ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة (جزء 1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة (جزء 1) - نسخه متنی

محمد بن مکی شهید اول؛ گردآورنده: مؤسسة آل البيت (ع) لاحياء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة
المؤلف: الشهيد الأول
الجزء: 1
الوفاة: 786
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: محرم 1419
المطبعة: ستاره - قم
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم
ردمك: 964-319-103-6
ملاحظات: 964-319-102-8 / 4 VOLS.
ذكرى الشيعة
في
أحكام الشريعة
تأليف
الشهيد الأول
محمد بن جمال الدين مكي العاملي الجزيني قدس سره الشريف
734 - 786 ه‍ ق
الجزء الأول
تحقيق
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث

1
bp الشهيد الأول، محمد بن مكي، 734 - 786 ق.
3 / 182 ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة / تأليف الشهيد الأول محمد بن جمال
8 ذ 9 ش الدين مكي العاملي الجزيني، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء
1376 التراث. - قم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1418 ق = 1376.
ج نموذج - (مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 199 - 202)
342 / 297 المصادر بالهوامش.
1، الفقه الجعفري القرن 8 ق. 2. عبادات الشيعة. الف. مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث. ب. العنوان.
شابك (ردمك) 8 - 102 - 319 - 964 / 4 أجزاء
vols 4 / 8 - 102 - 319 - isbn 964
شابك (ردمك) 6 - 103 - 319 - 964 / ج 1.
1. vol / 6 - 103 - 319 - isbn 964 الكتاب: ذكرى الشيعة / ج 1.
المؤلف: الشهيد الأول.
تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم
الطبعة: الأولى - محرم 1419 ه‍.
الفلم والألواح الحساسة (الزنگ):
المطبعة: ستارة - قم.
الكمية: 5000 نسخة
السعر: 7500 ريال.

2
بسم الله الرحمن الرحيم.

3
جميع الحقوق محفوظة ومسجلة
لمؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث
مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث
قم دور شهر (خيابان شهيد فاطمي) كوچه 9 - پلاك 5
ص. ب 996 / 37185 - هاتف 4 - 730001

4
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخير بريته محمد
المصطفى، وعلى آله الغر الميامين.
تعاقبت على المتن الفقهي الشيعي مراحل عدة وأدوار مختلفة ساهمت مساهمة
فاعلة في بلورة طابعه الذي تميز به، وخصائصه التي تفرد بها، حتى اتخذ أبعاده وموازينه
القائمة حاليا.
ولقد كان للكفاح الفكري الدؤوب والجهود العلمية الهائلة التي بذلها أعلام
الطائفة وأساطينها الأفذاذ، الدور المشهود في تثبيت وتطوير واستقلالية الفقه الشيعي.
ولبعض هؤلاء الفطاحل الأمجاد اللمسات البارزة والدور الأكبر فيما تحقق له من
تكاملية وحيوية، نخص منهم:
شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (م 460).
المحقق الحلي، جعفر بن الحسن (م 676).
العلامة الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر (م 726).
الشهيد الأول، محمد بن مكي العاملي (م 786).

5
الوحيد البهبهاني، محمد باقر (م 1205).
الشيخ مرتضى الأنصاري (م 1281).
وجماعة من أهل الفن والاختصاص حصروا هذه المراحل كلها في مرحلتين:
1 - مرحلة المتقدمين.
2 - مرحلة المتأخرين.
والمراد من (المتقدمين) في المتون الفقهية المصنفة في القرن السادس والسابع.
فقهاء عصر الأئمة (ع). و (المتأخرين): ما جاوز منهم فترة حضور الإمام (ع)، أي سنة
260 فما بعد.
وقد يطلق مصطلح (المتقدمين) على شيخ الطائفة ومن تقدمه، و (المتأخرين)
على من بعده.
والمعروف من المتون الفقهية عموما أن المحقق الحلي - ولربما العلامة - هو الحد
الفاصل وحلقة الوصل بين (المتقدمين) و (المتأخرين).
وقد أضيف مصطلح آخر في المتون الفقهية المدونة في القرن الثالث عشر بعنوان:
(متأخري المتأخرين)، حيث يكون المراد من (متأخريهم) من هم بعد زمن صاحب
المدارك.
ولعل هذا التقسيم الثنائي يفتقد الدقة في الضبط والتثبت، فهو في الحقيقة أشبه
بمصادرة أو غفلة عن كثير من الخطوات العظيمة والابتكارات العملاقة والاقتراحات
البناءة والآراء السديدة التي صنعت للمتن الفقهي الشيعي كيانا علميا وفكريا مستقلا.
نعم، يمكن إيفاء المطلب حقه إن قلنا: إن أدوار ومراحل الفقه الشيعي - على ضوء
المحاسبات العلمية والتاريخية وما يقترن بهما من لوازم وعوامل مختلفة - تنشطر إلى ثمان:
1 - مرحلة عصر الأئمة (ع).
2 - مرحلة أهل الحديث.
3 - مرحلة تفوق الفقهاء وانحسار مد المحدثين.

6
4 - مرحلة الشيخ الطوسي.
5 - مرحلة الشهيد الأول.
6 - مرحلة المحقق الكركي.
7 - مرحلة الوحيد البهبهاني.
8 - مرحلة الشيخ الأنصاري.
ولا يخفى أن تفصيل وبيان كل مرحلة بحد ذاتها وما تمتاز به من خصائص
ومواصفات، يستدعي بسط البحث واستطالته، مع اننا نروم التمحور - بعض الشئ -
حول مرحلة الشهيد قدس سره، لما لذلك من صلة وارتباط بما نحن فيه، مسلطين الضوء
بشكل خاطف على جوانب من ملامحها وأطرها، اللذين يمكن استخلاصهما من خلال
استعراضنا لمختلف الظروف التي عايشها رضوان الله تعالى عليه - أخذا وعطاء - منذ
النشأة وحتى الشهادة.
لذا فنحن نستل من تلك المراحل الثمان مرحلة الشهيد قدس سره، فنخوض
غمارها بنوع من التوسع الذي يناسب المقام، فنقول:
استطاع الفقه الشيعي في المرحلة الثالثة أن يشكل بناء خاصا ويشيد برنامجا
مستقلا عن دور ومرحلة الحديث.
والملاحظ على المتون الفقهية التي صنفت في تلك الفترة اتصافها بالحالة الفقهية
التقليدية التي كانت سائدة حينذاك، تلك الحالة التي استلهم منها شيخ الطائفة تشييد
أسلوبه ومنهجيته في صياغة كتابه (النهاية)، إلا أنه قدس سره وبتدوينه (المبسوط)
و (الخلاف) قد خلق نوعا من التغيير والتحول في محتوى ومضمون المتن الفقهي الشيعي،
حيث سلك فيهما مسلك الأسلوب السني الحاكم آنذاك، فلا نجازف إن قلنا: إن هيكلية
هذا الفقه قد اضطربت بذلك، وأضحت خليطا من نظامين متفاوتين.
ولعل هذا كان منشأ التوهم القائل بنسبة الشيخ رحمه الله إلى مذهب الشافعية.
ولقد توغل هذا المنهج في عمق الواقع الثقافي والفكري الشيعي حتى ترك لمساته

7
البارزة على شتى المصنفات والتأليفات المنجزة حينذاك.
ويتخلص هذا الأسلوب ب‍: انه يستعرض أقوال ونظريات واستدلالات فقهاء
العامة أولا ثم يطرح أقوال ونظريات واستدلالات فقهاء الشيعة.
ولعل الفاضل الآبي قدس سره كان أول من انتفض على هذا الأسلوب وتلك
المنهجية، فصنف كتابه (كشف الرموز) ممتنعا فيه عن ذكر أقوال ونظريات واستدلالات
فقهاء العامة.
وشد أزره وتابعه على ذلك من تلامذة العلامة الحلي: ولده فخر المحققين في كتابه
(إيضاح الفوائد)، حيث استعاض عن نقل آراء وأدلة فقهاء العامة بنقل آراء وأدلة
فقهاء الشيعة.
ومع كل ذلك، لا يمكن لنا أن ننكر النضوج والترقي اللذين أصابا الفقه الشيعي
أبان مرحلة الشيخ الطوسي قدس سره، فلا زالت آثاره المباركة إلى يومنا هذا مهوى
أفئدة الطائفة بفقهائها ومفكريها وأساتذتها وتلامذتها، فهو المفخرة التي ساهمت في منح
المذهب عزة وكبرياء ومرتبة ورفعة.. ولعل تفريعات (المبسوط) خير مصداق وأرفع
مثل يحتذى به فيما نحن فيه.
كما لا يمكن تناسي دور العلامة الحلي وكل من سبقه ومن تلاه في تدعيم وتثبيت
أركان المؤسسة الفقهية الشيعية، فلا زالت تفريعاته - لا سيما في قسم المعاملات،
والمستفادة من النمط السني - مورد عناية وتوجه أهل الفن والاختصاص، والتي طبقها
على المتن الشيعي بشكل رائع من حيث الأساس والقواعد والأصول والمباني.
وشهيدنا الأول، شمس الدين محمد بن مكي العاملي، وبفضل نبوغه الذاتي
ومؤهلاته الفريدة، استطاع أن ينقح الأصول والقواعد الأساسية للفقه الشيعي، مجسدا
ذلك على متونه بشكل عملي قل نظيره، وبخطواته الهائلة - التي حققها بجهوده العملاقة -
تمكن من أن يحدث فيه انقلابا وتحولا مصيريا، مانحا إياه شخصيته الحقيقية وهويته
المستقلة.

8
إن طرح الشهيد للتفريعات التحقيقية والفقهية القيمة ذات الطابع الابتكاري
الحديث، وبسطه الفقه الشيعي وفتحه آفاقا جديدة له، أكسبه حلة بهية وذوقا رفيعا
ومكانة شامخة، تجلت بأنصع الصور وأروعها، فغدت (الألفية) و (النفلية) و (القواعد
والفوائد) و (الدروس) و (الذكرى) و (غاية المراد) و (اللمعة الدمشقية) وغيرها، من مصادر الفقه الشيعي ومراجعه المهمة، التي تعكس بكل وضوح هيبة مدرسة أهل
بيت العصمة والطهارة بأرقى خصائصها ومميزاتها.
وللمكانة التي نالها دور الشهيد وفكره الوقاد، فقد سار على دربه وتبع نهجه
فقهاء الطائفة وأساطينها، وذلك زهاء ما يقارب القرن والنصف، وهم وإن طرحوا في
آثارهم ومؤلفاتهم بعض المباني الجديدة والآراء المبتكرة، إلا أن السمة البارزة عليها
بيان أفكاره وشرح نظرياته وآرائه.
ومن أبرز هؤلاء الفقهاء:
ابن الخازن الحائري، زين الدين علي بن الحسن (م أوائل القرن التاسع).
ابن المتوج البحراني، أحمد بن عبد الله (م 820) صاحب النهاية في تفسير
الخمسمائة آية.
الفاضل المقداد، المقداد بن عبد الله السيوري الحلي (م 826) صاحب التنقيح
الرائع وكنز العرفان.
ابن فهد، أحمد بن محمد بن فهد الأسدي الحلي (م 841) صاحب المهذب البارع
والموجز الحاوي والمقتصد وغيرها.
شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلي (م النصف الأول من القرن التاسع)
صاحب معالم الدين في فقه آل ياسين.
المفلح بن الحسن الصيمري (م بعد سنة 887) صاحب كشف الالتباس وغاية
المرام وغيرهما.
ابن هلال، علي بن محمد بن هلال الجزائري (م بعد سنة 909).

9
إبراهيم بن سليمان القطيفي (م بعد سنة 945) صاحب إيضاح النافع
الشهيد الثاني، زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي (م 965) صاحب
الروضة البهية وروض الجنان ومسالك الأفهام وغيرها.
إن انتساب مرحلة من مراحل تطور متن الفقه الشيعي إلى الشهيد قدس سره يعد
بلا ريب أغلى وسام ناله جراء كفاحه المرير، ذلك الكفاح الذي ما ترك معه بابا من
أبواب العلم والمعرفة إلا وطرقه وارتوى من نميره بما يكفيه ويسد حاجته، فكانت سيرة
عطرة وحياة مباركة غذت شرايين الفكر والثقافة بأبهى الآراء وأجمل المقترحات
وملأت سوح الفضيلة جلالة وفخرا، متوجا إياها بدماء زاكيات سالت على ثرى المبدأ
والعقيدة الحقة، بعد أن أباحت هدرها فئة ضالة قادها الحقد الدفين والتعصب الأعمى
إلى ارتكاب تلك الجريمة النكراء، التي لا زال جبين الإنسانية يندى لها خجلا وحياء، ولا
عجب من ذلك، فإن له في السبط الشهيد (ع) أسوة حسنة ونموذجا رائعا.
غاية المراد وتمام المقصود: أن الشهيد بما خلفه من مخزون علمي خالد وتراث
فكري فذ، شاد معهما أرسى القواعد وأمتن المباني وأعمق النظريات، أنما كان حصيلة
إحاطته الفائقة بالعقليات والنقليات، فجمع شتى العلوم وألوان الفنون، حتى غدى بحد
ذاته مرحلة من مراحل الفقه الشيعي الثمان، رفدت متونه بأغنى المفاهيم وأرقى
الابتكارات.
هذا هو المدعى، أما إثباته فلنا أن نقول: إن إثبات كل مدعى يحتاج - كما لا يخفى -
إلى المؤنة الدليلية اللازمة مع القرائن المقبولة والشواهد المناسبة وصيغ الطرح الملائمة
وسائر اللوازم الأخرى، التي تصونه من النقض والرد وتقوي فيه جانب الإبرام
والثبوت، فكم من المدعيات التي ألغيت أو أسقطت لافتقادها لما يمكن أن تكادح به
المنافيات وتقاوم معه المعارضات.
ولعل كل زاوية من زوايا سيرة الشهيد العلمية والفكرية لها اللياقة في تحقق
المدعى وإثباته، فالأدلة على ذلك متزاحمة، مضافا إلى ما يدعمها من مؤيدات وقرائن

10
وشواهد، ولتيسير الطريق فإننا نستعرض حياته بشكل سريع، بما فيها: نشأته،
ورحلاته، وأساتذته، وتلامذته، وما قيل فيه، وآثاره، وجملة من آرائه ومقترحاته
وابتكاراته وملامح مدرسته وخصائصها، ثم شهادته رضوان الله تعالى عليه، حينذاك
سيتجلى ثبوت المدعى بكل وضوح وشموخ.
ولد قدس سره في جزين إحدى قرى جبل عامل من جنوب لبنان، سنة 734
ه‍، جبل عامل ذلك المكان الذي تخرج منه خمس علماء الشيعة، مع أنه لا يساوي عشر
عشر بلاد الشيعة مساحة، فكانت حركة العلم ومجالس الفكر والمعرفة مزدهرة آنذاك
فأطل الشهيد على الحياة الثقافية من أوسع منافذها، حتى جالس منذ نعومة أظفاره
- وبدافع من والده العالم الفاضل الشيخ مكي جمال الدين - علماءها، وخالط فقهاءها،
وارتاد ندواتها العلمية، وشارك في حلقات الدرس، التي كانت تعقد في المساجد
والمدارس والبيوت، وكثير ما كان يساهم في المناقشات التي كانت تدور بين الأساتذة
والطلاب أو الطلاب أنفسهم، فمنذ البدء تعود أن يبني لنفسه آراء مختصة به في مختلف
مسائل الفقه والأدب وغيرهما، حتى أصبح - مع صغره - يشار له بالفضل والعلم ويتوقع
له مستقبل زاهر ومشرق.
شد الرحال - وهو في أوائل ربيعه السابع عشر، أي في حدود سنة 761 - إلى
حيث يمكنه تلقي العلوم والمعارف، فارتاد الحلة وكربلاء المشرفة وبغداد ومكة المكرمة
والمدينة المنورة والشام والقدس، وتركز استقراره في الحلة التي كانت آنذاك عامرة
بأساطين الفقه وعلماء المعرفة، حتى أضحت قطبا حيويا ومدرسة رائدة من مدارس
الفقه الشيعي، وفي ظل هذا الازدهار وتلك الحيوية روى الشهيد ضمأه من أصفى منابع العلم وأنقاها.
فتلمذ على ولد العلامة فخر المحققين (م 771) الذي كان من أجل مشايخه وأعظم أساتذته وأكثرهم دراسة عليه، فأولاه من العناية ما لم يولها لغيره، لما رأى فيه من النبوغ
المبكر والمواصفات الفريدة، حتى قال فيه (استفدت منه أكثر مما استفاد مني).

11
وقرأ على الفقيهين الكبيرين الأخوين: عميد الدين، السيد عبد المطلب بن السيد
مجد الدين بن الفوارس (م 754)، وضياء الدين السيد عبد الله، ابني شقيقة العلامة،
قدس الله أرواحهم الزكية.
وتلمذ أيضا على تاج الدين، السيد أبو عبد الله محمد بن القاسم المعروف ب‍: (ابن
معية)، الذي كان من كبار علماء الحلة حينذاك.
وفي دمشق، قرأ على قطب الدين، محمد بن محمد الرازي البويهي (م 766).
الكلامي الكبير، والفيلسوف النحرير، صاحب شرح المطالع والشمسية وغيرهما.
أما أساتذته ومشايخه من العامة فهم كثيرون، منهم: القاضي برهان الدين إبراهيم
بن جماعة، قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة، جمال الدين - أبو أحمد -
عبد الصمد بن الخليل البغدادي، محمد بن يوسف القرشي الكرماني الشافعي المعروف
ب‍ (شمس الأئمة)، ملك النحاة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الحسن الحنفي النحوي،
شرف الدين محمد بن بكتاش التستري البغدادي الشافعي، ملك القراء والحفاظ شمس
الدين محمد بن عبد الله البغدادي الحنبلي، فخر الدين محمد بن الأعز الحنفي، شمس الدين
أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن المالكي.
قال قدس سره في إجازته لابن الخازن، وأما مصنفات العامة ومروياتهم فإني
أروي عن نحو من أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة ودار السلام بغداد ومصر
ودمشق وبيت المقدس ومقام إبراهيم الخليل عليه السلام (1).
وشرف التلمذ عليه والرواية عنه فهما لكثير، نخص بالذكر منهم: الفاضل المقداد
السيوري، ابن نجدة الكركي، ابن الخازن الحائري، ابن الضحاك الشامي، الشقراوي
الحناط، الكرواتي، عز الدين العاملي، ابن هلال الكركي، ابن زهرة الحسيني الحلبي، عز



(1) نقول: إن هذا لدليل جلي من دلائل عدة، وشاهد بارز من شواهد كثيرة، على سمو فكر
علماء الشيعة ونقاء سريرتهم وعدم إبائهم من تلقى شتى العلوم والمعارف عن طريق
علماء سائر المذاهب، مجردين أذهانهم بذلك عن كل حقد وتعصب. بل لم يمنعهم علو
مرتبتهم وجلالة مقامهم - باعتراف أكابر هذه المذاهب وفضلائها - من القيام بذلك.
12
الدين الحلي، بنته العالمة أم حسن، فاطمة، الملقبة ب‍: (ست المشايخ).
ولو تأملنا في مدة عمره الشريف - القصيرة نسبيا - ورحلاته إلى تلك البلاد
وتلك، وما خلفه من تصانيف رائعة في شتى العلوم والفنون، وأنظاره الدقيقة،
ومقترحاته العميقة، يعلم أنه من الذين اختارهم الله تعالى لتكميل عباده وعمارة بلاده،
وكل ما قيل أو يقال في حقه فهو دون مقامه ومرتبته.
وإليك بعض الخصائص التي ميزته رضوان الله تعالى عليه: -
أول من هذب متن الفقه الشيعي من أقاويل المخالفين.
- من فقهاء الشيعة الخمسة الذين أحاطوا بأقوال العامة والخاصة، أولهم زمانا:
المحقق الحلي، ثم العلامة الحلي، ثم ولده فخر المحققين، ثم الشهيد الأول، ثم الشهيد الثاني.
- رجحان كفته في كثير من الموازنات التي كان يعقدها كبار علمائنا بينه وبين
فطاحل الطائفة وعظمائها.
- أفقه الفقهاء باعتقاد جماعة من الفقهاء والأساتيذ.
- تأليفه كتابه الشهير (اللمعة الدمشقية) في سبعة أيام فقط.
- تمكنه من أن يضيف إلى مدرسة العلامة - في الفقه والكلام - ومنهجيتها أشياء،
ويطورها، ويحدد المفاهيم، بما لم يستطع عليه أساتذته وشيوخه.
- أول من بادر إلى تشكيل وتأسيس نظام خاص بجباية الخمس، وتوزيع العلماء
في المناطق المختلفة، وشبكة الوكلاء القائمة حاليا هي ثمرة جهوده المباركة.
- إنه عصارة ورمز مرحلة من مراحل تطور الفقه الشيعي بأكملها، حتى سميت
باسمه، وهذا مقام لم ينله ألا نوادر عظماء الطائفة وأساطينها.
قيل الكثير في نعته والإطراء عليه، وأثنى عليه أعاظم الفريقين، نختار بعضا منه
هنا:

13
- مولانا الإمام العلامة الأعظم، أفضل علماء العالم، سيد فضلاء بني آدم... (أستاذه فخر المحققين).
- مولانا الشيخ الإمام، العالم الفاضل، شمس الملة والحق والدين... (أستاذه ابن معية)
- شيخ الشيعة والمجتهد في مذهبهم... وإمام في الفقه والنحو والقراءة، صحبني مدة
مديدة فلم أسمع منه ما يخالف السنة... (شمس الدين الجزري)
- المولى الأعظم الأعلم، إمام الأئمة، صاحب الفضلين، مجمع المناقب والكمالات
الفاخرة، جامع علوم الدنيا والآخرة - - - (أستاذه شمس الأئمة الكرماني القرشي الشافعي)
- الشيخ الإمام العلامة، الفقيه البارع الورع، الفاضل الناسك الزاهد...
أستاذه عبد الصمد بن الخليل البغدادي شيخ دار الحديث ببغداد)
- الشيخ الفقيه. وإمام المذهب، خاتمة الكل، مقتدى الطائفة المحقة، ورئيس
الفرقة الناجية.... الشهيد المظلوم...
(تلميذه ابن الخازن الحائري)
- ملك العلماء، علم الفقهاء، قدوة المحققين والمدققين، أفضل المتقدمين
والمتأخرين.... الرئيس الفائق بتحقيقاته على جميع المتقدمين، مهذب المذهب... (المحقق الكركي)
- خاتمة المجتهدين، محيي ما درس من سنن المرسلين، البدل، النحرير، المدقق،
الجامع بين منقبة العلم والسعادة ومرتبة العمل والشهادة.. (الشهيد الثاني)
- الشيخ الإمام الأعظم، محيي ما درس من سنن المرسلين، محقق حقائق الأولين
والآخرين....

14
- شيخ الطائفة وعلامة وقته، صاحب التدقيق والتحقيق، من أجلاء هذه الطائفة
وثقاتها، نقي الكلام، جيد التصانيف....
(التفرشي صاحب نقد الرجال)
- كان عالما ماهرا، فقهيا، محدثا، مدققا، متبحرا، كاملا، جاما لفنون العقليات
والنقليات، زاهدا، عابدا، ورعا، شاعرا أديبا، منشئا فريد دهره، عديم النظير في
زمانه...... (الحر العاملي)
- علامة العلماء العظام، مفتي طوائف الإسلام. مهذب مسائل الدين الوثيق...
العارج إلى أعلى مراتب العلماء والفقهاء المتبحرين وأقصى منازل الشهداء السعداء
المنتجبين.....
(المحقق أسد الله التستري)
- أفقه جميع فقهاء الآفاق، وأفضل من انعقد على كمال خبرته واستاديته اتفاق
أهل الوفاق، وتوحده في حدود الفقه وقواعد الأحكام مثل تفرد شيخنا الصدوق في نقل
أحاديث أهل البيت الكرام (ع)، ومثل شيخنا المفيد وسيدنا المرتضى في الأصول
والكلام وإلزام أهل الجدل والألد من الخصام... (صاحب روضات الجنات)
- تاج الشريعة وفخر الشيعة.. أفقه الفقهاء عند جماعة من الأساتيذ، جامع
فنون الفضائل.... وقد أكمل الله تعالى عليه النعمة..... (المحدث النوري)
- كان رحمه الله بعد مولانا المحقق على الإطلاق أفقه جميع فقهاء الآفاق....
(صاحب الكنى والألقاب)
- كهف الشيعة وعلم الشريعة، لم يزل فقهه مستقى علماء الإمامية في نظرياتهم،

15
وكتبه مرجع فقهائهم، وأنظاره العلمية مرتكز آرائهم... فلا أطيل بتنسيق عقود الثناء
فأكون كناقل التمر إلى هجر... (العلامة الأميني)
فليس من الهين حقا أن يطرى عليه قدس سره بكل هذا الإطراء وينعت بكل
هذه النعوت الناصعة، بل ما كان أن يكون ذلك لولا همته العالية وسعيه الهائل ومثابرته
الدؤوبة وفضائله الروحية والأخلاقية، حيث لم يأل جهدا ولم يضيع فرصة من أجل
الوصول إلى هدفه المنشود، فكان يقول في ذلك:
معدود من الخسران إن صرف الزمان في المباح وإن قل، لأنه ينقص من الثواب
ويخفض من الدرجات، وناهيك خسرانا بأن يتعجل ما يفنى، ويخسر زيادة نعيم سيبقى.
وقصة تناظره مع ابن المتوج البحراني معروفة، فكان الشهيد قد غلبه مرتين في
ذلك وأفحمه، فسأل ابن المتوج عن السر فقال قدس سره: سهرنا وأضعتم.
إن الفترة التي عاشها رضوان الله تعالى عليه هي فترة توغل وتعمق فقه المحقق
والعلامة، ومع ذلك فما نراه قد تأثر بمدرسيتهما، بل ابتعد عنهما إلى حد كبير، وهذا مما هيأ
له الأرضية الخصبة لعرض ابتكاراته البناءة ومناهجه الجديدة على صعيد الاستدلال
وتوسيع المسائل الفقهية، بتبويب الفقه وتقسيمه على نحو لم يسبقه إليه غيره، وقد تجلى
ذلك في مختلف مصنفاته، كاللمعة، والقواعد والفوائد، والذكرى والألفية والنفلية،
وغاية المراد، والدروس، وغيرها.
أما آثاره ومصنفاته وتأليفاته قدس سره، فسنستعرضها بنوع من التفصيل
والتوسعة، حيث هي المحور الأساسي من بحثنا هذا، فمنها استنبط أغلب ما قيل فيه وفي
منهجيته وأسلوبه ومقترحاته وبرامجه التي أعانت المتن الفقهي الشيعي على أن يقفز قفزته

16
المشهورة آنذاك، ومنها استطاع الشهيد أن يكون بفكره ومعارفه مرحلة من مراحل
التطور والازدهار، ومنها يتألق دليلنا التام بكل شموخ ورقي كي يثبت المدعى الآنف
الذكر على غاية من القوة والمتانة.
والحق أن آثار الشهيد كانت ولا زالت مراجع أساسية ومصادر مهمة من مصادر
الدين والمذهب، فلا يمكن الاستغناء عنها مطلقا، لا سيما وأنها - إضافة إلى كل ما أشرنا
إليه - تتمتع بسلاسة التعبير ورشاقة البيان والخلو من التعقيد والإبهام على نهج من
الإيجاز والاختصار.
وننوه إلى أننا أثناء طرحنا لمؤلفاته قدس سره سنشير إلى قبسات من آرائه
وابتكاراته ومقترحاته التي أتحف الفقه الشيعي بها، وفتح من جرائها منافذ وآفاقا
جديدة لا زالت مورد المداولة والانتفاع.
1 - اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية.
مختصر لطيف وشريف، ومؤلف منيف، مشتمل على أمهات المسائل الشرعية،
جمع فيه أبواب الفقه ولخص أحكامه.
ألفه - كما قال ولده المبرور أبو طالب محمد - بدمشق في سبعة أيام بالتماس من
شمس الدين الآوي أحد أصحاب السلطان علي بن مؤيد ملك (سربداران) في
خراسان، الذي طلب من المصنف رحمه الله التوجه إلى بلاده في مكاتبة شريفة أكثر فيها
من التلطف والتعظيم والحث على ذلك، ولكنه أبى واعتذر إليه وصنف له هذا الكتاب.
وأخذ شمس الدين الآوي نسخة الأصل، ولم يتمكن أحد من نسخها منه لضنته
بها، وإنما نسخها بعض الطلبة وهي في يد الرسول، تعظيما لها، وسافر بها قبل المقابلة،
فوقع فيها بسبب ذلك خلل، ثم أصلحه المصنف بعد ذلك بما يناسب المقام، وربما كان
مغايرا للأصل بحسب اللفظ، وذلك في سنة 782 ه‍.
ونقل عن المصنف رحمه الله أن مجلسه بدمشق ذلك الوقت ما كان يخلو غالبا من
علماء الجمهور، لخلطته بهم وصحبته لهم، قال: فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب كنت

17
أخاف أن يدخل علي أحد منهم فيراه، فما دخل علي أحد منذ شرعت في تصنيفه إلى أن
فرغت منه، وكان ذلك من خفي الألطاف.
وهذا ما يضعف قول الحر العاملي ومن تبعه في أنه ألفه في الحبس في السنة الأخيرة
من عمره الشريف حينما كان لم يحضره من كتب الفقه غير المختصر النافع.
مضافا إلى ذلك فإن الشهيد قد اعتقل لمدة عام ثم استشهد، بينما كان قد ذكر
اللمعة في إجازته لابن الخازن عام 784، أي حوالي سنتين قبل استشهاده. كما وأن
الشهيد الثاني قد ذكر في مقدمة الروضة البهية ما يدل على أنه - إي الشهيد الأول - قد
ألف اللمعة قبل استشهاده بأربع سنوات تقريبا.
وعلى أية حال، فهذا الكتاب من أشهر مصنفات الشهيد ومتون الشيعة الفقهية.
وكتبت عليه العديد من الشروح والحواشي.
2 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية.
يشتمل على أغلب أبواب الفقه، ويعد من أدق تأليفاته وأشهرها.
ابتكر فيه ترتيبا ونظما جديدين لم يسبقه فيهما أحد غيره، حيث أضاف فيه
عناوين جديدة للكتب (الأبواب) الفقهية، مثل كتب: المزار، الحسبة، المحارب، القسمة،
المشتركات، الربا، تزاحم الحقوق.
كما ونقل فيه آراء كثير من الفقهاء الذين لم تصلنا كتبهم، كابن بابويه، والعماني،
وابن الجنيد، والجعفي، وغيرهم.
لم ينقل فيه من آراء العامة شيئا.
ولم يوفق لاتمامه، لاستشهاده.
خرج منه من الطهارة إلى الرهن.
3 - البيان، في الفقه:
مختصر يخلو من الاستدلال، جمع فيه بين سهولة العبارة ومتانتها، مشتمل على
كثير من الأقوال.

18
خرج منه كتب: الطهارة، والصلاة، الزكاة، الخمس.
استشهد قدس سره قبل اتمامه.
قال رضوان الله تعالى عليه في مقدمته: أما بعد، فإن الأدلة العقلية والنقلية
متطابقة على شرف العلوم، ومن أهمها معرفة شرع الحي القيوم، وهذا (البيان) كافل
بالمهم منه والمحتوم على طريق العترة الطاهرة اولي الفهوم، الذين نقلهم إسناد معصوم عن
معصوم، واستعنت على اتمامه بالله القادر العالم على كل مقدور ومعلوم.
4 - غاية المراد في شرح الإرشاد في الفقه:
من آثاره القيمة، حسن النظم، دقيق في تقسيم المسائل، وهو شرح (إرشاد
الأذهان) للعلامة، بل شرح للموارد الصعبة والمشكلة منه، من أوله إلى آخره... فما قيل:
إنه إلى كتاب الأيمان، لا وجه له.
ويمتاز بتكامل أبوابه على خلاف سائر مصنفاته، كالدروس والبيان وغيرهما.
بذل فيه غاية جهده للعناية بالمسائل الخلافية بين فقهاء الشيعة، وخاض فيها
خوضا عميقا ومسهبا.
ونقل فيه مطالب من الفقهاء وأساتذته - كفخر الدين وعميد الدين - كانوا قد
ذكروها مشافهة ولم يوردوا بعضها في مصنفاتهم.
وتتبعه ومتابعته للنصوص تعد من خصائص هذا الكتاب.
حكى فيه مطالب كثيرة من كتب ورسائل قدماء الأصحاب التي لم تصل إلينا ولم
ينقلها الآخرون في مصنفاتهم، وذلك لأنه قد توفرت لديه آثار ومؤلفات القدماء
والأولين أكثر مما توفر عند المحقق والعلامة.
ومن هذه الكتب والرسائل: الكامل والروضة والموجز لابن البراج، البشرى
لابن طاووس، الفاخر للجعفي، الواسطة لابن حمزة، المنهج الأقصد لنجيب الدين، المفيد
في التكليف للبصروي، غاية الإحكام للعلامة، النيات للراوندي، النيات للمصري،
الرافع والحاوي للجرجاني، رسالة في المضايقة لورام، رسالة في المضايقة لأبي الحسن

19
الحلبي، رسالة في قضاء الفوائت ليحيى بن سعيد، رسالة في الإيراد على تعريف القواعد
والطهارة للقاشي.
كما ونقل عن الكثير من كبار العلماء دون أن يسنده إلى كتاب خاص منهم، ومن
هؤلاء العلماء: ابن الغضائري، ابن جهيم، الصهرشتي، البزنطي، ابن الفاخر، الصوري،
الحمصي، أبو صالح الحلبي، الجعفي المعروف بالصابوني.
أشار فيه إلى بعض الأخطاء الواردة في أسناد روايات كتاب التهذيب وعدد من
الكتب الفقهية.
ونستل من آرائه التي ضمها هذا الكتاب عددا منها:
- التبعيض في حجية الخبر، أي لو سقطت حجية قسم من الحديث
- للمعارضة أو لسبب آخر - فإن باقي الحديث لا يسقط عن الحجية.
- تطرقه أحيانا إلى بعض رجال الحديث:
كقوله: وهذه في طريقها السكوني، وهو عامي.. وكفى بمذهبه جارحا.
وقوله: الطريق أبان بن عثمان، وفيه ضعف.
وقوله: وفي طريقها سهل بن زياد وضعفه الشيخ في مواضع والنجاشي وابن
الغضائري:
وفي أصول الفقه، فقد احتوى الكتاب على العديد من آرائه، نذكر منها:
- العمدة فتوى مشاهير الأصحاب... والأولى العمل بفتوى الأصحاب، وهو
الحجة هنا ولا تعويل على الرواية، ولهذه عمل بها من طرح أخبار الآحاد بالكلية.
- المعتبر إفادة الظن الذي اعتبره الشارع.
- الإجماع المنقول بخبر الواحد حجة.
- التكليف يكفي فيه الظن الغالب.
- مفهوم الحصر حجة.

20
- الأمر بالشئ يستلزم النهي عن ضده، والنهي مفسد.
- إن المذهب قد يعرف بخبر الواحد الضعيف لاشتماله على القرائن.
5 - القواعد والفوائد، في الفقه:
مختصر يشتمل على ضوابط كلية أصولية وفرعية، يستنبط منها أحكام شرعية،
لم يعمل مثله.
يضم ما يناهز الثلاثمائة وثلاثين قاعدة، وفوائد تقارب المائة فائدة، مضافا إلى
الكثير من التنبيهات والفروع. وبذلك فهو يحتوي أغلب المسائل الشرعية.
وهذه القواعد والفوائد وإن طغى عليها الطابع الفقهي إلا أن بعضها أصولية.
وأخرى في العربية.
وأسلوبه في الكتاب: إيراده القاعدة أو الفائدة، ثم يستعرض ما ينضوي تحتها من
فروع فقهية، وما قد يرد عليها من استثناءات إن كانت. واتخذ فيه أسلوب المقارنة بين
فقه العامة والخاصة في أغلب الفروع الفقهية، فيعرض ما قيل من الوجوه، سواء كان
القائل عاميا أم شيعيا... وهذا ليس بعزيز عليه قدس سره، فهو من جملة فقهائنا الخمسة
الذين أحاطوا بآراء وأقوال الفقهاء على مختلف مذاهبهم.
ويعد هذا الأثر من جملة ابتكاراته رضوان الله تعالى عليه.
6 - الرسالة الألفية:
رسالة مختصرة في فرض الصلاة، تضم مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة.
تشتمل على ألف واجب في الصلاة.
قال الشهيد الثاني في شرحه عليها - المقاصد العلية -:.... المشتملة على الألفاظ
الموجزة الجزيلة الآخذة بمجامع البلاغة ومعاقد الفصاحة.
7 - الرسالة النفلية.
رسالة كبيرة تشتمل على ثلاثة آلاف نافلة تقريبا في الصلاة.
مرتبة أيضا على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة.

21
للشهيد الثاني شرح عليها سماه (الفوائد الملية).
قال الشهيد الأول قدس سره في مقدمتها:... لما وقفت على الحديثين المشهورين
عن أهل بيت النبوة أعظم البيوتات، أحدهما عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن
محمد عليه وعلى آبائه وأبنائه أكمل التحيات: (للصلاة أربعة آلاف حد) والثاني عن
الإمام الرضا أبي الحسن علي بن موسى عليهما الصلوات المباركات: (الصلاة لها أربعة
آلاف باب). ووفق الله سبحانه لإملاء (الرسالة الألفية) في الواجبات، ألحقت بها بيان
المستحبات، تيمنا بالعدد تقريبا، وإن كان المعدود لم يقع في الخلد تحقيقا، فتمت الأربعة
من نفس المقارنات، وأضيف إليها سائر المتعلقات. والله حسبي في جميع الحالات.
8 - المزار (منتخب الزيارات):
يشتمل على بابين:
الأول: في الزيارات، وهو مرتب على ثمانية فصول وخاتمة.
الثاني: يشتمل على سبعة فصول وخاتمة.
قال قدس سره في مقدمته:... وبعد، فهذا المنتخب موضوع لبيان ما ينبغي أن
يعمل في المشاهد المقدسة والأمكنة المشرفة من الأفعال المرغبة والأقوال المروية.
9 - أجوبة مسائل ابن نجم الدين الأطراوي:
مسائل سألها منه قدس سره العالم الجليل والفقيه الكبير تلميذه السيد حسن بن
أيوب الشهير بابن نجم الدين الأطراوي، وأجابه عنها.
وهي خمس وستون مسألة فقهية من أبواب متفرقة.
10 - أجوبة مسائل الفاضل المقداد:
سبع وعشرون مسألة، سألها الفاضل المقداد بن عبد الله السيوري من أستاذه
الشهيد: فكتب هو جواباتها.
طبعت محققة لأول مرة في مجلة (ثراثنا) التي تصدرها مؤسسة آل البيت (ع)
لإحياء التراث.

22
11 - جامع البين في فوائد الشرحين:
جمع لشرحي الأخوين العالمين الفاضلين السيد عميد الدين والسيد ضياء الدين
على كتاب خالهما العلامة الحلي (تهذيب الوصول إلى علم الأصول).
أضاف الشهيد إليه مطالب جديدة.
قال المحقق الكنتوري: هذبه وأصلحه الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي (1).
وقال المحقق التستري: ونقل فيه - إي الشهيد في الجمع بين الشرحين - اتفاق
الفرقة على كون مذهب الصحابي ليس حجة على غيره من الصحابة (2).
12 - جواز إبداع السفر في شهر رمضان:
رسالة مبسوطة تعرض فيها إلى مسألة السفر في شهر رمضان والآراء والأقوال
المطروحة فيها.
قال قدس سره: الظاهر من مذاهب العلماء في سائر الأعصار والأمصار جوازه
مع اجماعنا على كراهة ذلك... لنا عشرون طريقا....
13 - المسائل الأربعينية:
رسالة في علم الكلام، ذكر فيها أربعين مسألة على ترتيب المعارف الخمسة.
14 - المسائل في الفقه:
مسائل مرتبة على ترتيب أبواب الفقه، وهي من ضمن ما جمعه ابن طي من
فتاوى جماعة من العلماء في كتابه المعروف ب‍ (مسائل ابن طي).
15 - تفسير الباقيات الصالحات:
شرح مختصر للتسبيحات الأربع.
قال في آخره: فهذه الكلمات تشتمل على الأصول الخمسة: التوحيد والعدل
والنبوة والإمامة والمعاد، فمن حصلها حصل الإيمان وهي الباقيات الصالحات.
.



(1) كشف الحجب: 151 - 152.
(2) كشف القناع: 363.
23
أورده الشيخ الكفعمي بتمامه في حاشية الفصل الثامن والعشرين من مصباحه
الكبير الموسوم ب‍: (جنة الأمان الواقية).
16 - الوصية:
وصيته لبعض إخوانه.
17 - الوصية بأربع وعشرين خصلة:
رسالة مختصرة ووصية حسنة للإخوان.
18 - أحكام الأموات من الوصية إلى الزيارة:
مرتب على ثلاثة فصول، يقرب من سبعمائة بيت.
نسبه إليه صاحب الذريعة (1).
19 - الأربعون حديثا:
كتاب صغير يشتمل على أربعين حديثا في العبادات العامة البلوى: أورد أكثرها
بلا شرح أو توضيح، واقتصر على ذكر السند تفصيلا إلى المعصوم (ع).
قال الشهيد: والداعي إلى تأليفه ما اشتهر في النقل الصحيح عن النبي (ص) أنه
قال: (من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما)
فرأيت أن أكثر الأشياء نفعا وأهمها العبادات الشرعية: لعموم البلوى إليها، وشدة الحث
عليها، فخرجت أكثرها فيها وباقيها في مسائل غيرها.
20 - المقالة التكليفية.
رسالة في الكلام والعقائد:
قال الشهيد في مقدمتها:... فهذه (المقالة التكليفية) مرتبة على خمسة فصول:
الفصل الأول في ماهيته وتوابعها: الفصل الثاني في متعلقه: الفصل الثالث في غايته،
الفصل الرابع في الترغيب، الفصل الخامس في الترهيب...
والقول بأنها في الأخلاق أو رسالة حديثية - لذكره في الفصل الرابع والخامس



(1) الذريعة 1: 294 - 295.
24
روايات في الترغيب والترهيب - غير صحيح.
21 - شرح قصيدة الشهفيني:
الشهفيني هو أبو الحسن علي بن الحسين. وقد قيل: إنه عاملي، وقيل: إنه حلي.
وعلى أية حال، فقصيدته كانت في مدح أمير المؤمنين (ع)، وهي من جملة ديوانه
الكبير. قال المحقق التستري:... لما اطلع الناظم - أي الشهفيني - على هذا الشرح ورأى
اعتناء الشهيد بقصيدته، أعجب بالشرح ومدح الشهيد بعشرة أبيات شكره فيها على
ذلك (1).
22 - العقيدة الكافية:
رسالة صغيرة جدا في الاعتقادات.
23 - المجموعة:
قال المحدث النوري:... وهي ثلاث مجلدات، كالبساتين النضرة والحدائق
الخضرة، التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، مشتملة على رسائل مستقلة في
الأحاديث والعلوم الأدبية والأشعار والأخبار المستخرجة من الأصول والحكايات
والنوادر وغيرها، خالية عن الهزليات التي توجد في أمثالها، نعم يوجد فيها بعض
اللطائف والطرائف (2).
24 - خلاصة الاعتبار في الحج والاعتمار:
رسالة حسنة مختصرة في مناسك الحج.
قال الشهيد:. فهذه الرسالة في فرض الحج والعمرة، مجردة عن دليل، مبنية على مقدمة ومقالتين وتكميل.
أوردها العلامة السيد الأمين في كتابه (معادن الجواهر) (3).



(1) مجالس المؤمنين 2: 571 - 572.
(2) خاتمة المستدرك 3: 372 - 373.
(3) معادن الجواهر 1: 296 - 303.
25
نقول: لا تخلو طبعتها ضمن هذا الكتاب من الكثير من الأخطاء والتصحيفات،
بالإضافة إلى ما سقط من أولها وآخرها.
25 - حاشية القواعد:
قال أحد تلامذة الشهيد الثاني في تعداد مصنفاته: حاشية على قواعد الأحكام
للعلامة... مشى فيه مشي الحاشية المشهورة ب‍ (النجارية) للمولى السعيد الشيخ
الشهيد، وغالب المباحث فيها بينه وبينه (1).
قال صاحب الرياض في عد مصنفات الشهيد: وله أيضا حواشي القواعد إلى
آخر الكتاب سماها: الحواشي النجارية (2)
ويظهر من ذلك أن الحواشي النجارية هي عين حاشية الشهيد على القواعد.
26 - حاشية الذكرى:
نسبها صاحب الذريعة إليه وقال: وحواشي المصنف نفسه - أي مصنف الذكرى -
إلى صلاة المسافر، كما يظهر من حاشية البويهي (3).
27 - ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة
وهو السفر الماثل بين يدي القارئ اللبيب.
كتاب فقهي استدلالي.
خرج منه الطهارة والصلاة فقط.
وكان قدس سره قد عزم على إتمامه، بدليل قوله في آخره: وليكن هذا آخر المجلد
الأول من كتاب ذكرى الشيعة، ويتلوه إن شاء الله تعالى في المجلد الثاني كتاب الزكاة.
وقوله في ص 80 (الحجري) - الفصل الرابع، في واجبات الوضوء، في بحث النية



(1) الدر المنثور لعلي بن محمد الجبعي العاملي 2: 186.
(2) تعليقة أمل الآمل: 368 - 369.
(3) الذريعة 6: 87 و ج 10: 40.
26
... إلا ما سنذكر في الحج والعتق إن شاء الله تعالى.
لكن استشهاده رضوان الله تعالى عليه حال دون ذلك.
وعلى أية حال، فهو فقه الشهيد الاستدلالي.
وقد جاء ناظرا في الأغلب إلى كتب المحقق والعلامة، كالمعتبر والمختلف والقواعد
والتحرير.
ووضعه على أساس أقوى الأدلة - في رأيه - من الكتاب والروايات ومن
الإجماعات، ومن هنا فقد كانت إجماعاته واستدلالاته موضع اهتمام الفقهاء من بعده،
ومع ذلك فقد حاول التعرض للفروع الفقهية وأدلتها بأقل ما يمكنه من الألفاظ.
كما ويمتاز بأسلوبه الجميل وترتيبه البديع، وقد أشار إلى ذلك في مقدمته فقال:
... أما بعد فهذا كتاب ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة أوردت فيه ما صدر عن
سيد المرسلين بواسطة خلفائه المعصومين، مما دل عليه الكتاب المبين وإجماع المطهرين
والحديث المشهور والدليل المأثور، تجديدا لمعاهد العلوم وتأكيد لمعاقد الرسوم وتأييدا
للمسائل الفقهية وتخليدا للوسائل الشرعية، تقربا إلى الله بارئ البرية.... وتنتظمه
مقدمة وأقطاب أربعة، أما المقدمة ففيها إشارات سبع: الأولى: الفقه لغة: الفهم..
الإشارة الثانية: يجب التفقه.... الإشارة الثالثة: يعتبر في الفقيه أمور ثلاثة عشر....
الإشارة السابعة: يجب التمسك بمذهب الإمامية لوجوه تسعة: الأول قد تقرر في الكلام
عصمة الإمام، والمعصوم أولى بالاتباع. الثاني: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) وغير المعصوم لا يعلم صدقه.... الثالث: قوله
تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)....
وأما الأقطاب فأربعة: أولها العبادات..... وثانيها العقود... وثالثها الإيقاعات....
ورابعها السياسات (الأحكام) القطب الأول في العبادات. كتاب الصلاة.... وشروط
ستة في ستة أبواب. الباب الأول: الطهارة.... فها هنا فصول أربعة، الفصل الأول....
هذا، وتعد المباحث الأصولية القيمة التي ذكرها في المقدمة من مميزات هذا

27
الكتاب وإحدى خصائصه النفيسة.
وقد أشار الشهيد إلى كتابه (الذكرى) في عدة من كتبه، كاللمعة والدروس
وأجوبة مسائل الفاضل المقداد، بعبارات مختلفة، مثل: حققناه في الذكرى، بيناه في
الذكرى، بينا مأخذه في الذكرى، فكتبنا في ذلك ما تيسر في الذكرى، بسطت المسألة في
الذكرى، وقد ذكرنا الروايات الدالة على القضاء عن الميت لما فاته من الصلوات وأحكام
ذلك في الذكرى... إلى غير ذلك من الألفاظ والعبارات.
قال في الذريعة: وفرغ منه في 21 صفر 784 (1).
فما في مقدمة الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية من أنه فرغ منه بسنة 786
- أي في سنة استشهاده، فيكون آخر مؤلفاته - في غير محله، لا سيما وقد جاء التصريح في
مقدمة الدروس بأنه ألفه - أي الدروس - بعد الذكرى والبيان.
وهناك أيضا مصنفات وآثار يشك في نسبتها إليه أو أنها له ولكن بعناوين اخر،
نذكرها - لضيق المجال - على عجالة:
1 - الخلل في الصلاة.
2 - أحكام الصلاة.
3 - قصر صلاة المسافر.
4 - الاستدراك.
5 - الدرة الباهرة من الأصداف الطاهرة.
6 - منظومة في مقدار نزح ما يقع في البئر.
7 - اللوامع.
8 - شرح مبادئ الأصول.
9 - غاية القصد في معرفة الفصد.
10 - تقريب المبادئ.



(1) الذريعة 10: 40.
28
11 - خلاصة الإيجاز.
12 - المعتبر.
13 - النية.
14 - مجموعة الإجازات.
15 - المنسك الكبير.
16 - مسائل تزاحم الحقوق.
17 - حاشية الشرائع.
18 - التهذيب في الأصول.
19 - أربع مسائل فقهية.
20 - أجوبة مسائل محمد بن مجاهد.
أما إجازاته لتلامذته، فهي كثيرة، إلا أن الموقوف على نصه منها خمس إجازات:
1 - الإجازة لابن الخازن.
2 - الإجازة لابن نجدة.
3 - الإجازة لجماعة من العلماء.
4 - الإجازة لولده الثلاثة.
5 - الإجازة لولديه.
ولا يخفى أن الشهيد كان كاتبا وأديبا وشاعرا، فشعره مع قلته يمتاز بجمال التعبير
ودقة التصوير والرقة وجودة الأداء، وقد عد البعض من جملة مؤلفاته: ديوان صغير
يشتمل على نحو عشرين مقطوعة وقصيدة (1).
توج حياته الشريفة وسيرته العظيمة بأفضل الموت وأحسنه، شهادة دونها
التاريخ بأحرف من نور، فنال من المنزلة ما يغبطه عليها الصديقون والمؤمنون.



(1) محمد رضا شمس الدين في (حياة الإمام الشهيد الأول): 65.
29
قال الحر العاملي في أمل الآمل.
وكانت وفاته سنة 786، اليوم التاسع من جمادى الأولى، قتل بالسيف، ثم
صلب، ثم رجم، ثم أحرق، بدمشق، في دولة بيدر وسلطنة برقوق، بفتوى القاضي
برهان الدين المالكي وعباد بن جماعة الشافعي، بعدما حبس سنة كاملة في قلعة الشام..
وكان سبب حبسه وقتله أنه وشى به رجل من أعدائه وكتب محضرا يشتمل على
مقالات شنيعة عند العامة من مقالات الشيعة وغيرهم، وشهد بذلك جماعة كثيرة وكتبوا
عليه شهاداتهم، وثبت ذلك عند قاضي صيدا، ثم أتوا به إلى قاضي الشام، فحبس سنة.
ثم أفتى الشافعي بتوبته والمالكي بقتله، فتوقف عن التوبة خوفا من أن يثبت عليه
الذنب، وأنكر ما نسبوه إليه للتقية، فقالوا: قد ثبت ذلك عليك وحكم القاضي لا ينقض
والإنكار لا يفيد، فغلب رأي المالكي لكثرة المتعصبين عليه، فقتل، ثم صلب ورجم، ثم
أحرق قدس الله روحه. سمعنا ذلك من بعض المشايخ ورأينا بخط بعضهم، وذكر أنه وجده
بخط المقداد تلميذ الشهيد (1).
وهناك تفصيلات أخرى لقضية استشهاده قدس سره، تعرض لها الكثير من
أصحاب التراجم وغيرهم.
كانت هذه لمحة خاطفة عن أحوال الشهيد ونشأته ورحلاته ومكانته وسيرته
ومصنفاته وخصائصه وما قيل فيه، لو تأملنا فيها قصيرا لأدركنا الداعي لأن يكون
قدس سره صاحب مرحلة كاملة من مراحل تطور الفقه الشيعي.
النسخ المعتمدة في التحقيق:
اعتمدنا في تحقيقنا لكتاب (الذكرى) على ما يلي:
1 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران المركزية، برقم
1906، بخط حسن بن محمود، من أول الكتاب إلى آخره، فرغ منها في 8 ربيع الثاني



(1) أمل الآمل: 182 - 183.
30
784. تشتمل على حواشي وبلاغات. وعليها ختم وإمضاء حجة الإسلام السيد محمد
باقر الموسوي الشفتي قدس سره.
قال في الذريعة: والظاهر أن الكاتب كان تلميذ الشهيد، وكان كلما يخرج من قلم
الشهيد يستنسخه التلميذ تدريجا، حتى فرغ الشهيد في التاريخ المذكور
- 21 صفر 784 - وفرغ التلميذ في نيف وأربعين يوما بعد تأليف الشهيد (1).
رمزنا لها في الهامش بحرف (م).
2 - مصورة النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة مدرسة سليمان خان التابعة
للمكتبة الرضوية المقدسة في مشهد، برقم 36، بخط أحمد بن علي بن حيدر، من أول
الكتاب إلى آخره، فرغ من كتابتها في مدينة دامغان سنة 883، مصححة ومقابلة وعليها
بلاغات، يلحظ عليها خط الشيخ البهائي ووالده قدس سرهما.
رمزنا لها في الهامش بحرف (س).
3 - النسخة الحجرية المطبوعة بطهران سنة 1271، وهي من أول الكتاب إلى
آخره.
ضم إليها في آخرها كتاب (تمهيد القواعد) للشهيد الثاني.
أشرنا لها في الهامش بلفظة (الحجرية).
منهجية التحقيق:
اتبعت المؤسسة في تحقيقها لهذا السفر المبارك منهجية العمل الجماعي، فانبثقت
اللجان التالية لانجازه:
1 - لجنة المقابلة: ومهمتها مقابلة النسخ المخطوطة وتثبيت الاختلافات الواردة
بينها.
وقد تألفت من الأخوين الفاضلين: الحاج عز الدين عبد الملك وصاحب ناصر.



(1) الذريعة 10: 40.
31
2 - لجنة التخريج: ومهمتها تخريج الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة
والأقوال الفقهية واللغوية وسائر ما يحتاج إلى ذلك.
وقد تألفت من أصحاب السماحة حجج الإسلام: الشيخ جعفر مجاهدي، الشيخ
عطاء الله رسولي، الشيخ محمد التبريزي، السيد حمزة لو.
3 - لجنة تقويم النص: وهي من أهم المراحل، حيث يتم بها تمييز الراجح
والمرجوح من الاختلافات الموجودة بين النسخ المخطوطة، وتوزيع النص وتجريده من
الأخطاء العلمية والنحوية والإملائية، مع التعليق وبيان الموارد الغامضة والمبهمة
وغيرها.
وقد قام بمهمتها سماحة العلامة الحجة الشيخ محمد الباقري والأستاذ الفاضل
عصام عبد السيد.
4 - المراجعة النهائية: وهي لتفادي ما قد يكون حدث من سهو أو غفلة في
المراحل السابقة، وتوحيد الجهود المبذولة أثناء مراحل العمل المختلفة، وإضافة ما يمكن
إضافته من استدراكات وتعديلات على المتن والهامش.
وقد قام بهذه المهمة سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد علي الخراساني.
ولا يفوتنا أن نخص بالشكر سماحة العلامة حجة الإسلام والمسلمين السيد علي
الميلاني لما أبداه من ملاحظات قيمة وآراء سديدة.
سائلين المولى عز وجل حسن القبول والتوفيق لبذل المزيد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله العترة
الميامين.
مؤسسة آل البيت (ع) لأحياء التراث.

32
مصادر المقدمة
1 - أمل الآمل / للحر العاملي.
2 - أعيان الشيعة / للعلامة الأمين.
3 - بحار الأنوار / للعلامة المجلسي.
4 - تاريخ العلماء عبر العصور المختلفة / للحكيمي.
5 - تعليقة أمل الآمل / للميرزا عبد الله الأفندي.
6 - تكملة الأمل / للسيد حسن الصدر.
7 - تنقيح المقال / للشيخ المامقاني.
8 - الحقائق الراهنة في المائة الثامنة (طبقات أعلام الشيعة) لآقا بزرك الطهراني.
9 - حياة الإمام الشهيد الأول / للشيخ محمد رضا شمس الدين.
10 - خاتمة المستدرك / للمحدث النوري.
11 - روضات الجنات / للسيد محمد باقر الخوانساري.
12 - رياض العلماء / للميرزا عبد الله الأفندي.
13 - ريحانة الأدب / لمحمد علي التبريزي المدرس.
14 - الدر المنثور / لعلي بن محمد الجبعي العاملي.
15 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة / لآقا بزرك الطهراني.
16 - شهداء الفضيلة / للعلامة الأميني.
17 - الفوائد الرضوية / للمحدث القمي.
18 - قصص العلماء / للميرزا محمد التنكابني.
19 - كشف الأستار والحجب / للمحقق الكنتوري.
20 - الكنى والألقاب / للمحقق القمي.

33
21 - لؤلؤة البحرين / للشيخ يوسف البحراني.
22 - مجالس المؤمنين / للقاضي نور الله التستري.
23 - مجلة تراثنا / التي تصدر عن مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.
24 - مقابس الأنوار / للمحقق التستري.
25 - معادن الجواهر / للعلامة الأمين.
26 - معجم رجال الحديث / للسيد الخوئي.
27 - مقدمة بر فقه شيعة / لحسين المدرسي الطباطبائي.
28 - مقدمة الروضة البهية / للشيخ محمد مهدي الآصفي.
29 - مقدمة رياض المسائل / للشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي.
30 - مقدمة غاية المراد / للشيخ رضا مختاري.
31 - مقدمة القواعد والفوائد / للسيد عبد الهادي الحكيم.
32 - منتهى المقال / لأبي علي الحائري.
33 - نقد الرجال / للتفرشي.

34
صورة الصفحة الأولى والأخيرة من نسخة س المحفوظة في المكتبة الرضوية المقدسة بمشهد

35
صورة الصفحة الأولى من نسخة م المحفوظة في مكتبة جامعة طهران المركزية

36
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة م المحفوظة في مكتبة جامعة طهران المركزية

37
صورة الصفحة الأولى والأخيرة من النسخة الحجرية

38
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرع الاسلام، فسهل شرائعه للواردين، وأوضح أعلامه
للمرتادين، وأعز أركانه على المغالبين، وذلل سبيله للطالبين. أحمده على عظيم
إحسانه، ونير برهانه، وأشكره على جميل إفضاله، وبين امتنانه. حمدا يكون
لحقه قضاء، والى ثوابه مقربا، وشكرا يصير لفرضه أداء، ولحسن مزيده موجبا.
وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة يواطئ فيها السر
الإعلان، ويوافق القلب اللسان.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى الخلق، وداعية بإذنه إلى الحق، اختاره
من شجرة الأنبياء، ومشكاة الضياء، وذؤابة العلياء، وسرة البطحاء. صلى الله عليه
وعلى أهل بيته النجباء، موضع سره، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه،
وكهوف كتبه، وجبال دينه، صلاة لا انقطاع لأمدها، ولا احصاء لعددها (1).
أما بعد، فهذا كتاب ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، أوردت فيه ما
صدر عن سيد المرسلين بواسطة خلفائه المعصومين، مما دل عليه الكتاب المبين.



(1) في خطبة المصنف - قدس سره - مقتطفات من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)، لاحظ نهج
البلاغة، الخطبة رقم (2) و (108).
39
واجماع المطهرين، والحديث المشهور والدليل المأثور، تجديدا لمعاهد العلوم،
وتأكيدا لمعاقد الرسوم، وتأييدا للمسائل الفقهية، وتخليدا للوسائل الشرعية، تقربا
إلى بارئ البرية، والله المسؤول أن ينفع به الطالبين، ويرشد إليه الراغبين، ويجزل
لنا من عطائه العميم، وفضله الجسيم، إنه الجواد الكريم ذو الفضل العظيم.
وتنتظمه مقدمة وأقطاب أربعة.
أما المقدمة ففيها إشارات سبع:
الأولى: الفقه لغة: الفهم، وهو: العلم، أو جودة الذهن من حيث
استعداده لاكتساب العلوم.
وعرفا: العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل
السعادة الأخروية.
ومن هذا يعلم موضوعه، وهو ما عليه دليله، أعني: فعل المكلف من حيث
هو مكلف. ومبادئه، وهي: ما منه دليله، أعني: الكلام، والأصول، والعربية.
ومسائله، وهي: ما لها الدليل، أعني: مطالبه المثبتة فيه. وغايته.
و
المراد ب‍ (الأحكام): ما اقتضاه الخطاب وجودا أو عدما - مانعين من النقيض أو لا - أو تخييرا، وهي: الوجوب، والحرمة، والندب، والكراهة،
والإباحة.
ومنه يعلم رسومها.
والسببية والشرطية والصحة والفساد يرجع إلى الاقتضاء والتخيير إن جعلت
أحكاما.
والمراد ب‍ (الشرعية): ما استفيد من الشرع إما بالنقل عن حكم الأصل.
أو بالتقرير عليه، فيدخل في ذلك ما علم بالدليل العقلي.
والمراد ب‍ (العملية): ما يتعلق بالعمل من الفروع.
والمراد ب‍ (الأدلة التفصيلية): المختصة بكل حكم على حدته، ويقابلها
الإجمالية، كقول المقلد: هذا أفتى به المفتي، وكل ما أفتى به فهو حكم الله في
حقي.

40
ولا حاجة إلى إضافة (غير الضرورية) إلى التعريف، لخروجها بالأدلة من
حيث إن الضروري يقابل الاستدلالي، أو أن العلم بها وحدها لا يكون فقها،
لا من حيث كونها ضرورية بل من حيث إن الكل لا يصدق على الجزء.
وإذا فسر العلم ب‍: الاعتقاد الجازم عن موجبه، خرج سؤال الظنون
لدخولها فيه.
وإذا قيل: يتجزأ الاجتهاد، لم تكن لام الاحكام للاستغراق. ولا يدخل
المقلد، لعدم استدلاله على الأعيان.
الإشارة الثانية: يجب التفقه، لتوقف معرفة التكليف الواجب عليه. ولا
يرد الندب والمكروه والمباح على عموم وجوب التفقه، لأن امتياز الواجب والحرام
انما يتحقق بمعرفة كل الأحكام، إذ التكليف باعتقادها على ما هي عليه وهو
موقوف على معرفتها.
ووجوبه كفاية، لقوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا
في الدين) (1).
وللزوم الحرج المنفي بالقرآن العزيز (2).
وعليه أكثر الإمامية، وخالف فيه بعض قدمائهم (3) وفقهاء حلب (4) - رحمة
الله عليهم - فأوجبوا على العوام الاستدلال، واكتفوا فيه: بمعرفة الاجماع الحاصل
من مناقشة العلماء عند الحاجة إلى الوقائع، أو النصوص الظاهرة، أو أن الأصل
في المنافع الإباحة وفي المضار الحرمة، مع فقد نص قاطع في متنه ودلالته
والنصوص محصورة.
ويدفعه: إجماع السلف والخلف على الاستفتاء من غير نكير ولا تعرض
لدليل بوجه من الوجوه، وما ذكروه لا يخرج عن التقليد عند التحقيق، وخصوصا



(1) سورة التوبة: 122.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) سورة الحج: 78.
(3) كالسيد المرتضى في جوابات المسائل الرسية الأولى 2: 320.
(4) كابن زهرة الحلبي في الغنية: 486.
41
عند من اعتبر حجية خبر الواحد، فان في البحث عنه عرضا عريضا.
الإشارة الثالثة: يعتبر في الفقيه أمور ثلاثة عشر، قد نبه عليها في مقبول
عمر بن حنظلة عن الأمام الصادق (عليه السلام): (انظروا إلى من كان منكم
قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فارضوا به حكما فاني
قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا ولم يقبله منه، فإنما بحكم الله
استخف، وعلينا رد، وهو راد على الله (1)، وهو على حد الشرك بالله، فإذا اختلفا
فالحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما (2).
الأمر الأول: الإيمان، لقوله: (منكم)، لأن غير المؤمن يجب التثبت عند
خبره، وهو ينافي التقليد.
الثاني: العدالة - لذلك أيضا - وعليه نبه بقوله: (أعدلهما).
الثالث: العلم بالكتاب.
الرابع: العلم بالسنة، ويكفي منهما ما يحتاج إليه ولو بمراجعة أصل
صحيح.
الخامس: العلم بالإجماع والخلاف لئلا يفتي بما يخالفه.
السادس: العلم بالكلام.
السابع: العلم بالأصول.
الثامن: العلم باللغة والنحو والصرف وكيفية الاستدلال، وعلى ذلك دل
بقوله: (وعرف أحكامنا)، فان معرفتها بدون ذلك محال.
التاسع: العلم بالناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والظاهر والمؤول،
ونحوها مما يتوقف عليه فهم المعنى والعمل بموجبه، كالمجمل والمبين والعام
والخاص.



(1) في الكافي والتهذيب: (والراد علينا الراد على الله).
(2) الكافي 1: 54، وقطعة منه في الكافي أيضا 7: 142، والفقيه 3: 5 ح 18، والتهذيب 6: 128
ح 541.
42
العاشر: العلم بالجرح والتعديل، ويكفي الاعتماد على شهادة الأولين به
كما اشتمل عليه كتب الرجال، إذ يتعذر ضبط الجميع مع تطاول الأزمنة. وفي
الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتهذيب بلاغ واف وبيان شاف (1)، والى ذلك أشار
بقوله: (وروى حديثنا) (2).
الحادي عشر: العلم بمقتضى اللفظ لغة وعرفا وشرعا.
الثاني عشر: أن يعلم من المخاطب إرادة المقتضى إن تجرد عن القرينة،
وإرادة ما دلت عليه القرينة ان وجدت ليثق بخطابه، وهو موقوف على ثبوت
الحكمة.
الثالث عشر: أن يكون حافظا، بمعنى: أنه أغلب عليه من النسيان،
لتعذر درك الأحكام من دونه.
والأولى جواز تجزئ الاجتهاد، لأن الغرض الاطلاع على مأخذ الحكم وما
يعتبر فيه وهو حاصل، ويندر ويبعد تعلق غيره به فلا يلتفت إليه، لقيام هذا
التجويز في المجتهد المطلق، وعليه نبه في مشهور أبي خديجة عن الصادق (عليه
السلام): أنظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم فاني
قد جعلته قاضيا).
الإشارة الرابعة: يجب اجتهاد العامي ومن قصر عن الاستدلال في
تحصيل المفتي بإذعان العلماء له واشتهار فتياه. فان تعدد وجب اتباع الأعلم
الأورع - كما تضمنه الحديث - لزيادة الثقة بقوله. فان تقابل الأعلم والأورع
فالأولى: تقليد الأعلم، لأن القدر الذي فيه من الورع يحجزه عن الاقتحام على
مالا يعلم، فيبقى ترجيح العلم (4) سالما عن المعارض.



