بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: تحرير الأحكام المؤلف: العلامة الحلي الجزء: 5 الوفاة: 726 المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري / إشراف : جعفر السبحاني الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1422 المطبعة: اعتماد - قم الناشر: مؤسسة الإمام الصادق (ع) ردمك: 964-357-018-5 ملاحظات: توزيع : مكتبة التوحيد - قم - إيران إشراف العلامة المحقق جعفر السبحاني تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية موسوعة فقهية كاملة مشحونة بالتخريج والتفريع للإمام جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر المعروف بالعلامة الحلي (648 - 726 ه) الجزء الخامس تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري
1 فهرست نويسى پيش از انتشار توسط: موسسه تعليماتى وتحقيقاتى امام صادق (عليه السلام) علامه حلى، حسن بن يوسف، 648 - 726 ق. تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية / جمال الدين أبى منصور الحسن بن يوسف بن المطهر المعروف بالعلامة الحلي; اشراف جعفر السبحاني; تحقيق إبراهيم البهادري. - قم: موسسه الإمام الصادق (عليه السلام)، 1422 ق. = 1380 ج. فهرستنويسى بر أساس اطلاعات فيپا. بها: 30000 ريال (ج. 5); بهاى هر جلد متفاوت. كتابنامه به صورت زيرنويس. ISBN: 964 - 357 - 018 - 5 (ج. 5). 1 - فقه جعفري - - قرن 8 ق. الف. سبحانى تبريزي، جعفر، 1308 -. ب. بهادرى، إبراهيم، 1325 -، محقق. ج. موسسه الإمام الصادق (عليه السلام). د. عنوان. 3 ت 8 ع / 8 / 158 BP 342 / 297 اسم الكتاب:... تحرير الأحكام الشرعية / الجزء الخامس المؤلف:... العلامة الحلي إشراف:... آية الله جعفر السبحاني المحقق:... الشيخ إبراهيم البهادري الطبعة:... الأولى - 1422 ه المطبعة:... اعتماد - قم الكمية:... 1500 نسخة الناشر:... مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) حقوق الطبع محفوظة للمحقق توزيع مكتبة التوحيد إيران - قم; ساحة الشهداء 7745547 - 2925152 info @ imamsadeq. org: البريد الإلكتروني http: / / www. imamsadeq. org (net, com): العنوان في شبكة المعلومات
1. المقريزي: الخطط: 2 / 344. 2 بسم الله الرحمن الرحيم (وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) التوبة: 122
3 كلمة المشرف بسم الله الرحمن الرحيم الآن أنجزت الآمال ما وعدت الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأفضل خليقته محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. أما بعد، فغير خفي على الفقيه البارع ان لعلمائنا الإمامية كتبا فقهية، وهي بين مسهبة ومقتضبة ومتوسطة، وقد ألف كل، لغاية خاصة، وممن سبق إلى التأليف وفق هذه الأنماط الثلاثة هو الإمام الهمام علامة العلماء وأستاذ الفقهاء جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر (648 - 726) فقد ألف موسوعتين فقهيتين كبيرتين، هما: «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» و «تذكرة الفقهاء» وبلغ الغاية فيهما نقل الأقوال والاستدلال عليها وترجيح المختار. كما ألف كتابه «قواعد الأحكام» وهو دورة فقهية كاملة بين التبسيط والاقتضاب. وألف رسائل مختصرة في الفقه ك «إرشاد الأذهان» و «تبصرة المتعلمين». وقد نالت كتبه شهرة واسعة لا سيما في الأوساط العلمية، غير ان
1 الذي دعانا إلى كتابة هذه السطور هو التعريف بكتابه الماثل بين يديك أعني «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية» الذي يتمتع بميزة خاصة وهي العناية الوافرة بالتفريع والتخريج بنحو قل نظيره، كل هذا في عصر راج فيه التخريج وفق المذاهب الأربعة، فإن الاجتهاد وإن أقفل في أواسط القرن السابع (1) إلا ان التفريع وفق المذاهب كان شائعا قبل الأقفال وبعده، وقد ألف غير واحد من علماء الفريقين كتبا في هذا المضمار نذكر منها ما يلي: 1. «المغني» لعبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي (541 - 620) وقد أسهب فيه الكلام في الفقه المقارن حسب المذاهب الأربعة ورجح رأي الحنابلة. 2. «العزيز شرح الوجيز» المعروف بالشرح الكبير تأليف عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي القزويني الشافعي (المتوفى سنة 623 ه) مع ترجيح رأي إمامه. كلمة المشرف 3. «المجموع» لأبي زكريا محيي الدين المعروف بالنووي (631 - 676) وهو شرح لكتاب المهذب لأبي إسحاق الشيرازي (396 - 476). وهذه الكتب مشحونة بالتخريج والتفريع على مذاهب أئمتهم ولذلك أطلق على القرنين: السادس والسابع عصرا التخريج والتفريع. وقد شاطر علماؤنا الإمامية فقهاء السنة في تأليف كتب تفريعية مع فارق خاص وهو ان باب الاجتهاد كان مفتوحا عند الإمامية ولم يكن مبنيا على فقه إمام خاص بخلاف تفريعاتهم فإنها لا تتعدى عن مذهب إمام معين.
1. المقريزي: الخطط: 2 / 344. 2 ومن الكتب التفريعية التي صنفها علمائنا الإمامية في القرنين السادس والسابع. 1. «السرائر» لمحمد بن إدريس الحلي (543 - 598). 2. «شرائع الإسلام» تأليف نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي المعروف بالمحقق الحلي (602 - 676) وكتابه هذا أفضل ما ألف في الفقه الإمامي بلغة واضحة، فهو من أحسن المتون ترتيبا وأجمعها للفروع، كما ان كتابه الآخر «المعتبر في شرح المختصر» كتاب رائع يعد من أنفس الكتب الفقهية الاستدلالية وكان السيد المحقق البروجردي (1292 - 1380) يذكر هذا الكتاب في دروسه الشريفة باجلال وإكبار ويقول: لم يؤلف على غراره تأليف. 3. «بشرى المحققين» تأليف أحمد بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت 673 ه) في ستة أجزاء. 4. «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية» تأليف العلامة الحلي الطائر الصيت وهذا الكتاب من أجمع الكتب الفقهية للفروع عند الشيعة الإمامية، فقد خاض في عباب الفروع واستقى موادها من كتب الفريقين، وأبدى فيه رأي الإمامية حسب موازين فقههم. وقد مر في تقديمنا على الكتاب في الجزء الأول ان شيخنا المجيز آقا بزرگ الطهراني (1293 - 1389) حكى عن بعضهم انه أحصيت مسائله فبلغت أربعين ألف مسألة. (1)
1. الذريعة: 3 / 378. 3 والحق ان مسائله الرئيسية أقل من هذا، ولكن الفروع المندرجة تحت كل مسألة ربما تناهز ما ذكره شيخنا المجيز. وقد استمد في جمع الفروع وتحليلها من كتاب «المبسوط» للشيخ الطوسي (ت 460) و «المهذب» لابن البراج (ت 481) و «السرائر» لابن إدريس الحلي وغيرها، فعاد الكتاب موسوعة فقهية تفريعية قل نظيرها وقد طبع في سالف الزمان طبعة حجرية رديئة. وها نحن نزف البشرى إلى فقهائنا وفقهاء الإسلام بأن هذا التراث القيم طبع أخيرا في خمسة أجزاء بحلة قشيبة محققا مصححا لا ترى فيه زيغا ولا عوجا مقرونا بالتخريج والتوضيح والتحقيق فيما يحتاج إليه. ولا غرو فإن محقق هذا الكتاب هو الفاضل الحجة الشيخ إبراهيم البهادري المراغي دامت إفاضاته فقد كرس حياته الغالية لإحياء التراث الإسلامي وقد قام بتحقيق وتخريج غير واحد من الكتب. ونحن بدورنا نتقدم إليه بالشكر ونرجو له مزيدا من التوفيق والعطاء. حرره في قم المقدسة جعفر السبحاني في 20 جمادي الأخرى يوم ميلاد فاطمة الزهراء (عليها السلام) من شهور عام 1422 ه
4 كتاب الميراث وفيه مقاصد
5 في أسباب الميراث [المقصد] الأول: في أسبابه وفيه ثلاثة مباحث: 6270. الأول: كان التوارث في ابتداء الإسلام بالحلف، فكان الرجل يقول للرجل: دمي دمك، وذمتي ذمتك، ومالي مالك، تنصرني وأنصرك، وترثني وأرثك، فيتعاقدان الحلف بينهما على ذلك، فيتوارثان به دون القرابة، وذلك قوله تعالى: (والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) (1). ثم نسخ وصار التوارث بالإسلام والهجرة، فإذا كان للمسلم ولد لم يهاجر ورثه المهاجرون دونه، وذلك قوله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) (2). ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (3) وأنزل الله تعالى آيات التوارث. 6271. الثاني: إنما يثبت الميراث بأمرين: نسب وسبب، ومراتب النسب ثلاث: الأولى: الأبوان والأولاد وإن نزلوا.
1. النساء: 33. 2. الأنفال: 72. 3. الأنفال: 75. 7 الثانية: الإخوة وأولادهم والأجداد وإن علوا. الثالثة: الأخوال والأعمام. والسبب إما بالزوجية وإما بالولاء، ومراتب الولاء ثلاث: ولاء العتق، وضامن الجريرة، والإمام. 6272. الثالث: لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب، بل الفاضل عن ذوي الفروض لمساويهم إذا لم يكن له فرض بالقرابة كأبوين وزوج، للزوج النصف، وللأم الثلث والباقي للأب. ولو فقد المساوي لم يعط الأبعد، بل رد الفاضل على ذوي الفروض عدا الزوج والزوجة، فإنه لا يرد عليهما إلا على ما يأتي، كأبوين وبنت وأخ، للبنت النصف، ولكل من الأبوين السدس، والباقي يرد عليهما وعلى البنت بالنسبة، ولا شئ للأخ.
8 المقصد الثاني: في ميراث الأنساب وفيه مطالب: [المطلب] الأول: في مقادير السهام وفيه أربعة مباحث: 6273. الأول: السهام ستة: النصف، ونصفه وهو الربع، ونصف نصفه وهو الثمن، والثلثان، ونصفه وهو الثلث، ونصف نصفه وهو السدس. فالنصف لأربعة: سهم البنت، والأخت للأبوين، أو للأب، والزوج مع عدم الولد. والربع لاثنين: سهم الزوج مع الولد، والزوجة مع عدمه. والثلثان لاثنين: البنتان فصاعدا، والأختان فصاعدا للأبوين أو للأب. والثلث لاثنين: الأم مع عدم الحاجب، ولما زاد على الواحد من ولد الأم.
9 والسدس لثلاثة: للأب مع الولد وللأم معه، أو مع الإخوة، وللواحد من ولد الأم. 6274. الثاني: يصح اجتماع النصف مع مثله، كزوج وأخت لأبوين، ومع الربع، كبنت وزوج، أو أخت لهما (1) وزوجة، ومع الثمن كزوجة وبنت، ومع الثلث، كزوج وأخوين للأم، ومع السدس، كبنت وأبوين. ويصح اجتماع الربع مع الثلثين، كزوج وبنتين، أو زوجة وأختين للأبوين، ومع الثلث، كزوجة وأخوين للأم، ومع السدس، كزوج وأبوين وبنت، أو زوجة وأخ من الأم وإخوة من الأبوين. ويصح اجتماع الثمن مع الثلثين، كزوجة وبنتين، ومع السدس، كزوجة وأبوين وولد. ولا يجتمع النصف والثلثان لبطلان العول، بل يدخل النقص على الأختين، ولا يجتمع الربع والثمن مع الثلث، ولا الثلث مع السدس تسمية. (2) 6275. الثالث: العول (3) باطل عندنا، لامتناع أن يجعل الله تعالى في مال ما لا يفي به، وإنما يحصل بمزاحمة الزوج أو الزوجة، فيدخل النقص على البنت أو البنات أو الأب أو الأخت من قبله، (4) أو من قبل الأبوين، أو على
1. أي الأبوين. 2. أي بالفرض والتقدير وإن أمكن اجتماعهما بالقرابة كالثلث مع السدس، إذا كان الوارث زوجا وأما بلا حاجب وأبا، فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللأب السدس بالقرابة لا بالفرض. 3. العول عبارة عن قصور التركة عن سهام ذوي الفروض وهو ضد التعصيب. مجمع البحرين. 4. أي قبل الأب. 10 الأخوات كذلك (1) دون الزوج والزوجة، ودون الأم ومن يتقرب بها. 6276. الرابع: مخرج النصف من اثنين، ونصفه أربعة، ونصف نصفه من ثمانية، ومخرج الثلثين ونصفه من ثلاثة، ومخرج نصف نصفه من ستة. (2) ولو اجتمعت سهام فاجعل المخرج لأقل المتداخلين (3)، كالنصف والثمن، فالمخرج ثمانية. ولو كانا غير متداخلين، فخذ أقل عدد يخرجان منه، كالثلث والربع من اثني عشر، والثمن والثلث من أربعة وعشرين. المطلب الثاني: في ميراث الأبوين والأولاد وفيه أحد عشر بحثا: 6277. الأول: الأب إن انفرد أخذ المال، وكذا الأم لكن الثلث لها بالتسمية والباقي بالرد، ولو اجتمعا فللأم الثلث وللأب الباقي. ولو كان معها إخوة حجبوا الأم عن الثلث إلى السدس، وكان الباقي للأب بشروط خمسة:
1. أي من قبل الأب أو الأبوين. 2. أي إذا كان في الورثة ذو فرض واحد فالمال يقسم ابتداء على مخرج فرضه، كما إذا كان في الفريضة نصف لا غير كزوج مع المرتبة الثانية، فأصل الفريضة اثنان. 3. التداخل كون العدد الأكبر من مضاعفات العدد الأصغر كالستة والثلاثة، فالمخرج المشترك بين الثلث والسدس، الستة لأن السدس أقل من الثلث، وهكذا. 11 العدد، وهو أن يكونوا ذكرين، أو ذكرا وامرأتين، أو أربع نساء، فلو كانوا أقل من ذلك لم يحجبوا. وانتفاء موانع الإرث، أعني: الكفر والقتل والرق. ووجود الأب. وانفصالهم، فلا يحجب الحمل. وأن يتقربوا بالأبوين أو بالأب، فلو كانوا من قبل الأم فلا حجب، ولا يحجب أولاد الإخوة وإن تعددوا، ولا من الخناثى أقل من أربعة. 6278. الثاني: الابن إذا انفرد فله المال، فلو كان اثنين فصاعدا فكذلك بينهم بالسوية. وللبنت المنفردة النصف والباقي رد عليها، وللبنتين فصاعدا إذا انفردن الثلثان، والباقي لهما أولهن بالرد. ولو اجتمع البنون والبنات فللذكر ضعف الأنثى. 6279. الثالث: للأب مع الابن السدس، والباقي للابن، وكذا الأم، ولو اجتمعا معه فلهما السدسان والباقي للابن، ولو كانا مع الأبناء فلهما السدسان، والباقي للأبناء بالسوية. وللأب مع البنت السدس، وللبنت النصف، والباقي يرد عليهما أرباعا، وكذا الأم معها. (1)
1. صورة المسألة هكذا: للبنت 1 / 2 وللأب 1 / 6. 1 / 2 + 1 / 6 = 3 + 1 / 6 = 4 / 6 والباقي 2 / 6، فيقسم الباقي على نسبة سهامهم وهي أربعة فتضرب في أصل الفريضة وهي الستة تحصل أربعة وعشرون فللبنت 12 / 24 وللأب 4 / 24 والباقي 8 / 24 يعطى للبنت ستة وللأب اثنان. فيصير سهم الأب 6 / 24 = 1 / 4 وسهم البنت 18 / 24 = 3 / 4. 12 ولو اجتمعا مع البنت فلهما السدسان، وللبنت النصف، والباقي يرد عليهم أخماسا، (1) إلا مع الإخوة الحاجبين فيختص الرد بالأب والبنت أرباعا. ولكل من الأبوين مع البنتين فصاعدا السدس، وللبنتين فصاعدا الثلثان بالسوية. ولأحدهما مع البنتين فصاعدا السدس، وللبنتين فصاعدا الثلثان بالسوية، والباقي يرد على أحد الأبوين وعلى البنتين أو البنات أخماسا. (2) ولو اجتمع الأولاد الذكور والإناث مع أحد الأبوين أو معهما، فلكل واحد من الأبوين السدس والباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين. 6280. الرابع: لو اجتمع أحد الأبوين مع الزوج أو الزوجة، فللزوج أو
1. صورة المسألة هكذا: للبنت 1 / 2 وللأب 1 / 6 وللأم 1 / 6. 1 / 2 + 1 / 6 + 1 / 6 = 3 + 1 + 1 / 6 = 5 / 6 والباقي 1 / 6 يقسم على نسبة سهامهم وهي خمسة، فتضرب في أصل الفريضة تحصل ثلاثون، للبنت 15 / 30 وللأب 5 / 30 وللأم 5 / 30 والباقي 5 / 30 يعطى للبنت 3 / 30 وللأب 1 / 30 وللأم 1 / 30 فيصير سهم الأب 6 / 30 = 1 / 5 وسهم الأم 6 / 30 = 1 / 5 وسهم البنت 18 / 30 = 3 / 5. 2. صورة المسألة هكذا: للأب 1 / 6 وللبنتين 2 / 3 1 / 6 + 2 / 3 = 1 + 4 / 6 = 5 / 6 والباقي 1 / 6 يقسم على نسبة سهامهم وهي خمسة، فتضرب الخمسة في الستة تحصل ثلاثون للأب 5 / 30، وللبنتين 20 / 30، والباقي 5 / 30، يعطى للأب 1 / 30 وللبنتين 4 / 30. فيصير سهم الأب 6 / 30 = 1 / 5 وسهم البنتين 24 / 30 = 4 / 5. 13 الزوجة نصيبهما الأعلى، والباقي لأحد الأبوين، فإن كان أما فلها الثلث والباقي بالرد. ولو اجتمع الأبوان وأحد الزوجين، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى، وللأم ثلث الأصل مع عدم الإخوة، والسدس معهم، والباقي على التقديرين للأب. ولو كان معهم ولد ذكر فلكل واحد من الأبوين السدس، ولأحد الزوجين نصيبه الأدنى، والباقي للولد الذكر إن كان واحدا، وإن كان أكثر فلهما بالسوية. ولو كان عوض الذكر أنثى فلكل من الأبوين السدس، وللبنت النصف، ولأحد الزوجين (1) نصيبه الأدنى، والباقي يرد على البنت والأبوين أخماسا، ومع الإخوة يرد على البنت والأب أرباعا. ولو اجتمع الأبوان وأحد الزوجين مع البنتين فصاعدا، فللأبوين
1. هكذا كان في النسختين ولكن الأصح: وللزوجة نصيبها الأدنى فإن الرد يتحقق بوجود الأبوين والبنت والزوجة، للأبوين 2 / 6، والبنت 1 / 2 والزوجة 1 / 8، مجموعها 2 / 6 + 1 / 2 + 1 / 8 = 8 + 12 + 3 / 24 = 23 / 24 والباقي 1 / 24، يرد على البنت والأبوين أخماسا مع عدم الحاجب للأم، فتضرب الخمسة في أصل الفريضة يصير مائة وعشرين، للأب 20 / 120 وللأم 20 / 120 وللبنت 60 / 120 وللزوجة 15 / 120 والباقي 5 / 120 يعطى للأب 1 / 120 وللأم 1 / 120 وللبنت 3 / 120. ولو كان بدل الزوجة الزوج، يحصل العول لأن سهم الأبوين سدسان وسهم البنت النصف وسهم الزوج الربع 2 / 6 + 1 / 2 + 1 / 4 = 4 + 6 + 3 / 12 = 13 / 12 فيدخل النقص على البنت وبه صرح في السطور الآتية فسهم الأب 2 / 12 وسهم الأم 2 / 12 وسهم الزوج 3 / 12 والباقي 5 / 12 للبنت. 14 السدسان، ولأحد الزوجين نصيبه الأدنى، والباقي للبنتين فصاعدا، ودخل النقص على البنات خاصة. (1) وكذا يدخل النقص على البنت مع الزوج والأبوين. ولو اجتمع أحد الزوجين والأبوان والأولاد الذكور والإناث، فلأحد الزوجين نصيبه (2) الأدنى، ولكل من الأبوين السدس، والباقي للأولاد للذكر ضعف الأنثى. 6281. الخامس: أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الأبوين، وفي حجبهما عن أعلى السهمين إلى أدناهما. وشرط ابن بابويه (رحمه الله) في توريثهم عدم الأبوين، وأخذ على الفضل بن شاذان في قوله بمثل ما قلناه. (3) ولا يرث أحد من أولاد الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا مع وجود الولد للصلب ذكرا كان أو أنثى، ويمنعون كل من يمنعه الأولاد من الأجداد والإخوة وغيرهم،
1. للأب 1 / 6 وللأم 1 / 6 وللزوج 1 / 4 وللبنات 2 / 3، يحصل العول 1 / 6 + 1 / 6 + 1 / 4 + 2 / 3 = 2 + 2 + 3 + 8 / 12 = 15 / 12. فيرث الأب 2 / 12، والأم 2 / 12 والزوج 3 / 12 ويدخل النقص على البنات فيصير سهمهن 5 / 12، وأما لو كان أحد الزوجين الزوجة فللأب 1 / 6 وللأم 1 / 6 وللزوجة 1 / 8 وللبنات 2 / 3، فيحصل العول أيضا 1 / 6 + 1 / 6 + 1 / 8 + 2 / 3 = 4 + 4 + 3 + 16 / 24 = 27 / 24 فيرث الأب 4 / 24 والأم 4 / 24 والزوجة 3 / 24 ويدخل النقص على البنات فيصير سهمهن 13 / 24. 2. في «أ»: نصيبهما. 3. الفقيه: 4 / 196 - 197 ذيل الحديث 673، ولاحظ الكافي: 7 / 88 ذيل الحديث 4. 15 ويرث معهم الزوج والزوجة نصيبهما الأدنى ويترتبون الأقرب فالأقرب، فلا يرث البعيد من الميت مع القريب منه. 6282. السادس: اختلف علماؤنا في كيفية القسمة بينهم، فالمشهور أن كل واحد منهم يأخذ نصيب من يتقرب به، فلابن البنت الثلث مع بنت الابن، ولبنت الابن الباقي. ولو خلف ابن بنت لا غير، فله النصف نصيب أمه والباقي يرد عليه، ولو شاركه الأبوان نزل معهما منزلة أمه في النصيب والرد. ولو خلف بنت ابن لا غير فلها المال، ولو شاركها الأبوان فلهما السدسان وللبنت الباقي. ولو اجتمع أولاد الابن وأولاد البنت، فلأولاد الابن الثلثان بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد البنت الثلث كذلك، وقيل بالتساوي (1) وهو ضعيف. ولو خلف أولاد بنت مع الأبوين، فللأولاد النصف للذكر مثل حظ الأنثيين، وللأبوين السدسان، والباقي يرد على الأبوين وأولاد البنت أخماسا. ولو خلف أولاد بنتين فللأبوين السدسان وللأولاد الثلثان، ويأخذ كل أولاد بنت نصيب أمهم للذكر ضعف الأنثى على الأشهر، وذهب السيد المرتضى إلى أن أولاد الأولاد كآبائهم في القسمة، فلبنت الابن ثلث المال، ولابن البنت الثلثان لاطلاق الابن على ابن البنت، والبنت على بنت الابن
1. حكاه الشيخ في النهاية عن بعض الأصحاب، لاحظ النهاية: 634، واختاره القاضي في المهذب: 2 / 133. 16 حقيقة (1) والأول هو الأقوى عندي، وهو اختيار الفضل (رحمه الله). (2) لكنه أفتى في بنت ابن وابن ابن بأن للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن قصد مع اتحاد أبويهما فجيد ولا مناقضة فيه، كما ألزم به، وإلا توجهت عليه المناقضة. 6283. السابع: يخص أكبر الأولاد الذكور من تركة أبيه بثياب جسده، وخاتمه ، وسيفه، ومصحفه، بشروط ثلاثة: أن لا يكون الولد سفيها، وأن لا يكون فاسد الاعتقاد، وأن يخلف الميت شيئا سوى هذه، فلو لم يخلف غيرها لم يخص بشئ، وعلى هذا الولد قضاء ما على أبيه من صلاة وصيام. ولو كان الأكبر أنثى لم يخص بشئ، وحبي الأكبر من الذكور. ولو تعددت هذه الأشياء، قال ابن إدريس: خص بما كان يعتاد لبسه ويديمه دون ما سواه (3) وفيه نظر. 6284. الثامن: هذه الأشياء لا تحتسب على الولد المخصوص بها من نصيبه، وتخصيصه بها واجب لا مستحب، وخالف السيد المرتضى (رحمه الله) في الأول فقال: يخص بها فيحتسب عليه بقيمته من سهمه، (4) وخالف أبو الصلاح في الثاني وقال: التخصيص مستحب لا واجب (5). 6285. التاسع: لا يرث الجد ولا الجدة مع الأولاد ولا أولادهم ولا مع
1. رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة: 257 - 266. 2. حكى عنه في الكافي: 7 / 88، ولاحظ السرائر: 3 / 239. 3. السرائر: 3 / 258. 4. الانتصار: 582، المسألة 316. 5. الكافي في الفقه: 371. 17 الأبوين، نعم يستحب للأبوين إطعام الجدين سدس الأصل بشرط (1) زيادة نصيب المطعم عن السدس، فلو خلف أبويه لا غير، وجده وجدته من قبل أبيه، وجده وجدته من قبل أمه، أطعم الأب الجدين من قبله سدس الأصل، وكذا الأم استحبابا لا وجوبا. ولو كان أحد الجدين لا غير اختص بالسدس كملا من مطعمه. ولو نقص (2) نصيب أحد الأبوين عن الزائد عن السدس لم يستحب الطعمة من قبله بل من قبل الآخر. فلو كان مع الأبوين والأجداد إخوة يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس، استحب للأب أن يطعم الجد أو الجدة أو هما من قبله سدس الأصل، ولم يستحب للأم ذلك. ولو كان مع الأبوين والأجداد زوج، استحب للأم إطعام الجد أو الجدة أو هما من قبلها سدس الأصل، وسقط أجداد الأب. 6286. العاشر: هذه الطعمة بالسوية بين الجد والجدة، سواء كانا من الأب أو من الأم. 6287. الحادي عشر: لا يطعم الجد للأب ولا الجدة له إلا مع وجود الأب ولا الجد للأم ولا الجدة لها إلا مع وجود الأم.
1. قد سقط من نسخة «ب» من قوله: «بشرط» إلى قوله: «سدس الأصل». 2. سقط من نسخة «ب» من قوله: «ولو نقص» إلى قوله: «إلى السدس». 18 المطلب الثالث: في ميراث الإخوة والأجداد وفيه سبعة عشر بحثا: 6288. الأول: هؤلاء إنما يرثون إذا أعدمت المرتبة الأولى. فلا يرث أحد من الإخوة ولا من الأجداد مع أحد الأبوين أو مع أحد الأولاد أو أولاد الأولاد، فإن لم يوجد أحد من الأبوين ولا من الأولاد ولا من أولاد الأولاد ورث الإخوة والأجداد ويتشاركون على ما يأتي. 6289. الثاني: الأخ للأب والأم إذا انفرد فله المال، ولو كان معه أخ أو إخوة تساووا فيه، وللأخت لهما النصف والباقي رد عليها. وللأختين لهما فما زاد الثلثان بينهما أو بينهن بالسوية والباقي رد عليهما أو عليهن، ولو اجتمع الإخوة والأخوات فللذكر مثل حظ الأنثيين. ولو فقد الإخوة والأخوات من الأبوين قام مقامهم الإخوة والأخوات من قبل الأب خاصة على التفصيل الذي قلناه، فللأخ المنفرد المال، وكذا للأخوين والإخوة بالسوية. وللأخت النصف والباقي رد عليها، وللأختين فصاعدا الثلثان بالسوية والباقي رد عليهما أو عليهن. ولا يرث أحد من الإخوة والأخوات من قبل الأب مع أحد من الإخوة والأخوات من قبل الأبوين، بل المتقرب بالسببين أولى، واحدا كان أو أكثر، ذكرا كان أو أنثى.
19 وللأخ من الأم المنفرد السدس والباقي له بالرد، وكذا للأخت، ولو اجتمع أخوان فما زاد أو أختان فما زاد، أو اجتمع الإخوة والأخوات من قبلها خاصة تساووا في الثلث، والباقي لهم بالرد ذكورا كانوا، أو إناثا، أو ذكورا وإناثا. ولو اجتمع الإخوة المتفرقون فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا ذكرا كان أو أنثى، والباقي للمتقرب بالأبوين واحدا كان أو أكثر، ذكرا كان أو أنثى، أو بالتفريق، للذكر ضعف الأنثى، لكن لو كان المتقرب بالأبوين أنثى كان لها النصف، وما زاد على سهام المتقرب بالأم لها بالرد، ولو كان اثنتين فما زاد فلهم الثلثان، والزائد بالرد. ولو كان المتقرب بالأم اثنين فما زاد فلهم الثلث بالسوية ذكورا كانوا أو إناثا أو بالتفريق، والباقي للمتقرب بالأبوين على ما فصلناه، وسقط المتقرب بالأب ذكرا كان أو أنثى، واحدا كان أو أكثر. 6290. الثالث: لو فقدت الكلالة من الأبوين، واجتمعت الكلالة من الأم مع الكلالة من الأب، فإن لم يكن فاضل فلا بحث، وإن فضل كأخت من أم مع أخت من أب، أو مع أختين منه، أو أختين من أم مع أخت من الأب، ففي الرد قولان: أحدهما: أنه مختص بالمتقرب بالأب (1) لدخول النقص عليه لو دخل الزوج أو الزوجة، ولقول الباقر (عليه السلام) في ابن أخت لأب مع ابن أخت لأم: إن لابن الأخت للأم السدس والباقي لابن الأخت للأب (2).
1. وهو خيرة الشيخ في النهاية: 638، والصدوق في الفقيه: 4 / 199، وابن البراج في المهذب: 2 / 136 والمفيد في المقنعة: 712. 2. الوسائل: 17 / 494 الباب 7 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد، الحديث 1. 20 والثاني: أنه يرد على الجميع بالنسبة (1) وهو الأقوى، والرواية في طريقها ابن فضال. 6291. الرابع: لو اجتمع الإخوة المتفرقون وأحد الزوجين، أخذ أحد الزوجين نصيبه الأعلى، والمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا أو الثلث إن كان أكثر، والباقي للمتقرب بالأبوين للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط المتقرب بالأب. ولو فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه على هيئته في القسمة. 6292. الخامس: للجد المنفرد المال، سواء كان لأب أو لأم، وكذا الجدة، ولو اجتمعا من طرف واحد فللذكر ضعف الأنثى إن كانا من قبل الأب، وإن كانا من قبل الأم تساويا. ولو اجتمع الأجداد الأربعة فللجد والجدة من قبل الأب الثلثان للذكر ضعف الأنثى، وللجد والجدة من قبل الأم الثلث بالسوية. ولو كان المتقرب بالأب واحدا وكذا المتقرب بالأم، فللمتقرب بالأم الثلث ذكرا كان أو أنثى، وللمتقرب بالأب الثلثان ذكرا كان أو أنثى. ونقل ابن إدريس عن بعض علمائنا (2) أن للواحد من [قبل] الأم جدا
1. ذهب إليه ابن إدريس في السرائر: 3 / 260، وحكاه المصنف عن ابن أبي عقيل وابن الجنيد في المختلف: 9 / 63. 2. هو الصدوق في المقنع على ما حكاه المصنف في المختلف: 9 / 43. 21 كان أو جدة السدس والباقي للمتقرب بالأب. (1) والمشهور الأول، وكذا لو تعدد الجد من قبل الأب واتحد الجد من قبل الأم وبالعكس، فإن للمتقرب بالأم الثلث اتحد أو تعدد. 6293. السادس: لو اجتمع الأجداد وأحد الزوجين أخذ أحد الزوجين نصيبه الأعلى، وللجد أو الجدة أو هما من قبل الأم الثلث والباقي للمتقرب بالأب. 6294. السابع: الأجداد والإخوة يمنعون من يتقرب بهم من الأعمام والأخوال وأولادهم، ويمنع الأجداد آباءهم وأجدادهم، ولا يمنعون أولاد الإخوة، كما لا يمنع الإخوة وأولادهم آباء الأجداد وأجدادهم، فلو خلف الجد الأدنى والأبعد، كان الميراث للأدنى، ولو خلف الجد والإخوة تشاركوا، وكذا لو خلف الجد الأدنى وأولاد الإخوة تشاركوا على ما يأتي. 6295. الثامن: لو خلف جد أبيه وجدته من قبل أبيه، وجد أبيه وجدته من قبل أمه، وجد أمه وجدتها من قبل أبيها، وجدها وجدتها من قبل أمها، فلأجداد الأم الثلث بينهم أرباعا، ولأجداد الأب الثلثان للجد والجدة من قبل أب الأب ثلثا الثلثين للذكر ضعف الأنثى وللجد والجدة من قبل أم الأب الثلث أثلاثا. وينقسم من مائة وثمانية. (2)
1. السرائر: 3 / 259. 2. شكل المسألة هكذا: الميت = (الأب الأول، الأم الأولى). الأب الأول - المرتبة الأولى = (أب الأب الأول، أم الأب الأول)، الأم الأولى = (أب الأم الأولى، أم الأم الأولى). المرتبة الثانية - أب الأب الأول = (أب أب الأب الأول، أم أب الأب الأول) أم الأب الأول = (أب أم الأب الأول، أم أم الأب الأول) أب الأم الأولى = (أب أب الأم الأولى، أم أب الأم الأولى) أم الأم الأولى = (أب أم الأم الأولى، أم أم الأم الأولى) الأجداد في المرتبة الأولى أربعة وفي المرتبة الثانية ثمانية. ومسألة الأجداد الثمانية من ثلاثة واحد منها لأقرباء الأم واثنان منها لأقرباء الأب. فسهام أقرباء الأم أربعة بحكم أنهم يقتسمون بالسوية، وسهام أقرباء الأب تسعة، مع أن نصيبهم اثنان، وذلك، لأن نصيب والدي جد الميت ضعف نصيب والدي جدته، ومن جانب آخر نصيب الجدة نصف نصيب الجد، فيصير عدد سهام والدي جدته ثلاثة، ونصيب والدي جده ضعفه أي الستة، فالمجموع تسعة، وحيث إن بين عدد سهام أقرباء الأم (4) وأقرباء الأب (9) تباينا، فالمخرج المشترك بينهما (36) تضرب في أصل الفريضة يصير 108. سهم أقرباء الأم ثلث منها 108 ÷ 3 = 36 بينهما بالسوية 36 ÷ 4 = 9 وسهام أقرباء الأب ثلثان منها 36 × 2 = 72، وعددهم تسعة 72 ÷ 9 = 8. وسهام والدي جدة الميت ثلاثة 3 × 8 = 24، بينهما أثلاثا 24 ÷ 3 = 8 سهم الجدة 8 × 2 = 16 سهم الجد. وسهام والدي جد الميت ستة، 6 × 8 = 48 بينهما أثلاثا 48 ÷ 3 = 16 سهم الجدة 16 × 2 = 32 سهم الجد. 22 ولو كان معهم أحد الزوجين أخذ نصيبه الأعلى ولأجداد الأم الأربعة الثلث كملا أرباعا والباقي لأجداد الأب على ما بيناه. (1) 6296. التاسع: قد يتحد جد أبي الميت وجد أمه، فيكون له نصيب الجدين لو جامع الجد من أحدهما ويشاركه (2) الجد الذي في درجته بالسوية. 6297. العاشر: إذا اجتمعت الإخوة والأجداد كان الجد كالأخ والجدة كالأخت ، فإذا خلف أخا وأختا من قبل الأب والأم ومثلهما من قبل الأم، وجدا من قبل الأب وجدة من قبله ومثلهما من قبل الأم، كان الجد من قبل الأب كالأخ
1. إن كان معهم الزوج فيضرب الحاصل (108) في (2) لأن سهم الزوج النصف 108 × 2 = 216 نصفها للزوج 216 ÷ 2 = 108 ويقسم الباقي (108) بين الأجداد بالتفصيل الماضي. وإن كان معهم الزوجة فيضرب الحاصل (108) في (4) لأن سهمها الربع، 108 × 4 = 432 للزوجة ربعها 432 ÷ 4 = 108، ويقسم الباقي بين الأجداد بالتفصيل الماضي. 2. في «ب»: تشارك. 23 من قبل الأبوين، والجدة من قبله كالأخت من قبلهما، والجد من الأم كالأخ من قبل الأم ، والجدة من قبلها كالأخت منها. فللمتقرب من الأم والإخوة والأجداد الثلث بينهم أرباعا، والثلثان للإخوة والأجداد من قبل الأب للذكر ضعف الأنثى. ولو عدم الإخوة من قبل الأبوين، قام الإخوة من قبل الأم مقامهم في مقاسمة الأجداد كما في المتقرب بالأبوين. ولو كان هناك زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى، وللمتقرب بالأم من الإخوة والأجداد الثلث بالسوية، والباقي للمتقرب بالأبوين من الإخوة والأجداد للذكر ضعف الأنثى، وللمتقرب (1) بالأب وحده مع الأجداد كذلك عند عدم المتقرب بالأبوين. 6298. الحادي عشر: الأجداد إنما ينزلون منزلة الإخوة إذا جامعوهم وكانوا في نسبة واحدة، ولو اختلفت النسبة بأن يخلف جدا لأمه وأخا لأبيه أو لأبويه، فللجد الثلث والباقي للأخ، وكذا لو خلف جدة لأمه مع أخ من الأبوين أو من الأب. ولو خلف أخا [أ] وأختا لأم وجدا أو جدة لأب، كان للأخ أو الأخت من الأم السدس والباقي لأحد الجدين. ولو خلف أحد الجدين للأم وأحد الجدين أو هما للأب مع إخوة من الأبوين أو من الأب خاصة، فلأحد الجدين للأم الثلث، والثلثان لأحد الجدين
1. في «أ»: أو للمتقرب. 24 من الأب أو لهما مع الإخوة لهما أو للأب عند عدم المتقرب بالأبوين، ويكون الجد كالأخ والجدة كالأخت. ولو خلف الجدين من الأم مع إخوة وأخوات من قبلها وأحد الجدين من قبل الأب، فلمن تقرب بالأم من الأجداد والإخوة الثلث بينهم بالسوية، ولأحد الجدين للأب الباقي. ولو خلف الجدين من قبل الأم أو أحدهما وأختا من الأبوين، فللجدين أو لأحدهما من الأم الثلث، وللأخت للأبوين الباقي. ولو كانت الأخت من قبل الأب خاصة ففي اختصاصها بالباقي إشكال. 6299. الثاني عشر: لو عدم الجد الأدنى قام مقامه الأبعد في مقاسمة الإخوة، ويكون حكمه حكم الأدنى. فجد الأب لأبيه أو لأمه كالأخ من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، وجدة الأب لأبيه أو لأمه كالأخت من قبل الأبوين أو من قبل الأب عند عدم الأخت من الأبوين. وكذا البحث في جد الأم وجدتها من قبل أبيها ومن قبل أمها، فإنهم بمنزلة الإخوة والأخوات من قبل الأم. بقي هنا إشكال وهو أن يجتمع جد الأب أو جدته من قبل أبيه وجده أو جدته من قبل أمه مع الإخوة من قبل الأب أو من قبل الأبوين. 6300. الثالث عشر: أولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به. فإن خلف ابن أخ لأب وأم أو لأب، أو بنت أخ كذلك، فله المال،
25 ولو اجتمعا لواحد فالمال لهما للذكر ضعف الأنثى، ولو كانا لاثنين في نسبة واحدة فالمال بينهما نصفين. ولو كان أحدهما ولد أخ من الأبوين والآخر ولد أخ من الأب، سقط المتقرب بالأب بالمتقرب بالأبوين. ولو كان ابن أخت لهما أو للأب، فله النصف نصيب أمه، والباقي رد عليه، وكذا لو كانوا أولاد جماعة لأخت، فلهم النصف بالتسمية والباقي بالرد للذكر ضعف الأنثى. ولو كانوا أولاد الأختين فلهما الثلثان، لأولاد كل أخت الثلث بينهم للذكر ضعف الأنثى، والباقي رد عليهم كذلك. ولو كانوا أولاد إخوة وأخوات فلكل أولاد أخ أو أخت نصيب من يتقرب به بينهم للذكر ضعف الأنثى. ولو خلف أولاد أخ أو أولاد أخت لأم فلهم السدس نصيب من يتقربون به، والباقي يرد عليهم، الذكر والأنثى فيه سواء. ولو كانوا أولاد أخ وأولاد أخت للأم، فلهم الثلث، والباقي بالرد، لأولاد الأخ النصف بالسوية واحدا كان أو أكثر، ولأولاد الأخت النصف الآخر كذلك وإن كان واحدا. ولو اجتمع أولاد الإخوة المتفرقين، سقط أولاد الإخوة من الأب، وكان لأولاد الإخوة من الأم الثلث لكل ولد أخ نصيب أبيه، واحدا كان أو أكثر بالسوية، ولأولاد الإخوة من الأبوين الباقي.
26 ولو خلف أولاد أخ من أب وأم وأولاد أخ من أم، فلأولاد الأخ من الأم السدس بالسوية، والباقي لأولاد الأخ من الأبوين للذكر ضعف الأنثى. ولو خلف أولاد أخت لأب وأولاد أخت لأم خاصة، فلأولاد الأخت من الأم السدس بالسوية، ولأولاد الأخت من الأب النصف للذكر ضعف الأنثى، وفي رد الباقي قولان، كما سبق في الإخوة. (1) 6301. الرابع عشر: لو دخل أحد الزوجين على أولاد الكلالات أخذ نصيبه الأعلى وسقط أولاد كلالة الأب، وكان لأولاد كلالة الأم الثلث إن كانوا أكثر من واحد، لكل نصيب من يتقرب به بالسوية، والسدس إن كانوا لواحد كذلك، والباقي لأولاد كلالة الأبوين، لكل واحد نصيب من يتقرب به للذكر ضعف الأنثى، فيدخل النقص عليهم كما يدخل على آبائهم دون المتقرب بالأم. ولو فقد (2) أولاد كلالة الأبوين، قام مقامهم أولاد كلالة الأب في جميع ما تقدم إلا في الرد إذا كانوا لأنثى. 6302. الخامس عشر: لا يرث أحد من أولاد الإخوة مع الإخوة وان كثرت الوصلة. (3) وقال الفضل بن شاذان في أخ لأم وابن أخ لأب وأم: أن للأخ السدس والباقي لابن الأخ للأبوين لأنه يجمع السببين. (4)
1. لاحظ المسألة الثالثة من ميراث الإخوة والأجداد ص 20. 2. في «أ»: ولو فقدوا. 3. في «ب»: الفريضة. 4. حكى عنه في الكافي: 7 / 107، والفقيه: 4 / 200، والمسالك: 13 / 152 - 153. 27 وهو غلط فإن كثرة الأسباب إنما تعتبر مع التساوي في الدرجة، مع أنه قال في ابن أخ لأب وأم مع أخ لأب: المال كله للأخ من الأب. (1) 6303. السادس عشر: الأقرب من أولاد الأخ يمنع الأبعد، فلو خلف أولاد أخ وأولاد أولاد أخ، فالمال لأولاد الأخ خاصة، سواء كانوا لأب أو لأم أو لهما، وسواء كان أولاد أولاد الأخ لأب أو لأم أولهما، وهكذا في مراتب التنازل. ويمنع أولاد الإخوة والأخوات كل من يمنعه الإخوة والأخوات من الأعمام والأخوال وأولادهم، ويرث معهم الأزواج والأجداد وإن علوا كما يرثون مع الإخوة. 6304. السابع عشر: أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا - سواء كانوا من قبل أب أو من قبل أم أو من قبلهما - يقاسمون الأجداد مع عدم الإخوة والأخوات، ويأخذون نصيب من يتقربون به. فلو خلف أولاد أخ لأب وأم وأولاد أخت لهما، ومثلهم من قبل الأم وجدا وجدة من قبل الأب، ومثلهما من قبل الأم، فللجدين وكلالة الأم الثلث، للجد ربعه وكذا للجدة، ولأولاد الأخ من الأم ربع آخر، ولأولاد الأخت من قبلها الربع الباقي. وثلثا الثلثين للجد من الأب ولأولاد الأخ من الأبوين، للجد من ذلك نصفه، والنصف الآخر لأولاد الأخ، للذكر ضعف الأنثى، والثلث الباقي بين الجدة وأولاد الأخت، للجدة من ذلك نصفه، والنصف الآخر لأولاد الأخت من الأبوين.
1. حكى عنه في الكافي: 7 / 106. 28 ولو كان هناك زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى، وللجدين من قبل الأم ولأولاد الاخوة من قبلها الثلث كملا يقسم بينهم على ما بيناه، والباقي للأجداد من قبل الأب ولأولاد الإخوة من قبل الأبوين، على ما فصلناه. ولو خلف أولاد الأخت للأبوين وجدا، فلأولاد الأخت الثلث والباقي للجد. (1) المطلب الرابع: في ميراث الأعمام والأخوال وفيه خمسة عشر بحثا: 6305. الأول: هؤلاء إنما يرثون عند عدم الآباء وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا، والإخوة وأولادهم وإن نزلوا. فللعم المنفرد المال، وكذا ما زاد بالسوية، وللعمة المال أيضا، وكذا العمتان والعمات. ولو اجتمع الذكور والإناث فللذكر ضعف الأنثى، هذا إذا كانوا من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، ولو كانوا من قبل الأم فالذكر والأنثى فيه سواء. ولو انفردت العمة أو العم من قبل الأم فالمال بأجمعه لها أوله. 6306. الثاني: لو اجتمعت العمومة والعمات المتفرقون. فللمتقرب بالأم
1. لأن أولاد الأخت بمنزلة أمهم، والجد بمنزلة الأخ فيقسم المال أثلاثا. 29 السدس إن كان واحدا، ذكرا كان أو أنثى، والثلث إن كان أكثر، الذكر والأنثى فيه سواء، وللمتقرب بالأبوين الباقي، واحدا كان أو أكثر، ذكرا كان أو أنثى، للذكر ضعف الأنثى، وسقط المتقرب بالأب. 6307. الثالث: العمومة من قبل الأب، والعمات من قبله يقومون مقام المتقرب بالأبوين عند عدمهم، والقسمة بينهم للذكر ضعف الأنثى. فلو خلف عمومة من قبل الأب وعمومة من قبل الأم، فللمتقرب بالأم الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء، وللعمومة من الأب الباقي، للذكر ضعف الأنثى. ولو كان المتقرب بالأم واحدا والمتقرب بالأب كذلك، فللمتقرب بالأم السدس، ذكرا كان أو أنثى، وللمتقرب بالأب الباقي، ذكرا كان أو أنثى. 6308. الرابع: لو اجتمع أحد الزوجين مع العمومة المتفرقين، فله نصيبه الأعلى، وللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر، الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي للمتقرب بالأبوين، واحدا كان أو أكثر، للذكر ضعف الأنثى، وسقط المتقرب بالأب. ولو عدم المتقرب بالأبوين، قام المتقرب بالأب مقامه على هيئته في النقص والقسمة. 6309. الخامس: العمومة يمنعون من يتقرب بهم من أولادهم، فلا يرث ابن عم وإن زادت وصلته مع عم وإن قصرت وصلته إلا في مسألة إجماعية، وهي ابن عم لأب وأم مع عم لأب، فإن المال لابن العم للأبوين، وسقط العم للأب. ولو تغيرت الحال سقط هذا الحكم، فلو خلف بنت عم للأبوين مع عم
30 للأب، فالمال للعم خاصة، وكذا لو خلف ابن عم للأبوين مع عمة للأب، فالمال للعمة دون ابن العم. ولو خلف ابن عم للأبوين مع عم للأب ومعهما خال، فالثلث للخال، وللعم الثلثان، وسقط ابن العم خاصة. وقال بعض المتأخرين المال للخال، لسقوط العم بابن العم، وسقوط ابن العم بالخال. (1) والوجه الأول لتغيير الصورة. ولو خلف بني عم للأبوين مع عم أو أعمام للأب، فالوجه اختصاص بني العم دون الأعمام. 6310. السادس: للخال المنفرد المال، وكذا الخالين والأخوال والخالة والخالتين والخالات، ولو اجتمع الذكور والإناث تساووا إن كانوا من جهة واحدة، وإن تفرقوا فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا ذكرا كان أو أنثى، والثلث إن كان أكثر، الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي للمتقرب بالأبوين، ذكرا كان أو أنثى، واحدا كان أو أكثر، للذكر مثل [حظ] الأنثى. ولو فقد الخؤولة من الأبوين قام المتقرب بالأب مقامهم، ولهم نصيبهم كهيئتهم. 6311. السابع: لو اجتمع أحد الزوجين مع الخؤولة المتفرقين فله نصيبه الأعلى وللمتقرب بالأم سدس الثلث إن كان واحدا، وثلث الثلث إن كان أكثر،
1. هذا قول المحقق الفاضل سديد الدين محمود الحمصي، حكاه عنه المصنف في المختلف: 9 / 47، والشهيد في المسالك: 13 / 161 وفي المسألة أقوال أخر أنهاها في المسالك إلى أربعة، لاحظ المسالك: 13 / 160 - 161. 31 والباقي للمتقرب بالأبوين بالسوية وإن اختلفوا، فلو خلفت زوجها وخالا من قبل الأم وخالا من الأبوين، فللزوج النصف وللخال للأم سدس الثلث، وقيل: سدس الباقي (1)، والمتخلف للخال من الأبوين. ولو فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامهم. 6312. الثامن: لو اجتمع الأعمام والأخوال، فللأخوال الثلث، واحدا كان أو أكثر، ذكورا كانوا (2) أو إناثا، أو هما معا، بالسوية إذا كانوا من جهة واحدة، والباقي للأعمام واحدا كان أو أكثر، ذكورا كانوا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا، للذكر مثل حظ الأنثيين. 6313. التاسع: لو اجتمع الأعمام المتفرقون والأخوال المتفرقون فللمتقرب بالأم من الأخوال سدس الثلث إن كان واحدا، وثلث الثلث إن كانوا أكثر بالسوية، ذكورا كانوا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا، وللمتقرب بالأبوين من الأخوال الباقي، واحدا كان أو أكثر، ذكورا كانوا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا، وسقط المتقرب بالأب. (3) وللمتقرب بالأم من الأعمام سدس الثلثين إن كان واحدا، وثلثه إن كان أكثر بالسوية، ذكورا كانوا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا.
1. قال الشهيد الثاني في شرح اللمعة: 8 / 159: هذا القول نقله الشهيد في الدروس والعلامة في القواعد والتحرير عن بعض الأصحاب ولم يعينوا قائله. 2. في «أ»: ذكورا كان. 3. وفي نسخة «أ» في هذا الموضع العبارة التالية: «وللمتقرب بالأبوين من الأعمام المتخلف من الباقي للذكر ضعف الأنثى وسقط المتقرب بالأب» ولكنها في غير موضعها، ولعلها من تصحيف الناسخ وستأتي نفس العبارة عن قريب. 32 وللمتقرب بالأبوين من الأعمام المتخلف من الثلثين للذكر ضعف الأنثى، وسقط المتقرب بالأب من الأعمام. ولو عدم المتقرب بالأبوين من الأعمام والأخوال، قام المتقرب بالأب مقامه. 6314. العاشر: كل واحد من الأعمام الذكور والإناث، سواء تقربوا بسبب واحد أو بسببين، يمنعون أولادهم وإن تقربوا بالسببين إلا المسألة الإجماعية وهي ابن العم للأبوين يمنع العم للأب خاصة. وكل واحد من الأخوال الذكور والإناث، سواء تقربوا بسبب واحد أو بسببين، يمنعون أولادهم وإن تقربوا بالسببين مطلقا من غير استثناء. وكذا كل واحد من الأعمام الذكور والإناث، وإن تقربوا بسبب واحد، يمنعون أولاد الأخوال وإن تقربوا بسببين. وكل واحد من الخؤولة، وإن تقرب بسبب واحد، يمنع أولاد العمومة وإن تقربوا بالسببين، فلو خلف عما لأب أو لأم أولهما، أو عمة كذلك مع ابن خال للأبوين، أو بنت خالة كذلك، فالمال للعم خاصة. وكذا لو خلف خالا لأب أو لأم أو لهما مع ابن عم للأبوين، فالمال للخال خاصة. وكذا لا يرث مع أولاد العمومة والعمات وأولاد الخؤولة والخالات أحد من أولاد أولادهم وإن تقربوا بسببين من غير استثناء أيضا، فابن العم للأب يمنع ابن ابن العم للأبوين، وكذا كل بطن أقرب يمنع الأبعد، وكذا يسقط ابن ابن العم للأبوين مع العم للأب.
33 6315. الحادي عشر: لو اجتمع أحد الزوجين مع العمومة والعمات والخؤولة والخالات، أخذ نصيبه الأعلى. وللخؤولة والخالات ثلث الأصل بينهم بالسوية إن كانوا من جهة واحدة، والباقي للأعمام والعمات. ولو تفرقت الخؤولة والعمومة أخذ أحد الزوجين نصيبه الأعلى وللأخوال الثلث، سدسه لمن يتقرب بالأم منهم إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر، والباقي من الثلث للأخوال من قبل الأبوين، وسقط المتقرب بالأب، والباقي بعد نصيب الأخوال وأحد الزوجين للأعمام، سدسه للمتقرب بالأم إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر، الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي للمتقرب بالأبوين إن كان واحدا أو أكثر، للذكر ضعف الأنثى، وسقط المتقرب بالأب. ولو عدم المتقرب بالأبوين من الأعمام والأخوال قام مقامهم المتقرب بالأب بينهم على حسابهم. 6316. الثاني عشر: العمومة والعمات والخؤولة والخالات وأولادهم وإن نزلوا، يمنعون عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته، وعمومة الأم وعماتها وخوؤلتها وخالاتها. فإن عدمت عمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا قام مقامهم عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته وعمومة الأم وعماتها وخؤولتها وخالاتها، وأولادهم وإن نزلوا، كل بطن وإن نزلت أولى من العليا، فأولاد عمومة الأب وعماته وأولاد خؤولته وخالاته وأولاد عمومة الأم وعماتها وأولاد خؤولتها وخالاتها وإن نزلوا أولى من عمومة الجد وعماته وخؤولته وخالاته وعمومة الجدة وعماتها وخؤولتها وخالاتها.
34 وعمومة الأجداد وخؤولتهم أولى من أولادهم، وأولاد أولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة جد الجد وخؤولته وهكذا. 6317. الثالث عشر: لو فقد العمومة وأولادهم والخؤولة وأولادهم وخلف عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها، فالثلث لعمومة الأم وخؤولتها بالسوية أرباعا; قاله الشيخ. (1) والثلثان لعمومة الأب وخؤولته، ثلث الثلثين لخال الأب وخالته بالسوية، وثلثاه لعمه وعمته للذكر ضعف الأنثى، ويقسم من مائة وثمانية. (2) ولو كان في الفريضة زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى، والثلث للمتقرب بالأم من الأعمام والأخوال بالسوية بينهم، والباقي للمتقرب بالأب من الأعمام والأخوال، ثلثه للخال والخالة بالسوية، وثلثاه للعم والعمة، للذكر ضعف الأنثى. 6318. الرابع عشر: أولاد العمومة والعمات والخؤولة والخالات يأخذون
1. النهاية: 657. 2. توضيح المسألة: المال يقسم أولا إلى ثلاثة: اثنان لأقرباء الأب، وواحد لأقرباء الأم، يقسم سهم أقرباء الأم بينهم بالسوية فعددهم أربعة. ويجب تقسيم سهم أقرباء الأب إلى ثلاثة. واحد للخال والخالة بينهما بالسوية، واثنان للعم والعمة بالتفاوت، للعم ضعف العمة، فعددهما، ثلاثة، وعدد الخال والخالة اثنان، بين العددين المباينة، فيضرب أحدهما في الآخر 2 × 3 = 6، ثم يضرب في الثلاثة التي اقتسم الثلثان بها 6 × 3 = 18 ثم إن عدد المتقرب بالأب (18) مع المتقرب بالأم (4) متوافقان بالنصف، فيضرب أحدهما في نصف الآخر 18 × 2 = 36 ويضرب الحال في عدد أصل الفريضة أي الثلاثة 36 × 3 = 108 فللمتقرب بالأم الثلث 108 ÷ 3 = 36 يقسم بينهم بالسوية 36 ÷ 4 = 9. وللمتقرب بالأب الثلثان 36 × 2 = 72، للخال والخالة الثلث 72 ÷ 3 = 24، يقسم بينهما بالسوية 24 ÷ 2 = 12. وللعم والعمة 24 × 2 = 48 يقسم بينهما أثلاثا للعمة 48 ÷ 3 = 16 وللعم 16 × 2 = 32. 35 نصيب من يتقربون به، فلبني العم نصيب أبيهم، وكذا لبني العمة، (1) ولبني الخال نصيب أبيهم، وكذا لبني الخالة، فلو خلف أولاد العمومة المتفرقين وأولاد الخؤولة المتفرقين، فلأولاد الخؤولة الثلث، سدسه لأولاد الخال والخالة بالسوية، ولو كانوا أولاد خالين فالثلث، لكل منهم نصيب أبيه، وكذا لو كانوا لأكثر، والباقي من الثلث لأولاد الخؤولة من الأبوين وسقط أولاد الخؤولة من الأب. ولو عدم أولاد الخؤولة من الأبوين، قام مقامهم أولاد الخؤولة من الأب، ولأولاد العمومة الثلثان، سدسه لأولاد العم أو العمة من قبل الأم بالسوية، ولو كانوا أولاد عمين فما زاد، فلهم الثلث، لكل منهم نصيب من يتقرب به، والباقي لأولاد العمومة من الأبوين، وسقط أولاد العمومة من الأب. ولو عدم المتقرب بالأبوين، قام المتقرب بالأب مقامهم كهيئتهم. ولو كان هناك زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى، وأخذ أولاد الخؤولة الثلث موفرا، وكان النقص داخلا على أولاد العمومة كآبائهم. 6319. الخامس عشر: لو اجتمع للوارث سببان، ورث بهما إن لم يكن أحدهما مانعا للآخر، كابن عم لأب هو ابن خال لأم، أو ابن عم هو زوج، أو بنت عمة (2) هي زوجة، أو عم لأب هو خال لأم. ولو منع أحدهما الآخر، ورث من جهة المانع، كابن عم هو أخ، فإنه يرث من جهة الأخوة خاصة.
1. سقط من نسخة «ب» من قوله: «وكذا لبني العمة» إلى قوله: «وكذا لبني الخالة». 2. في الشرائع «بنت عم» ولإيضاح حال الأمثلة لاحظ المسالك: 13 / 172. 36 المقصد الثالث: في الميراث بالسبب وفيه مطالب: [المطلب] الأول: السبب قسمان: زوجية وولاء. فالزوجية يثبت بها الإرث مع جميع مراتب الوراث (1) من الأنساب وإن قربوا، ومن الأسباب، لا يمنع الزوجين مانع من الإرث سوى الكفر والقتل والرق. وأما الولاء فلا يثبت به الإرث إلا مع فقد كل الأنساب الوراث (2) قربوا أو بعدوا، فلو خلف ابن ابن عم وإن نزل كان أولى بالميراث من المعتق وغيره من أسباب الولاء. ثم الولاء ثلاثة:
1. في «أ»: الوارث. 2. في «أ»: الوارث. 37 أولها: ولاء العتق، ويرث مع فقد كل الأنساب. الثاني: ولاء تضمن الجريرة، ويرث مع فقد كل الأنساب والمعتق. ولا يرث مع وجود المعتق. الثالث: ولاء الإمامة، ويرث مع فقد كل الأنساب ومع فقد المعتق وفقد ضامن الجريرة، ولا يرث مع وجود أحد من الأنساب، ولا مع وجود المعتق، ولا مع ضامن الجريرة، وهل يرث مع الزوجين؟ فيه خلاف. (1) المطلب الثاني: في ميراث الأزواج وفيه ثمانية مباحث: 6320. الأول: للزوج الربع مع الولد، ذكرا كان أو أنثى، فلو خلفت زوجها وابنتها فللزوج الربع وللبنت النصف والباقي رد على البنت خاصة، ولو كان معهما أحد الأبوين فله السدس، وللزوج الربع، وللبنت النصف، والباقي يرد على البنت وأحد الأبوين أرباعا، ولا شئ للزوج من الرد، وكذا البحث لو كان بدل الولد ولد الولد وإن نزل. ولو لم يكن هناك ولد ولا ولد ولد وإن نزل، فللزوج النصف، والباقي لغيره من الوراث على ما تقدم تفصيله.
1. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 9 / 57 - 62. 38 6321. الثاني: للزوجة مع الولد الثمن ذكرا كان أو أنثى، وكذا ولد الولد وإن نزل، ولا يرد عليها الفاضل لو كان المشارك بنتا، بل على البنت خاصة، أو على البنت وأحد الأبوين أو هما، كما قلنا في الزوج. ولو لم يكن هناك ولد ولا ولد ولد وإن نزل، كان للزوجة الربع والباقي لغيرها من الوراث، (1) ولا يرد على الزوجة مع وجود الوارث وإن بعد. 6322. الثالث: لو خلفت المرأة زوجها وضامن جريرة لا سواهما، فللزوج النصف، ولضامن الجريرة الباقي، ولو خلف الرجل زوجته وضامن جريرة لا غيرهما، فللزوجة الربع، والباقي لضامن الجريرة. أما لو فقد جميع الأنساب والأسباب ولم يخلف الميت أحدا سوى أحد الزوجين، فللزوج النصف والباقي رد عليه، أما لو كانت زوجة ففيها أقوال: أحدها: أنه يرد عليها الفاضل عن الربع مطلقا. (2) والثاني: لا يرد مطلقا، بل يكون الباقي بعد الربع للإمام. (3) والثالث أنه يرد عليها حال غيبة الإمام لا وقت ظهوره. (4) وهو الأقوى عندي. 6323. الرابع: سهم الزوجة وهو الثمن مع الولد أو ولد الولد وإن نزل، والربع
1. في «ب»: من الوارث. 2. وهو خيرة المفيد في المقنعة: 691. 3. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 642، والصدوق في المقنع: 491، والحلبي في الكافي في الفقه: 374، وابن البراج في المهذب: 2 / 141، وسلار في المراسم: 222. 4. وهو خيره الصدوق في الفقيه: 4 / 191 ذيل الحديث 666. 39 مع عدمهم، ثابت للواحدة ولما زاد عليها، فلو خلف أربع زوجات وولد، فللزوجات الأربع الثمن بينهن بالسوية، والباقي للولد. ولو خلف الأربع وأحد الأبوين خاصة، فللأربع الربع بينهن بالسوية، والباقي لأحد الأبوين، وكذا لو انضم إليهن غير من ذكرناه في التقديرين من الأولاد والقرابات. 6324. الخامس: الزوجة إنما ترث ما دامت في حبالته سواء دخل بها أو لم يدخل، وكذا الزوج. ولو طلقت رجعيا توارثا في العدة، وإن مات أحدهما بعد العدة، فلا ميراث للآخر منه. ولو طلقت بائنا كالمختلعة والمباراة مع عدم الرجوع في البذل في العدة، وكاليائسة والصبية، وغير المدخول بها، فلا توارث بينهما، لا ترث المرأة الرجل ولا الرجل المرأة، سواء وقع الموت في العدة أو بعدها، هذا في حق الصحيح. أما المريض فإن تزوج في حال مرض الموت، لم ترثه الزوجة إلا أن يدخل بها، ولو مات قبل الدخول فلا مهر لها ولا ميراث. ولو طلق المريض رجعيا توارثا في العدة، ولو خرجت العدة ورثته هي ما بينها وبين سنة من حين الطلاق بشرط أن لا تتزوج بغيره، ولا يبرأ من مرضه مدة السنة، سواء تزوج بها في الصحة مطلقا أو المرض مع الدخول. ولو طلق بائنا لم يرث هو لو ماتت في العدة وبعدها، وترثه هي إلى سنة بالشرطين. 6325. السادس: لو طلق الرجل إحدى الأربع وتزوج أخرى، ثم اشتبهت
40 المطلقة بغيرها من الثلاث الأول، فللأخيرة ربع نصيب الزوجات من الربع مع عدم الولد، والثمن معه، والمتخلف من النصيب يقسم بين المطلقة والثلاث التي وقع الاشتباه فيها بالسوية. 6326. السابع: الزوجة إن كان لها من الميت ولد، ذكرا كان أو أنثى، ورثت الثمن من جميع ما ترك الرجل. ولو لم يكن لها ولد منه لم ترث من الأرض شيئا، وتعطى حصتها من الأموال والأقمشة والأثاث، وتقوم الآلات كالأخشاب والقصب والآجر واللبن من الأبنية، وتعطى حصتها من قيمة ذلك. وقيل: إنما تمنع من الدور والمساكن لا غير (1). وقال المرتضى (رحمه الله): تقوم رقبة الأرض أيضا وتعطى حصتها من قيمتها كالأبنية (2). والمشهور هو الأول، وفي رواية: أنها لا ترث من السلاح والدواب شيئا. (3) والأقرب الأول. ولا فرق بين أن يكون لها ولد منه قد مات أو لم تلد منه. 6327. الثامن: لو زوج الصغيرين أبواهما أو جدهما لأبويهما توارثا، ولو زوجهما غيرهما وقف العقد على رضاهما بعد البلوغ، فإن بلغا ورضيا لزم العقد
1. القائل: هو المفيد في المقنعة: 687. 2. الانتصار: 585، المسألة 319. 3. الوسائل: 17 / 517، الباب 6 من أبواب ميراث الأزواج، الحديث 1. 41 وتوارثا، وإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل العقد، سواء بلغ الآخر قبل موته وأجاز أو بعد موته، أو لم يبلغ. ولو بلغ أحدهما رشيدا وأجاز ثم مات، وبلغ الآخر بعد موته، فإن لم يرض فلا ميراث له، وبطل العقد، وإن (1) أجاز أحلف أنه لم يرض للرغبة في الميراث، فإن حلف أخذ نصيبه، وإن نكل فلا ميراث له، وهل يسقط غير الميراث من توابع الزوجية كالعدة والمهر؟ فيه نظر. المطلب الثالث: في الميراث بالولاء بالعتق وفيه ستة وعشرون بحثا: 6328. الأول: العتق قسمان: واجب إما بأصل الشرع، كمن ملك من ينعتق عليه من الأقارب والرضاع، وإما بفعل المكلف، كما في النذر واليمين والعهد والكفارات، وكمن مثل بعبده. (2) وندب وهو ما تبرع المكلف بعتقه من غير سبب موجب للعتق. فالأول لا يثبت به ميراث، والثاني قسمان: أحدهما ما يتبرأ (3) المعتق من
1. في «أ»: فإن. 2. في المصباح المنير: 2 / 260: مثلت بالقتيل مثلا من بابي قتل وضرب: إذا جدعته، وظهرت آثار فعلك عليه تنكيلا، والتشديد مبالغة. 3. في «ب»: ما يبرأ. 42 ضمان الجريرة فيه، وهو كالأول في أنه لا يثبت به ميراث. والثاني ما ليس كذلك، وبه يثبت الميراث للمنعم بشرط أن لا يخلف العتيق وارثا مناسبا قريبا كان أو بعيدا ذا فرض (1) أو غيره. 6329. الثاني: لو تبرأ المتبرع بالعتق من ضمان الجريرة لم يرث، سواء أشهد بالبراءة أو لم يشهد، والوجه أن التبري إنما يؤثر حال العتق، فلو تبرع بعتقه ثم بعد ذلك أسقط الضمان، فالوجه أن الولاء لا يسقط. أما لو شرط سقوط الضمان وقت العتق فإن الولاء يسقط إجماعا. 6330. الثالث: المكاتب لا ولاء عليه، لأنه اشترى نفسه من مولاه، أما المدبر والموصى بعتقه فالوجه أن ولاهما للمدبر والموصي. وأم الولد عندنا تنعتق من نصيب ولدها، فلا ولاء لمولاها عليها، لأنه لم يباشر عتقها، ولا للولد لأن النسب لا يجامع الولاء عندنا. 6331. الرابع: لو تبرع بالعتق عن ميت أو عن حي من غير مسألة، فولاؤه للمعتق لا المعتق عنه، ولو أمره بالعتق عنه فعتق، فالولاء للمعتق عنه لا المعتق، أما لو أمره بالعتق عنه بعوض فعتق، فالوجه أنه كذلك، وكذا لو قال: أعتق عبدك عني وعلي ثمنه. ولو قال: أعتق عبدك والثمن علي، فالولاء للمعتق وعلى الضامن الثمن. 6332. الخامس: لو مات العتيق ولم يخلف وارثا من الأنساب وإن بعد، وخلف زوجا أو زوجة، كان لهما نصيبهما الأعلى، والباقي للمنعم بالعتق.
1. في النسختين: «إذا فرض» والصحيح ما في المتن. 43 6333. السادس: لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع، ويورث على ما يأتي تفصيله. 6334. السابع: شرط الميراث بالولاء التبرع بالعتق، وعدم التبري من ضمان الجريرة، وعدم المناسب للعتيق وإن بعد، فإذا اجتمعت الشروط ومات العتيق، فميراثه للمنعم إن كان واحدا، ذكرا كان أو أنثى، ولو كان المنعم أكثر من واحد تشاركوا في الولاء بالحصص، سواء كانوا رجالا أو نساء، أو رجالا ونساء. فإن عدم المنعم، اختلف علماؤنا، فقال ابن بابويه: يكون الولاء للأولاد الذكور والإناث لأن الولاء كالنسب، (1) وبه أفتى الشيخ في الخلاف إن كان المعتق رجلا. (2) وقال المفيد (رحمه الله): الولاء للأولاد الذكور دون الإناث، سواء كان المنعم رجلا أو امرأة. (3) وقال في النهاية: إن كان المعتق رجلا فالولاء لأولاده الذكور خاصة، وإن كان امرأة فالولاء لعصبتها. (4) وهو المشهور. 6335. الثامن: يرث الولاء الأبوان والأولاد، ولا يشركهما أحد من الأقارب، فإن عدم الأولاد قام أولاد الأولاد مقامهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به، كالميراث في غير الولاء.
1. الفقيه: 4 / 224 ذيل الحديث 712. 2. الخلاف: 4 / 79 و 81، المسألة 84 و 86 من كتاب الفرائض. 3. المقنعة: 694. 4. النهاية: 670. 44 ولو عدم الأبوان والأولاد وإن نزلوا، ورثه الإخوة والأخوات من الأبوين أو من الأب، والأجداد والجدات من قبله، وقيل: تمنع الإناث. (1) فإن عدم الإخوة والأجداد ورثه الأعمام والعمات وأولادهم الأقرب فالأقرب. ولا يرث الولاء من يتقرب بالأم، من الإخوة والأخوات، والأجداد والجدات، والأخوال والخالات. ولو فقد المتقرب بالأب ورث الولاء مولى المولى، فإن عدم فقرابة مولى المولى من قبل الأب دون الأم، فإن فقدوا فمولى مولى المولى، فإن عدم فقرابة مولى مولى المولى من قبل الأب دون الأم، فإن فقدوا فالإمام. 6336. التاسع: العتيق لا يرث من المنعم، فلو مات المعتق ولا وارث له، فميراثه للإمام دون العتيق. 6337. العاشر: اختلف علماؤنا في أن النساء هل يرثن من الولاء؟ أما إذا قربن بالأم فلا، وإن قربن بالأب فقولان، والإجماع على أنهن يرثن من أعتقن أو أعتق من أعتقن أوجر الولاء إليهن من أعتقن، فلو مات رجل وخلف ابن معتقه وبنت معتقه فالميراث لابن المعتق خاصة على أحد القولين، وعلى الآخر للذكر ضعف الأنثى. ولو لم يخلف إلا بنت معتقه فالمال للإمام على الأول ولها على الثاني، وكذا لو خلف أم معتقه أو جدة معتقه أو غيرهما.
1. القائل هو أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 374، والمفيد في المقنعة: 694. 45 ولو خلف بنت معتقه وابن عم معتقه، فالمال لابن العم على الأول وللبنت على الثاني. ولو أعتق الرجل وابنته عبدا، ثم مات الرجل عنها وعن ابن، ثم مات العبد، فللبنت النصف لأنها مولاة [مالك] نصفه، ولها على أحد القولين ثلث النصف الآخر، والباقي وهو ثلثا النصف للابن، وعلى القول الآخر لا شئ لها في النصف الباقي، بل جميعه للابن. ولو ماتت البنت قبل العبد، وخلفت ابنا، [ثم مات العبد]، فلابنها النصف ولأخيها النصف، وعلى القول الآخر يرث أخوها الثلث. ولو خلفت بنتا، فالولاء بأجمعه لأخيها على أحد القولين، وعلى الآخر يرث الأخ الثلث. ولو مات الابن قبل العبد وخلف بنتا، ثم مات العبد، فللبنت المعتقة النصف والباقي للإمام على أحد القولين، وعلى الآخر يكون للمعتقة الثلثان، والثلث لبنت الابن. 6338. الحادي عشر: جر الولاء صحيح من مولى الأم إلى مولى الأب، فلو أولد العبد من معتقة ابنا، فولاء الولد لمعتق الأم. فإن أعتق الأب بعد ذلك، انجر الولاء من معتق الأم إلى معتق الأب. فإن لم يكن مولى الأب فلعصبة مولى الأب، فإن لم يكن عصبة فلمولى عصبة مولى الأب، فإن فقد المولى والعصبات فلضامن الجريرة، فإن فقد، فالولاء للإمام، ولا يرجع إلى مولى الأم.
46 6339. الثاني عشر: لو كانت أولاد المعتقة مماليك، فولاؤهم لمن أعتقهم، وإن أعتقوا حملا مع أمهم، ولا ينجر ولاؤهم، وإنما ينجر مع عدم مباشرة العتق لهم. ولو حملت بهم بعد العتق، فولاؤهم لمولى أمهم إن كان أبوهم رقا، ولو كان حرا في الأصل لم يكن لمولى أمهم ولاء، ولو كان أبوهم معتقا فولاؤهم لمولى الأب. ولو كان أبوهم قد أعتق بعد ولادتهم انجر ولاؤهم من مولى أمهم إلى مولى الأب. 6340. الثالث عشر: لو أولد المملوك من معتقة حرا فولاء الولد لمولى الأم، فإن مات الأب مملوكا وأعتق الجد، قال الشيخ (رحمه الله): ينجر الولاء إلى معتق الجد لأنه قائم مقام الأب، (1) ولو أعتق الجد والأب حي مملوك فكذلك ينجر الولاء إلى معتقه، فإن أعتق الأب بعد ذلك انجر الولاء من معتق الجد إلى معتق الأب، لأنه أقرب. 6341. الرابع عشر: لو أعتقت مملوكا فأعتق المملوك آخر، فميراث الأول للمعتقة مع عدم المناسب، وميراث الثاني للأول مع عدم المناسب ووجود الأول، فإن لم يكن الأول فميراث الثاني للمعتقة أيضا لأنها مولاة مولاه. فإن اشترت أباها، فأعتق أبوها آخر، ومات الأب، ثم الآخر ولا وارث له، فميراث الآخر للبنت، النصف بالتسمية والباقي بالرد إن قلنا إن النساء يرثن الولاء، وإلا كان الميراث لها بالولاء. (2)
1. المبسوط: 4 / 97. 2. وميراث الآخر لأبيها لأنه كان مولاه فالبنت ترث الولاء، النصف بالتسمية لأنها واحدة والباقي بالرد إن قلنا بوراثة النساء الولاء، وإلا ترث المال كله بالولاء، لأنها مولاة مولاه. 47 6342. الخامس عشر: لو اشترت بنتا عبد من معتقة أباهما، فميراثه لهما بالتسمية والرد، (1) فإن ماتت إحداهما فميراثها للأخرى بالتسمية والرد، ولا ميراث لمعتق الأم لوجود المناسب. فإن ماتت الأخرى ولا وارث، فالأقرب عدم الانجرار إليهما بعتق الأب، إذ لا يجتمع استحقاق الولاء بالنسب والعتق. ولو ماتتا قبل الأب ورثهما بالنسب. 6343. السادس عشر: ولاء ابن العبد من المعتقة لمولى الأم، فإن اشترى [الابن ] عبدا فأعتقه، فولاؤه له، فإن اشترى العتيق أب الابن فأعتقه انجر الولاء من مولى الأم إلى مولى الأب، وكان كل من الابن (2) والعتيق الثاني مولى لصاحبه. فإن مات الأب فميراثه لابنه، فإن مات الابن ولا نسب له فميراثه لمعتق الأب، وإن مات المعتق ولا نسب له، فولاؤه للابن. ولو ماتا ولا نسب لهما، قال الشيخ: يرجع الولاء إلى مولى الأم. (3) وليس بمعتمد. 6344. السابع عشر: لو اشترى أب وأحد ولديه عبدا فأعتقاه، ثم مات الأب ثم العبد، فللمشتري ثلاثة أرباع تركته، وللآخر الربع. 6345. الثامن عشر: لو أنكر العتيق ولد العتيقة وتلاعنا، فميراث الولد لمولى
1. قال المحقق في الشرائع: 4 / 39: لو أولد العبد بنتين من معتقة، فاشترتا أباهما انعتق عليهما فلو مات الأب كان ميراثه لهما بالتسمية والرد لا بالولاء. 2. كذا في «ب» ولكن في نسخة «أ»: «الأبوين» والصحيح ما في المتن. 3. المبسوط: 4 / 107. 48 الأم مع عدم النسب من قبلها. فإن اعترف به الأب بعد ذلك لم يرثه ولا المنعم عليه، لانقطاع الميراث من الأب ومن يتقرب به وإن عاد النسب. 6346. التاسع عشر: لو خلف المعتق ثلاث بنين كان الولاء بينهم بالسوية، فإن مات أحدهم وخلف اثنين، ثم مات الثاني وخلف ثلاثة، ثم مات الثالث وخلف أربعة، فالولاء بينهم أثلاثا لكل قوم منهم نصيب أبيه ليس على عدد الرؤوس. 6347. العشرون: لو أولدت الأمة عبدا لمولاها فأعتقهما معا، فولاء الولد لمعتقه. فإن أعتق الأب بعد ذلك لم ينجر الولاء إليه، لأن المباشر للعتق أولى. ولو تجدد ولد آخر قبل عتق الأب (1) كان تابعا للأم في الحرية، وولاؤه لمعتق أمه، فان أعتق الأب بعد ذلك انجر ولاء الابن الثاني إلى معتق الأب دون الأول. 6348. الحادي والعشرون: لو طلق العبد الأمة طلقتين، أو خالعها ثم أعتقت، ثم أتت بولد يمكن إلحاقه به ونفيه عنه، بأن يأتي لستة أشهر فصاعدا إلى تسعة، فولاء الولد لمولى الأم، فإن أعتق الأب بعد ذلك لم ينجر الولاء إليه، لجواز أن يكون موجودا حال العتق وأن يكون معدوما، والأصل بقاء الرق، قاله الشيخ في الخلاف، (2) بناء على قاعدته من أن الحمل يتبع الأم في العتق. 6349. الثاني والعشرون: لو جوزنا عتق الكافر على ما ذهب إليه الشيخ في
1. في «أ»: قبل العتق. 2. لم نعثر عليه. 49 الخلاف، (1) كان الولاء له ولو كان العتيق مسلما، ولو مات قبل إسلام المولى ولا وارث له، فميراثه للإمام ولا يرثه الكافر، ولو مات بعد إسلامه ورثه، ولو أسلم المولى دونه فميراثه لمولاه إذا لم يكن له وارث مسلم. ولو سبي المولى واسترق ثم أعتق، فعليه الولاء لمعتقه وله الولاء على عتيقه. وهل يثبت لمعتق السيد ولاء على العتيق؟ فيه احتمال ينشأ من أنه مولى مولاه، ومن عدم الإنعام عليه. فإن كان قد اشتراه مولاه فأعتقه فكل منهما مولى صاحبه، وكذا إن أسره مولاه فأعتقه. ولو أسره مولاه وأجنبي فأعتقاه فالولاء بينهما نصفان، فإن مات بعد (2) المعتق الأول فلشريكه نصف ماله، لأنه مولى نصف مولاه على أحد الاحتمالين، وعلى الآخر لا شئ له لأنه لم ينعم عليه. ولو سبي العتيق فاشتراه رجل فأعتقه بطل ولاء الأول، وانتقل الولاء إلى الثاني، لبطلان ملك الأول بالسبي، فالولاء التابع له أولى. ولو أعتق المسلم كافرا صح على أحد الأقوال لنا وولاؤه للمسلم، فإن هرب إلى دار الحرب ثم أسره المسلمون قيل: لا يصح استرقاقه لأن فيه إبطال ولاء المسلم، والأقرب جواز استرقاقه عملا بالمقتضي وهو الكفر، فإذا أعتق
1. الخلاف: 6 / 371، المسألة 12 من كتاب العتق. 2. في «ب»: فإن مات بعده. 50 احتمل أن يكون الولاء للثاني: لأن الحكمين إذا تنافيا كان الثابت هو المتأخر كالناسخ، وأن يكون للأول، لأن ولاءه ثبت وهو معصوم فلا يزول بالاستيلاء كالملك. 6350. الثالث والعشرون: إنما ينجر الولاء إلى مولى الأب بشروط ثلاثة: عبودية الأب حين الولادة، فلو كان حرا في الأصل فلا ولاء على ولده، وإن كان مولى (1) ثبت الولاء على ولده لمواليه ابتداء، ولا جر. وكون الأم مولاة، فلو كانت حرة في الأصل فأولادها كذلك، وإن كانت أمة فولدها رقيق لسيدها، فإن أعتقه فولاؤه له ولا ينجر عنه. وإن أعتقها المولى فأتت بولد لدون ستة أشهر فقد مسه الرق، وعتق بالمباشرة إن قلنا إن الحمل تابع، وإلا بقي على الرقية. وإن أتت به لأكثر من ستة أشهر مع بقاء الزوجية، لم يحكم بمس الرق، وانجر الولاء، لاحتمال حدوثه بعد العتق، فلم يمسه الرق ولم يحكم برقه بالشك. وإن كانت بائنا وأتت به لأكثر من مدة الحمل من حين الفرقة، لم يلحق بالأب، وولاؤه لمولى أمه. وإن أتت به لأقل من ذلك، لحقه الولد وانجر ولاؤه. الثالث: أن يعتق العبد فلو مات رقا لم ينجر الولاء إجماعا. فإن اختلف سيد العبد ومولى الأمة في حرية الأب بعد موته، فالقول قول مولى الأم، لأن الأصل بقاء الرق وعدم الانجرار.
1. في «ب»: وإن كان المولى. 51 6351. الرابع والعشرون: إذا كان أحد الزوجين (الحرين) (1) حر الأصل، فلا ولاء على ولدهما، سواء كان الأب الحر أعجميا أو عربيا، وسواء كان مسلما أو ذميا، أو مجهول النسب أو معلومه. ولو تزوج عبد بمعتقة فأولدها ولدا، فتزوج الولد بمعتقة رجل فأولدها ولدا، فولاء الولد الثاني لمولى أم أبيه، لأن له الولاء على أبيه فكان له عليه، كما لو كان مولى جده. ولأن ثبوت الولاء على الأب يمنع من ثبوته لمولى الأم. ويحتمل أن يكون الولاء لمولى أمه، لأن الولاء الثابت على أبيه من جهة أمه، ومثل ذلك ثابت في حقه. 6352. الخامس والعشرون: لو خلف بنت مولاه ومولى أبيه، فإن قلنا إن النساء يرثن الولاء فميراثه لبنت مولاه، وإن منعناهن فميراثه للإمام، لأنه إذا ثبت عليه ولاء من جهة مباشرة العتق لم يثبت عليه بإعتاق أبيه. ولو كان له معتق أب ومعتق جد ولم يكن هو معتقا، فميراثه لمعتق أبيه إن كان ابن معتقة، ثم لعصبة معتق أبيه، ثم لمعتق معتق أبيه. فإن لم يكن له أحد منهم فللإمام. ولا يرجع إلى معتق جده. وإن كان ابن حرة الأصل، فلا ولاء عليه وليس لمعتق أبيه شئ. 6353. السادس والعشرون: لو أسلم رجل على يد (2) رجل لم يرثه بذلك. واللقيط حر، لا ولاء لأحد عليه، ولا الملتقطة.
1. ما بين القوسين يوجد في «أ». 2. في «أ»: على يدي. 52 المطلب الرابع: في باقي أقسام الولاء وفيه خمسة مباحث: 6354. الأول: إذا مات ولم يخلف نسبا وإن بعد ولا مولى نعمة، كان ميراثه لضامن الجريرة، وهو الذي يعاقد من أعتق في كفارة أو نذر وغيرهما من الواجبات أو من تبرأ المتبرع بعتقه من ضمان جريرته، أو من كان حرا في الأصل ولا قريب له بأن يضمن عنه جريرته وحدثه. 6355. الثاني: لا ميراث لضامن الجريرة مع القريب وإن بعد، ولا مع مولى النعمة، ويشارك الزوج والزوجة، فيأخذان نصيبهما الأعلى، والباقي للضامن مع عدم النسب والمنعم. 6356. الثالث: لو لم يخلف مناسبا ولا منعما ولا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام، وهو القسم الثالث من أقسام الولاء ولا يرث إلا مع فقد الأنساب كلهم والمعتق إن كان (1) الميت مولى وضامن الجريرة. 6357. الرابع: إذا كان الإمام ظاهرا فميراث من لا وارث له للإمام، يصنع به ما شاء، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يضعه في فقراء أهل بلده وضعفاء جيرانه تبرعا منه (عليه السلام) بذلك، دون أن يكون ذلك واجبا. (2)
1. في «أ»: إذا كان. 2. الوسائل: 17 / 554، الباب 5 من أبواب ولاء ضمان الجريرة، الحديث 10 - 11. 53 وإن كان غائبا حفظ له (عليه السلام) إلى حين ظهوره (عليه السلام)، فإن لم يتمكن من إيصاله إليه، قسم في الفقراء والمساكين، ولا يعطى سلطان الجور منه على حال إلا مع التغلب أو الخوف. 6358. الخامس: يختص بالإمام ما يغنمه السرية بغير إذنه وما يتركه المشركون فزعا ويفارقونه من غير حرب. أما ما يؤخذ صلحا أو جزية، فهو للمجاهدين، ومع عدمهم لفقراء المسلمين. وما يؤخذ سرقة من أهل الحرب في زمن الهدنة يعاد عليهم، وإن لم يكن هدنة فلآخذه، وعليه الخمس فيه. ومن مات من أهل الحرب ولا وارث له، فميراثه للإمام.
54 المقصد الرابع: في موانع الإرث وفيه فصول [الفصل] الأول: في الكفر وفيه أحد عشر بحثا: 6359. الأول: موانع الإرث ثلاثة: الكفر، والقتل، والرق. فالكافر لا يرث المسلم سواء كان ذميا أو حربيا أو مرتدا، وسواء كان المسلم كافرا في الأصل أو لا، وسواء قرب الكافر أو بعد، وسواء خلف المسلم وارثا غيره أو لا. فلو مات مسلم وخلف ولدا كافرا وقريبا مسلما وإن بعدت قرابته، كان ميراثه للبعيد المسلم وان كان يقربه الكافر. ولو لم يخلف قريبا، وخلف مولى نعمة فميراثه لمولى النعمة. فإن لم يكن، فلضامن الجريرة، فإن فقد فللإمام، ولا يرثه الولد الكافر.
55 ويرث المسلم الكافر أصليا كان أو مرتدا إجماعا منا. 6360. الثاني: لو مات الكافر الأصلي وله ورثة كفار، ولا مسلم فيهم، فميراثه لهم، ولو كان له وارث مسلم وإن بعد كمولى النعمة أو ضامن الجريرة فميراثه للضامن المسلم دون ورثته الكفار. ولو كان الكافر مرتدا وله وارث مسلم وإن بعد كضامن الجريرة فميراثه للضامن، ولا يرثه القريب الكافر، ولو لم يكن له وارث مسلم ورثه الإمام ولا شئ للكافر، وفي رواية شاذة يرثه وارثه الكافر كالأصلي. (1) 6361. الثالث: الكفار يتوارثون مع عدم الوارث المسلم، سواء اتحد دينهم أو اختلف، فيرث اليهودي مثله ومن عداه كالنصراني والمجوسي وعابد الوثن والشمس وغيرهم وبالعكس، ولا فرق بين أهل الذمة وغيرهم في ذلك بل يرث الحربي الذمي وبالعكس، سواء اتحدت الدار أو اختلفت. 6362. الرابع: المرتد لا يرث المسلم ويرث الكافر، ولو ارتد متوارثان فمات أحدهما لم يرثه الآخر بل تنتقل تركته إلى وارثه المسلم، فإن لم يكن له وارث مسلم فميراثه للإمام. والزنديق - وهو الذي يظهر الإسلام ويستسر (2) بالكفر، وهو المنافق - كالمرتد. 6363. الخامس: المرتد إن كان عن فطرة لم تقبل توبته، وتقسم تركته من
1. الوسائل: 17 / 385، الباب 6 من أبواب موانع الإرث، الحديث 1. 2. في «أ»: ويستر. 56 حين الارتداد، وتبين منه زوجته، وتعتد عدة الوفاة، سواء قتل أو بقي. وهل يتجدد له ملك شئ كما لو استأجر؟ فيه نظر. ولو فرض دخوله انتقل إلى ورثته في ثاني الحال. وإن كان عن غير فطرة استتيب فإن تاب، وإلا قتل، وأمواله باقية عليه إلى أن يقتل أو يموت. وتعتد زوجته من حين الارتداد مع الدخول عدة الطلاق، فإن رجع قبل خروج العدة فهو أملك بها، وإن خرجت العدة ولم يرجع، بانت منه، فإن مات في العدة ورثته لا بعدها. وأما المرتدة فلا تقتل وإن كانت عن فطرة بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة، وأموالها باقية عليها، لا تقسم إلا بعد موتها، وينفسخ نكاحها من زوجها قبل الدخول، وبعده يقف على انقضاء العدة. 6364. السادس: المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب، فالإمامي يرث السني وبالعكس، أما الغلاة والخوارج فلا يرثون مسلما. 6365. السابع: لو أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك الورثة إن ساواهم في الدرجة، واختص بالمال أجمع دونهم إن كان أولى منهم، ولو أسلم بعد القسمة فلا شئ له. ولو كان الوارث واحدا لا ميراث له لانتفاء مسمى القسمة هنا، ولو لم يكن وارث سوى الإمام فأسلم، فهو أولى من الإمام (عليه السلام) على رأي، (1) ويمنع من
1. ذهب إليه المحقق في الشرائع: 4 / 12. 57 الميراث إن كان قد نقل المال إلى بيت المال على رأي، (1) ومطلقا على رأي (2). ولو أسلم وقد قسم بعضه شارك فيما لم يقسم، وفي مشاركته فيما قسم نظر، وكذا لو أسلم بعد نقل بعض التركة إلى بيت المال على ما اختاره بعض علمائنا. ولو كان الوارث زوجا أو زوجة فأسلم الكافر، أخذ ما فضل عن نصيب الزوجية على إشكال، إذ هو وارث واحد، ويحتمل المشاركة مع الزوجة دون الزوج، وبالجملة الإشكال ينشأ من الرد على الزوجين وعدمه. (3) 6366. الثامن: المرتد ترثه ورثته المسلمون، ولا يصير ماله فيئا للمسلمين. ولو ارتد الزوجان معا لم يتوارثا، ثم إن كان بعد الدخول عن غير فطرة من الرجل وقف الفسخ على انقضاء عدة الطلاق، فإن خرجت ولم يرجعا انفسخ النكاح، وإن رجعا فيها فهو له أملك، ولو رجع أحدهما انتظر الآخر فإن خرجت العدة قبل عوده فلا نكاح. ولو كان قبل الدخول، أو ارتداد الرجل عن فطرة انفسخ النكاح في الحال. 6367. التاسع: لو مات الكافر ولا وارث له، فميراثه للإمام. 6368. العاشر: يحكم بإسلام الطفل إن كان أحد أبويه مسلما في الأصل، وكذا لو تجدد إسلامه قبل بلوغ الطفل.
1. وهو خيرة الشيخ في المبسوط: 4 / 79. 2. قال في الجواهر: والقائل الشيخ في ظاهر محكي النهاية وابن البراج في محكي المهذب بل قيل: انه خيرة الآبي والنافع والجامع والتبصرة والمعالم. جواهر الكلام: 39 / 21، ولاحظ النهاية: 663، والمهذب: 2 / 157. 3. لاحظ لمزيد التوضيح في ذلك، المسالك: 13 / 26. 58 ولو تجدد إسلام الأب بعد بلوغ الطفل لم يتبعه في الإسلام، وإنما يتبعه لو أسلم أحد الأبوين حال صغر الولد. فإن بلغ الولد حينئذ فامتنع عن الإسلام، قهر عليه، فإن أصر كان مرتدا. ولو مات الأب كافرا فأسلم الجد تبعه الولد أيضا في الإسلام، وكان حكمه حكم الأب سواء. فإن أسلم الجد، والأب كافر حي، فهل يتبع الولد الجد في الإسلام؟ قواه الشيخ (رحمه الله) (1) فعلى هذا لو مات المسلم أو الكافر وخلف أبا وابنا صغيرا كافرين فأسلم الأب قبل القسمة شاركهم هو والابن. 6369. الحادي عشر: إذا مات الكافر وخلف أولادا صغارا وابن أخ وابن أخت مسلمين، فإن كانت أم الأولاد مسلمة تبعها الأولاد في الإسلام، وكان ميراثه لأولاده خاصة، فإذا بلغوا واختاروا الكفر قهروا على الإسلام، فإن امتنعوا كانوا مرتدين، وكان ميراثهم من أبيهم لورثتهم حال ارتدادهم. وإن كانت الأم كافرة، كان الميراث لابن الأخ وابن الأخت المسلمين أثلاثا. قال الشيخ (رحمه الله): وينفق ابن الأخ ثلثي النفقة على الأولاد وابن الأخت الثلث، فإن بلغ الأولاد وأسلموا فهم أحق بالتركة، وإن اختاروا الكفر استقر ملك ابن الأخ وابن الأخت على التركة ومنع الأولاد. (2) وصار في ذلك إلى رواية مالك بن أعين الصحيحة عن الباقر (عليه السلام) (3).
1. المبسوط: 4 / 97. 2. النهاية: 665. 3. الوسائل: 17 / 379، الباب 2 من أبواب موانع الإرث، الحديث 1. 59 ومنع ابن إدريس ذلك (1) وجعل الميراث لابن الأخ وابن الأخت المسلمين، فإن الأولاد كفار كآبائهم ولا نفقة، ولو بلغ الأطفال وأسلموا لم يدفع التركة إليهم مع القسمة، وهو الوجه. في موانع الإرث الفصل الثاني: في باقي الموانع وفيه ستة وعشرون بحثا: 6370. الأول: القاتل لا يرث المقتول إذا كان عمدا ظلما، سواء كان القاتل أبا أو غيره، ويرثه غير القاتل وإن بعد من ذوي الأسباب أو الأنساب. ولو لم يوجد سوى القاتل كان الميراث لبيت المال. ولو كان القتل غير ظلم كالقتل قصاصا، أو حدا، أو دفعا عن نفسه، أو جهادا للباغي أو الكافر، لم يمنع القاتل من الميراث. 6371. الثاني: اختلف علماؤنا في القاتل خطأ، فقال بعضهم: لا يرث كالعمد، (2) والرواية (3) به مقطوعة السند. وقال آخرون: يرث مطلقا (4) وهو الأشهر.
1. السرائر: 3 / 269. 2. ذهب إليه ابن أبي عقيل، حكاه عنه المصنف في المختلف: 9 / 84. 3. الوسائل: 17 / 392، الباب 9 من أبواب موانع الإرث، الحديث 3. 4. وهو خيرة الشيخ في النهاية: 672. 60 وجمع المفيد (رحمه الله) بين الأخبار فقال: يرث من التركة ولا يرث من الدية، (1) وهو حسن. والوجه إلحاق شبيه الخطأ بالخطأ، وكذا من أمره العاقل ببط (2) جراحة، أو قطع سلعة (3) فتلف، أو قصد مصلحة موليه بما له فعله من سقي دواء أو بط جراح فمات، والنائم، والساقط على إنسان من غير اختيار، وسائق الدابة وقائدها وراكبها، والصبي والمجنون إذا قتلا غيرهما. 6372. الثالث: لا فرق في العمد بين المباشرة والتسبيب، وكذا في الخطأ، فلو شهد مع جماعة ظلما عمدا على مورثه فقتل لم يرثه، وإن كان خطأ ورثه من التركة، ولو شهد بحق فقتل ورثه، لأنه سائغ. ولو قتل أكبر الإخوة الثاني ثم الثالث الأصغر، ولا وارث سواهما، لم يسقط القصاص عن الأكبر، لأن ميراث الثاني للثالث والأصغر نصفين، فلما قتل الثالث الأصغر لم يرثه، وورثه الأكبر، فيرجع إليه نصف دم نفسه فإن أدى الثالث إليه نصف الدية كان له قتله، وإلا فلا. وأما الثالث فعليه القصاص للأكبر عن الأصغر ويرثه، ولو اقتص الأكبر أولا سقط القصاص عنه، لأنه ورثه، ويحتمل أن لا يرثه، لأنه تعدى باستيفاء حقه أولا. 6373. الرابع: لو قتل الولد أباه لم يرثه، فإن كان للقاتل ولد ولا ولد للأب،
1. المقنعة: 703. 2. بط الرجل الجرح بطا، من باب قتل: أي شقه. مجمع البحرين. 3. السلعة، بكسر السين: زيادة في الجسد كالغدة وتتحرك، إذا حركت. مجمع البحرين. 61 ورث الجد، ولم يمنع من الميراث بجناية أبيه، ولو كان للقاتل ولد كافر منع أيضا، وكان الميراث لولد الولد، ولو لم يكن هناك ولد ولد ولا غيره، فالميراث للإمام، فإن أسلم الكافر كان أولى به، على ما تقدم من الخلاف. 6374. الخامس: الزوج والزوجة يرثان من الدية، سواء كان القتل عمدا أو خطأ، ولا يرثان من القصاص شيئا، وإنما يرثان من الدية في العمد إذا رضي الورثة والقاتل بأدائها. ولو لم يحصل التراضي لم يكن للزوج ولا للزوجة المطالبة بشئ من الدية، سواء عفا الورثة عن القصاص أو اقتصوا، أما لو وقع التراضي بالدية، ثم عفوا عنها، كان للزوج والزوجة أخذ نصيبها منها. 6375. السادس: يرث الدية كل مناسب ومسابب، عدا من يتقرب بالأم، فإن فيهم خلافا (1). ولو لم يكن للمقتول وارث سوى الإمام، كان له المطالبة بالقود أو الدية مع رضى القاتل عمدا بها، وليس له العفو. 6376. السابع: الدية في حكم مال الميت، يقضى منها ديونه، وينفذ منه وصاياه، سواء كان القتل عمدا إذا وقع الرضا بالدية أو خطأ. ولو وقع عمدا، فاختار الديان الدية والورثة القصاص، قدم اختيار الورثة، ولا يجب عليهم دفع الدية ولا شيئا منها. 6377. الثامن: الرق مانع من الإرث في الوارث والموروث، فلو مات العبد
1. لاحظ الأقوال حول المسألة في المسالك: 13 / 43 - 44. 62 فميراثه لمولاه، فإن العبد لا يملك، سواء ملكه مولاه أو لا، وسواء كان قنا، أو أم ولد، أو مدبرا، أو مكاتبا مشروطا، أو مطلقا لم يؤد شيئا، وسواء كان له وارث حر، أو مكاتب بكتابته، أو مدبر بتدبيره أو لا. ولو انعتق بعضه ورث مولاه نصيب الرقية، وكان نصيب الحرية لورثته. ولو مات الحر وله وارث حر وآخر مملوك، فميراثه للحر وإن بعد، كضامن الجريرة، ولا شئ للعبد وإن قرب كالولد. ولو كان الحر يتقرب بالعبد لم يسر المنع إليه وورث، كما لو خلف ولدا مملوكا وللولد ولد حر، فإن الحر يرث الجد دون المملوك. 6378. التاسع: لو أعتق المملوك على ميراث قبل قسمته شارك، إن كان مساويا للورثة، واختص بالمال أجمع إن كان أولى، وإن أعتق بعد القسمة لم يكن له شئ، وكذا لو كان الوارث الحر واحدا لم يكن له شركة. 6379. العاشر: لو لم يخلف الحر وارثا سوى المملوك، فإن كان المملوك أحد أبوي الميت أو ولده لصلبه، اشترى من التركة من مولاه بالقيمة العدل، وأعتق وأعطي باقي التركة، ولو امتنع مولاه من البيع أجبر على ذلك. وهل يفك غير الأبوين وولد الصلب من الأنساب كالأخ والعم والجد وولد الولد وغيرهم؟ منع المفيد (رحمه الله) ذلك، (1) وهو اختيار السيد (2) وابن إدريس (3).
1. المقنعة: 695. 2. الانتصار: 597، المسألة 328. 2. السرائر: 3 / 272. 63 وقال الشيخ: يفك كل مناسب مع فقد الأبوين والولد. (1) وبه رواية ضعيفة (2). قال الشيخ في النهاية: وحكم الزوج والزوجة حكم الأقارب في وجوب الفك (3). وبه رواية (4) جيدة تدل على حكم الزوجة وأنها تفك. 6380. الحادي عشر: لو لم يفضل من التركة شئ عن القيمة وجب الفك والعتق، أما لو قصرت فالأقوى عدم الوجوب بل ينتقل المال إلى الإمام. وقال بعض علمائنا: يفك بقدر التركة، ويسعى المملوك في الباقي، (5) وليس بجيد. ولو كان الوارث اثنين، وقصرت التركة عنهما معا، لم يجب شراء أحدهما وإن وفت به التركة أو فضل نصيبه عن قيمته على إشكال، وكان الميراث للإمام. ولو كان العبد قد انعتق بعضه، ورث من نصيبه بقدر حريته ومنع بقدر الرقية، وأعطي باقي النصيب غيره، فإن لم يوجد سواه احتمل صرف الباقي إليه يأخذه بجزئه الحر وشراء الباقي من نصيب الرقية، ودفعه إلى الإمام. 6381. الثاني عشر: أم الولد لا ترث، وكذا المدبر من مدبره ولو كان وارثا، وكذا المكاتب المشروط، والمطلق الذي لم يؤد شيئا.
1. النهاية: 668. 2. الوسائل: 17 / 404، الباب 20 من أبواب موانع الإرث، الحديث 3. 3. النهاية: 668. 4. الوسائل: 17 / 406، الباب 20 من أبواب موانع الإرث، في ذيل الحديث 7. 5. قال الشيخ في النهاية: 668: وقال بعض أصحابنا: إنه إذا كانت التركة أقل من ثمن المملوك استسعي في باقيه. ولست أعرف بذلك أثرا. 64 6382. الثالث عشر: اللعان سبب في قطع الميراث بين الزوجين، وفي سقوط نسب الولد من الأب، فلو مات الابن لم يرثه الأب ولا من يتقرب به خاصة وبالعكس، وميراثه لأمه ومن يتقرب بها من الإخوة والأخوال والأجداد، ويرثه ولده وزوجه وزوجته. فإن خلف أمه وأولادا فلأمه السدس، والباقي للأولاد للذكر ضعف الأنثى، ولو لم يكن ولد فلأمه الثلث والباقي رد عليها، وفي رواية أن الزائد عن الثلث للإمام (1) وهي شاذة. ولو فقدت الأم والأولاد فلإخوته وأخواته وأولادهم وأجداده من قبلها بالسوية، ويترتبون الأقرب فالأقرب. فإن فقدوا فالأخوال والخالات كذلك وأولادهم، فإن فقدوا فللإمام إن لم يكن مولى ولا ضامن جريرة (2). ولا يرث الأب ولا من يتقرب بالأب، وللزوج والزوجة نصيبهما مع كل درجة، ويرث هو قرابة أمه، وقيل: لا يرثهم إلا أن يعترف به الأب (3) وليس بمعتمد. ولو اعترف به أبوه قبل إكمال اللعان توارثا، ولو اعترف به بعد انقضاء اللعان لم يرثه الأب ولا من يتقرب به، ويرثه الولد.
1. الوسائل: 17 / 560، الباب 3 من أبواب ميراث الملاعنة، الحديث 3 و 4. 2. في «أ»: ولا ضامن الجريرة. 3. ذهب إليه الشيخ في الاستبصار: 4 / 181، ذيل الحديث 682. 65 وهل يرث الولد من يتقرب بالأب؟ قال أبو الصلاح: نعم. (1) والأقرب المنع، لانقطاع النسب باللعان، واختصاص الإقرار بالمقر. 6383. الرابع عشر: لو خلف ابن الملاعنة أخوين: أحدهما لأب وأم وآخر لأم تساويا في الميراث، وكذا لو كانا أختين أو بالتفريق أو ابن أخت لهما وابن أخت للأم. ولو خلف أخا وأختا لأبويه مع الجدين للأم تساووا، لسقوط اعتبار نسب الأب. ولو ماتت أمه ولا وارث سواه، فميراثها له، ولو كان أبوان أو أحدهما فلهما السدسان والسدس للواحد والباقي له إن كان ذكرا. وان كان أنثى فلها النصف والباقي يرد عليها وعلى الأبوين أو أحدهما. ولو أنكر الحمل ولاعن فولدت توأمين توارثا بالأمومة (2). 6384. الخامس عشر: ولد الزنا لا يرث أحدا من أبويه ولا من يتقرب بهما، لانقطاع نسبه منهما، ولا يرثه أحدهما ولا من يتقرب بهما، وميراثه لولده وزوجه وزوجته، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد وإن نزل فللإمام. وروي: أن ثلث ماله لأمه والباقي للإمام. (3) وليس بمعتمد. 6385. السادس عشر: من تبرأ عند السلطان من جريرة ولده وميراثه، قال
1. الكافي في الفقه: 375. 2. في «أ»: توارثا بالسوية. 3. ذكر الشيخ في النهاية: 680 ان ميراث ولد الملاعنة ثلثه لأمه، والباقي لإمام المسلمين ثم نقل عن بعض أصحابنا ان ميراث ولد الزنا مثل ميراث ولد الملاعنة ولعل كلام المصنف ناظر إلى هذا القول ولكنه قول لبعض أصحابنا وليس رواية. 66 الشيخ (رحمه الله): يكون ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه. (1) وليس بجيد، والوجه أن أباه يرث دون العصبة. 6386. السابع عشر: لو مات وعليه دين مستوعب للتركة لم ينتقل إلى الوارث، وكانت على حكم مال الميت على إشكال. أقربه الانتقال وصيرورة التركة بمنزلة الرهن، وتظهر الفائدة في النماء المتجدد بعد الموت. ولو لم يكن الدين مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل، وكان مقابل الدين باقيا على حكم مال الميت. 6387. الثامن عشر: اشتباه تاريخ الموت في غير الغرق والهدم على أحد القولين أو حتف أنفهما مانع من الإرث، وكذا التقارن مطلقا، فلو مات أب وابن حتف أنفهما، واشتبه تقدم موت أحدهما، أو علم تقارنهما في الموت، لم يرث الأب من الابن وبالعكس، بل يرث كلا منهما ورثته غير صاحبه. 6388. التاسع عشر: المفقود أو الأسير الذي انقطع خبره لا يورث إلا أن يعلم موته أو تنقضي مدة لا يمكن أن يعيش مثله إليها غالبا، وتعتبر المدة من وقت ولادة المفقود لامن وقت غيبته. وإذا قضي بموته، ورثه أقاربه الموجودون وقت الحكم لا وقت الغيبة. وأما ميراثه من الحاضرين فيجب التوقف في نصيبه إذا مات له قريب، ويقسم باقي التركة، فإن بان حيا أخذه، وإن علم أنه مات بعد موت مورثه دفع
1. في النهاية: 682 هكذا: «العصبة أمه دون أبيه» لكن ما نقله المحقق في الشرائع: 4 / 44، والشهيد الثاني في المسالك: 13 / 237 يوافق ما في المتن، ويؤيده التعليل. 67 نصيبه من ماله إلى ورثته، وإن علم أنه كان ميتا حين موت مورثه رد الموقوف إلى ورثة الأول. وإن مضت المدة ولم يعلم خبره رد أيضا إلى ورثة الأول للشك في حياته حين موت مورثه، فلا يورث مع الشك، وكذا لو علمنا موته ولم يعلم هل مات قبل الموروث أو بعده. وقال ابن بابويه (رحمه الله): يطلبه السلطان أربع سنين في الأقطار، فإن لم يعرف له خبرا قسم تركته واعتدت زوجته. (1) وهو مذهب علمائنا في فسخ النكاح، وأما الميراث فالأقرب ما تقدم، وإن كان الاحتياط في البضع أشد من المال لكن عارضه تضرر المرأة بطول الغيبة. وميراث المفقود للأحياء من ورثته يوم قسمة ماله (2) لا من مات قبل ذلك ولو بيوم. 6389. العشرون: لو كان أحد ورثة الميت مفقودا أعطي كل واحد من الحاضرين اليقين وتوقف الباقي حتى يظهر أمر المفقود، أو تمضي مدة الانتظار. فتعمل المسألة على أنه حي، ثم على أنه ميت، ويضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو في وفقهما إن اتفقتا، وتجتزئ بأحدهما إن تماثلتا، وبالأكثر إن تناسبتا، (3) ويعطى كل واحد أقل النصيبين.
1. الفقيه: 4 / 240 في ذيل الحديث 766. 2. في «أ»: يوم قسم ماله. 3. إن النسبة بين العددين لا تخلو من حالات أربع: المتماثلان وهما المتساويان قدرا. والمتداخلان: كون العدد الأكبر من مضاعفات العدد الأصغر، كما في (4، 8). والمتوافقان: العددان القابلان للقسمة على عدد صحيح بلا كسر كما في (6 و 9) فإنهما قابلان للقسمة على عدد (3). والمتباينان: العددان اللذان لا مضرب مشترك بينهما كما في (3 و 4). 68 فلو خلف أما وبنتا حاضرين وأبا غائبا فرض موته، فيكون للأم بالفرض والرد الربع وللبنت الباقي عنهما، (1) فأصل الفريضة أربعة، وفرض حياته، فيكون للبنت بالميراث والرد ثلاثة الأخماس وللأم خمس، وللأب آخر فيضرب خمسة في أربعة يصير عشرين فتأخذ البنت بأضر الأحوال اثني عشر سهما، والأم كذلك أربعة أسهم، وتوقف للأب أربعة. (2) ولهم أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيب المفقود فللأم أن تأخذ خمسة من الستة عشر إن رضيت البنت، وللبنت أن تأخذ خمسة عشر من الستة عشر إن رضيت الأم. (3) ولو كان الحاضر يرث حالة موت الغائب، كما لو خلف زوجة وأخا وولدا غائبا لم يعط شيئا، فيأخذ للزوجة الثمن ويوقف الباقي، فان استمر الاشتباه بعد
1. في «ب»: «بهما» والضمير راجع إلى الفرض والرد. 2. قد مر أن نصيب البنت الواحدة مع أحد الأبوين (43) ومعهما (53). فأصل الفريضة على الأول (4) وعلى الثاني (5)، فيضرب أحدهما في الآخر (4 × 5 = 20) وسهم البنت منها على الأول (20 × 43 = 15) وعلى الثاني (20 × 53 = 12) وسهم الأم على الأول (20 × 41 = 5) وعلى الثاني 20 × 51 = 4، فيعطى لكل منهما الأقل أي (12) للبنت و (4) للأم والباقي (4) للأب المفقود. 3. يعني تصطلح البنت والأم على أن يوقف سهم الغائب (4) وتأخذ أحدهما من الباقي (16) سهمها على تقدير موت الغائب، فالأم تأخذ (5) والباقي للبنت (11) أو بالعكس تأخذ البنت (15) والباقي (1) للأم، وسهم الغائب للذي أخذ الأقل بعد العلم بموته. 69 المدة أو عرف موته قبل موت الموروث سلم الباقي إلى الأخ وإلا فلا. ولو خلفت زوجا وأختين لأب وأخا له غائبا، أعطي الزوج النصف والأختان الربع. ولو كان الغائب حاجبا غير وارث، كما لو خلف أبويه وأخويه غائبين ففي تعجيل الحجب نظر أقربه التعجيل، فيأخذ الأم السدس، والأب الثلثين، ويؤخر السدس للأم، لكن هنا وإن حكمنا بالحجب لكن يحكم بموتهما في حق الأب فلا يتعجل [له] (1) السدس المحجوب عن الأم، وحينئذ يحكم في الأخوين بالحياة بالنظر إلى طرف الأم، وبالموت بالنظر إلى طرف الأب. (2) 6390. الحادي والعشرون: الحمل يرث بشرطين: انفصاله حيا وإن سقط بجناية جان، ووجوده عند الموت; فلو خلا من أحدهما كان كالمعدوم من أصله. ولو جاء لأكثر من أقصى مدة الحمل من حين الموت لم يرث، وإن جاء لدون ستة أشهر من حين الموت ورث. ولو جاء لما بين المدتين ورث أيضا، لأن النسب يثبت، والميراث تابع إذا كانت خالية من مولى يطأها أو زوج، فإن كان لها مولى يطأها أو زوج لم يرث، إلا أن يقر الورثة إن كان موجودا حال الموت.
1. ما بين المعقوفتين أخذناه من الجواهر: 39 / 69، نقلا عن المصنف. 2. أي نحكم بموت الأخوين بالنسبة إلى الأب، فلا يجوز له الأخذ زيادة على الثلثين، ونحكم بحياتهما في حق الأم، فلا يجوز لها الزيادة عن السدس، فيبقى السدس إلى حين انكشاف حالهما. 70 ولا يشترط اتصافه بالحياة وقت الموت، فلو مات الموروث وهو علقة أو نطفة ورث. ويعلم حياته وقت سقوطه بأمرين: الاستهلال، والحركة البينة، ولو اشتبهت الحركة لم يرث، لجواز استنادها إلى اختلاج (1) أو تقلص (2) عصب وعضلة، أما لو قبض أصابعه وبسطها فهو دليل الحياة. ولو خرج نصفه فصرخ ثم مات وانفصل، فالأقرب أنه لا يرث، ولو ولدت توأمين فاستهل أحدهما واشتبه، فإن كانا ذكرين أو أنثيين فلا بحث، وإن كانا ذكرا وأنثى، فالوجه القرعة. 6391. الثاني والعشرون: يعزل للحمل نصيب ذكرين، لأن الغالب عدم الزائد، وكل من الذكورة والأنوثة محتمل فقدر أضر الأحوال. فلو خلف معه أبوين وزوجة، فلكل من الأبوين السدس، وللزوجة الثمن، فإن سقط ميتا أكمل لكل منهم نصيبه. ولو خلف ابنا أعطي الثلث، ولو كانت بنتا فالخمس (3) ويتسلط الحاضرون على ما سلم إليهم. ولو ادعت المرأة الحمل حكم بقولها، ووقف النصيب، فإن ظهر كذبها سلم إلى باقي الورثة.
1. اختلج العضو: أي اضطرب ومنه الاختلاج. مجمع البحرين. 2. قلص وتقلص بمعنى انزوى وانضم. مجمع البحرين. 3. لو خلف الميت ابنا، فيقدر للحمل سهم ابنين، ويقسم المال أثلاثا، ولو خلف بنتا، فحيث إن للذكر ضعف الأنثى فالفريضة تكون من خمسة، وللبنت خمسها، والباقي للحمل على فرض كونه ذكرين. 71 6392. الثالث والعشرون: الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك ويسترق، فإذا تعارف منهم اثنان أو جماعة بنسب يوجب الموارثة في شرع الإسلام، قبل قولهم في ذلك من غير بينة. 6393. الرابع والعشرون: اللقيط إن توالى إلى إنسان يضمن جريرته وحدثه، كان ميراثه له مع عدم النسب وضمان جريرته عليه، وإن لم يتوال أحدا فميراثه للإمام وليس لملتقطه شئ. 6394. الخامس والعشرون: المشكوك فيه هو أن يطأ الرجل امرأته أو جاريته، ثم يطأها غيره في تلك الحال، وتضع، قال الشيخ (رحمه الله): لا ينبغي له أن يلحقه به لحوقا صحيحا، بل ينبغي أن ينفق عليه، فإذا حضرته الوفاة، عزل له شيئا من ماله، ولو مات الولد، لم يكن له شئ من تركته، وكانت لبيت المال، إن لم يخلف وارثا. (1) وقال ابن إدريس: إن الولد لاحق بالأب ويتوارثان (2) وهو الحق. ولو وطئ اثنان جارية مشتركة بينهما، فأتت بولد، أقرع بينهما، فمن خرج اسمه، لحق به الولد، وتوارثا، وضمن للباقين من الشركاء حصصهم، فإن وطئها نفسان في طهر واحد، بعد انتقالها من واحد منهما إلى الآخر، كان الولد لاحقا بمن عنده الجارية. 6395. السادس والعشرون: الأسير الذي مع الكفار يرث إجماعا.
1. النهاية: 681 - 682. 2. السرائر: 3 / 285. 72 المقصد الخامس: في اللواحق وفيه فصول: [الفصل] الأول: في ميراث الخنثى والمشكل أمره وفيه سبعة مباحث: 6396. الأول: الخنثى من له فرج الرجال والنساء، وقد وقع الإجماع على أنه يعتبر حاله بالمبال، فيورث من حيث يبول، فإن بال من فرج الرجال فهو رجل، وإن بال من فرج النساء فهو امرأة، فإن بال منهما، اعتبر بالسابق، فمن أيهما سبق منه البول ورث عليه. فإن اتفقا اعتبر بالمتأخر في الانقطاع، فمن أيهما انقطع منه البول أخيرا ورث عليه. فإن اتفقا فهو المشكل، وقد اختلف علماؤنا فيه، فالذي اختاره المفيد (1)
1. الإعلام (ضمن مصنفات الشيخ المفيد): 9 / 62. 73 والمرتضى (1) رحمهما الله أنه تعد أضلاعه، فإن اتفق جنباه فهو أنثى، وإن اختلفتا فهو ذكر وارتضاه ابن إدريس (2). وقال الشيخ (رحمه الله) في أكثر كتبه يعطى نصف سهم ذكر ونصف سهم امرأة (3) وهو الأقوى عندي. وللشيخ قول آخر، وهو الرجوع إلى القرعة. (4) 6397. الثاني: الخنثى إن انفرد فله المال، وإن شاركه من نوعه غيره، فعلى ما اخترناه، تكون التركة بينهم بالسوية وإن كثروا، وعلى القولين الآخرين من عد الأضلاع والقرعة فكذلك إن تساووا في الذكورية والأنوثية، وإلا فللذكر ضعف الأنثى. 6398. الثالث: اختلف الفقهاء القائلون بما اخترناه في كيفية توريثهم إذا اجتمعوا مع الذكور والإناث أو مع أحدهما، فقال بعضهم: يجعل للأنثى سهمان وللخنثى ثلاثة وللذكر أربعة لأنا نجعل للأنثى أقل عدد له نصف وهو اثنان، وللذكر ضعف ذلك أربعة وللخنثى نصفهما. (5) وهو حسن. وقال آخرون: يجعل مرة ذكرا ومرة أنثى، وتقسم التركة على هذا مرة، وعلى هذا أخرى، ثم تضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا، وفي
1. الانتصار: 593 - 594، المسألة 325. 2. السرائر: 3 / 280. 3. النهاية: 677; المبسوط: 4 / 114. 4. الخلاف: 4 / 106، المسألة 116 من كتاب الفرائض. 5. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 4 / 115. 74 وفقهما إن اتفقتا، ويجتزئ بإحداهما إن تماثلتا، أو بأكثرهما إن تناسبتا، ويضربهما في اثنين. ثم يجمع ما لكل واحد منهما إن تماثلتا، ويضرب ما لكل واحد من إحداهما في الأخرى إن تباينتا، أو في وفقهما إن اتفقتا، فيدفعه إليه. (1) وهذه القسمة توافق الأولى في بعض المواضع، وتخالفها في البعض، كما لو اجتمع الخنثى مع ذكر وأنثى، فعلى العمل الأول يصح من تسعة، للخنثى الثلث، ثلاثة. (2) وعلى الثاني مسألة الذكورية من خمسة والأنوثية من أربعة، تضرب إحداهما في الأخرى، يبلغ عشرين، ثم يضرب اثنين في عشرين يبلغ أربعين، للبنت سهم في خمسة وسهم في أربعة، وذلك تسعة (3) وللذكر سهمان في خمسة وسهمان في أربعة وذلك ثمانية عشر، (4) وللخنثى سهم في خمسة وسهمان في أربعة وذلك ثلاثة عشر سهما (5) وهي دون ثلث الأربعين.
1. نسب في الجواهر هذا القول إلى جماعة وقال: «بل في محكى الإيضاح وتعليق الكركي على النافع والتنقيح انه المشهور، وفي المسالك انه أظهر بينهم» جواهر الكلام: 39 / 287. 2. يعني للخنثى ثلث التسعة أي (3) وللذكر (4) وللأنثى (2). 3. نصيب البنت من الأربعين على فرض أنوثية الخنثى (40 ÷ 4 = 10) وعلى فرض الذكورية (40 ÷ 5 = 8)، والحاصل (10 + 8 = 18) يعطى نصف النصيبين 18 ÷ 2 = 9. 4. نصيب الابن من الأربعين على فرض الأنوثية (40 ÷ 4 = 10)، (10 × 2 = 20) وعلى فرض الذكورية (40 ÷ 5 = 8)، (8 × 2 = 16) والحاصل 20 + 16 = 36، يعطى نصف النصيبين 3600 2 = 18. 5. نصيب الخنثى من الأربعين على فرض الأنوثية (40 ÷ 4 = 10) وعلى فرض الذكورية 40 ÷ 5 = 8، (8 × 2 = 16) والحاصل 16 + 10 = 26 يعطي نصف النصيبين 26 ÷ 2 = 13. فنصيبها 4013 وهو أقل من ثلث الفريضة 31 - 4013 = 12040 - 39 = 1201 75 ولو لم يكن في المسألة بنت فعلى الأول الفريضة من سبعة وعلى الثاني من اثني عشر، للذكر سبعة وللخنثى خمسة. (1) ولو لم يكن في المسألة ذكر فعلى الأول الفريضة من خمسة وعلى الثاني من اثني عشر، للخنثى سبعة وللأنثى خمسة. 6399. الرابع: لو اجتمع مع الزوج أو الزوجة، ضربت على الأول مخرج فرض أحد الزوجين في نصيبه، ويقسم المجتمع عليهما، فلو ترك ابنا وبنتا وخنثى وزوجة، ضربت ثمانية في تسعة يبلغ اثنين وسبعين، للزوجة تسعة، وذلك واحد في تسعة، وللذكر ثمانية وعشرون، حصلت من ضرب أربعة في سبعة، وللخنثى أحد وعشرون [حصلت] من [ضرب] ثلاثة في سبعة، وللأنثى أربعة عشر، حصلت من ضرب اثنين في سبعة (2).
1. فعلى الأول للذكر (4) وللخنثى (3)، فالفريضة من (7). وعلى الثاني، على فرض الذكورية الفريضة من (2) وعلى فرض الأنوثية من (3) والعددان متباينان فيضرب أحدهما في الآخر 2 × 3 = 6 ويضرب الحاصل في (2)، 6 × 2 = 12. نصيب الخنثى على فرض الذكورية 12 ÷ 2 = 6 وعلى فرض الأنوثية 12 ÷ 3 = 4 والحاصل 6 + 4 = 10 يعطى نصف النصيبين 10 ÷ 2 = 5. ونصيب الذكر على فرض الذكورية 12 ÷ 2 = 6 وعلى فرض الأنوثية 12 ÷ 3 = 4، 4 × 2 = 8 والحاصل 6 + 8 = 14 يعطى نصف النصيبين 14 ÷ 2 = 7. 2. صورة المسألة هكذا: على القول الأول للابن 94 وللأنثى 92 وللخنثى 93، فالمسألة من تسعة، وللزوجة ثمن (81) التركة وبين (9) و (8) مباينة فيضرب أحدهما في الآخر 9 × 8 = 72 نصيب الزوجة ثمنها 72 ÷ 81 = 9 والباقي (72 - 9 = 63) يقسم بين الورثة على حسب سهامهم. فلابن 94 × 63 = 28 وللأنثى 92 × 63 = 14 وللخنثى 93 × 63 = 21، ويمكن تحصيل نصيب الورثة بضرب عدد كل منهم في السبعة أيضا، فنصيب الابن 4 × 7 = 28، ونصيب الأنثى 2 × 7 = 14، ونصيب الخنثى 3 × 7 = 21. وعلى القول الثاني: نصيب الابن (40) (18) ونصيب البنت 40 (9) ونصيب الخنثى 40 (13) فكان عددهم (40)، وحيث كان نصيب الزوجة ثمن التركة فيضرب (40) في (8) يحصل (320). للزوجة ثمنها 320 × 81 = 40 والباقي 320 - 40 = 280 سهم الورثة يقسم بينهم على حسب سهامهم، فللابن 280 × 4018 = 126، وللبنت 280 × 409 = 63، وللخنثى 280 × 4013 = 91. 76 وعلى الثاني صححت مسألة الخناثى، ثم ضربت مخرج نصيب أحد الزوجين في المسألة، فلو وجد ابن وبنت وخنثى مع زوج، ضربت أربعة في أربعين يصير مائة وستين، فللزوج أربعون، وللأنثى سبعة وعشرون، وللذكر أربعة وخمسون، وللخنثى تسعة وثلاثون. (1) ولو اجتمع أبوان وخنثى فعلى تقدير الذكورية، الفريضة من ستة، وعلى تقدير الأنوثية، من خمسة تضرب إحداهما في الأخرى تصير ثلاثين، للخنثى تسعة عشر، وللأبوين أحد عشر. (2)
1. ولو كان بدل الزوجة الزوج، فحيث إن نصيبه من التركة الربع فيضرب العدد في الأربع، فعلى الأول، 9 × 4 = 36، سهم الزوج 36 ÷ 41 = 9 والباقي 36 - 9 = 27 يقسم على حسب سهامهم، فللابن 27 × 94 = 12 وللبنت 27 × 92 = 6، وللخنثى 27 × 93 = 9 وعلى الثاني 40 × 4 = 160 سهم الزوج 160 ÷ 41 = 40، والباقي 160 - 40 = 120 يقسم على حسب سهامهم، فللابن 120 × 4018 = 54، وللبنت 120 × 409 = 27، وللخنثى 120 × 4013 = 39. 2. إن نصيب الأبوين على فرض الذكورية سدسان (62) والباقي للخنثى (64) وعلى فرض الأنوثية خمسان (52) والباقي للخنثى (53)، لأنه قد مر في إرث الأولاد والأبوين، أن للأبوين 62، وللبنت 21، والباقي (61) يرد عليهم على نسبة سهامهم فراجع ص 13 ثم إن المخرجين متباينان، فيضرب أحدهما في الآخر (5 × 6 = 30). فنصيب الخنثى على فرض الذكورية 30 × 64 = 20 وعلى فرض الأنوثية 30 × 53 = 18 والحاصل 20 + 18 = 38 فيعطى نصف النصيبين 38 ÷ 2 = 19. والباقي للأبوين 30 - 19 = 11 77 ولو كان معها أحدهما ضربت أربعة في ستة، فلها نصف سهم الذكر عشرة، ونصف سهم الأنثى تسعة، وللأب خمسة. (1) ولو كان مع الأبوين خنثيان فما زاد، فللأبوين السدسان والباقي للخنثيين. (2) ولو كان معهما أحد الأبوين، ضربت خمسة في ستة، واثنين في ثلاثين، فللخناثى تسعة وأربعون، وللأب أحد عشر. (3) ولو كان مع أحد الأبوين خنثى وأنثى، فعلى الأول يصح نصيب الأم (4) بضرب خمسة في ستة يصير ثلاثين، ثم اثنين في ثلاثين لسقوط نصف الرد، ثم
1. المسألة على فرض الذكورية من ستة، لأن سهم أحد الأبوين (61) والباقي للخنثى (65)، وعلى فرض الأنوثية من أربعة، لأن سهم أحد الأبوين (61) والخنثى (21) والباقي يرد عليهما بنسبة السهام، وقد مر في إرث الأولاد والأبوين، أن الحاصل، سهم أحدهما (41) والبنت (43)، فيضرب أحدهما في الآخر (6 × 4 = 24). سهم الخنثى على تقدير الذكورية (24 × 65 = 20) وعلى تقدير الأنوثية (24 × 43 = 18) والحاصل (20 + 18 = 38) يعطى نصف النصيبين (38 ÷ 2 = 19) والباقي لأحدهما (24 - 19 = 5). 2. لأنه لو كانتا ذكرين فلهما ما زاد على السدسين، وإن كانتا أنثيين فلهما الثلثان. 3. إن سهم أحد الأبوين على فرض الذكورية (61) والباقي للخنثيين (65)، وعلى فرض الأنوثية أن لأحدهما (61) ولهما (64) والباقي يرد عليهما على نسبة سهامهم، فيصير سهم أحدهما (51) وسهمهما (54)، فالمسألة على الذكورية من ستة وعلى الأنوثية من خمسة، يضرب أحدهما في الآخر (5 × 6 = 30) ثم المجتمع في (2)، (30 × 2 = 60)، سهم الخناثى على الذكورية 60 × 65 = 50، وعلى الأنوثية 60 × 54 = 48، يعطى نصف المجموع 50 + 48 = 98 ÷ 2 = 49 والباقي 60 - 49 = 11 لأحدهما. 4. هكذا في النسختين، والصحيح «أحدهما». 78 يضرب خمسة سهام الخنثى والأنثى في ستين، فللأب (1) خمسة وخمسون، وللأنثى ثمانية وتسعون، والباقي للخنثى. (2) وعلى الثاني تضرب خمسة على تقدير الأنوثية في ستة، ثم اثنين في المجتمع، لسقوط نصف رد الأب، ولا يحصل في المجتمع الثلث، فيضرب ثلاثة في ستين يبلغ مائة وثمانين، للأب بالفرض ونصف الرد ثلاث وثلاثون، وللخنثى ستة وثمانون، وللأنثى أحد وستون. (3)
1. هكذا في النسختين والصحيح «أحدهما» حفظا لانسجام العبارة. 2. اعلم أن نصيب أحد الأبوين (61) من الفريضة لو لم يرد عليه شئ، ونصيب البنتين (32) من الفريضة، فعدد الفريضة (6). فعلى تقدير كون الوارث أحدهما مع البنتين يصير حاصل سهامهم 61 + 32 = 61 + 4 = 65 والباقي يرد على نسبة سهامهم أي (5)، وحيث إن العددين (5 و 6) متباينان، فلتصحيح الفريضة يضرب أحدهما في الآخر (6 × 5 = 30) فيرد على أحدهما (301) وعلى البنتين (304) والفريضة من (30) ولما كان أحد الورثة خنثى ولها نصف نصيب الأنثى والذكر، فيسقط نصف الرد ويبقى نصفه الآخر 301 ÷ 2 = 601 فلا بد لتصحيح الفريضة ارتقائها إلى (60). ثم يضرب في مسألة الأنثى والخنثى 60 × 5 = 300، نصيب أحدهما بالفرض 300 × 61 = 50 وبالرد 300 × 601 = 5 والمجموع 50 + 5 = 55، والباقي 300 - 55 = 245 يقسم بين الأنثى والخنثى أخماسا، للأنثى سهمان وللخنثى ثلاثة سهام، 245 ÷ 5 = 49، 49 × 2 = 98 سهم الأنثى، 49 × 3 = 147 سهم الخنثى. 3. إن نصيب أحدهما على فرض الأنوثية مع الرد (51) من الفريضة، فيكون العدد خمسا، وعلى فرض الذكورية نصيبه (61) فالفريضة من ستة، وبين العددين (5 و 6) التباين فلا بد من ضربهما 6 × 5 = 30. وقد مر في الحاشية السابقة سقوط نصف الرد بتوضيح منا، فلا بد من ارتقاء الفريضة من ثلاثين إلى ستين لتصحيح الفريضة. وحيث إن سهم الخنثى على فرض ذكوريتها وضعف الأنثى فما يبقى بعد نصيب أحد الأبوين يقسم بينهما أثلاثا، فنضرب الستين في ثلاثة لتصحيح نصيبهم 60 × 3 = 180. نصيب أحدهما بالفرض 180 × 61 = 30 وبالرد 180 × 601 = 3 والحاصل 30 + 3 = 33. ثم إذا فرضنا الخنثى أنثى فلهما (54) من الفريضة 180 × 54 = 144، وللبنت نصفها 144 × 21 = 72، وللخنثى نصفها الآخر (72). وعلى فرض ذكورية الخنثى فلهما (65) من الفريضة 180 × 65 = 150، للبنت ثلثها 150 × 31 = 50، وللخنثى ثلثاها 150 × 32 = 100، فيعطى للأنثى النصيبين (72 + 50) × 21 = 61 وللخنثى كذلك (72 + 100.. 2 = 86. 79 6400. الخامس: لو كان الإخوة أو الأعمام خناثى، عمل فيهم كما ذكر في الأولاد، فلو خلف أخا ذكرا وأختا وولد أب خنثى، فعلى تقدير الذكورية، الفريضة من خمسة، وعلى تقدير الأنوثية، الفريضة من أربعة فتضرب إحداهما في الأخرى، ثم اثنين في المجتمع، ويعمل كما تقدم في الأولاد. (1) ولو كانت الإخوة من قبل الأم لم يحتج إلى حساب، لتساوي الذكور والإناث، وكذا الأخوال. وأما كون الخنثى (2) أبا أو جدا ففيه بعد، إذ الولادة تظهر أمره إلا أن ينظر إلى ما روي عن شريح في امرأة أولدت وولدت. (3)
1. صورة المسألة هكذا، أخ وأخت وخنثى، فعلى فرض الذكورية فالفريضة من (5) وعلى فرض الأنوثية من (4). والعددان متباينان (4 × 5 = 20) يضرب في الاثنين مسألة الخنثى 20 × 2 = 40. للخنثى على فرض الذكورية 40 × 52 = 16 وعلى فرض الأنوثية 40 × 41 = 10، يعطى نصفهما (16 + 10) × 21 = 13. للأخ على فرض الذكورية 40 × 52 = 16، وعلى فرض الأنوثية 40 × 42 = 20، يعطى نصفهما (16 + 20) × 21 = 18. وللأخت على فرض الذكورية 40 × 51 = 8 وعلى فرض الأنوثية 40 × 41 = 10، يعطى نصفهما (10 + 8) × 21 = 9. 2. في «أ»: «الأنثى» والصحيح ما في المتن. قال المحقق في الشرائع: 4 / 47: وفي كون الآباء أو الأجداد خناثى بعد، لأن الولادة تكشف عن حال الخنثى. 3. الوسائل: 17 / 575، الباب 2 من أبواب ميراث الخنثى، الحديث 3. 80 قال الشيخ (رحمه الله): ولو كان الخنثى زوجا أو زوجة فله نصف ميراث الزوج ونصف ميراث الزوجة (1). 6401. السادس: من فقد الفرجين - كما نقل عن شخص وجد ليس له في قبله إلا لحمة ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا، وليس له قبل، وعن آخر ليس له إلا مخرج واحد بين المخرجين، منه يتغوط، ومنه يبول، وعن آخر ليس له مخرج لا قبل، ولا دبر وإنما يتقايأ ما يأكله و [ما] يشربه - فإنه يرث بالقرعة، بأن تكتب على سهم عبد الله، وعلى سهم آخر أمة الله، وتمزجهما بالرقاع المبهمة، وتسترها عن نظرك وتدعو الله تعالى فتقول: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك. (2) ثم تخرج سهما، فتعمل على ما خرج. 6402. السابع: من له رأسان وبدنان على حقو واحد، يوقظ أحدهما بعد نومه، فإن انتبها معا فهما واحد، وان انتبه أحدهما خاصة فهما اثنان، يرث نصيب شخصين.
