من شيء تقول تركناه في عرى الحائط
وهذه الكلمة تصلح أن تكون من الباب الأول
ومن الباب الثاني أعرى القوم صاحبهم إذا تركوه وذهبوا عنه

297
ومن الباب العراء الفضاء ويقال إنه مذكر
تقول انتهينا إلى عراء من الأرض واسع
وأعراء الأرض ما ظهر من متونها وظهورها
ويقولون لامرأة الرجل النجي العريان أي إنه يناجيها في الفراش عريانة
قال:
ليس النجي الذي يأتيك مؤتزرا * مثل النجي الذي يأتيك عريانا
ويقال للفرس الطويل القوائم عريان وهو من الباب يراد أن قوائمه متجردة طويلة
وأما العرية من النخل وما جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن المزابنة ورخص في العرايا فإن قياسه قياس الذي ذكرناه في الأصل الثاني وهو خلو الشيء عن الشيء
ثم اختلف الفقهاء في صورتها فقال قوم هي النخلة يعريها صاحبها رجلا محتاجا وذلك أن يجعل له ثمرة عامها فرخص لرب النخل أن يبتاع ثمر تلك النخلة من المعرى بتمر لموضع حاجته
وقال بعضهم بل هو الرجل يكون له نخلة وسط نخل كثير لرجل آخر فيدخل رب النخلة إلى نخلته فربما كان صاحب النخل الكثير يؤذيه دخوله إلى نخله فرخص لصاحب النخل الكثير أن يشتري ثمر تلك النخلة من صاحبها قبل أن يجده بتمر لئلا يتأذى به
قال أبو عبيد والتفسير الأول أجود لأن هذا ليس فيه اعراء إنما هي نخلة

298
يملكها ربها فكيف تسمى عرية
ومما يبين ذلك قول شاعر الأنصار:
ليست بسنهاء ولا رجبية * ولكن عرايا في السنين الجوائح
ومنه حديث آخر أنه كان إذا بعث الخراص قال لهم خففوا في الخرص فإن في المال العرية والوصية
قال الأصمعي استعرى الناس في كل وجه إذا أكلوا الرطب
قال وهو مأخوذ من العرايا
فأما الخليل فروي عنه كلام بعضه من الأول وبعضه من الثاني إلا أن جملة قوله دليل على ما ذكرناه من أنه قياس سائر الباب وأنه خلو شيء من شيء
قال الخليل النخلة العرية التي إذا عرضت على البيع ثمرها عريت منها نخلة أي عزلت عن المساومة
والجمع العرايا والفعل منه اعراء وهو أن يجعل ثمرها لمحتاج عامها ذلك
(عرب) العين والراء والباء أصول ثلاثة أحدها الإنابة والإفصاح والآخر النشاط وطيب النفس والثالث فساد في جسم أو عضو
فالأول قولهم أعرب الرجل عن نفسه إذا بين وأوضح
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(الثيب يعرب عنها لسانها والبكر تستأمر في نفسها)

299
وجاء في الحديث:
(يستحب حين يعرب الصبي أن يقول لا إله إلا الله
سبع مرات) أي حين يبين عن نفسه
وليس هذا من إعراب الكلام
وإعراب الكلام أيضا من هذا القياس لأن بالإعراب يفرق بين المعاني في الفاعل والمفعول والنفي والتعجب والاستفهام وسائر أبواب هذا النحو من العلم
فأما الأمة التي تسمى العرب فليس ببعيد أن يكون سميت عربا من هذا القياس لأن لسانها أعرب الألسنة وبيانها أجود البيان
ومما يوضح هذا الحديث الذي جاء (إن العربية ليست بابا واحدا لكنها لسان ناطق)
ومما يدل على هذا أيضا قول العرب ما بها عريب أي ما بها أحد كأنهم يريدون ما بها أنيس يعرب عن نفسه
قال الخليل العرب العاربة هم الصريح
والأعاريب جماعة الأعراب
ورجل عربي
قال وأعرب الرجل إذا أفصح القول وهو عرباني اللسان
فصيح
وأعرب الفرس خلصت عربيته وفاتته القرفة
والإبل العراب هي العربية
والعرب المستعربة هم الذين دخلوا بعد فاستعربوا وتعربوا
والأصل الآخر المرأة العروب الضحاكة الطيبة النفس وهن العرب
قال الله تعالى * (فجعلناهن أبكارا عربا أترابا) * قال أهل التفسير هن المتحببات إلى أزواجهن

300
والعرب بسكون الراء النشاط
قال:
* والخيل تنزع عربا في أعنتها *
والعرب الأثر بفتح الراء
يقال منه عرب يعرب عربا
والأصل الثالث قولهم عربت معدته إذا فسدت تعرب عربا
ويقال من ذلك امرأة عروب أي فاسدة
أنشدنا علي بن إبراهيم القطان قال أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابي:
ومن خلف من أم عمران سلفع * من السود ورهاء العنان عروب
فأما يوم الجمعة فإنه يدعى العروبة وهو اسم عندنا موضوع على غير ما ذكرناه من القياس
ويقولون إنه كان يسمى في الزمن القديم العروبة
وكتاب الله تعالى وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجيء إلا بذكر الجمعة
على أنهم قد أنشدوا:
* يوم العروبة أورادا بأوراد *
وأنشدوا أيضا:
يا حسنه عند العزيز إذا بدا * يوم العروبة واستقر المنبر
وكل هذا عندنا مما لا يعول على صحته

301
(عرت) العين والراء والتاء العرت الدلك
والرمح العرات مثل العراص وهو المضطرب
(عرث) قال أبو بكر العرث الانتزاع
عرثه عرثا إذا انتزعه
وهو من المجمل
(عرج) العين والراء والجيم ثلاثة أصول الأول يدل على ميل وميل والآخر على عدد والآخر على سمو وارتقاء
فالأول العرج مصدر الأعرج ويقال منه عرج يعرج عرجا إذا صار أعرج
وقالوا عرج يعرج خلقة وعرج يعرج إذا مشى مشية العرجان
والعرجاء الضبع وذلك خلقة فيها فلذلك سميت العرجاء والجمع عرج
وجمع الأعرج من الناس العرجان
ويقال للغراب أعرج لأنه إذا مشى حجل
ومن هذا الباب التعرج وهو حبس المطايا في مناخ أو موقف يميلها إليه
قال ذو الرمة:
يا جارتي بنت فضاض أما لكما * حتى نكلمها هم بتعريج
وقال ابن الأعرابي عرجت عليه أي حبست مطيتي عليه
ومالي عليه

302
عرجة ولا معرجة
ويقال للطريق إذا مال انعرج
وانعرج الوادي
ومنعرجه حيث يميل يمنة ويسرة
وانعرج القوم عن الطريق إذا مالوا عنه
ويقولون إن العريجاء الهاجرة
وإن صح هذا فلأن كل شيء ينعرج إلى مكان يقيه الحر
قال:
لكن سهية تدري أنني ذكر * على عريجاء لما ابتلت الأزر
وكان الأصمعي يقول أن ترد الإبل يوما غدوة ويوما عشية
وقد عرجنا من العريجاء
والعرجاء هضبة معروفة
قال أبو ذؤيب:
فكأنها بالجزع جزع نبايع * وأولات ذي العرجاء نهب مجمع
ويقال إنما سميت العرجاء لأن الطريق يتعرج بها
ويقال أمر عريج إذا لم يستقم هو معوج بعد
والأصل الآخر من الإبل قال قوم ثمانون إلى تسعين فإذا بلغت المائة فهي هنيدة والجمع عروج وأعراج
قال طرفة:
يوم تبدي البيض عن أسوقها * وتلف الخيل أعراج النعم

303
ويقال العرج مائة وخمسون
وهذا الأصل قد يمكن ضمه إلى الأول لأن صاحب ذلك يعرج عليه ويكتفي به
والأصل الثالث العروج الارتقاء
يقال عرج يعرج عروجا ومعرجا
والمعرج المصعد
قال الله تعالى:
* (حتى إذا ما الشمس همت بعرج *
فقالوا أراد غيبوبة الشمس
وهذا وإن كان صحيحا فهو غير ملخص في التفسير وإنما المعنى أنها لما غابت فكأنها عرجت إلى السماء أي صعدت
ومما يؤيد هذا قول الآخر:
* وعرج الليل بروج الشمس *
فهذا هو القياس الصحيح
(عرد) العين والراء والدال أصلان صحيحان يدل أحدهما على قوة واشتداد والآخر على ميل وحياد
فالأول العرد الشديد من كل شيء الصلب
قال:
* عرد التراقي حشورا معقربا *

304
ويقال عرد ناب البعير يعرد عرودا إذا خرج واشتد وانتصب
قال ذو الرمة:
يصعدن رقشا بين عوج كأنها * زجاج القنا منها نجيم وعارد
النجيم الطالع
وأما الأصل الآخر فالتعريد ترك القصد
والأصل فيه قولهم عردت الشجرة تعرد عرودا
قال لبيد في التعريد:
فمضى وقدمها وكانت عادة * منه إذا هي عردت إقدامها
وقال آخر:
* وهمت الجوزاء بالتعريد *
ومما شذ عن هذين الأصلين العراد شجر
ويقال العرادة الجرادة الأنثى
والله أعلم بالصواب

305
(باب العين والزاء وما يثلثهما)
(عزف) العين والزاء والفاء أصلان صحيحان أحدهما يدل على الانصراف عن الشيء والآخر على صوت من الأصوات
فالأول قول العرب عزفت عن الشيء إذا انصرفت عنه
والعزوف الذي لا يكاد يثبت على خلة خليل قال:
ألم تعلمي أني عزوف عن الهوى * إذا صاحبي في غير شيء تغضبا
وقال الفرزدق:
* عزفت بأعشاش وما كدت تعزف *
والأصل الثاني العزيف أصوات الجن
ويقال إن الأصل في ذلك عزف الرياح وهو صوتها ودويها
وقال في عزيف الجن:
وإني لأجتاز الفلاة وبينها * عوازف جنان وهام صواخد
ويقال إن أبرق العزاف سمي بذلك لما يقال أن به جنا
واشتق من هذا العزف في اللعب والملاهي
(عزق) العين الزاء والقاف ليس فيه كلام أصيل لكن الخليل

306
ذكر أن العزق علاج الشيء في عسر
ورجل متعزق فيه شدة خلق
ويقولون إن المعزقة آلة من آلات الحرث
وينشدون:
نثير بها نقع الكلاب وأنتم * تثيرون قيعان القرى بالمعازق
وكل هذا في الضعف قريب بعضه من بعض
وأعجب منه اللغة اليمانية التي يدلسها أبو بكر محمد بن الحسن الدريدي رحمه الله وقوله إن العزيق مطمئن من الأرض لغة يمانية
ولا نقول لأئمتنا إلا جميلا
(عزل) العين والزاء واللام أصل صحيح يدل على تنحية وإمالة
تقول عزل الإنسان الشيء يعزله إذا نحاه في جانب
وهو بمعزل وفي معزل عن أصحابه أي في ناحية عنهم
والعزلة الاعتزال
والرجل يعزل عن المرأة إذا لم يرد ولدها
ومن الباب الأعزل الذي لا رمح معه
وقال بعضهم الأعزل الذي ليس معه شيء من السلاح يقاتل به فهو يعتزل الحرب ذكره الخليل وأنشد:
لا معازيل في الحروب ولكن * كشفا لا يرامون يوم اهتضام
وشبه بهذا الكوكب الذي يقال له السماك الأعزل
وإنما سمي أعزل لأن ثم سماكا آخر يقال له الرامح بكوكب يقدمه يقولون هو رمحه
فهذا سمي

307
لذلك أعزل
ويقال إن المعزال من الناس الذي لا ينزل مع القوم في السفر ولكن ينزل ناحية
قال الأعشى:
تذهل الشيخ عن بنيه وتلوي * بلبون المعزابة المعزال
والأعزل من الدواب الذي يميل ذنبه إلى أحد جنبيه
فأما العزلاء ففم المزادة
ومحتمل أن يكون شاذا عن هذا الأصل الذي ذكرناه ويمكن أن يجمع بينهما على بعد وهو إلى الشذوذ أقرب
ويقال أرسلت السماء عزاليها إذا جاءت بمنهمر من المطر
وأنشد:
تهمرها الكف على انطوائها * همر شعيب الغرف من عزلائها
(عزم) العين والزاء والميم أصل واحد صحيح يدل على الصريمة والقطع
يقال عزمت أعزم عزما
ويقولون عزمت عليك إلا فعلت كذا أي جعلته أمرا عزما أي لا مثنوية فيه
ويقال كانوا يرون لعزمة الخلفاء طاعة
قال الخليل العزم ما عقد عليه القلب من أمر أنت فاعله أي متيقنه
ويقال ما لفلان عزيمة أي ما يعزم عليه كأنه لا يمكنه أن يصرم الأمر بل يختلط فيه ويتردد
ومن الباب قولهم عزمت على الجني وذلك أن تقرأ عليه من عزائم القرآن

308
وهي الآيات التي يرجى بها قطع الآفة عن المؤوف
واعتزم السائر إذا سلك القصد قاطعا له
والرجل يعتزم الطريق يمضي فيه لا ينثني
قال حميد:
* معتزما للطرق النواشط *
وأولو العزم من الرسل عليهم السلام الذين قطعوا العلائق بينهم وبين من لم يؤمن من الذين بعثوا إليهم كنوح عليه السلام إذ قال:
(لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وكمحمد صلى الله عليه وآله إذ تبرأ من الكفار وبرأه الله تعالى منهم وأمره بقتالهم في قوله:
(براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتهم من المشركين) * (ثم قال) * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم التوبة 5) *
(عزوى) العين والزاء والحرف المعتل أصل صحيح يدل على الانتماء والاتصال
قال الخليل الاعتزاء الاتصال في الدعوى إذا كانت حرب فكل من ادعى في شعاره فقد اعتزى إذا قال أنا فلان بن فلان فقد اعتزى إليه
وفي الحديث: (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه) وهو أن يقول يا آل فلان
قال:
فلما التقت فرساننا ورجالهم * دعوا يا لكعب واعتزينا لعامر

309
وقال آخر:
فكيف وأصلي من تميم وفرعها * إلى أصل فرعي واعتزائى اعتزاؤها
فهذا الأصل
وأما قولهم عزي الرجل يعزى عزاء وإنه لعزي أي صبور إذا كان حسن العزاء على المصائب فهذا من الأصل الذي ذكرناه ولأن معنى التعزي هو أن يتأسى بغيره فيقول حالي مثل حال فلان
ولذلك قيل تأسى أي جعل أمره أسوة أمر غيره
فكذلك التعزي
وقولك عزيته أي قلت له انظر إلى غيرك ومن أصابه مثل ما أصابك
والأصل هذا الذي ذكرناه
(عزب) العين والزاء والباء أصل صحيح يدل على تباعد وتنح
يقال عزب يعزب عزوبا
والعزب الذي لا أهل له
وقد عزب يعزب عزوبة
قال العجاج في وصف حمار الوحش:
* شهرا وشهرين يسن عزبا *
وقالوا والمعزابة الذي طالت عزبته حتى ما له في الأهل من حاجة
يقال عزب حلم فلان أي ذهب وأعزب الله حلمه أي أذهبه
قال الأعشى:
* فأعزبت حلمي بل هو اليوم أعزبا *
والعازب من الكلأ البعيد المطلب
قال أبو النجم:
* وعازب نور في خلائه *

310
وكل شيء يفوتك حتى لا تقدر عليه فقد عزب عنك
وأعزب القوم أصابوا عازبا من الكلأ
(عزر) العين والزاء والراء كلمتان إحداهما التعظيم والنصر والكلمة الأخرى جنس من الضرب
فالأولى النصر والتوقير كقوله تعالى:
* (وتعزروه وتوقروه) *
والأصل الآخر التعزير وهو الضرب دون الحد
قال:
وليس بتعزير الأمير خزاية * علي إذا ما كنت غير مريب
(باب العين والسين وما يثلثهما)
(عسف) العين والسين والفاء كلمات تتقارب ليست تدل على خير إنما هي كالحيرة وقلة البصيرة
قال الخليل العسف ركوب الأمر من غير تدبير وركوب مفازة بغير قصد
ومنه التعسف
قال ذو الرمة:
قد أعسف النازح المجهول معسفه * في ظل أخضر يدعو هامه البوم
والعسيف الأجير وما يبعد أن يكون من هذا القياس لأن ركوبه في الأمور فيما يعانيه مخالف لصاحب الأمور
وقال أبو دواد:

311
كالعسيف المربوع شل جمالا * ما له دون منزل من مبيت
وقد أومأ إلى المعنى وأرى أن البيت ليس بالصحيح
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل العسفاء وهم الأجراء
وحديث آخر: (إن ابني كان عسيفا من هذا الأمر)
ويقال إن البعير العاسف هو الذي بالموت وهو كالنزع في الإنسان
ومما دل على ما قلناه في أمر العسيف قول الأصمعي العسيف المملوك المستهان به الذي اعتسف ليخدم أي قهر
وأنشد:
أطعت النفس في الشهوات حتى * أعادتني عسيفا عبد عبد
وعسفان موضع بالحجاز يقول فيه عنترة:
كأنها حين صدت ما تكلمنا * ظبي بعسفان ساجي الطرف مطروف
(عسق) العين والسين والقاف أصيل صحيح يدل على لصوق الشيء بالشيء
قال الخليل العسق لصوق الشئ بالشئ
يقال عسق به عسقا
وعسقت الناقة بالفحل أي أربت به
قال رؤبة:
فعف عن أسرارها بعد العسق * ولم يضعها بين فرك وعشق
ومن الباب في خلقه عسق أي التواء وضيق خلق
ويقال عسق بامرئ جعله

312
(عسك) العين والسين والكاف قريب من الذي قبله
قال الخليل عسك به إذا لزمه مثل سدك به
وأنشد الأصمعي:
إذا شرك الطريق تجشمته * عسكن بجنبه حذر الإكام
(عسل) العين والسين واللام الصحيح في هذا الباب أصلان وبعدهما كلمات إن صحت
فالأول من الأصلين دال على الاضطراب والثاني طعام حلو ويشتق منه
فالطعام العسل معروف
والعسالة التي يتخذ فيها النحل العسل
والعاسل صاحب العسل الذي يشتاره من موضعه يستخرجه
وقال:
* وأري دبور شاره النحل عاسل *
وعسل النحل تعسيلا
وفي تأنيث العسل قال:
* بها عسل طابت يدا من يشورها *
ومما حمل على هذا العسيلة
وفي الحديث:
(حتى يذوق عسيلتها وتذوق عسيلته) إنما يراد به الجماع
ويقال خلية عاسلة وجنح عاسل أي كثير العسل
والجنح شق في الجبل
وقال الهذلي:

313
تنمى بها اليعسوب حتى أقرها * إلى مألف رحب المباءة عاسل
ويقال للذي يشتاره عاسل
وفي الحديث (إذا أراد الله بعبد خيرا عسله) وهو من هذا ومعناه طيب ذكره وحلاه في قلوب الناس بالصالح من العمل
من قولك عسلت الطعام أي جعلت فيه عسلا
وفلان معسول الخلق أي طيبه
وعسلت فلانا جعلت زاده العسل
والعرب تقول فلان ما يعرف له مضرب عسلة أي لا يعرف له أصل
ومثله لا يعرف له منبض عسلة
والأصل الثاني العسلان وهو شدة اهتزاز الرمح إذا هززته
يقال عسل يعسل عسلانا كما يعسل الذئب إذا مضى مسرعا
والذئب عاسل والجمع عسل وعواسل
ويقال رمح عسال
وقال:
* كل عسال إذا هز عسل *
وقال في الذئب:
عسلان الذئب أمسى قاربا * برد الليل عليه فنسل
وعسل الماء إذا ضربته الريح فاضطرب وأنشد:
* حوضا كأن ماءه إذا عسل *
والدليل يعسل في المفازة إذا أسرع
وقال في ذلك:
عسلت بعيد النوم حتى تقطعت * نفانفها والليل بالقوم مسدف

314
وقال أبو عبيدة يقال فرس عاسل إذا اضطربت معرفته في سيره وخفق رأسه واطرد متنه
هذا هو الصحيح غير المشكوك فيه ومما قاله وما ندري كيف صحته بل هو إلى البطلان أقرب العسيل قضيب الفيل
وزعموا أن العسيل مكنسة العطار يكسح بها الطيب
وينشدون:
* كناحت يوما صخرة بعسيل *
(عسم) العين والسين والميم أصل صحيح يدل على التواء ويبس في عضو أو غيره
قال الخليل وغيره العسم يبس في المرفق تعوج منه اليد
يقال عسم الرجل فهو أعسم والمرأة عسماء
قال الأصمعي في الكف والقدم العسم وهو أن ييبس مفصل الرسغ حتى تعوج الكف أو القدم
قال:
في منكبيه وفي الأصلاب واهنة * وفي مفاصله غمز من العسم
قال الكلابي العسماء التي فيها انقلاب ويبس
ويقولون العسوم كسر الخبز
وهذا قد روي عن الخليل ونراه غلطا
وهذا في باب الشين أصح وقد ذكر
ومن الباب عسم إذا طمع في الشيء
والقياس صحيح لأن الطامع في الشيء يميل إليه ويشتد طلبه له
ويقال عسم يعسم وهو من الكلمة التي قبلها لأنه لا يكسبه إلا بعد الميل إليه
قال الخليل والرجل يعسم في جماعة

315
الناس في الحرب يركب رأسه ويرمي بنفسه غير مكترث
تقول عسم بنفسه أي اقتحم
(عسن) العين والسين والنون أصيل صحيح يدل على سمن وما قاربه وأشبهه
قال الخليل العسن نجوع العلف والرعي في الدواب
يقال عسنت الإبل عسنا
وناس يقولون عسنت عسنا
ويقال إن العسن الشحم القديم
وقال الفراء إذا بقيت من شحم الدابة بقية فذلك العسن
ويقال بعير حسن الإعسان
وأعسنت الإبل على شحم متقدم كان بها
قال النمر:
ومدفع ذي فروتين هنأته * إذ لا ترى في المعسنات صرارا
وأما قولهم تعسن أباه فهذا من باب الإبدال والأصل فيه الهمز وقد ذكر
ويقال فلان عسن مال إذا كان حسن القيام عليه وهذا من الإبدال كأن الأصل عسل وقد ذكر
(عسوى) العين والسين والحرف المعتل أصل صحيح يدل على قوة واشتداد في الشيء
يقال عسا الشيء يعسو إذا اشتد
قال:
* عن صامل عاس إذا ما اصلخمما *
فالكلمات الثلاث في البيت متقاربة المعنى في الشدة والقوة
ومن الباب شيخ عاس عسا يعسو وعسى يعسي
وذلك أنه

316
يكثف منه ما كان من بشرته لطيفا
وربما اتسعوا في هذا حتى يقولوا عسا الليل إذا اشتدت ظلمته وهو بالغين أشهر أعني في الليل ويقال عسا النبات إذا غلط واشتد
وقال في صفة الشيخ:
* أشعث ضرب قد عسا أو قوسا *
فأما عسى فكلمة ترج تقول عسى يكون كذا
وهي تدل على قرب وإمكان
وأهل العلم يقولون عسى من الله تعالى واجب في مثل قوله تعالى * (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة الممتحنة 7) *
(عسب) العين والسين والباء كلمات ثلاث متفردة بمعناها لا يكاد يتفرع منها شيء
فالأولى طرق الفرس وغيره والثانية عسيب الذنب والثالثة نوع من الأشياء التي تطير
فالأول العسب قالوا هو طرق الفرس وغيره
ثم حمل على ذلك حتى سمي الكراء الذي يؤخذ على العسب
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل
فالعسب الكراء الذي يؤخذ على العسب سمي باسمه للمجاورة
وقال زهير:
ولولا عسبه لرددتموه * وشر منيحة فحل معار
ومنه قول كثير:
يغادرن عسب الوالقي وناصح * تخص به أم الطريق عيالها
يصف خيلا وأنها أزلقت ما في بطونها من أولادها تعبا

317
والآخر عسيب الذنب وهو العظم الذي فيه منبت الشعر
وشبه به عسيب النحلة وهي الجريدة المستقيمة
تشابها من طريقة الامتداد والاستقامة
يقال عسيب وأعسبة وعسب
قال:
يستلها جدول كالسيف منصلت * بين الأشاء تسامى حوله العسب
وعسيب الريشة مشبه بعسيب النخلة
والكلمة الثالثة اليعسوب يعسوب النحل ملكها
قال أبو ذؤيب:
تنمى بها اليعسوب حتى أقرها * إلى مألف رحب المباءة عاسل
والجمع يعاسيب
قال:
زرقا أسنتها حمرا مثقفة * أطرافهن مقيل لليعاسيب
وزعموا أن اليعسوب ضرب من الحجل أيضا وضرب من الجراد
ومما ليس من هذا الباب عسيب اسم جبل يقول فيه امرؤ القيس:
أجارتنا إن المزار قريب * وإني مقيم ما أقام عسيب

318
(عسج) العين والسين والجيم
كلمة صحيحة يقال إن العسج مد العنق في المشي
قال جميل:
عسجن بأعناق الظباء وأعين الجآذر * وارتجت لهن الروادف
وقال ذو الرمة:
والعيس من عاسج أو واسج خببا * يتحزن في جانبيها وهي تنسلب
(عسد) العين والسين والدال ليس فيه ما يعول على صحته إلا أنهم يقولون عسد إذا جامع
ويقولون العسودة دويبة
وليس بشيء
(عسر) العين والسين والراء أصل صحيح واحد يدل على صعوبة وشدة
فالعسر نقيض اليسر
والإقلال أيضا عسرة لأن الأمر ضيق عليه شديد
قال الله تعالى * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) *
والعسر الخلاف والالتواء
ويقال أمر عسر وعسير
ويوم عسير
وربما قالوا رجل عسر
قال جرير:
بشر أبو مروان إن عاسرته * عسر وعند يساره ميسور
ويقولون عسر الأمر عسرا وعسرا أيضا
وقالوا عليك بالميسور واترك ما عسر
وأعسر الرجل إذا صار من ميسرة إلى عسرة
وعسرته أنا أعسره إذا طالبته بدينك وهو معسر ولم تنظره إلى ميسرته
ويقال عسرت

319
عليه تعسيرا إذا خالفته
والعسرى خلاف اليسرى وتعسر الأمر التوى ويقال للغزل إذا التبس فلم يقدر على تخليصه قد تعسر
وسمعت ابن أبي خالد يقول سمعت ثعلبا يقول تعسر الأمر بالعين وتغسر الغزل بالغين معجمة
ويقال أعسرت المرأة إذا عسر عليها ولادها
ويدعى عليها فيقال أعسرت وآنثت
ويدعى لها أيسرت وأذكرت
ويقال العسير الناقة التي اعتاطت واعتاصت فلم تحمل عامها
قال الأعشى:
وعسير أدماء حادرة العي ن * خنوف عيرانة شملال
ويقال للناقة التي تركب قبل أن تراض عوسرانية
وهذا مما قلنا إن زيادة حروفه يدل على الزيادة في المعنى
ويقال للذي يعمل بشماله أعسر
والعسرى هي الشمال وإنما سميت عسري لأنه يتعسر عليها ما يتيسر على اليمنى
فأما تسميتهم إياها يسرى فيرى أنه على طريقة التفاؤل كما يقال للبيداء مفازة وكما يقال للديغ سليم
والعاسر من النوق إذا عدت رفعت ذنبها
ولا أحسب ذلك يكون إلا من عسر في خلقها والجمع عواسر
قال:
* تكسر أذناب القلاص العواسر *

320
(باب العين والشين وما يثلثهما)
(عشق) العين والشين والقاف أصل صحيح يدل على تجاوز حد المحبة
تقول عشق يعشق عشقا وعشقا
قال رؤبة:
* ولم يضعها بين فرك وعشق *
ويقال امرأة عاشق أيضا حملوه على قولهم رجل بادن وامرأة بادن
وزعم ناس أن العشقة اللبلابة قالوا ومنها اشتق اسم العاشق لذيوله
وهو كلام
(عشك) العين والشين والكاف
ليس فيه معنى يصح وربما قالوا يعشك ويحشك أي يفرق ويجمع
وليس بشيء
(عشم) العين والشين والميم أصل يدل على يبس في شيء وقحول
من ذلك الخبز العاشم الذي يبس
ويقولون للشيخ عشمة
ومن غير ذلك القياس العيشوم وهو نبت
قال:
* كما تناوح يوم الريح عيشوم *

321
(عشو) العين والشين والحرف المعتل أصل صحيح يدل على ظلام وقلة وضوح في الشيء ثم يفرع منه ما يقاربه
من ذلك العشاء وهو أول ظلام الليل
وعشواء الليل ظلمته
ومنه عشوت إلى ناره
ولا يكون ذلك إلا أن تخبط إليه الظلام
قال الحطيئة:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره * تجد خير نار عندها خير موقد
والعاشية كل شيء يعشو بالليل إلى ضوء نار
والتعاشي التجاهل في الأمر
قال:
تعد التعاشي في دينها * هدى لا تقبل قربانها
والعشي آخر النهار
فإذا قلت عشية فهو ليوم واحد
تقول لقيته عشية يوم كذا ولقيته عشية من العشيات
وهذا الذي حكي عن الخليل فهو مذهب والأصح عندنا أن يقال في العشي مثل ما يقال في العشية
يقال لقيته عشي يوم كذا كما يقال عشية يوم كذا إذ العشي إنما هو آخر النهار
وقد قيل كل ما كان بعد الزوال فهو عشي
وتصغر العشية عشيشية
والعشاء ممدود مهموز بفتح العين هو الطعام الذي يؤكل من آخر النهار وأول الليل
قال الخليل والعشا مقصور مصدر الأعشى والمرأة عشواء ورجال عشؤ وهو الذي لا يبصر بالليل وهو بالنهار بصير
يقال عشى يعشي عشى
قال الأعشى:

322
أأن رأت رجلا أضر به * ريب الزمان ودهر خائن خبل
والعشواء من النوق التي كأنها لا تبصر ما أمامها فتخبط كل شيء بيديها
قالوا وإنما يكون ذلك من حدة قلبها
قال زهير:
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب * تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
وتقول إنهم لفي عشواء من أمرهم
شبه زهير المنايا بناقة تخبط ما يستقبلها فتقتل
(عشب) العين والشين والباء أصل واحد صحيح يدل على يبس في شيء وقحول وما أشبه ذلك
من ذلك العشب قالوا هو سرعان الكلأ في الربيع ثم يهيج ولا بقاء له
وأرض عشبة معشبة وأعشبت إذا كثر عشبها
وأعشب الرجل أصاب العشب
قال أبو النجم:
* يقلن للرائد أعشبت أنزل *
ومما حمل على هذا أن يشبه الشيخ القاحل به فيقال رجل عشب وامرأة عشبة
وقد يقال ذلك في النوق
ويقال أعشب فلان فلانا إذا وهب له ناقة عشبة