(1) هذا إشارة إلى القول بكفاية اتفاق المشايخ الثلاثة - الكليني والصدوق والطوسي - على اخراج رواية
الرجل في وثاقته والاعتماد على خبره.
(2) تقدم في: 42 الهامش. 2
(3) الكافي 7: 412 ح 5، الفقيه 3: 10 ح 1، التهذيب 6: 219 ح 516.
(4) في ط: الأعلم
43
وإن استويا في العلم والورع، فالأولى: التخيير، لفقد المرجح، وان بعد
وقوعه حتى منعه بعض الأصوليين، لامتناع اجتماع أمارتي الحرمة والحل.
فإذا اتبع عالما في حكم فله اتباع الآخر في غيره، وليس له اتباعه في نقيضه،
وربما قيل: بجوازه مع تساويهما في واقعة أخرى.
الإشارة الخامسة: لا يشترط مشافهة المفتي في العمل بقوله، بل يجوز
بالرواية عنه ما دام حيا، للإجماع على جواز رجوع الحائض إلى الزوج العامي إذا
روى عن المفتي، وللعسر اللازم بالتزام السماع منه.
وما يوجد في بعض العبارات: لا يجوز الإفتاء للعامي بقول المفتي، محمول
على تصرفه في الحكم تصرف المفتي.
وهل يجوز العمل بالرواية عن الميت؟
ظاهر العلماء المنع منه، محتجين بأنه لا قول له، ولهذا انعقد الاجماع مع
خلافه ميتا.
وجوزه بعضهم، لإطباق الناس على النقل عن العلماء الماضين، ولوضع
الكتب من المجتهدين، ولأن كثيرا من الأزمنة أو الأمكنة تخلو عن المجتهدين وعن
التوصل إليهم، فلو لم تقبل تلك الرواية لزم العسر المنفي.
وأجيب: بأن النقل والتصنيف يعرفان طريق الاجتهاد من تصرفهم في
الحوادث والإجماع والخلاف لا التقليد، وبمنع جواز الخلو عن المجتهد في زمان
الغيبة.
والأولى: الاكتفاء بالكتابة مع أمن التزوير، للإجماع على العمل بكتب
النبي والأئمة عليهم السلام الصلاة والسلام في أزمنتهم، ولأن المعتبر ظن الإفتاء وهو
حاصل بذلك.
الإشارة السادسة: في قول وجيز في الأصول يبعث الهمة على طلبه من مظانه، وهي أربعة:
أحدها الكتاب، وهو: الكلام المنزل لمصالح الخلق، والإعجاز بسورة

44
منه وينقسم لفظه إلى:
حقيقة، وهي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في اصطلاح التخاطب،
كالسماء والدابة والصلاة.
ومجاز، وهو: اللفظ المستعمل فيما لم يوضع له في اصطلاح التخاطب
للعلاقة، مثل: (جدارا يريد أن ينقض) (1).
ومضمر، وهو: ما دل الدليل على إرادته وتقديره في الكلام، مثل:
(واسئل القرية) (2).
ومشترك، وهو: ما وضع لحقيقتين فصاعدا وضعا أولا من حيث هو كذلك
كالقرء، ويسمى: مجملا بالنسبة إلى كل واحد من معنييه.
ومنفرد، وهو: ما يقابل المشترك.
ومنقول، وهو: المستعمل في غير موضوعه لا لعلاقة مع الأغلبية،
ويسمى: المرتجل.
وأمر، وهو: اللفظ الدال على طلب (3) الفعل مع الاستعلاء، مثل:
(وأقيموا الصلاة) (4)، (فكاتبوهم) (5)، (واستشهدوا) (6).
ونهي، وهو: اللفظ الدال على طلب الكف مع الاستعلاء، مثل: (ولا
تقربوا الزنى) (7) (ولا تمش في الأرض مرحا) (8).
ومطلق، وهو: اللفظ الدال على الماهية لا بقيد، مثل: (فتحرير رقبة



(1) سورة الكهف: 77.
(2) سورة يوسف: 82.
(3) (طلب) ساقطة من م، س.
(4) سورة البقرة: 43.
(5) سورة النور: 33.
(6) سورة البقرة: 282.
(7) سورة الأسراء: 32.
(8) سورة الأسراء: 37.
45
من قبل أن يتماسا) (1).
ومقيد، وهو مقابله، مثل (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) (2).
وعام، وهو: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بوضع واحد، مثل:
(فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (3).
وخاص، وهو مقابله، مثل: (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا) (4).
ومبين، وهو: المستغنى عن البيان، مثل: (آمنوا بالله ورسوله) (5)، وما
لحقه البيان، مثل: الصلاة.
وناسخ، وهو: الرافع حكما شرعيا بخطاب شرعي متراخ عنه على وجه
لولاه لكان ثابتا، مثل: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) (6).
ومنسوخ، مثل: (متاعا إلى الحول) (7).
ثم دلالة اللفظ على معناه: أما خالية عن الاحتمال وهو النص، مثل:
(فاعلم أنه لا إله إلا الله) (8)، ويقابله المجمل المذكور. وأما مع الاحتمال الراجح
على المنطوق وهو المأول، مثل: (ويبقى وجه ربك) (9). وأما مع احتمال مرجوح
وهو الظاهر.
وأنواعه أربعة: الراجح بحسب الحقيقة الشرعية كدلالة الحج على المناسك
المخصوصة، والراجح بحسب الحقيقة العرفية كدلالة (أو جاء أحد منكم من



(1) سورة المجادلة: 3.
(2) سورة النساء: 92.
(3) سورة التوبة: 5.
(4) سورة المزمل: 2.
(5) سورة النساء: 136.
(6) سورة البقرة: 234.
(7) سورة البقرة: 240.
(8) سورة محمد: 19.
(9) سورة الرحمن: 27.
46
الغائط) (1) على الحدث، والمطلق والعام بالنسبة إلى مدلولهما.
تنبيه:
قد يتفق اجتماع النص والمجمل باعتبارين، مثل: (والمطلقات يتربصن
بأنفسهن ثلاثة قروء) (2)، فإنه نص في دلالته على الاعتداد، ومجمل بالنسبة إلى قدر
العدة وتعيين المعتدة.
الأصل الثاني: السنة وهي: طريقة النبي أو الإمام المحكية عنه، فالنبي
بالأصالة والإمام بالنيابة، وهي ثلاثة: قول، وفعل، وتقرير.
أما القول فأقسامه المذكورة في الكتاب.
والفعل إذا علم وجهه، أو وقع بيانا، فيتبع المبين في وجوبه وندبه وإباحته،
سواء كان البيان مستفادا من الصريح، مثل قوله (عليه السلام): (صلوا كما
رأيتموني أصلي) (3) و (خذوا عني مناسككم) (4) أو من القرينة كقطع يد السارق
اليمنى.
ويشترط في الفعل أن لا يعلم أنه من خواصه عليه الصلاة والسلام،
كتجاوز الأربع في النكاح، والوصال في الصيام.
وما لم يعلم وجهه، فالوقف بين الواجب والندب إن علم قصد القربة فيه،
وإلا فللقدر المشترك بينهما وبين الإباحة.
والتقرير يفيد الجواز، لامتناع التقرير على المنكر إن علمه (عليه السلام)،
وإلا فلا حجة فيه، مثل: كنا نجامع ونكسل فلا نغتسل (5)، إذ مثله قد يخفى،



(1) سورة المائدة: 6.
(2) سورة البقرة: 228.
(3) مسند أحمد 5: 53، سنن الدارمي 1: 286، صحيح البخاري 1: 162، الاحسان بترتيب
صحيح ابن حبان 3: 85 ح 1656، سنن الدارقطني 1: 273، السنن الكبرى 3: 120.
(4) مسند أحمد 3: 318، صحيح مسلم 2: 943 ح 1297، سنن أبي داود 2: 201 ح 1970،
سنن النسائي 5: 270 مسند أبي يعلى 4: 111 ح 2147.
(5) المصنف لابن أبي شيبة 1: 87.
47
والمفهوم من (كنا) مطابقة المتكلم وحده، أو هو مع جماعة قد يخفى حالهم.
ثم من السنة:
متواتر، وهو: ما بلغ رواته إلى حيث يحصل العلم بقولهم، كخبر الغدير.
وآحاد، وهو بخلافه.
ومنه المشهور، وهو: ما زادت رواته عن ثلاثة، ويسمى: المستفيض، وقد
يطلق على ما اشتهر العمل به بين العلماء.
والصحيح، وهو: ما اتصلت روايته إلى المعصوم بعدل إمامي، ويسمى:
المتصل والمعنعن، وإن كان كل منهما أعم منه. وقد يطلق الصحيح على سليم
الطريق من الطعن وان اعتراه إرسال أو قطع.
والحسن، وهو: ما رواه الممدوح من غير نص على عدالته.
والموثق: ما رواه من نص على توثيقه مع فساد عقيدته، ويسمى: القوي.
وقد يراد بالقوي مروي الإمامي غير المذموم ولا الممدوح، أو مروي المشهور في
التقدم عن (1) الموثق.
والضعيف يقابله. وربما قابل الضعيف الصحيح والحسن والموثق. ويطلق
الضعيف بالنسبة إلى زيادة القدح ونقصانه.
والمقبول، وهو: ما تلقوه بالقبول والعمل بالمضمون.
والمرسل: ما رواه عن المعصوم من لم يدركه بغير واسطة، أو بواسطة نسيها
أو تركها. وقد يسمى: منقطعا ومقطوعا بإسقاط واحد، ومعضلا بإسقاط أكثر.
والموقوف: ما روي عن مصاحب المعصوم، وقد يطلق عليه الأثر ان كان
الراوي صحابيا للنبي صلى الله عليه وآله.
والشاذ والنادر: ما خالف المشهور، ويطلق على مروي الثقة إذا خالف



(1) في س، ط: غير.
وفي الرواشح السماوية: 42: وفي عدة نسخ من الذكرى معول على صحتها مكان (غير
الموثق): (عن الموثق)
48
المشهور.
والمتواتر قطعي القبول، لوجوب العمل بالعلم.
والواحد مقبول بشروطه المشهورة، وشرط اعتضاده بقطعي: كفحوى
الكتاب، أو المتواتر، أو عمومهما، أو دليل العقل، أو كان مقبولا، حتى عده
الشيخ أبو جعفر - رحمه الله - من المعلوم المخبر (1)، أو كان مرسله معلوم التحرز
عن الرواية عن مجروح. ولهذا قبلت الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير، وصفوان
ابن يحيى، وأحمد بن أبي نصر البزنطي (2) لأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة، أو عمل
الأكثر.
وأنكره جل الأصحاب (3) كأنهم يرون أن ما بأيديهم متواتر أو مجمع على
مضمونه وان كان في حيز الآحاد.
ويرد الخبر لمخالفة مضمونه القاطع من الكتاب والسنة والإجماع لامتناع
ترجيح الظن على العلم، أو باعراض الأكثر عنه، أو معارضة أقوى اسنادا أو متنا أو مرجحا لوجوه المرجحات. ويأول ما يمكن تأويله.
وقد كفانا السلف رحمهم الله مؤنة نقد الأحاديث وبيان هذه الوجوه،
فاقتصرنا على المقصود منها بايراد طرف من الحديث، أو الإشارة إليه ايجازا، والله
الموفق.
الأصل الثالث: الإجماع، وهو: اتفاق علماء الطائفة على أمر في عصر،
وجدواه (4) لا مع تعيين المعصوم فإنه يعلم به دخوله، والطريق إلى معرفة دخوله أن
يعلم إطباق الامامية على مسألة معينة، أو قول جماعة فيهم من لا يعلم نسبه
بخلاف قول من يعلم نسبه، فلو انتفى العلم بالنسب في الشطرين فالأولى



(1) الاستبصار 1: 4.
(2) راجع: عدة الأصول: 386.
(3) راجع: جواب المسائل التبانيات 1: 21، السرائر: 4، الغنية: 537.
(4) في الحجرية هكذا: عصر واحد لا مع.
49
التخيير كالخبرين المتعارضين، ولوجوب التبيين على الإمام لو كان أحدهما باطلا.
وقيل: بالرجوع إلى دليل العقل (1) لأن غيبة الإمام لخوفه تمنع من تبيينه
الحق، واللوم فيه على المكلف.
سؤال: جاز في كل واحد من علماء الأمة المجهولي النسب أن يكون هو
الإمام، فلم خصصتم بالإمامية؟
قلنا: لما قام البرهان العقلي والنقلي على تضليل من خالف أصول الطائفة
امتنع كون الإمام منهم.
قيل: جاز أن يظهر تلك الأحوال تقية.
قلنا: قد يقطع بكونه متدينا بذلك، ومع التجويز للتقية نلتزم باعتبار قوله
في الامامية فلعله الإمام، واستبعاد انحصار علماء الإمامية يستلزم أولوية استبعاد
حصر غيرهم، والجواب واحد.
والحق أن أعصار الأئمة الطاهرين تحقق فيها ذلك بالقطع في أكثر
خصوصيات المذهب - كالمسح على الرجلين، وترك الماء الجديد والكتف،
والتأمين وبطلان العول والعصبة - وان لم يتواتر الخبر بقول معصوم بعينه، ومن
ثم ضعف الشك في الثلاثة الأول بل اضمحل.
فروع:
الأول: الإجماع السكوتي ليس إجماعا ولا حجة، لاحتماله غير الرضا.
الثاني: يثبت الإجماع بخبر الواحد ما لم يعلم خلافه، لأنه أمارة قوية
كروايته. وقد اشتمل كتاب الخلاف، والانتصار، والسرائر، والغنية، على أكثر
هذا الباب، مع ظهور المخالف في بعضها حتى من الناقل نفسه.



(1) قاله السيد المرتضى في جوابات لسائل التبانيات 1: 2.
50
والعذر: إما بعدم اعتبار المخالف المعلوم المعين، كما سلف. وإما تسميتهم
لما اشتهر إجماعا. وإما بعدم ظفره حين ادعى الاجماع بالمخالف. وإما بتأويل
الخلاف على وجه يمكن مجامعته لدعوى الإجماع وان بعد، كجعل الحكم من باب
التخيير. وإما إجماعهم على روايته، بمعنى تدوينه في كتبهم منسوبا إلى الأئمة
(عليهم السلام).
الثالث: يمنع احداث ثالث إذا استلزم رفع الاجماع، أو مخالفة المعصوم،
والا جاز، لامتناع مخالفة القطعي.
الرابع: إذا أفتى جماعة من الأصحاب، ولم يعلم لهم مخالف، فليس اجماعا
قطعا وخصوصا مع علم العين، للجزم بعدم دخول الإمام حينئذ. ومع عدم علم
العين لا يعلم أن الباقي موافقون، ولا يكفي عدم علم خلافهم، فان الإجماع
هو: الوفاق لا عدم علم الخلاف.
وهل هو حجة مع عدم متمسك ظاهر من حجة نقلية أو عقلية؟ الظاهر
ذلك، لأن عدالتهم تمنع من الاقتحام على الافتاء بغير علم، ولا يلزم من عدم
الظفر بالدليل عدم الدليل، خصوصا وقد تطرق الدروس إلى كثير من
الأحاديث، لمعارضة الدول المخالفة، ومباينة الفرق المنافية، وعدم تطرق الباقين
إلى الرد له، مع أن الظاهر وقوفهم عليه وانهم لا يقرون ما يعلمون خلافه.
فان قلت: لعل سكوتهم لعدم الظفر بمستند من الجانبين.
قلت: فيبقى قول أولئك سليما عن المعارض، ولا فرق بين كثرة القائل
بذلك أو قلته مع عدم معارض. وقد كان الأصحاب يتمسكون بما يجدونه في
شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه - رحمه الله عليهم - عند اعواز النصوص،
لحسن ظنهم به، وان فتواه كروايته، وبالجملة تنزل فتاويهم منزلة روايتهم.
هذا مع ندور هذا الفرض، إذ الغالب وجود دليل دال على ذلك القول عند
التأمل.
الخامس: ألحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه، فان أراد في الإجماع فهو

51
ممنوع، وان أراد في الحجة فقريب لمثل ما قلناه، ولقوة الظن في جانب الشهرة،
سواء كان اشتهارا في الرواية - بأن يكثر تدوينها أو راووها (1) بلفظ واحد، أو ألفاظ
متغايرة - أو الفتوى. فلو تعارضا، فالترجيح للفتوى إذا علم اطلاعهم على
الرواية، لأن عدولهم عنها ليس الا لوجود أقوى.
وكذا لو عارض الشهرة المستندة إلى حديث ضعيف حديث قوي،
فالظاهر: ترجيح الشهرة، لأن نسبة القول إلى الإمام قد تعلم وان ضعف طريقه،
كما تعلم مذاهب الفرق بأخبار أهلها وان لم يبلغوا التواتر، ومن ثم قبل الشيخ -
رحمه الله - رواية الموثقين مع فساد مذاهبهم (2).
الأصل الرابع: دليل العقل، وهو قسمان:
الأول: قسم لا يتوقف على الخطاب، وهو خمسة:
الأول: ما يستفاد من قضية العقل - كوجوب قضاء الدين، ورد الوديعة،
وحرمة الظلم، واستحباب الإحسان، وكراهية منع اقتباس النار، وإباحة تناول
المنافع الخالية عن المضار - سواء علم ذلك بالضرورة أو النظر - كالصدق النافع
والضار -، وورود السمع في هذه مؤكد.
الثاني: التمسك بأصل البراءة عند عدم دليل، وهو عام الورود في هذا
الباب - كنفي الغسلة الثالثة في الوضوء، والضربة الزائدة في التيمم، ونفي وجوب
الوتر - ويسمى: استصحاب حال العقل. وقد نبه عليه في الحديث بقولهم عليهم
السلام: (كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال، حتى تعرف الحرام بعينه
فتدعه) (3)، وشبه هذا.
الثالث: لا دليل على كذا فينتفي، وكثيرا ما يستعمله الأصحاب، وهو تام



(1) في س: ورودها.
(2) عدة الأصول: 382.
(3) الكافي 5: 313 ح 40، الفقيه 3: 216 ح 1002، التهذيب 7: 226 ح 988، و 9: 79
ح 337.
52
عند التتبع التام، ومرجعه إلى أصل البراءة.
الرابع: الأخذ بالأقل عند فقد دليل على الأكثر - كدية الذمي عندنا - لأنه
المتيقن، فيبقى الباقي على الأصل وهو راجع إليها.
الخامس: أصالة بقاء ما كان - ويسمى: استصحاب حال الشرع وحال
الإجماع - في محل الخلاف - كصحة صلاة المتيمم يجد الماء في الأثناء، فنقول:
طهارة معلومة والأصل عدم طارئ أو: صلاة صحيحة قبل الوجدان فكذا بعده.
واختلف الأصحاب في حجيته، وهو مقرر في الأصول.
القسم الثاني: ما يتوقف العقل فيه على الخطاب، وهو ستة:
أولها: مقدمة الواجب المطلق، شرطا كانت كالطهارة في الصلاة، أو
وصلة، كفعل الصلوات الثلاث عند اشتباه الفائتة، وغسل جزء من الرأس في
الوجه، وستر أقل الزائد على العورة، والصلاة إلى أربع جهات، وترك الآنية
المحصورة عند تيقن نجاسة واحدة منها.
وثانيها: استلزام الأمر بالشئ النهي عن ضده، كما يستدل على بطلان
الواجب الموسع عند منافاة حق آدمي.
وثالثها: فحوى الخطاب، وهو: أن يكون المسكوت عنه أولى بالحكم،
كالضرب مع التأفيف.
ورابعها: لحن الخطاب، وهو: ما استفيد من المعنى ضرورة، مثل قوله
تعالى: (أن اضرب بعصاك البحر فانفلق) (1)، أي: فضرب فانفلق.
وخامسها: دليل الخطاب، وهو المسمى بالمفهوم، وأقسامه كثيرة.
الوصفي والشرطي، وهما حجتان عند بعض الأصحاب، ولا بأس به
وخصوصا الشرطي.
والعددي، وله تفصيل معروف بحسب الزيادة والنقصان.



(1) سورة الشعراء: 63.
53
والغائي، مثل: (أتموا الصيام إلى الليل) (1) وهو راجع إلى الوصفي.
والحصر، وهو حجة.
أما اللقبي فليس حجة، لانتفاء الدلالات الثلاث، واستفادة وجوب
التعزير من قوله: (أنا لست بزان) من قرينة الحال لا من المقال.
وسادسها: ما قيل: ان الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار الحرمة،
وتحقيقه في الأصول.
الإشارة السابعة: يجب التمسك بمذهب الإمامية لوجوه تسعة:
الأول: قد تقرر في الكلام عصمة الإمام، والمعصوم أولى بالاتباع.
الثاني: قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (2).
وغير المعصوم لا يعلم صدقه، فلا يجب الكون معه.
الثالث: قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) (3). وفيه من المؤكدات واللطائف ما يعلم من علمي المعاني
والبيان، وذهاب الرجس ووقوع التطهير يستلزم عدم العصيان والمخالفة لأوامر
الله ونواهيه. وموردها في النبي صلى الله عليه وآله وعلي (عليه السلام) وفاطمة
والحسن والحسين، اما عند الإمامية وسائر الشيعة فظاهر إذ يروون ذلك بالتواتر.
وأما العامة:
فروى مسلم في الصحيح عن عائشة، قالت: خرج النبي صلى الله عليه
وآله ذات غداة وعليه مرط مرحل (4) من شعر، فجاء الحسن بن علي فادخله فيه،



(1) سورة البقرة: 187.
(2) سورة التوبة: 119.
(3) سورة الأحزاب: 33.
(4) مرط: كساء من صوف أو خز كان يؤتزر به، مرحل: هو الموشي عليه صورة رحال الإبل. مجمع
البحرين - مادتي مرط، رحل....
54
ثم جاء الحسين فادخله فيه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها فيه، ثم جاء علي فادخله
فيه، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) (1).
وروى أحمد بن حنبل - في المناقب - والطبراني - في معجمه - عن أبي سعيد
الخدري في قوله تعالى: (إنما يريد الله) الآية، قال: نزلت في خمسة: في رسول
الله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين (2).
وروى أحمد عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يمر بباب
فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر، يقول: (الصلاة يا أهل البيت)، (إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3).
قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم
يخرجه (4).
وروى الترمذي في الجامع عن عمر بن أبي سلمة - ربيب رسول الله صلى
الله عليه وآله - قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله (إنما يريد
الله) الآية في بيت أم سلمة، فدعا النبي صلى الله عليه وآله فاطمة وحسنا وحسينا
فجللهم بكساء، وعلي خلف ظهره (5) ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا). قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال:
(أنت على مكانك، وأنت إلى خير) (6).
وروى أيضا الترمذي عن أم سلمة: ان النبي صلى الله عليه وآله جلل على



(1) صحيح مسلم 4: 1883 ح 2424، وفي: جامع البيان 22: 5، المستدرك على الصحيحين 3:
147، السنن الكبرى 2: 149.
(2) مناقب الصحابة، المعجم الصغير 1: 135، جامع البيان 22: 5.
(3) مسند أحمد 3: 259، وفي: جامع البيان 22: 5، الجامع الصحيح 5: 352 ح 3206.
(4) المستدرك على الصحيحين 3: 158.
(5) في المصدر زيادة: فجلله بكساء.
(6) الجامع الصحيح 5: 663 ح 3787، وفي: جامع البيان 22: 7، مشكل الآثار 1: 335.
55
الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء، وقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي،
أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله،
قال: (إنك على خير). ثم قال الترمذي: هذا (حديث) حسن صحيح (1).
وأخرج معناه الحاكم في المستدرك، انها نزلت في بيت أم سلمة..... إلى
آخره، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه (2).
لا يقال: صدر الآية وعجزها في النساء فتكون فيهن.
قلنا يأباه الضمير وهذا النقل الصحيح، والخروج من حكم إلى آخر في
القرآن كثير جدا.
الرابع: قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم
وأنفسنا وأنفسكم) (3) نزلت فيهم عليهم السلام. وقد رواه مسلم في صحيحه
عن أبي سعيد الخدري، قال: أمر معاوية سعدا أن يسب عليا فأبى: فقال: ما
يمنعني من شتمه إلا ما نزل، إلى قوله: ولما نزلت هذه الآية (فقل تعالوا ندع
أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) دعا رسول الله صلى الله
عليه وآله عليا وفاطمة والحسن والحسين، وقال: (اللهم هؤلاء أهلي) (4).
وفيها دلالة على أنه لا مساوي لهم في الفضل، وعلى أنهم أهل بيته، ولا
يجوز ترك الفاضل واتباع المفضول.
الخامس، روى الحاكم في المستدرك - وحكم بصحته على شرط مسلم -
عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: (يا بني عبد المطلب اني



(1) الجامع الصحيح 5: 699 ح 3871 وليس فيه: صحيح وانظره في متن تحفة الأحوذي
بشرح جامع الترمذي 5: 372 ح 3963 ففيه كما في المتن.
(2) المستدرك على الصحيحين 2: 146.
(3) سورة آل عمران: 61.
(4) صحيح مسلم 4: 1871 ح 2404 عن سعد بن أبي وقاص. وفي: الجامع الصحيح 5: 638 ح 3724، وترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر 1: 225 ح 271، المناقب
للخوارزمي: 59.
56
سألت الله لكم ثلاثا: ان يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وان يعلم
جاهلكم) (1).
وروى أيضا - وحكم بصحته - عن أبي ذر، وهو آخذ بباب الكعبة، قال:
من عرفني فقد عرفني، ومن أنكرني فأنا أبو ذر، سمعت النبي صلى الله عليه وآله
يقول: (الا ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف
عنها هلك) (2).
ودلالة الخبرين على المطلوب ظاهرة البيان.
السادس: ان النبي صلى الله عليه وآله قرنهم بالكتاب العزيز الذي يجب
اتباعه، فيجب اتباعهم قضية للعطف وللتصريح به أيضا، وذلك مشهور نقله
الشيعة تواترا.
ورواه مسلم في صحيحة عن زيد بن أرقم، قال: قام فينا رسول الله
صلى الله عليه وآله خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد، أيها
الناس: إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، فاني تارك فيكم الثقلين:
أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به) فحث
على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: (وأهل بيتي أذكركم الله عز وجل في أهل
بيتي) ثلاث مرات - (3).
ورواه غيره من العامة (4) بعبارات شتى، تشترك في وجوب التمسك



(1) المستدرك على الصحيحين 3: 148، ورواه أيضا الطبراني في المعجم الكبير كما في مجمع الزوائد
9: 170 وكنز العمال 12: 42 ح 33910.
(2) المستدرك على الصحيحين 3: 150 و 2: 343، ورواه البزاز والطبراني في الثلاثة كما في مجمع
الزوائد 9: 168، وابن المغازلي في مناقب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): 133
ح 175، والخوارزمي في مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 104.
(3) صحيح مسلم 4: 1873 ح 2408.
(4) مسند أحمد 4: 367، سنن الدارمي 2: 431، الجامع الصحيح 5: 663 ح 3788، المستدرك
على الصحيحين 3: 109، السنن الكبرى 10: 113.
57
بالكتاب وأهل البيت عليهم السلام.
السابع: روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين عن عبد الرحمن بن
عوف، انه قال: خذوا عني من قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل، سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها،
والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائر
ذلك في الجنة (1). وهذا ظاهر في التلازم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وآله وبين
الشيعة.
الثامن: ما روته الامامية في ذلك، وهو يملأ الصحف ويبلغ التواتر،
فمنه:
ما ورى عن النبي صلى الله عليه وآله: (في كل خلف من أمتي عدل من
أهل بيتي، ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين) (2).
وقوله صلى الله عليه وآله: (مثل أهل بيتي كمثل نجوم السماء، فهم أمان
لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء) (3)
وقوله صلى الله عليه وآله: (يا علي: الإمامة فيكم، والهداية منكم) (4).
وقوله صلى الله عليه وآله: (ان من أهل بيتي اثني عشر نقيبا، نجباء،
محدثين، مفهمين، في آخرهم القائم بالحق) (5).
التاسع: اتفاق الأمة على طهارتهم، وشرف أصولهم، وظهور عدالتهم.
مع تواتر الشيعة إليهم والنقل عنهم مما لا سبيل إلى إنكاره، حتى أن أبا عبد الله



(1) المستدرك على الصحيحين 3: 160، عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف
(2) نحوه في الكافي 1: 24 ح 3، الغيبة للنعماني 1: 67 بصائر الدرجات 1: 31.
(3) علل الشرائع: 123، أمالي الشيخ الطوسي 1: 388. وهذا الحديث روته العامة أيضا... فهو
متفق عليه.
(4) أخرجه المحقق الحلي في المعتبر 1: 24.
(5) الكافي 1: 448 ح 18 المناقب لابن شهرآشوب 1: 300.
58
جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) كتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف
لأربعمائة مصنف، ودون من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق
والحجاز وخراسان والشام، وكذلك عن مولانا الباقر (عليه السلام). ورجال باقي
الأئمة معروفون مشهورون، أولوا مصنفات مشتهرة ومباحث متكثرة، قد ذكر
كثيرا منهم العامة في رجالهم، ونسبوا بعضهم إلى التمسك بأهل البيت عليهم
السلام.
وبالجملة اشتهار النقل والنقلة عنهم عليهم السلام يزيد أضعافا كثيرة عن
النقلة عن كل واحد من رؤساء العامة، فالانصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل
عنهم عليهم السلام. فحينئذ نقول: الجمع بين عدالتهم، وثبوت هذا
النقل عنهم مع بطلانه مما يأباه العقل ويبطله الاعتبار بالضرورة.
هذا مع ما شاع عنهم من إنكار ما عليه العامة من القياس والاستحسان،
ونسبة ذلك إلى الضلال والقول في الدين بغير الحق. ومن رام إنكار ذلك فكمن
رام إنكار المتواتر من سنة النبي صلى الله عليه وآله، أو معجزاته وسيرته وسيرة من
بعده. ومن رام معرفة رجالهم والوقوف على مصنفاتهم، فليطالع: كتاب الحافظ
ابن عقدة، وفهرست النجاشي وابن الغضائري والشيخ أبي جعفر الطوسي،
وكتاب الرجال لأبي عمرو الكشي، وكتب الصدوق أبي جعفر بن بابويه القمي،
وكتاب الكافي لأبي جعفر الكليني فإنه وحده يزيد على ما في الصحاح الستة للعامة
متونا وأسانيد، وكتاب مدينة العلم ومن لا يحضره الفقيه قريب من ذلك، وكتابا
التهذيب والاستبصار نحو ذلك، وغيرها مما يطول تعداده، بالأسانيد الصحيحة
المتصلة المنتقدة والحسان والقوية، والجرح والتعديل والثناء الجميل، فالانكار بعد
ذلك مكابرة محضة، وتعصب صرف.
لا يقال: فمن أين وقع الاختلاف العظيم بين فقهاء الامامية إذا كان
نقلهم عن المعصومين وفتواهم عن المطهرين؟
لأنا نقول: محل الخلاف: إما من المسائل المنصوصة، أو مما فرعه العلماء.

59
والسبب في الثاني اختلاف الأنظار ومبادئها، كما هو بين سائر علماء الأمة. وأما
الأول، فسببه اختلاف الروايات (1) ظاهرا، وقلما يوجد فيها التناقض بجميع
شروطه، وقد كانت الأئمة في زمن تقية واستتار من مخالفيهم، فكثيرا ما يجيبون
السائل على وفق معتقده، أو معتقد بعض الحاضرين، أو بعض من عساه يصل
إليه من المناوئين، أو يكون عاما مقصورا على سببه، أو قضية في واقعة مختصة بها،
أو اشتباها على بعض النقلة عنهم، أو عن الوسائط بيننا وبينهم كما وقع في الإخبار
عن النبي صلى الله عليه وآله، مع أن زمان معظم الأئمة كان أطول من الزمان
الذي انتشر فيه الاسلام ووقع فيه النقل عن النبي صلى الله عليه وآله، وكان
الرواة عنهم أكثر عددا، فهم بالاختلاف أولى.
ثم إنه تلخص جميع الاختلاف وانحصر في أقوال متأخري فقهاء الأصحاب
- كما تزعم العامة أن مذاهب المسلمين انحصرت في عدد خاص - فلذلك أوردنا
في هذا الكتاب ذكرهم، وأعرضنا عمن تقدم منهم، لدخول قوله فيهم، وليس
الغرض منه انتشار المذهب وتبدد الأقوال، بل تصحيح ما ينهض عليه
الاستدلال، والله المستعان على كل حال.



(1) في س: الرواة.
60
الأقطاب الأربعة
1 - العبادات
2 - العقود
3 - الإيقاعات
4 - السياسات
القطب الأول: العبادات
كتاب الصلاة

61
وأما الأقطاب فأربعة:
أولها: العبادات، وهو: فعل وشبهه مشروط بالقربة. وللجهاد ونحوه
غايتان، فمن حيث الامتثال المقتضي للثواب عبادة، ومن حيث الاعزاز وكف
الضرار لا يشترط فيه التقرب، وما اشتمل عليه باقي الأقطاب من مسمى العبادة
من هذا القبيل.
وأما الكفارات والنذور فمن قبيل العبادات، ودخولها في غيرها تغليبا أو تبعا
للأسباب.
وثانيها: العقود، وهو: صيغة مشروطة باثنين - ولو تقديرا - لترتب أثر
شرعي.
وثالثها: الإيقاعات، وهو: صيغة يترتب أثرها بواحد.
ويطلق على هاتين: المعاملات.
ورابعها: السياسات - وتسمى: الأحكام، بمعنى أخص - وهو: ما
لا يتوقف على قربة ولا صيغة غالبا.
وتقريب الحصر: أن الحكم إما أن يشترط فيه القربة أو لا، والأول
العبادات، والثاني: اما ذو صيغة أو لا، والثاني السياسات. والأول: اما وحدانية
أو لا والأول الإيقاعات والثاني العقود.

63
القطب الأول في العبادات: كتاب الصلاة:
وهي لغة: الدعاء.
قال الله تعالى: (وصل عليهم) (1).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: (وصلت عليكم الملائكة) (2)، (وإذا أكل
عند الصائم صلت عليه الملائكة) (3).
وقال الشاعر (4):.............. وصل على دنها وارتسم.
وقال (5): عليك مثل الذي صليت فاغتمضي................
على أن أهل اللغة أوردوا الصلاة بمعناها الشرعي جاعليه أصلا، وجعلوها
فعلة من صلى، أي: حرك صلويه، لأن المصلي يفعل ذلك، أو من صليت العود،
أي: لينته، لأن المصلي يلين قلبه وأعضاءه لخشوعه.
وشرعا: أفعال مفتتحة بالتكبير، مشترطة بالقبلة للقربة، فتدخل الجنازة.
وقيل: أركان مخصوصة، وأذكار معلومة الشرائط، مخصوصة في أوقات



(1) سورة التوبة: 103.
(2) مسند أحمد 3: 138، سنن ابن ماجة 1: 556 ح 1747، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان
7: 350 ح 5272.
(3) مسند أحمد 6: 365، سنن الدارمي في 2: 17.
(4) ديوان الأعشى: 196. وصدره:
وقابلها الريح في دنها.........
(5) ديوان الأعشى: 106، وعجزه:
............ يوما فان لجنب المرء مضطجعا.
65
مقدرة تقربا إلى الله.
ودليل وجوب ما يجب منها: قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة) (1).
وقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) (2).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: (بني الاسلام على خمس: شهادة ان لا اله
إلا الله وأقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان) (3).
والإجماع منعقد على وجوب: اليومية، والجمعة، وبعض الملتزمة.
واجماعنا على الباقي، وتسمى: التسبيح، من قوله تعالى: (فسبحان الله
حين تمسون وحين تصبحون) (4)، (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس
وقبل الغروب) (5). والسبحة غالبة في النفل.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله: (ستدركون أقواما يصلون لغير وقتها،
فصلوا في بيوتكم، ثم صلوا معهم واجعلوها سبحة) (6).
وقول الإمام الصادق (عليه السلام): (فإذا زالت الشمس لا يمنعك الا
سبحتك) (7).
والصلاة إما واجبة، أو مستحبة. والواجب سبع: اليومية، والجمعة،
والعيدين، والآية، والطوافية، والجنازة، والملتزمة بسبب من المكلف.
وفضلها ظاهر. قال النبي صلى الله عليه وآله: (ان عمود الدين



(1) سورة البقرة: 43.
(2) سورة النساء: 103.
(3) مسند أحمد 2: 120، صحيح البخاري: 1: 9، صحيح مسلم 1: 45 ح 16، الجامع الصحيح
5: 5 ح 2609، سنن النسائي 8: 107.
(4) سورة الروم: 17.
(5) سورة ق: 39.
(6) مسند أحمد 1: 379، سنن ابن ماجة 1: 389 ح 1255، سنن النسائي 2: 76، السنن
الكبرى 3: 127.
(7) الكافي 3: 275 ح 1، التهذيب 2: 2 ح 56، الاستبصار 1: 260 ح 932.
66
الصلاة) (1)، وهو من مفهوم الحصر، وبيانه في قوله عليه الصلاة والسلام: (وهي
أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فان صحت نظر في عمله، وان لم تصح لم ينظر
في بقية عمله) ورواه عنه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) (2).
وشبهها أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنهر الجاري على باب، من يغتسل
منه في اليوم والليلة خمس مرات، فكما لا يبقى على المغتسل درن لم يبق على المصلي
ذنب (3).
وقال الصادق (عليه السلام): (حجة أفضل من الدنيا وما فيها، وصلاة
فريضة أفضل من ألف حجة (4).



(1) التهذيب 2: 237 ح 936.
(2) التهذيب 2: 237 ح 936.
(3) تفسير العياشي 2: 161 ح 74، مجمع البيان: 201، عن علي (عليه السلام) عن النبي صلى الله
عليه وآله، وفي التهذيب 2: 237 ح 938 عن الباقر عن النبي صلى الله عليه وآله، وفي الفقيه 1:
136 ح 640 مرسلا.
(4) التهذيب 2: 240 ح 953.
67
وشروط الصلاة ستة في ستة أبواب
الباب الأول: الطهارة:
وهي لغة: النزاهة من الأدناس.
وشرعا: استعمال الماء، أو الصعيد لإباحة العبادة. وتطلق على الاستعمال
للقربة وإزالة الخبث مجازا، والثلج والوحل داخلان.
فالنظر: اما في المستعمل، وهو: المكلف وحكمه. والمستعمل، وهو: الماء
والصعيد. والمستعمل له ومنه، وهو: الأسباب الفاعلية كالاحداث، والغائية
كالعبادة. والاستعمال.
فههنا فصول أربعة.

69
الفصل الأول: في المستعمل الاختياري:
وهو: الماء. قال الله تعالى: (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) (1) والطهور
هو المطهر، لقوله تعالى: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) (2) وذلك
هو المطلق، أي: المستغني عن قيد، الممتنع السلب.
واختصاصه بإزالة الحدث والخبث من بين المائعات اما تعبدا - أي: لا لعلة
معقولة - فيجب الاقتصار عليه، أو لاختصاصه بمزيد رقة وطيب، وسرعة اتصال
وانفصال، بخلاف غيره فإنه لا ينفك من أضدادها، حتى أن ماء الورد لا يخلو
من لزوجة، وأجزاء منه تطهر عند طول مكثه ما دام كذلك.
ويعرض له أمور ثمانية.
الأول: زوال الاسم بحيث يلزم الإضافة، كماء الدقيق والزعفران. ومن
ثم لا يحنث الحالف على الماء بشربه، فيخرج عن الطهورية، فالمعتصر أولى
بالمنع. وكذا ما لا يقع عليه اسم الماء، كالصبغ والمرقة والحبر.
وإنما لا يطهر المضاف، لقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) (3).
وقول الصادق (عليه السلام): (إنما هو الماء أو الصعيد) (4)، وهو للحصر.
وقول الصدوق أبي جعفر بن بابويه - رحمه الله - بجواز الوضوء وغسل
الجنابة بماء الورد (5) لرواية محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن (عليه
السلام) (6)، يدفعه: سبق الإجماع وتأخره، ومعارضة الأقوى، ونقل الصدوق ان



(1) سورة الفرقان: 48.
(2) سورة الأنفال: 11.
(3) سورة النساء: 43.
(4) التهذيب 1: 188 ح 540، الاستبصار 1: 155 ح 534، وفيهما: (والصعيد).
(5) الهداية: 13.
(6) الكافي 3: 73 ح 12، التهذيب 1: 218 ح 627، الاستبصار 1: 14 ح 27.
71
محمد بن الوليد لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى عن يونس، واستثنى
الصدوق ما انفرد به أيضا (1).
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي - رحمه الله -: هي شاذة، أجمعنا على ترك
العمل بظاهرها، وحملها على التحسين والتنظيف، أو على مطلق مجاور الورد (2).
وظاهر الحسن بن أبي عقيل - رحمه الله - حملها على الضرورة، وطرد الحكم
في المضاف والاستعمال (3).
قال الشيخ المحقق نجم الدين - رحمه الله -: اتفق الناس جميعا انه لا يجوز
الوضوء بغير ماء الورد من المائعات (4). وقول المرتضى - قدس الله روحه - برفعه الخبث، لإطلاق: (وثيابك
فطهر)، وقول النبي (عليه السلام) في المستيقظ: (لا يغمس يده في الاناء حتى
يغسلها) وكذا قولهم عليهم السلام: (انما يغسل الثوب من المني والدم) والمضاف
يصدق عليه التطهير والغسل (5)، يدفعه ما ذكر، ومعارضته بتخصيص الغسل



(1) حكاه عنه النجاشي في رجاله 1: 333.
(2) التهذيب 1: 219، الاستبصار 1: 14.
(3) مختلف الشيعة: 10.
(4) في المعتبر 1: 82 بعد أن ذكر خلاف الصدوق في ماء الورد ودليله وابطاله، قال: فرع: لا يجوز
الوضوء بماء النبيذ، ثم ذكر خلاف أبي حنيفة فيه، ثم أخذ في الاستدلال عليه، وقال بعد ذلك:
واتفق الناس جميعا انه لا يجوز الوضوء بغيره من المائعات.
قال الشيخ محمد حسن النجفي في جواهر الكلام 1: 312 بعد ذكر ذلك: والظاهر أن مرجع
الضمير انما هو النبيذ، لكنه في الذكرى نقل عنه هذه العبارة بابدال ضمير غيره بماء الورد، ومثله
في المدارك 1: 112 ولعلهما عثرا على غير ما عثرنا عليه، أو يكون فهما منه ذلك لكونه
في معرض الرد على أبي حنيفة.
(5) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 11.
والآية في سورة المدثر 40.
والحديث الأول في: مسند أحمد 2: 403، صحيح البخاري 1: 52 صحيح مسلم 1:
233 ح 278، سنن ابن ماجة 1: 138 ح 393، سنن أبي داود 1: 25 ح، 103، الجامع الصحيح
1: 36 ح 24، سنن النسائي 1: 6.
والحديث الثاني سيأتي في ص 112 الهامش 1 عن النبي صلى الله عليه وآله.
72
بالماء في قول الصادق (عليه السلام): (وإذا وجد الماء غسله) (1) والمطلق يحمل
على المقيد، ولأن الغسل حقيقة شرعية في استعمال الماء.
وكذا لا يستعمل النبيذ إجماعا. ورواية عبد الله بن المغيرة بجوازه عن النبي
عند عدم الماء (2) مرسلة، مخالفة للوفاق، مأولة بتمرات يسيرة لا تغير الماء، كما
تضمنته رواية الكليني عن الصادق (عليه السلام) وأفتى به الصدوق مقيدا
بعدم تغير لون الماء (4).
فروع:
الأول: لو تغير بالتراب أو الملح فأضيف إليهما لم يقدح، لبقاء الاسم،
وعدم الإضافة، وللأمر بتعفير الإناء بالتراب، وجواز الطهارة بماء البحر على ما
يأتي، ولا فرق بين الملح الجبلي والمائي. وكذا لو تغير بورق الشجر مع بقاء
الاسم.
الثاني: لو خالط الماء غير سالب الاسم، جاز استعمال الجميع، للاستهلاك.
الثالث: لا عبرة بالقصد في الخلط بل بالاسم، لأن الحكم تابع له.
الرابع: لو مزج بموافقه في الصفات - كمنقطع الرائحة من ماء الورد -
فالحكم للأكثر عند الشيخ، فان تساويا جاز الاستعمال (5).
والقاضي ابن البراج يمنعه، أخذا بالأصل والاحتياط (6).
والشيخ الفاضل جمال الدين - رحمه الله -: يقدر المخالفة، كالحكومة في



(1) التهذيب 1: 271 ح 799، الاستبصار 1: 187 ح 655.
(2) التهذيب 1: 219 ح 628، الاستبصار 1: 150 ح 28.
(3) الكافي 6: 416 ح 3، التهذيب 1: 220 ح 629، الاستبصار 1: 16 ح 29.
(4) الفقيه: 1: 11.
(5) المبسوط 1: 8
(6) المهذب 1: 24.
73
الحر (1). فحينئذ يعتبر الوسط في المخالفة، فلا يعتبر في الطعم حدة الخل، ولا في
الرائحة ذكاء المسك.
وينبغي اعتبار صفات الماء في العذوبة والرقة والصفاء وأضدادها، ولا فرق
هنا بين قلة الماء وكثرته.
ولو مزج بالمستعمل في الأكبر انتظم عند الشيخ اعتبار الكمية (2) وان كان
بالكريبنى على أن بلوغه كرا لا يرد الطهورية، ويمكن فيه تقدير المخالفة كالأول.
الخامس: إذا جوز استعمال المخلوط غير الغالب وجب تعيينا أو تخييرا.
لصدق اسم الماء. والشيخ: يجوز ولا يجب. لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب
المشروط (3) وفيه منع ظاهر.
قاعدة:
ينجس المضاف بالملاقاة اجماعا. لقول النبي صلى الله عليه وآله في الفأرة
تموت في السمن: (ان كان مائعا فلا تقربوه) (4) فيحرم استعماله، لقوله تعالى:
(والرجز فاهجر) (5) الا لضرورة، للحرج.
وطهره في المبسوط بأغلبية كثير المطلق عليه وزوال أوصافه (6) لتزول التسمية
التي هي متعلق النجاسة.
والفاضل جمال الدين - رحمه الله - تارة بزوال الاسم وان بقي الوصف، لأنه
تغير بجسم طاهر في أصله. وتارة لمجرد الاتصال وان بقي الاسم، لأنه لا سبيل



(1) تذكرة الفقهاء 1: 2، مختلف الشيعة: 14.
(2) المبسوط 1: 8.
(3) المبسوط 1: 8.
(4) المصنف لعبد الرزاق 1: 84 ح 278، مسند أحمد 2: 365، سنن أبي داود 3: 264 ح 3842،
السنن الكبرى 9: 353.
(5) سورة المدثر: 5
(6) المبسوط 1: 5.
74
إلى نجاسة الكثير بغير تغير بالنجاسة وقد حصل (1) والثاني أشبه.
اما الخمر ومشتد العصير فبالخلية، ويختص العصير بذهاب الثلثين،
للخبر (2).
والأقرب في النبيذة المساواة، لثبوت تسميته خمرا. ولو قلنا بنجاسة عصير
التمر بالاشتداد، فالأشبه انه كالعنب.
اما غليان القدر فغير مطهر وان كانت النجاسة دما في الأحوط.
والمشهور: الطهارة مع قلة الدم، للخبر عن الصادق (عليه السلام) (3).
والرضا (عليه السلام) (4)، صححه بعض الأصحاب (5)، وطعن فيه الفاضل
- رحمه الله - في المختلف بجهالة بعض رواته (6) ويندفع بالمقبولية.
ونسبه ابن إدريس إلى الشذوذ - مع اشتهاره - والى مخالفة الأصل من طهارة
غير العصير بالغليان (7).
وهو مصادرة، والخبر معلل بان النار تأكل الدم، ففيه ايماء إلى مساواة
العصير في الطهارة بالغليان، ولجريان مجرى دم اللحم الذي لا يكاد ينفك منه.
والحمل على دم طاهر بعيد.
العارض الثاني: زوال أحد أوصافه مع بقاء اسمه، فان كان بطاهر لم
ينجس في المشهور، لاطلاق اسم الماء عليه، ولعدم انفكاك السقاء أول استعماله من
التغير، ولم ينقل عن الصحابة الاحتراز منه، ولم يستدل في الخلاف عليه بالاجماع (8).



(1) تذكره الفقهاء 1: 5 مختلف الشيعة: 14.
(2) الكافي 6: 419 ح 1، التهذيب 9: 120 ح 516.
(3) الكافي 6: 235 ح 1، الفقيه 3: 216 ح 1005.
(4) الكافي 6: 422 ح 1، التهذيب 1: 279 ح 820.
(5) نزهة الناظر: 20.
(6) مختلف الشيعة: 685.
(7) السرائر: 370.
(8) الخلاف 1: 57 المسألة: 7.
75
وكذا لو تغير بنفسه، وان كره الطهارة به اختيارا، لرواية الحلبي عن
الصادق (عليه السلام) في الوضوء به (1) والغسل أولى لقوته، وإزالة الخبث أحرى،
لأن العينية أشد من الحكمية.
وإن كان بنجس، فان كان بمجرد مرور الرائحة من غير ملاقاة لم
ينجس، للأصل. وان كان بملاقاته نجس مطلقا، لقول النبي (عليه السلام):
(خلق الله الماء طهورا، لا ينجسه الا ما غير طعمه أو ريحه) (2)، وفي بعضها:
(لونه) (3).
وعن الصادق (عليه السلام): (إذا تغير الماء وتغير الطعم، فلا تتوضأ منه
ولا تشرب) (4).
وعنه (عليه السلام): (إذا كان النتن الغالب على الماء، فلا يتوضأ
ولا يشرب) (5).
والجعفي وابنا بابويه لم يصرحوا بالأوصاف الثلاثة، بل اعتبروا أغلبية
النجاسة للماء (6) وهو موافقه في المعنى.
ولو توافق الماء والنجاسة في الصفات، فظاهر المذهب بقاء الطهارة، لعدم
التغير، والعلامة على أصله السابق (7) وحينئذ ينبغي فرض مخالف أشد أخذا
.



(1) التهذيب 1: 217 ح 626، الاستبصار 1: 12 ح 20.
(2) تلخيص الحبير 1: 100، ونحوه في المصنف لعبد الرزاق 1: 80 ح 246، سنن الدارقطني
1: 28، السنن الكبرى 1: 259.
(3) عوالي اللآلي 1: 76 ح 154، 2: 15 ح 29. ونحوه في سنن ابن ماجة 1: 174 ح 521، شرح
معاني الآثار 1: 16.
(4) الكافي 3: 4، التهذيب 1: 216 ح 625، الاستبصار 1: 12 ح 19.
(5) التهذيب 1: 216 ح 624، الاستبصار 1: 12 ح 18.
(6) الفقيه 1: 11: المقنع: 11.
(7) تقدم في ص 74 - 75 الهامش 1.
76
بالاحتياط.
ولو شك في استناد التغير إلى النجاسة بنى على الأصل، ولو ظنه فالطهارة
أقوى، لقول الصادق (عليه السلام): (الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر) (1).
وحمل العلم على شامل الظن مجاز.
ولا عبرة بغير الصفات الثلاثة، لدلالة الاستثناء على الحصر، فماء البحر
طهور، لقول النبي صلى الله عليه وآله: (الطهور ماؤه) (2).
والثلج طهور، فان تعذر الغسل به وأمكن الدلك وجب، وأجزأ إن
جرى. واقتصر الشيخان على الدهن (3).
ونازع ابن إدريس بناء على فهم المسح منه (4).
والمرتضى وسلار أوجبا التيمم بنداوته (5).
وقول الصادق (عليه السلام): (هو بمنزلة الضرورة يتيمم) (6) يحتمل
ذلك.
ويحتمل أن يراد التيمم بالتراب.
والظاهر: قول الشيخين، فيقدم على التيمم.
ولو لاقته نجاسة فكالجامد، لعدم السريان، وكذا الجمد، ويطهران
بالكثير مع زوال العين.
والمسخن بالنار جائز، وهو مروي عن تقرير النبي (7) وفعله، وفعل الصادق



(1) الكافي 3: 1 ح 2، 3 التهذيب 1: 215 ح 619.
(2) الموطأ 1: 122، المصنف لابن أبي شيبة 1: 130، مسند أحمد 2: 361، سنن ابن ماجة 1:
136 ح 386، سنن أبي داود 1: 21 ح 83، الجامع الصحيح 1: 100 ح 69.
(3) المقنعة: 8، النهاية: 47، الخلاف 1: 1 المسألة 3.
(4) السرائر: 25.
(5) المراسم: 53، وحكاه عن المرتضى: ابن إدريس في السرائر: 26، والعلامة في مختلف الشيعة:
49.
(6) الكافي 3: 67، التهذيب 1: 191 ح 553، الاستبصار 1: 158 ح 544.
(7) السنن الكبرى 1: 5.
77
(عليه السلام) (1).
نعم، لو اشتدت السخونة بحيث تفضي إلى عسر الاسباغ فالأولى
الكراهية، لفوات الأفضلية.
ويكره في غسل الميت، لنهي الصادق (عليه السلام) عنه (2) إلا لضرورة
الغاسل بالبرد للحرج.
والشمس في الآنية مكروه في الطهارة والعجين، للخبر (3) ولا فرق في
الآنية، والبلدان، والقصد وبقاء السخونة وعدمهما (4) للعموم.
وابن الجنيد: الكبريتي كذلك، وابن البراج: يكره استعماله (5).
نعم، يكره التداوي به قطعا، لقول النبي صلى الله عليه وآله: (انها من
فوح جهنم) (6).
وطهر الجاري بالتدافع، والكثير بتموجه ان بقي كرا فصاعدا غير متغير
والا فبإلقاء كر عليه متصل فكر حتى يزول تغيره. ولو عولج بغير الماء ثم به
طهر، ولو وقعا معا أمكن ذلك، لزوال المقتضي. ولو قدر بقاء الكر الطاهر متميزا،
وزال التغير بتقويته بالناقص عن الكر، أجزأ.
ولا تحقق للجريان بالاستقلال في الأنهار العظيمة إجماعا، ولا في المعتدلة
عندنا. للاتصال المقتضي للوحدة. ويلزم منجس الجرية المارة على النجاسة في
الجهات الأربع نجاسة جدول طوله فراسخ بغير تغير، وهو ظاهر البطلان.
ولا يكفي زوال التغير من نفسه، أو بتموجه نجسا، أو بملاقاة جسم طاهر



(1) التهذيب 1: 198 ح 576، الاستبصار 1: 163 ح 564.
(2) الكافي 3: 147، التهذيب 1: 322 ح 937.
(3) الكافي 3: 15 ح 5، التهذيب 1: 379 ح 1177.
(4) في س و ط: وعدمها.
(5) المهذب 1: 27.
(6) المحاسن: 579، الكافي 6: 389 ح 1، الفقيه 1: 14 ح 25.
78
ساتر، أو مزيل للاستصحاب، لأنه كما لا ينجس إلا بوارد لا يطهر الا بوارد،
وهو الزام ويلزم من قال بطهارة المتمم طهره بذلك، وقد صرح به بعض
الأصحاب (1)، لأصالة الطهارة في الماء والحكم بالنجاسة للتغير، فإذا زال سبب
النجاسة عمل الأصل عمله.
مسائل:
الأولى: لا ينجس الجاري بالملاقاة إجماعا، ولا يعتبر فيه الكرية في
المشهور - لم أقف فيه على مخالف ممن سلف - لعدم استقرار النجاسة، ولنص
الصادق (عليه السلام) على رفع البأس عن بول الرجل في الجاري (2).
والعلامة اعتبره، لعموم اعتبار الكرية (3). وهو يتم في غير النابع.
ويلحق به.
ماء الغيث نازلا. لحكم الصادق (عليه السلام) بطهارة الممتزج بالغيث
والبول، وقال: (ما اصابه من الماء أكثر منه) (4).
وطينه، لقول أبي الحسن (عليه السلام) في طين المطر: (لا بأس أن يصيب
الثوب ثلاثة أيام إلا أن تعلم نجاسته، وان أصابه بعد ثلاثة فاغسله، وإن كان
الطريق نظيفا لم تغسله) (5) ويمكن حمل طين غيره عليه.
وماء الحمام بالمادة، لنص الباقر (6) والصادق (7) عليهما السلام.
والأظهر: اشتراط كثرتها حملا للمطلق على المقيد.



(1) كابن سعيد في الجامع للشرائع: 18.
(2) التهذيب 1: 31 ح 81، و 43 ح 121، الاستبصار 1: 13 ح 23.
(3) تذكره الفقهاء 1: 2.
(4) الفقيه: 1: 7 ح 4.
(5) الكافي 3: 13 ح 4، الفقيه 1: 41 ح 163، التهذيب 1: 267 ح 783، باختصار في الألفاظ
(6) الكافي 3: 14 ح 2، التهذيب 1: 378 ح 1168.
(7) الكافي 3: 14 ج 3، التهذيب 1: 378 ح 1169.
79
وفي المعتبر: لا يشترط، لاطلاق الخبر والعسر (1).
ولو شك في الكرية استصحب السابق.
وعلى اشتراط الكرية في المادة: يتساوى الحمام وغيره، لحصول الكرية
الدافعة للنجاسة. وعلى العدم، فالأقرب: اختصاص الحمام بالحكم، لعموم
البلوى وانفراده بالنص.
الثانية: لا ينجس الكثير بالملاقاة، وفاقا لقول النبي صلى الله عليه وآله.
(إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا) (2) - وروي (قلتين) (3) - وقول الصادق (عليه
السلام): (إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ) (4).
ويستعمل بأسره، ولا يجب ابقاء قدر النجاسة، لاستهلاكها. ولو كانت
قائمة بلا تغير، لم يجب التباعد بمقدار القلتين، لعدم انفعال الماء. ولو اغترف منه
فنقص عن الكر، فالمأخوذ طاهر لا ظاهر الاناء، وتجنبه أولى.
وقول الجعفي: وروي الزيادة على الكر، راجع إلى الخلاف في تقديره.
والمشهور: بلوغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبرا بمستوى
الخلقة، لقول الصادق (عليه السلام) في رواية أبي بصير: (إذا كان ثلاثة أشبار
ونصفا في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه) (5) و (في) للضرب، ولأنه يلزمه ذلك.
والقميون أسقطوا النصف (6)، لصحيحة إسماعيل بن جابر عن الصادق (عليه
السلام) (7). وترجح الأولى بالشهرة والاحتياط.



(1) المعتبر 1: 42.
(2) عوالي الآلي 1: 76 ح 156.
(3) مسند أحمد 2: 12، سنن أبي داود 1: 17 ح 63، الجامع الصحيح 1: 97 ح 67، سنن النسائي
1: 46 مسند أبي يعلي 9: 438 ح 5590، شرح معاني الآثار 1: 15.
(4) الكافي 3: 2 ح 1، 2 الفقيه 1: ح 12، التهذيب 1: 39 ح 107، 108، الاستبصار 1: 6 ح 1، 2.
(5) الكافي 3: 3 ح 5، التهذيب 1: 42 ح 116، الاستبصار 1: 10 ح 14
(6) كالصدوق في الفقيه 1: 6، والمقنع: 10.
(7) الكافي 3: 3 ح 7، التهذيب 1: 37 ح 101، الاستبصار 1: 10 ح 13.
80
أو ألف ومائتا رطل، لمرسلة ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام) (1).
والتفسير بالعراقي: لمقاربة الأشبار، أو لأن المرسل عراقي، أو لصحيحة محمد
ابن مسلم عن الصادق (عليه السلام): (الكر ستمائة رطل) (2) بالحمل على رطل
مكة، وهو رطلان بالعراقي. وبالمدني: للاحتياط، أو لأن الغالب كونهم عليهم
السلام ببلدهم، وهو مائة درهم وخمسة وتسعون درهما، والعراقي ثلثاه، للخبر عن
الرضا (عليه السلام) (3).
والعلامة ابن طاووس - رحمه الله - ذكر وزن الماء وعدم مناسبة المساحة
للأشبار، ومال إلى دفع النجاسة بكل ما روي، وكأنه يحمل الزائد على الندبية.
وابن الجنيد اعتبر القلتين أو نحو مائة شبر (4). والراوندي نفي التكسير (5).
ولا وجه لهما.
والشلمغاني: ما لا يتحرك جنباه بطرح حجر وسطه، وهو خلاف الاجماع.
وعلى كل تقدير لا يكفي التقريب لأصل العدم.
فلو شك في البلوغ فكذلك. ولو علمه وشك في سبق النجاسة، فالأصل
الطهارة.
وماء الحوض والإناء كغيره، للعموم. والمفيد وأتباعه جعلوها كالقليل
مطلقا (6)، للنهي عن استعمالها مع النجاسة.
قلنا: مقيد بالغالب.
الثالثة: ينجس قليل الواقف بالملاقاة في الأشهر، لمفهوم الشرط في
الحديثين.
ولقول الصادق (عليه السلام) في سؤر الكلب: (رجس نجس لا تتوضأ



(1) الكافي 3: 3 ح 6، التهذيب 1: 41 ح 113، الاستبصار 1: 10 ح 15.
(2) التهذيب 1: 414 ح 418، الاستبصار 1: 11 17.
(3) معاني الأخبار: 249، عيون أخبار الرضا 1: 310.
(4) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 3.
(5) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 3.
(6) المقنعة: 9، النهاية: 4، المعتبر 1: 48.
81
بفضله) (1).
ولتعليل غسل اليدين من النوم باحتمال النجاسة 2) ولولا نجاسة القليل لم
يفد.
وحجة الشيخ أبي علي بن أبي عقيل - رحمه الله - على اعتبار التغير بعموم
الحديث (3) معارض بتقديم الخاص وان جهل التاريخ، وقد رواه قوم في بئر
بضاعة (4) وكان ماؤها كثيرا، وفي هذا التأويل طهارة البئر. وبخصوص نحو قول
الباقر (عليه السلام) في القربة والجرة من الماء تسقط فيها فأرة فتموت: إذا غلبت
رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه، وان لم يغلب فاشرب منه وتوضأ (5) معارض
بأشهر منه وأصح إسنادا (6). وأوله الشيخ بالكر وإرادة الجنس من القربة والجرة (7).
واستثنى الأصحاب ثلاثة مواضع:
ماء الاستنجاء، اجماعا، للحرج، وحكم الصادق (عليه السلام) بعدم
نجاسة الثوب الملاقي له (8).
واشترط فيه عدم الملاقاة لنجاسة من خارج، لوجود المانع، ولا فرق بين المخرجين للشمول.



(1) التهذيب 1: 225 ح 646، الاستبصار 1: 19 ح 40.
(2) تقدم في ص 72 الهامش 5.
(3) مختلف الشيعة: 2.
والحديث تقدم في ص 76 الهامش (2، 3).
(4) مسند أحمد 3: 31، سنن أبي داود 1: 17 ح 66، الجامع الصحيح 1: 95 ح 66، سنن النسائي
1: 146، مسند أبي يعلي 2: 476 ح 1304، شرح معاني الآثار 1: 12.
بضاعة: وهي دار بني ساعدة بالمدينة وبئرها معروفة، فيها أفتى النبي صلى الله عليه وآله بان الماء
طهور ما لم يتغير.... الخ معجم البلدان 1: 442.
(5) التهذيب 1: 412 ح 1298.
(6) راجع: التهذيب 1: 39 ح 105، 225 ح 646، الاستبصار 1: 19 ح 40.
(7) التهذيب 1: 412.
(8) التهذيب 1: 86 ح 288.
82
وفي المعتبر: ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة، انما هو بالعفو (1) وتظهر
الفائدة في استعماله. ولعله أقرب، لتيقن البراءة بغيره.
ولا يلحق به غسالة الخارج من السبيلين غير البول والغائط، للبقاء على
الأصل. ولا فرق في العفو بين المتعدي وغيره، للعموم. ولو زاد وزنه اجتنب.
والدم الذي لا يستبين، لقول الكاظم (عليه السلام) (3).
وألحق في المبسوط كل مالا يستبين (4).
والأولى: المنع فيهما، للاحتياط، ولمعارضته لكلام الكاظم (عليه
السلام).
فروع:
الأول: مورد الرواية دم الأنف، فيمكن العموم في الدم، لعدم الفارق
ويمكن إخراج الدماء الثلاثة، لغلظ نجاستها.
الثاني: لا فرق بين الثوب والبدن، لوجوب الاحتراز عن النجاسة.
الثالث: لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب أو الماء فعند الشيخ
عفو، واختاره الشيخ المحقق نجم الدين - في الفتاوى - لعسر الاحتراز، ولعدم
الجزم ببقائها لجفافها بالهواء، وهو يتم في الثوب دون الماء.
وماء الغسل من النجاسة - كما قواه في المبسوط، ثم حكم بالعفو عنه
للمشقة (5) - والا لما طهر المحل.



(1) ما في المعتبر 1: 91 ليس بصريح في ذلك، لاحظ: الحدائق الناضرة 1: 471، جواهر الكلام 1:
354، مفتاح الكرامة 1: 94.
(2) الكافي 3: 13 ح 5، الفقيه 1: 41 ح 162.
(3) الكافي 3: 74 ح 116، التهذيب 1: 412 ح 1299، الاستبصار 1: 23 ح 57.
(4) المبسوط 1: 7.
(5) المبسوط 1: 92.
83
وفي الخلاف: ماء الأولى نجس (1).
والمحقق والفاضل نجساه مطلقا (2)، لقول الصادق (عليه السلام: (في
الماء الذي يغسل به الثوب، أو يغتسل به من الجنابة، لا يجوز أن يتوضأ منه) (3).
قلنا: الدليل أعم الدعوى، وعطف الجنابة عليه مشعر بأنه غير طهور
لا أنه نجس.
ولخبر العيص: سألته عن رجل أصابه قطرة من طشت فيه وضوء، فقال:
(إن كان من بول، أو قذر، فيغسل ما أصابه) (4).
وهو مقطوع، ويمكن حمله على التغير أو الندب.
والشيخ بعد حكمه بعدم وجوب غسل الثوب من غسالة الولوغ (5) حكم
بعدم جواز الوضوء (6).
واحتاط ابن البراج بإزالة غسالة الولوغ (7) كقول الشيخ.
وابن حمزة والبصروي سويا بين رافع الأكبر ومزيل النجاسة (8).
وفي المعتبر: لا يجوز رفع الحدث به إجماعا (9).
والعجب خلو أكثر كلام القدماء عن الحكم في الغسالة، مع عموم البلوى
بها.
واعترف المرتضى بعدم النص على الفرق بين ورود الماء على النجاسة.



(1) الخلاف 1: 179 المسألة: 135.
(2) المعتبر 1: 90 تذكرة الفقهاء 1: 5، مختلف الشيعة: 13.
(3) أخرجه المحقق في المعتبر 1: 90.
(4) أخرجه المحقق في المعتبر 1: 90.
(5) الخلاف 1: 181 المسألة 137.
(6) المبسوط 1: 36.
(7) المهذب 1: 29.
(8) الوسيلة: 74.
(9) المعتبر 1: 90.
84
وعكسه، وقواه فحكم بعدم نجاسة الماء الوارد وألا لما طهر المحل (1) - ويلزمه أن
لا ينجس بخروجه بطريق الأولى، وفهم الفاضلان منه ذلك (2) - وتبعه ابن إدريس
(3).
ويمكن الحجة بنجاسة غسالة الحمام، لنص الكاظم (عليه السلام): (لا
تغتسل منها) (4).
وهو أعم من المدعى، مع معارضته بقوله أيضا (عليه السلام) في غسالة
الحمام تصيب الثوب: (لا بأس) (5).
والذي قاله ابن بابويه والشيخ وكثير من الأصحاب عدم جواز استعمالها (6).
فلم يبق دليل سوى الاحتياط، ولا ريب فيه.
فعلى هذا ماء الغسلة كمغسولها قبلها، وعلى الأول كمغسولها بعدها أو
كمغسولها بعد الغسل.
وطهر القليل بمطهر الكثير ممازجا، فلو وصل بكر مماسة لم يطهر، للتميز
المقتضي لاختصاص كل بحكمه.
ولو كان الملاقاة بعد الاتصال ولو بساقيه، لم ينجس القليل مع مساواة
السطحين، أو علو الكثير كماء الحمام.
ولو نبع الكثير من تحته - كالفوارة - فامتزج طهره، لصيرورتهما واحدا. اما
لو كان ترشحا لم يطهر، لعدم الكثرة الفعلية.
وفي طهارته بالإتمام بطاهر أو نجس ثلاثة أقوال، يفرق في الثالث بين



(1) الناصريات: 215 المسألة 3.
(2) المعتبر 1: 83، مختلف الشيعة: 13.
(3) السرائر 36.
(4) التهذيب 1: 373 ح 1143.
(5) الكافي 3: 15 ح 4، الفقيه: 10 ح 17، التهذيب 1: 379 ح 1176
(6) الفقيه 1: 10، المبسوط 1: 37، تذكرة الفقهاء 1: 5.
85
النجسين وبين الطاهر والنجس.
واحتج: بقوله (عليه السلام): (إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا) (1)، وبظواهر
الآي، والأخبار المقتضية لطهورية الماء، ولأن البلوغ يستهلك النجاسة فيستوي
ملاقاتها قبل الكرية وبعدها، ولطهارة الكثير فيه نجاسة ولولاه لنجس، لامكان
سبقها على كثرته، وربما احتج بالاجماع.
وأجيب: بان الحديث عامي، ولم يعمل به غير ابن حي (2) والأصحاب
رووه مرسلا (3).
والذي رويناه: (إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ) (4) وهو صريح في
نجاسة طارئة مع احتمال الحديث الأول لها أيضا.
والظواهر تحمل على الطاهر، لأنه المتبادر إليه الفهم، فلم قلتم بطهارة
المذكورة؟! والاستهلاك قياس باطل مع الفارق: بقوة الماء بعد البلوغ، وضعفه
قبله. وامكان السبق لا يعارض أصل الطهارة. ولا إجماع، لخلاف ابن الجنيد
والشيخ في الخلاف (5) مع نقله الخلاف عن الأصحاب في المبسوط (6).
وقول الشيخ في المبسوط - بطهورية المستعمل يبلغ كرا - على التنزل (7)،
لبنائه على ما سبق من تردده، وبناه في الخلاف على ذلك أيضا (8). فيبقى
استصحاب حكم النجاسة سليما عن المعارض.



(1) عوالي اللآلي 1: 76 ح 156.
(2) حكاه عنه المحقق في المعتبر 1: 53.
(3) الناصريات: 214 المسألة 2، الخلاف 1: 174 المسألة: 127.
(4) الكافي 3: 2 ح 1، الفقيه 1: 8 ح 12، التهذيب 1: 39 ح 107، الاستبصار 1: 6 ح 1.
(5) الخلاف 1: 194 المسألة: 150، مختلف الشيعة: 3.
(6) المبسوط 1: 7.
(7) المبسوط 1: 1.
(8) الخلاف 1: 173 المسألة: 127.
86
فرع:
لو غمس الكوز بمائه النجس في الكثير الطاهر طهر مع الامتزاج، ولا
تكفي المماسة، ولا اعتبار بسعة الرأس وضيقه، ولا يشترط أكثرية الطاهر. نعم،
يشترط المكث ليتحقق الامتزاج.
وعلى القول بالطهارة بالإتمام كرا، لو تمم هذا الكوز، طهر الجميع
العارض الثالث: كونه ماء بئر. والمشهور نجاسته مطلقا: للنقل الشائع
بوجوب النزح من الخاص والعام والتعبد بعيد.
ولقول الكاظم (عليه السلام)، (فان ذلك يطهرها) (1).
وقول الرضا (عليه السلام): (ينزح منها دلاء) عقيب السؤال: ما
يطهرها) (2).
ولجواز تيمم الجنب خوف افسادها عملا بقول الصادق (عليه السلام) (3).
وفي التهذيب: إذا لم يتغير لا تعاد الطهارة وان كان لا يجوز استعماله إلا بعد
تطهيره (4) لقول الصادق (عليه السلام): (لا يغسل الثوب، ولا تعاد الصلاة مما
وقع في البئر الا أن ينتن) (5).
ولمكاتبة ابن بزيع عن الرضا (عليه السلام): (ماء البئر واسع لا يفسده
شئ، إلا أن ينتن (6).



(1) التهذيب 1: 237 ح 696، الاستبصار 1: 37 ح 101.
(2) الكافي 3: 5 ح 1، التهذيب 1: 244 ح 705، الاستبصار 1: 44 ح 124.
(3) الكافي 3: 65 ح 9، التهذيب 1: 149 ح 426، الاستبصار 1: 127 ح 435.
(4) التهذيب 1: 232.
(5) التهذيب 1: 232 ح 670، الاستبصار 1: 30 ح 80.
(6) المعتبر 1: 56، وانظر: الكافي 3: 5 ح 2، التهذيب 1: 134 ح 676، الاستبصار 1: 33
ح 87.
87
وأجيب: بقوة المشافهة على المكاتبة، والطعن في سند الأولى، والتأويل
بفساد معطل، وبالحمل على الغدير.
وقال الجعفي: يعتبر فيها ذراعان في الأبعاد الثلاثة فلا ينجس. ثم حكم
بالنزح.
وعن البصروي: تعتبر الكرية في دفع النجاسة.
وطهرها متغيرة بنزح الأكثر من زواله والمقدر، لقول الصادق (عليه
السلام: (فان تغير الماء فخذه حتى يذهب الريح (1) وللمكاتبة عن الرضا (عليه
السلام) (2).
والشيخ رتب زوال التغير على العجز عن نزح الجميع (3)، لقول الصادق
(عليه السلام): (فان أنتن نزحت) (4).
والصدوقان: الجميع، لما ذكر، فالتراوح (5)، لقول الصادق (عليه السلام):
(فان غلب فلتنزف يوما إلى الليل، يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين) (6).
قال المحقق السر في النزح انه كتدافع الجاري، ومن ثم اختلفت الرواية
بالأقل والأوسط والأكثر بحسب قوة النجاسة وضعفها، وسعة المجاري وضيقها،
فليعمل بالمشهور غير المختلف فيه. والمختلف: يجزئ أقله، ويستحب أوسطه،
ويتأكد أكثره. والشاذ يسقط بالمشهور، وضعيف السند بالقوي (7).