1. المبسوط: 4 / 117. 2. لاحظ الوسائل: 17 / 580، الباب 4 من أبواب ميراث الخنثى، الحديث 2. 81 الفصل الثاني: في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم وفيه ستة مباحث: 6403. الأول: إذا غرق اثنان فما زاد، توارثوا بشروط أربعة: أن يكون لهم أو لأحدهم مال، فإن التوارث إنما يكون في المال. وأن يكونوا ممن يتوارثون، بأن يرث كل منهم من صاحبه، فلو لم تكن بينهم موارثة، أو كان أحدهم يرث صاحبه دون العكس، لم يتوارثوا، كأخوين غرقا ولهما أولاد أو لأحدهما خاصة. وأن يشتبه الحال في تقدم موت بعضهم على بعض، فلو علم السبق لأحدهما بعينه ورثه الآخر، ولو علم الاقتران بطل هذا الحكم أيضا، وورث كل واحد منهم ورثة الأحياء دون صاحبه. وأن يحصل الموت بسبب الغرق أو الهدم، فلو ماتا حتف أنفهما فلا توارث وإن اشتبه المتقدم، بل يرث كل واحد منهم وارثه الحي. وهل يثبت هذا الحكم مع حصول الموت بسبب غير الغرق والهدم مما يحصل معه الاشتباه كالقتل والإحراق؟ فيه نظر أقربه السقوط، لأن شرط التوريث حياة الوارث بعد مورثه، وهو غير معلوم، فلا يثبت التوريث مع الشك في شرطه، ولأن توريث كل واحد منهما خطأ قطعا، لأن الحال لا يخلو من السبق والتقارن، وتوريث السابق والمقارن خطأ، وإنما صرنا إلى
82 ذلك في الغرقى والمهدوم عليهم للإجماع المستند إلى النقل. (1) 6404. الثاني: إذا حصلت الشرائط ورث بعضهم من بعض من تلاد ماله دون طارفه (2) وهو ما ورثه من ميت معه على الأصح. وقال المفيد (رحمه الله): يرث مما ورث منه أيضا. (3) وليس بمعتمد، وإلا لزم التسلسل والتوريث لمن فرض حيا بعد موته، ولأنه روي أنه لو كان لأحدهما مال انتقل إلى من لا مال له. (4) 6405. الثالث: اختلف علماؤنا في تقديم الأقل نصيبا في التوريث، فأوجبه المفيد (رحمه الله). (5) وهو جيد على أصله. وللشيخ (رحمه الله) قولان: أحدهما الوجوب تعبدا، (6) إذ الفائدة إنما تظهر على قول المفيد. والآخر الاستحباب. (7) وهو الأقوى. فلو غرق أب وابن، فرض موت الابن أولا، فيأخذ الأب نصيبه من التركة، وينتقل عنه إلى ورثته الأحياء، ثم يفرض موت الأب، فيورث الابن نصيبه منه، وينتقل عنه إلى ورثته الأحياء، ولا يرث كل واحد مما ورث من الآخر، وكذا البحث في الزوج والزوجة. 6406. الرابع: لو غرق اثنان يتوارثان وكل واحد منهما أولى من ورثة الآخر
1. لاحظ الوسائل: 17 / 589، أبواب ميراث الغرقى. 2. الطارف والطريف من المال: المستحدث وهو خلاف التالد والتليد. مجمع البحرين. 3. المقنعة: 699. 4. الوسائل: 17 / 590، الباب 2 من أبواب ميراث الغرقى، الحديث 1 و 2. 5. المقنعة: 699. 6. المبسوط: 4 / 118. 7. الإيجاز (المطبوع ضمن الرسائل العشر): 276. 83 الأحياء، انتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر، ثم من الآخر إلى ورثته. فلو غرق أب وابن، وللأب إخوة وللابن إخوة من الأم، انتقل مال الأب إلى الابن، ثم من الابن إلى إخوة الابن، وانتقل مال الابن إلى الأب ثم من الأب إلى إخوة الأب. ولو كان لكل واحد منهما أو لأحدهما شريك في الميراث، ورث هو والشريك، كما لو كان للأب أولاد أحياء، وللابن أولاد أيضا، ورث الأب من تركة الابن السدس، والباقي لأولاد الابن الأحياء، وورث الولد من تركة الأب نصيبه، وكان الباقي لأولاد الوالد، وينتقل ما ورثه كل واحد منهما من صاحبه إلى ورثته الأحياء دون الميت. 6407. الخامس: لو غرق أخوان من درجة واحدة لم يتقدم أحدهما على الآخر، لتساويهما في الاستحقاق، وانتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر، ثم منه إلى ورثته. ولو لم يكن لهما وارث انتقل مال كل واحد منهما إلى صاحبه، ومنه إلى الإمام. ولو كان لأحدهما وارث انتقل مال الآخر إليه، ثم منه إلى ورثته، وماله إلى الآخر، ثم منه إلى الإمام. ولو كان لأحدهما مال، وليس للآخر شئ، انتقل مال ذي المال إلى الآخر، ومنه إلى ورثته، ولا شئ لورثة ذي المال. 6408. السادس: لو غرق أزيد من اثنين، وكانوا يتوارثون، كان الحكم كما تقدم في الاثنين، بأن يفرض موت أحدهم أولا فيرثه الأموات الباقون
84 والأحياء، فيأخذ الأحياء نصيبهم، وأما نصيب الأموات فيقسم على ورثتهم الأحياء دون الأموات. فلو غرق إخوة ثلاثة لأب، ولكل واحد منهم أخ لأم، فرض موت أحدهم أولا فتقسم تركته على اثني عشر، للأخ من الأم سهمان، ولكل ميت خمسة ينتقل منه إلى أخيه لأمه، وكذلك يفرض في الأخوين الباقيين فيكون لكل أخ من الأم سهمان من اثني عشر من تركة أخيه، وخمسة من تركة كل واحد من الأخوين الباقيين، فيكمل لكل أخ (1) اثنا عشر سهما (2). ولو غرق الزوج والزوجة وابنهما وبنتاهما، وخلف الرجل أخا والمرأة أبا والابن زوجة وإحدى البنتين زوجا، فيفرض موت الرجل، وأصل تركته اثنان وثلاثون، أربعة للزوجة ينتقل إلى أبيها، وأربعة عشر للابن لا ينقسم على ورثته، فتضرب وفق الأربعة مع نصيبه وهو اثنان في الفريضة تبلغ أربعة وستين، للزوجة ثمانية ينتقل إلى أبيها، وللابن ثمانية وعشرون منها سبعة لزوجته، والباقي إلى جده، وللبنت ذات الزوج أربعة عشر، للزوج منها سبعة، والباقي للجد، وللأخرى أربعة عشر لجدها. (3)
1. في «ب»: فيكمل لكل واحد. 2. وارث كل واحد من الاخوة: أخ للأم وأخوان للأب فسهم الأول (61) والباقي (65) للأخوين وحيث لا يقسم بينهما بلا كسر فيرتقى عدد الفريضة (6) درجتين 2 × 6 = 12، سهمان منها (122) للأخ للأم والباقي (1210) للأخوين للأب لكل واحد منهما (125). ثم سهم كل أخ لأب من أخويه للأب (2 × 125) = 1210 ينتقل إلى أخيه من أمه، فكل أخ للأم يرث أولا (122) من صلب مال أخيه، ثم يرث سهم أخيه من أخويه من الأب (125 و 125)، فالمجموع 122 + 5 + 5 = 1212. 3. وارث الرجل: زوجته وابنه وبنتاه، فللزوجة (81) والباقي (87) يقسم بين الابن والبنتين أرباعا، فترتقي الفريضة من (8) إلى (32). للزوجة: 32 × 81 = 4 ينتقل إلى أبيها. للابن: 32 - 4 = 28 ÷ 4 = 7 × 2 = 14 وحيث إن ورثته أمه وزوجته ونصيب الزوجة (41)، فالعدد لتركة الابن (4) ونصيبه من أبيه (14) بين العددين التوافق بالنصف، فيضرب وفق (4) أي (2) في أصل فريضة الرجل 32 × 2 = 64، فسهم زوجة الرجل يرتقى من (4) إلى (8) ينتقل إلى أبيها، وسهم الابن من 14 إلى 28، ينتقل إلى ورثته، سهم زوجة الابن 28 × 41 = 7. والباقي 28 - 7 = 21 ينتقل إلى أمه، ومن أمه إلى أب أمه أي جده. وسهم كل بنت (14) من (64 سهم)، وارث أحدهما زوجها وأمها فينتقل نصفها إلى زوجها 14 × 21 = 7 والباقي إلى الأم ومنه إلى أبيها أي جد البنت. ووارث الأخرى أمها ينتقل سهمها (14) إليها ثم إلى أبيها أي جد البنت. 85 ثم يفرض موت الزوجة وأصل تركتها ثمانية وأربعون، ثمانية لأبيها، واثنا عشر لزوجها، وأربعة عشر لابنها، وليس لها ربع، فيضرب اثنين في أصل الفريضة يصير ستة وتسعين، ستة عشر لأبيها، وأربعة وعشرون لزوجها، وينتقل إلى أخيه، وثمانية وعشرون لابنها تأخذ زوجته منها سبعة، وللجد الباقي. وأربعة عشر للبنت ذات الزوج ينتقل منها سبعة إلى زوجها، والباقي إلى جدها، وأربعة عشر للبنت الأخرى، وينتقل إلى جدها. (1)
1. وارث المرأة زوجها وأبيها وابنها وبنتاها. فللزوج (41) وللأب (61) والباقي يقسم بين الأولاد أرباعا، وحيث إن بين (4 و 6) التوافق بالنصف فيضرب وفق أحدهما في الآخر 2 × 6 = 12. وحيث إن سهم الأولاد يعني (7) من (12) لا ينقسم عليهم صحيحا فتضرب الفريضة (12) في عددهم (4)، 12 × 4 = 48 فتصير فريضة المرأة (48)، ربعها للزوج (48 × 41 = 12)، سدسها للأب (48 × 61 = 8) والباقي (28) للأولاد، فللابن (14) ولكل بنت (7). ثم إن وارث الابن زوجته وسهمها الربع والباقي لأبيه، فلا ينقسم سهم الابن على زوجته، فحيث إن بين العددين (4 و 14) التوافق بالنصف فيضرب نصف عددها في أصل الفريضة، 48 × 2 = 96. فيرتقي سهم الأب من (8) إلى (16) وسهم الزوج من (12) إلى (24)، ينتقل إلى أخيه. وسهم الابن (28) ربعها لزوجته (28 × 41 = 7) والباقي ينتقل إلى الجد، وسهم البنت ذات الزوج (14) ينتقل نصفه إلى زوجها والباقي إلى جدها، وأربعة عشر للأخرى ينتقل أيضا إلى جدها. 86 ثم يفرض موت الابن، فأصل تركته اثنا عشر، ثلاثة لزوجته، وأربعة لأمه وينتقل إلى أبيها، وخمسة لأبيه وينتقل إلى أخيه. (1) ثم يفرض موت البنت ذات الزوج، فلزوجها ثلاثة من ستة، ولأمها اثنان ينتقل إلى أبيها، وسهم لأبيها ينتقل إلى أخيه. (2) ثم يفرض موت البنت الأخرى فلأمها الثلث، وينتقل إلى أبيها، وللأب الثلثان، وينتقل إلى أخيه. الفصل الثالث: في ميراث المجوس اختلف علماؤنا في توريث المجوس على أقوال ثلاثة، فالمشهور توريثهم بالسبب الصحيح والفاسد والنسب كذلك. وقال المفيد (رحمه الله): يورثون بالأسباب الصحيحة دون الفاسدة، والأنساب
1. وارث الابن أبوه وأمه وزوجته، سهم الأم الثلث، وسهم الزوجة الربع، والعددان متباينان فيضرب أحدهما في الآخر (3 × 4 = 12). للزوجة 12 × 41 = 3. للأم 12 × 31 = 4 ينتقل إلى أبيها. للأب الباقي (5) ينتقل إلى أخيه. 2. إن كان وارث البنت زوجها ووالديها، فللزوج النصف وللأم الثلث والباقي لأبيها، وبين العددين (2 و 3) التباين يضرب أحدهما في الآخر تصير الفريضة (6)، للزوج 6 × 21 = 3، وللأم 6 × 31 = 2 ينتقل إلى أبيها، والباقي (1) للأب ينتقل إلى أخيه. 87 الصحيحة، والفاسدة (1) وهو اختيار الفضل بن شاذان (2) من المتقدمين وابن إدريس (3) من المتأخرين. وحكي عن يونس بن عبد الرحمن أنهم يورثون بالأنساب الصحيحة دون الفاسدة والأسباب الصحيحة دون الفاسدة. (4) ونعني بالسبب الفاسد ما يحصل عن نكاح محرم في شرعنا سائغ في اعتقادهم، كما لو نكح أمه أو أخته فأولدها، فالنسب والسبب فاسدان، وقول المفيد (رحمه الله) لا بأس به. وعلى قول الشيخ (رحمه الله) (5) لو اجتمع الأمران لواحد ورث بهما كأم هي زوجة، أو بنت هي زوجة، لها نصيب الزوجية والبنتية أو الأمومة، فان لم يكن سواها رد عليها الباقي بالنسب دون السبب، وإلا أخذ المشارك نصيبه، فلو كانت الأخت زوجة ولا ولد، فلها الربع بالزوجية والنصف بالأخوة، والباقي رد عليها بالأخوة. ولو كان أحد الأمرين يمنع الآخر ورث من جهة المانع كأخت هي بنت
1. المقنعة: 699 - 700، على ما في نسخة منها، لاحظ الهامش (6) هناك، ونقله عنه المحقق في الشرائع: 4 / 52، ولاحظ الجواهر: 39 / 322. 2. نقله عنه الكليني في الكافي: 7 / 145 ذيل الحديث 2، والمحقق في الشرائع: 4 / 52. 3. صريح السرائر أنهم يورثون بالأنساب والأسباب الصحيحة التي تجوز في شرع الإسلام، ولا يورثون بما لا يجوز فيه على كل حال، فالقول بأن ما قاله المفيد - على ما نقله المصنف عنه - هو خيرة ابن إدريس لا ينطبق على ما اختاره في السرائر، لاحظ السرائر: 3 / 287 - 288. 4. نقله عنه الكليني في الكافي: 7 / 145 ذيل الحديث 2. 5. قال الشيخ في النهاية: 683: وقال قوم: إنهم يورثون من الجهتين معا سواء كان مما يجوز في شريعة الإسلام أو لا يجوز، هذا القول عندي هو المعتمد عليه. 88 ورثت من جهة البنتية دون الأخوة، وكذا بنت هي بنت بنت، ترث من جهة البنت، وكذا عمة هي أخت من أب، لها المال بالأخوة، وكذا عمة هي بنت عمة، لها نصيب العمة، وكذا أخت هي أم ترث من جهة الأمومة. ولو خلف جدة لأم هي أخت لأب ورثت نصيبهما معا، وكذا أخت لأم وهي جدة لأب. ولو تزوج بنته فأولدها بنتا ثم مات، فلها (1) الثلثان، وللزوجة الثمن، والباقي رد عليها (2). أما المسلم فلا يرث بالسبب الفاسد، فلو تزوج من يحرم عليه نكاحها لم يتوارثا، سواء كان التحريم مجتمعا (3) عليه كأم الرضاع، أو مختلفا فيه كأم المزني بها، أو بنت المزني بها، وسواء كان الزوج معتقدا للتحليل أو التحريم. ويرث [المسلم] بالنسب الصحيح والفاسد مع الشبهة، فإن الشبهة كالعقد الصحيح في التحاق النسب، فلو وطئ مسلم بعض محارمه بشبهة أو اشتراها ولما يعلم فوطئها فولدت له واتفق لها مثل أنساب المجوس، فالحكم فيه مثل ما تقدم. وغير المجوس من الكفار إذا تحاكموا إلينا ورثناهم على كتاب الله تعالى وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأنساب والأسباب الصحيحين دون الفاسدين.
1. في «أ»: «فلهما» والصحيح ما في المتن. 2. في «أ»: «عليهما» والصحيح ما في المتن. 3. في «ب»: مجمعا. 89 الفصل الرابع: في حساب الفرائض وفيه ثلاثة مباحث: 6409. الأول: العددان إما متساويان أو مختلفان. والمختلفان إما متداخلان، وهما اللذان يكون أحدهما جزءا من الآخر، ولا يزيد على نصفه كالخمسة والعشرة، والخمسة والعشرين، ويسميان أيضا المتناسبين. وإما متوافقان، وهما اللذان لا يعد أحدهما الآخر بل يعدهما معا عدد ثالث أكثر من واحد، وهما المتشاركان، وذلك العدد الثالث هو مخرج الكثير المشترك فيه، كالستة والعشرة، فإن الاثنين يقسمهما جميعا، فهما متوافقان بالنصف، وكالتسعة مع خمسة عشر، فإن الثلاثة يقسمهما معا، فهما متوافقان بالثلث. وطريق معرفة ذلك أن تنقص ذلك الأقل من الأكثر فيبقى أكثر من الواحد، فلو أسقطت التسعة من خمسة عشر بقي ستة، فإذا أسقطت الستة من التسعة بقي ثلاثة، فإذا أسقطت الثلاثة من الستة مرتين فنيت. ولو فضل بعد الإسقاط اثنان فالموافقة بالنصف كالعشرة والاثني عشر، ولو بقي أربعة فالموافقة بالربع، (1) وهكذا إلى العشرة، ولو بقي أحد عشر فالموافقة بالجزء منهما. (2)
1. نحو (8 و 12) و (12 و 16). 2. نحو (22 و 33) فإنهما متوافقان ب (111) و (26 و 39) فإنهما متوافقان ب (131). 90 وأما متباينان وهما اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحد كثلاثة عشر مع عشرين إذا أسقطت منها بقي سبعة، فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي ستة، فإذا أسقطت ستة من سبعة بقي واحد. (1) وكثلاثة عشر مع ثلاثين إذا أسقطت منها مرتين بقي أربعة، فإذا أسقطت ثلاثة عشر ثلاثة مرات بقي واحد، فإذا أسقطت الأربعة أربع مرات فني بها. (2) 6411. الثاني: الفريضة قد تكون وفق السهام، وقد تزيد، وقد تقصر. وفي الزيادة يرد على ذوي السهام سوى الزوج والزوجة والأم مع الإخوة وذوي السبب الواحد مع ذوي السببين، فلو خلف أبوين وبنتا، فللأبوين السدسان، وللبنت النصف، والباقي يرد أخماسا، ومع الحاجب أرباعا فتضرب مخرج الرد في أصل الفريضة وتنقسم التركة من المجتمع. (3)
1. 20 - 13 = 7، 13 - 7 = 6، 7 - 6 = 1. 2. 30 - 13 = 17، 17 - 13 = 4، 13 - 4 = 9، 9 - 4 = 5، 5 - 4 = 1، 4 - 1 = 3، 3 - 1 = 2، 2 - 1 = 1، 1 - 1 = 0 3. صورة المسألة هكذا: للأب 61، للأم 61، للبنت 21 فالمجتمع 61 + 61 + 21 = 61 + 1 + 3 = 65 والباقي (61) يقسم بينهم على نسبة سهامهم، وحيث إن الواحد لا ينقسم على الخمسة، فيضرب (5) في (6) تصير الفريضة من (30) للأب 305 بالفرض و 301 بالرد، وللأم هكذا، وللبنت 3015 بالفرض و 303 بالرد. ولو كان للأم حاجبا فالباقي يقسم بين الأب والبنت على نسبة سهامهما، وحيث إن الواحد لا ينقسم على الأربعة فيضرب (4) في (6) تصير الفريضة من (24) للأب (244) بالفرض و (241) بالرد، وللأم (244)، وللبنت (2412) بالفرض و (243) بالرد. 91 ولو وجد واحد من كلالة الأم مع أخت من الأب، فالرد أرباعا (1) على أقوى القولين. (2) ولو قصرت الفريضة فلا عول، وإنما يقصر بدخول الزوج والزوجة، كما لو خلفت أبوين وزوجا وبنتا، فللزوج الربع، وللأبوين السدسان، ويدخل النقص على البنت، فتأخذ الباقي، وكذا لو كان بدل البنت ابنتين فصاعدا كان النقص داخلا عليهن خاصة. (3) وكذا لو خلف زوجة وأبوين وبنتين فصاعدا، فللأبوين السدسان، وللزوجة الثمن. والنقص داخل على البنتين. (4) ولو خلف أخوين لأم وأختين فصاعدا لأب وزوجة، فللزوجة الربع، وللأخوين الثلث، والباقي للأختين من قبل الأب أو من قبل الأب
1. فرض الأخت الواحدة 21 وواحد من الكلالة 61 فالفريضة من (6) فالمجتمع 21 + 61 = 63 + 1 = 64 والباقي يقسم بينهما على نسبة سهامهم، وحيث إن (2) لا يقسم على (4) فلا بد من ضرب (4) في أصل الفريضة (6)، فتصير الفريضة من (24)، للأخت (2412) بالفرض و (246) بالرد، ولواحد من كلالة الأم 244 بالفرض و 242 بالرد. 2. القول الآخر للشيخ الطوسي (قدس سره) في النهاية: 638، ذهب إلى أنه لا رد على كلالة الأم، وهو خيرة المصنف أيضا فيما مر. راجع البحث الثاني من المطلب الثالث في ميراث الإخوة والأجداد. 3. فرض الزوج (41)، وفرض الأبوين (62)، والمجتمع 41 + 62 = 123 + 4 = 127، والباقي 125 سهم البنت وهو يقصر عن النصف الذي فرضها بمقدار (121). 4. فرض الزوجة 81، وفرض الأبوين 62، والمجتمع 81 + 62 = 243 + 8 = 2411 و الباقي 2413 سهم البنتين فصاعدا يقصر عن فرضهن 32 - 2413 = 24 16 - 13 = 243. 92 والأم يدخل النقص عليهن دون من يتقرب بالأم خاصة. (1) ولو خلفت زوجا وأختا لأب أو لأب وأم فصاعدا وأخوين فصاعدا من الأم، فللزوج النصف، وللأخوين فصاعدا من الأم الثلث، وللواحد السدس، والباقي للمتقرب بالأب أو بالأبوين يدخل النقص عليهن دون المتقرب بالأم خاصة. (2) 6412. الثالث: إن انقسمت الفريضة من غير كسر فلا بحث، كأخت مع زوج، الفريضة من اثنين، (3) وكأبوين وبنتين الفريضة من ستة. (4) وإن انكسرت فإما على فريق واحد أو أكثر: فالأول إن لم يكن بين نصيبهم من التركة وعددهم وفق ضربت عدد رؤوسهم في أصل المسألة، فما بلغ صحت منه المسألة، كأبوين وثلاث بنات، أصل الفريضة ستة وللأبوين سهمان وأربعة للبنات، ولا وفق بين الأربعة والثلاثة، فتضرب عددهن وهو ثلاثة في أصل الفريضة تبلغ ثمانية عشر، للأبوين ستة ولكل بنت أربعة (5).
1. فرض كلالة الأم المتعدد 31، وفرض الزوجة 41، والمجتمع 31 + 41 = 12 4 + 3 = 127 والباقي 125 سهم الأختين فصاعدا من قبل الأب والأم أو من قبل الأب يقصر عن فرضهن 32 - 125 = 128 - 5 = 123. 2. فرض الزوج 21 وفرض كلالة الأم المتعدد 31، والمجتمع 21 + 31 = 63 + 2 = 65 والباقي (61) سهم الأخت للأب يقصر عن فرضها 21 - 61 = 63 - 1 = 62. 3. فللزوج 21 وللأخت 21. 4. للأبوين 62 وللبنتين 32، فالفريضة من (6). 5. سهم الأبوين 62 والباقي (64) للبنات، فأصل الفريضة من (6) ولكن لا ينقسم سهم البنات على عددهم (3) والعددان (3 و 4) متباينان فيضرب عددهن (3) في أصل الفريضة 3 × 6 = 18، للأبوين 18 × 62 = 6، وللبنات 18 × 64 = 12 لكل واحد منهن 12 ÷ 3 = 4. 93 وإن كان بين النصيب والعدد وفق، فاضرب الوفق من العدد لا من النصيب، كأبوين وست بنات، للأبوين سهمان من ستة وللبنات أربعة، وهي توافق عددهن في النصف فتضرب نصف عددهن وهو ثلاثة في أصل الفريضة يبلغ ثمانية عشر. (1) الثاني أن ينكسر على أكثر من فريق واحد، وأقسامه ثلاثة: الأول: أن يوافق سهام كل فريق عدد رؤوسهم بجزء فيرد عدد كل فريق إلى جزء الوفق (2).
1. سهم الأبوين 62 والباقي (64) للبنات، فأصل الفريضة من (6)، ولكن لا ينقسم سهمهن (4) على عددهن (6). وبين العددين التوافق بالنصف فيضرب نصف عددهن في أصل الفريضة 3 × 6 = 18، للأبوين 18 × 62 = 6، للبنات 18 × 64 = 12 لكل واحد منهن 12 ÷ 6 = 2. 2. كما لو كانت الورثة ست زوجات لمريض مات عنهن بعد طلاق بعضهن قبل الحول، وثمانية من كلالة الأم، وعشرة من كلالة الأب، فرض كلالة الأم (31) والزوجات (41) فالفريضة من (12). لكلالة الأم 12 × 31 = 4 وبين نصيبهم (4) وعددهم (8) التوافق بالربع، وللزوجات 12 × 41 = 3 وبين نصيبهن (3) وعددهن (6) التوافق بالثلث ولكلالة الأب الباقي (5) وبين نصيبهم (5) وعددهم (10) التوافق بالخمس، وحيث إن (2) ربع (8) وثلث (6) وخمس (10)، فيضرب في أصل الفريضة 2 × 12 = 24. لكلالة الأم 24 × 31 = 8، وللزوجات 24 × 41 = 6، ولكلالة الأب الباقي (10) ينقسم عليهم بلا كسر. وللمسألة صور أخرى لاحظ جواهر الكلام: 39 / 344. 94 الثاني: أن لا يوافق أحدهم. (1) الثالث: أن يوافق بعضهم دون الآخر، فما وافق فيرد عدد ذلك الفريق إلى الوفق، وما لم يوافق فاتركه بحاله، ثم تنظر بعد ذلك في الأعداد: فإن تماثلت اقتصرت على ضرب أحدها في الفريضة، كأربعة إخوة من الأبوين ومثلهم من الأم، أصل الفريضة ثلاثة لا ينقسم، تضرب أربعة في الفريضة، وهو أحد العددين. (2) وإن تداخلت اقتصرت على ضرب الأكثر، كثلاثة إخوة من أم وستة لأب، فريضتهم ثلاثة تضرب ستة في أصل الفريضة. (3) وإن توافقت ضربت وفق أحدهما في عدد الآخر، ثم تضرب المرتفع في أصل الفريضة، كأربع زوجات وستة إخوة، الفريضة من أربعة، وحصة الزوجات تنكسر عليهن، وكذا حصة الإخوة، وبين الأربعة والستة وفق بالنصف، فتضرب
1. كأخوين لأم فرضهما (31) وخمسة من الأب الباقي لهم (32)، فالفريضة من (3) وبين نصيب كل فريق وعدده (1 و 2) و (2 و 5) التباين. فيضرب أحد العددين في الآخر ثم المرتفع في أصل الفريضة 2 × 5 = 10، 10 × 3 = 30. لكلالة الأم 30 × 31 = 10، ولكلالة الأب 30 × 32 = 20 ينقسم سهم كل فريق بلا انكسار. وللمسألة صور أخرى لاحظ جواهر الكلام: 39 / 339 - 343. 2. لكلالة الأم (31) والباقي (32) لكلالة الأبوين، فالفريضة من (3). ثم بين نصيب كل فريق وعدده تباين (1 و 4)، (2 و 4) لكن العددين متماثلان، فيضرب أحدهما في أصل الفريضة 4 × 3 = 12. لكلالة الأم 12 × 31 = 4، ولكلالة الأبوين 12 × 32 = 8 ينقسم عليهم بلا كسر. 3. فرض كلالة الأم (31) فالفريضة من (3)، وبين عدد كل فريق ونصيبه (1 و 3) (2 و 6) التباين، لكن العددين متداخلان، يضرب الأكثر في أصل الفريضة 6 × 3 = 18. لكلالة الأم 18 × 31 = 6، ولكلالة الأبوين 18 × 32 = 12 ينقسم عليهم بلا كسر. 95 نصف أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر، ثم تضرب اثني عشر في الفريضة. (1) وإن تباينت الأعداد ضربت أحدهما في الآخر، ثم ضربت المجتمع في أصل الفريضة، كأخوين من أم، وخمسة من أب، تنكسر الثلاثة عليهم، ولا وفق بين أعدادهم، ولا تداخل، فتضرب اثنين في خمسة، ثم المجتمع منهما في أصل الفريضة. (2) الفصل الخامس: في المناسخات المناسخة (3) أن يموت بعض الورثة قبل القسمة، وبطلت قسمة
1. فرض الزوجات 41 والباقي (43) للإخوة، فالفريضة من (4). وبين نصيب الزوجات وعددهن (1 و 4) التباين وبين نصيب الإخوة وعددهن (3 و 6) التداخل، فيأخذ (4 و 6) وبينهما التوافق بالنصف، فيضرب نصف أحدهما في الآخر 2 × 6 = 12 والحاصل في أصل الفريضة 12 × 4 = 48. للزوجات 48 × 41 = 12، للإخوة 48 × 43 = 36 ينقسم عليهم بلا كسر. 2. فرض كلالة الأم (31) فالفريضة من (3)، وبين نصيب كل فريق وعدده (1 و 2) و (2 و 5) التباين، وبين العددين أيضا (2 و 5) التباين، فيضرب أحدهما في الآخر ثم الحاصل في الفريضة 2 × 5 = 10، 10 × 3 = 30. سهم كلالة الأم 30 × 31 = 10، وسهم كلالة الأب 30 × 32 = 20 ينقسم عليهم بلا كسر. 3. قال ثاني الشهيدين في المسالك: المناسخات جمع مناسخة، وهي مفاعلة من النسخ وهو النقل والتحويل، تقول: نسخت الكتاب، إذا نقلته من نسخة إلى أخرى، سميت هذه المسائل بها، لأن الأنصباء بموت الميت الثاني تنسخ وتنقل من عدد إلى عدد، وكذا التصحيح ينتقل من حال إلى حال، وكذا عدد مجموع الورثة ينتقل من مقدار إلى مقدار بموت واحد منهم، وقد يطلق على الإبطال، ومنه: نسخت الشمس الظل، إذا أبطلته، ووجهه هنا: ان الفرض أبطل تلك القسمة وتعلق غرضه بغيرها وإن اتفق موافقة الثانية للأولى. المسالك: 13 / 306. 96 الفريضتين من أصل واحد، فإن كانت ورثة الثاني والثالث ومن بعدهم هم ورثة الأول على طريق ميراثهم من الميت الأول، قسمت مال الميت الأول بين الباقين، كأربعة إخوة لميت وأختين، ثم مات أخ، ثم مات أخ آخر، ثم ماتت أخت، قسمت مال الأول والثاني والثالث والرابع على أخوين وأخت أخماسا، كأن كل واحد منهم لم يخلف سوى أخوين وأخت. وإن كانت ورثة الثاني يرثون منه خلاف ميراثهم من الأول، أو ورثوا من الثاني ولم يرثوا من الأول، صححت مسألة كل واحد من الموتى، واستخرجت نصيب الميت الثاني من مسألة الميت الأول، ثم نظرت. فإن صح نصيبه على مسألة صحت المسألتان من مسألة الأول، كامرأة خلفت زوجا وأخوين لأم وأخا لأب، ثم مات الزوج وخلف ابنا وبنتا، مسألة الأول من ستة، للزوج ثلاثة وهي تنقسم على تركته، فتنقسم تركة الزوجة ستة أسهم: سهمان لأخويها من أمها، وسهم لأخيها من أبيها، وسهمان لابن زوجها، وسهم لبنت زوجها. (1) وإن لم يصح من مسألة الأول نظرت: فإن كان بين نصيب الميت الثاني من فريضة الأول والفريضة الثانية وفق،
1. فرض الزوج 21 وفرض الأخوين من الأم 31، فالفريضة من (6) للزوج 6 × 21 = 3، ينقسم على ابنه وبنته، ولكلالة الأم 6 × 31 = 2، ولكلالة الأب الباقي (1). 97 فاضرب وفق الفريضة الثانية في الفريضة الأولى، لا وفق النصيب، كأخوين من أم، ومثلهما من أب، وزوج، مات الزوج وخلف ابنا وبنتين، فريضة الأول اثنا عشر، نصيب الزوج ستة لا تنقسم على أربعة، وبينهما موافقة بالنصف، فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية، وهو اثنان، لا الوفق من النصيب، في اثني عشر. (1) وإن لم يكن بينهما وفق، فاضرب الفريضة الثانية في الأولى، كزوج وأخوين من أم وأخ لأب، مات الزوج وخلف ابنين وبنتا، نصيب الزوج ثلاثة من ستة لا تنقسم على خمسة، ولا وفق بينهما، فاضرب الخمسة في الفريضة الأولى. (2) وهكذا العمل فيما زاد على اثنين. فإن انقسمت تركة الثالث من الأول على صحة، وإلا عملت في فريضته مع الفريضتين كما عملت في فريضة الثاني مع الأول، وهكذا دائما.
1. فرض كلالة الأم 31، والزوج 21 فأصل الفريضة من (6)، سهم الأخوين من الأم (2)، سهم الزوج (3)، وسهم الأخوين من الأب (1) لا ينقسم عليهما بلا كسر، فيضرب عددهما في أصل الفريضة 2 × 6 = 12. نصيب الزوج منها 12 × 21 = 6 ووارثه ابنه وبنتيه، عددهم (4)، فبين نصيبه وعددهم التوافق بالنصف، فيضرب نصف عددهم في أصل الفريضة 2 × 12 = 24. نصيب كلالة الأم 24 × 31 = 8 نصيب الزوج 24 × 21 = 12، والباقي نصيب كلالة الأب (4) ينقسم عليهم بلا كسر. 2. فرض كلالة الأم (31)، وفرض الزوج (21)، فالفريضة من (6). نصيب الزوج منها (6 × 21 = 3) لا ينقسم على ورثته، لأن عددهم (5) فيضرب العدد في أصل الفريضة 5 × 6 = 30. نصيب كلالة الأم 30 × 31 = 10، ونصيب الزوج 30 × 21 = 15، ونصيب كلالة الأب (5) ينقسم عليهم بلا كسر. 98 الفصل السادس: في قسمة التركات مقدمة: إذا طلبت أقل عدد ينقسم على مختلفين فاعرف النسبة بينهما، فإن تداخلا، فالمطلوب هو أكثر منهما، ولا حاجة إلى عمل آخر. وإن تشاركا في كسر، فالمطلوب هو الحاصل من ضرب ذلك الكسر من أحدهما في الآخر، كما إذا طلبنا عددا ينقسم على تسعة وخمسة عشر، وقد اشتركتا في الثلث، فثلث أيتهما ضربت في الأخرى حصلت خمسة وأربعون، وهي أقل عدد ينقسم عليهما. وإن كانا متباينين فالمطلوب هو الحاصل من ضرب أحدهما في الآخر، كما إذا طلبنا أقل عدد ينقسم على سبعة وعشرة، فهو سبعون، لأنها الحاصل من ضرب أحدهما في الآخر. وهكذا العمل إذا أردت أقل عدد ينقسم على أعداد مختلفة، فإنك إذا عرفت العدد المنقسم على اثنين منها، ثم عرفت العدد المنقسم عليهما وعلى الثالث منها، ثم المنقسم عليها (1) وعلى الرابع، وهكذا، فقد وجدت العدد المنقسم عليها جميعا. كما إذا أردت معرفة أقل عدد ينقسم على ثلاثة وأربعة وخمسة وستة وثمانية، فالمنقسم على الثلاثة والأربعة اثنا عشر، لأنهما متباينان، والمنقسم
1. في «أ»: عليهما. 99 عليهما وعلى الخمسة ستون، لأنهما أيضا متباينان، والمنقسم عليها وعلى الستة أيضا ستون، لأنهما متداخلان. والمنقسم عليها وعلى الثمانية مائة وعشرون، لأنهما متشاركتان في الربع، فمائة وعشرون هي أقل عدد ينقسم على الأعداد المذكورة. والكسر ضربان: مفرد ومركب، فالمفرد كالسدس، والمركب مضاف كنصف السدس أو جزء من خمسة عشر هي جزء من ثلثه، والمعطوف كالنصف والسدس. فمخرج الكسر المفرد هو العدد المنسوب إليه أو المسمى له، كالسدس مخرجه ستة، وجزء من خمسة عشر مخرجه خمسة عشر. ومخرج المضاف هو الحاصل من ضرب مخرج المضاف في مخرج المضاف إليه، فمخرج نصف السدس الحاصل من ضرب اثنين مخرج النصف في ستة مخرج السدس وهو اثنا عشر. ومخرج المعطوف هو العدد المنقسم على المخارج كالنصف والسدس والعشر، فإن مخرج الجميع ثلاثون. إذا عرفت هذا فإذا أردت معرفة سهام كل وارث من التركة، فانسب سهام كل وارث من الفريضة، وخذ له (1) من التركة بتلك النسبة، فما كان فهو نصيبه، كزوج وأبوين، أصل الفريضة ستة، للزوج ثلاثة، وهي نصف الفريضة، فتأخذ له من التركة نصفها، وللأم سهمان، وهي ثلث
1. في «ب»: وتأخذ له. 100 الفريضة فتأخذ لها ثلث التركة، وللأب سهم فتأخذ له سدس التركة. وإن شئت قسمت التركة على الفريضة، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كل واحد (منهما) (1) فما بلغ فهو نصيبه، مثلا التركة أربعة وعشرون، والفريضة ستة كما تقدم، تقسم التركة على ستة أسهم، يخرج أربعة لكل سهم، يضرب الخارج وهو أربعة في سهام كل وارث، فالمرتفع نصيبه، فإذا ضربت أربعة في ثلاثة سهام الزوج حصل اثنا عشر، فيكون للزوج اثنا عشر دينارا، ويضرب أربعة في اثنين سهام الأم يكون ثمانية، فيحصل لها ثمانية دنانير، ويضرب أربعة في واحد سهم الأب يكون أربعة، فيكون للأب أربعة دنانير. وها هنا طريق آخر، وهو أن التركة إن كانت صحاحا، فحرر العدد الذي تصح منه الفريضة، ثم خذ ما حصل لكل وارث واضربه في التركة، فما حصل فاقسمه على العدد الذي صححت منه الفريضة، فما خرج فهو نصيب الوراث، كزوج وأبوين وبنت، والتركة عشرون دينارا، أصل الفريضة اثنا عشر (2) للزوج ثلاثة تضربها في عشرين يبلغ ستين، تقسمها على اثني عشر يخرج خمسة، فيكون للزوج خمسة دنانير، وللأب سهمان يضربان في عشرين يبلغ أربعين، تقسمها على اثني عشر، يخرج ثلاثة وثلث، فيكون للأب ثلاثة دنانير وثلث دينار، وكذا للأم، وللبنت خمسة، تضرب في عشرين يكون مائة تقسم على اثني
1. ما بين القوسين يوجد في «أ»: ولعله زائد. 2. فرض الزوج 41، وفرض الأبوين 62، وبين العددين (4 و 6) التوافق بالنصف، فيضرب نصف أحدهما في الآخر 2 × 6 = 12، نصيب الزوج منها 12 × 41 = 3، ونصيب الأبوين 12 × 62 = 4، والباقي للبنت (5). واعلم أن هذا الطريق متوقف على ضرب النصيب في مقدار التركة وتقسيم الحاصل على عدد الفريضة. 101 عشر تخرج ثمانية وثلث فيكون للبنت ثمانية دنانير وثلث دينار. وإن كان فيها (1) كسر فابسط التركة من جنس ذلك الكسر، بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة ثم تضيف الكسر إلى المرتفع، وتعمل ما عملت في الصحاح، فما اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج، مثلا. كانت التركة فيما فرضناه أولا عشرين دينارا ونصفا، فابسط التركة أنصافا يكون أحدا وأربعين، فاعمل فيه كما عملت في الصحاح، فما خرج لكل واحد من الورثة من العدد المبسوط، فاقسمه على اثنين، فما خرج نصيبا للواحد فهو نصيب الواحد من الجنس الذي يريده، ولو كان الكسر ثلاثا قسمت التركة على ثلاثة، وهكذا إلى العشر، تقسم على عشرة. ولو كانت المسألة عددا أصم (2) فاقسم التركة عليه، فإن بقي ما لم يبلغ دينارا فابسطه قراريط واقسمه، وإن بقي ما لا يبلغ قيراطا، فابسطه حبات وأقسم، وإن بقي ما لا يبلغ حبة، فابسطه أرزات واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ أرزة فانسبه بالأجزاء إليها (3)، وعليك بالتحفظ من الغلط، فاجمع ما يحصل للوارث، فإن ساوى المجموع التركة، فالقسمة صواب وإلا فلا.
1. أي التركة. 2. عدد أصم: أي خال من الكسور التسعة كأحد عشر وثلاثة عشر. 3. واعلم أن كل دينار عشرون قيراطا، والقيراط ثلاث حبات، والحبة أربع أرزات، وليس بعد الأرزة اسم خاص. لاحظ الجواهر: 39 / 361. 102 كتاب القضاء
103 وفيه مقدمة وفصول أما المقدمة: ففيها أربعة مباحث: 6412. الأول: القضاء سائغ بالنص والإجماع، قال الله تعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) (1). وقال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (2). وذم من أعرض عن الحكم وقد دعي إليه، فقال تعالى: (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون) (3). ومدح من أجاب إليه بعد الدعاء فقال: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) (4).
1. المائدة: 49. 2. النساء: 65. 3. النور: 48. 4. النور: 51. 105 وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) قاضيا إلى اليمن. (1) وبعث علي (عليه السلام) عبد الله بن العباس قاضيا إلى البصرة (2). وأجمع المسلمون كافة على مشروعية نصب القضاء بين الناس والحكم بينهم. 6413. الثاني: القضاء من فروض الكفايات، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإن أخلوا به أجمع استحقوا بأسرهم العقاب، لما فيه من القيام بنظام العالم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والانتصاف للمظلوم. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): القضاء في الكتاب والسنة «إن الله لا يقدس أمة ليس فيهم من يأخذ للضعيف حقه» (3). وللفوائد الحاصلة منه، تولاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (4) والأنبياء من قبله، فكانوا يحكمون لأممهم. 6414. الثالث: وفي القضاء خطر عظيم وإثم كبير لمن لم تجتمع فيه الشرائط، ودرجة القضاء عالية، وشروطه صعبة جدا، ولا يتعرض له أحد حتى يثق من نفسه بالقيام به (5)، وإنما يثق بذلك إذا كان عارفا بالكتاب وناسخه ومنسوخه وعامه وخاصه وندبه وإيجابه ومحكمه ومتشابهه، عارفا بالسنة وناسخها ومنسوخها، عالما باللغة، مضطلعا بمعاني كلام العرب، بصيرا بوجوه الإعراب،
1. السنن الكبرى: 10 / 86. 2. نقله الشيخ في المبسوط: 8 / 82. 3. السنن الكبرى: 10 / 93، ولاحظ نهج البلاغة الرقم 52 من الكتب. 4. في «أ»: بولاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). 5. في «أ»: القيام بذلك. 106 ورعا عن محارم الله، زاهدا في الدنيا، متوفرا على الأعمال الصالحة، مجتنبا للذنوب والسيئات، شديد الحذر من الهوى، حريصا على التقوى، هذه عبارة الشيخين رحمهما الله (1). وروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين» (2). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «القضاة أربعة ثلاثة منهم في النار وواحد في الجنة، قاض قضى بالباطل وهو يعلم أنه باطل، فهو في النار، وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم أنه باطل، فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم أنه حق، فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة». (3) وقال الصادق (عليه السلام): «الحكم حكمان: حكم الله عز وجل، وحكم أهل الجاهلية; فمن أخطأ حكم الله عز وجل حكم بحكم أهل الجاهلية، ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل الله عز وجل فقد كفر بالله تعالى». (4)
1. المقنعة: 721، والنهاية: 337. 2. الوسائل: 18 / 8، الباب 3 من أبواب صفات القاضي الحديث 8. 3. نقله المفيد في المقنعة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ونقله في الوسائل عن أبي عبد الله (عليه السلام). لاحظ المقنعة: 722; الوسائل: 18 / 11 الباب 4 من أبواب صفات القاضي، الحديث 6. 4. الوسائل: 18 / 18، الباب 5 من أبواب صفات القاضي، الحديث 6. 107 وعنه (عليه السلام): «أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء». (1) وعن الباقر (عليه السلام): «من حكم في درهمين فأخطأ كفر». (2) وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فمن شدة ما يلقاه من الحساب يود أن لم يكن قضى بين اثنين في تمرة». (3) 6415. الرابع: القضاء قد يجب على الشخص بأن يكون من أهله، جامعا لشرائطه، وليس هناك غيره، فيتعين على الإمام نصبه، ويجب عليه القبول، فإن لم يعلم الإمام بحاله وجب عليه أن يأتي الإمام ويعرفه نفسه، ليوليه القضاء. أما لو كان هناك غيره ممن جمع الشرائط، فإنه يجب على كل واحد منهم على الكفاية على ما تقدم، ولو عين الإمام أحدهم تعين ووجب عليه، وقال الشيخ في المبسوط: لا يجب (4). ثم إن لم يكن له كفاية استحب له أن يليه لما فيه من طلب رزق مباح على فعل طاعة، وهو أولى من طلبه على فعل مباح وإن كان ذا كفاية، فإن كان مشهورا بالعلم معروفا به، يقصده الناس ويستفتونه ويتعلمون منه، فالمستحب
1. الوسائل: 18 / 18، الباب 5 من أبواب صفات القاضي، الحديث 4. 2. الوسائل: 18 / 18، الباب 5 من أبواب صفات القاضي، الحديث 5. 3. السنن الكبرى: 10 / 96، ورواه الشيخ في المبسوط: 8 / 82. 4. المبسوط: 8 / 82. 108 له الترك، لأن التدريس والتعليم طاعة وعبادة مع السلامة وأمن من ضرر القضاء وإن كان خامل الذكر لا يعرف علمه، ولا يعلم فضله، ولا ينتفع الناس بعلمه، استحب له التولية، ليدل على نفسه، ويظهر فضله، وينتفع الناس به، وليس له بذل المال على ذلك، وما ذكرناه نحن أولا أقرب. وأما الجاهل بالأحكام الشرعية ومأخذها فإنه يحرم عليه التولية وان كان ثقة مأمونا، وكذا العالم بالأحكام وطرقها القادر على استنباط المسائل من مظانها إذا كان فاسقا، ولا ينفذ أحكام أحدهما. الفصل الأول: في التولية والعزل وفيه سبعة عشر بحثا: 6416. الأول: قد بينا استحباب تولي القضاء لمن يثق من نفسه القيام بشرائطه، ويجب على الكفاية وإذا علم الإمام خلو بلد عن قاض وجب عليه نصب قاض به، فإن منعوه (1) أهل البلد أثموا وحل قتالهم طلبا للإجابة، لاحتياج أهل كل بلد إلى حاكم يفصل قضاياهم، ولا يمكنهم المضي إلى بلد الإمام، ومن يمكنه (2) ذلك فربما شق عليه، فوجب اغناؤهم عنه. وعلى الإمام البحث والسؤال لأهل المعرفة بأحوال الناس إن لم يعرف من
1. في «أ»: فإن امتنعوه. 2. في «أ»: ومن تمكنه. 109 يصلح للقضاء، فإن ذكر له رجل لا يعرفه أحضره وسأله، فإذا عرف اجتماع شرائط الحكم فيه ولاه، وإلا طلب غيره. ولو امتنع الجامع للشرائط لم يجبر مع وجود مثله إلا ان يلزمه الإمام فيجب عليه. 6417. الثاني: يشترط في القاضي البلوغ والعقل والإيمان والعدالة وطهارة المولد والعلم والذكورة والحرية على إشكال، والبصر كذلك، والمعرفة بالكتابة على تردد، فلا ينعقد القضاء للصبي وإن كان مراهقا، ولا للمجنون سواء كان جنونه مطبقا أو أدوارا، ولا لغير المؤمن، لأنه ليس أهلا للأمانة، ولا للفاسق لذلك أيضا، ولا لولد الزنا لنقصه وعدم صلاحيته للإمامة وعدم قبول شهادته في الأشياء الجليلة، ولا لغير العالم المستقل بأهلية الفتوى البالغ رتبة الاجتهاد. ويشترط في معرفة الأحكام العلم بستة أشياء: الكتاب، والسنة، والإجماع، والاختلاف، والقياس، ولسان العرب. أما الكتاب فيحتاج في معرفته إلى عشرة أشياء: الخاص، والعام، والمقيد، والمطلق، والمحكم، والمتشابه، والمجمل، والمبين، والناسخ، والمنسوخ، لا في الكتاب أجمع بل في الآيات المتعلقة بالأحكام، وهي نحو من خمسمائة آية. وأما السنة فيحتاج إلى معرفة ما يتعلق منها بالأحكام، دون سائر الأخبار، ويفتقر إلى أن يعرف منها ما يعرف من الكتاب وزيادة معرفة التواتر، والآحاد، والمرسل، والمتصل، والمسند، والمنقطع، والصحيح، والضعيف، ويحتاج إلى معرفة المجمع عليه والمختلف فيه، وشرائط الإجماع.
110 وأما القياس فقد أجمع علماؤنا على أنه ليس بحجة في الأحكام إلا ما نص على علته، فإن في هذا النوع من القياس خلافا، والأقرب عندي العمل به، فعلى هذا يجب أن يكون عارفا بكيفية شرايطه والاستنباط منه. ويجب أن يعرف من النحو واللغة والتصريف ما يتعلق بالأحكام من الآيات والأخبار الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام). ويجب أن يعرف شرائط الاستدلال وكيفية تركيب البراهين والترجيح وشرائطه، ولا يشرط في ذلك البلوغ إلى الغاية، فإن حصول ذلك متعذر في أكثر الحكام، بل المعتبر أصول الأحكام بحيث يتمكن من الاستنباط واستخراج ما يرد عليه من الفروع، فإن المسائل الفرعية فرعها المجتهدون في كتبهم، فلا يكون شرطا في الاجتهاد. وهل يتجزى الاجتهاد أم لا؟ الأقرب نعم، لما روي عن الصادق (عليه السلام) انه قال: «إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا، (1) فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا، فتحاكموا إليه». (2) نعم يشترط أن يكون عارفا بجميع ما وليه، ولا يكفيه فتوى العلماء. 6418. الثالث: لا ينعقد القضاء للمرأة في الحدود وغيرها، ولا للعبد، لأن
1. في المصدر «من قضايانا». 2. الوسائل: 18 / 4، الباب 1 من صفات القاضي، الحديث 5. 111 القضاء من المناصب الجليلة، فلا يليق به، وحكم المدبر والمكاتب المطلق وإن أدى شيئا من مال الكتابة وتحرر بعضه حكم القن، وفيه نظر. وأما الأعمى، فالذي ذكره الشيخ (رحمه الله) أنه لا ينعقد قضاؤه، لعدم تمييزه بين المقر والمقر له، وما يكتبه كاتبه بين يديه. (1) وهو حسن. وهل ينعقد قضاء الأمي؟ فيه نظر، ينشأ من شدة الحاجة إلى الضبط الذي لا يتيسر بغير الكتابة، ومن كون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول أمره خاليا عن الكتابة، وهو سيد الحكام، (2) والأقرب الاشتراط، وقوة التمييز في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يحصل لأحد غيره. والأقرب انعقاد القضاء للأخرس والأصم. 6419. الرابع: ينبغي أن يكون الحاكم قويا من غير عنف، لينا من غير ضعف، لئلا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس (3) الضعيف من عدله، حليما، بصيرا بمزايا الأمور، (4) ذا فطنة وقادة، لا يؤتى من غفلة، ضابطا، صحيح السمع، قوي البصر والبصيرة، عارفا بلغات أهل ولايته، شديد العفة، كثير الورع، نزها بعيدا من الطمع، صادق اللهجة، ذا رأي سديد، ليس بجبار ولا عسوف، فقد روي عن
1. المبسوط: 8 / 101. 2. قال الشيخ في المبسوط: 8 / 120: والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندنا كان يحسن الكتابة بعد النبوة، وإنما لم يحسنها قبل البعثة. وقال الشهيد الثاني (قدس سره) بعد نقل كلام الشيخ من المبسوط: «والأظهر خلافه». لاحظ المسالك: 13 / 329. وقد بسط شيخنا السبحاني الكلام في ذلك الموضوع في كتاب «مفاهيم القرآن» الجزء الثالث فلاحظ. 3. في «أ»: ولا يئس. 4. في «أ»: «بصيرا مميزا بالأمور» ولعله مصحف. 112 علي (عليه السلام) انه قال: «لا ينبغي أن يكون القاضي قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الألباب، لا يخاف في الله لومة لائم». (1) ويجوز له أن يحضر الولائم، لما فيها من الترغيب، فإن كثرت ولم يتمكن من الجميع ترك الجميع، ولا يخصص أحدا بالحضور إلا أن يكون في أحدها (2) ما يمنعه كالمنكر أو يكون بعيدا. وله عيادة المرضى، وشهادة الجنائز، وإيتان القادم، وزيارة الإخوان والصالحين. 6420. الخامس: لا تجوز الولاية إلا من الإمام المعصوم أو من فوض إليه الإمام، ثم الإمام إن كان ظاهرا كان أمر التولية إليه، ولا يجوز لغيره تولية أحد القضاء إلا بإذنه. ولو استقضى أهل البلد قاضيا وتحاكموا إليه لم ينفذ حكمه، ولم تثبت ولايته، ولو تراضى خصمان بواحد من الرعية وترافعا إليه فحكم، لم يلزمهما الحكم، وإن كان غائبا نفذ قضاء الفقيه المأمون من فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) الجامع لشرائط الفتوى، لقول الصادق (عليه السلام): «فاجعلوه قاضيا فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» (3).
1. نقله البهوتي في كشاف القناع: 6 / 310 - باب آداب القاضي - وابن قدامة في المغني: 11 / 385، والشرح الكبير: 11 / 375 و 394. 2. الضمير يرجع إلى «الولائم». 3. الوسائل: 18 / 4، الباب 1 من أبواب صفات القاضي، الحديث 5. 113 «ولا يجوز العدول عنه إلى قضاة الجور، فمن عدل إليهم كان فاسقا مأثوما». لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) قال: «أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله تعالى فقد شركه في الإثم». (1) وفي الصحيح عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) انه قال: «أيما رجل كان بينه وبين أخ مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به). (2) (3) 6421. السادس: إذا ولي من يتعين عليه القضاء، فإن كان ذا كفاية حرم عليه أخذ الرزق على القضاء، لأنه يؤدي فرضا، ولما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق، فقال: «ذلك سحت». (4)
1. الوسائل: 18 / 2 - 3، الباب 1 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1. 2. النساء: 59. 3. الفقيه: 3 / 3، الباب 1 من أبواب القضاء، برقم 5; والوسائل: 18 / 3، الباب 1 من أبواب صفات القاضي، الحديث 2. 4. الوسائل: 18 / 161 - 162، الباب 8 من أبواب آداب القاضي، الحديث 1. 114 وإن لم يكن ذا كفاية جاز له أخذ الرزق عليه، لأن بيت المال للمصالح، وهذا من أعظمها. وإن لم يتعين عليه القضاء، وكان ممن يجوز له القضاء، فإن كان ذا كفاية استحب له أخذ الرزق وإن أخذ جاز، وإن لم يكن ذا كفاية جاز له أخذ الرزق عليه إجماعا. أما أخذ الأجرة عليه، فإنه حرام بالإجماع، سواء تعين عليه أو لم يتعين، وسواء كان ذا كفاية أو لا. وليس له أخذ الجعل من المتحاكمين، سواء كان القضاء متعينا عليه أو لا، وسواء كان محتاجا أو لا. وكذا لا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على الشهادة تحملا وأداء، سواء تعين عليه أو لا، وسواء كان محتاجا أو لا، وكذا المؤذن. نعم يجوز للشاهد والمؤذن إذا كانا محتاجين أخذ الرزق من بيت المال، وكذا يجوز للقاسم وكاتب القاضي والمترجم وصاحب الديوان ووالي بيت المال ومن يكيل للناس ويزن وينتقد ويعلم القرآن والآداب أخذ الرزق من بيت المال. أما الرشوة فإنها حرام على آخذها ويأثم الدافع لها إن توصل بها إلى الحكم بالباطل، ولو توصل إلى الحق لم يأثم، ويأثم المرتشي على التقديرين، ويجب عليه دفع الرشوة إلى صاحبها، سواء حكم له أو عليه، ولو تلفت ضمنها. أما الهدية فإن كانت ممن له عادة بقبول الهدية منه، فلا بأس، إلا أن
115 يفعل ذلك لأجل الحكم، فتحرم، وإن كانت ممن لا عادة له بالإهداء فالوجه تحريمها، لأنه كالرشوة. 6422. السابع: إذا وجد اثنان متساويان في الشرائط، تخير الإمام في نصب أيهما شاء، إن تساويا في الفضيلة، ولو تفاوتا فيها بأن يكون أحدهما أفضل من صاحبه أو أزهد منه، فالوجه وجوب تقديم الفاضل على المفضول، ويحتمل جواز تقديم المفضول، لأن نقصه ينجبر بنظر الإمام بخلاف الرئاسة العامة. 6423. الثامن: إذا أذن الإمام له في الاستخلاف جاز، وإن منعه لم يجز له الاستنابة، وإن أطلق، فإن كان هناك أمارة تدل على تسويغ الاستنابة جازت، وإلا فلا، كما لو اتسعت الولاية، والعادة قاضية بكثرة النواب فيها وعجزت اليد الواحدة عنها. 6424. التاسع: ولاية القضاء تتجزأ (فيه) (1) فلو استنابه في الحكم بين الرجال خاصة، لم يكن له الحكم بين النساء، ولا بينهن وبين الرجال، وبالعكس، وكذا لو استنابه في القضاء في الأموال دون النفوس، أو بالعكس، لم تعم الولاية، ولو استثنى شخصا عن ولايته سقطت عنه. 6425. العاشر: يجوز نصب قاضيين في بلد واحد، بأن يخص كل واحد منهما بطرف، ولو أثبت لكل واحد منهما الاستقلال في جميع البلد، فالأقرب الجواز، ولو نصبهما على أن لا يستقل أحدهما دون الآخر، لم يجز، لكثرة الاختلاف في الاجتهاد، فيؤدي إلى بقاء الخصومات.
1. ما بين القوسين يوجد في «أ». 116 6426. الحادي عشر: لا تجوز تولية من لا يصلح للقضاء، وإن اقتضت المصلحة توليته ففي انعقاد ولايته نظر، أقربه المنع، وتولية علي (عليه السلام) لمن لا يرتضيه ليس بحجة، لأنه كان يشاركه فيما ينفذه، فيكون هو الحاكم في تلك الواقعة بالحقيقة (1). 6427. الثاني عشر: إذا استخلف القاضي نائبا شرط فيه ما يشترط في القاضي من بلوغ رتبة الاجتهاد إلا أن يخصه بالنظر في التزكية، وتعيين الشهود، وسماع البينة، فالوجه اشتراط علمه بما يحتاج إليه في ذلك دون اشتراط منصب الاجتهاد، وليس له أن يشترط على النائب الحكم بخلاف اجتهاده أو بخلاف اعتقاده. 6428. الثالث عشر: لا ينفذ حكم من لا تقبل شهادته على المحكوم عليه، كالولد على الوالد، والعبد على المولى، والعدو على عدوه، وإن كان بالبينة، لأن له الاستقصاء في دقائق أداء الشهادة والرد بالتهمة، وله التسامح. ولو تولى وصي اليتيم القضاء فهل يقضي له؟ فيه نظر، ينشأ من كونه خصما في حقه كما في حق نفسه، ومن أن كل قاض فهو ولي الأيتام. 6429. الرابع عشر: إذا ولاه الإمام قضاء بلد، فإن كان نائيا بعيدا لا يشيع خبر توليته إليهم سير الإمام معه شاهدين، وأشهدهما على نفسه بالتولية، وكذا لو كان البلد قريبا ولم يستفض خبره، أما لو كان البلد قريبا يمكن استفاضة الخبر إليه، فإنه تثبت ولايته بالاشتهار والاستفاضة، وكذا يثبت بالاستفاضة النسب، والملك
1. كما ورد لما ولى علي (عليه السلام) شريحا القضاء (شرط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه)، لاحظ الوسائل: 18 / 6، الباب 1 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1. 117 المطلق، والموت، والنكاح، والوقف، والعتق، ولا تثبت الولاية بدون هذين الشيئين، ولا يجب على أهل البلد قبول قوله المجرد عن أحدهما، وإن شهدت له الأمارات المفيدة للظن. 6430. الخامس عشر: إذا حدث بالقاضي ما يمنع الانعقاد، انعزل وإن لم يشهد الإمام بعزله، كالجنون والفسق والنسيان، ولو جن ثم أفاق لم تعد ولايته، ولا ينعزل بالسهو السريع زواله مع تمكنه من الضبط، ولو حكم من عرض له المانع لم ينفذ حكمه، وإن لم يعزله الإمام. ولو لم يحدث به مانع لكن رأى الإمام تولية غيره أولى، أو كان عزله مصلحة، كان له عزله تحصيلا للمصلحة الزائدة، ولو لم يكن هناك مصلحة زائدة، ولا حضر من هو أولى منه، ففي جوار عزله اقتراحا نظر، أقربه الجواز، لأنها ولاية تثبت بنظر الإمام، فيتبع (1) اختيار المنوب. ولو حصلت ريبة عند الإمام من القاضي، جاز له عزله وكفاه غلبة الظن في ذلك. وكل موضع يجوز عزله مع جواز إبقائه، هل ينعزل بالعزل أو يتوقف على سماعه؟ الأقرب الثاني، لما فيه من الضرر. ولو كتب إليه: إذا قرأت كتابي هذا، فأنت معزول، انعزل مع قراءته أو القراءة عليه. 6431. السادس عشر: إذا مات الإمام انعزل القضاة أجمع، وهو أحد قولي
1. في «ب»: فينبغي. 118 الشيخ (رحمه الله) (1) ولو مات القاضي الأصلي، ففي انعزال نائبه نظر، وإذا عزله الإمام بعد سماع البينة ثم ولى وجبت الاستعادة، ولو خرج من ولايته ثم عاد لم يحتج إلى الاستعادة. 6432. السابع عشر: إذا اتفق في البلد فقيهان في حال غيبة الإمام (عليه السلام) وكل منهما له أهلية الفتوى والحكم، كان الخيار للمدعي في رفعه إلى من شاء منهما، وكذا لو تعددوا، ولو رضيا بالفقيهين واختلف الفقيهان، نفذ حكم الأعلم الأزهد، لما رواه داود بن الحصين عن الصادق (عليه السلام) في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، واختلف (2) العدلان بينهما، عن قول أيهما يمضى الحكم؟ قال: «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا، وأورعهما، فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلى الآخر» (3). وعن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة عن الصادق (عليه السلام) قال قلت: في رجلين اختار كل واحد منهما رجلا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، فاختلفا فيما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثنا؟ قال: «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر». قال: قلت: فإنهما عدلان، مرضيان عند أصحابنا، ليس يتفاضل واحد منهما على صاحبه؟
1. ذهب إليه في المبسوط: 8 / 127. 2. في المصدر: فاختلف. 3. الفقيه: 3 / 5، برقم 17، والوسائل: 18 / 80 الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20. 119 قال: فقال: ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه حكمنا لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فمتبع، وأمر بين غيه فمتجنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عز وجل، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم». قلت: فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر فما وافق حكمه الكتاب والسنة وخالف العامة أخذ به. قلت: جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لها بأي الخبرين يؤخذ؟ قال: بما يخالف العامة، فإن فيه الرشاد. قلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال: ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم، فيترك ويؤخذ بالآخر. قلت: فإن وافق حكامهم وقضاتهم الخبران جميعا؟ في آداب القاضي قال: إذا كان كذلك فارجه حتى تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في المهلكات. (1)
1. الفقيه: 3 / 5 - 6، برقم 18 نقلناها عن الفقيه، لأن صاحب الوسائل جزأها ونقلها في مواضع مختلفة. لاحظ الوسائل: 18 / 75، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1. 120 الفصل الثاني: في الآداب وفيه أحد عشر بحثا: 6433. الأول: يستحب للقاضي إذا ورد إلى بلد ولايته ولا يعرف أحدا فيه أن يبحث عمن يثق به في ذلك البلد ليسأله عن أحوال ذلك البلد، ويتعرف منه ما يحتاج إلى معرفته، ويسأل عن العلماء فيه وأهل الفضل والعدالة والصلاح وسائر ما يحتاج إلى معرفته، ثم يقصد الجامع فيصلي فيه ركعتين ويسأل الله تعالى التوفيق والعصمة والإعانة له، ويبعث مناديا ينادي أن فلانا قدم عليكم قاضيا فاجتمعوا لقراءة عهده في وقت كذا، وينصرف إلى منزله الذي أعد له، ويستحب أن يكون وسط البلد، ليتساوى ورود أهله إليه، فإذا اجتمعوا قرأ العهد عليهم، ثم يواعدهم ليوم يجلس فيه للقضاء. 6434. الثاني: يستحب أن يجلس للقضاء في موضع بارز كرحبة أو فضاء، ليسهل الوصول إليه، وان حكم في المسجد صلى فيه ركعتين عند دخوله تحية، ويجلس مستدبر القبلة، ليكون وجه الخصوم إليها، وقيل (1): يستقبل القبلة لقوله (عليه السلام): خير المجالس ما استقبل به القبلة. (2) ولا يكره الحكم نادرا في
1. القائل هو الشيخ في المبسوط: 8 / 90، والقاضي في المهذب 2: 595. 2. الوسائل: 8 / 475، الباب 76 من أبواب أحكام العشرة الحديث 3، ونقله الشيخ في المبسوط: 8 / 90، والشهيد في المسالك: 13 / 367. 121 المسجد، وهل يكره دائما؟ قيل: لا، لقضاء علي (عليه السلام) بجامع الكوفة (1). ويكره اتخاذ حاجب وقت الحكم. 6435. الثالث: إذا جلس للحكم يستحب له أن يكون على أكمل حال وأعدلها، ولا يجلس على التراب ولا على بارية المسجد، ويكون عليه سكينة ووقار، ولا يستعمل الانقباض المانع عن النطق بالحجة، ولا اللين المخوف معه جرأة الخصوم، وله أن ينتهر الخصم إذا التوى، ويصيح عليه، ويعزره إن استحق التعزير، وان حصلت منه إساءة أدب كقوله: حكمت علي بغير الحق أو ارتشيت، فله التأديب والعفو. 6436. الرابع: يستحب أن يجلس وهو خال من الغضب، والجوع الشديد، والعطش، والفرح الشديد، والحزن الكثير، والهم العظيم، والوجع المولم، ومدافعة أحد الأخبثين، والنعاس، والغم، ليكون أجمع لقلبه، واحضر لذهنه، وأبلغ في تفطنه، وأكثر لتيقظه. ولو قضى والحال هذه، نفذ حكمه إن كان حقا. 6437. الخامس: يستحب إذا ورد البلد أن يبدأ أولا يأخذ ما في يد الحاكم المعزول من الحجج والقضايا المودعة عنده، ويأخذ الودائع التي أودعت لأجل الحكم، ثم يسأل عن أهل السجن ويبعث ثقة يكتب اسم كل محبوس وسبب حبسه، واسم غريمه، ثم ينادي ثلاثة أيام بأن القاضي ينظر في أمر المحبوسين يوم كذا، فإذا كان يوم المواعدة ترك الرقاع بين يديه، ثم أخذ رقعة ونظر إلى اسم
1. ذهب إليه الشيخ في الخلاف: 6 / 210، المسألة 3 من كتاب آداب القضاء. 122 المحبوس، وطلب خصمه، فإذا حضر أخرج المحبوس من السجن، ونظر بينه وبين غريمه، ولا يسأل الغريم عن سبب الحبس، لأن الظاهر أن الحاكم إنما حبسه بحق، ثم يسأل المحبوس عن ذلك، فإن قال: حبسني بحق [له] حال أنا مليء به، قال له الحاكم: أخرج إليه منه، وإلا رددتك إلى السجن. وإن قال: أنا معسر به، سأل خصمه، فإن صدقه أطلقه، وإن كذبه وكان الحق مالا، طلب من المحبوس البينة بالإعسار، وكذا لو عرف له مال وادعى تلفه، وإن لم يعرف له أصل مال، ولا كانت الدعوى مالا، طلب البينة من الغريم، فإن فقدها أحلف المحبوس على الإعسار وأطلق. وإن أقام الغريم بينة بأن له مالا افتقر إلى تعيينه، فإن صدقها طولب بالحق، وإن قال: إن هذا المال في يدي لغيري، سئل عن التعيين، فإن كذبه المقر له، طولب بالحق، فإن صدقه احتمل القبول، لأن البينة شهدت بالملك لمن لا يدعيه، وعدم القبول، فيقضى الدين من المال، لأن البينة شهدت لصاحب اليد بالملك، فتضمنت شهادتها وجوب القضاء منه، ولا يلزم من سقوط الشهادة في حق نفسه لإنكاره سقوطها فيما تضمنته، (1) ولأنه متهم في إقراره لغيره. ولو لم يظهر للمحبوس غريم، وقال: حبسني الحاكم ظلما، أشاع أمره، فإن لم يظهر له خصم أطلقه، قال الشيخ: بعد إحلافه (2). وفي مدة الإشاعة لا يحبس ولا يطلق بل يراقبه، والأقرب أنه لا يطالب بكفيل ببدنه.
1. في «أ»: تضمنه. 2. المبسوط: 8 / 95. 123 ولو ظهر خصم وادعى أن الحاكم حبسه لأجله، وصدقه، فالحكم كما تقدم، وإن أنكر المحبوس، فإن أقام المدعي بينة أنه خصمه وأنه حبسه، حكم عليه، وإن لم تكن معه بينة أطلقه بعد الإحلاف، لأنه لا خصم له. ثم يسأل عن الأوصياء على الأيتام والمجانين، والمساكين، ويعتمد معهم ما يجب من تضمين أو إنفاذ أو إسقاط ولاية، لبلوغ اليتيم ورشد المجنون، أو ظهور خيانة (1) أو ضم مشارك إن عجز الوصي، فإن الصغير والمجنون لا قول لهما، والمساكين لا يتعين الأخذ منهم. فإذا حضر الوصي عنده، فإن كان الحاكم قبله أنفذ وصيته لم يعزله، لأن الحاكم لم يعزله وما أنفذ وصيته إلا بعد معرفته بالصلاحية في الظاهر، ولكن يراعيه، فإن تغيرت حاله بفسق، عزله، وإن كان يعجز أضاف إليه آخر. وإن كان الأول لم ينفذ وصيته، نظر فيه، فإن كان أمينا قويا أقره، وإن كان ضعيفا ضم إليه غيره، وإن كان فاسقا عزله، واستبدل به غيره. فإن كان الوصي قد تصرف، وفرق الثلث حال فسقه، فإن كان أهل الثلث بالغين عاقلين معينين، وقعت التفرقة موقعها، لأنهم قبضوا حقوقهم، وإن كانوا غير معينين كالفقراء والمساكين، قال الشيخ (رحمه الله): عليه الضمان، لأنه ليس له التصرف (2) ويحتمل عدم الضمان، لأنه أوصله إلى أهله، وكذا إن فرق الوصية غير الموصى إليه بتفريقها، والأقرب ما قاله الشيخ (رحمه الله). أما لو تصرف في مال الوقف على المساجد والمشاهد والمصالح من
1. في «أ»: أو ظهور جنايته. 2. المبسوط: 8 / 95 - 96. 124 ليس له أهلية الحكم، فإنه يكون ضامنا، وإن كان قد صرفه في وجهه إذا لم يكن الواقف ولا الحاكم جعلا له النظر فيه. 6438. السادس: ينظر في أمناء الحكم، وهو من رد الحاكم إليه النظر في أمر الأطفال وحفظ أموالهم، وأموال المجانين، وتفرقة الوصايا التي لم يعين لها وصي، والحافظون لأموال الناس من وديعة أو مال محجور عليه، فإن كانوا صالحين لذلك (1) أقرهم، وإلا استبدل بهم إن فسقوا وضم إليه غيرهم إن عجزوا. ثم ينظر في اللقطة والضوال التي تحت نظر الحاكم، فيبيع ما يخشى تلفه، وما تقتضيه المصلحة، كالمحتاج إلى نفقة تستوعب قيمته، ويحفظ ثمنها لأربابها، ويحفظ مثل الأثمان والجواهر على أربابها، ليدفع (2) إليهم إن ظهروا. 6439. السابع: ينبغي للحاكم أن يحاضر أهل العلم، وأن يشهد حكمه من (2) يثق بفطنته منهم، بحيث إن أخطأ بين له الصواب، ويخاوضهم (3) في الأمور المشتبهة ليظهر له الصواب بالمباحثة، ولا يجوز له التقليد، بل الفائدة في محاضرة العلماء استخراج الأدلة والتعرف للحق بالاجتهاد. ولا يجوز له أن يحكم بقول غيره، سواء ظهر الحق في خلافه أو لا، وسواء ضاق الوقت أو لا، وكذلك ليس للمفتي أن يفتي بالتقليد. ولو أخطأ الحاكم فأتلف لم يضمن، وكان على بيت المال.
1. في «أ»: كذلك. 2. في «ب»: لتدفع. 2. في «أ»: ممن. 3. في مجمع البحرين: يقال: خاض الناس في الحديث وتخاوضوا: أي تفاوضوا فيه. 125 6440. الثامن: وينبغي أن يحضر مجلسه شهود ليستوفي بهم الحقوق ويثبت بهم الحج، بحيث إن أقر غريم شهدوا عليه، وكذا إن حكم أشهدهم بحكمه. ولو تعدى أحد الغريمين الصواب عرفه الحق برفق، فإن عاد زجره، وإن احتاج إلى التأديب أدبه، وإذا اتضح له الحكم حكم. ويستحب أن يرغبهما في الصلح، فإن اشتبه صبر حتى يظهر الحق له، ولا يحكم بدونه، ولو صالحهما ورضيا جاز وإن لم يظهر له الحق، وإذا اجتهد فظهر له الصواب وجب أن يحكم بما أداه اجتهاده، فإن تغير اجتهاده قبل الحكم، حكم بما تغير اجتهاده إليه، ولا يجوز له أن يحكم بالاجتهاد الأول، لأنه يعتقد بطلانه. 6441. التاسع: حكم الحاكم لا يزيل الشئ عن صفته، فلو حكم بعقد أو فسخ أو طلاق نفذ حكمه ظاهرا لا باطنا، فلو تعمد رجلان، وشهدا على آخر بطلاق زوجته، ففرق الحاكم بينهما، لم يجز لأحد الشاهدين نكاحها. ولو ادعى رجل نكاح امرأة، وأقام شاهدي زور، فحكم الحاكم، لم تحل له ولم تصر زوجته. ولو استأجرت امرأة شاهدي زور، فشهدا لها بطلاق زوجها، وهما يعلمان كذبهما وتزويرهما، فحكم الحاكم بالطلاق لم يحل لها أن تتزوج، ولم يحل لأحد الشاهدين نكاحها. وإذا قام شاهدي زور بنكاح امرأة وهو يعلم كذبهما لم تحل له، ولزمها في الظاهر، وعليها أن تمتنع ما أمكنها، فإن أكرهها فالإثم عليه دونها، فان وطئها الرجل فعليه الحد إن لم يعتقد الإباحة.
126 وهل يحل لها أن تتزوج بغيره؟ الوجه ذلك غير أنه لا يجوز الجمع بينهما في الوطء، بل يحرم على المحق ما دام الآخر حاضرا عندها، فإذا غاب الزوج الظاهر جاز للآخر الوطء. 6442. العاشر: يكره للحاكم أن يشتري أو يبيع لنفسه، بل ينبغي له أن يولي غيره ذلك، ولا ينبغي أن يكون الوكيل معروفا، لأنه يستحي منه أو يخاف فيحابى، فيكون مرتشيا بقدر المسامحة، ولو احتاج إلى المباشرة ولم يجد من يكفيه جاز من غير كراهة. وكذا يكره أن يرتب قوما بأعيانهم للشهادة دون غيرهم، وقيل: يحرم لما في ذلك من المشقة ولاستواء العدول في القبول، فلا تخصيص. (1) 6443. الحادي عشر: ينبغي للحاكم أن يتخذ كاتبا، ويجب أن يكون عاقلا، بالغا، مسلما، عدلا، بصيرا، ويكفي الواحد. وأن يتخذ مترجمين، ولا يكفي الواحد، ويشترط عدالتهما، ويكفي الاثنان وإن ترجما عن الزنا، ويعتبر في الترجمة لفظ الشهادة. ولو كان القاضي أصم، وجب أن يتخذ مسمعا (2) وفي اشتراط العدد نظر ينشأ من مساواته للمترجم، فإنه ينتقل عين اللفظ، كما أن المترجم ينقل معناه، ومن وقوع الفرق بينهما، فان المسمع لو غير اللفظ لعرف الخصمان والحاضرون، بخلاف المترجم، نعم لو كان الخصمان أصمين وجب العدد، لجواز غفلة الحاضرين فإن اشترطنا (3) العدد فالأقرب عدم اشتراط لفظ
1. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 8 / 111. 2. في «أ»: مستمعا. 3. في «ب»: فإن شرطنا. 127 الشهادة، وإن لم يشترط فلا يراعى لفظ الشهادة، لأنه يسلك بها مسلك الرواية. وإذا شرطنا العدد في المسمع (1)، فلا بد من رجلين وإن كانت الخصومة في مال، وكذا في الشهادة على الوكالة بالمال، لأن المشهود عليه ليس بمال في نفسه، والأقرب أن أجرة المسمع (2) على بيت المال لا على الخصمين. الفصل الثالث: في وظائف الحكم وفيه عشرون بحثا: 6444. الأول: إذا دخل الخصمان، عدل بينهما في الكلام، والسلام، والجلوس ، والنظر، والإنصات والعدل في الحكم. وإنما تجب التسوية مع التساوي في الإسلام والكفر، ولو كان أحدهما مسلما، جاز أن يكون الذمي قائما والمسلم قاعدا، أو أعلى منزلا. ولا يضيف أحد الخصمين إلا ومعه الآخر. ولا يجوز له أن يلقن أحد الخصمين ما فيه ضرر على خصمه، مثل أن يريد الإقرار فيلقنه الإنكار، أو اليمين فيلقنه النكول، أو النكول فيجرئه على اليمين، أو يحس من الشاهد بالتوقف، فيحرضه على الشهادة، أو يكون مقدما
1. في «أ»: في المستمع. 2. في «أ»: أجرة المستمع. 128 على الشهادة فيزهده عنها، أو يأمر أحد الخصمين بالكلام، لأنه نصب (1) لسد باب المنازعة. ولو سكت الخصمان، استحب ان يقول لهما: تكلما، أو: ليتكلم المدعي. ولو احتشماه أمر من يقول ذلك (2). ولا يواجه بالخطاب أحدهما. ويكره للحاكم أن يشفع في إسقاط أو إبطال. 6445. الثاني: إذا ورد الخصوم مترتبين، بدأ بالأول فالأول، فإن وردوا جميعا، أقرع بينهم، فإذا خرجت القرعة للخصمين، حكم بينهما، وان حكم بين شخص وخصمه، فقال: لي دعوى أخرى مع هذا الخصم، أو مع غيره، لم يسمع منه، ويقال له: اجلس حتى إذا لم يبق أحد من الحاضرين، نظرت في دعواك الأخرى ، فإذا فرغ الكل فقال الأخير، بعد فصل خصومته: لي دعوى أخرى لم يسمع منه حتى يسمع دعوى الأول للثانية ثم يسمع دعواه. وإن ادعى المدعى عليه على المدعي حكم بينهما، لأنا إنما نعتبر الأول فالأول في المدعي لا في المدعى عليه، وإذا تقدم الثاني فادعى على المدعي الأول أو المدعى عليه الأول حكم بينهما. ولو كثر الواردون دفعة كتب أسماءهم في رقاع ووضعها بين يديه، وأخذ رقعة رقعة فينظر في أمر صاحبها وخصمه.
1. في «أ»: نصبه. 2. وفي الشرائع: 4 / 81: «ولو أحس منهما باحتشامه أمر من يقول ذلك» وهذا أوضح. قال الطريحي: الاحتشام، هو افتعال من الحشمة - بالكسر - بمعنى الانقباض والاستحياء. مجمع البحرين. 129 ولو حضر مسافرون ومقيمون، فهما سواء ما لم يستضر المسافرون، فيقدمون. ولو قطع المدعى عليه دعوى المدعي بدعوى، لم تسمع حتى تنتهي الحكومة، ثم يستأنف الدعوى. 6446. الثالث: إذا حضر الخصمان فسبق أحدهما بالدعوى ثم ادعى الآخر يسكته الحاكم حتى تنتهي الحكومة مع المدعي، ولو ادعيا معا دفعة واحدة، سمع من الذي عن يمين صاحبه. ولو ازدحموا على المفتي والمدرس فالحكم بالسبق، فإن تساووا أقرع إلا إذا كان ما يطلب منه من العلم غير واجب، فإليه الاختيار. 6447. الرابع: الإمام يقضي بعلمه مطلقا، وأما غيره من القضاة، فإنه كذلك في حقوق الناس، والأقوى القضاء بالعلم أيضا في حق الله تعالى، ولا يجوز أن يحكم بالظن الذي لا يستند إلى البينة. ولا يشترط في العلم حصوله في زمان ولايته أو مكان ولايته، بل يحكم به كيف حصل. ولو رأى الحاكم خطه إني قضيت على فلان بكذا، لم يجب له إمضاؤه إلا أن يذكر الواقعة بحدودها، وكذا الشهادة، وإن علم أنه لا يزور عليه. ولو نسخ الشهادة وحفظ المكتوب عنده (1) وأمن التزوير لم يجز له الإقامة ما لم يذكر الشهادة.
1. هكذا في «أ»: ولكن في «ب»: ولو نسخ الشهادة من حفظه المكتوب عنده. 130 أما رواية الأحاديث، فإنه لا يعتمد فيها على مجرد الخط إن أمكن التحريف، لكن إن صحح النسخة، وحفظها بنفسه، وأمن التغيير، فالأقرب جواز الرواية. وفي كل صورة يجوز للحاكم الحكم فيها، فإنه يجوز أن يحكم من غير حضور شاهد يشهد الحكم. 6448. الخامس: إذا انتفى علم الحاكم بالدعوى، طلب البينة، فإن عرف عدالتها حكم، وإن عرف الفسق أطرح، وإن جهل الأمرين بحث عنهما، وطلب التزكية وإن عرف إسلام الشاهدين. ولا يجوز له التعويل في الشهادة على حسن الظاهر، بل لا يحكم إلا بعد الخبرة الباطنة بحال الشاهدين. ولو حكم بالظاهر من حال العدالة، ثم تبين فسقهما (1) وقت الحكم، نقض الحكم. ولو لم يعرف الحاكم العدالة، فالتمس المدعي حبس المنكر ليعدلهما، قال الشيخ (رحمه الله): له ذلك لقيام البينة بما ادعاه (2) وليس بجيد، لما فيه من تعجيل العقوبة قبل ثبوت السبب. 6449. السادس: يستحب السؤال عن التزكية سرا، فإنه أبعد من التهمة، لجواز أن يتوسل الشاهد إلى الاستمالة (3) والتعرف إلى المزكي بحسن الحال، ثم يشافه القاضي المزكي ظاهرا في آخر الأمر.
1. وفي «أ»: من حاله العدالة ثم تبين فسقهما. 2. المبسوط: 8 / 93 - 94. 3. في «ب»: إلى الاستحالة. 131 وينبغي أن يكون للقاضي جماعة من المزكين أخفياء لا يعرفون. 6450. السابع: الاستزكاء حق لله تعالى، فلو سكت الخصم وجب على القاضي طلبه إلا أن يعلم بعدالتهما، فيحكم بعلمه، ولو اعترف الخصم بالعدالة، حكم عليه من غير طلب المزكي. ولو قال: إنهما عدلان لكنهما زلا في هذه القضية، فالأقرب الحكم عليه، لاعترافه بالعدالة. 6451. الثامن: ينبغي للقاضي أن يعرف المزكي الشاهدين والخصمين، لتجويز معرفته بعداوة بينهما. وهل يشترط إعلامه بقدر المال؟ الأقرب أنه ليس كذلك، لأنه إذا زكاه في اليسير زكاه في الجليل، إلا على ما اختاره الشيخ (رحمه الله)، من أن ولد الزنا تقبل شهادته في اليسير من المال مع فرض عدالته. (1) 6452. التاسع: لا بد للمزكي من الخبرة الباطنة والمعرفة المتقادمة بحال الشاهد، حتى تسوغ له تزكيته، وتثبت مطلقة فلا يجب ذكر السبب، فإن سبب العدالة لا ينحصر. ويجب ذكر السبب في الجرح، لوقوع الخلاف فيه، ولا يفتقر إلى تقادم المعرفة، بل يكفي العلم بسبب الفسق، ولو أسند السبب إلى الزنا أو اللواط، لم يكن قذفا. ويجب على المزكي أن يقول: أشهد أنه عدل مقبول الشهادة، أو هو عدل
1. النهاية: 326. 132 لي وعلي، فإن العدل قد لا تقبل شهادته لغفلته، ولا يكفي أن يقول: لا أعلم منه إلا الخير. وتقبل تزكية الأب لولده وبالعكس، وهل يقبل جرح الولد للوالد؟ الأقرب العدم. 6453. العاشر: ليس للشاهد أن يشهد بالجرح إلا بعد المشاهدة لسبب الفسق (1) أو أن يشيع ذلك بين الناس شياعا موجبا للعلم، ولا يكفي الظن في ذلك وإن كثر المخبرون. أما العدالة فيكفي فيها غلبة الظن بانتفاء أسباب الجرح المستندة إلى تأكد الصحبة وكثرة الملازمة والمعاملة. ومع ثبوت العدالة يحكم بالاستمرار عليها إلى أن يظهر المنافي، وقيل (2): إن مضت مدة يمكن تغيره فيها، جدد البحث عنه، ولا تقدير للمدة بل بحسب ما يراه الحاكم. 6454. الحادي عشر: لو اختلف الشهود في الجرح والتعديل، حكم بالجرح، لأن سببه قد يخفى عن الآخرين. ولو تعارضت البينتان فيهما، قال في الخلاف: يقف الحاكم عن الحكم (3).
1. في «أ»: بسبب الفسق. 2. القائل هو بعض العامة على ما صرح عليه في الجواهر. لاحظ جواهر الكلام: 40 / 126. 3. الخلاف: 6 / 219، المسألة 12 من كتاب آداب القضاء. 133 ولو شهد عدل بالجرح وآخران بالتعديل، حكم بالعدالة، وله التوقف مع الريبة، وإذا عدله المزكون فللقاضي التوقف إذا انفرد بتسامع الفسق، لأنه محل الريبة. ويجوز للحاكم التفريق للشهود خصوصا مع الريبة. وإذا كان الشاهد فقيها فله الإصرار على كلمة واحدة، وهو أن يقول: أعرف عدالتهما، ولا يلزمه التفصيل، وليس للقاضي إجباره، لكن يبحث عن جهات أخر، فلو أصر الشاهد وبحث القاضي، ولم تزل الريبة، وجب القضاء، وليس له القضاء مع الريبة قبل البحث. 6455. الثاني عشر: صفات المزكي كصفات الشهود ويزيد أمران: العلم بالجرح والتعديل، والخبرة الباطنة بحال الشاهد. ولا بد من الذكورة والعدد. وينبغي أن يكون المزكي صاحب عفة ونزاهة، ذا عقل وافر بريئا من البغضة، لئلا يطعن في الشهود، ولا يكون من أهل الهوى (1) والعصبية يميل إلى من وافقه على من خالفه. وإذا شهد عند الحاكم بالعدالة، فله أن يقبل الشهادة من غير كشف ولا سؤال. ولو أقام المدعى عليه بينة ان هذين الشاهدين شهدا بهذا الحق عند حاكم فرد شهادتهما بفسقهما، بطلت شهادتهما.
1. في «ب»: من أهل الأهواء. 134 ويستحب للحاكم أن يسأل عن شهوده كل وقت، لأن الرجل ينتقل من حال إلى حال. ولا يقبل شهادة المتوسمين، وهو أن يحضر مسافران يشهدان عند الحاكم، ولا يعرفهما، وعليهما سيماء الخير. 6456. الثالث عشر: ليس على الحاكم الثاني تتبع أحكام المعزول، نعم لو ادعى المحكوم عليه أن المعزول حكم عليه بالباطل، وجب النظر فيه، وكذا لو ثبت عنده ما يبطل حكم الأول أبطله، لا فرق في ذلك بين حقوقه تعالى وحقوق الناس. ولو قضى الأول على غريم بضمان مال وأمر بحبسه، فحضر الثاني، نظر فإن كان الحكم موافقا للحق أنفذه، وإلا أبطله، سواء استند في الحكم إلى دليل قطعي أو اجتهادي، وكذا كل حكم حكم به الأول فظهر للثاني بطلانه، فإنه ينقضه، وكذا لو كان الخطأ في حكم نفسه نقضه، ويستأنف الحكم بالصواب. ولو كان القاضي الأول لا يصلح للقضاء، نقضت أحكامه أجمع، سواء أصاب فيها أو أخطأ. 6457. الرابع عشر: لو قال المعزول بعد العزل: كنت قضيت لفلان، لم يقبل قوله، ولو قال قبل العزل قبل وإن لم تكن بينة، لأنه من أهل الإنشاء في الحال، أما لو شهد عدلان بعد العزل على قضائه ثبت، ولو كان هو أحد العدلين لم يقبل إن قال: أشهد أني قضيت، ولو قال: أشهد أن قاضيا قضى، ففيه نظر. 6458. الخامس عشر: لو ادعى رجل على المعزول أنه أخذ منه رشوة، رفعه إلى القاضي المنصوب، وحكم بينهما.
135 ولو ادعى أنه أخذ منه المال بشهادة فاسقين فكذلك، فإن حضر واعترف ألزم المال، وإن قال: لم أحكم إلا بشهادة عدلين، قال الشيخ (رحمه الله): يطلب منه البينة لاعترافه بنقل المال وادعائه المزيل للضمان (1) وفيه نظر، لأن الظاهر من الحكام بذل الجهد (2) والاستظهار في الأحكام، فيكون القول قوله مع اليمين، لادعائه الظاهر، ولو ادعى مجرد الحكم دون أخذ المال، فالوجه أنه كالأول. ولو ادعى الأمين أنه أخذ شيئا أجرة لم يقبل تصديق المعزول له، لكن يطالب بالزائد عن أجرة المثل، والأقرب أنه لا يحلف على قدر أجرة المثل. ولو ادعى على شاهدين أنهما شهدا عليه بزور، أحضرهما الحاكم، فإن اعترفا ألزمهما، وإن أنكرا وأقام المدعي بينة على إقرارهما بذلك فكذلك، وإن لم يقم بينة، ففي إحلافهما نظر ينشأ من كونهما منكرين، وعلى المنكر اليمين، ومن تطرق الدعاوي في الشهادة، (فربما منع ذلك من رد الشهادة) (2) وربما (4) منع ذلك من أداء الشهادة، والأول أقوى. 6459. السادس عشر: إذا استعدى رجل على آخر إلى الحاكم لزمه أن يعديه ويستدعي خصمه مع حضوره، وإن لم يحرر الدعوى، سواء علم بينهما معاملة أو لا، وسواء كان المستعدي ممن يعامل المستعدى عليه أو لا. ولو كان المستعدى عليه امرأة برزة (3) فكالرجل، وإن كانت مخدرة
1. المبسوط: 8 / 103. 2. في «ب»: بذل المجهود. 3. ما بين القوسين يوجد في «أ». 4. في «ب»: فربما. 5. هي التي تبرز لقضاء حوائجها. 136 أمرت بالتوكيل، فإن توجهت اليمين عليها بعث الحاكم أمينا معه شاهدان فاستحلفها، وإن أقرت شهدا عليها. ويجوز أن يبعث الحاكم إلى منزلها من يقضي بينهما، فإن اعترفت للمدعي أنها خصمه، حكم بينهما، وإن أنكرت طلب شاهدين من أنسابهما يشهدان أنها المدعى عليها، ثم يحكم بينهما من وراء الستر، فإن لم تكن [له] بينة التحفت بجلباب وأخرجت من وراء الستر. وإن كان المدعي عليه غائبا في غير ولايته، لم يكن له أن يعدي عليه، وله الحكم عليه. وإن كان في ولايته وله في بلده خليفة، أثبت الحق عنده، وكتب به إلى خليفته، ولم يحضره. وإن لم تكن هناك بينة نفذه إلى خليفته، ليحكم بينه وبين خصمه، وإن لم يكن له خليفة، وكان فيه من يصلح للقضاء، أذن له في الحكم بينهما، وإن لم يكن له فيه من يصلح للقضاء، طولب بتحرير الدعوى، لاحتمال ادعاء ما ليس بحق، كالشفعة للجار، فيلزمه المشقة بالإحضار بغير حق بخلاف الحاضر في البلد، فإذا حرر الدعوى طلب خصمه بعدت المسافة أو قربت. ولو كان حاضرا واختفى، نادى رسول الحاكم ثلاثا أنه إن لم يحضر ختم على بابه، ويجمع أهل محلته وأشهدهم على أعذاره، فإن لم يحضر، وسأل المدعي ختم بابه ختمها، فإن لم يحضر حكم عليه، كما يحكم على الغائب.
137 ولو ادعى أحد الرعية على القاضي، فإن كان هناك إمام رافعه إليه، وإن لم يكن وكان في غير ولايته، رافعه إلى قاضي تلك البقعة، وإن كان في ولايته رافعه إلى خليفته. 6460. السابع عشر: ينبغي للحاكم أن يفرق بين الشهود، ويستحب فيمن لا قوة له أو في موضع الريبة، أما إذا كان الشهود من أهل الفضل والبصيرة، فإنه يكره للحاكم ذلك. ولا يجوز له أن يتعتع الشاهد بأن يداخله في التلفظ بالشهادة أو يتعقبه، بل يصبر عليه حتى ينهي (1) الشهادة، فإن تلعثم (2) أو تردد لم يجز له ترغيبه بالشهادة، ولا تزهيده عنها، وكذا يحرم عليه منع الغريم عن الإقرار بحق آدمي، ويجوز في حق الله تعالى كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ل «ما عز»: «لعلك قبلتها، لعلك لمستها» (3). وهو يؤذن بكفه عن الإقرار ومنعه عنه. وله وعظ الشاهدين مع الريبة. 6461. الثامن عشر: لو نسي القاضي الحكم فشهد عنده عدلان بأنه قضى، ففي القبول نظر ينشأ من إمكان رجوعه إلى العلم، لأنه يرجع إلى فعله، فلا يقبل فيه الظن، كالشهادة لو نسيها فشهد عنده عدلان بأنه قد شهد، ومن قبول هذه
1. في «أ»: ينتهي. 2. يقال: تلعثم في الأمر: توقف فيه وتأنى (المنجد). 3. مسند أحمد: 1 / 238، سنن أبي داود: 4 / 146 برقم 4422، سنن البيهقي: 8 / 226. 138 الشهادة لو شهدا عند غيره فكذا عنده، ولو شهدا بالحكم عند غيره أنفذه إن لم ينكر ولم يكذبهما. أما في الرواية فيجوز مع نسيان المروي عنه، كما نقل عن بعضهم أنه كان يقول: حدثني فلان عني. ولو ادعى إنسان على قاض أنك قضيت لي فأنكر، لم يكن له رفعه إلى قاض آخر، ولا يتوجه عليه اليمين كالشاهد إذا أنكر الشهادة. 6462. التاسع عشر: إذا اعترف الغريم فقال المقر له للحاكم: اشهد لي على إقراره شاهدين، لزمه ذلك، لاحتمال نسيانه. ولو ثبت عنده حق بنكول المدعى عليه ويمين المدعي، وسأله المدعي أن يشهد على نفسه لزمه. ولو ثبتت عنده بينة فسأله الإشهاد، احتمل اللزوم، لاشتمال الحكم (1) على تعديل البينة، وعدمه إذ بالحق بينة [فلا يحتاج إلى جعل بينة أخرى]. ولو حلف المنكر وسأل الحاكم الإشهاد على خروجه عن العهدة، لزمه، وفي جميع ذلك لو سأل الكتابة احتمل اللزوم، لأنه وثيقة فهو كالإشهاد، إذ هو مذكر للشاهدين، وعدمه، إذ لا اعتبار بالخط، وإنما المرجع إلى الذكر. وإذا كتب صورة الواقعة ذكر الواقعة، وأسماء الخصمين وحالهما (2) إن لم
1. أي لأن حكم القاضي مبني على عدالة البينة الأولى، وفي الإشهاد، إثبات لتعديلها. 2. الظاهر أن المراد به حليتهما. 139 يعرفا، فإن سأل صاحب الحق الحاكم أن يحكم بما ثبت في المحضر الذي نسخ فيه صورة الواقعة، لزمه الحكم به وإنفاذه فيقول: حكمت له به، أو ألزمته الحق وأنفذت الحكم به، فإن طالبه أن يشهد له على حكمه لزمه. ويجمع محاضر كل أسبوع ووثائقه وحججه في إضبارة (1) ويكتب عليها أسبوع كذا، ويجعل محاضر الشهر في كيس، ويكتب عليه محاضرة شهر كذا، ثم يجمع ما للسنة، فيكتب عليه قضايا سنة كذا، ليكون إخراج ما يحتاج إليه أسهل عند طلبه، ويكتب نسخة أخرى في يد المدعي بحيث توجد إحداهما لو ضاعت الأخرى. وينبغي للحاكم إطلاق ثمن الكاغذ من بيت المال، وإن لم يكن هناك فضل، أحضر الملتمس، ولا يجب على الحاكم دفع القرطاس من خاصته، ومع حضور الكاغذ يجب على الحاكم الكتابة. 6463. العشرون: يستحب للخصمين الجلوس بين يدي الحاكم، ولو كانا قائمين بين يديه جاز، وليس له أن يجلس أحدهما دون الآخر مع تساويهما في الإسلام والكفر.
1. قال الفيومي: وعنده إضبارة من كتب - بكسر الهمزة -: أي جماعة وهي الحزمة. المصباح المنير: 2 / 2. 140 الفصل الرابع: في كيفية الحكم وفيه سبعة مباحث: 6464. الأول: الدعوى إن كانت بوصية أو إقرار سمعت وإن كانت مجهولة، وإن كانت في غيرهما قال الشيخ (رحمه الله): لا تسمع إلا محررة، فلو ادعى شيئا مجهولا، لم يسمع، لأن الحاكم يسأل المدعى عليه، فإن اعترف به لزمه، ولا يمكنه أن يلزمه بالمجهول. (1) وفيه نظر، وعلى قوله (رحمه الله) إن كانت الدعوى أثمانا افتقر إلى ذكر الجنس والنوع والقدر، فيقول: عشرة دنانير مصرية صحاحا، مثلا وإن كانت من العروض المثلية ضبطها بالصفات، ولا يحتاج إلى ذكر القيمة، وإن لم يكن مثليا وجب ذكر القيمة. ولو كان المدعى به تالفا، فإن كان مثليا ادعى مثله، وضبطه بالوصف، وإن لم يكن مثليا ادعى القيمة، لأنها تجب بتلفه، وإن ادعى جرحا له أرش معلوم، صح ذكر الجرح وإن لم يذكر الأرش، وإن لم يكن مقدرا وجب ذكر الأرش. ولو ادعى على أبيه دينا لم تسمع حتى يدعي موت أبيه وأنه ترك شيئا في يد ولده بقدر الدين، ولو كان فيه وفاء للبعض، ذكر ذلك القدر، ولو جهل المدعي تحرير الدعوى فهل للقاضي تلقينه التحرير؟ فيه نظر، أقربه الجواز، لأن ذلك تحقيق للدعوى.
1. المبسوط: 8 / 156. 141 وهل يشترط إيراد الدعوى بصورة الجزم أو يكفي قوله: أظن أو أتوهم؟ فيه نظر، فإن قلنا بسماعها لم يكن له الحلف بالرد ولا مع إقامة شاهد واحد، بل تجب البينة عليه أو يحلف المنكر، وليس للمنكر حينئذ الرد، بل إما أن يحلف أو يخرج عن الحق، وفيه إشكال. 6465. الثاني: إذا حرر المدعي دعواه، فللحاكم أن يسأل خصمه عن الجواب، ويحتمل توقف ذلك على التماس المدعي، لأنه حقه فيتوقف على المطالبة، والأول أقرب، لأن شاهد الحال يدل عليه، فإن إحضاره والدعوى إنما يراد ليسأل الحاكم الغريم فيقول لخصمه: ما تقول فيما يدعيه، أو ما عندك فيه؟ فإن أقر لزم الحق، وإن لم يقل الحاكم: قضيت، بخلاف البينة لأنها تتعلق باجتهاد الحاكم، وليس للحاكم أن يحكم عليه إلا بمسألة المدعي، لأنه حقه، فيتوقف استيفاؤه على مطالبته، ويحتمل أن يحكم عليه من غير مسألة. أما لو كان المدعي جاهلا بمطالبة الحاكم، فإن الحاكم يحكم عليه أو ينبهه على ذلك، لئلا يضيع حقه بجهله، فيترك المطالبة. وكيفية الحكم أن يقول: قد ألزمتك ذلك، أو قضيت عليه، أو اخرج إليه من ماله، أو ادفعه إليه. وإن طلب المدعي أن يكتب الإقرار، كتب له إن كان يعرفه بنسبه، أو يشهد عنده شاهدان عدلان بالنسب، ولو شهد عليه بالحلية جاز وإن لم يعرف النسب. وإن استوفى الحق من المحكوم عليه، فقال للحاكم: اكتب لي محضرا بقبض الحق مني لئلا يطالبني الخصم مرة أخرى في موضع آخر، فالوجه وجوب إجابته.
142 ولو قال: أريد الكتاب الذي ثبت به الحق، لم يلزم المدعي دفعه إليه، لأنه ملكه، ولاحتمال خروج العوض مستحقا فيعود إلى ماله، وكذا كل من كان له كتاب بدين فاستوفاه، أو عقار باعه، لم يلزمه دفع الكتاب. ولو ادعى المقر الإعسار، فإن صدقه غريمه، أو ثبت بالبينة، أو عرف حاله، أنظر حتى يوسر، وفي رواية: يسلم إلى غرمائه ليستعملوه أو يؤاجروه (1). وإن جهل حاله بحث الحاكم عنه، ثم إن عرف له أصل مال أو كانت الدعوى مالا حبس حتى يثبت إعساره، وإن لم يعرف له أصل مال ولا كانت الدعوى مالا، فالقول قوله مع اليمين. 6466. الثالث: إن أنكر الخصم وقال: لا حق للمدعي علي، فإن كان المدعي عارفا بأنه موضع المطالبة بالبينة، تخير الحاكم بين السكوت وبين قوله: ألك بينة؟ وإن كان جاهلا قال الحاكم: ذلك، فإن قال: لا بينة لي، قال له الحاكم: لك يمينه، فإن سأل الإحلاف أحلفه الحاكم. وليس للحاكم أن يستحلفه قبل مسألة المدعي، لأنه حقه، فليس له استيفاؤه من غير مطالبة مستحقه، فإن أحلفه الحاكم قبل طلب المدعي، أو بادر الخصم فحلف، وقعت يمينه لاغية، وأعادها الحاكم مع مطالبة المدعي بها. وان أمسك المدعي عن إحلاف المنكر، ثم أراد إحلافه بالدعوى المتقدمة جاز، لأنه يسقط حقه منها، وإنما أخرها. وإن قال: أبرأتك من هذه اليمين، سقط حقه منها في هذه الدعوى، وله أن
1. الوسائل: 13 / 148، الباب 7 من أبواب أحكام الحجر، الحديث 3. 143 يستأنف الدعوى، لأن حقه لا يسقط بالإبراء من اليمين، فإن استأنف الدعوى وأنكر الخصم، فله إحلافه، لأن هذه الدعوى مغايرة للتي أبرأه من اليمين فيها، فإن حلف سقطت الدعوى، ولم يكن للمدعي إحلافه غيرها (1) في هذا المجلس ولا في غيره، وكذا لو أبرأه من الحق الذي ادعاه. 6467. الرابع: إذا حلف المنكر عند الحاكم بسؤال المدعي، سقطت الدعوى عنه، فإن عاود المطالبة أثم ولم تسمع دعواه. ولو ظفر للغريم بمال لم يحل له أخذ شئ منه. ولو أقام بينة [بما حلف عليه المنكر] لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط المنكر سقوط الحق باليمين (2) وقيل: إن نسي بينة سمعت (3) والمروي الأول (4). ولو أقام بعد الإحلاف شاهدا واحدا وبذل اليمين معه، لم يكن له ذلك. نعم لو أكذب الحالف نفسه جاز مطالبته، وحلت مقاصته بما يجده له، مع امتناعه عن التسليم. ولو ادعى صاحب الحق أن الحالف أكذب نفسه، فأنكر، كانت دعوى مسموعة يطالب فيها بالبينة والمنكر باليمين. 6468. الخامس: لو امتنع المنكر من اليمين بعد طلب المدعي وتوجهها عليه،
1. في «ب»: غير هذا. 2. القائل هو الشيخ المفيد في المقنعة: 733. 3. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 8 / 210. 4. الوسائل: 18 / 178، الباب 9 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. 144 فلم يحلف، ورد اليمين على المدعي، لزم المدعي الحلف، فإن حلف ثبت حقه، وإن نكل سقطت دعواه. وإن نكل المنكر فلم يحلف ولم يرد، قال له الحاكم: إن حلفت، وإلا جعلتك ناكلا، ثلاث مرات، استظهارا لا وجوبا، فإن حلف برئ، وإن رد فكذلك. وإن بقي على النكول قيل: يقضي عليه بالنكول (1) وقيل: يرد اليمين على المدعي، فإن حلف ثبت حقه وإن امتنع سقط (2) وهو الأقوى. ولو بذل المنكر اليمين بعد النكول، لم يلتفت إليه. 6469. السادس: لو قال المدعي عند سؤال الحاكم له، ألك بينة؟: نعم، جاز للحاكم أن يقول له: أحضرها، فإذا حضرت لم يسألها الحاكم عن شئ ما لم يلتمس المدعي، ومع الإقامة لا يحكم إلا بسؤال المدعي وإن عرف العدالة، وبعد أن يسأل المنكر عن الجرح، فإن قال: نعم، وسأل الإنظار [في إثباته]، أنظره ثلاثة أيام، فإن أقام بينة بالجرح سقطت البينة، وعادت المنازعة، وإن تعذر الجرح، حكم بعد سؤال المدعي. ولا يستحلف المدعي مع البينة إلا أن تكون الشهادة على ميت، فيستحلف على بقاء الحق في ذمته استظهارا، والأقرب أن الصبي والمجنون والغائب كذلك.
1. ذهب إليه المفيد في المقنعة: 724، والشيخ في النهاية: 340. 2. وهو خيرة الشيخ في المبسوط: 8 / 159; والخلاف: 6 / 290، المسألة 38 من كتاب الشهادات والقاضي في المهذب: 585 - 586. 145 ويدفع الحاكم من مال الغائب قدر الحق بعد التكفيل للقابض. ولو قال المدعي: لي بينة وهي غائبة، خيره الحاكم بين الصبر حتى يحضر وبين إحلاف الغريم، ولو سأل حبسه أو كفيلا حتى يحضر بينته لم يلزم إجابته. ولو أقام المدعي البينة، ولم تثبت عدالتها، وسأل حبس غريمه أو مطالبته بكفيل حتى يثبت عدالتها، لم يكن له ذلك، أما لو أقام شاهدا واحدا وثبتت عدالته، وكان الحق لا يثبت إلا بشاهدين، لم يحبس الغريم أيضا، ولو كان [الحق] يثبت بشاهد ويمين، ثم سأل ذلك قال الشيخ: يجاب إليه لأنه يمكنه إثبات حقه باليمين. (1) وليس بجيد لأنه إلزام بحق لم يثبت موجبه. ولو أقام المدعي شاهدا واحدا، ورضي بيمين المنكر، فإن عاد قبل إحلاف المنكر فبذل اليمين، احتمل إجابته إلى ذلك وعدمها. 6470. السابع: لو لم يقر الخصم ولم ينكر، وسكت، فإن كان لآفة من طرش (2) أو خرس، توصل الحاكم إلى معرفة جوابه بالإشارة المفيدة لليقين، فإن افتقر إلى المترجم وجب اثنان عدلان. وإن كان [سكوته] عنادا حبس حتى يجيب، وقيل: يقهر على الجواب (3) وقيل: بل يقول الحاكم: إما أن تجيب وإما أن أجعلك ناكلا، وأردد اليمين على المدعي، (4) فإن أصر، رد الحاكم اليمين على المدعي، والأول مروي. (5)
1. لاحظ المبسوط: 8 / 255. 2. الطرش: الصمم. المصباح المنير: 2 / 20. 3. قال في الجواهر: «وإن كنا لم نعرف قائله» جواهر الكلام: 40 / 207. 4. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 8 / 160. 5. كذا في الشرائع أيضا، قال الشهيد الثاني: «لم نقف على روايته». المسالك: 13 / 466. 146 الفصل الخامس: في القضاء على الغائب وفيه ثمان مباحث: 6471. الأول: يقضى على الغائب عن مجلس الحكم مطلقا، سواء كان مسافرا أو حاضرا - وقيل: (1) يعتبر في الحاضر تعذر حضوره عن مجلس الحكم - سواء كان للغائب وكيل أو شفيع أو لم يكن. 6472. الثاني: لا بد وأن تكون الدعوى على الغائب معلومة، بأن يعين جنس المال وقدره، وأن تكون صريحة، بأن يقول: إني مطالب به، ولا يكفي قوله: لي عليه كذا. ولا بد من أن تكون معه بينة، ويدعي جحود الغائب، فلو أقر أنه معترف لم تسمع بينته إلا لأخذ المال، ولو لم يتعرض لجحوده، احتمل السماع وعدمه. ولو اشترى شيئا فخرج مستحقا، والبائع غائب سمعت بينته وإن لم يدع الجحود. 6473. الثالث: قد بينا أن الأقوى وجوب إحلاف المدعي على الغائب مع البينة على بقاء الحق وعدم الإبراء والاستيفاء، ولا يجب التعرض في اليمين لصدق الشهود.
1. القائل هو الشيخ في المبسوط: 8 / 162. 147 ولو ادعى وكيله على الغائب فلا يمين، ويسلم الحق. ولو ادعى وكيل الغائب على الحاضر، فقال: أبرأني موكلك الغائب أو سلمت إليه، لم ينفعه، ويسلم المال ثم يثبت الإبراء، أو يصبر إلى أن يحلف الغائب، وإلا أدى إلى تعذر استيفاء الحقوق بالوكالة مع الغيبة، ويحتمل التوقف لإمكان الأداء. 6474. الرابع: إنما يقضى على الغائب في حقوق الناس، كالديون، والعقود، والأرش، والقصاص، أما حقوق الله تعالى كالحد في الزنا واللواط وشبههما، فلا. ولو اشتمل الحكم على الحقين، قضي بالمختص بالناس، كغرم المال في السرقة، دون القطع فيها. وللحاكم أن يتصرف في المال الحاضر لليتيم الغائب عن ولايته، وله نصب قيم في ذلك المال. 6475. الخامس: إذا سمع البينة فحضر الغائب قبل الحكم، عرفه الحاكم الدعوى والبينة والعدالة، فإن اعترف حكم عليه باعترافه، وإن ادعى القضاء أو الإبراء أو الجرح أجل ثلاثة أيام ليأتي بالبينة على ذلك، فإن أقام البينة، وإلا حكم عليه. وإن حضر بعد الحكم، فإن اعترف ألزمه، وإن أقام بينة بالقضاء أو الإبراء برئ، وإن جرح الشهود لم يسمع منه حتى يثبته مقيدا، وهو أن الفسق كان موجودا حال الحكم أو قبله، لجواز تجدده بعده. 6476. السادس: إذا أقر المحكوم عليه أنه هو المشهود عليه ألزم، وإن أنكر
148 وكانت الشهادة بوصف تحتمل المشاركة فيه غالبا، فالقول قوله مع اليمين إلا أن يقيم المدعي البينة أنه الغريم. وإن كان الوصف مما تندر المشاركة فيه، لم يلتفت إلى إنكاره. ولو ادعى أن في البلد من يشاركه في الوصف أو في الاسم والنسب، كلف بيانه، فإن كان حيا كلف إحضاره ويسأل، فإن اعترف أنه الغريم ألزم وأطلق الأول، وإن أنكر وقف الحكم حتى يظهر، إما بأن يحضر الشهود ويشهدون على العين، أو بأن يذكروا مزية لأحدهما يتميز بها عن صاحبه. وإن كان المساوي (1) ميتا، فإن دلت الحال على براءته بأن يقادم عهد موته عن الواقعة أو عن الغريم، ألزم الأول، وإن اشتبه، أخر الحكم حتى يظهر. 6477. السابع: المحكوم به إذا كان غائبا، فإن كان دينا، ميزه بالقدر والجنس، وإن كان عقارا ميزه بالحد، أما ما عداهما من الأقمشة والرقيق والحيوان، احتمل الحكم على عينه بعد تمييزه بالصفات النادرة الاشتراك، خصوصا إذا عسر اجتماعها كالمحكوم عليه. واحتمل تعلق الحكم بالقيمة، فلا يجب ذكر الصفات. ويحتمل عدم الحكم، بل يسمع البينة ويكتب إلى القاضي الآخر ليسلم العبد الموصوف إليه ليحمله إلى بلد الشهود ليعينوه بالإشارة. ولا يجب على سيد العبد ذلك بل يكلف المدعي إحضار الشهود
1. المراد من المساوي: من يشاركه في الوصف أو في الاسم والنسب. 149 ليشهدوا بالعين، فإن تعذر إحضارهم، لم يجب حمل العبد إلى بلدهم ولا بيعه على من يحمله. ولو رأى الحاكم ذلك صلاحا جاز، فإن تلف العبد قبل الوصول أو بعده ولم يثبت دعواه، ضمن المدعي قيمة العبد وأجرته. وإذا حمله الحاكم للمصلحة ألزم الغريم بكفيل ليأخذ العبد من صاحب اليد أو بالقيمة ثم يستردها إن ثبت ملكه فيه. ولو كان المحكوم عليه والعبد حاضرين إلا أن المدعى عليه لم يحضره مجلس الحكم، (1) طولب باحضاره بعد قيام الحجة بالصفة، وإن عرف القاضي العبد، حكم بعلمه من دون الإحضار. وإن أنكر وجود مثل هذا العبد في يده، طولب المدعي بالبينة على أنه في يده، فان أقام أو حلف بعد النكول، حبس إلى أن يحضره أو يدعي التلف، [وتؤخذ منه القيمة] فإذا حضر أعاد الشهود الشهادة على العين. ولو حلف المنكر أنه ليس في يده هذا العبد الموصوف، ولا بينة، بطلت الدعوى. ولو شهدت البينة أن العبد الذي في يده للمدعي، ثبت الحكم، ولا حاجة إلى الوصف. 6478. الثامن: أجمع علماؤنا على أنه لا اعتبار بكتاب قاض إلى قاض، ولا يجوز العمل به، أما إذا حكم الحاكم، وشهد بحكمه عدلان،
1. كما إذا كان العبد في البلد ولم يحضر مجلس الحكم. 150 وحضرا الخصومة وكيفية الحكم، وأشهدهما على حكمه، ثم أقاما البينة (1) عند حاكم آخر، ثبت ذلك الحكم عند المشهود عنده (2) وأنفذ الثاني ما ثبت عنده، لا أنه يحكم بصحة الحكم في نفس الأمر، وإنما يمضي ما حكم به الأول لتنقطع الخصومة. وإن لم يحضر الشاهدان الحكومة، بل حكى القاضي لهما وأشهدهما على حكمه، ففي القبول نظر، وكذا الإشكال لو أخبر الحاكم حاكما آخر بأنه ثبت عنده كذا، وأنه حكم به، أما لو أخبره أنه ثبت عنده ولم يخبره بالحكم، فإنه لا ينفذه قطعا. ولا اعتبار بالكتابة، سواء كان الكتاب مختوما أو لا. ولو تغيرت حال الأول بموت أو عزل، لم يقدح ذلك في العمل بحكمه، أما لو تغيرت بفسق فإنه لا اعتبار بحكمه، وما سبق إنفاد حكمه على فسقه يقر عليه. ولا اعتبار بتغير المكتوب إليه، فلو حكم وشهد بحكمه عدلان، وكتب صورة الحكم إلى آخر فتغيرت حال الثاني، لم يبطل حكم الأول، وجاز لكل من ثبت عنده حكمه بشهادة الشاهدين إنفاذ ما حكم به. ولو شهد الشاهدان بتفصيل الحكم بخلاف ما في الكتاب جاز، لأنه لا
1. أي أقاما الشهادة من أن هذا كتاب فلان القاضي إليك أشهدنا على نفسه بما فيه، لأنه قد يكون كتابه غير الذي أشهدهما عليه. ولاحظ المبسوط: 8 / 123 - 124. 2. في هامش «أ»: عند المشهود. 151 عبرة بالكتاب، نعم لو حدث للقاضي الثاني الريبة، توقف في الحكم. ولو قال القاضي: اشهدا بأن ما في هذا الكتاب خطي لم يكف، وكذا لو قال: ما في الكتاب حكمي، نعم لو قرأه عليهما، وفصل لهما ما فيه، وحضرا الخصومة والحكم، جاز لهما الشهادة، فيكون المعتبر حينئذ ما علماه لا ما في الكتاب. ولو قال المقر له (1): اشهد علي بما في القبالة فأنا عالم به، ففي الاكتفاء به نظر، فإن قلنا به فلا بد وأن يحفظ الشاهد القبالة أو ما فيها. وإذا كتب الأول فليذكر في الكتاب اسم المحكوم عليه واسم أبيه وجده وحليته (2)، بحيث يتميز عن غيره، فان أنكر المأخوذ كونه مسمى بذلك الاسم، حلف وانصرف القضاء عنه، وإن نكل حلف المدعي، وتوجه الحكم عليه. ولو لم يحلف على نفي الاسم بل على أنه لا يلزمني شئ، لم يقبل. ولو قصر القاضي فكتب: إني حكمت على جعفر بن محمد، فالحكم باطل، حتى لو أقر رجل بأنه جعفر بن محمد وأنه المقصود بالكتاب، ولكن أنكر الحق، لم يلزمه شئ بالقضاء المبهم. ولو لم يحكم الأول ولكن اقتصر على سماع البينة، لم يفد شيئا، وافتقر الثاني إلى سماع البينة أيضا.
1. في «ب»: المقر. 2. في «ب»: وتحليه. 152 الفصل السادس: في الدعاوي والبينات مدار هذا الفصل على خمسة مطالب: الدعوى، والجواب، واليمين، والنكول، والبينة. المطلب الأول: في الدعوى وفيه عشرة مباحث: 6479. الأول: من كان له عين في يد غيره، كان له انتزاعها ولو قهرا ما لم تحصل فتنة، ولا يفتقر إلى إذن الحاكم. أما العقوبة فيقف استيفاؤها على إذن الحاكم. وأما الدين فإن كان الغريم مقرا به باذلا له، لم يكن لصاحبه الأخذ من دون إذن الغريم أو الحاكم، لأن الغريم مخير في جهة القضاء، فلا يتعين الحق إلا بتعينه أو تعيين الحاكم مع غيبته. ولو كان الغريم معترفا مماطلا، أو جاحدا، أو هناك (1) بينة يثبت عند الحاكم، والوصول إليه ممكن، ففي جواز الأخذ من دون الحاكم تردد ينشأ من جواز الاقتصاص مطلقا، ومن كون التعيين منوطا بنظر الغريم أو الحاكم، ونص الشيخ (رحمه الله) على الجواز (2).
1. في «أ»: وهناك. 2. الخلاف: 6 / 355، المسألة 28 من كتاب الدعاوي والبينات; المبسوط: 8 / 311. 153 ولو كان جاحدا ولا بينة هناك، أو تعذر الوصول إلى الحاكم، ووجد الغريم من جنس ماله، جاز له الأخذ مستقلا بقدر حقه، سواء كان المال وديعة عنده أو لا، ومنع الشيخ (رحمه الله) من الأخذ من الوديعة (1) والوجه الكراهية. ولو كان المال من غير الجنس جاز أن يأخذ بقدر حقه بعد التقويم بالقيمة العدل، ولا اعتبار حينئذ برضا المالك. وإذا أخذ ما يساوي دينه باعه وقبض الدين من الثمن، وكان كالوكيل عن المالك. فإن تلفت [العين] قبل البيع، قال الشيخ (رضي الله عنه): الأليق بمذهبنا عدم الضمان (2) وهو وجه، ويحتمل الضمان، لأنه قبض لم يأذن فيه المالك فيتقاصان حينئذ، وليس له الانتفاع قبل البيع، وعليه المبادرة إلى البيع، فلو قصر ونقصت القيمة ضمن النقصان، ولا يضمن ما ينقص قبل التقصير. ولو أخذ ما يزيد على مقدار حقه فهو من ضمانه، إلا مع التعذر، بأن يكون حقه مائة ولم يجد سوى سيف يساوي مائتين أو جارية كذلك، فالأقرب هنا عدم الضمان، وكذا لو احتاج إلى نقب جداره، فالأقرب أنه لا يضمن النقب، لاحتياجه إليه. ولو كان حقه صحاحا فوجد المكسور، جاز أن يتملك ويرضى به، ولو كان بالعكس، فليس له التملك ولا البيع بالمكسور مع التفاضل، للربا، بل يبيعه بالدنانير، ويشتري بها من الدراهم قدر حقه.
1. النهاية: 307. 2. المبسوط: 8 / 311. 154 ولو استحق كل واحد منهما على صاحبه ما لا يحصل التقاص فيه إلا بالتراضي فجحد أحدهما فللآخر أن يجحد. 6480. الثاني: المدعي هو الذي يخلى وسكوته، (1) وقيل: الذي يدعي خلاف الظاهر، أو خلاف الأصل (2). وتظهر الفائدة في الزوجين إذا أسلما قبل الدخول، وادعى الزوج المعية في الإسلام، ليدوم النكاح، وادعت المرأة التعاقب. فإن عرفنا المدعي بالأول، فالمدعي هنا المرأة، لأن الزوج لا يخلى وسكوته. وإن عرفناه بالثاني، فالمدعي الزوج، لأنه الذي يدعي خلاف الظاهر، فإن الاصطحاب نادر، والجلي هو التعاقب في الإسلام. إذا عرفت هذا فالمنكر في مقابلته. 6481. الثالث: يشترط في المدعي البلوغ، وكمال العقل، وأن يدعي لنفسه، أو لمن له ولاية الدعوى عنه، بأن يكون وكيلا أو وصيا أو وليا أو حاكما أو أمينه، وأن يدعي ما يصح تملكه له أو لمن يدعي عنه. فلو ادعى الصغير أو المجنون أو من لا ولاية له عليه، أو ادعى خمرا أو خنزيرا وكان مسلما، لم تسمع دعواه. ولا بد من صحة الدعوى، فلو ادعى أن له عليه شيئا، لم تسمع. ولو قال: وهب مني لم يسمع حتى يدعي القبض، وكذا لو قال: وقف علي أو رهن عندي إن قلنا باشتراط القبض في الرهن.
1. أي لو ترك إقامة الدعوى، لانتهى الأمر. 2. كما في الشرائع: 4 / 106. ولاحظ الأقوال حول المدعي والمنكر في الجواهر: 40 / 374. 155 ولو ادعى البيع افتقر إلى أن يقول: ويلزمه التسليم إلي، لجواز الخيار، فيحلف المنكر أنه لا يلزمه التسليم. 6482. الرابع: لو قامت عليه البينة بملك أو حق، فليس له أن يحلف المدعي مع البينة ما لم يقدم دعوى صحيحة، كبيع أو إبراء. ولو ادعى فسق الشهود، وعلم الخصم به، أو فسق الحاكم الذي حكم عليه، ففي السماع تردد، ينشأ من أنه ليس حقا لازما، ولا يثبت بالنكول ولا اليمين المردودة، ولأنه يثير فسادا. ومن أنه ينتفع به في حق لازم، كما لو قذف ميتا وطلب الوارث الحد، فادعى علمه بزناه. ولو ادعى الإقرار، ففي تحليف منكره إشكال ينشأ من أن الإقرار لا يثبت حقا في نفس الأمر، بل يقضى به ظاهرا، وليس الإقرار عين الحق، وكذا لو قال بعد قيام البينة قد أقر لي بهذا، وكذا لو توجه اليمين على المدعى عليه، فقال قد حلفني عليه مرة، وأراد أن يحلفه عليه، ففي سماع هذه الدعاوي إشكال. ولا تسمع الدعوى على القاضي والشاهد بالكذب، لما في ذلك من الفساد العظيم. 6483. الخامس: لو قال المنكر بعد قيام البينة: أمهلوني فلي بينة رافعة حتى أحضرها، أجل ثلاثة أيام. ولو قال: أبرأني عن الحق، فحلفوه سمع، وأحلف المدعي على عدم الإبراء قبل الاستيفاء. ولو قال: أبرأني عن الدعوى لم تسمع.
156 ولو قال: أبرأني موكلك استوفى في الحال. 6484. السادس: لا تفتقر صحة الدعوى إلى التفصيل من كل وجه في نكاح ولا غيره إلا في دعوى القتل، لعظم خطره (1) وعدم استدراك فائته. فلو قالت: هذا زوجي كفى في ادعاء النكاح، وإن لم يضم إليه دعوى شئ من حقوق الزوجية. ولو ادعى البيع لم يفتقر إلى ضم قيد الصحة. ولو أنكر الزوجية بعد ادعائها لم يكن ذلك طلاقا، فلو رجع سلمت الزوجة إليه، ولو بقي على إنكاره لم تنتف الدعوى إلا باليمين، فإن نكل قضي عليه بالنكول على أحد قولي علمائنا وعلى الآخر يرد اليمين على الزوجة، فإذا حلفت ثبتت الزوجية، وفي تمكين الزوج منها إشكال ينشأ من إقراره على نفسه بتحريمها، ومن حكم الحاكم بالزوجية، وكذا البحث لو كان المدعي للزوجية هو الرجل. 6485. السابع: لو ادعى أن هذه بنت أمته لم تسمع، لاحتمال أن تلدها في ملك غيره، أو حرة ثم تنتقل إليه، وكذا لو قال: ولدتها في ملكي، لاحتمال أن تكون حرة أو ملكا لغيره، ولو أقام بينة بذلك لم تسمع ما لم تشهد بأن البنت ملكه، وكذا البحث لو قال: هذه ثمرة نخلتي، أو هذه بيضة دجاجتي. ولو أقر من في يده الجارية أو الثمرة أن هذه بنت جاريته أو ثمرة نخلته، لم يحكم عليه لو فسره بما ينافي الملك، أما لو قال: هذا الغزل من قطن فلان، أو
1. في «ب»: لعظيم خطره. 157 هذا الخبز من حنطته، أو هذه الدجاجة من بيضته، فإنه يحكم بالملك للمقر له. 6486. الثامن: لو ادعى من يباع في الأسواق الحرية لم تسمع منه إلا بالبينة، وكذا لو ادعى العتق، أما لو ادعى مجهول الحال الحرية في الأصل، فالقول قوله مع يمينه، ولو ادعى الإعتاق كلف البينة. ويجوز شراء من يوجد في أيدي الناس من العبيد بظاهر اليد خصوصا مع سكوت العبد، ولا يفتقر إلى الإقرار. 6487. التاسع: لو ادعى دينا مؤجلا سمعت دعواه وإن لم يلزمه به شئ في الحال وتسمع دعوى الاستيلاد والتدبير. ولو سلم ثوبا إلى دلال قيمته خمسة، وأمره أن يبعه بعشرة (1) فأنكر، فله أن يقول: لي عليه ثوب إن تلف فعليه خمسة، وإن باع فعشرة، وإن كان باقيا فعليه رده، سمعت هذه الدعوى مع التردد للحاجة. 6488. العاشر: من ادعى ما لا يد لأحد عليه، قضي له به، لعدم المنازع، ولما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت عشرة كانوا جلوسا ووسطهم كيس فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضا ألكم هذه الكيس؟ فقالوا كلهم: لا، فقال واحد منهم: هو لي، فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه. (2) في الجواب وروى الحسن بن علي بن يقطين عن أمية بن عمرو عن الشعيري قال:
1. في «ب»: لعشرة. 2. التهذيب: 6 / 292 برقم 810، الوسائل: 18 / 200، الباب 17 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. 158 سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن سفينة انكسرت في البحر، فأخرج بعضه بالغوص وأخرج بعض ما غرق فيها، فقال: أما ما أخرجه البحر فهو لأهله، الله أخرجه، وأما ما أخرج بالغوص فهو لهم، وهم أحق به. (1) قال ابن إدريس: إن ما أخرجه البحر فهو لأصحابه، وما تركه أصحابه آيسين منه، فهو لمن وجده، وغاص عليه، لأنه بمنزلة المباح، كالبعير ترك في غير كلاء ولا ماء من جهد، فإنه يكون لواجده. وادعى الإجماع على ذلك. (2) المطلب الثاني: في الجواب وهو إما إقرار أو إنكار أو سكوت وفيه خمسة مباحث: 6489. الأول: لو قال المدعى عليه: لي عن دعواك مخرج، أو لفلان علي أكثر من مالك استهزاء، أو قال: الشهود عدول، لم يكن إقرارا. ولو قال: لي عليك عشرة، فقال: ليس يلزمني العشرة، كفى في الإنكار، وكلف في اليمين انه ليس عليه عشرة ولا شئ منها، فان اقتصر على نفي العشرة، كان ناكلا عن اليمين فيما دون العشرة، لأن المدعي للعشرة مدع لأجزائها، فللمدعي أن يحلف على عشرة الأشياء، نعم لو أضاف المقدار إلى عقد، بأن يقول: اشترى بعشرة، فيقول: ما اشريت بعشرة، أو تقول: نكحني بخمسين، فيحلف أنه لم ينكح بالخمسين، لم يكن للمدعي هنا اليمين على الأقل، للتناقض.