323
(عشر) العين والشين والراء أصلان صحيحان أحدهما في عدد معلوم ثم يحمل عليه غيره والآخر يدل على مداخلة ومخالطة
فالأول العشرة والعشر في المؤنث
وتقول عشرت القوم أعشرهم إذا صرت عاشرهم
وكنت عاشر عشرة أي كانوا تسعة فتموا بي عشرة رجال وعشرت القوم إذا أخذت عشر أموالهم
ويقال أيضا عشرتهم أعشرهم تعشيرا
وبه سمي العشار عشارا
والعشر جزء من الأجزاء العشرة وهو العشير والمعشار
فأما العشر فيقال هو ورد الإبل يوم العاشر
وإبل عواشر وردت الماء عشرا
ويجمع ويثنى فيقال عشران وعشرون فكل عشر من ذلك تسعة أيام
وقال ذو الرمة:
أقمت لها أعناق هيم كأنها * قطا نش عنها ذو جلاميد خامس
يعني بالخامس القطا التي وردت الماء خمسا
قال الخليل تقول جاء القوم عشار عشار ومعشر معشر أي عشرة عشرة كما تقول جاءوا أحاد أحاد ومثنى مثنى
ولم يذكر الخليل موحد موحد وهو صحيح
فأما تعشير الحمار فلسنا نقول فيه إلا الذي قالوه وهو في قياسنا صحيح إن كان حقا ما يقال
قال الخليل المعشر الحمار الشديد

324
النهيق
قال ويقال نعت بذلك لأنه لا يكف حتى تبلغ عشر نهقات وترجيعات
قال:
لعمري لئن عشرت من خشية الردى * نهاق الحمار إنني لجزوع
قال وناقة عشراء وهي التي أقربت سميت عشراء لتمام عشرة أشهر لحملها يقال عشرت الناقة تعشر تعشيرا وهي عشراء حتى تلد والعدد العشراوات والجمع عشار
ويقال بل يقع اسم العشار على النوق التي نتج بعضها وبعضها قد أقرب ينتظر نتاجها
وقال:
يا عام إن لقاحها وعشارها * أودى بها شخت الجزارة معلم
وقال الفرزدق:
كم عمة لك يا جرير وخالة * فدعاء قد حلبت علي عشاري
وقال وليس للعشار لبن وإنما سماها عشارا لأنها حديثة العهد وهي مطافيل قد وضعت أولادها
والعشر القطعة تنكسر من القدح أو البرمة ونحوها
وقال:
* كما يضم المشعب الأعشارا *

325
هذا قد حكي
فأما الخليل فقد حكي وقال لا يكادون يفردون العشر
وذكر ان قولهم قدور أعشار وأعاشير إنما معناه أنها مكسرة على عشر قطع
وقال امرؤ القيس:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتل
وذكر الخليل أيضا أنه يقال لجفن السيف إذا كان مكسرا أعشار
وأنشد:
(وقد يقطع السيف اليماني وجفنه * شباريق أعشار عثمن على كسر
قال والعشاري ما بلغ طوله عشر أذرع
وعاشوراء اليوم العاشر من المحرم
فأما الأصل الآخر الدال على المخالطة والمداخلة فالعشرة والمعاشرة وعشيرك الذي يعاشرك
قال ولم أسمع للعشير جمعا لا يكادون يقولون هم عشراؤك وإذا جمعوا قالوا هم معاشروك
قال وإنما سميت عشيرة الرجل لمعاشرة بعضهم بعضا حتى الزوج عشير امرأته
وجاء في الحديث في ذكر النساء (إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير)
ويقال عاشره معاشرة جميلة
وقال زهير:
لعمرك والخطوب مغيرات * وفي طول المعاشرة التقالى

326
قال والمعشر كل جماعة أمرهم واحد نحو معشر المسلمين والإنس معشر والجن معشر والجمع معاشر
والعشر نبت
(عشز) العين والشين والزاء كلمتان صحيحتان إحداهما عند الخليل وليست الأخرى عنده
فالأولى العشوزن من المواضع ما صلب مسلكه وخشن والجمع العشاوز
قال الشماخ:
* حوامي الكراع المؤيدات العشاوز *
وقال قوم هو العشوز أو العشوز أنا أشك
وإنما سميت القناة عشوزنة لصلابتها والنون زائدة
والكلمة الأخرى عشز عشزانا وهي مشية الأقزل ذكرها أبو عبيد
(عشط) العين والشين والطاء

327
(باب العين والصاد وما يثلثهما)
(عصف) العين والصاد والفاء أصل واحد صحيح يدل على خفة وسرعة
فالأول من ذلك العصف ما على الحب من قشور التبن
والعصف ما على ساق الزرع من الورق الذي يبس فتفتت كل ذلك من العصف
قال الله سبحانه * (فجعلهم كعصف مأكول) *
قال بعض المفسرين العصف كل زرع أكل حبه وبقي تبنه
وكان ابن الأعرابي يقول العصف ورق كل نابت
ويقال عصفت الزرع إذا جززت أطرافه وأكلته كالبقل
ويقال مكان معصف أي كثير العصف
قال:
إذا جمادى منعت قطرها * زان جنابي عطن معصف
ويقال للعصف العصيفة والعصافة
قال الفراء إذا أخذت العصيفة عن الزرع فقد اعتصف
والريح العاصف الشديدة
قال الله تعالى * (جاءتها ريح عاصف) *
هذا الذي ذكره الخليل ومعنى الكلام أنها تستخف الأشياء فتذهب بها تعصف بها
ويقال أيضا معصف ومعصفة
قال العجاج:
* والمعصفات لا يزلن هدجا *

328
وقال بعض أهل العلم ريح عاصفة نعت مبني على فعلت عصفت
وريح عاصف ذات عصوف لا يراد به فعلت وخرجت مخرج لابن وتامر
ومن قياس الباب الناقة العصوف التي تعصف براكبها فتمضي كأنها ريح في السرعة
ويقال أعصفت أيضا
والحرب تعصف بالقوم تذهب بهم
قال الأعشى:
في فيلق جأواء ملمومة * تعصف بالدارع والحاسر
ونعامة عصوف سريعة
وقد قلنا إن العصف الخفة والسرعة
ومن الباب عصف واعتصف إذا كسب
وذاك أنه يخف في اكتداحه
قال:
* من غير ما عصف ولا اصطراف *
وهو ذو عصف أي حيلة
(عصل) العين والصاد واللام أصل واحد صحيح يدل على اعوجاج في الشيء مع شدة وكزازة

329
قال أهل اللغة العصل اعوجاج الناب مع شدته
قال * على شناح نابه لم يعصل *
والأعصل من الرجال الذي عصلت ساقه وذراعه أي اعوجتا اعوجاجا شديدا
والشجرة العصلة العوجاء التي لا يقدر على إقامتها
وسهم أعصل معوج
قال لبيد:
فرميت القوم رشقا صائبا * ليس بالعصل ولا بالمفتعل
وقال في الشجر:
وقبيل من عقيل صادق * كليوث بين غاب وعصل
أراد بالعصل في البيت الأول السهام المعوجة
يقول لم تفتعل تلك الساعة عند الحاجة إليها ولكنها عملت من قبل
ويقال عصل السهم وعصل إذا اضطرب حين يرسل لعوج فيه أو سوء نزع
وعصل الكلب إذا طرد الطريدة ثم اضطرب والتوى يأسا منها
وشجرة عصلاء طالت واعوجت
وتشبه بها المهزولة
قال:
ليست بعصلاء تذمي الكلب نكهتها * ولا بعندلة يصطك ثدياها
والعصل التواء في عسيب الذنب حتى يبرز بعض باطنه الذي لا شعر عليه

330
وهو فرس أعصل
والأعصال الأمعاء وهو القياس وذلك لالتوائها في طول
قال:
* يرمي به الجرع إلى أعصالها *
والعصل صلابة في اللحم
ومنه أيضا عصل يعصل تعصيلا إذا أبطأ قال:
* فعصل العمري عصل الكلب *
(عصم) العين والصاد والميم أصل واحد صحيح يدل على إمساك ومنع وملازمة
والمعنى في ذلك كله معنى واحد
من ذلك العصمة أن يعصم الله تعالى عبده من سوء يقع فيه واعتصم العبد بالله تعالى إذا امتنع
واستعصم التجأ
وتقول العرب أعصمت فلانا أي هيأت له شيئا يعتصم بما نالته يده أي يلتجئ ويتمسك به
قال النابغة:
يظل من خوفه الملاح معتصما * بالخيزرانة من خوف ومن رعد
والمعصم من الفرسان السئ الحال في فروسته تراه يمتسك بعرف فرسه أو غير ذلك
قال:

331
إذا ما غدا لم يسقط الروع رمحه * ولم يشهد الهيجا بألوث معصم
والعصمة كل شيء اعتصمت به
وعصمه الطعام منعه من الجوع
ومن الباب العصيم وهو الصدأ من الهناء والبول ييبس على فخذ الناقة
قال:
وأضحى عن مراسهم قتيلا * بلبته سرائح كالعصيم
وأثر الخضاب عصيم
والمعصم الجلد لم ينح وبره عنه بل ألزم شعره لأنه لا ينتفع به
يقال أعصمنا الإهاب
قال الأصمعي العصم أثر كل شيء من ورس أو زعفران أو نحوه
قال وسمعت امرأة من العرب تقول لأخرى أعطيني عصم حنائك أي ما سلت منه
ويقال بيده عصمة خلوق أي أثره
قلنا وهذا الذي ذكره الأصمعي من كلام المرأة مخالف لقوله إن العصم الأثر لأنها لم تسأل الأثر
والصحيح في هذا أن يقال العصم الحناء ما لزم يد المختضبة وأثره بعد ذلك عصم لأنه باق ملازم
ومما قيس على عصم الحناء العصمة البياض يكون برسغ ذي القوائم
من ذلك الوعل الأعصم وعصمته بياض في رسغه والجمع من الأعصم عصم وقال:
مقادير النفوس مؤقتات * تحط العصم من رأس اليفاع

332
وقال الأعشى:
قد يترك الدهر في خلقاء راسية * وهيا وينزل منها الأعصم الصدعا
ويقال غراب أعصم إذا كان ذلك الموضع منه أبيض وقلما يوجد
قال ابن الأعرابي العصمة في الخيل بياض قل أو كثر باليدين دون الرجلين فيقولون هو أعصم اليدين
وكل هذا قياسه واحد كأن ذلك الوضح أثر ملازم لليد كما قلناه في عصم الحناء
ومن الباب العصمة القلادة سميت بذلك للزومها العنق
قال لبيد فجمعها على أعصام كأنه أراد جمع عصم:
حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا * غضفا دواجن قافلا أعصامها
ومن الباب عصام المحمل شكاله وقيده الذي يشد به عارضاه
وعصام القربة عقال نحو ذراعين يجعل في خربتى المزادتين لتلتقيا
وقد أعصمتهما جعلت لهما عصاما
قال تأبط شرا:
وقربة أقوام جعلت عصامها * على كاهل مني ذلول مرحل
قال ولا يكون للدلو عصام
ومن الباب معصم المرأة وهو موضع السوارين من ساعديها
وقال:
فاليوم عندك دلها وحديثها * وغدا لغيرك كفها والمعصم

333
وإنما سمي معصما لإمساكه السوار ثم يكون معصما ولا سوار
ويقال أعصم به وأخلد إذا لزمه
وعصام رجل
والعرب تقول عند الاستخبار ما وراءك يا عصام والأصل قول النابغة:
* ولكن ما وراءك يا عصام *
ويقولون للسائد بنفسه لا بآبائه:
* نفس عصام سودت عصاما *
(عصوى) العين والصاد والحرف المعتل أصلان صحيحان إلا أنهما متباينان يدل أحدهما على التجمع ويدل الآخر على الفرقة
فالأول العصا سميت بذلك لاشتمال يد ممسكها عليها ثم قيس ذلك فقيل للجماعة عصا
يقال العصا جماعة الإسلام فمن خالفهم فقد شق عصا المسلمين
وإذا فعل ذلك فقتل قيل له هو قتيل العصا ولا عقل له ولا قود فيه
ويقولون هذه عصا وعصوان وثلاث أعص
والجمع من غير عدد عصي وعصي
ويقيسون على العصا فيقولون عصيت بالسيف
وقال جرير:

334
تصف السيوف وغيركم يعصى بها * يا ابن القيون وذاك فعل الصيقل
وقال آخر:
وإن المشرفية قد علمتم * إذا يعصى بها النفر الكرام
وقال في تثنية العصا:
فجاءت بنسج العنكبوت كأنه * على عصويها سابري مشبرق
ومن الباب عصوت الجرح أعصوه أي داويته
وهو القياس لأنه يتلأم أي يتجمع
وفي أمثالهم ألقى فلان عصاه
وذلك إذا انتهى المسافر إلى عشب وأزمع المقام ألقى عصاه
قال:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر
ومن الباب قوله صلى الله عليه وسلم
(لا ترفع عصاك عن أهلك) لم يرد العصا التي يضرب بها ولا أمر أحدا بذلك ولكنه أراد الأدب
قال أبو عبيد وأصل العصا الاجتماع والائتلاف
وهذا يصحح ما قلناه في قياس هذا البناء
والأصل الآخر العصيان والمعصية
يقال عصي وهو عاص والجمع عصاة وعاصون
والعاصي الفصيل إذا عصى أمه في اتباعها

335
(عصب) العين والصاد والباء أصل صحيح واحد يدل على ربط شيء بشيء مستطيلا أو مستديرا
ثم يفرع ذلك فروعا وكله راجع إلى قياس واحد
من ذلك العصب
قال الخليل هي أطناب المفاصل التي تلائم بينها وليس بالعقب
ويقال لحم عصب أي صلب مكتنز كثير العصب
وفلان معصوب الخلق أي شديد اكتناز اللحم
وهو حسن العصب وامرأة حسنة العصب
والعصب الطي الشديد
ورجل معصوب الخلق كأنما لوي ليا
قال حسان:
ذروا التخاجئ وامشوا مشية سجحا * إن الرجال ذوو عصب وتذكير
وإنما سمي العصيب من أمعاء الشاء لأنه معصوب مطوي فأما قولهم للجائع معصوب فقال قوم هو الذي تكاد أمعاؤه تعصب أي تيبس
وليس هذا بشيء إنما المعصوب الذي عصب بطنه من الجوع
ويقال عصبهم إذا جوعهم
قال ابن الأعرابي المعصب المحتاج من قولهم عصبة الجوع وليس هو الذي ربط حجرا أو غيره
وقال أبو عبيد المعصب الذي يتعصب من الجوع

336
بالخرق
والقول ما قاله أبو عبيد للقياس الذي قسناه ولأن قوله أشهر عند أهل العلم
وقال أبو زيد المعصب الذي عصبته السنون أي أكلت ماله
وهذا صحيح وتلخيصه أنها ذهبت بماله فصار بمنزلة الجائع الذي يلجأ إلى التعصب بالخرق
وقال الخليل والعصب من البرود الذي يعصب أي يدرج غزله ثم يصبغ ثم يحاك
قال ولا يجمع إنما يقال برد عصب وبرود عصب لأنه مضاف إلى الفعل
ومن الباب العصابة الشئ يعصب به الرأس من صداع
لا يقال إلا عصابة بالهاء وما شددت به غير الرأس فهو عصاب بغير هاء فرقوا بينهما ليعرفا
ويقال اعتصب بالتاج وبالعمامة
قال الشاعر:
يعتصب التاج بين مفرقه * على جبين كأنه الذهب
وفلان حسن العصبة أي الاعتصاب
وعصبت رأسه بالعصا والسيف تعصيبا وكأنه من العصابة
وكان يقال لسعيد بن العاص بن أمية ذو العصابة لأنه كان إذا اعتم لم يعتم قرشي إعظاما له
وينشدون:

337
أبو أحيحة من يعتم عمته * يضرب وإن كان ذا مال وذا عدد
ومن الباب العصاب الغزال وهو القياس لأن الخيط يعصب به
قال:
* طي القسامي برود العصاب *
والشجرة تعصب أغصانها لينتثر ورقها
ومنه قول الحجاج لأعصبنكم عصب السلمة
والعصاب العصائب التي تعصب الشجرة عن دوجها فيه
قال:
مطاعيم تغدو بالعبيط جفانهم * إذا القر ألوت بالعضاه عصائبه
وقال ابن أحمر:
يا قوم ما قومي على نأيهم * إذ عصب الناس جهام وقر
أي جمعهم وضمهم
ويعصب فخذ الناقة لتدر
قال:

338
وأخلاقنا إعطاؤنا وإباؤنا * إذا ما أبينا لا ندر لعاصب
أي لا نعطي على القسر
والعصوب من الإبل هذه وهي لا تدر حتى تعصب
والعصب أن يشد أنثيا الدابة حتى تسقطا وهو معصوب
ويقال عصب الفم وهو ريق يجتمع على الأسنان من غبار أو شدة عطش
قال:
يعصب فاه الريق أي عصب * عصب الجباب بشفاه الوطب
ومن الباب العصبة قال الخليل هم من الرجال عشرة ولا يقال لما دون ذلك عصبة
وإنما سميت عصبة لأنها قد عصبت أي كأنها ربط بعضها ببعض
والعصبة والعصابة من الناس والطير والخيل
قال النابغة:
إذا ما التقى الجمعان حلق فوقهم * عصائب طير تهتدي بعصائب
واعصوصب القوم صاروا عصابة
واليوم العصيب الشديد
واعصوصب اليوم اشتد
ويوم عصبصب واعصوصبت تجمعت
قال:
واعصوصبت بكرا من حرجف ولها * وسط الديار رذيات مرازيح
قال أبو زيد كل شئ استدار بشئ فقد عصب به
يقال عصب القوم بفلان

339
قال ومنه سميت العصبة وهم قرابة الرجل لأبيه وبني عمه وكذلك كل شيء استدار حول شيء واستكف فقد عصب به
قال ابن الأعرابي عصب به وعصب إذا طاف به ولزمه
وأنشد:
ألا ترى أن قد تداكا ورد * وعصب الماء طوال كبد
تداكأ تدافع
وعصب الماء لزمه
قال أبو مهدي عصبت الإبل بالماء تعصب عصوبا إذا دارت حوله وحامت عليه
قال:
* قد علمت أني إذا الورد عصب *
وما عصبت بذلك المكان ولا قربته
قال الخليل العصبة هم الذين يرثون الرجل عن كلالة من غير والد ولا ولد
فأما في الفرائض فكل من لم تكن فريضته مسماة فهو عصبة إن بقي بعد الفرائض شيء أخذوه
قال الخليل ومنه اشتق العصبية
قال ابن السكيت ذاك رجل من عصب القوم أي من خيارهم
وهو قياس الباب لأنه تعصب بهم الأمور
(عصر) العين والصاد والراء أصول ثلاثة صحيحة
فالأول دهر وحين والثاني ضغط شيء حتى يتحلب والثالث تعلق بشيء وامتساك به
فالأول العصر وهو الدهر
قال الله * (والعصر إن الإنسان لفي خسر) *
وربما قالوا عصر
قال امرؤ القيس:

340
ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي * وهل ينعمن من كان في العصر الخالي
قال الخليل والعصران الليل والنهار
قال:
ولن يلبث العصران يوم وليلة * إذا اختلفا أن يدركا ما تيمما
قالوا وبه سميت صلاة العصر لأنها تعصر أي تؤخر عن الظهر
والغداة والعشي يسميان العصرين
قال:
* المطعمو الناس اختلاف العصرين *
ابن الأعرابي أعصر القوم وأقصروا من العصر والقصر
ويقال عصروا واحتبسوا إلى العصر
وروى حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل (حافظ على العصرين)
قال الرجل وما كانت من لغتنا فقلت وما العصران قال (صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها) يريد صلاة الصبح وصلاة العصر
فأما الجارية المعصر فقد قاسه ناس هذا القياس وليس الذي قالوه فيه ببعيد
قال الخليل وغيره الجارية إذا رأت في نفسها زيادة الشباب فقد أعصرت وهي معصر بلغت عصر شبابها وإدراكها
قال أبو ليلى إذا بلغت الجارية وقربت من حيضها فهي معصر
وأنشد:

341
جارية بسفوان دارها * قد أعصرت أو قد دنا إعصارها
قال قوم سميت معصرا لأنها تغيرت عن عصرها
وقال آخرون فيه غير هذا وقد ذكرناه في موضعه
والأصل الثاني العصارة ما تحلب من شيء تعصره
قال:
* عصارة الخبز الذي تحلبا *
وهو العصير
وقال في العصارة:
العود يعصر ماؤه * ولكل عيدان عصارة
وقال ابن السكيت تقول العرب لا أفعله ما دام الزيت يعصر
قال أوس:
* فلا برء من ضباء والزيت يعصر *
والعرب تجعل العصارة والمعتصر مثلا للخير والعطاء إنه لكريم العصارة وكريم المعتصر
وعصرت العنب إذا وليته بنفسك
واعتصرته إذا عصر لك خاصة
والمعصار شيء كالمخلاة يجعل فيه العنب ويعصر
ومن الباب المعصرات سحائب تجيء بمطر
قال الله سبحانه * (وأنزلنا

342
من المعصرات ماء ثجاجا) *
وأعصر القوم إذا أتاهم المطر
وقرئت * (فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) * أي يأتيهم المطر
وذلك مشتق من عصر العنب وغيره
فأما الرياح وتسميتهم إياها المعصرات فليس يبعد أن يحمل على هذا الباب من جهة المجاورة لأنها لما أثارت السحاب المعصرات سميت معصرات وإعصارا
قال في المعصرات:
وكأن سهك المعصرات كسونها * ترب الفدافد والبقاع بمنخل
والإعصار الغبار الذي يسطع مستديرا والجمع الأعاصير
قال:
وبينما المرء في الأحياء مغتبطا * إذا صار في الرمس تعفوه الأعاصير
ويقال في غبار العجاجة أيضا إعصار
قال الله تعالى * (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت)
ويقال مر فلان ولثيابه عصرة أي فوح طيب وهيجه
وهو مأخوذ من الإعصار
وفي الحديث (مرت امرأة متطيبة لذيلها عصرة)

343
ومن الباب العصر والاعتصار
قال الخليل الاعتصار أن يخرج من إنسان مال بغرم أو بوجه من الوجوه
قال ابن الأعرابي يقال بنو فلان يعتصرون العطاء
قال الأصمعي المعتصر الذي يأخذ من الشيء يصيب منه
قال ابن أحمر:
وإنما العيش بربانه * وأنت من أفنانه معتصر
ويقال للغلة عصارة
وفسر قوله تعالى * (وفيه يعصرون) * قال يستغلون بأرضيهم
وهذا من القياس لأنه شيء كأنه اعتصر كما يعتصر العنب وغيره
قال الخليل العصر العطاء
قال طرفة:
لو كان في أملاكنا أحد * يعصر فينا كالذي تعصر
أي تعطي
والأصل الثالث العصر الملجأ يقال اعتصر بالمكان إذا التجأ إليه
قال أبو دواد:
مسح لا يواري العير * منه عصر اللهب
ويقال ليس لك من هذا الأمر عصرة على فعلة وعصر على تقدير فعل أي ملجأ
وقال في العصرة:

344
* ولقد كان عصرة المنجود *
ويقال في قول القائل:
أعشى رأيت الرمح أو هو مبصر * لأستاهكم إذ تطرحون المعاصرا
إن المعاصر العمائم
وقالوا هي ثياب سود
والصحيح من ذلك أن المعاصر الدروع مأخوذ من العصر لأنه يعصر بها
والله أعلم
(باب العين والضاد وما يثلثهما)
(عضل) العين والضاد واللام أصل واحد صحيح يدل على شدة والتواء في الأمر
من ذلك العضل قال الأصمعي كل لحمة صلبة في عصبة فهي عضلة
يقال عضل الرجل يعضل عضلا
ومن الباب هو عضلة من العضل أي منكر داهية
وهو من القياس كأنه وصف بالشدة
والعضل من الرجال القوي
ومن الباب الداء العضال الأمر المعضل وهو الشديد الذي يعيي إصلاحه وتداركه
ويقال منه أعضل
ويقال إن ذا الإصبع تزوج امرأة فأتى قومه يسألهم مهرها فلم يعطوه فقال:
واحدة أعضلكم أمرها * فكيف لو درت على أربع

345
يقول عجزتم عن مهر واحدة فكيف لو تزوجت بأربع
يقال أعضله الأمر وأعضل به
وقال عمر أعضل بي أهل الكوفة ما يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير أي أعياني أمرهم
والمعضلات الشدائد
ويقال عضلت عليه أي ضيقت في أمره
وعضلت المرأة عضلا وعضلتها تعضيلا إذا منعتها من التزوج ظلما
قال الله تعالى * (ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) * أي تحيسوهن
ويقال عضلت المرأة إذا نشب الولد في رحمها فلم يسهل مخرجه
وشاة معضلة وغنم معاضيل
وعضلت الأرض بأهلها أي غصت بهم وضاقت لكثرتهم
قال أوس:
ترى الأرض منا بالفضاء مريضة * معضلة منا بجمع عرمرم
ويقال سنة عضل عسيرة
قال:
* فيا للناس للسنة العضل *
قال الفراء ما يأتينا خير فلان إلا معضلا أي في التواء ونكد
وعضل قبيلة وهو من هذا
(عضم) العين والضاد والميم قد ذكرت فيه كلمات عن الخليل وغيره وأراها غلطا من الرواة عنه
فأما الخليل فأعلى رتبة من أن يصحح مثل هذا
قال العضم مقبض القوس
وأنشدوا:
* رب عضم رأيت في جوف ضهر *

346
قالوا والضهر موضع في الجبل
وهذا كله كلام
والعضام عسيب البعير
والعضم خشبة ذات أصابع يذري بها الطعام
وعضم الفدان لوحه العريض
والعيضوم قالوا الأكول
وذكرنا هذا كله تعريفا أنه لا أصل له ولولا ذاك ما كان لذكره وجه
(عضو) العين والضاد والحرف المعتل أصل واحد يدل على تجزئة الشيء
من ذلك العضو والعضو
والتعضية أن يعضى الذبيحة أعضاء
والعضة القطعة من الشيء تقول عضيت الشيء أي وزعته
قال رؤبة:
* وليس دين الله بالمعضى *
أي بالمفرق
قال الخليل وقوله تعالى * (الذين جعلوا القرآن عضين) * أي عضة عضة ففرقوه آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه
والاسم منه التعضية
ومنه الحديث (لا تعضية في ميراث) أي لا تقسموا ما لا يحتمل القسم كالسيف والدرة وما أشبه ذلك
(عضب) العين والضاد والباء أصل صحيح واحد يدل على قطع أو كسر
قال الخليل العضب السيف القاطع
والعضب القطع نفسه
تقول عضبه يعضبه أي قطعه
ومنه رجل عضب اللسان وقد عضب لسانه عضوبا وعضوبة
وهذا إنما هو تشبيه بالسيف العضب
قال ابن دريد عضبت الرجل

347
بلساني إذا تناولته به شتمته ورجل عضاب إذا كان شتاما
وعضبنى الوعك أي نهكنى
ومن الباب الشاة العضباء المكسورة القرن
ويقال إن العضب يكون في أحد القرنين
وذكر ابن الأعرابي أن العضب في الأذن أن يذهب نصفها أو ثلثها وفي القرن إذا ذهب من مشاشه شيء
وحكي رجل أعضب أي قصير اليد
ويقال إن الأعضب من الرجال الذي لا إخوة له ولا ناصر ولا أحد له
(عضر) العين والضاد والراء لا أصل له في كلام العرب وإن ذكر فيه شيء فغير صحيح
(عضد) العين والضاد والدال أصل صحيح يدل على عضو من الأعضاء يستعار في موضع القوة والمعين
فالعضد ما بين المرفق إلى الكتف يقال عضد وعضد وهما عضدان والجمع أعضاد
وهي مؤنثة
ويقال فلان عضدي لمكان القوة التي في العضد
ورجل عضدي وعضادي
قال الخليل والعضد المعونة يقال عضدت فلانا أي أعنته
قال الله تعالى * (وما كنت متخذ المضلين عضدا)
قال ابن الأعرابي عضد الرجل قومه وعشيرته

348
ولذلك يقال يفت في عضده
وقال أعرابي لرجل استعانه فلم يعنه أنت والله العضد الثلماء نسبه إلى الضعف وإذا قصرت العضد أو دقت فهي عضدة
وأما العضد بفتح الضاد فهو داء يأخذ في العضد
قال النابغة:
شك الفريصة بالمدرى فأنفذها * شك المبيطر إذ يشفي من العضد
قال بعضهم لا يكون العضد إلا في الإبل خاصة
وناقة عضدة اشتكت عضدها
وإبل معضدة موسومة في أعضادها
ويقال للدملج المعضد والمعضاد لأنه في العضد يمسك
ويقال له العضاد أيضا
ويقال ذلك للذي يشد على العضد للنفقة
قال الخليل وأعضاد كل شيء ما يشد حواليه من البناء وذلك كأعضاد الحوض وهي صفائح من حجارة ينصبن حول شفيره الواحد عضد
قال لبيد:
راسخ الدمن على أعضاده * ثلمته كل ريح وسبل
وعضد الرحل خشبتان لزيقتان بالواسطة
وعضادة الباب مساكاه اللذان يطبق الباب عليهما
والعضيد النخلة تناول ثمرها بيدك
وممكن أن يسمى بذلك لأجل أن العضد تطاولها فتنالها
والرجل العضادى الممتلئ العضدين لحما
قال:
وأعجبها ذو شملة وهراوة * غلام عضادي سمين البآدل

349
قال والعاضد الذي يلزم جانب الإبل ولا بد لها من عاضدين لأن السواق خلفها والعاضدين من جانبيها
وأنشد ابن الأعرابي:
يا ليت لي بصاحبي صاحبا * إذا مشى لم يعضد الركائبا
أي لم يأتها من قبل أعضادها
والعاضد السهم يأخذ ناحية من الغرض لا يصيبه
وعضد الرجل عن الطريق مال
قال ابن السكيت العاضد من الجمال الذي يعضد الناقة فيتنوخها
قال:
صوي لها ذا كدنة جلاعدا * طوع السنان ذارعا وعاضدا
والأصل الآخر القطع
قال الخليل العضد قطع الشجرة بالمعضد وهو سيف ممتهن في قطع الشجر
والعاضد القاطع
وفي الحديث في مدينة الرسول (لا يعضد شجرها)
وقال في المعضد:
حسام إذا ما قمت منتصرا به * كفى العود منه البدء ليس بمعضد
قال ابن الأعرابي سيف معضد ومعضاد وعضاد أي قاطع
يقال عضدت الشجرة واسم ما يقطع منها العضيد والعضد
قال الهذلي:
الطعن شغشغة والضرب هيقعة * ضرب المعول تحت الديمة العضدا