(1) الكافي 3: 5 ح 3، التهذيب 1: 233 ح 675، الاستبصار 1: 37 ح 102.
(2) الكافي 3: 5 ح 2، التهذيب 1: 134 ح 676، الاستبصار 1: 33 ح 87 ه‍ 6.
(3) المبسوط 1: 11، النهاية: 7.
(4) التهذيب 1: 232 ح 670، الاستبصار 1: 30 ح 80.
(5) الفقيه 1: 13، مختلف الشيعة: 5.
(6) التهذيب 1: 284 ح 832.
(7) المعتبر 1: 57.
88
فروع: الأول: لو زال تغيرها بنفسها أو بعلاج لم تطهر، لما مر. وهل يجب نزحها
أو يكفي المزيل التقديري؟ الأقوى الأول، لعدم أولوية البعض، ولتوقف اليقين
عليه.
وامتزاجها بالجاري مطهر، لأنه أقوى من جريان النزح باعتبار دخول مائها
في اسمه.
ومنعه في المعتبر، لأن الحكم متعلق بالنزح ولم يحصل (1). وكذا لو اتصل
بالكثير: أما لو وردا من فوق عليها، فالأقوى انه لا يكفي. لعدم الاتحاد في
المسمى.
الثاني: لو أجريت، فالظاهر أنها بحكم الجاري لا تنجس بالملاقاة. ولو
نجست ثم أجريت، ففي الحكم بطهارتها ثلاثة أوجه:
طهارة الجميع، لأنه ماء جار تدافع وزال تغيره، ولخروجه عن مسمى
البئر.
وبقاؤه على النجاسة، لأن المطهر النزح.
وطهارة ما بقي بعد جريان قدر المنزوح، إذ لا يقصر ذلك عن الإخراج
بالنزح.
الثالث: الآبار المتواصلة ان جرت فكالجاري، والا فالحكم باق، لأنها كبئر
واحدة.
الرابع: لا ريب في عدم اعتبار الدلو في النزح المزيل للتغير حيث لا مقدر،
أو كان إذا لم نعتبره، لحصول الغرض بالنزح المزيل للتغير.
وهل يعتبر الدلو في المعدود؟ وجهان: نعم، لصورة النص، وعمل الأمة.



(1) المعتبر 1: 79.
89
ولا، لأن الغرض إخراج الماء. وهو أقرب، فحينئذ يعتبر بحساب دلو العادة.
الخامس: لا يعتبر في النازح الاسلام، ولا البلوغ، ولا الذكورية الا في
التراوح، للفظ (القوم) - ومال في المعتبر إلى جواز النساء والصبيان لشمول القوم (1) -
بل ولا الانسانية فتكفي القرب، ولا في النزح النية، لأنه ترك النجاسة.
السادس: عبارة الأصحاب مختلفة في يوم التراوح:
فالمفيد: من أول النهار إلى آخره (2).
والصدوقان والمرتضى: من الغدوة إلى الليل (3).
والشيخ: من الغدوة إلى العشاء (4).
والظاهر أنهم أرادوا به يوم الصوم فليكن من طلوع الفجر إلى غروب
الشمس، لأنه المفهوم من اليوم مع تحديده بالليل.
السابع: لا يجزئ الليل في التراوح لما يعترى فيه من الفتور عن العمل، وكذا
مع مشاركته للنهار وتلفيق قدر يوم منهما.
الثامن: يجزئ مسمى اليوم وان قصر، ولا يجب تحرى الأطول، والأولى
استحبابه حيث لا ضرر، لما فيه من المبالغة في التطهير.
التاسع: يجوز لهم الصلاة جماعة، والاجتماع في الأكل، لأنهما مستثنيان
عرفا.
العاشر: الظاهر إجزاء ما فوق الأربعة، لأنه من باب مفهوم الموافقة، ما لم
يتصور بطء بالكثرة. اما الاثنان الدائبان، فالأولى المنع، للمخالفة.
الحادي عشر: الأولى وجوب جزءين من الليل أولا وآخرا، ليتحقق حفظ
النهار، لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به.



(1) المعتبر 1: 77.
(2) المقنعة: 9.
(3) الفقيه 1: 13، المعتبر 1: 60، مختلف الشيعة: 5.
(4) المبسوط 1: 11.
90
الثاني عشر: لو وقع في الأثناء موجب نزح الجميع وجب الاستئناف، ومع
التعذر فتراوح مستأنف، ولو وقع ذو مقدر فالتداخل يمكن، فحينئذ يعمل بالأكثر،
لصدق النزح.
الثالث عشر: اختلاف أنواع النجاسة يوجب التضاعف، عملا
بالمقتضي. ومع التماثل الأقرب ذلك، للاستصحاب.
أما الاختلاف بالكمية كالدم، فإن خرج من القلة إلى الكثرة فمنزوح
الأكثر وإن زاد في الكثرة فلا زيادة في القدر، لشمول الاسم.
الرابع عشر: أبعاض المقدر كالمقدر، لتيقن البراءة، فلو توزع المقدر لم
يتضاعف، لعدم الخروج عن الاسم. نعم، لو وجد جزءان وشك في كونهما من
واحد أو اثنين، فالأجود التضاعف استظهارا.
الخامس عشر: الحيوان الحامل إذا مات وذو الرجيع (1) النجس كغيرهما،
إما لانضمام المخرج المانع من الدخول، أو لإطلاق (2) قدر النزح. نعم، لو انفتح
المخرج أو غيره تضاعف.
ولو خرج غير المأكول حيا، فلا نزح في غير نجس العين، لبعد ملاقاة الماء
جوفه لانضمام المخرج.
السادس عشر: المتساقط من الدلو عفو، ولو انصب أزيد من المعتاد كمل،
ولو انصب بأسره أعيد مثله - في الأصح - وإن كان الأخير، للأصل.
السابع عشر: الظاهر طهارة المباشر والدلو والرشا، لعدم أمر الشارع
بالغسل، ولأن استحباب النزح مشروع، ومن المعلوم عدم اشتراط غسل الدلو
قبله، وأجمعوا على طهارة الحمأة (3) والجدران.



(1) الرجيع: العذرة والروث لأنه رجع من حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا. مجمع البحرين -
مادة رجع -
(2) في س: للاقتصار على.
(3) الحمأة: الطين الأسود المتغير، مجمع البحرين - حما -.
91
الثامن عشر: يسقط النزح بغور الماء، سواء كان نزحا مستوعبا أو لا، فلو
عاد لم يجب، للعفو عن الحمأة، وعدم معرفة كون العائد هو الغائر.
ثم أقسام غير المتغير أربعة عشر:
الأول: ما لا مقدر له، فالكل عند قوم (1)، لعدم الأولوية. وأربعون (2): ولا
وجه له، وثلاثون، لحديث كردويه (3). والأول أنسب.
وفي المعتبر: يمكن أن لا نزح هنا، إعمالا لروايتي طهارة البئر فيه، وحمل
الباقيات على مواردها، قال: وهذا يتم لو قلنا: (إن النزح تعبد (4).
الثاني: ما ينزح له كل الماء، وهو: موت البعير، في المشهور الصحيح السند
عن الصادق (عليه السلام) (5).
وعن الباقر (عليه السلام): كر (6) والراوي عمرو بن سعيد فطحي.
وصب الخمر في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) (7)، وكذا في قليله.
وقال الصدوق: في القطرة عشرون دلوا (8)، لرواية زرارة عن الصادق (عليه
السلام) (9).
وفي رواية كردويه عن أبي الحسن (عليه السلام) لقطرة النبيذ المسكر: (ثلاثون دلوا) (10)



(1) راجع: المبسوط 1: 12، 1: 12، السرائر: 13، الغنية: 490.
(2) قاله ابن حمزة في الوسيلة: 75.
(3) الفقيه 1: 16 ح 35، التهذيب 1: 413، ح 1300، الاستبصار 1: 43 ح 120.
(4) المعتبر 1: 78.
والروايتان في: التهذيب 1: 232 ح 670، 234 ح 676، الاستبصار: 1: 30 ح 80، 33 ح 87
(5) الكافي 3: 6 ح 17، التهذيب 1: 240 ح 694، الاستبصار 1: 34 ح 92.
(6) التهذيب 1: 235 ح 679، الاستبصار 1: 34 ح 91.
(7) راجع الهامش 1.
(8) المقنع: 11.
(9) التهذيب 1: 241 ح 697، الاستبصار 1: 35 ح 96.
(10) التهذيب 1: 241 ح 698، الاستبصار 1: 35 ح 98.
92
وفي المعتبر رام الفرق بين الصب والقطرة للتأثر به أكثر بشيوعه في الماء (1).
وفي التهذيب رجح الكل بكثرة الأخبار (2).
والمسكر المائع بالأصالة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كل
مسكر خمر) (3).
وعن الكاظم (عليه السلام): (ما كان عاقبته الخمر فهو خمر) (4).
والفقاع، لقول الصادق (عليه السلام): (إنه خمر مجهول) (5).
والدماء الثلاثة، لغلظ نجاستها. وجماعة على مساواتها باقي الدماء (6).
ورجحه في المعتبر (7).
والثور، في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) (8).
والمني - في المشهور - ولا نص فيه، قاله الشيخ أبو علي في شرح نهاية والده
- رحمهما الله - ولكن القطع بالطهارة يتوقف عليه.
وألحق ابن البراج عرق الجنب من حرام، والإبل الجلالة (9).
وألحق أبو الصلاح - رحمه الله - بول وروث غير المأكول، إلا بول الرجل
والصبي (10).
وألحق البصروي خروج الكلب والخنزير حيين.



(1) المعتبر: 58.
(2) التهذيب: 1: 242.
(3) الكافي 6: 408 ح 3، التهذيب 9: 111 ح 482.
(4) الكافي 6: 412 ح 2، التهذيب 9: 112 ح 486.
(5) الكافي 6: 423 ح 7، التهذيب 9: 125 ح 544، الاستبصار 4: 96 ح 373.
(6) كالمفيد في المقنعة: 9 وظاهر الصدوق في الفقيه 1: 13، والمقنع: 10
(7) المعتبر: 1: 59.
(8) التهذيب 1: 241 ح 695، الاستبصار 1: 34 ح 93.
(9) المهذب 1: 21.
(10) الكافي في الفقه: 130.
93
وألحق بعضهم الفيل (1).
الثالث: كر، للحمار والبغل - في الأظهر - عن الباقر (عليه السلام) (2)
وليس في بعض الروايات البغل (3).
وفي الفرس والبقرة وشبههما، للشهرة، وفي المعتبر: هما مما لا نص فيه (4).
الرابع: سبعون دلوا - والمراد بها حيث نذكر ما كانت عادية، وقيل
هجرية (5) ثلاثون رطلا، وقال الجعفي أربعون رطلا - وهو لموت الإنسان، للخبر
المقبول بين الأصحاب عن الصادق (عليه السلام) (6).
وأبو علي وابن إدريس أوجبا لموت الكافر الجميع (7) بناء على وجوبه بملاقاته
حيا، إذ لا نص فيه، وحال الموت أشد نجاسة، وفيهما منع.
الخامس: خمسون، للعذرة الذائبة، في المشهور. وعن الصادق (عليه
السلام: أربعون أو خمسون (8)، والأكثر طريق إلى اليقين.
وكثير الدم، في المشهور. وعن الكاظم عليه السلام في شاة مذبوحة تقع
وأوداجها تشخب دما: (ما بين الثلاثين إلى الأربعين) (9) وهو حسن.
السادس: أربعون، لبول الرجل - في المشهور - رواه علي بن أبي حمزة عن



(1) كابن البراج في المهذب 1: 21.
(2) المعتبر 1: 60.
(3) التهذيب 1: 235 ح 679، الاستبصار 1: 34 ح 91.
(4) المعتبر 1: 62.
(5) هجرية: نسبة إلى قرية قرب المدينة تسمى (هجر) تنسب إليها القلال - جمع قلة - فيقال: القلال
الهجرية، مجمع البحرين - مادة هجر - وقيل إلى غيرها.
(6) التهذيب 1: 234 ج 678.
(7) السرائر: 11.
(8) التهذيب 1: 244 ح 702، الاستبصار 1: 42 ح 116.
(9) قرب الإسناد: 84، الكافي 3: 6 ح 8، الفقيه 1: 15 ح 29، التهذيب 1: 409 ح 1288،
الاستبصار 1: 44 ح 123.
94
الصادق (عليه السلام) (1).
وموت الكلب وشبهه.
والسنور - في الأظهر - وعن الصادق (عليه السلام) فيها: (عشرون أو
ثلاثون أو أربعون) (2)، فأخذ بالاحتياط.
والرواية الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) بالخمس في الكلب
والسنور (3) نادرة لا تعارض المشهور.
والثعلب والأرنب والشاة، للشبه المذكور والاحتياط.
السابع: ثلاثون لماء المطر وفيه: البول، والعذرة، وأبوال الدواب
وأرواثها، وخرء الكلاب، لرواية كردويه عن أبي الحسن (عليه السلام) (4).
الثامن: عشرون لما مر من قطرة الخمر والنبيذ.
وللدم عند المرتضى من دلو إلى عشرين (5).
وفي رواية زرارة عن الصادق (عليه السلام):: (الدم، والخمر، والميت،
ولحم الخنزير، ينزح منه عشرون دلوا) (6).
التاسع: عشر ليابس العذرة، لرواية أبي بصير عن الصادق (عليه
السلام) (7).
وقليل الدم عند جماعة (8). والمروي عن الرضا (عليه السلام): دلاء في
قطرات الدم (9).



(1) التهذيب 1: 243 ح 700، الاستبصار 1: 34 ح 90.
(2) التهذيب 1: 235 ح 680، الاستبصار 1: 36 ح 97.
(3) الكافي 3: 5 ح 3، التهذيب 1: 237 ح 684، الاستبصار 1: 37 ح 102.
(4) الفقيه 1: 16 ح 35، التهذيب 1: 413 ح 1300، الاستبصار 1: 43 ح 120.
(5) المعتبر 1: 65، مختلف الشيعة: 6.
(6) التهذيب 1: 241 ح 697، الاستبصار 1: 35 ح 96.
(7) التهذيب 1: 244 ح 702، الاستبصار 1: 42 ح 116.
(8) راجع: المبسوط 1: 12، السرائر 12، المراسم: 35.
(9) الكافي 3: 5 ح 1، التهذيب 1: 244 ح 705، الاستبصار 1: 44 ح 124.
95
وعن الصادق (عليه السلام) في دم الدجاجة والحمامة:
دلاء يسيرة (1) وفسرت بعشر، لأنه أكثر عدد يضاف إلى الجمع (2)، أو نقول: أقل
جمع الكثرة عشر.
العاشر: تسع أو عشر، للشاة عند الصدوق (3) عن علي (عليه السلام) (4).
الحادي عشر: سبع لموت الطير - في المشهور - لرواية علي بن أبي حمزة عن
الصادق (عليه السلام) (5)، وفسر بالحمامة والنعامة وما بينهما.
ولاغتسال الجنب، والروايات عن الصادق (عليه السلام) بلفظ: الوقوع،
والنزول، والدخول، والاغتسال (6) منها، فلا وجه لاشتراط الارتماس (7).
قال في المعتبر: الموجبون للسبع هنا هم المانعون من رفع الحدث بالماء
المستعمل، ألا سلار فإنه قال بالنزح لا بالمنع، والمرتضى وأبو الصلاح قالا:
بالرفع، ولم يذكرا النزح (8).
ولخروج الكلب حيا - في المشهور - لقول الباقر (عليه السلام) (9).



(1) الكافي 3: 6 ح 8، التهذيب 1: 409 ج 1288، الاستبصار 1: 44 ح 123، عن الإمام
الكاظم (عليه السلام). وعنه (عليه السلام) أورد المصنف قطعة من الحديث في ص 94 الهامش
9.
(2) التهذيب 1: 245.
(3) الفقيه 1: 15.
(4) التهذيب 1: 237 ح 683، الاستبصار 1: 38 ح 105.
(5) التهذيب 1: 235 ح 680، الاستبصار 1: 36 ح 97.
(6) هذه الألفاظ وردت في الروايات التالية على التوالي: الكافي 3: 6 ح 7، التهذيب 1: 240
ح 694، الاستبصار 1: 34 ح 92. والتهذيب 1: 141 ح 695، الاستبصار 1: 34 ح 93.
التهذيب 1: 244 ح 702.
(7) كما اشترطه ابن إدريس في السرائر: 12.
(8) المعتبر 1: 70.
ولاحظ: المراسم: 33، 36، الناصريات: 215 المسألة 6، جمل العلم والعمل: 49.
(9) التهذيب 1: 237 ح 678، والاستبصار 1: 38 ح 103، عن الإمام الصادق (عليه السلام).
96
وأوجب ابن إدريس فيه أربعين، تسوية بينه وبين الميت (1).
وللفأرة مع التفسخ، عن الصادق (عليه السلام) (2) وألحق المفيد به
الانتفاخ (3).
وعن الصادق (عليه السلام) فيها ثلاث (4) وهي على الاطلاق.
وعنه (عليه السلام): سبع (5) على الإطلاق، وعنه (عليه السلام): (إذا لم
تتفسخ خمس) (6) ففي السبع تمام الاحتياط.
ولبول الصبي غير الرضيع، عن الصادق (عليه السلام) (7).
وللسنور عند الصدوق (8) وهو عن الصادق (عليه السلام) (9).
وفي سام أبرص، لقول الصادق (عليه السلام) (10).
الثاني عشر: خمس لذرق الدجاج. وخصه جماعة - كالمفيد (11) وسلار (12) -
بالجلال، ولم نقف على المستند.
واحتمل فيه في المعتبر مساواة العذرة في الرطوبة والجمود، ونزح الثلاثين، لحديث كردويه (13).



(1) السرائر: 11.
(2) التهذيب 1: 239 ح 691، الاستبصار 1: 39 ح 110.
(3) المقنعة: 9.
(4) التهذيب 1: 238 ح 688، الاستبصار 1: 39 ح 106.
(5) التهذيب 1: 235 ح 680، الاستبصار 1: 36 ح 97.
(6) الكافي 3: 5 ح 3، التهذيب 1: 233 ح 675، الاستبصار 1 37 ح 102، باختصار في
الألفاظ.
(7) التهذيب 1: 243 ح 701، الاستبصار 1: 34 ح 89.
(8) الفقيه: 1: 12.
(9) التهذيب 1: 235 ح 679، الاستبصار 1: 34 ح 91، عن الإمام الباقر (عليه السلام).
(10) الفقيه: 1: 15 ح 32، التهذيب 1: 245 ح 707، الاستبصار 1: 41 ح 114.
(11) المقنعة: 9.
(12) المراسم 36.
(13) المعتبر 1: 76.
وحديث كردويه في الفقيه 1: 16 ح 35، التهذيب 1: 413 ح 1300، الاستبصار 1: 43
ح 120.
97
الثالث عشر: ثلاث، للفأرة مع عدم الأمرين. لما مر.
وللحية - في المشهور - إحالة على الفأرة والدجاجة - التي روي فيها دلوان
أو ثلاث (1) - وهو مأخذ ضعيف.
وفي المعتبر يرى وجوب النزح فيها، معللا بأن لها نفسا سائلة، أومأ إلى
الثلاث، لقول الصادق (عليه السلام): لموت الحيوان الصغير دلاء، وأقل
محتملاته الثلاث (2).
وللوزغة عند الصدوق (3) والشيخين (4) وأتباعهما (5) لقول الصادق (عليه
السلام) (6).
وللعقرب عند الشيخ (7) وأتباعه (8) ولا نص صريحا فيه.
وقيل فيهما بالاستحباب، لعدم النجاسة، وجواز أن يكون لضرر السم.
الرابع عشر: دلو واحد لبول الرضيع، والذي عن الصادق (عليه
السلام) في بول الفطيم دلو (9).
وللعصفور. لقول الصادق (عليه السلام) (10).



(1) التهذيب 1: 237 ح 683، الاستبصار 1: 43 ح 122.
(2) المعتبر 1: 75.
وحديث الصادق (عليه السلام) في: الكافي 3: 6 ح 7، والتهذيب 1: 240 ح 694، والاستبصار
1: 34 ح 92.
(3) الفقيه 1: 14.
(4) المقنعة: 9، المبسوط 1: 12، النهاية: 7.
(5) راجع: الوسيلة: 75، المهذب 1: 22.
(6) التهذيب 1: 238 ح 688، الاستبصار 1: 39 ح 106.
(7) المبسوط 1: 12.
(8) راجع: المهذب 1: 22.
(9) التهذيب 1: 243 ح 700، الاستبصار 1: 34 ح 90.
(10) التهذيب 1: 234 ح 678.
98
فروع: الأول، يحكم بنجاسة البئر عند وجود المنجس وان تغيرت بالجيفة،
لأصالة عدم التقدم.
ولقول الصادق (عليه السلام) في الفأرة المتفسخة في إناء استعمله:
(لعلها سقطت تلك الساعة) (1). والتقدير بثلاثة أيام (2) تحكم.
الثاني: لا يحكم بنجاستها بالشك - لأصالة الطهارة - ولو قاربت البالوعة.
نعم، لو تغيرت كتغير البالوعة أمكن النجاسة، لظهور سبب النجاسة، وغيره نادر،
والطهارة أقوى، لعدم القطع والماء معلوم الطهارة، وهذا من باب عدم النجاسة
بالظن.
وفي خبر أبي بصير في بئر وبالوعة بينهما نحو من ذراعين، فقال الصادق (عليه السلام): (توضأوا منها، فان للبالوعة مجاري تصب في البحر) (3) إيماء إليه.
الثالث: المراد ب‍ (ما لا نص فيه) ما لم يوجد فيه دليل على التقدير بصريحه،
فعلى هذا حديث كردويه (4) لا يكون نصا على محتملاته، مع احتمال لالحاق
الفحوى بالصريح.
الرابع: البعير شامل للأنثى لغة، وكذا للصغير واجلال، وكذا باقي
الحيوان إلا الثور.
الخامس: الأولى دخول العصير بعد الاشتداد في حكم الخمر، لشبهه به



(1) الفقيه 1: 14 ح 26، التهذيب 1: 418 ح 1322، الاستبصار 1: 32 ح 86، باختصار في
الألفاظ
.
(2) قاله أبو حنيفة، لاحظ اللباب 1: 28.
(3) الفقيه 1: 13 ح 24، باختلاف يسير.
(4) الفقيه 1: 16 ح 35، التهذيب 1: 413 ح 1300، الاستبصار 1: 43 ح 120.
99
إن قلنا بنجاسته.
السادس: لا نزح للميت الطاهر، ويجب للنجس وإن يمم، أو غسله
كافر أو سبق غسله ثم مات بغير قتل.
السابع: الظاهر: أن العذرة فضلة الآدمي، لأنهم كانوا يلقونها في
العذرات، أي: الأفنية. وأطلقها الشيخ في التهذيب على غيره (1) ففي فضلة غيره
احتمال. ولا فرق بين فضلة المسلم والكافر هنا، مع احتماله لزيادة النجاسة
بمجاورته.
والمعتبر في كثرة الدم وقلته بنفسه.
ونقل الراوندي أنه بحسب البئر في الغزارة والنزارة، وهو محتمل، لظهور
التأثير في البعض
الثامن: لا يلحق بول المرأة بالرجل، خلافا لابن إدريس (2)، ونقله
الراوندي، اقتصارا على النص، ولفظ الإنسان غير موجود في الرواية، فهو من
باب: (ما لا نص فيه). وكذا بول الخنثى على الأقرب، للشك في الذكورة.
التاسع: كلب الماء طاهر في الأصح، لعدم فهمه من لفظ الكلب حقيقة.
فلو مات في البئر، فالظاهر: أربعون، لحديث الشبه (3).
العاشر: لا يشترط في ماء المطر اجتماع ما ذكر، فيتعلق الحكم ببعضه
احتياطا. ولو انضم إليه نجاسة أخرى أمكن المساواة. للمبالغة في: (وان كانت
مبخرة (4)) (5).
الحادي عشر: يمكن الحاق دم نجس العين بالدماء الثلاثة، فيجب الجميع،



(1) التهذيب 1: 244.
(2) السرائر: 12.
(3) التهذيب 1: 235 ح 680، الاستبصار 1: 36 ح 97.
(4) البئر المبخرة: التي يشم منها الرائحة الكريهة كالجيفة ونحوها. مجمع البحرين - مادة بخر.
(5) قطعة من حديث للإمام للكاظم (عليه السلام)، رواه الصدوق في الفقيه 1: 16 ح 35،
والطوسي في التهذيب 1: 413 ح 1300، والاستبصار 1: 43 ح 120.
100
للمساواة في الغلظ، وهو شك في شك. الثاني عشر: إن جعلنا النزح لاغتسال الجنب لإعادة الطهورية، فالأقرب
إلحاق الحائض والنفساء والمستحاضة به (1)، للاشتراك في المانع، وإن جعلناه تعبدا
لم تلحق. والأولى: ان الجنب الكافر خارج من النص. لبعده عن الاغتسال مع
زيادة النجاسة.
ولو نزل ماء الغسل إليها أمكن المساواة في الحكم. للمساواة في العلة. اما
القطرات فمعفو عنها قطعا، كالعفو عن الإناء الذي يغتسل منه الجنب.
وهل يطهر؟ نص الشيخ على عدمه (2)، للنهي في العبادة، وتخيل التناقض إن
جعلنا النزح للاستعمال.
الثالث عشر: الظاهر شمول السنور (3) للوحشي، وخصوصا مع اعتبار
الشبه.
الرابع عشر: المراد ب‍ (الرضيع) من يغتذي باللبن في الحولين أو يغلب
عليه، فلو غلب غيره فليس برضيع.
وقدره ابن إدريس بالحولين وإن أكل (4) وهو بعيد.
الخامس عشر: لا يلحق صغار الطيور بالعصفور، لعدم النص، خلافا
للشيخ نظام الدين الصهرشتي شارح النهاية (5) بل الأولى لحاقها بكبارها.
السادس عشر: الخفاش داخل فيه، لشمول اللفظ. وخلاف الشيخ قطب
الدين الراوندي في طهارته، لأنه مسخ، ضعيف (6)، لمنع مقدمتي الدليل.



(1) ليست في س.
(2) المبسوط 1: 12.
(3) في م تقرأ: التشابه، والمثبت من س.
(4) السرائر: 12.
(5) حكاه عنه المحقق في المعتبر 1: 73.
(6) حكاه عنه المحقق في المعتبر 1: 74.
101
السابع عشر: لو تمعط الشعر (1) في الماء، نزح حتى يظن خروجه إن كان
شعر نجس العين، فإن استمر الخروج استوعب، فان تعذر لم يكف التراوح ما
دام الشعر، لقيام النجاسة، والنزح بعد خروجها أو استحالتها، وكذا لو تفتت
اللحم.
ولو كان شعر طاهر العين، أمكن اللحاق، لمجاورته النجس مع الرطوبة،
وعدمه، لطهارته في أصله. ولم أقف في هذه المسألة على فتيا لمن سبق منا.
روى العلاء بن سيابة عن الصادق (عليه السلام) في ميت في بئر تعذر
اخراجه: (يعطل ويجعل قبرا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حرمته ميتا
كحرمته حيا) (2).
تتمة:
يستحب تباعد البئر عن البالوعة خمس أذرع مع أحد الأمرين (3): فوقية
البئر:، أو الصلابة والجبلية، وإلا فسبع، جمعا بين الروايتين عن الصادق (عليه
السلام) (4).
وفي أخرى عنه (عليه السلام): (مجرى العيون كلها مع الشمال، فإن
استويا في مهب الشمال فسبع، وإن كان الكنيف فوقها فاثنا عشر) (5) وعليها ابن
الجنيد (6). وعن الرضا (عليه السلام): (لا يكره من قرب ولا بعد ما لم يتغير الماء) (7).



(1) تمعط الشعر: أي تساقط من داء ونحوه. الصحاح - مادة معط -.
(2) المقنع: 11، التهذيب 1: 465 ح 1522، و 419 ح 1334.
(3) في س زيادة: من.
(4) الكافي 3: 7 و 8، التهذيب 1: 410 ح 1290 و 1291، الاستبصار 1: 45 ح 126 و 127.
(5) التهذيب 1: 410 ح 1292، باختصار في الألفاظ.
(6) مختلف الشيعة: 15.
(7) الكافي 3: 8، الفقيه 1: 13 ح 23، التهذيب 1: 411 ح 1294، الاستبصار 1: 46
ح 129، باختصار في الألفاظ.
102
العارض الرابع: استعمال الماء، وهو في أمكنة ثلاثة:
أحدها: استعماله في رفع الخبث، وقد مر استطرادا.
الثاني: استعماله في الوضوء، وهو طهور إجماعا، ولمسح النبي صلى الله عليه
وآله بما بقي في يده (1) ولتوضؤ الناس من فضل وضوئه (2).
ولقول الصادق (عليه السلام): (لا بأس أن يتوضأ) (3) به.
وأولى بالجواز المستعمل في نقل الغسل.
الثالث: المستعمل في رفع الأكبر، وهو طاهر إجماعا، ومطهر في الأقوى:
للعموم، ولأن الطهور ما يتكرر منه الطهارة كالضروب. ونهي الصادق (عليه
السلام) عن الوضوء به (4) للتنزيه، أو لنجاسة المحل، وكذا الرواية عن الصادق
والكاظم عليهما السلام: بنضح الجنب أربعة أكف من جوانبه الأربع (5) ولهذا
ورد في بعضها: (فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه) (6).
والمنضوح: البدن، ليكفيه ترديده (7) عن إكثار معاودة الماء.
وقيل: الأرض، لتمنع الانحدار، ورده ابن إدريس (8)، وعدم جمع الماء
المستعمل، لندور الحاجة إليه.



(1) التهذيب 1: 55 و 56 ح 157 و 158، الاستبصار 1: 58 ح 171 و 172، والمصنف لابن أبي
شيبة 1: 21.
(2) التهذيب 1: 221 ح 631.
(3) التهذيب 1: 221 ح 630، الاستبصار 1: 27 ح 71.
(4) التهذيب 1: 418 ح 7319، الاستبصار 1: 9، 11.
(5) التهذيب 1: 416 ح 1315، 417 ح 1318، الاستبصار 1: 28 ح 72 و 73.
(6) التهذيب 1: 416، ح 1315، الاستبصار 1: 28 ح 73.
(7) في س: برد يده.
(8) السرائر: 16.
103
فروع:
الأول: يستحب التنزه عن القسم الثاني، قاله المفيد رحمه الله (1). ولا فرق
بين الرجل والمرأة، للعموم. والنهي عن فضل وضوئها لم يثبت.
وأولى بالتنزه القسم الثالث، لأن أقل مراتب النهي الكراهية.
الثاني: لو بلغ المستعمل كرا، ففي زوال المنع الوجهان، وأولى بالزوال،
لبقاء الطهارة هنا.
الثالث: لو منعنا استعمال رافع الأكبر فلا علة عندنا معلومة، ولو علل
فالعلة تأدي فرض الغسل به، أي: رفع الحدث الأكبر، أو رفع منعه من الصلاة
حيث لا يرتفع الحدث كغسل المستحاضة، فإنه لما تأثر المحل به تأثر هو كرافع
الخبث، حيث جعل المحل بعد الغسل مخالفا لما قبل الغسل، فكأن المنع الذي
كان في البدن انتقل إليه. فعلى هذا مستعمل الوضوء والأغسال المندوبة لا منع فيه
كما مر، وكذا مستعمل الغسلة الثانية في الغسل.
وفي مستعمل الصبي وجه بعدم المنع، بناء على عدم ارتفاع حدثه، ولهذا
يجب عليه الغسل عند بلوغه.
وأما غسل الذمية لغشيانها، فماؤه نجس، لنجاستها، فليس من المستعمل
في شئ.
الرابع: يصير الماء مستعملا بانفصاله عن البدن. فلو نوى المرتمس في
القليل بعد تمام الارتماس، ارتفع حدثه، وصار مستعملا بالنسبة إلى غيره وإن لم
يخرج. ولو نوى جنبان فكذلك في حقهما، وحق غيرهما. فإن سبق أحدهما صح
خاصة.
الخامس: جوز الشيخ والمحقق إزالة النجاسة به: لطهارته، ولبقاء قوة



(1) المقنعة: 9.
104
إزالته الخبث وإن ذهبت قوة رفعه الحدث (1).
وقيل: لا (2)، لأن قوته استوفيت فالتحق بالمضاف.
السادس: المستعمل في غسل الثوب والبدن الطاهرين طهور كملاقيه.
العارض الخامس: غصبية الماء، وهو مانع من رفع الحدث - إلا مع جهل
الغصب أو نسيانه، لعموم (رفع الخطأ) - لعدم التقرب، لا من الخبث وإن حرم،
ولا يمنع غصب آلته.
والأقرب: سريان الغصب في الماء المستنبط من الأرض المغصوبة. ولا
يشترط الجفاف في صحة الصلاة، لأنه كالتالف.
العارض السادس: الاشتباه، وله صور.
إحداها: أن يشتبه بالنجس، فيتيمم مع فقده، لقول الصادق (عليه
السلام): (يهريقهما ويتيمم) (3).
واشترط الإهراق قوم (4) ليتحقق عدم الماء.
قلنا: الممنوع منه كالمعدوم، والحديث يحمل على الكناية عن النجاسة، أو
استحقاق الاهراق. ولو قلنا به كفى الواحد، للنهي عن النجس.
ولو تطهر بهما لم يصح وان فرق، للنهي. وتعارض البينتين في إناءين اشتباه،
والقرعة، ونجاستهما، وطرح الشهادة: ضعيفة.
وثانيها: الاشتباه بالمغصوب، وهو كالأول إلا أنه يطهر النجس.
وثالثها: الاشتباه بالمضاف الطاهر، فيتطهر بهما مع فقد المتيقن: للجزم



(1) المبسوط 1: 11، المعتبر 1: 90.
(2) راجع: الوسيلة: 74.
(3) الكافي 3: 10، التهذيب 1: 229 ح 229 ح 662، الاستبصار 1: 21 ح 48.
(4) راجع: المقنعة: 9، النهاية: 6.
105
باستعمال المطلق. ولو أريق أحدهما، جمع بينه وبين التيمم، تحصيلا لليقين.
ولو ميز العدل في هذه المواضع أمكن الاكتفاء، لأصالة صحة إخباره.
وقطع في الخلاف بعدم قبوله، للخبر باهراقهما من غير ذكره (1). أما العدلان،
فيقبل في الطهارة، والنجاسة على الأقوى، خلافا لابن البراج في الأخير (2).
ولا يتحرى، لعدم إفادة العلم، إلا في الشرب الضروري، للبعد من
النجاسة. وأسقطه في المعتبر، لعدم إفادة التحري اليقين (3).
ورابعها: الاشتباه في وقوع النجاسة، ولا ريب في عدم اعتباره مع الوهم
أو الشك، ومع الظن قولان: أجودهما البناء على الطهارة، للأصل.
ولقول علي (عليه السلام): لا أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم اعلم) (4)
وقول الصادق (عليه السلام): (كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر) (5).
نعم، يستحب مع السبب الظاهر، كشهادة العدل، وادمان الخمر. ولو
كانت نجاسته لازمة لحكم شرعي، نجس وان لم يعلم، لامتناع التناقض،
كالحكم بحرمة الصيد في الماء القليل عند الاشتباه.
العارض السابع: معارضته أولى - كدفع عطش حيوان محترم، أو إساغة
لقمة للحرج، أو رفع خبث للبدل عن رفع الحدث - إلا مع الجهل أو النسيان.
العارض الثامن: كونه سؤرا، وهو: ما باشره جسم حيوان، وهو تابع له



(1) الخلاف 1: 200 المسألة: 160.
والخبر في الكافي 3: 10، والتهذيب 1: 229 ح 662، والاستبصار 1: 21 ح 48.
(2) جواهر الفقه: 410.
(3) المعتبر 1: 104.
(4) الفقيه 1: 42 ح 166، التهذيب 1: 253 ح 735، الاستبصار 1: 180 ح 629.
(5) التهذيب 1: 284 ح 832، ولفظه: (كل شئ نظيف).
106
في الطهارة والنجاسة. وقد نبه عليه، والغرض هنا بيان مكروه السؤر وما اختلف
فيه، فالمكروه:
سؤر الجلال - في الأصح - لظاهر صحيح الفضل عن الصادق) عليه
السلام) (1).
واكل الجيف - في الأقوى - مع الخلو عن النجاسة، لقول الصادق (عليه
السلام): (إلا أن ترى في منقاره دما) (2).
والحائض غير المأمونة بالتحفظ، جمعا بين قول أبي الحسن (عليه السلام):
(إذا كانت مأمونة فلا بأس) (2) وبين نهي الصادق (عليه السلام) عن الوضوء
بفضلها (4).
وأطلق المرتضى والشيخ في المبسوط الكراهية (5) لقول الصادق (عليه
السلام): (يشرب منه ولا يتوضأ) (6).
قلنا: يحمل المطلق على المقيد.
والدجاج، والدواب، والبغال، والحمير - في الأصح - لكراهية لحمها،
ولحديث الفضل عن الصادق (عليه السلام) (7).
وفي سؤر ما لا يؤكل لحمه قول الشيخ بالمنع، عدا ما لا يمكن التحرز منه
- كالهرة، والفأرة، والحية (8) - لمفهوم قول الصادق (عليه السلام): (كل ما يؤكل
لحمه فلا بأس بسؤره (9).



(1) التهذيب 1: 225 ح 646، الاستبصار 1: 19 ح 40.
(2) الكافي 3: 9 ح 5، الفقيه 1: 10 ح 18، التهذيب 1: 284 ح 832.
(3) التهذيب 1: 221 ح 6320، الاستبصار 1: 16 ح 30.
(4) التهذيب 1: 222 ح 636، الاستبصار 1: 17 ح 34.
(5) المبسوط 1: 10 وحكاه عن المرتضى: العلامة في مختلف الشيعة: 12.
(6) التهذيب 1: 222 ح 634، الاستبصار 1: 17 ح 32.
(7) راجع الهامش 1.
(8) المبسوط 1: 10.
(9) التهذيب 1: 224، الاستبصار 1: 26، المبسوط 1: 10.
107
ويعارضه حديث الفضل (1) ومرسلة الوشاء: كان الصادق (عليه السلام)
يكره سؤر كل ما لا يؤكل لحمه (2).
ولا بأس بالهرة، لقول علي (عليه السلام): (انما هي من أهل البيت) (3).
وروي: ان النبي صلى الله عليه وآله توضأ بفضلها (4). فلو نجس فوها بالمباشرة
ثم أسأرت، لم ينجس مع الخلو عن النجاسة وان لم تغب، قاله في المبسوط (5)،
للعموم.
ويكره ما خرج منه الفأرة والوزغة - في الأصح - للحديث المذكور (6).
والشيخان واتباعهما حرموه (7)، لقول الكاظم (عليه السلام) في الفأرة:
(اغسل ما رأيت من أثرها) (8) وللنزح من الوزغة (9). ويحملان على الندب.
وكذا الحية، والثعلب والأرنب - في الأقوى - والأمر بغسل اليد منهما (10).
للندب.
والمسوخ، ونجسها الشيخ، لتحريم بيعها (11). وفيه منع التحريم ومنع
الملازمة.
وما مات فيه العقرب، لقول الصادق (عليه السلام): (لا يفسد الماء، إلا



(1) التهذيب 1: 225 ح 646.، الاستبصار 1: 19 ح 40.
(2) الكافي 3: 10 ح 7.
(3) التهذيب 1: 227 ح 654.
(4) سنن ابن ماجة 1: 131 ح 368، سنن أبي داود 1: 20 ح 76، سنن الدارقطني 1: 66.
(5) المبسوط 1: 10.
(6) راجع الهامش 2.
(7) المقنعة: 10، التهذيب 1: 224، المبسوط 1: 37، النهاية: 6، المراسم: 56، المهذب 1:
24.
(8) الكافي 3: 60 ح 3، التهذيب 1: 261 ح 761.
(9) التهذيب 1: 238 ح 688، الاستبصار 1: 39 ح 106.
(10) الكافي 3: 61 ح 4، التهذيب 1: 262 ح 763.
(11) المبسوط 2: 166.
108
ما كانت له نفس سائلة (1) وقول الباقر (عليه السلام) في الماء يقع فيه العقرب:
(أهرقه) (2) للتنزيه، أو للسم.
وولد الزنا، خلافا للصدوق والمرتضى في نجاسته (3).
وأسآر المسلمين طاهرة إلا الخوارج والغلاة لعدم اجتناب النبي وعلي عليهما
السلام ذلك. وسئل علي (عليه السلام) عن الوضوء من ركو (4) أبيض مخمر أو من
فضل وضوء المسلمين، فقال (بل من فضل وضوء المسلمين) (5).
وحكم الشيخ بنجاسة المجبرة والمجسمة (6)، وابن إدريس بنجاسة كل
مخالف للحق عدا المستضعف (7): ضعيفان.



(1) الكافي 3: 5 ح 4، التهذيب 1: 231 ح 668.
(2) التهذيب 1: 230 ح 664، الاستبصار 1: 27 ح 69.
(3) الفقيه 1: 8 مختلف الشيعة: 12.
(4) الركوة: زق يتخذ للخمر والخل. مجمع البحرين - مادة ركى -
(5) الفقيه 1: 9 ح 16.
(6) المبسوط 1: 14، النهاية: 4، 52.
(7) السرائر: 13.
109
خاتمة:
يحرم استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة مطلقا، لعدم التقرب
بالنجاسة، فيعيدها مطلقا وما صلاه ولو خرج الوقت، لبقاء الحدث. وفي النهاية:
لا قضاء (1).
ولو أزال النجاسة به، أعاد مطلقا مع العلم ولو نسي، وفي الوقت مع
الجهل، جمعا بين الروايات.
ويجوز استعماله أكلا وشربا للضرورة، لوجوب دفع الضرر، وفحوى: (إلا
ما اضطررتم إليه) (2).
ولما توقف الحكم بالنجاسة على معرفة الأعيان النجسة، فحري أن نعدها
ونذكر حكمها:
أما الأول فهي عشرة:
الأول والثاني: البول والغائط من ذي النفس غير المأكول لو بالعرض
كالجلال: لقول الصادق (عليه السلام): (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل
لحمه) (3).
وأخرج ابن بابويه وابن أبي عقيل والجعفي (4) الطير، لقول الصادق (عليه
السلام): (كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله) (5).
والشيخ في المبسوط كذلك
إلا الخشاف (6) وتدفعه الشهرة.



(1) النهاية: 8.
(2) سورة الأنعام: 119.
(3) الكافي 3: 57 ح 3، التهذيب 1: 264 ح 770.
(4) الفقيه 1: 41، مختلف الشيعة: 56.
(5) الكافي 3: 58 ح 9، التهذيب 1: 266 ح 779.
(6) المبسوط 1: 39.
110
وأخرج ابن الجنيد بول الرضيع قبل أكله اللحم، لعدم إيجاب علي (عليه
السلام) غسل الثوب منه (1).
قلنا: أوجب الصادق (عليه السلام) الصب عليه (2) فيحمل الغسل على
العصر، ونقل المرتضى فيه الإجماع (3).
وفي بول الدابة والحمار والبغل قولان، الأقرب: الكراهة، لقول الباقر
والصادق عليهما السلام: (لا تغسل ثوبك من بول شئ يؤكل لحمه) (4).
وعن
أحدهما كراهية بول الدابة (5). وعن الصادق (عليه السلام): (لا بأس بروث
الحمر) (6). والأمر بغسله في حسنة محمد بن مسلم عن الصادق (عليه
السلام) (7) للندب.
قال في المعتبر: تطابق الأخبار على طهارة الروث، وتصادمها على البول،
فيقضي بالكراهية للترجيح بالأصل، وبقول الصادق (عليه السلام): (كل شئ
نظيف حتى تعلم أنه قذر (8).
الثالث والرابع: المني والدم من كل ذي نفس سائلة وإن كان مائيا
كالتمساح، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (انما يغسل الثوب من: المني



(1) مختلف الشيعة: 56.
والخبر في: الفقيه 1: 40 ح 157، علل الشرائع: 294، التهذيب 1: 250 ح 718،
الاستبصار 1: 173 ح 601.
(2) الكافي 3: 56 ح 6، التهذيب 1: 249 ح 715، الاستبصار 1: 173 ح 602.
(3) الناصريات: 217 المسألة 13.
(4) الكافي 3: 57 ح 1، التهذيب 1: 264 ح 769.
(5) الكافي 3: 57 ح 4، التهذيب 2641 ح 772، الاستبصار 1: 179 ح 626.
(6) الكافي 3: 57 ح 6، التهذيب 1: 265 ح 773، الاستبصار 1: 178 ح 621.
(7) الكافي 3: 57 ح 2، التهذيب 1: 264 ح 771، الاستبصار 1: 178 ح 620.
(8) المعتبر 1: 414.
وحديث الصادق (عليه السلام) في التهذيب 1: 284 ح 832.
111
والدم، والبول (1) وقول الصادق (عليه السلام): (ان عرفت مكانه فاغسله) (2).
وقوله (عليه السلام): (تغسل آثار الدم) (3).
وقول ابن الجنيد بعدم نجاسة الثوب بدم كعقد الابهام الأعلى (4) - لما روي
عن عائشة انها قالت: كان لإحدانا درع ترى فيه قطرا من دم فتقصعه بريقها (5).
أي: تمضغه، ولقول الصادق (عليه السلام): (ان اجتمع قدر حمصة فاغسله،
وإلا فلا) (6) ضعيف، لمخالفته الإجماع، والقصع لعله مقدمة الغسل، والخبر
الثاني يحمل على العفو.
ونقل الشيخ في الخلاف الاجماع على نجاسة العلقة (7) قال في المعتبر: لأنها
دم حيوان له نفس، وكذا علقة البيضة (8).
وفي الدليل منع، وتكونها في الحيوان لا يدل على انها منه.
ولا ينجس دم غير ذي النفس - كالسمك، والبراغيث - اجماعا، لعدم
تنجيس الماء بموته، وقول الصادق (عليه السلام) في دم البراغيث: (ليس به
بأس) (9) وعن علي (عليه السلام) (أنه كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك) (10) ولتعذر
الاحتراز من دم البق والبراغيث



(1) سنن الدارقطني 1: 127، مسند أبي يعلى الموصلي 3: 185 ح 1611، السنن الكبرى 1: 14.
(2) الكافي 3: 53 ح 1، التهذيب 1: 251 ح 725.
(3) التهذيب 1: 14 ح 30، الاستبصار 1: 85 ح 269.
(4) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 59.
(5) سنن الدارمي 1: 238، سنن أبي داود 1: 98 ح 358.
(6) التهذيب 1: 255 ح 741، الاستبصار 1: 176 ح 613.
(7) الخلاف 1: 491 المسألة 232.
(8) المعتبر 1: 422.
(9) التهذيب 1: 255 ح 740، الاستبصار 1: 176 ح 611.
(10) الكافي 3: 59 ح 4، التهذيب 1: 260 ح 755، مستطرفات السرائر: 486.
112
وما في المبسوط والجمل (1) مدفوع بدعوى الاجماع في الخلاف (2)
والدم المتخلف في اللحم، بعد الذبح والقذف المعتاد طاهر وان كان في
العروق.
الخامس: الميتة من ذي النفس مطلقا: إجماعا، ولقول الصادق (عليه
السلام): (لا يفسد الماء ألا ما كانت له نفس سائلة) (3).
وكذا ميت الآدمي: للأمر بغسله والاغتسال من مسه، وللأمر بغسل
الثوب الملاقي في رواية إبراهيم بن ميمون عن الصادق (عليه السلام) (4).
وكل ما قطع من الحيوان مما تحله الحياة بحكم الميتة، لمساواة الجزء الكل.
والحجة بأنه لو كان نجسا لما طهر بالغسل، معارضة: بأنه لو كان طاهرا لما
امر بغسله، وجاز اختلاف النجاسات في قبول الطهارة وعدمها بوضع الشرع.
وان قلنا بنجاسته حكما فلا اشكال.
السادس والسابع: الكلب والخنزير، وهما نجسان عينا ولعابا، اجماعا
وللآية في الخنزير (5).
ولقول الصادق (عليه السلام): (إذا مس ثوبك كلب، فان كان يابسا
فانضحه، وان كان رطبا فاغسله) (6).
وقول الكاظم (عليه السلام في ثوب يصيبه الخنزير (فلينضح ما أصابه
إلا أن يكون فيه أثر فليغسله (7).
وقول النبي صلى الله عليه وآله: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن



(1) المبسوط 1: 35، الجمل والعقود: 171، حيث أفتى بنجاسة دم غير ذي النفس.
(2) الخلاف 1: 476 المسألة: 219، حيث قال بعدم نجاسة دم غير ذي النفس.
(3) الكافي 1: 5 ح 4، التهذيب 1: 231 ح 668 و 669، الاستبصار 1: 26 ح 67.
(4) الكافي 3: 61 ح 5 و 161 ح 7 التهذيب 1: 276 ح 811.
(5) سورة الأنعام: 145.
(6) الكافي 3: 60 ح 1، التهذيب 1: 260 ح 756.
(7) الكافي 3: 61 ح 1، التهذيب 1: 261 ح 760، باختصار في الألفاظ.
113
يغسله (1).
وقول الكاظم (عليه السلام) في خنزير يشرب من إناء: (يغسل سبع
مرات) (2).
وينجس منهما ما لا تحله الحياة أيضا، لدخولهما في مسماهما.
ولقول الصادق (عليه السلام) لبرد الإسكاف: (اغسل يدك إذا مسسته
كما تمس الكلب (3) والمرتضى: يمنع الدخول كعظم الميتة (4).
ورد بأن المنجس في الميتة صفة الموت وفيهما نفس الذات.
وقال الصدوق: يرش ما أصابه كلب الصيد برطوبة، ويغسل ما أصابه
غيره (5). وهو مدفوع بالخبر السالف، لشموله.
الثامن: المسكرات، والأكثر على نجاستها، ونقل المرتضى فيه الاجماع،
للآية (6) - والرجس: النجس - وللأمر باجتنابه.
ولقول الصادق (عليه السلام): (لا تصل في ثوب أصابه خمر، أو مسكر،
حتى يغسل (7).
والصدوق، وابن أبي عقيل، والجعفي، تمسكوا بأحاديث لا تعارض



(1) مسند أحمد 2: 427، صحيح مسلم 1: 234 ح 279، سنن أبي داود 1: 19 ح 71.
(2) التهذيب 1: 261 ح 760.
(3) التهذيب 6: 382 ح 1130، باختصار في ألفاظه.
(4) الناصريات: 218 المسألة 19.
(5) الفقيه 1: 43.
(6) الناصريات: 217 المسألة 16. والآية في سورة المائدة: 90.
والآية في سورة المائدة: 90.
(7) التهذيب 1: 278 ح 817، الاستبصار 1: 189 ح 660.
114
القطعي (1).
وفي حكمها العصير إذا غلى واشتد، في قول ابن حمزة (2).
وفي المعتبر: يحرم مع الغليان حتى يذهب الثلثان، ولا ينجس إلا مع
الاشتداد (3). فكأنه يرى الشدة المطربة، إذ الثخانة (4) حاصلة بمجرد الغليان.
وتوقف الفاضل في نهايته (5).
ولم نقف لغيرهم على قول بالنجاسة، ولا نص على نجاسة غير المسكر، وهو
منتف هنا.
التاسع: الفقاع، لأنه خمر مجهول، كما قاله الصادق (6) والرضا (7) عليهما
السلام. وعن النبي صلى الله عليه وآله: انه نهى عن السكركة (8) وهي خمر
الحبشة. وعن علي (عليه السلام): (هي خمر استصغرها الناس) (9).
وقول الجعفي: يحل بعض الفقاع، نادر لا عبرة به، مع منع تسمية ما
وصفه فقاعا.
العاشر: الكافر، أصليا، أو مرتدا، أو منتحل الاسلام جاحدا لبعض
ضرورياته كالخوارج والغلاة، لقوله تعالى: (انما المشركون نجس) (10) والاضمار
خلاف الأصل، وقد قال تعالى في اليهود والنصارى: (فتعالى الله عما



(1) الصدوق في الفقيه 1: 43، وحكاه عن ابن أبي عقيل العلامة في مختلف الشيعة: 58.
(2) لم نلاحظه في الوسيلة، ولعله في كتابه الآخر: الواسطة، لاحظ: مفتاح الكرامة 1، 141.
(3) المعتبر 1: 424.
(4) في س: النجاسة.
(5) ما في نهاية الإحكام 1: 272 حكم صريح بالنجاسة، وما أثبته المصنف عن العلامة أنظره في
تذكرة الفقهاء 1: 7.
(6) الكافي 6: 423 7، التهذيب 1: 282 ح 828.
(7) الكافي 6: 422 ح 1، التهذيب 9: 125 ح 539 الاستبصار 4: 368.
(8) سنن أبي داود 3: 328 ح 3685 وفي النسخ الثلاث الاسكركة.
(9) الكافي 6: 423 ح 9، التهذيب 9: 125 ح 540، الاستبصار 4: 95 ح 369.
(10) سورة التوبة: 28.
115
يشركون) (1).
ولقوله تعالى: (كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) (2).
وقول النبي صلى الله عليه وآله في آنيتهم: (لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا
غيرها، فاغسلوها ثم كلوا فيها) (3).
وقول الباقر (عليه السلام): (ان صافحك بيده فاغسل يدك) (4).
ونهى الصادق (عليه السلام) عن سؤره (5).
ورواية عمار عنه (عليه السلام) بالشرب من مشرب يهودي تقية (6). وحملها
الشيخ على من يظنه يهوديا أو على من أسلم (7). واما الخوارج والغلاة فلارتكابهم ما علم من الدين بطلانه ضرورة. وروى علي بن إسماعيل الميثمي، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر
(عليه السلام)، قال: دخل رجل محصور عظيم البطن، فجلس معه على
سريره، فحياه ورحب به، فلما قام قال: (هذا من الخوارج، فما هو؟) قلت:
مشرك. فقال: (مشرك والله، أي والله مشرك) (8).



(1) سورة الأعراف: 190.
(2) سورة الأنعام: 125.
(3) الجامع الصحيح 4: 129 ح 1560، المستدرك على الصحيحين 1: 143، السنن الكبرى 1:
33.
(4) الكافي 2: 475 ح 10، التهذيب 1: 262 ح 764.
(5) الكافي 3: 11 ح 6، التهذيب 1: 223 ح 639، الاستبصار 1: 18 ح 37.
(6) التهذيب 1: 223 ح 641، الاستبصار 1: 18 ح 38.
(7) راجع الهامش السابق.
(8) لم نعثر عليها ولعله انفرد بروايتها الشهيد (قدس).
116
مسائل:
الأولى: لا فرق بين فضلات الناس، وكذا الدم، للعموم، ولم يثبت أن
النبي صلى الله عليه وآله أقر أم أيمن على شرب البول (1) ولا اقرار أبي ظبية (2)، بل
روي أنه قال: (لا تعد، الدم كله حرام) (3).
الثانية: فضلة المأكول طاهرة، لما مر، وأمر النبي صلى الله عليه وآله
العرنيين بشرب أبوال الإبل (4)، وكذا فضلة غير ذي النفس، لطهارة دمه.
الثالثة: الحب الخارج من المغتذي طاهر ما لم يستحل، وحده زوال اسمه
لا عدم نباته في الأقوى. وكذا الدود المستحيل في الفضلة، والزرع والشجر
الناميان على النجاسة أو المنجس، للاستحالة.
الرابعة: رطوبة الفرجين طاهرة، وكذا الدبر: للأصل. وكذا الرطوبة،
الخارجة من المعدة ولم تستحل، والبلغم والصفراء والسوداء، وكذا رطوبات
الحيوان غير الثلاثة والفضلتين، للأصل.
الخامسة: الإنفحة (5) طاهرة من الميتة والمذبوحة وان أكلت السخلة غير



(1) المستدرك على الصحيحين 4: 63، حلية الأولياء 2: 62.
(2) في تلخيص الحبير: أبو طيبة ويترجم الاسمان في كتب التراجم على أن الأول حجام النبي صلى
الله عليه وآله والثاني صاحب منحته، ولعل المراد في الحديث الأول، بقرينة الحجامة. راجع: أسد
الغابة 5: 236، الاستيعاب 4: 118، 119، الإصابة 4: 114، 119، الكنى والأسماء 1:
40.
(3) راجع في أصل الحديث ورواته: تلخيص الحبير 1: 179.
(4) مسند أحمد 3: 287 صحيح البخاري 1: 67، صحيح مسلم 3: 1296 ح 1671، سنن ابن ماجة 2: 861 ح 2578، سنن أبي داود 4: 13 ح 4364، الجامع الصحيح 1: 106 ح 72، والعرنيين حي من بجيلة من قحطان، وقيل: حي من قضاعة. لاحظ: الأنساب للسمعاني 8:
441، معجم قبائل العرب 2: 776.
(5) الإنفحة: شئ يخرج من بطن الجدي أصفر، يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن. مجمع
البحرين - مادة نفح.
117
اللبن: والأولى: تطهير ظاهرها من الميتة، للملاقاة.
وفي لبن الميتة روايتان (1) أصحهما الطهارة، ونقل الشيخ فيه الإجماع (2).
السادسة: القيح طاهر، والصديد ان خلا عن الدم، وكذا المسك -
إجماعا - وفارته وان اخذت من غير المذكى، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان
يتطيب به (3).
ولو اشتبه الدم الطاهر بالنجس، فالأصل: الطهارة، وكذا باقي
النجاسات.
السابعة: نجاسة الميت ذاتية في وجه لتعديه، وطهره كما مر. أما غير الآدمي
فلا ريب في عدم طهارته بالغسل.
الثامنة: ما لا تحله الحياة من الميتة طاهر - كالصوف، والريش، والعظم -
لعدم صدق الاسم، إلا الثلاثة.
التاسعة: لا ينجس الطعام بموت المتولد فيه من الدود وشبهه، لطهارته
وان حرم أكله، لاستخباثه.
العاشرة: الجنين إن حل فطاهر، وإلا فنجس وإن كان مضغة. وبيض
المأكول وغيره طاهر ولو من الميتة إذا اكتسى القيض، للرواية عن علي (عليه
السلام).
الحادية عشرة: المسكرات الجامدة بالأصالة طاهرة، فلا ينجس السيلان
العارض، كما لا يطهر الجمود المائع بالأصالة. والخمر في حب العنب نجس.
الثانية عشرة: المتولد من الكلب والخنزير نجس - في الأقوى - لنجاسة



(1) لاحظ الكافي 6: 258 ح 3، الفقيه 3: 216 ح 1006، التهذيب 1: 76 ح 324، 325،
الاستبصار 4: 89 ح 340.
(2) الخلاف 1: 520 المسألة: 262.
(3) الكافي 6: 514 ح 2، مسند أحمد 6: 186، صحيح مسلم 2: 849 ح 1192، الجامع
الصحيح 3: 259 ح 917، سنن النسائي 5: 138.
118
أصلية. والأولى في ولوغه: التراب مع السبع، اخذا بالأمرين، إلا مع خلوص
التسمية بأحدهما. ولو طهر أحد أصليه تبع الاسم.
الثالثة عشرة: كلب الماء طاهر - في الأقوى - حملا للفظ على الحقيقة.
وقيل: بالنجاسة، لشمول اللفظ.
الرابعة عشرة: ولد الكافرين نجس. ولو سباه مسلم وقلنا بالتبعية، طهر
وإلا فلا، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
الخامسة عشرة: آنية المشركين وما في أيديهم طاهرة مع جهل النجاسة،
للأصل، وخبر النظيف (1).
والخبر السالف بغسلها (2) محمول على علم المباشرة برطوبة، وكذا قول الباقر
(عليه السلام) في آنية أهل الذمة والمجوس: (لا تأكلوا فيها) (3). ولم يصح وضوء
النبي صلى الله عليه وآله من مزادة مشرك (4). ووضوء عمر من جرة نصرانية مستند
إلى رأيه (5).
ويلحق بذلك ما ظن نجاسته ولم يثبت، وهو اثنا عشر، ذكر منها في الأسئار
سبعة، ولنذكر هنا خمسة.
أولها: ذرق الدجاج غير الجلال - في المشهور - لحل لحمه، ولقول الباقر
(عليه السلام): (لا بأس بخرء الدجاج) (6).
ونجسه الشيخان (7) الا في كتابي الحديث (8) - لمكاتبة فارس (9) وتحمل على



(1) تقدم في ص 111 الهامش 8.
(2) تقدم في ص 116 الهامش 3.
(3) الكافي 6: 264 ح 5، التهذيب 9: 88 ح 372.
(4) سبل السلام 1: 46.
(5) الام 1: 8، سنن الدارقطني 1: 32، السنن الكبرى 1: 32، معرفة السنن والآثار 1: 181.
(6) التهذيب 1: 283 ح 831، الاستبصار 1: 177 ح 618.
(7) المقنعة: 10 المبسوط 1: 36، النهاية: 51، الخلاف 1: 485 المسألة: 230.
(8) التهذيب 1: 284، الاستبصار 1: 178.
(9) التهذيب 1: 266 ح 782، الاستبصار 1: 178 ح 619.
119
الجلال مع أنها مقطوعة، والراوي غال.
وثانيها: لبن البنت، للرواية عن علي (عليه السلام) (1). وتحمل على
الندب (2).
وثالثها: القئ، لرواية عمار (3)، ونقل الشيخ نجاسته (4).
ورابعها: عرق الإبل الجلالة، والجنب من الحرام - في المشهور - للأصل.
والخبر الصحيح عن الصادق (عليه السلام) بغسل عرق الإبل الجلالة (5).
يحمل على الندب.
والخبر عنه بغسل ثوب الجنب (6) يحمل على نجاسته، وهو أولى من حمله
على الجنابة من الحرام.
والشيخ نقل في الخلاف الاجماع على نجاسة عرق الحرام (7). وفي
المبسوط: نسبه إلى رواية الأصحاب، وقوى الكراهية (8) ولعله ما رواه محمد بن
همام باسناده إلى إدريس بن يزداد الكفرتوتي، أنه كان يقول بالوقف، فدخل سر
من رأى في عهد أبي الحسن (عليه السلام)، وأراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق
فيه الجنب، أيصلى فيه؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره (عليه السلام) حركه
أبو الحسن (عليه السلام) بمقرعة، وقال مبتدئا: (إن كان من حلال فصل فيه،
وان كان من حرام فلا تصل فيه).
وروى الكليني بإسناده إلى الرضا (عليه السلام) في الحمام: (يغتسل فيه



(1) الفقيه 1: 40 ح 157، التهذيب 1: 250 ح 718، الاستبصار 1: 173 ح 601.
(2) الفرع في م هكذا: لبن البنت، والرواية عن علي (عليه السلام) تحمل على الندب.
(3) الكافي 3: 406، التهذيب 1: 324 ح 1340، و 2: 358 ح 1484.
(4) المبسوط 1: 38.
(5) الكافي 6: 251، التهذيب 1: 263 ح 767.
(6) الفقيه 1: 40 ح 155، التهذيب 1: 271 ح 799، الاستبصار 1: 187 ح 655.
(7) الخلاف 1: 483 المسألة: 227، وفيه: (تحرم الصلاة فيه).
(8) المبسوط 1: 38.
120
الجنب من الحرام) (1). وعن أبي الحسن (عليه السلام): (لا تغتسل من غسالته، فإنه يغتسل فيه
من الزنا) (2).
أما عرق الجنب من الحلال، والحائض، والنفساء، والمستحاضة، فطاهر
إجماعا قاله في المعتبر (3).
وخامسها: المذي - في المشهور - ونقل فيه الإجماع، لقول النبي صلى الله
عليه وآله: (ليس بشئ) (4) وقول الصادق (عليه السلام): (انما هو بمنزلة
النخامة) (5) ولمرسلة بن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام) (69.
وابن الجنيد: ينجس الذي عقيب الشهوة وينقض الطهارة (7).
لرواية
الحسين بن أبي العلاء عن الصادق (عليه السلام): (فاغسله) (8).
وفي السند منع، ويحمل على الندب.
والودي - بالمهملة - الخارج عقيب البول، والوذي - بالمعجمة - عقيب المني،
طاهران.
والحديد طاهر اجماعا. وقول الصادق (عليه السلام) في من حلق شعره أو
قص ظفره بالحديد: (عليه أن يمسحه بالماء (9) محمول على الندب، وما في



(1) الكافي 6: 503 ح 38.
(2) الكافي 6: 498 ح 10.
(3) المعتبر 1: 415.
(4) التهذيب 1: 17 ح 39، الاستبصار 1: 91 ح 292.
(5) الكافي 3: 39 ح 1، علل الشرائع: 1: 295، التهذيب 1: 21 ح 52، الاستبصار 1: 94.
ح 205.
(6) التهذيب 1: 19 ح 47، الاستبصار 1 93 ح 300.
(7) المعتبر 1: 417، مختلف الشيعة: 18.
(8) التهذيب 1: 235 ح 731، الاستبصار 1: 174 ح 606.
(9) التهذيب 1: 425 ح 1353، الاستبصار 1: 96 ح 311.
121
الرواية: (ان الحديد نجس) (1) لتأكيد الاستحباب.
وأما الحكم ففيه عشرون بحثا:
الأول: يجب إزالة ما عدا الدم عن الثوب والبدن، للصلاة، والطواف،
ودخول المساجد مع التلويث، لعموم: (وثيابك فطهر) (2) وقول النبي (عليه
السلام): (جنبوا مساجدكم النجاسة) (3). ومنه يعلم وجوب ازالتها عن المساجد، وهو فرض كفاية.
هذا مع التلويث، أما مع عدمه فلا، لجواز دخول الحائض والمستحاضة
المسجد والأطفال وهم لا ينفكون عن النجاسة غالبا، ومنع الكافر لغلظ نجاسته
أو لأنه معرض للتلويث.
وقال في الخلاف: لا يجوز للجنب والحائض دخول المسجد بالاجماع، ولم
يعتبر التلويث. ثم قال: لا خلاف في أن المساجد يجب ان تجنب النجاسات (4).
ويجب إزالة النجاسة أيضا:
عن مسجد الجبهة، للنص (5)
وعن المصلى بأسره عند المرتضى (6) والمساجد السبعة عند أبي الصلاح (7).
والأقرب: العدم، لدعوى الشيخ الاجماع على ذلك (8)، ولتجويز الصلاة على



(1) التهذيب 1: 425 ح 1353، الاستبصار 1: 96 ح 311.
(2) سورة المدثر: 4.
(3) لاحظناه في تذكرة الفقهاء 1: 91.
(4) الخلاف 1: 513 المسألة: 258، 528، 260.
(5) قال في جواهر الكلام - بعد أن حكى كلام الشهيد - 6: 100: لعل المراد به موثقة عمار عن
الصادق (عليه السلام)، وهي في التهذيب 1: 272 ح 802، الاستبصار 1: 193 ح 675.
(6) المعتبر 1: 431.
(7) الكافي في الفقه: 106.
(8) الخلاف 1: 502 المسألة 242.
122
الشاذكونة (1) عليها الجنابة بنص الباقر والصادق (عليهما السلام) (2)، ولا يستقر
الوجوب في شئ من ذلك إلا مع تعين الحاجة إليه.
وعن كل مستعمل برطوبة، في أكل أو شرب أو ضوء تحت ظل، لتحريم
النجس، والنص (3).
وعما أمر الشرع بتعظيمه، كالمصحف، والضرائح المقدسة.
والواجب ذهاب العين والأثر، ولا عبرة بالرائحة واللون، لعسر الإزالة، دفعا
للحرج، والرواية (4). ويستحب صبغه بالمشق - بكسر الميم واسكان الشين - وهو
المغرة (5) - بتحريك الغين المعجمة - وشبهه، للنص (6) لتزول صورته من
النفس. ويستحب حت دم الحيض وقرصه (7) وليسا بشرطين في الغسل.
ولا يجب العصر في غير القليل من الماء. وفيه يجب، لوجوب إخراج
النجاسة، والأولى: الشرطية، لظن انفصال النجاسة مع الماء بخلاف الجفاف
المجرد. أما بول الصبي فيكفي الصب عليه، للنص (8) وفي بول الصبية قول
بالمساواة، والعصر أولى.
الثاني: انما يطهر بالغسل العددي ما يمكن فصل الغسالة عنه كالثوب
ويجزئ في الثخين كاللحاف: الدق والغمز، للرواية (9) - فلا تطهر المائعات



(1) الشاذكونة: ثياب غلاظ مضربة تعمل باليمن، وقيل: انها حصير صغير يتخذ للافتراش. مجمع
البحرين - مادة شذك -.
(2) التهذيب 1: 274 ح 806 و 2: 369 ح 1537، الاستبصار 1: 393 ح 1499، و ح 1500.
(3) التهذيب 2: 372 ح 1548.
(4) الكافي 3: 17 ح 9، التهذيب 1: 28 ح 75.
(5) المغرة: الطين الأحمر الذي يصبغ به. مجمع البحرين - مادة مغر -
(6) التهذيب 1: 257 ح 746.
(7) القرص: الغسل بأطراف الأصابع.... وقيل: هو القلع بالظفر ونحوه. مجمع البحرين - مادة
قرص -.
(8) الكافي 3: 56 ح 6، التهذيب 1: 249 ح 715، الاستبصار 1: 173 ح 602.
(9) قال البحراني في الحدائق الناضرة 6: 370: والذي وقفت عليه مما يتعلق بهذا المقام روايات
ثلاث، وهي لا تعرض في شئ منها لما ذكروه من الدق والتغميز والتقليب. وقال الشيخ محمد
حسن في جواهر الكلام 6: 144، ولم نعثر فيما وصل إلينا من الروايات على شئ من ذلك.
123
والقرطاس والطين ولو ضربت بالماء ألا في الكثير.
وفي طهارة الدهن في الكثير وجه اختاره الفاضل في تذكرته، وكذا العجين
إذا رقق وتخلله الماء (1)، وفي صحاح ابن أبي عمير المرسلة عن الصادق (عليه
السلام) طهره بالخبز (2) والبيع (3) والدفن (4) وهي مشعرة بسد باب طهارته بالماء،
إلا أن يقيد بالمعهود من القليل.
والظاهر: طهارة الحنطة واللحم وشبهه - مما طبخ بالماء النجس - بالكثير إذا
علم التخلل، وكذا الجلد المدهون بالنجس.
وفي طهارة الحديد المشرب بالنجس، بتشريبه بالماء الطاهر، احتمال مع
كثرة الماء بل ومع قلته، لملاقاة الطاهر ما لاقى النجس. ويمكن طهره كالآجر،
لما يأتي.
الثالث: يكفي الغسل مرة في غير الإناء، لقول النبي صلى الله عليه وآله
في دم الحيض: (حتيه ثم اغسليه) (5) وكذا أوامر الغسل، والأمر المطلق لا يقتضي
التكرار.
أما البول فيجب تثنيته، لقول الصادق (عليه السلام) في الثوب يصيب
البول: (اغسله مرتين، الأول: للإزالة، والثاني: للانقاء) (6).
ولو قيل في الباقي كذلك كان أولى، لمفهوم الموافقة - فان نجاسة غير البول
أشد - وظاهر التعليل. وتستحب الثالثة، وفي المبسوط: لا يراعى العدد إلا في



(1) تذكرة الفقهاء 1: 9.
(2) الفقيه: 1: 11 ح 19، التهذيب 1: 414 ح 1304، الاستبصار 1: 29 ح 75.
(3) التهذيب 1: 414 ح 1305، الاستبصار 1: 29 ح 76.
(4) التهذيب 1: 414 ح 1304، الاستبصار 1: 29 ح 77.
(5) راجع: تلخيص الحبير 1: 47، نيل الأوطار 1: 237.
والحت: ان يحك بطرف حجر أو عود مجمع البحرين - مادة حتت -.
(6) عوالي الآلي 1: 348 ح 131، وراجع الحدائق الناضرة 5: 359.
124
الولوغ (1).
أما الإناء، فالاجماع على الثلاث في ولوغ الكلب، ولخبر الفضل عن
الصادق (عليه السلام): (اغسله بالتراب أول مرة، ثم بالماء مرتين) (2).
وابن الجنيد أوجب سبعا (3)، للخبر عن النبي صلى الله عليه وآله (4) ولقول
الصادق (عليه السلام): (يغسل من الخمر سبعا، وكذا الكلب) (5).
ويعارض بما روي من التخيير بينها وبين الخمس والثلاث (6)، فيحمل على
الندب.
ويجب التراب في الأولى، الخبر الفضل (7). والمفيد: الوسطى (8).
والراوندي وابن إدريس: تمزج بالماء، تحصيلا لحقيقة الغسل (9).
قلنا: لا ريب في انتفاء الحقيقة على التقديرين، والخبر مطلق فلا ترجيح،
وإزالة اللعاب حاصلة بهما.
ولا يجزئ غير التراب إلا للضرورة، للنص. وابن الجنيد خير (10).