1. التهذيب: 6 / 297، برقم 822; الوسائل: 17 / 362، الباب 11 من أبواب اللقطة، الحديث 2. 2. السرائر: 2 / 195، باب النوادر في القضاء والأحكام. 159 6490. الثاني: لو قال: مزقت ثوبي فلي عليك الأرش، كفاه أن يقول: لا يلزمني الأرش، وإن لم يتعرض للتمزيق، لجواز أن يمزقه ولا يلزمه الأرش، فلو أقر لطولب بالبينة ويتعذر عليه، وكذا لو ادعى عليه دينا فقال: لا يستحق عندي شيئا، لم يكلف الحلف على عدم الاقتراض، لجواز الاستيفاء والإبراء. ولو ادعى عينا فقال: لا يلزمني التسليم، كفى في الجواب، لجواز أن يكون رهنا أو مستأجرة، فلو أقام المالك البينة بالملك، وجب التسليم، وكذا لو قال: إنه في يدي بإجارة، فالقول قول المالك مع يمينه، لا قول ذي اليد. ولو فصل الجواب وقال: إن ادعيت ملكا مطلقا فلا يلزمني التسليم، وإن ادعيت مرهونا فقل حتى أجيب، لم يسمع. ولو احتال فأنكر الملك (1) عقيب إنكار المدعي الدين، فالوجه الجواز، كمن ظفر بغير جنس حقه. 6491. الثالث: لو ادعى شيئا فقال من هو في يده: ليس لي بل هو لفلان، اندفعت الحكومة عنه، سواء أسند الملك إلى حاضر أو إلى غائب، فإن قال المدعي: أريد إحلافه على عدم علمه بأن العين لي، قال الشيخ (رحمه الله): لا يحلف ولا يغرم لو نكل. (2) والوجه وجوب إحلافه، لأن فائدة اليمين ظاهرة، وهو الغرم لو امتنع، لا القضاء بالعين لو نكل أو رد، لأنه حال بين المالك وماله بإقراره لغيره. ثم المقر له إن أنكر وقال: إنها للمدعي حكم له بها، وإن لم يقل ذلك،
1. في «أ»: فأنكر المالك. 2. المبسوط: 8 / 266. 160 ولكن قال: ليست لي، حفظها الحاكم، لخروجها عن [ملك] المقر، ولم تدخل في ملك المقر له. ويحتمل أن يسلم إلى المدعي، إذ لا منازع له، وأن يترك في يد ذي اليد إلى قيام حجة (1)، لأنه أقر للثالث وبطل إقراره برده، فصار كأنه لم يقر، والأول أقوى. فإن رجع المقر له وقال: غلطت بل هو لي، ففي قبول ذلك منه إشكال. ولو رجع المقر وقال: غلطت بل هو لي، فان كان في يده، فالأقرب القبول، وإن لم يكن في يده، فالأقرب العدم، لانتفاء سلطنة اليد، وهكذا كل من نفى عن نفسه شيئا، ثم رجع فيه قبل أن يقر لغيره أو بعده، لكن المقر له رد الإقرار، فإن قلنا بقبول رجوعه، فطلب المدعي إحلافه، فإن كان قد حلفه أولا لفائدة الغرم مع الاعتراف، لم يكن له ذلك، وإن لم يكن حلفه أولا، كان له إحلافه، رجاء أن يقر له. ولو قال المقر له: إنها للمدعي سلمت إليه. ولو قال: إنها لثالث، انتقلت الحكومة إلى الثالث. ولو كان المقر له غائبا، كان للمدعي الإحلاف أيضا للغرم، لا للقضاء بالعين لو نكل أو رد اليمين. ولو أقر بها للمدعي لم تسلم إليه، لأنه اعترف بها لغيره، وتلزمه قيمتها.
1. في «أ»: حجته. 161 ولو كان مع المدعي بينة سمعها الحاكم، وقضى على الغائب، وكان الغائب على خصومته إذا حضر فله أن يقدح في شهوده أو يقيم بينة تشهد له باعتراف المدعي له. ولو أقام الغائب البينة بأن العين ملكه، ففي القضاء له قولان مبنيان على تقديم بينة الداخل أو الخارج. ولو أقام ذو اليد بينة تشهد للغائب بها، سمعها الحاكم، ولم يقض بها، لأن البينة للغائب لم يدع هو ولا وكيله، وإنما الفائدة سقوط اليمين عن المقر له إذا ادعى عليه العلم. ولو ادعى وكالة الغائب كان له إقامة البينة عن الغائب. ولو ادعى رهن الغائب أو إجارته، فالأقرب سماع البينة عن الغائب بالملك، لتعلق المقر بحق. ولو أقام المقر البينة للغائب لدفع محذور اليمين عنه، ثم حضر الغائب، افتقر إلى إعادة البينة وحكم له بها، فإن أقام المدعي بينة قضى له دون بينة الغائب، لأن الغائب إذا حضر صار صاحب اليد نايبا عنه، وكان اليد للغائب فيقضى للخارج. ولو أقام المقر بينة بالرهن أو الإجارة، قدمت بينة المدعي أيضا، لأنه خارج. ولو صدق ذو اليد المدعي على دعواه فأقام الغائب البينة بالملك، انتزعت من المدعي، ولم يكن على ذي اليد غرم، لأن الحيلولة إنما حصلت بالبينة لا
162 بالإقرار، فإن أقر للغائب بعد تصديق المدعي، لم يغرم للمدعي، لأن رجوعه إلى الغائب بالبينة لا بالإقرار. ولو أقر لمجهول ولم يعينه، لم تندفع الخصومة عنه، بل يطالب بالبيان أو يحلف، فإن نكل حلف المدعي وأخذه. ولو أقر لصبي أو مجنون، فالخصم وليهما، ولا يحلف الولي، بل يطالب المدعي بالبينة أو يؤخر إلى البلوغ والرشد، ثم يحلف الصبي والمجنون، وكذا لو قال: هو وقف على الفقراء، اندفعت الحكومة عنه، ولم ينجع إلا بالبينة، إذ لا يمكن تحليف المنسوب إليه، نعم للمدعي إحلافه للغرم. 6492. الرابع: لو خرج المبيع مستحقا بالبينة، فللمشتري الرجوع على البائع بالثمن، فإن صرح في نزاع المدعي بأنه كان ملك البائع، فالوجه عدم الرجوع، لاعترافه بكذب المدعي وأنه ظالم، ويحتمل الرجوع إن قال: إنما قلت ذلك على رسم الخصومة، أما لو قال: إنه ملكي، ثم قال أسندت ذلك إلى الشراء من البائع، فالأقرب هنا الرجوع. ولو ضم إليه ادعاء الملكية للبائع، فكالأول. ولو أقام بينة بجارية فأحبلها، ثم كذب نفسه، فالولد حر، وعليه قيمته لمولاه، وعليه مهر الجارية. وأما الجارية فيحتمل دفعها إلى الأول، ودفع القيمة، لثبوت حكم الاستيلاد لها. 6493. الخامس: إذا ادعى على العبد، فالغريم مولاه، سواء ادعى مالا أو جناية.
163 ولو ادعى جناية العمد، فاعترف المولى، لم يتوجه على العبد القصاص، ولا يضمن المولى، وطريق التخلص مطالبة العبد بالجواب، فإن اعترف كمولاه اقتص منه، وإلا كان للمجني عليه في رقبته بقدر الجناية، وله تملكه إن استوعبته. في كيفية اليمين المطلب الثالث: في اليمين، والنظر في أمور [الأمر] الأول في الكيفية: وفيه سبعة مباحث: 6494. الأول: لا يستحلف أحد إلا بالله تعالى، سواء كان الحالف مسلما أو كافرا، وقيل: (1) يضم في يمين المجوسي إلى لفظ الجلالة ما يزيل الاحتمال، لأنه يسمي النور إلها. ولا يجوز الحلف بغير أسماء الله تعالى الخاصة به أو الغالبة عليه كالرحمن، فلو حلفه بالكتب المنزلة، أو الأنبياء، أو الأئمة، أو الأماكن الشريفة، أو بشئ من الكواكب، أو بغير ذلك من مخلوقات الله تعالى، كانت لاغية، ولا يجوز الإحلاف بشئ من ذلك، لأنه بدعة، وكذا لا يجوز الحلف بالقرآن، ولا بالبراءة من الله تعالى ولا من رسوله، ولا من أحد من الأئمة (عليهم السلام)، ولا من الكتب المنزلة. ولا يجوز الحلف بالكفر ولا بالعتق ولا بالطلاق. 6495. الثاني: ينبغي للحاكم إذا توجهت اليمين على أحد أن يخوفه بالله
1. القائل هو الشيخ في المبسوط: 8 / 205. 164 تعالى، ويعظه، ويذكره العقاب الذي يستحقه على اليمين الكاذبة، والوعيد عليها، فإن رجع حكم عليه بمقتضى الشرع، وإن أصر استحلفه بالله تعالى أو بشئ من أسمائه. ولو رأى الحاكم إحلاف الذمي بما يقتضيه دينه أردع جاز. 6496. الثالث: الواجب في اليمين أن يقول: قل: والله ماله قبلي حق، لكن ينبغي للحاكم أن يغلظ بالقول والزمان والمكان، وليس واجبا وإن التمسه المدعي، ولا يعد الناكل عن التغليظ ناكلا، ولا يقهر عليه، ولو حلف على عدم التغليظ لم يؤمر بحل اليمين. فالتغليظ بالقول مثل أن يقول: قل والله الذي لا إله الا هو، الرحمن الرحيم، الطالب الغالب، الضار النافع، المدرك المهلك، الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية، ما لهذا المدعي علي ما ادعاه، ولا له قبلي حق منه، أو نحو ذلك من الألفاظ المشتملة على الثناء على الله تعالى. وأما بالمكان، فبأن يستحلفه في المسجد أو المشهد، أو الحرم أو المواضع التي ترهب من الجرأة على الله تعالى. وأما بالزمان، فبأن يحلفه يوم الجمعة أو العيد، وبعد العصر، وغير ذلك من الأوقات الشريفة. ويغلظ على الكافر بالمواقع التي يعتقد شرفها، والأزمنة التي يعظمها ويعتقد حرمتها. 6497. الرابع: ينبغي التغليظ في الحقوق كلها، وإن قلت إلا الأموال، فلا يغلظ فيها بما دون نصاب القطع.
165 ولو أنكر السيد عتق عبد قيمته دون نصاب القطع، لم يغلظ يمينه، فان نكل غلظ على العبد، لأنه يدعي العتق. ولا يغلظ على المخدرة بحضور الجامع، وتعذر بالتخدر. في الحالف 6498. الخامس: لو افتقر إلى إحلاف الأخرس حلفه بالإشارة والإيماء إلى اسم الله تعالى، ووضع يده على اسم الله تعالى في المصحف أو غيره، ويفهم يمينه على الإنكار، كما يعرف إقراره وإنكاره، وينبغي أن يحضر يمينه من له عادة بفهم (1) أغراضه وإشاراته. وروى محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الأخرس كيف يحلف إذا ادعي عليه دين، ولم تكن للمدعي بينة؟ فقال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) أتي بأخرس فادعي عليه دين فأنكره، ولم تكن للمدعي بينة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بينت للأمة جميع ما تحتاج إليه، ثم قال إئتوني بمصحف، فأتي به، فقال للأخرس: ما هذا؟ فرفع رأسه إلى السماء وأشار أنه كتاب الله عز وجل، ثم قال: إئتوني بوليه، فأتوه بأخ له، فأقعده إلى جنبه، ثم قال: يا قنبر علي بدواة وصحيفة، فأتاه بهما، ثم قال لأخ الأخرس: قل لأخيك هذا بينك وبينه إنه علي، فتقدم إليه بذلك، ثم كتب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الطالب الغالب، الضار النافع، المهلك المدرك، الذي يعلم السر والعلانية، إن فلان المدعي ليس له قبل فلان بن فلان - أعني الأخرس - حق ولا طلبة بوجه من الوجوه، ولا سبب
1. في «ب»: يفهم. 166 من الأسباب، ثم غسله وأمر الأخرس أن يشربه، فامتنع فألزمه الدين» (1). وهذه الرواية قضية في عين فلا تعدى، وإنما العمل على الإشارة. 6499. السادس: لا ينبغي للحاكم أن يحلف أحدا إلا في مجلس حكمه إلا حق المعذور، كالمريض، والعاجز، والمرأة المخدرة، فيستحلف الحاكم من ينوب عنه في الاستحلاف. وللحاكم حبس المرأة إذا توجه عليها الحق وامتنعت من أدائه، كما له حبس الرجال. 6500. السابع: شرط اليمين: أن يطابق الإنكار، وان يقع بعد عرض القاضي، وأن يكون القاضي المتولي للإحلاف عن المتخاصمين. النظر الثاني: في الحالف وفيه ستة مباحث: 6501. الأول: يشترط فيه البلوغ وكمال العقل والاختيار والقصد، وأن يتوجه عليه دعوى صحيحة في حقه، فلا يمين في الحدود، إذ لا مدعي لها، وقال الشيخ (رحمه الله): لو قذفه بالزنا ولا بينة، فإن ادعاه جاز أن يحلف ليثبت الحد على القاذف (2) وفيه نظر، إذ لا يمين في حد.
1. صححنا الحديث على التهذيب: 6 / 319، برقم 879; والفقيه: 3 / 65، برقم 218; ولاحظ الوسائل: 18 / 222، الباب 33 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. 2. المبسوط: 8 / 215 - 216. 167 ومنكر السرقة يحلف لإسقاط الغرم، فلو نكل أو رد، حلف المدعي، وثبت الغرم دون القطع، وكذا لو أقام شاهدا وحلف. ولا يحلف القاضي والشاهد إذ نسبتهم إلى الكذب دعوى فاسدة، نعم لو ادعى على القاضي المعزول توجهت اليمين، ويحلف في إنكار النسب والنكاح والعتق والرجعة وغير ذلك، مما يتوجه الجواب عن الدعوى فيه. وتثبت اليمين في حق كل مدعى عليه، سواء كان مسلما، أو كافرا، عدلا، أو فاسقا، رجلا، أو امرأة. 6502. الثاني: لو ادعى الصبي البلوغ، صدق بغير يمين مع الاحتمال، ولو قال: أنا صبي لم يحلف بل ينتظر بلوغه. ولو ادعى الصبي المشرك أنه استنبت الشعر بالعلاج مع الاحتمال صدق. 6503. الثالث: لا يحلف الوصي على نفي الدين عن الميت، لأنه لو أقر لم يقبل إقراره، وكذا لو أنكر الوكالة لم يحلف الوكيل على نفي العلم بالوكالة، لأنه لا يؤمر بالتسليم إليه مع الاعتراف بالوكالة، وللخصم أن يحلف الوكيل على نفي العلم بأنه ما عزله. وهل لوكيل الخصومة إقامة البينة على وكالته من غير حضور الخصم؟ الأقرب ذلك وإن كان حقا على الخصم، لأنه لا يثبت حق نفسه. 6504. الرابع: اليمين إنما تتوجه على المنكر، وعلى المدعي مع رد المنكر، ومع الشاهد الواحد، ومع اللوث في دعوى الدم، أما المدعي ولا شاهد له فلا يمين عليه، وإن رد المنكر أو نكل، حلف المدعي، فإن نكل سقطت دعواه.
168 وإن حلف المنكر فالمشهور سقوط الدعوى عنه، سواء أقام المدعي بينة بعد ذلك أو لا، ولا تحل له مطالبته بعد ذلك بشئ، ولا تسمع بينته. وقال المفيد (رحمه الله): إذ التمس المدعي يمين المنكر فحلف له، ثم جاء المدعي ببينة تشهد له بحقه الذي حلف (له) (1) عليه خصمه، ألزمه الحاكم الخروج منه إليه، اللهم إلا أن يكون المدعي (قد) (2) اشترط للمدعى عليه أن يمحو عنه كتابه عليه، أو يرضى بيمينه في إسقاط دعواه، فإن اشترط له ذلك لم تسمع له بينة من بعد، وإن لم يشترط له ذلك سمعت، (3) والوجه الأول. ولا خلاف أنه لو اعترف المنكر بعد يمينه بالدعوى، وندم على إنكاره، فإنه يطالب، وإن كان قد حلف. 6505. الخامس: لا يمين على الوارث إذا ادعي عليه بحق ما على مورثه إلا أن يدعي عليه العلم بموت المورث، والعلم بالحق، وأنه ترك في يده مالا، ولو ساعد المدعي على عدم أحدها، لم يتوجه على الوارث يمين. 6506. السادس: لو كان له بينة فأعرض عنها، وطلب إحلاف المنكر، كان له ذلك، وكذا لو قال: أسقطت البينة وقنعت باليمين، فإن رجع بعد الإحلاف لم يكن له ذلك، وإن رجع قبله، قيل: ليس له ذلك، (4) ولو قيل بأنه يجاب إلى ذلك، كان وجها، وكذا البحث لو أقام شاهدا واحدا وتوجهت عليه اليمين، فطلب إحلاف المنكر، وأعرض عن شاهده.
1. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 2. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 3. المقنعة: 733. 4. لاحظ المبسوط: 8 / 190 و 210. 169 ولو نكل المنكر حينئذ حلف المدعي إن قلنا بعدم القضاء بالنكول، فإن حلف ثبت حقه وإلا سقط، ولو رد اليمين فكذلك. 6507. السابع: لو ادعي عليه دين وهو معسر، جاز أن يحلف أنه لا حق له، ويوري واجبا إن عرفها. في المحلوف عليه النظر الثالث: في المحلوف عليه وفيه سبعة مباحث: 6508. الأول: يجب أن يحلف على القطع والبت في كل فعل ينسبه إلى نفسه، نفيا كان أو إثباتا، وكذا على الإثبات المنسوب إلى غيره، ولو حلف على نفي فعل الغير، حلف على نفي العلم، فيقول: لا أعلم على مورثي دينا، ولا أعلم منه جناية وبيعا، وهذا القسم في الحقيقة راجع إلى الأول. 6509. الثاني: لا يجوز له أن يحلف على البت والقطع إلا مع العلم، ولا تكفي غلبة الظن ولا الخط وإن علم عدم التزوير عليه، ولو قيل له: قبض وكيلك، حلف على نفي العلم لا على نفي الفعل. ولو نفى عن عبده ما يوجب أرش الجناية، حلف على نفي العلم أيضا وفي نفي إتلاف بهيمته التي قصر بتسريحها يجب البت. 6510. الثالث: النية نية الحالف إن كان محقا، وإن كان مبطلا فالنية نية المحلوف له، فلو ورى حينئذ لم تنفعه التورية، وصرفت اليمين إلى ما حلفه الحاكم عليه، ولو استثنى بالمشيئة وسمع الحاكم، استعاد اليمين منه، وإن لم يسمع لم يؤثر الاستثناء.
170 ولو كان الحاكم يرى الشفعة مع الكثرة، والحالف لا يرى ذلك، لم يكن له أن يحلف عند الحاكم على نفي اللزوم بتأويل اعتقاد نفسه، بل إذا ألزمه القاضي صار لازما ظاهرا، وعليه تحليفه، وهل يلزمه باطنا؟ فيه نظر، والأقرب أنه إن كان مجتهدا لم يلزمه، وإن كان مقلدا ألزمه. 6511. الرابع: فائدة اليمين قطع المنازعة لا إبراء الذمة في نفس الأمر، ولا يستبيح الحالف ما حلف عليه إذا كان مبطلا. 6512. الخامس: لو قال المدعي: كذب شهودي، بطلت البينة، وهل تبطل الدعوى؟ فيه نظر، ينشأ من عدم استلزام الإخبار بكذب الشهود الإخبار بكذبه في دعواه، لاحتمال إرادته أنهم قالوا من غير علم، وهو الوجه، فإذا قلنا لا تبطل دعواه لو ادعى عليه الخصم إقراره بكذب الشهود وأقام شاهدا، لم يكن له أن يحلف معه، إذ ليس مضمونه إثبات المال بل الطعن في الشهود، وإن قلنا بالأضعف، وهو إسقاط الدعوى، كان له أن يحلف، لأن المقصود إبطال الدعوى. ولو امتنع المنكر عن الحلف، وقال حلفني مرة في هذه الواقعة، فيحلف على أنه ما حلفني، ففي لزوم ذلك إشكال، نعم لو أقام بينة سمعت، فإن قلنا بالقبول لو ادعى المدعي أنه حلفني مرة على أني ما حلفته، فيحلف على أنه ما حلفني، احتمل عدم الإجابة، لأدائه إلى التسلسل. 6513. السادس: لو ادعى صاحب النصاب إبداله في أثناء الحول أو إخراج الزكاة أو النقصان المحتمل في الخرص، قبل من غير يمين، وكذا لو ادعى الذمي الإسلام قبل الحول.
171 ولو مات وعليه دين يحيط بالتركة لم ينتقل إلى الوارث، وكانت في حكم مال الميت على ما قواه الشيخ (1) والأقوى عندي الانتقال إلى الورثة، ويتعلق حق الغرماء كالرهن، ولو حصل نماء بعد الموت، فالأقرب أنه للوارث. ولو لم يحط الدين انتقل ما فضل عن الدين. وعلى التقديرين للوارث المحاكمة على ما يدعيه لمورثه، لأنه قائم مقامه، فإذا ثبت له حق، تعلق حق الديان به. 6514. السابع: لا يجوز أن يحلف إنسان ليثبت مالا لغيره، فلو ادعى غريم الميت مالا على آخر مع شاهد، فإن حلف الوارث ثبت، وإن امتنع لم يحلف الغريم. ولو ادعى رهنا وأقام شاهدا أنه للراهن، لم يكن له أن يحلف، بل إن حلف الراهن، تعلق حق الرهانة به، وإلا فلا. ولو ادعى جماعة الورثة مالا للميت، وأقاموا شاهدا، حلف كل واحد منهم مع الشاهد، فتثبت الدعوى بعد إحلافهم أجمع، وقسم المدعى بينهم على الفريضة، وإن كان وصية قسموه على حسب ما تعلقت الوصية به. ولو امتنعوا أجمع لم يحكم لهم بشئ. في اليمين مع الشاهد ولو حلف بعض وامتنع الآخرون أخذ الحالف قدر نصيبه من العين، فلم يكن للممتنع شئ، ولا يشارك الحالف فيما أخذ. ولو كان بعضهم صغيرا أو مجنونا أخر نصيبه إلى بلوغه أو رشده،
1. قال الشيخ: والأقوى عندي أن ينتقل إلى الورثة ما يفضل عن مال الغرماء، لقوله [تعالى]: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) المبسوط: 8 / 193. 172 فإن حلف بعد ذلك أخذ وإلا فلا، ولو مات قبل كماله كان لوارثه الحلف واستيفاء حقه. ولو ادعى جماعة على واحد حقا واحدا، أو حقوقا متفقة أو مختلفة، فأنكر ولا بينة، كان لكل واحد منهم يمين بانفراده، ولو رضي الجميع منه بيمين واحدة عن الجميع، فالوجه الجواز، ونقل ابن إدريس عن قوم كما قلناه، وعن آخرين أنه لا يجوز للحاكم أن يقتصر على يمين واحدة (1). النظر الرابع: في اليمين مع الشاهد وفيه خمسة عشر بحثا: 6515. الأول: يقضى بالشاهد واليمين في الأموال، كالدين، والقرض، والغصب، وفي عقود المعاوضات، كالبيع، والصرف، والصلح، والمساقاة، والمزارعة، والشركة، والإجارة، والقراض، والهبة، والوصية له، والجناية الموجبة للدية، كالخطأ وشبيه العمد، وقتل الأب ولده، والحر العبد، وكسر العظام، والجائفة (2)، والمأمومة (3)، وبالجملة كل ما هو مال أو المقصود منه المال. وهل يقبل في النكاح؟ إشكال أقربه القبول في طرف المرأة دون الرجل. ولا يقبل في الخلع، والطلاق، والرجعة، والقذف، والقصاص والولاء، والوديعة عنده، والرضاع، والولادة، والعتق، والتدبير، والمكاتبة، والنسب، والوكالة، والوصية إليه، وعيوب النساء.
1. السرائر: 2 / 176 - 177. 2. قال الطريحي في مجمع البحرين: الجائفة في الشجاج وهي الطعنة التي تبلغ الجوف. 3. هي الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي أشد الشجاج. مجمع البحرين. 173 وأما الوقف فإن قلنا بانتقاله إلى الموقوف عليه، ثبت بالشاهد واليمين، وهو الأقرب، وإلا فلا. 6516. الثاني: لا يجوز له أن يحلف مع الشاهد إلا مع العلم، ولا يخلد (1) إلى قول الشاهد وإن كان ثقة. 6517. الثالث: كل موضع قبل فيه الشاهد واليمين، فإنه لا فرق فيه بين المدعي المسلم، والكافر، والفاسق، والعدل، والرجل، والمرأة. 6518. الرابع: لو ادعى السرقة وأقام شاهدا، جاز أن يحلف معه لغرم المال، لا للحد. ولو ادعى أنه رمى سهما عمدا فقتل أخاه، ثم نفذ إلى أخيه الآخر فقتله خطأ، وأقام شاهدا، حلف لثبوت (2) الدية في الخطأ، ولا يثبت العمد باليمين مع الشاهد. 6519. الخامس: يشترط في اليمين مع الشاهد ما يشترط في الأيمان من كمال الحالف، وتولي اليمين الحاكم عن المتنازعين، ومطابقتها للدعوى، ويشترط زيادة على ما تقدم شهادة الشاهد أولا وثبوت عدالته، ثم اليمين بعد ذلك، فلو بدأ باليمين قبل شهادة الشاهد أو قبل التعديل، لم يعتد بها، وافتقر إلى إعادتها بعد الشهادة والتزكية. 6520. السادس: الأقرب أن القضاء يتم بالشاهد واليمين لا بأحدهما منفردا، فلو رجع الشاهد غرم النصف، ويقرب من هذا البحث في التزكية لو رجع
1. في مجمع البحرين: أخلد إلى الدنيا: ركن إليها ولزمها. 2. في «ب»: ليثبت. 174 المزكي خاصة، ففي الغرم له إشكال، ينشأ من أن القضاء بالشهادة أو بها (1) مع التزكية. 6521. السابع: لو ادعى عبدا في يد غيره أنه كان ملكه ثم أعتقه، فأنكر المتشبث، فأقام المدعي شاهدا، قال الشيخ (رحمه الله): يحلف مع شاهده، ويستنقذه. (2) وفيه نظر، لأنه يثبت الحرية دون المال. ولو قال: هذه الجارية مملوكتي، وولدها مني، ولدت في ملكي، وأقام شاهدا، حلف معه، ويثبت ملك المستولدة، (2) ويثبت للجارية حكم أم الولد باعترافه، فتنعتق عند موته من نصيب الولد - إن عاد إليه - (3)، ولا يثبت نسب الولد ولا حريته. 6522. الثامن: لو حلف الورثة مع شاهد واحد على دين لمورثهم، استحقوا، فإن نكل بعضهم استحق الحالف نصيبه، ولا يشاركه الناكل، وليس لولد الناكل بعد موته الحلف. أما لو مات قبل النكول، فإن لولده أن يحلف، وهل تجب إعادة الشهادة؟ فيه إشكال. ولو كان فيهم غائب، حلف إذا حضر من غير إعادة الشهادة، وكذا إذا بلغ الصبي منهم، أو عقل المجنون.
1. في «ب»: بهما. 2. المبسوط: 8 / 196. 3. أي الجارية. 4. لم يعلم وجه هذا الشرط، ولعله إشارة إلى ما في المبسوط: «وعندنا يثبت ملكه لها ولا تنعتق بموته، إلا أن تحصل في نصيب ولدها فتنعتق عليه» المبسوط: 8 / 195. 175 ولو جاء الوارث الناكل بشاهد آخر فالأقرب وجوب إعادة الشهادة، لأنها دعوى جديدة. ولو ادعى شخصان الوصية لهما، فحلف أحدهما مع الشاهد، والآخر غائب فحضر، افتقر إلى إعادة الشهادة، لأن ملكه منفصل، بخلاف حقوق الورثة، فإنه إنما ثبت (1) أولا لشخص واحد وهو الميت. 6523. التاسع: لو حلف بعضهم مع الشاهد احتمل أخذ نصيب الغائب من يد المدعى عليه، وعدمه ولا شركة للغائب فيما أخذ الحاضر إن كانت الدعوى دينا، أما لو كانت عينا وأخذ نصيبه منها بالشاهد واليمين، فإن الغائب إذا حضر وامتنع من اليمين، أخذ نصيبه مما أخذه، كما لو ادعى الوارثان عينا فأقر المتشبث لأحدهما فصالحه، كان للآخر الشركة. ولو أقام أحدهم شاهدين انتزع نصيب المجنون والصبي ونصيب الغائب إن كان عينا، وفي الدين في انتزاع نصيب الغائب، احتمال. 6524. العاشر: لو ادعى بعض الورثة ان الميت وقف عليهم ملكا وعلى نسلهم، وأقاموا شاهدا واحدا، حلفوا معه، على ما اخترناه، من قبول الشاهد واليمين في الوقف، ويقضى لهم، فإن امتنعوا حكم بنصيب غيرهم ميراثا للغير، وبنصيب المدعيين للوقف بالوقفية، لكن لا تسمع دعواهم في الوقف لو كان هناك دين مستوعب، ولو فضل بعد الدين شئ كان نصيب المدعيين للوقف من الفاضل وقفا، ونصيب الباقيين ميراثا، وكذا ما يجب إخراجه من الوصايا.
1. في «ب»: يثبت. 176 ولو حلف بعض ثبت نصيب الحالف وقفا، وكان الباقي طلقا تقضى منه الديون والوصايا، والفاضل يكون ميراثا، والحاصل من الفاضل للمدعيين الممتنعين من اليمين يكون وقفا. ولو انقرض الممتنع كان للبطن الذي يأخذ، بعده الحلف مع الشاهد، ولا يبطل امتناع الأول حقهم. ولو ادعى أحد الثلاثة أن أباهم وقف عليهم وعلى أولادهم على الترتيب، وحلفوا مع شاهد واحد، ثبت الوقف، ولا يفتقر (1) البطن الثاني بعدهم إلى استئناف يمين، وكذا لو انقرضت البطون وصار إلى المصالح أو الفقراء. ولو مات واحد من الحالفين فنصيبه للباقين، لأنه وقف ترتيب، والأقرب أنه لا يحتاج إلى تجديد الإحلاف، لأنهم حلفوا أولا على الجملة، ويشكل سقوط اليمين عن البطن الثاني، لأنهم يأخذون الحق من الواقف، فلا بد من التجديد، لأنهم لا يستحقون بيمين غيرهم. أما لو قلنا ان البطن الثاني يأخذ الحق من البطن الأول فإنه لا يمين عليهم بعد إحلاف البطن الأول، ولو نكل البطن الأول فالبطن الثاني لا يستحقون إن لم يحلفوا، فإن حلفوا استحقوا إن قلنا إنهم يأخذون من الواقف، وإن قلنا يأخذون من البطن الأول لم يحلفوا، لبطلان حق الأول بالنكول. ولو حلف واحد ثم مات، فشرط الوقف (2) أن يكون للآخرين لكنهما
1. في «أ»: فلا يفتقر. 2. في «أ»: فشرط الواقف. 177 أبطلا حقهما بالنكول، فيحتمل صرفه إلى ولد الحالف، لالتحاق الآخرين بالموتى لنكولهما (1)، وصرفه إليهما، ويستحقان بيمين الميت، وبطلان الوقف، لتعذر مصرفه. وأما نصيب الناكلين فيبقى في يد المدعى عليه، فإن قلنا يصرفه إلى الناكلين، فالأقرب إيجاب الحلف عليهم. ولو ادعى الوقف على التشريك بينهم وبين أولادهم، وحلف الثلاثة، ثبت الوقف عليهم، فإذا ولد لأحدهم ولد صار الوقف أرباعا بعد أن كان أثلاثا، ويوقف ربع الطفل ونماؤه، فإن بلغ وحلف استحق، وإن نكل قال الشيخ (رحمه الله) (2): يرجع ربعه إلى الإخوة، لأنهم أثبتوا الوقف عليهم ما لم يحصل المزاحم، وبامتناعه جرى مجرى المعدوم. وفيه نظر ينشأ من اعتراف الإخوة بعدم استحقاقهم إياه. ولو قال المدعى عليه: ردوه إلي، فلا طالب له غيري، لم يرد إليه، وقد انتزع من يده بحجة. ولو مات أحد الإخوة قبل بلوغ الطفل، عزل له الثلث من حين وفاة الميت، لأن الوقف صار أثلاثا وقد كان له الربع إلى حين الوفاة، فإن بلغ وحلف أخذ الجميع (2) وإن رد كان الربع إلى حين الوفاة لورثة الميت والأخوين، والثلث من حين الوفاة للأخوين (3) وفيه إشكال.
1. في «أ»: لنكولهم. 2. المبسوط: 8 / 201. 3. وهو الربع إلى حين وفاة الأخ، وتمام الثلث من حين الوفاة إلى أن حلف. 4. لاحظ المبسوط: 8 / 201. 178 6525. الحادي عشر: لو ادعى قتل العمد وأقام شاهدا، لم يحلف معه إن كان العمد موجبا للقصاص، نعم تكون شهادة الواحد لوثا، فتحلف القسامة، ولو ادعى قتل الخطأ، حلف مع الشاهد يمينا واحدة. 6526. الثاني عشر: لا يقبل في الأموال امرأتين ويمين المدعي. 6527. الثالث عشر: لو ادعى الرجل أنه خالع امرأته فأنكرت، فأقام شاهدا يحلف معه لإثبات مال الفدية. ولو ادعت المرأة الخلع، لم يقبل بشاهد ويمين، لأنها تقصد فسخ النكاح وليس مالا. 6528. الرابع عشر: إذا أقام المدعي شاهدا واحدا، خير بين الحلف معه، وبين إقامة شاهد آخر، وبين رفض شاهده، وإحلاف المنكر، فإن اختار الأخير وهو استحلاف المنكر، ثم اختار أن يسترد ما بذله ويحلف هو، قال الشيخ (رحمه الله) (1): لم يكن له، لأن من بذل اليمين لخصمه لم يكن له أن يستردها بغير رضاه، كيمين الرد إذا بذلها المدعى عليه للمدعي، لم يكن له أن يستردها إلى نفسه بغير رضاه، فإن اختار أن يقيم على ذلك ويستحلف المنكر، فإن حلف المنكر سقطت الدعوى عنه، وإن لم يحلف فقد نكل، ثم لا يقضى عليه بالنكول على أقوى القولين، ولا مع إقامة الشاهد، بل ترد اليمين إلى المدعي إذ ليست هذه اليمين التي بذلها، فإن هذه يمين الرد يقضى بها في الأموال وغيرها، وتلك يمين مع الشاهد لا تقبل في غير الأموال.
1. المبسوط: 8 / 210 - 211. 179 6529. الخامس عشر: لو باع زيدا وأقر بعين لعمرو، فادعى خالد بها، فأقام زيد شاهدا واحدا بانتقالها من خالد إليه، وصدقه عمرو على ذلك، فالأقرب إحلاف زيد مع شاهده، ولو امتنع أو مات، فالأقرب إحلاف عمرو بأن خالدا نقلها إلى زيد ببيع أو غيره، أو أنه أقر له بها. في النكول المطلب الرابع: في النكول وفيه تسعة مباحث: 6530. الأول: لا يتم القضاء بالنكول على أقوى القولين، بل حكم النكول رد اليمين على المدعي، وبطلان حق الناكل من اليمين، حتى لا يعود، (1) وإنما يبطل حقه إذا تم النكول، وإنما يتم إذا صرح وقال: لا أحلف وأنا نأكل، ولو سكت بعد عرض القاضي عليه اليمين، عرفه القاضي أنه إذا عرض عليه اليمين ثلاثا وامتنع بسكوت أو غيره، أوفى الحق بيمين المدعي، فإذا فعل القاضي ذلك، وقال: قد قضيت بنكوله، لم يكن له الحلف بعد ذلك، وكذا لو قال للمدعي: احلف، فهو كالقضاء بالنكول. ولو أقبل على المدعي بوجهه، فقال الناكل: أنا أحلف، قبل أن يقول الحاكم للمدعي: احلف، فالأقرب أن له الرجوع ولو لم ينبهه القاضي على حكمه، وقضى بنكوله، فقال الناكل: كنت جاهدا بحكم النكول، فالأقرب أن الحكم ينفذ.
1. في «أ» حق لا يعود. 180 6531. الثاني: كل موضع حكمنا فيه بالنكول وأنه ليس له الرجوع إلى اليمين، لو رضي (1) المدعي بيمينه، فالأقرب أن له ذلك. 6532. الثالث: المدعي إن نكل عن اليمين المردودة وقال: لا أحلف، فهو كحلف المدعى عليه، ولا يمكن من العود إلى اليمين بعد ذلك، بل لا تسمع دعواه إلا ببينة، وإن طلب الإمهال أخر ليتذكر الحساب. أما المنكر فإنه لو طلب الإمهال لم يجب إليه، لأن الحق عليه، بخلاف من الحق له. ولو أقام المدعي شاهدا واحدا، وطلب الإمهال عن اليمين، أمهل، ولو نكل لم تسمع منه اليمين ولا دعواه إلا ببينة كاملة. وإذا حلف المدعي فهو كإقرار الخصم لا كالبينة، فلا يثبت في حق غير الحالف. 6533. الرابع: لو مات من لا وارث له، فالإمام وارثه، فان شهد له بحق شاهد لم يحلف الإمام، بل يحبس المدين حتى يعترف ويؤدي أو يحلف وينصرف. ولو ادعى الوصي على الوارث أن الموصي أوصى للفقراء، لم يحلف الوصي ولا الفقراء، لعدم تعيينهم، بل يحبس الوارث حتى يحلف أو يعترف. ولو ادعى وصي الطفل دينا على آخر، فأنكر ونكل، لم ترد اليمين على الوصي، بل يوقف إلى أن يبلغ الطفل ويحلف.
1. في «أ»: ولو. 181 6534. الخامس: كل ما هو مال أو المقصود منه المال فعلى المدعي البينة، فإن عدمها حلف المدعى عليه، فإن لم يحلف رد اليمين على المدعي، فإن نكل سقطت الدعوى، وما ليس بمال ولا المقصود منه المال كالنكاح، والطلاق، والعتق، والنسب، وغير ذلك يجب على المدعي البينة، فإن عدمها فعلى المنكر اليمين، فإن لم يحلف لم يرد اليمين على المدعي، ولا يحلف أيضا مع شاهد واحد، ويحكم له بشاهد وامرأتين. 6535. السادس: يكفي مع الإنكار الحلف على نفي الاستحقاق، فلو ادعى عليه غصبا أو إجارة، فقال: لم أغصب ولم أستأجر قيل: لزمه الحلف على وفق الجواب، لأنه لم يجب به إلا وهو قادر على اليمين عليه، وقيل: له أن يحلف على وفق الجواب وعلى نفي الاستحقاق. (1) 6536. السابع: لو ادعى المنكر الإبراء والإقباض انقلب مدعيا والمدعي منكرا، فيكفي المدعي اليمين على بقاء الحق، وإن حلف على نفي ما ادعاه الخصم كان أبلغ، وليس لازما. 6537. الثامن: كلما يتوجه الجواب عن الدعوى فيه يتوجه معه اليمين، (2) ويقضى على المنكر به مع النكول واليمين، كالعتق، والنكاح، والنسب، وغير ذلك. في دعوى الأملاك 6538. التاسع: للمشهود عليه أن يمتنع من التسليم حتى يشهد القابض، ولو لم يكن عليه بالحق شاهد، قيل: لا يلزم الإشهاد، ويحتمل الوجوب حذرا من توجه اليمين عليه مع الإنكار.
1. أشار الشيخ إلى القولين في المبسوط: 8 / 212. 2. في «ب»: يتوجه مع اليمين. 182 ولا يجب على المدعي دفع الحجة مع القبض، لاحتمال خروج المقبوض مستحقا، ولا على البائع دفع كتاب الأصل إلى المشتري، لأنه حجة له على البائع الأول، فيرجع عليه بالثمن لو خرج المبيع مستحقا. المطلب الخامس: في البينة والنظر فيه في أمرين: [النظر] الأول: [في] الشرائط، وستأتي في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى. النظر الثاني: في تصادم الدعاوي وفيه أقسام [القسم] الأول: في دعوى الأملاك وفيه سبعة عشر بحثا: 6539. الأول: إذا تداعيا عينا فإن كانت يدهما عليها ولا بينة، قضي بها بينهما نصفين بعد أن يتحالفا، إذ كل واحد مدع في النصف مدعى عليه في النصف الآخر. ويبدأ القاضي في الحلف بمن يراه، أو بمن تخرجه القرعة، فإن حلفا أو نكلا استقرت العين بينهما، ويحلف كل واحد منهما على النفي، فلو حلف واحد ونكل الثاني، ردت اليمين على الأول فيحلف على الإثبات في النصف الآخر، لأن هذه يمين المدعي المردودة.
183 أما لو نكل الأول الذي بدأ به القاضي تحكما أو بالقرعة، فيعرض على الثاني، يمين النفي واليمين المردودة، والأقرب أنه يكتفى بيمين واحدة جامعة بين النفي والإثبات، فيحلف أن جميع الدار له، وليس لصاحبه فيها حق. ولو قال: والله إن النصف الذي يدعيه ليس له فيه حق، والنصف الآخر لي، كفاه. ولو كانت العين في يد أحدهما، حكم بها للمتشبث مع يمينه إن التمسها الخصم، ولو نكل حلف الآخر، وقضي له بها. ولو كانت في يد ثالث، حكم بها لمن صدقه الثالث بعد الإحلاف من المدعى عليه، وعلى الثالث اليمين لو ادعى الخصم عليه بالملك، لفائدة الغرم مع الاعتراف لا للقضاء بالعين. ولو قال الثالث: هي لهما قضي بها بينهما نصفين بعد أن يحلف كل لصاحبه. ولو كذبهما أقرت في يده، وحلف لهما إن ادعيا عليه العلم، ولا يجب عليه نسبة التملك إلى نفسه أو إلى غيره. ولو قال المتشبت: لا أملكها أو لا أعرف صاحبها، أو هي لأحدكما ولا أعرفه عينا، فالوجه التقارع، ويحلف من خرجت القرعة له، فإن نكل حلف الآخر، فإن نكلا قسمت بينهما. ولو ادعى أحدهما النصف، فصدقه، وادعى الآخر النصف الآخر، فكذبه، حكم للأول بالنصف، وأحلف الثالث للثاني وليس للثاني إحلاف الأول.
184 6540. الثاني: لو ادعى كل واحد منهما جميع العين وأقاما بينتين، فإن أمكن الجمع بين البينتين جمع، وإن تعارضتا بأن تشهد إحداهما أن هذه العين لزيد، وتشهد الأخرى أنها بعينها لعمرو، فإن كانت العين في يدهما، قضي بها بينهما نصفين، لأن يد كل واحد على النصف، وقد أقام بينة، فيقضى له بما في يد غريمه، إذ البينة بينة الخارج على أقوى القولين، فلا تسمع بينة كل واحد منهما على ما في يده، بل على ما في يد خصمه. وهل يحلف كل واحد على النصف المحكوم له به، أو يكون له من غير يمين؟ الأقوى عندي الأول، مع احتمال الثاني. وإن كانت في يد أحدهما، فلعلمائنا قولان: أحدهما القضاء للخارج (1) إن شهدتا بالملك المطلق أو شهدتا بالسبب، أو شهدت للخارج بالسبب. ولو شهدت بالمطلق للخارج وبالسبب لذي اليد، حكم لذي اليد، سواء كان السبب مما يتكرر كالبيع والصناعة، أو لا يتكرر كالنتاج، وقال ابن إدريس: يقضى للخارج أيضا (2) وليس بجيد. والثاني قول آخر للشيخ (رحمه الله) (3) أنه يقضى للمتشبث دون الخارج، لأن له بينة ويدا، ولأن عليا (عليه السلام) قضى لذي اليد دون الخارج (4).
1. ذهب إليه الشيخ في الخلاف: 3 / 130، المسألة 217 من كتاب البيوع، وسلار في المراسم: 234، وابن زهرة في الغنية: قسم الفروع / 443، وابن إدريس في السرائر: 2 / 168. 2. السرائر: 2 / 168. 3. ذهب إليه في الخلاف: 6 / 342، المسألة 15 من كتاب الدعاوي والبينات. 4. الوسائل: 18 / 182، الباب 12 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 3 (... ان أمير المؤمنين (عليه السلام) اختصم إليه رجلان في دابة وكلاهما أقاما البينة أنه أنتجها، فقضى بها للذي في يده...). 185 وأي البينتين قدمناها ففي استحلاف صاحبها نظر، ينشأ من تساقط البينتين عند التعارض، فيبقى (1) كما لو لم تقم بينة، ومن عدم التساقط مع رجحان إحداهما، فيحكم بالراجح، كما لو تعارض خبران، وأحدهما أرجح، فإنه يعمل بالراجح، ويسقط الآخر، كذلك البينة الراجحة يعمل بها، وتسقط الأخرى. وإن كانت في يد ثالث قضي لأرجح البينتين عدالة، فإن تساويا قضي لأكثرهما عددا، فإن تساويا أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف، وقضي له، فإن امتنع من خرجت القرعة له من اليمين، أحلف الآخر وقضي له، وإن نكلا قضي به بينهما بالسوية. وقال في المبسوط: إن شهدتا بالملك المقيد، قسم بينهما، ولو شهدت إحداهما بالتقييد والأخرى بالإطلاق، قضي بالشهادة المقيدة دون الأخرى. (2) والأول أقرب إلى المنقول، وإن كان الثاني ليس بعيدا من الصواب. وعلى القول الأول هل يفتقر من قضي له بكثرة العدالة أو الشهود إلى يمين؟ الأقرب ذلك. ولو لم يكن لأحدهما بينة، وقال من هي في يده: ليست لي، ولا أعرف لمن هي، احتمل القسمة والقرعة، ولا بد من الإحلاف على التقديرين. 6541. الثالث: يتحقق التعارض بين الشاهدين والشاهد والمرأتين، ولا
1. في «ب»: فينفى. 2. المبسوط: 8 / 258. 186 يتحقق بين شاهدين وشاهد ويمين، ولا بين شاهد وامرأتين وشاهد ويمين، بل يحكم بالشاهدين وبالشاهد والمرأتين، دون الشاهد واليمين. 6542. الرابع: يحكم بالقرعة إذا كان في يد ثالث، واستوت البينتان عدالة وعددا مع يمين من خرجت له القرعة، ولا فرق في ذلك بين ما يستحيل الجمع ويقع التكاذب صريحا، كما لو شهدت إحداهما بالموت في وقت، والأخرى بالحياة في ذلك الوقت بعينه، وبين ما لا يستحيل الجميع بل يتوهم بتأويل، كما لو شهدتا على الملك، فإنه يحتمل أن يكون كل واحد سمع وصية له أو شراءه (1) أو غيره. وكل موضع قضينا فيه بالقسمة، فإنما هو في موضع يمكن فرضها فيه كالأموال وإن كان لا يحكم فيها بالقسمة كالدرة والعبد، إذ المراد بالقسمة هنا تخصيص كل واحد بنصف العين وإن كان النصف مشاعا، أما ما لا يمكن فيها القسمة، فإن الحكم فيها القرعة، كما لو تداعى اثنان زوجية امرأة أو نسب ولد. 6543. الخامس: لو أقر الثالث بها لأحدهما مع تعارض البينتين المتساويتين عدالة وعددا، هل ينزل إقراره منزلة اليد حتى ترجح به البينة إن قلنا بترجيح بينة ذي اليد، أو ترجح الأخرى إن قلنا بترجيح بينة الخارج؟ فيه نظر، فإن قلنا إن إقراره ليس كاليد، فهل يرجح به صاحب التصديق؟ الأقرب العدم، لأن هذه يد مستحقة الإزالة بالبينتين. 6544. السادس: إذا تساوت البينتان في التاريخ تعارضتا، وكذا إن أطلقتا التاريخ، أو أطلقت إحداهما وعينت الأخرى، أما لو شهدت إحداهما على
1. في «ب»: «أو سرا» ولعله مصحف. 187 الملك لزيد منذ سنة، وشهدت الأخرى لعمرو منذ سنتين، فالأقدم أولى على إشكال، وإن كانت المتأخرة قد شهدت بالسبب أيضا. ولو كان السبق في جانب واليد في جانب، ففي ترجيح السبق إلى اليد أو التساوي نظر. وإذا شهدت البينة بملكك بالأمس، ولم تتعرض للحال، لم تسمع، وافتقر إلى أن تقول: وهو ملكه في الحال، أو لا أعلم له مزيلا، ولو قال: لا أدري زال أم لا، لم يقبل. ولو قال: أعتقد أنه ملكه بمجرد الاستصحاب، فالوجه القبول، ولو شهد بأنه أقر له بالأمس، ثبت الإقرار واستصحب موجب الإقرار وإن لم يتعرض الشاهد للملك في الحال. ولو قال المدعى عليه: كان ملكك بالأمس، فالأقرب انتزاعه من يده، وكذا لو قال الشاهد: هو ملكه بالأمس، اشتراه من المدعى عليه بالأمس، أو أقر له المدعى عليه بالأمس سمع. ولو شهد أنه كان في يد المدعي بالأمس قبل، وجعل المدعي صاحب يد. ولو قال: كان ملكه بالأمس اشتراه من فلان غير صاحب اليد، لم يسمع ما لم يضم إليه أنه ملكه في الحال، فإن اشتراءه من فلان لا يكون حجة على صاحب اليد، بخلاف ما لو قال: اشتراه من صاحب اليد. ولو قيل: إن البينة لو شهدت على الملك بالأمس، قبلت وإن لم ينضم أنه ملكه في الحال، كان وجها، كما لو شهدت على إقراره بالأمس.
188 6545. السابع: البينة لا توجب الملك لكن تكشف عنه، ومن ضرورته التقدم ولو بلحظة على الإقامة، فلو كان المدعى دابة فنتاجها الذي نتج (1) قبل الإقامة للمدعى عليه، وما نتج (2) بعد الإقامة وقبل التعديل للمدعي، والثمرة الظاهرة على الشجرة كذلك، وكذا جنين الأمة، ولا يعتبر انفصال النتاج والثمرة والجنين، بل متى تحقق وجوده قبل الشهادة، وإن كان في بطن الدابة أو الأمة، فهو للمدعى عليه، لإمكان انفصاله في الملك بالوصية، وهذا كله في البينة المطلقة التي لا تتعرض للملك السابق. ومع هذا التقرير (3) إذا أخذ من المشتري بحجة مطلقة رجع على البائع، ولو أخذ من المشتري رجع على الأول أيضا ويحمل مطلقه إذا لم يدع على المشتري إزالة ملكه منه على أن الملك سابق فيطالب البائع بالثمن. وتعجب بعض الفقهاء في ترك نتاج في يده حصل قبل البينة وبعد الشراء، ثم يرجع هو على البائع. والأقرب أن يقال: لا يرجع (4) إلا إذا ادعى ملك سابق على شرائه لأنا قد بينا أن البينة لا تقتضي الزوال إلا من الوقت. ولو ادعى المشتري انك أزلت الملك فأنكر، وقامت البينة على إزالته، فلا رجوع له. ولو ادعى ملكا مطلقا فشهد به الشاهد وذكر السبب لم يضر لكن لو أراد
1. في «أ»: ينتج. 2. في «أ»: ينتج. 3. في «أ»: ومع هذا التقدير. 4. في «ب»: لا يرجح. 189 المدعي الترجيح بالسبب وجبت إعادة الشهادة بعد دعوى السبب، لأن ذكر السبب قبل ادعائه لغو. ولو ذكر الشاهد سببا غير السبب الذي ادعاه المدعي تناقضت الدعوى والشهادة، فلا تسمع في السبب، والأقرب سماعها في أصل الملك. 6546. الثامن: لعلمائنا في تقديم بينة ذي اليد على بينة الخارج أو بالعكس قولان سبقا (1) فإن قلنا بتقديم بينة ذي اليد فهل تسمع دعواه وبينته للتسجيل قبل ادعاء الخصم؟ لا أعرف لأصحابنا نصا في ذلك، ومنع أكثر الجمهور منه، إذ لا بينة إلا على خصم (2)، فطريقه: أن ينصب لنفسه خصما، والأقرب عندي سماع بينته لفائدة التسجيل. ولو كان له خصم لا بينة له، فأراد إقامة البينة لدفع اليمين عنه، فيه احتمال أنها لا تسمع، إذ الأصل في جانبه اليمين، وإنما يعدل إلى البينة حيث لا تكفيه اليمين، والوجه عندي السماع، كما تسمع بينة المودع وإن قدر على اليمين، وكذا للداخل إقامة البينة بعد إقامة المدعي البينة قبل التعديل، ولو أزيلت يده ببينة المدعي ثم أقام بينة، فإن ادعى ملكا مطلقا فهو بينة من خارج، وإن ادعى ملكا مستندا إلى ما قبل إزالة يده، وزعم غيبوبة بينته، فهل هي بينة من خارج أو داخل؟ فيه نظر ينشأ من سبق يده، وأنه الداخل، والبينة تشهد له بالملك المستند إلى ذلك الزمان، ومن كون تلك اليد قد اتصل القضاء بزوالها، أما لو أقام بعد القضاء باستحقاق الإزالة قبل الإزالة والتسليم، فإن بينته بينة داخل.
1. لاحظ المسألة 2 من هذا الفصل ص 185. 2. أي إلا على المدعي. 190 6547. التاسع: لو أقام الخارج بينة على الملك المطلق، وأقام الداخل بينة على أنه ملكه، اشتراه من الخارج، قدمت بينة الداخل على القولين، والأقرب أنه تزال يده قبل إقامة البينة، لاعترافه للأول بالملك، وكذا لو ادعى الإبراء من الدين، أمر بدفع المال، فإذا أثبت الإبراء استعاده. ولو كانت بينته (1) حاضرة سمعت قبل إزالة اليد، ولو أقر لغيره بملك في يده لم تسمع بعده دعواه، حتى يدعي تلقى الملك من المقر له. ولو أخذ منه بينة فجاء يدعي مطلقا، احتمل أن لا تسمع حتى يذكر في الدعوى تلقي الملك منه، لأن البينة في حقه كالإقرار والسماع، لأن المقر مؤاخذ بإقرار نفسه في الاستقبال، وإلا لم يكن للأقارير فائدة، أما حكم البينة فلا يلزم بكل حال. ولو ادعى أجنبي الملك مطلقا، سمع منه، إذ البينة المقامة على غيره ليست حجة عليه. 6548. العاشر: الشهادة بالملك أولى من الشهادة باليد، لأن اليد تحتمل العارية والإجارة والملك، والشهادة بسبب الملك أولى من الشهادة بالتصرف. ولو ادعى دارا في يد غيره فأنكر المتشبث، وأقام المدعي بينة أنها كانت في يده بالأمس أو منذ سنة، قال الشيخ (رحمه الله) (2): لا تسمع هذه الدعوى ولا البينة، سواء شهدت باليد منذ أمس أو بالملك منذ أمس، أما لو شهدت البينة بسبب يد الثاني وأسندت اليد إلى الأول كأن يشهد أنه كان في يد المدعي وأن المتشبث
1. في «ب»: بينة. 2. المبسوط: 8 / 269. 191 غصبه إياها أو قهره عليها، أو استأجرها منه، أو استعارها، قضي للمدعي للشهادة بالملك وسبب يد الثاني، بخلاف ما إذا لم يشهد بالسبب، لأن اليد إذا لم يعرف سببها، دلت على الملك ولا يزال بالمحتمل. 6549. الحادي عشر: لو ادعى عينا في يد غيره وأن الغير غصبه إياها، وأقام بينة بذلك، فادعى آخر بأن المتشبث أقر له بها، وأنها ملكه، وأقاما بينة بذلك، حكم لبينة المغصوب منه، لأنها شهدت بالملك وسبب يد الثاني، والتي شهدت بالإقرار لا تعارض هذه البينة، لأنه ظهر أن الإقرار كان بعين مغصوبة، فلا ينفذ إقراره ولا يغرم المدعى عليه للمقر له، لأنه لم يحل بينه وبين ملكه، وإنما الحائل البينة. 6550. الثاني عشر: لو تداعيا شاة مذبوحة وفي يد كل واحد منهما بعضها منفصلا، ولا بينة، قضي لكل واحد بما في يده بعد الإحلاف، ولو أقاما بينتين حكم لكل واحد بما في يد الآخر إن قلنا بتقديم بينة الخارج، وإلا فكالأول. ولو كان في يد كل واحد منهما شاة، فادعى كل واحد منهما الشاة التي في يد صاحبه ولا بينة، تحالفا وكانت الشاة التي في يد كل واحد لصاحبها، ولو أقاما بينتين، فلكل واحد الشاة التي في يد صاحبه ولا تعارض [بينهما]. ولو ادعى كل واحد منهما أن الشاتين له دون صاحبه، وأقاما بينتين، تعارضتا وقضي لكل واحد بما في يد غريمه إن قلنا ببينة الخارج. 6551. الثالث عشر: إذا ادعى عينا في يد زيد وأقام بها بينة، فحكم له بها حاكم، ثم ادعاها الأول على زيد وأقام بها بينة، فإن قدمنا بينة الخارج لم تسمع بينة الأول، لتقديم بينة زيد، وإن قدمنا بينة الداخل، نظر في الحكم كيف وقع،
192 فإن كان قد حكم بها لزيد، لأن الأول لا بينة له، ردت إلى الأول، لقيام البينة له واليد، وإن حكم بها لأن الحاكم يرى تقديم بينة الخارج، لم ينقض حكمه، لأنه يسوغ فيه الاجتهاد وكذا لا ينقض لو جهل الحال. فإن جاء ثالث فادعاها، وأقام بها بينة، فبينته وبينة زيد متعارضتان، ولا يحتاج زيد إلى إقامة بينة، لأنها شهدت له مرة، فلم يحتج إلى إعادتها حالة التنازع. 6552. الرابع عشر: لو ادعى حيوانا وأقام بينة أنه ملكه منذ سنة، فدلت سنه (1) على أقل من ذلك قطعا، سقطت البينة، لتحقق كذبها وكذا لو شهدت أنه أنتج (2) في يده منذ سنة، فدلت سنه على أكثر من ذلك قطعا. ولو ادعى رقية صغير السن مجهول النسب، وهو في يده، قضي له بذلك ظاهرا، فإن بلغ وادعى الحرية لم تقبل دعواه، للحكم برقيته أولا، ولو ادعى أجنبي نسبه، فالأقرب القبول، ولا تزال يد مدعي الرقية عنه، وكذا لو ادعاه اثنان وهو في يدهما. ولو كان كبيرا وأنكر، فالقول قوله، لأن الأصل الحرية، ولو ادعى اثنان رقيته، فاعترف لهما، قضي به لهما، وإن اعترف لأحدهما، كان مملوكا له دون الآخر. 6553. الخامس عشر: لو ادعى دارا في يد زيد، وادعى عمرو نصفها، وأقاما البينة، فلمدعي الجميع النصف بغير مزاحم، ويتقارعان في النصف الآخر،
1. في «أ»: «بينته» ولعله مصحف بقرينة قوله «قطعا» ولاحظ أيضا: المبسوط: 8 / 294. 2. في «أ»: أنه له نتج. 193 فيحكم به لمن تخرجه القرعة بعد إحلافه، فإن امتنع من اليمين أحلف الآخر، فإن امتنعا، قسم النصف بالسوية، فيصير لمدعي الجميع ثلاثة الأرباع ولمدعي النصف الربع. ولو أنكرهما من العين في يده، وكان لأحدهما بينة، حكم له، وإن أقاما بينة أخذت من يده وحكم للأرجح في العدالة والعدد، فإن تساويا أقرع. ولو أقر بها لأحدهما، فهل يكون المقر له كصاحب اليد من حيث إن المتشبث مقر بأن يده نائبة عنه؟ الوجه ذلك. ولو كانت في يدهما ولا بينة، قضي لهما بها بالسوية، وعلى مدعي النصف اليمين للمستوعب، ولا يمين على المستوعب. ولو أقام كل منهما بينة، قضي للمستوعب بالنصف الذي لا منازعة فيه، وتعارضت البينتان في النصف الآخر، فإن حكمنا للخارج، قضي به للمستوعب أيضا، وإن قدمنا بينة الداخل، فهو لمدعي النصف، فاستقرت بينهما. ولو كانت في يد ثلاثة فادعى أحدهما النصف والآخر الثلث والثالث السدس فيد كل واحد على الثلث لكنهم تصادفوا في كيفية التملك، ولا تعارض، ويفضل في يد صاحب السدس سدس آخر لمدعي النصف، وكذا لو قامت لهم البينة بذلك. 6554. السادس عشر: لو كانت الدار في يد ثلاثة، فادعى أحدهم الجميع، والثاني النصف، والثالث الثلث ولا بينة، قضي لكل واحد بما في يده وهو الثلث، ويحلف مدعي النصف والثلث للمستوعب، ومدعي الثلث والمستوعب
194 لمدعي النصف، وليس لمدعي الثلث يمين على أحد، لأن حقه بأجمعه في يده. وإن كان لأحدهم بينة، فإن كان هو مدعي الكل أخذ الجميع، وإن كان مدعي النصف أخذه، وقسم الباقي بين الآخرين نصفين، لصاحب الكل السدس بغير يمين، ويحلف على نصف السدس، ويحلف الآخر على الربع الذي يأخذه جميعه، وإن كان مدعي الثلث أخذه والباقي بين الآخرين نصفين، لمدعي الكل السدس بغير يمين، ويحلف على السدس الآخر، ويحلف الآخر على جميع ما يأخذه (1). ولو أقام كل واحد بينة، فإن حكمنا ببينة الداخل، فالحكم كما لو لم تكن بينة، لأن لكل واحد بينة ويدا على الثلث، وإن قدمنا بينة الخارج سقطت بينة صاحب الثلث، لأنها داخلة، وللمستوعب الربع مما في يده بغير منازع، والثلث الذي في يد مدعي النصف، لقيام البينة للمستوعب به، والربع مما في يد مدعي الثلث، إذ لا ينازعه فيه سوى مدعي الثلث وهو داخل، وبقي نصف السدس في يد مدعي الثلث، (2) يقرع بين المستوعب ومدعي النصف، لتصادم البينتين فيه، ويحلف من تخرجه القرعة، ويقضى له، فإن امتنع أحلف الآخر، فإن امتنعا قسم بينهما نصفين، وبقي نصف السدس في يد المستوعب لمدعي النصف، فيحصل للمستوعب عشرة ونصف من اثني عشر، ولمدعي النصف واحد ونصف. ولو كانت في يد غيرهم واعترف أنه لا يملكها، ولا بينة، فالنصف لمدعي
1. في «ب»: أخذه. 2. في «ب»: «السدس» بدل «الثلث» ولعله مصحف. 195 الكل، لعدم المنازع، ويقرع بينهم في النصف الباقي، فإن خرجت لصاحب الكل أو لصاحب النصف حلف، وإن خرجت لصاحب الثلث، حلف وأخذ الثلث، ثم يقرع بين الآخرين في السدس، فمن خرجت له القرعة حلف وأخذ. ولو أقام كل واحد بينة، فالنصف لمدعي الكل لعدم المنازع، والسدس الزائد يتنازعه مدعي الكل ومدعي النصف والثلث يدعيه الثلاثة، وقد تعارضت البينات فيه، فيترجح بالأعدل (1) والأكثر في العدد، ومع التساوي يعمل بالقرعة، ويحلف من خرجت القرعة له من مدعي النصف ومدعي الكل، فإن نكل، حلف الآخر وإن نكلا، قسم بينهما، ويتقارع الثلاثة في الثلث، فحلف (2) من خرجت القرعة له، فإن نكل أحلف الآخران، وقسم بينهما، فإن نكلا قسم الثلث أثلاثا. ولو حلف أحدهما ونكل الآخر، فهو للحالف، ويصح (2) من ستة وثلاثين، لمدعي الكل النصف ونصف السدس وثلث الثلث، ولمدعي النصف نصف السدس وثلث الثلث، ولمدعي الثلث ثلث الثلث. ويحتمل قسمة العين (4) على حسب العول، لصاحب الكل ستة، ولصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب الثلث سهمان، فيصح من أحد عشر سهما، لكن أصحابنا على الأول. 6555. السابع عشر: لو كانت الدار في يد أربعة، فادعى أحدهم الجميع، والثاني الثلثين، والثالث النصف، والرابع الثلث، ففي يد كل واحد
1. في «أ»: في الأعدل. 2. في «ب»: ويحلف. 3. في «ب»: ويصنع. 4. في «أ»: قيمة العين. 196 الربع، فإن لم تكن بينة، قضي لكل واحد بما في يده، وأحلفنا كلا منهم لصاحبه. ولو أقام كل واحد بينة بما ادعاه، فإن قضينا ببينة الداخل فكذلك يقسم أرباعا، وإن قضينا ببينة الخارج سقط اعتبار بينة كل واحد بالنظر إلى ما في يده، وتكون ثمرتها فيما يدعيه مما في يد غيره، فيجمع بين كل ثلاثة على ما في يد الرابع، ويؤخذ منه، ويحكم فيه بالقرعة واليمين، ومع الامتناع من الحلف يحلف الآخر، وإن امتنعوا قسم بينهم، فيصح من اثنين وسبعين، فيخلص لمدعي الجميع مما في يد الثاني نصفه ونصف تسعه، وهو عشرة من ثمانية عشر بغير منازع سواه، وهو داخل، والثالث يدعي ثلث ما في يده، وهو ستة، فيقارع (1) المستوعب، ويحكم للخارج بالقرعة مع اليمين، فإن امتنع أحلف الآخر، وإن نكلا معا قسم بين المستوعب والثالث. والرابع يدعي تسع ما في يده وهو اثنان يقارع المستوعب فيهما، ويأخذه من تخرجه القرعة بعد اليمين، فإن امتنع حلف الآخر، فإن امتنعا قسم بينهما ويخلص للمستوعب مما في يد الثالث ستة لا يدعيها سوى الثالث وهو داخل، فيحكم بها للمستوعب. والثاني يدعي مما في يد الثالث خمسة اتساعه وهو عشرة (2) فيقارع (3) المستوعب، ويحكم للخارج بعد اليمين، فإن امتنع حلف الآخر، فإن امتنعا قسم بينهما.
1. في «أ»: فينازغ. 2. كذا في «أ» ولكن في «ب»: والثاني يدعي مما في يد الثالث عشرة. 3. في «أ»: فينازع. 197 والرابع يدعي مما في يد الثالث اثنين، فيقارع المستوعب (1) ويحكم للخارج بعد اليمين، فإن امتنع حلف الآخر، فإن امتنعا، قسم بينهما ويخلص للمستوعب مما في يد الرابع، اثنان لا يدعيهما (2) سوى الرابع. وهو داخل، فيحكم بها للمستوعب. والثاني يدعي منها عشرة، فيقارع المستوعب، ويحلف الخارج بالقرعة، فان امتنع حلف الآخر وحكم له، فإن امتنعا قسم بينهما. والثالث يدعي منها ستة، فيقارع المستوعب ويحكم للخارج بعد اليمين، فإن نكل حلف الآخر، فإن امتنعا قسم بينهما، ويؤخذ جميع ما في يد المستوعب، لأنه داخل والثلاثة الأخر خارجة، فالثاني يدعي منه عشرة، والثالث يدعي ستة، والرابع يدعي اثنين، فيحكم لهم بذلك، فقد حصل للمستوعب ستة وثلاثون، وللثاني عشرون وللثالث اثنا عشر، وللرابع أربعة، وذلك مع امتناع الخارج بالقرعة عن اليمين ومقارعته. وعلى الحكم بالعول يحصل للمستوعب ستة، وللثاني أربعة، وللثالث ثلاثة، وللرابع سهمان. الاختلاف في العقود ولو كانت في يد خامس لا يدعيها، وأقام كل واحد بينة، خلص لصاحب الكل الثلث بغير منازع، وتتعارض بينته وبينة مدعي الثلثين في السدس، فيقارعان فيه، ويحكم به لمن تخرجه القرعة بعد اليمين فإن امتنع أحلف الآخر، فإن نكل قسم بينهما، ثم تتعارض بينة مدعي الجميع ومدعي الثلثين ومدعي
1. كذا في «ب» ولكن في «أ»: فينازع المستوعب. 2. في «ب»: لا يدعيها. 198 النصف في سدس آخر، فيقرع بينهم فيه، ويحكم به للخارج بالقرعة بعد الإحلاف، فإن امتنع أحلف الآخران، وقسم بينهما، فإن نكلا قسم بين الثلاثة، ثم يقع التعارض بين البينات الأربع في الثلث، فيقرع بينهم، ويخص به من تخرجه القرعة بعد الإحلاف، فإن نكل أحلف الثلاثة، (1) فإن نكلوا أجمع، قسم الثلث بينهم أرباعا، فيصح من ستة وثلاثين، لمدعي الكل عشرون، ولمدعي الثلثين ثمانية، ولمدعي النصف خمسة، ولمدعي الثلث ثلاثة، وكذا البحث لو لم يكن لأحدهم بينة. القسم الثاني: في الاختلاف في العقود وفيه أربعة عشر بحثا: 6556. الأول: لو تداعيا عينا في يد زيد، فقال كل واحد منهما: هذه العين لي اشتريتها من زيد بمائة ونقدته الثمن، فإن لم تكن لأحدهما بينة، فإن أنكرهما، حلف لكل واحد منهما، وكانت العين له، وإن أقر بها لأحدهما، سلمت إليه وحلف للآخر، وإن أقر لكل واحد منهما بنصفها، سلمت إليهما، وحلف لكل واحد منهما على نصفها. ولو قال: لا أعلم لمن هي منكما تقارعا وقضي بها لمن تخرجه القرعة بعد اليمين. ولو حلف المتشبث أنها لأحدهما، سلمت إليه، فإن أقر بها للآخر أغرم له.
1. في «ب»: أحلف الثلاث. 199 ولو أقام كل واحد بينة، فإن كانتا مؤرختين، فإن اختلفتا (1) في التاريخ كأن تشهد إحداهما بالشراء في شعبان والأخرى في رمضان، حكم بها للأول، وكان البيع الثاني باطلا، لأنه باع ما لا يملكه، ويطالب برد الثمن، إذ لا تعارض فيه. وإن اتفقتا في التاريخ أو كانتا مطلقتين، أو إحدهما مطلقة والأخرى مؤرخة تعارضتا، لتعذر الجمع، ثم نظر فإن كانت العين في يد أحدهما، حكم لذي اليد على رأي، وللخارج على رأي، وإن كانت في يد البائع لم يلتفت إلى إنكاره ولا إلى اعترافه، بل يحكم بالقرعة مع تساوي البينتين عدالة وعددا، فمن خرجت له حلف وأخذ، وإلا حلف الآخر. ولو نكلا قسمت بينهما، ويرجع كل منهما بنصف الثمن، والأقرب أن لكل منهما الفسخ لتبعض الصفقة قبل القبض. ولو فسخ أحدهما كان للآخر أخذ الجميع، لعدم المزاحم، ولو امتنع أجبر على الأخذ، وكل من لم يسلم له من العين شئ إما بقرعة أو قسمة، فإنه يرجع إلى الثمن، إذ لا تضاد في اجتماع الثمنين. 6557. الثاني: لو ادعى أحدهما أنه اشترى العين من زيد بمائة، وادعى الآخر أنه اشتراها من عمرو بمائة، وأقام كل منهما بينة بدعواه، فإن كانت العين في يد أحدهما قدمت بينة الخارج أو الداخل على اختلاف الرأيين، ويرجع الآخر على بائعه بالثمن، وإن كانت في يدهما، قسمت بينهما، لأن لكل واحد بينة ويدا، فيحكم إما للداخل أو للخارج، فعلى كل واحد من التقديرين يستقر بينهما، ويرجع كل منهما على بائعه بنصف الثمن.
1. في «أ»: واختلفتا. 200 ولو كانت في يد أحد البائعين وتساوت البينتان عدالة وعددا، أقرع بينهما، ويحلف الخارج بالقرعة ويحكم له، فإن نكل أحلف الآخر، ولو نكلا قسم المبيع بينهما، ورجع كل منهما على بائعه بنصف الثمن، ولهما الفسخ والرجوع بالثمنين. ولو فسخ أحدهما جاز، ولم يكن للآخر أخذ الجميع، لأن النصف الآخر لم يرجع إلى بائعه. ولو ادعى كل واحد منهما أنه اشترى العين من بائعه، وأنها ملكه، وأقاما البينتين بذلك، وتساويا عدالة وعددا، أقرع بينهما، وحكم لمن تخرجه القرعة بعد يمينه، فإن نكل أحلف الآخر، ولو نكلا قسمت العين بينهما، وليس لأحدهما الرجوع على بائعه بشئ إن كانا قد اعترفا بقبض السلعة من البائع، لاعترافه بسقوط الضمان عن البائع. ولو ادعى كل واحد من الاثنين على المتشبث بأنه غصب العين منه، وأقاما بينة، فإن اتفقتا في التاريخ، أو كانتا مطلقتين، أو إحداهما، تعارضتا، وإن تقدم تاريخ إحداهما، فالأقرب الترجيح بالسبق. ولو شهدت البينة بأنه أقر بغصبه من كل واحد منهما، لزمه دفعه إلى الذي أقر له به أولا، ويغرم قيمته للآخر. 6558. الثالث: لو ادعى اثنان أن زيدا اشترى من كل منهما العين التي في يده، وأقاما بينة، فان اعترف لأحدهما، قضي عليه بالثمن، وكذا إن اعترف لهما، قضي عليه بالثمنين. ولو أنكر، فإن كان التاريخ مختلفا أو مطلقا أو كان أحدهما مطلقا والآخر
201 معينا، ثبت العقدان، ولزمه الثمنان، لإمكان أن يشتري من أحدهما ثم يملكها الآخر فيشتريها منه، ومهما أمكن الجمع بين البينتين وجب، بخلاف ما لو كان البائع واحدا والمشتري اثنين، فأقام أحدهما بالشراء في شعبان والآخر بالشراء في رمضان، لأنه إذا ثبت الملك للأول لم يبطله بأن يبعه الثاني مرة ثانية. أما هاهنا فإن شراءه من كل واحد منهما يبطل ملكه، لأنه لا يجوز أن يشتري ملك نفسه، ويمكن أن يبيع البائع ما ليس له. وإن كان التاريخ واحدا تحقق التعارض، لامتناع كون الملك الواحد في الوقت الواحد لاثنين، وامتناع إيقاع عقدين في زمان واحد، فيحكم بالقرعة، فمن خرجت له القرعة أحلف، وقضى له بالثمن، ويحلف للآخر (1) ويبرأ، ولو امتنعا من اليمين قسم الثمن بينهما. 6559. الرابع: لو ادعى شراء عبد في يد زيد منه، وادعى العبد العتق من زيد، ولا بينة لهما، فإن أنكرهما حلف لهما، والعبد له، وإن أقر لأحدهما ثبت ما أقر به، ويحلف للآخر، فإن أقام أحدهما بينة بما ادعاه ثبت، ولو أقاما بينتين، قدم أسبقهما تاريخا، وبطل الآخر. وإن اتفقتا في التاريخ، أو كانتا مطلقتين أو إحداهما، تعارضتا، فإن كان في يد المشتري قدمت بينته إن قلنا بتقديم بينة الداخل، وإلا بينة العبد إن قلنا بتقديم بينة الخارج. ولو كان في يد المولى أقرع، وحلف الخارج بالقرعة، وحكم له، فإن امتنع أحلف الآخر، وحكم له، فإن نكلا قسم نصفين، فصار نصفه حرا ونصفه رقا
1. في «أ»: «ويحلف الآخر» وهو مصحف. 202 للمشتري، ويرجع بنصف الثمن، فإن فسخ لتبعيض الصفقة، عتق كله، وإن اختار الإمساك قوم على البائع وسرى العتق إلى جميعه، لقيام البينة عليه بمباشرة العتق مختارا، وقد ثبت العتق في نصفه بشهادتهما. 6560. الخامس: إذا ادعى عينا في يد زيد وأنه اشتراها من عمرو بثمن نقده إياه، أو أن عمرا وهبه تلك الدار، لم تقبل بينته حتى تشهد أن عمرا باعه إياها أو وهبها له وهي ملكه، أو تشهد أنها ملك المدعي اشتراها من عمرو، أو تشهد بأنه باعها أو وهبها له وسلمها إليه، فإن مجرد الهبة والشراء لا يعارض اليد المعلومة، لأن الإنسان قد يبيع أو يهب ما لا يملك. أما إذا شهدت بالملك للبائع، أو المشتري، أو بالتسليم، فإنه يحكم به للمدعي، لأنهم شهدوا بتقديم اليد أو بالملك. 6561. السادس: لو كانت في يده صغيرة فادعى نكاحها لم يقبل إلا ببينة، ولا يخلى بينه وبينها، ولو ادعى رقيتها قبل. 6562. السابع: لو ادعى ملك عين وأقام بينة (به) (1)، وادعى آخر أنه باعها منه أو وهبها إياه، أو وقفها عليه، أو ادعت امرأته أنه أصدقها إياها، وأقام بذلك، بينة، قضي له بها، لأن البينة المتأخرة شهدت بأمر خفي عن الأول. ولو ادعى ملك عين في يد الآخر، فادعى المتشبث أنها في يده منذ سنين، وأقام بينة، فهي لمدعي الملك، لإمكان أن يكون ملك زيد في يد عمرو. 6563. الثامن: لو ادعى أنه آجره الدابة التي في يده، وادعى آخر أنه أودعه إياها ولا بينة، حكم لمن يصدقه المتشبث.
1. ما بين القوسين يوجد في «ب». 203 ولو أقام كل منهما بينة بدعواه (1) تحقق التعارض، وعمل بالقرعة مع تساوي البينتين عددا وعدالة. 6564. التاسع: لو شهد اثنان على إقراره بألف لزيد، وشهد أحدهما أنه قضاه، ثبت الإقرار، فإن حلف مع شاهد القضاء ثبت، وإلا حلف المقر له أنه لم يقبضه، وثبت له الألف، وهل يكون ذلك تكذيبا لشاهده؟ فيه نظر، الأقرب أنه تكذيب. فإن كان ذلك بعد الحكم بشهادته بالإقرار لم يؤثر في ثبوت الإقرار، وإن كان قبل الحكم، فالوجه أنه إن حلف مع الشاهد الآخر على دعواه بالإقرار ثبت، وإلا فلا. ولو شهد أحدهما أن له عليه ألفا، وشهد الآخر أنه قضاه ألفا، لم يثبت عليه الألف، لأن شاهد القضاء لم يشهد عليه بالألف إلا ضمنا، لأن شهادته تضمنت أنها كانت عليه، والشهادة لا تقبل إلا صريحة. 6565. العاشر: لو ادعى عليه ألفا قرضا، فقال المدعى عليه: لا يستحق علي شيئا، فأقام بينة بالقرض، وأقام المدعى عليه بينة بالقضاء لألف، ولم يعرف التاريخ، برئ بالقضاء، لأنه لم يثبت عليه إلا ألف واحدة، وإنما يكون القضاء لما عليه، فيصرف القضاء إلى الألف الثابتة. أما لو قال: ما أقرضتني، ثم أقام بينة بالقضاء، لم تقبل بينته، لأنه بإنكاره القرض تعين صرفها إلى قضاء غيره. ولو شهدت بينة القضاء بقضاء الألف التي ادعاها المدعي، فالأقرب أنها لا تسمع، لأنه مكذب لبينته بإنكاره القرض، ولو لم ينكر القرض، إلا أن بينة القضاء
1. في «أ»: ولو كان لكل منهما بينة بدعواه. 204 كانت مؤرخة بتاريخ سابق على القرض، لم يصرف القضاء إلى القرض، لأن القضاء بعد الوجود. ولو شهد عليه اثنان بالإقرار لزيد بدين، وشهد آخران بإبراء زيد للمقر من كل حق، فإن اتحد التاريخ، حكم بالإبراء، وإن تقدم تاريخ أحدهما، حكم بالمتأخر، ولو اطلقتا التاريخ فالأقرب القرعة. 6566. الحادي عشر: لو اختلف المتؤاجران في قدر الأجرة، بأن يتفقا على استئجار الدار «شعبان» لكن يقول المالك: بمائتي درهم، ويقول المستأجر: بمائة درهم، أو في جنسها، بأن يقول المالك: بمائة دينار، ويقول المستأجر: بمائة درهم، أو في المدة، بأن يدعي المالك الإجارة «شعبان» بمائة درهم، فيقول المستأجر: «شعبان» و «رمضان» بمائة درهم، أو في قدر العين، فيقول المالك: آجرتك هذا البيت من الدار «شعبان» بمائة، فيقول المستأجر: بل الدار بأجمعها بمائة، فإن لم تكن بينة وكان الاختلاف بعد مضي المدة، قال الشيخ (رحمه الله) (1): سقط المسمى ووجب على المستأجر أجرة المثل لهلاك المنفعة في يده فتعذر ردها. وإن تخالفا عقيب العقد انفسخ العقد، ورجعت الدار إلى مالكها، ولا أجرة إلى المستأجر، وإن كان في الأثناء انفسخ المتخلف، وعلى المستأجر أجرة المثل عما مضى، ويأخذ المتخلف من أجرة المدة الباقية، وترد العين (2) إلى المالك هذا مع عدم البينة. ولو أقام أحدهما بينة حكم بها، ولو أقام كل واحد بينة، فإن اتحد التاريخ
1. المبسوط: 3 / 265 - 266، كتاب المزارعة. 2. في «ب»: ويرد العين. 205 بأن تشهد إحداهما أنه آجره عند غروب الشمس يوم كذا، وتشهد الأخرى بالإجارة عند ذلك الوقت، أو أطلقتا بأن شهدت إحداهما أنه آجره شهر رمضان بكذا والأخرى انه آجره شهر رمضان بكذا أيضا، أو شهدت إحداهما مطلقة والأخرى مقيدة، فالحكم في الثلاثة واحد وحينئذ يحكم بالتعارض فيقرع ويحكم لمن تخرجه القرعة مع يمينه. ولو اختلف التاريخ بأن شهدت إحداهما أنه آجره الدار مع غروب الشمس يوم كذا بدينار، وشهدت الأخرى أنه آجره البيت عند طلوع الشمس في ذلك اليوم بعينه بدينار، فلا تعارض، فإن سبقت بينة المستأجر أنه استأجر الدار أجمع شهر رمضان بدينار، ثبت مدعاه وبطلت بينة المؤجر، لأن البيت داخل في عقد المستأجر، فيكون العقد الثاني باطلا، وإن سبقت بينة المؤجر أنه آجره البيت بدينار صح، فإذا استأجر الدار كلها بعد ذلك، كان العقد على البيت باطلا، وفيما بقي من الدار يكون صحيحا عندنا، هذا خلاصة ما ذكره الشيخ (رحمه الله). (1) ويحتمل أن يقال: إذا اختلفا في قدر الأجرة، فأقاما بينة، واتحد التاريخ يقضى ببينة المؤجر، لأن القول قول المستأجر مع عدم البينة، لأنه اختلاف على ما في ذمة المستأجر، فالقول قوله مع يمينه، فتكون البينة من طرف المدعي وهو المؤجر. أما لو كان الاختلاف في قدر المستأجر بأن يقول المالك: آجرتك البيت بعشرة، فيقول المستأجر: بل الدار بعشرة، وأقاما بينة، فالأقرب القرعة. وقيل: القول قول المؤجر، والوجه ما قال الشيخ (رحمه الله) من استعمال القرعة، لأن كلا منهما مدع، فإن اتفق تاريخ البينتين أو أطلقتا أو إحداهما تعارضتا، وإن
1. المبسوط: 8 / 263 - 264. 206 اختلف التاريخ يحكم للسابق، لكن إن كان السابق بينة البيت حكم بإجارة البيت بأجرته، وهو الدينار، وبإجارة بقية الدار بالنسبة من الدينار. 6567. الثاني عشر: لو اختلف المتؤاجران في شئ من الدار، فإن كان مما ينقل ويحول، كالأثاث وشبهها، فهي للمستأجر، لجريان العادة بخلو الدار المستأجرة من الأقمشة، وإن كان مما يتبع الدار في البيع، كالأبواب المنصوبة والخوابي المدفونة، والرفوف المسمرة، فهو للمالك ولو أشكل الحال كالرفوف [الموضوعة مقابل المسمرة] والمصراع للباب المقلوع، فالوجه أنه للمستأجر مع اليمين، لأن يده عليه. ولو اختلف النجار وصاحب الدار في القدوم والمنشار وآلة النجارة حكم لذي اليد، وهو النجار مع اليمين. ولو كان في الدكان نجار وعطار فاختلفا فيما فيه، احتمل الحكم لكل واحد بآلة صناعته. 6568. الثالث عشر: لو اختلف الزوجان في متاع البيت، قضي لمن قامت له البينة، ولو لم تكن بينة، فيد كل واحد منهما على النصف، فيحلف لصاحبه، ويكون بينهما بالسوية، سواء كان مما يختص الرجال (1) أو النساء، أو يصلح لهما، وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما، وسواء كانت الزوجية باقية بينهما أو زائلة، وسواء تنازع الزوجان أو الوارث اختاره الشيخ (رحمه الله) في المبسوط (2) وقال في الاستبصار (3): يحكم بجميع المتاع للمرأة لأنها تأتي بالمتاع من
1. في الشرائع «يخص الرجال» شرائع الإسلام: 4 / 119. 2. المبسوط: 8 / 310. 3. الاستبصار: 3 / 44 - 47، باب اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت. 207 أهلها، وقال في الخلاف (1): ما يصلح للرجال للرجل، وما يصلح للنساء للمرأة، وما يصلح لهما يقسم بينهما، واختاره ابن إدريس. (2) وهو الأقوى عندي. ولو ادعى أبو الميتة أنه أعارها بعض ما في يدها من متاع وغيره، كان كغيره إن أقام بينة، حكم له بدعواه، وإلا فلا، وفي رواية (3): يفرق بين الأب وغيره، فيصدق الأب دون غيره، وليست وجها. الاختلاف في المواريث والوصايا والنسب 6569. الرابع عشر: لو تداعيا زوجية امرأة فصدقت أحدهما، حكم له. القسم الثالث: في الاختلاف في المواريث والوصايا والنسب وفيه أربعة عشر بحثا: 6570. الأول: لو مات المسلم عن ولدين ادعى أحدهما إسلامه قبل موت أبيه وصدقه الآخر، ثم ادعى الآخر ذلك فكذبه الأول، فالقول قول الأول مع يمينه على نفي العلم، فيحلف أنه لا يعلم أن أخاه أسلم قبل موت أبيه، ويأخذ التركة، وكذا لو كانا مملوكين فأعتقا، واتفقا على سبق عتق أحدهما على الموت، واختلفا في سبق عتق الآخر. ولو اتفقا على وقت إسلامهما واختلفا في وقت موت أبيهما، بأن يكون أحدهما أسلم في شعبان والآخر في غرة شوال، وادعى المتأخر موت الأب في شوال وادعى المتقدم موته في رمضان، قدم قول المتأخر مع يمينه، لأن الأصل بقاء الحياة، وكانت التركة بينهما.
1. الخلاف: 6 / 352، المسألة 27 من كتاب الدعاوي والبينات. 2. السرائر: 2 / 193 - 194. 3. الوسائل: 18 / 213، الباب 23 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. 208 ولو ادعى أحد الورثة تقدم إسلامه على القسمة، وأنكر الورثة ذلك، فالقول قول الورثة، ولو اتفقوا على إسلامه في وقت، وادعى غيره من الورثة سبق القسمة وأنكر، فالقول قوله مع يمينه. 6571. الثاني: لو ماتت امرأة وولدها، وخلفت زوجها وأخاها، فادعى الزوج سبق موت الزوجة على موت الولد، وادعى الأخ سبق موت الولد، فإن أقام أحدهما بينة، حكم بها، وإن لم تكن هناك بينة، فالقول قول الأخ مع يمينه في نصيبه من مال أخته، لأن الميراث لا يتحقق إلا مع تيقن حياة الوارث، والقول قول الزوج مع يمينه في مال ابنه كذلك أيضا، فلا ترث الأم من الولد ولا الولد من الأم، ويحكم بتركة الابن للزوج بأجمعها وتركة الزوجة (1) بين الأخ والزوج نصفين. 6572. الثالث: لو ادعى الابن أن هذا العين ميراث من أبيه، وادعت الزوجة أن الأب أصدقها إياها، وأقاما بينة، حكم بها للمرأة، ولا تعارض، لأن بينة الزوجة شهدت بما يمكن خفاؤه عن بينة الولد، وكذا لو ادعى أجنبي أن هذا العين باعها الموروث منه، وادعى الوارث أنها تركة. 6573. الرابع: لو ادعى أن العين التي في يد زيد له ولأخيه إرثا عن أبيهما، وأقام بينة، فإن كانت كاملة، وهي ذات الخبرة الباطنة والمعرفة المتقادمة، (2) وشهدت بأنها لا تعلم وارثا غيرهما، سلم إلى المدعي النصف، وكان الباقي في يد المتشبث، أو ينتزعه الحاكم، ويسلم إلى الثقة، ولا يطالب المدعي بيمين على نفي الوارث غيرهما، ولا يضامن لما يقبضه.
1. في «ب»: وبتركة الزوجة. 2. في الشرائع: 4 / 120 «ونعني بالكاملة: ذات المعرفة المتقادمة والخبرة الباطنة». 209 وان لم تكن البينة كاملة، وشهدت بأنها لا تعلم أن له وارثا غيرهما، أو كانت من أهل الخبرة ولم تقل أنا لا نعلم له وارثا غيرهما، أخر التسليم حتى يبحث الحاكم عن الوارث، ويستقصي في البحث حتى يغلب ظنه أنه لو كان وارث لظهر أمره، ويسلم إلى الحاضر نصيبه ويضمنه استظهارا. ولو كان ذا فرض أعطي مع اليقين بانتفاء الوارث نصيبه كملا (1) ومع عدم اليقين يعطيه أقل النصيبين، فيعطى الزوج الربع والزوجة ربع الثمن معجلا من غير ضمين، فإذا بحث الحاكم ولم يظهر وارث آخر سلم إليه باقي الحصة مع الضمين. ولو كان الوارث ممن يحجب غيره (2) كالأخ، فإن أقام البينة الكاملة أعطي المال، وإن أقام بينة غير كاملة أعطي بعد البحث والاستظهار بالضمين. (3) ولو قالت البينة: لا نعرف له وارثا في غير هذا البلد، لم يدفع إليه، كما لو قالت: لا نعرف له وارثا في هذه المحلة. 6574. الخامس: لو أوصى بعتق عبده إن قتل، فادعى العبد القتل، وأقام بينة، وادعى الوارث موته حتف أنفه، وأقاموا البينة على وجه لا يمكن الجمع بينهما، بأن تدعي بينة الموت أنهم شاهدوا خروج روحه حتف أنفه، فالوجه التعارض، ويحكم بالقرعة. ولو أوصى بعتق غانم إن مات في رمضان وبعتق سالم إن مات في شوال،
1. في «ب»: كلا. 2. في «ب»: يحجبه غيره. 3. في «أ»: والضمين. 210 فأقام غانم البينة بموته في رمضان، وأقام سالم البينة بموته في شوال، فالوجه التعارض، ويحتمل تقديم بينة رمضان، لأن معها زيادة. ولو أوصى بعتق غانم إن مات في مرضه وبعتق سالم إن برئ منه، وأقام كل منهما البينة بما ادعاه، تعارضت البينتان، وحكم بالقرعة. 6575. السادس: إذا ادعى كل من العبدين عتق مولاه المريض، وقيمته الثلث، وأقاما بينتين، أقرع مع عدم المعرفة بالسابق، أو مع العلم بالاقتران، ولو كانت قيمة أحدهما السدس، وخرجت القرعة له عتق، وعتق من الآخر نصفه لتكملة الثلث. 6576. السابع: لو شهد عدلان أن الميت أعتق غانما، وقيمته الثلث، وشهد وارثان أنه أعتق سالما، وهو ثلث، فإن أخرجنا المنجزات من الأصل، عتقا، وإلا أقرع، إن لم نعرف السابق، أو عرفنا الاقتران، ولو وقعت القرعة على من هو أقل من الثلث، أعتق من الآخر تكملة الثلث، وإن وقعت على الأزيد من الثلث، صح فيه عتق المساوي للثلث، وبطل الزائد. ولو عرف السابق صح عتقه، وبطل عتق الآخر. ولو شهد العدلان أنه أوصى بعتق غانم، وشهد الوارثان بأنه رجع عن عتقه وأعتق سالما، بعد موته، وقيمة كل واحد الثلث، احتمل القبول من الوارث حيث انتفت التهمة بالرجوع إلى البدل، ولو كان سالم سدس المال، صار متهما، فيعتق غانم بالشهادة، ويعتق سالم بالإقرار. ولو شهد العدلان بالوصية لزيد وعدلان من الورثة بالرجوع، وأنه
211 أوصى لعمرو: قال الشيخ: تقبل شهادة الرجوع، لأنهما لا يجران نفعا (1). وفيه نظر، من حيث إن المال يؤخذ من يدهما فهما غريما المدعي وعندي في ذلك كله إشكال ينشأ من التهمة الحاصلة لسبب شهادة الورثة. 6577. الثامن: لو شهد شاهدان بالوصية لزيد وشهد شاهد بالرجوع وأنه أوصى لعمرو، كان لعمرو أن يحلف مع شاهده، لأنها شهادة منفردة لا تعارض الأولى. ولو شهدت بينة بأنه أوصى لزيد بالسدس، وشهدت أخرى بأنه أوصى لبكر بالسدس، وشهدت ثالثة بأنه رجع عن إحدى الوصيتين، فإن أبطلنا الرجوع المبهم، سلم إلى كل واحد سدس، وإن قلنا بالصحة، فالوجه القرعة، وقال الشيخ (رحمه الله): لا يقبل الرجوع لعدم التعيين، فهي كما لو شهدت بدار لزيد أو عمرو (2) وفيه نظر. 6578. التاسع: إذا وطئ المرأة اثنان في طهر واحد وطئا يلحق به النسب، بأن تكون مشتبهة عليهما، أو زوجة لأحدهما ومشتبهة على الآخر، أو يعقد الاثنان عقدا فاسدا توهما للحل به، ثم تأتي الولد لستة أشهر فصاعدا إلى أقصى مدة الحمل، حصل الاشتباه في الإلحاق، فعندنا يحكم بالقرعة، فمن خرجت له ألحق به النسب، سواء كان الواطئان مسلمين، أو عبدين، أو بالضد، أو مختلفين في الإسلام والكفر والحرية والرق، وسواء كانا أجنبيين أو أحدهما أبا للآخر، وسواء أقام كل واحد منهما بينة أو لم يقم أحدهما بينة،
1. المبسوط: 8 / 251 - 252. 2. المبسوط: 8 / 253. 212 ولو أقام أحدهما دون الآخر، حكم لصاحب البينة والنسب بالفراش المنفرد والدعوى المنفردة وبالفراش (1) المشترك والدعوى المشتركة، ويقضى فيه بالبينة ومع عدمها بالقرعة ولا اعتبار بالقافة (2) ولا يجوز الالحاق بمن يلحقه القياف. 6579. العاشر: لو شهد شاهدان أنه أوصى لزيد بثلث ماله، وشهد ثالث أنه أوصى لعمرو بثلث ماله، فالشاهدان أقوى ولا يعارضهما الشاهد واليمين، فيحكم لزيد بالثلث، وتقف وصية عمرو على الإجازة، وقد يلوح من كلام الشيخ في بعض المواضع التعارض بين الشاهدين والشاهد واليمين. (3) فعلى هذا يحلف عمرو مع شاهده، ويقرع بينهما إن جهل السابق، ويقسم مع التقارن. أما لو شهد الثالث بأنه رجع عن وصيته لزيد ووصى لعمرو بثلثه، فإنه لا تعارض بينهما، ويحلف عمرو مع شاهده، والفرق تقابل البينتين في الأولى، فقدمت الأقوى منهما وعدم التقابل في الثانية. 6580. الحادي عشر: لو ادعى الورثة أن الميت طلق الزوجة قبل موته، فأنكرت، فالقول قولها مع اليمين، فإن اعترفت بالطلاق وانقضاء العدة وادعت أنه راجعها، فالقول قول الورثة، وان اختلفوا في انقضاء العدة فالقول قولها في عدم الانقضاء. 6581. الثاني عشر: لو أقر اثنان من أهل الحرب بنسب يوجب التوارث، ثبت
1. في «ب»: والدعوى المنفردة بالفراش المشترك. 2. في «ب»: بالقيافة. 3. المبسوط: 8 / 253 - 254. 213 نسبهم، ولو سببا، فإن قامت البينة من المسلمين بذلك فكذلك، ولا تقبل شهادة الكفار في ذلك، وإن لم تقم البينة لم يقبل إقرارهم. ولو أعتقوا تبرعا فكذلك، لما فيه من الضرر على المعتق بتفويت الإرث بالولاء، ولو صدقهما معتقهما قبل، وإن لم يصدقهما فميراث كل واحد منهما لمعتقه، والأقرب عندي القبول مع العتق. 6582. الثالث عشر: قال الشيخ (رحمه الله) لو أقام العبد شاهدين بالعتق، وافتقر إلى البحث عن عدالتهما، وسأل التفريق حتى تثبت العدالة فرق، قال: وكذا لو أقام مدعي المال شاهدا واحدا وادعى أن له شاهدا آخر وسأل حبس الغريم إلى أن يقيمه أجيب إلى ذلك، لأنه متمكن من إثبات حقه باليمين (1) وفيه نظر، من حيث إنه تعجيل للعقوبة قبل ثبوت الحق. 6583. الرابع عشر: لو شهد اثنان أن هذا ابن الميت، ولا نعلم له وارثا سواه، وشهد آخران أن هذا الآخر ابن الميت، ولا نعلم له وارثا سواه، فلا تعارض بينهما، وثبت نسب الغلامين، ويكون الإرث بينهما، ولا فرق بين أن تكون البينة كاملة أو لا، لجواز أن يعلم كل من الشاهدين ما لم يعلمه الآخر.
1. المبسوط: 8 / 254 - 255. 214 الفصل السابع: في القسمة وفيه مطالب [المطلب] الأول: في أركانها وهي اثنان: القاسم والمقسوم وفيه تسعة مباحث: 6584. الأول: يستحب للإمام أن ينصب قاسما، وليس بلازم، ولو نصب قاسما جاز أن يقسم الخصمان، ويقاسم غيره. 6585. الثاني: يشترط في القاسم المنصوب من قبل الإمام البلوغ، وكمال العقل، والإيمان، والعدالة، والمعرفة بالحساب، لأن عمله متعلق به، فهو كالفقه في الحاكم، ولا يشترط الحرية، فلو كان عبدا جاز. ولا يشترط ذلك في القاسم الذي يتراضى به الخصمان، فلو تراضيا بقسمة الكافر جاز، كما لو تراضيا بالقسمة بأنفسهما. 6586. الثالث: القسمة إن اشتملت على الرد وجب العدد في القاسم المنصوب من قبل الإمام، وهو عدلان، لاشتمالها على التقويم (1) ولو رضي الشريكان بواحد جاز، وإن لم يكن في القسمة رد كفى الواحد، والمقوم يشترط
1. كذا في «ب» ولكن في «أ»: «لأن لاشتمالها» ولعله مصحف. 215 فيه العدد وليس للقاضي أن يقضي بالتقويم ببصيرة نفسه، وإن جوزنا القضاء بالعلم، لأنه تخمين، ويحكم بالعدالة ببصيرة نفسه، قال الشيخ (رحمه الله): والأحوط أنه لا بد من خارصين. (1) 6587. الرابع: القاسم إن كان من قبل الحاكم وعدل السهام وأقرع، كانت القرعة حكما تلزم القسمة به، وإن نصبه الشريكان لم تلزم القسمة بالتعديل والقرعة، بل لا بد من رضاهما بعد القرعة، وكذا لو اقتسما بأنفسهما وأقرعا لم تلزم القسمة إلا بتراضيهما بعد القرعة، لأنه لا حاكم بينهما ولا من يقوم مقامه. 6588. الخامس: ويخرج الإمام للقاسم رزقه من بيت المال، لأنه من المصالح، وقد اتخذ علي (عليه السلام) قاسما وجعل له رزقا في بيت المال، فإن لم يكن هناك إمام، أو كان وضاق بيت المال عن رزق القاسم، كانت أجرته على المتقاسمين، ثم إن استأجره كل واحد منهم ليقسم نصيبه بأجرة معينة جاز، فإن استأجروه جميعا في عقد واحد بأجرة معينة عن الجميع، وأبهموا نصيب كل واحد منهم من الأجرة، لزم كل واحد منهم من المعين بقدر نصيبه من المقسوم، وكذا لو لم يقدروا أجرة (2) كان له عليهم أجرة المثل بالحصص لا على عدد الرؤوس بالسوية. وليس لواحد أن ينفرد باستئجاره دون إذن الشريك، لأن تردده في الملك المشترك ممنوع دون الاذن، فيكون العمل ممنوعا، والإجارة فاسدة، بل يعقد واحد بإذن الآخرين، أو الوكيل بإذن جميعهم.
1. المبسوط: 8 / 134. 2. في «أ»: الأجرة. 216 وإن كان الشريك طفلا فطلب وليه القسمة ولا غبطة منعه القاضي، وإن كان هناك غبطة وجب عليه دفع نصيبه من الأجرة من مال الطفل، ولو طلب الشريك القسمة ولا غبطة، فالوجه وجوب الحصة من الأجرة على ولي الطفل من مال الطفل. 6589. السادس: المقسوم إما متساوي الأجزاء، كالحبوب، والأدهان، والخلول، (1) والألبان، أو متفاوت الأجزاء، كالعقار، والأشجار. فالأول إن طلب أحد الشريكين القسمة فيه، أجيب إليها، فإن امتنع شريكه أجبر سواء قلت أو كثرت، ويقسم كيلا ووزنا، متساويا ومتفاضلا، ربويا كان أو غيره. ولو قسماه بقسمين، ولم يعلما قدر كل واحد من القسمين، لكن تراضيا على أن يأخذ أحدهما أحد القسمين، والآخر يأخذ الثاني جاز، لأن القسمة تمييز حق لا بيع عندنا. وأما الثاني فإن انتفى الضرر مع القسمة، أجبر الممتنع عليها، وإن تضرر الشريكان بالقسمة، كما في الحمامات والعضائد (2) الضيقة والجواهر، فلا يجبر الممتنع على القسمة. وإن تضرر أحد الشريكين دون الآخر، فإن طلب المتضرر القسمة أجبر الممتنع عليها، وإن طلبها الآخر غير المتضرر لم يجبر المتضرر عليها. 6590. السابع: الضرر المانع من الإجبار على القسمة، للشيخ (رحمه الله) فيه قولان:
1. قال الفيومي: الخل معروف والجمع خلول مثل فلس وفلوس، سمي بذلك لأنه اختل منه طعم الحلاوة. المصباح المنير: 1 / 219. 2. قال الفيومي: العضادة بالكسر: جانب العتبة من الباب. المصباح المنير: 2 / 75. 217 أحدهما عدم الانتفاع بالنصيب بعد القسمة، والثاني نقصان القسمة. (1) وهو الأقوى عندي. 6591. الثامن: القسمة إن لم تشتمل على ضرر ولا رد أجبر الممتنع عليها، وتسمى قسمة إجبار، وإن اشتملت على أحدهما لم يجبر أحد الشريكين عليها، وتسمى قسمة تراض. ولو تضمنت القسمة إتلاف العين، واتفقا عليها منعهما الحاكم، لما فيه من إضاعة المال. 6592. التاسع: لو كانا شريكين في أنواع كل واحد منها متساوي الأجزاء، كحنطة، وشعير، وتمر، وزبيب، فطلب أحدهما قسمة كل نوع على حدته، أجبر الممتنع، وإن طلب قسمتها أعيانا بالقيمة، لم يجبر الممتنع، والثوب إن نقصت قيمته بالقطع، لم يجبر الممتنع على قسمته، وإن لم ينقص قسم. في كيفية القسمة وتقسم الثياب والعبيد بعد التعديل بالقيمة قسمة إجبار، ولو كان بينهما ثياب، أو حيوان، أو أوان، فاتفقا على قسمتها جاز، سواء اتفقا على قسمة كل جنس، أو على قسمتها أعيانا بالقيمة، ولو طلب أحدهما قسمة كل نوع على حدته، وطلب الآخر قسمته أعيانا بالقيمة، قدم قول من طلب قسمة كل نوع على حدته مع إمكانه، وإن طلب أحدهما القسمة وامتنع الآخر، وكان مما لا تمكن قسمته إلا بأخذ عوض عنه من غير جنسه، أو قطع ثوب في قطعه نقص، لم يجبر الممتنع.
1. اختارهما الشيخ في المبسوط: 8 / 135، واختار الأول في الخلاف. لاحظ الخلاف: 6 / 229، المسألة 27 من كتاب آداب القضاء. 218 المطلب الثاني: في كيفية القسمة وفيه عشرة مباحث: 6593. الأول: أنواع القسمة ثلاثة: إفراز، وتعديل، ورد. القسمة الأولى قسمة الإفراز، وهي تقع في متساوي الأجزاء، كالثوب الواحد، والعرصة الواحدة المتساوية، والمكيلات، والموزونات، وهذه القسمة يجبر الممتنع عليها مع طلب الآخر بشرط أن تبقى الحصص بعد القسمة منتفعا بها المنفعة التي كانت. ولو كان الحمام كبيرا تبقى المنفعة به عند إحداث مستوقد آخر وبئر أخرى، فالأقرب الإجبار، ولو ملك عشر دار، وهو لا يصلح السكنى منفردا، فطلب شريكه القسمة، لم يجبر المالك، ولو طلب المالك لغرض صحيح أجيب، فلو باع صاحب الأقل كان لصاحب الأكثر الشفعة دون العكس، لأن انتفاء القسمة مستلزم لانتفاء الشفعة، لأن الشفعة لدفع ضرر مؤنة القسمة. الثانية: قسمة التعديل، مثل أن يكون بين شخصين عبدان متساويا القيمة، فعندنا يجبر الممتنع على القسمة، ولو كان لهما ثلاثة أعبد قيمة عبد مساوية لقيمة العبدين، قسمت بينهما. ولو كان لهما عبد وجوهرة متساويا القيمة، فالأقرب عدم الإجبار على القسمة بعد التعديل، لاختلاف الأغراض باختلاف الأعيان. ولو كان بينهما قطع من الأرض متباينة، وآحادها تقبل قسمة الإفراز، لم يجبر على قسمة التعديل بالقيمة.
219 الثالثة: قسمة الرد، بأن يكون لهما عبدان قيمة أحدهما ستة والآخر عشرة، فإذا رد أحدهما للآخر دينارين، استويا، لم يجبر أحدهما عليه، ولو طلب أحدهما أن يأخذ الأدون وخمس الأعلى ليتخلص في أحد العبدين عن الشركة، فالأقرب أنه لا يجبر، لعدم انقطاع الشركة. 6594. الثاني: لو كانت لثلاثة دار لأحدهم نصفها، ولكل من الآخرين ربعها، وإذا قسمت أرباعا استضر الآخران، وإن قسمت نصفين لم يستضر أحد، فطلب صاحب النصف القسمة، أجبر كل من الآخرين، فيأخذ نصفه، ويأخذ الآخران النصف، يكون مشتركا بينهما. ويحتمل أن لا تجب الإجابة، لعدم فائدة القسمة في حقهما، وهي تمييز حق كل واحد منهما. 6595. الثالث: لو كانت بينهما دار ذات علو وسفل، فطلب أحدهما قسمتها، بحيث تحصل لكل منهما حصته من العلو والسفل بالتعديل وأمكن، أجبر الممتنع، ولو حصل ضرر لم يجبر، ولو طلب قسمة السفل بانفراده والعلو بانفراده، لم يجبر الآخر، وكذا لو طلب أخذ السفل بانفراده والآخر لشريكه. 6596. الرابع: لو كان لهما دار كبيرة أو خان كبير، فطلب أحدهما قسمة ذلك ولا ضرر، أجبر الممتنع على القسمة، ويفرد بعض المساكن عن بعض، وإن كثرت (1) المساكن. ولو كان بينهما داران أو خانان، فطلب أحدهما جميع نصيبه في إحدى
1. في «أ»: وإن كبرت. 220 الدارين أو أحد الخانين، ويجعل الباقي نصيبا لشريكه، لم يجبر الممتنع، سواء كانا متجاورين أو متباعدين، وسواء كانت إحدى الدارين حجرة للأخرى أو لا. (1) 6597. الخامس: لو كان بينهما أرض وزرع، فطلب أحدهما قسمة الأرض خاصة أجبر الممتنع، وإن طلب قسمة الزرع خاصة، فكذلك إن ظهر، وإن كان بذرا لم يظهر لم يجبر، ولو طلب قسمة كل واحد منهما على حدته أجبر الآخر، ولو طلب قسمة الأرض والزرع بعضا في بعض لم يجبر الآخر، لأن الزرع كالمتاع ليس من أجزاء الأرض. 6598. السادس: لو كان بينهما أرض واحدة لا ضرر في قسمتها، أجبر الممتنع، سواء كانت فارغة أو مشغولة بشجر أو بناء، فإن كان فيها نخل وكرم وشجر مختلف الأجناس، قسمت كالدار الواسعة بعضا في بعض، ولو طلب قسمة كل عين على حدتها، فالأقرب أنه لا يجبر الآخر، لاشتماله على الضرر. ولو كان بينهما قرحان (2) متعددة وطلب أحدهما قسمتها بعضا في بعض، لم يجبر الممتنع، ولو طلب قسمة كل قراح بانفراده أجبر الآخر، وكذا الحبوب المختلفة. ويقسم القراح الواحد وإن اختلفت أشجار أقطاعه.
1. رد على فتوى أبي حنيفة حيث ذهب إلى انه يجبر إن كانت إحدى الدارين حجرة للأخرى. لاحظ العزيز شرح الوجيز للرافعي: 12 / 554. 2. قال في مفتاح الكرامة: 10 / 204: القرحان جمع كثرة، فإن كان بكسر الفاء، كان واحده «قراح» بضم الفاء، كغلام وغلمان، وغراب وغربان فيكون مطردا، وإن كان بضم الفاء كان مفرده أيضا بضمها، لكنه قليل غير مطرد، كزقاق وزقان. وقال الفقهاء: إن القراح الأرض الخالية من البناء والماء والشجر، لكن الشيخ في المبسوط صرح بأن القراح ما يكون فيه أشجار. ولعله في الأصل كما ذكروه، وصار عرفا لما ذكر. 221 ولا تقسم الدكاكين المتجاورة بعضها في بعض قسمة إجبار، لأنها أملاك متعددة يقصد كل واحد منها بالسكنى منفردا، فهي كالأقرحة المتعددة. ولو كانت الأرض ثلاثين جريبا، قيمة عشرة منها كقيمة عشرين، أجبر الممتنع من القسمة عليها. ولو كان بينهما أرض قيمتها مائة، في أحد نصفيها (1) بئر قيمتها مائة، وفي النصف الآخر شجرة قيمتها مائة، عدلت بالقيمة، وجعلت البئر مع أحد النصفين، والشجرة مع الآخر. ولو كانت بين ثلاثة لم تجب القسمة، لأن البئر تخلص لأحدهم، والشجرة للثاني، والأرض للثالث، وذلك مما لا نفع فيه. ولو كانت قيمة الأرض أكثر من مائة، بحيث يأخذ بعض الشركاء سهمه منها ويبقى منها شئ مع البئر والشجرة ينتفع به، وجبت القسمة، بأن تكون قيمة الأرض مائتين وخمسين، فيبلغ الجميع أربعمائة وخمسين، فيجعل كل مائة وخمسين نصيبا فيضم (2) إلى البئر خمسين وإلى الشجرة خمسين ويتقارعان. ولو كانت الأرض لاثنين، وأرادا قسمة البئر والشجرة دون الأرض، لم تكن قسمة إجبار، وكذا الأرض ذات الشجر (2) إذا اقتسما الشجر (4) دون الأرض أو بالعكس لم تكن قسمة إجبار، ولو اقتسماها بشجرها، كانت قسمة إجبار، لأن الشجر يدخل في الأرض، فيصير الجميع كالشئ الواحد، ولهذا وجبت فيه الشفعة إذا بيع مع الأرض.
1. في «ب»: في أحد نصفها. 2. في «ب»: فيضمه. 3. في «أ»: الشجرة. 4. في «أ»: الشجرة. 222 6599. السابع: القسمة عندنا تميز حق عن غيره، وليست بيعا، نعم لو اشتملت على الرد تضمنت معاوضة في القدر الذي يقابله العوض، وإن لم يكن بيعا على الحقيقة، فيجوز فصل الوقف عن الطلق، أما فصل الوقف عن الوقف فلا يجوز، لأنه كالتغيير لشرط الوقف (1)، ولو أشرف على الهلاك واقتضت المصلحة قسمته، فالوجه الجواز، كما أجزنا البيع حينئذ، ولو قيل بقسمة الوقف بعضه من بعض مطلقا أمكن، إذ القسمة ليست بيعا، والأقرب عدم جوازها، إذ البطن الثاني يأخذ الوقف عن الواقف، ولا يلزمه ما فعل البطن الأول. ولو تعدد الواقف والموقوف عليه، فالأقرب جواز القسمة. 6600. الثامن: يشترط في قسمة الرضا، التراضي بعد القرعة، ولا بد فيه من اللفظ، نحو «رضيت» وما أدى معناه، ولا يكفي السكوت، أما قسمة الإجبار فلا يشترط فيها الرضا بعد القرعة، لأن قرعة قاسم الحاكم بمنزلة حكمه. ولا يفتقر في قسمة التراضي إلى قوله: رضيت بالقسمة، أو قاسمتك بل يكفي رضيت بذلك. 6601. التاسع: القسمة إن وقعت في ذوات الأمثال، جازت التسوية بالوزن والكيل، وإن كانت في عرصة متساوية الأجزاء، فالتسوية بالمساحة، وتبسط على أقل الحصص، بأن يقسم أسداسا إذا كان لأحدهم النصف، وللثاني الثلث، وللآخر السدس، ولو افتقر إلى التعديل بالقيمة عدل كذلك، ثم يكتب أسماء الملاك على ثلاث رقاع، ويدرجها في بنادق من طين أو شمع متساوية،
1. في «ب»: كالتغير بشرط الواقف. 223 ويسلمها إلى من لم يشاهد ذلك، فيخرج واحدة، ويقف القسام على الطرف، فإن خرج اسم صاحب النصف أعطاه الجزء الأول والثاني والثالث، ثم يخرج اسم صاحب الثلث أعطاه الرابع والخامس،، وتعين السادس لصاحب السدس وإن خرج اسم صاحب السدس، أعطاه الرابع، وتعين الآخران لصاحب الثلث، وتعيين (1) ما منه ابتداء التسليم إلى اختيار القسام، فيقف على أي طرف شاء، ولا يخرج في هذه على السهام بل على الأسماء، وكما صورناه، لئلا يؤدي إلى تفرق السهام، وهو ضرر. أما لو كان الملك لاثنين نصفين، فإن القاسم يخرج إن شاء على السهام، كما قلناه، وإن شاء على الأسماء، بأن يكتب كل نصف في رقعة، ويميز كل نصف بما لا يشاركه فيه الآخر، ويستر الرقعتين، ثم يأمر من لم يطلع على الصورة بإخراج إحداهما على اسم أحد المتقاسمين، فما خرج فله، والباقي للآخر. 6602. العاشر: الأجزاء إن كانت متساوية قيمة، والأنصباء متساوية، بأن تكون الأرض لستة وأجزاؤها متساوية، فإنها تقسم ستة أجزاء، ثم تكتب ستة رقاع متساوية، في كل واحدة اسم واحد، ثم يقال للمخرج: أخرج واحدة على هذا السهم، فمن خرج اسمه كان السهم له، ثم يخرج أخرى على سهم آخر، حتى يبقى الأخير، وإن كتب في الرقاع أسماء السهام، كتب في رقعة الأول وفي أخرى الثاني، وهكذا، ثم يخرج الرقعة على واحد بعينه، فما خرج في الرقعة من السهم كان له، وهكذا.
1. في «أ»: وتعين. 224 وإن تساوت الأنصباء واختلفت القيمة (1) عدلت الأرض بالقيمة، وتجعل ستة أجزاء، ولا اعتبار بالمساحة (2) فيجوز أن يكون أحد النصيبين جريبا، والآخر اثنين إذا تساوت قيمتهما، ثم يخرج القرعة على ما سبق. وإن تساوت الأجزاء واختلفت الأنصباء، جعلت سهاما بقدر أقلها، وكتب ثلاثة رقاع بأسمائهم، ثم يخرج، فإن خرج صاحب النصف كان له الأول والثاني والثالث، ثم يخرج أخرى، فإن خرج صاحب الثلث، فله الرابع والخامس، ويبقى السادس لصاحب السدس، ولو خرجت رقعة صاحب الثلث أولا، فله الأول والثاني، ثم إن خرجت رقعة صاحب النصف، فله الثالث والرابع والخامس، وإن خرجت رقعة صاحب السدس، فله الثالث، ويبقى الباقي لصاحب النصف. ولو اختلفت الأنصباء والقيمة، عدل القاسم السهام، وجعلها ستة أجزاء، ثم فعل في الرقاع كما تقدم. ولو افتقرت القسمة إلى الرد، بأن يكون في حصة أحدهما بناء أو شجر لم يجبر أحد عليها، لأنها نوع معاوضة، والمعاوضة لا يجبر عليها. فإن اتفقا على الرد، وعدلت السهام، لم يلزم بنفس القرعة، بل لا بد من الرضا بعدها، لأن كل واحد منهما (3) لا يعلم حصول العوض له.
1. في «أ»: واخلفت القسمة. 2. في «أ»: «والاعتبار» ولعله مصحف. 3. في «أ»: منها. 225 المطلب الثالث: في الأحكام وفيه اثنا عشر بحثا: 6603. الأول: الأقرب قبول شهادة القاسم إن لم يكن بأجرة، ولو كان بأجرة حصلت التهمة، فلا تقبل شهادته حينئذ، لأنه يوجب الأجرة لنفسه. 6604. الثاني: لو ادعى أحد الشريكين الغلط في القسمة، وأنه (1) أعطي دون حقه، وأنكر الآخر، فالقول قول المنكر مع يمينه، ولا تقبل دعوى المدعي إلا بالبينة، وإن أقام شاهدين على الغلط، نقضت القسمة وأعيدت، وإن لم يكن هناك بينة كان له إحلاف الشريك، سواء كانت القسمة تلزم بالقرعة أو تتوقف على التراضي، كما لو اقتسما بأنفسهما، فإنه تسمع دعواه، ويحلف خصمه أيضا مع عدم البينة. وعلى كل تقدير فليس له إحلاف قاسم القاضي على عدم الغلط، لأنه حاكم، ولو حلف بعض الشركاء ونكل الباقون، أحلف مدعي الغلط، وأفادت يمينه نقض القسمة في حق الناكلين دون الحالفين. 6605. الثالث: لو اقتسما ثم ظهر استحقاق البعض للغير، فإن كان معينا في نصيب أحدهما، بطلت القسمة، ولا يتخير من ظهر الاستحقاق في يده بين الفسخ والرجوع بما بقي من حقه، ولو كان المستحق في نصيبهما مشاعا على السواء، لم تبطل القسمة، لأن ما يبقى لكل واحد منهما بعد المستحق قدر حقه، نعم لو تضرر أحدهما بالمستحق أكثر مثل أن يسد طريقه، أو مجرى مائه، أو ضوئه، ونحوه، بطلت القسمة، لأنه يمنع التعديل.
1. في «أ»: فإن. 226 ولو كان المستحق في نصيب أحدهما أكثر بطلت أيضا، ولو كان المستحق مشاعا في نصيبهما بطلت القسمة، لأن الثالث شريك، فلا بد من رضاه بالقسمة، وللشيخ (رحمه الله) قول آخر: أنه لا يبطل فيما زاد على المستحق (1) والأول أجود، ولا فرق في ذلك بين أن يعلما حال القسمة أو أحدهما بالمستحق وبين أن لا يعلما. 6606. الرابع: لو ظهر في نصيب أحدهما عيب لم يعلمه قبل القسمة، كان له فسخ القسمة، أو الرجوع بالأرش كالبيع، ويحتمل بطلان القسمة، لأن التعديل شرط فيها ولو يوجد بخلاف البيع. 6607. الخامس: لو بنى أحدهما في نصيبه أو غرس، ثم ظهر استحقاق ذلك النصيب، فنقض بناءه وقلع غرسه، لم يرجع على الشريك بشئ من البناء والغرس، وأبطلت القسمة، لأن القسمة عندنا ليست بيعا فلم يغره الشريك ولم ينتقل إليه من جهته ببيع، وإنما أفرز حقه، فلم يضمن له ما غرم فيه. ولو كان البناء سابقا للأول قبل الشريكين، ثم ظهر الاستحقاق، فالبناء للمالك، فان كان من وصل إليه دفع عوضا عنه إلى شريكه، كان له الرجوع بالعوض. 6608. السادس: إذا اقتسم الورثة التركة ثم ظهر دين على الميت لا وفاء له إلا فيما اقتسموه، لم تبطل القسمة لكن إن أقام الورثة (2) بالدين، فالقسمة بحالها، وان امتنعوا نقضت القسمة وبيعت التركة في الدين ولو أجاب أحدهم وامتنع
1. المبسوط: 8 / 142. 2. في «أ»: قاسم الورثة. 227 الآخر بيع نصيب الممتنع خاصة، وبقي نصيب المجيب بحاله ولو كان هناك وصية لا بجزء من المقسوم، فالبحث فيه كما في الدين، كما لو أوصى بمائة دينار ولم يعين المال، ولو كان بجزء من المقسوم فالبحث فيه كما لو ظهر البعض مستحقا على ما تقدم من التفصيل. 6609. السابع: لو طلب أحد الشريكين من الآخر المهاياة من غير قسمة، إما في الأجزاء، بأن يجعل لأحدهما بعض الدار يسكنه، أو بعض الأرض يزرعه، والباقي لشريكه، أو في المدة، بأن يسكن أحدهما الدار سنة، أو يزرع الأرض سنة، والآخر سنة، لم يجبر الممتنع، نعم لو اتفقا عليها جاز، ولا يلزم، بل لكل منهما فسخها. ولو طلب أحدهما القسمة كان له ذلك، وانتقضت المهاياة. 6610. الثامن: إذا طلب الشريكان القسمة من الحاكم، فإن عرف الحاكم الملك لهما بنفسه أو بالبينة، أجابهما إلى ذلك، وإن لم يعرف ولم تقم عنده بينة، وكانت يدهما عليه ولا منازع، فللشيخ قولان: أحدهما: أنه لا يقسم (1) لأنها قد يكون لغيرهم، فإذا قسمها سلط كل واحد على نصيبه، وثبت له ذلك بالحكم. والثاني أنه يقسم، (2) لأن اليد تقضي بالملكية ظاهرا.
1. نسبه في الشرائع إلى المبسوط ولكن الموجود فيه: «أن الأول أقوى» والظاهر أن المراد من الأول: «أنه يقسم» لاحظ شرائع الإسلام: 4 / 102; والمبسوط: 8 / 148. 2. الخلاف: 6 / 232، المسألة 30 من كتاب آداب القضاء. 228 6611. التاسع: إذا اتفق الشريكان على المهاياة، فرجع أحدهما قبل استيفاء نوبته، فله ذلك، فإن استوفى ثم رجع جاز أيضا، لكن يغرم أجرة ما انفرد به. 6612. العاشر: لو كان في دار سطحان يجرى ماء أحدهما على الآخر، فاقتسما، فمنع الشريك الآخر من جريان ماء سطحه على سطح الآخر الحاصل له بالقسمة، فإن كان بينهما شرط أنه يرد الماء، فله المنع، وإن لم يشترط فالأقرب أنه ليس له ذلك لأنهما اقتسما الدار وأطلقا، فاقتضى ذلك أن يملك كل واحد حصته بحقوقها، كما لو اشتراها بحقوقها، ومن حقها جريان مائها فيما كان يجري إليه معتادا له. 6613. الحادي عشر: لو اقتسما دارا فحصلت الطريق في نصيب أحدهما، وكان لنصيب الآخر منفذ يستطرق منه، صحت القسمة، وإن لم يكن له منفذ، بطلت، ولو علم أنه لا طريق له، ورضي به صحت القسمة. 6614. الثاني عشر: يجوز للأب والجد والوصي والحاكم وأمينه قسمة مال الطفل والمجنون، ويجوز لهم قسمة التراضي من غير زيادة في العوض، وكذا يجوز للوكيل العام القسمة مع المصلحة لموكله.
229 الفصل الثامن: في نوادر القضايا والأحكام روى أبو شعيب المحاملي عن الرفاعي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل قبل رجلا يحفر له بئرا عشر قامات بعشرة دراهم، فحفر له قامة، ثم عجز، قال: تقسم عشرة على خمسة وخمسين جزءا، فما أصاب واحدا فهو للقامة الأولى، والاثنين للاثنين، والثلاثة للثلاثة، وعلى هذه الحساب إلى عشرة (1). والوجه حمل هذه الرواية على موضع ينقسم فيه أجرة المثل على هذا الحساب، ولا استبعاد في ذلك. وروى حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أتي بعبد لذمي قد أسلم، فقال: اذهبوا، فبيعوه من المسلمين، وادفعوا ثمنه إلى صاحبه، ولا تقروه عنده. (2) وروى حريز عن أبي عبيدة (زياد بن عيسى الحذاء) (3) قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام): رجل دفع إلى رجل ألف درهم يخلطها بماله، ويتجر بها، قال: فلما طلبها منه، قال: ذهب المال، وكان لغيره معه مثلها، ومال كثير لغير واحد، فقال: كيف صنع أولئك؟ قال: أخذوا أموالهم، فقال أبو جعفر وأبو عبد الله (عليهما السلام) جميعا: يرجع عليه بماله، ويرجع هو على أولئك بما أخذوا (4).
1. التهذيب: 6 / 287، رقم الحديث 794 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 2. التهذيب: 6 / 287، رقم الحديث 795 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 3. ما بين القوسين ليس بموجود في المصدر. 4. التهذيب: 6 / 288، رقم الحديث 799 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 230 وتحمل هذه الرواية على أن العامل مزج مال الأول بغيره (1) بغير إذنه، ففرط، وأما أرباب الأموال الباقية فقد كانوا أذنوا في المزج. محمد بن إسماعيل عن جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك، المرأة تموت فيدعي أبوها أنه أعارها بعض ما كان عندها من متاع وخدم، أتقبل دعواه بلا بينة، أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟ فكتب إليه: يجوز بلا بينة. قال: وكتبت إليه: إن ادعى زوج (المرأة) (2) الميتة، وأبو زوجها وأم زوجها من متاعها أو خدمها مثل الذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع أو الخدم، أيكونون بمنزلة الأب في الدعوى؟ فكتب: لا (3). وهذه الرواية محمولة على الظاهر من أن المرأة تأتي بالمتاع من بيت أهلها، وحمل ابن إدريس قوله (عليه السلام): «يجوز بلا بينة» على الاستفهام تارة، وأسقط [الإمام (عليه السلام)] حرفه، وعلى الإنكار لمن يرى عطية ذلك بغير بينة أخرى (4) وتتمة الخبر تنافي ذلك. محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن يزيد بن إسحاق عن هارون بن حمزة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل استأجر أجيرا، فلم يأمن أحدهما صاحبه، فوضع الأجر على يد رجل [ثالث] فهلك ذلك الرجل ولم يدع وفاء، واستهلك (5) الأجر، فقال: المستأجر ضامن لأجرة الأجير حتى يقضي، إلا أن
1. في «أ»: مزج مال الأول لغيره. 2. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 3. التهذيب: 6 / 289، رقم الحديث 800 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 4. السرائر: 2 / 189 قال: ويحتمل أيضا أنه أراد بذلك التهجين والذم لمن يرى عطية ذلك بغير بينة، بل بمجرد دعوى الأب. 5. كذا في المصدر: ولكن في النسختين «فاستهلك». 231 يكون الأجير دعاه إلى ذلك، فرضي بالرجل، فإن فعل، فحقه حيث وضعه ورضي به (1). محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) برد الحبيس (2) وإنفاذ المواريث. يونس بن عبد الرحمن عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: عشرة كانوا جلوسا، ووسطهم كيس فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضا: ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلهم: لا، فقال واحد منهم: هو لي، فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه (3). محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن مسكين عن رفاعة النخاس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا طلق الرجل امرأته وفي بيتها متاع، فلها ما يكون للنساء، وما يكون للرجال والنساء قسم بينهما، وإذا طلق الرجل المرأة، فادعت أن المتاع لها، وادعى أن المتاع له، كان له ما للرجال، ولها ما للنساء (4). علي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
1. التهذيب: 6 / 289، رقم الحديث 801 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 2. نقل ابن إدريس أنه سأله الشيخ محمود الحمصي عن معنى هذا الحديث فشرحه له وقال: الحبيس معناه الملك المحبوس على بني آدم من بعضنا على بعض مدة حياة الحابس، دون حياة المحبوس عليه، فإذا مات الحابس، فإن الملك المحبوس يكون ميراثا لورثة الحابس، وينحل حبسه على المحبوس عليه، فقضى عليه السلام برده إلى ملك الورثة... وأنفذ المواريث فيه على ما تقتضيه شريعة الإسلام. السرائر: 2 / 190. 3. الوسائل: 13 / 328، الباب 5 من كتاب السكنى والحبس، الحديث 1; والتهذيب: 6 / 291 - 292، رقم الحديث 806 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 4. الوسائل: 17 / 525، الباب 8 من أبواب ميراث الأزواج، الحديث 4. 232 داود المنقري عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي (1) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمن أخذ أرضا بغير حقها وبنى فيها، قال: يرفع بناؤه وتسلم التربة إلى صاحبها، ليس لعرق ظالم حق، ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أخذ أرضا بغير حق كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر (2). عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) انه قضى في رجلين اختصما في خص، فقال: إن الخص للذي إليه القمط (3). و [القمط] هو الحبل، والخص: الطن الذي يكون في السواد بين الدور، فكان من إليه الحبل و [هو] أولى من صاحبه. الحسن بن علي بن يقطين، عن أمية بن عمرو، عن الشعيري، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن سفينة انكسرت في البحر، فأخرج بعضه (4) بالغوص وأخرج البحر بعض ما غرق فيها، فقال: أما ما أخرجه البحر فهو لأهله، الله أخرجه، وأما ما أخرج بالغوص، فهو لهم، وهم أحق به (5). محمد بن أبي عمير عن جميل بن دراج عن جماعة من أصحابنا
1. قال ابن إدريس: الدراوردي منسوب إلى دار بجرد، هكذا ذكره ابن قتيبة والزجاج. وقال غيرهما: هو منسوب إلى دراورد، قرية بخراسان. 2. التهذيب: 6 / 294، رقم الحديث 819 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -; والوسائل: 17 / 311، الباب 3 من أبواب الغصب، الحديث 1 و 2. 3. الوسائل: 13 / 173، الباب 14 من كتاب الصلح، الحديث 2. 4. في الوسائل: بعضها. 5. الوسائل: 17 / 362، الباب 11 من أبواب، اللقطة، الحديث 2; والتهذيب: 6 / 295، رقم الحديث 822. 233 عنهما (عليهما السلام)، قال: الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البينة، ويباع ماله ويقضى عنه دينه وهو غائب، ويكون الغائب على حجته إذا قدم، قال: ولا يدفع المال إلى الذي أقام البينة إلا بكفلاء (1). محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، أن عليا (عليه السلام) كان يفلس الرجل إذا التوى (2) على غرمائه، ثم يأمر به، فيقسم ماله بينهم بالحصص، فإن أبى، باعه فقسمه بينهم، يعني: ماله (3). عنه عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، أن عليا (عليه السلام) كان يحبس في الدين، فإذا تبين له إفلاس وحاجة خلى سبيله حتى يستفيد مالا (4). وروى السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي (عليه السلام): أن امرأة استعدت على زوجها أنه لا ينفق عليها، وكان زوجها معسرا، فأبى أن يحبسه، وقال: إن مع العسر يسرا (5). عنه عن جعفر عن أبيه أن عليا (عليه السلام) كان يحبس في الدين، ثم ينظر، فإن كان له مال أعطى الغرماء، وإن لم يكن له مال، دفعه إلى الغرماء فيقول لهم: اصنعوا به ما شئتم إن شئتم واجروه، وإن شئتم استعملوه. وذكر الحديث (6).
