شرائع الإسلام (جزء 2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرائع الإسلام (جزء 2) - نسخه متنی

جعفر بن حسن محقق حلی؛ محقق: صادق شیرازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: شرائع الإسلام
المؤلف: المحقق الحلي
الجزء: 2
الوفاة: 676
المجموعة: فقه الشيعة الى القرن الثامن
تحقيق: مع تعليقات : السيد صادق الشيرازي
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: 1409
المطبعة: أمير - قم
الناشر: انتشارات استقلال - طهران
ردمك:
ملاحظات: أفست من الطبعة الثالثة 1403 هـ - 1983 م ، طبع بموافقة مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان
القسم الثاني
في العقود وفيه خمسة عشر كتابا



(العقود جمع (عقد) وهو ما يحتاج تحققه إلى طرفين (موجب) و (قابل)
261
كتاب التجارة
وهو مبني على فصول
الأول
فيما يكتسب به وهو ينقسم إلى: محرم، ومكروه، ومباح.
فالمحرم منه أنواع:
الأول: الأعيان النجسة كالخمر، والأنبذة، والفقاع (1). وكل مائع نجس، عدا
الأدهان لفائدة الاستصباح بها تحت السماء (2). والميتة. والدم. وأرواث وأبوال ما لا
يؤكل لحمه، وربما قيل: بتحريم الأبوال كلها، إلا بول الإبل خاصة، والأول أشبه.
والخنزير وجميع أجزائه.. وجلد الكلب، وما يكون منه (3).
الثاني: ما يحرم لتحريم ما قصد به كآلات اللهو، مثل العود والزمر. وهياكل العبادة
المبتدعة، كالصليب والصنم. وآلات القمار كالنرد والشطرنج. وما يفضي (4) إلى المساعدة
على محرم، كبيع السلاح لأعداء الدين، وإجارة المساكن والسفن للمحرمات، وكبيع العنب
ليعمل خمرا، وبيع الخشب ليعمل صنما.
ويكره: بيع ذلك لمن يعملها (5).



كتاب التجارة
(1) (الخمرة) هي الخمر المتخذ من عصير العنب، (الأنبذة) هي أنواع من الخمر تؤخذ من الفواكه الأخرى، ويقال لكل واحد منها
(النبيذ) لنبذ الفاكهة فيها حتى تختمر وتغلي وتسكر (والفقاع) على وزن رمان، هو الخمر المتخذ من الشعير.
(2) (الأدهان) أي: المتنجسة، فإنه لا يحرم بيعها، لأجل جعلها زيتا ووقودا تحت السماء، والتقييد بتحت السماء، حتى لا يتنجس
السقف بدخانه الذي معه ذرات من الدهن.
(3) أي: من الكلب، من الشعر، واللحم، والعظم وغيرها.
(4) أي: يؤدي
(5) من دون قصد البائع البيع لجهة الحرام
263
الثالث: ما لا ينتفع به كالمسوخ: برية كانت، كالقرد والدب، وفي الفيل تردد، والأشبه
جواز بيعه للانتفاع بعظمه. أو بحرية، كالجري والضفادع والسلاحف والطافي (6).
والسباع كلها إلا الهر.
والجوارح: طائرة كانت كالبازي. أو ماشية كالفهد.
وقيل: يجوز بيع السباع كلها، تبعا للانتفاع بجلدها أو ريشها، وهو الأشبه.
الرابع: ما هو محرم في نفسه: كعمل الصور المجسمة (7). والغناء. ومعونة الظالمين بما
يحرم (8). ونوح النائحة بالباطل (9). وحفظ كتب الضلال، ونسخها لغير النقض (10).
وهجاء المؤمنين وتعلم السحر، والكهانة، والقيافة، والشعبذة (11)، والقمار. والغش بما
يخفى، كشوب اللبن بالماء (12)، وتدليس الماشطة (13). وتزين الرجل بما يحرم عليه (14).
الخامس: ما يجب على الإنسان فعله كتغسيل الموتى، وتكفينهم، وتدفينهم. وقد يحرم
الاكتساب بأشياء أخر (15)، تأتي في أماكنها إن شاء الله تعالى.
مسألة:



(6) وهو السمك الميت في الماء ويقال (الطافي لأنه يعلو على سطح الماء).
(7) من صور الإنسان والحيوان، دون صور غير ذي الروح كالشجر والسحاب ونحوهما.
(8) قال في شرح اللمعة: (كالكتابة لهم، وإحضار المظلوم، ونحوه، لا معونتهم بالأعمال المحللة كالخياطة لهم.)
(9) أي: بالكذب، ووصف الميت بما لم يكن فيه، كأن يقول في موت إنسان عادي (أظلمت الدنيا لموتك، وأيتمت الناس كلهم لفقدك،
وانقطعت البركات لغيبتك).
(10) (نسخها) أي: كتابة نسخة منها، وكذلك طبعها (لغير النقض) أي: لغير الرد.
(11) (السحر) هو أعمال دقيقة تؤثر في بعض الموجودات فتغيرها عن طبيعتها الأصلية كالقتل، والعمى، وإيجاد الحب، والبغض،
ونحو ذلك (والكهانة) رياضيات وفنون توجب جزئيا الأخبار عن المغيبات والأسرار (والقيافة) علم يتفرس به تطبيق الأرحام
بعضهم على بعض، فيلحق ولد الشبهة بأبيه، أو ينسبه إلى غير أبيه، ونحو ذلك، وهذه كلها محرمات، عملها، وتعلمها
(والشعبذة) - بالدال، والذال - هي أعمال خفيفة وسريعة توجب للناظر تخيل غير واقعها.
(12) أما إذا كان لا يخفي كخلط الجوز الكبير بالصغير، فلا يحرم.
(13) (الماشطة) هي المرأة التي تزين النساء ليلة الزفاف، وسميت بذلك لمناسبة (المشط) والمراد بتدليسها، هو إظهار محاسن ليست
فيها، من وصل شعرها بشعر آخر حتى يظن الزوج أنها طويلة الشعر، أو تبيضها، وتحميرها حتى يظن الزوج أنها بيضاء حمراء،
وهكذا.
(14) في شرح اللمعة: (كلبس الرجل السوار، والخلخال، والثياب المختصة بالمرأة).
(15) كالبيع الربوي، وبيع النسيئة بالنسيئة، ويسمى (بيع الكالئ بالكالئ) وتبع الحر، ونحوها
264
أخذ الأجرة على الأذان حرام، ولا بأس بالرزق من بيت المال (16). وكذا الصلاة
بالناس (17). والقضاء على تفصيل سيأتي (18)، ولا بأس بأخذ الأجرة على عقد النكاح (19).
والمكروهات ثلاثة: ما يكره لأنه يفضي (20) إلى محرم أو مكروه غالبا: كالصرف.
وبيع الأكفان، والطعام، والرقيق. واتخاذ الذبح والنحر صنعة (21). وما يكره لضعته:
كالنساجة، والحجامة إذا اشترط، وضراب الفحل (22). وما يكره لتطرق الشبهة: كمكسب
الصبيان، ومن لا يتجنب المحارم (23). وقد تكره أشياء (24) تذكر في أبوابها إن شاء الله تعالى.
وما عدا ذلك مباح (25).
مسائل:
الأولى: لا يجوز بيع شئ من الكلاب إلا كلب الصيد. وفي كلب الماشية والزرع
والحائط (26) تردد، والأشبه المنع. نعم، يجوز إجارتها، ولكل واحد من هذه الأربعة دية (27)،
لو قتله غير المالك.



(16) الفرق بين (الأجرة) و (الرزق) هو بالاعتبار، فقد يقال للمؤذن نعطيك مقابل الأذان عن كل آذان دينارا، فهذا من الأجرة، وقد
يقال للمؤذن: أذن هنا كل يوم وأكلك ولباسك علينا فهذا من الرزق.
(17) أي: إمامة الجماعة، فإن أخذ الأجرة عليها حرام، والرزق حلال.
(18) في كتاب القضاء أواخر كتاب الشرائع، وهو ما إذا انحصر ولم يكن قاض غيره ووجب عليه القضاء.
(19) لأنه مستحب غير واجب، والمراد قراءة صيغة النكاح.
(20) أي: تكون نتيجته الوقوع في الحرام والمكروه.
(21) (فالعرق) يؤدي إلى الربا وهو حرام (وبيع الأكفان) يؤدي إلى انتظار موت المؤمنين وهو مكروه (وبيع الطعام) يؤدي إلى الاحتكار
وهو حرام بعض أقسامه، ومكروه بعض أقسامه (وبيع الرقيق) أي: العبيد والإماء، يؤدي إلى الحرام أحيانا لأنه في معرض أن
يودع عنده أمة ليبيعها فيطأها وهو حرام، ويؤدي إلى المكروه أحيانا وهو أن يسئ معاملتهم (واتخاذ) لأنه يؤدي إلى قساوة القلب
وهي مكروهة.
(22) (لضعته) أي: خسته وانحطاطه (كالنساجة) وهي نسج الثياب والأقمشة (إذا اشترط) الأجرة، سواء عين مقدارها، أو لم يعين
بل قال: إني أعمل بأجرة (وخراب) بأن يؤجر الدابة (الفحل) الذي عنده للجماع بالإناث، فهذه مكروهات لأنها حطيطة في
الاجتماع.
(23) (الشبهة) أي: احتمال الحرمة (الصبيان) أي: البيع لهم، أو الشراء منهم لاحتمال سرقتهم من أهليهم، أو من غيرهم (ومن لا
يتجنب) أي: الذي لا يبالي بالحرام.
(24) كالبيع بين طلوعي الفجر والشمس، ومبايعة الأدبين وذوي العاهات وأن يتوكل حاضر لباد، وغيرها ما يأتي بعضها عند رقم 113.
(25) كبيع الفرش، والدور، والباستين، وغيرها.
26) (الماشية) الكلب الذي يمشي مع الأنعام، كالأغنام، والأبقار، والإبل ويحرسها عن السرقة أو الذئاب (والزرع) الكلب الذي
يحرس الزرع (والحائط) الكلب الذي يحرس الدور، والبساتين، بالوقوف على الحائط ونحوه.
(27) وديتها قيمتها عند غير المتشرعين (في الثلاثة الأخيرة).
265
الثانية: الرشا (28) حرام سواء حكم لباذله أو عليه، بحق أو باطل.
الثالثة: إذا دفع الإنسان مالا إلى غيره، ليصرفه في قبيل، وكان المدفوع إليه بصفتهم،
فإن عين له عمل بمقتضى تعيينه، وإن أطلق، جاز أن يأخذ مثل أحدهم من غير زيادة (29).
الرابعة: الولاية من قبل السلطان العادل جائزة، وربما وجبت، كما إذا عينه إمام
الأصل، أو لم يمكن دفع المنكر أو الأمر بالمعروف إلا بها. وتحرم من قبل الجائر، إذا لم يأمن
اعتماد ما يحرم (30). ولو أمن ذلك، وقدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحبت.
ولو أكره، جاز له الدخول، دفعا للضرر اليسير، على كراهية. وتزول الكراهية، لدفع الضرر
الكثير (31)، كالنفس، أو المال، أو الخوف على بعض المؤمنين.
الخامسة: إذا أكرهه الجائر على الولاية، جاز له الدخول والعمل بما يأمره، مع عدم
القدرة على التفصي (32)، إلا في الدماء المحرمة، فإنه لا تقية فيها.
السادسة: جوائز الجائر إن علمت حراما بعينها فهي حرام (33)، وإلا فهي حلال.
وإن قبضها، أعادها على المالك. فإن جهله، أو تعذر الوصول إليه، تصدق بها عنه. ولا يجوز
إعادتها على غير مالكها مع الإمكان (34).
السابعة: ما يأخذه السلطان الجائر من الغلات باسم المقاسمة، والأموال باسم الخراج
عن حق الأرض، ومن الأنعام باسم الزكاة، يجوز ابتياعه، وقبول هبته، ولا تجب إعادته على



(28) - بضم الراء، جمع رشوة - هي أن يأخذ مالا بعنوان أن يحكم للمعطي، هذا المال حرام أخذه بهذا العنوان، حتى إذا حكم ضد
معطيه، أو كان معطيه الحق معه.
(29) (في قبيل) أي: في جماعة، كما لو قال قسمه على العلماء (بصفتهم) أي: كان هو أيضا من العلماء (فإن عين) أي: قال له مثلا منه
مئة لك، وقسم الباقي على العلماء (أطلق) أي: قال: هذا المال للعلماء ولم يعين له شيئا معينا.
(30) أي: إذا احتمل صدور الحرام عنه.
(31) فلو أمر الظالم شخصا بالولاية، وإن لم يقبل سرق منه مالا قليلا، أو سجنه أياما قليلة، جاز له القبول لدفع هذا العذر، لكنه
مكروه، وأما لو قال له: إن لم تقبل قتلتك، أو قتلت أخاك، وأحرقت دارك، جاز بغير كراهة.
(32) أي: على التخلص، فلو قال الظالم له: أئتني بزيد لأضربه، فإن أمكنه التخلص يأتي لم أجد زيدا، لم يجز له إحضار زيد، وإن لم
يمكنه التخلص بذلك جاز له إحضار زيد - لأنه مكره عليه - وأما إذا أمره بقتل زيد ولم يمكنه التخلص لم يجز قتل زيد، حتى ولو أدى إلى
قتل الظالم لنفسه دون زيد.
(33) كما لو أعطى الجائر لزيد فرسا، وعلم زيد إن هذه الفرس مغصوب من عمرو، فيحرم على زيد التصرف فيه.
(34) يعني: مع إمكان إعادتها على مالكها، لا يجوز إعادتها إلى غيره، بأن يردها على الجائر، لأنه ضمنه بوضع اليد عليه (وعلى اليد ما
أخذت حتى تؤدي.
266
أربابه، وإن عرف بعينه (35).
الفصل الثاني
في عقد البيع، وشروطه، وآدابه.
العقد: هو اللفظ الدال على نقل الملك، من مالك إلى آخر، بعوض معلوم. ولا يكفي
التقابض (36) من غير لفظ، وإن حصل من الأمارات ما يدل على إرادة البيع، سواء كان في الحقير
أو الخطير (37).
ويقوم مقام اللفظ، الإشارة مع العذر (38).
ولا ينعقد إلا بلفظ الماضي. فلو قال: اشتر أو ابتع أو أبيعك، لم يصح، وإن حصل
القبول. وكذا في طرف القبول، مثل أن يقول: بعني أو تبيعني، لأن ذلك أشبه بالاستدعاء أو
الاستعلام (39).
وهل يشترط تقديم الإيجاب على القبول؟ فيه تردد، والأشبه عدم الاشتراط (40). ولو
قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد، لم يملكه، وكان مضمونا عليه (41).
وأما الشروط: فمنها ما يتعلق بالمتعاقدين وهو: البلوغ، والعقل، والاختيار.
فلا يصح بيع الصبي ولا شراؤه، ولو أذن له الولي (42). وكذا لو بلغ عشرا عاقلا، على



(35) (المقاسمة) يعني الضريبة التي يأخذها السلطان الجائر عن النخيل والمزارع (والخراج) يعني: الأجرة التي تؤخذ من الأرضين
(والزكاة) التي تؤخذ عن الذهب والفضة، والإبل والبقر والغنم. (وقبول هبته) يعني: لو وهب السلطان لشخص منها شيئا جاز
قبوله والتصرف فيه ويملكه الموهوب له (أربابه) أي: أصحابه (وإن عرف بعينه)
فلو أخذ السلطان ألف دينار بعنوان الزكاة من
زيد، ثم أهداه لشخص جاز لذلك الشخص وهو عالم بأنه أخذ من زيد - ويعرف زيدا - أن يتصرف فيه (والسبب) إن زيدا تبرأ ذمته
من الزكاة والخراج والمقاسمة بأخذ السلطان فيخرج عن ملكه، وإن كان على الجائر حراما أخذه.
(36) أي: إعطاء كل من البائع والمشتري ما عنده للآخر، وهو المسمى ب‍ (المعاطاة).
(37) (الحقير) يعني: الأشياء الصغيرة الثمن، كالدرهم، والدرهمين (والخطير) هو الكبير الثمن، كألف دينار، وألفين.
(38) كالأخرس العاجز عن اللفظ.
(39) (بلفظ الماضي) وهو (بعتك) (ملكتك) ونحوهما. (اشتر، وابتع) كلاهما أمر بمعنى واحد (أبيعك) فعل مضارع (وإن
حصل القبول) يعني: حتى ولو قال المشتري بعد ذلك (قبلت) (بعني) أي (تبيعني) مضارع (بالاستدعاء) يعني: طلب البيع
(الاستعلام) أي: السؤال عن البيع والاستفهام.
(40) فلو قال المشتري (بعني هذه الدار بألف، فقال المالك (بعتك) صح البيع.
(41) أي: إذا تلف عند المشتري كان ضامنا له بقيمته أو مثله.
(42) أي: حتى ولو أذن له الولي.
267
الأظهر (43). وكذا المجنون، والمغمى عليه، والسكران غير المميز والمكره، ولو رضي كل منهم
بما فعل بعد زوال عذره، عدا المكره للوثوق بعبارته (44).
ولو باع المملوك، أو اشترى بغير إذن سيده، لم يصح. فإن أذن له جاز. ولو أمره آمر أن
يبتاع له نفسه من مولاه (45)، قيل: لا يجوز، والجواز أشبه.
وأن يكون البائع: مالكا. أو ممن له أن يبيع عن المالك: كالأب والجد للأب،
والوكيل، والوصي، والحاكم وأمينه (46).
فلو باع ملك غيره، وقف (47) على إجازة المالك أو وليه، على الأظهر. ولا يكفي سكوته
مع العلم، ولا مع حضور العقد (48). فإن لم يجز كان له انتزاعه من المشتري، ويرجع
المشتري على البائع بما دفعه إليه، وما اغترمه من نفقة، أو عوض عن أجرة أو نماء (49)، إذا لم
يكن عالما إنه لغير البائع، أو ادعى البائع أن المالك أذن له.
وإن لم يكن كذلك (50)، لم يرجع بما اغترم، وقيل: لا يرجع بالثمن مع العلم
بالغصب (51).
وكذا لو باع ما يملك وما لا يملك (52)، مضى بيعه فيما يملك، وكان فيما لا يملك موقوفا
على الإجازة ويقسط الثمن بأن يقوما جميعا ثم يقوم أحدهما ويرجع على البايع بحصة من الثمن (53)



(43) (عشرا) أي: عشر سنين وكان عاقلا (على الأظهر) ومقابله قول بقيمة بيع غير البالغ الذي تم له عشر سنين.
(44) (ولو رضي) أي: حتى ولو رضي (عدا المكره) فإنه لو باع أو اشترى مكرها ثم رضي صح (للوثوق بعبارته) يعني: لأن عقد البيع
صدر عنه مع قصده للمعنى، غير أنه كان غير راض، فإذا رضي بعد ذلك صح.
(45) أي: لو أمر شخص العبد بأن يشتري نفسه لذلك من مولاه.
(46) أي: وكيل الحاكم الشرعي الذي هو أمين عند الحاكم.
(47) أي: توقف صحة البيع، ولا يكون البيع باطلا من رأس، فإن أجاز صح البيع، ومقابل الأظهر قول بالبطلان سواء أجاز المالك أم
لا.
(48) فلو علم المالك بأن شخصا باع ملكه وسكت المالك ولم يقل أجزت البيع، ولا قال: رددت البيع، وكذا لو باعوا ملكه بحضوره ولم
يرد وسكت، لا يصح البيع، لأن السكوت لا يدل على الرضا، لاحتمال كون سكوته عن خجل، أو مراعاة أمر آخر من دون أن
يكون راضيا بالبيع.
(49) (دفعه إليه) قيمة للبضاعة (من نفقة) كأكل الدابة التي اشتراها (أو) ما اغترمه من (عوض عن أجرة) كما لو كانت الدابة عنده
أسبوعا، فأخذ المالك عنه أجرة الأسبوع (أو) ما اغترمه من عوض عن (نماء) كما لو كانت الدابة حلوبة تشرب حليبها.
(50) أي: لم يكن جاهلا، بل علم أن المال لغير البائع.
(51) (بما اغترم) يعني: يرجع فقط بأصل الثمن (وقيل لا يرجع بالثمن) أيضا.
(52) (وما لا يملك أي: ما ليس ملكا له، بل لغيره.
(53) بحصته من الثمن) أي: بنسبة ملك البائع إلى الثمن المتفق عليه بينهما. (مثلا) ولو باع ثوبا، وفرشا معا بألف دينار، ثم ظهر أن
الفرش ليس للبائع، ولم يجز مالك الفرش البيع، قوم الثوب والفرش جميعا، فإن كان قيمتهما جمعيا ثمانية دينار، وكان الثوب
وحده مئتي دينار - يعني قيمة الثوب الربع وقيمة الفرش ثلاثة أرباع - رجع المشتري على البائع بثلاثة أرباع الألف وهو سبعمائة
وخمسين دينارا.
268
إذا لم يجز المالك ولو أراد المشتري رد الجميع كان له ذلك. وكذا لو باع ما يملك وما لا يملكه
المسلم، أو ما لا يملكه مالك كالعبد مع الحر والشاة مع الخنزير والخل مع الخمر (54).
والأب والجد للأب يمضي تصرفهما، ما دام الولد غير رشيد. وتنقطع ولايتهما بثبوت
البلوغ والرشد (55)، ويجوز لهما أن يتوليا طرفي العقد، فيجوز أن يبيع عن ولده [من
غيره] (56)، وعن نفسه من ولده، وعن ولده من نفسه.
والوكيل يمضي تصرفه على الموكل، ما دام الموكل حيا جائز التصرف (57). وهل يجوز أن
يتولى طرفي العقد (58)؟، قيل: نعم، وقيل: لا، وقيل: إن علم الموكل جاز، وهو الأشبه.
فإن أوقع قبل إعلامه (59) وقف على الإجازة.
والوصي لا يمضي تصرفه إلا بعد الوفاة. والتردد في توليه لطرفي العقد، كالوكيل (60).
وقيل: يجوز أن يقوم على نفسه، وأن يقترض إذا كان مليا (61).
وأما الحاكم وأمينه، فلا يليان (62) إلا على المحجور عليه، لصغر أو سفه أو فلس أو
حكم على غائب (63).



(54) المثال الأول لما لا يملكه مالك، لأن الحر لا يملكه أحد إطلاقا، والمثالان الأخيران لما لا يملكه المسلم، فإن الخنزير والخمر لا يملكهما
المسلم، ويملكهما الكافر.
(55) (غير رشيد) حتى ولو كان بالغا، وغير الرشيد هو الذي يتصرف عقلائيا في أمواله، مثلا يشتري بألف ما يساوي مئة، ويبيع بمئة
ما يساوي بألف (بثبوت البلوغ والرشد) معا.
(56) بأن يكون وكيلا عن الغير في شراء فرش، ويكون لولده فرش، فيقول (بعت ولاية عن ولدي فرشه لزيد بألف دينار) ثم يقول هو
(قبلت عن زيد وكالة).
(57) فإن مات، أو حجر عليه لسنة، أو فلس.، بطلت الوكالة.
(58) بأن يبيع عن الموكل لنفسه، أو بالعكس.
(59) أي: قبل إخبار الموكل بأنه يبيعه لنفسه، أو يشتر يه لنفسه.
(60) فلو أوصى زيد لعمرو أن - يبيع داره ويعرفه في الخيرات، فهل يصح للوصي أن يبيعها لنفسه، قيل نعم، وقيل لا، وقيل إذا كان
أجاز الموصي أن يبيعها لنفسه صح، وإلا فلا.
(61) (يقدم على نفسه) أي: يقوم الدار ويشتريها لنفسه (وأن يقترض) من مال الميت إذا كان مليا، أي: غنيا في استطاعته رد القرض
عند الحاجة.
(62) أي: لا ولاية لهما.
(63) فالصغير، والسفيه، والمفلس، والغائب، هؤلاء الأربعة، للحاكم الشرعي ونائبة الولاية على أموالهم، أما المجنون والرق
والمريض (بمرض الموت) فلا ولاية لهما عليهم.
269
وأن يكون المشتري مسلما، إذا أبتاع عبدا مسلما (64)، وقيل: يجوز ولو كان كافرا، ويجبر
على بيعه من مسلم، والأول أشبه.
ولو أبتاع الكافر أباه المسلم هل يصح؟ فيه تردد، والأشبه الجواز، لانتفاء السبيل
بالعتق (65).
ومنها: ما يتعلق بالمبيع وقد ذكرنا بعضها في الباب الأول (66) ونزيد ها هنا شروطا:
الأول: أن يكون مملوكا.
فلا يصح بيع: الحر. وما لا منفعة فيه كالخنافس والعقارب، والفضلات المنفصلة عن
الإنسان كشعره وظفره ورطوباته عدا اللبن. ولا مما يشترك المسلمون فيه قبل حيازته (67) كالكلأ والماء
والسموك والوحوش قبل اصطيادها. والأرض المأخوذة عنوة (68)، وقيل: يجوز بيعها، تبعا لآثار
المتصرف (69)، وفي بيع بيوت مكة تردد، والمروي المنع.
وأما ماء البئر فهو ملك لمن استنبطه، وماء النهر لمن حفره، ومثله كان ما يظهر في الأرض من
المعادن فهي لمالكها تبعا لها (70).
الثاني: أن يكون طلقا (71) فلا يصح بيع الوقف، ما لم يؤد بقاؤه إلى خرابه، لاختلاف بين
أربابه، ويكون البيع أعود، على الأظهر (72).. ولا بيع أم الولد، ما لم يمت، أو في ثمن
رقبتها مع إعسار مولاها، وفي اشتراط موت المالك تردد (73). ولا بيع الرهن إلا مع



(64) لقوله تعالى (ولن يجعل الله الكافرين على المؤمنين سبيلا) ويعني ذلك من الأدلة التي تنفي ملك الكافر للعبد المسلم.
(65) يعني: لأن عتقه القهري ينفي كون ملكه الآني (لأجل العتق) سبيلا، حتى يدخل في عموم النفي (ولن يجعل الله للكافرين).
(66) عند أرقام (1 إلى 53).
(67) (قبل حيازته) أي: قبل أخذه بعنوان التملك (كالكلاء) وهو العشب.
(68) (عنوة) أي: بالقوة والحرب أخذت من الكفار، فإنها تكون ملكا لعامة المسلمين لا يجوز بيعها وشراؤها، والمقصود من ذلك عامرها
حال الفتح، دون مواتها.
(69) كالأشجار، والزراعة، والبناء، ونحوها، فإذا زالت هذه الآثار زالت الملكية، ورجعت الأرض إلى عامة المسلمين، لا إلى ورثة
مالك الآثار.
(70) (استنبطه) أي: استخرج الماء (لمالكها) أي: لمالك الأرض (تبعا لها) أي: تبعا للأرض.
(71) أي: جائزا للمالك مطلق التصرف.
(72) (أربابه) أي: الذين كان الشئ وقفا عليهم (أعود) أي: أكثر فائدة (على الأظهر) ومقابلة قول بعدم جواز بيع الوقف حتى ولو
كان أنفع.
(73) فلو مات ولدها جاز بيعها، إذ عدم بيعها لأجل أن تتحرر بعد موت المولى من حصة ولدها، فإذا مات ولدها انتفى هذا
الاحتمال، وجاز بيعها (أو ثمن) يعني: إذا ظل المولى مديونا بقيمة الأمة التي وطأها فصارت أم ولد، وليس للمولى مال - زائدا
عن مستثنيات الدين يؤدي دينه، جاز حينئذ بيع أم الولد وأداء الدين (وفي اشتراط موت) يعني: هل يشترط موت المالك حتى
يجوز بيع أم الولد في أداء دين رقبتها، قيل بذلك، وقيل لا.
270
الإذن (74). ولا يمنع جناية العبد (75) من بيعه ولا من عتقه، عمدا كانت الجناية أو خطأ، على
تردد.
الثالث: أن يكون مقدورا على تسليمه فلا يصح بيع الآبق (76) منفردا، ويصح منضما إلى
ما يصح بيعه. ولو لم يظفر به، لم يكن له رجوع على البائع، وكان الثمن مقابلا للضميمة (77).
ويصح بيع ما جرت العادة بعوده، كالحمام الطائر، والسموك المملوكة المشاهدة في المياه
المحصورة (78).
ولو باع ما يتعذر تسليمه إلا بعد مدة (79)، فيه تردد، ولو قيل: بالجواز مع ثبوت الخيار
للمشتري كان قويا.
الرابع: أن يكون الثمن معلوم القدر والجنس والوصف (80) فلو باع بحكم أحدهما (81)،
لم ينعقد. ولو تسلمه المشتري (82) فتلف، كان مضمونا عليه بقيمته يوم قبضه، وقيل: بأعلى
القيم من قبضه إلى يوم تلفه (83)، وإن نقص فله أرشه. وإن زاد بفعل المشتري، كان له قيمة
الزيادة وإن لم يكن عينا (84).



(74) أي: لا يجوز لمالك الرهن بيع الرهن لأنه ليس طلقا، إلا مع أذن المرتهن.
(75) لو جنى. العبد جناية، فقتل شخصا، أو كسر يد شخص، الخ جاز للمجني عليه استرقاقه أو قتله إذا كان قتلا عمدا، ولكن مع ذلك
ما دام لم يفعل المجني عليه أحد الأمرين فهو ملك طلق لمولاه يجوز بيعه وعتقه (نعم) لو لم يكن المشتري عالما بذلك جاز له الفسخ عند
علمه لخيار العيب (على تردد) لاحتمال بطلان البيع والحال هذه لعدم القيمة لمثل هذا العبد.
(76) أي المملوك المنهزم من مولاه.
(77) (ما يصح بيعه) كأن يبيع الأبق مع فرش بمئة دينار (لم يظفر به) بالأبق (لم يكن له) للمشتري (وكان الثمن) المئة دينار كلها
(مقابلا للضميمة) الفرش.
(78) كالحياض، والآبار، ونحوها، دون المياه غير المحصورة كالبحر، والنهر، ونحوهما.
(79) كطائر ذهب ولا يرجع إلا بعد أسابيع (مع ثبوت الخيار) إذا لم يعد.
(80) كأن يقول (مئة دينار) عراقي) ف‍ (مئة) قدر (ودينار) جنس (وعراقي) وصف.
(81) مثلا قال (بعتك هذا الفرش بما تحكم به من الثمن) أو (بما سأحكم به من الثمن).
(82) أي: أخذ المشتري المبيع دون تعيين مقدار الثمن في العقد.
(83) (يوم قبضه) فلو أخذ البطيخ - الذي لم يعين ثمنه وقت البيع - وكان حين أخذه قيمته دينارا، ضمن للبائع دينارا (بأعلى القيم) فلو
كان إلى يوم أكل البطيخ قيمته صعدت إلى دينارين ضمن دينارين. وهكذا.
(84) (وإن نقص فله أرشه) أي: للبائع فرق ما بين الصحيح والمعيب، فلو كان المبيع فرشا وظل عنده سنة، وبالاستعمال نقصت قيمته
بمقدار خمسة دنانير، وجب على المشتري رد الفرش إلى البائع، وإعطاء خمسة دنانير معه (كان له) أي: للمشتري (وإن لم يكن
عينا) الزيادة العينية كما لو كان المبيع شاة فأحبلها فجاءت بولد، والزيادة غير العينية مثلما لو كان المبيع فرشا فغسله ونظفه حتى زادت
قيمته.
271
الخامس: أن يكون المبيع معلوما فلا يجوز بيع ما يكال، أو يوزن، أو يعد جزافا ولو كان
مشاهدا كالصبرة، ولا بمكيال مجهول (85).
ويجوز ابتياع جزء من معلوم بالنسبة مشاعا، سواء كانت أجزاؤه متساوية أو متفاوتة (86).
ولا يجوز ابتياع شئ مقدر منه (87)، إذا لم يكن متساوي الأجزاء، كالذراع من الثوب،
أو الجريب من الأرض، أو عبد من عبدين أو من عبيد، أو شاة من قطيع. وكذا لو باع قطيعا
واستثنى منه شاة أو شياها غير مشار إلى عينها (88).
ويجوز ذلك في المتساوي الأجزاء، كالقفيز من كر. وكذا يجوز لو كان من أصل مجهول،
كبيع مكوك من صبرة، مجهولة القدر (89).
وإذا تعذر عد ما يجب عده، جاز أن يعتبر بمكيال ويؤخذ بحسابه (90).
ويجوز بيع الثوب والأرض مع المشاهدة وإن لم يمسحا (91)، ولو مسحا كان أحوط، لتفاوت
الغرض في ذلك، وتعذر إدراكه بالمشاهدة (92). وتكفي مشهدة المبيع عن وصفه، ولو غاب
وقت الابتياع (93)، إلا أن تمضي مدة جرت العادة بتغير المبيع فيها (94)، وإذا احتمل التغيير،



(85) (جزافا) أي: بدون كيل، وبدون وزن، وبلا تعداد، (كالصبرة) أي: المجموعة (بمكيال مجهول) أي: وعاء غير معلوم مقدار
استيعابه وإن كان مشاهدا
(86) (بالنسبة) كالنصف، والثلث، والخمس، ونحو ذلك (مشاعا) أي: من غير تعيين أنه هذا النصف أو هذا النصف، أو الثلث
الأعلى من الكيس، أو الثلث الوسط وهكذا (متساوية) كالحبوب والأدهان (أو متفاوتة) كالجواهر والحيوانات.
(87) (منه: أي: من معلوم، كثوب طويل رآه يشتري ذراعا واحدا منه.
(88) (الجريب) مقدار معين من الأرض (قطيع) مجموعة من الشياة (غير مشار إلى عينها: أي: غير معينة.
(89) (قفيز) كيل صغير (كر) كيل كبير يسع ألف ومئتي رطل، والمتساوي الأجزاء، وما كانت نسبة أجزائه كنسبة أجزاء القيمة، مثل
الحنطة، والسكر، والماء، ونحوها (مكوك) على وزن (عبود) هو مكيال يسع صاعا ونصفا - كما في أقرب الموارد - يعني قرابة أربع
كيلوات ونصف كيلو (صبرة) يعني: المجموعة من مثل الحنطة، أو الشعير، أو الأزر، أو نحوها.
(90) (كالجوز) في البلاد التي يباع فيها معدودا فإذا أريد بيع كمية كبيرة منه، يكال بكيل مقدار منه، ويحسب مثلا كأن في الكيل
خمسون عددا، فيكال الباقي بحساب كيل خمسين.
(91) أي: لم يعلم مقدار أذرعهما، وأمتارهما.
(92) (في ذلك) أي: في مقدار الأمتار والأذرع، فقد لا يكون الغرض مجرد الدار، وإنما الغرض دار مساحتها ألف متر - الخ، (وتعذر
إدراكه) أي: أدراك مقدار أذرع الأرض بالنظر والرؤية.
(93) فلو رأى أرضا قبل سنة، ثم أراد شراءها جاز اعتمادا على الرؤية السابقة.
(94) كالحيوان، والزرع، والفواكه، ونحو ذلك التي تتغير عادة بمرور الزمان.
272
كفى البناء على الأول، ويثبت له الخيار (95) إن ثبت التغير. وإن اختلفا فيه (96)، فالقول قول
المبتاع مع يمينه، على تردد.
فإن كان المراد منه (97) الطعم أو الريح، فلا بد من اختباره بالذوق أو الشم. ويجوز
شراؤه من دون ذلك بالوصف، كما يشتري الأعمى الأعيان المرئية.
وهل يصح شراؤه من غير اختبار ولا وصف، على أن الأصل الصحة؟ فيه تردد،
والأولى الجواز. وله الخيار بين الرد والأرش (98)، إن خرج معيبا. ويتعين الأرش مع إحداث
حدث فيه (99). ويتساوى في ذلك الأعمى والمبصر (100). وكذا ما يؤدي اختباره إلى فساده
كالجوز والبطيخ والبيض، فإن شراءه جائز مع جهالة ما في بطونه. ويثبت للمشتري الأرش
بالاختبار مع العيب دون الرد (101). وإن لم يكن لمكسوره قيمة، رجع بالثمن كله (102).
ولا يجوز: بيع سمك الآجام (103) ولو كان مملوكا لجهالته، وإن ضم إليه القصب أو
غيره، على الأصح. وكذا اللبن في الضرع، ولو ضم إليه ما يحتلب منه (104). وكذا الجلود
والأصواف والأوبار والشعر على الأنعام، ولو ضم إليه غيره (105). وكذا ما في بطونها. وكذا
إذا ضمها. وكذا ما يلقح الفحل (106).
مسألتان:



(95) ويسمى (خيار الرؤية) وسيأتي تفصيله في آخر الفصل الثالث قريبا، ويكون للمشتري حق البيع.
(96) فقال البائع لم يتغير عما رأيته أنت سابقا، وقال المشتري تغير (المبتاع) أي: المشتري، بشرط أن يحلف على إن المبيع تغير (على تردد)
لاحتمال كون المقدم هو قول البائع مع يمينه.
(97) أي: من الشئ الذي يباع (الطعم) كالتمر (والريح) كالعطر، والورد.
(98) (الرد) أي: رد المبيع (الأرش) أي: أخذ التفاوت بين الصحيح والمعيب.
(99) يعني: إذا تصرف المشتري في المبيع، فلا يجوز له رده بالعيب، بل له حق أخذ الأرش فقط.
(100) فلا يقال للمبصر لماذا لم تر العيب من أول الأمر.
(101) لأن المشتري تصرف فيه بالكسر فليس له رده.
(102) (لم يكن لمكسوره قيمة) كالبيض يخرج فاسدا كله بحيث لا قيمة له أطلاقا، أخذ المشتري تمام الثمن.
((103) جمع (أجمة) - بفتحات متتالية - وهي مزرعة القصب في الماء.
(104) بأن يحلب شيئا قليلا ويقول للمشتري: (بعتك هذا الحليب الذي تراه مع ما في الضرع بكذا)
(105) من صوف معين، أو غير صوف.
(106) (وكذا) لا يجوز بيع (ما في بطونها) أي: في بطون الأنعام من الحمل (وكذا) أي حتى لو (ضمها) أي: ضم ما في البطون إلى
شئ يعني آخر (وكذا) لا يصح بيع (ما يلقح الفحل) أي: مني الفحل الذي يلقح به الأنثى، حتى مع ضمه إلى شئ معين
آخر.
273
الأولى: المسك طاهر، يجوز بيعه في فأره وإن لم يفتق وفتقه أحوط (107).
الثانية: يجوز أن يندر (108) للظروف ما يحتمل الزيادة والنقيصة، ولا يجوز وضع ما
يزيد (109) إلا بالمراضاة، ويجوز بيعه مع الظروف من غير وضع (110).
وأما الآداب: فيستحب: أن يتفقه فيما يتولاه (111). وأن يسوي البائع بين المبتاعين في
الإنصاف. وأن يقبل من استقاله. وأن يشهد الشهادتين، ويكبر الله سبحانه إذا اشترى.
وأن يقبض لنفسه ناقصا ويعطي راجحا (112).
ويكره مدح البائع لما يبيعه، وذم المشتري لما يشتريه. واليمين على البيع (113). والبيع في
موضع يستتر فيه العيب. والربح على المؤمن إلا مع الضرورة، وعلى من يعده بالإحسان.



(107) (المسك) شئ من الدم يتجمد في كيس في سرة بعض من أقسام (الغزال) فيكون، له رائحة طيبة، ويستحيل عن كونه دما، قال
الشاعر (فإن المسك بعض دم الغزال) قوله (طاهر) لأنه استحال عن كونه دما، والاستحالة من المطهرات (فأره) أي: الكيس
الذي فيه (وإن لم يفتق) أي: لم يخرم الكيس ليعرف مقدار رائحته، لأن رائحة المسك تختلف.
(108) أي: ينقص، كما لو باع زقا من السمن، فوزن الزق وسمنه معا فكان خمسة كيلوات، فينقص للزق كيلوا - مثلا - حيث إنه يحتمل
كون وزن الزق أقل من كيلو أو أكثر.
(109) أي: إنقاص ما يعلم أنه أكثر من وزن الظرف، كما لو علم أن وزن الزق أقل من كيلو، فأنقص للزق كيلوا (إلا بالمراضاة) أي:
برضا الطرفين البائع والمشتري.
(110) أي: بلا تنقيص شئ لأجل الظرف.
(111) (يتفقه) أي: يتعلم الأحكام الشرعية (فيما يتولاه) أي: في المعاملة التي يقوم بها، فلو كان يتعامل بالصرف وبيع النقود، يتعلم
أحكام بيع النقود، ولو كأم يتعامل بالحيوانات يتعلم أحكام بيع الحيوان، وهكذا حتى يسلم عن المعاملات الباطلة، والمحرمات.
(112) (بين المبتاعين) أي: بين المشتريين (في الإنصاف) فينصف كليهما، فلا يبيع لأحدهما أكثر من الآخر (وإن يقبل من استقالة)
أي: يقبل إرجاع من أرجع المبيع (إذا اشترى) بأن يقول (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، الله أكبر) (يقبض ناقصا) إذا اشترى
من أحد شيئا (ويعطي راجحا) إذا باع شيئا، أي: عند شرائه لا يدع الميزان ينزل، وعند البيع يترك الميزان ينزل شيئا، فإن الله
يبارك لمثله.
(113)
(واليمين على البيع) بأن يقسم بالله أنه اشتراه كذا، أولا يربح عليه إلا قليلا، أو أنه متاع حسن، ونحو ذلك، لأن اسم الله أجل
من ذلك (يستتر فيه العيب) كتحت السقف، أو خلف ستار، ونحو ذلك (إلا مع الضرورة) يعني: إذا كان محتاجا للربح (يعده
بالإحسان) يعني: إذا قال البائع لشخص اشتر مني وأحسن إليك، فيكره له ما دام وعده بالإحسان أن يربح عليه (والسوم) أي:
الاشتغال بالتجارة (أولا) أي: يكون أول من يدخل السوق (ومبايعة) أي: البيع لهم، أو الشراء منهم (الأدنين) يعني: السفلة
والأراذل من الناس المنحطين كرامة (ذوي العاهات) أي: أصحاب الأمراض المعدية، كالجذام، والبرص، ونحوهما
(والأكراد) وهم طائفة يسكنون الجبال، لسانهم خليط من الفارسي والعربي، وامتازوا بالخشونة في أساليب حياتهم، والجفاء، ولعل
وجه الكراهة هو صعوبة الأخذ والعطاء معهم (والتعرض) أي: يصير كيالا ووزانا مع علمه بذلك حسنا (والاستحطاط) أي:
طلب المشتري من البائع تقليل للثمن بعد تمام العقد (وقت النداء) أي: الوقت الذي ينادي الدلال على البضاعة يكره أن يزيد
عليها (في سوم أخيه) أي: في معاملة الأخ المؤمن، فمن اشتغل بشراء شئ ويتكلم مع البائع يكره لغيره الدخول في شراء ذلك
الشئ (على الأظهر) مقابل قول بالحرمة (وأن يتوكل) أي: يصير أهل البلد وكيلا عن أهل البادية في بيع بضاعات أهل البادية،
لأن في ذلك أما غرر لأهل البادية لجهله بأسعار البلد، أو الغلاء على أهل البلد، أو كليهما أحيانا.
274
والسوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. والدخول إلى السوق أولا. ومبايعة الأدنين
وذوي العاهات والأكراد. والتعريض للكيل أو الوزن إذا لم يحسنه. والاستحطاط من الثمن
بعد العقد. والزيادة في السلعة وقت النداء. ودخول المؤمن في سوم أخيه، على الأظهر.
وأن يتوكل حاضر لباد، وقيل: يحرم، والأول أشبه.
ويلحق بذلك مسألتان:
الأولى: تلقي الركبان مكروه، وحده أربعة فراسخ إذا قصده، ولا يكره إن اتفق (114)
ولا يثبت للبائع الخيار، إلا أن يثبت الغبن الفاحش، والخيار فيه على الفور مع القدرة (115)،
وقيل: لا يسقط إلا بالإسقاط (116)، وهو الأشبه. وكذا حكم النجش، وهو أن يزيد لزيادة
من واطأه البائع (117).
الثانية: الاحتكار مكروه، وقيل: حرام، والأول أشبه. وإنما يكون في الحنطة والشعير
والتمر والزبيب والسمن، وقيل: وفي الملح، بشرط أن يستبقيها للزيادة في الثمن، ولا يوجد
بائع ولا باذل (118). وشرط آخرون أن يستبقيها في الغلاء ثلاثة أيام، وفي الرخص
أربعين (119). ويجبر المحتكر على البيع ولا يسعر عليه (120)، وقيل: يسعر، والأول أظهر.
الفصل الثالث
في الخيار (121) والنظر في: أقسامه وأحكامه أما أقسامه: فخمسة.



(114) (يلقى الركبان) أي: الذهاب إلى خارج البلد لشراء البضائع من أهل البادية المتوجهين إلى البلد ليشتروا منهم قبل وصولهم إلى
البلد (أربعة فراسخ) فلو خرج من البلد أكثر من أربعة فراسخ كان سفرا شرعا، ولا يكره (إذا قصده) أي: خرج من البلد بقصد
تلقي الركبان.
(115) (الغبن الفاحش) أي: الكثير، كما لو تبين إنه باع بعشرين دينارا ما يساوي مئة دينار (مع القدرة) أي: إذا
ويقدر الأخذ بالخيار فورا.
(116) أي: بإسقاط البائع خياره، فلو لم يسقط خياره لم يسقط بالتأخير.
(117) (وكذا) أي يمقت الخيار مع الغبن الفاحش وإن كان حراما - كما في الجواهر - (هو) مثلا البائع يقول لشخص كلما زاد أحد في سعر
السلعة فزد أنت عليه، حتى يرغب الناس فيها.
(118) (يستبقيها) أي: يكون قصده من الإبقاء هو زيادة السعر والغلاء (ولا يوجد) أي: إذا لم يكن بائع آخر، ولم يكن شخص آخر
يبذل سعرا يبيعه.
(119) فالابقاء أقل من ذلك ليس احتكارا.
(120) يعني: الحاكم الإسلامي يجبره على أن يبيع بأي سعر أراد، ولا يجبره على المبيع بسعر معين.
(121) ومعناه: تخير البائع أو المشتري فسخ العقد، أو أخذ شئ بعنوان عن الآخر.
275
الأول: خيار المجلس فإذا حصل الإيجاب والقبول، انعقد البيع، ولكل من المتبايعين
خيار الفسخ ما داما في المجلس. ولو ضرب بينهما حائل لم يبطل الخيار. وكذا لو أكرها على
التفرق ولم يتمكنا من التخاير (122).
ويسقط: باشتراط سقوطه في العقد، وبمفارقة كل واحد منهما صاحبه ولو بخطوة،
وبإيجابهما إياه أو أحدهما ورضا الآخر (123). ولو التزم أحدهما سقط خياره دون صاحبه. ولو
خيره فسكت، فخيار الساكت باق، وكذا الآخر، وقيل: فيه يسقط، والأول أشبه (124).
ولو كان العاقد واحدا عن اثنين كالأب والجد (125)، كان الخيار ثابتا، ما لم يشترط
سقوطه، أو يلتزم به (126) عنهما بعد العقد، أو يفارق المجلس الذي عقد فيه على قول.
الثاني: خيار الحيوان والشرط فيه كله، ثلاثة أيام للمشتري خاصة، دون البائع على
الأظهر (127).
ويسقط: باشتراط سقوطه في العقد. وبالتزامه بعده. وبإحداثه فيه حدثا، كوطء
الأمة وقطع الثوب. وبتصرفه فيه، سواء كان تصرفا لازما كالبيع، أو لم يكن كالهبة قبل
القبض والوصية (128).
الثالث: خيار الشرط وهو بحسب ما يشترطانه أو أحدهما، لكن يجب أن يكون مدة
مضبوطة. ولا يجوز أن يناط بما يحتمل الزيادة والنقصان كقدوم الحاج. ولو شرط كذلك بطل
البيع.



(122) (حائل) كسترة ونحوها (ولم يتمكنا) أي: في حال لم يمكنهما (التخاير) أي: الأخذ بالخيار، فلو لم يكن إكراه على التفرق، أو
كان ولكن أمكن الأخذ بالخيار، فالتفرق يبطل خيارهما.
(123) (إياه) أي: إسقاط الخيار، بأن يقولا (أسقطنا الخيار) أو يقول أحدهما ذلك ويرضي الآخر.
(124) (ولو خيره) أي: قال أحدهما للآخر (اختر) (فسكت) الآخر (وكذا الآخر) الذي قال: اختر، خيارا أيضا باق لا يسقط،
لأن قوله (اختر) لا يدل على الرضا بعدم الخيار.
(125) أي: كالأب، أو الجد، إذا باع عن نفسه للطفل، أو عن الطفل لنفسه، أو عن طفل لطفل آخر، وهكذا الوصي على طفلين
ونحوهم.
(126) أي: بسقوط الخيار.
(127) (والشرط) أي الخيار (فيه) أي: في الحيوان (كله) أي: كل أنواع الحيوان، طيورها، ووحوشها، وأسماكها (على الأظهر)
مقابل من قال بالخيار للبائع أيضا.
(128) فلو اشترى حيوانا، وفي أثناء الثلاثة وهبه، أو أوصى به لشخص، سقط خياره.
(129) (يشترطانه) أي: يشترط البائع الخيار لنفسه، ويشترط المشتري الخيار لنفسه أيضا (أو أحدهما) إذا اشترط الخيار لنفسه.
ولم يشترط البائع، أو بالعكس (مطبوعة) كأسبوع، أو شهر أو سنة، أو غير ذلك (كقدوم الحاج) إذا لم يعلم أن الحاج متى يأتون
بعد أسبوع، أو أكثر أو أقل أو نحو ذلك (بطل البيع) والخيار معا.
276
ولكل منهما أن يشترط الخيار لنفسه، ولأجنبي، وله مع الأجنبي (130). ويجوز اشتراط
المؤامرة (131)، واشتراط مدة برد البائع فيها الثمن إذا شاء، ويرتجع المبيع (132).
الرابع: [خيار الغبن] من اشترى شيئا، ولم يكن من أهل الخبرة، وظهر فيه غبن لم تجر
العادة بالتغابن به، كان له فسخ العقد إذا شاء. ولا يسقط ذلك الخيار بالتصرف، إذا لم يخرج
عن الملك، أو يمنع مانع من رده، كالاستيلاد في الأمة، والعتق، ولا يثبت به أرش (133).
الخامس (134): من باع ولم يقبض الثمن، ولا سلم المبيع، ولا اشترط تأخير الثمن،
فالبيع لازم ثلاثة أيام. فإن جاء المشتري بالثمن، وإلا كان البائع أولى بالمبيع (135).
ولو تلف، كان من مال البائع في الثلاثة وبعدها (136)، على الأشبه. وإن اشترى ما يفسد
من يومه، فإن جاء بالثمن قبل الليل، وإلا فلا بيع له. وخيار العيب يأتي في بابه إن شاء الله
تعالى (137).
وأما أحكامه (138): فتشتمل على مسائل
الأولى: خيار المجلس، لا يثبت في شئ من العقود إلا عدا البيع (139) وخيار



(130) أي: لنفسه وللأجنبي معا، والمراد بالأجنبي غير البائع والمشتري أيا كان، كما لو قال: (بعتك هذا الكتاب بدينار بشرط أن يكون
لي ولزيد إلى أسبوع خيار الرد) فقال المشتري: (قبلت).
(131) أي: المشورة مع شخص
(132) بأن يقول: البائع: (بعتك بشرط إني إذا رجعت الثمن إلى سنة يكون لي حق فسخ البيع) ويسمي ب‍ (بيع الشرط).
(133) (من أهل الخبرة) أي: من العارفين بما اشتراه، كالدلال ونحوه (غبن) أي: زيادة على السعر المعتاد (لم تجر العادة) أي: كانت
الزيادة غير مسموحة كما لو اشترى بدينارين ما قيمته دينار واحد، أما إذا اشترى بدينار ودرهم ما قيمته دينار واحد فليس عينا (ذلك
الخيار) أي فسخ العقد (إذا لم يخرج عن الملك) كالبيع، والصلح، ونحوهما (ولا يثبت به) بالغبن (أرش) أي: التفاوت، فلو
اشترى بدينارين ما قيمته دينارا فليس للمشتري مطالبة الدينار الزائد، بل له حق فسخ العقد، أو إمضاء العد بدينارين.
(134) ويسمى (خيار التأخير).
(135) (لازم) أي: ليس للبائع أن يبيعه لغيره (أولى بالمبيع) أي: جاز للبائع أن يبيعه لشخص آخر، أو يتصرف فيه أي تصرف شاء.
(136) أما في الثلاثة فلأنه داخل تحت قاعدة (كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه) وأما بعد الثلاثة، فلأنه ملك له.
(137) (من يومه) كالفواكه لمن ليست له ثلاثة ونحوها (فإن جاء) المشتري (فلا بيع له) أي: ليس للمشتري حق في هذا المبيع، بل
يجوز للبائع أن يبيعه لشخص آخر (في بابه) أي: باب العيوب، وهو الفصل الخامس، وأنما أخره لكثرة فروعه وأحكامه
(138) أي: أحكام الخيار.
(139) فالصلح، وهبة. والإجارة، والرهن، والنكاح وغيرها كلها لا يجري فيها.
277
الشرط يثبت في كل عقد عدا النكاح والوقف، وكذا (140) الإبراء والطلاق والعتق، إلا على
رواية شاذة.
الثانية: التصرف يسقط خيار الشرط، كما يسقط خيار الثلاثة (141). ولو كان الخيار لهما
وتصرف أحدهما سقط خياره. ولو أذن أحدهما وتصرف الآخر (142)، سقط خيارهما.
الثالثة: إذا مات من له الخيار، انتقل إلى الوارث من أي أنواع الخيار كان. ولو جن،
قام وليه مقامه. ولو زال العذر، لم ينقض تصرف الولي (143). ولو كان الميت مملوكا مأذونا.
ثبت الخيار لمولاه (144).
الرابعة: المبيع يملك بالعقد. وقيل: به، وبانقضاء الخيار (145)، والأول أظهر. فلو
تجدد له نماء كان للمشتري. ولو فسخ العقد، رجع على البائع بالثمن، ولم يرجع البائع
بالنماء (146).
الخامسة: إذا تلف المبيع قبل قبضه، (147) فهو من مال البائع. وإن تلف بعد قبضه،
وبعد انقضاء الخيار، فهو من مال المشتري. وإن كان في زمن الخيار من غير تفريط، وكان الخيار
للبائع، فالتلف من المشتري. وإن كان الخيار للمشتري، فالتلف من البائع (148).
فرعان:



(140) أي: لا يجزي في هذه الثلاثة من الإيقاعات، لأنها ليست عقودا، إذ لا تحتاج في تحققها إلى القبول، بل يكفي فيها الإيجاب
(والابراء) هو أن يطلب زيد من عمرو مثلا مئة دينار، فيقول زيد (أبرئت ذمة عمرو من مائة دينار) فيسقط الدين عن عمرو.
(141) (خيار الشرط) فلو اشترى شيئا بشرط أن يرده خلال أسبوع إذا شاء، فلو تصرف في ذلك الشئ، بأن كان بساطا ففرشه تحته، أو
ثوبا ففصله ولبسه، أو إناءا فأكل فيه فلا يجوز له فسخ العقد ورده (خيار الثلاثة): أي الحيوان، فلو اشترى دابة، وركبها سقط
خياره.
(142) أي: أذن أحدهما لشخص في التصرف في ما انتقل إليه، وتصرف الآخر فيما انتقل إليه.
(143) (قام وليه) أي: كان للولي حق الخيار ولابة (ولو زال العذر) أي: أفاق المجنون (لم) يحق له أن يرد تصرف الولي، فلو كان وليه
رد المبيع، لم يجز للمجنون بعد الإفاقة أن يعترض على الولي.
(144) (مأذونا) أي: كان قد أذن مولاه بأن، يتجر، واتجر المملوك، وجعل لنفسه الخيار ومات قبل إتمام مدة الخيار لمولاه.
(145) (به) أي: بالعقد مع تمام مدة الخيار.
(146) فلو اشترى زيد دجاجة، وباضت الدجاجة في اليوم الثاني، ثم فسخ البيع، رد الدجاجة دون البيضة، وأخذ من البائع ثمن
الدجاجة.
(147) أي: قبل قبض المشتري له.
(148) (من غير تفريط) أي: من غير تعمد من المشتري، كما لو تلف بآفة سماوية (وكان الخيار للبائع) كما لو باعه كتابا على أن يكون
الخيار للبائع أسبوعا، فتلف الكتاب عند المشتري من غير تقصيره في أثناء الأسبوع (وإن كان الخيار للمشتري) كما لو تلف الحيوان
في الثلاثة الأيام على المشهور.
278
الأول: خيار الشرط، يثبت من حين التفرق (149)، وقيل: من حين العقد، وهو
الأشبه.
الثاني: إذا اشترى شيئين، وشرط الخيار في أحدهما على التعيين، صح. وإن أبهم
بطل (150).
ويلحق بذلك خيار الرؤية (151).
وهو: بيع الأعيان من غير مشاهدة، فيفتقر ذلك إلى: ذكر الجنس (152).
ونريد به هنا: اللفظ الدال على القدر الذي يشترك فيه أفراد الحقيقة، كالحنطة مثلا،
والأرز، والإبريسم.
وإلى: ذكر الوصف.
وهو: اللفظ الفارق بن أفراد ذلك الجنس، كالصرابة في الحنطة، أو الحدارة، أو
الدقة (153).
ويجب: أن يذكر كل وصف يثبت الجهالة في ذلك المبيع عند ارتفاعه (154). ويبطل العقد
مع الإخلال بذينك الشرطين (155) أو أحدهما، ويصح مع ذكرهما، سواء كان البائع رآه دون
المشتري، أو بالعكس، أو لم يرياه جميعا، بأن وصفه لهما ثالث. فإن كان المبيع على ما ذكر،
فالبيع لازم، وإلا كان المشتري بالخيار بين فسخ البيع وبين التزامه. وإن كان المشتري رآه دون
البائع، كان الخيار للبائع. وإن لم يكونا رأياه، كان الخيار لكل واحد منهما. ولو اشترى



(149) لوجود خيار المجلس قبل التفرق.
(150) (على التعيين) كما لو اشترى كتابا وبساطا، وجعل لنفسه الخيار في الكتاب إلى أسبوع إن شاء رده (وإن أبهم) أي: قال جعلت
لنفسي الخيار في أحدهما ولو يعينه هل هو الكتاب أم البساط (بطل) البيع لأنه غرري.
(151) وهو أن يشتري شيئا بالوصف، ولم يكن رآه، ثم تبين كونه على خلاف ما وصف له، فله الخيار، وإنما جعله ملحقا بالخيارات ولم
يدمجه فيها، لأنه ليس في كل بيع بل خاص يبيع الأعيان الشخصية فقط دون الكلي.
(152) المقصود بالجنس هنا الجنس اللغوي هو النوع المنطقي.
(153) (العرابة) أي الخالي من الخلط، من تراب أو غيره (والحدارة) كبار الحب (والدقة) صغار الحب.
(154) أي: عند عدم ذكر ذلك الوصف، كما قال (بعتك فرشا عندي حياكة صوف، صنع بلدة كذا) ولم يذكر عدد أمتاره فإنه يوجب
الجهل به.
(155) الجنس، والوصف.
279
ضيعة (156)، رأى بعضها ووصف له سائرها، ثبت له الخيار فيها أجمع (157)، إذا لم تكن على
الوصف.
الفصل الرابع
في أحكام العقود والنظر في أمور ستة:
الأول: في النقد والنسيئة (158): من أبتاع متاعا مطلقا، أو اشترط التعجيل، كان الثمن
حالا (159). وإن اشترط تأجيل الثمن، صح.
ولا بد من أن تكون مدة الأجل معينة، لا يتطرق إليها احتمال الزيادة والنقصان.
ولو اشترط التأجيل، ولم يعين أجلا، أو عين أجلا مجهولا كقدوم الحاج (160)، كان
البيع باطلا.
ولو باع بثمن حالا، وبأزيد منه إلى أجل (161)، قيل: يبطل، والمروي أنه يكون للبائع
أقل الثمنين في أبعد الأجلين (162). ولو باع كذلك إلى وقتين متأخرين (163) كان باطلا.
وإذا اشترط تأخير الثمن إلى أجل، ثم ابتاعه البائع قبل حلول الأجل (164)، جاز بزيادة
كان أو بنقصان، حالا ومؤجلا، إذا لم يكن شرط ذلك في حال بيعه. وإن حل الأجل فابتاعه
بمثل ثمنه من غير زيادة جاز. وكذا إن ابتاعه بغير جنس ثمنه (169) بزيادة أو نقيصة، حالا أو
مؤجلا. وإن ابتاعه بجنس ثمنه بزيادة أو نقيصة، فيه رواياتان، أشهرهما الجواز.



(156) أي: مزرعة، أو بستانا.
(157) جميع الضيعة، ما رأى، منها، وما لم يره منها.
(158) (النقد) هو أن يأخذ المبيع، ويعطي الثمن (والنسيئة) هو أن يأخذ المبيع ويؤجل الثمن.
(159) (مطلقا) أي: لم يقل بتأجيل الثمن (أو اشترط التعجيل) أي: تعجيل الثمن.
(160) (ولم يعين) بأن قال - مثلا - اشترى بألف دينار إلى مدة، ولم يعين لمدة شهرا، أو سنة، أو غيرهما، (كقدوم الحاج) في مثل الزمان
السابق الذي لم يكن معينا.
(161) بأن قال - مثلا - (أبيعك هذا الثوب بدينار نقدا، وبدينارين إلى شهر) وأخذ المشتري الثوب، دون أن يعلم البائع إنه يعطي
نقدا، أو يؤجل إلى شهر.
(162) أي: يكون البيع بدينار إلى شهر - في المثال -.
(163) كما لو قال (أبيعك هذا الثوب بدرهم إلى شهر وبدرهمين إلى شهرين).
(164) كما لو باع الثوب بدينار إلى شهر، وقبل تمام الشهر أراد نفس البائع أن يشتري نفس ذلك الثوب من المشتري (جاز) بدينار، أو
أقل، أو أكثر، نقدا، أو نسيئة.
(165) (وكذا) أي: جاز (بغير جنس ثمنه) كما لو كان باع بدينار، فاشتراه بعشرة دراهم.
280
ولا يجب على من اشترى مؤجلا، أن يدفع الثمن قبل الأجل وإن طولب. وإن دفعه
تبرعا، لم يجب على البائع أخذه. فإن حل (166)، فمكنه منه، وجب على البائع أخذه. فإن
امتنع من أخذه، ثم هلك (167) من غير تفريط ولا تصرف من المشتري، كان من مال البائع،
على الأظهر. وكذا في طرف البائع إذا باع سلما (168). وكذا كل من كان له حق حال أو مؤجل
فحل، ثم دفعه وامتنع صاحبه من أخذه (169)، فإن تلفه من صاحبه الذي يجب عليه قبضه على الوجه
المذكور (170).
ويجوز بيع المتاع حالا ومؤجلا، بزيادة عن ثمنه، إذا كان المشتري عارفا بقيمته (171)
ولا يجوز تأخير ثمن المبيع، ولا شئ من الحقوق المالية بزيادة فيها. ويجوز تعجيلها بنقصان
منها (172). ومن أبتاع شيئا بثمن مؤجل، وأراد بيعه مرابحة، فليذكر الأجل. فإن باع ولم
يذكره، كان المشتري بالخيار بين رده، وإمساكه بما وقع عليه العقد. والمروي: إنه يكون
للمشتري من الأجل، مثل ما كان للبائع (173).
النظر الثاني: فيما يدخل في المبيع والضابط: الاقتصار على ما يتناوله اللفظ، لغة أو
عرفا. فمن باع بستانا دخل الشجر والأبنية فيه.
وكذا من باع دارا، دخل فيها الأرض والأبنية، والأعلى والأسفل، إلا أن يكون الأعلى
مستقلا، بما تشهد العادة بخروجه، مثل أن يكون مساكن منفردة. وتدخل الأبواب
والأغلاق (174) المنصوبة، في بيع الدار وإن لم يسمها. وكذا الأخشاب المستدخلة في البناء



(166) أي: حل الأجل، كما لو باع إلى أول الشهر، فصار أول الشهر.
(167) أي: تلف في يد المشتري.
(168) (سلما) أي: بيع السلف، بأن باع وأخذ الثمن، على أن يسلم المبيع بعد شهر مثلا، فصار بعد شهر، وأراد تسيلم المبيع إلى
المشتري، فامتنع المشتري، فتلف في يد البائع بلا تفريط كان من مال المشتري ولم يكن البائع ضامنا.
(169) كالغاصب يرد المغصوب إلى صاحبه، فيأبى صاحبه عن أخذه، والأرث يعطي للوارث فيمتنع عن أخذه والضالة والمجهول المالك
يوجد صاحبهما، فيعطى لهما ويمتنع عن تسلمه وهكذا.
(170) وهو أن يتلف بلا تفريط ولا تصرف.
(171) كما لو باع بعشرة دنانير متاعا يساوي دينارا واحدا، لكن المشتري كان يعلم بالثمن.
(172) فلو كان عينه أن يدفع عشرة دنانير لزيد، فلا يجوز أن يقول لزيد: أخرها خمسة أيام وأزيدك دينارا، ويجوز أن يقول عجلها خمسة
إياك وأعطيك تسعة دنانير، والفارق النص.
(173) (مرابحة) أي: يقول البائع للمشتري (أبيعك بالثمن الذي اشتريته أنا وأربح عليه دينارا وحدا) - مثلا - (فليذكر الأجل)
أي: ليذكر للمشتري إنه كان قد اشتراه بأحل (بما وقع عليه العقد) أي، بالثمن المذكور في العقد لا أقل من ذلك (مثل ما كان
للبائع) فلو كان البائع قد اشتراه إلى أجل سنة، فإن المشتري من هذا البائع له تأجيل الثمن سنة.
(174) جمع (غلق) هو ما يغلق به الباب، ويفتح - كما في أقرب الموارد -.
281
والأوتاد (175) المثبتة فيه، والسلم المثبت في الأبنية على حذو الدرج! وفي دخول المفاتيح تردد،
ودخولها أشبه. ولا تدخل الرحى المنصوبة إلا مع الشرط.
ولو كان في الدار نخل أو شجر، لم يدخل في المبيع. فإن قال بحقوقها، قيل: يدخل،
ولا أرى هذا شيئا (176). بل لو قال: وما دار عليها حائطها أو ما شاكله، لزم دخوله. ولو
استثنى نخلة فله الممر إليها، والمخرج منها، ومدى جرايدها من الأرض (177).
ولو باع أرضا و فيها نخل أو شجر، كان الحكم كذلك (178). وكذا لو كان فيها زرع،
سواء كانت له أصول تستخلف أو لم يكن، لكن تجب تبقيته في الأرض حتى يحصد (179).
ولو باع نخلا قد أبر ثمرها (180) فهو للبائع، لأن اسم النخلة لا يتناوله، ولقوله عليه
السلام: " من باع نخلا مؤبرا، فثمرته للبائع إلا أن يشترطه المشتري ". ويجب على المشتري
تبقيته نظرا إلى العرف (181). وكذا لو اشترى ثمرة كان للمشتري تبقيتها على الأصول، نظرا إلى
العادة. وإن باع النخل، ولم يكن مؤبرا، فهو (182) للمشتري على ما أفتى به الأصحاب.
ولو انتقل النخل بغير البيع، فالثمرة للناقل، سواء كانت مؤبرة أو لم تكن، وسواء
انتقلت بعقد معاوضة كالإجارة والنكاح (183)، أو بغير عوض كالهبة وشبهها.
والأبار يحصل ولو تشققت من نفسها فأبرتها اللواقح (184)، وهو معتبر في الإناث. ولا
يعتبر في فحول النخل، ولا في غير النخل من أنواع الشجر، اقتصارا على موضع الوفاق (185)،



(175) أي: البسامير.
(176) (بحقوقها) أي: قال البائع: (بعتك الدار بحقوقها) (ولا أرى هذا) القول (شيئا).
صحيحا.
(177) الممر). (المخرج) أي: يجوز له أن يسلك الطريق التي تصل إلى النخلة، ذهابا وإيابا (ومدى) أي: بمقدار امتداد (جرايدها)
أي: سعفاتها، فيجوز له أن يفرش تحتها فرشا ليهزها ويسقط ثمارها، وليس لصاحب الأرض منعه عن ذلك.
(178) أي: لا يدخل الشجر والنخل في المبيع إلا أن يأتي بلفظ يدل على دخولهما فيه.
(179) (تستخلف) أي: يجز مرات عديدة، كالبقول مثل الباذنجان، والخيار ونحوهما (أو لم يكن) كالحنطة والشعير (لكن يجب) على
مشتري الأرض تبقيته) أي: عدم إزالة الزرع (حتى يحصد) في وقته وأوانه.
(180) (نخلا) أي: نخل التمر (أبر) هو أن يشق جلد الطلع الأنثى، ويجعل معه شيئا من طلع الذكر، ويسمى (التلقيح) (فهو) أي
التمر.
(181) (تبقيته) أي: عدم إلزام البائع بقطع الثمر (نظرا إلى العرف) أي: إلى زمان يتعارف قطع التمر.
(182) أي: التمر.
(183) بأن جعل النخل مهرا في النكاح.
(184) (الأبار) أي اللقاح (ولو تشققت) جلود الطلع (اللواقح) أي: الرياح التي تحمل بعض ذرات لقاح الذكر إلى الأنثى.
(185) أي: الإجماع، لأنه انعقد على ثمر النخل الأنثى فقط، بالفرق بين كونه مدبرا، أو لا.
282
فلو باع شجرا فالثمرة للبائع على كل حال (186).
وفي جميع ذلك، له تبقية الثمرة حتى تبلغ أو إن أخذها، وليس للمشتري إزالتها إذا كانت
قد ظهرت (187)، سواء كانت ثمرتها في كمام كالقطن والجوز، أو لم تكن، إلا أن يشترطها
المشتري. وكذا إن كان المقصود من الشجر ورده، فهو للبائع تفتح أو لم يتفتح (188).
فروع:
الأول: إذا باع المؤبر وغيره (189)، كان المؤبر للبائع والآخر للمشتري. وكذا لو باع
المؤبر لواحد، وغير المؤبر لآخر.
الثاني: تبقية الثمرة على الأصول، يرجع فيها إلى العادة في تلك الثمرة، فما كان يخترف
(190) بسرا يقتصر على بلوغه، وما كان لا يخترف في العادة إلا رطبا فكذلك.
الثالث: يجوز سقي الثمرة والأصول، فإن امتنع أحدهما أجبر الممتنع (191). فإن كان
السقي يضر أحدهما، رجحنا مصلحة المبتاع (192)، لكن لا يزيد عن قدر الحاجة. فإن
اختلفا (193)، رجع فيه إلى أهل الخبرة.
الرابع: الأحجار المخلوقة في الأرض والمعادن، تدخل في بيع الأرض، لأنها من
أجزائها، وفيه تردد.
النظر الثالث: في التسليم إطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع والثمن، فإن امتنعا أجبرا،
وإن امتنع أحدهما أجبر الممتنع، وقيل: يجبر البائع أولا، والأول أشبه (194). سواء كان الثمن
عينا أو دينا (195). ولو اشترط البائع تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، كما لو اشترط المشتري



(186) سواء لقحت أو لم تلقح.
(187) أما إذا لم تظهر الثمرة بعد عند البيع، وظهرت بعد البيع، كانت للمشتري.
(188) (تفتح الورد (أو لم يتفتح) الورد.
(189) صفقة واحدة، باعهما لشخص واحد (كان) ثمر (المؤبر).
(190) أي: يقطف التمر (بسرا) أي: قبل أن ينضج.
(191) فلو أراد البائع - صاحب الثمرة - أن يسقي النخلة لأجل التمر وامتنع صاحب النخلة أجبر، وهكذا لو أراد المشتري سقي النخلة،
وامتنع صاحب التمر، أجبر.
(192) أي: المشتري، فيجوز للمشتري السقي للنخلة حتى إذا أضر بالتمر، ولا يجوز للبائع السقي للثمرة إذا أضر السقي بالنخلة.
(193) في الضرر وعدمه، أو في مقدار الماء المضر.
(194) أي: يجبران معا، بلا تقديم ولا تأخير.
(195) يعني: أو كليا بذمة المشتري، كما لو قال (بعتك هذا الثوب بدينار) فالدينار هنا ليس عينا خاصة، وإنما بذمة المشتري دينار أي
دينار كان.
283
تأخير الثمن (196). وكذا لو اشترط البائع سكنى الدار أو ركوب الدابة مدة معينة (197)،
كان أيضا جائزا، والقبض هو التخلية (198)، سواء كان المبيع مما لا ينقل كالعقار، أو مما ينقل ويحول
كالثوب والجوهر والدابة. وقيل: فيما ينقل، القبض باليد، أو الكيل فيما يكال، أو الانتقال به في
الحيوان، والأول أشبه. إذا تلف المبيع قبل تسليمه إلى المشتري، كان من مال البائع. وكذا إن
نقصت قيمته بحدث فيه (199)، كان للمشتري رده، وفي الأرش (200) تردد.
ويتعلق بهذا الباب
مسائل:
الأولى: إذا حصل للمبيع نماء، كالنتاج أو ثمرة النخل أو اللقطة (201)، كان ذلك
للمشتري. فإن تلف الأصل، سقط الثمن عن المشتري، وله النماء. ولو تلف النماء من غير
تفريط، لم يلزم البائع دركه (202).
الثانية: إذا اختلط المبيع بغيره، في يد البائع، اختلاطا لا يتميز (203)، فإن دفع الجميع
إلى المشتري جاز. وإن امتنع البائع، قيل: ينفسخ البيع، لتعذر التسليم. وعندي أن المشتري
بالخيار، إن شاء فسخ، وإن شاء كان شريكا للبائع، كما إذا اختلط بعد القبض (204).
الثالثة: لو باع جملة فتلف بعضها، فإن كان للتالف قسط من الثمن، كان للمشتري
فسخ العقد، وله الرضا بحصة الموجود من الثمن، كبيع عبدين، أو نخلة فيها ثمرة لم
تؤبر (205). وإن لم يكن له قسط من الثمن، كان للمشتري الرد، أو أخذه بجملة الثمن (206)،



(196) (تأخير التسليم) ويسمى بيع السلف، وبيع السلم (تأخير الثمن) ويسمى بيع النسيئة.
(197) (مدة معينة) قيد لكليهما، أي: شرط البائع أن يسكن في الدار مدة معينة، سنة أو غيرها واشترط بائع الدابة ركوبها مدة معينة
شهرا أو غيره.
(198) أي: يخلي بين المبيع وبين المشتري.
(199) كما لو انكسرت رجل الدابة، أو ثقب الثوب، أو نحو ذلك.
(200) (الأرش) هو فرق قيمة الصحيح، وقيمة المعيب.
(201) (إذا حصل) بعد البيع وحين وجود المبيع عند البائع (كالنتاج) ولد الدابة، أو بيضة الدجاجة (أو اللقطة) من الخضر، أي قطع
شئ منها.
(202) (وله النماء) أي: للمشتري دركه) أي خسارته.
(203) كالأرز، أو الحنطة، أو السكر، يختلط بعضه ببعض.
(204) أي: بعد قبض المشتري للمبيع.
(205) (جملة) أي: عدة أشياء مجتمعة (قسط من الثمن) أي: جعل الثمن عرفا مقابل مجموعها، لا أنه جعل الثمن مقابل بعضها
والبعض الآخر كان شرطا في المبيع (بحصة الموجود) أي: بمقدار من الثمن جعل في العقد مقابلا للموجود (عبدين) فتلف أحدهما
قبل القبض (أو نخلة) فتلف التمر قبل قبض المشتري للنخلة.
(206) أي: بمجموع الثمن، فلو اشترى عبدا بمئة دينار، وقطعت يد العبد قبل تسليمة للمشتري، جاز للمشتري الفسخ، وجاز له
الرضا بمئة دينار، لا أقل.
284
كما إذا قطعت يد العبد.
الرابعة: يجب تسليم المبيع مفرغا، فلو كان فيه متاع وجب نقله، أو زرع قد أحصد
وجب إزالته. ولو كان للزرع عروق تضر، كالقطن والذرة (207)، أو كان في الأرض حجارة
مدفونة أو غير ذلك، وجب على البائع إزالته وتسوية الأرض (208). وكذا لو كان له فيها دابة أو
شئ لا يخرج إلا بتغير شئ من الأبنية، وجب إخراجه وإصلاح ما يستهدم.
الخامسة: لو باع شيئا، فغصب من يد البائع، فإن أمكن استعادته في الزمان اليسير، لم
يكن للمشتري الفسخ، وإلا. كان له ذلك. ولا يلزم البائع أجرة المدة (209)، على الأظهر.
فأما لو منعه البائع عن التسليم، ثم سلم بعد مدة، كان له الأجرة (210).
ويلحق بهذا بيع ما لم يقبض وفيه مسائل:
الأولى: من أبتاع متاعا ولم يقبضه ثم أراد بيعه، كره ذلك إن كان مما يكال أو يوزن وقيل
لا يجوز، وقيل: إذا كان طعاما لم يجز (211)، والأول أشبه. وفي رواية يختص التحريم بمن يبيعه
بربح، فأما التولية (212) فلا. ولو ملك ما يريد بيعه بغير بيع (213)، كالميراث والصداق للمرأة
والخلع، جاز وإن لم يقبضه.
الثانية: لو كان على غيره طعام من سلم، وعليه مثل ذلك (214)، فأمر غريمه أن يكتال
لنفسه من الآخر. فعلى ما قلناه يكره، وعلى ما قالوه يحرم، لأنه قبضه عوضا عما له قبل أن يقبضه
صاحبه (215).
وكذا لو دفع إليه مالا، وقال: اشتر به طعاما. فإن قال: اقبضه لي ثم اقبضه لنفسك، صح



(207) فإن عروقهما يمنع الزرع الجديد.
(208) أي: تسطيحه بطم الحفرة التي أحدثها إزالة الحجارة المدفونة.
(209) (كان) جاز (له) للمشتري (ذلك) الفسخ (ولا يلزم) لأنه لم يكن مقصرا.
(210) أي: أجرة تلك المدة.
(211) (من أبتاع) أي: اشترى (طعاما) الطعام يعني الحنطة والشعير.
(212) وهي أن يبيع بالقيمة التي اشتراه بها، بلا زيادة ولا نقصان، فأما بالزيادة فتسمى (مرابحة) وأما بالنقصان فتسمى (مواضعة)
(213) أي: ملك بغير شراء (والخلع) أي: بدل الخلع الذي يأخذه الرجل من المرأة.
(214) مثلا: كان اشترى زيد - بعنوان السلم - من عمرو مئة كيلو حنطة، وكان قد باع زيد لشخص مئة كيلو حنطة، فقال زيد
للمشتري خذ مئة كيلو الحنطة من عمرو (يكره) أي: يكره بيع المائة كيلو حنطة التي عند عمرو، لذلك الشحص.
(215) (لأنه) المشتري (قبضه) قبض الحنطة عوضا (عما له) عن الحنطة التي له بذمة زيد (قبل أن يقبضه) الحنطة (صاحبه) صاحب
الحنطة وهو زيد.
285
الشراء (216) دون القبض، لأنه لا يجوز أن يتولى طرفي القبض (217)، وفيه تردد. ولو قال:
اشتر لنفسك، لم يصح الشراء ولا يتعين له بالقبض (218).
الثالثة: لو كان المالان قرضا (219)، أو المال المحال به قرضا، صح ذلك قطعا.
الرابعة: إذا قبض المشتري المبيع ثم ادعى نقصانه، فإن لم يحضر كيله ولا وزنه (220)،
فالقول قوله فيما وصل إليه مع يمينه، إذا لم يكن للبائع بينة (221). وإن كان حضر، فالقول قول
البائع مع يمينه، والبينة على المشتري (222).
الخامسة: إذا أسلفه (223) في طعام بالعراق، ثم طالبه بالمدينة، لم يجب عليه دفعه. ولو
طالبه بقيمته، قيل: لم يجز، لأنه بيع الطعام على من هو عليه قبل قبضه. وعلى ما قلناه يكره.
وإن كان قرضا، جاز أخذ العوض بسعر العراق. وإن كان غصبا، لم يجب دفع المثل، وجاز
دفع القيمة بسعر العراق، والأشبه جواز مطالبة الغاصب بالمثل حيث كان (224)، وبالقيمة
الحاضرة عند الإعواز.
السادسة: لو اشترى عينا بعين (225)، وقبض أحدهما ثم باع ما قبضه، وتلف العين



(216) لأنه وكيل عنه في الشراء.
(217) أي: يكون (مقبضا بالوكالة، وقابضا لنفسه) (وفيه تردد:) فيمكن الصحة.
(218) (لم يصح الشراء) لأن الثمن خرج من شخص، والمثمن دخل في كيس شخص آخر،. هذا غير صحيح عند الفقهاء (ولا يتعين
له) أي: لمن دفع إليه المال (بالقبض) أي: بقبض المبيع، إذ صحة القبض تتوقف على صحة البيع، فإذا لم يصح البيع لم يصح
القبض.
(219) (لو كان المالان قرضا) بأن اقترض من زيد مئة دينار، وكان قد أقرض عمرا مئة دينار، فقال لزيد خذ مائة دينارك من عمرو (أو
المال المحال به) وهو ما يطلبه من عمرو (قرضا) وإن كان ما يطلبه زيد منه ليس قرضا اقترضه من زيد، بل كان يطلبه زيد من دية،
أو ضمان، أو غير ذلك (صح ذلك) التحويل (قطعا).
(220) أي: لم يكن المشتري حاضرا وقت كيل المبيع أو وزنه، بل أخبر البائع بأنه كذا كيلا أو كذا وزنا واعتمد عليه المشتري في ذلك
(فالقول قوله) أي: قول المشتري.
(221) وإن كان للبائع بينة فلا أثر ليمين المشتري.
(222) فإن جاء المشتري بالبينة قبل قوله، وإلا وصلت التوبة إلى قسم البائع.
(223) (إذا أسلفه) إي: أعطى - مثلا - زيد لعمرو مئة دينار في العراق على أن يدفع إليه بعد شهر طعاما (ثم طالبه) زيد عمرا
(بالمدينة) (بقيمته أي: قال زيد لعمرو في المدينة: أعطني قيمة الطعام (لأنه) بيع الطعام الذي بذمة عمرو على نفس عمرو
قبل أخذه من عمرو الذي قد سبق قول ببطلانه تحت رقم (211) (وعلى ما قلناه) سابقا عند نفس الرقم (وإن كان المئة ليست
سلفة بل أعطاها لعمرو بعنوان (القرض (جاز) في المدينة (أخذ العوض) بسعر العراق) أي: يأخذ من عمرو في المدينة قيمة
مئة دينار في العراق.
(224) أي: إذا كان مثليا، كالدنانير، والدراهم (عند الإعواز) أي، إذا لم يكن مثليا، كالخروف، والثوب، ونحوهما
(225) مثاله، باع زيد لعمرو كتابا بفرش، وأقبض الفرش، ولم يقبض المشتري الكتاب، وباع زيد الفرش لشخص، الكتاب
عند زيد قبل أن يقبضه المشتري (بطل) بيع الكتاب بفرش، ولا يجوز إبطال بيع زيد الفرش لشخص، حتى يرجع الفرش
لصاحبه الأول، وإنما يجب على زيد (بائع الفرش) دفع قيمة للفرش لصاحبه (عمرو)
286
الأخرى في يد بائعها، بطل البيع الأول، ولا سبيل إلى إعادة ما بيع ثانيا، بل يلزم البائع قيمته
لصاحبه.
النظر الرابع: في اختلاف المتبايعين إذا عين المتبايعان نقدا (226) وجب، وإن أطلقا
انصرف إلى نقد البلد، إن كان فيه قد غالب، وإلا كان البيع باطلا. وكذا الوزن. فإن
اختلفا:
فهاهنا مسائل:
الأولى: إذا اختلفا في قدر الثمن (227)، فالقول قول البائع مع يمينه، إن كان المبيع باقيا
موجودا، وقول المشتري مع يمينه إن كان تالفا.
الثانية: إذا اختلفا (228) في قدر الثمن فالقول قول البائع مع يمينه إن كان المبيع باقيا
وقول المشتري تأخير الثمن وتعجيله، أو في قدر الأجل، أو في اشتراط وهن من البائع على
الدرك، أو ضمين عنه، فالقول قول البائع مع يمينه.
الثالثة: إذا اختلفا في المبيع، فقال البائع: بعتك ثوبا، فقال: بل ثوبين، فالقول قول
البائع أيضا. فلو قال: بعتك هذا الثوب، فقال: بل هذا الثوب، فها هنا دعويان،
فيتحالفان وتبطل دعواهما (229). ولو اختلف ورثة البائع وورثة المشتري، كان القول: قول
ورثة البائع في المبيع، وورثة المشتري في الثمن.
الرابعة: إذا قال: بعتك بعبد، فقال بل بحر. أو بخل، فقال: بل بخمر (230). أو



(226) (نقدا) بأن قالا مثلا (بدينار العراق) (وإن أطلقا) أي قالا مثلا بدينار، ولم يقولا دينار العراق، أو دينار الكويت (نقد البلد)
الذي تعاملا فيه، فإن كان البيع في العراق انصرف إلى دينار العراق، وإن كان البيع في الكويت انصرف إلى دينار الكويت (وإلا)
أي: إن لم يكن نقد غالب كالحدود بين الكويت والعراق التي لو قيل دينار لم يعلم المقصود حتى يعينه بأنه دينار الكويت أو دينار
العراق، للتعامل بكليهما على حد سواء (كان البيع باطلا) للجهل بالثمن (وكذا الوزن) فلو قال (بعتك رطلا من هذا السمن)
فإن كان الرطل وزنا غالبا صح وانصرف إليه، وإلا بطل البيع للجهل بمقدار المبيع.
(227) فقال البائع بعته بعشرة وقال المشتري اشتريته بخمسة.
(228) فقال البائع بعتك معجلا وقال المشتري بعتني مؤجلا (أو في قدر الأجل) فقال البائع بعتك لأشهر، وقال المشتري إلى سنة (أو
في اشتراط رهن) فقال المشتري شرطنا أن تعطيني رهنا حتى إذا لم تسلم المبيع كان الرهن وثيقة عندي، وقال البائع لم نشترط ذلك
(واضحين) أي: قال المشتري اشترطنا أن تأتي أنت بضامن يضمن إعطاءك المبيع لي، وقال البائع لم نشترط (قول البائع) إذا لم
تكن بينة تؤيد المشتري.
(229) (فيتحالفان) أي: يحلف البائع على كلامه، ويحلف المشتري على كلامه (وتبطل دعواهما). فكإنه لا بيع في البين.
(230) والعقد على الحر وعلى الخمر باطل.
287
قال: فسخت قبل التفرق، وأنكر الآخر. فالقول: قول من يدعي صحة العقد مع يمينه،
وعلى الآخر البينة (231).
النظر الخامس: في الشروط وضابطه: ما لم يكن مؤديا إلى جهالة المبيع، أو الثمن.
ولا مخالفا للكتاب، والسنة (232).
ويجوز: أن يشترط ما هو سائغ، داخل تحت قدرته، كقصارة (233) الثوب وخياطته.
ولا يجوز: اشتراط ما لا يدخل في مقدوره، كبيع الزرع على أن يجعله سنبلا، أو الرطب
على أن يجعله تمرا. ولا بأس باشتراط تبقيته (234).
ويجوز: ابتياع المملوك، بشرط (235) أن يعتقه أو يدبره أو يكاتبه. ولو شرط أن لا
خسارة (236)، أو شرط ألا يعتقها، أو لا يطأها، قيل: يصح البيع ويبطل الشرط. ولو شرط
في البيع، أن يضمن إنسان بعض الثمن أو كله، صح البيع والشرط (237).
تفريع إذا اشترط العتق في بيع المملوك، فإن أعتقه، فقد لزم البيع. وإن امتنع، كان
للبائع خيار الفسخ (238). وإن مات العبد قبل عتقه، كان البائع بالخيار أيضا.
النظر السادس: في لواحق من أحكام العقود: الصبرة (239) لا يصح بيعها، إلا مع المعرفة



(231) فإن جاء بالبينة قدم قوله، وإلا وصلت النوبة إلى اليمين.
(232) أي: للقرآن، والسنة القطعية المتواترة ونحوها.
(233) (سائغ) يعني جائز، لا الحرام مثل شرط شرب الخمر (داخل تحت قدرته) مثل أن يطير بلا وسائل في الهواء (قصارة) أي:
غسل.
(234) (على أن يجعله) لأنه بأمر الله، لا بيد البائع (سنبلا) هو انعقاد الحب من الحنطة والشعير والأزر ونحوها (تمرا) هو الرطب اليابس
على الشجر، إذ قد يتساقط الرطب قبل اليبس. (بتقيته) أي: يشترط الزرع، والرطب، (لا يشترط على البائع إبقاءه حتى
زمان السنبل والتمر. لأن الإبقاء بيد البائع ومقدور له.
(235) (ابتياع) أي: شراء (بشرط) أي: شرط البائع على المشتري مثلا: قال (بعتك هذا العبد بشرط أن تعتقه، أو قال بشرط إن
تدبره - وهو أن يقول للعبد أنت حر لوجه الله بعد وفاتي - أو قال للمشتري بشرط أن تكاتبه - وهو أن يتفق مع العبد على أنه إن أدى
ثمنه يكون حرا).
(236) أي: شرط المشتري إنه أن المبيع عنده، أو سرق، أو نحوهما تكون الخسارة على البائع (أن لا يعتقها) أي: لا يعتق
الجارية، أو لا يطأ الجارية (ويبطل الشرط) لأنه خلاف الكتاب والسنة، إذ خسارة المبيع عند المشتري تكون عليه، ولا يجوز
اشتراط عدمه، وكذا العتق جائز في الملك، وكذا الوطئ، فاشتراط عدمهما لا يجوز.
(237) ولزم الإتيان بالضامن.
(238) إن شاء أبطل البيع، وأخذ العبد، ورجع الثمن (بالخيار أيضا) في أن يفسخ البيع، فيرجع على المشتري الثمن، ويأخذ من
المشتري قيمة العبد.
(239) (الصبرة) هي الكمية من الحبوب عير معلومة الوزن والكيل (بكيلها أو وزنها)، أي: عدد كيلها، ومقدار وزنها.
288
بكيلها أو وزنها.
فلو باعها، أو جزءا منها مشاعا (240)، مع الجهالة بقدرها، لم يجز. وكذا لو قال: بعتك
كل قفيز منها بدرهم، أو يعتكها كل قفيز بدرهم (341).
ولو قال: بعتك قفيزا منها، أو قفيزين مثلا، صح.
وبيع ما يكفي فيه المشاهدة جائز، كأن يقول: بعتك هذه الأرض، أو هذه الساحة، أو
جزءا منها مشاعا (242).
ولو قال: بعتكها (243) كل ذراع بدرهم لم يصح، إلا مع العلم بذرعانها.
ولو قال بعتك عشرة أذرع منها، وعين الموضع، جاز. ولو أبهمه (244) لم يجز، لجهالة
المبيع، وحصول التفاوت في أجزائها، بخلاف الصبرة.
ولو باعه أرضا، على أنها جريان معينة (245)، فكانت أقل، فالمشتري بالخيار بين فسخ
البيع وبين أخذها بحصتها من الثمن، وقيل: بل بكل الثمن، والأول أشبه. ولو زادت (246)
كان الخيار للبائع بين الفسخ والإجازة بكل الثمن، وكذا كل ما لا يتساوى أجزاؤه (247).
ولو نقص ما يتساوى أجزاؤه (248)، ثبت الخيار للمشتري بين الرد، وأخذه بحصته من



(240) (مشاعا) أي: (نصفها، أو ثلثها، أو ربعها، ونحو ذلك، (إنه إذا كانت الصبرة مجهولة المقدار كان نصفها، وثلثها،
وربعها، أيضا مجهول المقدار، فلا يصح بيعه.
(241) والفرق بينهما إن في الأول لم يقع البيع على كل الصبرة، وفي الثاني على الكل (والقفيز) كيل معين.
(242) (الساجة) خشبة (مشاعا) كنصفها، أو ثلثها أو نحوهما.
(243) أي: بعتك كل هذه الأرض، فلو لم يعلم أنها كم ذراعا، فقد جهل الثمن (بذرعانها) أي: عدد ذراعها، مئة ذراع، ألف
ذراع، أو غيرهما.
(244) أي: جعل الموضوع مبهما، ولم يعنيه، أنه من أي طرف الأرض، أو من أي طرف الساجة (هذا) إذا لم يكن كل الأرض متساوية
في القيمة والاستفادة.
(245) (جربان) على وزن (غلمان) جمع جريب، وهو ألف ذراع بأن قال: بعتك هذه الأرض على أن تكون ألف ذراع، فتبين بعد
ذلك إنها خمسمائة (بحصتها من الثمن) أي: في هذا المثال يعطي المشتري للبائع نصف الثمن المتفق عليه (بكل الثمن) أي:
قيل: للمشتري الخيار بين الرد، وبين الأخذ بتمام الثمن.
(246) زادت الأرض، فقال بعتك على إنها عشرة جريان، فتبين إنها خمسة عشرة جريبا
(247) أي: لا يتساوى أجزاؤه في القيمة، كالمجوهرات، والأنعام، ونحوهما فلو باع قطيعيا على أنها ألف شاة، فإن تبين أنها أقل كان المشتري
بالخيار، وإن تبين أنها أكثر كان البائع بالخيار.
(248) أي: يتساوى أجزاؤه في القيمة، كالحنطة، والسكر، والأرز، ونحوها، كما لو باع صبرة منها على أنها مائة كيلو فتبين أنها خمسين
كيلو كان للمشتري الخيار بين رده، وبين الأخذ بنصف الثمن المتفق عليه.
289
الثمن.
ولو جمع بين شيئين مختلفين، في عقد واحد، بثمن واحد، كبيع وسلف، أو إجارة
وبيع، أو نكاح وإجارة، صح. ويقسط العوض على: قيمة المبيع، وأجرة المثل، ومهر
لمثل (249).
وكذا يجوز بيع السمن بظروفه (350). ولو قال: بعتك هذا السمن بظروفه، كل رطل
بدرهم (251)، كان جائزا.
الفصل الخامس
في أحكام العيوب من اشترى مطلقا (252)، أو بشرط الصحة، اقتضى سلامة المبيع من
العيوب. فإن ظهر فيه عيب، سابق على العقد، فالمشتري خاصة، بالخيار بين فسخ العقد و
أخذ الأرش (253).
ويسقط الرد: بالتبري من العيوب، وبالعلم بالعيب قبل العقد، وبإسقاطه بعد العقد
وكذا الأرش (254).
ويسقط الرد: باحداثه فيه حدثا، كالعتق وقطع الثوب (255)، سواء كان قبل العلم
بالعيب أو بعده. وبحدوث عيب بعد القبض (256)، ويثبت الأرش.
ولو كان العيب الحادث، قبل القبض (257)، لم يمنع الرد.



(249) (بيع وسلف) كما لو قال (أبيعك هذا الكتاب، ومائة كيلو حنطة سلفا بعد سنة بمئة دينار) (إجارة وبيع) كما لو قال: (بعتك
هذا الكتاب، وآجرتك هذه الدار بمئة) (نكاح وإجارة) كما لو قالت (بعتك هذه الدار وزوجتك نفسي بألف دينار) (ويقسط
العوض) أي: يقسم الثمن المذكورة، بأن لو تبين فساد السلف، دون البيع، أو العكس، أو ظهر فساد الإجارة دون البيع أو
العكس، أو تبين فساد النكاح دون البيع، أو العكس، فإنه في هذه الحالات يقسم الثمن عليهما، ويترك ويؤخذ بالقياس.
(250) إذا علم إن السمن مع الظرف مثلا عشر كيلوات، وإن جهل وزن الظرف، لأنه رضي بكون ثمن الظرف كثمن السمن.
(251) إذا لم يعلم وزن المجموع.
(252) أي: لم يشترط لا الصحة، ولا اشترط البائع البراءة من العيوب.
(253) (الأرش) هو: التفاوت بين الصحيح وبين المعيب.
(254) (بالتبري) بأن قال البائع (أنا متبري من أي عيب كان في المبيع) (وبالعلم) أي: علم المشتري قبل الشراء بكون المبيع معيبا
(وبإسقاطه) أي: إسقاط المشتري خيار الرد (وكذا الأرش) أي: يسقط أيضا في الموارد الثلاثة.
(255) (باحداثه فيه) أي: المشتري في المبيع (قطع الثوب) أي: تقطيعه مقدمة للخياطة.
(256) كما لو سقط العبد بعد قبض المشتري له وانكسرت رجله، ثم ظهر أن بعينه عيبا، فلا يجوز للمشتري رده (ويثبت الأرش) في
المسألتين.
(257) أي: قبل قبض المشتري للمبيع، لأن كل عيب في المبيع قبل القبض يكون مضمونا على البائع.
290
وإذا أراد بيع المعيب، فالأولى إعلام المشتري بالعيب، أو التبري من العيوب مفصلة.
ولو أجمل (258)، جاز.
وإذا أبتاع شيئين صفقة، وعلم بعيب في أحدهما، لم يجز رد المعيب منفردا، وله ردهما أو
أخذ الأرش. وكذا لو اشترى اثنان شيئا (259)، كان لهما رده، أو إمساكه مع الأرش، وليس
لأحدهما رد نصيبه دون صاحبه.
وإذا وطئ الأمة ثم علم بعيبها، لم يكن له ردها. فإن كان العيب حبلا، جاز له ردها،
ويرد معها نصف عشر قيمتها لمكان الوطء. ولا يرد مع الوطء، لغير عيب الحبل (260).
القول: في أقسام العيوب والضابط إن كل ما كان في أصل الخلقة، فزاد أو نقص، فهو
عيب.
فالزيادة: كالإصبع الزائدة. والنقصان: كفوات عضو (261). ونقصان الصفات:
كخروج المزاج عن مجراه الطبيعي، مستمرا كان كالممراض (262)، أو عارضا ولو كحمى ولو يوم.
وكل ما يشترطه المشتري على البائع مما يسوغ، فأخل به، يثبت به الخيار (263)، وإن لم
يكن فواته عيبا، كاشتراط الجعودة في الشعر، والتأشير في الأسنان، والزجج في
الحواجب (264).
وهاهنا مسائل:
الأولى التصرية (265)، تدليس يثبت به الخيار بين الرد والإمساك. ويرد معها مثل لبنها



(258) (فالأولى) أي: الأفضل، لأنه غير واجب (مفصلة) بأن يذكر العيب ويتبرأ منه، فلو باع عبدا بعينه بياض يقول (أنا برئ من
أي عيب في عينيه) (أجمل) كما لو قال: أنا برئ من أي عيب فيه.
(259) كما لو اشترى رجلان كتابا، أو أرضا في بيع واحد.
(260) (حبلا) أي: حملا، بأن اشترى الأمة، ووطأها، ثم تبين كونها حاملا قبل الشراء، فإنه يجوز ردها حتى بعد الوطي (نصف عشر
قيمتها) فلو كان قيمتها مئة دينار، رد خمسة دنانير لأجل الوطي (لغير عيب الحمل) من سائر العيوب، بل يأخذ الأرش فقط.
(261) كالأصبع الناقصة.
(262) هو كثير المرض، أو دائم المرض.
(263) (مما يسوغ) أي: يجوز وليس بحراما، كإشتراط أن يكون العبد أو الأمة مغنيا فإنه شرط حرام، أو اشتراط أن يكون العبد ملحدا
مضلا للناس.
(264) (الجودة في الشعر) أي: يشترط كون شعر العبد أو الجارية جيدا (التأشير) حدة ودقة في أطراف الأسنان (الزجج) دقة الحاجب
وطوله.
(265) هو أن يترك حلب الشاة مدة أيام فيتجمع اللبن في ضرعها، فيظن المشتري إنها حلوب (تدليس) أي: غش.
291
أو قيمته مع التعذر، وقيل: يرد ثلاثة أمداد من طعام. وتختبر بثلاثة أيام (266). وتثبت التصرية
في الشاة قطعا، وفي الناقة والبقرة على تردد. ولو صرى أمة، لم يثبت الخيار، مع إطلاق
العقد (267)، وكذا لو صرى البائع أتانا (268). ولو زالت تصرية الشاة، وصار ذلك عادة (269)
قبل انقضاء ثلاثة أيام، سقط الخيار. ولو زال بعد ذلك، لم يسقط.
الثانية: الثيبوبة ليست عيبا. نعم، لو شرط البكارة فكانت ثيبا، كان له الرد، إن ثبت
أنها كانت ثيبا. وإن جهل ذلك، لم يكن له الرد، لأن ذلك (270) قد يذهب بالحظوة.
الثالثة: الإباق الحادث عند المشتري (271)، لا يرد به العبد. أما لو أبق عند البائع، كان
للمشتري رده.
الرابعة: إذا اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر، ومثلها تحيض (272)، كان ذلك عيبا،
لأنه لا يكون إلا لعارض غير طبيعي.
الخامسة: من اشترى زيتا أو بزرا، فوجد فيه ثفلا (273)، فإن كان مما جرت العادة بمثله، لم يكن
له رد ولا أرش، وكذا إن كان كثيرا وعلم به (274).
السادسة: تحمير الوجه ووصل الشعر وما شابهه، تدليس (275) يثبت به الخيار دون
الأرش، وقيل: لا يثبت به الخيار، والأول أشبه.
القول: في لواحق هذا الفصل وفيه مسائل:



(266) أي: تعرف الشاة كونها معراة بمضي ثلاثة أيام عند المشتري.
(267) أي: إذا لم يشترط المشتري كونها غير معراة. وإن كان قد اشترط ثم تبين كونها معراة كان للمشتري الخيار.
(268) هو أنثى الحمار.
(269) ولو زالت تعرية) أي: زال قلة لبنها (وصار ذلك) أي: كبر الثدي من اللبن (بعد ذلك) أي: بعد ثلاثة أيام، بأن كانت الشاة
إلى ثلاثة أيام قليلة اللبن، ثم زاد لبنها هبة من الله تعالى (لم يسقط) الخيار، وكان للمشتري ردها، لأن الخيار ثبت في أثناء الثلاثة
فيستصحب بقاءه.
(270) (ذلك) أي (غشاء البكارة) (بالخطوة) أي: الطفرة ونحوها.
(271) بأن اشترى عبدا أو أمة، وبعد قبضه أبق وانهزم.
(272) (في ستة أشهر) أي: مضى عليها ستة أشهر ولم تحض، أما لو حاضت قبل ذلك لم يكن له الرد (ومثلها تحيض) أي: كانت في
سن عادة تحيض، لا أصغر ولا أكبر كاليائسة.
(273) (بزر) هو زيت الكتاب (تفل) هو الوسخ الذي يكون تحت الزيت والدهن غالبا.
(274) أي: علم به المشتري حال الشراء، أما لو كان أكثر من المتعارف - كما لو ظهر إن نصف الزيت تفل - كان للمشتري خيار.
(275) (تحمير) أي: وضع حمرة على وجه الأمة ليظن المشتري إنها حمراء جميلة (ووصل الشعر) هو أن يكون شعرها الأصلي قليلا، فيربط،
به شعرا صناعيا، فيظن المشتري أنها طويل الشعر (وما شابهه) كأن يعمل بها ما يظن أنها شابة، الخ (تدليس) أي: عيب
292
الأولى: إذا قال البائع: بعت بالبراءة وأنكر المبتاع، فالقول قوله مع يمينه، إذا لم يكن
للبائع بينة (276).
الثانية: إذا قال المشتري: هذا العيب كان عند البائع، فلي رده، وأنكر البائع (277)،
فالقول قوله مع يمينه، إذا لم يكن للمشتري بينة ولا شاهد حال (278) يشهد له.
الثالثة: يقوم المبيع صحيحا ومعيبا، وينظر في نسبة النقيصة من القيمة، فيؤخذ من
الثمن بنسبتها (279)، فإن اختلف أهل الخبرة في التقويم عمل على الأوسط (280).
الرابعة: إذا علم بالعيب ولم يرد، لم يبطل خياره ولو تطاول (281)، إلا أن يصرح
بإسقاطه، وله فسخ العقد بالعيب، سواء كان غريمه حاضرا أو غائبا (282).
الخامسة: إذا حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري رده، وفي الأرش
تردد (283). ولو قبض بعضه، ثم حدث في الباقي حدث (284)، كان الحكم كذلك فيما لم



(276) (بعت بالبراءة) من العيوب (قوله) أي المبتاع وهو المشتري (بينة) يعني: شاهدين عادلين يشهدان أنه باع وتبرأ من العيوب.
(277) أي: قال البائع: لم يكن هذا العيب عندي.
(278) كما لو كان العيب إصبعا زائدة، أو كان العيب إصبعا مقطوعة وقد بر مكانها وكان قد اشترى العبد من يومه أو أمسه، بحيث تشهد
هذه الحالة إن القطع لو كان قد حصل في اليوم أو الأمس لم يكن يبرأ محله.
(279) أي: بنسبة النقيصة من القيمة المسماة، مثلا لو اشترى عبدا بمئة دينار، ثم ظهر كونه ناقص الإصبع، فيقوم مثل هذا العبد لو كان
صحيحا كان يساوي ثمانين، ومع هذا العيب يسوى ستين، ومعنى ذلك أن ربع القيمة نقص لأجل العيب، فيجب نقص ربع
المئة - وهو خمسة وعشرون - من أصل القيمة المسماة، فيستحق البائع خمسة وسبعين دينارا
(280) (في التقويم) أي: في القيمة (على الأوسط) فلو قال أحد أهل الخبرة إن صحيحه يساوي ثمانين، وقال آخر من أهل الخبرة: إن
صحيحه يساوي ستين، فالأوسط هو أن يعتبر صحيحه سبعين، ولو قال أحد أهل الخبرة إن معيبه يساوي أربعين، وقال آخر إن
معيبه يساوي ثلاثين، فالأوسط في المعيب أن يعتبر خمسة وثلاثين، ونسبة السبعين (أوسط الصحيح) إلى الخمسة
والثلاثين (أوسط والعيب) نسبة الضعف، فينقص من القيمة المسماة نصفها، فلو كان قد باع العبد بمئة والحال هذه،
استحق البائع خمسين فقط (وفي هذه) المسألة اختلاف في كيفية استخراج الأوسط، بين المنسوب إلى المشهود، وبين الشهيد
الأول (قده)، واختلاف آخر من جهة أن اختلاف المقدمين قد يكون في قيمة الصحيح، دون المعيب، وبالعكس، وقد يكون
في كليهما، وأن نسبة الاختلاف بين الصحيح والمعيب قد تكون متساوية، وقد تكون متباينة، وفيها كلام طويل.
(281) أي. أبطأ في الرد، لأن خيار العيب ليس فوريا.
(282) (غريمه) أي: الذي يرد عليه (حاضرا أو غائبا) فإن كان غائبا، رد عند شاهدين عدلين، حتى يستطيع إثبات أنه في أي وقت
رد البيع.
(283) بأن يأخذ المبيع، ويأخذ مقدار نقصان قيمته.
(284) كما لو اشترى خروفين اثنين، فأخذ أحدهما، وقبل أن يأخذ الثاني انكسرت رجله، فإن للمشتري أن يرد الخروف الثاني، وله أن
يأخذه بلا أرش، أما مع الأرش ففيه تردد.
293
يقبض. وما يحدث في الحيوان بعد القبض وقبل انقضاء الخيار، لا يمنع الرد في الثلاثة (285).
السادسة: روى أبو همام عن الرضا عليه الصلاة والسلام، قال: " يرد المملوك من
أحداث السنة: من الجنون، والجذام، والبرص "، وفي رواية علي بن ساباط، عنه عليه
السلام " أحداث السنة: الجنون، والجذام، والبرص، والقرن " (286)، يرد إلى تمام السنة من
يوم اشتراه. وفي معناه رواية محمد بن علي، عنه عليه السلام أيضا.
فرع: هذا الحكم يثبت، مع عدم الإحداث. فلو أحدث ما يغير عينه، أو
صفته (287)، ثبت الأرش، وسقط الرد.
الفصل السادس
في المرابحة والمواضعة والتولية (288)
والكلام في: العبارة (289)، والحكم.
أما العبارة: فإن يخبر برأس ماله (290)، فيقول: بعتك - وما جرى مجراه (291) - بربح
كذا. ولا بد أن يكون: رأس ماله معلوما. وقدر الربح معلوما (292).
ولا بد من ذكر الصرف والوزن، إن اختلفا (293).
وإذا كان البائع لم يحدث فيه حدثا، ولا غيره (294)، فالعبارة عن الثمن أن يقول:



(285) أي: في ثلاثة أيام الأولى، لأن كل عيب يحدث في الحيوان من شرائه إلى ثلاثة أيام يكون مضمونا على البائع، ويسمى ب‍ (خيار
الحيوان).
(286) (قرن) على وزن (فرس) لحم أو عظم ينبت في الفرج يمنع عن الوطئ هذه الأربعة لو حدثت في العبد أو الأمة إلى مدة سنة من
حين شرائهما فيجوز للمشتري ردهما، فإن هذه العيوب إذا ظهرت في أثناء السنة يكشف ملك عن سبقها على السنة وإن المبيع كان
من عند البائع معيبا.
(287) تغير العين، كوطي البكر، الذي يجعلها ثيبا، وتغير الصفة كوطي الثيب الذي يجعلها أم ولد.
(288) (المرابحة) هي أن يبيع بقيمة ما اشتراه، بزيادة معينة، والمواضعة هي بنقصية معينة، (والتولية) هي أن يبيع بالقيمة التي
اشتراها، بلا زيادة ولا نقيصة.
(289) أي: اللفظ والصيغة.
(290) أي: بالقيمة التي اشترى.
(291) وهو كل لفظ دل على البيع مما سبق عند رقم (36) وما بعده.
(292) مثلا يقول (بعتك برأس مال مئة وربح عشرة دنانير).
(293) (الصرف) هو نسبة نقد إلى نقد، كما لو كان الدينار أقساما بعضها يصرف بعشرة دراهم، وبعضها بإثني عشر درهما، وبعضها
بخمسة عشر درهما، (والوزن) كما لو كان وزن دينار ذهب ثمانية عشرة حمصة، ووزن دينار آخر تسعة عشر حمصة، وهكذا،
فحينئذ يجب ذكر إنه من أي، صرف وأي وزن.
(294) (لم يحدث) أي: لم يعمل فيه شيئا موجبا لزيادة قيمته (ولا غيره) أي: ولا غير البائع عمل فيه ما يوجب زيادة قيمته.
294
اشتريت بكذا، أو رأس ماله، أو تقوم علي، أو هو علي. وإن كان عمل فيه ما يقتضي
الزيادة، قال: رأس ماله كذا، وعملت فيه بكذا. وإن كان عمل فيه غيره بأجرة، صح أن
يقول: تقوم على، أو هو علي.
ولو اشترى بثمن ورجع بأرش عيبه أسقط قدر الأرش (295)، وأخبر بالباقي بأن يقول:
رأس مالي فيه كذا.
ولو جنى العبد ففداه السيد، لم يجز أن يضم الفدية إلى ثمنه (296). ولو جني عليه، فأخذ
أرش الجناية، لم يضعها من الثمن (297). وكذا لو حصل منه فائدة، كنتاج الدابة وثمرة
الشجرة (298).
ويكره: نسبة الربح إلى المال (299).
وأما الحكم: ففيه مسائل:
الأولى: من باع غيره (300) متاعا، جاز أن يشتريه منه، بزيادة ونقيصة، حالا ومؤجلا
بعد قبضه (301). ويكره قبل قبضه إذا كان مما يكال أو يوزن على الأظهر (302). ولو كان شرط في
حال البيع أن يبيعه (303) لم يجز. وإن كان ذلك في قصدهما ولم يشترطاه لفظا، كره. إذا عرفت
هذا، فلو باع غلامه سلعة، ثم اشتراه منه بزيادة، جاز أن يخبر بالثمن الثاني، إن لم يكن شرط
إعادته. ولو شرط لم يجز، لأنه خيانة (304).



(295) كما لو اشترى العبد بمائة، ثم استرجع لأجل عيب فيه.
(296) فلو اشترى العبد بمئة، ثم جرح العبد شخصا وفداه مولاه بعشرة، لم يجز للمولى أن يقول (تقوم على مئة وعشرة).
(297) كما لو اشترى العبد بمئة، فكسر شخص يد العبد، ودفع قيمة النقص عشرين دينار للمولى، ثم صلحت يده، فعند البيع
مرابحة لا يجب على المولى أن ينقص العشرين من الثمن، بل يقول (تقوم هذا العبد علي بمئة دينار) قال في المسالك (نعم لو
نقص بالجناية وجب عليه الخبار بالنقص)
(298) فلو اشترى دابة، فولدت، أو شجرة فأثمرت، وأراد بيع تلك الدابة، أو تلك الشجرة مرابحة، لا يجب عليه ذكر الفائدة التي
حصلها منها.
(299) بأن يقول - مثلا - (وبعتك برأس مال مئة وربح خمس رأس المال) بل الأحسن أن يعين الربح، بأن يقول (بعتك برأس مال مئة
وربح عشرين).
(300) أي: لغيره.
(301) (يشتريه) ذلك المتاع (منه) من المشتري (بزيادة) على الثمن الذي باعه به (أو نقيصة) أي: أقل من ذلك الثمن (حالا) نقدا
و (مؤجلا) أي: دينا (بعد قبضه) أي: بعد قبض المشتري ذلك المتاع.
(302) مقابل من قال بالتحريم قبل القبض.
(303) أي: شرط أن يبيع المشتري نفس المتاع إلى البائع، وكان هذا الشرط في ضمن عقد البيع.
(304) (فلو باع غلامه) أي: لغلامه، وهو العبد (ثم اشتراه) المتاع (منه) من الغلام (بزيادة): عن الثمن الذي باعه له، كما لو باع
المتاع لغلامه بألف، ثم اشتراه منه بألف وخمسمئة (بالثمن الثاني) وهو الألف والخمسمئة، بأن يبيعه لشخص مرابحة، ويقول
(أبيعك برأس مال ألف وخمسمائة وربح مئة) (إن لم يكن) المولى (شرط) على غلامه (إعادته) أي: بيع المتاع إليه ثانيا (ولو)
كان (شرط) الإعادة (لم يجز) بيعه مرابحة مع الأخبار بالثمن الثاني (لأنه خيانة) مع من يشتريه منه مرابحة.
295
الثانية: لو باع مرابحة، فبان رأس ماله أقل، كان المشتري بالخيار بين رده وأخذه
بالثمن، وقيل: بأخذه بإسقاط الزيادة (305). ولو قال (306): اشتريته بأكثر لم يقبل منه، ولو
أقام بينة. ولا يتوجه على المبتاع يمين، إلا أن يدعي عليه العلم (307).
الثالثة: إذا حط البائع (308) بعض الثمن، جاز للمشتري أن يخبر بالأصل. وقيل: إن
كان قبل لزوم العقد، (309) صحت والحق بالثمن، وأخبر بما بقي. وإن كان بعد لزومه، كان
هبة مجددة، وجاز له الإخبار بأصل الثمن.
الرابعة: من اشترى أمتعة صفقة، لم يجز بيع بعضها مرابحة، تماثلت أو اختلفت، سواء
قومها أو بسط الثمن عليها بالسوية أو باع خيارها، إلا بعد أن يخبر بذلك (310). وكذا لو اشترى
دابة حاملا فولدت، وأراد بيعها منفردة عن الولد (311).
الخامسة: إذا قوم على الدلال متاعا، وربح عليه أو لم يربح، ولم يواجبه البيع، لم يجز
للدلال بيعه مرابحة، إلا بعد الأخبار بالصورة. ولا يجب على التاجر الوفاء، بل الربح له،



(305) بدون خيار الرد.
(206) يعني، كما لو باعه مرابحة وأخبر بأن رأس المال ألف، ثم بعد البيع قال أخطأت، وكان رأس المال أكثر من ألف (ولو أقام بينة)
يعني: حتى ولو أقام بينة.
(307) (المبتاع) أي: المشتري (إلا أن يدعي) البائع) (عليه) على المشتري (العلم) يعني يقول البائع: إن المشتري يعلم أن رأس
المال كان ألفا وخمسمئة، وحينئذ يحلف المشتري على عدم علمه بذلك.
(308) (حط) أي: نفس (جاز للمشتري) إذا أراد بيعه (أن يخبر بالأصل) أي: بأصل الثمن، ولا يذكر النقص، فلو قال البائع:
(بعتك بألف) ثم قبل تفرقهما من مجلس العقد قال أحط عنك مئتين، وادفع لي ثمانمئة، فيجوز للمشتري أن يبيعه مرابحة
ويقول (بعتك برأس مال ألف).
(309) أي: قبل انتهاء الخيار (صحت) أي: الحطيطة (والحق) ما نقصه (بالثمن) فاعتبر الثمن ثمانمئة لا ألفا.
(310) (أمتعة) عدة أشياء (صفقة) في بيع واحد (لم يجز بيع بعضها مرابحة) لأنه لا يعلم كم من الثمن وقع في مقابل هذا المتاع، فلو
اشترى ثلاثة كتب بثلاثة دنانير في بيع واحد، لا يجوز بيع كتاب واحد مرابحة برأس مال دينار، لأن المعية تنقص من القيمة، فلا
يعلم كم من الثلاثة الدنانير كان قد دفع في مقابل هذا الكتاب الواحد (تماثلت) كثلاثة من شرائع الإسلام (أو اختلفت)
كالشرائع، وشرح اللمعة، والمسالك (سواء قومها) أي: جعل لكل كتاب قيمة من الثلاثة دنانير، بأن اعتبر الشرائع. - مثلا -
نصف دينار، وشرح اللمعة دينارا، والمسالك دينارا ونصفا (أو بسط الثمن) ثلاثة دنانير (عليها) على الكتب (بالسوية) أي:
جعل لكل كتاب دينارا (أو باع خيارها) أي أحسن تلك الكتب الثلاثة. إلا بعد أن يخبر المشتري (بذلك) بأنه كان قد اشترى
هذا الكتاب مع كتابين آخرين صفقة واحدة بثلاثة دنانير.
(311) لا يجوز مرابحة إلا إذا أخبر المشتري بأنه كانت حاملا حين الشراء.
296
وللدلال أجرة المثل، سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه (312).
وأما التولية: فهو أن يعطيه المتاع، برأس ماله من غير زيادة (313)، فيقول: وليتك أو
بعتك أو ما شاكله من الألفاظ الدالة على النقل.
وأما المواضعة فإنها مفاعلة من الوضع. فإذا قال: بعتك بمئة ووضيعة درهم من
كل عشرة، فالثمن تسعون. وكذا لو قال: مواضعة العشرة. ولو قال: من كل أحد
عشر (314)، كان الثمن أحدا وتسعين إلا جزءا من أحد عشر جزء من درهم.
الفصل السابع
في الربا وهو يثبت في البيع مع وصفين: الجنسية والكيل أو الوزن (315).
وفي القرض مع اشتراط النفع (316).
أما الثاني: فسيأتي.
وأما الأول: فيقف بيانه على أمور:
الأول: في بيان الجنس وضابطة: كل شيئين يتناولهما لفظ خاص، كالحنطة بمثلها، والأرز



(312) (إذا قوم) زيد مثلا، أي: قال هذا الكتاب قيمته دينار (على الدلال) والدلال هو الشخص الذي أما يأخذ من الناس متاعهم
ويبيعه لهم بأجرة، أو يشتري هو المتاع ويبيعه لنفسه (وربح عليه) زيد بأن كان قد اشتراه بنصف دينار مثلا (أو لم يربح، ولم
يواجبه البيع) أي: لم يبع زيد المتاع للدلال، بل إنما ذكر للدلال قيمة الكتاب (لم يجز للدلال بيعه مرابحة) بأن يقول لعمرو
(بعتك مرابحة برأس مال دينار) لأن الدلال، لم يشتره بدينار (إلا بعد الإخبار) أي: يخبر الدلال المشتري (بالصورة) أي: بأن
صاحب الكتاب قومه عليه بدينار (ولا يجب على التاجر) صاحب الكتاب زيد (الوفاء) بأن يأخذ من الدلال دينارا واحدا (بل)
كل (الربح له) لزيد فإن كان الدلال باع الكتاب بعشرة دنانير كلها لزيد، لأنها ثمن كتابه (وللدلال أجرة المثل) أي: أجرة عمله
في بيع الكتاب (سواء كان التاجر) زيد (دعاه) أي: طلب من الدلال أن يبيع الكتاب (أو) كان (الدلال ابتدأه) أي: قال
لزيد أبيع كتابك.
(313) ولا نقيصة، بأن يبيع المتاع بنفس القيمة التي اشتراه بها.
(الوضع) هو التقليل والنقص (والمفاعلة) وإن كانت تقتضي غالبا النقص من الطرفين، إلا أن المراد بها هنا نقص الثمن عن
القيمة المشتراة، مقابل المرابحة، لأنه يستعمل باب المفاعلة ذلك أيضا، مثل (قاتلهم الله) ونحوه.
(314) أي: وضيعة درهم من كل أحد عشر درهما (كأن الثمن) تسعين درهما، ويقسم درهم آخر أحد عشر جزءا، عشرة أجزاء منها،
وذلك رياضيا هكذا (11 * 9 يساوي 99) فينقص تسعة، ويعطي تسعين، ويبقي درهم واحد، يقسمه أحد عشر جزءا، ينقص
منها جزء واحد للمشتري ويبقي عشرة أجزاء للبائع.
(315) أي: كون الثمن والمثمن كلاهما من جنس واحد، حنطة، أو لبنا، أو سمنا، أو نحو ذلك، وأن يكونا يباعان بالكيل أو الوزن،
دون مثل الكتاب، والدار، والعبد التي تباع بالأعداد.
(316) سواء كان مكيلا وموزونا كقرض الحنطة، واللبن والسمن، أم لا، كقرض الدينار، ونحوه.
297
بمثله، فيجوز بيع المتجانس وزنا بوزن نقدا (317)، ولا يجوز مع زيادة، ولا يجوز إسلاف أحدهما
في الآخر، على الأظهر.
ولا يشترط التقابض قبل التفرق (318) إلا في الصرف.
ولو اختلف الجنسان (319) جاز التماثل والتفاضل نقدا، وفي النسية تردد، والأحوط
المنع (320).
والحنطة والشعير جنس واحد في الربا على الأظهر، لتناول اسم الطعام لهما. وثمرة
النخل (321) جنس واحد وإن اختلفت أنواعه، وكذا ثمرة الكرم.
وكل ما يعمل من جنس واحد يحرم التفاضل فيه، كالحنطة بدقيقها، والشعير
بسويقه (322)، والدبس المعمول من التمر بالتمر، وكذا ما يعمل من العنب (323) بالعنب.
وما يعمل من جنسين (324)، يجوز بيعه بهما، وبكل واحد منهما، بشرط أن يكون في
الثمن زيادة عن مجانسه.
واللحوم مختلفة بحسب اختلاف أسماء الحيوان: فلحم البقر والجواميس جنس واحد،
لدخولها تحت لفظ البقر. ولحم الضأن والمعز جنس واحد، لدخولهما تحت لفظ الغنم والإبل
عرابها وبخاتيها (325) جنس واحد. والحمام جنس واحد
ويقوى عندي أن كل ما يختص منه (326) باسم، فهو جنس على انفراده كالفخاني



(317) مثل بيع بكيلو لبن، كلاهما نقدا، يعطي ويأخذ (ولا يجوز مع زيادة) كيل بكيلو ونصف، فهذا النصف ربا (ولا يجوز إسلاف
أحدهما) أي: كون أحد اللبنين نقدا، والآخر سلفا، لأن النقد زيادة معنوية.
(318) بل كونهما نقدا يكفي، ولو تفرقا ثم تعاطيا، أو أعطى أحدهما في المجلس، وأعطى الآخر بعد ذلك (إلا في الصرف) وهو بيع
الدنانير بالدنانير، والدراهم بالدراهم، فإنه يشترط في صحة الصرف التقابض في مجلس البيع.
(319) كحنطة بلبن (جاز التماثل) كيلو بكيلو (والتفاضل) كيلو بكيلو ونصف (نقدا) يعني اللبن والحنطة كلاهما نقد.
(320) لروايات مانعة محمولة على الكراهة عند المشهور.
(321) وهو التمر، والرطب، فكل أنواعه لا يجوز بيعها بتمر آخر مع الزيادة أو النقيصة (وثمرة الكرم) هو العنب.
(322) (السويق) هو المدقوق من الشعير.
(323)؟ و مربى، أو كشمش، أو زبيب، أو طرشي، ونحو ذلك.
(324) (كالسكنجبين (الذي يعمل من السكر، والخل، يجوز بيعه، بسكر وخل معا مطلقا، وبسكر وحده، أو بخل وحده، بشرط أن
لا يكون الخل الذي يعمل السكنجبين أكثر من الخل المقابل، أو سكره أكثر من السكر المقابل، وإلا كان ربا.
(325) (عراب) هو ذو السنام الواحد (والنجاتي) ذو السنامين.
(326) أي: من الحمام، فليس كل أقسام الحمام جنسا واحدا.
298
والورشان (327)، وكذا السموك (328).
والوحشي من كل جنس مخالف لأهليه (329).
والألبان تتبع اللحوم في التجانس والاختلاف (330). ولا يجوز التفاضل بين ما يستخرج
من اللبن وبينه، كزبد البقر مثلا بحليبه ومخيضه واقطه (331).
والأدهان تتبع ما يستخرج منه: فدهن السمسم جنس، وكذا ما يضاف إليه كدهن
البنفسخ والنيلوفر (332). ودهن البزر جنس آخر.
والخلول تتبع ما تعمل منه، فخل العنب مخالف لخل الدبس (333). ويجوز التفاضل بينهما
نقدا، وفي النسيئة تردد.
الثاني: اعتبار الكيل والوزن فلا ربا إلا في مكيل أو موزون. وبالمساواة فيهما يزول تحريم
الربويات.
فلو باع ما لا كيل فيه ولا وزن متفاضلا، جاز ولو كان معدودا، كالثوب بالثوبين
وبالثياب، والبيضة بالبيضتين والبيض (334) نقدا، وفي النسيئة تردد، والمنع أحوط.
ولا ربا في الماء، لعدم اشتراط الكيل والوزن في بيعه (335). ويثبت في الطين الموزون (336)
كالأرمني على الأشبه. والاعتبار بعادة الشرع، فما ثبت أنه مكيل أو موزون في عصر النبي صلى



(327) (الفخاتي) جمع الفاختة، وهي نوع من الحمام، وتسمية العامة (فختاية) ولم يذكر أقرب الموارد جمعها إلا على (فواخت)
(والورشان) - بسكر الواو - جمع (ورشان) - بفتحتين - في أقرب الموارد إنه طائر يشبه الحمام (أذن) فيجوز بيع لحم الفواخت،
بلحم الورشان مع زيادة، وليس ربا، ولا يجوز بيع لحم الفواخت بعضها ببعض مع زيادة لأنه الربا.
(328) فإنها أنواع متعددة، ولا يجزي الربا في بيع بعضها ببعض إلا إذا كان داخلا تحت اسم واحد (كالزبيدي) والبني (والبز) وغيرها.
(329) فيجوز بيع لحم البقر الوحشي، بلحم البقر الأهلي مع الزيادة، وهكذا
(330) فلا يجوز بيع لبن الجاموس بالبقر مع الزيادة، ويجوز بيع لبن البقر بلبن المغنم مع زيادة.
(331) (مخيض) هو اللبن الحامض، الذي يقال له بالفارسية (ماست) و (الأقط) هو اليابس منه ويسمى بالفارسية (كشك).
(332) فإنه يوضع البنفسج، والنيلوفر في دهن السمسم، حتى يكتسب مدة، ثم يخرجان عنه، وهذا لا يخرجه عن كونه دهن سمسم،
فلذا لا يجوز بيع هذا النوع منه، بدهن السمسم الذي لم يجعل فيه بنفسج أو نيلوفر (ودهن البزر) أي دهن بذور النباتات (كما في
أقرب الموارد)
(333) أي: مخالف للخل المتخذ من التمر.
(334) (بيض) على وزن (عنق) جمع البيض
(335) بل يجوز بيعه جزافا ورؤية، فإذا باع كيلا من ماء عذب بكيلين من ماء دونه في العذوبة صح ولم يكن ربا.
(336) أي: الذي يباع بالوزن (كالطين الأرضي) وهو دواء يؤكل للبطن، وغيره من الأمراض فلا يجوز بيع كيلو منه بكيلو ونصف
للربا.
299
الله عليه وآله، بني عليه (337). وما جهل الحال فيه، رجع إلى عادة البلد. ولو اختلف البلدان
فيه (338)، كان لكل بلد حكم نفسه (339)، وقيل: يغلب جانب التقدير (340) ويثبت التحريم
عموما.
والمراعي في المساواة وقت الابتياع. فلو باع لحما نيا بمقدد (341) متساويا، جاز. وكذا لو
باع بسرا برطب وكذا لو باع حنطة مبلولة بيابسة لتحقق المماثلة، وقيل: بالمنع (342)، نظرا
إلى تحقق النقصان عند الجفاف، أو إلى انضياف أجزاء مائية مجهولة.
وفي بيع الرطب بالتمر تردد، والأظهر اختصاصه بالمنع، اعتمادا على أشهر
الروايتين (343).
فروع:
الأول: إذا كانا في حكم الجنس الواحد، وأحدهما مكيل والآخر موزون، كالحنطة
والدقيق (344)، فبيع أحدهما بالآخر وزنا جائز، وفي الكيل تردد، والأحوط تعديلهما بالوزن.
الثاني: بيع العنب بالزبيب جائز، وقيل: لا، طردا لعلة (345) الرطب بالتمر، والأول
أشبه وكذا البحث في كل رطب مع يابسه (346).