(1) المبسوط 1: 37.
(2) أخرجه المحقق في المعتبر 1: 458، والعلامة في مختلف الشيعة: 63. وفي التهذيب 1: 225
ح 646، الاستبصار 1: 19 ح 40، بدون كلمة: (مرتين). راجع في ذلك: الحدائق الناضرة 5:
477، جواهر الكلام 6: 355.
(3) المعتبر 1: 458.
(4) صحيح مسلم 1: 234 ح 90، 91، الجامع الصحيح 1: 151 ح 91، سنن الدارقطني 1:
63، السنن الكبرى 1: 240.
(5) التهذيب 9: 116 ح 502.
(6) سنن الدارقطني 1: 65، السنن الكبرى 1: 240.
(7) راجع الهامش 5.
(8) المقنعة: 9.
(9) السرائر: 15.
(10) مختلف الشيعة: 64.
125
ومباشرة الكلب بباقي أعضائه كولوغه، عند المفيد (1) وابن بابويه (2).
والمشهور خلافه.
والأولى اعتبار تقدم التراب في الجاري والكثير - ثم لا يشترط فيهما العدد،
خلافا للشيخ (3) - لاطلاق الأمر بالتراب، ولعله تعبد. ولو قلنا: إنه لإزالة
النجاسة، كفى زوالها.
وهو اختيار الفاضل، لظاهر رواية عمار عن الصادق (عليه السلام) في
غسل الاناء (بماء يصب فيه ثم يحرك فيه، ثم يفرغ ثم يصب فيه ماء ثم يفرغ،
ثم يصب فيه ماء آخر) (4)، فان مفهومه: ان العدد مع صب الماء.
ولا يتكرر الغسل بتكرر الولوغ. نعم، يعاد بولوغه في الأثناء. ولو نجس
بغيره في الأثناء، كفى الإتمام إن لم نوجب الثلاث في الإناء، وإلا استؤنف ثلاثا
بالماء.
ولا يعتبر التراب فيما نجس بماء الولوغ، ولا الجفاف، خلافا للشيخ (5).
والخنزير لا يساويه، خلافا للشيخ في المبسوط، لتسميته كلبا، ولعدم
الفارق (6).
والأقرب: السبع فيه بالماء، لنص الكاظم (عليه السلام) (7).



(1) المقنعة: 9.
(2) الفقيه: 1: 8، المقنع: 12.
(3) المبسوط 1: 14، الخلاف 1: 181 المسألة: 136.
(4) مختلف الشيعة: 64.
وحديث الصادق (عليه السلام) في التهذيب 1: 284 ح 832.
(5) لعل المراد ب‍ (الشيخ): المفيد - بخلاف المتعارف من اطلاق (الشيخ) علي الطوسي - فيه
وبالصدوقين انحصر اعتبار الجفاف - راجع: المقنعة: 9، الفقيه 1: 8، المعتبر 1: 458، الحدائق
الناضرة: 5: 483.
(6) المبسوط 1: 15، الخلاف 1: 186 المسألة: 143.
(7) التهذيب 1: 261 ح 760.
126
وكذا الخمر والمسكر والجرذ، للخبرين عن الصادق (عليه السلام) (1).
وفي المعتبر: ثلاث فيهما، لرواية عمار عن الصادق (عليه السلام) في
الخمر، واحتمل فيه أن تحمل السبع على الجرذ فلا يتناول الفأرة، ثم رجع إلى
المرة (2) كما يأتي.
ويغسل الإناء من غير ذلك ثلاثا، لرواية عمار عن الصادق (عليه السلام)
في الكوز والاناء: يصب فيه الماء ويفرغ ثلاثا (3).
وفي المعتبر والمختلف: يكفي المرة فيما عدا الولوغ، لحصول الغرض من
الإزالة، وضعف رواية عمار (4). قلنا: قد يعلم المذهب بالرواية الضعيفة، وخصوصا مع نقل الشيخ
الاجماع (5).
ولا ريب في عدم اعتبار العدد في الجاري والكثير في غير الولوغ.
وقول ابن بابويه: باعتبار المرتين في الراكد دون الجاري (6)، لحسنة محمد بن
مسلم عن الصادق (عليه السلام) (7) محمول على الناقص عن الكر أو على
الندب، لتغاير المياه في الجاري، فكأنه غسل أكثر من مرة بخلاف الراكد.
ولا فرق في آنية الخمر بين المغضور (8) وغيره، لاطلاق الرواية (9). ونهى



(1) التهذيب 1: 284 ح 832، و 9 116 ح 502.
(2) المعتبر 1: 460 - 461. ورواية عمار في التهذيب 1: 283 ح 830 و 9: 115 ح 501.
(3) راجع الهامش 4 صحيفة 126.
(4) المعتبر 1: 461، مختلف الشيعة: 64.
(5) قال في مفتاح الكرامة 1: 197 - بعد نقل اجماع الشيخ عن المنصف -: ولعله أشار إلى ما في
الخلاف 1: 27 المسألة 138 من قوله: إذ مع الغسلات الثلاث يحصل الاجماع على طهارته....
والشيخ انما استدل على ذلك بالخبر والاحتياط ولم يستدل بالاجماع.
(6) الفقيه 1: 40.
(7) التهذيب 1: 250 ح 717.
(8) المغضور: الاناء المطلي بطين أخضر لازق يمنع خروج شئ منه أو نفوذ شئ إليه، لاحظ: لسان
العرب - مادة غضر -.
(9) الكافي 6: 418 ح 3، التهذيب 1: 283 ح 829 و 9: 115 ح 499، 500.
127
النبي صلى الله عليه وآله عن الخشب (1) للتنزيه.
وأما البدن فيصب عليه مرتين، لقول الصادق (عليه السلام) في البول
يصيب الجسد. (يصب عليه مرتين، فإنما هو ماء (2) وفيه اشعار بعدم الدلك فيه،
ولو احتيج إلى الدلك في غيره وجب. ويكفي في المرتين تقديرهما كالماء المتصل.
الرابع: تطهر الأرض والحصر والبواري بتجفيف الشمس، من نجاسة
البول وشبهه والخمر في الأقرب، لقول الصادق (عليه السلام): (ما أشرقت
عليه الشمس فقد طهر) (3) وفي رواية عمار عنه (عليه السلام): (البول وغيره) (4).
وقال الراوندي وابن حمزة: يجوز الصلاة عليها ولا تطهر (5). ومال إليه
المحقق، لروايتي عمار وعلي بن جعفر، عن الصادق والكاظم عليهما السلام،
بجواز الصلاة (6).
ومنع الراوندي من طهارة غير الثلاثة (7)، والخبر يدفعه، لشموله: البناء،
والشجر، وشبههما. نعم، لا يطهر المنقول عادة غير الأخيرين (8) اقتصارا على
المتيقن.
وفي الخلاف: الريح المزيل للعين تطهر، وأول بإرادة ذهاب الأجزاء.



(1) راجع الهامش السابق.
(2) الكافي 3: 55 ح 1، التهذيب 1: 249 ح 714.
(3) التهذيب 1: 273 ح 804، الاستبصار 1: 193 ح 677، عن الباقر (عليه السلام).
(4) التهذيب 1: 273 ح 802، الاستبصار 1: 193 ح 675.
(5) الوسيلة 76، وحكاه عن الراوندي: المحقق في المعتبر 1: 446، والعلامة في مختلف الشيعة: 61.
(6) المعتبر 1: 446، ورواية عمار تقدمت في الهامش 10، ورواية علي بن جعفر في التهذيب 1: 273
ح 803، الاستبصار 1: 193، ح 676.
(7) مختلف الشيعة: 61.
(8) في س: غير الأخير من الحصر والبواري. ولعل (من) تصحيف لعلامة التثنية، والحصر والبواري
مقحمة إذ في (م) وردت تحت: (الأخيرين).
128
المنجسة، لحكمه فيه: أنه لا تطهر الأرض بجفاف غير الشمس (1).
وقطع في المبسوط بعدم الطهارة بتجفيف الريح، وبطهارة حجر الاستنجاء
بالشمس (2).
ولا تطهر المجزرة (3) والكنيف بالشمس، لبقاء العين غالبا، وكذا كل ما
يبقى فيه العين.
الخامس: يطهر باطن القدم وباطن النعل والخف بالأرض، سواء مشى
عليها أو لا، للخبر عن النبي صلى الله عليه وآله في النعلين: (فليمسحهما وليصل
فيهما (4).
وقوله (عليه السلام): (إذا وطأ أحدكم الأذى بخفيه، فان التراب له
طهور) (5).
وقول الباقر (عليه السلام) في العذرة يطؤها برجله: (يمسحها حتى
يذهب أثرها) (6).
ولا يشترط جفاف النجاسة، ولا كونها ذات جرم، للعموم. نعم، يشترط
طهارة الأرض.
ولا يشترط جفاف النجاسة، ولا كونها ذات جرم، للعموم. نعم، يشترط
طهارة الأرض.
ولا حصر في المشي، وابن الجنيد: نحو خمس عشرة ذراعا، وهو مروي عن
الصادق (عليه السلام) (7).
وحكم الصنادل حكم النعل، لأنها مما ينتعل.
السادس: لا خلاف في طهارة النطفة والعلقة والبيضة بصيرورتها حيوانا.



(1) الخلاف 1: 218 المسألة: 186.
(2) المبسوط 1: 17، 93.
(3) المجزرة: موضع الجزر ونحر الإبل. مجمع البحرين - مادة جزر.
(4) سنن أبي داود 1: 175 ح 650، شرح معاني الآثار 1: 511، السنن الكبرى 2: 402.
(5) سنن أبي داود 1: 105 ح 385، المستدرك على الصحيحين 1: 166، السنن الكبرى 2: 430.
(6) التهذيب 1: 275 ح 809.
(7) الكافي 3: 38 ح 1.
129
وتطهر النار ما أحالته رمادا، لنقل الشيخ الاجماع (1) ولكتابة أبي الحسن
(عليه السلام) في الجص يوقد عليه بالعذرة: (إن الماء والنار قد طهراه) (2). وكذا
الدخان للاجماع على عدم توقي دواخن الأعيان النجسة.
ولو صار آجرا أو خزفا، طهر عند الشيخ أيضا، لجريانه مجرى الرماد (3).
وكذا لو استحالت العين النجسة - كالعذرة، والميتة - ترابا، لقوله صلى الله عليه
وآله: (التراب طهور) (4). ولو صارت ملحا أمكن ذلك، لزوال الاسم والصورة.
السابع: تطهر الأرض بما لا ينفعل من الماء بالملاقاة. وفي الذنوب (5) قول
لنفي الحرج، ولأمر النبي صلى الله عليه وآله به في الحديث المقبول (6). والتأويل
بالكر، وذهاب الرائحة، والأعداد للشمس، بعيد.
نعم، روي أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بالقاء التراب الذي أصابه
البول، وصب الماء على مكانه (7).
والشيخ حكم بطهارة الأرض التي يجري عليها واليها، قال: ويتعدد بتعدد
البول (8) وتبعه ابن إدريس في الجميع (9).
الثامن: لو طهر بعض الثوب النجس، أو شيئا من البدن النجس طهر،



(1) الخلاف 1: 500 المسألة: 239.
(2) الكافي 3: 330 ح 3، الفقيه 1: 175 ح 829، التهذيب 2: 235 ح 928، و 306 ح 1237.
(3) الخلاف 1: 499 المسألة: 239، المبسوط 1: 94.
(4) سنن أبي داود 1: 105 ح 385، المستدرك على الصحيحين 1: 166، السنن الكبرى 4302.
(5) الذنوب: في الأصل الدلو العظيم، لا يقال لها ذنوب الا وفيها ماء. مجمع البحرين - مادة ذنب -.
(6) مسند أحمد 3: 110، صحيح البخاري 1: 65، صحيح مسلم 1: 336 ح 284، مسند أبي
عوانة 1: 214.
(7) سنن أبي داود 1: 104 ح 381، سنن الدارقطني 1: 132، السنن الكبرى 2: 428.
(8) المبسوط: 1: 92.
(9) السرائر: 37.
130
قطع به: الشيخ (1) والمحقق (2) والفاضل (3). وتوهم السريان مدفوع: بطهارة
السمن والزيت بالقاء المنجس منه خاصة، ولزوم نجاسة العالم كله بنجاسة موضع
منه.
التاسع: لو اشتبه موضع النجاسة غسل كل ما يمكن، لتيقن الخروج عن
العهدة ولا يتحرى. ولو كان بعدد غير محصور فلا، للعسر.
العاشر: الظاهر: اشتراط ورود الماء على النجاسة، لقوته بالعمل، إذ الوارد
عامل، وللنهي عن إدخال اليد في الاناء قبل الغسل (4)، فلو عكس نجس الماء ولم
يطهر. وهذا ممكن في غير الأواني وشبهها مما لا يمكن فيه الورود، الا ان يكتفى
بأول وروده.
مع أن عدم اعتباره مطلقا متوجه، لأن امتزاج الماء بالنجاسة حاصل على
كل تقدير، والورود لا يخرجه عن كونه ملاقيا للنجاسة.
وفي خبر الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في الجص
يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى: (ان الماء والنار قد طهراه) (5) تنبيه عليه.
الحادي عشر: يطهر الكافر باسلامه إجماعا - ولو كان عن ردة فطرية على
الأشبه - لا ما كان قد باشره، ولا ثيابه التي عليه.
الثاني عشر: يطهر الدم بانتقاله إلى البعوض والبرغوث، لسرعة استحالته
إلى دمها.
وتطهر البواطن كلها بزوال العين لرفع الحرج، وهو مروي عن الصادق
(عليه السلام) في الأنف عليه الدم: (انما عليه ان يغسل ما ظهر منه) (6) وكان



(1) المبسوط 1: 37.
(2) المعتبر 1: 450.
(3) تذكرة الفقهاء 1: 9.
(4) تقدم في ص 72 الهامش 5.
(5) الكافي 3: 330 ح 3، الفقيه 1: 175 ح 829، التهذيب 2: 235 ح 928، 304 ح 1227.
(6) الكافي 3: 59 ح 5، التهذيب 1: 420 ح 1330.
131
السؤال عن باطنه.
وتطهر أدوات الاستنجاء والاستبراء، وقد مر النزح، والنقص، والتراب في
الولوغ. اما الغيبة فلا.
نعم، لو علم المكلف بالنجاسة، ثم مضى زمان يمكن فيه الإزالة، حكم
بالطهارة، لظاهر تنزه المسلم عن النجاسة.
الثالث عشر: طهر المرتضى الصقيل - كالسيف والمرآة - بالمسح (1)، لصلابتها
فلا يتداخلها شئ من النجاسة. ومنعه الشيخ، لعدم ورود الشرع به (2).
الرابع عشر: روي عن علي (عليه السلام: (لا بأس ان يغسل الدم
بالبصاق) (3) وهو في الضعيف، وعمل به ابن الجنيد (4) وحمل على دم طاهر (5). نعم،
لو جعل الماء في فيه وغسل به جاز، للخبر عن الكاظم (عليه السلام) (6).
الخامس عشر: لا تتعدى النجاسة مع اليبوسة، وهو منصوص في الكلب
والخنزير والكافر (7).
وفي المرسل عن أبي عبد الله (عليه السلام): (انضحه يابسا) (8) وهو
للندب، وحمله ابن حمزة على الوجوب (9) وقال (عليه السلام): (كل يابس
ذكي) (10).



(1) المعتبر 1: 450، مختلف الشيعة: 63.
(2) الخلاف 1: 479 المسألة: 222.
(3) التهذيب 1: 425 ح 1350.
(4) مختلف الشيعة: 63.
(5) العلامة في مختلف الشيعة: 63.
(6) التهذيب 1: 423 ح 1343.
(7) راجع في الموارد الثلاث: الكافي 3: 60، التهذيب 1: 260 ح 757، 760، 764، قرب
الاسناد: 89، 96.
(8) الكافي 3: 60 ح 1، التهذيب 1: 260 ح 756.
(9) الوسيلة: 73.
(10) التهذيب 1: 49 ح 141، الاستبصار 1: 57 ح 167.
132
أما الميت فقد قيل بالتعدي مطلقا، لعموم قول الصادق (عليه السلام).
(فاغسل ما أصاب ثوبك منه) (1) وترك الاستفصال دليل العموم.
وكذا الميتة، لمرسل يونس عن الصادق (عليه السلام)، في مس شئ من
السباع أو الثعلب والأرنب حيا أو ميتا: (يغسل يده) (2). والتسوية بين الحي
والميت تشعر بالاستحباب، لطهارة المذكورة حال الحياة، فيحمل على اليبوسة
- للفرق مع الموت - والرطوبة قطعا.
والشيخ في المبسوط بعد اطلاقه نجاسة الثوب الملاقي للميت، قال: كل
نجاسة أصابت الثوب أو البدن وكانت يابسة لا يجب غسلها، وانما يستحب مسح
اليد بالتراب أو نضح الثوب (3).
وعن الكاظم (عليه السلام) في الثوب يقع على خنزير ميت، أيصلى فيه؟
(لا بأس) (4).
وقال (عليه السلام) في كلب ميت يقع عليه الثوب: (ينضحه
ويصلي فيه) (5) وحمله في التهذيب على صيرورته عظما بعد سنة (6)، لقول
الصادق (عليه السلام): (عظم الميت إذا جاز سنة فلا بأس) (7). وكل هذا يشعر
بعدم النجاسة باليبوسة.
السادس عشر: لا يطهر جلد الميتة بالدباغ، إجماعا، وبه أخبار متواترة،
مثل: قول النبي صلى الله عليه وآله: (لا تنتفعوا من الميتة بشئ) (8).



(1) الكافي 3: 61 ح 5، 161 ح 7.
(2) الكافي 3: 60 ح 4، التهذيب 1: 262 ح 763 و 277: 816.
(3) المبسوط 1: 37 - 38.
(4) التهذيب 1: 276 ح 813 وفيه: (حمار ميت).
(5) الفقيه 1: 43 ح 169، التهذيب 1: 277 ح 815، الاستبصار 1: 192 ح 674.
(6) التهذيب 1: 276 ذيل الحديث 813.
(7) الكافي 3: 73 ح 13، التهذيب 1: 277 ح 814، الاستبصار 1: 192 ح 673.
(8) شرح معاني الآثار 1: 468، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 2: 286 ح 1276. نيل
الأوطار 1: 78 عن البخاري في تاريخه.
133
وقول الباقر (عليه السلام): (لا، ولو دبغ سبعين مرة) (1).
وقول الصادق (عليه السلام): (لا تصل في شئ منه، ولا شسع (2).
والشلمغاني وابن الجنيد طهرا بالدبغ ما كان طاهرا في حال الحياة (3) لما روي
عن النبي صلى الله عليه وآله: (أيما اهاب دبغ فقد طهر) (4). والخبر شاة ميمونة (5).
وعن الصادق (عليه السلام) في جلد الميتة: (يدبغ ويتوضأ منه، ولا يصلي
فيه) (6).
والصدوق أرسل عن الصادق (عليه السلام) في جلود الميتة: (تجعل فيها
ما شئت من لبن أو سمن، وتتوضأ منه وتشرب، ولا تصل فيها) (7).
ولم يذكر الدبغ، وهو أغرب من الأول وأشذ، والشاذ لا يعارض المتواتر،
مع عدم معرفة صحة السند وصحة معارضه، كصحيح عبد الرحمن بن الحجاج
عن الصادق (عليه السلام): (زعموا ان دباغ جلد الميتة ذكاته، ثم لم يرضوا ان
يكذبوا في ذلك الا على رسول الله صلى الله عليه وآله) (8).
وفي صحاح العامة: كتب النبي صلى الله عليه وآله إلى جهينة: (كنت
رخصت لكم في جلود الميتة، فإذا جاءكم كتابي هذا، فلا تنتفعوا من الميتة باهاب



(1) الفقيه 1: 160 ح 750، التهذيب 2: 203 ح 794.
(2) التهذيب 2: 203 ح 793
(3) مختلف الشيعة: 64.
(4) المصنف لعبد الرزاق 1: 63 ح 190، مسند أحمد 1: 219، سنن الدارمي 2: 85، صحيح.
مسلم 1: 277 ح 366، سنن ابن ماجة 2: 1193 ح 3609، سنن أبي داود 4: 46 ح 4123.
(5) المصنف لعبد الرزاق 1 62 ح 184 الموطأ 2: 498 ح، مسند أحمد 1: 327، صحيح مسلم
1: 276 ح 363، سنن أبي داود 4: 65 ح 4120، سنن النسائي: 7: 178.
(6) التهذيب 9: 78 ح 332، الاستبصار 4: 90 ح 343، باختصار في الألفاظ.
(7) الفقيه 1: 9 ح 15.
(8) الكافي 3: 398 ح 5، التهذيب 2: 204 ح 798.
134
ولا عصب) وكان ذلك قبل موته بشهر أو شهرين (1) فيكون ناسخا للمتقدم ان
صح. وخبر شاة ميمونة (2). أو سودة بنت زمعة (3) مأول بقول الصادق (عليه
السلام): (ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها، أي:
بالذكاة، وكانت مهزولة) (4) وهو أعرف بالنقل.
وابن الجنيد وافق على عدم جواز الصلاة فيه وان دبغ (5).
ولا ينتفع بجلد الميتة أيضا في اليابس، لعموم: (حرمت عليكم الميتة) (6).
و (لا تنتفعوا) (7).
السابع عشر: الأصح وقوع الذكاة على الطاهر في حال الحياة كالسباع،
لعموم: (إلا ما ذكيتم) (8) وقول الصادق (عليه السلام): (لا تصل فيما لا يؤكل
لحمه، ذكاه الذبح أو لم يذكه) (9) فيتطهر بالذكاة.
والمشهور: تحريم استعماله حتى يدبغ. والفاضلان جعلاه مستحبا،
لطهارته وإلا لكان ميتة فلا يطهره الدباغ (10).
وليكن الدبغ بالطاهر، كالقرظ: وهو ورق السلم، والشث - بالشين



(1) مسند أحمد 4: 310، سنن أبي داود 4: 67 ح 4128، الجامع الصحيح 4: 222 ح 1729،
الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 2: 286 ح 1274، السنن الكبرى 1: 15.
(2) راجع ص 134 الهامش 5.
(3) الكافي 3: 398 ح 6، 6، و 6: 259 ح 7، التهذيب 2: 204 ح 799.
(4) راجع الهامش السابق.
(5) مختلف الشيعة: 79.
(6) سورة المائدة: 3.
(7) راجع ص 133 الهامش 8.
(8) سورة المائدة: 3.
(9) الكافي 3: 397 ح 1، التهذيب 2: 209 ح 818، الاستبصار 1: 383 ح 1454، باختلاف
في ألفاظ الحديث.
(10) المعتبر 1: 466، مختلف الشيعة: 65.
135
والثاء المعجمتين المثلثتين - وهو: نبت طيب الريح مر الطعم يدبغ به، قاله
الجوهري (1) وقيل: بالباء الموحدة تحت، وهو يشبه الزاج، والأصل فيهما ما روي
من قول النبي صلى الله عليه وآله: (أليس في الشث والقرظ ما يطهره) (2). ولا يجوز بالنجس، فلا يطهر عند ابن الجنيد (3).
والأجود: انه يكفي فيما يحتاج إلى الدبغ، ولكن لا يستعمل إلا بعد
طهارته، لقول الرضا (عليه السلام) في جلود الدارش - بالراء المهملة، والشين
المعجمة -: (لا تصل فيه، فإنها تدبغ بخرء الكلاب) (4).
الثامن عشر: عفي عن الدم في الثوب والبدن عما نقص عن سعة الدرهم
الوافي. وهو البغلي - باسكان الغين - وهو منسوب إلى رأس البغل، ضربه للثاني
في ولايته بسكة كسروية، وزنته ثمانية دوانيق، والبغلية كانت تسمى قبل الاسلام
الكسروية، فحدث لها هذا الاسم في الاسلام والوزن بحاله، وجرت في المعاملة
مع الطبرية، وهي أربعة دوانيق، فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما واتخذ الدرهم
منهما، واستقر أمر الاسلام على ستة دوانيق، وهذه التسمية ذكرها ابن دريد.
وقيل: منسوب إلى بغل - قرية بالجامعين - كان يوجد بها دراهم يقرب
سعتها من أخمص الراحة، لتقدم الدراهم على الاسلام.
قلنا، لا ريب في تقدمها، وانما التسمية حادثة، فالرجوع إلى المنقول أولى.
وانما يعفى عنه لصحيح عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق (عليه السلام):
(يغسله ولا يعيد صلاته، إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا، فيغسله ويعيد) (5).
ونقل فيه الاجماع) (6).



(1) الصحاح 1: 285.
(2) تلخيص الحبير 1: 293.
(3) المعتبر 1: 466، مختلف الشيعة: 65.
(4) الكافي 3: 403 ح 25، التهذيب 2: 373 ح 1552، علل الشرائع: 345.
(5) التهذيب 1: 255 ح 740، الاستبصار 1: 176 ح 611.
(6) كالعلامة في مختلف الشيعة: 60.
136
والغسل في الرواية ان وجب ينافي الحكم بالعفو.
والمتفرق، المشهور: انه عفو، وإلحاقه بالمجتمع أولى، لظاهر الخبر.
واعتبر بعضهم المتفاحش (1) وهو: الزائد عن الحد عادة.
وسلار: يعفى عنه سعته (2).
وابن أبي عقيل: إذا كان بسعة الدينار غسله ولم يعد الصلاة (3) لحسن محمد
ابن مسلم، قلت له: الدم يكون في الثوب: (لا إعادة ما لم يزد على مقدار
الدرهم) (4).
وابن الجنيد قدر الدرهم بعقد الإبهام، وطرد الحكم في جميع النجاسات
بالعفو عما دونه الا دم الحيض والمني، وقطع بان الثوب لا ينجس بذلك (5).
ويعفى عن دم الجرح والقرح لا يرقأ وان كثر، لقول الصادق (عليه
السلام): (يصلي وان كانت الدماء تسيل) (6) وصلى به (عليه السلام) وقال:
(لست أغسل ثوبي حتى تبرأ) (7).
فرع:
لو تعاقب هذا الدم بفترة تسع الصلاة، فالأقرب: إزالته والصلاة، لزوال
الضرورة. ويظهر من الرواية عدمه.



(1) في س، ط: التفاحش.
(2) المراسم: 55.
(3) المعتبر 1: 430، مختلف الشيعة: 60.
(4) الكافي 3: 59 ح 3، الفقيه 1: 161 ح 758، التهذيب 1: 254 ح 736، الاستبصار 1: 175
ح 609، باختصار في الألفاظ.
(5) مختلف الشيعة: 59.
(6) التهذيب 1: 256 ح 744، 348 ح 1025، الاستبصار 1: 177 ح 615، عن محمد بن مسلم
عن أحدهما عليهما السلام.
(7) التهذيب 1: 258 ح 747، الاستبصار 1: 177 ح 616.
137
واستثني دم الحيض في المشهور، وهو في موقوف أبي بصير: (لا تعاد الصلاة
من دم لم تبصره الا دم الحيض، فإن قليله وكثيره في الثوب. لمن رآه ومن لم يره،
سواء) (1).
والحق به دم الاستحاضة والنفاس (2) لتساويها (3) في إيجاب الغسل، وهو
يشعر بالتغليظ، ولأن أصل النفاس حيض، والاستحاضة مشتقة منه.
وألحق الراوندي والفاضل دم نجس العين (4) لأن نجاسته لا عفو فيها
وأنكره ابن إدريس، قضية للظاهر (5).
فروع: الأول: لو تفشى الدم، فواحد إن رق الثوب، والا تعدد.
الثاني: لو أصابه نجاسة أخرى فلا عفو، وان اصابه مائع طاهر فالعفو
قوي، لأن المنجس بشئ لا يزيد عليه. ولمس الحاجة.
الثالث: لا فرق بين المسجد وغيره، لما مر من اعتبار التلويث.
وعفي عن مطلق النجاسة فيما لا تتم الصلاة فيه وحده، لقول الصادق
(عليه السلام): (كل ما كان على الانسان أو معه، مما لا يجوز الصلاة فيه، فلا
بأس ان يصلي فيه وان كان فيه قذر، مثل: القلنسوة، والتكة، والنعل، والخفين،
وما أشبه ذلك) (6) والخبر وان ارسل الا أنه متأيد بغيره وبالعمل.
واقتصر الراوندي على ما في الرواية والجورب (7) ولفظ (مثل)، و (ما أشبه



(1) الكافي 3: 405 ح 3، التهذيب 1: 257 ح 745.
(2) كالشيخ في المبسوط 1: 35.
(3) في س: لتساويهما.
(4) السرائر: 35، مختلف الشيعة: 60.
(5) السرائر: 35.
(6) التهذيب 1: 275 ح 810.
(7) مختلف الشيعة: 61.
138
ذلك يأباه.
وألحق الصدوقان العمامة (1). وقيدها بعضهم بالصغر (2). واشترط الفاضل
كونها في محالها (3) ويمنعه قوله (عليه السلام): (أو معه).
وظاهرهم اعتبار الملابس، فلا يعفى عن محمول، والرواية مشعرة
بالعموم، وقد أومأ إليه في المعتبر (4).
وعفي عن نجاسة ثوب المربية للصبي ذات الثوب الواحد إذا غسلته كل
يوم مرة، عن الصادق (عليه السلام (5) والليلة تابعة، ولتتحر إقلال النجاسة
بجهدها. ولا يعفى عن نجاسته بغير الصبي، والأولى: دخول الصبية،
للمشقة، ولأن السؤال عن مولود، ودخول المربي، والمتعدد.
وعفي عن خصي يتواتر بوله بعد غسل ثوبه مرة في النهار، وان ضعفت
الرواية عن الكاظم (عليه السلام) (6) للحرج.
التاسع عشر: لو تعذر الستر بغير ثوب نجس تعذر تطهيره، فالمشهور:
الصلاة عاريا الا لضرورة، لقول الصادق (عليه السلام): (يطرحه ويؤمى) (7).
وحمل قول الصادق والكاظم (عليهما السلام): (يصلي فيه) (8) على الضرورة.
والتخيير قوي، لتعارض الستر والقيام، واستيفاء الافعال والمانع.
وروى عمار عن الصادق (عليه السلام) (إعادة ما صلى فيه) (9) وتحمل على



(1) الفقيه: 1: 42، الهداية: 15، وحكاه عن علي بن بابويه: العلامة في مختلف الشيعة: 61.
(2) كالراوندي، كما في المعتبر 1: 435.
(3) تحرير الأحكام 1: 24، مختلف الشيعة: 61، منتهى المطلب 1: 174.
(4) المعتبر 1: 434.
(5) الفقيه 1: 41 ح 161، التهذيب 1: 250 ح 719.
(6) الكافي 3: 20 ح 6، الفقيه 1: 43 ح 168، التهذيب 1: 353 ح 1051 و 425 ح 1349.
(7) التهذيب 1: 406 ح 1278، و 2: 223 ح 882، الاستبصار 1: 168 ح 583.
(8) الفقيه 1: 160 ح 753، 754، 756، التهذيب 2: 224 ح 884، 885.
(9) التهذيب 1: 115 ح 1279، و 2: 224 ح 886، الاستبصار 1: 169 ح 587.
139
الندب.
ولو اشتبه النجس بغيره صلى فيما زاد على عدد النجس في المشهور، لحسن
صفوان عن أبي الحسن (عليه السلام) في الثوبين (1) وعليه يحمل الزائد.
ونقل الشيخ الصلاة عاريا (2) واختاره ابن إدريس، تفصيا من شروعه شاكا
في الصلاة. والواجب مقارنة الوجه المقتضي لوجوبه (3).
قلنا: لما كان اليقين موقوفا على الجميع قطع بوجوب الجميع - كالصلاة إلى
الجهات - فقارن وجه الوجوب، وما أبعد ما بين الصلاة في الثوب المتيقن النجاسة
والصلاة عاريا هنا.
ولو ضاق الوقت صلى المحتمل.
ولو كثرت الثياب وشق ذلك، فالتحري وجه، للحرج.
ولو حصلت أمارة تظن بها طهارة بعض، أمكن الاقتصار عليه. والوجه:
الجميع.
ولو فقد أحد المشتبهين صلى في الآخر وعاريا. وعلى القول: بجواز الصلاة
في متيقن النجاسة، يكفيه الصلاة في الباقي.
العشرون: يعيد المصلي بنجاسة في بدنه أو ثوبه مع تمكنه من ثوب طاهر
إذا كان عامدا إجماعا، للنهي المفسد للعبادة.
ولو علم ثم نسي حال الصلاة، فخبران عن الصادق (عليه السلام):
أشهرهما إطلاق الإعادة (4) والآخر إطلاق عدمها (5).
وفي مكاتبة مجهولة المروي عنه التقييد بخروج الوقت (6) واختارها في



(1) الفقيه 1: 161 ح 757، التهذيب 2: 224 ح 887.
(2) المبسوط: 91.
(3) السرائر: 37.
(4) التهذيب 2: 202 ح 792، الاستبصار 1: 182 ح 639.
(5) التهذيب 1: 424 ح 1345، و 2: 360 ح 1492، الاستبصار 1: 183 ح 642.
(6) التهذيب 1: 426 ح 1355، الاستبصار 1: 184 ح 643.
140
الاستبصار (1)، لأن المطلق يحمل على المقيد، وفيه جمع ظاهر وان كانت الإعادة
خارج الوقت أظهر، لعدم الاتيان على الوجه، والتضييع بالنسيان.
ولو علم بعد الصلاة سبق النجاسة من غير سبق علم، ففيه خبران
صحيحان عن الصادق (عليه السلام) باطلاق الإعادة (2) وعدمها (3) جمع بينهما
بالحمل على الوقت وخارجه.
والأكثر على عدم الإعادة مطلقا (4) للامتثال المقتضي للإجزاء.
قال في المعتبر: ويؤيده رواية محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام
في المني والبول: (وان نظرت في ثوبك فلم تصبه، ثم صليت فيه، ثم رأيته بعد،
فلا إعادة عليك) (5).
ولو قيل: لا إعادة على من اجتهد قبل الصلاة ويعيد غيره أمكن، لهذا
الخبر. ولقول الصادق (عليه السلام) في المني تغسله الجارية ثم يوجد: (أعد
صلاتك، اما انك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شئ) (6) ان لم يكن
احداث قول ثالث.
ولو علم بالنجاسة في أثناء الصلاة، فان لم يعلم سبقها طرحها أو غسلها
ما لم يكثر الفعل وأتم، وان احتاج إلى فعل كثير استأنف، لأصالة صحة الصلاة
الخالية عن معارضة التقدم. وكذا لو أصاب نجاسة في الأثناء ولا يعلم ثم زالت
وعلم.



(1) الاستبصار 1: 184
(2) التهذيب 2: 202 ح 792، الاستبصار 182 ح 639.
(3) التهذيب 1: 254 ح 737، الاستبصار 1: 182 ح 637.
(4) راجع: النهاية: 52، المعتبر 1: 442.
(5) المعتبر 1: 442.
والرواية في الفقيه 1: 161 ح 758، التهذيب 1: 252 ح 730، 2: 223 ح 880.
(6) الكافي 3: 53 ح 2، التهذيب 1: 252 ح 736.
141
وفي المعتبر بنى ذلك على القولين (1).
اما لو علم في الأثناء سبقها فلا إشكال في بنائه عليهما، وحينئذ لو علم بعد
خروج الوقت وهو متلبس في الصلاة، أمكن عدم التفاته، مصيرا إلى استلزامه
القضاء المنفي قطعا، وقد نبه عليه في المعتبر (2).
الحادي والعشرون: قال الفاضل: مراتب إيراد الماء ثلاثة: النضح المجرد
ومع الغلبة، ومع الجريان. ولا حاجة في الرش إلى الجريان بل إلى النضح
والغلبة، وجعل الرش لبول الرضيع، فاستحب النضح في مواضع منصوصة:
شك النجاسة والمذي، والكلب والخنزير يابسين، والفأرة الرطبة، وبول الخيل
والبغال والحمير، وعرق الجنب، وبول البعير والشاة (3).
قلت: والكافر يابسا، والكلب ميتا كذلك، وذو الجرح في المقعدة يجد
الصفرة بعد الاستنجاء. عن الرضا (عليه السلام) (4).
وفي المبسوط عمم الحكم في كل نجاسة يابسة باستحباب النضح (5) وقد
مر.
فروع: الأول: لو حمل المصلي حيا طاهرا غير مأكول - كالصبي - لم تفسد الصلاة،
للأصل والباطن معفو عنه، ولحمل (النبي صلى الله عليه وآله) امامة بنت أبي
العاص وهو يصلي (6) وركب الحسين (عليه السلام) على ظهره وهو ساجد (7).



(1) المعتبر 1: 443.
(2) المعتبر 1: 433.
(3) نهاية الإحكام 1: 289.
(4) الكافي 3: 19 ح 3، التهذيب 1: 46 ح 131، و 347 ح 1019.
(5) المبسوط 1: 38.
(6) الموطأ 1: 170، ترتيب مسند الشافعي 1: 116 ح 345، صحيح البخاري 1: 137 صحيح
مسلم 1: 385 ح 543، سنن أبي داود 1: 241 ح 917، سنن النسائي 3: 10.
(7) السنن الكبرى 2: 263.
142
ولو حمل قارورة مشدودة الرأس بالرصاص فيها نجاسة، تردد فيه الشيخ في
الخلاف (1) وقطع في المبسوط بالفساد، وقال: لو حمل لبنا نجسا لم تجز صلاته، لأنه
حامل لنجاسة (2).
وجوزه في المعتبر، لأنه محمول لا تتم فيه الصلاة منفردا، وطالب بدليل منع
نجاسة المحمول ما لم تتصل بالثوب والبدن (3).
وفي خبر علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (عليه السلام) قلع الثؤلول
ونتف اللحم في الصلاة (4) - تنبيه على قوله رحمه الله.
وعلى قوله لا حاجة إلى شد رأسها إذا امن التعدي، ومن اشترطه من العامة
لم يقل بالعفو عما لا تتم الصلاة فيه وحده، بل مأخذه القياس على حمل
الحيوان (5).
ولو كان مذبوحا فكالقارورة، لصيرورة الظاهر والباطن سواء بعد الموت.
الثاني: لا يضر الحبل المشدود في نجاسة وان تحركت بحركته، لعدم اللبس
والحمل، وكذا لو نجس طرف ثوبه الذي لا يقله إذا قام - كالعمامة - لخروجه عن
حد ثوبه الساتر له، قاله في المبسوط (6) وتبعه في المعتبر (7).
الثالث: لو جبر بعظم نجس وجب قلعه إجماعا، ما لم يخف التلف أو
المشقة لنبات اللحم عليه، للحرج. فلو صلى به مع إمكان القلع بطلت.
قال الشيخ: لأنه حامل للنجاسة، ويجبره السلطان على ذلك. ولو مات



(1) الخلاف 1: 503 المسألة 244.
(2) المبسوط 1: 94.
(3) المعتبر 1: 443.
(4) الفقيه 1: 164 ح 775، التهذيب 2: 378 ح 1578، الاستبصار 1: 404 ح 1542.
(5) المجموع 3: 150.
(6) المبسوط 1: 94.
(7) المعتبر 1: 432.
143
قبله لم يجز قلعه، لسقوط التكليف (1).
ويمكن عدم الوجوب مع اكتساء اللحم، لالتحاقها بالباطن. وحكم الخيط النجس في الجرح العظم.
وليس له إنبات سن نجسة مكان سنه، ويجوز الطاهرة. ولو كانت سن
آدمي، أو جبر بعظم آدمي، أمكن الجواز لطهارته، ولتجويز الصادق (عليه
السلام) أخذ سن الميت لمن سقطت سنه (2).
ورد سنه الساقطة أولى بالجواز،
لطهارتها عندنا.
ويمكن المنع في العظم لوجوب دفنه، وأن أوجبنا دفن السن توجه المنع أيضا.
الرابع. حكم في المبسوط بنجاسة تراب القبر المختلط بالميت، ولو شك في
اختلاطه استحب اجتنابه (3). فكأنه يرى طهارة ظاهر الميت بالغسل خاصة، ولا
يحكم بالطهارة بالاستحالة. والظاهر: أنه لمخالطة الدم النجس وغيره، وحكى
ذلك عنه في المعتبر (4)، وحمله على قبر كافر بعيد.
الخامس: لو شرب خمرا أو نجسا أو أكل ميتة غير مضطر، أو أدخل دما
نجسا أو شبهه تحت جلده، أمكن وجوب إخراج ذلك، لتحريم الاغتذاء به، وانه
نجاسة لا لضرورة، وبه قطع الفاضل رحمه الله (5). ووجه العدم: التحاقه
بالباطن، وعليه تتفرع صحة الصلاة به.
وفي الجمع بين بطلان الصلاة هنا، وصحتها مع حمل الحيوان غير المأكول
بعد، لاختيار حمله نجاسة باطنة فيهما، وامكان الإزالة. وعلى قول المحقق في
المعتبر (6) تنسحب الصحة في الجميع.



(1) المبسوط 1: 92.
(2) التهذيب 9: 78 ح 332.
(3) المبسوط 1: 93.
(4) المعتبر 1: 452.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 98.
(6) تقدم قوله في ص 143 الهامش 3.
144
خاتمة: الآنية خمسة:
إحداها: المتخذة من الذهب والفضة. ويحرم استعمالها في الأكل والشرب
إجماعا.
وفي الخلاف: يكره استعمالها (1) والظاهر: انه يريد التحريم كقوله في
المبسوط (2).
ولقول النبي (صلى الله عليه وآله): (الذي يشرب في آنية الفضة انما يجرجر
في جوفه نار جهنم) (3)، اي: يحدر أو يردد.
وقوله (صلى الله عليه وآله): (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا
في صحافها، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة) (4) وهو يدل بالايماء على تحريم
استعمالها مطلقا - كالبخور، والاكتحال، والطهارة - وذكر الأكل والشرب
للاهتمام، وكذا قول الصادق (عليه السلام): (لا تأكلوا في آنية الذهب
والفضة) (5).
ولنهي الباقر (عليه السلام) عن آنية الذهب والفضة (6) والنهي انما يتعلق
بالمنافع، ولقول الكاظم (عليه السلام): (آنية الذهب والفضة متاع الذين لا
يوقنون) (7)، وفيهما ايماء إلى تحريم اتخاذها مطلقا.
ولما فيه من السرف وتعطيل الانفاق.



(1) الخلاف 1: 69 المسألة 15.
(2) المبسوط 1: 13.
(3) صحيح البخاري 7: 146، صحيح مسلم 3: 1634 ح 2065، السنن الكبرى 1: 28.
(4) صحيح البخاري 7: 99، 147، صحيح مسلم 3: 1638 ح 2067، السنن الكبرى 1:
28.
(5) الكافي 6: 267، ح 1، التهذيب 9: 90 ح 384.
(6) المحاسن: 581 ح 59، الكافي: 6 ح 4، التهذيب 9: 90 ح 385.
(7) الكافي 6: 268، المحاسن: 582، 62.
145
ولتزيين المجالس أولى بالتحريم، لعظم الخيلاء به، وكسر قلوب الفقراء.
وفي المساجد والمشاهد نظر، لفحوى النهي، وشعار التعظيم.
وفي المفضض خبران عن الصادق (عليه السلام): انه كره الشرب في
الفضة والقداح المفضضة، وأن يدهن في مدهن مفضض (1) والعطف على الشرب
في الفضة مشعر بإرادة التحريم.
وقوله (عليه السلام) في التور (2) يكون فيه تماثيل أو فضة: (لا يتوضأ منه،
ولا فيه) (3) والنهي للتحريم، وقوله (عليه السلام): (لا بأس بالشرب في
المفضض، واعزل فاك عن موضع الفضة) (4) فالجمع بالحمل على الكراهية،
واستعمال اللفظ فيها وفي التحريم في الأول، مجاز يصار إليه بقرينة.
والأقرب: وجوب عزل الفم، للأمر به.
وفي المعتبر: يستحب، لقول الصادق (عليه السلام) في القدح ضبته
فضة: (لا بأس، إلا أن تكره الفضة فتنزعها منه) (5). ودلالته غير واضحة، لعدم
التصريح باستعمال موضع الفضة، ولامكان اختصاصه بالضبة، وهي: ما يشعب
بها الإناء.
اما نحو الحلقة للقصعة، وقبيعة السيف (6) والسلسلة، فإنه جائز، لما روي
في حلقة قصعة النبي (صلى الله عليه وآله (7)، وقبيعة سيفه (8) وأنف عرفجة بن



(1) المحاسن 582، الكافي 6: 267 ح 5، الفقيه 3: 222 ح 1032، التهذيب 9: 90 ح 387.
(2) التور: اناء صغير من صفر وخزف يشرب منه ويتوضأ فيه. مجمع البحرين - مادة تور.
(3) التهذيب 1: 425 ح 1353.
(4) التهذيب 9: 91 ح 392.
(5) المعتبر 1: 455.
وحديث الصادق (عليه السلام) في التهذيب 9: 91 ح 391، المحاسن: 582.
(6) قبيعة السيف: ما على مقبضه من فضة أو حديد. مجمع البحرين - مادة قبع -.
(7) لاحظ: صحيح البخاري 7: 147، نيل الأوطار 1: 84.
(8) مسند أحمد 5: 168، سنن الدارمي 2: 221.
146
أسعد (1) بإذن النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم اتخذه من ذهب لما أنتن (2).
وكان للكاظم (عليه السلام) مرآة عليها فضة (3)
وقال الصادق (عليه السلام): (كان نعل سيف (4) رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وقائمته فضة (5)، وبين ذلك حلق من فضة، ولدرعه ثلاث حلقات من
فضة: قدامها، وثنتان خلفها) (6).
وفي طريق قوي عن الصادق (عليه السلام): (تحلية السيف بالذهب
والفضة) (7).
وفي طريق فيه سهل بن زياد عن الصادق (عليه السلام): (ليس بحلية
المصاحف والسيوف بالذهب والفضة بأس) (8).
وعن محمد الوراق: انه عرض على الصادق (عليه السلام) قرآنا معشرا
بالذهب، وفي آخره سورة مكتوبة بالذهب، فلم يعب سوى كتابة القرآن
بالذهب، وقال: (لا يعجبني ان يكتب القرآن الا بالسواد كما كتب أول مرة) (9)
وعن الصادق (عليه السلام) في ماء الذهب: (لا بأس) (10).
وفي التذكرة: يحرم ان انفصل منه شئ بالنار (11).



(1) عرفجة بن أسعد بن كريب التميمي: له صحبة ومعدود في أهل البصرة، أصيب أنفه يوم
الكلاب في الجاهلية، فاتخذ أنفا من ورق فأنتن، فأمره النبي صلى الله عليه وآله - كما نقل في
ترجمته بأن يتخذ أنفا من ذهب. راجع أسد الغابة 3: 40، تهذيب التهذيب 7: 160.
(2) مسند أحمد 5: 23، مسند أبي داود: 177.
(3) المحاسن: 582، الكافي 6: 267 ح 2، عيون أخبار الرضا 2: 19، التهذيب 9: 91 ح 390.
(4) نعل السيف: ما يكون في أسفل جفنه من حديدة أو فضة. الصحاح - مادة نعل -.
(5) قائم السيف وقائمته: مقبضه. الصحاح - مادة قوم -.
(6) الكافي 6: 475 ح 4.
(7) الكافي 6: 475 ح 5، باختصار في الألفاظ.
(8) الكافي 6: 475 ح 7.
(9) الكافي 2: 460 ح 8، التهذيب 6: 367 ح 1056.
(10) الكافي 6: 476 ح 10.
(11) تذكرة الفقهاء 1: 68.
147
فروع:
الأول: لا يقطع بتعليل التحريم: بالخيلاء والفخر وكسر قلوب الفقراء لما
يتضمن من السرف وتعطيل المال، لتخلفه في آنية الجواهر فيمكن كونه تعبدا
محضا.
الثاني: لا يحرم المأكول والمشروب وإن حرم الاستعمال، لعدم تناول النهي
المستعمل، ويخرج عن المعصية بوضعه في غير الاناء، أو بتوبته ثم أكله.
وعن المفيد - رحمه الله - تحريمه (1) ويلوح من كلام أبي الصلاح (2). وحديث
(يجرجر) (3) محمول على أنه سبب في دخول النار، لامتناع إرادة الحقيقة.
الثالث: التحريم يعم النساء إجماعا، قاله في التذكرة، لوجود المقتضي، ولا
يلزم من إباحة التحلي لهن للحاجة إباحة ذلك (4).
الرابع: لا يشترط في تحريم المجمرة (5) اشتماله عليها، بل يكفي مجرد وضع
البخور فيه للرائحة، لأنه استعمال.
الخامس: لا تبطل الطهارة منها ولا فيها وان حرم، لأن النهي عن أمر
خارج، إذ أخذ الماء ليس جزءا من الطهارة، إذ الشروع فيها بعد وضعه على العضو
وصب الماء فيها أبلغ في الخروج عن الطهارة. والفرق بينه، وبين الصلاة
في المغصوب، أن التصرف بالقيام والقعود جزء من الصلاة منهي عنه.
السادس: الأقرب: تحريم المكحلة منهما وظرف الغالية (6) وان كانت بقدر



(1) المقنعة: 90.
(2) الكافي في الفقيه: 278.
(3) تقدم في ص 145 الهامش 3.
(4) تذكرة الفقهاء 1: 67.
(5) المجمرة: اسم الشئ الذي يجعل فيه الجمر. الصحاح - مادة جمر -.
(6) الغالية: ضرب من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن ألبان وعود، وظرف الغالية:
قارورتها. مجمع البحرين - مادة غلا -.
148
الضبة لصدق الاناء، اما الميل فلا. ولو موههما (1) بغيرهما حرم، لأنهما منهما،
والعلة بالفخر وكسر القلب لم تثبت.
السابع: لا يضمن كاسرها الأرش، لأنه لا حرمة لها.
الثامن: هل ضبة الذهب كالفضة؟ يمكن ذلك كأصل الاناء والمنع، لقوله
(عليه السلام) في الذهب والحرير: (هذان محرمان على ذكور أمتي) (2).
التاسع: يصح بيع هذه الآنية، وعلى المشتري سبكها.
العاشر: لا كراهية في الشرب عن كوز فيها خاتم فضة، أو إناء فيه دراهم،
لعدم الاسم.
وثانيها: المتخذ من غير هذين من المعادن والجواهر، فيجوز وان علا ثمنه،
للأصل، ولعدم إدراك العامة نفاستها وعدم نفقتها.
وثالثها: المتخذ من العظام، ويشترط طهارة الأصل، فعظم الثلاثة يحرم
اتخاذه، وان اخذ من ميتة وجب تطهيره، وان لا يكون عظم آدمي، لوجوب دفنه
وحرمته. وفي حكمه: القرن، والظلف، والشعر، والوبر، والصوف.
ورابعها: المتخذ من الجلد، ويشترط طهارة الأصل، والتذكية.
وخامسها: المتخذ من غير هذه، ولا ريب في جوازه.
ويلحق بذلك النظر في آداب الحمام والاستطابة:
لا يكره اتخاذ الحمام، ولا بيعه، ولا شراؤه، للأصل، وكان للباقر (عليه
السلام) حمام (3).
ويستحب الاستحمام، لدخول النبي (صلى الله عليه وآله) حمام الجحفة (4).



(1) موهت الشئ: إذا طلبته بفضة أو ذهب. الصحاح - مادة موه -.
(2) المصنف لابن أبي شيبة 8: 163، مسند أحمد 1: 96، 115، سنن ابن ماجة 2: 1189.
ح 3595، سنن أبي داود 4: 50 ح 4057، سنن النسائي 8: 160، مسند أبي يعلى 1: 235.
ح 272.
(3) الكافي 6: 497 ح 7، الفقيه 1: 65 ح 250.
(4) ترتيب مسند الشافعي 1: 314 ح 816.
149
ودخول علي (عليه السلام) (1)، وكان الباقر (عليه السلام) يدخل حمامه.
وقال علي (عليه السلام): (نعم البيت الحمام، تذكر فيه النار، ويذهب
بالدرن) (3).
وما روي عنه وعن الصادق (عليهما السلام): (بئس البيت الحمام، بهتك
الستر، ويذهب بالحياء، ويبدي العورة) (4) فالمراد به مع عدم المئزر.
ولتمنع منه النساء إلا منفردات، وعليه يحمل نهي النبي (صلى الله عليه
وآله) (5)، ويجوز مع العذر، وتخف الكراهية بالائتزار وإن اجتمعن، عن علي (عليه
السلام) (6). وليكن يوم الأربعاء - عن الصادق - عليه السلام) (7) - والجمعة أفضل.
وليدخله بمئزر، لأمر النبي (صلى الله عليه وآله) به، وكذا سائر المياه، لأن
لها أهلا (8) وليعم الفخذين، لقول الصادق (عليه السلام): (هما من
العورة) (9).
ولو اغتسل خاليا فالستر أفضل وان كان جائزا. نعم، يجب ستر الفرج،
وغض البصر ولو عن عورة الكافر، وفيه خبر عن الصادق (عليه السلام)



(1) التهذيب 1: 377 ح 1166.
(2) الكافي 6: 497 ح 7، التهذيب 1: 65 ح 26.
(3) الكافي 6: 496 ح 1، الفقيه 1: 63 ح 237.
(4) الفقيه 1: 63 ح 238، 239.
(5) الفقيه 1: 63 ح 240، مسند أحمد 1: 20، 2: 321.
(6) التهذيب 1: 374 ح 1146.
(7) الفقيه 1: 77 ح 345.
(8) الفقيه 1: 60 ح 225، 226.
(9) لعل الشيخ المصنف (قدس سره) انفرد برواية هذه اللفظة، إذ الذي عثرنا عليه في المصادر بلفظ:
(كشف السرة والفخذ والركبة في المسجد من العورة) كما في قرب الاسناد: 215، والتهذيب 3:
263 / 742، أو بلفظ (ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه) كما في الخصال 2: 630 قطعة
من حديث الأربعمائة.
150
بالجواز (1). والنورة سترة، عن الباقر (عليه السلام) (2).
ولو ترك الستر متعمدا قادرا، فالأشبه: صحة غسله، للامتثال، وخروج
المنهي عنه عن حقيقة الغسل.
وليقل ما نقل عن الصادق (عليه السلام): (فعند نزع الثياب: اللهم انزع
عني ربقة النفاق، وثبتني على الإيمان. وعند دخول البيت الأول: اللهم إني أعوذ
بك من شر نفسي، واستعيذ بك من أذاه. وعند دخول البيت الثاني: اللهم
أذهب عني الرجس النجس، وطهر جسدي وقلبي.
ثم يضع الماء الحار على هامته ورجليه، وابتلاع جرعة منه ينقي المثانة.
ويلبث ساعة في البيت الثاني، ويقول في الثالث - مكررا إلى خروجه -: اللهم إني
أعوذ بك من النار، وأسألك الجنة. وليترك الماء البارد، لأنه يضعف البدن الا
على القدمين، فإنه يسل الداء من الجسد. وعند لبس الثياب: اللهم ألبسني
التقوى، وجنبني الردى. فإذا قال ذلك أمن من كل داء) (3).
ولا بأس بالقراءة فيه للمؤتزر - بلا ترديد الصوت - عن الباقر (عليه
السلام) *، وخص نهي علي (عليه السلام) بالعريان (4).
ولا بأس بالمباشرة، عن الكاظم (عليه السلام) (5).
ونهى الصادق (عليه السلام) عن الاتكاء فيه، والتسريح، وغسل الرأس
بالطين، اما مطلقا أو طين مصر، والدلك بالخزف مطلقا أو بخزف الشام، ومسح
الوجه بالإزار، والسواك فيه، معللا: بإذابة شحم الكليتين، ووباء الشعر،
وتسميج الوجه، والبرص، وذهاب ماء الوجه (6).



(1) الكافي 6: 501 ح 27، الفقيه 1: 63 ح 236.
(2) الكافي 6: 497 ح 7، الفقيه 1: 65 ح 250.
(3) الفقيه 1: 62 ح 232، أمالي الصدوق: 297.
(4) الكافي 6: 502 ح 32 الفقيه 1: 63 ح 233، وعبارة: (بلا ترديد الصوت) ليست من الحديث
(5) الكافي 6: 502 ح 31، الفقيه 1: 63 ح 234، التهذيب 1: 375 ح 1155.
(6) الكافي 6: 501 ح 24، الفقيه 1: 64 ح 243.
151
ونهى الكاظم (عليه السلام) عن دخوله على الريق (1) قال: (وادمانه كل
يوم يذيب شحم الكليتين، وغبا يكثر اللحم) (2). وعن الصادق (عليه السلام):
دخوله على البطنة يهدم البدن (3).
وامر الصادق (عليه السلام) بالتعمم عند الخروج، ففعله المأمور شتاء
وصيفا (4).
ويستحب الإطلاء خالعا للمئزر، وليباشر العورة بنفسه، لفعل الصادق
(عليه السلام) (5). ونهى عن إخلاء الحمام له، لخفة مؤنة المؤمن (6). وليسلم ذو المئزر لا غير،
لتسليم الكاظم (عليه السلام) مؤتزرا (7).
ويستحب الخضاب، تأسيا بالنبي (صلى الله عليه وآله) (8) ويجوز تركه،
تأسيا بعلي (عليه السلام)، عن زين العابدين (عليه السلام) (9).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الحنا يجلي البصر، ويكثر الشعر،
ويطيب الروح، ويسكن الزوجة) (10) وعن الصادق (عليه السلام): (يذهب بالسهك (11) ويزيد ماء الوجه،
ويطيب النكهة، ويحسن الولد) (12).



(1) الفقيه 1: 64 ح 245.
(2) الكافي 6: 496 ح 2، الفقيه 1: 65 ح 247.
(3) المحاسن: 463، الكافي 6: 314 ح 6، الفقيه 1: 72 ح 300.
(4) الكافي 6: 500 ح 17، الفقيه 1: 65 ح 246.
(5) الفقيه 1: 65 ح 248.
(6) الكافي 6: 503 ح 37، الفقيه 1: 65 ح 249.
(7) قرب الاسناد: 131، الفقيه 1: 65 ح 251، التهذيب 1: 374 ح 1147.
(8) الكافي 6: 497 ح 8، الفقيه 1: 66 ح 252.
(9) الكافي 6: 497 ح 8، الفقيه 1: 66 ح 252.
(10) الكافي 6: 483 ح 4، الفقيه 1: 68 ح 272، وفيهما: (يطيب الريح).
(11) السهك: ريح كريهة توجد من الانسان إذا عرق. مجمع البحرين - مادة سهك -.
(12) الكافي 6: 484 ح 5، الفقيه 1: 69 ح 273، ثواب الأعمال: 38، التهذيب 1: 376
ح 1161.
152
واختضب الكاظم (عليه السلام) بالسواد، وقال: (ان في الخضاب أجرا،
وزيادة في عفة النساء) (1).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) والباقر يخضبان بالكتم (2).
وروي: (انه كان في رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحيته سبع
عشرة شيبة) (3).
وعن الصادق (عليه السلام): (لا بأس بالخضاب كله) (4) يعني: ألوانه
كلها.
وقتل الحسين (عليه السلام) مخضوبا بالوسمة (5).
وعن الصادق (عليه السلام): (تجعل نورة على طرف الأنف، ويقال:
اللهم ارحم سليمان بن داود (عليه السلام) كما أمرنا بالنورة، فلا تحرقه) (6).
وليقم المتنور لخوف الفتق على الجالس (7) وهو: علة ونتوء في مراق البطن.
ويجوز الاطلاء للجنب.
وعن علي (عليه السلام): يتوقى يوم الأربعاء لا غير (8)، وروي أيضا يوم
الجمعة خوف البرص فيه (9).



(1) الكافي 6: 480 ح 1 الفقيه 1: 69 ح 276.
(2) الكافي 6: 481 ح 7، الفقيه 1: 69 ح 279.
والكتم: نبت يخلط بالوسمة يختضب به. الصحاح - مادة كتم -.
(3) الفقيه 1: 69 ح 278.
(4) الفقيه 1: 69 ح 275.
(5) الكافي 6: 483 ح 5.
الوسمة - بكسر السين - العظلم يختضب به، والعظلم: نبت يصبغ به: الصحاح - مادتي وسم،
عظلم -.
(6) الكافي 6: 506 ح 13، الفقيه 1: 67 ح 256.
(7) الفقيه 1: 67 ح 257.
(8) الفقيه 1: 68 ح 266، الخصال: 388.
(9) الفقيه 1: 68 ح 267.
153
والسنة فيها كل خمسة عشر يوما، عن علي (عليه السلام) (1) ونهى النبي
(صلى الله عليه وآله) عن ترك العانة أربعين، وللمرأة عشرون (2).
وعن الصادق (عليه السلام) في شعر الإبط: (حلقه أفضل من نتفه، وطليه
أفضل من حلقه) (3).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من أطلى واختضب بالحناء، آمنه
الله من الجذام والبرص والأكلة (4) إلى طلية مثلها) (5).
وروي نفي الفقر إذا تدلك المطلي بالحناء مستوعبا إلى قدمه (6).
ويتأكد الخضاب للنساء وان طعن في السن (7).
وقال رسول الله لعلي (عليهما الصلاة والسلام): (درهم في الخضاب أفضل
من ألف درهم في سبيل الله، وفيه أربعة عشر خصلة: يطرد الريح من الاذنين،
ويجلو البصر، ويلين الخياشيم، ويطيب النكهة، ويشد اللثة، ويذهب بالضنى (8).
وروي: بالصفار، وروي: الغثيان - ويقل وسوسة الشيطان، وتفرح به
الملائكة، ويستبشر به المؤمن، ويغيظ به الكافر وهو زينة وطيب، ويستحي منه
منكر ونكير، وهو براءة له في قبره) (9) وعن النبي (صلى الله عليه وآله): (الحلق يزيد في الجمال) (10).



(1) الكافي 6: 506 ح 8، الفقيه 1: 67 ح 258.
(2) الكافي 6: 506 ح 11، الفقيه 1: 67 ح 260.
(3) الفقيه 1: 68 ح 263.
(4) الإكلة - بالكسر -: الحكة. الصحاح - مادة اكل - الأكلة - مقصور -: داء يقع في العضو فيأتكل منه،
لسان العرب، مادة اكل.
(5) الفقيه 1: 68 ح 269، ثواب الأعمال: 39.
(6) الكافي 6: 509 ح 3، الفقيه 1: 68 ح 271، التهذيب 1: 376 ح 1161.
(7) الفقيه 1: 70 ح 283.
(8) الضنى: المرض. الصحاح - مادة ضنا -.
(9) الكافي 6: 482 ح 12، الفقيه 1: 70 ح 285، و 4: 267 ح 821، الخصال: 497.
(10) الفقيه 1: 71 ح 287.
154
وعن الصادق (عليه السلام): (غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان
من البرص والجنون) (1).
وعنه (عليه السلام): (انه ينفي الفقر ويزيد في الرزق) (2).
وعن الكاظم (عليه السلام): (غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق) (3).
وعن الصادق (عليه السلام): (اغسلوا رؤوسكم بورق السدر، فإنه قدسه
كل ملك مقرب وكل نبي مرسل. ومن غسل رأسه بورق السدر، صرف الله عنه
وسوسة الشيطان سبعين يوما، ومن صرف عنه وسوسة الشيطان لم يعص، ومن لم
يعص دخل الجنة) (4).
وعن الحسن (عليه السلام) للخارج من الحمام: (طاب ما طهر
منك، وطهر ما طاب منك) (5).
وعن الصادق (عليه السلام): (طاب حمامك، وجوابه، أنعم الله
بالك (6).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (داو الدم بالحجامة، والبلغم
بالحمام، والمرة (7) بالمشي) (8). ويجوز التدلك في الحمام بالدقيق الملتوت بالزيت والسويق والنخالة، ولا
سرف فيما ينفع البدن، انما السرف فيما أتلف المال وأضر بالبدن، حسبما روي عن
الصادق (عليه السلام) (9).



(1) الكافي 6: 504 ح 2، الفقيه 1: 71 ح 290، التهذيب 3: 236 ح 624.
(2) ثواب الأعمال: 36.
(3) الكافي 6: 504 ح 6، الفقيه 1: 72 ح 295، ثواب الأعمال: 36.
(4) الفقيه: 1: 72 ح 296، ثواب الأعمال: 37.
(5) الكافي 6: 500 ح 21، الفقيه 1: 72 ح 297.
(6) الفقيه 1: 72 ح 298.
(7) المرة: مزاج من أمزجة البدن، وهي إحدى الطبائع الأربعة. الصحاح والقاموس - مادة مرر -.
(8) الفقيه 1: 72 ح 299.
(9) الكافي 6: 499 ح 14، التهذيب 1: 376 ح 1160.
155
ويكره دخول الولد مع أبيه الحمام (1) ودخول الباقر مع أبيه، لعصمتهما) (2).
الثاني: في الاستطابة، وهي نوعان:
الأول المطلقة، وقد مر بعضها كالخضاب وإزالة الشعر، ومنها: الطيب،
وتقليم الأظفار يوم الجمعة، وأخذ الشارب، وعن الصادق (عليه السلام): انهما
أبلغ في استنزال الرزق من التعقيب إلى طلوع الشمس (3).
وروى هشام بن سالم عن الصادق (عليه السلام): (القلم يوم الجمعة أمان
من الجذام والبرص والعمى، وان لم تحتج فحكها حكا) (4). وفي خبر آخر: (وان
لم تحتج فأمر عليها السكين والمقراض) (5).
ورى عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر (عليه السلام): (من أخذ من
أظفاره وشاربه كل جمعة، وقال حين يأخذه: بسم الله وبالله وعلى سنة محمد وآل
محمد (عليهم السلام)، لم تسقط منه قلامة ولا جزازة الا كتب الله له بها عتق
نسمة، ولم يمرض إلا مرضة الموت) (6).
وعن الصادق (عليه السلام): (من قلم وجز طهر إلى الجمعة
الأخرى) (7).
وعنه (عليه السلام): (من قلم يوم الخميس، وأبقى واحدا للجمعة، نفى
الله عنه الفقر) (8).
وروي: (البدأة يوم الجمعة بخنصر اليسرى، والختم بخنصر اليمنى) (9).



(1) الكافي 6: 501 ح 23.
(2) الكافي 6: 497 ح 8، الفقيه 1: 66 ح 252.
(3) الفقيه 1: 74 ح 311، التهذيب 3: 238 ح 630.
(4) الكافي 6: 490 ح 2، الفقيه 1: 73 ح 302، الخصال: 391.
(5) الفقيه 1: 73 ح 303.
(6) الكافي 6: 491 ح 9، الفقيه 1: 73 ح 304، التهذيب 3: 237 ح 627.
(7) الكافي 6: 490 ح 8، الفقيه 1: 73 ح 307.
(8) الفقيه 1: 74 ح 310، ثواب الأعمال: 41، الخصال 2: 390.
(9) الفقيه 1: 73 ح 305.
156
وعن الباقر (عليه السلام): (القلم يوم الخميس يدفع الرمد عن الولد) (1).
وروي (يدفع الرمد) مطلقا) (2).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من قلم في السبت والخميس وجز
الشارب، عوفي من وجع الضرس والعين) (3). وعن الصادق (عليه السلام) في تعيين يوم لقلمها: (قصها إذا طالت) (4).
ويسن دفن الشعر والظفر والدم (5). ويكره القلم بالسن. ويستحب حك
الظفر بعد قصه وتحسين قصه.
والختان واجب في الرجال، مكرمة في النساء. ويستحب عدم الاستيصال،
لأنه أنور للوجه.
وعن الصادق (عليه السلام): (أربعة من أخلاق الأنبياء: التطيب،
والتنظيف بالموسى، وحلق الجسد بالنورة وكثرة الطروقة (6). وقال (عليه السلام): (قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحموا يوم الأربعاء، وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم
الجمعة) (7)
وقال (عليه السلام): (ليتزين أحدكم يوم الجمعة، ويغتسل ويتنظف (8)
ويسرح، ويلبس أنظف ثيابه، وليتهيأ للجمعة، وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة
والوقار) (9).