350
ومما شذ عن هذين الأصلين الثوب المعضد وهو المخطط
قال:
* ولا ذوات الريط والمعضد *
(باب العين والطاء وما يثلثهما)
(عطف) العين والطاء والفاء أصل واحد صحيح يدل على انثناء وعياج
يقال عطفت الشيء إذا أملته
وانعطف إذا انعاج
ومصدر عطف العطوف
وتعطف بالرحمة تعطفا
وعطف الله تعالى فلانا على فلان عطفا
والرجل يعطف الوسادة يثنيها عطفا إذا ارتفق بها
قال لبيد:
ومجود من صبابات الكرى * عاطف النمرق صدق المبتذل
ويقال للجانبين العطفان سميا بذلك لأن الإنسان يميل عليهما
ألا ترى أنهم يقولون ثنى عطفه إذا أعرض عنك وجفاك
ويقال رجل عطوف في الحرب والخير وعطاف
وظبية عاطف إذا ربضت وعطفت عنقها
وفلان يتعاطف في مشيته إذا تمايل
والإنسان يتعطف بثوبه وهو شبه التوشح
والرداء نفسه عطاف لأنه يعطف
ثم يتسعون في ذلك فيسمون السيف عطافا لأنه يكون موضع الرداء
(عطل) العين والطاء واللام أصل صحيح واحد يدل على خلو وفراغ
تقول عطلت الدار ودار معطلة
ومتى تركت الإبل بلا راع فقد عطلت

351
وكذلك البئر إذا لم تورد ولم يستق منها
قال الله تبارك وتعالى * (وبئر معطلة) * وقال تعالى * (وإذا العشار عطلت) *
وكل شيء خلا من حافظ فقد عطل
من ذلك تعطيل الثغور وما أشبهها
ومن هذا الباب العطل وهو العطول يقال امرأة عاطل إذا كانت لا حلي لها والجمع عواطل
قال:
يرضن صعاب الدر في كل حجة * وإن لم تكن أعناقهن عواطلا
وقوس عطل لا وتر عليها
وخيل أعطال لا قلائد لها
وشذت عن هذا الأصل كلمة وهي الناقة العيطل وهي الطويلة في حسن
وربما وصفت بذلك المرأة قال ذو الرمة في الناقة:
نصبت له ظهري على متن عرمس * رواع الفؤاد حرة الوجه عيطل
(عطن) العين والطاء والنون أصل صحيح واحد يدل على إقامة وثبات
من ذلك العطن والمعطن وهو مبرك الإبل
ويقال إن إعطانها أن تحبس عند الماء بعد الورد
قال لبيد:
عافتا الماء فلم نعطنهما * إنما يعطن من يرجو العلل
ويقال كل منزل يكون مألفا للإبل فهو عطن والمعطن ذلك الموضع
قال:

352
ولا تكلفني نفسي ولا هلعي * حرصا أقيم به في معطن الهون
وقال آخرون لا يكون أعطان الإبل إلا على الماء فأما مباركها في البرية وعند الحي فهو المأوى وهو المراح أيضا
وهذا البيت الذي ذكرناه في معطن الهون يدل على أن المعطن يكون حيث تحبس الإبل في مباركها أين كانت وبيت لبيد يدل على القول الآخر والأمر قريب
ومن الباب عطن الجلد وهو أن يوضع في الدباغ
(عطو) العين والطاء والحرف المعتل أصل واحد صحيح يدل على أخذ ومناولة لا يخرج الباب عنهما
فالعطو التناول باليد
قال امرؤ القيس:
وتعطو برخص غير شثن كأنه * أساريع ظبي أو مساويك إسحل
يصف المرأة أنها تسوك
والظبي يعطو وذلك إذا رفع يديه متطاولا إلى الشجرة ليتناول الورق
وقال:
تخل بقرنيها برير أراكة * وتعطو بظلفيها إذا الغصن طالها
قال الخليل ومنه اشتق الإعطاء
والمعاطاة المناولة
ويقال عاطى الصبي أهله إذا عمل لهم وناول ما أرادوا
والعطاء اسم لما يعطى وهي العطية والجمع عطايا وجمع العطاء أعطية
قال:
تعاطيه أحيانا إذا جيد جودة * رضابا كطعم الزنجبيل المعسل

353
ويقولون إن التعاطي تناول ما ليس له بحق يقال فلان يتعاطى ظلم فلان
وفي كتاب الله تعالى * (فتعاطى فعقر) *
ومن أمثال العرب عاط بغير أنواط أي إنه يسمو إلى الأمر ولا آلة له عنده كالذي يتعلق ولا متعلق له
(عطب) العين والطاء والباء كلمتان لا تتقاربان في المعنى
فالأولى العطب وهو الهلاك يقال عطب وأعطبه غيره
والكلمة الأخرى العطب وهو القطن
(عطد) العين والطاء والدال ذكرت فيه كلمة والقياس لا يسوغها لكنهم يقولون العطود السير السريع الشاق
وينشدون:
* إليك أشكو عنقا عطودا *
(عطر) العين والطاء والراء أصل واحد لعله أن يكون صحيحا وهو العطر للأشياء المعالجة بالطيب وفاعله العطار
وامرأة عطرة ومعطير
وقال:
* يتبعن جأبا كمدق المعطير *
(عطس) العين والطاء والسين كلمة واحدة ثم تستعار وهي العطاس يقال عطس يعطس
ويقال للأنف معطس بالكسر والفتح في الطاء

354
ويستعار ذلك فيقال عطس الصبح إذا انفلق
وقد قالوا إن العطاس الصبح في قوله:
* وقد أغتدي قبل العطاس بهيكل *
(عطش) العين والطاء والشين أصل واحد صحيح وهو العطش يقال منه عطش يعطش عطشا
ويقال إن المعاطش مواقيت الظمأ
قال ذو الرمة:
لا تشتكي سقطة منها وقد رقصت * بها المعاطش حتى ظهرها حدب
(باب العين والظاء وما يثلثهما)
(عظم) العين والظاء والميم أصل واحد صحيح يدل على كبر وقوة
فالعظم مصدر الشيء العظيم
تقول عظم يعظم عظما وعظمته أنا
فإذا عظم في عينيك قلت أعظمته واستعظمته
ومعظم الشيء أكثره
وعظمة الذراع مستغلظها
وهي العظيمة النازلة الملمة الشديدة
قال:
إن تنج منها تنج من ذي عظيمة * وإلا فإني لا إخالك ناجيا
ومن الباب العظم معروف وهو سمي بذلك لقوته وشدته

355
(عظب) العين والظاء والباء
يقولون عظب الطائر إذا حرك زمكاه
وهو كلام
والعنظب الجراد الضخم النون زائدة
(عظل) العين والظاء واللام أصل صحيح
يقال تعاظل الكلاب إذا تسافدت وهي تعاظل
وجراد عظلى من ذلك وفلان لا يعاظل في شعره بين القوافي أي لا يجعل بعضها على بعض
ونرى أن ذلك إما أن يكون الذي يسمى الإيطاء أي لا يكرر القوافي أو أن يكون الذي يسمى التضمين وهو أن يكون تمام البيت في البيت الذي بعده

356
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله عين)
قال الخليل المعلهج الرجل اللئيم
وأنشد:
فكيف تساميني وأنت معلهج * هذارمة جعد الأنامل حنكل
وهذا إن كان صحيحا فالهاء فيه زائدة لما قلناه إنهم يزيدون في الحروف من الكلمة تعظيما للشئ أو تهويلا وتقبيحا
وإنما هو من العلج وقد فسرناه
العزاهيل قالوا هي الإبل المهملة واحدها عزهول
ينشدون للشماخ:
حتى استغاث بأحوى فوقه حبك * يدعو هديلا به العزف العزاهيل
وهذا أيضا إن كان صحيحا فالهاء زائدة كأنها أهملت فاعتزلت ومرت حيث شاءت
العيهرة المرأة الفاجرة والزائدة في ذلك الياء وإنما هو من العهر
العباهل جمع العبهل وهي الإبل التي أهملت ترد كيف شاءت ومتى شاءت
قال:

357
* عباهل عبهلها الوراد *
وبه شبهت الملوك الذين لا فوق يدهم يد
هذا مما زيدت فيه الباء والأصل العيهل والعيهلة التي لا تستقر
وقد فسرناه
(العراهم) الناعم التار
وقصب (عرهوم) وبعير عراهم طويل
وهذا مما زيدت فيه الراء وإنما هي من العيهامة والعيهمة وهي من النوق الطويلة
وقد مر
(والعفاهم) الجلد القوي
وكل قوي عفاهم
قال:
* من عنفوان جريه العفاهم *
وهذا مما زيدت فيه الفاء وهو من العيهمة أيضا
(العبهر) الضخم الخلق وكل عظيم عبهر
وامرأة عبهرة
قال الأعشى:
عبهرة الخلق لباخية * تزينه بالخلق الظاهر
وهذا مما زيدت العين في أوله وأصله من البهر أي إنها تبهر بخلقها
وقد فسرنا البهر
(العلهب) التيس الطويل القرنين ويوصف به الثور
قال جرير:
إذا قعست ظهور بني تميم * تكشف عن علاهبة الوعول

358
وهذا مما زيدت فيه الهاء وإنما هو من العلب
والعلب النخل الطوال
وقد مر
(العشنق) الطويل الجسم
وهذا مما زيدت فيه الشين وإنما هو من العنق
وليس ببعيد أن يكون العين زائدة أيضا
فإن كان كذا فالكلمة منحوتة من كلمتين من العنق والشنق
وقد فسرناهما
وقد قال الخليل امرأة عشنقة طويلة العنق ونعامة عشنقة
فهذا يدل على صحة ما قلناه
(العسلق) كل سبع جرؤ على الصيد والجمع عسالق
وهذه من ثلاث كلمات من عسق به إذا لازمه ومن علق ومن سلق
وكل ذلك قد فسر
(العسقول) قطعة السراب
وهذا مما زيدت فيه اللام
والأصل العسق يقال إنه الإطاقة بالشيء من اللزوم الذي ذكرناه
(العسلق) الظليم
ممكن أن يكون من السرعة ويكون القاف زائدة ويكون من العسلان ويمكن أن يكون العين زائدة ويكون من السلق والتسلق
وكل ذلك جيد
(العنقود) معروف وهو من العقد كأنه شيء عقد بعضه ببعض
(العرقوب) عقب موتر خلف الكعبين
وعرقبت الدابة قطعت عرقوبها
وهذا مما زيدت فيه الراء وإنما الأصل العقب للإنسان وحده

359
ثم جعل العرقوب له ولغيره
ويستعار العرقوب فيقال لمنحني من الوادي فيه التواء شديد عرقوب
وقال:
ومخوف من المناهل وحش * ذي عراقيب آجن مدفان
قال الخليل وعراقيب الأمور عصاويدها وذلك إدخال اللبس فيها
ويتمثل الناس فيقولون يوم أقصر من عرقوب القطاة
(العقرب) معروفة والباء فيه زائدة وإنما هو من العقر ثم يستعار فيقال للذي يقرص الناس إنه لتدب عقاربه
ودابة معقرب الخلق أي ملزز مجتمع شديد
(العفلق) الفرج رخوا واسعا
وهذا منحوت من عفق والعفاقة ومن فلق
(العقبول) قالوا بقية المرض واللام زائدة إنما هو مرض يعقب المرض العظيم
(العضنكة) المرأة اللفاء العجز التي ضاق ملتقى فخذيها لكثرة اللحم
وهذا مما زيدت فيه العين وإنما هو من الضنك وهو الضيق
وقد مر تفسير الضناك

360
(عركس) قال الخليل عركس أصل بناء اعرنكس وذلك إذا تراكم الشيء بعضه على بعض يقال اعرنكس
قال العجاج في وصف الليل:
* واعرنكست أهواله واعرنكسا *
وهذا الذي قاله منحوت من عكس وعرك وذلك أنه شيء يتراد بعضه على بعض ويتراجع ويعارك بعضه كأنه يلتف به
(اعلنكس) الشعر إذا اشتد سواده وكثر
وهذا هو من الأول واللام بدل من الراء وقد فسرناه
عركست الشيء جمعت بعضه على بعض وهذا من عكس وركس وقد فسرا
(عكمس) الليل إذا أظلم
قال:
* والليل ليل مظلم عكامس *
وهذا من عكس وعمس لأن في عمس معنى من معاني الإخفاء والظلمة تخفي يقال عمس عليه الخبر وقد فسر
(العلكد) الشديد
وهذا من عكد ومن العلود وهو الشديد ومن اللكد وهو تداخل الشيء بعضه في بعض
قال:
* أعيس مضبور القراء علكدا *

361
(العكبرة) من النساء الجافية العلجة
قال الخليل هي العكباء في خلقها
قال:
عكباء عكبرة في بطنها ثجل * وفي المفاصل من أوصالها فدع
وهذا الأمر ظاهر أن الراء فيه زائدة
والأصل العكب والعكب وقد مضى ذكره
(العكركر) اللبن الغليظ
وهذا أيضا مما كررت حروفه
والأصل العكر
(العلكوم) الناقة الجسيمة السمينة
قال لبيد:
* تروي الحدائق بازل علكوم *
وهذا من عكم واللام زائدة كأنها عكمت باللحم عكما
(العفضاج) السمين الرخو
وهذا مما زيدت فيه الضاد وهو من العين والفاء والجيم كأنه ممتلئ الأعفاج وهي الأمعاء
(العجلد) اللبن الخاثر
وهذا مما زيدت فيه العين كأنه شبه بالجلد في كثافته

362
(والعجلط) مثله والطاء بدل الدال
(العشنط) الطويل من الرجال والجمع عشنطون وعشانط
وهذا مما زيدت فيه الشين وإنما هو من عنط وهو بناء عنطنط
والعنشط مثل هذا
قال:
أتاك من الفتيان أروع ماجد * صبور على ما نابه غير عنشط
(العشوزن) الملتوي العسر الخلق من كل شيء
وقال:
إذا عض الثقاف بها اشمأزت * ووليتم عشوزنة زبونا
وهذا منحوت من عشز وشزن
العشزان مشي الأقزل
والشزن المكان الصلب
(العشنزر) الشديد
وهذا مما زيدت فيه العين والنون وأصله من الشزر وقد مر
قال:
* ضربا وطعنا باقرا عشنزرا *
(العيسجور) الناقة السريعة
وهذا مما زيدت فيه الياء والراء وإنما هو من عسجت في سيرها
وقد مضى ذكر العاسج
(العجنس) الجمل الضخم والنون فيه زائدة
وهو مما ذكرناه في باب العجس والعجاساء
قال:

363
يتبعن ذا هداهد عجنسا * إذا الغرابان به تمرسا
(العجلزة) الفرس الشديد الخلق
وقد نص الخليل في ذلك على شيء فقال اشتقاق هذا النعت من جلز الخلق
وهو يصحح ما نذكره في هذا وشبهه
فقد أعلمك أن العين فيه زائدة
وقال:
* وعجلزة يزل اللبد فيها *
(العجرد) العريان
وهذا أيضا مما زيدت فيه العين وإنما هو من جرد وتجرد من ثيابه
ومنه (العنجرد) وهي المرأة السليطة الجريئة والعين في ذلك زائدة وإنما هو من تجردها للخصومة وقلة حيائها
قال:
عنجرد تحلف حين أحلف * شيطانة مثل الحمار الأعرف
(العجنجر) الغليظ
يقال زبد عجنجر
وهذا مما زيدت حروفه للمعنى الذي ذكرناه
وهو من تعجر إذا تعقد
قال:
مخضت وطبي فرغا وجرجرا * أخرج منه زبدا عجنجرا
(العشجل) الواسع الضخم من الأسقية والأوعية
قال:
* يسقى به ذات فروغ عئجلا *
وهذا مما زيدت فيه العين وإنما هو من الثجلة
والأثجل البطن الواسع

364
العجرفية جفوة في الكلام وخرق في العمل وهذا منحوت من شيئين من جرف وعجر كأنه يجرف الكلام جرفا في تعقد
والعجر التعقد
يستعار هذا فيقال لحوادث الدهر عجاريف
قال قيس:
لم تنسني أم عمار نوى قذف * ولا عجاريف دهر لا تعريني
أي لا تخليني وذلك أنها تجىء جارفة في شدة
العجرم الغليظ والميم فيه زائدة
الأصل الأعجر
العلجوم الظلمة المتراكمة
قال ذو الرمة:
أو مزنة فارق يجلو غواربها * تبوج البرق والظلماء علجوم
وهذا مما زيدت فيه الميم وإنما هو من اعتلاج الظلم بعضها ببعض
العطبول الوطيئة من النساء الممتلئة
قال:
فسرنا وخلفنا هبيرة بعدنا * وقدامه البيض الحسان العطابل
وهذا مما زيدت فيه الطاء وإنما هو من عبالة الجسم
وممكن أن يكون منحوتا من عطل فالعطل الجسم المجرد كأنه يقول عطلها عبل
وهذا أجود
العمرس الشرس الخلق القوي
وهذا مما زيدت فيه العين وإنما هو من الشيء المرس وهو الشديد الفتل

365
العترسة الغلبة والأخذ من فوق
وجاء رجل بغريم له إلى عمر فقال عمر أتعترسه أي تغضبه وتقهره
والعتريس من الغيلان الذكر
ومنه العنتريس الناقة الوثيقة وقد يوصف به الفرس
وقال:
كل طرف موثق عنتريس * مستطيل الأقراب والبلعوم
والعنتريس الداهية
وهذا كله مما زيدت فيه التاء وإنما هو من عرس بالشيء إذا لازمه
والنون أيضا زائدة في العنتريس
العنتر الشجاع
وهذا مما زيدت فيه النون والأصل العتر من عتر الرمح
وسمي الشجاع بذلك لسرعته إلى اللقاء وكثرة حركاته فيه
العنبس من أسماء الأسد
قال الخليل إذا نعته قلت عنبس وعنابس وإذا خصصته باسم قلت عنبسة لم تذكر الأسد
وهذا مما زيدت فيه النون وهو فنعل من العبوس
العملس الذئب الخبيث
يقال عملس دلجات
قال الطرماح:
يودع في الأمراس كل عملس * من المطعمات الصيد ذات الشواحن
وهذا مما زيدت فيه اللام
وممكن أن يكون من كلمتين من عمل وعمس

366
تقول هو عمول عموس يركب رأسه ويمضي فيما يعمله
عرمس اسم للصخرة وبه سميت الناقة الصلبة
قال:
* وجناء مجمرة المناسم عرمس *
وهذا مما زيدت فيه الميم والأصل عرس وقد شبهت بعرس البناء
العنسل الناقة السريعة الوثيقة الخلق
وهذا من كلمتين من عنس ونسل فعنس من قوة خلقها سميت بالعنس وهي الصخرة
ونسل في السرعة والذهاب
عربس وعربسيس متن مستو من الأرض
قال العجاج:
* وعربس منها بسير وهس *
وقال الطرماح:
تواكل عربسيس الأرض مرتا * كظهر السيح مطرد المتون
وهذا مما زيدت فيه الباء وإنما هو من المعرس أي إنه مستو سهل للتعريس فيه
العبسورة والعبسرة الناقة السريعة
قال:

367
لقد أراني والأيام تعجبني * والمفقرات بها الخور العباسير
والسين في ذلك زائدة وإنما هو من ناقة عبر أسفار
وقد مر تفسيره
يوم عمرس شديد ذو شر
قال الأريقط:
* عمرس يكلح عن أنيابه *
وهذا منحوت من يوم عماس شديد
ومن المرس الشيء الشديد الفتل وقد فسرا
عمروس الحمل إذا بلغ النزو
وهذا مما زيدت فيه الميم وهو من عرس بالشيء لازمه وأولع به
وممكن أن تكون منحوتة من عرس ومرس لأنه يتمرس بالإناث ويعرس بها
اعرنزمت الأرنبة واللهزمة إذا ضخمت واشتدت
قال:
لقد أوقدت نار الشرورى بأرؤس * عظام اللحى معرنزمات اللهازم
وهذا منحوت من عرز ورزم
أما رزم فاجتمع ومنه سميت رزمة الثياب قد ذكرناها
وأما عرز فمن عرز إذا تقبض وتجمع
العملط الشديد من الرجال وكذلك من الإبل
وقال:
أما رأيت الرجل العملطا *

368
وهذا مما زيدت فيه العين وإنما هو من الملط وقد ذكر في بابه
العرزال ما يجمعه الأسد في مأواه من شئ يمهد لأشباله كالعش
وعرزال الصياد أهدامه وخرقها التي يمتهدها ويضطجع عليها في القترة
قال:
* ما إن يني يفترش العرازلا *
ويقال العرزال ما يجمع من القديد في قترته
وهذا منحوت من كلمتين من عزل وعرز يعزله ويعرزه أي يجمعه كما قلت أعرز إذا تقبض وتجمع
العصفر نبات
وهذا إن كان معربا فلا قياس له وإن كان عربيا فمنحوت من عصر وصفر يراد به عصارته وصفرته
العصفور طائر ذكر العين فيه زائدة وإنما هو من الصفير الذي يصفره في صوته
وما كان بعد هذا فكله استعارة وتشبيه
فالعصفور الشمراخ السائل من غرة الفرس
والعصفور قطعة من الدماغ
قال:
* عن أم فرخ الرأس أو عصفورة *
والعصفور في الهودج خشبة تجمع أطراف خشبات فيه
والجمع عصافير
قال الطرماح:
* كل مشكوك عصافيره *

369
العرصاف العقب المستطيل
والعراصيف أوتاد تجمع رؤوس أحناء الرحل
وهذا مما زيدت فيه العين وإنما هو من رصفت ومن الرصاف وهو العقب وقد مر
العرصم الرجل القوي الشديد البضعة
وهذا من العرص وهو النشاط
ويقال العرصم
وقياسه واحد
العنصر أصل الحسب وهذا مما زيدت فيه النون وهو في الأصل العصر وهو الملجأ وقد فسرناه لأن كلا يئل في الانتساب إلى أصله الذي هو منه
العنفص المرأة القليلة ويقال هي الخبيثة الداعرة
قال الأعشى:
ليست بسوداء ولا عنفص * تسارق الطرف إلى داعر
وهذا القول الثاني أقيس وهو من عفصت الشيء إذا لويته كأنها عوجاء الخلق وتميل إلى ذوي الدعارة
العصلبي الشديد الباقي
قال:
* قد ضمها الليل بعصلبى *
وهو منحوت من ثلاث كلمات من عصب ومن صلب ومن عصل وكل

370
ذلك من قوة الشيء وقد مر تفسيره
وقد أومأ الخليل إلى بعض ما قلناه
فقال عصلبته شدة عصبه
العميثل الضخم الثقيل
والعميثل كل شئ في إبطاء
وامرأة عميثلة ضخمة ثقيلة
قال أبو النجم:
* ليس بملتاث ولا عميثل *
وهذا مما زيدت فيه الميم
والأصل عثل
والعثول البطئ الثقيل
وقد مر
العرندد الصلب من كل شيء
قال:
* تداركتها ركضا بسير عرندد *
وهذا مما زيدت فيه النون وضوعفت الدال لزيادة المعنى
والأصل العرد وهو القوي وقد مر
العنابل الوتر الغليظ
قال:
* والقوس فيها وتر عنابل *
وهذا منحوت من عنب وعبل وكلاهما يدل على امتداد وشدة
اليعفور الخشف
قال الخليل سمي بذلك لكثرة لزوقه بالأرض
قال:

371
تقطع القوم إلى أرحلنا * آخر الليل بيعفور خدر
وهذا مما زيدت الياء في أوله وإنما هو من العفر وهو وجه الأرض والتراب
العمرط الجسور الشديد
ويقال عمرد وهذا من العرد
وهو الشديد والميم زائدة والطاء بدل من الدال
العقنباة الداهية من العقبان والجمع عقنبيات
وهذا مما زيدت فيه الزوائد تهويلا وتفخيما
وهو أيضا مما يوضح ذلك الطريق الذي سلكناه في هذه المقايسات لأن أحدا لا يشك في أن عقنباة إنما أصلها عقاب لكن زيد فيه لما ذكرناه
فافهم ذلك
عنقفير الداهية
وهذا مما هول أيضا بالزيادة
يقولون للداهية عنقاء ثم يزيدون هذه الزيادات كما قد كررنا القول فيه غير مرة
علطميس جارية تارة حسنة القوام
وناقة علطميس شديدة ضخمة
والأصل في هذا عيطموس واللام بدل من الياء والياء بدل من الواو
وكل ما زاد على العين والطاء في هذا فهو زائد وأصله العيطاء الطويلة والطويلة العنق

372
عرندس شديد
كل ما زاد فيه على العين والراء والدال فهو زائد وأصله عرد وهو الشديد وقد ذكرناه
عرمرم الجيش الكثير
وهذا واضح لمن تأمله فعلم أن ما زاد فيه على العين والراء والميم فهو زائد
وإنما زيد فيه ما ذكرناه تفخيما وإلا فالأصل فيه العرام والعرم
عنجرد المرأة الجريئة السليطة
وهذا معناه أنها تتجرد للشر
العين والنون زائدة

373
(كتاب الغين باب الغين وما معها في المضاعف والمطابق)
(غف) الغين والفاء كلمة واحدة لا تتفرع وهي البلغة ويقال له غفة من العيش
قال:
* وغفة من قوام العيش تكفيني *
واغتفت الخيل غفة من الربيع إذا أصابت منه شبعا ولم تستكثر
قال:
وكنا إذا ما اغتقت الخيل غفة * تجرد طلاب الترات مطلب
(غق) الغين والقاف ليس بشيء إنما يحكى به الصوت يغلي يقال غق
(غل) الغين واللام أصل صحيح يدل على تخلل شيء وثبات

375
شيء كالشئ يغرز
من ذلك قول العرب غللت الشيء في الشيء إذا أثبته فيه كأنه غرزته
قال:
وعين لها حدرة بدرة * إلى حاجب غل فيه الشفر
والغلة والغليل العطش
وقيل ذلك لأنه كالشئ ينغل في الجوف بحرارة
يقال بعير غلان أي ظمآن
والغلل الماء الجاري بين الشجر
ومنه الغلول في الغنم وهو أن يخفى الشيء فلا يرد إلى القسم كأن صاحبه قد غله بين ثيابه
ومن الباب الغل وهو الضغن ينغل في الصدر
فأما قول النبي عليه السلام
(لا إغلال ولا إسلال) فالإغلال الخيانة والقياس فيه واضح
قال النمر:
جزى الله عنا جمرة ابنة نوفل * جزاء مغل بالأمانة كاذب
وأما الحديث:
(ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن) فمن قال لا يغل فهو من الإغلال وهو الخيانة
ومن قال لا يغل فهو من الغل والضغن

376
ومن الباب الغلان الأودية الغامضة واحدها غال وذلك أن سالكها ينغل فيها
والغلالة شعار يلبس تحت الثوب وبطانة تلبس تحت الدرع
ومن الباب الغلة وهو الفدام يكون على رأس الإبريق والجمع غلل قال لبيد:
لها غلل من رازقي وكرسف * بأيمان عجم ينصفون المقاولا
والغلغلة سرعة السير
ورسالة مغلغلة محمولة من بلد إلى بلد
وهو القياس لأنها تتخلل البلاد وتنغل فيها
قال:
أبلغ أبا مالك عني مغلغلة * وفي العتاب حياة بين أقوام
ومن الباب الغليل النوى يغل في القت يخلط به تعلفه الإبل
قال:
سلاءة كعصا النهدي غل لها * ذو فيئة من نوى قران معجوم
(غم) الغين والميم أصل واحد صحيح يدل على تغطية وإطباق
تقول غممت الشيء أغمه أي غطيته
والغمم أن يغطي الشعر القفا والجبهة في بنائه
يقال رجل أغم وجبهة غماء
قال:

377
فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا * أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
ومن الباب الغمام جمع غمامة
وقياسه واضح
ومنه الغمامة وهي الخرقة تشد على أنف الناقة شدا كي لا تجد الريح
قال قوم كل ما سد الأنف فهو غمامة
وغم الهلال إذا لم ير
وفي الحديث
(فإن غم عليكم فاقدروا له)
أي غطى الهلال
ويقال يوم غم وليلة غمة إذا كانا مظلمين
وغمه الأمر يغمه غما وهو شيء يغشى القلب معروف
وأما الغمغمة فهي أصوات الثيران عند الذعر والأبطال عند الوغى
وقد قلنا إن هذه الحكايات لا تكاد يكون لها قياس
(غن) الغين والنون أصيل صحيح وهو يدل على صوت كأنه غير مفهوم إما لاختلاطه وإما لعله تصاحبه
من ذلك قولهم قرية غناء يراد بذلك تجمع أصواتهم واختلاط جلبتهم
وواد أغن ملتف النبات فترى الريح تجرى فيه ولها غنة ويكون ذلك من كثرة ذبابه
ومنه الغنة في الرجل الأغن وهو خروج كلامه كأنه بأنفه
(غى) الغين والياء المشددة أو المضاعفة أصل صحيح يدل على إظلال الشيء لغيره
وفي الحديث
(تجىء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان)
والجمع غيايات
قال لبيد

378
فتدليت عليه قافلا * وعلى الأرض غيايات الطفل
(غب) الغين والباء أصل صحيح يدل على زمان وفترة فيه
من ذلك الغب هو أن ترد الإبل يوما وتدع يوما
والمغببة الشاة تحلب يوما وتترك يوما
وأغببت الزيارة من الغب أيضا
ومنه أيضا قولهم غبب في الأمر إذا لم يبالغ فيه كأنه زيدت فترة أوقعها فيه
ومن الباب قولهم رويد الشعر يغب وذلك أن يترك إنشاده حتى يأتي عليه وقت
ويقولون غب الأمر إذا بلغ آخره
ولحم غاب إذا لم يؤكل لوقته بل ترك وقتا وفترة
(غت) الغين والتاء ليس بشيء إنما هو إبدال تاء من طاء
تقول غططته وغتته
ومنه شيء يجري مجرى الحكاية
يقال غت في الضحك إذا ضحك في خفاء
وغت أتبع القول القول أو الشرب الشرب
(غث) الغين والثاء أصل صحيح يدل على فساد في الشيء
من ذلك قولهم لبست فلانا على غثيثة فيه أي فساد عقل ورأي
والغثيثة المدة في الجرح
ومن ذلك اللحم الغث ليس بالسمين
ويقولون أغث الحديث أي صار غثا فاسدا
قال:
خود يغث الحديث ما صمتت * وهو بفيها ذو لذة طرف

379
ويقال فلان لا يغث عليه شيء أي لا يمتنع من شئ حتى الغث عنده سمين
وأما الغثغثة فتجري مجرى الحكاية يقال غثغثت الثوب إذا غسلته ورددته في يديك
ويقال إن الغثغثة القتال الضعيف بلا سلاح شبه بغثغثة الثوب حين يغسل
(غد) الغين والدال كلمة وهي الغدة في اللحم معروفة
قال الراجز:
* فهب له حليلة مغدادا *
قالوا هي الدائمة الغضب كأن في حلقها غدة
(غذ) الغين والذال كلمة وهي إغذاذ السير
وذلك ألا يكون فيه ونية ولا فترة
ومنه غذ الجرح وأغذ إذا برأ ولم يسكن نداه فهو يندى أبدا
(غر) الغين والراء أصول ثلاثة صحيحة الأول المثال والثاني النقصان والثالث العتق والبياض والكرم
(فالأول الغرار المثال الذي يطبع عليه السهام
ويقال ولدت فلانة أولادها على غرار واحد أي جاءت بهم واحدا بعد واحد على مثال واحد
وأصل هذا الغر وهو الكسر في الثوب
يقال اطو الثوب على غره أي كسره ومثاله الأول
والغرة سنة الإنسان وهي وجهه ثم يعبر عن الجسم كله به