(337) فإن كان موزونا أو مكيلا في عصره (ص) جرى فيه الربا وإن لم يكن قليلا ولا موزونا في زماننا وما لم يكن مكيلا ولا موزونا في عصره
(ص) لم يجز فيه الربا وإن صار في زماننا مكيلا أو لا موزونا، كالخطب، فإنه موزون في زمانا، غير موزون في عصر النبي (ص)
وقد نقل في الجواهر عليه الإجماع قال (إن لم يكن تحصيلا) وفيه تأمل.
(338) كالبيض يباع في بعض البلاد بالعدد، وفي بعضها بالوزن، والبرتقال يباع في كربلاء والنجف بالعدد، وفي بعض البلاد بالوزن،
والموز، ونحو ذلك.
(339) فالبلد الذي يباع فيه بالوزن يجري فيه الربا، فلا يجوز بيعه بمثله بزيادة، والبلد الذي يباع فيه بالعدد، لا يجزي فيه الربا، فيجوز
بيعه بمثله بالتفاضل.
(340) أي: جانب الوزن والكيل (عموما) أي حتى في البلاد التي لا يباع فيه بالوزن والكيل.
(341) (اللحم التي) الطري (المقدد) المجفف وإن كان التي إذا جفف صار أقل (بسر) التمر قبل نضجه (الرطب) بعد تمام نضحه،
وإن كان الرطب أقل واقعا، لأن عشرا من الرطب يعادل خمسة عشر بسرا.
(342) أي: بمنع بيع الرطب بالمجفف، ومنع بيع المبلول باليابس (انضياف) أي: إضافة.
(343) رواية تقول بالجواز، ورواية تقول بعدم الجواز، والثانية أشهر رواية وعملا.
(344) (فالحنطة) تباع بالكيل (والدقيق) - أي الطحين - يباع بالوزن -، فيجوز بيع حقه من الحنطة بحقه من الطحين (وفي الكيل)
أي: بيع كيل من حنطة بكيل من طحين (تردد) لأن بعض الفقهاء قال بحرمته (والأحوط تعديلهما) أي: مثل الحنطة والطحين
(بالوزن) فيبيعها بالوزن.
(345) أي: تعميما للعلة المذكورة في رواية النبي صلى الله عليه وآله الناهية عن بيع الرطب بالتمر.
(346) كالتين اليابس بالتين الرطب، ولب الجوز الرطب، بلب الجوز اليابس، ونحو ذلك.
300
الثالث: يجوز بيع الأدقة (347) بعضها ببعض، مثلا بمثل، وكذا الأخباز والخلول، وإن
جهل مقدار ما في كل واحد من الرطوبة اعتمادا على ما تناوله الاسم.
تتمة فيها مسائل ست:
الأولى: لا ربا (348) بين الوالد وولده، ويجوز لكل منهما أخذ الفضل من صاحبه. ولا بين
المولى ومملوكه. ولا بين الرجل وزوجته. ولا بين المسلم وأهل الحرب (349). ويثبت بين المسلم
والذمي (350)، على الأشهر.
الثانية: لا يجوز بيع لحم بحيوان من جنسه، كلحم الغنم بالشاة. ويجوز بغير جنسه
كلحم البقر بالشاة. لكن بشرط أن يكون اللحم حاضرا (351).
الثالثة: يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية. وبيع شاة في ضرعها لبن، بشاة في
ضرعها لبن أو خالية. أو بلبن ولو كان من لبن جنسها (352).
الرابعة: القسمة تمييز أحد الحقيين وليست بيعا، فتصح فيما فيه الربا، ولو أخذ أحدهما
الفضل (353). ويجوز القسمة كيلا وخرصا (354). ولو كانت الشركة في رطب وتمر متساويين (355)
فأخذ أحدهما الرطب، جاز.
الخامسة: يجوز بيع مكوك (356) من الحنطة بمكوك، وفي أحدهما عقد التبن ودقاقه.



(347) جمع الدقيق، فيجوز وإن كان بعضها خشنا وبعضها ناعما (وكذا الأخبار) وإن كان بعضها أكثر رطوبة وبعضها أقل (والخلول)
جمع خل وإن كان بعضها بالمزج وبعضها بالعصر (تناوله الاسم) أي: لأن كله يسمى (خبزا، وخلا، وطحينا).
(348) أي: ليس حراما.
(349) بشرط أن يأخذ المسلم الزيادة، لا أن يأخذ الحربي.
(350) لأن الذمي ماله محترم، فلا يجوز أخذ الزيادة عنه (على الأشهر) ومقابله قول بجواز أخذ المسلم الربا من الذمي نقل عن جمع منهم
المفيد والمرتضى وغيرهما.
(351) لا سلفا، فإنه لا يجوز، نعم لو كان الحيوان الحي سلفا جاز.
(352) كبيع شاة في ضرعها لبن، بلبن شاة.
(353) كما لو مات أب، وكان له ألف كيلو حنطة جيدة، وألفي كيلو حنطة ردية، وكان له وارثان، أخذ أحدهما الألف كيلو، وأخذ الثاني
الألفي كيلو.
(354) (كيلا) بأن يعطى لهذا كيل، ولهذا كيل، وهكذا (وخرصا) أي: جزافا، بأن ينصف فيأخذ كل منهما النصف، ولا يعلم أيهما
أكثر من الآخر.
(355) مثل ألف كيلو من الرطب، وألف كيلو من التمر.
(356) (مكوك) - بفتح فضم مشددة - مكيال قيل إنه يسع صاعا ونصفا، وقيل غير ذلك - كما في أقرب الموارد -
301
وكذا لو كان في أحدهما زوان (357) أو يسير من تراب، لأنه ما جرت العادة بكونه فيه.
السادسة: يجوز بيع درهم ودينار، بدينارين ودرهمين، ويصرف كل واحد منهما إلى غير
جنسه (358). وكذا لو جعل بدل الدينار والدرهم شئ من المتاع. وكذا مد من تمر ودرهم،
بمدين أو أمداد ودرهمين أو دراهم.
وقد يتخلص من الربا بأن يبيع أحد المتبايعين سلعته من صاحبه بجنس غيرها، ثم يشتري
الأخرى بالثمن (359)، ويسقط اعتبار المساواة. وكذا لو وهبه سلعته ثم وهبه الآخر، أو أقرضه
صاحبه ثم أقرضه هو، وتبارءا (360). وكذا لو تبايعا ووهبه الزيادة (361). وكل ذلك من غير
شرط.
الثالث: الصرف وهو بيع الأثمان بالأثمان (362). ويشترط في صحة بيعها - زائدا على
الربويات (363) - التقابض في المجلس. فلو افترقا قبل التقابض بطل الصرف، على الأشهر.
ولو قبض البعض صح فيما قبض حسب (364). ولو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل.
ولو وكل أحدهما في القبض عنه، فقبض الوكيل قبل تفرقهما، صح (365). ولو قبض بعد
التفرق، بطل.



(357) (عقد التبن) أي: ما تراكم فيه التبن لصق بعضه ببعض والتبن هو قشر الحنطة (ودقائقه) أي: تراب التبن (وزوان) - هو
مثلثة الزاي - (نبات عشبي ينبت غالبا الحنطة وحبه يشبه حبها إلا إنه أصفر وإذا أكل يجلب النوم) - كما في المنجد.
(358) فيصير الدينار مقابل درهمين، والدرهم مقابل الدينار.
(359) فيريد زيد وعلي تبادل وزنه حنطة بوزنتين من الحنطة، وهذا ربا، فيتلخص من الربا بهذه الكيفية (يبيع زيد وزنة حنطة لعلي مقابل
كتاب، ثم يبيع في عقد آخر ذلك الكتاب بوزنتين من الحنطة) ويسقط اعتبار المساواة) بين الحنطتين، لأنهما وقعتا في معاملتين،
فلم تقع حنطة مقابل حنطة، حتى يكون ربا، بل حنطة مقابل كتاب، ثم كتاب مقابل حنطة.
(360) أي: أبرى كل واحد منهما ذمة الآخر عن القرض.
(361) بأن باع زيد لعلي وزنة حنطة بوزنة حنطة، ووهب علي الوزنة الثانية لزيد (وكل ذلك) الأمثلة (من غير مشرط) في العقد حتى
يعتبر من العقد ويكون ربا.
(362) أي: بيع النقود - الذهب والفضة - بعضها ببعض، بأن يبيع دينارا بدينار، أو درهما بدرهم، أو دينارا بدراهم، أو دراهم
بدينار.
(363) من اشتراط عدم التفاضل حتى لا يكون ربا.
(364) فلو باع خمسة دنانير بخمسين درهما، ودفع دينارين، وأخذ عشرين درهما، وبقي الباقي بذمتيهما، بطل البيع في الباقي، فلا يجب
على أي منهما دفع الثلاثة دنانير، ولا الثلاثين درهما (مصطحبين) أي: يمشيان معا بدون افتراق (لم يبطل) بيعهما إذا تقابضا قبل
افتراقهما.
(365) لأن قبض الوكيل بمنزلة قبضه هو
302
ولو اشترى منه دراهم ثم أبتاع بها دنانير، قبل قبض الدراهم، لم يصح الثاني (366). ولو
افترقا بطل العقدان.
ولو كان عليه دراهم، فاشترى بها دنانير (367)، صح وإن لم يتقابضا. وكذا لو كان له
دنانير فاشترى بها دراهم، لأن النقدين من واحد.
ولا يجوز التفاضل في الجنس الواحد ولو تقابضا، ويجوز في الجنسين (368).
ويستوي في وجوب التماثل: المصوغ والمكسور وجيد الجوهر رديئة (369). وإذا كان في
الفضة غش مجهول (370)، لم تبع إلا بالذهب أو بجنس غير الفضة. وكذا الذهب. ولو علم،
جاز بيعه بمثل جنسه، مع زيادة تقابل الغش (371). ولا يباع تراب معدن الفضة بالفضة
احتياطا (372)، ويباع بالذهب. وكذا تراب معدن الذهب. ولو جمعا في صفقة، جاز
بيعهما بالذهب والفضة معا (3739. ويجوز بيع جوهر الرصاص والصفر، بالذهب والفضة معا،
وإن كان فيه يسير فضة أو ذهب، لأن الغالب غيرهما (374).



(366) مثلا (اشترى زيد دراهم من عمرو مقابل دينار، ودفع الدينار، ولم يتسلم بعد الدراهم، فباع تلك الدراهم بدنانير، وأخذ
الدنانير) بطل بيع الدراهم بالدنانير، فلا يجوز لزيد أخذ الدنانير، لأنه يشترط في - الملك في بيع الصرف - القبض، فما دام لم
يقبض الدراهم لم تكن الدراهم ملكا له، فإذا لم يكن ملكا له لم يصح بيعها بدنانير (وأشكل) عليه المسالك: وقال بالصحة
فضوليا (ولو افترقا) قبل أخذ زيد الدراهم (بطل العقدان) عقد بيع دينار بدراهم، وعقد بيع تلك الدراهم بدنانير، وذلك
لبطلان العقد الأول بعدم القبض في المجلس فيتبعه بطلان العقد الثاني.
(367) مثلا: كان زيد يطلب من عمرو مئة درهم، فقال لعمرو حولها إلى دنانير، ولم يقبض أحد منهما شيئا صح (وكذا) وهو عكس هذه
المسألة، كان يطلبه دنانير، فقال: له حولها دراهم. ولم يقبض (لأن النقدين من واحد) فلا يمكن التقابض من الطرفين، وقبض
طرف واحد لا دليل على وجوبه.
(368) (الجنس الواحد) هو بيع دنانير ذهب بدنانير) أو دراهم فضة بدراهم (والجنسين) بيع الدنانير بالدراهم
(369) المكسور) هي أنصاف وأرباع الدنانير والدراهم، فلا يجوز بيع دينار، بثلاثة أنصاف الدينار، ولا بيع أربعة دراهم بعشرة أنصاف
الدراهم، ولو كانت قيمة المكسور أقل من قيمة الصحيح (والجوهر) يعني: الذهب والفضة، فلا يجوز بيع عشرة دنانير من
الذهب الجيد، بإثني عشر دينارا من الذهب الردئ، وهكذا الحكم في الدرهم.
(370) أي: مجهول مقدار الغش، إذ لو بيع بالفضة احتمل زيادة أحد العوضين على الآخر فيصير ربا (وكذا الذهب) لو كان فيه غش
مجهول المقدار، لم يجز بيعه بالذهب، بل بالفضة أو بغيرهما
(371) (ولو علم) مقدار الغش، بأن علم أن عشرين حمصة فيه ذهب، وأربع حمصات، منه غير ذهب، جاز بيعه بأكثر من عشرين
حمصة ذهب، ليقع الزائد من الذهب مقابل الغش، إذ لو بيع بعشرين حمصة ذهب، صار ربا، لوقوع المعاوضة بين عشرين
حمصة ذهب، وعشرين حمصة وغش.
(372) (تراب) أي: صغار أجزاء الفضة المتطايرة، المخلوطة بالتراب، المجتمعة بالكنس، (احتياطا) لأنه لا يعلم بالضبط وزنه، فلا
بيع بالفضة احتمل زيادة أحد العوضين وهي ربا.
(373) (جمعا) أي: تراب الذهب وتراب الفضة (جاز) لوقوع الفضة مقابل تراب الذهب، والذهب مقابل تراب الفضة.
(374) (جوهر الرصاص) من باب إضافة (خاتم حديد) أي: الجوهر الذي هو (رصاص) أو صفر، والرصاص يقال له بالفارسية
(سرب) والصفر (حس)، ويوجد في الرصاص شئ يسير مضمحل من الفضة، ويوجد في الصفر شئ يسير مضمحل من
الذهب، (غيرهما) أي: غير الذهب والفضة، بحيث يلحقان بالمعدوم، فلا اعتبار بهما.
303
ويجوز إخراج الدراهم المغشوشة مع جهالة الغش، إذا كانت معلومة الصرف بين
الناس (375). وإن كانت مجهولة الصرف، لم يجز إنفاقها إلا بعد إبانة حالها (376).
مسائل عشر:
الأولى: الدراهم والدنانير يتعينان (377)، فلو اشترى شيئا بدراهم أو دنانير، لم يجز دفع
غيرهما ولو تساوت الأوصاف.
الثانية: إذا اشترى دراهم بمثلها معينة، فوجد ما صار إليه، من غير جنس الدراهم (387)
كان البيع باطلا. وكذا لو باعه ثوبا كتانا فبان صوفا. ولو كان البعض من غير الجنس، بطل فيه
حسب، وله رد الكل لتبعض الصفقة، وله أخذ الجيد بحصته من الثمن، وليس له بدله (379)
لعدم تناول العقد له. ولو كان الجنس واحدا، وبه عيب كخشونة الجوهر أو اضطراب
السكة (380)، كان له رد الجميع أو إمساكه، وليس له رد المعيب وحده ولا إبداله، لأن العقد لم
يتناوله.
الثالثة: إذا اشترى دراهم في الذمة (381) بمثلها، ووجد ما صار إليه غير فضة قبل
التفرق، كان له المطالبة بالبدل. ولو كان بعد التفرق بطل الصرف (382). فلو كان البعض،
بطل فيه وصح في الباقي. وإن لم يخرج بالعيب من الجنسية، كان مخيرا بين الرد والإمساك بالثمن
من غير أرش (383)، وله المطالبة بالبدل قبل التفرق قطعا، وفيما بعد التفرق تردد (384).



(375) (إخراج) أي: التعامل بها (معلومة العرف) أي: متداولة، كالدراهم الموجودة حاليا في العراق، والكويت والأردن،
والمغرب، فإنها مغشوشة فضة وغير فضة، ونسبة الفضة منها غير معلومة، لكنها متداولة بين الناس.
(376) أي: إعلام طرف المعاملة بأنها من أي قيل
(377) بالتعيين، فلو قال (بعتك هذا الكتاب بدرهم بغلي) لم يجز للمشتري دفع غير البغلي، ولو تساوى مع البغلي في القيمة، ومقدار
الفضة، وغير ذلك.
(378) (ما صار إليه) إي: الدراهم التي أخذها (من غير جنس الدراهم) التي عينها في العقد.
(379) (وليس له) أي: لمن صار إليه غير ما عينه في العقد (بدله) أي: إخذ بدله (لعدم) أي: لأن العقد لم يشمل البدل
(380) بأن كان المعين دنانير ناعمة، فخرج بعضها خشنة، أو كانت كتابة الدينار مضطربة
(381) أي: كلية غير متشخصة خارجا، بأن قال (بعتك هذه الدراهم العشرة البغلية، بعشرة دراهم بغلية) (المطالبة بالبدل) لأن
العقد لم يكن على الغير التي أخذها، بل كان العقد كليا، فبدلها أيضا تناوله العقد.
(382) لعدم القبض في المجلس، وهو شرط صحة الصرف.
(383) أي: من غير تفاوت الصحيح والمعيب.
(384) فمن حيث إنه حصل القبض في المجلس فيصح البيع، ومن حيث إن قبض المعيب كلا قبض فيبطل البيع.
304
الرابعة: إذا اشترى دينارا بدينار ودفعه (385)، فزاد زيادة لا تكون إلا غلطا أو تعمدا، كانت
الزيادة في يد البائع أمانة، وكانت للمشتري في الدينار مشاعة.
الخامسة: روي جواز ابتياع درهم بدرهم، مع اشتراط صياغة خاتم، وهل يعدى
الحكم (386)؟ الأشبه لا.
السادسة: الأواني المصوغة من الذهب والفضة، إن كان كل واحد منهما معلوما (387)،
جاز بيعه بجنسه من غير زيادة، وبغير الجنس وإن زاد. وإن لم يعلم وأمكن تخليصهما، لم تبع
بالذهب ولا بالفضة (388) وبيعت بهما أو بغيرهما. وإن لم يمكن تخليصهما، وكان أحدهما
أغلب، بيعت بالأقل (389). وإن تساويا تغليبا، بيعت بهما.
السابعة: المراكب المحلاة (390)، إن علم ما فيها، بيعت بجنس الحلية، بشرط أن
يزيد الثمن عما فيها، أو توهب الزيادة من غير شرط، وبغير جنسها مطلقا. وإن جهل، ولم
يمكن نزعها إلا مع الضرر، بيعت بغير جنس حليتها. وإن بيعت بجنس الحلية (391)، قيل:
يجعل معها شئ من المتاع، وتباع بزيادة عما فيها تقريبا، دفعا لضرر النزاع.
الثامنة: لو باع ثوبا بعشرين درهما، من صرف العشرين بالدينار (392)، لم يصح



(385) (ودفعه) أي: دفع المشتري ديناره إلى البائع، وأخذ دينار البائع (فزاد) أي: كان دينار المشتري الذي دفعه إلى البائع زائدا عن
المقدار المتعارف زيادة كثيرة لا يتسامح بها، كما لو كان الدينار ثلاثين حمصة، في حين أنه يجب أن يكون ثماني عشرة حمصة
(مشاعة) حال من (الزيادة) يعني: يكون المشتري شريكا في مقدار الزيادة مع البائع.
(386) (مع اشتراط) هذا ربا، لكنه جاز في الدرهم للنص، (وهل يعدى الحكم) إلى بيع الدينار بدينار بشرط.
(387) أي: كان وزنه معلوما.
(388) (وأمكن تخليصهما) أي: فرز الذهب عن الفضة، (لم تبع بالذهب) وحده، ولا بالفضة وحدها، لاحتمال الزيادة في الثمن أو
المثمن (وبيعت بهما) بالذهب والفضة معا، ليقع الذهب في مقابل الفضة، وتقع الفضة في مقابل الذهب.
(389) فإن كان الذهب أكثر بيعت بالفضة، وإن كانت الفضة في الأواني أكثر بيعت بالذهب (وإن تساويا) أي: الذهب والفضة
الموجودين في الأواني (تغليبا) أي: تقريب، قال في المسالك: قوله (وأن تساويا تغليبا) تجوز فإن التغليب لا يكون إلا مع زيادة
أحدهما لا مع تساويهما.
(390) أي: السفن المنقوشة بالذهب، أو الفضة، أو الصفر، أو نحو ذلك من المجوهرات.
(391) كما لو كانت محلاة بالذهب، وبيعت بدنانير الذهب، (يجعل معها) أي: مع الحلية التي جعلت ثمنا للسفينة والمركب (وتباع)
السفن (ب‍) ثمن من الذهب (زيادة عما فيها) في السفينة من الذهب (تقريبا) فلو كان ذهب السفينة تقريبا مئة مثقال، فلا تباع
بمئة مثقال، ذهب، بل بمئة وعشرين مثقالا مع متاع آخر، من كتاب، أو أرض، أو ثوب، أو غيرها (دفعا لضرر النزاع)
الذي ربما يحدث بعد البيع بين البائع والمشتري في أن الثمن أو المثمن كان أقل.
(392) أي: من الدرهم الذي عشرون منه يصرف بدينار (لجهالته) أي: لأن الدنانير التي تصرف إلى عشرين درهما مختلفة، لاختلاف
الدراهم أيضا، فالدينار الأردني - في زماننا - يصرف بعشرين درهما أردنيا، والدينار العراقي يصرف بعشرين درهما عراقيا،
والدينار الكويتي يصرف بعشرين درهما كويتيا، وبين هذه الدنانير الثلاثة اختلاف في القيمة، كما إن بين هذه الدراهم الثلاثة
اختلافا في القيمة، فلا يعلم أي دينار، وأي درهم.
305
لجهالته.
التاسعة: لو باع مئة درهم بدينار إلا درهما، لم يصح لجهالته (393).
وكذا لو كان ذلك ثمنا لما ربا فيه (394). ولو قدر قيمة الدرهم من الدينار، جاز
لارتفاع الجهالة.
العاشرة: لو باع خمسة دراهم بنصف دينار، قيل: كان له شق دينار، ولا يلزم
المشتري صحيح (395)، إلا أن يريد بذلك نصف المثقال عرفا. وكذا الحكم في غير
الصرف (396). وتراب الصياغة (397)، يباع بالذهب والفضة معا، أو بعوض غيرهما، ثم
يتصدق به لأن أربابه لا يتميزون (398).
الفصل الثامن
في بيع الثمار والنظر في: ثمرة النخل، والفواكه، والخضر (399)، واللواحق.
أما النخل: فلا يجوز بيع ثمرته قبل ظهورها عاما (400). وفي جواز بيعها كذلك
عامين (401) فصاعدا تردد، والمروي الجواز. ويجوز بعد ظهورها، وبدو صلاحها، عاما
وعامين، بشرط القلع، وبغيره منفردة ومنضمة (402). ولا يجوز بيعها قبل



(393) إذ لا يعلم نسبة الدرهم إلى الدينار، لاختلاف الدراهم، واختلاف الدنانير
(394) كبيع ثوب، بدينار إلا درهم، لأن الثوب لا يجزي فيه الربا، لعدم كونه مكيلا ولا موزونا (ولو قدر قيمة) أي علم نسبة
الدرهم إلى الدينار.
(395) (شق دينار) أي: ينصف دينار الذهب، ويعطي نصفا (ولا يلزم المشتري صحيح) أي: شق صحيح، والمراد بالشق الصحيح
نصف المثقال، لأن نصف المثقال من الذهب أغلى من نصف الدينار، وذلك لأجل إن نصف الدينار كثيرا ما يكون قد حك منه
بسبب تعاقب الأيدي بما جعله أقل من نصف المثقال بشئ يسير.
(396) أي: في غير بيع الذهب بالفضة، بل في بيع الأمتعة، فلو قال: (بعتك هذا الثوب بنصف دينار) لزم المشتري نصف الدينار، لا
نصف المثقال.
(397) وهو الذرات الصغيرة التي تتطاير في أثناء صياغة الذهب والفضة وتختلط بتراب الأرض (يباع بالذهب والفضة معا) لا بأحدهما
وحده، لاحتمال أن يكون ما في التراب من ذلك الجنس أكثر من الثمن، فيكون قد باع - مثلا - خمسة مثاقيل ذهب وشيئا من
الفضة بأربعة مثاقيل ذهب، وهذا ربا.
(398) أي: لا يعرف أصحاب هذه الذرات، لأنها تجتمع من صياغة ذهب الناس وفضتهم (نعم) الصائغ الذي يعمل ذهب وفضة
نفسه، ثم يبيع المصوغات يكون التراب ملكا له. ولا يلزم التصدق به.
(399) (ثمرة النخل) أي: التمر (والفواكه) كالتفاح، والبرتقال، والموز (والخضر) كالباذنجان، والخيار، والطماطة، ونحوها.
(400) أي: ثمرة عام واحد، وإن وجدت في شهر أو أقل (قبل ظهورها) أي قبل أن يخضر ويقوى (بيعها كذلك) أي: قبل ظهورها.
(401) أي: صفقة واحدة.
(402) (بدو صلاحها) أي: ظهور أن التمر صالح غير فاسد. وسيأتي قريبا تحديد (بدو الصلاح)، بشرط القطع) أي: بأن
يشترط المشتري على البائع أن يتولى قطع التمر (منفردة) أي: اشترى التمر وحده (أو منضمة) بأن اشترى هذا التمر، وكتابا
في صفقة واحدة - مثلا -.
306
بدو صلاحها عاما، إلا إن ينضم إليها ما يجوز بيعه (403)، أو بشرط القطع أو عامين
فصاعدا. ولو بيعت عاما من دون الشروط الثلاثة (404)، قيل: لا يصح، وقيل: يكره،
وقيل: يراعى حال السلامة (405)، والأول أظهر. ولو بيعت مع أصولها جاز مطلقا (406).
وبدو الصلاح: أن تصفر، أو تحمر، أو تبلغ مبلغا يؤمن عليها العاهة (407). وإذ
أدرك بعض ثمرة البستان، جاز بيع ثمرته أجمع (408). ولو أدركت ثمرة بستان، لم يجز بيع
ثمرة البستان الآخر، ولو ضم إليه، وفيه تردد.
وأما الأشجار: فلا يجوز بيعها (409)، حتى يبدأ صلاحها. وحده أن ينعقد الحب، ولا
يشترط زيادة عن ذلك، على الأشبه. وهل يجوز بيعها سنتين فصاعدا قبل ظهورها؟ قيل:
نعم، والأولى المنع لتحقق الجهالة (410). وكذا لو ضم إليها شيئا قبل انعقادها. وإذا انعقد،
جاز بيعه مع أصوله ومنفردا، سواء كان بارزا كالتفاح والمشمش والعنب، أو في قشر يحتاج
إليه لادخاره كالجوز في القشر الأسفل، وكذا اللوز، أو في قشر لا يحتاج إليه كالقشر الأعلى
للجوز والباقلى الأخضر والهرطمان والعدس، وكذا السنبل، سواء كان بارزا كالشعير أو
مستترا كالحنطة، منفردا أو مع أصوله، قائما وحصيدا (411).
وأما الخضر (412): فلا يجوز بيعها قبل ظهورها. ويجوز بعد انعقادها لقطة واحدة
ولقطات (413).



(403) من شئ معلوم، لكتاب معين، وأرض معينة، أو فرش معين، وهكذا.
(404) وهي (1) قبل بدو الصلاح (2) بدون الضميمة، (3) بلا اشتراط القطع على البائع.
(405) (يراعي) أي: ينتظر، فإن بقي التمر سالما صح البيع، وأن فسد التمر، بطل البيع
(406) (مع أصولها) أي: مع النخلة، (جاز). لأنه مع الضميمة (مطلقا) أي: سواء عاما أو عامين، وسواء اشترط القطع أم لا.
(407) أي: الفساد.
(408) لأنه من الضميمة التي يجوز.
(409) أي: بيع ثمرتها منفردة.
(410) قلعها لم تحمل ثمرا.
(411) (الهرطمان) - كما في أقرب الموارد - بضم الأول والثالث وسكون الثاني - (حب متوسط بين الشعير والحنطة، قيل هو العصفر،
وقيل الجلبان) (قائما) أي: لم يقطع (حصيدا) أي: مقطوعا.
(412) على وزني (قفل وصرد) جمعان ل‍ (الخضرة) على وزن (جملة)، هي كل شئ له أصل من أمثال الخيار، والباذنجان،
والطماطة، والبقل، والمباطخ.
(413) يقال في حصد الخضر مرة واحدة (لقطة) ومرات يقال (لقطات)، لأن الخضر غالبا تثمر فإذا حصد، أثمر ثانيا، فإذا حصد، أثمر
: ثالثا، وهكذا في كل سنة عدة مرات.
307
وكذا ما يقطع فيستخلف كالرطبة. والبقول جزة وجزات (414). وكذا ما يخرط كالحناء
والتوت (415). ويجوز بيعها منفردة ومع أصولها. ولو باع الأصول بعد انعقاد الثمرة، لم يدخل
في البيع إلا بالشرط (416) ووجب على المشتري إبقاؤها إلى أوان بلوغها أو ما يحدث بعد
الابتياع للمشتري.
وأما اللواحق: فمسائل:
الأولى: يجوز (417) أن يستثنى ثمرة شجرات، أو نخلات بعينها، وأن يستثنى حصة
مشاعة، أو أرطالا معلومة. ولو خاست الثمرة سقط من الثنيا بحسابه.
الثانية: إذا باع ما بدئ صلاحه (418)، فأصيب قبل قبضه، كان من مال بائعه،
وكذا لو أتلفه البائع. وإن أصيب البعض، أخذ السليم بحصته من الثمن (419). ولو أتلفه
أجنبي، كان المشتري بالخيار، بين فسخ البيع وبين مطالبة المتلف (420). ولو كان بعد القبض
وهو التخلية (421)، هنا لم يرجع على البائع بشئ على الأشبه. ولو أتلفه المشتري، وهو في يد



(414) (ما يقطع فيستخلف) أي: إذا قطع نبت مكانه أيضا، ويسمى قطعة مرة واحدة (جزة) ومرات يقال (جزات) (والرطبة) -
بفتح الراء وسكون الطاء - كما في أقرب الموارد هي (الفصفصة) - بكسر الفائين، وسكون الصادين - (وهي نبات تعلفه
الدواب، وهي تسمى بذلك ما دامت رطبة فإذا جفت سميت بالقت) والظاهر هي ما يقال له بالعربية الدارجة (جت)
وبالفارسية (ينجه) (والبقول) هي ما يسمى بالدارج (السبزي) كالريحان، والكراث، والجعفري، والكزبرة، والرشاد،
والكرفس، والنعناع، ونحوها.
(415) (يخرط) الخرط يقال: لوضع اليد على أعلى الغصن، وجرها بقوة لتقتلع الأوراق، وهذا يعمل، لا شجار التي لورقها فائدة،
كورق شجر الحناء، فإنه يصبغ به، وورق شجر (التوت - أي: شجر التكي) وهو يعمل فيه أكلة، تسمى في الدارج
(الدولمة).
(416) يعني: لو باع الشجر، لم يدخل ثمرها في المبيع، فيبقى الثمر للبائع، إلا إذا شرط المشتري في العقد دخول الثمر أيضا.
(417) من الثمار.
(418) في بيع بستان، أو مزرعة (بعينها) أي: معينة، لا مجهولة، كأن يعني خمسة أشجار، ويقول (بعتك هذا البستان إلا هذه الأشجار
الخمس) (حصة مشاعة) أي: منسوبة إلى الكل، كأن يقول (إلا عشر حاصلها، فإنه لي) (أرطالا معلومة) كأن يقول (إلا
ألف رطل من تفاحها) (التنيا) أي: المستثنى (خاست) أي: فسدت، فلو كان استثنى لنفسه ألف رطل، ففسد نصف
البستان، سقط خمسمئة رطل، وأعطي للبائع فقط خمسمئة رطل.
(419) أي: ظهر عدم فساد ثمرة (فأصيب) أي: فسد، أو احترق، أو غرق، أو تلف بأي نوع كان (قبل قبضه) أي: قبل أن يتسلمه
المشتري.
(420) فلو تلف نصف الثمر، أعطي المشتري نصف الثمن.
(421) وهو الأجنبي (ولو كان) أي التلف (وهو التخلية هنا) أي: القبض هنا معناه التخلية، بأن يخرج البائع عنه، ويخلي بينه وبين المشتري،
سواء كان المشتري دخل البستان - مثلا - أم لا.
308
البائع، استقر العقد، وكان الإتلاف كالقبض. وكذا لو اشترى جارية وأعتقها قبل
القبض (422).
الثالثة: يجوز بيع الثمرة في أصولها بالأثمان والعروض (432). ولا يجوز بيعها بثمرة
منها (424) وهي المزابنة، وقيل: بل هي بيع الثمرة في النخل بتمر، ولو كان موضوعا على
الأرض (425)، وهو الأظهر. وهل يجوز من غير ثمرة النخل من شجر الفواكه (426)؟ قيل:
لا، لأنه لا يؤمن من الربا. وكذا لا يجوز بيع السنبل بحب منه (427) إجماعا، وهي
المحاقلة، وقيل: بل هي بيع السنبل بحب من جنسه كيف كان، ولو كان موضوعا على
الأرض، وهو الأظهر.
الرابعة: يجوز بيع العرايا بخرصها تمرا (428)، والعرية هي النخلة تكون في دار
الإنسان. وقال أهل اللغة: أو في بستانه وهو حسن. وهل يجوز بيعها بخرصها من تمرها؟
الأظهر لا. ولا يجوز بيع ما زاد على الواحدة (429) نعم، لو كان له في كل دار واحدة جاز. ولا
يشترط في بيعها بالتمر، التقابض قبل التفرق، بل يشترط التعجيل، حتى لا يجوز إسلاف
أحدهما في الآخر (430). ولا يجب أن يتماثل في الخرص (431) بين ثمرتها عند الجفاف وثمنها
عملا بظاهر الخبر. ولا عرية في غير النخل (432).



(422) فالعقد صحيح، ويكون عتقها بمنزلة قبضها.
(423) (يجوز بيع الثمرة) وهي بعد (في أصولها) أي: على أشجارها لم تقطف بعد (بالأثمان) أي: بالدراهم والدنانير والنقود
(والعروض) أي: بفرش، وكتاب، وبثمرة أخرى للمشتري.
(424) بأن يقول (بعتك تفاحات هذه الشجرة، بمئة كيلو من تفاح هذه الشجرة).
(425) أي: بتمر آخر، وذلك لاحتمال زيادة أحدهما على الآخر، وحيث إنهما من جنس وحاد فيلزم الربا.
(426) بأن يبيع تفاحات شجرة، بتفاحات أخرى، (مثلا) لاحتمال الربا.
(427) بأن يقول مثلا (بعتك هذه السنابل، مقابل ألف كيلو من حنطتها) (بحب من جنسه) أي: يقول (بعتك هذه السنابل بألف كيلو
حنطة) للربا أيضا.
(428) (الخرص) - بالضم والكسر - هو التقدير والتخمين بالظن، فيقول مثلا (بعتك هذه العربة بقيمتها تمرا) وإنما جاز ذلك مع احتمال
زيادة التمر المباع فيكون ربا، للإجماع والأدلة الخاصة.
(429) أي: على نخلة واحدة، فلو كانت له نخيل في مكان واحد لم يجز، لخروجها عن مورد النص والإجماع.
(430) فلا يجوز أن يقول (بعتك نخلة موصوفة بكذا بعد سنة مقابل ألف رطل تمر الآن) ولا أن يقول (بعتك هذه النخلة الآن بألف رطل
تمر بعد سنة).
(431) أي: في التقدير والتخمين، فمثلا لو كان تمر النخلة بعد رطبا، وكان ألف كيلو تخمينا، جاز بيعها بألف كيلو تمر، وإن كان الرطب
إذا جف وصار تمرا نقص عن الألف كيلو - فلا يجب - في التخمين - المماثلة بين الرطب بعد صيرورته تمرا، وبين التمر الذي جعل
ثمنا.
(432) أي: في الفواكه، والخضر، والبقول، فلا يجوز بيع شجرة التفاح مع تفاحها، بما يعادل وزن تفاحها من تفاح آخر، لأنه ربا،
ومورد القطع هو النخلة فقط.
309
فرع: لو قال: بعتك هذه الصبرة من التمر أو الغلة (433)، بهذه الصبرة من جنسها
سواء بسواء، لم يصح ولو تساويا عند الاعتبار (434)، إلا أن يكونا عارفين بقدرهما وقت
الابتياع. وقيل: يجوز وإن لم يعلما. فإن تساويا عند الاعتبار، صح وإلا بطل (435) ولو كانتا
من جنسين جاز إن تساويا، وإن تفاوتا ولم يتمانعا، بأن بذل صاحب الزيادة أو قنع صاحب
النقيصة، وإلا فسخ البيع. والأشبه أنه لا يصح على تقدير الجهالة وقت الابتياع (436).
الخامسة: يجوز بيع الزرع قصيلا (437)، فإن لم يقطعه فللبائع قطعة، ولو تركه والمطالبة
بأجرة أرضه. وكذا لو اشترى نخلا بشرط القطع (438).
السادسة: يجوز أن يبيع ما ابتاعه من الثمرة بزيادة عما ابتاعه أو نقصان، قبل قبضه
وبعده.
السابعة: إذا كان بين اثنين (439) نخل أو شجر، فتقبل أحدهما بحصة صاحبه بشئ
معلوم، كان جائزا.
الثامنة: إذا مر الإنسان بشئ من النخل أو شجر الفواكه أو الزرع اتفاقا، جاز أن
يأكل من غير إفساد، ولا يجوز أن يأخذ معه شيئا (440).



(433) (الصبرة) على وزن (جملة) هي الكومة من الشئ (والغلة) على وزن (جرة) هي الكومة من الحنطة أو الشعير أو نحوهما من
الحبوب.
(434) أي: عند وزنهما، أو كيلهما، أي: حتى لو تبين كون هذه الصبرة ألف كيلو، وتلك الصبرة ألف كيلو، أيضا لا يصح البيع
(435) أي: بطل البيع لأجل الربا (ولو كانتا) أي الصبرتين، أو الغلتين (من جنسين) (مثلا) كانت إحداهما تمرا، والأخرى أرزا، أو
كانت أحدهما حنطة، والأخرى عدسا.
(436) يعني: حتى إذا تبين تساويهما بعد ذلك.
(437) أي: مقطوعا بالقوة.
438) فإن لم يقطعه المشتري تخير البائع بين قطعة، وبين إبقائه ومطالبة المشتري بأجرة أرضه،
(439) أي: كانا شركاء فيه (فتقبل أحدهما) أي: قال لصاحبه أعطيك مقابل حصتك في هذه النخلة، أو هذه الشجرة ألف دينار - مثلا -.
(440) بهذه الشروط الثلاثة (1) اتفاقا، فلا يكون ذهب إليها قصدا للأكل، وإنما كان يسير في طريق فاتفق أن رأى نخلة أو شجرة ذات
تمر (2) من غير إفساد، بأن لا يأكل كثيرا بحيث يضر بالنخلة، أو يفسدها، كما إذا كانت نخلة فمر عليها ألف إنسان.
بحيث لو أكل كل واحد منهم عشر ثمرات تمت التمر كلها (3) أن لا يحمل معه شيئا من التمر، بل يأكل عند النخلة والشجرة
ويسمى هذا ب‍ (حق المارة)
310
الفصل التاسع
في: بيع الحيوان (441) والنظر فيمن: يصح تملكه (442)، وأحكام الابتياع،
ولواحقه.
أما الأول: فالكفر الأصلي سبب لجواز استرقاق المحارب (443) وذراريه، ثم يسري
الرق في أعقابه وإن زال الكفر (444)، ما لم تعرض الأسباب المحررة (445). ويملك اللقيط من
دار الحرب. ولا يملك من دار الإسلام، فلو بلغ وأقر بالرق (446)، قيل: لا يقبل، وقيل:
يقبل، وهو أشبه.
ويصح أن يملك الرجل كل أحد عدا أحد عشر، وهم: الآباء والأمهات
والأجداد والجدات وإن علوا، والأولاد وأولادهم ذكورا وإناثا وإن سفلوا، والأخوات
والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت (447). وهل يملك هؤلاء من الرضاع (448)؟
قيل: نعم، وقيل: لا، وهو الأشهر.
ويكره أن يملك (449): من عدا هؤلاء من ذوي قرابته، كالأخ والعم والخال
وأولادهم.
وتملك المرأة كل واحد، عدا الآباء وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا نسبا (450)، وفي
الرضاع تردد، والمنع أشهر.



(441) وهو قسمان (أنسي) وهو العبيد والأماء (وغيره) كسائر الحيوانات
(442) أي: في الإنسان الذي يصح أن يملكه إنسان آخر.
(443) (الأصلي) مقابل (المرتد) (والمحارب) هو الكافر الذي في حالة الحرب مع المسلمين كاليهود في إسرائيل - في هذا الزمان -
(وذراريه) أي: أولاده الصغار غير البالغين، والبالغون يطلق عليهم (المحارب).
(444) بأن صاروا بعد الاسترقاق مسلمين، فإنهم يبقون على الرقبة.
(445) كالعتق، والكتابة، والتدبير، والزمنة، والتنكيل، ونحو ذلك.
(446) (اللقيط) هو الطفل الذي يعثر عليه ولا ولي له (دار الحرب) أي: البلاد التي أهلها كفار محاربون للمسلمين (دار الإسلام)
أي: البلاد الإسلامية (وأقر بالرق) أي: صار لقيط دار الإسلام بالغا وقال: أنا رق لا حر.
(447) فلو استرق هؤلاء من بلاد الحرب لم يملكهم، ولو اشتراهم أعتقوا عليه، لكنه يملك (الأخ) (والعم) و (الخال) و (ابن
الأخ) و (ابن الأخت) وأولاد الأعمام، وأولاد الأخوال، ذكورا وإناثا.
(448) أي: أباه من الرضاع، وأمه من الرضاع، وأخته من الرضاع، وابنه من الرضاع، وهكذا.
(449) بأن يشتريهم، أو إذا ملكهم أن يبقيهم في ملكه، بل الأفضل له عتقهم.
(450) أما الأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخ، فتملكهن المرأة.
311
وإذا ملك أحد الزوجين صاحبه (451)، استقر الملك ولم تستقر الزوجية.
ولو أسلم الكافر في ملك مثله (452)، أجبر على بيعه من مسلم، ولمولاه ثمنه.
ويحكم برق من أقر على نفسه بالعبودية، إذا كان مكلفا غير مشهور بالحرية، ولا يلتفت
إلى رجوعه (453)، ولو كان المقر له كافرا. وكذا لو اشتري عبدا فادعى الحرية، لكن هذا
يقبل دعواه مع البينة (454).
الثاني: في أحكام الابتياع (455) إذا حدث في الحيوان عيب، بعد العقد وقبل القبض،
كان المشتري بالخيار بين رده وإمساكه (456، وفي الأرش تردد. ولو قبضه ثم تلف أو حدث
فيه حدث في الثلاثة (457)، كان من مال البائع ما لم يحدث فيه المشتري حدثا (458).
ولو حدث فيه عيب من غير جهة المشتري (459)، لم يكن ذلك العيب مانعا من الرد
بأصل الخيار. وهل يلزم البائع أرشه (460)؟ فيه تردد، والظاهر لا. ولو حدث العيب بعد
الثلاثة، منع الرد بالعيب السابق (461).
وإذا باع الحامل (462)، فالولد للبائع، على الأظهر، إلا أن يشترطه المشتري. ولو
اشتراهما فسقط الولد قبل القبض، رجع المشتري بحصة الولد من الثمن. وطريق ذلك أن



(451) مثلا: حر تزوج بأمة، ثم اشتراها الزوج، فإنها تبطل زوجيتها وتكون مملوكة، أو حرة كانت لعبد، فاشترت الزوجة
زوجها، تبطل الزوجية، ويصبح عبدا مملوكا لها، وفي الأول يجوز للرجل وطأها بالملك، وفي الثاني لا يجوز للرجل وطأها، لأنه لا
يجوز للعبد وطأ مالكته.
(452) أي: في ملك كافر (أجبر على بيعه) لأنه لا يجوز أن يكون الكافر مولى للمسلم.
(453) يعني: لو رجع بعد الاقرار، وقال: كذبت أنا في إقراري، لا يصدق قوله (المقر له) هو الذي أقر شخص بكونه عبد له (وكذا)
أي: لا يقبل ادعاء الحرية
(454) (هذا) أي: المشتري (مع البينة) يعني: إذا جاء برجلين عادلين شهدا له بأنه حر.
(455) (الابتياع) هو الشراء.
(456) أي: إبقاء العقد بجميع الثمن (وفي الأرش) أي: أخذ المشتري فرق العيب.
(457) (أو حدث) بنفسه لا بسبب المشتري، كما لو انكسرت رجله، أو تمرض (في الثلاثة) أي: في الأيام الثلاثة، لأن من يشتري
حيوانا يكون له الخيار إلى ثلاثة أيام.
(458) أي: ما دام المشتري لم يتصرف فيه تصرفا مغيرا للعين أو الوصف.
(459) كما لو اشترى عبدا، فركض وسقط وانكسرت رجله.
(460) أي: هل يجب على البائع أن يعطي للمشتري قيمة هذا الكسر.
(461) بأن اشترى عبدا معيبا، ولم يعلم أنه معيب، وبعد مضي ثلاثة أيام انكسرت رجل العبد، ثم علم بأن العبد كان من السابق
معيبا، فهذا العيب الجديد الحادث بعد الثلاثة يمنع المشتري عن رد العبد بسبب العيب القديم.
(462) فيما إذا لم تكن حاملا من المولى، وإلا فالولد حر، ولا يجوز بيع أمه، لأنها أم ولد.
312
تقوم الأمة حاملا وحائلا، ويرجع بنسبة التفاوت من الثمن (463).
ويجوز ابتياع بعض الحيوان مشاعا، كالنصف والربع. ولو باع واستثنى الرأس والجلد
صح، ويكون شريكا بقدر قيمة ثنياه (464) على رواية السكوني. وكذا لو اشترك اثنان أو
جماعة، وشرط أحدهما لنفسه الرأس والجلد، كان شريكا بنسبة رأس ماله (465).
ولو قال: اشتر حيوانا بشركتي صح، ويثبت البيع لهما، وعلى كل واحد نصف
الثمن. ولو أذن أحدهما لصاحبه أن ينقد عنه (466) صح، ولو تلف كان بينهما، وله الرجوع
على الآخر بما نقد عنه (467).
ولو قال له: الربح لنا، ولا خسران عليك (468)، فيه تردد، والمروي الجواز.
ويجوز النظر إلى وجه المملوكة ومحاسنها (469)، إذا أراد شراءها.
ويستحب لمن اشترى مملوكا: أن يغير اسمه، وأن يطعمه شيئا من الحلوى، وأن يتصدق
عنه بشئ (470).
ويكره: وطء من ولدت من الزنا، بالملك أو العقد، على الأظهر. وأن يرى المملوك
ثمنه في الميزان (471).
الثالث: في لواحق هذا الباب وهي مسائل:
الأولى: العبد لا يملك، وقيل: يملك فاضل الضريبة (473)، وهو المروي، وأرش



(463) (حائلا) أي: غير حامل (بنسبة التفاوت من الثمن) يعني (مثلا) كانت هذه الأمة حاملا تساوي مئة، وبدون حمل تساوي
ثمانين، فيظهر أن التفاوت بخمس القيمة، فلو كان قد اشتراها بخمسين، وجب على البائع رد خمس الخمسين وهو عشرة
(464) أي: بقدر قيمة ما استثناه، فيقوم رأسه وجلده، ونسبة هذه القيمة لا مجموع قيمة الحيوان، فيكون شريكا بتلك النسبة، فلو كان
الحيوان كله يساوي عشرين، ورأسه وجلده يساوي اثنين، كان شريكا في العشر، فبأية قيمة باع الحيوان، كان له عشر تلك
القيمة.
(465) أي: بنسبة ما أعطى من الثمن، ويبطل شرطه الرأس والجلد.
(466) أي: يعطي عنه حصته من الثمن التي عليه.
(467) يعني: (و) كان للمشتري، أن يرجع على الذي أمره بإعطاء حصته من الثمن عنه، يرجع عليه ويأخذ منه ما دفع عنه بأذنه.
(468) يعني: أن ربحنا في هذا المال فالربح نصفه لي، ونصفه لك، وإن خسرنا، فكل الخسارة علي وحدي.
(469) في الجواهر: (كالكفين، والرجلين، ونحوهما).
(470) لعل الحكمة في كل ذلك، أن لا يحس بالضعة والهوان.
(471) بل يوزن ثمن المملوك بحيث لا يرى المملوك، ولعله لكي لا يدخل عليه الهون.
(472) أي: الزائد عن الضريبة، والضريبة ما يعينه المولى على عبده ينجر ويؤديه حتى يعتقه، فلو عين عليه المولى ألف دينار، فاتجر
وربح ألفا ومئة، دفع إلى المولى الألف، وكانت مئة الزائدة له يملكها هو.
313
الجناية (473) على قول. ولو قيل: يملك مطلقا، لكنه محجور عليه بالرق (474) حتى يأذن له
المولى، كان حسنا.
الثانية: من اشترى عبدا له مال، كان ماله لمولاه (475)، إلا أن يشترطه المشتري.
وقيل: إن لم يعلم به البائع فهو له، وإن علم فهو للمشتري، والأول أشهر. ولو قال
للمشتري: اشترني ولك علي كذا (476)، لم يلزمه وإن اشتراه. وقيل: إن كان له مال حين
قال له، لزم، وإلا فلا، وهو المروي.
الثالثة: إذا ابتاعه وماله، فإن كان الثمن من غير جنسه (477) جاز مطلقا، وكذا (478)
ويجوز بجنسه إذا لم يكن ربويا. ولو كان ربويا وبيع بجنسه (479)، فلا بد من زيادة عن ماله تقابل
المملوك.
الرابعة: يجب أن يستبرأ الأمة قبل بيعها، إذا وطأها المالك، بحيضة (480) أو خمسة
وأربعين يوما، إن كان مثلها تحيض ولم تحض.
وكذا يجب على المشتري إذا جهل حالها (481). ويسقط استبراؤها إذا أخبر الثقة إنه
استبرأها. وكذا لو كانت لامرأة (482)، أو في سن من لا تحيض لصغر أو كبر، أو حاملا أو
حائضا إلا بقدر زمان حيضها (483). نعم، لا يجوز وطء الحامل قبل أن يمضي لها أربعة أشهر



(473) فلو جني شخص على عبد أو أمة، وجب على الجاني إعطاء قيمة الجناية للمولى، فهذه القيمة تسمى (أرش الجناية) فقيل إنه يكون
للعبد لا للمولى.
(474) (محجور عليه) أي: لا يجوز له التصرف فيه (بالرق) أي: لأجل كونه رقا.
(475) أي: لمولاه البائع.
(476) يعني: قال العبد للمشتري: اشترني وأعطيك ألف دينار، فإن اشتراه لا يجب على العبد أن يعطيه الألف حتى إذا كان للعبد مال،
لأنه وعد ولا يجب الوفاء به على المشهور.
(477) أي: من غير جنس، مال العبد، كما لو كان للعبد ألف درهم، فاشتراه مع ماله بمئة دينار (مطلقا) أي: سواء كان الثمن أكثر
من مال العبد، أو أقل.
(478) أي: يجوز مطلقا (إذا لم يكن ربويا) كما لو باع العبد وماله بدار، أو بعبد آخر، أو بأمة الخ.
(479) كما لو كان للعبد دنانير، وأراد بيعه مع ماله بدنانير، فلا بد من زيادة دنانير الثمن عن دنانير العبد، فلو استويا أو كان الثمن أقل صار
ربا، مثلا: كان للعبد مئة دينار، فباعه وماله بمئة، دينار، صار ربا إذ صار مئة دينار مقابل مئة دينار وزيادة عبد.
(480) أي: يصبر البائع حتى تحيض، وتخرج عن الحيض ثم يبيعها، وذلك لحكمة احتمال الحمل، فإذا حاضت دل (غالبا) على إنها
ليست حاملا، وإلا دل على الحمل، والأمة الحامل من المولى تكون (أم ولد) لا يجوز بيعها.
(481) أي: لم يعلم المشتري هل وطأها مولاها السابق أم لا.
(482) أي: كانت أمة مملوكة لامرأة.
(483) فإنه لا يجوز الوطئ وقت الحيض.
314
وعشرة أيام (484). ويكره بعده. ولو وطأها عزل عنها استحبابا (485). ولو لم يعزل، كره
له بيع ولدها، ويستحب له: أن يعزل له من ميراثه قسطا (486).
الخامسة: التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم (487)، قبل استغنائهم عنهن، محرمة، وقيل:
مكروهة، وهو الأظهر. والاستغناء يحصل ببلوغ سبع، قيل: يكفي استغناؤه عن الرضاع،
والأول أظهر.
السادسة: من أولد جارية (488)، ثم ظهر أنها مستحقة، انتزعها المالك. وعلى الواطئ
عشر قيمتها إن كانت بكرا، ونصف العشر إن كانت ثيبا. وقيل: يجب مهر أمثالها، والأول
مروي. والولد حر، وعلى أبيه قيمته يوم ولد حيا (489)، ويرجع على البائع بما اغترمه من قيمة
الولد. وهل يرجع بما اغترمه من مهر وأجرة (490)؟ قيل: نعم، لأن البائع أباحه بغير عوض،
وقيل: لا، لحصول عوض في مقابلته (491).
السابعة: ما يؤخذ من دار الحرب، بغير إذن الإمام، يجوز تملكه في حال الغيبة ووطء
الأمة (492). ويستوي في ذلك، ما يسبيه المسلم وغيره (493)، وإن كان فيها حق للإمام، أو
كانت لإمام (494).
الثامنة: إذا دفع إلى مأذون (495) مالا، ليشتري به نسمة، ويعتقها، ويحج عنه بالباقي.



(484) أي: قبل مضي ذلك على الحمل لا على الشراء، فلو اشتراها وقد مضى على حملها أكثر من أربعة أشهر وعشرة أيام جاز وطيها.
(485) أي: لا يصب المني في رحمها، بل يخرج المني خارجا.
(486) بأن يوصي للولد شيئا، إذ لو لم يوص لم يرث هو شرعا، لأنه ليس بولد.
(487) بأن يبيع الطفل بدون الأم، أو الأم بدون الطفل، أو الطفل لشخص، والأم لشخص آخر.
(488) بأن اشتراها ووطئها ثم تبين أن بائعها لم يكن مالكا لها، وأن مالكها غيره، أو ظن كونها أمته، فتبين الخلاف (مستحقة) يعني: هي
للغير (انتزعها المالك) أي: أخذها من الواطي، لأنه مالكها وهو أحق بها.
(489) أي: على الواطي أن يدفع لمالك الأمة قيمة الولد ساعة ولادته حيا، إذ لو ولد ميتا لم يكن على الواطي شئ، وتقويمه يكون بأن
يحسب لو كان هذا الولد رقا كم كانت قيمته؟.
(490) (مهر المثل) على قول (والأجرة) يعني: عشر قيمتها أو نصف العشر.
(491) (بغير عوض) من البائع، لأن الأمة لم تكن له (لحصول) يعني لاستفادة المشتري وطيها.
(492) يعني: ويجوز وطأ الأمة المأخوذة من بلاد الحرب بالملك.
(493) فلو حارب النصارى مع اليهود - وكان اليهود محاربين للمسلمين - فلو أسر النصارى من اليهود عبيد وإماء جاز لنا شراءهم ووطأ
الإماء بالملك.
(494) وقد مر في كتاب الخمس - عند رقم (48) - أنهم عليهم السلام أباحوا (المناكح والمساكن والمتاجر) المأخوذة من بلاد الحرب حال
الغيبة، بدون إذن الإمام ولا إذن فقيه جامع الشرائط، والترديد بين (حق للإمام، أو كانت للإمام) لعله إشارة إلى القولين في
الغيبة - في الجواهر -
(495) أي: عبد مأذون من مولاه في التجارة. وفرض المسألة هكذا (زيد دفع مالا إلى هذا العبد المأذون ليشتري له عبدا، ويعتقه العبد
عنه، ويرسل العبد إلى الحج نيابة عنه، ودفع علي أيضا إلى العبد المأذون مالا ليشتري له عبدا، فاشترى العبد المأذون من (علي)
عبدا، وأعتقه، ودفع إليه بقية مال زيد ليحج عنه، فقال كل من مولى العبد المأذون، وورثة زيد، وعلي، إن العبد المأذون
اشترى العبد بمالي).
315
فاشترى أباه، ودفع إليه بقية المال فحج به. واختلف مولاه، وورثه الآمر، ومولى الأب، فكل يقول: اشتري بمالي. قيل: يرد إلى مولا (496) رقا، ثم يحكم به لمن أقام البينة، على رواية ابن
أشيم، وهو ضعيف (497). وقيل: يرد على مولى المأذون (498)، ما لم يكن هناك بينة، وهو
أشبه.
التاسعة: إذا اشتري عبدا في الذمة (499)، ودفع البائع إليه عبدين، وقال: اختر
أحدهما، فأبق واحد. قيل: يكون التالف بينهما، ويرجع بنصف الثمن (500). فإن وجده
اختاره، وإلا كان الموجود لهما، وهو بناء على انحصار حقه فيهما (501). ولو قيل: التالف
مضمون بقيمته، وله المطالبة بالعبد الثابت في الذمة، كان حسنا (502). وأما لو اشترى عبدا من
عبدين (503)، لم يصح العقد، وفيه قول موهوم.
العاشرة: إذا وطئ أحد الشريكين مملوكة بينهما، سقط الحد مع الشبهة، وأثبت مع
انتفائها. لكن يسقط منه بقدر نصيب الواطئ (504)، ولا تقوم عليه بنفس الوطء، على
الأصح. ولو حملت، قومت عليه حصص الشركاء، وانعقد الولد حرا، وعلى أبيه قيمة



(496) إلى مولى العبد الذي اشترى، لأن شراء العبد من مولاه، بمال مولاه باطل، فيبقى الشراء بين ورثة الأمر، وبين مولى العبد
المأذون.
(497) هذا القول ضعيف، وذلك لاضطراب الرواية متنا وسندا - كما قيل -
(498) يعني: يصير العبد لمولى العبد المأذون بلا بينة، فإن أقام ورثة الأمر بينة على إنه اشترى بمال أبيهم كان الحكم لهم، وإلا فلا.
(499) أي: لا عبدا خاصا معينا، بل كليا، (التالف) يعني: الأبق.
(500) أي: يرجع المشتري ويأخذ من البائع نصف الثمن الذي أعطاه إياه، لأن نصف الثمن راح عن المشتري بآباق العبد في يده
(أختار) أي: يختار ذاك العبد، أو هذا (كان الوجود) أي العبد الثاني غير الأبق (لهما) بالشركة.
(501) (وهو) أن كون العبد الموجود لهما بالشركة (بناء انحصار حقه) المشتري (فيهما) أي في خصوص هذين العبدين، فآبق أحدهما،
وينتقل حقه إلى العبد الثاني، إذا قلنا بأن قبض العبدين يحصر الكلي فيهما.
(502) (التالف) أي: العبد الأبق (مضمون) على المشتري (بقيمته) أي: يجب عليه دفع قيمته إلى البائع، لأن التلف حصل في قبضه
فهو ضامن له (الثابت في الذمة) أي: الكلي الذي ثبت في ذمة البائع.
(503) أي: واحدا معينا من هذين (لم يصح) لكون المبيع مجهولا، وليس بكلي (وفيه قول) بالصحة لكنه (موهوم)) أي: وهم وتخيل لا
اعتبار به.
(504) (سقط الحد) وهو مائة جلدة إن لم يكن محصنا، والرجم إن كان محصنا (مع الشبهة) كما لو تخيل إنها ليست المشتركة بل التي كلها له
(وأثبت) الحد (مع انتفائها) أي: عدم الشبهة (لكن يسقط منه) من الحد (بقدر نصيب الواطئ) فلو كان الواطئ يملك
نصفها سقط خمسون جلدة، وإن كان يملك ربعها سقط خمس وعشرون جلدة، وهكذا (ولا تقوم) أي: لا يجب على الواطئ
إعطاء قيمة حصص الشركاء منها لهم.
316
حصصهم (505) يوم ولد حيا.
الحادية عشرة: المملوكان المأذون لهما (506)، إذا أبتاع كل واحد منهما صاحبه من
مولاه، حكم بعقد السابق. فإن اتفقا في وقت واحد، بطل العقدان، وفي رواية يقرع
بينهما، وفي أخرى بذرع الطريق (507) ويحكم للأقرب، والأول أظهر.
الثانية عشرة: من يشتري جارية، سرقت من أرض الصلح (508)، كان له ردها على
البائع واستعادة الثمن. ولو مات أخذ من وراثه (509). ولو لم يخلف وارثا استسعيت في ثمنها
وقيل: تكون بمنزلة اللقطة (510). ولو قيل: تسلم إلى الحاكم ولا تستسعى، كان أشبه.
الفصل العاشر
في: السلف (511) والنظر فيه: يستدعي مقاصد:
الأول: السلم هو ابتياع مال مضمون إلى أجل معلوم، بمال حاضر، أو في
حكمة (512). وينعقد بلفظ أسلمت، وأسلفت، وما أدى معنى ذلك (513)، وبلفظ البيع
والشراء. وهل ينعقد البيع بلفظ السلم، كأن يقول: أسلمت إليك هذا الدينار في هذا



(505) فلو كان ربع الأمة له، وجب عليه إعطاء الشركاء وحدة ثلاث أرباع الولد ساعة ولادة حيا. إما إذا ولد ميتا فلا شئ عليه، لأنه لا
قيمة للميت.
(506) لزيد عبد أذن له في التجارة، ولعمرو عبد أذن له في التجارة، فاشترى عبد زيد من عمرو عبده، واشترى عبد عمرو من زيد
عبده، صح شراء عبد زيد من عمرو وعبده، وبطل شراء عبد عمرو من زيد عبده، لأن عبد عمرو أصبح ملكا لزيد، فتجارته بلا
إذن زيد باطلة.
(507) الرواية وردت في فرض خاص، وهو ما إذا قال كل واحد من العبدين للآخر: أنا اشتريك من مولاك، فافترقا، وأسرع كل واحد
منهما إلى مولى الآخر ليشتريه، واشترى كل منهما الآخر من مولاه فيذرع الطريق من حيث افترقا، إلى مكان وجود مولى هذا فيه،
وإلى مكان وجود مولى ذاك فأيهما كان أقرب، دل ذلك على أن شرائه كان قبل شراء الآخر.
(508) هي أرض الكفار، ولكنهم صالحوا مع المسلمين على أن يبقوا في أراضيهم إزاء شئ يدفعونه للمسلمين، فهؤلاء تكون أموالهم،
ودمائهم، ووفر وجهم محترمة لا مهدورة.
(509) (ولو مات) البائع (أخذ) الثمن عن تركته (من وراثته) (استسعيت في ثمنها) أرادت الجارية فتعمل، وتؤدي قيمتها إلى
المشتري، وتتحرر.
(510) يبحث عن صاحبها ومالكها في بلاد (أرض الصلح) حتى يجده ويدفعها إليه (تسلم إلى الحاكم) الشرعي، لأنه الولي لكل من لا
ولي له.
(511) وهو: أن يعطي الثمن، ويكون إعطاء المبيع بعد مدة معلومة، شهر، أو أقل، أو أكثر.
(512) كما لو كان بذمة البائع للمشتري من أرش، أو جناية، أو دية، أو نحوها أو كان البائع قد قبضه سابقا.
(513) كان يقول المشتري (أسلمتك هذا الدينار في ثوب كذا بعد شهر) (أو سلفتك هذا الدينار) أو (أعطيتك هذا الدينار مقدما في كذا)
(وبلفظ البيع) كأن يقول البائع (بعتك سلفا كذا).
317
الكتاب؟ الأشبه نعم، اعتبارا بقصد المتعاقدين.
ويجوز: إسلاف الأعواض في الأعواض إذا اختلفا (514)، وفي الأثمان، وإسلاف
الأثمان في الأعواض.
ولا يجوز إسلاف الأثمان في الأثمان ولو اختلفا (515).
الثاني: في شرائطه وهي ستة:
الأولى والثاني: ذكر الجنس والوصف. والضابط أن كل ما يختلف لأجله الثمن، فذكره
لازم. ولا يطلب في الوصف الغاية (516)، بل يقتصر على ما يتناوله الاسم. ويجوز اشتراط الجيد
والردئ. ولو شرط الأجود (517)، لم يصح لتعذره. وكذا لو شرط الأردأ. ولو قيل في هذا
بالجواز، كان حسنا، لإمكان التخلص (518). ولا بد أن تكون العبارة الدالة على الوصف،
معلومة بين المتعاقدين ظاهرة في اللغة، حتى يمكن استعلامها عند اختلافهما (519).
وإذا كان الشئ مما لا ينضبط بالوصف، لم يصح السلم فيه، كاللحم نيه (520) ومشويه،
والخبز، وفي الجلود تردد. وقيل: يجوز مع المشاهدة وهو خروج عن السلم (521).
ولا يجوز: في النبل المعمول (522)، ويجوز في عيدانه قبل نحتها. ولا في الجواهر



(514) (أعواض) أي: الأمتعة، مقابل (الأثمان) أي: النقود، (إذا اختلفت) أي كان أحدهما أكثر من الآخر، كأن يسلف مائة كيلو
حنطة بعد شهر بتسعين كيلو حنطة هالا، حتى يصير الزائد مقابل التأخير، لأن للأجل قسطا من الثمن، أما لو كان مئة بمئة،
صار ربا، لأن الإسلاف يجعله أقل قيمة (نعم) لو لم تكن ربوية جاز التساوي، كبيع الأراضي، وبيع العبيد، ونحو ذلك، أو لم
تكن متماثلة، كبيع الحنطة، باللحم، والأرز، بالكتاب.
(515) بالزيادة والنقيصة كعشرين دينارا بتسعة عشر دينارا، أو اختلفا بالجنس، كالدينار بالدرهم (وذلك) لأن بيع الصرف يشترط فيه أن
يكون حالا ولا يصح الإسلاف فيه.
(516) الظاهر عندي أن (الغاية) هنا بمعنى (المقصود) من المبيع للمشتري، أو للعرف، فمثلا لو كانت الحنطة الحمراء على قسمين،
قسم يطحن ويخبز، وقسم يعمل (برغلا) وكلاهما في قيمة واحدة، فلا يجب أن يقول (أسلفتك) في حنطة حمراء تطحن، أو في
حنطة حمراء تعمل برغلا) بل يكفي أن يقول (حنطة حمراء) (لكنه) فسرت (الغاية) بأمور أخرى لم تظهر عندي.
(517) بمعنى: الأحسن الذي ليس فوقه أحسن منه (لتعذره) لأنه مجهول، إذ كلما كان جيدا يحتمل الأجود منه أيضا.
(518) (في هذا) أي: في الأردأ (التخلص) بإعطاء الردئ، فإن كان أردأ جميع الأفراد واقعا فقد وفى، وإلا أعطي الفضل والأحسن
(هذا) إذا لم يكن المقصود الأردأ حقيقة لغاية عقلائية.
(519) (معلومة بين المتعاقدين) حتى لا يلزم الجهالة الموجبة للبطلان (ظاهرة في اللغة) حتى إذا اختلفا في المراد، يمكنهما فصل النزاع
بالرجوع إلى اللغة.
(520) (التي) - بكسر النون - اللحم غير المطبوخ (نعم) في هذا الزمان يمكن ضبط هذه وغيرها أيضا
(521) لأن السلم يجب كونه في الذمة وكليا، فلو شاهده كان شخصيا.
(522) (النيل) الحديدة من رأس السهم (المعمول) أي: المصنوع، لجهالته، لأنه يختلف ثخنا، وطولا، وعرضا، وثقلا، وخفة،
وجلاءا وكدرة، وغير ذلك من الأوصاف الموجبة لاختلاف الرغبة فيها قيمة (نعم) في هذا العصر ممكن ضبطها لأجل الماكنات التي
تضبط كل شئ من هذا النوع.
318
واللآلئ، لتعذر ضبطها وتفاوت الأثمان مع اختلاف أوصافها. ولا في العقار
والأرضين (523).
ويجوز السلم: في الخضر والفواكه. وكذا كل ما نبتثه الأرض، وفي البيض والجوز
واللوز.. وفي الحيوان كله والأناسي (524)، والألبان والسمون والشحوم. والأطياب
والملابس. والأشربة والأدوية، بسيطها ومركبها، ما لم يشتبه مقدار عقاقيرها (525). وفي
جنسين مختلفين صفقة واحدة (526).
ويجوز الإسلاف: في شاة لبون، ولا يلزم تسليم ما فيه لبن، بل شاة من شأنها ذلك.
ويجوز: في شاة معها ولدها، وقيل، لا يجوز، لأن ذلك مما لا يوجد إلا نادرا (527).
وكذا التردد في جارية حامل، لجهالة الحمل. وفي جواز الإسلاف في جوز القز (528) تردد.
الشرط الثالث:
قبض رأس المال (529) قبل التفرق، شرط في صحة العقد. ولو افترقا قبله بطل. ولو
قبض بعض الثمن، صح في المقبوض، وبطل في الباقي (530). ولو شرط أن يكون الثمن من
دين عليه، قيل: يبطل، لأنه بيع دين بمثله (531)، وقيل: يكره، وهو أشبه.
الشرط الرابع:
تقدير السلم بالكيل أو الوزن العامين (532). ولو عولا على صخرة مجهولة، أو مكيال
مجهول، لم يصح ولو كان معينا (533). ويجوز الإسلاف في الثوب أذرعا. وكذا كل مذروع.



(523) لنفس العلة.
(524) (أناسي) كأفاعيل، جمع (إنسان) يعني، العبيد والأماء (والسمون) جمع السمن (والأطياب) جمع الطيب، أي: العطر.
(525) (عقاقير) هي الأعشاب الدوائية، فلو كان الدواء المركب يختلف باختلاف مقدار عقاقيرها بحيث يلزم الجهالة لم يصح بيعه سلفا.
(526) كأن يقول (أسلمتك هذا الدينار في كتاب المكاسب، وشربة السكنجبين تعطيهما لي بعد شهر).
(527) قال في الجواهر (وفيه منع واضح) وكذا منع الأشكال في الموردين التاليين أيضا.
(528) (القز) هو الإبريسم، وجوز القز هو قطعة الإبريسم التي تعملها دودة القز.
(529) أي: الثمن.
(530) فلو قال: (أسلفتك دينارا في عشرة أثواب، ثم سلمه نصف دينار، صح السلف في خمسة أثواب فقط.
(531) أي: بيع دين بدين (ويسمى الكالئ بالكالئ).
(532) أي: المعلومين.
(533) (مجهولة) الوزن عندهما (معينا: أي شخصا.
319
وهل يجوز الإسلاف في المعدود عددا (534)؟ الوجه، لا.
ولا يجوز: الإسلاف في القصب أطنانا، ولا الحطب حزما. ولا في المجزوز
جزا (535). ولا في الماء قربا.
وكذا لا بد أن يكون رأس المال، مقدرا بالكيل العام، أو الوزن. ولا يجوز الاقتصار على
مشاهدته، ولا يكفي دفعه مجهولا، كقبضة من دراهم، أو قبة (536) من طعام.
الشرط الخامس: تعيين الأجل.
فلو ذكر أجلا مجهولا، كأن يقول: متى أردت، أو أجلا يحتمل الزيادة والنقصان،
كقدوم الحاج (537) كان باطلا. ولو اشتراه حالا، قيل: يبطل (538)، وقيل: يصح، وهو
المروي، لكن يشترط أن يكون عام الوجود في وقت العقد (539).
الشرط السادس:
أن يكون وجوده غالبا، وقت حلوله (540)، ولو كان معدوما وقت العقد. ولا بد أن
يكون الأجل معلوما للمتعاقدين. وإذا قال: إلى جمادي حمل على أقربهما، وكذا إلى ربيع، وكذا
إلى الخميس والجمعة (541).
ويحمل الشهر عند الإطلاق، على عدة بين هلالين، أو ثلاثين يوما (542).
ولو قال: إلى شهر كذا، حل بأول جزء من أول ليلة الهلال، نظرا إلى العرف.
ولو قال: إلى شهرين، وكان في أول الشهر، عد شهرين أهلة. وإن أوقع العقد في



(534) كالبيض، والكتاب ونحوهما (لا) لأنها غير منضبطة (وأشكال) الجواهر فيه بإمكان الضبط.
(535) كالخضر والبقول، ونحوهما، وكل ذلك لعدم الانضباط. فإذا أمكن ضبطهما صح.
(536) (القبة) شبه البيت والغرفة.
(537) سابقا، أما في هذه الأزمنة فيمكن ضبط قدوم الحاج، أو أول طائرة للحجاج، فيصح.
(538) لاشتراط عقد (السلم) بالأجل.
(539) أي: متوفر الوجود وقت العقد، فلا يكون مثل الزمان في غير أوانه بالنسبة لبلد ليس فيه.
(540) أي: وقت حلول الأجل.
(541) فيحمل على جمادي الأولى، وربيع الأول، والخميس.
(542) (بين هلالين) إذا كان ابتداء العقد أول الشهر ثلاثين يوما) إذا كان ابتداء العقد في وسط الشهر.
320
أثناء الشهر، أتم من الثالث بقدر الفائت من شهر العقد (543)، وقيل: يتمه ثلاثين يوما، وهو
أشبه. ولو قال إلى يوم الخميس، حل بأول جزء منه (544).
ولا يشترط ذكر موضع التسليم على الأشبه، وإن كان في حمله مؤنة (545).
المقصد الثالث: في أحكامه وفيه مسائل:
الأولى: إذا سلف في شئ، لم يجز بيعه قبل حلوله، ويجوز بيعه بعده وإن لم يقبضه، على
من هو عليه، وعلى غيره على كراهية (546) وكذا يجوز بيع بعضه وتوليته بعضه (547). ولو قبضه
المسلم، ثم باعه، زالت الكراهية.
الثانية: إذا دفع المسلم إليه دون الصفة، ورضي المسلم صح، وبرأ سواء شرط ذلك
لأجل التعجيل (548)، أو لم يشترط. وإن أتى بمثل صفته، وجب قبضه، أو إبراء المسلم إليه.
ولو امتنع، قبضه الحاكم، إذا سأل المسلم إليه ذلك (549). ولو دفع فوق الصفة وجب قبوله.
ولو دفع أكثر، لم يجب قبول الزيادة. أما لو دفع غير جنسه، لم يبرأ إلا بالتراضي.
الثالثة: إذا اشترى كرا من طعام (550) بمئة درهم، وشرط تأجيل خمسين، بطل في الجميع
على قول. ولو دفع خمسين وشرط الباقي، من دين له على المسلم إليه، صح فيما دفع، وبطل



(543) فلو عقد السلف في عاشر رمضان إلى شهرين، أتم تسعة أيام من ذي القعدة، وهو ثالث الأشهر (وقيل يتمه) أي: يتم رمضان
(ثلاثين يوما) وذلك بأنه لو كان تسعة وعشرون يوما، زاد يوما من الشهر الثالث، أي: أتم - في المثال - عشرة أيام من ذي
القعدة.
(544) أي: بأذان الصبح، أو بأول طلوع الشمس - على الخلاف -
(545) إلى موضوع التسليم (مؤنة) أي: مصرف.
(546) لو اشترى (زيد) سلفا متاعا إلى رأس الشهر، لم يجز لزيد بيعه قبل رأس الشهر، ويجوز بيعه بعد أول الشهر حتى وإن لم يقبض المتاع
من البائع، سواء باعه على نفس البائع، أو على غيره (والكراهة) لأجل عدم القبض.
(547) بأن يبيع زيد - قبل القبض - نصف المتاع، ويجعل شخصا آخر شريكا معه في النصف الآخر (ويسمى ذلك بالتولية) كما مر عند رقم
(322) (ولو قبضه المسلم) أي: المشتري، لأنه يسلم الثمن عاجلا.
(548) (المسلم إليه) هو البائع (والمسلم) هو المشتري (لأجل التعجيل) أي: إعطاء المتاع قبل الموعد.
(549) (بمثل صفقة) أي: بالصفة التي كان المقرر دفع المتاع عاليها (وجب) على المشتري (قبضة) أي: أخذ المتاع (أو إبراء المسلم
إليه) أي: إبراء ذمة البائع (ولو امتنع) عن المشتري عن القبض والابراء كليهما (قبضه الحاكم) الشرعي، لأنه ولي الممتنع (إذا
سأل) أي: طلب (المسلم إليه) البائع من الحاكم (ذلك) قبضه.
(550) (الكر) كيل كبير يسع وزن ما يقارب الأربعمئة كيلو من الماء، ومن الحنطة ونحوها أقل من ذلك، لأن الحنطة أخف من الماء و
(الطعام) يعني: الحنطة أو الشعير (بطل في الجميع) لأن شرط بيع السلف قبض الثمن حالا (على قول) ومقابله قول آخر
بالبطلان في المقدار المقابل للمؤجل.
321
فيما قابل الدين، وفيه تردد (551).
الرابعة: لو شرط موضعا للتسليم فتراضيا بقبضه في غيره (552)، جاز. وإن امتنع
أحدهما، لم يجبر.
الخامسة: إذا قبضه فقد تعين، وبرأ المسلم إليه. فإن وجد به عيبا فرده، زال ملكه
عنه، وعاد الحق إلى الذمة سليما من العيب (553).
السادسة: إذا وجد (554) برأس المال عيبا، فإن كان من غير جنسه بطل العقد، وإن كان
من جنسه، رجع بالأرش إن شاء، وإن أختار الرد، كان له.
السابعة: إذا اختلفا في القبض، هل كان قبل التفرق أو بعده؟ فالقول قول من يدعي
الصحة (555). ولو قال البائع: قبضته ثم رددته إليك قبل التفرق (556)، كان القول قوله مع
يمينه، مراعاة لجانب الصحة.
الثامنة: إذا حل الأجل وتأخر التسليم لعارض ثم طالب بعد انقطاعه (557) كان بالخيار
بين الفسخ وبين الصبر. ولو قبض البعض كان له الخيار في الباقي، وله الفسخ في الجميع.
التاسعة: إذا دفع إلى صاحب الدين (558) عروضا، على إنها قضاء ولم يساعره، احتسب
بقيمتها يوم القبض.



(551) لاحتمال الصحة في الكل، بجهة أن الدين على البائع بمنزلة التعجيل.
(552) كما لو عينا (كربلاء) موضعا لتسليم المتاع، ثم تراضيا على القبض في (خراسان).
(533) (فإن وجد) المشتري (به) بالمتاع (عيبا فرده) فرد المشتري المتاع على البائع (زال ملكه عنه) ملك المشتري عن المتاع (وعاد
الحق) أي: حق المشتري (إلى الذمة) ذمة البائع حقا (سليما عن العيب).
(554) (إذا وجد) البائع (برأس المال) أي: بالثمن المدفوع معجلا (من غير جلسة) كما لو كان الثمن ذهبا، فتبين كونه فضة (رجع)
البائع (بالأرش) أي: بالفرق بين الصحيح والمعيب.
(555) وهو القبض قبل التفرق.
(556) وأنكر المشتري أصل القبض (كان القول قوله) البائع (مع يمينه) لأنه معترف بأصل القبض الذي معه يصح البيع، والمشتري منكر
لأصل القبض، وعدم القبض مفسد للعقد.
(557) أي: طالب البائع من المشتري أن نصبر إلى (بعد انقطاع) العارض (كان) المشتري (ولو قبض) المشتري (البعض) كما لو كان
المتفق عليه بينهما: أن يدفع ألف كيلو حنطة أول الشهر، فدفع أول الشهر خمسمئة كيلو، فللمشتري أن يأخذ الخمسمئة ويفسخ
نصف العقد، بأن يسترجع نصف الثمن، وله أن لا يأخذ شيئا ويسترجع كل الثمن.
(558) أي: إلى من يطلبه مالا، من جهة الدين، أو السلف، أو الجناية، أو الدية أو غيرها (عروضا) أي: أمتعة، لا دنانير
ودراهم، كما لو أعطاه قطنا، أو كتبا، ونحو ذلك (ولم يساعده) أي: لم يتفقا على سعر العروض كم هو (بقيمتها) العرفية.
322
العاشرة: يجوز بيع الدين بعد حلوله (559)، على الذي هو عليه وعلى غيره. فإن باعه بما
هو حاضر، صح. وإن باعه بمضمون حال، صح أيضا. وإن اشترط تأجيله، قيل: يبطل
لأنه بيع دين بدين، وقيل: يكره، وهو الأشبه.
الحادية عشرة: إذا أسلف في شئ، وشرط مع السلف شيئا معلوما (560)، صح. ولو
أسلف في غنم، وشرط أصواف نعجات معينة (561)، قيل: يصح، وقيل: لا، وهو أشبه.
ولو شرط أن يكون الثوب، من غزل امرأة معينة، أو الغلة من قراح بعينه، لم يضمن (562).
المقصد الرابع: في الإقالة وهي فسخ في حق المتعاقدين وغيرهما (563). ولا يجوز الإقالة
بزيادة عن الثمن ولا نقصان. وتبطل الإقالة بذلك لفوات الشرط (564)
وتصح الإقالة في العقد، وفي بعضه، سلما كان أو غيره (565).
فروع ثلاثة
الأول: لا تثبت الشفعة بالإقالة لأنها تابعة للبيع (566).
الثاني: لا تسقط أجرة الدلال بالتقابل، لسبق الاستحقاق (567).
الثالث: إذا تقابلا، رجع كل عوض إلى مالكه. فإن كان موجودا أخذه وإن كان مفقودا



(559) زيد يطلب من عمرو ألف دينار ويحل وقته أول الشهر، فإذا صار أول الشهر، يجد لزيد بيع الألف على نفس عمرو، وعلى رجل آخر
(بما هو حاضر) أي: بمتاع موجود، ككتب موجودة، وأرض معينة، ونحو ذلك أو بمال موجود (بمضمون حال) أي: بطلب
حل أجله أيضا، كما لو كان عمرو يطلب من علي ألف دينار، فباع زيد لعمرو طلبه، يطلب عمرو من علي (وإن اشتراط تأجيله)
كما لو باع زيد لعمرو طلبه بألف في ذمة علي ولكن بعد عشرة أيام.
(560) كما لو أعطى - سلفا - دينارا مقابل كتاب بعد شهر، وشرط خياطة ثوب معين
(561) أما لو شرط مقدارا معلوما من الصوف، من أية نعجة كانت صح.
(562) (الغلة) أي: الحنطة والشعير (قراح) أي: مزرعة (لم يضمن) أي: بطل، وذلك لاحتمال أن تغزل تلك المرأة، وأن تتلف
غلة القراح، أو تخيس.
(563) كالشفيع، أد أخذ بالشفعة من المشتري شيئا، ثم أقاله المشتري فقبل الإقالة.
(564) لأن الشرط أن يكون بنفس الثمن.
(565) خلافا لبعض العامة، حيث منع من الإقالة في بعض السلم
(566) (لأنها) أي: الإقالة (تابعة للبيع) وليست بيعا جديدا) فلو كان زيد وعمرو شريكان في أرض، فباع زيد حصته لثالث، ولم يأخذ
عمرو بالشفعة، ثم أقال زيد المشتري، ورجعت الأرض إلى زيد، ليس لعمرو الأخذ بالشفعة من زيد.
(567) (مثاله) أعطى زيد للدلال دينارا ليبيع كتابه، وباع الدلال الكتاب، ثم أقال زيد المشتري، ورجع الكتاب إلى زيد، فلا يحق
لزيد استرجاع الدينار من الدلال، لأن استحقاق الدلال للدينار كان بالبيع، والبيع قبل الإقالة.
323
ضمن بمثله إن كان مثليا، وإلا بقيمته، وفيه وجه آخر (568).
المقصد الخامس: في القرض والنظر في أمور ثلاثة:
الأول: في حقيقته وهو لفظ يشتمل: على إيجاب كقوله: أقرضتك أو ما يؤدي معناه،
مثل تصرف فيه أو انتفع به، وعليك رد عوضه.. وعلى قبول، وهو اللفظ الدال على الرضا
بالإيجاب، ولا ينحصر في عبارة (569).
وفي القرض أجر (570)، ينشأ عن معونة المحتاج تطوعا، والاقتصار على رد العوض، فلو
شرط النفع، حرم ولم يفد الملك (571). نعم لو تبرع المقترض، بزيادة في العين أو الصفة (572)،
جاز. ولو شرط الصحاح عوض المكسرة، قيل: يجوز، والوجه المنع (573).
الثاني: ما يصح إقراضه وهو كل ما يضبط وصفه وقدره، فيجوز إقراض الذهب والفضة
وزنا، والحنطة والشعير كيلا ووزنا، والخبز وزنا وعددا، نظرا إلى المتعارف (574).
وكل ما يتساوى أجزاؤه، يثبت في الذمة مثله، كالحنطة والشعير، والذهب والفضة.
وما ليس كذلك (575)، يثبت في الذمة قيمته وقت التسليم. ولو قيل يثبت مثله أيضا، كان
حسنا.
ويجوز إقراض الجواري، وهل يجوز إقراض اللآلي؟ قيل: لا، وعلى القول بضمان
القيمة (576)، ينبغي الجواز.



(568) (مفقودا) أي: كان تالفا، كما لو اشترى كتابا فاحترق، ثم أقاله البائع دفع قيمته إلى البائع وأخذ الثمن (مثليا)
كالحنطة، والشعير، والسكر، والكتب المطبوعة، ونحوها (بقيمته) في القيمي، مثل الأرض، والنخيل، والعبيد، ونحو
ذلك (وجه آخر) وهو بطلان الإقالة مع تلف أحد العوضين.
(569) أي: لفظ معين، بل يصح (قبلت) و (رضيت) ونحوهما.
(570) أي: ثواب، ففي الحديث: أن درهم الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشرة
(571) أي: بطل: فلا يملك المقترض ما أخذه. لأنه ربا، والمعاملة الربوية حرام وباطلة.
(572) (في العين) كما لو اقترض ألف دينار، ثم دفع - بلا شرط سابق - ألفا ومئة (أو الصفة) كما لو اقترض ذهبا ودينا، وأعطى ذهبا
جيدا.
(573) (قيل يجوز) لعدم الزيادة (والوجه المنع) لأنه زيادة في الصفة، أو الصحاح أغلى من الدنانير الذهبية المكسورة
(574) هذا قيد لقرض الخبز عددا، خلافا لبعض العامة كأبي يوسف وبعض الشفعة.
(575) كالعبيد، والدواب، والأرض، والأشجار، والكتب المخطوطة، ونحو ذلك. (وقت التسليم) أي: وقت أخذ القرض (ولو
قيل) يعني: وقت التسليم في الذمة مثله، ووقت الإرجاع ينتقل ما في الذمة إلى القيمة (والفرق) بينهما: إن في الأول يرجع
قيمة وقت الأخذ، وفي الثاني يرجع قيمة وقت الإرجاع، فلو اقترض عبدا قيمته وقت التسليم مئة، ووقت الإرجاع ألف ظهر
الفرق.
(576) لأنه بمجرد الأخذ ينتقل إلى الذمة قيمتها (واللآلئ)، جمع لؤلؤة، (كسنابل (وسنبلة).
324
الثالث: في أحكامه وهي مسائل:
الأولى: القرض يملك بالقبض لا بالتصرف لأنه فرع الملك، فلا يكون مشروطا
به (577). وهل للمقرض ارتجاعه؟ قيل: نعم، ولو كره المقترض (578)، وقيل: لا، وهو
الأشبه، لأن فائدة الملك التسلط.
الثانية: لو شرط التأجيل في القرض (579)، لم يلزم. وكذا لو أجل الحال، لم
يتأجل (580). وفيه رواية مهجورة تحمل على الاستحباب (581). ولا فرق بين أن يكون مهرا، أو
ثمن مبيع، أو غير ذلك. ولو أخره بزيادة فيه، لم يثبت الزيادة، ولا الأجل (582). نعم، يصح
تعجيله بإسقاط بعضه (583).
الثالثة: من كان عليه دين، وغاب صاحبه (584) غيبة منقطعة، يجب أن ينوي قضاءه،
وأن يعزل ذلك عند وفاته، ويوصي به ليصل إلى ربه (585)، أو إلى وارثه إن ثبت موته. ولو لم
يعرفه اجتهد في طلبه. ومع اليأس، يتصدق به عنه، على قول (586).
الرابعة: الدين لا يتعين ملكا لصاحبه إلا بقبضه. فلو جعله مضاربة قبل قبضه، لم
يصح (587).
الخامسة: الذمي إذا باع ما لا يصح للمسلم تملكه كالخمر والخنزير، جاز دفع الثمن إلى
المسلم عن حق له. وإن كان البائع مسلما، لم يجز (588).



(577) (لأنه) أي: التصرف إذ لو اشترط الملك بالتصرف لزم الدور، لأنه يتوقف التصرف على الملك (فلا يجوز التصرف بدون الملك)
فلو توقف الملك على التصرف كان دورا، وتوقفا للشئ على نفسه وهو محال.
(578) (ارتجاعه) أي: فسخ القرض (كره المقترض) أي: لم يرض.
(579) (لو شرط التأجيل) أي تأجيل القرض (في) عقد القرض) كما لو قال (أقرضتك هذه المئة، فقال: قبلت بشرط تأجيل المطالبة
شهرا) (لم يلزم) أي: يجوز للمقرض المطالبة قبل الشهر.
(580) أي: كان قد وصل أجل دين، فقرضه شيئا. وشرط في عقد القرض تأجيل ذلك الدين.
(581) (مهجورة) أي: لم يعمل الأصحاب بها (على الاستحباب) أي: استحباب الوفاء بهذا الشرط، لأنه من الوعد الذي يستحب
الوفاء به.
(582) فلا يجب على المديون دفع الزائد، ولا يجب على الدائن الصبر إلى الأجل.
(583) بأن يقول الدائن (أسقط عشر الدين على أن تعطيه لي قبل حلول الأجل بشهر).
(584) أي: غاب الدائن (غيبة منقطعة) أي: لا خبر عنه، فلا يعلم هو حي أم ميت.
(585) (ربه) أي: صاحب الدين.
(586) والقول الآخر: أن يكون أسهم الإمام، يعطى للإمام مع حضوره، وللفقيه العادل مع غيبة الإمام عليه السلام كهذه الأزمنة.
(587) لأنه يشترط في (المضاربة) أن تكون بالعين، لا بالدين، سواء جعله مضاربة عند المديون أو عند غيره.
(588) (عن حق له) أي: للمسلم على الذمي، وذلك: لأن الإسلام أقر الذمي على أعماله التي هي عنده جائزة، (لم يجز) لعدم صحة
البيع، و (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه)
325
السادسة: إذا كان لاثنين مال في ذمم، ثم تقاسما بما في الذمم، لم يصح فكل ما يحصل،
لهما. وما يتوى، منهما (589).
السابعة: إذا باع الدين بأقل منه، لم يلزم المدين أن يدفع إلى المشتري أكثر مما بذله، على
رواية (590).
المقصد السادس: في دين المملوك: لا يجوز للمملوك أن يتصرف في نفسه بإجارة، ولا
استدانة، ولا غير ذلك من العقود. ولا بما في يده ببيع ولا هبة إلا بإذن سيده، ولو حكم له
بملكه (591).
وكذا لو أذن له المالك أن يشتري لنفسه (592)، وفيه تردد، لأنه يملك وطء الأمة المبتاعة.
مع سقوط التحليل في حقه.
فإن أذن له المالك في الاستدانة، كان الدين لازما للمولى، إن استبقاه أو باعه (593).
فإن أعتقه، قيل: يستقر في ذمة العبد، وقيل: بل يكون باقيا في ذمة المولى، وهو أشهر
الروايتين. ولو مات المولى كان الدين في تركته (594). ولو كان له غرماء، كان غريم العبد (595)
كأحدهم.



(589) (في ذمم) جمع ذمة، مثلا كان لزيد وعمرو، ألف دينار بالشركة في ذمة عشرة أشخاص، كل واحد مئة في ذمته، (تقاسما)
أي: قالا إن ما في ذمة فلان وفلان الخ لزيد، وما في ذمة فلان وفلان الخ لعمرو (لم يصح) هذا التقسيم (وما ينوي) أي:
يملك.
(590) (إذا باع الدين) مثلا: كان يزيد يطلب من عمرو ألف دينار، فباع زيد الألف لعلي وتسعمائة، لا يجب على عمرو أن يدفع لعلي أكثر
من تسعمئة (على رواية) وهي رواية محمد بن الفضل عن الرضا عليه السلام. (لكن) المشهور لم يعملوا بهذه الرواية، وحملوها
على بعض المحامل، وقالوا يجب على عمرو أن يدفع لعلي ألفا.
(591) يعني: حتى لو قلنا بأن المملوك يملك شرعا، وذلك: لأنه محجور، كالصغير، والمجنون لقوله تعالى (عبدا مملوك لا يقدر على
شئ).
(592) لأن الأذن في الشراء أعم من الأذن في التصرف (وفيه تردد) لاحتمال ظهور الإذن في الشراء للإذن في التصرف (لأنه) بيان لوجه
التردد، إذ العبد لو اشترى أمه بإذن سيده، جاز له وطئها، مع عدم تحليل وطئها من السيد للعبد بعد الشراء، فكلما أن الأذن في
شراء الأمة إذن في التصرف فيها بالوطئ كذلك في غير الأمة.
(593) أي: كان الدين برقبة المولى لمكان إذنه (إن استبقاه) أي: أبقي العبد في ملكه، أو باع العبد.
(594) أي: في أمواله التي تركها بعده.
(595) (غرماء) أي: ديان للمولى (غريم العبد) أي: الدائن للعبد.
326
وإذا أذن له في التجارة، اقتصر على موضع الأذن. فلو أذن له بقدر معين، لم يزده. ولو
أذن له في الابتياع، انصرف إلى النقد. ولو أطلق له النسيئة، كان الثمن في ذمة المولى. ولو
تلف الثمن، وجب على المولى عوضه (596).
وإذا أذن له في التجارة، لم يكن ذلك إذنا لمملوك المأذون (597)، لافتقار التصرف في مال
الغير إلى صريح الإذن. ولو أذن له في التجارة دون الاستدانة، فاستدان وتلف المال، كان لازما
لذمة العبد (598). وقيل: يستسعى فيه معجلا (599)، ولو لم يأذن له في التجارة ولا الاستدانة،
فاستدانه، فاستدان وتلف المال، كان لازما لذمته يتبع به (600)، دون المولى.
فرعان:
الأول: إذا اقترض أو اشترى بغير أذن، كان [موقوفا على إذن المولى، فإن لم يجز كان]
باطلا وتستعاد العين، فإن تلفت يتبع بها إذا أعتق وأيسر (601).
الثاني: إذا اقترض مالا فأخذه المولى فتلف في يده (602)، كان المقرض بالخيار بين مطالبة
المولى، وبين اتباع المملوك إذا أعتق وأيسر.
خاتمة: أجرة الكيال ووزان المتاع على البائع، وأجرة ناقد الثمن ووزانه على المبتاع (603).
وأجرة بائع الأمتعة على البائع، ومشتريها (604) على المشتري. ولو تبرع لم يستحق أجرة ولو (605)



(596) (بقدر معين) كما لو قال: اشتر كتاب الشرائع بدينار، لم يجز له أن يشتري بأكثر، أو أذن له في زمان معين، أو مكان معين، أو
من جنس معين، لم يجز له له المخالفة (إلى النقد) فلا يجوز له الشراء نسيئة (لو أطلق) أي: جوز له النسيئة (ولو تلف الثمن)
أي: الثمن الكلي في يد العبد وإلا فالثمن المعين يبطل البيع بتلفه.
(597) متانه: لزيد عبد اسمه (خالد) فأذن لخالد في التجارة، فاشترى (خالد) لأجل التجارة عبدا اسمه (خويلد) لم يجز لخويلد
التجارة، لأن خويلد أيضا ملك لزيد ولا يجوز التصرف في ملك شخ إلا بأدن منه.
(598) فإن أعتق ألزم بدفعه.
(599) (يستسعى) أي: يلزم العبد بالسعي والعمل لتحصيل المال للدائن، (معجلا) أي: قبل العتق، بل في حال كونه عبدا.
(600) أي: بعد عتقه، أي أعتق، لا معجلا، وإن لم يعتق ذهب مال الدائن.
(601) (يتبع) العبد (بها) بالعين التي اقترضها، أو اشتراها (واليسر) أي: وصار ذا يسار، وقدرة على أداء الدين، وإلا لو أعتق وكان
معسرا لا يمكن من أداء الدين، أيضا لا يجبر.
(602) أي: في يد المولى.
(603) (الناقد) هو الذي يعرف صحيح الدنانير والدراهم، ومعيبها، ومغشوشها، (المبتاع) أي: المشتري.
(604) أي: الوكيل في البيع، أو الدليل في الشراء.
(605) يعني: حتى ولو كان قد أجاز المالك، لأنانية التبرع جعلته مجانا.
327
أجاز المالك. وإذا باع واشترى (606)، فأجرة. ما يبيع على الآمر ببيعه، وأجرة الشراء على
الآمر بالشراء ولا يتولاهما الواحد (607). وإذا هلك المتاع في يد الدلال، لم يضمنه (608).
ولو فرط، ضمن ولو اختلفا في التفريط (609)، كان القول قول الدلال مع يمينه، ما لم يكن
بالتفريط بينة. وكذا لو ثبت التفريط واختلفا في القيمة (610).



(606) أي: باع سلعة عن شخص، واشترى سلعة أخرى لشخص آخر
(607) يعني: الشخص الواحد لا يصح أن يكون دلالا في سلعة واحدة عن اثنين يبيعهما عن أحدهما ويشتريهما لأحدهما، قال في
الجواهر: (لوجوب مراعاة مصلحتيهما وهما متنافيتان) لكنه قد يكون مراد المصنف غير ذلك، وهو: عدم جواز تولى شخص واحد
طرفي العقد - كما أفتى بعدم الجواز جمع -
(608) لأنه أمين، وليس على الأمين الضمان.
(609) (فقال الدلال: لم أفرط، وقال المالك: فرطت.
(610) بأن أعترف الدلال بتقصيره، وتفريطه في حفظ المتاع حتى تلف، واختلفا في القيمة فقال الدلال كان المتاع يساوي عشرة، وقال
المالك: كان يساوي عشرين.
328
كتاب الرهن
والنظر فيه يستدعي فصولا
الأول
في الرهن (1) وهو وثيقة لدين المرتهن. ويفتقر إلى الإيجاب والقبول (2).
فالإيجاب: كل لفظ دل على الإرتهان، كقوله: رهنتك، أو هذه وثيقة عندك، أو ما
أدى هذا المعنى. ولو عجز عن النطق (3) كفت الإشارة. ولو كتب بيده، والحال هذه (4)
وعرف ذلك من قصده، جاز.
والقبول: هو الرضا بذلك الإيجاب (5).
ويصح الإرتهان (6)، سفرا وحضرا. وهل القبض شرط فيه؟ قيل: لا، وقيل:
نعم، وهو الأصح (7). ولو قبضه من غير إذن الراهن، لم ينعقد. وكذا لو أذن في قبضه،
ثم رجع قبل قبضه. وكذا لو نطق بالعقد، ثم جن، أو أغمي عليه، أو مات قبل
القبض (8).
وليس استدامة القبض شرطا، فلو عاد إلى الراهن أو تصرف فيه، لم يخرج عن



كتاب الرهن
(1) أي: في أصل الرهن (مقابل) الراهن، والمرتهن، وغيرهما.
وهو مثلا - أن يكون زيد مديونا لعمر بألف دينار، فيجعل زيد داره (رهنا) عند عمرو، ومعناه أن يثق عمرو بأن الألف
دينار مضمونة له، إما يعطيه زيد، أو يبيع عمرو الدار ويأخذ الألف من قيمته.
(2) والإيجاب يكون من صاحب (الدار) مثلا ويسمى الراهن، والقبول من معطي (الألف دينار) ويسمى (المرتهن).
(3) لخرس، ولو عارض.
(4) أي: مع العجز عن النطق، لا مطلقا عند المشهور.
(5) سواء كان الدال، على الرضا لفظ أو فعل، أو إشارة.
(6) أي: قبول الرهن. كناية عن (الرهن) المصدري، لتلازمهما.
(7) فلو أجرى صيغة الرهن (الإيجاب والقبول) ولم يسلم الدار للمرتهن، بطل الرهن.
(8) في كلها بطل الرهن.
(9) بأن وضعه المرتهن عنده، أو غصبه الراهن (أو تصرف) الراهن (فيه) بدون عود، بأذن المرتهن، أم لا (لم يخرج) أحكام
الرهن تكون باقية.
329
الرهانة.
ولو رهن، ما هو في يد المرتهن، لزم (10)، ولو كان غصبا، لتحقق القبض. ولو رهن ما هو
غائب، لم يصر رهنا، حتى يحضر المرتهن، - أو القائم مقامه (11) عند الرهن -، وبقبضه.
ولو أقر الراهن بالإقباض، قضي عليه (12)، إذا لم يعلم كذبه. ولو رجع (13)، لم يقبل
رجوعه.
ويسمع دعواه لو ادعى المواطاة على الإشهاد (14)، ويتوجه اليمين على المرتهن، على
الأشبه.
ولا يجوز تسليم المشاع (15) إلا برضا شريكه، سواء كان مما ينقل أو لا ينقل، على
الأشبه.
الثاني
في شرائط الرهن: ومن شرائطه أن يكون عينا مملوكا، يمكن قبضه، ويصح
بيعه، سواء كان مشاعا أو منفردا.
فلو رهن دينا، لم ينعقد. وكذا لو رهن منفعة كسكنى الدار وخدمة العبد (16).
وفي رهن المدبر تردد، والوجه (17) إن رهن رقبته إبطال لتدبيره. ولو صرح برهن



(10) بمجرد صيغة الرهن، ولا يحتاج إلى القبض، لأن القبض متحقق، كما لو كان لزيد عند عمرو كتاب، فاقترض زيد من
عمرو عشرة دنانير وقال (رهنتك كتابي الذي عندك) (ولو كان غصبا) أي: وجوده عند المرتهن بطريقة الغصب.
(11) كالوكيل، والولي.
(12) ويمنع من التصرف فيه إلا بأذن المرتهن.
(13) بأن قال: إقراري لم يكن صحيحا، بل كان كذبا، أو سهوا، أو خطأ، ونحو ذلك (لم يقبل) لعدم صحة نقض الاقرار.
(14) يعني: لو أشهد الراهن شاهدين عدلين على أنه أقبض المال (المرهون) ثم بعد ذلك ادعى إنه لم يكن قد أقبض، ولكن
نواطئ واتفق مع المرتهن على الإقرار والإشهاد حذرا من عدم توفر شاهدين عند الإقباض، قوله (يسمع دعواه) أي: يعتبر
مدعيا وعليه البينة، واليمن على المرتهن.
(15) أي: كان شئ مشتركا بالإشاعة - وهي عدم الإفراز - بين أشخاص، فيجوز لأحد الشركاء (رهن) حصته، ولكن لا
يجوز له تسليمها إلا برضا الشركاء (مما ينقل) كالكتاب، والمجوهرات، والفرش، ونحوها (لا ينقل) كالبساتين، والدور،
والأراضي، ونحوها.
(16) (دينا) كما لو كان زيد يطلب من (عمرو) ألف دينار، فلا يصح لزيد رهن هذا الألف (سكن الدار) أي: البقاء في الدار
شهرا مثلا، أو أنه يخدمك عبدي سنة لأنها كلها ليست عينا.
(17) أي: وسبب التردد (إبطال) لأنه كالبيع والهبة مناف للتدبير، فيكون رجوعا عن التدبير لأنه جائز يجوز الرجوع فيه.
330
خدمته (18)، مع بقاء التدبير، قيل: يصح، التفاتا إلى الرواية المتضمنة لجواز بيع
خدمته (19)، وقيل: لا، لتعذر بيع المنفعة منفردة (20)، وهو أشبه.
ولو رهن ما لا يملك (21)، لم يمض، ووقف على إجازة المالك. وكذا لو رهن ما يملك
وما لا يملك (22)، مضى في ملكه، ووقف في حصة شريكه على الإجازة.
ولو رهن المسلم خمرا، لم يصح (23) ولو كان عند ذمي. ولو رهنها الذمي عند المسلم،
لم يصح أيضا، ولو وضعها على يد ذمي (24)، على الأشبه.
ولو رهن أرض الخراج، لم يصح، لأنها لم تتعين لواحد (25). نعم، يصح رهن ما بها
من أبنية وآلات وشجر.
ولو رهن ما لا يصح إقباضه، كالطير في الهواء، والسمك في الماء، لم يصح رهنه (26).
وكذا لو كان مما يصح إقباضه ولم يسلمه (27). وكذا لو رهن عند الكافر عبدا مسلما أو
مصحفا (28)، وقيل: يصح ويوضع على يد مسلم، وهو أولى. ولو رهن وقفا (29)، لم
يصح.
ويصح الرهن في زمان الخيار (30)، سواء كان للبائع أو للمشتري، أولهما، لانتقال
المبيع بنفس العقد على الأشبه (31).



(18) أي: خدمة العبد المدبر، لا عينه.
(19) ففي الخبر عن الصادق عليه السلام (عن رجل أعتق جارية له في دبر حياته؟ قال: إن أراد بيعها باع خدمتها في حياته) مع
قاعدة كلما جاز بيعه جاز رهنه.
(20) وإنما يجوز بيعها منضمة إلى عين - كما عليه المصنف وجمع -.
(21) أي: لا يملكه الراهن، وإنما هو ملك لغيره.
(22) كما لو كانت أرض ملكا له ولزيد، فرهن كل الأرض.
(23) لأن المسلم لا يملك الخمر سواء كان عنده، أو عند - ذمي أي: كافر في ذمة الإسلام -
(24) أي: لا عند المسلم، لأن الخمر ليس مملوكا عند المسلمين، فلا يصح رهنه عندهم، قوله (ولو وضعها) يعني: الخمر،
فإنه يذكر ويؤنث.
(25) بل هي لعامة المسلمين (وأرض الخراج) هي الأرض المفتوحة عنوة وبالحرب (والخراج) يعني: الأجرة، لأن الإمام
يؤجرها، ويصرف الأجرة في مصالح المسلمين. (26) وإن كان مملوكا، كطير كان ملكا لزيد فطار، أو سمكة كانت مملوكة لزيد فدخلت البحر.
(27) فما دام لم يسلم (المرهون) لا يصح الرهن.
(28) لعدم جواز تسليط الكافر على القرآن، أو على العبد المسلم.
(29) أي: وقفا ذريا، لأنه هو الذي ملك، ولكنه لا يصح رهنه لتعلق حق البطون الآتية به.
(30) سواء كان خيارا أصليا كخيارات المجلس، والعيب، والغبن، أو غير أصلي كخيار الشرط.
(31) هذا مقابل لقول ضعيف بأن الملك لا ينتقل إلا بعد، تمام مدة الخيار.
331
ويصح رهن العبد المرتد ولو كان عن فطرة (32)، والجاني خطأ (33)، وفي العمد تردد، والأشبه الجواز.
ولو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل (34)، فإن شرط بيعه جاز. وإلا بطل،
وقيل: يصح ويجبر مالكه على بيعه (35).
الثالث
في الحق: وهو كل دين ثابت في الذمة، كالقرض، وثمن المبيع.
ولا يصح فيما لم يحصل سبب وجوبه (36)، كالرهن على ما يستدينه، وعلى ثمن ما
يشتريه.
ولا على ما حصل سبب وجوبه ولم يثبت، كالدية قبل استقرار الجناية (37)، ويجوز على
قسط كل حول بعد حلوله (38). وكذا الجهالة قبل الرد، ويجوز بعده (39).
وكذا مال الكتابة (40)، ولو قيل بالجواز فيه كان أشبه، ويبطل الرهن عند فسخ الكتابة
المشروطة. (41)



(32) وهو العبد الذي ولد وأحد أبويه أو كلاهما مسلم، فإنه لو ارتد، يسمى (المرتد عن فطرة) ويجب قتله حدا فوجوب قتله لا
يمنع من رهنه، لأنه ملك طلق، ما لم يقتل.
(33) لأنه في معرض الاسترقاق، وهو لا يمنع عن كونه - ما لم يسترق - ملكا طلقا.
(34) كرهن الفاكهة شهرا، في غير الثلاجة ونحوها، مما لا تبقي عادة إلى شهر.
(35) سواء شرط أم لم يشترط.
(36) أي: على حق لم يحصل سبب ثبوته، مثلا يريد أن يستدين غدا ألف دينار، فيجعل داره رهنا على ذلك الدين الذي لم
يحصل، أو يريد أن يشتري غدا بستانا بألف دينار، فيجعل هذا اليوم داره رهنا على الثمن الذي لم يحصل بعد.
(37) لو جرج زيد إنسانا، فسرى الجرح ومات، كان على زيد ديته، إن كان الجرح خطأ، أو شبه عمد، لا عمدا، فقبل
السراية، والموت لا يصح جعل الرهن على الدية، لأنه وإن حصل سبب وجوب الدية، لكنها لم تستقر بعد إذ بالموت تستقر
الدية على ذمة الجاني.
(38) إذا قتل شخص إنسانا خطأ، فليس على القاتل الدية أبدا، وإنما كل الدية على (عائلة) القاتل، وهم أقرباؤه من جهة
الأب، كالأخ والأخت، وأولادهما والأعمام، وأولادهم وهكذا يدفعونه ثلاثة أقساط، كل سنة ثلث الدية، فلا يجوز
الرهن على الدية إلا بعد كل سنة في ثلثها، لأنه قبل الحول لم يثبت الدية.
وأما القتل الشبيه بالعمد فديته على نفس القاتل، يؤديها سنتين.
(39) (الجعالة) هو جعل شئ على عمل، كمن فر عبده يقول (من رد عبدي فله دينار) وقبل رد العبد لا يستحق الذي يريد الرد
شيئا، ولذا لا يصح جعل الرهن على الدينار قبل رد العبد.
(40) بأن قال المولي للعبد المكاتب أعطني رهنا على مال الكتابة.
(41) وهي التي شرط فيها إن أتى العبد بالمال المعين إلى المدة المعينة عند ذاك يتحرر، ولا يتحرر منه جزء أبدا حتى يستوفي كل
المال. فلو لم يفعل العبد، انفسخ الكتابة، فيبطل الرهن.
332
ولا يصح على ما لا يمكن استيفاؤه من الرهن. كالإجارة المتعلقة بعين المؤجر مثل
خدمته (42). ويصح فيما هو ثابت في الذمة، كالعمل المطلق (43). ولو رهن على مال
رهنا، ثم استدان آخر، وجعل ذلك الرهن عليهما (44)، جاز.
الرابع
في الراهن (45): ويشترط فيه: كمال العقل (46)، وجواز التصرف (47). ولا ينعقد
مع الإكراه، ويجوز لولي الطفل رهن ماله، إذا افتقر إلى الاستدانة، مع مراعاة
المصلحة (48)، كأن يستهدم عقاره فيروم رمه، أو يكون له أموال، يحتاج إلى الإنفاق
لحفظها من التلف أو الانتقاص، فيرهن بذلك ما يراه من أمواله إذا كان استبقاؤها
أعود (49).
الخامس
في المرتهن (50): ويشترط فيه: كمال العقل، وجواز التصرف. ويجوز لولي
اليتيم أخذ الرهن له. ولا يجوز أن يسلف ماله، إلا مع ظهور الغبطة له (51)، كأن يبيع
بزيادة عن الثمن إلى أجل. ولا يجوز له إقراض ماله إذ لا غبطة. نعم، لو خشي على



(42) مثاله: أجر زيد نفسه على أن يعمل بنفسه شهرا لعمرو، فلا يصح لعمرو أخذ رهن من زيد على هذا الحق، لأنه إن مات
زيد، أو عصي ولم يعمل لا يمكن بيع الرهن واستيفاء العمل من ثمن الرهن، إذ الإجارة على شخص زيد لا مطلقا.
(43) مثاله: استأجر عمرو زيدا على أنه يعمل أما بنفسه أو بغيره، هنا صح أخذ الرهن من زيد، لأنه إن مات أو عصي، أمكن
بيع الرهن، واستيفاء العمل منه.
(44) مثلا: استدان ألف دينار من عمرو وجعل داره رهنا على الألف، ثم استدان ألفا آخر وجعل داره رهنا على الألفين صح إن
رضي المرتهن.
(45) وهو المديون صاحب عين الرهن.
(46) بالعقل، والبلوغ،
(47) بأن لا يكون محجورا لفلس، أو سفه، أو كونه مملوكا - بناءا على تملكه - ونحو ذلك
(48) (رهن ماله) مال الطفل (إذا افتقر) احتاج مال الطفل (إلى الاستدانة) أي: الاقتراض للطفل (مع مراعاة المصلحة)
للطفل في الاقتراض له (عقاره) أي: بستانه أو بيته (فيروم) أي: فيريد الولي (رمه) أي: بنائه (أو يكون له) للطفل
(أموال) كالخيل، والبغال والحمير ونحوها (يحتاج إلى الإنفاق) عليها بالأكل، والشرب، وإجارة الإصطبل ونحو ذلك
(لحفظها من التلف، أو الانتقاص) كالمزارع التي تحتاج إلى صرف المال عليها لكي لا تنتقض.
(49) (استبقائها) أي: إبقاء تلك المزارع مثلا (أعود) أي: أنفع من بيعها.
(50) وهو المقرض الذي يأخذ (الرهن) عنده.
(51) (يسلف ماله) أي: يبيع مال الطفل مؤجلا ثمنه، ويأخذ على ثمنه الرهن (الغبطة) أي: المصلحة للطفل، كأن لم يكن
مشتر نقدا، أو كان السلف بثمن أكثر.
333
المال، من غرق أو حرق أو نهب وما شاكله، جاز إقراضه وأخذ الرهن. ولو تعذر (52)،
اقتصر على إقراضه من الثقة غالبا (53).
وإذا شرط المرتهن الوكالة في العقد (54)، لنفسه أو لغيره، أو وضع الرهن في يد
عدل معين، لزم، ولم يكن للراهن فسخ الوكالة (55)، على تردد. وتبطل مع موته (56)،
دون الرهانة. ولو مات المرتهن، لم تنقل (57) إلى الوارث، إلا أن يشترطه. وكذا لو كان
الوكيل غيره (58).
ولو مات المرتهن، ولم يعلم الرهن، كان كسبيل ماله، حتى يعلم بعينه (59).
ويجوز للمرتهن ابتياع الرهن (60). والمرتهن أحق باستيفاء دينه من غيره من
الغرماء (61)، سواء كان الراهن حيا أو ميتا (62)، على الأشهر. ولو أعوز ضرب مع الغرماء
بالفاضل (63).
والرهن أمانة في يده لا يضمنه لو تلف. ولا يسقط به شئ من حقه ما لم يتلف
بتفريطه (64). ولو تصرف فيه بركوب أو سكنى أو إجارة، ضمن ولزمته الأجرة (65). وإن



(52) أخذ الرهن.
(53) أي: الغالب والظاهر على حاله الوثاقة، يعني: يكفي حسن الظاهر الكاشف عن الوثاقة ولا يجب العلم القطعي به.
(54) أي: شرط المرتهن من ضمن عقد الرهن، أن يكون هو وكيلا في بيع الرهن إذا لم يؤد الحق عند وقته، أو شرط أن يكون
(زيد) مثلا وكيلا في بيع الرهن، أو وضع الرهن في يد شخص عادل معين (كزيد) مثلا (لزم) هذا الشرط.
(55) لقوله عليه السلام (المؤمنون عند شروطهم) وقوله (على تردد) لأن أصل الوكالة عقد جائز، يجوز فسخه، فيحتمل أن لا
تصير لازمة بالشرط.
(56) (وتبطل) الوكالة في بيع الرهن عند الأجل (بموته) أي: بموت مالك المال المرهون - وهو الراهن -.
(57) أي: لم تنقل الوكالة (إلا أن) يكون قد (اشترطه) أي: اشترط في ضمن عقد الرهن انتقال الوكالة إلى ورثته لو مات.
(58) أي: غير المرتهن، فإنه بموت الوكيل لا تنتقل الوكالة إلى ورثته إلا مع شرطه في ضمن عقد الرهن.
(59) يعني: لو مات من عنده الرهن، ولم يعلم ما هو عين الرهن، (كان كسبيل ماله) أي: كان بحكم ماله، ولا ينتقل إلى ذمة
الميت، لاحتمال تلفه بغير تفريط - كما في الجواهر.
(60) من الراهن نفسه، أو من نفسه إذا كان وكيلا عن الراهن في بيع الرهن، فلا يجب بيع الرهن على غير المرتهن.
(61) (الغرماء) يعني: الدائنين، أي: لو كان ديان يطلبون الراهن، وبيع أملاك الراهن، ومنها الرهن قد بيع، فالمرتهن يأخذ
دينه من ثمن الرهن قبل بقية الديان، لتعلق حقه بالخصوص بهذا الرهن.
(62) (حيا) وقد حجر بالتفليس، أو ميتا وكانت ديونه أكثر من تركته.
(63) (أعوز) أي: كان الرهن أقل من طلب المرتهن، بأن كان الرهن يساوي ألفا، وكان طلب المرتهن الفين - مثلا - (ضرب)
أي: اشترك المرتهن (مع الغرماء): بقية الديان (بالفاضل) أي: بالألف الثاني.
(64) (حقه) أي: دينه الذي يطلب من الراهن (بتفريطه) أي: تقصيره في حفظ الرهن.
(65) (ضمن) لو تلف في الأثناء، لأنه تقصير، إذ لا يجوز التصرف في الرهن (ولزمته الأجرة) أي: أجرة السكنى في الدار، أو
ركوب الدار، لرد إجارته للدار والدابة، سواء كانت الإجارة إقدام أكثر، فلو آجر الدار - التي تساوي إجارتها ألفا - كان عليه
ألف لصاحب الرهن، سواء كان هو قد آجرها بألف، أم أكثر، أم أقل.
334
كان للرهن مؤنة كالدابة، أنفق عليها وتقاصا (66)، وقيل: إذا أنفق عليها، كان له
ركوبها (67) أو يرجع على الراهن بما أنفق، ويجوز للمرتهن أن يستوفي دينه مما في
يده (68)، إن خاف جحود الوارث مع اعترافه.
أو لو اعترف بالرهن، وادعى دينا، لم يحكم له وكلف البينة وله إحلاف الوارث
إن ادعى علمه (69).
ولو وطئ المرتهن الأمة (70) مكرها، كان عليه عشر قيمتها أو نصف العشر، وقيل:
عليه مهر أمثالها (71). ولو طاوعته، لم يكن عليه شئ.
وإذا وضعاه على يد عدل، فللعدل رده عليهما، أو تسليمه إلى من يرتضيانه. ولا
يجوز له تسليمه مع وجودهما إلى الحاكم، ولا إلى أمين غيرهما من غير إذنهما. ولو سلمه
ضمن (72). ولو استترا، أقبضه الحاكم.
ولو كانا غائبين وأراد تسليمه إلى الحاكم، أو عدل آخر، من غير ضرورة (73)، لم



(66) أي: سقط من كل واحد حق بمقدار حق الآخر، فلو ركب هو الدابة ركوبا قيمته عشرة دنانير، ثم كان قد أعلفها، فبمقدار
عشرة دنانير يسقط حق الرهن، والزائد أو الناقص للطرفين.
(67) أي: جاز له ركوبها، وحينئذ لا يكون تصرفا حراما، حتى يضمن لو تلف.
(68) يعني: لو كان عندي دار (زيد) رهنا مقابل ألف، ومات (زيد) وخفت أنا لو اعترفت لورثة (زيد) إن دار أبيكم
عندي، يأخذونها، ولا يعطوني الألف، فيجوز لي بيع الدار، وأخذ الألف، وإعطاء الزائد - إن كان البيع بأكثر من ألف -
للورثة.
(69) (لو اعترف) من عنده الدار، إنها لزيد، لكنها رهن عندي على ألف دينار أطلبه من زيد (لم يحكم له) بطلبه من زيد
(وكلف البينة) أي: يقال له: جئ بشاهدين عادلين يشهدان أنك تطلب من (زيد) ألفا (وله إحلاف) يعني: لو قال:
إن وارث زيد يعلم أني أطلب زيدا ألفا، يجوز له حينئذ أن يحلف الوارث، فيحلف الوارث: على أني لا أعلم أنك تطلب
من (زيد) شيئا.
(70) المرهونة عنده (مكرها) أي: جبرا وقسوة وبلا رضاها (العشر) من قيمتها إذ كانت بكرا ونصف العشر - أي 5 % - إن كانت
ثيبا.
(71) أي: لو كانت مثل هذه الأمة - في عمرها، وجمالها، وغير ذلك من أوصافها - لو كانت تزوجت كم كان مهرها؟ هذا المقدار
يسمى (مهر المثل) (طاوعته) أي: رضيت هي بالوطئ.
(72) فلو ماتت أو أصابها شئ كان ذلك العدل هو الضامن (والعدل) يعني: الشخص العادل (ولو استترا) أي: الراهن
والمرتهن أخفيا أنفسهما حتى لا يرد العدل عليهما المال المرهون، بعد أن طلب ذلك منهما - كما في الجواهر - (أقبضه) أي:
أعطاه.
(73) (الضرورة) مثل أن لا يقدر على حفظه، أو أراد أن يسافر، أو مرض خشي الموت وهكذا (ويضمن) تلفه وعيبه
ونقصه (لو سلم) إلى الحاكم بغير ضرورة.
335
يجز. ويضمن لو سلم. وكذا لو كان أحدهما غائبا. وإن كان هناك عذر، سلمه إلى
الحاكم. ولو دفعه إلى غيره (74) من غير إذن الحاكم ضمن. ولو وضعه على يد عدلين، لم
ينفرد به أحدهما (75)، ولو أذن له الآخر.
ولو باع المرتهن أو العدل الرهن، ودفع الثمن إلى المرتهن، ثم ظهر فيه عيب، لم
يكن للمشتري الرجوع على المرتهن (76).
أما لو استحق الرهن (77)، استعاد المشتري الثمن منه. وإذا مات المرتهن، كان
للراهن الامتناع من تسليمه إلى الوارث. فإن اتفقا (78) على أمين، وإلا سلمه الحاكم إلى
من يرتضيه. ولو خان العدل، نقله الحاكم إلى أمين غيره، إن اختلف المرتهن
والمالك (79).
السادس
في اللواحق وفيه مقاصد:
الأول: في أحكام متعلقة بالراهن لا يجوز للراهن: التصرف في الرهن باستخدام،
ولا سكنى، ولا إجارة (80).
ولو باع أو وهب، وقف على إجازة المرتهن، وفي صحة العتق مع الإجازة
تردد (81)، والوجه الجواز. وكذا المرتهن (82). وفي عتقه مع إجازة الراهن تردد، والوجه
المنع، لعدم الملك ما لم يسبق الإذن.



(74) أي: إلى غير الحاكم الشرعي في حال الضرورة.
(75) أي: ليس لأحد العدلين بانفراده تولى حفظ الرهن كيف ما رأى، حتى ولو أذن له الآخر وقال أنت احفظه كما ترى، لأن
الأمين سلمه إليها بشرط الاجتماع.
(76) ولا على العدل الذي كان المال المرهون أمانة عنده، بل يرجع على الراهن وهو صاحب المال.
(77) أي: كان غير مملوك للراهن، بل لغيره إما بالغصب، أو غيره (منه) أي من المرتهن أو العدل البائع
(78) أي: الراهن وورثة المرتهن (يرتضيه) الراهن.
(79) (خان العدل) الذي وضع عنده المال المرهون، بأن تصرف فيه مثلا كما لو كان الرهن دار فسكنها، أو أرضا فزرعها، أو
فرشا ففرشها في بيته، وهكذا (إن اختلف) أي: قال أحدهما ليبقى عنده، وقال الآخر لننقله منه إلى غيره.
(80) (للراهن) وإن كان الملك له، لأنه ملك محجور من التصرف فيه (باستخدام) كعبد ودابة (سكنى) كدار، وبستان
(إجارة) بأن يؤجر الرهن أي شئ كان.
(81) لاحتمال عدم صحة التعليق في الإيقاعات.
(82) فإنه لو باع أو وهب - يكون فضوليا - ويتوقف على إجازة المالك (وهو الراهن) (مع إجازة) أي: الإجازة بعد العتق
(والإذن) هو الإجازة قبلا.
336
ولو وطئ الراهن فأحبلها، صارت أم ولده، ولا يبطل الرهن.
وهل تباع (83)؟ قيل: لا ما دام الولد حيا، وقيل: نعم، لأن حق المرتهن
أسبق، والأول أشبه.
ولو وطأها الراهن بإذن المرتهن، لم يخرج عن الرهن بالوطء. ولو أذن له في
بيعها (84) فباع، بطل الرهن، ولا يجب جعل الثمن رهنا. ولو أذن الراهن للمرتهن في
البيع قبل الأجل، لم يجر للمرتهن التصرف في الثمن، إلا بعد حلوله. ولو كان بعد
حلوله (85) صح. وإذا حل الأجل. وتعذر الأداء، كان للمرتهن البيع إن كان وكيلا (86)،
وإلا رفع أمره إلى الحاكم، ليلزمه بالبيع. فإن امتنع كان له (87) حبسه، ولو أن يبيع عليه.
الثاني: في أحكام متعلقة بالرهن: الرهن لازم من جهة الراهن، ليس له انتزاعه (88)،
إلا مع إقباض الدين، أو الإبراء منه، أو تصريح المرتهن بإسقاط حقه من الارتهان. وبعد
ذلك (89) يبقى الرهن أمانة في يد المرتهن. ولا يجب تسليمه إلا مع المطالبة. ولو شرط إن
لم يؤد، أن يكون الرهن مبيعا (90)، لم يصح، ولو غصبه ثم رهنه صح، ولم يزل
الضمان (91). وكذا لو كان في يده ببيع فاسد (92). ولو أسقط عنه الضمان، صح. وما
يحصل من الرهن من فائدة، فهي للراهن (93).



(83) فيما إذا لم يؤد الراهن ما في ذمته.
(84) أي: أذن المرتهن للراهن في بيع الأمة المرهونة، (جعل الثمن) أي: ثمن الأمة المرهونة.
(85) (ولو كان) الأذن في البيع (بعد حلوله) أي: بعد حلول الأجل الذي وضع لا داء الحق.
(86) أي: إن كان الراهن جعل المرتهن - في عقد الرهن - وكيلا على بيع الرهن إن لم يؤد الحق.
(87) كان (له) أي للحاكم (وله) أي: للحاكم (الجواهر: ومقتضاه التخيير بين الأمرين)
(88)) أي: أخذه من المرتهن (إقباض الدين) أي: إعطاء الراهن الدين للمرتهن (والابراء) أي إبراء المرتهن ذمة الراهن (أو
تصريح المرتهن) بأن يقول المرتهن: أسقط حقي في الرهن.
(89) أي: بعد ما ذكر من (الإقباض) أو (الإبراء) (أو الإسقاط).
(90) بأن يقول في عقد الرهن (رهنتك الكتاب إلى سنة بشرط أن يكون الكتاب مبيعا إن لم أؤد الدين وإنما يجب أن يقول:
(بشرط أن يصح بيع الكتاب إن لم أؤد الدين)، وإنما لا يجوز الأولى - ويسمى بشرط النتيجة - لأن البيع لا يتحقق
بالشرط، بل بالعقود ما في حكمه.
(91) (ولو غصبه) مثلا زيد كتاب عمرو، ثم ارتهن زيد الكتاب من عمرو (صح) الرهن (ولم يزل الضمان) أي: بقي
ضمان زيد للكتاب، إلا إذا أذن عمرو بالقبض بعد الرهن، لأن الرهن شئ، والقبض شئ آخر، ولا يدل الرهن على
القبض.
(92) مثلا: اشترى بكره، وإجبار كتاب عمرو، ثم ارتهنه من عمرو، أيضا يحتاج إلى قبض جديد.
(93) لأنه المالك، كلبن الشاة، وثمرة الشجرة، وغيرهما.
337
ولو حملت الشجرة، أو الدابة، أو المملوكة بعد الإرتهان، كان الحمل رهنا
كالأصل، على الأظهر.
ولو كان في يده رهنان، بدينين متغايرين (94)، ثم أدى أحدهما، لم يجز إمساك
الرهن الذي يخصه بالدين الآخر. وكذا لو كان له دينان، وبأحدهما رهن، لم يجز له أن
يجعله رهنا بهما (95)، ولا أن ينقله إلى دين مستأنف (96). وإذا رهن مال غيره بإذنه، ضمنه
بقيمته إن تلف أو تعذر إعادته (97). ولو بيع بأكثر من ثمن مثله، كان له المطالبة بما بيع
به (98).
وإذا رهن النخل، لم يدخل الثمرة، وإن لم تؤبر (99). وكذا إن رهن الأرض، لم
يدخل الزرع ولا الشجر ولا النخل (100). ولو قال: بحقوقها دخل، وفيه تردد، ما لم
يصرح (101). وكذا ما ينبت في الأرض بعد رهنها، سواء أنبته الله سبحانه (102) أو الراهن
أو الأجنبي، إذا لم يكن الغرس من الشجر المرهون (103).
وهل يجبر الراهن على إزالته؟ قيل: لا، وقيل: نعم، وهو الأشبه. ولو رهن لقطة
مما يلقط كالخيار (104)، فإن كان الحق يحل قبل تجدد الثانية، صح. وإن كان متأخرا،
تأخرا يلزم منه اختلاط الرهن بحيث لا يتميز (105)، قيل: يبطل، والوجه إنه لا يبطل.



(94) كما لو استدان زيد من عمرو ألف دينار إلى شهر وأعطاه داره رهنا، واقترض منه أيضا خمسمائة دينار إلى سنة وأعطاه دكانه
رهنا، ثم أدى الألف، فليس لعمرو حبس الدار على الخمسمئة
(95) كما لو لم يعط رهنا في مقابل الخمسمئة - في المثال - بل كان دينا بلا رهن، فلا يصح جعل الدار رهنا على جميع الألف
والخمسمئة، إلا بتراضيهما معا.
(96) وفي صورة رقم (95) لا يصح نقل الدار رهنا على خمسمئة فقط.
(97) لو رهنت أنا دار زيد لدين كان بذمتي، أكون ضامنا قيمة الدار، إن تلفت، أو تعذرت إعادتها لانقضاء المدة، وبيع المرتهن
لها.
(98) مثلا: لو كانت الدار تساوي ألفا، ولكنها بيعت بألف، كان لزيد المطالبة بألف ومئة.
(99) أي: لم تلقح بعد ولم تصلح.
(100) في الرهن.
(110) التصريح: هو أن يقول (رهنتك هذه الأرض بما فيها من أشجار ونخيل) أو (رهنتك النخلة بما فيها من ثمر)، لأن كلمة
(حقوقها) لا ظهور لها.
(102) كالعشب والشوك
(103) أي: لم يكن داخلا في الرهن.
(104) بأن قال - مثلا - رهنتك لقطة من خيار هذه المزرعة (يحل) أي: يحين وقت أداء الدين (الثانية) أي: قبل اللقطة الثانية، لأن
مثل الخيار تلقط في كل سنة عدة مرات غالبا.
(105) كما لو كانت اللقطة الثانية أوانها شهر رجب، وأجل الدين شهر رمضان.
338
وكذا البحث، في رهن الخرطة مما يخط، والجزة مما يجز (106).
وإذا جنى المرهون عمدا (107)، تعلقت الجناية برقبته، وكان حق المجني عليه أولى
به (108)، وإن جنى خطأ، فإن افتكه المولى بقي رهنا، وإن سلمه كان للمجني عليه منه
بقدر أرش الجناية، والباقي رهن. وإن استوعبت الجناية قيمته، كان المجني عليه أولى به
من المرتهن (109). ولو جنى على مولاه عمدا، اقتص منه، ولا يخرج عن الرهانة (110).
ولو كانت الجناية نفسا، جاز قتله (111). أما لو كانت خطأ، لم يكن لمولاه عليه
شئ (112)، وبقي رهنا. ولو كانت الجناية على من يرثه المالك، ثبت للمالك ما ثبت
للموروث من القصاص (113)، أو انتزاعه في الخطأ إن استوعبت الجناية قيمته، أو إطلاق
ما قابل الجناية إن لم يستوعب.
ولو أتلف الرهن متلف، ألزم بقيمته وتكون (114) رهنا، ولو أتلفه المرتهن. لكن لو
كان وكيلا في الأصل (115)، لم يكن وكيلا في القيمة، لأن العقد لم يتناولها.
ولو رهن عصيرا، فصار خمرا، بطل الرهن. فلو عاد خلا، عاد إلى ملك
الراهن (116).