1. الوسائل: 18 / 216، الباب 26 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. 2. قال الحلي: معنى التوى: أي دافع ومطل. السرائر: 2 / 196. 3. الوسائل: 13 / 146، الباب 6 من كتاب الحجر، الحديث 1. 4. الوسائل: 13 / 148، الباب 7 من كتاب الحجر، الحديث 1. 5. الوسائل: 13 / 148، الباب 7 من كتاب الحجر، الحديث 2. 6. الوسائل: 13 / 148، الباب 7 من كتاب الحجر، الحديث 3. قال ابن إدريس بعد نقل الحديث: «هذا الخبر غير صحيح ولا مستقيم، لأنه مخالف لأصول مذهبنا ومضاد لتنزيل الكتاب، قال تعالى: (وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) [البقرة: 280]. السرائر: 2 / 196. 234 وهذه الرواية ضعيفة السند، فلا تعويل عليها. وروى أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الحاكم إذا أتاه أهل التوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه، كان ذلك إليه، إن شاء حكم بينهم، وإن شاء تركهم (1). وروى طلحة بن زيد والسكوني جميعا عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) عن علي (عليه السلام) أنه كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض في حد ولا غيره حتى وليت بنو أمية فأجازوا بالبينات (2). وروى هارون بن حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: رجلان من أهل الكتاب نصرانيان، أو يهوديان كان بينها خصومة، فقضى بينهما حاكم من حكامهما بجور، فأبى الذي قضي عليه أن يقبل، وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين، قال يرد إلى حكم المسلمين (3). وروى حريز عن محمد بن مسلم وزرارة عنهما جميعا قال (4): لا يحلف أحد عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أقل مما يجب فيه القطع (5). وروى عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
1. الوسائل: 18 / 218، الباب 27 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. 2. التهذيب: 6 / 300، رقم الحديث 840 - 841، ولاحظ الوسائل: 18 / 218، الباب 28 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. 3. الوسائل: 18 / 218، الباب 27 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 2. 4. في المصدر: قالا. 5. الوسائل: 18 / 219، الباب 29 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1. قال الحلي بعد نقل الحديث: هذا على التغليظ، فإن الحاكم لا يلزمه أن يحلف هناك إلا إذا كانت الدعوى مقدار ربع دينار، فإن كان أقل فلا يلزمه أن يحلف هناك. السرائر: 2 / 198. 235 قلت له: جعلت فداك في كم تجرى الأحكام على الصبيان؟ قال: في ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة، قلت: فإنه لم يحتلم فيها، قال: وإن لم يحتلم، فإن الأحكام تجري عليه (1). وروى أبو بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل، دبر غلامه، وعليه دين، فرارا من الدين، قال: لا تدبير له، وإن كان دبره في صحة منه وسلامة، فلا سبيل للديان عليه (2). ويحمل الحكم الثاني على من نذر التدبير وأوجبه، لأنه بدون النذر وصية متأخرة عن الدين. وروى غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه: أن عليا (عليه السلام) كان يقول: لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب، لأنه إنما أخذ الجعل على الحمام ولم يأخذ على الثياب (3). وروى عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة، ويوم العيد إلى العيد فيرسل معهم، فإذا قضوا الصلاة والعيد ردهم إلى السجن (4).
1. التهذيب: 6 / 310 رقم الحديث 856; الوسائل: 13 / 432، الباب 45 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 3. 2. التهذيب: 6 / 311، رقم الحديث 858; الوسائل: 16 / 79، الباب 9 من أبواب كتاب التدبير، الحديث 2. 3. الوسائل: 18 / 220، الباب 30 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 2. 4. التهذيب: 6 / 319، رقم الحديث 877 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام - ولاحظ الوسائل: 18 / 221، الباب 32 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 2. 236 وروى ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) لا يحبس في السجن إلا ثلاثة: الغاصب، ومن أكل مال اليتيم، ومن أئتمن على أمانة فذهب بها، وإن وجد له شيئا باعه، غائبا كان أو شاهدا (1). وحمل الشيخ (رحمه الله) هذا الحديث على أنه ما كان يحبس أحدا على وجه العقوبة إلا الثلاثة، أو ما كان يحبس الحبس المخصوص إلا المذكورين، فأما غيرهم من الغرماء وغيرهم فإنه كان يحبسهم على غير ذلك الوجه (2). أحمد بن محمد عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت ابن أبي ليلى يحدث أصحابه، قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) بين رجلين اصطحبا في سفر، فلما أرادا الغذاء أخرج أحدهما من زاده خمسة أرغفة، وأخرج الآخر ثلاثة أرغفة، فمر بهما عابر سبيل، فدعواه إلى طعامهما، فأكل الرجل معهما حتى لم يبق شئ، فلما فرغوا أعطاهما العابر بهما ثمانية دراهم ثواب ما أكل من طعامهما، فقال صاحب الثلاثة أرغفة لصاحب الخمسة أرغفة: اقسمها نصفين بيني وبينك، وقال صاحب الخمسة: لا، بل يأخذ كل واحد منا من الدراهم على عدد ما أخرج من الزاد. قال: فأتيا أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك، فلما سمع مقالتهما قال لهما: اصطلحا فإن قضيتكما دنية، فقالا: اقض بيننا بالحق، قال: فأعطى صاحب الخمسة أرغفة سبعة دراهم، وأعطى صاحب الثلاثة ارغفة درهما، وقال لهما:
1. التهذيب: 6 / 299، رقم الحديث 836 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 2. النهاية: 353، ولاحظ التهذيب: 6 / 300، ذيل الحديث 838 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 237 أليس أخرج أحدكما خمسة أرغفة وأخرج الآخر ثلاثة؟ قالا: نعم، قال: أليس أكل معكما ضيفكما مثل ما أكلتما؟ قالا: نعم، قال: أليس كل واحد منكما أكل ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ قالا: نعم، قال: أليس أكلت أنت يا صاحب الثلاثة ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ وأكلت أنت يا صاحب الخمسة ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ وأكل الضيف ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ أليس بقي لك يا صاحب الثلاثة ثلث رغيف من زادك؟ وبقي لك يا صاحب الخمسة رغيفان وثلث وأكلت ثلاثة غير ثلث؟ فأعطاهما لكل ثلث رغيف درهما، فأعطى صاحب الرغيفين وثلث سبعة (دراهم) (1) وأعطى صاحب الثلث رغيف درهما (2). سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير عن حماد، عن عاصم قال: حدثني مولى لسلمان عن عبيدة السلماني قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: يا أيها الناس اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال قولا آل منه إلى غيره، وقد قال قولا من وضعه غير موضعه كذب عليه، فقام عبيدة وعلقمة والأسود وأناس معهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف؟ قال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (3). أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: يجب على الإمام أن يحبس الفساق من العلماء، والجهال من الأطباء، والمفاليس من
1. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 2. الوسائل: 18 / 209 - 210، الباب 21 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 5; التهذيب: 6 / 290، رقم الحديث 805 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام -. 3. الوسائل: 18 / 13، الباب 4 من أبواب صفات القاضي، الحديث 19. 238 الأكرياء، وقال (عليه السلام): حبس الامام بعد الحد ظلم. (1) محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن صفوان عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فيتحاكمان إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل ذلك؟ فقال (عليه السلام): من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت (المنهي عنه) (2) وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله تعالى أن يكفر به، قال الله تعالى: (يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به) (3) فقال: فكيف يصنعان (وقد اختلفا)؟ (4) فقال: ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه، فإنما بحكم الله تعالى استخف وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، فهو على حد الشرك بالله. قلت: فإن كل واحد منهما اختار رجلا وكلاهما اختلفا في حديثنا؟ قال: الحكم ما حكم به أعدلهما، وأفقههما، وأصدقهما في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر. قال: قلت: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا، ليس يتفاضل كل واحد منهما على صاحبه؟ قال: فقال: ينظر ما كان من روايتهما في ذلك الذي حكما
1. الوسائل: 18 / 221، الباب 32 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 3. 2. ما بين القوسين ليس بموجود في المصدر. 3. النساء: 60. 4. ما بين القوسين ليس بموجود في المصدر. 239 المجمع عليه أصحابك فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فمتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عز وجل وإلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم. قلت: فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر فيما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة، وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة. قلت: جعلت فداك، أرأيت أن المفتيين غبي عليهما معرفة حكمه (1) من كتاب وسنة، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم، بأي الخبرين نأخذ؟ قال: بما خالف العامة، فإن فيه الرشاد. قلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران؟ (جميعا) (2) قال: ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر. قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال: إذا كان ذلك فارجئه حتى تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (3).
1. كذا في التهذيب ولكن في الرسائل: «أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه». 2. ما بين القوسين يوجد في المصدر 3. التهذيب: 6 / 301 - 303، رقم الحديث 845 - باب من الزيادات في القضاء والأحكام; الكافي: 1 / 67 - 68 - كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث برقم 10 - ولاحظ الوسائل: 18 / 3، الباب 1 من أبواب صفات القاضي، الحديث 4، والباب 9، الحديث 1. 240 كتاب الشهادات
241 وفيه فصول [الفصل] الأول: في صفات الشاهد يشترط في الشاهد ستة: البلوغ، والعقل والإيمان والعدالة وطهارة المولد، وانتفاء التهمة، فهاهنا (1) مطالب. [المطلب] الأول: البلوغ وهو شرط في قبول الشهادة، فلا تقبل شهادة الصبى إلا إذا بلغ عشر سنين، فتقبل شهادتهم في الجراح، والقصاص، بشرطين آخرين: عدم تفرقهم قبل الشهادة، واجتماعهم على المباح، فلو تفرقوا عن الحالة التي تجارحوا عليها، لم تقبل شهادتهم، وفي رواية: يؤخذ بأول كلامهم (2) وقيل: تقبل شهادتهم إذا بلغوا العشر مطلقا (3) وليس بجيد، بل الأولى الاقتصار على قبولهم
1. في «ب»: فهنا. 2. الوسائل: 18 / 252، الباب 22 من أبواب الشهادات، الحديث 1 و 2. 3. قال المحقق في الشرائع: 4 / 125: وقيل: تقبل مطلقا إذا بلغ عشرا وهو متروك قال في الجواهر: 41 / 9 بعد كلام الشرائع: «بل اعترف غير واحد بعدم معرفة القائل به». وقال الشهيد الثاني في المسالك: 14 / 157: لم يظهر قائله، وقال صاحب كشف الرموز: انه الشيخ في النهاية، وهو وهم. 243 في الشجاج والقصاص فيما دون النفس بالشرطين ولا تقبل شهادة الصبايا وإن كثرن. [المطلب] الثاني: العقل فلا تقبل شهادة المجنون إجماعا، سواء ذهب عقله بجنون أو سكر، ولو كان الجنون يتناوله أدوارا، وشهد حال إفاقته، وأقامها حال الإفاقة، قبلت شهادته بعد الاستظهار بمعرفة تفطنه حال التحمل والأداء، فلو ارتاب الحاكم طرحها. وترد شهادة المغفل الذي في طبيعته البله بحيث لا يتفطن لتفاصيل الأشياء، إلا أن يعلم الحاكم عدم غفلته فيما شهد به، إذا كان المشهود به مما لا يسهو فيه. ولو كان الشاهد يعرض له السهو غالبا، استظهر الحاكم في التفتيش عن حاله حتى يغلب على ظن الحاكم صدقه وتنبهه. (1) المطلب الثالث: الإيمان وفيه ستة مباحث: 6615. الأول: لا تقبل شهادة الكفار مطلقا إلا في الوصية على ما يأتي، ولا تقبل في غير ذلك على أحد من المسلمين إجماعا، وهل تقبل شهادتهم على
1. في «ب»: وتنبيهه. 244 أمثالهم؟ الأصح المنع، وقيل (1): تقبل شهادة الذمي على الذمي إذا تساويا في العقيدة، فتقبل شهادة اليهودي على مثله لا غير، والنصراني على مثله لا غير، وبالجملة كل ملة تقبل على ملتهم، والرواية به ضعيفة في طريقها سماعة (2) وأفتى بها الشيخ (رحمه الله) في النهاية (3) وروى ابن بابويه عن عبيد الله بن علي الحلبي عن الصادق (عليه السلام) تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم. (4) إذا عرفت هذا فعندنا كما لا تقبل شهاداتهم على أمثالهم، كذا لا تقبل لأمثالهم، والشيخ (رحمه الله) أفتى بقبول شهادتهم لأمثالهم، كما أفتى بقبول شهادتهم عليهم. 6616. الثاني: تقبل شهادة أهل الذمة خاصة في الوصية بالمال لا غير، بشرط عدم العدول من المسلمين، ولا تقبل شهادتهم بالوصية في الولاية، ولا يشترط السفر والغربة، وبالاشتراط رواية مطرحة (5) وقال الشيخ (رحمه الله) في المبسوط: لا خلاف أن شهادة أهل الذمة لا تقبل على المسلم إلا ما يتفرد به أصحابنا في الوصية خاصة في حال السفر عند عدم المسلم (6) وقول الشيخ (رضي الله عنه) هنا يوهم اشتراط السفر.
1. القائل الشيخ في النهاية: 334. 2. الوسائل: 18 / 284، الباب 38 من أبواب الشهادات، الحديث 2. 3. النهاية: 334، باب شهادة من خالف الإسلام. 4. الفقيه: 3 / 29، رقم الحديث 19، الوسائل: 18 / 287، الباب 40 من أبواب الشهادات، الحديث 1. 5. الوسائل: 13 / 392، الباب 20 من أبواب الوصايا، الحديث 7. ويمكن حمل الرواية على الغالب. 6. المبسوط: 8 / 187. 245 6617. الثالث: لا يشترط عدم الفساق من المسلمين، فلو وجد فساق المسلمين وشهدوا، لم تقبل، ولو شهد أهل الذمة قبلت، ويشترط في أهل الذمة الصلاح في مذهبهم، لأن فاسق المسلمين غير مقبول، فالأولى منع فاسق غيرهم. 6618. الرابع: الأقرب إحلاف الشاهدين من أهل الذمة بعد العصر أنهما ما خانا ولا كتما، ولا اشتريا به ثمنا، ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين، على ما تضمنته الآية (1) ولم أقف فيه لعلمائنا على قول. 6619. الخامس: يثبت الإيمان بمعرفة الحاكم، أو قيام البينة، أو الإقرار. 6620. السادس: لا تقبل شهادة المخالف للحق من أي فرق الإسلام كان، سواء صار إلى ما اعتقده بشبهة أو لا، وإنما تقبل شهادة المؤمن خاصة. المطلب الرابع: العدالة وفيه ثلاثة عشر بحثا: 6621. الأول: العدالة شرط في قبول الشهادة، فلا تقبل شهادة الفاسق إجماعا، قال الله تعالى: (إن جائكم فاسق بنبا فتبينوا) (2). والعدالة كيفية راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى والمروة،
1. النساء: 106. 2. الحجرات: 6. 246 وتحصل بالامتناع عن الكبائر، وعن الإصرار على الصغائر أو الإكثار منها. (1) والمراد بالكبائر: كلما توعد الله تعالى عليه بالنار، كالزنا، والقتل، واللواط، وغصب الأموال المعصومة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، والربا، وقذف المحصنات المؤمنات. وأما الصغائر فإن داوم عليها، أو وقعت منه في أكثر الأحوال، ردت شهادته إجماعا، ولو وقعت منه ندرة قال الشيخ (رحمه الله) (2): لا يقدح في العدالة، لعدم الانفكاك منها إلا فيما يقل، فلو شرطنا عدمها أجمع، أفضى إلى أن لا تقبل شهادة أحد بالإطلاق، وذلك ضرر عظيم. ومنع ابن إدريس ذلك، والتجأ في التخلص عن الإلزام إلى التوبة التي يمكن فعلها لكل أحد في كل وقت. (3)
1. قال ثاني الشهيدين في المسالك: ... إنما الكلام في أن هل هي كلها كبائر، أم تنقسم إلى كبائر وصغائر؟ وقد اختلف الأصحاب وغيرهم في ذلك، فذهب جماعة منهم المفيد وابن البراج وأبو الصلاح وابن إدريس والطبرسي - بل نسبه في التفسير إلى أصحابنا مطلقا - إلى الأول، نظرا إلى اشتراكها في مخالفة أمره تعالى ونهيه، وجعلوا الوصف بالكبر والصغر إضافيا، فالقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا وكبيرة بالنسبة إلى النظر، وكذلك غصب الدرهم كبيرة بالنسبة إلى غصب اللقمة وصغيرة بالإضافة إلى غصب الدينار، وهكذا. وذهب المصنف (رضي الله عنه) وأكثر المتأخرين إلى الثاني، عملا بظاهر قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئآتكم) (النساء: 31) دل بمفهومه على أن اجتناب بعض الذنوب - وهي الكبائر - يكفر السيئات، وهو يقتضي كونها غير كبائر، وقال تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش) (النجم: 32) مدحهم على اجتناب الكبائر من غير أن يضايقهم في الصغائر، وفي الحديث: «ان الأعمال الصالحة تكفر الصغائر». مسالك الأفهام: 14 / 166 - 167. 2. المبسوط: 8 / 217. 3. السرائر: 2 / 118. 247 6622. الثاني: لا يقدح في العدالة ترك المندوبات أجمع وإن كان مصرا على تركها إلا أن يؤذن ذلك بالتهاون بالسنن. 6623. الثالث: المخالف من المؤمنين في الفروع لا ترد شهاداته إذا لم يخالف الإجماع، ولا يفسق وإن كان مخطئا في اجتهاده، وأما المخالف في شئ من أصول العقيدة، فإن شهادته ترد، وإن كان مسلما، سواء استند في ذلك إلى التقليد أو إلى الاجتهاد، وسواء خالف إجماع المسلمين وما علم ثبوته من الدين ضرورة أو لا. والمسائل الأصولية التي ترد الشهادة بمخالفتها كلما يتعلق بالتوحيد، وما يجوز عليه تعالى من الصفات، وما يستحيل عليه، والعدل، والنبوة، والإمامة. أما الصفات التي لا مدخل لها في العقيدة، مثل المعاني، والأحوال، والإثبات والنفي، وما شابه ذلك، من فروع علم الكلام، فلا ترد شهادة المخطئ فيها. 6624. الرابع: العدل هو الذي تعتدل أحواله في دينه وأفعاله، أما الدين فأن لا يرتكب كبيرة ولا يصر على صغيرة، ولا يخل بشئ (1) من الواجبات، ولا يترك جميع المندوبات، بحيث يعلم منه التهاون بالسنن. وأما الأفعال فيجتنب الأمور الدنية، كالأكل في السوق للفقيه دائما مع عدم المبالاة، وكشف ما جرت العادة بتغطيته من بدنه، والاستهزاء به، بحيث يضحك الناس، أو يحدث الناس بمباضعة أهله ونحو ذلك، مما يدل على رذيلة ودناءة.
1. في «ب»: لشئ. 248 وأما الصنائع فلا يرد أحد من أربابها وإن كانت مكروهة أو دنية، كالحياكة، والحجامة، ولو بلغت في الدناءة كالزبال والوقاد، مع الوثوق بتقواه، ولو كانت الصنعة محرمة ردت شهادته، كصانع المزمار والطنبور. 6625. الخامس: القاذف إن كان زوجا فبين قذفه بالشهود، أو اللعان، أو الإقرار، أو كان أجنبيا فبينه بالبينة أو الإقرار، لم يتعلق بقذفه فسق ولا حد ولا رد شهادة، وإن لم يبين وجب الحد، وحكم بفسقه، وردت شهادته. ولو تاب القاذف لم يسقط الحد، وزال الفسق إجماعا، وقبلت شهادته، سواء جلد أو لم يجلد. وحد التوبة أن يكذب نفسه إن كان كاذبا بمحضر من الناس، ويخطئ نفسه إن كان صادقا، وقيل: يكذب نفسه مطلقا، ثم إن كان صادقا ورى باطنا (1) والأول أقرب، والثاني مروي (2) وإن كان ليس بعيدا من الصواب، لأنه تعالى سمى القاذف كاذبا إذا لم يأت بأربعة شهداء على الإطلاق (3)، لأنه كذب في حكم الله وإن كان صادقا. والأقرب الاكتفاء بالتوبة وعدم اشتراط إصلاح العمل، لقوله (عليه السلام): التوبة تجب ما قبلها (4) والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. (5) ولأن المغفرة تحصل
1. لاحظ: النهاية: 326; إصباح الشيعة: 529; غنية النزوع: 440. 2. الوسائل: 18 / 282 - 283، الباب 36 و 37 من أبواب الشهادات. 3. النور: 13. 4. مستدرك الوسائل: 12 / 129، الباب 86 من أبواب جهاد النفس، الحديث 12، ونقله ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة: 13 / 6 والشيخ في الخلاف: 5 / 469، المسألة 13 من كتاب قطاع الطريق. 5. الكافي: 2 / 435، كتاب الإيمان والكفر، باب التوبة، الحديث 9 (عن أبي جعفر (عليه السلام)). 249 بالتوبة، والإصلاح المعطوف على التوبة (1) يحتمل أن يكون المراد به التوبة، وعطف لتغاير اللفظين. والقاذف في الشتم ترد شهادته وروايته حتى يتوب. والشاهد بالزنا إذا لم يكمل البينة يحد، ولا تقبل روايته وشهادته، ويفسق حتى يتوب، بأن يقول: ندمت على ما كان مني، ولا أعود إلى ما اتهم فيه. والتوبة إن كانت عن معصية لا توجب عليه حقا، كشرب خمر، وكذب وزنا، فالتوبة منه الندم والعزم على أن لا يعود، وقيل: لا يشترط الثاني وإن أوجبت حقا لله تعالى أو لآدمي، كمنع الزكاة وغصب المال، فالتوبة منه بما تقدم وأداء لحق، أو مثله، أو قيمته مع العجز، فإن عجز عن ذلك نوى رده متى قدر عليه، وان كان عليه حق قصاص أو قذف، اشترط في التوبة تمكين نفسه ليصل المستحق إلى حقه، وإن كان عليه حد الله كزنا أو شرب مسكر، فالندم والعزم على ترك العود كافيان في التوبة ولا يشترط الإقرار به ولا تمكين نفسه للإمام، بل ينبغي ستره وترك الإقرار به، سواء اشتهر ذلك عنه أو لا. وإن كان مبتدعا، فتوبته الاعتراف بالبدعة، والرجوع عنها، واعتقاد ضد ما كان يعتقد منها. 6626. السادس: اللعب بآلات القمار كلها حرام، كالنرد، والشطرنج، والأربعة عشر، وغير ذلك، يفسق فاعله، وترد شهادته، إلا أن يتوب، سواء قصد الحذق، أو اللهو، أو القمار، وهو المشتمل على العوض، وسواء اعتقد تحريمه أو لا.
1. النور: 5. 250 6627. السابع: العود، والزمر، والصنج، والطنبور، والمعزفة، والرباب، والقضيب وغير ذلك من جميع آلات اللهو، حرام يفسق فاعله ومستمعه، أما الدف فيكره في الإملاك (1) والختان خاصة، ويحرم في غيرهما. 6628. الثامن: شارب المسكر ترد شهادته، ويفسق، سواء كان خمرا أو نبيذا، أو بتعا أو فضخا، وكذا الفقاع والعصير إذا غلى من نفسه أو بالنار، وإن لم يسكر، إلا أن يذهب ثلثاه، ويبقى ثلثه، وسواء شرب قليلا من ذلك كله أو كثيرا، مقتعدا للتحريم أو لا، ولا يحرم غير العصير من التمر أو البسر ما لم يسكر، ويجوز اتخاذ الخمر للتخليل. 6629. التاسع: الغناء حرام، وهو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، يفسق فاعله، وترد شهادته به، سواء كان في شعر أو قرآن، وكذا مستمعه، سواء اعتقد إباحته أو تحريمه. ولا بأس بالحداء، وهو الإنشاد الذي تساق به الإبل، يجوز فعله واستماعه، وكذا نشيد الأعراب وساير أنواع الإنشاد ما لم يخرج إلى حد الغناء. 6630. العاشر: الشعر الكذب حرام، وكذا هجاء المؤمنين، والتشبيب بامرأة معروفة غير محللة، يفسق فاعله به، وترد شهادته، ولا بأس بما عدا ذلك، لكن يكره الإكثار فيه. 6631. الحادي عشر: الحسد حرام، وكذا بغضة المؤمن، والتظاهر بذلك قادح في العدالة. 6632. الثاني عشر: لبس الحرير المحض للرجال حرام في غير الحرب، ترد
1. في مجمع البحرين: الملاك، بكسر الميم والإملاك: التزويج وعقد النكاح. 251 به الشهادة ولا بأس بالافتراش له على إشكال، وكذا لبس كل محرم كالتختم بالذهب، والتحلي به للرجال. 6633. الثالث عشر: يجوز اتخاذ الحمام للأنس بها والاستفراخ وحمل الكتب، ويكره للتطيير والفرجة، والرهان عليها قمار، يفسق فاعله. وأما المسابقة المشروعة بالخيل وغيرها من الحيوانات المشروع فيها عقد الرهان، فإنها جائزة، وكذا المناضلة بالنشاب والحراب (1) والسيوف. المطلب الخامس: انتفاء التهمة وفيه ستة مباحث: 6634. الأول: كل من يجر بشهادته نفعا أو يستدفع بها ضررا ترد شهادته تلك وإن كان عدلا، فلو شهد على من جرح مورثه ردت شهادته، لأن بدل الجرح وهو المال، يحصل له بالإرث، والجرح سبب للموت المفضي إلى الإرث. أما لو شهد في مرض موت مورثه له بمال، أو شهد لمورثه المجروح بمال، قبلت شهادته. ولو شهد اثنان من العاقلة بجرح شهود قتل الخطأ، ردت شهادتهما وإن كانا فقيرين أو بعيدين، لاحتمال يسارهما وموت من هو أقرب منهما، مع احتمال القبول منهما (2).
1. في مجمع البحرين: الحربة كالرمح تجمع على حراب. 2. في «أ» «فيهما». قال الشيخ في المبسوط: 8 / 218: والدافع عن نفسه هو أن تقدم البينة على رجل بقتل الخطأ، فشهد اثنان من عاقلة الجاني، فجرح الشهود فلا تقبل الشهادة. 252 ولو خلف اثنين، فشهد أحدهما على الآخر بألف درهم دين على المورث، قبلت هذه الشهادة، لأنه لا يجب عند الانفراد بالإقرار إلا حصة المقر، فلا يستدفع بهذه الشهادة ضررا. ولو شهد الرجلان بوصيته لهما من تركته، فشهد الشاهدان أيضا بوصيته فيها، قبلت الشهادات. ولو شهد بعض الرفقاء لبعض على قاطع الطريق، لم تقبل، للتهمة، ولو قالوا: عرضوا لنا وأخذوا أولئك، سمعت. ولو شهد غرماء المفلس أو الميت لهما بدين أو عين، لم تسمع شهادتهم، وتقبل لو شهدوا لغريم حي غير مجحور عليه، وإن كان معسرا. ولا تقبل شهادة الشفيع ببيع شقص له فيه شفعة (1) ولا شهادة السيد لعبده المأذون له في التجارة، ولا لمكاتبه، ولا شهادة أحد الشفيعين على الآخر بإسقاط شفعته (2) إن جوزنا الشفعة مع الكثرة، ولا شهادة بعض غرماء المفلس على بعضهم بإسقاط دينه واستيفائه. ولا تقبل شهادة الشريك (لشريكه) (2) فيما هو شريك فيه، ولا شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، ولا شهادة الوكيل لموكله، ولا شهادة الوكيل والوصي بجرح شهود المدعي على الموكل أو الموصي. وتقبل شهادة الشريك لشريكه فيما ليس شريكا فيه، وكذا الوكيل لموكله
1. في «ب»: الشفعة. 2. في «أ»: باسقاطه شفعته. 3. ما بين القوسين يوجد في «ب». 253 فيما ليس وكيلا فيه، والوارث بالجرح بعد الاندمال، وشهادة أحد الشفيعين على الآخر بإسقاط شفعته بعد أن أسقط الشاهد شفعته، ونحو ذلك مما تنتفي فيه التهمة. 6635. الثاني: العداوة الدينية لا تمنع قبول الشهادة على عدوه، فإن المسلم يشهد على الكافر، أما الدنيوية فإنها تمنع القبول، سواء تضمنت الفسق أو لا، وسواء كانت العداوة ظاهرة موروثة أو مكتسبة. وتتحقق العداوة: بأن يعلم أن كل واحد منهما يفرح بمساءة صاحبه ويغم بمسرته، ويبغي الشر له، وهذا القدر لا يوجب فسقا، وترد به الشهادة، أو يقع بينهما تقاذف، ولو عرف ذلك من أحدهما، ردت شهادته خاصة. ولو شهد على رجل بحق فقذفه المشهود عليه، لم ترد شهادته بذلك. وتقبل شهادة العدو لعدوه، لانتفاء التهمة. 6636. الثالث: النسب وإن قرب لا يمنع قبول الشهادة، فتقبل شهادة الأب لولده وعليه، والولد لوالده، والأخ لأخيه وعليه. ولا تقبل شهادة الولد على والده على الأشهر، سواء شهد بمال أو بحق متعلق ببدنه، كالقصاص والحد. ولا فرق بين الأب الأدنى والأبعد على إشكال. وتقبل شهادة الأب من الرضاعة لابنه وبالعكس (وشهادته عليه وبالعكس) (1).
1. ما بين القوسين يوجد في «أ». 254 وتقبل شهادة كل من الزوجين لصاحبه، لكن شرط أصحابنا (1) في قبول شهادة الزوجة لزوجها انضمامها إلى غيرها من أهل العدالة، وشرط آخرون (2) ذلك في الزوج أيضا وليس بجيد، وتظهر الفائدة فيما تقبل فيه شهادة الواحد مع اليمين وشهادة المرأة في الوصية. وتقبل شهادة الصديق لصديقه، وإن تأكدت الصحبة والملاطفة، وتقبل شهادة الأخ لأخيه وإن كان منقطعا إليه في صلته وبره. 6637. الرابع: ترد شهادة السائل في كفه، لأنه يسخط إذا منع، إذا كان معتادا، ولو وقع منه ذلك ندرة للحاجة لم يمنع قبول الشهادة. ولا تقبل شهادة الطفيلي، وهو الذي يأتي طعام الناس من غير دعوة، ولو لم يتكرر ذلك منه قبلت شهادته، ومن سأل من غير أن تحل له المسألة ردت شهادته. وتقبل شهادة من يأخذ الصدقة إذا كان من أهلها، ولو لم يكن من أهلها ردت شهادته. 6638. الخامس: تقبل شهادة البدوي على من هو من أهل القرية، سواء في ذلك الجراح وغيره. وتقبل شهادة أهل القرى على أهل البادية مع اجتماع الشرائط. وتقبل شهادة الأجير والضيف وإن حصل لهما ميل إلى
1. ومنهم المحقق في الشرائع: 4 / 130. 2. ومنهم الشيخ الطوسي في النهاية: 330. 255 المستأجر والمضيف، لأن العدالة تمنع من إقدامهما على الباطل. 6639. السادس: التبرع بالشهادة قبل سؤال الحاكم، يقتضي التهمة، فلا تقبل شهادته، سواء شهد قبل الدعوى، أو بعدها قبل الاستشهاد، نعم هذا الرد لا يقتضي الفسق، هذا في حقوق الناس، أما في حقه تعالى، أو الشهادة للمصالح العامة، كالوقف على القناطر وشبهه، فالأقرب أن التبرع لا يمنع الشهادة، إذ لا مدعي لها. ولو اختفى الشاهد في زاوية أو من جدار حتى ينطق المشهود عليه مسترسلا، فشهد عليه سمعت شهادته، ولا يحمل ذلك على جرحه على الشهادة، لأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك. المطلب السادس: طهارة المولد يشترط في الشاهد طهارة المولد عند أكثر علمائنا، فلا تقبل شهادة ولد الزنا، وقال الشيخ (رحمه الله): تقبل شهادته في الشئ اليسير مع تمسكه بالصلاح، (1) وليس بجيد، ولو جهل حاله قبلت شهادته وإن قذفه بعض الناس بذلك.
1. النهاية: 326. 256 الفصل الثاني: فيما ظن أنه شرط وليس كذلك وفيه أحد عشر بحثا: 6640. الأول: الحرية ليست شرطا مطلقا، فتقبل شهادة المملوك لسيده ولغير سيده وعلى غير سيده، ولا تقبل شهادته على سيده، وقيل: بالمنع مطلقا اختاره ابن الجنيد، وقيل: تقبل مطلقا (1) والأظهر ما قلناه، ولو أعتق قبلت شهادته مطلقا. 6641. الثاني: حكم المدبر والمكاتب المطلق الذي لم يؤد شيئا والمشروط مطلقا وأم الولد حكم القن. أما المطلق إذا أدى من مال الكتابة شيئا، فقد قال الشيخ (رحمه الله): تقبل على مولاه بقدر ما تحرر منه (2) والأجود المنع. 6642. الثالث: لا فرق في قبول شهادة العبد بين الحد والقصاص وغيرهما، بل قوله مقبول في الجميع إذا جمع شرائط القبول. والأمة كالحرة، تقبل شهادتها فيما فيه تقبل فيه شهادة النساء، إلا على سيدها. 6643. الرابع: لو أشهد السيد عبدين له على أن حمل الأمة منه، ثم مات،
1. ذهب إليه يحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع: 540. 2. النهاية: 331. 257 فشهدا بذلك، فردت شهادتهما، وحاز الميراث غيره، ثم أعتقهما فأعادا الشهادة، قبلت ورجعا في الرق، فإن شهدا أولا بأن مولاهما كان قد أعتقهما، كره للولد تملكهما، لأنهما أحيا حقه. 6644. الخامس: تقبل شهادة الأعمى فيما لا يحتاج فيه إلى المشاهدة، كالإقرار والبيع وغيره من العقود إذا عرف صوت المتلفظ معرفة لا يعتريه فيها شك، أو عرفه عنده عدلان. ولو تحمل الشهادة وهو بصير ثم عمي جاز أن يشهد، وقبلت شهادته إذا عرف المشهود عليه باسمه ونسبه، أو عرفه عنده عدلان. ولو شهد عند الحاكم ثم عمي، قبل الحكم، حكم الحاكم بشهادته، ولا تقبل شهادته فيما يفتقر فيه إلى الرؤية، كالزنا، إلا أن يشهد قبل العمى ثم يقيم الشهادة بعد العمى، فإنها تقبل. ولو شهد على من لا يعرفه قبل عماه فمسكه بيده، ثم عمي، جاز أن يشهد على المقبوض بعينه قطعا. وتقبل شهادة الأعمى إذا ترجم للحاكم عبارة من يقر عند الحاكم. 6645. السادس: تقبل شهادة الأخرس تحملا وأداء إذا عرف الحاكم من إشارته ما يشهد به، فإن جهلها الحاكم اعتمد على مترجمين ممن يعرف إشارته، ولا يكفي الواحد، ولا يكون المترجمان شاهدي فرع على شهادة الأخرس، بل يثبت الحكم بشهادة الأخرس أصلا لا بشهادة المترجمين فرعا. ولو شهد الناطق بالايماء والإشارة من غير عذر لم تقبل. 6646. السابع: تقبل شهادة الأصم وقد روي أنه يؤخذ بأول قوله، ولا
258 يؤخذ بثانيه. (1) وكذا تقبل شهادة ذوي الآفات والعاهات في الخلق إذا كانوا من أهل العدالة. 6647. الثامن: لا يشترط في الشهادة أمر المشهود عليه بها، فلو سمع الشاهد [إقرار] المقر، شهد عليه وإن لم يأمره بالشهادة عليه، ولا فرق في ذلك بين الأقوال والأفعال. ولو حضر الشاهدان حسابا، وشرط المتحاسبان عليهما أن لا يحفظا عليهما، كان للشاهدين أن يشهدا بما سمعا. وتقبل شهادة المستخفي إذا كان عدلا، وهو الذي يخفي نفسه عن المشهود عليه ليسمع إقراره، ولا يعلم به، سواء كان المشهود عليه ضعيفا أو لا. 6648. التاسع: من فعل شيئا من الفروع مختلفا فيه معتقدا إباحته لم ترد شهادته، سواء وافقه الحاكم في ذلك الاعتقاد أو لا، ولو فعل ما اجتمعت إلامامية على تحريمه، أو ترك ما أوجبت الإمامية فعله، لم تقبل شهادته وإن وافق غيرهم من المسلمين. وإن فعل الفرع المختلف فيه بين الإمامية معتقدا تحريمه، ردت شهادته وإن اعتقد الحاكم إباحته. 6649. العاشر: لا يشترط في الشاهد استجماع شرائط الشهادة وقت التحمل، فلو شهد الصغير أو الكافر أو الفاسق المتظاهر بفسقه على شئ، ثم زال المانع، وأقاموا تلك الشهادة، قبلت. ولو أقام الصبي أو الكافر الشهادة فردت، ثم أعادها بعد الكمال قبلت،
1. الوسائل: 18 / 296، الباب 42 من أبواب الشهادات، الحديث 3. 259 وكذا الفاسق إذا أقام بالشهادة حال فسقه المعلن به، ثم تاب وأعاد الشهادة، سمعت. أما الفاسق المستتر بفسقه إذا أقام الشهادة فردت، ثم تاب وأعادها، فالأقرب أيضا القبول وإن احتمل العدم بسبب التهمة الحاصلة من شاهد حاله، وهو إرادة إصلاح ظاهره. ولو تاب المشهور بالفسق لتقبل شهادته، فالأقرب عدم القبول حتى يستمر حاله على الصلاح، وقال الشيخ (رحمه الله) يجوز أن يقول: تب أقبل شهادتك (1) وارتضاه ابن إدريس (2). ولو أقام العبد الشهادة على مولاه فردت، ثم أعتق فأعادها، قبلت، وكذا لو شهد الولد على والده فردت، ثم أقامها بعد موت الأب قبلت، ولا بد في القبول من إعادة الشهادة، ولا تكفي الإقامة أولا، لأنها مردودة. ولو شهد السيد لمكاتبه أو الوارث لمورثه بالجرح قبل الاندمال، فردت شهادته، ثم أعتق المكاتب واندمل الجرح، وأعاد تلك الشهادة، قبلت، وكذا كل شهادة مردودة للتهمة أو لعدم الأهلية إذا أعيدت بعد زوال التهمة أو حصول الأهلية. 6650. الحادي عشر: تقبل شهادة الوصي على من هو وصي عليه، وكذا شهادته له فيما لا ولاية له عليه فيه ولا تصرف، ولا يجر بشهادته نفعا، مثل أن يبقى المال للثلث الموصى به له بسبب شهادة الوصي.
1. المبسوط: 8 / 179، قال: ويجوز للإمام عندنا أن يقول: تب أقبل شهادتك. 2. السرائر: 2 / 117. 260 وتقبل شهادته مع اليمين فيما تقبل فيه شهادة الواحد واليمين وقال الشيخ (رحمه الله): تقبل شهادة الوصي على من هو وصي له، غير أن ما يشهد به عليه يحتاج أن يكون معه غيره من أهل العدالة، ثم يحلف الخصم على ما يدعيه، وما يشهد له مع غيره من أهل العدالة لا يجب مع ذلك يمين. (1) فإن قصد (رحمه الله) اشتراط الشاهد الآخر عينا، فهو ممنوع، وإن قصد اشتراطه لا عينا بل ما يقوم اليمين مقامه فهو جيد، وأما الإحلاف إذا شهد على الموصي فلأنها شهادة على الميت. الفصل الثالث: في مستند الشهادة وفيه أحد عشر بحثا: 6651. الأول: لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا مع العلم قال الله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (2) وسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الشهادة فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد أو دع (2). ثم الشهادة إما على فعل أو قول، فالأول يفتقر فيه إلى حاسة الإبصار، والثاني إليها وإلى حاسة السمع.
1. النهاية: 326. 2. الإسراء: 36. 3. الوسائل: 18 / 251، الباب 20 من أبواب الشهادات، الحديث 3، وعوالي اللآلي: 3 / 528، ومستدرك الوسائل: 17 / 422، الباب 15 من أبواب كتاب الشهادات، الحديث 2. 261 ولو تحقق الأعمى استناد القول إلى شخص معين، وعلم ذلك يقينا، كفت حاسة السمع، وقبلت شهادته. وتقبل شهادة الأصم على الأفعال، كالغصب، والسرقة، والقتل، والرضاع، والولادة، والزنا، واللواط، ومن لا يعرف نسبه فلا بد من الشهادة على عينه، فإن مات أحضر مجلس الحكم، فإن دفن لم ينبش، وقد تعذرت الشهادة عليه. 6652. الثاني: لو شهد على من لا يعرفه، لم يجز له التحمل على النسب، بل يشهد على تلك العين، ولو شهد عنده عدلان بالنسب، شهد عليه مستندا إلى شهادة المعرفين بالتعريف، فيقول: أشهد على فلان بتعريف فلان وفلان، ولا يكون في الإقرار شاهد فرع. 6653. الثالث: النكاح، والبيع، والشراء، والصلح، والإجارة، وغيرها من العقود يفتقر إلى حاسة السمع لفهم اللفظ، وإلى البصر لمعرفة اللافظ، إلا أن يعلم استناد الصوت إلى شخص معين يعرفه قطعا. 6654. الرابع: يكفي في النسب، والموت، والملك المطلق، والوقف، والنكاح، والولاية، والولاء، والعتق، الاستفاضة بين الناس، فإذا اشتهر بين الناس أن هذا هو ابن فلان، شهد بذلك لأن ثبوت النسب إنما هو من جهة الظاهر وكذلك الموت، لتعذر مشاهدة الميت في أكثر الأوقات للشهود، وكذلك الملك المطلق، إذا سمع من الناس أن هذه الدار لفلان شهد بذلك، فإن الملك المطلق لا يمكن الشهادة عليه بالقطع، والوقف لو لم يسمع فيه الاستفاضة لبطلت الوقوف على تطاول الأزمنة، لتعذر بقاء الشهود. والشهادة الثالثة عندنا لا تسمع، وهي تزاد للتأييد.
262 والنكاح يثبت بالاستفاضة فإنا نعلم أن خديجة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما نقضي بأنها أم فاطمة (عليها السلام). والتواتر هنا بعيد، لأن شرطه استواء الطرفين (1) والواسطة والطبقات الوسطى، والمتصلة بنا وإن بلغت التواتر، لكن الأولى غير متواتر، لأن شرط التواتر الاستناد إلى الحس، والظاهر أن المخبرين أولا لم يخبروا عن المشاهدة، بل عن السماع، وإذا اشتهر بين الناس أن الإمام ولى قاضيا بلدا ثبتت ولايته. 6655. الخامس: الأقرب اشتراط إخبار جماعة يثمر قولهم العلم فيما يكفي فيه الاستفاضة، ولا يكفي شاهدان عدلان، وقال الشيخ (رحمه الله): يكفي فيه ذلك، (2) فلو شهد عدلان بالنسب أو بما تقدم صار السامع متحملا وشاهد أصل لا شاهد على شهادتهما، لأن ثمرة الاستفاضة الظن، وهو يحصل بهما، قال (رحمه الله): ولو سمعه يقول: عن الكبير: هذا ابني، وهو ساكت مع سماع الولد، أو سمعه يقول: هذا أبي وسكت الأب مع سماعه، شهد بالنسب، لأن سكوته يدل على الرضا (3) وفيه نظر. 6656. السادس: الشاهد بالاستفاضة لا يشهد بالسبب إلا أن يكون مما يثبت بالاستفاضة، فلو سمع مستفيضا أن هذا ملك زيد ورثه عن أبيه الميت، شهد
1. إشارة إلى ما ذكروه في علم الدراية في شروط التواتر منها: استواء الطرفين والوسط، بمعنى أن يبلغ كل واحد من الطبقات حد الكثرة بحيث يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب وذلك فيما لو حصل هناك أكثر من طبقة. لاحظ المستصفى: 1 / 134، القوانين: 1 / 424. 2. المبسوط: 8 / 180. 3. المبسوط: 8 / 180 - 181. 263 بالملك وسببه، ولو سمع مستفيضا أن هذا الملك لزيد اشتراه عن عمرو، شهد بالملك لا بالبيع، وكذا لا يشهد بالهبة، والاستغنام، والاستئجار بالإفاضة. ولو شهد بالملك والبيع، مستندا إلى الاستفاضة، سمع قوله في الملك خاصة دون السبب. 6657. السابع: يكفي في الشهادة بالملك الاستفاضة مجردة عن مشاهدة التصرف وبالعكس، فلو شاهد إنسانا يتصرف في الملك بالبناء والهدم من غير معارض، جاز له أن يشهد بالملك مستندا إلى التصرف مطلقا، وكذا لو شاهد الدار في يد، جار له أن يشهد باليد قطعا، والأقرب جواز الشهادة له بالملك أيضا، لأن اليد قاضية بذلك. وقيل: (1) ليس له ذلك، وإلا لم تسمع دعوى [من يقول:] الدار التي في يد هذا لي، كما لا تسمع [لو قال:] ملك هذا لي. وليس بجيد، لأن دلالة اليد ظاهرة، ويجوز الصرف عن الظاهر، ولأنا نسمع قوله: «الدار التي في تصرف هذا لي» مع الحكم بالملكية هناك. 6658. الثامن: لو كان لواحد يد ولآخر سماع مستفيض، رجحت اليد، لأن السماع قد يحتمل إضافة الاختصاص المطلق المحتمل للملك وغيره، فلا تزال اليد المعلومة بالمحتمل. 6659. التاسع: نعني بالتصرف القاضي بالملكية تصرف الملاك، كالبناء، والهدم، والبيع، والرهن، أما مجرد الإجارة وإن تكررت ففيه احتمال،
1. القائل هو المحقق في الشرائع: 4 / 134، وصححنا العبارة على وفق الشرائع. 264 إذ قد يصدر من المستأجر مدة طويلة، مع أن الأقرب الشهادة بالملكية. والإعسار تجوز الشهادة به مع الخبرة بالباطن وشهادة القرائن، كالصبر على الضر والجوع في الخلوة. وتقبل شهادة الأعمى مستندا إلى الاستفاضة فيما يثبت فيه الاستفاضة. 6660. العاشر: لو شهد عدلان أن فلانا مات، وخلف من الورثة فلانا وفلانا، لا نعلم له وارثا غيرهما، قبلت شهادتهما وإن لم يبينا أنه لا وارث له سواهما، لعدم الاطلاع عليه، فيكفي فيه الظاهر، مع اعتضاده بالأصل، هذا إن كانا من أهل الخبرة الباطنة، وإن لم يكونا من أهل الخبرة الباطنة، بحث الحاكم عن وارث آخر، فإن لم يظهر، سلم التركة إليهما بعد الاستظهار بالتضمين (1). ولو قالا: لا نعلم له وارثا بهذه البلدة، أو بأرض كذا، لم تقبل، مع احتمال القبول. 6661. أحد عشر: لا يجوز أن يشهد إلا مع الذكر وإن وجد خطه مكتوبا وعلم عدم التزوير (عليه) (2) وإن كان خطه محفوظا عنده، وسواء أقام غيره من العدول الشهادة أو لم يقم، خلافا لبعض علمائنا، حيث جوز إقامة الشهادة بما يجده بخطه مكتوبا إذا أقام غيره الشهادة. (3)
1. في «ب»: بالضمين. 2. ما بين القوسين يوجد في «أ». 3. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 329 - 330. 265 الفصل الرابع: في تفصيل الحقوق وفيه خمسة مباحث: 6662. الأول: الحقوق قسمان: أحدهما حق الله تعالى، والآخر حق لآدمي. أما حق الله تعالى، فمنه الزنا، ولا يثبت إلا بأربعة رجال، أو بثلاثة رجال وامرأتين، أو برجلين وأربع نساء، لكن الأخير يجب به الجلد لا الرجم، ويجب بالأولين الحدان معا، وإن شهد رجل وست نساء أو أكثر لم تقبل، ووجب جلد القاذف عليهم، وكذا لو شهد ما دون الأربعة منفردين عن النساء، أو شهد النساء، فإنه لا يثبت، ويجب حد القذف على الشهود. ومنه اللواط والسحق، وإنما يثبت كل منهما بأربعة رجال خاصة، فلو شهد ما دون الأربعة، حدوا للفرية، ولا تقبل فيه شهادة النساء وإن كثرن وإن ضممن إلى الرجال مطلقا، بخلاف الزنا. وأما إتيان البهائم فالأقرب ثبوته بشاهدين رجلين، ولا يثبت بشهادة النساء منفردين ولا منضمين. وأما باقي حقوق الله تعالى، كالسرقة، وشرب الخمر، والردة، فلا يثبت إلا بشاهدين، ولا يثبت بشاهد وامرأتين، ولا بشاهد ويمين، ولا بشهادة النساء وإن كثرن.
266 وفي إلحاق الإقرار بالزنا بغيره من الإقرارات بالحقوق في قبول الشاهدين فيه أو بالأصل في اشتراط الأربعة فيه، خلاف، والأقرب الأول، وعلى القولين فلا تقبل فيه شهادة رجل وامرأتين. 6663. الثاني: حقوق الآدمي ثلاثة: منها ما لا يثبت إلا بشاهدين، وهو الطلاق، والخلع، والوكالة، والوصية إليه، والنسب، ورؤية الأهلة، والرجعة، والجناية الموجبة للقود، والعتق، والنكاح، والقصاص، والبلوغ، والولاء، والعدة، والجرح والتعديل، والعفو عن القصاص، وبالجملة كل ما لا يكون مالا ولا المقصود منه المال، ويطلع عليه الرجال. ويمكن القول بثبوت النكاح، والعتق، والقصاص، بشاهدين، وشاهد وامرأتين. ومنها ما يثبت بشاهدين، وشاهد وامرأتين، وشاهد ويمين، وهو الديون، والأموال، كالقرض، والقراض، والغصب، وحقوق الأموال، كالأجل، والخيار، والشفعة، والإجارة، وقتل الخطأ، وكل جرح لا يوجب إلا المال، كالمأمومة، والجائفة، وكل عمد لا يوجب القصاص، كقتل السيد العبد، والمسلم الكافر، والاب ولده، وكل عقود المعاوضات، كالبيع، والسلم، والصلح، والإجارات، والمساقاة، والرهن، والوصية له، وكذا فسخ العقود، وقبض نجوم الكتابة، إلا النجم الأخير، لترتب العتق عليه، فإن أجزنا في العتق شاهدا وامرأتين قبل، وإلا فلا. ولو شهد على السرقة رجل وامرأتان يثبت المال دون العقوبة.
267 ولو شهد بالنكاح رجل وامرأتان، فإن قبلنا (1) فيه شهادة الواحد والمرأتين، فلا بحث، وإلا ثبت المهر دون النكاح، وفي الوقف إشكال، والأقرب ثبوته بشاهدين، وشاهد وامرأتين، وشاهد ويمين. ومنها ما يثبت بالرجال والنساء منفردات ومنضمات، وهو الولادة، والاستهلال، وعيوب النساء الباطنة، والأقرب قبول شهادة النساء منفردات في الرضاع، وإن كان الأكثر قد منع من قبولها. 6664. الثالث: تقبل شهادة امرأتين مع رجل في الديون والأموال، وشهادة امرأتين مع اليمين، ولا تقبل فيه شهادة النساء وإن كثرن، إلا مع رجل أو يمين. وتقبل شهادة المرأة الواحدة في ربع ميراث المستهل، وفي ربع الوصية، وشهادة امرأتين في النصف وثلث في ثلاثة أرباع وأربع في الجميع، ولا تفتقر في الواحدة إلى يمين، لثبوت الربع، ولا في الاثنتين، لثبوت النصف، ولو طلب الموصى له الجميع، وأقام امرأتين، جاز له أن يحلف، ويأخذ الجميع، وإن لم يحلف ثبت له النصف. وكل موضع تقبل فيه شهادة النساء، لا تثبت بأقل من أربع، وقال المفيد (رحمه الله) تقبل شهادة امرأتين مسلمتين مستورتين فيما لا يراه الرجال، كالعذرة، وعيوب النساء، والنفاس، والحيض، والولادة، والاستهلال، والرضاع، وإذا لم يوجد على ذلك إلا شهادة امرأة واحدة مأمونة قبلت شهادتها فيه (2).
1. في «ب»: فإن قلنا. 2. المقنعة: 727. 268 ويشترط فيهن ما يشترط في الرجال من العدالة وغيرها مما سبق. ولو شهد أربعة بالزنا قبلا، فشهد أربع نساء بالبكارة، درئ عنها الحد، وفي حد الشهود قولان، أقربهما السقوط. 6665. الرابع: ليست الشهادة شرطا في شئ، فلو تعاقدا عقدا ولا شاهد فيه، صح سواء كان نكاحا أو غيره، إلا في الطلاق، فلا يقع إلا مع شهادة عدلين. وتستحب الشهادة في النكاح، والرجعة، والبيع. 6666. الخامس: الأقرب وجوب التحمل للشهادة على من له أهلية الشهادة، وقيل: لا يجب (1)، والأول مروي (2). ولا يجب على الأعيان قطعا، بل على الكفاية، فإن قام به غيره، سقط عنه بشرط أن يكون ذلك الغير ممن يقوم به الحجة، وإن لم يقم به غيره، تعين عليه. وأما الأداء، فإنه كالتحمل في وجوبه على الكفاية إجماعا، فإن قام غيره، سقط عنه، وإلا تعين عليه الأداء، إلا أن تكون الشهادة مضرة ضررا غير مستحق، فلا يجب عليه الأداء (وإن لم يكن غيره. ومن علم شيئا من الأشياء ولم يكن قد أشهد عليه، ثم دعي إلى أن يشهد، فالواجب عليه الأداء على الكفاية) (3). ولو عدم الشهود إلا اثنان تعين عليهما وجوب التحمل ووجوب الأداء، إلا
1. القائل هو ابن إدريس في السرائر: 2 / 125 - 126. 2. الوسائل: 18 / 225، الباب 1 من أبواب الشهادات. 3. ما بين القوسين سقط من نسخة «أ». 269 أن تكون الشهادة مضرة بهما ضررا غير مستحق فلا يجب عليهما التحمل، ولو تحملا حالة انتفاء الضرر، ثم خافا من الأداء، سقط الأداء عنهما. وقد روي: أنه يكره للمؤمن أن يشهد لمخالف له في الاعتقاد، لئلا يلزمه الإقامة، فربما ردت شهادته، فيكون قد أذل نفسه (1). الفصل الخامس: في اللواحق وفيه ستة وعشرون بحثا: 6667. الأول: إذا حكم الحاكم ثم ظهر في الشهود ما يمنع القبول، فإن كان متجددا بعد الحكم، لم يقدح، وإن كان سابقا على إقامة الشهادة، وخفي على الحاكم، نقض الحكم. 6668. الثاني: لو شهدا ولم يحكم، ثم ماتا قبل الحكم، حكم بشهادتهما، وكذا لو شهدا ولم يزكيا ثم ماتا قبل التزكية، زكيا بعد الموت وحكم. ولو شهدا ثم فسقا قبل الحكم، حكم بشهادتهما، لأن المعتبر العدالة عند الإقامة، وكذا لو كفرا. ولو كان حقا لله تعالى كحد الزنا، لم يحكم، لبنائه على التخفيف، والأقرب في حد القذف والقصاص الحكم لتعلق حق الآدمي به، أما السرقة فيحكم بالمال دون القطع، ولو حدث ذلك بعد الحكم لم ينقض.
1. وما ذكره نص عبارة الشيخ في النهاية: 329، ولم نعثر على الرواية في الجوامع الحديثية. 270 ولو كان حدا لله تعالى، وحكم وتجدد الفسق قبل الاستيفاء، لم يستوف، وإن كان مالا استوفى. ولو شهدا ثم جنا، أو عميا فيما يشترط فيه البصر، حكم بشهادتهما، كما لو ماتا، سواء كان المشهود به حدا أو غيره. 6669. الثالث: لو شهدا لمن يرثانه، فمات قبل الحكم، فانتقل المشهود به إليهما، لم يحكم بشهادتهما. 6670. الرابع: لو حكم الحاكم بشهادة الشاهدين، فقامت بينة بالجرح مطلقا (1) لم ينقض الحكم، لإمكان تجدد الفسق بعد الحكم، ولو شهدا به موقتا، وكان متأخرا فكذلك، وإن كان متقدما على الشهادة، نقض، ولو كان بعد الشهادة وقبل الحكم، لم ينقض، بل يحكم بالشهادة إلا في حد الله تعالى. وإذا نقض الحكم، فإن كان قتلا أو جرحا فلا قود، والدية في بيت المال. ولو كان المباشر للقصاص هو الولي، فالوجه أنه لا يضمن إن كان قد اقتص بحكم الحاكم وإذنه. ولو باشر بعد الحكم قبل الإذن ضمن الدية، ولو كان المشهود به مالا فإنه يستعاد إن كانت العين باقية، وإن كانت تالفة، فعلى المشهود له، لأنه ضمن بالقبض، بخلاف القصاص. ولو كان معسرا، قال الشيخ (رحمه الله): يضمن الإمام، ويرجع به على المحكوم
1. في المسالك: 14 / 311: «فإن كانت الشهادة بالجرح مطلقة أي غير معينة بوقت الجرح...». 271 له (1) مع يساره (2) وفيه نظر لاستقرار الضمان على المحكوم له بتلف المال في يده. 6671. الخامس: لو ثبت أنهم شهدوا بالزور، نقض الحكم واستعيد المال، فإن تعذر، غرم الشهود، ولو كان قتلا ثبت القصاص على الشهود، وكان حكمهم حكم الشهود إذا رجعوا عن الشهادة واعترفوا بالعمد في الكذب. ولو باشر الولي القصاص واعترف بالتزوير، سقط الضمان عن الشهود، وكان القصاص على الولي. 6672. السادس: الحق إن كان لآدمي معين، كالمال، والنكاح، والعقود، والعقوبات، كالقصاص، وحد القذف، لم تسمع الشهادة فيه إلا بعد الدعوى، لأن الشهادة حق الآدمي (3) فلا يستوفى إلا بعد مطالبته وإذنه، وإن كان حقا لآدمي غير معين، كالوقف على الفقراء والمساجد والمقابر المسبلة، أو الوصية بشئ (4) عن ذلك، أو كان حقا لله تعالى، كحد الزنا، والزكاة، والكفارة، لم تفتقر الشهادة إلى تقدم الدعوى في ذلك كله. ولو شهد اثنان بعتق عبد أو أمة ابتداء، ثبت ذلك، سواء صدقهما المشهود بعتقه أو لم يصدقهما. 6673. السابع: لو كان عند الشاهد شهادة لآدمي، فإن كان صاحبها عالما بها، لم يجب على الشاهد أداؤها إلا بعد أن يسأله صاحبها، وإن لم يكن عالما بها،
1. في النسختين: «على المحكوم عليه» والصحيح ما أثبتناه لاحظ الشرائع: 4 / 313 - 314. 2. المبسوط: 8 / 250. 3. في «ب» حق لآدمي. 4. في «ب»: لشئ. 272 فإن علم أن حقه يثبت بدون شهادته، لم يجب عليه إعلامه، وإن لم يثبت حقه إلا بشهادته، وجب على الشاهد أن يعرف صاحب الشهادة (ليستشهده) (1) عند الحاكم. 6674. الثامن: يعتبر لفظ الشهادة في الأداء، فيقول: أشهد بكذا، ولو قال: أعلم، أو أعرف، أو أتيقن، أو أخبر عن علم أو حق (2) لم يسمع. 6675. التاسع: لو شهدت امرأة بالوصية بالمال يثبت الربع، على ما تقدم، ولو شهدت بالولادة (2) لم تقبل. ولو شهدت اثنتان بالوصية بالمال، ثبت النصف على ما بيناه. ولو شهد رجل واحد، ففي الحاقة بالمرأة أو بالمرأتين نظر، وكذا البحث في ميراث المستهل. وتقبل شهادة النساء في ولادة الزوجات والمطلقات. 6676. العاشر: يثبت الإعسار بشهادة عدلين، ولا يفتقر إلى ثالث. 6677. أحد عشر: يشترط في قبول الشهادة موافقتها لدعوى المدعي، فإذا ادعى المدعي سمع الحاكم دعواه، ثم استشهد شاهدين، فإن اتفقا في الشهادة، ووافقت شهادتهما دعواه، سمعها، وحكم بها، وإن خالفت الشهادة الدعوى، أو اختلفت الشهادتان، طرحها. 6678. الثاني عشر: لو شهد اثنان من الأربعة في الزنا أنه زنى في هذا البيت،
1. ما بين القوسين يوجد في «ب». 2. في «ب»: أو أحق. 3. في «ب»: بالولاية. 273 أو في وقت الغداة، أو على هيئة مخصوصة، وشهد آخران بالزنا على غير تلك الهيئة، أو في غير ذلك الوقت، أو غير ذلك المكان، سقطت الشهادة، وحدوا أجمع للفرية، وكذا كل شهادة على فعلين، مثل أن يشهد اثنان أنه زنى بامرأة، وآخران أنه زنى بأخرى. ولو شهد اثنان أنه زنى بها في زاوية بيت، وآخران أنه زنى بها في زاوية منه أخرى، حدوا أجمع، للفرية، وسقطت الشهادة، سواء تقاربت الزاويتان أو تباعدتا. 6679. الثالث عشر: يشترط في قبول الشهادة توارد الشاهدين على المعنى الواحد، فإن اتفقا معنى، حكم بشهادتهما، وإن اختلفا لفظا، مثل أن يقول أحدهما: إنه غضب، ويشهد الآخر انه انتزع قهرا ظلما، أما لو اختلفا معنى، فإنه لا يثبت بشهادتهما، مثل أن يشهد أحدهما بالبيع، ويشهد الآخر بالإقرار بالبيع، فإنهما أمران مختلفان، فإن حلف مع أحدهما ثبت ما حلف عليه، وإلا فلا. 6680. الرابع عشر: إذا كانت الشهادة على فعل، واختلف الشاهدان في زمانه، (1) أو مكانه، أو صفة له تدل على تغاير الفعلين، لم تكمل شهادتهما، مثل أن يشهد أحدهما أنه غصبه دينارا يوم السبت، ويشهد الآخر أنه غصبه دينارا يوم الجمعة، أو يشهد أحدهما أنه غصبه دينارا في الدار، ويشهد الآخر أنه غصبه في السوق، أو يشهد أحدهما أنه غصبه دينارا مصريا، ويشهد الآخر انه غصبه دينارا بغداديا، لأن الفعلين متغايران، ولم يشهد بكل واحد منهما سوى شاهد واحد.
1. في «ب»: في زمنه. 274 ولو شهد بكل فعل شاهدان، واختلفا في المكان، أو الزمان، أو الصفة ثبتا جميعا، لشهادة (1) البينة العادلة لكل واحد منهما، بحيث لو انفردت ثبت الحق، وشهادة الأخرى لا تعارضها، لإمكان الجمع بينهما، إلا أن يحصل التعارض إما بأن يكون الفعل مما لا يمكن تكرره، كقتل رجل بعينه فتتعارض البينتان، لعلمنا بكذب إحداهما، أو بأن يحصل التنافي في الفعل، مثل أن يشهد اثنان أنه سرق وقت الزوال كبشا أبيض في موضع كذا، وشهد اثنان بأنه سرق في ذلك الوقت بعينه كبشا أسود في موضع آخر، لا يمكن حصوله فيهما دفعة واحدة، فإن ادعى [المشهود له] الأمرين المتنافيين لم تقبل دعواه، ولا تسمع بينته، وإن ادعى أحدهما ثبت له ما ادعاه. ولو شهد اثنان أنه سرق مع الزوال كبشا أسود، وشهد آخر أنه سرق مع الزوال كبشا أبيض، أو شهد اثنان أنه سرق هذا الكبش غدوة، وشهد آخران أنه سرقه عشيا، لم يتعارضا، لإمكان أن يسرق عند الزوال كبشين أبيض وأسود، فيشهد كل بينة بأحدهما، ويمكن أن يسرق كبشا غدوة، ثم يعود إلى صاحبه أو غيره فيسرقه عشيا، فإن ادعاهما المشهود له ثبتا له في الصورة الأولى، وفي الصورة الثانية كبش المشهود به حسب، وإن لم يدع المشهود له سوى أحد الكبشين، ثبت له، ولم يثبت له الآخر. 6681. الخامس عشر: لو شهد أحدهما أنه سرق دينارا، وشهد الآخر أنه سرق درهما، لم يثبت، لكن له أن يحلف مع أحدهما ومع كل واحد منهما، فإن حلف مع أحدهما ثبت له الغرم فيما حلف عليه، وإن حلف مع كل واحد
1. في «أ»: بشهادة. 275 منهما، ثبت الدينار والدرهم، ولا يثبت القطع، لأن الحد لا يثبت باليمين. ولو شهد اثنان أنه سرق ثوبا أبيض غدوة، وشهد آخران أنه سرقه بعينه على وجه لا يمكن الجمع بينهما، ثبت التعارض، فيسقط القطع للشبهة، ولا يسقط الغرم. 6682. السادس عشر: لو شهد أحدهما أنه باع هذا الثوب منه بدينار، وشهد الآخر أنه باعه منه في ذلك الوقت بدينارين، لم يثبتا، وكان له المطالبة بأيهما شاء مع اليمين، ولا تعارض، لأن التعارض إنما يكون بين البينتين الكاملتين، ولو شهد له مع كل واحد شاهد آخر، ثبت الديناران، وكذا لو شهد أحدهما أنه باع اليوم وشهد الآخر أنه باع أمس، أو شهد أحدهما أنه طلقها أمس بمحضر من شاهدين، وشهد الآخر أنه طلقها اليوم بمحضر من شاهدين، لم تكمل الشهادة، لأن كل واحد من البيع والطلاق، لم يشهد به إلا واحد، فكان كما لو شهدا بالغصب في وقتين. ويحتمل القبول، لأن المشهود به شئ واحد، يجوز أن يعاد مرة بعد أخرى، فيكون واحدا، فاختلافهما في الوقت ليس باختلاف فيه، والأول أقرب. 6683. السابع عشر: لو شهد أحدهما أنه أقر بقتل، أو دين، أو غصب ببغداد يوم الخميس، ويشهد الآخر أنه أقر بذلك بعينه يوم السبت بالكوفة، فإن لم يتعارضا كملت الشهادة، وثبت المقر به، وإن تعارضا بأن يكون الزمان واحدا مع تباعد الأمكنة، أو يكون مختلفا ولا يفي الزمان المتخلل بينهما للسفر من أحد البلدين إلى الآخر، لم يكملا، وحلف مع أحدهما يمينا لإثبات حقه، وكذا لو شهد أحدهما أنه أقر عنده بأنه قتله يوم الخميس، وشهد الآخر أنه أقر عنده أنه
276 قتله يوم الجمعة، فإن التعارض متحقق، كما شهد أحدهما أنه أقر عنده أنه غصبه ثوبا، وشهد الآخر أنه أقر عنده أنه غصبه دينارا، وكذا لو شهد أحدهما بالقذف غدوة، والآخر عشية، أو بالقتل كذلك، لم يحكم بشهادتهما، لأنها شهادة على فعلين. 6684. الثامن عشر: لو شهد أحدهما بالإقرار بألف، والآخر بألفين، ثبت الألف بهما، والآخر بانضمام اليمين، ولو شهد بكل واحد شاهدان، ثبت الألف بشهادة الجميع، والألف الآخر بشهادة اثنين وكذا لو شهد أحدهما أنه سرق ثوبا قيمته دينار، وشهد الآخر أنه سرقه وقيمته ديناران، ثبت الدينار بشهادتهما، والآخر بالشاهد واليمين، ولو شهد بكل صورة شاهدان، ثبت الدينار بشهادة الجميع، والآخر بشاهدين (1). 6685. التاسع عشر: لو شهد أحدهما أنه أقر بالعربية، والآخر أنه أقر بالعجمية، قبل، لأنه إخبار عن شئ واحد، وكذا لو شهد أحدهما أنه أقر بدينار يوم الخميس بدمشق، وأقر الآخر أنه أقر به يوم الجمعة بمصر، قبل، وكذا لو شهد أحدهما أنه أقر أنه قتله أو غصبه كذا يوم الخميس بمصر، وشهد الآخر أنه أقر أنه قتله أو غصبه كذا يوم الجمعة بدمشق، قبل، لأن المقر به واحد وقد شهد اثنان بالإقرار به، فكملت شهادتهما، كما لو كان الإقرار بهما واحدا، فإن جمع الشهود لسماع الشهادة متعذر، بخلاف ما لو كان الإقرار بفعلين مختلفين، مثل أن يقول أحدهما: أشهد أنه أقر أنه قتله يوم الخميس، وقال الآخر: أشهد أنه أقر أنه قتله يوم الجمعة، أو قال أحدهما: أشهد أنه أقر أنه قذفه بالعربية، وقال الآخر:
1. في «ب»: «بالشاهدين» وفي الشرائع: 4 / 142 «والآخر بشهادة الشاهدين بهما». 277 أشهد أنه أقر أنه قذفه بالعجمية، فإن الشهادة غير كاملة، وكذا لو شهد أحدهما أنه تزوجها أمس، وشهد الآخر أنه تزوجها اليوم، لم تثبت الشهادة. 6686. العشرون: لو شهد أحدهما أنه غصب هذا العبد، وشهد الآخر أنه أقر بغصبه، لم تكمل الشهادة. ولو شهد أحدهما أنه غصب هذا العبد من زيد، أو أنه أقر بغصبه منه، وشهد الآخر أنه ملك زيد، لم تكمل شهادتهما. 6687. الواحد والعشرون: لو شهد أحدهما بالإقرار بألف، والآخر بالإقرار بألفين، ثبت الألف بشهادتهما على ما تقدم، هذا إن أطلقا الشهادة ولم تختلف الأسباب والصفات، فإن اختلفت بأن يشهد أحدهما بألف من قرض، ويشهد الآخر بخمسمائة من ثمن مبيع، أو يشهد أحدهما بألف بيض، والآخر بخمسمائة سود (1) أو يشهد أحدهما بألف دينار، والآخر بخمسمائة درهم، لم تكمل البينة، وكان له أن يحلف مع كل واحد منهما، ويستحقهما. ولو شهد له شاهدان بألف، وشاهدان آخران بخمسمائة، ولم تختلف الأسباب أو الصفات، (2) دخلت الخمسمائة في الألف، ووجبت له [الألف] بالأربعة. ولو اختلفت الأسباب أو الصفات، وجب له الحقان، ولم يدخل أحدهما في الآخر. 6688. الثاني والعشرون: لو أنكر العدل أن يكون شاهدا، ثم شهد بعد ذلك،
1. في «أ»: سواد. 2. في «ب»: ولم تختلف الأسباب ولا الصفات. 278 وقال: كنت نسيتها، قبلت شهادته، لأنه يجوز أن يكون قد نسيها، وحينئذ فلا شهادة عنده، فلا يكذب مع إمكان صدقه. 6689. الثالث والعشرون: لو ادعى، فطلب الحاكم منه البينة، فقال: لا بينة لي، ثم أتى بعد ذلك ببينة، فالأقرب القبول، لجواز أن ينسى، أو يكون الشاهدان قد سمعا إقرار الغريم، وصاحب الحق لا يعلم. ويحتمل التفصيل، وهو عدم السماع إن كان الإشهاد قد تولاه بنفسه، لأنه كذبها، والقبول إن تولاه وكيله، أو شهد من غير علمه، وكذا البحث لو قال: كل بينة لي زور. أما لو قال: لا أعلم ان لي بينة، ثم أقام البينة، سمعت منه قطعا. 6690. الرابع والعشرون: لو اختلف في الشجة هل هي موضحة أم لا، وافتقر إلى العارف كالطبيب يعتبرها، لم يكف الواحد، وكذا لو اختلف (1) في مرض لا يعرفه إلا الأطباء، أو في داء الدابة الذي (2) لا يعرفه إلا البيطار. 6691. الخامس والعشرون: لو أشهده بألف، فطلب صاحب الحق أن يشهد له بمائة مثلا، فالأقرب جواز ذلك، لأن الاعتراف بالألف يستلزمه الاعتراف بالمائة. 6692. السادس والعشرون: يجوز أن يشهد الإنسان على مبيع (2) وإن لم يعرفه ولا عرف حدوده، ولا موضعه إذا عرف المتبايعان ذلك، ويكون شاهدا على إقرارهما بوصف المبيع.
1. في «ب»: لو اختلفا. 2. في «ب»: التي. 3. في «ب»: على المبيع. 279 الفصل السادس: في الشهادة على الشهادة وفيه عشرة مباحث: 6693. الأول: تقبل الشهادة على الشهادة في حقوق الناس، سواء كانت عقوبة، كالقصاص، أو غير عقوبة، كالطلاق، والغصب، والعتق، والنسب، أو مالا، كالقرض، والدين، والقراض، وعقود المعاوضات، كالبيع، والإجارة، والصلح، أو ما لا يطلع عليه الرجال غالبا، كعيوب النساء، والولادة، والاستهلال. ولا تقبل في الحدود مطلقا، سواء كانت لله تعالى محضا، كحد الزنا، واللواط، والسحق، أو مشتركة، كالقذف، وحد السرقة، على خلاف فيهما. 6694. الثاني: لا يجوز تحمل الشهادة إلا إذا قال الشاهد: اشهد على شهادتي، أو يسمعه وقد شهد بين يدي حاكم، فله أن يشهد على شهادته وإن لم يشهده. ولو قال في غير مجلس القضاء: لفلان على فلان حق كذا وأنا شاهد به بسبب كذا، مثل ثمن مبيع، أو أرش جناية، أو غير ذلك، ففي جواز شهادة الفرع به إشكال. أما لو لم يذكر شاهد الأصل السبب، فإنه ليس للفرع أن يشهد قطعا، لأن الإنسان يتساهل في غير مجلس الحكم. ولو سمعه يقول: أشهد أن لفلان كذا شهادة مثبوتة عندي لا أتمارى فيها،
280 فالأقرب جواز الشهادة على شهادته، وكذا لو سمعه يسترعي شاهدا آخر. أما لو قال: أنا أشهد بكذا، فليس للشاهد أن يتحمل، لجواز إرادة الوعدة. 6695. الثالث: إذا قال شاهد الأصل: اشهد على شهادتي أنني أشهد بكذا، كان أعلى مراتب الاسترعاء، وللفرع أن يقول: أشهدني على شهادته. ولو سمعه يشهد عند الحاكم، فهو دون الأول (1) وأدون منهما أن يسمعه يشهد جزما لا عند الحاكم وفيهما، ليس للفرع أن يقول: أشهدني، بل يقول: أشهد أن فلانا شهد عند الحاكم بكذا، أو أشهد أن فلانا شهد بكذا بسبب كذا. 6696. الرابع: يجب أن يشهد على كل شاهد شاهدان، إذ المراد إثبات شهادة الأصل، وإنما يتحقق باثنين، ولو شهد اثنان على كل واحد من شاهدي الأصل جاز، وكذا لو شهد اثنان على شاهد الأصل (2) وأحد الاثنين وثالث على شهادة الأصل الآخر، أو شهد شاهد أصل وهو مع آخر على شهادة أصل آخر، أو شهد اثنان على جماعة، بأن يشهد الاثنان على شهادة كل واحد منهم، أو شهد اثنان على شهادة رجل وامرأتين، أو شهدا على شهادة أربع نساء فيما تقبل فيه شهادة النساء منفردات. ولو شهد واحد فرع على شاهد أصل، وشهد آخر غير الأول على شهادة أصل آخر، لم تقبل. ولا يشترط أن يشهد على شاهدي الأصل أربعة، بحيث يكون الاثنان
1. في «أ»: الأولى. 2. في «ب»: شاهد أصل. 281 على أحدهما مغايرين للاثنين على الآخر، بل يجوز أن يشهد اثنان على الأصلين، بحيث يكون كل واحد من الفرعين يشهد على كل واحد من الأصلين. ولو شهد بالحق شاهد أصل، وشاهدا فرع يشهدان على أصل آخر جاز. 6697. الخامس: إنما تقبل شهادة الفرع بشروط ثلاثة: الأول: تعذر شهادة الأصل، إما بموت، أو مرض، أو حبس، أو خوف من سلطان أو غيره، أو غيبة، فلو تمكن شاهد الأصل من الحضور، لم تسمع شهادة الفرع، ولا تقدير للغيبة، بل ضابطها اعتبار المشقة على شاهد الأصل في حضوره، ولا تشترط مسافة القصر. الثاني: أن يتحقق شروط الشهادة من العدالة وغيرها في كل واحد من شهود الأصل والفرع، ولو عدل شهود الفرع شهود الأصل جاز، وإن لم يشهدا بعدالتهما جاز أيضا، لكن يتولى الحاكم ذلك، فإن عرف عدالتهما حكم، وإلا بحث عنهما. ولا بد من استمرار هذا الشرط ووجود العدالة في الجميع إلى انقضاء الحكم، ويعتبر هاهنا (1) عدالة شاهدي الأصل عند الاسترعاء وإن لم يكن وقت الحكم، واستمرارها إلى وقت الحكم، فلو طرىء الفسق، أو الردة، أو العداوة على شاهدي الأصل، امتنع شهادة الفرع (2) وكذا لو طرأت العبودية للمشهود عليه. ولا يمنع طريان العمى فيما يشترط فيه الرؤية، ولو مات شهود الأصل أو
1. في «ب»: هنا. 2. في «أ»: امتنع شاهد. 282 الفرع لم يمنع الحكم، وكذا لو مات شهود الأصل قبل أداء الفرع شهادتهم، وكذا لو جنوا. الثالث: أن يعينا شاهدي الأصل ويسمياهما، فلو لم يسمياهما لم تقبل شهادتهما وإن عدلاهما. 6698. السادس: لو شهد شاهدا فرع، وأنكر [شاهد] الأصل الفرع، (1) قال الشيخ (رحمه الله): تقبل شهادة أعدلهما، فإن تساويا طرحت شهادة الفرع (2) وقال ابن بابويه في رسالته: تقبل شهادة الثاني، ويطرح إنكار الأصل مع التساوي في العدالة (2). وكلاهما ليس بجيد، بل الأولى طرح شهادة الفرع، لأن الأصل إن صدق كذب الفرع، وإلا كذب الأصل، وعلى كلا التقديرين تبطل شهادة الفرع، وتحمل الرواية (3) التي أفتى بها الشيخ (رحمه الله) على ما لو قال الأصل: لا أعلم. 6699. السابع: لو شهد الفرعان ثم حضر شاهد الأصل، فإن كان الحكم، لم يقدح في الحكم، وافقا أو خالفا، وإن كان قبله سقط اعتبار الفرع، وكان الاعتبار بشاهد الأصل. 6700. الثامن: الأقرب عدم قبول شهادة النساء على الشهادة مطلقا، سواء كان المشهود به مما تقبل فيه شهادة النساء منفردات، كالعيوب الباطنة، والاستهلال،
1. في «ب»: فأنكر الأصل. 2. النهاية: 329. 3. فقه الرضا (عليه السلام): 261 ونقله عنه الحلي في السرائر: 2 / 127، والمصنف في المختلف: 8 / 525. 4. الوسائل: 18 / 300، الباب 46 من أبواب الشهادات، الحديث 3. وفيه «ولو كان أعدلهما واحدا لم تجز شهادته» والظاهر طروء التصحيف إلى متن الحديث، ونقله الشهيد في المسالك هكذا «ولو كانت عدالتهما واحدة لم تجز الشهادة» لاحظ المسالك: 14 / 280. 283 والوصية، أو لا تقبل، وسواء كان شاهد الأصل من النساء أو من الرجال. 6701. التاسع: لو أقر بالزنا بالعمة، أو الخالة، أو بوطء البهيمة، أو باللواط، ثبت بشاهدين، وقبل في ذلك الشهادة على الشهادة، ولا يثبت الحد ولا التعزير بذلك، بل انتشار حرمة النكاح، وتحريم أكل الدابة، ووجوب بيعها في بلد الغربة. 6702. العاشر: ليس على الفروع أن يشهدوا على صدق شهود الأصل. الفصل السابع: في الرجوع وفيه سبعة وعشرون بحثا: 6703. الأول: إذا رجع الشهود أو بعضهم قبل الحكم، لم يحكم، سواء شهدوا بحد، أو مال، أو حق. ولو رجعوا بعد الحكم والاستيفاء وتلف المحكوم به، لم ينقض الحكم، وضمن الشهود، ولو رجعوا بعد الحكم وقبل الاستيفاء فإن كان حدا، نقض الحكم، سواء كان لله تعالى أو لآدمي، لأن رجوعهم شبهة، فيدرأ الحد لها. وإن كان مالا - عينا أو دينا - لم ينقض، سواء سلم العين إلى المشهود له أو لا، وسواء كانت العين باقية أو لا، وغرم الشهود ما شهدوا به. وقال الشيخ في النهاية: إذا كان الشئ قائما بعينه، رد على صاحبه ولم يغرم الشاهدان (1) وليس بمعتمد.
1. النهاية: 336. 284 6704. الثاني: لو شهد أربعة بالزنا ثم رجعوا حدوا، فإن قالوا: «غلطنا» فالأقرب وجوب الحد للفرية أيضا، ولو لم يصرحوا بالرجوع، بل قالوا للحاكم: توقف، ثم عادوا وقالوا: اقض، فالأقرب جواز القضاء، وهل تجب إعادة الشهادة؟ الأقرب الوجوب. 6705. الثالث: لو شهد اثنان بالقتل أو الجرح، فاستوفى الحاكم بعد التعديل، ثم رجعا، فإن قالا: تعمدنا اقتص منهما، وإن قالا: أخطأنا كان عليهما الدية. وإن قال أحدهما: تعمدت وقال الآخر: أخطأت اقتص من العامد، وأخذ نصف الدية من المخطئ. وإذا اعترفا معا بالعمد، فللولي قتلهما ورد الفاضل عن دية صاحبه، وله قتل البعض ورد الآخر قدر جنايته. ولو رجع ولي القصاص - وكان هو المباشر - واعترف بالتزوير، فعليه القصاص، فإن رجع الشاهدان أيضا، فهل الشاهدان كالممسك (1) أو كالشريك؟ الأقرب الأول، لأن المباشر أولى من السبب. ولو رجع المزكي، فالأقرب أنه كالشريك، لكن لا يجب فيه القتل بل الدية على إشكال. ولو قال الشاهد: تعمدت، ولكن ما علمت انه يقتل بقولي، فالأقرب القصاص، وكذا لو ضربه ضربا يقتل به المريض دون الصحيح، فإنه يجب القصاص.
1. في «ب»: كالمتمسك. 285 6706. الرابع: لو قال أحد شهود الزنا بعد الرجم: تعمدت، فإن صدقه الباقون، كان للولي قتل الجميع، ويرد ما فضل عن دية المرجوم. وإن شاء قتل واحدا، ويرد الباقون بقدر جنايتهم على المقتول. وإن شاء قتل أكثر من واحد بعد أن يرد ما فضل عن دية صاحبه، ويكمل الباقون من الشهود ما يعوز بعد وضع نصيب المقتولين. ولو لم يرجع الباقون، نفذ إقرار من رجع في حق نفسه خاصة، فإن اختار الولي قتله قتله، وأدى الولي إليه ثلاثة أرباع الدية، وان اختار أخذ الدية منه، كان عليه الربع، وكذا لو قال: أخطأت. وفي النهاية: إن قال: تعمدت، قتل، وأدى الثلاثة إليه ثلاثة أرباع الدية، قال: وإن رجع اثنان وقالا: أوهمنا، ألزما نصف الدية، وإن قالا: تعمدنا، كان للولي قتلهما، ويؤدي إلى ورثتهما دية كاملة بالسوية بينهما، ويؤدي الشاهدان الآخران على ورثتهما (أيضا) (1) نصف الدية، وإن اختار الولي قتل واحد (منهما) (2)، قتله، وأدى الآخر مع الباقين من الشهود على ورثة المقتول الثاني ثلاثة أرباع ديته (3) والحق ما قلناه نحن أولا. 6707. الخامس: لو شهدا بطلاق امرأة، ثم رجعا، أو رجع أحدهما قبل الحكم، بطلت شهادتهما، وبقيت على الزوجية، وإن رجعا بعد الحكم، فإن كان ذلك قبل الدخول، ضمنا نصف المهر المسمى للزوج، وإن كان بعد الدخول لم يضمنا
1. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 2. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 3. النهاية: 335. 286 شيئا، قال ابن إدريس: لأن الأصل براءة الذمة، وليس خروج البضع عن ملك الزوج له قيمة، كما لو أتلفا عليه ما لا قيمة له، فلا يلزمهما الضمان، وأما (1) قبل الدخول فيلزمه نصف المهر، فيجب أن يغرماه له، لأنهما غرماه إياه، وأتلفاه بشهادتهما. (2) وقال الشيخ (رحمه الله) في النهاية: لو شهدا بالطلاق على رجل فاعتدت، وتزوجت ثم دخل بها، ثم رجعا، وجب عليهما الحد، وضمنا المهر للزوج الثاني، وترجع المرأة إلى الأول بعد الاستبراء بعدة من الثاني (3). ومقصود الشيخ (رحمه الله) بوجوب الحد، إنما هو التعزير بشهادتهما بالزور وأما الرجوع إلى الأول فليس بجيد، وأما إلزامهما بالمهر للثاني، فهو بناء على نقض الحكم، وليس بمعتمد. وقوى في المبسوط (4) عدم التضمين مع الدخول، لأن الأصل براءة الذمة ويضمن نصف المسمى إن كان قبله، ثم قال: ومنهم من قال: إن كان المهر مقبوضا، لزمهما كمال المهر، وإن لم يكن مقبوضا، لزمهما نصفه، لأنه إذا كان مقبوضا لا يرد منه شيئا، لاعترافه لها به لبقاء الزوجية بينهما، فلما حيل بينهما، رجع بالجميع عليهما، وليس كذلك إذا كان قبل القبض، لأنه لا يلزمه إلا إقباض نصفه، فلهذا رجع بالنصف عليهما، قال: وهذا قوي (5). وعندي في هذه المسألة إشكال، ينشأ من كون الرجوع إنما يثبت على
1. كذا في المصدر ولكن في النسختين «لم يلزمها ضمان أما». 2. السرائر: 2 / 145. 3. النهاية: 336. 4. المبسوط: 8 / 247. 5. المبسوط: 8 / 247 - 248. 287 الشاهد فيما يتلفه بشهادته ووجوب نصف المهر قبل الدخول، أو المهر بعده لم يتلف من الزوج شيئا، لأنه واجب عليه سواء طلق أو لم يطلق، والحاصل أن بشهادتهما بالطلاق قبل الدخول لم يتلفا نصف المهر، لأنه واجب عليه بالعقد، وبعد الدخول لم يتلفا المهر لاستقراره في ذمته بالدخول، وإنما أتلفا بشهادتهما البضع عليه، فيجب عليهما ضمانه، وإنما يضمن بمهر المثل، فيجب مهر المثل مع الدخول، لأنهما أتلفا البضع عليه، ونصفه قبل الدخول، لأنه إنما ملك نصف البضع، ولهذا إنما يجب عليه نصف المهر. ويحتمل ما ذكرناه أولا، من تضمين نصف المسمى إن كان قبل الدخول، لأنهما ألزماه للزوج بشهادتهما، وقرراه عليه، وكان بمعرض (1) السقوط بالردة والفسخ من قبلها، وعدم التضمين (2) إن كان بعد الدخول، لأن المهر تقرر عليه بالدخول، فلم يقررا عليه شيئا، والبضع غير متقوم به، فإنها لو ارتدت، أو أسلمت، أو قتلت نفسها، أو فسخت نكاحها قبل الدخول برضاع من ينفسخ به نكاحها، لم يغرم شيئا، وهذا هو الأقوى عندي. 6708. السادس: لو شهدا على امرأة بنكاح، فحكم به الحاكم، ثم رجعا، فإن طلقها الزوج قبل دخوله بها، لم يغرما شيئا، لأنهما لم يفوتا عليها شيئا، وإن دخل بها وكان [الصداق] المسمى بقدر مهر المثل أو أكثر منه، ووصل إليها، فلا شئ عليهما، لأنها أخذت عوض ما فوتاه عليها، وإن كان دونه، فعليهما ما بينهما، وإن لم يصل إليها فعليهما ضمان مهر مثلها، لأنه عوض ما فوتاه عليها.
1. في «ب»: وكان بعرض. 2. عطف على قوله «من تضمين» أي يحتمل عدم التضمين. 288 6709. السابع: لو شهدا بعتق عبد أو أمة فحكم به الحاكم، ثم رجعا، ضمنا القيمة، سواء تعمدا أو أخطئا، لأنهما أتلفاه بشهادتهما. ولو شهدا بكتابة عبده ثم رجعا، فإن عجز ورد في الرق، فلا شئ عليهما، ويحتمل أن يقال: عليهما ضمان أجرة مدة الحيلولة إن ثبتت، وإن أدى وعتق، فالوجه الرجوع بجميع القيمة، لأن ما أداه كان من كسبه الذي يملكه السيد، ولو طلب تغريمهما قبل انكشاف الحال، فالوجه أنه يغرمهما ما بين قيمته سليما ومكاتبا. ولو شهدا باستيلاد أمته ثم رجعا، فالوجه أنه يرجع عليهما بما نقصتها الشهادة من قيمتها. وإن شهدا بطلاق رجعي، فالوجه أنه لا يرجع بشئ إن قلنا بالرجوع فيما إذا رجعا بعد الدخول، لأنه قد كان متمكنا من تلافي ما شهدا به بالرجعة، فالبينونة حصلت باختياره. 6710. الثامن: لو شهدا بمال ثم رجعا بعد الحكم، غرما ما شهدا به للمحكوم عليه، ولا يرجع به على المحكوم له، سواء كان المال قائما أو تالفا، لأنهما حالا بينه وبين ملكه، فلزمهما الضمان ولأنهما سببا الإتلاف (1) بشهادة الزور، فضمنا، وهو أحد قولي الشيخ (رحمه الله) (2) وله قول آخر أنهما يغرمان إن كان المال تالفا، وإن كان باقيا بعينه رد على صاحبه ولم يغرما شيئا (2) وليس بجيد. وإن رجعا أو أحدهما قبل الحكم، بطلت الشهادة، ولم يغرما شيئا إجماعا.
1. في «أ»: سبب الإتلاف. 2. المبسوط: 8 / 248. 3. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 336. 289 ولو رجعا بعد الحكم قبل الاستيفاء، فالحكم فيه كالحكم فيما لو رجعا بعد الاستيفاء، لا ينقض الحكم، بل يستوفي المحكوم له المال من المحكوم عليه، ويرجع المحكوم عليه بما غرمه على الشاهدين. ولو اصطلح المحكوم عليه والمحكوم له عن الحق الثابت بالشاهدين بشئ، رجع المحكوم عليه على الشاهدين بأقل الأمرين، ولو أبرأه المحكوم له، لم يرجع على الشاهدين بشئ. 6711. التاسع: لو رجع أحد الشاهدين وحده، لم يحكم الحاكم إن كان رجوعه قبل الحكم، وإن رجع بعد الحكم قبل الاستيفاء في الحدود، لم يستوف الحاكم، وإن رجع بعد الاستيفاء، لزمه حكم إقراره وحده، فإن أقر بما يوجب القصاص وجب عليه، وإن أقر بالخطأ، وجب عليه نصيبه من الدية، وإن كان مالا غرم نصفه. ولم كان الشهود أكثر من اثنين في الحقوق المالية أو القصاص، أو أزيد من أربعة في الزنا، فرجع الزائد قبل الحكم والاستيفاء، لم يمنع ذلك الحكم ولا الاستيفاء، وإن رجع بعد الاستيفاء أو بعد الحكم خاصة، ضمن نصيبه، ويحتمل عدم الرجوع، فعلى الأول لو شهد أربعة بالقصاص، فرجع واحد منهم، فإن قال: تعمدت، اقتص منه، ورد عليه الولي ثلاثة أرباع الدية، وإن قال: أخطأت، أغرم ربع الدية، وإن رجع اثنان لزمهما النصف، وإن رجع ثلاثة لزمهم ثلاثة أرباع. وإن شهد ستة بالزنا، فرجع واحد، ضمن السدس، وإن رجع اثنان، ضمنا الثلث، وعلى القول الثاني (1) لا ضمان عليهما، ولو رجع ثلاثة، فعليهم ربع الدية،
1. في «ب»: وعلى الثاني. 290 وإن رجع أربعة، فعليهم النصف، وإن رجع خمسة، فعليهم ثلاثة أرباعها، وإن رجع الستة، فعلى كل واحد السدس. ولو شهد ثلاثة بالمال، فرجع أحدهم، فعلى القول الأول (1) يضمن الثلث، وعلى الثاني لا شئ عليه، ولا خلاف أنه لو رجع الثلاثة دفعة، فإن كل واحد يغرم الثلث. 6712. العاشر: لو حكم بشهادة رجل وامرأتين، فرجع الرجل، ضمن النصف، ولو رجعت امرأة ضمنت الربع، ولو رجعوا أجمع ضمن الرجل النصف وكل امرأة الربع. ولو شهد رجل وعشر نسوة فرجعوا أجمع، ضمن الرجل السدس وكل امرأة نصف السدس، ولو رجع الرجل خاصة، ضمن السدس على الأول وعلى الثاني النصف، ولو رجع ثمان من النسوة خاصة، فعلى الأول عليهن بقدر نصيبهن من الشهادة لو رجعوا أجمع، وعلى الثاني لا شئ عليهن. ولو شهد أربعة بأربعمائة، فحكم الحاكم، ثم رجع واحد عن مائة، وآخر عن مائتين، والثالث عن ثلاثمائة، والرابع عن أربعمائة، فعلى الأول على كل واحد مما رجع عنه بقسطه، فعلى الأول خمسة وعشرون، وعلى الثاني خمسون، وعلى الثالث خمسة وسبعون، وعلى الرابع مائة، لاعتراف كل منهم بتفويت ربع ما رجع عنه، وعلى الثاني يلزم الراجع عن ثلاثمائة وأربعمائة خمسون، لأن المائتين التي رجعا عنهما، قد بقي بها شاهدان. (2) 6713. الحادي عشر: لو شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان، فرجم، ثم رجعوا
1. في «ب»: فعلى الأول. 2. في «أ»: قد بقي بهما. 291 أجمع، ضمنوا له أجمع، لأن القتل حصل بمجموع الشهادتين، فيجب الغرم على الجميع، كما لو شهدوا أجمع بالزنا، وهل يوزع على عدد الرؤوس، أو يكون على شهود الزنا النصف، وعلى شهود الإحصان النصف؟ فيه احتمال، لأنهما حزبان فلكل حزب نصف، ويحتمل سقوط الضمان عن شهود الإحصان، لأنهم شهدوا بالشرط دون السبب، والسبب للقتل (1) إنما هو الزنا، فيضمن شهوده خاصة. ولو شهد أربعة بالزنا واثنان منهم بالإحصان، ثم رجعوا بعد الرجم عن الشهادتين، فإن قلنا بالتشريك بين شهود الزنا والإحصان، يحتمل أن يكون على شاهدي الإحصان الثلثان، ثلث بشهادة الزنا، وثلث بالإحصان وعلى الآخرين الثلث على التقدير الأول، وعلى الثاني يجب على شاهدي الإحصان نصف الدية بشهادة الإحصان لأنهما حزب وربع بشهادة الزنا، وعلى الآخرين ربع آخر، ويحتمل وجوب نصف الدية على شاهدي الإحصان بالشهادتين معا، والنصف على الآخرين بشهادة الزنا، لأن الدية تقسط على عدد الرؤوس لا على قدر الجناية، كما لو جرحه واحد جرحا وآخر جرحين وسرى الجميع. 6714. الثاني عشر: لو شهدا بالسرقة فقطع المشهود عليه، ثم رجعا، فإن قالا: أوهمنا، غرما دية اليد، وإن قالا: تعمدنا، فللولي قطعهما ورد دية يد عليهما، وقطع يد واحد ويرد الآخر نصف دية اليد على المقطوع. ولو قالا: أوهمنا وأتيا بآخر وقالا: إن السارق هذا، غرما دية يد الأول، ولم يقبل قولهما على الثاني، لعدم ضبطهما.
1. في «ب»: «لأنهم شهدوا بالشرط دون السبب للقتل» والصحيح ما في المتن. 292 6715. الثالث عشر: لو شهدا أنه أعتق هذا العبد على ضمان مائة درهم، وقيمة البعد مائتان، فحكم الحاكم بشهادتهما، ثم رجعا، رجع المولى على الشاهدين بمائة، لأنها تمام القيمة، ورجع الضامن بالمائة التي شهدا بضمانها، وكذا لو شهدا بطلاق امرأة على رجل قبل الدخول على مائة ونصف المسمى مائتان، غير ما للزوج مائة، لأنهما فوتاها بشهادتهما المرجوع عنها. ولو شهدا على رجل بنكاح امرأة بصداق معين، وشهد آخران بدخوله بها، ثم رجعوا أجمع بعد الحكم بالصداق، احتمل وجوب الضمان أجمع على شاهدي النكاح، لأنهما ألزماه المسمى، ووجوب نصفه عليهما والنصف الآخر على شاهدي الدخول، لأنهما قرراه وشاهدا النكاح أوجباه، فقسم بينهم أرباعا، ولو شهد حينئذ بالطلاق شاهدان ثم رجعا، لم يلزمهما شئ، لأنهما لم يتلفا عليه شيئا يدعيه، ولا أوجبا عليه ما ليس بواجب. 6716. الرابع عشر: لو شهد شاهدا فرع على شاهدي أصل، فحكم الحاكم بشهادتهما، ثم رجع شاهدا الفرع، ضمنا، ويحتمل عدم الضمان إن شهد بعد رجوعهما شاهدا الأصل. ولو رجع شاهدا الأصل وحدهما، لزمهما الضمان، لثبوت الحق بشهادتهما، ولهذا اعتبرنا تعديلهما، ويحتمل عدم الضمان، لأن الحكم تعلق بشهادة شاهدي الفرع، لأنهما جعلا شهادة شاهدي الأصل شهادة، فلم يلزم شاهدي الأصل ضمان، لعدم تعلق الحكم بشهادتهما، والأول أقرب. ولو حكم الحاكم بشهادة شاهدي الفرع عليهما، ولم يرجع شاهدا الأصل، لكن كذبا شاهدي الفرع في الشهادة عليهما، أو قالا: نحن لا نشهد بذلك، لم
293 ينقض الحكم، ولم يتعلق الضمان بأحد، بخلاف ما لو رجع شاهدا الأصل، بأن قالا: شهدنا غلطا، أو تعمدنا التزوير. 6717. الخامس عشر: لو حكم الحاكم بشهادة رجل ويمين، فرجع الشاهد، احتمل إيجاب النصف عليه، لأنه إحدى حجتي المدعي، وإيجاب الجميع، لأن اليمين قول الخصم، و [قول الخصم] ليس حجة على خصمه، وإنما هي شرط الحكم، فجرت مجرى مطالبته الحاكم بالحكم، ولأن كونها حجة إنما تحصل بشهادة الشاهد، ولهذا لم يجز تقديمها على الشهادة. 6718. السادس عشر: لو شهدا بتعريف اثنين، فحكم الحاكم، ثم رجع المعرفان، غرما ما شهدا به الشاهدان، لأن الحكم ثبت بهما، وهل يجريان مجرى شاهدي الأصل لو رجعا في تضمين الجميع، أو مجرى الشاهد الواحد فيضمنان النصف؟ فيه نظر، أما لو أنكر المعرفان التعريف عند الشاهدين، فلا ضمان. 6719. السابع عشر: لو شهد اثنان وزكاهما اثنان، فحكم الحاكم، ثم رجع المزكيان، ضمنا ما حكم به الحاكم، وهل يجب الجميع أو النصف؟ احتمال سبق في المعرفين. ولو رجع أحدهما ضمن بقدر نصيبه، ويحتمل عدم الرجوع إذا أمكن التعديل بعد الرجوع بغيرهما (1) وكذا في التعريف. 6720. الثامن عشر: إذا رجعوا عن الشهادة بعد الحكم، وقالوا: تعمدنا، وجب عليهم القصاص في القتل والجرح، ولا تعزير، ولو كانت الشهادة بمال
1. في «ب»: ويحتمل عدم الرجوع بغيرهما. 294 عزروا وغرموا، ويحتمل عدم التعزير، لأن رجوعهم توبة، ولو قالوا: أخطأنا، لم يعزروا ويغرموا. 6721. التاسع عشر: لو أنكر الشاهدان الشهادة عند الحاكم المعزول، لم يغرما شيئا، ولو أنكرا الشهادة عند المنصوب غرما، لأنه كالرجوع، ولو رجعوا ضمنوا في الحالين، ولا يغرم الحاكم المعزول، لأن الأصل صحة حكمه. ولو رجع الحاكم عن حكمه بعد الاستيفاء، لزمه الضمان، سواء اعترف بالعمد في الحكم بالباطل أو بالخطأ، وسواء كان معزولا أو لم يكن، أما لو ثبت خطاؤه في الحكم بالقصاص أو القتل، فإن الضمان على بيت المال. 6722. العشرون: حكم الحاكم يتبع للشهادة، فإن كانت محقة نفذ الحكم باطنا وظاهرا، وإلا نفذ ظاهرا، ولا يستبيح (1) المشهود له ما يحكم به الحاكم مع علمه بالغلط، ويباح له مع العلم بصحة الشهادة أو الجهل بحالها. 6723. الواحد والعشرون: إذا حكم بشهادة اثنين في قطع أو قتل، وأنفذ ذلك، ثم ظهر كفرهما أو فسقهما، لم يجب على الشاهدين ضمان، بخلاف الرجوع عن الشهادة، فإن الراجع معترف بكذبه، ويضمن الحاكم لحكمه بشهادة من لا تجوز شهادته، ولا قصاص لأنه مخطئ. وتجب الدية، ومحلها بيت المال، لأنه نائب عن المسلمين ووكيلهم، وخطأ الوكيل في حق موكله عليه، ولا يجب على عاقلة الإمام، وسواء تولى الحاكم ذلك بنفسه أو أمر من تولاه وإن كان الولي، لأنه سلطه، والولي يدعي أنه حقه.
1. في «ب»: ولا تبيح. 295 6724. الثاني والعشرون: لو شهد أربعة بالزنا فزكاهم اثنان، فرجم المشهود عليه، ثم بان أن الشهود فسقة وكفرة، فلا ضمان على الشهود، لعدم اليقين بكذبهم، وهل يضمن المزكيان أو الحاكم؟ فيه تردد، ينشأ من كون شهادة المزكي شرطا لا سببا، ومن كونهما شهدا بالزور شهادة أفضت إلى قتله. ولو تبين فسق المزكيين، فالضمان على بيت المال، لأن التفريط من الحاكم. أما لو فرط الحاكم في البحث عن عدالة الشاهدين، أو عن عدالة المزكيين، فالضمان عليه في ماله. ولو جلد الحاكم إنسانا بشهادة شهود، ثم بان فسقهم أو كذبهم، فعلى الإمام الضمان من بيت المال، لما حصل من أثر الضرب. ولو ظهر فسق الشاهدين سابقا على الشهادة بالمال بعد الحكم، نقض الحكم، ولم يغرم الشاهدان. 6725. الثالث والعشرون: لو ادعى المشهود عليه فسق الشاهدين، سمعت دعواه قبل الحكم عليه وبعده، ولو أقام بينة بالفسق سمعت بينته، سواء كان الحاكم عليه، هو المدعى عنده بالفسق أو غيره (1)، فإن الحاكم إذا شهد عنده اثنان بفسق شاهدي الحق عند غيره، نقض حكم ذلك الغير. ولو قامت البينة أن الحاكم الآخر حكم بشهادة عبدين، فإن كان الذي حكم بشهادتهما يعتقد الحكم بشهادة العبيد، لم ينقض حكمه لأنه حكم
1. أي سواء كان الحاكم - عند قيام البينة بالفسق - نفس الحاكم السابق أو غيره، ويوضح ذلك تعليله في قوله «فإن الحاكم...». 296 باجتهاده في مسألة اجتهادية، وإن كان ممن لا يعتقد ذلك، نقضه، لأن الحاكم به يعتقد بطلانه. 6726. الرابع والعشرون: شهادة الزور من الكبائر العظام، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «عدلت شهادة الزور الشرك بالله، ثلاث مرات ثم قرأ: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (1). (2) وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: «ألا وقول الزور، وشهادة الزور». فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. (3) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا ينقضي كلام شاهد الزور بين يدي الحاكم حتى يتبوأ مقعده من النار وكذلك من كتم الشهادة» (4). وعن الباقر (عليه السلام):
1. الحج: 30. 2. سنن أبي داود: 3 / 305 - 306 برقم 3599، مستدرك الوسائل: 17 / 416، الباب 6 من أبواب كتاب الشهادات، الحديث 10. 3. مستدرك الوسائل: 17 / 416، الباب 6 من أبواب كتاب الشهادات، الحديث 11، مسند أحمد: 4 / 178. 4. الفقيه: 3 / 36، برقم 122، ولاحظ الوسائل: 18 / 237، الباب 9 من أبواب الشهادات، الحديث 4. 297 «ما من رجل يشهد شهادة زور على مسلم ليقطع ماله إلا كتب الله له مكانه صكا (1) إلى النار» (2). ويجب تعزير شاهد الزور بما يراه الامام رادعا له ولغيره في مستقبل الوقت، وإشهاره (3) بين قبيلته ليعرف حاله، وكان علي (عليه السلام) إذا أخذ شاهد زور، فإن كان غريبا بعث به إلى حيه، وإن كان سوقيا، بعث به إلى سوقهم، ثم يطيف به، ثم يحبسه أياما، ثم يخلي سبيله. وعن الصادق (عليه السلام) قال: «شهود الزور يجلدون حدا، (و) (4) ليس له وقت، ذلك إلى الإمام، ويطاف بهم حتى يعرفوا ولا يعودوا قال: قلت: فإن تابوا وأصلحوا تقبل شهادتهم بعد؟ فقال (5): «إذا تابوا تاب الله عليهم، وقبلت شهادتهم بعد» (6). أما ما لو تعارضت البينتان، أو ظهر فسق الشاهد أو غلطه في شهادته، فلا يؤدب به، لأن الفاسق قد يصدق، والتعارض لا يعلم به كذب إحدى البينتين بعينها، والغلط قد يعرض للصادق العدل.
1. في مجمع البحرين بعد نقل الحديث: الصك بتشديد الكاف: كتاب كالسجل يكتب في المعاملات. 2. الفقيه: 3 / 36، برقم 123. والوسائل: 18 / 236، الباب 9 من أبواب الشهادات، الحديث 2. 3. في «أ»: واشتهاره. 4. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 5. في المصدر: قال. 6. الوسائل: 18 / 243 - 244، الباب 15 من أبواب الشهادات، الحديث 1. 298 6727. الخامس والعشرون: إذا علم أن الشاهدين شهدا بالزور، ظهر بطلان الحكم، ووجب نقضه، فإن كان مالا رد إلى صاحبه، وإن كان إتلافا فعلى الشاهدين ضمانه، ولو ثبت ذلك بإقرارهما على أنفسهما من غير موافقة الحاكم (1)، كان ذلك رجوعا منهما عن الشهادة، وقد تقدم حكمه. 6728. السادس والعشرون: إذا تاب شاهد الزور، ومضت مدة تظهر فيها التوبة والندم، وظهر صدقه فيها وعدالته، قبلت شهادته بعد ذلك. 6729. السابع والعشرون: إذا غير العدل شهادته بحضرة الحاكم، فزاد فيها أو نقص قبل الحكم بشهادة الأولى، احتمل القبول، لأنها شهادة من عدل غير متهم لم يرجع عنها، فيجب الحكم بها، والعدم لأن كل واحدة منهما ترد الأخرى وتضادها، والأول مرجوع عنها والثانية غير موثوق بها، لأنها من شاهد أقر بغلطه، ولا يؤخذ بأول قوليه، وذلك مثل أن يشهد بمائة، ثم يقول: بل هي مائة وخمسون، أو يقول: بل هي سبعون. ولو شهد بمائة، ثم قال قبل الحكم: قضاه منها خمسين، احتمل الوجهين أيضا. أما لو شهد أنه أقرضه مائة، ثم قال: قضاه منه خمسين، فإن شهادته تقبل في باقي مائة، وجها واحدا.
1. والظاهر «المحكوم له» بدل «الحاكم». 299 كتاب الحدود وفيه مقاصد
301 [المقصد] الأول: في حد الزنا وفيه فصول: [الفصل] الأول: في موجبه وفيه ثلاثة عشر بحثا: 6730. الأول: الزنا موجب للحد، ونعني به إيلاج ذكر الإنسان في فرج امرأة قبل أو دبر محرمة عليه من غير عقد ولا شبهة عقد ولا ملك، ويكفي في تحققه غيبوبة الحشفة في القبل أو الدبر. ويشترط في إيجاب الحد العلم بالتحريم، والاختيار، والبلوغ، فلو انتفى العلم بالتحريم، أو أكره على الزنا، أو كان صبيا، لم يجب الحد. ويشترط في الرجم زيادة على ما تقدم الإحصان. 6731. الثاني: لو تزوج من يحرم عليه نكاحها، كالأم، والبنت، والأخت، والمرضعة، وذات البعل، والمعتدة، وزوجة الأب أو الابن، كان العقد باطلا بالإجماع، فإن وطئها مع علمه بالتحريم، وجب عليه الحد ولا يكون العقد
303 وحده شبهة في سقوط الحد، (1) ولو وطئ جاهلا بالتحريم سقط الحد، وهكذا كل نكاح أجمع على بطلانه، كالخامسة، والمطلقة ثلاثا. أما النكاح المختلف فيه، كالمجوسية، فإنه لا حد فيه، وكذا كل نكاح توهم الواطئ الحل فيه. ولو استأجرها للوطي، وجب الحد، ولم يسقط به، إلا أن يتوهم الحل به. ولو وجد على فراشه امرأة، فظنها (2) زوجته، فوطئها، أو زفت إليه غير زوجته، فوطئها ظنا أنها زوجته، أو تشبهت عليه غير زوجته بها، أو دعا زوجته أو جاريته فجاءته غيرها، فظنها المدعوة، فوطئها، أو اشتبه عليه لعماه، سقط الحد. 6732. الثالث: إذا تشبهت الأجنبية بزوجته، فوطئها مع الاشتباه، حدت هي خاصة، وفي رواية: يقام عليها الحد جهرا، وعليه سرا (3) وهي متروكة. 6733. الرابع: لو أباحته الوطء، فتوهم الحل، سقط الحد، ولو لم يشتبه لم يسقط، ولو أكره على الزنا سقط الحد. والإكراه يتحقق في طرف الزوجة، وفي تحققه في طرف الرجل إشكال، أقربه الثبوت، لأن التخويف بترك الفعل، والفعل لا يخاف منه، فلا يمنع الانتشار، ويثبت للمكرهة على الواطئ مهر مثل نسائها.
1. رد على أبي حنيفة حيث قال: اسم العقد يمنع من وجوب الحد، وإذا وطئ أمه، أو أخته، أو معتدة، بعقد نكاح لم يجب الحد على واحد منهما. لاحظ الحاوي الكبير: 13 / 217. 2. في «أ»: وظنها. 3. الوسائل: 18 / 409، الباب 38 من أبواب حد الزنا، الحديث 1. 304 6734. الخامس: لو وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره، فإن توهم الحل فلا حد، وإن كان عالما بالتحريم، سقط عنه بقدر نصيبه، وحد بنسبة نصيب الشريك. ولو اشترى أمه أو أخته من الرضاع، ففي العتق قولان، فإن قلنا بالعدم، لم يبح له وطؤها، فإن وطئ مع الشبهة فلا حد، وإن وطئ مع علمه بالتحريم وجب الحد، وكذا لو اشترى من ينعتق عليه. ولو وطئ جارية غيره بغير إذنه، حد مع العلم بالتحريم لا مع الشبهة. 6735. السادس: الإحصان الذي يجب به الرجم إنما يتحقق للبالغ العاقل الحر الواطئ لفرج مملوك بالعقد الدائم الصحيح، أو الملك المتمكن منه، بحيث يغدو عليه ويروح. فالبلوغ شرط إجماعا، فلو وطئ الصبي زوجته ثم بلغ، لم يكن محصنا. وأما العقل، فالذي اختاره الشيخان (رحمهما الله) عدم اشتراطه، فلو وطئ المجنون زوجته ثم عقل كان محصنا، ولو وطئ المجنون عاقلة وجب عليه الحد رجما كان أو غيره عندهما. (1) والحق خلافه. والحرية شرط إجماعا، فلو وطئ العبد ثم عتق، لم يكن محصنا حتى يطأ في حال حريته، سواء كانت تحته حرة أو أمة. والوطء لا بد منه، فلو عقد البالغ الحر على امرأة ولم يدخل بها، ثم زنى لم يكن محصنا، ولا رجم عليه.
1. المقنعة: 779، النهاية: 696. 305 ودوام العقد شرط، فلو وطئ متمتعا بها، لم يكن محصنا، وملك اليمين يحصن كالزوجة ولو وطئ زوجته أو مملوكته، ثم غاب بحيث لا يتمكن من الغدو عليه والرواح، خرج عن الإحصان، أما لو غاب دون ذلك بحيث يتمكن من الغدو عليه والرواح، فإنه محصن. ولو كان حاضرا في بلدها إلا أنه ممنوع منها بحبس وشبهه، لم يكن محصنا. ولا بد من كون العقد صحيحا، فلو وطئ في نكاح فاسد لم يكن محصنا. 6736. السابع: إحصان المرأة كإحصان الرجل سواء، لكن يعتبر في طرفها كمال العقل إجماعا، فلا رجم ولا حد على مجنونة زنى بها عاقل حال جنونها وإن كانت محصنة. 6737. الثامن: لا يشترط الإسلام في الإحصان، فالذميان محصنان، ولو كانت زوجة المسلم ذمية تحصنا معا. 6738. التاسع: لو طلق زوجته بائنا، خرجت عن الإحصان، وكذا الزوج، ولو راجع المخالع لم يجب عليه الرجم إلا بعد الوطء في الرجعة. ولو أعتق المملوك (1) أو المكاتب لم يجب الرجم إلا أن يجامعا بعد العتق. ولو طلق الرجل زوجته رجعيا لم يخرجا عن الإحصان، فإن تزوجت بغيره عالمة بالتحريم، كان عليها الحد تاما، وكذا الزوج إن علم التحريم والعدة،
1. في «أ»: المملوكة. 306 ولو جهل أحدهما فلا حد، ولو علم أحدهما خاصة اختص بالحد التام دون الجاهل، وتقبل دعوى الجهالة من أيهما كان مع الإمكان. 6739. العاشر: المرتد إن كان عن فطرة خرج عن الإحصان، لتحريم الزوجة عليه مؤبدا، وإن كان عن غير فطرة، لم يخرج عن الإحصان، لإمكان رجعته إلى الزوجة بالعود إلى الإسلام في العدة، فلو أسلم بعد ذلك كان محصنا، ولو نقض الذمي العهد ولحق بدار الحرب بعد إحصانه فسبي واسترق، ثم أعتق، خرج عن الإحصان. 6740. الحادي عشر: لو زنى وله زوجة، له منها ولد، فقال: ما وطئتها، لم يرجم، ولو كان لامرأة ولد من زوج، فأنكرت وطأه لها، لم يثبت إحصانها، لأن الولد يلحق بإمكان الوطء، والإحصان يعتبر فيه تحققه قطعا وإذا شهدت بينة الإحصان بالدخول كفى، فلا يفتقر إلى لفظ المجامعة والمباضعة، إلا أن يشتبه عليهما الدخول بالخلوة (1) ولو قالا: جامعها، أو وطئها أو ما أشبهه، ثبت الإحصان، دون «باشرها» و «مسها» و «أتاها» و «أصابها» لاحتماله غير الوطء. 6741. الثاني عشر: لو جلد الزاني على أنه بكر فبان محصنا، رجم إلا أن يتوب. 6742. الثالث عشر: إذا ادعى الواطئ والموطوءة الزوجية، سقط الحد، ولا يكلف المدعي بينة ولا يمينا، وكذا لو ادعى ما يصلح شبهة بالنسبة إليه. والأعمى يحد حدا كاملا، فإن ادعى الشبهة، قبل مع الاحتمال.
1. في «ب»: بالدخول الخلوة. 307 الفصل الثاني: فيما يثبت به الزنا وهو قسمان: [القسم] الأول: البينة وفيه اثنا عشر بحثا: 6743. الأول: إنما يثبت الزنا بأمرين: البينة والإقرار، ويشترط في البينة شهادة أربعة رجال، فيجب معه الرجم بشرط الإحصان، والجلد مع عدمه، وكذا لو شهد به ثلاثة رجال وامرأتان. ولو شهد به رجلان وأربع نسوة، ثبت الزنا، ولم يجب الرجم، بل الجلد وإن كان الزاني محصنا، ولو شهد رجل وست نساء فما زاد، لم يثبت، ووجب عليهم حد الفرية. ولا يثبت بشهادة النساء منفردات وبما دون الأربع من الرجال، والخناثى حكمهم حكم النساء في الشهادة. 6744. الثاني: يشترط في الشهود اتفاقهم في الشهادة بالمعاينة لإيلاج في الفرج كالميل في المكحلة، (1) فلو شهد بعض بالمعاينة وبعض لا بها، حدوا أجمع للفرية، وكذا لو شهدوا بالزنا ولم يعاينوا الإيلاج، حدوا للفرية، ولا حد
1. في مجمع البحرين: المكحلة بضمتين: وعاء الكحل. 308 على المشهود عليه، نعم لو لم يشهدوا بالزنا بل شهدوا بالمضاجعة، أو المعانقة، أو الإصابة فيما دون الفرج، سمعت شهادتهم ووجب على المشهود عليه التعزير. 6745. الثالث: يشترط في شهادتهم بالزنا أن يقولوا: وطئها من غير عقد ولا شبهة عقد ولا ملك، ويكفي أن يقولوا: لا نعلم بينهما سبب التحليل، ولا يشترط في شهادتهم العلم بالنفي. 6746. الرابع: يشترط اتفاق الشهود في القول الواحد، والزمان الواحد، والمكان الواحد، فلو شهد بعض بالوطء قبلا، أو في ضحوة النهار، أو في زاوية معينة، وشهد الباقون بخلاف ذلك، لم يثبت وحدوا أجمع للفرية. ولو شهد اثنان بأنه أكرهها، وآخران بالمطاوعة، سقط الحد عنها، وهل يثبت على الزاني؟ وجهان: أحدهما السقوط، لعدم كمال البينة على فعل واحد، فإن فعل المطاوعة غير فعل المكرهة، فهما فعلان، ولم يكمل على كل واحد أربعة، والثاني وجوب الحد لاتفاق الأربعة على زناه، والاختلاف إنما هو في فعلها لا فعله. ولو شهد اثنان بالزنا في زاوية بيت، وشهد اثنان بالزنا في زاوية أخرى، لم يثبت الزنا على ما قلناه، سواء تباعدت الزاويتان أو تقاربتا، وكذا لو اختلفا في الزمان المتقارب والمتباعد. ولو شهد اثنان أنه زنى بها في قميص أبيض، وآخران في أحمر، أو اثنان أنه زنى في ثوب كتان، وآخران في ثوب خز، ففي كمال الشهادة إشكال. 6747. الخامس: يشترط في إقامتهم للشهادة دفعة أو اجتماعهم لأدائها، فلو
309 شهد بعض قبل مجيء الباقين حدوا للقذف، ولم ينتظر إتمام الشهادة، لأنه لا تأخير في حد، نعم يستحب للحاكم تفريق الشهود في الإقامة بعد الاجتماع، وليس واجبا. ولا يشترط اجتماعهم حال مجيئهم، فلو جاءوا متفرقين واحدا بعد واحد، واجتمعوا في مجلس واحد، ثم أقاموا الشهادة، ثبت الزنا. 6748. السادس: لا يقدح تقادم الزنا في الشهادة، فلو شهدوا بزنا قديم وجب الحد، وكذا الإقرار بالقديم يوجب الحد، ولا يسقط الحد إذا شهدوا بالزنا فصدقهم المشهود عليه. ولو أقر مرة أو دون الأربع، لم يمنع ذلك سماع البينة والعمل بها، ولو تمت البينة عليه وأقر على نفسه إقرارا تاما، ثم رجع عن إقراره، لم يسقط عنه الحد برجوعه، وكذا لا تسقط الشهادة بتكذيبه. ولو شهد شاهدان واعترف هو مرتين لم تكمل البينة، ولم يجب الحد. 6749. السابع: لو تاب قبل قيام البينة، سقط عنه الحد ولو تاب بعد قيامها لم يسقط، جلدا كان أو رجما، ولو تاب بعد الإقرار تخير الإمام بين إقامته الحد عليه وعدمها، رجما كان أو جلدا. ولو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر، سقط الرجم، ولو أنكر حدا اعترف به غير الرجم، لم يسقط بالإنكار. 6750. الثامن: لو شهد الأربعة ثم غابوا أو ماتوا، حكم الحاكم، وأقام الحد، وتجوز الشهادة بالحد من غير مدع، ويستحب لمن شهد بالزنا عدم الإقامة، وإذا
310 لم تكمل شهود الزنا، وجب عليهم الحد، وكذا لو كملوا أربعة غير مرضيين كالعميان والفساق. ولو رجع واحد منهم عن الشهادة حد خاصة، ولا يجب على الثلاثة، ولو رجعوا أجمع حدوا. 6751. التاسع: لو شهد أربعة بالزنا قبلا، فادعت البكارة، وشهد لها أربع نسوة بها، سقط عنها الحد، وفي حد الشهود قولان: الأقرب السقوط، لكمال النصاب مع احتمال صدقهم، لإمكان عود البكارة بعد الوطء، وكان ذلك شبهة، ولو شهدن بأنها رتقاء، أو ثبت أن الرجل مجبوب، فالأقرب ثبوت الحد عليهم للعلم بكذبهم (1). 6752. العاشر: لو شهد أربعة على رجل بالزنا بامرأة، وشهد أربعة أخرى على الشهود أنهم الذين زنوا بها، فالأقرب ثبوت الحد على الأولين، للزنا والقذف. لو شهدوا بالزنا دبرا لم يقبل أقل من أربعة، ولا يكفي فيه اثنان، أما ما ليس بوطء في الفرجين - كما لو شهدوا بالتفخيذ وشبهه مما يوجب التعزير - فإنه يكفي فيه شاهدان. 6753. الحادي عشر: يجب على الحاكم إقامة حدود الله تعالى بعلمه، أما حقوق الناس فتقف إقامتها على المطالبة، حدا كان أو تعزيرا، ويحكم بعلمه فيها أيضا.
1. كذا في «أ» ولكن في «ب»: «فالأقرب ثبوت الحد على الأولين للزنا والقذف عليهم للعلم بكذبهم» والصحيح ما في المتن. 311 وللسيد إقامة الحد على عبده وجاريته، وللأب إقامة الحد على ولده، وللزوج إقامة الحد على زوجته بعلمهم. 6754. الثاني عشر: لو حبلت امرأة لا زوج لها ولا مولى، لم يقم عليها الحد، ولا تسأل عن ذلك، فإن سئلت وادعت الإكراه، أو الوطء بالشبهة، أو لم تعترف بالزنا، فلا حد. ولو استأجر امراة لعمل شئ فزنا بها، أو استأجرها ليزني بها وفعل [ذلك]، أو زنى بامرأة ثم تزوجها، وجب عليهما الحد (1). ولو وطئ امرأة له عليها القصاص وجب عليه الحد. القسم الثاني: الإقرار وفيه اثنا عشر بحثا: 6755. الأول: إنما يثبت الزنا بالإقرار أربع مرات، فلو أقر أقل منها لم يجب الحد، ووجب التعزير. ويشترط في الإقرار بلوغ المقر ورشده واختياره وحريته، ولو كان يعتوره الجنون فأقر حال إفاقته أنه زنى وهو مفيق، أو قامت عليه بينة بذلك، حد وان أقر حال إفاقته ولم يضفه إلى حال إفاقته، أو قامت عليه البينة بالزنا، ولم تضفه إلى حال إفاقته، فلا حد، لاحتمال وجوده حال جنونه.
1. رد على أبي حنيفة حيث قال: لا حد عليهما في هذه المواضع، لأن ملكه لمنفعتها شبهة دارئة للحد، ولا يحد بوطء امرأة هو مالك لها. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 194، والحاوي الكبير: 13 / 218 - 219. 312 6756. الثاني: النائم كالمجنون، فلو زنى بنائمة، أو استدخلت امرأة ذكر نائم، فلا حد عليه، ولو أقر حال نومه لم يلتفت إليه ولو أقر حال يقظته بزنا أضافه إلى نومه، سقط عنه الحد. أما السكران فإن أقر حال سكره لم يلتفت، ولو زنى وهو سكران لم يجب الحد. 6757. الثالث: يشترط في المقر إمكان صدور الفعل عنه، فلو أقر المجبوب بالزنا، فلا حد، وكذا لو قامت به البينة، للعلم بكذبها، أما الخصي أو العنين لو أقرا فإنهما يحدان، وكذا الشيخ الكبير، لإمكانه في طرفه وإن بعد. 6758. الرابع: لو أكره على الإقرار بالزنا لم يثبت، ولا يحد إجماعا والحرية شرط، فلو أقر العبد بالزنا، لم يقبل منه، نعم لو صدقه مولاه، وجب الحد، وحكم المدبر وأم الولد ومن عتق أكثره، حكم الرق، ولا يثبت الزنا بإقرارهم، ويثبت عليهم أجمع بالبينة. 6759. الخامس: قال الشيخ (رحمه الله) في الخلاف (1) والمبسوط (2): يتشرط تعدد المجالس، فلو أقر أربعا في مجلس واحد لم يقبل، وعندي فيه نظر، والأقرب القبول. ويستوي الرجل والمرأة في كل ما تقدم من الإقرار وعدده، وكذا الخنثى والبكر والثيب. 6760. السادس: يعتبر في صحة الإقرار ذكر حقيقة الفعل لتزول الشبهات،
1. الخلاف: 5 / 377، المسألة 16 من كتاب الحدود. 2. المبسوط: 8 / 4. 313 فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لماعز: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا، قال: أفنكتها؟ - لا يكني - قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة، والرشا في البئر؟ قال: نعم، قال: هل تدري ما الزنا؟ قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا (1)، فعند ذلك أمر برجمه. والأخرس إن فهمت إشارته، قامت مقام النطق، وإن لم تفهم إشارته، لم يتصور منه إقرار، ولو قامت عليه البينة بالزنا حد. 6761. السابع: لو أقر أنه زنى بامرأة أربع مرات فكذبته، فعليه الحد دونها. ولو أقر أنه وطئ امرأة، وادعى أنها امرأته، فأنكرت المرأة الزوجية، فان لم تقر المرأة بالوطء، فلا حد عليه، لعدم إقراره بالزنا، ولا مهر لها، لأنها لا تدعيه، وإن اعترفت بوطئه لها، وأقرت بأنه زنى بها مطاوعة، فلا مهر عليه أيضا، ولا حد على أحدهما إلا أن يقر أربع مرات، وإن ادعت الإكراه أو اشتبه عليها، فعليه المهر، لاعترافه بسببه، ولا حد على أحدهما. ولو قال: زنيت بفلانة لم يثبت الزنا في طرفه حتى يقر أربعا، وهل يثبت القذف للمرأة؟ فيه إشكال. 6762. الثامن: لو أقر بحد ولم يبينه لم يطالب بالبيان، وضرب حتى ينهي عن نفسه، قيل: ولا يتجاوز المائة ولا ينقص عن ثمانين (2) وهو جيد في طرف الكثرة لا القلة.
1. سنن أبي داود: 4 / 145 - 148; سنن البيهقي: 8 / 227. 2. القائل هو الحلي في السرائر: 3 / 455 - 456. 314 وفي التقبيل، والمضاجعة في إزار واحد، والمعانقة، التعزير. 6763. التاسع: يستحب للحاكم التعريض بالرجوع للمقر بالزنا إذا تم والوقوف عن إتمامه [إذا لم يتم]، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعرض عن ماعز حين أقر عنده، ثم جاءه من الناحية الأخرى فأعرض عنه، حتى تمم إقراره أربعا، ثم قال: «لعلك قبلت، لعلك لمست» (1) وقال للذي أقر بالسرقة عنده: «ما إخالك فعلت» (2). ويكره لمن علم حاله أن يحثه على الإقرار فقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لهزال وقد كان قال لماعز: بادر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن ينزل فيك قرآن: «ألا سترته بثوبك كان خيرا لك». (3) 6764. العاشر: تقبل شهادة الأربعة على الزاني والزانية، ولا يفتقر في ذلك إلى زيادة، وكذا تقبل شهادة الأربعة على أكثر من اثنين. ولا يشترط حضور الشهود عند إقامة الحد، فإن ماتوا أو غابوا لا فرارا أقيم الحد. ويجب على الشهود الحضور موضع الرجم، لوجوب بدأتهم به، خلافا للشيخ (رحمه الله). (4) 6765. الحادي عشر: لو شهد أربعة والزوج أحدهم، فيه روايتان: إحداهما
1. العزيز شرح الوجيز للرافعي: 11 / 151. 2. سنن ابن ماجة: 2 / 866 برقم 2597. 3. سنن أبي داود: 4 / 134 - باب في الستر على أهل الحدود - برقم 4377; الحاوي الكبير: 13 / 211. 4. الخلاف: 5 / 376، المسألة 14 من كتاب الحدود. 315 ثبوت الحد على الزوجة (1) والثانية سقوطه عنها وثبوت حد القذف في طرف الشهود وللزوج خاصة إسقاط حده باللعان (2) وجمع الشيخ (رحمه الله) بينهما بحمل الأولى على ما إذا لم يسبق من الزوج قذف مع حصول باقي الشرائط، والثانية على ما إذا سبق قذف الزوج أو اختل بعض شرائط الشهادة (3) وهو حسن. 6766. الثاني عشر: إذا شهد أربعة فردت شهادة بعضهم، فإن ردت بأمر ظاهر، من تظاهر فسق أو كفر لا يخفى عن أحد، حد الأربعة للفرية، وإن ردت بأمر خفي، كفسق خفي لا يطلع عليه أكثر الناس، حد المردود شهادته خاصة. الفصل الثالث: في الحد وفيه اثنان وعشرون بحثا: 6767. الأول: كان الحد في ابتداء الإسلام للثيب الحبس حتى يموت، وللبكر أن يوبخ عليه ويؤذى بالكلام حتى يتوب، ثم نسخ برجم الثيب وجلد البكر. وأقسام الحد خمسة: قتل، ورجم، وجلد، و [جلد و] رجم معا، وجلد وجز وتغريب. والقتل يجب على من زنى بذات محرم، كالأم، والبنت، والأخت، وبنت
1. الوسائل: 15 / 606، الباب 12 من أبواب اللعان، الحديث 1. 2. الوسائل: 15 / 606 الباب 12 من أبواب اللعان، الحديث 2. 3. النهاية: 690، ولاحظ الاستبصار: 3 / 36 ذيل الحديث 119. 316 الأخ، والعمة، والخالة، والزاني بامرأة أبيه، والذمي إذا زنى بمسلمة، والزاني بامرأة مكرها لها. سواء كان أحد هؤلاء محصنا أو غير محصن، وسواء كان مسلما أو كافرا، وسواء كان شابا أو شيخا، وحرا كان أو عبدا، ولو أسلم الذمي الزاني بالمسلمة قتل أيضا، وأما المسلمة فإنها تحد بالرجم أو الجلد على ما تستحقه. وقال ابن إدريس: إن هؤلاء إن كانوا محصنين جلدوا ثم رجموا، وإن كانوا غير محصنين جلدوا، ثم قتلوا بغير الرجم، جمعا بين الأدلة. (1) وفي الرواية: يضرب بالسيف (2) وكذا المرأة إلا المكرهة. 6768. الثاني: الرجم خاصة يجب على الشاب والشابة إذا كانا محصنين، ولو كان أحدهما محصنا دون الآخر، رجم المحصن دون صاحبه وقال ابن إدريس: يجب عليه الجلد أولا ثم الرجم (3)، وهو المشهور، اختاره السيد المرتضى (4) والمفيد (5) واختاره الشيخ (رحمه الله) في التبيان (6) والأول قوله في النهاية. (7) 6769. الثالث: الجلد والرجم معا يجبان على الشيخ والشيخة إذا كان
1. السرائر: 3 / 438. 2. الوسائل: 18 / 385، الباب 19 من أبواب حد الزنا، الحديث 1. 3. السرائر: 3 / 438 - 439. 4. الانتصار: 516، المسألة 284 - حيث أطلق القول بوجوبهما على المحصن -. 5. المقنعة: 775. 6. التبيان: 7 / 405 في تفسير الآية الثانية من سورة النور. 7. النهاية: 693. 317 محصنين إجماعا يبدأ بالجلد أولا ثم الرجم، والجلد مائة جلدة، ولو كان أحدهما محصنا اختص بالحدين، وجلد الآخر خاصة، وروي أن من يجب عليه الحدان، يجلد مائة ثم يترك حتى يبرأ جلده، ثم يرجم. (1) 6770. الرابع: إنما يجب الرجم على المحصن بشرط أن يزني ببالغة عاقلة، فلو زنى البالغ المحصن بالصبية غير البالغة أو بالمجنونة، لم يجب الرجم، سواء كان شابا أو شيخا، بل يجلد مائة، أما المرأة المحصنة فإذا زنى بها الصبي، فإنه يجب عليها الجلد خاصة دون الرجم، ولو زنى المجنون بها وجب عليها الحد تاما، وفي ثبوته في طرف المجنون قولان، أقربهما السقوط. 6771. الخامس: الجلد خاصة يجب على الزاني غير المحصن إذا لم يكن قد أملك، سواء كان شابا أو شيخا، وكذا المرأة، وقيل: يجب على الرجل الجلد والتغريب وجز الشعر (2) والمشهور الأول. 6772. السادس: الجلد والتغريب والجز يجب على البكر الحر الذكر غير المحصن، والمراد بالبكر هو الذي أملك ولم يدخل، فإنه يجب عليه جلد مائة ويجز رأسه ويغرب عن مصره إلى غيره سنة، ولا جز على المرأة ولا تغريب، بل تجلد مائة لا غير، والمملوك لا جز عليه ولا تغريب أيضا، بل يجلد خمسين. 6773. السابع: إذا اجتمع الجلد والرجم بدئ بالجلد ثم الرجم، وفي تركه حتى يبرأ جلده قولان نشئا من قصد الإتلاف وتأكيد الزجر.