(1) الفقيه 1: 74 ح 312.
(2) الفقيه 1: 74 ح 311.
(3) الفقيه 1: 74 ح 313، ثواب الأعمال: 41.
(4) الفقيه 1: 74 ح 315.
(5) الفقيه 1: 74 ح 318.
(6) الفقيه 1: 77 ح 344.
(7) الفقيه 1: 77 ح 354، عيون أخبار الرضا 1: 279، الخصال: 391.
(8) في المصادر: يتطيب.
(9) الكافي 3: 417 ح 1، الفقيه 1: 64 ح 244، التهذيب 3: 10 ح 32.
157
وقال (عليه السلام): (غسل يوم الجمعة طهور، وكفارة لما بينهما من
الذنوب) (1) يعني: الجمعة إلى الجمعة.
وعن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل
مسجد) منه: (التمشط للصلاة) (2).
وقال الصادق (عليه السلام): (مشط الرأس يذهب بالوباء، ومشط
اللحية يشد الأضراس (3).
وقال الكاظم (عليه السلام: (إذا سرحت لحيتك ورأسك، فأمر المشط
على صدرك، فإنه يذهب بالوباء والهم) (4).
وقال الصادق (عليه السلام): (من سرح لحيته سبعين مرة، وعدها مرة
مرة، لم يقربه الشيطان أربعين يوما) (5).
وقال الكاظم (عليه السلام): (تمشطوا بالعاج فإنه يذهب بالوباء) (6) بالباء
الموحدة تحت والهمزة، وروى البرقي بالنون والقصر (79 وهو: الضعف (8).
ويجوز مشط العاج، عن الصادق (عليه السلام) (9)، كما روي عن الكاظم
(عليه السلام) (10).
وقال الصادق (عليه السلام) لإسحاق بن عمار: (استأصل شعر، يقل



(1) الفقيه 1: 61 ح 229.
(2) الكافي 6: 489 ح 7، الفقيه 1: 75 ح 319.
والآية في سورة الأعراف: 31.
(3) الكافي 1: 488 ح 1، الفقيه 1: 75 ح 320.
(4) الكافي 6: 489 ح 8، الفقيه 1: 75 ح 321.
(5) الكافي 6: 489 ح 10، الفقيه 75 ح 322، ثواب الأعمال: 40.
(6) الكافي 6: 488 ح 3، الفقيه 1: 75: 323.
(7) أي: الونى.
(8) الفقيه 1: 75 ح 325.
(9) الكافي 6: 489 ح 11.
(10) راجع الهامش: 6.
158
درنك ودوابك ووسخك، وتغلظ رقبتك، ويجلو بصرك)، وفي رواية: (ويستريح
بدنك) (1)
وعن الصادق (عليه السلام): (حلق القفا يذهب بالغم) (2).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): (من اتخذ شعرا، فليحسن ولايته، أو
ليجزه) (3).
وقال (عليه الصلاة والسلام): (الشعر الحسن من كسوة الله تعالى
فأكرموه) (4).
وقال الصادق (عليه السلام): (من اتخذ شعرا فلم يفرقه، فرقه الله بمنشار
من نار. وكان شعر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفرا لم يبلغ الفرق) (5)، وهو
إلى شحمة الأذن.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (حفوا الشوارب، واعفوا اللحى،
ولا تتشبهوا باليهود) (6). وقال (صلى الله عليه وآله): (ان المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم،
واما نحن نجز الشوارب ونعفي اللحى، وهي: الفطرة) (7).
وقال الصادق (عليه السلام): (ما زاد من اللحية عن القبضة فهو في



(1) الكافي 6: 484 ح 2، الفقيه 1: 75 ح 327.
(2) الكافي 6: 485 ح 7.
(3) الكافي 6: 485 ح 2، الفقيه 1: 75 ح 328.
(4) الفقيه 1: 76 ح 329.
(5) الفقيه 1: 76 ح 330، 331.
(6) الفقيه 1: 76 ح 332.
(7) الفقيه 1: 76 ح 334.
(8) الكافي 6: 486 ح 2، الفقيه 1: 76 ح 335.
159
وقال (عليه السلام): (تقبض على لحيتك بيدك وتجز ما فضل) (1).
ويكره نتف الشيب، لنهي النبي (صلى الله عليه وآله) عنه (2)، وقال:
(الشيب وقار) (3)، وكان علي (عليه السلام) لا يرى بجزه بأسا (4) وأخذ شعر الأنف يحسن الوجه، عن الصادق (عليه السلام) (5).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للنساء: (اتركن من أظافيركن فإنه
أزين لكن) (6). وقال الصادق (عليه السلام): (لا ينبغي للمرأة ان تعطل نفسها ولو أن
تعلق في عنقها قلادة (7).
وروي: ان النبي (صلى الله عليه وآله) لعن الواصلة والمستوصلة،
والواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة، وفي رواية بدل الواشمة (النامصة.
والمنتمصة (8)، أي: للشعر، وغرز البدن بإبرة واتباعه بخضاب، وترقيق الأسنان.
وتنميص الشعر في الفاعلة والقابلة لا لنجاسة الشعر.
قيل: ولا تحريم نظره إذا كان من أجنبية، بل للتهمة لغير المزوجة والتدليس



(1) الكافي 6: 487 ح 3، الفقيه 1: 76 ح 337.
(2) الجعفريات: 156، دعائم الاسلام 1: 125، سنن الترمذي 5: 125 / 2821، سنن أبي
داود 4: 85 / 4202، سنن ابن ماجة 2: 1226 / 3721.
(3) علل الشرائع 1: 104 / 1، أمالي الطوسي 2: 310، مكارم الأخلاق: 68 وفيها عن الصادق
عليه السلام في قصة شيب إبراهيم (عليه السلام).
(4) الكافي 6: 492 ح 3، الفقيه 1: 77 ح 342.
(5) الكافي 6: 448 ح 1، الفقيه 1: 71 ح 289.
(6) الكافي 6: 491 ح 15، الفقيه 1: 74 ح 316.
(7) الفقيه: 1: 70 ح 283، أمالي الصدوق: 324، أمالي الطوسي 2: 52.
(8) أخرج المتقي الهندي الرواية في كنز العمال 16: 603 ح 46020 عن ابن جرير.
وروى الصدوق في معاني الأخبار: 250، باسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله، واخرج المتقي
الهندي في كنز العمال 16: 604 ح 46025 عن ابن جرير، رواية تتضمن الجملتين، أي الواشمة
والنامصة.
160
للمزوجة، فعلى هذا لو أذن لم يحرم (1). وهذا كله من باب تغيير خلق الله.
وروي ان السنن الحنيفية عشر: خمس في الرأس: المضمضة والاستنشاق،
والسواك، وفرق الشعر، وقص الشارب. وخمس في البدن: قص الأظفار، وحلق
العانة والإبطين، والختان، والاستنجاء (2).
ويتأكد السواك عند الوضوء، والصلاة، والسحر، وقراءة القرآن، وتغير
النكهة ولو كان صائما جميع النهار. ويكره على الخلاء، وان يترك زيادة على ثلاثة
أيام.
وعن الصادق (عليه السلام): (فيه اثنتا عشر فائدة: هو من السنة،
ومطهرة للفم، ومجلاة للنظر (3)، ويرضي الرحمن، ويبيض الأسنان، ويذهب
بالحفر (4)، ويشد اللثة، ويشهي الطعام، ويذهب بالبلغم، ويزيد في الحفظ.
وضاعف الحسنات، وتفرح به الملائكة) (5).
ويستحب الاكتحال بالإثمد عند النوم وترا وترا، تأسيا بالنبي (صلى الله
عليه وآله) (6). وعن الصادق (عليه السلام): (انه أربع في اليمين وثلاث في
اليسار) (7).
ويستحب: فراهة الدابة، وحسن وجه المملوك، واظهار النعمة.



(1) كذا في النسخ الثلاث، ولا يخفى أن ما ذكره من الوجه للحرمة، وانه لا حرمة مع الاذن، يتناسب
مع الواصلة والمستوصلة وليس مع النامصة والمنتمصة.
قال الصدوق بعد نقل الرواية: قال علي بن غراب: النامصة التي تنتف الشعر من الوجه،
والمنتمصة التي يفعل بها ذلك.... والواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، والمستوصلة
التي يفعل ذلك بها.
(2) الهداية: 17، الخصال: 271، فقه الرضا: 66.
(3) في المصادر: (البصر).
(4) الحفرة: صفرة تعلو الأسنان، مجمع البحرين - حفر -.
(5) المحاسن 562 الكافي 6: 495، الفقيه 1: 34 ح 126، الخصال: 481، ثواب الأعمال: 34.
(6) الكافي 6: 493 ح 1.
(7) الكافي 6: 495 ح 12.
161
النوع الثاني: استطابة الخلوة، وفيها مطلبان:
الأول: يستحب ارتياد موضع مناسب، فللبول: المرتفع، أو ذو التراب
الكثير، لفعل النبي (صلى الله عليه وآله) (1) وفعل الرضا (عليه السلام)، وقال:
(من فقه الرجل ان يرتاد لبوله) (2).
وابعاد المذهب بحيث لا يرى، لفعل النبي (صلى الله عليه وآله) (3) وقوله
(صلى الله عليه وآله): (من أتى الغائط فليستتر) (4) وبيت الخلاء كاف.
والدخول باليسرى والخروج باليمنى، عكس المكان الشريف.
وان لا يكشف العورة الا بعد الدنو من الأرض، لفعل النبي (صلى الله
عليه وآله) (5).
وتغطية الرأس اتفاقا، ولتقنع الصادق (عليه السلام) (6).
وقول (بسم الله وبالله، اللهم إني أعود بك من الخبيث المخبث، الرجس
النجس الشيطان الرجيم) إذا دخل (7).
ويجب ستر العورة عن الناظر، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (احفظ
عورتك، الا من زوجتك أو ما ملكت يمينك) (8).



(1) الفقيه 1: 16 ح 36، علل الشرائع: 278، التهذيب 1: 33 ح 87.
(2) التهذيب 1: 33 ح 86.
(3) سنن ابن ماجة 1: 121 ح 335، سنن أبي داود 1: 1 ح 2، السنن الكبرى: 1: 93.
(4) مسند أحمد 3: 371، السنن الكبرى 1: 94.
(5) سنن أبي داود 1: 4 ح 14، السنن الكبرى 1: 96.
(6) الفقيه 1: 17 ح 41، التهذيب 1: 24 ح 62.
(7) الكافي 3: 6 ح 1، التهذيب 1: 25 ح 63.
(8) سنن أبي داود 4: 40 ح 4017، الجامع الصحيح 5: 110 ح 2794، السنن الكبرى 1:
199.
162
ويحرم استقبال القبلة واستدبارها، في الصحاري والأبنية - في المشهور -
لقول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): (إذا دخلت المخرج فلا
تستقبل القبلة، ولا تستدبرها، ولكن شرقوا أو غربوا) (1).
وقال الحسن (عليه السلام): لا تستقبل القبلة، ولا تستدبرها) (2).
ولتعظيم شعائر الله.
وقال المفيد: يكره في الصحاري، لا في الأبنية (3).
وابن الجنيد: يستحب تجنب القبلة (4)، لأنه كان في منزل الرضا (عليه
السلام) كنيف مستقبل القبلة (5).
ولقول جابر: نهى النبي (صلى الله عليه وآله) ان نستقبل القبلة، ببول،
ورأيته قبل ان يقبض بعام يستقبلها (6). فيكون فعله ناسخا.
والأول: لا حجة فيه. والثاني محمول على حالة التنظيف صونا عن
المكروه، ولأن القول مع التعارض أقوى من الفعل، وجاز أن يكون الراوي ظن
الاستقبال.
ورواية عائشة ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (استقبلوا بمقعدتي
القبلة) (7) لم تثبت، لأن الراوي عنها عراك ولم يثبت لقاؤه إياها، وكذا استدباره



(1) التهذيب 1: 25 ح 64، الاستبصار 1: 47 ح 130.
(2) التهذيب 1: 26 ح 65، و 33 ح 88، الاستبصار 47 ح 131.
(3) المقنعة: 4.
(4) حكاه عنه: المحقق في المعتبر 1: 122، والعلامة في مختلف الشيعة: 19.
(5) التهذيب 1: 26 ح 66، 352 ح 1043، الاستبصار 1: 47 ح 132.
(6) سنن ابن ماجة 1: 117 ح 325، سنن أبي داود 1: 4 ح 13، الجامع الصحيح 1: 15 ح 9،.
السنن الكبرى 1: 92.
(7) مسند أحمد 6: 137، سنن ابن ماجة 1: 117 ح 324، سنن الدارقطني 1: 60، السنن
الكبرى 1: 92.
163
الكعبة (1).
والسبب مجرد احترام الكعبة، لا عدم خلو الصحراء عن مصل من الأنس
أو الجن، إذ المرئي يبعد عنه وغيره لا يكلف به، والجن لا يمكن الاحتراز منهم،
فيعم الأبنية التحريم.
وينحرف وجوبا لو صادفهما، أو تخلى في المبني عليهما. ولو تعذر الانحراف،
قال في المبسوط: سقط (2) وحمله في المعتبر على عدم التمكن من غيره (3).
واحتمال اختصاص الاستدبار بنحو المدينة لمكان بيت المقدس، لا أصل
له.
وخبر معقل بن أبي معقل الأسدي: ان النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن
استقبال القبلتين (4) يعني: الكعبة وبيت المقدس، لا دلالة فيه على ذلك لو صح،
وحمله بعضهم على زمان كونه قبلة.
ويكره استقبال قرص الشمس والقمر بالبول لا جهتهما، لنهي النبي (صلى
الله عليه وآله) عنه (5) والغائط محمول عليه، وربما روي (بفرجه) (6) فيشملهما. وفي
استدبارهما احتمال، للمساواة في الاحترام.
واستقبال الريح واستدبارها، لنهي الحسن (عليه السلام) عنه (7).
والبول في الصلبة. لمنافاته الخبر (8) وجواز عوده، ولقول النبي (صلى الله
عليه وآله): (استنزهوا من البول، فان عامة عذاب القبر منه) (9).



(1) صحيح مسلم 1: 224 ح 226، الجامع الصحيح 1: 16 ح 11.
(2) المبسوط 1: 16.
(3) المعتبر 1: 124.
(4) المصنف لابن أبي شيبة 1: 50، سنن أبي داود 1: 3 ح 10، السنن الكبرى 1: 91.
(5) عوالي اللآلي 2: 189 ح 73.
(6) التهذيب 1: 34 ح 91
(7) الفقيه 1: 18 ح 47، التهذيب 1: 26 ح 65، و 33 ح 88، الاستبصار 1: 47 ح 131.
(8) الفقيه 1: 16 ح 36، التهذيب 1: 33 ح 87.
(9) سنن الدارقطني 1: 128.
164
وفي الجحرة، لنهي النبي (صلى الله عليه وآله) (1) خوفا من الأذى، وقيل:
لأنها مساكن الجن.
وفي الماء الجاري، لنهي علي (عليه السلام) مستثنيا الضرورة (2).
وعن الصادق (عليه السلام) بثلاثة أسانيد: (لا بأس به في الجاري) (3).
واختاره علي بن بابويه رحمه الله.
والراكد، لنص الصادق (عليه السلام) (4) ولخوف الشيطان، قاله الصادق
(عليه السلام) في مطلق الماء (5). وقيل: الماء للجن ليلا فالكراهية فيه أشد، وكلاهما في البول، فالغائط
بطريق الأولى.
والجلوس في المشارع والشوارع، وتحت المثمرة، والملعن، لنص
زين العابدين (عليه السلام)، وفسر الملاعن ب‍: أبواب الدور (6). وقيل: مجتمع
النادي، لتعرضه للعنهم. وعن النبي (صلى الله عليه وآله): (اتقوا الملاعن) (7).
والأفنية، وخصوصا أفنية المساجد، وفئ النزال، لنص الكاظم (عليه
السلام) (8). وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (ملعون المتغوط في ظل النزال
وموضع الأذى) (9) للتعرض للمحرم.
والكلام بغير ذكر الله تعالى أو آية الكرسي، لنهي النبي (صلى الله عليه



(1) مسند أحمد 5: 82، سنن أبي داود 1: 8 ح 29، السنن الكبرى 1: 99.
(2) التهذيب 1: 34 ح 90، الاستبصار 1: 13 ح 25.
(3) التهذيب 1: 43 ح 120، 121، 122، الاستبصار 1: 13 ح 22، 23، 24.
(4) التهذيب 1: 43 ح 121، الاستبصار 1: 13 ح 23.
(5) التهذيب 1: 352 ح 1044.
(6) الكافي 3: 15 ح 2، الفقيه 1: 18 ح 44، معاني الأخبار: 368، التهذيب 1: 30 ح 78.
(7) سنن ابن ماجة 1: 119 ح 328، سنن أبي داود 1: 7 ح 25.
(8) الكافي 3: 16 ح 5، التهذيب 1: 30 ح 79.
(9) لاحظ: الكافي 3: 16 ح 4، التهذيب 1: 30 ح 80.
165
وآله) عنه (1)، وقوله تعالى لموسى (عليه السلام): (ذكري على كل حال
حسن) (2) وقول الصادق (عليه السلام): (لم يرخص في الكنيف أكثر من آية
الكرسي، وحمد الله، أو آية) (3).
وقيل: يحكي الأذان.
والبول قائما، لما روي أنه: (من غير علة من الجفاء) (4).
ومطمحا من السطح في الهواء، لنص النبي (صلى الله عليه وآله) (5).
وطول الجلوس خوف من البواسير، قاله الصادق (عليه السلام)، عن لقمان
رضي الله عنه (6).
واستصحاب ما عليه اسم الله تعالى - كخاتم ومصحف - لوضع النبي
(صلى الله عليه وآله) خاتمه قبل التخلي (7) اما أسماء الأنبياء فلا بأس.
واستصحاب دراهم بيض الا ان تكون مصرورة، عن الباقر (عليه
السلام) (8).
والاستنجاء باليمين لأنه من (9) الجفاء (10) وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله
تعالى: أو اسم نبي أو إمام، أو فصه حجر زمزم، لما روي: سألته عن الفص من



(1) التهذيب 1: 27 ح 69.
(2) الفقيه 1: 20 ح 58، التهذيب 1: 27 ح 68.
(3) الفقيه 1: 19 ح 57، التهذيب 1: 352 ح 1042.
(4) الفقيه 1: 19 ح 51.
(5) الفقيه 1: 19 ح 50، التهذيب 1: 352، ح 1045.
(6) الفقيه 1: 19 ح 56، التهذيب 1: 352، ح 1041.
(7) سنن ابن ماجة 1: 110 ح 303، سنن أبي داود 1: 5 ح 19، سنن الدارقطني 1: 54، السنن
الكبرى 1: 94.
(8) التهذيب 1: 353 ح 1046.
(9) في س زيادة: باب.
(10) الكافي 3: 17.
166
حجر زمزم، قال: (لا بأس به وإذا أراد الاستنجاء نزعه) (1) والمروي عنه وان جهل
لكن الظاهر أنه الإمام، لافتاء الجماعة به. وفي نسخة بالكافي للكليني - رحمه الله
إيراد هذه الرواية بلفظ: (من حجارة زمرد) وسمعناه مذاكرة. (2).
والسواك، لما روى الشيخ: (انه يورث البخر) (2).
والأكل والشرب، لفحوى رواية (اللقمة) عن الباقر (عليه السلام) (3).
وتضمنه مهانة النفس.
واستقبال بيت المقدس - قاله الفاضل - لشرفه (4).
ومس الذكر باليمنى، لنهي الباقر (عليه السلام) عنه (5).
والظاهر كراهيته عند القبور، للخبر (6).
ويستحب الاعتماد على اليسرى، للخبر عن النبي (صلى الله عليه
وآله (7). واعداد النبل، للخبر عنه أيضا (8). وهي: أحجار الاستنجاء، جمع نبلة
وأصلها الحصاة.
والدعاء دخولا وخروجا، واخراجا، ولرؤية الماء، واستنجاء، وفراغا.
ومسح البطن عند الفراغ قائما، قاله المفيد ومن تبعه (9).
والصبر هنيهة، ثم الاستبراء، لقول الباقر والصادق (عليهما السلام) (10).



(1) الكافي 3: 17 ح 6، التهذيب 1: 355 ح 1059.
(2) الفقيه 1: 32 ح 110، التهذيب 1: 32 ح 85.
(3) الفقيه 1: 18 ح 49.
(4) منتهى المطلب 1: 40.
(5) الفقيه 1: 19 ح 55.
(6) الكافي 6: 533 ح 2.
(7) السنن الكبرى 1: 96.
(8) أخرجه عبد الرزاق، والرازي في العلل 1: 36 ح 75، كما في تلخيص الحبير 1: 472.
(9) المقنعة: 4، المراسم 33.
(10) التهذيب 1: 20 ح 50، الاستبصار 1: 94 ح 303.
167
وليكن بالتسع المشهورة. والمرتضى: ينتره من أصله إلى طرفه ثلاثا (1). والمفيد:
مسحه تحت أنثييه مرتين أو ثلاثا، ثم يجعله بين الإبهام فوقه والمسبحة تحته،
ويمرهما عليه معتمدا من أصله إلى طرفه مرتين أو ثلاثا (2). وفي كلام الباقر (عليه
السلام): (يعصره من أصله إليه ثلاثا، وينتر طرفه) (3). ولا يشترط المشي في
الاستبراء وظاهر الاستبصار وجوب الاستبراء (4).
والتنحنح ثلاثا، قاله سلار (5)، وذكره ابن الجنيد في المرأة.
وتوليه بنفسه، ولو غسله غيره كأمته جاز، ويكره الزوجة الحرة، لقول
الصادق (عليه السلام) (6).
وغسل اليد قبل إدخالها الاناء، لقول الباقر والصادق (عليهما السلام)
الشامل له (7).
والبدأة بالدبر، لخبر عمار عن الصادق (عليه السلام) (8).
والظاهر عدم كراهية البول في الاناء، لما روي أنه كان للنبي قدح
لذلك (9). نعم، لا يبقي الاناء في المنزل، للنهي (10).
والأشبه: تحريمه في إناء في المسجد، للتعظيم، لأنه معرض للتلويث.



(1) المعتبر 1: 134.
(2) المقنعة: 4.
(3) الكافي 3: 19 ح 1، التهذيب 1: 28 ح 71 و 356 ح 1063، الاستبصار 1: 49 ح 137.
(4) الاستبصار 1: 48.
(5) المراسم: 32.
(6) التهذيب 1: 356 ح 1068.
(7) الكافي 3: 12 ح 5، التهذيب 1: 36 ح 96، 97، الاستبصار 1: 50 ح 141، 142.
(8) الكافي 3: 17 ح 4، التهذيب 1: 29 ح 76.
(9) سنن أبي داود 1: 7 ح 24، سنن النسائي 1: 31، السنن الكبرى 1: 99.
(10) الفقيه 1: 159 ح 744.
168
المطلب الثاني: في الاستنجاء.
وهو: من النجوة، ما ارتفع من الأرض. وقيل: من نجوت الشجرة
قطعتها.
وشرعا: إزالة خبثية البول والغائط الناقضين عن مخرجهما لا غير، فلا
استنجاء بالحجر:
من النوم والريح، لتعجب أبي الحسن (عليه السلام) من فاعله (1).
ولا من دم الحدث، ولا غيره من الدماء، لوجوب الغسل.
ولا من الخارج من المخرجين - كالدود الخالي - لطهارته.
ولا من الخارج من غير المعتاد قبل نقضه، وفيما بعده وجهان، أقربهما:
الجواز، للمساواة في النقض والحاجة.
ولا من البول، لقول الباقر (عليه السلام): (ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة
أحجار، واما البول فلا بد من غسله) (2). ويجزئ مثلاه مع الفصل، للخبر (3).
ولا يجب الدلك، لعدم الجرم، ومع تعذر الماء يتمسح وجوبا ويصلي ثم
يغسله عند الوجدان.
وخبر حنان - عن الصادق (عليه السلام): (يمسحه بريقه فإذا وجد بللا
فمنه) (4) - متروك - والأمر الصادق (عليه السلام) بالغسل من البول (5).
ولا من الغائط المنتشر عن المخرج، إجماعا، وهو مروي (6).



(1) الفقيه 1: 22 ح 65، التهذيب 1: 44 ح 124.
(2) التهذيب 1: 49 ح 144، و 209 ح 605، الاستبصار 1: 55 ح 160.
(3) التهذيب 1: 35 ح 93، الاستبصار 1: 49 ح 139.
(4) الكافي 3: 20 ح 4، التهذيب 1: 348 ح 1022، 353 ح 1050، باختلاف يسير
(5) التهذيب 1: 51 ح 149، الاستبصار 1: 56 ح 164.
(6) قال في جواهر الكلام 2: 30 بعد أن حكى الحكم عن جماعة: قد عرفت ان المستند في أصل
الحكم الاجماعات المنقولة، مع نسبته له في الذكرى إلى الرواية، ولعل أشار إلى ما رواه في المعتبر 1:
128 عنه (عليه السلام): (يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز المحل).
169
ويجزئ فيه مع عدم التعدي ثلاثة أحجار، لقول النبي (صلى الله عليه
وآله): (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بها،
فإنها تجزئ عنه) (1).
ولقول الصادق (عليه السلام): (جرت السنة بثلاثة أحجار أبكار) (2).
ولو نقي بما دونها وجب الاكمال في الأشبه، لقول سلمان - رضي الله عنه -
نهانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار (3). ويجب
الزائد لو احتيج إليه، إجماعا.
ولا عبرة بالأثر - كالرائحة - بخلاف الرطوبة.
ويستحب الوتر، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (من استجمر فليوتر،
ومن لا لا حرج) (4).
وفي إجزاء ذي الشعب قولان، للصورة والمعنى. واحتاط في المبسوط
بالمنع، واجتزأ بالتوزيع (5).
والأشبه جزاؤهما، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (إذا جلس أحدكم
لحاجته، فليتمسح ثلاث مسحات) (6).
قيل: والأفضل إمرار الأول على مقدم الصفحة اليمنى راجعا إلى اليسرى،
والثاني عكسه، والثالث المسربة معهما. وهو حسن إن استوعب في كل مرة. والمسربة



(1) سنن أبي داود 1: 10 ح 40، سنن النسائي 1: 41، السنن الكبرى 1: 103.
(2) التهذيب 1: 46 ح 130، 209 ح 706.
(3) صحيح مسلم: 1: 223 ح 262، سنن أبي داود 1: 3 ح 7، الجامع الصحيح 1: 24 ح 16،
سنن النسائي 1: 38.
(4) سنن ابن ماجة 1: 121 ح 337، سنن أبي داود 1: 9 ح 35 السنن الكبرى 1: 104.
(5) المبسوط 1: 17.
(6) نحوه في مسند أحمد 3: 336.
170
- بضم الراء -: المخرج.
وليضعه على المكان الطاهر أولا، ولا يجب الإدارة والالتقاط لعسره.
ولا يجزئ النجس، ولو جف بالشمس بعد زوال العين طهر.
ويجزئ الخزف، والخرق، وكل طاهر مزيل للعين، لقول النبي (صلى الله
عليه وآله): (واستطب بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاثة حثيات من
تراب) (1). والتمسح بالكرسف مروي عن الحسين (عليه السلام) (2).
وسلار اعتبر الأرض في أصله، لذكر الحجار (3).
قلنا: لغلبتها في الاستعمال، وفي القدرة عليها.
وابن الجنيد: لا يختار الآجر والخزف الا أن يلابسه طين أو تراب يابس.
ونهي عن العظم والروث، لمتاع الجن (4). والمطعوم، لفحوى طعام الجن.
والمحترم (5).
والأشبه: الاجزاء، لعدم التنافي بين التحريم وبينه.
وأبوه في المبسوط (6) والسرائر (7) والمعتبر (8) وهو قول المرتضى، للنهي، أو
عدم مشروعيته. نعم، لا يجزئ الصقيل.
وليكن باليسار كالغسل، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت اليمنى
لطهوره وطعامه، واليسرى لخلائه وما كان من أذى (9).



(1) سنن الدارقطني 1: 57، السنن الكبرى 1: 111.
(2) التهذيب 1: 354 ح 1055.
(3) المراسم: 32.
(4) الفقيه 1: 20، التهذيب 1: 354 ح 1053، مسند أحمد 5: 438، الجامع الصحيح 1: 29
ح 18.
(5) المحاسن 586، الكافي 6: 301 ح 1.
(6) المبسوط 1: 16.
(7) السرائر: 16.
(8) المعتبر 1: 132.
(9) سنن أبي داود 1: 9 ح 33، السنن الكبرى 1: 113.
171
والجمع بين الحجر والماء في المتعدي مستحب، للمبالغة وتنزيه اليد. وفي
غيره الماء أفضل، لثناء الله تعالى على أهل قبا به (1). والجمع أكمل، لإزالة العين
والأثر والحد: النقاء، لا الصرير.
وليستنج الرجل بالماء طولا، والمرأة عرضا.
ولا نظر إلى الرائحة، عن الرضا (عليه السلام) (2).
ولا يتعرض للباطن، لقول الصادق (عليه السلام): (انما عليه ان يغسل
ما ظهر، وليس عليه ان يغسل باطنه) (3).
وفي تحريم الاستقبال والاستدبار هنا نظر، لما مر من التأويل في خبر جابر،
وقول الصادق (عليه السلام): (يقعد له كما يقعد للغائط) (4).
ويحكم بطهارة المحل بعد الأحجار كالماء، لمفهوم قول النبي (صلى الله عليه
وآله): (لا تستنجوا بعظم، ولا روث، فإنهما لا يطهران) (5).
والخرقة التي لا تنفذ فيها يستعمل وجهاها.
ولو خرج أحد الحدثين اختص بالغسل إجماعا، وهو مروي عن عمار عن
الصادق (عليه السلام) (6).



(1) سنن ابن ماجة 1: 127 ح 355، سنن أبي داود 1: 11 ح 44، المستدرك على الصحيحين 1:
155، السنن الكبرى 1: 105.
(2) الكافي 3: 17 ح 9، التهذيب 1: 28 ح 75.
(3) الكافي 3: 18 ح 11.
(4) الكافي 3: 18 ح 11، الفقيه 1: 19 ح 54، باختلاف يسير.
(5) سنن الدارقطني 1: 56.
(6) التهذيب 1: 45 ح 127، الاستبصار 1: 52 ح 149.
172
فروع عشرة.
الأشبه: تعين الماء لو استجمر بنجس مطلقا، لقصر الرخصة على محل
الضرورة. والفرق بين الغائط وغيره ضعيف.
الثاني: لو خرج الغائط ممتزجا بنجاسة أخرى لم يكف الاستجمار.
الثالث: يستحب تقديم الاستنجاء على الوضوء، فقبله صحيح - في
الأصح - لقول الكاظم (عليه السلام): (وتعاد الصلاة) (1). وخبر سماعة عن
الصادق (عليه السلام) بإعادتهما ضعيف بسماعة، ورواية محمد بن عيسى عن
يونس (2). وخبر هشام عن الصادق (عليه السلام) بصحة الصلاة (3) متروك
لضعفه.
والجاهل بالحكم يعيدها كغير الاستنجاء، وبالنجاسة يعيد في الوقت. اما
الغسل فصحيح إلى موضع النجاسة. واما التيمم فمبني على توسعته مع امكان
صحته مطلقا، لأن زمانه مستثنى كزمان التيمم، وكذا الكلام في النجاسة على
البدن.
الرابع: يجب كشف البشرة على الأغلف ان أمكن، لأنها كالظاهر. ولو
كان مرتتقا سقط.
الخامس: لو وجد بللا مشتبها بعده، فلا التفات مع الاستبراء، لأنه من
الحبائل - وهي: عروق في الظهر - والا أعاد الوضوء دون الصلاة قبله.
السادس: لا ريب في اجزاء ذي الشعب الثلاثة، ولو كسر أجزأ مطلقا.



(1) قرب الاسناد: 90، التهذيب 1: 50 ح 145، الاستبصار 1: 55 ح 161، مستطرفات السرائر:
485.
(2) الكافي 3: 19 ح 17، علل الشرائع: 580، التهذيب 1: 50 ح 146، الاستبصار 1: 55
ح 162. ففي الخبر علتان.
(3) التهذيب 1: 48 ح 140، الاستبصار 1: 54 ح 157.
173
والشعبة الواحدة مجزئة مع التطهير في كل مرة وان كان رطبا ما لم ينتشر، مع
امكان عدم الاجزاء، لنجاسة البلة فلا يعفى عنها.
ويندفع بأنها من نجاسة المحل، ولأنها كالماء لا ينجس حتى تنفصل.
السابع: الخنثى المشكل تستجمر في الدبر كالرجل، وفي القبلين: الماء.
وهل يكون ماؤهما استنجاء؟ الأشبه ذلك إذا اعتيد منهما.
الثامن: لا فرق في عدم غسل الباطن بين الرجل والمرأة، بكرا أو ثيبا.
نعم، لو علمت الثيب وصول البول إلى مدخل الذكر ومخرج الولد، وجب غسل
ما ظهر منه عند الجلوس على القدمين.
التاسع: من المحترم ما كتب عليه قرآن، أو فقه، أو حديث. أما جزء
الحيوان، فالأشبه لا ولو عقب نفسه أو يده، وكذا جملته كالعصفور، وكذا لا
احترام في النقدين ونفيس الجواهر عندنا.
العاشر: لو قلنا في المحترم بعدم الاجزاء، بناء على أن الرخص لا تناط
بالمعاصي، وللخبر (1) أجزأ ثلاثة غيره هنا قطعا.



(1) المحاسن: 586، الكافي 6: 301 ح 1.
174
الفصل الثاني: المستعمل الاضطراري.

175
الفصل الثاني: المستعمل الاضطراري.
وهو: الصعيد. قال الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) (1).
والنظر إما فيه، أو في مسوغه، فهنا مطلبان:
الأول: الصعيد: وجه الأرض ترابا كان أو مدرا أو صخرا، دون المتصل
بالأرض من النبات، وهو قول الزجاج.
والطيب: الطاهر، وانما كان طهورا لقوله تعالى: (ليطهركم به) (2) وقول
النبي (صلى الله عليه وآله): (فضلنا على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض
مسجدا وترابها طهورا) (3) ولا دلالة فيه على اختصاص بالتراب، لجواز ذكر ما هو
الأولى في الاستعمال، ولأنه روي بحذف: (ترابها) (4). ويشترط كون التراب خالصا. فلو شيب بنحو زعفران أو دقيق واستهلكه
التراب جاز وإلا فلا. وحده أن لا يرى الخليط، ولا يسلب عنه اسم التراب، ولا
يخرجه وصفه بالأسود - ومنه: طين الدواة - والأعفر - وهو: غير خالص - والأحمر -
ومنه: الأرمني للتداوي - والبطحاء - وهو: التراب اللين في مسيل الماء - لأنها
أقسامه كما ينقسم الماء إلى الملح والعذب.
ومنع ابن الجنيد من السبخ، لشبهه بالملح (5)
ورد بتيمم النبي (صلى الله عليه وآله) من أرض المدينة (6)، والسبخ غالب
عليها. نعم، يكره مع وجود غيره.



(1) سورة المائدة: 6.
(2) سورة الأنفال: 11.
(3) صحيح مسلم 1: 371 ح 522، السنن الكبرى 1: 213.
(4) صحيح مسلم 1: 371 ح 523، سنن أبي داود 1321 ح 489.
(5) المعتبر 1: 374، مختلف الشيعة: 48.
(6) السنن الكبرى 1: 206.
177
وظاهره منع الحجر والآجر (1). وشرط فيه الشيخ في النهاية - ظاهرا - والمفيد
وابن إدريس عدم التراب (2). وجوزه في المبسوط (3) والخلاف (4) والمرتضى قائلا: لا
نص (5) فيه لأنه أرض. ومنه: الرخام، والبرام.
وكذا يجوز بأرض النورة وأرض الجص. وفي النهاية: عند عدم التراب (6)
ويضعف: بأنهما أرض.
اما نفس النورة والجص فجوزهما المرتضى (7) لما روي عن علي (عليه
السلام) (8).
ومنع في المبسوط والخلاف والسرائر من النورة للاستحالة (9) وهو ممنوع،
والخزف مثلها - ومنعه في المعتبر (10) كما يظهر من ابن الجنيد (11) - وكذا الآجر،
والأرض شاملة لهما، وللرمل وان كره.
ويجوز بالمبتلة، وليتحر أجفها، لقول الصادق (عليه السلام) (12).
ولا يجوز بالمعدن، لخروجه عن اسم الصعيد، خلافا لابن أبي عقيل، بناء.
على أنه أرض (13).



(1) مختلف الشيعة: 48.
(2) النهاية: 49، المقنعة: 8، السرائر: 26.
(3) المبسوط 1: 32.
(4) الخلاف 1: 134 المسألة: 77.
(5) المعتبر 1: 376.
(6) النهاية: 49.
(7) جمل العلم والعمل: 52.
(8) التهذيب 1: 187 ح 539.
(9) المبسوط 1: 33، الخلاف 1: 136 المسألة: 78، السرائر: 26.
(10) المعتبر 1: 375.
(11) المعتبر 1: 375، مختلف الشيعة: 48.
(12) الكافي 3: 66، التهذيب 1: 189 ح 546، الاستبصار 1: 56 ح 539.
(13) المعتبر: 1: 372.
178
ولا بالنجس وان كان بعضه، للتقييد بالطيب، واعتبار التغير بالنجاسة في
التراب هوس.
ولا المغصوب، للنهي.
ولا بالرماد وان كان رماد التراب، والمنسحقات الباقية أولى بالمنع.
ويجوز بالمستعمل إجماعا، لبقاء اسمه، ولعدم رفعه الحدث. وفسر
بالممسوح به أو المنفوض. اما المضروب عليه فلا استعمال فيه إجماعا، لأنه كالإناء
يغترف منه.
وتراب القبر ما لم تعلم النجاسة. ولو علم اختلاطه بالصديد اجتنب. وفي
اللحم والعظم نظر، للطهارة بالغسل. وعلى قول المبسوط ينبغي المنع (1). وفي
المعتبر: يجوز وان تكرر نبشه، لأنه عندنا طاهر (2). نعم، لو كان الميت نجسا منع.
ومع فقد الصعيد يتيمم بغبار ثوب أو لبد أو عرف، يتحرى أكثرها غبارا
فينفض ثم يتيمم عليه، ولو تلاشى بالنفض ضرب عليه.
ومع فقده، بالوحل، لموثق زرارة عن الباقر (عليه السلام) (3).
ويستحب من العوالي، لبعدها عن النجاسة، ولنهي علي (عليه السلام)
من التيمم من أثر الطريق (4) وقال: (لا وضوء من موطأ) (5).
فروع:
يجب شراء التراب - كالماء - أو استئجاره. ولو بذل له وجب القبول، لعدم
المنة.



(1) المبسوط 1: 32.
(2) المعتبر 1: 379.
(3) التهذيب 1: 189 ح 545 و 191 ح 551، الاستبصار 1: 156 ح 538
(4) الكافي 3: 62 ح 6، التهذيب 1: 187 ح 538.
(5) الكافي 3: 62 ح 5، التهذيب 1: 186 ح 537.
179
الثاني: يجوز على جدار الغير وبأرضه، عملا بشاهد الحال. ولو ظن
الكراهية أو صرح بها امتنع، ولا يجب على الغير بذله، وكذا لا يجوز في المغصوب
للغاصب، واما غيره فمنع الصلاة مشعر بمنعه.
الثالث: لو مزج بالصعيد ماء مضاف وغلب التراب، منع منه في
المبسوط، لسلب اسم الأرض (1) ويمكن كونه كالمبتل بالمطلق.
الرابع: لو أمكن تجفيف الوحل وجب، وإلا ضرب عليه مع تعذر ما مر، ويفركه ويتيمم.
وقيل: يجففه ثم يتمم مع سعة الوقت، وهو حق ان كان التجفيف قبل
الضرب، وفي خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): (يتيمم بالطين) (2) وزرارة
عن الباقر (عليه السلام): (يتيمم من الطين) (3) وكذا في خبر رفاعة عن الصادق
(عليه السلام) (4).
الخامس: الترتيب بين الغبار والوحل كما هو بين التراب والغبار، فلو قدم
الوحل لم يجز، اما لو جففه فهو تراب.
السادس: ظاهر المرتضى وابن الجنيد التيمم بالثلج (5) والمفيد والشيخ
- في النهاية - قدما التراب عليه، فان فقد ادهن به (6). وظاهر التذكرة العكس (7).
والمعتبر: ان غسل والا فالتراب (8) ويظهر من المبسوط (9)، وقد مر خبر الكاظم (عليه



(1) المبسوط 1: 32.
(2) الكافي 3: 67 ح 1، التهذيب 1: 189 ح 543، الاستبصار 1: 156 ح 537.
(3) التهذيب 1: 189 ح 545، الاستبصار 1: 156 ح 538.
(4) التهذيب 1: 192 ح 554، الاستبصار 1: 158 ح 547.
(5) حكاه عنهما المحقق في المعتبر 1: 377.
(6) المقنعة: 8، النهاية: 47.
(7) تذكرة الفقهاء 1: 65.
(8) المعتبر 1: 378.
(9) المبسوط 1: 31.
180
السلام) (1).



(1) لم نلاحظه فيما مر، وهو في التهذيب 1: 192 ح 554، والاستبصار 1: 158 ح 547، ولفظه:
قال: سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء، وهو يصيب ثلجا وصعيدا،
أيها أفضل؟ أيتيمم أم يمسح بالثلج وجهه؟ قال (الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل، فإن لم
يقدر على أن يغتسل به فليتيمم.
181
المطلب الثاني: في مسوغه.
وهو: العجز عن الماء، وله أسباب:
أحدها: عدم وجوده، للآية (1). ويتحقق بالطلب - بعد رحله وأصحابه -
سهما في الحزنة، وسهمين في السهلة، للخبر عن علي (عليه السلام) (2).
فالمفيد: يطلب أمامه، ويمينه وشماله (3)
وفي المبسوط: يطلب في سائر جوانبه (4).
وحسن زرارة عن أحدهما (عليهما السلام): (يطلب ما دام في الوقت) (5)،
ومال إليه في المعتبر، لوضوح السند والمعنى (6).
وعن الصادق (عليه السلام): (لا تطلب الماء يمينا، ولا شمالا، ولا في
بئر (7). وحملها الشيخ على الخوف (8)، والمحقق - في المعتبر - بعد هذا الحمل، ولكن
ضعفها بعلي بن أسباط (9).
ولو تيقن عدمه سقط الطلب. ولا يجزئ قبل الوقت ان انتقل إلى مكان
آخر، وإلا أجزأ علم عدم الماء. ولو علم وجوده في مكان أبعد من المقدر وجب
مع الإمكان.



(1) سورة المائدة: 6.
(2) التهذيب 1: 202 ح 586، الاستبصار 1: 165 ح 571.
(3) المقنعة: 8.
(4) المبسوط 1: 31.
(5) الكافي 3: 63 ح 2، التهذيب 1: 192 ح 555 و 203 ح 589، الاستبصار 1: 159 ح 548،
و 165 ح 574.
(6) المعتبر: 1: 393.
(7) التهذيب 1: 202 ح 587، الاستبصار 1: 165 ح 572.
(8) التهذيب 1: 202.
(9) المعتبر 1: 392.
182
ولو تيمم قبل الطلب وصلى بطلا عند الشيخ (1).
ويشكل: بتحتم التيمم عند ضيق الوقت، والأمر به المقتضي للإجزاء،
وكذا من وهب الماء أو أراقه في الوقت. نعم، لو وجد الماء في محل الطلب قوي
قوله، للخبر عن الصادق (عليه السلام) (2).
ولو نسي الماء أجزأ عند المرتضى (3)، لعموم (رفع) (4). والشيخ: يعيد ان
لم يطلب (5) لهذا الخبر (6) وضعف بعثمان بن عيسى، وكذا لو كان بقربه ماء لم
يره. وقول الشيخ أقرب، للتفريط، والشهرة تدفع ضعف السند.
ويكفي الطلب مرة في صلوات، إذا ظن الفقد بالأول مع اتحاد المكان. ولو
ظهر ركب في أثناء الطلب سأل كلا منهم. وتجوز النيابة في الطلب، ويحتسب
لهما، لحصول الظن.
ولا يشترط السفر، لظاهر قول النبي (صلى الله عليه وآله): (الصعيد
الطيب طهور المسلم ان لم يجد الماء إلى عشر سنين) (7). والسفر في الآية للأغلب.
ولا يعيد الحاضر، خلافا للمرتضى - في شرح الرسالة - للامتثال،
ولإطلاق قول الصادق (عليه السلام): (وقد أجزأته صلاته) (8).
ولا فرق بين الأسفار، للعموم ولو كان معصية.



(1) النهاية: 48.
(2) الكافي 3: 65 ح 10، التهذيب 1: 212 ح 616.
(3) المعتبر 1: 367.
(4) الكافي 2: 335 ح 2، الخصال: 417، التوحيد للصدوق: 353، تحف العقول: 50، كنز
العمال 4: 233 ح 10307 عن الطبراني.
(5) المبسوط 1: 31 الخلاف 1: 23 المسألة 116.
(6) راجع الهامش 2.
(7) سنن أبي داود 1: 92 ح 333، الجامع الصحيح 1: 212 ح 124، سنن الدارقطني 1: 186،
السنن الكبرى 1: 212.
(8) التهذيب 1: 193 ح 556، الاستبصار 1: 9، 1 ح 549.
183
ولو أفضى الطلب، أو تحصيل الماء، إلى فوات مطلوب - مثل: الحطاب،
والصائد - أمكن التيمم، دفعا للضرر (1). وعدمه، لقدرته على الماء.
وثانيها: عدم وصلته، لفقد ثمنه. ولو وجد وجب وان زاد عن ثمن المثل
- في الأشبه - لانتفاء الضرر، وقد بلغ صفوان في سؤال أبي الحسن (عليه السلام)
ألف درهم فحكم بالشراء (2). هذا مع عدم الضرر الحالي أو المتوقع، في زمان لا
يتجدد فيه مال عادة، اما معه فلا.
وكذا لو أجحف بماله، للحرج، ولسوغ التيمم عند خوف لص يجحف
بماله كما يأتي.
وربما فرق بينهما بالعوض والثواب. وهو خيال ضعيف، لأنه إذا ترك المال
لابتغاء الماء دخل في حيز الثواب.
واعتبار ثمن المثل بحسب المكان والزمان، لا اجرة تحصيل الماء، لأنه متقوم
بنفسه.
ولو بيع بأجل وجب مع القدرة وعدم الاجحاف، ولا يقهر صاحبه وان فضل
عنه. ولو بذل وجب قبوله، لعدم المنة عادة. ولو بذل ثمنه لم يجب، خلافا
للشيخ (3)، وكذا خصال الكفارة المرتبة.
وعادم الآلة يتيمم، فلو أعيرها وجب بخلاف هبتها، ويجئ على قول الشيخ
الوجوب (4). ويجب شراء الآلة كالماء للمتمكن أو استئجارها.
والقادر على إنزال عمامة ونحوها واجد، ولا عبرة بنقصها وان كثر، ما لم يضر
به في الحال أو بعده، قاله في التذكرة (5).



(1) في س: للضرورة.
(2) الكافي 3: 74 ح 17، الفقيه 1: 23 ح 71، التهذيب 1: 406 ح 1276.
(3) المبسوط 1: 31.
(4) المبسوط 1: 31.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 63.
184
وقد مر خائف العطش، وقال الصادق (عليه السلام): (لا يهريق منه قطرة
ويتيمم) (1).
ومزاحمة النجاسة، ولو أمكن استقباله الماء تطهر وشربه. ولا مزاحمة في غير
المحترم - كالمرتد عن فطرة، والحربي، والكلب العقور، والخنزير - وكل ما يجوز قتله:
وجب، كالزاني المحصن والموقب، أو لا، كالحية، والهرة الضارية.
ووجود ما يكفي بعض الأعضاء كعدمه، للآية، فلا يستعمله ويتيمم، لعدم
الفائدة. وينبه عليه قول الصادق (عليه السلام) في المجنب معه ما يكفي
الوضوء: (يتيمم) (2).
وقال في المبسوط والخلاف: المتضرر بعض أعضائه يحتاط بغسل الصحيح.
والتيمم (3).
ولا يتيمم عن نجاسة البدن، إجماعا، لعدم زوال النجاسة عن المحل،
وكون الصعيد طهورا مختص بالبدن من الوضوء والغسل، ولعدم العموم فيه.
وثالثها: الخوف على نفسه أو ماله من استعماله، لقول الصادق: (لا آمره
أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع) (4).
والخوف من وقوع الفاحشة يسوغ للرجل والمرأة. وفي مجرد الجبن نظر،
أقربه الجواز، للضرر.
وخائف التلف باستعماله، لقوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) (5)، (ولا
تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (6).
وعن الباقر والصادق (عليهما السلام) في الجنب به القروح: (لا



(1) الكافي 3: 65 ح 1، التهذيب 1: 404 ح 1267.
(2) الفقيه 1: 57 ح 213.
(3) المبسوط 1: 35، الخلاف 1: 154 المسألة 105.
(4) الكافي 3: 65 ح 8، التهذيب 1: 184 ح 528.
(5) سورة النساء: 29.
(6) سورة البقرة: 195.
185
يغتسل) (1).
ولو تمكن من إسخان الماء وجب ولو بعوض مقدور، وكذا خائف تلف
عضو.
اما الضرر اليسير - كصداع، أو وجع ضرس - فغير مانع، قاله الفاضلان،
لأنه واجد الماء (2).
ويشكل: بالعسر والحرج، وبقول النبي (عليه السلام): (لا ضرر) (3) مع
تجويزهما التيمم للشين.
وطول المرض مسوغ وعسر برئه، اما الألم الحالي فلا، وعليه يحمل الخبر
باغتسال الصادق (عليه السلام) في ليلة باردة وهو شديد الوجع (4).
والمجنب عمدا كغيره - في الأشبه - للعموم.
وفي المفضل عن الصادق (عليه السلام) الفرق (5).
وفي الصحيح عنه: (يغتسل على ما كان) (6) ولم يقيد فيه بتعمد أو غيره.
فأوجب المفيد على المتعمد الغسل وان خاف على نفسه (7) وهو ظاهر كلام
ابن الجنيد (8).
وفي النهاية: إذا خاف التلف تيمم وصلى وأعاد (9) والأدلة السابقة تدفعهما، مع ضعف سند الأول، وحمل الثاني على الألم



(1) الكافي 3: 68 ح 1، التهذيب 1: 184 ح 530، 531.
(2) المعتبر 1: 365، تذكرة الفقهاء 1: 63.
(3) الكافي 5: 280 ح 4، الفقيه 3: 45 ح 154، التهذيب 7: 146 ح 651.
(4) التهذيب 1: 198 ح 575، الاستبصار 1: 162 ح 563.
(5) الكافي 3: 68 ح 3، التهذيب 1: 198 ح 574، الاستبصار 1: 162 ح 562.
(6) التهذيب 1: 198 ح 576، الاستبصار 1: 163 ح 564.
(7) المقنعة: 8.
(8) مختلف الشيعة: 52.
(9) النهاية: 46.
186
المجرد، مع المعارضة بقول الصادق (عليه السلام) - في الصحيح - في الجنب فاقد
الطهور: (فليمسح من الأرض وليصل 9 (1) وفي الصحيح عنه (عليه السلام) في
المجنب يتيمم ويصلي: (لا يعيد) (2).
ومنه يعلم عدم إعادة المتيمم لزحام الجمعة وعرفة.
وعن علي (عليه السلام): (يعيد) (3) وطريقه السكوني.
وكذا ذو ثوب نجس إذا تيمم.
وعن الصادق (عليه السلام): يعيد (4) وطريقه عمار.



(1) الكافي 3: 63 ح 3، التهذيب 1: 197 ح 572، الاستبصار 1: 161 ح 558.
(2) التهذيب 1: 197 ح 571، الاستبصار 1: 161 ح 557.
(3) التهذيب 1: 185 ح 534، الاستبصار 1: 81 ح 254.
(4) التهذيب 1: 407 ح 1279، و 2: 224 ح 88، الاستبصار 1: 169 ح 587.
187
مسائل أربع:
الأولى: الجنب أولى من الميت والمحدث بالماء، للصحيح عن الكاظم
(عليه السلام) (1) - وفيه إشارة إلى عدم طهورية المستعمل وإلا لأمر بجمعه - وعليه
الأكثر.
وفي المبسوط والخلاف: التخيير مع الإباحة، ومع ملك أحدهم هو
أولى (2).
وابن إدريس: في المباح يستعمله الحيان ثم يغسلانه مع ضيق الوقت، وإلا
فالميت أولى (3) وهو إطراح للخبر.
وقيل: الميت أولى، لخبر محمد بن علي عن بعض أصحابنا عن الصادق
(عليه السلام) (4) وهو مقطوع.
فروع: الأول: هذه الأولوية مستحبة في المباح، ومستحقة في البذل للأحوج، أو
الأولى بوصية وشبهها. وعللت الأولوية بتعبد الجنب بخلاف الميت، وبأن للجنب
غايتين: استباحة الصلاة، وطهارة بدنه، وللميت الثانية لا غير.
ولا يعارضه إمكان استدراك الجنب دون الميت، لأن طهارة الميت نظافية
وهي تحصل بالتيمم، والعكس في هذه العلة أحق.
الثاني: لو سبق أحدهم إلى المباح اختص، ولو استووا اشتركوا.



(1) الفقيه 1: 59 ح 222، التهذيب 1: 109 ح 285، الاستبصار 1: 101 ح 329.
(2) المبسوط 1: 34، الخلاف 1: 166 المسألة: 118.
(3) السرائر: 27.
(4) التهذيب 1: 110 ح 288، الاستبصار 1: 102 ح 332.
188
ولو تغلب أحدهم أثم وملك، قاله في المعتبر، لسبقه حينئذ (1).
ويشكل: بإزالة أولوية غيره بنصيبه، وهي في معنى الملك، وهذا مطرد في
كل أولوية، كالتحجير والتحشيش ودخول الماء.
الثالث: الجنب أولى من الحائض وقسيميها ومن ماس الميت، والشيخ على
التخيير (2).
ولو قلنا: يتوقف وطء الزوج على الغسل، أمكن أولويتها على الجنب،
لقضائها حق الله تعالى وحق الزوج.
الرابع: مزيل النجاسة أولى من الجميع، لأنه لا بدل له. والعطشان أولى
مطلقا، للضرر.
وفي تقديم الأشد حاجة - اما لزيادة عطشه، أو لضعفه بصغر
أو مرض - نظر، من ظهور رجحان سببه، واشتراكهم في المبيح. وكذا في الترجيح
بالخصال الدينية في الجميع، والمعصوم أولى مطلقا.
المسألة الثانية: لا يجوز للمكلف بالطهارة بماء بذله لغيره، لوجوب صرفه
في طهارته، والتيمم مشروط بتعذر الماء، ونبه عليه قول الصادق (عليه السلام) في
قوم ليس معهم إلا ما يكفي الجنب: (يتوضؤن، ويتيمم الجنب) (3). كذا قاله في
المعتبر (4).
وليس فيه تصريح باختصاصهم بملكه، ولعلهم مشتركون ولكن الجنب
لا يكتفي بنصيبه.
الثالثة: فاقد الطهورين يؤخر الصلاة، لقول النبي (صلى الله عليه وآله):
(لا صلاة إلا بطهور) (5). ونمنع عدم انكاره (صلى الله عليه وآله) على المصلين



(1) المعتبر 1: 407.
(2) المبسوط 1: 34.
(3) التهذيب 1: 190 ح 548.
(4) المعتبر 1: 406.
(5) سنن أبي داود 1: 16 ح 59.
189
بغير وضوء (1) مع إمكان كونه منسوخا، أو لأنه لا إثم عليهم لعدم علمهم.
والأشبه: القضاء، لعموم قول النبي (صلى الله عليه وآله): (من فاتته
صلاة فريضة فليقضها) (2).
وللمفيد قول بسقوطه، بناء على تبعية القضاء الأداء.
ورد بتبعيته سبب وجوب الأداء، وهو الوقت.
الرابعة: لو وجد من عليه غسل ووضوء ما يكفي أحدهما، فعله وتيمم
للآخر. ويتخير في التقديم، لأنهما فرضان مستقلان، فان كفى الغسل فهو أولى
من الوضوء لكماله.



(1) صحيح البخاري 1: 92، صحيح مسلم 1: 279 ح 376.
(2) المهذب البارع 1: 46، عوالي اللآلي 3: 107 ح 150.
190
الفصل الثالث: المستعمل له

191
الفصل الثالث:
في المستعمل له ومنه، وفيه مطلبان:
الأول: يجب الوضوء للصلاة الواجبة - للآية، والخبر والإجماع - والطواف
الواجب كذلك، ولمس كتابة القرآن ان وجب بنذر وشبهه - على الأقرب - للآية (1)،
ولقول الصادق (عليه السلام) لابنه إسماعيل: (لا تمس الكتاب) (2).
وفي المبسوط والسرائر: يكره المس (3)، للأصل، ولعدم منع السلف
الصبيان منه.
وألحق أبو الصلاح مس اسم الله تعالى (4).
ويستحب: لندبي الصلاة والطواف - بمعنى: الشرطية في الصلاة،
والكمالية في الطواف على الأصح، للخبر - ولطلب الحاجة، وحمل المصحف
للتعظيم، ولأفعال الحج - عدا الطواف والصلاة - ولصلاة الجنازة، وزيارة قبور
المؤمنين، وتلاوة القرآن، ونوم الجنب، وجماع المحتلم، وجماع غاسل الميت ولما
يغتسل، ولمريد غسل الميت وهو جنب، وذكر الحائض، والتأهب للفرض قبل
وقته، والتجديد، والكون على طهارة كل ذلك للنص.
والغسل يجب لما وجب له الوضوء، ولدخول المساجد، للآية (5)، وللجواز في
المسجدين، للخبر (6)، وقراءة العزائم وابعاضها، للإجماع، ولصوم الجنب، والحائض
والنفساء، ولصوم المستحاضة مع غمس القطنة، لا لصوم ماس الميت، للأصل.



(1) سورة الواقعة: 79.
(2) التهذيب 1: 126 ح 342، الاستبصار 1: 113 ح 376.
(3) المبسوط 1: 23، السرائر: 21.
(4) الكافي في الفقه: 126.
(5) سورة النساء: 42.
(6) الكافي 3: 50 ح 3، 4.
193
تنبيه:
ظاهر الأصحاب ان وجوب الغسل مشروط بهذه الأمور، فلا يجب في
نفسه، سواء كان عن جنابة أو غيرها، لقوله تعالى. (وان كنتم جنبا
فاطهروا) (1). عطفه على الوضوء المشروط بالصلاة، وعطف عليه التيمم
المشروط بها.
ولعدم الذم بتأخيره إلى وقت الصلاة.
ولصحيح عبد الله بن يحيى الكاهلي عن الصادق (عليه السلام) في المرأة
يجامعها الرجل فتحيض وهي في المغتسل، هل تغتسل؟ قال: (قد جاءها ما يفسد
الصلاة فلا تغتسل) (2).
ولصحيح زرارة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، انه قال: (إذا دخل
الوقت وجب الطهور والصلاة، ولا صلاة الا بطهور) (3)، وفي (إذا) معنى
الشرط، فقبل دخول الوقت لا وجوب.
وهذا الخبر لم يذكره المتعرضون لبحث هذه المسألة، وهو من أقوى الأخبار
دلالة وسندا، أورده في التهذيب في باب تفصيل واجب الصلاة.
والراوندي - رحمه الله - وجماعة على وجوبه لا بشرط (4) لقول النبي (صلى الله
عليه وآله): (الماء من الماء) (5).



(1) سورة المائدة: 6.
(2) الكافي 3: 83، 1، التهذيب 1: 370 ح 1128، السرائر: 485.
(3) الفقيه 1: 22 ح 67، التهذيب 2: 140 ح 546.
(4) فقه القرآن 1: 31، مختلف الشيعة: 29.
(5) مسند أحمد 3: 29، سنن ابن ماجة 1: 199 ح 607، سنن أبي داود 1: 56 ح 217، الجامع
الصحيح 1: 186 ح 112، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 2: 249 ح 1183، شرح معاني
الآثار 1: 54.
194
وصحيح زرارة عن الباقر (عليه السلام): (ان عليا (عليه السلام) قال
إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل) (1).
وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): (إذا أدخله فقد
وجب الغسل، والمهر، والرجم) (2)، والمعطوفان غير مشروطين.
وصحيح علي بن يقطين عن الكاظم (عليه السلام): (إذا وضع الختان على
الختان فقد وجب الغسل) (3).
ولفساد صوم تاركه وان كان خاليا من عبادة مشروطة به.
قلنا: لا نزاع في الوجوب بهذه الأسباب، لكنه مشروط بوجوب الصلاة
توفيقا بين الأدلة.
ويعارض: بالأوامر في الوضوء وباقي الأغسال غير المقيدة بالصلاة، كقول
النبي (صلى الله عليه وآله): فمن نام فليتوضأ) (4).
وقول علي (عليه السلام): (من وجد طعم النوم قائما أوجب عليه
الوضوء) (5).
وقول الرضا (عليه السلام): (إذا خفي الصوت وجب الوضوء) (6).
وقول الصادق (عليه السلام): (غسل الحائض إذا طهرت واجب، وغسل
الاستحاضة واجب، وغسل من مس ميتا واجب) (7).
وشبه ذلك من الحكم بوجوب غسل الثوب والبدن والاناء من النجاسة.



(1) التهذيب 1: 119 ح 314، السرائر: 19.
(2) الكافي 3: 46 ح 1، التهذيب 1: 118 ح 310، الاستبصار 1: 108 ح 358، السرائر: 19.
(3) الكافي 3: 46 ح 3، التهذيب 1: 118 ح 312، الاستبصار 1: 109 ح 360.
(4) سيأتي تمامه في ص 209 الهامش 6.
(5) التهذيب 1: 8 ح 10، الاستبصار 1: 80 ح 252.
(6) الكافي 3: 37 ح 14، التهذيب 1: 9 ح 14، باختصار في الألفاظ.
(7) الكافي 3: 40 ح 2، الفقيه 1: 45 ح 176، التهذيب 1: 104 ح 270، الاستبصار 1: 97. ح 315.
195
وهم يوافقون على أن المراد بها الوجوب المشروط.
والأصل في ذلك: انه لما كثر علم الاشتراط أطلق الوجوب وغلب في
الاستعمال، فصار حقيقة عرفية. قال المحقق في المصرية: إخراج غسل الجنابة من
دون ذلك كله تحكم بارد.
والفائدة في نية الوجوب قبل الشرط عند من لم يكتف بالقربة، وفي عصيان
المكلف لو ظن الموت قبل إدراك شرط الوجوب.
وربما قيل: يطرد الخلاف في كل الطهارات، لأن الحكمة ظاهرة في
شرعيتها، مستقلة.
ويستحب الغسل لما يذكر بحسب الرواية، فروى محمد بن عبد الله عن
الصادق (عليه السلام): (ان النبي (صلى الله عليه وآله) أمر الأنصار بالغسل يوم
الجمعة، فجرت بذلك السنة) (1).
وعبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (الجمعة، والعيدان، ويوم
عرفة عند الزوال، وللإحرام، ودخول مكة والكعبة والمدينة، والزيارة، وثلاث
الليالي في شهر رمضان) (2).
وقول الصدوق بوجوب الجمعة (3) - لرواية عبد الله بن المغيرة عن الرضا
(عليه السلام) (4)، ورواية الحسين بن خالد عن الكاظم (عليه السلام) (5) -
معارض، فيحمل على التوكيد، لرواية الحسين بن يقطين عن أبي الحسن (عليه
السلام): (سنة وليس بفريضة) (6). ويستحب للنساء والعبيد، لرواية ابن المغيرة عن الصادق (عليه



(1) الفقيه 1: 62 ح 230 علل الشرائع: 285، التهذيب 1: 366 ح 1112.
(2) التهذيب 1: 110 ح 290.
(3) الفقيه 1: 61، الهداية: 22.
(4) الكافي 3: 41 ح 1، التهذيب 1: 111 ح 291، 3: 9 ح 28، الاستبصار 1: 103 ح 336.
(5) المحاسن: 313، الكافي 3: 42 ح 4، التهذيب 1: 111 ح 293.
(6) التهذيب 1: 112 ح 295، الاستبصار 1: 102 ح 333.
196
السلام) (1).
وروى سماعة عن الصادق (عليه السلام): (يقضيه آخر النهار،
فالسبت) (2) ورواية عمار عن الصادق (عليه السلام): (يغتسل ويعيد الصلاة في
الوقت) (3)، للندب.
ويقدم الخميس لخوف الاعواز، لأمر الكاظم (عليه السلام) امرأتيه به (4).
ولا يقدم على الفجر اختيارا، لدعوى الشيخ الإجماع، وإضافته - النبي
(صلى الله عليه وآله) - إلى اليوم (6).
ويمتد إلى الزوال إجماعا، وقربه منه أفضل لتأكيد الغرض. وفي الخلاف:
يمتد إلى أن يصلي الجمعة (7).
وليدع في غسل الجمعة بما رواه أبو بصير عن الصادق (عليه السلام):
(اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني، وتبطل عملي، اللهم اجعلني من
التوابين، واجعلني من المتطهرين) (8).
ومحمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام): (لليلة سبع عشرة: التقاء
الجمعين. ولتسع عشرة: ويكتب الوفد. واحدى وعشرين: ومات فيها أوصياء
الأنبياء، ورفع عيسى، وقبض موسى (عليهما السلام). ولثلاث وعشرين:



(1) الكافي 3: 41 ح 1، التهذيب 1: 111 ح 291، الاستبصار 1: 103 ح 336، وفي الجميع: عن
عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
(2) التهذيب 1: 113 ح 300، الاستبصار 1: 104 ح 340.
(3) التهذيب 1: 112 ح 298، الاستبصار 1: 103 ح 338، باختصار في الألفاظ.
(4) الكافي 3: 42 ح 6، الفقيه 1: 61 ح 227، التهذيب 1: 365، ح 1110.
(5) الخلاف 1: 221 المسألة: 188.
(6) سنن الدارمي 1: 361، صحيح البخاري 2: 3، صحيح مسلم 2: 580 ح 846، السنن
الكبرى 1: 294.
(7) الخلاف 1: 220 المسألة: 188.
(8) التهذيب 1: 367 ح 1116 عن عمار الساباطي عن الصادق (عليه السلام) وفيه: (تمحق بها)،
(تبطل بها).
197
ويرجى فيها ليلة القدر) (1).
وروى بكير بن أعين عنه (عليه السلام): قضاء غسل ليالي الافراد الثلاث
بعد الفجر لمن فاته ليلا (2).
ويوم الغدير، ونقل فيه الشيخ الإجماع (3).
ويوم التروية، ولتكفين الميت، وغسل الكسوف إذا أوعب.
والحسن بن راشد عنه (عليه السلام): لليلة الفطر (4).
وروى أبو بصير عنه (عليه السلام): ليلة نصف شعبان (5).
وروى سماعة عنه (عليه السلام): (غسل المباهلة واجب) (6)، وهو الرابع
والعشرون من ذي الحجة في المشهور، ويراد التأكيد. قال الشيخ: وروى عن الصادق (عليه السلام) غسل التوبة عن استماع
الغناء (7) ولفتوى الأصحاب (8) وان الغسل خير. وقيده المفيد بالتوبة عن
الكبائر (9). وسماعة عنه (عليه السلام: للاستسقاء، والاستخارة، وغسل المولود عند
ولادته (10).
ومحمد بن مسلم عن الباقر: دخول مسجد الرسول (صلى الله عليه



(1) التهذيب 1: 114 ح 302، عن أحدهما (عليهما السلام).
(2) التهذيب 1: 373 ح 1143.
(3) الخلاف 1: 219 المسألة: 187.
(4) الكافي 4: 167 ح 3، الفقيه 2: 109 ح 466، التهذيب 1: 115 ح 303، علل الشرائع 1
338.
(5) التهذيب 1: 117 ح 308.
(6) الفقيه 1: 45 ح 176، التهذيب 1: 104 ح 270.
(7) الفقيه 1: 45 ح 177، التهذيب 1: 116 ح 304.
(8) راجع: المبسوط 1: 40، المهذب 1: 33، الكافي في الفقه: 135، المعتبر 1: 359.
(9) المقنعة: 6.
(10) الكافي 3: 40 ح 2، الفقيه 1: 45 ح 176، التهذيب 1: 104 ح 270.
198
وآله) (1).
وعبد الرحيم القصير عن الصادق (عليه السلام): غسل الحاجة (2) ورواه
مقاتل عن الرضا (عليه السلام) (3).
وفرادى رمضان، ذكره الشيخ في المصباح (4). والشيخ محمد بن أبي قرة ذكر
ليلة أربع وعشرين وخمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.
ونصف رجب والمبعث مشهوران، ولم يصل إلينا خبر فيهما.
ونوروز الفرس، رواه المعلى بن خنيس عن الصادق (5) وفي المعلى قول مع
عدم اشتهاره. وفسر بأول سنة الفرس، أو حلول الشمس الحمل، أو عاشر أيار.
قال الصدوق: روي الغسل على قاتل وزغة، لخروجه عن ذنوبه (6)، وأثبته
المفيد في الاشراف (7).
وقال: وروي وجوبه لرؤية المصلوب (8).
وروى بريد: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين مرتين: أول الليل،
وآخره (9)، والظاهر أنه الإمام.
وذكر الأصحاب لدحو الأرض: الخامس والعشرين من ذي القعدة.
وقال ابن الجنيد: يستحب لكل مشهد أو مكان شريف، أو يوم وليلة
شريفة، وعند ظهور الآثار في السماء، وعند كل فعل يتقرب به إلى الله، ويلجأ
فيه إليه.



(1) التهذيب 1: 105 ح 12.
(2) الكافي 3: 476 ح 1، الفقيه 1: 353 ح 7، التهذيب 1: 116 ح 305.
(3) الكافي 3: 477 ح 3، التهذيب 1: 117 ح 306.
(4) مصباح المتهجد: 570.
(5) مصباح المتهجد: 790.
(6) الفقيه: 1: 44، الهداية: 19.
(7) الاشراف: 5.
(8) الفقيه 1: 45، الهداية: 19.
(9) التهذيب 4: 331 ح 1035، اقبال الأعمال: 207.
199
وقال المفيد في العزية: يستحب الغسل لرمي الجمار (1).
والفاضل: للإفاقة من الجنون، لما قيل إنه يمني (2)، والحكم لا نعرفه،
والتعليل لا نثبته.
نعم، روى العامة: ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يغمى عليه في
مرض موته فيغتسل (3). فيكون الجنون بطريق الأولى.
وظاهر ضعف هذا التمسك.
ولو صح الأول كان غسلا ينوي به (4) رفع الجنابة، وخصوصا عنده
لاشتراطه في نية الطهارة، كما ينوي في غسل واجدي المني على الفراش المشترك.
وفي التهذيب: لمن مس ميتا بعد الغسل، لخبر عمار عن الصادق (عليه
السلام) (5). واستحب فيه الغسل لمن مات جنبا مقدما على غسل الميت، لخبر
العيص عن الصادق (عليه السلام) (6).
وابن زهرة: لصلاة الشكر (7).
والمفيد في الاشراف: لمن أهرق عليه ماء غالب النجاسة (8).
فروع: الأول: بعض هذه الأغسال آكد من بعض، كالجمعة، والإحرام والمولود،
والسعي إلى المصلوب، مما قيل فيه بالوجوب، وكما اشتهر على ما لم يشتهر، وكما



(1) العزية: مخطوط مفقود.
(2) نهاية الإحكام 1: 179.
(3) صحيح البخاري 1: 175، صحيح مسلم 1: 311 ح 418، السنن الكبرى 1: 123.
(4) في س: فيه.
(5) التهذيب 1: 430 ح 1373، الاستبصار 1: 100 ح 328.
(6) التهذيب 1: 433 ح 1387، الاستبصار 1: 194 ح 683.
(7) الغنية: 493.
(8) الاشراف: 5.
200
علم مأخذه على ما لم يعلم. وتظهر الفائدة في مزاحمة اثنين على ماء مباح أو مبذول
للأحوج، فالأهم منهما يقدم.
والصدوق أطلق وجوب غسل الإحرام، وعرفة، والزيارة، والكعبة،
والمباهلة، والاستسقاء، والمولود (1).
الثاني: لا يختص غسل الجمعة بآتيها (2) لعموم قول الرضا (عليه السلام):
(واجب على كل ذكر وأنثى، من حر وعبد) (3) وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (من جاء إلى الجمعة فليغتسل) (4)
يحمل على التأكيد، ولأن دلالة المفهوم لا تعارض المنطوق.
الثالث: قضاؤه مشروع لمن فاته لعذر وغيره، لاطلاق الرواية (5) وخصه
الصدوق بالنسيان والعذر (6).
ولو قدمه الخميس، ثم تمكن منه في الجمعة، أعاد، لسقوط البدل بالمبدل.
ولو تعارض الحال بين التعجيل والقضاء، فالأفضل: التعجيل، لقربه من
الجمعة.
والرابع: كل غسل لزمان فهو ظرفه، ولمكان أو فعل فقبله، إلا غسل التوبة
والمصلوب.
وفي التقديم لخائف الاعواز والقضاء لمن فاته نظر، ولعلهما أقرب، وقد نبه
عليه في غسل الإحرام، وفي رواية بكير السالفة (7).