(106) فإنه يصح جعل خرطة واحدة، وجزة واحدة رهنا، ولو كان أجل الدين بعد وصول وقت الخرطة (الثانية والجزة الثانية
(والخرطة) هي وضع اليد على أعلى الغصن الذي فيه الورق، وجرها بقوة لتتساقط أوراقه، وذلك فيما لورقة فائدة،
كالحناء، وورق العنب، ونحوهما (والجزة) تقال لما يقطع بالمنجل ونحوه: كالبقول وألقت، ونحوهما.
(107) بأن كان عبد رهنا، أو كانت أمة رهنا، فجنى عمدا على شخص، بأن قتل، أو كسر، أو أعمى ونحو ذلك.
(108) (برقبته) يعني: تنتقل عين العبد إلى المجني عليه - يعني الشخص الذي جني عليه العبد. - (به) أي: بالعبد، من حق
المرتهن (خطأ) إذا جنى عبد جناية خطأ، كما لو رمى العبد حيوانا فأصابت الرمية إنسانا كان المولي مخيرا بين تسليم العبد
للمجني عليه، وبين فك العبد بأرش الجناية.
(109) فيأخذ المجني العبد رقا لنفسه، وتبطل الرهانة.
(110) إذا كانت الجناية على عضو بحيث بقي العبد بلا يد، أو بلا رجل، ونحو ذلك.
(111) (نفسا) بأن قتل العبد مولاه (جاز) للورثة (قتله) قصاصا.
(112) إذ العبد مال المولى، ولا يستحق على ماله مالا.
(113) (من يرثه المالك) وهو الراهن، فإن كان قتل العبد المرهون أب الراهن - مثلا - جاز للراهن المالك للعبد قتله قصاصا
ويبطل الرهن حينئذ، (أو انتزاعه أي، أخذ العبد المرهون من يد المرتهن (في) القتل (الخطأ إن استوعبت) أي: كانت
الجناية بمقدار قيمة العبد (أو أطلاق) أي: الانفكاك من الرهن بمقدار الجناية.
(114) تلك القيمة (ولو أتلفه) أي: حتى لو أتلف الرهن نفس المرتهن، فإن قيمته تبقى رهنا عنده.
(115) أي: وكيلا في بيع الرهن بعد حلول الأجل وعدم أداء الحق و (في الأصل) أي: في نفس عين الرهن.
(116) قال في الجواهر: (فإذا عاد الملك عادت الرهانة حينئذ مع الملك) -
339
ولو رهن من مسلم خمرا، لم يصح. فلو انقلب في يده خلا، فهو له (117)
على تردد. وكذا لو جمع خمرا مراقا (118). وليس كذلك لو غصب عصيرا (119).
ولو رهنه بيضة فاحضنها (120)، فصارت في يده فرخا، كان الملك والرهن باقيين.
وكذا لو رهنه حبا فزرعه. وإذا رهن اثنان عبدا بينهما بدين عليهما، كانت حصة كل واحد
منهما رهنا بدينه (121). فإذا أداه، صارت حصته طلقا، وإن بقيت حصة الآخر.
المقصد الثالث: في النزاع الواقع فيه وفيه مسائل:
الأولى: إذا رهن مشاعا (122)، وتشاح الشريك والمرتهن في إمساكه، انتزعه الحاكم
وآجره إن كان له أجرة، ثم قسمها بينهما بموجب الشركة، وإلا استأمن عليه من شاء، قطعا
للمنازعة.
الثانية: إذا مات المرتهن، انتقل حق الرهانة إلى الوارث، فإن امتنع الراهن من
استئمانه (123)، كان له ذلك، فإن اتفقا على أمين، وإلا استأمن عليه الحاكم.
الثالثة: إذا فرط (124) في الرهن وتلف، لزمه قيمته يوم قبضه، وقيل: يوم هلاكه وقيل: أعلى القيم. فلو اختلفا في القيمة، كان القول قول الراهن، وقيل: القول قول
المرتهن (125)، وهو الأشبه.



(117) أي: للثاني، لأنه أخذ الخمر ولا مالية له، وصار مالا عنده (على تردد) لأحتمال كونه للأول.
(118) بأن أراق شخص خمره، وجمعه ثان، ثم صار خلا عند الثاني، فإنه للثاني - على تردد.
(119) وصار خمرا عند الغاصب، فإنه لو صار ثانيا خلا، كان للأول، لأن الثاني أخذه وهو مملوك وله مالية.
(120) أي: جعل المرتهن البيضة في حضن دجاجة حتى صارت فرخا (فالملك) للراهن، والرهن بيد المرتهن.
(121) مثلا: عبد كان نصفه لزيد، ونصفه لعمرو، فأقترض زيد المئة دينار، وعمرو خمسين دينارا وجعلا العبد رهنا على المائة
والخمسين لكليهما، كان كل نصف رهنا على دينه، فلو دفع صاحب مئة دينه، انفك رهن نصف العبد، وبقي النصف
الآخر رهنا على الخمسين (طلقا) أي فكا من الرهن.
(122) كما لو كانت دار بين شريكين بالإشاعة، بأن كل واحد منهما شريكا، في كل جزاء جزء من الدار (في إمساكه) فكل واحد
يريد أن يجعل الدار تحت يده (قسمها بينهما) أي: قسم الأجرة بين الشريك، وبين المرتهن - على ظاهر قول الماتن - (وإلا)
أي: إن لم يكن قابلا للإجارة، كعقيق مشترك مشاعا، جعل أحد الشريكين حصته رهنا على دين أو حق (استأمن) أي:
جعل الحاكم أمانة عند أحد.
(123) أي: قال الراهن أنا لا اعتبر الوارث أمينا حتى أسلم مالي بيده (اتفقا) الراهن ووارث لمرتهن (استأمن) أي: جعل أمينا
آخر.
(124) أي: المرتهن، يعني: قصر في حفظه، وتلف، أو مات، أو سرق، أو نحو ذلك (يوم هلاكه) أي: تلفه.
(125) (قول الراهن) مع القسم (قول المرتهن) مع القسم).
340
الرابعة: لو اختلفا (126) فيما على الرهن، كان القول قول الراهن، وقيل: القول
قول المرتهن، ما لم يستغرق دعواه ثمن الرهن (127)، والأول أشهر.
الخامسة: لو اختلفا في متاع، فقال أحدهما هو وديعة، وقال الممسك هو
رهن (128)، فالقول قول المالك، وقيل: قول الممسك، والأول أشبه.
السادسة: إذا أذن المرتهن للراهن في البيع ورجع (129)، ثم اختلفا، فقال
المرتهن: رجعت قبل البيع، وقال الراهن: بعده، كان القول قول المرتهن، ترجيحا
لجانب الوثيقة، إذ الدعويان متكافئتان (130).
السابعة: إذا اختلفا فيما يباع به الرهن (131)، بيع بالنقد الغالب في البلد، ويجبر الممتنع. ولو طلب كل واحد منهما، نقدا غير النقد الغالب (132)، وتعاسرا، ردهما
الحاكم إلى الغالب، لأنه الذي يقتضيه الإطلاق. ولو كان للبلد نقدان غالبان، بيع
بأشبههما بالحق (133).
الثامنة: إذا ادعى رهانة شئ، فأنكر الراهن، وذكر إن الرهن غيره (134)، وليس هناك
بينة، بطلت رهانة ما ينكره المرتهن، وحلف الراهن على الآخر، وخرجا عن الرهن.



(126) فقال الراهن - مثلا - كان رهنا على دين ألف دينار، وقال المرتهن، بل كان على ألف وخمسمائة.
(127) فإن كانت قيمة الدار ألفا، و ادعى المرتهن إن الدين ألف وخمسمئة، ففي الألف يقبل قوله مع القسم وأما في الزائد فيجب
عليه البينة، وأن لم تكن بينة يقبل قول الراهن في عدم الزيادة مع القسم.
(128) (الممسك) أي: الذي بيده المتاع، وسبب اختلافهما: إن الوديعة يجوز لصاحبها أخذها أي وقت شاء، وأما الرهن - فكما
مر عند رقم (88) - لا يجوز للمالك أخذه متى شاء.
(129) أي: ثم رجع عن إذنه وقال: لا تبعة بل يبقى رهنا عندي.
(130) من جهة أن الأصل عدم وقوع البيع قبل الرجوع، والأصل عدم وقوع الرجوع قبل البيع، فكلاهما يوافق قولهما الأصل،
فليس في البين المدعي والمنكر.
(131) فقال أحدهما: يباع بالدينار العراقي، وقال الآخر: بالتومان الإيراني (الغالب) أي: النقد الذي يتعامل به غالبا في ذلك
البلد، فإن كانا في العراق يجب بيعه بالدينار العراقي، وإن كان في إيران يجب بيعه بالتومان الإيراني.
(132) كما لو كانا في العراق، وطلب أحدهما بيعه بالدينار الكويتي، وطلب الآخر بيعه بالتومان الإيراني (وتعاسرا) أي: أصر كل واحد منهما على رأيه ولم يتنازل للآخر.
(133) أي: بالدين الذي جعل الرهن عليه، أو نحو الدين (هذا) إذا هناك أشبه (كما) لو كان الحق ألف دينار عراقي، وتعاسرا
بين البيع بالدينار الكويتي، والتومان الإيراني، بيع بالدينار الكويتي لأنه أشبه إلى الدينار العراقي من التومان، لأن كليهما
دينار.
(134) مثلا: قال المرتهن: دارك رهن عندي، وقال الراهن: بل الرهن بستاني لا داري، (ينكره المرتهن) وهو البستان،
لاعترافه بعدم كونه رهنا (على الآخر) على أن الدار ليست رهنا (وخرجا) أي: الدار والبستان.
341
التاسعة: لو كان له دينان، أحدهما برهن فدفع إليه مالا، واختلفا (135)، فالقول
قول الدافع لأنه أبصر بنيته. وإن اختلفا في رد الرهن (136)، فالقول قول الراهن مع يمينه،
إذا لم يكن بينة.



(135) في كون هذا المال وفاءا عن أي دين، هل عن الدين الذي كان الرهن عليه حتى ينفك الرهن، أم عن الدين الذي لم يكن له
رهن، حتى يبقى الرهن.
(136) بأن كان الرهن كتابا - مثلا - فقال المرتهن: رددت عليك الكتاب، وقال الراهن لا (قول الراهن) لأنه المنكر.
342
كتاب المفلس
المفلس (1) هو الفقير الذي ذهب خيار ماله، وبقيت فلوسه.
والمفلس (2): هو الذي جعل مفلسا، أي منع من التصرف في أمواله، ولا يتحقق
الحجر (3) عليه إلا بشروط أربعة:
الأول: أن تكون ديونه ثابتة عند الحاكم (4).
الثاني: أن تكون أمواله قاصرة عن ديونه، ويحتسب من جملة أمواله معوضات
الديون (5).
الثالث: أن تكون حالة.
الرابع: أن يلتمس الغرماء (6) أو بعضهم الحجر عليه. ولو ظهرت إمارات الفلس (7)،
لم يتبرع الحاكم بالحجر، وكذا لو سأل هو الحجر. وإذا حجر عليه، تعلق به منع التصرف،
لتعلق حق الغرماء، واختصاص كل غريم بعين ماله (8)، وقسمة أمواله بين غرمائه.
القول: في منع التصرف.



كتاب المفلس
(1) بكسر اللام (خيار ماله) أي: أمواله الحسنة المهمة، كالدنانير، والدراهم، والأراضي، ونحو ذلك (فلوسه) أي: الفلوسه،
الحمراء التي ليس لها قيمة كثيرة.
(2) بفتح اللام، والبحث في هذا الكتاب عن هذا، لا عن الفلس بالكسر.
(3) الحجر) هو المنع عن التصرف في ماله.
(4) أي: يثبت عند الحاكم إنه مديون.
(5) أي: الأعيان التي لأجلها مديون، كما لو اشترى نسيئة دارا، أو اقترض كتابا، فالدار والكتاب يقال لهما من معوضات الديون،
(6) أي: يطلب أصحاب الحق كلهم أو بعضهم، من الحاكم الشرعي.
(7) كما لو بلغت ديونه أكثر مما يملك (لو سأل هو) أي: طلب المديون من الحاكم الحجر عليه.
(8) بعني: كل دائن عين ماله موجود، يأخذها، وكل دائن ليس عين ماله موجودا يشترك مع البقية في تقسيم الأموال عليهم
343
ويمنع من التصرف، احتياطا للغرماء (9)، فلو تصرف، كان باطلا، سواء كان بعوض، كالبيع
والإجارة، أو بغير عوض كالعتق والهبة. أما لو أقر بدين سابق (10) صح، وشارك المقر له الغرماء.
وكذا لو أقر بعين دفعت إلى المقر له، وفيه تردد، لتعلق حتى الغرماء بأعيان ماله (11). ولو قال: هذا
المال مضاربة لغائب (12)، قيل: يقبل قوله مع يمينه ويقر في يده. وإن قال لحاضر وصدقه (13)، دفع
إليه، وإن كذبه قسم بين الغرماء. ولو اشترى بخيار (14)، وفلس والخيار باق، كان له إجازة البيع
وفسخه، لأنه ليس بابتداء تصرف. ولو كان له حق، فقبض دونه (15)، كان للغرماء منعه. ولو
أقرضه إنسان مالا بعد الحجر، أو باعه بثمن في ذمته (16)، لم يشارك الغرماء وكان ثابتا في ذمته. ولو
أتلف مالا (17) بعد الحجر، ضمن، وضرب صاحب المال مع الغرماء. ولو أقر بمال مطلقا، وجهل
السبب (18)، لم يشارك المقر له الغرماء، لاحتماله ما لا يستحق به المشاركة (19). ولا تحل الديون
المؤجلة بالحجر، وتحل بالموت (20).
القول: في اختصاص الغريم بعين ماله.
ومن وجد منهم عين ماله، كان له أخذها، ولو لم يكن (21) سواها، وله أن يضرب مع



(9) أي: سبب المنع عن التصرف من جهة الاحتياط لحق الغرماء حتى لا يصير ماله أقل.
(10) أي: سابق على حق الغرماء، لا لا حق، مثلا: حجر عليه في شعبان، فأقر بأن عليه دين آخر لزيد حل وقته في شهر رجب قبل
منه، أما لو أقر بدين لاحق، في شهر رمضان - مثلا - فلا، لسبق الحجر.
(11) فيكون إقراره ضررا على الغرماء، والإقرار المعتبر هو الذي يكون ضررا على نفس المقر لا غيره.
(12) أي: لشخص غائب، وإنه له أعطاه لي حتى أتاجر فيه، والربح بيننا.
(13) أي: صدقة ذلك الحاضر المقر له.
(14) مثلا: اشترى دارا بألف، وجعل لنفسه الخيار إلى شهر، وقبل تمام الشهر حجر عليه، جاز له فسخ هذا البيع، وأخذ الألف،
فيكون الألف للغرماء، وجاز له إبقاء البيع فيكون الدار للغرماء
(15) مثلا: كأن يطلب شخصا ألف دينار، فقبض تسعمئة وأبرأ عن الباقي.
(16) أما لو باعه بثمن معين فالبيع باطل - كما - سبق
(17) كما لو كسر إناءا، أو أحرق كتابا (ضرب) أي: اعتبر صاحب الإناء والكتاب واحدا من الغرماء.
(18) أي: سبب انشغال ذمة المحجور عليه.
(19) كالذين بعد الحجر، ونحوه.
(20) يعني: لو كان على زيد ألف دينار ويحل أجله في شهر رمضان، فإن مات زيد قبل شهر رمضان حل دينه، وإن حجر عليه لم يحل
الألف، بل يبقى الألف في ذمته، ويأخذ الغرماء أمواله، فإذا صار شهر رمضان حل الألف، فإن كان عنده أعطى،
وإلا (فنظرة
إلى ميسرة).
(21) أي: لم يكن للمحجور عليه غير تلك العين شئ آخر، فيأخذ صاحبها ماله، وبقية الديان يبقون بلا شئ (وله أن يضرب) أي
يأخذ حصة مثل سائر الديان سواء وفي ما عنده بجميع الديون أم لا.
344
الغرماء بدينه، سواء كان وفاءا أو لم يكن، على الأظهر.
أما الميت، فغرماؤه سواء في التركة (22)، إلا أن يترك نحوا مما عليه فيجوز حينئذ
لصاحب العين أخذها. وهل الخيار في ذلك (23) على الفور؟ قيل: نعم، ولو قيل
بالتراخي، جاز. ولو وجد بعض المبيع سليما (24)، أخذ الموجود بحصته من الثمن، وضرب
بالباقي مع الغرماء. وكذا إن وجده معيبا با بعيب، قد استحق أرشه، ضرب مع الغرماء بأرش
النقصان.
أما لو عاب بشئ من قبل الله سبحانه، أو جناية من المالك (25)، كان مخيرا بين أخذه
بالثمن وتركه.
ولو حصل منه نماء منفصل، كالولد واللبن، كان النماء للمشتري (26)، وكان له أخذ
الأصل بالثمن. ولو كان النماء متصلا، كالسمن أو الطول، فزادت لذلك قيمته، قيل: له
أخذه، لأن هذا النماء يتبع الأصل، وفيه تردد. وكذا لو باعه نخلا وثمرتها قبل بلوغها،
وبلغت بعد التفليس.
أما لو اشترى حبا فزرعه وأحصد، أو بيضة فأحضنها وصار منها فرخ، لم يكن له
أخذه، لأنه ليس عين ماله (27). ولو باعه نخلا حائلا فأطلع، أو أخذ النخل قبل تأبيره، لم
يتبعها الطلع.
وكذا لو باع أمة حائلا فحملت، ثم فلس فأخذها البائع، لم يتبعها الحمل (28) ولو
باع شقصا وفلس المشتري، كان للشريك المطالبة بالشفعة، ويكون البائع أسوة مع الغرماء في



(22) (فغرماؤه سواء) من عين ماله موجودة، وغيره (في التركة) وهي ما تركه الميت من أموال، (مما عليه) بأن كانت أموال الميت
ديونه أو أكثر، وحينئذ لصاحب العين أخذ عين ماله.
(23) به في أخذ غير ماله، أو غيرها - فيما فيه الخيار، في الميت أو الحي - (على القدر) بحيث لو لم يختر فورا، فليس عليه أخذ عين ماله
بل يصير واحدا من الديان.
(24) مثلا: كان قد باعه عشرة كتب، فوجد ثلاثة منها، أخذها بحسب قيمتها من الثمن الذي باعه بذلك الثمن (معيبا كما ولو وجد) الكتاب الذي كان باعه منه، وجده ممزقا (بأرش النقصان) أي: قيمة النقصان بالنسبة إلى الثمن).
(25) (من قبل الله سبحانه) أي: بلا تصرف من أحد، كما لو سقط الخروف فانكسرت رجله. (جناية من المالك) كما لو كسر المالك
رجل الخروف (كان مخيرا) فلا أرش.
(26) وهو المفلس (وكان له) للبائع (بالثمن) أي: بلا أرش وقيمة النماء (كالسمن) في الحيوانات (أو الطول) كما في الأشجار (قيل له)
للبائع، (قبل بلوغها) أي: قبل نضوح الثمرة، فإن فيه ترددا، هل للبائع أخذ الثمرة أم لا.
(27) بل يضرب مع الديان بالثمن (حائلا أي بلا ثمر).
(28) بل إذا ولد أخذه المشتري - إذا لم يكن الولد من المشتري الحر، وإلا فالولد حر، وأمها أم ولد
345
الثمن (29).
ولو فلس المستأجر (30)، كان للمؤجر فسخ الإجارة ولا يجب عليه إمضاؤها، ولو بذل الغرماء الأجرة.
ولو اشترى أرضا، فغرس المشتري فيها أو بنى، فلس، كان صاحب الأرض أحق
بها، وليس له (31) إزالة الغروس ولا الأبنية. وهل له ذلك مع بذل الأرش (32)؟ قيل:
نعم، والوجه المنع. ثم يباعان فيكون له ما قابل الأرض، وإن امتنع بقيت له الأرض،
وبيعت الغروس والأبنية منفردة.
ولو اشترى زيتا، فخلطه بمثله، لم يبطل حق البائع من العين (33)، وكذا لو خلطه
بدونه، لأنه رضي بما دون حقه. ولو خلطه بما هو أجود، قيل: يبطل حقه من العين،
ويضرب بالقيمة مع الغرماء.
ولو نسج الغزل، أو قصر الثوب، أو خبز الدقيق، لم يبطل حق البائع من العين،
وكان للغرماء ما زاد بالعمل (34).
ولو صبغ الثوب، كان شريكا للبائع بقيمة الصبغ، إذا لم ينقص قيمة الثوب به. وكذا
لو عمل المفلس فيه، عملا بنفسه، كان شريكا للبائع بقدر العمل (35).
ولو أسلم في متاع، ثم أفلس المسلم إليه (36)، قيل: إن وجد رأس ماله أخذه، وإلا



(29) (شقصا) أي: قسما (أسوة) يعني: مساويا، يعني لو كان زيد وعمرو شريكان في أرض، فباع زيد حصته نسيئة، ثم أفلس
المشتري، كان لعمرو الأخذ بالشفعة، فيأخذ عمرو الأرض، ويعطي ثمنها للمشتري، ولا يختص زيد بثمن أرضه، بل يكون
البائع (زيد) مساويا لغيره من الغرماء في ثمن الأرض، يأخذ بنسبة دينه.
(30) ولم يكن بذل الأجرة.
(31) أي: ليس للبائع.
(32) أي: قيمة نقص الغروس والأبنية بالقلع والهدم (يباعان) أي: الأرض، وما عليها من غرس أو بناء.
(33) وإنما يصير شريكا مع صاحب الزيت الآخر.
(34) (الغزل) هو الخيوط المغزولة من الأصواف أو القطن أو الكتاب (قصر) أي: غسل ونظف. (ما زاد) أي: زيادة القيمة يدفعها
البائع بعد أخذ عينه.
(35) أي زادت القيمة بذاك العمل، كالقطن ندفه، والعبد علمه الكتابة، وهكذا.
(36) مثلا: زيد أعطى لعمرو مئة دينار، سلما على أن يعطيه عمرو بعد شهر مئة كيلو من الأرز، وقبل تمام الشهر صار عمرو محجورا عليه
للفلس (قيل) إن وجد زيد نفس المئة دينار أخذها (وقيل) لزيد الخيار بين أن يطالب بمائة دينار مع الغرماء، وبين أن يطالب بقيمة
مائة كيلو من الأرز، وأن كانت قيمته أكثر من مائة دينار.
346
ضرب مع الغرماء بالقيمة، وقيل: له الخيار بين الضرب بالثمن، أو بقيمة المتاع، وهو
أقوى.
ولو أولد الجارية، ثم فلس، جاز لصاحبها انتزاعها وبيعها (37). ولو طالب بثمنها،
جاز بيعها في ثمن رقبتها، دون ولدها.
وإذا جني عليه (38) خطأ، تعلق حق الغرماء بالدية. وإن كان عمدا، كان بالخيار بين القصاص، وأخذ الدية إن بذلت له. ولا يتعين عليه قبول الدية، لأنها اكتساب، وهو
غير واجب.
نعم، لو كان له دار أو دابة (39)، وجب أن يؤاجرها. وكذا لو كانت له مملوكة، ولو
كانت أم ولد.
وإذا شهد للمفلس شاهد بمال (40)، فإن حلف استحق. وإن امتنع، هل يحلف
الغرماء؟ قيل: لا، وهو الوجه، وربما قبل: بالجواز، لأن في اليمين إثبات حق للغرماء.
وإذا مات المفلس حل ما عليه، ولا يحل ماله (41)، وفيه رواية أخرى مهجورة (42).
وينظر المعسر (43)، ولا يجوز إلزامه ولا مؤاجرته، وفيه رواية أخرى مطروحة.
القول في قسمة ماله.



(37) لأنها وإن كانت أم ولد، ولكن يجوز بيع أم الولد في ثمن رقبتها، وأما جواز بيعها للمالك فلأنها ليست أم ولد له، بل لغيره (دون
ولدها) لأنه حر.
(38) أي: على المفلس، (بالدية) يعي: تكون الدية للغرماء، لأنها مال المفلس، وليس للمفلس العفو عن الدية، لأنه تصرف في
المال.
(39) موقوفة عليه كما - في المسالك -، وهذا القيد لأن الدار المملوكة طلقا، إن كان جالسا فيها فلا تباع ولا تؤجر، وإن كانت زائدة تباع في
الدين، فيبقى ما كان وقفا عليه، حيث إنها لا تباع وإن كانت زائدة من مستثنيات الدين، (وكذا لو كانت مملوكة له) موقوفة عليه.
(40) يعني: إذا شهد شاهد أن للمفلس مال آخر (فإن حلف) الشاهد على ذلك (استحق) ذلك المال وصار للغرماء، لأن الشاهد
الواحد واليمين يثبت بهما المال، (وإن امتنع)
الشاهد من الحلف، لم يثبت ذلك المال بشاهد واحد (وهو الوجه) لأن الحلف لا بد
كونه من نفس الشاهد.
(41) أي: حل ما يطلبه الناس ولو لم يصل وقت أجل فيضربون مع الغرماء (ولم يحل) ما يطلبه المفلس هو من الناس.
(42) أي: متروكة لم يعمل بها علماء الشيعة، وعدم عملهم بها دليل على عدم حجيتها وهي رواية بصير تقول بحلول ديونه على الناس
أيضا.
(43) (ينظر) يمهل) المعسر) المديون الذي ليس له ما يؤدي دينه (إلزامه) بالكسب (ولا مؤاجرته) وهي أن يؤجر المعسر لعمل حتى
يستوفي مقدار الدين (مطروحة) أي: طرح الأصحاب العمل بها وهي رواية السكوني عن الصادق عليه السلام القائلة بدفع المديون
المعسر إلى الغرماء يؤاجرونه.
347
يستحب: إحضار كل متاع في سوقه (44)، ليتوفر الرغبة، وحضور الغرماء تعرضا
للزيادة (45)، وأن يبدأ ببيع ما يخشى تلفه، وبعده بالرهن (46)، لانفراد المرتهن به. وأن
يعول على مناد يرتضي به الغرماء والمفلس دفعا للتهمة (47)، فإن تعاسروا عين الحاكم.
وإذا لم يوجد من يتبرع بالبيع، ولا بذلت الأجرة من بيت المال (48)، وجب أخذها من
مال المفلس، لأن البيع واجب عليه، ولا يجوز تسليم مال المفلس (49) إلا مع قبض الثمن.
وإن تعاسرا تقابضا معا.
ولو اقتضت المصلحة تأخير القسمة، قيل: يجعل في ذمة ملي احتياطا، وإلا جعل
وديعة، لأنه موضع ضرورة (50).
ولا يجبر المفلس على بيع داره التي يسكنها، ويباع منها (51) ما يفضل عن حاجته،
وكذا أمته التي تخدمه.
ولو باع الحاكم أو أمينه مال المفلس، ثم طلب بزيادة (52)، لم يفسخ العقد. ولو
التمس من المشتري الفسخ، لم يجب عليه الإجابة، لكن تستحب (53).
ويجري عليه نفقته ونفقة من يجب عليه نفقته وكسوته (54)، ويتبع في ذلك عادة أمثاله،
إلى يوم قسمة ماله، فيعطي هو وعياله نفقة ذلك اليوم (55).



(44) بأن يؤتى بما عند المفلس من ذهب إلى سوق (الصاغة) وما عنده من فرش إلى سوق بيع الفرش، وهكذا.
(45) أي: لعل أحدهم يرغب في متاع فيزيد على القيمة لرغبته.
(46) (ما يخشى تلفه) لو بقي، كالفواكه، واللحم، ونحو ذلك (بالرهن) يعني: بما كان من مال المفلس رهنا عند أحد، فإن المرتهن
يختص به.
(47) أي: لكي لا يتهم الغرماء المفلس، ولا العكس، بالتعاطي مع الدلال (تعاسروا) أي: الغرماء والمفلس لم يتفقوا على دلال.
(48) إما لقلة ما في بيت المال، أو لعدم شئ في بيت المال، أو لوجود مصارف أهم.
(49) لكل من يشتري منه شيئا.
(50) (تأخير القسمة) كما لو لم يكن سوف لبعض الأمتعة أو كلها إلا بعد فترة (ملي) أي: غني لا فقير (وفي ذمة) يعني: إعطاءه، له
قرضا، ونحوه مما يضمنه لو تلف (وإلا) يمكن جعله في ضمان غني (جعل وديعة عند شخص أمين، وحيث إن الوديعة غير
مضمونة لو تلفت لا بأس للضرورة.
(51) أي: من الدار إذا كانت وسيعة أكثر من حاجة وشأن المفلس.
(52) أي: وجد من يشتري بقيمة أكثر.
(53) لأنها إقالة، وقد ورد في الحديث الشريف (من أقال مؤمنا أقال الله عثرته يوم القيامة).
(53) النفقة) أي: المصارف والاحتياجات (كسوة) الملابس) (عادة أمثاله) من حيث الشرف، والمرض، والصحة، والحر والبرد،
ونحو ذلك.
(55) يقسم الباقي بين الديان، وبعد ذلك يصبح من فقراء المسلمين يعطى من الزكاة إن كان غير (هاشمي) ومن الخمس إن كان
هاشميا.
348
ولو مات (56)، قدم كفنه على حقوق الغرماء، ويقتصر على الواجب منه.
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا قسم الحاكم مال المفلس، ثم ظهر غريم، نقضها (57) وشاركهم الغريم.
الثانية: إذا كان عليه ديون حالة ومؤجلة، قسم أمواله على الحالة خاصة.
الثالثة: إذا جنى عبد المفلس، كان المجني عليه أولى به (58)، ولو أراد مولاه فكه، كان
للغرماء منعه.
ويلحق بذلك النظر في حبسه.
لا يجوز حبس المعسر، مع ظهور إعساره (59).
ويثبت ذلك بموافقة الغريم، أو قيام البينة. فإن تناكرا (60)، وكان له مال ظاهر، أمر
بالتسليم. فإن امتنع، فالحاكم بالخيار بين حبسه حتى يوفي، وبيع أمواله وقسمتها بين
غرمائه.
وإن لم يكن له مال ظاهر، وادعى الإعسار، فإن وجد البينة قضى بها (61). وإن
عدمها، وكان له أصل مال (62)، أو كان أصل الدعوى مالا، حبس حتى يثبت إعساره.
وإذا شهدت البينة، يتلف أمواله، قضى بها، ولم يكلف اليمين، ولو لم تكن البينة
مطلعة على باطن أمره (63).



(56) قبل تقسيم أمواله، (كفنه) وبقية مؤنة تجهيزه من ماء الغسل، والسدر والكافور، ونحو ذلك (ويقتصر) فلا يعمل من ما له
المستحبات في الكفن، والغسل، وغيرهما.
(57) أي: نقض الحاكم القسمة.
(58) من الغرماء (منعه) لأن ماله متعلق حق الغرماء، وهو محجور عن ماله.
(59) أي: إذا كان ظاهرا وواضحا إنه معسر ليس عنده ما يؤدي دينه به.
(60) أي: أنكر المديون قول الدائن، وأنكر الدائن قول المديون، فقال المديون أنا معسر، وقال الدائن أنت قادر.
(61) أي: قضى بقول البينة، سواء قامت على اليسار، أو على الإعسار (عدهما) أي: لم تكن بينة.
(62) أي كان له في الأصل مال، ولكنه ادعى تلفه وعدم وجوده (أصل الدعوى مالا) أي: كان الدائن قد أقرضه مالا، وادعى المديون
تلفه وعدم وجوده - بخلاف ما لو كان أصل الدعوى ثبوت حق بجناية، أو ضمان، أو نحوهما - (حتى يثبت إعساره) لاستصحاب
بقاء ماله السابق.
(63) أي: لم يكن العدلان ممن لهم صحبة مؤكدة معه بحيث تنكشف لهما باطنه، وذلك لحجية قول البينة مطلقا
349
أما لو شهدت، بالإعسار مطلقا (64)، لم يقبل حتى يكون مطلعة على أموره بالصحبة
المؤكدة، وللغرماء إحلافه (65) دفعا للاحتمال الخفي.
وإن لم يعلم له أصل مال، وادعى الإعسار قبلت دعواه، ولا يكلف البينة، وللغرماء
مطالبته باليمين. وإذا قسم المال بين الغرماء، وجب إطلاقه (66).
وهل يزول الحجر عنه بمجرد الأداء (67)، أم يفتقر إلى حكم الحاكم؟ الأولى أنه يزول
بالأداء، لزوال سببه.



(64) أي: قالت البينة (فلان معسر) وبقي كلامهم مطلقا ولم يذكروا سبب إعساره ولم تقل (إنه تلف ماله)
(65) أي: إحلاف المديون (الخفي) وهو احتمال خفاء حال المديون على البينة.
(66) أي: فكه من الحبس، إن كان ممتنعا وحبس لامتناعه.
(67) أي: أداء الديون، (أم يفتقر) لأن الحجر كان بحكم الحاكم، فلا يزول إلا بحكمه أيضا (سببه) أي: سبب الحجر، وهو الديون
مع يساره.
350
كتاب الحجر
الحجر: هو المنع والمحجور شرعا هو الممنوع من التصرف في ماله. والنظر في هذا
الباب يستدعي فصلين:
الأول
في موجباته (1):
وهي ستة: الصغر، والجنون، والرق، والمرض (2)، والفلس والسفه.
أما الصغير: فمحجور عليه، ما لم يحصل له وصفان: البلوغ والرشد.
ويعلم بلوغه: بإنبات الشعر الخشن على العانة (3)، سواء كان مسلما أو مشركا.
وخروج المني: الذي يكون منه الولد (4)، من الموضع المعتاد، كيف كان. ويشترك في
هذين، الذكور والإناث.
وبالسن: وهو بلوغ خمس عشرة سنة (5) للذكر. وفي أخرى إذا بلغ عشرا وكان
بصيرا، أو بلغ خمسة أشبار جازت وصيته، واقتص منه، وأقيمت عليه الحدود الكاملة.
والأنثى بتسع.



كتاب الحجر
(1) يعني: الأسباب التي توجب الحجر.
(2) المؤدي إلى الموت.
(3) وهي المكان المتحدد تحت البطن وفوق الذكر (سواء خلافا لبعض العامة حيث قالوا بأن هذا علامة البلوغ في الكفار فقط.
(4) (الذي) هذا الوصف ليس للاحتراز بل للتوضيح، إخراجا لمثل (المذي) ونحوه (من الموضع المعتاد) وهو الذكر في الرجال، والقبل
في النساء (كيف كان) أي: سواء في اليقظة أو النوم (هذين) نبات الشعر والاحتلام.
(5) أي: إكمالها (أخرى) أي: رواية أخرى (بصيرا) أي: عارفا بالقبح والحسن وأمور الشهوة الجنسية (جازت وصيته) فلو أوصى
بشئ ومات في عشر سنين نفذت وصيته (واقتص منه) فلو قتل شخصا عمدا، أو جرح عمدا وله عشر سنين اقتص منه (الحدود
الكاملة) فلو سرق قطعت يده، أو زنا ضرب ثمانين جلدة، وهذه كلها أدلة على أنه بلوغ شرعي، إذ غير البالغ لا تنفذ، وصيته، ولا
يقتص منه، ولا تجري عليه الحدود الكاملة (بتسع) أي: بإكمالها تسع سنين.
351
أما الحمل والحيض، فليسا بلوغا في حق النساء، بل قد يكونان دليلا على سبق
البلوغ (6).
تفريع: الخنثى المشكل (7)، إن خرج منيه من الفرجين، حكم ببلوغه. وإن خرج من
أحدهما لم يحكم به (8). ولو حاض من فرج الإناث، وأمنى من فرج الذكور، حكم
ببلوغه (9).
الوصف الثاني: الرشد وهو أن يكون مصلحا لماله (10). وهل يعتبر العدالة؟ فيه
تردد.
وإذا لم يجتمع الوصفان كان الحجر باقيا. وكذا لو لم يحصل الرشد، ولو طعن في
السن (11).
ويعلم رشده: باختباره (12) بما يلائمه من التصرفات، ليعلم قوته على المكايسة في
المبايعات، وتحفظه من الانخداع.
وكذا تختبر الصبية ورشدها، أن تتحفظ من التبذير (13)، وأن تعتني بالاستغزال مثلا
والاستنتاج، إن كانت من أهل ذلك، أو بما يضاهيه من الحركات المناسبة لها.
ويثبت الرشد بشهادة الرجال في الرجال، وبشهادة الرجال والنساء في النساء، دفعا
لمشقة الاقتصار (14).



(6) في المجهول سني عمرها، فلو حاضت، أو حملت كشف ذلك عن إكمالها التسع.
(7) (المشكل) هو الذي في الذكر والفرج، ولا تنطبق عليه العلامات المذكورة لتميز الرجل عن المرأة في كتاب الإرث.
(8) إذ لا يعلم كونه الفرج أصلي، إذ يعتبر خروج المني من الفرج الأصلي،
(9) للعلم بكون أحدهما أصليا، والحيض والمني علامة قطعا فيكون بالغا قطعا.
(10) أي: صارما له في محله المعقول، فلا يشتري بمال كثير شيئا قليل القيمة، ونحو ذلك (وهل يعتبر العدالة) حتى يسلم إليه ماله، أم
لا؟
(11) أي: صار عمره كثيرا ثلاثين سنة أو أربعين سنة.
(12) أي: امتحان (بما يلائمه) أي: يلائم الرشد، ويكون دليلا على الرشد، (المكايسة) أي: الفهم والذكاء (الانخداع) أي: أن
يغلب في البيع والشراء.
(13) أي: الإسراف، بأن تعطي المال الكثير في مقابل الشئ القليل (الاستغزال)) أي طلب الغزل حتى لا تذهب أوقات عمرها هباءا
(الاستنتاج) أي: صرف عمرها في ما ينتج لها شيئا.
(14) أي: الاقتصار على شهادة الرجال حتى في رشد النساء موجب للمشقة، قال في شرح اللمعة: (والمعتبر في شهادة الرجال اثنان، وفي
النساء أربع).
352
وأما السفيه: فهو الذي يصرف أمواله في غير الأغراض الصحيحة. فلو باع والحال
هذه، لم يمض بيعه (15). وكذا لو وهب أو أقر بمال نعم، يصح طلاقه، وظهاره،
وخلعه، وإقراره بالنسب (16)، وبما يوجب القصاص، إذا المقتضي للحجر صيانة المال عن
الإتلاف. ولا يجوز تسليم عوض الخلع إليه (17).
ولو وكله أجنبي (18) في بيع أو هبة، جاز، لأن السفه لم يسلبه أهلية التصرف. ولو أذن
له الولي في النكاح (19)، جاز. ولو باع (20) فأجاز الولي، فالوجه الجواز، للأمن من
الإنخداع.
والمملوك: ممنوع من التصرفات إلا بإذن المولى (21).
والمريض (22): ممنوع من الوصية، بما زاد عن الثلث إجماعا، ما لم يجز الورثة.
وفي منعه من التبرعات المنجزة (23)، الزائدة عن الثلث، خلاف بيننا، والوجه المنع.
الفصل الثاني
في أحكام الحجر
وفيه مسائل:
الأولى: لا يثبت حجر المفلس، إلا بحكم الحاكم. وهل يثبت في السفيه بظهور
سفهه؟ فيه تردد، والوجه أنه لا يثبت. وكذا لا يزول إلا بحكمه.
الثانية: إذا حجر عليه، فبايعه إنسان، كان البيع باطلا. فإن كان المبيع موجودا،



(15) أي: بطل البيع، وبطلت الهبة، ولم يصح الاقرار، فلو قال: زيد يطلبن دينارا، لا يقبل إقراره، ولا يؤخذ منه الدينار ولا يعطى
لزيد.
(16) بأن قال: هذا الولد لي (وبما يوجب القصاص) بأن قال: أنا قتلت فلانا عمدا، أو جرحته عمدا، وأنما يقبل ذلك كله من السفيه
لأنها لا تتضمن مالا. والسفيه محجور في ماله، لا في كل تصرفاته (نعم) لو أقر بأنه قتل خطأ، لا يقبل منه، لأنه يتضمن المال.
(17) فلو خالع زوجته على أن تعطي له ألف دينار، يصح الخلع، ولكن لا يجوز للزوجة تسليم الألف بيده، بل بيد وليه.
18) يعني شخص أيا كان.
(19) لنفس السفيه،
(20) أي: باع السفيه مال نفسه (للأمن من الانخداع) يعني: إجازة الولي توجب الأمن من أن يغش السفيه ويخدع في البيع.
(21) سواء قلنا بأنه يملك أم أحلنا ملكه.
(22) الذي امتد مرضه حتى مات.
(23) غير المعلقة على الموت، كما لو وهب شيئا من أمواله إلى شخص، أو باع بأقل من القيمة السوقية، أو صالح بأقل من القيمة، أو وقف
شيئا، ونحو ذلك (والوجه المنع) عن الزائد عن الثلث إلا بإجازة الورثة، والصحة في الثلث.
353
استعاده البائع. وإن تلف، وقبضه بأن صاحبه (24)، كان تالفا، وإن فك حجره. ولو
أودعه وديعة، فأتلفها، ففيه تردد، والوجه أنه لا يضمن.
الثالثة: لو فك حجره، ثم عاد مبذرا (25)، حجر عليه. ولو زال، فك حجره. ولو
عاد، عاد الحجر. وهكذا دائما.
الرابعة: الولاية في مال الطفل و المجنون، للأب والجد للأب (26).
فإن لم يكونا فللوصي، فإن لم يكن فللحاكم. أما السفيه والمفلس، فالولاية في مالهما
للحاكم لا غير.
الخامسة: إذا أحرم بحجة واجبة (27)، لم يمنع مما يحتاج إليه، في الإتيان بالفرض. وإن
أحرم تطوعا، فإن استوت نفقته سفرا وحضرا، لم يمنع. وكذا إن أمكنه تكسب ما يحتاج
إليه. ولو لم يكن كذلك، حلله الولي.
السادسة: إذا حلف، انعقدت يمينه (28). ولو حنث كفر بالصوم، وفيه تردد.
السابعة: لو وجب له القصاص (29)، جاز أن يعفو. ولو وجب له دية، لم يجز.
الثامنة: يختبر الصبي (30) قبل بلوغه. وهل يصح بيعه؟ الأشبه أنه لا يصح.



(24) لأن قبض يحتاج إلى إذن البائع (كان تالفا) وليس للبائع شئ، لأنه باختياره أتلف المبيع بتسليمه إلى من لا يحق شرعا. حتى (وإن
فك حجره) وذلك، لأن التسليم كان في وقت الحجر (ولو أودعه) عند السفيه.
(25) أي: مسرفا في صرف المال مما ظهر فيه عود سفهه.
(26) يعني: أب الأب، وأب أب الأب، وهكذا، ولا ولاية لأب الأم، وأب أب الأم، وهكذا (فللوصي) إذا كان الأب، أو الجد،
قد أوصى بولاية الطفل لشخص (لا غير) فليس للأب ولاية، ولا حق للأب في تعيين وصي للولاية عليهما.
(27) (إذا أحرم) السفيه (مما يحتاج إليه) من صرف المال للأكل، والمسكن، والطائرة والسيارة وذلك بقدر المتعارف (تطوعا) أي:
بحج استحبابي (فإن استوت) أي: كانت مصارفه في الحج بقدر مصارفه في بلده (تكسب) في الحج (ولو لم يكن كذلك) (أي:
كان مصرفه في الحج المستحب من ماله أكثر من بلده (حلله الولي) وهو الحاكم الشرعي بأن يذبح عنه الهدي، ويحله من الإحرام
(وقيل) لا يذبح الهدي من ماله، بل يأمره بالصوم بدل الهدي - كما في الجواهر وغيره -
(28) لأن السفيه محجور عليه في ماله، لا في ألفاظه ونيته (ولو حنث) أي: خالف الحلف، كما لو حلف أن لا يشرب التتن، فشرب
(كفر) بالصوم، دون العتق، وغيره لأن غير الصوم تصرف مالي، وكفارة حنث اليمين هي إما عتق رقبة، أو إطعام عشرة
مساكين، أو كسوة عشرة مساكين، فإن لم يقدر على كلها صام ثلاثة أيام (وفيه تردد) لاحتمال وجوب إحدى الثلاث عليه لأنه
واجب مالي لا مندوب، لأن الواجب المالي يعطي من مال السفيه كالزكاة والخمس والحج والكفارات الواجبة.
(29) كما لو قطع شخص عمدا يد السفيه (دية) كما لو فعل ذلك خطأ (لم يجز) لأنه تصرف مالي.
(30) أي: يمتحن رشده، ليعرف هل هو رشيد حتى يدفع إليه أم لا (قبل بلوغه) بقليل، فإذا بلغ دفع إليه ماله مع الرشد، والاختيار
هو أن يدفع له مال ليوقع البيع والشراء ونحو ذلك (لا يصح) بل تكون معاملاته صورية في وقت الاختيار.
354
كتاب الضمان
وهو عقد شرع للتعهد بمال أو نفس (1).
والتعهد بالمال قد يكون ممن عليه للمضمون عنه مال (2)، وقد لا يكون. فهنا ثلاثة أقسام:
القسم الأول
في ضمان المال
ممن ليس عليه للمضمون عنه مال.
وهو المسمى بالضمان بقول مطلق (3). وفيه بحوث ثلاثة:
الأول: في الضامن ولا بد أن يكون: مكلفا، جائز التصرف.
فلا يصح: ضمان الصبي، ولا المجنون (4).
ولو ضمن المملوك، لم يصح، إلا بإذن مولاه. ويثبت ما ضمنه في ذمته لا في كسبه،
إلا أن يشترطه في الضمان بإذن مولاه.



كتاب الضمان
(1) (بمال) وهو قسمان كما سيذكر (أو نفس) وتسمى الكفالة كما سيأتي في القسم الثالث وهو أن يكون شخص لازما حضوره للقتل، أو
لا جراء الحد عليه، أو القضاء، فيتعهد شخص آخر بإحضاره.
(2) ويسمى (الحوالة) ويأتي بحثه في القسم الثاني (وقد لا يكون) ويسمي (ضمان المال) والبحث هنا في القسم الأول عنه (مثال الحوالة)
زيد يطلب من عمرو ألف دينار، وعمرو يطلب من خالد ألف دينار، فعمرو يحول زيدا ليأخذ الألف من خالد (فخالد) يتعهد بألف
دينار، الذي عليه وبذمته (لعمرو) الذي هو المضمون عنه (ومثال الضمان) زيد يطلب من عمرو ألف دينار، فخالد - الذي ليس
طالبا ولا مطلوبا - يضمن عمرو هذا الألف، بحيث لو لم يدفع عمرو يدفع خالد عنه (فخالد) الضامن، ليس عليه مال
(3) فإذا قيل (ضمان) بالإطلاق، فالمتبادر منه (ضمان المال).
(4) لعدم التكليف فيها (لم يصح) لأنه ليس جائز التصرف (في ذمته) فإن كان له أعطي منه وإن تبع به بعد العتق، أو حتى يحصل له
مال (لا في كسبه) لأن كسبه للمولى (إلا أن يشترطه) أي: يشترط الضمان من كسبه إذا أذن بهذا الشرط المولى.
355
وكذا (5) لو شرط، أن يكون الضمان من مال معين.
ولا يشترط علمه (6) بالمضمون له، ولا المضمون عنه، وقيل: يشترط، والأول
أشبه. لكن لا بد أن يمتاز المضمون عنه عند الضامن، بما يصح معه القصد إلى الضمان
عنه (7). ويشترط رضاء المضمون له، ولا عبرة برضا المضمون عنه (8)، لأن الضمان
كالقضاء. ولو أنكر بعد الضمان لم يبطل على الأصح.
ومع تحقق الضمان، ينتقل المال إلى ذمة الضامن، ويبرأ المضمون عنه، وتسقط المطالبة
عنه. ولو أبرأ المضمون له، المضمون عنه، لم يبرأ الضامن، على قول مشهور لنا (9).
ويشترط فيه (10) الملاءة، أو العلم بالإعسار (11). أما لو ضمن، ثم بأن إعساره، كان
للمضمون له فسخ الضمان، والعود على المضمون عنه.
والضمان المؤجل (12) جائز إجماعا، وفي الحال تردد، أظهره الجواز. ولو كان المال
حالا، فضمنه مؤجلا (13)، جاز وسقطت مطالبة المضمون عنه، ولم يطالب الضامن إلا بعد
الأجل. ولو مات الضامن، حل وأخذ من تركته. ولو كان الدين مؤجلا إلى أجل، فضمنه
إلى أزيد من ذلك الأجل (14)، جاز.
ويرجع الضامن على المضمون عنه، بما أداه إن ضمن بإذنه ولو أدى بغير إذنه (15).
ولا يرجع إذا ضمن بغير إذنه ولو أدى بإذنه.



(5) يعني: يصح الشرط، كما لو قال: أضمن زيدا من حاصل بستاني.
(6) أي: أن يعلم الضامن من هو المطلوب الذي يضمن منه، ولا أن يعلم من هو الطالب الذي يضمن له، فلو علم أن مؤمنا مطلوب ألف
دينار، فقال: أنا أضمن المؤمن المطلوب ألف دينار، صح الضمان.
(7) بأن يعلم إن المديون إيراني أو عراقي، أو الذي صديقه فلان، ونحو ذلك.
(8) (المضمون له) هو الدائن (والمضمون عنه) هو المديون (كالقضاء) أي مثل قضاء الدين، الذي لا عبرة برضا من يقضي عنه، فلو
كان زيد مديونا، جاز إعطاء دينه ولو لم يرض زيد (ولو أنكر) الضامن أي: قال الضامن: ليست ضامنا، لم يبطل الضمان (على
القول الأصح) ويبقي ضامنا، فلو لو يؤد المديون دينه عند حلول الأجل، وجب على الضامن الأداء.
(9) في الجواهر: (بل مجمع عليه بيننا) أي: الشيعة.
(10) أي: في الضامن (الملاءة) أي: كونه ذا مال، بقدر يمكنه وفاء الدين، زيادة على مستثنيات الدين.
(11) (أو علم) الدائن بأن الضامن معسر، ومع ذلك قبل ضمانه.
(12) هو أن يضمن إلى شهر مثلا (وفي الحال) أي: يضمن الآن (تردد) لقول بعضهم ويشرط في الضمان الأجل.
(13) كما لو كان أجل الدين قد حل في أول رمضان، فضمنه شخص إلى أول شوال (المضمون عنه) المديون.
(14) كما لو كان الدين إلى سنة فضمنه ضامن إلى سنتين.
(15) يعني: لو أذن المديون لشخص بالضمان، فضمن، ثم أدى المال بأخذه من المديون حتى ولو لم يأذن للأداء، وبالعكس العكس.
356
وينعقد الضمان، بكتابة الضامن (16)، منضمة إلى القرينة الدالة، لا مجردة.
الثاني: في الحق المضمون.
وهو كل مال ثابت في الذمة، سواء كان مستقرا كالبيع بعد القبض وانقضاء
الخيار (17)، أو معرضا للبطلان كالثمن في مدة الخيار بعد قبض الثمن.
ولو كان قبله، لم يصح ضمانه عن البائع. وكذا (18) ما ليس بلازم، لكن يؤول إلى
اللزوم، كما الجعالة قبل فعل ما شرط (19)، وكمال السبق والرماية (20)، على تردد.
وهل يصح ضمان مال الكتابة (21)، قيل: لا، لأنه ليس بلازم، ولا يؤول إلى
اللزوم، ولو قيل بالجواز كان حسنا، لتحققه في ذمة العبد، كما لو ضمن عنه مالا غير مال
الكتابة.
ويصح ضمان النفقة الماضية والحاضرة للزوجة، لاستقرارها في ذمة الزوج دون
المستقبلة (22).
وفي ضمان الأعيان المضمونة (23)، كالغصب، والمقبوضة بالبيع الفاسد، تردد،
*



(16) بأن يكتب، هكذا مثلا (ضمنت زيدا ألف دينار لعمرو إلى سنتين من أول محرم (1398) هجرية (القرينة الدالة) على إنه قصد
الإنشاء بهذه الكتابة، إذ يحتمل قصد العبثية، أو الاختيار، أو المزاح، أو نحو ذلك.
(17) لأنه إذا تم العقد وقبض المبيع وانقضت مدة الخيار - كما لو تفرقا في خيار المجلس، أو انقضت الأيام الثلاثة في خيار الحيوان وهكذا
غيرهما من سائر أقسام الخيار - استقر الثمن في ذمة المشتري (كالثمن في مدة الخيار) كما لو قبض المبيع وبعد كان في المجلس في خيار
المجلس.
(18) (وكذا) يصح الضمان في حق ليس (بلازم) أي: ليس بثابت في الذمة فعلا.
(19) لو قال زيد (من خاط لي ثوبي فله دينار) يصح أن يصير (علي) ضامنا عن زيد لكل من يريد أن يخيط ثوبه، وإن كان قبل
الخياطة لا حق بذمة زيد، لكنه بالخياطة يثبت الحق ويلزم.
(20) قبل السبق، والرماية - مثلا - قال زيد: من سبق، أو رمى أكثر أعطيته دينارا، فقبل المسابقة، والمراماة يصح أن يضمنه
(علي) لأنه بالسبق يثبت الدينار بذمة زيد ويلزمه (على تردد منشأه احتمال كون عقد الجعالة، أو السبق، والرماية جزء
سبب للحق لإتمامه حتى يكون حقا يؤول إلى اللزوم، بل يحتمل عدم كونه بعد حقا أصلا.
(21) بأن يضمن شخص عن (عبد) مال الكتابة (ولا يؤول إلى اللزوم) إذا الكتابة عقد جائز من الطرفين (بالجواز) أي: صحة
الضمان (لو ضمن عنه) أي: عن العبد، فلو اشترى العبد شيئا وأكله، صح ضمان ثمنه عنه، وإن كان غير لازم على العبد
لكونه مملوكا لمولاه، ولا يؤول إلى اللزوم لأحتمال أن لا يعتق.
(22) لأنها غير مستقرة بذمة الزوج، ولا يعلم استقرارها، لاحتمال الموت أو الطلاق والنشور، ونحو ذلك.
(23) الغاصب ضامن لما غصبه، فيصح أن يضمن شخص عن الغاصب ما غصبه، وكذا الذي أخذ كتابا - مثلا - بالبيع الفاسد،
ضامن للكتاب، فيصح أن يضمن شخص عن الآخذ للكتاب.
357
والأشبه الجواز.
ولو ضمن ما هو أمانة، كالمضاربة (24) والوديعة، لم يصح، لأنها ليست مضمونة في
الأصل. ولو ضمن ضامن (25)، ثم ضمن عنه آخر، هكذا إلى عدة ضمناء، كان جائزا.
ولا يشترط العلم بكمية المال، فلو ضمن ما في ذمته صح، على الأشبه. ويلزمه ما
تقوم البينة به (26)، أنه كان ثابتا في ذمته وقت الضمان، لا ما يوجد في كتاب. ولا يقر به
المضمون عنه (27)، ولا ما يحلف عليه المضمون له، برد اليمين.
أما لو ضمن ما يشهد به عليه (28)، لم يصح، لأنه لا يعلم ثبوته في الذمة وقت
الضمان.
الثالث: في اللواحق. وهي مسائل:
الأولى: إذا ضمن عهدة الثمن، لزمه دركه (29)، في كل موضع يثبت بطلان البيع من
رأس. أما لو تجدد الفسخ بالتقايل، أو تلف المبيع قبل القبض (30)، لم يلزم الضامن ورجع
على البائع، وكذا لو فسخ المشتري بعيب سابق. أما لو طالب بالأرش، رجع على الضامن،



(24) أي: كمال المضاربة، والمضاربة هي: أن يكون المال من شخص، والعمل من شخص آخر، والربح بينهما حسب ما يتفقان
عليه - نصفا، أو ثلثا، أو غيرهما - (ليست مضمونة في الأصل) فليست حقا حتى يصح ضمانه.
(25) فيما يصح ضمانه، كالدين - مثلا - (كان جائزا) أي: صحيحا، وعلى صاحب الحق أن يأخذ من الضامن الأخير، وهو
يرجع على الذي قبله، وهكذا.
26) فلو شهد عدلان (البينة) إنه كان بذمة مئة ألف لزم على الضامن.
(27) أي: المديون (المضمون له) أي: صاحب الحق كالدائن مثلا (برد اليمين) مثلا: قال الدائن: أطلب المديون مئة ألف،
فأنكر المديون، فإن لم يكن للدائن بينة، لزم الحلف على المديون، فإن لم يحلف المديون، ورد اليمين على الدائن وحلف
الدائن على مئة التي تحقق بذمة المديون مئة ألف باليمين المردودة، لكن هذا الحق الذي ثبت برد اليمين لا يلزم الضامن،
بل يلزم الضامن بالبينة فقط.
(28) يعني: لو قال الضامن (أضمن كل ما يشهد الدائن به على المديون) لم يصحح هذا الضمان، لأنه يشترط في الضمان أن يكون
لحق سابق، لا مستقبل، ولا يعلم أن ما يشهده لحق سابق، أو أعم من مستقبل الضمان (نعم) لو علم أن الشهادة لحق
سابق، فمقتضى القاعدة صحة الضمان.
(29) (درك) بفتحتين هو البدل (مثاله) باع زيد كتابا لعمرو بدينار. فعمرو المشتري دفع الدينار لزيد البائع، يصح أن يضمن
شخص زيدا لدينار عمرو، بحيث لو تبين بطلان البيع ولم يرد البائع الدينار إلى المشتري يكون الضامن هو الذي يعطي بدل
الدينار للمشتري (من رأس) أي: بطلان البيع من أوله، بسب كون الكتاب غير مملوك للبائع، أو غير قابل للبيع لكونه
من كتب الضلال مثلا، أو غير ذلك.
(30) أي: قبل قبض المشتري إياه (بعيب سابق) أي: وجود العيب سابقا على القعد، ففسخ لأجله المشتري فإنه لا يدخل في
ضمان الضامن.
358
لأن استحقاقه ثابت عند العقد (31)، وفيه تردد.
الثانية: إذا خرج المبيع مستحقا (32)، رجع على الضامن. أما لو خرج بعضه، رجع
على الضامن بما قابل المستحق، وكان في الباقي بالخيار (33)، فإن فسخ رجع بما قابله على
البائع خاصة.
الثالثة: إذا ضمن ضامن للمشتري (34)، درك ما يحدث من بناء أو غرس، لم يصح،
لأنه ضمان ما لم يجب، وقيل: كذا لو ضمنه البائع والوجه الجواز، لأنه لازم بنفس العقد.
الرابعة: إذا كان له على رجلين مال (35)، فضمن كل واحد منهما ما على صاحبه،
تحول ما كان على كل واحد منهما إلى صاحبه. ولو قضى أحدهما ما ضمنه، برأ وبقي على
الآخر ما ضمنه عنه (36). ولو أبرأ الغريم (37) أحدهما، برأ مما ضمنه دون شريكه.
الخامسة: إذا رضي المضمون له، من الضمان ببعض المال، أو أبرأه من بعضه، لم
يرجع على المضمون عنه إلا بما أداه (38). ولو دفع عوضا. عن مال الضمان، رجع بأقل.
الأمرين (39).



(31) يعني: لو طلب المشتري أرش العيب، والأرش هو الفرق بين (المعيب والصحيح) رجع على الضامن، لأن الأرش حق بذمة
البائع من حين العقد (وفيه تردد) لاحتمال تجدد الحق عند ظهور العيب، لا من حين العقد
(32) - بسكر الحاء - أي: غير ملك للبائع.
(33) فيكون مخيرا بين أخذ الباقي بحصته من الثمن، وبين رده، ويسمى (خيار تبعض الصفقة)
(34) يعني: لو اشترى (زيد) أرضا، وبني فيها بناءا، أو غرس فيها أشجارا، ثم ظهر كون الأرض. لغير البائع، فأخذ مالك
الأرض أرضه، وقلع الشجر، وهدم البناء، كان ثفات البناء، قائما ومهدوما، وتفاوت الشجر قائما ومقلوما (ويسمى هذا
التفاوت بالدرك) على البائع لقاعدة (المغرور يرجع إلى من غره). في هذه المسألة لا يصح لشخص أن يضمن للمشتري عند
بيع الأرض هذا التفاوت (لأنه ضمان ما لم يجب) أي ما لم يثبت، إذ هذا التفاوت حق لم يثبت على البائع حتى يضمنه
أحد، بل يحدث هذا الحق لو قلعه المالك (قيل: وكذا) لا يصح الضمان (لو ضمنه) نفس (البائع) أي: قال البائع
للمشتري: (بعتك هذه الأرض وأنا ضامن لدرك ما تحدثه أنت في الأرض، لو ظهرت الأرض مملوكة للغير، وقلع المالك ما
أحدثته) (والوجه الجواز) أي: صحة ضمان البائع (لأنه) أي: هذا الحق (لازم) بذمة البائع (بنفس العقد).
(35) مثلا: (زيد) يطلب عمرو ألف دينار، ويطلب عليا خمسمئة فضمن علي عمرا، وضمن عمرو عليا، انتقل الألف إلى ذمة
علي وانتقل الخمسمئة إلى ذمة عمرو.
(36) يعني: (في المثال) لو أعطي عمرو الخمسمئة التي ضمنها برأت ذمته عن الألف لضمان علي عنه، وعن الخمسمئة لإعطائه
إياها. وهكذا لو أعطي علي الألف الذي ضمنه برأت ذمته عن الألف، وعن الخمسمئة
(37) (الغريم) يعني: الدائن، لو قال لأحدهما: أبرأت ذمتك، برأ من ما ضمنه، ولم يبرأ مما ضمته الآخر (وهذا كله) مقتضى
انتقال الذمة سبق من أول الكتاب
(38) لو كان الدين ألفا ورضي الدائن من الضامن بخمسمئة فليس على الضامن مطالبة لمديون بأكثر من خمسمئة
(39) الدين، وما دفعه عوضا عنه، فلو كان الدين ألفا، ودفع الضامن دارا للدائن، إن كان الألف أقل من قيمة الدار أخذ
الضامن من المديون الألف، وإن كان الألف أكثر أخذ قيمة الدار.
359
السادسة: إذا ضمن عنه دينارا بإذنه (40)، فدفعه إلى الضامن، فقد قضى ما عليه.
ولو قال: ادفعه إلى المضمون له فدفعه، فقد برئا. ولو دفع المضمون عنه إلى المضمون له،
بغير إذن الضامن، برأ الضامن والمضمون عنه (41).
السابعة: إذا ضمن المضمون عنه، ثم دفع ما ضمن، وأنكر المضمون له القبض،
كان القول قوله (42) مع يمينه. فإن شهد المضمون عنه للضامن (43)، قبلت شهادته مع انتفاء
التهمة، على القول بانتقال المال (44). ولو لم يكن مقبولا (45)، فحلف المضمون له، كان له
مطالبة الضامن مرة ثانية، ويرجع الضامن على المضمون عنه (46)، بما أداه أولا. ولو لم يشهد
المضمون عنه، رجع الضامن بما أداه أخيرا.
الثامنة: إذا ضمن المريض في مرضه ومات فيه، خرج ما ضمنه من ثلث تركته (47)،
على الأصح.
التاسعة: إذا كان الدين مؤجلا، فضمنه حالا، لم يصح. وكذا لو كان إلى شهرين،



(40) مثلا: زيد يطلب من عمرو دينارا فضمن على الدينار بأذن عمرو، ثم دفع عمرو إلى علي (الضامن) برأت ذمة
عمرو، وبقيت ذمة علي مشغولة لزيد (ولو قال) الضامن (ادفعه إلى المضمون له) زيد (فدفعه) المديون (فقد برئا) أي:
برأ الضامن ولوصول الدينار إلى زيد وبرأ المديون لصرف الدينار بإذن الضامن.
(41) (المضمون عنه) المديون (المضمون له) الدائن (برأ الضامن) لعدم بقاء الحق (والمضمون عنه) أي المديون، لعدم غرامة
الضامن عنه شيئا حتى يستحق عليه.
(42) أي: قول المضمون له (الدائن) لأنه منكر للقبض، (واليمين على من أنكر).
(43) أي: شهد المديون: أن الضامن دفع المال إلى الدائن (قبلت شهادته) لأنها ليست شهادة تجر نفعا للشاهد، لأن الحق انتقل
عن المديون إلى الضامن، فليس على المديون حق حتى تكون شهادته سببا لجر النفع إلى نفسه (مع انتفاء التهمة) وتفرض
التهمة فيما لو كان الدائن صالح من الضامن بأقل من الحق فإنه على ثبوت إعطاء الضامن ينتفع المديون بلزوم أقل من الحق
بذمته. وهكذا لو كان الضامن معسرا ولم يعلم الدائن بإعساره، فإن ثبت إعطاء الضامن انتفع المديون بعدم عود الدائن عليه، وإلا عاد عليه لإعسار الضامن.
(44) يعني: على قول الشيعة بأن الضمان انتقال المال من ذمة المديون إلى ذمة الضامن (وأما) على قول المخالفين من أن الضمان
ضم ذمة إلى ذمة أخرى فلا إشكال في عدم قبول شهادة المديون للضامن بإعطاء المال إلى الدائن، وذلك لأن في هذه الشهادة
نجاة ذمة نفسه أيضا، وهو من جر النفع.
(45) إما لعدم عدالة المديون، وإما للتهمة.
(46) يعني: إن شهد المديون بدفع الضمان المال أولا، رجع الضامن عليه بما شهد، وإن لم يكن شهد رجع الضامن على المديون بما
أداه أخيرا.
(47) فإن كان ما ضمنه أكثر من الثلث توقف الزائد على موافقة الورثة، فإن رضوا وإلا بطل الضمان في (الزائد (على الأصح) من
كون منجزات المريض من الثلث، وأما على القول الآخر وهو كون منجزات المريض كلها نافذة ولو استغرقت المال فالضمان
كله صحيح، وإن كان زائدا عن الثلث.
360
فضمنه إلى شهر لأن الفرع لا يرجح على الأصل، وفيه تردد (48).
القسم الثاني
في الحوالة والكلام: في العقد وفي شروطه وأحكامه
أما الأول: فالحوالة عقد شرع لتحويل المال، من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله (49).
ويشترط فيها: رضا المخيل، والمحال عليه، والمحتال (50) ومع تحققها، يتحول المال
إلى ذمة المحال عليه، ويبرأ المحيل وإن لم يبرأه المحتال (51)، على الأظهر.
ويصح أن يحيل على من ليس عليه دين (52)، لكن يكون ذلك بالضمان أشبه. وإذا
أحاله على الملي، لم يجب القبول (53). لكن لو قبل لزم، وليس له الرجوع ولو افتقر.
أما لو قبل الحوالة جاهلا بحاله (54)، ثم بأن فقره وقت الحوالة، كان له الفسخ والعود
على المحيل. وإذا أحال بما عليه، ثم أحال المحال عليه بذلك الدين، صح. وكذا لو ترامت
الحوالة (55). وإذا قضى المحيل الدين بعد الحوالة، فإن كان بمسألة (56) المحال عليه، رجع
عليه. وإن تبرع، لم يرجع، ويبرأ المحال عليه.
ويشترط في المال أن يكون معلوما ثابتا في الذمة، سواء كان له مثل كالطعام، أو لا مثل
له كالعبد والثوب (57).



(48) لاحتمال عدم لزوم الأجل في الضمان - وقد جزم به في الجواهر -
(49) أي: بمثل ذلك المال.
(50) (زيد) يطلب من (عمرو) ألفا، وعمرو يطلب من (علي) ألف، فحول عمرو زيدا على علي، (عمرو) هو المحيل
(وزيد) هو المحتال (وعلي) هو المحال عليه (ومع تحققها) أي: تحقق رضا هؤلاء الثلاثة.
(5) لأن رضاه بالحوالة يغني عن الإبراء.
(52) كما لو كان (علي) غير مديون لعمرو، فحول عمرو زيدا عليه، صح لكنه لا تسمى (حوالة) بل يشبه أن يكون
(ضمانا).
(52) أي: لم يجب على (زيد) المحتال - في المثال الآنف - (وليس له) لزيد (الرجوع) على عمرو (ولو افتقر) زيد.
(54) (بحالة) أي: بأن زيدا غني أو فقير (ثم بأن) أي، ظهر له (فقره) أي: كون زيد فقيرا في وقت التحول (كان له) لعمرو
(الفسخ) أي: فسخ عقد الحوالة.
(55) أي، جعل كل واحد يحول على الآخر - فيما لو كانت ذممهم مشغولة -.
(56) (بمسألة) أي: بطلب المحال عليه، يعني: قال المحال عليه (وهو علي في المثال الأنف) لعمرو (المحيل) أنت ادفع المال
بنفسك لزيد (ويبرء المحال عليه) لسقوط حق المحيل عنه بالحوالة، وسقوط حق المحتال عنه بعدم بقاء حق بأداء المحيل.
(57) مما له قيمة، والذي له مثل هو كل شئ كان نسبة أبعاض كنسبة أبعاض قيمته، كالحنطة، فإن عشرة كيلوات منها إذا كانت
عشرة دنانير، يكون كيلو واحد منها بدينار، والذي لا مثل له: هو كل شئ كانت نسبة أبعاضه لا كنسبة أبعاض
قيمته، كالعبد فإنه كان مائة دينار لا يكون نصفه بخمسين، وعشرة بعشرة، وكالثوب، وهكذا - وقد مر تفصيل ذلك في
كتاب التجارة -.
361
ويشترط تساوي المالين (58)، جنسا ووصفا تفصيا من التسلط على المحال عليه إذ
لا يجب أن يدفع إلا مثل ما عليه، وفيه تردد. ولو أحال عليه، فقبل وأدى، ثم طالب بما
أداه، فادعى المحيل أنه كان له عليه مال، وأنكر المحال عليه، فالقول قوله (59) مع يمينه،
ويرجع على المحيل.
وتصح الحوالة بمال الكتابة، بعد حلول النجم (60). وهل تصح قبله؟ قيل: لا.
ولو باعه السيد سلعة (61)، فأحاله بثمنها، جاز. ولو كان له على أجنبي دين، وأحال
عليه بمال الكتابة صح (62)، لأنه يجب تسليمه.
وأما أحكامه: فمسائل:
الأولى: إذا قال أحلتك عليه فقبض، فقال المحيل: قصدت الوكالة (63)، وقال
المحتال: إنما أحلتني بما عليك. فالقول قول المحيل، لأنه أعرف بلفظه، وفيه تردد. وأما لو
لم يقبض واختلفا، فقال: وكلتك، فقال: بل أحلتني، فالقول قول المحيل قطعا (64)، ولو
انعكس الفرض (65)، فالقول قول المحتال.



(58) أي: المال الذي يطلبه زيد من عمرو، والمال الذي يطلبه عمرو من علي (جنسا) مثل أن يكون كلاهما دنانير، أو دراهم، أو
حنطة، أو عبد، (ووصفا) مثل أن تكون الدنانير عراقية، أو الدراهم بغلية، أو الحنطة موصلية، أو العبد روميا الخ
(تفصيا، أي حذرا (من التسلط على المحال عليه) بشئ لم يكن عليه من الأصل (وفيه تردد) أي: يحتمل صحة التحويل
مع رضاء المحال عليه وإن اختلفا جنسا ووصفا (وبناءا) على صحة الحوالة على البرئ - كما مر عند رقم (52) - يصح
التحويل مع زيادة الحوالة قدرا أيضا، لأن الزائد يكون حوالة على البرئ.
(59) أي: قول المحال عليه، إذا لم تكن بينة للمحيل.
(60) (النجم) يعني: الوقت الذي يجب دفع المال فيه (قيل لا) لأن ذمة العبد ليست مشغولة بعد.
(61) أي: باع المولى لعبده المكاتب شيئا، يجوز للعبد أن يحوله على شخص آخر، لعدم الفرق في الحوالة بين مولاه وغيره.
(62) أي: كان العبد المكاتب يطلب مالا من (جعفر)، فقال لولاه: خذ مال الكتابة من جعفر (صح لأنه) أي لأن ما بذمة جعفر
(يجب تسليمه) للعبد، فبدلا من العبد وبحوالة من العبد يسلمه جعفر لمولاه.
(63) (قصدت) أنا من كلمة أحلتك (الوكالة) يعني: قصدت أن تأخذ هذا المال لي وكالة عني، لا أن تأخذه أنت لنفسك لطلبك
مني (بما عليك) أي: بما أطلبك (وفيه تردد) لاحتمال حجية ظاهر لفظة (أحلتك) في الحوالة دون الوكالة.
(64) ولعله لأن الحوالة عند المصنف جائزة ما لم يتم القبض، فيكون إنكاره للحوالة فسخا إن لم يكن من الأصل وكالة. لكن
أشكل فيه في الجواهر بشدة، مستدلا بلزوم الحوالة، واستدلال المسألة موكول إلى مظانه.
(65) بأن قال المحيل: حولتك، وقال المحتال: بل وكلتني (وفائدة ذلك: أنه إن كان حوالة برأت ذمة المحيل).
362
الثانية: إذا كان له دين على اثنين (66)، وكل منهما كفيل لصاحبه، وعليه لآخر مثل
ذلك، فأحاله عليهما صح، وإن حصل الرفق في المطالبة.
الثالثة: إذا أحال المشتري البائع بالثمن (67)، ثم رد المبيع بالعيب السابق، بطلت
الحوالة، لأنها تتبع البيع، وفيه تردد. فإن لم يكن البائع قبض المال، فهو باق في ذمة المحال
عليه للمشتري (68). وإن كان البائع قبضه، فقد برأ المحال عليه، ويستعيده المشتري من
البائع. أما لو أحال البائع أجنبيا بالثمن على المشتري (69)، ثم فسخ المشتري بالعيب، أو
بأمر حادث، لم تبطل الحوالة، لأنها تعلقت بغير المتبايعين. ولو ثبت بطلان البيع (70)،
بطلت الحوالة في الموضعين.
القسم الثالث
في الكفالة (71) ويعتبر رضا الكفيل والمكفول له، دون المكفول عنه. وتصح حالة
ومؤجلة (72)، على الأظهر. ومع الإطلاق (73) تكون معجلة.
وإذا اشترط الأجل، فلا بد أن يكون معلوما (74).



(66) مثاله: (زيد) يطلب (عليا) و (محمدا) كليهما ألف دينار، و (علي) كفيل لمحمد، و (محمد) كفيل لعلي، وأيضا،
(زيد) مديون (لجعفر) ألف دينار. فحول زيد جعفرا على (محمد وعلي) صحت الحوالة (وإن حصل الرفق) والسهولة
بهذه الحوالة (في المطالبة) أي: في مطالبة (محمد وعلي) المديونين، إذ تسقط الكفالة بالحوالة، لأن الحوالة تنقل المال فقط،
دون الكفالة.
(67) مثاله: اشترى (زيد) كتابا من (عمرو) بدينار وقال لعمرو خذ الدينار من (علي) - الذي طلبه دينار - ثم ظهر في الكتاب
عيب ورده زيد، بطلت الحوالة، فليس لعمرو أخذ الدينار من (علي) (وفيه) أي: في بطلان الحوالة (تردد) إذ يحتمل كون
الحوالة معاوضة ثانية بين الثمن، والمال المحول إليه، وليس استيفاءا حتى تبطل.
(68) يعني: إن كان عمرو يأخذ الدينار من (علي)، فيبقى الدينار بذمة علي لزيد، وإن كان عمرو قبض الدينار من (علي) فقد
برأت ذمة (علي). ويأخذ زيد ديناره من عمرو.
(69) يعني - في نفس المثال المذكور - لو حول (عمرو) البائع (محمدا) ليأخذ الدينار من (زيد) المشتري (ثم فسخ المشتري
بالعيب) السابق (أو بأمر حادث) كما لو كان المبيع حيوانيا فتلف في الثلاثة، أو أصابه شئ في المجلس، ونحو ذلك (لم
تبطل الحوالة) لأن الدينار صار ملكا (لمحمد) الأجنبي بسبب الحوالة قبل فسخ البيع.
(70) أي: بطلان البيع من أول العقد، كما لو ظهر المبيع غير مملوك للبائع، أو غير قابل للبيع للجهل به، أو عدم القدرة عليه،
ونحو ذلك (في الموضعين) (أحدهما) ما لو حول المشتري البائع بالثمن (ثانيهما) ما لو حول البائع شخصا يأخذ الثمن من
المشتري.
(71) وهي: التعهد بإحضار شخص متى طلب ذو الحق، ويسمى ذلك الشخص (المكفول عنه) وذو الحق (المكفول له)
والمتعهد (الكفيل).
(72) (حالة) أي: يتعهد بإحضاره الآن (ومؤجلة) أي: يتعهد بإحضاره بعد شهر مثلا.
(73) يعني: لو لم يذكر الأجل، بل قال (تكفلت فلانا) اقتضى وجوب إحضاره الآن إذا طلب ذلك ذو الحق.
(74) فلا يصح أن يقول (كفلت زيدا إلى أن يخرج الطفل أسنانه) ونحو ذلك.
363
وللمكفول له، مطالبة الكفيل بالمكفول عنه عاجلا، إن كانت مطلقة أو معجلة، وبعد
الأجل إن كانت مؤجلة. فإن سلمه تسليما تاما (75) فقد برأ. وإن امتنع، كان له
حبسه (76) حتى يحضره، أو يؤدي ما عليه. ولو قال: إن لم أحضره، كان علي كذا، لم
يلزمه إلا إحضاره دون المال. ولو قال: علي كذا إلى كذا، إن لم أحضره، وجب عليه ما
شرط من المال (77).
ومن أطلق غريما من يد صاحب الحق قهرا، ضمن إحضاره أو أداء ما عليه. ولو كان
قاتلا، لزمه إحضاره أو دفع الدية، ولا بد من كون المكفول معينا، فلو قال: كفلت أحد
هذين (78)، لم يصح. وكذا لو قال: كفلت بزيد أو عمرو. وكذا لو قال: كفلت بزيد، فإن
لم آت به فبعمرو (79).
ويلحق بهذا الباب مسائل:
الأولى: إذا أحضر الغريم قبل الأجل (80)، وجب تسلمه، إذا كان لا ضرر عليه.
ولو قيل: لا يجب، كان أشبه. ولو سلمه، وكان ممنوعا من تسلمه بيد قاهرة (81)، لم يبرأ
الكفيل. ولو كان (82) محبوسا في حبس الحاكم وجب تسلمه، لأنه متمكن من استيفاء حقه.
وليس كذلك لو كان في حبس ظالم.
الثانية: إذا كان المكفول عنه غائبا (83)، كانت الكفالة حالة، أنظر بمقدار ما يمكنه
الذهاب إليه والعود به. وكذا إن كانت مؤجلة، أخر بعد حلولها بمقدار ذلك (84).



(75) في المسالك: (المراد بالتسليم التام أن يكون في الوقت والمكان المعين - إن عيناهما في العقد - أو في بلد العقد مع الإطلاق،
ولا يكون للمكفول له مانع من تسلمهم، بأن لا يكون في يد ظالم، ولا متغلب، يمنعه منه).
(76) أي: كان (له) لصاحب الحق (حسبه) أي: طلب حبس الكفيل من الحاكم الشرعي (حتى يحضره) أي: يحضر الكفيل
المكفول له (أو يؤدي) الكفيل (ما عليه) أي: على المكفول له إن كان مالا كالدين.
(77) في الجواهر نقلا عن غاية المرام وغيره (إن الفارق بين المسألتين الإجماع والنص).
(78) مثاله: زيد يطلب (عليا ومحمدا) كل واحد دينارا، فقال (باقر) كفلت أحدهما.).
(79) الفرق بين الأمثلة الثلاثة: إن الأول تشكيك، والثاني تخيير للمكفول له، والثالث ترتيب.
(80) مثلا قال الكفيل (كفلت زيدا بعد شهر) فأحضره قبل تمام الشهر (لا ضرر عليه) أي على المكفول له - صاحب الحق -
(81) أي: كان صاحب الحق ممنوعا من أخذ المديون - مثلا - بسبب يد ظالمة منعته كما لو كان الحق في السجن ولا يستطيع
من أخذ المديون.
(82) أي: كان المديون محبوسا (لأنه متمكن) برفع أمره إلى الحاكم فيخرجه من السجن (في حبس ظالم) إذ لا يخرجه الظالم له.
(83) بحيث كان مكانه معلوما وأمكن إحضاره.
(84) أي: بمقدار ما يذهب ويأتي به فلو كان الذهاب والإتيان به يستغرق عشرة أيام كان للكفيل التأخير عشرة أيام عن أجل
الكفالة.
364
الثالثة: إذا تكفل بتسليمه مطلقا، انصرف إلى بلد العقد. وإن عين موضعا (85) لزم.
ولو دفعه في غيره لم يبرأ. وقيل: إذا لم يكن في نقله كلفة، ولا في تسلمه ضرر (86)، وجب
تسلمه، وفيه تردد.
الرابعة: لو اتفقا على الكفالة، وقال الكفيل لا حق لك عليه (87)، كان القول قول
المكفول له (88)، لأن الكفالة تستدعي ثبوت حق.
الخامسة: إذا تكفل رجلان برجل، فسلمه لرجلين برجل، ثم سلمه إلى أحدهما، لم
يبرأ من الآخر (89).
السادسة: إذا مات المكفول (90)، برأ الكفيل. وكذا لو جاء المكفول وسلم نفسه.
فرع: لو قال الكفيل (91): أبرأت المكفول، فأنكر المكفول له، كان القول قوله. فلو
رد اليمين إلى الكفيل فحلف، برأ من الكفالة، ولم يبرأ المكفول (92) من المال.
السابعة: لو كفل الكفيل آخر، وترامت الكفلاء (93)، جاز.
الثامنة: لا تصح كفالة المكاتب (94)، على تردد.
التاسعة: لو كفل برأسه، أو بدنه، أو بوجهه (95)، صح، لأنه قد يعبر بذلك عن



(85) أي: موضعا آخر غير بلد العقد، كما لو تكفل في كربلاء المقدسة، وعين النجف الأشرف موضعا للتسليم وجب.
(86) أي: نقل الكفيل إياه إلى الموضع المعين للتسليم (ولا في تسلم) صاحب الحق في غير ذلك الموضع (وفيه تردد) لأنه خلاف
الشرط، وفي الجواهر (بل منع).
(87) يعني: الكفيل والمكفول له اتفقا على أن (زيدا) تكفل (عمرا) لكن قال في زيد لا حق لك على (عمرو).
(88) وقال بعضهم (بلا يمين) لكنه خلاف المشهور. بل مع اليمين.
(89) لوجوب تسليمه لهما معا.
(90) أي: المديون - مثلا -
(91) لصاحب الحق (وهو المكفول له) أبرأت أنت المديون.
(92) أي: المديون
(93) كما لو كفل (زيد) عمرا، وكفل (علي) زيدا، وكفل (محمد) عليا، وهكذا صح، وكان محمد ملزما بإحضار علي،
وعلي ملزم بإحضار زيد، وزيد ملزم بإحضار عمرو.
(94) أي: يصير العبد المكاتب أو الأمة المكاتبة كفيلا لشخص (على تردد من جواز فسخ الكتابة فيرهنا، ومن أصالة عدم ذلك
فيصح، ويعني ذلك أيضا كما قيل.
(95) يعني: لو قال الكفيل (كفلت برأس زيد أو ببدل زيد، أو بوجه زيد) صح لأن هذه تعبيرات عن (زيد) ولا يرى إلى
الجملة) أي: لا يعبر باليد، والرجل عن الكل.
365
الجملة عرفا. ولو تكفل بيده أو رجله واقتصر، لم يصح، إذ لا يمكن إحضار ما شرط مجردا،
ولا يسري إلى الجملة.

366
كتاب الصلح
وهو عقد شرع (1) لقطع التجاذب، وليس فرعا على غيره (2)، ولو أفاد فائدته.
ويصح مع الإقرار والإنكار (3)، إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا (4).
وكذا يصح مع علم المصطلحين. بما وقعت المنازعة فيه، ومع جهالتهما به (5)، دينا
كان أو عينا.
وهو لازم من الطرفين (6)، مع استكمال شرائطه، إلا أن يتفقا على فسخه.
وإذا اصطلح الشريكان (7)، على أن يكون الربح والخسران على أحدهما وللآخر رأس
ماله، صح. ولو كان معهما درهمان، فادعاهما أحدهما (8) وادعى الآخر أحدهما، كان لمدعيهما
درهم ونصف، وللآخر ما بقي (9). وكذا لو أودعه إنسان درهمين، وآخر درهما، وامتزج
الجميع، ثم تلف درهم (10).



كتاب الصلح
(1) أي: جعله الله تعالى (التجاذب) أي: التنازع.
(2) يعني: هو عقد مستقل (ليس كما قال بعض الفقهاء: الصلح ليس عقدا مستقلا، وإنما هو بيع إن كان معاوضة، وهبة
وإبراء، وإجارة وعارية وغيرها إن أفاد فائدتها
(3) يعني: لو ادعى زيد على عمرو شيئا، فأنكر عمرو أن يكون مديونا أصلا ومع ذلك قال (لنصالح) صح الصلح، وليس
استعداده للمصالحة كاشفا عن ثبوت الحق بذمته، لأن الصلح يصح مع الإقرار بالحق، ومع إنكار الحق أيضا.
(4) (أحل حراما) كالصلح على شرب الخمر، أو الزنا، أو البيع الربوي، أو البيع الكالئي بالكالئ، ونحو ذلك (حرم حلالا)
كالصلح على أن لا يطأ زوجته، أو لا يملك عبده، أو نحوهما.
(5) كما لو كان لكل من زيد وعمرو على الآخر شئ ولا يعلمان به، فتصالحا على أن يكون ما عند أحدهما له (دينا) كما لو كان ما
على كل دين لا يعلم مقداره (أو عينا) كما لو كان عند كل أمتعة للآخر ولا يعلم بمقداره بل ولا بنوعه وجنسه.
(6) فإذا تصالحا فليس لواحد منهما الفسخ (شرائطه) وهي التكليف، والاختيار، والقصد والرضا ونحو ذلك.
(7) كما لو وضع كل منهما ألف دينار، واتفقا صلحا على أن الربح لأحدهما، والخسارة عليه، والآخر له ألف فقط.
(8) أي: قال أحدهما كلا الدرهمين لي، وقال الآخر: درهم واحد من الدرهمين لي.
(9) أي: نصف درهم.
(10) ولم يعلم إن الثالث درهم أيهما ليس ضامنا لأن الودعي أمين، فيعطي لصاحب الدرهمين ونصفا، ولصاحب الدرهم نصف
درهم.
367
ولو كان لواحد ثوب بعشرين درهما، ولآخر ثوب بثلاثين درهما، ثم اشتبها (11)، فإن
خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه. وإن تعاسرا بيعا، وقسم ثمنها بينهما، فأعطي صاحب
العشرين سهمين من خمسة، وللآخر ثلاثة. وإذا بأن أحد العوضين (12) مستحقا، بطل
الصلح. ويصح الصلح على عين بعين أو منفعة، وعلى منفعة بعين أو منفعة (13). ولو صالحه
على دراهم بدنانير أو بدراهم صح (14)، ولم يكن فرعا للبيع.
ولا يعتبر فيه ما يعتبر في الصرف، على الأشبه.
ولو أتلف على رجل ثوبا قيمته درهم، فصالحه عنه على درهمين صح (15)، على
الأشبه، لأن الصلح وقع عن الثوب لا عن الدرهم.
ولو ادعى دارا، فأنكر من هي في يده (16)، ثم صالحه المنكر على سكنى سنة، صح،
ولم يكن لأحدهما الرجوع. وكذا لو أقر له بالدار (17)، ثم صالح، وقيل: له الرجوع، لأنه
هنا فرع العارية، والأول أشبه. ولو ادعى اثنان، دارا في يد ثالث، بسبب موجب للشركة
كالميراث، فصدق المدعى عليه أحدهما (18)، وصالحه على ذلك النصف بعوض، فإن كان



(11) أي: لم يعلم أي واحد من الثوبين لأيهما (خير) أي: قال له: اختر أيهما شئت أنت، والثوب الآخر لي - على سبيل
الصلح - (اتصفه) أي: كان إنصافا منه للآخر (تعاسرا) أي: كل واحد أراد ثوبه ولم يرضيا بالصلح.
(12) الذين بيع الثوبان بهما.
(13) (عين بعين) ككتاب بفرش (عين بمنفعة) ككتاب بسكنى الدار شهرا، وبالعكس (منفعة بمنفعة) كسكنى الدار شهرا، بإجارة
فرش سنة.
(14) ولم يكن ربا لو كان - مثلا - عشرة دارهم بخمسة عشر درهما، لأن الربا في البيع حرام لا في الصلح (ما يعتبر في الصرف)
من القبض في المجلس وغيره، فلو صالح دراهم بدنانير، ولم يتم قبض صح، مع أنه لو كان باع دراهم بدنانير بلا قبض في
المجلس كان باطلا لاشتراط القبض في المجلس (في الصرف).
(15) ولم يكن ربا، لأن المقابلة ليس بين الدرهم والدرهمين، بل بين الثوب والدرهمين.
(16) أي: الدار في يده، بأن كان ساكنا فيها، أو كان مفتاحها بيده، أو نحو ذلك (على سكنى سنة) أي: قال لمدعي الدار
(صالحتك على هذه الدار بأن أسكن فيها سنة) بمعنى: أعتطيك الدار مقابل سكناي فيها سنة (صح) الصلح (ولم يكن)
لأن الصلح - كما سبق عند رقم (6) - عقد لازم لا يجوز لأحدهما هدمه.
(17) أي: لو ادعى زيد إن الدار التي عمرو فيها لي، فأقر عمرو لزيد، ثم صالح عمرو مع زيد على أن يسكن عمرو في الدار
سنة، كان الصلح لازما، لأنه عقد مستقل (وقيل: له الرجوع) أي: لزيد إلغاء الصلح وإبطاله (لأنه) الصلح (هنا) في
هذا المثال (فرع العارية) أي: نوع من العارية، وحيث إن العارية يجوز فسخه، كذلك الصلح الذي يفيد فائدة العارية
(والأول) عدم جواز إبطال هذا الصلح (أشبه) لأن الصلح عقد مستقل.
(18) (زيد) جالس في دار، فادعى (علي) و (جعفر) - وهما أخوان - إنهما ورثا هذه الدار من أبيهما، فقال زيد: (علي)
يصدق، ونصف الدار له، وصالح زيد مع (علي) على نصف الدار بأرض - مثلا - بأن أخذ (علي) الأرض عوضا عن
حصته في الدار (فإن كان الصلح) بأذن (جعفر) صح الصلح، وكانت الأرض لعلي وجعفر كليهما، وإن كان الصلح بغير
إذن (جعفر) صح الصلح في ربع الدار - نصف نصفها - لاعتراف علي بأن نصف الدار مشترك بينهما، فكيف يصالح على
المال المشترك بدون إذن الشريك.
368
بإذن صاحبه، صح الصلح في النصف أجمع، وكان العوض بينهما، وإن كان بغير إذنه، صح
في حقه وهو الربع، وبطل في حصة الشريك، وهو الربع الآخر.
أما لو ادعى كل واحد منهما النصف، من غير سبب موجب للشركة (19)، لم يشتركا فيما
يقربه لأحدهما.
ولو ادعى عليه فأنكر، فصالحه المدعى عليه على سقي زرعه أو شجرة بمائة (20)، قيل:
لا يجوز، لأن العوض هو الماء وهو مجهول، وفيه وجه آخر، مأخذه جواز بيع ماء الشرب.
أما لو صالحه، على إجراء الماء على سطحه أو ساحته (21)، صح، بعد العلم بالموضع
الذي يجري الماء منه.
وإذا قال المدعى عليه، صالحني عليه، لم يكن إقرارا، لأنه قد يصح مع الإنكار. أما
لو قال: بعني أو ملكني، كان إقرارا (22).
ويلحق بذلك أحكام النزاع في الأملاك وهي مسائل:
الأولى: يجوز إخراج الرواشن والأجنحة إلى الطرق النافذة (23)، إذا كانت عالية لا تضر
بالمارة، ولو عارض فيها مسلم (24)، على الأصح. ولو كانت مضرة، وجب إزالتها. ولو
اظلم بها الطريق، قيل: لا يجب إزالتها، ويجوز فتح الأبواب المستجدة (25) فيها. أما الطرق



(19) كما لم يذكروا سبب الملك، أو قال أحدهما اشتريت نصف الدار، وقال الآخر ورثته (فيما يقر به) زيد الجالس في الدار.
(20) أي: بالماء المملوك للمدعي (وجه آخر) بالجواز (مأخذه) أي: سبب الوجه الآخر وهو الجواز: إن بيع ماء الشرب يجوز،
بتجديده بالتحديدات الوفية، كشرب يوم، أو شهر، أو غيرهما. فكذا يجوز بيع ماء سقي الزرع.
(21) (على سطحه) أي: إجراء (زيد) الذي بيده الدار، الماء عن سطح بيته إلى سطح بيت (علي) إذا أجرى الماء على السطح
يمكن (لعلي) تسليط الماء من فوق السطح لتشغيل المكائن ونحوها (أو ساحته) أي: أرضه، وإنما ذكروا السطح أيضا لما
يبنون عليه من الفروع (ومنها) أنه إن انهدم السطح فليس على (زيد) مجرى الماء إصلاح السطح، بل إصلاحه على المالك
نفسه، وهكذا (بعد العلم) حتى يعرف مقدار بعده، ومقدار انخفاضه وارتفاعه، لكي لا يكون مجهولا.
(22) أي: إقرارا بصحة ادعاء (علي) إذ (بعني) و (ملكني) ينافي كونه ملكا لزيد (والفرق) أن (بعني) طلب البيع (ملكني)
طلب للتمليك من نوع كان بالبيع، بالهبة، بالصلح، ونحوها.
(23) (رواشن) هي الشبابيك (أجنحة) هي ما يخرج من الحائط إلى الطريق، ويبنى عليه، ويسمى في العرف هذا اليوم في
العراق (جرسون) أو (بالكون) ونحو ذلك (النافذة) أي: السكك التي آخرها غير مسدود.
(24) أي: حتى ولو عارض، وذلك: لأنه لا حق لأي مسلم في المعارضة (ولو كانت مضرة) بالمارة لإنخفاض الروشن والجناح.
(25) أي: باب جديد للدار (فيها) في الطرق النافذة (المرفوعة) إنما التي آخرها مسدود (أربابه) أي: أصحاب ذلك الطريق
والسكة، وهم الذين أبواب بيوتهم تنفتح على ذلك الطريق.
369
المرفوعة، فلا يجوز إحداث باب فيها، ولا جناح ولا غيره، إلا بإذن أربابها، سواء كان
مضر أو لم يكن، لأنه مختص بهم. وكذا لو أراد فتح باب لا يستطرق فيه (26)، دفعا
للشبهة. ويجوز فتح الروازن والشبابيك (27)، ومع إذنهم فلا اعتراض لغيرهم. ولو صالحهم
على إحداث روشن، قيل: لا يجوز، لأنه لا يصح إفراد الهواء (28) بالبيع، وفيه تردد. ولو
كان لإنسان داران، باب كل واحدة إلى زقاق غير نافذة (29)، جاز أن يفتح بينهما بابا. ولو
أحدث في الطريق المرفوع (30) حدثا، جاز إزالته لكل من له عليه استطراق. ولو كان في زقاق
بابان، أحدهما أدخل (31) من الآخر، فصاحب الأول يشارك الآخر في مجازه، وينفرد الأدخل
بما بين البابين ولو كان في الزقاق فاضل (32) إلى صدرها، وتداعياه، فهما فيه سواء. ويجوز
للداخل (33) أن يقدم بابه، وكذا الخارج. ولا يجوز للخارج أن يدخل ببابه وكذا الداخل.
ولو أخرج بعض أهل الدرب النافذ (34) روشنا، لم يكن لمقابله معارضته، ولو استوعب عرض
الدرب. ولو سقط ذلك الروشن فسبق جاره إلى عمل روشن، لم يكن للأول منعه، لأنهما فيه
شرع (35)، كالسبق إلى القعود في المسجد.



(26) أي: أراد فتح باب لداره في سكة مسدودة لم يكن له في تلك السكة باب فإنه يجب عليه طلب الإذن من أرباب تلك السكة -
وهم الذين أبواب دورهم تنفتح في تلك السكة - (دفعا للشبهة) وهي أن يمر زمان، فيتصور إن لهذا الشخص أيضا حقا في
هذه السكة.
(27) (الروازن) جمع (روزنة) كمسائل ومسألة وهي الثقبة في الحائط لجريان النور والهواء، و (الشبابيك) جمع شباك هو الثقبة
الكبيرة في الحائط التي يجعل فيها مشبكات من الحديد أو الخشب.
(28) أي: بيع الهواء وحدها، لأنها مشاع للناس جميعا، والناس فيه سواء (وفيه تردد) لأن عدم جواز بيع الهواء لا يدل على عدم
جواز الصلح عليه، لما سبق من أن الصلح عقد مستقل لا يرتبط بالبيع ولا بغير البيع، فلا يدخله أحكام البيع ولا أحكام غير البيع من سائر العقود.
(29) أي: زقاق مسدود آخر (بينهما) أي: بين البابين.
(30) أي: المسدود آخره (حدثا، كالرواشن، والدكة، والأجنحة ونحوها (له عليه استطراق) أي: كل واحد من أهل ذلك
الزقاق، فلو رضي كلهم إلا واحد. جاز لذلك الواحد إزالته. (31) أي: أقرب إلى آخر الزقاق (يتشارك): مني: يتشاركان في الزقاق (إلى حد باب بيت الأول، ومن بعد الباب يكون الزقاق
للآخر فقط، فلو أراد صاحب البيت الأول إخراج روشنته، أو شباك، أو نحو ذلك في داره بعد الباب لا يجوز إلا بأذن الآخر. (32) أي: زائد عن أصل الزقاق، كفسحة، أو نافذة، أو نحو ذلك (إلى صدرها) أي: طرف أول الرقاق في القسم الذي
يشتركان فيه (وتداعياه) أي: قال كل واحد منهما إن هذا الفاضل لي.
(33) وهو الذي داره أقرب إلى آخر الرقاق (الخارج) وهو الذي داره أقرب إلى أول الرقاق (وكذا الخارج) يعني: يجور له تقديم باب داره (أن يدخل بابه) أي: يجعل باب داره أقرب إلى آخر الزقاق (وكذا الداخل) لا يجوز له أن يقرب باب داره إلى
آخر الزقاق أكثر وأكثر إذا كان بعده - من طرف آخر الزقاق - دار لشخص آخر.
(34) أي: الزقاق الذي آخره مفتوح (لمقابله) أي: الدار التي في مقابل هذه الدار (ولو استوعب) الروشن كل عرض الزقاق من
فوق إلى تحت
(35) أي: سواء (كالسبق) حيث ليس لأحد منع الآخر منه.
370
الثانية: إذا التمس وضع جذوعه (36) في حائط جاره، لم يجب على الجار إجابته، ولو كان خشبة
واحدة، لكن يستحب. ولو أذن، جاز الرجوع قبل الوضع إجماعا، وبعد الوضع لا يجوز، لأن المراد
به التأبيد (37)، والجواز حسن مع الضمان. أما لو انهدم (38)، لم يعد الطرح إلا بإذن مستأنف وفيه قول
آخر. ولو صالحه على الوضع ابتداءا (39)، جاز بعد أن يذكر عدد الخشب ووزنها وطولها.
الخشب ووزنها وطولها.
الثالثة: إذا تداعيا جدارا مطلقا (40)، ولا بينة، فمن حلف عليه مع نكول صاحبه
قضي له. وإن حلفا أو نكلا، قضي به بينهما. ولو كان متصلا ببناء أحدهما، كان القول قوله
مع يمينه. وإن كان لأحدهما عليه جذع أو جذوع (41)، قيل: لا يقضي بها، وقيل: يقضي
مع اليمين وهو الأشبه.
ولا يرجح دعوى أحدهما، بالخوارج التي في الحيطان (42)، ولا الروازن. ولو اختلفا في
خص قضي لمن إليه معقد القمط، عملا بالرواية.
الرابعة: لا يجوز للشريك في الحائط (43)، التصرف فيه ببناء، ولا تسقيف ولا إدخال
خشبة، إلا بإذن شريكه. ولو انهدم، لم يجبر شريكه على المشاركة في عمارته. وكذا لو كانت
الشركة، في دولاب أو بئر أو نهر وكذا لا يجبر صاحب السفل ولا العلو، على بناء الجدار الذي
يحمل العلو (44). ولو هدمه بغير إذن شريكه، وجب عليه إعادته. وكذا لو هدمه بإذنه،



(36) أي: وضع رأس الجذوع (لكن يستجب) لاستحباب قضاء الحاجة، ومداراة الجار
(37) لأن المراد بالوضع هو إلى الأبد، ما دام البناء موجودا (مع الضمان) يعني: لو قيل بأن للجار الرجوع عن إذنه، لكنه
يضمن الخسارة فهذا القول حسن.
(38) انهدم البناء (الطرح) أي: الجذع (مستأنف) جديد (قول آخر) للشيخ الطوسي قدس سره، بأن الإعادة على الأسلوب
الأول لا يحتاج إلى الإذن الجديد.
(39) أي: في أول الأمر لو كان بالمصالحة وضع الجذوع، فإذا انهدم جاز وضعه بلا إذن جديد.
(40) أي غير متصل ببناء أحدهما (مع نكول) أي: عدم الحلف (بينهما) نصفه المتاح لكل منهما.
(41) بدون الاتصال بالبناء (لا يقضي بها) أي: ليس كالمتصل بالبناء، لتسامح الناس بوضع الجذوع على حائطهم.
(42) أي: الأشياء الملصقة بالحائط، الخارجة عنه، كالتزيين، والبسامير، والكتابة البارزة ونحو ذلك (خص) بيت يعمل من
قصب ونحوه. فقال كل واحد منهما هذا الخص لي، وكان الخص بين داريهما (قمط) - بكسر القاف وضمها - هو الحبل الذي
يشد به رؤوس قصب الخص (بالرواية) وهي صحيحة منصور بن حازم عن الصادق عليه السلام.
(43) كما لو كان حائط لاثنين بالشركة، بإرث أو غيره (دولاب) هو المنجنون - أي الناعور - الذي تديره الدابة ليستقي به الماء فليس
لأحد الشركين إصلاحه أو تغييره إلا برضا الشريك الآخر أو الشركاء.
(44) كما لو اشترى (زيد) بيتا، واشترى عمرو (غرفة) مبنية فوق ذلك البيت، فحائط البيت الذي بنيت الغرفة عليه مشترك
بين صاحب السفل (زيد) وبين صاحب العلو (عمرو).
371
وشرط إعادته (45).
الخامسة: إذا تنازع صاحب السفل والعلو في جدران البيت (46)، فالقول قول صاحب
البيت مع يمينه. ولو كان (47) في جدران الغرفة، فالقول قول صاحبها مع يمينه. ولو تنازعا في
السقف، قيل: إن حلفا قضي به لهما، وقيل: لصاحب العلو، وقيل: يقرع بينهما، وهو
حسن.
السادسة: إذا أخرجت أغصان شجرة إلى ملك الجار، وجب عطفها (48) إن أمكن،
وإلا قطعت من حد ملكه. وإن امتنع صاحبها، قطعها الجار ولا يتوقف على إذن الحاكم. ولو
صالحه على إبقائه في الهواء، لم يصح، على تردد، أما لو صالحه على طرحه على الحائط، جاز
مع تقدير الزيادة أو انتهائها.
السابعة: إذا كان لإنسان بيوت الخان السفلى، ولآخر بيوته العليا، وتداعيا الدرجة،
قضي بها لصاحب العلو مع يمينه. ولو كان تحت الدرجة خزانة (49)، كانا في دعواهما سواء.
ولو تداعيا الصحن، قضي منه بما يسلك فيه إلى العلو بينهما، وما خرج عنه لصاحب السفل.
تتمة: إذا تنازع راكب الدابة وقابض لجامها (50)، قضي للراكب مع يمينه. وقيل:
هما سواء في الدعوى، والأول أقوى.
أما لو تنازعا ثوبا، وفي يد أحدهما أكثره، فهما سواء. وكذا لو تنازعا عبدا، ولأحدهما
عليه ثياب (51).



(45) أما لو هدمه بأذنه ولم يشترط إعادة بنائه، كان بناؤه بينهما معا، لا على الهادم.
(46) أي: جدران بيت (زيد) مثلا: فقال صاحب السفل إنها ملك لي فإنها جدران بيتي، وقال صاحب العلو - الغرفة
(عمرو) إنها لي فإني بنيت غرفتي عليها.
(47) أي، ولو كان التنازع (صاحبها) أي صاحب الغرفة (في السقف) الذي هو أرض للغرفة (وهو) أي: الإقراع (حسن)
وكيفيته: أن يكتب اسم كل منها على ورقة، ثم نوضع الورقتان في كيس ويجال الكيس، وتخرج ورقة فمن خرجت باسمه
كان السقف له.
(48) أي: لويها وإرجاعها إلى جهة مالكها (لم يصح) لأنه كما لا يصح بيع الهواء وحده لا تصح المصالحة عليه (على تردد)
لاحتمال الصحة لأجل أن الصلح ليس تابعا للبيع بل هو عقد مستقل (مع تقدير الزيادة) أي: زيادة الغصن يوما فيوما (أو
انتهائها) أي: انتهاء الزيادة بأن لا يزيد بعد ذلك، يعني: سواء كان يزيد، أولا، وجهالة ذلك لا يعني الصلح وإن كان
مقرا بالبيع.
(49) بأن كان الدرج مبنيا بحيث بقي تحته فراغ يمكن الاستفادة منه، فقال كل واحد منهما: إن هذا الفراغ لي (سواء) أي: كان
كل منها مدعيا، وليس أحدهما منكرا، والآخر مدعيا (لصاحب السفل) مع يمينه.
(50) فقال كل واحد منهما: الدابة لي.
(51) بأن كانت الثياب التي لبسها العبد لأحدهما، فإنه ليس دليلا على كونه منكرا، بل كل منهما مدع
372
أما لو تداعيا جملا، ولأحدهما عليه حمل، كان الترجيح لدعواه (52).
ولو تداعيا غرفة على بيت أحدهما، وبابها إلى غرفة الآخر، كان الرجحان لدعوى
صاحب البيت (53).



(52) فالحمل على الدابة علامة (اليد) بخلاف الثوب على العبد.
(53) فهو المنكر، واليمين عليه وله الغرفة - إن لم يكن للآخر بينة -
373
كتاب الشركة
والنظر في فصول
الأول
في أقسامها:
الشركة: اجتماع حقوق الملاك، في الشئ الواحد، على سبيل الشياع (1).
ثم المشترك قد يكون عينا (2)، وقد يكون منفعة، وقد يكون حقا.
وسبب الشركة قد يكون إرثا (3)، وقد يكون عقدا، وقد يكون مزجا. وقد يكون
حيازة.
والأشبه في الحيازة، اختصاص كل واحد بما حازه. نعم، لو اقتلعا شجرة، أو اغترفا
ماء دفعة، تحققت الشركة. وكل مالين، مزج أحدهما بالآخر، بحيث لا يتميزان (4)،
تحققت فيهما الشركة، اختيارا كان المزج أو اتفاقا.
ويثبت ذلك في المالين المتماثلين في الجنس والصفة، سواء كانا أثمانا (5) أو عروضا.



كتاب الشركة
(1) ومعنى (الشياع) إن حق كل واحد لم يكن مفرزا.
(2) كأرض مشتركة (منفعة) كما لو استأجر اثنان معا دارا. فهما مشتركان في منفعة الدار (حقا) كالخيار المشترك، والرهن
المشترك.
(3) مات زيد، فورث أولاده ماله (عقدا) كما لو اشتريا دارا (مزجا) كما لو خرج رهن لأحدهما، برهن للآخر (حيازة) كما لو
تباينا على إن كل ما يجوزه أحدهما من سمك يشتركان فيه (بما جاره) فليست الشركة في الحيازة صحيحة (أو اعترفا) بدلو
ونحوه.
(4) كالحنطة بالحنطة، والدهن بالدهن، والماء بالماء، والأرز بالأرز، وهكذا الماء بالسكر، والشربت بالشربت، ولو كانا من نوعين
كشربت البرتقال بشربت الليمون، وهكذا
(5) كدنانير ذهبية غير متميزة (عروضا) كالحنطة بالحنطة، إلى آخر الأمثلة الآنفة الذكر.
374
أما ما لا مثل له، كالثوب والخشب والعبد، فلا يتحقق (6) فيه بالمزج، بل قد يحصل
بالإرث (7)، أو أحد العقود الناقلة كالابتياع والاستيهاب (8). ولو أراد الشركة فيما لا مثل له، باع كل واحد منهما حصته مما في يده، بحصته مما في يد الآخر.
ولا تصح الشركة: بالأعمال، كالخياطة (9) والنساجة. نعم، لو عملا معا لواحد
بأجرة، ودفع إليهما شيئا واحدا عوضا عن أجرتهما، تحققت الشركة في ذلك الشئ.. ولا
بالوجوه (10). ولا شركة بالمفاوضة، وإنما تصح بالأموال.
ويتساوى الشريكان في الربح والخسران مع تساويه (11). ولو كان لأحدهما زيادة، كان
له من الربح بقدر رأس ماله. وكذا عليه من الخسارة.
ولو شرط لأحدهما زيادة في الربح، مع تساوي المالين، أو التساوي في الربح والخسران
مع تفاوت المالين، قيل: تبطل الشركة، أعني الشرط والتصرف الموقوف عليه، ويأخذ كل
منهما ربح ماله، ولكل منهما أجرة مثل عمله، بعد وضع ما قابل عمله في ماله (12)، وقيل:
تصح الشركة ودون الشرط (13) والأول أظهر.



(6) أي: فلا يتحقق الاشتراك (هذا) في العبد تمام، أما في الثوب والخشب في هذا الزمان الذي يصنع فيه الأشياء متماثلة من
جميع الجهات فيأتي الاشتراك باختلاط بعضها ببعض بحيث لا يتميز مال إنسان عن مال الآخر.
(7) كما لو مات زيد وكان له وارثان وأكثر، فهم شركاء في مال (زيد) (كالابتياع) أي: الشراء.
(8) (الاستيهاب) - ي: طلب الهبة، مثاله: اشترى (زيد) نصف دار عمرو مشاعا، أو استوهب، فوهب له عمرو نصف
داره، اشتركا في الدار.
(9) بأن يخيط كل واحد منهما، ثم يكون الربح بينهما، أو ينسج كل واحد منهما من مال نفسه ثم يكون الناتج مشتركا بينهما (بأجرة)
كما لو بنيا معا دارا (لزيد) وأعطاهما (زيد) مئة دينار لكليهما معا، اشتركا في المئة
(10) وهو أن يتفق اثنان - لهما كرامة وماء وجه، ولا مال لهما - بأن يشتري كل واحد في الذمة وقرضا، ويبيع ويتاجر، ثم
يوفي الدين، فما فضل عن الربح يشتركان فيه (بالمفاوضة) وهي أن يتفق اثنان على إن كل ربح أو عين، أو منفعة تحصل
لأحدهما يكون مشتركا بينهما، وكل خسارة، أو غرامة، أو تلف حصل من أحدهما يكون على كليهما، فلو قتل أحدهما شخصا
خطأ كان نصف الدية على الآخر، ولو أهدي إلى أحدهما هدية كان نصفها للآخر وهكذا.
(11) أي: تساوي المشترك، بأن كان لكل منهما ألف دينار (زيادة) كما لو كان لأحدهما ألفان، وللآخر ألف واحد، فإن الربح
يقسم ثلاثة أقسام، اثنان لصاحب الألفين، وواحد لصاحب الألف (وكذا الخسارة).
(12) مثلا) جعل كل واحد من (زيد) و (عمرو) ألف دينار، وعملا في الألفين، بشرط أن يكون ثلثان من الربح لزيد، وثلث
لعمرو (قيل) هذا الشرط باطل والتصرف الموقوف على هذا الشرط أيضا باطل فلو ربح المال مئة دينار، كان لكل واحد منهما
خمسون دينارا، ويأخذ (زيد) من عمرو أجرة عمله هذا المدة - بعد وضع نصف الأجرة - وكذا يأخذ (عمرو) من زيد أجرة
عمله هذه المدة - بعد وضع نصف الأجرة - (فلو) كان عملهما شهرا، وكان عمل زيد شهرا أجرته عشرة دنانير، وعمل
(عمرو) شهرا أجرته ستة دنانير، أخذ (زيد) من عمرو خمسة دنانير، وأخذ عمرو من زيد ثلاثة دنانير وهكذا.
(13) فلكل واحد منهما نصف الربح - في المثال الأنف - لا الثلث والثلثين.
375
هذا إذا عملا في المال، أما لو كان العامل أحدهما، وشرطت الزيادة للعامل، صح.
ويكون بالقراض (14) أشبه.
إذا اشترك المال، لم يجز لأحد الشركاء التصرف فيه، إلا مع إذن الباقين، فإن حصل
الإذن لأحدهم، تصرف هو دون الباقين (15)، ويقتصر من التصرف على ما أذن له فإن
أطلق له الإذن، تصرف كيف شاء.
وإن عين له السفر في جهة، لم يجز له الأخذ في غيرها (16) أو نوع من التجارة، لم يتعد
إلى سواها.
ولو أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه، جاز لهما التصرف، وإن انفردا. ولو شرطا
الاجتماع (17)، لم يجز الانفراد.
ولو تعدى المتصرف ما حد له، ضمن (18).
ولكل من الشركاء الرجوع في الإذن، والمطالبة بالقسمة، لأنها (19) غير لازمة. وليس
لأحدهما المطالبة بإقامة رأس المال (20)، بل يقتسمان العين الموجودة، ما لم يتفقا على البيع.
ولو شرطا التأجيل في الشركة، لم يصح، ولكل منهما أن يرجع متى شاء. ولا
يضمن الشريك ما تلف في يده، لأنه أمانة، إلا مع التعدي (22) أو التفريط في الاحتفاظ،
ويقبل قوله مع يمينه في دعوى التلف (23)، سواء ادعى سببا ظاهرا كالحرق والغرق، أو خفيا
كالسرقة. وكذا القول قوله مع يمينه، لو ادعي عليه الخيانة أو التفريط (24).



(14) القراض) يعني: المضاربة، وسيأتي تفصيل الكلام عنه بعد (كتاب الشركة) مباشرة.
(15) كما لو ورث جماعة دارا، فأذن الجميع (لزيد) وهو أحد الورثة - للتصرف في الدار ببيع، أو صلح، أو غيرهما، جاز
لزيد، ولم يجز لبقية الورثة (ما أذن له) من نوع التجارة، ومكانها، وزمانها، وغير ذلك.
(16) فلو أذن له في الاستيراد والتصدير من البلاد الإسلامية وإليها، لا يجوز له ذلك من بلاد الكفر أو إن أذن له في المضاربة -
بالمال - مع التجار، لم يجز له التجارة بالبيع والشراء بنفسه، وهكذا.
(17) يعني: لو شرط كل واحد منهما أن يكون كل تصرف بعلمهما، لم يجز لأحد منها التصرف منفردا.
(18) يعني: إذا خسر، كانت الخسارة كلها عليه، أو تلف المال كان التلف منه، لا من مال الشركة.
(19) أي: لأن الشركة عقد جائز من الطرفين يجوز فسخها متى أرادا.
(20) أي: ببيع البضاعات وجعلها نقودا.
(21) أي: لم يصح الشرط (متى شاء) لأن الشركة عقد جائز.
(22) (التعدي) هو الاتلاف عمدا (التفريط) هو التقصير في حفظه حتى تلف.
(23) يعني: ادعى الشريك تلف المال عنده، يقبل قوله بشرط أن يحلف.
(24) وأنكر هو، وقال لم أخن، ولم أقصر في حفظه.
376
ويبطل الإذن بالجنون والموت (25).
الثاني
في القسمة (26) وهي تميز الحق من غيره (27)، وليست بيعا، سواء كان فيها رد أو لم
يكن. ولا تصح إلا باتفاق الشركاء. ثم هي تنقسم (28)، فكل ما لا ضرر في قسمته، يجبر
الممتنع مع التماس الشريك القسمة. وتكون بتعديل السهام والقرعة.
أما لو أراد أحد الشركاء التخيير (29)، فالقسمة جائزة، لكن لا يجبر الممتنع عنها.
وكل ما فيه ضرر كالجوهر والسيف والعضايد الضيقة لا يجوز قسمته، ولو اتفق الشركاء على
القسمة.
ولا يقسم الوقف (30)، لأن الحق ليس بمنحصر في المتقاسمين. ولو كان الملك الواحد
وقفا وطلقا، صح قسمته، لأنه يميز الوقف عن غيره.
الثالث
في لواحق هذا الباب وهي مسائل:
الأولى: لو دفع إنسان دابة وآخر رواية إلى سقاء (31)، على الاشتراك في الحاصل، لم



(25) فلو أذن أحد الشريكين للآخر في التصرف، ثم جن الإذن، أو مات، بطل إذنه، ولم يبطل أصل الشركة.
(26) أي: قسمة مال الشركة بين الشركاء.
(27) أي: ما يستحقه مما لا يستحقه (رد) كما لو كان عند (زيد) أرض من مال الشركة، وعند (عمرو) دنانير من مال الشركة،
فأعطى زيد الأرض لعمرو، وأخذ منه بعض الدنانير - في مقام التقسيم - فإن هذا الاعطاء والأخذ - بعنوان القسمة - لا يجعله
بيعا (أو لم يكن) كما لو كان كل مال الشركة عند زيد، فأعطى إلى عمرو حصته بدون أن يرد عمرو على زيد شيئا.
(28) يعني: ثم إن (القسمة) على قسمين. قسم لا ضرر في تقسيمه، وقسم يأتي الضرر من تقسيمه (لا ضرر في قسمته)
كالدنانير والدراهم، والطعام، والكتب العديدة، ونحو ذلك (مع التماس) أي: طلب (وتكون) أي: القسمة (بتعديل
السهام) أي: جعل كل سهم وحصة بعدد الآخر، ثم تستعمل (القرعة) لكشف أي سهم لأي شخص، فيكتبون أسماء
الشركاء في رقاع بعددهم، أو أسماء السهام ويجعل كله في كيس ويجال ثم تخرج الرقعة باسم، وهكذا.
(29) أي: تخيير الشركاء الآخرين في القسمة وعدمها (الجوهر) كالعقيق والألماس، والزمرد، والياقوت ونحوها، مما ينزل قيمته
بقسمته (العضايد) المقصود منه هنا الطرق الضيقة، فلو كانت أرض لشريكين وفيها بيوت وبينها طرق ضيقة يأتي الضرر من
تقسيمها (ولو اتفق) أي: حتى ولو اتفق.
(30) أي الوقف الذري (ليس بمخص) لأن فيه حق الأجيال الآتية (الملك الواحد) كأرض واحدة، أو دار واحدة، (وقفا
وطلقا) أي: كان بعضه وقفا، وبعضه ملكا طلقا - أي: مطلقا غير مقيد بوقف -
(31) الرواية: هي القربة الكبيرة المتخذة من جلد بعير، أو ثور، أو حمار، أو نحو ذلك (سقاء) يقال للشخص الذي يستقي الماء
ويبيعه على الناس (لم تنعقد) في الجواهر (لأنها مركبة من شركة الأبدان والأموال).
377
تنعقد الشركة، وكان ما يحصل للسقاء، وعليه أجرة مثل الدابة والرواية (32).
الثانية: لو حاش (33) صيدا، أو احتطب، أو احتش بنية أنه له ولغيره لم تؤثر تلك
النية، وكان بأجمعه له خاصة. وهل يفتقر المخير في تملك المباح إلى نية التملك؟ قيل: لا،
وفيه تردد.
الثالثة: لو كان بينهما مال بالسوية (34)، فأذن أحدهما لصاحبه في التصرف على أن يكون
الربح بينهما نصفين، لم يكن قراضا، لأنه لا شركة للعامل في مكسب مال الآمر ولا شركة،
وإن حصل الامتزاج، بل يكون بضاعة.
الرابعة: إذا اشترى أحد الشريكين شيئا، فادعى الآخر أنه اشتراه لهما (35)، وأنكر،
فالقول قول المشتري مع يمينه، لأنه أبصر بنيته. ولو ادعى أنه اشترى لهما، فأنكر الشريك،
فالقول أيضا قوله، لمثل ما قلناه.
الخامسة: لو باع أحد الشريكين سلعة بينهما، وهو وكيل في القبض (36) وادعى المشتري
تسليم الثمن إلى البائع وصدقه الشريك (37)، برأ المشتري من حقه، وقبلت شهادته على
القابض في النصف الآخر، وهو حصة البائع لارتفاع التهمة عنه في ذلك القدر. ولو ادعى
تسليمه إلى الشريك (38)، فصدقه البائع - لم يبرأ المشتري من شئ من الثمن، لأن حصة



(32) (أجرة مثل الدابة، والراوية) يعني: مثل هذه الدابة كم أجرتها، ومثل هذه الراوية كم أجرتها.
(33) أي: أخذ (احتطب) أي: جمع حطبا (احتش) أي: جمع حشيشا (المخير) أي: الذي يجوز شيئا مباحا كالسمك من
البحر، والملح من الأرض غير المملوكة لأحد، والحطب، والعشب، ونحوها (قيل لا) يعني: لو أخذ شخص - مثلا سمكة
ملكها سواء أخذها بنية التملك أم بنية اللعب أم غير ذلك (وفيه تردد) لاحتمال اعتبار قصد التملك.
(34) كما لو جعل زيد ألفا، وعمرو ألفا، وإذن زيد لعمرو في التجارة في الألفين، بشرط أن يكون الربح نصفين بينهما (قراضا)
أي: مضاربة، وذلك لأن المضاربة تكون فيما اشترك العامل من ربج مال الثاني، وهنا لعمرو ربح ماله فقط، ولا يأخذ من
ربح مال زيد شيئا (ولا شركة) أي ليست هذه المعاقدة شركة (وإن حصل) الامتزاج بين المالين، وذلك لأن المفروض في
الشركة عمل كل منهما في المال، لا عمل أحدهما خاصة (بضاعة) وهي في اللغة يقال المال بعث ليتجر به. فليس له أحكام
المضاربة ولا أحكام الشركة، بل يكون المال أمانة في يد زيد يتصرف فيه بأذن زيد والربح لزيد.
(35) بمال الشركة (وأنكر) وقال لم اشتره بمال الشركة، بل بمالي ولنفسي، أو لشخص آخر (لمثل ما قلناه) أي: لأنه أبصر بنيته.
(36) أي: وكيل من قبل شريكة في قبض ثمن ما باعه.
(37) مثاله: زيد وعمرو شريكان في أرض، ووكل زيد عمر أفي بيع الأرض، وقبض ثمنها، وباع عمرو الأرض، ثم ادعى
المشتري إنه سلم جميع الثمن إلى عمرو، وأنكر عمرو قبض الثمن، فشهد زيد على عمرو إنه قبض الثمن، قبلت شهادته،
أما في حق نفسه (زيد) فاعترف بأنه سلمه إلى وكيله في القبض وهو عمرو، وأما بالنسبة لحق عمرو فليس زيد متهما حتى لا
تقبل شهادته، إذ شهادة الشريك بمصلحة شريكه محل للتهمة، أما ضد شريكه فليس محل تهمة.
(38) أي - في المثال - لو ادعى المشتري تسليم جميع الثمن إلى (زيد) فصدقه عمرو البائع، وأنكر (زيد) أن يكون تسلم الثمن،
لم يبرأ المشتري لا من حق زيد، ولا من حق عمرو، أما من حق زيد فلأنه منكر وصول شئ إليه، وأما من حق عمرو
فلأنه لم يؤكل شريكه زيدا في أخذ حقه فإعطاء المشتري حصته إلى زيد إعطاء للأجنبي، إذ مجرد كونه شريكا له لا يصح
تسليم حقه إليه (فالقول قوله) أي: قول المنكر وهو زيد شريك البائع.
378
البائع لم تسلم إليه ولا إلى وكيله - والشريك ينكره، فالقول قوله مع يمينه، وقيل: يقبل
شهادة البائع. والمنع في المسألتين أشبه.
السادسة لو باع اثنان عبدين (39)، كل واحد منهما لواحد منهما بانفراده صفقة، بثمن
واحد مع تفاوت قيمتهما، قيل: يصح، وقيل: يبطل، لأن الصفقة تجري مجرى عقدين،
فيكون ثمن كل واحد منهم مجهولا.
أما لو كان العبدان لهما (40)، أو كانا لواحد، جاز. وكذا لو كان لكل واحد قفيز من
حنطة على انفراده، فباعاهما صفقة (41)، لانقسام الثمن عليهما بالسوية.
السابعة: قد بينا أن شركة الأبدان باطلة، فإن تميزت أجرة عمل أحدهما عن صاحبه
اختص بها (42). وإن اشتبهت، قسم حاصلهما. على قدر أجرة مثل عملهما، وأعطي كل
واحد منهما ما قابل أجرة مثل عمله.
الثامنة: إذا باع الشريكان سلعة صفقة، ثم استوفى أحدهما منه شيئا شاركه الآخر
فيه (43).
التاسعة: إذا استأجر (44) للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاصطياد مدة معينة، صحت



(39) مثاله: لزيد عبد، ولعمرو عبد وأحدهما أعلى قيمة من الآخر فباعاهما في عقد واحد لثالث بمئة (وقيل يصح) ويوزع الثمن
على المالكين بنسبة قيمتي العبدين (فمثلا: لو كان عبد زيد قيمته خمسين وعبد عمرو قيمته ثلاثين، فيوزع المئة ثمانية
أقسام، خمسة منها 50، 62 لزيد وثلاثة منها 50، 37 لعمرو)
(40) أي: بالشركة لو ورثا العبدين، أو اشترياهما بمال الشركة، أو غير ذلك من أسباب الشركة القهرية أو الاختيارية (أو كانا
لواحد) أي: كان مالك العبدين شخصا واحدا.
(41) في الجواهر بشرط أن يكونا متساوي القيمة، وإلا جاء نفس الكلام الأنف في العبدين
(42) كما لو كان كل واحد يتجر بماله في بلد، وقبل خلط المالين عرفا حرمة ذلك، كان لكل منهما حاصل ماله (وإن اشتبهت) كما
لو كانا يخلطان أرباحهما، فلم يعلما أي مقدار من الربح كان لهذا، وأي مقدار لذلك (قسم الخ) يعني: - مثلا - عمل كل
منهما شهرا، وعمل زيد شهرا يساوي ألف دينار، وعمل عمرو شهرا يسوى ألفين، فيقسم مجموع الربح ثلاثة أقسام، ثلث
لزيد، وثلثان لعمرو.
(43) مثلا: أرض مشتركة بين زيد وعمرو وباعاها بألف، ثم أخذ زيد مئة من الثمن، كانت لهما خمسين له، وخمسين لعمرو،
حتى لو كان أخذه بنية نفسه.
(44) أي: استأجر شخص (زيدا) مثلا (للاحتطاب) ليجمع له الحطب (والاحتشاش) أي ليجمع له الحشيش (أو الاصطياد)
أي: ليصيد له السمك، أو الحيوانات البرية، أو الطيور.
379
الإجارة، ويملك المستأجر ما يحصل من ذلك في تلك المدة ولو استأجره لصيد شئ بعينه (45)،
لم يصح، لعدم الثقة بحصوله غالبا.