1. لاحظ الوسائل: 18 / 322، الباب 13 من أبواب مقدمات الحدود، الحديث 6، ولاحظ النهاية للشيخ الطوسي: 699. 2. ذهب إليه المحقق في الشرائع: 4 / 155. 318 وكل حدين اجتمعا ويفوت أحدهما بالآخر، فإنه يبدأ أولا بما لا يفوت معه الآخر. 6774. الثامن: يجلد الزاني مجردا من ثيابه، وقال الشيخ (رحمه الله): يجلد على الحال التي وجد عليها قائما أشد الضرب (1) وروي متوسطا (2) والأول أقوى، لقوله تعالى (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (3) ويفرق الجلد على جسده ويتقى وجهه ورأسه وفرجه، أما المرأة فإنها تضرب جالسة قد ربطت عليها ثيابها. 6775. التاسع: يدفن المرجوم إلى حقويه والمرأة إلى صدرها، ويرجم بالحجار الصغار، لئلا يتلف سريعا، من ورائه، ويتقى وجهه إلى أن يموت، ثم يدفن المرجوم بعد الصلاة عليه، ويؤمر قبل رجمه بالاغتسال. 6776. العاشر: لو فر الرجل أو المرأة من الحفيرة، فإن ثبت الزنا بالبينة أعيد، وإن ثبت بالإقرار فقولان: أحدهما أنه لا يعاد مطلقا، وهو اختيار المفيد (4). والثاني أنه لا يعاد إن أصابه شئ من الحجارة، وإن لم يصبه الحجر أعيد، اختاره الشيخ. (5) ولو فر من يجب عليه الجلد أعيد مطلقا. 6777. الحادي عشر: الزنا إن ثبت بالشهود كان أول من رجمه الشهود وجوبا،
1. النهاية: 700. 2. الوسائل: 18 / 370، الباب 11 من أبواب حد الزنا، الحديث 6. 3. النور: 2. وفي النسختين: (ولا تأخذكم بهما رأفة). 4. المقنعة: 775. 5. النهاية: 700. 319 ثم يرجمه الإمام، ثم يرجم الناس، وإن ثبت بالإقرار، بدأ الإمام بالرجم، ثم يرجم الحاضرون. وينبغي إعلام الناس بذلك ليتوفروا على حضوره، وهل يجب حضور طائفة إقامة الحد، أو يستحب؟ قولان (1) وفي أقل عدد الطائفة أقوال: قيل: واحد (2) وقيل: عشرة (3) وقيل: ثلاثة (4). ولا يرجمه من لله [تعالى] في قبله حد، وهل على الكراهية أو التحريم؟ نظر. (5) 6778. الثاني عشر: لو عاد البكر من التغريب قبل الحول أعيد تغريبه حتى يكمل الحول مسافرا، ويبني على ما مضى، وينبغي أن يغرب عن بلده أو قريته إلى موضع آخر حسب ما يراه الإمام، وليس للمسافة حد محدود، فلو غربه إلى ما دون مسافة القصر جاز، ولا يحبس في البلد الذي ينفى إليه، (6) فإن زنى الغريب، غرب إلى بلد غير وطنه، وإن زنى في البلد الذي غرب إليه، غرب منه إلى غير البلد الذي غرب منه.
1. أما القول بالوجوب فذهب إليه المفيد في المقنعة: 780; والحلي في السرائر: 3 / 453 والحلبي في الكافي في الفقه: 406، وابن حمزة في الوسيلة: 412. وأما الاستحباب فهو خيرة المحقق في الشرائع: 4 / 157; والشيخ في النهاية: 701; والمبسوط: 8 / 8; والخلاف 5 / 374، المسألة 11 من كتاب الحدود. 2. القائل الشيخ في النهاية: 701; والمحقق في الشرائع: 4 / 157; واختاره المصنف في القواعد: 3 / 530. 3. اختاره الشيخ في الخلاف: 5 / 374، المسألة 11 من كتاب الحدود. 4. هو خيرة الحلي في السرائر: 3 / 454. 5. لاحظ مسالك الأفهام: 14 / 388 في الوقوف على وجه النظرين. 6. في «ب»: نفي. 320 6779. الثالث عشر: المملوك إذا زنى جلد خمسين جلدة، محصنا كان أو غير محصن، ذكرا كان أو أنثى، ولا جز على أحدهما ولا تغريب. ولو زنى عبد ثم عتق، حد حد العبيد، لأنه إنما يستوفى الحد الذي وجب عليه، ولو زنى الذمي الحر، ثم لحق بدار الحرب، ثم استرق، حد حد الأحرار. ولو كان أحد الزانيين حرا والآخر مملوكا، حد كل واحد منهما حده، وكذا لو زنى بكر بثيب حد كل واحد منهما حده، ولو زنى بعد العتق وقبل العلم به، حد حد الأحرار، ولو أقيم عليه حد العبد قبل العلم بالحرية تمم عليه [حد الأحرار]، ولو عفا السيد عن عبده، لم يسقط الحد عنه. وللسيد إقامة الجلد (1) على المملوك ذكرا كان أو أنثى وكذا المملوكة، سواء كانت مزوجة أو غير مزوجة، وسواء ثبت بالبينة أو الإقرار أو العلم، ولا يفتقر في ذلك إلى إذن الإمام، وكذا حد شرب الخمر، وقطع السرقة، وقتل الردة. ولو كان العبد مشتركا، لم يكن لأحدهما الإقامة، بل يجتمعان على ذلك، ولو انعتق بعضه، لم يكن للمولى حده ولا [الأمة] المرهونة ولا المستأجرة. وللمولى سماع البينة والجرح والتعديل.
1. لقد أشار من قوله هنا «إقامة الجلد» إلى قوله «ويشترط أن يكون المولى ثقة» إلى الشروط الأربعة أعني: 1 - إقامة الجلد، لا الرجم، 2 - أن يكون ملكا طلقا، 3 - للمولى المقدرة على سماع البينة والجرح والتعديل، 4 - عارفا بالأحكام. 321 ويشترط أن يكون المولى ثقة عارفا بقدر الحدود، فإن كان قويا في نفسه فله إقامته بنفسه، وإن كان ضعيفا أقام عوضه من يقيم الحد. ولو كان السيد فاسقا أو مكاتبا، فالذي قواه الشيخ (رحمه الله) جواز الإقامة لهما للعموم (1) ولو كان المولى صبيا أو مجنونا لم يكن له الإقامة ولا لوليهما. ولو زنى بأمة ثم قتلها، فعليه الحد وقيمتها. والمكاتب المشروط والذي لم يؤد شيئا وأم الولد والمدبر كالقن، أما من انعتق بعضه فإنه يحد من حد الأحرار بنسبة ما انعتق منه، ومن حد المماليك بنسبة ما فيه من الرقية، فلو عتق نصفه وجب عليه خمس وسبعون جلدة ولا جز عليه ولا تغريب ولا رجم. 6780. الرابع عشر: إذا تكرر الزنا من الحر فأقيم عليه الحد مرتين، قتل في الثالثة، وقيل (2): في الرابعة، وهو أقوى، ولو تكرر من المملوك سبعا، وأقيم الحد عليه في كل مرة، قتل في الثامنة، وقيل (3): في التاسعة، وهو أولى. ولو تكرر من الحر أو المملوك الزنا مرارا كثيرة، ولم يحد فيما بينها، لم يجب سوى حد واحد. وروى أبو بصير عن الباقر (عليه السلام):
1. أي لعموم الأخبار، لاحظ المبسوط: 8 / 12. 2. القائل هو الشيخ في النهاية: 694; والمبسوط: 8 / 11; والشيخ المفيد في المقنعة: 776; والسيد المرتضى في الانتصار: 519، المسألة 285; والحلبي في الكافي في الفقه: 407; والقاضي في المهذب: 2 / 520; وابن حمزة في الوسيلة: 411; واختاره المصنف في المختلف: 9 / 155; وذهب الشيخ في الخلاف إلى أنه يقتل في الخامسة بعد جلده أربع مرات ; لاحظ الخلاف: 5 / 408، المسألة 55 من كتاب الحدود. 3. القائل: الشيخ في النهاية: 695; والقاضي في المهذب: 2 / 520. 322 «إن زنى بامرأة واحدة مرارا فعليه حد واحد، وإن زنى بنسوة فعليه في كل امرأة حد» (1). وفي طريقها علي بن أبي حمزة، وهو ضعيف. 6781. الخامس عشر: الذمي إذا زنى بمسلمة قتل مطلقا، وإن زنى بذمية، تخير الإمام بين إقامة الحد عليه بمقتضى شرع الإسلام، وبين دفعه إلى أهل نحلته، ليقيموا الحد عليه بمقتضى اعتقادهم، ولا يتعين عليه الحكم بينهم، أما لو تحاكم المسلم والذمي، فإنه يجب على الإمام الحكم بينهم، وليس له دفعه إلى أهل الذمة. 6782. السادس عشر: الحامل لا يقام عليها الحد - سواء كان جلدا أو رجما - حتى تضع وترضع الولد إن لم تحصل له مرضع، سواء كان الحمل من زنا أو غيره، ولو لم يظهر الحمل ولم تدعه لم يؤخر، بل تحد في الحال، ولا اعتبار بإمكان الحمل من الزنا، نعم لو ادعت الحمل قبل قولها. 6783. السابع عشر: يرجم المريض والمستحاضة ولا يجلد أحدهما إذا لم يجب قتله ولا رجمه، حذرا من السراية، وينتظر بهما البرء، ولو اقتضت المصلحة التعجيل ضرب بضغث فيه مائة شمراخ، ولا يشترط وصول كل شمراخ إلى جسده. ولا تؤخر الحائض، لأن الحيض ليس بمرض. 6784. الثامن عشر: لو زنى العاقل ثم جن، لم يسقط الحد، بل يستوفى منه. وإن كان مجنونا، جلدا كان أو رجما، لرواية أبي عبيدة الصحيحة عن الباقر (عليه السلام):
1. الوسائل: 18 / 392، الباب 23 من أبواب حد الزنا، الحديث 1. 323 في رجل وجب عليه الحد فلم يضرب حتى خولط، فقال: إن كان أوجب على نفسه (الحد) (1) وهو صحيح لا علة به من ذهاب عقله أقيم عليه الحد كائنا ما كان (2). وكذا لا يسقط الحد باعتراض الارتداد. 6785. التاسع عشر: لا يقام الجلد على الزاني وغيره في شدة البرد، ولا شدة الحر، ويتوخى [به] في الشتاء وسط النهار، وفي الصيف طرفاه. ولا يقام الحد في أرض العدو، لئلا يلحق المحدود الغيرة فيدخل أرض العدو. 6786. العشرون: لا يحد من التجأ إلى حرم الله، أو حرم رسوله، أو أحد الأئمة (عليهم السلام) بل يضيق عليه في المطعم والمشرب ليخرج ويستوفى منه الحد، ولو أحدث ما يوجب الحد في الحرم، حد فيه. ولو زنى في شهر رمضان ليلا أو نهارا، أو في مكان شريف، أو زمان شريف، عوقب زيادة على الحد بما يراه الإمام. 6787. الواحد والعشرون: لو وجد مع امرأته رجلا يزني بها، ساغ له قتلهما معا، ولا إثم، وفي الظاهر يقتل إلا أن يقيم البينة على دعواه، أو يصدقه الولي، ولو افتض بكرا بإصبعه، لزمه مهر نسائها، وإن كانت أمة لزمه عشر قيمتها، وقيل: يلزمه الأرش (3).
1. ما بين القوسين ليس بموجود في المصدر. 2. الوسائل: 18 / 317، الباب 9 من أبواب مقدمات الحدود، الحديث 1. 3. القائل: هو الحلي في السرائر: 3 / 449. 324 ولو تزوج أمة على حرة مسلمة، فوطئها قبل الإذن، فعليه اثنا عشر سوطا ونصف: ثمن حد الزاني (1). 6788. الثاني والعشرون: لا حد على الصبي والصبية إذا زنيا، بل يؤدبا، أما المجنون والمجنونة فلا حد عليهما على الأقوى في طرف المجنون، وأما في طرف المجنونة فلا خلاف، ولا تأديب عليهما، وحد البلوغ ما رواه الشيخ (قدس سره) عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن حمزة بن حمران قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة، وتقام (عليه) (2) ويؤخذ بها؟ فقال: إذا خرج عنه اليتم وأدرك، قلت: فلذلك حد يعرف؟ قال: إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة، أو أشعر، أو أنبت قبل ذلك، أقيمت عليه الحدود التامة، وأخذ بها، وأخذت له، قلت: فالجارية متى يجب عليها الحدود التامة وأخذت بها، وأخذت لها؟ قال: إن الجارية ليست مثل الغلام، إن الجارية إذا تزوجت ودخل بها - ولها تسع سنين - ذهب عنها اليتم، ودفع إليها مالها، وجاز أمرها في الشراء والبيع، وأقيمت عليها الحدود التامة، وأخذ لها وبها، قال: والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع، ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة، أو يحتلم، أو يشعر، أو ينبت قبل ذلك» (3). وفي طريقه عبد العزيز العبدي وفيه ضعف، ونحوه [ما] رواه يزيد الكناسي عن الباقر (عليه السلام). (4)
1. إن حد الزاني هو مائة جلدة، وثمنه اثنا عشر سوطا ونصف. 2. ما بين القوسين ليس بموجود في المصدر. 3. التهذيب: 1 / 37 برقم 132 - الباب 1 من كتاب الحدود -. 4. التهذيب: 10 / 38 برقم 132 - الباب 1 من كتاب الحدود -. 325 خاتمة الزنا من أعظم الكبائر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله عز وجل من رجل قتل نبيا، أو هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما» (1). وقال (عليه السلام): «الزنا يورث الفقر، ويدع الديار بلاقع» (2). وقال (عليه السلام): «ما عجت الأرض إلى ربها عز وجل كعجيجها من ثلاث: من دم حرام يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل (3) طلوع الشمس» (4). وعن الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال:
1. الفقيه: 4 / 12، برقم 10 - باب ما جاء في الزنا -. 2. الفقيه: 4 / 13، برقم 11 - باب ما جاء في الزنا. في مجمع البحرين: البلقع: الأرض القفراء التي لا شئ فيها. والمراد ان الزنا يصير سببا لفنائهم حتى لا يبقى منهم أحد على وجه الأرض. 3. هكذا في المصدر ولكن في النسختين «إلى قبل». 4. الفقيه: 4 / 13، برقم 12 - باب ما جاء في الزنا -. 326 «قال يعقوب لابنه يوسف (عليه السلام): يا بنى لا تزن فإن الطير لو زنى لتناثر ريشه» (1). وعن الباقر (عليه السلام) قال: «كان فيما أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران (عليه السلام): يا موسى بن عمران من زنى زني به ولو في العقب من بعده، يا موسى بن عمران عف تعف أهلك، يا موسى بن عمران إن أردت أن يكثر خير أهل بيتك فإياك والزنا، يا موسى بن عمران كما تدين تدان» (2). وصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر فقال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك جبار، ومقل مختال» (3). وسأل عبد الله بن مسعود رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أي الذنب أعظم؟ فقال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك». قال قلت: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك». قال قلت: ثم أي؟ قال: «أن تزني بحليلة جارك». (4)
1. الفقيه: 4 / 13، برقم 13 - باب ما جاء في الزنا -. 2. الفقيه: 4 / 13، برقم 14 - باب ما جاء في الزنا -. 3. الفقيه: 4 / 13، برقم 15 - باب ما جاء في الزنا -. 4. صحيح البخاري: 9 / 2 - كتاب الديات -; مسند أحمد بن حنبل: 1 / 380 و 431; تفسير نور الثقلين: 4 / 31 رقم الحديث 111 نقلا عن صحيحي البخاري ومسلم; كنز العمال: 16 / 46 برقم 43869. وفي هذه المصادر: «أن تزاني» وما في المتن مطابق للنسختين. 327 المقصد الثاني: في حد اللواط والسحق والقيادة وفيه فصول: [الفصل] الأول: في اللواط وفيه عشرة مباحث: 6789. الأول: اللواط من أعظم الكبائر، وهو عندنا أفحش من الزنا، ذمه الله تعالى في عدة مواضع، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لعن الله من عمل عمل قوم لوط لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط» (1). وروى ابن بابويه قال: يصلب اللائط يوم القيمة على شفير جهنم، حتى يفرغ الله من حساب الخلق، ثم يلقيه في النار فيعذبه بطبقة طبقة حتى يرد إلى أسفلها ولا يخرج منها، وحرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج،
1. السنن الكبرى للبيهقي: 8 / 231; مسند أحمد بن حنبل: 1 / 309. 329 لأن الله عز وجل أهلك أمة لحرمة الدبر، ولم يهلك أحدا لحرمة الفرج (1). 6790. الثاني: اللواط هو وطء الذكران، سواء كان بإيقاب أو بغيره، وهو قسمان: الأول الإيقاب، ويجب فيه القتل على الفاعل والمفعول، مع بلوغهما ورشدهما، سواء كانا حرين أو عبدين، ومسلمين أو كافرين، ومحصنين أو غير محصنين، أو بالتفريق. والثاني ما ليس فيه إيقاب، كالتفخيذ أو بين الأليتين، وفيه قولان: أحدهما جلد مائة مطلقا، (2) والثاني ما اختاره الشيخ وهو الرجم إن كان محصنا، وجلد مائة إن لم يكن (3) والأول أقوى، وروي في الإيقاب الرجم مع الإحصان والجلد مع عدمه (4) والمشهور ما قدمناه. 6791. الثالث: لا فرق في قسمي اللواط بين الحر والعبد، والمسلم والكافر، والمحصن وغيره، خلافا للشيخ في المحصن مع عدم الايقاب (5) ولو لاط البالغ بالصبي فأوقبه، قتل البالغ وأدب الصبي، وكذا لو لاط بمجنون، ولو لاط
1. مستدرك الوسائل: 14 / 342، الباب 15 من أبواب النكاح المحرم، الحديث 4 (عن فقه الرضا (عليه السلام)) باختلاف قليل. ولاحظ المقنع: 430. 2. وهو خيرة المفيد في المقنعة: 785; وسلار في المراسم: 253; والحلبي في الكافي في الفقه: 408; والحلي في السرائر: 3 / 458، والسيد المرتضى في الانتصار: 510، المسألة 278. 3. النهاية: 704; والتهذيب: 10 / 55 في ذيل الحديث 203، وهو خيرة ابن البراج في المهذب: 2 / 530. 4. لاحظ الوسائل: 18 / 418، الباب 1 من أبواب حد اللواط. 5. النهاية: 704. 330 بعبد قتلا مع الإيقاب، وجلدا مع عدمه، سواء كان العبد ملكه أو غير ملكه، ولو ادعى العبد الإكراه درئ عنه الحد دون مولاه. 6792. الرابع: لو لاط المجنون بعاقل، حد العاقل قتلا مع الإيقاب، وجلدا مع عدمه، وهل يثبت في طرف المجنون؟ الأقرب من القولين السقوط. ولو لاط الذمي بالمسلم، قتل مطلقا، سواء أوقب أو لم يوقب، ولو لاط بمثله تخير الإمام بين إقامة الحد عليهم بموجب شرع الإسلام، وبين دفعهم إلى أهل نحلتهم ليقيموا الحد عليهم بمقتضى شرعهم. 6793. الخامس: حد الإيقاب القتل، ويتخير الإمام في قتله بين ضربه بالسيف، وتحريقه، ورجمه، وإلقائه من شاهق، وإلقاء جدار عليه، ولو قتله بغير النار جاز له إحراقه بعد ذلك بالنار. 6794. السادس: لو تكرر الفعل من اللائط بغير الإيقاب فحد مرتين، قتل في الثالثة، وقيل: في الرابعة (1) وهو أقرب، ولو لم يحد لم يجب سوى الجلد مائة وإن تكرر منه كثيرا. 6795. السابع: المجتمعان في إزار واحد مجردين، وليس بينهما رحم، يعزران من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين، فإن تكرر منهما ذلك ثلاث مرات، وتخلل التعزير، حدا في الثالثة. 6796. الثامن: يثبت اللواط - سواء كان بإيقاب أو بدون إيقاب - بالاقرار أربع مرات أو شهادة أربع رجال بالمعاينة، ويشترط في المقر البلوغ،
1. ذهب إليه الأكثر، لاحظ تعليقتنا ذيل المسألة 14 من الفصل الثالث في حد الزنا. 331 والعقل، والحرية، والاختيار، سواء كان فاعلا أو مفعولا، فإن أقر دون الأربع، عزر ولم يحد. ولو شهد دون أربعة رجال، حدوا للفرية، ولم يثبت على المشهود عليه حد ولا تعزير. ولا تقبل فيه شهادة النساء منفردات ولا منضمات. ويحكم الحاكم بعلمه إماما كان أو غيره على الأقوى. 6797. التاسع: إذا تاب اللائط قبل قيام البينة، سقط الحد، وإن تاب بعده لم يسقط، ولو تاب بعد إقراره أربعا، تخير الإمام في العفو والاستيفاء، ولو تاب ثم أقر، فلا حد عليه ولا تعزير. 6798. العاشر: التقبيل للغلام بشهوة حرام، فقد روي: «أن من قبل غلاما بشهوة، لعنته ملائكة السماء، وملائكة الأرض، وملائكة الرحمة، وملائكة الغضب، وأعد له جهنم وساءت مصيرا» (1). وفي حديث آخر: «من قبل غلاما بشهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» (2). إذا ثبت هذا فإذا قبل غلاما ليس له بمحرم بشهوة، عزر بحسب ما يراه الإمام.
1. مستدرك الوسائل: 14 / 351، الباب 18 من أبواب النكاح المحرم، الحديث 3. 2. الوسائل: 14 / 257، الباب 21 من أبواب النكاح المحرم، الحديث 1. 332 الفصل الثاني: في السحق وفيه تسعة مباحث: 6799. الأول: السحق هو دلك فرج امرأة بفرج أخرى، وهو محرم بالإجماع، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إذا أتت المرأة المرأة، فهما زانيتان» (1). وروى هشام وحفص بن البختري: أنه دخل نسوة على أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته امرأة منهن عن السحق، فقال: حدها حد الزاني، فقالت المرأة: ما ذكر الله تعالى ذلك في القرآن، فقال: بلى، فقالت: أين هو؟ (2) قال: هن أصحاب الرس». (3) 6800. الثاني: حد السحق جلد مائة، حرة كانت أو أمة، مسلمة كانت أو كافرة، محصنة كانت، أو غير محصنة، فاعلة كانت، أو مفعولة، وقال الشيخ (قدس سره): ان كانت محصنة رجمت، وإن كانت غير محصنة حدت مائة سوط. (4) والأقرب الأول.
1. السنن الكبرى للبيهقي: 8 / 233; كنز العمال: 5 / 335 برقم 13103. 2. في المصدر: «وأين هن». 3. الوسائل: 18 / 424، الباب 1 من أبواب حد السحق، الحديث 1. 4. النهاية: 706. 333 6801. الثالث: إذا تكررت المساحقة مع إقامة الحد ثلاثا، قتلت في الرابعة، ولو تكررت ولم يقم الحد، فحد واحد. 6802. الرابع: إذا تابت المساحقة قبل قيام البينة، سقط الحد، وإن تابت بعد قيام البينة لم يسقط، ولو تابت قبل الإقرار سقط، ولو تابت بعده، تخير الإمام بين إقامة الحد وإسقاطه. 6803. الخامس: تعزر الأجنبيتان إذا وجدتا تحت إزار واحد مجردتين بما دون الحد، فإن تكرر الفعل والتعزير مرتين أقيم الحد عليهما في الثالثة، فإن عادتا، قال الشيخ (قدس سره): قتلتا (1) والأقرب التعزير. 6804. السادس: لو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت، قال الشيخ (قدس سره): وجب على المرأة الرجم، وعلى الجارية إذا وضعت جلد مائة، وألحق الولد بالرجل، وألزمت المرأة المهر للجارية (2) وأنكر ابن إدريس الرجم وإلحاق الولد، لأنه غير مولود على فراشه، وإيجاب المهر، لأن المرأة مطاوعة (3) أما إنكار الرجم فجيد، لأن الأقرب في حد السحق جلد مائة مطلقا، سواء كانت محصنة أو غير محصنة. وأما إنكاره لإلحاق الولد فليس بجيد، لأنه ماء غير زان، وقد تخلق منه الولد، فيلحق به. وأما إنكاره المهر، فليس بجيد أيضا، لأنها سبب في إذهاب العذرة، وديتها
1. النهاية: 707. 2. النهاية: 707. 3. السرائر: 3 / 465. 334 مهر نسائها، وليست كالزانية المطاوعة، لأن الزانية أذنته في الافتضاض، بخلاف هذه. 6805. السابع: لا كفالة في حد، ولا تأخير فيه مع الإمكان وانتفاء الضرر بإقامته، ولا شفاعة في إسقاطه. 6806. الثامن: إنما يثبت السحق بشهادة أربعة رجال عدول، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمات وإن كثرن، أو الإقرار من البالغة الرشيدة الحرة المختارة أربع مرات. 6807. التاسع: لو ساحقت المرأة جاريتها وجب على كل واحدة منهما مائة سوط، ولا ينتصف في حق الأمة، لأن الحرة والأمة سواء في حد السحق، ولو ادعت الجارية الإكراه، قبل منها. والمجنونة إذا ساحقت لم يجب عليها الحد، سواء كانت فاعلة أو مفعولة، وقال الشيخ (قدس سره): تحد الفاعلة المجنونة دون المفعولة المجنونة (1) وليس بجيد. ولو ساحقت المسلمة الكافرة، حدت كل واحدة منهما. ولو تساحقت الذميتان تخير الإمام في إقامة الحد عليهما بمقتضى شرع الإسلام، وفي دفعهما إلى أهل ملتهما. ولو ساحقت (2) البالغة الصبية حدت البالغة كملا، وأدبت الصبية. ولو تساحقت الصبيتان، ادبتا.
1. النهاية: 706 والكلام منقول بالمعنى. 2. كذا في «ب» ولكن في «أ»: تساحقت. 335 الفصل الثالث: في القيادة القواد هو الجامع بين الرجال والنساء للزنا، أو بين الرجال والرجال للواط، وحده ثلاثة أرباع حد الزاني: خمسة وسبعون سوطا، قال الشيخ (قدس سره): ويحلق رأسه ويشهر في البلد، وينفى عنه إلى غيره من الأمصار (1) من غير حد لمدة نفيه، سواء كان حرا أو عبدا مسلما كان أو كافرا. وقال المفيد (قدس سره) بذلك إلا النفي، فإنه لم يوجبه بالمرة الأولى بل بالثانية (2). أما المرأة فإذا فعلت ذلك، فإنها تضرب العدد المذكور، ولا يحلق رأسها ولا تشهر ولا تنفى. وتثبت بشهادة عدلين أو الإقرار مرتين. ويشترط في المقر البلوغ، والعقل، والحرية، والاختيار، والقصد ولو أقر مرة واحدة عزر. ومن رمى غيره بالقيادة، كان عليه التعزير بما دون حد الفرية.
1. النهاية: 710. 2. المقنعة: 791. 336 المقصد الثالث: في وطء الأموات والبهائم وما يتبع ذلك وفيه ثمانية مباحث: 6808. الأول: من وطئ امرأة ميتة، كان حكمه حكم من وطئ الحية، في تعلق الإثم والحد واعتبار الإحصان وعدمه، فلو كانت أجنبية، ولا شبهة هناك وكان الرجل محصنا، رجم، وإن كان شيخا جلد أولا ثم رجم، وإن كان مملكا (1) جلد مائة وحلق رأسه ونفي، وإن لم يكن مملكا، جلد خاصة، وحكمه حكم الزاني بالحية من غير فرق، إلا أنه هنا تغلظ عليه العقوبة، لانتهاكه حرمة الأموات بما يراه الإمام، ولو كانت الميتة زوجته أو أمته، عزر وسقط الحد للشبهة. 6809. الثاني: يثبت الزنا بالميتة بشاهدين أو الإقرار مرتين من العاقل المختار الحر، قاله الشيخ (قدس سره) (2)، لأنها شهادة على واحد بخلاف الزنا بالحية، واختار ابن إدريس أنه لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال أو الإقرار أربع مرات، (2) لأنه زنا، ولأن شهادة الواحد قذف فلا يندفع الحد إلا بتكميله الأربعة، (4) وهو أقرب.
1. أي عاقدا ولم يدخل بعد. 2. النهاية: 708. 3. السرائر: 3 / 468. 4. في «أ»: بتكملة الأربعة. 337 6810. الثالث: حكم المتلوط بالأموات حكم المتلوط بالأحياء، إلا أن العقوبة هنا أغلظ، فلو حد بغير القتل عزر زيادة على الحد بما يراه أردع. 6811. الرابع: إذا وطئ بهيمة وكان بالغا رشيدا عزر بما يراه الإمام. وروي: أنه يقتل (1). وفي رواية: يحد (2) وفي أخرى: يضرب خمسة وعشرين سوطا (3). ثم ينظر في الدابة فإن كانت مأكولة اللحم، كالشاة والبقرة، حرم لحمها ولبنها ولحم نسلها، ووجب ذبحها وإحراقها بالنار، ويغرم ثمنها لمالكها ان لم تكن له. وإن كانت غير مأكولة اللحم بالعادة، كالخيل والبغال والحمير، فإنها وإن كانت مذكاة إلا أن المقصود منها الظهر، أو كانت محرمة بالشرع، لم تذبح، بل يغرم الواطئ ثمنها لصاحبها إن لم تكن له، ثم تخرج من البلد الذي وقعت فيه تلك الجناية وتباع في غيره. قال المفيد (قدس سره): ثم يتصدق بثمنها الذي بيعت به (4) وقيل: يعاد على الغارم. (5) ولو كانت الدابة له، بيعت في غير البلد، ودفع الثمن إليه عند بعض علمائنا. (6) وتصدق به عند آخرين. (7)
1. الوسائل: 18 / 572، الباب 1 من أبواب نكاح البهائم، الحديث 6. 2. الوسائل: 18 / 572، الباب 1 من أبواب نكاح البهائم، الحديث 8. 3. الوسائل: 18 / 570، الباب 1 من أبواب نكاح البهائم، الحديث 1. 4. المقنعة: 790. 5. ذهب إليه الحلي في السرائر: 3 / 468. 6. كابن إدريس في السرائر: 3 / 469. 7. منهم الشيخ المفيد في المقنعة: 790. 338 6812. الخامس: وجوب ذبح المأكولة تعبدا أو احترازا من شياع نسلها، وإحراقها لئلا يشتبه لحمها بالمحللة، وأما بيع غير المأكولة، فإما تعبدا أو لئلا يعير الواطئ بها. 6813. السادس: يثبت هذا الفعل بشهادة رجلين عدلين، ولا يثبت بشهادة النساء انفردن أو انضممن إلى الرجال، ويثبت أيضا بالإقرار ولو مرة واحدة إن كانت الدابة له، وإن كانت لغيره يثبت التعزير خاصة دون ذبح دابة الغير، وإخراجها من بلدها، وقال بعض علمائنا يثبت بالإقرار مرتين لا مرة واحدة (1) وليس بجيد. ولو تكرر التعزير ثلاثا لتكرر الفعل، قتل في الرابعة، وقال ابن إدريس: في الثالثة. (2) 6814. السابع: لو اشتبهت الموطوءة بغيرها، قسم ما وقع فيه الاشتباه قسمين، وأقرع بينهما، فما وقعت القرعة عليه، قسم من رأس بقسمين، وأقرع بينهما، وهكذا إلى أن لا تبقى إلا واحدة، فتؤخذ ويصنع بها ما يجب من إحراق أو بيع، وليس ذلك على جهة العقوبة لها، بل لما تقدم من الفائدة أو المصلحة اللطفية. 6815. الثامن: من استمنى بيده حتى أنزل، عزر بما يراه الإمام، وروي: «أن عليا (عليه السلام) ضرب يده حتى احمرت، وزوجه من بيت المال» (3).
1. ذهب إليه الحلي في السرائر: 3 / 470. 2. السرائر: 3 / 470. 3. الوسائل: 18 / 574، الباب 3 من أبواب نكاح البهائم، الحديث 1. 339 ويثبت الاستمناء بشهادة عدلين أو الإقرار ولو مرة، وقيل: إنما يثبت بالإقرار مرتين لا مرة واحدة (1) وليس بمعتمد.
1. هو خيرة الحلي في السرائر: 3 / 471. 340 المقصد الرابع: في حد المسكر والفقاع وفيه عشرون بحثا: 6816. الأول: الخمر حرام بالنص والإجماع، قال الله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم) (1) وهو الخمر، قال تعالى (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) (2) وقال الله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر - إلى قوله - فهل أنتم منتهون) (3) وفيه عشرة أدلة على التحريم. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كل شراب مسكر فهو حرام» (4). وقال (عليه السلام):
1. الأعراف: 33. 2. البقرة: 219. 3. المائدة: 90 - 91 وفي الآيتين عشرة أدلة على تحريم الخمر فصلها الشيخ في المبسوط: 8 / 57 - 58. 4. سنن البيهقي: 8 / 291. ولاحظ الوسائل: 17 / 264 - 265، الباب 15 من أبواب الأشربة المحرمة. 341 «الخمر شر الخبائث، من شربها لم يقبل الله صلاته أربعين يوما، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية» (1). ولعن في الخمر عشرة فقال: «لعن الله الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومشتريها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها» (2). وروى ابن بابويه قال: حرم رسول الله كل شراب مسكر، ولعن الخمر وغارسها، وحارسها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها، وساقيها، وعاصرها، وشاربها (3). وروي: «أن شارب الخمر كعابد الوثن» (4). وقال الصادق (عليه السلام): «لا تجالسوا شراب الخمر فإن اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس» (5). وقال (عليه السلام): «شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه، وإن
1. نقله الشيخ في المبسوط: 8 / 58; والحلي في السرائر: 3 / 473. 2. الوسائل: 17 / 300 - 301، الباب 34 من أبواب الأشربة المحرمة. 3. الفقيه: 4 / 40، في ذيل الحديث 131. 4. مستدرك الوسائل: 17 / 47، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث 13، ولاحظ الوسائل: 17 / 255، الباب 13 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث 12. 5. الفقيه: 4 / 41، رقم الحديث 132. 342 شهد فلا تزكوه، وان خطب إليكم فلا تزوجوه، فإن من زوج ابنته شارب خمر فكأنما أقادها إلى النار (1)، ومن زوج ابنته مخالفا له على دينه، فقد قطع رحمها، ومن ائتمن شارب خمر لم يكن له على الله تبارك وتعالى ضمان» (2). والأحاديث في ذلك كثيرة. 6817. الثاني: يجب الحد بتناول المسكر والفقاع من العالم بالتحريم، المختار في التناول، العالم بالمسكر، البالغ الرشيد، سواء تناول بشرب، أو اصطباغ، (3) أو مزجه بالغذاء والدواء، وكيف كان. والمراد بالمسكر هنا ما من شأنه أن يسكر، سواء أسكر أو لا لقلته، فإن القطرة يجب بتناولها الحد، كما يجب بتناول الكثير، وسواء كان المسكر خمرا - وهو المعتصر من العنب - أو نقيعا - وهو المتخذ من الزبيب، أو بتعا - وهو المتخذ من العسل - أو مزرا - وهو المتخذ من الشعير أو الحنطة أو الذرة - أو نبيذا - وهو المتخذ من التمر - وكذا المعمول من جنسين فما زاد. 6818. الثالث: العصير من العنب إذا غلا حرم، وكان حكمه حكم الخمر في تعلق الحد بتناوله، سواء غلى من نفسه أو بالنار، وحد الغليان أن ينقلب أسفله أعلاه وإن لم يقذف بالزبد، ويستمر تحريمه إلى أن يذهب،
1. وفي بعض الأحاديث «إلى الزنا» كما في «ب». 2. الفقيه: 4 / 41، رقم الحديث 133، الوسائل: 17 / 249، الباب 11 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث 7. 3. في مجمع البحرين: الصبغ بكسر الصاد: ما يصبغ به من الأدام، أي يغمس فيه الخبز ويؤكل، ويختص بكل أدام مائع كالخل ونحوه. 343 ثلثاه، أو ينقلب خلا، ولا يحرم بمرور ثلاثة أيام عليه إذا لم يغل. أما غير عصير العنب فإنما يحرم إذا حصلت فيه الشدة المسكرة. والتمر إذا غلى ولم يبلغ حد الإسكار، فالأقرب بقاؤه على التحليل حتى يبلغ الشدة المسكرة، وكذا الزبيب إذا نقع بالماء فغلى من نفسه أو بالنار. 6819. الرابع: حكم الفقاع حكم المسكر في التحريم والحد بالتناول شربا أو اصطباغا، وتداويا، مع الاختيار، والعلم بالتحريم، والبلوغ، والرشد، وليس بمسكر وإنما أجمع أصحابنا كافة على إلحاقه بالمسكر في أحكامه أجمع. 6820. الخامس: لا حد على من أكره على الشرب، سواء خوف حتى شرب، أو وجر في حلقه، ولا على من جهل التحريم أو جهل المشروب. ويثبت الحد على من شربه في دواء كالترياق، أو يتناوله بغير الشرب وإن قصد الدواء ما لم يبلغ التلف، على ما سبق البحث فيه. 6821. السادس: يثبت هذا الفعل بشهادة عدلين ذكرين، أو الإقرار مرتين، ولا تكفي المرة الواحدة، ولا يفتقر مع الإقرار إلى وجود الرائحة، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمات. ولو شهدا بشربها، أو شهد أحدهما بشربها والآخر بقيئها، أو شهدا بقيئها، ثبت الحد. ولو ادعى الإكراه أو الجهل بالتحريم مع إمكانه أو بالمسكر، قبل منه. ويشترط صدور الإقرار من البالغ العاقل الحر المختار.
344 6822. السابع: حد المسكر ثمانون جلدة، سواء شربه، أو تناوله بغير الشرب، وسواء شرب القليل ولو قطرة، أو الكثير، وسواء انفعل عنه أو لا، وسواء كان المتناول رجلا أو امرأة، حرا كان أو عبدا، وفي رواية: «يحد العبد أربعين جلدة» (1) وهي مطرحة، هذا إذا كان الشارب مسلما فإن كان كافرا وتظاهر بالشرب، أو خرج بين المسلمين سكران، جلد ثمانين جلدة، وإن استتر في منزله أو بيعته أو كنيسته بالشرب، ولم يخرج سكران بين المسلمين، لم يحد. 6823. الثامن: يجلد الشارب عريانا على ظهره وكتفه، ويتقى وجهه وفرجه، ولا يقام الحد عليه حتى يفيق، فإن تكرر الحد مرتين، قتل في الثالثة، وقيل: لا يقتل حتى يحد ثلاث مرات، فيقتل في الرابعة (2). ولو تكرر الفعل منه ولم يحد كفى حد واحد. 6824. التاسع: لو شرب الخمر مستحلا، قتل إن كان عن فطرة، وإن لم يكن عن فطرة استتيب، فإن تاب، وإلا قتل، وقيل: يستتاب مطلقا، سواء كان عن فطرة أو عن غيره، فإن تاب، وإلا قتل (3) والأول أقوى، وإذا تاب أقيم عليه الحد. ولو شرب ما عداه من المسكرات مستحلا لم يقتل، لوقوع الخلاف بين المسلمين، بل يقام الحد عليه، سواء شربها مستحلا أو محرما. ولو باع الخمر مستحلا استتيب، فإن تاب، وإلا قتل، ولو لم يكن مستحلا
1. الوسائل: 18 / 472، الباب 6 من أبواب حد المسكر، الحديث 7. 2. هو خيرة الشيخ في المبسوط: 8 / 59 والخلاف: 5 / 473، المسألة 1 من كتاب الأشربة، ورجحه فخر المحققين في الإيضاح: 4 / 515. 3. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 711 - 712; والمفيد في المقنعة: 799; والقاضي في المهذب: 2 / 535. 345 عزر، وما عدا الخمر إذا باعه مستحلا يستتاب، ولا يقتل مع امتناعه بل يؤدب. 6825. العاشر: لو تاب قبل قيام البينة، سقط الحد، وإن تاب بعدها لم يسقط، ولو ثبت الحد بإقراره وتاب، تخير الإمام بين الإقامة والعفو، وقيل يتحتم هنا الاستيفاء (1) وهو أقوى. 6826. الحادي عشر: لا ينبغي للمسلم أن يجالس شراب شئ من المسكرات، ولا أن يجلس على مائدة يشرب عليها شئ من ذلك، خمرا كان أو غيره، وكذا الفقاع، فمن فعل ذلك أدب حسب ما يراه الإمام. 6827. الثاني عشر: كل من استحل شيئا من المحرمات المجمع على تحريمها، كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، والربا، كان مرتدا، فإن كان مولودا على الفطرة قتل، وإلا استتيب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، وإن تناول شيئا من ذلك محرما له، كان عليه التعزير، فإن عاد بعد ذلك عزر، وغلظ عقابه، فإن تكرر منه، فعل به كما فعل أولا، ويغلظ زيادة، فإن عاد في الرابعة قتل. ويعزر آكل الجري، والمارماهي، والزمار، ومسوخ السمك، ومسوخ البر، وسباع الطير، والطحال، وغير ذلك، مما يحرم أكله، فإن عاد ثانية عزر. قال ابن إدريس: فإن استحل شيئا من ذلك قتل (2) وعندي فيه نظر. وإذا تاب من وجب عليه التعزير قبل قيام البينة، سقط عنه، فإن تاب بعدها لم يسقط، وإن تاب بعد الإقرار قبل أن يرفع إلى الحاكم، سقط الحد، وإن تاب بعد إقراره عند الحاكم، أقيم الحد عليه.
1. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 8 / 4; والحلي في السرائر: 3 / 478. 2. السرائر: 3 / 478. 346 6828. الثالث عشر: لو شرب المسكر في شهر رمضان، أو موضع شريف أو زمان شريف، أقيم عليه الحد، وأدب بعد ذلك بما يراه الإمام. 6829. الرابع عشر: من قتله الحد أو التعزير فلا دية له، ولا كفارة في قتله، وقال الشيخ (رحمه الله) في المبسوط: الذي يقتضيه مذهبنا أنه تجب الدية في بيت المال (1) وليس بجيد. ولو مات المحدود بالحد فبان فسق الشاهدين، كانت الدية على بيت المال، لأنه من خطأ الحاكم (2). ولو أنفذ الحاكم إلى امرأة حامل لإقامة حد، فأجهضت (3) فزعا منه، فخرج الجنين ميتا، فعلى الحاكم الضمان، ومحل الضمان قال الشيخ (رحمه الله): في بيت المال لأنه من خطأ الحاكم (4) وقال ابن إدريس: يكون على عاقلة الإمام، والكفارة في ماله، واستدل على ذلك بقضية عمر بن الخطاب حيث بعث إلى امرأة فأجهضت، وأشكل عليه الحال، فأفتاه أمير المؤمنين (عليه السلام) بوجوب الدية على العاقلة. (5) والأول أقوى، لأن عمر ليس حاكما عنده (عليه السلام) في نفس الأمر. ولو أمر الحاكم بضرب المحدود زيادة على الحد فمات، فإن كان الحداد جاهلا، فعلى الحاكم نصف الدية في ماله، لأنه شبيه العمد، وإن كان سهوا،
1. المبسوط: 8 / 63. 2. في «ب»: لأنه من خطأ الحكام. 3. أي أسقطت ما في بطنها. 4. المبسوط: 8 / 64. 5. السرائر: 3 / 480، ولاحظ الوسائل: 19 / 200، الباب 30 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1 و 2. 347 فالنصف على بيت المال، ولو كان الحداد عالما، فعليه القصاص، لأنه مباشر للإتلاف. ولو أمره الحاكم بالاقتصار على الحد، فزاد الحداد عمدا، اقتص منه، وإن زاد سهوا، فالنصف على عاقلته، سواء غلط في حساب الأسواط أو لا. 6830. الخامس عشر: قد بينا أن من تناول المسكر حد، سواء شربه، أو ثرد في الخمر، أو اصطبغ به، أو طبخ به لحما فأكل من مرقته، أو لت (1) به سويقا فأكله، ولو عجن به دقيقا، ثم خبزه، احتمل سقوط الحد، لأن النار أكلت أجزاء الخمر، نعم يعزر، ولو قلنا بحده كان قويا. ولو احتقن بالخمر لم يحد، لأنه لم يشرب ولم يأكل، ولو أسعط (2) به حد، لأنه وصل إلى باطنه من حلقه. ولو شربها مكرها لم يحد، ولو اضطر إليها، بأن لم يجد دافعا للغصة سواها، وكذا لو خاف التلف من العطش، وليس له التداوي بها. 6831. السادس عشر: لا يكفي في الحد وجود الرائحة في فيه، لاحتمال المضمضة والإكراه وشرب ما يحصل به مثل تلك الرائحة، كرب التفاح. ولو وجد سكران أو تقيأ، فالأقرب سقوط الحد، لاحتمال الإكراه والجهل، ولا ينسحب ذلك على إذا ما شهد واحد بشربها وآخر بقيئها. وإذا شهد العدلان بأنه شرب مسكرا، حد ولا يحتاجان إلى بيان نوعه ولا
1. في مجمع البحرين: اللت: هو إلزاق الشئ بالشيء وخلط بعضه في بعض، دقيق ملتوت بالزيت أي مخلوط به. 2. في مجمع البحرين: سعطه الدواء كمنعه ونصره: أدخله في أنفه. 348 إلى ذكر عدم الإكراه أو ذكر علمه بأنه مسكر، لأن الظاهر الاختيار والعلم. 6832. السابع عشر: إذا زاد على الحد، فعليه نصف الضمان، ولا تقسط الدية على الأسواط. 6833. الثامن عشر: يضرب الشارب قائما، ليأخذ كل عضو منه حصته من الضرب، ويتقى وجهه وفرجه ورأسه، لأنها مقاتل، ويكثر من الضرب في مواضع اللحم كالأليتين والفخذين، ولا يمد ولا يربط، ويضرب بالسوط، ولا يقوم مقامه الأيدي والنعال. (1) وتضرب المرأة جالسة وقد ربطت عليها ثيابها، لئلا تنكشف. ولا يقام الحد في المساجد. 6834. التاسع عشر: إذا انقلب الخمر خلا حلت، سواء انقلبت بعلاج أو من قبل نفسها، وسواء عولجت بإلقاء شئ فيها، أو بنقلها من الشمس إلى الظل وبالعكس. 6835. العشرون: التعزير يكون بالضرب، أو الحبس، أو التوبيخ، أو بما يراه الإمام، (2) وليس فيه قطع شئ منه، ولا جرحه، ولا أخذ ما له. والتعزير فيما يسوغ فيه التعزير واجب، ولا يجب ضمانه لو تلف بالتعزير السائغ.
1. رد لما نقل عن بعض فقهاء أهل السنة من أنه يقام الحد بالأيدي والنعال وأطراف الثياب. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 337. 2. كذا في «أ»: ولكن في «ب»: أو التوبيخ بما يراه الإمام. 349 المقصد الخامس: في حد السرقة وفيه فصول: [الفصل] الأول: [في] السارق وفيه أربعة عشر بحثا: 6836. الأول: يشترط في السارق البلوغ، والعقل، وارتفاع الشبهة والشركة، وهتك الحرز، والإخراج سرا، وانتفاء الأبوة والعبودية، فلو سرق الطفل لم يحد، ويؤدب، وإن تكررت سرقته، قال في النهاية: يعفى عنه أول مرة، فإن عاد أدب، فإن عاد حكت أنامله حتى تدمى، فإن عاد قطعت أنامله، فإن عاد قطع كما يقطع الرجل، (1) للرواية (2). ولو سرق المجنون لم يجب الحد لسقوط التكليف عنه، قيل (3): ويؤدب.
1. النهاية: 716. 2. بل الروايات، لاحظ الوسائل: 18 / 522، الباب 28 من أبواب حد السرقة. 3. القائل هو المحقق في الشرائع: 4 / 172. 351 6837. الثاني: يشترط في الحد ارتفاع الشبهة، فلو توهم الملك في المسروق، فبان غير مالك، سقط الحد، وكذا لو كان المال مشتركا وأخذ منه ما يظن أنه قدر نصيبه، فبان أنه أخذ زيادة عليه بقدر النصاب. 6838. الثالث: يشترط ارتفاع الشركة، فلو سرق الشريك من المال المشترك بقدر نصيبه، حمل على قسمة فاسدة، ولم يقطع، وإن زاد بقدر النصاب قطع. ولو سرق من مال الغنيمة ما يزيد عن نصيبه بقدر النصاب قطع، وإلا فلا، وفي رواية: لا قطع مطلقا. (1) 6839. الرابع: يشترط في الحد هتك الحرز منفردا أو مشاركا، فلو هتك غيره وأخرج هو، فلا قطع على أحدهما، ولو لم يكن المال محرزا لم يجب القطع، والحرز لم ينص الشارع على تعيينه، وإنما ردهم فيه إلى العرف فكل ما عد في العرف حرزا، فهو حرز، كالمحرز بقفل، أو غلق، أو دفن. وقال الشيخ (رحمه الله): إنه كل موضع ليس لغير مالكه الدخول إليه إلا بإذنه (2) وهو يختلف باختلاف الأموال، فالذهب والفضة والجواهر تحرز في صندوق مقفل، أو بيت مغلق، والإبل في الساحة والرحبة بشرط أن يكون عليها حائط وغلق، والثياب في الدار والدكان، والضابط في ذلك ما قدمناه من القفل والغلق والدفن. 6840. الخامس: يشترط أن يخرج المتاع بنفسه أو مشاركا، سواء باشر
1. الوسائل: 18 / الباب 12 من أبواب حد السرقة، الحديث 3 ولاحظ الباب 24 من هذه الأبواب الحديث 1. 2. المبسوط: 8 / 22. 352 الإخراج أو أخرجه بالسبب، بأن يشده بالحبل ثم يجذبه من خارج الحرز (1) أو يضعه على دابة، أو على جناح طائر من شأنه العود إليه، أو يأمر صبيا غير مميز بإخراجه، لأنه كالآلة، أما لو كان مميزا فإنه ليس كالآلة، فلا قطع على الآمر ولا على الصبي، لعدم التكليف. ولو اشترك رجلان في النقب، ودخل أحدهما فأخرج المتاع وحده، أو أخذه وناوله الآخر خارجا من الحرز، أو رمى به إلى خارج الحرز فأخذه الآخر، فالقطع على الداخل وحده. 6841. السادس: يشترط انتفاء الأبوة، فلا يقطع الأب لو سرق من مال ولده وإن نزل، ويقطع الولد لو سرق من مال والده، وكذا تقطع الأم وإن علت إذا سرقت من مال الولد وبالعكس، وكذا جميع الأقارب يثبت الحد عليهم وإن كانوا ذوي رحم يحرم بينهم التناكح. 6842. السابع: يشترط انتفاء العبودية للمالك، فلا قطع على العبد لو سرق من مال مولاه، والمدبر وأم الولد والمكاتب المشروط كالقن، وكذا المطلق وإن تحرر بعضه، ويقطع هؤلاء كلهم إذا سرقوا من غير المالك ولا يقطع المولى لو سرق من مال مكاتبه. 6843. الثامن: يشترط أن يأخذ سرا، فلو هتك الحرز ظاهرا قهرا وأخذ المال لم يقطع، وإنما يقطع إذا أخذ المال على وجه الخفية والاستتار، ولا يقطع المستأمن لو خان، ولا المختطف، ولا المستلب، ولا المختلس، ولا جاحد العارية، ولا جاحد الوديعة وغيرهما من الأمانات.
1. كذا في «ب» ولكن في «أ»: ثم يأخذ به من خارج الحرز. 353 6844. التاسع: لا فرق بين أن يكون السارق مسلما أو كافرا، حرا أو عبدا، ذكرا أو أنثى، فيقطع كل واحد منهم. ويقطع الآبق إذا سرق من غير مال سيده، ولا يقطع بسرقة نفسه، لأنه لا قطع على العبد إذا سرق من مال مولاه. والحربي إذا دخل مستأمنا إلينا فسرق قطع، ويقطع المرتد إذا سرق وكذا يقطع المسلم إذا سرق من مال الذمي وبالعكس، ولا يقطع المرتد إذا سرق من مال الحربي، ولا يقطع عبد الغنيمة إذا سرق منها، بل يؤدب. 6845. العاشر: لا يقطع الراهن إذا سرق الرهن من المرتهن، وإن استحق المرتهن إمساكه، ولا الموجر إذا سرق العين المستأجرة من المستأجر. ويقطع المسلم إذا سرق من بيت المال، إلا أن يكون له فيه حق، فيقطع إن سرق أكثر من حقه بقدر النصاب، وكذا لو سرق من الغنيمة من يستحق الخمس قبل إخراج الخمس، أو سرق أبو الغانم أو سيده. 6846. الحادي عشر: الأجير إن سرق من مال المؤجر وقد أحرز عنه، قطع، وفي رواية: لا يقطع (1) وهي محمولة على حالة الاستئمان. وفي الضيف قولان: أحدهما لا قطع عليه مطلقا (2) وهو المروي (3)
1. الوسائل: 18 / 505، الباب 14 من أبواب حد السرقة، أحاديث الباب. 2. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 717; والحلي في السرائر: 3 / 488. 3. الوسائل: 18 / 508، الباب 17 من أبواب حد السرقة، الحديث 1، ولاحظ الحديث 5 من الباب 14 من هذه الأبواب. 354 والآخر يقطع إن أحرز من دونه، وهو أقوى، وسواء منعه المضيف قراه (1) فسرق بقدره، أو لم يمنعه. ولو أضاف الضيف ضيفا فسرق الثاني قطع. 6847. الثاني عشر: إذا سرق أحد الزوجين من صاحبه وكان قد أحرز دونه بقفل أو غلق أو دفن، قطع، وإن لم يحرز من دونه فلا قطع. 6848. الثالث عشر: إذا أحرز المضارب مال المضاربة، أو أحرز المودع مال الوديعة، أو المستعير العارية، أو الوكيل المال الموكل فيه، فسرقه أجنبي قطع، لأنه ينوب مناب المالك في الإحراز. ولو غصب عينا أو سرقها وأحرزها، فسرقها سارق، لم يجب عليه القطع، ويحتمل القطع. ولو سرق نصابا أو غصبه، وأحرزه فهتك المالك الحرز، وأخذ ماله، فلا قطع فيه إجماعا، ولو سرق غير ماله، فإن اشتبه عليه بماله، أو اشتبه عليه فظن أن هتك الحرز بالنسبة إلى ماله يسوغ له غير ماله، لم يقطع، وإن لم يشتبه قطع على إشكال، من حيث تمكن الشبهة باعتبار أن له هتك هذا الحرز، وأخذ مال السارق مع عدم عينه، وكذا البحث لو أخذ ماله وأخذ من غيره بقدر النصاب متميزا عن ماله، وإن لم يكن متميزا عن ماله فلا قطع عليه، ولو سرق منه مالا آخر من غير الحرز الذي فيه ماله، أو كان له دين على إنسان فسرق من ماله قدر دينه من حرزه، فإن كان الغاصب أو الغريم باذلا لما عليه، أو قدر المالك على أخذ ماله
1. القرى: الضيافة، وفيه رد على ما قاله بعض أهل السنة من التفصيل بين منع المضيف قرى الضيف فلا يقطع وعدمه فيقطع. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 257. 355 فتركه، وسرق مال الغاصب أو الغريم، قطع لانتفاء الشبهة، وإن عجز، فلا قطع. 6849. الرابع عشر: لو أخرج المتاع فقال صاحب المنزل: سرقته، وقال الآخذ: وهبتنيه أو أذنت لي في إخراجه، فلا حد، والقول قول صاحب المنزل في بقاء المال عليه مع يمينه، وكذا لو قال الآخذ: المال لي، وأنكر صاحب المنزل، فالقول قوله مع يمينه، ويغرم المخرج، ولا قطع للشبهة. الفصل الثاني: [في] المسروق وفيه أربعة عشر بحثا: 6850. الأول: لا قطع إلا فيما بلغ ربع دينار، ذهبا، خالصا، مضروبا عليه بسكة المعاملة، أو ما بلغ قيمته ذلك قطعا، لا باجتهاد المقوم، ولا قطع فيما دون ذلك وإن بلغت قيمته ثلاثة دراهم، ولا يشترط بلوغ دينار أو عشرة دراهم (1). ولو كان فيه غش أو تبر يحتاج إلى تصفيته، لم يجب القطع حتى يبلغ ما فيه من الذهب ربع دينار. ولو سرق ربع دينار قراضة أو تبرا خالصا، أو حليا ونقص عن ربع دينار خالصا، فلا قطع، ولو بلغ ربع دينار خالصا، ونقص عن ربع دينار مضروب، فلا قطع، وقوى الشيخ (رحمه الله) عدم اشتراط الضرب (2).
1. رد على عطاء وأبي حنيفة حيث قالا: لا تقطع اليد إلا في دينار أو عشرة دراهم. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 242 - 243. 2. المبسوط: 8 / 19. 356 ويقطع في خاتم وزنه سدس دينار، وقيمته ربع، والدينار هو المثقال من مثاقيل الناس الآن لم يتغير. 6851. الثاني: يشترط في المسروق المالية، فلو سرق ما ليس بمال كالحر، فلا قطع فيه، صغيرا كان أو كبيرا، بل يقطع إذا سرق حرا صغيرا وباعه، ليرتدع وينزجر هو وغيره في المستقبل، (1) ولو كان (2) على الحر ثياب أو حلي بقدر النصاب. ولو سرق عبدا صغيرا فعليه القطع، ولو كان كبيرا نائما أو مجنونا أو أعجميا لا يميز سيده عن غيره في الطاعة، قطع سارقه، لأنه كالصغير، ولو كان كبيرا مميزا فلا قطع. ولو كانت المجنونة أو النائمة أم ولد قطع سارقها كالقن، وكذا المدبر والمكاتب المشروط. ولو سرق من مال المكاتب، قطع إن لم يكن سيده، ولو سرق نفس المكاتب فلا قطع عليه، لأن ملك سيده ليس بتام عليه، فإنه لا يملك منافعه ولا استخدامه ولا أخذ أرش الجناية عليه. 6852. الثالث: كل ما يعد مالا يقطع سارقه، سواء كان طعاما، أو ثيابا، أو حيوانا، أو أحجارا، أو صيدا، (3) أو نورة، أو زرنيخا، وسواء كان الطعام رطبا يسرع الفساد إليه كالفاكهة والطبائخ أو لا، (4) وكذا يقطع لو سرق ما كان أصله
1. يقطع لغاية العبرة، حتى لا يقوم به غيره لا من حيث سرقته للمال. 2. وصلية راجعة إلى قوله «فلا قطع» وإن كان على الحر... 3. في «أ»: أو عبدا. 4. رد على الحنفية حيث قالوا: لا قطع على سارق الطعام الرطب الذي يتسارع إليه الفساد. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 247 - 248. 357 مباحا في دار الإسلام، كالصيد والخشب، وإن لم يكن ساجا ولا أبنوسا (1) ولا صندلا ولا قنا (2) ولا معمولا من الخشب، وكذا يقطع لو سرق النورة، والجص، والزرنيخ، والملح، والحجارة، واللبن، والفخار، والزجاج، والقرون. لو سرق ماء محرزا فبلغت قيمته النصاب قطع، وكذا التراب، والطين الأرمني، وغيره. ويقطع سارق المصحف. ولو سرق عينا موقوفة، فإن قلنا بانتقال الوقف إلى الموقوف عليه، قطع، وإلا فلا. وفي الطير، وحجارة الرخام رواية (3) بسقوط الحد. 6853. الرابع: يشترط في الحد أخذ المسروق من حرز، فلا قطع على من سرق من الأرحية، والحمامات، والمواضع المأذون في غشيانها كالمساجد. وهل يصير حرزا بمراعاة المالك لها؟ قال الشيخ (رحمه الله) في الخلاف (4) والمبسوط (5): نعم ومنع ابن إدريس من ذلك (6) ويلوح من كلامه في النهاية المنع، فإنه قال: فأما المواضع التي يطرقها
1. الأبنوس: شجر من فصيلة الابنوسيات، يعيش في البلدان الحارة، خشبه ثمين، أسود اللون. المنجد. 2. القنا بالقصر جمع القناة وهي الرمح. مجمع البحرين. 3. الوسائل: 18 / 516، الباب 22 و 23 من أبواب حد السرقة. 4. الخلاف: 5 / 420، المسألة 6 من كتاب السرقة. 5. المبسوط: 8 / 24 و 36. 6. السرائر: 3 / 502. 358 الناس كلهم، وليس يختص بواحد دون غيره، فليست حرزا، كالخانات والحمامات والمساجد والأرحية وما أشبه ذلك من المواضع، فإن كان الشئ في أحد هذه المواضع مدفونا، أو مقفلا عليه، فسرقه إنسان، كان عليه القطع، لأنه بالقفل والدفن قد أحرزه. (1) 6854. الخامس: يشترط في القطع السرقة من حرز، فلا بد من الشرطين: السرقة والحرز، فلو سرق من غير حرز، أو انتهب من حرز فلا قطع، والأقوى عندي ما اختاره ابن إدريس، وهو أن الحرز واحد في جميع الأموال، وقال الشيخ (رحمه الله): إنه يختلف فما كان حرزا لمثله ففيه القطع، وما لم يكن حرزا لمثله في العرف فلا قطع، فحرز البقل والخضروات في دكان من وراء شريجة (2) يغلق أو يقفل عليها، وحرز الذهب الفضة والجوهر والثياب، في الأماكن الحريزة في الدور الحريزة، وتحت الأغلاق الوثيقة، وكذا الدكاكين والخانات الحريزة، فمن جعل الجوهر في دكان البقل، تحت شريجة (قصب) (3) فقد ضيع ماله (4) ثم قوى الشيخ بعد هذا ما اخترناه من تساوي الحرز بالنسبة إلى الجميع. (5) 6855. السادس: قال الشيخ (رحمه الله): الإبل إذا كانت راعية، فحرزها بنظر الراعي إليها مراعيا لجميعها، بأن يكون على نشز مثلا أو على موضع مستو من الأرض، ولو كان خلف جبل ينظر إلى البعض خاصة، لم يكن الآخر محرزا، وإن كانت
1. النهاية: 714 - 715. 2. في مجمع البحرين: الشريجة ككريمة: ما يضم من القصب يجعل على الحوانيت، وشئ ينسج من سعف النخل ونحوه يحمل فيه البطيخ ونحوه. 3. ما بين القوسين أثبتناه من المصدر. 4. المبسوط: 8 / 22. 5. المبسوط: 8 / 22. 359 باركة، فحرزها نظر المالك أو الذي (1) هي في يده، وإن لم يكن ناظرا إليها، فإنما تكون محرزة بشرطين: أن تكون معقولة، وأن يكون معها وإن كان نائما، فإن لم تكن معقولة، أو كانت وليس عندها، لم تكن محرزة، وإن كانت مقطرة، فإن كان سائقا ينظر إليها، فهي محرزة، وإن كان قائدا فإنما تكون في حرز (2) بشرطين: كونه بحيث إذا التفت إليها شاهدها أجمع، وكثرة الالتفات إليها والمراعاة، قال: وكل موضع هي في حرز بالنسبة إليه، فالمتاع المحمول عليها في حرز أيضا، فإن سرق الجمل وحمله، قطع، فإن كان صاحبه نائما عليه، فلا قطع، لعدم خروج يد المالك عنه. (3) 6856. السابع: لو كان معه ثوب ففرشه ونام عليه، أو اتكأ إليه، أو توسده، فهو في حرز في أي موضع كان في بلد أو بادية، قال الشيخ (رحمه الله): فإن تدحرج عن الثوب زال الحرز، وإن كان بين يديه متاع كالثياب بين يدي البزاز، فحرزها النظر إليها، فإن سرق من بين يديه وهو ينظر إليه، ففيه القطع، وإن سها أو نام عنه زال الحرز (4) وعندي في ذلك كله نظر. 6857. الثامن: إذا ضرب فسطاطا أو خيمة، وشد الأطناب، وجعل متاعه فيها، فإن لم يكن معها، فليست في حرز، وإن كان معها نائما أو غير نائم قال الشيخ: فهو وما فيها في حرز، فإن سرق (سارق) (5) قطعة منها فبلغ نصابا، أو سرق من جوفها، ففيه القطع، لأن الخيمة حرز لما فيها، وكل ما كان حرزا لما فيه، فهو حرز في نفسه (6) وعندي في ذلك نظر.
1. في «ب»: والذي. 2. في «أ»: في حرزه. 3. المبسوط: 8 / 23. 4. المبسوط: 8 / 24. 5. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 6. المبسوط: 8 / 24. 360 قال الشيخ (رحمه الله) البيوت إن كانت في برية، أو في البساتين، أو الرباطات في الطرق، فليست حرزا ما لم يكن صاحبها فيها، سواء أغلقت أبوابها أو لم تغلق، لأن الناس لا يعدون مثل هذه حرزا مع الغيبة، وإن كان صاحبها فيها، وأغلق الباب، فهي حرز نام أو لم ينم، وإن كانت في بلد أو قرية، فهي حرز مع الإغلاق، وإن لم يكن صاحبها فيها. وأما الدور والمنازل، فإن كان باب الدار مغلقا، فكل ما فيها وفي خزائنها في حرز، وإن كان باب الدار مفتوحا، وأبواب الخزائن مفتحة، فلا حرز، وإن كان باب الدار مفتوحا، وباب الخزانة مغلقا، فما في الخزائن في حرز، وما في الدار في غير حرز، وإن كان المالك فيها وباب الدار مفتوحا، فإن كان المالك مراعيا لما فيها فهي في حرز، وإلا فلا. وآجر (1) الحائط في حرز، وكذا باب الدار المنصوب، سواء كان مغلقا أو مفتوحا. وأما باب الخزانة، فإن كانت الدار مغلقة فهي في حرز، وإن كانت مفتوحة، فإن كان باب الخزانة مغلقا، فهي في حرز، وإلا فلا، فحلقة باب الدار المسمرة فيها في حرز، فإن بلغت نصابا فعلى قالعها القطع. هذا خلاصة ما ذكره (رحمه الله) (2). وينبغي أن يشترط عدم الزحام الشاغل للحس عن حفظ المتاع، والملحوظ بعين الضعيف في الصحراء ليس محرزا إذا كان لا يبالي به، والمحفوظ في قلعة محكمة إذا لم يكن ملحوظا، ليس محرزا.
1. الآجر بالمد والتشديد أشهر من التخفيف: اللبن إذا طبخ، والواحدة آجرة وهو معرب. مجمع البحرين. 2. المبسوط: 8 / 24 - 25. 361 ولو ادعى السارق أن المالك نام وضيع، سقط القطع بمجرد دعواه. والغنم محرزة بإشراف الراعي عليها عند الشيخ (1) وفيه نظر. 6858. العاشر: قال الشيخ (رحمه الله): يقطع سارق ستارة الكعبة (2) وفيه نظر لتساوي الناس في الانتساب إليها، ولو أخرج من البيت إلى صحن الخان شيئا، قطع، لأنه أخرجه من حرز إلى غير حرز وإن كان باب الخان (3) مغلقا، لاشتراك الناس في الصحن، ولو انفرد بالدار، فإن كان باب البيت والدار مفتوحين، أو مغلقين، أو كان باب البيت مفتوحا وباب الدار مغلقا، فلا قطع، ولو انعكس الأخير قطع. ولو نقله من زاوية من الحرز إلى زاوية أخرى، فلا قطع، أما لو أخرجه من بيت مغلق إلى بيت آخر مغلق، وكانت باب الدار التي استطرقها مفتوحة، فالأقرب القطع، ولو أخرجه من الصندوق المقفل إلى البيت المغلق أو الدار المغلقة، فلا قطع. 6859. الحادي عشر: لا قطع على من سرق من الجيب أو الكم الظاهرين، ويقطع لو كانا باطنين، ولو سرق ثمرة على شجرها لم يقطع، ولو أحرزت فسرقها بعد الإحراز قطع. وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال:
1. المبسوط: 8 / 23 - 24. 2. المبسوط: 8 / 33; الخلاف: 5 / 429، المسألة 22 من كتاب السرقة. 3. في «ب»: باب البيت. 362 «لا قطع على من سرق مأكولا في عام مجاعة». (1) ولو استحفظ رجل آخر متاعه في المسجد فسرق، فإن كان قد فرط في مراعاته ونظره إليه، فعليه الغرم إن كان قد التزم حفظه، وإن لم يلتزم ولم يجبه إلى ما سأله، لكن سكت، لم يلزم غرم ولا قطع على السارق في الموضعين، وإن حفظ المتاع بنظره إليه فسرق، فلا غرم عليه، وعلى السارق القطع على ما اختاره الشيخ. (2) ولو هدم الحائط فلا قطع على من سرق الآجر منه، وكذا لو هدم السارق الحائط ولم يأخذه، فلا قطع، كما لو أتلف المتاع في الحرز. ولو كانت الدار في الصحراء لا حافظ فيها، لم يكن حائطها محرزا. ولو سرق باب مسجد منصوبا، أو باب الكعبة المنصوب، فيجب على قول الشيخ (رحمه الله) القطع (3) وفيه نظر، أقربه العدم. 6860. الثاني عشر: لو آجر بيتا ثم نقبه وسرق مال المستأجر، قطع، وكذا لو أعار بيتا ثم نقبه وأخذ مال المستعير. ولو غصب بيتا فأحرز فيه ماله، فسرقه منه أجنبي أو المغصوب منه، فلا قطع. 6861. الثالث عشر: النباش إذا سرق الكفن قطع، سواء كان القبر في برية ضائعة (4) أو في بيت محروس، أو من مقابر البلاد.
1. الوسائل: 18 / 520، الباب 25 من أبواب حد السرقة، الحديث 3. 2. لاحظ المبسوط: 8 / 24 و 36; الخلاف: 5 / 420، المسألة 6 من كتاب السرقة. 3. المبسوط: 8 / 25. 4. أي برية مهملة ليس حولها عمارة. لاحظ العزيز شرح الوجيز للرافعي: 11 / 204 - 205. 363 والمطالب بالقطع الوارث وإن كان الكفن من متبرع، لأنه ملكه، ولهذا لو أكل الميت سبع أو أخذه سيل، كان الكفن للوارث. ولا بد من إخراج الكفن، فلو أخرجه من اللحد، ووضعه في القبر فلا قطع. والكفن الذي يقطع بسرقته ما كان مشروعا، وهو خمسة أثواب للرجل وسبعة للمرأة، الواجب والندب، والعمامة للرجل والقناع للمرأة ليسا من الكفن، وكذا ما يلبس الرجل أو المرأة زيادة على ما ذكرنا، فلا يقطع بأخذه وإن بلغ نصابا. ولو ترك في تابوت فسرق التابوت، أو ترك معه ذهبا أو فضة أو جواهر، لم يقطع بشئ منها. ولا يفتقر الحاكم في قطع النباش إلى مطالبة الوارث إن قلنا إنه يقطع زجرا. وهل يشترط بلوغ قيمة الكفن النصاب؟ قيل: نعم (1) وقيل: يشترط في المرة الأولى، دون الثانية والثالثة (2) وقيل: لا يشترط، (3) والأقرب الأول. ولو نبش ولم يأخذ عزر، فإن تكرر منه الفعل وفات السلطان، جاز له قتله، ليرتدع غيره عن مثله. 6862. الرابع عشر: لو سرق ما يتوهم أنه لا يبلغ النصاب وكان بالغا، قطع،
1. القائل هو المفيد في المقنعة: 804; وسلار في المراسم: 258; والحلبي في الكافي في الفقه: 412; وابن زهرة في الغنية: قسم الفروع: 434; وابن حمزة في الوسيلة: 423; والكيدري في اصباح الشيعة: 524. 2. هذا القول اختاره ابن إدريس في أول كلامه إلا انه رجع عنه. لاحظ السرائر: 3 / 512 و 514. 3. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 722; والقاضي في المهذب: 2 / 542. 364 فلو سرق دنانير ظنها فلوسا لا يبلغ نصابا، قطع، ولو سرق قميصا قيمته دون النصاب، لكن في جيبه دينار لا يعرف به، فالأقرب القطع. الفصل الثالث: في الحجة وفيه ثمانية مباحث: 6863. الأول: وهي إما بالإقرار أو البينة، ويشترط في الإقرار صدوره عن البالغ، العاقل، الحر، المختار، فلا عبرة بإقرار الصبي، ولا المجنون، ولا المكره، ولا يجب على العبد القطع بإقراره، فإن صدقه المولى، فالأولى القطع، ولا يكفي إقرار المولى دون اعتراف العبد، بل يكون المولى شاهدا واحدا إن كان عدلا. 6864. الثاني: لو أقر المكره لم ينفذ إقراره لا في القطع ولا في الغرم، فلو اتهم بالسرقة فأنكر، فضرب واعترف، ثم رد السرقة بعينها، قال الشيخ (رحمه الله): يقطع (1)، وقيل: لا يقطع لاحتمال كون المال في يده من غير جهة السرقة (2) وهو جيد. 6865. الثالث: يشترط في الإقرار العدد، وهو صدوره من أهله مرتين،
1. النهاية: 718. 2. ذهب إليه الحلي في السرائر: 3 / 490. 365 فلا قطع لو أقر مرة واحدة، بل يجب الغرم في المال خاصة، ولو أقر مرة ورجع، لم يقطع، لأنه لا يجب بالمرة القطع من دون الرجوع، فمعه أولى، ويجب غرم المال، ولا يقبل الرجوع فيه. ولو أقر مرتين ورجع، وجب غرم المال إجماعا، وهل يقطع؟ قال الشيخ: لا (1) وابن إدريس أوجب القطع. (2) 6866. الرابع: يثبت القطع بشهادة عدلين، ولا يثبت بشهادة الواحد، نعم يحلف صاحب المال مع شاهده، ويأخذ المال، ويسقط القطع، ولو شهد رجل وامرأتان ثبت المال، ولا قطع أيضا، ولو ادعى عليه السرقة فأنكر، كان له إحلافه في المال، فإن رد اليمين على المدعي أحلف للمال لا للقطع. ولو ادعى عليه الزنا بجاريته بالإكراه، كان له الإحلاف لإسقاط العقر (2) فإن رد اليمين، كان له أن يحلف ويثبت العقر لا الحد. 6867. الخامس: لو قامت البينة بالسرقة من غير مرافعة المالك، لم يقطع، وإنما القطع موقوف على مطالبة المالك، فلو لم يرافعه لم يرفعه الإمام وإن قامت البينة، ولو وهبه المسروق سقط الحد، وكذا لو عفا عن القطع، فأما بعد المرافعة فلا يسقط بهبة ولا عفو. ولو سرق مالا فملكه قبل المرافعة، سقط الحد، ولو ملكه بعد المرافعة لم يسقط.
1. النهاية: 718. 2. السرائر: 3 / 490 - 491. 3. في مجمع البحرين: العقر بالضم: دية فرج المرأة إذا غصبت على نفسها، ثم كثر ذلك حتى استعمل في المهر. 366 6868. السادس: لا تسمع البينة على السرقة مطلقا، بل لا بد فيه من التفصيل لما فيه من اشتراط الحرز والنصاب، وقد يخفى مثل هذا على أكثر الناس، وكذا شهادة الزنا، أما القذف المطلق فموجب للحد. وإذا قامت شهادة حسبة على السرقة في غيبة المالك، سمع الحاكم لكن لا يقطع إلا أن يرافعه المالك، ولو قامت بينة الحسبة في الزنا بجارية، حد دون حضور المالك، وإذا حضر المالك بعد شهادة الحسبة وطلب، قطع من غير استئناف للشهادة. 6869. السابع: لو ادعى السارق الملك بعد البينة، اندفع القطع عنه وإن لم يكذب الشاهد، مثل أن يقول: كان قد وهب مني قبل السرقة، والشاهد اعتمد على الظاهر وإن نفى أصل ملك المسروق منه، ولو شهدت البينة بالملك، قطع وإلا فلا. 6870. الثامن: يشترط في الشهادة على السرقة معرفة الشاهدين بملك المسروق منه العين المسروقة، وإقرار السارق (1) له بالملك، فلو شاهدوه قد (2) نقب وأخذ المال ولم يعلموا أنه للمسروق منه، وتناكر المسروق منه والسارق في الملك، فلا قطع، وكذا يشترط مشاهدتهم له وقد هتك الحرز أو اعترف عندهم بذلك.
1. كذا في «ب» ولكن في «أ»: أو إقرار السارق. 2. في «أ»: فلو شاهدوه وقد. 367 الفصل الرابع: في الحد وفيه سبعة مباحث: 6871. الأول: إذا سرق البالغ العاقل النصاب، وجب عليه رد المال، وقطع يده اليمنى، والمراد باليد هنا الأصابع الأربع، ويترك له الراحة والإبهام، ولا يقطع من الكوع، فإن سرق ثانية، قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم، ويترك له العقب يعتمد عليها في الصلاة، فإن سرق ثالثة حبس دائما يخلد في السجن، فإن سرق في السجن من حرز النصاب بعد ذلك، قتل. ولو تكررت السرقة ولم يقطع، كفى قطع واحد. 6872. الثاني: لو سرق من جماعة ورفع إلى الإمام، تداخلت الحدود، ووجب قطع اليمنى لا غير، سواء جاءوا به مجتمعين أو متفرقين، أما لو سرق فقطع، ثم سرق ثانيا قطع ثانيا سواء سرق من الذي سرق منه أولا أو من غيره، وسواء سرق تلك العين التي قطع بها أو غيرها. 6873. الثالث: إذا سرق وكانت يمينه شلاء قطعت، ولا يقطع يسراه، ولو كانت اليسار شلاء، أو كانتا شلاءين، قطعت اليمنى، ولو لم يكن له يسار قطعت أيضا، وفي رواية: لا يقطع (1) والوجه الأول.
1. الوسائل: 18 / 502، الباب 11 من أبواب حد السرقة، الحديث 3. 368 ولو كانت له يمين حين السرقة فذهبت، لم يقطع اليسار، ولو سرق ولا يمين له، قال في النهاية: قطعت يساره (1) وفي المبسوط: ينتقل إلى رجله (2) ولو لم يكن له يسار، قطعت رجله اليسرى. ولو سرق ولا يد له ولا رجل، حبس (3)، وفي الجميع إشكال ينشأ من تعلق الحد بعضو، فلا ينتقل إلى غيره. وقال في النهاية: إذا لم يكن له اليمنى، فإن كانت قطعت في قصاص أو غير ذلك، وكانت له اليسرى، قطعت اليسرى، فإن لم تكن له أيضا اليسرى، قطعت رجل اليمنى، فإن لم يكن له رجل، لم يكن عليه أكثر من الحبس (4). وقال [الشيخ] في المسائل الحلبية: المقطوع اليدين والرجلين إذا سرق ما يوجب القطع، وجب أن نقول: الإمام مخير في تأديبه وتعزيره، أي نوع أراد يفعل، لأنه لا دليل على شئ بعينه، وإن قلنا يجب أن يحبس أبدا، لانتفاء إمكان القطع، وغيره ليس بممكن، ولا يمكن إسقاط الحدود، كان قويا. (5) واختار ابن إدريس التعزير. (6) 6874. الرابع: لو تاب قبل ثبوت الحد، سقط القطع دون الغرم، ولو تاب بعد قيام البينة، وجب القطع، ولم تقبل توبته في إسقاط القطع، فلو تاب بعد الإقرار
1. النهاية: 717. 2. المبسوط: 8 / 39. 3. لاحظ النهاية: 718. 4. النهاية: 717. 5. نقله الحلي في السرائر: 3 / 489. ولم نعثر على هذه المسائل. 6. السرائر: 3 / 490. 369 دفعتين، قال الشيخ (رحمه الله): يتخير الإمام في العفو والاستيفاء (1) ومنع ابن إدريس وأوجب القطع. (2) 6875. الخامس: إذا أريد قطع السارق أجلس وضبط لئلا يتحرك فيجني على نفسه، وتشد [يده] بحبل وتمد حتى تبين مفاصل الأصابع، ويوضع على أصلها سكين حادة، ويدق من فوقه دقة واحدة، حتى ينقطع، أو يقطع بآلة حادة يمد عليها مدة واحدة، ولا يكرر القطع فيعذبه، فإذا قطعت الأصابع استحب حسم اليد بالزيت المغلي، فيجعل اليد فيه حتى ينحسم خروج الدم، وتنسد أفواه العروق. فإذا قطعت أصابعه، قال الشيخ (رحمه الله): تعلق في عنقه ساعة، لأنه أردع (3). ولا ينبغي إقامة الحد في حر أو برد، ولو فعل ذلك جاز، ولو مات بالسراية فلا ضمان وإن كان في الحر أو البرد. 6876. السادس: لو كانت له إصبع زائدة، فإن كانت خارجة عن الأربع، بقيت (4) على حالها، وان كانت ملتصقة بإحداها، فالأقرب ترك قطع الأصلية إذا لم يمكن إبقاء الزائدة إلا بها، ولو أمكن قطع بعض الأصلية قطع. ولو كانت يده ناقصة إصبعا أو إصبعين أو ثلاثا اكتفينا بقطع الباقي، ولا يتعدى القطع إلى الإبهام ولا إلى زائدة في سمت الأربع، ولو لم يكن له إلا الكف فعلى قول الشيخ (رحمه الله) ينتقل إلى اليسار. (5)
1. النهاية: 718. 2. السرائر: 3 / 491 - 492. 3. المبسوط: 8 / 36. 4. في «أ»: ثبت. 5. لاحظ النهاية: 717. 370 6877. السابع: لو سبق الحداد فقطع اليسرى عمدا، فالقصاص عليه، والقطع باق، وإن غلط، فالأقرب وجوب الدية عليه وبقاء الحد، وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام): إن عليا قال: «لا تقطع يمينه وقد قطعت شماله». (1) ولو كان على معصم (2) واحد كفان، قطعت أصابع الأصلية. الفصل الخامس: في اللواحق وفيه خمسة عشر بحثا: 6878. الأول: يشترط في القطع إخراج النصاب من الحرز، سواء حمله إلى منزله أو تركه خارجا من الحرز، وسواء أخرجه بمباشرة أو رمى به إلى خارج الحرز، أو شد فيه حبلا، ثم خرج، (3) فمده به، أو شده على بهيمة ثم ساقها به، أو تركه في نهر جار فخرج به، ففي هذا كله يجب القطع، وسواء دخل الحرز فأخرجه، أو نقبه ثم أدخل إليه يده أو عصا فاجتذبه، سواء كان البيت صغيرا لا يمكنه دخوله، أو كبيرا. ولو رمى المتاع فأطارته الريح فأخرجته، فعليه القطع، لأن ابتداء الفعل منه، كما قلنا في الماء.
1. الوسائل: 18 / 496، الباب 6 من أبواب حد السرقة، الحديث 1. 2. المعصم وزان مقود: موضع السوار من الساعد. المصباح المنير: 2 / 74. 3. في «أ»: ثم أخرج. 371 ولو ترك المتاع على دابة فخرجت بنفسها من غير سوق، أو ترك المتاع في ماء راكد فانفتح فخرج المتاع، أو على حائط في الحرز فأطارته الريح، فالأقرب سقوط القطع. ولو دخل حرزا فاحتلب لبنا من ماشية وأخرجه، قطع، ولو شربه في الحرز، أو شرب منه ما ينقص النصاب فلا قطع. 6879. الثاني: لو نقب وأخذ النصاب، وأحدث منه حدثا ينقص به قيمته عن النصاب، ثم أخرجه، فلا قطع، كما لو خرق الثوب أو ذبح الشاة فنقصت القيمة عن ربع دينار، ولو نقصت القيمة في الثوب بالشق وفي الشاة بالذبح، ولم ينقص عن النصاب، ثم أخرجهما وقيمتهما بعد الشق والذبح نصاب، قطع. ولو ابتلع جوهرة قيمتها النصاب، وتعذر إخراجها بعد خروجه، سقط القطع، لأنه كالتالف ولو خرجت حينئذ، ولا يسقط الظمآن على التقديرين، ولو كان خروجها مما لا يتعذر بالنظر إلى عادته قطع، لأنه كالإيداع في الوعاء. ولو تطيب في الحرز بطيب، وخرج ولم يبق عليه من الطيب ما إذا جمع كان نصابا، فلا قطع، وإن بلغ وجب القطع. ولو سحب منديلا أو عمامة أو خشبة، وخرج ببعضه إلى خارج الحرز (وبقي الباقي في الحرز) (1) فلا قطع، سواء كان الخارج بقدر النصاب أو أقل. 6880. الثالث: لا يشترط إخراج النصاب دفعة على الأقوى، فلو أخرجه في دفعات، فالأقرب وجوب الحد إن لم يتخلل اطلاع المالك، ولم يطل الزمان
1. ما بين القوسين يوجد في «أ». 372 بحيث لا يسمى سرقة واحدة، كما لو أخرجه في ليلتين، وإخراج البر شيئا فشيئا على الفواصل في حكم الدفعة، وكذا جر المنديل شيئا فشيئا. ولو جمع من البذر المبثوث في الأرض المحرزة ما يبلغ نصابا قطع، ولو أخرج نصابا من حرزين، فلا قطع إلا أن يكونا في دار واحدة. 6881. الرابع: لو اشترك نفسان فما زاد في سرقة، فإن بلغ نصيب كل واحد منهم نصابا، وجب القطع عليهم أجمع، ولو قصر فلا قطع، وهو أقوى قولي الشيخ (رحمه الله) (1) وفي النهاية: إذا سرق نفسان فصاعدا ما قيمته ربع دينار، وجب عليهما القطع (2). ولو سرق الاثنان ما يبلغ قيمته نصف دينار قطعا، ولو كان أحدهما ممن لا قطع عليه كأبي المسروق منه، قطع الآخر. ولو أقر بمشاركة سارق فأنكر الآخر، قطع المقر خاصة. 6882. الخامس: لو هتك الحرز جماعة ودخلوا، فأخرج بعضهم المتاع اختص بالقطع، ولا قطع على الآخرين، سواء كان نصيب كل واحد نصابا أو أقل، ولو أخرج أحدهما دون النصاب، والآخر أكثر من النصاب، فكمل النصابين، فالقطع على الآخر خاصة، دون من أخرج الأقل، ولو أخرج أحدهما دون النصاب، والآخر نصابا تاما، فالحد على من أخرج النصاب وحده. ولو دخلا دارا أحدهما في سفلها جمع المتاع وشده بحبل، والآخر في
1. ذهب إليه في الخلاف: 5 / 420، المسألة 8 من كتاب السرقة. 2. النهاية: 718 - 719. 373 علوها مد الحبل فرمى به وراء الدار، فالقطع على المخرج خاصة إن كان قد هتك الحرز، وإلا فلا قطع عليهما. وكذا لو نقبا نقبا، وقربه أحدهما من النقب وأدخل الخارج يده فأخرجه، فالقطع على المخرج. وكذا لو وضعها الداخل في وسط البيت، وأخرجها الخارج، فالقطع على المخرج. وقال في المبسوط: لا قطع على أحدهما، لأن كل واحد منهما لم يخرجه عن كمال الحرز (1). ولو نقب أحدهما وحده، ودخل الآخر وحده فأخرج المتاع، فلا قطع على أحدهما، لأن الأول لم يسرق، والثاني لم يهتك، وكذا لو نقب رجل وأمر غيره فأخرج المتاع وإن كان المأمور صبيا مميزا، وإن لم يكن مميزا قطع الآمر. ولو اشتركا في النقب، ودخل أحدهما فأخرج المتاع وحده، أو أخذه وناوله للآخر خارجا من الحرز، أو رمى به إلى خارج الحرز، فأخذ الآخر، فالقطع على الداخل وحده. 6883. السادس: قطع السارق موقوف على مطالبة المسروق منه، على ما تقدم، فلو سرق وقال: سرقت ملكي سقط القطع بالدعوى، لأنه صار خصما في المال، فلا يقطع بحلف غيره، ولو قال المسروق منه: هو لك فأنكر، فلا قطع،
1. المبسوط: 8 / 26 - 27. 374 ولو قال السارق: هو ملك شريكي (1) في السرقة، فلا قطع، وإن أنكر شريكه، ويقطع المنكر. ولو قال العبد السارق: هو ملك سيدي فلا قطع، وإن كذبه السيد. ولو أخرج المال وأعاده إلى الحرز قيل: لا يسقط القطع، لوجود السبب (2) وفيه نظر من حيث إن القطع موقوف على المرافعة، فإذا دفعه إلى صاحبه لم يبق له مطالبة. ولو سرق مالا فملكه قبل المرافعة، سقط الحد، ولو ملكه بعدها لم يسقط، أما لو أقر المسروق منه ان العين كانت ملكا للسارق، أو قامت له به بينة، أو أن له فيه شبهة، أو أن المالك أذن له في أخذها لم يقطع، ولو أقر له بالعين سقط، لأن إقراره يدل على تقدم ملكه. ولو أخرجها وقيمتها النصاب، فلم يقطع حتى نقصت قيمتها، قطع. 6884. السابع: يجب على السارق رد العين، وإن تلفت وجب عليها المثل أو القيمة إن لم يكن لها مثل، أو كان وتعذر، وإن نقصت فعليه أرش النقصان، ولو مات صاحبها دفعت إلى ورثته، وإن لم يكن وارث فإلى الإمام. ولا يسقط الغرم بالقطع، وكذا لا يسقط القطع بالغرم، سواء كان السارق موسرا أو معسرا ولو سرق مرات كثيرة وقطع، غرم الجميع والأخيرة أيضا (3).
1. في «ب»: ملك شريك. 2. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 8 / 29. 3. رد على أبي حنيفة حيث قال: لو سرق مرات ثم قطع، يغرم الكل إلا الأخيرة. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 279. 375 ولو صبغه السارق فزادت قيمته، وجب رده والقطع معا. 6885. الثامن: لو سرق ولم يقدر عليه، ثم سرق ثانية، قطع بالأولى لا بالأخيرة، وغرم المالين معا، ولو قامت الحجة بالسرقة، ثم أمسك حتى قطع، ثم شهدت عليه بالأخرى، قال في النهاية: قطعت [يده بالأولى و] رجله بالثانية (1). ومنع من القطع الثاني بعض علمائنا (2) وهو حسن. 6886. التاسع: يشترط في المال المسروق الحرمة، فلا قطع على من سرق خمرا أو خنزيرا من مسلم أو ذمي، ولا على سارق الطنبور والملاهي وأواني الذهب والفضة التي يجوز كسرها إذا قصد السارق بإخراجه الكسر، وإن قصد السرقة، ورضاضها نصاب قطع، ويصدق في قصده. ومن الشبهة المؤثرة ظن السارق ملك المسروق، أو ملك الحرز، أو كون المسروق ملك ولده. وليس من الشبهة كون الشئ مباح الأصل، كالحطب ولا كونه رطبا، كالفواكه، ولا كونه متعرضا (2) للفساد، كالمرقة والشمع المشتعل وإن كان حقا يعتقده (4). 6887. العاشر: إذا نقب أو فتح الباب المغلق فقد تحققت السرقة، وكذا لو صعد على الحائط الممتنع ونزل منه إلى الدار، فإن نقب منه، وعاد للإخراج ليلة أخرى، قطع إلا ان يطلع المالك ويهمل.
1. النهاية: 719. 2. لاحظ السرائر: 3 / 494. 3. في «أ»: معرضا. 4. في «ب»: خفيا يعتقده. 376 ولو أخرج شاة فتبعها سخلها أو غيره، فلا قطع في التابع. ولو حمل حرا ومعه ثيابه فلا قطع في الثياب، وفيه نظر إلا أن يكون ضعيفا، فيضمنها ولا قطع لأنه ليس بسارق. 6888. الحادي عشر: يستوي في القطع الحر والعبد، والأمة، والحرة، والمسلم، والذمي، والحربي، والمعاهد، ويستوي في القطع من الذمي قهرا إذا سرق مال مسلم، وإن سرق مال ذمي فإذا ترافعوا إلينا. 6889. الثاني عشر: ينبغي للحاكم التعريض بالإشارة على السارق بالإنكار، فيقول: ما أظنك سرقت. 6890. الثالث عشر: لو سرق صليبا من ذهب أو فضة يبلغ ربع دينار، قطع، وكذا لو سرق إناء معدا لحمل الخمر، لأن الإناء لا تحريم فيه، وإنما يحرم عليه نيته وقصده، فكان كما لو سرق سكينا معدة لقطع الطريق. ولو سرق إناء فيه خمر تبلغ قيمته النصاب قطع، ويقطع من سرق من بيت المال. 6891. الرابع عشر: لو اختلف الشاهدان في الزمان، فقال أحدهما: سرق يوم الخميس، والآخر: سرق يوم الجمعة، أو المكان، فقال أحدهما: سرق من هذا البيت المال، وقال الآخر: من بيت آخر، أو العين (1)، فقال أحدهما: سرق ثوبا، وقال الآخر: آنية، فلا قطع. ولو قال أحدهما: سرق ثوبا أبيض، وقال الآخر: ثوبا أسود، أو قال
1. عطف على قول «في الزمان» أي اختلفا في الزمان أو المكان أو العين. 377 أحدهما: سرق هرويا، والآخر: مرويا، لم يقطع، وكذا لو قال أحدهما: ثورا، والآخر: بقرة. 6892. الخامس عشر: لو كان النصاب مشتركا بين اثنين فما زاد، قطع سارقه، فلو أقر أنه سرق منهما نصابا، فصدقه أحدهما دون الآخر، لم يقطع، وإن وافقاه قطع. ولو حضر أحدهما فطالب، ولم يطالب الآخر، لم يقطع.
378 المقصد السادس: في حد المحارب وفيه واحد وعشرون بحثا: 6893. الأول: المحارب من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر، ليلا كان أو نهارا، في مصر وغيره، وسواء كان في العمران أو في البراري والصحاري، وعلى كل حال وهل يشترط كونه من أهل الريبة (1) الظاهر من كلامه في النهاية الاشتراط (2) والوجه المنع إذا عرف أنه قصد الإخافة، سواء كان المحارب ذكرا أو أنثى، خلافا لابن إدريس (3) ثم رجع إلى ما قلناه (4).
1. أي المتهم بالإخلال في المجتمع، وهذا ما يعبر عنه في بعض الكتب بالأشقياء وفي الدر المنضود: 3 / 225 تقريرا لدروس السيد الفقيه الگلپايگاني (قدس سره) «المراد من كونه من أهل الريبة: كونه بحيث يحتمل في حقه ذلك بأن كان من قبل من أهل الشر والفساد، في قبال من كان من الصلاح والسداد على حال لا يحتمل في حقه ذلك. وحيث إن المراد من المحارب هنا ليس كل من أتى بحرام وارتكب معصية، بل المراد كما تقدم هو من حارب المسلمين فقد أطلق عليه المحارب لله ورسوله تعظيما للفعل، فمن قال باعتبار الريبة لعله يقول به باعتبار دخل ذلك في صدق عنوانه، وأنه إذا كانت له سابقة في الشرارة والفساد فإنه يوجب كونه محاربا». 2. النهاية: 720. 3. السرائر: 3 / 508. 4. السرائر: 3 / 510. 379 وهل يثبت لمن جرد السلاح مع ضعفه عن الإخافة؟ فيه نظر، أقربه الثبوت، ويكتفي بقصده (1). ولا يثبت هذا الحكم للطليع ولا للردء (2)، وإنما يثبت لمن باشر الفعل، فأما من [حضر منهم و] (3) كثر، أو هيب، أو كان ردءا أو معاونا، فإنما يعزر ويحبس، ولا يكون محاربا. 6894. الثاني: اللص محارب فإذا دخل دارا متغلبا كان لصاحبها محاربته، فإن أدى الدفع إلى قتله ضاع دمه، ولا يضمنه الدافع، ولو جنى اللص عليه ضمن، ويجوز الكف عنه، ولو أراد نفس صاحب المنزل وجب الدفع، وحرم الاستسلام، فإن عجز عن المقاومة، وأمكن الهرب، أو الصياح وجب. 6895. الثالث: تثبت المحاربة بشهادة رجلين عدلين وبالإقرار ولو مرة واحدة، ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمات. ولو شهد بعض اللصوص على بعض، لم تقبل، وكذا لا تقبل شهادة المأخوذين بعضهم لبعض، وتقبل للرفقة بأن يقولوا عرضوا لنا وأخذوا هؤلاء (4)، ولو أضافوا أنفسهم لم تقبل، مثل أن يقولوا أخذوا مال هؤلاء ومالنا.
1. في «أ»: ويكفي في قصده. 2. قال ثاني الشهيدين: الطليع هو الذي يرقب له من يمر بالطريق ونحوه فيعلمه به، أو يرقب من يخاف عليه منه فيحذره منه، والردء - بكسر الراء وسكون الدال المهملة فالهمزة -: هو المعين له فيما يحتاج إليه، من غير أن يباشر متعلق المحاربة، وإلا يكون محاربا. المسالك: 15 / 7. 3. زيادة يقتضيها السياق. 4. في المبسوط: 8 / 54 مكان العبارة: «فإن شهدا فقالا: هؤلاء عرضوا لنا وقطعوا الطريق على غيرنا قبلت الشهادة، لأن العداوة ما ظهرت بالتعرض لهم. 380 6896. الرابع: اختلف علماؤنا في حد المحارب على قولين: فالمفيد (رحمه الله) (1) وابن إدريس (2) خيرا الإمام بين القتل، والصلب، والقطع مخالفا، والنفي مطلقا إلا أن يقتل، فيتحتم القتل. وقال الشيخ: بالتفصيل (3): فإن كان قد قتل - ولو عفا ولي الدم - قتله الإمام، ولو قتل وأخذ المال استعيد منه، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل، قطع مخالفا ونفي، ولو خرج ولم يأخذ المال، اقتص منه ونفي ولو اقتصر على شهر السلاح والإخافة نفي لا غير، عملا بروايات (4) والأصح الأول، عملا بنص القرآن في التخيير (5) وبراوية جميل بن دراج الحسنة عن الصادق (عليه السلام). (6) 6897. الخامس: المحارب إن قتل يقتل مطلقا، سواء كان المقتول مكافئا أو غير مكافئ، كالمسلم بالكافر، والحر بالعبد، والأب بالولد، فإن عفا ولي الدم قتل حدا. ويصلب المحارب إذا اختار الإمام صلبه حيا، على ما ذهبنا إليه من التخيير، وعلى قول الشيخ (رحمه الله) يصلبه مقتولا، ولا يترك على خشبة أكثر من ثلاثة أيام، ثم ينزل ويغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن، ومن لا يصلب إلا بعد القتل، يؤمر بالغسل قبل القتل، ثم لا يجب تغسيله ثانيا.
1. المقنعة: 804. 2. السرائر: 3 / 507. 3. النهاية: 720. 4. لاحظ الوسائل: 18 / 532، الباب 1 من أبواب حد المحارب، الحديث 1 و 54. 5. المائدة: 33. 6. الوسائل: 18 / 533، الباب 1 من أبواب حد السرقة، الحديث 3. 381 6898. السادس: إذا قتل المحارب غيره طلبا للمال، تحتم قتله قودا إن كان مكافئا، وحدا إن لم يكن مكافئا، أو عفا ولي الدم، ولو قتل لا لطلب المال فهو كقتل العمد، أمره إلى الولي، يسقط قتله بعفوه، ولو جرح طلبا للمال، فالقصاص إلى الولي، فإن عفا الولي، فالأقرب السقوط. 6899. السابع: ينفى المحارب عن بلده وعن كل بلد يقصده، ويكتب إلى كل بلد يدخله بالمنع من مبايعته ومعاملته إلى أن يتوب، فإن قصد بلاد الشرك لم يمكن من الدخول إليها، فإن مكنوه قوتلوا حتى يخرجوه. 6900. الثامن: إذا تاب المحارب قبل القدرة عليه، سقط الحد دون القصاص في النفس والجراح، ودون أخذ المال، ولو تاب بعد الظفر به لم يسقط الحد ولا القصاص ولا ضمان المال. 6901. التاسع: لا يعتبر في قطع المحارب أخذ النصاب، خلافا للشيخ في بعض كتبه (1) ولا أخذه من حرز، وهذا إنما تظهر فائدته على ما ذهب إليه الشيخ، أما عندنا فلا، فإنه يجوز قطعه وإن لم يأخذ المال. 6902. العاشر: يبدأ في قطع المحارب بيده اليمنى، ثم يقطع رجله اليسرى بعد أن تحسم يده، وتحسم اليسرى أيضا، ولو لم تحسم في الموضعين جاز، ويوالي بين القطعين بعد الحسم. لو فقد أحد العضوين قطعنا الآخر، ولم ينتقل إلى غيره، قال الشيخ (رحمه الله): إذا كان الطرفان معدومين، قطعنا يده اليسرى ورجله اليمنى. (2)
1. ذهب إليه الشيخ في الخلاف: 5 / 464، المسألة 7 من كتاب قطاع الطريق. 2. المبسوط: 8 / 49. 382 6903. الحادي عشر: لو مات المحارب بعد أن قتل أخذت الدية من تركته، وان قتل جماعة اشتركوا في قتله، فإن قتل بأحدهم كان للآخرين الدية، ولو عفا الولي على مال، قتل حدا، وأخذت الدية من تركته إن اختار المحارب الصلح عليها. والجرح الساري يوجب قتلا متحتما (1). ومن استحق يساره بالقصاص، ويمينه بالسرقة، قدم القصاص، ثم يمهل حتى يندمل، ثم يقطع للسرقة، ولو استحق يمينه للقصاص، ثم قطع الطريق، قطعت يمينه للقصاص، وقطعت رجله من غير مهلة. 6904. الثاني عشر: إذا اجتمعت حدود مختلفة، كالقذف، والقطع، والقتل، بدئ بالجلد، ثم القطع، ثم القتل، ولا يسقط ما دون القتل باستحقاق القتل، ولو أخر مستحق الطرف حقه، استوفي الجلد، ثم قتل. ولو كانت الحدود لله تعالى بدئ بما لا يفوت معه الآخر. 6905. الثالث عشر: الخناق يقتل ويستعاد منه ما أخذ. ومن بنج غيره أو أسكره بشئ احتال عليه، ثم أخذ ماله، عوقب وأدب، واستعيد منه ما أخذه، وإن جنى البنج [أ] والإسكار عليه ضمن الجناية، ولا قطع عليه. والمحتال على أموال الناس بالمكر والخديعة وتزوير الكتب والرسائل
1. والمراد أنه إذا جرح قاطع الطريق جرحا ساريا منتهيا إلى قتل المجروح يحكم عليه بأنه قاتل. 383 الكاذبة وشهادة الزور وغير ذلك، يعزر ويعاقب بما يراه الإمام رادعا، ويغرم ما أخذه ويشهر، ولا قطع عليه. والمستلب الذي يسلب الشئ ظاهرا لا قاهرا من الطرقات من غير اشتهار سلاح ولا قهر، يعاقب ويضرب ضربا وجيعا ويستعاد منه ما أخذ، ولا قطع عليه، والمختلس كذلك. 6906. الرابع عشر: لا فرق في السلاح بين السيف وغيره، ولو لم يكن سلاح لم يكن محاربا، ولو عرض للمارة بالعصا والحجارة، فالأقرب أنه يكون محاربا. ولو كان المحاربون جماعة، وفيهم صبي أو مجنون أو والد لمن قتلوه، سقط القتل قصاصا وحدا عن الصبي والمجنون، وقصاصا خاصة عن الأب، ولم يسقط القتل في حق الباقين، ويضمن الصبي والمجنون ما أخذاه من المال، ودية قتلهما على عاقلتهما. 6907. الخامس عشر: للإنسان أن يدفع عن نفسه وحريمه وماله وإن قل، ولو قدر على الدفع عن غيره، فالأقوى الوجوب مع أمن الضرر، ويجب اعتماد الأسهل، فإن اندفع الخصم بالكلام اقتصر عليه، ولو لم يندفع فله ضربه بأسهل ما يعلم أنه يندفع به، ويحرم عليه حينئذ التخطي إلى الأصعب، فإذا ذهب موليا لم يكن له قتله ولا ضربه ولا اتباعه، ولو افتقر في الضرب إلى العصا ساغ له، فإن لم يكف جاز بالسلاح، ويذهب دمه هدرا، سواء كان جرحا أو قتلا، وسواء كان الدافع حرا أو عبدا، وكذا المدفوع. ولو قتل الدافع كان شهيدا وضمنه المدفوع، ولو ضربه الدافع فعطله لم يكن له أن يثني عليه.
384 ولا يبدأ الدافع ما لم يتحقق قصده إليه، وله دفعه ما دام مقبلا، فإذا أدبر كف عنه، ولو ضربه مقبلا فقطع يده، فلا ضمان عليه في الجراح ولا في السراية، فان ولى فضربه فقطع رجله، فالرجل مضمونة بالقصاص، أو الدية إن اندملت، ولو سرت الأولى فلا ضمان فيها، ولو اندملت الأولى وسرت الثانية، ثبت القصاص في النفس، ولو سرتا معا ثبت القصاص بعد رد نصف الدية، فإن عاد المدفوع بعد قطع العضوين فقطع الدافع يده الثانية، فاليدان غير مضمونتين، ولو سرى الجميع قال في المبسوط (1): عليه ثلث الدية إن تراضيا، وإن اقتص الولي جاز له ذلك إذا رد ثلثي الدية، والوجه عندي أن عليه نصف الدية، لأن الجرحين من واحد فصار كما لو جرحه واحد مائة والآخر جرحا واحدا، ثم سرى الجميع، فإن الدية عليهما بالسوية. قال الشيخ (رحمه الله): ولو قطع يده ثم رجله مقبلا ويده الأخرى مدبرا، وسرى الجميع، فعليه نصف الدية (2) فإن طلب الولي القصاص كان له ذلك بعد رد نصف الدية. ولو لم يمكنه الدفع إلا بالقتل، أو خاف أن يبدره بالقتل إن لم يقتله، فله ضربه بما يقتله، أو يقطع طرفه، وما أتلفه فهو هدر. 6908. السادس عشر: كل من عرض لإنسان يريد ماله أو نفسه، فحكمه ما ذكرنا فيمن يريد دخول المنزل في الدفع بالأسهل فالأسهل، فإن كان بينه وبينهم
1. المبسوط: 8 / 76 - كتاب الدفع عن النفس. 2. كذا في الشرائع: 4 / 190، ولكن في المبسوط: 8 / 76 «فإن قطع يده مقبلا وأقام على إقباله فقطع الأخرى، ثم ولى فقطع رجله ثم سرى إلى نفسه فمات، كان عليه نصف الدية». 385 نهر كبير أو خندق، أو حصن، لا يقدرون على اقتحامه، لم يكن له رميهم، ولو لم يمكن إلا بقتالهم، فله قتالهم وقتلهم. 6909. السابع عشر: للمرأة أن تدافع عن نفسها ومالها وفرجها، وكذا للغلام، ويجب عليهما الدفاع عن الجماع، وأن لا يمكنا غيرهما من الفعل بهما، فإن خافا على أنفسهما القتل، ولم يندفع الخصم إلا بالتمكين، ساغ لهما ذلك، وكان لهما قتله بعد ذلك. 6910. الثامن عشر: لو وجد مع زوجته أو مملوكته أو غلامه من ينال دون الجماع، فله دفعه، فإن امتنع فهو هدر. ولو وجد رجلا يزني بامرأته، فله قتلهما، ولو قتل رجلا وادعى أنه وجده مع زوجته، فأنكر الولي، فالقول قول المنكر مع يمينه، والأقرب الاكتفاء بالشاهدين، لأن البينة تشهد على وجوده مع المرأة لا على الزنا. ولو قتل رجلا فادعى الهجوم على منزله وعدم التمكن من دفعه إلا بالقتل، فعليه القود إلا مع البينة، فإن شهدت البينة أنهم رأوا المقتول مقبلا إليه بسلاح مشهور فضربه هذا فقد هدر دمه، وإن شهدوا أنه كان داخلا داره ولم يذكروا سلاحا، أو ذكروا سلاحا غير مشهور لم يسقط القود بذلك. ولو تجارح اثنان وادعى كل منهما دفع صاحبه عن نفسه، حلف كل منهما على إبطال دعوى صاحبه، وضمن ما جرحه. 6911. التاسع عشر: من اطلع على قوم، فلهم زجره، فإن أصر كان لهم
386 رميه بحصاة أو عود، فان جنى الرمي فهدر، ولو بدروه بالرمي من غير زجر، ضمنوه، وإن كان المطلع رحما لصاحب المنزل، كان لهم زجره، ولو رموه بعد الزجر ولم ينزجر ضمنوا. أما لو كان بعض النساء مجردة، جاز رميه مع عدم الانزجار بالزجر، لأنه ليس للمحرم هذا الاطلاع. 6912. العشرون: لو كان المطلع أعمى لم يجز رميه، لأنه لا يرى شيئا، ولو كان إنسان عاريا في طريق، لم يكن له رمي من نظر إليه، ولو زجره فلم ينزجر، ففي جواز الرمي نظر. ولو كان باب المنزل مفتوحا، فاطلع فيه مطلع، جاز زجره، فإن لم ينزجر فلصاحب المنزل رميه، وكذا لو كان في الباب ثقب أوسع (1). ولو اطلع فزجره فلم ينزجر فرماه، فقال: لم أقصد الاطلاع، لم يضمنه، وليس لصاحب الدار رمي الناظر بما يقتله. ولو لم يندفع الناظر بالرمي بالشيء اليسير، انتقل إلى ما هو أكبر منه، وهكذا حتى يأتي (2) على نفسه، وسواء كان الناظر في الطريق أو ملك نفسه. 6913. الواحد والعشرون: للإنسان دفع الدابة الصائلة عن نفسه، فلو تلفت بالدفع، فلا ضمان، فلو لم تندفع إلا بالقتل، جاز قتلها، ولا ضمان، ولو قتل المحرم صيدا لصيالته لم يضمنه، ولو قتله ليأكله في المخمصة، ضمنه.
1. في «ب»: نقب أوسع. 2. في «ب»: حتى تأتي. 387 ولو قتل الإنسان آخر لصيالته لم يضمنه، ولو قتله ليأكله في المخمصة وكان محقون الدم، فعليه القصاص. ولو عض يد غيره، فجذب المعضوض يده فوقعت أسنان العاض، فلا ضمان، سواء كان المعضوض ظالما أو مظلوما، لأن العض محرم إلا أن يكون مباحا له، مثل أن يمسكه في موضع يتضرر بإمساكه، أو يعض يده، ونحو ذلك مما لا يمكن التخلص من ضرره إلا بالعض، فيكون الجاذب ضامنا لأسنانه، ولو عض أحدهما يد الآخر وافتقر المعضوض في التخلص إلى أن يعض العاض، فله عضه، ويضمن الظالم منهما ما تلف من المظلوم، وما تلف من الظالم كان هدرا، ويجب على المعضوض تخليص يده بالأسهل، فإن احتاج إلى الأصعب، انتقل إليه، فإن افتقر إلى اللكم (1) أو الجرح جاز، ولو تعذر ذلك، جاز أن يبعجه (2) بسكين أو خنجر، فإن انتقل إلى الأشق مع التخليص بالأسهل، كان ضامنا. والأقرب جواز جذب يده (3) وإن سقط الأسنان مطلقا، لأن جذب يده مجرد تخليص ليده، وما حصل من سقوط الأسنان حصل ضرورة للتخلص الجائز. (4)
1. اللكم: الضرب باليد مجموعة، وقيل: هو اللكز في الصدر والدفع. لسان العرب: 12 / 323. 2. في مجمع البحرين: بعج بطنه بالسكين بعجا: إذا شقه. 3. في «أ»: تجويز جذب يده. 4. في «ب»: ضرورة التخلص الجائز. 388 المقصد السابع: في حد الردة وفيه سبعة وعشرون بحثا: 6914. الأول: المرتد عن الإسلام هو الراجع عنه إلى الكفر، وهو قسمان: من ولد على فطرة الإسلام، وهو المرتد عن فطرة، وهذا لا يستتاب، ولا تقبل توبته لو تاب، بل يجب قتله في الحال، وتبين زوجته حال ارتداده، وتعتد عدة الوفاة، وتقسم أمواله بين وراثه (1) وإن التحق بدار الحرب، أو هرب من الإمام بحيث لا يقدر عليه، أو اعتصم بما يحول بينه وبينه. 6915. الثاني: من أسلم عن كفر ثم ارتد، فهذا يستتاب، فإن امتنع من العود إلى الإسلام، قتل، وتجب استتابته. وفي قدر استتابته قولان: أحدهما: ثلاثة أيام، للرواية (2) والثاني: القدر الذي يمكن معه الرجوع (3) ولا تزول عنه أملاكه بارتداده، ولا بامتناعه من التوبة، ولا بالتحاقه بدار الكفر، بل بالقتل خاصة.
1. في «أ»: بين وارثه. 2. لاحظ الوسائل: 18 / 548، الباب 3 من أبواب حد المرتد، الحديث 5. 3. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 282 - 283. 389 نعم ينفسخ النكاح بينه وبين زوجته من حين الارتداد، وتعتد عدة الطلاق، فإن انقضت العدة ولم يرجع، بانت منه، وإن رجع في أثناء العدة، فهو أولى بها، وتقضى ديونه من أمواله، وتؤدى الحقوق الواجبة عليه، كنفقة الزوجات والأقارب ما دام حيا، فإذا قتل سقطت النفقة، وقضيت الديون الثابتة عليه. 6916. الثاني: يشترط في المرتد البلوغ، والعقل، والاختيار، فلا اعتبار بردة الصبي بل يؤدب، ولا المجنون والمغمى عليه، والسكران كالمجنون، ولا اعتبار بالمكره، فلو نطق بالكفر كان لغوا، ولو ادعى الإكراه وظهرت الأمارة، قبل منه. ولو شهد شاهدان على ردته، فقال: كذبا، لم يسمع، ولو قال: كنت مكرها، صدق مع الأمارات، ولو نقل الشاهد لفظه فقال: صدق ولكني كنت مكرها، قبل، إذ لا تكذيب فيه، بخلاف ما إذا شهد بالردة، فإن الإكراه ينفي (1) الردة دون اللفظ. 6917. الثالث: المرتدة عن الإسلام لا تقتل، سواء ارتدت عن فطرة أو لا، بل تحبس دائما، وتضرب أوقات الصلوات، ولو تابت فالوجه قبول توبتها، وسقوط ذلك عنها وإن كانت عن فطرة. 6918. الرابع: المرتد عن غير فطرة إذا قتل أو مات، كانت تركته لورثته المسلمين، فإن لم يكن له وارث مسلم، فهو للإمام، وأولاده الأصاغر بحكم المسلمين، فإن بلغوا مسلمين فلا بحث، وإن اختاروا الكفر استتيبوا، فإن تابوا، وإلا قتلوا، سواء ولدهم قبل الإسلام أو بعده، أما لو ولدهم حال ارتداده، فإن
1. في «أ»: ينافي. 390 كانت الأم مسلمة، كانوا بحكمها، كما قلنا في الأب، وإن كانت مرتدة أو كافرة، والحمل بعد ارتدادهما، فالأولاد بحكمهما. وهل يجوز استرقاقهم؟ تردد الشيخ، فتارة جوزه، لأنهم كفرة ولدوا بين كافرين (1) وتارة منع، لأن الأب لا يسترق للحرمة بالإسلام فكذا الولد. (2) 6919. الخامس: إذا ولد للمرتد عن غير فطرة ولد، وكان الحمل به حال ارتداد أبويه، فقد قلنا انه كافر، فإن قتله قاتل مسلم، لم يقتل به، أما لو ولد الولد حال إسلام الأب أو قبله، أو كانت الأم مسلمة، فإن الولد كالمسلم، فإن قتله مسلم قبل وصفه الكفر، قتل به، سواء قتله قبل بلوغه أو بعده. 6920. السادس: يحجر الحاكم على أموال المرتد عن غير فطرة، لئلا يتصرف فيها بالإتلاف، فإن رجع فهو أحق بها، وإن التحق بدار الحرب، بقيت محفوظة، أو بيع ما يخشى تلفه، فإن رجع إلى الاسلام فهو أحق بها، وإن مات انتقلت إلى ورثته المسلمين، ولا تقسم بينهم ما دام الأب باقيا. وهل يحصل الحجر بمجرد الردة أو بضرب الحاكم؟ فيه نظر. 6921. السابع: إذا تكرر الارتداد عن غير فطرة، قال الشيخ (رحمه الله): يقتل في الرابعة، قال: وروى أصحابنا أنه يقتل في الثالثة. (3)
1. ذهب إليه الشيخ في الخلاف: 5 / 360، المسألة 11 من كتاب المرتد; والمبسوط: 7 / 286. 2. واختاره الشيخ في المبسوط أيضا: 8 / 71 - كتاب قتال أهل الردة - ولا يخفى أن للشيخ قولا ثالثا في كتاب قتال أهل الردة من الخلاف: 5 / 501، المسألة 1. 3. المبسوط: 8 / 74، ويريد من الرواية إما صحيحة يونس (الوسائل: 18 / 313، الباب 5 من أبواب مقدمات الحدود، الحديث 1)، أو رواية جميل بن دراج (الوسائل: 18 / 547، الباب 3 من أبواب حد المرتد، الحديث 3) وتمام الحديث في التهذيب: 10 / 137 برقم 544. 391 6922. الثامن: الزنديق - وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر - يقتل بالإجماع. 6923. التاسع: الكافر إذا أكره على الإسلام حكم بصحة إسلامه إن كان ممن لا يقر على دينه، وإن كان ممن يقر على دينه، لم يصح إسلامه مكرها. 6924. العاشر: قال الشيخ (رحمه الله) في المبسوط: السكران يحكم بإسلامه وارتداده (1) ففيه نظر، والأقرب المنع إذا لم يكن مميزا، وهو (2) اختياره في الخلاف (3). ولو جن بعد ردته لم يقتل، لأن جواز القتل مشروط بامتناع قبوله من التوبة، ولا حكم لامتناع المجنون، أما لو كان الارتداد عن فطرة، فإن الوجه أنه يقتل. 6925. الحادي عشر: المرتد إذا أتلف على مسلم مالا في دار الحرب أو دار الإسلام حالة الحرب أو بعد انقضائها، ضمن، والوجه أن الحربي كذلك. ولو قتل المرتد مسلما عمدا، فللولي قتله قصاصا، ويسقط قتل الردة، وإن عفا على مال أو عفا مطلقا، قتل بالردة. ولو قتل خطأ، كانت الدية في ماله مخففة مؤجلة، لأنه لا عاقلة له، فإن قتل أو مات حلت، كالدين المؤجل. 6926. الثاني عشر: لو تزوج المرتد لم يصح، سواء تزوج بمسلمة أو كافرة، وتسقط ولايته في النكاح، فلو زوج ابنته المسلمة لم يصح، وفي سقوط
1. المبسوط: 8 / 74. 2. أي المنع. 3. الخلاف: 5 / 504، المسألة 5 من كتاب قتال أهل الردة. 392 ولايته عن تزويج أمته نظر، أقربه عدم السقوط، فله أن يزوجها، وإن كانت مسلمة على إشكال. وإذا دخل بزوجته المسلمة بعد أن تزوجها مرتدا، فإن كانت عالمة بالتحريم، فلا مهر لها، وإلا ثبت لها المهر، وفرق بينهما. 6927. الثالث عشر: لو تاب المرتد، فقتله من يعتقد بقاءه على الردة، قال الشيخ: يثبت القود، لوجود المقتضي وهو قتل المسلم ظلما (1) وفيه إشكال من حيث عدم القصد إلى قتل المسلم. 6928. الرابع عشر: إذا نقض الذمي العهد، ولحق بدار الحرب، فأمواله باقية على الأمان، فإن قتل أو مات ورثه الكافر الذمي والحربي، فإن كان الوارث ذميا فماله باق على الأمان، وإن كان حربيا زال الأمان عنه. وأولاده الصغار باقون على الذمة، فإذا بلغوا خيروا بين عقد الجزية لهم، وبين الانصراف إلى مأمنهم، ثم يصيرون حربا. (2) 6929. الخامس عشر: كلمة الإسلام [أن يقول:] أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ولا تجب زيادة «أبرأ (3) من كل دين غير الإسلام» لأنه تأكيد. ولو كان مقرا بالله سبحانه وبالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكن اعتقد عدم عموم نبوته، أو أنه لم يوجد بعد، بين له وأرشد إلى أن يظهر له الحق. 6930. السادس عشر: لو ارتد المجنون لم يكن لارتداده حكم، بل هو باق على إسلامه، فلو قتله مسلم ضمنه.
1. المبسوط: 8 / 72; الخلاف: 5 / 503، المسألة 3 من كتاب قتال أهل الردة. 2. في أكثر النسخ: «حربيا» وفي لسان العرب: 3 / 100 «ذهب بعضهم إلى انه [يعني لفظة حرب] جمع حارب أو محارب، على حذف الزائد». 3. في «ب»: إبراء. 393 6931. السابع عشر: يقتل المرتد بالسيف، ولا يجب إحراقه بالنار، والقتل إلى الإمام، والأقرب أن للمولى قتل عبده بالردة، ولو قتله مسلم أخطأ ولا قود عليه ولا دية. 6932. الثامن عشر: تصرفات المرتد عن فطرة في ماله بالبيع والهبة والعتق والتدبير باطلة، أما المرتد عن غير فطرة، فالأقرب أنه موقوف، فإن رجع إلى الإسلام تبينا الصحة، وإن قتل أو مات بطل تصرفه، أما لو تصرف بعد حجر الحاكم عليه، فإنه باطل. ولو وجد للمرتد عن غير فطرة سبب يقتضي الملك كالصيد والاحتشاش والاتهاب وإيجار نفسه، خاصة أو مشتركة، ثبت الملك له. وأما المرتد عن فطرة، فالوجه أنه لا يدخل في ملكه، ويحتمل الدخول، ثم ينتقل إلى الوارث. 6933. التاسع عشر: الردة قطع الإسلام من المكلف، إما بالفعل كالسجود للصنم، وعبادة الشمس، وإلقاء المصحف في القاذورات، وكل فعل صريح في الاستهزاء، وإما بالقول عنادا أو استهزاء أو اعتقادا. وكل من اعتقد حل شئ أجمع على تحريمه من غير شبهة، فهو مرتد. أما الجاهل فلا يحكم بارتداده حتى يعرف ذلك ويزول عنه الشبهة، ويستحله بعد ذلك، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، أما لو أكل لحم خنزير، أو ميتة، أو شرب الخمر لم يحكم بارتداده بمجرد ذلك، لإمكان أن يفعل محرما. 6934. العشرون: لو صلى بعد ارتداده، لم يحكم بعوده إلى الإسلام بمجرد
394 ذلك، سواء فعل ذلك في دار الحرب أو دار الإسلام، وسواء صلى جماعة أو فرادى. وإذا ثبتت ردته بالبينة أو غيرها فشهد الشهادتين، كفى في إسلامه. ولو كان كفره بعموم البعثة، لم يثبت إسلامه حتى يشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جميع الخلائق (1) أو يتبرأ من كل دين غير الإسلام. وإن اعتقد أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) مبعوث لكن زعم أنه غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لزمه مع كلمة الشهادتين الإقرار بأن هذا المبعوث هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن كفر بجحود فرض، لم يحكم بإسلامه حتى يقر بما جحده، والأقرب عدم وجوب إعادة الشهادتين. وكذا إن جحد نبيا من أنبياء الله تعالى الذين أخبر الله تعالى عنهم، أو كتابا من كتبه، أو ملكا من ملائكته، أو استباح محرما، فلا بد في رجوعه من الإقرار بما جحده. وأما الكافر بجحد (2) الدين من أصله، فإن إسلامه يحصل بالشهادتين، ولو لم يعتقد التوحيد افتقر إلى الشهادة به، وإن اعتقده كفاه الشهادة بالرسالة. ولو قال الكافر: أنا مسلم أو مؤمن، فالأقرب الاكتفاء بذلك، ولو شهد الكافر بالشهادتين، ثم قال: لم أرد الإسلام، فقد صار مرتدا، ويجبر على الإسلام، ويحتمل عدم الإجبار. 6935. الحادي والعشرون: لو أكره المسلم على الكفر فأتى بكلمة الكفر،
1. في «ب»: إلى جميع الخلق. 2. في النسختين: «يجحد». والصحيح ما أثبتناه. 395 لم يحكم بكفره، ولا تبين منه امرأته، ويغسل لو مات، ويصلى عليه (1)، فإذا زال الإكراه عنه، فالوجه عدم تكليفه بإظهار إسلامه. ولو أظهر الكفر بعد زوال الإكراه عنه، فالوجه أنه يحكم بكفره حين زوال الإكراه. 6936. الثاني والعشرون: لو وجب على المسلم حد، ثم ارتد، ثم أسلم، لم يسقط عنه الحد، وكذا جميع الحقوق والجنايات تثبت عليه، سواء لحق بدار الكفر أو لا، وسواء أسلم أو لا. 6937. الثالث والعشرون: من سب الله تعالى كفر، وكذا من استهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برسله، أو كتبه، سواء فعل ذلك على سبيل الجد أو الهزل، وكذا من سب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد الأئمة (عليهم السلام)، وجاز لسامعه قتله ما لم يخف الضرر على نفسه أو ماله أو بعض المؤمنين. 6938. الرابع والعشرون: من ادعى النبوة، وجب قتله، وكذا من صدق من ادعاها، وكذا من قال: لا أدري محمد بن عبد الله صادق أو لا، وكان على ظاهر الإسلام. 6939. الخامس والعشرون: السحر عقد ورقى وكلام يتكلم به، أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة [له]، وقد يحصل به القتل، والمرض، والتفريق بين الرجل والمرأة، وبغض أحدهما لصاحبه، ومحبة أحد الشخصين للآخر.
1. ناظر إلى رد فتوى محمد بن الحسن الشيباني حيث قال: هو كافر في الظاهر تبين منه امرأته ولا يغسل ولا يصلى عليه. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 105. 396 وهل له حقيقة أم لا؟ فيه نظر، فمن عمل بالسحر قتل إن كان مسلما، وأدب إن كان كافرا من غير أن يقتل، والأقرب أنه لا يكفر بتعلمه وتعليمه محرما، ولو استحله فالوجه الكفر. والسحر الذي يجب به القتل هو ما يعد في العرف سحرا، كما نقل الأموي (1) في مغازيه: أن النجاشي دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش، فلم يزل معها إلى امارة عمر بن الخطاب فأمسكه إنسان، فقال: خلني وإلا مت، فلم يخله فمات من ساعته، وقيل: إن ساحرة أخذها بعض الأمراء، فجاء زوجها كالهائم فقال: قولوا لها تحل عني، فقالت: ائتوني بخيوط وباب فأتوها بذلك، فجلست على الباب، وجعلت تعقد، فطار بها الباب فلم يقدروا عليها (2) وأمثال ذلك. فأما الذي يعزم على المصروع، ويزعم أنه يجمع الجن ويأمرها فتطيعه، فلا يتعلق به حكم الساحر، والذي يحل السحر بشئ من القرآن أو الذكر والإقسام، فلا بأس به، وإن كان بالسحر حرم على إشكال. 6940. السادس والعشرون: تثبت الردة بشهادة شاهدين عدلين ذكرين، أو الإقرار مرة ولا تثبت بشهادة النساء انضممن أو انفردن. وينبغي للحاكم أن يستظهر في سماع الشهادة، فلا يقبل فيها الإطلاق، بل لا بد من التفصيل، لاختلاف المذاهب في التكفير.
1. الظاهر انه الوليد بن مسلم الأموي الدمشقي ولد سنة 119 وتوفي سنة 195 ه ونقل ان له سبعين تصنيفا في الحديث والتاريخ والسنن ومنها «المغازي» لاحظ الأعلام للزركلي: 8 / 122. 2. لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 117. 397 6941. السابع والعشرون: كل من فعل محرما، أو ترك واجبا، فللإمام تعزيره بما لا يبلغ الحد، وكميته منوطة بنظر الإمام، ويختلف باختلاف أحوال الجناة، ولا يبلغ حد الحر في الحر، ولا حد العبد في العبد، ففي الحر من سوط إلى تسعة وتسعين، وفي العبد إلى تسعة وأربعين. وكلما فيه التعزير من حقوق الله تعالى يثبت بشاهدين أو الإقرار مرتين، ويعزر من قذف أمته أو عبده كالأجنبي. ويكره أن يزاد في تأديب الصبي على عشرة أسواط، وكذا المملوك، فإن ضرب عبده في غير حد حدا استحب له عتقه.
398 المقصد الثامن: في حد القذف وفيه مطالب: [المطلب] الأول: [في] القذف وفيه تسعة مباحث: 6942. الأول: القذف الموجب للحد هو الرمي بالزنا، أو اللواط، أو النيك، أو إيلاج الحشفة، مع الوصف بالتحريم، مثل: أنت زان، أو لائط، أو زنيت، أو ليط بك، أو زنيت أو لطت، أو يا زان، أو يا لائط أو يا منكوحا في دبره، وما يؤدي هذا المعنى صريحا، مع معرفة القائل بموضوع اللفظ بأي لغة كان. 6943. الثاني: لو قال لولده الذي اعترف به: لست ولدي، وجب عليه حد القذف، وكذا [لو قال]: لست لأبيك، أو زنت بك أمك، أو ابن الزانية. ولا حد بالتعريض والكناية، كقوله للقرشي: يا نبطي، ولو أراد به الزنا، فهو قذف، ويصدق في قصده ويعزر، وكذا لو قال: يا ابن الحلال أو أنا لست بزان.