(1) الفقيه 1: 45 ح 176.
(2) في م: باتيانها.
(3) الكافي 3: 41 ح 1، التهذيب 1: 111 ح 291، الاستبصار 1: 103 ح 336.
(4) سنن الدارمي 1: 361، صحيح البخاري 2: 3، صحيح مسلم 2: 579 ح 844.
(5) الكافي 3: 23 ح 7، التهذيب 1: 113 ح 300، 301.
(6) الفقيه 1: 61، الهداية: 23.
(7) التهذيب 1: 373 ح 1142، وتقدمت في ص 198 الهامش 2.
201
وذكر المفيد قضاء غسل عرفة (1).
الخامس: لو فقد الماء، ففي شرعية التيمم نظر، وقد ذكر في غسل
الاحرام. والأصل فيه انها للنظافة المحضة، وان التراب طهور. وعلى قول
المرتضى بأنها ترفع الحدث (2) يقطع على استحباب التيمم، وتكون مبيحة
للصلاة.
السادس: الظاهر: ان غسل العيدين يمتد بامتداد اليوم، عملا باطلاق
اللفظ، ويتخرج من تعليل الجمعة انه إلى الصلاة، أو إلى الزوال الذي هو وقت
صلاة العيد، وهو ظاهر الأصحاب (3).
السابع: لا فرق في استحباب الغسل للتوبة بين: الفسق والكفر، وان كان
عن ردة.
وأمر النبي (صلى الله عليه وآله) قيس بن عاصم (4) وثمامة بن أثال (5).
- بضم أول الاسمين - بعد إسلامهما بالغسل محمول على الندب، أو انه وجد منهما
سبب الغسل - بناء على الغالب - والإسلام لا يسقطه، إذ هو حدث له رافع
معلوم. الثامن: هيئة هذه الأغسال كهيئة الواجب، فلو نذرها وجبت الهيئة
كالترتيب. ولينو السبب فيها ليحصل التمييز فيها، بخلاف الواجب، لاختلاف
الغايتين.
التاسع: الأقرب: إعادة غسل الفعل بتخلل الحدث، وقد ذكر في دخول
مكة - شرفها الله - وفي النوم في الإحرام. ولو أحدث في الأثناء فالإعادة أولى.



(1) الاشراف: 4.
(2) الناصريات: 225.
(3) راجع المقنعة: 22، المبسوط 1: 40 النهاية: 135.
(4) مسند أحمد 61، الجامع الصحيح 2: 502 ح 605، سنن النسائي 1: 109.
(5) الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 2: 269 ح 1235، السنن الكبرى 1: 171.
202
مسائل أربع:
الأولى: يمكن ان يكون الوضوء معتبرا في تحقق غايتها، لعموم حسن حماد
ابن عثمان عن الصادق (عليه السلام): (في كل غسل وضوء، إلا الجنابة) (1) وقول
الكاظم (عليه السلام) في خبر علي بن يقطين: (إذا أردت أن تغتسل للجمعة
فتوضأ واغتسل) (2).
ويمكن ان اعتباره في العبادة المشروطة به - كالصلاة، والطواف - لإطلاق
الأمر بالغسل، فالفاعل ممتثل.
وفي مكاتبة محمد بن عبد الرحمن الهادي (عليه السلام): (لا وضوء للصلاة
في غسل الجمعة ولا غيره) (3).
وروى عمار عن الصادق (عليه السلام) في الغسل من جنابة، أو يوم جمعة، أو عيد، أعليه وضوء قبل أو بعد؟ فقال (عليه السلام): (ليس عليه قبل ولا
بعد) (4).
وفي مرسل حماد بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) في الرجل يغتسل
الجمعة، أو غير ذلك، أيجزئه عن الوضوء؟ فقال (عليه السلام): (وأي وضوء
أطهر من الغسل) (5).
وهي دليل ابن الجنيد والمرتضى على إجزاء الغسل - فرضه ونفله - عن
الوضوء (6) وحملت على سلب الوضوء بالنسبة إلى غاياتها، لا سلبه لأجل الصلاة.



(1) التهذيب 1: 143، 403، 303 ح 881، الاستبصار 1: 209 ح 733.
(2) التهذيب 1: 142 ح 401، الاستبصار 1: 127 ح 434.
(3) التهذيب 1: 141 ح 397، الاستبصار 1: 126 ح 431.
(4) التهذيب 1: 141 ح 398، الاستبصار 1: 127 ح 432.
(5) التهذيب 1: 141 ح 399، الاستبصار 1: 127 ح 433.
(6) حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة: 33.
203
ويندفع بأنه قد صرح (لا وضوء للصلاة). والحمل على غير وقتها بعيد
جدا، لقوله: (ولا بعد).
والحق أن الترجيح باعتبار الشهرة بين الأصحاب، ويكاد يكون إجماعا،
والروايات معارضة بمثلها وبما هو أصح إسنادا منها.
الثانية: أوجب ابن أبي عقيل غسل الإحرام (1) ونقله المرتضى عن كثير من
الأصحاب (2).
والمشهور الاستحباب، وقول الصادق: (واجب) (3) يحمل على التأكيد.
وأوجب المرتضى - في المصرية الثالثة - وأبو الصلاح وسلار غسل الكسوف
والخسوف (4)، لظاهر الأمر عنهم (عليه السلام) (5).
ويندفع باحتمال الصيغة: الندب، فيصار إليه لفتوى الأصحاب (6).
وأبو الصلاح غسل المصلوب (7) وأرسله الصدوق (8).
وأوجب ابن حمزة غسل المولود (9) لصيغة الوجوب، وهو من التأكيد.
الثالثة: قيل: لا تداخل في هذه الأغسال، لاعتبار نية السبب.
وقال الشيخان: إذا ضم إليها واجب تداخلت إذا نوى الجميع، أو نوى
الجنابة (10)، لخبر زرارة عن أحدهما (عليهما السلام): (إذا اجتمعت لله عليك



(1) مختلف الشيعة: 28.
(2) الناصريات: 224 المسألة 44.
(3) الفقيه 1: 45 ح 176، التهذيب 1: 104 ح 270، الاستبصار 1: 98 ح 316.
(4) الكافي في الفقه: 135، المراسم: 40، وحكاه عن المرتضى: العلامة في مختلف الشيعة:
28.
(5) الفقيه: 1: 44 ح 172، التهذيب 1: 114 ح 302.
(6) راجع: المقنعة: 6، المهذب 1: 33، مختلف الشيعة: 28.
(7) الكافي في الفقه: 135.
(8) الفقيه 1: 45 ح 175، الهداية: 19.
(9) الوسيلة: 54.
(10) الاشراف: 4، الخلاف 222 المسألة: 191.
204
حقوق أجزأك عنها غسل واحد) قال: (وكذلك المرأة يجزئها غسل واحد
لجنابتها، وإحرامها، وجمعتها، وغسلها من حيضها، وعيدها) (1). وهذا قوي،
لعموم قول النبي (صلى الله عليه وآله): (لكل امرئ ما نوى) (2).
وفي الخبرين دلالة على إجزاء الواحد وإن لم يجامع الواجب، ولأن الغرض
مسمى الغسل وهو حاصل، ومن قال برفعه الحدث فلا إشكال عنده في التداخل
ولو نوى البعض حصل وبقي الآخر.
هذا كله مع اشتراكها في الندب. اما لو جامعها الواجب، فيشكل من
حيث تضاد وجهي الوجوب والندب إن نواها معه، ووقوع عمل بغير نية إن لم
ينوها، إلا أن يقال: نية الوجوب تستلزم نية الندب، لاشتراكهما في ترجيح الفعل،
ولا يضر اعتقاد منع الترك، لأنه مؤكد للغاية، ومثله الصلاة على جنازتي بالغ وصبي
لدون ست، بل مطلق الصلاة الواجبة.
وقال الشيخ: لو نوى المجنب وعليه غسل الجمعة الجميع، أو الجنابة،
أجزأ عنهما. ولو نوى الجمعة لم يجزئ عن أحدهما، لعدم نية ما يتضمن رفع الحدث
فلا ترتفع الجنابة، ولأن الغرض التنظيف ولا يصح مع وجود الحدث فلا يحصل
غسل الجمعة (3).
ونوقض بإجزاء غسل الإحرام من الحائض، للخبر (4) وفتوى
الأصحاب (5).
والفرق عدم قبول الحيض للرفع بخلاف الجنابة.



(1) الكافي: 3: 41 ح 1، التهذيب 1: 107 ح 279، السرائر 485.
(2) التهذيب 4: 186 ح 519 مسند أحمد 1: 25، صحيح البخاري 1: 2، صحيح مسلم 3:
1515 ح 1907، سنن أبي داود 2: 262 ح 2201، الجامع الصحيح 4: 1079 ح 2147
السنن الكبرى 7: 341.
(3) الخلاف 1: 36 المسائل 189 - 193.
(4) الكافي 3: 41 ح 1، التهذيب 1: 107 ح 279.
(5) راجع: المعتبر 1: 362، مختلف الشيعة: 29.
205
والأقرب - تفريعا على القول بان الغسل المندوب لا يرفع الحدث - صحته
من كل محدث لحصول الغاية.
الرابعة: لو أجنبت ثم حاضت أخرته، إذ لا طهارة مع الحيض، ولقول
الصادق (عليه السلام): (قد جاءها ما يفسد صلاتها) (1)، وكذا لو نفست.
اما لو استحيضت، لم يمنع الرفع مع بقاء حدث الاستحاضة، لأنه غير
مانع من الصلاة.
واما التيمم فيجب لما تجب له الطهارتان، تحقيقا للبدلية.
وفي الصوم نظر، لعدم رفع الحدث به، وعدم اشتراط الطهارة فيه، ومن
وجوب الغسل المتعذر فلينتقل إلى بدله، لعموم قول النبي (صلى الله عليه وآله):
(الصعيد طهور المسلم) (2) وقوله لأبي ذر: (يكفيك الصعيد عشر سنين) (3) وقول
الصادق (عليه السلام): (وهو بمنزلة الماء) (4).
وكذا في تيمم الحائض لإباحة الوطء ان شرطنا الغسل، لرواية عمار عن
الصادق (عليه السلام) به (5).
ويزيد (6): الخروج من المسجدين للمجنب والحائض، لقول الباقر (عليه
السلام) في المحتلم في المسجدين: (لا يمر إلا متيمما).
وكذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل ذلك، رواه أبو حمزة عنه (عليه
السلام) (7)
وفي المعتبر: لا يجب على الحائض وإن استحب، لأنه لا سبيل لها إلى



(1) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 370 ح 1128، السرائر: 485.
(2) سنن أبي داود 1: 91 ح 333، الجامع الصحيح 2: 212 ح 124، السنن الكبرى 1: 212.
(3) الفقيه 1: 59 ح 221، التهذيب 1: 194 ح 561.
(4) التهذيب 1: 200 ح 581، الاستبصار 1: 163 ح 566.
(5) التهذيب 1: 405 ح 1268.
(6) في (م) ونريد: وفي (س) ومزيل، وفي ط: ومريد. ومع التأمل الصحيح هو المتثبت.
(7) الكافي 3: 73 ح 14.
206
الطهارة بخلاف الجنب (4)، وهو اجتهاد في مقابلة النص.
وابن حمزة، يستحب التيمم لخروج الجنب (2).
وابن الجنيد: إذا اضطر الجنب أو الحائض إلى دخول المساجد تيمما (3).
ويبعد إرادة منقطعة الحيض في الخبر، وفي كلامه.
وجاز ان يكون التيمم مبيحا لها - وإن كان الحدث باقيا - فإنه لا يرفع
الحدث في موضع إمكانه بالمائية، فكيف موضع استحالته؟.
فروع:
الأول: يجب على المجنب الذهاب بأقرب الطرق، تخفيفا للكون. ولو
قصر زمان الخروج عن زمان التيمم، فالأقرب: الوجوب، للعموم (4).
الثاني: الأقرب: استحباب التيمم لباقي المساجد، لما فيه من القرب إلى
الطهارة، ولا يزيد الكون فيه عن الكون في التيمم في المسجدين.
الثالث: الخبر ورد في المحتلم، والظاهر: الشمول لكل مجنب، لعدم تعقل
خصوصية الاحتلام، ولا فرق بين الرجل والمرأة.
الرابع: لو أمكنه الغسل في المسجد (5) بماء كثير أو قليل، ففي جوازه نظر،
من تخصيص التيمم بالذكر، مع حرمة الكون في المسجد، وقضية الأصل، وذكر
التيمم بناء على الغالب من عدم التمكن من تعجيل الغسل في المسجد إعمالا
للبدلية الاضطرارية. وحينئذ يمكن تعين الغسل، ولو ساوى زمان التيمم
فالإجزاء أقوى، هذا مع عدم تنجيس المسجد.



(1) المعتبر 1: 222 - 223.
(2) الوسيلة: 70.
(3) المعتبر 1: 223.
(4) التهذيب 1: 407 ح 1280.
(5) في س: المسجدين.
207
ويستحب بدلا من الوضوء في كل مكان يكون الوضوء رافعا. وفي
استحبابه بدلا من وضوء غير رافع - كنوم الجنب، وجماع المحتلم، وذكر الحائض -
وجه بطريق الأولى. وعن الغسل ذكر.
نعم، يستحب للنوم مع وجود الماء، وفي الجنازة على المشهور، بل ادعى
عليه الشيخ الإجماع (1) وهو في خبر سماعة.
قال: سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر، قال (يضرب يديه
على حائط لبن فيتيمم) (2)، ولم أر لها رادا غير ابن الجنيد، حيث قيده بخوف
الفوت (3).
وفي المعتبر: الإجماع لا نعلمه، والخبر ضعيف المستند، والمتن مقطوع،
فالتمسك بالأصل من اشتراط عدم الماء في التيمم أولى ما لم يخف فوت الجنازة (4).
ويرد بحجية الإجماع المنقول بخبر الواحد، والحجة عمل الأصحاب بالرواية فلا
يضر ضعفها، وهي ظاهرة في المراد.
وفي استحباب تجديده بحسب الصلوات وجه، مخرج من الرواية الدالة على
التيمم لكل صلاة، كما روي عن علي (عليه السلام) (5) والسكوني عن الصادق
(عليه السلام) (6) وأبو همام عن الرضا (عليه السلام) (7) فحمله في التهذيب
والمعتبر على الاستحباب) (8).



(1) الخلاف 1: 160 المسألة: 112.
(2) الكافي 3: 178 ح 5، التهذيب 3: 203 ح 477.
(3) المعتبر 1: 404.
(4) المعتبر 1: 405.
(5) المصنف لابن أبي شيبة 1: 160، السنن الكبرى 1: 221.
(6) التهذيب 1: 201 ح 584، الاستبصار 1: 163 ح 565.
(7) التهذيب 1: 201 ح 583، الاستبصار 1: 164 ح 568.
(8) التهذيب 1: 201، المعتبر 1: 403.
208
المطلب الثاني: في المستعمل منه.
وهو الأسباب الموجبة للطهارة وهي تنقسم ثلاثة أقسام:
موجب الوضوء وحده، وموجب الغسل وحده، وموجبهما مجتمعين أو متفرقين.
فالأول ستة: خروج البول والغائط والريح من الموضع المعتاد، والنوم
الغالب على الحاستين تحقيقا أو تقديرا، وما يزيل العقل، والاستحاضة - على وجه -.
قال الشيخ: اتفق المسلمون أن خروج هذه ينقض الطهارة (1).
ولقوله تعالى: (أو جاء أحد منكم من الغائط) (2).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (لكن من بول أو غائط) (3).
وقوله (صلى الله عليه وآله): (فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد
ريحا) (4).
وقول الصادق (عليه السلام): (لا يجب الوضوء إلا من بول، أو غائط،
أو ضرطة، أو فسوة تجد ريحها) (5).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ) (6).



(1) لاحظ: التهذيب 1: 5، المعتبر 1: 106.
(2) سورة النساء: 43.
(3) سنن ابن ماجة 1: 161 ح 478، السنن الكبرى 1: 118.
(4) صحيح مسلم 1: 276 ح 362، سنن ابن ماجة 1: 171 ح 514، الجامع الصحيح 1: 109
ح 75، سنن النسائي 1: 98
(5) التهذيب 1: 10 ح 16.
(6) سنن ابن ماجة 1: 161 ح 477، سنن أبي داود 1: 52 ح 303، سنن الدارقطني 1: 161.
السنن الكبرى 1: 167.
209
وقال الباقر والصادق (عليهما السلام): (والنوم حتى يذهب العقل) (1) ومنه
يعلم مزيل العقل.
ولقول الصادق (عليه السلام): (إذا خفي عليه الصوت وجب
الوضوء) (2).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (المستحاضة تتوضأ لكل صلاة) (3)
وبمعناه كلام الصادق (عليه السلام) (4).
مسائل: الأولى: الخارج من الثلاثة من غير المخرج المعتاد ناقض ان اعتيد، سواء
كان فوق المعدة أو تحتها، وإلا فلا.
اما مع العادة، فلعموم الآية (5) والحديث (6).
ولقول الصادق (عليه السلام): (ليس ينقض الوضوء الا ما خرج من
طرفيك، اللذين أنعم الله بهما عليك) (7) لتحقق النعمة بهما.
واما مع الندور، فللأصل والخبر، إذ ليس من (8) الطرفين.
الثانية: لا ينقض ما يخرج منهما غير الثلاثة والدماء الثلاثة، ما لم
يستصحب حدثا، للأصل، والخبر، وقول الصادق (عليه السلام): (ليس في



(1) الكافي 3: 36 ح 6، الفقيه 1: 37 ح 137، التهذيب 1: 9 ح 15.
(2) الكافي 3: 37 ح 14، التهذيب 1: 9 ح 14، عن أبي الحسن (عليه السلام).
(3) سنن أبي داود 1: 80 ح 298، السنن الكبرى 1: 347.
(4) الكافي 3: 88 ح 2، التهذيب 1: 106 ح 277.
(5) سورة النساء: 43.
(6) الكافي 3: 36 ح 2، التهذيب 1: 10 ح 18.
(7) الكافي 3: 35 ح 1، التهذيب 1: 10 ح 17، الاستبصار 1: 85 ح 271.
(8) ليست في م، س.
210
حب القرع والديدان الصغار وضوء) (1) والتقييد بالصغار لأن الكبيرة مظنة
التلطخ، وعليه يحمل قول الصادق (عليه السلام) في الوضوء من حب القرع (2).
الثالثة: لا ينقض خروج الريح من الذكر: للأصل، ولعدم المنفذ إلى
الجوف.
أما قبل المرأة، فقال الفاضلان: ينقض خروج الريح منه للمنفذ، وتسميته
ريحا (3).
ويشكل: بالحمل على المعهود مع التمسك بالأصل حتى يعتاد.
اما الجشأ، فلا ينقض إجماعا.
الرابعة: لا ينقض الدهن المستدخل والحقنة إذا خرجا ما لم يستصحبا،
خلافا لابن الجنيد في الحقنة (4).
ولو خرجت المقعدة ملوثة بالغائط، ثم عادت ولما ينفصل، فالأقرب: عدم
النقض، لعدم صدق الخروج المعهود.
الخامسة: الخنثى المشكل إذا اعتاد المخرجين نقضا، وإلا فالناقض
المعتاد، ولا يشترط مع الاعتياد الخروج منهما بل يكفي أحدهما.
السادسة: لا تنقض السنة - وهي: ابتداء النعاس - لعدم التسمية، ولعدم
ذهاب العقل. ولا فرق بين حالات النائم، للعموم، ولحسن عبد الحميد عن الصادق
(عليه السلام): (من نام وهو راكع أو ساجد أو ماش، على أي الحالات، فعليه
الوضوء) (5).



(1) الكافي 3: 36 ح 4، التهذيب 1: 12 ح 22.
(2) التهذيب 1: 11 ح 19، الاستبصار 1: 82 ح 257.
(3) المعتبر 1: 108، نهاية الاحكام: 1: 71، تذكرة الفقهاء 1: 11.
(4) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: 18.
(5) التهذيب 1: 6 ح 3، الاستبصار 1: 79 ح 247.
211
والصدوق أورد خبر سماعة في الرجل يخفق رأسه وهو في الصلاة قائما أو
راكعا: (لا وضوء عليه) (1) وقول الكاظم (عليه السلام): (لا وضوء عليه ما دام
قاعدا لم ينفرج) (2).
وأبوه لم يذكر النوم في النواقض.
والخبران محمولان على السنة، مع قطع الأول، وعدم العلم بصحة سند
الثاني:
السابعة: لا ينقض المذي مطلقا، لقول النبي (صلى الله عليه وآله):
(ليس بشئ) (3) ولخبر عمر بن حنظلة عن الصادق (عليه السلام): (ما هو إلا
كالنخامة) (4).
وابن الجنيد: ينقض عقيب الشهوة (5)، لصحيح محمد بن إسماعيل
عن الرضا (عليه السلام)، وأسنده (عليه السلام) أيضا إلى النبي (صلى الله عليه
وآله) (6) وحملت على الندب (7).
وكذا الودي والقهقهة.
وحجة ابن الجنيد بخبر سماعة المقطوع (8) يحمل على الندب.
ولا دم من السبيل يشك في خلوة من الحدث، لخبر أبي بصير عن الصادق



(1) الفقيه 1: 38 ح 143.
(2) الفقيه 1: 38 ح 144.
(3) التهذيب 1: 17 ح 39، الاستبصار 1: 91 ح 292.
(4) الكافي 3: 39 ح 2، علل الشرائع: 296، التهذيب 1: 17 ح 38، الاستبصار 1: 91
ح 291.
(5) مختلف الشيعة: 18.
(6) التهذيب 1: 18 ح 42، الاستبصار 1: 92 ح 295.
(7) حملها الشيخ في التهذيب 1: 18، الاستبصار 1: 92.
(8) مختلف الشيعة: 18.
وخبر سماعة في التهذيب 1: 12 ح 23، الاستبصار 1: 83 262، 86 ح 273.
212
(عليه السلام) في كل دم سائل: (ليس فيه وضوء) (1).
وابن الجنيد أوجبه، ووافق مع علم خلوه في عدم الوضوء (2).
وخبر أي عبيدة عن الصادق (عليه السلام): ينقض الوضوء مع استكراهه
الدم السائل (3) حمل على التقية أو الندب (4) وكذا خبر عبيد بن زرارة عنه (عليه
السلام) (5).
ولا مس قبل ودبر - باطنا وظاهرا، محرما أو محللا - ولا قبلة، لما مر،
وصحيح ابن أبي عمير المرسل عن الصادق (عليه السلام). (ليس في
المذي من الشهوة، ولا من الانعاظ، ولا من القبلة، ولا من مسح الفرج، ولا من
المضاجعة، وضوء) (6).
وصحيح زرارة عن الباقر (عليه السلام): (ليس في القبلة والمباشرة، ولا
مس الفرج، وضوء) (7).
وحجة ابن الجنيد (8) بخبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): (إذا قبل
الرجل المرأة من شهوة، أو مس فرجها، أعاد الوضوء) (9) وحجة الصدوق (10) لخبر
عمار عنه (عليه السلام): (من مس باطن دبره وإحليله أعاد الوضوء) (11) محمولان



(1) الكافي 3: 37 ح 13، التهذيب 1: 15 ح 33، الاستبصار 1: 84 ح 264.
(2) مختلف الشيعة: 18.
(3) التهذيب 1: 13 ح 26، الاستبصار 1: 83 ح 263، باختصار في الألفاظ.
(4) التهذيب 1: 13، والاستبصار 1: 83.
(5) التهذيب 1: 350 ح 1032، الاستبصار 1: 84 ح 267.
(6) التهذيب 1: 19 ح 47 و 253 ح 734، الاستبصار 1: 93 ح 200 و 174 ح 605.
(7) الكافي 3: 375 ح 12، الفقيه 1: 38 ح 145، التهذيب 1: 21 ح 54، الاستبصار 1: 87
ح 277.
(8) مختلف الشيعة: 17، المعتبر 1: 113.
(9) التهذيب 1: 22 ح 56، الاستبصار 1: 88 ح 280.
(10) الفقيه 1: 39.
(11) التهذيب 1: 45 ح 127، 348 ح 1023، الاستبصار 1: 88 ح 284.
213
على الندب مع صحة السند.
ولاقئ وان ملأ الفم.
ولا إنشاد شعر كذب وان زاد على أربعة أبيات.
وحمل الشيخ رواية سماعة (1) به على الندب (2)، مع أنها مقطوعة معارضة
برواية معاوية بن ميسرة عن الصادق (عليه السلام) (3).
ولا بمس النساء مطلقا. والآية (4) يراد بها الجماع، قضاء للعرف.
ولقول الباقر (عليه السلام) في خبر أبي مريم في لمس المرأة: (لا والله، ما
بذا بأس)، وفسر الملامسة بالمواقعة (5).
ولا أكل ما مسته النار.
وما روي من قول النبي (صلى الله عليه وآله): (توضؤوا مما مسته النار) (6).
منسوخ بخبر جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ترك
الوضوء مما مسته النار) (7).
ولا دم حجامة، لخبر أنس: ان النبي (صلى الله عليه وآله): احتجم وصلى
ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه (8).
ولا أكل لحم جزور.
ولم يثبت قول النبي (صلى الله عليه وآله): (توضؤوا من لحوم الإبل) (9).



(1) التهذيب 1: 16 ح 35، الاستبصار 1: 87 ح 276.
(2) التهذيب 1: 16، الاستبصار 1: 87.
(3) التهذيب 1: 16 ح 37، الاستبصار 1: 86 ح 275.
(4) سورة المائدة: 6.
(5) التهذيب 1: 22 ح 55، الاستبصار 1: 87 ح 278.
(6) صحيح مسلم 1: 272 ح 351، سنن أبي داود 1: 50 ح 195، الجامع الصحيح 1: 114.
ح 79، سنن النسائي 1: 105.
(7) سنن أبي داود 1: 49 ح 192، سنن النسائي 1: 108، السنن الكبرى 1: 156.
(8) سنن الدارقطني 1: 157، السنن الكبرى 1: 141.
(9) مسند أحمد 4: 288، سنن ابن ماجة 1: 66 ح 494، سنن أبي داود 1: 47 ح 184، الجامع
الصحيح 1: 123 ح 81.
214
فهو منسوخ بخبر جابر (1)، أو يحمل على غسل اليد.
ولا قص شارب، وتقليم ظفر، ونتف إبط، لخبر زرارة عن الباقر (عليه
السلام): في القلم والجز، والاخذ من اللحية والرأس، انه يزيده تطهيرا (2) (3).
ونقل الخلاف في الثلاثة عن مجاهد والحكم وحماد من العامة بغير حجة (4).
ورواية الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في القلم واخذ الشعر بعد
الوضوء انه يمسحهما بالماء (5) للندب.
ولا فتح الإحليل، خلافا للصدوق (6).
ولا ارتداد (لئن أشركت ليحبطن عملك) (7) مقيد بموته عليه.
والخبر عن الصادق (عليه السلام) بالوضوء من مصافحة المجوسي ومس
الكلب (8) محمول على التنظيف.
القسم الثاني: موجب الغسل وحده.
وهو الجنابة باتفاقنا، لقوله تعالى: (فاطهروا) (9).



(1) راجع الهامش 7 المتقدم.
(2) الفقيه 1: 38 ح 140، التهذيب 1: 346 ح 1013، الاستبصار 1: 95 ح 308.
(3) في الحجرية والخطيتين (م، س) زيادة لفظها: (وفي التهذيب: يستحب، لخبر أبي بكر
الحضرمي عن الباقر (عليه السلام)، وفي خبر آخر: أنه بدعة) وهي في غير محلها ومحلها
في البحث الثالث من غسل الجنابة.
(4) المغني 1: 229، الشرح الكبير 1: 228.
(5) الكافي 3: 37 ح 11، التهذيب 1: 345 ح 1010، الاستبصار 1: 95 ح 307.
(6) الفقيه 1: 39.
(7) سورة الزمر: 65.
(8) التهذيب 1: 23 ح 60، 347 ح 1020، الاستبصار 1: 89 ح 285 ح 286.
(9) سورة المائدة: 6.
215
وقوله تعالى: (حتى تغتسلوا) (1) غيا المنع به فلا يتوقف على غيره.
وللخبر عن زوج النبي (صلى الله عليه وآله): كان رسول الله (صلى الله
عليه وآله) لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة) (2).
وقيل للباقر (عليه السلام): كان علي يأمر بالوضوء قبل غسل الجنابة،
فقال: (كذبوا على علي (عليه السلام) (3).
ولقول الكاظم (عليه السلام): (لا وضوء عليه) (4).
ومن ثم يجزئ عن غيره، والأقرب العكس أيضا وخصوصا مع الوضوء، لأن
خصوصية السبب ملغاة، والمعتبر هو القدر المشترك، ولما مر.
ولرواية زرارة عن الباقر (عليه السلام): (إذا حاضت المرأة وهي جنب
أجزأها غسل واحد) (5).
وعن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) في الحائض بعد الجنابة:
(تجعله غسلا وحدا) (6) ومثله عن حجاج الخشاب عن الصادق (عليه
السلام) (7).
وربما احتج مانع العكس بخبر سماعة عن الصادق والكاظم (عليهما
السلام) في الحائض بعد الجماع: (غسل الجنابة عليها واجب) (8).
وهو من مفهوم اللقب وليس بحجة، وجاز ذكره ليعلم بقاء حدث الجنابة،
فيكون الغسل بعد الحيض رافعا لهما.



(1) سورة النساء: 43.
(2) سنن ابن ماجة 1: 191 ح 579.
(3) التهذيب 1: 142 ح 400، الاستبصار 1: 125، 426.
(4) التهذيب 1: 142 ح 402.
(5) التهذيب 1: 395 ح 1225، الاستبصار 1: 146 ح 502، السرائر 485.
(6) التهذيب 1: 395 ح 1226، الاستبصار 1: 147 ح 503.
(7) التهذيب 1: 395 ح 1227، الاستبصار 1: 147 ح 504.
(8) التهذيب 1: 395 ح 1228، الاستبصار 1: 147 ح 505.
216
وهذه الأخبار تدل على إجزاء الواحد، وهو شامل للنية المطلقة - في الرفع
أو الاستباحة - وللنية المخصصة - ومع الاطلاق أو تخصيص الجنابة لا وضوء
قطعا. ومع تخصيص غيره، الأقرب: وجوبه، للعموم وقوى في المعتبر عدم الوضوء، لأنه جنب (1) ولظاهر الأخبار.
أما غسل المستحاضة إذا جامع هذه، فان كانت منقطعة، وقلنا بوجوبه،
تداخل وان كان الدم مستمرا. اما مع التخير أو التيقن، فالأحوط: التعدد، لبقاء
الحدث.
وعلى الاكتفاء بالقربة، لا بحث في التداخل في غير الاستحاضة.
القسم الثالث: الدماء الثلاثة، ومس ميت الادمي النجس، ويجامعها
الوضوء عند الأكثر، لعموم قوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) (2).
ولصحيح ابن أبي عمير المرسل عن الصادق (عليه السلام): (كل غسل
قبله وضوء، إلا غسل الجنابة) (3).
ولخبر حماد عنه (عليه السلام): (في كل غسل وضوء، الا الجنابة) (4).
وحكم بتقديم الوضوء: المفيد (5) والصدوقان (6) وأبو الصلاح (7) والشيخ -
في الجمل (8) - للخبر (9).



(1) المعتبر 1: 361.
(2) سورة المائدة: 6.
(3) الكافي 3: 45 ح 13، التهذيب 1: 139 ح 391، الاستبصار 1: 126 ح 428.
(4) التهذيب 1: 143 ح 403، 303 ح 881، الاستبصار 1: 209 ح 733.
(5) المقنعة: 7.
(6) الفقيه 1: 46، الهداية: 20، مختلف الشيعة: 34.
(7) الكافي في الفقه: 134، 135.
(8) الجمل والعقود: 163.
(9) راجع الهامش 3.
217
وفي المبسوط: يجوز التأخير، والتقديم أفضل (1) للأصل، ولخبر حماد
والأول أشهر.
وقد روى عبد الله بن سليمان عن الصادق (عليه السلام)، وسليمان بن
خالد عن الباقر: (الوضوء بعد الغسل بدعة) (2).
ومن موجبات الغسل: الموت، وإن لم يسم حدثا، وهو كاف عن جميع
الأغسال، لسقوط التكليف.
وفي الجنابة روايتان: أشهرهما سقوط غسلها، وهي عن الباقر (3).
والصادق (4) والكاظم (5) والأخرى سبقت (6).



(1) المبسوط 1: 30.
(2) الكافي 3: 45 ح 12، التهذيب 1: 140 ح 395، 396.
(3) الكافي 3: 154 ح 1، التهذيب 1: 432 ح 1384، الاستبصار 1: 194، ح 680.
(4) الكافي 3: 154 ح 2، التهذيب 1: 432 ح 1382.
(5) التهذيب 1: 432 ح 1383، الاستبصار 1: 194 ح 679.
(6) سبقت في ص 200 الهامش 5.
218
فهنا مقامات ستة:
المقام الأول: للجنابة سببان:
الإنزال مع علم كون الخارج منيا: نوما كان أو يقظة، بشهوة أو غيرها
بإجماع المسلمين، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (الماء من الماء) (1).
وله خواص أربع: خروجه بدفق دفعات غالبا.
قال الله عز وجل (من ماء دافق) (2).
ومقارنة الشهوة له، وفتور الجسد والشهوة بعده، وقرب رائحته من رائحة الطلع
والعجين ما دام رطبا، ومن بياض البيض جافا: ولمني الرجل الثخانة والبياض،
ويشاركه فيهما الوذي، ولمني المرأة الصفرة والرقة، ويشاركه فيهما المذي، كل ذلك
حال اعتدال الطبع.
والتقاء الختانين، لقول علي (عليه السلام): (إذا التقى الختانان وجب
الغسل) (3) وقول الرضا (عليه السلام) مثله (4).
وقول أحدهما (عليهما السلام): (إذا أدخله فقد وجب الغسل، والمهر،
والرجم) (5).
وقد يعبر عنه بالشعب، فمن النبي (صلى الله عليه وآله): (إذا جلس بين
شعبها الأربع فقد وجب الغسل) (6)، وهي: رجلاها وفرجاها.



(1) تقدم في ص 194 الهامش 5.
(2) سورة الطارق: 6.
(3) التهذيب 1: 119 ح 314.
(4) الكافي 3: 48 ح 2، التهذيب 1: 118 ح 311، الاستبصار 1: 108 ح 359.
(5) الكافي 3: 46 ح 1، التهذيب 1: 118 ح 310، الاستبصار 1: 108 ح 358.
(6) المصنف لعبد الرزاق 1: 246 ح 940، مسند أحمد 2: 234، صحيح مسلم 1: 271، 348
سنن ابن ماجة 1: 200 ح 610، سنن النسائي 1: 111، سنن الدارقطني 1: 113.
219
وهو مروي عن عائشة: فعلته أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله)
فاغتسلنا (1)
وحده غيبوبة الحشفة، كما رواه زرارة عن الباقر (عليه السلام) (2).
ومعنى الالتقاء: تحاذيهما، لا انضمامهما، لعدم إمكانه، فإن مدخل الذكر
أسفل الفرج وهو مخرج الولد والحيض، وموضع الختان أعلاه، وبينهما ثقبة البول
والإسكتان (3)، تحيطان بهما جميعا لا يصل إليه شئ من الحشفة. لكن لو كان عند
إحاطة الشفرين بأول الحشفة، لاقى بعض الحشفة ذلك الموضع، كان التضام
ممكنا، ويمكن ان يراد بالخبر ذلك.
ثم لا يعتبر موضع الختان بعينه فيهما. أما في الرجل، ففي المقطوع إذا غيب
بقدر الحشفة. وأما في المرأة، فلوجوب الغسل بالايلاج في الدبر - على الأصح -
لنقل المرتضى الاجماع (4).
ولقول الصادق (عليه السلام): (وهو أحد المأتيين فيه الغسل) (5).
ولفحوى إنكار علي (عليه السلام) على الأنصار) (6).
وصحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في تعليق الغسل على الإنزال
فيما دون الفرج (7) ورواية ابن بزيع عن الرضا (عليه السلام) في إتيانها في الدبر:



(1) سنن ابن ماجة 1: 199 ح 608، الجامع الصحيح 1: 180 ح 108، سنن الدارقطني 1:
111.
(2) الكافي 3: 46 ح 2، التهذيب 1: 118 ح 311، الاستبصار 1: 108 ح 359، عن محمد بن
إسماعيل عن الرضا (عليه السلام).
(3) الإسكتان - بكسر الهمزة -: جانبا الفرج، وهما قذتاه. الصحاح - مادة اسك.
(4) مختلف الشيعة: 31.
(5) التهذيب 7: 414 ح 1658، الاستبصار 3: 243 ح 868.
(6) التهذيب 1: 119 ح 314.
(7) الفقيه 1: 47 ح 185، التهذيب 1: 124 ح 335، الاستبصار 1: 111 ح 370.
220
(لا غسل عليهما) (1) غير صريحين، لأن الدبر فرج، والإتيان لا يستلزم الإيقاب.
ولا فرق بين دبري الذكر والأنثى، للإجماع المركب.
قال المحقق - لما نقل عن المرتضى: كل من قال بإيجاب الغسل في دبرها قال
به في دبر الذكر -. لم أتحقق إلى الآن ما ادعاه، فالأولى التمسك فيه بالأصل (2).
أما فرج البهيمة فلا نص فيه، والحمل على ختان المرأة قوي، ولفحوى
قضية الأنصار (3).
والمفعول كالفاعل في الوجوب.
والميتة كغيرها، للخبر: (إن حرمة الميت كحرمة الحي) (4) وصدق الختان
وغيره من الظواهر.
وواجد المني على بدنه أو ثوبه أو فراشه المختص به جنب، وان لم يذكر
احتلاما ولا شهوة، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سئل عمن يجد البلل ولا
يذكر احتلاما، قال: (يغتسل) (5)، والخبر سماعة عن أبي عبد الله (عليه
السلام) (6).
ويعيد كل صلاة لا يمكن سبقها بالنظر إلى الحدث، وبالنظر إلى الخبث
يعيد ما كان في وقته لا ما خرج.
وقول الشيخ في المبسوط بإعادة كل ما صلاه بعد آخر غسل رافع
للحدث (7) للاحتياط، أو لأنه نزع الثوب وصلى في غيره



(1) الكافي 3: 47 ح 8، التهذيب 1: 125 ح 336، الاستبصار 1: 112 ح 371، عن البرقي رفعه
عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(2) المعتبر 1: 181.
(3) راجع الهامش 6، المتقدم.
(4) التهذيب 10: 62 ح 229.
(5) سنن ابن ماجة 1: 200 ح 612، الجامع الصحيح 1: 190 ح 113، السنن الكبرى 1: 168.
(6) التهذيب 1: 367 ح 1118، الاستبصار 1: 111 ح 367.
(7) المبسوط 1: 28.
221
ومع الاشتراك، لا غسل عليهما، للأصل. واعتبار الشركة بعد قيامه من
موضعه عند الشيخ (1)، والظاهر: اعتبارها مطلقا. ويستحب لهما الغسل الرافع
للحدث، وكذا لو تعددوا.
وفي سقوط اعتبار الجنابة عن الجميع نظر، من القطع بجنب، ومن أصالة
عدم تعلق تكليف مكلف بغيره. وتظهر الفائدة في الائتمام وانعقاد الجمعة.
وقطع المحقق بالأول (2).
مسائل:
الأولى: مراعاة صفات المني إنما هي مع الاشتباه، فلو تيقن المني فلا عبرة
بها، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (الماء من الماء) (3)، وقول علي (عليه
السلام): (إنما الغسل من الماء الأكبر) (4).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله) للمرأة تحتلم: (أتجد لذة؟) (5) محمول على
الاشتباه، لأن اللذة شرط. فلو أحس بخروجه فأمسك، ثم خرج بعد بغير شهوة
ولا فتور، وجب الغسل حينئذ. وكذا لو لم يستبرئ واغتسل، ثم وجد بللا معلوما
أو مشتبها، بناء على أنه من الأول غالبا.
ومع الاشتباه يعتبر الصفات، لخبر علي بن جعفر عن أخيه (عليهما
السلام): (إن لم يكن شهوة، ولا فتور، فلا بأس) (6).
ويكفي في المريض الشهوة وحده، لخبر ابن أبي يعفور عن الصادق (عليه



(1) النهاية: 20.
(2) المعتبر 1: 179.
(3) تقدم في ص 194 الهامش 5.
(4) الكافي 3: 48 ح 1، التهذيب 1: 120 ح 316 و 368 ح 1121، الاستبصار 1: 109 ح 362.
(5) أرسله المحقق في المعتبر 1: 177.
(6) قرب الاسناد: 85، التهذيب 1: 120 ح 317، الاستبصار 1: 104 ح 342.
222
السلام) (1).
الثانية: لا عبرة بالشهوة والفتور من غير إمناء - وإن احتلم بالجماع - للخبر
عن النبي (صلى الله عليه وآله) (2)، ولخبر الحسين بن أبي العلاء (3).
ولو شك في كونه منيا، ولم يتميز بالصفة، فالأصل: الطهارة.
الثالثة: روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن الصادق (عليه السلام):
عدم وجوب الغسل على المرأة بخروج نطفة الرجل (4). نعم، لو علمت الاختلاط
وجب. ولو شكت، فالأحوط: الوجوب، للاختلاط المظنون. وفي خبر سليمان
ابن خالد عنه (عليه السلام): (ما يخرج منها إنما هو من ماء الرجل) (5).
الرابعة: لا يكفي في الإيلاج غيبوبة بعض الحشفة، للخبرين السالفين (6).
ولا إيلاج الخنثى فرجه، لجواز زيادته، ولا إيلاج الخنثى في الخنثى -.
ولو أولج فيه الواضح دبرا وجب، وقبلا لم يجب، لما ذكر.
وفي التذكرة: يجب، لصدق التقاء الختانين، ووجوب الحد به (7) وفيهما منع.
ويلزمه الوجوب ولو علم رجولية المولج فيه.
ولو أولج رجل في قبل الخنثى، وأولجت في فرج امرأة، وجب الغسل على
الخنثى، لامتناع الخلو عن الموجب، والرجل والمرأة كواجدي المني على الثوب
المشترك، لأنه إن كان الخنثى امرأة فالرجل جنب، وإن كان رجلا فالمرأة جنب.
الخامسة: إيلاج الصبي في البالغة، وبالعكس، موجب للغسل على البالغ



(1) الكافي 3: 48 ح 4، التهذيب 1: 369 ح 1124، الاستبصار 1: 110 ح 365.
(2) تقدم في ص 222، الهامش 3.
(3) الكافي 3: 48 ح 2، التهذيب 1: 120 ح 316، الاستبصار 1: 109 ح 362.
(4) الكافي 3: 49 ح 3، التهذيب 1: 146 ح 413.
(5) الكافي 3: 49 ح 1، علل الشرائع: 287 ح 1، التهذيب 1: 143 ح 404، الاستبصار 1:
118 ح 399.
(6) راجع ص 220.
(7) تذكرة الفقهاء 1: 23.
223
منهما، وفي الآخر نظر، وكذا الصبي في الصبية، من أنه من باب الأسباب أو
الأحكام. وتظهر الفائدة في منعه عن المساجد، والعزائم، ومس كتابة القرآن.
وفي استباحتها بغسله الآن وجهان، وكذا في اكتفائه به لو بلغ، والأقرب تجديده.
السادسة: الملفوف كغيره وإن غلظت اللفافة، لالتقاء الختانين.
واحتم الفاضل السقوط، لأن اللذة إنما تحصل بارتفاع الحجاب (1).
وفي غير اللينة - وهي المانعة من الحرارة والبلل - وكذا باقي أحكام الإيلاج
- كالمصاهرة، والتحليل، والحرمة، وفي المقطوع، وآلة الميت، والبهيمة، نظر،
للأصل، وصدق الالتقاء.
أما استدخال آلة النائم، أو الايلاج في النائمة، فتتعلق بهما الأحكام
قطعا، ولا يقبل إخبار كل منهما على صاحبه إلا مع علم صدقه.
السابعة: لا فرق بين العضو الأشل وغيره. ولو قطع بعض الحشفة كفى
الباقي، إلا أن يذهب المعظم، فيغيب بقدرها.
الثامنة: لو خرج المني من ثقبة اعتبر الاعتياد. والخروج من الصلب فما دونه
ومن فوقه وجه، عملا بالعادة.
ولو خرج بلون الدم لكثرة الوقاع، فالأقرب: الوجوب، تغليبا للخواص.
ووجه العدم: أن المني دم في الأصل، فلما لم يستحل الحق بالدماء.
التاسعة: لا فرق بين الرجل والمرأة في خروج المني: لقول النبي (صلى الله
عليه وآله) لأم سليم لما سألته عن الغسل لاحتلام المرأة: (نعم، إذا رأت الماء) (2).
وهو يشعر باشتراط الانفصال عن الفرج.
وفي خبر معاوية عن الصادق (عليه السلام): (إذا أمنت من شهوة في نوم



(1) نهاية الاحكام 1: 94، تذكرة الفقهاء 1: 24.
(2) مسند أحمد 1: 292، 302، سنن النسائي 1: 115، السنن الكبرى 1: 168.
224
أو يقظة، جامعها أولا، فعليها الغسل) (1) ومثله عن الكاظم (2) والرضا عليهما
السلام (3).
ولا يعارضه خبر عمر بن أذينة عن الصادق (عليه السلام)، ومقطوع
زرارة (5) بعدم الغسل عليها، لشهرة الأول، وأول الثاني باحتمال رؤيتها الماء مناما
لا غير.
العاشر: الغسل يجب على الكافر كسائر العبادات، ولا يسقط بإسلامه،
لبقاء سببه كالحدث الأصغر، ولا يقع منه في حال كفره، لاشتراط النية الممتنعة
منه.



(1) التهذيب 1: 122 ح 324، الاستبصار 1: 106 ح 347.
(2) الكافي 3: 47 ح 7، التهذيب 1: 122 ح 326.
(3) الكافي 3: 47 ح 5، التهذيب 1: 123 ح 327، الاستبصار 1: 108 ح 354.
(4) التهذيب 1: 123 ح 329، الاستبصار 1: 107 ح 351.
(5) التهذيب 1: 124 ح 332، الاستبصار 1: 107 ح 353، عن عبيد بن زرارة.
225
المقام الثاني: في الحيض.
وهو لغة: السيل بقوة، من قولهم: حاض الوادي، إذا سال بقوة.
ويسمى: محيضا - للآية (1) - وطمثا، وهو كثير في الأخبار (2).
وشرعا: قال في المبسوط: انه الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة على وجه،
اما بظهوره أو انقطاعه (3) وعنى به: اختلاف تفسيري القرء. وهو غير مانع،
لمشاركة النفاس إياه في هذه الخاصة، في مثل المطلقة وهي حامل من الزنا، فإنه
ربما رأت قرءين في الحمل، بناء على حيض الحامل، ثم ترى قرءا بعد الوضع،
فيكون بظهور دم النفاس أو انقطاعه انقضاء عدتها.
وحذف شطره الأخير المحقق (4) لأن التعلق مشعر به. ولو حذف الانقضاء
أمكن، لأن العدة بالأقراء، وهي: إما الحيض أو الطهر المنتهي به، فله في الجملة
تعلق بالعدة.
وعرفه الشيخ أيضا بأنه: الدم الأسود الخارج بحرارة على وجه (5).
وهو مأخوذ من قول الصادق (عليه السلام): (دم الحيض حار عبيط أسود (6)
والعبيط: هو الخالص الطري - بالعين المهملة -.
والحكمة فيه تربية الولد، لإعداده الرحم للحمل، واغتذائه جنينا ورضيعا
مخلوعا عنه صورة الدم، ومن ثم قل حيض المرضع.
وفي الحامل خلاف. وادعى الشيخ الإجماع على عدم الحيض إذا استبان



(1) سورة البقرة: 222.
(2) لاحظ: الكافي 3: 94 ح 2، التهذيب 1: 385 ح 1184.
(3) المبسوط 1: 41.
(4) شرائع الاسلام 1: 28.
(5) المبسوط 1: 41.
(6) الكافي 3: 91 ح 1 التهذيب 1: 151 ح 429.
227
الحمل (1)، ويمكن قبله.
وفي الأخبار الصحيحة المشهورة عن الصادق والكاظم (عليهما السلام)
اطلاق حيضها (2). وعليها: الصدوقان (3) والمرتضى (4) والفاضل (5).
وفي خبر السكوني عن النبي (صلى الله عليه وآله): (ما كان الله ليجعل
حيضا مع حبل) (6)، وعنه (صلى الله عليه وآله): (لا توطأ حامل حتى تضع، ولا
حائل حتى تستبرأ بحيضة) (7) فهي علم لبراءة الرحم من الحمل، فكيف
يجامعه؟ وعليه: المفيد (8) وابن الجنيد (9) وابن إدريس (10).
وفي صحيح الحسين بن نعيم عن الصادق (عليه السلام) في العادة أو قبلها
بقليل: حيض، لا بعدها بعشرين يوما (11)، وعليه النهاية (12). وحملت على عدم
الشرائط غالبا بعد العادة.
ومن ثم لا تحيض الناقصة عن تسع إجماعا، ولا الزائدة عن ستين سنة إن
كانت قرشية أو نبطية، أو خمسين لغيرهما، لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق (عليه



(1) الخلاف 1: 239 المسألة 205، وقد استفيد الاجماع على المسألة من قوله: عندنا، ونسب إلى الشيخ
ذلك أغلب من تعرض للمسألة، راجع: المعتبر 1: 201، الحدائق الناضرة 3: 177، جواهر
الكلام 3: 262، مفتاح الكرامة 1: 341.
(2) الكافي 3: 95 ح 1، 98 ح 6، التهذيب 1: 386 ح 1186، 388، ح 1197، الاستبصار 1:
138 ح 473، 141 ح 483.
(3) الفقيه 1: 51، المقنع: 16، المعتبر 1: 200.
(4) الناصريات: 227 المسألة 61.
(5) تذكرة الفقهاء: 1: 26، مختلف الشيعة: 37.
(6) التهذيب 1: 387 ح 1196، الاستبصار 1: 140 ح 481.
(7) مسند أحمد 3: 62، سنن الدارمي 2: 171، سنن أبي داود 2: 248 ح 2157.
(8) المقنعة: 81.
(9) المعتبر 1: 200، مختلف الشيعة 36.
(10) السرائر 29.
(11) الكافي 3: 95 ح 1، التهذيب 1: 388 ح 1197، الاستبصار 1: 140، ح 482.
(12) النهاية: 25.
228
السلام): (إذا بلغت خمسين لم تر حمرة، إلا القرشية) (1).
وفي خبري عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق (عليه السلام) اطلاق
الستين والخمسين (2) فجمع بينهما بالتفصيل.
واما النبطية فذكره المفيد - رحمه الله - رواية ومن تبعه (3) ولم أجد به خبرا
مسندا.
وإذا طمثت البكر واشتبه بالطمث، فتطوق القطنة ينفي الحيض، لخبر
زياد بن سوقة عن الباقر (عليه السلام) (4) وخلف بن حماد عن الكاظم (عليه
السلام)، وقال: (سر الله فلا تذيعوه، ولا تعلم هذا الخلق أصول دين الله) (5).
وانتقاعها يثبته، للخبرين.
قال المحقق - رحمه الله -: الانتقاع محتمل (6).
قلنا: ثبوت الحيض فيه فإنما هو بالشرائط المعلومة، ومفهوم الخبرين انه
ملتبس بالعذرة لا غير.
ولو اشتبه بالقرح، استلقت وأدخلت إصبعها، فمن الأيمن حيض. رفعه
محمد بن يحيى إلى أبان عن الصادق (عليه السلام)، ذكره الكليني (7) وأفتى به ابن
الجنيد (8). وفي كثير من نسخ التهذيب الرواية بلفظها بعينه.
وقال الصدوق والشيخ - في النهاية -: الحيض من الأيسر (9).



(1) الكافي 3: 107 ح 3، التهذيب 1: 397 ح 1236.
(2) الكافي 3: 107 ح 4، 6: 85 ح 4، التهذيب 1: 397 ح 1237، 8: 67 ح 222، 7: 469
ح 1881، الاستبصار 3: 337 ح 1202.
(3) المقنعة: 82، الفقيه 1: 51، المبسوط 1: 42.
(4) المحاسن: 307 ح 21، الكافي 3: 94 ح 2، التهذيب 1: 152 ح 432.
(5) المحاسن: 307 ح 22، الكافي 3: 92 ح 1، التهذيب 1: 385 ح 1184.
(6) المعتبر 1: 198.
(7) الكافي 3: 94 ح 3.
(8) المعتبر 1: 201، مختلف الشيعة: 36.
(9) الفقيه 1: 54، المقنع: 16، النهاية: 24.
229
قال ابن طاووس: وهو في بعض نسخ التهذيب الجديدة (1)، وقطع بأنه
تدليس، إلا أن الرواية مرسلة.
ولو اشتبه بالاستحاضة اعتبر: بالسواد والحمرة والغلظ والحرارة وأضدادها،
لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فأمسكي
عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي) (2).
وقول الصادق (عليه السلام) السابق، وقوله، (هو دم حار تجد له حرقة،
ودم الاستحاضة فاسد بارد) (3).
وبالثلاثة والعشرة، اللذين هما أقله وأكثره باتفاقنا، لقول النبي (صلى الله
عليه وآله) في خبر أبي أمامة: (أقل الحيض ثلاثة وأكثره عشرة) (4)، وبمعناه قول
الصادق والرضا عليهما السلام) (5).
وخبر ابن سنان عن الصادق (عليه السلام) بالثمانية في أكثره (6) محمول على
من عادتها ذلك واستمر بها الدم، لمخالفته الإجماع، ما قاله الشيخ في
التهذيب (7).
ويشترط التوالي - في المشهور - عملا بالمتيقن.
والخبر عن الصادق (عليه السلام) بعدم التوالي - أرسله يونس (8) - منقطع
في العشرة، وقد تركه الأكثر (9).



(1) التهذيب 1: 385، 1185.
(2) سنن أبي داود 1: 75 ح 286، سنن النسائي 1: 185، سنن الدارقطني 1: 206، السنن
الكبرى 1: 325.
(3) الكافي 3: 91 ح 3، التهذيب 1: 151 ح 431.
(4) سنن الدارقطني 1: 218، كنز العمال 9: 407 ح 26719 عن الطبراني.
(5) الكافي 3: 75 ح 1، 2 التهذيب 1: 156 ح 445، الاستبصار 1: 130 ح 446.
(6) التهذيب 1: 157 ح 450، الاستبصار 1: 131 ح 451.
(7) التهذيب 1: 157، الاستبصار 1: 131.
(8) الكافي 3: 76 ح 5، التهذيب 1: 157 ح 452.
(9) راجع: المبسوط 1: 42، الجمل والقعود: 163، المعتبر 1: 202، مختلف الشيعة: 36.
230
وما بين الأقل والأكثر حيض مع امكانه - وإن اختلف لونه - لاستصحاب
الحيض.
ولخبر سماعة عن الصادق (عليه السلام): (تستدخل الكرسف، فإن
خرج دم لم تطهر (1).
وكذا لو لم تر هذه العاشر، أو رأته متفرقا بعد الثلاثة، لخبر
محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام): (إذا رأته قبل عشرة أيام فهو من
الحيضة الأولى) (2).
وأقل الطهر عشرة أيام باتفاقنا، للنص عن الباقر والصادق (عليهما
السلام) (3). وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (تلبث شطر دهرها لا تصوم
ولا تصلي) (4) وقد ثبت أن أكثر الحيض عشرة فالشطر الآخر مثلها. وقول علي
(عليه السلام): (قالون) (5) لمن قال فيمن ادعت ثلاث حيض في شهر تأتي ببينة
من أهلها (6). وروى السكوني عن الصادق (عليه السلام) حكم علي بذلك (7)،
ولا يتم مع كون الطهر خمسة عشر يوما.
ولا حد لأكثره إجماعا، قاله الفاضل، وحمل قول أبي الصلاح في تحديده
بثلاثة أشهر على الغالب (8).
والأغلب في الحيض الستة والسبعة، والطهر باقي الشهر للوجدان في كثير.
ويختلف بحسب السن، فينقص عدده عند الكبر، كما في مرسلة يونس عن



(1) التهذيب 1: 161 ح 462، باختصار في الألفاظ.
(2) التهذيب 1: 156 ح 448، الاستبصار 1: 130 ح 449.
(3) الكافي 3: 76 ح 4، 5، التهذيب 1: 157 ح 451، 452، الاستبصار 1: 131 ح 452.
(4) تذكرة الفقهاء 1: 27.
(5) في هامش م، س: لغة رومية، أي: جيد.
(6) صحيح البخاري 1: 81.
(7) الفقيه 1: 55 ح 207، التهذيب 8: 166 ح 576، الاستبصار 3: 356 ح 1277.
(8) تذكرة الفقهاء: 1: 27. وقول أبي الصلاح في الكافي في الفقيه: 128.
231
الصادق (عليه السلام) (1).
مسائل:
الأولى: تثبت العادة بمرتين متساويتين عددا ووقتا، ففي الثالثة ترد إليها،
لأن العود لا يحصل إلا بالتكرار.
ولقول النبي (صلى الله عليه وآله): (دعي الصلاة أيام أقرائك) (2)، ولا
يصدق الجمع على الواحد.
وفي مقطوع سماعة: (إذا اتفق شهران عدة أيام سواء فتلك أيامها) (3).
ولا تشترط الثلاث باتفاقنا، لأن الجمع يصدق على الاثنين، وقد حصل
المشتق منه.
الثانية: لا يشترط في العادة تعدد الشهر، وما ذكره في الخبر من الشهر بناء
على الغالب. فلو تساوى الحيضان في شهر واحد كفى في العددية، صرح به في
المبسوط والخلاف (4)، وكذا لو تساويا في زيادة على شهرين.
أما الوقتية، فالظاهر: اشتراط تكرر الطهرين متساويين وقتا.
ولو تساويا عددا واختلفا وقتا، استقر العدد لا غير، فحينئذ تستظهر
برؤية الدم الثالث إلى ثلاثة أيام، ولو عبر العشرة رجعت إلى العدد.
ولو استقرا وقتا واختلفا عددا، اعتبر الوقت وأقل العددين، لتكرره،
ولعموم خبر الأقراء (5).



(1) الكافي 3: 76 ح 5، التهذيب 1: 157 ح 452.
(2) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183، سنن الدارقطني: 1: 212، السنن الكبرى
1: 323.
(3) الكافي 3: 79 ح 1، التهذيب 1: 380 ح 1178.
(4) المبسوط 1: 47، الخلاف 1: 239 المسألة: 206.
(5) راجع الهامش 2.
232
ويمكن أن تكون وقتية لا غير، لعدم عود العدد الأول.
اما لو اختلف العدد، ولم يستقر الطهر بتكراره متساويا مرتين، فلا وقت هنا
قطعا، وفي العدد الوجهان.
ويظهر من كلام الفاضل انه لا عبرة باستقرار الطهر (1).
وتظهر فائدته لو تغاير الوقت في الثالث، فإن لم نعتبر استقرار الطهر جلست
لرؤية الدم، وإن اعتبرناه فبعد الثلاثة أو حضور الوقت.
هذا ان تقدم على الوقت، ولو تأخر أمكن ذلك استظهارا.
ويمكن القطع بالحيض هنا، إذا وجوده في الجملة مقطوع به، وتأخر وقته
يزيده انبعاثا.
والأقرب: أن اتحاد الوقت إنما يؤثر في الجلوس برؤية الدم فيه، وقلما يتفق
دائما.
وفي المبسوط: إذا استقرت العادة، ثم تقدمها أو تأخر عنها الدم بيوم أو
يومين إلى العشرة حكم بأنه حيض، وإن زاد على العشرة فلا (2).
الثالثة: لو اتفقت أيام التمييز عددا ووقتا وصفة مرتين استقرت العادة،
للحكم بأنها اقراء.
ولو اختلفت الصفة، أمكن ذلك إذا حكمنا بكونه حيضا كالأسود والأحمر.
ويمكن عدم العادة هنا. الرابعة: قد تتعدد العادة على نظام طبيعي، كالثلاثة، والأربعة، والخمسة.
أو لا، كعكسه إذا حصل التكرار المعتبر في الواحدة. ولا فرق بين أن يكون
تكررها على التوالي، كما لو رأت كل واحدة شهرين متواليين. أو لا، كما لو رأت
الأعداد في ثلاثة أشهر، ثم رأتها على الترتيب الأول في ثلاثة أشهر أخرى، لأن



(1) تذكرة الفقهاء 1: 27.
(2) المبسوط 1: 43.
233
تعاقب الأقدار المختلفة قد صار عادة لها.
ويمكن منع تعدد العادة لأن كل مقدار ناسخ لما قبله، فيخرجه عن
الاعتبار، فحينئذ لو نسيت المستحاضة النوبة أخذت أقل المحتملات في كل
شهر. ففي الفرض الأول تأخذ الثلاثة دائما، ولو علمت عدمها أخذت أربعة ثم
ثلاثة ثم ثلاثة، وكذا في كل دور. وفي عكسه إن اتسق فالحكم كذلك، وان لم
يتسق فالثلاثة دائما.
ويمكن العود إلى التمييز، فإن فقد فإلى الروايات، لما يأتي - إن شاء الله -
ويتعينان لو منعنا تعدد العادة.
الخامسة: قد تترك ذات التمييز الصلاة والصوم عشرين يوما متوالية، بأن
ترى الأحمر عشرة، فإنها تجلس فيها، لإمكان كونه حيضا على القول بعدم
الاستظهار - ثم ترى الأسود بعده عشرة، فإنها تعمل بأقوى الدمين، وتبين أن
الأول استحاضة. ولو فرض قوة الدم الثالث انتقلت إليه. وكذا يتعدد الجلوس
في ناسية العادة لو ذكرت.
وفي المعتبر: تحتاط في العشرة الثانية بالعبادة: فإن انقطع عليها أو قبلها
قضت الصوم (1)، وإلا صح، لأنه مع تجاوز العشرة، فات شرط التمييز.
السادسة: هل يشترط في التمييز بلوغ الدم الضعيف أقل الطهر؟ وجهان:
نعم، لأنا إذا جعلنا القوي حيضا جعلنا الضعيف طهرا، لأنه مقابله. ولا،
لعموم قول النبي (صلى الله عليه وآله): (دم الحيض أسود يعرف) (2).
فلو رأت خمسة أسود، ثم تسعة أصفر، ثم عاد الأسود ثلاثة فصاعدا، فعلى
الأول لا تمييز لها، وهو ظاهر المعتبر (3). وعلى الثاني حيضها خمسة.
وظاهر المبسوط أن الحيض: العائد: إن لم يتجاوز العشرة (4)، لأن الصفرة.



(1) المعتبر 1: 206.
(2) تقدم في ص 230 الهامش 2.
(3) المعتبر 1: 205.
(4) المبسوط 1: 50.
234
لما خرجت عن الحيض خرج ما قبلها.
وفي خبر يونس بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام): (في الدم ثلاثة أو
خمسة يتعقبه طهر خمسة، ثم يعود الدم أربعة إن رأت الدم لم تصل، وإن رأت
الطهر صلت إلى ثلاثين يوما، فإذا انصب الدم فهي مستحاضة (1).
وحمله الشيخ على مضطربة اختلط حيضها، أو مستحاضة استمر بها الدم،
واشتبهت عادتها، ففرضها أن تجعل ما يشبه دم الحيض حيضا، والآخر طهرا
- صفرة كان أو نقاء - ليستبين حالها (2). وهو تصريح بعدم اشتراط كون الضعيف
أقل الطهر.
وفي المبسوط: إن اختلط عليها أيامها فلا تستقر على وجه واحد، تركت
العبادة كلما رأت الدم، وصلت كلما رأت الطهر، إلى أن تستقر عادتها (3). وهو
مطابق بظاهره الخبر.
وفي المعتبر: انما كان كذلك لأنه ليس هنا طهر ولا حيض على اليقين، بل
هو دم مشتبه تعمل فيه بالاحتياط (4).
السابعة: قال في المبسوط: روي عنهم (عليهم السلام): (ان الصفرة في
أيام الحيض حيض، وفي أيام الطهر طهر) وفسر أيام الحيض بالعادة، أو بما
يمكن فيه ذلك كالمبتدأة والتي تعقب عادتها دم بعد أقل الطهر، حملا للخبر على
عمومه (5).
والذي في الكافي عن الصادق (عليه السلام): (كلما رأت المرأة في أيام



(1) الكافي 3: 79 ح 2، التهذيب 1: 380 ح 1179، 1180، الاستبصار 1: 131 ح 453،
454.
(2) الاستبصار 1: 132.
(3) المبسوط 1: 43.
(4) المعتبر 1: 207.
(5) المبسوط 1: 44. والظاهر نقل الرواية بالمعني انظر التهذيب 1: 157 ح 452، 396 ح 1231
و 1232 وغيرها.
235
حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض، وكلما رأته بعد حيضها فليس من
الحيض) (1).
وعنه (عليه السلام): (السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها
في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كله) (2).
الثامنة: ذات العادة المستقرة تترك العبادة بالرؤية حسب ما مر، لأن المعتاد
كالمتيقن.
ولخبر محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) عن المرأة ترى الصفرة
في أيام حيضها: (لا تصلي) (3).
وعنه (عليه السلام): (إذا رأت الدم أيام حيضها تركت الصلاة) (4).
والمبتدأة أيضا عند الشيخ (5)، لظاهر الخبر السالف بناء على ما فسر به الأيام،
وما تلوناه من الخبرين ظاهرهما المعتادة.
ولخبر منصور بن حازم عن الصادق (عليه السلام): (أي ساعة رأت
الصائمة الدم تفطر) (6).
وعن الباقر (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم: تفطر، إنما فطرها من
الدم) (7).
ورده في المعتبر بحمل الدم على المعهود، وهو دم الحيض، وإنما يكون في
العادة. ورجح قول ابن الجنيد والمرتضى بالتعبد إلى الثلاثة، لتيقن الأمر بالعبادة
فلا يزول إلا بمثله.



(1) الكافي 3: 76 ح 5، التهذيب 1: 157 ح 452.
(2) الكافي 3: 83 ح 1، 381 ح 1183.
(3) الكافي 3: 78 ح 1، التهذيب 1: 396 ح 1230.
(4) الكافي 3: 76 ح 5، التهذيب 1: 158 ح 452.
(5) المبسوط 1: 42.
(6) التهذيب 1: 394 ح 1218، الاستبصار 1: 146 ح 499.
(7) التهذيب 1: 153 ح 435.
236
ولا يعارض بالمعتادة، وبأن الاحتمال قائم بعد الثلاثة، لجواز وجود دم
أقوى بعدها ناقل لحكم الحيض إليه، لما مر. ولأن الأصل عدم دم طارئ (1).
وفي المختلف احتج على الأول بقول الصادق (عليه السلام) في خبرين:
(ان دم الحيض حار) والوصف بالحرارة مسلط على الحكم بالحيض حيث
وجدت (2).
قلنا: ظاهر الخبرين في المستحاضة مع الاشتباه.
سلمنا، لكن الدليل أخص من الدعوى، فإنه إن سلم كان المصير إلى
الحيض إذا حصل الشرط، والمدعى أعم منه. ولا ريب في قوة قول الشيخ، وإن
كان الاستظهار أحوط.
وحكم المضطربة كالمبتدأة.
وقد روى سماعة، قال: سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها، قال:
(إذا رأت قبل وقتها فلتدع الصلاة، فإنه ربما تعجل الوقت) (3).
وفي خبر إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) في المرأة ترى
الصفرة: (إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض) (4). وهما يرجحان مذهب
الشيخ (5).
ولأن اتفاق الوقت دائما نادر.
التاسعة: المعتادة دون العشرة مع الدم المستمر، تستظهر بترك العبادة يوما
أو يومين، ثم تغتسل للحيض وتأتي بأفعال المستحاضة مع المراعاة، فتستدرك ما
ظهر فيه الخلل في المشهور، لخبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام):



(1) المعتبر 1: 214.
(2) مختلف الشيعة: 37.
والخبران في: الكافي 3: 91 ح 1، 2، التهذيب 1: 151 ح 429، 430.
(3) الكافي 3: 77 ح 2، التهذيب 1: 158 ح 453.
(4) الفقيه 1: 51 ح 5، الكافي 3: 78 ح 2، التهذيب 1: 396 ح 1231.
(5) المبسوط 1: 42.
237
(إذا رأت دما بعد أيامها، فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين) (1) ومثله عن الصادق
(عليه السلام) (2).
والمرتضى وابن الجنيد: تستظهر إلى العشرة (3)، لأنها أيام الحيض.
ولخبر يونس بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام): (تنتظر عدتها، ثم
تستظهر بعشرة أيام) (1).
والتخيير وجه قوي، لأنه في خبر سعيد بن يسار عن الصادق (عليه
السلام) (5) وخبر البزنطي عن الرضا (عليه السلام): (أو ثلاثة) (6) وإن كان
الاقتصار أحوط للعبادة.
وترك الاستظهار جائز وإن كان ظاهر الشيخ والمرتضى وجوبه (7) - وقد
قطع به ابن إدريس رحمه الله (8).
لنا: وقل النبي (صلى الله عليه وآله): (دعي الصلاة أيام أقرائك) (9)
ومفهومه الصلاة بعدها.
ولخبر ابن أبي يعفور عن الصادق (عليه السلام): (المستحاضة إذا مضى
أيام أقرائها اغتسلت (10).