(45) كما لو استأجره لصيد غزلان في يوم الأربعاء، أو سمك من نوع الزبيدي، أو من نوع البني، ونحو ذلك
380
كتاب المضاربة
وهو يستدعي بيان أمور أربعة
الأول:
في العقد وهو جائز من الطرفين، لكل واحد منهما فسخه، سواء نض المال (1) أو كان
به عروض.
ولو اشترط فيه الأجل (2)، لم يلزم. لكن، لو قال: إن مرت بك سنة مثلا، فلا تشتر
بعدها وبع، صح، لأن ذلك من مقتضى العقد (3). وليس كذلك لو قال: على أني لا أملك
فيها منعك (4)، لأن ذلك مناف لمقتضى العقد.
ولو اشترط أن لا يشتري إلا من زيد، أو لا يبيع إلا على عمرو، صح (5). وكذا لو
قال: على أن لا يشتري إلا الثوب الفلاني، أو ثمرة البستان الفلاني، وسواء كان وجود ما
أشار إليه، عاما أو نادرا.
ولو شرط أن يشتري، أصلا يشتركان في نمائه، كالشجر أو الغنم، قيل: يفسد، لأن



كتاب المضاربة
وهي أن يكون المال من شخص، والتجارة والكسب بذاك المال من شخص آخر، والربح بينهما حسب ما يتفقان عليه،
نصفا لهذا ونصفا لذاك، أو ثلثا لهذا وثلثين لذاك، أو ربعا لذاك وثلاثة أرباع للآخر.
(1) (نض المال): أي: صار نقودا، دراهم، دنانير، (عروض) أي: أمتعة، كفرش، وأراضي، وألبسة. وكتب، وفواكه،
وغير ذلك.
(2) فلو قال: (ضاربتك على هذا المال إلى سنة) جاز له أن يطالب بالفسخ قبل سنة.
(3) إذ عقد المضاربة يقتضي العمل طبق الشرط في البيع والشراء، ونحوهما، لا في المدة.
(4) أي: منعك عن العمل في المال إلى سنة - مثلا - (مناف) أي: مخالف (لمقتضى العقد) إذ عقد المضاربة يقتضي جواز الفسخ
متى أراد، فيشترط عدم قدرته على الفسخ هذا الشرط مخالف لما يقتضيه العقد.
(5) لأنه شرط غير مخالف لمقتضى عقد المضاربة، فيجب العمل به، لقوله عليه السلام (المؤمنون عند شروطهم) (عاما) أي:
كثيرا (أو نادرا) أي: قليلا، بحيث قد يوجد وقد لا يوجد، كبستان قد يثمر وقد لا يثمر.
381
مقتضاه (6) التصرف في رأس المال، وفيه تردد.
وإذا أذن له في التصرف (7)، تولى بإطلاق الإذن ما يتولاه المالك، من عرض
القماش، والنشر والطي، وإحرازه، وقبض الثمن، وإيداعه الصندوق، واستئجار من
جرت العادة باستئجاره، كالدلال والوزان والحمال (8) عملا بالعرف. ولو استأجر للأول،
ضمن الأجرة. ولو تولى الأخير بنفسه (9)، لم يستحق أجرة.
وينفق في السفر كمال نفقة (10)، من أصل المال، على الأظهر. ولو كان لنفسه مال،
غير مال القراض، فالوجه التقسيط. ولو أنفق (11) صاحب المال مسافرا، فانتزع المال منه،
فنفقة عوده من خاصته.
وللعامل ابتياع المعيب، والرد بالعيب والأخذ بالأرش، كل ذلك مع الغبطة (12).
ويقتضي إطلاق الإذن بالبيع نقدا، بثمن المثل من نقد البلد. ولو خاف لم يمض (13)،
إلا مع إجازة المالك. وكذا يجب أن يشتري بعين المال ولو اشترى في الذمة (14)، لم يصح



(6) أي: مقتضى عقد المضاربة (التصرف في رأس المال) وهذا ليس كذلك، لأنه تجميد رأس المال والفوائد لا تحصل من غير المال
لا من التصرف فيه (وفيه تردد) إذا لم يعلم لزوم كون الفوائد من التصرف في رأس المال، بل يكفي الشركة في الفوائد ولو
كانت من غير المال.
(7) ولو يقيد - المالك - نوع التصرف (بإطلاق الإذن) أي: لإطلاق الإذن، فالباء سببية، (ما) كل تصرف كان يصح أن
(يتولاه المالك).
(8) وكذا الصانع (للأول) أي: الدلالة (الأخير) يعني الحمالة (ضمن الأجرة) أي: كانت أجرة الدلال على نفس العامل لا من
مال المضاربة، إذ المتعارف عند أهل العرف قيام العامل بنفسه بالدلالة لا أن يستأجر دلالا، فعمله مخالف للمتعارف،
فيضمن هو أجرة الدلال - هذا - في ما تعارف الدلالة فيه، أما في مثل بيع الأراضي، والدور، والبساتين، وشرائها،
مما تعارف استئجار الدلال، فالأجرة من المال، لا على نفس العامل.
(9) أي: صار العامل هو حمالا لحمل البضائع، ولم يستأجر حمالا (لم يستحق أجرة) لأنه تبرع بالحمالة، ولو كان قد استأجر حمالا
كانت الأجرة من مال المضاربة، لما تعارف من استئجار الحمال لا الحمل بنفسه.
(10) من أجرة السيارة والطيارة، والمأكل والمنام، ونحو ذلك (القراض) أي: المضاربة. (التقسيط) أي: التقسيم، بأن يأخذ
نصف مصارفه من مال المضاربة، ونصفها من ماله الشخصي قال في الجواهر (لأن السفر لهما، فالمال منهما).
(11) أي: بعث (عوده) أي: عود العامل إلى بلده (من حاجته) أي: من ماله الخاص وذلك: لأن عقد المضاربة - كما سبق -
جائز يجوز فسخه متى شاء، ومع الفسخ لا مضاربة حتى يستحق العامل نفقة عوده من السفر، وفي المسالك (ولا غرر عليه
لدخوله على عقد يجوز فسخه كل وقت).
(12) أي: مع المصلحة في ذلك (نقدا) أي: يجب عليه أن يبيع نقدا لا نسيئة (اللهم) إلا إذا تعارف البيع نسيئة كما في زماننا
هذا (بثمن المثل) لا أقل (من نقد البلد) أي: بالمال المتعارف في البلد البيع والشراء به، دون غيره، مثلا في العراق
بالدينار، وفي إيران بالتومان، لا غير.
(13) أي: لم يصح البيع، والشراء (إلا مع إجازة المالك) إجازة خاصة، لأنه تصرف في مال إنسان بما لم يعلم رضاه به.
(14) أي: قرضا (مع الإذن) أي: أذن صاحب المال.
382
البيع، إلا مع الإذن. ولو اشترى في الذمة لا معه (15)، ولم يذكر المالك، تعلق الثمن بذمته
ظاهرا.
لو أمره بالسفر إلى جهة، فسافر إلى غيرها، أو أمره بابتياع شئ معين، فابتاع غيره،
ضمن (16). ولو ربح والحال هذه، كان الربح بينهما، بموجب الشرط.
وبموت كل واحد منهما، تبطل المضاربة، لأنها في المعنى وكالة.
الثاني
في مال القراض ومن شرطه: أن يكون عينا (17)، وأن يكون دراهم أو دنانير. وفي
القراض بالنقرة، تردد.
ولا يصح: بالفلوس (18)، ولا بالورق المغشوش، سواء كان الغش أقل أو أكثر، ولا
بالعروض. ولا دفع آلة الصيد كالشبكة بحصة (19) فاصطاد، كان الصيد للصائد، وعليه
أجرة الآلة.
ويصح القراض بالمال المشاع (20)، ولا بد أن يكون معلوم المقدار، ولا يكفي
المشاهدة، وقيل: يصح مع الجهالة (21)، ويكون القول قول العامل، مع التنازع في قدره.
ولو أحضر مالين وقال قارضتك بأيهما شئت، لم ينعقد (22) بذلك قراض. وإذا أخذ



(15) أي: بدون إذن صاحب المال (ولم يذكر المالك) في وقت الشراء، بل من قلبه نوى أنه يشتري هذا المتاع لصاحب المال
(ظاهرا) لا واقعا، لأنه في الواقع كان بنية صاحب المال.
(16) فلو تلف - ولو بدون تقصير - كان التلف من مال العامل (والحال هذه) أي: مخالفة أمر صاحب المال (في المعنى) أي: في
الواقع، وإن كان اسمها مضاربة، والوكالة تبطل بموت أحد الطرفين.
(17) فلا يصح الدين، بأن يقول - مثلا - (اعمل لي في ألف دينار منك دينا علي، ولنا الربح المناصفة) (بالنقرة) وهي القطعة من
الذهب أو الفضة غير المسكوكين.
(18) (الفلوس) هي العملات المصنوعة من غير الذهب والفضة، كالنحاس، والنيكل، وغيرهما (الورق) - بفتح الواو، وكسر
الراء - يعني الدراهم الفضية (بالعروض) أي: البضائع، كان يعطيه مئة قطعة فرش ويقول له: اتجر بها والربح بيننا نصفين -
مثلا -.
(19) أي: قال كل ما صدت لي نصفه، ولك نصفه (أجرة الآلة) يدفعها لصاحب الآلة، وليس له شئ من الصيد، لأن
المضاربة بالعروض باطلة، (والشبكة) هي الآلة التي يصاد بها السمك.
(20) وهو غير المفرز، كما لو كان زيد وعمرو شريكان في ألف دينار ذهب بإرث أو نحوه فقال، زيد لعمرو: اعمل في حصتي - وهي
خمسمئة - ولك نصف الربح.
(21) كأن يلقي إليه دنانير لا يعلمان مقدارها، فيقول له: اعمل في هذه الدنانير ولي نصف الربح.
(22) لانتفاء التعيين الذي هو شرط المضاربة.
383
من مال القراض ما يعجز عنه (23)، ضمن. ولو كان له في يد غاصب مال، فقارضه عليه
صح، ولم يبطل الضمان (24). فإذا اشترى به، ودفع المال إلى البائع، برا، لأنه قضى دينه
بإذنه.
ولو كان له دين، لم يجز أن يجعله مضاربة، إلا بعد قبضه (25). وكذا لو أذن للعامل في
قبضه من الغريم (26)، ما لم يجدد العقد.
فروع
: لو قال: بع هذه السلعة، فإذا نض (27) ثمنها فهو قراض، لم يصح، لأن المال ليس
بمملوك عند العقد.
ولو مات رب المال، وبالمال متاع (28)، فأقره الوارث لم يصح لأن الأول بطل، ولا
يصح ابتداء القراض بالعروض.
ولو اختلفا في قدر رأس المال، فالقول قول العامل مع يمينه، لأنه اختلاف في
المقبوض (29).
ولو خلط العامل مال القراض بماله، بغير إذن المالك، خلطا لا يتميز (30)، ضمن،
لأنه تصرف غير مشروع.
الثالث
في الربح ويلزم الحصة (31) بالشرط دون الأجرة، على الأصح. ولا بد أن يكون



(23) كما لو كان عاجزا عن الاكتساب بعشرة آلاف صفقة واحدة، فاشترى صفقة واحدة بعشرة آلاف (ضمن) فلو تلف المال، أو
خسر، كان التلف والخسارة كله على العامل.
(24) ما دام لم يتصرف بعد في المال، إذ عقد المضاربة لا يجعل يده يد أمانة، بل التصرف في المال - بعد المضاربة - يجعل يده يد
أمانة غير ضامنة (برأ) من الضمان)، فلو تلف حينئذ لم يضمن.
(25) إذ يشترط كون المال عينا - كما مر عند رقم (17) -.
(26) أي: من المديون، فإنه قبل أخذه دين لا يصح المضاربة عليه، وبعد أخذه لم يقع عقد المضاربة، (إلا) إذا جدد عقد
المضاربة بعد أخذ العامل المال من المديون.
(27) أي: ثمنها دينارا أو درهما (لأن المال) أي: الثمن الذي يصح به المضاربة.
(28) أي: قسم من المال بضائع، نعم لو كان كل المال دنانير ودراهم عند الموت صح قراض الورثة.
(29) والأصل عدم الزائد، ومن كان الأصل معه فهو المنكر، والقول قوله مع يمينه إذا لم يكن للمدعي البينة.
(30) كما لو كان للعامل دنانير مثل دنانير المالك (ضمن) فلو تلف المال أو خسر ضمن لصاحب المال ماله.
(31) المتفق عليها بينهما، يلزم للعامل (بالشرط) أي: بسبب الشرط، أيا كانت الحصة، نصفا، أو ثلثا، أو ربعا حسب الشرط
والاتفاق (دون الأجرة) فليس للعامل أجرة عمله، بل الحصة المشترطة في العقد (على الأصح) مقابل من قال: بأنه لا يلزم
على المالك إعطاء الحصة للعامل، لأنه وعد، ولا يجب الوفاء بالوعد، بل اللازم على المالك إعطاء الأجرة للعامل.
384
الربح مشاعا (32).
فلو قال: خذه قراضا والربح لي، فسد. ويمكن أن يجعل بضاعة (33) نظرا إلى المعنى،
وفيه تردد. وكذا التردد لو قال: والربح لك (24).
أما لو قال: خذه فاتجر به والربح لي، كان بضاعة. ولو قال: والربح لك كان
قرضا (35).
ولو شرط أحدهما شيئا معينا (36)، والباقي بينهما، فسد لعدم الوثوق بحصول الزيادة،
فلا تتحقق الشركة. ولو قال: خذه على النصف، صح (37). وكذا لو قال: على إن الربح
بيننا ويقضي بالربح بينهما نصفين.
ولو قال: على أن لك النصف، صح. ولو قال: على أن لي النصف واقتصر، لم
يصح، لأنه لم يتعين للعامل حصة (38).
ولو شرط لغلامه (39) حصة معهما، صح، عمل الغلام أم لم يعمل ولو شرط لأجنبي
وكان عاملا، صح، وإن لم يكن عاملا، فسد وفيه وجه آخر.



(32) أي: موزعا بين المالك والعامل، نصفا ونصفا، أو ثلثا وثلثين، أو أربعا وثلاثة أرباع، أو غير ذلك - حسب ما يتفقان عليه - فلا يصح جعل
شئ معين من الربح لأحدهما: والباقي أيا كان للآخر، كما لو قال المالك (خذ هذا المال مضاربة ولي من ربحه مئة والباقي لك) أو قال
من ربحه مئة والباقي لي).
(33) البضاعة: هي إعطاء مال الشخص. وتوكيله في التجارة بالمال مجانا وتبرعا، والربح يكون كله للمالك ولا شئ للعامل
(وفيه تردد) إذ الإتيان بلفظ (المضاربة - أو القراض) ينفي إرادة البضاعة.
(34) لاحتمال كونه (قرضا) فالربح كله للعامل، واحتمال عدم صحة جعله قرضا بعد التلفظ (بالمضاربة - أو القراض) فيكون
العقد فاسدا، والربح كله للمالك، وللعامل أجرة عمله.
(35) وصح كلاهما، لعدم الإتيان بلفظ (المضاربة - أو القراض).
(36) من الربح، كمئة مثلا، (فلا تتحقق الشركة) والمقروض في المضاربة الشركة في الربح.
(37) لأن ظاهر هذه العبارة، كون الربح بينهما نصفين (بيننا) وهي كلمة ظاهرها التناصف في الربح.
(38) والفرق بينهما، هو أن الربح حيث إنه ربح المال، فيكون تابعا للمال، فإذا عين حصة العامل علم أن الباقي للمالك لأنه تابع
لماله، وإذا غير حصة المالك فقط لم يعلم أن الباقي للعامل، لأن العامل ليس مالكا حتى يكون الربح ثابتا له (واستعده) في
الجواهر بعدم الفرق عرفا، ويقتضي صحة كلا القسمين. وهو في محله.
(39) أي: لعبده (صح) لأنه كالشرط للمالك، إذ العبد لا يملك - كما في المسالك - (عمل الغلام) في ذلك المال بتجارة ونحوها
أم لا (فسد) لأن المضاربة معناها شركة العامل والمالك في الربح، فلا معنى لشركة ثالث أجنبي (وجه آخر)
بصحة
الشرط، نفله الجواهر عن المسالك لأدلة الشرط الشرط (المؤمنون عند شروطهم) وغيره. ولا يخلو من قوة.
385
ولو قال: لك نصف ربحه، صح. وكذا لو قال: لك ربح نصفه. ولو قال لاثنين:
لكما نصف الربح صح، وكانا فيه سواء. ولو فضل أحدهما صح أيضا، وإن كان عملهما
سواء.
ولو اختلفا في نصيب العامل، فالقول قول المالك (40) مع يمينه.
ولو دفع قراضا في مرض الموت، وشرط ربحا صح، وملك العامل الحصة.
ولو قال العامل: ربحت كذا ورجع (41)، لم يقبل رجوعه. وكذا لو ادعى الغلط. أما
لو قال: ثم خسرت، أو قال: ثم تلف الربح، قبل (42).
والعامل يملك حصته من الربح بظهوره، ولا يتوقف على وجوده ناضا.
الرابع
في اللواحق وفيه مسائل:
الأولى: العامل أمين، لا يضمن ما يتلف، إلا عن تفريط أو خيانة (43) وقوله مقبول في
التلف، وهل يقبل في الرد؟ فيه تردد، أظهره أنه لا يقبل.
الثانية: إذا اشترى من ينعتق على رب المال (44)، فإن كان بإذنه، صح وينعتق. فإن
فضل من المال عن ثمنه شئ، كان الفاضل قراضا. ولو كان في العبد المذكور فضل (45)،



(40) لأنه المنكر للزائد، والعامل مدع للزيادة، وما دام لا بينة للمدعي، فالحكم للمنكر مع القسم (دفع قراضا) أي: دفع
المريض - في المرض الذي انجر إلى الموت - مالا بعنوان القراض - أي المضاربة - (صح) إذا لم يمت المالك في الأثناء، وإلا
انفسخ العقد بموته، كما مر بين رقم (16 - 17).
(41) (مثلا) قال ربحت ألفا، ثم قال أخطأت، وإنما ربحت خمسمئة لم يقبل رجوعه وحكم عليه باعترافه بربح ألف.
(42) لأنه أمين، ويقبل قول الأمين (بظهوره) أي: ظهور الربح، فلو اشترى بمال المضاربة - وهو ألف مثلا - أرضا، فصارت
قيمة الأرض ألفا وخمسمئة، ملك العامل حصته من الخمسمئة ولو قبل بيع الأرض، وصيرورة المال (نصفا) أي نقودا
(43) الفرق بينهما: أن (التفريط) هو التقصير في الحفظ حتى يتلف المال، فيسرق، (أو يحرق، أو نحو ذلك (والخيانة) هي أن
يأكل العامل بنفسه المال (في التلف) يعني: لو ادعى العامل أن المال تلف قبل قوله (في الرد)
أي: لو ادعى العامل إنه رد
المال في المالك. (44) (رب المال) أي: المالك، كأب المالك، أو أمه، أو أجداده، أو أولاده، أو محارمه من النساء.
(45) كما لو اشترى عبدا بمئة، وكان يساوي مئة وخمسين، قال بعض الفقهاء: يضمن المالك للعامل حصته من الربح (مثلا)
خمسة وعشرين (والوجه الأجرة) أي: الأصح إن المالك لا يضمن الخمسة والعشرين بل عليه أجرة شراء مثل هذا العبد
سواء كانت الأجرة العرفية أكثر من خمسة وعشرين أم أقل. والأجرة تختلف باختلاف الأشخاص، والأزمان، والبضائع،
وسائر الخصوصيات من مقدار التعب وغيره.
386
ضمن رب المال حصة العامل من الزيادة، والوجه الأجرة. وإن كان بغير إذنه، وكان الشراء
بعين المال، بطل (46). وإن كان في الذمة، وقع الشراء للعامل، إلا أن يذكر رب المال.
الثالثة: لو كان المال لامرأة، فاشترى (47) زوجها، فإن كان بإذنها، بطل النكاح. وإن
كان بغير إذنها، قيل: يصح الشراء (48)، وقيل: يبطل، لأن عليها في ذلك ضررا، وهو
أشبه.
الرابعة: إذا اشترى العامل أباه، فإن ظهر فيه ربح، انعتق نصيبه من الربح (49)،
ويسعى المعتق في باقي قيمته، موسرا كان العامل أو معسرا.
الخامسة: إذا فسخ المالك صح، وكان للعامل أجرة المثل (50)، إلى ذلك الوقت. ولو
كان بالمال عروض، قيل: كان له أن يبيع (51)، والوجه المنع. ولو ألزمه المالك، قيل:
يجب عليه أن ينض المال، والوجه أنه لا يجب. وإن كان سلفا، كان عليه جبايته. وكذا لو
مات رب المال وهو عروض، كان له البيع، إلا أن يمنعه الوارث، وفيه قول آخر (52).
السادسة: إذا قارض العامل غيره، فإن كان بإذنه (53)، وشرط الربح بين العامل
الثاني والمالك، صح. ولو شرط لنفسه لم يصح، لأنه لا عمل له. وإن كان بغير إذنه، لم
يصح القراض الثاني. فإن ربح، كان نصف الربح للمالك، والنصف الآخر للعامل



(46) لأنه تصرف في المال بغير إذن المالك فيبطل، والأصح أنه فضولي موقوف على الإجازة، لا أنه باطل رأسا (إلا أن يذكر رب
المال) أي: يقول: اشترى في الذمة لرب المال، فإنه يقع باطلا أو موقوفا على إجازته.
(47) أي: فاشترى العامل زوج تلك المرأة، فصار الزوج مملوكا لزوجته (بطل النكاح) لامتناع اجتماع الملك والنكاح.
(48) لأنها أطلقت له العمل، وشراء هذا العبد من العمل (ضررا) بانفساخ الزوجية، وغيره (والأصح) توقفه على الإجازة.
(49) أي: نصيب العامل مهما كان قليلا: مثلا لو اشترى العبد بمئة دينار، وكان يساوي مئة وعشرة دنانير - وكان للعامل نصف
الربح - انعتق منه بمقدار خمسة دنانير، ويسعى ويعمل نفس العبد المعتق في تحصيل المئة والخمسة دنانير الباقية وإعطائها لمالك
مال المضاربة (موسرا) أي: غنيا ذا مال (معسرا) أي فقيرا لا مال له.
(50) أي أجرة مثل تعبه وعمله هذه المدة، ويختلف في ذلك الأشخاص، والأزمنة، وسائر الخصوصيات.
(51) أي: جاز للعامل أن يبيع العروض ويجعلها نضا نقودا ثم يدفع النقود للمالك، كما أخذ منه أول الأمر (ولو ألزمه المالك)
ببيع العروض وجعلها نقدا بعد فسخ البيع (وإن كان سلفا) أي: إن كان العامل قد أعطى المال سلفا ليأخذ به شيئا بعد
شهر، وفي أثناء الشهر فسخ المالك عقد المضاربة (كان) أي وجب (عليه) علي العامل (جبايته) أي: أخذ المال ودفعه إلى
المالك، وليس على المالك أن يتولى هو ذلك.
(52) وهو عدم جواز البيع إلا بإذن الورثة، فإذنهم شرط لصحة البيع، لا أن منعهم مانع فقط.
(53) أي: بإذن المالك (ولو شرط لنفسه) مثاله: أعطى زيد ألف دينار لعمرو ليتجر به والربح بينهما، وأعطى عمرو الألف لعلي
ليتجر به ويكون الربح لعمرو وعلي (للعامل الأول) وهو عمرو في المثال (وعليه) أي: على العامل الأول - عمرو - (الثاني)
وهو علي.
387
الأول، وعليه أجرة الثاني، وقيل: للمالك (54) أيضا، لأن الأول لم يعمل، وقيل بين
العاملين، ويرجع الثاني على الأول بنصف الأجرة، والأول حسن.
السابعة: إذا قال: دفعت إليه مالا قراضا، فأنكر، وأقام المدعي بينة، فادعى
العامل التلف، قضي عليه بالضمان (55). وكذا لو ادعى عليه وديعة أو غيرها من
الأمانات (56). أما لو كان جوابه: لا يستحق قبلي شيئا، أو ما أشبهه (57)، لم يضمن.
الثامنة: إذا تلف مال القراض أو بعضه، بعد دورانه في التجارة، احتسب التالف من
الربح (58). وكذا لو تلف قبل ذلك، وفي هذا تردد (59).
التاسعة: إذا قارض اثنان واحدا، وشرطا له النصف منهما، وتفاضلا في النصف
الآخر مع التساوي في المال (60)، كان فاسدا لفساد الشرط، وفيه تردد.
العاشرة: إذا اشترى عبدا للقراض، فتلف الثمن قبل قبضه، قيل: يلزم صاحب
المال ثمنه دائما (61)، ويكون الجميع رأس ماله، وقيل: إن كان أذن له في الشراء في الذمة



(54) أي: النصف الآخر للمالك أيضا، لأن الثاني لم كن مأذونا في العمل بهذا المال فلا شئ له (بين العاملين) أي: النصف
الآخر، - نصف - وهو ربع الربح - للعامل الأول (عمرو) ونصفه للثاني (علي) ويأخذ علي من عمرو قدر نصف أجرة عمله،
كان أكثر من ربع الربح، أم أقل، أم مساويا له (والأول حسن) وهو أن نصف الربح للعامل الأول، وعليه أجرة عمل
العامل الثاني.
(55) في المسالك: (معناه الحكم عليه بالعدل مثلا أو قيمة لا ضمان نفس الأصل لئلا يلزم تخليده الحبس) وفي الجواهر: (لثبوت
كونه خائنا بإنكاره ما قامت عليه البينة) يعني: فلا يكون على أمانته التي كانت السبب لقبول قوله بالتلف.
(56) فأنكر: ثم شهدت البينة عليه، فادعى تلفها، فإنه لا يقبل قوله، وكان عليه بدلها مثلا - إن كان مثليا كالحنطة، والشعير، وقيمة إن
كان قيميا كالدواب، والجواهر، ونحوهما - (وغيرها من الأمانات) أي: مما يكون إليه شرعا يد أمانة، كالإجارة، والرهن،
والعارية.
(57) مثل: ليس له بذمتي شئ، أوليس له عندي شئ (لم يضمن) لو قامت البينة علي القراض، وادعى هو التلف، إذ ادعاء التلف
ليس منافيا لقوله (لا يستحق) أو (ليس عندي) وفي المسالك (فحينئذ فيقبل قوله في التلف بغير تفريط مع عينيه).
(58) فيكون التلف منهما، لا من المالك وحده، فإن كان الربح نصفه للمالك، ونصفه للعامل، كان التالف نصفه من كل منهما، وإن
كان الربح ثلثين للمالك، وثلثا للعامل، كان ثلثي التالف من المالك، وثلثه من العامل.
(59) لاحتمال بطلان المضاربة بمقدار التلف، فيكون التف كله من المالك
(60) (مثلا) زيد جعل ألفا، وعمرو ألفا وأعطوا الألفين لعلي ليعمل فيهما ونصف الربح لعلي، وثلث الربح لزيد، وسدس الربح لعمرو
(كان) عقد المضاربة (فاسدا) لأجل (فساد الشرط) وهو كون الربح أكثر أو أقل نسبة من المال، مع إن الربح يجب أن يكون تابعا
للمال (وفيه تردد) لأحتمال أن يكون (زيد) قد شرط، لنفسه من الربح أكثر مما شرط للعامل، وعمرو قد شرط للعامل أكثر من نفسه.
(61) (دائما) أي: مطلقا، سواء أذن له بالشراء في الذمة أم لا (مثاله) أعطي زيد لعمرو المئة دينار ليشتري به عبدا مضاربة فاشترى
عمرو عبدا، فتلف لمئة دينار قبل أن يقبضه البائع، كان على (زيد) إعطاء ثمن العبد للبائع، ومئة تالفة من (زيد) لأن عمر
أمين لا يضمن بدون تفريط (ويكون الجميع) من أصل قيمة العبد وربحه (رأس ماله) أي: لزيد، وليس لعمرو منه شيئا،
لبطلان المضاربة بتلف غير المال (فكذلك) أي: كان الثمن من صاحب المال (كان) شراء العبد (باطلا) لأن الثمن المعين - مئة
دينار - تلف، ولم يشتر في الذمة فبطل البيع (أحدهما) لا المالك (زيد) ولا العامل (عمرو).
388
فكذلك، وإلا كان باطلا، ولا يلزم الثمن أحدهما.
الحادية عشرة: إذا نض قدر الربح (62)، فطلب أحدهما القسمة، فإن اتفقا صح.
وإن امتنع المالك يجبر، فإن اقتسما وبقي رأس المال معه فخسر، رد العامل أقل الأمرين
واحتسب المالك.
الثانية عشرة: لا يصح أن يشتري رب المال من العامل شيئا من مال القراض (63)،
ولا أن يأخذ منه بالشفعة، وكذا لا يشتري من عبده القن وله الشراء من المكاتب.
الثالثة عشرة: إذا دفع مالا قراضا (64)، وشرط أن يأخذ له بضاعة، قيل: لا يصح،
لأن العامل في القراض لا يعمل ما لا يستحق عليه أجرة، وقيل: يصح القراض ويبطل
الشرط، ولو قيل بصحتهما (65)، كان حسنا.
الرابعة عشرة: إذا كان مال القراض مئة، فخسر عشرة، وأخذ المالك عشرة، ثم
عمل بها الساعي فربح، كان رأس المال تسعة وثمانين إلا تسعا، لأن المأخوذ محسوب من
رأس المال، فهو كالموجود، المال في تقدير تسعين (66). فإذا قسم الخسران، وهو عشرة



(62) أي: صار قدر الربح نقودا (صح) التقسيم لانحصار الحق بينهما (لم يجبر) لاحتمال خسارة بقية المال بعد ذلك، فيتضرر المالك
بسبب التقسيم (معه) أي: الربح (فخسر) بعد ذلك العروض الباقية (أقل الأمرين) من الربح الذي أخذه، ومن الخسارة،
إذ العامل - في باب المضاربة - لا خسارة عليه، فإن كانت الخسارة أكثر من الربح، لم يخسر العامل شيئا، وإن كانت الخسارة أقل من
الربح رد العامل مقدار الخسارة فقط، والزائد له (مثلا) أعطى (زيد) ألف دينار (لعمرو) فاكتسب عمرو واشترى وباع، حتى
صار بيده مقدار ألف دينار، عروض وبضائع، مئة دينار ربح، جاز أن يقتسما الربح - لكل منهما خمسين - وإن امتنع المالك (زيد)
من تقسيم المئة لم يجبر، لأحتمال أن تنزل قيمة البضائع، فتصير أقل من ألف، فإن اقتسما - ثم خسر المالك فإن كانت الخسارة أكثر
من مائة، كان على العامل أن يرد الخمسين الذي أخذه فقط، لأنه لا خسارة على العامل، وإن كانت الخسارة أقل من مئة - مثلا -
ثمانين - رد العامل أربعين فقط. وهكذا (واحتسب المالك) أي:
(63) لأن مال القراض له، فلا يصح كون الثمن والمثمن معا لشخص واحد، إذ المعاوضة لا بد فيها من تعدد المالكين (ولا أن يأخذ منه
بالشفقة) فلو كان المالك، وشخص آخر شريكان في أرض - مثلا - فباع الشريك حصته للعامل (عمرو) فليس للمالك (زيد)
أخذ الأرض بالشفعة من عمرو، لأن الأرض له، فلا يصح أخذ الإنسان مال نفسه بالشفعة (القن) أي: العبد الذي ليس
مكاتبا، لأن العبد القن وما في يده لمولاه، (من المكاتب) لأن المكاتب نفسه للمولى، دون أمواله.
(64) مثلا: دفع زيد إلى عمرو ألف دينار للمضاربة، وشرط على عمرو أن (يأخذ) عمرو لزيد مالا بعنوان (البضاعة) يبيعه: وكالة عن
زيد تبرعا وبدون أجرة
(65) لأنه شرط سائغ، فيجوز.
(66) لأنه يحذف من المئة عشرة للخسارة، فيبقي تسعون للمضاربة.
389
على تسعين، كان حصة العشرة المأخوذة دينارا وتسعا (67)، فيوضع من رأس المال.
الخامسة عشرة: لا يجوز للمضارب (68) أن يشتري جارية يطأها، وإن أذن له المالك.
وقيل: يجوز مع الإذن. أما لو أحلها بعد شرائها، صح.
السادسة عشرة: إذا مات (69) وفي يده أموال مضاربة، فإن علم مال أحدهم بعينه،
كان أحق به. وإن جهل، كانوا فيه سواء (70). فإن جهل كونه مضاربة، قضي به ميراثا.



(67) لأنه هو نسبة العشرة إلى التسعين رياضيا بالضبط (من رأس المال) فيكون رأس المال ثمانية وثمانين وثمانية أتساع (9 / 888).
(68) أي: للعامل: (وإن أذن له المالك) في وطئها إذنا قبل الشراء، لأنه تعليق (أحلها) بالتحليل الشرعي الذي سيأتي في كتاب النكاح
حلية وطئ الأمة بالتحليل، بأن يقول مالك الأمة لرجل: (أحللت لك هذه الأمة) أو ما شابه ذلك.
(69) أي:: مات العامل (أموال) أخذها من أصحابه بعنوان (المضاربة)
(70) أي: يوزع عليهم بالسوية، (قضى به ميراثا) أي: كان محكوما بأنه إرث فيعطي للورثة.
390
كتاب المزارعة والمساقاة
أما المزارعة: فهي معاملة على الأرض، بحصة من حاصلها.
وعبارتها (1) أن يقول: زارعتك، أو ازرع هذه الأرض، أو سلمتها إليك، وما جرى
مجراه (2)، مدة معلومة، بحصة معينة من حاصلها. وهو عقد لازم لا ينفسخ إلا
بالتقابل (3). ولا يبطل بموت أحد المتعاقدين (4).
والكلام: أما في شروطها، وأما في أحكامها.
أما الشروط: فثلاثة.
الأول: أن يكون النماء مشاعا بينهما تساويا فيه أو تفاضلا (5). فلو شرطه أحدهما، لم
يصح. وكذا لو اختص كل واحد منهما، بنوع من الزرع دون صاحبه، كأن يشترط أحدهما
الهرف والآخر الأفل (6)، أو ما يزرع على الجداول، والآخر ما يزرع في غيرها.



كتاب المزارعة والمساقاة
(المزارعة) هي إعطاء (زيد) - مثلا - أرضه (لعمرو) ليزرعها لنفسه بشرط أن تكون حصة من حاصل الزراعة لمالك الأرض (زيد).
(والمساقاة) هي: أن تكون نخيل تمر، وأشجار وفواكه (لزيد) - مثلا - فيسلمها إلى (عمرو) ليتولى سقيها، وتكون حصته
من ثمارها (لعمرو).
(1) أي: صيغة عقد المزارعة (أن يقول) صاحب الأرض للزارع.
(2) مثل: أعطيتك هذه الأرض، أو أغرس هذه الأرض، ونحو ذلك، ومثال كامل للصيغة (زارعتك مدة ثلاثة أشهر بربع حاصلها)
أي: ربح حاصلها لي. (3) أي: اتفاقهما على الفسخ.
(4) فإن مات صاحب الأرض قام وارثه مكانه، وإن مات العامل عمل وارثه عمله، أو استأجر الوارث - من مال العامل - من يقوم
بالعمل، والحاصل يكون للورثة.
(5) (متساويا) بأن يكون نصف الحاصل لهذا ونصفه لذاك (تفاضلا) أي: يكون لأحدهما الثلث وللآخر الثلثين، أو لأحدهما الربع
وثلاثة أرباع حسب الشرط بينهما - (فلو شرطه) أي: شرط كل النماء (بنوع) مثلا: يكون الحنطة كلها لصاحب الأرض، والخضر
كلها للعامل.
(6) (الهرن) أي: الزرع الذي يخرج أولا (الأفل) الزرع الذي يخرج متأخرا (الجداول) الأنهار الصغار التي هي في وسط الأرض (في
غيرها) أي: سائر مناطق الأرض.
391
ولو شرط أحدهما قدرا من الحاصل (7)، وما زاد عليه بينهما، لم يصح، لجواز أن لا
تحصل الزيادة.
أما لو شرط أحدهما على الآخر، شيئا يضمنه له من غير الحاصل (8) مضافا إلى الحصة،
قيل: يصح، وقيل: يبطل، والأول أشبه.
وتكره: إجارة الأرض للزراعة بالحنطة أو الشعير، مما يخرج منها (9)، والمنع أشبه..
وأن يؤجرها بأكثر مما استأجرها به (10)، إلا أن يحدث فيه حدثا أو يؤجرها بجنس غيره.
الثاني: تعيين المدة وإذا شرط مدة معينة بالأيام أو الأشهر، صح. ولو اقتصر على
تعيين المزروع (11)، من غير ذكر المدة، فوجهان. أحدهما يصح، لأن لكل زرع أمدا، فيبني
على العادة كالقراض. والآخر يبطل، لأنه عقد لازم فهو كالإجارة، فيشترط فيه تعيين المدة
دفعا للغرر (12)، لأن أمد الزرع غير مضبوطة، وهو أشبه.
ولو مضت المدة (13) والزرع باق، كان للمالك إزالته، على الأشبه، سواء كان بسبب
الزارع كالتفريط، أو من قبل الله سبحانه، كتأخر المياه أو تغير إلا هوية.
وإن اتفقا على التبقية، جاز بعوض وغيره (14). لكن إن شرط عوضا افتقر في لزومه إلى
تعيين المدة الزائدة.
ولو شرط في العقد تأخيره، إن بقي بعد المدة المشترطة (15)، بطل العقد على القول



(7) مثل أن يجعل لأحدهما ألف كيلو من الحنطة والباقي يقسم بينهما.
(8) كأن يشترط لأحدهما على الآخر مئة دينارا ذهب، والحاصل يقسم بينهما.
(9) أي: تكون الأجرة من نفس حنطة تلك الأرض، أو شعيرها، (والمنع) أي: البطلان.
(10) مثاله: استأجر (زيد) أرضا للزراعة بمئة دينار، ثم آجرها (زيد) بمائة وعشرين دينارا (حدثا) كأن يكرب الأرض، أو يجري فيها
الماء، أو يعلم حفرها، ونحو ذلك (غيرها) أي غير الإجارة، كما لو آجرها بالدراهم، وهي غير الدنانير.
(11) مثاله: (آجرتك هذه الأرض لزراعة الحنطة) (فيبنى على العادة) أي على المعتاد في مدة زراعة الحنطة - مثلا (كالقراض) أي:
كما أن القراض - وهو المضاربة - لا يحتاج إلى تعيين المدة بالأيام والأشهر ويكتفي فيه بتعيين المدة بالمزروع.
(12) الضرر: هو الضرر الناشئ عن الجهالة - كما هو المعروف - (غير مضبوط) لأنه قد يتقدم وقد يتأخر حسب اختلاف الهواء،
والأمطار، والسنين كثرة الماء وقلته، وكثرة السماد وقلته، ونحو ذلك (وهو) البطلان (أشبه).
(13) المذكورة في العقد، كثلاثة أشهر، أو سنة، أو غيرهما، (كالتفريط) أي: تقصير الزارع بأن كان الزرع يحتاج إلى رعاية فلم يراعه
فتأخر الأثمار (المياه) الأمطار (إلا هوية) جمع الهواء.
(14) (التبقية) أي: إبقاء الزرع (بعوض) أي: زيادة، وهي عوض مقابل إبقاء الزرع (وغيره) أي: مجانا وبلا عوض.
(15) مثاله: (زراعتك إلى خمسة أشهر بشرط أنه إن بقي الزرع أكثر تؤخر المدة عن خمسة أشهر (تقدير المدة) أي: تعيين المدة بالأشهر
والأيام.
392
باشتراط تقدير المدة. ولو ترك الزراعة، حتى انقضت المدة، لزمه أجرة المثل (16)، ولو كان
استأجرها، لزمت الأجرة.
الثالث: أن تكون الأرض مما يمكن الانتفاع بها بأن يكون لها ماء، إما من نهر أو بئر أو
عين أو مصنع (17).
ولو انقطع في أثناء المدة، فللمزارع الخيار، لعدم الانتفاع، هذا إذا زارع عليها أو
استأجرها للزراعة، وعليه أجرة ما سلف، ويرجع (18) بما قابل المدة المتخلفة.
وإذا أطلق المزارعة، زرع ما شاء. وإن عين الزرع، لم يجز التعدي. ولو زرع ما هو
أضر (19) والحال هذه، كان لمالكها أجرة المثل إن شاء، أو المسمى مع الأرش. ولو كان أقل
ضررا، جاز.
ولو زارع عليها أو آجرها للزراعة ولا ماء لها، مع علم المزارع (20) لم يتخير، ومع
الجهالة له الفسخ.
أما لو استأجرها مطلقا، ولم يشترط الزراعة، لم يفسخ، لإمكان الانتفاع بها بغير
الزرع (21). وكذا لو اشترط الزراعة، وكانت في بلاد تسقيها الغيوث غالبا.
ولو استأجر للزراعة، جاز، ولو قيل: بالمنع، لجهالة الأرض (22)، كان حسنا. وإن



(16) أي: مثل هذه الأرض في هذه المدة كم أجرتها؟ هذا إذا كان أخذ الأرض للزراعة (ولو كان استأجرها) إجارة، لا مزارعة، (
ولزمت الأجرة) المعنية حال العقد، لا أجرة المثل.
(17) (مصنع) هو الحفرة الكبيرة التي تصنع ليجتمع فيها الأمطار، والسيول، في أيام الشتاء فيستفاد منه في أيام الصيف (ولو انقطع)
الماء (فللمزارع) وهو آخذ الأرض للزراعة (الخيار) يعني مخير بين إبقاء الأرض عنده وبين فسخ المزارعة وإرجاع الأرض إلى
مالكها (للزراعة) مقابلة: استأجرها مطلقا فإنه لا خيار له.
(18) أي: يأخذ من المالك (المتخلفة) أي: الباقية، فلو كانت المزارعة إلى سنة بمئة دينار، وبعد ستة أشهر انقطع الماء، رد الأرض،
واسترجع خمسين دينارا.
(19) أي: أضر بالأرض، فزراعة الخضر أقل ضررا من زراعة الحنطة، فالأرض التي أجرتها بمئة لزراعة الخضر، تكون بمئة وخمسين
لزراعة الحنطة (أجرة المثل) أي: أجرة مثل تلك الأرض. (أو) الثمن (المسمى مع الأرش) أي: مقدار نقص قيمة الأرض بهذا
الزرع.
(20) أي: علم الزارع بأنها لا ماء لها.
(21) كجعلها مكانا للمعامل والمصانع ونحوهما (الغيوث) الأمطار (لا يحسر) لا ينقطع كالأرض المغمورة بمياه البحر، أو النزيز، أو
الفيضانات، ونحو ذلك.
(22) أي: للجهل بنوع الأرض التي تحت الماء، وهل هي رمل، أو طين، أو صخر، أو حصباء، وسخة أو نظيفة، وهكذا (وإن كان)
الماء الذي لا ينقطع عن الأرض (قليلا) (بعض الزرع) أي: بعض أنواعه، كالحنطة والشعير، وإن لم يكن زرع مثل الخضر.
393
كان قليلا، يمكن معه بعض الزرع، جاز. ولو كان الماء ينحسر عنها تدريجا، لم يصح،
لجهالة وقت الانتفاع.
ولو شرط الغرس والزرع (23)، افتقر إلى تعيين مقدار كل واحد منهما، لتفاوت
ضرريهما. وكذا لو استأجر لزرعين أو غرسين مختلفي الضرر.
تفريع: إذا استأجر أرضا مدة معينة، ليغرس فيها ما يبقى بعد المدة، غالبا (24)، قيل:
يجب على المالك إبقاؤه، أو إزالته مع الأرش، وقيل: له إزالته، كما لو غرس بعد المدة،
والأول أشبه.
وأما أحكامها: فتشتمل على مسائل.
الأولى: إذا كان من أحدهما الأرض حسب، ومن الآخر البذر والعمل والعوامل (25)،
صح بلفظ المزارعة. وكذا لو كان من أحدهما الأرض والبذر، ومن الآخر العمل أو كان من
أحدهما الأرض والعمل، ومن الآخر البذر، نظرا إلى الإطلاق (26). ولو كان بلفظ الإجارة،
لم يصح، لجهالة العوض (27). أما لو آجره (28) بمال معلوم مضمون في الذمة، أو معين من
غيرها، جاز.
الثانية: إذا تنازعا في المدة (29)، فالقول قول منكر الزيادة مع يمينه. وكذا لو اختلفا في
قدر الحصة، فالقول قول صاحب البذر فإن أقام كل منهما بينة، قدمت بينة العامل، وقيل:
يرجعان إلى القرعة، والأول أشبه.



(23) (الغرس) يقال للأشجار (والزرع) لمثل الحنطة والشعير والخضر ونحوها (تعيين مقدار) كأن يقول ربع الأرض أغرس فيها
الأشجار، وثلاثة أرباع الأرض ازرع فيها (مختلفي الضرر) كزرع الحنطة، وزرع الباذنجان والطماطة ونحوهما، لأن زرع الحنطة
ضرره على الأرض أكثر من ضرر زرع الخضروات
(24) كما لو كان غرس شجر البرتقال يبقى مثلا سنة فاستأجر أرضا لغرس البرتقال مدة عشرة أشهر (إبقائه)) أي: إما إبقائه إلى سنة (أو
أزالته) أي: قلع الشجر بعد المدة عشرة أشهر (مع الأرش) أي: إعطاء الخسارة (له إزالته) يعني: بلا أرش.
(25) (العوامل) هي الحيوانات التي تعمل في الأرض للحرث ونحوه، كالثيران.
(26) أي: إطلاق (المزارعة) في الأحاديث الشريفة يشمل كل هذه الأقسام.
(27) وفي الإجارة يلزم العلم بالعوض، وفي المزارعة لا يلزم ذلك.
(28) أي: آجر للمستأجر، (في الذمة) أي: دينا، كمئة دينار (أو معين) كفرش معين، أو كتاب معين (من غيرها) أي: من غير
الذمة وهو تأكيد لكلمة (معين).
(29) أي: في مقدار المدة، فقال صاحب الأرض المدة كانت سنة، وقال المزارع بل كانت سنتين (قدر الحصة) أي: قال صاحب
الأرض - مثلا - حصتي النصف، وقال المزارع بل حصتك الربع (صاحب البذر) قال في شرح اللمعة: لأن النماء تابع له (إلى
القرعة) في تعيين إحدى البيتين.
394
الثالثة: لو اختلفا، فقال الزارع: أعرتنيها (30)، وأنكر المالك وادعى الحصة والأجرة
ولا بينة، فالقول قول صاحب الأرض (31). ويثبت له أجرة المثل، مع يمين الزارع، وقيل:
تستعمل القرعة، والأول أشبه. وللزارع تبقية الزرع إلى آوان أخذه (32)، لأنه مأذون فيه.
أما لو قال (33): غصبتنيها، حلف المالك وكان له إزالته، والمطالبة بأجرة المثل، وأرش
الأرض إن عابت، وطم الحفر إن كان غرسا.
الرابعة: للمزارع أن يشارك غيره (34)، وأن يزارع عليها غيره، ولا يتوقف على إذن
المالك. لكن لو شرط المالك الزرع بنفسه لزم، ولم يجز المشاركة إلا بإذنه.
الخامسة: خراج الأرض ومؤنتها (35) على صاحبها، إلا أن يشترطه على الزارع.
السادسة: كل موضع يحكم فيه ببطلان المزارعة، تجب لصاحب الأرض أجرة المثل.
السابعة: يجوز لصاحب الأرض أن يخرص على الزارع (36)، والزارع بالخيار في القبول
والرد، فإن قبل كان استقرار ذلك مشروطا بالسلامة، فلو تلف الزرع بآفة سماوية أو
أرضية، لم يكن عليه شئ.
وأما المساقاة: فهي معاملة على أصول ثابتة (37)، بحصة من ثمرتها. والنظر فيها
يستدعي فصولا.



(30) أي: أعطيت أنت الأرض لي عارية، ولا أجر لك فيها ولا حصة (الحصة) أي: قال أعطيتك مزارعة ولي حصة من حاصلها
(والأجرة) أي: أو قال صاحب الأرض أعطيتك الأرض إجارة ولي أجرتها.
(31) في أن الأرض لم تكن عارية، لا في ما يدعيه من الحصة، أو الأجرة (أجرة المثل) أي: أجرة مثل هذه الأرض سواء كانت أقل أو أكثر
من الحصة، أو الأجرة التي يدعيها المالك (مع يمين الزارع) على نفي الحصة، والأجرة، إذا كانتا أكثر من أجرة المثل (تستعمل
القرعة) بين قول المالك والمزارع.
(32) أي: آوان اقتطافه ونحوه (لأنه مأذون فيه) على كل التقادير، سواء كانت عارية، أو مزارعة، أو إجارة.
(33) أي: مالك الأرض، (إزالته) أي: إزالة الزرع (إن عاتب) وبسبب الزرع، بديدان، أو نحوه (غرسا) أي: أشجارا، لأن
إخراجها من الأرض تحدث حفرا في الأرض، فيجب على العامل طمها، لأنه عيب حدث في الأرض بسببه.
(34) أي: يجعل غيره شريكا معه في الزراعة (يزارع عليها) أي: يسلم الأرض لغيره ليزرعها ذلك الغير.
(35) (خراج الأرض) أي: الأجرة التي يأخذها لحاكم - الإسلامي أو غيره - من الناس من أراضيهم ويسمى اليوم (الضريبة) (مؤنثها)
كأجرتها إذا كانت مستأجرة لا ملكا لصاحبها.
(36) الخرص) وهو التقدير والتخمين، يعني يجوز لصاحب الأرض أن يخمن حصته، فلو كان الزرع حنطة، وكان لصاحب الأرض ربع
الحاصل، فله أن يخمن ربع الحاصل تخمينا تقريبيا، ويأخذ من الزارع ذلك المقدار من نفس الحنطة المزروعة، أو حنطة غيرها
(بالسلامة) أي: سلامة الحنطة إلى قطعها (لم يكن عليه) على الزارع (شئ) فلا يعطي الزارع لصاحب الأرض شيئا.
(37) هي النخيل والأشجار والكرم، فإنها لا تنعدم أصولها بقطف ثمارها، بأن يقول صاحب الأشجار لشخص (تولى سقي هذه الأشجار
ولك من حاصلها الربع - مثلا -).
395
الأول
في العقد وصيغة الإيجاب أن تقول (38): ساقيتك، أو عاملتك أو سلمت إليك أو
ما أشبهه.
وهي لازمة كالإجارة، ويصح قبل ظهور الثمرة. وهل تصح بعد ظهورها؟ فيه تردد،
والأظهر الجواز، بشرط أن يبقى للعامل عمل وإن قل، بما يستزاد به الثمرة (39).
ولا تبطل: بموت المساقي، ولا بموت العامل (40)، على الأشبه.
الثاني
في ما يساقي عليه وهو كل أصل ثابت، له ثمرة ينتفع بها مع بقائه.
فتصح المساقاة: على النخل، والكرم، وشجر الفواكه (41)، وفيما لا ثمر له إذا كان له
ورق ينتفع به كالتوت والحناء (42) على تردد.
ولو ساقى على ودي، أو شجر غير ثابت، لم يصح، اقتصارا على موضع الوفاق.
أما لو ساقاه على ودي مغروس، إلى مدة (43) يحمل مثله فيها غالبا، صح ولو لم يحمل
فيها. وإن قصرت المدة المشترطة عن ذلك غالبا، أو كان الاحتمال على السواء، لم يصح.
الثالث
في المدة ويعتبر فيها شرطان: أن تكون مقدرة بزمان لا يحتمل الزيادة



(38) أي: صاحب الأشجار يقول.
(39) أما كما، أو كيفا كالحلاوة، والحموضة، والكبر واللون ونحو ذلك.
(40) فلو مات المساقي (صاحب الأشجار) سقي العامل لورثته، ولو مات العامل سقي ورثته عنه، أو استأجروا من يسقي عن الميت
بأجرة من تركة الميت، ويكون نصيب الميت من الحاصل للورثة.
(41) (النخل) للتمر (والكرم) شجر العنب والفواكه كالبرتقال، والتفاح، والموز ونحوها.
(42) (التوت) هو شجر التكي، الأنثى منه لها ثمر يسمى في العراق (التكي) والفحل منه لا تمر له، بل له ورق يستفاد منه (وجه
التردد) من كونه كالثمر، ومن كونه ليس ثمرا حقيقة، ويقتصر فيه على مورد اليقين ما دام (المساقاة) معاملة عزرية والأصل الأولى
فيها عدم الجواز، فكل ما شك فيه فالأصل عدم الصحة (ودى) فسيل النخل قبل غرسه (شجر غير ثابت) أي: صغار الشجر قبل
غرسها في الأرض (موضع الوفاق) أي: الإجماع، وهي النخيل والأشجار الثابتة في الأرض.
(43) أي: ساقاة إلى مدة (يحمل مثله) مثل ذلك الودي (إليها) إلى تلك المدة، كما لو كان ودي عادة يحمل إلى مدة ثلاث سنوات،
فأجرى صيغة المساقاة إلى مدة أربع سنوات (ولو لم يحمل) يعني: حتى ولو اتفق ولم يحمل الثمر في تلك المدة (وإن قصرت) كما لو
ساقى سنتين على الودي الذي يحمل ثلاث سنوات غالبا (أو كان الاحتمال) أي: احتمال حمل التمر، وعدمه (على السواء) بأن لم
يكن الغالب حمل التمر إلى تلك المدة.
396
والنقصان (44)، وأن يكون مما يحصل فيها الثمرة غالبا.
الرابع
العمل وإطلاق المساقاة، يقتضي قيام العامل بما فيه (45) زيادة النماء، من الرفق،
وإصلاح الإجاجين، وإزالة الحشيش المضر بالأصول، وتهذيب الجريد، والسقي والتلقيح،
والعمل بالناضح، وتعديل الثمرة واللقاط، وإصلاح موضع التشميس، ونقل الثمرة إليه،
وحفظها وقيام صاحب الأصل (46) ببناء الجدار، وعمل ما يستسقى به من دولاب أو دالية،
وإنشاء النهر والكش للتلقيح.
وقيل: يلزم ذلك العامل وهو حسن، لأن به يتم التلقيح. ولو شرط شيئا من ذلك (47)
على العامل صح، بعد أن يكون معلوما.
ولو شرط العامل على رب الأصول، عمل العامل له (48)، بطلت المساقاة، لأن الفائدة
لا تستحق إلا بالعمل.
ولو أبقى العامل شيئا من عمله، في مقابلة الحصة من الفائدة، وشرط الباقي على رب
الأصول، جاز. ولو شرط أن يعمل غلام المالك معه، جاز لأنه ضم مال إلى مال.



(44) كسنة، وسنتين، وستة أشهر، وهكذا، أما لو قال إلى أن يطيب عاملنا المريض أو إلى أن يأتي المسافر فلا يصح.
(45) أي: بما يسبب زيادة النماء كما، وكيفا، (الإجاجين) - بكسر الهمزة - هي الحفر حول الأشجار التي يقف فيها الماء (الجريد) هي
سعفات نخل التمر، فيزيل يابسها، ويقطع زائدها، حتى تنصرف القوة كلها إلى الثمرة (الناضح) هو البعير الذي يسحب الدلاء
الكبيرة من البئر ليستقي بها الشجر (وتعديل الثمرة) بإزالة الأوراق الزائدة عن أطرافها ليصلها الهواء والشمس (واللقاط) أي:
قطع كل ثمرة في موسمها، فما يصلح للأكل عند نضجه، وما يصلح للدبس عند صلاحه لذلك، وما يصلح للتيبيس عند جفافه
وهكذا (موضع التشميس) أي: مكان إشراق نور الشمس على الثمرة ليكسبه نضجا، ولونا، وطعما (ونقل الثمرة إليه) بأن
يحرف الأغصان التي تحمل الثمرة إلى جانب يصلها إشراق الشمس (وحفظها) أي الثمرة من الحر المفرط، والبرد الكثير المضر بها،
بما يتعارف حفظ الثمرة به من ستار ونحوه، فإن بعض الثمار لطيفة جدا، تحتاج إلى حفظ أكثر.
(46) أي: صاحب الأشجار والنخيل (الجدار) أي جدار البستان يمنع السراق، والحيوانات (دولاب) هو مجموعة دلاء مرتبطة بدائرة،
يجعل عليه دابة تديره فتدخل الدلاء البئر وتخرج مليئة بالماء وتفرغ للأشجار، ويسمى في اللغة الدارجة (الناعور - والناعورة) و
(دالية) دلو كبير من جلد البقر أو الإبل، يربط ببعير أو ثور فيسحبه من البئر أو النهر البعيد ماؤه من سطح الأرض (والكش) هو
(47) كبناء الجدار، والدالية، ونحوهما (معلوما) كأن يكون الجدار بعرض كذا، وسمك كذا، وطول كذا، والدالية من جلد البعير، أو
البقرة، أو الثور وهكذا.
(48) أي: أن يعمل رب الأصول للعامل عمل العامل (ولو أبقى) مثلا قال العامل: بشرط أن تعمل أنت صاحب الأصول كل الأعمال
باستثناء السقي (لأنه ضم مال إلى مال) الغلام، مال المالك، والنخيل والأشجار أيضا مال المالك، (نعم) لو شرط أن يعمل غلام
المالك كل الأعمال بطل المساقاة.
397
أما لو شرط، أن يعمل الغلام لخاص العامل (49)، لم يجز، وفيه تردد، والجواز أشبه.
وكذا لو شرط عليه أجرة الأجزاء، أو شرط خروج أجرتهم منهما.
الخامس
في الفائدة ولا بد أن يكون للعامل جزء منها مشاعا (50). فلو أضرب عن ذكر الحصة،
بطلت المساقاة. وكذا لو شرط أحدهما الانفراد بالثمرة، لم تصح المساقاة. وكذا لو شرط
لنفسه شيئا معينا، وما زاد بينهما، وكذا لو قدر لنفسه أرطالا، وللعامل ما فضل، أو عكس.
وكذا لو جعل حصة ثمرة نخلات بعينها له وللآخر ما عداها (51).
ويجوز أن يفرد كل نوع، بحصة مخالفة (52)، للحصة من النوع الآخر، إذا كان العامل
عالما بمقدار كل نوع.
ولو شرط مع الحصة من النماء، حصة من الأصل الثابت (53) لم يصح، لأن مقتضى
المساقاة جعل الحصة من الفائدة، وفيه تردد.
ولو ساقاه بالنصف إن سقي بالناضح (54)، وبالثلث إن سقي بالسايح، بطلت
المساقاة، لأن الحصة لم تتعين، وفيه تردد.



(49) فسر هذه العبارة فخر المحققين، والمحقق الكركي وصاحب الجواهر، وغيرهم كل بمعنى، غير إن الذي يظهر لي منها هو أن المراد
بها: أن يعمل غلام المالك في المقدار المختص بالعامل - مثلا - لو كان للعامل ربع الفائدة، فيشترط على المالك أن يعمل غلامه في ربع
البستان (وكذا) الجواز أشبه (الأجزاء) أي العمال الذين يستخدمهم المزارع، شرط أجرتهم على صاحب الأرض (خروج
أجرتهم) من أصل الفائدة، ثم تقسيم الباقي منها بينهما (صح) الشرط وكانت الأجرة (منهما) المالك والمزارع.
(50) أي: نصفا أو ثلثا وثلثين، أو ربعا وثلاثة أرباع، وهكذا حسب ما يتفقان عليه (أضرب) أي: ترك (الانفراد بالثمرة) أي: كل
الثمرة له (شيئا معينا) مثاله: قال صاحب الأرض (ساقيتك على أن يكون لي ألف كيلو من التمر، والباقي نصفه لي ونصفه لك)
فهو باطل (ما نفل) أي: ما زاد عن الألف كيلو مثلا (أو عكس) أي: جعل للعامل ألف كيلو - مثلا - والباقي كله لنفسه.
(51) (وكذا) باطل (نخلات بعينها) مثاله. قال صاحب الأرض للعامل: (ساقيتك على أن يكون تمر الخستاوي لي، وغيره من التمر
لك.).
(52) مثاله: قال صاحب الأرض للعامل (ساقيتك على أن التمر الخستاوي نصفه لك ونصفه لي:، والتمر الزهدي ربعه لي، وثلاثة أرباعه
لك، والعنب، عشرة لك وتسعة أعشاره لي، والتفاح ثلثه لي وثلثاه لك) وهكذا.
(53) أي: شرط العامل أن يأخذ حصة من الثمرات، وبعض النخيل والأشجار عينها (وفيه تردد) لاحتمال الصحة لقوله عليه السلام
(المؤمنون عند شروطهم)
(54) (الناضح) هو البعير الذي يستحب الماء بالدلاء الكبيرة (السايح) هو الماء الجاري على وجه الأرض كلها كالأنهر، والسيول، ونحو
ذلك (بطلت المساقاة) قال في المسالك: لأن العمل مجهول والنصيب مجهول وفي الجواهر: للتعليق والترديد (وفيه تردد) لأنه
معلوم على كل حال، نظير الإجارة على خياطة الثوب إن روميا فبدرهم وإن فارسيا فبدرهمين.
398
ويكره: أن يشترط رب الأرض، على العامل مع الحصة، شيئا من ذهب أو
فضة (55)، لكن يجب الوفاء بالشرط. ولو تلفت الثمرة، لم يلزم.
السادس
في أحكامها وهي مسائل:
الأولى: كل موضع تفسد فيه المساقاة (56)، فللعامل أجرة المثل، والثمرة لصاحب
الأصل.
الثانية: إذا استأجر أجيرا للعمل، بحصة منها (57)، فإن كان بعد بدو الصلاح جاز.
وإن كان بعد ظهورها، وقبل بدو الصلاح، بشرط القطع، صح إن استأجره بالثمرة أجمع.
ولو استأجره ببعضها، قيل: لا يصح لتعذر التسليم، والوجه الجواز.
الثالثة: إذا قال: ساقيتك على هذا البستان بكذا، على أن أساقيك على الآخر بكذا،
قيل: يبطل (58)، والجواز أشبه.
الرابعة: لو كانت الأصول لاثنين، فقالا لواحد ساقيناك، على أن لك من حصة فلان
النصف، ومن حصة الآخر الثلث، صح بشرط أن يكون عالما بقدر نصيب كل واحد
منهما (59). ولو كان جاهلا، بطلت المساقاة، لتجهل الحصة.
الخامسة: إذا هرب العامل، لم تبطل المساقاة. فإن بذل العمل (60) عنه باذل، أو دفع
إليه الحاكم من بيت المال ما يستأجر عنه، فلا خيار وإن تعذر ذلك، كان له الفسخ، لتعذر



(55) بأن يعطي العامل لصاحب الأرض عشرة دنانير، أو مائة درهم - مثلا - (لم يلزم) إعطاء الدينار والدرهم.
(56) كما لو شرط كل الثمرة لأحدهما فقط، أو شرط مع الثمرة للعامل بعض الأشجار. أو شرط كل العمل على المالك للأرض، أو على
عبيده، ونحو ذلك من الموارد التي سبق بطلان المساقاة فيها.
(57) أي من الثمرة لكونها مشتركة بينه وبين شريك له (بدو الصلاح) معنى تفسيره في كتاب التجارة تحت رقم (417) (ظهورها) معنى
تفسير ظهور الثمرة في كتاب التجارة تحت رقم (410) (بشرط القطع) أي: قطع العامل الثمار (لتعذر التسليم) لاحتمال أن لا
يأذن الشريك بالقطع - كما في الجواهر نقله عن بعض - (والوجه) الصحيح (الجواز) أي: صحة الاستئجار ببعض الثمرة.
(58) لأنه بيعان في بيع (أشبه) لصحة مثل هذا البيعين في بيع.
(59) بأن كان لأحد الشريكين ربع الأصول، وللآخر ثلاثة أرباعها - مثلا - (الحصة) أي: حصة العامل من الثمرة.
(60) أي: عمل شخص آخر، من أقرباء العامل، أو غيرهم (دفع إليه) أي: إلى صاحب الأشجار (فلا خيار) لصاحب الأشجار في
إبطال المساقاة (كان له) أي: لصاحب الأشجار (أن يشهد) أن يأتي بشهود ويقول للشهود: (إني آخذ أجيرا عن العامل، وعلى
العامل أجرتهم) (على تردد) لاحتمال أن تبطل المساقاة، ولا يلزم العامل - بواسطة الشهود - الأجرة (لم يرجع) على العامل
بشئ.
399
العمل، ولو لم يفسخ، وتعذر الوصول إلى الحاكم، كان له أن يشهد، إنه يستأجر عنه،
ويرجع عليه على تردد. ولو لم يشهد، لم يرجع.
السادسة: ادعى (61) أن العامل خان أو سرق، أو أتلف، أو فرط فتلف، وأنكر،
فالقول: قوله مع يمينه. وبتقدير ثبوت الخيانة، هل يرفع يده، أو يستأجر من يكون معه،
من أصل الثمرة؟ الوجه أن يده لا ترفع عن حصته من الربح، وللمالك رفع يده عما عداه ولو
ضم إليه المالك أمينا، كانت أجرته عن المالك خاصة.
السابعة: إذا ساقاه على أصول، فبانت مستحقة (62)، بطلت المساقاة، والثمرة
للمستحق. وللعامل الأجرة على المساقي، لا على المستحق ولو اقتسما الثمرة وتلفت (63)،
كان للمالك الرجوع على الغاصب، بدرك الجميع. ويرجع الغاصب على العامل، بما حصل
له. وللعامل على الغاصب أجرة عمله. أو يرجع على كل واحد منهما بما حصل له، وقيل:
له الرجوع على العامل بالجميع إن شاء، لأن يده عارية (64)، والأول أشبه، إلا بتقدير أن
يكون العامل عالما به.
الثامنة: ليس للعامل أن يساقي غيره (65)، لأن المساقاة إنما تصح على أصل مملوك
للمساقي.
التاسعة: خراج الأرض على المالك (66)، إلا أن يشترط على العامل، أو بينهما.



(61) ادعى صاحب الأشجار (خان) كان أهمل الأشجار فسرقها (أو سرق) هو من الأشجار. أو الثمار (أو أتلف) كأن سقاها
ماء كثيرا عمدا فأتلفها، أو أهمل إنزال الثمر في آوانه عمدا فتلف (أو فرط) أي: قصر في حفظ الثمار، كما لو أقل من سقيها الماء
(فتلف) أو نحو ذلك من أنواع التقصير (وأنكر) العامل كل ذلك. فقال: لم أخن، ولم أسرق، ولم أتلف، ولم أقصر في حفظها
(فالقول قوله) أي: العامل (من يكون معه) أي: مشرفا عليه (من أصل الثمرة) أي: على كل الثمار سواء حصة صاحب
الأشجار وحصة العامل (خاصة) وليس على العامل منه شئ.
(62) أي: ظهر أنها للغير لا لمن سلمه الأشجار (للمستحق) أي: للمالك الحقيقي.
(63) أي: تلفت الثمرة، بأن أكلت، أو بيعت، أو غير ذلك، ثم تبين إن الأشجار كانت مستحقة (بدرك الجميع) أي: بقيمة أو مثل
جميع الثمار (بما حصل له) للعامل (أو يرجع) المالك الحقيقي (على كل واحد منهما) الناصب والعامل.
(64) أي: لأن وضع يده على جميع الثمار كانت يد عدوان لا يد أمانة، فيشمله قوله عليه السلام (على اليد ما أخذت حتى تؤدى) ونحوه
(عالما به) أي: بالغصب، إذ مع العلم تكون يده عادية.
(65) أي: يسلم الأشجار والنخيل إلى غيره ليسقيها ويعمل فيها.
(66) (الخراج) هي الأجرة التي يأخذها السلطان من الأرض (أو) يشترط كون الخراج (بينهما) أي: على المالك والعامل معا حسب
الشرط، نصفا ونصفا، وثلثا وثلثين، وربعا وثلاثة أرباع وهكذا.
400
العاشرة: الفائدة تملك بالظهور (67)، وتجب الزكاة فيها على كل واحد منهما، إذا بلغ
نصيبه نصابا.
تتمة: إذا دفع أرضا رجل ليغرسها (68)، على أن الغرس بينهما، كانت المغارسة
باطلة، والغرس لصاحبه.
ولصاحب الأرض إزالته، وله الأجرة، لفوات ما حصل الإذن بسببه، وعليه أرش
النقصان بالقلع.
ولو دفع القيمة ليكون الغرس له، لم يجبر الغارس. وكذا لو دفع الغارس الأجرة، لم
يجبر صاحب الأرض على التبقية.



(67) قبل التقسيم (نصابا) وهو خمسة أوسق، كل وسق ستون صاعا، أي: ما يقرب من تسعمئة كيلو من التمر والزبيب - في الزكاة
الواجبة - وفي غير هذ الأربعة من الفواكه من الزكاة المستحبة.
(68) أي: ليثبت في الأرض الأشجار من العامل (باطلة) لأنه ليس مزارعة، ولا مساقاة، إذ المزارعة في غير الأشجار، وفي المساقاة يجب
كون الأشجار من شخص والعمل من شخص آخر (لصاحبه) للعامل (إزالته) أي: الغرس، (وله) لمالك الأرض (الأجرة)
أجرة غرس الأشجار في أرضه (وعليه) على مالك الأرض (أرش النقصان) أي: قيمة نقصان ثمن الأشجار بالقلع (ولو دفع)
صاحب الأرض (القيمة) أي: قيمة الأشجار (لم يجبر الغارس) لأن الغرس - أي الشجر - له إن أراد باعه وإن لم يرد لم يجبر عليه
(على التبقية) أي: إبقاء الأشجار في أرضه - فصاحب الأرض مخير في أرضه، وصاحب الأشجار مخير في الأشجار.
401
كتاب الوديعة
والنظر في أمور ثلاثة
الأول
العقد وهو استنابة في الحفظ (1). ويفتقر إلى إيجاب وقبول. ويقع بكل عبارة دلت على
معناه. ويكفي الفعل الدال على القبول.
ولو طرح الوديعة عنده، لم يلزمه حفظها إذا لم يقبلها. وكذا لو أكره على قبضها، لم
تصر وديعة، ولا يضمنها لو أهمل (2).
وإذا استودع، وجب عليه الحفظ. ولا يلزمه دركها، لو تلفت من غير تفريط، أو
أخذت منه قهرا.
نعم، لو تمكن من الدفع (3)، وجب. ولو لم يفعل، ضمن. ولا يجب تحمل الضرر
الكثير بالدفع، كالجرح وأخذ المال.
ولو أنكرها، فطولب باليمين ظلما، جاز الحلف موريا، بما يخرج به عن الكذب.
وهي عقد جائز من طرفيه (4)، يبطل بموت كل واحد منهما وبجنونه، وتكون أمانة.



كتاب الوديعة
وهي إعطاء عين لشخص ليحفظها عن التلف والأضرار.
(1) (وهو) عقد الوديعة (استنابة في الحفظ) أي: جعل الآخذ نائبا عن المالك في حفظ العين (دلت) مثل أن يقول المالك (استودعتك
هذا الكتاب) أو (جعلته وديعة عندك) أو (استنبتك في حفظه) ونحو ذلك، ويقول الآخر (قبلت) ويكفي الفعل) كما لو طرح
الكتاب عنده بعنوان الوديعة، فأخذه وقبله.
(2) وتلف بالإهمال (وإذا استودع) أي: طلب جعله وديعة عنده وقبل هو (دركها) أي: مثلها أو قيمتها (قهرا) بأن أخذها السلطان
الظالم، أو السراق، أو غيرهما.
(3) أي: دفع العدو، والدفاع عن الوديعة حتى لا تؤخذ (ولو أنكرها) أي: أنكر الوديعة - من كانت عنده حتى لا تؤخذ منه - (فطولب
باليمين ظلما) أي: طلبوا منه أن يحلف - حلفا كاذبا - إن الكتاب ليس عنده (موريا) أي: بالتورية، وهي أن يقول ما ظاهره
الكذب ويقصد بقوله معنى آخر هو صادق فيه، كأن يقول (فلان لم يودع عندي كتابه) ويقصد قبل خمسين سنة - مثلا -.
(4) المودع، والمستودع، فلكل منهما إبطال الوديعة متى شاء (و) إذا بطلت الوديعة فالعين (تكون أمانة) حتى يأخذها صاحبها أو ورثته.
402
وتحفظ الوديعة، بما جرت العادة بحفظها، كالثوب والكتب في الصندوق، والدابة في
الإصطبل، والشاة في المراح (5)، أو ما يجري مجرى ذلك.
ويلزمه سقي الدابة وعلفها، أمره بذلك أو لم يأمره، ويجوز أن يسقيها بنفسه
وبغلامه (6)، اتباعا للعادة.
ولا يجوز إخراجها من منزله لذلك، إلا مع الضرورة، كعدم التمكن من سقيها أو
علفها في منزله، أو شبه ذلك من الأعذار.
ولو قال المالك: لا تعلفها أو لا تسقها، لم يجز القبول (7)، بل يجب عليه سقيها
وعلفها.
نعم، لو أخل بذلك، والحال هذه، أثم ولم يضمن، لأن المالك أسقط الضمان
بنهيه، كما لو أمره بإلقاء ماله في البحر.
ولو عين له موضع الاحتفاظ (8)، اقتصر عليه، ولو نقلها، ضمن إلا إلى الأحرز، أو
مثله على قول. ولا يجوز نقلها إلى ما دونه، ولو كان حرزا، إلا مع الخوف من إبقائها فيه.
ولو قال: لا تنقلها من هذا الحرز، ضمن بالنقل كيف كان؟ إلا أن يخاف تلفها فيه،
ولو قال (9): وإن تلفت.
ولا تصح وديعة الطفل ولا المجنون، ويضمن القابض، ولا يبرأ بردها إليهما (10).
وكذا لا يصح أن يستودعا (11). ولو أودعا لم يضمنا بالإهمال، لأن المودع لهما متلف
ماله.



(5) هو مربض الغنم (مجرى ذلك) كأن يجعل الشاة في بيته عنده وهكذا.
(6) أي: يأمر غلامه بالسقي (لذلك) أي: للعلف والسقي (أو شبه ذلك) كعدم وجود الماء في منزله، وهكذا.
(7) في الجواهر: لأنه ذا كبد حري، ونفس محترمة، وواجب النفقة، على المالك (لو أخل) فمات أو مرض (أثم) لكونه إسرافا،
وإيذاءا محرما (في البحر) فإنه حرام للإسراف وليس ضامنا لإسقاط المالك حرمة ماله.
(8) كما لو قال المالك: اجعله في هذا الإصطبل الخاص وجب فعله (أحرز) أي: إلى مكان هو أقوى حفظا له عن المكان الذي عينه المالك
(إبقاؤها فيه) أي: فيما عينه المالك.
(9) أي: حتى لو قال (وإن تلفت) فإن هذا القول غير معتبر.
(10) بل يردها إلى وليهما الخاص، كالأب، والجد للأب، أو العام كالحاكم الشرعي.
(11) أي: يجعل عند المجنون والطفل وديعة (للمودع)؟؟ بفتح الدال وهو الذي عنده الوديعة (إمارة) علامة (الموت) بأن تمرض
مرضا اطمأن معه إلى الموت (الإشهاد بها) أي: إخبار شاهدين عادلين أن عنده الوديعة (ولا يمين عليهم) لأن الادعاء ليس
عليهم، بل على مورثهم (العلم) أي: يدعي أن الورثة يعلمون الوديعة عند أبيهم.
403
وإذا ظهر للمودع إمارة الموت، وجب الإشهاد بها. ولو لم يشهد، وأنكر الورثة، كان
القول قولهم ولا يمين عليهم إلا أن يدعى عليهم العلم.
وتجب إعادة الوديعة على المودع مع المطالبة (12)، ولو كان كافرا، إلا أن يكون المودع
غاصبا لها فيمنع منها. ولو مات فطلبها وارثه، وجب الإنكار، ويجب إعادتها على المغصوب
منه إن عرف. وإن جهل عرفت سنة، ثم جاز التصديق بها عن المالك. ويضمن المتصدق
إن كره صاحبها (13). ولو كان الغاصب مزجها بماله، ثم أودع الجميع، فإن أمكن المستودع
تمييز المالين، رد عليه ماله ومنع الآخر. وإن لم يمكن تمييزهما (14)، وجب إعادتهما على
الغاصب.
الثاني
في موجبات الضمان (15) وينظمها قسمان: التفريط والتعدي.
أما التفريط، فكأن يطرحها فيما ليس يحرز، أو يترك سقي الدابة أو علفها، أو نشر
الثوب الذي يفتقر إلى النشر، أو يودعها من غير ضرورة، ولا إذن، أو يسافر بها كذلك (16)
مع خوف الطريق ومع أمنه وطرح الأقمشة في المواضع التي تعفنها. وكذا لو ترك سقي الدابة
أو علفها مدة لا تصبر عليها في العادة، فماتت به.
القسم الثاني: في التعدي: مثل أن يلبس الثوب، أو يركب الدابة، أو يخرجها من
حرزها لينتفع بها.



(12) أي: إذا طالبها صاحبها (ولو كان) صاحبها (كافرا) فيمنع منها) أي: لا تدفع الوديعة إليه (ولو مات) الغاصب (المغصوب
منه) أي: صاحبها الحقيقي (عرف سنة) أي: أعلن في الجوامع والمجامع لمدة سنة كاملة عن الوديعة (ثم جاز التصدق) أي:
إعطاؤها صدقة بثواب مالكها إذا لم يوجد المالك الحقيقي إلى سنة.
(13) يعني: إن عرفها سنة، ولم يجد صاحبها، وتصدق بها، ثم جاء صاحبها، فإن رضي بالصدقة فهو، وإن كره الصدقة، ضمنها
ووجب عليه إعطاء بدلها إلى صاحبها، ويكون ثواب الصدقة لنفسه.
(14) كالدهن الممزوج بالدهن، والماء الممزوج بالسكر، ونحو ذلك.
(15) يعني: الأسباب التي توجب ضمان من عنده الوديعة لقيمة الوديعة، أو مثلها (التفريط) هو التقصير في حفظ الوديعة (التعدي) هو
التصرف الحرام في الوديعة (يحرز) يحفظ (نشر الثوب) بتعريضه للهواء حتى لا يتلف في الصوف، ونحوه (من غير ضرورة) إلى
الإيداع، أما لو خاف تلف الوديعة، فأودعها عند أمين فليس تفريطا (ولا إذن) من صاحب الوديعة.
(16) أي: من غير ضرورة ولا أذن صاحبها (ومع أمنه) أي: حتى مع أمن طريق السفر، فلو سافر بالوديعة، فاتفق تلفها كان تفريطا، وضمنها
(تعفنها) كالسراديب المرطوبة، والسطوح التي تشرق عليها الشمس في الصيف (فماتت به) بترك السقي.
404
نعم، لو نوى الانتفاع، لم يضمن بمجرد النية (17).
ولو طلبت منه، فامتنع من الرد مع القدرة، ضمن. وكذا لو جحدها، ثم قامت عليه
بينة أو اعترف بها.
ويضمن لو خلطها بماله، بحيث لا يتميز. وكذا لو أودعه مالا في كيس مختوم، ففتح
ختمه. وكذا لو أودعه كيسين فمزجهما.
وكذا لو أمره بإجارتها (18) بحمل أخف. فأجرها لأثقل، أو لأسهل فأجرها لأشق،
كالقطن والحديد.
ولو جعلها المالك في حرز مقفل، ثم أودعها، ففتح المودع الحرز وأخذ بعضها ضمن
الجميع (19) ولو تكن مودعة في حرز، أو كانت مودعة في حرز المودع فأخذ بعضها، ضمن
ما أخذ. ولو أعاد بدله لم يبرأ. ولو أعاده (20) ومزجه بالباقي، ضمن ما أخذه. ولو أعاد
بدله، ومزجه ببقية الوديعة مزجا لا يتميز، ضمن الجميع.
الثالث
في اللواحق وفيه مسائل:
الأولى: يجوز السفر بالوديعة، إذا خاف تلفها مع الإقامة (21)، ثم لا يضمن. ولا
يجوز السفر بها، مع ظهور إمارة الخوف. وإن سافر، والحال هذه، ضمن.



(17) إذا لم يتصرف فيها (ولو طلب) الوديعة، أي: قال صاحبها أرجعها إلي (ضمن) فلو تلفت أو نقصت قيمتها كان عليه (وكذا)
يضمن (لو جحدها) أي: أنكر الوديعة (ولا يتميز) كالدهن خلطه بدهن لنفسه (مختوم) أي: مغلق (كيسين غير مختومين،،
فيهما دنانير متشابهة، فإنه يضمن لو تلف شئ منها.
(18) إجارة الدابة، أو السفينة، أو السيارة، أو الطائرة (أخف) كمئة كيلو (أثقل) كألف (كالقطن والحديد) مثالان للأسهل
والأشق. فإن تلفت أو نقصت ضمن ذلك.
(19) فكل ما تلف منه ضمنه (في حرز المودع) أي: المودع عنده جعلها في حرز من نفسه (لم يبرأ) بل يجب عليه إعادة عينه إذا كانت
موجودة عنده.
(20) أي: أعاد نفس ما أخذه (ومزجه بالباقي) من الوديعة، كما لو كان كيلوان من الدهن وديعة عنده، فأخذ منه كيلوا واحدا، ثم مزجه
بالكيلو الآخر، فإن تلف الدهن بلا تقصير ضمن الكيلو الذي أخذه، لأنه بأخذه ضمنه ما لم يؤده إلى صاحبه (لو أعاد بدله)
أي: أخذ كيلوا واحدا وأكله، ثم جعل بدله كيلوا مكانه ومزجه بالكيلو الآخر، فإن تلف الدهن ضمن جميع الكيلوين، لأنه تقصير
في مزج غير مال المالك بماله.
(21) يعني: لو أقامها وأبقاها في بلده (ثم لا يضمن) إن تلفت في السفر (إمارة الخوف) أي: علامة الخوف في إخراج الوديعة في السفر.
405
الثانية: لا يبرأ المودع (22)، إلا بردها إلى المالك أو وكيله. فإن فقدهما، فإلى الحاكم
مع العذر. ومع عدم العذر، يضمن. ولو فقد الحاكم، وخشي تلفها، جاز إيداعها من
ثقة. ولو تلفت لم يضمن.
الثالثة: لو قدر على الحاكم، فدفعها إلى الثقة، ضمن.
الرابعة: إذا أراد السفر، فدفنها ضمن (23)، إلا أن يخشى المعاجلة.
الخامسة: إذا أعاد الوديعة بعد التفريط إلى الحرز، لم يبرأ (24). ولو جدد المالك له
الاستيمان، برأ. وكذا لو أبرأه من الضمان. ولو أكره على دفعها إلى غير المالك، دفعها ولا
ضمان.
السادسة: إذا أنكر الوديعة (25)، أو اعترف وادعى التلف، أو ادعى الرد ولا بينة،
فالقول قوله، وللمالك إحلافه، على الأشبه. أما لو دفعها إلى غير المالك، وادعى الإذن، لم
يضمن وإن ترك (26) الإشهاد على الأشبه.
السابعة: إذا أقام المالك البينة على الوديعة بعد الإنكار (27)، فصدقها ثم ادعى التلف
قبل الإنكار، لم تسمع دعواه لاشتغال ذمته بالضمان، ولو قيل: تسمع دعواه وتقبل بينته،



(22) وهو الذي جعلت الوديعة عنده (بردها) الوديعة (فقدهما) المالك ووكيله (الحاكم) يعني: المجتهد الجامع الشرائط (مع العذر) عن
ثقة)
(23) إذا تلفت بالدفن، أو ضاعت، أو سرقت، أو نحو ذلك (المعاجلة) أي خاف: عجلة رفقة السفر، بحيث لا طريق له إلا دفن
الوديعة، أو خاف عجله السراق بسرقته إذا لم يدفنها (هذا) إذا كانت الوديعة، مثل الذهب والفضة مما لا يتلف عادة بالدفن، أما مثل الكتاب، والأقمشة، والفرش التي عادة تتلف بالدفن فلا يجوز دفنها لأنه إتلاف لها، لا حفظ.
(24) أي: لم يبرأ من ضمانها إذا تلفت (الاستئمان) أي جدد: جعلها وديعة عنده (وكذا) برأ من الضمان (ولو أبرأه من الضمان) أي:
قال له: لو تلفت فأنت برئ من ضمانها، وإن لم يجدد له الاستئمان (ولا ضمان) لقوله عليه السلام (دفع عن أمتي ما استكرهوا
عليه) ولعدم كونه تفريطا.
(25) أي: قال للمالك (لم تجعل عندي وديعة أصلا) (أو اعترف) بالوديعة (و) لكنه (ادعى التلف) أي: تلف الوديعة (أو ادعى
الرد) إلى المالك (ولا بينة) تثبت قوله.
(26) أي: قال للمالك: أنت أذنت في إعطاء وديعتك إلى زيد، وأنا أعطيتها إلى زيد (فأنكر المالك الأذن (وإن ترك) المودع عنده
(الإشهاد) أي: إقامة الشهود على الإذن.
(27) إنكار الودعي (فصدقها) فصدق الودعي البينة (ثم ادعى) الودعي (التلف) للوديعة، أي: قال كانت الوديعة تالفة قبل أن
أنكرها أنا (لم تسمع دعواه) بالتلف (بالضمان) بإنكاره وإقامة البينة عليه (تسمع دعواه) التلف لأنه ودعي وهو أمين يقبل قوله
(وتقبل بينته) إذا أقام بينة على التلف (مثاله): (زيد) ادعى أنه أودع عند عمرو (كتابا) فأنكر عمرو، ثم أقام زيد البينة على
الوديعة، فصدق عمرو البينة، ثم قال عمرو: إن الكتاب كان قد تلف قبل أن أنكر أنا الوديعة، لا يقبل قوله بالتلف الخ.
406
كان حسنا.
الثامنة: إذا عين له حرزا بعيدا عنه (28)، وجب المبادرة إليه بما جرت العادة. فإن أخر
مع التمكن، ضمن (29). ولو سلمها إلى زوجته لتحرزها، ضمن.
التاسعة: إذا اعترف بالوديعة (30) ثم مات، وجهلت عينها، قيل: تخرج من أصل
تركته. ولو كان له غرماء، فضاقت التركة، حاصهم المستودع، وفيه تردد.
العاشرة: إذا كان في يده وديعة، فادعاها اثنان، فإن صدق أحدهما قبل. وإن أكذبهما
فكذلك (31). وإن قال: لا أدري، أقرت في يده حتى يثبت لها مالك. وإن ادعيا، أو
أحدهما، علمه بصحة الدعوى، كان عليه اليمين.
الحادية عشرة: إذا فرط (32) واختلفا في القيمة، فالقول قول المالك مع يمينه، وقيل:
القول قول الغارم مع يمينه، وهو أشبه.
الثانية عشرة: إذا مات المودع (33)، سلمت الوديعة إلى الوارث. فإن كانوا جماعة،
سلمت إلى الكل، أو إلى من يقوم مقامهم. ولو سلمها إلى البعض، من غير إذن، ضمن
حصص الباقين.



(28) (إذا عين) المالك (له) لماله المودع (حررا بعيدا عنه) عن الودعي، كما لو أودع عند عمرو ذهبا في كربلاء المقدسة، وقال له:
أحرزه في النجف الأشرف.
(29) إذا تلفت (ضمن) لعدم الإذن.
(30) اعترف بأنها عنده (فضامن التركة) أي: كانت أموال الميت أقل من مجموع الديون التي عليه (حاصهم) أي: أخذ مالك الوديعة
حصة بنسبة حقه كسائر الديان (وفيه تردد) لأحتمال أن تكون الوديعة تالفة بغير تفريط، فلا يكون بدلها دينا حتى يلقي بحصته مع
الديان.
(31) أي: قبل تكذيبه لهما ولا تعطى لأي منهما أبدا (كان عليه) الودعي (اليمين) على أنه لا يعلم.
(32) أي: قصر الودعي فتلفت الوديعة (واختلفا في القيمة) فقال المالك كانت قيمته مئة، وقال الودعي بل خمسين (الغارم) الداعي (وهو
لأن الأصل عدم الزيادة، فهو منكر.
(33) صاحب الوديعة (من يقوم مقامهم) بالوكالة عنهم، أو بإذنهم جميعا أعطائها إليه (ضمن) فلو تلفت حصصهم، أو لم يوصلها إليهم
كان على الودعي التدارك.
407
كتاب العارية
وهي عقد، ثمرته التبرع بالمنفعة (1). ويقع بكل لفظ، يشتمل على الإذن في
الانتفاع، وليس بلازم لأحد المتعاقدين.
والكلام في فصول أربعة.
الأول
في المعير (2): ولا بد أن يكون مكلفا، جائز التصرف.
فلا تصح إعارة الصبي، ولا المجنون. ولو أذن الولي، جاز للصبي مع مراعاة
المصلحة (3). وكما لا يليها عن نفسه، كذا لا تصح ولايته عن غيره.
الثاني
في المستعير (4): وله الانتفاع بما جرت العادة به، في الانتفاع بالمعار. ولو نقص من
العين شئ أو تلفت بالاستعمال من غير تعد لم يضمن، إلا أن يشترط ذلك في العارية.
ولا يجوز للمحرم أن يستعير من محل صيدا (5)، لأنه ليس له إمساكه. ولو أمسكه،



كتاب العارية
في الجواهر: (بتشديد الياء، وقد تخفف نسبة إلى العار أي العيب، وعن بعض: مأخوذة من عار يعير إذا جاء وذهب، ومنه
قبل للبطال عيار، لتردده في بطالته الخ).
(1) بأن يعطي عينه إلى شخص تكون عنده ينتفع بها (بكل لفظ) يدل على ذلك مثل (أعرتك هذا الكتاب) أو (أعطيتك تنتفع به ولي
عينه) أو (اجعله عندك كي تستفيد منه) فيقول (قبلت) وليس بلازم) فلكل واحد منهما فسخ العارية متى شاء.
(2) وهو معطي العارية (مكلفا) بالبلوغ، والعقل (جائز التصرف) إما مالكا للعين، أو مالكا للمنفعة كالإجارة، غير مفلس ولا سفيه.
(3) كما لو كانت إعارتها أحفظ (لا يليها) أي: لا يلي - أي: يتولي ويقوم - الصبي العارية لمال نفسه، كذلك لا يصح للصبي إعارة مال
غيره، بأذنه أو وكالته.
(4) وهو آخذ العارية (بالمعار) لشئ الذي أخذ عارية (من غير تعد) أي تقصير في الحفظ، كما لو هلك بالزلزلة (يشترط ذلك) أي:
الضمان لو تلف.
(5) غير بحري (لأنه ليس) لا يجوز (له) للمحرم (إمساكه) أي: قبض الصيد فكيف يأخذه عارية (ضمنه) لو تلف الصيد (وإن لم
يشترط) كون الضمان (عليه) لأن العارية الموجبة لعدم الضمان باطلة، فقاعدة (على اليد) تقتضي الضمان.
408
ضمنه، وإن لم يشترط عليه. ولو كان الصيد في يد محرم، فاستعاره المحل جاز، لأن ملك
المحرم زال عنه بالإحرام، كما يأخذ من الصيد ما ليس بملك (6).
ولو استعاره (7) من الغاصب، وهو لا يعلم، كان الضمان على الغاصب وللمالك إلزام
المستعير بما استوفاه من النفقة، ويرجع على الغاصب، لأنه أذن له في استيفائها بغير عوض.
والوجه (8) تعلق الضمان بالغاصب حسب. وكذا لو تلفت العين في يد المستعير.
أما لو كان عالما كان ضامنا، ولم يرجع على الغاصب. ولو أغرم الغاصب، رجع على
المستعير.
الثالث
في العين المعارة: وهي كل ما يصح الانتفاع به، مع بقاء عينه، كالثوب والدابة.
وتصح استعارة الأرض للزراعة والغرس والبناء (9). ويقتصر المستعير على القدر المأذون
فيه، وقيل يجوز أن يستبيح ما دونه في الضرر، كأن يستعير أرضا للغرس فيزرع، والأول
أشبه.
وكذا يجوز استعارة كل حيوان له منفعة، كفحل الضراب (10)، والكلب والسنور،
والعبد للخدمة، والمملوكة، ولو كان المستعير أجنبيا منها.
ويجوز استعارة الشاة للحلب (11) وهي المنحة.



(6) فلو صار شخص خنزيرا، أو كلبا هراشا، ثم أعطاه لآخر، لم تكن عارية، فلو تلف بالتفريط لا يضمنه لأنه ليس بملك، والصيد
المحلل ذاتا بالنسبة للمحرم هكذا.
(7) مثاله: زيد غصب كتاب عمرو، وأعطاه عارية إلى علي، وعلي لا يعلم أنه مغصوب، فإن تلف الكتاب كان ضمانة على (زيد)
الغاصب، ويحق لعمرو - صاحب الكتاب - أن يطالب عليا بالمنافع التي استفادها من الكتاب بالمطالعة والقراءة، ويعطي علي
لعمرو، ويأخذ كل ما أعطي من (زيد) لأنه غره والمغرور يرجع على من غره.
(8) فليس (علي) ضامنا، وليس لعمرو الرجوع على علي أصلا (وكذا) فإن المالك (عمرو) يرجع على (زيد) الغاصب رأسا، وليس له
الحق في أن يرجع على (علي) (أما لو كان) علي (عالما) بالغصب (ولو غرم الغاصب) وهو زيد، وأخذ منه قيمة الكتاب، أو
قيمة المنافع أخذها من (علي).
(9) الزراعة تقال لمثل الحنطة، والبقول، والخضر (والغرسي) يقال: للنخيل والأشجار (والبناء) للدار، والدكان، ونحوهما (فيزرع)
فإن الزرع أقل ضررا للأرض من غرس الأشجار والنخيل.
(10) بسكر الضاد، هو الفحل القوي الذي يجعل للجماع بالإناث حتى يحملن (والكلب) ومنفعته الحراسة (والسنور) يعني الهرة،
ومنفعتها أكل الفئران وما فضل من الطعام الذي لا يأكله الناس (والمملوكة) للخدمة، أما للوطئ فلا يجوز إجماعا (أجنبيا منها)
غير محرم عليها، لا أخا، ولا أبا، ولا زوجا، ولا ابن أخ، ولا ابن أخت وهكذا.
(11) أي: لشرب لبنها، وهكذا شاة تسمى (المنحة) بلفظ الإباحة) بأن يقول مالك الأمة لرجل (أبحت لك وطئ هذه الجارية)
409
ولا يستباح وطي الأمة بالعارية، وفي استباحتها بلفظ الإباحة تردد، والأشبه الجواز.
وتصح الإعارة مطلقة (12)، ومدة معينة، وللمالك الرجوع.
ولو أذن في البناء أو الغرس، ثم أمره بالإزالة، وجبت الإجابة. وكذا في الزرع ولو
قبل إدراكه، على الأشبه. وعلى الآذن الأرش (13). وليس له المطالبة بالإزالة من دون
الأرش.
ولو أعاره أرضا للدفن، لم يكن له إجباره على قلع الميت. وللمستعير أن يدخل إلى
الأرض، ويستظل بشجرها.
ولو أعاره حائطا لطرح خشبة، فطالبه بإزالتها كان له ذلك، إلا أن تكون أطرافها
الأخر مثبتة في بناء المستعير، فيؤدي إلى خرابه، وإجباره على إزالة جذوعه (14) عن ملكه،
وفيه تردد.
ولو أذن له في غرس شجرة. فانقلعت، جاز أن يغرس غيرها، استصحابا للإذن
الأول، وقيل: يفتقر إلى أذن مستأنف، وهو أشبه. ولا يجوز إعارة العين المستعارة. إلا بإذن
المالك (15)، ولا إجارتها، لأن المنافع ليست مملوكة للمستعير، وإن كان له استيفاؤها.
الرابع
في الأحكام المتعلقة بها وفيه مسائل:
الأولى: العارية أمانة، لا تضمن إلا بالتفريط (16) في الحفظ، أو التعدي، أو اشتراط
الضمان. ويضمن إذا كانت ذهبا أو فضة وإن لم يشترط، إلا أن يشترط سقوط الضمان.



(12) بأن لا يذكر المدة أصلا (ومدة معينة) كسنة، وشهر، وغير ذلك (و) يجوز (للمالك الرجوع) في أثناء تلك المدة، لأن دكر المدة لا
يجعلها لازمة.
(13) وهو الفرق بين الزرع قائما في الأرض، ومقلوعا (قلع الميت) أي: إخراجه من القبر (بشجرها) الذي غرسه في الأرض المعارة
(بإزالتها) أي: رفع الخشبة عن حائطه.
(14) جذوع هي الخشبة المثبتة في داخل البناء، بحيث يستلزم إزالتها هدم البناء (وفيه) أي: في جواز الإجبار على إزالة الجذوع (تردد)
لأن الإذن في وضع الجذوع داخل البناء عرفا أذن في البقاء.
(15) مثاله: زيد: أعطى كتابه عارية لعمرو، لا يجوز لعمرو إعطاء ذلك الكتاب عارية إلى (محمد) ولا إجارته إلى (محمد) لأن الكتاب
ليس ملكا لعمرو، وإن كان لعمرو حق الانتفاع منه بنفسه.
(16) أي: التقصير، كما لو جعل الكتاب في دار مفتوحة الأبواب فسرق (أو التعدي) كما لو جعل الكتاب سفرة للأكل فسقط عليه ماء أو
مرق فعاب أو اشتراط المعير (الضمان) أي: ضمانه مطلقا حتى مع عدم التقصير والتعدي (وتضمن) العارية (ذهبا أو فضة)
دينارا ودرهما بالإجماع وغيرهما من الحلي ونحوه على المشهور.
410
الثانية: إذا رد العارية إلى المالك أو وكيله برأ. ولو ردها إلى الحرز، لم يبرأ (17). ولو
استعار الدابة إلى مسافة، فجاوزها ضمن ولو أعادها إلى الأولى، لم يبرأ.
الثالثة: يجوز للمستعير بيع غروسه وأبنيته في الأرض المستعارة. للمعير ولغيره، على
الأشبه.
الرابعة: إذا حملت الأهوية (18) أو السيول، حبا إلى ملك إنسان فنبت، كان لصاحب
الأرض إزالته، ولا يضمن الأرش، كما في أغصان الشجرة البارزة إلى ملكه.
الخامسة: لو نقصت بالاستعمال ثم تلفت (19)، وقد شرط ضمانها، ضمن قيمتها يوم
تلفها، لأن النقصان المذكور غير مضمون.
السادسة: إذا قال الراكب (20): أعرتنيها، وقال المالك: آجرتكها فالقول قول
الراكب، لأن المالك مدعي للأجرة، وقيل: القول قول المالك في عدم العارية. فإذا حلف
سقطت دعوى الراكب، ويثبت عليه أجرة المثل، لا المسمى (21)، وهو أشبه. ولو كان
الاختلاف عقيب العقد من غير انتفاع، كان القول قول الراكب، لأن المالك يدعي عقدا
وهذا ينكره.
السابعة: إذا استعار شيئا لينتفع به في شئ (22)، فانتفع به في غيره ضمن. وإن كان
له أجرة، لزمته أجرة مثله.
الثامنة: إذا جحد العارية (23)، بطل استيمانه، ولزمه الضمان مع ثبوت الإعارة.



(17) وتكون في ضمانة إذا فرط أو تعدى، وبنوعية الحرز، وكيفيته (لم يبرأ) فلو هلكت ضمنها مطلقا، لأن التجاوز بها عن المسافة المأذون
فيها كان تعديا وموجبا للضمان، ويبقي الضمان حتى يردها إلى صاحبها.
(18) أي: الرياح (حبا) كثيرا أو قليلا (البارزة) يعني: لو امتدت أغصان شجرة إنسان إلى ملك جاره، جار للجار قطعها بلا أرش وقد
تقدم تفصيل هذه المسألة في (كتاب الصلح) عند رقم (48).
(19) كالثوب قيمته عشرة دنانير، فباللبس نقصت قيمته إلى خمسة دنانير، ثم احترقت أو سرقت، ضمن خمسة دنانير (غير مضمون) لأنه
مأذون فيه.
(20) على دابة الغير، أو سيارته، أو سفينته، أو غيرها (للأجرة) والأصل عدمها، فإن كانت بينة للمالك حكم له، وإلا أقسم المنكر
وحكم له.
(21) أي: لا الأجرة التي يدعي المالك أنه سماها عند العقد (عقدا) فقط بلا أجرة إذ يدعي أن العقد كان إجارة لا عارية، ولا يدعي أجرة
أيضا.
(22) كما لو استعار فرشا ليصلي عليه، فأكل عليه، أو استعار دارا للتدريس، فسكن فيها (ضمن) فلو تلفت كان عليه قيمتها أو مثلها.
(23) أي: أنكر كون الفرش - مثلا - عارية عنده (استئمانه) أي كون يده أمانة لا يضمن بلا تفريط (مع ثبوت الإعارة) أي: إذا أثبت المالك -
بالبينة - أنه عاره الفرش فلو تلف ضمنه حتى ولو كان التلف بلا تفريط.
411
التاسعة: إذا ادعى التلف، فالقول قوله (24) مع يمينه. ولو ادعى الرد، فالقول قول
المالك مع يمينه.
العاشرة: لو فرط في العارية، كان عليه قيمتها عند التلف (25)، إذا لم يكن لها مثل،
وقيل: أعلى القيم من حين التفريط إلى وقت التلف، والأول أشبه. ولو اختلفا في
القيمة (26)، كان القول قول المستعير، وقيل: قول المالك، والأول أشبه.



(24) لأنه أمين، وليس على الأمين إلا اليمين (الرد) أي: الإرجاع إلى المالك
(25) إذا كانت اختلفت قيمتها قبل التلف، وعند التلف، أما إذا كان مثليا كالأرز، والحنطة والسكر، فإن عليه مثلها (أعلى القيم)
مثاله: استعار فرشا للصلاة، فأكل عليه يوم السبت، وتلف يوم الخميس، فمن يوم السبت إلى يوم الخميس أي يوم كانت قيمته
أكثر من بقية الأيام يضمن ذلك الأكثر.
(26) فقال المالك: كانت قيمته مئة وقال المستعير خمسين.
412
كتاب الإجارة
وفيه فصول أربعة:
الأول
في العقد وثمرته تمليك المنفعة بعوض معلوم ويفتقر إلى إيجاب وقبول.
والعبارة الصريحة عن الإيجاب: آجرتك، ولا يكفي ملكتك.
أما لو قال: ملكتك سكنى هذه الدار سنة مثلا، صح. وكذا أعرتك (1)، لتحقق
القصد إلى المنفعة.
ولو قال: بعتك هذه الدار، ونوى الإجارة، لم تصح. وكذا لو قال: بعتك سكناها
سنة، لاختصاص لفظ البيع بنقل الأعيان، وفيه تردد (2).
والإجارة عقد لازم، لا تبطل إلا بالتقايل (3)، أو بأحد الأسباب المقتضية للفسخ.
ولا تبطل بالبيع (4)، ولا بالعذر، مهما كان الانتفاع ممكنا.
وهل تبطل بالموت؟ المشهور بين الأصحاب نعم.
وقيل: لا تبطل بموت المؤجر، وتبطل بموت المستأجر، وقال آخرون. لا تبطل بموت



كتاب الإجارة
(1) إذا قال هكذا (أعرتك سكنى هذه الدار سنة (بمئة دينار) (لتحقق القصد إلى المنفعة) بقرينة (سكنى هذه الدار) في ملكتك، وبقرينة
(بمئة دينار) في (أعرتك) فإنهما قرينتان على أن المراد ب‍ (ملكتك) الإجارة وب‍ (أعرتك) الإجارة.
(2) لاحتمال الصحة، إذ (سكنى سنة) قرينة على أن المراد ب‍ (البيع) هو الإجارة.
(3) وهو اتفاقهما على الإبطال (للفسخ) كالموت على قول، أو انكشاف استحقاق العين، أو غير ذلك مما سيمر عليك في ثنايا المسائل
الآتية.
(4) فلو آجر داره سنة، ثم في أثناء السنة باعها لا تبطل الإجارة، بل ينتقل ملك الدار إلى المشتري، والمنافع تكون للمستأجر حتى تمضي
سنة الإجارة (ولا بالعذر) أي: عذر المستأجر عن الانتفاع، كما استأجر سيارة للسفر بها، فتمرض ولم يمكنه السفر.
413
أحدهما، وهو الأشبه (5).
وكل ما صح إعارته، صح إجارته (6). وإجارة المشاع جائزة كالمقسوم. والعين
المستأجرة أمانة لا يضمنها المستأجر إلا بتعد أو تفريط (7). وفي اشتراط ضمانها من غير ذلك،
تردد أظهره المنع.
وليس في الإجارة خيار المجلس (8). ولو شرط الخيار لأحدهما أو لهما، جاز، سواء
كانت معينة كأن يستأجر هذا العبد أو هذه الدار، أو في الذمة كأن يستأجره ليبني له حائطا.
الثاني
في شرائطها وهي ستة:
الأول: أن يكون المتعاقدان كاملين (9) جائزي التصرف فلو آجر المجنون، لم تنعقد
إجارته. وكذا الصبي غير المميز. وكذا المميز إلا بإذن وليه، وفيه تردد (10).
الثاني: أن تكون الأجرة معلومة بالوزن أو الكيل فيما يكال أو يوزن، ليتحقق انتفاء
الغرر. وقيل: تكفي المشاهدة (11) وهو جنس. ويملك الأجرة بنفس العقد.
ويجب تعجيلها مع الإطلاق، ومع اشتراط التعجيل.
ولو شرط التأجيل صح، بشرط أن يكون معلوما (12). وكذا لو شرطها في نجوم.



(5) فإن مات المالك انتقل الملك إلى ورثته مسلوب المنفعة إلى تمام مدة الإجارة، وإن مات المستأجر انتقلت المنافع إلى ورثته إلى تمام مدة
الإجارة.
(6) وهو كل ما يصلح الانتفاع به مع بقاء عينه، وقد مضى تفاصيله في كتاب العارية تحت أرقام (9 - 15) فراجع (المشاع) هو المشترك بين
اثنين أو أكثر غير مفرز حصة كل عن حصة الآخر، فلو كانت دار مشتركة بالإشاعة بين زيد وعمرو، جاز لزيد إجارة حصة المشاعة
(كالمقسوم) كما يجوز إجارة المفرز.
(7) التعدي هو الاتلاف، والتفريط هو الإهمال في الحفظ، حتى تلف هو بنفسه (من غير ذلك) بأن يشترط أنه لو تلف حتى بلا تعد ولا
تفريط يكون المستأجر ضامنا.
(8) في المسالك: لأن خيار المجلس مختص بالبيع عندنا (سواء كانت) الإجارة على عين (معينة (حائطا) في الذمة كليا.
(9) (كاملين) بالبلوغ، والعقل (جائزي التصرف) بعدم السفه، وعدم الفلس، ونحو ذلك
(10) الاحتمال أن إذن الولي أيضا لا يجوز إجارته - كما في البيع -.
(11) بأن تكون هناك (صبرة) من حنطة فيقول (آجرتك الدار بهذه الصبرة) وإن لم يعلما وزن الصبرة أو كيلها (بنفس العقد) قبل تسليم
المستأجر - بالفتح - فلو استأجر دارا بدجاجة. فباضت الدجاجة بعد العقد - قبل تسليم الدار، وتسلم الدجاجة - كانت البيضة
للمؤجر (مع الإطلاق) أي: عدم تعيين أجل للأجرة.
(12) كأن يقول (آجرتك الدار سنة بمئة دينار بعد شهر) (نجوم) أي: آجال متعددة، كأن يقول (بمئة دينار أقساطا كل شهر عشرة
دنانير، أو كل أسبوع عشرة دنانير، ونحو ذلك).
414
وإذا وقف (13) المؤجر على عيب في الأجرة، سابق على القبض، كان له الفسخ أو
المطالبة بالعوض، إن كانت الأجرة مضمونة. وإن كانت معينة، كان له الرد أو الأرش. ولو
أفلس المستأجر بالأجرة (14)، فسخ المؤجر إن شاء.
ولا يجوز: أن يؤجر المسكن ولا الخان ولا الأجير، بأكثر مما استأجره (15)، إلا أن
يؤجر بغير جنس الأجرة، أو يحدث فيه ما يقابل التفاوت. وكذا لو سكن بعض الملك، لم
يجز أن يؤجر الباقي بزيادة عن الأجرة (16). والجنس واحد ويجوز بأكثرها.
ولو استأجره ليحمل له متاعا إلى موضع معين، بأجرة في وقت معين، فإن قصر
عنه (17)، نقص من أجرته شيئا، جاز. ولو شرط سقوط الأجرة إن لم يوصله فيه، لم يجز،
وكان له أجرة المثل.
وإذا قال: آجرتك كل شهر بكذا (18)، صح في شهر، وله في الزائد أجرة المثل إن
سكن، وقيل: تبطل لتجهل الأجرة، والأول أشبه.
تفريعان
الأول: لو قال: إن خطته فارسيا فلك درهم، وإن خطته روميا (19) فلك درهمان،
صح.



(13) أي: التفت (سابق على القبض) أي، أن العيب كان قبل قبض المؤجر لها (مضمونة) أي: كلية، كما لو كانت الأجرة (مئة دينار
ذهب) فتبين أن الدنانير مغشوشة، أو مكسورة فإن المؤجر يختار بين أن يفسخ الإجارة، ويرجع الدنانير المعيبة ويأخذ الدار، وبين
أن يأخذ بدلها مئة دينار صحيحة (وإن كانت) الأجرة (معينة) - مثلا - دجاجة معينة، ثم تبين إنها مريضة كان صاحب الدار
(المؤجر) مخيرا بين الفسخ، وبين أخذ فرق الدجاجة صحيحة ومريضة.
(14) يعني: لو حجر الحاكم الشرعي على المستأجر لكثرة ديونه (أفلس) فلم يتمكن من إعطاء الأجرة، تخير المؤجر بين فسخ الإجارة،
وبين صيرورته واحدا من الديان فيأخذ بنسبة دينه مع سائر الغرماء (الديان).
(15) (مثاله) استأجر زيد من عمرو دارا، أو خانا، أو عبدا، بمئة دينار لا يجوز لزيد أن يؤجره إلى (علي) بأكثر من مئة دينار إلا في
صورتين (1) أن يؤجر بغير الدنانير كالدراهم مثلا فإنه لا بأس لو كانت قيمة الدراهم أكثر من قيمة مئة دينار (2) أن يعمل فيه شيئا
ثم يؤجره بأكثر، كأن يصلح بعض الدار بالبناء. والخان بالفرش، والعبد باللباس، ثم يؤجره بمئة وعشرة دنانير.
(16) أي: عن المئة دينار - في مثالنا الآنف - (والجنس) - أي: جنس الآجرة (واحد) كلاهما دنانير (ويجوز) إجارة البعض (بأكثرها)
أي: بأكثر الأجرة، كما لو استأجر دارا بمائة دينار، فسكن في نصفها، وآجر النصف الآخر بتسعين دينارا.
(17) أي: بشرط إن لم يوصل المتاع إلى المكان المعين نقص (كذا) من الأجرة (مثاله) استأجره ليحمل فرشه إلى فرسخ، بدينار، فإن لم
يوصله أعطاه ربع دينار (لم يجز) أي: بطلت الإجارة.
(18) ولم يعين كم شهرا (إن سكن) أي: بقي فيه أكثر من شهر واحد.
(19) كان الخياطة الرومية كانت أكثر من الفارسية في ذلك الزمان.
415
الثاني: لو قال: إن عملت هذا العمل في اليوم فلك درهمان، وفي غد درهم، فيه
تردد، أظهره الجواز. ويستحق الأجير الأجرة بنفس العمل (20)، سواء كان في ملكه أو ملك
المستأجر. ومنهم من فرق (21)، ولا يتوقف تسليم أحدهما على الآخر. وكل موضع يبطل فيه
عقد الإجارة، تجب فيه أجرة المثل، مع استيفاء المنفعة أو بعضها (22)، سواء زادت عن
المسمى أو نقصت عنه، ويكره أن يستعمل الأجير، قبل أن يقاطع على الأجرة، وأن يضمن،
إلا مع التهمة.
الثالث: أن تكون المنفعة مملوكة إما تبعا لملك العين، أو منفردة (23). وللمستأجر أن
يؤجر، إلا أن يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه (24). ولو شرط ذلك، فسلم العين
المستأجرة إلى غيره، ضمنها. ولو آجر غير المالك تبرعا، قيل: بطلت، وقيل: وقفت على
إجازة المالك، وهو حسن.
الرابع: أن تكون المنفعة معلومة إما بتقدير العمل (25) كخياطة الثوب المعلوم، وإما
بتقدير المدة كسكنى الدار، أو العمل على الدابة مدة معينة.
ولو قدر المدة والعمل، مثل أن يستأجره ليخيط هذا الثوب في هذا اليوم، قيل:
يبطل، لأن استيفاء العمل في المدة قد لا يتفق، وفيه تردد.
والأجير الخاص، وهو الذي يستأجره مدة معينة (26)، لا يجوز له العمل لغير المستأجر



(20) أي: يستحق المطالبة بعد العمل (سواء كان) العمل في ملك المؤجر كأن استأجره لبناء داره، أو في ملك المستأجر كما لو استأجره
لخياطة ثوبه في دار المستأجر.
(21) بين العمل في ملك العامل فيستحق الأجرة بالتسليم لا بالعمل، وبين كون العمل ملك المستأجر فيستحق الأجرة بتمام العمل فقط
(ولا يتوقف) فيجب على كل واحد من المؤجر والمستأجر التسليم بلا تقدم لأحدهما على الآخر.
(22) أي: أخذ المنفعة كلها، أو أخذ بعض المنفعة (زادت) أجرة المثل (ويكره) بأن يقول للحمال - مثلا - أحمل هذا المتاع ولا يتفق على
مقدار الأجرة (وأن يضمن) أي: يأخذ من الأجير عوض ما تلف بيده، بناءا على ضمان الصانع ما يتلف بيده، أو مع تفريطه، أو مع قيام البينة عليه بالتفريط، أو نكوله عن القسم بعد عدم البينة للمؤجر، وهكذا (إلا مع التهمة) أي: كون الأجير متهما بالخياطة
أو التقصير.
(23) كالعين الموصى بمنفعتها لزيد.
(24) أي: يشترط عليه أن لا يؤجرها لغيره (ضمنها) يعني: فإن تلفت ولو بغير تفريط كان ضامنا لأن إجارتها بنفسها تفريط (تبرعا)
أي: فضوليا: كما لو آجر زيد دار عمرو (تبطل) حتى لو أجاز عمرو المالك لا تصح الإجارة (وقفت) فإن أجاز صحت الإجارة وإلا
فلا.
(25) أي: بتعيين العمل (كسكنى الدار) أي: مدة معينة، سنة أو سنتين مثلا (المدة والعمل) معا (وفيه ترد) لاحتمال الصحة، لأنه
نوع ضبط للمنفعة.
(26) كالخادم أو الصانع يستأجره شهرا، أو سنة. فليس له في أثناء الشهر أو السنة أن يعمل للغير (وهو الذي) يعني: الأجير المشترك هو الذي
يستأجر للعمل مطلقا ولا يستأجر لمدة معينة، فيجوز له في أثناء العمل، أن يعمل للغير أيضا.
416
إلا بأذنه. ولو كان مشتركا، جاز، وهو الذي يستأجر لعمل مجرد عن المدة
ويملك المنفعة بنفس العقد (27)، كما يملك الأجرة به.
وهل يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد، قيل: نعم. ولو أطلق بطلت، وقيل:
الإطلاق يقتضي الاتصال، وهو أشبه. ولو عين شهرا متأخرا عن العقد (28)، قيل: تبطل،
والوجه الجواز.
وإذا سلم العين المستأجرة (29)، ومضت مدة يمكن فيها استيفاء المنفعة، لزمته الأجرة،
وفيه تفصيل. وكذا (30) لو استأجر دارا وسلمها، ومضت المدة ولم يسكن، أو استأجره لقلع
ضرسه، فمضت المدة التي يمكن إيقاع ذلك فيها، ولم يقلعه المستأجر استقرت الأجرة. أما
لو زال الألم عقيب العقد، سقطت الأجرة.
ولو استأجر شيئا، فتلف قبل قبضه (31)، بطلت الإجارة. وكذا لو تلف عقيب
قبضه. أما لو انقضى بعض المدة ثم تلف، أو تجدد فسخ الإجارة، صح فيما مضى، وبطل
في الباقي، ويرجع من الأجرة بما قابل المتخلف من المدة.
ولا بد من تعيين ما يحمل على الدابة، إما بالمشاهدة (32)، وإما بتقديره بالكيل أو



(27) فلو استأجر بستانا ملك منافعه من حين العقد، لا من حين التسليم، فليس لمالك البستان أن يتصرف في منافعه بعد العقد إلا بإذن
المستأجر.
(28) كما لو قال في شهر شعبان (آجرتك هذا البستان شهر رمضان).
(29) أي: سلمها إلى المستأجر) ومضت مدة الخ). مثلا: آجر بستانا سنة، ومضت السنة لزمت الأجرة على المستأجر حتى إذا لم يستفد
من البستان، بل لم يدخله لمرض، أو مانع، أو خوف، أو نحو ذلك
(وفيه تفصيل) في الجواهر: (حكي عن نسخة قرأت على المصنف، إنه وجد مكتوبا عليها أن المراد به - التفصيل - إن سلم العين وكانت
مقيدة بمدة معينة لزمت الأجرة انتفع أم لا، وإن كانت - أي الإجارة - على عمل كالدابة تحمل الماء لزمت في المدة أجرة المثل والإجارة
على العمل باقية) وحاصل هذا التفصيل هو الفرق بين تعيين المدة فمضيها يثبت الأجرة وبين تعيين العمل دون المدة، فمضيها لا
يثبت إلا أجرة المثل، وتبقى الإجارة على العمل سارية المفعول وغير باطلة.
(30) أي: وكذا تلزم الهجرة (وفيه تفصيل) - (أو استأجره) تلزم الأجرة، وفيه تفصيل (سقطت الأجرة) لانتفاء موضوع الإجارة.
(31) كالعبد استأجره فمات، والكتاب استأجره فاحترق، والدابة استأجرها فأكلها السبع (بعض المدة) كما لو أستأجر العبد سنة، فمات
بعد ستة أشهر (فسخ الإجارة) كما لو استأجر العبد سنة، وبعد ستة أشهر تمرض مرضا لا ينتفع به مع ذاك المرض (بما قابل
المتخلف) ففي المثال يرجع بنصف الأجرة، لأنه كان في منتصف السنة، ولو كان المرض بعد مضي أربعة أشهر يرجع بثلثي
الأجرة، وهكذا.
(32) مثل أن يقول: احمل عليها هذا الحمل الذي تراه، أو يقول: احمل عليها مئة كيلو، أو يقول: أحمل عليها عشرة قرب ماء (عن
الصنعة) من أن المحمل من جريد النخل، أو خشب الساج، أو غير ذلك، للاختلاف، في الخفة والثقل، (غير معين) كأن
يقول: اركب عليها اثنين اثنين من الناس فإنه لا يكفي، فرب اثنين وزنهما مئتان من الكيلوات، ورب اثنين وزنهما تسعون كيلوا
(جنس عطائة) هل هو من الخوص، أو الخشب، أو غير ذلك.
417
الوزن، أو ما يرفع الجهالة.
ولا يكفي ذكر المحمل مجردا عن الصفة، ولا راكب غير معين لتحقق الاختلاف في
الخفة والثقل. ولا بد مع ذكر المحمل، من ذكر طوله وعرضه وعلوه، وهل هو مكشوف أو
مغطى، وذكر جنس غطائه.
وكذا لو استأجر دابة للحمل، فلا بد من تعيينه (33) بالمشاهدة، أو ذكر جنسه وصفته
وقدره.
وكذا لا يكفي ذكر الآلات المحمولة، ما لم يعين قدرها وجنسها.
ولا يكفي اشتراط حمل الزاد، ما لم يعينه. وإذا فني (34)، ليس له حمل بدله، ما لم
يشترط.
وإذا استأجر دابة افتقر إلى مشاهدتها. فإن لم تكن مشاهدة، فلا بد من ذكر جنسها
ووصفها (35). وكذا الذكورة والأنوثة، إذا كانت للركوب ويسقط اعتبار ذلك، إذا كانت
للحمل.
ويلزم مؤجر الدابة، كل ما يحتاج إليه في إمكان الركوب، من الرحل (36) والقتب وآلته والجزام
والزمام. وفي رفع المحمل وشده تردد، أظهره اللزوم.
ولو أجرها للدوران بالدولاب (37)، افتقر إلى مشاهدته، لاختلاف حاله في الثقل.



(33) أي: تعيين الحمل (جنسه، وصفته،، وقدره) كأن يقول (احمل عليها لفة قطن مئة كيلو، ف‍ (لفة) صفة، و (قطن) جنس، و
(مئة كيلو) قدر - وهكذا (الآلات المحمولة) كأن يقول، احمل عليها آلات الخياطة، أو آلات النساجة، أو آلات السفن، إلا
يعين قدرها - كذا وزن مثلا - وجنسها حديد، أو خشب، أو خيط، أو نحو ذلك (حمل الزاد) الزاد هو ما يحتاجه الإنسان في
السفر، من فرش وطعام، وماء وغير ذلك.
(34) أي: تم الزاد، من طعام وشراب، (ما لم يشترط) من أول العقد عمل بدله كلما تم.
(35) جنسها) فرس، أو بعير، أو حمار، (وصفها) حمار شامي، أو عراقي - مثلا - لأن الشامي أقوى بكثير من العراقي (وكذا الذكورة
والأنوثة) لاختلافهما في سرعة المشي، وقلة التعب. (للحمل) أي: ليحمل شئ عليه.
(36) (الرجل) هو الجل الذي يجلس عليه (والقتب) ما يوضع على سنام البعير، ليربط به الزمام، (والزمام) هو الحبل الذي يوضع في
أنف الدابة، ليستوقفوها بجر ذاك الحبل (والحزام) هو الجلد أو الجبل الذي يربط بطرفي الجل مارا على بطن الدابة. وآلة القتب)
خيوطه التي يشد بها ونحوها (رفع المحمل) أي: ما يرفع عليه من ستار ونحوه، (وشده) أي: الحبال التي يشد بها (هذا) كله
للتعارف والانصراف في الإجارة.
(37) هو الناعور، الذي يدور فيخرج الماء، بدلاء، أو الرحى التي تدور فتطحن الحنطة والشعير وغيرهما (مشاهدته) أي: الدولاب، (في
الثقل) لأن بعض الدولاب كبير ثقيل، وبعضه صغير خفيف.
418
ولو أجرها للزراعة، فإن كان لحرث جريب معلوم، فلا بد من مشاهدة الأرض أو
وصفها (38). وإن كان لعمل مدة، كفى تقدير المدة. وكذا في إجارة دابة، لسفر مسافة
معينة، فلا بد من تعيين وقت السير ليلا أو نهارا، إلا أن يكون هناك عادة فيستغني بها.
ويجوز أن يستأجر اثنان جملا أو غيره للعقبة (39)، ويرجع في التناوب إلى العادة.
وإذا اكترى (40) دابة، فسار عليها زيادة عن العادة، أو ضربها كذلك، أو كبحها
باللجام، من غير ضرورة، ضمن.
ولا يصح إجارة العقار (41)، إلا مع التعيين بالمشاهدة أو بالإشارة إلى موضع معين،
موصوف بما يرفع الجهالة. ولا تصح إجارته في الذمة (42)، لما يتضمن من الغرر، بخلاف
استيجار الخياط للخياطة، والنساج للنساجة وإذا استأجره مدة، فلا بد من تعيين
الصانع (43)، دفعا للغرر الناشئ من تفاوتهم في الصنعة.
ولو استأجر لحفر البئر، لم يكن بد من تعيين الأرض، وقدر نزولها وسعتها. ولو حفرها
فانهارت (44) أو بعضها، لم يلزم الأجير إزالته، وكان ذلك إلى المالك. ولو حفر بعض ما
قوطع عليه (45)، ثم تعذر حفر الباقي إما لصعوبة الأرض أو مرض الأجير أو غير ذلك، قوم
حفرها وما حفر منها، ورجع عليه بنسبته من الأجرة، وفي المسألة قول آخر مستند إلى رواية
*



(38) فرب أرض صلبة لا يحرث جريب منها بأسبوع، ورب أرض لينه يحرث جريب منها بيوم واحد (فيستغني بها) أي: بالعادة المتعارفة
يستغني عن ذكر ذلك، للانصراف إلى العادة المتعارفة.
(39) أي: يتعاقبان عليه، فيركب هذا مدة، ويركب الآخر مدة أخرى.
(40) أي: استأجر، من (الكراية) بمعنى الإجارة (كذلك) أي: زيادة على العادة (كبحها) أي جر الحبل الذي في أنفها (ضمن)
فإن مات، أو جرح، أو مرض كان على المستأجر.
(41) أي الأراضي (بماء يرفع الجهالة) كأن يقول: جريب معين من الأرض بعيد عن صحن الإمام الحسين عليه السلام بثلاث كيلو مترات
من جهة النجف الأشرف، لأن البعد والقرب، والجهات تختلف في القيمة.
(42) أي: إجارة العقار (في الذمة) أي: كليا غير معين، (من الغرر) إذ بدون الوصف الكامل لا تصح الإجارة الكلية، ومع الوصف
الكامل يعز الوجود غالبا، إذ؟؟ عليه أن يقول هكذا (ألف متر من الأرض، متصل بعضها ببعض، أرضها غير صلبة، قريب
منها الماء، من طرف جنوب كربلاء، ليست بعيدة بحيث يرى شبح (كربلاء) وهكذا، إذ بدون هكذا توصيف لا يصح بيع الكلي،
ومع مثل هذا الوصف قليل الوجود، أو عديم الوجود (للخياطة - للنساجة) لأن الكلي فيه غير عزيز الوجود، كأن يقول: استأجرك
لخياطة عشرة قباءات، أو لنسج عشرين مترا من الكرباس الذي عرضه متر واحد.
(43) الذي يعمل عند الخياط والنساج، لاختلافهم في بطء العمل، وسرعته، وكثرة الإلمام والمعرفة بالخياطة والنساجة، أو قلته، وقوته أو
ضعفه، وهكذا.
(44) أي: انهدم التراب من أطراف البئر، فطمنها، أو طمت بعضها.
(45) أي اتفق عليه، كما لو اتفقا على أن يحفر بعمق عشرة أمتار، فحفر خمسة أمتار (أو غير ذلك) كمنع الظالم (بنسبته من الأجرة) ففي
المثال يسترجع المستأجر من الأجير نصف الأجرة التي دفعها لحفر عشرة أمتار.
419
مهجورة (46).
ويجوز استئجار المرأة للرضاع (47)، مدة معينة بإذن الزوج، فإن لم يأذن، فيه تردد،
والجواز أشبه، إذا لم يمنع الرضاع حقه. ولا بد من مشاهدة الصبي (48). وهل يشترط ذكر
الموضع الذي ترضعه فيه؟ قيل: نعم وفيه تردد. وإن مات الصبي أو المرضعة بطل العقد.
ولو مات أبوه، هل تبطل؟ يبني على القولين [كون الإجارة، هل تبطل بموت المؤجر
والمستأجر أم لا؟ والأصح عدم البطلان].
ولو استأجر شيئا مدة معينة (49)، لم يجب تقسيط الأجرة على أجزائها، سواء كانت
قصيرة أو متطاولة.
ويجوز استئجار الأرض ليعمل مسجدا (50).
ويجوز استئجار الدراهم والدنانير إن تحققت لها منفعة حكمية مع بقاء عينها (51).
تفريع: لو استأجر لحمل عشرة أقفزة من صبرة فاعتبرها (52)، ثم حملها فكانت أكثر،
فإن كان المعتبر هو المستأجر لزمه أجرة المثل عن الزيادة، وضمن الدابة إن تلفت، لتحقق
العدوان. وإن اعتبرها المؤجر، لم يضمن المستأجر أجرة ولا قيمة. ولو كان المعتبر أجنبيا،



(46) متروكة، يعني: لم يعمل الفقهاء بها، لأن بعض رواتها مجهول، وهي مروية عن الإمام الصادق عليه السلام (عن رجل قبل رجلا
يحفر له بئرا عشر قامات بعشرة دراهم فحفر له قامة ثم عجز، قال عليه السلام تقسم عشرة على خمسة وخمسين جزءا ما أصاب واحدا
فهو للقامة الأولى، والاثنين للثانية، والثلاثة للثالثة وعلى هذا الحساب إلى العشرة) وهذه الرواية من الجهة الحسابية تامة، وذلك لأن
القامة الثانية حفرها يصعب مرتين بقدر حفر القامة الأولى، لأن النزول إليها، وإخراج ترابها لا يقل عن المرتين، فلو استغرق حفر
القامة الأولى ساعة كان حفر القامة الثانية وحدها يستغرق ساعتين، وهكذا حفر القامة الثالثة بمقدار ثلاث قامات، والرابعة بمقدار
أربع قامات، وهكذا (ومقتضى) ذلك حسابيا هو أن يجمع بين الواحد والعشرة، ويضرب في النصف (خمسة) وحاصل ضرب
(11 * 5 = 55) يكون خمسة وخمسين.
(47) بأن ترضع ولدا مقابل أجرة (مدة معينة) كشهر، أو أسبوع، أو سنة، أو غير ذلك (والجواز أشبه) لأن اللبن ملك المرأة طلقا ولها
اختيار لبنها (حقه) أي حق الزوج، وحق الزوج الواجب اثنان: النكاح، واختيار خروج زوجته من البيت. فلو كان الرضاع
مزاحما لأحد الحقين كان للزوج المنع.
(48) لاختلاف الصبيان بالكبر والصغر، وكثرة الشرب، وقتله - كما في الجواهر - (ذكر الموضع) في دار المرضعة -، أو دار الصبي، أو
غيرهما (أبوه) إذا كان الأب هو الذي استأجر المرضعة، أو غير الأب ممن كان قد استأجر المرضعة للطفل، سواء، أم الطفل، أو
عمه، أو غيرهما.
(49) كإجارة الدر سنة، بل يدفع الأجرة بعد العقد.
(50) وهل يكون مسجدا شرعيا له كل أحكام المساجد من حرمة دخول الجنب والحائض والنفساء فيه، وحرمة تنجيسه، ووجوب تطهيره،
وغير ذلك من أحكام المساجد (أم) يكون مسجدا صوريا كالمسجد الذي يتخذ في الدار للعائلة (فيه خلاف).
(51) كالتزين بها، ودفع تهمة الفقر، ونحو ذلك.
(52) أي: حسبها شخص فكانت أكثر من عشرة أقفزة (المؤجر) أي: صاحب الدابة.
420
لزمته أجرة الزيادة.
الخامس: أن تكون المنفعة مباحة فلو آجره مسكنا ليحرز (53) فيه خمرا، أو دكانا ليبيع
فيه آلة محرمة، أو أجيرا ليحمل له مسكرا، لم تنعقد الإجارة. وربما قيل بالتحريم، وانعقاد
الإجارة، لإمكان الانتفاع في غير المحرم، والأول أشبه، لأن ذلك لم يتناوله العقد. وهل
يجوز استئجار الحائط المزوق للتنزه؟ قيل: نعم وفيه تردد.
السادس: أن تكون المنفعة مقدورا على تسليمها فلو آجر عبدا آبقا لم تصح، ولو ضم
إليه شئ (54)، وفيه تردد. ولو منعه المؤجر منه، سقطت الأجرة. وهل له أن يلتزم ويطالب
المؤجر بالتفاوت؟ فيه تردد، والأظهر نعم.
ولو منعه ظالم قبل القبض، كان بالخيار بين الفسخ والرجوع على الظالم، بأجرة المثل.
ولو كان بعد القبض، لم تبطل، وكان له الرجوع على الظالم.
وإذا انهدم المسكن كان للمستأجر فسخ الإجارة، إلا أن يعيده صاحبه ويمكنه منه (55)،
وفيه تردد. ولو تمادى المؤجر في إعادته ففسخ المستأجر، رجع بنسبة ما تخلف من الأجرة إن
كان سلم إليه الأجرة.
الثالث
في أحكامها وفيه مسائل:
الأولى: إذا وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا، كان له الفسخ أو الرضا بالأجرة من
غير نقصان (56)، ولو كان العيب مما يفوت به بعض المنفعة.