399 6944. الثالث: لو قال: زنى فرجك، فهو قذف، ولو قال لامرأته: زنيت بك، فهو إقرار وقذف أما الإقرار فإن أكمله أربعا حد وإلا عزر، وأما القذف فيوجب الحد بأول مرة وإن كان يحتمل غير القذف، لإمكان تفسيره بالإكراه، لكن الظاهر القذف. ولو قال لزوجته: يا زانية، فقالت: زنيت بك، فإن أرادت زنا قبل النكاح، سقط حد القذف عن الزوج، ووجب عليها حد القذف له وحد الزنا إن أقرت أربعا، وإن قالت: قصدت نفي الزنا، قبل قولها وحد الزوج للقذف. 6945. الرابع: لو قال: يا زانية، فقالت: أنت أزنى مني، فهو قاذف، وفي طرفها احتمال. ولو قال للولد المنفي باللعان: لست من الملاعن، فهو قاذف إن أراد تصديق الزوج، وإن أراد النفي الشرعي، فليس بقاذف. ولو قال للقرشي: لست من قريش، ثم قال: أردت أن واحدة من أمهاته زنت، فليس بقاذف، لأنه لم يعين تلك الواحدة، بل يجب به التعزير. 6946. الخامس: لو قال: زنت بك أمك، أو يا بن الزانية، فهو قذف للأم، ولو قال: زنى بك أبوك، أو يا بن الزاني، فهو قذف لأبيه. ولو قال: يا بن الزانيين، فهو قذف للأبوين. ولو قال: ولدت من الزنا، قال الشيخ: يكون قذفا للأم (1) وفيه
1. النهاية: 723. 400 نظر، لاحتمال انفراد الأب بالزنا أو الأم، ولا يثبت الحد مع الاحتمال، فلا يحد لأحدهما (1). ولو قال: ولدتك أمك من الزنا، فالاحتمال هنا أضعف، وكان قذفا للأم. ولو قال: يا زوج الزانية، أو يا أخا الزانية، أو يا أبا الزانية، أو يا ابن الزانية، فالقذف هنا للمنسوب إليها لا للمواجه، فإن كان الولد كافرا، والأم مسلمة، أو الأب، وجب الحد لهما مع النسبة إليهما. ولو قال للمسلم: يا بن الزانية، وكانت الأم كافرة، أو أمة، قال في النهاية يجب الحد لحرمة الولد (2) والأشبه التعزير. 6947. السادس: لو قال: زنيت بفلان، أو لطت به، وجب عليه حد للمواجه، وفي المنسوب إليه إشكال، قال الشيخ (رحمه الله): يجب، لأنه فعل واحد متى كذب في أحدهما كذب في الآخر (3)، ويحتمل العدم ومنع الوحدة، لأن موجب الحد في الفاعل الأثر وفي المنفعل التأثر، وهما متغايران، فلعل أحدهما كان مكرها. 6948. السابع: لو قال لابن الملاعنة: يا بن الزانية، وجب الحد، ولا يجب لو قال لابن المحدودة قبل التوبة، أما لو قال بعد التوبة، ثبت الحد. 6949. الثامن: لو قال: يا ديوث، أو يا كشخان، أو يا قرنان، أو يا قرطبان، وكان عارفا بموضوع اللفظة في عرف المستعملين (4) وأنها تفيد القذف،
1. كذا في «ب»: ولكن في «أ»: فلا يحد لاحتمالهما بهما. 2. النهاية: 725. 3. النهاية: 725; المبسوط: 8 / 16. 4. في «ب»: في عرف المستعمل. 401 وجب الحد، وإن لم يعرف قائلها فائدتها فلا حد، ويعزر إن قصد بها الأذى. وقيل (1): الديوث هو الذي يدخل الرجال على امرأته. وقال ثعلب (2): القرطبان الذي يرضى أن يدخل الرجال على نسائه، وقال: القرنان والكشخان لم أرهما في كلام العرب ومعناه عند العامة مثل معنى الديوث أو قريب منه. وقيل (3): القرنان من له بنات، والكشخان من له أخوات، والقواد السمسار في الزنا، والقذف به يوجب التعزير. 6950. التاسع: كل تعريض يكرهه المواجه ولا يفيد القذف وضعا ولا عرفا يوجب التعزير لا الحد، كقوله: أنت ولد حرام، أو حملت بك أمك في حيضها، أو يا فاسق، أو يا شارب الخمر، والمقول له متظاهر بالستر، أو قال لزوجته: لم أجدك عذراء. في القاذف ولو قال: يا خنزير، أو يا رقيع (4)، أو يا وضيع، أو يا خسيس، أو يا كلب، أو يا مسخ، أو غير ذلك، وكان المقول له مستحقا للاستخفاف، فلا حد عليه ولا تعزير، وإن لم يكن مستحقا لذلك عزر، وكذا لو عيره بشئ من بلاء الله تعالى، أو أظهر ما هو مستور منه، كقوله: يا أجذم، أو يا أبرص، أو يا أعمى، أو يا أعور.
1. القائل هو إبراهيم الحربي على ما نقله عنه ابن قدامة في المغني: 10 / 214. 2. أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي الشيباني المعروف ب «ثعلب»، قيل: سمي به لأنه إذا سئل عن مسألة أجاب من هاهنا وهاهنا، فشبهوه بثعلب إذا أغار، كان إمام الكوفيين في النحو واللغة، قرأ على ابن الأعرابي، مات سنة 291 ه; لاحظ تاريخ بغداد: 5 / 204; والكنى والألقاب: 2 / 117; والمغني لابن قدامة: 10 / 214. 3. نقله ابن قدامة في المغني عن خالد بن يزيد عن أبيه، والمراد انه يدخل الرجال عليهن. لاحظ المغني: 10 / 214. 4. في مجمع البحرين: يقال للواهي العقل رقيع، تشبيها بالثوب الخلق، كأنه رقع. 402 ولو قذف رجل آخر، فقال ثالث للقاذف: صدقت، فالأقرب استحقاق التعزير دون الحد. ولو قال: أخبرني فلان أنك زنيت، لم يكن قاذفا، سواء صدقه المخبر أو كذبه وعليه التعزير وإن صدقه المخبر. ولو قال: من رماني فهو ابن الزانية، فرماه رجل، فلا حد عليه إجماعا، وكذا لو اختلف رجلان في شئ، فقال أحدهما: الكاذب هو ابن الزانية، فلا حد، لأنه لم يعين أحدا. المطلب الثاني: [في] القاذف وفيه خمسة مباحث: 6951. الأول: يعتبر في القاذف البلوغ، والعقل، والاختيار إجماعا، فلو قذف الصبي بالغا لم يحد بل يعزر، وكذا لو قذف المجنون الكامل، ولو أكره البالغ على القذف، فلا حد ولا تعزير. 6952. الثاني: لا فرق بين أن يكون القاذف في دار الحرب أو في دار الإسلام، فإن الحد الكامل يجب عليه في الدارين. 6953. الثالث: هل يشترط في الحد الكامل الحرية؟ الأشهر عدم الاشتراط، فلو قذف العبد العاقل حرا محصنا، وجب عليه ثمانون كالحر، وقيل:
403 عليه نصف الحد (1) والأول أقوى، لعموم الآية. (2) 6954. الرابع: لا فرق في القاذف بين الذكر والأنثى، والمسلم والكافر. 6955. الخامس: لو ادعى المقذوف حرية القاذف، فأنكر القاذف، فعلى قولنا لا فائدة، لوجوب الحد عليه كملا، أما على القول الآخر، فالقول قول القاذف، لأنه شبهة. المطلب الثالث: في المقذوف وفيه أربعة مباحث: 6956. الأول: يشترط في المقذوف البلوغ، وكمال العقل، والحرية، والإسلام، والعفة عن الزنا، ويقال لجامع هذه الصفات المحصن، وهو لفظ مشترك بين معان أربعة وردت في الكتاب العزيز: أحدها: هذا، قال تعالى: (والذين يرمون المحصنات) (3). الثاني: المزوجات، قال تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) (4) (محصنات غير مسافحات) (5).
1. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 8 / 16. 2. إشارة إلى قوله تعالى (والذين يرمون المحصنات...) النور: 4. 3. النور: 4. 4. النساء: 24. 5. النساء: 25. 404 الثالث: الحرائر، قال تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات) (1) (والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) (2) (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) (3). الرابع: الإسلام، قال تعالى: (فإذا أحصن) (4) قال ابن مسعود: إحصانها إسلامها (5). إذا ثبت هذا فمن قذف محصنا بالمعنى الأول، وجب بقذفه الحد، ومن قذف فاقدها أو فاقد بعضها، فلا حد، بل يجب عليه التعزير. 6957. الثاني: لو كان المقذوف صبيا حرا، أو بالغا مملوكا، أو حرا بالغا كافرا، أو حرا بالغا مسلما متظاهرا بالزنا، فلا حد، بل فيه التعزير بحسب ما يراه الإمام في ذلك كله، سواء كان القاذف جامعا لها أو لا. 6958. الثالث: لو قذف الأب ولده المحصن وإن نزل، لم يحد كاملا، بل عزر، ولو قذف الزوج زوجته حد كملا، فإن كانت ميتة كان لورثتها المطالبة بالحد كملا، فإن عفا بعضهم، كان للباقي الحد كملا. ولو كان الورثة أولاده، لم يكن لهم المطالبة بالحد، ولو كان لها أولاد منه ومن غيره، كان للولد من غيره الحد كملا. ولو قذف الولد أباه، حد كملا، وكذا لو قذفت الأم ولدها حدت كملا، وكذا الولد لو قذف أمه أو الأقارب.
1. النساء: 25. 2. المائدة: 5. 3. النساء: 25. 4. النساء: 25. 5. لاحظ التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي: 3 / 171. 405 6959. الرابع: لو كان المقذوف صبيا، لم يحد القاذف كملا بل عزر وحده دون البلوغ، (1) فلا حد على من قذف من بلغ عشر سنين. ويجب الحد كملا على قاذف الخصي، والمجبوب، والمريض المدنف، والرتقاء. المطلب الرابع: في الأحكام وفيه ثلاثة عشر بحثا: 6960. الأول: حد القذف ثمانون جلدة، حرا كان القاذف أو عبدا، على الأقوى، ويجلد بثيابه، ولا يجرد، ويضرب متوسطا، دون ضرب الزنا، ويشهر القاذف لتجتنب شهادته، فإن حد في القذف، ثم قذف ثانية، حد مرة أخرى، سواء كان المقذوف هو الأول أو غيره، فإن قذف ثالثة قتل، سواء كان المقذوف هو الأول أو غيره، وقيل: بل يقتل في الرابعة (2) وهو أولى. ولو قذف مرارا عدة ولم يحد، لم يقتل، ولو قذف فحد فقال: الذي قلت
1. الظاهر أن قوله «دون البلوغ» قيد لقوله «كملا» أي لا يحد القاذف حدا كاملا إلا أن يبلغ وطالب الحد. 2. وهو الأشهر، ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 8 / 11; النهاية: 694; والمفيد في المقنعة: 776; والحلبي في الكافي في الفقه: 407; والقاضي في المهذب: 2 / 520; وابن حمزة في الوسيلة: 411; وابن زهرة في الغنية: قسم الفقه: 421. 406 كان صحيحا، وجب بالثاني التعزير، لأنه ليس صريحا في القذف، وإذا تكرر القذف مرارا عدة، وجب له حد واحد لا أكثر. 6961. الثاني: يثبت القذف بشهادة عدلين، أو الإقرار مرتين، ويشترط في المقر البلوغ، والعقل، والحرية، ولا يقبل فيه شهادة النساء انفردن أو انضممن. ولو اتفقت البينة والإقرار (1) فلا حد ولا يمين على المنكر. 6962. الثالث: يشترط في إقامة الحد بعد تمام القذف بشروطه أمران: مطالبة المقذوف، لأنه حقه، وأن لا يأتي القاذف بالبينة، لقوله تعالى (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) (2) وكذا يشترط عدم إقرار المقذوف، لأنه كالبينة، وإن كان القاذف زوجا اشترط ثالث وهو امتناعه من اللعان. ويشترط في الطلب الاستدامة إلى إقامة الحد، فلو طلب ثم عفا عن الحد سقط. 6963. الرابع: لو قذف جماعة بألفاظ متعددة واحدا بعد الآخر، فلكل واحد حد، ولو قذفهم بلفظ واحد مثل أن يقول: يا زناة، فإن اجتمعوا في إحضاره للمطالبة، فللكل حد واحد، فإن جاءوا به متفرقين فلكل واحد حد كامل، وكذا ما يوجب التعزير، وكذا لو قال: يا بن الزانيين فالحد للأبوين فان جاءوا به مجتمعين، فلهما معا حد واحد، وإن افترقا في المطالبة على التعاقب، فلكل واحد حد. 6964. الخامس: حد القذف موروث، يرثه من يرث المال من الذكور
1. في «أ»: أو الإقرار. 2. النور: 4. 407 والإناث، عدا الزوج والزوجة، وإذا ورث الحد جماعة فعفا بعضهم، لم يسقط من الحد شئ، وكان للباقين المطالبة بالحد على الكمال وإن كان الباقي واحدا، ولو عفا الجميع، أو كان المستحق واحدا فعفا سقط الحد. ولو قال: «ابنك زان أو لائط» أو «بنتك زانية» أو «يا أب الزانية» أو «يا ابن الزاني» فالقذف للولد والبنت، لا للأب، فإن سبق الابن أو البنت بالعفو، سقط، وإن سبق الأب بالمطالبة قال الشيخ (رحمه الله): كان له استيفاء الحد، وله العفو (1) وليس بمعتمد. 6965. السادس: يجوز العفو عن الحد من مستحقه قبل ثبوت الحق وبعده، وليس للحاكم المداخلة فيه، ولا يقام الحد إلا مع مطالبة مستحقه به. ولو تقاذف اثنان سقط الحد وعزرا معا. ولو تنابز الكفار بالألقاب، والتعيير بالأمراض، وخشي حدوث فتنة حسمها الإمام (2) بما يراه. 6966. السابع: لو قذف الغائب لم يقم عليه الحد حتى يقدم ويطالب، ولو قذف عاقلا فجن بعد قذفه وقبل طلبه، فالأقرب أن لوليه المطالبة والعفو، وكذا لو قذف الصبي، فالوجه أن للأب المطالبة. 6967. الثامن: إذا قال: يا لوطي، سئل فإن قال: أردت أنك من قوم لوط، فلا شئ عليه، وإن قال: أردت أنك تعمل عمل قوم لوط، فهو كقذف الزنا، يجب به
1. النهاية: 724. 2. أي قطع الإمام الفتنة بما يراه. 408 الحد، ولو قال: أردت أنك على دين لوط، أو أنك تحب الصبيان، أو تقبلهم، أو تنظر إليهم بشهوة، أو أنك تتخلق بأخلاق قوم لوط، أو أنك تنهى (1) عن الفاحشة كنهي لوط، قبل تفسيره، وعزر فيما يوجب الأذى وكذا لو قذف امرأة بالوطء في دبرها، أو قذف رجلا بوطء امرأة في دبرها، فعليه الحد. ولو قذفه بإتيان البهيمة، فالأقرب التعزير، بخلاف ما لو قذفه بالزنا بالصبية، أو المجنونة أو الأمة. ولو قذفه بالمباشرة دون الفرجين، أو بالوطء بالشبهة، أو قذف امرأة بالمساحقة، أو بالوطء مستكرهة، أو قذف باللمس أو بالنظر، فلا حد. والضابط أن كل ما لا يوجب الحد عليه (2) بفعله لا يجب الحد على القاذف به، ويجب في ذلك كله التعزير. ولو قال لرجل يا مخنث وقصد أن فيه طباع التأنيث والتشبيه بالنساء، أو قال لامرأة: يا قحبة، وقصد أنها تستعد لذلك، فلا حد عليه، ولو قصد بشئ من ذلك الزنا حد. ولو قال: أنا احتلمت البارحة بأمك (3) عزر. 6968. التاسع: لو قذف رجلا فلم يقم عليه الحد حتى زنى المقذوف، لم يسقط الحد عن القاذف على أقوى الوجهين، ويحتمل سقوطه واعتبار استدامة
1. في «أ»: منهي. 2. في «ب»: لا يجب الحد عليه. 3. في «أ»: بأمك البارحة. 409 الشروط (1) إلى حال إقامة الحد. ولو وجب الحد على ذمي أو مرتد، فلحق بدار الحرب ثم عاد، لم يسقط عنه الحد. ولو قال القاذف: كنت صغيرا حين القذف، وقال المقذوف: كنت كبيرا، فالقول قول القاذف، ولو أقام كل منهما بينة، بدعواه، فإن أطلقت البينتان أو اختلفتا في التاريخ، فهما قذفان يوجب أحدهما الحد والآخر التعزير، وإن اتفقتا في التاريخ، تعارضتا وسقطتا، وكذا لو تقدم تاريخ بينة المقذوف. 6969. العاشر: لو قذف مسلما محصنا، وقال: أردت أنه زنى وهو مشرك، لم يلتفت إلى قوله، وحد القاذف، وكذا الحر لو كان عبدا. ولو قال له: زنيت في كفرك أو عبوديتك، ففي الحد إشكال، أقربه الوجوب. 6970. الحادي عشر: لو قذف أم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو بنته، أو قذف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مرتد. 6971. الثاني عشر: إنما يجب الحد بقذف ليس على صورة الشهادة الكاملة النصاب، فلو شهد وحده أو مع اثنين حد، والشهادة هي التي تؤدي في مجلس القضاء بلفظ الشهادة، وما عداه قذف. 6972. الثالث عشر: التعزير يجب في كل جناية لا حد فيها، كالوطء في الحيض للزوجة، وكوطء الأجنبية فيما دون الفرج، وسرقة ما دون النصاب، أو
1. في «ب»: استدامة الشرط. 410 من غير حرز، أو النهب، أو الغصب، أو الشتم بما ليس بقذف، وأشباه ذلك، وتقديره، بحسب ما يراه الإمام. وروى الشيخ عن يونس، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن التعزير كم هو؟ قال: «بضعة عشر سوطا ما بين العشرة إلى العشرين» (1). وقد وردت أحاديث في أشياء مخصوصة بأكثر من ذلك، غير أنه لا تجوز الزيادة به على الحد، وليس لأقله قدر معين، لأن أكثره مقدر، فلو قدر أقله كان حدا. وهو يكون بالضرب، والحبس، والتوبيخ، من غير قطع، ولا جرح، ولا أخذ مال، والتعزير واجب فيما يشرع فيه التعزير، ولا ضمان لمن مات به.
1. الوسائل: 18 / 583، الباب 10 من أبواب بقية الحدود، الحديث 1. 411 كتاب الجنايات
413 وفيه مقدمة ومقاصد أما (1) المقدمة ففيها أربعة مباحث: 6973. الأول: القتل من أعظم الكبائر، قال الله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) (2) يعني بالقود وما شابهه وقال تعالى: (وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت) (3) وقال تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) (4). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أول ما ينظر الله بين الناس في الدماء» (5). ومر (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتيل فقال: من لهذا؟ فلم يذكر له أحد، فغضب ثم قال:
1. في «أ»: وأما. 2. الأنعام: 151. 3. التكوير: 8 - 9. 4. النساء: 93. 5. مستدرك الوسائل: 18 / 273، الباب 11 من أبواب دعوى القتل، الحديث 4. 415 «والذي نفسي بيده لو اشترك فيه أهل السماء والأرض لأكبهم الله في النار» (1). وروى ابن بابويه في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) قال: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة، جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله» (2). وعن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله حين قضى مناسكه ووقف بمنى في حجة الوداع: «أيها الناس اسمعوا ما أقول لكم واعقلوه، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا، ثم قال: أي يوم أعظم حرمة؟ قالوا: هذه الأيام، قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا إلى يوم تلقونه، فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، فإنه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه، فلا تظلموا أنفسكم، ولا ترجعوا بعدي كفارا» (3). وعن الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أول ما يحكم الله عز وجل فيه يوم القيامة الدماء، فيوقف ابنا آدم
1. مستدرك الوسائل: 18 / 211، الباب 2 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 5. 2. الفقيه: 4 / 68، رقم الحديث 201; الوسائل: 19 / 9، الباب 2 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 4. 3. الوسائل: 19 / 3، الباب 1 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 3. 416 فيفصل بينهما، ثم الذين يلونهما من أصحاب الدماء، حتى لا يبقى منهم أحد من الناس بعد ذلك حتى يأتي المقتول بقاتله فيشخب دمه فيوجهه (1) فيقول: هذا قتلني، فيقول: أنت قتلته؟ فلا يستطيع أن يكتم الله حديثا» (2). وعن الصادق (عليه السلام) في رجل يقتل رجلا مؤمنا، قال يقال له: «مت أي ميتة شئت، إن شئت يهوديا، وإن شئت نصرانيا، وإن شئت مجوسيا» (3). والأحاديث في ذلك كثيرة. 6974. الثاني: تقبل توبة القاتل وإن كان عمدا فيما بينه وبين الله تعالى، وقال ابن عباس: لا تقبل توبته، لإن قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) (4) إلى آخره، نزلت بعد قوله: (ولا يقتلون النفس) إلى قوله (إلا من تاب) (5) بستة أشهر ولم يدخلها النسخ (6) والصحيح ما قلناه لقوله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) (7) وقال الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (8).
1. في الوسائل: فيتشخب في دمه وجهه. 2. الوسائل: 19 / 4، الباب 1 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 6، والفقيه: 4 / 69، رقم الحديث 210. 3. الفقيه: 4 / 69، رقم الحديث 209. 4. النساء: 93. 5. الفرقان: 68 - 70. 6. لاحظ المبسوط: 7 / 3. 7. الشورى: 25. 8. النساء: 116. 417 وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من طريق الجمهور إن رجلا قتل مائة رجل ظلما، ثم سأل هل له من توبة؟ فدل على عالم فسأله فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ولكن اخرج من قرية السوء إلى القرية الصالحة فاعبد الله فيها، فخرج تائبا فأدركه الموت في الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فبعث الله إليهم ملكا فقال: قيسوا ما بين القريتين، فإلى أيهما كان أقرب، فاجعلوه من أهلها، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة بشبر فجعلوه من أهلها. (1) ولأن التوبة تسقط عقاب الكفر، فالقتل أولى، والآية مخصوصة بمن لم يتب، أو أن هذا جزاء القاتل، فإن شاء الله تعالى استوفاه، وإن شاء غفر له. والنسخ وإن لم يدخل الآية، لكن دخلها التخصيص والتأويل. 6975. الثالث: روى ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان وابن بكير عن الصادق (عليه السلام) قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، أله توبة؟ فقال: «إن كان قتله لإيمانه، فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو لسبب شئ من أمر الدنيا، فإن توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به أحد، انطلق إلى أولياء المقتول، فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه، أعطاهم الدية، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكينا، توبة إلى الله عز وجل» (2). وفي هذا الحديث فوائد كثيرة: منها أن القاتل إن قتل المؤمن لإيمانه، فلا توبة له، لأنه يكون قد ارتد، لأن
1. سنن البيهقي: 8 / 17، ونقله ابن قدامة في المغني: 9 / 319 - 320. 2. الفقيه: 4 / 69، رقم الحديث 208 - باب تحريم الدماء والأموال... -. 418 قتله لإيمانه إنما يكون على تقدير تكذيبه فيما اعتقده، ولا تقبل توبة المرتد عن فطرة. ومنها: أنه لو قتله على غير هذا الوجه قبلت توبته، وهو خلاف ما نقل عن ابن عباس. ومنها أن حد التوبة تسليم القاتل نفسه إلى أولياء المقتول، فإن شاءوا قتلوه، وإن شاءوا عفوا عنه. ومنها: أن كفارة العمد هي كفارة الجمع. إذا عرفت هذا فالقتل يشتمل على حق لله تعالى، وهو المخالفة بارتكاب هذا الذنب العظيم، وهو يسقط بالاستغفار، وعلى حق للوارث، وهو يسقط بتسليم نفسه أو الدية أو عفو الورثة عنه. و [على] حق للمقتول، وهو الآلام التي أدخلها عليه بقتله، وتلك لا ينفع فيها التوبة، بل لا بد من القصاص في الآخرة، ويمكن أن يكون قول ابن عباس إشارة إلى هذا. 6976. الرابع: أقسام القتل ثلاثة: عمد محض، وخطأ محض، وخطأ شبيه العمد. فالعمد يحصل بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالبا أو نادرا على الأقوى إذا حصل به القتل، وهل يحصل بالقصد إلى الفعل الذي يحصل به الموت وإن لم يكن قاتلا في الغالب إذا لم يقصد به القتل كالضرب بحصاة أو عود خفيف أو غرز الإبرة التي لا يعقب ألما ظاهرا؟ الأقرب إلحاقه بشبيه العمد دون العمد، فلا قصاص فيه، نعم لو أعقب ورما وألما حتى مات، وجب القصاص.
419 وأما شبيه العمد (دون العمد) (1) فأن يقصد إلى فعل يحصل معه الموت من غير قصد إلى الموت، ولا يكون ذلك الفعل مؤديا إليه غالبا، كمن يضرب للتأديب فيموت. وأما الخطأ المحض، فأن يرمي طائرا مثلا، فيصيب إنسانا. والأصل في العمد أن يكون الفاعل عامدا في فعله وقصده، وشبيه العمد أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده، والخطأ المحض أن يكون مخطئا فيهما.
1. ما بين القوسين يوجد في «ب». 420 المقصد الأول: في العمد ومطالبه أربعة: [المطلب] الأول: في علة تحققه وفيه فصول: [الفصل] الأول: في تميز المباشر والسبب والشرط وفيه ثمانية مباحث: 6977. الأول: العمد يقع إما بالمباشرة أو بالتسبيب. فالمباشرة كالذبح، والخنق، والضرب بالسيف والسكين والمثقل، والجرح ولو بغرز الإبرة في المقتل، كالعين، والفؤاد، والخاصرة والصدغ وأصل الأذن، سواء بالغ في إدخالها في البدن أو لا. أما لو غرز بالإبرة في غير المقتل، فإن بالغ في إدخالها في البدن،
421 فهو كالجرح الكبير، لأنه قد يشتد ألمه ويفضي إلى الموت، وإن كان يسيرا، أو جرحه بالكبير جرحا لطيفا، كشرطة الحجام فما دون، فإن بقي من ذلك ضمنا (1) حتى مات، ثبت القود، وإن مات في الحال، فالوجه أنه شبيه العمد، على ما قلنا، وروي أنه يوجب القصاص (2). وأما السبب فماله أثر في التوليد، كشهادة الزور (3)، وتقديم الطعام المسموم إلى الضيف. 6978. الثاني: الفعل الذي يحصل الموت عقيبه، ينقسم إلى شرط وعلة وسبب. فالشرط: هو الذي يحصل عنده لا به، كحفر البئر مع التردية، فإن الموت بالتردية، لكن الحفر شرط، وكذا الإمساك مع القتل، ولا يتعلق القصاص بالشرط. والعلة: ما يولد الموت إما ابتداء بغير واسطة كجز الرقبة وأما بوسائط كالرمي فإنه يولد الجرح، والجرح يولد السراية، والسراية تولد الموت. وأما السبب، فما له أثر في التوليد، لكنه يشبه الشرط من وجه كما قلنا في شهادة الزور وشبهها. 6979. الثالث: لو رماه بسهم فقتله، أو رماه بحجر يقتل مثله، أو خنقه بحبل ولم يرخ عنه حتى مات، أو أرسله منقطع النفس أو ضمنا حتى مات، فهو عمد.
1. قال الفيومي: ضمن ضمنا فهو ضمن مثل زمن زمنا فهو زمن وزنا ومعنا. المصباح المنير: 2 / 12. 2. لاحظ الوسائل: 19 / 26، الباب 11 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 8. 3. فإنها تولد في القاضي داعية القتل غالبا. 422 أما لو حبس نفسه، يسيرا لا يقتل مثله غالبا، ثم أرسله فمات، وجب القصاص إن قصد القتل، والدية إن لم يقصد أو اشتبه القصد. 6980. الرابع: لو ضربه بعصا، مكررا ما لا يحتمله مثله غالبا بالنسبة إلى بدنه وزمانه، فمات فهو عمد، كما لو ضرب المريض ضربا يقتل المريض دون الصحيح، ولو ضربه، ضربا لا يقتل مثله، فحصل به مرض واستمر حتى مات، فهو عمد. ولو حبسه عن الطعام وجوعه حتى مات جوعا، وجب القصاص، وكذا لو حبسه مدة عن الشراب لا يحتمل مثله الصبر عنه فمات، ولو كان به بعض الجوع فحبسه حتى مات جوعا، فإن علم جوعه فالقصاص، كما لو ضرب مريضا ضربا يقتل به المريض، وإن لم يعلم احتمل القصاص وكل الدية والنصف على ضعف. 6981. الخامس: لو حصل السبب وقدر المقصود على دفعه، فإن كان السبب مهلكا والدفع غير موثوق به، فالقصاص على فاعل السبب، كما لو جرحه، وترك معالجة الجرح فمات، لأن السراية من الجرح المضمون، لا من ترك المداواة، ولو فقد معنيان فلا قصاص، كما لو فصده فلم يعصب حتى نزف الدم، أو ألقاه في ماء قليل فبقي مستلقيا حتى غرق. ولو كان السبب مهلكا لكن الدفع سهل، وجب القصاص، كما لو ألقى العارف بالسباحة في ماء مغرق فلم يسبح، لأنه ربما ذهل عن السباحة، وكذا لو ألقاه في نار فوقف حتى احترق، لأن الأعصاب قد تتشنج بملاقاة النار، فتعسر الحركة، ولو عرف أنه ترك الخروج تخاذلا فلا قود، لأنه أعان على نفسه، والأقرب عدم الدية أيضا لاستقلاله بإتلاف نفسه.
423 6982. السادس: سراية الجراح عمدا مضمونة، فلو جرح المكافئ فسرت الجراحة إلى النفس فمات المجروح وجب القود في النفس، سواء كان الجرح مما يقتل غالبا، أو لا يقتل أصلا، إذا عرف أن الموت حصل بسرايته، ولو اشتبه فلا قود في النفس ولا دية بل في الجرح. ولا اعتبار بقصد الجارح في السراية، فلو لم يقصد الإتلاف فحصل به الجرح المقصود وجب القود، وكذا لو سرت الجراحة إلى غير النفس، فإنها مضمونة توجب القصاص في العضو الآخر أو الدية، سواء كان مما لا يمكن مباشرته بالإتلاف، كما لو هشمه في رأسه فذهب ضوء عينيه، وجب القصاص فيه إجماعا، أو يمكن مباشرته بالإتلاف، كما لو قطع إصبعا فتآكلت أخرى وسقطت من مفصل. ولو قطع إصبعا فشلت الأخرى وجب القصاص في المقطوعة والأرش في الشلاء. وسراية القود غير مضمونة، وهي: أن يقطع طرفا فيجب القود فيه، فاستوفى منه المجني عليه، ثم مات الجاني بسراية الاستيفاء، لم يلزم المستوفي شئ. 6983. السابع: لو ألقى نفسه من شاهق على إنسان، وكان الوقوع مما يقتل غالبا أو نادرا مع قصد الملقي نفسه إلى إتلاف الأسفل، فهلك الأسفل، وجب على الملقي نفسه القود، وإن لم يقتل غالبا أو لم يقصد الإتلاف فهو شبيه عمد، ودم الملقي نفسه هدر. 6984. الثامن: الذي اختاره الشيخ (رحمه الله) انه لا حقيقة للسحر (1) وفي الأحاديث (2) ما يدل على أن له حقيقة، فعلى ما ورد في الأخبار لو سحره
1. المبسوط: 7 / 260; الخلاف: 5 / 327 - 328، المسألة 14 من كتاب كفارة القتل. 2. لاحظ بحار الأنوار: 60 / 1 - 42. 424 فمات بسحره، ففي القود إشكال، والأقرب الدية، لعدم اليقين بذلك. ولو أقر أنه قتله بسحره، فعليه القود عملا بإقراره، وفي الأحاديث يقتل الساحر (1) قال الشيخ (رحمه الله) في الخلاف: يحمل ذلك على قتله حدا (2)، وعلى قول الشيخ (رحمه الله) لا يثبت على الساحر قصاص ولا دية وإن أقر أنه قتله بسحره. ولو قال الساحر: إن سحره يقتل نادرا، فلا قصاص إلا أن يعترف بالقصد إلى القتل. الفصل الثاني: في اجتماع المباشر والسبب وهو قسمان: [القسم] الأول: أن يكون السبب أغلب وفيه سبعة مباحث: 6985. الأول: الإكراه يوجب إيجاد داعية في المكره إلى القتل غالبا، فعندنا القصاص على المكره المباشر دون الآمر، ولا يتحقق الإكراه في القتل، بل يجب على المكره تحمل الضرر. ولا يقتل المؤمن المعصوم الدم، ولو بلغ الضرر إلى القتل فيقتل هو ولا يقتل غيره، نعم يخلد الآمر السجن، وقد روي أنه يقتل الآمر ويحبس القاتل دائما (3) والمعتمد الأول.
1. لاحظ الوسائل: 18 / 576 الباب 1 من أبواب بقية الحدود، الحديث 1 و 2. 2. الخلاف: 5 / 330، المسألة 16 من كتاب كفارة القتل. 3. الوسائل: 19 / 32، الباب 13 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 1. 425 ولو طلب الولي الدية كانت على المباشر أيضا دون الآمر، ويتحقق الإكراه فيما عدا القتل. هذا إذا كان المقهور بالغا عاقلا، ولو كان غير مميز، كالطفل والمجنون، فالقصاص على المكره دون المباشر، لأنه كالآلة، سواء في ذلك المباشر الحر والعبد، ولو كان صبيا غير بالغ إلا أنه مميز، عارف، وهو حر، فلا قود، والدية على عاقلته، وإن كان مملوكا، تعلقت الجناية برقبته، ولا قود. وقال في الخلاف: إن كان المملوك صغيرا أو مجنونا، فالدية، ولا قود (1) وليس بمعتمد. 6986. الثاني: لو قال له: اقتلني وإلا قتلتك، لم يسغ القتل، فإن التحريم لا يرتفع بالإذن، فإن قتله، سقط القصاص، لأنه أسقط حقه بالإذن، فلا يتسلط الوارث، وعندي فيه نظر. ولو قال: اقتل نفسك، فإن كان مميزا فلا شئ على المكره، وإن كان غير مميز، فعلى الآمر القود، وهل يتحقق إكراه العاقل هنا؟ فيه إشكال. (2) 6987. الثالث: يتحقق الإكراه فيما دون النفس إجماعا، فلو قال: اقطع يد هذا، فالقصاص على الآمر دون المباشر، ولو قال: اقطع يد هذا أو هذا وإلا قتلتك، فاختار القاطع يد أحدهما، احتمل القصاص على المباشر، لأن الإكراه لم يقع
1. الخلاف: 5 / 168 - 169، المسألة 30 من كتاب الجنايات. 2. قال الشهيد الثاني في المسالك: في المسألة وجهان وأظهرهما عدم تحقق الإكراه، لأن المكره من يتخلص بما أمر به عما هو أشد عليه، وهو الذي خوفه المكره به، وهنا المأمور به القتل المخوف به القتل، ولا يتخلص بقتل نفسه عن القتل، فلا معنى لاقدامه عليه لاحظ المسالك: 15 / 90. 426 على التعيين، فهو مخير فيه، والأقوى أنه على الآمر، لتحقق الإكراه وعدم التخلص إلا بأحدهما. 6988. الرابع: شهادة الزور تولد في القاضي داعية القتل، فهي سبب في الإتلاف على ما تقدم تعريف السبب، فيتعلق القصاص بالشاهدين مع الحكم والاستيفاء، ولا ضمان على القاضي ولا الحداد. ولو علم الولي التزوير وباشر القصاص، كان القود عليه، لوجود المقتضي، وهو القتل العمد والعدوان قصدا، مع انتفاء مانعية الغرور. 6989. الخامس: لو قدم إليه طعاما مسموما، فأكله جاهلا به، فللولي القود، لانتفاء حكم المباشرة بالغرور، ولو كان المتناول عالما به وهو مميز، فلا قود ولا دية، ولو لم يكن مميزا فكالجاهل. ولو جعل السم في طعام صاحب المنزل، فوجده صاحبه [فأكله] فمات، قال الشيخ (رحمه الله) عليه القود (1) وفيه نظر. ولو ترك سما في طعام نفسه، وتركه في منزله، فدخل إنسان فأكله من غير إذنه، فلا ضمان عليه بقصاص ولا دية، سواء قصد بذلك قتل الآكل، مثل أن يعلم أن ظالما يريد هجوم داره، فترك السم في الطعام ليقتله، فكان كما لو حفر بئرا في داره ليقع فيها اللص. ولو دخل بإذنه، وأكل الطعام المسموم من غير إذنه، فلا ضمان أيضا، ولو كان السم مما لا يقتل غالبا، فإن قصد إتلافه بإطعامه إياه، فهو عمد، وإن أطعمه إياه ولم يقصد القتل، فهو شبيه عمد.
1. المبسوط: 7 / 46; الخلاف: 5 / 171، المسألة 32 من كتاب الجنايات. 427 فإن اختلف فيه هل يقتل مثله غالبا أم لا، وهناك بينة عمل بها، وإن لم تكن بينة، فالقول قول الساقي، لأصالة عدم وجوب القصاص، فلا يثبت بالشك. وإن ثبت أنه قاتل، فقال: لم أعلم (1) أنه قاتل، احتمل القود، لأن السم من جنس ما يقتل غالبا، فأشبه ما لو جرحه، وقال: لم أعلم أنه يموت منه، وعدمه لجواز خفائه، فكان شبهة في سقوط القود، فتجب الدية. 6990. السادس: لو حفر بئرا في طريق أو في داره وغطاها ودعا غيره، فأجازه عليها، فوقع فمات، فعليه القود، لأنه مما يقتل غالبا وقد قصده. 6991. السابع: لو جرحه مجهزا فداوى نفسه بدواء سمي فمات، فالجارح قاتل وعليه القود، ولو لم يكن الجرح مجهزا، فإن كان السم مجهزا، فالقاتل هو المقتول، فعلى الجارح القصاص في الجرح خاصة أو الأرش فيه إن لم يكن فيه قصاص. ولو كان السم غير مجهز، والغالب معه السلامة، وحصل الموت بفعل الجارح والمجروح، فيسقط ما قابل فعل نفسه، ويقتص من الجارح في النفس بعد رد نصف الدية، وكذا لو كان السم غير مجهز، وكان الغالب معه التلف، وكذا لو خاط المجروح جرحه في لحم حي (2) فسرى منهما، فعلى الجارح القصاص في النفس بعد رد نصف ديته.
1. في «ب»: لا أعلم. 2. بعبارة أخرى: خاط جرحه فصادف اللحم الحي. 428 القسم الثاني: أن لا يكون السبب أغلب وفيه ستة مباحث: 6992. الأول: السبب قد يصير مغلوبا، كما لو ألقاه من شاهق فتلقاه إنسان بسيفه وقطعه بنصفين، فالحوالة في القصاص على المباشر، ولا شئ على الملقي، سواء عرف ذلك أو لم يعرف، أما لو ألقاه في ماء مغرق، فالتقمه الحوت، فالقصاص على الملقي، لأن فعل الحوت لا يعتبر، فهو كنصل منصوب في عمق البئر، ويحتمل عدم القصاص، لأنه لم يقصد إتلافه بهذا النوع، واجتياز الحيوان شبهة فتجب الدية، أما لو ألقاه إلى الحوت فالتقمه، فعليه القود، لأنه مما يقتل مثله بالطبع، فصار كالآلة. 6993. الثاني: قد يعتدل السبب والمباشر كالإكراه على القتل، فالقصاص على المباشر دون المكره، وعليه الكفارة أيضا، وحرمان الميراث متعلق به أيضا دون الآمر، ولو أكره إنسانا على أن يرمي إنسانا ظنه الرامي جرثومة، فلا قصاص على الرامي لجهالته، وهل يثبت على الآمر؟ فيه نظر، فإن أوجبناه عليه، فلا شئ على المباشر، وإن أخرجناه عن الفعل بالكلية، فعلى عاقلة المباشر الدية، لأنه بالنسبة إليه خطأ. ولو أكره صغيرا غير مميز على القتل، فالحوالة في القصاص هنا على الآمر، لأن الصغير كالآلة. ولو أمسكه واحد وقتله آخر، قتل القاتل وحبس الممسك دائما، ولو نظر لهما ثالث سملت عيناه، ولا يرجع أحدهم على الولي بشئ. 6994. الثالث: لو أكرهه على صعود نخلة فزلقت رجله فمات، فالقصاص
429 على المكره على إشكال، والأقرب وجوب الدية عليه، أما لو أكرهه على قتل نفسه، فلا قصاص على المكره، إذ لا معنى لهذا الإكراه. ولو أمره بالنزول إلى بئر فمات، فهو كما لو أمره بالصعود على الشجرة، يضمن الدية، ولو كان ذلك لمصلحة عامة كانت الدية من بيت المال (1) ولو أمره من غير إكراه، فلا دية ولا قود. وأمر المتغلب المعلوم من عادته السطوة عند المخالفة كالإكراه، ولو أمره سلطان واجب الطاعة بقتل من علم المأمور أنه مظلوم، إما لمعرفته بفسق الشاهدين، أو بنحو ذلك، لم يعذر، نعم لو قال: ان الخروج عن طاعة نائب الإمام فساد، وظننت ذلك مبيحا، فالوجه أنه شبهة يسقط بها القصاص، وتثبت الدية عليه. ويباح بالإكراه كل شئ من الزنا، وشرب الخمر، والإفطار، وإتلاف مال الغير، وكلمة الردة، وغير ذلك، إلا القتل. والأقرب وجوب هذه الأشياء معه. 6995. الرابع: لو أنهشه حية (2) يقتل مثلها غالبا، وجب عليه القصاص، ولو كان يقتل نادرا، فإن قصد القتل فهو عمد، وإلا فهو شبيه كالإبرة (3) ولو ألقى عليه حية قاتلة فنهشته فهلك، فالقود عليه، لجريان العادة بالتلف معه، ولو جمع بينهما في بيت واحد، فالأشبه ذلك.
1. في «ب»: في بيت المال. 2. قال في المسالك: المراد بكونه أنهشه الحية أنه قبضها وأنهشها بدنه. مسالك الأفهام: 15 / 82. 3. في «أ»: فهو شبيهة كالإبرة. 430 6996. الخامس: لو أغرى به كلبا عقورا فقتله، فالقود عليه، لأنه كالآلة، وكذا لو ألقاه إلى أسد فافترسه، سواء كان في مضيق أو برية إذا لم يمكنه الاعتصام منه. ولو كتفه (1) وألقاه في أرض مسبعة، فافترسه الأسد اتفاقا، فلا قصاص، وعليه الدية. والمجنون الضاري كالسبع. 6997. السادس: لو حفر بئرا في الطريق المسلوك، فدفع إنسان غيره فيها، فالحوالة في القصاص على الدافع دون الحافر، ولو لم يدفعه أحد فالدية على الحافر. الفصل الثالث: في طريان المباشرة على المباشرة وفيه سبعة مباحث: 6998. الأول: لو جرحه ثم عضه الأسد وسرتا، وجب على الجارح القود بعد أن يرد عليه المقتص نصف الدية. 6999. الثاني: إذا كان أحد المباشرين أقوى قدم، فلو جرحه الأول وحياته مستقرة بعد الجرح، وقطع الثاني رأسه، فالقود على الثاني، سواء كان جرح الأول مما يقضى معه بالموت (2) غالبا، كشق الجوف والمأمومة، أو لا يقضى به، كقطع الأنملة، ويقتص من الأول في الجراح.
1. كتفه كتفا من باب ضرب: شدد يده إلى خلف بحبل ونحوه. والتشديد مبالغة. لاحظ مجمع البحرين. 2. أي كان الجرح - لولا قطع الثاني رأسه - مما يفضي إلى الموت. 431 ولو صيره الأول في حكم المذبوح، بحيث لا تبقى حياته مستقرة، فقده الثاني بنصفين، فالقصاص على الأول، ويعزر الثاني، ولا يقتص منه، والأولى إلحاق فعله بالجاني على الأموات. 7000. الثالث: لو قطع واحد يده من الكوع، ثم قطعها الثاني من المرفق، ثم مات، فإن كانت جراحة الأول برأت قبل قطع الثاني، فالقاتل الثاني خاصة، وعلى الأول القصاص في يده، ولو لم يبرأ منهما فهما قاتلان، ويجب القصاص على الأول والثاني بعد رد الدية عليهما بالسوية، ولا تنقطع سراية الأول، لأن الألم الحاصل بفعله لم يزل، بل انضم إليه الألم الثاني، فضعفت النفس عن احتمالهما فزهقت بهما، بخلاف ما لو قطع واحد يده ثم قتله آخر، لانقطاع السراية بالتعجيل، وفي الأول نظر. ولا فرق بين أن يقطعه الثاني عقيب قطع الأول أو بعده بحيث يأكل ويشرب، ثم يقطعه الثاني، وكذا لو عاش بعدهما معا، وأكل وشرب. 7001. الرابع: لو قطع واحد يده وآخر رجله، فاندمل أحدهما وسرى الآخر، فمن اندمل قطعه فهو جارح، والآخر قاتل يقتص منه، بعد رد دية الجرح المندمل. ولو قطع أحد الثلاثة يده، والثاني رجله، وأوضحه الثالث، ثم سرى الجميع، فللولي قتل الثلاثة بعد رد ديتين عليهم، وله قتل واحد، ويرد الآخران على ورثته ثلثي ديته، وله قتل اثنين ويرد الآخر عليهما ثلث الدية، ويرد ولي المجني عليه ثلثي الدية.
432 ولو برأت جراحة أحدهم، ومات من الآخرين، اقتص الولي من الذي برأ جرحه في الجرح، وقتل الآخرين بعد أن يرد عليهما دية كاملة يقتسمانها، أو يقتل أحدهما ويرد الآخر عليه نصف الدية (1) فلو ادعى الموضح ان جرحه برأ وكذبه الآخران، فإن صدقه الولي سقط عنه القصاص وثلث الدية، وطالبه بالقصاص في الموضحة أو ديتها. ولا يقبل قول الولي في حق الشريكين، لكن إن طلب القود كان له قتلهما بعد أن يرد عليهما الدية، ولو طلب الدية لم يكن له إلزامهما بأكثر من الثلثين، وإن كذبه الولي حلف، وله القصاص أو المطالبة بثلث الدية. وإن شهد الشريكان بالاندمال لزمتهما الدية كاملة، وللولي أخذها منهما إن صدقهما، وإن لم يصدقهما وعفا إلى الدية لم يكن له أكثر من ثلثيها، لأنه لا يدعي أكثر من ذلك، وتقبل شهادتهما إن كانا قد تابا وعدلا، فيسقط عنه القصاص وما زاد عن أرش الموضحة. 7002. الخامس: لو اتحد القاطع فقطع يد رجل، ثم قطع رجله، ثم سرت الجراحتان قتل، وهل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس؟ قال في المبسوط والخلاف: نعم مطلقا (2) وهي رواية أبي عبيدة عن الباقر (عليه السلام) (3) وفي النهاية: إن فرق ذلك لم يدخل، ويقتص منه في الطرف والنفس، وإن ضربه
1. في «ب»: «ويرد الآخر عليه الدية» والصحيح ما في المتن. 2. المبسوط: 7 / 22; الخلاف: 5 / 163، المسألة 23 من كتاب الجنايات. 3. الوسائل: 19 / 281، الباب 7 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 433 [ضربة] واحدة فجنت جنايتين، لم يكن عليه أكثر من القتل. (1) وهو المعتمد. ولو قطع يده فسرت إلى نفسه، فالقصاص في النفس لا في الطرف، لأن السراية تتمة الجناية، وقد اتفق علماؤنا على أن دية الطرف تدخل في دية النفس، وإن اختلفوا في القصاص على ما تقدم. 7003. السادس: لو قتل مريضا مشرفا، وجب القود، وكذا لو قتل من نزع أحشاؤه وهو يموت بعد يومين أو ثلاثة قطعا، لأنه أزهق حياة مستقرة بخلاف حركة المذبوح. 7004. السابع: ظن الإباحة شبهة في سقوط القود، فلو قتل رجلا في دار الحرب بظن كفره فبان إسلامه، وجبت الكفارة والدية، ولو قتل من عهده مرتدا، فظهر رجوعه، ففي القود إشكال، ينشأ من عدم القصد إلى قتل المسلم، ومن رجوع ولاية قتل المرتد إلى الإمام، فيكون عاديا بقتله، والأقرب الدية. في الاشتراك في القتل ولو قتل من ظنه (2) أنه قاتل أبيه، فخرج بريء العهدة، ففي القود إشكال. ولو ضرب مريضا ظنه صحيحا، ضربا يهلك المريض، وجب القود، فإن ظن الصحة لا يبيح الضرب. (3)
1. النهاية: 771. قال الشهيد الثاني (رحمه الله) في المسالك: اختلف الأصحاب في دخول قصاص الطرف والشجاج في قصاص النفس إذا اجتمعا على أقوال ثلاثة كلها للشيخ (رحمه الله). أحدها: عدم الدخول مطلقا ذهب إليه في المبسوط والخلاف. والثاني: ضده وهو دخول الأضعف في الأقوى مطلقا، ذهب إليه في الكتابين المذكورين أيضا. والثالث: التفصيل، وهو التداخل ان اتحد الضرب، وعدمه مع تعدده، ذهب إليه الشيخ في النهاية. لاحظ المسالك: 15 / 97 - 98. 2. في «ب»: من ظن. 3. في «أ»: «لا يبيح الضرر» ولعله مصحف. 434 الفصل الرابع: في الاشتراك وفيه عشرة مباحث: 7005. الأول: إذا اشترك جماعة في قتل واحد، قتلوا أجمع به، إن اختار الولي ذلك بعد أن يرد عليهم ما فضل عن دية المقتول، فيأخذ كل منهم ما فضل من ديته عن جنايته، وإن اختار قتل واحد منهم، قتله وأدى الباقون إلى ورثته قدر جنايتهم، وله قتل أكثر من واحد، ويؤدي إليهم الباقون قدر جنايتهم وما فضل يؤديه الولي. فلو قتل ثلاثة واحدا، واختار الولي قتلهم، أدى إليهم ديتين يقتسمونها بينهم بالسوية. ولو قتل اثنين أدى الثالث ثلث الدية إليهما، ويرد الولي ثلثي الدية. ولو قتل واحدا أدى الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية، ولا شئ على الولي. ولو طلب الدية كانت عليهم بالسوية إن اتفقوا على أدائها. 7006. الثاني: تتحقق الشركة بأن يفعل كل منهم ما يقتل لو انفرد، أو ما يكون له شركة في السراية مع القصد إلى الجناية، وليس التساوي في السبب شرطا، فلو جرح أحدهما مائة جرح والآخر جرحا واحدا، وسرى الجميع إلى النفس، تساويا في القصاص، فلو قتلهما الولي رد إلى ورثتهما دية كاملة، بينهما بالسوية. ولو قتل أحدهما رد الآخر على ورثته نصف الدية. ولو تراضوا بالدية كانت عليهما بالسوية، وكذا لو كان الجرحان
435 خطأ، كانت الدية عليهما نصفين، وكذا لو جرحه أحدهما موضحة والآخر مأمومة (1) أو جائفة فمات من الجرحين. 7007. الثالث: لو اشترك الجماعة في الجناية على الطرف، اقتص منهم، ورد المجني عليه ما فضل لكل واحد منهم عن جنايته، فلو قطع ثلاثة يد واحد كان للمجني عليه قطع يد الثلاثة، ويرد عليهم دية يدين يقتسمونها بينهم بالسوية، وله قطع يد اثنين، ويرد الثالث عليهما ثلث دية اليد، ويرد المجني عليه عليهما ثلثي دية يد، وله قطع يد واحدة، ويرد الآخران على المقتص منه ثلثي دية يده. ولو طلب المجني عليه الدية كانت عليهم أثلاثا، وكذا البحث لو كان الجاني أكثر من ثلاثة. وتتحقق الشركة بصدور الفعل عنهم أجمع، إما بأن يشهدوا عليه بما يوجب قطع يده ثم يرجعوا، أو يكرهوا إنسانا على قطعه، أو يلقوا صخرة على طرفه فتقطعه، أو يضعوا حديدة على المفصل ويعتمدوا عليها جميعا، أو يمدوها فتبين. ولو قطع كل واحد منهم جزءا من يده، لم يقطع يد أحدهم، وكذا لو قطع كل واحد منهم من جانب، أو جعل أحدهم آلته فوق يده، والآخر تحت يده، واعتمدا حتى التقتا، فلا قطع على واحد منهما، بل على كل واحد القصاص في جنايته، لانفراد كل واحد منهما بجنايته. وكذا لو وضعوا منشارا على مفصله ثم مده كل واحد مرة بانت اليد، لأن
1. في «ب»: والآخر دامية. 436 كل واحد لم يقطع اليد، ولم يشارك في قطع الجميع، وكل موضع يمكن الاقتصاص منهم بمفرده وجب. 7008. الرابع: لو اشترك الأب والأجنبي في قتل الولد، وجب القصاص على الأجنبي دون الأب، ولا يسقط القود عن الأجنبي لمشاركة الأب، ثم يرد الأب على الأجنبي نصف الدية، وكذا لو اشترك الصبي والبالغ والمجنون والعاقل والحر والعبد في قتل العبد، فإن القصاص لا يسقط عن البالغ ولا عن العاقل ولا عن العبد بمشاركة الصبي أو المجنون أو الحر، ويضمن هؤلاء الثلاثة نصف الدية يؤدونها إلى المقتول قصاصا. ولو عفا الولي عن أحد القاتلين إما على الدية (1) أو مطلقا لم يسقط القصاص عن الآخر، وكذا لو قتله اثنان أحدهما تعمدا والآخر خطأ، فإن القصاص يجب على العامد، ويؤدي عاقلة المخطئ إليه نصف الدية. ويقتل شريك نفسه وشريك السبع بعد أن يرد عليه نصف الدية. 7009. الخامس: لو اشترك في قتل الرجل امرأتان، قتلتا به، ولا رد، إذ لا فاضل لهما عن ديته، ولو قتله أكثر من اثنتين قتلن به جمع ورد الولي إليهن فاضل دياتهن عن دية المقتول، فلو كان القاتل ثلاث نسوة، فاختار الولي قتل الجميع، قتلهن وأدى إليهن دية امرأة بينهن بالسوية، وله قتل اثنتين، فتؤدي الثالثة إليهما ثلث دية الرجل، وله قتل واحدة وترد على ورثتها الباقيتان ثلث ديتها، ويرجع الولي عليهما بنصف دية الرجل.
1. في «ب»: إما إلى الدية. 437 ولو تفاوتت النسوة في الدية وقتلهن الولي، أكمل لكل واحدة ديتها بعد وضع أرش جنايتها. 7010. السادس: لو اشترك رجل وامرأة في قتل رجل، فللولي قتلهما معا، ويؤدي إلى ورثة الرجل نصف ديته، ولو قتل الرجل خاصة، فتؤدي المرأة إلى ورثته ديتها، وله قتل المرأة، ويأخذ من الرجل نصف ديته، ولو اصطلحوا على الدية، كانت على الرجل والمرأة نصفين. قال المفيد (رحمه الله) لو قتلهما الولي رد نصف دية الرجل على أولياء الرجل وأولياء المرأة أثلاثا (1)، وقال الشيخ (رحمه الله): إذا قتلوا الرجل خاصة، ردت المرأة عليه نصف ديتها، ألفين وخمسمائة درهم (2) وكلاهما غير معتمد. 7011. السابع: لو اشترك حر وعبد في قتل حر، كان للولي قتلهما معا، ثم إن كانت قيمة العبد أكثر من نصف الدية، رد أولياء المقتول إلى مولاه الفاضل ما لم تتجاوز قيمته دية الحر فيرد إليها، ويردون إلى أولياء الحر نصف ديته. ولو قتلوا الحر خاصة أدى مولى العبد إلى ورثته نصف ديته، أو يسلم من العبد إليهم بقدر جنايته، ويشترك ورثة الحر ومولاه فيه، وليس لورثة الحر قتله. ولو قتلوا العبد خاصة، كان على الحر نصف الدية، يأخذ منهما المولى ما فضل له من قيمة عبده عن أرش جنايته، والباقي إن فضل فضل للولي، وإن كانت قيمة العبد أقل من أرش جنايته، وهو نصف الدية أو بقدره، ثم اختار ولي
1. المقنعة: 752. 2. النهاية: 745. 438 المقتول قتلهما قتلهما وأدى إلى ورثة الحر نصف ديته، وليس له الرجوع على مولى العبد بالتفاوت من قيمته وأرش جنايته لو كانت القيمة أقل. ولو قتل الولي الحر تخير المولى بين فك العبد بأرش جنايته يسلمه إلى ورثة الحر، وبين دفع العبد إلى ورثة الحر ليسترقوه. وإن قتل الولي العبد خاصة، رجع على ورثة الحر بنصف الدية إن رضي الجاني بالدية، هذا أجود ما قيل في هذا الباب. وقال في النهاية: لو اختار الولي قتلهما قتلهما وأدى إلى سيد العبد ثمنه، وإن قتل العبد لم يكن لمولاه على الحر سبيل. (1) 7012. الثامن: لو اشترك عبد وامرأة في قتل حر فللولي قتلهما، ثم إن زادت قيمة العبد على نصف الدية، رد الولي الزائد إلى مولاه ما لم يتجاوز دية الحر فيرد إليها، وإن لم تزد قيمة العبد على النصف لم يكن لمولاه شئ ولا لورثة المرأة. ولو قتل المرأة الولي، استرق العبد إن ساوت قيمته أرش الجناية، أو استرق ما يساوي القيمة. ولو قتل العبد، فإن كانت قيمته نصف الدية أو أقل، لم يكن لمولاه شئ، ويرجع الولي على المرأة بنصف الدية إن رضيت بأدائها، وإن كانت قيمة العبد أكثر من نصف الدية، ردت المرأة على مولاه الفاضل ما لم يتجاوز دية الحر فيرد إليها، ولو فضل من أرش جنايته عن قيمته شئ كان الفاضل للولي.
1. النهاية: 745. 439 7013. التاسع: كل موضع يجب الرد على الولي فإنه يقدم على الاستيفاء. 7014. العاشر: لو قتل جماعة من العبيد رجلا حرا عمدا، تخير الولي في القتل والاسترقاق، فإن قتل الجميع، وفضلت قيمتهم عن ديته، رد الفاضل، فإن تساووا في القيم تساووا في الرد، وإن تفاضلوا رد على كل واحد منهم ما فضل من قيمته عن أرش جنايته، ولو فضل لبعض اختص بالرد دون الباقي. ولو استرق الجميع ولم يكن هناك فضل، فلا شئ لمواليهم، وإلا كان لصاحب الفضل من عبده بقدر ما فضل من قيمته عن أرش جنايته، وكذا التفصيل لو قتلوا امرأة أو عبدا. وللولي قتل البعض، فإن تساوت قيمتهم دية الحر أو دية المرأة أو قيمة العبد، كان لمواليهم الرجوع إلى موالي المعفو عنهم بقدر نصيبهم من الأرش، أو يسلموا العبيد إليهم. وإن قتلوا من قيمته أكثر من الدية رد الولي الفاضل على مواليهم، وكان لمواليهم الرجوع على الموالي الأخر بقدر جنايات عبيدهم، أو يسلمونهم، أو ما يقوم مقام أرش جناياتهم (1) للاسترقاق. وإن قتلوا من قيمته أقل، كان لهم الرجوع بالباقي من الدية على موالي الباقين، أو يدفعون العبيد أو ما يساوي الباقي من الدية إليهم.
1. في «أ»: جنايتهم. 440 المطلب الثاني: في الواجب بالعمد ويجب بالقتل العمد القصاص عينا لا أحد الشيئين: القود أو الدية، وإنما يجب القصاص بشروط ينظمها فصول. الفصل الأول: التساوي في الحرية شرط في القصاص وفيه أربعة وعشرون بحثا: 7015. الأول: يقتل الحر بالحر، سواء كان القاتل مجدع (1) الأطراف معدوم الحواس والمقتول صحيح أو بالعكس، لعموم الآية (2) وكذا إن تفاوتا في العلم، والشرف، والغنى والفقر، والصحة والمرض، وإن أشرف به على الهلاك، والقوة، والضعف، والكبر والصغر، وإن ولد في الحال، والسلطان والسوقة. ولا يشترط في وجوب القصاص كون القتل في دار الإسلام، بل متى قتل في دار الحرب مسلما عامدا عالما بإسلامه، وجب القود، سواء كان قد هاجر أو لم يهاجر. وقتيل الغيلة كغيره في وجوب القصاص والعفو للولي، فله الخيرة بين
1. في مجمع البحرين: الجدع: قطع الأنف والأذن والشفة واليد. 2. إشارة إلى قوله تعالى (أن النفس بالنفس...) المائدة: 45. 441 القصاص والعفو، وليس للسلطان معه اعتراض، والغيلة أن يخدع الإنسان فيدخل بيتا أو نحوه، فيقتل أو يؤخذ ماله. ويجري القصاص بين الولاة والعمال ورعيتهم. 7016. الثاني: يقتل الحر بالحر والحرة بالحرة، وتقتل الحرة بالحر، وليس لأوليائه المطالبة بتفاوت الديتين على الأشهر، ويقتل الحر بالحرة بعد رد نصف الدية عليه، ويقتل كل من الرجل والمرأة بالخنثى وبالعكس، فان كان الخنثى قد ظهر إلحاقه بأحد الصنفين، كان حكمه حكمه، وإن لم يظهر واشتبه حاله، فالوجه أن المرأة تقتل به، وليس لوليه المطالبة بالتفاوت، ويقتل بالمرأة بعد رد تفاوت ديته، وهي نصف دية الرجل ونصف دية المرأة، وكذا يقتل بالرجل ولا رد، ويقتل الرجل به بعد رد فاضل دية الرجل عن ديته. 7017. الثالث: كل من يقتص بينهم في النفس، يقتص بينهم في الأطراف، فيقتص للمرأة من الرجل من غير رد، وتتساوى ديتهما في الطرف ما لم يبلغ ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ذلك رجعت المرأة إلى النصف، فيقتص لها منه مع رد التفاوت حينئذ، وكذا البحث في الجراح، يتساويان فيها دية وقصاصا ما لم تبلغ ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث، نقصت المرأة إلى النصف، وبه روايات صحيحة (1) وقال الشيخ (رحمه الله) ما لم يتجاوز الثلث (2) وبه رواية (3). 7018. الرابع: يقتل العبد بالعبد وبالأمة، والأمة بالأمة والعبد، وهل يشترط
1. لاحظ الوسائل: 19 / 268، الباب 44 من أبواب ديات الأعضاء. 2. النهاية: 748. 3. لاحظ الوسائل: 19 / 295، الباب 3 من أبواب ديات الشجاج والجراح. 442 التساوي في القيمة أم لا؟ أطلق علماؤنا القصاص، ولم يعتبروا ذلك، ويقتص بينهم في الأطراف كما يقتص في النفس، ولو أعتق القاتل لم يسقط القصاص، ولا رد. ولو اختار سيد العبد المقتول الدية، كان له استرقاق العبد القاتل، ولا يضمن مولاه شيئا، سواء أعتقه بعد القتل أو لا. ولو جرح عبد عبدا ثم أعتق الجارح ومات المجروح قتل به. 7019. الخامس: لا يقتل الحر بالعبد ولا الأمة، ولو اعتاد قتل العبيد قال الشيخ (رحمه الله) (1): يقتل حسما لمادة الفساد وإنما يجب على القاتل قيمة العبد أو الأمة يوم قتل، ولا يتجاوز بقيمة العبد دية الحر، ولا بقيمة الأمة دية الحرة، فإن تجاوزت قيمة العبد دية الحر ردت إلى دية الحر، وكذا الأمة. ولا يقتل المولى بعبده بل يعزر ويكفر، وقيل: يغرم قيمته، ويتصدق بها (2). والقول قول الجاني في قيمة العبد مع يمينه إن لم يكن مع المولى بينة تشهد له بالقيمة، ولو كان العبد ذميا لذمي لم يتجاوز بالذكر دية مولاه ولا بقيمة الأنثى دية الذمية، وفي المسلم عبد الذمي إشكال، أما الذمي عبد المسلم فإن فيه قيمته ما لم يتجاوز دية مولاه المسلم.
1. لاحظ التهذيب: 10 / 192، ذيل الحديث 757. 2. ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة: 749، والشيخ في النهاية: 752; والحلي في السرائر: 3 / 355 وابن زهرة في الغنية قسم الفروع: 407; والكيدري في إصباح الشيعة: 494; وسلار في المراسم: 237; وابن حمزة في الوسيلة: 433. 443 ولو كان العبد لامرأة كان على قاتله قيمته وإن تجاوزت دية مولاته، ولو تجاوزت دية الحرة ردت إليها، والأمة لو كانت لرجل كان على قاتلها قيمتها ما لم يتجاوز دية الأنثى الحرة، فإن تجاوزت ردت إليها. 7020. السادس: العبد يقتل بالحر إن قتله عمدا، ولورثة الحر الخيار بين قتله واسترقاقه، وليس لمولاه خيار، فلو اختار الولي أحد الأمرين لم يكن لمولاه افتكاكه. ولو جرح العبد حرا، فللمجروح القصاص أو استرقاقه إن أحاطت جنايته بقيمته، وإلا استرق منه بقدر جنايته، وليس لمولاه خيار، ولو كانت الجناية أكثر من القيمة، لم يضمن مولاه الفاضل. ولو طلب المجني عليه الأرش، فكه مولاه بأرش الجناية، أو سلمه إن أحاطت الجناية بقيمته، وإن زادت القيمة أخذ بالنسبة. ولو باعه أخذ أرش الجناية من الثمن، والفاضل للمولى. ولو اشتراه المجني عليه من مولاه بأرش الجناية، سقط القصاص، لأن عدوله إلى الشراء اختيار للمال، ثم إن كان الأرش معلوما صح البيع، وإلا فلا. 7021. السابع: لو قتل العبد عبدا عمدا قتل به إن اختار مولى المقتول، وإن طلب الدية تعلقت برقبة الجاني، فلمولى المقتول استرقاقه إن تساوت القيمتان، أو كانت قيمة القاتل أقل، ولا يضمن المولى شيئا، وإن كانت قيمته أزيد، استرق مولى المقتول منه بقدر قيمة عبده، ولا يضمنه المولى، فإن تبرع المولى بفكه فكه بأرش الجناية.
444 ولو كان القتل خطأ، تخير مولى القاتل بين فكه بقيمته ودفعه أو ما يساوي القيمة إن كانت قيمة القاتل أكثر، ولا خيار لمولى المقتول، ولو أعوز لم يضمنه المولى. 7022. الثامن: المدبر كالقن، فإن قتل مدبر حرا قتل به، وإن شاء الولي استرقه، ولا ينعتق بموت المدبر، وكذا لو قتل عبدا قنا، ولو كان قتله خطأ تخير مولاه بين فكه بأرش الجناية، ويبقى على التدبير، وبين تسليمه للرق، فإذا مات المدبر، قيل: ينعتق ويسعى في فك رقبته (1) فقيل بالدية (2) وقيل بقيمته (3) والصحيح بطلان التدبير بالاسترقاق (4) وبقاؤه رقا بعد موت المدبر. ولا يقتل الحر بالمدبر ولا من انعتق بعضه، ويقتل المدبر بمثله وبالقن. 7023. التاسع: المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا كالقن، يقتل كل منهما بالقن وبمثلهما وبالحر، ولو كان المطلق قد أدى شيئا، تحرر منه بقدر ما أدى، فلا يقتل بالقن، ولا بالمدبر، ولا بالمشروط، ولا بمن انعتق منه أقل، ولو قتل حرا عمدا قتل به، وللمولى استرقاق نصيب الرقية، ولو قتل عبدا لم يقتل به، ولكن يسعى في نصيب الحرية، ويسترق الباقي منه، أو يباع في نصيب الرق، وإن كان القتل خطأ أدى الإمام قدر نصيب الحرية من الدية، لأنه عاقلته، ويتخير المولى بين فك نصيب الرقية من الجناية،
1. قال المحقق في الشرائع: ومع القول بعتقه، هل يسعى في فك رقبته؟ فيه خلاف، الأشهر انه يسعى. شرائع الإسلام: 4 / 206. لكن في متن الجواهر: 42 / 109 «لا يسعى». 2. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 751. 3. ذهب إليه الصدوق في المقنع: 533. 4. كذا في «ب»: ولكن في «أ»: وقيل بقيمته وهو الصحيح لبطلان التدبير بالاسترقاق. 445 ويبقى مكاتبا، وبين تسليم الحصة ليقاصص بالجناية، وتبطل الكتابة فيها. ورجح الشيخ (رحمه الله) في الاستبصار رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) الدالة على مساواة المكاتب الذي انعتق نصفه للحر. (1) 7024. العاشر: لو قتل العبد حرا عمدا، يقتل به، وللولي استرقاقه، ولو طلب الولي من المولى بيعه ودفع ثمنه لم يجب، لأنه لم يتعلق بذمة المولى شئ، وإنما تعلق بالرقبة التي سلمها، ويحتمل الوجوب كالرهن. ولو قتل العبد مولاه، قتل به، وللولي استرقاقه، ولو كان العبدان لمالك واحد، فقتل أحدهما الآخر عمدا، كان للمولى قتله، والعفو عنه، وليس له قتله في الخطأ. 7025. الحادي عشر: لو قتل العبد خطأ أو جرح، حرا كان المقتول والمجروح أو عبدا، تخير المولى بين افتكاكه وبين دفعه على ما قلناه، وكل موضع خيرنا المولى بين الفك والدفع، فإنه تخير بالفك بأرش الجناية - سواء زادت عن قيمة العبد الجاني أو لا - وبالدفع، وقيل: بل تخير بالفك بأقل الأمرين من الأرش وقيمة الجاني، وهو أحد قولي الشيخ (2) وليس بعيدا من الصواب. ولو عفا ولي المقتول على مال لم يجب على المولى دفعه، بل يدفع العبد، وله دفع المال، فإن كان المقتول عبدا، وعفا مولاه على مال، فالوجه أن المولى يتخير بين دفع الجاني إن أحاطت جنايته بقيمته، أو دفع ما ساواها منه، وبين
1. الاستبصار: 4 / 277 في ذيل الحديث 1049. 2. المبسوط: 7 / 160. 446 فكه بأقل الأمرين من قيمته القاتل أو المقتول، وعلى القول الآخر يفديه بقيمة المقتول أو يدفعه. 7026. الثاني عشر: لو قتل عبد عبدين عمدا، كل واحد لمالك، واختارا القود، فالوجه اشتراكهما في القود ما لم يختر الأول استرقاقه قبل الجناية الثانية، فإن اختار استرقاقه قبل الجناية الثانية، كان للثاني خاصة، وقيل: يقدم الأول لسبق حقه، ويسقط الثاني، لفوات محل الاستيفاء (1). ولو اختار الأول المال وضمنه المولى، تعلق حق الثاني برقبته، فإن اقتص، بقي المال المضمون في ذمة المولى، ولو لم يضمنه المولى، واسترقه الأول، تعلق حق الثاني به، فإن قتله فلا شئ للأول، وإن استرق اشترك الموليان، والوجه عندي أنه للثاني بعد استرقاق الأول له. 7027. الثالث عشر: لو قتل العبد عبدا لاثنين، اشتركا في القود والاسترقاق، فإن طلب أحدهما القود والثاني المال، لم يجب على المولى، لكن إن افتك نصيب الباقي على المال، كان للآخر قتله بعد رد نصيب من عفاه من قيمته على مولاه لا ما دفعه مولاه، ولو لم يفتكه المولى، كان لطالب المال منه بقدر حصته من العبد المقتول والآخر القود مع رد قيمة حصة شريكه. 7028. الرابع عشر: لو قتل عشرة أعبد عبدا لرجل عمدا، فعليهم القصاص، فللمولى قتلهم أجمع، ويؤدي إلى سيد كل واحد منهم ما فضل من قيمته عن جنايته إن كان هناك فضل، ولو فضل لبعضهم خاصة رد عليه، ولو لم يفضل لأحدهم شئ، بأن كانت قيمة المقتول تساوي قيمة العشرة، لم يكن لمواليهم
1. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 8. 447 شئ، ولو زادت قيمة المقتول عن دية الحر هنا، فالوجه الرد إلى دية الحر، ويجعل أصلا، وعلى كل عبد عشرها، فإن زادت قيمة العشرة على الدية، وزادت قيمة المقتول، فالأقرب رد قيمة المقتول إلى دية الحر، وكذا قيمة كل من زادت قيمته عن دية الحر من العشرة. ولو طلب المولى الدية، تخير مولى كل واحد بين فكه بأرش جنايته أو دفعه، وقيل بأقل الأمرين من أرش الجناية وقيمة الجاني (1). ولو دفع كل واحد العبد وفضل له من قيمته شئ، كان الفاضل عن أرش الجناية له. ولو قتل البعض رد مولى كل واحد من الأحياء عشر الجناية، أو دفع كل واحد من عبده بقدر أرش جنايته إلى مولى المقتص منهم، فإن لم ينهض ذلك بقيمة المقتولين، أتم مولى المقتول ما يعوز، أو اقتصر على قتل من ينهض الرد بقيمته. ولو كانت قيمة المقتص منهم لا ينهض بقيمة المجني عليه، كان الرد على مولاه إن كانت قيمة كل واحد من المقتص منهم بقدر أرش جنايته. 7029. الخامس عشر: لو قتل حر حرين، فليس لأوليائهما سوى قتله، وليس لهما المطالبة بالدية، فإن قتلاه فقد استوفيا حقهما، ولو بدر أحدهما فقتله استوفى حقه، وكان للآخر المطالبة بالدية من التركة، لأنها بدل عن النفس عند التعذر كقيم المتلفات، ولو لم يكن هناك تركة، أخذت من الأقرب فالأقرب. ولو قطع يمين رجلين، قطعت يمينه بالأول ويساره بالثاني، فإن قطع يد
1. لاحظ المبسوط: 7 / 160. 448 ثالث، قيل قطعت رجله (1)، وقيل: تجب الدية، (2) لفوات محل القصاص ومساويه، وكذا لو قطع يمين رابع. ولو قطع ولا يد له ولا رجل فالدية. 7030. السادس عشر: لو قتل العبد حرين على التعاقب، فالأقرب اشتراكهما فيه ما لم يحكم به للأول، فيكون لأولياء الأخير، إن اختاروا قتلوه، وإن أرادوا استرقوه، وقيل: يكون لأولياء الأخير (3) والمعتمد الأول. ويكفي في اختصاص الأول به، أن يختار استرقاقه وإن لم يحكم له الحاكم، فإذا اختار ولي الأول استرقاقه، ثم قتل بعد الاختيار، كان للثاني. 7031. السابع عشر: لو أعتقه مولاه بعد أن قتل حرا عمدا، فالأقرب عندي الصحة، لكن لا يسقط حق الولي من القود والاسترقاق، فإن اقتص منه أو استرقه بطل عتقه، وإن عفا على مال وافتكه مولاه، عتق، وكذا لو عفا عنه مطلقا، وكذا البحث في البيع والهبة. ولو كان القتل خطأ قيل (4): يصح العتق ويضمن المولى الدية، وعليه دلت رواية عمرو بن شمر [عن جابر] عن الباقر (عليه السلام) (5) وعمرو ضعيف وقيل (6): لا يصح إلا ان يتقدم ضمان الدية أو دفعها.
1. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 771 - 772. 2. القائل هو الحلي في السرائر: 3 / 396 - 397. 3. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 752. 4. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 753. 5. الوسائل: 19 / 160، الباب 12 من أبواب ديات النفس، الحديث 1. 6. القائل هو الحلي في السرائر: 3 / 358. 449 ولو قتل عبدا عمدا، فإن لم نعتبر القيمتين فالبحث كالحر، وإن اعتبرناهما وكانت قيمة القاتل أكثر، فإن اقتص ظهر بطلان العتق، وكان الفاضل لمولاه، ويحتمل عدم القصاص، وإن عفا عنه على مال (1) وافتكه مولاه، نفذ العتق، وإلا استرق المولى منه بقدر قيمة عبده، وحكم بحرية الباقي. 7032. الثامن عشر: قيمة العبد مقسومة على أعضائه، كما أن دية الحر مقسومة عليها، والحر أصل للعبد فيما فيه مقدر، وكل ما فيه واحد، ففيه كمال قيمته، كما أن الحر في عضوه الواحد منه كمال ديته، وما فيه اثنان ففيهما كمال القيمة، كالعينين، واليدين، والرجلين، وفي كل واحد منهما نصف قيمته. وكل ما فيه عشرة، ففي كل واحد عشر القيمة، كالأصابع، وكل ما لا تقدير فيه فالعبد فيه أصل للحر، فإن الأرش، إنما يتقدر بأن يفرض الحر عبدا سليما من الجناية، وينظر قيمته حينئذ، ثم يفرض عبدا معيبا بالجناية، وينظر قيمته حينئذ، ثم يؤخذ من الدية بنسبة تفاوت القيمتين. إذا عرفت هذا فلو جني على العبد بما فيه كمال القيمة، تخير مولاه بين إمساكه ولا شئ له، وبين دفعه وأخذ قيمته، فلو قطع يده ورجله دفعة، ألزمه مولاه بالقيمة ودفعه إليه، أو أمسكه بغير شئ ولو قطع يده خاصة، كان له إلزامه بنصف قيمته، ولا يدفع من العبد شيئا. ولو قطع واحد يده، وآخر رجله، قيل (2): تخير مولاه بين دفعه إليهما وأخذ القيمة بكمالها منهما، وبين إمساكه بغير شئ.
1. في «ب»: إلى مال. 2. القائل هو الشيخ في المبسوط: 7 / 160. 450 والحق أن له إلزامهما بكمال قيمته، ولا يدفع العبد. 7033. التاسع عشر: لو جرح الحر العبد المملوك فسرت إلى نفسه، كان لمولاه أخذ القيمة منه بأعلى القيم من حين الجناية إلى وقت الموت، فإن تحرر وسرت إلى نفسه ومات حرا، فللمولى أقل الأمرين، من قيمة الجناية أو الدية عند السراية (1) فإن القيمة إن كانت أقل، فهي التي يستحقها المولى، والزيادة الحرية فلا يملكها، وإن نقصت مع السراية، لم يلزم الجاني ضمان النقصان، فإن دية الطرف تدخل في دية النفس، وذلك بأن يقطع واحد يده وهو رق، فعليه نصف قيمته إن كانت بقدر الدية، ثم قطع آخر يده بعد تحرره، ثم آخر رجله، وسرى الجميع، سقطت دية الطرف، وكانت دية النفس عليهم أثلاثا، فيأخذ المولى ثلث الدية من الأول بعد أن كان له نصف الدية منه، وللورثة الثلثان، وقيل: للمولى هنا أقل الأمرين من ثلث القيمة وثلث الدية. (2) 7034. العشرون: لو قطع حر يد عبد، ثم أعتق وسرت، فلا قود لعدم التساوي وقت الجناية، وعليه دية حر، لأنها مضمونة، فكان الاعتبار بها حال الاستقرار، فللسيد نصف القيمة وقت الجناية، ولورثة المجني عليه ما زاد، ولو تجاوزت قيمته دية الحر، فللمولى نصف دية الحر خاصة. ولو قطع آخر رجله بعد الحرية وسرى الجرحان، فلا قصاص في الأول في الطرف ولا النفس، لأن انتفاء القصاص في الجناية يوجب انتفائه في السراية، وعلى الثاني القود بعد رد نصف الدية عليه، وعلى الأول نصف
1. في الشرائع: 4 / 210: «من قيمة الجناية والدية عند السراية». 2. القائل الشيخ في المبسوط: 7 / 34 - 35. 451 دية الحر، فيأخذ المولى أقل الأمرين من نصف قيمة العبد ومن نصف الدية. 7035. الحادي والعشرون: لو قطع يد عبد، ثم أعتق، ثم قطع رجله، فعلى الجاني نصف قيمته وقت الجناية لمولاه، وعليه القصاص في الجناية حال الحرية للعبد، فإن اقتص المعتق في الرجل جاز، وإن طلب الدية اختص بالنصف فيها إن رضي الجاني، فإن سرى الجرحان فلا قصاص في الأولى ويثبت في الثانية، فيكون للمولى الأقل من نصف القيمة ونصف الدية، ولورثة المعتق القصاص في النفس بعد رد نصف الدية على الجاني. ولو اقتص الوارث في الرجل خاصة، أخذ المولى نصف القيمة وقت الجناية، وكان الفاضل للوارث، فيجتمع له القصاص في الرجل وفاضل دية اليد إن زادت ديتها عن نصف قيمة العبد. 7036. الثاني والعشرون: لو قلع عين عبد، ثم أعتق، ثم قطع ثان يده، ثم ثالث رجله، فلا قود على الأول، سواء اندمل جرحه أو سرى، وأما الآخران فعليهما القود في الطرفين إن اندملت، وإن سرت الجراحات كلها، فعليهما القصاص في النفس بعد رد ما يفضل لهما عن جنايتهما، ولو عفا الوارث عنهما، فعليهم الدية أثلاثا. وفي مستحق السيد وجهان: أحدهما أقل الامرين من نصف القيمة أو ثلث الدية، لأنه بالقطع استحق نصف القيمة، فإذا صارت نفسا، وجب ثلث الدية، فكان له الأقل، والثاني أقل الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية، فإن الجناية حيث سرت، كان الاعتبار بما آلت إليه. ولو قطع الأول إصبعه، وقطع الآخران يديه بعد الحرية، فعلى الوجه
452 الأول تثبت الدية عليهم أثلاثا، للسيد منها أقل الأمرين من أرش الإصبع - وهو عشر القيمة - أو ثلث الدية. ولو كان الجاني حال الرق قطع يديه، والآخران قطعا رجليه، وجبت الدية أثلاثا، وكان للسيد منهما أقل الأمرين من جميع قيمته أو ثلث الدية، وعلى الوجه الآخر ثبت للمولى في المسألتين أقل الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية. ولو كان الجانيان في حال الرق، والآخر في حال الحرية فمات، فعليهم الدية، وللسيد من ذلك في أحد الوجهين أقل الأمرين من أرش الجنايتين أو ثلثي الدية، وعلى الآخر أقل الأمرين من ثلثي القيمة أو ثلثي الدية. ولو كانت الجناة أربعة، واحد في الرق وثلاثة في الحرية، وسرت الجنايات، فللسيد في أحد الوجهين الأقل من أرش الجناية (1) أو ربع الدية، وفي الآخر الأقل من ربع القيمة أو ربع الدية. ولو انعكس الفرض، فله في أحد الوجهين الأقل من أرش الجنايات الثلاث أو ثلاثة أرباع الدية، وفي الآخر الأقل من ثلاثة أرباع القيمة أو ثلاثة أرباع الدية. 7037. الثالث والعشرون: يجري القصاص بين العبيد في الأطراف، كما يجري القصاص بينهم في النفس. 7038. الرابع والعشرون: لا يقتل الكافر الحر بالعبد المسلم، بل يجب عليه
1. في «ب»: من أرش الجنايات. 453 قيمته لمولاه، ويقتل حدا لنقضه العهد، ولو قتل عبد مسلم حرا كافرا، لم يقتل به، بل لورثته المطالبة بدية الذمي، فإن دفعها المولى، وإلا استرقوا العبد إن كانوا مسلمين، وبيع على المسلمين إن كانوا كفارا. ولو قتل من نصفه حر عبدا، لم يقتل به، وكذا لو قتله حر لم يقتل به، ولو قتله مثله قتل به. ولو اشترى المكاتب المشروط أباه ثم قتله، احتمل القصاص وعدمه، ولو قتل غير أبيه من عبيده فلا قصاص، ولو كان المكاتب مطلقا قد انعتق بعضه انعتق من الأب بنسبته، ولا يقتل به أيضا اعتبارا بنصيب الرقية. في التساوي في الدين الفصل الثاني: [في] التساوي في الدين وفيه اثنا عشر بحثا: 7039. الأول: يشترط في المقتص منه مساواته للجاني أو كونه أخفض منه، فيقتل المسلم بمثله، والكافر بمثله، وإن كانا حربيين على إشكال وبالمسلم. ولا يقتل المسلم بالكافر، سواء كان ذميا، أو حربيا أو مستأمنا، أو غيره، لكن يعزر ويغرم دية الذمي، وقيل: إن اعتاد قتل أهل الذمة اقتص منه بعد رد فاضل ديته (1) ومنع ابن إدريس ذلك. (2) 7040. الثاني: يقتل الذمي بمثله وبالذمية بعد رد فاضل ديته، والذمية بالذمية،
1. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 749. 2. السرائر: 3 / 352. 454 ولا يرجع عليها بالفضل، وسواء اتفق القاتل والمقتول في الملة أو اختلفا، فيقتل اليهودي بالنصراني والمجوسي وبالعكس. 7041. الثالث: الذمي إن قتل مسلما عمدا، دفع هو وماله إلى أولياء المقتول، ولهم الخيرة في قتله واسترقاقه، ولا فرق في تملك أمواله بين ما ينقل منها وما لا ينقل، ولا بين العين والدين. وهل يسترق الأولياء أولاده الأصاغر؟ قال الشيخ: نعم (1) ومنعه ابن إدريس (2). وإذا اختار الأولياء القتل تولى ذلك عنهم السلطان، قال ابن إدريس: وإذا اختاروا قتله لم يكن لهم على ماله سبيل، لأنه لا يدخل في ملكهم إلا باختيارهم استرقاقه. ولو أسلم فإن كان قبل الاسترقاق، لم يكن لهم على ماله وأولاده سبيل، وليس لهم استرقاقه، بل لهم قتله، كما لو قتل وهو مسلم، وإن كان بعد الاسترقاق، لم يسقط عنه شئ من الأحكام، ويكفي في الاسترقاق اختيار الولي رقه وإن لم يكن حاكم. 7042. الرابع: لو قتل الكافر كافرا، ثم أسلم القاتل، أو جرح الكافر مثله ثم أسلم الجارح، وسرت جارحة الكافر، لم يقتل به، كما لو كان مؤمنا حال قتله، ولعموم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
1. نقله المصنف عن الشيخ أيضا في الإرشاد: 2 / 204، وقال الشهيد في المسالك، بعد نقل ذلك عن الشيخ: أنه لم يوجد في كتبه. لاحظ المسالك: 15 / 145. 2. السرائر: 3 / 351. 455 «لا يقتل مؤمن بكافر» (1). نعم تجب الدية على القاتل إن كان المقتول ذا دية. 7043. الخامس: لو جرح مسلم ذميا فأسلم المجروح، ثم سرت الجناية إلى النفس، فلا قصاص ولا قود، وكذا لو قطع يد عبد ثم أعتق، وسرت الجناية، وكذا الصبي، لو قطع يد بالغ ثم بلغ الجاني، وسرت بعد ذلك جنايته، لأن التساوي غير حاصل وقت الجناية، فلم يوجب قصاصا حال ثبوتها، ويثبت في جميع ذلك دية النفس الكاملة للمسلم، لأن الجناية وقعت مضمونة، فكان الاعتبار بأرشها حين الاستقرار. أما لو قطع يد حربي، أو يد مرتد فأسلم، ثم سرت، فلا قود ولا دية، لأن الجناية وقعت غير مضمونة، فلم يضمن سرايتها. ولو رمى ذميا بسهم فأسلم، ثم أصابه فمات، فلا قود، وعليه دية المسلم، وكذا لو رمى عبدا فأعتق، ثم أصابه، وكذا لو رمى حربيا أو مرتدا فأسلم قبل الإصابة، ثم أصابه فمات، فعليه دية المسلم، لأن الإصابة حصلت في محقون الدم مسلم. (2) 7044. السادس: لو قطع مسلم يد مثله، فارتد ثم مات بالسراية، فلا قصاص في النفس، ولا دية لها، ولا كفارة، وكذا لو قطع يد ذمي فصار حربيا، ثم مات
1. المحلى: 10 / 355 ونقله الرافعي في الشرح الكبير: 10 / 160. 2. هكذا في النسختين والصحيح في مسلم محقون الدم وفي الشرائع: 4 / 212: «لأن الإصابة صادفت مسلما محقون الدم». 456 بالجناية، ويضمن اليد، فإن كانت يد مسلم وجب فيها القصاص، ويستوفيه وارثه المسلم، فإن لم يكن مسلم استوفاه الإمام. وقال في المبسوط: الذي يقتضيه مذهبنا انتفاء القصاص والدية، لأن الطرف يدخل في النفس قصاصا، ودية النفس هنا غير مضمونة (1) وفيه نظر من حيث إن الجناية وقعت مضمونة فلا يسقط باعتراض الارتداد، ولا يلزم من دخوله في ضمان النفس سقوطه عند سقوط ضمان النفس باعتبار عارض عرض بعد الاستحقاق فيه. فإن عاد إلى الإسلام، ثم مات بالسراية، فإن كان إسلامه قبل أن تحصل سراية، ثبت القصاص في النفس، وإن حصلت سراية وهو مرتد، ثم كملت السراية وهم مسلم، قيل: لا قصاص في النفس، لأن وجوبه مستند إلى الجناية وكل السراية، والسراية هنا يسقط حكم بعضها (2) والأقرب وجوب القصاص في النفس، لأن الاعتبار في الجناية المضمونة بحال الاستقرار. وإن كانت الجناية خطأ تثبت الدية، لأن الجناية صادفت محقون الدم، وكانت مضمونة في الأصل. إذا عرفت هذا فإنه يضمن المقطوع بأقل الأمرين من ديته أو دية النفس، فلو قطع يديه ورجليه، ثم ارتد ومات، ففيه دية النفس خاصة، لأنه لو لم يرتد لم يجب أكثر من الدية، فمع الردة أولى، ويحتمل ضمانه بدية المقطوع، فتجب
1. المبسوط: 7 / 28. 2. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 26; والقاضي في المهذب: 2 / 465 - 466. 457 ديتان، لأن الردة قطعت حكم السراية، فأشبه (1) انقطاع حكمها باندمالها أو بقتل آخر له، والأول أقرب. 7045. السابع: لو قطع مسلم يد يهودي فتنصر، فإن قلنا لا يقر على دينه، فهو كما لو جنى على مسلم فارتد، وإن قلنا يقر، وجبت دية يد نصراني. ولو قطع يد مسلم فارتد، ثم قطع آخر رجله، ثم أسلم، وسرى القطعان إلى النفس، فعلى الأول القصاص إن قلنا إن اعتراض بعض السراية غير مؤثر في وجوب القصاص، وإذا اقتص منه في النفس، وجب رد نصف الدية، وإلا فعليه دية اليد، وإلا (2) فعليه دية يد مسلم، وللولي القصاص في اليد أو المطالبة بديتها. وأما الثاني فلا قصاص عليه في النفس ولا في الرجل، ولا دية فيهما. 7046. الثامن: لا يقتل الذمي بالحربي، ويقتل بالمرتد، لأنه محقون الدم بالنسبة إليه، ولو قتل مرتد ذميا ففي القود إشكال ينشأ من تحرم المرتد بالإسلام، ومن التساوي في الكفر، والأقرب القتل، نعم لو رجع إلى الإسلام لم يقتل الذمي، وعليه ديته. ولو جرح مسلم نصرانيا، ثم ارتد الجارح وسرت الجراحة، فلا قود، لعدم التكافؤ حال الجناية، وعليه دية الذمي. 7047. التاسع: لو قتل المسلم مرتدا، فلا قصاص، والأقرب أنه لا دية عليه أيضا، وإن أساء بقتله، وإن أمره إلى الإمام.
1. في «أ»: فاشتبه. 2. شرطية لا استثنائية راجع إلى قوله «إن قلنا ان اعتراض بعض السراية...» أي إن لم نعمل به، فالواجب عليه دية يد مسلم، لأنه قطع يد مسلم. 458 ولو وجب على مسلم قصاص، فقتله غير الولي، وجب عليه القود. ولو وجب قتله بزنا أو لواط، فقتله غير الإمام، فلا قود ولا دية، لأن عليا (عليه السلام) قال لرجل قتل رجلا ادعى أنه وجده مع امرأته: «عليك القود إلا أن تأتي ببينة» (1). وفي تخصيص الحكم بذلك نظر، والأقرب انتفاء القود مطلقا، لأنه مباح الدم، وقتله واجب، فصار كالحربي، ولا يجب في ذلك كله كفارة ولا دية. 7048. العاشر: يقتل المرتد بالمسلم وبالمرتد، ويقدم القصاص على قتل الردة، ولو عفا الولي إلى الدية، ورضي الجاني، فقتل بالردة، أخذت الدية من تركته. 7049. الحادي عشر: لو قتل عبد مسلم عبدا مسلما لكافر، ففي القود إشكال، ينشأ من المساواة الموجبة للتكافؤ في الدماء، ومن كون المستحق كافرا، والأقرب عدم القصاص، وله المطالبة بالقيمة. أما لو قتل مسلم مسلما ولا وارث له سوى الكافر، كان المطالب بالقود الإمام، (2) لأن الكافر لا يرث المسلم. 7050. الثاني عشر: يقتل ولد الرشدة (3) بولد الزنية مع تساويهما في الإسلام، وعند من يرى أن ولد الزنا كافر لا يقتل به المسلم، والمعتمد ما قلناه.
1. عوالي اللآلي: 3 / 600، رقم الحديث 59، ونقله الشيخ في المبسوط: 7 / 48، والمحقق في الشرائع: 4 / 213. 2. في «أ»: كان المطالبة بالقود للإمام. 3. قال الشهيد في المسالك: ولد الرشدة - بفتح الراء وكسرها - خلاف ولد الزنية. مسالك الأفهام: 15 / 146. 459 الفصل الثالث: [في] انتفاء الأبوة وفيه سبعة مباحث: 7051. الأول: لا يقتل الأب بولده بل يجب على الأب الدية لورثة الولد غيره، ويعزر، ويجب عليه كفارة الجمع، وكذا لا يقتل الجد للأب وإن علا بالابن وإن نزل، ويقتل الولد بالأب والجد وإن علا وبالأم، وتقتل الأم وآباؤها وأجدادها الذكور والإناث بالولد، وكذا الأقارب، سواء تقربوا بالأب كالإخوة والأعمام، أو بالأم أو بهما، سوى الأجداد من قبل الأب، وتقتل الجدات من قبل الأب بالولد، كما تقتل الأم به. في انتفاء الأبوة ولا فرق في الولد بين الذكر والأنثى، وكذا لا يقتل الجد للأب بابن بنته ولا ببنت ابنه ولا ببنت بنته، وسواء قتله حذفا بالسيف أو ذبحه. (1) 7052. الثاني: لا فرق بين كون الأب مساويا للولد في الدين، والحرية، أو مخالفا، فلا يقتل الأب الكافر بولده المسلم، ولا الأب العبد بولده الحر، لأن المانع من القصاص شرف الأبوة، ولا يقتل الولد المسلم بالأب الكافر، لعدم التكافؤ والولد الحر بالأب العبد. 7053. الثالث: لو تداعى اثنان صغيرا مجهولا، ثم قتلاه، لم يقتلا به،
1. ناظر إلى قول مالك حيث، قال: إن قتله حذفا بالسيف ونحوه لم يقتل به، وإن ذبحه أو قتله قتلا لا يشك في أنه عمد إلى قتله دون تأديبه، أقيد به. لاحظ المغني لابن قدامة: 9 / 359; والحاوي الكبير: 12 / 22; والعزيز شرح الوجيز للرافعي: 10 / 166. 460 لاحتمال الأبوة في طرف كل واحد منهما، فلا يتهجم على الدم مع الشبهة، ولا يحكم بالقرعة. أما لو لحق بأحدهما قبل القتل بالقرعة، ثم قتلاه، قتل الآخر، وكذا لو قتله من ألحق به لم يقتل، ولو قتله أحدهما قبل القرعة لم يقتل به، لأحتمال أن يكون هو الأب، ولو رجعا عن إقرارهما به، لم يقبل رجوعهما، لأن النسب حق الولد، وقد اعترفا به، فلا يقبل رجوعهما، كما لو ادعاه واحد وألحق به، ثم رجع عنه. ولو رجع أحدهما خاصة، صح رجوعه، وثبت نسبه من الآخر، فإذا قتلاه، قتل الراجع خاصة، ورد عليه نصف الدية من الآخر، وعلى كل واحد كفارة قتل العمد. ولو قتله الراجع خاصة، قتل به، ولو قتله الآخر لم يقتل به، وأغرم الدية لورثة الولد غيره. ولو اشترك اثنان في وطء امرأة بالشبهة في طهر واحد، وأتت بولد وتداعياه، ثم قتلاه قبل القرعة، لم يقتلا به ولا أحدهما، لاحتمال الأبوة في حق كل واحد منهما، ولو رجع أحدهما، ثم قتلاه، أو قتله الراجع أو الآخر، فلا قود أيضا في حق الراجع والآخر، لأن البنوة هنا ثبتت بالفراش لا بالدعوى المجردة، ورجوعه لا ينفي نسبه من طرفه، لأن النسب هنا إنما ينتفي باللعان. 7054. الرابع: كما لا يثبت للولد القصاص على والده بالأصالة فكذا بالتبعية، فلو قتل الأب الأم لم يكن للولد القصاص من الأب، وله مطالبته بالدية، يأخذها منه أجمع، سواء كان الولد ذكرا أو أنثى، وسواء كان الولد واحدا أو أكثر. ولو كان للزوجة ولد آخر من غير الأب، كان له أن يقتص ويرد على الولد
461 منهما (1) نصف الدية، وكذا لو تعدد الولد من الأب واتحد الولد من غيره فإن له القصاص بعد رد نصيب الأولاد الأخر من الدية. وكذا لو قذف الأب زوجته لم يكن لولده منها المطالبة بالحد بعد موتها، ولو كان لها ولد من غيره، كان له المطالبة بالحد على الكمال. 7055. الخامس: لو قتل رجل أخاه، (2) فورثه ابن القاتل، لم يجب القصاص، لما تقدم، ولو قتل خال ابنه فورثت أم الابن القصاص ثم ماتت، بقتل الزوج أو غيره، فورثها الابن، سقط القصاص، لأن ما منع مقارنا أسقط طارئا، وتجب الدية. ولو قتل أبو المكاتب المكاتب أو عبدا له، لم يجب القصاص، لأن الوالد لا يقتل بالولد ولا بعبده، فإن اشترى المكاتب أحد أبويه ثم قتله، فلا قصاص، لأن السيد لا يقتل بعبده. 7056. السادس: لو قتل أحد الولدين أباه، ثم الآخر أمه، فلكل منهما على الآخر القود، ويقرع في التقدم في الاستيفاء إن تشاحا فيه، فإن بدر أحدهما فاقتص، كان لورثة الآخر الاقتصاص منه. في كمال القاتل ولو قتل أول الإخوة الأربعة الثاني، ثم الثالث الرابع، وكل منهم غير محجوب عن ميراث صاحبه، فللثالث القصاص من الأول بعد رد نصف الدية إليه، لأن الرابع يستحق نصف نفسه، فلما قتله الثالث لم يرثه، وكان ميراثه للأول، ورجع نصف قصاصه إليه، ولورثة الأول إن كان قد قتل قبل قتل الثالث بالرابع، (3) لأن ميراثه للأول خاصة، وإن لم يكن قبل، كان له القصاص، وإذا قتله
1. في «ب»: منها. 2. كذا في «ب» ولكن في «أ»: لو قتل رجل رجلا أخاه. 3. أي في مقابل الرابع قصاصا. 462 الأول ورثه، لأنه استيفاء لا ظلم، ويرث ما يرثه عن أخيه الثاني، وإن عفا عنه على الدية وجبت عليه بكمالها، مقاصة بنصفها. (1) 7057. السابع: لو قتل زوجة الابن وكان الابن هو الوارث، فلا قصاص وتجب الدية. ويجوز للجلاد قتل أبيه، وكذا للغازي بإذن الامام، ولا يمنع من ميراثه، لأنه قتل سائغ. الفصل الرابع: [في] كمال القاتل وفيه تسعة مباحث: 7058. الأول: لا يقتل المجنون القاتل، سواء قتل عاقلا أو مجنونا، وتثبت الدية على عاقلته، سواء كان المجنون دائما أو أدوارا، إذا قتل حال جنونه، ولو قتل حال رشده، لم يسقط القود باعتراض الجنون، وكذا العاقل لو قتل ثم جن قتل، ولا يسقط الجنون الطارئ القود. 7059. الثاني: الصبي كالمجنون في سقوط القود عنه، وإن تعمد القتل، وعمده وخطاؤه واحد، تؤخذ الدية فيهما من عاقلته، سواء قتل صبيا أو بالغا رشيدا، وروي: انه يقتص من الصبي إذا بلغ عشر سنين. (2) وفي رواية: إذا بلغ
1. ولمزيد التوضيح في المسألة لاحظ المبسوط: 7 / 12. 2. قال في جواهر الكلام: 42 / 180: لم نظفر بها كما اعترف به غير واحد من الأساطين. وقال الشهيد في المسالك: والرواية الواردة بالاقتصاص من الصبي إذا بلغ عشرا لم نقف عليها بخصوصها. مسالك الأفهام: 15 / 162. 463 خمسة أشبار وتقام عليه الحدود (1) والأقرب أن عمده خطأ محض يلزم العاقلة أرش جنايته حتى يبلغ خمس عشرة سنة إن كان ذكرا، وتسعا إن كان أنثى بشرط الرشد فيهما. 7060. الثالث: لو ادعى الولي بلوغ الجاني، وادعى القاتل صغره حال القتل، فالقول قول الجاني مع يمينه، لقيام الاحتمال، فلا يتهجم على تفويت النفس، وتثبت الدية في مال الصبي، إلا أن تقوم البينة بأن القتل وقع في الصغر، فيجب على العاقلة. ولو ادعى الولي على من يعتوره الجنون القتل حال الإفاقة، فادعى الجاني القتل حالة الجنون، فالقول قول الجاني مع يمينه وتثبت الدية. 7061. الرابع: كما يعتبر العقل في طرف القاتل، كذا يعتبر في طرف المقتول، فلو قتل العاقل مجنونا، لم يقتل به وتثبت الدية على القاتل إن كان عمدا أو شبيه العمد، وإن كان خطأ، فالدية على العاقلة. ولو قصد القاتل دفعه، ولم يندفع إلا بالقتل، كان هدرا، وروي أن الدية في بيت المال (2). 7062. الخامس: لو قتل البالغ الصبي قتل به على الأصح، سواء كان الصبي مميزا أو غير مميز إن كان القتل عمدا، وإن كان شبيه عمد فالدية كاملة في مال الجاني، وإن كان خطأ فالدية على العاقلة. 7063. السادس: لا قود على النائم لعدم قصده، وتثبت الدية عليه، لأنه
1. الوسائل: 19 / 66، الباب 36 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 1. 2. الوسائل: 19 / 51، الباب 28 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 1. 464 شبيه عمد، وربما قيل: ان الدية تثبت على العاقلة، لأنه خطأ محض (1). أما السكران، ففي ثبوت القود في طرفه إشكال، أقربه السقوط، لعدم تحقق العمد منه، وتثبت الدية عليه في ماله إن لم يوجب القود عليه، وإلحاقه بالصاحي في الأحكام لا يخرج فعله عن وجهه. ومن بنج نفسه أو شرب مرقدا لا لعذر، لا قصاص عليهما، بل تجب الدية. 7064. السابع: ذهب الشيخ (رحمه الله) إلى أن عمد الأعمى خطأ محض يجب لقتله لغيره عمدا الدية على العاقلة (2) والحق عندي خلافه، وان عمده عمد كالمبصر. 7065. الثامن: يشترط في القصاص كون المقتول محقون الدم، فلا يقتل المسلم بالمرتد، وكذا كل من أباح الشرع قتله أو هلك بسراية القصاص أو الحد. ولا يشترط التفاوت في تأبد العصمة، فيقتل الذمي بالمعاهد (3) لا الحربي. 7066. التاسع: لا يشترط التساوي في الذكورة، فيقتل الذكر بالأنثى بعد رد الفاضل وبالعكس ولا رد، ولا يعتبر التفاوت بالعدد فيقتل الجماعة بالواحد بعد رد الفاضل من دياتهم عن جنايتهم، ولا يشترط عدم مشاركة من لا يقتص منه، كما لو شارك الخاطئ أو الأب أو الحر في العبد أو المسلم في الكافر أو السبع، بل يقتص من الشريك الذي يقتص منه لو انفرد، ويؤخذ من الآخر الدية ترد عليه.
1. ذهب إليه الحلي في السرائر: 3 / 365. 2. النهاية: 760. 3. وجهه أن اختلاف حرمة الذمي والمعاهد في المدة - حيث إن الأول محقون الدم على التأبيد والثاني إلى مدة - لا يمنع من تساويهما في الحكم مع بقاء المدة. 465 المطلب الثالث: فيما يثبت به وفيه فصول: [الفصل] الأول: في الدعوى وفيه ثمانية مباحث: 7067. الأول: يشترط في المدعي البلوغ، وكمال العقل، حالة الدعوى، ولا يضره لو أسند القتل إلى زمان كونه جنينا، إذ يصح استناد الدعوى إلى التسامع. (1) 7068. الثاني: يشترط في صحة الدعوى تعلقها بشخص معين أو بأشخاص معينين، وأن يكون ممن يصح منه مباشرة الجناية، فلو ادعى على جماعة يتعذر اجتماعهم على القتل، كأهل البلد، أو على غائب لا يتصور منه مباشرة الجناية، لم تسمع الدعوى، ولو رجع إلى الممكن قبلت دعواه. ولو قال: قتله أحد هؤلاء العشرة، ولا أعرف عينه، وأريد يمين كل واحد، أجيب إلى ذلك، لتضرره بالمنع، وعدم تضررهم باليمين. ولو أقام بينة، سمعت لإثبات اللوث إن لو خص الوارث أحدهم، وكذا في
1. قال المصنف في القواعد: 3 / 610: «فلو كان جنينا حالة القتل صحت دعواه، إذ قد يعرف ذلك بالتسامع». 466 دعوى الغصب والسرقة والمعاملات، وإن قصر بنسيانه في المعاملات. 7069. الثالث: هل يشترط في الدعوى التفصيل بتعيين القاتل ونوع القتل من كونه عمدا أو خطأ؟ قيل: نعم (1) فلو أجمل وادعى القتل مطلقا لم تسمع، وقيل: يستفصله القاضي في كونه عمدا أو خطأ، ومنفردا قتل أو مشاركا، وليس ذلك تلقينا بل تحقيقا للدعوى (2) وهو الأقرب. ولو ادعى عليه أنه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم، سمعت دعواه، ولا يقضى بالقود ولا بالدية، لعدم العلم بحصة المدعى عليه منها، ويقضى بالصلح حقنا للدم. 7070. الرابع: لو ادعى القتل ولم يبين العمد أو الخطأ، والأقرب السماع، ويستفصله الحاكم، ولو لم يبين قيل (3): طرحت دعواه وسقطت البينة بذلك لو أقامها على هذه الدعوى، إذ الحكم بها متعذر، بعدم العلم بالمحكوم به، وفيه نظر. 7071. الخامس: يشترط كون المدعى عليه مكلفا، فلو كان سفيها صح فيما يقبل إقرار السفيه فيه، وإن لم يقبل إقراره، صح لأجل إنكاره حتى يسمع البينة ويعرض اليمين عليه، إذ الخصومة تنقطع بيمينه. (4) 7072. السادس: يشترط عدم تناقض الدعوى، فلو ادعى على شخص أنه
1. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 230. 2. وهو خيرة المحقق في الشرائع: 4 / 217. 3. القائل هو الشيخ في المبسوط: 7 / 230. 4. قال في القواعد: 3 / 610: ويصح على السفيه، ويقبل إقراره بما يوجب القصاص لا الدية، ولو أنكر صح إنكاره لإقامة البينة عليه، ويقبل يمينه وإن لم يقبل إقراره، لانقطاع الخصومة بيمينه. 467 تفرد بالقتل، ثم ادعى على غيره الشركة، لم تسمع الدعوى الثانية، لأن الأولى مكذبة لها، سواء برأ الأول أو شركه، ولو أقر الثاني كان له إلزامه عملا بإقراره. 7073. السابع: لو ادعى العمد، ففسره بالخطأ أو بالعكس، لم يبطل أصل الدعوى. ولو قال: ظلمته بأخذ المال، وفسره بأنه كذب في الدعوى، استرد منه المال، ولو فسر بأنه حنفي لا يرى القسامة، لم يسترد، لأن المعتبر رأي القاضي لا رأي الخصمين. 7074. الثامن: يثبت القتل بأمور ثلاثة: الإقرار، والشهادة، والقسامة. الفصل الثاني: [في] الإقرار وفيه أربعة مباحث: 7075. الأول: يعتبر في الإقرار صدوره من بالغ، عاقل، مختار، حر، قاصد، فلا يقبل إقرار الصبي، ولا المجنون، ولا السكران، ولا المكره، ولا العبد، ولا المدبر، ولا المكاتب المشروط، ولا المطلق الذي لم يؤد شيئا، ولا أم الولد، ولو انعتق بعضه قبل في نصيب الحرية دون الرقية، ثم لا يجب وبه القود، نعم لو لم يؤد الدية حتى تحرر، وجب القود. في البينة ولا ينفذ إقرار النائم، ولا الساهي، ولا الغافل (1). 7076. الثاني: يقبل إقرار المحجور عليه لفلس أو سفه بما يوجب القصاص
1. كذا في «أ» ولكن في «ب»: ولا ينفذ إقرار النائم والساهي والغافل. 468 كالعمد، ويستوفى منه القصاص وإن كان الإقرار بالنفس، ولو أقر بما يوجب الدية كالخطأ والمأمومة، ثبت ولكن لا يشارك الغرماء. 7077. الثالث: الأقرب الاكتفاء في الإقرار بالمرة الواحدة، والشيخ (رحمه الله) قال بالمرتين (1) واختاره ابن إدريس (2) والمعتمد الأول. 7078. الرابع: لو أقر واحد بأنه قتله عمدا، وأقر آخر بأنه الذي قتله خطأ، تخير الولي في تصديق أيهما شاء، وليس له على الآخر سبيل. ولو اتهم رجل بالقتل، فأقر به، ثم جاء آخر فأقر أنه هو القاتل، ورجع الأول عن إقراره درئ عنهما القود والدية، وأخذت الدية لأولياء المقتول من بيت المال، وهي قضية الحسن (عليه السلام) في حياة أبيه (عليه السلام). (3) الفصل الثالث: في البينة وفيه تسعة مباحث: 7079. الأول: لا يثبت القتل الموجب للقصاص بشهادة النساء منفردات ولا منضمات، وإنما يثبت بشاهدين عدلين، ولا يثبت أيضا بشاهد واحد ويمين المدعي. ويثبت بالشاهد واليمين، والشاهد والمرأتين ما يوجب الدية، كعمد الخطأ، والخطأ المحض، والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، وكسر
1. النهاية: 742. 2. السرائر: 3 / 341. 3. لاحظ الوسائل: 19 / 107، الباب 4 من أبواب دعوى القتل، الحديث 1. 469 العظام، والجائفة، ولو رجع بالعفو إلى المال لم يثبت إلا بعدلين. ويقبل الشاهد والمرأتان، والشاهد واليمين على قتل الأب ولده عمدا، ولو كان القتل موجبا للقود عند الشهادة، ثم رجع إلى المال، لم يقبل، لأنها كانت باطلة. ولو شهد رجل وامرأتان على هاشمة مسبوقة بإيضاح، لم يقبل في الهاشمة في حق الأرش. ولو شهدوا بأنه رمى عمدا إلى زيد فمرق السهم وأصاب عمرا خطأ، ثبت الخطأ، لأن قتل عمرو منفصل عن قتل زيد، فتغايرا (1). أما الهشم فلا ينفصل عن الإيضاح، فكانت الشهادة واحدة، وقد سقط بعضها، فيسقط الباقي على إشكال. ولو قالوا: نشهد أنه أوضح ثم عاد بعد ذلك وهشم، أو ادعى قتل عمرو خطأ، فشهدوا وذكروا الكيفية، قبلت، ولا تثبت الموضحة ولا العمد بالتبعية. 7080. الثاني: يشترط في الشهادة خلوصها عن الاحتمال، مثل أن يقولوا: ضربه بالسيف فمات من الضربة، أو ضربه فأنهر دمه فمات في الحال من ذلك، أو ضربه فلم يزل مريضا من الضربة حتى مات، وإن طالت المدة. فإن أنكر المدعى عليه الموت بغير الجناية، فالقول قوله مع يمينه. ولو أنكر ما شهدت به البينة لم يلتفت إليه، أما لو قالت البينة: نشهد أنه جرح وأنهر الدم لم يكف ما لم يشهدوا عليه القتل.
1. في «ب»: مغايرا. 470 ولو شهدوا بأنه جرح وأنهر الدم، ومات المجروح، لم يقبل ما لم يقل: قتله (1)، لاحتمال الموت بسبب آخر عقيب الجراحة، فإن استناد الموت إلى الجراحة إنما يعرف بقرائن خفية، فلا بد من ذكر القتل. ويحتمل القبول كما تكفي الشهادة على اليد والتصرف في الملك، والوجه الأول. ولو قالوا: أوضح رأسه، لم يكف حتى يتعرضوا للجراحة وإيضاح العظم، ولو شهدوا بالجرح والإيضاح، وعجزوا عن تعيين محل الموضحة، لوجود موضحات متعددة في رأسه، سقط القصاص، لتعذر معرفة محل الاستيفاء، ويثبت الأرش. 7081. الثالث: لو شهدوا بأنه قتله بالسحر لم يقبل، لعدم الرؤية، نعم لو شهدوا عليه بإقراره بذلك، قبل. ولو قال الساحر: أمرضته بالسحر لكن مات بسبب آخر، فهل يكون إقراره بالإمراض لوثا، يثبت معه للوارث القسامة؟ فيه نظر، وكذا لو أقر أنه جرحه ومات بسبب آخر، والأقرب أنه ليس لوثا. 7082. الرابع: لو قال الشاهد: ضربه فأوضحه، قبل في الموضحة، ولو قال: اختصما، ثم افترقا وهو مجروح، أو ضربه فوجدناه مشجوجا، لم يقبل، لاحتمال أن يكون ذلك من غيره، وكذا لو قال: فجرى دمه. ولو قال: فأجرى دمه قبلت، ولو قال: أسال دمه قبلت في الدامية دون الزائد.
1. في «ب»: لم يقبل قتله. 471 ولو قال: قطع يده، ووجدناه مقطوع اليدين، وعجز الشاهد عن التعيين، سقط القصاص وتثبت الدية، ولا يكفي قول الشاهد: جرحه فأوضحه، حتى يقول: هذه الموضحة، لاحتمال غيرها. 7083. الخامس: يشترط أن لا تتضمن الشهادة جرا ولا دفعا، فلو شهد على جرح المورث قبل الاندمال، لم يقبل، ويقبل بعد الاندمال، ولو أقام قبل الاندمال فردت، ثم أعادها بعده قبلت، ولو شهد بدين أو عين لمورثه المريض، قبلت. ولو شهدا على الجرح وهما محجوبان، ثم مات الحاجب، فالأقرب القبول دون العكس. ولو شهدت العاقلة على فسق بينة الخطأ لم يقبل وإن كانوا من فقراء العاقلة، وإن كانوا من الأباعد الذين لا يصلهم العقل مع وجود القريب، قبلت. ولو شهد اثنان على رجلين بالقتل، فشهد المشهود عليهما على الشاهدين بالقتل لمن شهد الأولان بقتله، على غير وجه التبرع (1) لم يقبل قول الآخرين، لأنهما دافعان، فإن صدق الولي الأولين، حكم له وطرحت الشهادة الثانية، وإن صدق الأخيرين أو الجميع، سقط. ولو شهد أجنبيان على الشاهدين بالقتل، على غير وجه التبرع، كان للولي الأخذ بأي الشهادتين أرادوا وليس له الجميع.
1. في «أ»: «على وجه غير التبرع» وفي الشرائع مكان قوله «على غير وجه التبرع»: على وجه لا يتحقق معه التبرع. شرائع الإسلام: 4 / 220. لاحظ في الوقوف على معنى هذا القيد المسالك: 15 / 186 - 187. 472 7084. السادس: يشترط اتفاق الشاهدين على القتل الواحد، فلو شهد أحدهما انه قتله غدوة، أو بالسكين، أو في الدار، والآخر أنه قتله عشية، أو بالسيف أو في السوق، لم يثبت، وهل يثبت اللوث؟ قال الشيخ في المبسوط: نعم (1) وفيه إشكال ينشأ من تكاذبهما، ولو شهد أحدهما على الإقرار بالقتل المطلق، وشهد الآخر على الإقرار بالقتل العمد، ثبت أصل القتل، والقول قول المدعى عليه في نفي العمدية، ولو أنكر القتل، لم يلتفت إليه، لأنه إكذاب للبينة، ولو اعترف بالعمد، حكم عليه، وإن قال: خطأ وصدقه الولي وجبت الدية في ماله، وإن كذبه فالقول قول الجاني مع اليمين. ولو شهد أحدهما أنه أقر بقتله عمدا، وشهد الآخر عليه انه أقر بقتله خطأ، قبلت الشهادة بمطلق القتل، ولا يثبت العمد، ولو شهد أحدهما أنه قتل عمدا، وشهد الآخر بالخطأ، ففي ثبوت أصل القتل إشكال، نعم تكون شهادة الواحد هنا لوثا، ويثبت للولي دعواه بالقسامة معها. 7085. السابع: لو شهد اثنان على رجل بالقتل، وشهد آخران على غيره به، سقط القصاص، ووجبت الدية عليهما نصفين، لما عرض من الشبهة بتصادم البينتين، وأفتى به الشيخ (رحمه الله) (2) للرواية (3) ويحتمل تخير الولي في تصديق أيهما شاء، كما لو أقر اثنان، كل واحد [منهما] بقتله منفردا، واختاره ابن إدريس ومنع من التشريك بينهما في الدية (3).
1. المبسوط: 7 / 254. 2. النهاية: 742. 3. قال الشهيد في المسالك: لم نقف عليها، فوجب الرجوع إلى القواعد الكلية في الباب. مسالك الأفهام: 15 / 192. وما في السرائر: 3 / 341 من وروده في بعض الأخبار ناظر إلى كلام الشيخ في النهاية: 742، لا أن هنا رواية وراء ذلك. 4. السرائر: 3 / 341 - 342. 473 ولو كان القتل خطأ، كانت الدية على عاقلتهما. 7086. الثامن: لو شهد اثنان على زيد بأنه قتل [رجلا] عمدا، وأقر آخر أنه الذي قتل، وبرأ المشهود عليه، تخير الولي في الأخذ بقول البينة والمقر، قال الشيخ (رحمه الله): فللولي قتل المشهود عليه ويرد المقر نصف ديته، وله قتل المقر ولا رد، لإقراره بالانفراد، وله قتلهما بعد أن يرد على المشهود عليه نصف الدية دون المقر، ولو طلب الدية كانت عليهما نصفين، (1) ودل على ذلك رواية زرارة عن الباقر (عليه السلام) (2). ومنع ابن إدريس من قتلهما معا أو إلزامهما بالدية إلا أن تشهد البينة بالتشريك ويقر المقر به، أما مع الشهادة بالمنفرد (3) وإقرار المقر به، فلا تشريك (4). والأقرب تخير الولي في إلزام أيهما شاء، وليس له على الآخر سبيل، ولا يرد أحدهما على الآخر، إلا أن الرواية مشهورة بين الأصحاب. في القسامة 7087. التاسع: لو ادعى قتل العمد، فأقام شاهدا أو امرأتين، ثم عفا، قال الشيخ (رحمه الله): لا يصح لأنه عفا عما لم يثبت له (5) والوجه الصحة، لأن العفو لا يستلزم الثبوت عند الحاكم، بل لو عفا قبل أن يشهد له أحد، صح عفوه.
1. النهاية: 743. 2. الوسائل: 19 / 108، الباب 5 من أبواب دعوى القتل، الحديث 1. 3. في «ب»: المفرد. 4. السرائر: 3 / 342 - 343. 5. المبسوط: 7 / 249. 474 الفصل الرابع: في القسامة والنظر في أطراف [الطرف] الأول: في مظنته وفيه سبعة مباحث: 7088. الأول: إنما تثبت القسامة في القتل أو الجرح مع اللوث، فلا قسامة في المال، ولا مع انتفاء اللوث، والمراد به قرينة حال تدل على صدق المدعي ظنا لا قطعا، كقتيل في محلة بينهم عداوة، أو قتيل دخل [دارا] ضيفا (1) وتفرق عنه جماعة محصورون، أو قتيل في صف الخصم المقابل (2)، أو قتيل في الصحراء وعلى رأسه رجل معه سكين، أو قتيل في قرية مطروقة، أو خلة (3) من خلال العرب، أو محلة منفردة مطروقة، بشرط العداوة في ذلك كله، فإن انتفت فلا لوث. أما لو وجد في محلة منفردة عن البلد لا يدخلها غير أهلها، أو في دار قوم، أو وجد متشحطا بدمه، وعنده ذو سلاح عليه الدم، فإنه لوث، وإن لم يكن هناك عداوة.
1. في «ب»: «دخل صفا» وهو مصحف. وفي المسالك: 15 / 199 في عداد طرق اللوث «ومنها تفرق جماعة عن قتيل في دار قد دخل عليهم ضيفا». 2. وفي الشرائع مكان هذه العبارة «أو في صف مقابل للخصم بعد المراماة». 3. الخلة: الطريق بين الرملتين. لاحظ لسان العرب: 4 / 200. 475 7089. الثاني: لو وجد قتيلا بين قريتين، فاللوث لأقربهما إليه، فإن تساويا في القرب، تساويا في اللوث. ولو وجد في زحام على قنطرة، أو جسر، أو مصنع، أو سوق، أو في جامع عظيم، أو شارع، ولم يعرف قاتله، فالدية على بيت المال، وكذا لو وجد في فلاة ولا أحد عنده. 7090. الثالث: يثبت اللوث بشهادة الواحد العدل، وبإخبار جماعة يرتفع المواطاة بينهم قطعا أو ظنا من الفساق أو النساء، ولو أخبر جماعة من الصبيان أو الكفار، فإن بلغ حد التواتر تثبت الدعوى وإلا فلا، ولو قيل إن أفاد خبرهم الظن كان لوثا أمكن. ولا يثبت اللوث بالكافر الواحد وإن كان أمينا في نحلته، ولا الفاسق المنفرد ولا الصبي ولا المرأة. 7091. الرابع: إذا ارتفعت التهمة فلا قسامة، بل للولي إحلاف المنكر يمينا واحدة، كغيرها من الدعاوي، ولا يجب التغليظ، ولو نكل قضي عليه بمجرد النكول عند قوم، وبإحلاف المدعي يمينا واحدة على رأي آخرين. (1) 7092. الخامس: قول الرجل المجروح: «قتلني فلان» ليس بلوث، ولو ادعى القتل من غير وجود قتيل ولا عداوة، فحكمها حكم سائر الدعاوي، وكذا إن وجد القتيل وانتفت التهمة، فإن حلف المنكر، وإلا رددنا اليمين الواحدة على المدعي، ويثبت ما يدعيه من قود إن كان القتل عمدا، أو دية ان كان خطأ.
1. مبني على كفاية مجرد النكول في الحكم أو يحتاج إلى رد اليمين إلى المدعي، والمسألة معنونة في محلها، لاحظ الخلاف كتاب الشهادات المسألة 39. 476 ولو وجد قتيلا في قرية يخلطهم غيرهم نهارا ويفارقهم ليلا، فإن وجد نهارا فلا لوث، وإن وجد ليلا ثبت اللوث. ولو وجد قتيلا في دار نفسه وفيها عبده كان لوثا، وللورثة القسامة، لفائدة التسلط بالقتل، أو لافتكاكه بالجناية من الرهن [لو كان رهنا]. 7093. السادس: يسقط اللوث بأمور: أحدها: تعذر إظهاره عند القاضي، فلو ظهر عند القاضي على جماعة فللمدعي أن يعين، فلو قال: القاتل واحد منهم، فحلفوا، ونكل واحد، فله القسامة على ذلك الواحد، لأن نكوله لوث، ولو نكلوا جميعا، فقال ظهر لي الآن لوث معين، (1) وقد سبق منه دعوى الجهل، احتمل تمكنه (2) من القسامة وعدمه. 7094. الثاني: ادعاء الجاني الغيبة، فإذا حلف سقط بيمينه اللوث، فإن ادعى (3) الولي أن واحدا من أهل الدار التي وجد القتيل فيها قتله، جاز إثبات دعواه بالقسامة، فإن أنكر الغريم كونه فيها وقت القتل، فالقول قوله مع يمينه، ولم يثبت اللوث، لأن تطرق اللوث إنما هو إلى من في الدار وذلك لا يثبت إلا بالبينة أو الإقرار. ولو أقام على الغيبة بينة بعد الحكم بالقسامة، نقض الحكم. ولو كان وقت القتل محبوسا أو مريضا، واستبعد كونه قاتلا، فالأقرب سقوط اللوث في طرفه.
1. في «أ»: متعين. 2. في «ب»: تمكينه. 3. في «ب»: فإذا ادعى. 477 7095. الثالث: لو شهد الشاهدان ان فلانا قتل أحد هذين المقتولين، لم يكن لوثا، ولو قال: قتل هذا القتيل أحد هذين، فهو لوث، لتعسر تعيين القاتل، ويحتمل انتفاء اللوث فيهما. 7096. الرابع: عدم خلوص اللوث عن الشك، فلو وجد بالقرب من القتيل ذو سلاح ملطخ بالدم مع سبع من شأنه القتل، بطل اللوث. 7097. الخامس: تكذيب أحد الورثة، فإنه يعارض اللوث في حق المكذب خاصة على الأقوى، ولو قال أحدهما: القاتل زيد، وقال الآخر: ليس القاتل زيدا، فالأقرب انتفاء اللوث في حق المكذب خاصة. ولو قال أحدهما: القاتل زيد، وآخر لا أعرفه، وقال الثاني: القاتل عمرو وآخر لا أعرفه، فلا تكاذب، فلعل ما جهله هذا عينه ذاك، (1) ثم معين زيد معترف بأن المستحق عليه نصف الدية، وحصته منه الربع، فلا يطالب إلا بالربع، وكذا معين عمرو. في كيفية القسامة 7098. السابع: ليس من مبطلات اللوث أن لا يكون على القتيل أثر جرح، وتخنيق ولا عدم ظهور صفة القتل، فلو ظهر اللوث في أصل القتل دون كونه خطأ أو عمدا، فللولي القسامة على ما يعينه، ولو قال أحد الوارثين: القاتل زيد، وقال الآخر: لا أعلم القاتل، لم يبطل لوث مدعي التعيين، وكذا لو كان أحد الوليين غائبا، فادعى الحاضر دون الغائب، أو ادعيا جميعا ونكل أحدهما عن القسامة، أو قال أحدهما: قتله هذا، وقال الآخر: قتله هذا وفلان، فيحلفان في هذه الصورة على من اتفقا عليه، ويستحقان نصف الدية أو نصف النفس، ولا
1. في «أ»: ذلك. 478 يجب أكثر من نصف الدية عليه، لأن أحدهما يكذب الآخر في النصف الآخر، فيبقى اللوث في حقه في نصف الدم الذي اتفقا عليه، ولم يثبت في النصف الذي كذبه أخوه فيه، ولا يحلف الآخر على الآخر لتكذيب أخيه له في دعواه عليه. ولو شهدت البينة بغيبة المدعى عليه يوم القتل غيبة لا تجامع القتل، بطل اللوث، فإن شهدت البينة أنه لم يقتل لم تقبل لأنها شهادة على النفي. ولو قالوا: ما قتله هذا بل هذا، سمعت، لأنها شهدت بإثبات تضمن النفي (1) وكذا لو قالوا: ما قتله، لأنه كان في بلد بعيد. الطرف الثاني: في كيفية القسامة وفيه أحد عشر بحثا: 7099. الأول: إذا ثبت اللوث حلف المدعي خمسين يمينا هو وقومه إن كانوا خمسين (2) حلف كل واحد يمينا واحدة، وإن نقصوا كررت عليهم الأيمان حتى يتموا الخمسين. ولو لم يحلف مع الولي أحد من قومه، أو لم يكن له قوم كررت عليه خمسون يمينا، وهل تجب الموالاة؟ فيه نظر، فإن قلنا به، فلو جن ثم أفاق بنى للعدد. ولو عزل القاضي استأنف، وكذا لو مات في أثنائه استأنف الوارث. 7100. الثاني: اليمين خمسون في العمد والخطأ المحض والشبيه بالعمد،
1. في «أ»: يضمن النفي. 2. في «أ»: إن بلغوا خمسين. 479 وقيل: إنها في الخطأ المحض والشبيه بالعمد خمس وعشرون يمينا، (1) والأول أحوط. 7101. الثالث: لو كان المدعون جماعة، قسمت عليهم الخمسون بالسوية، وتحتمل القسمة بالحصص، ومع ثبوت الكسر يتمم المنكسر اليمين كاملة، ولو نكل البعض، أو كان غائبا، حلف الحاضر على قدر حصته خمسين يمينا، ولم يجب الارتقاب فإن كانوا ثلاثة حلف الأول خمسين، وأخذ الثلث، فإذا حضر الثاني حلف نصف الخمسين وأخذ الثلث، فإذا حضر الثالث حلف ثلث الأيمان وأخذ الثلث، وكذا لو كان صغيرا. ولو أكذب أحد الوليين صاحبه لم يقدح في اللوث، وحلف لإثبات حقه خمسين يمينا. ولو خلف أخا خنثى لأب، وأخا لأم، حلف الخنثى خمسة أسداس الأيمان، لاحتمال الذكورية، وحلف الأخ ربع الأيمان، لاحتمال الرد، هذا مع غيبة أحدهما في حقه إذا حضر. ولو مات الولي قامت ورثته مقامه، وحلف كل واحد منهم قدر نصيبه من الأيمان، فلو خلف الميت ذكرين، ثم مات أحدهما، وخلف ذكرين، حلف الباقي من الذكرين نصف القسامة، وكل واحد من ولدي الولد الربع. ولو مات الولي في أثناء الأيمان قال الشيخ (رحمه الله): تستأنف الورثة الأيمان، لأن الورثة لو أتموا لأثبتوا حقهم بيمين غيرهم. (2)
1. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 740; الخلاف: 5 / 308، المسألة 4 من كتاب القسامة. 2. المبسوط: 7 / 234. 480 7102. الرابع: لو أقام المدعي شاهدا واحدا باللوث، حلف خمسين يمينا، وإن شهد بالقتل فكذلك إن كان القتل عمدا، وإن خطأ أو شبه العمد (1) ثبت مع اليمين الواحدة، كغيرها من الدعاوي. 7103. الخامس: الأقرب عدم اشتراط حضور المدعى عليه وقت القسامة، فإن الحكم عندنا يثبت على الغائب، ولا إيقاع الأيمان في مجلس واحد، فلو حلف في مجلسين أو مجالس متعددة، جاز إذا استحلفه الحاكم، ولو حلف من غير أن يستحلفه الحاكم، وقعت أيمانه لاغية. 7104. السادس: لو كان المدعى عليهم أكثر من واحد، فالأقرب أن على كل واحد خمسين يمينا كما لو انفرد، لأن كل واحد منهم يتوجه عليه دعوى بانفراده. 7105. السابع: إذا ثبت اللوث كانت القسامة على المدعي أولا، فيحلف خمسين يمينا على المدعى عليه أنه قتله، ولو كان له قوم يحلفون معه، حلف كل واحد يمينا واحدة إن بلغوا خمسين، وإلا كررت عليهم الأيمان بالسوية، ولو لم يحلفوا أصلا، حلف هو الخمسين، ولا يبدأ بإحلاف المنكر، فإن امتنع المدعي وقومه من القسامة، حلف المنكر وقومه خمسين يمينا أنه لم يقتل، فإن لم يبلغ قومه خمسين، كررت عليهم الأيمان بالسوية، فإن نكل قومه أو لم يكن له قوم، حلف هو خمسين يمينا ببراءته، فإن نكل عن الأيمان أو عن بعضها ألزم الدعوى، وقيل: له رد اليمين على المدعي (2) وليس بجيد، لأن الرد هنا من المدعي فلا يعود إليه.
1. في «أ» شبيه العمد. 2. ذهب إليه أصحاب الشافعي، لاحظ المغني لابن قدامة: 10 / 23. 481 7106. الثامن: إذا حلف المنكر القسامة لم تجب عليه الدية، لإسقاط الدعوى عنه بالأيمان، ولو لم يحلف المدعون ولم يرضوا بيمين المدعى عليه، فالأقرب سقوط حقهم، ويحتمل الفداء من بيت المال، وقد رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أذينة عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القسامة، فقال: «هي حق، ان رجلا من الأنصار وجد قتيلا في قليب من قلب اليهود، فاتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله إنا وجدنا رجلا منا قتيلا في قليب من قلب اليهود، فقال: ائتوني بشاهدين من غيركم، فقالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لنا شاهدان من غيرنا، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا يا رسول الله: كيف نقسم على ما لم نره؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول الله وكيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم، فوداه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)». (1) وعلى هذا أعمل، لكثرة الروايات المعتمدة به (2). ولو تعذر فداؤه من بيت المال، لم يجب على المدعى عليه شئ. ولو امتنع المدعى عليهم من اليمين، لم يحبسوا حتى يحلفوا، بل تثبت الدعوى عليهم، ويثبت القصاص إن كان القتل عمدا، والدية إن كان خطأ.