380
من ذلك في الجنين غرة عبد أو أمة أي عليه في ديته نسمة عبد أو أمة
قال:
كل قتيل في كليب غره * حتى ينال القتل آل مره
ومن الباب الغرير وهو الضمين يقال أنا غريرك من فلان أي كفيلك
وإنما سمي غريرا لأنه مثال المضمون عنه يؤخذ بالمال مثل ما يؤخذ المضمون عنه
ومحتمل أن يكون غرار السيف وهو حده من هذا
وكل شيء له حد فحده غرار لأنه شيء إليه انتهى طبع السيف ومثاله
وأما النقصان فيقال غارت الناقة تغار غرارا إذا نقص لبنها
وفي الحديث
(لا غرار في صلاة ولا تسليم)
فالغرار في الصلاة ألا يتم ركوعها أو سجودها
والغرار في السلام أن يقول السلام عليك أو يرد فيقول وعليك
ومنه الغرار وهو النوم القليل
قال الشاعر
إن الرزية من ثقيف هالك * ترك العيون فنومهن غرار
وقال جرير
ما بال نومك في الفراش غرارا * لو كان قلبك يستطيع لطارا
ومن الباب بيع الغرر وهو الخطر الذي لا يدري أيكون أم لا كبيع العبد الآبق والطائر في الهواء
فهذا ناقص لا يتم البيع فيه أبدا
وغر الطائر فرخه إذا زقه وذلك لقلته ونقصان ما معه

381
والأصل الثالث الغرة
وغرة كل شيء أكرمه
والغرة البياض
وكل أبيض أغر
ويقال لثلاث ليال من أول الشهر غرة
ومن الباب الغرير وهو الخلق الحسن
يقولون للشيخ أدبر غريره وأقبل هريره
ومما يقارب هذا الغرارة وهي كالغفلة وذلك أنها من كرم الخلق قد تكون في كل كريم
فأما المذموم من ذلك فهو من الأصل الذي قبل هذا لأنه من نقصان الفطنة
ومما شذ عن هذه الأصول إن صح شيء ذكره الشيباني أن الغرغر دجاج الحبش واحدتها غرغرة
وأنشد
ألفهم بالسيف من كل جانب * كما لفت العقبان حجلي وغرغرا
(غز) الغين والزاء وليس فيها شيء
وغزة بلد
(غس) الغين والسين ليس فيه إلا قولهم رجل غس إذا كان ضعيفا
ومنه قول أوس
مخلفون ويقضي الناس أمرهم * غسو الأمانة صنبور فصنبور

382
(غش) الغين والشين أصول تدل على ضعف في الشيء واستعجال فيه
من ذلك الغش
ويقولون الغش أ لا تمحض النصيحة
وشرب غشاش قليل
وما نام إلا غشاشا أي قليلا ولقيته غشاشا وذلك عند مغيربان الشمس
(غص) الغين والصاد ليس فيه إلا الغصص بالطعام ويقال رجل غصان
قال
لو بغير الماء حلقي شرق * كنت كالغصان بالماء اعتصاري
(غض) الغين والضاد أصلان صحيحان يدل أحدهما على كف ونقص والآخر على طراوة
فالأول الغض غض البصر
وكل شيء كففته فقد غضضته
ومنه قولهم تلحقه في ذلك غضاضة أي أمر يغض له بصره
والغضغضة النقصان
وفي الحديث
(لقد مر من الدنيا ببطنته لم يغضغض)
ويقولون هو بحر لا يغضغض
وغضغضت السقاء نقصته
وكذلك الحق
والأصل الآخر الغض الطري من كل شيء
ويقال للطلع حين يطلع غضيض

383
(غط) الغين والطاء أصيل صحيح فيه معنيان أحدهما صوت والآخر وقت من الأوقات
فالأول غطيط الإنسان في نومه
ومنه الغطاط وهي القطا سميت لصوتها غطاطا
قال
فأثار فارطهم غطاطا جثما * أصواته كتراطن الفرس
والأصل الآخر الغطاط قال قوم هو الصبح
وأنشدوا
* قام إلى حمراء في الغطاط *
وقال آخرون هو سدف الظلام
وقالوا في بيت ابن أحمر
* أولى الوعاوع كالغطاط المقبل *
من فتح شبههم بالقطا ومن ضم فإنه شبههم بسواد السدف كثرة
وأما غططته في الماء فممكن أن يكون ذلك الصوت الذي يكون من الماء عندها وممكن أن يكون من سدف الظلام كأنه سترته بالماء وغطيته

384
(باب الغين والفاء وما يثلثهما)
(غفق) الغين والفاء والقاف أصل صحيح يدل على خفة وسرعة وتكرير في الشيء مع فترات تكون بين ذلك
من ذلك قولهم غفق إبله وذلك إذا أسرع إيرادها ثم كرر ذلك
ويقولون ظل يتغفق الشراب إذا جعل يشربه ساعة بعد ساعة
ويقال غفق غفقة من الليل إذا نام نومة خفيفة والغفق المطر ليس بالشديد ويقال غفقة بالسوط غفقات
والغفق الهجوم على الشيء من غير قصد ويقال للآيب من غيبته فجاءة
وغفق الحمار الأتان أتاها مرة بعد مرة
(غفر) الغين والفاء والراء عظم بابه الستر ثم يشذ عنه ما يذكر
فالغفر الستر
والغفران والغفر بمعنى
يقال غفر الله ذنبه غفرا ومغفرة وغفرانا
قال في الغفر
في ظل من عنت الوجوه له * ملك الملوك ومالك الغفر
ويقال غفر الثوب إذا ثار زئبره
وهو من الباب لأن الزئبر يغطي وجه الثوب
والمغفر معروف
والغفارة خرقة يضعها المدهن على هامته
ويقال

385
الغفير الشعر السائل في القفا
وذكر عن امرأة من العرب أنها قالت لابنتها اغفرى غفيرك تريد غطيه
والغفيرة الغفران أيضا
قال:
* يا قوم ليست فيهم غفيرة *
ومما شذ عن هذا الغفر ولد الأروية وأمه مغفر
والغفر النكس في المرض
قال:
خليلي إن الدار غفر لذي الهوى * كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم
فأما المغفور فشئ يشبه بالصمغ يخرج من العرفط
(غفل) الغين والفاء واللام أصل صحيح يدل على ترك الشيء سهوا وربما كان عن عمد
من ذلك غفلت عن الشيء غفلة وغفولا
وذلك إذا تركته ساهيا
وأغفلته إذا تركته على ذكر منك له
ويقولون لكل ما لا معلم له
غفل كأنه غفل عنه
فيقولون أرض غفل لا علم بها
وناقة غفل لا سمة عليها
ورجل غفل لم يجرب الأمور
(غفوى) الغين والفاء والحرف المعتل أصيل كأنه يدل على مثل ما دل عليه الأول من الترك للشيء إلا أن هذا يختص بأنه جنس من النوم
من ذلك أغفى الرجل من النوم يغفي إغفاء
والإغفاءة المرة الواحدة
قال

386
فلو كنت ماء كنت ماء غمامة * ولو كنت نوما كنت أغفاءة الفجر
من ذلك الغفو وهي الزبية وذلك أن الساقط فيها كأنه غفل وأغفى حتى سقط
ومما شذ عن هذا الغفى وهو الرذال عن الشئ
يقال أغفى الطعام كثر غفاه أي الردي منه
(غفص) الغين والفاء والصاد كلمة واحدة
غافصت الرجل أخذته على غرة
والله أعلم بالصواب
(باب الغين واللام وما يثلثهما)
(غلم) الغين واللام والميم أصل صحيح يدل على حداثة وهيج شهوة
من ذلك الغلام
هو الطار الشارب
وهو بين الغلومية والغلومة والجمع غلمة وغلمان
ومن بابه اغتلم الفحل غلمة هاج من شهوة الضراب
والغيلم الجارية الحدثة
والغيلم الشاب والغيلم ذكر السلاحف
وليس بعيدا أن يكون قياسه قياس الباب
(غلوى) الغين واللام والحرف المعتل أصل صحيح في الأمر يدل على ارتفاع ومجاوزة قدر
يقال غلا السعر يغلو غلاء وذلك ارتفاعه
وغلا

387
الرجل في الأمر غلوا إذا جاوز حده
وغلا بسهمه غلوا إذا رمى به سهما أقصى غايته
قال:
* كالسهم أرسله من كفه الغالي *
وتغالى الرجلان تفاعلا من ذلك
وكل مرماة عند ذلك غلوة
وغلت الدابة في سيرها غلوا واغتلت اغتلاء وغالت غلاء
وفي أمثالهم جري المذكيات غلاء وتغالى النبت ارتفع وطال
وتغالى لحم الدابة إذا انحسر عنه وبره
وذلك لا يكون إلا من قوة وسمن وعلو
وغلت القدر تغلي غليانا
والغلواء أن يمر على وجهه جامحا
قال:
لم تلتفت للداتها * ومضت على غلوائها
وأما الغالية من الطيب فممكن أن يكون من هذا أي هي غالية القيمة
يقولون تغللت وتغليت من الغالية
(غلب) الغين واللام والباء أصل صحيح يدل على قوة وقهر وشدة
من ذلك غلب الرجل غلبا وغلبا وغلبة قال الله تعالى:
* (وهم من بعد غلبهم سيغلبون) *
والغلاب المغالبة
والأغلب الغليظ الرقبة
يقال غلب يغلب غلبا
وهضبة غلباء وعزة غلباء
وكانت تغلب تسمى الغلباء
قال:

388
وأورثني بنو الغلباء مجدا * حديثا بعد مجدهم القديم
واغلولب العشب بلغ كل مبلغ
والمغلب من الشعراء المغلوب مرارا
والمغلب أيضا الذي غلب خصمه أو قرنه كأنه غلب على خصمه أي جعلت له الغلبة
(غلت) الغين واللام والتاء فيه كلمة يقولون الغلت في الحساب مثل الغلط في غيره
وفي بعض الحديث: (لا غلت في الإسلام)
(غلث) الغين واللام والثاء أصل صحيح واحد يدل على الخلط والمخالطة
من ذلك غلثت الطعام خلطت حنطة وشعيرا
وهو الغليث
ورجل غلث إذا خالط الأقران في القتال لزوما لما طلب
ويقال غلث به إذا لزمه وغلث الذئب بالغنم لازمها
فأما قولهم غلث الزند إذا لم ير فهو كلام غير ملخص وذلك أن معناه أنه زند غير منتخب وإنما هو خلط من الزنود قد أخذ من العرض مختلطا بغيره
يراد بالغلث خشبة وإذا كان كذلك لم ير
(غلج) الغين واللام والجيم كلمة تدل على البغي والسطوة
تقول العرب هو يتغلج علينا أي يبغي
وعير مغلج شلال للعانة
ويكون تغلجه أيضا أن يشرب ويتلمظ بلسانه

389
(غلس) الغين واللام والسين كلمة واحدة وهو الغلس وذلك ظلام آخر الليل
يقال غلسنا أي سرنا غلسا
قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا
وقولهم وقع في تغلس أي داهية هو من هذا لأنه يقع في أمر مظلم لا يعرف المخرج منه
(غلط) الغين واللام والطاء كلمة واحدة وهي الغلط خلاف الإصابة
يقال غلط يغلط غلطا
وبينهم أغلوطة أي شيء يغالط به بعضهم بعضا
(غلف) الغين واللام والفاء كلمة واحدة صحيحة تدل على غشاوة وغشيان شيء لشيء
يقال غلاف السيف والسكين
وقلب أغلف كأنما أغشي غلافا فهو لا يعي شيئا
قال الله تعالى:
* (وقالوا قلوبنا غلف) * أي أغشيت شيئا فهي لا تعي
وقرئت:
* (غلف) * أي أوعية للعلم
والقياس في ذلك كله واحد
ويقولون تغلف بالغالية وليس ببعيد مما ذكرناه
(غلق) الغين واللام والقاف أصل واحد صحيح يدل على نشوب شيء في شيء
من ذلك الغلق يقال منه أغلقت الباب فهو مغلق
وغلق

390
الرهن في يد مرتهنة إذا لم يفتكه
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(لا يغلق الرهن)
قال الفقهاء هو أن يقول صاحب الرهن لصاحب الدين آنيتك بحقك إلى وقت كذا وإلا فالرهن لك
فنهى النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك الاشتراط
وكل شيء لم يتخلص فقد غلق
قال زهير:
وفارقتك برهن لا فكاك له * يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
ويقال المغلق السهم السابع في الميسر لأنه يستغلق شيئا وإن قل
قال لبيد:
وجزور أيسار دعوت لحتفها * بمغالق متشابه أجسامها
ويقال غلق ظهر البعير فلا يبرأ من الدبر
ومنه غلقت النخلة ذوت أصول سعفها فانقطع حملها
والله أعلم بالصواب

391
(باب الغين والميم وما يثلثهما)
(غمن) الغين والميم والنون كلمة واحدة لا يقاس عليها
يقولون غمنت الجلد إذا لينته فهو غمين
(غمى) الغين والميم والحرف المعتل يدل على تغطية وتغشية
من ذلك غميت البيت إذا سقفته والسقف غماء
ومنه أغمي على المريض فهو مغمى عليه إذا غشي عليه
(غمج) الغين والميم والجيم أصل واحد يدل على حركة ومجئ وذهاب
يقال للفصيل غمج وهو يتغامج بين أرفاغ أمه إذا جاء وذهب ويقولون للرجل لا يستقيم خلقه غمق والغمج شرب الماء وهو قريب القياس من الأول
(غمد) الغين والميم والدال أصل واحد صحيح يدل على تغطية وستر
من ذلك الغمد للسيف غلافه
يقال غمدته أغمده غمدا
ويقال تغمده الله برحمته كأنه يغمره بها
وتغمدت فلانا جعلته تحتك حتى تغطيه والنسبة إلى غامد غامدي وهو حي من اليمن واشتقاقه مما ذكرناه
(غمر) الغين والميم والراء أصل صحيح يدل على تغطية وستر في بعض الشدة
من ذلك الغمر الماء الكثير وسمي بذلك لأنه يغمر ما تحته
ثم يشتق من ذلك فيقال فرس غمر كثير الجري شبه جريه في كثرته بالماء الغمر
ويقال للرجل المعطاء غمر وهو غمر الرداء
قال كثير:

392
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا * غلقت لضحكته رقاب المال
ومن الباب الغمرة الانهماك في الباطل واللهو
وسميت غمرة لأنها شيء يستر الحق عن عين صاحبها
وغمرات الموت شدائده التي تغشى
وكل شدة غمرة سميت لأنها تغشى
قال:
* الغمرات ثم ينجلينا *
ومما يصحح هذا القياس الغمير وهو نبات أخضر يغمره اليبيس
ويقال دخل في غمار الناس وهي زحمتهم وسميت لأن بعضا يستر بعضا
وفلان مغامر يرمي بنفسه في الأمور كأنه يقع في أمور تستره فلا يهتدي لوجه المخلص منها
ومنه الغمر وهو الذي لم يجرب الأمور كأنها سترت عنه
قال:
أناة وحلما وانتظارا غدا بهم * فما أنا بالوانى ولا الضرع الغمر
والغمر الحقد في الصدر وسمي لأن الصدر ينطوي عليه
يقال: غمر

393
عليه صدره
والغمر العطش وهو مشبه بالغمر الذي هو الحقد والجمع الأغمار
قال:
* حتى إذا ما بلت الأغمارا *
ومن الباب غمر اللحم وهو رائحته تبقى في اليد كأنها تغطي اليد
فأما الغمر فهو القدح الصغير وليس ببعيد أن يكون من قياس الباب كأن الماء القليل يغمره
ويجوز أن يكون شاذا عن ذلك الأصل
قال:
تكفيه حزة فلذ إن ألم بها * من الشواء ويروي شربه الغمر
(غمز) الغين والميم والزاء أصل صحيح وهو كالنخس في الشئ بشئ ثم يستعار
من ذلك غمزت الشيء بيدي غمزا
ثم يقال غمز إذا عاب وذكر بغير الجميل
والمغامز المعايب
وفي عقل فلان غميزة كأنه يستضعف
ومما يستعار غمز بجفنه أشار
ومنه غمز الدابة من رجله كأنه يغمز الأرض برجله
(غمس) الغين والميم والسين أصل واحد صحيح يدل على غط الشيء
يقال غمست الثوب واليد في الماء إذا غططته فيه
وفي الحديث:
(إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء)
والغمير تحت اليبيس يقال له الغميس

394
ومن الباب الغميس وهو مسيل صغير بين مجامع الشجر
والمغامسة رمي الرجل نفسه في سطة الحرب
ويمين غموس قال قوم معناه أنها تغمس صاحبها في الإثم
وقال قوم الغموس النافذة
والمعنيان وإن اختلفا فالقياس واحد لأنها إذا نفذت فقد انغمست
قال:
ثم نفذته ونفست عنه * بغموس أو ضربة أخدود
ويقال للأمر الشديد الذي يغط الإنسان بشدته غموس
قال:
متى تأتنا أو تلقنا في ديارنا * تجد أمرنا أمرا أحذ غموسا
(غمص) الغين والميم والصاد أصيل يدل على حقارة
يقال غمصت الشيء إذا احتقرته
وفي الحديث:
(إنما ذلك من غمص الناس) أي حقرهم
والغمص في العين كالرمص
ومنه الشعرى الغميصاء كأنها ليس لها ضوء العبور فهي الغميصاء كالعين التي بها غمص
(غمض) الغين والميم والضاد أصل صحيح يدل على تطامن في الشيء وتداخل
فالغمض ما تطامن من الأرض وجمعه غموض
ثم يقال غمض الشيء من العلم وغيره فهو غامض
ودار غامضة إذا لم تكن شارعة بارزة

395
ونسب غامض لا يعرف
وغمض عينه وأغمضها بمعنى
وهو قياس الباب
ويقال ما ذقت غمضا من النوم ولا غماضا أي كقدر ما تغمض في العين
ويقال أغمض لي فيما بعتني كأنك تزيد الزيادة منه لرداءته والحط من ثمنه
وهو أيضا من إغماض العين أي اتركه كأنك لا تراه
والمغمضات الذنوب يركبها الرجل وهو يعرفها لكنه يغمض عنها كأنه لم يرها
ويقال غمضت الناقة إذا ردت على الحوض فحملت على الذائد مغمضة عينيها فوردت
قال أبو النجم:
* يرسلها التغميض إن لم ترسل *
وأغمضت حد السيف إذا رققته أي كأنك لرقته أخفيته عن العيون
(غمط) الغين والميم والطاء كلمة واحدة
يقال غمط النعمة احتقرها
وغمط الناس احتقرهم
فأما قولهم أغمطت عليه الحمي إذا لزمته ودامت عليه فليس من هذا لأن الميم فيه بدل من باء الأصل أغبطت
وقد ذكر
(غمق) الغين والميم والقاف كلمة واحدة وهي الغمق كثرة الندى
يقال أرض غمقة ونبات غمق
وليلة غمقة لثقة
(غمل) الغين والميم واللام) أصيل يدل على ضيق في الشيء وغموض
يقال لما ضاق من الأودية غملول
واشتق من هذا غملت الأديم

396
إذا غممته ليتفسخ عنه صوفه
وهو غميل
ويقال الغملول كل ما اجتمع من شجر أو غمام أو ظلمة حتى تسمى الزاوية غملولا
والله أعلم بالصواب
(باب الغين والنون وما يثلثهما)
(غنم) الغين والنون والميم والنون أصل صحيح واحد يدل على إفادة شيء لم يملك من قبل ثم يختص به ما أخذ من مال المشركين بقهر وغلبة
قال الله تعالى:
* (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول) *
ويقولون غناماك أن تفعل كذا أي غايتك والأمر الذي تتغنمه
وغنم قبيلة
ولعل اشتقاق الغنم من هذا وليس ببعيد
(غنى) الغين والنون والحرف المعتل أصلان صحيحان أحدهما يدل على الكفاية والآخر صوت
فالأول الغنى في المال
يقال غني يغنى غني
والغناء بفتح الغين مع المد الكفاية
يقال لا يغني فلان غناء فلان أي لا يكفي كفايته
وغني عن كذا فهو غان
وغني القوم في دارهم أقاموا كأنهم استغنوا بها ومغانيهم منازلهم
والغانية المرأة
قال قوم معناه أنها استغنت بمنزل أبويها
وقال آخرون استغنت ببعلها
ويقال استغنت بجمالها عن لبس الحلي
قال الأعشى:

397
ولكن لا يصيد إذا رماها * ولا تصطاد غانية كنود
والغنيان الغنى
قال قيس:
أجد بعمرة غنيانها * فتهجر أم شاننا شانها
ويقال تغنيت بكذا وتغانيت به إذا أنت استغنيت به
قال الأعشى:
وكنت امرءا زمنا بالعراق * عفيف المناخ طويل التغن
وقال في التغانى:
كلانا غني عن أخيه حياته * ونحن إذا متنا أشد تغانيا
والأصل الآخر الغناء من الصوت والأغنية اللون من الغناء
(غنج) الغين والنون والجيم كلمة واحدة الغنج وهو الشكل والدل
(غنظ) الغين والنون والظاء كلمة واحدة
يقال إن الغنظ الهم اللازم
غنظه الأمر يغنظه
قال:
ولقد رأيت فوارسا من قومنا * غنظوك غنظ جرادة العيار

398
(باب الغين والهاء وما يثلثهما)
(غهب) الغين والهاء والباء أصل صحيح يدل على ظلام وقلة ضياء ثم يستعار
فالغيهب الظلمة يقال للأدهم من الخيل الشديد الدهمة غيهب
ويستعار هذا فيقال للغفلة عن الشيء غهب
يقال غهب عنه إذا غفل
(باب الغين والواو وما يثلثهما)
(غوى) الغين والواو والحرف المعتل بعدهما أصلان أحدهما يدل على خلاف الرشد وإظلام الأمر والآخر على فساد في شيء
فالأول الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والانهماك في الباطل يقال غوى يغوي غيا
قال:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
وذلك عندنا مشتق من الغياية وهي الغبرة والظلمة تغشيان كأن ذا الغي قد غشيه ما لا يرى معه سبيل حق
ويقال تغايا القوم فوق رأس فلان بالسيوف كأنهم أظلوه بها
ويقال وقع القوم في أغوية أي داهية

399
وأمر مظلم
والتغاوي التجمع ولا يكون ذلك في سبيل رشد
والمغواة حفرة الصائد والجمع مغويات
وفي الحديث: (يحبون أن يكونوا مغويات) يراد أنهم يحتجنون الأموال كالصائد الذي يصيد
فأما الغاية فهي الراية وسميت بذلك لأنها تظل من تحتها
قال:
قد بت سامرها وغاية تاجر * وافيت إذ رفعت وعز مدامها
ثم سميت نهاية الشيء غاية
وهذا من المحمول على غيره إنما سميت غاية بغاية الحرب وهي الراية لأنه ينتهي إليها كما يرجع القوم إلى رايتهم في الحرب
والأصل الآخر قولهم غوي الفصيل إذا أكثر من شرب اللبن ففسد جوفه
والمصدر الغوي
قال:
معطفة الأثناء ليس فصيلها * برازئها درا ولا ميت غوى
(غوث) الغين والواو والثاء كلمة واحدة وهي الغوث من الإغاثة وهي الإعانة والنصرة عند الشدة
وغوث قبيلة

400
(غوج) الغين والواو والجيم كلمة واحدة وهي الفرس الغوج إذا كان عريض الصدر
وربما سموا كل لين غوجا
(غور) الغين والواو والراء أصلان صحيحان أحدهما خفوض في الشيء وانحطاط وتطامن والأصل الآخر إقدام على أخذ مال قهرا أو حربا
فالأول قولهم لقعر الشئ غوره
ويقال غار الماء غورا وغارت عينه غؤورا
قال الله تعالى:
* (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا) *
ويقال غارت الشمس غيارا غابت
قال الهذلي:
هل الدهر إلا ليلة ونهارها * وإلا طلوع الشمس ثم غيارها
والغور تهامة وما يلي اليمن سميت بذلك لأنها خلاف النجد
والنجد مرتفع من الأرض
يقال غار الرجل إذا أتى الغور وأغار
قال:
نبي يرى ما لا ترون وذكره * أغار لعمري في البلاد وأنجدا
وغور الرجل إذا نزل للقائلة كأنه نزل مكانا هابطا
ولا يكادون يفعلون إلا كذا
وغور القرحة من هذا أيضا
والأصل الآخر الإغارة
يقال أغار بنو فلان على بني فلان إغارة وغارة
وإغارة الثعلب عدوه
وهو من هذا أيضا

401
(غوص) الغين والواو والصاد أصل صحيح يدل على هجوم على أمر متسفل
من ذلك الغوص الدخول تحت الماء
والهاجم على الشيء غائص
وغاص على العلم الغامض حتى استنبطه
(غوط) الغين والواو والطاء أصل صحيح يدل على اطمئنان وغور
من ذلك الغائط المطمئن من الأرض والجمع غيطان وأغواط
وغوطة دمشق يقال إنها من هذا كأنها أرض منخفضة
وربما قالوا انغاط العود إذا تثنى وإذا تثنى فقد انخفض وقياسه صحيح (غول) الغين والواو واللام أصل صحيح يدل على ختل وأخذ من حيث لا يدري
يقال غاله يغوله أخذه من حيث لم يدر
قالوا والغول بعد المفازة لأنه يغتال من مر به
قال:
* به تمطت غول كل ميلة *
والغول من السعالى سميت لأنها تغتال
والغيلة الاغتيال والياء واو في الأصل
والمغول سيف دقيق له قفا وأظنه سمي مغولا لأنه يستر بقراب حتى لا يدرى ما فيه
والله أعلم
(غود) الغين والواو والدال أصيل يدل على لين شيء وتثن
فالأغيد الوسنان المائل العنق والجمع غيد
والغيداء الفتاة الناعمة كأنها تتثنى
والمصدر الغيد

402
(باب الغين والياء وما يثلثهما)
(غيب) الغين والياء والباء أصل صحيح يدل على تستر الشيء عن العيون ثم يقاس
من ذلك الغيب ما غاب مما لا يعلمه إلا الله
ويقال غابت الشمس تغيب غيبة وغيوبا وغيبا
وغاب الرجل عن بلده
وأغابت المرأة فهي مغيبة إذا غاب بعلها
ووقعنا في غيبة وغيابة أي هبطة من الأرض يغاب فيها
قال الله تعالى في قصة يوسف عليه السلام:
* (وألقوه في غيابة الجب) *
والغابة الأجمة والجمع غابات وغاب
وسميت لأنه يغاب فيها
والغيبة الوقيعة في الناس من هذا لأنها لا تقال إلا في غيبة
(غيث) الغين والياء والثاء أصل صحيح وهو الحيا النازل من السماء
يقال جادنا غيث وهذه أرض مغيثة ومغيوثة
وغثنا أي أصابنا الغيث
قال ذو الرمة ما رأيت أفصح من أمة آل فلان قلت لها كيف كان المطر عندكم قالت غثنا ما شينا
(غير) الغين والياء والراء أصلان صحيحان يدل أحدهما على صلاح وإصلاح ومنفعة والآخر على اختلاف شيئين

403
فالأول الغيرة وهي الميرة بها صلاح العيال
يقال غرت أهلي غيرة وغيارا أي مرتهم
وغارهم الله تعالى بالغيث يغيرهم ويغورهم أي أصلح شأنهم ونفعهم
ويقال ما يغيرك كذا أي ما ينفعك
قال:
ماذا يغير ابنتي ربع عويلهما * لا ترقدان ولا بؤسي لمن رقدا
ومن هذا الباب الغيرة غيرة الرجل على أهله
تقول غرت على أهلي غيرة
وهذا عندنا من الباب لأنها صلاح ومنفعة
والأصل الآخر قولنا هذا الشيء غير ذاك أي هو سواه وخلافه
ومن الباب الاستثناء بغير تقول عشرة غير واحد ليس هو من العشرة
ومنه قوله تعالى:
* (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين الفاتحة 7) *
فأما الدية فإنها تسمى الغير
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل طلب القود بولي له قتل (ألا الغير) يريد ألا تقبل الغير
فهذا محتمل أن يكون من الأول لأن في الدية صلاحا للقاتل وبقاء له ولدمه
ويحتمل أن يكون من الأصل الثاني لأنه قود فغير إلى الدية أي أخذ غير القود أي سواه
قال في الغير:

404
لنجد عن بأيدينا أنوفكم * بني أميمة إن لم تقبلوا الغيرا
(غيس) الغين والياء والسين يقولون إن غيسان الشباب حدته وعنفوانه
(غيض) الغين والياء والضاد أصيل يدل على نقصان في شيء وغموض وقلة
يقال غاض الماء يغيض خلاف فاض
وغيض إذا نقصه غيره
قال الله تعالى:
* (وغيض الماء) *
وأما الغموض فالغيضة الأجمة سميت لغموضها ولأن السائر فيها لا يكاد يرى
(غيظ) الغين والياء والظاء أصيل فيه كلمة واحدة يدل على كرب يلحق الإنسان من غيره
يقال غاظني يغيظني
وقد غظتني يا هذا
ورجل غائظ وغياظ
قال سميت غياظا ولست بغائظ عدوا ولكن الصديق تغيظ:
غيف) الغين والياء والفاء أصيل صحيح يدل على ميل وميل وعدول عن الشيء
من ذلك تغيف إذا تميل
وتغيفت الشجرة بأغصانها يمينا وشمالا
ومن الباب غيف الرجل إذا جبن فمال عن نهج القتال
قال القطامي:

405
* فيغيفون ونرجع السرعانا *
(غيق) الغين والياء والقاف كلمة واحدة
يقولون غيق في رأيه تغييقا اختلط فيه
(غيل) الغين والياء واللام أصلان صحيحان أحدهما يدل على اجتماع والآخر نوع من الإرضاع
فالأول الغيل الشجر المجتمع الملتف
وما يبعد أن يكون أصل هذا الواو ويعود إلى غاله يغوله والغيل الساعد الريان الممتلئ
قال:
* بيضاء ذات ساعدين غيلين *
ومن الباب الغيل الماء الجاري
والأصل الأخر أن يجامع الرجل امرأته وهي مرضع وهي الغيلة
وفي الحديث:
(لقد هممت أن أنهى عن الغيلة)
قال:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع * فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
(غيم) الغين والياء والميم كلمة تدل على ستر شيء لشيء
من ذلك

406
الغيم وهو معروف
يقال غامت السماء وتغيمت وأغامت
ومن الباب الغيم وهو العطش وحرارة الجوف لأنه شيء يغشى القلب
(غين) الغين والياء والنون قريب من الذي قبله
فالغين الغيم
قال:
كأني بين خافيتي عقاب * أصاب حمامة في يوم غين
والغين العطش
ويقال غين على قلبه كأن شيئا غشيه
وفي الحديث
(إنه ليغان على قلبي)
ومن الباب شجرة غيناء وهي الكثيرة الورق الملتفة الأغصان والجمع غين
ويقال إن الغينة الروضة
والقياس في ذلك كله واحد
والله أعلم
(باب الغين والألف وما يثلثهما)
(غار) الغين والألف والراء
والألف في هذا الباب لا تكون إلا مبدلة
فالغار نبات طيب
قال:
رب نار بت أرمقها * تقضم الهندي والغارا