(53) أي: ليحفظ (آلة محرمة) كآلة القمار، وكتب الضلال، ونحو ذلك (لأن ذلك) أي: الانتفاع في غير الحرام (المزوق) أي: الملون
الجميل (وفيه تردد) للسفاهة إن كانت.
(54) كما لو أجر الابن دار صفقة واحدة (وفيه تردد) لاحتمال الصحة تنظيرا بالبيع، فإنه يجوز بيع الآبق منضما إلى شئ صفقة واحدة
(ولو منعه المؤجر منه) أي: من الشئ الذي آجره، كما لو آجر دار لزيد، ثم لم يسلمه الدار (يلتزم) بالإجارة (بالتفاوت) أي:
الفرق إذا كانت أجرة المثل أكثر من الأجرة المسماة (منعه) أي: منع المستأجر عن القبض.
(55) أي: يسلمه إليه (وفيه تردد) لأن المعاد لم يكن محلا لعقد الإجارة (تمادى) أي: تأخر (إعادته) أي: إعادة البناء المنهدم (ما
تخلف) فلو كانت الدار مستأجرة سنة، فانهدمت بعد ستة أشهر، استرجع نص الأجرة.
(56) أي: من غير أرش حتى (ولو كان العيب مما يفوق به بعض المنفعة) كالدار التي لا درج للطابق الفوقاني منه، أو لا قفل لبابه، ونحو
ذلك.
421
الثانية: إذا تعدى في العين المستأجرة، ضمن قيمتها وقت العدوان (57). ولو اختلفا في
القيمة، كان القول قول المالك إن كانت دابة، وقيل: القول قول المستأجر على كل حال،
وهو أشبه.
الثالثة: من تقبل عملا (58)، لم يجز أن يقبله غيره بنقيصة، على الأشهر، إلا أن يحدث
فيه ما يستبيح به الفضل. ولا يجوز تسليمه إلى غيره، إلا بإذن المالك. ولو سلم من غير
إذن، ضمن.
الرابعة: يجب على المستأجر، سقي الدابة وعلفها، ولو أهمل ضمن (59).
الخامسة: إذا أفسد الصانع (60)، ضمن. ولو كان حاذقا، كالقصار يحرق الثوب أو
يخرق، أو الحجام يجني في حجامته، أو الختان يختن فيسبق موساه إلى الحشفة أو يتجاوز حد
الختان. وكذا البيطار، مثل أن يحيف. على الحافر أو يفصد فيقتل، أو يجني ما يضر الدابة،
ولو احتاط واجتهد. أما لو تلف في يد الصانع (61)، لا بسببه، من غير تفريط ولا تعد، لم
يضمن، على الأصح. وكذا الملاح والمكاري، ولا يضمنان، إلا ما يتلف عن تفريط، على
الأشبه.
السادسة: من استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه، كانت نفقته (62) على المستأجر، إلا أن



(57) لا وقت الإجارة ولا وقت التلف سواء كانت أقل أو أكثر (مثاله) استأجر عبدا، فضربه، حتى مرض ومات، ضمن قيمته يوم ضربه
، لا قيمة يوم الإجارة، ولا قيمته يوم مات (دابة) يعني: وقول المالك إن كان غير ذلك كالدار، والبستان، وغيرهما.
(58) أي: آجر نفسه ليعمل عملا، كخياطة ثوب وبناء دار (يقبله) أي: يعطي العمل للغير، بأن يستأجر شخصا آخر لذاك العمل.
فيسلم الثوب إليه لخياطته (بنقيصته) أي: بأن ينقص من الثمن الذي أخذه، ويعطي الباقي لذاك الشخص (يستبيح) أي:
يجعل حلالا (الفضل) الزيادة التي يأخذها، ويعطي الباقي لذاك الشخص، كأن يقصر الثوب، أو يفصله، أو يهدم ما يحتاج إلى
الهدم مقدمة للبناء، ونحو ذلك (ضمن) إذا تلف أو عاب.
(59) لو مات أو عابت بسبب عدم السقي وعدم العلف.
(60) كل من يسلم إليه شئ ليعمل فيه عملا، كالخياط، والصائغ، والبناء، والرواق، والكاتب يسلم إليه الورق والقلم ليكتب،
وهكذا (كالقصار) هو غسال الثياب وإنما يسمى (قصارا) لأن الثياب بالغسل كانت تقصر غالبا، (يحرق الثوب) عند جعله في
الماء على النار ليغليه (أو يخرق) من شدة الفرك ونحوه (يجني) فينقطع عرق، أو يصير جرح لا يندمل (موساه) أي: سكينه
(الحشفة) رأس الذكر فيجرحه (أو يتجاوز حد الختان) فيقطع الحشفة، أو بعضها (البيطار) هو طبيب الدواب (يحيف) أي:
يتعدى (على الحافر) الحافر عظم غليظ في قدم الفرس ونحوه، يدقون فيه المسمار فإذا تعدى ووصل المسمار إلى لحم الرجل، أو
عظم الساق وجرحه ضمن (أو يفصد) الدابة فيؤدي إلى موتها، أو ينفلت السكين من يده فيجرح الدابة (ولو احتاط) أي: حتى
ولو احتاط ولم يكن عمدا.
(61) كما لو أسقط من يده فتلف، أو انكسر (الملاح) هو سائق السفينة (المكاري) سائق الدواب.
(62) أي: مصارفه من سيارة، وطيارة، والأكل والشرب، والمسكن وغير ذاك.
422
يشترط على الأجير.
السابعة: إذا آجر مملوكا له فأفسد (63)، كان ذلك لازما لمولاه في سعيه. وكذا لو آجر
نفسه بإذن بمولاه.
الثامنة: صاحب الحمام (64) لا يضمن، إلا ما أودع وفرط في حفظه أو تعدى فيه
التاسعة: إذا أسقط الأجرة بعد تحققها في الذمة، صح. ولو أسقط المنفعة المعينة (65) لم
تسقط، لأن الإبراء لا يتناول إلا ما هو في الذمة.
العاشرة: إذا آجر عبده ثم أعتقه، لم تبطل الإجارة، ويستوفي المنفعة التي يتناولها
العقد، ولا يرجع العبد على المولى بأجرة مثل عمله بعد العتق. ولو آجر الوصي (66) صبيا مدة
يعلم بلوغه فيها، بطلت في المتيقن وصحت في المحتمل، ولو اتفق البلوغ فيه. وهل للصبي
الفسخ بعد بلوغه؟ قيل: نعم، وفيه تردد.
الحادية عشرة: إذا تسلم أجيرا ليعمل له صنعة فهلك (67)، لم يضمنه، صغيرا كان أو
كبيرا، حرا كان أو عبدا.
الثانية عشرة: إذا دفع سلعة إلى غيره، ليعمل فيها عملا، فإن كان ممن عادته أن
يستأجر لذلك العمل كالغسال والقصار (68)، فله أجرة مثل عمله. وإن لم تكن له عادة،
وكان العمل مما له أجرة (69)، فله المطالبة لأنه أبصر بنيته. وإن لم يكن مما له أجرة بالعادة، لم
يلتفت إلى مدعيها.



(63) مثاله: زيد آجر عبده لعمرو للخياطة، أو البناء أو غير ذلك، أو آجر العبد نفسه لعمرو بأذن مولاه (زيد) فإذا أفسد العبد الثوب أو
الدار كان المولى (زيد) ضامنا.
(64) أي: الحمام العام (أودع) أي: جعل أمانة عنده (فرط) قصر (تعدى) كما لو أخذه صاحب الحمام هو.
(65) كما لو استأجر دارا مقابل أن يخيط ثوبا معينا لصاحب الدار، فإنه لو أسقط صاحب الدار هذه المنفعة لا تسقط.
(66) الذي هو ولي ذلك الصبي، مثاله: صبي عمره عشر سنوات، فآجره الوصي للخياطة ثمان سنوات، فإن الإجارة تبطل في ثلاث
سنوات، لأن الصبي بعد إكمال الخامسة عشرة من عمره، يملك أمره بنفسه، وليس بيد الوصي (وفيه تردد) لأن تصرف الوصي
نافذ وقت صباه. (67) فهلك الأجير، بأن سقط البناء ومات، ونحو ذلك، (لم يضمنه) الذي استأجره (صغيرا كان) الأجير (أو كبيرا) الخ.
(68) (القصار) غاسل الثياب، ولعل المراد ب‍ (الغسال) غاسل الناس في الحمامات، أو غاسل البيوت، أو الأواني، أو نحو ذلك.
(69) كالكتابة لمن ليست عادته الكتابة للناس، كالتاجر، والوزير ونحوهما (فله المطالبة) بأجرته (ولأنه أبصر) أي: أعرف (بنيته) وإنه
لم ينو التبرع (وإن لم يكن) كما تعارف عند الصياغ من عمل بعض أنواع تزيين الذهب مجانا، فلو أعطاه شخصا ذلك وفعله فادعى
الصائغ إنه عمله بنية الأجرة (ولم يلتفت إلى) هذا الادعاء.
423
الثالثة عشرة: كل ما يتوقف عليه توفية المنفعة فعلى المؤجر، كالخيوط في الخياطة، والمداد في
الكتابة. ويدخل المفتاح في إجارة الدار لأن الانتفاع يتم بها (70).
الرابع
في التنازع وفيه مسائل:
الأولى: إذا تنازعا في أصل الإجارة (71)، فالقول قول المالك مع يمينه. وكذا لو اختلفا
في قدر المستأجر. وكذا لو اختلفا في رد العين المستأجرة. أما لو اختلفا في قدر الأجرة،
فالقول قول المستأجر.
الثانية: إذا ادعى الصانع أو الملاح أو المكاري هلاك المتاع، وأنكر المالك، كلفوا (72)
البينة. ومع فقدها يلزمهم الضمان، وقيل: القول قولهم مع اليمين، لأنهم أمناء، وهو
أشهر الروايتين. وكذا لو ادعى المالك التفريط، فأنكروا.
الثالثة: لو قطع الخياط ثوبا قباءا، فقال المالك أمرتك بقطعه قميصا، فالقول قول
المالك مع يمينه، وقيل: قول الخياط، والأول أشبه. ولو أراد الخياط فتقه (73)، لم يكن له
ذلك، إذا كانت الخيوط من الثوب أو من المالك. ولا أجرة له، لأنه عمل لم يأذن فيه
المالك.



(70) أي: الوفاء بالمنفعة.
(71) أي: قال صاحب الدار: لم أؤجرها، وقال الثاني آجرتنيها (قدر المستأجر) هل هو ألف متر، أم خمسمئة (في رد العين) فقال
المالك: لم تردها، وقال المستأجر رددتها، (في قدر الأجرة) - مثلا - هل هو مئة دينار، أم خمسون دينارا.
(72) أي: الصانع والملاح والمكاري (فقدها) أي: عدم بينة لهم تشهد بهلاك المتاع (يلزمهم الضمان) أي: مثله، أو قيمته (أشهر
الروايتين) يعني: في المسألة روايتان، إحديهما لا يقبل قولهم بلا بينة، والرواية الثانية يقبل قولهم بالقسم بلا بينة، وهذه الرواية
أشهر عند الفقهاء (التفريط) أي: قال المالك أنتم في الحفظ ولأجل هذا تلف (فأنكروا) التقصير. (73) أي: حل القباء ليخيطه قميصا ثانيا (من الثوب) أي مستخرجة من غير الثوب، أو خيوط خارجية لكنها كانت من المالك.
424
كتاب الوكالة
وهو يستدعي بيان فصول
الأول
في العقد: وهو استنابة في التصرف (1). ولا بد في تحققه من إيجاب دال على القصد
كقوله: وكلتك أو استنبتك أو ما شاكل ذلك.
ولو قال: وكلتني، فقال: نعم، أو أشار بما يدل على الإجابة، كفى (2) في الإيجاب.
وأما القبول: فيقع باللفظ كقوله: قبلت أو رضيت أو ما شابهه (3). وقد يكون
بالفعل، كما إذا قال: وكلتك في البيع فباع.
ولو تأخر القبول عن الإيجاب (4)، لم يقدح في الصحة، فإن الغائب يوكل والقبول
يتأخر.
ومن شرطها أن تقع منجزة (5)، فلو علقت بشرط متوقع، أو وقت متجدد، لم يصح.
نعم لو نجز الوكالة، وشرط تأخير التصرف (6)، جاز.
ولو وكله في شراء عبد، افتقر إلى وصفه، لينتفي الغرر. ولو وكله مطلقا، لم يصح



كتاب الوكالة
(1) أي: أخذ الوكيل نائبا عن نفسه ليتصرف في أمواله (في تحققه) أي: (على القصد) أي: قصد الوكالة (شاكل ذلك) نحو:
أنت وكيلي، أو بعه عني، أو اشتره عني، وهكذا.
(2) أي: كفى قول (نعم) و (بلى) و (إي) وهكذا).
(3) كأن يقول (لا بأس) أو (نعم) أو (بلى) (فباع) لأن البيع قبول بالفعل والعمل.
(4) كما لو قال (وكلتك) فقال بعد يومين (قبلت).
(5) بدون (إن) و (لو) ونحوهما (متوقع) أي: يرجي حصول ذلك الشرط كأن قال (وكلتك إن رضي أبي بذلك) (متجدد) أي:
متحقق الوقوع كأن يقول (وكلتك إن طلعت الشمس).
(6) كأن يقول: (وكلتك في بيع داري بشرط أن لا تبيعها إلا إذا رضي أبي، أو طلعت الشمس).
425
على قول، والوجه الجواز.
وهي (7): عقد جائز من الطرفين، فللوكيل، أن يعزل نفسه، مع حضور الموكل ومع
غيبته. وللموكل أن يعزله، بشرط أن يعلمه العزل.
ولو لم يعلمه لم ينعزل بالعزل. وقيل: إن تعذر إعلامه فأشهد، انعزل بالعزل
والإشهاد، والأول أظهر.
ولو تصرف الوكيل قبل الإعلام، مضى (8) تصرفه على الموكل. فلو وكله في استيفاء
القصاص ثم عزله، فاقتص قبل العلم بالعزل، وقع الاقتصاص موقعه.
وتبطل الوكالة بالموت والجنون والإغماء، من كل واحد منهما (9). وتبطل وكالة الوكيل
بالحجر على الموكل، فيما يمنع الحجر من التصرف فيه (10)، ولا تبطل الوكالة بالنوم وإن
تطاول.
وتبطل الوكالة، بتلف ما تعلقت الوكالة به، كموت العبد الموكل في بيعه، وموت المرأة
الموكل بطلاقها. وكذا لو فعل الموكل ما تعلقت الوكالة به (11).
والعبارة عن العزل أن يقول: عزلتك، أو أزلت نيابتك، أو فسخت أو أبطلت، أو
نقضت، أو ما جرى مجرى ذلك (12).
وإطلاق الوكالة (13)، يقتضي الابتياع بثمن المثل، بنقد البلد حالا، وأن يبتاع



(7) أي: الوكالة (يعلمه) أي: يوصل خبر العزل إليه (فأشهد) أي: عزله بمحضر شاهدين عدلين، (والأول) وهو عدم العزل إلا
ببلوغ الخبر إلى الوكيل.
(8) أي: نفذ تصرفه (استيفاء القصاص) مثلا: لو قتل شخص أبا زيد، فوكل زيد عمرو في قتل القاتل قصاصا، فقتله عمرو يوم
السبت، وكان زيد عزله يوم الجمعة لكن خبر العزل لم يبلغه قبل القتل، وقع القصاص صحيحا، وليس لزيد الحق في أخذ الدية
بدل القصاص بادعاء إني كنت قد عزلت عمرا قبل القصاص.
(9) أي من الموكل، والوكيل.
(10) وهي أموال الموكل الزائدة عن دار سكناه والسيارة لركوبه، والطعام والفرش ونحوها من احتياجاته، أما لو كان وكله في تبديل دار
سكناه بدار أخرى، فحجر على الموكل لا تبطل هذه الوكالة، لأن الحجر لا يمنع عن هذا التصرف (تطاول) أي: استمر أياما
مثلا.
(11) كما لو وكله في بيع العبد ثم باع هو العبد قال في الروضة: (وفي حكمة فعله ما ينافيها كعتقه).
(12) مما يدل على العزل كعدمت وكالتك، أو أقصيتك عن الوكالة.
(13) أي: جعل الوكالة مطلقا غير مقيدة بثمن معين، أو نحو ذلك، كما لو قاله: (أنت وكيلي في شراء هذه الدار لي) (بثمن المثل)
أي: بالثمن المتعارف شراء مثل هذه الدار به لا أكثر وأقل (حالا) أي: نقدا، لا مؤجلا، (ووقف) أي: توقف على إجازة
الموكل فإن أجاز صح وإن لم يجز بطل، ولا يكون باطلا رأسا بمجرد المخالفة لأنه يحتمل إجازته فيصح.
426
الصحيح دون المعيب. ولو خالف لم يصح، ووقف على إجازة المالك.
ولو باع الوكيل بثمن، فأنكر المالك الإذن في ذلك القدر (14)، كان القول قوله مع
يمينه، ثم تستعاد العين إن كانت باقية، أو مثلها أو قيمتها إن كانت تالفة. وقيل: يلزم
الدلال إتمام ما حلف عليه المالك (15)، وهو بعيد.
فإن تصادق الوكيل والمشتري على الثمن (16)، ودفع الوكيل إلى المشتري السلعة فتلفت
في يده، كان للموكل الرجوع على أيهما شاء بقيمته (17).
لكن إن رجع على المشتري (18)، لا يرجع المشتري على الوكيل، لتصديقه له في
الإذن. وإن رجع على الوكيل، رجع الوكيل على المشتري بأقل الأمرين، من ثمنه وما
اغترمه (19).
وإطلاق الوكالة في البيع، يقتضي تسليم المبيع، لأنه من واجباته. وكذا إطلاق الوكالة (20)
في الشراء، يقتضي الإذن في تسليم الثمن. لكن لا يقتضي الإذن في البيع قبض
الثمن (21)، لأنه قد لا يؤمن على القبض. وللوكيل أن يرد بالعيب (22)، لأنه من مصلحة



(14) أي: ذلك الثمن، كما لو باع الدار بألف، فقال المالك: لم أوكلك في بيعها بألف بل بأكثر (قوله) أي: قول المالك (تستعاد
العين) أي: تؤخذ الدار من المشتري (مثلها) إن كانت العين المباعة مثلية كاللحم والحنطة، والشعير، والسكر، ونحو ذلك
(وقيمتها) إن كانت العين المباعة قيمية كالدار، والحيوان الحي، والكتاب المخطوط.
(15) يعني لا تسترجع العين من المشتري، بل يلزم على الدلال وهو: الوكيل الذي باع) إعطاء المالك المقدار الأكثر من الألف الذي يدعي أنه أذن بالبيع به.
(16) أي: اتفقا على الإذن في البيع بتلك القيمة (في يده) أي: في يد المشتري.
(17) أي: لو كانت العين فاكهة - مثلا - وقد أكلت، أخذ صاحبها (الموكل) قيمتها من أيهما شاء أما الوكيل فلأنه وكيل واعترف ببيعه،
وأما المشتري فلاعترافه بإذن الموكل بيعه بكذا.
(18) يعني: إن أخذ الموكل الثمن من المشتري (لتصديقه) المشتري (له) الوكيل (في الإذن) أي: في إذن الموكل بيعه بكذا.
(19) المثال: باع عمرو فاكهة زيد إلى علي بدينار، ثم أنكر زيد أن يكون أذن له في البيع بدينار بعد تلف الفاكهة وأكلها - إذ لو كانت الفاكهة
موجودة استرجعها مع عدم ثبوت الوكالة بحجة شرعية - فإن رجع زيد وأخذ عمرو أكثر من دينار، جاز لعمرو أخذ دينار فقط من
علي (المشتري) لأنه باعه إياه بدينار فليس له مطالبته الأكثر حتى ولو كان قد غرم الأكثر، وإن رجع زيد وأخذ من عمرو نصف
دينار، أخذ عمرو من علي فقط نصف دينار، لأنه باعه وكالة، وحيث إن الموكل أخذ نصف دينار، فليس للوكيل حق الأكثر.
(20) يعني: لو قال الموكل: أنت وكيلي في بيع كتابي، وجعل الوكالة مطلقة ولم يقيدها. بعدم تسليم الكتاب، اقتضى جواز إعطاء الكتاب
للمشتري (لأنه) التسليم للمشتري (من واجباته) أي: واجبات البيع.
(21) يعني: لو أذن في بيع كتابه، لا يقتضي الإذن في أخذ ثمن الكتاب أيضا، إلا إذا دلت قرائن حالية عليه.
(22) فلو اشترى الوكيل كتابا لزيد، ثم رآه معيبا جاز للوكيل رده حتى ولو كان زيد - الموكل - في البلد وأمكن استشارته (ولو منعه الموكل)
من الرد بالعيب (لم يكن) أي: لم يجز (له) للوكيل) (مخالفته) مخالفة الموكل، لأنه المالك.
427
العقد، مع حضور الموكل وغيبته. ولو منعه الموكل، لم يكن له مخالفته.
الثاني
في ما لا تصح فيه النيابة (23) وما تصح فيه.
أما ما لا تدخله النيابة فضابطه: ما تعلق قصد الشارع بإيقاعه من المكلف مباشرة (24)
كالطهارة (25) مع القدرة، وإن جازت النيابة في غسل الأعضاء عند الضرورة. والصلاة
الواجبة ما دام حيا. وكذا الصوم والاعتكاف. والحج الواجب مع القدرة (26). والإيمان،
والنذور، والغصب (27). والقسم بين الزوجات (28) لأنه يتضمن استمتاعا. والظهار
واللعان. وقضاء العدة. والجناية (29). والإلتقاط والاحتطاب والاحتشاش (30). وإقامة
الشهادة (31)، إلا على وجه الشهادة على الشهادة.
وأما ما تدخله النيابة فضابطه: ما جعل ذريعة (32) إلى غرض لا يختص بالمباشرة،



(23) أي: الوكالة.
(24) في المسالك: (المرجع في معرفة غرض الشارع في ذلك إلى النقل إذ ليس له قاعدة كلية لا تنخرم، وإن كانت بحسب التقريب
منحصرة فيما ذكر.
(25) أي: الطهارة من الحدث وهي الوضوء والغسل والتيمم (وفي الصلاة والصوم) المندوبين خلاف.
(26) أي: القدرة على الحج بنفسه، إذ لو كان مستطيعا مالا، ولم يقدر بدنا، قيل بصحة النيابة عنه - كما مر في كتاب الحج عند أرقام
(31 - 32) وقبلهما.
(27) فلا يصح أن ينذر زيد عن عمرو وكالة، ولا أن يقسم عنه، ولا أن يغصب عنه، وفي الأولين يبطل، وفي الغصب يكون هو الغاصب
دون الموكل (وأشكل) بعضهم كصاحب الجواهر وغيره، في اليمين والنذر والطهارة.
(28) (القسم) هو أن يكون كل ليلة من أربع ليال عند زوجة من زوجاته، فلا يصح أن يوكل الزوج شخصا آخر لينام عند زوجته
(لأنه)
القسم (يتضمن استمتاعا) أي: تلذذا بالنوم معها، ولا يجوز ذلك لغير الزوج.
(29) (الظهار) هو قول الزوج لزوجته (أنت علي كظهر أمي) (اللعان) هو أن يرمي الزوج زوجته بالزنا، أو ينفي الولد الذي ولدته،
وتنكر الزوجة، فيلعنها، وتلعنه هي، بتفصيل مذكور في كتاب اللعان، ولا يصح أن يوكل الزوج أحدا في الظهار واللعان (وقضاء
العدة) أي تمام العدة فالمرأة المعتدة لا يصح أن توكل غيرها في تعتد الغير وتتزوج هي، لأن العدة لاستبراء الرحم فلا يصح الوكالة
فيه (والجناية) فلو وكل شخص آخر بالجناية، كان الوكيل جانيا دون الموكل.
(30) (الالتقاط) هو أخذ اللقطة، فمن وجد شيئا وكل آخر بأخذه، كان للآخذ، ووجب على الآخذ التعريف والإعلان عنه
(الاحتطاب) هو جمع الحطب من الصحراء والغايات (والاحتشاش) هو جمع الحشيش، فمن وكل آخر في جمع الحطب،
والحشيش، كان كله للوكيل لا للموكل (وأشكل) بعضهم في هذه الثلاثة والتفصيل موكل إلى المفصلات كالجواهر وغيره.
(31) (زيد) يعلم بأن الدار لعمرو، فلا يصح أن يوكل زيد شخصا للشهادة عنه أمام الحاكم الشرعي (الشهادة على الشهادة) هي أن
يقول: أنا أشهد إن زيدا شهد بأن الدار لعمرو، لا أن يشهد وكالة عن زيد (والفرق) هو أن الشهادة على الشهادة يشترط فيها أن
يكون اثنان عن كل واحد بخلاف الوكالة.
(وهناك) موارد أشكل أو اختلف في قبولها الوكالة كالقضاء بين الناس والحكم، والإقرار، والحجر، والخيار الفوري، ونحوها.
(32) يعني: وسيلة وطريقا.
428
كالبيع. وقبض الثمن. والرهن. والصلح. والحوالة. والضمان والشركة. والوكالة.
والعارية. وفي الأخذ بالشفعة. والإبراء. والوديعة. وقسم الصدقات (33). وعقد
النكاح. وفرض الصداق. والخلع والطلاق. واستيفاء القصاص. وقبض الديات. وفي
الجهاد على وجه (34). وفي استيفاء الحدود مطلقا. وفي إثبات حدود الآدميين، أما حدود الله
سبحانه فلا (35). وفي عقد السبق والرماية. والعتق والكتابة والتدبير. وفي الدعوى.
وإثبات الحجج والحقوق (36).
ولو وكل على كل، قليل وكثير (37)، قيل: لا يصح، لما يتطرق من احتمال



(33) (والرهن) كأن يوكل صاحب الدار زيدا في أن يرهنها مطلقا، أو عند شخص معين (والصلح) كان يوكله في الصلح على داره.
بقيمة معينة، أو من رجل معين، أو مطلقا (والحوالة) كأن يوكله في تحويل ماله إلى زيد، أو بالعكس (والضمان) مثلما لو وكل زيد
عمرا في أن يضمن عنه مديونا (والشركة) كأن يوكله في عقد الشركة له (والوكالة) بأن يقول زيد لعمرو أنت وكيلي في أخذ وكيل
عني لبيع داري، أو تزويج زوجة لي، أو غير ذلك، ويسمى (الوكالة على التوكيل) (والعارية) بأن يوكله في إعطاء كتابة عارية
لشخص (وفي الآخذ بالشفعة) بأن يوكل الشريك شخصا في الأخذ بالشفعة عنه: فيقول الوكيل (أخذت بالشفعة لزيد وكالة عنه)
(والابراء) أي: إجراء صيغة الإبراء (والوديعة) والفرق بينها وبين العارية، أن العارية تعطى للتصرف فيها، بخلاف الوديعة
فإنها تودع للحفظ ولا يجوز التصرف فيها إلا بأذن خاص (وقسم الصدقات) أي: تقسيم الزكوات والأخماس، ونحوهما.
(34) (وفرض الصداق) أي: تعيين المهر، (والخلع والطلاق) أي: إجراء صيغتهما (واستيفاء القصاص) أي: عمل القصاص، فلو
قتل شخص أبا زيد، جاز لزيد توكيل عمرو في قتل القاتل وهكذا في القصاص في الأعضاء ونحوه (وفي الجهاد على وجه) وهو ما إذا
لم يتعين على شخص معين لمعرفة دون غيره بوسيلة ضرورية، أو لأمر الإمام عليه السلام إليه بالخصوص ونحو ذلك، وفي غير ذلك
يجوز أن يعطي زيد لعمرو فرسه وسيفه ونحوهما ويوكله في الجهاد عنه.
(35) (استيفاء الحدود) أي: إقامة الحدود، فالحاكم الشرعي لا يجب عليه أن يقطع هو بنفسه يد السارق، أو يجلد هو الزاني، أو يقتل هو
المرتد، بل يجوز له توكيل شخص لإقامته (مطلقا) سواء كان من حقوق الله كحد الزاني والمرتد، أو من حقوق الناس كحد القذف
والسرقة (إثبات حدود الآدميين) كحد القصاص (حدود الله) كحد المرتد، فلو قتل زيد جاز لوليه توكيل شخص لإثبات
القصاص على القاتل، ولو ارتد زيد لم يجز للحاكم توكيل شخص لإثبات ردته. بل يجوز للحاكم نفسه الإثبات بنفسه وتوليه شخصا
(وتأمل فيه بعضهم).
(36) (في عقد السبق) أي: إجراء الصيغة (والعتق الخ) أي: إجراء الصيغة (وفي الدعوى) فلو كان زيد يطلب من عمرو ألف
دينار، ولا يجب على زيد الحضور بنفسه أمام الحاكم الشرعي بل يجوز له أن يوكل شخصا، ليحضر عند الحاكم ويدعي من جانب
زيد إنه يطلب عمرا كذا (وفي إثبات الحجج) جمع حجة أي: البرهان والدليل على شئ. (والحقوق) أي: الأموال ونحوها فقد
يوكل زيد عمرا على إقامة البينة عند الحاكم على شئ فهذا يسمى إثبات الحجة، وقد يوكله على إثبات إنه يطلب من شخص ألف
دينار، وهذا يسمى إثبات الحق.
(وهناك) موارد أخرى مذكورة في طي المباحث الفقهية المفصلة، بعضها محل خلاف أو إشكال، وبعضها مسلم، والحصر في
هذه الموارد ليس عقليا، بل شرعي يدور مدار الاستقراء والتتبع.
(37) يعني: لو قال زيد لعمرو (أنت وكيلي في كل قليل وكثير) (من احتمال الضرر) بأن يعتق كل عبيده، ويطلق كل نسائه، ويهب كل
أملاكه، ونحو ذلك (ويندفع الحال) أي: حالة الضرر (باعتبار المصلحة) فما فعله وكان مصلحة صح، وما لم يكن مصلحة وكان
ضررا لم يصح.
429
الضرر، وقيل: يجوز، ويندفع الحال باعتبار المصلحة، وهو بعيد عن موضع الفرض (38).
نعم لو وكله على كل ما يملكه (39) صح، لأنه يناط بالمصلحة.
الثالث
الموكل: يعتبر فيه البلوغ وكمال العقل (40)، وأن يكون جائز التصرف (41) فيما وكل
فيه، مما تصح فيه النيابة.
فلا تصح وكالة الصبي، مميزا كان أو لم يكن. ولو بلغ عشرا، جاز أن يوكل فيما له
التصرف فيه، كالوصية والصدقة والطلاق، على رواية (42). وكذا يجوز أن يتوكل فيه.
وكذا لا يصح وكالة المجنون. ولو عرض ذلك بعد التوكيل (43)، أبطل الوكالة.
وللمكاتب أن يوكل (44)، لأنه يملك التصرف في الإكتساب.
وليس للعبد القن (45) أن يوكل، إلا بإذن مولاه. ولو وكله إنسان في شراء نفسه من
مولاه صح. وليس للوكيل أن يوكل إلا بإذن منه (46).
ولو كان المملوك مأذونا له في التجارة، جاز أن يوكل فيما جرت العادة بالتوكيل فيه لأنه
كالمأذون فيه (47) ولا يجوز أن يوكل في غير ذلك، لأنه يتوقف على صريح الإذن من مولاه. وله



(38) (وهو) أي: التفريق بالمصلحة وغيرها (بعيد عن موضع الغرض) الذي هو الوكالة العامة، إذ لم يصر وكالة عامة حينئذ. قال في
المسالك: (إن القيد - يعني اعتبار المصلحة - معتبر وإن لم يصرح بهذا العموم، حتى لو خصص بفرد واحد يقيد بالمصلحة فكيف بمثل
هذا العام المنتشر.
(39) بأن قال: أنت وكيلي في كل أملاكي، بالبيع والشراء وغيرهما، (لأنه يناط بالمصلحة) يعني: لأن معنى الوكالة أن يتصرف بما هو
مصلحة المالك لا مطلقا.
(40) بأن لا يكون مجنونا ولو أدواريا وقت جنونه، ولا معتوها، ونحوهما.
(41) وسبب جواز التصرف قد يكون الملك، وقد يكون الولاية، وقد يكون الوكالة، وقد يكون الإذن والإباحة، ونحو ذلك.
(42) (على رواية) راجع إلى (لو بلغ عشرا جاز) فلا يخص الطلاق وحده.
(43) بأن وكل في بيع داره، ثم جن قبل البيع بطلت الوكالة، أما إذا جن بعد البيع لم يبطل البيع.
(44) أي:. يجعل شخصا وكيلا عن نفسه في بيع، أو شراء أو غيرهما.
(45) - بكسر القاف وتشديد النون - أي: الخالص، الذي ليس مكاتبا، ولا تحرر منه شئ.
(46) فلو وكل زيد عمرا في بيع كتابه، لا يجوز للوكيل (عمرو) أن يوكل عليا في بيع ذلك الكتاب إلا بأذن من زيد (الموكل).
(47) أي: في التوكيل، إذ الإذن في التجارة عرفا إذن في التوكيل فيما تعارف فيه التوكيل (في غير ذلك) أي: غير ما تعارف التوكيل فيه
(مثلا) قال المولى لعبده: أذنت لك في التجارة، جاز للعبد أن يوكل زيدا في شراء أو بيع، ولا يجوز له أن يوكله في تولي كل التجارة
وينام العبد في البيت.
430
أن يوكل فيما يجوز أن يتصرف فيه، من غير إذن مولاه، مما تصح فيه النيابة كالطلاق (48).
وللمحجور عليه، أن يوكل فيما له التصرف فيه، من طلاق وخلع وما شابهه (49).
ولا يوكل المحرم: في عقد النكاح، ولا ابتياع الصيد (50).
وللأب والجد أن يوكلا عن الولد الصغير (51).
وتصح الوكالة في الطلاق للغائب (52) إجماعا، وللحاضر على الأظهر.
ولو قال الموكل: اصنع ما شئت، كان دالا على الإذن في التوكيل (53)، لأنه تسليط على
ما تتعلق به المشيئة.
ويستحب (54): أن يكون الوكيل تام البصيرة فيما وكل فيه، عارفا باللغة التي يحاور
بها.
وينبغي للحاكم أن يوكل عن السفهاء، من يتولى الحكومة عنهم (55).
ويكره: لذوي المروات (56) أن يتولوا المنازعة بنفوسهم.
الرابع
الوكيل: يعتبر فيه البلوغ، وكمال العقل، ولو كان فاسقا أو كافرا أو مرتدا (57).



(48) أي: طلاق العبد زوجته، فإنه بيده، لا بيد مولاه.
(49) دون التصرف في أمواله فإنه لا يحق له.
(50) لأنه لا يجوز له مباشرة بنفسه، فلا يجوز له التوكيل فيه، سواء كان النكاح لنفسه أو لغيره، وابتياع الصيد لنفسه أو لغيره.
(51) في نكاح، أو بيع، أو شراء، لولايتهما عليه، سواء كان الصغير ابنا أو بنتا أو خنثى.
(52) أي: يوكل الزوج، الغائب عن زوجته في طلاقها (على الأظهر) خلافا لمن قال بعدم جواز الوكالة في الطلاق عن الحاضر مع زوجته
في بلد واحد.
(53) فلا يحتاج صيغة الوكالة إلى لفظ (الوكالة) بل كل ما دل على الوكالة من الصيغ كاف.
(54) أي: يستحب للموكل أن يختار هكذا وكيل (يحاور) أي: يتكلم ويتعامل، حتى يعرف مراد الموكل تماما، وقال بعض بوجوبه.
(55) (الحكومة) أي: المحاكمة والمخاصمة، ولا يتولاها الحاكم بنفسه، لأنه مهانة ومنقصة.
(56) في الجواهر: (يعني من أهل الشرف والمناصب الجليلة الذين لا يليق بهم الامتهان) سواء كان المنصب دنيويا كالتجار الكبار،
والوزراء، والملوك، ورؤساء العشائر ونحوهم أم كان المنصب إلهيا كالقضاة، والعلماء، والوعاظ، ومراجع التقليد، ونحوهم
فعن علي عليه السلام) (إن للخصومة قمحا، وإن الشيطان ليحضرها، وإني لأكره أن أحضرها).
(57) (الفاسق) هو المسلم العاصي (والكافر) مثل المشرك، والنصراني، واليهودي، ونحوهم (والمرتد) هو الكافر الذي كان مسلما
وارتد عن الإسلام.
431
ولو ارتد المسلم، لم تبطل وكالته، لأن الارتداد لا يمنع الوكالة ابتدأ، وكذلك
استدامة (58).
وكل ما له أن يليه بنفسه (59)، وتصح النيابة فيه، صح أن يكون فيه وكيلا. فتصح
وكالة المحجور عليه لتبذير أو فلس (60). ولا تصح نيابة المحرم، فيما ليس للمحرم أن يفعله،
كابتياع (61) الصيد وإمساكه وعقد النكاح.
ويجوز أن تتوكل المرأة في طلاق غيرها (62). وهل تصح في طلاق نفسها؟ قيل: لا،
وفيه تردد (63)
وتصح وكالتها في عقد النكاح (64)، لأن عبارتها فيه معتبرة عندنا.
وتجوز وكالة العبد إذا أذن مولاه، ويجوز أن يوكله مولاه في اعتاق نفسه (65). ولا تشترط
عدالة الولي (66)، ولا الوكيل في عقد النكاح.
ولا يتوكل الذمي على المسلم للذمي ولا للمسلم (67)، على القول المشهور وهل يتوكل
المسلم للذمي على المسلم (68)؟ فيه تردد، والوجه الجواز على كراهية. ويجوز أن يتوكل الذمي
على الذمي (69).



(58) (ابتداء) أي: يجعل المرتد وكيلا (استدامة) أي: يكون وكيلا حال كونه مسلما ثم يرتد.
(59) (ماله) أي: كل شئ يجوز للشخص (أن يليه بنفسه) أي: يتولاه ويقوم به هو بنفسه.
(60) (تبذير) أي: إسراف في المال (فليس) أي: كثرة الديان حتى صارت ديونه أكثر من كل ما يملكه وحجر عليه الحاكم الشرعي
(بخلاف) المحجور عليه لأجل الصغر، أو السفه، فإنه لا يجوز أن يصير وكيلا عن أحد، إذ لا يجوز له التصرف بنفسه.
(61) أي، شراء الصيد، وهكذا ذبح الصيد، ونحوه.
(62) أي تصير المرأة وكلية عن زوج امرأة أخرى في إجرائها صيغة الطلاق
(63) في الجواهر: (قيل) والقائل الشيخ (لا) لا يجوز لاشتراط المغايرة بين الوكيل والمطلقة. (وفيه تردد) بل منع ضرورة اقتضاء عموما
الطلاق والاكتفاء بمثل هذه المغايرة الاعتبارية.
(64) بأن تصير وكيلة عن الزوج في إجراء الصيغة لنفسها وللزوج، فتقول هي (زوجت نفسي لزيد بكذا) ثم تقول هي أيضا (قبلت
الزواج لزيد وكالة عنه).
(65) فيقول العبد: (أعتقت نفسي وكالة عن مولاي فأنا حر لوجه الله)
(66) هو الأب، والجد للأب (يعني: أب الأب) فصاعدا.
(67) بأن يصير الكافر الذي في ذمة الإسلام وكيلا لأخذ حق من مسلم - سواء كان هذا الذي وكيلا لذمي آخر، أو وكيلا لمسلم - وذلك
لقوله تعالى (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وأخذ الحق للغير نوع من السبيل ولم يجعله الله تعالى.
(68) بأن تصير المسلم وكيلا عن ذمي لأخذ الذمي من مسلم.
(69) والمسلم على الذمي بطريقة أولى، سواء كان الموكل مسلما أو ذميا.
432
ويقتصر الوكيل من التصرف على ما أذن له فيه، وما تشهد العادة بالإذن فيه. فلو أمره
ببيع السلعة بدينار نسيئة، فباعها بدينارين نقدا صح. وكذا لو باعها بدينار نقدا (70)، إلا أن
يكون هناك غرض صحيح يتعلق بالتأجيل (71). أما لو أمره ببيعه حالا، فباع مؤجلا لم
يصح، ولو كان بأكثر مما عين، لأن الأغراض قد تتعلق بالتعجيل (72). ولو أمره ببيعه في
سوق مخصوصة، فباع في غيرها بالثمن الذي عين له، أو مع الإطلاق (73) بثمن المثل صح،
إذ الغرض تحصيل الثمن.
أما لو قال: بعه من فلان فباعه من غيره، لم يصح ولو تضاعف الثمن، لأن الأغراض
في الغرماء (74) تتفاوت. وكذا لو أمره أن يشتري بعين المال، فاشترى في الذمة أو في الذمة
فاشترى بالعين، لأنه تصرف لم يؤذن فيه، وهو مما تتفاوت فيه المقاصد (75).
وإذا أبتاع الوكيل، وقع الشراء عن الموكل، ولا يدخل في ملك الوكيل، لأنه لو دخل
في ملكه، لزم أن ينعتق عليه أبوه وولده لو اشتراهما، كما ينعتق أبو الموكل وولده (76).
ولو وكل مسلم ذميا في ابتياع خمر، لم يصح (77).
وكل موضع، يبطل الشراء للموكل، فإن كان سماه (78) عند العقد، لم يقع عن
أحدهما. وإن لم يكن سماه، قضى به على الوكيل في الظاهر (79)، وكذا لو أنكر الموكل



(70) هذان مقالان لما تشهد العادة بالإذن فيه.
(71) كما لو كان الموكل خائفا شريدا لا يمكنه حفظ ماله الآن.
(72) فلا ينفع الثمن الأكثر مؤجلا.
(73) أي: إطلاق الثمن وعدم تعيين ثمن مخصوص (إلا) إذا كان غرض للسوق المخصوصة، كما في هذا الزمان الذي بعض الأسواق
لأشخاص، فيعطون جائزة لمن يجعل كل معاملاته في أسواقهم، أو يشركونه في القرعة، ونحو ذلك.
(74) (الغرماء) أي: المباع لهم، فقد يكون شخص إذا بيع له ثم ظهر إشكال في المعاملة يأخذ جانب المسامحة والمساهلة، وقد يكون
شخص بالعكس، فلا يجب صاحب المتاع أن يصير طرفه شخص مشاكس صعب.
(75) إذ رب شخص لا يجب أن يكون ذمته مشغولة لأحد، أو رب شخص يحتاج فعلا إلى المال فلا يجب أن يشتري نقدا.
(76) مثلا: الموكل زيد، والوكيل عمرو، واشترى عمرو أبا زيد، وأبا عمرو، انعتق أبو زيد، لأنه دخل في ملك ابنه، ولم ينعتق أبو
عمرو، لأنه لم يدخل في ملك ابنه، بل دخل في ملك زيد.
(77) لأن الخمر لا يدخل في ملك المسلم.
(78) أي: سمي الموكل، بأن قال: (اشتري الخمر وكالة لزيد) (عن أحدهما) لا عن الموكل المسلم لأنه لا يملك الخمر، ولا عن الوكيل
الذمي - مثلا - لأنه ذكر الشراء لغيره.
(79) إذ في الواقع يبطل العقد لو كان لم يقصد لنفسه (لأن ما قصد لم يقع، وغيره لم يقصد) (وكذا) يبطل العقد (لو أنكر الموكل
الوكالة) وقال: إني لم أوكله في العقد، وكان الوكيل في العقد ذكر أنه يعقد للموكل.
433
الوكالة. لكن إن كان الوكيل مبطلا (80) فالملك له، ظاهرا وباطنا، وإن كان محقا كان
الشراء للموكل باطنا.
وطريق التخلص (81) أن يقول الموكل: إن كان لي فقد بعته من الوكيل فيصح البيع،
ولا يكون هذا تعليقا للبيع على الشرط (82) ويتقاصان
وإن امتنع الموكل من البيع (83) جاز أن يستوفي عوض ما أداه إلى البائع عن موكله من
هذه السلعة، ويرد ما يفضل عليه أو يرجع بما يفضل له.
ولو وكل اثنين، فإن شرط الاجتماع، لم يجز لأحدهما أن ينفرد بشئ من التصرف،
وكذا لو أطلق (84). ولو مات أحدهما بطلت الوكالة، وليس للحاكم أن يضم إليه أمينا.
أما لو شرط الانفراد، جاز لكل منهما أن يتصرف غير مستصحب (85) رأي صاحبه.
ولو وكل زوجته، أو عبد غيره، ثم طلق الزوجة وأعتق العبد، لم تبطل الوكالة. أما
لو أذن لعبده في التصرف بماله، ثم أعتقه، بطل الأذان، لأنه ليس على حد الوكالة، بل هو
إذن تابع للملك (86).
وإذا وكل إنسانا في الحكومة (87)، لم يكن إذنا في قبض الحق، إذ قد يوكل من لا *



(80) في ادعاء الوكالة، بأن لم يكن زيد وكله في الشراء (فالملك له) للوكيل نفسه (ظاهرا أو باطنا) أما ظاهرا فلعدم ثبوت الوكالة، وأما
باطنا فلعدم الوكالة واقعا، (وإن كان) الوكيل (محقا) في ادعاء الوكالة، بأن كان زيد قد وكله في الشراء، لكنه أنكر - سواء كان
إنكاره عن نسيان، أو عن عمد - (باطنا) أي: واقعا فالملك لزيد.
(81) أي: تخلص زيد بأن يخرج الملك عن نفسه إلى الوكيل بدون أن يكون اعتراف بأن الملك لنفسه.
(82) لأن هذا الشرط معلق عليه في الواقع - إذ (لا بيع إلا في الملك) وما كان معلقا عليه في الواقع لا يضر ذكره بعنوان الشرط (ويتقاصان)
زيد وعمرو، ففي ذمة زيد ثمن المبيع لعمرو، وفي ذمة عمرو دفع المبيع لزيد، فيأخذ عمرو المبيع مقاصة عن ثمنه، وتبرأ ذمة زيد
عن الثمن مقاصة عن المبيع.
(83) أي: من بيع المبيع على عمرو (الوكيل) واقعا (جاز لعمرو (أن يستوفي) أي: يأخذ (عن موكله) أي: بالوكالة (من هذه السلعة) متعلق
يستوفي، فإن كان عمرو قد أعطى دينارا وكان المبيع يساوي دينارا ونصفا رجع إلى (زيد) نصف دينار، وإن كان يساوي ثلاثة أرباع الدينار
أخذ من زيد ربع دينار.
(84) أي: جعل الوكالة مطلقة، ولم يذكر الاجتماع ولا الانفراد (، إليه) إي إلى الباقي (أمينا) أي: شخصا أمينا يقوم مقام الوكيل
الميت.
(85) أي: بلا مشورة الوكيل الثاني.
(86) لأنه أذن على طريق الاستخدام، فإذا صار حرا انتفى الاستخدام.
(87) أي: في إثبات حقه عند الحاكم (قبض الحق) أي: أخذ المال (لا يستأمن) أي: لا يكون أمينا بل لكونه قادرا على الجدل والكلام
وكله.
434
يستأمن على المال. وكذا لو وكله في قبض المال، فأنكر الغريم (88)، لم يكن ذلك إذنا في
محاكمته، لأنه قد لا يرتضي للخصومة.
فرع: لو قال: وكلتك في قبض حقي من فلان فمات (89)، لم يكن له مطالبة الورثة.
أما لو قال: وكلتك في قبض حقي الذي على فلان كان له ذلك (90). ولو وكله في بيع
فاسد لم يملك الصحيح (91)، وكذا لو وكله في ابتياع معيب.
وإذا كان لإنسان على غيره دين، فوكله أن يبتاع له به متاعا جاز، ويبرأ بالتسليم إلى
البائع (92).
الخامس
في ما به تثبت الوكالة ولا يحكم بالوكالة بدعوى الوكيل (93)، ولا بموافقة الغريم، ما لم
يقم بذلك بينة، وهي شاهدان. ولا تثبت بشهادة النساء، ولا بشاهد واحد وامرأتين، ولا
بشاهد ويمين (94)، على قول مشهور. ولو شهد أحدهما بالوكالة في تاريخ، والآخر في تاريخ
آخر (95)، قبلت شهادتهما نظرا إلى العادة في الإشهاد، إذ جمع الشهود لذلك في الموضع الواحد
قد يعسر. وكذا لو شهد أحدهما أنه وكله بالعجمية، والآخر بالعربية، لأن ذلك يكون إشارة
إلى المعنى الواحد. ولو اختلفا في لفظ العقد، بأن يشهد أحدهما أن الموكل قال: وكلتك،
ويشهد الآخر أنه قال: استنبتك لم يتقبل، لأنها شهادة على عقدين، إذ صيغة كل واحد منهما



(88) أي: أنكر المديون أن يكون مديونا (للخصومة) لترفعه عن الخصومة، أو لجبن الغريم، أو لجهة قربية ككون الغريم من ذرية
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عالما، أو رحما، ونحو ذلك.
(89) أي: مات فلان (مطالبة الورثة) لأنه لم يوكله في أخذ الحق من الورثة أيضا.
(90) أي: كان له مطالبة الورثة، لأن قبض الحق مطلق، فما لم يقيده ب‍ (من فلان) تكون وكالة مطلقة (هذا) إذا لم يكن انصراف عرفي
على الخلاف.
(91) (فاسد) نعت ل‍ (بيع) مثلا قال له (بع داري نسيئة إلى أجل غير معين) فإن هذا البيع فاسد، فليس للوكيل البيع إلى أجل معين
حتى يصح البيع (وكذا) لا وكالة في الصحيح (ابتياع) أي: شراء، كما لو قال للوكيل، اشتر لي دارا معيبة، فليس له شراء دار
صحيحة.
(92) مثاله: زيد له على عمرو دينار، فوكل عمرا في أن يشتري له بالدينار كتاب الشرائع، تبرأ ذمة عمرو بشراء الشرائع وتسليم الدينار
إلى بائع الشرائع، ولا يتوقف على تسليم الشرائع لزيد، لأن الشرائع يبقي أمانة في يد عمرو، بل لا يتوقف على أخد الشرائع من
البائع، فلو ماتا بعد تسليم الثمن وقبل أخذ الشرائع كان البيع صحيحا. وذمة عمرو بريئة.
(93) فلو ادعى عمرو أنه وكيل عن زيد في أخذ حقه من (علي) يكون على غريما.
(94) أي: يمين المدعي للوكالة، وهو (عمرو) أو (علي) (مشهور) بين الفقهاء وإن نقل الخلاف في شهادة النساء عن بعضهم.
(95) بأن قال شاهد: وكله يوم الجمعة، وقال شاهد آخر: وكله السبت.
435
مخالفة للأخرى (96)، وفيه تردد. إذ مرجعه إلى أنهما شهدا في وقتين. أما لو عدلا عن حكاية
لفظ الموكل واقتصرا على إيراد المعنى جاز، وإن اختلفت عبارتهما (97). وإذا علم الحاكم
بالوكالة، حكم فيها بعلمه (98).
تفريع: لو ادعى الوكالة عن غائب (99) في قبض ماله من غريم. فأنكر الغريم،
فلا يمين عليه. وإن صدقه، فإن كان عينا (100)، لم يؤمر بالتسليم. ولو دفع إليه، كان
للمالك استعادتها. فإن تلفت، كان له إلزام أيهما شاء، مع إنكاره الوكالة، ولا يرجع
أحدهما على الآخر (101).
وكذا لو كان الحق دينا (102)، وفيه تردد. لكن في هذا لو دفع، لم يكن للمالك مطالبة
الوكيل، لأنه لم ينتزع عين ماله (103)، إذ لا يتعين إلا بقبضه أو قبض وكيله، وهو ينفي كل
واحد من القسمين.
وللغريم أن يعود على الوكيل (104)، إن كانت العين باقية، أو تلفت بتفريط منه. ولا
درك عليه لو تلفت بغير تفريط.
وكل موضع، يلزم الغريم التسليم لو أقر به (105)، يلزمه اليمين إذا أنكر.
السادس
في اللواحق وفيه مسائل:



(96) فلا تكون شهادة على أمر واحد (وفيه تردد) لأنه أيضا شهادة على أمر واحد هو الوكالة
(97) بأن قال شاهد (مثلا): زيد استناب عمرا، وقال شاهدا آخر: زيد وكل عمرو.
(98) حتى إذا لم يقم شاهد على الوكالة.
(99) كالمسافر، والمحبوس (من غريم) أي: مديون، (فلا يمين عليه) أي: ليس لمدعي الوكالة أن يأمر الغريم بالحلف على عدم
الوكالة، لأن جهل الغريم بالوكالة يكفي في الإنكار.
(100) أي: كان الحق عينا، ككتاب معينة، أو فرش معين، أو نحوهما، (لم يؤمر) من قبل الحاكم الشرعي عند المرافعة إليه
(بالتسليم) لأنه تصديق في حق الغير فلا يثبت (أيهما) ولهما من ادعى الوكالة، والغريم.
(101) لأن المالك ظالم بنظر الوكيل والغريم، والظالم إذا أخذ شيئا لا يرجع على غيره.
(102) (وكذا) لم يؤمر بالتسليم (دينا) أي: في الذمة، كما لو كان بذمته مئة دينار (وفيه تردد) لأحتمال وجوب الأمر بالتسليم عند
تصديق الغريم للوكيل.
(103) أي: عين مال المالك (إلا بقبضه) أي: قبض المالك (وهو) المالك (القسمين) قبض المالك: وقبض وكيله.
(104) في صورة أخذ المالك حقه من الغريم - بعد أخذ الوكيل - (المعين) أي: عين المال التي دفعها الغريم للوكيل (بتفريط منه) أي:
بتقصير من الوكيل (ولا درك) عوض (عليه) على الوكيل (لو تلفت) العين عنده (بغير تفريط) أي: بغير تقصرة في حفظه.
(105) أي: بالحق (أنكر) الحق، ففي العين لا يلزمه التسليم فلا يمين عليه، وفي الدين على القول بلزم التسليم يلزمه اليمين مع
الإنكار، واليمين تكون على عدم العلم بالوكالة، لا العلم بعدمها.
436
الأولى: الوكيل أمين، لا يضمن ما تلف في يده، إلا مع التفريط أو التعدي (106).
الثانية: إذا أذن لوكيله أن يوكل (107)، فإن وكل عن موكله (108)، كانا وكيلين
له، وتبطل وكالتهما بموته. ولا تبطل بموت أحدهما، ولا يعزل أحدهما صاحبه، وإن وكله
عن نفسه، كان له عزله. فإن مات الموكل بطلت وكالتهما. وكذا إن مات الوكيل الأول.
الثالثة: يجب على الوكيل تسليم ما في يده، إلى الموكل مع المطالبة وعدم العذر (109).
فإن امتنع من غير عذر، ضمن. وإن كان هناك عذر، لم يضمن. ولو زال العذر فأخر
التسليم، ضمن. ولو ادعى بعد ذلك، أن تلف المال قبل الامتناع (110)، أو ادعى الرد قبل
المطالبة، قيل: لا يقبل دعواه ولو أقام بينة، والوجه أنها تقبل.
الرابعة: كل من في يده مال لغيره، أو في ذمته، فله أن يمتنع من التسليم حتى يشهد
صاحب الحق بالقبض (111). ويستوي في ذلك ما يقبل قوله في رده، وما لا يقبل إلا ببينة،
هربا من الجحود المفضي إلى الدرك أو اليمين.
وفصل آخرون بين ما يقبل قوله في رده وما لا يقبل (112)، فأوجبوا التسليم في الأول،
وأجازوا الامتناع في الثاني إلا مع الإشهاد، والأول أشبه.



(106) والفرق بينهما: إن (التفريط) يعني التقصير في الحفظ (والتعدي) يعني: الاتلاف، وهما على الظاهر لفظتان إذا اجتمعتا افترقتا
وإذا افترقتا اجتمعتا، والتفريط: كما لو جعل العين في دار ولم يقفلها فسرقت، والتعدي: كما لو غصب هو العين.
(107) أي: أذن للوكيل أن لا يعمل هو بنفسه بل يوكل وكيلا.
(108) إذا كان الإذن بذلك بالخصوص، أو بما يعم ذلك.
(109) أي: مطالبة الموكل، وعدم عذر للوكيل في عدم التسليم، كالخوف من ظالم، أو ضرر على الوكيل ونحوهما (ضمن) ومعنى
الضمان أنه إذا تلف كان على الوكيل عوضه وإن لم يقصر ولم يتعد.
(110) مثلا: طالب الموكل بالمال يوم الجمعة فامتنع الوكيل من التسليم، ثم بعد ذلك إنه كان سلم المال يوم الخميس، أو ادعى الوكيل إنه
كان قد رد المال قبل مطالبة الوكيل (والوجه) أي: الصحيح (أنها) دعواه (تقبل) مع إقامة البينة، لعموم حجية البينة، والبينة
هي: شاهدان عادلان يشهدان وفق كلامه.
(111) (يشهد) أي: يخبر شاهدين عادلين (صاحب الحق) يعني: صاحب المال أو طالب الذمة (بالقبض) أي: بأنه قد قبض حقه.
مثلا: زيد يطلب عمرا ألف دينار، أو له عند عمرو كتاب. فقال لعمرو أعطني الألف أو الكتاب، وكان عمرو قادرا على
الاعطاء، مع ذلك يجوز لعمرو أن يقول لزيد: أقم شاهدين عادلين حتى أعطيك حقك أمامهما، أو يقول له: اعترف بقبض
حقك لشاهدين عادلين. فإن لم يقم ولم يعترف جاز لعمرو الامتناع عن التسليم (هربا) أي، خوفا (من الجحود) أي: من
جحود زيد أخذه حقه (المقضي) أي: المؤدي (إلى الدرك) لأنه يجب على عمرو - مع عدم ثبوت رد الحق إلى زيد - إما إعطاء
بدله، أو الحلف على أنه رد الحق إلى زيد وكلاهما ضرر عليه، فيجوز له دفع الضرر بالامتناع عن التسليم حتى يشهد.
(112) (ما يقبل) كالوديعة (وما لا يقبل) كالعارية، والفرق بينهما أن الوديعة أمانة لا يجوز التصرف فيها، والعارية أمانة يجوز التصرف
فيها (قال في المسالك) وجه التفصيل إن ما يقبل قول الدافع في رده لا يتوجه عليه ضرر بترك الإشهاد لأن قبول قوله يرقع الغرم عن
نفسه، بخلاف ما لا يقبل).
437
الخامسة: الوكيل في الإيداع (113)، إذا لم يشهد على الودعي، لم يضمن. ولو كان
وكيلا في قضاء الدين فلم يشهد بالقبض ضمن، وفيه تردد.
السادسة: إذا تعدى الوكيل في مال الموكل (114)، ضمن ولا تبطل وكالته، لعدم
التنافي. ولو باع الوكيل ما تعدى فيه، وسلمه إلى المشتري، برأ من ضمانه، لأنه تسليم
مأذون فيه، فجرى قبض المالك (115).
السابعة: إذا أذن الموكل لوكيله في بيع ماله من نفسه (116) فباع جاز، وفيه تردد، وكذا
في النكاح.
السابع
في التنازع وفيه مسائل:
الأولى: إذا اختلفا في الوكالة (117)، فالقول قول المنكر، لأنه الأصل.
ولو اختلفا في التلف (118)، فالقول قول الوكيل، لأنه أمين. وقد يتعذر إقامة البينة
بالتلف غالبا (119)، فاقتنع بقوله، دفعا لالتزام ما تعذر غالبا. ولو اختلفا في التفريط (120)،



(113) مثلا: قال زيد لعمرو: أنت وكيلي في جعل كتابي وديعة عند شخص، يسمى عمرو في الإيداع، ويسمى الشخص الذي
أودع الكتاب عنده (ودعي) (لم يضمن) إذا أنكر الودعي، أو ادعي التلف ونحو ذلك، (وفيه تردد) لاحتمال أن يكون الوكيل
غير ضامن مطلقا ما دام لم يأمره الموكل بالإشهاد.
(114) كما لو أعطاه جارية ليبيعها فوطئها الوكيل، فإنه يضمنها لو مرضت، أو نقصت قيمتها بذلك، أو ماتت، ولكن لا يزال وكيلا في
بيعها.
(115) أي: يكون بمثل أخذ المالك نفسه المال. (116) أي: يبيع المال لنفس الوكيل بأن يكون هو البائع وكالة، وهو المشتري لنفسه، (وفيه تردد) لاحتمال لزم كون البائع والمشتري شخصين
وعدم كفاية الشخص الواحد يصير بائعا مشتريا (وكذا) التردد (في النكاح) لو قالت المرأة للزوج أنت وكيلي في عقدي لنفسك، فيقول
الزوج (زوجت موكلتي فلانة لنفسي بمهر كذا) ثم يقول (قبلت الزواج لنفس هكذا).
(117) فقال زيد: لم أوكلك، وقال عمرو: بل وكلتني، (المنكر) وهو المالك (لأنه الأصل) إذ الأصل عدم الوكالة، فإذا كان عمرو قد
باع الشئ يكون بيعه في الظاهر فضوليا وتترتب عليه أحكامه.
(118) مثلا: قال زيد وكلتك في بيع كتابي والكتاب عندك، وقال عمرو: تلف الكتاب وليس عندي (قول الوكيل) مع القسم (لأنه
أمين) يعني: يده على الكتاب يد أمانة لا يد عدوان وليس على الأمين إلا اليمين.
(119) إذ التلف كثيرا ما يكون بحرق، أو غرق، أو سرقة، أو ضياع، ونحو ذلك وحينها ليس عدول يشهدونها.
(120) أي: اتفق الموكل والوكيل في تلف المال، ولكن قال الموكل قصرت في حفظه فتلف من التقصير، وقال الوكيل: لم أقصر في حفظه (منكره) أي: منكر التفريط وهو الوكيل (لقوله عليه السلام) أي: لا طلاق (من أنكر) الشامل لإنكار أصل التلف، أو إنكار
التفريط بعد الاعتراف بأصل بأصل التلف.
438
فالقول قول منكره، لقوله عليه السلام: " واليمين على من أنكر ".
الثانية: إذا اختلفا في دفع المال إلى الموكل (121)، فإن كان بجعل، كلف البينة لأنه
مدع. وإن كان بغير جعل (122)، قيل: القول قوله كالوديعة وهو قول مشهور، وقيل:
القول قول المالك، وهو الأشبه. أما الوصي، فالقول قوله في الإنفاق (123) لتعذر البينة
فيه، دون تسليم المال إلى الموصى له. وكذا القول في الأب والجد والحاكم وأمينه (124) مع
اليتيم، إذا أنكر القبض عند بلوغه ورشده. وكذا الشريك والمضارب ومن حصل في يده
ضالة (125).
الثالثة: إذا ادعى الوكيل التصرف، وأنكر الموكل، مثل أن يقول: بعت أو
قبضت (126)، قيل: القول قول الوكيل، لأنه أقر بما له أن يفعله (127)، ولو قيل: القول
قول الموكل أمكن، لكن الأول أشبه.
الرابعة: إذا اشترى إنسان سلعة، وادعى أنه وكيل لإنسان فأنكر (128)، كان القول



(121) فقال الوكيل: ردت الكتاب عليك، وقال الموكل: لم ترده علي (فإن كان) التزام الوكيل الوكالة (بجعل) بضم فتكون - يعني:
بأجر لا مجانا (كلف البينة) يعني: يلزم الوكيل بإقامة شهود عدول يشهدون، على أنه رد الكتاب إلى المالك (لأنه) الوكيل
(مدع) في رد الكتاب. - والبينة على المدعي -.
(122) بأن صار وكيلا مجانا في بيع الكتاب ثم ادعى تلف الكتاب (كالوديعة) أي: كما أن من عنده الوديعة لو ادعى تلف الوديعة لا يطالب بالبينة بل يحلف فقط، فكذا في الوكيل المجاني (قول المالك) فيلزم الوكيل بإقامة البينة.
(123) على الصغير، أو الدواب، أو العقار، ونحو ذلك، (إلى الموصى له) يعني: لو أوصى زيد لعمرو يدفع إلى علي ألف دينار،
فمات زيد، وادعى عمرو أنه دفع الألف إلى علي، وأنكر علي ذلك، فيجب على عمرو - الوصي - إقامة البينة على أنه دفع الألف
إلى علي، ولا يكفي قسمه.
(124) يعني: أمين الحاكم الذي يعينها الحاكم الشرعي للقيام بمصالح اليتيم الذي لا ولي له (إذا أنكر القبض) أي: قبض المال، أو
قبض الاتفاق مثلا قال اليتيم بعد ما كبر: لم ينفق أبي علي من مالي، أو جدي، أو الحاكم الشرعي، أو أمين الحاكم، فالقول
قوله، ويجب على الولي إقامة البينة على الإنفاق (وكذا) يجب على (الشريك) إقامة البينة لو ادعى تسليم المال إلى شريكه، وأنكر
شريكه ذلك، وهكذا يجب على المضارب إقامة البينة لو ادعى تسليم المال إلى المالك، وأنكر المالك (والمضاربة) هي أن يعطي
زيد ألف دينار لعمرو ليكتسب فيه، ويكون الربح منقسما بينهما، ويسمى عمرو: المضارب.
(125) الضالة: هو الشئ المجهول مالكه، يجده الشخص فإن ادعى إيصالها إلى صاحبها وأنكر صاحبها ذلك، وجب عليه إقامة البينة
على الإيصال.
(126) يعني: قال الوكيل: بعت أنا هذا الكتاب، وأنكر الموكل البيع حتى يسترجع الكتاب لأن قيمته غلت مثلا. أو قال الوكيل:
قبضت أنا عنك هذا المال، وأنكر الموكل ليتولى هو القبض أو القيمة غلت.
(127) أي: بما يجوز للوكيل أن يفعله، (أمكن) أي: كان ممكنا لأصالة العدم.
(128) أي: أنكر ذلك الإنسان أن يكون وكله في ذلك (كان القول قوله) أي: قول المنكر (ويقضي على المشتري) أي: يحكم عليه بأن
يدفع الثمن من نفسه.
439
قوله مع يمينه، ويقضي على المشتري بالثمن، سواء اشترى بعين أو في ذمة (129) إلا أن
يكون ذكر أنه يبتاع له في حالة العقد (130).
ولو قال الوكيل: ابتعت لك فأنكر الموكل (131). أو قال: ابتعت لنفسي فقال الموكل:
بل لي، فالقول قول الوكيل، لأنه أبصر بنيته.
الخامسة: إذا زوجه امرأة (132)، فأنكر الوكالة ولا بينة، كان القول قول الموكل مع
يمينه، ويلزم الوكيل مهرها، وروي: نصف مهرها. وقيل: يحكم ببطلان العقد في الظاهر.
ويجب على الموكل أن يطلقها، إن كان يعلم (133) صدق الوكيل، وأن يسوق لها نصف المهر،
وهو قوي.
السادسة: إذا وكله في ابتياع عبد، فاشتراه بمئة، فقال الموكل اشتريته بثمانين،
فالقول قول الوكيل لأنه مؤتمن (134)، ولو قيل: القول قول الموكل، كان أشبه لأنه غارم.
السابعة: إذا اشترى لموكله، كان البائع بالخيار إن شاء طالب الوكيل (135)، وإن شاء
طالب الموكل، والوجه اختصاص المطالبة بالموكل مع العلم بالوكالة، واختصاص الوكيل مع
الجهل بذلك.
الثامنة: إذا طالب الوكيل (136)، فقال الذي عليه الحق لا تستحق المطالبة، لم يلتفت
إلى قوله، لأنه مكذب لبينة الوكالة. ولو قال عزلك الموكل، لم يتوجه على الوكيل اليمين، إلا
أن يدعي عليه العلم (137). وكذا لو ادعى أن الموكل أبرأه.



(129) بعين خارجية، أو في ذمة أي: دينا. (130) أي: ذكر في صيغة العقد أنه يشتري لذاك الإنسان وكالة منه، فمع إنكاره يبطل العقد ولا يصير لمن ادعى الوكالة.
(131) يعني: كان زيد وكل عمرا في شراء دار، واشترى عمرو الدار، فقال عمرو: اشتريتها لزيد، وقال زيد: بل اشتريتها أنت
لنفسك، أو قال عمرو: هذه الدار اشتريتها أنا لنفسي، وقال زيد: بل اشتريتها أنت لي.
(132) مثلا: زوج زيد امرأة لعمرو، فقال عمرو: ما وكلتك أنا في أن تزوجني امرأة (ولا بينة) أي: ليس لزيد شهود عدول يشهدون أن عمرا
وكله في التزويج (قول الموكل) أي: عمرو الذي هو المنكر للوكالة.
(133) أي: إن كان يعلم بين نفسه وبين الله تعالى، لأنها زوجته، فتركها بغير طلاق تعريض لها للزوج من آخر وهو حرام.
(134) أي: مقبول قوله مع اليمين (غارم) أي: عليه الغرم وهو الخسارة، والأصل عدم الغرم زائدا عن ثمانين.
(135) أي: طالب الوكيل بالثمن، سواء علم بأنه وكيل في الشراء، أم جهل (والوجه) يعني: الوجه الصحيح
(136) مثاله: زيد الموكل، وعمرو الوكيل، على مديون لزيد ألف دينار، فطالب عمرو عليا بالألف، فقال علي - الذي عليه الحق - لا
حق لك في مطالبة الألف مني، فلا أثر لقوله لأنه مكذب لما دل على أن عمرو وكيل.
(137) أي: يدعي إن الوكيل بأنه معزول (أبرأه) أي: أبرأ ذمة من عليه الحق، فلا يمين على الوكيل إلا أن يدعي علم الوكيل
بالإبراء.
440
التاسعة: تقبل شهادة الوكيل لموكله، فيما لا ولاية له فيه (138)، ولو عزل قبلت في
الجميع، ما لم يكن أقام بها أو شرع في المنازعة (139).
العاشرة: لو وكله بقبض دينه من غريم له (140)، فأقر الوكيل بالقبض وصدقه
الغريم، وأنكر الموكل، فالقول قول الموكل، وفيه تردد.
أما لو أمره ببيع سلعة وتسليمها (141) وقبض ثمنها، فتلف من غير تفريط، فأقر الوكيل
بالقبض، وصدق المشتري وأنكر الموكل، فالقول قول الوكيل لأن الدعوى هنا على الوكيل من
حيث إنه سلم المبيع ولم يتسلم الثمن، فكأنه يدعي ما يوجب الضمان (142). وهناك الدعوى
على الغريم، وفي الفرق نظر. ولو ظهر في المبيع عيب، رده على الوكيل دون الموكل (143)،
لأنه لم يثبت وصول الثمن إليه، ولو قيل رد المبيع على الموكل كان أشبه.



(138) (لا ولاية له) للوكيل (فيه) أي: في غير الأشياء التي جعل الوكيل وكيلا فيها، وأما في تلك الأشياء فالوكيل منهم لأنه مما يجر النار
إلى قرصه فلا تصح شهادته فيها (في الجميع) أي: في تلك الأشياء التي كان سابقا - قبل العزل - وكيلا فيها. وفي غيرها، إذ لا
تهمة بعد عزله عن الوكالة.
(139) (أقام بها) أي: أقام بالشهادة، أو شرع في المنازعة ولم يقم بعد بالشهادة، فإن أقام بالشهادة، أو شرع في المنازعة وفي الأثناء عزل
عن الوكالة لا تصح هذه الشهادة.
(140) من شخص مديون للموكل. (وأنكر الموكل) حتى تجوز له المطالبة ثانيا (قول الموكل) لأن الأصل عدم القبض (وفيه تردد)
لاحتمال قبول الوكيل فيه لأنه أمين.
(141) أي تسليمها أي: إعطاؤها للمشتري (بالقبض) أي: قبض الثمن (وأنكر الموكل) أي: أنكر قبض الثمن حتى يحق له مطالبة
الثمن من المشتري.
(142) لأن تسليم الوكيل المبيع وعدم تسلمه الثمن نوع من التفريط في مال الموكل فيضمن لو تلف المال (وهناك) أي: في أول هذه المسألة
العاشرة (في الفرق) بين الفرعين (نظر) أي: توقف، بل إما القول للموكل في كلا الفرعين، وإما قول الوكيل في كليهما
(143) (رده) أي: رد المشتري المبيع (وصول الثمن إليه) أي: إلى الموكل (كان أشبه) لأن الملك للموكل حتى إذا لم يصله بعد
441
كتاب الوقف والصدقات
والنظر في العقد، والشرائط، واللواحق.
الأول
الوقف: عقد ثمرته تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة (1). واللفظ الصريح فيه:
وقفت (2) لا غير، أما حرمت وتصدقت فلا يحمل على الوقف إلا مع القرينة (3)، لاحتمالهما مع
الانفراد غير الوقف. ولو نوى بذلك الوقف من دون القرينة، دين (4) بنيته. نعم، لو أقر أنه
قصد ذلك، حكم عليه بظاهر الإقرار.
ولو قال: حبست وسبلت (5) قيل: يصير وقفا وإن تجرد، لقوله عليه السلام:
" حبس الأصل وسبل الثمرة "، وقيل: لا يكون وقفا إلا مع القرينة (6)، إذا ليس ذلك عرفا
مستقرا، بحيث يفهم مع الإطلاق، وهذا أشبه.
ولا يلزم إلا بالإقباض (7). وإذا تم كان لازما لا يجوز الرجوع فيه، إذا وقع في زمان
الصحة.



كتاب الوقوف والصدقات
(1) الأصل يعني العين: أي جعل الأصل بحيث لا يجوز التصرف فيه شرعا (وإطلاق) أي: جعل المنفعة مطلقة يتصرف بها.
(2) مثلا: يقول: (وقفت هذه الدار مدرسة لطلاب العلوم الدينية).
(3) قرينة حالية كأن يقول الآن أجري صيغة وقف هذه الدار. ثم يقول (حرمت هذه الدار) أو (تصدقت بهذه الدار). أو قرينة
لفظية، كأن يقول (حرمت هذه الدار تحريما لا يجوز معه التصرف فيه) فإن هذه اللفظة قرينة على إرادته من كلمة (حرمت)
الوقف قوله (مع الانفراد) أي: عن القرينة.
(4) دين على وزن (بيع) أي: يؤخذ شرعا حسب نيته، فإن كان واقعا نوى الوقف لم يجز له التصرف فيه، وإلا جار (قصد
ذلك) أي: قصد الوقوف من لفظ (حرمت وتصدقت).
(5) مثلا (حبست أصل هذه الدار سبلت منفعتها)، وسبلت المنفعة منعاها: جعلتها مطلقة (وإن تجرد) عن القرينة. (6) كأن يقول: (حبست تأبيدا وسبلت) ونحو ذلك (مستقرا) أي ثابتا بمعنى الوقف.
(7) أي: لا يصير الوقف لازما ثابتا إلا بإعطائه بيد الموقوف عليه (وإذا تم) الإقباض (زمان الصحة) وهو غير مرض الموت.
442
أما لو وقف في مرض الموت، فإن أجاز الورثة، وإلا اعتبر من الثلث (8) كالهبة والمحاباة
في البيع. وقيل: يمضي من أصل التركة (9)، والأول أشبه.
ولو وقف ووهب وأعتق وباع فحابى (10)، ولم يجز الورثة، فإن خرج ذلك من الثلث
صح. وإن عجز، بدأ بالأول فالأول، حتى يستوفي قدر الثلث، ثم يبطل ما زاد. وهكذا لو
أوصى بوصايا (11). ولو جهل المتقدم، قيل: يقسم على الجميع بالحصص (12)، ولو اعتبر
ذلك بالقرعة كان حسنا.
وإذا وقف شاة، كان صوفها ولبنها الموجود داخلا (13) في الوقف، ما لم يستثنه نظرا
إلى العرف، كما لو باعها.
النظر الثاني
في الشرائط وهي أربعة أقسام:
الأول: في شرائط الموقوف (14) وهي أربعة: أن يكون عينا (15). مملوكة. ينتفع بها مع
بقائها (16). ويصح إقباضها.



(8) فإن كان الوقف بمقدار ثلث مال الميت أو أقل صح، وإن كان أكثر توقف الزائد على إجازة الورثة فإن أجاز الورثة صح كل
الوقف، وإن لم يجيزوا بطل الزائد عن الثلث (كالهبة) يعني: كما أن الشخص إذا وهب شيئا في مرض الموت لم يصح الزائد
عن الثلث (والمحاباة في البيع) وهي البيع بثمن أقل كثيرا من ثمن المثل لأجل الحب بالمشتري، كبيع ما يساوي ألف دينار
بعشرة دنانير - مثلا - فإن المحاباة لو وقعت في مرض الموت لم يصح الزائد عن الثلث.
(9) (يمضي) أي: ينفذ الوقف (من أصل الشركة) أي: من مجموع ما تركه الميت وإن استغرق الوقف التركة كلها.
(10) يعني في مرض الموت وقف - مثلا - كتابه، ووهب فرشه، وأعتق عبده، وباع محاباة داره (فإن خرج) أي: كان الجميع
ثلث أمواله أو أقل (وإن عجز) الثلث أي كان أقل من هذه الأمور.
(11) فأوصى أن يعطى لزيد ألفا، ولعمرو خمسمئة، ولعلي الفين، وهكذا، فإن كان كل ذلك بمقدار الثلث أو أقل صح كله،
وإن كان أكثر نفذ الأول، فإن بقي من الثلث شئ نفذ الثاني، وإن بقي من الثلث شئ نفذ الثالث، وهكذا.
(12) أي: بالنسبة، فلو أوصى لزيد بألف، ولعمرو بخمسمئة وكان ثلثه ثلاثين دينارا، وأعطى لزيد عشرين، ولعمرو عشرة
(اعتبر ذلك) أي: أخرج الأول فالأول (بالقرعة) بأن يكتب اسم كل وصية في ورقة، ثم تجعل الأوراق في كيس. وتخرج
ورقة باعتبارها الوصية الأولى، ثم تخرج ورقة ثانية باعتبارها الوصية الثانية، وهكذا.
(13) مقابل اللبن المحلوب منه قبل الوقف،، فإنه لا يدخل في الوقف (نظرا إلى العرف) أي: العرف يحكم بأن وقف الشاة وقف
لصوفها ولبنها الداخل أيضا (كما لو باعها) فإنه كان يدخل في البيع صوفها ولبنها الداخل.
(14) يعني: العين الموقوفة.
(15) لا دينا، ولا مبهما، ولا منفعة، فإن العين مقابل لهذه كلها، فيقال: المال أما عين أو دين، وإما عين أو مبهم، وإما عين
أو منفعة.
(16) هذا الشرط الثالث، أي: عينها، لا مثل منفعة العبد، أو منفعة الحر، أو نحو ذلك بالإبقاء لها (ويصح إقباضها) لا
مثل السمك في البحر، والطير في الجو
443
فلا يصح وقف ما ليس بعين كالدين (17). وكذا لو قال: وقفت فرسا أو ناضحا أو دارا
ولم يعين. ويصح وقف العقار والثياب والأثاث والآلات المباحة (18). وضابطه كل ما يصح
الانتفاع به، منفعة محللة مع بقاء عينه.
وكذا يصح وقف الكلب المملوك (19) والسنور، لإمكان الانتفاع به.
ولا يصح وقف الخنزير، لأنه لا يملكه المسلم. ولا وقف الآبق (20)، لتعذر التسليم.
وهل يصح وقف الدنانير والدراهم؟ قيل: لا، وهو الأظهر، لأنه لا نفع لها إلا
بالتصرف فيها، وقيل: يصح، لأنه قد يفرض لها نفع ما بقائها (21).
ولو وقف ما لا يملكه (22) لم يصح وقفه. ولو أجاز المالك، قيل: يصح، لأنه كالوقف
المستأنف وهو حسن.
ويصح وقف المشاع (23)، وقبضه كقبضه في البيع.
القسم الثاني: في شرائط الواقف ويعتبر فيه: البلوغ، وكمال العقل، وجواز
التصرف (24). وفي وقف من بلغ عشرا تردد، والمروي جواز صدقته، والأولى المنع، لتوقف
رفع الحجر على البلوغ والرشد (25).
ويجوز أن يجعل الواقف النظر (26) لنفسه ولغيره، فإن لم يعين الناظر، كان النظر



(17) كما لو كان يطلب في ذمة زيدا دارا موصوفة بأوصاف معلومة، لكنها غير معينة (وكذا لو قال) هذا المبهم الذي ذكرنا إنه لا
يجوز وقفه.
(18) دون المحرمة، كآلات الخمر، والقمار، والغناء والتعذيب، ونحوها.
(19) مثل كلب الصيد، والحائط والماشية ونحوها ومقابلة الكلب الهراش الذي لا يصح ملكه (والسنور) هو القط، ويسمى
(الهر) ونفع الهر إنه يطارد ويأكل الجرد، والفئران، الحشرات ونحوها.
(20) هو العبد الذي فر، وكذا الأمة.
(21) وهو التزيين بها أو التحلي بها، بتعليقها بالملابس، أو الحيطان، أو وضعها في آواني في الرفوف، ونحو ذلك.
(22) أي: ما كان ملكا للغير، ووقفه بلا إذن من صاحبه (المستأنف) أي: الجديد، يعني إجازة المالك تكون بمنزلة وقف المالك
فيصح بالإجازة.
(23) المشاع ما كان كل أجزائه مشتركا، كما لو ورث زيد وعمرو من أبيهما دارا، فإن كل جزء من الدار يكون مشتركا بينهما، ففي
هذا المثال يصح أن يجعل زيد حصته من الدار وقفا على أولاده - كيلا تباع عينها - (وقبضه) أي: قبض المشاع في الوقف
(كقبضه) أي: كقبض المشاع (في البيع) وهو يختلف أن يكون عقارا، أو جوهرا، أو ثوبا، وغير ذلك. وقد مضى
الكلام عن القبض مفصلا في كتاب التجارة من رقم (198) وما بعده.
(24) بأن يكون مالكا، غير محجور عليه بسبب السفه، أو الفلس، ونحو ذلك
(25) والذكر الذي عمره عشر سنين، وليس بالغا شرعا.
(26) أي: التولية (لنفسه) وحده (ولغيره) أي: لشخص آخر، أو مجتمعين نفسه وغيره.
444
إلى الموقوف عليه (27)، بناء على القول بالملك.
القسم الثالث: في شرائط الموقوف عليه ويعتبر في الموقوف عليه شروط ثلاثة: أن يكون
موجودا ممن يصح أن يملك (28). وأن يكون معينا. وأن لا يكون الوقف عليه محرما (29).
ولو وقف على معدوم ابتداء لم يصح، كمن يقف على من سيولد له، أو على حمل لم
ينفصل (30).
أما لو وقف على معدوم تبعا لموجود فإنه يصح (31). ولو بدأ بالمعدوم ثم بعده على
الموجود (32)، قيل لا يصح، وقيل يصح على الموجود، والأول أشبه. وكذا لو وقف على من
لا يملك، ثم على من يملك (33)، وفيه تردد والمنع أشبه. ولا يصح على المملوك، ولا
ينصرف (34) الوقف إلى مولاه، لأنه لم يقصده بالوقفية.
ويصح الوقف على المصالح كالقناطر والمساجد (35)، لأن الوقف في الحقيقة على
المسلمين، لكن هو صرف إلى بعض مصالحهم (36).
ولا يقف المسلم على الحربي ولو كان رحما (37). ويقف على الذمي، ولو كان أجنبيا.
ولو وقف (38) على الكنائس والبيع لم يصح. وكذا لو وقف على معونة الزناة أو قطاع



(27) هذا في الوقف على أشخاص، كأولاده مثلا (بالملك) أي: لو قلنا بأن الموقوف عليه يملك الوقف لكنه محجور عليه ليس له
سوى الانتفاع به، فلا يجوز له بيعه، ولا هبته، ولا وقفه، ولا نحو ذلك.
(28) بأن لا يكون عبدا ولا أمة بناء على ما هو المشهور من عدم تملكه.
(29) كوقف العبد المسلم على الكافر فإنه محرم لسيطرة الكافر على المسلم.
(30) (سيولد من ليس حملا أيضا، كمن لم يتزوج بعد يقف دارا لأولاده، و (حمل لم ينفصل) يعني: الجنين في رحم الأم.
(31) كما لو قال: (وقف على ابني، وعلى بقية أولادي من ولد منهم ومن لم يولد بعد)
(32) كما لو قال: (وقف على ابني الذي لم يولد بعد، وبعده يكون وقفا على ابني الموجود حالا).
(33) كما لو قال: (وقف على عبدي، ثم بعده على ابني).
(34) أي: لا يصير الوقف لمولى العبد، بل يبطل رأسا.
(35) كأن يقول: (وقف على قناطر كربلاء المقدسة، أو مساجد النجف الأشرف) ونحو ذلك.
(36) يعني: ما ذكر في صيغة الوقف كالقناطر، والمساجد، دون ما لم يذكر كتزويج العزاب، وبناء المدارس.
(37) فلو كان لزيد أخ كافر محارب للإسلام والمسلمين لا يصح لزيد أن يقف شيئا على أخيه الحربي (والذمي) هو الكافر الذي كان
في ذمة الإسلام وتحت حماية الحكم الإسلامي، وقد مضى بحث مفصل عن الذمي وشرائط الذمة في كتاب الجهاد، عند رقم
(47) وما بعده.
(38) أي: وقف المسلم (والكنائس) كدراهم معابد النصارى، مفردة (كنيسة) كخديجة و (بيع) كعنب جمع (بيعة) كجلسة
بكسر الجيم، معابد اليهود.
445
الطريق أو شاربي الخمر وكذا لو وقف على كتب ما يسمى الآن بالتوراة والإنجيل لأنها
محرفة (39). ولو وقف الكافر جاز.
والمسلم إذ وقف على الفقراء، انصرف إلى فقراء المسلمين، دون غيرهم. ولو وقف
الكافر كذلك (40)، انصرف إلى فقراء نحلته. ولو وقف على المسلمين، انصرف إلى من صلى
إلى القبلة (41). ولو وقف على المؤمنين انصرف إلى الاثني عشرية (42)، وقيل: إلى (مجتني)
الكبائر، والأول أشبه.
ولو وقف على الشيعة، فهي الإمامية (43) والجارودية دون غيرهم من فرق الزيدية.
وهكذا إذا وصف الموقوف عليه بنسبة، دخل فيها كل من أطلقت عليه، فلو وقف على
الإمامية كان للاثني عشرية. ولو وقف على الزيدية، كان للقائلين بإمامة زيد بن علي عليه
السلام.
وهكذا إذا وصف الموقوف عليه بنسبة، دخل فيها كل من أطلقت عليه، فلو وقف على
الإمامية كان للاثني عشرية. ولو وقف على الزيدية، كان للقائلين بإمامة زيد بن علي عليه
الإسلام. وكذا لو علقهم بنسبة إلى أب، كان لكل من انتسب إليه بالأبوة.
كالهاشميين: فهو لمن انتسب إلى هاشم من ولد أبي طالب عليه السلام والحارث
والعباس وأبي لهب (44).
والطالبيين: فهو لمن ولده أبو طالب عليه السلام (45). ويشترك الذكور والإناث



(39) أي: مغيرة عن أصلها وهي كتب ضلال فلا يجوز للمسلم (الوقف لها، (ولو وقف الكافر) للتوراة والإنجيل (جاز) أي:
صح الوقف.
(40) أي: على الفقراء ولم يعينهم (نحلته) أي: دينه، فالنصراني لو وقف انصرف إلى فقراء النصارى، واليهودي إذا وقف
انصرف إلى فقراء اليهود.
(41) من عامة طوائف المسلمين.
(42) وهم الشيعة المعتقدون بإمامة علي والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين عليهم الصلاة والسلام. لأنهم المؤمنون
بنص تواتر الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقيل: إلى مجتنبي الكبائر) أي: العدول من الشيعة، لأنهم
المؤمنون حقا.
(43) في الجواهر: هم الإمامية فقط لأساطين ذكر بعضهم (والجارودية) هم طائفة من الزيدية يقولون بالإمامة بلا فصل لعلي
عليه الصلاة والسلام، أما غيرهم من فرق الزيدية، - فكما قيل - يقولون بإمامة الشيخين، إذن فليسوا من الشيعة.
(44) هؤلاء إخوة أربعة كلهم أولاد عبد المطلب بن هاشم، (أما هاشم) فليس له عقب إلا من عبد المطلب، وعند المطلب كان
له بنون كثيرون فوق عشرة إلا أن عقبه فقط من هؤلاء الأربعة وأما عبد الله - والد النبي صلى الله عليه وآله - وغيره فليس لهم عقب من
أولادهم الذكور، كرسول الله صلى الله عليه وآله الذي ليس له عقب إلا من فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).
(45) من علي وطالب، وعقيل، وجعفر وأولادهم.
446
المنسوبون إليه من جهة الأب نظرا إلى العرف (46)، وفيه خلاف للأصحاب.
ولو وقف على الجيران رجع إلى العرف (47)، وقيل: لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا
وهو حسن، وقيل: إلى أربعين دارا من كل جانب وهو مطرح.
ولو وقف على مصلحة، فبطل رسمها (48)، صرف في وجوه البر. ولو وقف في وجوه
البر وأطلق، صرف في الفقراء والمساكين، وكل مصلحة يتقرب بها إلى الله سبحانه
وتعالى (49).
ولو وقف على بني تميم (50) صح، ويصرف إلى من يوجد منهم (51)، وقيل: لا يصح
لأنهم مجهولون، والأول هو المذهب.
ولو وقف على الذمي جاز، لأن الوقف تمليك فهو كإباحة المنفعة، وقيل: لا يصح لأنه
يشترط فيه نية القربة (52) إلا على أحد الأبوين.
وقيل: يصح على ذوي القرابة، والأول أشبه. وكذا يصح على المرتد (53)، وفي الحربي
تردد أشبه المنع.
ولو وقف ولم يذكر المصرف (54)، بطل الوقف. وكذا لو وقف على غير معين، كأن
يقول: على أحد هذين، أو على أحد المشهدين، أو الفريقين، فالكل باطل.



(46) يعني: إن العرف لا يفهم خصوصية للذكور في ذلك (وفيه خلاف).
(47) لأن لفظ العرف ينصرف إليه، ومعنى ذلك: إن ما يسمى عرفا جيرانا يصرف المال إليهم، ويختلف هذا الانصراف بالنسبة
إلى الأشخاص والبلاد. فرئيس عشيرة، أو مرجع تقليد، تعتبر بيوت أكثر جيرانا له، والشخص العادي أقل من ذلك،
وفي القرى، والبلاد الكبيرة يختلف العرف أيضا وهكذا (وقيل: لمن يلي داره) أي: من أطرافها الأربعة (وهو حسن) فقد
نسب إلى المشهور، بل إلى الإجماع أيضا (وهو مطرح) وإن كان به رواية لكنها مخالفة للعرف والأصحاب.
(48) كما لو وقف على مسجد خاص، فانهدم وصار شارعا (وجوه البر) أي: مختلف أنواع الخير.
(49) من بناء المؤسسات الإسلامية، وطبع الكتب الدينية ونحو ذلك.
(50) هنا للمثال، وإلا فبنوا تغلب، وبنوا كلب، وغيرهما هكذا.
(51) يعني: لا يجب التتبع والاستيعاب (هو المذهب) أي: ما نذهب إليه.
(52) يعني: يشترط في الوقف قصد القربة، وكيف يقصد القربة بالوقف لأهل الباطل (إلا على أحد الأبوين) إذا كان كافرا فإنه
يجوز الوقف له، للأمر بمعاشرتها بالمعروف في قوله تعالى (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
وصاحبهما في الدنيا معروفا) والوقف نوع من المعروف) وقيل: يصح على ذوي القرابة) إذا كانوا كفارا، لا خصوص
الأبوين.
(53) وإن لم يكن رحما (أشبهه المنع) وقد مر الكلام عنه عند رقم (37) فلاحظ.
(54) كما لو قال: (وقفت هذه الدار) أما لو قال: (وقفت هذه الدار في سبيل الله) فيصرف في مختلف وجوه الخيرات (أحد
المشهدين) كما لو قال على واحد من كربلاء والنجف (الفريقين) كما لو قال على الفقهاء أو الفلاسفة.
447
وإذا وقف على أولاده أو إخوته أو ذوي قرابته، اقتضى الإطلاق اشتراك الذكور
والإناث، والأدنى والأبعد، والتساوي في القسمة إلا أن يشترط ترتيبا أو اختصاصا أو
تفضيلا (55).
ولو وقف على أخواله وأعمامه تساووا جميعا (56).
وإذا وقف على أقرب الناس إليه، فهم الأبوان والولد وإن سفلوا (57)، فلا يكون لأحد
من ذوي القرابة شئ، ما لم يعدم المذكورون، ثم الأجداد والإخوة وإن نزلوا (58)، ثم
الأعمام والأخوال على ترتيب الإرث، لكن يتساوون في الاستحقاق، إلا أن يعين التفضيل.
القاسم الرابع: في شرائط الوقف وهي أربعة: الدوام. والتنجيز. والإقباض
وإخراجه عن نفسه (59)
فلو قرنه بمدة بطل. وكذا لو علقه بصفة متوقعة (60). وكذا لو جعله لمن ينقرض غالبا،
كأن يقفه على زيد ويقتصر، أو يسوقه إلى بطول تنقرض غالبا (61)، أو يطلقه في عقبه ولا يذكر
ما يصنع به بعد الانقراض. ولو فعل ذلك، قيل: يبطل الوقف، وقيل: يجب إجراؤه حتى
ينقرض المسمون (62)، وهو الأشبه. فإذا انقرضوا، رجع إلى ورثة الواقف، وقيل إلى ورثة
الموقوف عليهم (63)، والأول أظهر.
ولو قال: وقفت إذا جاء رأس الشهر أو إن قدم زيد، لم يصح (64).



(55) (ترتيبا) كما لو قال (لزواج أخواني من الأبوين، فإن زاد فلأخواني من الأب فقط، فإن زاد فلأخواني من الأم فقط)، (أو
اختصاصا) كما لو قال لأولادي الذكور فقط) (أو تفضيلا) كما لو قال: (لأولادي، ولكن أعطوا الذكور ضعف الإناث).
(56) أعمام وعمات، وأخوال، وخالات، من الأبوين، أو من أحدهما. ومعنى ذلك أن العم الذي مع أبيه من أب وأم
واحدين، والعمة التي من أبوي أبيه، أو العم الذي لأب أبيه فقط، أو لأم أبيه فقط، وهكذا.
(57) أي: ولد الولد، وولد ولد الولد، وهكذا.
(58) أي: أولاد الأخوة، وأحفاد الأخوة وهكذا (على ترتيب الإرث) بأن لا يعطي لأولاد الأخوة ما دام أخ أو أخت موجود، ولا
يعطي لأحفاد الأخوة ما دام واحد من أولاد الأخ موجود، وهكذا (يتساوون) ذكورا وإناثا.
(59) الدوام، بأن لا يجعل للوقف مدة (التنجيز) أي: لا يجعل الوقف مشروطا ومعلقا (والإقباض) بأن يقبضه الموقوف عليه
(وإخراجه عن نفسه) بأن لا يكون وقفا على نفسه.
(60) متوقعة: أي يتوقع حدوثها، كأن يقول: (هذه الدار وقف إلى أن تنهدم).
(61) كأن يقول: (هذه الدار وقف لأولادي إلى مئة بطن)، فإن المئة بطن تنقرض غالبا (يطلقه في عقبة) أي: يقول: (هذه وقف
لأولادي) ولا يقول إنه إذا انقرض أولاده ماذا يصنع به.
(62) أي: الذين سماهم وذكرهم.
(63) فيصير ملكا طلقا للورثة.
(64) لأنه مناف للتنجيز، والمثالان: أحدهما لما يتحقق وقوعه والثاني لما يتوقع وقوعه.
448
والقبض شرط في صحته، فلو وقف ولم يقبض (65)، ثم مات كان ميراثا. ولو وقف
على أولاده الأصاغر (66)، كان قبضه قبضا عنهم. وكذا الجد للأب (67)، وفي الوصي تردد،
أظهره الصحة.
ولو وقف على نفسه، لم يصح (68). وكذا لو وقف على نفسه ثم على غيره، وقيل:
يبطل في حق نفسه، ويصح في حق غيره (69)، والأول أشبه، وكذا لو وقف على غيره،
وشرط قضاء ديونه (70) أو إدرار مؤنته لم يصح. أما لو وقف على الفقراء ثم صار فقيرا، أو
على الفقهاء ثم صار فقيها، صح له المشاركة في الانتفاع.
ولو شرط عوده إليه عند حاجته (71)، صح الشرط وبطل الوقف، وصار حبسا يعود إليه
مع الحاجة ويورث. ولو شرط إخراج من يريد (72)، بطل الوقف. ولو شرط إدخال من
سيولد مع الموقوف عليهم جاز، سواء وقف على أولاده أو على غيرهم (73).
أما لو شرط نقله عن الموقوف عليهم إلى من سيولد (74)، لم يجز وبطل الوقف، وقيل:
إذا وقف على أولاده الأصاغر، جاز أن يشرك معهم وإن لم يشترط (75)، وليس بمعتمد.
والقبض معتبر في الموقوف عليهم أولا (76)، ويسقط اعتبار ذلك في بقية الطبقات.



(65) بكسر الباء المشددة يعني، لم يعطه للموقوف عليه.
(66) وهم الذين لم يكونوا بالغين البلوغ الشرعي (كأن قبضه) أي: قبض الأب الواقف، لأنه وليهم.
(67) يعني: لو وقف على أحفاده، كأن قبضه بنفسه قبضا عنهم لأنه ولي أيضا كالأب (وفي الوصي تردد) هل لو وقف على صغار
هو ولي عليهم يكون قبضه قبضا عنهم، أو لا، وسبب التردد كما في الجواهر - هو اتحاد الموجب والقابل، ولذا لم يختلفوا في
جواز قبض الوصي عن الصغار إذا وقف عليهم شخص آخر.
(68) لما مر من أنه يلزم في الوقف الإخراج عن نفسه.
(69) ويتسلم بعد موت الواقف.
(70) أي: من الوقف (وأدرار مؤنته) أي: أخذ مصارفة من أكله، ولباسه، ومسكنه، ونحوها.
(71) يعني: إذا احتاج وصار فقيرا، وهذا لا يسمى وقفا لأن، شرط الوقف أن يكون إلى الأبد على المشهور بل يسمى (حبسا)
شرعا وسيأتي مفصلا في كتاب السكنى والحبس قريبا.
(72) مثلا يقول (وقف على أولادي بشرط أن يكون لي حق إخراج أيهم أردت إخراجه).
(73) كما لو وقفه على الفقهاء وشرط أن يكون له حق إدخال من سيولد من أولاده في الموقوف عليهم.
(74) كما لو قال (وقف على أولادي الموجودين، فإن ولد لي ولد صار الوقف كله لي فقط). (75) أي: يشرك معهم من سيولد بعد صيغة الوقف، وإن لم يذكره شرطا في صيغة الوقف (وليس) هنا القول (بمعتمد) أي: لا
نعتمد نحن عليه.
(76) أي: الطبقة الأولى، فلو وقف على أولاده، وأولاد أولاده، وجب قبض الأولاد له (اعتبار ذلك) أي: القبض (في بقية
الطبقات) بالوقف صحيح حتى مع عدم قبضهم بل عدم وجودهم.
449
ولو وقف على الفقراء أو على الفقهاء، فلا بد من نصب قيم (77) لقبض الوقف. ولو
كان الوقف على مصلحة (78)، كفى إيقاع الوقف عن اشتراط القبول، وكان القبض إلى
الناظر في تلك المصلحة.
ولو وقف مسجدا صح الوقف ولو صلى فيه واحد (79). وكذا لو وقف مقبرة تصير وقفا
بالدفن فيها ولو واحدا. ولو صرف الناس في الصلاة في المسجد أو في الدفن ولم يتلفظ بالوقف
لم يخرج عن ملكه (80). وكذا لو تلفظ بالعقد ولم يقبضه.
النظر الثالث
في اللواحق وفيه مسائل:
الأولى: الوقف (81) ينتقل إلى ملك الموقوف عليه، لأن فائدة الملك موجودة فيه، والمنع
من البيع لا ينافيه كما في أم الولد. وقد يصح بيعه على وجه (82). فلو وقف حصة من عبد ثم
أعتقه، لم يصح العتق لخروجه عن ملكه. ولو أعتقه الموقوف عليه لم يصح أيضا، لتعلق حق
البطون (83) به. ولو أعتقه الشريك مضى العتق في حصته ولم يقوم عليه، لأن العتق لا ينفذ
فيه مباشرة، فالأولى أن لا ينفذ فيه سراية (84). ويلزم من القول بانتقاله إلى الموقوف عليهم
افتكاكه من الرق، ويفرق بين العتق مباشرة وبينه سراية، بأن العتق مباشرة يتوقف على
انحصار الملك في المباشر، أو فيه وفي شريكه، وليس كذلك افتكاكه، فإنه إزالة للرق شرعا
فيسري في باقيه، فيضمن الشريك القيمة، لأنه يجري مجري الاتلاف، وفيه تردد (85).



(77) يعني: متولي، ولو لم ينصها كان القبض للحاكم الشرعي، لأنه ولي كل ما لا ولي له، ولا يكفي قبض بعض الفقهاء، أو
بعض الفقراء، لأنه ليس وقفا عليه فقط.
(78) كالوقف على مسجد، أو مدرسة، أو نحوهما (الناظر في تلك المصلحة) أي: متولي ذلك المسجد، أو تلك المدرسة.
(79) فصلاة شخص واحد فيه قبض له.
(80) بل يحتاج الوقف إلى الصيغة فلا يكفي المعاطاة فيه (ولم يقبضه) أي: لم يعطه للجهة التي يجب، كما لو وقف مسجد، وأغلق
الباب فلم يصل فيه أحد، أو وقف مقبرة ولم يدفن فيه أحد، وهكذا.
(81) هذا في الوقف على أشخاص، كالوقف على أولاده، أو الفقهاء، أو الفقراء، ونحو ذلك (فائدة الملك) كالنماء، والضمان
له، ونحوهما (كما في أم الولد) فإنها ملك مع أنه لا يجوز بيعها.
(82) كالاختلاف بين الموقوف عليهم بحيث يخشى خراب الوقف، وغير ذلك مما سيأتي ذكره في المسألة الثامنة.
(83) أي: البطون الآتية.
(84) يعني: لو كان العبد كله وقفا على زيد لم يجز لزيد عتقه، لتعلق حق البطون الآتية به، وهذا معنى (عتقه مباشرة) فكيف
بالسراية ينعتق القسم الموقوف من العبد وقد تعلق به حق البطون الآتية.
(85) أي: في افتكاك العبد الموقوف عليه بالسراية تردد وفي الجواهر: بل منع، لورود أدلة الوقف على عامة الأدلة، بقرينة (لا
توهب، ولا تباع لا تورث) سواء الافتكاك والاختياري وغيره.
450
الثانية: إذا وقف مملوكا، كانت نفقته في كسبه، اشترط ذلك أو لم يشترط. ولو عجز
عن الاكتساب كانت نفقته على الموقوف عليهم. ولو قيل في المسألتين كذلك (86)، كان
أشبه، لأن نفقة المملوك تلزم المالك. ولو صار مقعدا (87) انعتق عندنا، وسقطت عنه الخدمة
وعن مولاه نفقته.
الثالثة: لو جنى العبد الموقوف عمدا، لزمه القصاص (88)، فإن كانت دون النفس بقي
الباقي وقفا. وإن كانت نفسا، اقتص منه وبطل الوقف، وليس للمجني عليه استرقاقه (89).
وإن كانت الجناية خطأ، تعلقت بمال الموقوف عليه، لتعذر استيفائها من رقبته، وقيل: يتعلق
بكسبه (90)، لأن المولى لا يعقل عبدا. ولا يجوز إهدار الجناية، ولا طريق إلى عتقه فيتوقع
وهو أشبه.
أما لو جني عليه، فإن أوجبت الجناية أرشا (91)، فللموجودين من الموقوف عليهم.
وإن كانت نفسا توجب القصاص فإليهم، وإن وجبت دية (92) أخذت من الجاني. وهل يقام
بها مقامه؟ قيل: نعم لأن الدية عوض رقبته، وهي ملك للبطون، وقيل: لا، بل تكون
للموجودين من الموقوف عليهم، وهو أشبه، لأن الوقف لم يتناول القيمة (93).
الرابعة: إذا وقف في سبيل الله، انصرف إلى ما يكون وصلة إلى الثواب، كالغزاة
والحج والعمرة وبناء المساجد والقناطر. وكذا لو قال في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير
كان واحدا، ولا تجب قسمة الفائدة أثلاثا (94).



(86) يعني: بالمسألتين هما: قدرة العبد على الكسب، وعدم قدرته.
(87) يعني: لو صار العبد الموقوف (مقعدا) أي: شللا لا يمكنه النهوض، أو المشي، ونحو ذلك (عندنا) نحن الشيعة (وسقطت
لأنه أصبح حرا.
(88) أي: يقتص منه (دون النفس) أي: غير القتل، كما لو قطع يد شخص فقطعت يده قصاصا مثلا.
(89) أي: جعله رقا لنفسه - كما كان يجوز ذلك بالنسبة لكل عبد ليس بوقف -
(90) أي: بكسب العبد الموقوف (لا يعقل) أي: لا يجبر على إعطاء ثمن الجناية (فيتوقع) أي: فيتعين كسب العبد الموقوف
وإعطاء ثمن الجناية.
(91) كما لو قطع حر يد العبد الموقوف، فإنه لا يقطع حر بعبد، بل يؤخذ منه نصف قيمته، وهذا المال يسمى بالأرش،
(فإليهم) يعي: يجوز لهم أن يقتصوا.
(92) كما لو قتل حر العبد الموقوف (وهل يقام) أي: يشتري عبدا آخر مكان هذا العبد ويجعل وقفا بدله.
(93) يعني: عين العبد وقف، وقيمته ليست وقفا حتى يجب شراء عبد بها.
(94) ثلثا لسبيل الله، وثلثا لسبيل الثواب، وثلثا لسبيل الخير، فالخير، والثواب كلاهما في سبيل الله تعالى.
451
الخامسة: إذا كان له موال (95) من أعلى، وهم المعتقون له، وموال من أسفل،
وهم الذين أعتقهم، ثم وقف على مواليه، فإن علم أنه أراد أحدهما، انصرف الوقف إليه،
وإن لم يعلم انصرف إليهما (96).
السادسة: إذا وقف على أولاد أولاده اشترك أولاد البنين والبنات، ذكورهم وإناثهم،
من غير تفضيل. أما لو قال من انتسب إلي منهم، لم يدخل أولاد البنات (97). ولو وقف على
أولاده، انصرف إلى أولاده لصلبه، ولم يدخل معهم أولاد الأولاد، وقيل: بل يشترك الجميع
والأول أظهر، لأن ولد الولد لا يفهم من إطلاق لفظ الولد. ولو قال: على أولادي وأولاد
أولادي، اختص بالبطنين. ولو قال: على أولادي فإذا انقرضوا وانقرض أولاد أولادي،
فعلى الفقراء، فالوقف لأولاده، فإذا انقرضوا، قيل: يصرف إلى أولاد أولاده، فإذا
انقرضوا فإلى الفقراء وقيل: لا يصرف إلى أولاد الأولاد، لأن الوقف لم يتناولهم، لكن يكون
انقراضهم شرطا لصرفه إلى الفقراء، وهو أشبه.
السابعة: إذا وقف مسجدا فخرب، أو خربت القرية أو المحلة لم يعد إلى ملك
الواقف، ولا تخرج العرصة عن الوقف. ولو أخذ السيل ميتا، فيئس منه، كان الكفن
للورثة.
الثامنة: لو انهدمت الدار (98)، لم تخرج العرصة عن الوقف، ولم يجز بيعها. ولو وقع
بين الموقوف عليهم خلف، بحيث يخشى خرابه، جاز بيعه. ولو لم يقع خلف، ولا يخشى
خرابه، بل كان البيع أنفع لهم، قيل: يجوز بيعه، والوجه المنع. ولو انقلعت نخلة من
الوقف، قيل: يجوز بيعها، لتعذر الانتفاع إلا بالبيع، وقيل: لا يجوز، لإمكان الانتفاع
بالإجارة للتسقيف (99) وشبهه، وهو أشبه.
التاسعة: إذا آجر البطن الأول (100) الوقف مدة، ثم انقرضوا في أثنائها، فإن قلنا:



(95) كلمة (مولى) من الأضداد، يطلق على العبد، وعلى المولى فلو كان لزيد عبد اسمه عمرو، يقال (عمرو مولى زيد) كما يقال
(زيد مولى عمرو) (والمعتقون له) يعني: كان عبدا مشتركا بين جماعة فاعتقوه.
(96) وقسم بين النوعين من الموالي.
(97) بل اختص بأحفاده من أولاده، الذكور، لأن هؤلاء الأحفاد ينتسبون إليه.
(98) أي: الدار الموقوفة (العرصة) أي: الأرض (خلف) أي: اختلاف (خرابه) خراب الوقف (وأنفع لهم) كما لو كانت
الدار الموقوفة فائدتها كل سنة ألف دينار، ولو باعوها صارت فائدة ثمنها بالنسبة ألفي دينار.
(99) يعني: جعلهما في السقف (وشبهه) كجعلها جسرا وقنطرة على نهر.
(100) أي: الطبقة الأولى، كما لو كانت الدار وقفا على أولاده فنازلا، فآجر الأولاد الدار عشرين سنة، وقبل تمام العشرين مات كل الأولاد،
وجاء مكانهم أولاد الأولاد، (فلا كلام) أي: يبطل الإجارة بالنسبة لما تبقى منها.
452
الموت يبطل الإجارة فلا كلام، وإن لم نقل فهل يبطل هنا؟ فيه تردد، أظهره البطلان، لأنا
بينا إن هذه المدة ليست للموجودين، فيكون للبطن الثاني الخيار، بين الإجازة في الباقي وبين
الفسخ فيه، ويرجع (101) المستأجر على تركة الأولين بما قابل المتخلف.
العاشرة: إذا وقف على الفقراء، انصرف إلى فقراء البلد ومن يحضره (102). وكذا لو
وقف على العلويين (103). وكذا لو وقف على بني أب منتشرين، صرف إلى الموجودين، ولا
يجب تتبع من لم يحضر لموضع المشقة. ولا يجوز للموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة (104)، لأنه
لا يختص بملكها. ولو أولدها، كان الولد حرا ولا قيمة عليه (105)، لأنه لا يجب له على نفسه
غرم. وهل تصير أم ولد؟ قيل: نعم وتنعتق بموته (106)، وتؤخذ القيمة من تركته لمن يليه
من البطون، وفيه تردد. ويجوز تزويج الأمة الموقوفة، ومهرها للموجودين من أرباب
الوقف (107)، لأنه فائدة كأجرة الدار. وكذا ولدها من نمائها، إذا كان من مملوك أو من زنا،
ويختص به البطن الذين يولد معهم. فإن كان من حر بوطء صحيح (108)، كان حرا، إلا أن
يشترطوا رقيته في العقد. ولو وطأها الحر بشبهة (109)، كان ولدها حرا، وعليه قيمته
للموقوف عليهم. ولو وطأها الواقف كان كالأجنبي (110).



(101) يعني: لو فسخ البطن الثاني، يرجع المستأجر بما يقابل بقية الإجارة ويأخذ من أموال تركها البطن الأول، لأنه كالدين.
(102) أي: من يكون حاضرا في البلد وقت التقسيم وإن كان من فقراء بلد آخر.
(103) يوزع على العلويين الحاضرين في البلد (بني أب) كبني تغلب، وآل الشيرازي، وآل بحر العلوم، ونحو ذلك (منتشرين)
في بلاد مختلفة (لموضع المشقة) أي: لأجل مشقة التتبع ولا يجب التتبع.
(104) يعني: لو وقف أمة على زيد، ثم على أولاد زيد، فلا يجوز لزيد وطأها، لأنها ملك لأولاد أيضا. بعد موت زيد.
(105) لو وطئ شخص أمة شخص آخر، صار الولد حرا تبعا للواطئ، ووجب عليه أن يعطي لمالك الأمة قيمة الولد عند
ولادته - لو كان رقا -. هذا الأمر لا يجب لو وطئ، الموقوف عليه الأمة الموقوفة، لأن الواطي هو المالك، ولا معنى لأن
يعطي لنفسه قيمة الولد.
(106) أي: بموت الموقوف عليه، وتؤخذ قيمة الأمة من أموال الواطئ، وتجعل تلك القيمة للبطون التي كانت الأمة وقفا عليها
(وفيه تردد) أي: في صيرورتها أم ولد بذلك تردد، لأن حق الوقف سابق، فلا تصير أم ولد.
(107) لا لكل البطون، وأرباب الوقف ليس الواقف، بل الذين كانت هذه الأمة وقفا عليهم (وكذا) يكون للموجودين (ولدها)
لأنه (من نمائها) والنماء للموجودين (من مملوك) أي: كان زوجها عبدا (أو من زنا) لأنه لا يلحق بالزاني، فيكون مملوكا
كأمه (يولد معهم): أي: يولد في زمان وجودهم.
(108) هو الوطئ بالزوجية، أو بالشبهة، لأنها بحكم الوطئ، بالزوجية، أو بالتحليل (إلا أن يشترطوا) كأن يقولوا للزوج
الحر: (زوجناك هذه الأمة بشرط أن يكون ولدك منها قنا لنا لا حرا).
(109) كما لو تخيلها زوجته، أو كل شخصا لعقدها فتخيل أنه عقدها فوطأها، ثم تبين إنه نسي ولم يعقدها، أو كان الوطئ قبل
العقد، إلى غير ذلك من أنواع الشبهة.
(110) لأنها خرجت عن ملكه بالوقف.
453
كتاب العطية
وأما الصدقة (111) فهي: عقد يفتقر إلى إيجاب وقبول واقباض. ولو قبضها المعطى له
من غير رضا المالك (112)، لم تنتقل إليه ومن شرطها نية القربة (113)، ولا يجوز الرجوع فيها
بعد القبض على الأصح، لأن المقصود بها الأجر وقد حصل، فهي كالمعوض عنها (114).
والصدقة المفروضة محرمة على بني هاشم (114)، إلا صدقة الهاشمي أو صدقة غيره عند
الاضطرار، ولا بأس بالصدقة المندوبة عليهم (116).
مسائل ثلاث:
الأولى: لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض (117)، سواء عوض عنها أو لم
يعوض، لرحم كانت أو لأجنبي، على الأصح.
الثانية: تجوز الصدقة على الذمي وإن كان أجنبيا، لقوله عليه السلام (على كل كبد
حرى أجر) (118)، ولقوله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين).
الثالثة: صدقة السر أفضل من الجهر (119)، إلا أن يتهم في ترك المواساة، فيظهرها
دفعا للتهمة.



(111) وهي إعطاء مال لشخص في سبيل الله تعالى (إيجاب وقبول واقباض) في الجواهر عن جمع: ولو تم ذلك كله بالمعاطاة.
(112) كما لو قال زيد لعمرو: (هذا الكتاب لك صدقة) فقال عمرو (قبلت) ثم أخذ عمرو الكتاب بدون رضا زيد.
(113) فلو لم يقصد القربة - حتى بنحو الداعي - كانت باطلة، فلا يملكها الآخذ.
(114) يعني: كما أن الهبة المعوضة لا يجوز الرجوع فيها لأنه أخذ العوض، كذلك عوض الصدقة الثواب، ويحصل الثواب بمجرد
إعطاء الصدقة، فقد حصل عوضها فلا يجوز استرجاع الصدقة.
(115) إذا كانت من غير هاشمي (والمفروض) هي زكاة المال، وقال جمع كل صدقة واجبة حتى الكفارات، وزكاة الفطرة،
ونحوهما (عند الاضطرار) وهو ما إذا كان الهاشمي محتاجا لضروريات حياته ولم يكن هاشمي يعطيه الصدقة، ولا طريق
آخر له لتأمين ضروري حياته.
(116) أي: على الهاشميين وإن كانت من غير هاشمي.
(117) أي: بعد أخذ المتصدق عليه لها (عوض عنها) كما لو قال (هذا الكتاب لك صدقة مقابل ذاك الفرش) فقال (قبلت).
(118) الكبد) مؤنث سماعي (وحري): أي جارة من العطش، فلو كان ذمي عطشانا فتصدق عليه مسلم بماء كان لهذه
الصدقة أجر وثواب بظاهر هذا الحديث الشريف النبوي، ولا فرق بين الصدقة بالماء أو غيره، و (لم يقاتلوكم في الدين)
أي: ليسوا محاربين لكم، ومنهم الذمي).
(119) (صدقة السر): أي إخفاؤها عن أنظار الناس قال تعالى: (وإن تخفوها وتأتوها الفقراء فهو خير لكم) وفي الحديث الشريف
(صدقة السر تطفئ غضب الرب) (ترك المواساة) يعني: يعرف بين الناس بأنه لا يتصدق، فيتصدق دفعا لهذه التهمة، لقوله عليه
السلام (رحم الله من حب الغيبة عن نفسه).
454
كتاب السكنى والحبس
وهي (1): عقد يفتقر إلى الإيجاب والقبول والقبض. وفائدتها التسليط على استيفاء المنفعة، مع بقاء الملك على مالكه. ويختلف عليها الأسماء بحسب اختلاف الإضافة (2). فإذا
اقترنت بالعمر قيل عمرى، وبالإسكان قيل سكنى، وبالمدة قيل: رقبى، إما من الارتقاب
أو من رقبة الملك.
والعبارة عن العقد أن يقول: أسكنتك أو أعمرتك أو أرقبتك أو ما جرى مجرى ذلك،
هذه الدار أو هذه الأرض أو هذا المسكن عمرك وعمري أو مدة معينة فيلزم بالقبض، وقيل:
لا يلزم (3)، وقيل: يلزم إن قصد به القربة، والأول أشهر.
ولو قال: لك سكنى هذه الدار ما بقيت أو حييت (4)، جاز وترجع إلى المسكن بعد
موت الساكن. عليه الأشبه. أما لو قال: فإذا مت رجعت إلي، فإنها ترجع قطعا. ولو
قال: أعمرتك هذه الدار لك ولعقبك (5)، كان عمري ولم تنتقل إلى المعمر، وكان كما لو لم
يذكر العقب، على الأشبه.
وإذا عين للسكنى مدة، لزمت بالقبض (6).



كتاب السكنى والحبس
(السكنى) هي أن يأتي بشخص ويجعله ساكنا في داره، أو بستانه، أو أرضه، مدة عمر المالك، أو مدة عمر الشخص،
أو مدة معينة أخرى كخمس سنين، أو عشر، أو غيرهما.
(والحبس) إنما هو في غير الأرض والدار والبستان ونحوها، كالفرس، والكتاب، والفرش، ونحو ذلك.
(والفرق) بين الوقف، وبين السكنى والحبس، هو أن الوقف لا يصح إلا أبدا على المشهور، والسكنى والحبس هو إلى
مدة، والوقوف إخراج عن المالك، بخلافهما فإن الملك باق فيهما.
(1) يعني السكنى.
(2) أي: النسبة (الارتقاب) أي: مراقبة تلك المدة (أو رقبة الملك) يعني: كون عين الملك بيده ينتفع بها.
(3) أي: لا يصير لازما، بل يجوز الفسخ متى أراد.
(4) أي: بقيت أنت، أو حييت أنت، ولا فرق بين اللفظين (المسكن) أي: المالك. (5) أي: لأولادك (كان عمري) أي: الملك يبقى للمالك، والانتفاع ينتقل فقط (ولم تنتقل) عين الأرض (إلى المعمر) بالفتح،
وبعد انقراض عقبه يرجع إلى ورثة المالك.
(6) فإذا لم يقبض بعد لم يصر لازما، وإذا قبض صار لازما.
455
ولا يجوز الرجوع فيها إلا بعد انقضائها. وكذا لو جعلها عمر المالك لم ترجع، وإن
مات المعمر (7). وينتقل ما كان له إلى ورثته حتى يموت المالك. ولو قرنها بعمر المعمر (8) ثم
مات، لم تكن لوارثه ورجعت إلى المالك.
ولو أطلق المدة ولم يعينها (9)، كان له الرجوع متى شاء. وكل ما يصح وقفه (10)، يصح
إعماره من دار ومملوك وأثاث. ولا تبطل بالبيع (11)، بل يجب أن يوفى المعمر ما شرط له.
وإطلاق السكنى يقتضي أن يسكن بنفسه وأهله وأولاده. ولا يجوز أن يسكن غيرهم إلا
أن يشترط ذلك. ولا يجوز أن يؤجر السكنى، كما لا يجوز أن يسكن (12) غيره، إلا بإذن
المسكن.
وإذا حبس (13) فرسه في سبيل الله تعالى، أو غلامه في خدمة البيت أو المسجد، لزم
ذلك. ولم يجز تغييره ما دامت العين (14) باقية.
أما لو حبس شيئا على رجل، ولم يعين وقتا، ثم مات الحابس (15) كان ميراثا. وكذا لو
عين مدة وانقضت، كان ميراثا لورثة الحابس.



(7) بالفتح، فلو قال زيد لعمرو: (أسكنتك هذه الدار عمري) فمات عمرو ولا ترجع الدار بل تصير لورثة عمر وينفعون بها حتى
يموت زيد المالك.
(8) بالفتح، بأن قال (أسكنتك هذه الدار عمرك) فمات عمرو رجعت الدار إلى زيد.
(9) كما لو قال (أسكنتك هذ الدار). (10) وهو ما كان فيه أربعة شروط (عينا، مملوكة، ينتفع بها مع بقائها، ويصح إقباضها) لا كالدين، فإنه ليس بعين، ولا
الخنزير لأنه ليس بمملوك، ولا كالثلج، ولا كالطير في الجو، وقد مر تفاصيل عن هذه الأربعة في كتاب الوقوف والصدقات
عند رقم (15) وما بعده.
(11) مثلا: جعل زيد داره سكنى لعمرو، ثم باع الدار لعلي، لا تبطل السكنى، بل بالبيع ينتقل الملك المجرد بلا منفعة إلى
علي، وبعد تمام المدة تنتقل المنافع إلى علي (يوفي المعمر) بالفتح).
(12) أي: يجعلها سكنى لغيره.
(13) هذا شروع في الكلام عن الحبس.
(14) أي: غير الفرس، والغلام.
(15) أي: المالك (ولو عين مدة) كما لو قال (فرسي حبس على زيد عشر سنوات) فمات المالك قبل عشر سنوات، لا ينتقض
عقد الحبس، بل يبقى الفرس حبسا فإذا تمت السنوات العشر رجع الفرس إلى ورثة المالك.
456
كتاب الهبات (1)
والنظر في الحقيقة والحكم
الأول
الهبة: هي العقد المقتضي تمليك العين من غير عوض، تمليكا منجزا مجردا عن
القربة (2). وقد يعبر عنها بالنحلة والعطية.
وهي تفتقر إلى الإيجاب والقبول والقبض.
فالإيجاب: كل لفظ قصد به التمليك المذكور، كقوله مثلا: وهبتك وملكتك (3). ولا
يصح العقد إلا من بالغ كامل العقل جائز التصرف (4). ولو وهب ما في الذمة (5)، فإن
كانت لغير من عليه الحق، لم يصح على الأشبه، لأنها مشروطة بالقبض. وإن كانت له صح
وصرفت إلى الإبراء ولا يشترط في الإبراء القبول. على الأصح (6).
ولا حكم للهبة ما لم تقبض (7). ولو أقر بالهبة والإقباض، حكم عليه بإقراره، ولو
كانت في يد الواهب (8). ولو أنكر بعد ذلك لم يقبل. ولو مات الواهب، بعد العقد وقبل



كتاب الهبات
(1) في الجواهر: (جمعها باعتبار اختلاف حكم إفرادها وإلا فهي حقيقة واحدة كالبيع ونحوه).
(2) منجزا) أي: غير معلق على شرط، وإلا بطلت (مجردا عن قصد القربة) وإلا كانت صدقة (بالنحلة والعطية) وإن كان بين
هذه الألفاظ فروق دقيقة تعرض لبعضها في الجواهر، ولأكثر في كتب اللغة المفصلة وليس هذا الشرح المختصر محل بيانها.
(3) مثاله (وهبتك هذه الدار) أو (ملكتك هذه الدار).
(4) فهبة الصبي باطلة، وكذا هبة المجنون، وهكذا هبة من لا يجوز له التصرف كغير المالك، والمالك المحجور عليه لسفه، أو
فلس، أو مرض كمرض الموت على قول فيما زاد على الثلث، ونحو ذلك. (5) لو كان لزيد مئة دينار في ذمة عمرو، لا يجوز هبتها إلى علي، لأنه لا يمكن لعلي قبض ما في ذمة عمرو، لأنه لو أعطى عمرو
مئة إلى علي كانت هذه أحد مصاريف ما في الذمة، لا نفس ما في الذمة، ولو وهب زيد المئة إلى نفس عمرو، وقال له مثلا
(وهبتك ما في ذمتك لي) صحت الهبة، وكانت بمعنى (الإبراء).
(6) لأنه إسقاط حق، لا نقل ملك.
(7) (لا حكم) يعني: لا ينتقل المال إلا بقبضه، لا بمجرد عقد الهبة.
(8) يعني: حتى ولو كانت العين في يد الواهب لم يعطها بعد، أو أعطاها واسترجعها
457
القبض، كانت ميراثا (9).
ويشترط في صحة القبض إذن الواهب، فلو قبض الموهوب من غير إذنه، لم ينتقل
إلى الموهوب له. ولو وهب ما هو في يد الموهوب له صح (10)، ولم يفتقر إلى إذن الواهب
في القبض، ولا أن يمضي زمان يمكن فيه القبض، وربما صار إلى ذلك بعض
الأصحاب (11).
وكذا لو وهب الأب أو الجد للولد الصغير، لزم بالعقد، لأن قبض الولي قبض
عنه (12).
ولو وهبه غير الأب أو الجد، لم يكن له بد من القبض عنه، سواء كان له ولاية أو لم
تكن (13)، ويتولى ذلك الولي أو الحاكم.
وهبة المشاع جائزة (14)، وقبضه كقبضه في البيع.
ولو وهب لاثنين شيئا، فقبلا وقبضا، ملك كل واحد منهما ما وهب له (15). فإن قبل
أحدهما وقبض، وامتنع الآخر، صحت الهبة للقابض. ويجوز تفضيل بعض الولد على
بعض في العطية على كراهية (16).
وإذا قبضت الهبة فإن كانت للأبوين، لم يكن للواهب الرجوع إجماعا. وكذا إن كان
ذا رحم غيرهما، وفيه خلاف (17). وإن كان أجنبيا فله الرجوع ما دامت العين باقية، فإن



(9) لبطلان عقد الهبة بالموت قبل قبضها.
(10) مثاله: كان لزيد كتاب في يد عمرو - باستعارة، أو وديعة، أو غصب، أو غير ذلك - فوهبه زيد لعمرو.
(11) يعني قال بعض فقهاء الشيعة: يجب مضي زمان بمقدار كأن يمكن فيه القبض لو لم يكن عنده ويختلف ذلك الزمان باختلاف
الأموال، والأفراد، فلو وهبه كتابا في نفس البلد فمضى مقدار ساعة مثلا كاف، ولو وهبه كتابا في بلد آخر ولم يكن مضى
يوم أو يومين أحيانا إذا كان الكتاب في بلد بعيد، وهكذا.
(12) والموهوب عنده، ولا يحتاج إلى قبض الصغير، لأن قبضه كالقبض فعمل الصبي خطأ.
(13) كأن له ولاية كالوصي، أو لم تكن كأي شخص غير ولي، فلو كان زيد وصيا على صغير، ووهب للصغير من نفسه شيئا، لم
يكن قبض نفسه عن الصبي، بل يجب - على قول المصنف - إن يقبض الحاكم الشرعي، وفي المتن هفوة تطلب من الجواهر
ونحوه.
(14) كما لو كانت دار مشتركة بين اثنين فوهب أحدهما حصته.
(15) وملكاه بالإشاعة إن لم يعين الواجب لكل منها شيئا منه، كما لو وهبهما دارا، وأطلق، وإلا كان كما عين، كما لو وهبهما دارا
على أن يكون جنوبها لزيد وبشمالها لعمرو (صحت الهبة للقابض) وبطلت الهبة في حصة الثاني.
(16) يعني: يكره للأب والأم أن يعطياه أحد أولادهم شيئا أكثر مما يعطيان لبقية الأولاد، بل يستحب التساوي بينهم، لكيلا ينشرا
الحسد بينهم.
(17) فعن بعض الفقهاء جواز الرجوع في الهبة للولد الكبير.
458
تلفت فلا رجوع. وكذا إن عوض عنها (18) ولو كان العوض يسيرا.
وهل يلزم بالتصرف (19)؟ قيل: نعم، وقيل: لا يلزم، وهو الأشبه.
ويستحب: العطية لذوي الرحم، ويتأكد في الولد والوالد (20)، والتسوية بين الأولاد
في العطية. ويكره الرجوع فيما تهبه الزوجة لزوجها، والزوج لزوجته، وقيل: يجريان
مجرى ذوي الرحم (21)، والأول أشبه.
الثاني
في حكم الهبات وهي مسائل:
الأولى: لو وهب فأقبض ثم باع من آخر، فإن كان الموهوب له رحما، لم يصح
البيع (22). وكذا إن كان أجنبيا وقد عوض. أما لو كان أجنبيا ولم يعوض، قيل: يبطل لأنه
باع ما لا يملك، وقيل: يصح لأن له الرجوع، والأول أشبه (23). ولو كانت الهبة فاسدة
صح البيع على الأحوال (24)، وكذا القول فيمن باع ماله مورثه، وهو يعتقد بقاءه (25). وكذا
إذا أوصى برقبة معتقة، وظهر فساد عتقه.
الثانية: إذا تراخى (26) القبض عن العقد ثم أقبض، حكم بانتقال الملك من حين
القبض، لا من حين العقد. وليس كذلك الوصية (27)، فإنه يحكم بانتقالها بالموت مع



(18) (وكذا) يعني: لا يجوز الرجوع (يسيرا) كما لو قال: (وهبتك هذه الدار عوض تفاحة) فإنه لا يجوز له الرجوع فيها.
(19) ومعنى اللزوم: عدم جواز الرجوع في الهبة.
(20) يعني: إعطاء الولد الهدية لولده، وبالعكس (والتسوية) حتى بين الذكور والإناث.
(21) فلا يجوز الرجوع.
(22) لأنه لا يجوز الرجوع، فبيعه بيع الملك الغير (وقد عوض) أي: كانت هبة معوضة لأنها أيضا لا يجوز الرجوع فيها.
(23) يعني: الأصح بطلان الهبة لقوله عليه السلام (لا هبة إلا في ملك) وهو وإن جاز له الرجوع، لكنه بالرجوع يحصل
الملك، فقبله، لا ملك، فلا تصح الهبة.
(24) سواء كانت هبة للوالدين، أو ذي الرحم، أو معوضة، أو غيرها، لأن الملك لم ينتقل، فصح البيع.
(25) ثم تبين كونه ميتا (وكذا) يعني تصح الوصية، فيما لو أعتق عبده، ثم أوصى أن يعطى هذا العبد بعد الموت إلى زيد، ثم
تبين إن العتق كان فاسدا، لكونه - مثلا - غير منجز، أو غير معين، ونحو ذلك.
(26) أي: تأخر القبض، مثلا قال يوم الخميس (وهبتك هذه الدجاجة) ولكن يوم الجمعة قبضها فإن الملك ينتقل في يوم
الجمعة، وأثر ذلك إن الدجاجة لو باضت ليلة الجمعة كانت البيضة للواهب.
(27) يعني: في الوصية الملك لا يتوقف على القبض (وإن تأخر) القبض، فلو أوصى بإعطاء دجاجة لزيد، وقبل زيد هذه
الوصية، ومات يوم الخميس وقبض الدجاجة الجمعة انتقلت الدجاجة إلى زيد يوم الخميس، فلو باضت الدجاجة ليلة الجمعة
كانت البيضة لزيد.
459
القبول، وإن تأخر.
الثالثة: لو قال (28): وهبت ولم أقبضه، كان القول قوله، وللمقر له إحلافه إن ادعى
الإقباض وكذا لو قال: وهبته وملكته ثم أنكر القبض، لأنه يمكن أن يخبر عن
وهمه (29).
الرابعة: إذا رجع في الهبة وقد عابت (30) لم يرجع بالأرش، وإن زادت زيادة متصلة
فللواهب، وإن كانت منفصلة كالثمرة والولد فإن كانت متجددة كانت للموهوب له، وإن
كانت حاصلة وقت العقد كانت للواهب.
الخامسة: إذا وهب وأطلق (31)، لم تكن الهبة مشروطة بالثواب. فإن أثاب، لم
يكن للواهب الرجوع، وإن شرط الثواب صح، أطلق أو عين (32). وله الرجوع ما لم يدفع
إليه ما شرط، ومع الاشتراط مع غير تقدير، يدفع ما شاء ولو كان يسيرا، ولم يكن للواهب
مع قبضه الرجوع. ولا يجبر الموهوب له على دفع المشترط، بل يكون بالخيار. ولو تلفت
والحال (33) هذه أو عابت، لم يضمن الموهوب له، لأن ذلك حدث في ملكه، وفيه تردد.
السادسة: إذا صبغ الموهوب له الثوب، فإن قلنا: التصرف يمنع من الرجوع، فلا
رجوع (34) للواهب. وإن قلنا: لا يمنع إذا كان الموهوب له أجنبيا، كان شريكا بقيمة
الصبغ.
السابعة: إذ وهب في مرضه المخوف (35)، وبرأ صحت الهبة. وإن مات في مرضه



(28) يعني: قال المالك: وهبت أنا، ولكن لم أعط حتى ينتقل الملك.
(29) أي: توهمه وتخيله بأن عقد الهبة تمليك ولا تحتاج معه إلى القبض.
(30) كما لو انكسرت رجل الخروف الموهوب (الأرش) إلى قيمة العيب (زيادة متصلة كالسمنة) (متجددة) أي: حصلت بعد
القبض (حاصله وقت العقد) أو بعد العقد قبل القبض.
(31) أي: لم يقيد الهبة بالعوض، فلم يقل (وهبتك مقابل كذا) (بالثواب) أي: العوض (لم يكن للواهب الرجوع) لأنها
صارت هبة معوضة.
(32) (أطلق) كما لو قال: (وهبتك بشرط أن تثيبني (عين) كما لو قال: (وهبتك بشرط أن تثيبني دينار).
(33) يعني: لو تلفت الهبة، أو عابت والحال أنها مشروطة بالثواب (حدث في ملكه) أي: في ملك الموهوب له، والإنسان
لا يضمن ما في ملكه، لأن الضمان صحيح بالنسبة لملك الغير (وفيه تردد) لأحتمال الضمان لقوله التالي (أوفوا بالعقود)
ونحوه.
(34) أي: فلا يصح الرجوع (كان شريكا) أي: الموهوب له، فيرجع الثوب، ويشترك في قيمة بنسبة قيمة الصبغ، فلو
كان الثوب غير مصبوغ يساوي دينارا، ومصبوغا يساوي دينارا ونصفا. وكان ثلث قيمة الثوب للموهوب له، وثلثان للواهب.
(35) أي: الذي يخاف موته فيه.
460
ولم تجز الورثة، اعتبرت من الثلث (36)، على الأظهر.