1. التهذيب: 10 / 166 - 167، رقم الحديث 662 - باب البينات على القتل - ولاحظ الوسائل: 19 / 117، الباب 10 من أبواب دعوى القتل، الحديث 3. 2. لاحظ الوسائل: 19 / 116، الباب 10 من أبواب دعوى القتل، أحاديث الباب. 482 7107. التاسع: تثبت القسامة في الأعضاء، كما تثبت في النفس مع اللوث، وفي قدرها هنا خلاف، قيل (1): يثبت ستة أيمان فيما فيه من الدية، وإن قصر عن الدية سقط من الست بالنسبة، ففي اليد الواحدة ثلاث أيمان، ولو كان العضو أقل من السدس كالإصبع، وجبت يمين واحدة. وقيل: إن كان فيه الدية وجبت خمسون كالنفس، وإن قصر عن الدية فبالنسبة (2) من الخمسين (3) وهو أحوط. 7108. العاشر: يشترط في القسامة ذكر القاتل والمقتول، والرفع في نسبهما بما يزيل الاحتمال، وتخصيص القتل بالانفراد أو التشريك، ونوعه، من كونه عمدا أو خطأ أو شبيه عمد، وإن كان من أهل الإعراب كلف البيان به، وإلا كفاه ما يعرف به قصده. ولا يشترط في القسامة أن يقول في اليمين: إن النية نية المدعي (4) خلافا لقوم (5). ولو ادعى على اثنين أنهما تعمدا، أقسم وثبت القود عليهما، وكذا لو أقسم على أكثر من اثنين، ويستحق بها قتل الجماعة، وتكفي القسامة الواحدة عليهما.
1. القائل هو الشيخ في المبسوط: 7 / 223; النهاية: 741 - 742; الخلاف: 5 / 312 - 313، المسألة 12 من كتاب القسامة. 2. في «ب»: فالنسبة. 3. ذهب إليه المفيد في المقنعة: 728 وعن كتاب النساء كما في الجواهر: 42 / 254; والحلي في السرائر: 3 / 340. 4. في «ب»: ولا يشترط في القسامة ان النية نية المدعي. 5. لاحظ المبسوط: 7 / 238. وفيه «والنية في اليمين نية الحاكم» والجواهر: 42 / 264. 483 ولو ادعى على اثنين وله على أحدهما لوث، حلف خمسين يمينا، وتثبت دعواه على ذي اللوث، وكان على الآخر يمين واحدة، كالدعوى في غير الدم، فإن قتل ذا اللوث رد عليه نصف الدية (1). 7109. الحادي عشر: يستحب الاستظهار في أيمان القسامة باللفظ، فيقول: والله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، الطالب، الغالب، الضار، النافع إن هذا قتل أبي. ولو أتى بغير ذلك من ألفاظ التأكيد جاز، ولو اقتصر على لفظة «والله» أو «بالله» أو «تالله» أجزأه، ولو رفعه ولحن أجزأ، لعدم تغير المعنى به. وينبغي للحاكم وعظ الحالف وتخويفه. في الحالف الطرف الثالث: في الحالف وفيه ستة مباحث: 7110. الأول: يحلف القسامة كل من يستحق الدية أو القصاص، أو يدفع أحدهما عنه، أو قوم أحدهما معه، مع كماله وعلمه بما يحلف عليه، فلا قسامة للأجنبي بالأصالة، نعم لو أحضر المدعي مع اللوث من قومه خمسين رجلا، حلف كل واحد يمينا يثبت القتل ويستحق الولي القصاص دون باقي القسامة، وكذا في طرف المنكر، يحلف هو أو هو ومن يقوم معه من قومه، مع إثبات التهمة عليه القسامة.
1. عملا باعترافه بالشركة. 484 7111. الثاني: لا يجوز للمدعي ولا لقومه الحلف إلا مع العلم، ولا يكفي الظن في ذلك وان كان غالبا (1) يقارب اليقين. 7112. الثالث: لا يقسم الصبي ولا الغائب إذا لم يحصل له العلم، ولا المجنون، وتحلف المرأة، ولو كان أحد الوليين صبيا أو غائبا، حلف الحاضر البالغ على قدر نصيبه، واستوفى الدية إن اتفقا عليها، أو كانت الدعوى بالخطأ وإن لم يتفق الخصمان على الدية، وكان القتل عمدا، كان له القصاص أيضا إذا دفع نصيب الغائب أو الصبي من الدية. 7113. الرابع: للمسلم القسامة على الكافر إجماعا، وهل يثبت للكافر على المسلم القسامة؟ قال الشيخ (رحمه الله): الأقوى ذلك، لعموم الأخبار، غير أنه لا يثبت بذلك قصاص بل الدية (2)، فإذا ادعى الكافر على المسلم قتل أبيه الكافر، وثبت اللوث، كان للكافر أن يحلف القسامة ويأخذ الدية، ولو كان المقتول مسلما والوارث كافرا، لم يرثه عندنا، وكان ميراثه للإمام، وليس للإمام أن يحلف القسامة، ولو قيل بالمنع من قسامة الكافر على المسلم، كان وجها. 7114. الخامس: لمولى العبد أن يقسم مع اللوث، وإن كان المدعى عليه حرا، وتثبت الدية لا القود إن كان الجاني حرا. وللمكاتب أن يقسم على عبده كالحر، فإن عجز قبل الحلف والنكول، حلف السيد، وإن كان بعد النكول لم يحلف، كما لا يحلف الوارث بعد نكول المورث (3).
1. في «أ»: «عاليا» ولعله مصحف. 2. المبسوط: 7 / 216. 3. في «أ»: الموروث. 485 ولو قتل عبد إنسان، فأوصى بقيمته لأم ولده ومات، فللورثة أن يقسموا وإن كانت القيمة للمستولدة، لأن لهم حظا في تنفيذ الوصية، كما لو أقام الوارث شاهدا بدين لمورثه، مع ثبوت دين عليه مستوعب، فإن اليمين على الوارث، ويأخذ صاحب الدين، وكذا هنا فإن نكلوا، قوى الشيخ عدم إحلاف أم الولد، (1) كما لا يحلف صاحب الدين هناك. 7115. السادس: إذا ارتد الولي منع القسامة، قال الشيخ (رحمه الله): لئلا يقدم على اليمين الكاذبة، كإقدامه على الردة فان خالف وأقسم في الردة قال: يقع موقعها، لعموم الاخبار، وقال شاذ من الجمهور فلا يقع موقعها، لأنه ليس من أهل القسامة، قال: وهو غلط، لأنه نوع من الاكتساب، والمرتد لا يمنع من الاكتساب في مهلة الاستتابة (2) وهو يشكل بما أن الارتداد يمنع الإرث، فيخرج عن الولاية، فلا قسامة. ولو كان الارتداد قبل القتل، لم يقسم، فان عاد وارثه إلى الإسلام ورث إن كان قبل القسمة، وإلا فلا. ولو كان الارتداد عن فطرة، لم يكن له أن يقسم، لخروجه عن أهلية التملك. في احكام القسامة وإذا كان عن غير فطرة، فحلف القسامة حال ردته على ما اختاره الشيخ (رحمه الله)، استحق الدية، ووقف الحال، فإن قتل بردته، انتقلت إلى ورثته المسلمين، وإن عاد ملكها. وإذا قتل من لا وارث له، فلا قسامة إذ إحلاف الإمام غير ممكن.
1. المبسوط: 7 / 218. 2. المبسوط: 7 / 220. 486 الطرف الرابع: في الأحكام وفيه خمسة مباحث: 7116. الأول: إذا ثبت اللوث وحلف المدعي القسامة، فإن كان القتل عمدا وجب القصاص، سواء كان المدعى عليه واحدا أو أكثر، ويقتل الجميع بعد رد فاضل نصيبهم من الديات، وإن كان القتل خطأ، تثبت الدية على القاتل لا على العاقلة، فإن العاقلة إنما يضمن الدية مع البينة، لا مع القسامة. 7117. الثاني: لو قال الولي بعد القسامة غلطت في حق هذا المنكر، والقاتل غيره، بطلت القسامة ولزمه رد ما أخذ بيمينه، وإن قال: ما أخذته حرام، سئل عن معناه، فإن فسر بكذبه في الدعوى عليه، بطلت قسامته، ورد المال، وإن فسر بأنه حنفي لا يرى اليمين في طرف المدعي لم تبطل القسامة، لأنها تثبت باجتهاد الحاكم، فيقدم على اعتقاده، وإن فسر بأن المال مغصوب، وعين المالك ألزم بالدفع إليه، وليس له رجوع على الغريم، وإن لم يعين أقر في يده. 7118. الثالث: لو استوفى بالقسامة، فقال آخر: أنا قتلته منفردا، قال في الخلاف: تخير بين رد المال والرجوع على المقر، وبين البقاء على القسامة (1) وفي المبسوط: ليس له ذلك، لأنه لا يقسم إلا مع العلم (2) وهو أجود ولو قيل: إن
1. الخلاف: 5 / 315، المسألة 16 من كتاب القسامة. 2. المبسوط: 7 / 242. 487 كذبه الولي لم تبطل القسامة، ولم يلزم المقر شئ، لأنه يقر لمن يكذبه، وإن صدقه رد ما أخذه، وبطلت دعواه على الأول، لأنه يجري مجرى الإقرار ببطلان الدعوى، وليس له مطالبة المقر، كان وجها. 7119. الرابع: إذا امتنع المدعي من القسامة مع اللوث، أحلف المنكر القسامة، فإن نكل ألزم الدعوى، قصاصا كان أو دية، ولو حلف مع اللوث واستوفى الدية، فشهد اثنان أن المدعى عليه كان غائبا حال القتل غيبة يمتنع معها القتل، بطلت القسامة واستعيدت الدية. 7120. الخامس: لو اتهم بالقتل، وقام اللوث، حبس إذا طلب الولي ذلك حتى يحضر بينته، لرواية السكوني عن الصادق (عليه السلام): «ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإن جاء الأولياء بالبينة، وإلا خلى سبيله». (1)
1. الوسائل: 19 / 121، الباب 12 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به، الحديث 1. وفي المصدر فإن جاء أولياء المقتول ثبتت،... 488 المطلب الرابع: في كيفية الاستيفاء وفيه اثنان وعشرون بحثا: 7121. الأول: الواجب بقتل العمد العدوان القصاص لا الدية، ولا أحد الأمرين، فلو عفا الولي على مال لم يسقط القود، ثم إن رضي الجاني تثبت الدية وإلا فلا. ولو عفا ولم يشترط المال، سقط القصاص، ولا دية له، وإذا طلب الولي الدية، فإن اختار الجاني دفعها جاز، وإلا لم يجب عليه سوى بذل نفسه، فإن بذل القود لم يكن للولي مطالبته بشئ. ولو بذل الجاني الدية، لم يجب على الولي القبول، فإن فادى نفسه بأضعاف الدية لم يجب أيضا، فان رضى بالزائد على الدية واتفقا عليه جاز. 7122. الثاني: إنما يجب القصاص في النفس مع تيقن التلف بالجناية، فإن اشتبه اقتصر على القصاص في الجناية دون النفس. ولا يقتص إلا بالسيف، ويعتبر لئلا يكون مسموما، خصوصا في [قصاص] الطرف، فان اقتص في الطرف بالمسموم، وجنى السم، ضمن المقتص. ولا يقتص بالآلة الكالة، لئلا يتعذب، فإن فعل أساء ولا شئ عليه.
489 ولا يجوز للولي التمثيل بالجاني، ولا قتله بغير ضرب العنق بالسيف وإن كان هو قد فعل غير ذلك من التغريق والتحريق والرضخ والقتل بالمثقل. 7123. الثالث: لو قطع أعضاءه ثم ضرب عنقه، فقولان، أشبههما أنه إن فرق ذلك بأن ضربه فقطع عضوا، ثم ضربه فقتله، فعل به ذلك، وقيل: يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس (1)، وإن فرقه فعل ما اخترناه، ثم اقتص الولي في العضو فمات الجاني بذلك، وقع ذلك قصاصا عن النفس، وإن مات بغير ذلك، كان حكمه حكم الجاني إذا مات قبل استيفاء القصاص منه. ولو اختار الولي الاقتصار على ضرب العنق، فله ذلك، وإن قطع أعضاءه التي قطعها أو بعضها ثم عفا عن قتله إلى الدية، فليس له ذلك، لأن جميع ما فعله بوليه لا يستحق به سوى دية واحدة، لأن دية الطرف تدخل في دية النفس إجماعا، وإن بقى من الدية شئ بعد قطع البعض، كان له استيفاؤه، وإن قطع ما يجب به أكثر من الدية، ثم عفا، احتمل الرجوع عليه بالزيادة، لأنه لا يستحق أكثر من الدية (2) واحتمل عدمه، لأنه فعل بعض ما فعل بوليه، وعلى القول بدخول قصاص الطرف في النفس لو فعل بالجاني كما فعل بوليه أساء ولا شئ عليه. 7124. الرابع: لا يضمن المقتص سراية القصاص، سواء سرت إلى النفس أو غيرها، بأن اقتص من إصبع فسرت إلى الكف، إلا أن يتعدى، فإن اعترف به عمدا، اقتص منه في الزائد. وإن قال: أخطأت أخذت منه دية الزيادة، والقول قوله لو تخالفا في العمد
1. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 22; والخلاف: 5 / 163، المسألة 23 من كتاب الجنايات. 2. في «أ»: لأكثر من الدية. 490 مع اليمين، لأنه أبصر بنيته، وكل من يجري القصاص بينهم في النفس يجري في الطرف، ومن لا يقتص له في النفس لا يقتص له في الطرف. 7125. الخامس: لو تعدى المقتص بأن جرحه موضحة، وكان يستحق باضعة، فعليه ضمان الزائد، فإن ادعى ان الزيادة حصلت باضطراب الجاني أو بشئ من جهته، فالقول قوله، لاحتمال ذلك، وهو المنكر. ولو اعترف بالتعدي ثم سرى الاستيفاء الذي حصل فيه الزيادة، فعليه نصف الدية إن أخطأ، وإن تعمد اقتص منه بعد رد نصف الدية عليه، لأن السراية حصلت من فعلين مباح ومحرم. ولو قتل الجاني بالسيف، فزاد المقتص بالقصاص، بأن قطع أعضاءه أو بعضها، فإن عفا [المستوفي] بعد ذلك أو قتل، احتمل الضمان في الطرف، لأنه قطعه بغير حق، فوجب ضمانه، كما لو عفا ثم قطعه، وعدمه، لأنه قطع طرفا من جملة يستحق إتلافها، فلم يضمنه (1)، كما لو قطع إصبعا من يد يستحق قطعها. 7126. السادس: مستحق القصاص إن كان واحدا، كان له المبادرة إلى الاستيفاء، وهل يحرم من دون إذن الإمام؟ الأولى الكراهية، فله الاستيفاء بدون إذنه، وقيل (2): يحرم ويعزر لو بادر، وتتأكد الكراهية في الطرف. وينبغي للإمام إحضار شاهدين على الاستيفاء، لئلا يجحد المجني عليه الاستيفاء، ويعتبر الآلة (3) لئلا تكون كالة أو مسمومة.
1. في «أ»: فلا يضمنه. 2. القائل هو الشيخ في المبسوط: 7 / 100. 3. أي يلاحظ الإمام الآلة التي يستوفى بها. 491 وللولي الاستيفاء بنفسه إن اختاره، وإن لم يحسن أمره [الإمام] بالتوكيل فيه، فإن تعذر إلا بعوض، كان العوض من بيت المال، فإن لم يكن، أو كان هناك ما هو أهم منه، كانت الأجرة على الجاني، لأن عليه إيفاء الحق فصار كأجرة الكيال، ويحتمل وجوبها على المقتص، لأنه وكيله فكانت الأجرة على موكله، كغيره، والذي على الجاني التمكين دون الفعل، ولهذا لو أراد أن يقتص من نفسه لم يمكن منه. ولو قال الجاني: أنا أقتص لك من نفسي، لم يجب تمكينه، وهل يجوز [له ذلك]؟ يحتمل المنع، لقوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) (1) ولأن معنى القصاص أن يفعل به كما فعل. 7127. السابع: مستحق القصاص إن كان أكثر من واحد، لم يجز الاستيفاء إلا بعد الاجتماع، إما بالوكالة لأجنبي أو لأحدهم، أو بالإذن، فإن بادر واقتص أساء، وضمن حصص الباقين من الدية، ولا قصاص عليه، ولم يجز أن يتولاه جميعهم لما فيه من التعذيب. وقال الشيخ (رحمه الله): يجوز لكل منهم المبادرة إلى الاستيفاء، ولا يتوقف على إذن الآخر، لكن يضمن السابق حصص من لم يأذن. (2) 7128. الثامن: يستحق القصاص ويرثه كل من يرث المال، عدا الزوج والزوجة، فإنهما لا يستحقان في القصاص شيئا، نعم لهما نصيبهما من الدية، إن كان القتل خطأ، وكذا إن كان عمدا ورضي الورثة بالدية، وإلا فلا شئ لهما.
1. النساء: 29. 2. المبسوط: 7 / 54. 492 وقيل: يرث القصاص العصبة دون من يتقرب بالأم من الإخوة والأخوات والأخوال والأجداد من قبلهما. وليس للنساء عفو ولا دية (1) والأقرب ما قلناه أولا، وكذا يرث الدية من يرث المال، والبحث فيه كالأول، إلا أن للزوج والزوجة نصيبهما منها على التقديرات. 7129. التاسع: لو كان بعض الأولياء غائبا أو صبيا، قال الشيخ (رحمه الله): للحاضر البالغ استيفاء القصاص بعد ضمان حصص الغائبين والصغار من الدية، ثم قال: لو كان للصغير أب أو جد له، لم يكن لوليه استيفاء القصاص حتى يبلغ، سواء كان القصاص في النفس أو الطرف - ولو قيل: له الاستيفاء كان حسنا - ثم قال: ويحبس القاتل حتى يبلغ الصبي أو يفيق المجنون. (2) 7130. العاشر: لو اختار أحد الأولياء القصاص والباقي الدية، فإن دفعها القاتل مختارا جاز، وهل يسقط القود؟ المشهور عدم السقوط. وفي رواية: أنه يسقط (3) والوجه الأول، فنقول: لطالب القصاص القود بعد أن يرد على الجاني نصيب من فأداه، ولو لم يرد الجاني على طالب الدية شيئا، رد طالب القود على طالب الدية نصيبه منها واقتص.
1. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 735. ولاحظ المبسوط: 7 / 54; والاستبصار: 4 / 264، الباب 153 إنه ليس للنساء عفو ولا قود، الحديث 1، ولمزيد الاطلاع حول الأقوال في المسألة يلاحظ المختلف: 9 / 295 - 297. 2. المبسوط: 7 / 54 - 55. ولاحظ الخلاف: 5 / 179، المسألة 43 من كتاب الجنايات. 3. والرواية الدالة على سقوط القود بعفو البعض متعددة وكأنه (رحمه الله) أراد بها الجنس لاحظ الوسائل: 19 / 85، الباب 54 من أبواب القصاص في النفس. 493 ولو عفا البعض عن القصاص والدية، كان للباقين القود بعد أن يردوا نصيب العافي على القاتل. 7131. الحادي عشر: لو قتله أحد الأولياء من غير إذن الباقين أساء وضمن، وهل يرجع الباقي على المقتص أو على تركة الجاني بنصيبهم؟ فيه احتمال، من حيث إن المقتص أتلف محل حقه، فله الرجوع بالعوض، كما لو أتلف الوديعة. ومن حيث إن محل القود تلف فيرجع في تركته بالدية، كما لو عفا شريكه عن القصاص، بخلاف الوديعة، فإنها ملك لهما، والجاني ليس ملكا [للمجني عليه]، وإنما له عليه حق، فأشبه ما لو قتل غريمه. فعلى هذا يرجع على ورثة الجاني، ويرجع ورثة الجاني على قاتله بديته إلا قدر حقه. إذا ثبت هذا فلو كان الجاني أقل دية من قاتله، كامرأة قتلت رجلا، له ابنان، فقتلها أحدهما بغير إذن الآخر، فللآخر نصف دية أبيه في تركة المرأة، ويرجع ورثتها بنصف ديتها على قاتلها (1). وعلى الأول يرجع الولد [الذي لم يقتل] على أخيه بنصف دية المرأة، لأنه القدر الذي فوته على أخيه، ولا يرجع على ورثة المرأة بشئ، لأن أخاه أتلف جميع الحق. وعلى الأول (2) لو أبرأ شريكه صح الإبراء، ولم يكن لورثة الجاني الرجوع عليه بشئ.
1. وهو ربع دية الرجل. 2. أي من ثمرات الرجوع إلى الأخ الذي قتل الجاني، أنه لو أبرأ... 494 وعلى الثاني (1) لو أبرأ ورثة الجاني صح، وملكوا الرجوع على الشريك بنصيب العافي. 7132. الثاني عشر: عفو أحد الأولياء لا يسقط القصاص، وللباقين القود بعد رد نصيب من عفا إلى الجاني، ولا قصاص عليه، وإن حكم الحاكم بعدم القصاص. نعم لو كان القاتل هو العافي وجب عليه القصاص، سواء عفا مطلقا أو على مال ورضى به الجاني، وإذا عفا عن القاتل سقط عنه القصاص والقود، ولا يحبس سنة، ولا يضرب. وإذا أقر أحد الوليين ان شريكه عفا على مال، لم ينفذ إقراره في حق شريكه، ولا يسقط حق أحدهما من القود، وللمقر أن يقتل لكن بعد رد نصيب شريكه من الدية، فإن صدقه الشريك، فالرد له، وإلا كان للجاني، وحق الشريك من القصاص باق على حاله. ولو قتل الأب والأجنبي الولد، فعلى الأجنبي القود دون الأب، ويرد الأب عليه نصف الدية، وكذا العامد مع الخاطئ، والمسلم مع الذمي في [قتل] الذمي. وشريك السبع يقتص منه بعد رد نصف الدية على الجاني. 7133. الثالث عشر: المحجور عليه للفلس أو السفه يستحق استيفاء القصاص، ولو عفا على مال ورضي القاتل، صح وقسم المال على الغرماء، ولو اختار القصاص لم يكن للغرماء منعه. ولوارث المفلس استيفاء القصاص، فإن أخذ الدية صرفت في الديون والوصايا.
1. أي من ثمرات الرجوع إلى تركة الجاني وورثته. 495 وهل للوارث استيفاء القصاص من دون ضمان ما عليه من الديون؟ الوجه ذلك، للآية (1) وقيل: (2) لا للرواية (3). ولو صالح المفلس أو السفيه قاتل العمد على أقل من الدية، فالوجه الجواز. ولو عفا المريض على غير مال أو على أقل من الدية صح، سواء خرج من الثلث أو لا، لأن الواجب القصاص عينا، أما لو كان القتل خطأ، فالوجه اعتبار الثلث. ولو قتل من لا وارث له، كان وارثه الإمام، فله العفو على مال واستيفاء القصاص، وهل له العفو من غير شئ؟ قيل: لا (4). وليس لولي الطفل العفو على غير مال، وهل يجوز له العفو إلى مال مع كفاية الصبي؟ الوجه الجواز، ويحتمل المنع، لما فيه من تفويت حقه من غير حاجة. ولولي المجنون العفو على مال لا مطلقا. ولكل من الوليين استيفاء القصاص وإن بذل الجاني الدية، ولو كان الأصلح أخذ الدية فبذلها الجاني، ففي منع الولي من القصاص إشكال.
1. إشارة إلى قوله تعالى: (فقد جعلنا لوليه سلطانا) الإسراء: 33، وقوله تعالى: (النفس بالنفس) المائدة: 45. 2. القائل هو الشيخ في النهاية: 309، باب قضاء الدين من الميت. 3. الوسائل: 13 / 112، الباب 24 من أبواب الدين والقرض، الحديث 2. 4. القائل هو الشيخ في النهاية: 739. 496 7134. الرابع عشر: لو قتل جماعة على التعاقب، فلولي كل واحد القود، ولا يتعلق حق بعضهم ببعض، فإن سبق الأول إلى القتل، استوفى حقه وسقط حق الباقين لا إلى بدل، وإن بادر المتأخر فقتله، أساء وسقط حق الباقين، ويشكل بتساوي الجميع في سبب الاستحقاق، ولو قيل: إن اتفق الوليان على قتله قتل بهما. ولو أراد أحدهما القود والآخر الدية، احتمل وجوب القود لطالبه، وأخذ الدية من التركة، سواء كان مختار القود الثاني أو الأول، وسواء قتلهما دفعة أو على التعاقب، ولو بادر أحدهما إلى قتله استوفي، وللآخر الدية في ماله كان وجها. فلو طلب كل ولي قتله بوليه مستقلا من غير مشاركة، قدم الأول لسبق حقه، فإن عفا ولي الأول فلولي الثاني القتل فإن طلب ولي الثاني القتل، أعلم الحاكم ولي الأول. فإن سبق الثاني فقتل، أساء واستوفى حقه، ولولي الأول الدية. وإن عفا الأولياء إلى الديات ورضي القاتل صح، ولو قتلهم دفعة أقرع في المتقدم في الاستيفاء، وكان للباقين الدية. 7135. الخامس عشر: يصح التوكيل في استيفاء القصاص، فإن وكل ثم غاب وعفا عن القصاص بعد استيفاء الوكيل، بطل العفو، وإن كان قبله، وعلم الوكيل، اقتص من الوكيل، ولو لم يعلم الوكيل فلا قصاص، لانتفاء العدوان، وعلى الوكيل الدية، لأنه باشر قتل من لا يستحق قتله، ويرجع بها على الموكل، لأنه غار، أما لو كان العفو إلى الدية، فلا ضمان على الوكيل، لأنها لا تثبت إلا صلحا.
497 ولو بذلها الجاني ولم يعلم الوكيل واقتص، أخذت الدية من الوكيل لورثة الجاني، ورجع الموكل على ورثة الجاني بالدية، ورجع الوكيل على الموكل بما أداه، وتظهر فائدة أخذ الورثة من الوكيل ثم دفعهم إلى الموكل ثم دفع الموكل إلى الوكيل فيما إذا كان أحد المقتولين رجلا والآخر امرأة، فيأخذ ورثة الجاني ديته من الوكيل، ويدفعون إلى الموكل دية وليه، ثم يرد الموكل إلى الوكيل قدر ما غرمه. ولو وكله في استيفاء القصاص، ثم عزله قبل القصاص، ثم استوفى، فإن كان الوكيل قد علم بالعزل، فعليه القصاص لورثة الجاني، وللموكل الرجوع على الورثة بدية وليه، ولو لم يعلم فلا قصاص ولا دية، لبطلان العزل إن قلنا إن الوكيل إنما ينعزل بالإعلام، وإن قلنا إنه ينعزل بالعزل فإن لم يعلم، فلا قصاص على الوكيل، ويغرم الدية لمباشرته الإتلاف، ويرجع بها على الموكل، ويرجع الموكل على الورثة. 7136. السادس عشر: لو قطع يدا فعفا المقطوع، ثم قتله القاطع، فللولي القصاص في النفس بعد رد دية اليد، وكذا لو قتل مقطوع اليد، قتل بعد رد دية اليد عليه إن كان المجني عليه أخذ ديتها، أو قطعت في قصاص، وإن كانت قطعت من غير جناية، ولا أخذ لها دية، قتل القاتل من غير رد، وكذا لو قطع كفا بغير أصابع، قطعت كفه بعد رد دية الأصابع. ولو اقتص الولي من القاتل، وتركه ظانا موته، وكان به رمق، فعالج نفسه وبرئ، فالأقرب أنه إن كان قد ضربه بما ليس له الاقتصاص به [كالعصا]، لم يكن له القصاص في النفس حتى يقتص منه في الجراحة، وإلا كان له قتله، كما
498 لو ضربه في عنقه وظن الإبانة، فظهر خلافها، فله القصاص، ولا يقتص منه، لأن فعله جائز. 7137. السابع عشر: لو قطع يد رجل ثم قتل آخر، قطعنا يده أولا، ثم قتلناه بالثاني، وكذا لو بدأ بالقتل ثم بالقطع، توسلا إلى استيفاء الحقين. ولو سرى القطع في المجني عليه قبل القصاص، تساويا في استحقاق القتل، وصار كما لو قتلهما، وقد سبق حكمه. أما لو سرى بعد قطع يده قصاصا، كان للولي أخذ نصف الدية من تركة الجاني، لأن قطع اليد بدل عن نصف الدية، وقيل: لا يجب شئ، لأن دية العمد إنما تثبت صلحا. (1) والأقرب عندي أنه يرجع بالدية أجمع، لأن للنفس دية على انفرادها، والذي استوفاه وقع قصاصا، فلا يتداخل. ولو قطع يدي آخر فاقتص، ثم سرت جراحة المجني عليه، فلوليه القصاص في النفس. ولو قطع يهودي يد مسلم، فاقتص المسلم ثم سرت جراحة المسلم، فلوليه قتل الذمي، ولو طلب الدية، كان له دية المسلم، وهل يسقط منها دية يد الذمي قيل: نعم. (2) والوجه ما قلناه. ولو قطعت امرأة يد رجل فاقتص، ثم سرت جراحته، فلوليه القصاص، ولو طلب الدية، فله دية كاملة على ما اخترناه، وقيل: ثلاثة أرباع الدية، (3) ولو
1. لاحظ الأقوال حول المسألة في الجواهر: 42 / 226 والمسالك: 15 / 257. 2. القائل هو الشيخ في المبسوط: 7 / 64. 3. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 64 والمحقق في الشرائع: 4 / 232. 499 قطعت يده ورجله فاقتص، ثم سرت جراحاته، فلوليه القصاص في النفس، وهل له الدية؟ قيل (1): لا لأنه استوفى ما يقوم مقام الدية. والوجه أن له ذلك لما تقدم. ولو قطع يد رجل فاقتص، ثم مات المجني عليه بالسراية، ثم الجاني بها، وقع القصاص بالسراية من الجاني موقعه، وكذا لو قطع يده ثم قتله، فقطع الولي يد الجاني ثم سرت إلى نفسه، ولو سرى القطع إلى الجاني أولا، ثم سرى قطع المجني عليه، لم يقع سراية الجاني قصاصا، لأنها حصلت قبل سراية المجني عليه هدرا. ولو هلك قاتل العمد سقط القصاص، وهل تسقط الدية؟ قال في المبسوط: نعم (2) وتردد في الخلاف (3)، وفي رواية أبي بصير: إذا هرب فلم يقدر عليه حتى مات، أخذت [الدية] من ماله، وإلا فمن الأقرب فالأقرب. (4) 7138. الثامن عشر: لا يقتص من الحامل حتى تضع، ولو تجدد الحمل بعد الجناية، فإن ادعت الحمل وشهدت لها القوابل، ثبت، وإن تجردت دعواها، قيل: لا يلتفت إليها، لأنها تدفع بذلك السلطان بالقتل (5)، فالأحوط العمل بقولها، فإن ظهر الكذب اقتص منها، وإلا صبر حتى تضع.
1. القائل هو الشيخ في المبسوط: 7 / 65; والمحقق في الشرائع: 4 / 232. 2. المبسوط: 7 / 65. 3. الخلاف: 5 / 184، المسألة 50 من كتاب الجنايات. 4. الوسائل: 19 / 302 - 303، الباب 4 من أبواب العاقلة، الحديث 1. 5. لاحظ المبسوط: 7 / 59; والجواهر: 42 / 322 - 323. 500 وهل يجب الصبر حتى يستقل الولد بالاغتذاء؟ قيل: نعم. (1) والوجه ذلك إن لم يكن للولد ما يعيش به غير لبن الأم، وإلا فلا. ولو قتلت المرأة قصاصا فظهر أنها حامل، فالدية على القاتل، ولو جهل المباشر وعلم الحاكم ضمن الحاكم، ولو سلطه الحاكم من غير علم أيضا فالدية على بيت المال، ولا يؤخر القصاص في غير الحامل. ومن التجأ إلى الحرم ضيق عليه في المطعم والمشرب، ليخرج ويقتص منه، ولو أوقع الجناية في الحرم اقتص منه فيه. 7139. التاسع عشر: إذا عفا مستحق العمد عن القصاص مطلقا، سقط حقه بغير عوض، ولو عفا عن الدية لم يصح عفوه، وكان له القصاص لأنها لا تثبت إلا صلحا، ولو عفا عن أحدهما لا بعينه، ففي صحته وسقوط القود به نظر، ولو عفا عنهما سقط القود ولا دية. ولو عفا عن الدية لم يسقط القصاص، وله الرجوع إلى الدية إن رضي الجاني. ولو قال: عفوت عنك، فالأقرب رجوعه إلى القصاص، ويحتمل الرجوع إلى نيته. والسفيه والمفلس كالبالغ في استيفاء القصاص وعفوه، وكالصبي في إسقاط الدية.
1. لاحظ المبسوط: 7 / 59; والجواهر: 42 / 324. 501 7140. العشرون: إذا أذن في القطع والقتل، فلا دية فيه، وإن كان محرما، إذ لا يباح القتل بالإذن، ولا تسقط الكفارة. ويصح العفو بعد القطع قبل السراية عن الماضي، فلو قطع يده فعفا المجني عليه قبل الاندمال، فإن اندملت فلا قصاص ولا دية، ولو قال: عفوت عن الجناية سقط القصاص والدية، ولو سرت فللولي القصاص في النفس بعد رد ما عفا عنه، ولو عفا عن الجناية والسراية، فالوجه صحة العفو عن الجناية خاصة، لأن العفو عن السراية إبراء مما لم يجب، ويحتمل الصحة. قال في الخلاف (1) يصح العفو عن الجناية وعما يحدث عنها، فلو سرت صح العفو عن الثلث، لأنه وصية (2) لأن العفو وإن كان قبل الوجوب إلا أنه بعد سببه. 7141. الحادي والعشرون: لو كان الجاني عبدا فقال المجني عليه: أبرأتك لم يصح، وإن كانت الجناية تتعلق برقبته، لأنه ملك للسيد، ولو أبرأ السيد صح، وفيه نظر من حيث إن الإبراء إسقاط لما في الذمة. ولو قال: عفوت عن أرش هذه الجناية، صح. ولو كان القتل خطأ محضا، فأبرأه القاتل لم يصح، ولو أبرأه العاقلة صح وكذا يصح لو قال: عفوت عن أرش [هذه] الجناية.
1. الخلاف: 5 / 208، المسألة 86 من كتاب الجنايات. 2. في «ب»: وصيته. 502 ولو كان القتل شبيه العمد، فأبرأ القاتل صح، وكذا لو قال: عفوت عن هذه الجناية أو عن أرشها. ولو أبرأ العاقلة لم يبرأ القاتل. 7142. الثاني والعشرون: عفو الوارث صحيح، فإن استحق الطرف والنفس، فعفوه عن أحدهما لا يسقط الآخر، ولو عفا بعد مباشرة سبب الاستيفاء بطل، كما إذا عفا عن الجناية بعد الرمي قبل الإصابة.
503 المقصد الثاني: في قصاص الطرف وفيه اثنان وعشرون بحثا: 7143. الأول: يجب القصاص في الطرف مع إتلافه عمدا دون الخطأ المحض وشبيه العمد، ويتحقق العمد فيه بما يتحقق في النفس من الجناية عليه بما يتلف به غالبا، أو القصد إلى اتلافه بما يتلف به نادرا. ويشترط فيه التساوي في الإسلام والحرية، وكون المقتص منه أخفض، وانتفاء الأبوة، فلا يقتص من الأب وإن علا للابن، ويقتص للرجل من المرأة ولا رد إن (1) تجاوز ثلث الدية، وللمرأة من الرجل ولا رد فيما قصر عن الثلث، وفيما بلغه بشرط رد التفاوت. ويقتص للذمي من مثله ومن الكافر مطلقا لا من المسلم، وللحر من العبد، ولا يقتص للعبد من الحر. 7144. الثاني: يشترط في قصاص الطرف أمور ثلاثة: التساوي في المحل، والصفات، والعدد.
1. في «ب»: وإن. 505 فتقطع اليمنى بمثلها، لا باليسرى ولا بالعكس، ولا السبابة بالوسطى، ولا زائدة بأصلية ولا بالعكس، ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحل وإن تساويا في الحكومة. وأما الصفات فلا تقطع الصحيحة بالشلاء وإن رضي الجاني، نعم تقطع الشلاء بمثلها وبالصحيحة إلا أن يحكم أهل المعرفة بعدم الحسم، فتثبت الدية حذرا من السراية، ولا يضم إلى الشلاء أرش، وكذا ذكر الأشل وهو الذي لا يتقلص في برد ولا يسترسل في حر، ولا يقطع الصحيح بذكر العنين، ويقطع ذكر الصحيح البالغ بذكر الصبي والخصي، وذكر الشاب بالشيخ والأغلف والمجنون سواء، ويقطع العنين بذكر الصحيح، ويقطع أذن الأصم بأذن السميع وبالعكس، والأنف الشام بفاقده وبالعكس، وأنف المجذوم بالصحيح إذا لم يسقط منه شئ، والأذن الصحيحة بالأذن المثقوبة إذا لم يكن شينا، ولا تؤخذ الصحيحة بالمخرومة إلا أن يرد دية الخرم وإلا اقتص إلى حد الخرم، ويأخذ دية الباقي. أما العدد، فلا يقطع الكف الكامل بالناقص بإصبع، ولو قطع يدا كاملة، ويده ناقصة إصبعا، فللمجني عليه قطع الناقصة، وتردد الشيخ (رحمه الله) في أخذ دية الإصبع، فأوجبه في الخلاف (1) ومنع منه في المبسوط إلا أن يكون قد أخذ ديتها فله المطالبة حينئذ (2) والأقرب عندي ما ذكره في الخلاف. ولو كانت يد الجاني كاملة فللمجني عليه قطع الأصابع الأربع والمطالبة بالحكومة في الكف.
1. الخلاف: 5 / 193، المسألة 60 من كتاب الجنايات. 2. المبسوط: 7 / 85 أشار إليه بقوله «وقال بعضهم: إن أخذ القصاص لم يكن له أخذ المال منه وكذلك نقول إذا كان خلقة أو ذهبت بآفة من الله...» وما في المطبوع «وكذلك يقول» تصحيف. 506 7145. الثالث: لو قطع يمين غيره ولا يمين له، قطعت يسراه، ولو لم يكن له يسار، قطعت رجله، عملا بالرواية (1) ولو قطع أيدي جماعة قطعت يداه ورجلاه، الأول فالأول، ومع قطع الأعضاء الأربعة تؤخذ الدية للمتخلف. وكل ما انقسم إلى يمين ويسار، كالأذنين، والمنخرين، والعينين، واليدين، والأليتين، والأنثيين لا تؤخذ إحداهما بالأخرى، وإن عملنا بالرواية في اليدين فلا نتخطاها إلى غيرهما، وكذا ما انقسم إلى أعلى وأسفل، كالجفنين، والشفتين لا يؤخذ الأعلى بالأسفل ولا بالعكس. وكذا لا تؤخذ أنملة عليا بسفلى ولا بالعكس، ولا يؤخذ السن بالسن إلا أن يتفقا في الموضع والاسم. ولا تؤخذ أصلية بزائدة ولا بالعكس وإن اتحد الموضع وتؤخذ الزائدة بمثلها مع الاتفاق في المحل. 7146. الرابع: يعتبر التساوي في المساحة في الجراح طولا وعرضا، ولا يعتبر نزولا، بل يراعى الاسم، لتفاوت الأعضاء بالسمن والهزال، ولو كان رأس الشاج أصغر استوعبنا رأسه، ولم نكمل بالقفاء ولا بالجبهة، بل اقتصرنا على ما يحتمله العضو، وأخذ بالزائد بنسبة المتخلف إلى أصل الجرح من الدية، فيؤخذ بقدر ما يحتمله الرأس من الشجة وينسب الباقي إلى الجميع، فإن كان بقدر الثلث، فله ثلث أرش الموضحة، وعلى هذا الحساب ولو كان المجني [عليه] صغير العضو فاستوعبته الجناية، لم نستوعب في المقتص، بل اقتصرنا على قدر الجناية مساحة.
1. لاحظ الوسائل: 19 / 131، الباب 12 من أبواب قصاص الطرف، الحديث 3. 507 ولو زاد المقتص على ما استحقه قصاصا، فعليه أرش كامل لتلك الزيادة، لأنه فارق الباقي في الحكم فأفرد بحكم، ويحتمل أن عليه قسطا، لأن الجميع موضحة واحدة. 7147. الخامس: يشترط في القصاص في الشجاج والأعضاء انتفاء التغرير، فلا قصاص فيما فيه تغرير في النفس، كالمأمومة والجائفة. ويشترط أيضا إمكان الاستيفاء من غير حيف ولا زيادة، فلا قصاص في الهاشمة والمنقلة، ولا في كسر شئ من العظام، إما للتغرير في النفس، أو لعدم ضبط الهشم، بحيث لا يزيد ولا ينقص. ويثبت في الشجاج في الموضحة إجماعا، وكذا في كل جرح ينتهي إلى عظم فيما سوى الرأس والوجه، كالساعد والعضد والساق والفخذ. ويثبت أيضا في الحارصة والباضعة والسمحاق، وفي كل جرح لا تغرير فيه، ويمكن استيفاء الحق منه من غير زيادة ولا نقصان. ولا يقتص في الشجاج بالسيف ولا بآلة لا يؤمن معها استيفاء ما زاد على الحق، ولا بالآلة المسمومة، بل يقتص بالسكين الحادة والموسى. وإنما يقتص العارف بالقصاص، ولا يمكن الجاهل به، سواء كان مستحقه أو لا، ولو كان المستحق عارفا بالاستيفاء، مكن منه. 7148. السادس: اختلف قول الشيخ (رحمه الله) في الاقتصاص قبل الاندمال، فجوزه في الخلاف مع استحباب الصبر (1) ومنع منه في المبسوط (2) لتجويز السراية
1. الخلاف: 5 / 196، المسألة 65 من كتاب الجنايات. 2. المبسوط: 7 / 75. 508 في المجني عليه، فيدخل قصاص الطرف في النفس، والوجه ما قاله في الخلاف. أما لو قطع عدة من أعضائه يزيد على الدية خطأ وطلب الديات قبل الاندمال، اقتصر على دية النفس، فإن اندملت استوفى الباقي، وإلا سقط الزائد، لأن دية الأطراف تدخل في دية النفس إجماعا. 7149. السابع: إذا اقتص من الجراح، وكان على الموضع شعر، حلقه وتعمد في موضع (1) الشجة من الرأس، فيعلم طولها بخيط وشبهه، ويضعها على رأس المشجوج، ويأخذ حديدة عرضها كعرض الشجة فيضعها في أول العلامة ويجرها إلى آخرها ويأخذ مثل الشجة طولا وعرضا لا عمقا، بل الاسم على ما قلناه، ولو شق ذلك على الجاني جاز أن يستوفي ذلك منه في أكثر من دفعة. ولا يقتص في الطرف في شدة البرد والحر، بل في اعتدال النهار. ولا يقتص إلا بحديدة، ولو اقتص في العين انتزعها بحديدة معوجة. 7150. الثامن: يؤخذ الأذن بالأذن إجماعا، ويستوي الكبير والصغير وأذن الأصم والسميع، لإن ذهاب السمع نقص في الرأس، لأنه محله لا الأذن، والصحيحة بالمثقوبة في محل الثقب، لا في غير محله ولا بالمخرومة، بل يقتص إلى حد الخرم والثقب، وتؤخذ دية ما يخلف. وكما يثبت القصاص في الأذن أجمع، فكذا في أبعاضها بالنسبة من المساحة، فيؤخذ نصف الأذن الكبيرة بنصف الصغيرة.
1. في «ب»: وتعمد موضع. 509 ولو اقتص المجني عليه في الأذن، ثم ألصقها، كان للجاني إزالتها، لتحقق المماثلة، والوجه وجوب ذلك، لأنها تجب ما لم يخف الضرر بإزالتها. ولو قطع بعضها وجب القصاص فيه، وكان الحكم في إلصاقه كالأذن. ولو قطعها فتعلقت بجلده، ثبت القصاص لإمكان المماثلة، فإن ألصقها المجني عليه، لم يكن للجاني إزالتها، لأنها لم تبن من الحي فليست نجسة، وعلى قول من أوجب الإزالة هناك للمماثلة، ينبغي إيجابه هنا. ولو ألصقها المجني عليه قبل الاستيفاء فالتصقت وثبتت، ففي وجوب القصاص إشكال، ينشأ من وجوبه بالإبانة، وقد حصلت، ومن عدم الإبانة على الدوام، فلا يستحق إبانة أذن الجاني على الدوام، أما لو سقطت بعد ذلك قريبا أو بعيدا، فله القصاص، والأقرب وجوب القصاص مطلقا، وإن قلنا بعدمه فله الأرش. ولو قطع المجني عليه أذن الجاني، فألصقها الجاني، لم يكن للمجني عليه إزالتها، لأن الواجب الإبانة وقد حصلت، ولو كان المجني عليه لم يقطع جميع الأذن، وإنما قطع البعض، فألصقه الجاني، كان للمجني عليه قطع جميعها، لأنه استحق إبانة الجميع ولم يكن الإبانة. (1) 7151. التاسع: يثبت القصاص في العين إجماعا، وتستوي عين الشاب والشيخ، والصغير والكبير، والمريضة والصحيحة، والعمشاء والسليمة، ولا تؤخذ صحيحة بقائمة.
1. في «ب»: ولم يكن إبانة. 510 ولو كان الجاني أعور خلقة، قلعت عينه الصحيحة بالواحدة من الصحيح، مع تساوي المحل، وإن عمي فإن الحق أعماه، ولا يرد عليه. ولو قلع الصحيح عينه الصحيحة، تخير بين أخذ الدية ألف دينار وبين قلع عين واحدة من الجاني، وهل يأخذ مع ذلك نصف الدية؟ للشيخ قولان: أحدهما: نعم وهو اختياره في النهاية (1) والثاني: ليس له ذلك، وهو اختياره في الخلاف (2) وبه قال ابن إدريس (3) وفيه قوة، هذا إذا كان العور خلقة، أما لو كان بجناية جان - سواء أخذ أرشها أو استحقه ولم يأخذه - فإن عينه الصحيحة بخمسمائة دينار. ولو قلع الأعور عين مثله، قلعت عينه ولا رد، ولو اختلفا في المحل فعلى الجاني الدية كاملة ألف دينار، وكذا إن قلعها خطأ. ولو قلع الأعور عيني صحيح، تخير المجني عليه في أخذ عينه الصحيحة بعينيه، لأنه إذهاب بجميع (4) البصر كجنايته، وان اختار [الدية] أخذ دية كاملة، وليس له قلع عينه الصحيحة بإحدى عينيه وأخذ الدية عن الأخرى وإن احتمل ذلك احتمالا قريبا. ولو لطمه فذهب بضوء عينه دون العين، توصل في المماثلة بأخذ الضوء دون العضو، بأن تؤخذ مرآة محماة بالنار بعد أن يوضع على أجفانه قطن مبلول،
1. النهاية: 765 - 766. 2. الخلاف: 5 / 251، المسألة 75 من كتاب الجنايات. 3. السرائر: 3 / 381. 4. في «ب»: «إذهاب لجميع». 511 ثم يستقبل عين الشمس بعينه، ويقرب المرآة منها، ويكلف النظر إليها، فإن الضوء يذوب، وتبقى العين قائمة (1). ويؤخذ الجفن بالجفن مع التساوي في المحل، ويؤخذ جفن البصير بجفن مثله وبالضرير وجفن الضرير بجفن البصير، لتساويهما في السلامة والنقص في العين. 7152. العاشر: يثبت القصاص في الحاجبين، وشعر الرأس واللحية، فإن نبت فلا قصاص، بل يثبت فيه الأرش، وكذا في باقي الشعر يثبت فيه الأرش دون القصاص. 7153. الحادي عشر: يثبت القصاص في الذكر إجماعا، ويستوي [في ذلك] ذكر الصغير والكبير، والشيخ والشاب، والذكر العظيم، والصغير والصحيح، والمريض، والمختون، والأغلف، والخصي، والسليم. ولا يقاد الصحيح بالعنين، بل يجب فيه ثلث الدية، ويؤخذ ذكر العنين بمثله، ويؤخذ بعض الذكر بمثله، وذلك بالأجزاء دون المساحة، فيؤخذ النصف بالنصف، والربع بالربع، ولا اعتبار بتساويهما في المساحة. ويثبت في الخصيتين القصاص وفي إحداهما مع التساوي في المحل، إلا أن يحكم أهل المعرفة بذهاب منفعة الأخرى، فيسقط القصاص، وتثبت الدية.
1. وعلى هذا وردت رواية لاحظ الوسائل: 19 / 129، الباب 11 من أبواب قصاص الطرف، الحديث 1. 512 ويثبت في الشفرين (1) القصاص كما يثبت في الشفتين، ولو كان الجاني رجلا، فلها الدية. ولو كان المجني عليه خنثى، فإن ظهرت الذكورية فيه وجنى عليه رجل، اقتص منه في الذكر والأنثيين، وكان له في الشفرين الحكومة. ولو جنت عليه امرأة كان عليها في الشفرين الحكومة، وفي المذاكير (2) الدية. ولو تبين أنه امرأة، وجنى عليه رجل، وجب في الشفرين الدية وفي المذاكير الحكومة، لأنها زائدة. وإن جنت عليه امرأة كان عليها في الشفرين القصاص وفي المذاكير الحكومة. ولو طلب القصاص قبل ظهور حاله، لم يكن له ذلك، وإن طلب الدية أعطي أقل الديتين، وهو دية الشفرين، فإن ظهرت الذكورة بعد ذلك أكمل له دية الذكر والأنثيين، والحكومة في الشفرين، ولو ظهر أنه أنثى، أعطي الحكومة في الباقي. ولو طلب دية عضو، مع بقاء القصاص في الباقي، لم يكن له ذلك، فإن طلب الحكومة في أحد العضوين مع بقاء القصاص في الآخر أجيب إليه، وأعطي أقل الحكومتين، فإن ظهر أنه ذكر اقتص في المذاكير، وإن ظهر أنه أنثى أكمل له حكومة المذاكير، واقتص في الشفرين.
1. قال المصنف في القواعد: 3 / 644: هما اللحم المحيط بالرحم إحاطة الشفتين بالفم. 2. في «أ»: وفي الذكر. 513 ولو لم ينكشف حاله وآيس منه، لم يثبت له قصاص على الرجل ولا على المرأة في شئ من الأعضاء، ويعطى نصف دية الذكر والأنثيين ونصف دية الشفرين، وحكومة في نصف ذلك كله. ويثبت القصاص في الأليتين، وهما الناتئان (1) بين الفخذ والظهر بجانبي الدبر. (2) 7154. الثاني عشر: يثبت القصاص في الأنف إجماعا، ويستوي الكبير مع الصغير، والأقنى مع الأفطس، والأشم مع فاقده، لأن ذلك لعلة في الدماغ، والأنف صحيح، وإن كان بأنفه جذام أخذ به الأنف الصحيح ما لم يسقط منه شئ، لأن ذلك مرض، ولو سقط منه شئ لم يقتص من الصحيح إلا أن يكون من أحد جانبيه، فيؤخذ من الصحيح مثل ما بقي [منه]. والذي يجب فيه القصاص هو المارن، - وهو ما لان منه - والقصبة أيضا. ولو قطع الأنف كله مع القصبة وجب القصاص في الجميع. وقال في المبسوط: الذي يؤخذ قودا ويجب فيه كمال الدية، هو المارن من الأنف، وهو ما لان منه، وينزل عن قصبة الخياشيم التي هي العظم، فهو من قصبة الأنف كاليدين من الساعد، ولو قطعه مع قصبة الأنف، فهو كما لو قطع اليد مع بعض الساعد، فيتخير المجني عليه بين العفو إلى الدية في المارن، والحكومة في القصبة، كما لو قطع يده من نصف الساعد، وبين أخذ القصاص في المارن، والحكومة في القصبة. (3) وعندي فيه نظر.
1. في «أ»: النائتان. 2. في «أ»: وجانبي الدبر. 3. المبسوط: 7 / 95 - 96. 514 ولو قطع بعض الأنف نسب المقطوع إلى أصله، وأخذ من الجاني بتلك النسبة بالأجزاء، فإن كان المقطوع نصفا أخذ نصف أنف الجاني، وإن كان ثلثا فالثلث، ولا تعتبر المساحة لئلا يستوعب أنف الجاني لو كان صغير الأنف. ويثبت القصاص في أحد المنخرين بشرط التساوي في المحل بالأيمن والأيسر، ويؤخذ الحاجز بالحاجز. 7155. الثالث عشر: يثبت القصاص في السن بشرط التساوي في المحل، وتؤخذ الصحيحة بمثلها، والمكسورة بالصحيحة، والأقرب أن له أرش الباقي، فإن قلع سن مثغر، وهو الغلام الذي قد سقطت سن اللبن، ونبت مكانها، يقال لمن سقطت رواضعه وهي سن اللبن: ثغر فهو مثغور، فإذا نبت قيل: اثغر واتغر (1) لغتان، فإن قال أهل الخبرة: إن هذه لا تعود أبدا، فللمجنى عليه القصاص، وإن حكموا باليأس من عودها بعد مدة، فإن انقضت المدة ولم تعد ثبت القصاص أيضا، وإن عادت في تلك المدة، لم يثبت القصاص، ويثبت الأرش. ولو عادت بعد اليأس من عودها والحكم من أهل الخبرة أنها لا تعود، احتمل أن يقال: هذه العائدة هبة من الله تعالى مجددة فحينئذ إن كان المجنى عليه قد اقتص أو أخذ الدية، استوفى حقه، وإلا كان له القصاص أو الدية، ويحتمل أن يقال: إن هذه العائدة هي الأولى، فإن كان المجني عليه أخذ الدية، استعيدت منه الدية لا الأرش، وان كان قد اقتص، أخذ منه الدية لا الأرش أيضا، لأنا علمنا أنه أخذ ما لا يستحق، ولا يقتص منه، لعدم القصد إلى العدوان، وإن لم
1. وأصله اثتغر، قلبت الثاء تاء ثم ادغمت. 515 يكن اقتص ولا أخذ الدية ثبت له الأرش، وقيل: لا أرش له (1) وليس بمعتمد. وأما إن كان الصبي غير مثغر، فلا قصاص في الحال ولا دية، لإمكان العود، ينتظر سنة، فإن عادت ففيها الحكومة، وإلا كان فيها القصاص. ولو عادت ناقصة أو متغيرة، فعليه أرش الساقطة وأرش نقصان العائدة، وقيل: في سن الصبى مطلقا بعير (2). ولو مات الصبي قبل اليأس من عودها، فللوارث الأرش، ولو اقتص البالغ بالسن، ثم عادت سن الجاني، فإن قلنا إنها هبة، فلا شئ عليه، وإن قلنا إنها الأولى، قال الشيخ (رحمه الله): الذي يقتضيه مذهبنا أن للمجني عليه قلعها أبدا (3). ولو عادت سن المجني عليه بعد الاستيفاء للقصاص فعاد الجاني قلعها، فإن قلنا هي هبة، وجب على الجاني الدية، لفوات محل القصاص منه، وإن قلنا هي الأولى ظهر عدم استحقاق القصاص أولا، فيثبت للجاني الدية، ويثبت للمجنى عليه دية أيضا، فيتقاصان. ولو أخذ الجاني سنه المقلوعة قصاصا فأنبتها، (4) فنبت عليها اللحم، لم يجب قلعها، لأنها ليست نجسة، بخلاف الأذن. ولا تؤخذ سن بضرسين ولا بالعكس، ولا ثنية عليا بسفلى، ولا ثنية بضاحك، لعدم التساوي في المحل، ولا أصلية بزائدة ولا بالعكس وإن اتحد المحل، ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحل.
1. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 9 / 387 - 390. 2. قال الشيخ في المبسوط: 7 / 138: الذي رواه أصحابنا في كل سن بعير، ولم يفصلوا. 3. المبسوط: 7 / 99. 4. في «أ»: فأثبتها. 516 وإذا عادت سن من لم يثغر قصيرة، ضمن الناقص بالحساب، ففي ثلثها ثلث الدية، وفي ربعها الربع. ويجري القصاص في بعض السن، فلو كسر سن مثغر، برد من سنه (1) بقدر ما ذهب، ويؤخذ ذلك بالنسبة بالأجزاء لا بالمساحة، فإن كان الذاهب نصفا أخذ منه نصف سنه وعلى هذا الحساب، ولا يقتص بالكسر لئلا تنصدع (2) أو تنكسر من غير موضع القصاص. ولا يقتص إلا أن يحكم أهل الخبرة بالأمن من انقلاعها. (3) 7156. الرابع عشر: يثبت القصاص في اليدين وفي كل واحدة منهما إجماعا، بشرط التساوي في المحل، فلا تقطع يمين بيسار ولا بالعكس، إلا مع العدم، على ما قلناه أولا. فإن قطع الأصابع من مفاصلها، ثبت القصاص فيها أجمع، وإن قطعها من نصف الكف، فله قطع الأصابع، وحكومة في نصف الكف، لأنه ليس بمفصل محسوس، فلا يؤمن الحيف من القصاص فيه. وإن قطع من الكوع فله قطع اليد من الكوع، لأنه مفصل محسوس، وليس له قطع الأصابع والمطالبة بالحكومة في الباقي، وله قطع الأصابع من غير شئ ولو قطع من نصف الذراع، فليس له القصاص من ذلك الموضع، لأن العروق والأعصاب مختلفة الوضع فيه، وله القطع من الكوع، والمطالبة بالحكومة في نصف الذراع، وهل له أن يقطع الأصابع خاصة ويطالب بالحكومة
1. أي أخذ من سنه بالمبرد. 2. في «أ»: يتصدع. 3. في «ب»: من قلاعها. 517 في الكف؟ الأقرب أنه ليس له ذلك، لإمكان أخذه قصاصا فليس له الأرش. وإن قطع من المرفق فله القصاص وليس له القطع من الكوع والمطالبة بالحكومة في الساعد. ولو قطع من العضد فلا قصاص منه وله القصاص من المرفق وله حكومة الزائد. وإن قطع من المنكب فله القصاص منه. ولو خلع عظم المنكب ويقال له مشط الكتف فإن حكم ثقتان من أهل الخبرة بإمكان الاستيفاء من غير أن يصير جائفة استوفى وإلا فالدية وله الاستيفاء من المنكب والمطالبة بالأرش. وحكم الرجل والساق كاليد والذرع والفخذ كالعضد والورك كعظم الكتف، والقدم كالكف. ولو قطع الأقطع يد من له يدان، فله القصاص. ولو قطع يده من له يدان، قطعت له يد واحدة ولا رد بخلاف عين الأعور، وكذا الأذنان والرجلان. ولو قطع ذو اليد الناقصة إصبعا يدا كاملة فللمجني عليه قطع الناقصة و أخذ دية الإصبع الناقصة، اختاره في الخلاف (1) ومنعه في المبسوط (2) إلا أن يكون أخذ ديتها.
1. الخلاف: 5 / 193، المسألة 60 من كتاب الجنايات. 2. المبسوط: 7 / 85. وفيه «كذلك يقول...» وهو مصحف، والصحيح «كذلك نقول» كما أشرنا سابقا. 518 ولو انعكس الحال، قطع من الجاني الأصابع الأربع وأخذ حكومة الكف. ولا تؤخذ الكاملة بالناقصة، ولو قطع إصبع رجل، فسرت إلى كفه ثم اندملت ثبت القصاص فيها والأقرب أنه ليس له القصاص في الإصبع وأخذ دية الباقي. 7157. الخامس عشر: لو قطع ذوا لإصبع الزائدة كفا زائدة (1) إصبعا مساوية لها، ثبت القصاص للتساوي ولو اختصت الزائدة بالجاني وكانت خارجة عن الكف يمكن القصاص في اليد مع بقائها، اقتص منه، وإن كانت في سمت الأصابع منفصلة، ثبت القصاص في الخمس، وأخذ الحكومة في الكف وإن كانت متصلة ببعض الأصابع، ثبت القصاص في أربع غير الملتصقة، وأخذ دية الخامسة والحكومة في الكف ولو كانت الزائدة للمجني عليه، فله القصاص في اليد ودية الزائدة، وهي ثلث دية الأصلية. ولو كان في أصابع المجنى عليه إصبع شلاء لم يجز أخذ الصحيحة بها فيقتص في الأربع ويؤخذ ثلث دية الإصبع عن الشلاء والحكومة في الكف. ولو كانت إحدى الخمس من المجنى عليه زائدة وخمس الجاني أصلية ثبت القصاص في الأربع وله أرش الزائدة والحكومة في الكف، ولو كان بالعكس ثبت القصاص لأن الناقص يؤخذ بالكامل، هذا إن كان المحل واحدا. ولو كان في أنامل الجاني أنملة ذات طرفين لم يقطع بالواحدة بل أخذ دية الأصلية ولو انعكس الحال اقتص منه وأخذ منه دية الزائدة، وهي ثلث دية الأنملة الأصلية، ولو تساويا ثبت القصاص.
1. في «ب»: كفا زائدا. 519 7158. السادس عشر: يثبت القصاص في الأصابع مع التساوي في المحل، فالإبهام من اليمنى بمثلها والسبابة منها بمثلها وهكذا ولا تقطع الأصلية بالزائدة ولا بالعكس مع تغاير المحل وإن اتحد المحل قطعت وكذا لا تقطع الزائدة بالزائدة إلا مع تساوي المحلين. وكل عضو يؤخذ قودا مع وجوده تؤخذ الدية مع فقده فلو قطع إصبعين وله واحدة أو قطع كفا تاما وليس للقاطع أصابع، قطع الموجود له، وأخذ منه دية الفائت. ولو قطع من واحد الأنملة العليا ومن آخر الوسطى، فإن سبق صاحب العليا، اختص له، وكان للآخر الوسطى، وإن سبق صاحب الوسطى الآخر، فإن اقتص صاحب العليا، اقتص له، وإن كان عفا، كان لصاحب الوسطى القصاص بعد رد دية العليا. ولو سبق صاحب الوسطى فقطع، استوفى حقه وزيادة، فعليه دية العليا، ولصاحب العليا على الجاني دية العليا. ولو كان القطع لصاحب الوسطى أولا أخر حتى يستوفي صاحب العليا كما لو سبق بالجناية على صاحب العليا، توصلا إلى استيفاء الحقين. ولو قطع إصبع رجل ويد آخر، اقتص للأول ثم للثاني، ورجع بدية إصبع، ولو قطع اليد أولا، اقتص لصاحبها، وأخذ صاحب الإصبع الدية. ولو قطع ذو يد لها أظفار يد من لا أظفار له لم يكن له القصاص لأن الكاملة لا تؤخذ بالناقصة، وثبت له الدية، ولو كانت المقطوعة ذات أظفار إلا أنها خضراء أخذ بها السليمة لأنها مرض والمرض لا يمنع القصاص. ولو قيل: يثبت القصاص في الأول أيضا وفي اليد الكاملة للناقصة
520 إصبعا بعد رد دية التفاوت كان وجها، كما قلنا في الأنملة الوسطى لصاحبها أخذها مع العليا بعد رد دية العليا. ولو كانت خامسة المجنى عليه زائدة وخامسة الجاني أصلية، فقد قلنا انه لا يقتص من الخامسة، بل يقتص من الأربع ويأخذ حكومة في الكف، ودية الزائدة، وهي ثلث دية الاصلية. ولو أمكن قطع ما تحت الأصابع الأربع من الكف على محاذاتها اقتص منه وكان له ثلث دية الأصلية عن الزائدة وحكومة فيما تحتها من الكف خاصة. 7159. السابع عشر: تؤخذ الناقصة بالناقصة إذا تساوى محل النقص لامع الاختلاف فلو كان المقطوع من إحداهما الإبهام ومن الأخرى السبابة، فلا قصاص في المختلف، ويأخذ صاحبه الدية، والقصاص في الثلث الباقية، و تؤخذ الناقصة بالكاملة مع رد دية الفائت من الناقصة على الأقوى. وإذا قطع أنملتي شخصين قدم الأول في الاستيفاء، فإن بادر الثاني واستوفى، أساء ولا شئ عليه وللأول دية أنملته، ولو قطع العليا ولا عليا له، فقطع المجني عليه الوسطى، لم يقع قصاصا، وثبت لكل منهما الدية على الآخر، وللجاني القصاص من وسطى المجني عليه إن لم يرض بالدية. 7160. الثامن عشر: ما لا يجوز أخذه قصاصا، لا يحل لو تراضيا عليه، (1) فلو تراضيا على قطع إحدى اليدين بصاحبتها (2)، فقطعها المقتص، (3) احتمل سقوط القود في الأولى بإسقاط صاحبها، وفي الثانية بإذن صاحبها في قطعها
1. لأن الدماء لا تستباح بالرضا والبذل. 2. أي بدلا عن الأخرى. 3. أي الشخص الآخر. 521 ودياتهما (1) متساوية ويحتمل وجوب القصاص للأول لأن حقه لم يسقط بأخذ عوضه، إذ لا يصلح عوضا (2) فيبقى حقه في القصاص، وللثاني الدية ولا قصاص له. ولو قال المقتص للجاني: اخرج يمينك لأقطعها، فأخرج يساره فقطعها من غير علم، قال في المبسوط: يقتضي المذهب سقوط القود (3) فيه نظر لأن الواجب قطع اليمنى، فيكون القصاص في اليمنى باقيا بعد الاندمال، توقيا من السراية بتوارد القطعين. وأما الجاني فإن كان قد سمع الأمر بإخراج اليمنى وأخرج اليسرى مع علمه بعدم الإجزاء، وقصد إلى اخراجها، فلا دية له. ولو قطعها مقتص مع العلم قال في المبسوط سقط القود إلى الدية لأنه بذلها للقطع فكان شبهة في سقوط القود (4) ويحتمل ثبوته لعدم الجواز مع الإذن. وكل موضع تلزمه دية اليسرى يضمن سرايتها، وما لا فلا. ولو اختلفا فقال: بذلتها مع العلم لا بدلا، فأنكر الباذل فالقول قول الباذل، لأنه أعرف بنيته. ولو كان المقتص مجنونا، فبذل له الجاني غير العضو فقطعه، ذهب هدرا،
1. في «أ»: وديتهما. 2. في «أ»: إذ لا يصح عوضا. 3. المبسوط: 7 / 101. 4. المبسوط: 7 / 102. 522 لانتفاء ولاية الاستيفاء عن المجنون، ويكون قصاص المجنون باقيا، وتثبت له الدية لانتفاء المحل لأن الباذل أبطل حق نفسه. ولو بادر المجنون إلى القصاص من غير بذل، قيل: وقع الاستيفاء موقعه، وقيل: لا، لانتفاء الأهلية عن المجنون، (1) فيكون قصاص المجنون باقيا، وقد فات محله، فله الدية، وعلى عاقلته الدية فيما استوفاه وهو جيد. 7161. التاسع عشر: لو قطع إصبعا، فأصاب اليد أكلة (2) من الجرح وسقطت من المفصل، ثبت القصاص في الكف فإن بادر صاحبها فقطعها من الكوع، لئلا تسري إلى [سائر] بدنه ثم اندمل، فعلى الجاني القصاص في الإصبع والحكومة فيما تآكل من الكف ولا شئ عليه فيما قطعه المجنى عليه ولو لم يندمل، ومات من ذلك، فالجاني شريك نفسه، يجب عليه القصاص في النفس بعد رد نصف الدية عليه. ولو قطع المجني عليه موضع الأكلة خاصة بأن قطع اللحم الميت لا غير، ثم سرت الجناية، فالقصاص على الجاني، لأنه سراية جرحه، وإن أخذ من اللحم الحى، فمات، فالجاني شريك. 7162. العشرون: ثبت القصاص في اللسان إجماعا، بشرط التساوي في الصحة، فلا يقطع الصحيح بالأخرس، ويؤخذ الأخرس بالصحيح، ويؤخذ بعض الصحيح ببعض، ويعتبر التقدير بالأجزاء لا بالمساحة، ويؤخذ بالنسبة.
1. والقولان حكاهما الشيخ عن بعض العامة واختار منها الثاني لاحظ المبسوط: 7 / 105، والمغني لابن قدامة: 9 / 442. 2. في المصباح المنير: 1 / 24: أكلت الأسنان أكلا - من باب تعب -: تحاتت وتساقطت وأكلتها الأكلة. 523 وتؤخذ الشفة بالشفة مع التساوي في المحل. 7163. الحادي والعشرون: لو قطع يدي رجل ورجليه خطأ، فإن سرت إلى نفسه، فدية كاملة لا أزيد، وإن اندملت ثبتت ديتان. ولو مات واختلف الولى والجاني، فادعى الولي موته بعد الاندمال، وادعى الجاني موته بالسراية، فإن كان الزمان قصيرا لا يحتمل الاندمال فيه، فالقول قول الجاني، وإن أمكن الاندمال، فالقول قول الولى، لتساوي الاحتمالين، والأصل وجوب الديتين. فإن اختلفا في المدة، فالقول قول الجاني ولو قطع يد واحد (1) فمات المقطوع، فادعى الولي موته بالسراية، وادعى الجاني الاندمال فإن مضت مدة يمكن الاندمال، فالقول قول الجاني وإلا فالقول قول الولي ولو اختلفا في المدة، فالقول قول الولي على اشكال. ولو ادعى الجاني أنه شرب سما فمات، وادعى الولى موته بالسراية، تساوى الاحتمالان، فيرجح قول الجاني، لأن الأصل عدم الضمان، وكذا لو قد الملفوف في الكساء بنصفين، وادعى الولى حياته والجاني موته، والأصل عدم الضمان من جانبه واستمرار الحياة من جانب الملفوف، فيرجح قول الجاني وفيه نظر. ولو ادعى نقصان يد المجني عليه بإصبع، احتمل تقديم قوله، عملا بأصالة عدم القصاص، وقول المجني عليه إذ الأصل السلامة، هذا إن ادعى نفي
1. في «ب»: يدا واحدة. 524 السلامة أصلا، أما لو ادعى زوالها طارئا: فالأقرب أن القول قول المجني عليه. 7164. الثاني والعشرون: لو كان على يد الجاني ست أصابع متساوية، ليس فيها زائدة، فللمجنى عليه أخذ خمس أصابع، ويطلب سدس دية اليد، ويحط شئ بالاجتهاد، (1) لأن كل سدس استوفاه كان في صورة خمس، وإن كان فيها زائدة بالفطرة والتبس على أهل الصنعة (2) فلا قصاص، لئلا تؤخذ الزائدة بأصلية، فإن بادر وأخذ خمسا، فهو تمام حقه، ولا أرش له بعده وإن احتمل أن تكون الزائدة هي المستوفاة. ولو كان الإصبع أربع أنامل، فقطع صاحبها أنملة من معتدل، أخذ منه واحدة وطولب بما بين الربع والثلث، وإن قطع اثنتين قطعنا اثنتين وطالبناه بما بين النصف والثلثين، وإن قطع ثلاثة، قطعنا ثلاثة وطولب بما بين الكل وثلاثة أرباع.
1. اجتهاد الحاكم. 2. أي البصيرة. 525 المقصد الثالث: في الخطأ وشبيه العمد ويثبت بهما الدية لا القصاص، والنظر فيه يتعلق بفصول: [الفصل] الأول: في الموجب وفيه ثمانية عشر بحثا: 7165. الأول: الضمان يجب بالإتلاف إما مباشرة أو تسبيبا، وضابط المباشرة، الإتلاف من غير قصد كمن رمى غرضا فأصاب إنسانا، أو ضرب للتأديب فيتفق الموت. وأما السبب فهو ما يحصل التلف عنده لا به كحفر البئر ونصب السكين، وإلقاء الحجر، وسيأتي تفصيل ذلك، إن شاء الله تعالى. 7166. الثاني: الطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه إن كان قاصرا، أو عالج طفلا أو مجنونا بغير إذن الولى أو بالغا عاقلا لم يأذن.
527 ولو كان الطبيب عارفا، وعالج بالغا رشيدا بالإذن فآل إلى التلف، قيل: لا ضمان، للحاجة وتسويغه شرعا خصوصا مع الإذن، (1) وقيل: يضمن لحصول التلف بفعله (2)، وهو الأقوى، وحينئذ يضمن في ماله. ولو أبرأه المريض قبل العلاج قيل: يصح (3) لرواية السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام) من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلا فهو له ضامن (4) ولأنه مما تمس الحاجة إليه فلولا تسويغه لحصل الضرر. وقيل: لا يصح لأنه إبراء مما لم يثبت (5) وروى السكوني عن الصادق (عليه السلام): أن عليا (عليه السلام) ضمن ختانا قطع حشفة غلام (6) وهذه الرواية مناسبة للمذهب ولا فرق بين أن يأخذ البراءة من وليه أو لا لأنه قطع غير المأمور. 7167. الثالث: النائم إذا انقلب على غيره فأتلفه قيل (7): يضمن في ماله وقيل: الضمان على العاقلة (8) وهو أقوى، واضطرب ابن إدريس هنا.
1. القائل هو الحلي في السرائر: 3 / 373. 2. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 734، والمفيد في المقنعة: 734، وابن زهرة في الغنية: قسم الفروع: 402 والكيدري في إصباح الشيعة: 491، والقاضي في المهذب: 2 / 499، وابن حمزة في الوسيلة: 403، وسلار في المراسم: 235. 3. القائل هو الشيخ في النهاية: 762، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه: 402. 4. الوسائل: 19 / 194، الباب 24 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 5. لاحظ السرائر: 3 / 373، قال في الجواهر: 43 / 47: لم يتحقق القائل قبل المصنف، وإن حكي عن ابن إدريس. 6. الوسائل: 19 / 195، الباب 24 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 2. 7. القائل الشيخ في النهاية: 758. 8. اختاره المحقق في الشرائع: 4 / 249، كما في متن المسالك والجواهر ولكن في المطبوع من الشرائع «والأول أشبه» والظاهر انه تصحيف. 528 ولو انقلبت الظئر على الطفل فقتلته فإن كانت طلبت بالمظائرة الفخر لزمتها الدية في مالها، وإن كانت طلبت ذلك للحاجة والضرورة، فالدية على العاقلة. وعندي في هذا التفصيل نظر لأن فعل النائم إن كان خطأ، فالدية على العاقلة على التقديرين وإن كان شبيه العمد، فالدية في ماله على التقديرين، فالتفصيل لا وجه له. 7168. الرابع: إذا أعنف بزوجته جماعا، في قبل أو دبر، أو ضما، فماتت، ضمن الدية، وكذا المرأة لو فعلت بالزوج ذلك ضمنت وقال الشيخ (رضي الله عنه): إن كانا مأمونين، لم يكن عليهما شئ (1) وفي الرواية (2) ضعف. 7169. الخامس: إذا حمل على رأسه متاعا فكسره، أو أصاب به إنسانا، فجنى في نفس، أو طرف، أو جرح، ضمن المتاع، وما جناه في ماله. 7170. السادس: لو صاح بصبى أو مجنون، أو بالغ كامل مريض، أو اغتفل الرشيد البالغ، أو فاجأه بالصيحة، ضمن، ولو صاح بالبالغ العاقل من غير اغتفال ولا مفاجأة فمات، فلا ضمان إلا أن ينسب الموت إلى الصيحة فيضمن، وكذا لو ذهب عقل البالغ أو الصبى بالصيحة. قال الشيخ (رضي الله عنه): ويضمن ذلك العاقلة (3) وفيه نظر، من حيث إن الصائح
1. النهاية: 758. 2. الوسائل: 19 / 202، الباب 31 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 4. 3. المبسوط: 7 / 158. 529 قصد الإخافة، فهو عمد الخطأ وكذا لو شهر سيفا في وجه إنسان: أو دلاه من شاهق، فمات خوفا، أو ذهب عقله، ضمن. أما لو طلب إنسانا بسيف مشهور، ففر فألقى نفسه في بئر أو نار، أو ماء، أو إلى مسبعة، فافترسه الأسد، أو انخسف السطح الذي ألقى نفسه عليه ونحوه، فمات، قال الشيخ (رضي الله عنه): لا ضمان لأنه ألجأه إلى الهرب لا إلى الوقوع. فهو المباشر لإهلاك نفسه فيقوى أثره على السبب، وكذا لو صادفه في هربه سبع فأكله (1) ولو قيل: بالضمان كان وجها. ولو كان المطلوب أعمى ضمن الطالب ديته لأنه سبب ملجئ وكذا يضمن لو كان مبصرا فهرب فوقع في بئر مغطاة، أو اضطره إلى مضيق فافترسه الأسد، لأنه يفترس في المضيق غالبا. 7171. السابع: إذا صدم إنسانا فمات المصدوم فديته على الصادم في ماله، فإن قصد به الإتلاف وجب القصاص. ولو مات الصادم ذهب هدرا، سواء قصد إتلاف المصدوم أولا، هذا إذا كان المصدوم في ملكه، أو [في] موضع مباح، أو في طريق واسع، ولو كان في طريق ضيق، وكان المصدوم واقفا، قيل (2): يضمن المصدوم دية الصادم إذا لم يقصد الصدم، لأنه فرط بوقوفه في موضع، ليس له الوقوف فيه كما إذا جلس في الطريق الضيق، وعثر به إنسان. ولو قصد الصدم ذهب دمه هدرا على كل تقدير، وضمن دية المصدوم. 7172. الثامن: إذا اصطدم حران فماتا، فكل واحد شريك في قتل نفسه وقتل
1. المبسوط: 7 / 159. 2. القائل هو الشيخ في المبسوط: 7 / 167. 530 صاحبه، ففي تركة كل واحد منهما كفارتان، وعلى عاقلة كل واحد نصف دية صاحبه إن كان خطأ محضا، وإلا وجب نصف الدية في التركة لاكمال الدية، ويسقط النصف الآخر عنه (1) ولو كانا راكبين وتلفت الدابتان، ومعهما زاد، في تركة كل واحد منهما ضمان نصف دابة الآخر ويقع التقاص في الدية والقيمة. ولو كان أحدهما فارسا والآخر راجلا، ضمن الراجل نصف دية الفارس ونصف قيمة الفرس، وضمن الفارس نصف دية الراجل، ولا فرق بين أن يكونا مقبلين أو مدبرين، أو أحدهما مقبلا والآخر مدبرا. ولو كان أحدهما يسير بين يدي الآخر، فأدركه الثاني فصدمه فمات الثاني، فالأول ضامن، لأنه الصادم، والآخر مصدوم. 7173. التاسع: لو اصطدم الصبيان، والركوب منهما، فنصف دية كل واحد منهما على عاقلة الآخر. ولو أركبهما وليهما فكذلك، ولو أركبهما أجنبى فضمان كل واحد منهما عليه بتمام الدية لكل منهما. ولو كانا عبدين سقطت جنايتهما، لأن نصيب كل واحد منهما هدر وما على صاحبه فات بموته (2) ولا يضمنه المولى، وإن مات أحدهما تعلقت قيمته برقبة الحى، فإن هلك قبل استيفاء القيمة سقطت، لفوات المحل. ولو كان أحدهما حرا والآخر عبدا فماتا، تعلق نصف دية الحر برقبة
1. في «ب»: ويسقط النصف الآخر الصادر عنه. 2. في «ب»: فمات بموته. 531 العبد، ثم انتقلت إلى قيمته، وتعلق نصف قيمة العبد بتركة الحر، فيتقاصان. ولو مات العبد وحده، تعلقت قيمته بالحر، وإن مات الحر تعلقت برقبة العبد ديته. فإن قتله أجنبي، فعليه قيمته، ويحول ما كان متعلقا (1) برقبته إلى قيمته. ولو مات أحد الحرين بالتصادم، ضمن الباقي نصف دية التالف وفي رواية عن الكاظم (عليه السلام) يضمن الباقي دية الميت. (2) وهي شاذة. ولو تصادم حاملان (3) ففي تركة كل واحدة نصف دية الأخرى ونصف [دية] حملها، ونصف [دية] حمل نفسها. ولو غلبت الدابتان الراكبين، احتمل إهدار الجناية، إحالة على الدواب، واعتبارها، إحالة على الركوب. 7174. العاشر: لو اصطدمت سفينتان، فإن كان بتفريط القيمين، بأن كانا قادرين على الضبط أو الرد عن الأخرى أو العدول بها، فلم يفعل، أولم يكمل آلاتها من الرحال والحبال، فإن كانا مالكين، ضمن كل واحد لصاحبه نصف ما تلف، وكذا الحمالان لو اصطدما فأتلفا، أو أتلف أحدهما، ولو كانا غير مالكين، ضمن كل واحد نصف السفينتين وما فيهما في مالهما، سواء كان التالف مالا أو نفسا.
1. في «ب»: ويحول ملكا متعلقا. 2. الوسائل: 19: 195، الباب 25 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 3. في النسختين: «حاملتان» قال المصنف في القواعد: 3 / 662: ولو تصادم حاملان فعلى كل واحدة نصف دية الأخرى، ونصف دية جنينها، ونصف دية جنين الأخرى. 532 ولو لم يفرطا، بأن غلبتهما الرياح القوية، فلا ضمان. ويقبل قول الملاح في عدم التفريط مع اليمين. ولو فرط أحدهما خاصة، ضمن ما تلف بفعله في سفينة الآخر، وكذا البحث في المتصادمين. ولو كانت إحدى السفينتين واقفة والأخرى سائرة، ووقعت (1) السائرة على الواقفة بتفريط القيم، لم يكن على صاحب الواقفة ضمان ما تلف في السائرة، وعلى قيم السائرة ضمان ما تلف في الواقفة، وان لم يفرط فلا ضمان. 7175. الحادي عشر: لو خرق سفينة فغرقت بما فيها، وكان عمدا وهو مما يغرقها غالبا ويغرق من فيها، لكونهم في اللجة، أو لعدم معرفتهم بالسباحة، فعليه القصاص وضمان السفينة والأموال، وإن كان خطأ، فعليه ضمان الأموال والسفينة والعبيد في ماله، وأما الأحرار فعلى عاقلته. ولو كان عمد الخطأ، بأن أراد إصلاح موضع فقلع لوحا له، أو أراد إصلاح مسمار فنقب موضعا، وكانت السفينة سائرة، فهو ضامن في ماله ما (2) يتلف من مال ونفس. ولو خيف على السفينة الغرق، فألقى بعض الركبان متاعه، لتخف وتسلم من الغرق لم يضمنه أحد. ولو ألقى متاع غيره بغير إذنه ضمنه وحده.
1. في «ب»: فوقعت. 2. كذا في النسختين ولعل الأولى «لما». 533 فإن قال لغيره: ألق متاعك فقبل منه لم يضمنه لأنه لم يلتزم ضمانه. ولو قال: ألقه وأنا ضامن له، أو: وعلى قيمته، لزمنه ضمانه له. ولو قال: ألقه وعلى وعلى ركبان السفينة ضمانه فألقاه، فإن قصد أن علي ضمان الجميع وكذا على الركبان ضمن الجميع، وإن قصد التشريك، لزمه ما يخصه، ولا يلزم غيره من الركبان شئ. وإن قال: ألقه على أن أضمنه لك أنا وركبان السفينة، فقد أذنوا لي في ذلك، فألقاه، ثم أنكروا الإذن، ضمن الجميع. ولو قال: ألق متاعي وتضمنه لي، فقال: نعم وألقاه، ضمنه. وإن قال الخائف على نفسه أو غيره: الق متاعك وعلى ضمانه لزمه وإن كان ملقي المتاع أيضا محتاجا، ويحتمل سقوط قدر حصة المالك، ولو كانوا عشرة سقط العشر، وفيه ضعف. ولو كان المحتاج هو المالك فقط، وألقى (1) بضمان غيره، فعلى الأول جاز له الأخذ دون الثاني. ولو لم يكن خوف فقال: ألق متاعك وعلى ضمانه فالأقرب عدم الضمان، وكذا [لو قال]: مزق ثوبك وعلى ضمانه، أو أجرح نفسك لأنه ضمان ما لم يجب من غير ضرورة. 7176. الثاني عشر: إذ مر بين الرماة، فأصابه سهم فالدية على عاقلة الرامي، ولو ثبت أنه قال: حذار، فلا ضمان مع السماع، لما روي:
1. في «ب»: فألقى. 534 «أن صبيا دق بخطره (1) رباعية صاحبه فرفع (ذلك) (2) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأقام (الرامي) (3) البينة بأنه قال: حذار، فدرأ عنه القصاص، وقال: قد أعذر من حذر». (3) ولو قدم إنسانا إلى هدف يرميه الناس، فأصابه سهم من غير تعمد، فالضمان على من قدمه لا على الرامي، لأن الرامي كالحافر والمقرب كالدافع. ولو عمد الرامي فالضمان عليه، وإن لم يقدمه أحد فالضمان على الرامي إن كان عمدا، وإلا فعلى عاقلته. 7177. الثالث عشر: إذا وقع من علو على غيره عمدا فقتله، فهو عمد إن كان مما يقتل غالبا، وإن كان مما لا يقتل غالبا، فهو شبيه العمد وإن وقع مضطرا إلى الوقوع، أو قصد الوقوع لغير ذلك، فهو خطأ، والدية على العاقلة. ولو أوقعه الهواء أو زلق فلا ضمان، وتؤخذ الدية من بيت المال، والواقع هدر على التقديرات. ولو دفعه دافع، فدية المدفوع على الدافع، وكذا دية الأسفل. وفي النهاية: دية الأسفل على الواقع ويرجع بها على الدافع. (4) لرواية عبد الله بن سنان الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) (5).
1. وهو السبق الذي يتراهن عليه، الصحاح: 2 / 648 (خطر). 2. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 3. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 3. الوسائل: 19 / 50، الباب 26 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 1. 4. النهاية: 758. 5. الوسائل: 19 / 177، الباب من أبواب موجبات الضمان، الحديث 2. 535 7178. الرابع عشر: المزحفان العاديان يضمن كل منهما ما يجنيه على الآخر ولو كف أحدهما فصال الآخر فقصد الكاف الدفع لم يكن عليه ضمان إذا اقتصر على ما يحصل به الدفع ويضمن الآخر. ولو تجارح اثنان وادعى كل منهما قصد الدفع عن نفسه، حلف المنكر وضمن الجارح. ولو أمره نائب الإمام بالصعود إلى نخلة أو النزول في بئر فمات، فإن أكرهه ضمن الدية، وإن كان لمصلحة المسلمين، فالدية في بيت المال، ولو لم يكرهه فلا دية أصلا. ولو أدب زوجته بالمشروع فماتت، قال الشيخ (رضي الله عنه): يضمن الدية. (1) لأنه مشروط بالسلامة. وفيه نظر، لأنه من جملة التعزيرات السائغة، فلا ضمان بسببه. ولو أدب الصبي أبوه أو جده لأبيه فمات، فعليه الدية في ماله. ولو أمر ذو السلعة (2) الطبيب بقطعها فمات، فلا دية له على القاطع، ولو كان مولى عليه، فالدية على القاطع إن كان أبا أو جدا للأب، وإن كان أجنبيا، فالأقرب الدية في ماله لا القود، لأنه لم يقصد القتل. 7179. الخامس عشر: من دعا غيره ليلا فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتى يرجع إليه، بذلك حكم الباقر (عليه السلام) في زمن المنصور، ونقله عن رسول
1. المبسوط: 8 / 66، كتاب الأشربة المسكرة. 2. السلعة - بكسر السين -: زيادة في الجسد كالغدة وتتحرك إذا حركت. مجمع البحرين. 536 الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) فإن فقد ضمن الدية، ولو وجد مقتولا فادعى قتله على غيره، وأقام بينة، برئ وألزم القاتل، وإن فقد البينة، فالوجه سقوط القود، وتجب الدية في ماله، وإن وجد ميتا ففي لزوم الدية نظر والأقرب عدمه. وقال ابن إدريس: إن لم يكن بينهم عداوة فلا دية وان كان بينهم عداوة، كان لأوليائه القسامة على أي أنواع القتل، به أرادوا (2) فإن حلفوا على العمد كان لهم القود، لأن العداوة والإخراج لوث. 7180. السادس عشر: إذا دفع الولد إلى ضئر، ثم أعادته إليه، فأنكره أهله، فالقول قول الظئر ما لم يعلم كذبها، لأنها مأمونة فإن ثبت كذبها لزمتها الدية، أو إحضار الولد بعينه، أو من يحتمل أنه هو. ولو استأجرت الظئر أخرى ودفعته إليها من غير إذن أهله فجهل خبره ضمنت الدية. 7181. السابع عشر: روى عبد الله بن طلحة عن الصادق (عليه السلام) قال: «سألته عن رجل سارق دخل على امرأة، ليسرق متاعها، فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرك ابنها فقام، فقتله بفأس كان معه، فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج، حملت عليه بالفأس فقتلته، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أقض على هذا كما وصفت لك، فقال: يضمن مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام، ويضمن السارق فيما ترك
1. الوسائل: 19 / 36، الباب 18 من أبواب قصاص النفس، الحديث 1. 2. لاحظ في توضيح العبارة السرائر: 3 / 364 - 365. 537 أربعة آلاف درهم لمكابرتها (1) على فرجها، إنه زان، وهو في ماله غرامة (2) وليس عليها في قتلها إياه شئ لأنه سارق» (3). وعبد الله بن طلحة فطحي (4) فالسند ضعيف وتحمل هذه الرواية على أن المهر أربعة آلاف درهم، وهو دليل على أنه لا يتقدر بخمسين دينارا في مثل هذا، بل بمهر أمثالها مهما بلغ، وإيجاب الدية لفوات محل القصاص لأنها قتلته دفعا عن المال، لا قصاصا. ومنع ابن إدريس هذه الرواية ولم يوجب الدية، لفوات محل القصاص، وأوجب مهر المثل في تركته. (5) 7182. الثامن عشر: روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قلت له: «رجل تزوج امرأة فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها، فأدخلته الحجلة، فلما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق فاقتتلا في البيت، فقتل الزوج الصديق، وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته
1. في الوسائل: بمكابرتها. 2. في الوسائل: عزيمة. 3. التهذيب: 10 / 208، رقم الحديث 823. ولاحظ الوسائل: 19 / 45، الباب 23 من أبواب قصاص النفس، الحديث 2. ظاهر الرواية لا يخلو من مناقشة فلاحظ الكلام حولها النهاية ونكتها: 3 / 402، والمسالك: 15 / 353. 4. الموجود في كتب الرجال هو عبد الله بن طلحة النهدي قال النجاشي: عربي، كوفي، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) له كتاب يرويه عنه علي بن إسماعيل الميثمي. لاحظ الموسوعة الرجالية: 1 / 512 برقم 3286. ولم نجد من وصفه بالفطحي غير المصنف، مع أنه لم يذكره في الخلاصة. وناقش صاحب الجواهر في كون السند ضعيفا، لاحظ جواهر الكلام: 43 / 87. 5. السرائر: 3 / 362 - 363. 538 بالصديق، قال: تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج» (1). وفي تضمين دية الصديق نظر منعه ابن إدريس لأن دمه هدر (2) ويحتمل أن يكون قد أخرجته من منزله ليلا، فكانت ضامنة لديته على ما تقدم. الفصل الثاني: في الأسباب وفيه عشرون بحثا: 7183. الأول: السبب ما لولاه لما حصل التلف، لكن التلف مستند إلى غيره، كحفر البئر، ونصب السكين، وإلقاء الحجر، فإن التلف لم يحصل من هذه بل من العثار الصادر عن المتحرك، لكن حصل معها، ويثبت معه الضمان في ماله. ولا تعقل العاقلة ما يتلف بالسبب، فيضمن واضع الحجر في ملك غيره أو في الطريق المسلوك في ماله، وكذا لو نصب سكينا فمات العاثر بها. أما لو وضع الحجر، أو نصب السكين في ملك نفسه أو في مكان مباح فإنه لا يضمن. وحفر البئر كوضع الحجر يضمن إن كان في ملك غيره، أو في طريق مسلوك، ولا يضمن لو كان في ملك نفسه أو مكان مباح.
1. الوسائل: 19 / 45، الباب 23 من أبواب قصاص النفس، الحديث 3. 2. السرائر: 3 / 363. 539 ولو حفر بئرا في ملك غيره فرضي المالك، سقط الضمان عن الحافر. ولو حفر في الطريق المسلوك لمصلحة المسلمين، فالأقرب سقوط الضمان، لأنه فعل سائغ. ولو ألقى قمامة المنزل المزلقة، كقشور البطيخ وشبهه، أو رش الدرب بالماء فهلك به إنسان أو دابة، ضمن، والأقرب اختصاص الضمان في الدابة مطلقا، وفي الآدمي الذي لم يشاهد القمامة والرش. 7184. الثاني: حكم البناء في الطريق حكم الحفر، فإذا بنى لنفسه في طريق ضيق أو ملك غيره، ضمن، وكذا في الطريق الواسع وإن كان مسجدا، أما لو كان البناء فيما زاد على القدر الواجب من الطريق وهو سبع أذرع، فلا ضمان به، وكذا لو بنى المسجد للمسلمين في طريق واسع في موضع لا يضر كالزاوية، فلا ضمان، وكذا لا ضمان فيما فيه مصلحة المسلمين، كقلع حجر يضر بالمارة، ووضع الحصى في حفرة ليملأها ويسهل السلوك بها، وتسقيف ساقية فيها، ووضع حجر في طين فيها، ليطأ الناس عليه، وبناء القناطر، سواء أذن الإمام في ذلك أولا، أما لو منع الإمام منه فإن فاعله ضامن. ولو سقف مسجدا، أو فرش فيه بارية (1) أو بنى فيه حائطا أو علق فيه قنديلا، أو جعل فيه رفا، فتلف به شئ فلا ضمان وإن لم يأذن فيه الجيران. (2) ولو حفر العبد بئرا في ملك إنسان بغير إذنه، أو في طريق يتضرر به المارة، فتلف به شئ، فالضمان يتعلق برقبته، يباع فيه، ولا يلزم سيده شئ
1. البارية: الحصير الخشن. 2. رد على فتوى أبي حنيفة فإنه قال: «يضمن إذا لم يأذن فيه الجيران». لاحظ المغني لابن قدامة: 9 / 568. 540 وكذا لو أعتق ثم تلف [شئ] بعد العتق فالضمان عليه لا على سيده. 7185. الثالث: إذا حفر بئرا في ملك مشترك بينه وبين غيره بغير إذن ضمن ما تلف به جميعه لإنه متعد بالحفر، ويحتمل إيجاب نصيب شريكه لأنه الذي تعدى فيه. ولو حفر بئرا في ملك إنسان أو وضع فيه ما يتعلق به الضمان، فأبرأه المالك من ضمان ما يتلف به ففي الصحة إشكال ينشأ من أن المالك لو أذن فيه ابتداء لم يضمن، ومن أن حصول الضمان لتعديه بالحفر، والإبراء لا يزيله، لأن الماضي لا يمكن تغييره عن الصفة التي وقع عليها، ولأن الضمان ليس حقا للمالك، فلا يصح الإبراء منه، ولأنه ابراء مما لم يجب، فلم يصح كالإبراء من الشفعة قبل البيع. ولو استأجر أجيرا فحفر في ملك غيره بغير إذنه وعلم الأجير ذلك. فالضمان عليه وحده، وإن لم يعلم فالضمان على المستأجر. ولو استأجر أجيرا ليحفر له في ملكه بئرا أو يبني له بناء، فتلف الأجير بذلك لم يضمنه المستأجر لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «البئر جبار، والعجماء جبار، والمعدن جبار» (1). نعم لو كان الأجير عبدا استأجره بغير إذن سيده، أو صبيا بغير إذن وليه، فإنه يضمن لتعديه باستعماله وتسببه إلى إتلاف حق غيره. ولو حفر بئرا في ملك نفسه، فوقع فيها إنسان أو دابة فهلك به، فإن كان الداخل دخل بغير إذن المالك، فلا ضمان على الحافر، لعدم العدوان منه، وإن دخل بإذنه، والبئر بينة مكشوفة، والداخل بصير يبصرها، فلا ضمان أيضا وإن غفل عن نفسه.
1. الوسائل: 19 / 202، الباب 32 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 2. 541 وإن كان الداخل أعمى، أو كانت في موضع مظلم، أو كانت مغطاة، فلم يعلم الداخل بها حتى وقع [فيها] ضمن المالك. ولو اختلفا فادعى ولي الهالك الإذن والمالك عدمه، فالقول قول المالك، ولو ادعى المالك أنها كانت مكشوفة، وادعى الآخر أنها كانت مغطاة، فالقول قول ولي الهالك، لأن الظاهر معه، فإن الظاهر أنها لو كانت مكشوفة لم يسقط [فيها] ويحتمل تقديم قول المالك لأصالة البراءة وعدم التغطية. 7186. الرابع: إذا بنى في ملكه حائطا أو في موضع مباح، لم يضمن ما يتلف بوقوعه، وكذا لو وقع إلى الطريق (1) فمات إنسان بعثارة ولو بناه مائلا إلى غير ملكه أو إلى الطريق أو بناه في غير ملكه، ضمن ما يتلفه به. ولو بناه في ملكه مستويا، فمال إلى الطريق أو إلى غير ملكه، وجبت إزالته فإن أهمل مع المكنة ضمن، ولو وقع قبل التمكن من الإزالة لم يضمن ما يتلف به لعدم العدوان. ولو بناه في ملكه مستويا أو مائلا إلى ملكه فسقط من غير استهدام ولا ميل، فلا ضمان، وإن مال قبل وقوعه إلى ملكه ولم يتجاوزه، فلا ضمان عليه. ولو كان الحائط لصبى كان الضمان على الولى مع علمه بالميل إلى الطريق أو إلى ملك الغير، وتمكنه من الإزالة وعدمها. وإذا مال الحائط إلى ملك غيره معين، فأبرأه المالك، سقط الضمان عنه، كذا لو أبراه ساكن الدار التي مال إليها.
1. في «أ»: في الطريق. 542 ولو مال إلى ملك مشترك، أو درب مشترك غير نافذ لم يزل الضمان عنه بإبراء واحد منهم. وإذا باع الملك والحائط مائل فالضمان على المشتري ان أهمل مع المكنة، وإن وهبه ولم يقبضه لم يزل الضمان عنه. ولو لم يمل الحائط لكن تشقق، فإن لم يظن سقوطه، لكون الشقوق بالطول لم يجب نقضه، وكان حكمه حكم الصحيح، وإن خيف سقوطه، بأن تكون الشقوق بالعرض، وجب الضمان كالمائل. 7187. الخامس: يجوز نصب الميازيب إلى الطرق، وهل يضمن لو وقعت فأتلفت؟ قال المفيد (رضي الله عنه): لا ضمان (1) وقال الشيخ (رضي الله عنه): نعم يضمن، لأن نصبها مشروط بالسلامة، (2) وفي رواية أبي الصباح الكناني الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) قال: «من أضر بشئ من طريق المسلمين فهو له ضامن». (3) وروى السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أخرج ميزابا، أو كنيفا، أو أوتد وتدا، أو أوثق دابة، أو حفر شيئا (4) في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن». (5)
1. المقنعة: 749. 2. المبسوط: 7 / 188 - 189; الخلاف: 5 / 290، المسألة 119 من كتاب الديات. 3. الوسائل: 19 / 179 - 180، الباب 8 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 2. 4. كذا في المصدر ولكن في النسختين: «بئرا». 5. الوسائل: 19 / 182، الباب 11، من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 543 ويحتمل التفصيل، فإن سقط الميزاب كله فعليه نصف الضمان، لأنه تلف بما وضعه على ملكه وملك غيره، وإن انقصف (1) فسقط منه ما خرج من الحائط ضمن الجميع. 7188. السادس: يجوز إخراج الرواشن والأجنحة في الطريق المسلوك إذا لم تضر بالمارة، فلو سقطت خشبة من الروشن فأتلف إنسانا أو دابة أو مالا، قال الشيخ (رضي الله عنه): يضمن نصف الدية، لأنه هلك عن مباح ومحرم. (2) فعلى هذا لو وقعت خشبة ليست مركبة على حائطه وجب ضمان ما أتلفت وكذا لو انقصفت الموضوعة على حائطه فسقط الخارج عن الحائط خاصة، والبحث في الساباط كذلك. ولو أخرج الجناح أو الروشن أو الساباط في درب غير نافذ بغير إذن أربابه ضمن كالنافذ، وهل يضمن من يتعدى بالدخول في الدرب بغير اذن أربابه؟ فيه نظر وكذا من حفر بئرا في ملك غيره، فتلف فيها متعد بالدخول إليه من غير إذن مالكه ولو أذن أرباب الدرب لم يضمن. 7189. السابع: لو بالت دابته في طريق، فزلق به إنسان، قال الشيخ (رضي الله عنه): يضمن (3) والأقرب عندي ذلك إن وقف بها، وإلا فلا. ولو وضع جرة (4) أو حجرا أو غيرهما على حائطه أو سطحه، فرمته
1. القصف: الكسر. مجمع البحرين. 2. المبسوط: 7 / 188. 3. المبسوط: 7 / 189. 4. الجرة - بالفتح والتشديد - إناء معروف من خزف. لاحظ مجمع البحرين. 544 الريح على إنسان فقتله، أو تلف شئ به لم يضمن إذا لم يفرط في الوضع لأنه تصرف في ملكه بغير عدوان، أما لو فرط في الوضع بأن وضعها مائلة أو متزلزلة متعرضة للسقوط، فإنه يضمن لأنه كالحائط المائل. 7190. الثامن: لو سلم ولده الصغير إلى معلم السباحة فغرق ضمن المعلم في ماله لأنه سلمه إليه ليحتاط في الحفظ، ولو لم يفرط المعلم، ففي الضمان نظر وكذا لو كان الولد مجنونا، أما لو كان بالغا رشيدا فإنه لا يضمنه إذا لم يفرط لأن الكبير في يد نفسه. 7191. التاسع: إذا أضرم نارا في ملك غيره، ضمن ما يتلف من الأموال والأنفس - مع تعذر الفرار - في ماله، وإن قصد إتلاف النفس فهو عامد يجب عليه القود في النفس والضمان في المال، وإن قصد بإضرام النار إحراق المنزل والمال خاصة، وتعدى الإتلاف إلى النفس من غير قصد، ضمن المال في ماله و كانت دية الأنفس على عاقلته، لأنه مخط في إتلافها. وإن لم يقصد الإحراق، بل أضرم نارا لحاجته، فتعدت النار باتصال الأحطاب إلى ملك غيره، ضمن ما يتلف من الأموال في ماله، ومن الأنفس على عاقلته لأنه مخط. وان أضرم النار في مكان له التصرف فيه بحق ملك أو إجارة، فإن تعدى في ذلك، بأن زاد عن قدر (1) الحاجة، مع غلبة ظنه بالتعدي كما في أيام الأهوية ضمن، وإن لم يتعد، بأن أضرم قدر الحاجة من غير اتصال بملك الغير أو بحطبه، وكان على وجه المعتاد فحملها الريح، أو سرت إلى ملك غيره، أو عصفت الأهوية بغتة، فحملتها فأتلفت، فلا ضمان، وكذا البحث في فتح المياه.
1. في «أ»: بأن زاد على. 545 7192. العاشر: يجب حفظ الدابة الصائلة، كالبعير المغتلم والكلب العقور، والدابة العضاضة، فلو أهمل المالك ضمن جنايتها، ولو جهل حالها، أو علم ولم يفرط فلا ضمان. ولو جنى على الصائلة جان فإن كان للدفع فلا ضمان، وإن كان لغيره ضمن. ولو جنت الهرة المملوكة، قال الشيخ (رضي الله عنه): يضمن المالك بالتفريط في حفظها مع الضراوة. (1) وفيه إشكال من حيث إن العادة لم تجر بربطها ويجوز قتلها حينئذ. (2) والأقوى ما ذكره الشيخ (رضي الله عنه). ومن ربط من الحيوانات المؤذية ما لا يحل اقتناؤه كالسبع والحية ضمن ما يتلف بسببها. وإن دخل دار غيره فعقره كلبه فإن كان الدخول بإذن مالك الدار، ضمن عقر الكلب، وإلا فلا. ولو حصل الكلب العقور أو السنور الضاري عند إنسان من غير اقتنائه ولا اختياره، فافسد لم يضمن. ولو أتلف الكلب بغير العقر، مثل أن ولغ في إناء إنسان، أو بال لم يضمن مقتنيه، لأنه لا يختص بالكلب العقور. ولو اقتنى سنورا فأكل فراخ الناس ضمن ما يتلفه، وإن لم يكن له عادة لم يضمن، سواء في ذلك الليل والنهار.
1. المبسوط: 8 / 79. 2. كما ذهب إليه المحقق في الشرائع: 4 / 256. 546 ولو اقتنى حماما أو غيره من الطير فأرسله فلقط حبا لم يضمنه لأنه كالبهيمة، والعادة إرساله. 7193. الحادي عشر: لو هجمت دابة على أخرى فجنت الداخلة ضمن صاحبها إن فرط في حفظها، ولو جنت المدخول عليها، كان هدرا وفي قضية علي (عليه السلام) في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه روي: «إن ثورا قتل حمارا على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرفع ذلك إليه وهو في أناس من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر، فقال: يا أبا بكر اقض بينهم. فقال: يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ما عليهما شئ. فقال: يا عمر اقض بينهم. فقال مثل قول أبي بكر. فقال: يا علي اقض بينهم. فقال: نعم يا رسول الله إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب الثور، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهما. قال: فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يده إلى السماء فقال: الحمد لله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيين» (1) 7194. الثاني عشر: راكب الدابة يضمن ما تجنيه بيديها ورأسها، ولا ضمان عليه فيما تجنيه برجليها وكذا القائد.
1. الوسائل: 19 / 191، الباب 19 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 547 أما لو وقف بها أو ضربها، ضمن ما تجنيه بيديها ورجليها، ولو ضربها غيره ضمن الضارب جنايتها أجمع والسائق كالواقف. ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان، فإن كان الأول صغيرا أو مريضا، وكان المتولي لأمرها هو الثاني، فالضمان عليه، ولو كان صاحب الدابة معها يراعيها، ضمن ما تجنيه بيديها ورجليها دون الراكب، ولو ألقت الراكب فإن كان بتنفير المالك ضمن وإلا فلا. ولو كان مع الدابة قائد وسائق تساويا في الضمان. والجمل المقطور على الجمل الذي عليه راكب يضمن جنايته، لأنه في حكم القائد له، بخلاف الجمل الثالث لأنه لا يتمكن من حفظه عن الجناية. ولو كان مع الدابة ولدها أو غيره، لم يضمن جنايته لأنه لا يمكنه حفظه. وحكم الدابة فيما قلناه حكم سائر ما يركب من البغال والحمير والجمال وغيرها سواء. 7195. الثالث عشر: لو أركب مملوكه دابة، ضمن المولى جنايته وبعض الأصحاب شرط صغر المملوك (1) وهو جيد ولو كان بالغا تعلقت الجناية برقبته إن كانت على نفس آدمي، ولو كانت على مال لم يضمن المولى، ولا يستسعى العبد، بل يتبع به بعد العتق. 7196. الرابع عشر: إذا جنت الماشية على الزرع ليلا، ضمن صاحبها، لأن عليه
1. ذهب إليه الحلي في السرائر: 3 / 372. 548 عليه حفظ الماشية بالليل، وإن جنت نهارا لم يضمن لأن على صاحب الزرع حفظه بالنهار، وعليه دلت رواية السكوني. (1) وهو ضعيف والوجه اشتراط التفريط في الضمان، فإن تحقق من صاحب الماشية ضمن سواء كان ليلا أو نهارا، وكذا لو كان يد المالك أو غيره عليها فأتلفت ضمن ذو اليد، ولو ضمها المالك، فأخرجها غيره ضمن المخرج، ولو أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفت، إلا ان يكون يده عليها سواء كان ليلا أو نهارا. 7197. الخامس عشر: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قضى في بعير بين أربعة نفر عقله أحدهم، فوقع في بئر فانكسر: أن على الشركاء حصته، لأنه حفظه وضيعوا. (2) 7198. السادس عشر: إذا أفلتت دابة من صاحبها فرمت إنسانا فقتلته، أو كسرت شيئا من أعضائه، أو أتلفت شيئا من ماله لم يكن على صاحبها ضمان، وهي قضية علي (عليه السلام) في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الباقر (عليه السلام): «بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) إلى اليمن، فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومر يعدو فمر برجل فنحفه برجله فقتله فجاء أولياء المقتول إلى الرجل، فأخذوه ودفعوه إلى علي (عليه السلام)، فأقام صاحب الفرس البينة أن فرسه أفلت من داره ونفح الرجل فأبطل علي (عليه السلام) دم صاحبهم، قال: فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله إن عليا (عليه السلام) ظلمنا وأبطل دم صاحبنا.
1. الوسائل: 19 / 208، الباب 4 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 2. لاحظ الوسائل: 19 / 207، الباب 39 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. نقله المصنف بالمعنى. 549 فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن عليا ليس بظلام ولم يخلق للظلم، لأن الولاية لعلي من بعدي، والحكم حكمه والقول قوله، لا يرد ولايته وقوله وحكمه إلا كافر، ولا يرضى ولايته وقوله وحكمه إلا مؤمن، فلما سمع اليمانيون قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (عليه السلام) قالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رضينا بحكم علي وقوله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وهو توبتكم مما قلتم». (1) 7199. الثامن عشر: إذا غشيته دابة فخاف أن تطأه فزجرها عن نفسه، فجنت على الراكب أو على غيره، لم يكن عليه شئ لأنه قصد الدفع عن نفسه، وإذا استقل البعير أو الدابة بحملهما كان صاحبهما ضامنا. (2) 7200. التاسع عشر: لو خوف حاملا فأجهضت، وجب عليه دية الجنين، ولو ماتت المرأة فزعا وجبت الدية لها، ولو استعدى على الحامل فألقت جنينها أو ماتت خوفا ضمن المتعدي إن كان ظالما بإحضارها عند الحاكم. وكلما يظهر كونه سببا، ولكن احتمل حصول الهلاك بغيره فهو كشبيه العمد إذا قصد وما شك في كونه سببا احتمل أن يقال: الأصل براءة الذمة أو الحوالة على السبب الظاهر. 7201. العشرون: لو أخذ طعام إنسان أو شرابه في برية أو مكان لا يقدر فيه
1. التهذيب: 10 / 228، رقم الحديث 900، ولاحظ الوسائل: 19 / 192، الباب 20 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 2. المسألة منصوصة في كتاب الإجارة وعليها رواية، لاحظ الوسائل: 13 / 279، الباب 30 من كتاب الإجارة، الحديث 10، وأفتى بها الشيخ في النهاية: 449، وفصل ابن إدريس بين التفريط والرعاية فأفتى بالضمان في الأول دون الثاني، لاحظ السرائر: 2 / 471 والمختلف: 6 / 121 - 122. والمراد: استثقل البعير أو الدابة بما حمل عليهما فألقيا ما عليهما من الحمل. 550 على طعام وشراب فهلك بذلك وهلكت دابته ضمن، ولو اضطر إلى طعام وشراب لغيره فطلبه منه فمنعه إياه مع غناه في تلك الحال، فمات، ضمن المطلوب منه لأنه باضطراره إليه صار أحق من المالك وله أخذه قهرا فمنعه إياه سبب إلى إهلاكه (1) بمنعه ما يستحقه، ولو لم يطلبه منه لم يضمنه، وكذا كل من رأى إنسانا في مهلكة فلم ينجه منها مع قدرته على ذلك، لم يلزمه ضمانه. الفصل الثالث: في اجتماع الموجبات وفيه عشرة مباحث: 7202. الأول: إذا اجتمع المباشر والسبب، قدم المباشر في الضمان، ولا يجب على السبب إلا مع ضعف المباشرة، فلو حفر بئرا في طريق فأوقع إنسان غيره فيها فالضمان على الدافع دون الحافر، ولو أمسك واحدا فذبحه آخر اقتص من الذابح دون الممسك. ولو وضع حجرا في كفة المنجنيق ضمن الجاذب دونه، أما مع ضعف المباشر فالحوالة في الضمان على السبب، كمن غطى بئرا حفرها في غير ملكه، فدفع غيره ثالثا من غير علم، فالضمان على الحافر، وكالفار من خوف إذا وقع في بئر لا يعلمها.
1. في «ب»: فمنعه إياه تسبب إلى إهلاكه. 551 ولو حفر في ملك نفسه بئرا وسترها، ودعا غيره ضمن، لسقوط المباشرة مع الغرور. ولو وضع صبيا في مسبعة فافترسه سبع، وجب الضمان. 7203. الثاني: إذا اجتمع سببان، قدم الأسبق في الضمان، فلو حفر بئرا و نصب آخر حجرا فعثر به إنسان فوقع في البئر، فالضمان على واضع الحجر، هذا إذا تساويا في العدوان، ولو كان العدوان مختصا بأحدهما، ضمن دون صاحبه كمن حفر في ملك نفسه بئرا، ووضع أجنبي حجرا فيه، ولو نصب (1) سكينا في بئر فتردى إنسان على تلك السكين، فالضمان على الحافر مع تساويهما في العدوان. ولو حفر بئرا قريب العمق، فعمقها غيره، فالضمان على الأول، ويحتمل تساويهما، لتناسب الجنايتين، ولو تعثر بحجر في الطريق، فالضمان على واضعه. ولو تعثر بقاعد، فالضمان على القاعد، ولو تعثر بقائم فالماشي هدر وضمان القائم على الماشي، لأن الوقوف من مرافق المشي دون القعود. ولو وقع في حفرة اثنان، فهلك كل منهما بوقوع الآخر، فالضمان على الحافر لأنه كالملقي. 7204. الثالث: روى أبو جميلة عن سعد الإسكاف عن الأصبغ قال: قضى
1. في «أ»: ولو كان نصب. 552 أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في جارية ركبت أخرى فنخستها (1) ثالثة فقمصت (2) المركوبة، فصرعت الراكبة فماتت: «أن ديتها على الناخسة والمنخوسة بالسوية». (3) وأبو جميلة ضعيف. وقال المفيد: على الناخسة والقامصة ثلثا الدية، ويسقط الثلث لركوبها عبثا. (4) وهو جيد. وقال ابن إدريس: إن كانت الناخسة ملجئة للقامصة، فالضمان عليها، وإلا فعلى القامصة. (5) وهو حسن، والمشهور بين الأصحاب ما تضمنته الرواية. 7205. الرابع: روى محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في أربعة شربوا المسكر، فجرح اثنان، وقتل اثنان، فقضى دية المقتولين على المجروحين بعد أن ترفع جراحة المجروحين من الدية، وإن مات أحد المجروحين، فليس على أحد من أولياء المقتولين شئ. (6) وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام): أنه جعل دية المقتولين على قبائل الأربعة وأخذ دية جراحة الباقين من دية المقتولين. (7) وقال ابن إدريس:
1. في مجمع البحرين -: نخس الدابة، كنصر وجعل: غرز مؤخرها بعود ونحوه. 2. قمص البعير وغيره عند الركوب قمصا - من بابي ضرب وقتل - وهو أن يرفع يديه معا ويضعهما معا. المصباح المنير: 2 / 200، وقال الحلي في السرائر: 3 / 374: وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا ويعجن برجله. 3. الوسائل: 19 / 178 - 179، الباب 7 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 4. المقنعة: 750، ولاحظ الإرشاد: 105 (طبعة النجف الأشرف). 5. السرائر: 3 / 374. 6. الوسائل: 19 / 172، الباب 1 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 7. الوسائل: 19 / 173، الباب 1 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 2. 553 يقتل القاتلان بالمقتولين، فإن اصطلح الجميع على الدية، أخذت كملا من غير نقصان (1). 7206. الخامس: روى السكوني عن الصادق (عليه السلام) ومحمد بن قيس عن الباقر (عليه السلام) عن علي (عليه السلام): أن ستة غلمان كانوا في الفرات، فغرق واحد منهم، فشهد ثلاثة منهم على اثنين أنهما غرقاه، وشهد اثنان على الثلاثة أنهم غرقوه، فقضى بالدية ثلاثة أخماس على الاثنين وخمسين على الثلاثة. (2) وهذه قضية في واقعة عرف عليه السلام الحكم فيها بذلك، لخصوصية لا تتعدى إلى غيرها. 7207. السادس: إذا رمى ثلاثة بالمنجنيق فقتل الحجر أحدهم، سقط ما قابل فعله من الدية، وهو الثلث، وضمن الباقيان ثلثي الدية لورثته، وتتعلق الجناية بمن يمد الحبال دون ممد الخشب أو المساعد بغير المد. ولو قصدوا أجنبيا بالرمي، فهو عمد، ولو لم يقصدوه كان خطأ. وقال الشيخ (رضي الله عنه): لو اشترك ثلاثة في هدم حائط، فوقع على أحدهم فقتله، ضمن الآخران ديته، لأن كل واحد ضامن لصاحبه (3) والوجه عندي أنهما يضمنان ثلثي ديته. 7208. السابع: روى الحسين بن سعيد عن النصر عن عاصم عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أربعة نفر اطلعوا في زبية الأسد فخر أحدهم فاستمسك بالثاني، واستمسك الثاني بالثالث، واستمسك
1. السرائر: 3 / 374. 2. الوسائل: 19 / 174، الباب 2 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1. 3. النهاية: 764. 554 الثالث بالرابع، فقضى بالأول فريسة الأسد، وغرم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، وغرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وغرم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة. (1) وعن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن قوما احتفروا زبية للأسد باليمن، فوقع فيها الأسد، فازدحم الناس عليها ينظرون إلى الأسد، فوقع رجل فتعلق بآخر، وتعلق الآخر بآخر، والآخر بآخر، فجرحهم الأسد، فمنهم من مات من جراحة الأسد، ومنهم من أجرح فمات، فتشاجروا في ذلك حتى أخذوا السيوف، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هلموا أقض بينكم: فقضى أن للأول ربع الدية، وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف الدية وللرابع الدية كاملة، وجعل ذلك على قبائل الذين ازدحموا، فرضي بعض القوم وسخط بعض، فرفع ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبر بقضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجازه (2). وفي طريق هذه الرواية إلى مسمع ضعف، والأولى مشهورة بين الأصحاب، والوجه عندي أن على الأول الدية كاملة لاستقلاله بإتلاف الثاني، وعلى الثاني دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع، وإن شر كنا بين مباشر الإمساك، والمشارك في الجذب، فعلى الأول دية للثاني، وعليه وعلى الثاني دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع، وما حكم به علي (عليه السلام) إذا ثبت مخصوص بوقائع اقترنت بأمور أوجب فيها ذلك الحكم الخاص. 7209. الثامن: إذا سقط رجل في بئر، فسقط عليه آخر فقتله ضمنه، ثم إن كان
1. الوسائل: 19 / 176، الباب 4 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 2. 2. الوسائل: 19 / 175 - 176، الباب 4 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 1، صححنا الرواية على الكافي. 555 قد تعمد الرمي وهو مما يقتل غالبا، وجب القصاص، وإن كان مما لا يقتل غالبا، فهو شبيه عمد، وإن وقع خطأ، فالدية على عاقلته مخففة، وإن مات الثاني بوقوعه على الأول فهو هدر، سواء مات الأول أو لا. ولو قاد البصير أعمى فوقعا في بئر خر البصير أولا ووقع الأعمى فوق البصير فقتله، احتمل تضمين الأعمى دية البصير، والعدم لأنه الذي قاده إلى ذلك المكان، وكان السبب في وقوعه عليه، ولهذا لو فعله قصدا لم يضمنه الأعمى وضمن هو الأعمى. 7210. التاسع: لو سقط إنسان في بئر فجذب غيره، فوقع المجذوب، فمات الجاذب بوقوعه عليه، فالجاذب هدر لأنه مات من فعله، فإن مات المجذوب ضمنه الجاذب، ولو ماتا معا، فالجاذب هدر وعليه دية الثاني في ماله. فإن جذب الثاني ثالثا، فماتوا أجمع بوقوع كل منهم على صاحبه، فالأول تلف بفعله وفعل الثاني فيسقط نصف ديته ويضمن الثاني النصف، والثاني مات بجذبه الثالث عليه وجذب الأول، فيضمن الأول نصف ديته، ولا ضمان على الثالث، وللثالث الدية، فإن رجحنا المباشرة فديته على الثاني، وإن شركنا بين القابض والجاذب، فالدية على الأول والثاني بالسوية. فإن جذب الثالث رابعا، فمات بعض على بعض فللأول ثلثا الدية لأنه مات بجذبه للثاني عليه (1)، وبجذب الثاني الثالث عليه وبجذب الثالث الرابع فيسقط ما قابل فعله، وبقي الثلثان على الثاني والثالث دون الرابع.
1. في الشرائع: 4 / 260: «بجذبه الثاني». 556 وللثاني ثلثا الدية أيضا، لأنه مات بجذب الأول، وبجذبه الثالث وبجذب الثالث الرابع عليه فيسقط ما قابل فعله، وكان على الأول والثالث الثلثان. وللثالث ثلثا الدية، لأنه مات بجذبه الرابع، وبجذب الثاني والأول له، فسقط ما قابل فعله، ووجب له الثلثان على الأول والثاني، ولا شئ على الرابع، وله الدية كاملة. فإن رجحنا المباشرة فديته على الثالث خاصة، وإن شركنا بينه وبين المشارك بالجذب، فديته على الثلاثة الأول أثلاثا. ولو وقع أربعة في البئر من غير جذب، فماتوا بغير الوقوع، مثل أن يكون البئر عميقا يموت الواقع فيه بنفس الوقوع، أو كان فيه ماء يغرق الواقع فيقتله، أو أسد يأكلهم، فليس على بعضهم ضمان بعض، لعدم تأثير فعل بعضهم في هلاك بعض وإن شككنا في ذلك، لم يوجب ضمانا، عملا بأصالة البراءة. وإن مات بعضهم بوقوع بعض فدم الرابع هدر، لأن غيره لم يفعل فيه شيئا، وإنما هلك بفعله، وعليه دية الثالث، لأنه قتله بوقوعه عليه، ودية الثاني عليه وعلى الثالث نصفين، ودية الأول على الثلاثة أثلاثا. 7211. العاشر: لو حفر بئرا في ملكه فسقط جدار جاره، لم يضمن إلا أن يقصر بمخالفة العادة في سعة البئر (1) بحيث يدخل إلى ملك الجار. * * *
1. في «ب»: في سعة بئره. 557 كتاب الديات
559 وفيه مقصدان [المقصد] الأول: في مقاديرها وفيه فصول [الفصل] الأول: في دية النفس وفيه ستة عشر بحثا: 7212. الأول: دية الحر المسلم أحد الستة، إما مائة بعير من مسان الإبل، أو مائتا بقرة، أو مائتا حلة، كل حلة ثوبان من برود اليمن، أو ألف دينار، أو ألف شاة، أو عشرة آلاف درهم. وهذه الستة أصول في نفسها، وللجاني الخيار في دفع أيها شاء، وليس بعضها مشروطا بعدم البعض.
561 وتتغلظ هذه الدية بأمور ثلاثة، وهي: الوقوع في حرم الله تعالى، وحرم رسوله، أو أحد مشاهد الأئمة (عليهم السلام) على ما أفتى به الشيخ في النهاية. (1) ولو رمى في الحل إلى الحرم فقتله فيه، لزم التغليظ وفي العكس إشكال. ولو جنى في الحل والتجأ إلى الحرم، لم يقتص منه، فيه، بل يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج. ولو جنى في الحرم، اقتص منه فيه، لانتهاكه الحرمة. الثاني: الوقوع في الأشهر الحرم وهي: ذو العقدة، وذو الحجة، والمحرم ورجب. والتغليظ في هذين بإلزام دية وثلث للجاني من أي الأجناس كان، والثلث لمستحق الدية، ولا تغليظ في الأطراف. الثالث: كون القتل عمدا أو شبيه عمد (2) والتغليظ هنا ليس بزيادة المقدار بل الصفة والتأجيل، ولا تغليظ بالإحرام ولا بذي الرحم. 7213. الثاني: في أسنان الإبل في دية الخطأ روايتان: إحداهما خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة (3) والثانية وهي أصح طريقا، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
1. النهاية: 756. 2. في «أ»: أو شبه عمد. 3. لاحظ الوسائل: 19 / 145، الباب 1 من أبواب ديات النفس، الحديث 13. 562 قال أمير المؤمنين (عليه السلام): في الخطأ شبه العمد ان يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر أن دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الإبل: منها أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها، وثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر (1). 7214. الثالث: دية العمد كدية الخطأ إلا أن أسنان الإبل فيها أرفع من أسنانها هناك، وهو مائة بعير من مسان الإبل. وأما شبيه العمد فروايتان، أصحهما طريقا ما ذكرناه عن علي (عليه السلام) أنها ثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، وأربعون خلفة، وهي الحامل، وفي الأخرى: ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل. 7215. الرابع: دية العمد تستأدى في سنة واحدة من مال الجاني، مع التراضي بالدية، ولا تجب حالة، ولا يجوز تأخيرها إلى ثلاث سنين. وأما دية الخطأ فتستأدى ثلاث سنين، سواء كانت [الدية] تامة، أو ناقصة، أو دية طرف من العاقلة، فهي مخففة في السن والصفة والاستيفاء ولا يضمن الجاني منها شيئا، ولا ترجع العاقلة عليه بشئ. وقال المفيد (رضي الله عنه): إن العاقلة ترجع بها على الجاني (2) وليس بمعتمد. وأما دية شبيه العمد فقال المفيد (رضي الله عنه): تستأدى في سنتين (3)، فهي أخف
1. الوسائل: 19 / 146، الباب 2 من أبواب ديات النفس، الحديث 1. 2. المقنعة: 737. 3. المقنعة: 736. 563 من دية العمد في السن والاستيفاء، ويضمنها الجاني في ماله إجماعا. 7216. الخامس: للجاني أن يبذل أي أصناف الديات شاء في الخطأ المحض والشبيه بالعمد، وأما في العمد فإن وقع الصلح بينه وبين الولي على الدية مطلقا تخير أيضا بين المسان من الإبل أو ما ذكر من باقي الأنواع، وإن تراضيا على ما زاد. ولو كان أضعاف الدية، أو ما نقص أو كان مساويا، أو مغايرا من الفروض وشبهها، جاز. 7217. السادس: للجاني أن يبذل من إبل البلد ومن غيرها، ومن إبله ومن غيرها، أدون أو أعلى، إذا لم تكن مراضا، وكانت بالصفة المشترطة، وفي إلزام قبول القيمة السوقية مع وجود الإبل نظر أقربه العدم، وفي الرواية الصحيحة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام): قيمة كل بعير مائة وعشرون درهما، أو عشرة دنانير، ومن الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة. (1) وفي الصحيح عن الحسين بن سعيد عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن دية العمد، فقال: مائة من فحولة الإبل المسان فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم. (2) والرواية الأولى تعطي أن الدية من الفضة اثنا عشر ألف درهم وعليه دلت
1. الوسائل: 19 / 146، الباب 2 من أبواب ديات النفس، الحديث 1. 2. الوسائل: 19 / 146، الباب 2 من أبواب ديات النفس، الحديث 2. 564 رواية الحلبي وعبد الله بن المغيرة، والنضر بن سويد، الصحيحة عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال: سمعته يقول: من قتل مؤمنا متعمدا أقيد منه إلا أن يرضى أولياء المقتول ان يقبلوا الدية فإن رضوا بالدية، وأحب ذلك القاتل، فالدية اثنا عشر ألفا أو ألف دينار، أو مائة من الإبل، وإن كان في أرض فيها الدنانير، فألف دينار، وإن كان في أرض فيها الإبل، فمائة من الإبل، وإن كان في أرض فيها الدراهم فدراهم بحساب اثني عشر ألفا. (1) والمشهور بين علمائنا عشرة آلاف درهم، لروايات أخرى، ولا خلاف في تقدير باقي الأصناف. قال الشيخ (رضي الله عنه): لا يلزم من الدراهم أكثر من عشرة آلاف درهم، وعليه أكثر الروايات، ورواية اثني عشر (2) ذكر الحسين بن سعيد وأحمد بن محمد بن عيسى معا: «أنه روى أصحابنا أن ذلك من وزن ستة»، وإذا كان ذلك كذلك، فهو يرجع إلى عشرة آلاف ولا تنافي بين الأخبار. (3) 7218. السابع: الخيرة في أداء إحدى الأصناف الستة إلى من وجبت عليه من القاتل أو العاقلة، فأيها أحضره لزم الولى قبوله، فإن أعوز صنف منها فله العدول إلى غيره سواء كان أعلى قيمة أو أدون، وكذا لو لم يعوز، والأقرب أنه لا تعتبر
1. التهذيب: 10 / 159، رقم الحديث 638، ولاحظ الوسائل: 19 / 144، الباب 1 من أبواب ديات النفس، الحديث 9، وفيه في آخر الحديث «بحساب ذلك، اثنا عشر ألفا». 2. وفي المصدر: فأما ما رواه عبد الله بن سنان وعبيد بن زرارة اللتين تضمنتا اثني عشر ألف درهم فقد ذكر الحسين بن سعيد... 3. التهذيب: 10 / 162 في ذيل الحديث 645. قال العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار: 16 / 328: وحاصل تأويل الراويين الفاضلين هو أن الدراهم كانت في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة دوانيق، وغيرت بعد ذلك حتى استقرت على خمسة دوانيق، كما رواه الخاص والعام. 565 قيمة الإبل بل متى وجدت على الصفة المشروطة أجزأت، ووجب أخذها، قلت قيمتها أو كثرت. وما روي في الأحاديث من اعتبار قيمة كل بعير بمائة وعشرين درهما فمحمول على الغالب لا الواجب، وكذا البحث في البقر والغنم والحلل. 7219. الثامن: لا يقبل في الإبل المعيب ولا الأعجف، ويجزئ العراب (1) والبخاتي، والخلفة في شبه العمد هي الحامل، وقوله (عليه السلام): «في بطونها أولادها» (2) تأكيد وقل ما تحمل ثنية وهي التي لها خمس سنين ودخلت في السادسة، وأي ناقة حملت فهي خلفة والأقرب اشتراط الثنية لقول علي (عليه السلام): «أربعون خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها» (3) فإن أحضر خلفة فأسقطت قبل القبض، وجب الإبدال، وإن أسقطت بعده أجزأت. ويرجع في الحمل إلى أهل الخبرة، فإن قبض الولى ثم قال: لم تكن حوامل، وقد ضمرت أجوافها، فقال الجاني: بل ولدت عندك، فإن قبضها بقول أهل الخبرة، فالقول قول الجاني عملا بظاهر إصابتهم، وإن قبضها بغير قولهم، فالقول قوله، عملا بأصالة عدم الحمل. 7220. التاسع: تجب دية العمد في آخر الحول، ودية شبيه العمد في سنتين، يجب في آخر كل حول نصفها، ودية الخطأ المحض في ثلاث سنين، في آخر كل حول ثلثها.
1. نوع من الإبل خلاف البخاتي، مجمع البحرين. 2. لاحظ سنن النسائي: 8 / 42 وسنن البيهقي: 8 / 44. 3. كذا في المصدر ولكن في النسختين: «ما بين ثنية عامها إلى بازل» لاحظ الوسائل: 19 / 146، الباب 2 من أبواب ديات النفس، الحديث 1. 566 ويعتبر ابتداء السنة من حين وجوب الدية لا من حين حكم الحاكم، فإن كان الواجب دية نفس، فابتداء السنة من حين الموت، وإن كان دية جرح اندمل من غير سراية، مثل أن قطع يدا فبرأت بعد مدة، فابتداء المدة من حين القطع، وإن كان ساريا، مثل أن قطع إصبعه فسرت إلى كفه، ثم اندمل، فالابتداء من حين الاندمال، لأن استقرار الأرش لا يحصل إلا عنده. قال الشيخ (رضي الله عنه): ويستأدى الأرش في سنة واحدة عند انسلاخها إذا كان ثلث الدية فما دون، لأن العاقلة لا تعقل حالا، ولو كان دون الثلثين، حل الثلث الأول عند انسلاخ الحول، والثاني عند انسلاخ الثاني. ولو كان أكثر من الدية كقطع يدين ورجلين، وكان لاثنين حل لكل واحد عند انسلاخ الحول ثلث الدية. وإن كان لواحد حل له ثلث، عن كل جناية سدس. (1) وفي جميع ذلك إشكال من حيث احتمال اختصاص التأجيل بالدية دون الأرش. ولو كان الواجب دون الموضحة لم تحمله العاقلة، لأنها لا تحمل ما دون الموضحة، ويجب حالا كإتلاف المال. وتجب الدية الناقصة، كدية المرأة والذمي والعبد في ثلاث سنين.