407
والغار لغة في الغيرة وقد مر تفسيرها
قال:
لهن نشيج بالنشيل كأنها * ضرائر حرمي تفاحش غارها
والغار الجيش العظيم
ومن ذلك حديث علي عليه السلام: (ما ظنك بامرئ جمع بين هذين الغارين)
والغار غار الفم
والغار أصل الرجل وقبيلته
والغار الكهف
وقد مضى قياس ذلك كله
والله أعلم
(باب الغين والباء وما يثلثهما)
(غبر) الغين والباء والراء أصلان صحيحان أحدهما يدل على البقاء والآخر على لون من الألوان
فالأول غبر إذا بقي
قال الله تعالى:
* (إلا امرأتك كانت من الغابرين) * ويقال بالناقة غبر أي بقية
وبه غبر من مرض أي بقية
قال ابن مقبل أو غيره:
فإن سألت عني سليمى فقل لها * به غبر من دائه وهو صالح
ومن الباب عرق غبر أي لا يزال ينتقض كأن به أبدا غبرا
وتغبرت المرأة الشيخ أخذت بقية مائه

408
والأصل الآخر الغبار سمي لغبرته
وهي لونه
والأغبر كل لون لون غبار
وقول طرفة:
رأيت بني غبراء لا ينكرونني * ولا أهل هذاك الطراف الممدد
فبني غبراء هم المحاويج الفقراء وذلك أنهم مغبرة ألوانهم وهم أهل المتربة
والغبراء الأرض
والغبيراء نبيذ الذرة ولعل في لونه غبرة
فأما داهية الغبر فهو عندي من هذا الباب ويراد أنها غبراء أي مظلمة مشبهة لا يرى وجه المأتى لها
ومما شذ عن هذين الأصلين ما حكاه ابن السكيت أغبرت في طلب الحاجة جددت
(غبس) الغين والباء والسين كلمة تدل على لون من الألوان
قالوا الغبسة لون كلون الرماد
ويقال فرس أغبس
قال بعضهم هو الذي يقال له سمند
فأما قولهم لا أفعله ما غبا غبيس فهو الدهر
قال ابن الأعرابي ما أدري ما أصله
(غبش) الغين والباء والشين كلمة تدل على ظلمة وإظلام
من ذلك الغبش شدة الظلمة
وأغباش الليل ظلمه
قال ذو الرمة:

409
أغباش ليل تمام كان طارقه * تطخطخ الغيم حتى ما له جوب
قال أبو عبيد الغبش البقية من الليل وجمعه أغباش
(غبط) الغين والباء والطاء أصل صحيح له ثلاثة وجوه أحدها دوام الشيء ولزومه والآخر الجس والآخر نوع من الحسد
فالأول قولهم أغبطت عليه الحمى أي دامت
وأغبطت الرحل على ظهر البعير إذا أدمته عليه ولم تحطه عنه
ولذلك سمي الرحل غبيطا والجمع غبط قال الحارث بن وعلة:
أم هل تركت نساء الحي ضاحية * في قاعة الدار يستوقدن بالغبط
ومن هذا الغبطة حسن الحال ودوام المسرة والخير
والأصل الآخر الغبط يقال غبطت الشاة إذا جسستها بيدك تنظر بها سمن
قال:
إني وأتيي بجيرا حين أسأله * كالغابط الكلب يرجو الطرق في الذنب
ومن هذا الباب الغبيط أرض مطمئنة كأنها غبطت حتى اطمأنت

410
والثالث الغبط وهو حسد يقال إنه غير مذموم لأنه يتمنى ولا يريد زوال النعمة عن غيره والحسد بخلاف هذا
وفي الدعاء اللهم غبطا لا هبطا) ومعناه اللهم نسألك أن نغبط ولا نهبط أي لا نحط
(غبق) الغين والباء والقاف كلمة واحدة وهي الغبوق شرب العشي
يقال غبقت القوم غبقا واغتبق اغتباقا
(غبن) الغين والباء والنون كلمة تدل على ضعف واهتضام
يقال غبن الرجل في بيعه فهو يغبن غبنا وذلك إذا اهتضم فيه
وغبن في رأيه وذلك إذا ضعف رأيه
والقياس في الكلمتين واحد
والغبينة من الغبن كالشتيمة من الشتم
والمغابن الأرفاغ سميت بذلك للينها وضعفها عن قوة غيرها
(غبي) الغين والباء والحرف المعتل أصل صحيح يدل على تستر شيء حتى لا يهتدى له
من ذلك الغبية وهي الزبية وسميت لأن المصيد جهلها حتى وقع فيها
ومنه غبي فلان غباوة إذا كان قليل الفطنة وهو غبي
وغبيت عن الخبر إذا جهلته
ويقال جاءت غبية من مطر وذلك إذا جاءت بظلمة واشتداد وتكاثف
(غبث) الغين والباء والثاء ليس بشيء
وذكروا عن الفراء أنه قال غبثت الأقط مثل عبثته

411
(باب الغين والتاء وما يثلثهما)
(غتم) الغين والتاء والميم أصل يدل على انغلاق في الشيء وانسداد
من ذلك الغتمة وهي العجمة في المنطق
ويقال للأخذ بالنفس الغتم
ويقال للرجل إذا مات ورد حياض غتيم وهو ذلك القياس لأنه يأتي بيته مسدودا
(باب الغين والثاء وما يثلثهما)
(غثر) الغين والثاء والراء أصيل يدل على تجمع من ناس غير كرام
يقولون الغثراء سفلة الناس وجماعتهم غيثرة وأصله من الأغثر وهو الطحلب المجتمع
والأغثر من الأكسية ما كثر صوفه
(غثم) الغين والثاء والميم كلمتان متباينتان فالأغثم من الشعر ما غلب بياضه سواده
قال:
* إما ترى دهرا علاني أغثمه *
والكلمة الأخرى غثمت له من مالي أعطيته
(غثى) الغين والثاء والحرف المعتل كلمة تدل على ارتفاع شيء دني

412
فوق شيء
من ذلك الغثاء غثاء السيل
يقال غثا الوادي يغثو وأغثى يغثى أيضا
قال:
كأن طمية المجيمر غدوة * من السيل والإغثاء فلكة مغزل
ويروى والغثاء ويقال لسفلة الناس الغثاء تشبيها بالذي ذكرناه ومن الباب غثت نفسه تغثي كأنها جاشت بشيء مؤذ
(باب الغين والدال وما يثلثهما)
(غدر) الغين والدال والراء أصل صحيح يدل على ترك الشيء
من ذلك الغدر نقض العهد وترك الوفاء به
يقال غدر يغدر غدرا
ويقولون في الذم يا غدر وفي الجمع يال غدر ويقال ليلة غدرة بينة الغدر أي مظلمة
وقيل لها ذلك لأنها تغادر الناس في بيوتهم فلا يخرجون من شدة ظلمتها
والغدير مستنقع ماء المطر وسمي بذلك لأن السيل غادره أي تركه
ومن الباب غدرت الشاة إذا تخلفت عن الغنم
فإن تركها الراعي فهي غديرة
والغدر الموضع الظلف الكثير الحجارة
وسمي بذلك لأنه لا يكاد يسلك فهو قد غودر أي ترك
ويقال رجل ثبت الغدر أي ثابت في كلام وقتال
وهذا مشتق من الكلمة التي قبله أي إنه لا يبالي أن يسلك الموضع الصعب الذي

413
غادره الناس من صعوبته
والغدائر عقائص الشعر لأنها تعقص وتغدر أي تترك كذلك زمانا
قال:
غدائره مستشزرات إلى العلى * تضل العقاص في مثنى ومرسل
(غدن) الغين والدال والنون أصيل صحيح يدل على لين واسترسال وفترة
من ذلك المغدودن الشعر الطويل الناعم المسترسل قال حسان:
وقامت ترائيك مغدودنا * إذا ما تنوء به آدها
والشباب الغداني الغض
قال:
* بعد غداني الشباب الأبله *
وأصل ذلك كله من الغدن وهو الاسترخاء والفترة
(غدف) الغين والدال والفاء أصل صحيح يدل على ستر وتغطية
يقال أغدفت المرأة قناعها أرسلته
قال:
إن تغدفي دوني القناع فإنني * طب بأخذ الفارس المستلئم
وأغدف الليل أرخى سدوله
وأما الغراب الضخم فإنه يسمى غدافا وهذا تشبيه بإغداف الليل إظلامه

414
(غدق) الغين والدال والقاف أصل صحيح يدل على غزر وكثرة ونعمة
من ذلك الغدق وهو الغزير الكثير
قال الله تعالى:
(لأسقيناهم ماء غدقا)
والغدق والغيداق الناعم من كل شيء
ويقال غدقت عين الماء تغدق غدقا
والغيداق الرجل الكريم الخلق
وزعم ناس أن الضب يسمى غيداقا ولعل ذلك لا يكون إلا لسمن ونعمة فيه
(غدو) الغين والدال والحرف المعتل أصل صحيح يدل على زمان
من ذلك الغدو يقال غدا يغدو
والغدوة والغداة وجمع الغدوة غدي وجمع الغداة غدوات
والغادية سحابة تنشأ صباحا
وأفعل ذلك غدا
والأصل غدوا
قال:
* بها حيث حلوها وغدوا بلاقع *
والغداء الطعام بعينه سمي بذلك لأنه يؤكل في ذلك الزمان
(باب الغين والذال وما يثلثهما)
(غذم) الغين والذال والميم أصل صحيح يدل على جنس من الأكل والشرب
من ذلك الغذم الأكل بجفاء وشدة
ويقال اغتذم الفصيل ما في ضرع أمه إذا شربه كله

415
(غذى) الغين والذال والحرف المعتل أصل صحيح يدل على شيء من المأكل وعلى جنس من الحركة
فأما المأكل فالغذاء وهو الطعام والشراب
وغذي المال وغذويه صغاره كالسخال ونحوها
وسمي غذويا لأنه يغذي
وأما الآخر فالغذوان النشيط من الخيل سمي لشبابه وحركته
ويقال غذى البعير ببوله يغذي إذا رمى به متقطعا
وغذا العرق يغذو أي يسيل دما
قال:
وطعن كفم الزق * غذا والزق ملآن
(باب الغين والراء وما يثلثهما)
(غرز) الغين والراء والزاء أصل صحيح يدل على رز الشيء في الشيء
من ذلك غرزت الشيء أغرزه غرزا
وغرزت رجله في الغرز
وغرزت الجرادة بذنبها في الأرض مثل رزت
والطبيعة غريزة كأنها شيء غرز في الإنسان
فأما قولهم اغترزت الشئ واغترزت السير اغترازا إذا دنا سيرك فمعناه تقريب السير أي كأني الآن وضعت رجلي في غرز الرحل
وأما قولهم غرزت الناقة إذا قل لبنها فمعناه من هذا أيضا كأن لبنها غرز في جسمها فلم يخرج

416
(غرس) الغين والراء والسين أصل صحيح قريب من الذي قبله
يقال غرست الشجر غرسا وهذا زمن الغراس
ويقال إن الغريسة النخلة أول ما تنبت
ومما شذ عن هذا الغرس جلدة رقيقة تخرج على رأس الولد
قال:
* كل جنين مشعر في غرس *
(غرض) الغين والراء والضاد من الأبواب التي لم توضع على قياس واحد وكلمة متباينة الأصول وسترى بعد ما بينهما
فالغرض والغرضة البطان وهو حزام الرحل
والمغرض من البعير كالمحزم من الدابة
والإغريض البرد ويقال بل هو الطلع
ولحم غريض طري
وماء مغروض مثله
والغرض الملالة يقال غرضت به ومنه والغرض الشوق
قال:
من ذا رسول ناصح فمبلغ * عني علية غير قيل الكاذب
أني غرضت إلى تناصف وجهها * غرض المحب إلى الحبيب الغائب

417
ويقال غرضت المرأة سقاءها مخضته
وغرضنا السخل نغرضه إذا فطمناه قبل إناه
والغرض النقصان عن الملء
يقال غرض في سقائك أي لا تملأه
ويقال ورد الماء غارضا أي مبكرا
والمغارض جوانب البطن أسفل الأضلاع الواحد مغرض
(غرف) الغين والراء والفاء أصل صحيح إلا أن كلمه لا تنقاس بل تتباين فالغرف مصدر غرفت الماء وغيره أغرفه غرفا والغرفة اسم ما يغرف
والغريف الأجمة والجمع غرف
قال:
* كما رزم العيار في الغرف *
والغرفة العلية
ويقال غرف ناصية فرسه إذا استأصلها جزا
(غرق) الغين والراء والقاف أصل واحد صحيح يدل على انتهاء في شيء يبلغ أقصاه
من ذلك الغرق في الماء
والغرقة أرض تكون في غاية الري
وأغرورقت العين والأرض من ذلك أيضا كأنها قد غرقت في دمعها
ومن الباب أغرقت في القوس مددتها غاية المد
واغترق الفرس في الخيل إذا خالطها ثم سبقها
ومما شذ عن هذا الباب الغرقة من اللبن قدر ثلث الإناء والجمع غرق
قال:

418
تضحي وقد ضمنت ضراتها غرقا * من طيب الطعم حلو غير مجهود
(غرل) الغين والراء واللام كلمة واحدة وهي الغرلة وهي القلفة
والأغرل الأقلف
ويقولون إن الغرل المسترخي الخلق
(غرم) الغين والراء والميم أصل صحيح يدل على ملازمة وملازة
من ذلك الغريم سمي غريما للزومه وألحاحه
والغرام العذاب اللازم في قوله تعالى:
* (إن عذابها كان غراما) *
قال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما وإن يعط * جزيلا فإنه لا يبالي
وغرم المال من هذا أيضا سمي لأنه مال الغريم
(غرن) الغين والراء والنون كلمة واحدة يقولون إن الغرين ما يبقى في الحوض من مائه وطينه
(غرو) الغين والراء والحرف المعتل أصل صحيح وهو يدل على الإعجاب والعجب لحسن الشيء
من ذلك الغري وهو الحسن
يقال منه رجل غر
ثم سمي العجب غروا
ومنه أغريته بالشئ الذي تلصق به الأشياء
ويقال غارت العين بالدمع غراء إذا لجت في البكاء
وغريت بالدمع
وقال الشاعر:

419
إذا قلت أسلو غارت العين بالبكا * غراء ومدتها مدامع حفل
(غرب) الغين والراء والباء أصل صحيح وكلمه غير منقاسة لكنها متجانسة فلذلك كتبناه على جهته من غير طلب لقياسه
فالغرب حد الشيء
يقال هذا غرب السيف
ويقولون كففت من غربه أي أكللت حده وقولهم استغرب الرجل إذا بالغ في الضحك ممكن أن يكون من هذا كأنه بلغ آخر حد الضحك
والغرب الدلو العظيمة
والغربان من العين مقدمها ومؤخرها
وغروب الأسنان ماؤها فأما الغروب فمجاري العين
قال:
ما لك لا تذكر أم عمرو * إلا لعينيك غروب تجري
والغرب أيضا بسكون الراء في قولهم أتاه سهم غرب إذا لم يدر من رماه به
وأما الغرب بفتح الراء فيقال إن الغرب الراوية
والغرب ما انصب من الماء عند البئر فتغيرت رائحته
قال ذو الرمة:
* واستنشئ الغرب *

420
والغرب شجر
ويقولون والله أعلم بصحته إن الغرب إناء من ذهب أو فضة
وينشدون:
فدعدعا سرة الركي كما * دعدع ساقي الأعاجم الغربا
والغرب الورم في المأق يقال منه غربت العين غربا
والغرب عرق يسقي ولا ينقطع
والغربة البعد عن الوطن يقال غربت الدار ومن هذا الباب غروب الشمس كأنه بعدها عن وجه الأرض
وشأو مغرب أي بعيد
قال:
أعهدك من أولى الشبيبة تطلب * على دبر هيهات شأو مغرب
ويقولون هل من مغربة خبر يريدون خبرا أتى من بعد
وفي كتاب الخليل إذا أمعنت الكلاب في طلب الصيد قيل غربت
وفيه نظر
والغارب أعلى الظهر والسنام
يقال ألقى حبله على غاربه إذا خلاه
والغراب معروف
والغرابان نقرتان عند صلوى العجز من الفرس
والغراب رأس الفأس ورجل الغراب نوع من الصر
قال الكميت:
* صر رجل الغراب *

421
والغربيب الأسود كأنه مشتق من لون الغراب
والمغرب الأبيض الأشفار من كل شيء
والغربي الفضيخ من البسر ينبذ
والغربي صبغ أحمر
(غرث) الغين والراء والثاء أصل صحيح يدل على الجوع
والغرث الجوع
ورجل غرثان
ويستعيرون هذا فيقولون جارية غرثى الوشاح لأنها دقيقة الخصر لا يملأ وشاحها وكأن وشاحها غرثان
(غرد) الغين والراء والدال كلمتان إحداهما صوت والأخرى نبت
فالأولى غرد الطائر في صوته يغرد تغريدا
والكلمة الأخرى الغرد الكمأة الواحدة غردة
والمغاريد نبت الواحدة مغرود وزعموا أنها هي الكمأة أيضا
(باب الغين والزاء وما يثلثهما)
(غزل) الغين والزاء واللام ثلاث كلمات متباينات لا تقاس منها واحدة بأخرى
فالأولى الغزل يقال غزلت المرأة غزلها والخشبة مغزل والجمع مغازل
والثانية الغزل وهو حديث الفتيان والفتيات
ويقال غزل الكلب غزلا وهو أن يطلب الغزال حتى إذا أدركه تركه ولها عنه
والثالثة الغزال وهو معروف والأنثى غزالة
ولعل اسم الشمس مستعار من هذا فإن الشمس تسمى الغزالة ارتفاع الضحى

422
(غزو) الغين والزاء والحرف المعتل أصلان صحيحان أحدهما طلب شيء والآخر في باب اللقاح
فالأول الغزو
ويقال غزوت أغزو
والغازي الطالب لذلك والجمع غزاة وغزي أيضا كما يقال لجماعة الحاج حجيج
والمغزية المرأة التي غزا زوجها
ويقال في النسبة إلى الغزو غزوي
والثاني قولهم أغزت الناقة إذا عسر لقاحها
وقال قوم الأتان المغزية التي يتأخر نتاجها ثم تنتج
قال الهذلي:
يرن على مغزيات العقا * ق يقرو بها قفرات الصلال
(غزد) الغين والزاء والدال ليس يشبه صحيح كلام العرب
وقد زعموا أن الغزيد الشديد الصوت وأن الغزيد النبات الناعم والله أعلم غزر الغين والزاء والراء كلمة واحدة وهو قولهم غزرت الناقة كثر لبنها غزرا وغزارة
وعين غزيرة ومعروف غزير

423
(باب الغين والسين وما يثلثهما)
(غسل) الغين والسين واللام أصل صحيح يدل على تطهير الشيء وتنقيته
يقال غسلت الشيء غسلا
والغسل الاسم
والغسول ما يغسل به الرأس من خطمي أو غيره
قال:
فيا ليل إن الغسل ما دمت أيما * علي حرام لا يمسني الغسل
ويقال فحل غسلة إذا كثر ضرابه ولم يلقح
والغسلين المذكور في كتاب الله تعالى يقال إنه ما ينغسل من أبدان الكفار في النار
(غسا) الغين والسين والحرف المعتل حرف واحد يدل على تناه في كبر أو غيره
يقال غسا الليل وأغسى
وشيخ غاس طال عمره
وروي أن قارئا قرأ وقد بلغت من الكبر غسيا
(غسر) الغين والسين والراء كلمة إن صحت تدل على اختلاط
يقولون تغسر الغزل إذا التبس
قال ابن دريد الغسر ما طرحته الريح في الغدير
ثم كثر حتى قالوا تغسر الأمر اختلط

424
(غسم) الغين والسين والميم ليس بشيء
وربما قالوا الغسم الظلمة
(غسن) الغين والسين والنون كلمة
يقولون إن الغسن خصل الشعر
ويقال للناصية غسنة
(غسق) الغين والسين والقاف أصل صحيح يدل على ظلمة
فالغسق الظلمة
والغاسق الليل
ويقال غسقت عينه أظلمت
وأغسق المؤذن إذا أخر صلاة المغرب إلى غسق الليل
وأما الغساق الذي جاء في القرآن فقال المفسرون ما تقطر من جلود أهل النار
(باب الغين والشين وما يثلثهما)
(غشم) الغين والشين والميم أصل واحد يدل على قهر وغلبة وظلم
من ذلك الغشم وهو الظلم
والحرب غشوم لأنها تنال غير الجاني
والغشمشم الذي لا يثنيه شيء من شجاعته
وزيد في حروفه للزيادة في المعنى
(غشى) الغين والشين والحرف المعتل أصل صحيح يدل على تغطية شيء بشيء
يقال غشيت الشيء أغشية
والغشاء الغطاء
والغاشية القيامة لأنها تغشى الخلق بإفزاعها
ويقال رماه الله بغاشية وهو داء يأخذ كأنه يغشاه
والغشيان غشيان الرجل المرأة

425
(باب الغين والصاد وما يثلثهما)
(غصن) الغين والصاد والنون كلمة واحدة وهي غصن الشجرة والجمع غصون وأغصان
ويقال غصنت الغصن قطعته
(باب الغين والضاد وما يثلثهما)
(غضف) الغين والضاد والفاء أصل صحيح يدل على استرخاء وتهدم وتغش
من ذلك الأغضف من السباع ما استرخت أذنه
ومن الباب ليل أغضف أي أسود يغشى بظلامه
قال ذو الرمة:
قد أعسف النازح المجهول معسفه * في ظل أغضف يدعو هامه البوم
ويقولون عيش غاضف أي ناعم كأنه قد غشي بخيره وغضارته
والغضف القطا الجون وهذا على التشبيه بالليل وسواده
ويقال تغضفت البئر إذا تهدمت أجوالها فغشيت ما تحتها
ويقال غضفت الأتن تغضف إذا أخذت الجري أخذا
وهذا لأنها تغشى الأرض بجريها
قال:

426
يغض ويغضفن من ريق * كشؤبوب ذي برد وانسجال
(غضن) الغين والضاد والنون أصل صحيح يدل على تثن وتكسر
من ذلك الغضون مكاسر الجلد ومكاسر كل شيء غضون
وتغضن جلده
والمغاضنة مكاسرة العينين
ومن الباب قولهم ما غضنك عن كذا أي ما عاقك عنه
وغضن العين جلدها الظاهر سمي لتكسر فيه
ومما شذ عن هذا الباب قولهم غضنت الناقة بولدها إذا ألقته قبل أن ينبت
(غضر) الغين والضاد والراء أصل صحيح يدل على حسن ونعمة ونضرة
من ذلك الغضارة طيب العيش ويقولون في الدعاء أباد الله تعالى غضراءهم أي خيرهم وغضارتهم
قال عبد الله بن مسلم أصل الغضراء طينة خضراء علكة
يقال أنبط بئره في غضراء ويقال دابة غضرة الناصية
إذا كانت مباركة
ومن الباب الغاضر الجلد الذي أجيد دبغه
ومما شذ عن هذا الباب قولهم لم يغضر عن ذلك أي لم يعدل عنه
قال ابن أحمر:
* ولم يغضرن عن ذاك مغضرا *

427
والغضور نبت
(غضب) الغين والضاد والباء أصل صحيح يدل على شدة وقوة
يقال إن الغضبة الصخرة الصلبة
قالوا ومنه اشتق الغضب لأنه اشتداد السخط
يقال غضب يغضب غضبا وهو غضبان وغضوب
ويقال غضبت لفلان إذا كان حيا وغضبت به إذا كان ميتا
قال دريد:
* أنا غضاب بمعبد *
ويقال إن الغضوب الحية العظيمة
(غضل) الغين والضاد واللام
يقولون أغضلت الشجرة واغضالت إذا كثرت أغصانها
(غضا) الغين والضاد والحرف المعتل كلمتان فالأولى الإغضاء إدناء الجفون
وهذا مشتق من الليلة الغاضية وهي الشديدة الظلمة
والكلمة الأخرى الغضا وهو شجر معروف
يقال أرض غضياء كثيرة الغضا
ويقال إبل غضية اشتكت عن أكل الغضا

428
(باب الغين والطاء وما يثلثهما)
(غطف) الغين والطاء والفاء أصل صحيح يدل على خير وسبوغ في شيء وأصله الغطف في الأشفار وهو كثرتها وطولها وانثناؤها
ثم يقال عيش أغطف إذا كان ناعما منثنيا على صاحبه بالخير
والمصدر الغطف
(غطل) الغين والطاء واللام ثلاث كلمات الغيطلة الشجرة والجمع الغيطل
قال:
فطل يرنح في غيطل * كما يستدير الحمار النعر
والغيطلة البقرة
والغيطلة التجاج الليل وسواده
(غطم) الغين والطاء والميم أصل صحيح يدل على كثر واجتماع
من ذلك البحر الغطم
ويقال لمعظم البحر غطامط
ورجل غطم واسع الخلق
(غطو) الغين والطاء والحرف المعتل يدل على الغشاء والستر
يقال غطيت الشيء وغطيته
والغطاء ما تغطي به
وغطا الليل يغطو إذا غشي بظلامه
(غطش) الغين والطاء والشين أصل واحد صحيح يدل على ظلمة

429
وما أشبهها
من ذلك الأغطش وهو الذي في عينه شبه العمش والمرأة غطشاء
وفلاة غطشى لا يهتدى لها
قال:
ويهماء بالليل غطشى الفلاة * يؤنسني صوت فيادها
وغطش الليل أظلم
والله تعالى أغطشه
والمتغاطش المتعامي عن الشيء
ويقال هو يتغاطش
(غطس) الغين والطاء والسين أصل صحيح يدل على الغط
يقال غططته في الماء وغطسته
وتغاطس القوم تغاطوا
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله غين)
من ذلك (الغطمش) الكليل البصر
والغطمش الظلوم الجائر
وهذا مما زيدت فيه الميم والأصل الغطش وهو الظلمة
والجائر يتغاطش عن العدل أي يتعامى
ومن ذلك (الغشمرة) إتيان الأمر من غير تثبت وهذه منحوتة من كلمتين من الغشم والتشمر لأنه يتشمر في الأمر غاشما
ومن ذلك (الغملج) وهو مما نحت من كلمتين من غمج وغلج وهو البعير الطويل العنق
فأما غمجة فاضطرابه
يقال غمج إذا جاء وذهب
والغلج كالبغي في الإنسان وغيره

430
ومن ذلك (الغضروف) نغض الكتف
وهي منحوتة من كلمتين من غضر وغضف
فأما غضره فلينه لأنه ليس فيه شدة العظم وصلابته
وأما غضفه فتثنيه لأنه يتثنى إذا ثني للينه
ومن ذلك (الغطرسة) التكبر
وهذا مما زيدت فيه الراء وهو من الغطس كأنه يغلب الإنسان ويقهره حتى كأنه غطسه أي غطسه
ومن ذلك (الغطرفة) وهي الكبر والعظمة
قال في التغطرف:
فإنك إن أغضبتني غضب الحصى * عليك وذو الجبورة المتغطرف
وهذا أيضا مما زيدت فيه الراء وهو من الغطف وهو أن ينثني الشيء على الشيء حتى يغشاه
فالجبار يقهر الأشياء ويغشيها بعظمته
والغطريف) السيد يغشى بكرمه وإحسانه
ومن ذلك (الغذمرة) يقال إنه ركوب الأمر على غير تثبت
وقد يكون في الكلام المختلط
وهذه منحوتة من كلمتين من غذم وذمر
أما الغذم فقد قلنا إنه الأكل بجفاء وشدة
ويقولون كيل غذامر إذا كان هيلا كثيرا
وأما الذمر فمن ذمرته إذا أغضبته
كأنه غذوم ذمر
ثم نحتت من الكلمتين كلمة

431
ومن ذلك (الغضنفر) وهو الرجل الغليظ والأسد الغشوم
وهذا مما زيدت فيه الراء والنون وهو من الغضف
وقد مضى أن الليل الأغضف الذي يغشي بظلامه
ومن ذلك (المغثمر) وهو الثوب الخشن الردئ النسج
قال:
عمدا كسوت مرهبا مغثمرا * ولو أشاء حكته محبرا
يقول ألبسته المغثمر لأدفع به عنه العين
وهذه منحوتة من كلمتين من غثم وغثر
أما غثر فمن الغثر وهو كل شيء دون
وأما غثم فمن الأغثم المختلط السواد بالبياض
ومما وضع وضعا وليس ببعيد أن يكون له قياس (غردقت) الستر أرسلته
والغرنوق) الشاب الجميل
والغرنيق) طائر
ويقولون (الغلفق) الطحلب
ويقولون (اغرنداه) إذا علاه وغلبه
قال:
قد جعل النعاس يغرندينى * أدفعه عني ويسرنديني
تم كتاب الغين والله أعلم بالصواب *

432
(كتاب الفاء)
(باب الفاء وما بعدها في المضاعف والمطابق)
(فق) الفاء والقاف في المضاعف يدل على تفتح واختلاط في الأمر
يقال انفق الشيء إذا انفرج
ويقولون رجل فقفاق أي أحمق مخلط في كلامه
ويقال فقاق أيضا
(فك) الفاء والكاف أصل صحيح يدل على تفتح وانفراج
من ذلك فكاك الرهن وهو فتحه من الانغلاق
وحكى الكسائي الفكاك بالكسر
ويقال فككت الشيء أفكه فكا
وسقط فلان وانفكت قدمه أي انفرجت
وقولهم لا ينفك يفعل ذلك بمعنى لا يزال
والمعنى هو وذلك الفعل لا يفترقان
فالقياس فيه صحيح
والفك انفراج المنكب عن مفصله ضعفا
ومما هو من الباب الفكان ملتقى الشدقين
وسميا بذلك للانفراج

433
(فل) الفاء واللام أصل صحيح يدل على انكسار وانثلام
أو ما يقارب ذلك
من ذلك الفل القوم المنهزمون
والفلول الكسور في حد السيف الواحد فل
قال النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب
والفليل ناب البعير إذا انثلم
ومما يقارب هذا الفل الأرض لا نبات فيها
والقياس فيه صحيح وقال:
* فل عن الخير معزل *
يقال أفللنا صرنا في الفل
ومما شذ عن هذا الأصل الفليلة الشعر المجتمع والجمع الفليل
قال:
ومطرد الدماء وحيث يهدى * من الشعر المضفر كالفليل
(فم) الفاء والميم ليس فيه غير الفم وليس هذا موضعه لكن حكي فم بالضم والتشديد
قال:
* يا ليتها قد خرجت من فمه *