(36) فإن كان قيمتها بقدر الثلث أو أقل لزمت الهبة، وإلا بطلت الهبة في الزائد عن الثلث وصحت بمقدار الثلث (على الأظهر)
مقابل قول آخر بأن منجزات المريض تكون من أصل المال.
461
كتاب السبق والرماية
وفائدتهما: بعث العزم على الاستعداد للقتال، والهداية لممارسة النضال (1).
وهي معاملة صحيحة، مستندها قوله عليه السلام: " لا سبق إلا في نصل أو خف أو
حافر "، وقولهم عليهم السلام: " إن الملائكة لتنفر عند الرهان (2) وتلعن صاحبه، ما خلا
الحافر والخف والريش والنصل ".
وتحقيق هذا الباب يستدعي فصولا:
الأول
في الألفاظ المستعملة فيه فالسابق: هو الذي يتقدم بالعنق والكتد (3)، وقيل: بإذنه،
والأول أكثر. والمصلي: الذي يحاذي رأسه صلوى السابق. والصلوان ما عن يمين الذنب
وشماله. والسبق: - بسكون الباء - المصدر (4) وبالتحريك: الغوض وهو الخطر. والمحلل:
الذي يدخل بين المتراهنين، إن سبق أخذ، وإن سبق لم يغرم. والغاية: مدى السباق (5).



كتاب السبق والرماية
(السبق) يعني المسابقة (والرماية) أي: ترامي النبال.
(1) أي: الحرب (قوله) يعني: النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
(2) أي: المراهنة على شئ (الحافر) يقال للحيوان الذي برجله مثل قدم الإنسان كالفرس (والخف) ما للبعير في رجله بمنزلة
الحافر لغيره (والريش) هو السهم الذي في أسفله ريشة (والنصل) هو السهم الذي في أسفله حديدة معترضة (ومعنى)
الحديثين الشريفين: هو أن المراهنة على الرمي بالريش والنصل، وعلى مسابقة الفرس والبعير حلال، والمراهنة على غيرها
حرام.
(3) أي: يتقدم فرسه أو بعيره (والكتد) كعنب هو مجمع الكتفين بين الظهر والعنق (والمصلي) على وزن الفاعل من باب التفعيل
(يحاذي رأسه) أي: رأس فرسه أو بعيره (والصلواة) هما العظمان الظاهران عن يمين الذنب وشماله.
(4) أي: مصدر سبق (وبالتحريك) أي: فتح الباء (العوض) وهو الذي تراهنا عليه (والمحلل) هو الذي يسير بفرسه بين
المتسابقين، فإن سبقهما جميعا أخذ العوض هو، وإن سبقه أحد المتراهنين لا يخسر شيئا، وإنما يسمى محللا لأن بوجوده تحل
المسابقة بالإجماع، ولو عدم ففيه خلاف.
(5) أي: منتهاه.
462
والمناضلة: المسابقة والمراماة، ويقال: سبق - بتشديد الباء - إذا أخر السبق (6)، وإذا
أحرزه أيضا. والرشق: - بكسر الراء - عدد الرمي، وبالفتح الرمي، ويقال رشق وجه
ويد، ويراد به الرمي على ولاء (7) حتى يفرغ الرشق.
ويوصف السهم: بالحابي، والخاصر، والخازق والخاسق، والمارق، والخارم.
فالحابي: ما زلج على الأرض ثم أصاب الغرض. والخاصر: ما أصاب أحد
جانبيه (8). والخازق: ما خدشه. والخاسق: ما فتحه وثبت فيه. والمارق: الذي يخرج من
الغرض نافذا. والخارم: الذي يخرج حاشيته، ويقال: المزدلف الذي يضرب الأرض ثم
يثيب إلى الغرض (9). والغرض: ما يقصد إصابته، وهو الرقعة. والهدف: ما يجعل فيه
الغرض من تراب أو غيره. والمبادرة: هي أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في
الرشق (10). والمحاطة: هي إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة.
الثاني
في ما يسابق به ويقتصر في الجواز على النصل والخف والحافر، وقوفا على مورد
الشرع (11).
ويدخل تحت النصل: السهم، والنشاب، والحراب (12)، والسيف.
ويتناول الخف: الإبل والفيلة اعتبارا باللفظ (13). وكذا يدل الحافر على الفرس والحمار
والبغل.



(6) بفتح الباء (أخرج السبق) أي: غرمه لغيره (أحرزه) أي: صار نصيبه.
(7) أي: واحدا بعد آخر باستمرار وبلا انقطاع (الحابي) يعني يقال: سهم حابي، أو خاصر وهكذا.
(8) أي: أحد جانبي الغرض (خدشه) وسقط على الأرض.
(9) والفرق بينه وبين (بالحابي) - وهو الأول - إن الحابي يصيب القرض فقط ولا يثبت فيه، فإذا ثبت فيه كان (مزدلفا) (الرقعة)
سواء كان قرطاسا، أو ثقبا، أو دائرة، أو نقطة، أو غير ذلك.
(10) الرشق هو عدد الرمي، يعني - مثلا -: كل واحد منهما أصاب خمسة من عشرة سهام إلا أن أحدهما أكمل الخمسة قبل الآخر
(والمحاطة) أي: حط المقدار المتساوي، كما لو أصاب أحدهما ستة، والآخر أربعة، فتحط أربعة مقابل أربعة، يبقى
للأول اثنان.
(11) فلا تجوز المسابقة بغير ذلك، لأنها رهان وحرام عاما، وليس من المستثنى، وذهب بعضهم إلى عموم الجواز فيما كان طريقا
للتمرين على النضال والحرب لعموم أو (أوفوا بالعقود) وغيره، والتفصيل في المسالك والحدائق.
(12) النشاب - بضم النون وتشديد الشين - نوع من السهم (الحراب) ككتاب حديث كالسكين الكبير يرمي به العدو من بعيد.
(13) لأن الفيلة أيضا لها خف (ولا على القدم) أي: الركض والعدو.
463
ولا تجوز المسابقة بالطيور، ولا على القدم، ولا بالسفن، ولا بالمصارعة.
الثالث
عقد المسابقة الرماية وهو يفتقر إلى إيجاب وقبول، وقبول، وقيل: هي جعالة (14)
فلا تفتقر إلى قبول ويكفي البذل.
وعلى الأول: فهو لازم كالإجارة.
وعلى الثاني: هو جائز، شرع فيه أو لم يشرع (15).
ويصح: أن يكون العوض عينا، أو دينا.
وإذا بذل السبق (16) غير المتسابقين، صح إجماعا. ولو بذله أحدهما، أو هما، صح
عندنا، ولو لم يدخل بينهما محلل. ولو بذله الإمام (17) من بيت المال جاز، لأن فيه مصلحة.
ولو جعلا السبق للمحلل بانفراده، جاز أيضا. وكذا لو قيل: من سبق منا (18) فله السبق،
عملا بإطلاق الإذن في الرهان.
ويفتقر في المسابقة إلى شروط خمسة:
تقدير المسافة ابتداء وانتهاء.
وتقدير الخطر.
وتعيين ما يسابق عليه.



(14) أي: جعل شئ مقابل عمل، فإن عمله أحد استحق الأجر حتى مع عدم علم الجاعل. فكيف بالعقد (ويكفي البذل)
أي: إعطاء الجعل ولو بدون قول (كالإجارة) لأنه يشبه الإجارة، كأن استأجر السابق على هذا العمل مشروطا بأن يسبق
غيره.
(15) يعني: يجوز فسخه حتى بعد الشروع في المسابقة، بأن يقول في أثناء السابق أنا لا أعطي شيئا، وقوله (هو جائز) يعني:
ليس لازما شمولا (أوفوا العقود) وغيره.
(16) السبق - بفتح الباء - هو الجائزة، فيجوز أن يقول شخص لزيد وعمرو، أن تسابقتما أعطي أنا السابق دينارا، ويجوز أن يقول
زيد لعمرو، نتسابق وأنا أضع دينارا يكون لمن سبق منا، ويجوز أن يجعل كل من زيد وعمرو نصف دينار.
(17) أي: الإمام المعصوم عليه السلام، أو نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط (لأن فيه مصلحة) وهي تعليم المسلمين على الحرب
والقتال لوقت الحاجة (والمحلل) من يركض مع المتسابقين ليرى أيهما يسبق.
(18) (منا) أي: الثلاثة المتسابقين، والمحلل (وتقدير الخطر) أي: تعيين الجائزة (ما يسابق عليه) من فرس، أو بعير، أو
بغل، أو غير ذلك.
464
وتساوي ما به السباق في احتمال السبق (19)، فلو كان أحدهما ضعيفا، تيقن قصورة
عن الآخر، لم يجز
أن يجعل السبق لأحدهما أو للمحلل، ولو جعل لغيرهما لم يجز (20).
وهل يشترط التساوي في الموقف، قيل: نعم، والأظهر، لا، لأنه مبني على
التراضي.
وأما الرمي فيفتقر إلى: العلم بأمور ستة: الرشق (21). وعدد الإصابة. وصفتها.
وقدر المسافة. والغرض. والسبق.
وتماثل جنس الآلة (22). وفي اشتراط المبادرة والمحاطة (23) تردد، الظاهر أنه لا
يشترط. وكذا لا يشترط تعيين القوس والسهم (24).
الرابع
في أحكام النضال (25) وفيه مسائل:
الأولى: إذا قال أجنبي لخمسة، من سبق فله خمسة فتساووا في بلوغ الغاية، فلا شئ
لأحدهم، لأنه لا سبق. ولو سبق أحدهم كانت الخمسة له. وإن سبق اثنان منهم كانت



(19) يعني: يكون احتمال سبق كل منهما الآخر ممكنا.
(20) وكما لو تسابقا على أن تكون الجائزة لأخ السابق (التساوي في الوقف) أي: لا يكون محل وقوف أحدهما مقدما على محل وقوف الآخر.
(21) أي: عدد السهام (وصفتها) أي: الإصابة تكون بنحو المارق، أو الخارق، أو الخاسق، أو غيرها (وقدر المسافة) إما
بالمشاهدة، أو بالتقدير كمئة ذراع، ونحو ذلك، (والغرض) الذي تصيبه السهام، لاختلافه ضيقا وسعة (والسبق) بفتح
الباء وهو الجائزة، كدينار مثلا.
(22) أي: يجب أن تكون الآلة التي يرميان بها من نوع واحد، إذ مع اختلافهما لا يعرف سبق أيهما، لكون الرمي بآلة أسهل من
أخرى، وأدق، ونحو ذلك.
(23) لو ترامى اثنان بالسهام (فالمبادرة) هي أن يقال مثلا: أينا سبق الآخر بإصابة الهدف خمسة سهام فهو السابق (والمماطلة) هي
أن يقال مثلا: أينا أصاب الهدف خمسة سهام بعد المحاطة فهو السابق، وفي المبادرة: لو أصاب زيد خمسة وعمرو أربعة،
كان السابق زيدا، وفي المحاطة: لو أصاب زيد عشرة، وعمرو ستة لم يكن زيد السابق، لأن حط ستة من عشرة يبقى معه
أربعة، والشرط كان إصابة خمسة بعد المحاطة.
(والظاهر أن لا يشترط) للانصراف إلى المحاطة كما في الجواهر.
(24) يعي: خصوص أي (قوس) وأي سهم، بعد تعيين نوعهما.
(25) وهو التسابق بالمسابقة، أو بالمراماة.
465
لهما (26) دون الباقين. وكذا لو سبق ثلاثة أو أربعة. ولو قال: من سبق فله درهمان، ومن
صلى (27) فله درهم، فلو سبق واحد أو اثنان أو أربعة فلهم الدرهمان. ولو سبق واحد وصلى
ثلاثة وتأخر واحد، كان للسابق درهمان، وللثلاثة درهم، ولا شئ للمتأخر.
الثانية: لو كانا اثنين، وأخرج كل واحد منهما سبقا (28)، وأدخلا محللا، وقالا: أي
الثلاثة سبق فله السبقان. فإن سبق أحد المستبقين، كان السبقان له على ما اخترناه، وكذا لو
سبق المحلل. ولو سبق المستبقان (29)، كان لكل واحد منهما مال نفسه، ولا شئ للمحلل.
ولو سبق أحدهما والمحلل، كان للمستبق مال نفسه ونصف مال المسبوق، ونصفه الآخر
للمحلل. ولو سبق أحدهما وصلى المحلل (30)، كان الكل للسابق عملا بالشرط وكذا لو سبق
أحد المستبقين، وتأخر الآخر والمحلل. وكذا لو سبق أحدهما، وصلى الآخر وتأخر المحلل.
الثالثة: إذا شرطا المبادرة، والرشق عشرين، والإصابة خمسة (31) فرمى كل واحد منهما
عشرة فأصاب خمسة، فقد تساويا في الإصابة والرمي (32) فلا يجب إكمال الرشق، لأنه يخرج
عن المبادرة. ولو رمى كل واحد منهما عشرة، فأصاب أحدهما خمسة والآخر أربعة، فقد نضله
صاحب الخمسة ولو سئل إكمال الرشق لم يجب. أما لو شرطا المحاطة (33)، فرمى كل واحد
منهما عشرة فأصاب خمسة، تحاطا خمسة بخمسة وأكملا الرشق. ولو أصاب أحدهما من
العشرة تسعة، وأصاب الآخر خمسة، تحاطا خمسة بخمسة وأكملا الرشق. ولو تحاطا (34)،
فبادر أحدهما إلى إكمال العدد، فإن كان مع انتهاء الرشق فقد نضل صاحبه. وإن كان قبل



(26) لكل واحد اثنان ونصف (وكذا) يعني: تنقسم الخمسة على الثلاثة لو سبق ثلاثة، وعلى الأربعة لو سبق أربعة. (27) (من صلى) يعني: الذي بلغ عند رأس فرسه عند عظمي الذنب من السابق (فلهم الدرهمان) يقسمان بينهم (وللثلاثة) درهم
يقسم بينهم.
(28) بالفتح: أي: جائزة.
(29) أي: وصل كلاهما إلى الهدف مرة واحدة، بدون سبق ولحوق.
(30) يعني: صار المحلل (مصلى) بأن وصل رأس فرس المحلل إلى عظمي ذنب فرس السابق (عملا بالشرط) لأن الشرط كان أن
الجائزتين كلتيهما للسابق، وهذا صار سابقا (وكذا) يعني: كل الجائزتين للسابق (وتأخر الآخر) أي: لم يصر مصلي أيضا،
بل كان رأس فرسه خلف فرس السابق.
(31) ومعنى ذلك، إن كل من أصاب الهدف بخمسة نبال من عشرين نبلا قبل أن يكمل الآخر خمسة إصابات كانت الجائزة له.
(32) فليس في البيت مبادرة، لزوال موضوعها (نضله) أي: عليه (ولو سئل) أي: طلب من الغالب (إكمال الرشق) أي: رمى كل العشرين
سهما (لم يجب) لأن المبادرة المشروطة تحققت.
(33) يعني: حط عدد الإصابات بمقابله من الطرف الآخر، ثم ملاحظة إن الزيادة إن كانت خمسة فيكون هو الغالب (وأكملا
الرشق) أي: رميا بقية العشرين لعل أحدهم يفوز بزيادة خمسة على الآخر.
(34) أي: شرطا المحاطة (إكمال العدد) أي: عدد الإصابات خمسة كما في مثال المصنف قده.
466
انتهائه، فأراد صاحب الأقل إكمال الرشق، نظر. فإن كان له في ذلك فائدة، مثل أن يرجو
أن يرجح عليه أو يساويه أو يمنعه أن ينفرد بالإصابة، بأن يقصر بعد المحاطة عن عدد
الإصابة (35)، أجبر صاحب الأكثر. وإن لم يكن له فائدة لم يجبر كما إذا رمى أحدهما خمسة
عشر فأصابها (36)، ورمى الآخر فأصاب منها خمسة فيتحاطان خمسة بخمسة، فإذا أكملا
فأبلغ (37) ما يصيب صاحب الخمسة ما تخلف، وهي خمسة ويخطئها صاحب الأكثر، فيجتمع
لصاحب الخمسة عشرة، فيتحاطان عشرة بعشرة، ويفضل لصاحب الأكثر خمسة، فلا يظهر
للإكمال فائدة (38).
الرابعة: إذا تم النضال، ملك الناضل العوض، وله التصرف فيه كيف شاء، وله أن
يختص به، وأن يطعمه أصحابه. ولو شرط في العقد إطعامه لحزبه، لم (يستبعد) صحته (39).
الخامسة: إذا فسد عقد السبق (40)، لم يجب بالعمل أجرة المثل، ويسقط المسمى لا
إلى بدل. ولو كان السبق مستحقا، وجب على الباذل مثله أو قيمته.
السادسة: إذا فضل أحدهما الآخر في الإصابة (41)، فقال له: اطرح الفضل بكذا،
قيل: لا يجوز، لأن المقصود بالنضال إبانة حذق الرامي وظهور اجتهاده، فلو طرح الفضل
بعوض، كان تركا للمقصود بالنضال فتبطل المعاوضة (42) ويرد ما أخذه.



(35) بأن يصيب الثاني الهدف عدة مرات، حتى تكون الإصابات الزائدة للأول على الثاني أقل من النصاب وهو خمسة - في الفرض -
(36) أي: كل الخمسة عشر أصاب الهدف (فأصاب منها) أي: من الخمسة عشر (فيتحاطان خمسة بخمسة) وتبقي لأحدهما
زيادة عشر إصابات
(37) يعني: فأكثر ما يصيب صاحب الخمسة (ما تخلف) أي: إصابة كل ما بقي عنده من السهام وهي خمسة (ويخطئها) أي:
يرمي الخمسة الباقية صاحب الأكثر وكل الخمسة تخطئ.
(38) في مثل هذا لا يحتاج إلى إكمال الرشق لعدم الفائدة فيه.
(39) أي: صحة هذا الشرط، لعموم قوله عليه السلام (المؤمنون عند شروطهم)، ولأن هذا ليس جعل الجائزة لشخص ثالث
الذي مر عدم صحته.
(40) لجهل المسافة، أو جهل الجائزة، أو غير ذلك من عدم اجتماع شرائط الصحة (ولو كان السبق) أي: الجائزة (مستحقا)
ملك الغير.
(41) كما لو رمى أحدهما ثمانية، والآخر ثلاثة، بحيث صار للأول زيادة خمسة وهي مقدار النصاب (بكذا) يعني: أعطيك دينارا
مثلا وارفع يدك عن الخمسة الزائدة فنعتبر كأنك لم تزد على مقدار النصاب.
(42) أي: معاوضة الدينار، بحط الخمسة الزائدة، ويرد الآخذ للدينار، أخذه وهو الدينار على صاحبه الذي أعطاه.
467
كتاب الوصايا
والنظر في ذلك يستدعي فصولا:
الأول
في الوصية وهي: تمليك عين، أو منفعة (2)، بعد الوفاة. ويفتقر إلى إيجاب وقبول.
والإيجاب كل لفظ دل على ذلك القصد، كقوله: أعطوا فلانا بعد وفاتي، أو لفلان كذا
بعد وفاتي، أو أوصيت له.
وينتقل بها الملك إلى الموصى له، بموت الموصي، وقبول الموصى له، ولا ينتقل بالموت
منفردا عن القبول، على الأظهر.
ولو قبل قبل الوفاة جاز، وبعد الوفاة آكد (3)، وإن تأخر القبول عن الوفاة، ما لم يرد.
فإن رد في حياة الموصي، جاز أن يقبل بعد وفاته إذ لا حكم لذلك الرد. وإن رد بعد الموت
وقبل القبول بطلت. وكذا لو رد بعد القبض وقبل القبول.
ولو رد بعد الموت والقبول وقبل القبض، قيل: تبطل، وقيل: لا تبطل، وهو أشبه.
أما لو قبل وقبض ثم رد، لم تبطل إجماعا، لتحقق الملك واستقراره. ولو رد بعضا وقبل
أما لو قبل وقبض ثم رد، لم تبطل إجماعا، لتحقق الملك واستقراره. ولو رد بعضا وقبل
بعضا (4)، صح فيما قبله. ولو مات قبل القبول، قام وارثه مقامه في قبول الوصية.



كتاب الوصايا
(1) جمع) (وصية)
(2) (عين) كالوصية بكتابه لزيد (أو منفعة) كالوصية بمنافع البستان لزيد إلى سنة مثلا.
(3) (يعني: الأكثر هو القبول بعد الوفاة إذا لم يكن قبل أورد قبل الوفاة.
(4) كما لو أوصى الميت لزيد بدار وألف دينار، فقيل الدار، ورد الألف (ولو مات) أي: مات زيد في المثال.
468
فرع
أو أوصى بجارية وحملها، لزوجها وهي حامل منه (5)، فمات قبل القبول، كان
القبول للوارث. فإذا قبل، ملك الوارث الولد، إن كان ممن يصح له تملكه (6)، ولا ينعتق
على الموصى له (7)، لأنه لا يملك بعد الوفاة، ولا يرث أباه لأنه رق، إلا أن يكون ممن ينعتق
على الوارث (8) ويكونوا جماعة، فيرث لعتقه قبل القسمة.
ولا تصح الوصية في معصية. فلو أوصى بمال للكنائس أو البيع، أو كتابة ما يسمى
الآن توراة أو إنجيلا، أو في مساعدة ظالم بطلت الوصية.
والوصية: عقد جائز من طرف الموصي ما دام حيا (9)، سواء كانت بمال أو ولاية.
ويتحقق الرجوع بالتصريح، أو بفعل ما ينافي الوصية. فلو باع ما أوصى به، أو
أوصى ببيعه أو وهبه أو قبضه (10) أو رهنه، كان رجوعا.
وكذا لو تصرف فيه تصرفا، أخرجه عن مسماه، كما إذا أوصى بطعام فطحنه، أو
بدقيق (11) فعجنه أو خبزه. وكذا لو أوصى بزيت، فخلطه بما هو أجود منه. أو بطعام فمزجه
بغيره حتى لا يتميز.



(5) مثاله: زيد زوج جاريته من عمرو، وصارت حاملا من عمرو، وكان شرط على عمرو أن يكون ولدها رقا لا حرا، ثم أوصى
زيد بتلك الجارية وبحملها لعمرو، ومات زيد ثم مات عمرو قبل قبول الوصية، فلو أرث عمرو الحق في قبول هذه
الوصية.
(6) مثاله: كان الوارث أخا للحمل، والحمل كان ذكرا، فإن الأخ يملك أخاه، أما لو كان الحمل بنتا يعني أختا للوارث فلا يملكها
الوارث، لأن المحارم من النساء ينعتقن على المالك، وكذا لو كان الوارث جدا للحمل - يعني أبا أو أما لعمرو الموصى له
فإنه ينعتق مطلقا، لأن الشخص لا يملك أولاده وإن نزلوا.
(7) أي: لا ينعتق الحمل على (الموصى له) عمرو هو أبوه، لأن عمرا لا يملك بعد موته، والوصية لا تكون ملكا إلا بعد
القبول، والمفروض إن عمرا مات قبل القبول، فقبل الموت لم يكن قبول فلا ملك، وبعد الموت لا يملك الميت (ولا يرث)
أباه) يعني: إن الحمل لا يرث من أبيه شيئا لينعتق بذلك الشئ، لأن الحمل رق، والرق لا يرث، فإن الرقبة من موانع
الإرث.
(8) يعني: إلا أن يكون الحمل ممن ينعتق على الوارث، كما لو كان الحمل أختا للوارث، (ويكونوا) أي: الورثة (جماعة) أي:
أكثر من واحد (فيرث) الحمل أيضا، ويصير من الورثة بعد ما ينعتق (نعتقه قبل القمسة) يعني: لأنه خرج عن منع الإرث
وهو الرقبة قبل قسمة المال، فإذا ورث الحمل انعتق أمها أيضا من نصيب ابنها كما لا يخفى.
(9) فيجوز له الغاؤها (ولاية) كالوصية بتولي صغاره، أو جعل متولي على وقف كانت نظارتها له. ونحو ذلك.
(10) كما لو كان لزيد بذمة عمرو ألف دينار، فأوصى بإعطاء الألف لعلي، ثم قبل الموت قبض زيد بنفسه الألف، فإن هذا
القبض رجوع عن الوصية، فإن مات زيد لا يعطي الألف إلى علي.
(11) دقيق: هو طحين الحنطة. والطعام يقال للحنطة ويقال لكل الحبوب كالشعير والعدس وغيرهما.
469
أما لو أوصى بخبز فدقه فتيتا (12)، لم يكن رجوعا.
الثاني
في الموصي ويعتبر فيه: كمال العقل، والحرية.
فلا تصح: وصية المجنون، ولا الصبي ما لم يبلغ عشرا (13). فإن بلغها فوصيته جائزة
في وجوه المعروف، لأقاربه وغيرهم على الأشهر، إذا بصيرا. وقيل: تصح وإن بلغ
ثمان، والرواية به شاذة.
ولو جرح الموصي نفسه بما فيه هلاكها، ثم أوصى، لم تقبل وصيته (14). ولو أوصى
ثم قتل نفسه قبلت.
ولا تصح الوصية بالولاية على الأطفال، إلا من الأب، أو الجد من الأب خاصة (15). ولا
ولاية للأم. ولا تصح منها الوصية عليهم. ولو أوصت لهم بمال، ونصبت وصيا، صح
تصرفه في ثلث تركتها، وفي إخراج ما عليها من الحقوق، ولم تمض على الأولاد (16).
الثالث
في الموصى به وفيه أطراف:
الأول: فيما يتعلق بالوصية وهو إما عين أو منفعة. ويعتبر فيهما الملك، فلا تصح بالخمر
ولا الخنزير ولا الكلب الهراش، وما لا نفع فيه (17).
ويتقدر كل واحد منهما (18)، بقدر ثلث التركة فما دون. ولو أوصى بما زاد، بطلت في
الزائد خاصة، إلا أن يجيز الوارث. ولو كانوا جماعة فأجاز بعضهم، نفذت الإجازة في قدر



(12) أي: جعله قطعا صغارا.
(13) أي: عشر سنين (إذا كان بصيرا) أي: عاقلا فاهما لما يفعل.
(14) للدليل الخاص الصحيح المعمول به عند الفقهاء سوى ابن إدريس على ما نقل.
(15) فلو أوصى الأخ الأكبر على إخوانه الصغار وصيا، ولم يعتبر (من الحقوق) سواء حقوق الله كالحج والخمس والزكاة أو حقوق
الناس كالديون والمظالم.
(16) أي: وصية الأم لشخص قيما على الأولاد لا تكون نافذة، بل يصبح الأولاد بلا قيم، فيعين الحاكم الشرعي لهم قيما بولايته
العامة.
(17) كالوصية بالحشرات، وبحبة حنطة، ونحو ذلك.
(18) أي: من العين أو المنفعة.
470
حصته من الزيادة (19).
وإجازة الوارث تعتبر بعد الوفاة، وهل تصح قبل الوفاة؟ فيه قولان: أشهرهما إنه يلزم
الوارث (20)، وإذا وقعت بعد الوفاة كان ذلك إجازة لفعل الموصي، وليس بابتداء هبة، فلا تفتقر
صحتها (21) إلى قبض.
ويجب العمل بما رسمه (22) الموصي إذا لم يكن منافيا للمشروع.
ويعتبر الثالث وقت الوفاة، لا وقت الوصاية. فلو أوصى بشئ وكان موسرا في حال
الوصية، ثم افتقر عند الوفاة، لم يكن بإيساره اعتبار وكذلك لو كان في حال الوصية فقيرا،
ثم أيسر وقت الوفاة، كان الاعتبار بحال إيساره (23).
ولو أوصى ثم قتله قاتل أو جرحه، كانت وصيته ماضية، من ثلث تركته وديته وأرش
جراحته (24).
ولو أوصى إلى إنسان بالمضاربة بتركته أو ببعضها (25)، على أن الربح بينه وبين ورثته
نصفان صح. وربما يشترط كونه، قدر الثلث فأقل، والأول مروي.
ولو أوصى بواجب وغيره (26)، فإن وسع الثلث عمل بالجميع. وإن قصر ولم تجز
الورثة، بدأ بالواجب من الأصل، وكان الباقي من الثلث ويبدأ بالأول فالأول. ولو كان



(19) أوص زيد بداره لعمرو، وكانت الدار تساوي ألفا، وكل أمواله كان ألفا وخمسمئة، فالخمسمئة من الدار زائدة،
فإن أجاز كل الورثة. أعطيت الدار كلها لعمرو، وإن أجاز نصف الورثة (مثلا كان الورثة عشرة فأجاز خمسة منهم) أعطيت
ثلاثة أرباع الدار لعمرو، وهكذا.
(20) يعني: إذا أذن الوارث قبل موت الموصي الزائد عن الثلث يلزم به، ولا يطلب إجازته بعد موت الموصي.
(21) أي: صحة الإجازة، فلو كان الموصى له قد قبض العين تمت الوصية، بلا احتياج إلى قبض جديد بعد الإجازة (خلافا)
لبعض العامة.
(22) أي: مما أوصى به، سواء كان قولا، أو كتابة، أو إشارة، أو غير ذلك
(23) مثلا: وصى بداره لزيد وكانت الدار كل أمواله، ثم قبل الموت ملك أموالا بحيث صارت الدار ثلثا من أمواله، أعطيت
الدار لزيد، لأنه وقت الموت كانت الدار ثلث أمواله، ولو أوصى بفرسه لزيد وكان الفرس أقل من الثلث، ثم عند الموت لم
يبق له سوى الفرس لا ينفذ إلا في ثلثه وهكذا.
(24) يعني: ثلث مجموعها وإن كان وقت الوصية لم تكن دية ولا أرش، ولكن - كما قلنا في رقم (23) - العبرة بالثلث وقت
الوفاة، لا وقت الوصية (ديته) باعتبار القتل (أرش) باعتبار الجراحة، أي: قيمة الجراحة، وهذا إذا كان القتل أو الجرح
خطأ أو شبه عمد، وأما إذا كان عمدا فالدية والأرش متوقفان على عدم القصاص كما لا يخفى.
(25) كما لو أوصى زيد أن يسلم كل أمواله إلى عمرو للمضاربة بأن يعمل فيها، ونصف الربح لعمرو، ونصف الربح لورثة زيد،
أو أوصى أن يسلم بعض معين من أمواله للمضاربة (والأول) هو صحة الوصية ولو كانت بالنسبة إلى جميع الأموال.
(26) كالحج الواجب، وزيارة الحسين عليه السلام، وقراءة القرآن، وتزويج الغراب، وطبع الكتب الدينية، ونحو ذلك (من
الأصل) يعني يخرج الحج الواجب من أصل أمواله، لا من الثلث، ثم يخرج الوصايا المستحبة من الثلث.
471
الكل غير واجب، بدئ بالأول فالأول، حتى يستوفي الثلث.
ولو أوصى لشخص بثلث، ولآخر بربع ولآخر بسدس ولم تجز الورثة، أعطي الأول،
وبطلت الوصية لمن عداه.
ولو أوصى بثلثه لواحد، وبثلثه لآخر (27)، كان ذلك رجوعا عن الأول إلى الثاني. ولو
اشتبه الأول، استخرج بالقرعة.
ولو أوصى بعتق مماليكه، دخل في ذلك من يملكه منفردا، ومن يملك بعضه وأعتق
نصيبه حسب (28). وقيل: يقوم عليه حصة شريكه، إن احتمل ثلثه لذلك، وإلا أعتق منهم
ما يحتمله الثلث، وبه رواية فيها ضعف.
ولو أوصى؟؟ بشئ واحد لاثنين، وهو يزيد عن الثلث (29)، ولم تجز الورثة، كان
لهما ما يحتمله الثلث.
ولو جعل لكل واحد منهما شيئا (30)، بدئ بعطية الأول، وكان النقص على الثاني منهما.
ولو أوصى بنصف ماله مثلا، فأجاز الورثة، ثم قالوا: ظننا إنه قليل، قضي عليهم
بما ظنوه (31) واحلفوا على الزائد، وفيه تردد.
وإما لو أوصى بعبد أو دار، فأجازوا الوصية ثم ادعوا أنهم ظنوا أن ذلك بقدر الثلث أو
أزيد بيسير، لم يلتفت إلى دعواهم، لأن الإجازة هنا تضمنت معلوما (32) -.



(27) كما لو قال مرة (أعطوا ثلثي لزيد) ثم قال مرة أخرى) (أعطوا ثلثي لعمرو) (ولو أشبه الأول) بأن لم يعلم أولا قال لزيد،
وثانيا لعمرو، أم بالعكس (بالقرعة) بأن يكتب على ورقة (زيد) وعلى ورقة أخرى (عمرو) ثم تجعل الورقتان في كيس،
ويجال الكيس، ويخرج شخص ورقة باسم الأول، ثم ورقة باسم الثاني، فإن كانت الورقة الأولى عليها (زيد) كان
من الأول وأعطي الثلث لعمرو، وبالعكس العكس.
(28) فلو كان لزيد وعمرو عبد بالشركة، ونصفه لكل منهما، فأوصى زيد بعتق مماليكه، أعتق نصف العبد حسب الوصية،
وتسبيب ذلك عتق النصف الآخر الذي هو لعمرو بالراية لا يوجب ضمان تركه زيد له (وقيل يقوم عليه حصة شريكه) أي
يكون قيمة نصف عمرو على تركه زيد أيضا (وبه رواية فيها ضعف) في الجواهر: بأحمد بن زيد الواقفي الذي هو غير ثقة
في مذهبه أيضا، مع عدم جمعه شرائط الحجية وإعراض المعظم عنه الخ.
(29) كما لو قال: (أعطوا داري لزيد وعمرو) وكانت الدار أكثر من ثلث أمواله، (ما يحتمله الثلث): أي بمقدار الثلث.
(30) كما لو قال أعطوا لزيد النصف الأيمن من الدار، ولعمرو النصف الأيسر، وكان مجموع الدار أكثر من الثلث.
(31) أي: بالمقدار الذي عينوه يلزمون به، مثلا قالوا: ظننا إن نصف المال يكون مئة وعشرين، فتبين أنه مئة وخمسين،. ألزموا
بالمئة لأنها ثلث جميع المال، وبالعشرين لأنه المقدار الذي اعترفوا بإجازته، واحلفوا على أنهم ظنوا أنه ليس مائة وخمسين.
(وفيه تردد) لأحتمال عدم قبول قولهم إنهم ظنوه قليلا أصلا، ونفوذ الإجازة في النصف،
(32) يعني: لأن إجازتهم كانت على عين الدار أو عين العبد وهو شئ معلوم سواء علموا قيمته أم لا.
472
وإذا أوصى بثلث ماله مثلا مشاعا، كان للموصى له من كل شئ ثلثه (33). وإن
أوصى بشئ معين، وكان بقدر الثلث، فقد ملكه الموصى له بالموت، ولا اعتراض فيه
للورثة.
ولو كان له مال غائب (34)، أخذ من تلك العين ما يحتمله الثلث من المال الحاضر،
ويقف الباقي حتى يحصل من الغائب، لأن الغائب معرض للتلف.
فرع: لو أوصى بثلث عبده، فخرج ثلثاه مستحقا، انصرفت الوصية إلى الثلث
الباقي (35)، تحصيلا لإمكان العمل بالوصية.
ولو أوصى بما يقع اسمه على المحلل والمحرم، انصرف إلى المحلل، تحصينا لقصد
المسلم عن المحرم، كما إذا أوصى بعود من عيدانه (36). ولو لم يكن له عود إلا عود اللهو،
قيل: يبطل، وقيل: يصح. وتزال عنه الصفة المحرمة (37). أما لو لم يكن فيه منفعة إلا
المحرمة بطلت الوصية.
وتصح الوصية بالكلاب المملوكة: ككلب الصيد، والماشية (38)، والحائط، والزرع.
الطرف الثاني: في الوصية المبهمة: من أوصى بجزء من ماله (39)، فيه روايتان،



(33) لأن معنى المشاع هو الشركة في جميع الأجزاء، فيملك من الدار ثلثها، ومن الفرش ثلثها، ومن الملابس ثلثها، ومن الكتب
ثلثها، ومن المزارع ثلثها، وهكذا.
(34) كما لو أوصى بإعطاء ثلث أمواله لزيد، وكان له (أغنام) في بلاد أخرى، أعطى ثلث الموجود من الأموال، وصبر حتى يؤتي بالأغنام ليأخذ
ثلثها أيضا، ولا يجب على الورثة اعاء ثلث الأغنام من بقية الأموال لأحتمال تلف الأغنام قبل وصولها بيد الورثة.
(35) لا ثلث الباقي،، يعني: تنصرف الوصية إلى مجموع الثلث من العبد الذي كان للموصي، لا إلى الثلث المشاع، حتى يكون
في ثلثي المشاع غير نافذ، وفي ثلث منه نافذا، وبعبارة أخرى يكون للموصى له ثلث العبد، لا تسع العبد.
(36) في حين أن له عود لهو، وعود عصي، فيحمل على الوصية بالعصا، لأن الوصية بعود اللهو باطل.
(37) أي: تقطع منه مثلا البسامير، وتطم الثقوب، حتى تصير عودة محللة (إلا المحرمة) كبعض الآت القمار إذا كسر سقط عن
الانتفاع مطلقا حتى عن حرقه حطبا للقدر لعدم الاحتياج إلى الحرق كهذه الأزمنة التي لا تستعمل في البلاد المتحضرة غالبا
الحطب للحرق، بل يستعمل الغاز، والكهرباء ونحوهما أو لغير ذلك كضده بحيث لا يستفاد منه الحرق أيضا.
(38) الماشية يعني الكلب الحارس للأغنام والأبقار والبعران ونحوها (والحائط) أي: الكلب الحارس للبستان أو الدار (والزرع)
يعني: الحارس للزرع.
(39) يعني قال (أعطوا جزء مالي لزيد)، أو قال (أعطوا لزيد سهما) أو قال: أعطوه شيئا) أعطي في الأول عشر أمواله، وفي
رواية واحد من واحد وعشرين، يعني يقسم أمواله واحدا وعشرين جزءا ويعطي أحدها لهم، وفي الثاني ثمن أمواله، وفي
الثالث سدس أمواله.
473
أشهرهما العشر، وفي رواية سبع الثلث. ولو كان بسهم، كان ثمنا. ولو كان بشئ، كان
سدسا.
ولو أوصى بوجوه (40)، فنسي الوصي وجها، جعله في وجوه البر، وقيل: يرجع
ميراثا.
ولو أوصى بسيف معين وهو في جفن، دخل الجفن والحلية (41) في الوصية. وكذا لو
أوصى بصندوق وفيه ثياب، أو سفينة وفيها متاع، أو جراب وفيه قماش، فإن الوعاء وما فيه
داخل في الوصية، وفيه قول آخر بعيد.
ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته، لم يصح (42). وهل (يلغو) اللفظ؟ فيه تردد
بين البطلان، وبين إجرائه مجرى من أوصى بجميع ماله لمن عدا الولد (43)، فتمضي في
الثلث، ويكون للمخرج نصيبه من الباقي، بموجب الفريضة، والوجه الأول، وفيه رواية
بوجه آخر مهجورة (44).
وإذا أوصى بلفظ مجمل لم يفسره الشرع (45)، رجع في تفسيره إلى الوارث كقوله:
أعطوه حظا من مالي أو قسطا أو نصيبا أو قليلا أو يسيرا أو جليلا أو جزيلا. ولو قال: أعطوه
كثيرا، قيل: يعطي ثمانين درهما كما في النذر (46)، وقيل: يختص هذا التفسير بالنذر اقتصارا على
موضع النقل.



(40) أي: بأمور.
(41) الجفن: غلاف السيف، والحلية: الزينة التي عليه من ذهب أو فضة ونحوهما (الجراب) بالكسر وعاء من أهاب الشاء ونحوه
كما في أقرب الموارد (وفيه قول آخر بعيد) وهو أن الوصية تتعلق بالوعاء وحده.
(42) بأن يوصي أن لا يعطى شئ من الإرث لبعض ولده، أو لبعض ورثته، كالأخوة والأجداد مع عدم الأولاد والأبوين،
وكالأعمام والأخوال مع عدم الأخوة والأجداد أيضا (بلغو اللفظ) أي: تكون هذه الوصية باطلة أصلا كالوصية بالحرام.
(43) إذا أوصى شخص بأن يعطي جميع أمواله لزيد، تنفذ الوصية في الثلث، فيعطى لزيد ثلث أمواله، والثلثان الباقيان يكونان
للورثة، فيحتمل أن تكون هذه المسألة أيضا كذلك، وهي من أوصى بأن يحرم بعض ورثته من الإرث، فيحرم من ثلث
حصته، ويعطى له الثلثان، ويضاف هنا الثلث على أرث بقية الورثة (مثلا) لو كانت حصته من الإرث ثلاثمئة دينار،
أخرج منه مئة وأضيفت على إرث بقية الورثة، وأعطى المائتين فقط (والوجه الأول) يعني: الوجه الصحيح هو بطلان هذه
الوصية.
(44) وهي رواية علي بن السري عن موسى بن جعفر عليهما السلام ومضموم نقل بالوصية، لكنها مهجورة أي: متروكة لم
يعمل بها جل الفقهاء، بل كل الفقهاء على وجه - كما في الجواهر -
(45) أي: لم يرد في الشرع تفسيره، كما ورد تفسير الجزء. والسهم، والشئ. وقد مضى عند (39) (رجع في تفسيره إلى
الوارث) أي: سئل الوارث ما مقصود الميت؟ فكلما عينه الوارث قبل قوله.
(46) أي: كما ورد فيمن نذر (كثيرا) من الرواية التي تقول الكثير ثمانون لقوله تعالى (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)، (وقيل
يختص) فيرجع في تفسير الكثير أيضا إلى الوارث.
474
والوصية بما دون الثلث أفضل، حتى أنها بالربع أفضل من الثلث، وبالخمس أفضل
من الربع (47).
تفريع: إذا عين الموصى له شيئا، وادعى أن الموصي قصده من هذه الألفاظ (48)،
وأنكر الوارث، كان القول قول الوارث مع يمينه، إن ادعى عليه العلم (49) وإلا فلا يمين.
الطرف الثالث: في أحكام الوصية: إذا أوصى بوصية، ثم أوصى بأخرى مضادة
للأولى، عمل بالأخيرة (50).
ولو أوصى بحمل، فجاءت به لأقل من ستة أشهر، صحت الوصية به (51). ولو
كانت لعشرة أشهر من حين الوصية، لم تصح (52). وإن جاءت لمدة بين الستة والعشرة،
وكانت خالية من مولى وزوج (53)، حكم به للموصى له.
ولو كان لها زوج أو مولى، لم يحكم به للموصى له، لاحتمال توهم الحمل في حال
الوصية وتجدده بعدها (54).
ولو قال: إن كان في بطن هذه ذكر فله درهمان، وإن كان أنثى فلها درهم (55). فإن
خرج ذكر وأنثى، كان لهما ثلاثة دراهم.
أما لو قال: إن كان الذي في بطنها ذكر فكذا، وإن كان أنثى فكذا، فخرج ذكر وأنثى



(47) لما في الحديث عن علي عليه الصلاة والسلام، (لأن أوصي بخمس مالي أحب إلي من أن أوصي بالربع وإن أوصي بالربع
أحب إلي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك وقد بالغ) وغيره.
(48) كما لو أوصى لزيد بنصيب من ماله، فقال زيد كان قصده من لفظ (النصيب) خمس ماله، وقال الوارث بل قصد العشر -
مثلا -.
(49) يعني: إن ادعى زيد أن الوارث يعلم ما أقول ومع ذلك ينكر (وإلا فلا يمين) لأن الوارث يكفيه عدم العلم بما يعينه زيد من
تفسير.
(50) كما لو كان له عبد واحد، فأوصى أن يعطى العبد لزيد، ثم بعد أيام أوصى أن يعطى نفس العبد إلى عمرو.
(51) لأن الولادة قبل ستة أشهر من حين الوصية دليل على أن الحمل كان موجودا وقت الوصية، والوصية يحمل موجود صحيح،
أما الوصية بشئ غير موجود ليس بصحيح.
(52) لأن أقصى الحمل عشرة أشهر على المشهور، فإذا جاءت بولد بعد أشهر من حين الوصية كشف ذلك عن أن الحمل لم يكن
موجودا حين الوصية فلا تصح الوصية.
(53) يعني: كانت الأمة خالية عن مولى، وزوج، وكل وطئ محكوم بالصحة شرعا كوطئ الشبهة من حين الوصية إلى حين
الولادة.
(54) فلا علم بأن الحمل وقت الوصية كان موجودا حتى يثبت انتقال الولد إلى الموصى له.
(55) يعني: أوصى بأن يعطى للحمل درهمان إن كان الحمل ذكرا، ويعطى للحمل درهم إن كان الحمل أنثى.
475
لم يكن لهما شئ (56).
وتصح الوصية بالحمل (57) وبما تحمله المملوكة والشجرة. كما تصح الوصية بسكنى الدار
مدة مستقبلة (58).
ولو أوصى بخدمة عبد، أو ثمرة بستان، أو سكنى دار، أو غير ذلك من المنافع، على
التأبيد (59) أو مدة معينة، قومت المنفعة. فإن خرجت من الثلث، وإلا كان للموصى له ما
يحتمله الثلث.
وإذا أوصى بخدمة عبده مدة معينة، فنفقته على الورثة لأنها (60) تابعة للملك.
وللموصى له التصرف في المنفعة. وللورثة التصرف في الرقبة ببيع وعتق وغيره، ولا يبطل حق
الموصى له بذلك (61).
ولو أوصى له بقوس، انصرف إلى قوس النشاب والنبل والحسبان (62) إلا مع قرينة تدل
على غيرها.
وكل لفظة وقعت على أشياء، وقوعا متساويا (63)، فللورثة الخيار في تعيين ما شاؤوا منها.
أما لو قال: أعطوه قوسي، ولا قوس له إلا واحدة انصرفت الوصية إليها، من أي الأجناس
كانت.
ولو أوصى برأس من مماليكه (64)، كان الخيار في التعيين إلى الورثة. ويجوز أن يعطوا



(56) لأن ظاهر (الذي في بطنها) كونه واحدا، فإن خرج توأمين كان خارجا عن الوصية - كما قالوا -
(57) أي: الحمل الموجود حال الوصية (وبما) سوف (تحمله المملوكة) أمة كانت أو دابة (والشجرة) من الثمار وإن لم تكن حال
الوصية موجودة. لأن الموصى به لا يجب أن يكون موجودا حال الوصية، إنما يجب في الموصى له أن يكون موجودا.
(58) كما لو أوصى إنه عندنا يموت يسكن زيد في داره سنة واحدة - مثلا -.
(59) يعني: إلى الأبد ودائما (فإن خرجت من الثلث) أي: كانت تلك المنفعة بقدر الثلث أو أقل (ما يحتمله الثلث) أي: بقدر
الثلث.
(60) أي: لأن النفقة - وهي الأكل، واللباس، والمسكن، وتداوي المرض، ونحو ذلك -.
(61) أي: بالبيع، والعتق، والهبة، والصلح، ونحوها الجارية على رقبة العبد.
(62) النشاب نوع من السهم، وقوس النبل هي القوس العربية التي يرمي بها السهام العربية (والحسبان) هي القوس التي يرمي بها
السهام الصغار، قال في الجواهر: (دون القوس المسمى بالجلائق وهي التي يرمي بها البندق ودون قوس الندف) (إلا مع
قرينة) لأن المنصرف من كلمة (القوس) هي هذه الثلاثة - كما قالوا -
(63) كما لو قال: (أعطوا زيدا بعد وفاتي كتابا) جاز إعطاؤه شرح اللمعة، أو الشرائع، أو زبدة الأصول، أو شرح التجريد،
أو الجواهر، أو غيرها، أو قال: أعطوه ساعة جاز إعطاؤه ساعة يد، أو ساعة جيب، أو ساعة منضدة، أو ساعة حائط،
ونحو ذلك. (64) أي: بواحد من عبيده وتعني (العطية) أي: وجب إعطاؤه للموصى له.
476
صغيرا أو كبيرا، صحيحا أو معيبا. ولو هلك مماليكه بعد وفاته إلا واحدا، تعين للعطية.
فإن ماتوا بطلت الوصية. فإن قتلوا (65) لم تبطل، وكان للورثة أن يعينوا له من شاؤوا،
ويدفعوا قيمته إن صارت إليهم، وإلا أخذها من الجاني.
وتثبت الوصية: بشاهدين مسلمين عدلين، ومع الضرورة وعدم عدول المسلمين (66)،
يقبل شهادة أهل الذمة خاصة.
ويقبل في الوصية بالمال، شهادة واحد مع اليمين، أو شاهد وامرأتين.
ويقبل شهادة الواحدة في ربع ما شهدت به، وشهادة اثنتين في النصف، وثلاث في
ثلاثة الأرباع، وشهادة الأربع في الجميع (67).
ولا تثبت الوصية بالولاية (68) إلا بشاهدين، ولا تقبل شهادة النساء في ذلك. وهل
تقبل شهادة شاهد مع اليمين؟ فيه تردد، أظهره المنع.
ولو أشهد إنسان عبدين له، على حمل أمته إنه منه (69)، ثم مات فأعتقا وشهدا بذلك،
قبلت شهادتهما ولا يسترقهما المولود، وقيل: يكره، وهو أشبه.
ولا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه (70)، ولا ما يجر به نفعا أو يستفيد منه ولاية.
ولو كان وصيا في إخراج مال معين (71)، فشهد للميت بما يخرج به ذلك المال من الثلث، لم



(65) قتلا يوجب القيمة، لا مثل القتل حدا، أو قصاصا (من شاؤوا) من العبيد سواء الذي قيمته قليله، أو كثيرة (إن صارت
إليهم) أي: إن وصلت قيمة من عينوه إلى الورثة.
(66) كما لو دنت وفاة شخص ولم يكن معه من المسلمين من يجعلهم شوهدا على الوصية (خاصة) دون غير أهل الذمة ولو كانوا من
أهل الكتاب، ودون المشركين والملحدين.
(67) فلو شهدت امرأة على أن زيدا أوصى لعمرو بألف دينار، أعطي لعمرو ربع الألف وهو مئتين وخمسون، ولو شهدت امرأتان
بألف، أعطي لعمرو نصف الألف وهو خمسمئة وهكذا.
(68) بأن جعل شخصا وليا على صغاره، أو وليا على ثلثه، أو وليا على وقف كان هو الولي وله تعيين الولي بعده. وهكذا.
(69) مثاله: زيد كان له عبدان، وأمة وإخوة ولم يكن له من الطبقة الأولى في الإرث، فمات، وصار العبدان ملكا للأخوة
فأعتقوهما، ثم بعد العتق شهد العبدان أن المولى قال لهما: (إن ولد هذه الأمة ابني) قبلت شهادة العبدين، ولحق الولد
بأبيه، وعلى هذه الشهادة يصير العبدان نصيبا لهذا الولد، فيبطل عتق الإخوة للعبدين لأنهم لم يكونوا مالكين لهما (ولا
يسترقهما المولود) يعني: لا يجوز للمولود أن يجعل العبدين رقا له، لأنه لولا شهادتهما لم يثبت أن المولود حرا أصلا.
(70) كما لو شهد إن زيدا أوصى إلي أن أصرف أنا ألف دينار من ماله في وجوه البر (ما يجريه نفعا) إلى نفسه - كما لو شهد أن زيدا
أوصى ألف دينار لعبدي (أو يستفيد منه ولاية) كما لو شهد أن زيدا أوصى إلى أن أتولى شؤون أولاده الصغار.
(71) مثلا: لو كان عمرو وصيا عن زيد في إخراج ألف دينار من مال زيد لخيرات، وكانت أموال زيد كلها الفين، والألف أكثر
من الثلث، فادعى ورثة زيد أن زيدا يطلب من فلان ألف دينار، وشهد عمرو (الوصي) بصحة هذا الادعاء، شهادة
عمرو هنا لا تقبل - ويجب أن يؤتى بدله بشاهد آخر - وذلك، لأن هذه الشهادة يستفيد منها عمرو والولاية، إذ لو ثبت
الادعاء صارت أموال زيد ثلاثة آلاف فيعطى لعمرو منها الألف، وإن لم يثبت يعطى لعمرو ثلث الألفين وهو أقل من ألف.
477
يقبل.
مسائل أربع:
الأولى: إذا أوصى بعتق عبيده (72)، وليس له سواهم، أعتق ثلثهم بالقرعة. ولو
رتبهم أعتق الأول فالأول حتى يستوفي الثلث. وتبطل الوصية فيمن بقي. ولو أوصى بعتق
عدد مخصوص من عبيده (73)، استخرج ذلك العدد بالقرعة. وقيل: يجوز للورثة أن يتخيروا
بقدر ذلك العدد والقرعة على الاستحباب وهو حسن.
الثانية: لو أعتق مملوكه عند الوفاة، منجزا (74) وليس له سواه، قيل: أعتق كله.
وقيل: ينعتق ثلثه. ويسعى للورثة في باقي قيمته. وهو أشهر. ولو أعتق ثلثه يسعى في
باقيه (75). ولو كان له مال غيره (76)، أعتق الباقي من ثلث تركته.
الثالثة: لو أوصى بعتق رقبة مؤمنة (77) وجب. فإن لم يجد، أعتق من لا يعرف
بنصب (78). ولو ظنها مؤمنة فأعتقها ثم بانت بخلاف ذلك، أجزأت عن الموصي.
الرابعة: لو أوصى بعتق رقبة بثمن معين، فلم يجد به (79) لم يجب شراؤها، وتوقع
وجودها بما عين له. ولو وجدها بأقل، اشتراها وأعتقها ودفع إليها ما بقي.



(72) بأن جمعهم في صيغة واحدة، وقال مثلا (أعتقوا عبيدي بعد وفاتي) (بالقرعة) قال في المسالك: (المراد بعتق ثلثهم بالقرعة
تعديلهم أثلاثا بالقيمة ثم إيقاع القرعة بينهم، ويعتق الثلث الذي أخرجته القرعة) (ولو رتبهم) كما لو ذكر أسماء العبيد
واحدا واحدا بأن قال مثلا (أعتقوا بعد وفاتي كافور، وذهب، وفضة، وشمس، وفرات، الخ.
(73) كما لو قال: أعتقوا اثنين من عبيدي (استخرج ذلك العدد بالقرعة) يعني: يكتب اسم كل عبد على ورقة، ثم توضح
الأوراق في كيس، ويجال الكيس، ويخرج منه ورقتان باسم من خرجت أعتق.
(74) أي: قال له قبيل وفاته (أنت حر لوجه الله تعالى). وكلمة (منجزا) أي: غير معلق على موته (ويسعى) أي: يعمل
العبد ويستحصل المال بقدر ثلثي قيمته ويؤديه إلى الورثة.
(75) يعني: لو أعتق قبيل الوفاة ثلث العبد، كما لو قال له: (ثلثك حر لوجه الله) فإن العتق يسري وينعتق الثلثان الآخران
أيضا.
(76) أي: غير هذا العبد، أو من عبيد، أو نقود، أو عقارات، أو غير ذلك، أعتق ثلثه الأول بعتق المولى له عند الوفاة، و (أعتق
الباقي) أي: الثلثين الآخرين (من ثلث تركته) أي: من ثلث باقي أمواله.
(77) يعني: عبدا شيعيا.
(78) أي: أعتق من غير الشيعة من ليس ناصبيا، والناصبي هو الذي يعادي الأئمة الاثني عشر أو أحدهم، أو يسبهم، أو يسب
واحدا منهم.
(79) أي: لم يجد بذلك الثمن بل بأغلى منه، (ودفع إليها ما بقي) أي: إلى الرقبة ما بقي من الثمن، كما لو قال: (أعتقوا عني
عبدا بثمانين دينارا، فكان العبد بخمسين، أعتق وأعطي له الثلاثون الباقي.
478
الرابع
في الموصى له: ويشترط فيه الوجود. فلو كان معدوما، لم تصح الوصية له، كما لو
أوصى لميت، أو لمن ظن وجوده، فبان ميتا عند الوصية. وكذا لو أوصى لما تحمله
المرأة (80)، أو لمن يوجد من أولاد فلان.
وتصح الوصية للأجنبي والوارث، وتصح الوصية للذمي، ولو كان أجنبيا. وقيل: لا
يجوز مطلقا (81). ومنهم من خص الجواز بذوي الأرحام والأول أشبه. وفي الوصية للحربي
تردد، أظهره المنع.
ولا تصح الوصية: لمملوك الأجنبي (82)، ولا لمدبره، ولا لأم ولده، ولا لمكاتبه
المشروط أو الذي لم يؤد من مكاتبه شيئا ولو أجازه مولاه.
وتصح: لعبد الموصى ولمدبره، ومكاتبه، وأم ولده.
ويعتبر (83) ما يوصي به لمملوكه، بعد خروجه من الثلث، فإن كان بقدر قيمته
أعتق، وكان الموصى به للورثة (84). وإن كانت قيمته أقل، أعطي الفاضل. وإن كانت
أكثر، سعى للورثة فيما بقي، ما لم تبلغ قيمته ضعف ما أوصي له به، فإن بلغت ذلك (85)،
بطلت الوصية. وقيل: تصح، ويسعى في الباقي كيف كان، وهو حسن.
فإذا أوصى بعتق مملوكه (86) وعليه دين، فإن كانت قيمة العبد بقدر الدين مرتين،



(80) أي: لما سوف تحمله المرأة الآن، ولمن سوف (يوجد من أولاد فلان).
(81) سواء كان أجنبيا أم رحما.
(82) الأجنبي: يعني غير المولى، وإن كان من أرحام المولى، فلا تصح الوصية لمملوك الأب، والابن، والأم، وهكذا
(والمملوك) شامل للعبد والأمة جميعا (ولا لمدبره) وهو من قال المولى له (أنت حر دبر وفاتي) سواء كان عبدا أو أمة،
(المكاتب المشروط) هو الذي قال له المولى: اكتسب وأد كذا من المال، فإذا أديت الجميع فأنت حر، والمكاتب المطلق: هو
الذي قال له المولى: اعط كذا من المال حتى تكون حرا بنسبة ما تعطي، ولا فرق في المكاتب المشروط والمطلق بين أن يكون
عبدا أو أمة.
(83) يعني: يلاحظ وينظر أن المال الذي أوصى بأن يعطى لمملوكه، (بعد خروجه من الثلث) أي: بعد ملاحظة أن لا يكون ما
أوصاه أكثر من الثلث.
(84) يعني: كأن المال الذي أوصى للمملوك لورثة في مقابل عتق المملوك.
(85) كما لو كان الثلث خمسين دينارا وكانت قيمة العبد مئة دينار أو أكثر.
(86) والحال إنه ليس له سوى هذا المملوك.
479
أعتق المملوك. ويسعى في خمسة أسداس قيمته (87). وإن كانت قيمته أقل (88)، بطلت
الوصية بعتقه، والوجه إن الدين يقوم على الوصية فيبدأ به، ويعتق منه الثلث مما فضل عن
الدين. أما لو نجز عتقه عند موته (89)، كان الأمر كما ذكرنا أولا، عملا برواية عبد الرحمن
عن أبي عبد الله عليه السلام.
ولو أوصى لمكاتب غيره المطلق، وقد أدى بعض مكاتبه، كان له من الوصية بقدر ما
أداه (90).
ولو أوصى الإنسان لأم ولده صحت الوصية من الثلث (91)، وهل تعتق من الوصية
أو من نصيب ولدها؟ قيل: تعتق من نصيب ولدها، وتكون لها الوصية. وقيل: بل تعتق
من الوصية، لأنه لا ميراث إلا بعد الوصية.
وإطلاق الوصية (92) يقتضي التسوية، فإذا أوصى لأولاده، وهم ذكور وإناث، فهم
فيه سواء. وكذا لأخواله وخالاته، أو لأعمامه وعماته. وكذا لو أوصى لأخواله وأعمامه،
كانوا سواء على الأصح، وفيه رواية مهجورة (93). أما لو نص على التفضيل اتبع.
وإذا أوصى لذوي قرابته، كان للمعروفين بنسبه، مصيرا إلى العرف (94). وقيل:
كان لمن يتقرب إليه إلى آخر أب وأم له في الإسلام (95)، وهو غير مستند إلى شاهد.



(87) لنفرض: إن قيمة المملوك ستون دينارا، والدين ثلاثون دينارا، فيقسم المملوك ستة أقسام، ثلاثة منها لا تنفذ الوصية فيها
لأنها دين، والوصية أنما تنفذ بعد أداء الدين، وتبقى ثلاثة أقسام، ثلث منها الوصية فيها نافذة، والثلثان الآخران يكونان
للورثة، فيجب على العبد أن يعمل ويكتسب ويحصل خمسين دينارا، ثلاثين للدين، وعشرين للورثة.
(88) أي: أقل من الدين مرتين، كما لو كانت قيمة العبد ستين دينارا، والدين واحدا وثلاثين دينارا (بطلت الوصية بعتقه) وإنما
مقدار الدين يكون للدائن، والباقي كله للورثة (والوجه) يعني: الرأي الصحيح عند المصنف هو أن قيمة العبد إن كانت
أكثر من الدين ولو بمقدار دينار واحد، أعتق العبد، وعمل في أداء الدين، وإعطاء الورثة ثلثي الفاضل عن الدين من قيمة
العبد.
(89) يعني: قال في مرض الموت (أنت حر لوجه الله) (كما ذكرنا أولا) يعني: إن كانت قيمة العبد بقدر الدين مرتين أو أكثر من
مرتين صح العتق، وإن كانت قيمة العبد أقل من ضعف الدين بطل العتق.
(90) كما لو كان المكاتب دفع ربع قيمته، فأوصى المولى له بمئة دينار، أعطي - بقدر حريته - ربع المئة خمسة وعشرين دينارا.
(91) أي: بشرط أن يكون ما أوصاه لها بقدر الثلث أو أقل من الثلث.
(92) كما لو قال: أعطوا ألف دينار لأولادي، أو قال: لأعمالي، أو نحو ذلك.
(93) وهي صحيحة زرارة عن الباقر عليه والصلاة والسلام، فيمن أوصى لأعمامه وأخواله، قال لأعماله الثلثان لأخواله الثلث،
لكنها مهجورة، أي: أعرض الفقهاء عن العمل بها، وهجروها، وهذا الهجر يكشف عن ضعف في الرواية، أما لتقية، أو
لغير ذلك.
(94) أي: لحكم العرف بذلك.
(95) يعني كل من بينه وبين ذاك قرابة في الإسلام، وإنما يخرج من كان بينه وبين ذاك قرابة في الكفر، وهذا القول يقتضي في
مثل هذه الأيام التي الآباء مسلمون إلى عشرات أظهر أن يكون ذووا قرابة بعض الناس بالملايين، أو مئات الألوف، أو هو
غير مستند إلى شاهد أي: لا دليل له.
480
ولو أوصى لقومه، قيل: هو لأهل لغته (96). ولو قال لأهل بيته دخل فيهم الأولاد
والآباء والأجداد. ولو قال لعشيرته، كان لأقرب الناس إليه في نسبه (97). ولو قال لجيرانه،
قيل: كان لمن يلي داره إلى أربعين، ذراعا من كل جانب، وفيه قول آخر مستبعد (98).
وتصح الوصية للحمل الموجود، وتستقر بانفصاله حيا. ولو وضعته ميتا بطلت
الوصية. ولو وقع حيا ثم مات، كانت الوصية لورثته (99).
وإذا أوصى المسلم للفقراء، كان لفقراء ملته (100). ولو كان كافرا انصرف إلى فقراء
نحلته. الموصى له أو بعده، وإن لم يرجع كانت الوصية لورثة
ولو أوصى لإنسان، فمات قبل الموصي، قيل: بطلت الوصية، وقيل: إن رجع
الموصي بطلت الوصية، سواء رجع قبل موت الموصي له، وهو أشهر الروايتين. ولو لم يخلف
الموصى له أحدا (101)، رجعت إلى ورثة الموصي. ولو قال: أعطوا فلانا كذا ولم يبين الوجه،
وجب صرفه إليه يصنع به ما شاء (102).
ولو أوصى في سبيل الله، صرف إلى ما فيه أجر (103)، وقيل: يختص بالغزاة، والأول
أشبه.
وتستحب الوصية لذوي القرابة وارثا كان أو غيره. وإذا أوصى للأقرب نزل على مراتب



(96) فالعربي لو أوصى لقومه كان للعرب، والتركي لو أوصى بذلك كان للترك، وهكذا.
(97) كالأخوة والأعمام، وأولادهم، وأحفادهم، ونحو ذلك، وفي المسالك: إنه يرجع إلى العرف.
(98) وهو إلى أربعين دارا.
(99) أي: لورثة الحمل، وقد يختلف ورثة الحمل عن ورثة الميت نفسه (مثلا) أوصى زيد لحمل لعمرو بمئة دينار، ومات زيد،
وكانت له زوجة وأولاد، فولد الحمل حيا ثم مات، كانت المئة لعمرو وأم الحمل.
(100) وهم فقراء المسلمين (نحلة) فلو أوصى النصراني للفقراء كان لفقراء النصارى، ولو أوصى اليهودي كذلك كان لفقراء
اليهود، وهكذا.
(101) يعني: مات الموصى له بلا ورثة.
(102) ولو عين الوجه صرف في وجهه، كما لو قال: أعطوا زيدا ألف دينار لصرفه في حسينيته، أو مسجده، أو مدرسته، ونحو
ذلك.
(103) من مطلق عناوين الثواب، كبناء ميتم، أو مدرسة، أو طبع كتاب نافع، أو تزوج أعزب، وهكذا (بالغزاة) يعني.
المجاهدين في سبيل الله بأذن الإمام أو نائبه.
481
الإرث (104)، ولا يعطى الأبعد مع وجود الأقرب.
الخامس
في الأوصياء: ويعتبر في الوصي العقل والإسلام (105)، وهل يعتبر العدالة؟ قيل:
نعم، لأن الفاسق لا أمانة له، وقيل: لا، لأن المسلم محل للأمانة، كما في الوكالة
والاستيداع، ولأنها ولاية تابعة لاختيار الموصي فيتحقق بتعيينه.
أما لو أوصى إلى العدل، ففسق بعد موت الموصي، أمكن القول ببطلان وصيته، لأن
الوثوق ربما كان باعتبار صلاحه، فلم يتحقق عند زواله، فحينئذ يعزله الحاكم ويستنيب (106)
مكانه.
ولا يجوز الوصية إلى المالك إلا بإذن مولاه.
ولا تصح الوصية إلى الصبي منفردا،، وتصح منضما إلى البالغ، لكن لا يتصرف إلا بعد
بلوغه.
ولو أوصى إلى اثنين (107) أحدهما صغير، تصرف الكبير منفردا حتى يبلغ الصغير،
وعند بلوغه لا يجوز للبالغ التفرد. ولو مات الصغير أو بلغ فاسد العقل، كان للعاقل الانفراد
بالوصية ولم يداخله الحاكم، لأن للميت وصيا. ولو تصرف البالغ، ثم بلغ الصبي، لم يكن
له نقض شئ مما أبرمه (108)، إلا أن يكون مخالفا لمقتضى الوصية. ولا يجوز الوصية إلى
الكافر (109)، ولو كان رحما. نعم، يجوز أن يوصي إليه مثله.
وتجوز الوصية إلى المرأة، إذا جمعت الشرائط (110).



(104) فالمرتبة الأولى الأولاد والأبوان، المرتبة الثانية الإخوة والأجداد، والمرتبة الثالثة الأعمام، والأخوال، فمع وجود المرتبة الأولى
يعطي لها، دون المرتبة الثانية، وهكذا.
(105) أي: يكون عاقلا ومسلما (الاستيداع) أي: جعل الوديعة عند شخص.
(106) أي: يجعل مكانه نائبا (الوصية إلى المملوك) بأن يكون المملوك وصيا (الوصية إلى الصبي) أي: جعل صبي غير بالغ
وصيا، (منضما إلى البالغ) بأن يجعل وصية نفرين أحدهما بالغ والآخر صبي.
(107) ولم يشترط الانضمام (بلغ فاسد العقل) أي: لما بلغ كان غير عاقل (ولم يداخله الحاكم) أي. ليس للحاكم الشرعي أن
يتدخل في شؤون الوصي، بأمر أو نهي، أو جعل آخر وصي مكانه.
(108) أي: مما فعله الوصي البالغ، كما لو كانت الوصية الصرف في وجوه البر، فوضع بعض المال في زواج أعزب، ثم بلغ
الوصي الصغير فلا يجوز له أن يبطل ذلك إلا أن يكون مخالفا لمقتضى (الوصية) كما لو كان وضع المال في طبع كتب
ضلال.
(109) أي: يجعل المسلم الكافر وصيا به (يوصي إليه مثله) أي: في الكفر، بأن يجعل شخص كافر وصيه كافرا.
(110) وهي العقل، والإسلام، وعلى قول العدالة أيضا.
482
ولو أوصى إلى اثنين، فإن أطلق أو شرطا اجتماعهما، لم يجز لأحدهما أن ينفرد عن
صاحبه بشئ من التصرف. وإن تشاحا (111)، لم يمض ما ينفرد به كل واحد منهما عن صاحبه
إلا ما لا بد منه، مثل كسوة اليتيم ومأكوله (112) وللحاكم جبرهما على الاجتماع. فإن
تعاسرا، جاز له الاستبدال بهما. لو أرادا قسمة المال (113) بينهما لم يجز. ولو مرض أحدهما أو
عجز، ضمن إليه الحاكم من يقويه (114). أما لو مات أو فسق، لم يضم الحاكم إلى الآخر،
وجاز له الانفراد، لأنه لا ولاية للحاكم مع وجود الوصي، وفيه تردد.
ولو شرط لهما الاجتماع والانفراد (115)، كان تصرف كل واحد منهما ماضيا ولو انفرد.
ويجوز أن يقتسما المال، ويتصرف كل واحد منهما فيما يصيبه، كما يجوز انفراده قبل القسمة.
وللموصى إليه (116) أن يرد الوصية، ما دام الموصي حيا، بشرط أن يبلغه الرد. ولو
مات قبل الرد، أو بعده ولم يبلغه، لم يكن للرد أثر وكانت الوصية لازمة للموصي.
ولو ظهر من الوصي عجز، ضم إليه مساعد (117). وإن ظهر منه خيانة وجب على
الحاكم عزله ويقيم مقامه أمينا.
والوصي أمين لا يضمن ما يتلف (118)، إلا عن مخالفته لشرط الوصية أو تفريط.
ولو كان للوصي دين على الميت، جاز أن يستوفي مما في يده من غير إذن حاكم، إذ لم
يكن له حجة (119)، وقيل: يجوز مطلقا. وفي شرائه لنفسه من نفسه تردد، أشبهه الجواز إذا



(111) أي: تنازعا في عمل، فأراد أحدهما أن يفعله، وعارضه الآخر.
(112) اليتيم: هو ابن الميت الموصي، والكسوة اللباس (الاستبدال بهما) أي: يأتي بشخصين آخرين بدل هذين الوصيين.
(113) حتى يتصرف كل واحد منهما منفردا في بعض المال (لم يجز) لاشتراط اجتماعهما على كل تصرف.
(114) فيصيرون ثلاثة (وفيه تردد) لاحتمال لزوم جعل الحاكم شخصا آخر مكان الذي مات أو فسق.
(115) أي: أذن لهما بالاجتماع وبالانفراد، كيفا شاءا.
(116) وهو الوصي (يبلغه الرد) أي: يصل إلى الموصي رد الوصي (ولم يبلغه) أي: قبل أن يصل إلى الموصي رد الوصي
(وكانت الوصية لازمة) على الوصي تنفيذها (للموصي) أي: لصالح الموصى.
(117) كما لو كان وصيا على توزيع مال كبير على الفقراء، وكان الوصي ضعيفا عاجزا عن ذلك (ضم) أي: الوصي نفسه يأتي
معه بمساعد (خيانة) بأكل الوصي الأموال، أو نحو ذلك.
(118) بدون تقصير، كما لو سرق مال الوصية، أو أحرق، أو غرق، أو أخذه الظالم، ونحو ذلك (مخالفته لشرط الوصية) كما لو
قال الموصي احفظ الأموال في صندوق حديد، فجعل الوصي المال في صندوق خشبي فأكله الفأر وسرق الأموال (أو
تفريط) كما لو لم يستر الوصي عن الظالم المال، وأخذه الظالم منه والتفريط معناه التقصير في الحفظ.
(119) يعني: إذا لم يكن للوصي شهود على أن له على الميت دينا (مطلقا) سواء كان له حجة أم لا (شرائه من نفسه لنفسه) بأن
يبيع الوصي ما للميت لنفسه، فيكون الوصي بائعا عن الميت، ويكون الوصي مشتريا لنفسه (تردد) لاحتمال لزوم كون
طرفي البيع اثنين.
483
أخذ بالقيمة العدل.
وإذا أذن الموصي للوصي أن يوصي (120)، جاز إجماعا. وإن لم يأذن له، لكن لم
يمنعه، فهل له أن يوصي؟ فيه خلاف، أظهره المنع، ويكون النظر بعده إلى الحاكم. وكذا
لو مات إنسان ولا وصي له، كان للحاكم النظر في تركته. ولو لم يكن هناك حاكم، جاز أن
يتولاه (121) من المؤمنين من يوثق به، وفي هذا تردد.
ولو أوصى بالنظر في مال ولده، إلى أجنبي وله أب (122)، لم يصح، وكانت الولاية إلى
جد اليتيم دون الوصي. وقيل: يصح ذلك في قدر الثلث مما ترك، وفي أداء الحقوق.
وإذا أوصى بالنظر في شئ معين (123)، اختصت ولايته به. ولا يجوز له التصرف في
غيره، وجرى مجرى الوكيل في الاقتصار على ما يوكل فيه.
مسائل ثلاث:
الأولى: الصفات المراعاة في الوصي، تعتبر حال الوصية، وقيل: حين الوفاة. فلو
أوصى إلى صبي، فبلغ ثم مات الوصي، صحت الوصية. وكذا الكلام في الحرية
والعقل (124)، والأول أشبه.
الثانية: تصح الوصية (125)، على كل من للموصى عليه ولاية شرعية، كالولد وإن
نزلوا، بشرط الصغر. فلو أوصى على أولاده الكبار والعقلاء، أو على أبيه أو على أقاربه، لم



(120) أي: قال الموصي للموصي إذا دنت وفاتك فأوص بتنفيذ وصاياي لشخص آخر (ويكون النظر بعده) أي: الولاية بعد
موت الوصي.
(121) أي: يتولى النظر في أموال الميت (من يوثق به) إما المراد به الوثاقة بمعنى الأمانة، أو المراد به العدالة، وقيل بكل منهما
(وفي هذا تردد) لاحتمال عدم الولاية، بل يتولى المسلمون ما هو ضروري من حفظ المال عن التلف وإطعام وإكساء
وحفظ الأيتام الصغار، ونحو ذلك.
(122) أي: للوصي (في قدر الثلث) فلو كان له ثلاثمئة دينار، وأوصى إلى شخص بالولاية على صغار أولاده، أعطي مئة
دينار للوصي يصرفها على الصغار، وكذا في أداء الحقوق التي على الميت لله تعالى كالحج وللناس كالديون والمظالم ونحو
ذلك.
(123) أي: بالولاية على شئ معين، كما لو قال له: أنت وصي عني في أداء دين زيد.
(124) فلو جعل زيد وصية عمرو وكان عمرو طفلا، رقا، مجنونا، ثم بلغ، وعقل وصار حرا وبعد ذلك مات زيدا، صحت
الوصية على هذا القول.
(125) أي: الوصية بالولاية (على كل من للموصى) بصيغة الفاعل (عليه) أي: على ذاك الشخص (كالولد وإن نزلوا) أي:
ولد الولد، وولد ولد الولد (بشرط الصغر) والمراد، بالصغر عدم البلوغ الشرعي، وفي الجواهر، أو البلوغ مع عدم
الكمال.
484
تمض الوصية عليهم. ولو أوصى بالنظر في المال الذي تركه لهم (126)، لم يصح له التصرف
في ثلثه، وتصح في إخراج الحقوق على الموصي كالديون والصدقات.
الثالثة: يجوز لمن يتولى أموال اليتيم، أن يأخذ أجرة المثل عن نظره في ماله، وقيل:
يأخذ قدر كفايته، وقيل: أقل الأمرين (127)، والأول أظهر.
السادس
في اللواحق وفيه قسمان:
وفيه مسائل:
الأولى: إذا أوصى لأجنبي بمثل نصيب ابنه، وليس له إلا واحد (128)، فقد شرك
بينهما في تركته، فللموصى له النصف فإن لم يجز الوارث فله الثلث. ولو كان له ابنان،
كانت الوصية بالثلث. ولو كان له ثلاثة، كان له الربع.
والضابط: أنه يضاف إلى الوارث، ويجعل كأحدهم إن كانوا متساوين. وإن اختلفت
سهامهم، جعل مثل أضعفهم سهما، إلا أن يقول مثل أعظمهم، فيعمل بمقتضى وصيته.
فلو قال له: مثل نصيب بنتي، فعندنا (129) يكون له النصف، إذا لم يكن وارث
سواها، ويرد إلى الثلث إذا لم تجز.
ولو كان له بنتان، كان له الثلث، لأن المال عندنا للبنتين دون العصبة (130)، فيكون
الموصى له كثالثة.
ولو كان له ثلاث أخوات من أم، وأخوة ثلاثة من أب، فأوصى لأجنبي بمثل نصيب



(126) أي: تركه بعنوان الإرث، لأن الإرث ملك للورثة، لا يحق للميت التصرف فيه، فلا يحق له الوصية بشأنه (ولا في ثلثه) لأن الميت ليس له في التصرف في الثلث الإرث، إنما له الحق أن يوصي بثلث أمواله أن لا يصير إرثا، أما إذا صار إرثا
فلا (وتصح) الوصية (في إخراج الحقوق عن الموصى الميت) لأن الميت كان له الحق في دفع الحقوق، فيجوز له الوصية
بالإخراج (والصدقات) أي: الواجبة كالزكاة، وزكاة الفطرة، والكفارات، والنذورات، ونحوها.
(127) فلو كانت أجرته كل يوم خمسة دنانير، وقدر كفايته أي: مصرفه ثلاثة دنانير، أخذ ثلاثة دنانير عن كل يوم، وبالعكس
أيضا يأخذ ثلاثة دنانير.
(128) أي: إلا ابن واحد (والضابط: إنه يضاف) أي: الموصى له يضاف (سهامهم أي: حصصهم من الإرث.
(129) وإنما قال (عندنا) لأن الشيعة تقول: البنت الواحدة ترث كل المال، نصفا فرضا، ونصفه الآخر ردا، بخلاف العامة
فإنهم يقولون: البنت ترث النصف فقط والنصف الثاني يكون للعصبة وهم إخوة الميت وأعمامه ونحو ذلك.
(130) والعامة تقول: للبنتين الثلثين فقط، والثلث الباقي للعصبة.
485
أحد ورثته، كان كواحدة من الأخوات (131) فيكون له سهم من عشرة، وللأخوات ثلاثة، وللإخوة ستة.
ولو كان له زوجة وبنت، وقال: مثل نصيب بنتي، وأجاز الورثة، كان له سبعة
أسهم، وللبنت مثلها، وللزوجة سهمان (132). ولو قيل: لها سهم واحد من خمسة عشر كان
أولى (133).
ولو كان له أربع زوجات وبنت، فأوصى بمثل نصيب إحداهن، كانت الفريضة من
اثنين وثلاثين (134)، فيكون للزوجات الثمن أربعة بينهن بالسوية، وله سهم كواحدة، ويبقى
سبعة وعشرون للبنت. ولو قيل: من ثلاثة وثلاثين كان أشبه.
الثانية: لو أوصى لأجنبي بنصيب ولده، قيل: تبطل الوصية، لأنها وصية
بمستحقة (135)، وقيل: تصح فيكون كما لو أوصى بمثل نصيبه وهو أشبه. ولو كان له ابن قاتل،
فأوصى بمثل نصيبه، قيل: صحت الوصية، وقيل: لا تصح لأنه لا نصيب له (136)، وهو
أشبه.
الثالثة: إذا أوصى بضعف نصيب ولده، كان له مثلاه. ولو قال: ضعفاه كان له



(131) لأنهن أقل نصيبا، إن كلالة الأم إذا اجتمعت مع كلالة الأب، كان ثلث المال لكلالة الأم، وثلثان من المال لكلالة الأب،
فلو كان المال كله عشرة دنانير أعطي دينار لهذا الأجنبي، وثلاثة دنانير لأخوات الثلاث من الأم، وستة دنانير للإخوة من
الأب لكل واحد ديناران (وإذا) كان كلالة الأب اثني عشر إخوة، أعطي لهذا الأجنبي بمقدار حصة واحد من كلالة الأب
لأنه أقل نصيبا.
(132) فيقسم المال ستة عشر قسما، اثنان منها وهو الثمن للزوجة، والأربعة عشر نصف للبنت ونصف للأجنبي، حتى تتم الوصية
بقدر بنتين.
(133) وذلك: لأن الوصية تنفذ قبل تقسيم الإرث، فيقسم المال خمسة عشر قسما، وبإجازة الورثة يعطى سبعة أسهم للأجنبي،
فيبقى ثمانية، ثمنها للزوجة وهو سهم واحد، والباقي للبنت فرضا وردا جميعا.
(هذا) كله مع إجازة الورثة أكثر من الثلث للأجنبي كما بنى عليه المصنف - قدس سره وأما مع عدم إجازة الورثة يعطى
للأجنبي ثلث المال - ثمانية من أربعة وعشرين - ويقسم الستة عشر الباقية بين البنت والزوجة، ثمنها وهو سهمان للزوجة،
والباقي وهو أربعة عشر سهما للبنت.
(134) يعني: يقسم مال الميت إلى اثنين وثلاثين سهما (ثمنها) وهو أربعة أسهم للزوجات الأربع لكل واحدة سهم واحد، وسهم
خامس للأجنبي، كواحدة من الزوجات، والباقي لبنت فرضا وردا (ولو قيل من ثلاثة وثلاثين كان أشبه) وذلك لأن
الوصية تكون - كما ذكرنا آنفا - قبل تقسيم الإرث، فيعطى الأجنبي سهما واحدا، ثم يقسم الاثنين والثلاثين أربعة
للزوجات، وثمانية وعشرون للبنت.
(135) لأن نصيب الولد لا يعطى لغيره.
(136) لأن القاتل لشخص لا يرث منه شيئا.
486
أربعة (137)، وقيل: ثلاثة، وهو أشبه أخذا بالمتيقن. وكذا لو قال: ضعف ضعف نصيبه.
الرابعة: إذا أوصى بثلثه للفقراء، وله أموال متفرقة، جاز صرف كل ما في بلد إلى
فقرائه. ولو صرف الجميع في فقراء بلد الموصي جاز أيضا ويدفع إلى الموجودين في البلد. فلا
يجب تتبع من غاب، وهل يجب أن يعطي ثلاثة (138) فصاعدا؟ قيل: نعم، وهو الأشبه،
عملا بمقتضى اللفظ. وكذا لو قال: أعتقوا رقابا، وجب أن يعتق ثلاثة فما زاد إلا أن يقصر
ثلث مال الموصي (139)
الخامسة: إذا أوصى لإنسان بعبد معين، ولآخر بتمام الثلث (140)، ثم حدث في العبد
عيب قبل تسليمه إلى الموصى له، كان للموصى له الآخر تكملة الثلث، بما وضع قيمة العبد
صحيحا، لأنه قصد عطية التكملة والعبد صحيح. وكذا لو مات العبد قبل موت الموصي،
بطلت الوصية، وأعطي الآخر ما زاد عن قيمة العبد الصحيح (141). ولو كانت قيمة العبد بقدر
الثلث، بطلت الوصية للآخر.
السادسة: إذا أوصى له بأبيه، فقبل الوصية وهو مريض (142)، عتق عليه من أصل المال
إجماعا منا، لأنه إنما يعتبر من الثلث ما يخرجه عن ملكه، وهنا لم يخرجه بل بالقبول ملكه،
وانعتق عليه تبعا لملكه.
السابعة: إذا أوصى له بدار، فانهدمت وصارت براحا (143)، ثم مات الموصي، بطلت
الوصية، لأنها خرجت عن اسم الدار، وفيه تردد.
الثامنة: إذا قال: أعطوا زيدا والفقراء كذا، كان لزيد النصف من الوصية. وقيل:



(137) أي: أربع مرات بقدر نصيب الولد، فلو كان نصيب الولد دينارا واحدا، كان ضعفاه أربعة دنانير (وقيل ثلاثة) لأن بعض
أهل اللغة قال: (ضعفا الشئ: هو ومثلاه) (وكذا لو قال ضعف ضعف) لأنه بمنزلة: ضعفاه.
(138) أي: إلى ثلاثة فقراء، بأن لا يجوز إعطاء كل الثلث لفقير واحد، أو فقيرين فقط (عملا بمقتضى اللفظ) لأن ظاهر لفظ
(الفقراء) وهو الجمع إنه ثلاثة وأكثر.
(139) أي: يكون الثلث أقل من عتق ثلاثة رقاب.
(140) يعني: قال أعطوا زيدا هذا العبد، وباقي الثلث إلى عمرو، ثم عات العبد بكسر أو مرض، أو نحوهما وصارت قيمته
من مئة دينار إلى ثمانين دينارا، وجعل من الثلث عشرون دينارا، على العبد وأعطى لزيد مع العبد، وباقي الثلث إلى
عمرو.
(141) فلو كانت قيمة ذاك العبد وهو صحيح بمئة دينار، أعطى الزائد عن مئة إلى تمام الثلث إلى عمرو.
(142) مثاله: أبو زيد عبد عند عمرو، فأوصى عمرو أن يعطى هذا العبد لزيد وكان زيد مريضا مرض الموت، فقبل الوصية،
ثم مات الموصي (عمرو) وانتقل أبو زيد إلى زيد، انعتق الأب وإن كان أكثر قيمة من الثلث مال زيد.
(143) أي: أرضا خالية (وفيه تردد) لاحتمال أن تكون الوصية بالأرض، وبالبناء، فإذا زال البناء بقيت الأرض على الوصية.
487
الربع (144)، والأول أشبه.
القسم الثاني: في تصرفات المريض (145) وهي نوعان مؤجله، ومنجزة.
فالمؤجلة: حكمها حكم الوصية (146) إجماعا وقد سلفت. وكذا تصرفات الصحيح إذا
قرنت بما بعد الموت (147).
أما منجزات المريض إذا كانت تبرعا (148)، كالمحاباة في المعاوضات، والهبة والعتق
والوقف، فقد قيل: إنها من أصل المال (149)، وقيل: من الثلث واتفق القائلان: على أنه لو
برئ (150)، لزمت من جهته وجهة الوارث أيضا والخلاف فيما لو مات في ذلك المرض. ولا بد من
الإشارة إلى المرض، الذي معه يتحقق وقوف التصرف على الثلث. فنقول: كل مرض لا يؤمن
معه من الموت غالبا فهو مخوف، كحمى الدق (151)، والسل، وقذف الدم والأورام السودائية
والدموية، والإسهال المنتن، والذي يمازجه دهنية، أو براز أسود يغلي على الأرض، وما
شاكله.



(144) لأن أقل جمع (الفقراء) ثلاثة، وزيد هو الرابع، فيكون له الربع.
(145) يعني: تصرفاته في أمواله في مرض انتهى إلى الموت ولم يصح من ذاك المرض (والمؤجلة) هي التي جعل المريض تنفيذها بعد
موته ولم تكن وصية، كالنذر المعلق بالموت، - مثلا -: (لله علي إن وفقت للحج أن يكون عشر أموالي بعد الموت معونة
للحجاج) - وكالتدبير، كما لو قال لعبده (أنت حر بعد وفاتي) (والمنجزة) كما لو وهب المريض، أو تصدق أو باع
محاباة، أو نحو ذلك.
(146) فتخرج من الثلث، وإن كانت أكثر من الثلث توقف الزائد على إجازة الورثة.
(147) كما لو نذر الشخص الذي ليس مريضا، معلقا بما بعد الموت، أو دبر عبده أو أمته.
(148) مقابلة المنجزات التي لم يكن فيها تبرع، كما لو باع شيئا شيئا يسوى دينارا بدينارا، وما يساوي عشرة باعة بعشرة، وهكذا،
فإن مثل هذه التصرفات ماضية ثابتة.
(المحاباة) هي البيع بأقل من الثمن لأجل حب المشتري، أو الشراء بأكثر من الثمن لأجل حب البائع، مثل دار قيمتها
ألف دينار باعها بمئة دينار، أو اشتراها بعشرة آلاف دينار.
(149) يعني: تكون صحيحة وإن كانت أكثر من ثلث المال (وقيل من الثلث) يعني: لو كانت هذه التصرفات أكثر من ثلث المال
يتوقف الزائد على إجازة الورثة.
(150) أي: لو برأ من المرض ثم تمرض ومات.
(151) يعني: الحمى المستمرة التي كان سببها الاحتضار والقلق الشديد (قذف الدم) أي: تقيئ الدم، (الأورام) الورم قد
يكون سببه الصفراء، وهذا القسم لا يخاف معه الموت، وقد يكون سببه السوداء - والسوداء هو الصفراء المحترق - أو يكون
سببه كثرة الهم في البدن (والإسهال النتن) أي: الذي رائحة الخروج تكون شديدة النتن (والذي) يعني: الإسهال الذي
فيه دسومة أكثر من المتعارف (أو بزار) يعني: الغائط الأسود لونه، (يغلي على الأرض) يعني: حينما يسقط على الأرض
يخرج من خلاله فقاعات كالشئ الذي يغلي (وما شاكله) كالسرطان، والجلطة.
488
وأما الأمراض التي الغالب فيها السلامة. فحكمها حكم الصحة، كحمى يوم،
وكالصداع عن مادة (152) أو غير مادة، والدمل، والرمد. والسلاق. وكذا ما يحتمل الأمرين
كحمى العفن والزحبر والأورام البلغمية
ولو قيل: يتعلق الحكم بالمرض الذي يتفق به الموت، سواء كان مخوفا في العادة أو لم
يكن (153)، لكان حسنا. أما وقت المراماة (154) في الحرب والطلق للمرأة وتزاحم الأمواج في
البحر، فلا أرى الحكم يتعلق بهما، لتجردها عن إطلاق اسم المرض.
وهاهنا مسائل:
الأولى: إذا وهب وحابى، فإن وسعهما الثلث فلا كرم، وإن قصر بدأ بالأول فالأول حتى
يستوفي الثلث، وكان النقص على الأخير (155).
الثانية: إذا جمع بين عطية منجزة ومؤخرة (156)، قدمت المنجزة فإن اتسع الثلث
للباقي، وإلا صح فيما يحتمله الثلث، وبطل فيما قصر عنه.
الثالثة: إذا باع كرا من طعام، قيمته ستة دنانير وليس له سواه، بكر ردئ قيمته ثلاثة
دنانير (157)، فالمحاباة هنا بنصف تركته، فيمضي في قدر الثلث. فلو رددنا السدس على الورثة
لكان رباء. والوجه في تصحيحه أن يرد على الورثة ثلث كرهم، ويرد على المشتري ثلث كره،
فبقي مع الورثة ثلثا كر، قيمتهما ديناران، ومع المشتري ثلثا كر قيمتهما أربعة، فيفضل معه
ديناران وهي قدر الثلث من ستة.
الرابعة: لو باع عبدا قيمته مئتان بمئة وبرئ، لزم العقد. وإن مات ولم يجز الورثة، صح
البيع في النصف في مقابلة ما دفع، وهي ثلاثة أسهم من ستة. وفي السدسين بالمحاباة، وهي



(152) عن مادة: يعني سببه تخزن جراحات في الرأس (والرمد) وهو وجع العين (والسلاة) بالضم بئر يعلو أصل اللسان (يحتمل
الأمرين) أي: قد يكون ينتهي بسلامة، وقد ينتهي، بالموت لاختلاف أسبابه، وصعوبة معرفتها (والزحير) هو ضيق
النفس المصاحف للحشرجة والصوت.
(154) أي: وقت رمي السهام، الذي يتوقع فيه الموت فلو أوصى في هذه الحالة لا تكون وصيته في وقت المرض (والطلق)
أي: الولادة (وتزاحم الأمواج) يعني: للراكب في البحر.
(155) مثلا: وهب داره لزيد، وباع بستانه الذي قيمته ألف دينار إلى عمرو بمئة دينار، وأهدى مزرعته إلى علي، وهكذا،
فيعطى أولا الدار لزيد، فإن زاد من الثلث شئ أعطى البستان إلى عمرو، وإلا فلا وهلم جرا.
(156) مثاله: قال لزيد لك هذه الدار نصفها هدية ونصفها وصية، فالهدية منجزة، والوصية مؤخرة.
(157) هذه المعاملة محاباة، لأنه بيع بأقل من الثمن لأجل الحب (ربا) إذ صار التقابل بين ثلث الكسر، وبين نصف الكسر.
489
سهمان هما الثلث من ستة، فيكون ذلك خمسة أسداس العبد، وبطل في الزائد وهو سدس،
فيرجع على الورثة. والمشتري بالخيار إن شاء فسخ، لتبعض الصفقة، وإن شاء أجاز. ولو بذل
العوض عن السدس (158)، كان الورثة بالخيار، بين الامتناع والإجابة، لأن حقهم منحصر في
العين.
الخامسة: إذا أعتقها في مرض الموت وتزوج ودخل بها، صح العقد والعتق وورثته إن.
أخرجت من الثلث (159). وإن لم تخرج فعلى ما مر من الخلاف.
السادسة: لو أعتق أمته وقيمتها ثلث تركته، ثم أصدقها الثلث الآخر (160)، ودخل ثم
مات، فالنكاح صحيح ويبطل المسمى، لأنه زائد على الثلث وترثه. وفي ثبوت مهر المثل تردد،
وعلى القول الآخر يصح الجميع.



(158) يعني: أراد المشتري أن يدفع إلى الورثة شيئا مقابل السدس الذي وجب عليه رده إلى الورثة (لأن حقهم منحصر في العين)
فلهم الحق في قبول المبادلة، وعدم قبولها.
(159) يعني: إن كانت قيمتها أقل من ثلث أمواله (فعلى ما مر) عند رقم (148) وما بعده فقد قبل بصحته وإن استغرق كل
المال، وقيل بصحة مقدار الثلث فقط ولا أكثر.
(160) يعني: أعطاها مهرا (وبطل المسمى) أي: المهر الذي عينه (وترثه) المرأة لأنها زوجة حرة (تردد) ما أن النكاح لا يكون
بدون مهر، فيجب مهر المثل، ومن أن المهر حق الورثة لأنه أكثر من الثلث فلا مهر لها أصلا (وعلى القول الآخر) وهو
قول أن منجزات المريض يكون من أصل المال حتى ولو زاد على الثلث الذي مر بيانه عند رقم (148) وما بعده.
490
كتاب النكاح
وأقسامه: ثلاثة (1)
القسم الأول
في النكاح الدائم والنظر فيه يستدعي فصولا.
الأول: في آداب العقد، والخلوة ولواحقهما.
أما آداب العقد: فالنكاح مستحب لمن تاقت نفسه (2)، من الرجال والنساء. ومن
لم تتق فيه خلاف، المشهور استحبابه، لقوله عليه السلام: " تناكحوا تناسلوا "، ولقوله صلى
الله عليه وآله " شرار موتاكم العزاب "، ولقوله عليه السلام: " ما استفاد امرؤ فائدة بعد
الإسلام، أفضل من زوجة مسلمة، تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب
عنها، في نفسها وماله " (3).
وربما احتج المانع: بأن وصف يحيى عليه السلام، بكونه حصورا (4) يؤذن باختصاص
هذا الوصف بالرجحان، فيحمل على ما إذا لم تتق النفس.
ويمكن الجواب: بأن المدح بذلك في شرع غيرنا، لا يلزم منه وجوده في شرعنا (5).



كتاب النكاح
(النكاح) في اللغة هو الوطئ، وكذا في الشرع، ويطلق في الشرع على العقد أيضا توسعا لأوله إلى الوطئ، أو مشارفة، وقال في
المستند بل هو حقيقة في العقد لغة وشرعا، وتفصيل الكلام في المفصلات.
(1) نكاح دائم، ونكاح منقطع - يعني المتعة - وملك يمين، وهو أمة يشتريها فيطأها لأنها أمة.
(2) أي: كانت له رغبة جنسية (فيه خلاف) فقال بعضهم إنه ليس له مستحبا بل هو مباح.
(3) فهذه الأدلة كلها مطلقة غير مقيدة برغبة جنسية، ولفظة (العزاب) تشمل الرجل الذي لا زوجة له، والمرأة التي لا زوج لها.
(4) في قوله تعالى (وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين) والحصور هو الذي لم يتزوج).
(5) يعني: لعل عدم الزواج كان ممدوحا في بعض الشرائع السابقة، وهذا لا يلزم منه كونه ممدوحا في شريعتنا، خصوصا بعد التأكيدات
المطلقة في شرعنا بالزواج، وليست مصلحتها منحصرة في قضاء الوطئ الجنسي، بل الولد، والستر، والهدوء النفسي، وغير ذلك
مما ذكر في الأحاديث أيضا.
491
ويستحب: لمن أراد العقد (6) سبعة أشياء، ويكره له ثامن.
فالمستحبات: أن يتخير من النساء من تجمع صفات أربعا: كرم الأصل. وكونها بكرا.
ولودا. عفيفة. ولا يقتصر على الجمال ولا على الثروة فربما حرمهما (7). وصلاة ركعتين والدعاء
بعدهما بمأثورة " اللهم إني أريد أن أتزوج، فقدر لي من النساء، أعفهن فرجا، وأحفظهن لي
في نفسها ومالي، وأوسعهن رزقا، وأعظمهن بركة. " أو غير ذلك من الدعاء. والإشهاد
والإعلان، والخطبة أمام العقد (8). وإيقاعه ليلا.
ويكره: إيقاعه والقمر في العقرب.
الثاني: في آداب الخلوة بالمرأة وهي قسمان (9):
الأول: يستحب لمن أراد الدخول (10) أن يصلي ركعتين ويدعو بعدهما. وإذا أمر المرأة



(6) عقد النكاح (كرم الأصل) أي: أبواها صالحين، أو من عائلة صالحة شريفة (بكرا) أي: لم تر زوجا قبل ذلك،
(ولودا) أي: غير
عقيمة، ويعرف ذلك من عادة قريباتها ونساء عشيرتها (عفيفة) أي: مصونة مستورة.
(7) ففي الحديث: من تزوج امرأة لمالها أو جمالها حرمه الله منهما (وصلاة ركعتين) عند إرادته التزويج
(8) الإشهاد: هو أن يحضر شهود يشهدون عقد فلان من فلان (والإعلان) أي إخبار الناس بزواج فلان من فلان، وما تعارف اليوم في
بعض البلاد كالعراق من عمل مجلس يدعي فيه الناس ويوزع فيه بعض أنواع من الحلوى يسمى ب‍ (مجلس العقد) يجب من الإعلان
(والخطبة) هو أن يحمد الله تعالى، ويصلي على النبي وأهل بيته - عليه وعليهم الصلاة والسلام - ويقرء بعض آيات القرآن
والأحاديث الشريفة المرتبطة بالزواج والنكاح قبل قراءة صيغة العقد، وكأن ويقرأ مثلا:
(بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الذي أحل التزويج والنكاح، وحرم الزنا والسفاح. والصلاة والسلام على محمد وآله سادات
أهل الفوز والفلاح، وبعد فقد قال الله تعالى في القرآن الحكيم (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا
فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني)
وقال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام (ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب) فعلى كتاب الله وسنة
رسول الله، وسيرة الأئمة الظاهرين زوجت... الخ) ثم يقرأ صيغة العقد.
(وإيقاعه ليلا) أي: إيقاع عقد النكاح في الليل.
(والقمر في العقرب) للقمر حركة طبيعية من المغرب إلى المشرق، يكمل فيها الدورة كل شهر مرة واحدة، وفي كل يومين ونصف
تقريبا يكون - في هذه الحركة الطبيعية - في واحد من البروج الاثني عشر التي أسماؤها (حمل، ثور، جوزاء، سرطان، أسد،
سنبلة، ميزان، عقرب، قوس، جدي، دلو، حوت) والعقرب هو البرج الثامن، ويعرف ذلك أهل الفلك، ومذكور في
الروزنامات والتقاويم، فإذا كان في اليومين والنصف الذي فيه القمر في العقرب يكره إيقاع صيغة النكاح، ففي الحديث (من
تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسن).
(9) القسم الأول: آداب الدخول على الزوجة في أول ليلة الزواج، والقسم الثاني آداب الجماع مطلقا.
(10) أي: الجماع أول ليلة الزفاف (ويدعوا بعدهما) بما ورد عن الأئمة عليهم السلام وذكرت في كتب الحديث (وإذا أمر المرأة) أي:
الزوجة (بالانتقال إليه) أي: إلى عند الزوج.
492
بالانتقال إليه، أمرها أن تصلي أيضا ركعتين وتدعو. وأن يكونا على طهر. وإن يضع يده على
ناصيتها إذا دخلت عليه، ويقول: " اللهم على كتابك تزوجتها، وفي أمانتك أخذتها،
وبكلماتك استحللت فرجها، فإن قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا، ولا تجعله شرك
شيطان " (11). وأن يكون الدخول ليلا. وأن يسمي عند الجماع ويسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا
ذكرا سويا (12).
ويستحب: الوليمة (13) عند الزفاف يوما أو يومين. وأن يدعي لها المؤمنون، ولا تجب
الإجابة بل تستحب. وإذا حضر فالأكل مستحب ولو كان صائما ندبا (14). وأكل ما ينثر في
الأعراس جائز. ولا يجوز أخذه إلا بإذن أربابه، نطقا أو بشاهد الحال (15). وهل يملك بالأخذ؟
الأظهر نعم.
الثاني: يكره الجماع في أوقات ثمانية: ليلة خسوف القمر، ويوم كسوف الشمس (16)،
وعند الزوال، وعند غروب الشمس حتى يذهب الشفق (17)، وفي المحاق، وبعد طلوع الفجر



(11) شرك شيطان: لا يكون الشيطان شريكا معي في هذه النطفة، لما ورد من أن الشيطان يدخل ذكره مع ذكر الزوج فتنعقد النطفة
منهما، ويتكون الولد وفيه عرق نقص أو عرق خبث (يسمى) أي: يقول (بسم الله الرحمن الرحيم)
(12) الولد يشمل الذكر والأنثى، لأنه بمعنى: ما يولد (وسويا) أي: غير ناقص.
(13) هي: إعطاء الطعام للناس (أو يومين) لما ورد في الحديث من النهي عن الوليمة ثلاثة أيام لأنها من التكبر (ولا تجب الإجابة) يعني:
لا يجب على الناس حضور الوليمة.
(14) لما ورد من أن الصائم صوما مستحبا لو دعي إلى وليمة استحب له الإفطار، ويعطيه الله تعالى ثواب الصوم وثواب إجابة المؤمن معا
(ولا يجوز أخذه) أي: حمله معه إلى الخارج.
(15) (نطقا) كأن يقول صاحب البيت خذوا معكم (شاهد الحال) كما لو كان الناس يأخذون معهم وصاحب البيت يبدي الفرح بذلك،
كما هو المتعارف الآن في كربلاء المقدسة ونحوها (وهل يملك بالأخذ) مقابل القول بأنه يباح له ولا يصير ملكا له.
(16) وإن كان بعد تمام الخسوف أو الكسوف، ففي الجواهر أنه قيل إن صار ولد كان في خسر وبؤس حتى تموت (وعند الزوال) في
الجواهر: حذرا من الحول إلا في يوم الخميس فيستحب لأن الشيطان لا يقرب من يقضي بينهما حتى يشيب ويكون فهيما ويرزق
السلامة في الدين والدنيا.
(17) (الشفق) كفرس حمرة الأفق بعيد غروب الشمس، ففي الحديث أن الجماع في الساعة الأولى من الليل يصير الولد ساحرا مؤثرا
للدنيا على الآخرة (وفي المحاق) - بضم الميم، وفتحها وكسرها مثلثا - وهو اليومان أو الثلاثة آخر الشهر حسب اختلاف الشهور
حيث لا يرى القمر لا ليلا ولا نهارا لوقوعه في ظل الشمس، وفي الجواهر: حذرا من الإسقاط أو جنون الولد أو خبله وجذامه
خصوصا آخر ليلة منها التي تجتمع فيه كراهتان من حيث كونها من المحاق وكونها آخر الشهر، فإنه يكره الجماع في الليلة الأخيرة منه
فتشتد الكراهة لذلك، كما إنها تشتد في خصوص الأخيرتين من شعبان اللتين أن رزق فيهما ولد يكون كذابا أو عشارا أو عونا
للظالمين، أو يكون هلاك فئام من الناس على يديه (وفي أول ليلة من كل شهر) حذرا من الإسقاط أو الجنون أو الخبل أو الجذام
خصوصا ليلة الفطر التي يكون الولد فيها كثير الشر ولا يلد إلا كبير السن (إلا في شهر رمضان) فعن علي عليه الصلاة والسلام
(يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول الله عز وجل: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، والرفث
(المجامعة) (وفي ليلة النصف) من كل شهر حتى شهر رمضان خوفا من إسقاط الولد أو جنونه أو جذامه أو حبله، وخصوصا نصف
شعبان فإن الولد فيها يكون مشوما ذا شامة في وجهه.
493
إلى طلوع الشمس. وفي أول ليلة من كل شهر إلا في شهر رمضان، وفي ليلة النصف. وفي السفر
إذا لم يكن معه ماء يغتسل به (18). وعند هبوب الريح السوداء والصفراء، الزلزلة. والجماع وهو
عريان، وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء ولا بأس أن يجامع مرات من غير غسل يتخللها،
ويكون غسله أخيرا. وأن يجامع وعنده من ينظر إليه (19)، والنظر إلى فرج المرأة في حال الجماع وغيره.
والجماع مستقبل القبلة أو مستدبرها، وفي السفينة. والكلام عند الجماع بغير ذكر الله.



(18) بأن يجبر على التيمم للصلاة، فإنه يورث صيرورة الولد عونا لكل ظالم (وعقيب الاحتلام) الاحتلام يقال للجنابة في النوم، لا مطلق
الجنابة، وذلك خوفا من جنون الولد، لكن عن الرسالة الذهبية المنسوبة إلى الإمام الرضا عليه السلام (الجماع بعد الجماع من غير
فصل بينهم بغسل يورث الولد الجنون) واحتمل بعض الفقهاء فتح الغين المعجمة، يعني: غسل الفرج، كما في الجواهر: من
استحباب الغسل - بالفتح - بين الجماعين ووضوء الصلاة بلا خلاف (لكنه) أعم من كراهة الترك.
(19) ولو كان الناظر طفلا، أو من وراء الغطاء، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (لو أن رجلا يغشى امرأته وفي البيت صبي
مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبدا إن كان غلاما كان زانيا أو جارية كانت زانية) (والنظر إلى فرج المرأة) ففي
موثق سماعة إنه يورث العمي، ولعل المراد به عمي الولد الذي يتكون عند ذاك الجماع (والجماع مستقبل القبلة ومستدبرها) لنهي
النبي (ص) عنهما (وفي السفينة) في الجواهر: قيل لعدم استقرار النطفة (والكلام عند الجماع بغير ذكر الله) لأنه يورث الخرس في الولد.
(ومن الحسن) تتيما للفائدة ذكر خبر الوصايا، وهي بعض وصايا في الجماع مروية عن النبي صلى الله عليه وآله أوصى بها عليا (ع)
والإشكال فيها سندا غير ضائر بالأحكام اللااقتضائية المبنية على التسامع على ما هو المشهور والمنصوص، كما أن قول بعض بأنها تفوح
منها رائحة الوضع لا موجب له سوى استبعاد توجيه مثل هذه الوصايا لمثل علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ولكنه استبعاد لا
مسرح له في الحكم الشرعي (مضافا) إلى إمكان دفع أصل الاستبعاد بأن الله والرسول والأمير لا يستحون من الحق (مع) إمكان أن
تكون نظير تهديدات القرآن للرسول صلى الله عليه وآله من باب (إياك أعني واسمعني بإجادة). وكيف كان فالأمر سهل والوصية هذه حذفنا
منها تكرار (يا علي) الموجود فيها كثيرا (لا تجامع أهلك بعد الظهر فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، والشيطان
يفرح بالحول في الإنسان (لا تجامع) امرأتك بشهوة امرأة غيرك فإني أخشى إن قضى بينكما ولد أن يكون مخنثا أو بخيلا (ولا تجامع)
امرأتك ألا ومعك خرقة ولأهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة فإن ذلك يعقب العداوة بينكما ثم يؤديكما إلى
الفرقة والطلاق (لا تجامع) امرأتك من قيام فإن ذلك من فعل الحمير، فإن قضى بينكما ولد كان بوالا في الفراش كالحمير البوالة في
كل مكان (لا تجامع) امرأتك في ليلة الأضحى فإنه إن قضى بينكما ولد يكون له ستة أصابع أو أربعة أصابع (لا تجامع) امرأتك تحت
شجرة مثمرة فإنه إن قضي بينكما ولد يكون جلادا قتالا أو عريفا (لا تجامع) امرأتك في وجه الشمس وتلألئها إلا أن ترخي سترا
فيستركما فإنه إن قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت (لا تجامع) امرأتك بين الآذان والإقامة فإنه إن قضى بينكما ولد
يكون حريصا على إهراق الدماء (إذا حملت) امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب
بخيل اليد (لا تجامع) أهلك على سقوف البنيان فإنه إن قضى بينكما ولد يكون منافقا مرائيا مبتدعا (إذا خرجت) فلا تجامع أهلك
تلك الليلة فإنه إن قضى بينكما ولد ينفق ماله في غير حق وقرء رسول الله - صلى الله عليه وآله -: (إن المبذرين كانوا إخوان
الشياطين) (ولا تجامع) أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم.
(عليك) أن تجامع ليلة الاثنين فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حافظا لكتاب الله راضيا بما قسم الله عز وجل له (وإن جامعت)
أهلك في ليلة الثلاثاء فقضى بينكما ولد فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله، ولا يعذبه الله مع
المشركين، ويكون طيب النكهة والفم رحيم القلب سخي اليد طاهر اللسان من الغيبة والبهتان (وإن جامعت) أهلك ليلة
الخميس فقضى بينكما ولد يكون حاكما من الحكام أو عالما من العلماء (وإن جامعتها) يوم الخميس عند الزوال عند كبد السماء فقضى
بينكما ولد فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب ويكون قيما ويرزقه الله السلامة في الدين والدنيا (وإن جامعتها) ليلة الجمعة وكان بينكما
ولد فإنه يكون خطيبا قوالا مفوها (وإن جامعتها) يوم الجمعة بعد العصر فقضى بينكما ولد فإنه يكون معروفا مشهورا (وإن
جامعتها) ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة فإنه يرجى أن يكون الولد من الأبدال إن شاء الله.
494
حال الجماع وغيره. والجماع مستقبل القبلة أو مستدبرها، وفي السفينة. والكلام عند الجماع
بغير ذكر الله.
الثالث: في اللواحق وهي ثلاثة:
الأول: يجوز أن ينظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها (20)، وإن لم يستأذنها. ويختص الجواز
بوجهها وكفيها. وله أن يكرر النظر إليها وأن ينظرها قائمة وماشية. وروي: جواز أن ينظر إلى
شعرها ومحاسنها وجسدها من فوق الثياب. وكذا يجوز أن ينظر إلى أمة يريد شراءها وإلى شعرها
ومحاسنها. ويجوز النظر إلى أهل الذمة وشعورهن لأنهن بمنزلة الإماء، لكن لا يجوز ذلك لتلذذ ولا
لريبة (21). ويجوز أن ينظر الرجل إلى مثله ما خلا عورته، شيخا كان أو شابا، حسنا أو قبيحا،
ما لم يكن النظر لريبة أو تلذذ. وكذا المرأة (22).
وللرجل أن ينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا (23)، وإلى المحارم ما عدا العورة. وكذا
المرأة.
ولا ينظر الرجل إلى الأجنبية أصلا إلا لضرورة، ويجوز أن ينظر إلى وجهها وكفيها على
كراهية فيه مرة، ولا يجوز معاودة النظر (24). وكذا الحكم في المرأة.
ويجوز عند الضرورة، كما إذا أراد الشهادة عليها. ويقتصر الناظر منها على ما يضطر إلى
الاطلاع عليه، كالطبيب إذا احتاجت المرأة إليه للعلاج (25)، ولو إلى العورة، دفعا للضرر.
مسألتان:
الأولى: هل يجوز للخصي النظر إلى المرأة المالكة (26) أو الأجنبية؟ قيل: نعم، وقيل:



(20) لا أن ينظر إلى النساء ليختار واحدة منهن، بل إذا أراد زواج امرأة مغينة يجوز له النظر إليها. (وإن لم يستأذنها) لأن النظر ليس حقا لها
حتى يحتاج إلى إذنها، بل هو حكم الشارع (من فوق الثياب) ليعرف سمنها وهزالها، وقصرها وطولها، ونحو ذلك.
(21) والفرق بينهما - كما قيل - هو أن الريبة كالنظر إلى مرأة بنية الزنا معها أو اختطافها (التلذذ) اللذة الفعلية بدون قصد سوء.
(22) يجوز لها النظر إلى النساء ما خلا العورة.
(23) كداخل الفم، والأنف، والدبر والقبل (المحارم) قال الشهيد قده سره: وهو من يحرم نكاحهن أبدا بنسب، أو إرضاع، أو
مصاهرة، كالأخت، والعمة، والخالة، وأم الزوجة، وجدتها، وهكذا (وكذا المرأة) يجوز لها النظر إلى زوجها باطنا وظاهرا،
وإلى المحارم ما عدام العورة.
(24) ففي الحديث: (النظرة الأولى لك، والثانية عليك)، وعن جمع من أكابر المحققين وأعاظم الفقهاء - منهم صاحب الجواهر قدس
سره - حرمة النظرة الأولى أيضا إذا كانت متعمدة (وكذا الحكم في المرأة) فلا يجوز لها النظر إلى الرجل الأجنبي أصلا إلا لضرورة.
(25) فلو كان موضع العلاج اليد لا يجوز النظر إلى الرجل، وبالعكس، وهكذا.
(26) أي: المرأة التي هي تملك الخصي (والخصي) هو الرجل الذي أخرجت بيضتاه. فله ذكر فقط بلا خصية (لعموم المنع) في قوله
تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) فإن الأمر بالغض عام يشمل الخصي بالنسبة
إلى مولاته.
495
لا، وهو الأظهر لعموم المنع، وملك اليمين المستثنى في الآية المراد به الإماء (27).
الثانية: الأعمى لا يجوز له سماع صوت المرأة الأجنبية (28)، لأنه عورة. ولا يجوز للمرأة
النظر إليه، لأنه يساوي المبصر في تناول النهي (29).
الثاني: في مسائل تتعلق في هذا الباب وهي خمسة:
الأولى: الوطء في الدبر (30)، فيه روايتان، إحداهما الجواز وهي المشهورة بين
الأصحاب، لكن على كراهية شديدة.
الثانية: العزل (31) عن الحرة إذا لم يشترط في العقد ولم تأذن، قيل: هو محرم، ويجب معه
دية النطفة عشرة دنانير، وقيل: هو مكروه وإن وجبت الدية، وهو أشبه.
الثالثة: لا يجوز للرجل أن يترك وطء امرأته أكثر من أربعة أشهر (32).
الرابعة: الدخول بالمرأة قبل أن تبلغ تسعا محرم. ولو دخل لم تحرم (33)، على الأصح.
لكن لو أفضاها، حرمت ولم تخرج من حباله.
الخامسة: يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا (34).



(27) في قوله تعالى (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) فإن المنصرف منه الأمة بالنسبة إلى مولاها فقط، فلا يشمل العبد - خصيا كان
أم غير خصي - بالنسبة إلى مولاته.
(28) إذا كان في الصوت خضوع كما في قوله تعالى (ولا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)، والمهشور إن الصوت المجرد ليس
عورة.
(29) في قوله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)
(30) أي: دبر الزوجة، وفي تفسير الفخر الرازي، في سورة البقرة عند قوله تعالى (نسائكم حرث لكم) أنه سئل الإمام مالك عن إتيان
النساء من خلف فقال: الآن اغتسلت أنا من ذلك ولكن روي عن علي صلوات الله إنه سئل عن ذلك فقال: (سفلت سفلك
الله).
(31) هو أن يجامع فإذا جاء وقت خروج المني، لم يفرغه في الرحم، وأخرج الذكر، لكيلا يصير ولد (عن الحرة) احترازا عن الأمة فإنه
يجوز العزل عنها وإن كانت زوجته (عشرة دنانير) ذهب خالص تساوي تقريبا اثنين وثلاثين غراما تعطى للزوجة.
(32) إلا برضاها.
(33) أي: يحرم وطؤها حرمة أبدية (لو أفضاها) الإفضاء - كما في المسالك - أن يخرق الوطي الحجاب الحاجز بين مسلكي البول والحيض،
فيصيران واحدا (حرمت) مؤبدا فلا يجوز وطؤها أبدا (ولم تخرج من حباله) فيجب الاتفاق عليها حتى يموت أحدهما، ويحرم عليه
أختها.
(34) يعني: لو وصل من السفر في الليل يكره المجئ إلى داره، بل ينام في مكان آخر ويأتي داره صباحا.
496
الثالث: في خصائص النبي صلى الله عليه وآله وهي خمسة عشر خصلة:
منها ما هو في النكاح: وهو تجاوز الأربع بالعقد (35)، وربما كان الوجه الوثوق بعدله بينهن
دون غيره. والعقد بلفظ الهبة (36)، ثم لا يلزمه بها مهر، ابتداء ولا انتهاء. ووجوب التخيير
لنسائه بين إرادته ومفارقته (37). وتحريم نكاح الإماء بالعقد (38). والاستبدال بنسائه. والزيادة
عليهن، حتى نسخ ذلك بقوله تعالى: (إنا أحللنا لك أزواجك (39)) الآية.
ومنها ما هو خارج عن النكاح: وهو وجوب السواك. والوتر (40). والأضحية. وقيام
الليل. وتحريم الصدقة الواجبة، وفي المندوبة في حقه صلى الله عليه وآله خلاف (41). وخائنة
الأعين، وهو الغمز بها. وأبيح له الوصال في الصوم. وخص بأنه تنام عينه ولا ينام قلبه.
ويبصر وراءه كما يبصر أمامه.
وذكر أشياء غير ذلك من خصائصه صلى الله عليه وآله، وهذه أظهرها (42).
ويلحق بهذا الباب مسألتان:
الأولى: تحرم زوجاته صلى الله عليه وآله على غيره، فإذا مات عن مدخول بها، لم تحل



(35) فإنه كان يجوز له أن يتزوج بالعقد الدائم أكثر من أربع زوجات، ولذا جمع صلى الله عليه وآله وسلم بين تسع، ومات حين مات وله
تسع زوجات (وربما كان الوجه) أي: السبب في جواز أكثر من أربع له، وذكر لذلك أسباب عديدة أخرى، دينية، وسياسية،
واجتماعية، وقيادية، وغيرها ليس هنا مجال ذكرها، وقد أفرد لهذا الموضوع أخي العلامة الحجة السيد مجتبى الشيرازي بحثا مطولا
طبع في بعض المجلات المصرية.
(36) وأصل ذلك قوله تعالى (وامرأة مؤمنة أن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين (الأحزاب
/ 50) (ابتداءا ولا انتهاءا) أي: لا قبل الدخول ولا بعده.
(37) وأصل ذلك قوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا، وإن
كنت تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) - [الأحزاب / 28 - 29]، فإن النبي - صلى الله
عليه وآله وسلم - أوجب الله عليه أن يخير نساءه بين المقام معه وبين الفرقة، وليس هذا واجبا على أحد فإن الطلاق بيد الرجل
واختياره، دون المرأة.
(38) وهو أن يتزوج أمة (وتحريم الاستبدال) هو أن يطلق واحدة ويتزوج واحدة بدلها (والزيادة عليهن) بأن يتزوج غير زوجاته اللواتي كن
عنده عند نزول وقوله تعالى (لا يحل لك النساء من بعد) [الأحزاب / 52].
(39) تمامها (يا أيها النبي أنا أحللنا لك أزواجك اللاتي: أثبت أجورهن) [الأحزاب / 50]
(40) أي: ركعة الوتر التي هي آخر صلاة الليل (وقيام الليل) بالعبادة (الصدقة الواجبة) وهي الزكاة المفروضة، فعنه صلى الله عليه وآله أنه قال:
(إنا أهل بيت لا يحل لنا الصدقة).
(41) فقال بعض الفقهاء: بتحريمها عليه صلى الله عليه وآله، وقال بعض الفقهاء بحليتها له صلى الله عليه وآله (إلي الغمز بها) يعني ": الإشارة بعينه إلى
شئ، أو إلى شخص (الوصال في الصوم) بأن يصوم الليل والنهار جميعا (ولا ينام قلبه) فيسمع ويشعر وهو في النوم كما يسمع
ويشعر وهو يقظان.
(42) ويطلب تفاصيل ذلك من مثل (بحار الأنوار) المجلد السادس من الطبعة القديمة، وناسخ التواريخ، وغيرهما.
497
إجماعا. وكذا القول لو لم يدخل بها على الظاهر (43).
أما لو فارقها بفسخ أو طلاق، ففيه خلاف، والوجه أنها لا تحل عملا بالظاهر (44).
وليس تحريمهن لتسميتهن أمهات، ولا لتسميته صلى الله عليه وآله والدا (45).
الثانية: من الفقهاء من زعم أنه لا يجب على النبي صلى الله عليه وآله القسمة بين
أزواجه، لقوله تعالى: (ترجى من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء)، وهو ضعيف لأن
في الآية احتمالا يدفع دلالتها إذ يحتمل أن تكون المشيئة في الإرجاء متعلقة بالواهبات (46).
الفصل الثاني: في العقد والنظر في الصيغة، والحكم.
أما الأول: فالنكاح يفتقر إلى إيجاب وقبول، دالين على العقد الرافع للاحتمال (47).
والعبارة عن الإيجاب لفظان: زوجتك وأنكحتك، وفي متعتك تردد، وجوازه أرجح. والقبول
أن يقول: قبلت التزويج أو قبلت النكاح أو ما شابهه (48). ويجوز الاقتصار على: قبلت. ولا
بد من وقوعهما بلفظ الماضي الدال على صريح الإنشاء، اقتصارا على المتيقن (49). وتحفظا من
الاشتمار المشبه للإباحة (50). ولو أتى بلفظ الأمر، وقصد الإنشاء، كقوله: زوجنيها فقال:
زوجتك، قيل: يصح، كما في خبر سهل الساعدي وهو حسن.
ولو أتى بلفظ المستقبل، كقوله: أتزوجك، فتقول: زوجتك جاز، وقيل: لا بد بعد
ذلك من تلفظ بالقبول (51).
وفي رواية أبان بن تغلب في المتعة، أتزوجك متعة، فإذا قالت: نعم، فهي امرأتك.



(43) فبمجرد العقد على امرأة تحرم على غيره، حتى ولو لم يدخل النبي صلى الله عليه وآله بها ومات.
(44) أي: ظاهر قوله تعالى (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) وتصدق (أزواجه) على المطلقة والتي فسخ عنها العقد.
(45) بل هذا من خواصه - صلى الله عليه وآله وسلم - (ترجى من تشاء منهن) [الأحزاب / 51].
(46) لأن الآية بعد ذكر من وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وآله مباشرة.
(47) أي: لا يكون فيه احتمال غير النكاح، كالإجارة، ونحوها، بل تكون العبارة صريحة في النكاح.
(48) مثل (رضيت) (على قبلت) بدون ذكر التزويج، والنكاح.
(49) لأن صحة النكاح بلفظ الماضي يقينية، وبلفظ المضارع مشكوك فيها.
(50) (الاستثمار) هو، الانحراف، يعني: لو لم نقتضي على المتيقن في النكاح لانحراف الأمر وأشبه النكاح الإباحة في عدم لزوم لفظ
مخصوص، بل ولا لفظا أصلا، كالبيع والعقود التي يكتفي بها بمطلق الدال عليه.
(51) بأن يقول الزوج (قبلت) (وفي رواية أبان) هذا دليل على عدم لزوم قول الزوج (قبلت).
498
ولو قال الولي (52) أو الزوجة: متعتك بكذا، ولم يذكر الأجل، انعقد دائما، وهو دلالة
على انعقاد الدائم بلفظ التمتع.
ولا يشترط في القبول مطابقته لعبارة الإيجاب، بل يصح الإيجاب بلفظ، والقبول بآخر.
فلو قالت: زوجتك، فقال: قبلت النكاح، أو أنكحتك، فقال: قبلت التزويج صح.
ولو قال: زوجت بنتك من فلان (53)، فقال: نعم فقال: الزوج قبلت صح، لأن نعم
يتضمن إعادة السؤال، ولو لم يعد اللفظ، وفيه تردد.
ولا يشترط تقديم الإيجاب، بل لو قال: تزوجت، فقال الولي: زوجتك صح. ولا
يجوز العدول عن هذين اللفظين، إلى ترجمتهما بغير العربية (54)، إلا مع العجز عن العربية.
ولو عجز أحد المتعاقدين، تكلم كل واحد منهما بما يحسنه (55).
ولو عجزا عن النطق أصلا، أو أحدهما، اقتصر العاجز على الإشارة إلى العقد والإيماء.
ولا ينعقد النكاح بلفظ البيع (56)، ولا الهبة، ولا التمليك، ولا الإجارة سواء ذكر فيه
المهر أو جرده.
وأما الثاني: ففيه مسائل:
الأولى لا عبرة في النكاح، بعبارة الصبي إيجابا وقبولا (57)، ولا بعبارة المجنون. وفي
السكران الذي لا يعقل تردد، أظهره إنه لا يصح ولو أفاق فأجاز. وفي رواية: إذا زوجت
السكري (58) نفسها، ثم أفاقت فرضيت، أو دخل بها فأفاقت وأقرته، كان ماضيا.



(52) أي: ولي الزوجة (ولم يذكر الأجل) أي: المدة، فلم يقل (إلى شهر) أو إلى؟؟ سنة)، نسيانا، أو جهلا، (انعقد دائما) أي:
صار نكاحا دائما (وهو دلالة) يعني: هذا دليل على أنه لو قال في النكاح الدائم (متعتك) صح.
(53) مثلا: قال زيد لأب البنت: هل زوجت بنتك من عمرو؟ فقال الأب: نعم، فقال عمرو: قبلت (إعادة السؤال) يعني: إن قوله
(نعم) بمنزلة أن يقول: (زوجت بنتي من عمرو) (وفيه تردد) لاحتمال عدم كفاية (نعم) في مقام الإيجاب.
(54) من اللغات الأخرى كالفارسية، والتركية، والانكليزية، (إلا مع العجز) أي: عدم معرفة باللغة العربية، وعدم إمكان تعلمها،
بل وعدم إمكان توكيل من يعرف العربية عند بعض.
(55) فالذي يعرف العربية يعقد بالعربية، والذي لا يعرف العربية يعقد باللغة التي يعرفها (ولو عجزا عن النطق أصلا) لا بالعربية ولا
بغيرها، كالأخرس (الإشارة والإيماء) باليد والرأس والعينين والحاجبين بما يكون منهما لمعنى العقد.
(56) كأن تقول المرأة للرجل: (بعتك نفسي، أو وهبتك نفسي، أو آجرتك نفسي، أو ملكتك نفسي، بألف دينار).
(57) الصي هو غير البالغ وإن كان عاقلا رشيدا، فإذا عقد الصبي امرأة بالغة بطل، وإن عقدت الصبية لرجل بالغ بطل العقد، بل
يجب كونهما بالغين (الذي لا يعقل) أي: لا يشعر ماذا يقول، أما السكران الذي لم يفقد وعيه ويشعر ماذا يقول فلا.
(58) أي: المرأة التي شربت المسكر فأسكرت، لأنه لا يقال فيها (سكرانة).
499
الثانية: لا يشترط في نكاح الرشيدة حضور الولي (59)، ولا في شئ من الأنكحة حضور
شاهدين. ولو أوقعه الزوجان أو الأولياء سرا جاز. ولو تآمرا بالكتمان لم يبطل.
الثالثة: إذا أوجب الولي، ثم جن أو أغمي عليه (60)، بطل حكم الإيجاب. فلو قبل
بعد ذلك كان لغوا. وكذا لو سبق القبول وزال عقله. فلو أوجب الولي بعده كان لغوا. وكذا في
البيع.
الرابعة: يصح اشتراط الخيار في الصداق خاصة (61)، ولا يفسد به العقد.
الخامسة: إذا اعترف الزوج بزوجية امرأته فصدقته، أو اعترفت هي فصدقها، قضي
بالزوجية ظاهرا (62) وتوارثا. ولو اعترف أحدهما، قضي عليه بحكم العقد دون الآخر (63).
السادسة: إذا كان للرجل عدة بنات، فزوج واحدة ولم يسمها عند العقد، لكن قصدها
بالنية، واختلفا (64) في المعقود عليها. فإن كان الزوج رآهن، فالقول قول الأب، لأن الظاهر
إنه وكل التعيين إليه، وعليه أن يسلم إليه التي نواها. وإن لم يكن رآهن، كان العقد باطلا.
السابعة: يشترط في النكاح، امتياز الزوجة عن غيرها بالإشارة أو التسمية، أو
الصفة (65). فلو زوجه إحدى بنتيه، أو هذا الحمل، لم يصح العقد.