(1) المعتبر 1: 215 عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب.
(2) التهذيب 1: 172 ح 490، الاستبصار 1: 149 ح 513.
(3) المعتبر 1: 214 ومختلف الشيعة: 38.
(4) التهذيب 1: 402 ح 1259، الاستبصار 1: 149 ح 516.
(5) التهذيب 1: 172 ح 490، الاستبصار 1: 149 ح 513.
(6) التهذيب 1: 171 ح 489، الاستبصار 1: 149 ح 514.
(7) النهاية: 24، الناصريات: 227.
(8) السرائر: 29.
(9) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183، سنن الدارقطني 1: 212، السنن الكبرى
1: 332.
(10) التهذيب 1: 402 ح 1258.
238
ولخبر معاوية بن عمار عن الصادق) عليه السلام): (فإذا جاوزت أيامها
ورأت دمها يثقب الكرسف اغتسلت) (1).
وابن جنيد: الاحتياط أن تتطهر بعد عادتها، وتسبح بقدر صلاتها إلى
العشرة، مع حكمه بالاستظهار إلى العشرة، وكذا تصنع من يقدم الدم عادتها
بيوم أو يومين عنده (2).
وكلاهما يخالف المشهور، وإن أراد بالتطهر الاغتسال اشتدت المخالفة.
ولا فرق في الاستظهار والرجوع إلى العادة بين تقدمها وتأخرها، أو أن ترى
قبلها وبعدها وفيها، ولو لم يتجاوز فالجميع حيض.
فرع:
هذا الاستظهار إنما هو مع بقاء الدم بأي لون اتفق، لمنطوق الأخبار،
واحتمال الحيض، اما مع النقاء فلا.
ويظهر من المختلف عمومه، وحجته غير ظاهرة الدلالة (3). وفي التذكرة
قطع بما قلناه (4).
وكذا تستظهر المبتدأة إذا رجعت إلى عادة نسائها بيوم، رواه محمد بن مسلم
عن الباقر (عليه السلام) (5). العاشرة: لو عارض التمييز العادة - بمعنى: عدم امكان الجمع - فالعمل
على العادة في المشهور، لعموم قول النبي (صلى الله عليه وآله) المذكور (6) وعموم
خبري الصفرة (7).
.



(1) الكافي 3: 88 ح 2، التهذيب 1: 106 ح 277 وص 170 ح 484.
(2) مختلف الشيعة: 38.
(3) مختلف الشيعة: 38.
(4) تذكرة الفقهاء 1: 29.
(5) التهذيب 1: 401 ح 1252، الاستبصار 1: 138 ح 472.
(6) تقدم في ص 238 الهامش 9.
(7) تقدما في 236 الهامش 1، 2.
239
وفي النهاية على التمييز (1) لصحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه
السلام: (دم الحيض حار) (2).
وفي حسن حفص عنه (عليه السلام): (دم الحيض حار عبيط أسود، له
دفع وحرارة) (3).
قلنا: الجمع بين الأخبار بحمل هذه على غير المعتادة.



(1) النهاية: 24.
(2) الكافي 3: 91 ح 2، التهذيب 1: 151 ح 430.
(3) الكافي 3: 91 ح 1، التهذيب 1: 151 ح 429.
240
المقام الثالث: في الاستحاضة.
ودمها غالبا أصفر بارد، لقول الصادق (عليه السلام) في حسن حفص:
(ودم الاستحاضة أصفر بارد) (1).
وزاد الشيخان الرقة (2) كما زادا الغلظ في الحيض (3).
وفي خبر سعيد بن يسار عن الصادق (عليه السلام). في المرأة تحيض ثم
تطهر، وربما رأت بعده الدم الرقيق (4).
وفي خبر علي بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام): (تدع الصلاة ما
دامت ترى الدم العبيط، فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت) (5). والعبيط يشعر
بالغلظ، والرقة تنبيه عليه.
وكل ما تراه الصبية، أو اليائسة، أو دون الثلاثة، أو غير متوالية، أو أزيد
من العادة ويتجاوز العشرة، أو بعد أكثر النفاس، أو بعد التمييز أو قبله إذا كان
الدم التالي أقوى وليس بينهما عشرة، أو بعد ردها إلى عادة النساء أو الأقران، أو
إحدى الروايات الآتية، ويستمر فهو استحاضة ما لم تعلم أنه لعذرة أو قرح
وشبهه، وقد مر وسيجئ تقريره.
ويجب اعتبار الدم. فإن لطخ باطن الكرسف ولم يثقبه، ولا ظهر عليه،
فعليها إبدالها أو غسلها - لوجوب إزالة النجاسة - والوضوء لكل صلاة. وإن ثقبه
ولم يسل، فعليها مع ذلك تغيير الخرقة أو غسلها، وغسل للصبح. وإن سال،
فمع ذلك غسلان للظهرين والعشاءين، مع الجمع بينهما بتأخير الأولى حتى يدخل



(1) الكافي 3: 91 ح 1، التهذيب 1: 151 ح 429.
(2) المقنعة 7، التبيان 2: 220.
(3) المقنعة: 6، التبيان 2: 220.
(4) التهذيب 1: 172 ح 490، الاستبصار 1: 149 ح 513.
(5) التهذيب 1: 174 ح 497.
241
وقت الثانية.
وابن أبي عقيل جعل القسم الأول غير ناقض للطهارة، وسوى بين
القسمين الآخرين في وجوب الغسل ثلاثا، ولم يذكر الوضوء (1). فالإجماع حاصل
في الثلاثة على القسم الأخير.
وفي المعتبر: الذي ظهر لي أنه إن ظهر على الكرسف وجب ثلاثة أغسال
وإن لم يظهر فالوضوءات، وهو ظاهر صاحب الفاخر (2).
والمرتضى على أصله في أن لا وضوء مع الغسل (3).
وابن الجنيد: إن ثقب الكرسف فالأغسال الثلاثة، وإلا فغسل في اليوم
والليلة (4).
وأما الأخبار.
فروى الصحاف عن الصادق (عليه السلام): (فلتغتسل وتصلي
الظهرين، ثم لتنظر: فإن كان الدم لا يسيل فيما بينها وبين المغرب، فلتتوضأ لكل
صلاة ما لم تطرح الكرسف، فإن طرحته وسال وجب عليها الغسل، وإن طرحته
ولم يسل فلتتوضأ ولا غسل عليها. وإن كان إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلفه
صبيبا، فعليها الغسل ثلاثا).
وقال الصادق (عليه السلام): (فإذا فعلت ذلك أذهب الله الدم عنها) (5).
وفي خبر ابن سنان عنه (عليه السلام): (لم تفعله امرأة قط احتسابا، إلا
عوفيت من ذلك) (6)



(1) المعتبر 1: 244، مختلف الشيعة: 40.
(2) المعتبر 1: 245.
(3) المعتبر 1: 247، مختلف الشيعة: 40.
(4) المعتبر 1: 244، مختلف الشيعة: 40.
(5) الكافي 3: 95 ح 1، التهذيب 1: 168 ح 482، الاستبصار 1: 140 ح 482.
(6) الكافي 3: 90 ح 5، التهذيب 1: 171 ح 478 وص 401 ح 1254.
242
فرع:
هذا مشعر بأن الاعتبار بوقت الصلاة، فلا أثر لما قبله. ويظهر منه أن
السيل ينبغي أن يكون واقعا، فلو كان مقدر الوقوع فلا أثر له، لقوله: (ما لم تطرح
الكرسف) إلى آخره.
وروى زرارة عن الباقر (عليه السلام): (فلتغتسل، وتستوثق من نفسها،
وتصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم، فإذا نفذ اغتسلت وصلت) (1).
وروى معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام): (إذا ثقب الكرسف
اغتسلت للظهرين، تؤخر هذه وتعجل هذه، وللعشاءين تؤخر هذه وتعجل هذه،
وتغتسل للصبح، وتحتشي وتستثفر وتضم فخذيها في المسجد، ولا يأتيها بعلها أيام
قرئها. وإن لم يثقب توضأت لكل صلاة ودخلت المسجد) (2).
وهذه حجة المعتبر، وفيها تصريح بجواز دخول المستحاضة المسجد،
وتلويح بأن التلويث مانع من الدخول.
وفي صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): (المستحاضة تغتسل
ثلاثا) (3)، ولم يذكر الوضوء ولا التفصيل، وهذا حجة ابن أبي عقيل.
قلنا: المطلق يحمل على المقيد.
وروى سماعة: (المستحاضة إذا ثقب الكرسف اغتسلت الثلاثة، وإن لم
يجز الدم الكرسف فالغسل لكل يوم مرة، والوضوء لكل صلاة) (4). وهذا لابن
الجنيد، وحمل على النفوذ وعدم السيل.
وفي الخبر المشهور في سنن الحيض الثلاث: (ان رسول الله (صلى الله عليه وآله



(1) التهذيب 1: 169 ح 483.
(2) الكافي 3: 88 ح 2، التهذيب 1: 106 ح 277 وص 170 ح 484، باختصار في ألفاظ الحديث.
(3) الكافي 3: 90 ح 5، التهذيب 1: 171 ح 487 وص 401 ح 1254.
(4) الكافي 3: 89 ح 4، التهذيب 1: 170 ح 485.
243
وآله * أمر فاطمة بنت أبي حبيش أن تدع الصلاة قدر أقرائها، ثم تغتسل) (1).
وفي كلام الباقر (عليه السلام): (تغتسل وتتوضأ لكل صلاة) (2).
وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناسية وقتها وعددها بترك الصلاة عند
إقبال الحيض، والاغتسال عند إدباره، وفسر الصادق (عليه السلام) الإقبال
والإدبار: بتغير اللون من السواد إلى غيره، لأن دم الحيض أسود يعرف (3).
وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمنة بنت جحش - وكانت مبتدأة -
بالتلجم والتحيض في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة، ثم الغسل للفجر،
ثم للظهرين، ثم للعشاءين، تؤخر الأولى وتعجل الثانية (4).
والجمع بين هذه بالقول المشهور.
وعلم منها إنها لا تجمع بين صلاتين بوضوء وإن كان الدم كثيرا.
وظاهر المفيد في ذات الأغسال الاكتفاء بوضوء واحد لصلاتي الجمع (5).
وقطع به ابن طاووس والمحقق بظاهر الخبر (6).
وإنما وجب الوضوء الواحد بما تقدم: من احتياج ما عدا غسل الجنابة إلى
الوضوء.
والخبر عن النبي (عليه السلام): (أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة) (7).
محمول على عدم نفوذ الدم.



(1) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183.
(2) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183. و
(3) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 38 ح 1183.
(4) سنن ابن ماجة 1: 205 ح 627، الجامع الصحيح 1: 221 ح 128، سنن الدارقطني 1:
214.
وراجع: الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183.
(5) المقنعة: 27.
(6) المعتبر 1: 247.
(7) سنن ابن ماجة 1: 204 ح 625، السنن الكبرى: 1: 344 وما بعدها.
244
وقطع في المختلف بوجوب الوضوءين، لعموم الآية السالم عن (معارضة)
كون الغسل رافعا للحدث (1).
فائدة:
معنى قوله (صلى الله عليه وآله): (في علم الله) اختصاص علمه بالله، إذ
لا حيض لها معلوم عندها، أو: فيما علمك الله من عادات النساء، فإنه القدر
الغالب عليهن، ويكون كخبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) في
المستحاضة: (تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرانها) (2).
وعن سماعة أنه سأله عن المبتدأة، فقال: (أقراؤها مثل أقراء نسائها، فإن
اختلفن فأكثر جلوسها عشرة أيام، وأقله ثلاثة) (3).
واستدل الشيخ على صحة الرواية بالإجماع (4).
وعن عبد الله بن بكير عن الصادق (عليه السلام) في الجارية المستحاضة:
(تأخذ عشرة من الشهر الأول، وثلاثة من الثاني وما بعده) (5).
وهذا حكم المبتدأة إذا فقدت التمييز، أما المضطربة فتشاركها في التمييز،
ثم لا ترجع إلى النساء، لأنه قد سبق لها عادة، بل تشاركها في الجلوس الشرعي.
وخير في المبسوط بين الثلاثة والعشرة في الشهرين وبين السبعة فيهما) (6).
وفي موضع آخر: عشرة طهر وعشرة حيض، لأنه دم يمكن أن يكون
حيضا.



(1) مختلف الشيعة: 41، ومنه ما أثبتناه بين المعقوفين.
(2) التهذيب 1: 401 ح 1252، الاستبصار 1: 138.
(3) الكافي 3: 79 ح 3، التهذيب 1: 380 ح 1181، الاستبصار 1: 138 ح 471.
(4) الخلاف 1: 234 المسألة: 200.
(5) التهذيب 1: 400 ح 1251 وص 381 ح 1182، الاستبصار 1: 137 ح 469 و 470.
(6) المبسوط 1: 47.
(7) المبسوط 1: 51، 55.
245
وفي الخلاف: ستة أو سبعة (1).
وفي النهاية: روى عشرة ثم ثلاثة (2).
والصدوق: أكثر جلوسها عشرة لكل شهر (3)، وهو ظاهر المرتضى حيث
قال: ثلاثة إلى عشرة (4) والكل متقارب.
فروع:
الأول: ظاهر الخبر التخيير بين الستة والسبعة، ولا محذور في التخيير بين
فعل الواجب وتركه، لوجود مثله في الصلاة في الأماكن الأربعة، والتسبيح بدل
الحمد في الأقرب.
ويمكن عودها إلى ما يغلب على ظنها، لقوة طرف الظن، ووجوب العمل
بالراجح.
وعلى التفسير الثاني ل‍ (علم الله) المؤيد بالخبر: تجتهد في النساء، وتأخذ عادة
الأقرب إليها من جهة الأبوين، ولا اختصاص للعصبة هنا، لأن المعتبر الطبيعة
وهي جاذبة من الطرفين. فإن تعذر فأقرانها، قاله في المبسوط (5)، وتبعه جماعة من
الأصحاب (6).
فحينئذ إن كان عادة الأقرب ستة فهي المأخوذة، وإن كانت عادتهن سبعة
فهي المأخوذة، فيكون قوله (صلى الله عليه وآله): (ستة أو سبعة: للتنويع، أي:
إن كن يحضن ستة فتحيضي ستة، وإن كن يحضن سبعة فتحيضي سبعة.
فإن زدن عن السبع أو نقصن عن الست، فالمعتبر عادتهن، لأن الأمر
بالستة أو السبعة بناء على الغالب.



(1) الخلاف 1: 230 المسألة: 197.
(2) النهاية: 25.
(3) الفقيه 1: 51.
(4) مختلف الشيعة: 38.
(5) المبسوط 1: 46.
(6) راجع: المهذب 1: 37، الوسيلة: 59، نهاية الإحكام 1: 137. 59.
246
ويمكن أخذ الستة إن نقصن، والسبعة إن زدن، عملا بالأقرب إلى
عادتهن في الموضعين.
وظاهر كلام الأصحاب (1) أن عادة النساء والأقران مقدمة على هذين
العددين، وأنها لا ترجع إليهما إلا عند عدم النساء والأقران، أو اختلاف عادتهن
من غير أن يكون فيهن أغلب، إذ لو كان الأغلب عليهن عددا تحيضت به.
الثاني: خبر محمد بن مسلم يدل على التمسك ولو بواحدة، قضية للبعض،
وهو خلاف الفتوى (2).
ويمكن حملها على غير المتمكنة من معرفة عادات جميع نسائها، فتكتفي
بالبعض الممكن، ولأن تتبع جميع نسائها فيه عسر غالبا.
الثالث: أنكر في المعتبر العود إلى الأقران مطالبا بالدليل، وفارقا بالمشاكلة.
في الطباع والجنسية في نسائها دون الأقران (3).
ولك أن تقول: لفظ (نسائها) دال عليه، فان الإضافة تصدق بأدنى
ملابسة، ولما لابسنها في السن والبلد صدق عليهن النساء، واما المشاكلة فمع
السن واتحاد البلد تحصل غالبا. وحينئذ ليس في كلام الأصحاب منع منه، وان لم
يكن فيه تصريح به.
نعم، الظاهر اعتبار اتحاد البلد في الجميع، لأن للبلدان أثرا ظاهرا في
تخالف الأمزجة.
وعلى ما فسرنا به (علم الله) يقوى ذلك، وقرينته (ستة أو سبعة) فان هذه
الأغلبية لا تختص بنسائها دون غيرهن.
الرابع: حكم أبو الصلاح برجوع المضطربة إلى النساء، ثم التمييز، ثم
السبعة (4). وهو مخالف للمشهور رواية وفتوى.



(1) راجع: المبسوط 1: 46، نهاية الإحكام 1: 137، المهذب 1: 37.
(2) راجع: المبسوط 1: 46، المهذب 1: 37، الوسيلة: 50، نهاية الإحكام 1: 137.
(3) المعتبر 1: 208 وص 209.
(4) الكافي في الفقه: 128.
247
وحكم ابن الجنيد في المبتدأة والمضطربة بعشرة أولا، ثم ثلاثة فيما بعد،
وبقضاء عشرة من شهر رمضان، للاحتياط (1).
الخامس: لا تصح طهارتها قبل الوقت، لعدم الحاجة إليه، وللخبر أنها
(تتوضأ لكل صلاة) (2).
وحكم الشيخ - في المبسوط والخلاف - وابن إدريس بتوقف صحة الصلاة
على معاقبة الطهارة، فلو لم تتشاغل بها ثم صلت لم تصح، لأن فرضها الوضوء
عند الصلاة، وهي تقتضي التعقيب (3). وليس في أكثر الاخبار (عند).
نعم هو في خبر عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) في الغسل
ثلاثا (4)، وفي خبر الصحاف: (فلتتوضأ - ولتصل عند وقت كل صلاة) (5).
والأصل الصحة - كما قواه الفاضلان (6) - إلا أن يقال: الصلاة بالحدث
مخالف للأصل، فيجب تقليد ما أمكن، وهو قريب.
نعم، لا يضر اشتغالها بمقدمات الصلاة: كالستر، والاجتهاد في القبلة،
وانتظار الجماعة، قاله الفاضل (7).
وظاهر الخلاف المنع في ذلك (8) أما الأذان والإقامة، فلا يقدحان قطعا، نظرا إلى فعلهما على الوجه
الأكمل.



(1) مختلف الشيعة: 38.
(2) الكافي 3: 83 ح 1: التهذيب 1: 381 ح 1183.
(3) المبسوط 1: 68، الخلاف 1: 251 المسألة: 244، السرائر: 29.
(4) الكافي 3: 90 ح 5، التهذيب 1: 171 ح 487 وص 401 ح 1254.
(5) الكافي 3: 95 ح، التهذيب 1: 168 ح 482 وص 388 ح 1197، الاستبصار 1: 40.
ح 482.
(6) المعتبر 1: 113، مختلف الشيعة: 41.
(7) نهاية الإحكام 1: 127.
(8) الخلاف 1: 251 المسألة: 224.
248
السادس: الأجود تجديد الوضوء لصلاة النافلة: لما قلناه من الحدث،
ولظاهر الخبر (1).
وجوز الشيخ صلاة ما شاءت من النافلة بوضوء الفريضة (2)، فكأنه يحمل
الصلاة المأمور بالوضوء لها على المعهودة، وهي اليومية أو الفريضة.
ولو جوزنا لها فعل القضاء انسحب الخلاف.
نعم، يجوز لها الجمع بين الفرائض والنوافل بغسل واحد لوقته. وكذا تجمع
بين صلاتي الليل والصبح بغسل، فتؤخر صلاة الليل وتقدم صلاة الفجر لأول
وقتها، لأن الغسل لا يتعدد إلا بحسب الوقت المخصوص. ولو لم تتنفل ليلا
اغتسلت بعد الفجر، ولو كانت صائمة قدمته على الفجر كغسل منقطعة الحيض.
تنبيه:
قال في المعتبر: تصير طاهرا بالأفعال إجماعا (3)، وصحة الصلاة موقوفة على
جميعها.
أما الصوم، فيكفي فيه الغسل، ولو أخلت به قضت لا غير، للخبر.
وكلام المبسوط يشعر بتوقفه في القضاء، حيث أسنده إلى رواية
الأصحاب (4).
نعم، لا يشترط في صحة صوم يوم غسل الليلة المستقبلة قطعا، لسبق
تمامه.
وهل يشترط فيه غسل ليلته؟ فيه كلام يأتي إن شاء الله.
واستثنى ابن حمزة مما يحل للمستحاضة دخول الكعبة (5)، حراسة عن مظنة.



(1) راجع الهامش: 2 صحيفة 248.
(2) المبسوط 1: 68.
(3) المعتبر 1: 248.
(4) المبسوط 1: 68.
(5) الوسيلة: 61.
249
التلويث:
السابع: ظاهر الأصحاب توقف حل الوطء على ما توقف عليه الصلاة
والصوم، من الوضوء والغسل، لقولهم: يجوز وطؤها إذا فعلت ما تفعله
المستحاضة، قاله: المفيد (1) وابن الجنيد (2) والمرتضى (3) والشيخ (4) لوجود الأذى
فيه كالحيض.
ولخبر عبد الملك بن أعين عن الصادق (عليه السلام): (ولا يغشاها، حتى
يأمرها فتغتسل) (5).
وجعله المحقق في المعتبر مكروها مغلظا قبل الأفعال، لأنه دم مرض وأذى،
فالامتناع فيه أولى وليس بمحرم، لعموم: (فإذا تطهرن فأتوهن)، (ونساؤكم
حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم)، و (إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم).
ولما روي: أن حمنة بنت جحش كان زوجها يجامعها مستحاضة، وكذا أم
حبيبة.
وعن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (المستحاضة لا بأس
أن يأتيها بعلها متى شاء إلا أيام أقرائها) ومثله في خبر معاوية بن عمار عن الصادق
(عليه السلام)
وهذه الأخبار مطلقة، فاشتراط الأفعال خلاف الأصل.
ولأن الوطء لا يشترط فيه الخلو من الحدث كالحائض المنقطعة الدم.
ولأصالة الحل السالم عن المعارض الشرعي (6).



(1) المقنعة: 7.
(2) المعتبر 1: 248.
(3) المعتبر 1: 248.
(4) المبسوط 1: 167.
(5) التهذيب 1: 402 ح 1257، عن أبي جعفر (عليه السلام).
(6) المعتبر 1: 248.
والآيات على التوالي في: سورة البقرة: 222، 223، سورة المؤمنون: 6.
وقضية حمنة وأم حبيبة في: السنن الكبرى 1: 329.
وخبر ابن سنان في الكافي 3: 90 ح 5، التهذيب 1: 171 ح 487.
وخبر معاوية بن عمار في: الكافي 3: 88 ح 2، التهذيب 1: 170 ح 484.
250
وأجيب عن الأول: بأنه قياس، وعن الخبر: إمكان إرادة غسل الحيض.
وما أقرب الخلاف هنا من الخلاف في وطء الحائض قبل الغسل. ولما علق
المفيد حل الوطء على الأفعال. أتبعه: بأنه لا يجوز إلا بعد نزع الخرق وغسل
الفرج بالماء (1).
الثامن: حكم الشيخ بأن انقطاع دمها بعد الوضوء يوجب الوضوء (2)، ولم
يذكر البرء.
وقيده بعض الأصحاب بالبرء (3).
والأصل فيه: ان انقطاع الدم يظهر معه حكم الحدث، أو ان الصلاة
أبيحت مع الدم للضرورة وقد زالت.
ويمكن أن يقال: ان دم الاستحاضة في نفسه حدث يوجب الوضوء وحده
تارة، والغسل أخرى.
فإذا امتثلت، فإن كان حال الطهارة منقطعا واستمر الانقطاع، فلا وضوء
ولا غسل، لأنها فعلت موجبه. وان خرج بعدهما أو في أثنائهما دم، ثم انقطع إما
في الأثناء أو بعده، فان كان انقطاع فترة فلا أثر له، لأنه بعوده كالموجود دائما. وان
كان انقطاع برء، فالأجود وجوب ما كان يوجبه الدم، لأن الشارع علق على دم
الاستحاضة الوضوء والغسل وهذا دم استحاضة، والطهارة الأولى كانت لما سلف
قبلها من الدم، ولا يلزم من صحة الصلاة مع الدم عدم تأثيره في الحدث



(1) المقنعة: 7.
(2) المبسوط 1: 86.
(3) راجع: نهاية الإحكام: 1: 128، تحرير الأحكام 1: 16.
251
وهذه المسألة لم نظفر فيها بنص من قبل أهل البيت عليهم السلام، ولكن
ما أفتى به الشيخ هو قول العامة (1) بناء منهم على أن حدث الاستحاضة يوجب
الوضوء لا غير، فإذا انقطع بقي على ما كان عليه، ولما كان الأصحاب يوجبون به
الغسل فليكن مستمرا.
وعلى هذا، لو لم تغتسل مع الكثرة للصبح مثلا ثم دخل وقت الظهر، فان
كان باقيا أجزأها غسل الظهرين، لأنه يرفع ما مضى من الحدث. وان كان
منقطعا، فالأجود وجوب الغسل، وكذا لو أهملت غسلي النهار ودخل الليل.
ولو أهملت غسل الليل، واغتسلت للصبح وصامت، أجزأ، لأنه يأتي علي
ما سلف.
وان كان الدم قد انقطع قبله، وجب فعله على ما قلناه، فلو أخلت به بطل
الصوم والصلاة.
وفي نهاية الفاضل قرب وجوب الغسل لو انقطع الدم قبل فعله، إما
بجنوبها أو لأخلالها (2).
التاسع: لو انقطع الدم في أثناء الصلاة، حكم في المبسوط والخلاف
باتمامها (3)، لأنها دخلت دخولا مشروعا فلا تبطل عملها للنهي عنه.
ولحظ ابن إدريس والمحقق المنافاة، لأن الحدث كما يمنع من الدخول في
الصلاة يمنع من الاستمرار فيها (4).
قال في المعتبر: لو قيل: خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه، فلم يكن مؤثرا
في نفس الطهارة، والانقطاع ليس بحدث، أمكن، لكن يلزم التسوية في جواز
الصلاة بين انقطاعه قبل الشروع في الصلاة، وانقطاعه في أثنائها (5).



(1) المجموع 2: 538، المغني 1: 390.
(2) نهاية الإحكام 1: 27.
(3) المبسوط 1: 168، الخلاف 1: 250 المسألة: 222.
(4) السرائر: 30، المعتبر 1: 112.
(5) المعتبر 1: 112.
252
قلت: لا أظن أحدا قال بالعفو عن هذا الدم الخارج بعد الطهارة مع
تعقب الانقطاع، انما العفو عنه مع قيد الاستمرار، فلا يتم الاعتراض.
العاشر: قيل: الاعتبار في الكثرة والقلة بأوقات الصلوات، فلو سبقت
القلة وطرأت الكثرة انتقل الحكم، فلو كانت الكثرة بعد الصبح اغتسلت
للظهرين.
وهل يتوقف عليه صحة الصوم؟ نظر، من سبق انعقاده، ومن الحكم على
المستحاضة بوجوب الأغسال وجعلها شرطا في صحة الصوم، وهو أقرب.
ولا فرق في الصوم بين كثرته قبل فعل الظهرين، أو بعد فعلهما.
اما بالنسبة إلى الظهرين فلا يجب ان كثر بعدهما غسل لهما، بل إن استمر
إلى العشاءين اغتسلت لهما قطعا. وكذا ان انقطع مظنونا عوده أو مشكوكا
فيه، لأصالة البقاء، وان شفيت منه بني على ما مر.
ولو سبقت الكثرة في الصبح اغتسلت له، فلو قل عند الظهر توضأت.
ولو جوزت عود الكثرة، فالأجود الغسل، لأنه كالحاصل، وان علمت
الشفاء كفاها الوضوء، والطريق إلى علم الشفاء إما اعتياده أو إخبار العارف،
ويكفي غلبة الظن.
الحادي عشر: الأجود انه إذا انقطع الدم بعد الطهارة أعادتها وان لم تعلم
الشفاء، لأنه يمكنها ان تصلي بطهارة رافعة للحدث، سواء ظنت عدم الشفاء أو
شكت فيه، ولو ظنت قصور الزمان عن الطهارة والصلاة، فلا إعادة ولو صحب
الانقطاع الصلاة، للامتثال. ويحتمل في الأول ذلك أيضا.
وجزم في الخلاف بوجوب إعادة الوضوء إذا انقطع الدم قبل دخولها في
الصلاة، وببطلان الصلاة لو لم تفعل (1)، ولم يفصل.
ثم المستحاضة: إما ذات عادة مستقيمة معلومة، أو مبتدأة، وقد ذكرتا.
وإما مضطربة ذات تمييز، فتعمل عليه.



(1) الخلاف 1: 251 المسألة: 223.
253
واما فاقدته، وهي ثلاث:
الأولى: ذكرت العدد ونسيت الوقت، فتخصص بالاجتهاد أيامها ولا
اعتراض للزوج، ومع عدم الامارة تتخير، وأول الشهر أولى لإمكان الحيض فيه
مع سبقه،
ولقول الصادق (عليه السلام): (تترك الصلاة عشرة أيام ثم تصلي عشرين
يوما (1). واختاره في التذكرة (2).
ووجه التخصيص: انها لا تقصر عن ناسيتهما، وهو منصوص ابن الجنيد
والفاضل رحمهما الله (3)، والقول بالاحتياط عسر منفي بالآية (4) والخبر (5).
ولو جلست العدد، ثم ذكرت وقت العادة وتبين الخطأ، استدركت.
ولا فرق بين أن يكون الوقت المنسي فيه ينقص نصفه عن العدد أولا، إلا
في تيقن الحيض في الزائد على النصف ومثله، وتتخير في الباقي من العدد فتضعه
قبل المتيقن أو بعده أو تفرقه.
فلو قالت: حيضي عشرة والثاني عشر حيض بيقين، فالمضلة تسعة عشر
يوما، وهي ما عدا الأولين والتسعة الآخرة، فنصفها زائدة عنه العشرة بنصف يوم
فيوم كامل حيض وهو الثاني عشر، فقد تطابقت القاعدة وعلمها.
ولو قالت: لي في كل شهر حيضتان كل واحدة ثمانية، فلا بد بينهما من الطهر،
فالمضلة ما عدا ستة أيام من الثالث عشر إلى الثامن عشر، لأنه لا يمكن تأخير
الحيض الأول عن أول الخامس، ولا تأخير مبدء الحيض الثاني عن الثالث
والعشرين، والمتيقن في الحيضة الأولى من أول الخامس إلى آخر الثامن، وفي الثانية



(1) التهذيب 1: 381 ح 1182، الاستبصار 1: 137 ح 469.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 33.
(3) مختلف الشيعة: 39.
(4) سورة البقرة: 222.
(5) راجع الهامش 1.
254
من الثالث والعشرين إلى السادس والعشرين، والضال ثمانية تضعها حيث شاءت
مما لا يدخل في الطهر المتيقن، وهو: من الأول إلى آخر الرابع، ومن التاسع إلى
آخر الثاني عشر، ومن التاسع عشر إلى آخر الثاني والعشرين.
ومن هذا يعلم مسائل الامتزاج، المشهورة عند العامة بمسائل الخلط، وبه
سماها الشيخ رحمه الله (1) كأن تقول: حيضي عشرة، وكنت أمزج شهرا بشهر -
أي: كنت آخر الشهر وأول ما بعده حائضا - فالمتيقن من الحيض لحظة من آخر
كل شهر ولحظة من أوله، والمتيقن من الطهر من اللحظة الأخيرة من اليوم
العاشر إلى أول لحظة من اليوم الحادي والعشرين، فتضل العشرة في عشرين يوما
بنقص لحظتين، وهي ما بنى اللحظة من أول الشهر واللحظة من آخر العاشر،
وما بين اللحظة من أول ليلة الحادي والعشرين واللحظة من آخر الشهر، فتزيد
عن نصفها بلحظة فلحظتان متيقنتان، وتضم إليها الباقي كيف شاءت.
ولو لم تعلم عدد حيضها في هذه الصورة، فلحظتا الحيض بحالهما، والطهر
المتيقن بحاله. واما المشتبه، ففي العشر الأول الناقص لحظة يحتمل: الحيض
والطهر والانقطاع، وفي العشر الأخير يحتمل: الحيض والطهر لا غير، ويسمى:
المزج المطلق، وهو من باب القسم الآتي.
الثانية: ذكرت الوقت ونسيت العدد، فان ذكرت أوله أكملته ثلاثة لتيقنها.
واحتمل في الباقي ان يجعل طهرا بيقين، بناء على أن تلك الثلاثة هي وظيفة
الشهر. واحتمل ان تكون على التخيير بين الروايات السابقة، فلها جعله عشرة
أو سبعة أو ستة، لصدق (2) الاختلاط، وعدم علم العادة.
وان ذكرت آخره، جعلته نهاية الثلاثة، أو تلك الأعداد.
وان ذكرت انه أثناء حيض، فهو ويوم قبله ويوم بعده حيض بيقين.



(1) المبسوط 1: 59.
(2) في م: لصدق.
255
واحتمل مراعاة تلك الأعداد. وكذا لو علمت أنه وسط، غير أنها لا تأخذ عددا
زوجا، بل تأخذ إما السبعة أو الثلاثة.
وان ذكرته خاصة ولم تعلم حاله، فهو حيض بيقين، وتضم إليه إما تمام
الثلاثة أو غيرها من أعداد الروايات.
وأما الاحتياط، فمشهور في جميع هذه المواضع، وهي الجمع بين تكليف
الحائض والمستحاضة، والغسل للحيض في أوقات إمكان الانقطاع.
الثالثة، نسيتهما جميعا، فظاهر الأصحاب العمل بالروايات في هذه،
وادعى عليه في الخلاف إجماعهم (1)، إلا أنه في المبسوط حكم بمقتضى الاحتياط
المذكور (2).
ويدفعه: ما رواه هو والكليني وغيره من خبر السنن الثلاث المتقدم عن
الصادق (عليه السلام)، وقال فيه: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) سن في
الحيض ثلاث سنن، بين (3) فيها كل مشكل لمن سمعها وفهمها، حتى لم يدع
لأحد مقالا فيه بالرأي) (4).
وضعف الخبر في المعتبر بأنه من مرويات محمد بن عيسى عن يونس - وقد
سبق استثناء الصدوق له (5) - وبارساله (6).
والشهرة في النقل، والافتاء بمضمونه حتى عد اجماعا، يدفعهما.
ويؤيده أن حكمة الباري أجل من أن يدع أمرا مبهما، تعم به البلوى في كل
زمان ومكان، ولم يبينه على لسان صاحب الشرع، مع لزوم العسر والحرج فيما
قالوه، وهما منفيان بالآي والأخبار، وغير مناسبين للشريعة السمحة السهلة.



(1) الخلاف 1: 242 المسألة: 211.
(2) المبسوط: 59.
(3) في م، س، ط: (سن).
(4) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183.
(5) تقدم في ص 72 الهامش 1.
(6) المعتبر 1: 210.
256
تتمة:
يجب على المستحاضة منع الدم بحسب المكنة، لما مر من الأمر بالتلجم
والاستثفار (1) - بالتاء المثناة فوق، والثاء المثلثة - فتغسل الفرج قبل الوضوء،
وتحشوه بقطنة أو خرقة، فان احتبس وإلا تلجمت، بأن تشد على وسطها خرقة
كالتكة، وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الرأسين تجعل أحدهما قدامها والأخرى
خلفها، وتشدهما بالتكة. ويجب ذلك، الا مع الضرر باحتباس الدم وشبهه
للحرج.
والاستثفار: هو التلجم، من ثغر الدابة، يقال: استثفر الرجل بثوبه، إذا
رد طرفه بين رجليه إلى حجزته. وتسمى خرقة الاستثفار للمرأة حيضة - بكسر
الحاء -.
وكذلك السلس والمبطون يستظهر، فيتخذ السلس كيسا، ويجعل فيه قطنا
ويدخل الذكر فيه، وكذا لو كان يقطر منه دم، لنص الصادق (عليه السلام) على
ذلك في البول والدم (2). وان أمكن حشو الإحليل بقطن فعل.
والأحوط: وجوب تغيير ذلك عند كل صلاة - كالمستحاضة - إذا أمكن،
لوجوب تقليل النجاسة عند تعذر ازالتها.
وأنكر وجوبه في المعتبر، قصرا على موضع النص في المستحاضة (3).
أما الجرح الذي لا يرقأ دمه، فلا يجب شده بل يصلى وان كان سائلا، ونقل
الشيخ فيه إجماعنا، وأورد خبر محمد بن مسلم عن أحدهما، وخبر ليث المرادي
عن الصادق (عليه السلام).



(1) تقدم في 252 الهامش 2.
(2) الفقيه 1: 38 ح 146، التهذيب 1: 348 ح 1021.
(3) المعتبر 1: 251.
(4) الخلاف 1: 252 المسألة: 225.
والخبر الأول في التهذيب 1: 258 ح 749، والاستبصار 1: 177 ح 615، والخبر الثاني في
التهذيب 1: 258 ح 750، 349، ح 1029.
257
ولو خرج دم المستحاضة بعد الطهارة، أعيدت بعد الغسل والاستظهار ان
كان لتقصير فيه، وان كان لغلبة الدم فلا، للحرج. وهذا الاستظهار يمتد إلى
فراغ الصلاة، ولو كانت صائمة فالظاهر وجوبه جميع النهار، لأن توقف الصوم
على الغسل يشعر بتأثره بالدم، وبه قطع الفاضل - رحمه الله (1) -



(1) نهاية الإحكام 1: 126.
258
المقام الرابع: في النفاس.
وهو: دم الولادة معها أو بعدها، يقال: نفست المرأة بفتح النون وضمها،
وفي الحيض تستعمل بفتح النون لا غير، ومنه قول النبي (صلى الله عليه وآله) لام
سلمة رضي الله عنها: (أنفست) (1).
وهو مأخوذ من النفس التي هي الولد، لخروجه عقيبه، أو من النفس التي
هي الدم، لتنفس الرحم بالدم
والولد منفوس، والمرأة نفساء، والجمع نفاس بكسر النون، مثل عشراء
وعشار ولا ثالث لهما. ويجمع أيضا على نفساوات.
وما تراه في الطلق ليس بنفاس، لخبر عمار عن الصادق (عليه السلام) فيه:
(تصلي ما لم تلد) (2).
وتكفي المضغة مع اليقين، لصدق الولادة. أما العلقة فلا، لعدم اليقين -
ولو فرض العلم بأنه مبدأ نشوء انسان بقول أربع من القوابل كان نفاسا - والنطفة
أبعد.
والإجماع على أن المتعقب نفاس، ولم يذكر المرتضى وأبو الصلاح
المصاحب. وذكره الشيخان (3)، لحصول المعنى المشتق منه، ولخروجه بسبب.
الولادة. ولو لم تر دما فلا نفاس، بل ولا حدث.
ولا حد لأقله باتفاقنا، لجواز عدمه، كالمرأة التي ولدت في عهد رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فسميت الجفوف (4).
وقال سلار: أقله انقطاع الدم (5).



(1) صحيح البخاري 1: 82، صحيح مسلم 1: 243 ح 296، السنن الكبرى 1: 311.
(2) الكافي 3: 100 ح 3، الفقيه 1: 56 ح 211، التهذيب 1: 403 ح 1261.
(3) المقنعة: 7، المبسوط 1: 68، الخلاف 1: 246 المسألة: 217.
(4) المهذب للشيرازي 1: 52، المغني 1: 393.
(5) المراسم: 44.
259
وأكثره عشرة في المشهور. وللمفيد قول بثمانية عشر (1) وهو قول
الصدوق (2) وابن الجنيد (3) والمرتضى (4) وسلار (5). وجعله ابن أبي عقيل أحدا
وعشرين يوما (6). وفي المختلف: ذات العادة عادتها، والمبتدأة ثمانية عشر يوما (7). والأخبار منها: صحيح زرارة عن أحدهما (عليهما السلام): (النفساء تكف
عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها) (8).
وصحيح يونس، بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام): (النفساء تجلس
أيام حيضها التي كانت تحيض) (9).
وفي خبر زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) مثله (10)، وخبر مالك بن أعين
عن الباقر (عليه السلام) نحوه (11).
وعن زرارة عن الصادق (عليه السلام) مثله: وتستظهر بيوم أو
يومين) (12).
وصحيح محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) في قعود النفساء:
(ثمان عشرة وسبع عشرة) (13).



(1) المقنعة: 7.
(2) الفقيه 1: 55، الهداية: 22.
(3) مختلف الشيعة: 41.
(4) الانتصار: 35.
(5) المراسم: 44.
(6) المعتبر 1: 253.
(7) مختلف الشيعة: 41.
(8) الكافي 3: 97 ح 1، التهذيب 1: 173 ح 495، 175 ح 499، الاستبصار 1: 51 ح 519.
(9) الكافي 3: 99 ح 5، التهذيب 1: 175 ح 500، الاستبصار 1: 150 ح 520.
(10) التهذيب 1: 176 ح 504، ولاحظ الهامش 9.
(11) التهذيب 1: 176 ح 505، الاستبصار 1: 152 ح 525.
(12) الكافي 3: 99 ح 6، التهذيب 1: 175 ح 501، الاستبصار 1: 151 ح 521. وفي الجميع:
(تستطهر بيومين).
(13) التهذيب 1: 177 ح 508، الاستبصار 1: 152 ح 528.
260
وصحيح محمد أيضا عن الباقر (عليه السلام): ان أسماء بنت عميس
أمرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان تغتسل لثمان عشرة، ولا بأس ان تستظهر
بيوم أو يومين) (1) وربما تمسك بهذا ابن أبي عقيل.
وصحيح ابن سنان عنه (عليه السلام): تسع عشرة (2).
وروى علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي ثلاثين يوما (3).
وروى حفص بن غياث عن الصادق (عليه السلام) عن علي (عليه
السلام) أربعين (4).
وروى محمد بن يحيى الخثعمي عن الصادق (عليه السلام): (ما بين
الأربعين إلى خمسين) (5).
واطرحها الشيخ من حيث التضاد، وحملها على التقية. وخبر أسماء متأول
بأن سؤالها كان عقيب الثمانية عشر فأمرها بالغسل، ولو سألته قبلها لأمرها (6).
وعن الصادق (عليه السلام) نحوه وتستظهر بيوم أو يومين (7). وقال الصدوق: الأخبار بأربعين فما زاد معلولة (8).
تنبيه:
الأخبار الصحيحة المشهورة تشهد برجوعها إلى عادتها في الحيض،
والأصحاب يفتون بالعشرة وبينهما تناف ظاهر، ولعلهم ظفروا بأخبار غيرها.
وفي التهذيب قال: جاءت أخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس عشرة،



(1) التهذيب 1: 178 ح 511، 180 ح 515، الاستبصار 1: 153 ح 531.
(2) التهذيب 1: 177 ح 510، الاستبصار 1: 152 ح 530.
(3) التهذيب 1: 174 ح 497.
(4) التهذيب 1: 177 ح 506، الاستبصار 1: 152 ح 526.
(5) التهذيب 1: 177 ح 507، الاستبصار 1: 152 ح 527.
(6) التهذيب 1: 178 ح 512.
(7) التهذيب 1: 178 ح 512.
(8) الفقيه 1: 56.
261
وعليها أعمل، لوضوحها عندي (1).
ثم ذكر الأخبار الأولى ونحوها، حتى أن في بعضها عن الصادق (عليه
السلام): (فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس، ثم تستظهر بعشرة أيام)، قال
الشيخ: يعني إلى عشرة، إقامة لبعض الحروف مقام بعض (2).
وهذا تصريح بان أيامها أيام عادتها لا العشرة، وحينئذ فالرجوع إلى عادتها
- كقول الجعفي في الفاخر، وابن طاووس، والفاضل (3) رحمهم الله - أولى، وكذا
الاستظهار كما هو هناك.
نعم، قال الشيخ، لا خلاف بين المسلمين ان عشرة أيام إذا رأت المرأة
الدم من النفاس، والذمة مرتهنة بالعبادة قبل نفاسها فلا يخرج عنها إلا بدلالة،
والزائد على العشرة مختلف فيه (4). فان صح الاجماع فهو الحجة، ولكن فيه طرح
للأخبار الصحيحة، أو تأويلها بالبعيد.
والنفساء كالحائض في جميع المحرمات والمكروهات والغسل، لأنه في
الحقيقة دم الحيض احتبس، وتعتبر حالها كما قلناه هناك.
مسائل:
الأولى: ما تراه بعد الأكثر استحاضة، لأن الحيض لا يتعقب النفاس إلا
بطهر متخلل، فلو تخلل ثم رأت فهو حيض إن أمكن، ولو استمر فحكمها حكم
الحائض إذا استحيضت، إلا ان المشهور هنا، عود المبتدأة والمضطربة إلى
العشرة.
وفي خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): (النفساء تجلس مثل أيامها
التي كانت تجلس قبل ذلك، واستظهرت بثلثي أيامها، ثم تغتسل وتصنع صنع



(1) النص للمفيد: 7، وكذا يتضح من التهذيب - الذي هو شرح المقنعة - 1: 174.
(2) التهذيب 1: 176، والحديث فيه برقم 502.
(3) مختلف الشيعة: 41.
(4) التهذيب 1: 174 - 175.
262
المستحاضة وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها، جلست مثل أيام أمها أو أختها أو
خالتها، واستظهرت بثلثي ذلك، ثم صنعت صنع المستحاضة) (1). وفيه العود إلى
نفاسها ونسائها، وهو غير مشهور مع ضعف سنده وشذوذه، كذا قال في المعتبر (2).
وكذا في خبر محمد بن يحيى الخثعمي عن الصادق (عليه السلام) عودها
إلى أيام نفاسها السابق (3)، وهو في الشذوذ كالأول.
الثانية: لو لم تر دما حتى انقضى الأكثر فلا نفاس، ويمن ان يكون
حيضا مع اجتماع شرائطه، وإلا فلا.
ولو رأت العاشر لا غير فهو النفاس، لأنه في طرفه. وعلى اعتبار العادة،
ينبغي ان يكون ما صادفها نفاسا دون ما زاد عليها.
ويحتمل اعتبار العشرة هنا إذا لم يتجاوز، كما لو انقطع دم المعتادة على
العشرة، أما مع التجاوز فالرجوع إلى العادة قوي.
ولو رأت مرتين في العشرة، فهما وما بينهما نفاس، لأن الطهر لا ينقص عن
عشرة، وكذا لو تعدد متفرقا. ولو رأت الأول لا غير فهو النفاس.
الثالثة: ذات التوأمين فصاعدا يتعدد نفاسها عملا بالعلة، فلكل نفاس
حكم نفسه، وان تجاوز العشرة فالباقي طهر حسب ما مر.
وتردد في المعتبر في الأول، من حيث إنها حامل ولا نفاس مع الحمل، ثم
قوى أنه نفاس (4).
الرابعة: لو نفست ذات العادة عشرا، ثم طهرت شهرين ثم استحيضت،
رجعت إلى عادتها في كل شهر، ولا يصير حيضها في شهرين مرة بسبب تغير
الطهر.



(1) التهذيب 1: 403 ح 1262.
(2) المعتبر 1: 257.
(3) التهذيب 1: 177 ح 507، الاستبصار 1: 152 ح 527.
(4) المعتبر 1: 257..
263
نعم، لو حصل ذلك مرة أخرى في حيضة أخرى أمكن النقل، لأن
النفاس كحيضة.
ولو نفست أزيد عن عادتها أو أنقص، ثم حاضت بعدد النفاس، أمكن
الانتقال إلى الثاني، كالحيضتين الناسختين لما قبلهما.
الخامسة: لو سقط عضو من الولد وتخلف الباقي، فالدم نفاس على
الأقرب ولو وضعت الباقي بعد العشرة أمكن جعله نفاسا آخر، كالتوأمين. وعلى
هذا، لو تقطع بفترات تعدد النفاس. ولم أقف فيه على كلام سابق.
السادسة: لو رأت ثلاثة ثم ولدت قبل مضي طهر، فالأقرب: ان الأول
استحاضة، لفقد شرط ما بين الحيضتين، وفصل الولادة لم يثبت انه كاف عن
الطهر.
السابعة: يفترق الحيض والنفاس في الأقل قطعا. وفي الأكثر على ما مر.
وفي الدلالة على البلوغ، وانقضاء العدة، لحصولهما بالحمل.
نعم، لو كانت حاملا من زنا، ورأت قرءين في زمان الحمل، حسب النفاس
قراء آخر، وانقضت به العدة بظهوره أو انقطاعه، كما سبق.
ويلحق بذلك أحكام المحدث، وهي قسمان:
أحدهما: حكم الأصغر، وهو:
حرمة الصلاة مطلقا، وأبعاضها المفعولة بعدها، والمرغمتين (1)، للآية (2).
والخبر (3).
والطواف الواجب، للخبر (4).



(1) المرغمتان: سجدتا السهو، سميتا بذلك لكون فعلهما يرغم انف الشيطان ويذله. مجمع البحرين
- رغم -.
(2) سورة المائدة: 8.
(3) الفقيه 1: 22 ح 67، التهذيب 1: 49 ح 144، الاستبصار 1: 55 ح 160.
(4) الفقيه 2: 250 ح 1201، التهذيب 5: 154، 509، الاستبصار 3: 241 ح 841.
264
ومس القرآن، للآية، (1) وهو خبر معناه النهي.
وقول النبي (صلى الله عليه وآله) لحكيم بن حزام: (لا تمس المصحف إلا
طاهرا) (2).
وقول الصادق (عليه السلام) لابنه إسماعيل: (لا تمس الكتاب) وكان على غير وضوء.
وادعى الشيخ عليه الإجماع (4) مع قوله في المبسوط يكره (5).
ويلزم ابن الجنيد الكراهية، لأنه كره ذلك للجنب والحائض وحدثهما
أقوى.
وقد يريدان بالكراهية الحرمة.
وفي منع الصبي من مس القرآن وان تطهر وجه، لعدم ارتفاع حدثه.
ووجه الجواز: إباحة الصلاة له بطهره، ولعدم التكليف في حقه. أما قبل
الطهارة، فالمنع أقرب
ويكره للمحدث حمل المصحف، ومس خيطه (6) وتعليقه، وكتابته، لنهي أبي
الحسن (عليه السلام) عن ذلك، وتلا الآية (7).
ولا يمنع من مس كتب الحديث، ولا الدراهم الخالية من القرآن، أو
المكتوب عليها القرآن، ففي خبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام): (اني
لأوتي بالدرهم، فآخذه وإني لجنب) ثم ذكر ان عليه سورة من القرآن (8).



(1) سورة الواقعة: 79.
(2) سنن الدارقطني 1: 123، المستدرك على الصحيحين 3: 485.
(3) التهذيب 1: 126 ح 342، الاستبصار 1: 113 ح 376.
(4) الخلاف 1: 100 المسألة: 46.
(5) المبسوط 1: 23.
(6) في م ونسخة من المصدر: (خطه).
(7) التهذيب 1: 127 ح 344، الاستبصار 1: 113 ح 378.
(8) المعتبر 1: 188 عن جامع البزنطي.
265
. وفي خبر أبي الربيع عن الصادق (عليه السلام) في الجنب يمس الدراهم
وفيها اسم الله، أو اسم رسوله، قال: (لا بأس، ربما فعلت ذلك) (1).
وإذ قلنا بذلك فالمحدث أولى، ولعل الوجه سلب اسم المصحف أو
الكتاب عنها، أو لزوم الحرج بلزوم تجنب ذلك.
ولا يمنع من مس الكتب المنسوخة، ولا مما نسخ تلاوته، ولا من سجود
الشكر، ولا سجود التلاوة - في الأصح - للخبر.
والأقرب: ان اللمس يعم جميع أجزاء البدن مصيرا إلى اللغة، فلا يختص
بباطن الكف.
وتكره المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو، خوفا من نيل أيديهم.
ولا يحرم مس ما بين السطور من البياض، ولا الحاشية، ولا مس جلده،
ولا صندوقه، ولا تقليب ورقه بقضيب.
الثاني: حكم الأكبر، وهو ما ذكر في الأصغر، لقوله تعالى: (ولا جنبا إلا
عابري سبيل) (2).
وقول الباقر (عليه السلام) في الطامث: (لا تحل لها الصلاة) (3).
ويزيد عليه: حرمة قراءة العزائم الأربع إجماعا، واللبث في المساجد،
والجواز في المسجدين، كل ذلك رواه محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) (4).
ولقوله تعالى: (ولا جنبا إلا عابري سبيل) (5).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (لا أحل المسجد لحائض، ولا
جنب) (6) ومنه يعلم تحريم الاعتكاف.



(1) المعتبر 1: 188 عن كتاب الحسن بن محبوب.
(2) سورة النساء: 43.
(3) الكافي 3: 101 ح 4، التهذيب 1: 159 ح 456.
(4) التهذيب 1: 371 ح 1132.
(5) سورة النساء: 43.
(6) التاريخ الكبير للبخاري 2: 67 برقم 1710، سنن أبي داود 1: 60 ح 232. السنن الكبرى
2: 442.
266
ورواية جميل عن الصادق (عليه السلام) في الجنب يجلس في المساجد:
(لا، ولكن يمر فيها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) (1).
والصدوقان والمفيد أطلقوا المنع من دخول المساجد إلا اجتيازا (2)، وخبر
محمد بن مسلم مخصص غير المسجدين (3).
ووضع شئ فيها - في المشهور - لرواية عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه
السلام) في الجنب والحائض: (لا يضعان في المسجد شيئا، ويجوز أخذهما
منه) بنصه (عليه السلام) في هذه الرواية.
وعد سلار اللبث في المساجد للجنب والحائض ووضع شئ فيها مما
يستحب تركه (5)، ولم يفرق بين المسجدين وغيرهما. وما مر يدفعه.
وفي خبر الفضيل بن يسار عن الباقر (عليه السلام): (لا بأس أن يتلو
الجنب والحائض القرآن) (6).
واستثنى في خبر محمد بن مسلم السابق العزائم. وعلل في التهذيب: بأنه
لا يجوز السجود إلا لطاهر من النجاسات وحمل خبر أبي عبيدة عن الباقر (عليه
السلام) في سجود الطامث إذا سمعت على الندب (7).
ويشكل: بمناقضة الندب الحرام، إلا أن يخص التحريم بالسجدة
الواجبة. والمشهور عدم تحريم السجود، لرواية أبي بصير عن الصادق (عليه



(1) الكافي 3: 50 ح 4، التهذيب 1: 125 ح 338.
(2) الفقيه 1: 48، الهداية: 21، المقنعة: 6.
(3) راجع ص 201 الهامش 3.
(4) الكافي 3: 51 ح 8، التهذيب 1: 125 ح 339.
(5) المراسم: 42.
(6) التهذيب 1: 128 ح 347، الاستبصار 1: 114 ح 380.
(7) التهذيب 1: 129.
وخبر أبي عبيدة في: الكافي 3: 106 ح 3، التهذيب 1: 129 ح 353، الاستبصار 1: 115
ح 385.
267
السلام): (إذا قرئ شئ من العزائم الأربع وسمعتها، فاسجد وإن كنت على
غير وضوء، وان كنت جنبا، وان كانت المرأة لا تصلي) (1).
وقوله (عليه السلام) في خبر عبد الرحمن في الحائض: (تقرأ، ولا تسجد) (2).
يحمل على السجدات المستحبة فتؤخر إلى الطهر، أو نهي عن السبب بلفظ
المسبب، فكأنه قال: تقرأ القرآن إلا العزيمة. وليست السجدة جزء صلاة حتى
تدخل في قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يقبل الله صلاة بغير
طهور) (3). فالحجة على تحريم قراءة العزيمة لهما: الإجماع، والخبر المذكور.
أما غير العزائم، فالصدوقان والجعفي والمفيد والشيخ في الخلاف - مدعيا
للإجماع - على الجواز (1). وهو قول سلار (5) وابن زهرة (6) وابن إدريس (7).
وفي كتابي الحديث إشعار بتحريم ما عدا السبع أو السبعين، جمعا بين
الأخبار الدالة على قراءة ما شاء - كصحيح الحلبي الآتي (8) - وبين مقطوعي
سماعة، الدال أحدهما على السبع والآخر على السبعين (9) فجعل المشية (10) المطلقة
في القرآن مخصوصة بهذا العدد.
ثم إنه جمع بينهما بحمل الاقتصار على العدد على الندب والباقي على
الجواز (11). فعلم أنه غير جازم بالتحريم، وليس في تأويله الثاني تصريح



(1) الكافي 3: 318 ح 2.
(2) التهذيب 2: 292 ح 1172.
(3) مسند أحمد 2: 20، صحيح مسلم 1: 204 ح 224، سنن ابن ماجة: 1: 100 ح 272، سنن
الترمذي 1: 5 ح 1، معرفة علوم الحديث 129، السنن الكبرى 1: 42.
(4) الفقيه 1: 28، المقنع، 13، الهداية 20، المقنعة 6:، الخلاف 1: 101 المسألة 47.
(5) المراسم: 42.
(6) الغنية: 488.
(7) السرائر: 21.
(8) راجع الهامش: 11.
(9) التهذيب 1: 128 ح 350، 351، الاستبصار 1: 114 ح 383.
(10) (في قوله: يقرءان من القرآن ما شاءا) ه‍ م.
(11) التهذيب 1: 128 ذيل الحديث 349، الاستبصار 1: 115 ذيل الحديث 283.
268
بالكراهية، غايته انه ترك الأفضل.
والأقرب: الأول، لعموم قوله تعالى: (فاقرءوا ما تيسر منه) (1).
ولصحيح الفضيل بن يسار عن الباقر (عليه السلام): (لا بأس أن تتلو
الحائض والجنب القرآن) (2).
وصحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في الحائض والجنب والمتغوط
(يقرؤون ما شاؤوا) (3).
وعن سلار في (الأبواب) تحريم القراءة مطلقا.
وابن البراج، لا يجوز الزيادة على السبع (4)، لاشتهار النهي عن قراءة القرآن
للجنب والحائض في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) بين الرجال والنساء، ومن
ثم تخلص عبد الله بن رواحة من تهمة امرأته بشعر موهما القراءة، فقالت: صدق
الله وكذب بصري، فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) فضحك حتى بدت
نواجذه (5).
وعن علي (عليه السلام): (لم يكن يحجب النبي (صلى الله عليه وآله) عن
قراءة القرآن شئ سوى الجنابة) (6).
وعنه (صلى الله عليه وآله): (لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من
القرآن. (7).



(1) سورة المزمل: 20.
(2) التهذيب 1: 128 ح 347، الاستبصار 1: 114 ح 380.
(3) التهذيب 1: 128 ح 348، الاستبصار 1: 114 ح 381.
(4) المهذب 1: 34.
(5) سنن الدارقطني 1: 34.
(6) مسند أحمد 1: 84، 124 سنن ابن ماجة 1: 195 ح 594، سنن أبي داود 1: 59 ح 229،
سنن النسائي 1: 144، مسند أبي يعلى 1: 247 ح 278، سنن الدارقطني 1: 119.
(7) سنن ابن ماجة 1: 95 ح 595، الجامع الصحيح 1: 236 ح 131، سنن الدارقطني 1: 117،
شرح معاني الآثار 1: 88.
269
قلنا: يحمل على الكراهية إن صح، جمعا بين الأخبار، ولهذا عده متأخر و
الأصحاب مكروها) (1).
ويحرم أيضا عليهما مس اسم الله تعالى، لقول الصادق (عليه السلام):
(ولا يمس الجنب دينارا ولا درهما عليه اسم الله تعالى) (2) أو أسماء الأنبياء أو
الأئمة، للتعظيم. والصوم على ما يأتي إن شاء الله.
ويكره للجنب الأكل والشرب ما لم يتمضمض ويستنشق في المشهور.
وفي خبر زرارة عن الباقر (عليه السلام): (غسل اليد والمضمضة وغسل
الوجه للأكل) (3).
وعنه (عليه السلام): (لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ) (4). فاقتصر في
المعتبر على غسل يده والمضمضة (5).
والنوم ما لم يتوضأ، وهو مروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) من غير
طرقنا (6).
ورويناه عن الصادق (عليه السلام) (7) ويعارضه حديثان بالنوم بغير
وضوء (8)، فحمل على الندب.
هذا حكم الأكبر بقول مطلق، وأما حكم الحائض والنفساء ففيه مسائل:



(1) المعتبر 1: 90.
(2) التهذيب 1: 31 ح 82، الاستبصار 1: 113 ح 374.
(3) الكافي 3: 50 ح 1، التهذيب 1: 129 ح 354، باختلاف في الألفاظ.
(4) الفقيه 1: 47 ح 181.
(5) المعتبر 1: 191.
(6) الموطأ 1: 47 ح 76، صحيح البخاري 1: 80، صحيح مسلم 1: 249 ح 306، سنن ابن
ماجة 1: 193 ح 585، سنن أبي داود 1: 57 ح 221، الجامع الصحيح 1: 206 ح 120،
سنن النسائي 1: 14.
(7) الفقيه 1: 47 ح 179.
(8) الفقيه 1: 47 ح 180، التهذيب 1: 369 ح 1126.
270
الأولى: يحرم منها موضع الدم - إجماعا، وللآية (1) - لا غيره، لقول النبي
(صلى الله عليه وآله): (افعلوا كل شئ إلا الجماع) (2).
ولإباحة الصادق (عليه السلام): (كل شئ عدا القبل) (3).
وحرم المرتضى الاستمتاع إلا بما فوق المئزر (4)، لقول الصادق (عليه
السلام): (تتزر إلى الركبتين وتخرج سرتها:، ثم له ما فوق الإزار) (5). وهو من مفهوم
الاسم، وغايته انه ليس له، والمكروه يصدق عليه ذلك ونحن نقول به جمعا بين
الأخبار، ولقول النبي: (من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه) (6).
وتجب الكفارة بالتعمد والعلم في قول الأكثر، ونقل الشيخ فيه الإجماع (7)،
لمقطوع محمد بن مسلم (8)، وخبرين عن الصادق (عليه السلام) (9) والعمدة
الشهرة. والعدم أصح إسنادا وعليه النهاية والفاضلان، وحملوا تلك الأخبار على
الاستحباب جمعا (10).
وأما التفصيل بالمضطر وغيره، أو الشاب وغيره - كما قاله الراوندي (11) - فلا
عبرة به.



(1) سورة البقرة: 222.
(2) مسند أحمد 3: 132، صحيح مسلم 1: 246 ح 302، سنن ابن ماجة 1: 211 ح 644، سنن
أبي داود 1: 67 ح 258، السنن الكبرى 1: 313.
(3) الكافي 5: 538 ح 1، التهذيب 1: 154 ح 437، الاستبصار 1: 128 ح 438.
(4) المعتبر 1: 224، مختلف الشيعة: 35.
(5) الفقيه 1: 54 ح 204، التهذيب 1: 154 ح 439، الاستبصار 1: 129 ح 442.
(6) مسند أحمد 4: 270، صحيح البخاري 3: 70، صحيح مسلم 3: 1219 ح 1599، سنن
ابن ماجة 2: 1319 ح 3984، سنن أبي داود 3: 243 ح 3329، الجامع الصحيح 3: 511
ح 1205.
(7) الخلاف 1: 226 المسألة: 194.
(8) التهذيب 1: 163 ح 467، الاستبصار 1: 133 ح 455.
(9) التهذيب 1: 163 ح 468، 469، الاستبصار 1: 133 ح 456، 457.
(10) النهاية: 26، المعتبر 1: 224، مختلف الشيعة: 35.
(11) فقه القرآن 1: 54.
271
وقدرها دينار أو نصفه أو ربعه، بحسب أول الحيض ووسطه وآخره، لخبر
داود عن الصادق (عليه السلام) - وعده المرتضى إجماعا (1) - وفيه مع العجز
الصدقة على مسكين واحد وإلا استغفر الله (2). وهو وإن كان في سنده إرسال إلا
أن الشهرة تؤيده.
والصدوق في المقنع: الكفارة ما يشبع مسكينا (3) لخبر الحلبي عنه (عليه
السلام) (4).
وأمته، ثلاثة أمداد طعام، ذكره الصدوق والشيخ في النهاية (5).
أما وطؤها بعد الطهر قبل الغسل، فالأشهر جوازه وإن كره، للآية (6). وفيها
دلالة من لفظ المحيض ومن الغاية، وقراءة التشديد لا تنافيه، لأن تفعل تجئ
بمعنى: فعل، كالمتكبر في أسماء الله تعالى، ويقال: تطعمت الطعام، بمعنى:
طعمته.
والجواز مروي عن الصادق والكاظم (عليهما السلام) (7).
ولتغسل فرجها ندبا، لقول الباقر (عليه السلام) في الشبق (8).
وخبر أبي بصير وسعيد بن يسار بالمنع عن الصادق (عليه السلام) يحمل
على الكراهية توفيقا.
ولو قلنا بالوجوب وتعذر الماء، فالتيمم، لخبر أبي عبيدة عن الصادق (عليه



(1) الانتصار: 33.
(2) التهذيب 1: 164 ح 471، الاستبصار 1: 134 ح 459.
(3) المقنع: 16.
(4) الفقيه 1: 53 ح 200 التهذيب 1: 163 ح 469، الاستبصار 1: 133 ح 457.
(5) المقنع: 16، ا لفقيه 1: 53، النهاية 571.
(6) سورة البقرة: 222.
(7) التهذيب 1: 166 ح 476، 481، الاستبصار 1: 135 ح 464، 468.
(8) الكافي 5: 539 ح 1، التهذيب 1: 166 ح 477، الاستبصار 1: 135 ح 463.
(9) التهذيب 1: 166 ح 478، 479، الاستبصار: 136 ح 465، 466.
272
السلام) (1).
الثانية: يحرم طلاقها مع الدخول، والحضور أو حكمه، وعدم الحمل
إجماعا. ولا يقع اتفاقا منا، للأخبار، ولرد النبي (صلى الله عليه وآله) امرأة ابن
عمر لما طلقت في الحيض ولم يره شيئا (2).
الثالثة: لا يرتفع حدثها لو تطهرت، للمانع، وخبر الكاهلي (3).
وإذا انقطع وجب الغسل إجماعا، لوجوب ما هو مشترط به، وهو الصلاة
والطواف باجماعنا، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (امكثي مقدار ما كانت
تجيئك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي) (4).
وعن الباقر (عليه السلام): (وإن لم تر شيئا فلتغتسل) (5) وفيه دلالة على
أن وجوب الغسل بالانقطاع.
ولقول النبي (صلى الله عليه وآله): (وإذا أدبرت فاغتسلي) (6).
ويمكن أن يجب بالدم عند الانقطاع لاستباحة الصلاة مثلا، كما أن البول
والمني يوجبان الوضوء والغسل بالخروج عند القيام إلى الصلاة.
اما الصوم، فنص ابن أبي عقيل على فساد الصوم بترك غسل الحيض
والنفاس (7)، لخبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): (إن طهرت من حيضها،



(1) الكافي 3: 82 ح 3، التهذيب 1: 400 ح 1250.
(2) المصنف لعبد الرزاق 6: 308 ح 10952، صحيح البخاري 7: 52، صحيح مسلم 2: 1093.
ح 1471، سنن أبي داود 2: 255 ح 2179، الجامع الصحيح 3: 478 ح 1175، سنن
النسائي 6: 138.
(3) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 395 ح 1224.
(4) مسند أحمد 6: 222، صحيح مسلم 1: 246 ح 334، سنن أبي داود 1: 72 ح 279، سنن
النسائي 1: 119، السنن الكبرى 1: 330، وفي الجميع: (تحبسك) بدل (تجيئك).
(5) الكافي 3: 80 ح 2، التهذيب 1: 161 ح 460.
(6) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183، صحيح البخاري 1: 84، صحيح مسلم
1: 262 ح 333، سنن أبي داود 1: 74 ح 282، السنن الكبرى 1: 33
(7) مختلف الشيعة: 220.
273
ثم توانت أن تغتسل حتى أصبحت، عليها قضاء ذلك اليوم) (1).
وقربه الفاضل، حتى أوجب في المختلف الكفارة (2).
وتردد في المعتبر، لضعف سند الرواية (3).
الرابعة: لو حاضت بعد إمكان الأداء قضت، لخبر أبي عبيدة عن الصادق
(عليه السلام) (4).
ولو طهرت وبقى قدر الطهارة وركعة أدت، وإلا قضت مع الإهمال، للخبر
عن الباقر والصادق (عليهما السلام) (5).
وفي التهذيب: إنما يجب قضاء الظهر لو طهرت قبل مضي أربعة أقدام (6).
ورواه عن الكاظم (عليه السلام) الفضل بن يونس (7). وهو واقفي.
والصدوق: لو حاضت بعد صلاة ركعتين من المغرب قضت الركعة، وبعد
صلاة ركعتين من الظهرين لا قضاء (8)، لخبر أبي الورد عن الباقر (عليه السلام) (9).
وحملت على مضي ما يسع المغرب فيجب قضاؤها، ويعبر بالركعة عن
الصلاة.
الخامسة: يكره للجنب والحائض الخضاب، توفيقا بين أخبار المنع
والجواز، عن الصادق (عليه السلام) والكاظم (عليه السلام) (10).