434
(فن) الفاء والنون أصلان صحيحان يدل أحدهما علي تعنية والآخر على ضرب من الضروب في الأشياء كلها
فالأول الفن وهو التعنية والإطراد الشديد
يقال فننته فنا إذا أطردته وعنيته
والآخر الأفانين أجناس الشيء وطرقه
ومنه الفنن وهو الغصن وجمعه أفنان ويقال شجرة فنواء قال أبو عبيد كأن تقديره فناء
(فه) الفاء والهاء كلمة واحدة تدل على العي وما أشبهه من ذلك الرجل الفه وهو العيي والمرأة فهة ومصدره الفهاهة
قال:
فلم تلقني فها ولم تلق حجتي * ملجلجة أبغي لها من يقيمها
ويقال خرجت لحاجة فأفهنى فلان حتى فههت أي أنسانيها
(فا) الفاء والهمزة مع معتل بينهما كلمات تدل على الرجوع
يقال: فاء الفيء إذا رجع الظل من جانب المغرب إلى جانب المشرق
وكل رجوع فئ
قال الله تعالى * (حتى تفئ إلى أمر الله) * أي ترجع
قال الشاعر:
تيممت العين التي عند ضارج * يفىء عليها الظل عرمضها طام
يقال منه فيأت الشجرة وتفيأت أنا في فيئها
والمرأة تفيء شعرها إذا

435
حركت رأسها من قبل الخيلاء
ويقال تفيؤها تكسرها لزوجها
والقياس فيه كله واحد
والفىء غنائم تؤخذ من المشركين أفاءها الله تعالى عليهم
قال الله سبحانه * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) *
ويقال استفأت هذا المال أي أخذته فيئا
وفلان سريع الفيء من غضبه والفيئة
فأما قولهم يافئ مالي فيقولون إنها كلمة أسف
وهذا عندي من الكلام الذي ذهب من كان يحسن حقيقة معناه
وأنشد:
يافئ مالي من يعمر يفنه * مر الزمان عليه والتقليب
(فت) الفاء والتاء كلمة تدل على تكسير شيء ورفته
يقال فتت الشيء أفت فتا فهو مفتوت وفتيت
والفتة ما يفت ويوضع تحت الزند
وفت في عضده وذلك إذا أساء إليه كأنه قد فت من عضده شيئا
ومما شذ عن هذا الأصل الفتفتة أن تشرب الإبل دون الري
(فث) الفاء والثاء كلمات تدل على كسر شيء أو نثره أو قلعه
من ذلك قولهم فث جلته نثرها
وانفث الرجل من هم أصابه أي انكسر

436
ويقال إن الفث الفسيل يقتلع من أصله
ومن الباب الفث وهو هبيد الحنظل لأنه ينثر
(فج) الفاء والجيم أصل صحيح يدل على تفتح وانفراج
من ذلك الفج الطريق الواسع
ويقال قوس فجاء إذا بان وترها عن كبدها
والفجج أقبح من الفحج
ومنه حافر مفج أي مقبب وإذا كان كذا كان في باطنه شبه الفجوة
ومما شذ عن هذا الأصل الفج الشيء لم ينضج مما ينبغي نضجه
وشذت كلمة واحدة أخرى حكاها ابن الأعرابي قال أفج يفج إذا أسرع
ومنه رجل فجفاج كثير الكلام
(فح) الفاء والحاء كلمة واحدة وهو الفحيح صوت الأفعى
قال:
كأن نقيق الحب في حاويائه * فحيح الأفاعي أو نقيق العقارب
(فخ) الفاء والخاء كلمات لا تنقاس
من ذلك الفخيخ كالغطيط في النوم
والفخة استرخاء في الرجلين
ويقال الفخة المرأة الضخمة
والفخ للصيد معروف

437
(فد) الفاء والدال أصل صحيح يدل على صوت وجلبة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إن الجفاء والقسوة في الفدادين) وهي أصواتهم في حروثهم ومواشيهم
قال الشاعر:
نبئت أخوالي بني يزيد * ظلما علينا لهم فديد
ومما شذ عن هذا الفدفد الأرض المستوية
(فذ) الفاء والذال كلمة واحدة تدل على انفراد وتفرق
من ذلك الفذ وهو الفرد
ويقال شاة مفذ إذا ولدت واحدا فإن كان ذلك عادتها فهي مفذاذ
ولا يقال ناقة مفذ لأن الناقة لا تلد إلا واحدا
ويقال تمر فذ متفرق
والفذ الأول من سهام القداح
(فر) الفاء والراء أصول ثلاثة فالأول الانكشاف وما يقاربه من الكشف عن الشيء والثاني جنس من الحيوان والثالث دال على خفة وطيش
فالأول قولهم فر عن أسنانه
وافتر الإنسان إذا تبسم
قال:
يفتر منك عن الواضحات * إذ غيرك القلح الأثعل

438
ويقولون في الأمثال:
* هو الجواد عينه فراره *
أي يغنيك منظره من مخبره
وكأن معنى هذا إن نظرك إليه يغنيك عن أن تفره أي تكشفه وتبحث عن أسنانه
ويقولون أفر المهر إذا دنا أن يفر جذعا
وأفرت الإبل للإثناء إفرارا إذا ذهبت رواضعها وأثنت
ويقولون فر فلانا عما في نفسه أي فتشه
وفر عن الأمر ابحث
ومن هذا القياس وإن كانا متباعدين في المعنى الفرار وهو الانكشاف يقال فر يفر والمفر المصدر
والمفر الموضع يفر إليه
والفر القوم الفارون يقال فر جمع فار كما يقال صحب جمع صاحب وشرب جمع شارب
والأصل الثاني الفرير ولد البقرة
ويقال الفرار من ولد المعز ما صغر جسمه واحده فرير كرخل ورخال وظئر وظؤار
والثالث الفرفرة الطيش والخفة
يقال رجل فرفار وامرأة فرفارة
والفرفارة شجرة
(فز) الفاء والزاء أصيل يدل على خفة وما قاربها
تقول فزه واستفزه إذا استخفه
قال الله تعالى * (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض) * أي يحملونك على أن تخف عنها
وأفزه الخوف وأفزعه بمعنى
وقد استفز فلانا جهله
ورجل فز خفيف
ويقولون فز عن الشيء عدل
والفز ولد البقرة
ويمكن أن يسمى بذلك لخفة جسمه
قال:

439
كما استغاث بسئ فز غيطلة * خاف العيون ولم ينظر به الحشك
(فس) الفاء والسين ليس فيه شيء إلا كلمة معربة
يقولون الفسفسة الرطبة
(فش) الفاء والشين يدل على انتشار وقلة تماسك
يقال ناقة فشوش إذا كانت منتشرة الشخب
وانفش عن الأمر كسل
والفش تتبع السرق الدون وهو فشاش
(فص) الفاء والصاد كلمة تدل على فصل بين شيئين
من ذلك الفصوص هي مفاصل العظام كلها قال أبو عبيد إلا الأصابع واحدها فص
ومن هذا الباب أفصصت إليه من حقه شيئا كأنك فصلته عنك إليه
وفص الجرح سال
ومما يقارب هذا الفص فص الخاتم
وسمي بذلك لأنه ليس من نفس الخاتم بل هو ملصق به
فأما فص العين فحدقتها على معنى التشبيه
(فض) الفاء والضاد أصل صحيح يدل على تفريق وتجزئة
من ذلك فضضت الشيء إذا فرقته وانفض هو
وانفض القوم تفرقوا
قال الله سبحانه * (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) *
ومن هذا الباب فضضت عن الكتاب ختمه
وممكن أن يكون الفضة من هذا الباب كأنها تفض لما يتخذ منها من حلي
والفضاض ما تفضض

440
من الشيء إذا انفض
والفاضة الداهية والجمع فواض كأنها تفض أي تفرق
ومن الذي يجوز أن يقاس على هذا الفضفضة سعة الثوب
وثوب فضفاض ودرع فضفاضة لأنها إذا اتسعت تباعدت أطرافها
وأما الفضيض فالماء العذب سمي لفضاضته وسهولة مره في الحلق
(فظ) الفاء والظاء كلمة تدل على كراهة وتكره
من ذلك الفظ ماء الكرش
وافتظ الكرش إذا اعتصر
قال الشاعر:
فكانوا كأنف الليث لا شم مرغما * وما نال فظ الصيد حتى يعفرا
قال بعض أهل اللغة إن الفظاظة من هذا
يقال رجل فظ كريه الخلق
وهو من فظ الكرش لأنه لا يتناول إلا ضرورة على كراهة
ويقولون
الفظيظ ماء الفحل
(فغ) الفاء والغين ليس فيه كلام أصيل وهو شبه حكاية لصوت
يقولون الفغفغة الصوت بالغنم
ويقولون الفغفغانى القصاب أو الراعي وكذلك الفغفغي
ويقولون الفغفغان الرجل الخفيف
وتفغفغ في أمره أسرع
وكل هذا قريب بعضه من بعض
والله أعلم بالصواب

441
(باب الفاء والقاف وما يثلثهما)
(فقم) الفاء والقاف والميم أصل صحيح يدل على اعوجاج وقلة استقامة
من ذلك الأمر الأفقم هو الأعوج
والفقم أن تتقدم الثنايا السفلى فلا تقع عليها العليا
وهذا هو أصل الباب
وزعم أبو بكر أن الفقم الامتلاء
يقال أصاب من الماء حتى فقم هو أصل الباب
فإن كان هذا صحيحا فهو أيضا من قياسه
(فقه) الفاء والقاف والهاء أصل واحد صحيح يدل على إدراك الشيء والعلم به
تقول فقهت الحديث أفقهه
وكل علم بشئ فهو فقه
يقولون لا يفقه ولا ينقه
ثم اختص بذلك علم الشريعة فقيل لكل عالم بالحلال والحرام فقيه
وأفقهتك الشيء إذا بينته لك
(فقأ) الفاء والقاف والهمزة يدل على فتح الشيء وتفتحه
يقال تففأت السحابة عن مائها إذا أرسلته كأنها تفتحت عنه
ومن ذلك الفقء وهي السابياء الذي ينفرج عن رأس المولود
ومنه فقأت عينه أفقؤها
فأما الفقى ملين فجمع فوق وهو مقلوب وليس من هذا الباب
قال

442
ونبلي وفقاها * كعراقيب قطا طحل
(فقح) الفاء والقاف والحاء يدل على مثل ما ذكرناه قبله من التفتح
من ذلك الفقاح نور الإذخر سمى بذلك لتفتحه ويقال بل نور الشجر كله فقاح
ويقال فقح الجرو فتح عينيه
قال الشاعر
وأكحلك بالصاب أو بالجلا * ففقح لذلك أو غمض
(فقد) الفاء والقاف والدال أصيل يدل على ذهاب شيء وضياعه
من ذلك قولهم
فقدت الشيء فقدا
والفاقد المرأة تفقد ولدها أو بعلها والجمع فواقد
فأما قولك تفقدت الشيء إذا تطلبته فهو من هذا أيضا لأنك تطلبه عند فقدك إياه
قال الله تعالى * (وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين النمل 20) *
(فقر) الفاء والقاف والراء أصل صحيح يدل على انفراج في شيء من عضو أو غير ذلك
من ذلك الفقار للظهر الواحدة فقارة سميت للحزوز والفصول التي بينها
والفقير المكسور فقار الظهر وقال أهل اللغة منه اشتق اسم الفقير وكأنه مكسور فقار الظهر من ذلته ومسكنته
ومن ذلك

443
فقرتهم الفاقرة وهي الداهية كأنها كاسرة لفقار الظهر
وبعض أهل العلم يقولون الفقير الذي له بلغة من عيش ويحتج بقوله * أما الفقير الذي كانت حلوبته * وفق العيال فلم يترك له سبد *
قال فجعل له حلوبة وجعلها وفقا لعياله أي قوتا لا فضل فيه
وأما الفقير فإنه مخرج الماء من القناة وقياسه صحيح لأنه هزم في الأرض وكسر
وأما قولهم أفقرك الصيد فمعناه أنه أمكنك من فقاره حتى ترميه
ويقال فقرت البعير إذا حززت خطمه ثم جعلت على موضع الحز الجرير لتذله وتروضه
وأفقرتك ناقتي أعرتك فقارها لتركبها
وقول القائل * ما ليلة الفقير إلا شيطان *
فالفقير هاهنا ركي معروف
ويقال فقرت للفسيل إذا حفرت له حين تغرسه وفقرت الخرز إذا ثقبته
وسد الله مفاقره أي أغناه وسد وجوه فقره
قال
وإن الذي ساق الغنى لابن عامر * لربي الذي أرجو لسد مفاقرى
(فقس) الفاء والقاف والسين
يقولون فقس مات

444
(فقص) الفاء والقاف والصاد ليس بشيء إلا أنهم يقولون فقصت البيضة عن الفرخ
(فقع) الفاء والقاف والعين
اعلم أن هذا الباب وكلمه غير موضوع على قياس وهي كلمات متباينة
من ذلك الفقع ضرب من الكمأة وبه يشبه الرجل الذليل فيقال هو أذل من فقع بقاع
والفقع الحصاص
وهذا من قولهم فقع بأصابعه صوت
ومما لا يشبه الذي قبله صفة الأصفر يقال أصفر فاقع
ويقولون الإفقاع أي سوء الحال يقال منه أفقع
وفواقع الدهر بوائقه فأما الفقاع فيقال إنه عربي
قال الخليل سمى فقاعا لما يرتفع في رأسه من الزبد
قال والفقاقيع كالقوارير فوق الماء
(باب الفاء والكاف وما يثلثهما)
(فكل) الفاء والكاف واللام كلمة واحدة وهي الأفكل الرعدة
ويقولون لا يبنى منه فعل

445
(فكن) الفاء والكاف والنون كلمة واحدة وهي التندم يقال تندم وتفكن بمعنى
(فكه) الفاء والكاف والهاء أصل صحيح يدل على طيب واستطابة
من ذلك الرجل الفكه الطيب النفس
ومن الباب الفاكهة لأنها تستطاب وتستطرف
ومن الباب المفاكهة وهي المزاحة وما يستحلي من كلام
ومن الباب أفكهت الناقة والشاة إذا درتا عند أكل الربيع وكان في اللبن أدنى خثورة وهو أطيب اللبن
فأما التفكه في قوله تعالى * (فظلتم تفكهون) * فليس من هذا وهو من باب الإبدال والأصل تفكنون وهو من التندم وقد مضى ذكره
(فكر) الفاء والكاف والراء تردد القلب في الشيء
يقال تفكر إذا ردد قلبه معتبرا
ورجل فكير كثير الفكر
(باب الفاء واللام وما يثلثهما)
(فلم) الفاء واللام والميم كلمة
يقولون الفيلم العظيم من الرجال
وفي ذكر الدجال رأيته فيلمانيا
وقال الشاعر
ويحمى المضاف إذا ما دعا * إذا فر ذو اللمة الفيلم

446
ويقولون الفيلم المشط
وليس بشيء
(فلن) الفاء واللام والنون كناية عن كل أحد ورخمه أبو النجم فقال
* في لجة أمسك فلانا عن فل *
هذا في الناس فإن كان في غيرهم قيل ركبت الفلانة والفرس الفلان
(فلو) الفاء واللام والحرف المعتل كلمة صحيحة فيها ثلاث كلمات التربية والتفتيش والأرض الخالية
فالتربية فلوت المهر إذا ربيته
يقال فلاه يفلوه
ويسمى فلوا قال الحطيئة
سعيد وما يفعل سعيد فإنه * نجيب فلاه في الرباط نجيب
وقولهم فلوته عن أمه أي قطعته عن الفطام فمعناه ما ذكرناه
وفلوت المهر وافتليته
قال

447
وليس يهلك منا سيد أبدا * إلا افتلينا غلاما سيدا فينا
والكلمة الأخرى فليت الرأس أفليه
ثم يستعار فيقال فليت رأسه بالسيف أفليه
والكلمة الثالثة الفلاة وهي المفازة والجمع فلوات وفلا
(فلت) الفاء واللام والتاء كلمة صحيحة تدل على تخلص في سرعه
يقال أفلت يفلت
وكان ذلك الأمر فلتة إذا لم يكن عن تدبر ولا رأي ولا تردد
ويقال تفلت إلى هذا الأمر كأنه نازع إليه
وفرس فلتان نشيط حديد الفؤاد
وثوب فلوت لا ينضم طرفاه على لابسه من صغره كأن معناه أنه يفلت من اليد
ومن الباب افتلت الإنسان إذا مات فجأة
وفي الحديث
(أمي افتلتت نفسها)
والفلتة آخر يوم من جمادى الآخرة
(فلج) الفاء واللام والجيم أصلان صحيحان يدل أحدهما على فوز وغلبة والآخر على فرجة بين الشيئين المتساويين
فالأول قولهم فلج الرجل على خصمه إذا فاز والسهم الفالج الفائز
والرجل الفالج الفائز
والاسم الفلج
ومن أمثال العرب أنا من هذا الأمر فالج بن خلاوة قالوا معناه أنا منه برئ وتفسير هذا أنه إذا خلا منه

448
فقد فاز أي نجا منه
وخلاوة من خلا يخلو
وقال علي عليه السلام إن المرء المسلم إذا لم يغش دناءة يخشع إذا ذكرت له وتغري به لئام الناس كالياسر الفالج ينتظر فوزة من قداحه
والأصل الآخر الفلج في الأسنان تباعد ما بين الثنايا والرباعيات
وقال أبو بكر رجل أفلج الأسنان وامرأة فلجاء الأسنان لا بد من ذكر الأسنان
فأما الفلج في اليدين فقال أبو عبيد الأفلج الذي اعوجاجه في يديه فإن كان في رجليه فهو فحج
وهذا هو القياس الأول لأن اليد إذا اعوجت فلا بد أن تتجافى وتتباعد
ومن الباب الفالج الجمل ذو السنامين وسمى للفرجة بينهما
وفرس أفلج متباعد ما بين الحرقفتين
وكل شيء شققته فقد فلجته فلجين أي نصفين
قال ابن دريد وإنما قيل فلج الرجل لأنه ذهب نصفه
ويقال لشقة الثوب فليجة
والفلج النهر وسمي بذلك لأنه فلج أي كأن الماء شقه شقا فصار فرجة
فأما الفلوجة فالأرض المصلحة للزرع والجمع فلاليج
وأما الحديث
(أنهما فلجا الجزية) فإنه يريد قسماها وسمى ذلك فلجا لأنه تفريق

449
(فلح) الفاء واللام والحاء أصلان صحيحان أحدهما يدل على شق والآخر على فوز وبقاء
فالأول فلحت الأرض شققتها
والعرب تقول الحديد بالحديد يفلح
ولذلك سمى الأكار فلاحا
ويقال للمشقوق الشفة السفلى أفلح وهو بين الفلحة
وكان عنترة العبسي يلقب الفلحاء لفلحة كانت به
قال
وعنترة الفلحاء جاء ملأما * كأنك فند من عماية أسود
والأصل الثاني الفلاح البقاء والفوز
وقول الرجل لامرأته استفلحي بأمرك معناه فوزي بأمرك
والفلاح السحور
قالوا سمى فلاحا لأن الإنسان تبقى معه قوته على الصوم
وفي الحديث
(صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خفنا أن يفوتنا الفلاح)
قال الشاعر
لكل هم من الهموم سعة * والمسي والصبح لا فلاح معه
(فلذ) الفاء واللام والذال أصيل يدل على قطع شيء من شيء من ذلك الفلذة القطعة من الكبد والجمع فلذ
قال
تكفيه حزة فلذ إن ألم بها * من الشواء ويروى شربه الغمر

450
فالقطعة من المال فلذة أيضا
يقال فلذت له من مالي أي قطعت له فلذة منه
(فلز) الفاء واللام والزاء ليس فيه شيء إلا أنهم يقولون الفلز خبث الحديد ينفيه الكير
(فلس) الفاء واللام والسين كلمة واحدة وهي الفلس معروف والجمع فلوس
ويقولون أفلس الرجل قالوا معناه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم
(فلص) الفاء واللام والصاد ليس فيه شيء لكنهم يقولون الانفلاص التفلت
وفلصت الشيء من الشيء خلصته
وهذا إن صح فإنما هو من الإبدال والأصل الميم يقال ملص
وممكن أن يكون الأصل الخاء خلص
(فلط) الفاء واللام والطاء ليس بأصل لأنه من باب الإبدال والأصل الراء
ويقولون أفلطه الأمر فاجأه
وتكلم فلان فلاطا إذا فاجأ بقوله
والأصل الراء فرط وقد ذكر في بابه
(فلع) الفاء واللام والعين كلمة واحدة تدل على شق الشيء
تقول فلعت الشئ شققته
وتفلعت البيضة وانفلعت

451
(فلق) الفاء واللام والقاف أصل صحيح يدل على فرجة وبينونة في الشيء وعلى تعظيم شيء
من ذلك فلقت الشيء أفلقه فلقا
والفلق الصبح لأن الظلام ينفلق عنه
والفلق مطمئن من الأرض كأنه انفلق وجمعه فلقان
والفلق الخلق كله كأنه شيء فلق عنه شيء حتى أبرز وأظهر
ويقال انفلق الحجر وغيره وكلمني فلان من فلق فيه
وهو ذاك القياس
والفالق فضاء بين شقيقتي رمل
وقوس فلق إذا كانت مشقوقة ولم تك قضيبا
والفليق كالهزمة في جران البعير
قال
* فليقها أجرد كالرمح الضلع *
والأصل الآخر الفليقة وهي الداهية العظيمة
والعرب تقول يا للفليقة
والأمر العجب العظيم
وأفلق فلان أتى بالفلق
وكذلك يقال شاعر مفلق
وقال سويد
إذا عرضت داوية مدلهمة * وغرد حاديها عملن بها فلقا
والفليق العجب أيضا
(فلك) الفاء واللام والكاف أصل صحيح يدل على استدارة في شيء
من ذلك فلكة المغزل بفتح الفاء سميت لاستدارتها ولذلك قيل فلك ثدي المرأة إذا استدار

452
ومن هذا القياس فلك السماء
وفلكت الجدى بقضيب أو هلب أدرته على لسانه لئلا يرتضع
والفلك قطع من الأرض مستديرة مرتفعة عما حولها
ويقال إن فلكة اللسان ما صلب من أصله
وأما السفينة فتسمى فلكا
ويقال إن الواحد والجمع في هذا الاسم سواء ولعلها تسمى فلكا لأنها تدار في الماء
(باب الفاء والنون وما يثلثهما)
(فنى) الفاء والنون والحرف المعتل
هذا باب لا تنقاس كلمة ولم يبن على قياس معلوم وقد ذكرنا ما جاء فيه
قالوا فنى يفنى فناء والله تعالى أفناه وذلك إذا انقطع
والله تعالى قطعه أي ذهب به
والفناء مقصور عنب الثعلب
والفناء ما امتد مع الدار من جوانبها والجمع أفنية
ويقولون هو من أفناء العرب إذا لم يدر ممن هو
والمفاناة المداراة
قال
أقيمه تارة وأقعده * كما يفاني الشموس قائدها
والأفاني نبت الواحدة أفانية
والفناة البقرة والجمع فنوات
وشجرة فنواء إذا ذهبت أفنانها في كل شيء والقياس فناء لأنه من الفنن
(فند) الفاء والنون والدال أصل صحيح يدل على ثقل وشدة

453
ويقال بعضه على بعض
من ذلك الفند الشمراخ من الجبل وقال قوم هو الجبل العظيم وبه سمى الرجل فندا
ومما يقاس عليه التفنيد وهو اللوم لأنه كلام يثقل على سامعه ويشتد
والفند الهرم وهو ذاك القياس ولا يكون هرما إلا ومعه إنكار عقل
يقال أفند الرجل فهو مفند إذا أهتر
ولا يقال عجوز مفندة لأنها لم تك في شبيبتها ذات رأي
ويقولون الفند الكذب
وممكن أن يكون سمى كذا لأن صاحبه يفند أي يلام
وممكن أن يسمى كذلك لأنه شديد الإثم شديد وزره
(فنع) الفاء والنون والعين أصل صحيح يدل على طيب وكثرة وكرم
فالفنع الكرم
ويقال إن نشر المسك فنع
ويقال نشر الثناء الحسن
ويقال مال ذو فنع أي كثرة
قال
وقد أجود وما مالي بذي فنع * على الصديق وما خيري بممنون
(فنق) الفاء والنون والقاف أصيل يدل على كرم ونعمة
من ذلك الفنيق الفحل المكرم لا يؤذى لكرامته
ويقال الفنق الجارية المنعمة
والمفنق المنعم

454
(فنك) الفاء والنون والكاف كلمتان
قالوا الفنك اللجاج ويقال اللزوم
يقال فنك أقام
والكلمة الأخرى الفنيك طرف اللحيين عند العنفقة
قال بعضهم سالت أبا عمرو الشيباني عن الفنيك فقال أما الأعلى فمجتمع اللحيين عند الذقن وأما الأسفل فمجتمع الوركين حيث يلتقيان
(فنح) الفاء والنون والحاء كلمة واحدة
يقولون فنح الفرس من الماء إذا شرب دون الري
قال
والأخذ بالغبوق والصبوح * مبردا لمقأب فنوح
المقأب الكثير الشرب للماء واللبن
ورواها آخرون لمصأب وهو الذي يشرب دون الري
والله أعلم بالصواب
(باب الفاء والهاء وما يثلثهما)
(فهج) الفاء والهاء والجيم كلمة
يقال إن الفيهج الخمر
وأنشدوا
ألا يا اصبحينا فيهجا جدرية * بماء سحاب يسبق الحق باطلي
(فهد) الفاء والهاء والدال يدل على جنس من الحيوان ثم يستعار فالفهد معروف والجمع فهود
ويقال فهد الرجل غفل عن الأمور شبه بالفهد

455
وفي حديث أم زرع
(إن دخل فهد وإن خرج أسد)
ويقولون هذا لأن الفهد نؤوم
والمستعار الفهدتان لحمتا زور الفرس
ويقولون الفهد مسمار في واسطة الرحل
(فهر) الفاء والهاء والراء ليس فيه من اللغة الأصيلة شئ إلا كلمة واحدة وهي الفهر مؤنثة وهي الحجر من الحجارة
ويقولون إن الفهر أن يجامع الرجل المرأة ويفرغ في غيرها
وقد جاء فيه
ويقال تفهر في المال اتسع فيه
يقولون ناقة فيهرة شديدة
وكل هذا قريب بعضه في الضعف من بعض
(فهق) الفاء والهاء والقاف أصل صحيح يدل على سعة وامتلاء من ذلك الفهق الامتلاء
يقال أفهقت الكأس إذا ملأتها
وفي الحديث
(إن أبغضكم إلى الثرثارون المتفيهقون) واحدهم متفيهق
وفي الذي يفهق كلامه ويملأ به فمه قال الأعشى
تروح على آل المحلق جفنه * كجابية الشيخ العراقي تفهق

456
قال الخليل الفيهق الواسع من كل شيء حتى يقال مفازة فيهق
قال ومنفهق الوادي متسعه
ومما شذ عن هذا الأصل الفهقة عظم عند فائق الرأس مشرف على اللهاة
(فهم) الفاء والهاء والميم علم الشيء كذا يقولون أهل اللغة وفهم قبيلة
(باب الفاء والواو وما يثلثهما)
(فوت) الفاء والواو والتاء أصيل صحيح يدل على خلاف إدراك الشيء والوصول إليه
يقال فاته الشيء فوتا
وتفاوت الشيئان تباعد ما بينهما أي لم يدرك هذا ذاك
والافتيات افتعال من الفوت وهو السبق إلى الشيء دون الائتمار
يقال فلان لا يفتات عليه أي لا يعمل شيء دون أمره
ومن الباب الفوت الفرجة بين الشيئين كالفرجة بين الإصبعين
والجمع أفوات
يقال مات موت الفوات إذا فوجئ كأنه فاته ما أراد من وصية وشبهها
ويقال هو مني فوت الرمح
وشتم رجل آخر فقال جعل الله تعالى رزقة فوت فيه أي حيث يراه ولا يصل إليه

457
(فوج) الفاء والواو والجيم كلمة تدل على تجمع
من ذلك الفوج الجماعة من الناس والجمع أفواج وجمع الجمع أفاوج وأفاويج
وأما أفاج الرجل إذا أسرع فهو من ذوات الياء والفيج منه
(فوح) الفاء والواو والحاء كلمة تدل على ثور وغليان
يقال فاحت الريح تفوح فوحا
وحكى ناس فاحت القدر غلت
وأفحتها أنا
(فود) الفاء والواو والدال كلمة واحدة ثم تستعار
فالفود معظم شعر اللمة مما يلي الأذنين ثم يقولون استعارة لجناحي العقاب فودان
(ومما ليس منه قولهم فاد يفود إذا مات والأصل في هذا الياء وقد ذكر
(فور) الفاء والواو والراء كلمة تدل على غليان ثم يقاس عليها
فالفور الغليان
يقال فارت القدر تفور فورا
قال
تفور علينا قدرهم فنديمها * ونفثوها عنا إذا حميها غلا
وفار غضبه إذا جاش
ومما قيس على هذا قولهم فعله من فوره أي في بدء أمره قبل أن يسكن

458
(فوز) الفاء والواو والزاء كلمتان متضادتان
فالأولى النجاة والأخرى الهلكة
فالأولى قولهم فاز يفوز إذا نجا وهو فائز
وفاز بالأمر إذا ذهب به وخلص
وكان الرجل يقول لامرأته إذا طلقها فوزي بأمرك كما يقال أمرك بيدك
ويقال لمن ظفر بخير وذهب به
قال الله تعالى * (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) *
والكلمة الأخرى قولهم فوز الرجل إذا مات
قال الكميت
فما ضرها أن كعبا ثوى * وفوز من بعده جرول
ثم اختلف في المفازة فقال قوم سميت بذلك تفاؤلا لراكبها بالسلامة والنجاة
والمفازة المنجاة
قال الله عز وعلا * (بمفازة من العذاب) *
وقال آخرون هي من الكلمة الثانية فوز إذا هلك
ثم يقال فوز الرجل إذا ركب المفازة
قال
* فوز من قراقر إلى سوى *

459
(فوص) الفاء والواو والصاد كلمة تدل على خلوص أو خلاص من شيء
يقال قبضت على ذنب الضب فأفاص من يدي أي خلص ذنبه
والمفاوضة في الحديث الإبانة
وما يفيص بها لسانه أي يبين
(فوض) الفاء والواو والضاد أصل صحيح يدل على اتكال في الأمر على آخر ورده عليه ثم يفرع فيرد إليه ما يشبهه
من ذلك فوض إليه أمره إذا رده
قال الله تعالى في قصة من قال * (وأفوض أمري إلى الله) *
ومن ذلك قولهم باتوا فوضى أي مختلطين ومعناه أن كلا فوض أمره إلى الآخر
قال
طعامهم فوضى فضا في رحالهم * ولا يحسنون السر إلا تناديا
ويقال مالهم فوضى بينهم إذا لم يخالف أحدهم الآخر
وتفاوض الشريكان في المال إذا اشتركا ففوض كل أمره إلى صاحبه هذا راض بما صنع ذاك وذاك راض بما صنع هذا مما أجازته الشريعة
(فوع) الفاء والواو والعين يدل على ثور في شيء
يقال لخمرة الطيب وما ثار من ريحه فوعة
ويقال لارتفاع النهار فوعة
(فوغ) الفاء والواو الغين كلمة إن صحت
يقولون إن الفوغ الضخم
يقال امرأة فوغاء