(59) وإن كانت بكرا (من الأنكحة) سواء النكاح الدائم المنقطع، وملك اليمين، والتحليل، والبكر، والثيب، ونكاح الزوجين، أو
الوليين، أو الولي مع أحد الزوجين (ولو تآمرا) أي: بنيا وقروا.
(60) كما لو قال (زوجتك) بنتي بمهر السنة) ثم جن قبل أن يقول الزوج (قبلت) (وزال عقله) أي: عقل الزوج القابل، كما لو قال
الزوج (تزوجت بنتك بمهر السنة) وقبل أن يقول ولي البنت (نعم) صار الزوج مجنونا.
(61) أما في عقد النكاح فلا يصح جعل الخيار، بأن تقول (زوجتك نفسي بألف ولي الخيار في العقد إلى شهر في فسخ العقد) أما الخيار في
المهر فيصح كأن تقول (زوجتك نفسي بألف ولي الخيار في المهر إلى شهر).
(62) يعني: لا واقعا، فلو علم أحدهما عدم الزوجية لا يجوز له - بينه وبين الله - ترتيب آثار الزوجية، فلو علم الرجل عدم الزوجية لا يجوز
له النظر إليها، ولا وطأها، وجاز له العقد على أختها، وهكذا، ولو علمت المرأة عدم الزوجية فلا يجوز لها النظر إليه، ولا تمكينه من
الوطئ، وجاز لها التزوج من غيره وهكذا (وتوارثا) أي: لو مات أحدهما ورثه الآخر.
(63) فلو اعترف الرجل بأن المرأة الفلانية زوجة، ولم تعترف تلك المرأة بأنها زوجته، وجب على الرجل نفقتها، ولم يجز له التزويج
بالخامسة، ولا بأختها، ولا أمها، وهكذا (ولكن) لا يجب عليها تمكينه، ولا إطاعته، ولا غير ذلك.
(64) أي: اختلف الأب والزوج، فقال الزوج: قصدت (زينب) وقال الأب: أنا قصدت (فاطمة) (وكل التعيين إليه) أي: إلى
الأب (التي نواها) الأب (كان العقد باطلا) لصحيح أبي عبيدة عن الباقر عليه السلام، ولامتناع استحقاق الاستمتاع بغير معين.
(65) (بالإشارة) باليد، أو العين، أو الرجل، أو غيرها، (أو التسمية) كأن يقول زوجتك فاطمة) (أو الصفة) كأن يقول: زوجتك
بنتي الكبيرة، (أو هنا الحمل) أي: الجنين الذي في بطن الأم، لم يصح لاحتمال كونها اثنتين، أو كونه ذكرا أو خنثى غير قابل
للنكاح.
500
الثامنة: لو ادعى زوجية امرأة، وادعت أختها زوجيته (66)، وأقام كل واحد منهما بينة.
فإن كان دخل بالمدعية، كان الترجيح لبينتها، لأنه مصدق لها بظاهر فعله (67). وكذا لو كان
تاريخ بينتها أسبق. ومع عدم الأمرين، يكون الترجيح لبينته (68).
التاسعة: إذا عقد على امرأة، فادعى آخر زوجيتها (69)، لم يلتفت إلى دعواه إلا مع
البينة.
العاشرة: إذا تزوج العبد بمملوكة، ثم أذن له الولي في ابتياعها (70) فإن اشتراها لمولاه،
فالعقد باق. وإن اشتراها لنفسه، بإذنه أو ملكه إياها بعد ابتياعها. فإن قلنا: العبد يملك بطل
العقد، وإلا كان باقيا. ولو تحرر بعضه، واشترى زوجته، بطل النكاح بينهما، سواء اشتراها
بمال منفرد به، أو مشترك بينهما (71)
الفصل الثالث: في أولياء العقد وفيه فصلان:
الأول: في تعيين الأولياء: لا ولاية في عقد النكاح: لغير الأب، والجد للأب وإن علا،
والمولى، والوصي، والحاكم (72).
وهل يشترط في ولاية الجد بقاء الأب (73)، قيل: نعم، مصيرا إلى رواية لا تخلو من
ضعف، والوجه إنه لا يشترط.



(66) مثلا: ادعى زيد أن فاطمة زوجته، وادعت أخت فاطمة أن نفسها زوجة زيد، ولا يجتمع الادعاءان، لعدم جواز كون فاطمة
وأختها كلتيهما زوجتين لشخص واحد لقوله تعالى (وإن تجمعوا بين الأختين).
(67) وهو الدخول بها، فتصير أخت فاطمة زوجة شرعا، وتنفصل فاطمة عنه (وكذا) مثلا قالت بينة زيد: نعلم أن فاطمة كانت زوجة
زيد في السنة العاشرة من الهجرة، فقالت بينة أخت فاطمة: نعلم أن أخت فاطمة كانت زوجة زيد في السنة التاسعة من الهجرة.
(68) فتصير فاطمة زوجة لزيد شرعا، وتنفصل أختها عن زيد.
(69) مثلا: عقد زيد على فاطمة، فادعى عمرو أن فاطمة زوجته.
(70) أي: شراء تلك المملوكة (بأذنه) أي: بإذن المولى (أو ملكه) يعني: اشتراها للمولى ولكن المولى أدخلها في ملك العبد الذي هو
زوج لتلك المملوكة (بطل العقد) لأن الزوجة لا تجتمع مع الملك (نعم) يجوز للعبد وطؤها بالملك، لا بالزوجية، وأثر ذلك عدم
ترتيب آثار الزوجية، فلا قسم لها، ولا حقوق الزوجية، ولا تكون من الأربع، وهكذا.
(71) أي: بين العبد وبين المولى، والفرق إنه إن اشتراها بمال منفرد به جاز له وطؤها بالملك، وإن اشتراها بمال مشترك لا يجوز له وطؤها لا
بالزوجية لأنه ملك بعضها فانفسخت الزوجية بسبب الملك، ولا بالملك لأنه لا يجوز وطئ الأمة المشتركة إلا على قول سيأتي في أواخر
نكاح الإماء.
(72) فلا ولاية في تزويج الصغيرة، أو الصغير للأم، ولا للجد للأم، ولا للإخوة، ولا الأعمام والأخوال، ولا لكبير العشيرة أو الأسرة،
ولا لغيرهم، فلو عقد أحد هؤلاء كان عقدهم فضوليا بمنزلة عقد شخص أجنبي.
(73) أي: كون الأب حيا (لا تخلو من ضعف) في الجواهر: في السند والدلالة، وهي رواية الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه
السلام (إن الجد إذا زوج ابنة ابنه وكان أبوها حيا وكان الجد مرضيا جاز).
501
وتثبت ولاية الأب والجد للأب، على الصغيرة، وإن ذهبت بكارتها بوطء أو
غيره (74)، ولا خيار لها بعد بلوغها على أشهر الروايتين. وكذا لو زوج الأب، أو الجد للولد
الصغير، لزمه العقد، ولا خيار له مع بلوغه ورشده، على الأشهر.
وهل تثبت ولايتهما على البكر الرشيدة (75)، فيه روايات، أظهرها سقوط الولاية عنها،
وثبوت الولاية لنفسها في الدائم والمنقطع.
ولو زوجها أحدهما (76)، لم يمض عقده إلا برضاها. ومن الأصحاب من أذن لها في الدائم
دون المنقطع (77)، ومنهم من عكس، ومنهم من أسقط أمرها معهما فيهما، وفيه رواية أخرى،
دالة على شركتهما في الولاية، حتى لا يجوز لهما أن ينفردا عنها بالعقد.
أما إذا عضلها الولي، وهو أن لا يزوجها من كف ء مع رغبتها، فإنه يجوز لها أن تزوج
نفسها، ولو كرها (78) إجماعا.
ولا ولاية لهما: على الثيب مع البلوغ والرشد، ولا على البالغ الرشيد (79).
ويثبت ولايتهما على الجميع (80) مع الجنون. ولا خيار لأحدهم مع الإفاقة، وللمولى أن
يزوج مملوكته، صغيرة كانت أو كبيرة، عاقلة أو مجنونة ولا خيار لها معه. وكذا الحكم في العبد.
وليس للحاكم: ولاية في النكاح على من لم يبلغ (81)، ولا على بالغ رشيد. ويثبت ولايته



(74) بوطئ حلال كالشبهة، أو حرام كالزنا (أو غيره) كعلاج، أو طفرة، أو مرض، لأن سبب الولاية ليس البكارة، بل الصغر وعدم
البلوغ (ولا خيار لها) بل تكون ملزمة بهذا الزواج بعد البلوغ (على أشهر الروايتين) رواية تقول بعدم الخيار بعد البلوغ، ورواية تقول
بالخيار بعد البلوغ، لكن الرواية الأولى أشهر رواية، وعملا، حتى نقل الإجماع عليها.
(75) أي: البالغة العاقلة (فيه روايات) في بعضها، الولاية لها فقط، وفي بعضها الولاية لأبيها فقط، وفي بعضها: الولاية لها وللأب
معا.
(76) أي: الأب، أو الجد (لم يمض عقده) ويكون فضوليا، كعقد الأجنبي لها.
(77) يعني: قال يجوز لها أن تزوج نفسها بالعقد الدائم، ولا يجوز لها أن تزوج نفسها متعة إلا برضا الأب أو الجد (من عكس) أي: قال
يجوز لها الاستقلال في المتعة، لا الدائم (أمرها معهما فيهما) أي: قال لا أمر للبكر نفسها أصلا مع وجود الأب والجد في الدائم
والمنقطع، فكل الأمر بيد الأب والجد.
(78) أي: حتى مع كراهة الأب والجد.
(79) يعني: الذكر سواء كان قد تزوج قبل ذلك أم لا.
(80) أي: الذكر والأنثى، والثيب والبكر والبالغ والصغير (مع الإفاقة) أي: لو ارتفع الجنون ليس له أولها رد العقد (وكذا الحكم في
العبد) فللمولى تزويجه سواء كان العبد صغيرا أم كبيرا راضيا أم كارها.
(81) فليس للحاكم الشرعي حق تزويج الصغير، ولا الصغيرة (بلغ غير رشيد) أي: من قبل البلوغ كان سفيها أو مجنونا (أو (تجدد)
يعني: لما بلغ كان عاقلا رشيدا ثم صار سفيها أو مجنونا (صلاحا له) كما لو كان كثير الشهوة ويخشى من عدم الزواج وقوعه في الفساد
والزنا، أو كان بلا وال ويحتاج إلى من يجمع أمره ونحو ذلك.
502
على من بلغ غير رشيد، أو تجدد فساد عقله، إذا كان النكاح صلاحا.
ولا ولاية للوصي، وإن نص له الموصي على النكاح (82) على الأظهر. وللوصي أن يزوج
من بلغ فاسد العقل، إذا كان به ضرورة إلى النكاح. والمحجور عليه للتبذير، لا يجوز له أن
يتزوج غير مضطر، ولو أوقع كان العقد فاسدا. وإن اضطر إلى النكاح، جاز للحاكم أن يأذن
له، سواء عين الزوجة أو أطلق. ولو بادر قبل الإذن (83)، والحال هذه، صح العقد. فإن زاد
في المهر عن المثل، بطل في الزائد.
الثاني: في اللواحق وفيه مسائل:
الأولى: إذا وكلت البالغة الرشيدة في العقد مطلقا (84)، لم يكن له أن يزوجها من نفسه،
إلا مع إذنها. ولو وكلته في تزويجها منه قيل: لا يصح، لرواية عمار، ولأنه يلزم أن يكون موجبا
قابلا، والجواز أشبه. أما لو زوجها الجد من ابن ابنه الآخر (85)، أو الأب من موكله، كان
جائزا.
الثانية: إذا زوجها الولي بدون مهر المثل، هل لها أن تعترض (86)؟ فيه تردد، والأظهر
أن لها الاعتراض.



(82) (على النكاح) متعلق ب‍ (لا ولاية) (للتبذير) أي: الحجر من جهة الإسراف، لأن الحجر له أسباب، ومنها الإسراف (أن يتزوج)
لأن الزواج فيه صرف الأموال للمهر، وللنفقة (غير مضطر) والمضطرب مثل من يقع في الحرام بترك الزواج، أو يصيبه مشقة من
حبس الشهوة ونحو ذلك.
(83) أي: استعجل وتزوج قبل أن يأذن له الحاكم الشرعي (والحال هذه) أي: في حالة اضطراره إلى الزواج (عن المثل) أي: عن مهر
المثل.
(84) أي: وكلت رجلا في أن يعقدها لرجل ما أيا كان (لرواية عمار) الساباطي قال: (سألت أبا الحسن عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره
أن يعلم بها أهل بيتها يحل لها أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها وتقول له قد وكلتك فاشهد على تزويجي (قال) - إلى أن قال - قلت:
فإن وكلت غيره بتزويجها منه قال نعم) (موجبا قابلا): أي يكون الزوج هو المتكلم بصيغة الإيجاب وكالة، وهو المتكلم بصيغة
القبول، ولا يصح أن يصير شخص واحد هو الموجب وهو نفسه القابل، وصيغة هكذا (زوجت موكلتي من نفسي بكذا ثم يقول:
قبلت التزويج لنفسي هكذا).
(85) مثلا: الجد (محمد) وله ابنان (حسن وحسين) ولحسن بنت، ولحسين ابن، فيكون محمد جدا للبنت، وجدا للابن، فزوج
(محمد) الجد، بنت الحسن الصغيرة لابن الحسين الصغير، ولاية عليهما وصيغته هكذا (زوجت بنت الحسن ولاية لابن الحسين ثم
يقول: قبلت لابن الحسين ولاية عليه).
(أو الأب من موكله) كما لو وكل زيد عمرا أن يزوجه بنته الصغيرة، فقال عمرو: (زوجت بنتي ولاية عليها لعمرو ثم قال:
قبلت لعمرو وكالة عنه).
(86) فتطالب بمهر المثل.
503
الثالثة: عبارة المرأة (87) معتبرة في العقد مع البلوغ والرشد، فيجوز لها أن تزوج نفسها،
وأن تكون وكيلة لغيرها، إيجابا وقبولا.
الرابعة: عقد النكاح (88)، يقف على الإجازة، على الأظهر فلو زوج الصبية غير أبيها
أوجدها، قريبا (89) كان أو بعيدا، لم يمض إلا مع إذنها أو إجازتها بعد العقد، ولو كان أخا أو
عما. ويقنع من البكر بسكوتها، عند عرضه عليها (90) وتكلف الثيب النطق. ولو كانت
مملوكة وقف على إجازة المالك (91). وكذا لو كانت صغيرة، فأجاز الأب أو الجد، صح.
الخامسة: إذا كان الولي كافرا (92)، فلا ولاية له. ولو كان الأب كذلك، يثبت الولاية
للجد خاصة. وكذا (93) لو جن الأب، أو أغمي عليه. ولو زال المانع، عادت الولاية. ولو
أختار الأب زوجا، والجد آخر، فمن سبق عقده صح، وبطل المتأخر. وإن تشاحا، قدم
اختيار الجد. ولو أوقعاه في حالة واحدة، ثبت عقد الجد دون الأب.
السادسة: إذا زوجها الولي بالمجنون أو الخصي (94) صح، ولها الخيار إذا بلغت. وكذا لو
زوج الطفل، بمن بها أحد العيوب الموجبة للفسخ (95). ولو زوجها بمملوك، لم يكن لها الخيار إذا
بلغت. وكذا لو زوج الطفل (96). وقيل بالمنع في الطفل، لأن نكاح الأمة مشروط بخوف
العنت، ولا خوف في جانب الصبي.



(87) أي: إجرائها صيغة النكاح.
(88) أي: لو عقد النكاح غير الولي ممن لا صلاحية له للعقد، لا يصير باطلا، يتوقف حتى يجيز أو يرد من بيده الإجازة والرد، فإن أجاز
صح العقد، وأن رد بطل (على الأظهر) مقابل لقول من قال ببطلانه رأسا، وأن الإجازة لا تنفع بل يجب العقد ثانيا بعد الإجازة
والرضا.
(89) أي: من الأقرباء كالأم، والأخ، والأخت، ونحو ذلك (بعيدا) كالجار، ورئيس العشيرة، وزوج أختها ونحوهم.
(90) أي: عند عرض النكاح عليها، فلو قالوا للبنت البكر: هل ترضين بالزواج من زيد، فكتبت كان سكوتها رضاها.
(91) دون إجازتها (وكذا) يعني: لا يحتاج إلى إجازتها هي.
(92) والولد مسلما بإسلام أمه مثلا (كان الأب كذلك) أي: كافرا (للجد) المسلم) فلو زوجه الأب الكافر لم يصح، ولو زوجه الجد
المسلم صح
(93) لا ولاية للأب، وتبقى الولاية للجد فقط (تشاحا) أي: قال الأب عقدي سابق، وقال الجد عقدي سابق.
(94) وهو الذي لا خصية له بل له الذكر فقط، ومثله لا ينجب الأولاد، (ولها الخيار) فإن رضيت ثبت النكاح ولا يحتاج إلى العقد ثانيا
وإن ردت بطل النكاح.
(95) وهي في المرأة سبعة - كما سيأتي في القسم الرابع - الجنون والجزام، والبرص، والعمى والإقعاد (يعني: الشلل) والافضاء
(وهو أن يكون طريق البول والحيض واحدا بانخراق الغشاء بينهما) والقرن (وهو ثبوت عظم داخل الفرج مانع من الوطئ).
(96) أي: زوجه المولى بمملوكة (خوف العنت) أي: المشقة في ترك التزويج، في قوله تعالى (وذلك لمن خشي العنت منكم)
504
السابعة: لا يجوز نكاح الأمة، إلا بإذن مالكها ولو كانت لامرأة (97)، في الدائم والمنقطع
وقيل يجوز لها أن تتزوج متعة، إذا كانت لامرأة من غير إذنها، والأول أشبه.
الثامنة: إذا زوج الأبوان الصغيرين، لزمهما (98) العقد. فإن مات أحدهما، ورثه
الآخر. ولو عقد عليهما غير أبويها، ومات أحدهما قبل البلوغ، بطل العقد وسقط المهر
والإرث. ولو بلغ أحدهما فرضي، لزم العقد من جهته. فإن مات، عزل من تركته نصيب
الآخر. فإن بلغ فأجاز، أحلف إنه لم يجز للرغبة في الميراث وورث. ولو مات الذي لم يجز (99)
بطل العقد ولا ميراث.
التاسعة: إذا أذن المولى لعبده في إيقاع العقد صح، واقتضى الإطلاق (100) الاقتصار على
مهر المثل. فإن زاد، على الزائد في ذمته، يتبع به إذا تحرر، ويكون مهر المثل على مولاه،
وقيل: في كسبه، والأول أظهر، وكذا القول في نفقتها.
العاشرة: من تحرر بعضه ليس لمولاه إجباره على النكاح.
الحادية عشرة: إذا كانت الأمة لمولى عليه (101)، كان نكاحها بيد وليه، فإذا زوجها لزم،
وليس للمولى عليه مع زوال الولاية فسخه (102) ويستحب للمرأة: أن تستأذن أباها في العقد،
بكرا كانت أو ثيبا، وإن توكل أخاها إذا لم يكن لها أب ولا جد، وأن تعول على الأكبر، إذا كانوا
أكثر من أخ. ولو تخير كل واحد من الأكبر والأصغر زوجا، تخيرت خيرة الأكبر (103).
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا زوجها الأخوان برجلين، فإن وكلتهما، فالعقد للأول (104). ولو دخلت



(97) يعني كان مولاها امرأة لا رجلا، (من غير إذنها) لأنه لا ينافي حقها.
(98) أي: ثبت على الصغيرين العقد، فيكونان شرعا زوجين، وترتب أحكام الزوجية عليهما.
(99) قبل البلوغ، أو قبل الإجازة.
(100) أي: عدم تعيين مقدار المهر له (في ذمته) أي: ذمة العبد (يتبع به) يعني: إذا صار هذا العبد حرا يؤخذ منه الزائد، لأنه ما دام
عبدا فكل ما في يده لمولاه (وقيل في كسبه) أي: يكتسب العبد ويعطي مهر المثل (في نفقتها) أي: أكل الزوجة، ولباسها،
ومسكنها على المولى. لا في كسب العبد.
(101) كما لو كانت أمة لصبي، أو مجنون، (ولية) أي: ولي الصبي، أو المجنون.
(102) فلو بلغ الصبي، أو عقل المجنون ليس له حق فسخ هذا النكاح الذي أمره وليه حال صباه أو جنونه.
(103) أي: اختارت ما اختاره الأخ الأكبر، لما ورد في الحديث الشريف (الأخ الأكبر بمنزلة الأب).
(104) أي: للذي كان عقده سابقا، وبطل عقد اللاحق سواء كان العاقد الأخ الأكبر أو الأصغر، (وأخيرا) أما جهلا بالتأخير، أو جهلا
بأنها تصير للأول (فإن اتفقا) أي: وقع العقدان في وقت واحد (يقدم الأكبر) أي: عقد الأخ الأكبر (وهو تحكم) أي: قول
بلا دليل.
505
بمن تزوجها أخيرا فحملت، ألحق الولد به، وألزم مهرها، وأعيدت إلى السابق بعد انقضاء
العدة. فإن اتفقا في حالة واحدة، قيل: يقدم الأكبر، وهو تحكم. ولو لم تكن أذنت لهما،
أجازت عقد أيهما شاءت (105)، والأولى لها إجازة عقد الأكبر. وبأيهما دخلت قبل الإجازة، كان
العقد له.
الثانية: لا ولاية للأم على الولد، فلو زوجته فرضي، لزمه العقد،. وإن كره لزمها
المهر (106)، وفيه تردد. وربما حمل على ما إذا ادعت الوكالة عنه.
الثالثة: إذا زوج الأجنبي امرأة، فقال الزوج: زوجك العاقد من غير إذنك، فقالت.
بل أذنت، فالقول قولها مع يمينها على القولين (107) لأنها تدعي الصحة.
الفصل الرابع: في أسباب التحريم وهي ستة:
السبب الأول: النسب ويحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء: الأم والجدة وإن علت،
لأب كانت أو لأم. والبنت للصلب (108)، وبناتها وإن نزلن، وبنات الابن وإن نزلن.
والأخوات، لأب كن أو لأم، أو لهما.
وبناتهن، وبنات أولادهن. والعمات، سواء كن أخوات أبيه لأبيه، أو لأمه، أو لهما وكذا
أخوات أجداده وإن علون. والخالات للأب أو للأم أو لهما (109). وكذا خالات الأب والأم وإن
ارتفعن. وبنات الأخ، سواء كان الأخ للأب أو للأم أو لهما، وسواء كانت بنته لصلبه أو بنت
بنته، أو بنت ابنه وبناتهن وإن سفلن. ومثلهن من الرجال يحرم على النساء، فيحرم الأب وإن
علا، والولد وإن سفل، والأخ وابنه وابن الأخت والعم وإن ارتفع، وكذا الخال.
ثلاثة فروع:
الأول: النسب يثبت مع النكاح الصحيح، ومع الشبهة (110). ولا يثبت مع الزنا فلو



(105) سواء عقد الأخ الأكبر، أو عقد الأصغر (قبل الإجازة) القولية (كان العقد له) لأن الدخول إجازة فعلية.
(106) أي: لزم على الأم إعطاء مهر البنت (وفيه تردد) لأن الأصل عدم المهر، والرواية فيها ضعيفة السند (حمل) وقول من قال بالمهر
(ادعت) الأم.
(107) وهما القول بصحة الفضولي بالإجازة، والقول ببطلانه (لأنها تدعي الصحة) ومهما تنازع شخصان في صحيح وفاسد فالقول لمن
يدعي الصحة - إلا فيما استثنى لأدلة خاصة في موارد معينة -
(108) يعني: بنت نفسه مقابل بنت الابن، أو بنت البنت.
(109) يعني: خالة هي أخت الأم، من الأب فقط، أو من الأم فقط، أو من الأبوين (والبقية) أصناف هي هكذا (الأم، والبنت)
والأخوات، وبنات الأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ).
(110) الشبهة هي أن يتخيل أنه صحيح، كما لو اشتبه فوطأ غير زوجته بخيال إنها زوجته (أو) وكل شخصا في أن يعقد له فعلم إنه عقد،
وطأ ثم تبين إنه نسي العقد، أو أن الوطئ كان قبل العقد (أو) تزوج ووطأ ثم تبين إن المرأة محرم عليه بنسب أو رضاع أو
مصاهرة، ونحو ذلك.
506
زنى، فانخلق من مائه ولد على الرحم (111)، لم ينتسب إليه شرعا وهل يحرم على الزاني
والزانية (112)؟ الوجه إنه يحرم، لأنه مخلوق من مائه فهو يسمى ولدا لغة (113)
الثاني: لو طلق زوجته، فوطئت بالشبهة (114)، فإن أتت بولد به لأقل من ستة أشهر من
وطء الثاني، ولستة أشهر، من وطء المطلق الحق بالمطلق أما لو كان الثاني له أقل من ستة أشهر
وللمطلق أكثر من أقصى مدة الحمل (115) لم يلحق بأحدهما. وإن احتمل أن يكون منهما (116)،
استخرج بالقرعة على تردد، والأشبه إنه للثاني. وحكم اللبن تابع للنسب (117).
الثالث: لو أنكر الولد ولا عن (118)، انتفى على صاحب الفراش، وكان اللبن تابعا له. ولو
أقر به بعد ذلك، عاد نسبه (119)، وإن كان هو لا يرث الولد.
السبب الثاني: الرضاع والنظر في: شروطه، وأحكامه.



(111) أي: مع العلم بأن الولد مخلوق من ماء الزنا، مقابل عدم العلم بذلك بل الظن فإن الظن لا يغني من الحق شيئا، وذلك كما لو زنا
بامرأة في شعبان، ثم تزوجها في رمضان، وولدت ولدا بعد ستة أشهر من وطئ الزواج، فإنه لا علم بأن الولد مخلوق من ماء
الزنا، بل شرعا يعتبر خلقه من ماء الزواج، وبعض العلامات إذا رافق وقت الزنا غير ضائر كحبس الحيض بعد وطئ الزنا،
والوحام الحاصل لكثير من الحوامل ونحو ذلك.
(ولم ينتسب) هذا الولد) إلى هذا الأب (شرعا) فلو مات الأب لا يرثه هذا الولد، ولو مات الولد لا يرثه هذا الأب، وليس
لأحد منهما على الآخر حقوق الأب والابن، فيها شرعا أجنبيان.
(112) يعني: لو كان الولد المخلوق من ماء الزنا ذكرا هل يحرم عليه نكاح أمه الزانية، ولو كان الولد بنتا هل يحرم على الأب الزاني
نكاحها.
(113) خلافا لبعض العامة حيث نقل عنهم الفتوى بجواز ذلك.
(114) أي: فوطأها شخص آخر بالشبهة.
(115) أي: أكثر مدة الحمل، وهي أما عشرة أشهر أو سنة على الخلاف.
(116) كما لو جاءت بالولد بأكثر من ستة أشهر من الوطئين، وأقل من عشرة أشهر من الوطئين، مثلا طلقها أول محرم، ووطأها شخص
بشبهة في منتصف محرم، ثم جاءت بالولد في شهر رمضان. (استخرج بالقرعة) أن يكتب اسم المطلق، واسم الواطئ بشبهة في
ورقتين، ثم تجعل الورقتين في كيس وتخرج إحدى الورقتين باسم الولد، فباسم من خرجت الورقة يلحق الولد به (والأشبه إنه
للثاني) أي: للواطئ شبهة، لا للزوج المطلق.
(117) يعني: اللبن يعتبر للرجل الذي الحق به الولد، فلو أرضعت الأم الولد طفلا يتم الرضاع بين الولد، وبين أقرباء ذاك الرجل.
(118) (لا عن) أي: عمل اللعان، وسيأتي تفصيله في (كتاب اللعان) بعد الطلاق، ومجمله أن يحلف الرجل على أن الولد ليس له،
وأنه هو صادق في قوله، وأن زوجته كاذبة في نسبه الولد إليه (وانتفى) الولد (عن صاحب الفراش) أي: عن الزوج، ولم يكن
شرعا ولدا له، ولا الزوج أبا له،. (وكان اللبن تابعا له) أي: للزوج فلو أرضعت بهذا اللبن بنتا صارت بنتا رضاعية للزوج،
وهكذا في بقية أطراف الرضاع.
(119) فصار الولد شرعا ولدا له، في جميع الأحكام، ومنها أن الولد يرثه ولو مات، باستثناء حكم واحد، وهو أن الولد لو مات لا يرثه
الأب، بل يرثه بقية الأقرباء.
507
انتشار الحرمة (120) بالرضاع، يتوقف على شروط:
الأول: أن يكون اللبن عن نكاح (121) فلو در لم ينتشر حرمته. وكذا لو كان عن زنا. وفي
نكاح الشبهة تردد، أشبهه تنزيله على النكاح الصحيح (122). ولو طلق الزوج وهي حامل منه،
أو مرضع (123) فأرضعت ولدا، نشر الحرمة كما لو كانت في حباله وكذا لو تزوجت ودخل بها
الزوج الثاني وحملت. أما لو انقطع، ثم عاد في وقت يمكن أن يكون للثاني، كان له (124) دون
الأول. ولو اتصل حتى تضع الحمل من الثاني، كان ما قبل الوضع للأول، وما بعد الوضع
للثاني.
الشرط الثاني: الكمية وهو ما أنبت اللحم وشد العظم (125) ولا حكم لما دون العشر،
إلا في رواية شاذة. وهل يحرم بالعشر؟ فيه روايتان، أصحهما إنه لا يحرم. وينشر الحرمة إن بلغ
خمس عشرة رضعة، أو رضع يوما وليلة.
ويعتبر في الرضعات المذكورة قيود ثلاثة: أن تكون الرضعة كاملة (126)، وإن تكون
الرضعات متوالية، وإن يرتضع من الثدي.
ويرجع في تقدير الرضعة إلى العرف. وقيل: أن يروى الصبي، ويصدر من قبل نفسه.
فلو التقم الثدي ثم لفظه وعاود، فإن كان أعرض أولا فهي رضعة وإن كان لا بنية
الإعراض، كالنفس، أو الالتفات إلى ملاعب، أو الانتقال من ثدي إلى آخر، كان الكل
رضعة واحدة. ولو منع قبل استكمال الرضعة (127) لم يعتبر في العدد.
ولا بد من توالي الرضعات، بمعنى أن المرأة الواحدة تنفرد بإكمالها. فلو رضع من واحدة



(120) أي: حركة النكاح، والاحترام وهو جواز النظر.
(121) قال الشهيد الثاني - قدس سره - في المسالك: (المراد بالنكاح هنا الوطئ الصحيح، فيندرج فيه الوطي بالعقد - دائما، ومتعة،
وملك يمين والتحليل. (فلو در) أي: خرج اللبن بدون وطئ.
(122) أي: اللبن الناتج عن وطئ الشبهة ينشر الحرمة الرضاعية.
(123) أي: طلقها وهي مرضعة (في حبالة) أي: غير مطلقة، لأن اللبن لبنه فينشر الحرمة
(124) أي: كان اللبن للزوج الجديد، وهو يكون أبا رضاعيا لمن ارتضع من هذا اللبن (ولو اتصل) أي: لم ينقطع اللبن.
(125) أي: يشرب الطفل اللبن بمقدار ينبت لحمه من هذا اللبن، ويشتد عظمه من هذا اللبن (دون العشر) أي: أقل من عشر رضعات
لا يوجب نشر الحرمة (يوما وليلة) وإن صارت الرضعات أقل من خمس عشرة.
(126) أي: بمقدار يصدق كاملة (متوالية) أي: لا يطعم بينها لبن آخر، أو طعام آخر (من الثدي) لا أن يحلب في إناء ويسقي الطفل
من الإناء (ويصدر) أي: يترك الثدي.
(127) بأن رفع قسرا عن الثدي، أو أخرج الثدي عن فمه.
508
بعض العدد، ثم رضع من أخرى، بطل حكم الأول.
ولو تناوبت عليه عدة نساء، لم ينشر الحرمة، ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة
ولاء.
ولا يصير صاحب اللبن، مع اختلاف المرضعات أبا. ولا أبوه جدا ولا المرضعة أما. ولا
بد من ارتضاعه من الثدي في قول مشهور، تحقيقا لمسمى الارتضاع. فلو وجر (128) في حلقه،
أو أوصل إلى جوفه بحقنة، وما شاكلها، لم ينشر. وكذا لو جبن، فأكله جبنا. وكذا يجب أن
يكون اللبن بحاله، فلو مزج بأن ألقي في فم الصبي مائع (129)، ورضع، فامتزج حتى خرج
عن كونه لبنا، لم ينشر.
ولو ارتضع من ثدي الميتة، أو رضع بعض الرضعات وهي حية، ثم أكملها ميتة، لم
ينشر، لأنها خرجت بالموت عن التحاق الأحكام، فهي كالبهيمة المرضعة (130)، وفيه تردد.
الشرط الثالث: أن يكون في الحولين ويراعى ذلك في المرتضع (131)، لقوله عليه
السلام: " لا رضاع بعد فطام " وهل يراعى في ولد المرضعة؟ الأصح إنه لا يعتبر. فلو مضى
لولدها أكثر من حولين، ثم أرضعت من له دون الحولين، نشر الحرمة.
ولو رضع العدد (132) إلا رضعة واحدة فتم الحولان، ثم أكمله بعدهما، لم ينشر الحرمة.
وكذا لو كمل الحولان، ولم يرو من الأخيرة (133). وينشر إذا تمت الرضعة، مع تمام الحولين.
الشرط الرابع: أن يكون اللبن لفحل واحد (134) فلو أرضعت بلبن فحل واحد مئة،
حرم بعضهم على بعض. وكذا لو نكح الفحل عشرا، وأرضعت كل واحدة واحدا أو أكثر،



(128) أي: صب اللبن في حلق الطفل.
(129) أو وضع في فمه دواء يذوب مع اللبن شيئا فشيئا بحيث يخرج عن صدق اللبن.
(130) لأن الميتة حكمها حكم البهيمة، كما لو كانت المرضعة حمارة، أو بلغة، (وفيه تردد) لاحتمال شمول إطلاقات الرضاع للمرضعة
الميتة.
(131) فلو ارتضع طفل عمره أكثر من سنتين لا يصير ولدا رضاعيا شرعيا للمرضعة، ولا غير ذلك من أحكام الرضاع (فطام) أي: قطع
الولد عن اللبن، وهو على رأس سنتين من عمر الطفل (ولد المرضعة) أي: هل يجب أن يكون ولدها أيضا في السنتين؟
(132) وهو خمس عشرة رضعة (ثم أكمله) أي: أكمل الرضاع.
(133) كما لو كان قد ولد مع الزوال في العاشر من رمضان فمضى عليه سنتان وكان وقت الزوال العاشر من رمضان مشتغلا بالرضعة
الأخيرة، بحيث انقضى الزوال ولم تتم الرضعة الأخيرة (مع تمام الحولين) كما في هذا المثال تمت الرضعة مع الزوال.
(134) يعني: زوج واحد.
509
حرم التناكح بينهم جميعا. ولو أرضعت اثنين، بلبن فحلين (135)، لم يحرم أحدهما على
الآخر، وفيه رواية أخرى مهجورة (136). ويحرم أولاد هذه المرضعة نسبا على المرتضع منها.
ويستحب أن يختار للرضاع: العاقلة، المسلمة، العفيفة، الوضيئة (137).
ولا تسترضع الكافرة، ومع الاضطرار يسترضع الذمية (138)، ويمنعها من شرب الخمر،
وأكل لحم الخنزير.
ويكره أن يسلم إليها الولد، لتحمله إلى منزلها. وتتأكد الكراهية في ارتضاع المجوسية.
ويكره أن يسترضع من ولادتها عن زنا (139). وروي أنه إن أحلها مولاها فعلها، طاب
لبنها وزالت الكراهية، وهو شاذ.
وأما أحكامه: فمسائل:
الأولى: إذ حصل الرضاع المحرم (140)، انتشرت الحرمة بين المرضعة وفحلها إلى
المرتضع، ومنه إليهما، فصارت المرضعة له أما، والفحل أبا، وآباؤهما أجدادا، وأمهاتهما
جدات، وأولادهما أخوة، وأخواتهما أخوالا وأعماما (141).
الثانية: كل من ينتسب إلى الفحل من الأولاد، ولادة ورضاعا (142) يحرمون على هذا
المرتضع. وكذا من ينتسب إلى المرضعة بالبنوة، ولادة وإن نزلوا. ولا يحرم عليه من ينتسب إليها
بالبنوة رضاعا.



(135) كما لو كانت (زينب) زوجة لمحمود أرضعت ولدا، ثم طلقها محمد، فتزوجت من (علي) وأرضعت بنتا، لم يصر الولد والبنت
أخا وأختا شرعا، مع إن الأم الرضاعية، واحدة، إلا أن الزوج كان متعددا.
(136) أي: تركها الأصحاب ولم يعملوا بها، وتركهم لها دليل عرفا على عدم حجيتها، مضمون الرواية هي قوله: (ويحرم أولاد الخ)
(137) العفيفة: أي: الحافظة لنفسها عن غير المحارم (الوضيئة) أي: الصبيحة الوجه، لأن الصفات تتعدي مع اللبن إلى الطفل
المرتضع.
(138) (الذمية) هي التي كانت في ذمة الإسلام وتعمل بشروط الذمة (ويمنعها) في مدة الرضاع (أن يسلم إليها) أي: إلى الكافرة (في
ارتضاع المجوسية) أي: اتخاذها مرضعة للطفل المسلم.
(139) أي: امرأة ولدت ولدا بالزنا (وروى) وهي رواية إسحاق بن عمار (قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن غلام لي وثب على
جارية لي فأحبلها فولدت واحتجنا إلى لبنها فإن أحللت لهما ما صنعا أيطيب لبنها (قال) نعم).
(140) بصيغة الفاعل، أي: الموجب لتحريم نكاح المرضعة، وزوجها، وهكذا (وفحلها) أي زوجها.
(141) فأخوة الزوج: أعمام وعمات، وأخوة المرضعة أخوالا وخالات.
(142) فلو ارتضع (زيد) من (زينب) وزوجها (محمد) حرم أولاد محمد لزيد، سواء أولاده الذين تولدوا منه، أو أولاده الذين ارتضعوا من
زوجاته، وحرم أولاد زينب الذين تولدوا منها، وأما أولاد زينب الذين ارتضعوا منها حين كانت زوجة لغير محمد بل لرجل آخر فلا يحرمون على
(زيد).
510
الثالثة: لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن، ولادة ولا رضاعا، ولا في أولاد
زوجته المرضعة ولادة، لأنهم صاروا في حكم ولده (143) وهل ينكح أولاده الذين لم يرتضعوا من
هذا اللبن، في أولاد هذه المرضعة، وأولاد فحلها (144)؟ قيل: لا، والوجه الجواز. أما لو
أرضعت امرأة ابنا لقوم، وبنتا لآخرين (145)، جاز أن ينكح إخوة كل واحد منهما في إخوة
الآخر، لأنه لا نسب بينهم ولا رضاع.
الرابعة: الرضاع المحرم يمنع من النكاح سابقا، ويبطله لاحقا (146). فلو تزوج
رضيعة (147)، فأرضعتها من يفسد نكاح الصغيرة برضاعها، كأمه وجدته وأخته وزوجة الأب
والأخ، إذا كان لبن المرضعة منهما (148) فسد النكاح. فإن انفردت المرتضعة (149) بالارتضاع،
مثل أن سعت إليها فامتصت ثديها من غير شعور المرضعة، سقط مهرها لبطلان العقد الذي
باعتباره يثبت المهر. ولو تولت المرضعة إرضاعها مختارة (150)، قيل: كان للصغيرة نصف
المهر، لأنه فسخ حصل قبل الدخول، ولم يسقط لأنه ليس من الزوجة، وللزوج الرجوع على
المرضعة بما أداه أن قصدت الفسخ (151)، وفي الكل تردد، مستندة الشك في ضمان منفعة
البضع. ولو كان له زوجتان كبيرة وصغيرة، فأرضعتها الكبيرة، حرمتا أبدا إن كان دخل



(143) يعني: أب الطفل المرتضع لا يجوز له أن يتزوج من بنات الأب الرضاعي لطفله، سواء بناته اللاتي من صلبه، أو من الرضاع،
(ولا) يجوز له أن يتزوج البنات اللاتي من صلب الأم الرضاعية لطفله (لأن) هن البنات باعتبارهن أخوات رضاعة لطفله أصبحن
بمنزلة بناته (والعمدة) وجود الدليل الخاص فيه.
(144) مثلا: ارتضع زيد من (زينب) وزوجها (محمد) فهل يجوز التزويج بين إخوة زيد، وبين أولاد زينب، أو أولاد محمد (قيل: لا)
يجوز، لأنهم بمنزلة الإخوة، (والوجه الجواز) لعدم ثبوت عموم المنزلة، إذ المحرم الأخت، لا أخت الأخ، أو أخت الأخت.
(145) كما لو أرضعت (زينب) بنتا اسمها (فاطمة) وابنا اسمه (باقر)، فيجوز تزويج أخت فاطمة لأخ باقر، أو أخ فاطمة بأخت باقر،
لأن أخا باقر ليس أخا لأخت فاطمة لا نسبا ولا رضاعا.
(146) يعني: لو كان الرضاع قبل النكاح حرم النكاح، ولو كان النكاح قبل الرضاع حرم النكاح أيضا.
(147) أي: طفلة في عمر الرضاع (كأمه) أي: أم الزوج، لأنه بالرضاع تكون أختا للزوج، (وجدته) فلو أرضعت جدة زيد
زوجته، صارت الزوجة عمة رضاعية لزيد، أو خالة رضاعية لزيد. ولا يجوز نكاح العمة والخالة الرضاعيتين (وأخته) لأنها
تصير بنت أخته (وزوجة الأب) لأنها تصير أخته لأبيه بالرضاع (وزوجة الأخ) لأنها تصير بنت أخيه.
(148) أي: من الأب والأخ، وهذا احتراز عما لو كانت زوجة أو زوجة الأخ أرضعت زوجة زيد حين كانت زوجة الأب زوجة لشخص آخر غير أبيه وأخيه، سواء كان ذلك قبل زواجها بأبيه وأخيه، أو بعده.
(149) وهي الزوجة الطفلة (سعت إليها) أي: إلى أم الزوج، أو جدته، أو أخته، الخ.
(150) أي: باختيارها (ولم يسقط) يعني: المهر كله.
(151) أي: إن أرضعتها لكي ينفسخ عقد الطفلة (مستندة) أي: سبب التردد هو إنه لا دليل شرعا يدل على ضمان منفعة البضع
(والبضع) على وزن قفل هو فرج المرأة.
511
بالكبيرة (152)، وإلا حرمت الكبيرة حسب. وللكبيرة مهرها إن كان دخل بها (153)، وإلا فلا
مهر لها لأن الفسخ جاء منها. وللصغيرة مهرها لانفساخ العقد بالجمع (154) وقيل: يرجع به على
الكبيرة. ولو أرضعت الكبيرة له زوجتين صغيرتين حرمت الكبيرة والمرتضعتان، إن كان دخل
بالكبيرة، وإلا حرمت الكبيرة (155).
ولو كان له زوجتان وزوجة رضيعة، فأرضعتها إحدى الزوجتين أولا، ثم أرضعتها
الأخرى، حرمت المرضعة الأولى والصغيرة دون الثانية لأنها أرضعتها وهي بنته (156)، وقيل:
بل تحرم أيضا، لأنها صارت أما لمن كانت زوجته وهو أولى. وفي كل هذه الصور، ينفسخ نكاح
الجميع، لتحقق الجمع المحرم (157)، وأما التحريم فعلى ما صورناه. ولو طلق زوجته فأرضعت
زوجته الرضيعة (158)، حرمتا عليه.
الخامسة: لو كان له أمة يطأها (159)، فأرضعت زوجته الصغيرة، حرمتا جميعا عليه،
ويثبت مهر الصغيرة، ولا يرجع به على الأمة، لأنه لا يثبت للمولى مال في ذمة مملوكته. نعم،
لو كانت موطوءة بالعقد (160) يرجع به عليها، ويتعلق برقبتها، وعندي في ذلك تردد. ولو قلنا
بوجوب العود بالمهر، لما قلنا ببيع المملوكة فيه، بل تتبع به إذا تحررت.



(152) لأن الكبيرة تصير أم زوجته، والصغيرة تصير ربيبة له وقد دخل بأمها (وإلا) يعني: إن لم يكن دخل بالكبيرة بعد، حرمت الكبيرة
فقط، لأنها أصبحت أم زوجته، ولم تحرم الصغيرة لأنه يشترط في حرمة الربيبة الدخول بأمها بعض القرآن الكريم
(وربائبكم
اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن).
(153) لأن تمام المهر يثبت بالدخول (وإلا) يكن دخل بها (فلا مهر لها) ولا النصف.
(154) لا بالطلاق، إذ العقد يوجب ثبوت كل المهر حتى قبل الدخول، فإن طلقها رجع إلى الزوج نصف المهر، وحيث لا طلاق هنا، بل
فسخ فمقتضى القاعدة عدم رجوع نصف المهر إلى الزوج.
(155) والمسألة عين المسألة السابقة، فلا داعي للتكرار - كما في الجواهر أيضا -
(156) ولم تصر بالرضاع بنتا له، (وهو أولى) يعني: القول الثاني أولى بالصحة.
(157) وهو الجمع بين الأم والبنت في النكاح.
(158) أي: أرضعها بعد الطلاق (حرمتا عليه) لكونهما ربيبة وأم زوجته.
(159) هذا القيد لأن غير الموطوئة لا تجعل بنتها الرضاعية ربيبة (فأرضعت) هذه الأمة الموطوئة (ويثبت مهر الصغيرة) على المولى (ولا
يرجع به) يعني: لا يأخذ المولى مهر الصغيرة من أمته التي أرضعت هذه الزوجة الصغيرة.
(160) أي: لا بالملك، بأن لم يكن مولى لها، بل قد تزوجها، ومولاها شخص آخر (ويتعلق برقبتها) يعني: يكون برقبة نفس الأمة، لا
على المولى (تردد) للتردد في أصل ضمان منفعة البضع - كما مر عند رقم (151) - (بوجوب العود بالمهر) أي: للزوج حق أخذ ما
دفعه مهرا للصغيرة من الأمة المرضعة (ببيع المملوكة فيه) أي: في المهر، يعني: لا تباع المملوكة المرضعة لأجل مهر الصغيرة (بل
تتبع) فإذا أعتقت الأمة طولبت بالمهر.
512
السادسة: لو كان لاثنين زوجتان صغيرة وكبيرة (161)، وطلق كل واحد منهما زوجته
وتزوج بالأخرى، ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة، حرمت الكبيرة عليهما، وحرمت الصغيرة على
من دخل بالكبيرة.
السابعة: إذا قال: هذه أختي من الرضاع، أو بنتي على وجه يصح (162)، فإن كان قبل
العقد، حكم عليه بالتحريم ظاهرا، وإن كان بعد العقد ومعه بينة، حكم بها. فإن كان قبل
الدخول، فلا مهر (163). وإن كان بعده، كان لها المسمى. وإن فقد البينة، وأنكرت
الزوجة (164)، لزمه المهر كله مع الدخول، ونصفه مع عدمه، على قول مشهور. ولو قالت
المرأة ذلك (165) بعد العقد، لم يقبل دعواها في حقه إلا ببينة. ولو كان قبله حكم عليها بظاهر
الإقرار.
الثامنة: لا تقبل الشهادة إلا مفصلة (166)، لتحقق الخلاف في الشرائط المحرمة،
واحتمال أن يكون الشاهد استند إلى عقيدته. وأما إخبار الشاهد بالرضاع (167)، فيكفي
مشاهدته ملتقما ثدي المرأة، ماصا له على العادة، حتى يصدر.
التاسعة: إذا زوجت كبيرة بصغير، ثم فسخت إما لعيب فيه وإما لأنها كانت مملوكة
فأعتقت، أو لغير ذلك، ثم تزوجت بكبير آخر وأرضعته (168) بلبنه، حرمت على الزوج، لأنها



(161) أي: لأحدهما زوجة كبيرة، وللآخر زوجة رضيعة ترتضع بعد (حرمت الكبيرة عليهما) لأنها أم رضاعية زوجة لكليهما، وبمجرد
العقد على البنت تحرم أمها أبدا (وحرمت الصغيرة) لأنها ربيبة والربيبة تحرم إذا دخل بأمها لا مطلقا.
(162) أي: على وجه يمكن ذلك، دون معلوم الفساد، كما لو ادعى رجل عمره عشرون سنة في امرأة عمرها عشر سنوات أنها بنته من
الرضاع (ظاهرا) لأن الواقع مرتبط بصدق الادعاء، فإن كان عالما بكذب نفسه جاز له تزويجها واقعا (حكم بها) أي: بالبينة،
وإنما احتاج إلى البينة لأن الأصل في العقد الواقع الصحة، وكل من أدعي خلاف الأصل فعليه البينة - كما هو التعريف المشهور
للمدعي.
(163) لثبوت بطلان العقد بالبينة (كان لها المسمى) أي: المهر المذكور في العقد، وفيه خلاف من يطلب من المعضلات.
(164) أي: أنكرت الزوجة الرضاع، حتى يكون النكاح باطلا.
(165) أي: ادعت المرأة الرضاع، دون الرجل (ولو كان) ادعاؤها الرضاع (قبله) أي: قبل العقد (حكم عليها) فلا يجوز تزويجها منه
ظاهرا.
(166) فلا يكفي أن يشهد بأن هذه رضعت مع هذا، وإنما يقول رضعت عشر رضعات، أو خمس عشرة رضعة، ولم تتقئ، اللبن - بناءا
على اشتراطه - إلى غير ذلك من موارد الخلاف في الرضاع المحرم.
(167) يعني: متى يجوز للشخص أن يشهد بالرضاع، (على العادة) أي: على المتعارف في المص بأن لا يكون بالثدي أو بفم الطفل أذية
تمنع على المص المعتاد (حتى يصدر) أي: يترك الطفل الثدي.
(168) يعني: أرضعت ذاك الطفل الذي كانت هذه الكبيرة زوجة له (حليلة ابنه) أي: زوجة ابنه، وهذا الرضيع أصبح ابنا رضاعيا
لذاك الكبير.
513
كانت حليلة ابنه، وعلى الصغير لأنها منكوحة أبيه.
العاشرة: لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة، ثم أرضعت جدهما (169) أحدهما،
انفسخ نكاحهما، لأن المرتضع إن كان هو الذكر فهو إما عم لزوجته، وإما خال. وإن كان
أنثى، فقد صارت إما عمة وإما خالة.
السبب الثالث: المصاهرة (170) وهي تتحقق: مع الوطء الصحيح. ويشكل مع الزنا.
والوطء بالشبهة. والنظر واللمس.
والبحث حينئذ في الأمور الأربعة (171):
أما النكاح الصحيح: فمن وطئ امرأة بالعقد الصحيح أو الملك، حرم على الواطئ أم
الموطوءة وإن علت (172)، وبناتها وإن سفلن، تقدمت ولادتهن أو تأخرت، ولو لم تكن في
حجره. وعلى الموطوءة أبو الواطئ وإن علا، وأولاده وإن سفلوا، تحريما مؤبدا (173). ولو تجرد
العقد عن الوطء، حرمت الزوجة على أبيه وولده، ولم تحرم بنت الزوجة، عينا على الزوج بل
جمعا (174). ولو فارقها، جاز له نكاح بنتها، وهل تحرم أمها بنفس العقد، فيه روايتان أشهرهما
أنها تحرم.
ولا تحرم مملوكة الأب على الابن بمجرد الملك، ولا مملوكة الابن على الأب (175). ولو
وطئ أحدهما مملوكته، حرمت على الآخر. ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخر، إلا بعقد أو
ملك أو إباحة (176) ويجوز للأب أن يقوم مملوكة ابنه، إذا كان صغيرا، ثم يطأها
بالملك (177). ولو بادر أحدهما، فوطئ مملوكة الآخر من غير شبهة، كان زانيا، لكن لا حد



(169) وهي أم أبويهما، أو أم أمهما (أما عم لزوجته) إذا كانت المرضعة أم الأب (وأما خال) إذا كانت المرضعة أم الأم، وهكذا العمة
والخالة (ويتصور) صيرورته خالا لها، وصيرورتها خالة له فيما لو كان أم الرضيعين أختين، كما لو تزوج أخوان - الحسن
والحسين - أختين - فاطمة وزينب.
(170) وهي المحرمية التي تكون بسبب الوطئ (الوطء الصحيح) وهو النكاح، والمتعة، وملك اليمين، والتحليل.
(171) الوطئ الصحيح، والزنا، والوطئ بالشبهة، والنظر واللمس.
(172) وهي جدتها وأم جدتها، وجدة جدتها، وهكذا (وإن سفلت) وهي بنت بنتها، وبنت بنت بنتها، وهكذا (تقدمت على
الوطئ (ولادتهن) أي: البنات (في حجره) أي: في بيت هذا الزوج.
(173) أي: حرمة أبدية لا تحل بوجه من الوجوه أصلا، حتى لو طلقها، أو مات.
(174) فلا يجوز الجمع بين وطئهما (ولو فارقها) أي: طلقها أو ماتت، أو فسخ عقدها قبل أن يطأها.
(175) فيجوز للأب شراؤها ووطئها إن لم يطأها الأبن، وهكذا العكس.
(176) وهو التحليل.
(177) لأن يشتريها لنفسه، من ابنه ولاية على الابن.
514
على الأب وعلى الابن الحد (178). ولو كان هناك شبهة سقط الحد. ولو حملت مملوكة الأب من
الابن (179)، مع الشبهة، عتق ولا قيمة على الابن. ولو حملت مملوكة الابن من الأب لم ينعتق،
وعلى الأب فكه، إلا أن يكون أنثى.
ولو وطئ الأب زوجة ابنه لشبهة، لم تحرم على الولد لسبق الحل (180) وقيل: تحرم، لأنها
منكوحة الأب، ويلزم الأب مهرها. ولو عاودها الولد، فإن قلنا: الوطء بالشبهة ينشر
الحرمة، كان عليه مهران (181). وإن قلنا: لا يحرم - وهو الصحيح - فلا مهر سوى الأول.
ومن توابع المصاهرة (182): تحريم أخت الزوجة، جمعا لا عينا. وبنت أخت الزوجة
وبنت أخيها إلا برضا الزوجة، ولو أذنت صح.
وله إدخال العمة والخالة على بنت أخيها وأختها (183)، ولو كره المدخول عليهما.
ولو تزوج بنت الأخ أو بنت الأخت، على العمة أو الخالة من غير إذنهما، كان العقد
باطلا. وقيل: كان للعمة والخالة، الخيار في إجازة العقد وفسخه، أو فسخ عقدهما بغير
طلاق، والاعتزال (184)، والأول أصح.
وأما الزنا: فإن كان طارئا لم ينشر الحرمة، كمن تزوج بامرأة، ثم زنى بأمها أو ابنتها، أو
لاط بأخيها أو ابنها أو أبيها، أو زنى بمملوكة أبيه الموطوءة أو ابنه (185)، فإن ذلك كله لا يحرم



(178) يعني: لو كان الأب هو الزاني لا يجد لأجل الابن، ولو كان الابن هو الزاني يجد لأجل الأب. (شبهة) كما لو ظنها زوجته، أو ظن إنه حلال
له، إلى غير ذلك (سقط الحد) حتى عن الابن.
(179) يعني: وطأها الابن فحملت من الابن (وعلى الأب فكه) بأن يعطي للابن قيمة مثل هذا الولد لو كان رقا، ثم ينعتق الولد، وقيمة
مثله تعني بالعرف في الحجم، والجمال، ونحوهما (إلا أن يكون أنثى) فإنما ينعتق على الابن، لأنها أخته لأبيه، والأخت تنعتق
إذا دخلت في ملك الأخ، لأن المحارم من النساء ينعتق على محارمهن.
(180) وقد ورد في الحديث الشريف (الحرام لا يحرم الحلال) لأنها منكوحة الأب) وكل منكوحة الأب حرام على الابن (ويلزم الأب
مهرها) لأن الوطئ بشبهة فيه المهر (ولو عادوها الولد) أي: وطأها بعد ما كان الأب قد وطأها بشبهة
(181) أي: كان على الابن - مهران بالإضافة إلى المهر الذي على الأب - مهر مذكور في العقد بالعقد لزوم، ومهر أخر لزم الابن لوطئه لها
بالشبهة، وهذا المهر الثاني مهر المثل (فلا مهر) على الولد (سوى الأول) الذي للعقد. وأما الثاني فلم تكن الزوجة حرمت بوطئ
الأب حتى يكون في وطئ الزوج لها مهر الشبهة.
(182) يعني: مما يحرم لأجل الوطئ (جمعا لا عينا) يعني: يحرم أن تكون أختان في زمان واحد زوجتين لشخص واحد، أما لو طلق
زوجته، جاز له تزويج أختها بعد العدة (إلا برضا الزوجة) التي تكون خالة وعمة لهما.
(183) فلو كان متزوجا لزينب جاز له تزويج عمتها وخالتها حتى بدون رضاها.
(184) أي: ترك الزوج بلا طلاق (والأول أصح) أي: العقد باطل، لا أن للعمة والخالة الخيار.
(185) فإن المملوكة التي وطأها الأب بالملك، لا تحرم على الأب بزنا الابن معها، وكذا المملوكة التي وطأها الابن بالملك لا تحرم على الابن
بزنا الأب معها.
515
السابقة.
وإن كان الزنا سابقا على العقد، فالمشهور تحريم بنت العمة والخالة إذا زنى بأمهما (186). أما الزنا بغيرهما، هل ينشر حرمة المصاهرة كالوطء الصحيح (187)؟ فيه روايتان،
إحداهما ينشر الحرمة وهي أوضحهما طريقا، والأخرى لا ينشر.
وأما الوطء بالشبهة: فالذي خرجه الشيخ (188) رحمه الله، أنه ينزل منزلة النكاح
الصحيح وفيه تردد، والأظهر أنه لا ينشر، لكن يلحق معه النسب.
وأما النظر واللمس (189) مما يسوغ لغير المالك، كنظر الوجه، ولمس الكف، لا ينشر
الحرمة. وما لا يسوغ لغير المالك، كنظر الفرج، والقبلة، ولمس باطن الجسد بشهوة، فيه
تردد، أظهره أنه يثمر كراهية (190). ومن نشر به الحرمة، قصر التحريم على أب اللامس
والناظر وابنه خاصة دون أم المنظورة أو الملموسة وابنتيهما (191). وحكم الرضاع في جميع ذلك
حكم النسب (192).
ومن مسائل التحريم مقصدان:
الأول: في مسائل من تحريم الجمع وهي ستة:
الأولى: لو تزوج أختين، كان العقد للسابقة، وبطل عقد الثانية، ولو تزوجهما في عقد
واحد، قيل: بطل نكاحهما. وروي إنه يتخير أيتهما شاء، والأول أشبه، وفي الرواية



(186) يعني: لو زنا رجل بعمته حرمت بنتها عليه فلا يجوز له بعد ذلك تزويج بنت هذه العمة، وهكذا الحكم لو زنا بالخالة حرمت عليه
بنتها.
(187) كما لو زنا بامرأة فهل تحرم بنتها وإن سفلت، وأمها وإن علت، وهكذا (ولوضحهما طريقا) أي: سندها أوضح صحة، قال في
الجواهر: وأكثرهما عددا وعاملا.
(188) يعني: استنبطه الشيخ الطوسي - قدس سره - (ينزل) فلو وطأ بشبهة امرأة حرمت عليه بناتها وأمهاتها. (يلحق معه النسب)
فلو ولد من وطئ الشبهة الشبهة ولد كان ولدا للواطئ. وله جميع أحكام الولد من حرمة نكامحه، ومحرميته، وإرثه، وثبوت
العقل به لأقربائه، وغير ذلك.
(189) أي: نظر المالك إلى أمته، ولمسها (ولمس الكف) جواز لمس غير المالك كف المملوكة لا دليل عليه، بل قال في الجواهر: بل ظاهر
الأدلة خلافه (لا ينشر الحرمة) فلو نظر المالك إلى أمته مجرد النظر، لا تحرم هذه المملوكة على ابن المالك، فلو باعها المالك إلى ابنه
جاز للابن وطأها.
(190) فيكره للابن والأب نكاح منظورة الآخر.
(191) يعني: كل فقيه أفتى بحرمة المنظورة والملموسة، حصر التحريم في نفس المنظورة والملموسة، ولم يحرم بالنظر إلى مملوكة بنتها ولا
أمها.
(192) فالابن بالرضاع، والأب بالرضاع، يكره لكل منهما منظورة الآخر وملموسته، أو نحوه على خلاف
516
ضعف (193).
الثانية: لو وطئ أمة بالملك، ثم تزوج أختها، قيل: يصح، وحرمت الموطوءة بالملك
أولا، ما دامت الثانية في حباله (194). ولو كان له أمتان فوطأهما، قيل: حرمت الأولى حتى
تخرج الثانية من ملكه. وقيل: إن كان لجهالة (195) لم تحرم الأولى، وإن كان مع العلم، حرمت
حتى تخرج الثانية لا للعود إلى الأولى (196)، ولو أخرجها للعود والحال هذه لم تحل الأولى والوجه
إن الثانية تحرم على التقديرين دون الأولى.
الثالثة: قيل: لا يجوز للحر العقد على الأمة إلا بشرطين، عدم الطول وهو عدم المهر
والنفقة، وخوف العنت وهو المشقة من الترك (197).
وقيل: يكره ذلك من دونهما، وهو الأشهر، وعلى الأول لا ينكح إلا أمة واحدة لزوال
العنت بها (198). ومن قال بالثاني: أباح أمتين، اقتصارا في المنع على موضع الوفاق (199).
الرابعة: لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين.
الخامسة: لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها (200)، فإن بادر كان العقد باطلا،
وقيل: كان للحرة الخيار في الفسخ والإمضاء، ولها فسخ عقد نفسها، والأول أشبه. أما لو
تزوج الحرة على الأمة كان العقد ماضيا، ولها الخيار في نفسها إن لم تعلم (201). ولو جمع بينهما في
عقد واحد صح عقد الحرة دون الأمة (202).



(193) لوجود (علي بن السندي) في سندها وهو مجهول، مع إرسالها لقول جميل بن دراج عن بعض أصحابنا.
(194) يعني: ما دامت الثانية زوجة له لا يجوز له وطئ الأولى.
(195) قال في الجواهر: بالموضوع، أو الحكم، يعني: سواء جهل إنها أخت للأولى، أو جهل التحريم (وإن كان مع العلم) بأنها
أخت، وبأنه يحرم الجمع معا.
(196) أي: تخرج الثانية عن ملكه، ببيع أو هبة، لا بنية العود إلى الأولى (والحال هذه) في حال كون وطئ الثانية مع العلم والعمد
(والوجه) يعني: والصحيح (على التقديرين) سواء كان وطئ الثانية مع العلم، أم مع الجهل.
(197) لظاهر قوله تعالى (فمن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات - إلى قوله
تعالى - ذلك لمن خشي العنت منكم).
(198) قال في الجواهر: اللهم إلا أن يفرض عدمه فيحوز له الثانية، أي: لو كانت الأولى مريضة، أو ضررا عليها كثرة الوطئ، وكان
الرجل شبقا كثير الشهوة ونحو ذلك.
(199) وهو تحريم ثلاث إماء بالنكاح، كما سيأتي عند رقم (213)
(200) يعني: لو كان لزيد - مثلا - زوجة حرة، لا يجوز له تزويج أمة إلا بإذن الحرة (فإن بادر) أي: عمل بالتزويج بدون إذن الحرة (في
الفسخ والإمضاء) أي: فسخ عقد الأمة وإمضائه.
(201) يعني: لو لم تكن الحرة تعلم بأن الرجل له زوجة أمة، جاز للحرة فسخ نكاح نفسها.
(202) كما لو كان لشخص بنت وأمة، فقال لزيد (زوجتكهما) فقال (قبلت).
517
السادسة: إذا دخل بصبية (203) لم تبلغ تسعا فأفضاها، حرم عليه وطؤها ولم تخرج من
حباله. ولو لم يفضها، لم تحرم على الأصح.
المقصد الثاني: في مسائل من تحريم العين وهي ستة:
الأولى: من تزوج امرأة في عدتها عالما، حرمت عليه أبدا (204) وإن جهل العدة والتحريم
ودخل، حرمت أيضا. ولو لم يدخل، بطل ذلك العقد، وكان له استئنافه.
الثانية: إذا تزوج في العدة ودخل فحملت، فإن كان جاهلا (205) لحق به الولد إن جاء
لستة أشهر فصاعدا منذ دخل بها، وفرق بينهما ولزمه المسمى، وتتم العدة للأول وتستأنف
أخرى (206) للثاني، وقيل: يجزي عدة واحدة، ولها مهرها على الأول ومهر على الآخر إن كانت
جاهلة بالتحريم، ومع علمها فلا مهر (207).
الثالثة: من زنى بامرأة، لم يحرم عليه نكاحها. وكذا لو كانت مشهورة بالزنى. وكذا لو
زنت امرأته وإن أصرت (208)، على الأصح. ولو زنى بذات بعل، أو في عدة رجعية، حرمت
عليه أبدا في قول مشهور (209).
الرابعة: من فجر بغلام فأوقبه (210)، حرم على الواطئ العقد، على أم الموطئ وأخته
وبنته. ولا يحرم إحداهن، ولو كان عقدها سابقا.
الخامسة: إذا عقد المحرم، على امرأة عالما بالتحريم، حرمت عليه أبدا، ولو كان جاهلا
فسد عقده ولم تحرم (211).



(203) وهي زوجة له (فأفضاها) أي: صار دخوله بها سببا لخرق الغشاء، الفاصل بين مخرج الغائط ومخرج الحيض، أو بين مخرج الحيض
ومخرج البول - على الخلاف - (ولم تخرج من حباله) أي: من زوجيته فلا يجوز له طلاقها، ولا وطئها بل ينفق عليها حتى الموت
(لم تحرم على الأصح) وإنما فعل حراما بالوطئ قبل إكمال تسع سنين.
(204) وإن لم يدخل بها، فالعقد وحده يسبب حرمة أبدية (استئنافه) أي: العقد عليها من جديد بعد تمام عدتها.
(205) أي: لم يعلم إنها في العدة (وفرق بينهما) أي: كانت أجنبية ولا يجوز له وطئها ولا لمسها، ولا النظر إليها لبطلان العقد (ولزمه
المسمى) أي: لزم على العاقد الواطئ أن يعطيها المهر الذي ذكره في العقد سواء كان أكثر من مهر مثلها، أم أقل، أم بقدره.
(206) أي: عدة أخرى.
(207) لأنها حينئذ بغي، ولا مهر لبغي.
(208) أي: وأن أصرت على الزنا، لأن الحرام لا يحرم الحلال - كما سبق - والولد للفراش وللعاهر. الحجر.
(209) فلا يجوز له عقدها حتى بعد تمام عدتها (وفي الجواهر): إنه ليس قائل بغير ذلك بل عن بعضهم دعوى الإجماع عليه صريحا.
(210) الأقاب هو الإدخال.
(211) فيجوز له عقدها ثانيا بعد الإحرام.
518
السادسة: لا تحل ذات البعل لغيره، إلا بعد مفارقته، وانقضاء العدة إذا كانت ذات
عدة (212).
السبب الرابع: استيفاء العدد وهو قسمان:
الأول: إذا استكمل الحر أربعا (213) بالعقد الدائم، حرم عليه ما زاد غبطة. ولا
يحل له من الإماء بالعقد، أكثر من اثنتين من جملة الأربع. وإذا استكمل العبد أربعا من
الإماء بالعقد، أو حرتين أو حرة وأمتين، حرم عليه ما زاد. ولكل منهما أن ينكح بالعقد المنقطع
ما شاء، وكذا بملك اليمين.
مسألتان:
الأولى: إذا طلق واحدة من الأربع، حرم عليه العقد على غيرها، حتى تنقضي عدتها إن
كان الطلاق رجعيا. ولو كان بائنا (214)، جاز له العقد على أخرى في الحال. وكذا الحكم في
نكاح أخت الزوجة (215) على كراهية مع البينونة.
الثانية: إذا طلق إحدى الأربع بائنا، وتزوج اثنتين، فإن سبقت إحداهما (216) كان
العقد لها، وإن اتفقتا في حالة بطل العقدان. وروي أنه يتخير، وفي الرواية ضعف.
القسم الثاني: إذا استكملت الحرة ثلاث طلقات، حرمت على المطلق حتى تنكح زوجا
غيره، سواء كانت تحت حر أو تحت عبد (217). وإذا استكملت الأمة طلقتين، حرمت عليه،
حتى تنكح زوجا غيره، ولو كانت تحت حر. وإذا استكملت المطلقة تسعا للعدة (218)، ينكحها



(212) وغير ذات العدة: كالصغيرة، واليائسة، وغير المدخول بها.
(213) أي: تزوج الرجل الحر بأربع زوجات (غبطة) أي: دواما، يعني: بالعقد الدائم ليس له تزويج الخامسة (من جملة الأربع) فلو
تزوج حرتين، وآمتين، بالعقد الدائم، فقد استكمل الأربع ولا يجوز له العقد الدائم على الخامسة (ولكل منهما) من الحر والعبد
(ما شاء) فللحر أن يتمتع بمئة، وللعبد أن يتمتع بمئة حرائر، وهكذا.
(214) وهو الطلاق الذي لا يحق فيه الرجوع على الزوجة، سواء كان لها عدة كالطلاق الثالث، أم لم تكن لها عدة كاليائسة، وغير المدخول
بها.
(215) فلو طلق زوجته لا يجوز له نكاح أختها إن كانت في عدة رجعية، وإلا جاز على كراهة (مع البينونة) أي: إذا كان الطلاق بائنا.
(216) أي: كان عقدها قبل عقد الثاني (وإن اتفقتا) كما لو وكل شخصين في العقد له، فعقد في وقت واحد، أو كان لرجل أمتين فزوجهما
له بصيغة واحدة.
(217) أي: سواء كان زوجها حرا أو عبدا.
(218) أي: كل التسع طلقات فيها عدة، بأن يطلقها بعد الدخول بها، مثلا: زيد طلق زوجته بعد الدخول بها، ثم راجعها في العدة،
ودخل بها، ثم طلقها ثانيا، ثم راجعها في العدة، ودخل بها ثم طلقها ثالثا، فتزوجها عمرو ودخل بها، وطلقها، ولما انقضت
عدتها عقدها زيد (زوجها الأول) ودخل بها وطلقها رابعا، ثم راجعها في العدة ودخل بها، ثم طلقها خامسا، ثم راجعها في
العدة ودخل بها ثم طلقها سادسا، فتزوجها بكر، ودخل بها وطلقها، ولما انقضت عدتها عقدها زيد (زوجها الأول) ودخل بها
وطلقها طلاقا سابعا، وراجعها في العدة، ودخل بها ثم طلقها ثامنا، وراجعها في العدة ودخل بها ثم طلقها طلاقا تاسعا،
حرمت هذه المرأة على زيد أبدا، فلو تزوجها خالد، ودخل وبها وطلقها وانقضت عدتها لا يجوز لزيد (زوجها الأول) أن يعقد عليها
أبدا.
519
بينهما رجلان، حرمت على المطلق أبدا.
السبب الخامس: اللعان وهو سبب لتحريم الملاعنة (219) تحريما مؤبدا. وكذا قذف
الزوجة الصماء والخرساء، بما يوجب اللعان، لو لم تكن كذلك. (220)
السبب السادس: الكفر والنظر فيه: يستدعي بيان مقاصد.
الأول: لا يجوز للمسلم نكاح غير الكتابية إجماعا (221)، وفي تحريم الكتابية من اليهود
والنصارى روايتان، أشهرها المنع في النكاح الدائم، والجواز في المؤجل وملك اليمين. وكذا
حكم المجوس على أشبه الروايتين (222).
ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول، وقع الفسخ في الحال، وسقط المهر إن كان من
المرأة (223)، ونصفه إن كان من الرجل. ولو وقع بعد الدخول، وقف الفسخ على انقضاء العدة
من أيهما كان، ولا يسقط شئ من المهر، لاستقراره بالدخول.
وإن كان الزوج ولد على الفطرة (224) فارتد، انفسخ النكاح في الحال، ولو كان بعد
الدخول، لأنه لا يقبل عوده.
وإذا أسلم زوج الكتابية (225)، فهو على نكاحه، سواء كان قبل الدخول أو بعده. ولو
أسلمت زوجته قبل الدخول، انفسخ العقد ولا مهر. وإن كان بعد الدخول، وقف الفسخ على



(219) يعني: الزوجة التي لاعنها زوجها: أي: لعنها، وهي لعنته، وسيأتي تفصيل اللعان وأحكامه في كتاب مستقل بعد كتاب
الطلاق.
(220) لو لم تكن صماء خرساء كان القذف موجبا للعان (والصماء) التي لا تسمع أبدا (والخرساء) التي لا تتكلم، وما يوجب اللعان
اثنان: أحدهما رميها بالزنا، والثاني: نفي الولد الذي يلحق شرعا به.
(221) ملحدة كانت، أو زنديقة، أو مشركة، عابدة وثن، أو عابدة إنسان، أو بقر، أو بحر، أو بصل، أو فرج، أو كواكب، أو غير
ذلك.
(222) رواية تقول إن المجوس حكمهم حكم أهل الكتاب، ورواية تقول: لا.
(223) أي: كان الزوجة هي المرتدة (على انقضاء العدة) فيصيران حتى تمام العدة، فإن رجع عن الردة بقيت الزوجية بينهما، وإلا
انفسخ نكاحهما (من أيهما كان) أي: سواء كان المرتد الزوج أم الزوجة.
(224) أي: ولد والحال أبواه مسلمان، أو أحد أبويه مسلم (عودة) إلى الإسلام، لأنه المسلم الذي ولد واحد أبويه مسلم أو كلاهما، فلو
ارتد يجب قتله، حتى لو رجع إلى الإسلام، لأن قتله حد للارتداد، لا للكفر.
(225) كزوجين من النصارى، أو اليهود، أسلم الزوج، ولم تسلم الزوجة
520
انقضاء العدة (226). وقيل: إن كان الزوج بشرائط الذمة (227)، كان نكاحه باقيا، غير أنه لا
يمكن من الدخول إليها ليلا، ولا من الخلوة بها نهارا، والأول أشبه.
وأما غير الكتابيين، فإسلام أحد الزوجين، موجب لانفساخ العقد في الحال، إن كان
قبل الدخول. وإن كان بعده، وقف على انقضاء العدة. ولو انتقلت زوجة الذمي، إلى غير
دينها من ملل الكفر (228)، وقع الفسخ في الحال، ولو عادت إلى دينها، وهو بناء على أنه لا
يقبل منها إلا الإسلام.
وإذا أسلم الذمي، على أكثر من أربع من المنكوحات بالعقد الدائم (229)، استدام أربعا
من الحرائر، أو أمتين وحرتين. ولو كان عبدا، استدام حرتين، أو حرة وأمتين، وفارق
سائرهن. ولو لم يزد عددهن عن القدر المحلل له، كان عقدهن ثابتا.
وليس للمسلم إجبار زوجته الذمية على الغسل، لأن الاستمتاع ممكن من دونه. ولو
اتصفت بما يمنع الاستمتاع كالنتن الغالب، وطول الأظفار المنفر، كان له إلزامها بإزالته (230).
وله منعها من الخروج إلى الكنائس والبيع، كما له منعها من الخروج من منزله. وكذا له منعها من
شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير واستعمال النجاسات.
المقصد الثاني: في كيفية الاختيار وهو إما بالقول الدال على الإمساك، كقوله: اخترتك أو
أمسكتك وما أشبهه. ولو رتب الاختيار (231)، ثبت عقد الأربع الأول، واندفع البواقي. ولو
قال: لما زاد على الأربع، اخترت فراقكن اندفعن، وثبت نكاح البواقي. ولو قال لواحدة:
طلقتك، صح نكاحها وطلقت (232) وكانت من الأربع. ولو طلق أربعا، اندفع البواقي،
وثبت نكاح المطلقات ثم طلقن بالطلاق، لأنه لا يواجه به إلا الزوجة، إذ موضوعه إزالة قيد



(226) فإن انقضت العدة ولم يسلم الزوج انفسخ النكاح، وإن أسلم في أثناء العدة كانت الزوجية باقية بينهما، وفي كلتا الصورتين لها
المهر، لثبوته بالدخول.
(227) أي: ملتزما بما يحكم الإسلام عليه في بلاد الإسلام، من عدم الجهر بالمحرمات كشرب الخمر وأكل الخنزير، وعدم إحداث كنيسة
أو بيعة جديدة، وعدم ضرب الناقوس، ونحو ذلك (من الدخول إليها ليلا) أي: لا يسمح له بدخول دار الزوجة في الليل حتى
ولو لم يخل بها.
(228) كالنصرانية تصير يهودية، أو بالعكس.
(229) يعني: كان له حين أسلم أكثر من أربع زوجات بالنكاح الدائم (ولو كان عبدا) أي: الذمي الذي أسلم.
(230) أي: إزالة ما يمنع الاستمتاع.
(231) أي: ذكر بترتيب، كما لو قال اخترت مريم، ومعصومة، ونهاد، وسعاد، وكوثر ورقية، ثبت عقد الأربع الأول، وبطل
الباقي.
(232) لأن لازم الطلاق - شرعا الزوجية قبله.
521
النكاح.
والظهار والإيلاء (233) ليس لهما دلالة على الاختيار، لأنه قد يواجه به غير الزوجة.
وأما بالفعل فمثل أن يطأ، إذ ظاهره الاختيار. ولو وطئ أربعا ثبت عقدهن واندفع
البواقي. ولو قبل، أو لمس بشهوة، يمكن أن يقال هو اختيار، كما هو رجعة في حق المطلقة،
وهو يشكل بما يتطرق إليه من الاحتمال (234).
المقصد الثالث: في مسائل مترتبة على اختلاف الدين:
الأولى: إذا تزوج امرأة وبنتها، ثم أسلم بعد الدخول بهما، حرمتا. وكذا لو كان دخل
بالأم (235). أما لو لم يكن دخل بواحدة، بطل عقد الأم دون البنت، ولا اختيار. وقال
الشيخ: له التخيير، والأول أشبه ولو أسلم عن أمة وبنتها (236)، فإن كان وطأهما، حرمتا.
وإن كان وطئ إحداهما، حرمت الأخرى. وإن لم يكن وطئ واحدة، تخير. ولو أسلم عن
أختين، تخير أيتهما شاء ولو كان وطأهما (237). وكذا لو كان عنده، امرأة وعمتها أو خالتها، ولم
تجز العمة ولا الخالة الجمع. أما لو رضيتا، صح الجمع. وكذا لو أسلم عن حرة وأمة (238).
الثانية: إذا أسلم المشرك، وعنده حرة وثلاث إماء بالعقد، فأسلمن معه، وخير مع
الحرة أمتين (239)، إذا رضيت الحرة. ولو أسلم الحر وعنده أربع إماء بالعقد، تخير أمتين ولو كن
حرائر ثبت عقده عليهن. وكذا لو أسلمن قبل انقضاء العدة. ولو كن أكثر من أربع، فأسلم
بعضهن، كان بالخيار بين اختيارهن وبين التربص (240). فإن لحقن به، أو بعضهن ولم يزدن عن
أربع، ثبت عقده عليهن. وإن زدن عن أربع تخير أربعا. ولو أختار من سبق إسلامهن، لم يكن
له خيار في الباقيات ولو لحقن به قبل العدة.



(233) الظهار: هو أن يقول للمرأة (ظهرك علي كظهر أمي) والإيلاء: هو أن يقول للمرأة: والله لا أطأك خمسة أشهر،، أو يقول: ستة
أشهر، و (المهم أن يكون أكثر من أربعة أشهر) فلو كان حين الإسلام له سبع زوجات فظاهر أو آلى من بعضهن لا يدل ذلك على
اختيارها، ولا تحسب من الأربع.
(234) لاحتمال أن يكون لا بقصد الاختيار، بل إما عصيانا، أو بظن الجواز.
(235) إذ الدخول بالأم يحرم البنت، وعقد البنت - ولو بلا دخول - يحرم الأم (ولا اختيار) أي: ليس له اختيارا أيهما شاء.
(236) أي: كان له حين أسلم أمتان بملك اليمين أم وبنت (تخير) في طئ أيهما شاء، ولم تبطل ملكية أحد منهما، للجمع بين البنت وأمها
في الملك، لا الوطئ.
(237) يعني: حتى لو - كان في حال الكفر - وطأ كلتيهما.
(238) فإن رضيت الحرة بقي نكاحهما، وإن لم ترض الحرة تخير بين إبقاء الحرة وفسخ الأمة، أو العكس.
(239) لما سبق - عند رقم 199 - من إنه لا يجوز للحر العقد الدائم على أكثر من أمتين.
(240) إلى تمام مدة العدة (ولو أختار من سبق إسلامهن) وكن أربعا.
522
الثالثة: لو أسلم العبد وعنده أربع حرائر وثنيات، فأسلمت معه اثنتان، ثم أعتق (241)
ولحق به من بقي، لم يزد على اختيار اثنتين، لأنه كمال العدد المحلل له. ولو أسلمن كلهن ثم
أعتق ثم أسلم، أو أسلمن بعد عتقه وإسلامه في العدة، ثبت نكاحه عليهن لاتصافه بالحرية
المبيحة للأربع وفي الفرق إشكال.
الرابعة: اختلاف الدين (242) فسخ لا طلاق. فإن كان من المرأة قبل الدخول، سقط به
المهر. وإن كان من الرجل فنصفه، على قول مشهور. وإن كان بعد الدخول فقد استقر ولم
يسقط بالعارض. ولو كان المهر فاسدا، وجب به مهر المثل مع الدخول. وقبله نصفه، إن كان
الفسخ من الرجل. ولو لم يسم مهرا والحال هذه، كان لها المتعة (243) كالمطلقة وفيه تردد. ولو
دخل الذمي وأسلم، وكان المهر خمرا ولم تقبضه، قيل: سقط، وقيل: يجب مهر المثل،
وقيل: يلزمه قيمته عند مستحليه، وهو الأصح.
الخامسة: إذا ارتد المسلم بعد الدخول، حرم عليه وطء زوجته المسلمة، ووقف نكاحها
على انقضاء العدة (244)، قال الشيخ: عليه مهران الأصلي بالعقد، والآخر للوطء بالشبهة، وهو
يشكل، بما إنها في حكم الزوجة، إذا لم يكن عن فطرة.
السادسة: إذا أسلم، وعنده أربع وثنيات مدخول بهن، لم يكن له العقد على الأخرى،
ولا على أخت إحدى زوجاته (245)، حتى تنقضي العدة مع بقائهن على الكفر. ولو أسلمت



(241) بعد ما أسلم هو، وأسلمت اثنتان من زوجاته الحرائر (من الفرق إشكال) يعني: في الفرق بين إسلام الأربع جميعا معا، أو
إسلامهن اثنتين اثنتين.
(242) أي خروج أحد الزوجين عن الإسلام إلى الكفر موجب الفسخ العقد، وله أحكام الفسخ نظير الفسخ بالعيوب، لا أحكام الطلاق
وسقط به المهر كل المهر، لأن الفسخ من الزوجة قبل الدخول موجب لسقوط المهر كله (فقد استقر) أي: المهر (بالعارض) وهو
الكفر (فاسدا) كالخمر والخنزير، والمغصوب، (وقبله نصفه) أي: نصف مهر المثل، لا نصف المهر المذكور في العقد لأنه كان
فاسدا.
(243) التي قال الله تعالى عنها (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين) (البقرة / 236) (وفيه
تردد) لأنها ليست مطلقة، فليس لها المتعة كالمطلقة (وأسلم) يعني: أسلم بعد الدخول (عند مستحليه) أي: عند من الخمر
حلال لديهم.
(244) فإن أسلم قبل انقضاء العدة فهو زوجها وهي زوجته، وإلا انقطعت الزوجية بينهما إذا كان الارتداد عن ملة لا فطرة (بالشبهة)
أي: لم يكن عالما عاملا، بل إما للجهل بأنها هي زوجته المسلمة، أو الجهل بأن الوطئ حرام (بما إنها في حكم الزوجة) ووطئ
الزوجة ليس شبهة، نعم هو حرام، كالوطئ حال الحيض، فلا مهر ثاني لها (إذا لم يكن) الارتداد (عن فطرة) وهو المولود بحكم
الإسلام، وغيره عن ملة وهو المولود بحكم الكفر ثم صار مسلما، ثم ارتد.
(245) لأنهن بمنزلة المطلقة في العدة الرجعية، التي سبق إنه لا يجوز للزوج تزويج أختها، ولا الخامسة قبل تمام العدة (مع بقائهن على
الكفر) يعني: إذا انقضت العدة ولم يسلمن في أثنائها انقطعت الزوجية عنهن فجاز له تزويج أخواتهن، أو الخامسة (فتزوج
زوجها) الباقي على الكفر (تخير) إما الأخت الأولى، أو الثانية (كما لو تزوجها) أي: الأخت الثانية مع وجود الأخت الأولى فإنه
لو أسلم وعنده زوجتان أختان تخير إحداهما وترك الثانية.
523
الوثنية، فتزوج زوجها بأختها قبل إسلامه، وانقضت العدة وهو على كفره، صح عقد الثانية.
فلو أسلم قبل انقضاء عدة الأولى تخير، كما لو تزوجها وهي كافرة.
السابعة: إذا أسلم الوثني ثم ارتد، وانقضت عدتها على الكفر (246) فقد بانت منه. ولو
أسلمت في العدة، ورجع إلى الإسلام في العدة، فهو أحق بها. وإن خرجت وهو كافر. فلا
سبيل له عليها.
الثامنة: لو ماتت إحداهن بعد إسلامهن (247)، قبل الاختيار، لم يبطل اختياره لها، فإن
اختارها ورث نصيبه منها. وكذا لو متن كلهن كان له الاختيار. فإذا أختار أربعا ورثهن، لأن
الاختيار ليس استئناف عقد، وإنما هو تعيين لذات العقد الصحيح (248). ولو مات ومتن قيل:
يبطل الخيار، والوجه استعمال القرعة، لأن فيهن وارثات وموروثات ولو مات الزوج قبلهن،
كان عليهن الاعتداد منه (249)، لأن منهن من تلزمه العدة، ولما لم يحصل الامتياز، الزمن العدة
احتياطا بأبعد الأجلين، إذ كل واحدة يحتمل أن تكون هي الزوجة وإن لا تكون، فالحامل تعتد
بعدة الوفاة ووضع الحمل (250)، والحائل تعتد بأبعد الأجلين من عدة الطلاق والوفاة.
التاسعة: إذا أسلم وأسلمن، لزمه نفقة الجميع حتى يختار أربعا فتسقط نفقة البواقي،
لأنهن في حكم الزوجات. وكذا لو أسلمن أو بعضهن وهو على كفره. ولو لم يدفع النفقة، كان
لهن المطالبة بها عن الحاضر والماضي، سواء أسلم أو بقي على الكفر، ولا يلزمه النفقة لو أسلم
دونهن لتحقق منع الاستمتاع منهن (251). ولو اختلف الزوجان في السابق إلى الإسلام (252)،



(246) يعني: من أول إسلام الزوج إلى انقضاء عدة الزوجية لو بقيت على الكفر (فقد بانت منه) أي: انفسخ نكاحهما، ولا بنفعها ارتداد
الزوج عن الإسلام في أثناء عدتها (ورجع إلى الإسلام) بعد ارتداده (فهو أحق بها) أي: هو زوج لها. (فلا سبيل له عليها)
أي: ليس زوجا لها، وذلك لأن إسلامه في أثناء العدة. فسخ نكاحهما.
(247) بأن أسلم الزوج، ثم قبل العدة أسلمت زوجاته وهن أكثر من أربع، وقبل أن يختار الزوج أربعا منهن ماتت واحدة، كان مع ذلك
للزوج اختيار الميتة من ضمن الأربع، وكان له أيضا اختيار أربع غير الميتة.
(248) أي: لصاحبة العقد الصحيح، والاختيار يكشف عن صحة عقدها (قيل: يبطل الخيار) فلا يرث منهن، ولا يرثن منه (والوجه
استعمال القرعة) بأن يكتب اسم كل واحدة على ورقة، ثم توضع الأوراق في كيس، ويجال الكيس حتى تختلط الأوراق، ثم
تخرج أربعة منها بقصد اختيارهن فكل اسم خرج تعطى لورثتها إرث من الزوج، ويجعل على مالها إرث الزوج.
(249) يعني: يلزم على جميع الزوجات العدة.
(250) فإن وضعت الحمل قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام - التي هي عدة الوفاة - كملت العدة أربعة أشهر وعشرا، وأن مضت الأربعة
أشهر والعشرة أيام ولم تصح الحمل فعدتها إلى أن تضع الحمل (وهكذا) في عدة الطلاق - وهي ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر لمن لا
تحيض وهي في سن من تحيض، وعدة الوفاة (والحائل) يعني: غير الحامل.
(251) لأنهن يمنعنه من الاستمتاع منهن، والمرأة التي تمنع زوجها عن الاستمتاع لا نفقة لها، لأن النفقة مقابل التمكين.
(252) فقال الزوج أنا سبقت إلى الإسلام - حتى لا تجب النفقة بذمته - وقالت الزوجة: بل أنا سبقت إلى الإسلام، حتى تجب عليه النفقة
(للبراءة الأصلية) وهي عدم وجوب النفقة، وهذا العدم الذي كان من الأول، ويسمى أيضا ب‍ (استصحاب العدم الأزلي).
524
فالقول قول الزوج استصحابا للبراءة الأصلية. ولو مات ورثته أربع منهن لكن لما يتعين، وجب
إيقاف الحصة عليهن حتى يصطلحن (253) والوجه القرعة أو التشريك. ولو مات قبل إسلامهن، لم
يوقف شئ، لأن الكافر لا يرث المسلم، ويمكن أن يقال: ترث من أسلمت قبل القسمة.
العاشرة: روى عمار الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام " إن أباق العبد طلاق
امرأته (254)، وإنه بمنزلة الارتداد، فإن رجع وهي في العدة، فهي امرأته بالنكاح الأول، وإن
رجع بعد العدة وقد تزوجت، فلا سبيل له عليها ". وفي العمل بها تردد مستنده ضعف السند.
مسائل من لواحق العقد وهي سبع.
الأولى: الكفاءة شرط في النكاح، وهي التساوي في الإسلام. وهل يشترط التساوي في
الإيمان (255)؟ فيه روايتان، أظهرهما الاكتفاء بالإسلام وإن تأكد استحباب الإيمان، وهو في
طرق الزوجة أتم، لأن المرأة تأخذ من دين بعلها. نعم، لا يصح نكاح الناصب (256)، المعلن
بعداوة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، لارتكابه ما يعلم بطلانه من دين الإسلام. وهل
يشترط تمكنه من النفقة؟ قيل: نعم، وقيل: لا، وهو الأشبه (257).
ولو تجدد عجز الزوج عن النفقة، هل تتسلط على الفسخ؟ فيه روايتان، أشهرهما إنه
ليس لهما ذلك (258). ويجوز إنكاح الحرة العبد، والعربية العجمي والهاشمية غير الهاشمي،
وبالعكس. وكذا أرباب الصنائع الدنية بذوات الدين والبيوتات. ولو خطب المؤمن القادر على
النفقة، وجب إجابته، وإن كان أخفض نسبا. ولو امتنع الولي، كان عاصيا. ولو انتسب
الزوج إلى قبيلة (259)، فبان من غيرها، كان للزوجة الفسخ، وقيل: ليس لها وهو أشبه.



(253) أي: يعملن المصالحة بتقسيم المال بالسوية، أو بالاختلاف بينهن (أو التشريك) أي: التقسيم بالتساوي، لقاعدة العدل
والإنصاف.
(254) يعني: لو فر العبد من مولاه طلقت زوجة العبد (مستندة) أي: وجه التردد (ضعف السند) أي: رواة الحديث
(فتأمل).
(255) بأن يكون الزوجان اثني عشريين (في طرف الزوجة أثم) أي: أكثر تأكيدا بأن لا تصير الشيعية زوجة لغير الشيعي.
(256) سواء كان الناصب زوجا أو زوجة، لأن الناصب وإن شهد الشهادتين وصلى وصام كان بحكم الكافر.
(257) يعني: لو تبين عدم يساره فليس لها خيار إبطال العقد - كما يظهر هذا التفسير من بعض من نقل عنهم اشتراط اليسار في النكاح -
(258) وقال نادر من الفقهاء إن لها الفسخ مباشرة، أو بطريق الحاكم الشرعي و (أرباب الصنائع) كحجام بتزوج بنت التاجر، أو بنت
السلطان، أو السلطان يتزوج بنت الحجام ونحو ذلك.
(259) مثلا: قال الزوج أنا هاشمي، أو كربلائي، أو من قريش، فزوجوه، ثم تبين كذبه.
525
ويكره: أن يزوج الفاسق (260)، ويتأكد في شارب الخمر (261)، وإن تزوج المؤمنة
بالمخالف، ولا بأس المستضعف، وهو الذي لا يعرف بعناد.
الثانية: إذا تزوج امرأة، ثم علم أنها كانت زنت، لم يكن له فسخ العقد، ولا الرجوع
على الولي بالمهر (262). وروي أن له الرجوع، ولها الصداق بما استحل من فرجها، وهو شاذ.
الثالثة: لا يجوز التعريض بالخطبة (263)، لذات العدة الرجعية، لأنها في حكم الزوجة.
ويجوز للمطلقة ثلاثا من الزوج وغيره (264). ولا يجوز التصريح لها منه ولا من غيره. أما المطلقة
تسعا للعدة، ينكحها بينها رجلان، فلا يجوز التعريض لها من الزوج، ويجوز من غيره. ولا
يجوز التصريح في العدة، منه ولا من غيره. وأما المعتدة البائنة (265)، سواء كانت عن خلع أو
فسخ، يجوز التعريض من الزوج وغيره، والتصريح من الزوج دون غيره. وصورة التعريض،
أن يقول: رب راغب فيك أو حريص عليك، وما أشبهه. والتصريح أن يخاطبها بما لا يحتمل
إلا النكاح، مثل أن يقول: إذا انقضت عدتك تزوجتك. ولو صرح بالخطبة في موضع
المنع (266)، ثم انقضت العدة فنكحها، لم تحرم.
الرابعة: إذا خطب فأجابت، قيل: حرم على غيره خطبتها ولو تزوج ذلك الغير، كان
العقد صحيحا (267).
الخامسة: إذا تزوجت المطلقة ثلاثا، فلو شرطت في العقد، أنه إذا حللها فلا نكاح
بينهما (268)، بطل العقد، وربما قيل: يلغو الشرط. ولو شرطت الطلاق، قيل: يصح النكاح



(260) يعني: فاسق يخطب بنتا يكره تزويجه، نقل ذلك عن جمع لكن قال بعض أساتذتنا لم يجد له دليلا خاصا بمعنى الفسق المعروف عند
المتشرعة الذي هو العصيان، بحيث يكون مكروها تزويج المغتاب والكاذب، والسائل بالكف أكثر من قوت يومه، ونحو ذلك،
ولم أجد في هذه العجالة مجالا للبحث عنه والله العالم.
(261) فعن الصادق عليه الصلاة والسلام: (من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها) (بالمخالف) وهو غير الاثني عشري،
وقال بعضهم بالحرمة.
(262) المقصود بالولي ذاك الذي صار سببا للتزويج، مع علمه بأنها كانت زنت.
(263) بأن يقول لها: بالكتابة: ألا تتزوجيني؟ أو هناك من يحبك! أو يبعث إليها من يقول لها ذلك.
(264) لأنها ليست محرمة أبدية على الزوج، بل محرمة عليه حتى تنكح زوجا غيره (ولا يجوز التصريح لها) أي: للمطلقة ثلاثا، والتصريح
أن يقول مثلا: أنا أريد زواجك (فلا يجوز التعريض لها من الزوج) لأنها محرمة أبدا على الزوج.
(265) البائنة: هي التي لا يجوز للزوج الرجوع عليها في العدة (أو فسخ) كالفسخ بالعيوب بعد الوطئ.
(266) يعني: قال بصراحة: أنا أريد زواجك - في محل يحرم ذلك - كان هذا العمل حراما، أما المرأة فلا يحرم زواجها بعد تمام عدتها.
(267) وإنما فعل حراما فقط.
(268) يعني: قالت مثلا للمحلل (زوجتك نفسي بشرط أن ينفسخ النكاح بمجرد صدق التحليل) وصدق التحليل - هو - كما سيأتي - يكون
إما بالدخول فقط، أو مع الإنزال أيضا في الرحم (يلغى الشرط) يعني: النكاح صح والشرط باطل، ولا يبطل النكاح إلا
بالطلاق (ولو شرطت الطلاق) أي: شرطت على المحلل أن يطلقها بعد التحليل.
526
ويبطل الشرط. وإن دخل بها فلها مهر المثل. أما لو لم يصرح بالشرط في العقد، وكان ذلك
في نيته أو نية الزوجة أو الولي، لم يفسد. وكل موضع قيل: يصح العقد، فمع الدخول، تحل
للمطلق مع الفرقة وانقضاء العدة. وكل موضع قيل: يفسد، لا يحل له، لأنه لا يكفي
الوطء، ما لم يكن عن عقد صحيح (269).
السادسة: نكاح الشغار باطل، وهو أن تتزوج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كل
واحدة نكاح الأخرى، أما لو زوج الوليان (270) كل واحد منهما صاحبه، وشرط لكل واحدة
مهرا معلوما، فإنه يصح. ولو زوج أحدهما الآخر، وشرط أن يزوجه الأخرى بمهر معلوم،
صح العقدان وبطل المهر (271)، لأنه شرط مع المهر تزويجا، وهو غير لازم. والنكاح لا يدخله
الخيار، فيكون لها مهر المثل، وفيه تردد. وكذا لو زوجه، وشرط أن ينكحه الزوج فلانة (272)،
ولم يذكر مهرا.
تفريع: لو قال: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، على أن يكون نكاح بنتي مهرا
لبنتك، صح نكاح بنته، وبطل نكاح بنت المخاطب (273).
السابعة: يكره العقد على القابلة إذا ربته (274)، وبنتها. وأن يزوج ابنه بنت زوجته من
غيره، إذا ولدتها بعد مفارقته، ولا بأس بمن ولدتها قبل نكاح الأب. وأن يتزوج بمن كانت
ضرة لأمه قبل أبيه.. وبالزانية قبل أن تتوب.



(269) يعني: إذا كان عقد المحلل صحيحا ودخل بها، ثم طلقها حلت للزوج الأول الذي طلقها ثلاث مرات، وإذا كان عقد المحلل
باطلا فلا تحل للزوج الأول.
(270) مثاله: زيد له ابن وبنت صغيران، وعمرو له ابن وبنت صغيران، فزوج عمرو وزيد كل بنت لابن الآخر، في عقد واحد، ولكن
جعل لكل بنت مهر مئة دينار - مثلا - صح.
(271) مثاله: قال زيد لعمرو: (زوجتك بنتي بمئة دينار بشرط أن تزوجني بنتك) (لا يدخله الخيار) يعني: لو كان مثل هذا في عقود
المعاوضات لكان خيار الفسخ هو الرافع للضرر، أما النكاح فلا خيار فيه إلا في موارد خاصة ليس هذا المورد منها (وفيه تردد)
أي: في صحة العقدين، بل يحتمل بطلان العقدين لاحتمال أن الشرط الفاسد يفسد العقد.
(272) والفرق بين هذا وبين الفرع السابق هو أن الزوج هو الذي يزوجه، وفي ذاك الفرع أن الولي يزوجه.
(273) أما صحة نكاح بنته: لأنه وقع بلا مهر، والنكاح بلا مهر صحيح، ويجب مهر المثل، وأما بطلان نكاح بنت المخاطب لأن مهرها
كان نكاح بنت المتكلم، والنكاح الذي المهر فيه نكاح آخر باطلا لأنه من (الشفار) وعكس المسألة بالعكس.
(274) أي: قابلة التي تولت تربيته أيضا (وإن يزوج) مثاله: تزوج زيد امرأة، ثم طلقها فتزوجت المرأة بعسر وجاءت ببنت من عمرو،
يكره لابن زيد أن يتزوج هذه البنت (ضرة لأمه قبل أبيه) مثاله: زيد تزوج امرأتين - تسمى كل واحدة ضرة الأخرى - ثم
طلقهما فلو تزوج عمرو إحديهما يكره لابن عمرو أن يتزوج الأخرى.
527
القسم الثاني
في النكاح المنقطع وهو سائغ في دين الإسلام، لتحقق شرعيته (275)، وعدم ما يدل على
والنظر فيه: يستدعي بيان أركانه، وأحكامه.
فأركانه أربعة: الصيغة، والمحل، والأجل، والمهر.
أما الصيغة: فهي اللفظ الذي وضعه الشرع وصلة إلى انعقاده، وهو إيجاب وقبول.
وألفاظ الإيجاب ثلاثة: زوجتك ومتعتك وأنكحتك، وأيها حصل وقع الإيجاب به، ولا
ينعقد بغيرها، كلفظ التمليك والهبة والإجارة.
والقبول: هو اللفظ الدال على الرضا بذلك الإيجاب، كقوله: قبلت النكاح أو المتعة.
ولو قال: قبلت واقتصر، أو رضيت جاز. ولو بدئ بالقبول، فقال: تزوجت، فقالت:
زوجتك صح.



(275) ويدل عليه الكتاب، والسنة والإجماع والعقل بتفصيل كبير، ونوجز ذلك في أسطر بما يليق هذا الشرح المختصر (وأما الكتاب)
فقوله تعالى (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) فسماها الله متعة، وسمى مهرها أجرا، وهو يلائم الشئ غير الدائم،
فإنه لا يقال لمن اشترى عبدا، أو دارا، أو أرضا عط الأجرة، وأنما يقال اعط الثمن، لكن يقال لمن أستأجر دارا، أو عبدا أو أرضا
اعط الأجرة. (وقد روى) إمام أهل السنة الطبري في تفسيره الكبير (جامع البيان): فما استمتعتم به منهن إلى أجل فآتوهن
أجورهن.
(وأما السنة) فالأحاديث من عامة مذاهب المسلمين كثيرة جدا، ويكفي في المقام ما نقل متواترا عن عمر بن الخطاب أنه قال
(متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله محللتين أنا أنهي عنهما متعة الحج ومتعة النساء) وهذا صريح في أن المشرع الأعظم رسول
الله صلى الله عليه وآله حللهما، وسنة النبي صلى الله عليه وآله هي المتبعة، وسنة غيره هي التي يجب تركها.
(وأما الإجماع) فعندنا بلا نكير، وعند العامة أجمعوا على تشريع المتعة، واختلفوا في نسخها، ولا يترك اليقين بغير اليقين
(وقد روي) عن صحيحي البخاري ومسلم عن عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله عز وجل ولم تنزل آية بعدها
تنسخها فأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينهانها عنها فقال رجل برأيه ما شاء (قال) البخاري: يقال إنه هو عمر، وقال مسلم:
يعني عمر.
(وأما العقل) فلأن كل شئ فيه دائم ومؤقت وقد أقر الشرع ذلك في كل المعاوضات فالبيع، والصدقة، والهدية، والهبة
أمثلة للدائم، والإجارة والصلح، والعارية ونحوها للمؤقت، فلم لا يكون في النكاح مؤقت (أضف إلى ذلك) إن الناس ليس
كلهم يقدر على الدائم، لأسباب اقتصادية، أو اجتماعية، أو نفسية أو غيرها - كما هو المشاهد كثيرا في عصرنا هذا من كون أكثر
الشباب والشابات عزاب - فيدور الأمر بين ثلاثة أمور (الكبت) الجنسي الموجب لأمراض خطيرة (والفساد) الذي فيه تحطيم
العائلة، والنسل، والكرامة الإنسانية، والمرض، وغير ذلك (والمتعة) بما لها من أحكام نظيفة، ولا شك أن العقل يأمر بالمتعة
حذرا من العزوبة والفساد (والبحث) طويل نكتفي منه بهذا المقدار، ومن أراد التفصيل فليرجع لمطولات، ومن أجمل ما فيه
كتاب (المتعة) لتوفيق الفكيكي.
528
ويشترط بهما، الإتيان بهما بلفظ الماضي. فلو قال: أقبل أو أرضى، وقصد الإنشاء، لم
يصح وقيل: لو قال: أتزوجك مدة كذا، بمهر كذا - وقصد الإنشاء - فقالت: زوجتك
صح. وكذا لو قالت: نعم.
وأما المحل فيشترط أن تكون الزوجة مسلمة، أو كتابية كاليهودية والنصرانية والمجوسية،
على أشهر الروايتين (276). ويمنعها من شرب الخمر وارتكاب المحرمات.
وأما المسلمة فلا تتمتع إلا بالمسلم خاصة. ولا يجوز بالوثنية، ولا الناصبية المعلنة بالعداوة
كالخوارج. ولا يستمتع أمة، وعنده حرة (277)، إلا بإذنها، ولو فعل كان العقد باطلا. وكذا لا
يدخل عليها بنت أختها ولا بنت أخيها إلا مع إذنها، ولو فعل كان العقد باطلا. ويستحب: أن
تكون مؤمنة (278) عفيفة. وأن يسألها عن حالها مع التهمة، وليس شرطا في الصحة.
ويكره: أن تكون زانية، فإن فعل فليمنعها من الفجور (279)، وليس شرطا في الصحة.
ويكره: أن يتمتع ببكر ليس لها أب، فإن فعل، فلا يفتضها، وليس بمحرم.
فروع ثلاثة:
الأول: إذا أسلم المشرك، وعنده كتابية بالعقد المنقطع، كان عقدها ثابتا.
وكذا لو كن أكثر. ولو سبقت هي (280). وقف على انقضاء العدة، إن كان دخل بها.
فإن انقضت ولم يسلم، بطل العقد. وإن لحق بها قبل العدة، فهو أحق بها ما دام أجله باقيا فلو
انقضى الأجل قبل إسلامه لم يكن له عليها سبيل.
الثاني: لو كانت غير كتابية (281)، فأسلم أحدهما بعد الدخول، وقف الفسخ على
انقضاء العدة، وتبين منه بانقضاء الأجل، أو خروج العدة. فأيهما حصل قبل إسلامه، انفسخ



(276) والرواية الأخرى إنه لا يجوز المتعة بأهل الكتاب كما لا يجوز العقد الدائم.
(277) أي وعنده زوجة حرة، سواء كانت الحرة زوجة دائمة أو منقطعة (وكذا لا يدخل عليها) فلو تمتع بامرأة فما دامت زوجة له لا يجوز له
التمتع بابنة أخيها ولا ابنة أختها بدون رضاها.
(278) أي: معترفة بإثني عشر إماما أو لهم علي وآخرهم المهدي - عليهم الصلاة والسلام - (مع التهمة) أي: احتمال أن تكون ذات زوج
فتتمتع جهلا بالحرمة، أو عصيانا.
(279) أي: من الزنا كونها متعة لهذا الشخص (ليس لها أب) هذا القيد لأن بعضهم لم يجوز المتعة ببكر لها أب إلا برضا أبيها، أما الجواهر
فقال: سواء كان لها أب أم لا (فلا يفتضها) أي: يكره له إزالة بكارتها (وليس) الافتضاض (بمحرم).
(280) أي: أسلمت المتمتع بها قبل زوجها المشرك (فلو انقضى الأجل) أي: مدة المتعة، كما لو أسلمت في حين بقي لمدة المتعة أسبوع
واحد فقط، فتأخر إسلام الزوج حتى خرجت عن العدة.
(281) أي: مشركة، أو ناصبية، أو عابدة وثن، أو ملحدة لا تعتقد بإله أصلا.
529
به النكاح.
الثالث: إن أسلم وعنده حرة وأمة (282)، ثبت عقد الحرة، ووقف عقد الأمة، على
رضاء الحرة.
وأما المهر: فهو شرط في عقد المتعة خاصة (283)، يبطل بفواته العقد. ويشترط فيه أن
يكون مملوكا معلوما، إما بالكيل أو الوزن أو المشاهدة أو الوصف. ويتقدر بالمراضاة (284)، قل
أو كثر، ولو كان كفا من بر، ويلزم دفعه بالعقد.
ولو وهبها المدة قبل الدخول، لزمه النصف. ولو دخل، استقر المهر بشرط الوفاء بالمدة.
ولو أخلت ببعضها، كان له أن يضع من المهر بنسبتها (285).
ولو تبين فساد العقد، إما بأن ظهر لها زوج، أو كانت أخت زوجته، أو أمها، وما شاكل
ذلك في موجبات الفسخ، ولم يكن دخل بها، فلا مهر لها (286). ولو قبضته، كان له استعادته.
ولو تبين ذلك بعد الدخول، كان لها ما أخذت، وليس عليه تسليم ما بقي (287). ولو قيل: لها
المهر إن كانت جاهلة، ويستعاد ما أخذت إن كانت عالمة، كان حسنا.
وأما الأجل: فهو شرط في عقد المتعة، ولو لم يذكره انعقد دائما (288). وتقدير الأجل
إليهما، طال أو قصر، كالسنة والشهر واليوم. ولا بد أن يكون معينا، محروسا من الزيادة
والنقصان. ولو اقتصر على بعض يوم جاز، بشرط أن يقرنه بغاية معلومة، كالزوال
والغروب (289).
ويجوز أن يعين شهرا، متصلا بالعقد، ومتأخرا عنه (290) ولو أطلق، اقتضى الاتصال



(282) كلتاهما بالعقد المنقطع.
(283) وإنما قال خاصة، لأن المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم، فلا يبطل الدائم بلا مهر.
(284) يعني: المشاهد أو الموصوف يكون مقياسه رضاهما به (من بر) بضم الباء هو الحنطة.
(285) فلو تمتع بها أسبوعا بسبعة دنانير، فتخلفت يومين، قطع من المهر دينارين وهكذا.
(286) لأنه لم يكن عقدا، بل تخيل عقد (ولو قبضته) أي: كانت قد أخذت المهر.
(287) سواء كان سلمها نصف المهر، أو ربع المهر، أو عشرة، لم يجب الباقي (كان حسنا) إذ مع علمها تكون بحكم الزانية ولا مهر
للزانية، ومع جهلها لا تكون إلا شبهة ولها المهر مع الشبهة.
(288) أي: صار نكاحا دائما، لا تنفصل عن الزوج إلا بالطلاق، وهذا الحكم مخالف للأصل لأنه مما لم يقصده المتعاقدان إلا إن به رواية
وقد عمل بها الفقهاء (وقد أشكل) فيه بعض المعاصرين والغابرين (وتقدير الأجل) أي: مقدار المدة إلى الزوجين.
(289) أو التقدير في هذا الزمان بالساعات مع ضبطها.
(290) كما لو عقد في شهر رمضان لشهر محرم فقالت (زوجتك نفسي شهر محرم بعشرة دنانير) (ولو أطلق) أي: قالت (زوجتك نفسي
شهرا واحدا بدينار). (مرة أو مرتين) أي: بمقدار الوطئ مرة واحدة، أو مرتين (مقيدا بزمان) كما لو قالت (زوجتك نفسي
للوطئ مرة ا إلى الزوال).
530
بالعقد. فلو تركها، حتى انقضى قدر الأجل المسمى، خرجت عن عقده، واستقر لها الأجرة.
ولو قال مرة أو مرتين، ولم يجعل ذلك مقيدا بزمان، لم يصح وصار دائما، وفيه رواية دالة على
الجواز، وأنه لا ينظر إليها بعد إيقاع ما شرطه (291)، وهي مطروحة لضعفها. ولو عقد على هذا
الوجه، انعقد دائما، ولو قرن ذلك بمدة، صح متعة.
الأول: إذا ذكر الأجل والمهر، صح العقد. ولو أخل بالمهر (292) مع ذكر الأجل، بطل
العقد. ولو أخل بالأجل حسب، بطل متعة وانعقد دائما.
الثاني: كل شرط يشترط فيه، فلا بد أن يقرن بالإيجاب والقبول ولا حكم لما يذكر قبل
العقد، ما لم يستعد فيه (293)، ولا لما يذكر بعده، ولا يشترط مع ذكره في العقد إعادته بعده،
ومن الأصحاب من شرط إعادته بعد العقد، وهو بعيد.
الثالث: للبالغة الرشيدة، أن تمتع نفسها، وليس لوليها اعتراض، بكرا كانت أو ثيبا،
على الأشهر (294).
الرابع: يجوز أن يشترط عليها الإتيان، ليلا أو نهارا (295). وأن يشترط المرة أو المرات في
الزمان المعين.
الخامس: يجوز العزل (296) للتمتع، ولا يقف على إذنها، ويلحق الولد به لو حملت وإن
عزل، لاحتمال سبق المني من غير تنبه. ولو نفاه عن نفسه، انتفى ظاهرا، ولم يفتقر إلى
اللعان.
السادس: لا يقع بها طلاق، وتبين بانقضاء المدة، ولا يقع بها إيلاء (297) ولا لعان، على



(291) أي: بعد تمام الوطئ مرة، أو مرتين لا يجوز له النظر إليها، لأنها صارت أجنبية بتمام الوطئ (لضعفها) لأنه لا يعلم من الذي
رواها عن الإمام عليه السلام، فإن القاسم بن محمد قال: عن رجل سماه، أو نسي اسمه الراوي.
(292) أي: لم يذكر المهر، فقالت (زوجتك نفسي إلى شهر).
(293) أي: ما لم يعاد ذكر ذاك الشرط في العقد.
(294) ومقابله قول بوجوب الإذن من الأب.
(295) ليلا فقط، أو نهارا فقط، أو ليلا ونهارا، (المرة أو المرات) بأن يشترط مثلا عشر مرات وطئ في أسبوع.
(296) وهو إفراغ المني خارج الرحم (من غير نيته) لأن الولد يتكون من جزء صغير من المني لا يرى بالعين المجردة و (لم يفتقر إلى اللعان) إذ
اللعان مختص بالزوجة الدائمة.
(297) إيلاء: هو أن يحلف أن لا يطأها أكثر من أربعة أشهر، وإنما لا يقع لأنه لا يجب وطئ المتعة، إنما الواجب وطئ الزوجة الدائمة
(وفي الظهار: وهو أن يقول لها: أنت علي كظهر أمي، فإنها تحرم عليه بالظهار، ولا تحل إلا بالكفارة، كما سيأتي التفصيل في
كتاب الظهار، بعد كتاب الطلاق.
531
الأظهر، وفي الظهار تردد، أظهره أنه يقع.
السابع: لا يثبت بهذا العقد ميراث بين الزوجين، شرطا سقوطه أو أطلقا (298). ولو
شرطا التوارث أو شرط أحدهما، قيل يلزم عملا بالشرط، وقيل: لا يلزم، لأنه لا يثبت إلا
شرعا فيكون اشتراطا لغير وارث، كما لو شرط للأجنبي، والأول أشهر.
الثامن: إذا انقضى أجلها بعد الدخول، فعدتها حيضتان. وروي حيضة، وهو
متروك. وإن كانت لا تحيض ولم تيئس (299)، فخمسة وأربعون يوما. وتعتد من الوفاة، ولو لم
يدخل بها، بأربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حائلا، وبأبعد الأجلين إن كانت حاملا على
الأصح. ولو كانت أمة، كانت عدتها حائلا، شهرين وخمسة أيام.
القسم الثالث
في نكاح الإماء (300) وهو إما: بالملك أو العقد.
والعقد، ضربان: دائم ومنقطع.
وقد مضى ذكر كثير من أحكامهما.
وتلحق هنا مسائل:
الأولى: لا يجوز للعبد ولا للأمة، أن يعقدا لأنفسهما نكاحا، إلا بإذن المالك فلو عقد
أحدهما من غير إذن، وقف على إجازة المالك (301) وقيل: بل يكون إجازة المالك كالعقد
المستأنف، وقيل: يبطل فيهما وتلغو الإجازة، وفيه قول رابع: مضمونه اختصاص الإجازة



(298) أطلقا: يعني لم يذكر الزوجان الإرث أصلا لا ثبوته ولا سقوطه (أو شرط أحدهما) الإرث بأن يرث أحدهما الآخر فقط مثلا: لو
مات الزوج ترثه الزوجة، أما لو ماتت الزوجة أثناء مدة المتعة لا يرثها الزوج. أو بالعكس (لأنه لا يثبت) يعني: الإرث لا يثبت
(والأولى) يعني: ثبوت الإرث بالشرط.
(299) أي: لم تكن يائسة، (إن كانت حائلا) أي: غير حامل (وبأبعد الأجلين) من أربعة أشهر وعشرة أيام، ووضع الحمل
(حائلا) وحاملا أبعد الأجلين.
(300) أي: وطئ الإماء.
(310) فمتى أجاز المالك صح العقد من حين وقوع العقد، وأن لم يجز المالك بطل العقد (كالعقد المستأنف) فحين الإجازة تكون
الزوجية، فلو عقد العبد أو الأمة يوم الجمعة، ثم أجاز المالك يوم السبت ترتيب أحكام الزوجية من يوم السبت (يبطل فيهما)
أي: في عقد العبد والأمة (بعقد العبد) فلو عقد العبد لنفسه زوجة ثم أجازه المولى صح، أما لو عقدت الأمة ثم أجاز المولى لم
يصح و (الأول أظهر) وهو صحة العقد من العبد والأمة إذا جاز المولى.
532
بعقد العبد دون الأمة، والأول أظهر. ولو أذن المولى صح، وعليه مهر مملوكه ونفقة زوجته،
وله مهر أمته. وكذا لو كان كل واحد منهما لمالك أو أكثر، فإذن بعضهم لم يمض إلا برضا
الباقين، أو إجازتهم بعد العقد (302)، على الأشبه.
الثانية: إذا كان الأبوان رقا، كان الولد كذلك. فإن كانا لمالك واحد، فالولد له. وإن
كانا لاثنين، كان الولد بينهما نصفين. ولو اشترطه لأحدهما، أو اشترط زيادة عن نصيبه (303)،
لزم الشرط. ولو كان أحد الزوجين حرا، لحق الولد به، سواء كان الحر هو الأب أو الأم إلا أن
يشترط المولى رق الولد. فإن شرط، لزم الشرط، على قول مشهور.
الثالثة: إذا تزوج الحر أمة من غير إذن المالك، ثم وطأها قبل الرضا، عالما
بالتحريم (304)، كان زانيا، وعليه الحد، ولا مهر إن كانت عالمة مطاوعة. ولو أتت بولد، كان
رقا لمولاها. وإن كان الزوج جاهلا، أو كان هناك شبهة، فلا حد ووجب المهر، وكان الولد
حرا لكن يلزمه قيمته - يوم سقط حيا - لمولى الأمة (305). وكذا لو عقد عليها، لدعواها الحرية
لزمه المهر، وقيل: عشر قيمتها إن كانت بكرا، ونصف العشر إن كانت ثيبا وهو المروي. ولو
كان دفع إليها مهرا، استعاد ما وجد منه وكان ولدها منه رقا. وعلى الزوج أن يفكهم بالقيمة،
ويلزم المولى دفعهم إليه. ولو لم يكن له مال، سعى في قيمتهم.
ولو أبى السعي (306)، فهل يجب أن يفديهم الإمام؟ قيل: نعم، تعويلا على رواية فيها
ضعف، وقيل: لا يجب، لأن القيمة لازمة للأب لأنه سبب الحيلولة.
ولو قيل: بوجوب الفدية على الإمام فمن أي شئ يفديهم؟ قيل: من سهم الرقاب،
ومنهم من أطلق.



(302) الرضا: هو المصاحب مع العقد، والإجازة إنما هي بعد العقد (على الأشبه) مقابل للأقوال الثلاثة المذكورة آنفا، وهي البطلان
مطلقا، والبطلان في الأمة، والإجازة كالعقد المستأنف.
(303) بأن اشترط أن ثلاثة أرباع الولد المولى العبد، وربعه لمولى الأمة - مثلا - (لحق الولد به) أي: كان حرا (على قول مشهور) وفي
الجواهر: لم أجد فيه ترددا فضلا عن الخلاف قبل المصنف.
(304) هذا يتم مع عدم لحوق الإجازة، وإلا فعلى المشهور من صحة الفضولي بالإجازة على الكتف الحقيقي أو الحكمي فليس أكثر من
التجري، والمشهور بين المتأخرين عدم حرمة التجري في نفسه والتفصيل موكول إلى محله. (مطاوعة) أي: غير مكرهة.
(305) يعني: يقوم الطفل يوم ولادته كم قيمته لو كان رقا، وتعطي تلك القيمة لمولى الأمة (ولدعواها الحرية) أي: ادعت إنها حرة،
فظهر كذبها وإنها أمة (أن يفكهم) أي: يعطي قيمة الأولاد يوم ولدوا أحياء لمولى الأمة (دفعهم إليه) أي: دفع الأولاد إلى الزوج (سعى) الزوج (في قيمتهم) أي: في تحصيل قيمة الأولاد ليعطيها إلى مولى الأمة.
(306) أي: امتنع الأب من تحصيل قيمة أولاده (يفديهم الإمام): أي يعطي قيمتهم (من سهم الرقاب) وهو سهم في الزكاة لعتق العبيد
(من أطلق) أي: لم يعين.
533
الرابعة: إذا زوج المولى عبده أمته، هل يجب أن يعطيها المولى شيئا من ماله؟ قيل:
نعم، والاستحباب أشبه (307). ولو مات، كان الخيار للورثة في إمضاء العقد وفسخ، ولا
خيار للأمة.
الخامسة: إذا تزوج العبد بحرة، مع العلم بعد الإذن، لم يكن لها مهر ولا نفقة، مع
علمها بالتحريم، وكان أولادها منه رقا. ولو كانت جاهلة كانوا أحرارا، ولا يجب عليها
قيمتهم، وكان مهرها لازما لذمة العبد إن دخل بها، ويتبع به إذا تحرر (308).
السادسة: إذا تزوج عبد، بأمة لغير مولاه، فإن أذن الموليان فالولد لهما وكذا لو لم يأذنا.
ولو أذن أحدهما، كان الولد لمن لم يأذن ولو زنى بأمة غير مولاه، كان الولد لمولى الأمة (309).
السابعة: إذا تزوج أمة بين شريكين، ثم اشترى حصة أحدهما بطل العقد، وحرم عليه
وطؤها (310). ولو أمضى الشريك الآخر العقد بعد الابتياع، لم يصح، وقبل: يجوز له وطؤها
بذلك، وهو ضعيف. ولو حللها له، قيل: تحل وهو مروي، وقيل: لا، لأن سبب
الاستباحة لا يتبعض. وكذا لو ملك نصفها، وكان الباقي حرا، لم يجز له وطؤها بالملك، ولا
بالعقد الدائم. فإن هاياها (311) على الزمان، قيل: يجوز أن يعقد عليها متعة، في الزمان
المختص بها، وهو مروي، وفيه تردد لما ذكرناه من العلة.
ومن اللواحق الكلام في الطوارئ (312) وهي ثلاثة: العتق، والبيع، والطلاق.
أما العتق: فإن أعتقت المملوكة، كان لها فسخ نكاحها، سواء كانت تحت حر أو عبد،
ومن الأصحاب من فرق (313)، وهو أشبه. والخيار فيه على الفور.



(307) لأن ما يعطيها يكون للمولى أيضا، إذ مهر الأمة لمولاها (وكان الخيار للورثة) لانتقال الزوجين إلى ملك الورثة، وكل ما تبدل المالك
جاز للمالك الجديد فسخ النكاح، وجاز له أبقاؤه.
(308) يعني: إذا صار العبد حرا - في يوم من الأيام - تطالبه المرأة بمهرها.
(309) لأن الزاني ليس له ولدا ولا نسب بينهما، فالولد ليس ابنا للعبد شرعا حتى يكون لمولى العبد.
(310) يعني: حرم وطئها بالنكاح، لأن النكاح يبطل بحصول الملك (وطؤها بذلك) أي: بالملك وإمضاء الشريك العقد (لأن سبب
الاستباحة) أي: إباحة الوطي (لا يتبعض) فبعض بالعقد وبعض بالملك لا يصير.
(311) أي: قسم الزمان بينه وبينها، مثلا قال لها لك أسبوع، ولي أسبوع (في الزمان المختص بها) يعني يقول لها مثلا (أتزوجك متعة
بدينار في الأسابيع التي هي حصتك إلى سنة) (لما ذكرناه من العلة) وهي أن الوطئ سببه لا يتبعض
(312) يعني: الأمور التي تطرأ وتعرض على نكاح العبد والأمة.
(313) فلها الخيار إن كانت تحت عبد، وليس لها الخيار بل يثبت النكاح إن كانت تحت حر (على الفور) يعني: (إن لم تفسخ فورا فليس لها
الفسخ بعد ذلك.
534
ولو أعتق العبد، لم يكن له خيار، ولا لمولاه، ولا لزوجته حرة كانت أو أمة لأنها رضيته
عبدا (314).
ولو زوج عبده أمته، ثم أعتق الأمة أو أعتقهما، كان لها الخيار. وكذا لو كانا لمالكين،
فأعتقا دفعة.
ويجوز أن يجعل عتق الأمة صداقها، ويثبت عقده عليها، بشرط تقديم لفظ العقد على
العتق، بأن يقول لها تزوجتك وأعتقتك، وجعلت عتقك مهرك، لأنه لو سبق بالعتق، كان لها
الخيار في القبول والامتناع وقيل: لا يشترط، لأن الكلام المتصل كالجملة الواحدة وهو حسن،
وقيل: يشترط تقديم العتق، لأن بضع الأمة مباح لمالكها، فلا يستباح بالعقد مع تحقق الملك،
والأول أشهر.
وأما الولد لا تنعتق، إلا بعد وفاة مولاها، من نصيب ولدها. ولو عجز النصيب (315)،
سعت في المتخلف. ولا يلزم على ولدها السعي فيه وقيل: يلزم، والأول أشبه. ولو مات ولدها
وأبوه حي، جاز بيعها وعادت إلى محض الرق. ويجوز بيعها مع وجود ولدها في ثمن
رقبتها (316)، إذا لم يكن لمولاها غيرها. وقيل: يجوز بيعها بعد وفاته في ديونه، وإن لم يكن ثمنا
لها، إذا كانت الديون محيطة بتركته، بحيث لا يفضل عن الديون شئ أصلا، ولو كان ثمنها
دينا، فتزوجها المالك وجعل عتقها مهرها، ثم أولدها وأفلس بثمنها ومات، بيعت في الدين.
وهل يعود ولدها رقا، قيل: نعم لرواية هشام بن سالم، والأشبه أنه لا يبطل العتق ولا النكاح،
ولا يرجع الولد رقا، لتحقق الحرية فيهما (317).
وأما البيع: فإذا باع المالك الأمة (318)، كان ذلك كالطلاق، والمشتري بالخيار بين إمضاء
العقد وفسخه، وخياره على الفور. فإذا علم ولم يفسخ، لزم العقد.
وكذا حكم العبد إذا كان تحته أمة (319). ولو كان تحته حرة فبيع، كان للمشتري الخيار،



(314) هذه علة له (ولا لزوجته) يعني: هذه الزوجة رضيت به عبدا. فكيف لا ترضى به حرا (فاعتقاد معه): أيضا كان لها الخيار،
وليس للزوج الخيار.
(315) أي: كان نصيب ولدها من الإرث أقل من قيمة أم الولد (في المختلف) أي: في الباقي فتحصله وتدفعه للورثة.
(316) كما لو اشتراها دينا، ثم لم يقدر على وفاء الدين (غيرها) يعني: مالا يوفى به الدين (بعد وفاته في ديونه) أي: بعد وفاة المولى في
ديون المولى (وإن لم يكن ثمنا لها) أي: ثمنا لأم الولد.
(317) أي: في أم الولد، وفي الولد، والدين يوفى من بيت المال.
(318) أي: الأمة التي لها زوج (فإذا علم) المشتري إن الأمة مزوجة.
(319) فإن المشتري للعبد أو الخيار أن يفسخ نكاحه، أو يمضيه (فيها ضعف) في الجواهر: سندا ودلالة (لكل واحد من المبتاعين) أي:
المشترين، مشتري العبد ومشتري الأمة، ولا يثبت النكاح إلا برضا كلا المشتريين (ولذا لو باع أحدهما) أي العبد أو الأمة (ولو
حصل بينهما أولاد) هو ما رضي البائع والمشتري فيما لو باع أحدهما فقط، أو بعد ما رضي المشتريان فيما لو باعهما الشخصين.
535
على رواية فيها ضعف. ولو كانا لمالك، فباعهما لاثنين، كان الخيار لكل واحد من المبتاعين.
وكذا لو اشتراهما واحد. وكذا لو باع أحدهما، كان الخيار للمشتري وللبائع، ولا يثبت عقدهما إلا برضا
المتبايعين. ولو حصل بينهما أولاد، كانوا لموالي الأبوين.
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا زوج أمته، ملك المهر لثبوته في ملكه. فإن باعها قبل الدخول، سقط
المهر، لانفساخ العقد الذي ثبت المهر باعتباره. فإن أجاز المشتري، كان المهر له، لأن إجازته
كالعقد المستأنف، ولو باعها بعد الدخول، كان المهر للأول، سواء أجاز الثاني أو فسخ،
لاستقراره في ملك الأول، وفيها أقوال مختلفة والمحصل ما ذكرناه.
الثانية: لو زوج عبده بحرة، ثم باعه قبل الدخول، قيل: كان للمشتري الفسخ،
وعلى المولى (320) نصف المهر، ومن الأصحاب من أنكر الأمرين.
الثالثة: لو باع أمته وادعى (321) إن حملها منه، وأنكر المشتري، لم يقبل قوله في إفساد
البيع، ويقبل في التحاق الولد، لأنه إقرار لا يتضرر به الغير، وفيه تردد.
وأما الطلاق: فإذا تزوج العبد بإذن مولاه حرة، أو أمة لغيره، لم يكن له إجباره على
الطلاق ولا منعه (322).
ولو زوجه أمته، كان عقدا صحيحا لا إباحة، وكان الطلاق بيد المولى. وله أن يفرق
بينهما بغير لفظ الطلاق، مثل أن يقول: فسخت عقدكما أو يأمر أحدهما باعتزال صاحبه.
وهل يكون هذا اللفظ طلاقا؟ قيل: نعم، حتى لو كرره مرتين وبينهما رجعة، حرمت
عليه، حتى تنكح زوجا غيره (323 (، وقيل: بل يكون فسخا وهو أشبه.



(320) يعني: على المولى البائع (أنكر الأمرين) فقال: ليس على المولى الأول شئ، ولا يجوز للمشتري الفسخ.
(321) أي: ادعي المولى بعد ذلك إن حمل الأمة من نفسه بحيث يمكن حمله على الصحة (لم يقبل قوله) أي: قول البائع (لأنه) أي:
التحاق الولد (وفيه تردد) لتفرد المشتري بذلك لو مات الأب ولم يترك وارثا سواه (فتأمل).
(322) فإن الطلاق بيد الزوج، وهو العبد، إن شاء طلق، وإن شاء لم يطلق (لا إباحة) ذهب ابن إدريس إلى كونه إباحة لا عقد نكاح
(باعتزال صاحبه) كأن يقول للعبد: اترك زوجتك أو يقول للزوجة: أتركي زوجك، ونحو ذلك.
(323) لأن الأمة إذا طلقت مرتين حرمت إلا بمحلل (بل يكون فسخا) لا رجعة فيه وليس فيه أحكام الطلاق سوى ما استثنى بدليل.
536
ولو طلقها الزوج ثم باعها المالك، أتمت العدة. وهل يجب أن يستبرئها المشتري (324)
بزيادة عن العدة؟ قيل: نعم لأنهما حكمان وتداخلهما على خلاف الأصل، وقيل: ليس عليه
استبراؤها، لأنها مستبرأة، وهو أصح.
وأما الملك فنوعان:
الأول: ملك الرقبة (325) يجوز أن يطأ الإنسان بملك الرقبة، ما زاد عن أربع من غير حصر
وأن يجمع في الملك بين المرأة وأمها، لكن متى وطأ واحدة، حرمت عليه الأخرى عينا، وأن
يجمع بينها وبين أختها بالملك.
ولو وطأ واحدة، حرمت الأخرى جمعا. فلو أخرج الأولى عن ملكه، حلت له الثانية.
ويجوز أن يملك موطوءة الأب، كما يجوز للأب أن يملك موطوءة ابنه. ويحرم على كل واحد
منهما، وطء من وطأها الآخر عينا.
ويحرم على المالك وطء مملوكته إذا زوجها، حتى تحصل الفرقة، وتنقضي عدتها، إن
كانت ذات عدة (326). وليس للمولى فسخ العقد، إلا أن يبيعها، فيكون للمشتري الخيار.
وكذا: لا يجوز له النظر منها، إلى ما لا يجوز لغير المالك.
ولا يجوز له وطء أمة، مشتركة بينه وبين غيره بالملك (327). ولا يجوز للمشتري وطء
الأمة، إلا بعد استبرائها. ولو كان لها زوج، فأجاز نكاحه، لم يكن له بعد ذلك فسخ. وكذا
لو علم فلم يعترض، إلا أن تفارق الزوج، وتعتد منه، إذا كانت من ذوات العدة. ولو لم يجز
نكاحه (328)، لم يكن عليها عدة، وكفاه الاستبراء في جواز الوطء.