1. المبسوط: 7 / 176 وفيه: وإن كان المستحق واحدا لم يجب على العاقلة في كل سنة أكثر من ثلث الدية، لأن العاقلة لا تعقل لواحد أكثر من هذا في كل حول فيكون الواجب عليهم له سدس من دية العينين، وسدس من دية اليدين. 567 7221. العاشر: دية المرأة الحرة المسلمة على النصف من دية الرجل من جميع الأجناس، ويتساوى جراح المرأة والرجل وأطرافهما إلى أن يبلغ ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث نقصت المرأة إلى النصف، وربما قيل: ما لم يتجاوز الثلث، فإذا تجاوزت رجعت إلى النصف (1) والأول أصح، لرواية أبان بن تغلب الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) (2) ورواية جميل بن دراج الصحيحة عنه (عليه السلام). (3) 7222. الحادي عشر: دية الذمي من اليهود والنصارى والمجوس ثمانمائة درهم، وفي رواية: دية المسلم (4) وفي أخرى: أربعة آلاف درهم (5) وحملها الشيخ (رضي الله عنه) على المعتاد بقتلهم فيغلظ الإمام بما يراه حسما للجرأة عليهم. (6) ودية نسائهم على النصف وجراحاتهم من دياتهم كجراحات المسلمين من دياتهم، وفي التغليظ بما يغلظ به على المسلم نظر. والأقرب تساوي ديات الجراح من نساء أهل الكتاب ديات رجالهن إلى أن تبلغ الثلث، ثم تنقص المرأة إلى النصف. ولا دية لغير الأصناف الثلاثة من الكفار، كعباد الأوثان وغيرهم سواء كانوا ذوي عهد أو لا، وسواء بلغتهم الدعوة أو لا.
1. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 748. 2. الوسائل: 19 / 268، الباب 44 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1. 3. الوسائل: 19 / 122، الباب 1 من أبواب قصاص الطرف، الحديث 3. 4. الوسائل: 19 / 163، الباب 14 من أبواب ديات النفس، الحديث 2. 5. الوسائل: 19 / 163، الباب 14 من أبواب ديات النفس، الحديث 4. 6. التهذيب: 10 / 187 في ذيل الحديث 737. 568 7223. الثاني عشر: ولد الزنا إذا أظهر الإسلام ديته كدية المسلم، وقيل: دية الذمي. (1) وليس بمعتمد. 7224. الثالث عشر: دية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر، فإن تجاوزت ردت إليها، وتؤخذ من الجاني إن كان عمدا أو شبيه عمد، ومن عاقلته إن كان خطأ. ودية الأمة قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرة المسلمة، فترد إليها، ولا تتجاوز قيمة عبد الذمي دية مولاه ولا قيمة مملوكة الذمية دية السيدة، وفي المسلم عبد الذمي نظر. (2) 7225. الرابع عشر: دية أعضاء العبد والأمة وجراحاتهما معتبرة بدية الحر والحرة فما فيه دية الحر، ففيه من العبد والأمة قيمتهما، كاللسان، والذكر واليدين والرجلين، إلا أنه إذا جنى عليه بما فيه كمال قيمته، لم يكن لمولاه المطالبة بشئ إلا أن يدفعه إلى الجاني ويأخذ قيمته، أو يمسكه بغير شئ. وكل ما في الحر منه مقدر فهو في العبد كذلك بالنسبة إلى قيمته، ففي إليد نصف القيمة، وليس للجاني في أخذه ودفع القيمة، بل للمولى المطالبة بأرش الجناية مهما نقصت عن القيمة، مع إمساك العبد.
1. ذهب إليه السيد المرتضى (رضي الله عنه) في الانتصار: 544، المسألة 305 والصدوق (رضي الله عنه) في المقنع: 520 و 530. 2. قال المصنف في القواعد: 3 / 669: ولو كان العبد ذميا أو الأمة كذلك للمسلم فهما كالمسلمين في ان ديتهما قيمتهما ما لم تتجاوزا دية الحر المسلم أو الحرة المسلمة... وفي المسلم عبد الذمي أو المسلمة جارية الذمي إشكال. 569 وكل ما لا تقدير فيه في الحر، ففيه الأرش، ويعتبر في العبد (1) فيفرض الحر عبدا سليما من الجناية، ويقوم ثم يفرض عبدا معيبا بالجناية، ويقوم، وتنسب إحدى القيمتين إلى الأخرى فيؤخذ من الدية بنسبة التفاوت. والعبد أصل للحر فيما لا تقدير فيه (2) كما أن الحر أصل فيما فيه مقدر. 7226. الخامس عشر: لو جنى العبد على الحر خطأ، لم يضمن المولى، بل يجب عليه دفع العبد، أو يفديه بأرش الجناية، والخيار في ذلك إليه، وقيل: يفديه بأقل الأمرين من قيمة العبد أو أرش الجناية، (3) ولا خيار للمجني عليه. ولو كانت الجناية لا تستوعب القيمة، تخير المولى بين فكه بأرش الجناية وبين تسليم العبد ليسترق منه المجني عليه بقدر تلك الجناية. ولا فرق في ذلك كله بين القن والمدبر والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا، وأم الولد، والذكر والأنثى. في دية الأطراف 7227. السادس عشر: لو قتل مسلما في دار الحرب على دين الكفار، ولم يعلم إسلامه، فالأقرب الدية خاصة دون القصاص، وكذا لو رمى إلى مرتد فأسلم قبل الإصابة، وكذا في كل قتل عمد صدر عن ظن في حال المقتول. والصابئون من النصارى، والسامرة من اليهود، فإن كانوا معطلة دينهم فلا دية لهم.
1. في «ب»: بالعبد. 2. في «ب»: لا مقدر فيه. 3. نسبه الشيخ في المبسوط إلى بعض أهل السنة، لاحظ المبسوط: 7 / 7. 570 الفصل الثاني: فيما دون النفس وهو إما إبانة، أو إبطال منفعة، أو جرح. الطرف الأول: في الإبانة وهو قطع طرف وكل عضو لا تقدير فيه، ففيه الأرش. والتقدير ورد في ثمانية عشر على المشهور، وفيه ما قدره الشارع. وكل ما في الإنسان منه واحد، ففيه الدية كاملة، وكل ما فيه اثنان، ففيهما الدية أيضا، وفي أحدهما النصف إلا ما نستثنيه، وسيأتي تفصيل ذلك كله في مباحث ثلاثين. 7228. الأول: في الأنف الدية كاملة إذا استوصل، وكذا في مارنه، وهو ما لان منه، قال الشيخ في المبسوط: الدية إنما هي في المارن وهو ما لان من الأنف دون قصبة الأنف ودون ذلك المنخران والحاجز إلى القصبة، فإن قطع الأنف والقصبة معا، فعليه دية وحكومة في الزيادة. (1) وهو الأقرب عندي. ولو كسره، ففسد ففيه الدية، فإن جبر على غير عيب فمائة دينار. وفي الروثة - وهي الحاجز بين المنخرين - نصف الدية، وقال ابن بابويه: هي مجتمع المارن (2)، وقال أهل اللغة: هي طرف المارن (3).
1. المبسوط: 7 / 131. 2. الفقيه: 4 / 57. 3. في مجمع البحرين: الروث طرف الأرنبة، والأرنبة طرف الأنف. 571 وفي أحد المنخرين نصف الدية، وفي رواية غياث، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في كل جانب من الانف ثلث دية الأنف. (1) وفي غياث ضعف غير أن مضمونها: جيد، لأن المارن يشتمل على ثلاثة أشياء من جنس، فتوزعت الدية عليها أثلاثا. وفي شلل الأنف ثلثا ديته، فإن قطع بعد الشلل فالثلث. فإن نفذت في الأنف نافذة لا تنسد، ففيها ثلث دية النفس فإن صلحت فالخمس، مائتا دينارا، ولو كانت النافذة في أحد المنخرين إلى الحاجز، فالسدس إن لم يبرأ، فإن برأت فالعشر. فإن قطع بعض الأنف ففيه بقدره من الدية يمسح ويؤخذ بالنسبة، فإن قطع نصفه فالنصف، وربعه الربع وعلى هذا. ولو قطع الأنف وما تحته من اللحم، ففي الأنف الدية، وفي اللحم حكومة. ولو ضربه فاعوج أو تغير لونه فالحكومة، ولو قطعه إلا جلدة وبقي معلقا فلم يلتحم، واحتيج إلى قطعه، ففيه الدية، لأنه قطع الجميع بعضه بالمباشرة والباقي بالتسبيب، وإن رده فالتحم، ففيه الحكومة، لأنه لم يبن، وإن أبانه فرده فالتحم، فالدية، لأنه لا يقر على هذا، والإمام يجبره على الإزالة، لأنه نجس (2). 7229. الثاني: في اللسان الدية كاملة إذا استؤصل قطعا وكان صحيحا،
1. الوسائل: 19 / 268 - 269، الباب 43 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1. 2. مشكل بعد الالتحام وصيرورته جزءا من بدن الحي. 572 وفي لسان الأخرس ثلث الدية، وفي لسان الصغير الدية إن بلغ حدا ينطق ببعض الحروف ونطق، أو لم يبلغ لكن ظهر أثر القدرة على النطق بالتحريك والبكاء ولو بلغ حدا ينطق فلم ينطق، فالظاهر عدم القدرة على الكلام، فكان فيه ثلث الدية. ولو كان صغيرا جدا ولم يظهر عليه أثر القدرة ولا عدمها، لطفوليته، فالأقرب الدية، لأن الأصل السلامة، ويحتمل الثلث لإنه لسان لا كلام فيه، فكان كالأخرس، مع عدم يتقن السلامة، فإن كبر فنطق ببعض الحروف علمنا صحته، وأوجبنا فيه من الدية بقدر ما ذهب من الحروف. ولو بلغ إلى حد يتحرك بالبكاء وغيره فلم يتحرك (1) فقطعه قاطع، فثلث الدية، لأنه لو كان صحيحا لتحرك، فان قطع بعض الصحيح اعتبر بحروف المعجم، وهي ثمانية وعشرون حرفا سوى «لا» (2). وتبسط الدية على الحروف بالسوية، ويؤخذ نصيب ما يعدم منها، و تتساوى اللسنية وغيرها، ثقيلها وخفيفها. والاعتبار بما يذهب من الحروف لا بالمقطوع، فلو قطع نصف لسانه، فذهب ربع الكلام، وجب ربع الدية، ولو انعكس فالنصف، هذا هو المشهور، وفي المبسوط: إن استويا مثل أن يقطع ربع لسانه فيذهب ربع كلامه فالربع بقدر الذاهب منهما، كما لو قلع إحدى عينيه فذهب بصرها، وإن ذهب من أحدهما أكثر من الآخر، بأن قطع ربع لسانه فذهب نصف كلامه أو قطع نصف لسانه
1. في «أ»: ولم يتحرك. 2. لأن مخرجها مركب من مخرج اللام والألف. 573 فذهب ربع كلامه وجب بقدر الأكثر وهو نصف الدية في الحالين، لأن كل واحد من اللسان والكلام مضمون بالدية منفردا، فإذا انفرد نصفه بالذهاب وجب النصف. (1) وهو الأقرب عندي. ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه، عرضت عليه حروف المعجم فما لم يفصح به كانت الدية بالقصاص من ذلك. (2) وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان (3) نحو ذلك، وكذا في خبر سليمان بن خالد عن الصادق (عليه السلام) (4) وهو يدل على أن الدية تقسم على الحروف وإن لم يذهب شئ من اللسان. وفي أحاديث أخرى: أن في اللسان الدية، فعلمنا أنه لو ذهب من الكلام نصفه ولم يذهب شئ من اللسان، وجب نصف الدية، ولو ذهب نصف اللسان ولم يذهب من الكلام شئ وجب نصف الدية أيضا فإن ذهبت الحروف أجمع فالدية كاملة. وإن (5) لم يذهب من الحروف شئ لكن صار سريع النطق أو ازداد سرعة، أو صار ثقيلا، أو ازداد ثقلا فلا تقدير فيه، وفيه الحكومة، وكذا لو نقص، فصار ينقل الحرف الفاسد إلى الصحيح.
1. المبسوط: 7 / 134. 2. الوسائل: 19 / 274، الباب 2 من أبواب ديات المنافع، الحديث 3 (وفي النسختين: كانت الدية والقصاص من ذلك). 3. الوسائل: 19 / 274، الباب 2 من أبواب ديات المنافع، الحديث 2. 4. الوسائل: 19 / 273، الباب 2 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 5. في «أ»: ولو. 574 ولو جنى آخر بعد الأول، اعتبر بما بقي وأخذ بنسبة ما ذهب بعد جناية الأول، ولو أعدم واحد كلامه من غير أن يقطع منه شيئا، ثم قطعه آخر فعلى الأول الدية وعلى الثاني الثلث، فعلى هذا إذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام، وجب نصف الدية، فإن قطع آخر بقية اللسان فعلى القول الأول عليه نصف الدية اعتبارا بالباقي من الحروف، من غير نظر إلى اللسان، وعلى ما اختاره الشيخ في المبسوط (1) واخترناه نحن عليه ثلاثة أرباع الدية، لأنه قطع ثلاثة أرباع لسانه. ولو قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه، فعلى الأول عليه ربع الدية، وعلى ما اخترناه النصف، فإن قطع آخر باقيه كان عليه ثلاثة أرباع الدية، لأنه أذهب ثلاثة أرباع كلامه. ولو جنى على اللسان فأذهب الذوق، ففيه الدية وإن لم يقطع من اللسان شيئا ولا ذهب من نطقه شئ. ولو قطع لسان الأخرس فذهب ذوقه، فالدية، فإن جنى على لسان ناطق فأذهب كلامه وذوقه، فديتان، فإن قطعه فذهبا معا، ففيه دية واحدة، لأنهما يذهبان تبعا لذهابه فتجب ديته خاصة، كما لو قتله لم يجب إلا دية واحدة وإن ذهبت منافعه. وتبسط الدية على ثمانية وعشرين حرفا، ففي الحرف الواحد ربع سبع الدية، وفي الحرفين نصف السبع، وعلى هذا لا فرق بين ما خف من الحروف
1. المبسوط: 7 / 134. 575 على اللسان وما ثقل وكثر هجاؤه، كالسين والشين والصاد والباء والتاء. (1) ولو جنى على شفته فذهب بعض الحروف، فالوجه أنه يجب فيه بقدره، وكذا إن ذهب بعض حروف الحلق بجنايته، وينبغي أن يحسب تقديره من الثمانية والعشرين. ولو ذهب حرف فعجز عن كلمة، مثل أن أعدم إلحاء فصار مكان «محمد» «ممد» ومكان «أحمد» «أمد» لم يجب سوى أرش الحروف. وإن ذهب حرف فأبدل مكانه [حرفا] آخر، مثل أن يقول في درهم: «دلهم» وفي أودعهم: «أوديهم» فعليه ضمان [الحرف] الذاهب فإن جنى عليه ثانيا فأذهب البدل، وجبت ديته أيضا. ولو حصل في كلامه تمتمة، أو فأفأة، أو سرعة، فعليه حكومة، فإن جنى عليه آخر فأذهب كلامه ففيه الدية كاملة، كمن جنى على عين فعمشت، ثم جنى [عليها] آخر فذهب ضوؤها. ولو كان ألثغ من غير جناية [عليه]، فذهب إنسان بكلامه أجمع، فإن كان مأيوسا من زوال لثغته، ففيه يقسط ما ذهب من الحروف، وإن كان غير مأيوس من زوالها، كالصبي أو الكبير إذا أمكن إزالة لثغته بالتعليم، ففيه الدية كاملة، لأن الظاهر زوالها. ولو قطع بعض اللسان عمدا، ثبت فيه القصاص، ويعتبر فيه بالأجزاء لا بالمساحة، فإن كان قد قطع نصف اللسان مساحة، قطع نصف لسانه بالمساحة،
1. في «ب»: «والباء والثاء» وفي المبسوط: 7 / 133 «والتاء والثاء». 576 وإن قطع الثلث فالثلث، وعلى هذا فإن اقتص [المجني عليه] فذهب من كلام الجاني مثل ما ذهب من كلامه المجني عليه أو أكثر، فقد استوفى حقه ولا شئ في الزائد، لأنه من سراية القود، وهي غير مضمونة، وإن ذهب أقل فللمقتص دية ما بقي لأنه لم يستوف بدله. ولو قطع لسانه فنبت وعاد، لم يجب رد ما أخذ من الدية، لأنه هبة من الله تعالى مجددة، فإن العادة جارية بأن اللسان إذا قطع لا يعود، فالعائد ليس هو الذاهب. وأما إن جنى عليه فذهب بكلامه من غير أن يقطع شيئا من اللسان، فأخذ الدية ثم عاد كلامه، استعيد منه الدية، لأنه لو ذهب كلامه لما عاد، فلما رجع علم أنه لم يذهب قاله في المبسوط (1) وقال في الخلاف: لا تسترد. (2) وهو حسن. ولو قطع نصف لسانه فذهب كلامه أجمع، وجبت الدية، فإن قطع آخر باقيه فعاد كلامه، لم يجب رد الدية، لأن الكلام الصادر عن اللسان قد ذهب ولم يعد إلى اللسان، وإنما عاد في محل آخر، بخلاف المسألة الأولى. ولو قطع لسانه وذهب (3) كلامه، فدية واحدة، فإن عاد اللسان دون الكلام لم ترد الدية، وكذا إن عاد كلامه دون لسانه. ولو كان للسان طرفان فقطع أحدهما فذهب كلامه أجمع، ففيه الدية، وإن لم يذهب شئ من الكلام فهو زيادة ففيه حكومة، وإن ذهب بعض الكلام، فإن
1. المبسوط: 7 / 136. 2. الخلاف: 5 / 242، المسألة 37 من كتاب الديات. 3. في «ب»: فذهب. 577 تساوى الطرفان، وكان ما قطعه بقدر ما ذهب من الكلام، وجب، وإن كان أحدهما أكثر وجب بقدر الأكثر على ما اعتبرناه نحن أولا، وإن كان أحدهما منحرفا عن سمت اللسان، فهو زيادة، وفيه حكومة. ولو ادعى الصحيح ذهاب نطقه عند الجناية، صدق مع القسامة، لتعذر البينة، وفي رواية عن علي (عليه السلام): يضرب لسانه بإبرة، فإن خرج الدم أسود صدق، وإن خرج أحمر كذب. (1) ولو ادعى الجاني بعد القطع بكمه، وادعى الصحة قدم قول الجاني مع يمينه، لإمكان إقامة البينة على الصحة، فإنه من الأعضاء الظاهرة. ولو سلم الجاني أنه كان صحيحا ثم خرس، وقطعه بعده، وادعى المجني عليه السلامة، قال الشيخ (رضي الله عنه): الأقوى تقديم قول المجني عليه مع اليمين. 7230. الثالث: في الذكر الدية كاملة إذا كان صحيحا، سواء كان دقيقا أو غليظا، طويلا أو قصيرا، لشاب أو شيخ أو طفل صغير، أو من سلت خصيتاه وسواء قدر به على الجماع أو لم يقدر. أما ذكر العنين ففيه ثلث الدية، وكذا الأشل، ولو قطع الفحل ذكر الخصي عمدا، اقتص منه، وتثبت الدية في الحشفة فما زاد، وإن استؤصل. ولو قطع الحشفة فقطع آخر الزائد، فعلى الأول الدية كملا، وعلى الثاني حكومة. ولو قطع الحشفة وبعض العصبة، فالدية خاصة، كما لو قطع الذكر أجمع،
1. الوسائل: 19 / 279، الباب 4 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 578 ولو قطع بعض الحشفة فعليه ديته خاصة، ويعتبر بالمساحة بالنسبة إلى الحشفة خاصة، لا من جميع الذكر. ولو قطع بعض ذكر العنين، اعتبر بحسابه ويؤخذ بنسبة مساحة المقطوع إلى جميع الذكر، سواء الحشفة وبعضها وما زاد عليها، ولا يعتبر بعض الحشفة فيه بالنسبة إلى الحشفة بل إلى الجميع (1) وكذا الحشفة أجمع لا يجب فيها الثلث، بل يعتبر مساحتها بالنسبة إلى أصل الذكر ويؤخذ بتلك النسبة. فإن جنى على ذكر الصحيح فصار أشل، فعليه ثلثا الدية، فإن قطعه آخر بعد الشلل فعليه الثلث، فإن جنى عليه فعاب فصار به دمل أو برص أو جراح أو تعرض (2) رأسه، ففيه حكومة، فإن قطع آخر هذا المعيب، فالدية كاليد العثماء (3). فإن قطع بعضه طولا، مثل أن يشقه باثنين ويقطعه، فعليه ما يخصه من الدية، وهو النصف. ولو قطع منه قطعة دون الحشفة، فإن كان البول يخرج من مكان الجرح، فعليه أكثر الأمرين من الحكومة أو بقدره من الدية، فإن بقي البول يخرج بحاله وجب بقدر القطعة من جميع الذكر، فإن أجافه فاندمل ففيه حكومة.
1. في «أ»: بل إلى جميع الذكر سواء. 2. تعرض: تعوج، وفي المبسوط: 7 / 151 «تغوص» من الغوص، وما في المتن هو المناسب لتشبيهه باليد العثماء. 3. في مجمع البحرين: عثم العظم المكسور: إذا انجبر من غير استواء. 579 ولو قطع نصفه طولا، فعليه النصف، فإن ذهب الجماع به، فالدية كملا، وكذا لو جنى عليه بغير القطع فذهب جماعه. ولو ذهب الجماع بالقطع تداخلت الدية. ولو ثقب ذكره فيما دون الحشفة فصار البول يخرج من الثقب فالحكومة. 7231. الرابع: في شعر الرأس إذا لم ينبت الدية كاملة، وكذا اللحية، سواء كانا خفيفين أو كثيفين، وسواء كان ذلك لشاب أو شيخ، فإن نبتا ففي اللحية الثلث أفتى به الشيخ (رضي الله عنه) (1) وابن إدريس (2) وهي رواية عن علي (عليه السلام) ضعيفة السند (3) وفي شعر الرأس إذا نبت الأرش (4) والأقوى عندي في اللحية ذلك أيضا. وقال المفيد (رضي الله عنه): في شعر الرأس إن لم ينبت مائة دينار وكذا اللحية (5) والمعتمد الأول. وفي شعر المرأة إذا لم ينبت ديتها، فإن نبت فمهر نسائها، ومتى تؤخذ الدية ويعلم عدم الإنبات؟ الظاهر أنه سنة، رواه الشيخ عن ابن أبي نصر، عن عيسى بن مهران، عن أبي غانم، عن منهال بن خليل، عن ثلمة بن تمام، قال: «أهرق رجل قدرا فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره، فاختصموا في ذلك إلى علي (عليه السلام) فأجله سنة فجاء فلم ينبت شعره، فقضى عليه بالدية». (6)
1. الخلاف: 5 / 211، المسألة 91 من كتاب الجنايات. 2. السرائر: 3 / 377. 3. الوسائل: 19 / 260، الباب 37 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1. 4. لاحظ النهاية: 764; والسرائر: 3 / 377. 5. المقنعة: 756. 6. الوسائل: 19 / 261، الباب 37 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 3. 580 ولو طلب الدية قبل ذلك، فإن حكم أهل الخبرة بعدم النبات بأن يذهب على وجه لا يرجى عوده مثل أن يقلب على رأسه ماء حار فيتلف منبت الشعر، فيقلع بالكلية، بحيث لا يعود، دفعت إليه وإلا فلا. ولو طلب الأرش وإبقاء الباقي حتى يستبان حاله، دفع إليه، ولو نبت بعد السنة، فالأقرب رد ما فضل من الدية عن الأرش، وكذا لو نبت بعد حكم أهل المعرفة بعدم رجوعه. وفي ثبوت القصاص في الشعر إشكال من حيث إن إتلافه إنما يكون بالجناية على محله، وهو غير معلوم المقدار، فلا يمكن المساواة فيه. (1) ولو ذهب بعض شعر الرأس أو بعض شعر اللحية على وجه لا ينبت، ففيه من الدية بحساب الباقي، ويعتبر بنسبة المحل المقلوع منه إلى الجميع بالأجزاء، ولو نبت ففيه الأرش، ولا يعتبر نسبته إلى أرش الجميع بالجزء. 7232. الخامس: في العنق إذا كسر فصار الإنسان أصور (2) الدية كاملة، ورواه مسمع عن الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): في الصعر الدية، والصعر أن يثني عنقه، فيصر في ناحية. (3) ومنه قوله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس) (4) أي لا تعرض عنهم، وكذا
1. في «أ»: فلا يمكن المسافة فيه. 2. في النهاية الأثيرية: 3 / 60 «حملة العرش كلهم صور» هو جمع أصور، وهو المائل العنق لثقل حمله. 3. الوسائل: 19 / 286 - 287، الباب 11 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 4. لقمان: 18. 581 لو جنى على العنق بما يمنع الازدراد، ولو زال فلا دية، ويثبت الأرش. ولو جنى عليه فصار الالتفات عليه شاقا أو ابتلاع الماء أو غيره فالحكومة لأنه لم تذهب المنفعة كلها، ولا يمكن تقديرها. 7233. السادس: في الظهر الدية كاملة، لرواية الحلبي الصحيحة عن الصادق (عليه السلام): في الرجل يكسر ظهره فقال: فيه الدية كاملة. (1) وكذا الصلب، وكذا لو أصيب الظهر فاحدودب، أو صار بحيث لا يقدر على القعود، فإن صلح كان فيه ثلث الدية. وفي رواية ظريف: (2) إذا كسر الصلب فجبر على غير عيب فمائة دينار وإن عثم فألف دينار، ولو كسر فشلت الرجلان، فدية للصلب وثلثا دية للرجلين. وقال في الخلاف: لو كسر الصلب فذهب مشيه وجماعه (معا) (3) فديتان (4) فعلى هذا الوجه لو جبر صلبه فعادت إحدى المنفعتين وجبت دية واحدة، ولو عادت ناقصة فدية وحكومة عن نقص العائدة (5) فإن ادعى ذهاب الجماع، وشهد أهل الخبرة بأن هذه الجناية تؤدي إليه، فالقول قول المجني عليه مع يمينه.
1. الوسائل: 19 / 214 - 215، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 4. 2. نقل الصدوق في الفقيه: 4 / 54 - 66، والشيخ في التهذيب: 10 / 295 - 308 برقم 1148، وابن سعيد الحلي في الجامع للشرايع: 605 - 624، حديث ظريف بتمامه خلافا للكليني وصاحب الوسائل حيث جزآ الحديث حسب الأبواب. 3. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 4. الخلاف: 5 / 253، المسألة 60 من كتاب الديات. 5. في «ب»: عن بعض الفائدة. 582 ولو كسر صلبه فشل ذكره، وجبت دية الصلب وثلثا دية للذكر، ولو ذهب ماؤه دون جماعه، احتمل وجوب الدية، لأنه ذهب بمنفعة مقصودة، ويحتمل الحكومة لأنه لم تذهب المنفعة أجمع. 7234. السابع: في النخاع إذا قطع الدية كاملة. 7235. الثامن: في كسر البعصوص (1) بحيث لا يملك الغائط الدية. 7236. التاسع: في كسر العجان (2) بحيث لا يملك الغائط ولا البول الدية كاملة. 7237. العاشر: في افتضاض البكارة بالإصبع مع خرق المثانة بحيث لا تملك بولها ديتها، وفي رواية: ثلث ديتها (3) وفي أخرى: مثل مهر نسائها. (4) والمعتمد الأول. 7238. الحادي عشر: في إفضاء الرجل لزوجته بالوطء قبل تسع سنين الدية خمسمائة دينار وحرمت عليه أبدا، وعليه المهر والإنفاق عليها حتى يموت أحدهما. واختلف في الإفضاء: فقيل: إنه يصير مخرج البول والحيض واحدا
1. قال الشهيد في المسالك: 15 / 440: البعصوص هو العصعص بضم عينيه، وهو عجب الذنب بفتح عينه أعني عظمه، وقال الراوندي: «البعصوص عظم رقيق حول الدبر» ولم يذكر ذلك، أهل اللغة. 2. في مجمع البحرين: العجان - ككتاب -: ما بين الخصية وحلقة الدبر. 3. التهذيب: 10 / 295، رقم الحديث 1148. 4. الوسائل: 19 / 256، الباب 30 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 2. 583 وقيل: أن يصير مخرج الحيض والغائط واحدا (1) وكلاهما عندي وجه وتجب الدية بأيهما كان لذهاب منفعة الجماع معهما، فإن أفضاها الزوج بالوطء بعد البلوغ، فلا شئ عليه، لأنه فعل مأذون فيه شرعا، وفي رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام): «أن رجلا أفضى امرأة فقومها قيمة الأمة الصحيحة وقيمتها مفضاة، ثم نظر ما بين ذلك، فجعل (2) من ديتها، وأجبر الزوج على إمساكها». (3) ولو أفضاها غير الزوج فالدية خاصة، وهل يشترط عدم البلوغ حينئذ؟ فيه نظر، أقربه العدم، سواء كان زنى بإكراه لها أو بدونه، أو بوطء شبهة. ولو كانت بكرا لم يتداخل أرش البكارة ودية الإفضاء، ولو حصل مع ذلك استرسال البول، فالحكومة أيضا، لكن مع الإكراه ثبت لها مع الدية المهر. ولو طاوعته فلا مهر، وعليه الدية، ولو كانت بكرا وجب المهر والدية وأرش البكارة جميعا، ويلزم ذلك في ماله، لأن الجناية إما عمد أو شبيه عمد. ومن افتض جارية بإصبعه، فذهب بعذرتها، كان عليه مهر نسائها، سواء كان الفاعل رجلا أو امرأة، فإن افتضها بإصبعه فخرق مثانتها، فلم تملك بولها، الدية، وفي رواية ثلث الدية (4) والأول أولى ويجب مهر نسائها مضافا إلى الدية. 7239. الثاني عشر: في العينين معا الدية كاملة إجماعا، وفي كل واحدة
1. لاحظ الأقوال في تفسير الإفضاء: المختلف: 9 / 396، والمبسوط: 7 / 149 والسرائر: 3 / 393. 2. كذا في المصدر ولكن في النسختين: «فجعلها». 3. الوسائل: 19 / 212، الباب 44 من أبواب موجبات الضمان، الحديث 3. 4. الوسائل: 19 / 256، الباب 30 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 2. 584 النصف، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، ومليحة أو قبيحة، وصحيحة أو مريضة، أو حولاء، أو رمصاء (1) أو عمشاء، أو جاحظة (2)، أو فيها بياض لا ينقص البصر، ولو نقص البصر نقص من الدية بقدره. وفي العين الصحيحة من الأعور الدية كاملة، ألف دينار في الرجل وخمسمائة في المرأة إن كان العور خلقة أو بآفة من الله تعالى ولو كان بجناية جان فخمسمائة دينار، سواء كان قد أخذ ديتها أو استحق الدية ولم يأخذها. ولو فقأ الأعور عين صحيح فقئت عينه الصحيحة، ولا يرد عليه شئ، وإن عمي فإن الحق أعماه. فإن فقأ الصحيح عينه الصحيحة، كان الأعور بالخيار بين أخذ الدية كاملة وبين قلع إحدى عيني الصحيح المساوية لها في المحل وأخذ نصف الدية. ولو خسف عين الأعور (3) المعيبة، كان عليه ثلث دية الصحيحة، سواء كان العور من الله أو بجناية جان، وسواء أخذ الأرش أو لا، وأخطأ ابن إدريس هنا، ففرق بين أن يكون العور من الله تعالى وبين أن يكون بجناية قد استحق أرشه، وأوجب في الأول نصف الدية وادعى عليه الإجماع، وفي الثاني الثلث (4) وسبب خطائه سوء فهمه بكلام الشيخ (رضي الله عنه).
1. في مجمع البحرين: الرمص - بالتحريك -: وسخ يجتمع في موق العين، فإن سال فهو غمص، وإن جمد فهو رمص. 2. الجحاظ: خروج مقلة العين وظهورها. لسان العرب: 2 / 186. 3. في «ب»: عيني الأعور. 4. السرائر: 3 / 381 - 382. 585 والعين القائمة إذا خسف بها، كان فيها ثلث دية العين الصحيحة. ولو قلع العين الصحيحة من الأعور والقائمة الذاهبة من الله تعالى، كان عليه دية النفس في العين الصحيحة وثلث دية العين عن القائمة، ولو كان العور بجناية جان، كان عليه نصف الدية عن العين الصحيحة وثلث دية العين عن القائمة. فإن ادعى قالع العين أنها كانت عمياء في الأصل، قدم قوله مع اليمين وعدم البينة، وإن ادعى تجدد العمى قدم قول المجني عليه مع اليمين عملا بأصالة السلامة، ويحتمل تقدم قول الجاني، عملا بأصالة البراءة وقواهما معا الشيخ (رضي الله عنه). (1) ولو جني على الصحيحة فأحولت، ففيها حكومة. 7240. الثالث عشر: في الأذنين معا الدية، وفي كل واحدة نصف الدية، وتجب الدية بقطع اشرافهما وهو الغضروف الناتي عن جانبي الرأس، والجلد القائم بين العذار والبياض إلى حولها، سواء كانت سميعة أو صماء لأن الصمم عيب في غيرها، وفي بعضها بحساب ديتها، ويعتبر بالمساحة من أصل الأذن فيؤخذ بالنسبة بعد التقدير بالأجزاء. وفي شحمة كل أذن ثلث دية الأذن، قال الشيخ (رضي الله عنه): وفي خرمها ثلث ديتها. (2) قال ابن إدريس: يعني أن في خرم الشحمة ثلث دية الشحمة. (3)
1. لاحظ المبسوط: 7 / 129 - 130. 2. النهاية: 766، والخلاف: 5 / 234، المسألة 19 من كتاب الديات. 3. السرائر: 3 / 382. 586 ولو قطع بعض الأذن غير الشحمة، اعتبر بالمساحة من جميع الأذن مع الشحمة، سواء كان من أعلى أو من أسفل عدا الشحمة، أو من أوسط. (1) وفي استحشاف الأذن، وهو شللها، ثلثا دية الأذن، وفي قطعها بعد الشلل الثلث. 7241. الرابع عشر: في الشفتين معا الدية كاملة إجماعا، وحد السفلى عرضا ما تجافى عن الأسنان واللثة مما ارتفع عن جلدة الذقن، وحد العليا عرضا ما تجافى عن الأسنان واللثة إلى اتصاله بالمنخرين والحاجز، وحدهما في الطول طول الفم إلى حاشية الشدقين، وليست حاشية الشدقين منهما. وسواء كانتا غليظتين، أو دقيقتين، أو مختلفتين، وسواء كانتا طويلتين أو قصيرتين. واختلف علماؤنا في تقدير كل واحدة، فقال ابن أبي عقيل (رضي الله عنه): إنهما سواء (2) لرواية عبد الله بن سنان الحسنة عن الصادق (عليه السلام) قال: ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية. (3) وعن هشام بن سالم قال: كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية، وفي أحدهما نصف الدية. (4) وإن لم يسندها إلى الإمام إلا أن هشاما ثقة والظاهر أنه سمعها من الإمام (عليه السلام).
1. في «أ»: أو من أوسطه. 2. حكاه عنه المصنف في المختلف: 9 / 379، وابن إدريس في السرائر: 3 / 383. 3. الوسائل: 19 / 213، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث 1. 4. الوسائل: 19 / 217، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 12. 587 وعن سماعة قال: سألته إلى أن قال: والشفتان العليا والسفلى سواء في الدية. (1) وقال المفيد (رضي الله عنه): في العليا ثلث الدية، وفي السفلى الثلثان، لأن المنفعة بها أكثر وبما ثبت عن آل محمد (عليهم السلام). (2) وقال الشيخ (رضي الله عنه) في النهاية (3) وظريف في كتابه (4): في السفلى ستمائة دينار وفي العليا أربعمائة، لما رواه الحسن بن محبوب عن أبي جميلة عن أبان ابن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في الشفة السفلى ستة آلاف درهم وفي العليا أربعة آلاف، لأن السفلى تمسك الماء. (5) وقال في المبسوط بقول المفيد (رضي الله عنه) (6) وفي أبي جميلة ضعف. وقال ابن بابويه (رضي الله عنه): في العليا نصف الدية. وفي السفلى الثلثان (7) وهو منقول عن ظريف (8). وأجود ما بلغنا من الأحاديث في هذا الباب ما أفتى به ابن أبي عقيل. وفي قطع بعض الشفة بنسبة مساحتها، ولو جنى عليهما فتقلصتا فلم
1. الوسائل: 19 / 216، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 10. 2. المقنعة: 755. 3. النهاية: 766. 4. الموجود في رواية ظريف: ان دية الشفة العليا خمسمائة دينار، والسفلى ستمائة وست وستون دينارا وثلثا دينار، فهو مفصل لا بالنحو المنقول في المتن، نعم نقله عنه المحقق في الشرائع: 4 / 264. 5. الوسائل: 19 / 222، الباب 5 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 2. 6. المبسوط: 7 / 133. 7. نقله عنه المحقق في الشرائع: 4 / 264 وفي مفتاح الكرامة - كما في هامش الجواهر -: أن المراد هو علي بن بابويه والد الصدوق لا نفسه. لاحظ جواهر الكلام: 43 / 205. 8. لاحظ الوسائل: 19 / 221 - 222، الباب 5 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1. 588 تنطبقا على الأسنان، قال الشيخ (رضي الله عنه): كان عليه الدية (1) ويحتمل الأرش ولو استرختا فثلثا الدية. فإن قطعهما آخر بعد الشلل فالثلث، فإن تقلصتا بعض التقلص فالحكومة. فإن شق الشفتين حتى بدت الأسنان، وجب عليه ثلث الدية فإن برأ و صلح، فخمس الدية، ولو كان ذلك في إحداهما كان فيه ثلث ديتها، فإن برأت فخمس ديتها. 7242. الخامس عشر: في اللحيين معا الدية كاملة، وهما العظمان اللذان يقال لملتقيهما الذقن، ويثبت فيهما الأسنان السفلى ويتصل طرف كل واحد منهما بالأذن، هذا إذا قلعا منفردين عن الأسنان كلحيي الصبي، أو من لا أسنان له، فإن قلعا مع الأسنان فديتان. وفي نقص المضغ بالجناية عليهما أو تصلبهما الأرش. وفي كل واحد منهما نصف الدية. 7243. السادس عشر: في الحاجبين معا نصف الدية، وفي كل واحد ربع الدية مائتان وخمسون دينارا، وادعى ابن إدريس (2) عليه الإجماع، وما أصيب من ذلك فبحسابه مساحة. وقال الشيخ (رضي الله عنه): في المبسوط: فأما اللحية وشعر الرأس والحاجبين، فإنه يجب فيها عندنا الدية (3) وهو يشعر بوجوب الدية فيهما، والأصل ما ذكرناه،
1. المبسوط: 7 / 132. 2. السرائر: 3 / 378. 3. المبسوط: 7 / 153. 589 أولا، وإن كان الحديث الدال على أن «كل ما في الإنسان منه اثنان ففيه الدية» يدل عليه. (1) 7244. السابع عشر: في اليدين معا الدية كاملة، وفي كل واحدة النصف سواء اليمين والشمال، وحدها المعصم، وهو المفصل الذي بين الكف والذراع، فلو قطعت مع الأصابع، فدية واحدة خمسمائة دينار، وإن قطعت الأصابع منفردة، ففيها خمسمائة دينار. ولو قطع كفا لا أصابع له فالحكومة، سواء ذهبت الأصابع بجناية جان أو من قبل الله تعالى. ولو قطع مع اليد بعض الزند، ففي اليد خمسمائة دينار، وفي الزائد حكومة. ولو قطع اليد ثم قطع بعض الزند (2) فدية اليد خمسمائة دينار، وفي الزائد حكومة، سواء كان القطعان من واحد أو اثنين. ولو قطع اليد من المرفق أو من المنكب، فالزائد على الكوع فيه حكومة. قال الشيخ (رضي الله عنه): اليد التي يجب نصف الدية فيها، هي الكف إلى الكوع، وهو أن يقطعها من المفصل الذي بينها وبين الذراع، فإن قطع أكثر من ذلك كان فيها دية وحكومة بقدر ما يقطع، فإن كان من نصف الذراع، أو المرفق، أو العضد، أو المنكب، ففي الزائد حكومة وكلما كانت الزيادة أكثر كانت الحكومة
1. لاحظ الوسائل: 19 / 217، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 12. 2. في «ب»: ثم قطع الزند. 590 أكثر وعندنا أن جميع ذلك فيه مقدر ذكرناه في كتاب تهذيب الأحكام. (1) وهو يعطي أن الحكومة ليست مذهبا له، وإنما نقلها عن المخالف. وقال المفيد (رضي الله عنه): في اليدين إذا استوصلتا الدية كاملة، وكذلك في الذراع والذراعين والعضد والعضدين. (2) وهو يعطي أن في الذراع منفردا الدية، وكذا في العضد. وقال أبو الصلاح في الساعدين الدية وفي أحداهما نصف الدية وفي بعض ذلك بحسابه يقاس ويؤخذ دية ما قطع بحساب دية الساعد أو العضد. (3) وهو موافق للمفيد (رضي الله عنه) ويعضده ما دلت الروايات عليه من أن كل ما في الإنسان منه اثنان، ففيه الدية. (4) وعليه أعتمد. أما لو قطع اليد من المرفق أو المنكب فدية اليد خاصة، ولو كان له كفان في ذراع، أو يدان على عضد، وإحداهما باطشة دون الأخرى، أو إحداهما أكثر بطشا، أو في سمت الذراع والأخرى منحرفة عنه أو إحداهما تامة والأخرى ناقصة إصبعا، فالأولى أصلية والأخرى زائدة فالأولى يجب فيها نصف الدية والقصاص بقطعها عمدا وفي الأخرى حكومة. وقال في المبسوط: في الزائدة ثلث دية اليد الأصلية (5) فإن تساويا في
1. المبسوط: 7 / 143، ولاحظ التهذيب: 10 / 301 - 303. 2. المقنعة: 755. 3. الكافي في الفقه: 398. 4. لاحظ الوسائل: 19 / 217، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 12. 5. المبسوط: 7 / 144 - 145. 591 البطش والتمام والسمت، فإحداهما زائدة لا بعينها، فإن كانتا غير باطشتين ففيهما ثلث دية اليد وحكومة، ولا تجب دية اليد الكاملة، لأنه لا نفع فيهما، فهما كاليد الشلاء. وان كانتا باطشتين، ففيهما جميعا دية يد وحكومة. وقال الشيخ (رضي الله عنه): فيهما دية يد وثلث (1) فإن قطع إحداهما فلا قود، لاحتمال أن تكون هي الزائدة، وفيها نصف ما فيهما إذا قطعتا، وهي نصف دية يد وحكومة. ولو قطع إصبعا من إحداهما، وجب أرش نصف إصبع وحكومة. وإن قطع ذو اليد التي لها طرفان يدا منفردة، فالأقرب عدم القصاص، لأن إحداهما الأصلية غير معلومة فتجب الدية، ولو طلب المجني عليه أخذ إحداهما، فالوجه عندي أجابته، لأن المأخوذة إن كانت أصلية أجزأت لأنها المستحقة، وإن كانت زائدة فكذلك، لأن الناقص يؤخذ بالكامل. وفي يد الأعسم (2) وقدم الأعرج دية اليد الصحيحة والقدم الصحيحة، لأن العسم لاعوجاج في الرسغ، وليس عيبا في الكف، والعرج لمعنى في غير القدم، وليس عيبا فيه. وفي اليد الشلاء ثلث دية اليد الصحيحة، وفي اليدين ثلث دية النفس،
1. المبسوط: 7 / 145. 2. في مجمع البحرين: عسم الكف والقدم - من باب تعب -: يبس مفصل الرسغ حتى تعوج الكف والقدم. ولاحظ المبسوط: 7 / 144. 592 ولا تجب الدية بكمالها، وفي رواية تجب الدية أجمع (1) والمشهور الأول. ولو قطع يد أقطع أو رجل أقطع فله نصف الدية، أو القصاص من مثلها إن كان عمدا، سواء كان ذهاب اليد الأخرى بآفة من الله تعالى، أو بجناية جان، أو في سبيل الله، وكذا في أذن من قطعت أذنه، أو منخر من قطع منخره، ولا يجب فيه أكثر من نصف الدية وإن كان ذاهبا من قبل الله تعالى. ولو جنى على اليد فعوجها، أو نقص قوتها، أو شانها، فعليه الحكومة، وكذا لو كسر يده ثم برأت لزمه الأرش. 7245. الثامن عشر: في الرجلين معا الدية وفي كل رجل النصف، سواء اليمنى واليسرى، وحدها من مفصل الساق والقدم. وفي الأصابع منفردة دية كاملة ولا شئ فيها مع الانضمام. وقال الشيخ في الساقين والفخذين مقدر عندنا. (2) قال أبو الصلاح في الساقين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي الفخذين الدية، وفي إحداهما النصف (3) وهو جيد للروايات (4) الدالة على أن الدية تثبت في كل ما في الإنسان منه اثنان. ولو قطع الرجل من أصل الركبة أو من أصل الفخذ، فالوجه عندي أن عليه دية الرجل خاصة، أما لو قطع الرجل ثم قطع الساق، وجبت عليه ديتان.
1. لاحظ الوسائل: 19 / 272، الباب 1 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 2. المبسوط: 7 / 143. 3. الكافي في الفقه: 399. 4. لاحظ الوسائل: 19 / 217، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 12. 593 ولو قطع بعض الساق، قال أبو الصلاح: يعتبر في الأصل بالمساحة ويثبت من الدية بنسبة الفائت (1) ويحتمل الحكومة. ولو ضربه فشلت الرجلان فثلثا الدية، وفي إحداهما ثلثا ديتها، وفي رواية الدية كملا في شللهما معا (2) والمشهور ما قلناه، فإن قطعت بعد الشلل، فثلث الدية. ولو كان له قدمان على ساق أو قدمان وساقان على ركبة، أو قدمان وساقان وفخذان على ورك، فإن اختصت إحدهما بالبطش فهي الأصلية، وإن كانتا باطشتين لكن إحداهما أكثر بطشا، فهي الأصلية، فإن تساوتا وإحداهما خارجة عن سمت الخلقة، فهي الزائدة. فإن كانتا على سمت الخلقة وإحداهما ناقصة إصبعا، فهي الزائدة. فإن تساوتا فإحداهما أصلية والأخرى زائدة، والحكم فيها كما في اليدين سواء. إلا أن في الرجلين تفصيلا، وهو أن إحداهما إذا كانت أطول من الأخرى، ولا يمكنه المشي على القصيرة، لمنع الطويلة من وصولها إلى الأرض فإذا قطع قاطع الطويلة فإن لم يقدر على المشي على القصيرة حينئذ فعليه القود أو الدية، لظهور أنها أصلية، وإن قدر على المشي على القصيرة، فعليه دية الزائدة، وهي ثلث الأصلية أو الحكومة، على ما اخترناه، لظهور أن القصيرة هي الأصلية وإنما
1. الكافي في الفقه: 399. نقله بالمعنى. 2. لاحظ الوسائل: 19 / 272 - 273، الباب 1 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 594 يقدر (1) المشي عليها لطول الزائدة، فإن قطعت القصيرة بعد الطويلة، ففيها القود أو دية الأصلية. ولو جنى على الطويلة فشلت ففيها ثلث الدية، لأن الظاهر أصالتها، ولا يمكن الصبر لينظر هل يمشي على القصيرة أم لا. فإن قطعها آخر بعد الشلل، ففيه ثلث دية الرجل، فإن لم يقدر على المشي على القصيرة استقر الحكم، وإن قدر، ظهرت زيادة الطويلة فيسترد من الدية الفاضل. ولو كان له قدمان في رجل واحدة، وكانت إحداهما أطول من الأخرى، وكان الطويل مساويا للرجل الأخرى، فهو الأصلي (2) وإن كان زائدا عنها والآخر مساويا، فالمساوي أصلي. والأعرج معروف، والأعسم قيل: الأعسر، وقيل: من في رسغه ميل عند الكوع، فلو قطع قاطع رجل الأعرج أو يد الأعسم، ففي كل واحدة نصف الدية، قال الشيخ: لظاهر الخبر (3) وقد روى في التهذيب: عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن يوسف بن الحرث، عن محمد بن عبد الرحمن العزرمي، عن أبيه عبد الرحمن عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) أنه جعل في الرجل العرجاء ثلث ديتها (4). وهو جيد إن كان العرج شلا، وفي الرجل الشلاء ثلث دية الصحيحة. ولو ضرب رجليه فشلتا فعليه ثلثا الدية، وفي إحداهما ثلثا ديتها، وفي رواية، في شلل الرجلين الدية (5).
1. في بعض النسخ: يتعذر. 2. في «ب»: فهو الأصل. 3. المبسوط: 7 / 144. 4. التهذيب: 10 / 275، رقم الحديث 1074. 5. لاحظ الوسائل: 19 / 273، الباب 1 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 595 ويحمل على تعذر المشي بالكلية. وفي شلل كل عضو صحيح ثلثا ديته، وفي قطعه بعد الشلل الثلث. 7246. التاسع عشر: وفي ثديي المرأة ديتها، وفي كل واحد النصف، سواء اليمين واليسار بالإجماع. ولو جنى عليهما فانقطع لبنهما، أو تعذر نزوله فالحكومة. ولو قطعهما مع شئ من جلد الصدر، ففيهما ديتها وفي الزائد حكومة. ولو أجاف مع ذلك الصدر، فعليه دية الثدي وحكومة الجلد، ودية الجائفة. ولو جنى عليهما فشلا، قال الشيخ: فيهما الدية (1) والوجه ثلثا الدية، وفي أحدهما ثلثا ديته. ولو استرخيا فالحكومة. ولو لم يكن فيهما لبن في الحال إلا أن المرأة حملت، وجاء وقت اللبن، فلم يكن فيهما لبن، سئل أهل الخبرة، فان قالوا: إن ذلك للجناية وجبت الحكومة، وكذا إن قالوا: إنه قد يكون للجناية وغيرها، لأن انقطاع اللبن وقت العادة يستند ظاهرا إلى الجناية. ووقت نزول اللبن في العادة للحامل لأربعين يوما، فإذا وضعت فشرب اللبأ (2) لم يدر منها لبن حتى يمضي ثلاث أو مدة النفاس ثم يدر لبنها.
1. المبسوط: 7 / 148. 2. في مجمع البحرين: اللبأ مهموز وزان عنب: أول اللبن عند الولادة. 596 فإن قطع الحلمتين (1) وهما اللتان كهيئة الزر في رأس الثدي يلتقمهما الطفل، ففيهما الدية. أما حلمتا الرجل فقال في المبسوط: إن فيهما الدية (2) وكذا في الخلاف (3) وقال ابن بابويه: في حملة ثدي الرجل ثمن الدية مائة وخمسة وعشرون دينارا (4) وكذا ذكره الشيخ في التهذيب عن ظريف. (5) والأقرب عندي ما قاله الشيخ في المبسوط والخلاف، للأحاديث الدالة على إيجاب الدية فيما فيه اثنان. (6) 7247. العشرون: في الأليتين (7) الدية، وفي كل واحدة نصف الدية، سواء اليسرى واليمنى، وهما ما أشرف على الظهر عن استواء الفخذين، ويثبت فيهما الدية إذا أخذهما (8) إلى العظم الذي تحتهما، وفي ذهاب بعضهما بقدره، فإن جهل المقدار وجبت الحكومة. 7248. الحادي والعشرون: في الخصيتين الدية كاملة إجماعا، وفي كل واحدة النصف، وفي رواية عبد الله بن سنان الحسنة عن الصادق (عليه السلام):
1. في مجمع البحرين: الحلم - بالتحريك -: القراد الضخم، الواحدة حلمة ومنه قيل لرأس الثدي حلمة على التشبيه بقدرها. 2. المبسوط: 7 / 148. 3. الخلاف: 5 / 257، المسألة 65 من كتاب الديات. 4. الفقيه: 4 / 65، رقم الحديث 194، وفيه «مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا». 5. التهذيب: 10 / 307، رقم الحديث 1148. 6. لاحظ الوسائل: 19 / 217، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 12. 7. في مجمع البحرين: الألية: ألية الشاة ولا تكسر الهمزة. 8. النسخ هنا مشوشة صححنا العبارة على المبسوط: 7 / 146. 597 إن في البيضة اليسرى ثلثي الدية، وفي اليمنى الثلث لأن الولد من البيضة اليسرى (1) قال المفيد (رضي الله عنه): في كل واحد نصف الدية، قال: وقد قيل: إن في اليسرى منهما ثلثي الدية، وفي اليمنى ثلث الدية واعتل من قال ذلك بأن اليسرى من الأنثيين يكون منها الولد وبفسادها يكون العقم، قال: ولم أتحقق ذلك برواية صحت عندي. (2) وفي أدرة (3) الخصيتين أربعمائة دينار، فان فحج (4) فلم يقدر على المشي أو مشى مشيا لا ينتفع به فثمانمائة دينار. والأدرة بضم الهمزة وسكون الدال غير المعجم وفتح الراء غير المعجمة انتفاخ الخصيتين. ولو قطع الذكر والأنثيين معا، وجبت الديتان، سواء قطعهما قبل الذكر أو بعده. 7249. الثاني والعشرون: في الشفرين دية المرأة كملا، وهما اللحم المحيط في الفرج إحاطة الشفتين بالفم، وهما الإسكتان، بكسر الهمزة. وأهل اللغة يقولون: إن الشفرين حاشية الإسكتين، كما أن للعينين جفنين ينطبقان عليهما، وشفرهما هي الحاشية التي تنبت فيهما أهداب العين، والإسكتان كالأجفان، والشفران بضم الشين كشفري العين، وفي كل واحد منهما نصف الدية.
1. الوسائل: 19 / 213، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1. 2. المقنعة: 755. 3. في مجمع البحرين: الأدرة - وزان غرفة -: هي انتفاخ الخصية. 4. الفحج: تباعد ما بين الرجلين في الأعقاب مع تقارب صدور القدمين. مجمع البحرين. 598 ويستوي في الدية السليمة والرتقاء، والبكر والثيب، والكبيرة والصغيرة، ولا فرق بين أن يكون غليظين أو دقيقين، قصيرين أو طويلين. فإن جنى عليهما فشلا فثلثا الدية، فإن قطعا فالدية، فإن اندمل المكان فخرجت في موضع الاندمال، فعلى الجارح حكومة. وفي الركب وهو مثل موضع العانة من الرجل، وهو الجلد الثاني فوق الفرج الحكومة. 7250. الثالث والعشرون: قال الشيخ (رضي الله عنه) في المبسوط (1) والخلاف: (2) في الترقوتين (3) مقدر عند أصحابنا ويمكن أن يشير بذلك إلى ما نقل عن ظريف، وهو أن في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا. (4) 7251. الرابع والعشرون: في الأجفان الأربعة الدية بلا خلاف واختلف في تقدير كل جفن، ففي المبسوط: في كل جفن ربع الدية، قال: وروى أصحابنا أن في السفلى ثلث ديتها، وفي العليا ثلثاها (5). وبه أفتى في الخلاف (6) وفي موضع آخر: في الأعلى ثلث الدية، وفي
1. المبسوط: 7 / 155. 2. الخلاف: 5 / 261، المسألة 73 من كتاب الديات. 3. الترقوة - بفتح التاء فسكون الراء فضم القاف -: هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. لاحظ مجمع البحرين. 4. لاحظ الوسائل: 19 / 226، الباب 9 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1. 5. المبسوط: 7 / 130. 6. الخلاف: 5 / 236، المسألة 24 من كتاب الديات. 599 الأسفل النصف (1) اختاره في النهاية (2) وهو قول المفيد (رضي الله عنه) (3) وهو رواية ظريف (4) وينقص هنا سدس الدية (5). وفي الجناية على بعضها بحساب ديتها، ولو قلعت مع العين فديتان. 7252. الخامس والعشرون: في أهداب العين الأربعة وهو الشعر النابت على الأجفان إذا ذهب بمفردها فأعدم انباتها الدية، قاله الشيخ في المبسوط (6) والخلاف (7)، وفيهما مع الأجفان ديتان، وقال ابن إدريس (رضي الله عنه): فيها الحكومة إن قلعت بمفردها فإن قلعت مع الأجفان فلا شئ فيها أصلا، ووجبت الدية للأجفان، وكان شعر الأجفان كشعر اليد فإنه تابع لقطعها لا شئ فيه. (8) ولا بأس بهذا القول. وما عدا شعر الرأس واللحية والأهداب والحاجبين فلا شئ مقدر فيه بل فيه الحكومة إن قلع منفردا، وإن قلع منضما إلى العضو النابت عليه فلا شئ فيه كشعر الساعدين والساقين غيرهما.
1. حكاه عنه المحقق في الشرائع: 4 / 262، قال في مفتاح الكرامة: 10 / 386: لم أجده في كتاب الخلاف. 2. النهاية: 764. 3. المقنعة: 755. 4. الوسائل: 19 / 218، الباب 2 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 3. 5. في المهذب البارع: 5 / 309: اعلم أن هذا النقص إنما يحصل على تقدير وقوعها من اثنين أو من واحد بعد دفع أرش الجناية الأولى، أما لو كانت الجناية الثانية قبل دفع ما وجب عليه بالسابقة، فإنه يجب عليه دية كاملة إجماعا. 6. المبسوط: 7 / 130. 7. الخلاف: 5 / 197، المسألة 67 من كتاب الديات. 8. السرائر: 3 / 378 - 379. 600 7253. السادس والعشرون: في أصابع اليدين العشرة الدية، وكذا في العشرة من الرجلين إجماعا، واختلف في تقدير كل إصبع، فقيل: في كل إصبع من أصابع اليدين عشر الدية مائة دينار، وكذا في أصابع الرجلين. (1) وقيل: في الإبهام ثلث الدية، وكذا في إبهام الرجلين ثلث ديتها وباقي الثلثين يقسم على الأصابع (2) والأول أقوى، لرواية عبد الله بن سنان الصحيحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) ورواية الحلبي الحسنة عنه (عليه السلام) (4) وغيرها من الروايات. ودية كل إصبع مقسومة على ثلاثة أنامل بالسوية، إلا الإبهام، فإنها تقسم على اثنين بالسوية. وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الأصلية، وفي شلل كل إصبع ثلثا ديتها، وفي قطعها بعد الشلل ثلث ديتها، سواء كان الشلل خلقة أو بجناية جان. وفي الظفر إذا لم ينبت عشرة دنانير (5) وكذا لو نبت أسود، وإن نبت أبيض، كان فيه خمسة دنانير، والرواية وإن كانت ضعيفة إلا أن الشهرة تعضدها. (6) وفي رواية عبد الله بن سنان: في الظفر خمسة دنانير. (7) ولا فرق بين الأظفار، سواء كانت في اليدين أو في الرجلين، ولا بين
1. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 143. 2. ذهب إليه أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 398 وابن حمزة في الوسيلة: 452. 3. الوسائل: 19 / 264، الباب 39 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 4. 4. الوسائل: 19 / 264، الباب 39 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 3. 5. في «أ»: عشرة دينار. 6. الوسائل: 19 / 266، الباب 41 من أبواب ديات الأعضاء الحديث 1. 7. الوسائل: 19 / 267، الباب 41 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 2. 601 أظفار الأصابع من الإبهام والخنصر وغيرهما، ولا بين ظفر الصبي الصغير والشيخ الكبير. 7254. السابع والعشرون: في الأسنان الدية كاملة إجماعا، وتقسم على ثمانية وعشرين سنا اثنا عشر مقاديم، وستة عشر مآخير. فالمقاديم: ثنيتان، ورباعيتان، ونابان في الأعلى، وكذا في الأسفل. والمآخير: ضاحك، وثلاثة أضراس من كل جانب. ففي كل واحد من المقاديم خمسون دينارا، فذلك ستمائة دينار. وفي المآخير في الكل أربعمائة دينار حصة كل ضرس خمسة وعشرون دينارا، فذلك ألف دينار. ولا فرق بين أن يقلع الجميع دفعة أو على التعاقب. ولا فرق بين السن البيضاء والسوداء خلقة، والصفراء، وإن كانت الصفراء بجناية، بخلاف السوداء. وفيما زاد على ثمانية وعشرين من الأسنان ثلث دية الأصلية إن قلعت منفردة، ولو قلعت منضمة إلى البواقي لم يكن فيها شئ، وقيل فيها الحكومة لو قلعت منفردة. وتعتبر الزائدة بالمحل فإن كانت في المقاديم فثلث دية السن من المقاديم وإن كانت من المآخير فثلث دية الضرس، فإن اسودت بالجناية ولم تسقط، أو تصدعت ولم تسقط فثلثا ديتها، فإن سقطت بعد ذلك فالثلث الباقي.
602 والدية المقدرة في كل سن تامة أصلية مثغورة، ونعني بالمثغورة النابتة بعد سقوط سن اللبن ممن أبدل أسنانه، وبلغ حدا إذا قلعت سنه لم يعد بدلها، وقد لا يسقط من اللبن فيصير أصلية إذا بلغ الحد الذي يسقط منه السن وينبت عوضها. فأما سن الصبى الذي لم يثغر فلا يجب بقلعها في الحال شئ لقضاء العادة بعود سنه، لكن ينتظر سنة، لأنه الغالب أنها تنبت، فإن نبتت عرف أن الساقطة من اللبن فيلزمه الأرش، وان لم تنبت فدية سن المثغر، وبعض الأصحاب (1) أوجب فيها بعيرا ولم يفصل والرواية ضعيفة (2). ولو عادت قصيرة أو مشوهة فالحكومة، لأن الظاهر أن ذلك بسبب الجناية، وكذا إن كان فيها ثلمة لا يمكن تقديرها، وإن أمكن تقديرها ففيها بقدر ما ذهب منها، كما لو كسر من سنه ذلك القدر. وإن نبتت أطول من أخواتها، ففيها الحكومة أيضا، لأن ذلك عيب. وإن نبتت مائلة عن صف الأسنان بحيث لا ينتفع بها، فالأقرب الحكومة، وكذا إن كان ينتفع بها. ولو مات الصبي قبل اليأس من عودها، احتمل الدية، لأنه قلع سنا آيس من عودها، والحكومة لعدم اليأس بالقلع لو بقي. ولو قلع سن مثغر (3) وجبت ديته في الحال لأن الظاهر أنها لا تعود فإن
1. هو ابن حمزة في الوسيلة: 448. 2. لاحظ الوسائل: 19 / 259، الباب 33 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1 و 2. 3. المثغر: من سقطت أسنانه الرواضع التي من شأنها السقوط ونبت مكانها، مجمع البحرين. 603 عادت قال الشيخ (رضي الله عنه): الأقوى عدم استرداد الدية لأن العائدة هبة من الله تعالى مجددة. (1) ولو قلع سن من لم يثغر فمضت مدة يئس من عودها، وحكم بوجوب الدية فعادت بعد ذلك، سقطت الدية وردت، والأقوى أنها لا تسترد كما في سن الكبير إذا عادت. ولو قلع سنا مضطربة لكبر أو مرض، وكانت منافعها باقية من المضغ، وضغط الطعام، والريق، وجبت دية السن كاملة، وكذا إن ذهب بعض منافعها وبقي البعض، لأن جمالها وبعض منافعها باق، وإن ذهبت منافعها أجمع، فهي كاليد الشلاء فيها ثلث دية السن. ولو قلع سنا فيها آكلة أو داء ولم يذهب شئ من أجزائها، وجب فيها دية السن الصحيحة، وإن سقط شئ من أجزائها سقط من الدية بقدره. ولو جنى على السن فاضطربت وطالت عن الأسنان، كان فيها ثلثا دية سقوطها، ولو قيل: إنها تعود بعد مدة، انتظرت، فإن ذهبت وسقطت وجبت ديتها، وإن عادت إلى الصحة فالحكومة، وإن بقيت مضطربة فثلثا دية سقوطها. فإن قلع السن فردها صاحبها فنبتت في موضعها، فعليه الدية ولا يجب قلعها لأنها ليست نجسة، فإن قلعها بعد ذلك آخر كان عليه حكومة. وإن جعل عوضها عظما طاهرا، أو ذهبا فنبتت، فقلعه قالع، كان عليه الحكومة.
1. المبسوط: 7 / 139. 604 أما لو جعل عوضها عظما نجسا فقلعه قالع لم يجب عليه شئ. ولو جنى على سن فذهبت حدتها وكلت، فعليه حكومة، فإن قلعها بعد ذلك قالع، فعليه دية سن كاملة، وإن ذهب منها جزء ففي الذاهب بقدره، فإن قلعها بعد ذلك قالع، نقص من ديتها بقدر الذاهب. والدية في السن المقلوعة مع سنخها (1) وهو النابت في اللثة، ولو كسر البارز منها خاصة، ففيه نظر أقربه أن فيه دية السن فإن كسر الظاهر، ثم قلع آخر السنخ، فعلى الأول دية كاملة للسن، وعلى الثاني حكومة للسنخ. فإن كسر بعض الظاهر ففيه من الدية بالنسبة، فإن كان نصف الظاهر فنصف دية السن، وهكذا. فإن جاء آخر فقلع الباقي من الظاهر وجميع السنخ، احتمل وجوب ما بقي من الدية من الظاهر وحكومة في السنخ. والأقرب أن يقال: إن قطع نصف الظاهر طولا وبقي النصف وكل السنخ فعلى الثاني نصف الدية يتبعه ما تحته من السنخ، وحكومة فيما بقي من السنخ، وإن قطع الأول نصفها عرضا، وقلع الثاني الباقي مع جميع السنخ، فعلى الأول نصف دية السن، وكذا على الثاني، لأن السنخ تابع. ولو كسر الأول الظاهر من السن، ثم قلع السنخ، فعليه دية كاملة للسن وحكومة في السنخ لتعدد الجناية.
1. قال الشيخ في المبسوط: 7 / 137: السن ما شاهدته زائدا عن اللثة، والسنخ أصلها المدفون في اللثة. 605 فإن انكشفت اللثة عن بعض السن، فالدية في قدر الظاهر عادة دون ما انكشف على خلاف العادة. وإن اختلفا في قدر الظاهر، اعتبر ذلك بأخواتها، فإن لم يكن لها شئ يعتبر به، ولم يعرفه أهل الخبرة، فالقول قول الجاني مع يمينه. ولو اختلف المجني عليه والجاني الثاني فقال الجاني: قطع الأول نصفها، وقال المجني عليه قطع ربعها فالقول قول المجني عليه، لأن الأصل سلامة السن. 7255. الثامن والعشرون: في كل ضلع خالط القلب إذا كسر خمسة وعشرون دينارا، وفي كل ضلع يلي العضدين إذا كسر عشرة دنانير. 7256. التاسع والعشرون: في كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره. وفي رضه ثلث دية ذلك العضو، فإن برئ على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه. وفي فكه من العضو بحيث يتعطل العضو ثلثا دية العضو، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه. في دية المنافع 7257. الثلاثون: من داس بطن إنسان حتى أحدث في ثيابه، ديس بطنه حتى يحدث في ثيابه، أو يفتدي ذلك بثلث الدية، لرواية السكوني (1) وفيه ضعف.
1. لاحظ الوسائل: 19 / 137، الباب 20 من أبواب قصاص الطرف، الحديث 1. 606 ومن ضرب امرأة مستقيمة الحيض على بطنها فارتفع حيضها، انتظر بها سنة، فإن رجع طمثها، فالحكومة، وإن لم يرجع استحلفت وغرم ثلث ديتها. الطرف الثاني: في إبطال المنافع وفيه اثنا عشر بحثا: 7258. الأول: في العقل الدية كاملة، وفي نقصه الأرش بحسب ما يراه الحاكم، إذا لا تقدير للنقصان فيه. وفي المبسوط يقدر بالزمان، فإن جن يوما وأفاق يوما، فالذاهب النصف، فإن جن يوما وأفاق يومين، فالذاهب الثلث، وعلى هذا. (1) ولا قصاص في ذهابه ولا في نقصانه، لعدم العلم بمحله. ولو شجه فذهب عقله، فديتان وإن كان بضربة واحدة. وفي رواية: ولو ضربه على رأسه فذهب عقله، انتظر به سنة، فإن مات فيها فالدية، وكذا إن مضت ولم يعد عقله. (2) ولو قطع يديه (3) فزال عقله فديتان، وإن زال عقله (4) وأخذت الدية ثم عاد لم ترتجع الدية لأنه هبة من الله تعالى مجددة.
1. المبسوط: 7 / 126. 2. لاحظ الوسائل: 19 / 281، الباب 7 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1 ومضمون الرواية لا يوافق ما في المتن، فلاحظ. 3. في «أ»: يده. 4. في «ب»: وإذا زال عقله. 607 ولو شككنا في زوال عقله راعيناه في الخلوات، ولا نحلفه، لأنه يتجانن في الجواب. ولو صار مدهوشا أو يفزع مما لا يفزع منه، أو يستوحش إذا خلا فقد ذهب عقله. ولو ذهب بعض عقله ولا يمكن تقديره ففيه حكومة. ولو جنى عليه فأذهب عقله وسمعه وبصره وكلامه، فأربع ديات مع أرش الجراح إن حصل جراح أو قطع عضو. ولو مات بالجناية لم يجب سوى دية واحدة. 7259. الثاني: في السمع الدية كاملة إجماعا، وفي ذهاب سمع إحدى أذنيه نصف الدية، ولو حكم أهل الخبرة بعوده بعد مدة، توقعت، فإن لم يعد فالدية، وإن عاد فالحكومة. وإذا ادعى ذهاب سمعه، فكذبه الجاني، أو قال: لا أعلم صدقه، وحصل شك في ذهابه جرب بصوت منكر بغتة، واعتبر [حاله] عند الصوت العظيم، والرعد القوي، والصياح عند الاستغفال، فإن علم صدقه، حكم له بالدية، وإلا أحلف القسامة، وحكم له إذا ادعى ذهابه عقيب الجناية ولو قيل (1): السمع باق وقد وقع في الطريق ارتتاق، فتعطل المنفعة فهو كزوالها ويحتمل الحكومة.
1. أي قال أهل الخبرة: حاسة السمع باقية في مقرها، ولكن ارتتق داخل الأذن بالجناية وامتنع نفوذ الصوت ولم يتوقعوا زوال الارتتاق، فيه وجهان: 1 - أن تعطل المنفعة كزوالها فتجب الدية بكمالها. 2 - أن فيه الحكومة أي الأرش. 608 ولو أذهب السمع فتعطل النطق فديتان. وإذا قطعت الأذنان فذهب السمع فديتان. ولو ادعى نقصان سمعه من أذنيه معا، اعتبر بضرب الجرس من أربع جهاته، فإن تساوت المسافات صدق، وإلا كذب، فإذا تساوت قيست إلى من هو في مثل سنه بقرب المسافة وبعدها، وأخذ بالنسبة. ولو ادعى نقصان سمع إحداهما قيس إلى الأخرى بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة، ثم يصاح به حتى يقول: لا أسمع، ثم يعاد عليه ثانيا من الجهة الأخرى، فإن تساوت المسافتان صدق، ثم يفعل به كذلك في الجهات الأربع، فإن تساوت المسافات صدق، وسدت الصحيحة وأطلقت الناقصة، ويعتبر بالصوت حتى يقول: لا أسمع، ثم تكرر عليه الاعتبار من جهاته الأربع، فإن تساوت المسافات صدق، ثم تمسح مسافة الصحيحة والناقصة، ويلزم [من] الدية بحساب التفاوت. ولا يقاس السمع في يوم ريح، بل يتوقع سكون الهواء في المواضع المعتدلة. 7260. الثالث: في الإبصار الدية كاملة مع إبطاله وبقاء الحدقة، ويستوي فيه الأعمش والأخفش، ومن في حدقته بياض لا يمنع أصل البصر. وفي ضوء إحدى العينين النصف ولو جنى على رأسه جناية، فداواها فذهب البصر بالمداواة، فعليه ديته، لأنه ذهب بسبب فعله. ولو ادعى ذهاب البصر وشهد به شاهدان من أهل الخبرة، أو
609 رجل وامرأتان، إن كان خطأ أو شبيه عمد (1) تثبت الدعوى، فإن آيس من عوده أو رجا لكن لا في مدة مضبوطة، استقرت الدية، وإن رجا عوده بعد مدة وانقضت، فلم يعد أو مات قبل المدة، فالدية أيضا، وإن عاد في المدة فالأرش. ولو اختلفا في عوده، فالقول قول المجني عليه مع يمينه، وكذا لو مات في مدة التربص، فادعى الجاني العود والولي عدمه، فالقول قول الولى مع يمينه. ولو جاء أجنبي فقلع عينه في مدة التربص، استقر على الأول دية البصر كملا أو القصاص، وعلى الثاني ثلث دية العين، فإن ادعى الأول عود ضوئها وأنكر الثاني، فالقول قول الثاني مع اليمين، فإن صدق المجني عليه الأول سقط حقه عنه، ولم يقبل قوله على الثاني. ولو عاد وقد رجا عوده لا في مدة مضبوطة استعيد من الدية الفاضل عن الحكومة. وإذا ادعى ذهاب بصره وعينه قائمة، أحلف القسامة وقضي له. وفي رواية يقابل بالشمس، فإن بقيتا مفتوحتين صدق. (2) ولو ادعى نقصان ضوء إحدى عينيه، اعتبر بما اعتبرناه في السمع، وأحسن ما قيل فيه ما روى يونس في الحسن عن الصادق (عليه السلام) (3) ومحمد بن قيس في الصحيح عن الباقر (عليه السلام) قال قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه أن يؤخذ بيضة نعامة، ويربط على عينه المصابة عصابة ثم يمشي
1. في «أ»: شبه عمد. 2. الوسائل 19 / 279، الباب 4 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 3. بل عن الرضا (عليه السلام) كما في الوسائل: 19 / 287، الباب 12 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 610 بها وينظر ما تنتهي عينه الصحيحة، ثم تغطى عينه الصحيحة وينظر ما تنتهي عينه المصابة، فيعطى ديته من حساب ذلك. (1) قال المفيد (رضي الله عنه): وطريق ذلك: أن تشد عينه الصحيحة ويأخذ الرجل البيضة ويبعد حتى يقول: ما بقيت أبصرها، فيعلم عنده، ثم يأخذ البيضة ويعتبر الجهات الأربع، فإن تساوت صدق، ثم تشد المصابة وتطلق الصحيحة، ويعتبر في الجهات الأربع، فإن تساوت صدق، وإن اختلفت كذب، ثم ينظر مع صدقه فيما بين مدى عينه الصحيحة وعينه المصابة، فأعطي من ديتها بحساب ذلك. (2) ولو ادعى النقصان في العينين معا، اعتبر من الجهات الأربع مدى نظره، فإن تساوت المسافات صدق، وإن اختلفت كذب، ثم ينظر مع صدقه التفاوت بين مدى نظره بالمساحة ونظر من هو في أبناء سنه، فيعطى بحسبه من الدية بعد الاستظهار بالأيمان. ولا تقاس عين في يوم غيم، ولا في أرض مختلفة الجهات. ولو ادعى قالع العين ذهاب بصرها قبل القلع، وكذبه المجني عليه، فالقول قول المجني عليه مع يمينه، أما لو ادعى الجاني عدم البصر من الأصل، فالقول قوله مع اليمين. 7261. الرابع: في الشم الدية كاملة، ولو ادعى ذهابه عقيب الجناية، اعتبر بالأشياء الطيبة والمنتنة واستغفل بالروائح الحادة، ثم يستظهر عليه بالأيمان ويقضى له به.
1. الوسائل: 19 / 283، الباب 8 من أبواب ديات المنافع، الحديث 3، نقله بالمعنى. 2. المقنعة: 758 - 759 باختلاف قليل. 611 وروي: أنه يحرق له حراق، فإن دمعت عيناه ونحى أنفه، فهو كاذب، وإلا فهو صادق. (1) ولو ادعى النقص حلف، لعسر الامتحان، وقضى له الحاكم بما يراه. ولو أخذ دية الشم ثم عاد، لم تعد الدية. ولو قطع الأنف، فذهب الشم، فديتان. 7262. الخامس: في الذوق الدية لأنه منفعة واحدة في الإنسان، فيدخل تحت عموم قولهم (عليهم السلام) كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية. (2) ويجرب بالأشياء المرة المقزة. (3) ويرجع فيه مع الاشتباه عقيب الجناية إلى دعوى المجني عليه مع الاستظهار بالأيمان، ومع النقصان، يقضي الحاكم بما يراه تقريبا. 7263. السادس: في الصوت الدية، فإن أبطل معه حركة اللسان فدية وثلثا دية اللسان إن لحقه حكم الشلل. 7264. السابع: في المضغ الدية إذا صلب مغرس لحييه (4) فإن جنى على سنه فتعذر المضغ به، فكمال الأرش. 7265. الثامن: لو أصيب فتعذر عليه الإنزال حالة الجماع، فالدية، وفي
1. الوسائل: 19 / 279، الباب 4 من أبواب ديات المنافع، الحديث 1. 2. لاحظ الوسائل: 19 / 217، الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 12. 3. في مجمع البحرين: القز: إباء النفس. 4. في «أ»: لحيته. 612 قوة الإمناء والإحبال كمال الدية فيهما، وفي قوة الإرضاع حكومة، وفي إبطال الالتذاذ بالجماع أو الطعام إن أمكن، كمال الدية، وكذا لو ارتتق منفذ الطعام بالجناية على العنق، وبقي معه قوة حياة مستقرة فحز (1) غيره رقبته فكمال الدية. وفي الإفضاء الدية من الزوج والزاني على ما بيناه، ولو لم يمكن الوطء إلا بالإفضاء، فالوطء غير مستحق. 7266. التاسع: في منفعة البطش والمشي كمال الدية، ولو ضرب صلبه فبطل مشيه، فالدية، ولو ذهب مع ذلك جماعه فديتان. 7267. العاشر: في سلس البول الدية، وقيل: إن دام إلى الليل ففيه الدية، وإن كان إلى الظهر فثلثا الدية، وإلى ارتفاع النهار ثلث الدية. (2) وروى هذا التفصيل إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) قال: «إن كان البول يمر إلى الليل، فعليه الدية، لأنه قد منعه المعيشة وإن كان إلى آخر النهار فعليه الدية وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية وإن كان إلى ارتفاع النهار فعلية ثلث الدية (3). وفي إسحاق قول وفي الطريق إليه صالح بن عقبة، وقد ذكرنا في كتاب «خلاصة الأقوال» (4) و «الكتاب الكبير في الرجال» أنه كذاب غال لا يلتفت إلى رواياته.
1. في مجمع البحرين: حزه: قطعه. 2. القائل هو الشيخ في النهاية: 769. 3. الوسائل: 19 / 285، الباب 9 من أبواب ديات المنافع، الحديث 3. 4. الخلاصة: 230. 613 7268. الحادي عشر: في صدغ الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلا ما انحرف نصف الدية خمسمائة دينار، وهي رواية ابن فضال عن الرضا (عليه السلام) (1). 7269. الثاني عشر: في انقطاع النفس الدية كاملة، وفي نقصه بحساب ما يراه الإمام. الطرف الثالث: في الشجاج والجراح كل جرح في الرأس أو الوجه يسمى شجاجا، وفي البدن يسمى جراحا والشجاج ثمان: الحارصة، والدامية، والمتلاحمة، والسمحاق، والموضحة، والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، فهنا عشرون مباحث. 7270. الأول: الحارصة هي التي تقطع الجلد، وفيها بعير، وهل هي الدامية؟ قال الشيخ: نعم (2) والأكثر على أن الدامية مغايرة. ففي الدامية إذن بعيران، وهي التي تقطع الجلد وتأخذ في اللحم يسيرا. والباضعة وهي التي تأخذ في اللحم كثيرا، ولا تبلغ السمحاق، وفيها ثلاثة أبعرة، وهي المتلاحمة أيضا، وعند الشيخ أنهما متغايران. (3) ثم السمحاق، وهي التي تبلغ السمحاقة التي هي الجلدة الرقيقة المغشية للعظم، وفيها أربعة أبعرة.
1. الفقيه: 4 / 298 برقم 1148. 2. المبسوط: 7 / 122، النهاية: 775، الخلاف: 5 / 191، المسألة 57 من كتاب الجنايات. 3. المبسوط: 7 / 122 قال: في الباضعة بعيران، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة. 614 ثم الموضحة وهي التي تكشف عن وضح العظم وهو بياضه، وفيها خمسة أبعرة. ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم، وفيها عشرة أبعرة أرباعا إن كان خطأ، أو أثلاثا إن كان شبيه العمد، ولا قصاص فيها. ثم المنقلة وهي التي تحوج إلى نقل العظم، وفيها خمسة عشر بعيرا. ثم المأمومة، وهي التي تبلغ أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ، كالخريطة، وفيها ثلث الدية ثلاثة وثلاثون بعيرا. والدامغة، وهي التي تفتق الخريطة وتبعد معها السلامة، ولم يذكر علماؤنا ديتها لبعد السلامة معها، فإن فرضت ففيها ما في المأمومة، والحكومة لخرق جلدة الدماغ. وأما الجائفة فهي التي تصل إلى الجوف من أي الجهات كان، ولو من ثغرة النحر، وفيها ثلث الدية. 7271. الثاني: لا قصاص في الهاشمة والمنقلة والمأمومة والجائفة، لما فيها من التغرير، وليس له أن يقتص في الموضحة بالسمحاق ويأخذ دية الزائد، لإمكان القصاص في الجناية، ولو اتفقا على ذلك جاز. 7272. الثالث: لو أوضحه اثنتين (1) وجب لكل موضحة خمس من الإبل، فإن وصل الجاني بينهما حتى صارتا واحدة، أو سرتا، فذهب ما بينهما، فهما موضحة واحدة، ولا يلزمه أكثر من خمسة أبعرة.
1. في «ب»: اثنين. 615 ولو وصل بينهما غيره، وجب على الأول ديتان، وعلى الثاني ثالثة، ولو وصلهما المجني عليه، فعلى الأول ديتان، ولا شئ فيما فعله المجني عليه. فإن ادعى الجاني أنه شق بينهما، وأنكر المجني عليه، فالقول قول المجني عليه، لأن الديتين ثبتتا، ولم يثبت المسقط، وكذا لو قطع يديه ورجليه ثم مات بعد مدة يمكن فيها الاندمال واختلف الجاني والولي قدم قول الولي مع يمينه. 7273. الرابع: يجب أرش الموضحة في الصغيرة والكبيرة، والبارزة والمستورة بالشعر، فإن الموضحة ما أفضى إلى العظم ولو بقدر إبرة. ولو شجه واحدة، واختلفت مقاديرها، أخذ دية الأبلغ، لأنها لو كانت كذلك كلها لم تزد على دية الموضحة. ولو شجه شجة بعضها موضحة وبعضها دونها، لم يلزمه أكثر من دية الموضحة. 7274. الخامس: لو شجه في عضوين، فلكل عضو دية على انفراده ولو اتحدت الضربة. ولو شجه في رأسه وجبهته، فالأقرب أنها واحدة لأنهما (1) عضو واحد. ولو أوضحه في رأسه من أوله إلى آخره، ثم جر السكين إلى قفاه، وجب في الموضحة أرشها، والحكومة في جرح القفا. 7275. السادس: لو جرحه موضحتين ثم برأت إحداهما ثم زال الحاجز بفعل الجاني أو بالسراية، فعليه أرش موضحتين، وكذا لو أوضحه ثم جرحه موضحة
1. في «أ»: أنهما. 616 متصلة بالأولى قبل اندمالها وجبت دية موضحة واحدة، أما لو اندملت الأولى وجبت ديتان. ولو أوضحه موضحتين، ثم قطع اللحم الذي بينهما في الباطن، وترك الجلد الذي فوقها، احتمل تعدد الأرش، لانفصالهما ظاهرا، وعدمه لاتصالهما باطنا. ولو جرحه جرحا واحدا، ثم أوضحه في طرفيه وما بينهما دون الموضحة، ففيه أرش موضحتين، لأن ما بينهما ليس بموضحة. 7276. السابع: يعني بالبعير في الحارصة عشر عشر الدية، وكذا بالبعيرين في الدامية خمس العشر وكذا فيما عداهما. 7277. الثامن: لو وسع إنسان موضحة غيره ظاهرا وباطنا، فعلى كل واحد دية موضحة، ولو وسعها الجاني لم يجب عليه أكثر من واحدة. ولو أوضحه موضحة (1) بعضها عمد وبعضها خطأ، أو بعضها قصاص وبعضها عدوان، ففي تعددهما احتمال أقربه التعدد. 7278. التاسع: حكم الهشم يتعلق في الهاشمة بالكسر وإن لم يكن جرح،
1. أشار المصنف في كلامه هذا إلى صورتين: تارة يكون الفاعل متعددا كما إذا وسع إنسان موضحة غيره، وإليه أشار المصنف في صدر المسألة. وأخرى يكون الفاعل واحدا والعمل واحدا لكن يختلف حكمه، كأن أوضح موضحة واحدة هو في بعضها مخطئ وفي بعضها متعمد، أو أوضح موضحة، هو في بعضها مقتص وفي بعضها متعمد فهل يحسب العمل الواحد صورة، عملين في الواقع أو لا؟ واستغرب المصنف التعدد. 617 ولو أوضحه اثنتين، وهشمه فيهما، واتصل الهشم باطنا قال الشيخ في المبسوط: هما هاشمتان (1) لأن الهشم إنما يكون تبعا للإيضاح فإذا كانتا موضحتين، كان الهشم هاشمتين بخلاف الموضحة، فإنها ليست تبعا لغيرها وفيه نظر. ولو هشم هاشمتين وبينهما حاجز فهما هاشمتان. 7279. العاشر: لو أوضحه فأتمها آخر هاشمة، وثالث منقلة، ورابع مأمومة (2)، فعلى الأول خمسة وعلى الثاني ما بين الموضحة والهاشمة خمسة أيضا، وهو ينافي ما قدمناه، من أن الحكم يتعلق بالهشم وإن لم يكن هناك جرح. ولو قيل: إن الهشم إذا لم يكن معه جرح لم تجب دية الهاشمة كان وجها، حينئذ ويحتمل أن يقال: تجب خمسة أبعرة، لأن في الموضحة خمسة وفي الهاشمة التابعة عشرة فينفرد الهشم بخمسة، ويحتمل الحكومة، (3) وعلى الثالث
1. المبسوط: 7 / 121. 2. إن جنى جناية واحدة ذات أبعاض تصدى لكل بعض شخص، فأوضح واحد، وهشم آخر، ونقل ثالث وأم رابع. 3. قال المحقق الأردبيلي (قدس سره الشريف) في مجمع الفائدة: 14 / 464: لو شج شخص موضحة فعليه خمس إبل، ثم جعل آخر تلك الموضحة هاشمة - فكأنما فعلاها معا - فديتهما عليهما معا، فعلى كل واحد نصف، وعلى الثاني أيضا خمس إبل. ولو جعلها ثالث منقلة فديتها خمسة عشر إبلا، فيعطي الثالث خمسة مثلها لما مر. وإن جعلها رابع مأمومة فعليه ثمانية عشر بعيرا، وهي تتمة دية المأمومة، لأن ديتها الزائدة على المنقلة ثلاثة وثلاثون بعيرا، فالثلاثة الأول متساويات في الجناية، وجناية الرابعة زائدة، فإنه أوصل المنقلة إلى المأمومة، فعليه زيادة دية المنقلة على دية المأمومة. ولكن في بعض هذه الأمثلة مناقشة، إذ قد يقال: الهاشمة موجبة لعشر إبل وإن لم يكن معها موضحة، فيمكن أن يكون على جانيها عشرة كاملة، وكذا في المنقلة. 618 ما بين الهاشمة والمنقلة خمسة أيضا، وعلى الرابع تمام دية المأمومة ثمانية عشر بعيرا. 7280. الحادي عشر: لو جرح في عضو ثم أجاف، لزمته دية الجرح ودية الجائفة مثل أن يشق الكتف حتى يحاذي الجنب، ثم يجيفه وتتحقق الجائفة بالوصول إلى الجوف ولو بغرز إبرة. ولو خرق شدقه فوصل إلى باطن الفم، فليس بجائفة، لأن داخل الفم كالظاهر، وكذا لو طعنه في وجنته فكسر العظم ووصل إلى فيه. ولو جرحه في ذكره فوصل إلى مجرى البول من الذكر فليس بجائفة. 7281. الثاني عشر: لو أجافه جائفتين بينهما حاجز، فعليه ثلثا الدية، ولو خرق الجاني [ما] بينهما أو سرى إلى الحاجز فهما واحدة، ولو خرق أجنبي [ما] بينهما أو المجني عليه، وجب على الأول ديتان وعلى الثاني دية أخرى، ولا شئ في فعل المجني عليه. ولو أجافه [رجل] فأوسعها آخر، فعلى كل واحد دية جائفة، وإن وسعها الثاني ظاهرا أو باطنا، فعليه الحكومة. ولو أدخل السكين وأخرجها من غير جرح، عزر ولا شئ عليه. ولو خاطها ففتقها الثاني قبل أن تلتئم ولم يحصل بالفتق جناية، قال الشيخ: يعزر ولا أرش (1) والأقرب الأرش، لما فيه من الألم وعليه أرش الخيوط وأجرة الخياطة.
1. المبسوط: 7 / 124. 619 ولو فعل ذلك بعد التحامها فعليه أرش الجائفة وثمن الخيوط. وإن التحم بعضها ففتقه فعليه أرش جائفة، وإن فتق غير الملتحم فعليه أرشه لا دية الجائفة. ولو فتق بعض ما التحم في الظاهر دون الباطن، أو بالعكس، فالحكومة. ولو طعنه في جوفه فخرج من ظهره، قال في المبسوط: هما جائفة واحدة (1) وفي الخلاف اثنتان. (2) وهو أقوى. 7282. الثالث عشر: قيل - في النافذة في شئ من أطراف الرجل -: مائة دينار (3). وفي كتاب ظريف: في الخد إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الضم، فديتها مائة دينار، فإن دووي فبرأ والتأم وبه أثر بين وشين فاحش (4) فديته خمسون دينارا، فإن كانت نافذة في الخدين كليهما، فديتها مائة دينار، وذلك نصف دية التي يرى منها الفم، فإن كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحنك، فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها، فإن كانت ثاقبة ولم تنفذ (فيها) (5) فديتها مائة دينار. (6)
1. المبسوط: 7 / 125. 2. الخلاف: 5 / 232، المسألة 15 من كتاب الديات. 3. نسب الشهيد في المسالك هذا القول إلى الشيخ وأتباعه لاحظ مسالك الأفهام: 15 / 464، وقال في مفتاح الكرامة: 10 / 489 «لم نجد ذلك للشيخ، نعم هو قول ظريف في كتابه». لاحظ الوسائل: 19 / 290 - 291، الباب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح، الحديث 3. 4. في المصدر: وشتر فاحش. 5. ما بين القوسين يوجد في المصدر. 6. الوسائل: 19 / 222 - 223، الباب 6 من أبواب ديات الأعضاء، الحديث 1. 620 7283. الرابع عشر: في احمرار الوجه بالجناية من لطمة أو شبهها دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة دنانير، وفي اسوداده ستة دنانير، وهي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام). (1) وقيل: ثلاثة دنانير. (2) والأول أقرب. دية هذه الجنايات الثلاث في البدن على النصف، ولو لطمه في وجهه ولم يؤثر فلا ضمان. 7284. الخامس عشر: دية الشجاح في الرأس والوجه سواء، وفي البدن مثلها بنسبة دية العضو الذي يتفق فيه من دية الرأس، ففي حارصة اليد خمسة دنانير، وعلى هذا. وكل عضو ديته مقدرة، ففي شلله ثلثا ديته، وفي قطعه بعد الشلل الثلث، ولو كان غير مقدر، فالحكومة. 7285. السادس عشر: المرأة والرجل يتساويان في ديات الأعضاء والجراح والقصاص إلى أن يبلغ ثلث دية الرجل فإذا بلغت الثلث نقصت المرأة إلى النصف، سواء كان الجاني رجلا أو امرأة، ويقتص لها منه من غير رد إلى أن يبلغ الثلث، ثم لا يقتص لها إلا مع الرد. 7286. السابع عشر: كل ما فيه دية الرجل من الأعضاء والجراح، فيه من
1. الوسائل: 19 / 295 - 296، الباب 4 من أبواب ديات الشجاج والجراح، الحديث 1. 2. القائل السيد المرتضى في الانتصار: 549، المسألة 309 من كتاب الحدود. وهو خيرة ابن زهرة في غنية النزوع قسم الفروع: 420. 621 المرأة ديتها، ومن الذمي والذمية ديتهما، ومن العبد قيمته، وكل ما فيه مقدر في الحر فهو بنسبته من دية المرأة والذمى وقيمة العبد. وما لا تقدير فيه، ففيه الحكومة وهي الأرش، وذلك بأن يفرض عبدا سليما من الجناية، ويقوم حينئذ، ثم يفرض عبدا بتلك الجناية (1) ويقوم ثم يؤخذ من الدية بنسبة الناقص من القيمتين إلى الزائدة، فإذا كان عبدا صحيحا قيمته عشرة، ثم معيبا قيمته تسعة، وجب في الجناية عشر دية الحر، ويجعل العبد أصلا كما كان الحر له أصلا في المقدر، ولو كان المجني عليه مملوكا أخذ المولى قدر النقصان. وإنما يكون التقويم بعد برء الجرح، فلو لم ينقص شيئا بالجناية بعد البرء مثل أن قلع لحية امرأة، أو قلع سلعة، أو ثؤلولا، (2) أو بط (3) خراجا (4) احتمل وجوب الأرش، لأنه لا ينفك عن ألم، ولأنه جزء مضمون فحينئذ يقوم في أقرب الأحوال إلى البرء، لتعذر تقويمه عند البرء، ولعدم نقصه، فلو لم ينقص حينئذ قوم والدم جار، إذ لا بد من نقص حينئذ للخوف عليه. ويحتمل العدم، لأنه محسن بإزالة الشين. وتقوم لحيته المرأة على الأول، كأنها لحية رجل ينقصه ذهاب لحيته، فإن
1. في «ب»: به تلك الجناية. 2. الثؤلول وزان عصفور: شئ يظهر على الجسد كالحمة أو دونها. مجمع البحرين والمعجم الوسيط. 3. البط: شق الدمل والجراح ونحوهما. مجمع البحرين. 4. الخراج - بضم معجمة وكسرها وخفة راء -: ما يخرج في البدن من القروح والورم. مجمع البحرين. 622 كانت [المرأة] إذا قدرت ابن عشرين نقصها ذهاب لحيتها يسيرا، وإن قدرناها ابن أربعين نقصها كثيرا قدرت ابن عشرين. 7287. الثامن عشر: كلما تجب فيه الدية، ففيه من العبد قيمته، لكن إن طلب مولاه الفداء دفع العبد، ولا يجب له القيمة والملك في العبد معا، وما فيه نصف الدية ففيه نصف القيمة، وعلى هذا. والأمة مثل العبد إلا أنها تشبه بالحرة فما فيه الدية (1) من الحرة فيه من الأئمة قيمتها، وما فيه النصف فالنصف وهكذا، فإذا بلغت ثلث قيمتها، فالأقرب رد جنايتها إلى النصف، ففي ثلاثة أصابع ثلاثة أعشار قيمتها، وفي أربعة خمسها. 7288. التاسع عشر: لو كان المقتول خنثى مشكلا، ففيه نصف نصف دية ذكر ونصف دية أنثى (2) ويحتمل إيجاب دية الأنثى، لأنها اليقين (3) وجراحه فما لم يبلغ الثلث دية جرح الذكر وإن بلغ الثلث كقطع اليد ففيه ثلاثة أرباع دية يد الذكر سبعة وثلاثون بعيرا ونصف، ويقاد به الذكر مع الرد والأنثى من غير رد. 7289. العشرون: الإمام ولى من لا وارث له، يقتص في العمد أو يأخذ الدية إن دفعها الجاني، والأصح أنه ليس له العفو، ويأخذ الدية في الخطأ والشبيه، وليس له العفو.
1. كذا في «ب» ولكن في «أ»: «لأنها تشبه بالحرة فيما فيه من الدية» والصحيح ما في المتن. 2. كذا في «أ» ولكن في «ب»: ففيه نصف دية أنثى ونصف دية الذكر. 3. في «أ»: لأنه من اليقين. 623 [الفصل الثالث]: في دية الجنين وفيه عشرون بحثا: 7290. الأول: دية جنين الحر المسلم إذا تمت خلقته ولم تلجه الروح، مائة دينار، ذكرا كان أو أنثى، وجنين الذمي عشر دية أبيه ثمانون درهما، وفي رواية: عشر دية أمه (1) والأول أظهر والمملوك عشر قيمة أمه المملوكة. ولو كانت أمه حرة، فالأقرب عشر دية أمه ما لم تزد على عشر قيمة أبيه ولم أقف في ذلك على نص. هذا هو المشهور عندنا، وفي بعض الروايات: في الجنين غرة عبد أو أمة. (2) وهي محمولة على مساواة الغرة لدية الجنين. 7291. الثاني: لا فرق بين الذكر والأنثى قبل أن تلجه الروح، بل يجب فيه مائة دينار مع تمام خلقته. وقال الشيخ في المبسوط: في الذكر مائة دينار وفي الأنثى خمسون. (3) وليس بمعتمد. ولو كان الحمل زائدا عن واحد ففي كل واحد دية كاملة مائة دينار،
1. الوسائل: 19 / 166، الباب 18 من أبواب ديات النفس، الحديث 3. 2. التهذيب: 10 / 286، رقم الحديث 1108 - 1110. 3. المبسوط: 7 / 194. 624 ولا كفارة على الجاني، أما لو ولجته الروح، ففيه دية النفس والكفارة. 7292. الثالث: لو ضربها فألقت جنينا قد ولجته الروح، وجب فيه دية كاملة فإن كان ذكرا فألف دينار، وإن كان أنثى فخمسمائة دينار، بشرط أن يعلم حياته وسقوطه بالجناية، سواء علمت حياته باستهلاله أو ارتضاعه، أو تنفسه، أو عطاسه، أو غير ذلك من الأمارات الدالة على الحياة. ولا يكفي سكون الحركة (1) لاحتمال كونها عن ريح، ولا يشترط الاستهلال لو علم بغيره، ويعلم سقوطه بالجناية وموته منها بسقوطه عقيب الضربة وموته أو بقائه متألما إلى أن يموت أو بقاء أمه متألمة إلى أن تسقطه. ولو ألقته حيا حياة مستقرة، فقتله ثان، فعلى الثاني القصاص أو الدية، أما لو لم تكن حياته مستقرة، فالقاتل هو الأول، وعلى الثاني دية رأس الميت إن قطعه، وإلا أدب وألزم بالنسبة، ولو وقع حيا سالما آمنا من غير ألم، لم يضمنه الضارب لأن الظاهر أنه لم يمت من الجناية. ولا يشترط في وجوب الدية الكاملة أن يكون سقوطه لستة أشهر فصاعدا، بل متى ولدته حيا كانت فيه دية كاملة، وإن كان لدون ستة أشهر. 7293. الرابع: لو ألقت جنينا لم تتم خلقته، ففي الدية قولان: ففي المبسوط (2) والخلاف (3) غرة (4).
1. وعبارة الشرائع هكذا «ولا اعتبار بالسكون بعد الحركة» شرائع الإسلام: 4 / 280. 2. المبسوط: 4 / 125، كتاب الفرائض والمواريث، ميراث الحمل والحميل. 3. الخلاف: 4 / 113، المسألة 126 من كتاب الفرائض. 4. في مجمع البحرين: الغرة بالضم: عبد أو أمة. والغرة عند العرب أنفس كل شئ يملك، وقال الفقهاء: الغرة من العبد الذي ثمنه عشر الدية. 625 والمشهور توزيع الدية على مراتب التنقل (1) ففي النطفة بعد استقرارها في الرحم عشرون دينارا وإن كان بعد إلقائها فيه بلا فصل، وفي العلقة أربعون، وفي المضغة ستون، وفي العظم ثمانون، وفيه بعد الكمال مائة دينار حتى يستهل (2) فإذا استهل فالدية كاملة. قال الشيخ (رضي الله عنه): وفيما بين ذلك بحسابه. (3) قال ابن إدريس: معناه ان النطفة تمكث في الرحم عشرون يوما، ففيها بعد وضعها في الرحم إلى عشرين يوما عشرون دينارا، ثم بعد عشرين يوما لكل يوم دينار إلى أربعين يوما، وهي دية العلقة وهكذا (4) والروايات لا تساعده على ذلك، فإن الروايات دلت على أن بين كل مرتبة وأخرى أربعين يوما. 7294. الخامس: يتعلق بوضع كل واحد من العلقة والمضغة والعظم والجنين انقضاء العدة وصيرورة الأمة أم ولد، لفائدة التسلط على بطلان التصرفات السابقة، وهل تصير بوضع النطفة أم ولد؟ قال الشيخ (رضي الله عنه): في النهاية: نعم. (5) وفيه بعد. 7295. السادس: لو قتل المرأة فمات الجنين معها بعد العلم بحياته، فدية للمرأة ونصف دية الذكر ونصف دية الأنثى عن الجنين، فيلزمه ألف دينار ومائتان وخمسون دينارا، عن الأم خمسمائة ومن الجنين سبعمائة وخمسون.
1. في «أ»: مراتب النقل. 2. في «ب»: حتى استهل. 3. النهاية: 778. 4. السرائر: 3 / 416. 5. النهاية: 546، باب أمهات الأولاد. 626 وقيل بالقرعة (1) وليس بجيد، لأنها تثبت مع الإشكال، ولا إشكال مع النقل. 7296. السابع: لو أفزع مجامعا فعزل، فعليه دية ضياع النطفة عشرة دنانير. ولو عزل المجامع عن الحرة اختيارا بغير إذنها، فعليه عشرة دنانير لها، وهل هو واجب أو مستحب؟ فيه نظر. ولا شئ عليه لو عزل عن الأمة، سواء كانت مملوكته أو زوجته، وإن كرهت. 7297. الثامن: لو شربت الحامل دواء فألقت جنينا، أو ألقته بفعل غير ذلك مباشرة أو تسبيبا، فعليها دية ما ألقته لورثته غيرها. ولو أفزعها مفزع فألقته، فالدية على المفزع. 7298. التاسع: يرث دية الجنين وارث المال، الأقرب فالأقرب عن الجنين كأنه سقط حيا، ولو كان الجاني أباه أو أمه لم يرثا من الدية شيئا، وكانت الدية لغيرهما وإن بعد. 7299. العاشر: دية أعضاء الجنين وجراحاته بنسبة ديته، فلو ضربها فألقت عضوا كاليد، فإن ماتت لزمته ديتها ودية الجنين، وإلا فدية اليد خمسون. ولو ألقت أربع أيد فدية جنين واحد، لاحتمال أن يكون [ذلك] لو أحد (2) وإن بعد، وكذا لو ألقت رأسين.
1. ذهب إليه الحلي في السرائر: 3 / 417. 2. بأن يكون بعضها أصلية وبعضها زائدة. 627 ولو ألقت العضو، ثم الجنين ميتا، دخلت دية العضو في دية الجنين، فتلزمه مائة دينار، ولو ألقته حيا فمات لزمته دية النفس كملا، ودخلت دية العضو فيها. ولو بقي حيا مستقر الحياة، ضمن دية اليد خاصة. ولو تأخر وقوعه (1) فإن شهد أهل الخبرة أنها يد حي، فنصف الدية، والأقرب وجوب نصف دية الأنثى، ثم إن وضعته اعتبر حاله، وأكمل إن كان ذكرا، وإن ماتت هي قبل وضعه ومات لزمته دية الأم وإتمام دية الجنين المجهول. وإن شهدوا أنها يد ميت، أو اشتبه فخمسون. 7300. الحادي عشر: إنما تجب دية الجنين إذا سقط من الضربة، ويعلم بأن يسقط عقيب الضرب، أو تبقى متألمة إلى أن يسقط على ما قلناه، ولو ضرب من في جوفها حركة أو انتفاخ، فسكنت الحركة، لم يضمن الجنين، لعدم العلم به، فإذا ألقته ميتا ضمنه، سواء ألقته في حياتها أو بعد موتها. ولو ظهر بعضه من بطن أمه وجبت ديته، ولو ألقت ما يشتبه أن يكون علقة أو دم فساد أو ما يشتبه أن يكون مضغة أو غيرها، لم تجب دية العلقة ولا المضغة. 7301. الثاني عشر: إذا ألقت جنينا ميتا، (2) ثم ماتت، ورثت نصيبها من ديته ثم ترثها ورثته (3)، وإن أسقطته حيا ثم مات قبلها فكذلك.
1. وعبارة المحقق في الشرائع هكذا «ولو تأخر سقوطه» شرائع الإسلام: 4 / 284. 2. كذا في «ب» ولكن في «أ»: إذا ألقت ما يشتبه جنينا ميتا. 3. في «أ»: ورثتها. 628 وإن ماتت قبله، ثم ألقته ميتا، لم يرث أحدهما صاحبه. وإن خرج حيا ثم ماتت قبله ثم مات، أو ماتت ثم خرج حيا ثم مات، ورثها، ثم ترثه ورثته. ولو اختلف وراثهما في أقدمها موتا، لم يورث أحدهما من الآخر. 7302. الثالث عشر: لو ألقت جنينا ميتا، ثم آخر حيا، ففي الأول مائة وفي الثاني دية النفس. 7303. الرابع عشر: تعتبر قيمة الأمة المجهضة، عند الجناية، لا وقت الإلقاء. 7304. الخامس عشر: لو ضرب ذمية حاملا فأسلمت وألقته، لزمته دية جنين مسلم، لأنها وقعت مضمونة، والاعتبار بحال الاستقرار. ولو كانت حربية فأسلمت، ثم ألقته (1) فلا ضمان. ولو كانت أمة فأعتقت ثم ألقته، قال الشيخ: للمولى أقل الأمرين من عشر القيمة وقت الجناية أو الدية لأن العشر إن كان أقل، فالزيادة بالحرية، فلا يستحقها المولى فيكون لوارث الجنين، وإن كانت دية الجنين أقل، كان له الدية، لأن حقه نقص بالعتق. (2) وهو بناء على الغرة، أو على أن يكون جنين الأمة يجوز أن يزيد على جنين الحرة (3) والأقرب أن له عشر قيمة أمه (4) وقت الجناية.
1. في «أ»: ألقت. 2. المبسوط: 7 / 198. 3. لاحظ في توضيح العبارة المسالك: 15 / 485 - 486. 4. في «أ»: «أمته» وهو مصحف. ولاحظ الشرائع: 4 / 283. 629 7305. السادس عشر: العاقلة تضمن دية الجنين عن الجاني إن كان قتله خطأ مباشرة في ثلاث سنين، فإن ادعى الولي حياة الجنين، وصدقه الجاني، ضمنت العاقلة دية جنين ميت، وضمن المقر ما زاد، ولو أنكر وأقاما بينة، قدم قول بينة الولى لأنها تشهد بزيادة. 7306. السابع عشر: لو ضربها فألقته، فمات عند سقوطه، فالضارب قاتل يقتل إن كان عمدا، ويضمن الدية في ماله إن كان شبيه عمد، والعاقلة إن كان خطأ، وكذا لو بقي مريضا حتى مات، أو وقع صحيحا وكان [ممن] لا يعيش مثله، وتجب عليه الكفارة في جميع ذلك. 7307. الثامن عشر: لو وطئها مسلم وذمي للشبهة في طهر واحد، فسقط بالجناية، أقرع بين الواطئين، وتجب دية جنين من يلحق به بالقرعة. ولو ضرب ذمية فألقت جنينا، فادعى ورثته أنه من مسلم حملت به من وطء شبهة، فاعترف الجاني، لزمته دية جنين المسلم، وإن أنكر فالقول قوله مع اليمين، وفي الخطأ القول قول العاقلة، فإن صدق الجاني الورثة، حكم عليه لا على العاقلة. ولو كانت الأمة بين شريكين، وحملت بمملوك فضربها أحدهما فألقته، ضمن لشريكه (1) نصف عشر قيمة أمه، ويسقط ضمان نصيبه، وإن أعتقها الضارب بعد ضربها، عتق نصيبه منها ومن ولدها، وعليه نصف قيمة الأمة ونصف قيمة الجنين، ولا يجب عليه ضمان ما أعتقه، لأنه حين الجناية لم يكن مضمونا.
1. في «ب»: بشريكه. 630 ولو كان معسرا ضمن حصة الشريك من الجنين دون حصته من الجارية، فإن قلنا بسريان العتق إلى الجنين، فعليه نصف دية الجنين، يرثها وارثه. ولو كان المعتق غير الضارب وكان معسرا، عتق نصيبه من الجنين وأمه إن قلنا بالسريان، فعلى الضارب الكفارة ودية نصف الجنين الحر ونصيبه هدر، وإن كان موسرا، قوم عليه نصيب شريكه من الجارية، فإن قلنا ينعتق النصيب باللفظ، فعلى الضارب دية الجنين الحر، وإن قلنا بالأداء فكالمعسر. ولو ضرب بطن أمته ثم أعتقها، ثم ألقت جنينا ميتا لم يضمنه. ولو كانت مشتركة بين اثنين فضرباها ثم أعتقاها معا، فوضعت جنينا ميتا، فعلى كل واحد نصف عشر قيمة أمه (1) لشريكه، لأن كل واحد منهما جنى على الجنين ونصفه له، فسقط عنه ضمانه، ولزمه ضمان نصفه لشريكه. 7308. التاسع عشر: لو ادعت الحرة على إنسان أنه ضربها فأسقطت فالقول قوله مع اليمين، ولو أقر بالضرب أو قامت به بينة، وأنكر الإسقاط، فالقول قوله مع يمينه على نفي العلم. وإن ثبت الضرب والإسقاط، وادعى أن الإسقاط من غير الضرب، فإن حصل [الإسقاط] عقيب الضرب، أسند إليه وإلا فلا. فإن ادعى أنها شربت دواء أو ضربها غيره فألقته، فالقول قولها مع اليمين. وإن أسقطت بعد الضرب بأيام فإن بقيت متألمة [إلى حين الإسقاط] فالقول قولها مع اليمين، وإلا فالقول قوله مع يمينه.
1. في «أ»: «أمة» ولعله مصحف. 631 7309. العشرون: في قطع رأس الميت الحر المسلم مائة دينار، وفي قطع جوارحه بحساب ديته، وكذا في شجاجه وجراحه، ولا يورث عنه بل يتصدق بها عنه، أو يحج عنه، أو يصرف في غيرهما من وجوه البر وقال المرتضى: لبيت المال. (1) الفصل الرابع: في الجناية على الحيوان وفيه خمسة مباحث: 7310. الأول: من أتلف حيوانا مأكول اللحم، كالإبل، والبقر، والغنم، على غيره بالذكاة، فعليه الأرش بين كونه حيا ومذكى، واختار الشيخان (2) دفعه إلى الجاني وإلزامه بقيمته للمالك، لإتلافه أتم منافعه. أما لو أتلفه بغير الذكاة، فإنه يجب عليه قيمته للمالك يوم إتلافه، ويسقط من قيمته ما بقي منه مما ينتفع به كالشعر والصوف والوبر والريش، إذا دفعه، إلى المالك. ولو قطع بعض أعضائه، أو كسر شيئا من عظامه، أو جرحه، وجب عليه الأرش إن كانت حياته مستقرة وإلا فالقيمة. 7311. الثاني: لو أتلف غير مأكول اللحم مما تقع عليه الذكاة كالأسد
1. الانتصار: 542، المسألة 301. 2. المقنعة: 769، النهاية: 780. 632 والنمر والفهد، فعليه الأرش، وإن كان لا بالذكاة، فعليه قيمته يوم الإتلاف. ولو كسر شيئا من عظامه، أو جرحه، أو قطع منه شيئا، ضمن أرشه. ولو تلف عقيب ذلك بالجناية، ضمن القيمة. 7312. الثالث: لو أتلف كلب الصيد، فعليه أربعون درهما (1) والشيخ خصه بالسلوقي. (2) وهو منسوب إلى قرية باليمن يقال لها: السلوقي. وفي كلب الغنم كبش وقيل: عشرون درهما (3) وهي رواية ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) وهي أشهر، والأولى أصح طريقا. وفي كلب الحائط عشرون درهما، وفي كلب الزرع قفيز من بر. ولا قيمة لغير ذلك من الكلاب وغيرها، ولا يضمن قاتلها شيئا. أما ما يملكه الذمي كالخنزير، فإنه يضمن قاتله بقيمته عند مستحليه بشرط الاستتار وفي أطرافه الأرش. ولو أتلف خمرا لذمي مستترا [أ] وآلة اللهو كذلك، ضمنها المتلف، وإن كان مسلما، ولو أظهرها فلا ضمان. ولو كان ذلك لمسلم، فلا ضمان على المتلف وإن كان كافرا. 7313. الرابع: دية الكلاب مقدرة على القاتل، أما الغاصب فإنه يضمن
1. في «أ»: لو أتلف كلب الصيد فقتله فعليه أربعون درهما. 2. النهاية: 780. 3. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 780، والمفيد في المقنعة: 769، والحلي في السرائر: 3 / 421. 4. الوسائل: 19 / 167، الباب 19 من أبواب ديات النفس، الحديث 4. 633 بالقيمة السوقية إن زادت عن المقدر لو تلفت في يده وإن نقصت، فالوجه الضمان بالمقدر. 7314. الخامس: لا دية لجنين الدابة مقدرة، بل أرش ما نقص من أمها، فتقوم حاملا، ويلزم الجاني بالتفاوت، وفي رواية: يلزمه عشر قيمة الأم. (1) والمعتمد الأول. في كفارة القتل الفصل الخامس: في الكفارة بالقتل وفيه ثمان مباحث: 7315. الأول: القتل إن كان عمدا، وجبت كفارة الجمع، وهي عتق رقبة، وإطعام ستين مسكينا، وصيام شهرين متتابعين. وإن كان خطأ، وجبت المرتبة، وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يتمكن فإطعام ستين مسكينا، وكذا في قتل شبيه العمد. 7316. الثاني: إنما تجب المرتبة في الخطأ مع مباشرة القتل لامع التسبيب فلو طرح حجرا، أو حفر بئرا، أو نصب سكينا في غير ملكه، فعثر به عاثر فهلك، وجبت الدية دون الكفارة.
1. الوسائل: 19 / 166، الباب 18 من أبواب ديات النفس، الحديث 2، وادعى ابن إدريس في السرائر الإجماع على مضمون الرواية وتواتر الأخبار، واعترضه صاحب الجواهر بقوله: «وإن كنت لم أتحقق شيئا منهما» ثم استحسن في الجواهر ما اختاره المصنف (قدس سره) لاحظ الجواهر: 43 / 392، والسرائر: 3 / 419 - 420. 634 7317. الثالث: إنما تجب الكفارة بقتل المسلم ومن هو بحكمه من الأطفال، وإن كان جنينا لم تلجه الروح بعد تمام خلقته، سواء كان ذكرا أو أنثى، حرا أو عبدا، عاقلا أو مجنونا، مملوكا للقاتل أو لغيره. 7318. الرابع: لا تجب الكفارة بقتل الذمي وغيره من أصناف الكفار، معاهدا كان أو غير معاهد، حل قتله أو حرم. 7319. الخامس: لو قتل مسلما في دار الحرب عالما بإسلامه من غير ضرورة، وجب القود والكفارة، ولو ظنه كافرا فلا دية، وعليه الكفارة، ولو بان أسيرا ضمن الدية والكفارة، لعجز الأسير عن التخلص. 7320. السادس: لو اشترك جماعة في القتل، فعلى كل واحد كفارة كملا. 7321. السابع: تجب الكفارة على قاتل العمد إن عفي عنه إلى الدية أو مطلقا، وإن قتل قصاصا قال في المبسوط: يسقط (1) والوجه وجوبها في ماله. 7322. الثامن: الأقرب سقوط الكفارة عن الصبي والمجنون وعن قاتل نفسه.
1. المبسوط: 7 / 246. 635 المقصد الثاني: في محل الدية وفيه ثلاث وعشرون بحثا: 7323. الأول: القتل إن كان عمدا، وجبت الدية على الجاني في ماله، إن رضي منه بها، وكذا إن كان شبيه العمد، ولو فقد القاتل وجبت الدية في تركته. وقال الشيخ في المبسوط: إذا هلك قاتل العمد سقط القصاص والدية (1) وتردد في الخلاف في سقوط الدية (2) والوجه ما قلناه من وجوب الدية في تركته، فإن لم يكن له تركة وجبت على الأقرب فالأقرب من ورثته، وعليه دلت رواية أبي بصير. (3) وأما دية الخطأ المحض، فهي على العاقلة، سواء كان للجاني مال، وقدر عليه أولا. والمراد بالعاقلة: العصبة، والمعتق، وضامن الجريرة، والإمام. وسميت عاقلة لأنها تحمل العقل، والعقل هنا الدية، سميت عقلا لأنها
1. المبسوط: 7 / 65، كتاب الجراح. 2. الخلاف: 5 / 184 - 185، المسألة 50 من كتاب الجنايات. 3. الوسائل: 19 / 302 - 303، الباب 4 من أبواب العاقلة، الحديث 1. 637 تعقل لسان ولي المقتول، أو سميت العاقلة عاقلة لأنهم يمنعون عن القاتل. 7324. الثاني: العصبة من تقرب بالأبوين أو بالأب خاصة. من الذكور، كالإخوة وأولادهم، والأعمام وأولادهم، سواء كانوا من أهل الإرث في الحال أو لا. وقيل: العصبة هم الذين يرثون القاتل لو قتل (1) وفيه نظر فإن الدية قد يرث الإناث منها وكذا الزوج والزوجة والمتقرب بالأم على الأصح. ويختص بها الأقرب فالأقرب كما تورث الأموال، بخلاف العقل، فإنه يختص الذكور من العصبة، دون من يتقرب بالأم، ودون الزوج والزوجة وقيل: الأقرب ممن يرث بالتسمية، ومع عدمه، يشترك في العقل بين من تقرب بالأم، ومن تقرب بالأب أثلاثا. (2) وما قلناه أجود. 7325. الثالث: الأقرب دخول الآباء والأولاد في العقل، وقال في المبسوط (3) والخلاف (4): بعدم دخولهم. ولا يشتركهم القاتل في الضمان ولا أهل الديوان (5) ولا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة، ولا المولى من أسفل، وإنما يعقل المولى من أعلى.
1. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 737. 2. القائل هو ابن الجنيد، حكاه عنه المصنف في المختلف: 9 / 301. 3. المبسوط: 7 / 173. 4. الخلاف: 5 / 277، المسألة 98 من كتاب الديات. 5. قال الشهيد في المسالك: 15 / 511: المراد بأهل الديوان: الذين رتبهم الإمام للجهاد، وأدر لهم أرزاقا، وجعلهم تحت راية أمير يصدرون عن رأيه. 638 ولا يدخل في العقل كل من يقرب بالام ولا الزوج والزوجة، وعلى قول الشيخ (رضي الله عنه) من أن الأولاد والآباء لا يدخلون في العقل، لو كان الولد ابن عم (1) لم يعقل، قال: ولو قلنا إنه يعقل من حيث إنه ابن عم (2) كان قويا (2) ولا تعقل المرأة، ولا الصبي ولا المجنون، وإن ورثوا من الدية، ولا يتحمل الفقير شيئا، ويعتبر الفقر عند المطالبة، وهو جيد، وهو حول الحول. 7326. الرابع: ويشترك في العقل الحاضر والغائب، ويبدأ في قسمته بين العاقلة بالأقرب فالأقرب، ولا يشترك القريب والبعيد مع اتساع القريب، فيقسم على الآباء والأولاد عندنا، خلافا للشيخ (3) ثم على أولادهم، ثم على الأعمام، ثم على أولادهم، ثم على أعمام الأب، ثم على أولادهم، ثم على أعمام الجد، ثم على أولادهم، وهكذا (4) حتى إذا استوعب المناسب انتقل إلى المعتق، ثم على عصباته، ثم على مولى المولى، ثم على عصباته الأقرب في ذلك فالأقرب. وإذا اتسعت (5) أموال قوم للعقل لم يعدهم إلى من بعدهم ويقدم من يتقرب بالأبوين على من تقرب بالأب (6) كالإرث، ولو قيل بعدم التقديم كان وجها، لأن قرابة الأم لا مدخل لها في العقل. 7327. الخامس: لا يعقل إلا من عرف كيفية انتسابه إلى القاتل، بأن يعرف
1. كذا في المصدر ولكن في النسختين «ابن ابن عم». 2. كذا في المصدر ولكن في النسختين «ابن ابن عم». 2. المبسوط: 7 / 173. 3. المبسوط: 7 / 173، الخلاف: 5 / 277. 4. كذا في «ب» ولكن في «أ»: خلافا للشيخ، ثم على الإخوة ثم على أولادهم وهكذا. 5. في «أ»: فإذا اتسعت. 6. في «ب»: «ويقدم من يقرب بالأبوين على من يقرب بالأم» والصحيح ما في المتن. 639 نسبه من القاتل (1) أو يعلم أنه من قوم يدخلون كلهم في العقل، ومن لا يعرف كيفية انتسابه لا يدخل في العقل وإن كان من قبيلته، إلا أن يعلم انتسابه بالأب و كيفية انتسابه به، فلو كان القاتل قرشيا، لم يلزم قريشا كلهم، وإن رجعوا إلى أب واحد، لتفرقهم، فصار كل قوم، يتميزون به. وإن لم يثبت نسب القاتل من أحد، أخذت الدية من بيت المال. وإذا أقر بنسب مجهول، ألحقناه به، فإن ادعاه آخر وأقام البينة قضي له به، وأبطل الأول، فإن ادعاه ثالث ببينة أنه ولد على فراشه، قضي له به لاختصاصه مع شهادة النسب بالسبب. 7328. السادس: لا تتحمل العاقلة ما دون الموضحة، وهو الأشهر، وقال في الخلاف: تتحمل العاقلة القليل والكثير (2) والمشهور ما قلناه، وتتحمل الموضحة فما زاد. 7329. السابع: لا تعقل العاقلة، إقرارا، ولا صلحا، ولا جناية عمد، إلا مع عدم القاتل وتركته، على ما اخترناه نحن أولا، سواء كانت جناية العمد توجب القصاص أو الدية، كقتل الأب ولده والمسلم الكافر، والحر العبد، وكالمأمومة والجائفة. 7330. الثامن: لو جنى على نفسه عمدا أو خطأ، كانت هدرا، ولا تضمنه العاقلة. ولو اقتص بحديدة مسمومة، فسرى إلى النفس، جاهلا بالسم، فعلى العاقلة، لعدم القصد إلى إتلافه.
1. في «ب»: نسبته من القاتل. 2. الخلاف: 5 / 283، المسألة 106 من كتاب الديات. 640 ولو وكل في استيفاء القصاص ثم عفا عنه، فقتله الوكيل من غير علم بعفوه، لم تضمن العاقلة. 7331. التاسع: الذمي إذا جنى، كانت الجناية في ماله، عمدا كانت أو خطأ دون عاقلته، فإن عجز عن الدية فعاقلته الإمام، لأنه يؤدي الجزية إليه، كما يؤدي المملوك الضريبة إلى مولاه. 7332. العاشر: المملوك إذا جنى جناية، تعلقت برقبته، عمدا كانت الجناية أو خطأ، ولا يلزم المولى ضمانها، سواء كان قنا، أو مدبرا، أو مكاتبا، أو أم ولد. وعمد الصبي والمجنون، خطأ تضمنه العاقلة. 7333. الحادي عشر: ضامن الجريرة يعقل المضمون، ولا يعقل عنه المضمون، ولو دار الضمان دار العقل، ولا يجتمع الضمان مع عصبة، ولا معتق لأن عقده مشروط بجهالة النسب وعدم المعتق. نعم لو وجد ولا نسب ولا منعم، كانت الحوالة في العقل عليه مع يسره دون الإمام. 7334. الثاني عشر: لا تضمن العاقلة عبدا، (1) بمعنى أن العبد إذا قتل كانت
1. توضيحه: لما كانت دية الخطأ على عاقلة القاتل استثني موارد: 1 - إذا كان المقتول عبدا، فالدية (قيمة العبد) في مال القاتل لا على العاقلة. 2 - إذا جنت البهيمة فلا يضمن الجناية عاقلة المالك بل على مالك البهيمة. 3 - إذا أتلف المال فالضمان على المتلف لا على عاقلته. ثم إن المسألة معنونة في الشرائع: 4 / 294 غير أن الشهيد في المسالك: 15 / 528، وصاحب الجواهر في الجواهر: 43 / 450 فسرا كلام المحقق على نحو يكون العبد قاتلا لا مقتولا، فقالا بعدم تعلق الدية بعاقلة العبد بل على رقبته، فلاحظ. 641 قيمته في مال القاتل، لا على عاقلة القاتل خطأ، لأنه مال تختلف قيمته باختلاف صفته، ولا تضمن بهمية ولا إتلاف مال، بل تختص العاقلة بضمان الجناية على الآدمي خاصة. 7335. الثالث عشر: لا تحتمل العاقلة صلحا، بأن ينكر القاتل دعوى القتل ولا بينة فيصالح على الدية أو بعضها، ولا تضمن إقرارا أيضا، بأن يقر القاتل على نفسه بقتل الخطأ، بل يلزم المقر بالدية في ماله. 7336. الرابع عشر: تضمن العاقلة الدية في ثلاث سنين، يؤدي عند انسلاخ كل سنة، ثلث المال، سواء كانت تامة أو ناقصة كدية المرأة والذمي أو ارشا وفي المبسوط تستأدى في آخر السنة ان كان بقدر ثلث الدية. 7337. الخامس عشر: تحمل العاقلة دية الطرف إن كان بقدر الموضحة فما زاد ودية المرأة وما بلغ من جراحها أرش الموضحة، ودية الجنين الكامل قبل أن تلجه الروح. وخطأ الإمام والحاكم في الحكم والاجتهاد على بيت المال، وفي غيره على عاقلته. 7338. السادس عشر: جناية العبد عمدا على رقبته يقتص منه، أو يسترق، والخيار في ذلك إلى المولى، وجنايته خطأ تتعلق برقبته، فإن شاء مولاه دفعه، وإن شاء فداه، قيل: بأقل الأمرين من الأرش وقيمته (1) وقيل: بالأرش أجمع أو
1. القولان للشيخ في المبسوط، إلا أنه قال: الأول أقوى والثاني أظهر في رواياتنا. لاحظ المبسوط: 7 / 7. 642 يدفعه (1)، فإن أعتقه مولاه ضمن الأرش إن كانت خطأ، وإن كانت عمدا، فالأقرب بطلان العتق. ولو باعه أو وهبه صح، ولم تزل الجناية عن رقبته، ويتخير المشتري مع جهالته بين الفسخ والإمضاء. 7339. السابع عشر: الدية تجب ابتداء على العاقلة، فلا ترجع العاقلة بها على الجاني على الأصح، بل ولا يشاركهم، نعم لو لم يكن له عاقلة ولا شئ في بيت المال، أخذت الدية من ماله. 7340. الثامن عشر: قيل: يقسط الإمام الدية على العاقلة على الغني عشرة قراريط، وعلى الفقير خمسة قراريط (2) والأقرب أنه يقسطها بحسب ما يراه الإمام نعم لا يجحف ويأخذ من البعيد مع قصور القريب عن التقسيط، ومن الموالي مع وجود العصبة، فإن اتسعت أخذ من عصبة المولى، ولو زادت فعلى مولى المولى، ثم على عصبة مولى المولى وهكذا. فإن زادت [الدية] عن العاقلة أجمع، أخذ، من الإمام، قال الشيخ: لو كانت الدية دينارا وله أخ واحد اخذ منه نصفه ومن الإمام الباقي (3) وهو بناء على قوله في تضمين العاقلة ما دون الموضحة. ولو زادت العاقلة عن الدية، لم يختص بها البعض.
1. القولان للشيخ في المبسوط، إلا أنه قال: الأول أقوى والثاني أظهر في رواياتنا. لاحظ المبسوط: 7 / 7. 2. ذهب إليه الشيخ في المبسوط: 7 / 174 و 178. 3. المبسوط: 7 / 174. 643 7341. التاسع عشر: ابتداء زمان التأجيل حين الموت، وفي الطرف حين الجناية، لا من وقت الاندمال، وفي السراية من وقت الاندمال ولا يقف ضرب الأجل على حكم الحاكم، ولو مات الموسر بعد الحول أخذ من تركته. ولو مات قبل الحول أو افتقر، أو جن لم يلزمه شئ. ولو كان فقيرا حال القتل، فاستغنى عند الحول، احتمل الوجوب، فإن بلغ الصبي، أو أفاق المجنون، فالاحتمال أضعف. 7342. العشرون: إذا كانت العاقلة غائبة، كتب الحاكم إلى تلك البلدة بالواقعة، ليوزع الدية عليهم. ولو لم يكن [له] عاقلة أو عجزت أخذت من الجاني، فإن عجز، أخذ من الإمام للرواية (1) وقيل مع فقد العاقلة أو فقرها يؤخذ من الإمام دون الجاني. (2) أما دية شبيه العمد، ففي مال الجاني، فإن مات أو هرب، قيل: تؤخذ من الأقرب إليه ممن يرث ديته، فإن لم يكن، فمن بيت المال. (3) 7343. الحادي والعشرون: يعقل المريض الموسر وإن كان زمنا والشيخ وإن بلغ الهرم (4) والأعمى. 7344. الثاني والعشرون: لو قتل الأب ولده عمدا، أخذت الدية منه للوارث غيره، ولا نصيب له منها، ولو انتفى الوارث، كانت للإمام.
1. الوسائل: 19 / 300، الباب 2 من أبواب العاقلة، الحديث 1، ولاحظ الحديث 1 من الباب 6 من أبواب العاقلة. 2. ذهب إليه الشيخ في النهاية: 737. 3. القائل هو الشيخ في النهاية: 738. 4. خلافا لبعض أهل السنة، لاحظ المغني لابن قدامة: 9 / 523. 644 ولو قتله خطأ، فالدية على عاقلته، يرثها غير الأب على الأقوى، فإن لم يكن وارث غير الأب، وقلنا بنفي ميراثه، فلا بحث، وإلا فالوجه عدم الأخذ من العاقلة، وكذا لو قتل الابن أباه خطأ. 7345. الثالث والعشرون: لو رمى الذمي طيرا، ثم أسلم، ثم قتل السهم مسلما، لم يعقل عنه عصبته من الذمة (1) ولا من المسلمين، لأنه رمى وهو ذمي، ويضمن الدية في ماله. ولو رمى مسلم طائرا، ثم ارتد ثم أصاب مسلما، قال الشيخ لا يعقل عنه المسلمون ولا الكفار (2) ويحتمل أن يعقل عنه المسلمون، لأن ميراثه لهم. ولو تزوج عبد بمعتقة فأولدها [أولادا] فولاؤهم لمولى أمهم، فإن جنى أحدهم فالعقل على مولى الأم، لأنه عصبته ووارثه، فإن أعتق أبوه انجر الولاء إليه، فإن سرت الجناية بعد عتق الأب، أو رمى بسهم فأعتق أبوه قبل الإصابة، لم يحمل عقله أحد، لأن مولى الأم قد زال ولاؤه عنه قبل قتله، ومولى الأب لم يكن له عليه ولاء حال جنايته، فتكون الدية [عليه] في ماله. [قال المصنف:] فهذا آخر ما أفدناه في هذا الكتاب، وهو قيم لغرض طالب التوسط (3) في هذا الفن، ومن أراد الإطالة فعليه بكتابنا الموسوم ب «تذكرة الفقهاء» الجامع لأصول المسائل وفروعها، مع إشارة وجيزة إلى وجوهها، وذكر الخلاف الواقع بين العلماء، وإيراد ما بلغنا من كلام الفضلاء.
1. وفي الشرائع: 4 / 292: «من الدية» وهو مصحف. 2. المبسوط: 7 / 183. 3. في بعض النسخ: نعرض طالب التوسط. 645 ومن أراد الغاية وقصد النهاية، فعليه بكتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب». والله الموفق للصواب، منه المبدأ وإليه المآب. كلمة المحقق * * * قال المحقق: ذكر المصنف في آخر كتاب النكاح - ج 4 / 46 من هذه الطبعة -: أنه فرغ من هذا الجزء في شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وستمائة، وفي غير واحدة من النسخ الموجودة في مكتبتي: «دار القرآن الكريم وآية الله المرعشي» في قم المشرفة في هذا المقام ما هذا لفظه: «والحمد لله رب العالمين فرغت من تسويده في ثامن شوال سنة سبع وتسعين وستمائة وكتب حسن بن يوسف بن مطهر مصنف الكتاب، والحمد لله وحده وصلى الله على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين». نعم نقل المحقق الطهراني في الذريعة: 3 / 379 عن بعض النسخ: أن المصنف فرغ من الكتاب في عاشر ربيع الأول سنة 690 ه ولعله ناظر إلى فراغه عن بعض أجزائه، كما يظهر من فهرس مكتبة المرعشي للنسخ الخطية، فلاحظ الجزء 17 / 285 برقم 6732. قد بذلنا غاية الجهد في تحقيق هذا الكتاب وتخريج مصادره
646 حتى أصبح بمنه سبحانه كتابا محققا مصححا إلا ما زاغ عنه البصر، وقد خصصنا الجزء السادس لفهرس المواضيع وسائر الفهارس الفنية. وقد فرغنا من عملية التحقيق والتخريج يوم الخميس، السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر من شهور عام 1422 ه. نحمده سبحانه ونشكره على هذه النعمة، ونصلي ونسلم على النبي محمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين، ونرجو من منه الجسيم أن يتقبل هذا العمل من عبده الضعيف بأحسن قبول، ويجعله ذخرا ليوم معاده الذي وصفه سبحانه بقوله: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.