460
(فوف) الفاء والواو والفاء كلمة واحدة
يقولون الفوف القطن
ثم يقال للبياض يرى في أظفار الأحداث الفوف
ومن ذلك يقال برد مفوف
(فوق) الفاء والواو والقاف أصلان صحيحان يدل أحدهما على علو والآخر على أوبة ورجوع
فالأول الفوق وهو العلو
ويقال فلان فاق أصحابه يفوقهم إذا علاهم وأمر فائق أي مرتفع عال
وأما الآخر ففواق الناقة وهو رجوع اللبن في ضرعها بعد الحلب
تقول ما أقام عنده إلا فواق ناقة
واسم المجتمع من الدر فيقة والأصل فيه الواو
قال الأعشى
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت * جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
وفي بعض الحديث في ذكر القرآن أتفوقه تفوق اللقوح معناه لا أقرأ جزئي مرة واحدة لكن شيئا بعد شيء
شبهه بفواق الدرة
يقال فواق وفواق قال الله تعالى * (ما لها من فواق) * أي ما لها من رجوع ولا مثنوية ولا ارتداد
وقال غيره ما لها من نظرة
والمعنيان قريبان
ويقولون أفاق

461
السكران يفيق وذلك من أوبة عقله إليه
والأفاويق ما اجتمع من الماء في السحاب
ومن الباب الفوق فوق السهم وسمى لأن الوتر يجعل فيه كأنه قد رد فيه والجمع أفواق
ويقولون فقى وهو مقلوب
ويقال سهم أفوق إذا انكسر فوقه
ومما شذ عن هذين الأصلين قولهم هو يفوق بنفسه
وهذا من باب الإبدال وإنما أصله يسوق والفاء بدل من السين وذلك إذا جاد بنفسه
(فول) الفاء والواو واللام كلمة إن صحت
يقولون الفول الباقلي
(فوم) الفاء والواو والميم أصل صحيح مختلف في تفسيره وهو الفوم
قال قوم هو الثوم وقال آخرون هو الحنطة ويقولون فوموا لنا أي اخبزوا
(فوه) الفاء والواو والهاء أصل صحيح يدل على تفتح في شيء من ذلك ألفوه سعة الفم
رجل أفوه وامرأة فوهاء
ويقولون أهل العربية إن أصل الفم فوه ولذلك قالوا رجل أفوه
وفاه الرجل بالكلام يفوه به إذا لفظ به
والمفوه القادر على الكلام
وزعم ناس أن ألفوه أيضا خروج الثنايا العليا وطولها

462
ومن الباب الفوهة فم النهر وإنما بنوه هذا البناء فرقا بين الذي للنهر والذي للإنسان
والفوه واحد أفواه الطيب مثل سوق وأسواق
والقياس واحد كأنه لما فاحت رائحته فاه بها أي نطق
(باب الفاء والياء وما يثلثهما)
(فيج) الفاء والياء والجيم يدل على الإسراع
ومن ذلك الفيج وقد مضى ذكره ويقال أصله واو
والفائجة في الأرض متسع ما بين كل مرتفعين من غلظ أو رمل (فيح) الفاء والياء والحاء كلمة واحدة
فاح يفيح إذا ثار
يقال ذلك في الريح وغيرها
وفي الحديث
(الحمى من فيح جهنم)
ويقال أصله الواو وقد مضى
(فيخ) الفاء والياء والخاء كلمة
يقولون أفاخ يفيخ بريحه
وفي الحديث
(كل بائلة تفيخ)
ويقولون وما أراها صحيحة إن الفيخة السكرجة
(فيد) الفاء والياء والدال أصيل صحيح إلا أن كلمة لم تجىء قياسا وهو من الأبواب التي لا تنقاس
من ذلك الفيد يقولون هو الزعفران
وبه سمى الشعر الذي على جحفلة الفرس والفيد
التبختر في المشي
يقال رجل فياد
فأما الفياد في قول أبي النجم

463
* ولست بالفيادة المقصمل *
فيقال هو المعجب بنفسه المتبختر في مشيه
وقالوا الفيادة الأكول
والفيد الموت
فاد يفيد
والفياد ذكر البوم
قال
ويهماء بالليل غطشى الفلا ة * يؤنسني صوت فيادها
والفائدة استحداث مال وخير
وقد فادت له فائدة
ويقال أفدت غيري وأفدت من غيري
(فيش) الفاء والياء والشين كلمة واحدة يقولون الفياش المفاخرة
يقال فايش إذا فاخر
قال
أيفايشون وقد رأوا حفاثهم * قد عضه فقضى عليه الأشجع
(فيص) الفاء والياء والصاد أصيل يدل على جريان في شيء من ماء وما أشبهه
يقال فاص الماء والدم إذا قطر
قال الأصمعي في قول امرئ القيس
* فهو عذب يفيص *

464
ما أدري ما يفيص ولكن يقال ما فاص بكلمة أي لم يجرها لسانه
والقياس واحد
ومن الباب ما له محيص ولا مفيص أي مخلص يجري فيه ويمر
(فيض) الفاء والياء والضاد أصل صحيح واحد يدل على جريان الشيء بسهولة ثم يقاس عليه
من ذلك فاض الماء يفيض
ويقال أفاض إناءه إذا ملأه حتى فاض
وأفاض دموعه
ومنه أفاض القوم من عرفة إذا دفعوا وذلك كجريان السيل
قال الله تعالى * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) *
وأفاض القوم في الحديث إذا اندفعوا فيه
قال سبحانه * (إذ تفيضون فيه) *
ومنه أفاض بالقداح إذا ضرب بها كأنه أجراها من يده
قال
وكأنهن ربابة وكأنه * يسر يفيض على القداح ويصدع
ويقال أفاض البعير بجرته إذا دفع بها من صدره
قال
وأفضن بعد كظومهن بجرة * من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا

465
وأرض ذات فيوض إذا كان فيها ماء يفيض
وأعطى فلان فلان غيضا من فيض أي قليلا من كثير
قال الأصمعي ونهر البصرة وحده يسمى الفيض
ومن الباب فاض الرجل إذا مات
قال
* ففقئت عين وفاضت نفس *
قال وسمعت مشيخة فصحاء من ربيعة بن مالك يقولون فاضت نفسه بالضاد وسمعت شيخا منهم ينشد وكدت لولا أجل تأخرا * تفيض نفسي إذ زهاهم زمرا
(فيظ) الفاء والياء والظاء كلمة
يقال فاظ الميت فيظا ولا يقال فاظت نفسه
قال
* لا يدفنون منهم من فاظا *
(فيف) الفاء والياء والفاء كلمة
الفيف والفيفاء المفازة
(فيق) الفاء والياء والقاف الفيقة قد مضى ذكرها والأصل الواو وهو ما اجتمع من الدرة في الضرع

466
(فيل) الفاء والياء واللام أصل يدل على استرخاء وضعف
يقال رجل فيل الرأي
قال الكميت
بنى رب الجواد فلا تفيلوا * فما أنتم فنعذركم لفيل
ويمكن أن يكون الفائل من هذا وهو اللحم الذي على خربة الورك
ويسمى للينه
وقال أبو عبيد كان بعضهم يجعل الفائل عرقا
ومما شذ عن هذا الباب المفايلة لعبة
ويخبئون الشيء في التراب ويقسمونه قسمين ويسألون في أيهما هو
قال طرفة:
يشق حباب الماء حيزومها بها * كما قسم الترب المفايل باليد *
(فين) الفاء والياء والنون كلمة
يقولون يأتيه الفينة بعد الفينة كأنه أراد الحين بعد الحين
والله أعلم بالصواب
(باب الفاء والألف وما يثلثهما)
(فأر) الفاء والألف والراء ويسمون الألف فيه همزة
الفأر معروف يقال منه مكان فئر أي كثير الفأر
وفأرة المسك معروفة وهي على معنى التشبيه
وكذلك فأرة البعير وهي ريح تجتمع في رسغ البعير وإذا مشى انفشت

467
(فأس) الفاء والألف والسين كلمة واحدة وتستعار
الفأس معروفة والعدد أفؤس والجمع فؤوس
ويستعار فيقال لمؤخر القمحدوة فأس
وفأس اللجام الحديدة القائمة في الحنك
(فأل) الفاء والألف واللام
الفأل ما يتفاءل به
(فأم) الفاء والألف والميم أصل صحيح يدل على اتساع في الشيء وعلى كثرة
فأما الكثرة فالفئام الجماعة من الناس
وأما السعة فالفئام وطاء يكون في الهودج وجمعه فؤم على فعل
ويقال للبعير إذا امتلأ حاركه شحما قد فئم حاركه وهو مفأم
والمفأم من الرجال الواسع الجوف
قال:
أخذن خصور الرمل ثم جزعنه * على كل قيني قشيب ومفأم
(فأو) الفاء والألف والواو أصل صحيح يدل على انفراج في شيء
يقال فأوت رأسه بالسيف فأوا أي فلقته
والفأو فرجة ما بين الجبلين
قال:
حتى انفأى الفأو عن أعناقها سحرا * وقد نشحن فلا ري ولا هيم

468
(فأد) الفاء والألف والدال هذا أصل صحيح يدل على حمى وشدة حرارة
من ذلك فأدت اللحم شويته
وهذا فئيد أي مشوي
والمفأد السفود
والمفتأد الموضع يشوى فيه
قال:
كأنه خارجا من جنب صفحته * سفود شرب نسوه عنده مفتأد
ومما هو من قياس الباب عندنا الفؤاد سمي بذلك لحرارته
والفأد مصدر فأدته إذا أصبت فؤاده
ويقولون فأدت الملة إذا مللتها
(باب الفاء والتاء وما يثلثهما)
(فتح) الفاء والتاء والحاء أصل صحيح يدل على خلاف الإغلاق
يقال فتحت الباب وغيره فتحا
ثم يحمل على هذا سائر ما في هذا البناء
فالفتح والفتاحة الحكم
والله تعالى الفاتح أي الحاكم
قال الشاعر في الفتاحة:
ألا أبلغ بني عوف رسولا * بأني عن فتاحتكم غني
والفتح الماء يخرج من عين أو غيرها
والفتح النصر والإظفار
واستفتحت استنصرت
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح

469
بصعاليك المهاجرين والأنصار
وفواتح القرآن أوائل السور
وباب فتح أي واسع مفتوح
(فتخ) الفاء والتاء والخاء أصل صحيح يدل على لين في الشيء
فالفتخ لين في جناح الطائر
وعقاب فتخاء إذا انكسر جناحها في طيرانها
وفتخ أصابع رجله في جلوسه إذا لينها
وفي الحديث (أنه كان عليه السلام إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه وفتخ أصابع رجليه)
ويقال إن الفتخ عرض الكتف والقدم
ومما شذ عن هذا الأصل الفتخ جمع فتخة وهي كالحلقة تلبس لبس الخاتم
قال:
* تسقط منه فتخي في كمي *
(فتر) الفاء والتاء والراء أصل صحيح يدل على ضعف في الشيء
من ذلك فتر الشيء يفتر فتورا
والطرف الفاتر الذي ليس بحديد شزر
وفترت الشيء وأفترته
قال الله تعالى * (لا يفتر عنهم) * أي لا يضعف
ومما شذ عن هذا الباب الفتر ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة إذا فتحتهما
وفتر اسم امرأة في قوله
* أصرمت حبل الود من فتر *

470
(فتش) الفاء والتاء والشين كلمة واحدة تدل على بحث عن شيء
تقول فتشت فتشا وفتشت تفتيشا
(فتق) الفاء والتاء والقاف أصل صحيح يدل على فتح في شيء من ذلك فتقت الشيء فتقا
والفتق شق عصا الجماعة
والفتق الصبح
وأعوام الفتق أعوام الخصب
قال:
* لم ترج رسلا بعد أعوام الفتق *
ويقال أفتق القمر إذا صادف فتقا من سحاب وطلع منه
وأفتق القوم إذا انفتق عنهم الغيم
قال الأصمعي جمل فتيق إذا تفتق سمنا
ويقال فتق يفتق فتقا
والفيتق النجار في قول الأعشى:
* في الباب فيتق *
(فتك) الفاء والتاء والكاف كلمة تدل على خلاف النسك وفتل الصلاح
من ذلك الفتك وهو الغدر وهو الفتك أيضا يقال فتك به اغتاله وفي الحديث (الإيمان قيد الفتك)
وقال الشاعر:

471
لا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
(فتن) الفاء والتاء واللام أصل صحيح يدل على لي شيء
من ذلك فتلت الحبل وغيره
والفتيل ما يكون في شق النواة كأنه قد فتل
قال:
يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو * ثم لا يرزأ العدو فتيلا
ويقال بل الفتيل ما يفتل بين الإصبعين
والفتل تباعد الذراعين عن جنبي البعير كأنهما لويا ليا وفتلا حتى لويا
قال طرفة:
لها عضدان أفتلان كأنها * تمر بسلمي دالج متشدد
ومن أمثالهم فلان يفتل في ذروة فلان أي يدور من وراء خديعته
(فتن) الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار
من ذلك الفتنة
يقال فتنت أفتن فتنا
وفتنت الذهب بالنار إذا امتحنته
وهو مفتون وفتين
والفتان الشيطان
ويقال فتنه وأفتنه
وأنكر الأصمعي أفتن
وأنشدوا في أفتن:

472
لئن أفتنتني لهي بالأمس أفتنت * سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم
ويقال قلب فاتن أي مفتون
قال:
رخيم الكلام قطيع القيام * أضحى فؤادي به فاتنا
قال الخليل الفتن الإحراق
وشئ فتين أي محرق
ويقال للحرة فتين كأن حجارتها محرقة
ومما شذ عن هذا الأصل الفتان جلدة الرحل
وقولهم العيش فتنان أي لونان
وهذه يجوز أن تحمل على القياس لأنه يقول:
* والعيش فتنان فحلو ومر *
ويمكن أن يختبر ابن آدم بكل واحد منهما
(فتى) الفاء والتاء والحرف المعتل أصلان أحدهما يدل على طراوة وجدة والآخر على تبيين حكم

473
الفتى الطري من الإبل والفتى من الناس واحد الفتيان
والفتاء الشباب يقال فتى بين الفتاء
قال:
إذا عاش الفتى مائتين عاما * فقد ذهب البشاشة والفتاء
والأصل الآخر الفتيا
يقال أفتى الفقيه في المسألة إذا بين حكمها
واستفتيت إذا سألت عن الحكم قال الله تعالى * (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) *
ويقال منه فتوى وفتيا
وإذا همز خرج عن البابين جميعا
يقال ما فتئت وفتأت إذ كره أي ما زلت
قال الله تعالى * (قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف) * أي لا تزال تذكر
(باب الفاء والثاء وما يثلثهما)
(فثج) الفاء والثاء والجيم أصيل يدل على انقطاع في شيء ماء أو غيره
عدا الرجل حتى أفثج أي أعيا
ويقال بئر لا تفثج أي لا تنزح وقيل ذلك لما قلنا فلا تفثج أي لا ينقطع ماؤها
ويقال فثجت الناقة إذا حالت فلم تحمل

474
(فثر) الفاء والثاء والراء كلمة واحدة وهي الفاثور وهو الخوان يتخذ من رخام أو نحوه
ويقولون في بعض الكلام هم على فاثور واحد كأنه أراد بساطا واحدا
(فثأ) الفاء والثاء والهمزة يدل على تسكين شيء يغلي ويفور
يقال فثأت القدر سكنت من غليانها
قال:
* ونفثؤها عنا إذا حميها غلا *
ويقال عدا حتى أفثأ أي أعيا
(باب الفاء والجيم وما يثلثهما)
(فجر) الفاء والجيم والراء أصل واحد وهو التفتح في الشيء
من ذلك الفجر انفجار الظلمة عن الصبح
ومنه انفجر الماء انفجارا تفتح
والفجرة موضع تفتح الماء
ثم كثر هذا حتى صار الانبعاث والتفتح في المعاصي فجورا ولذلك سمي الكذب فجورا
ثم كثر هذا حتى سمي كل مائل عن الحق فاجرا
وكل مائل عندهم
فاجر
قال لبيد:
فإن تتقدم تغش منها مقدما * غليظا وإن أخرت فالكفل فاجر

475
ومن الباب الفجر وهو الكرم والتفجر بالخير
ومفاجر الوادي مرافضه ولعلها سميت مفاجر لانفجار الماء فيها
قال:
* بجنب العلندى حيث نام المفاجر *
ومنفجر الرمل طريق يكون فيه
ويوم الفجار يوم للعرب استحلت فيه الحرمة
(فجس) الفاء والجيم والسين كلمة إن صحت
يقولون الفجس التكبر والتعظم
يقال منه تفجس
(فجع) الفاء والجيم والعين كلمة واحدة وهي الفجيعة وهي الرزية
ونزلت بفلان فاجعة وتفجع إذا توجع لها
(فجل) الفاء والجيم واللام كلمة هي نبت وقال قوم فجل الشيء غلظ واسترخى
وكل شيء عرضته فقد فجلته

476
(فجو) الفاء والجيم والحرف المعتل يدل على اتساع في شيء
فالفجوة المتسع بين شيئين
وقوس فجواء بان وترها عن كبدها
وفجوة الدار ساحتها
والفجا تباعد ما بين عرقوبي البعير
وإذا همز قلت فجئني الأمر يفجؤنى
(فجم) الفاء والجيم والميم
زعم ابن دريد تفجم الوادي وانفجم إذا اتسع
وهذه فجمة الوادي أي متسعة
(فجن) الفاء والجيم والنون
يقولون إن السذاب يقال له الفيجن
(باب الفاء والحاء وما يثلثهما)
(فحص) الفاء والحاء والصاد أصل صحيح وهو كالبحث عن الشيء
يقال فحصت عن الأمر فحصا
وأفحوص القطا موضعها في الأرض لأنها تفحصه
وفي الحديث (فحصوا عن رؤوسهم) كأنهم تركوها مثل أفاحيص القطا فلم يحلقوا عنها
وفحص المطر التراب إذا قلبه

477
(فحس) الفاء والحاء والسين
يقولون الفحس لحسك الشيء بلسانك عن يدك
(فحش) الفاء والحاء والشين كلمة تدل على قبح في شيء وشناعة
من ذلك الفحش والفحشاء والفاحشة
يقولون كل شيء جاوز قدره فهو فاحش ولا يكون ذلك إلا فيما يتكره
وأفحش الرجل قال الفحش وفحش وهو فحاش
ويقولون الفاحش البخيل وهذا على الاتساع والبخل أقبح خصال المرء
قال طرفة:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي * عقيلة مال الفاحش المتشدد
(فحل) الفاء والحاء واللام أصل صحيح يدل على ذكارة وقوة
من ذلك الفحل من كل شيء وهو الذكر الباسل
يقال أفحلته فحلا إذا أعطيته فحلا يضرب في إبله
وفحلت إبلي إذا أرسلت فيها فحلها
قال:
* نفحلها البيض القليلات الطبع *
وهذا مثل أي نعرقبها بالبيض
يصف إبلا عرقبت بالسيوف
وأما الحصير المتخذ من الفحال فهو يسمى فحلا لأنه من ذلك يتخذ
والفحال

478
فحال النخل وهو ما كان من ذكوره فحلا لإناثه والجمع فحاحيل
وفحل فحيل كريم
قال:
كانت نجائب منذر ومحرق * أماتهن وطرقهن فحيلا
والعرب تسمي سهيلا الفحل تشبيها له بفحل الإبل لاعتزاله النجوم وذلك أن الفحل إذا قرع الإبل اعتزلها
ويقولون على التشبيه امرأة فحلة أي سليطة
(فحم) الفاء والحاء والميم أصلان يدل أحدهما على سواد والآخر على انقطاع
فالأول الفحم ويقال الفحم وهو معروف
قال:
* كالهبرقى تنحى ينفخ الفحما *
ويقال فحم وجهه إذا سوده
وشعر فاحم أسود
وفحمة العشاء سواد الظلام
والأصل الآخر بكى الصبي حتى فحم أي انقطع صوته من البكاء
ويقال كلمته حتى أفحمته
وشاعر مفحم أي انقطع عن قول الشعر

479
(فحو) الفاء والحاء والحرف المعتل كلمة واحدة
منها الفحا أبزار القدر
يقال فح قدرك
فأما فحوى الكلام فهو ما ظهر للفهم من مطاوي الكلام ظهور رائحة الفحا من القدر كفهم الضرب من الأف
(فحث) الفاء والحاء والثاء كلمة واحدة
فالفحث الجوف
يقال ملأ أفحاثه أي جوفه
(فحج) الفاء والحاء والجيم كلمة واحدة وهي الفحج وهو تباعد ما بين أوساط الساقين في الإنسان والدابة
والنعت أفحج وفحجاء والجمع فحج
(باب الفاء والخاء وما يثلثهما)
(فخر) الفاء والخاء والراء أصل صحيح وهو يدل على عظم وقدم
من ذلك الفخر
ويقولون في العبارة عن الفخر هو عد القديم وهو الفخر أيضا
قال أبو زيد فخرت الرجل على صاحبه أفخره فخرا أي فضلته عليه
والفخير الذي يفاخرك بوزن الخصيم
والفخير الكثير الفخر
والفاخر الشيء الجيد
والتفخر التعظم
ونخلة فخور عظيمة الجذع غليظة السعف
والناقة الفخور العظيمة الضرع القليلة الدر
كذا قال ابن دريد
والفاخر من البسر الذي يعظم ولا نوى فيه
ويقولون فرس فخور إذا عظم جردانه ومما شذ عن هذا الأصل الفخار من الجرار معروف

480
(فخل) الفاء والخاء واللام ليس فيه شيء
غير أن ابن دريد زعم أنه يقال تفخل الرجل إذا اظهر الوقار والحلم
وتفخل أيضا إذا تهيأ ولبس أحسن ثيابه
(فخم) الفاء والخاء والميم أصل صحيح يدل على جزالة وعظم
يقال منطق فخم جزل
ويقولون الفخم من الرجال الكثير لحم الوجنتين
(فخت) الفاء والخاء والتاء كلمة وهي الفخت ويقولون إنه ضوء القمر أول ما يبدو منه
ومنه اشتقاق الفاختة للونها
(فخذ) الفاء والخاء والذال كلمة واحدة وهي الفخذ من الإنسان معروفة واستعير فقيل الفخذ بسكون الخاء دون القبيلة وفوق البطن والجمع أفخاذ
(باب الفاء والدال وما يثلثهما)
(فدر) الفاء والدال والراء أصل صحيح يدل على قطع وانقطاع
من ذلك الفدرة القطعة من اللحم ولست أدري أبني منها فعل أم لا
ويقولون فدر الفحل إذا عجز عن الضراب وهو فادر
وسمي لأنه إذا عجز فقد قطعه
وجمع فادر فوادر وقال

481
ابن دريد هذا مما ندر فجاء منه فاعل على فواعل
والمفدرة مكان الوعول الفدر
(فدش) الفاء والدال والشين ليس فيه إلا طريفة من طرائف ابن دريد قال فدشت الشيء إذا شدخته
وفدشت رأسه بالحجر
(فدع) الفاء والدال والعين أصل فيه كلمة واحدة وهي الفدع عوج في المفاصل كأنها قد زالت عن أماكنها
ويقولون كل ظليم أفدع وذلك أن في مفاصله انحرافا
ويقال بل الفدع انقلاب الكف إلى إنسيها يقال منه فدع يفدع فدعا
(فدغ) الفاء والدال والغين
زعم ابن دريد أن الفدغ الشدخ
وذكر الحديث (إذا تفدغ قريش رأسي)
وهذا صحيح
(فدم) الفاء والدال والميم أصل صحيح يدل على خثورة وثقل وقلة كلام في عي
من ذلك قولهم صبغ مفدم أي خاثر مشبع
قالوا ومن قياسه الرجل الفدم وهو القليل الكلام من عي
وهو بين الفدومة والفدامة
وهذا كله قياسه الفدام الذي تفدم به الأباريق لتصفية ما فيها من شراب

482
(فدك) الفاء والدال والكاف كلمة واحدة وهي فدك بلد
ومن طرائف ابن دريد فدكت القطن نفشته
قال وهي لغة أزدية
(فدن) الفاء والدال والنون كلمة واحدة وهي الفدن يقولون إنه القصر
(فدى) الفاء والدال والحرف المعتل كلمتان متباينتان جدا
فالأولى أن يجعل شيء مكان شيء حمى له والأخرى شيء من الطعام
فالأولى قولك فديته أفديه كأنك تحميه بنفسك أو بشيء يعوض عنه
يقولون هو فداؤك إذا كسرت مددت وإذا فتحت قصرت يقال هو فداك
قال:
فدى لكما رجلي أمي وخالتي * غداة الكلاب إذ تحز الدوابر
وقال في الممدود:
مهلا فداء لك الأقوام كلهم * وما أثمر من مال ومن ولد

483
ويقال تفادى من الشيء إذا تحاماه وانزوى عنه
والأصل في هذه الكلمة ما ذكرناه وهو التفادي أن يتقي الناس بعضهم ببعض كأنه يجعل صاحبه فداء نفسه
قال:
* تفادى الأسود الغلب منه تفاديا *
والكلمة الأخرى الفداء ممدود وهو مسطح التمر بلغة عبد القيس حكاه ابن دريد
وقال أبو عمرو الفداء جماعة الطعام من الشعير والتمر ونحوها
قال:
كأن فداءها إذ جردوه * وطافوا حوله سلك يتيم
(فدج) الفاء والدال والجيم
يقولون إن الفودج الهودج
قال الخليل الفودج الناقة الواسعة الأرفاغ
وشاة مفودجة ينتصب قرناها ويلتقي طرفاهما
(فدح) الفاء والدال والحاء كلمة
فدحه الأمر إذا عاله وأثقله فدحا
وهو أمر فادح

484
(فدخ) الفاء والدال والخاء ليس فيه إلا طريفة ابن دريد فدخت الشيء مثل شدخته
(باب الفاء والذال وما يثلثهما)
(فذح) الفاء والذال والحاء
ذكر ابن دريد تفذحت الناقة وانفذحت إذا تفاجت لتبول
والله أعلم بالصواب
(باب الفاء والراء وما يثلثهما)
(فرز) الفاء والراء والزاء أصيل يدل على عزل الشيء عن غيره
يقال فرزت الشيء فرزا وهو مفروز والقطعة فرزة
(فرس) الفاء والراء والسين أصيل يدل على وطء الشيء ودقة
يقولون فرس عنقه إذا دقها
ويكون ذلك من دق العنق من الذبيحة
ثم صير كل قتل فرسا يقال فرس الأسد فريسته
وأبو فراس الأسد
وممكن أن يكون الفرس من هذا القياس لركله الأرض بقوائمه ووطئه إياها

485
ثم سمي راكبه فارسا
يقولون هو حسن الفروسية والفراسة
ومن الباب التفرس في الشيء كإصابة النظر فيه
وقياسه صحيح
(فرش) الفاء والراء والشين أصل صحيح يدل على تمهيد الشيء وبسطه
يقال فرشت الفراش أفرشه
والفرش مصدر
والفرش المفروش أيضا
وسائر كلم الباب يرجع إلى هذا المعنى
يقال تفرش الطائر إذا قرب من الأرض ورفرف بجناحه
ومن ذلك الحديث (أن قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أخذوا فرخي حمرة فجاءت الحمرة تفرش)
وقال أبو دواد في ربيئة:
فأتانا يسعى تفرش أم البيض * شدا وقد تعالى النهار
ومن ذلك الفرش من الأنعام وهو الذي لا يصلح إلا للذبح والأكل
وقوله عليه الصلاة والسلام (الولد للفراش) قال قوم أراد به الزوج
قالوا والفراش في الحقيقة المرأة لأنها هي التي توطأ ولكن الزوج أعير اسم المرأة كما اشتركا في الزوجية واللباس
قال جرير:
باتت تعارضه وبات فراشها * خلق العباءة في الدماء قتيل

486
ويقولون أفرش الرجل صاحبه إذا اغتابه وأساء القول
حكاه أبو زكريا
وهذا قياس صحيح وكأنه توطأه بكلام غير حسن
ويقولون الفراشة الرجل الخفيف
وهذا على التشبيه أيضا لأنه شبه بفراشة الماء
قال قوم هو الماء على وجه الأرض قبيل نضوبه فكأنه شيء قد فرش وكل خفيف فراشه
وقال قوم الفراشة من الأرض الذي نضب عنه الماء فيبس وتقشر
ومن الباب افترش السبع ذراعيه
ويقولون افترش الرجل لسانه إذا تكلم كيف شاء
وفراش الرأس طرائق دقاق تلي القحف
والفرش دق الحطب
والفرش الفضاء الواسع
قال ابن دريد فلان كريم المفارش إذا تزوج كريم النساء
وجمل مفرش لا سنام له
وقال أيضا أكمة مفترشة الظهر إذا كانت دكاء
ويقولون ما أفرش عنه أي ما أقلع عنه
قال:
* لم تعد أن أفرش عنها الصقلة *
وهذه الكلمة تبعد عن قياس الباب وأظنها من باب الإبدال كأنه أفرج
والفراشة فراشة القفل
والفراش هذا الذي يطير وسمي بذلك لخفته

487
ومما شذ عن هذا الأصل الفريش من الخيل التي أتى لوضعها سبعة أيام
(فرص) الفاء والراء والصاد أصل صحيح يدل على اقتطاع شيء عن شيء
من ذلك الفرصة القطعة من الصوف أو القطن
وهو من فرصت الشيء أي قطعته
ولذلك قيل للحديدة التي تقطع بها الفضة مفراص قال الأعشى:
وأدفع عن أعراضكم وأعيركم * لسانا كمفراص الخفاجي ملحبا
ثم يقال للنهزة فرصة لأنها خلسة كأنها اقتطاع شيء بعجلة
ومن الباب الفريصة اللحمة عند ناغض الكتف من وسط الجنب
ويقال إن فريص العنق عروقها
وهذا من الباب كأنه فرص أي ميز عن الشيء
ومن الباب الفرافص من الناس الشديد البطش
وهو من الفرافصة وهو الأسد كأنه يفترص الأشياء أي يقتطعها
والقوم يتفارصون الماء وذلك إذا شربوه نوبة نوبة كأن كل شربة من ذلك مفترصة أي مقتطعة
والفرصة الشرب والنوبة
والفريص الذي يفارصك هذه الفرصة
(فرض) الفاء والراء والضاد أصل صحيح يدل على تأثير في شيء من حز أو غيره
فالفرض الحز في الشيء
يقال فرضت الخشبة والحز في