(324) أي: يطلب براءة رحمها من الحمل بحيضة مثلا.
(325) أي: ملك العين (بين المرأة وأمها) يعني: يشتري أما وبنتا معا (عينا) يعني: حتى لو ماتت الموطوءة أو أخرجها عن ملكه ببيع أو
شبهه لا يحل له وطئ الأخرى.
(326) الصغيرة، وغير المدخول بها، واليائسة، لا عدة لهن، والتي لها عدة هي الكبيرة، المدخول بها غير اليائسة (وليس للمولى فسخ
العقد) يعني: إذا زوجها المولى فلا حق له في إبطال النكاح لأن الطلاق بيد الزوج سواء كان الزوج حرا أم عبدا (وكذا) يعني:
إذا زوجها تصير كالأجنبية على المالك.
(327) بالملك: متعلق ب‍ (وطئ) مقابل الوطئ بالنكاح من الشريك الذي مر عند رقم (311) أنه قال بعض الفقهاء بجوازه إلا بعد
استبرائها) إذا كانت أمة لرجل، وكانت في سن من تحيض، ولم تكن صغيرة، وكانت مدخولا بها (فأجاز) المشتري (وكذا)
ليس للمشتري الفسخ (لو علم) المشتري إنها زوجة.
(328) يعني: لو اشترى أمة مزوجة، ولم يجز النكاح، بطل النكاح، فورا، ولا يجب للأمة عدة (وكفاه الاستبراء) بحيضة إن كانت
تحيض، وبخمسة وأربعين يوما إن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض.
537
ويجوز ابتياع ذوات الأزواج من أهل الحرب، وكذا بناتهم (329)، وما يسبيه أهل الضلال
منهم.
تتمة: وتشتمل على مسألتين.
الأولى: كل من ملك أمة، بوجه من وجوه التمليك (330)، حرم عليه وطؤها حتى
يستبرئها بحيضة. فإن تأخرت الحيضة، وكانت في سن من تحيض، اعتدت بخمسة وأربعين
يوما.
ويسقط ذلك: إذا ملكها حائضا، إلا مدة حيضها. وكذا إن كانت لعدل، وأخبر
باستبرائها. وكذا لامرأة، أو يائسة. أو حاملا على كراهية (331).
الثانية: إذا ملك أمة فأعتقها، كان له العقد عليها، ووطأها من غير استبراء (332)،
والاستبرا أفضل. ولو كان وطأها وأعتقها، لم يكن لغيره العقد عليها، إلا بعد العدة، وهي
ثلاثة أشهر، إن لم تسبق الأطهار.
الثاني ملك المنفعة والنظر في الصيغة والحكم.
أما الصيغة: فإن يقول: أحللت لك وطأها، أو جعلتك في حل من وطئها.
ولا يستباح بلفظ العارية (333)، وهل يستباح بلفظ الإباحة؟ فيه خلاف أظهره الجواز.
ولو قال: وهبتك وطأها، أو سوغتك، أو ملكتك، فمن أجاز الإباحة يلزمه الجواز هنا، ومن



(329) بأن يشتري من الكفار المحاربين زوجاتهم، وبناتهم، وأخواتهم، وعماتهم، وخالاتهم ونحو ذلك، لأنهن فيئ للمسلمين فيجوز
تحصيله بأية وسيلة كانت، ومنها الشراء (أهل الضلال) أي غير الشيعة من حكام الجور المسلمين كبني أمية وبني العباس وكل
حاكم غير الإمام المعصوم أو من نصبه الإمام المعصوم (منهم) أي من أهل الحرب.
(330) بالشراء، أو الهبة، أو الإرث، تقسيم الإمام أو غير ذلك (إذا ملكها حائضا) أي: كانت حائضا وقت حصول الملك (لعدل)
أي: مملوكة لرجل عادل (أو يائسة) يعني: إذا كانت الأمة يائسة لها خمسون أو ستون سنة وأزيد فإنها لا تحتاج إلى الاستبراء، بل
يجوز للمالك وطئها بمجرد حصول الملك.
(331) يعني: يكره وطئ الأمة الحامل، بلا استبراء، لأن الاستبراء لاحتمال الحمل، فإذا كانت حاملا فلا استبراء (وقال) آخرون يجب
الصبر إلى وضع الحمل، وقال ثالث: إلى مضي أربعة أشهر وعشرة أيام من ابتداء الحمل.
(332) لأن الاستبراء للأمة لا للحرة (إن لم تسبق الأطهار) يعني: إن كانت وقت حصول الملك حائضا: فإنه حتى ينقضي حيضها
وتطهر، ثم تحيض وتطهر ثانيا، ثم تحيض وتطهر ثالثا، فإذا تم الطهر الثالث تمت عدتها وحل وطئها (أما) إذا حصل الملك في
الطهر، فيحسب هذا أول طهر وإن بقي منه نصف يوم وحاضت، فإن العدة تكون أقل من ثلاثة أشهر.
(333) كأن يقول مالك الأمة لرجل: أعرتك هذه الأمة (بلفظ الإباحة) بأن يقول: أبحتها لك (ومن اقتصر على التحليل) أي: لزوم
مادة (حل).
538
اقتصر على التحليل منع.
وهل هو عقد أو تمليك منفعة؟ فيه خلاف بين الأصحاب، منشأه عصمة الفرج (334) عن
الاستمتاع بغير العقد أو الملك، ولعل الأقرب هو الأخير.
وفي تحليل أمته لمملوكه روايتان، أحدهما المنع، ويؤيدها (335) أنه نوع من تمليك،
والعبد بعيد عن التملك. والأخرى الجواز، إذا عين له الموطوءة، ويؤيدها أنه نوع من إباحة،
وللمملوك أهلية الإباحة، والأخير أشبه. ويجوز تحليل المدبرة وأم الولد. ولو ملكت بعضها،
فأحلته نفسها لم تحل (336). ولو كانت مشتركة، فأحله الشريك، قيل: تحل، والفرق أنه
ليس للمرأة أن تحل نفسها.
وأما الحكم: فمسائل:
الأولى: يجب الاقتصار على ما تناوله اللفظ، وما شهد الحال بدخوله تحته. فلو أحل له
التقبيل اقتصر عليه. وكذا لو أحل له اللمس فلا يستبيح الوطء. ولو أحل له الوطء، أحل له ما
دونه من ضروب الاستمتاع. ولو أحل له الخدمة، لم يطأها. وكذا لو أحل له الوطء، لم
تستخدم. ولو وطئ مع عدم الإذن، كان عاصيا.، ولزمه عوض البضع (337)، وكان الولد
رقا لمولاها.
الثانية: ولد المحللة (338) حر، ثم إن شرط الحرية مع لفظ الإباحة فالولد حر، ولا سبيل
على الأب. وإن لم يشترط، قيل يجب على الأب فكه بالقيمة، وقيل: لا يجب، وهو أصح
الروايتين.
الثالثة: لا بأس أن يطأ الأمة وفي البيت (339) غيره، وأن ينام بين أمتين. ويكره ذلك في
الحرة ويكره وطء الفاجرة، ومن ولدت من الزنا.



(334) أي: المتيقن أن الفرج لا يمس إلا بالعقد أو الملك، وليس له شق ثالث حتى يقال أن التحليل هو الشق الثالث، فهو إذن ملك،
ويكون له أحكام الملك في العدة، والاستبراء وغيرهما.
(335) أي: يؤيد رواية المنع (إذا عين له الموطوءة) بأن يعين الأمة، لا أن يحلل له ما يشتري العبد من إماء - مثلا - من غير تعيين.
(336) يعني: لو كانت الأمة مكاتبة مطلقة، فأدت نصف ثمنها وتحرر نصفها، فأحلت للمولى نصفها، ونصفها الآخر ملك للمولى.
(337) (البضع) على وزن (قفل) هو الفرج، وعوض البضع كما تقدم عند رقم (305) وما بعده - هو عشر قيمتها إن كانت بكرا،
ونصف العشر إن كانت ثيبا، وقيل مهر أمثالها.
(338) إن كان المحلل له حرا، (ولا سبيل على الأب) أي: لا يجب على الأب إعطاء قيمة الولد لمالك الأمة.
(339) أي: حال الوطئ وعند الوطئ (الفاجرة) أي: الأمة الزانية، سواء كان الوطئ بالعقد، أو بالملك، أو بالتحليل (ومن ولدت)
أي: الأمة اثني ولدت من الزنا.
539
ويلحق بالنكاح: النظر في أمور خمسة.
الأول: ما يرد به النكاح (340) وهو يستدعي بيان ثلاثة مقاصد: الأول: في العيوب وهي إما في الرجل، وإما في المرأة، فعيوب الرجل ثلاثة: الجنون
والخصاء، والعنن (341).
فالجنون: سبب لتسليط الزوجة على الفسخ، دائما كان أو أدوارا (342) وكذا المتجدد بعد
العقد وقبل الوطء، أو بعد العقد والوطء. وقد يشترط في المتجدد، أن لا يعقل أوقات
الصلاة، وهو في موضع التردد.
والخصاء: وهو سل الأنثيين، وفي معناه الوجاء (343). وإنما يفسخ به مع سبقه على
العقد. وقيل: وإن تجدد بعد العقد، وليس بمعتمد.
والعنن: مرض تضعف معه القوة عن نشر العضو (344)، بحيث يعجز عن الإيلاج،
ويفسخ به، وإن تجدد بعد العقد، لكن بشرط أن يطأ زوجته ولا غيرها. فلو وطأها ولو مرة،
ثم عن أو أمكنه وطء غيرها مع عننه عنها، لم يثبت لها الخيار، على الأظهر.
وكذا لو وطأها دبرا وعن قبلا، وهل يفسخ بالجب (345)؟ فيه تردد، منشأوه التمسك
بمقتضى العقد. والأشبه تسلطها به، لتحقق العجز عن الوطء، بشرط أن لا يبقى له ما يمكن
معه الوطء، ولو قدر الحشفة.
ولو حدث الجب (346) لم يفسخ به، وفيه قول آخر. ولو بأن خنثى، لم يكن لها الفسخ،



(340) أي: يفسخ به النكاح وتقطع علقة الزواج.
(341) (الخصاء) هو أن يذاب بيضتاه في الصغر أو الكبر، ومن آثار الخصي إنه لا ينجب الأولاد (والعنن) هو إن لا يقوم ذكره بل يكون
رخوا دائما لا يمكنه الجماع والإدخال.
(342) أدوارا كمن يجن في الصيف ويعقل في الشتاء، أو بالعكس، أو يجن في الأسبوع يوما، وهكذا (وكذا المتجدد) يعني: لو لم يكن
قبل العقد مجنونا، فجن بعد العقد على أثر صدمة نفسية أو جسدية (أن لا يعقل أوقات الصلاة) أي: لا يميز الصبح عن الظهر عن
المغرب، يعني: يكون جنونه شديدا بهذا الحد، (وهو في موضع التردد) لاحتمال أن يكون كل مراتب الجنون موجبا للفسخ.
(343) بكسر الواو والمد هو رض الخصيتين (وليس بمعتمد) يعني: ليس هذا القول صحيحا عندي.
(344) أي: انتصاب الذكر (بشرط أن لا يطأ) أي: لا يمكنه الوطئ (ثم عن) أي: صار عنينا (وعن قبلا) للبكارة أو غير ذلك.
(345) - بضم الجيم وتشديد الباء - هو قطع الذكر من أصله (بمقتضى العقد) يعني: مقتضى عقد النكاح استمرار الزوجية وعدم جواز
الفسخ للزوجة (تسليطها به) أي: تسليط الزوجة بالجب على الفسخ (الشفة) هي المقدار المطوع من الذكر للأختان، فلو بقي
بهذا المقدار من آخر الذكر بحيث أمكن إدخاله لم تتسلط الزوجة على الفسخ.
(346) أي: قطع ذكره بعد العقد (وفيه قول آخر) (ولو بال خنثى) أي: له فرج الرجال والنساء، ولكن لم يكن خنثى شكلا، بل كان
ملحقا بالرجال، كما لو كان يبدأ بوله من الذكر، أو لا يبول من فرجه، ونحو ذلك مما ذكر وسيأتي في كتاب الإرث إن شاء الله
تعالى.
540
وقيل: لها ذلك، وهو تحكم مع إمكان الوطء. ولا يرد الرجل بعيب غير ذلك.
وعيوب المرأة سبعة: الجنون والجذام والبرص والقرن والافضاء والعرج والعمى.
أما الجنون: فهو فساد العقل، فلا يثبت الخيار مع السهو السريع زواله (347)، ولا مع
الإغماء العارض مع غلبة المرة، وإنما يثبت الخيار فيه مع استقراره.
وأما الجذام: فهو الذي يظهر معه يبس الأعضاء، وتناثر اللحم. ولا تجزي قوة
الاحتراق (348)، ولا تعجر الوجه، ولا استدارة العين.
وأما البرص: فهو البياض الذي يظهر على صفحة البدن (349) لغلبة البلغم ولا يقضي
بالتسلط مع الاشتباه.
وأما القرن: فقد قيل: هو العفل (350)، وقيل: هو عظم ينبت في الرحم يمنع الوطء،
والأول أشبه. فإن لم يمنع الوطء، قيل: لا يفسخ به لإمكان الاستمتاع، ولو قيل بالفسخ تمسكا
بظاهر النقل أمكن.
وأما الإفضاء: فهو تصيير المسلكين واحدا (351).
وأما العرج: ففيه تردد، أظهره دخوله في أسباب الفسخ، إذا بلغ الإقعاد (352).
وقيل: الرتق أحد العيوب، المسلطة على الفسخ، وربما كان صوابا إن منع من الوطء



(347) يعني: مثلا تريد أن تقول شيئا فتشهد وتقول شيئا آخر، لكنها سريعا تنتبه وتعود، أو تريد أن تفعل شيئا فتسهو وتفعل غيره، ثم
سريعا تنتبه وتعود (مع غلبة المرة) أي: الإغماء المسبب عن غلبة المرة لا الأغماء الثابت (مع استقراره) أي: دوام الإغماء.
(348) أي: لا تكفي للفسخ لو كان اللحم في جسمها يحترق كثيرا بحيث يظهر اليبس على جسمها لكنه لا يتساقط لحم بدنها (تعجر) هو
تدلي الجلد بعضه على بعض.
(349) أي: على الجلد، في الوجه، أو اليد، أو الرجل، أو البطن، أو غيرها (مع الاشتباه) إذ قد يشتبه البرص بالبهق، والبرص هو
ما كان للبياض على الجلد عمق في اللحم، والبهق: فقط على الجلد وليس له أساس في اللحم، قال في المسالك: (وقد يتميزان
بأن يغرز فيه الأبرة فإن خرج منه دم فهو بهق، وإن خرج منه رطوبة بيضاء فهو برص).
(350) هو لحم زائد في الفرج (بظاهر النقل) أي: الرواية مطلقة فيصدق عليه (القرن).
(351) بأن كانت الزوجة قد انخرق فيها الغشاء بين مخرجي البول والحيض، أو بين مخرجي الحيض والغائط - على الخلاف بين الفقهاء في
تفسير الإفضاء -.
(352) بحيث لا تقدر على المشي، وهو الشلل (الرتن) وهو كون الفرج ملتحما (وامتنعت من علاجه) أي: أبت المرأة من عملية ونحوها
من أنواع العلاج (غير هذه السبعة) كالعور، وضعف البنية والزنا قبل ذلك، وكونها مستأجرة، وكونها محدودة، وغير ذلك.
541
أصلا، لفوات الاستمتاع، إذا لم يمكن إزالته، أو أمكن وامتنعت من علاجه.
ولا ترد المرأة بعيب غير هذه السبعة.
المقصد الثاني: في أحكام العيوب وفيه مسائل:
الأولى: العيوب الحادثة للمرأة قبل العقد مبيحة للفسخ، وما يتجدد بعد العقد. والوطء
لا يفسخ به. وفي المتجدد بعد العقد وقبل الدخول، تردد، أظهره أنه لا يبيح الفسخ، تمسكا
بمقتضى العقد السليم عن معارض (353).
الثانية: خيار الفسخ على الفور، فلو علم الرجل أو المرأة بالعيب فلم يبادر
بالفسخ (354)، لزم العقد. وكذا الخيار مع التدليس.
الثالثة: الفسخ بالعيب ليس بطلاق، فلا يطرد معه تنصيف المهر (355) ولا يعد في
الثلث.
الرابعة: يجوز للرجل الفسخ من دون إذن الحاكم، وكذا المرأة. نعم، مع ثبوت
العنن، يفتقر إلى الحاكم، لضرب الأجل (356). ولها التفرد بالفسخ، عند انقضائه، وتعذر
الوطء.
الخامسة: إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره، مع عدم البينة (357).
السادسة: إذا فسخ الزوج بأحد العيوب، فإن كان قبل الدخول فلا مهر وإن كان بعده
فلها المسمى (358)، لأنه ثبت بالوطء ثبوتا مستقرا فلا يسقط بالفسخ. وله الرجوع به على



(353) مقتضى العقد استقرار الزوجية، ولا دليل يعارض هذا الاستقرار.
(354) أي: فلم يفسخ النكاح فورا، (مع التدليس) وهو إظهار المرأة - بالمكياج - أو غيره على غير واقعها كالعجوز تدليس فيتخيل إنها
شابة، أو القرعاء التي لا شعر على رأسها توصل بشعر مصطنع فيظن أنه شعرها الذاتي ونحو ذلك.
(355) أي: فلا تشمل قاعدة كنصيف المهر بالطلاق للفسخ بسبب العيب. بل لا تعطى من المهر شئ أصلا (ولا يعد من الثلث) أي: كما كان
يعد من الثلث في الطلاق على أحد القولين، وقد مر في كتاب الوصايا في منجزات المريض.
(356) أي: إمهال الزوج سنة فإن وطأ خلال السنة فلا حق للمرأة في الفسخ - كما سيأتي في المسألة الثامنة - (عند انقضائه) أي: تمام
الأجل الذي عينه الحاكم.
(357) فإن ادعى الزوج العيب في الزوجة وليس للزوج بينة يقدم قول الزوجة، وإن ادعت الزوجة العيب في الزوج وليس للزوجة بينة يقدم
قول الزوج.
(358) يعني: لها المهر المذكور في العقد (على المدلس) أي: على الذي خدعه بهذه المرأة إن كان هناك من خدعه (إلا في العنن) وثبوت
نصف المهر فيه بدليل خاص (بالخصاء) أي: بسبب إخراج خصيتي الزوج، أي: بعد الوطئ علمت الزوجة إن الرجل مسلول
الخصيتين.
542
المدلس. وكذا لو فسخت قبل الدخول، فلا مهر، إلا في العنن. ولو كان بعده، كان لها
المسمى. وكذا لو كان بالخصاء بعد الدخول، فلها المهر كاملا، إن حصل الوطء.
السابعة: لا يثبت العنن، إلا بإقرار الزوج، أو البينة بإقراره، أو نكوله (359). ولو لم يكن
ذلك، وادعت عننه فأنكر، فالقول قوله مع يمينه. وقيل: يقام في الماء البارد، فإن تقلص حكم
بقوله، وإن بقي مسترخيا حكم لها، وليس بشئ. ولو ثبت العنن، ثم ادعى الوطء (360)،
فالقول قوله مع يمينه. وقيل: إن ادعى الوطء قبلا، وكانت بكرا، نظر إليها النساء وإن كانت
ثيبا، حشي قبلها خلوقا، فإن ظهر على العضو صدق، وهو شاذ. ولو ادعى أنه وطأ غيرها، أو
وطأها دبرا، كان القول قوله مع يمينه، ويحكم عليه إن نكل (361). وقيل: بل يرد اليمين عليها،
وهو مبني على القضاء بالنكول.
الثامنة: إذا ثبت العنن، فإن صبرت فلا كلام وإن رفعت أمرها إلى الحاكم، أجلها
سنة من حين الترافع. فإن واقعها أو واقع غيرها (362) فلا خيار. وإلا كان لها الفسخ، ونصف
المهر.
المقصد الثالث: في التدليس وفيه مسائل:
الأولى: إذا تزوج امرأة على أنها حرة، فبانت أمة، كان له الفسخ، ولو دخل بها (363).
وقيل: العقد باطل، والأول أظهر. ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول، ولها المهر بعده،
وقيل: لمولاه العشر أو نصف العشر (364) ويبطل المسمى، والأول أشبه. ويرجع بما اغترمه
من عوض البضع على المدلس. ولو كان مولاها دلسها، قيل: يصح، وتكون حرة بظاهر



(359) النكول: هو أن يقول له الحاكم أحلف على أنك غير عنين، فلم يحلف (لم يكن ذلك) أي: لا أقر الزوج بالعنن، ولا كانت بينة
على عننه، ولا نكل عن الحلف (فإن تقلص) أي: الذكر: يعني: انكمش (وليس بشئ) أي: هذا القول غير معتبر.
(360) وأنكرت الزوجة (نظر إليها النساء) أي: نظرن إلى غشاء البكارة هل هو موجودة، أو مثقوبة (خلوقا) نوع من الطيب (وهو
شاذ) أي: هذا القول نادر.
(361) يعني: بمجرد امتناعه عن الحلف يحكم بأنه عنين (بل يرد اليمين عليها) أي: تؤمر الزوجة بالحلف على أن الزوج عنين فإن حلفت آنذاك يثبت العنن (وهو مبني) يعني: الخلاف في أصل أن أي نكول في أي نزاع يوجب الحكم على الناكل، أو بعد رد الحلف على
المدعي.
(362) في خلال السنة (فلا خيار) لها بالفسخ.
(363) يعني: يجوز الفسخ حتى ولو كان بعد الدخول (وقيل العقد باطل) فلا يحتاج إلى الفسخ، والفرق بين القولين: إن على الفسخ إن لم
يفسخ فهي زوجته، وعلى البطلان: ليست زوجته حتى ولو أحبها وأرادها.
(364) العشر إن كانت بكرا، ونصف العشر إن كانت ثيبا (عوض البضع) أي: عوض الفرج (على المدلس) الذي قال له إنها حرة (قيل
يصح) أي: العقد.
543
إقراره. ولو لم يكن تلفظ، بما يقتضي العتق (365) لم تعتق ولم يكن لها مهر. ولو دلست نفسها،
كان عوض البضع لمولاها، ويرجع الزوج به عليها إذا أعتقت. ولو كان دفع إليها المهر (366)،
استعاد ما وجد منه، وما تلف منه يتبعها عند حريتها.
الثانية: إذا تزوجت المرأة برجل، على أنه حر، فبان مملوكا كان لها الفسخ، قبل الدخول
وبعده، ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول (367) ولها المهر بعده.
الثالثة: قيل: إذا عقد على بنت رجل، على أنها بنت مهيرة (368) فبانت بنت أمة، كان له
الفسخ، والوجه ثبوت الخيار مع الشرط، إلا مع إطلاق العقد. فإن فسخ قبل الدخول فلا
مهر. ولو فسخ بعده، كان لها المهر، ويرجع به على المدلس أبا كان أو غيره.
الرابعة: لو زوجه بنته من مهيرة، وأدخل عليه بنته من الأمة فعليه ردها، ولها مهر المثل
إن دخل بها، ويرجع به على من ساقها إليه وترد عليه التي تزوجها (369). وكذا كل من أدخل
عليه غير زوجته فظنها زوجته، سواء كانت أخفض أو أرفع.
الخامسة: إذا تزوج امرأة، وشرط كونها بكرا، فوجدها ثيبا لم يكن له الفسخ، لإمكان
تجدده بسبب خفي (370). وكان له أن ينقص من مهرها، ما بين مهر البكر والثيب، ويرجع فيه
إلى العادة. وقيل: ينقص السدس، وهو غلط.
السادسة: إذا استمتع امرأة (371)، فبانت كتابية، لم يكن له الفسخ من دون هبة المدة،
ولا له إسقاط شئ من المهر. وكذا لو تزوجها دائما على أحد القولين. نعم، لو شرط إسلامها،
كان له الفسخ، إذا وجدها على خلافه.



(365) أي: لم ينشر صيغة العتق مثل (أنت حرة لوجه الله تعالى) (دلست نفسها) يعني: هي قالت إني حرة فتزوجها الرجل على أنها
حرة فبانت أمة، ثم أجاز المولى العقد.
(366) أي: ولم يدفع إلى المولى، وجب عليه دفع المهر للمولى.
(367) لأنه ليس بطلاق، والفسخ لا مهر معه إذا لم يتم الدخول.
(368) أي: أمها منكوحة بالعقد والمهر، لا بالشراء والملك (مع الشرط) أي: ذكر في متن العقد اشتراط إنها بنت مهيرة، و إلا فلا يكفي
الداعي والبناء، إذا لم يشترط (أبا كان أو غيره)، أي: سواء كان المدلس أبوها أو غيره.
(369) أي: بنت المهيرة (أو ارفع) كما لو زوجه بنته الأمية، فساق إليه بنته العالمة، أو بنته من بنت السلطان، فساق إليه بنته من بنت
النزاح.
(370) يعني: حدوث ذلك بعد العقد، بطفرة، أو سقوط، أو دودة. أو غير ذلك (وهو غلط) لعدم الدليل عليه.
(371) أي: تزوجها زواج المتعة ولم يكن يعلم إنها غير مسلمة (على أحد القولين) وهو صحة العقد الدائم للكتابية، وأما على القول ببطلان
عقد الدوام للكتابية فيبطل العقد، والكتابية هي: النصرانية، واليهودية، والمجوسية فقط (لو شرط إسلامها) أي: تزوجها
بشرط كونها مسلمة.
544
السابعة: إذا تزوج رجلان بامرأتين، وأدخلت امرأة كل واحد منهما على الآخر فوطأها،
فكل واحد منهما على واطئها مهر المثل، وترد كل واحدة على زوجها، وعليه مهرها
المسمى (372). وليس له وطؤها حتى تنقضي عدتها من وطء الأول. ولو ماتتا في العدة، أو مات الزوجان ورث كل واحد منهما زوجة نفسه وورثته.
الثامنة: كل موضع حكمنا فيه ببطلان العقد، فللزوجة مع الوطء مهر المثل لا المسمى.
وكذا كل موضع حكمنا فيه بصحة العقد، فلها مع الوطء المسمى وإن لحقه الفسخ. وقيل: إن
كان الفسخ بعيب سابق على الوطء (373)، لزمه مهر المثل، سواء كان حدوثه قبل العقد أو بعده
والأول أشبه.
النظر الثاني: في المهور وفيه أطراف:
الأول: في المهر الصحيح (374) وهو كل ما يصح أن يملك، عينا كان أو منفعة. ويصح
العقد على منفعة الحر، كتعليم الصنعة، والسورة من القرآن، وكل عمل محلل، وعلى إجارة
الزوج نفسه مدة معينة (375). وقيل بالمنع: استنادا إلى رواية، لا تخلو من ضعف، مع قصورها
عن إفادة المنع. ولو عقد الذميان، على خمر أو خنزير صح، لأنهما يملكانه. ولو أسلما، أو أسلم
أحدهما قبل القبض دفع القيمة لخروجه عن ملك المسلم، سواء كان عينا أو مضمونا.
ولو كانا مسلمين، أو كان الزوج مسلما، قيل: يبطل العقد، وقيل: يصح، ويثبت لها
مع الدخول مهر المثل، وقيل: بل قيمة الخمر، والثاني أشبه (376).
ولا تقدير في المهر، بل ما تراضى عليه الزوجان وإن قل، ما لم يقصر عن التقويم، كحبة
من حنطة. وكذا لا حد له في الكثرة، وقيل: بالمنع من الزيادة عن مهر السنة. ولو زاد، زد



(372) فكل رجل يعطي مهرين، مهر الثلث للمرأة التي وطأها، والمهر المسمى لزوجته الأصلية.
(373) وكالقرن، والجنون السابق، ونحو ذلك.
(374) أي: ما يصح جملة مهرا (عينا) كالذهب والفضة، والكتاب، والدار، والعقار ونحو ذلك (منفعة) كحاصل البستان سنة، أو
خدمة العبد شهرا، وأو نحو ذلك (كتعليم الصنعة) بأن يتزوج المرأة، ويجعل مهرها أو يعلمها صنعة السجاد، أو صنعة
الطائرات، أو غير ذلك.
(375) بأن يتزوج المرأة علي أن يخدمها عشر سنوات - مثلا (من ضعف) في السند (وقصور) في الدلالة على البطلان (عينا أو مضمونا)
أي: سواء كان الخمر أو الخنزير معنيا، أو كليا في الذمة.
(376) أي: وهو صحة العقد وثبوت مهر المثل (بأن قل) كدرهم، وخمس ثمرات، ونحوهما (عن التقويم) أي: عن القيمة (وقيل) في
الجواهر: والقائل المرتضى ونقل عن الإسكافي والصدوق (مهر السنة) أي: المهر الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وجعله لعامة أزواجه وهو خمسمئة درهم - كما سيأتي.
545
إليها، وليس بمعتمد.
ويكفي في المهر، مشاهدته إن كان حاضرا. ولو جهل وزنه أو كيله، كالصبرة (377) من
الطعام. والقطعة من الذهب. ويجوز أن يتزوج امرأتين أو أكثر، بمهر واحد، ويكون المهر
بينهن بالسوية. وقيل: يقسط على مهور أمثالهن، وهو أشبه.
ولو تزوجها على خادم، غير مشاهد ولا موصوف، قيل: كان لها خادم وسط (278).
وكذا لو تزوجها على بيت مطلقا، استنادا إلى رواية علي بن أبي حمزة، أو دار على رواية ابن أبي
عمير (379)، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن عليه السلام.
ولو تزوجها على كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، ولم يسم لها مهرا، كان مهرها
خمس مئة درهم.
ولو سمى للمرأة مهرا، ولأبيها شيئا معينا، لزم ما سمى لها وسقط ما سماه لأبيها. ولو
أمهرها مهرا، وشرط أن تعطي أباها منه شيئا معينا قيل: يصح المهر ويلزم الشرط، بخلاف
الأول (380).
ولا بد من تعيين المهر بما يرفع الجهالة، فلو أصدقها تعليم سورة وجب تعيينها، ولو أبهم
فسد المهر، وكان لها مع الدخول مهر المثل، وهل يجب تعيين الحرف (381)؟ قيل: نعم،
وقيل: لا، ويلقنها الجائز، وهو أشبه. ولو أمرته بتلقين غيرها لم يلزمه، لأن الشرط لم يتناولها.
ولو أصدقها تعليم صنعة لا يحسنها، أو تعليم سورة جاز (382)، لأنه ثابت في الذمة. ولو
تعذر التوصل، كان عليه أجرة التعليم.



(377) وعلى وزن (حجرة) هي الكمية المتراكمة (وقيل يقسط) مثلا: لو تزوج ثلاث نساء بمئتين بثلاثمئة، فإن كان مهر المثل للأولى
مئة دينار، وللثانية مئتين، وللثالثة ثلاثمئة حسب اختلافهن في الشرف، والبكارة، والجمال ونحو ذلك - قسم الثلاثمئة ستة
أقسام، كل قسم خمسون أعطى للأولى خمسون، وأعطى للثانية مئة، وأعطى للثالثة مئة وخمسون.
(378) لا العالي ولا الداني.
(379) ففي رواية التزويج على بيت، وفي أخرى على دار.
(380) وهو جعل شئ معين مستقل للأب، فإنه مجرد وعد لا يجب الوفاء به.
(381) أي: تعيين القراءة لاختلافها، وذلك متخذ من الحديث المعروف (نزل القرآن على سبعة أحرف) قال في الجواهر: بناءا على أن
المراد منه القراءات السبع وإن كان في نصوصنا نفي ذلك وإن المراد أنواع التراكيب من الأمر والنهي والقصص ونحوها (ويلقنها
الجائز) أي: الحرف الجائز سواء كانت قراءة واحدة، أو ملفقة من عدة قراءات (غيرها) أي: غير القراءة المعنية على فرض تعيين
في البين أو غير القراءة التي اختارها الزوج على فرض عدم التعيين.
(382) أي: سورة لا يعرفها (كان عليه أجرة التعليم) أي: أجرة تعليم هذه الصنعة أو السورة يعطيها للزوجة.
546
ولو أصدقها ظرفا أنه خل، فبان خمرا، قيل: كان لها قيمة الخمر عند مستحليه، ولو
قيل: كان لها مثل الخل كان حسنا. وكذا لو تزوجها على عبد (383)، فبان حرا أو مستحقا.
وإذا تزوجها بمهر سرا، وبآخر جهرا (384)، كان لها الأول.
والمهر مضمون على الزوج فلو تلف قبل تسليمه، كان ضامنا له بقيمته وقت تلفه، على
قول مشهور لنا. ولو وجدت به عيبا (385)، كان لها رده بالعيب. ولو عاب بعد العقد، قيل:
كانت بالخيار في أخذه أو أخذ القيمة. ولو قيل: ليس لها القيمة، ولها عينه وأرشه، كان
حسنا. ولها أن تمنع من تسليم نفسها (386)، حتى تقبض مهرها، سواء كان الزوج موسرا أو
معسرا. وهل لها ذلك بعد الدخول؟ قيل: نعم، وقيل: لا، وهو الأشبه، لأن الاستمتاع
حق لزم بالعقد (387).
ويستحب: تقليل المهر (388).
ويكره: أن يتجاوز السنة، وهو خمسمائة درهم. وأن يدخل بالزوجة، حيث يقدم
مهرها، أو شيئا منه، أو غيره، ولو هدية (389).
الطرف الثاني: في التفويض وهو قسمان: تفويض البضع، وتفويض المهر.
أما الأول: فهو أن لا يذكر في العقد مهرا أصلا، مثل أن يقول: زوجتك فلانة، أو تقول
هي: زوجتك نفسي، فيقول: قبلت.
وفيه مسائل:
الأولى: ذكر المهر ليس شرطا في العقد، فلو تزوجها ولم يذكر مهرا، أو شرط أن لا مهر،



(383) أي: عبد معين (أو مستحقا) أي: كان عبدا لكنه لم يكن ملكا للزوج بل لشخص آخر.
(384) كما لو قال: المهر مئة واقعا، ولكن في متن العقد أمام أعين الناس نقول المهر ألف (على قول مشهور لنا) ومقابله القول بأعلى القيم
من حين العقد إلى حين التلف، أو من حين المطالبة، أو غير ذلك.
(385) كما لو أمهرها عبدا فبان أعرج، أو دنانير فبانت مغشوشة (وأرشه) أي: الفرق بين قيمة الصحيح والمعيب
(386) أي: تمتنع من الدخول بها (موسرا أو معسرا) أي: غنيا قادرا على إعطاء المهر، أو فقيرا غير قادر.
(387) خرج منه الاستمتاع قبل الدخول، وبقي الباقي.
(388) فضل النبي (صلى الله عليه وآله): خبر نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا، وفي الحديث: من شؤم المرأة كثرة مهرها (أن
يتجاوز السنة) السنة هي فعل رسول الله - صلى الله عليه وآله - فعن الباقر (ع) إن النبي صلى الله عليه وآله لم يتزوج ولا زوج بناته بأكثر من
خمسمئة درهم. (389) أما الدخول بلا إعطاء أي شئ للزوجة فمكروه.
547
صح العقد. فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة (390)، حرة كانت أو مملوكة، ولا مهر. وإن
طلقها بعد الدخول فلها مهر أمثالها ولا متعة. فإن مات أحدهما قبل الدخول وقبل الفرض فلا
مهر لها ولا متعها، ولا يجب مهر المثل بالعقد، وإنما يجب بالدخول.
الثانية: المعتبر في مهر المثل، حال المرأة في الشرف والجمال وعادة نسائها، ما لم يتجاوز
السنة وهو خمسمائة درهم (391). والمعتبر في المتعة حال الزوج، فالغني يمتع بالدابة، أو الثوب
المرتفع، أو عشرة دنانير. والمتوسط بخمسة دنانير، أو الثوب المتوسط. والفقير بالدينار، أو
الخاتم وما شاكله. ولا تستحق المتعة، إلا المطلقة التي لم يفرض لها مهر، ولم يدخل بها.
الثالثة: لو تراضيا بعد العقد بفرض المهر جاز، لأن الحق لهما سواء كان بقدر مهر المثل أو
أزيد أو أقل، وسواء كان عالمين (392) أو جاهلين أو كان أحدهما عالما والآخر جاهلا، لأن فرض
المهر إليهما ابتداء، فجاز انتهاء.
الرابعة: لو تزوج المملوكة ثم اشتراها 393)، فسد النكاح، ولا مهر لها ولا متعة.
الخامسة: يتحقق التفويض (394) في البالغة الرشيدة، ولا يتحقق في الصغيرة. ولا في
الكبيرة السفيهة. ولو زوجها الولي بدون مهر المثل أو لم يذكر مهرا صح العقد، وثبت لها مهر
المثل بنفس العقد، وفيه تردد، منشأه أن الولي، له نظر المصلحة، فيصح التفويض وثوقا
بنظره (395)، وهو أشبه وعلى التقدير الأول، لو طلقها قبل الدخول، كان لها نصف مهر المثل
وعلى ما اخترناه لها المتعة. ويجوز أن يزوج المولى أمته مفوضة، لاختصاصه بالمهر.
السادسة: إذا زوجها مولاها مفوضة ثم باعها (396)، كان فرض المهر، بين الزوج والمولى



(390) سيأتي في المسألة الثانية تفسير المتعة (قبل الدخول وقبل الفرض) أي: لم يعين لها مهرا ولم يدخل بها بعد.
(391) فإن كان مهر أمثالها أكثر من خمسمئة درهم - كهذه الأيام في أغلب النساء - أعطاها فقط خمسمئة درهم (فالغني يمتع) أي: يعطي
بعنوان المتعة للزوجة (المرتفع) يعني: الغالي.
(392) أي: عالمين بأن ذكر المهر في العقد ليس شرطا.
(393) أي: اشتراها قبل الدخول (لا مهر) لعدم الدخول (ولا متعة) لعدم الطلاق.
(394) أي: تفويض البضع، يعني: إعطاءه مجانا للزوج.
(395) لأنه قد يكون الولي رأس المصلحة في تفويض بضع الصغيرة والسفيهة، لزيادة حب الزوج، أو لعدم وجود زوج آخر، أو لكونها
في خطر الاغتصاب إن لم يزوجها، أو نحو ذلك (وعلى التقدير الأول) وهو أن لا حق للولي في تفويض بضع الصغيرة والسفيهة
(وعلى ما اخترناه) من أن للولي حق ذلك (لاختصاصه بالمهر) أي: المهر مختص بالمولى فيصح له رفع اليد عنه.
(396) أي: باعها قبل الدخول (والمولى الثاني) فإن قبل تفويض البضع فيها، وإن عين مهرا فإن قبل الزوج صح، وإلا بطل النكاح
(ويكون المهر له) أي: للمولى الثاني.
548
الثاني، إن أجاز النكاح، ويكون المهر له دون الأول. ولو أعتقها الأول قبل الدخول، فرضيت
بالعقد، كان المهر لها خاصة.
وأما الثاني: وهو تفويض المهر فهو أن يذكر على الجملة (397)، ويفوض تقديره إلى أحد
الزوجين فإذا كان الحاكم هو الزوج، لم يتقدر في طرف الكثرة ولا القلة، وجاز أن يحكم بما
شاء. ولو كان الحكم إليها، لم يتقدر في طرف القلة، ويتقدر في طرف الكثرة، إذ لا يمضي
حكمها فيما زاد عن مهر السنة، وهو خمسمائة درهم. ولو طلقها قبل الدخول وقبل
الحكم (398)، ألزم من إليه الحكم أن يحكم، وكان لها النصف. ولو كانت هي الحاكمة. فلها
النصف ما لم تزد في الحكم عن مهر السنة. ولو مات الحاكم، قبل الحكم وقبل الدخول، قيل:
يسقط المهر ولها المتعة، وقيل: ليس لها أحدهما، والأول مروي.
الطرف الثالث: في الأحكام وفيه مسائل:
الأولى: إذا دخل الزوج قبل تسليم المهر، كان دينا عليه، ولم يسقط بالدخول، سواء
طالت مدتها أو قصرت (399)، طالبت به أو لم تطالب، وفيه رواية أخرى مهجورة. والدخول
الموجب للمهر، هو الوطء قبلا أو دبرا. ولا يجب بالخلوة، وقيل: يجب، والأول أظهر.
الثانية: قيل إذا لم يسم لها مهرا (400)، وقدم لها شيئا ثم دخل كان ذلك مهرها. ولم يكن
لها مطالبته بعد الدخول، إلا أن تشارطه قبل الدخول، على أن المهر غيره، وهو تعديل على
تأويل رواية واستناد إلى قول مشهور.
الثالثة: إذا طلق قبل الدخول، كان عليه نصف المهر. ولو كان دفعه، استعاد نصفه إن
كان باقيا، أو نصف المهر. ولو كان دفعه، استعاد نصفه إن كان باقيا، أو نصف مثله إن كان
تالفا (401). ولو لم يكن له مثل، فنصف قيمته. ولو اختلفت قيمته في وقت العقد ووقت



(397) بأن تقول - مثلا - (زوجتك نفسي على ما تعينه أنت من المهر) أو (على ما سأعينه أنا من المهر) (لم يتقدر) أي: ليس له حد معين
فيجوز له تعيين خمس تمرات، ويجوز له تعيين مليون دينار.
(398) أي: قبل تعيين مقدار المهر (ولو مات الحاكم) أي: مات الذي كان له أن يحكم في تعيين المهر، سواء كان الزوج أم الزوجة (ليس
لها أحدهما) لا المهر ولا المتعة (مروي) أي جاءت راوية به.
(399) فلو تأخر خمسين سنة ولم تطالب الزوجة كان المهر ثابتا بذمة الزوج، إلا أن تبرأ ذمته (مهجورة) معناها إنه إذا مضى عليها عشر
سنين بدون مطالبة فلا حق لها في المطالبة بعد ذلك.
(400) أي: لم يذكر مهرا في صيغة العقد (مطالبته) أي: مطالبة المهر (وهو تعديل) يعني: هناك رواية دلالتها غير واضحة إلا أنها مؤلة
بذلك، مع ذهاب المشهور به.
(401) كما لو كان المهر مئة كيلو سكر، فأكلتها، أو باعتها، فتعطي خمسين كيلو سكر مثله (ولو لم يكن له نصف) كما لو كان المهر شاة
وأكلتها، فإنه لا يمكن أن ترد على الزوج نصف شاة مثل تلك التي أخذتها، ولكنها تعطي للزوج قيمة نصف تلك الشاة.
549
القبض (402)، لزمها أقل الأمرين. ولو نقصت عينه أو صفته، مثل عور الدابة أو نسيان
الصنعة (403)، قيل: كان له نصف القيمة سليما. ولا يجبر على أخذ نصف العين، وفيه تردد.
وأما لو نقصت قيمته لتفاوت السعر (404)، كان له نصف العين قطعا. وكذا لو زادت
قيمته لتزايد السوق، إذ لا نظر إلى القيمة مع بقاء العين. ولو زاد بكبر أو سمن، كان له نصف
قيمته من دون الزيادة. ولا تجبر المرأة على دفع العين، على الأظهر. ولو حصل له نماء كالولد
واللبن، كان للزوجة خاصة (405)، وله نصف ما وقع عليه العقد. ولو أصدقها حيوانا حاملا،
كان له النصف منهما (406). ولو أصدقها تعليم صناعة، ثم طلقها قبل الدخول، كان لها نصف
أجرة تعليمها. ولو كان علمها قبل الطلاق رجع بنصف الأجرة. ولو كان تعليم سورة، قيل:
يعلمها النصف من وراء الحجاب، وفيه تردد.
الرابعة: لو أبرأته من الصداق، ثم طلقها قبل الدخول، رجع بنصفه (407). وكذا لو
خالعها به أجمع.
الخامسة: إذا أعطاها عوضا عن المهر (408) عبدا آبقا وشيئا آخر ثم طلقها قبل
الدخول، كان له الرجوع بنصف المسمى دون العوض. وكذا لو أعطاها متاعا أو عقارا، فليس
له إلا نصف ما سماه.



(402) كما لو كانت قيمة الشاة وقت العقد خمسين دينارا، وقيمتها وقت قبض الزوجة لها أربعين دينارا، أو بالعكس، ففي كلتا الصورتين
عشرين دينارا.
(403) عور الدابة مثال لنقصان العين، ونسيان العبد الصنعة مثال لنقصان الصفة (وفيه تردد) لأحتمال عدم الانتقال إلى القيمة ما دامت
العين موجودة.
(404) كما لو أعطاها الشاة مهرا وكانت قيمتها خمسين دينارا، ثم عند الطلاق نزلت القيمة إلى ثلاثين من دون أن تنقص الشاة.
(405) لأن المهر - وهي الشاة في مثالنا -، أو غيرها - صار كله ملكا للزوجة بمجرد العقد، وإنما يعود نصفه إلى الزوج لو طلقها قبل الدخول، أن
نصف المهر يثبت بالعقد ونصفه الآخر بالدخول (إذن) فالنماء حصل في ملكها، فيكون لها فقط، لا يشترك الزوج فيه.
(406) من الحيوان ومن الحمل، لأن الحمل وجد في ملك الزوج (وفيه تردد) لاحتمال حرمة سماع صوت الأجنبية - كما مر عن المصنف
عند رقم (28) - وإن كان المشهور والمتصور عدم الحرمة.
(407) مثلا: لو كان مهرها ألف دينار، فأبرأت الزوجة زوجها من الألف كله، ثم طلقها قبل الدخول أخد منها خمسمئة أخرى (خالعها)
به) أي: بالصداق، يعني: قبل الدخول كرهت المرأة زوجها ولم يكره الزوج زوجته، فقالت له: طلقني واخلعني ولك كل
مهري، فخالعها وجب عليها إعطاء الزوج نصف المهر، من مالها، لأن الصداق كله صار للزوج ببذلها بدلا عن الخلع.
(408) كما لو جعل مهرها ألف درهم، ثم أعطاها عوضا عن الألف عبدا آبقا ودارا مثلا (بنصف المسمى) أي: نصف الألف، لا نصف
العبد والدار (وكذا لو أعطاها) بدلا عن المهر المذكور في العقد وهو الألف. فلو زادت قيمة المتاع والعقار، أو نقصت، كان عليها
إعطاؤها نصف الألف، لا نصف المتاع والعقار.
550
السادسة: إذا أمهرها مدبرة (409)، ثم طلقها، صارت بينهما نصفين فإذا مات تحررت
وقيل: بل يبطل التدبير يجعلها مهرا، كما لو كانت موصى بها، وهو أشبه.
السابعة: إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع، مثل أن لا يتزوج عليها، أو لا
يتسرى (410)، بطل الشرط، وصح العقد والمهر. وكذا لو شرط تسليم المهر في أجل - فإن لم
يسلمه كان العقد باطلا - لزم العقد والمهر وبطل الشرط. ولو شرط أن لا يفتضها لزم الشرط.
ولو أذنت بعد ذلك جاز، عملا بإطلاق الرواية. وقيل: يختص لزوم هذا الشرط بالنكاح
المنقطع، وهو تحكم.
الثامنة: إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها، قيل: يلزم، وهو المروي. ولو شرط لها
مهرا، إن أخرجها إلى بلاده (411)، وأقل منه إن لم تخرج معه، فأخرجها إلى بلد الشرك، لم تجب
إجابته ولها الزائد. وإن أخرجها إلى بلد الإسلام، كان الشرط لازما، وفيه تردد.
التاسعة: لو طلقها بائنا (412)، ثم تزوجها في عدته، ثم طلقها قبل الدخول، كان لها
نصف المهر.
العاشرة: لو وهبته نصف مهرها مشاعا (413)، ثم طلقها قبل الدخول فله الباقي ولم
يرجع عليها بشئ، سواء كان المهر دينا أو عينا، صرفا للهبة إلى حقها منه.



(409) أي: أمة كان قد قال لها المولى (أنت حرة لوجه الله تعالى بعد وفاتي) (تحررت) لأن نصفها رجع للزوج، وكان قد دبرها فينعتق
نصفها بالتدبير، ونصفها المملوك للزوجة بالسراية، وتعمل المدبرة لا عطاء الزوجة قيمة نصفها (كما لو كانت موصى بها) يعني:
لو أوصى بأمته لزيد، ثم جعلها مهرا لزوجته فإنه يبطل الوصية، فإذا طلق الزوجة قبل الدخول رجع نصف الأمة إلى الزوج، ولا
ترجع الوصية، فإذا مات لا تصير الأمة لزيد.
(410) التسري هو وطئ، الإماء بالملك (كان العقد باطلا) يعني: قال لها: (أعطيك المهر بعد سنة فإن لم أفعل بطل العقد) (وبطل
الشرط) لأن عقد النكاح لا يبطل بمخالفة شرط المهر (أن لا يفتضها) أي: لا يذهب بكارتها (عملا بإطلاق الرواية) وهي رواية
إسحاق بن عمار عن الصادق عليه الصلاة والسلام، وهي مطلقة من حيث النكاح الدائم والمنقطع فتشملها جميعا (وهو تحكم) أي: قول
بلا دليل.
(411) يعني: أخرجها الزوج إلى بلاد نفسه (لم يجب إجابته) يعني: لم يجب عليها الخروج معه إلى بلاد الشرك (ولها الزائد) بمجرد إرادته
إخراجها إلى بلاد الشرك من دون أن تخرج معه (وفيه تردد) من جهة رواية خاصة بهذا المضمون، ومن جهة كونها خلاف الشرط إذ
لماذا يجب الزائد إذا لم تخرج إلى بلاد الترك.
(412) كما لو طلقها طلاق خلع أو مبارات (كان لها نصف المهر) لإتمام المهر خلافا لبعض العامة.
(413) أي: النصف المشاع من المهر، لا النصف المعين (صرفا للهبة إلى حقها منه) يعني: ينصرف الهبة إنها وهبت حقها، لا أنها وهبت
ربع المهر من حقها، وربع المهر من حق الزوج، فتبطل الهبة في حق الزوج، وتصح في حقها كما عن بعض فقهائنا، رضوان الله
عليهم جميعا -.
551
الحادية عشرة: لو تزوجها بعبدين فمات أحدهما (414)، رجع عليها بنصف الموجود،
ونصف قيمة الميت.
الثانية عشرة: لو شرط الخيار في النكاح (415) بطل العقد، وفيه تردد، منشأه الالتفات
إلى تحقق الزوجية لوجود المقتضي، وارتفاعه عن تطرق الخيار أو الالتفات إلى عدم الرضا
بالعقد، لترتبه على الشرط. ولو شرط في المهر (416)، صح العقد والمهر والشرط.
الثالثة عشرة: الصداق يملك بالعقد على أشهر الروايتين، ولها التصرف فيه قبل
القبض (417) على الأشبه. فإذا طلق الزوج، عاد إليه النصف وبقي للمرأة النصف. فلو عفت
عن مالها، كان الجميع للزوج. وكذا لو عفا الذي بيده عقدة النكاح، وهو الولي كالأب والجد
للأب. وقيل: أو من توليه المرأة عقدها (418). ويجوز للأب والجد للأب أن يعفو عن البعض،
وليس لهما العفو عن الكل. ولا يجوز لولي الزوج أن يعفو عن حقه إن حصل الطلاق، لأنه
منصوب لمصلحته، ولا غبطة له في العفو. وإذا عفت عن نصفها، أو عفا الزوج عن نصفه، لم
يخرج عن ملك أحدهما بمجرد العفو، لأنه هبة فلا ينتقل إلا بالقبض (419)، نعم، لو كان دينا
على الزوج، أو تلف في يد الزوجة، كفى العفو عن الضامن له، لأنه يكون إبراء ولا يفتقر إلى
القبول، على الأصح. أما الذي عليه المال (420)، فلا ينتقل عنه بعفوه، ما لم يسلمه.
الرابعة عشرة: لو كان المهر مؤجلا، لم يكن لها الامتناع (421)، فلو امتنعت وحل، هل
لها أن تمتنع؟ قيل: نعم، وقيل: لا، لاستقرار وجوب التسليم قبل الحلول، وهو أشبه.



(414) ثم طلقها قبل الدخول (ونصف قيمة الميت) لأن العبد الميت خسارة عليهما، لا على أحدهما فقط.
(415) كما لو قالت (زوجتك نفسي بشرط أن يكون لي الفسخ إلى شهر إن شئت (الالتفات) هذا وجه عدم بطلان النكاح بالخيار
ومعناه: إن الزوجية تحققت ب‍ (زوجتك نفسي) ولا يبطلها لحوق الشرط (وارتفاعه) هذا وجه بطلان النكاح بالخيار وهو اثنان
(أحدهما) النكاح أرفع وأسمى من أن يتطرق إليه الخيار (ثانيهما) إن الرضا كان بالنكاح مع شرط الخيار، فلا رضا بالنكاح بدون
شرط.
(416) كما لو قالت: (زوجتك نفسي بألف بشرط الخيار في الألف).
(417) فلو جعل الزوج مهرها دارا، فيجوز لها التصرف في الدار قبل أن يسلمها الزوج إليها.
(418) أي: تجعله ولي نكاحها (ولا غبطة) أي: لا مصلحة.
(419) إذا كان في يد الآخر لا في يد نفسه (عن الضامن له) سواء الزوج أم الزوجة (على الأصح) ومقابلة قول بافتقاره إلى القبول.
(420) كما لو كان فرش زيد أمانة عند الزوجة، أو كانت الزوجة مدينة لزيد بألف، وجعل الزوج عين ذاك الفرش، أو الألف الذي بذمتها
مهرا لها، فلو عفت الزوجة عن مهرها فبمجرد العفو لا يصير الفرش ملكا لزيد ولا الألف، لأنه هبة يحتاج فيها إلى القبض.
(421) أي: الامتناع من الوطئ، لأن الوطئ، حل بالعقد، (فلو امتنعت) من الوطئ عصيانا (وحل) أي: صار وقت أداء المهر
(وجوب التسليم) أي: تسليم نفسها للوطئ (قبل الحلول) أي: قبل أن يصير وقت أداء المهر.
552
الخامسة عشرة: لو أصدقها (422) قطعة من فضة، فصاغتها آنية، ثم طلقها قبل الدخول
كانت بالخيار في تسليم نصف العين أو نصف القيمة لأنه لا يجب عليها بذل الصفة. ولو كان
الصداق ثوبا، فخاطته قميصا لم يجب على الزوج أخذه، وكان له إلزامها بنصف القيمة، لأن
الفضة لا تخرج بالصياغة عما كانت قابلة له، وليس كذلك الثوب.
السادسة عشرة: لو أصدقها تعليم سورة، كان حده أن تستقل بالتلاوة، ولا يكفي
تتبعها لنطقه (423). نعم، لو استقلت بتلاوة الآية، ثم لقنها غيرها فنسيت الأولى، لم يجب عليه
إعادة التعليم. ولو استفادت ذلك من غيره، كان لها أجرة التعليم، كما لو تزوجها بشئ وتعذر
عليه تسليمه.
السابعة عشرة: يجوز أن يجمع بين نكاح وبيع في عقد واحد ويقسط العوض على الثمن
ومهر المثل (424). ولو كان معها دينار، فقالت: زوجتك نفسي، وبعتك هذا الدينار بدينار،
بطل البيع لأنه ربا، وفسد المهر وصح النكاح. أما لو اختلف الجنس، صح الجميع.
فروع:
الأول: لو أصدقها عبدا فأعتقته ثم طلقها قبل الدخول، فعليها نصف قيمته (425). ولو
دبرته، قيل: كانت بالخيار في الرجوع والإقامة على تدبيره فإن رجعت أخذ نصفه، وإن أبت لم
تجبر وكان عليها نصف القيمة. ولو دفعت نصف القيمة، ثم رجعت في التدبير، قيل: كان له
العود في العين (426)، لأن القيمة أخذت لمكان الحيلولة، وفيه تردد، منشأه استقرار الملك بدفع
القيمة.



(422) أي: أعطاها بعنوان الصداق والمهر.
(423) أي: قدرتها على القراءة مع قراءة الزوج (ولو استفادت) أي: تعلمت تلك السورة (كما لو تزوجها بشئ) مثل ما لو تزوجها على
كتاب فلم يقدر منه فإنه يجب عليه إعطاء الزوجة قيمة الكتاب.
(424) مثلا تقول المرأة للرجل (زوجتك نفسي وبعتك هذا الكتاب بألف وعشرة (ويقسط) أي: يقسم (العوض) وهو الألف
والعشرة في المثال، فيجعل الألف مهرا والعشرة ثمنا للكتاب (لأنه ربا) إذ الدينار وقع مقابل الدينار والمهر، فالمهر زائد فهو ربا.
(وصح النكاح) لصحة النكاح بلا ذكر مهر (أما لو اختلف الجنس) كالدينار مقابل الزوجة وعشرة دراهم.
(425) أي: ترجع الزوجة نصف قيمة العبد للزوج (في الرجوع) في التدبير بإبطاله، لأن التدبير جائز يصح إبطاله.
(426) أي: جاز للزوج أن يعود ويأخذ نصف العبد (لمكان) أي: لأجل (الحيلولة) أي: لوجود المانع من أخذ العين، فإذا أزال المانع
أخذ العين (وفيه تردد) أي: في رجوع الزوج على نصف العبد (استقرار الملك) أي: ملك الزوج للقيمة، ولا دليل على زوال
ملكه برجوع الزوجة عن تدبيرها.
553
الثاني: إذا زوجها الولي بدون مهر المثل (427)، قيل: يبطل المهر، ولها مهر المثل،
وقيل: يصح المسمى، وهو أشبه.
الثالث: لو تزوجها على مال مشار إليه، غير معلوم الوزن (428)، فتلف قبل قبضه فأبرأته
منه صح. وكذا لو تزوجها بمهر فاسد، واستقر لها مهر المثل، فأبرأته منه أو من بعضه، صح ولو
لم تعلم كميته، لأنه إسقاط للحق، فلم يقدح فيه الجهالة. ولو أبرأته من مهر المثل قبل
الدخول، لم يصح، لعدم الاستحقاق (429).
تتمة: إذا زوج ولده الصغير، فإن كان له مال (430)، فالمهر على الولد وإن كان فقيرا،
فالمهر في عهدة الوالد. ولو مات الوالد. أخرج المهر من أصل تركته، سواء بلغ الولد
وأيسر (431)، أو مات قبل ذلك. فلو دفع الأب المهر، وبلغ الصبي فطلق قبل الدخول،
استعاد الولد النصف دون الوالد لأن ذلك يجري مجرى الهبة له.
فرع: لو أدى الوالد المهر عن ولده الكبير تبرعا، ثم طلق الولد (432)، رجع الولد
بنصف المهر، ولم يكن للوالد انتزاعه، لعين ما ذكرناه في الصغير، وفي المسألتين تردد.
الطرف الرابع: في التنازع وفيه مسائل،
الأولى: إذا اختلفا في أصل المهر (433)، فالقول: قول الزوج مع يمينه، ولا إشكال
قبل الدخول، لاحتمال تجرد العقد عن المهر. لكن الأشكال لو كان بعد الدخول، فالقول قوله
أيضا، نظرا إلى البراءة الأصلية (434).



(427) أي: بأقل، كما لو كان مهرها المتعارف ألفا، فزوجها أبوها - وهي صغيرة - بخمسمئة (وقيل يصح المسمى) وهو خمسمائة، لأن
الولي له مثل هذا الحق.
(428) كما لو أشار إلى كمية من الحنطة لا يعلم وزنها وقال هذه مهر لك (بمهر فاسد) كالخمر والخنزير والصلبان، والأصنام، ونحوها (أو
من بعضه: كما لو قالت: أبرأ ذمتك عما زاد عن الدينار - فيما لو كان قيمته أكثر من دينار.
(429) لأن المهر المسمى يملك بالعقد، أما مهر المثل فيملك بالدخول، فقبل الدخول لم تستحق الزوجة بعد شيئا حتى تبرأ من ذمة الزوج،
فهو إبراء لما لم يجب وهو غير صحيح وفي الجواهر: (بناءا على استحقاق مهر المثل بالدخول دون العقد).
(430) وصله بإرث من أمه، أو أبيه، أو وجد له أحد شيئا، أو أوصى له بشئ، أو نحو ذلك.
(431) أي: صار صاحب مال (يجري مجرى الهبة له) أي: الهبة للزوج، لأن المهر - على المشهور - كله يصير للزوجة بالعقد، وبالطلاق
يعود إلى الزوج من الزوجة نصفه.
(342) أي: طلق زوجته قبل الدخول (انتزاعه) أي: أخذا نصف من الولد (تردد) لأحتمال رجوع النصف إلى الولد - من مسألتي
تزويج الصغير، وتزويج الكبير - لأن ما دفعه الولد إنما دفعه وفاءا عن الولد، لا تبرعا للولد، فإذا رجع نصفه رجع إلى الوالد.
(433) فقال الزوج: لم نذكر مهرا، وقالت الزوجة ذكرنا مهرا (لاحتمال تجرد العقد) بأن لا يذكر فيه المهر مثل أن تقول الزوجة (زوجتك
نفسي) ويقول الزوج (قبلت).
(434) أي: براءة ذمة الزوج من تعلق حق بها، لاحتمال تمام النكاح بدون أن يتعلق بذمة الزوج شئ، كما لو زوجه أبوه وهو صغير
معسر، والمهر بذمة أبيه، أو كان رقا فزوجه مولاه، وعلى المولى المهر، ونحو ذلك.
554
ولا إشكال لو قدر المهر، ولو بأرزة واحدة (435)، لأن الاحتمال متحقق، والزيادة غير معلومة،
ولو اختلفا في قدره أو وصفه (436)، فالقول قوله أيضا.
أما لو اعترف بالمهر، ثم ادعى تسليمه ولا بينة، فالقول قول المرأة مع يمينها.
تفريع: لو دفع قدر مهرها، فقالت دفعته هبة، فقال بل صداقا، فالقول قوله لأنه
أبصر بنيته (437).
الثانية: إذا خلا بها، فادعت المواقعة (438)، فإن أمكن الزوج إقامة البينة، بأن
ادعت هي أن المواقعة قبلا وكانت بكرا فلا كلام (439)، وإلا كان القول قوله مع يمينه، لأن
الأصل عدم المواقعة وهو منكر لما تدعيه، وقيل: القول قول المرأة، عملا بشاهد حال
الصحيح، في خلوته بالحلائل والأول أشبه.
الثالثة: لو أصدقها تعليم سورة أو صناعة، فقالت علمني غيره فالقول قولها، لأنها
منكرة لما يدعيه (440).
الرابعة إذا أقامت المرأة بينة، أنه تزوجها في وقتين بعقدين فادعى الزوج تكرار
العقد الواحد، وزعمت المرأة أنهما عقدان (441)، فالقول قولها لأن الظاهر معها. وهل يجب
عليه مهران؟ قيل: نعم، عملا بمقتضى العقدين، وقيل: يلزمه مهر ونصف، والأول
أشبه.



(435) هي جزء من مئتين وأربعين جزءا من المثقال من الذهب، فتكون الأرزة الواحدة خمسين منها غراما واحدا تقريبا، فلو كان الغرام
الواحد من الذهب دينارا تصير الأرزة الواحد عشرين فلسا.
(436) قوله: كما لو قال الزوج كان المهر خمسمئة. وقالت الزوجة بل ألفا (ووصفه) كما لو قالت كان المهر ألف دينار كويتي، فقال الزوج
بل ألفا عراقيا - أن الدينار العراقي في زماننا أرخص من الكويتي -.
(437) أي: لأن الزوج أعرف بنية نفسه.
(438) أي: الدخول، وادعى الزوج عدم الدخول، ويفيد ذلك فيما لو طلقها فلو لم يكن دخل بها استرجع الزوج نصف المهر، وإن كان
دخل بها فلا شئ له.
(439) لأنه يمكن للقوابل معرفة ما إذا كانت قد أزيلت بكارتها أم لا (بشاهد حال الصحيح) يعني: الشخص الصحيح الذي ليس بمريض
لو خلا بزوجته الحالة تشهد أن يكون قد دخل بها.
(440) فيجب عليه تعليمها تلك السورة أو تلك الصناعة (غيره) أي: غير الزوج.
(441) يعني: عقدها، ثم طلقها ثم عقدها، أو عقدها ودخل بها ثم طلقها وبعد انتهاء عقدها ثانيا (بمقتضى العقدين) فلكل عقد مهر
(مهر ونصف) لأن مهرا واحدا متفق عليه، والمهر الثاني مختلف فيه فينتصف بقاعدة العدل والإنصاف.
555
النظر الثالث: في القسم والنشوز والشقاق (442).
القول في القسم: والكلام فيه، وفي لواحقه.
أما الأول: فنقول: لكل واحد من الزوجين حق، يجب على صاحبه القيام به فكما
يجب على الزوج النفقة، من الكسوة والمأكل والمشرب والاسكان، فكذا يجب على الزوجة
التمكين من الاستمتاع (443)، وتجنب ما يتنفر منه الزوج.
والقسمة بين الأزواج حق على الزوج، حرا كان أو عبدا، ولو كان عنينا أو خصيا
وكذا لو كان مجنونا، ويقسم عنه الولي (444)، وقيل: لا تجب القسمة حتى يبتدئ بها،
وهو أشبه.
فمن له زوجة واحدة. فلها ليلة من أربع، وله ثلاث يضعها حيث شاء. وللاثنتين
ليلتان، وللثلاث ثلاث والفاضل له (445). ولو كان أربع، كان لكل واحدة ليلة،
بحيث لا يحل له الإخلال بالمبيت، إلا مع العذر أو السفر، أو أذنهن أو أذن بعضهن، فيما
تختص الآذنة به (446).
وهل يجوز أن يجعل القسمة أزيد من ليلة لكل واحدة؟ قيل: نعم، والوجه اشتراط
رضاهن.
ولو تزوج أربعا دفعة، رتبهن بالقرعة (447)، وقيل: يبدأ بمن شاء حتى يأتي عليهن،



(442) القسم - بفتح القاف - هو يقسم الزوج لياليه بين زوجاته (والنشوز) هو خروج الزوجة عن الطاعة الواجبة عليها لزوجها
(والشقاق) هو تباعد الزوجين كل عن الآخر والنشوز من الطرفين.
(443) باللمس، والتقبيل والملاعبة والوطئ وغير ذلك (ما ينفر) من الوسخ والشعر على العانة، ونحو ذلك (عنينا) هو الذي لا يقوم
ذكره فلا يقدر على الدخول (أو خصيا) هو الذي قطعت بيضتاه، أو سحقتا فلا ينجب الولد.
(444) بأن يطوف بالمجنون على زوجاته، أو يدعو الزوجات إلى المجنون، بأو بالتفريق بأن يدعو بعضهن إليه ويطوف به على البعض
الآخر منهن (حتى يبتدأ بها) أي: يشرع في القسمة، فما دام لم يبت عند واحدة من زوجاته لا يجب عليه المبيت عندهن إطلاقا فإن
بات ليلة عند واحدة وجب عليه أن يبيت عند بقية زوجاته كل واحدة ليلة، فإذا أكمل المبيت عندهن جميعا ثم لا يجب عليه القسم
حتى يبيت ثانيا عند واحدة، وهكذا لا يجب المبيت أصلا عند من له زوجة واحدة.
(445) يعني: الليالي الزائدة.
(446) أي: في ليلتها التي يجب على الزوج فيها المبيت عندها (أزيد من ليلة) كما لو جعل لكل واحدة ليلتين متعاقبتين، أو لكل واحدة
أسبوعا، أو شهرا وهكذا.
(447) فكل واحدة خرجت القرعة باسمها بدأ بها في القسمة (على الترتيب) الذي تم في المرة الأولى (المضاجعة) هي النوم معها ووجهه
إليها (لا المواقعة) يعني: الوطئ (في صبيحتها) بأن لا يخرج قبل الصبح، بل يخرج صباحا في الوقت المتعارف خروج الناس
فيه.
556
ثم يجب التسوية على الترتيب، وهو أشبه.
والواجب في القسمة المضاجعة لا المواقعة. ويختص الوجوب بالليل دون النهار،
وقيل: يكون عندها في ليلتها، ويظل عندها في صبيحتها وهو المروي.
وإذا كانت الأمة مع الحرة أو الحرائر (448) فللحرة ليلتان وللأمة ليلة. والكتابية
كالأمة في القسمة. ولو كانت عنده مسلمة وكتابية، كان للمسلمة ليلتان وللكتابية ليلة.
ولو كانتا أمة مسلمة وحرة ذمية، كانتا سواء في القسمة.
فروع:
لو بات عند الحرة ليلتين (449)، فأعتقت الأمة فرضيت بالعقد، كان لها ليلتان، لأنها
صادفت محل الاستحقاق.
ولو بات عند الحرة ليلتين، ثم بات عند الأمة ليلة، ثم أعتقت، لم يبت عندها
أخرى، لأنها استوفت حقها.
ولو بات عند الأمة ليلة، ثم أعتقت قبل استيفاء الحرة، قيل: يقضي للأمة ليلة،
لأنها ساوت الحرة، وفيه تردد (450).
وليس للموطوءة بالملك قسمة، واحدة كانت أو أكثر.
وله أن يطوف على الزوجات في بيوتهن، وأن يستدعيهن إلى منزله وأن يستدعي بعضا
ويسعى إلى بعض.
وتختص البكر عند الدخول بسبع ليال (451)، والثيب بثلاث، ولا يقضي ذلك. ولو
سبق إليه زوجتان، أو؟؟ زوجات في ليلة، قيل: يبتدأ بمن شاء، وقيل: يقرع،
والأول أشبه، والثاني أفضل.



(448) يعني: كانت له زوجات بعضهن إماء وبعضهن حرائر.
(449) مثاله: بات عند الحرة ليلة السبت وليلة الأحد، وفي يوم الأحد أعتقت الأمة فأقرت بالزواج ورضيت به وجب عليه أن يبيت عند
الأمة ليلة الاثنين وليلة الثلاثاء (محل الاستحقاق) أي: كانت حرة وقت حصتها من القسم.
(450) لأنه لم يبت بعد عند الحرة ليلتين، حتى تستحق هي أيضا ليلتين.
(451) يعني: يجب المبيت عندها سبع ليال متواليات (ولا يقضي ذلك) يعني: لو انقضت السبع ليال، أو الثلاث ولم يبت عند الزوجة
الجديدة، كلها أو بعضها ليس عليه قضاؤها - (ولو سبق إليه) أي: تزوج اثنتين مرة واحدة.
557
وتسقط القسمة بالسفر (452)، وقيل: يقضي سفر النقلة والإقامة، دون سفر
الغيبة.
ويستحب: أن يقرع بينهن، إذا أراد استصحاب بعضهن (453)، وهل يجوز العدول
عمن خرج اسمها إلى غيرها؟ قيل: لا، لأنها تعينت للسفر، وفيه تردد.
ولا يتوقف قسم الأمة على إذن المالك، لأنه لاحظ له فيه (454).
ويستحب: التسوية بين الزوجات في الإنفاق (455)، وإطلاق الوجه، والجماع، وأن
يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها، وإن يأذن لها في حضور موت أبيها وأمها، وله
منعها عن عيادة أبيها وأمها (456)، وعن الخروج من منزلة إلا لحق واجب (457).
وأما اللواحق فمسائل:
الأولى: القسم حق مشترك بين الزوج والزوجة، لاشتراك ثمرته (458) فلو أسقطت
حقها منه، كان للزوج الخيار. ولها أن تهب ليلتها للزوج أو لبعضهن مع رضاه. فإن
وهبت للزوج، وضعها حيث شاء. وإن وهبتها لهن، وجب قسمتها عليهن. وإن وهبتها
لبعضهن، اختصت بالموهوبة. وكذا لو وهبت ثلاث منهن
لياليهن للرابعة، لزمه المبيت



(452) فيجوز السفر دون أن يحمل معه زوجاته، أو يحمل واحدة منهن ويترك البقية، وليس عليه أن يقضي عند رجوعه الليالي التي كان
مسافرا فيها (مثلا) لو كانت له زوجتان فحمل إحديهما في سفر شهرا، ثم عاد لا يجب أن يقضي مع الزوجة الأخرى شهرا (النقلة
والإقامة) يعني بقصد الانتقال والبقاء في بلد آخر (مثلا) ولو انتقل من كربلاء المقدسة إلى النجف الأشرف وأقام بالنجف وترك
زوجاته في كربلاء فإذا عاد إلى كربلاء أو دعا زوجاته إلى النجف وجب عليه قضاء تلك المدة (سفر الغيبة) للتجارة، أو السياحة،
أو التبليغ الإسلامي ونحو ذلك.
(453) فأية زوجة خرجت اسمها أصطحبها، تأسيا بالنبي (صلى الله عليه وآله) فإنه إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج
اسمها أخرجها - كما في المسالك - (وفيه تردد) لأن القرعة هنا مستحبة، فلا تكون ملزمة للحكم.
(454) أي: لا نصيب للمالك في القسم، فليس للمالك منعها، أو إلزامه بمطالبة، أو نحو ذلك.
(455) فلو اشترى لواحدة ثوبا اشترى مثله للأخريات (وإطلاق الوجه) بأن لا يبسط وجهه مع واحدة أكثر من الأخريات (والجماع) فلو
جامع واحدة كل أسبوع جامع لأخريات أيضا كل أسبوع.
(456) إذا لم يكن قطع رحم وكان من العاشرة بالمعروف، وإلا لا يجوز للزوج، ولا يجب على الزوجة طاعة في ذلك بل قد يحرم، فإنه لا
يطاع الله من حيث يعصى، والرواية الواردة في ذلك وإن كانت أخص مطلقا لكنها ضعيفة السند والدلالة والتفصيل في شرحنا
الكبير.
(457) كالأمر بالمعروف والنهي المنكر، وتعلم الأحكام الشرعية، والحج الواجب، والتحاكم إلى حاكم الشرع، ونحو ذلك.
(458) وهي لذة الزوج أيضا من المضاجعة (كان للزوج الخيار) فله أن لا يضاجعها، وله أن يضاجعها فإذا أراد الزوج المضاجعة وجب
عليها التمكين (مع رضاه) أي: رضا الزوج، وإن لم يرض الزوج لغت الهبة (عليهن) فيضاجع كل واحدة منهن ليلة أخرى من
الأربع ليال (من غير إخلال) أي: كل الليالي بلا استثناء.
558
عندها من غير إخلال.
الثانية: إذا وهبت، فرضي الزوج، صح. ولو رجعت كان لها (459)، ولكن لا
يصح في الماضي، بمعنى أنه لا يقضي، ويصح فيما يستقبل. ولو رجعت، ولم يعلم، لم
يقض ما مضى قبل علمه.
الثالثة: لو التمست عوضا عن ليلتها، فبذله الزوج (460)، هل يلزم؟ قيل: لا،
لأنه حق لا يتقوم منفردا، فلا تصح المعاوضة عليه.
الرابعة: لا قسمة للصغيرة، ولا المجنونة المطبقة (461)، ولا الناشزة ولا المسافرة بغير
إذنه، بمعنى أنه لا يقضي لهن عما سلف.
الخامسة: لا يزور الزوج الضرة في ليلة ضرتها. وإن كانت مريضة، جاز له
عيادتها، فإن استوعب الليلة عندها، هل يقضيها؟ قيل: نعم، لأنه لم يحصل المبيت
لصاحبتها، وقيل: لا، كما لو زار أجنبيا وهو أشبه. ولو دخل (462) فواقعها، ثم عاد إلى
صاحبة الليلة، لم يقض المواقعة في حق الباقيات، لأن المواقعة ليست من لوازم القسمة.
السادسة: لو جار بالقسمة (463)، قضى لمن أخل بليلتها.
السابعة: لو كان له أربع، فنشزت واحدة، ثم قسم خمس عشرة (464)، فوفى اثنتين
ثم أطاعت الرابعة، وجب أن يوفي الثالثة خمس عشرة والتي كانت ناشزة خمسا. فيقسم
للناشزة ليلة، وللثالثة ثلاثا، خمسة أدوارا، فتستوفي الثالثة خمس عشرة والناشزة خمسا، ثم يستأنف.



(459) يعني: يجوز لها الرجوع (ويصح في ما يستقبل) أي: الرجوع في الليالي الآتية، مثلا لو وهبت لياليها شهرين إلى ضرتها، ثم بعد
شهر واحد رجعت، صح الرجوع بالنسبة للشهر الآتي فقط.
(460) مثلا: قالت للزوج أعاوضك على حقي بدينار عن كل ليلة، فأعطى الزوج لها الدينار (هل يلزم) فلا يحق لها الرجوع (لأنه حق)
وليس بمال حتى يلزم بالمعاوضة (منفردا) أي: بلا رضا الطرفين.
(461) أي: المستمرة الجنون (الناشزة) أي: الخارجة عن الطاعة الواجبة لزوجها (بغير إذنه) أي: بغير إذن الزوج في سفر غير واجب أو
ضروري، لا مثل سفر الحج الواجب وسفر العلاج اللازم ونحو ذلك فإن القضاء لا يسقط كما في الجواهر وعن غيره وادعى عليه
أيضا عدم الخلاف، وإن نقل الخلاف أيضا وهو كذلك.
(462) أي: دخل لعيادة الضرة.
(463) أي: ظلم بعض الزوجات فلم يضاجعها في كل أربع ليال.
(464) يعني: جعل لكل واحدة من الثلاث خمس عشرة ليلة، وبعد إكمال ثلاثين لاثنتين أطاعت الرابعة فيعطيها خمس ليال، لأنها أطاعت
بعد مضي ثلث الوقت للزوجتين، فلها ثلث واحد وهو خمس ليال (خمسة أدوارا) يعني: خمس مرات يظل عند الناشزة ليلة
واحدة، وعند، الثالثة ثلاث ليال.
559
الثامنة: لو طاف على ثلاث، وطلق الرابعة بعد دخول ليلتها ثم تزوجها، قيل:
يجب لها قضاء تلك الليلة، وفيه تردد، ينشأ من سقوط حقها لخروجها عن الزوجية (465).
التاسعة: لو كان له زوجتان في بلدين، فأقام عند واحدة عشرا قيل: كان عليه
للأخرى مثلها.
العاشرة: لو تزوج امرأة ولم يدخل بها، فأقرع للسفر فخرج اسمها (466)، جاز له
مع العود توفيتها حصة التخصيص، لأن ذلك لا يدخل في السفر، إذ ليس السفر داخلا في
القسم.
القول في النشوز وهو الخروج عن الطاعة، وأصله الارتفاع، وقد يكون من الزوج
كما يكون من الزوجة.
فمتى ظهر من الزوجة إمارته، مثل أن تقطب في وجهه، أو تتبرم بحوائجه (467)، أو
تغير عادتها في آدابها، جاز له هجرها في المضجع بعد عظتها.
وصورة الهجران، يحول إليها ظهره في الفراش. وقيل إن يعتزل فراشها (468)،
والأول مروي. ولا يجوز له ضربها والحال هذه.
أما لو وقع النشوز، وهو الامتناع عن طاعته فيما يجب له، جاز ضربها، ولو بأول
مرة. ويقتصر على ما يؤمل معه رجوعها، ما لم يكن مدميا ولا مبرحا.
وإذا ظهر من الزوج النشوز بمنع حقوقها (469)، فلها المطالبة، وللحاكم إلزامه ولها
ترك بعض حقوقها، من قسمة ونفقة، استمالة له. ويحل للزوج قبول هذا.



(465) قبل استقرار حقها بانقضاء الليل.
(466) وحملها معه في السفر (حصة التخصيص) وهي سبع ليال للبكر وثلاث ليال للثيب.
(467) أي: تتكاسل في حوائج الاستمتاع الجنسي (في آدابها) أي: آداب الحوائج الجنسية كالتنظيف والاسترخاء فيما يلزم ونحو ذلك
(بعد عظتها) يعني: اللازم أولا على الزوج أن يعظها فيقول لها مثلا (يحرم عليك هذا الصنع وأنا لا أرضى به، ويكون عليك
عذاب الله إن لم تتوبي وترجعي، ويكون لي حق هجرك) ونحو ذلك.
(468) أي: لا ينام معها في فراش واحد (والحال هذه) أي: ليس منها امتناع عن المقاربة والمجامعة (ولو بأول مرة) بدون وعظ أو هجر
(رجوعها) فلو أمل رجوعها بضربها بالكف لا يضربها بعصا، ولو أمل بضربة واحدة لا يجوز ضربتان، هكذا (مدميا) أي:
موجبا لخروج الدم بالضرب (أو مبرحا) أي: كثيرا كمئة عصا).
(469) كالنفقة، والقسم، والوطئ ونحو ذلك، (ولها) يعني: يجوز لها (استحالة له) أي طلبا: لجلب ميل الزوج إليها (ويحل للزوج
قبول ذلك) إذا أراد طلاقها لا مطلقا (وهل) يجوز لها ضربه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (قولان) ولعل الأصح
الأول. إذ لا مقيد لهما وإن أرسل التقييد بعض إرسال المسلمات.
560
القول: في الشقاق وهو فعال من الشق، كأن كل واحد منهما في شق، فإن كان
النشوز منهما، وخشي الشقاق (470)، بعث الحاكم حكما من أهل الزوج، وآخر من أهل
المرأة، على الأولى. ولو كان من غير أهلهما، أو كان أحدهما جاز أيضا.
وهل بعثهما على سبيل التحكيم، أو التوكيل (471)؟ الأظهر أنه تحكيم. فإن اتفقا
على الإصلاح فعلاه، وإن اتفقا على التفريق، لم يصح إلا برضا الزوج في الطلاق، ورضا
المرأة في البذل إن كان خلعا (472).
تفريع
لو بعث الحكمان، فغاب الزوجان، أو أحدهما (473)، قيل: لم يجز الحكم، لأنه
حكم للغائب. ولو قيل بالجواز، كان حسنا، لأن حكمهما مقصور على الإصلاح. أما
التفرقة موقوفة على الإذن.
مسألتان:
الأولى: ما يشترطه الحكمان يلزم، إن كان سائغا (474)، وإلا كان لهما نقضه.
الثانية: لو منعها شيئا من حقوقها (475)، أو أغارها، فبذلت له بذلا ليخلعها،
صح. وليس ذلك إكراها.
النظر الرابع: في أحكام الأولاد وهي قسمان.
الأول: في إلحاق الأولاد والنظر في: الزوجات، والموطوءات بالملك،، والموطوءات
بالشبهة.



(470) أي: الفرقة.
(471) التحكيم: يعني حاكم الشرع يجعلهما حاكمين يحكمان بما رأياه صلاحا بلا إذن أو مراجعة لحاكم الشرع، ويجب على الزوجين (إطاعة الحكمين بما
يحكمان مما يجوز فعله شرعا (والتوكل) هو مجرد النطر في أمرهما، ثم إخبار الحاكم الشرعي بأمر الزوجين، فيحكم الحاكم على الزوجين بما يراه
صالحا.
(472) الخلع: هو الطلاق في مقابل بذل المرأة مالا للرجل، وسيأتي تفصيله بعد كتاب الطلاق مباشرة.
(473) فلم ير الحكمان أحد الزوجين، أو كليهما.
(474) أي: جائزا شرعا كما لو شرط الحكم على الزوج أن يسكنها في دار وحدها، أو يواقعها في كل أسبوع، أو يطعمها كذا من الطعام، أو نكسيها كذا من
اللباس، أو يسكنها كذا من الدار ونحو ذلك (وإلا) بأن حكما بشئ حرام، كان لا يجامعها سنة، أو لا يعطيها النفقة، أو لا تمكن الزوجة زوجها
من نفسها ونحو ذلك.
(475) قيدها الجواهر بقوله (المستحبة) والإغارة يعني التزويج عليها.
561
الأول: أحكام ولد الموطوءة بالعقد الدائم وهم يلحقون بالزوج بشروط ثلاثة:
الدخول. ومضي ستة أشهر من حين الوطء. وإن لا يتجاوز أقصى الوضع، وهو تسعة
أشهر على الأشهر.
وقيل، عشرة أشهر وهو حسن، يعضده الوجدان في كثير، وقيل: سنة، وهو
متروك (476). فلو لم يدخل بها، لم يلحقه. وكذا لو دخل، وجاءت به لأقل من ستة
أشهر، حيا كاملا. وكذا لو اتفقا (477) على انقضاء ما زاد عن تسعة أشهر، أو عشرة من
زمان الوطء، أو ثبت ذلك بغيبة متحققة تزيد عن أقصى الحمل. ولا يجوز له إلحاقه
بنفسه، والحال هذه.
ولو وطأها واطئ فجورا (478)، كان الولد لصاحب الفراش، ولا ينتفي عنه إلا
باللعان، لأن الزاني لا ولد له.
ولو اختلفا في الدخول (479)، أو في ولادته، فالقول قول الزوج مع يمينه. ومع
الدخول، وانقضاء أقل الحمل، لا يجوز له نفي الولد، لمكان تهمة أمه بالفجور (480)، ولا
مع تيقنه. ولو نفاه لم ينتف إلا باللعان.
ولو طلقها فاعتدت، ثم جاءت بولد ما بين الفراق (481) إلى أقصى مدة الحمل،
لحق به، إذا لم توطأ ولا شبهة (482).



(476) يعني: قول تركه معظم الفقهاء.
(477) أي: اتفق الزوجان، كما لو اتفقا على وقوع آخر وطي في شهر رمضان، فجاءت بالولد في الرمضان الثاني (بغيبة متحققة) كما لو كان الزوج في سفر سنة
فأتت زوجته بولد.
(478) الفجور: الزنا، مقابل الشبهة (ولا ينتفي) فلو قال الزوج الولد ليس مني لا يكفي في فصله عنه، بل يحتاج إلى اللعان، وسيأتي تفصيل اللعان في
كتاب اللعان بعد كتاب الإيلاء وقبل كتاب العتق.
(479) فقالت الزوجة: دخل والولد لزوجي، وقال الزوج لم أدخل بها والولد ليس مني (أو في ولادته) فقال الزوج ولد بعد سنة - مثلا - من الوطئ، وقالت
الزوجة ولد لتسعة أشهر من الوطئ.
(480) أي: لأجل اتهامه للأم بالزنا (ولا مع تيقنه) يعني: إذا علم إنها زنت أيضا لا يجوز له نفي الولد شرعا لأن الولد للزوج وللزاني الحجر.
(481) أي: ما بين آخر وطي وقع بعد الطلاق وبين أكثر مدة للحمل وهو عشرة أشهر أي: لم يزد عن عشرة أشهر، كما لو كان آخر وطئ في شهر رمضان، ثم
جاءت بولد في جمادي الأولى فإن الولد ملحق بالأب المطلق وإن كانت قد زنت في هذه المدة أيضا، لأن الزاني لا يلحق به الولد.
(482) مثال الوطئ بالعقد: طلقها في رمضان، وكانت تحيض فحاضت ثلاث مرات ولم يظهر عليها أمر الحمل فعقدها بعد العدة شخص ثم تبين لها الحمل،
فهل يلحق الولد بالأول أم بالثاني - فيما لو أمكن لحوقه بهما.
ومقال الوطئ بالشبهة: ما لو تخيلها شخص زوجته فوطأها ثم تبين إنها غيرها وجاءت بولد أمكن لحوقه بهما يعني: كان قد انقضى على الوطئين أكثر
من ستة أشهر، ولم يمض عليهما تسعة أشهر. فقال بعض بلحوقه بالثاني كما سيأتي في الفرع التالي، وقال بعض بالقرعة.
562
ولو زنى بامرأة فأحبلها، ثم تزوج بها، لم يجز إلحاقه به. وكذا لو زنى بأمة
فحملت، ثم ابتاعها.
ويلزم الأب الإقرار بالولد، مع اعترافه بالدخول، وولادة زوجته له. فلو أنكره
والحال هذه، لم ينتف إلا باللعان (483). وكذا لو اختلفا في المدة. ولو طلق امرأته،
فاعتدت وتزوجت (484)، أو باع أمته فوطأها المشتري، ثم جاءت بولد لدون ستة أشهر
كاملا، فهو للأول. وإن كان لستة أشهر فهو للثاني.
أحكام ولد الموطوءة بالملك: إذا وطأ الأمة، فجاءت به (485) بولد لستة أشهر
فصاعدا، لزمه الإقرار به، لكن لو نفاه لم يلاعن أمته، وحكم بنفيه ظاهرا. ولو اعترف
به بعد ذلك، ألحق به. ولو وطأ الأمة المولى وأجنبي (486)، حكم بالولد للمولى.
ولو انتقلت إلى موال (487)، بعد وطء كل واحد منهم لها، حكم بالولد لمن هي
عنده، إن جاءت به لستة أشهر فصاعدا، منذ يوم وطأها. وإلا كان للذي قبله، إن كان
لوطئه ستة أشهر فصاعدا، وإلا كان للذي قبله وهكذا الحكم في كل واحد منهم.
ولو وطأها المشتركون فيها (488)، في طهر واحد، فولدت فتداعوه، أقرع بينهم.
فمن خرج اسمه، ألحق به، واغرم حصص الباقين من قيمة أمه وقيمته، يوم سقط
حيا (489). وإن ادعاه واحد، ألحق به، وألزم حصص الباقين، من قيمة الأم والولد. ولا
يجوز نفي الولد لمكان العزل (490).



(483) يعني: مجرد إنكار كون الولد منه لا يوجب انتفاء الولد عنه (لو اختلفا) الزوجان (في المدة) بين الدخول وبين الولادة، فادعى الزوج إن المدة أقل من
ستة أشهر أو ادعى أن المدة أكثر من تسعة أشهر، وادعت الزوجة إن المدة أكثر من ستة أشهر، أو ادعت إن المدة أقل من تسعة أشهر.
(484) ولم يعلم إنها حامل، وإلا لم يجز لها الزواج (لدون ستة أشهر) من وطئ الثاني.
(485) أي: فجاءت بسبب ذلك الوطي بولد (لم يلاعن) أي: لم يرد في الإسلام لعان الأمة (ظاهرا) وإن فعل حراما حيث نفى ما حكم الشارع ظاهرا
بلحوقه به.
(486) وكان وطئ الأجنبي زنا، لا شبهة، فإنه يفرق بينهما إن كان وطئ الأجنبي شبهة.
(487) جمع (مولى) مثاله: اشترى زيد الأمة وقبل الاستبراء - وهو الصبر عليها حتى تحيض ليظهر إنها ليست حاملا - وطأها ثم باعها لعمرو، وطأها عمرو
قبل الاستبراء، ثم باعها لخالد، ووطئها خالد، فظهر إنها حامل وجاءت بولد بعد مضي ستة أشهر من وطي خالد فالولد لخالد، وإن جاء الولد قبل
مضي ستة أشهر من وطي خالد فإن كان قد مضي من وطئ عمرو ستة أشهر لحق الولد بعمرو، وإن لم يمض من وطي عمرو ستة أشهر لحق الولد بزيد
(ولا يخفي) إن الوطي قبل الاستبراء حرام مع شروط مذكورة في محله.
(488) يعني اشترى جماعة أمة واحدة، أو ورث جماعة أمة واحدة، فوطأها جميعا، ولا يخفى إنه يحرم على المشتركين وطئ الأمة.
(489) لأن الولد حر، والأم تصير أم ولد فلا يجوز بيعها، مثلا كانت الأمة لزيد وعمرو وخالد،. ووطأها جميعهم في طهر واحد، وخرجت القرعة باسم زيد،
فيعطي لكل من عمرو وخالد ثلث قيمة الأمة، وثلث قيمة الولد حين سقوطه ولو كان رقا.
(490) العزل: هو إخراج المني وإفراغه خارج الرحم، فلو وطئ شخص زوجته أو أمته، وكان يعزل عنها، فجاءت بولد لا يجوز له إنكار الولد، لإطلاق
النص الوارد بأن الولد للفراش.
563
ولو وطأ أمته، ووطأها آخر فجورا، ألحق الولد بالمولى. ولو حصل مع ولادته،
إمارة يغلب بها الظن أنه ليس منه (491)، قيل: لم يجز له إلحاقه به ولا نفيه، بل ينبغي أن
يوصي له بشئ، ولا يورثه ميراث الأولاد، وفيه تردد.
أحكام ولد الشبهة: الوطء بالشبهة، يلحق به النسب. فلو اشتبهت عليه أجنبية،
فظنها زوجته أو مملوكته، فوطأها، ألحق به الولد (492). وكذا لو وطأ أمة غيره لشبهة،
لكن في الأمة، يلزمه قيمة الولد يوم سقط حيا، لأنه وقت الحيلولة.
ولو تزوج امرأة لظنها خالية (493)، أو لظنها موت الزوج أو طلاقه، فبان أنه لم يمت
ولم يطلق، ردت على الأول بعد الاعتداد من الثاني، واختص الثاني بالأولاد مع الشرائط،
سواء استندت في ذلك إلى حكم حاكم، أو شهادة شهود، أو إخبار مخبر.
القسم الثاني: في أحكام الولادة والكلام في: سنن الولادة (494)، واللواحق.
أما سنن الولادة: فالواجب منها: استبداد النساء بالمرأة عند الولادة، دون الرجال
إلا مع عدم النساء، ولا بأس بالزوج وإن وجدت النساء.
والندب ستة: غسل المولود (495). والأذان في أذنه اليمنى. والإقامة في اليسرى.
وتحنيكه بماء الفرات، وبتربة الحسين عليه السلام، فإن لم يوجد ماء الفرات فبماء فرات.
ولو لم يوجد إلا ماء ملح، جعل فيه شئ من التمر أو العسل. ثم يسميه أحد الأسماء
المستحسنة، وأفضلها ما يتضمن العبودية لله سبحانه (496)، وتليها أسماء الأنبياء والأئمة.



(491) كما لو كان ترك وطي أمته، ثم رأى من يزني بها، فترك وطأها أيضا ثم جاءت بولد لتسعة أشهر من وطئ الزاني (وفيه تردد) لأحتمال شمول الولد
للفراش لمثله أيضا.
(492) يعني: الحق الولد بالواطي شبهة (لأنه وقت الحيلولة) بين المالك وبين الولد، أما قبل الولادة فلا قيمة للولد، لأنه ليس بمال - كما قالوا -
(493) أي: غير متزوجة (بعد الاعتداد من الثاني) أي: بعد اكتمالها عدة من وطي الثاني. ولا يحتاج إلى طلاق الثاني لأنه لم يكن عقد صحيح بل شبهة (مع
الشرائط) الثلاثة التي مضت قبل الرقم (477) من دخول الأول بها، ومضى ستة أشهر من الوطي، وعدم زيادة المدة عن تسعة أشهر (استندت في
ذلك) أي: في ظنها موت الزوج أو طلاقه.
(494) السنة لها إطلاقان، سنة مقابل البدعة، بمعنى الحكم الشرعي شاملة للواجب والندب، وسنة مقابل الفريضة، وهي تخص المستحب، والمراد هنا من
السنن المعنى الأول الشامل للواجب والمستحب (استبداد النساء) أي: اختصاصهن.
(495) بضم الغبن، كما هو المنسوب إلى المشهور، لا الفتح (وتحنيكه) هو رفع سقف الفم بأصبع مبلل بماء الفرات، وهو ماء يجري في العراق، ويدخل
كربلاء المقدسة والنجف الأشرف (فبماء فرات) أي: أي ماء عذب (ماء ملح) أي مياه مالحة مثل مياه الآبار والنزير ونحوها. لا الماء الذي وضع فيه
ملح.
(496) مثل عبد الله وعبد الرحيم، وعبد الرؤوف، وعبد الودود ونحو ذلك (وتليها) أي: بعدها في الفضيلة أسماء الأنبياء، وفي طليعتها أسماء رسول الله
(صلى الله عليه وآله) (محمد، وأحمد، ومحمود، ونحوها، وكموسى، وعيسى، وداود، إبراهيم، ونوح، ويحيى وزكريا ونحوها. (وإن يكنيه) أي: يجعل
له كنية، والكنية هي الأسماء التي أولها التي أولها (أب أو أم) مثاله: أبو الحسن، أبو الخير، أبو حسام، أبو الفضل، أبو البركات، ونحو ذلك، وأم
كلثوم، أم الخير، أم البركة، ونحو ذلك، (مخافة النبز) أي: رمي السيئة عليه، مثاله: أبو خرطوم، وأبو كركوشة، أبو ضرطة، ونحو ذلك مما
تعارف في بعض البلاد في زماننا.
564
عليهم السلام. وإن يكنيه مخافة النبز.
وروي استحباب التسمية يوم السابع (497).
ويكره: أن يكنيه أبا القاسم، إذا كان اسمه محمدا. وإن يسميه حكما أو حكيما أو
خالدا أو حارثا أو مالكا أو ضرارا.
وأما اللواحق: فثلاثة.
سنن اليوم السابع، والرضاع، والحضانة.
وسنن اليوم السابع أربع: الحلق والختان، وثقب الأذن، والعقيقة.
أما الحلق: فمن السنة حلق رأسه يوم السابع (498)، مقدما على العقيقة، والتصدق
بوزن شعره ذهبا أو فضة.
ويكره: أن يحلق من رأسه موضع، ويترك موضع، وهي القنازع.
وأما الختان: فمستحب يوم السابع، ولو أخر جاز. ولو بلغ ولم يختن، وجب أن
يختن نفسه. والختان واجب، وخفض الجواري (499) مستحب. ولو أسلم كافر غير مختن،
وجب أن يختن، ولو كان مسنا. ولو أسلمت امرأة لم يجب ختانها واستحب.
وأما العقيقة: فيستحب: أن يعق عن الذكر ذكر، وعن الأنثى أنثى (500) وهل
تجب العقيقة؟ قيل: نعم، والوجه الاستحباب. ولو تصدق بثمنها، لم يجز في القيام
بالسنة. ولو عجز عنها، أخرها حتى يتمكن، ولا يسقط الاستحباب.



(497) لأنه يستحب تسمية الولد عند ولادته (محمدا) إلى سبعة أيام فإن شاء غيره يوم السابع وإن شاء أبقاه.
(498) حتى ولو كان بنتا كما في خبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام (القنازع) قطع السحاب المتفرقة، فكان الرأس المحلوق بعضه يشبه القطع المتفرقة من
السحاب.
(499) وهو ختان البنات في وسط الفرج ويستحب أن يكون قليلا لا كثيرا.
(500) وفي بعض الأخبار إنه كبش عن الذكر والأنثى، وهو الذكر من الشياه (قيل نعم) ففي صحيح أبي بصير: (الحقيقة واجبة) (لم يجز) أي: لم يكف
(ولا يسقط الاستحباب) ولو كبر سنة.
565
ويستحب: أن تجتمع فيها شروط الأضحية (501). وإن تخص القابلة منها بالرجل
والورك. ولو لم تكن قابلة، أعطي الأم تتصدق به. ولو لم يعق الوالد، استحب للولد أن
يعق عن نفسه إذا بلغ.
ولو مات الصبي يوم السابع، فإن مات قبل الزوال، سقطت.
ولو مات بعده، لم يسقط الاستحباب. ويكره: للوالدين أن يأكلا منها، وأن يكسر
شئ من عظامها، بل يفصل أعضاؤها.
وأما الرضاع: فلا يجب على الأم إرضاع الولد (502)، ولها المطالبة بأجرة إرضاعه، وله
استئجارها إذا كانت بائنا، وقيل: لا يصح ذلك وهي في حباله، والوجه الجواز.
ويجب على الأب بذل أجرة الرضاع، إذا لم يكن للولد مال، ولأمه أن ترضعه بنفسها
أو بغيرها، ولها الأجرة (503). وللمولى إجبار أمته على الرضاع. ونهاية الرضاع حولان.
ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا. ولا يجوز نقصه عن ذلك. ولو نقص كان
جورا (504). ويجوز الزيادة عن الحولين شهرا وشهرين ولا يجب على الولد دفع أجرة ما زاد
عن حولين. والأم أحق بإرضاعه، إذا طلبت ما يطلب غيرها.
ولو طلبت زيادة، كان للأب نزعه وتسليمه إلى غيرها. ولو تبرعت أجنبية
بإرضاعه، فرضيت الأم بالتبرع، فهي أحق به. وإن لم ترض فللأب تسليمه إلى
المتبرعة.
فرع: لو ادعى الأب وجود متبرعة، وأنكرت الأم، فالقول قول الأب، لأنه يدفع
عن نفسه وجوب الأجرة على تردد (505).
ويستحب: أن يرضع الصبي بلبن أمه، فهو أفضل،



(501) من كونها سليمة من العيوب، سمينة (سقطت) العقيقة (لم يسقط الاستحباب) حتى ولو بلغ مائة سنة ومات بلا عقيقة.
(502) سواء كان للولد مال، أم لا، كان الأب حيا أم لا، كان للأب مال أم لا، كانت الأم غنية أم فقيرة (ولها المطالبة) قبل الرضاع، أو بعده إذا لا تنو
المجانية وبلا عوض (إذا كانت بائنا) أي: مطلقة بالطلاق البائن، كالطلاق الثالث، أو التاسع، أو اليائسة (لا يصح ذلك) أي أخذها الأجرة من
الأب لرضاع ولدها (وهي في حباله) أي: زوجة للأب لملك أب الطفل للاستمتاع بها.
(503) أي: لو تمت مقاولة الرضاع مع الأم فهي تأخذ الأجرة، سواء هي أرضعته، أم أعطته لأخرى فأرضعته تلك الأخرى.
(504) أي: حراما (شهر أو شهرين) لا أزيد (إذا طلبت) من مقدار الأجرة.
(505) لأحتمال كون الأصل مع الأم، فادعاء الأب وجود المتبرع يحتاج إلى دليل.
566
وأما الحضانة (506): فالأم أحق بالولد مدة الرضاع. وهي حولان، ذكر أكان
أو أنثى، إذا كانت حرة مسلمة. ولا حضانة للأمة ولا للكافرة مع المسلم فإذا فصل (507) فالوالد أحق بالذكر، والأم أحق بالأنثى حتى تبلغ سبع سنين،
وقيل: تسعا، وقيل: الأم أحق به ما لم تتزوج، والأول أظهر، ثم يكون الأب أحق
بها.
ولو تزوجت الأم، سقطت حضانتها عن الذكر والأنثى، وكان الأب أحق بهما.
ولو مات (508)، كانت الأم أحق بهما من الوصي. وكذا لو كان الأب مملوكا أو
كافرا، كانت الأم الحرة أحق به، وإن تزوجت. فلو أعتق كان حكمه حكم الحر.
فإن فقد الأبوان، فالحضانة لأب الأب، فإن عدم، قيل: كانت الحضانة
للأقارب، وترتبوا ترتيب الإرث (509)، نظرا إلى الآية، وفيه تردد.
فروع أربعة: على هذا القول
قال الشيخ رحمه الله: إذا اجتمعت أخت لأب وأخت لأم، كانت الحضانة للأخت
من الأب، نظرا إلى كثرة النصيب في الإرث (510) والإشكال في أصل الاستحقاق، وفي
الترجيح تردد، ومنشأه تساويهما في الدرجة. وكذا قال رحمه الله: في أم الأم مع أم
الأب (511).
الثاني: قال رحمه الله: في جدة وأخوات، الجدة أولى لأنها أم.



(506) وهي كون الطفل عند الأب، أو عند الأم، أو غيرهما (ومع المسلم) أي: إذا كان الأب مسلما والأم كافرة، فليس لها حق حضانة لقوله تعالى (ولن
يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) والولد يكون مسلما إذا كان أحد أبويه مسلما.
(507) أي: فصل عن الرضاع.
(508) أي: مات الأب في أيام حضانته (من الوصي) أي: وصي الأب (كانت الأم الحرة) أو المسلمة (وإن تزوجت) أي: حتى وإن تزوجت الأم فهي
أولى بالحضانة من الأب المملوك، أو الكافر (فلو أعتق) الأب الذي كان مملوكا رجعت الحضانة إليه لزوال المانع.
(509) بتقديم الأجداد والأخوة على أولاد الإخوة، وتقديمهما على الأعمام والأخوال، وهكذا (وفيه تردد) لأحتمال صيرورة حق الحضانة إلى وفي الأب،
ثم وصي الجد كما في الجواهر -
(510) لأن نصيب الأخت للأب الثلثان، ونصيب الأخت للأم الثلث (والإشكال) يعني: لم يثبت أصل حق الحضانة للأخت سواء كانت لأب أو لأم (وفي
الترجيح) أي: تقديم أخت لأب على أخت لأم (ومنشأه) أي: سبب التردد (الدرجة) أي: درجة الإرث فالأخت لأب والأخت لأم ترثان معا
وإن تفاوت نصيباهما.
(511) فقال الشيخ رحمة الله عليه.: بتقديم أم الأب على أم الأم، لأكثرية نصيبها.
567
الثالث: قال: إذا اجتمعت عمة وخالة، فهما سواء.
الرابع: قال: إذا حصل جماعة متساوون في الرجة، كالعمة والخالة، أقرع
بينهم (512).
ومن لواحق الحضانة: ثلاث مسائل:
الأولى: إذا طلبت الأم للرضاع أجرة زائدة عن غيرها، فله تسليمه إلى الأجنبية،
وفي سقوط حضانة الأم تردد (513)، والسقوط أشبه.
الثانية: إذا بلغ الولد رشيدا (514)، سقطت ولاية الأبوين عنه، وكان الخيار إليه في
الانضمام إلى من شاء.
الثالثة إذا تزوجت (515)، سقطت حضانتها. فإن طلقها رجيعة، فالحكم باق.
وإن بانت منه، قيل: لم ترجع حضانتها، والوجه الرجوع.
النظر الخامس: في النفقات لا تجب النفقة إلا بأحد أسباب ثلاثة: الزوجية.
والقرابة. والملك.
القول: في نفقة الزوجة والكلام في: الشرط، وقدر النفقة، واللواحق والشرط
اثنان:
الأول: أن يكون العقد دائما.
الثاني: التمكين الكامل، وهو التخلية بينها وبينه (516)، بحيث لا تخص موضعا ولا
وقتا. فلو بذلت نفسها في زمان دون زمان، أو مكان دون مكان آخر، مما يسوغ فيه
الاستمتاع لم يحصل التمكين.



(512) لا تنافي بين الفرعين الثالث والرابع، فالرابع تفصيل للثالث، لأن في الثالث قال لا ترجيح، وهنا يسأل: فما الحيلة ولا ترجيح؟ فأجاب بالرابع أنه
يقرع.
(513) من تبعية الحضانة للرضاع، وغيره، ومن كون الحضانة والرضاع حقين، لا يسقط أحدهما بسقوط الآخر.
(514) أي: صار بالغا وكان رشيدا يعرف مصالح نفسه من مفاسدها، ويستطيع إدارة شؤون نفسه (إلى من شاء) فإن شاء بقي عند الأبوين، وإن شاء
ذهب إلى غيرهما (وهذا) إذا لم يطرأ عنوان ثانوي من قطع رحم، أو هجر، أو نحو ذلك.
(515) أي: تزوجت الأم التي كان قد مات زوجها، أو طلقها (فالحكم باق) أي: الحضانة ساقطة لأنها بحكم الزوجة (وإن بانت منه) أي: كان الطلاق
بائنا، كالطلاق قبل الدخول، أو مع اليأس، أو الخلعي، أو الثالث ونحو ذلك.
(516) للوطي وسائر الاستمتاعات (لم يحصل التمكين) الكامل الموجب للنفقة (على التمكين) فلو عقدها ولم تكن ممكنة نفسها لم تجب نفقتها، وإن كانت ممكنة
لكن الزوج تأخر وتكاسل وجبت نفقتها.
568
وفي وجوب النفقة بالعقد أو بالتمكين تردد، أظهره بين الأصحاب وقوف الوجوب
على التمكين.
ومن فروع التمكين: أن لا تكون صغيرة (517)، يحرم وطء مثلها، سواء كان زوجها
كبيرا أو صغيرا، ولو أمكن الاستمتاع منها بما دون الوطء، لأنه استمتاع نادر لا يرغب إليه
في الغالب.
أما لو كانت كبيرة، وزوجها صغيرا، قال الشيخ: لا نفقة لها، وفيه إشكال، منشأه تحقق
التمكين في طرفها، والأشبه وجوب الإنفاق.
ولو كانت مريضة أو رتقاء أو قرناء (518)، لم تسقط النفقة، لإمكان الاستمتاع بما
دون الوطء قبلا، وظهور العذر فيه.
ولو اتفق الزوج عظيم الآلة، وهي ضعيفة (519)، منع من وطئها، ولم تسقط
النفقة، وكانت كالرتقاء.
ولو سافرت الزوجة بإذن الزوج، لم تسقط نفقتها، سواء كان في واجب أو مندوب أو
مباح. وكذا لو سافرت في واجب بغير إذنه، كالحج الواجب (520). أما لو سافرت بغير
إذنه، في مندوب أو مباح، سقطت نفقتها.
ولو صلت أو صامت أو اعتكفت بإذنه، أو في واجب وإن لم يأذن، لم تسقط
نفقتها. وكذا لو بادرت إلى شئ من ذلك ندبا (521)، لأن له فسخه.
ولو استمرت مخالفة، تحقق النشوز، وسقطت النفقة. وثبتت النفقة للمطلقة
الرجعية، كما تثبت للزوجة.
وتسقط نفقة البائن وسكناها، سواء كانت عن طلاق أو فسخ. نعم لو كانت المطلقة



(517) فلا نفقة للزوجة الصغيرة.
(518) رتقاء: هي التي في فرجها لحم زائد يمنع من الوطئ، والقرناء: هي التي فرجها عظم يمنع من الوطئ.
(519)) بحيث يخرج عليها وطئه لها.
(520) أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو طلب تعلم الأحكام أو تعليم الأحكام ونحو ذلك مما أصبح اليوم واجبا عينيا لعدم قيام من فيه الكفاية بها (في
مندوب) كسفر زيارة الحسين عليه السلام أو الحج المندوب (أو مباح) كسفر النزهة.
(521) فلو صامت ندبا بغير إذنه كان للزوج قطع صومها، أو شرعت في صلاة طويلة كصلاة جعفر عليه السلام وأرادها الزوج كان له قطع صلاتها، وهكذا
الاعتكاف (ولو استمرت) في الصلاة والصوم والاعتكاف بعد أمر الزوج لها بالقطع.
569
حاملا، لزم الإنفاق عليها حتى تضع. وكذا السكنى (522).
وهل النفقة للحمل أو لأمه؟ قال الشيخ: هي للحمل.
وتظهر الفائدة في مسائل: منها في الحر إذا تزوج بأمة، وشرط مولاها رق
الولد (523). وفي العبد إذا تزوج بأمة أو حرة، وشرط مولاه الانفراد برق الولد. وفي
الحامل المتوفى عنها زوجها، روايتان: أشهرهما أنه لا نفقة لها، والأخرى ينفق عليها من
نصيب ولدها.
وتثبت النفقة للزوجة مسلمة كانت أو ذمية أو أمة.
وأما قدر النفقة: فضابطه: القيام بما تحتاج إليه المرأة، من طعام وإدام (524) وكسوة
وإسكان وإخدام وآلة الإدهان، تبعا لعادة أمثالها من أهل البلد.
وفي تقدير الإطعام خلاف، فمنهم من قدره بمد (525)، للرفيعة والوضيعة من الموسر
والمعسر. ومنهم من لم يقدر، واقتصر على سد الخلة، وهو أشبه.
ويرجع في الإخدام إلى عادتها، فإن كانت من ذوي الإخدام وجب وإلا خدمت
نفسها. وإذا وجبت الخدمة، فالزوج بالخيار، بين الإنفاق على خادمها إن كان لها خادم،
وبين ابتياع خادم، أو استئجارها (526)، أو الخدمة لها بنفسه. وليس لها التخيير. ولا
يلزمه أكثر من خادم واحد، ولو كانت من ذوي الحشم، لأن الاكتفاء يحصل بها. ومن لا
عادة لها بالإخدام، يخدمها مع المريض (527)، نظرا إلى العرف.



(522) فلا تخرج من البيت إن كانت حاملا.
(523) بناءا على جواز مثل هدا الشرط، فإنه إن طلقها طلاقا بائنا فلا نفقة عليه إذ نفقة الرق على مولاه (الانفراد برق الولد) أي: يكون الولد رقا له وحده، لا
مشتركا بينه وبين مولى الأمة، فإن النفقة على مولى العبد مطلقا (من نصيب ولدها) أي من الإرث.
(524) الطعام: مثل الخبز، والحنطة، والشعير، والأرز، ونحو ذلك، والأدام مثل المرق، واللحم، والتمر، ونحو ذلك (وإخدام) أي: من يخدم
فيطبخ، ويكنس، ويغسل الثياب، ونحو ذلك لأنه لا يجب على الزوجة الخدمة في البيت، بل تستحب (وآلة الإدهان) أي: ما تدهن به رأسها
وجسمها وأدوات التدهين (تبعا لعادة أمثالها) يعني: كل هذه الأمور يختلف حسب اختلاف النساء في الشرف والشخصية ونحوها، فالزوجة التي
هي ابنة الكاسب مؤنتها أخف من ابنة التاجر والملك
(525) وهو يقرب من ثلاثة أرباع الكيلو الواحد، لليوم الواحد (للرفيعة والوضيعة) يعني سواء كانت الزوجة من الشخصيات كبنات الملوك والتجار، أو من
غيرهن كبنات الكسبة (من الموسر والمعسر) يعني: سواء كان الزوج غنيا أم فقيرا (سد الخلة) أي: سد جوع الزوجة سواء تم بأقل من مد أو
بأكثر.
(526) يعني: يستأجر نفس الزوجة للخدمة، بأن يعطيها حرة خدمتها في البيت (من ذوي الحشم) أي: من الشخصيات.
(527) أي: يجعل لها خادما (نظرا إلى العرف) يعني: المتعارف أن تخدم المريضة وأن كانت وضيعة الحب.
570
ويرجع في جنس المأدوم والملبوس، إلى عادة أمثالها من أهل البلد. وكذا في
المسكن. ولها المطالبة بالتفرد بالمسكن. عن مشارك غير الزوج (528).
ولا بد في الكسوة من زيادة في الشتاء للتدثر، كالمحشوة لليقظة واللحاف للنوم.
ويرجع في جنسها إلى عادة أمثال المرأة. وتزاد إذا كانت من أهل التجمل، زيادة على ثياب
البذلة (529)، بما يتجمل أمثالها به.
وأما اللواحق: فمسائل:
الأولى: لو قالت: أنا أخدم نفسي، ولي نفقة الخادم، لم يجب إجابتها (530). ولو
بادرت بالخدمة، من غير إذن، لم تكن لها المطالبة.
الثانية: الزوجة تملك نفقة يومها مع التمكين. فلو منعها وانقضى اليوم، استقرت
نفقة ذلك اليوم (531)، وكذا نفقة الأيام، وإن لم يقدرها الحاكم، ولم يحكم بها. ولو دفع
لها نفقة لمدة، وانقضت تلك المدة ممكنة فقد ملكت النفقة. ولو استفضلت منها، أو أنفقت
على نفسها من غيرها كانت ملكا لها. ولو دفع إليها كسوة لمدة، جرت العادة ببقائها إليها
صح (532). ولو أخلقتها قبل المدة، لم يجب عليه بدلها. ولو انقضت المدة، والكسوة
باقية، طالبته بكسوة لما يستقبل. ولو سلم إليها نفقة لمدة، ثم طلقها قبل انقضائها،
استعاد نفقة الزمان المتخلف، إلا نصيب يوم الطلاق وأما الكسوة فله استعادتها، ما لم
تنقض المدة المضروبة لها.
الثالثة: إذا دخل بها، واستمرت تأكل معه وتشرب على العادة، لم تكن لها مطالبته
بمدة مؤاكلته. ولو تزوجها ولم يدخل بها وانقضت مدة لم تطالبه بنفقة، لم تجب لها النفقة،
على القول بأن التمكين موجب للنفقة أو شرط فيها، إذ لا وثوق لحصول التمكين لو طلبه.



(528) يعني: التفرد بالحجرة، أو بالدار، وقيده الجواهر وغيره: بأن يكون ذلك من شأنها وهو حسن (كالمحشفة) أي: الملابس التي لها حشو وطبقات،
وتسمى في عصرنا (بالمبطن).
(529) أي: الثياب العادية التي تلبس في البيت أو عند من لا تحتشم منه.
(530) بل كان الخيار للزوج في أن يقبل منها ذلك، أو أن يأتيها بمن يخدمها، أو يخدم هو بنفسه.
(531) يعني: صارت دينا بذمة الزوج (وإن لم يقدرها الحاكم) أي: لم يعين مقدارها، فإنه لا يحتاج، إلى تعيين الحاكم (ولو استفضلت) أي: ضيقت على
نفسها لتوفر من المال.
(532) كثياب تصلح لستة أشهر مثلا (ولو أخلقتها) أي: جعلتها عتيقة ممزقة.
571
تفريع على التمكين: لو كان غائبا، فحضرت عند الحاكم، وبذلت التمكين (533)،
لم تجب النفقة إلا بعد إعلامه، ووصوله أو وكيله، وتسلمها. ولو أعلم، فلم يبادر ولم
ينفذ وكيلا، سقط عنه قدر وصوله (534)، وألزم بما زاد. ولو نشزت، وعادت إلى
الطاعة، لم تجب النفقة حتى يعلم، وينقضي زمان يمكنه الوصول إليها أو وكيله (535). ولو
ارتدت سقطت النفقة. ولو عادت فأسلمت، عادت نفقتها عند إسلامها، لأن الردة سبب
السقوط وقد زالت. وليس كذلك الأولى (436) لأن النشوز خرجت عن قبضه، فلا تستحق
النفقة إلا بعودها إلى قبضه.
الرابعة: إذا ادعت البائن أنها حامل، صرفت إليها النفقة يوما فيوما، فإن تبين
الحمل وإلا استعيدت. ولا ينفق على بائن غير المطلقة الحامل. وقال الشيخ رحمه الله:
ينفق (537)، لأن النفقة للولد.
فرع: على قوله: إذا لا عنها فبانت منه وهي حامل فلا نفقة لها لانتفاء الولد وكذا لو
طلقها، ثم ظهر بها حمل فأنكره ولا عنها. ولو أكذب نفسه بعد اللعان واستلحقه، لزمه
الإنفاق لأنه من حقوق الولد.
الخامسة: قال الشيخ رحمه الله: نفقة زوجة المملوك تتعلق برقبته (538)، إن لم يكن
مكتسبا، ويباع منه في كل يوم بقدر ما يجب عليه. وقال آخرون: يجب في كسبه. ولو
قيل: يلزم السيد، لوقوع العقد بإذنه كان حسنا. وقال رحمه الله: ولو كان مكاتبا، لم
يجب نفقة ولده من زوجته، ويلزمه نفقة الولد من أمته (539)، لأنه ماله. ولو تحرر منه
شئ، كانت نفقته في ماله، بقدر ما تحرر منه.



(533) أي: أخبرت الحاكم بأنها مستعدة للتمكين لزوجها (إعلامه) أي: إخبار الزوج (ووصوله) أي الزوج إلى الزوجة (أو) وصول (وكيله) إلى الزوجة
لينقلها إليه مثلا (وتسلمها) أي: تسلم الزوج أو وكيل الزوج الزوجة.
(534) مثلا: في شهر رجب أعلم الزوج بتمكين زوجته فلم يأتيها، وكان وصل الزوج إليها يستغرق شهرا، فليس عليه نفقة هذا الشهر، وإما الزائد على
الشهر فعليه نفقتها.
(535) فيما لو لم يقدر الزوج الوصول بنفسه، أو لم يرد المجئ بنفسه.
(536) وهي التي نشزت وغابت عن الزوج حين النشوز (إلا بعودها إلى قبضته) والمرتدة لم تخرج عن قبضة الزوج، وإنما حرم شرعا وطئها.
(537) أي: قال ينفق على الحامل مطلقا ولو لم تكن مطلقة كالموطوءة شبهة، (فرع على قوله) أي: بناءا على قول الشيخ رحمه الله من أن النفقة للولد (إذا لا
عنها) بنفي الولد (لانتفاء الولد) يعني: لأن الولد ليس ولدا له (لأنه) أي: الأنفاق (من حقوق الولد) وقد ثبت الولد برجوعه عن اللعان.
(538) يعني: تكون من عين العبد، لا على المولى، ولا في ذمة العبد (يجب في كسبه) وفي بعض النسخ كنسخة الجواهر وغيرها (في ذمته) فلا يباع منه شئ،
بل يصير دينا ويتراكم حتى إذا انعتق وجب عليه أداؤه.
(539) يعني: لو كانت زوجة المكاتب أمة للمولى وجب على المولى نفقة ولدها، ولو لم تكن أمته فلا تجب نفقته (ولو تحرر منه) من العبد المكاتب (شئ) كما لو
تحرر نصفه، فيتحرر من الولد نصفه، فعل المولد نصفها، نفقة ولده، لأن نصفه له.
572
السادسة: إذا طلق الحامل رجعية (540)، فادعت أن الطلاق بعد الوضع وأنكر،
فالقول قولها مع يمينها. ويحكم عليه بالبينونة تديينا له بإقراره، ولها النفقة استصحابا لدوام
الزوجية.
السابعة: إذا كان له على زوجته دين، جاز أن يقاضيها يوما فيوما إن كانت
موسرة (541)، ولا يجوز مع إعسارها، لأن قضاء الدين فيما يفضل عن القوت، ولو رضيت
بذلك لم يكن له الامتناع.
الثامنة: نفقة الزوجة مقدمة على الأقارب، فما فضل عن قوته صرفه إليها، ثم لا
يدفع إلى الأقارب إلا ما يفضل عن واجب نفقة الزوجة، لأنها نفقة معاوضة (542)، وتثبت
في الذمة.
القول: في نفقة الأقارب والكلام: فيمن ينفق عليه، وكيفية الإنفاق،
واللواحق.
تجب النفقة: على الأبوين، والأولاد إجماعا. وفي وجوب الإنفاق على آباء الأبوين
وأمهاتهم تردد، أظهره الوجوب.
ولا تجب النفقة على غير العمودين من الأقارب،، كالأخوة والأعمام والأخوال وغيرهم،
لكن تستحب، وتتأكد في الوارث منهم (543).
ويشترط في وجوب الإنفاق الفقر (544). وهل يشترط العجز عن الاكتساب؟ الأظهر
اشتراطه، لأن النفقة معونة على سد الخلة. والمكتسب قادر، فهو كالغني. ولا عبرة
بنقصان الخلقة (545) ولا بنقصان الحكم، مع الفقر والعجز وتجب ولو كان فاسقا أو كافرا.



(540) أي: وهي رجعية بأن: كان الطلاق غير بائن مثلا لم يكن الطلاق الثالث ولا السادس، ولا التاسع، ولا الخلعي، ونحو ذلك (فادعت إن الطلاق بعد
الوضع) حتى تكون بعد في العدة فتكون لها النفقة (وأنكر) الزوج) بأن ادعى أن الطلاق قبل وضع الحمل حتى تكون قد خرجت بوضع الحمل عن
العدة فلا نفقة لها (فالقول قولها) لأصالة بقاء العدة (بالبينونة) فلا يجوز للرجل الرجوع إليها.
(541) يعني: إن كانت غنية تجد قوتها جاز للزوج أن لا يعطيها النفقة ويحسب عن كل يوم من الدين بمقدار نفقتها، فلو كان نفقتها كل يوم مثلا دينار أسقط من
دينها عن كل يوم.
(542) وعوضها تمكينها الزوج منها (وتثبت في الذمة) فلو لم يعط لزوجته النفقة صارت دينا بذمة الزوج، أما لو لم يعط نفقة الأقارب، لم تصر دينا بذمته.
(543) فلو كان له عم بحيث لو مات ورثه هذا العم، وكان العم فقيرا استحب بالتأكيد نفقته عليه.
(544) فالأب الفقير، والأم الفقيرة، والأولاد الفقراء هم الذين يجب الإنفاق عليهم، أما لو كانوا أغنياء فلا حتى ولو كان أكثر غنى منهم (سد الخلة) أي:
سد الحاجة والقادر على الكسب ليس محتاجا.
(545) كالعمي، والاقعاد، والعنن، ونحو ذلك (بنقصان الحكم) كالجنون، والصغر، ونحوهما خلافا لبعض العامة.
573
وتسقط إذا كان مملوكا، وتجب على المولى.
ويشترط في المنفق القدرة، فلو حصل له قدر كفايته، اقتصر على نفسه، فإن فضل
شئ فلزوجته، فإن فضل فللأبوين والأولاد.
ولا تقدير في النفقة، بل الواجب قدر الكفاية، من الإطعام والكسوة والمسكن، وما
يحتاج إليه من زيادة الكسوة في الشتاء، للتدثر يقظة ونوما.
ولا يجب إعفاف من تجب النفقة له (546)، وينفق على أبيه دون أولاده، لأنهم أخوة
المنفق. وينفق على ولده وأولاده، لأنهم أولاد.
ولا يقضي نفقة الأقارب، لأنها مؤاساة لسد الخلة، فلا يستقر في الذمة، ولو قدرها
الحاكم. نعم، لو أمره بالاستدانة عليه فاستدان، وجب القضاء له.
وتشتمل اللواحق على مسائل:
الأولى: تجب نفقة الولد على أبيه، ومع عدمه أو فقره، فعلى أب الأب وإن علا لأنه
أب، ولو عدمت الآباء، فعلى أم الولد. ومع عدمها أو فقرها فعلى أبيها وأمها وإن
علوا، الأقرب فالأقرب (547). ومع التساوي يشتركون في الإنفاق.
الثانية: إذا كان له أبوان، وفضل له ما يكفي أحدهما، كانا فيه سواء (548). وكذا
لو كان ابنا وأبا. ولو كانا أبا وجدا أو أما وجدة خص به الأقرب.
الثالثة: لو كان له أب وجد موسران، فنفقته على أبيه دون جده. ولو كان له أب
وابن موسران، كانت نفقته عليهما بالسوية (549).
الرابعة: إذا دافع (550) بالنفقة الواجبة، أجبره الحاكم، فإن امتنع حبسه.
وإن كان له مال ظاهر، جاز أن يأخذ من ماله ما يصرف في النفقة. ولو كان له



(546) الاعفاف هو تزويج من تجب نفقته ذكرا أو أنثى أو إعطاء المهر أو تمليك أمة أو تحليلها. (لسد الخلة): أي: سد الحاجة (ولو قدرها) أي: حتى ولو
عين مقدار النفقة (لو أمره) أي: أمر الحاكم الوالد - مثلا - بالاستدانة على ذمة ولده (وجب) على الولد (القضاء له) للدين.
(547) يعني: كلما كان الأقرب موجودا وقادرا على الإنفاق فلا تجب على الأبعد (ومع التساوي) كأب الأم وأمها فأنهما متساويان في وجوب الإنفاق على أولاد
ابنتهم الفقراء.
(548) الزائد فينصف الزائد ويقسمه بينهما (خص به الأقرب) وهو الأب والأم.
(549) نصفها على أبيه ونصفها على ابنه.
(550) أي: امتنع (مال ظاهر) مثلا: دنانير في البنوك (عروض) كتجارات (أو عقار) أراض (ومتاع، كفرش زائدة، أو أواني زائدة ونحو ذلك.
574
عروض أو عقار أو متاع، جاز بيعه، لأن النفقة حق كالدين.
القول: في نفقة المملوك تجب النفقة على ما يملكه الإنسان، من رقيق (551) وبهيمة.
أما العبد والأمة فمولاهما بالخيار في الإنفاق عليهما، من خاصته أو من كسبهما. ولا تقدير
لنفقتهما، بل الواجب بقدر الكفاية من إطعام وأدام وكسوة.
ويرجع في جنس ذلك كله، إلى عادة مماليك أمثال السيد من أهل بلده (552)، ولو
امتنع عن الإنفاق، أجبر على بيعه أو الإنفاق. ويستوي في ذلك القن والمدبر وأم الولد.
ويجوز أن يخارج المملوك (554)، بأن يضرب عليه ضريبة، ويجعل الفاضل له إذا
رضي، فإن فضل قدر كفايته وكله إليه، وإلا كان على المولى التمام، ولا يجوز أن يضرب
عليه (553) ما يقصر كسبه عنه، ولا ما لا يفضل معه قدر نفقته، إلا إذا قام بها المولى.
وأما نفقة البهائم المملوكة فواجبة، سواء كانت مأكولة أو لم تكن (555) والواجب القيام
بما يحتاج إليه، فإن اجتزأت بالرعي وإلا علفها. فإن امتنع أجبر على بيعها، أو ذبحها إن
كانت تقصد بالذبح، أو الإنفاق. وإن كان لها ولد، وفر عليه من لبنها قدر كفايته. ولو
اجتزأ بغيره، من رعي أو علف، جاز أخذ اللبن.



(551) رقيق: العبيد والأماء، (البهيمة) هي الحيوانات التي لها قيمة كالإبل والبقر والغنم والدجاج والعصافير ونحو ذلك (أو من كسبهما) بأن يأمرهما
بالاكتساب وأخذ النفقة من كسبهما.
(552) فعبيد الكاسب يختلف عن عبيد التاجر، والملك والوزير ونحوهم (القن) هو العبد أو الأمة المحض الخالص غير المتشبث بالحرية (والمدبر) هو العبد
أو الأمة الذي قال له المولى (أنت حر بعد وفاتي) (وأم الولد) هي الأمة التي وطأها المولى وصارت ذا ولد منه.
(553) أي: يقول المولى لعبده أو أمته اعمل في التجارة، وأعطني كل سنة كذا، أو كل شهر أو كل أسبوع، أو كل يوم والباقي لك، (قدر كفايته) للأكل
واللباس والمسكن ونحو ذلك (وإلا كان على المولى التمام) مثلا جعل عليه كل شهر مئة دينار. وكانت نفقته كل شهر عشرة دنانير فاكتسب مئة
وخمسة دنانير، كانت الخمسة الباقية على المولى.
(554) أي: يعين عليه، مثلا يعين كل شهر ألف وهو لا يستطيع من ألف.
(555) غير مأكولة ككلب الصيد، والهرة، البازي (فإن امتنع) عن إعلافها (إن كانت تقصد بالذبح) أي: المقصود منها الذبح كالحيوانات المحللة (أو
الإنفاق) أي إعطاؤها لأحد صدقة، أو هدية (وفر عليه) أي: على الولد.
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)
575
/ 1