488
سية القوس فرض حيث يقع الوتر
والفرض الثقب في الزند في الموضع الذي يقدح منه
والمفرض الحديدة التي يحز بها
ومن الباب اشتقاق الفرض الذي أوجبه الله تعالى وسمي بذلك لأن له معالم وحدودا
ومن الباب الفرضة وهي المشرعة في النهر وغيره وسميت بذلك تشبيها بالحز في الشيء لأنها كالحز في طرف النهر وغيره
والفرض الترس وسمي بذلك لأنه يفرض من جوانبه
وقال:
أرقت له مثل لمع البشير * يقلب بالكف فرضا خفيفا
ومن الباب ما يفرضه الحاكم من نفقة لزوجة أو غيرها وسمي بذلك لأنه شيء معلوم يبين كالأثر في الشيء
ويقولون الفرض ما جدت به على غير ثواب والقرض ما كان للمكافأة
قال:
وما نالها حتى تجلت وأسفرت * أخو ثقة مني بقرض ولا فرض
ومما شذ عن هذا الأصل الفارض المسنة في قوله تعالى * (لا فارض ولا بكر) *
والفرض جنس من التمر
قال:
إذا أكلت سمكا وفرضا * ذهبت طولا وذهبت عرضا
والفرياض الواسع

489
(فرط) الفاء والراء والطاء أصل صحيح يدل على إزالة شيء عن مكانه وتنحيته عنه
يقال فرطت عنه ما كرهه أي نحيته
قال:
فلعل بطأ كما يفرط سيئا * أو يسبق الإسراع خيرا مقبلا
فهذا هو الأصل ثم يقال أفرط إذا تجاوز الحد في الأمر
يقولون إياك والفرط أي لا تجاوز القدر
وهذا هو القياس لأنه إذا جاوز القدر فقد أزال الشيء عن جهته
وكذلك التفريط وهو التقصير لأنه إذا قصر فيه فقد قعد به عن رتبته التي هي له
ومن الباب الفرط والفارط المتقدم في طلب الماء
ومنه يقال في الدعاء للصبي اللهم اجعله فرطا لأبويه أي أجرا متقدما
وتكلم فلان فراطا إذا سبقت منه بوادر الكلام
ومن هذا الكلم أفرط في الأمر عجل
وأفرطت السحابة بالوسمي عجلت به
وفرطت عنه الشيء نحيته عنه
وفرس فرط تسبق الخيل
والماء الفراط
الذي يكون لمن سبق إليه من الأحياء
وقال في الفرس الفرط:
* فرط وشاحي إذا غدوت لجامها *
وفراط القطا متقدماتها إلى الوادي
وفراط القوم متقدموهم
قال:
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا * كما تعجل فراط لوراد

490
ويقولون أفرطت القربة ملأتها
والمعنى في ذلك أنه إذا ملأها فقد أفرط لأن الماء يسبق منها فيسيل
وغدير مفرط ملآن
وأفرطت القوم إذا تقدمتهم وتركتهم وراءك
وقالوا في قوله تعالى * (وأنهم مفرطون) * أي مؤخرون
ويقولون لقيته في الفرط بعد الفرط أي الحين بعد الحين
يقال معناه ما فرط من الزمان
والفارطان كوكبان أمام بنات نعش كأنهما سميا بذلك لتقدمهما
وأفرط الصباح أوائل تباشيره
ومنه الفرط أي العلم من أعلام الأرض يهتدى بها والجمع أفراط
وإياه أراد القائل بقوله:
أم هل سموت بجرار له لجب * جم الصواهل بين الجم والفرط
ويقال إنما هو الفرط والقياس واحد
(فرع) الفاء والراء والعين أصل صحيح يدل على علو وارتفاع وسمو وسبوغ
من ذلك الفرع وهو أعلى الشيء
والفرع مصدر فرعت الشيء فرعا إذا علوته
ويقال أفرع بنو فلان إذا انتجعوا في أول الناس
والفرع المال الطائل المعد
والأفرع الرجل التام الشعر وقد فرع

491
قال ابن دريد امرأة فرعاء كثيرة الشعر
ولا يقولون للرجل إذا كان عظيم الجمة أفرع إنما يقولون رجل أفرع ضد الأصلع
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرع
ورجل مفرع الكتف أي ناشزها ويقال عريضها
ومن الباب افترعت البكر افتضضتها وذلك أنه يقهرها ويعلوها
وأفرعت الأرض جولتها فعرفت خبرها
وفرعة الطريق وفارعته ما ارتفع منه
وتفرعت بني فلان تزوجت سيدة نسائهم
وفرعت رأسه بالسيف علوته
وفرعت الجبل صرت في ذروته
ومما يقارب هذا القياس وليس هو بعينه الفرع أول نتاج الإبل والغنم
ومما شذ عنه الفرعة دويبة وتصغيرها فريعة وبها سميت المرأة
ومما شذ أيضا الفرع كان شيئا يعمل في الجاهلية يعمد إلى جلد سقب فيلبسه سقب آخر لترأمه أم المنحور أو الميت في شعر أوس:
وشبه الهيدب العبام من الأقوام * سقبا مجللا فرعا
فأما قولهم أفرعت في الوادي انحدرت فهذا إنما هو على الفرق بين فرعت وأفرعت
قال رجل من العرب لقيت فلانا فارعا مفرعا
يقول أحدنا منحدر والآخر مصعد

492
(فرغ) الفاء والراء والغين أصل صحيح يدل على خلو وسعة ذرع
من ذلك الفراغ خلاف الشغل
يقال فرغ فراغا وفروغا وفرغ أيضا
ومن الباب الفرغ مفرغ الدلو الذي ينصب منه الماء
وأفرغت الماء صببته
وافترغت إذا صببت الماء على نفسك
وذهب دمه فرغا أي باطلا لم يطلب به
وفرس فريغ أي واسع المشي وسمى بذلك لأنه كأنه خال من كل شيء فخف عدوه ومشيه
وضربة فريغ واسعة وطعنة أيضا
وحلقة مفرغة لأنه شيء يصب صبا
وطريق فريغ واسع
قال
فأجزته بأفل تحسب إثره * نهجا أبان بذي فريغ مخرف
فأما قوله تعالى * (سنفرغ لكم أيها الثقلان) * فهو مجاز والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن
قال أهل التفسير سنفرغ أي نعمد يقال فرغت إلى أمر كذا أي عمدت له
(فرق) الفاء والراء والقاف أصيل صحيح يدل على تمييز وتزييل بين شيئين
من ذلك الفرق فرق الشعر
يقال فرقته فرقا
والفرق القطيع

493
من الغنم
والفرق الفلق من الشيء إذا انفلق قال الله تعالى * (فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) *
ومن الباب الفريقة وهو القطيع من الغنم كأنها قطعة فارقت معظم الغنم
قال الشاعر
وذفرى ككاهل ذيخ الخليف * أصاب فريقة ليل فعاثا
ومن الباب إفراق المحموم من حماه وإنما يكون كذا لأنها فارقته
وكان بعضهم يقول لا يكون الأفراق إلا من مرض لا يصيب الإنسان إلا مرة واحدة كالجدري والحصبة وما أشبه ذلك
وناقة مفرق فارقها ولدها بموت
والفرقان كتاب الله تعالى فرق به بين الحق والباطل
والفرقان الصبح سمى بذلك لأنه به يفرق بين الليل والنهار ويقال لأن الظلمة تتفرق عنه
والأفرق الديك الذي عرفه مفروق
والفرق في الخيل أن يكون أحد وركيه أرفع من الآخر
والفرق في فحولة الضأن بعد ما بين الخصيين وفي الشاة بعد ما بين الطبيين
والفارق الخلفة تذهب في الأرض نادة من وجع المخاض فتنتج حيث لا يعلم مكانها والجمع فوارق وفرق
وسميت بذلك لأنها فارقت سائر النوق
وتشبه السحابة تنفرد عن السحاب بهذه الناقة فيقال فارق

494
والفارق من الناس الذي يفرق بين الأمور يفصلها
وفرق الصبح وفلقه واحد
ومما شذ عن هذا الباب الفرق مكيال من المكاييل تفتح راؤه وتسكن
قال القتيبي هو الفرق بفتح الراء وهو الذي جاء في الحديث
(ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام) ويقال إنه ستة عشر رطلا
وأنشد لخداش ابن زهير
يأخذون الأرش في إخوتهم * فرق السمن وشاة في الغنم
والفريقة تمر يطبخ بحلبة يتداوى به والفروقة شحم الكليتين
قال
* يضئ لنا شحم الفروقة والكلى *
والفروق موضع كل ذلك شاذ عن الأصل الذي ذكرناه
(فرك) الفاء والراء والكاف أصل يدل على استرخاء في الشيء وتفتيل له
من ذلك فركت الشيء بيدي أفركه فركا وذلك تفتيلك للشيء حتى ينفرك
وثوب مفروك بالزعفران مصبوغ والأصل فيه ما ذكرناه
ومن الباب فركت المرأة زوجها تفركه إذا أبغضته
قال
* ولم يضعها بين فرك وعشق *
ورجل مفرك يبغضه النساء وإنما سمي فركا لأنها تلتوي وتنفتل عنه

495
والانفراك استرخاء المنكب
وأما قوله فاركت صاحبي مثل تاركته فهذا من باب الإبدال
(فرم) الفاء والراء والميم كلمة واحدة أظنها ليست عربية وهو الاستفرام
يقولون هو أن تحتشي المرأة شيئا تضيق به ما تحت إزارها
قال الخليل وليس هذا من كلام أهل البادية
قال ابن دريد يقال لذلك الشيء فرمة
فأما قول الراجز
* مستفرمات بالحصى جوافلا *
فإنه يريد خيلا
يعني أن من شدة جريها يدخل الحصى في فروجها فشبه الحصى بالفرمة
والفرماء موضع
(فره) الفاء والراء والهاء كلمة تدل على أشر وحذق
من ذلك الفارة الحاذق بالشيء
والفره الأشر
والفارهة القينة
وناقة مفره ومفرهة إذا كانت تنتج الفره
(فرى) الفاء والراء والحرف المعتل عظم الباب قطع الشيء ثم يفرع منه ما يقاربه من ذلك فريت الشيء أفريه فريا وذلك قطعكه

496
لإصلاحه
قال ابن السكيت فرى إذا خرز
وأفريته إذا أنت قطعته للإفساد
قال في الفري
ولأنت تفرى ما خلقت وبعض * القوم يخلق ثم لا يفرى
ومن الباب فلان يفرى الفري إذا كان يأتي بالعجب كأنه يقطع الشيء قطعا عجبا
قال
* قد كنت تفرين به الفريا *
أي كنت تكثرين فيه القول وتعظمينه
ويقال فرى فلان كذبا يفريه إذا خلقه
وتفرت الأرض بالعيون انبجست
والفري الجبان سمى بذلك لأنه فرى عن الإقدام أي قطع
الفري أيضا مثل الفري وهو العجب
والفري البهت والدهش يقال فرى يفري فري
قال الشاعر
وفريت من فزع فلا * أرمي وقد ودعت صاحب
ومن الباب الفروة التي تلبس
وقال قوم إنما سميت فروة من قياس آخر وهو التغطية لذلك سميت فروة الرأس وهي جلدته
ومنه الفروة وهي الغنى

497
والثروة
والفروة كل نبات مجتمع إذا يبس
وفي الحديث
(أن الخضر جلس على فروة من الأرض فاخضرت)
فإن صح هذا فالباب على قياسين أحدهما القطع والآخر التغطية والستر بشيء ثخين
وأما المهموز فليس من هذا القياس ولا يقاس عليه غيره وهو الفرأ حمار الوحش قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان كل الصيد في جوف الفرأ
وقال الشاعر
* بضرب كآذان الفراء *
(فرت) الفاء والراء والتاء كلمة واحدة وهي الماء الفرات وهو العذب
يقال ماء فرات ومياه فرات
(فرث) الفاء والراء والثاء أصيل يدل على شيء متفتت
يقال فرث كبده فتها
والفرث ما في الكرش
ويقال على معنى الاستعارة أفرث فلان أصحابه إذا سعى بهم وألقاهم في بليه
(فرج) الفاء والراء والجيم أصل صحيح يدل على تفتح في الشيء من ذلك الفرجة في الحائط وغيره الشق
يقال فرجته وفرجته
ويقولون إن الفرجة التفصي من هم أو غم
والقياس واحد لكنهم يفرقون بينهما بالفتح
قال

498
ربما تجزع النفوس من الأمر * له فرجة كحل العقال
والفرج ما بين رجلي الفرس
قال امرؤ القيس
لها ذنب مثل ذيل العروس * تسد به فرجها من دبر
والفروج الثغور التي بين مواضع المخافة وسميت فروجا لأنها محتاجة إلى تفقد وحفظ
ويقال إن الفرجين اللذين يخاف على الإسلام منهما الترك والسودان
وكل موضع مخافة فرج
وقوس فرج إذا انفجت سيتها
قالوا والرجل الأفرج الذي لا يلتقي أليتاه
وامرأة فرجاء
ومنه الفرج الذي لا يكتم السر والفرج مثله
والفرج الذي لا يزال ينكشف فرجه
والفروج القباء وسمى بذلك للفرجة التي فيه
ومما شذ عن هذا الأصل المفرج قالوا هو القتيل لا يدري من قتله ويقال هو الحميل لا ولاء له إلى أحد ولا نسب
وروى في بعض الحديث
(لا يترك في الإسلام مفرج) بالجيم
(فرح) الفاء والراء والحاء أصلان يدل أحدهما على خلاف الحزن والآخر الإثقال
فالأول الفرح يقال فرح يفرح فرحا فهو فرح
قال الله تعالى

499
* (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون) *
والمفراح نقيض المحزان
وأما الأصل الآخر فالإفراح وهو الإثقال
وقوله عليه الصلاة والسلام
(لا يترك في الإسلام مفرح) قالوا هذا الذي أثقله الدين
قال
إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة * وتحمل أخرى أفرحتك الودائع
(فرخ) الفاء والراء والخاء كلمة واحدة ويقاس عليها
فالفرخ ولد الطائر
يقال أفرخ الطائر ويقاس فيقال أفرخ الروع سكن
وليفرخ روعك قالوا معناه ليخرج عنك روعك وليفارقك كما يخرج الفرخ عن البيضة
ويقولون أفرخ الأمر استبان بعد اشتباه
والفريخ قين كان في الجاهلية ينسب إليه النصال أو السهام
قال
* ومقذوذين من برى الفريخ *
(فرد) الفاء والراء والدال أصل صحيح يدل علي وحده
من ذلك الفرد وهو الوتر
والفارد والفرد الثور المنفرد
وظبية فارد انقطعت عن القطيع وكذلك السدرة الفاردة انفردت عن سائر السدر
وأفراد النجوم الدراري في آفاق السماء
والفريد الدر إذا نظم وفصل بينه بغيره
والله أعلم بالصواب

500
(باب الفاء والزاء وما يثلثهما)
(فزع) الفاء والزاء والعين أصلان صحيحان أحدهما الذعر
والآخر الإغاثة
فأما الأول فالفزع يقال فزع يفزع فزعا إذا ذعر
وأفزعته أنا
وهذا مفزع القوم إذا فزعوا إليه فيما يدهمهم
فأما فزعت عنه فمعناه كشفت عنه الفزع
قال الله تعالى
* (حتى إذا فزع عن قلوبهم) *
والمفزعة المكان يلتجئ إليه الفزع
قال:
طويل طامح الطرف * إلى مفزعة الكلب
والأصل الآخر الفزع الإغاثة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار
(إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع)
يقولون أفزعته إذا رعبته وأفزعته إذا أغثته
وفزعت إليه فأفزعني أي لجأت إليه فزعا فأغاثني
وقال الشاعر في الإغاثة:
فقلت لكأس ألجميها فإنما
* نزلنا الكثيب من زرود لنفزعا *

501
وقال آخر:
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع * كان الصراخ له قرع الظنابيب
(فزر) الفاء والزاء والراء أصيل يدل على انفراج وانصداع
من ذلك الطريق الفازر وهو المنفرج الواسع
والفزر القطيع من الغنم
يقال فزرت الشيء صدغته
والأفزر الذي يتطامن ظهره والقياس واحد كأنه ينفرق لحمتا ظهره
والله أعلم
(باب الفاء والسين وما يثلثهما)
(فسط) الفاء والسين والطاء كلمتان متباينتان
فالفسيط ثفروق التمرة ويقال قلامة الظفر
الفسطاط الجماعة
وفي الحديث (إن يد الله تعالى على الفسطاط) وبذلك سمي الفسطاط فسطاطا
(فسق) الفاء والسين والقاف كلمة واحدة وهي الفسق وهو الخروج عن الطاعة
تقول العرب فسقت الرطبة عن قشرها إذا خرجت حكاه الفراء
ويقولون إن الفأرة فويسقة وجاء هذا في الحديث
قال ابن الأعرابي لم يسمع قط في كلام الجاهلية في شعر ولا كلام فاسق
قال وهذا عجب هو كلام عربي ولم يأت في شعر جاهلي

502
(فسل) الفاء والسين واللام أصل صحيح يدل على ضعف وقلة
من ذلك الرجل الفسل وهو الردي من الرجال
ومنه الفسيل صغار النخل وفسالة الحديد سحالته
(فسأ) الفاء والسين والهمزة
يقال فيه تفسأ الثوب إذا بلي
وفسأته أنا مددته حتى تفزر
ويقولون فسأه بالعصا ضربه
ويقولون في غير المهموز تفاسى الرجل تفاسيا إذا أخرج عجيزته
(فسج) الفاء والسين والجيم كلمة واحدة
يقولون قلوص فاسجة إذا أعجلها الفحل فضربها قبل وقت المضرب
ويقال بل هي الحائل السمينة
(فسح) الفاء والسين والحاء كلمة واحدة تدل على سعة واتساع
من ذلك الفسيح الواسع
وتفسحت في المجلس وفسحت المجلس
(فسخ) الفاء والسين والخاء كلمة تدل على نقص شيء
يقال تفسخ الشيء انتقض
ويقولون أفسخت الشيء نسيته
ويقولون الفسيخ الرجل لا يظفر بحاجته
(فسد) الفاء والسين والدال كلمة واحدة فسد الشيء يفسد فسادا وفسودا وهو فاسد وفسيد

503
(فسر) الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان شيء وإيضاحه
من ذلك الفسر يقال فسرت الشيء وفسرته
والفسر والتفسرة نظر الطبيب إلى الماء وحكمه فيه
والله أعلم بالصواب
(باب الفاء والشين وما يثلثهما)
(فشح) الفاء والشين والجيم
يقولون فشجت الناقة تفاجت لتبول
كذلك في كتاب الخليل
وقال ابن دريد فشحت بالحاء وأنشد:
إنك لو صاحبتنا مذحت * وحكك الحنوان فانفشحت
(فشخ) الفاء والشين والخاء فيه طريفة ابن دريد
قال الفشخ ضرب الرأس باليد
(فشل) الفاء والشين واللام
يقولون تفشل الماء سال
والفشل شيء من أداة الهودج
(فشا) الفاء والشين والحرف المعتل كلمة واحدة وهي ظهور الشيء
يقال فشا الشيء ظهر
وحكى ابن دريد فشأ المرض فيهم فشوءا وتفشأ تفشؤا

504
(فشغ) الفاء والشين والغين أصل يدل على الانتشار
يقال انفشغ الشيء وتفشغ إذا انتشر
ويقولون الفشغة القطنة في جوف القصبة
والفشاغ نبات يتفشغ على الشجر ويلتوي
والناصية الفشغاء المنتشرة وتفشغ فيه الشيب ظهر
وتفشغ به الدم
ويقولون أفشغه سوطا ضربه
(فشق) الفاء والشين والقاف ليس هو عندي أصلا ولكنهم يقولون الفشق المباغتة
فاشق باغت
وفشق بنو فلان الدنيا إذا كثرت عليهم فلعبوا بها
والله أعلم بالصواب
(باب الفاء والصاد وما يثلثهما)
(فصل) الفاء والصاد واللام كلمة صحيحة تدل على تمييز الشيء من الشيء وإبانته عنه
يقال فصلت الشيء فصلا
والفيصل الحاكم
والفصيل ولد الناقة إذا افتصل عن أمه
والمفصل اللسان لأن به تفصل الأمور وتميز
قال الأخطل:
* وقد ماتت عظام ومفصل *
والمفاصل مفاصل العظام
والمفصل ما بين الجبلين والجمع مفاصل قال أبو ذؤيب:

505
مطافيل أبكار حديث نتاجها * يشاب بماء مثل ماء المفاصل
والفصيل حائط دون سور المدينة
وفي بعض الحديث (من أنفق نفقة فاصلة فله من الأجر كذا) وتفسيره في الحديث أنها التي فصلت بين إيمانه وكفره
(فصم) الفاء والصاد والميم أصل صحيح يدل على انصداع شيء من غير بينونة
من ذلك الفصم وهو أن ينصدع الشيء من غير أن يبين
وكل منحن من خشبة وغيرها فهو مفصوم
قال:
كأنه دملج من فضة نبه * في ملعب من عذاري الحي مفصوم
(فصى) الفاء والصاد والياء أصل صحيح يدل على تنحي الشيء عن الشيء
يقال تفصى اللحم عن العظم وتفصى الإنسان من البلية تخلص
والاسم الفصية
وفي حديث قيلة (الفصية والله لا يزال كعبك عاليا)
وأفصى رجل
(فصح) الفاء والصاد والحاء أصل يدل على خلوص في شيء ونقاء من الشوب
من ذلك اللسان الفصيح الطليق
والكلام الفصيح العربي
والأصل أفصح اللبن سكنت رغوته
وأفصح الرجل تكلم بالعربية وفصح

506
جادت لغته حتى لا يلحن
في كتاب ابن دريد أفصح العربي إفصاحا وفصح العجمي فصاحة إذا تكلم بالعربية
وأراه غلطا والقول هو الأول
وحكى فصح اللبن فهو فصيح إذا أخذت عنه الرغوة
قال:
* وتحت الرغوة اللبن الفصيح *
ويقولون أفصح الصبح إذا بدا ضوؤه
قالوا وكل واضح مفصح
ويقال إن الأعجم ما لا ينطق والفصيح ما ينطق
ومما ليس من هذا الباب الفصح عيد النصارى يقال أفصحوا جاء فصحهم
(فصد) الفاء والصاد والدال كلمة صحيحة وهي الفصد وهو قطع العرق حتى يسيل
والفصيد دم كان يجعل في معي من فصد عروق الإبل ويشوى ويؤكل وذلك في الشدة تصيب
قال الأعشى:
* ولا تأخذ السهم الحديد لتفصدا *
ويقولون تفصد الشيء سال
(فصع) الفاء والصاد والعين يدل على خروج شيء عن شيء
يقال فصع الرطبة إذا قشرها
ويقولون الفصعة غلفة الصبي إذا اتسعت حتى تبدو حشفته

507
(باب الفاء والضاد وما يثلثهما)
(فضل) الفاء والضاد واللام أصل صحيح يدل على زيادة في شيء
من ذلك الفضل الزيادة والخير
والإفضال الإحسان
ورجل مفضل
ويقال فضل الشيء يفضل وربما قالوا فضل يفضل وهي نادرة
وأما المتفضل فالمدعي للفضل على أضرابه وأقرانه
قال الله تعالى في ذكر من قال * (ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم) *
ويقال المتفضل المتوشح بثوبه
ويقولون الفضل الذي عليه قميص ورداء وليس عليه إزار ولا سراويل
ومنه قول امرئ القيس:
وتضحي فتيت المسك فوق فراشها * نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
(فضى) الفاء والضاد والحرف المعتل أصل صحيح يدل على انفساح في شيء واتساع
من ذلك الفضاء المكان الواسع
ويقولون أفضى الرجل إلى امرأته باشرها
والمعنى فيه عندنا أنه شبه مقدم جسمه بفضاء ومقدم جسمها بفضاء فكأنه لاقى فضاءها بفضائه
وليس هذا ببعيد في القياس الذي ذكرناه
ومن هذا على طريق التشبيه أفضى إلى فلان بسره إفضاء وأفضى بيده إلى الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده
وهو من الذي ذكرناه في قياس

508
الفضاء
ويقولون الفضا مقصور تمر وزبيب يخلطان
وقال بعضهم الفضا مقصور الشيئان يكونان في وعاء مختلطين لا يصر كل واحد منهما على حدة
قال:
فقلت لها يا عمتا لك ناقتي * وتمر فضا في عيبتي وزبيب
وقال:
* طعامهم فوضى فضا في رحالهم *
(فضح) الفاء والضاد والحاء كلمتان متقاربتان تدل إحداهما على انكشاف شيء ولا يكاد يقال إلا في قبيح والأخرى على لون غير حسن أيضا
فالأول قولهم أفضح الصبح وفضح إذا بدا
ثم يقولون في التهتك الفضوح
قالوا وافتضح الرجل إذا انكشفت مساويه
وأما اللون فيقولون إن الفضح غبرة في طحلة وهو لون قبيح
وأفضح البسر إذا بدت منه حمرة
ويقولون الأفضح الأسد وكذلك البعير وذلك من فضح اللون
(فضخ) الفاء والضاد والخاء فيه كلمة تدل على الشدخ
يقال فضخت الرطبة شدختها
والفضيخ رطب يشدخ وينبذ

509
(باب الفاء والطاء وما يثلثهما)
(فطم) الفاء والطاء والميم أصل صحيح يدل على قطع شيء عن شيء
يقال فطمت الأم ولدها وفطمت الرجل عن عادته
قال أبو نصر صاحب الأصمعي يقال فطمت الحبل إذا قطعته
قال ومنه فطام الأم ولدها
(فطن) الفاء والطاء والنون كلمة واحدة تدل على ذكاء وعلم بشيء
يقال رجل فطن وفطن وهي الفطنة والفطانة
(فطأ) الفاء والطاء والهمزة كلمة واحدة تدل على تطامن
يقال للرجل الأفطس الأفطأ
ويقولون فطئ البعير إذا تطامن ظهره خلقة
(فطح) الفاء والطاء والحاء كلمة واحدة
يقولون فطحت العود وغيره إذا عرضته
وهو مفطح
ورأس مفطح عريض
(فطر) الفاء والطاء والراء أصل صحيح يدل على فتح شيء وإبرازه من ذلك الفطر من الصوم
يقال أفطر إفطارا وقوم فطر أي مفطرون ومنه الفطر بفتح الفاء وهو مصدر فطرت الشاة فطرا إذا حلبتها
ويقولون الفطر يكون الحلب بإصبعين
والفطرة الخلقة

510
(فطس) الفاء والطاء والسين
فيه الفطس في الأنف انفراشه
وفطيسة الخنزير أنفه
والفطيس المطرقة ولعلها سميت بذلك لأنها يكسر بها الشيء ويتطامن ويقولون فطس مات
ويقولون الفطسة خرزة يؤخذ بها
(باب الفاء والظاء وما يثلثهما)
(فظع) الفاء والظاء والعين كلمة واحدة
أفظع الأمر وفظع اشتد
وهو مفظع وفظيع
والله أعلم
(باب الفاء والعين وما يثلثهما)
(فعل) الفاء والعين واللام أصل صحيح يدل على إحداث شيء من عمل وغيره
من ذلك فعلت كذا أفعله فعلا
وكانت من فلان فعلة حسنة أو قبيحة
والفعال جمع فعل
والفعال بفتح الفاء الكرم وما يفعل من حسن
وبقيت كلمة ما أدري كيف صحتها
يقولون الفعال خشبة الفأس
(فعم) الفاء والعين والميم أصل صحيح يدل على اتساع وامتلاء
فالفعم الملآن
فعم يفعم فعامة وفعومة
وامرأة فعمة الساقين إذا امتلأت ساقها لحما
وأفعمت الشيء ملأته

511
(فعي) الفاء والعين والحرف المعتل كلمة واحدة وهي الأفعى حية وحكى ناس تفعى الرجل إذا ساء خلقه مشتق من الأفعى
والله أعلم
(باب الفاء والغين وما يثلثهما)
(فغم) الفاء والغين والميم كلمتان إحداهما تدل على فتح شيء أو تفتحه ولا يكون إلا طيبا
والأخرى تدل على الولوع بالشيء
فالأولى فغم الورد تفتح
والريح الطيبة تفغم أي تصير في الأنف تفتح السدة
وأفغم المسك المكان ملأه برائحته
والكلمة الأخرى فغم بكذا أولع به وحرص عليه قال الأعشى:
تؤم ديار بني عامر * وأنت بآل عقيل فغم
(فغى) الفاء والغين والحرف المعتل كلمة واحدة
يقولون الفاغية نور الحناء
يقال أفغى إذا أخرج فاغيته
ويقولون الفغا فساد في البر
(فغر) الفاء والغين والراء أصل صحيح يدل على فتح وانفتاح من ذلك فغر الرجل فاه فتحه
وفغر فوه إذا انفتح وانفغر النور تفتح
والفاغرة ضرب من الطيب
ويقال إن المفغرة الأرض الواسعة

512
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله فاء)
من ذلك الفرزدقة القطعة من العجين
وهذه كلمة منحوتة من كلمتين من فرز ومن دق لأنه دقيق عجن ثم أفرزت منه قطعة فهي من الفرز والدق
ومن ذلك الفرقعة تنقيض الأصابع
وهذا مما زيدت فيه الراء وأصله فقع وقد ذكر
ومن ذلك قولهم افرنقعوا إذا تنحوا
وهي كلمة منحوتة من فرق وفقع لأنهم يتفرقون فيكون لهم عند ذلك فقعة وحركة
ومن ذلك قولهم الفرشط والفرشاط الواسع
وهذا مما زيدت فيه الطاء والأصل فرش ويكون ذلك من فرشت الشيء
ومن هذا الباب فرشط البعير لأنه ينفرش وينبسط
ومن ذلك الفلقم الواسع
وهذا من كلمتين من فلق ولقم كأنه من سعته يلقم الأشياء
والفلق الفتح

513
وقد ذكروا من ذلك الفلحس الرجل الحريص والكلب الفلحس وهذا مما زيدت فيه الفاء والأصل لحس كأنه من حرصه يلحس الأشياء لحسا
والفلحس المرأة الرسحاء كأن اللحم منها قد لحس حتى ذهب
ومن ذلك الفرهد الحادر الغليظ
وهذه منحوتة من كلمتين من فره ورهد
فالفره كثرة اللحم والرهد استرخاؤه
ومن ذلك الفرشحة وهو أن يفرج الإنسان بين رجليه ويباعد إحداهما من الأخرى وهو المنهي عنه في الصلاة
وهذا من كلمتين من فرش وفسح وقد مر تفسيرهما
ومن ذلك قولهم لقيت منه الفتكرين وهي الشدائد
وهذا من الفتك وسائره زائد
ومن ذلك الفدغم الرجل العظيم الخلق والميم فيه زائدة وكأنه يفدغ بخلقه الأشياء فدغا
ومما وضع وضعا ولعل له قياسا لا نعلمه الفرقد ولد البقرة
والفرقدان نجمان
وفقعس حي من الأسد
والفطحل زمن لم يخلق الناس فيه بعد
والفلنقس الذي أمه عربية وأبوه عجمي
والفرصاد

514
التوت والفرنب الفأرة ويقولون الفرطوم منقار الخف يقال خف مفرطم
وأما قوله:
* عكف النبيط يلعبون الفنزجا *
فيقال إنه فارسي وإنه الدستبند والفرعل ولد الضبع على ما قالوا من كلام العرب
والله أعلم.
(تم كتاب الفاء والله أعلم بالصواب)
تم الجزء الرابع من مقاييس اللغة بتقسيم محققه
ويليه الجزء الخامس وأوله كتاب القاف

515
/ 1