(1) التهذيب 1: 393 ح 1213، باختصار في الألفاظ.
(2) مختلف الشيعة: 220.
(3) المعتبر 1: 226.
(4) الكافي 3: 103 ح 2، التهذيب 1: 391 ح 1208، الاستبصار 1: 145 ح 496.
(5) الكافي 3: 102 ح 2، 4 التهذيب 1: 389 ح 1198، و 390 ح 1205، 1209، الاستبصار
1: 141 ح 484.
(6) التهذيب 1: 391.
(7) الكافي 3: 102 ح 1، التهذيب 1: 389 ح 1199، الاستبصار 1: 142 ح 485.
(8) الفقيه 1: 52، المقنع: 17.
(9) الكافي 3: 103 ح 5، التهذيب 1: 392 ح 1210، الاستبصار 1: 144 ح 495.
(10) قرب الاسناد 124، الكافي 3: 109 ح 1، 2 التهذيب 1: 181 ح 517 - 525، الاستبصار
1: 116 ح 386 - 392.
274
وعلل في رواية أبي بصير: بخوف الشيطان على الحائض (1).
وعلله المفيد بمنعه وصول الماء (2).
ويشكل: باقتضائه التحريم.
وأجيب: بأن المحرم المنع التام، والأجزاء الحاملة للون خفيفة لا تمنع منعا
تاما.
وفيه اعتراف بمنع الماء بالجملة، وهو غير جائز، إلا أن يقال: يعفى عنه
لخفته.
وعن الصادق (عليه السلام) النهي عن الجنابة للمختضب من الرجل
والمرأة (3).
وعن الكاظم (عليه السلام): (إذا بلغ مأخذه فجامع) (4).
والمفيد: لا يحرج في الجنابة بعد الخضاب، ولا الحيض بعده (5).
قال في المعتبر: يحمل على اتفاق الجنابة لا على القصد إليها، لأن تعليله
الأول يقتضي المنع مع الرواية به! ولعله اطرحها لضعف سندها، ونحن لا نراها
تقصر عن الكراهية (6).
قلت: لعل الفرق تعلق الوجوب في الأول بالبدن خاليا عن الحائل،
بخلاف الثاني.
ويكره للجنب الدهن، قاله ابن الجنيد، لخبر حريز عن الصادق (عليه



(1) التهذيب 1: 181 ح 520.
(2) المقنعة: 7.
(3) التهذيب 1: 182 ح 521، الاستبصار 1: 116 ح 388.
(4) التهذيب 1: 181 ح 517، الاستبصار 1: 116 ح 386.
(5) المقنعة: 7.
(6) المعتبر 1: 192.
275
السلام) (1).
ويكره الجماع للمحتلم، ولا يكره بعد جماع، لفعل النبي (صلى الله عليه
وآله) (2).
السادسة: يستحب الوضوء لوقت الصلاة، والكون في مصلاها لذكر الله
تعالى بقدر الصلاة، لخبر زيد الشحام عن الصادق (عليه السلام) (3).
وقول الباقر (عليه السلام) في رواية زرارة: (عليها أن تتوضأ، ثم تقعد في
موضع طاهر) (4) لتأكيد الندب، لا للوجوب الذي قاله الشيخ أبو الحسن بن
بابويه رحمه الله (5).
والمفيد: تجلس ناحية من مصلاها (6). والروايتان خاليتان عن تعيين
المكان.
قال في المعتبر: وهو المعتمد. وعلله أيضا بالتمرين على العبادة بقدر المكنة
فيصير عادة، لقول النبي صلى الله عليه وآله: (الخير عادة) (7).
وهذا من تفردات الإمامية رحمهم الله.
السابعة: يجب قضاء الصوم دون الصلاة إجماعا، لقول بعض أزواج النبي
(صلى الله عليه وآله): كنا نحيض على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)،



(1) الكافي 3: 51 ح 6، التهذيب 1: 129 ح 355 و 372 ح 1138، الاستبصار 1: 117
ح 393.
(2) صحيح مسلم 1: 249 ح 309، السنن الكبرى 1: 204.
(3) الكافي 3: 101 ح 3، التهذيب 1: 159 ح 455.
(4) الكافي 3: 101 ح 4، التهذيب 1: 159 ح 456.
(5) الفقيه 1: 50.
(6) المقنعة: 7.
(7) المعتبر 1: 233.
والحديث في، سنن ابن ماجة 1: 80 ح 221، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 1: 264.
ح 310.
276
فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (1).
وعن الباقر (عليه السلام): (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأمر
فاطمة بذلك والمؤمنات (2)) (3).
الثامنة: يجب عليها الاستبراء بقطنة عند الانقطاع لدون الأكثر لتغتسل إن
نقيت، لخبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) (4).
وعن الصادق (عليه السلام): (لتقم وتلصق بطنها إلى الحائط، وترفع
رجلها اليسرى إلى الحائط، ثم تدخل الكرسف بيدها اليمنى) (5) ولم يصرح أكثر القدماء بوجوب الاستبراء، وهو من باب وجوب المقدمة.
فروع:
الأول: يحرم بعض العزيمة حتى الآي المشتركة بالنية منها - كالبسملة،
و (من عمل صالحا فلنفسه) (6) ويباح بالتيمم المسوغ للصلاة، لما مر.
ولا تمنع من ذكر الله تعالى، لقول الباقر (عليه السلام) في خبر زرارة ومحمد
ابن مسلم - في الحائض والجنب: (يقرآن ما شاءا إلا السجدة، ويذكران الله على
كل حال) (7).
الثاني: يكره الاجتياز في المساجد للجنب والحائض مع أمن التلويث،
للتعظيم، وكذلك: السلس، والمبطون، والمجروح، والصبي المنجس، والدابة
التي لا تؤكل. ولو علم التلويث حرم الجميع.



(1) المصنف لعبد الرزاق 1: 331 ح 1277، مسند أحمد 6: 231، صحيح مسلم 1: 265
ح 335، سنن أبي داود 1: 69 ح 263، سنن النسائي 4: 191، السنن الكبرى 1: 308.
(2) في المصدرين: (وكانت تأمر بذلك المؤمنات).
(3) الكافي 3: 104 ح 3، التهذيب 1: 160 ح 459.
(4) التهذيب 1: 161 ح 460.
(5) التهذيب 1: 161 ح 461، 462.
(6) سورة فصلت: 46، الجاثية: 15.
(7) علل الشرائع: 288، التهذيب 1: 26 ح 67، 129 ح 352، الاستبصار 1: 115 ح 384.
277
وألحق المفيد - في العزية - وابن الجنيد المشاهد المشرفة بالمساجد. وهو
حسن، لتحقق معنى المسجدية فيها وزيادة.
الثالث: يعزر الواطئ العالم بالتحريم والحيض، لانتهاكه حرمة، وكذا المرأة
إن طاوعت.
وقطع في التذكرة بفسق الواطئ (1).
ولو استحله كفر، للإجماع على تحريمه.
ويجب القبول منها لو أخبرت بالحيض أو الطهر، لقوله تعالى: (ولا يحل
لهن أن يكتمن) (2).
ولأنه لا يمكن فيه إقامة البينة، لأن مشاهدة الدم لا تكفي في الحكم بأنه
حيض، لجواز كونه استحاضة.
وفي الخبر المتقدم عن علي (عليه السلام) ما يدل على سماع البينة (3) فيه، وذكر
ذلك في العدد أيضا مرويا.
وحمله الشيخ في الاستبصار على كونها متهمة، لخبر زرارة عن الباقر (عليه
السلام): (العدة والحيض إلى النساء) (4).
ولو اشتبه الحال فيها، إما لتحيرها أو لغلبة ظن كذبها، اجتنبت احتياطا،
لأنه إقدام على ما لا يؤمن قبحه، ونبه عليه قول الصادق (عليه السلام) في آتي
الطامث خطأ: (عصى الله) (5).
الرابع: لو كرر الوطء تكررت الكفارة، مع تخلل التكفير أو تغاير المقدر
وإلا فلا، أخذا بالعموم، وأصل البراءة.



(1) تذكرة الفقهاء 1: 28.
(2) سورة البقرة: 228.
(3) تقدم في ص 231 الهامش 5، 6.
(4) الاستبصار 3: 356.
وخبر زرارة في الكافي 6: 101 ح 1، التهذيب 8: 165 ح 575، الاستبصار 3: 356 ح 1276.
(5) التهذيب 1: 165 ح 473، الاستبصار 1: 134 ح 461.
278
ويختلف الزمان المقدر له بحسب العادة، قاله المفيد (1) وهو ظاهر الخبر (2).
وقال سلار: الوسط ما بين الخمسة إلى السبعة (3). والراوندي اعتبر العشرة
وأسقط العادة (4). فظاهرهما إمكان خلو بعض العادات عن الوسط والأخير.
ولو صادف الوطئ زمانين أو ثلاثة كما يتفق في النفساء، فالظاهر التعدد، ولا
كفارة عليها، ولا على الواطئ صبيا، لعدم التكليف.
ولا فرق بين الزوجة والأجنبية، للعموم، أو الاطلاق في بعض الأخبار
الخامس: قدر الشيخان الدينار بعشرة دراهم (5) والخبر خال منه. فإن لم
نقل به، ففي جواز إخراج القيمة نظر، التفاتا إلى عدم إجزاء القيم في الكفارة
وعلى قولهما لا يجزئ دينار قيمته أقل من عشرة.
والظاهر أن المراد به المضروب فلا يجتزئ التبر، لأنه المفهوم من الدينار
ومصرفه مستحق الزكاة، لحاجته.



(1) المقنعة: 7.
(2) راجع ص 205 الهامش 15.
(3) المراسم: 44.
(4) فقه القرآن 1: 54.
(5) المقنعة: 7، النهاية: 26.
279
المقام الخامس: في أحكام الميت:
وهي خمسة:
الأول: احتضاره، ولنقدم أخبارا نافعة لطالب الآخرة منقولة بالمعنى من
الكافي:
الباقر (عليه السلام): (كان الناس يعتبطون اعتباطا، فسأل إبراهيم (عليه
السلام) ربه علة يعرف بها الموت، فنزل البرسام ثم الداء بعده) (1).
قلت: الاعتباط - بالعين المهملة - الموت بغير علة، ومات عبطة - بفتح
العين - أي صحيحا شابا.
رسول الله (صلى الله عليه وآله): (موت الفجأة تخفيف على المؤمن، وأخذة
أسف على الكافر (2).
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الحمى رائد الموت، وهي سجن الله
في الأرض، وحظ المؤمن من النار) (3).
الرضا (عليه السلام): (أكثر من يموت من موالينا بالبطن الذريع) (4).
قلت: الذريع - بالذال المعجمة - السريع.
الباقر (عليه السلام): (المؤمن يبتلى بكل بلية، ويموت بكل ميتة، إلا أنه
لا يقتل نفسه) (5).
الصادق (عليه السلام) نحوه وزاد: (ولا يبتليه بذهاب عقله)، وذكر أيوب
(عليه السلام) (6).



(1) الكافي 3: 111 ح 1.
والبرسام: علة معروفة يهذى فيها. القاموس - مادة برسم -.
(2) الكافي 3: 112 ح 5.
(3) الكافي 3: 112 ح 7، ثواب الأعمال: 288.
(4) الكافي 3: 112 ح 6.
(5) الكافي 3: 112 ح 8.
(6) الكافي 3: 112 ح 10.
281
رسول الله (صلى الله عليه وآله): (في المؤمن يمرض يقول الله للملكين:
أكتبا لعبدي مثل ما كان يعمله في صحته من الخير في يومه وليلته) (1) وكذلك من
غلبه كبر أو ضعف.
أحدهما (عليهما السلام): (سهر ليلة من مرض أو وجع أفضل من عبادة
سنة) (2).
الباقر (عليه السلام): حمى ليلة تعدل عبادة سنة، وحمى ليلتين عبادة
سنتين، وحمى ثلاث عبادة سبعين سنة) (3).
الصادق (عليه السلام): (من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها، أي: لا يشكو
ما أصابه إلى أحد، كتب الله عز وجل له عبادة ستين سنة) (4).
جميل بن صالح عن الصادق (عليه السلام): (قول الرجل: حممت اليوم
وسهرت البارحة ليس شكاية، أنما الشكوى: لقد ابتليت بما لم يبتل به أحد، أو
أصابني ما لم يصب أحدا) (5).
الصادق (عليه السلام): (ينبغي للمريض أن يؤذن إخوانه بمرضه
فيعودونه، فيؤجر فيهم ويؤجرون فيه، فيكتب له بذلك الحسنات، وترفع له بها
عشر درجات، وتمحى عنه بها عشر سيئات) (6).
وعن الكاظم (عليه السلام): (فليأذن للناس يدخلون عليه، فإنه ليس
من أحد ألا وله دعوة مستجابة) (7).
الصادق (عليه السلام): (إذا دخل أحدكم على أخيه عائدا له، فليسأله



(1) الكافي 3: 113 ح 1.
(2) الكافي 3: 114 ح 6.
(3) الكافي 3: 114 ح 9.
(4) الكافي 3: 115 ح 4.
(5) الكافي 3: 116 ح 1، معاني الأخبار: 142.
(6) الكافي 3: 117 ح 1، مستطرفات السرائر: 482.
(7) الكافي 3: 117 ح 2.
282
يدعو له، فإن دعاءه مثل دعاء الملائكة) (1).



(1) الكافي 3: 117 ح 3.
283
فصل:
قال الصادق (عليه السلام): (لا عيادة في وجع العين، ولا تكون عيادة
في أقل من ثلاثة أيام، فإذا وجبت فيوم ويوم لا ويومين لا، فإذا طالت العلة ترك
العليل وعياله) (1).
وعنه (عليه السلام): (العيادة قدر فواق ناقة أو حلب ناقة) (2).
وأمر (عليه السلام) بحمل العائد هدية إلى المريض كتفاحة أو سفرجلة،
أو أترجة أو طيب، أو قطعة عود بخور، وقال: (إن المريض ليستريح إلى كل ما
أدخل به عليه) (3).
وعنه (عليه السلام): تمام عيادة المريض أن تضع يدك على ذراعه،
وتعجل القيام من عنده، فإن عيادة النوكى أشد على المريض من وجعه) (4)
وعنه (عليه السلام): تمام العيادة أن تضع يدك على المريض إذا دخلت
عليه) (5).
وعن علي (عليه السلام): (إن أعظم العواد أجرا عند الله عز وجل لمن إذا
عاد أخاه خفف، إلا أن يكون المريض يحب ذلك ويريده ويسأله ذلك)، وقال:
(من تمام العيادة أن يضع العائد إحدى يديه على الأخرى - أو على جبهته) (6).
وعن الباقر (عليه السلام): (من مات دون الأربعين فقد اخترم، ومن مات
دون أربعة عشر يوما فموته موت فجأة) (7).



(1) الكافي 3: 117 ح 1.
(2) الكافي 3: 117 ح 2.
(3) الكافي 3: 118 ح 3.
(4) الكافي 3: 118 ح 4.
(5) الكافي 3: 118 ح 5.
(6) قرب الاسناد: 8، الكافي 3: 118 ح 6.
(7) الكافي 3: 119 ح 1.
284
وعن الصادق (عليه السلام): (من مات في أقل من أربعة عشر يوما كان
موته موت فجأة) (1).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من عاد مريضا نادى مناد من السماء
باسمه: يا فلان طبت وطاب ممشاك، أبشر بثواب الله عز وجل) (2).
الباقر (عليه السلام): (من عاد امرءا مسلما في مرضه، صلى عليه يومئذ
سبعون ألف ملك إذا كان صباحا حتى يمسوا، وإن كان مساءا حتى يصبحوا،
مع أن له خريفا في الجنة) (3).
الصادق (عليه السلام): (من عاد مريضا شيعه سبعون ألف ملك
يستغفرون له حتى يرجع إلى منزله) (4).
الباقر (عليه السلام): (أيما مؤمن عاد مؤمنا خاض الرحمة خوضا، فإذا
جلس غمرته الرحمة، فإذا انصرف وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك
يستغفرون له ويسترحمون عليه، ويقولون: طبت وطابت لك الجنة إلى تلك
الساعة من الغد، وكان له خريف في الجنة، وهي: زاوية يسير الراكب فيها
أربعين عاما) (5).
الصادق (عليه السلام): (من عاد مؤمنا في الله عز وجل في مرضه، وكل
الله عز وجل به ملكا من العواد، يعوده في قبره ويستغفر له إلى يوم القيامة) (6).
وعنه (عليه السلام): (من عاد مريضا من المسلمين، وكل الله جل وعز به
سبعين ألفا من الملائكة، يغشون رحله يسبحون فيه ويقدسون ويهللون ويكبرون
إلى يوم القيامة، نصف صلاتهم لعائد المريض) (7).



(1) الكافي 3: 119 ح 2.
(2) قرب الاسناد: 8، الكافي 3: 121 ح 10.
(3) الكافي 3: 119 ح 1.
(4) الكافي 3: 120 ح 2.
(5) الكافي 3: 120 ح 3.
(6) الكافي 3: 120 ح 4.
(7) الكافي 3: 120 ح 5.
285
الباقر (عليه السلام): (كان فيما ناجى به موسى (عليه السلام) ربه
عز وجل أن قال: يا رب ما بلغ من عيادة المريض من الأجر؟ فقال عز وجل:
أوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره) (1).



(1) الكافي 3: 121 ح 9، الفقيه 1: 85 ح 390، ثواب الأعمال: 231.
286
فصل:
عن علي (عليه السلام): (إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول
يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت
عليك لحريصا شحيحا فما لي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك، ويلتفت إلى ولده،
فيقول: والله إني كنت لكم محبا وإني كنت عليكم لمحاميا، فماذا عندكم؟ فيقولون:
نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها، فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك
لزاهد وإن كنت علي لثقيلا، فما عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك
حتى أعرض أنا وأنت على ربك.
فإن كان لله عز وجل وليا، أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم
رياشا، فقال: أبشر بروح وريحان وجنة نعيم، ومقدمك خير مقدم، فيقول له:
من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإنه ليعرف
غاسله ويناشد حامله ان يعجله.
فإذا أدخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأنيابهما،
أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف! فيقولان له: من ربك؟
وما دينك؟ وما نبيك؟ فيقول الله ربي، وديني الاسلام، ونبيي محمد (صلى الله
عليه وآله). فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى، وهو قول الله عز وجل (يثبت
الله الذين آمنوا) الآية (1) ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى
الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين نوم الشاب الناعم).
فإذا كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح من خلق الله زيا وأنتنه ريحا، فيقول
له: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حملته أن
يحبسوه. فإذا ادخل القبر أتاه ممتحنا القبر فألقيا أكفانه ثم يقولان، من ربك؟ وما



(1) سورة إبراهيم: 27.
287
دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري، فيقولان له: لا دريت، ولا هديت،
فيضربان يافوخه بمرزبة معهما ضربة ما خلق الله عز وجل من دابة إلا تذعر
لها ما خلا الثقلين، ثم يفتح له باب إلى النار، ويسلط الله عليه حيات الأرض
وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره) (1).
وعن الباقر (عليه السلام): (يسألون عن الحجة القائمة بين أظهرهم) (2).
وعن الكاظم (عليه السلام): (يقال للمؤمن في قبره: من ربك؟ فيقول:
الله، ويقال: ما دينك؟ فيقول: الإسلام، ويقال: من نبيك؟ فيقول:
محمد، فيقال، من إمامك؟ فيقول: فلان) (3) وكذا في خبر أبي بصير عن
الصادق (عليه السلام) السؤال عن الإمام) (4).
وعنه (عليه السلام): (يسأل الميت في قبره عن خمس: صلاته، زكاته،
وحجه وصيامه، وولايته إيانا أهل البيت. فتقول الولاية من جانب القبر
للأربع: ما دخل فيكن من نقص فعلي تمامه) (5).
قلت: المراد مع وقوع هذه الأفعال من المكلف، وإلا لم يسأل عنها. والمراد
بالنقص: ما وقع على سبيل سهو أو غلط أو لعذر.



(1) تفسير القمي 1: 369، الكافي 3: 231 ح 1، 358.
(2) الكافي 3: 237 ح 8.
(3) الكافي 3: 238 ح 11.
(4) الكافي 3: 239 ح 12.
(5) الكافي 3: 241 ح 15.
288
فصل: عن الصادق (عليه السلام): (جاء جبرئيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله)
فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل
ما شئت فإنك ملاقيه) (1).
الباقر (عليه السلام)، قال: (سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله): أي
المؤمنين أكيس؟ فقال: أكثرهم ذكرا للموت، وأشدهم له استعدادا) (2).
وعن علي (عليه السلام): (ما انزل الموت حق منزلته من عد غدا من
أجله) (3).
وعنه (عليه السلام): (ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل) (4).
قلت: المراد بالاستعداد له التوبة ورد المظالم وإصلاح العمل، فربما أتاه
فجأة وهو للمريض آكد. وقصر الأمل معين على ذلك، كما أن طوله مظنة إساءة
العمل، لتسويف النفس بالتوبة رجاء الاستدراك.
وعن الباقر (عليه السلام): (أكثر ذكر الموت، فإنه لم يكثر ذكر الموت
الشاب ألا زهد في الدنيا) (5).
وعنه (عليه السلام): (ينادي مناد كل يوم: ابن آدم لد للموت، واجمع
للفناء، وابن للخراب) (6).
وعنه قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت الموت، إلا ولا بد
من الموت، جاء الموت بما فيه، جاء بالروح والراحة والكرامة المباركة إلى الجنة



(1) الكافي 3: 255 ح 17، الفقيه 1: 298 ح 1363، الخصال: 7.
(2) الكافي 3: 257 ح 27.
(3) الكافي 3: 259 ح 30.
(4) الكافي 3: 259 ح 30.
(5) الكافي 3: 255 ح 18.
(6) الكافي 3: 255 ح 19.
289
العالية لأهل دار الخلود، كانوا لها سعيهم وفيها رغبتهم. وجاء الموت بما فيه
من الشقوة والندامة بالكرة الخاسرة، إلى نار حامية لأهل دار الغرور، الذين كانوا
لها سعيهم وفيها رغبتهم) (1).
الصادق (عليه السلام): (إذا أعد الرجل كفنه فهو مأجور إذا نظر
إليه) (2).
قال زيد الشحام للصادق (عليه السلام): (في ملك الموت: الأرض بين
يديه كالقصعة يمد يده فيها حيث يشاء؟ فقال: (نعم) (3).
وعن الصادق (عليه السلام): (تنزل عليه صكاك من السماء إقبض نفس
فلان بن فلان) (4)
وروى الصدوق عن الصادق (عليه السلام): (إن الله جعل لملك الموت
أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح، فتتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت منهم
مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت) (5)، ذكره في تفسير قوله
تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها) (6).



(1) الكافي 3: 257 ح 27.
(2) الكافي 3: 253 ح 9.
(3) الكافي 3: 256 ح 24، الفقيه 1: 80 ح 357.
(4) الكافي 3: 255 ح 21، أمالي الطوسي 2: 305.
(5) الفقيه 1: 82 ح 371.
(6) سورة الزمر: 42.
290
فصل:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من لم يحسن وصيته عند الموت كان
نقصا في مروته وعقله: قيل: يا رسول الله وكيف يوصي الميت؟ قال: إذا حضرته
وفاته واجتمع الناس إليه قال: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب
والشهادة، الرحمن الرحيم، اللهم إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله
إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك وأن الجنة حق والنار
حق، وأن البعث حق والحساب حق، والقدر حق والميزان حق، وان الدين كما
وصفت، وأن الإسلام كما شرعت، وأن القول كما حدثت، وأن القرآن كما
أنزلت، وأنك أنت الله الحق المبين، جزى الله محمدا خير الجزاء، وحيا الله محمدا
وآل محمد بالسلام.
اللهم يا عدتي عند كربتي، ويا صاحبي عند شدتي، ويا ولي نعمتي. الهي
واله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، فإنك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين
أقرب من الشر وأبعد من الخير، وآنس في القبر وحشتي، واجعل لي عهدا يوم ألقاك
منشورا.
ثم يوصي بحاجته. والوصية حق، على كل مسلم ان يحفظ هذه الوصية
ويعلمها) (1).
وقال الصادق (عليه السلام): (الوصية حق على كل مسلم) (2).
وقال الباقر (عليه السلام): (الوصية حق وقد أوصى رسول الله (صلى الله
عليه وآله) (3)



(1) الكافي 7: 2 ح 1، الفقيه 4: 138 ح 482.
(2) الكافي 7: 3 ح 4، الفقيه 4: 134 ح 462، التهذيب 9: 172 ح 702.
(3) الكافي 7: 3 ح 5، الفقيه 4: 134 ح 463.
291
فصل: قال الصادق (عليه السلام): (إذا حضرت الميت فلقنه شهادة أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله) (1).
وعنه (عليه السلام): (ما من أحد يحضره الموت، إلا وكل به إبليس من
شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه تخرج نفسه، فمن كان مؤمنا لم يقدر
عليه، فإذا حضرتم موتاكم، فلقنوهم شهادة ان لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول
الله (صلى الله عليه وآله)، حتى يموت) (2).
قال الشيخ أبو جعفر الكليني: وفي رواية أخرى قال: (يلقنه كلمات الفرج
والشهادتين، ويسمي له الإقرار بالأئمة واحدا بعد واحد حتى ينقطع عنه
الكلام) (3).
وعن أبي بكر الحضرمي: أنه لقن رجلا الشهادتين والإقرار بالأئمة رجلا
رجلا، فرئي الرجل بعد وفاته، فقال: نجوت بكلمات لقنيهن أبو بكر،
ولولا ذلك كدت أهلك (4).
وقال الباقر (عليه السلام): (أما إني لو أدركت عكرمة - وكان يرى رأي
الخوارج - لعلمته كلمات ينتفع بها). فسئل عنه، فقال (هي والله ما أنتم عليه،
لقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية) (5).
وعن الباقر (عليه السلام): (إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات
الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله



(1) الكافي 3: 121 ح 1: التهذيب 1: 286 ح 836.
(2) الكافي 3: 123 ح 6، الفقيه 1: 79 ح 353.
(3) الكافي 3: 123 ح 6.
(4) الكافي 3: 122 ح 4.
(5) الكافي 3: 123 ح 5، التهذيب 1: 278 ح 838.
292
رب السماوات السبع، وما فيهن (1) وما بينهن، ورب
العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين) (2).
وزاد في المبسوط بعد: (بينهن): وما تحتهن، وبعد: (العظيم): وسلام
على المرسلين (3).
وعن الصادق (عليه السلام): (كان أمير المؤمنين إذا حضر أحدا من أهل
بيته الموت، قال له: قل لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات
السبع، ورب الأرضين السبع، وما بينهما، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب
العالمين. فإذا قالها المريض، قال: إذهب فليس عليك بأس) (4).



(1) في المصدر زيادة: (وما تحتهن).
(2) الكافي 3: 122 ح 3.
(3) المبسوط 1: 174.
(4) الكافي 3: 124 ح 7، التهذيب 1: 288 ح 840.
293
تتمة:
يستحب أن يمرض المريض أرفق أهله به وأعلمهم بحاله، لأنه أقرب إلى
رجاء الصلاح.
والتداوي، للخبر (1).
وأمره بالتوبة، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آخر خطبة خطبها:
(من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه، من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه،
من تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه، من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه،
من تاب وقد بلغت نفسه ههنا - وأهوى (بيده) إلى حلقه - تاب الله عليه) (2).
وفسر الصادق (عليه السلام) قوله تعالى: (وليست التوبة.....)
الآية (3): (بمعاينة أمر الآخرة) (4).
ويستحب حسن الظن بالله في كل وقت، وآكده عند الموت، لقول جابر:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول قبل موته بثلاث: (لا يموتن أحدكم
إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل) (5).
ويستحب لمن يحضره أمره بحسن ظنه وطعمه في رحمة الله.
وقال أبو الصلاح: يلقنه جملة المعارف، ولا يقرب موضعه بنوح ولا
قبيح (6).



(1) مكارم الأخلاق: 362.
(2) الفقيه 1: 79 ح 354، ثواب الأعمال: 214.
(3) سورة النساء: 18.
(4) الفقيه 1: 79 ح 355.
(5) مسند أحمد 3: 315، سنن أبي داود 3: 189 ح 3113، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان
2: 16 ح 637، السنن الكبرى 3: 378.
(6) الكافي في الفقه، 236.
294
الحكم الأول: الاحتضار:
ويجب فيه أن يستقبل بوجهه وأخمصه القبلة في الأشهر خبرا وفتوى، لقول
النبي (صلى الله عليه وآله): (وجهوه إلى القبلة، فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت
عليه الملائكة) (1) قاله في هاشمي كان في السوق.
وقول الصادق (عليه السلام: (استقبل بباطن قدميه) (2).
وعنه (عليه السلام): (إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة،
وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة، فيكون مستقبل القبلة بباطن
قدميه ووجهه إلى القبلة) (3).
وعنه (عليه السلام): (يستقبل بوجهه القبلة ويجعل باطن قدميه مما يلي
القبلة) (4).
وفي الخلاف: يستحب (5). واختاره في المعتبر، لضعف السند والدلالة على
الوجوب (6).
قلنا: يجبر بالشهرة، وصيغة الأمر للوجوب.
فرعان:
الأول. ظاهر الأخبار سقوط الاستقبال بموته، وان الواجب أن يموت على
القبلة. وفي بعضها احتمال دوام الاستقبال، ونبه عليه ذكره حال الغسل، ووجوبه
حال الصلاة والدفن وإن اختلفت الهيئة عندنا.



(1) الفقيه 1: 79 ح 352، ثواب الأعمال: 322.
(2) الكافي 3: 127 ح 2، الفقيه 1: 79 ح 351، التهذيب: 1: 285 ح 834.
(3) الكافي 3: 127 ح 3، الفقيه 1: 123 ح 591، التهذيب 1: 286 ح 835.
(4) الكافي 3: 126 ح 1، التهذيب 1: 285 ح 833.
(5) الخلاف 1: 691 المسألة: 466.
(6) المعتبر 1: 259.
295
الثاني: يسقط الاستقبال مع اشتباه القبلة، ولا يجب أن يستقبل به الأربع
مع احتماله. وهو فرض كفاية، وكذا أحكام الميت، لأن الغرض إدخالها في
الوجود.
ويكره حضور جنب أو حائض عنده، لقول الصادق (عليها السلام): (لا
تحضر الحائض الميت، ولا الجنب عند التلقين) (1).
وعن أبي الحسن (عليه السلام) في الحائض: (فلتتنح عن قربه، فإن
الملائكة تتأذى بذلك) (2). وأن يجعل على بطنه حديد، ذكره الشيخان (3) وأكثر الأصحاب (4)، وفي
التهذيب: سمعناه مذاكرة (5).
وابن الجنيد: يضع على بطنه شيئا يمنع ربوها (6).
واحتج في الخلاف على الكراهية بإجماعنا (7).
والمستحب نقله إلى مصلاه عند تعسر الموت، لقول الصادق (عليه
السلام): (إذا عسر على الميت موته قرب إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه) (8).
وقال (عليه السلام): (إن أبا سعيد الخدري قد رزقه الله عز وجل هذا
الرأي، وإنه اشتد نزعه، فقال: احملوني إلى مصلاي، فحملوه، فلم يلبث أن
هلك (9).



(1) التهذيب 1: 428 ح 1362.
(2) قرب الاسناد: 129، الكافي 3: 138 ح 1، التهذيب 428 ح 1361.
(3) المقنعة: 11، المبسوط 1: 174، الخلاف 1: 691 المسألة: 467.
(4) المراسم: 47، الوسيلة 1: 62، شرائع الاسلام 1: 36، مختلف الشيعة: 43.
(5) التهذيب 1: 290.
(6) المعتبر 1: 264، مختلف الشيعة: 43.
(7) الخلاف 1: 691 المسألة 467.
(8) الكافي 3: 125 ح 2، التهذيب 1: 427 ح 1356.
(9) الكافي 3: 126 ح 4، رجال الكشي 1: 203.
296
وعن زين العابدين: (إن أبا سعيد الخدري كان مستقيما، فنزع ثلاثة أيام،
ثم حمل إلى مصلاه فمات فيه) (1).
وقراءة الصافات، لأمر الكاظم ابنه القاسم بقرائتها، فقال له يعقوب بن
جعفر: كنا نعهد الميت إذا نزل به يقرأ عنده يس فصرت تأمر بالصافات، فقال:
(لم تقرأ عند مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته) (2).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (اقرأوا يس على موتاكم) (3).
وأن لا يظهر عليه الجزع، لأنه إعانة عليه لضعف نفسه.
ولا يمس، لقول الصادق (عليه السلام): (من مسه على هذه الحال أعان
عليه) (4).
قال الصدوق: ولا يمنع من تحريك يديه أو رجليه أو رأسه (5).
ويستحب قراءة القرآن بعد خروج روحه، كما استحب قبله استدفاعا عنه.
وتغميض عينيه، وإطباق فيه، وشد لحييه، لأمر الصادق (عليه السلام)
في ابن له (6)، وفعله في ابنه إسماعيل (7).
ومد ساقيه، ومد يديه إلى جنبيه، لإعانة الغاسل.
وتغطيته بثوب، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) سجي بحبرة (8)، وغطى
الصادق (عليه السلام) إسماعيل بملحفة (9).



(1) الكافي 3: 125 ح 1، رجال الكشي 1: 205.
(2) الكافي 3: 126 ح 5، التهذيب 1: 427 ح 1358.
(3) سنن أبي داود 3: 191 ح 3121، مسند الطيالسي: 126.
(4) التهذيب 1: 289 ح 841.
(5) الفقيه 1: 83.
(6) التهذيب 1: 289 ح 841.
(7) التهذيب 1: 289 ح 842.
(8) صحيح مسلم 2: 651 ح 942، السنن الكبرى 3: 385.
(9) التهذيب 1: 289 ح 842.
297
وأن يكون عنده من يتلو القرآن ويذكر الله. ولا يترك وحده، لقول الصادق
(عليه السلام): (ليس من ميت يترك وحده، إلا لعب الشيطان في جوفه) (1).
والإسراج عنده إلى الصبح إن مات ليلا. ذكره الشيخان) (2).
وعلله في التهذيب: إنه لما قبض الباقر (عليه السلام) أمر أبو عبد الله (عليه
السلام) بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله (عليه
السلام.
وأمر أبو الحسن بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله حتى اخرج به إلى العراق (3).
فيدخل في ذلك المدعى، ويدل على استحباب دوام السراج في بيت مات فيه
ميت.
وضعف الرواية في المعتبر، لسهل بن زياد وعثمان بن عيسى، وأنها حكاية
حال، قال: لكنه فعل حسن (4).
وايذان إخوانه بموته، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (لا يموت منكم
أحد إلا آذيتموني) (5).
وقول الصادق (عليه السلام): (ينبغي لأولياء الميت منكم أن يؤذنوا إخوان
الميت، يشهدون جنازته، ويصلون عليه، ويستغفرون له، فيكتب لهم الأجر
وللميت الاستغفار، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسبت له من الاستغفار) (6).



(1) الكافي 3: 138 ح 1، الفقيه 1: 86 ح 399، التهذيب 1: 290 ح 844.
(2) المقنعة: 11، المبسوط 1: 174، النهاية: 30.
(3) الكافي 3: 251 ح 5، الفقيه 1: 97 ح 450، التهذيب 1: 289 ح 843.
(4) المعتبر 1: 261.
(5) سنن النسائي 4: 85، سنن ابن ماجة 1: 489 ح 1528، السنن الكبرى 4: 48.
(6) الكافي 3: 166 ح 1، التهذيب 1: 452 ح 1470.
298
فرع:
الإيذان: الإعلام كيف اتفق. ولا نص في النداء، قاله في الخلاف (1).
وفي المعتبر والتذكرة: لا بأس به، للفوائد المذكورة وخلوه من منع
شرعي (2).
وقال الجعفي: يكره النعي، إلا أن يرسل صاحب المصيبة إلى من يختص
به، ولو كان حوله قرى أوذنوا، كما فعل الصحابة من إيذان قرى المدينة لما مات
رافع بن خديج (3).
وتعجيل تجهيزه إذ علم موته إجماعا، لقول النبي (صلى الله عليه وآله):
(عجلوا بهم إلى مضاجعهم) (4).
وقوله (إذا مات الميت لأول النهار، فلا يقيل إلا في قبره) (5).
وروي علي بن أبي حمزة عن الكاظم (عليه السلام): (أن أناسا دفنوا أحياء
ما ماتوا إلا في قبورهم) (6).
وقيل: يستبرأ بانخساف صدغيه، وميل أنفه، وامتداد جلدة وجهه،
وانخلاع كفه من ذراعه، واسترخاء قدميه، وتقلص أنثييه إلى فوق مع تدلي
الجدة.
وقال ابن الجنيد: من علامته زوال النور من بياض العين وسوادها،
وذهاب النفس، وزوال النبض.
وزعم جالينوس ان أسباب الاشتباه: الإغماء، أو وجع القلب، أو إفراط



(1) الخلاف 1: 731 المسألة: 561.
(2) المعتبر 1: 262، تذكرة الفقهاء 1: 38.
(3) السنن الكبرى 4: 74.
(4) الكافي 3: 137 ح 1، الفقيه 1: 85 ح 389، التهذيب 1: 427 ح 1359.
(5) الكافي 3: 138 ح 2، التهذيب 1: 428 ح 1360.
(6) الكافي 3: 210 ح 6، التهذيب 1: 338 ح 991.
299
الرعب، أو الغم، أو الفرح، أو الأدوية المخدرة. فيستبرأ بنبض عروق بين
الأنثيين، أو عرق يلي الحالب والذكر - بعد الغمز الشديد - أو عرق في باطن
الألية، أو تحت اللسان، أو في بطن المنخر. ومنع الدفن قبل يوم وليلة إلى ثلاثة.
وإن اشتبه تربص به ثلاث وجوبا إلا أن يعلم حاله، لئلا يعان على قتل
المسلم، فقد دفن جماعة أحياء منهم من اخرج حيا، ومنهم من مات في قبره
وقال الصادق (عليه السلام): (خمسة ينتظر بهم إلا أن يتغيروا: الغريق،
والمصعوق، والمبطون، والمهدوم، والمدخن) (1).
وعنه (عليه السلام): (يترك الغريق ثلاثة أيام قبل الدفن، إلا أن
يتغير) (2).
والمصلوب ينزل بعد ثلاثة أيام، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (لا
تقروا المصلوب بعد ثلاثة أيام) (3).
نكت:
قال الصدوق في المقنع: إذا قضى فقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم
اكتبه عندك في المحسنين، ورافع درجته في عليين، واخلف على عقبه في الغابرين،
ونحتسبه عندك يا رب العالمين (4).
وقال في (من لا يحضره الفقيه): إذا قضى يجب ان يقول: إنا لله وإنا إليه
راجعون (5).
وقال ابن الجنيد: يقرأ عنده من غير أن يرفع صوته بالقراءة، وقال عقيب
تلقينه: ولا يكثر عليه عند أحوال الغشي، لئلا يشغل بذلك عن حال يحتاج إلى



(1) الكافي 3: 210 ح 5، التهذيب 1: 337 ح 988.
(2) الكافي 3: 209 ح 2، التهذيب 1: 338 ح 990.
(3) الكافي 3: 216 ح 3، التهذيب 1: 335 ح 981.
(4) المقنع: 17، وفيه: (أعلى عليين).
(5) الفقيه 1: 83.
300
معاينتها.
وضم ابن حمزة إلى نقله إلى مصلاه: بسط ما كان يصلي عليه تحته (1).
وقال صاحب الفاخر: ضعه في مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه،
وقال: لا يحضر عنده مضمخ بورس أو زعفران. وأمر بجعل الحديد على بطنه
وبقراءة آية الكرسي والسخرة عند احتضاره، وقول: اللهم أخرجها منه إلى رضى
منك ورضوان.
وذكر الفاضل - رحمه الله - في التذكرة ما لم أقف عليه في غير كتب العامة.
منها: استحباب تليين مفاصله، فإنه أبقى للينها، فيرد ذراعيه إلى عضديه
ويمدهما، ويرد فخذيه إلى بطنه ويمدهما، ورجليه إلى فخذيه ويمدهما، فإنه
يسهل تصرف الغسل في تمديده وتكفينه.
ومنها: تجريد ثيابه لئلا تحميه فيفسد. ووضعه على لوح أو سرير، لأنه إذا
كان على الأرض تسارع إليه الفساد ونالته الهوام.
وسوى - رحمه الله - بين الحديد وغيره في كراهة وضعه على بطنه (2).
والذي ذكره ابن الجنيد والشيخان، أن تمد يداه ورجلاه إلى جنبيه (3) كما مر.
قال في المعتبر: ولا أعلم به نقلا عن أئمتنا، ولكن ليكون أطوع للغاسل
وأسهل للإدراج (4).
خاتمة:
تجب الوصية على كل من عليه حق، وعليه يحمل قول النبي (صلى الله
عليه وآله): (من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية) (5).



(1) الوسيلة: 62.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 37.
(3) المقنعة: 10، المبسوط 1: 174، النهاية، 30، المعتبر 1: 261.
(4) المعتبر 1: 261.
(5) المقنعة: 101.
301
وقولهم عليهم السلام: (الوصية واجبة على كل مسلم) (1).
وتستحب لغيره.
وليشهد عليه عدولا، لتحصل الفائدة. وليكن وصيه عدلا وجوبا، لما يأتي
إن شاء الله عز وجل.
وتستحب الوصية لذي القرابة، ولم يثبت عندنا نسخه.
وتستحب المسارعة في قضاء دين الميت، لقول النبي (صلى الله عليه وآله):
(نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) (2).
ولو تعذر قضاؤه في الحال استحب لوارثه ضمانه، كما فعل علي (عليه
السلام) بضمان دين على ميت امتنع النبي (صلى الله عليه وآله) من الصلاة
عليه (3).
وكذا تستحب المسارعة إلى قضاء وصاياه وإنفاذها في وجوهها، لعموم:
(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) (4) أي: موجبها، وليعجل له ثوابها.



(1) الكافي 7: 3 ح 4، الفقيه 4: 134 ح 642، التهذيب 9: 72 ح 702، 704.
(2) مسند أحمد 2: 440، سنن ابن ماجة 2: 806 ح 2413، الجامع الصحيح 3: 389 ح 1078،
المستدرك على الصحيحين 2: 26، السنن الكبرى 6: 74.
(3) سنن الدارقطني 3: 47، السنن الكبرى 6: 73، المطالب العالية 1: 413 ح 1377 عن عبد بن
حميد.
(4) سورة آل عمران: 133.
302
الحكم الثاني: التغسيل:
وهو واجب إجماعا - إلا ما نستثنيه - ولما روي: (أن الملائكة غسلت آدم
(عليه السلام)، وقالوا لولده: هذه سنة موتاكم) (1).
والنظر إما في: الغاسل، أو المحل، أو الغسل.
الأول: في الغاسل.
وأولى الناس به أولاهم بإرثه، وكذا باقي الأحكام، لعموم: (وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض) (2).
ولقول علي (عليه السلام): (يغسل الميت أولى الناس به) (3).
وقول الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار: (الزوج أحق بامرأته
حتى يضعها في قبرها) (4).
فرع: لو لم يكن ولي، فالإمام وليه مع حضوره، ومع غيبته الحاكم، ومع عدمه
المسلمون.
ولو امتنع الولي، ففي إجباره نظر، من الشك في أن الولاية هل هي نظر له
أو للميت؟ وسيأتي تسليمه إلى غيره.
ويشترط: المساواة في الذكورة والأنوثة - مع الاختيار اتفاقا، لتحريم النظر -
وإسلام الغاسل، إلا في مواضع:
أحدها: الزوجية، فلكل من الزوجين تغسيل صاحبه اختيارا في الأقوى



(1) مسند أحمد 5: 136، المستدرك على الصحيحين 2: 545.
(2) سورة الأنفال: 75.
(3) التهذيب 1: 431 ح 1376.
(4) الكافي 3: 194 ح 6، التهذيب 1: 325 ح 949.
303
وهو قول: ابن الجنيد (1) والجعفي صاحب الفاخر، والمرتضى (1) وظاهر المبسوط
والخلاف (3).
لاشتهار ذلك في الصدر الأول من تغسيل علي فاطمة (4) وأسماء زوجها (5).
وقول ابنته: لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله (صلى الله
عليه وآله) إلا نساؤه (6).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله) لبعض نسائه: (لو مت قبلي لغسلتك) (7).
ولم ينكر ذلك كله أحد.
وروى المفضل عن الصادق (عليه السلام): (ان عليا غسل فاطمة لأنها
صديقه لم يكن يغسلها إلا صديق) (8).
وعن محمد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل يغسل امرأته؟ قال: (نعم،
إنما يمنعها أهلها تعصبا) (9).
والمشهور في الأخبار أنه من وراء الثياب، كصحيح منصور عن الصادق
(عليه السلام) عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته يغسلها لا قال: (نعم، وأمه



(1) مختلف الشيعة: 45.
(2) جمل العلم والعمل 3: 51.
(3) المبسوط 1: 175، الخلاف 1: 691 المسألة: 486.
(4) سنن الدارقطني 2: 79، حلية الأولياء 2: 43، السنن الكبرى 3: 297.
(5) الموطأ 1: 223، السنن الكبرى 3: 298.
(6) مسند أحمد 6: 267، سنن ابن ماجة 1: 470 ح 1464، سنن أبي داود 3: 196 ح 3141،
مسند أبي يعلى 7: 467 ح 4494، المستدرك على الصحيحين 3: 159، السنن الكبرى 3:
398.
(7) مسند أحمد 6: 228، سنن ابن ماجة 1: 470 ح 1465، سنن الدارمي 1: 37، السنن الكبرى
3: 396.
(8) الكافي 3: 159 ح 13، الفقيه 1: 87 ح 402، التهذيب 1: 440 ح 1422، الاستبصار 1:
199 ح 703.
(9) الكافي 3: 158 ح 11، التهذيب 1: 439 ح 1419، الاستبصار 1: 199 ح 700.
304
وأخته ونحو هذا، يلقي على عورتها خرقة) (1).
وصحيح محمد بن مسلم: سألته عن الرجل يغسل امرأته، قال: (نعم،
من وراء الثياب) (2).
والمطلق منها يحمل على المقيد.
وفي كتابي الأخبار: إنما يجوز غسل أحد الزوجين صاحبه، للضرورة (3).
ويظهر من كلام كثير من الأصحاب انهما كالمحارم (4)، وهم الذين يحرم
التناكح بينهم نسبا أو رضاعا أو مصاهرة.
وابن زهرة صرح بأنه مع الضرورة (5)، لخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن
الصادق (عليه السلام) في الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلا النساء، قال:
(تغسله امرأته وذات محرمه، وتصب عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب (6).
ولخبر عبد الله بن سنان عنه (عليهم السلام) في نظر الرجل إلى امرأته حين
تموت أو يغسلها لأن لم يكن عندها من يغسلها والمرأة هل تنظر إلى زوجها؟
فقال: (لا بأس، إنما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شئ
يكرهونه) (7).
وفي خبر أبي الصباح عنه (عليه السلام): (يغسلها من فوق الدرع)



(1) الكافي 3: 158 ح 8، التهذيب 1: 439 ح 1418، الاستبصار 1: 199 ح 699.
(2) الكافي 3: 157 ح 3، التهذيب 1: 438 ح 1411، الاستبصار 1: 196 ح 690.
(3) التهذيب 1: 440، الاستبصار 1: 199.
(4) راجع: المقنع: 20، الخلاف 1: 162، المسألة: 21، السرائر: 33، تذكرة الفقهاء 1: 39،
نهاية الإحكام 2: 229.
(5) الغنية: 501.
(6) الكافي 3: 157 ح 4، التهذيب 1: 439 ح 1416، الاستبصار 1: 197 ح 695.
(7) الكافي 3: 157 ح 2، الفقيه 1: 86 ح 401، التهذيب 1: 439 ح 1417، الاستبصار 1:
198 ح 698.
305
والسؤال: عن الرجل يموت مع النساء والمرأة مع الرجال (1).
وروى زرارة عنه (عليه السلام): (تغسله امرأته لأنها معتدة منه، ولا
يغسلها، لعدم العدة منها) (2).
وحملها الشيخ على أنه لا يغسلها مجردة، لخبر الحلبي عنه (عليه السلام)،
أنه سئل عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلا النساء: (تغسله امرأته أو
ذات قرابته، تصب الماء صبا، والمرأة إذا ماتت أدخل زوجها يده تحت قميصها
فيغسلها) (3).
وهذه الأخبار لا تنهض حجة في اشتراط الضرورة، فتحمل على الندب أو
الغالب.
وثانيها، أم الولد، لبقاء علاقة الملك من وجوب الكفن والمؤنة والعدة،
ولإيصاء زين العابدين أن تغسله أم ولده (4).
وفي غير أم الولد من المملوكات احتمال، استصحابا لحكم الملك فيباح،
ولأنها في معنى الزوجة في إباحة اللمس والنظر. ومن انتقال ملكها إلى الوارث.
وقربه في المعتبر (5).
وقطع الفاضل بالأول. إلا ان تكون متزوجة أو معتدة أو مكاتبة أو معتقا
بعضها ولا يمنع الظهار والارتداد، لبقاء الملك والزوجية (6).
ويشكل الفرض: فإن الكافرة لا تغسل ولا تباشر الغسل، إلا على
خبر عمار عن الصادق (عليه السلام) المتضمن جواز مباشرة الكافرة غسل المرأة عند



(1) التهذيب 1: 438 ح 1414، الاستبصار 1: 197 ح 693.
(2) التهذيب 1: 437 ح 1409، الاستبصار 1: 198 ح 697.
(3) الكافي 3: 157 ح 1، التهذيب 1: 437 ح 1410، الاستبصار 1: 196 ح 689.
(4) التهذيب 1: 444 ح 1437، الاستبصار 1: 200 ح 704.
(5) المعتبر 1: 321.
(6) تذكرة الفقهاء 1: 39، بالمضمون.
306
عدم النساء (1).
فيجوز للزوجة الكافرة عند عدم الرجال ومحارم النساء تغسيل الزوج، كذا
قاله بعضهم (2).
والنية هنا مغتفرة كاغتفارها في تغسيل الكافر المسلم.
وثالثها: المحرمية، لتسويغ النظر واللمس، ولما مر، ولكنه من وراء ثوب
محافظة على العورة. هذا مع عدم المماثل.
ورابعها: من لم يزد سنه على ثلاث سنين يجوز للنساء تغسيله مجردا، لنص
الصادق (عليه السلام) (3).
وقال المفيد وسلار: ابن خمس سنين - مجردا - وفوقها يغسلنه من فوق
الثياب (4) ولم نقف على مأخذه.
وكذلك الصبية يغسلها الرجال لثلاث سنين مجردة.
وشرط في النهاية في الموضعين عدم المماثل (5) وأطلق في المبسوط (6).
وروي في الجارية: (إذا كانت بنت أقل من خمس سنين أو ست دفنت ولم
تغسل) (7) أرسله محمد بن يحيى، وهو مضطرب المتن والإسناد.
وفي جامع محمد بن الحسن: إذا كانت بنت أكثر من خمس أو ست دفنت
ولم تغسل وإن كانت بنت أقل من خمس غسلت (8).
قال ابن طاووس - رحمه الله -: ما في التهذيب من لفظة (أقل) وهم.



(1) الكافي 3: 159 ح 12، الفقيه، 1: 95 ح 439، التهذيب 1: 340 ح 997.
(2) كالعلامة في تذكرة الفقهاء 1: 40.
(3) الكافي 3: 160 ح 1، الفقيه 1: 94 ح 431، التهذيب 1: 341 ح 998.
(4) المقنعة: 13، المراسم: 50.
(5) النهاية: 41
(6) المبسوط 1: 176.
(7) التهذيب 1: 341 ح 999.
(8) الفقيه 1: 94 ح 432.
307
وأسند الصدوق في كتاب المدينة ما في الجامع إلى الحلبي عن الصادق (عليه
السلام) (1).
وظاهر المعتبر أنه لا يجوز للرجال تغسيل الصبية، محتجا بأن الشرع أذن في
اطلاع النساء على الصبي لافتقاره إلى تربيتهن بخلاف الصبية والأصل حرمة
النظر (2).
ونقل في التذكرة إجماعنا على تغسيل الرجل الصبية (3).
وخامسها: إذا فقد المماثل والرحم، قيل: جاز للأجانب تغسيل الأجنبية
من فوق الثياب، وللأجنبيات تغسيل الأجنبي من فوق الثياب، وهو ظاهر
المفيد (4) لما ذكر في الصبيين.
وقطع به الشيخ في شرح كلامه من التهذيب (5) وقال أبو الصلاح وابن زهرة
به مع تغميض العينين (6). وفي الزيادات منه جعل الشيخ الغسل مستحبا (7)،
وكذا في الاستبصار، وجوز الدفن بغير غسل (8) واعرض عن ذلك في النهاية
والمبسوط والخلاف، وحكم بالدفن بغير غسل ولا تيمم (9). وجوز في النهاية
تغسيل وجهها ويديها (10).
والروايات المشهورة هذه:



(1) وقال في (من لا يحضره الفقيه) بعد ذكر ما في الجامع 1: 94. وذكر عن الحلبي حديثا في معناه
عن الصادق (عليه السلام).
(2) المعتبر 1: 342.
(3) تذكرة الفقهاء 1: 40.
(4) المقنعة: 13.
(5) التهذيب 1: 343.
(6) الكافي في الفقه: 237، الغنية: 501.
(7) التهذيب 1: 442.
(8) الاستبصار 1: 202، 203.
(9) النهاية: 42، المبسوط 1: 175، الخلاف 1: 698 المسألة 485.
(10) النهاية: 43.
308
زيد بن علي بإسناده عن علي (عليه السلام): (إذا مات الرجل مع النساء،
وليس فيهن امرأة (1) ولا ذات محرم، يؤزرنه إلى الركبتين ويصببن الماء عليه، ولا
ينظرن إلى عورته، ولا يلمسنه بأيديهن) (2).
وأبو سعيد عن الصادق (عليه السلام): (المرأة تموت مع قوم ليس لها فيهم
محرم صب الماء عليها، والرجل بين النساء يصببن عليه ويلمسن ما كان يحل لهن
النظر إليه، فإذا بلغن ما لا يحل النظر إليه صببن مثله (4).
وجابر عن الباقر (عليه السلام) مثله (4).
والمفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) في المرأة تموت مع رجال ليس
معهم امرأة ولا ذو محرم لها: (يغسل منها ما أوجب الله عليه التيمم: يغسل بطن
كفيها، ثم يغسل وجهها، ثم يغسل ظهر كفيها، ولا تمس ولا يكشف شئ من
محاسنها. (5).
وأبو بصير عن الصادق (عليه السلام): (يغسل منها موضع الوضوء) (6).
وجابر عنه (عليه السلام): (يغسل كفيها) (7)، ومثله خبر داود بن فرقد
بسنده عنه (عليه السلام) (8).
وزيد بن علي بإسناده إلى علي (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه



(1) في المصدرين: امرأته.
(2) التهذيب 1: 441 ح 1426، الاستبصار 1: 201 ح 711.
(3) التهذيب 1: 342 ح 1001، الاستبصار 1: 204 ح 721، باختصار في الألفاظ.
(4) التهذيب 1: 442 ح 1427، الاستبصار 1: 202 ح 712.
(5) الكافي 3: 159 ح 13، الفقيه 1: 95 ح 438، التهذيب 1: 442 ح 1429، الاستبصار 1:
200 ح 705.
(6) التهذيب 1: 443 ح 1430، الاستبصار 1: 203 ح 715.
(7) التهذيب 1: 443 ح 1431، الاستبصار 1: 203 ح 716.
(8) الكافي 3: 157 ح 5، الفقيه 1: 93 ح 428، التهذيب 1: 442 ح 1428، الاستبصار 1: 202
ح 713.
309
وآله) في الميتة ولا محرم: (تيمم، ولا تمس، ولا يكشف لها شئ من محاسنها) (1).
وداود بن سرحان عن الصادق (عليه السلام) في الميت مع النساء: (يدفن
ولا يغسل) (2).
وحمله الشيخ على أنه لا يغسل مجردا، جمعا بين الأخبار (3).
وابن أبي يعفور، وأبو عبد الله البصروي، وأبو الصباح الكناني، عنه (عليه
السلام: (يلففنه ولا يغسلنه) (4)، وكذا في مقطوعة زيد الشحام) (5).
والمنع مطلقا هو الأظهر فتوى، والأشهر رواية، والأصح إسنادا.
وسادسها: إذا مات مسلم ولا مسلم ولا ذات رحم معه، أو مسلمة
ولا مسلمة معها ولا ذو رحم، فالمشهور: تولي الكافر والكافرة الغسل بعد
اغتسالهما، لخبر عمار عن الصادق (عليه السلام) (6).
وروى عمرو بن خالد باسناده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أما
وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها) (7).
ولا أعلم مخالفا لهذا من الأصحاب سوى المحقق في المعتبر، محتجا بتعذر
النية من الكافر مع ضعف السند (8).
وجوابه: منع النية هنا، إذ الاكتفاء بنية الكافر كالعتق منه.



(1) انظر: التهذيب 1: 443 ح 1433، الاستبصار 1: 303 ح 718.
(2) الكافي 3: 158 ح 7، التهذيب 1: 343 ح 1003، 438 ح 1415، الاستبصار 1: 197.
ح 694، 201 ح 710.
(3) التهذيب 1: 343، الاستبصار 1: 197.
(4) الفقيه 1: 94 ح 429، التهذيب 1: 438 ح 414، 441، 1424، 1425، الاستبصار 1:
197 ح 693، 201 ح 707، 708.
(5) التهذيب 1: 443 ح 1432، الاستبصار 1: 203 ح 717.
(6) الكافي 3: 159 ح 12، الفقيه 1: 95 ح 439، التهذيب 1: 340 ح 997.
(7) التهذيب 1: 443 ح 1433، الاستبصار 1: 203 ح 718.
(8) المعتبر 1: 326.
310
والضعف: العمل يجبره، فإن الشيخين نصا عليه (1) وابني بابويه (2) وابن
الجنيد وسلار (3) والصهرشتي، وابن حمزة (4) وكذا المحقق في غير المعتبر (5)، وابن
عمه نجيب الدين يحيى بن سعيد (6).
نعم، لم يذكره ابن أبي عقيل، ولا الجعفي، ولا ابن البراج في كتابيه، ولا
ابن زهرة، ولا ابن إدريس، ولا الشيخ في الخلاف.
وللتوقف فيه مجال، لنجاسة الكافر في المشهور، فكيف يفيد غيره
الطهارة؟!.
فروع:
الأول: المطلقة رجعيا زوجة بخلاف المطلقة البائن، ولا فرق بين الزوجة
الحرة والأمة، والمدخول بها وغيرها. ولا عبرة بانقضاء عدة المرأة عندنا، بل لو
نكحت جاز لها تغسيله، وان كان الفرض بعيدا عندنا.
والظاهر: جواز المس (7) للزوجين، لجواز النظر. ولو قلنا بالتجريد زال
الإشكال.
الثاني: قال ابن الجنيد: الأحوط أن يقيم الرجل كتابية تغسل فرج رحمه،
ويغسل هو الباقي، وكذا تقيم الزوجة كتابيا يغسل فرج زوجها (8).
ولم نقف على مأخذه، مع أن نجاسة الكافر مانعة، وخبر عمار عن الصادق



(1) المقنعة: 13 المبسوط 1: 175، النهاية: 42.
(2) الفقيه 1: 95 ح 440.
(3) المراسم: 50
(4) الوسيلة: 63.
(5) شرائع الاسلام 1: 37.
(6) الجامع للشرائع: 50.
(7) في س: اللمس.
(8) مختلف الشيعة: 45.
311
(عليه السلام) دال على المنع (1).
الثالث: الخنثى المشكل لثلاث أمره ظاهر، وفوقها يغسله محارمه من
الرجال والنساء من فوق الثياب، لأنه موضع ضرورة. وعلى ما تقدم يجوز
للأجانب بطريق الأولى عند عدم المحارم.
وقال ابن البراج: لا يغسله رجل، ولا امرأة، ويمم (2).
وقال ابن الجنيد: تغسله أمته. وشراء أمة من تركته أو بيت المال، أو
استصحاب حاله في الصغر بعيدان، لانتفاء الملك عن الميت، مع الشك في جواز
تغسيل الأمة المملوكة كما مر، وانتفاء الصغر المزيل للشهوة.
ولو قيل: بعد الأضلاع أو القرعة، فلا إشكال.
الرابع: المميز صالح لتغسيل الميت، لصحة طهارته، وأمره بالعبادة.
ويمكن المنع، لأن فعله تمرين، والنية معتبرة.
الخامس: يظهر من قول الفاضل القول بالتيمم عند فقد الغاسل المماثل
والمحرم (3) كما سلف في رواية (4) وهي متروكة.
وظاهر المذهب عدمه إلا مع خوف الغاسل على نفسه أو على الميت - كما يأتي
إن شاء الله تعالى - مع أنه قال في التذكرة: قال علماؤنا: يدفن بغير غسل ولا
تيمم (5).
السادس: لا يقدر الصبي بغير السن من بلوغ حد لا يشتهي مثله، لأنه
رد إلى جهالة.
السابع: قال في المبسوط: لو تشاح الأولياء في الرجل، قدم الأولى بالميراث
من الرجال ولو كان الأولى نساء محارم.



(1) الكافي 3: 159 ح 12، الفقيه 1: 95 ح 436، التهذيب 1: 340 ح 997.
(2) التهذيب 1: 56.
(3) منتهى المطلب 1: 437.
(4) تقدمت في ص 310 الهامش 1.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 40.
312
قال: وروي جوازه لهن من وراء الثياب، والأول أحوط، ولو كن غير
محارم، فكالأجنبيات وإن كن ذوي رحم.
قال: ويقدم في تغسيل المرأة الزوج، ثم النساء المحارم - وهي كل من لو
كانت رجلا لم يحل له نكاحها كالأم والجدة والبنت، ويترتبن أيضا ترتيب الإرث
ثم الرحم غير المحرم - كبنت العمة والخالة - أولى من الأجنبيات، ثم الأجنبيات
أولى من الرجال، ثم المحارم من الرجال عند فقد النساء، وما عداهم من الرحم
فكالأجنبي (1).
قلت: ويظهر أن الزوجة تقدم كما يقدم الزوج، ولم يذكرها الشيخ مع دلالة
خبر زرارة - المتقدم (2) - على قوة جانب الزوجة على الزوج. وتقديمهما على تقدير
التجريد ظاهر، وأما على عدمه - كما هو ظاهر مذهبه - فمحتمل للتمكن التام مع
التجريد فيكون أولى من الغسل لا معه.
الثامن: إذا كان التقديم تابعا للإرث انتفى مع عدمه وإن كان أقرب،
كالقاتل ظلما والرق والكافر. ولو سلم الأولى إلى غيره جاز، إلا في تسليم الرجال
إلى النساء في الرجل، وبالعكس في المرأة.
التاسع: ذكر الشيخان في تغسيل الكافر المسلم أمر المسلمة والمسلم
إياه (3).
والظاهر: أنه لتحصيل هذا الفعل لا أنه شرط، لخلو الرواية منه وللأصل،
إلا أن يقال: ذلك الأمر يجعل فعل الكافر صادرا عن المسلم، لأنه آلة له ويكون
المسلم بمثابة الفاعل فتجب النية منه.
العاشر: لو وجد بعد الغسل الاضطراري فاعل الاختياري، فلا إعادة في
غير من غسله كافر، للامتثال.



(1) المبسوط 1: 174 - 175.
(2) قد تقدم في ص 306.
(3) المقنعة: 13، المبسوط، النهاية: 42.
313
والأقرب: الإعادة في الكافر، لعدم الطهارة الحقيقية.
الحادي عشر: قال صاحب الفاخر: لا يغسل الجنب والحائض الميت.
فان أراد التحريم فهو غير مشهور، مع رواية يونس بن يعقوب عن
الصادق (عليه السلام): (لا تحضر الحائض الميت ولا الجنب عند التلقين،
ولا بأس أن يليا غسله (1) وصرح به ابن بابويه رحمه الله (2).
الثاني عشر: إذا فقد الزوج والنساء في المرأة، ووجد الأب والجد، فالأب
أولى لقول علي (عليه السلام) السالف (3).
وقال ابن الجنيد: الجد أولى، لصلاحيته لولاية الأب، ولتقديمه في
النكاح (4).
قلنا: معارض بالقرب، ولتقدمه في الحضانة.



(1) التهذيب 1: 428 ح 1362.
(2) الفقيه 1: 98.
(3) تقدم في ص 303 الهامش 3.
(4) مختلف الشيعة: 45.
314
النظر الثاني: في المحل:
وهو المسلم، لقول الصادق (عليه السلام): (إغسل كل الموتى، إلا من
قتل بين الصفين) (1).
وكذا من هو بحكمه، كسقط لأربعة أشهر، لمقطوعة أحمد بن محمد (2).
وفي رواية سماعة عن الصادق (عليه السلام): (إذا استوت خلقته يجب
الغسل) (3).
والقطع في الأولى، وضعف سند الثانية، مغتفر بقبول (4) الأصحاب.
ولو نقص عن أربعة لم يغسل، لفقد الموت الذي هو عدم الحياة عن محل
اتصف بها، بخلاف الأول.
وفي الخلاف اعتبر الحياة في وجوب الغسل (5).
والظاهر: أن الأربعة مظنتها، ويلوح ذلك من خبر محمد بن مسلم عن
الباقر (عليه السلام) (6).
وفي خبر يونس الشيباني عن الصادق (عليه السلام: (إذا مضت خمسة
أشهر فقد صار فيه الحياة) (7).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله): إذا بقي أربعة أشهر ينفخ فيه



(1) الكافي 3: 213 ح 7، التهذيب 1: 330 ح 967، الاستبصار 1: 213 ح 753، باختصار في
الألفاظ.
(2) التهذيب 1: 328 ح 960.
(3) التهذيب 1: 329 ح 962، وفي الكافي 3: 208 ح 5 عن أبي الحسن الأول (عليه السلام).
(4) في ط، س: بقول.
(5) الخلاف 1: 709 المسألة: 512.
(6) الكافي 7: 345 ح 10، التهذيب 10: 283 ح 1103.
(7) الكافي 7: 354 ح 11، الفقيه 4: 108 ح 366، التهذيب 10: 283 ح 1105.
315
الروح (1).
وفي خبر الديلمي عن الصادق (عليه السلام) إشارة إليه (2).
وفي مكاتبة محمد بن الفضل لأبي جعفر (عليه السلام): (السقط يدفن
بدمه) (3). وظاهرها أنه لا يكفن أيضا، ولم يذكره الشيخان، وقال ابن البراج:
يلف بخرقة (4) فتحمل الرواية على الناقص عن أربعة جمعا.
وما فيه الصدر يغسل، لمرفوعة رواها البزنطي: (إذا قطع أعضاء يصلى
على العضو الذي فيه القلب) (5) وهو يستلزم أولوية الغسل.
وعن الفضل بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) في المقتول: (ديته على
من وجد في قبيلته: صدره ويداه، والصلاة عليه) (6).
ولشرف القلب بمحلية العلم والاعتقاد الموجب للنجاة.
وكذا عظام الميت تغسل، لخبر علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) في
أكيل السبع فتبقى عظامه بغير لحم: (يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن،
فإذا كان نصفين صلي على النصف الذي فيه القلب) (7).
وكذا تغسل قطعة فيها عظم، ذكره الشيخان (8).
واحتج عليه في الخلاف بإجماعنا، وبتغسيل أهل مكة أو اليمامة يد
عبد الرحمن بن عتاب ألقاها طائر من وقعة الجمل عرفت بنقش خاتمه، وكان



(1) مسند أحمد 1: 382، صحيح البخاري 4: 135، سنن أبي داود 4: 228 ح 4708.
(2) الكافي 3: 161 ح 1.
(3) الكافي 3: 208 ح 6، التهذيب 1: 329 ح 961.
(4) المهذب 1: 56.
(5) أخرجها المحقق في المعتبر 1: 317 عن جامع البزنطي.
(6) الفقيه 1: 104 ح 484، التهذيب 3: 329 ح 1030.
(7) الكافي 3: 212 ح 1، التهذيب 1: 336 ح 983، و 3: 329 ح 1028.
(8) المقنعة: 13، المبسوط 1: 182، النهاية: 40.
316
قطعها الأشتر ثم قتله فحمل يده عقاب أو نسر (1).
وفي حسن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام): (إذا قتل قتيل، فلم
يوجد إلا لحم بلا عظم، لم يصل عليه) (2) ولم يذكر الغسل
ويلوح ما ذكره الشيخان من خبر علي بن جعفر، لصدق العظام على التامة
والناقصة.
ولو كان لحم بغير عظم فلا غسل، قال ابن إدريس: ولا كفن ولا
صلاة (3). وأوجب سلار لفها في خرقة ودفنها (4). ولم يذكره الشيخان.
أما لو أبينت القطعة من حي، فالأقرب أنها كالمبانة من الميت.
وفي المعتبر: تدفن بغير غسل ولو كان فيها عظم، لأنها من جملة لا تغسل (5).
قلنا: الجملة لم يحصل فيها الموت بخلاف القطعة.
وفي النهاية والمبسوط: يجب الغسل بمس قطعة فيها عظم أبينت من
حي (6)، ولم يذكر تغسيلها، والظاهر تلازمهما.
وابن الجنيد: أطلق غسل ما فيه عظم، وغسل عظم مفرد (7)، ولم يذكر
الصدر.
وابنا بابويه: ان كان أكيل السبع فاغسل ما بقي منه، وإن لم يبق منه إلا
عظام جمعت وغسلت وصلي عليها (8).
وفي مرسل محمد بن خالد عن الصادق (عليه السلام): (إن وجد عضو تام



(1) الخلاف 1: 167 المسألة 527.
ولاحظ في الحادثة: أسد الغابة 3: 308، الام 1: 268، تلخيص الحبير: 274.
(2) الكافي 3: 212 ح 2، التهذيب 1: 336 ح 984 و 3، 329 ح 1031.
(3) السرائر: 33.
(4) المراسم: 46.
(5) المعتبر 1: 319.
(6) النهاية: 40، المبسوط 1: 183.
(7) مختلف الشيعة: 46.
(8) الفقيه 1: 87، المقنع: 19 وحكاه عن علي ابن بابويه، العلامة في مختلف الشيعة: 46.
317
صلي عليه (1) وإن لم يوجد عضو تام لم يصل عليه ودفن (2).
ويغسل المحرم ولا يقرب الكافور، للخبر عن النبي (صلى الله عليه
وآله) (3).
ولقول الباقر والصادق (عليهما السلام) في رواية محمد بن مسلم: (يغطى
وجهه، ويصنع به كما يصنع بالحلال غير أنه لا يقرب طيبا) (4).
ولصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (عليه السلام): (إن
عبد الرحمن بن الحسن مات مع الحسين (عليه السلام) بالأبواء (5) وهو محرم، فصنع
به كما يصنع بالميت، وغطى وجهه ولم يمسه طيبا) (6).
والمرتضى والجعفي وابن أبي عقيل: لا يغطى وجهه ورأسه (7)، لظاهر قوله
(صلى الله عليه وآله): (فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا) (8).
قلنا: النص مقدم على الظاهر.
قالوا: في بعضها: (ولا تخمروا رأسه) (9).
قلنا: لم يثبت عندنا.
وتغطى رجلاه، خلافا للجعفي، ويلبس المخيط.
والمرأة يخمر رأسها إجماعا، ووجهها عندنا. ولو ماتت المعتدة للوفاة،



(1) في المصدرين بإضافة: (ودفن).
(2) الكافي 3: 212 ح 3، الفقيه 1: 104 ح 485.
(3) مسند أحمد 1: 287، صحيح البخاري 2: 96، صحيح مسلم 2: 865 ح 1206، سنن ابن
ماجة 2: 1030 ح 3084، سنن أبي داود 3: 219 ح 3241، الجامع الصحيح 3: 286
ح 951.
(4) التهذيب 1: 330 ح 965.
(5) الأبواء: قرية قرب المدينة، بينها وبين الجحفة مسافة، وبها قبر آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله
عليه وآله. معجم البلدان 1: 79.
(6) التهذيب 1: 329 ح 963.
(7) حكاه عن المرتضى وابن أبي عقيل: المحقق في المعتبر 1: 326.
(8) راجع ص 242 الهامش 9.
(9) راجع ص 242 الهامش 9.
318
أو المعتكف، لم يحرم الطيب في حقهما.
تفريع:
القلب وحده كالصدر، لفحوى الرواية (1)، (1) وكذا بعض كل واحد منهما،
أخذا بأنه من جملة يجب غسلها منفردة.
وقطع في النهاية والمبسوط بتحنيط ما فيه عظم (2)، قال: وإن كان موضع
الصدر صلي عليه أيضا (3).
ولو وجد ميت في دار الإسلام غسل وجهز - قضاء للظاهر - وإن لم يكن فيه
علامة الإسلام. ولو كان في دار الحرب اعتبرت العلامة المفيدة للظن كالختان،
ومع عدمها يسقط، للأصل.
والظاهر: ان حكم الإحرام مستمر حتى يحل الطيب - وإن تحلل من غيره
- لفحوى اللفظ. وفي سقوط غسلة الكافور احتمال يعرف مما يأتي إن شاء الله.



(1) راجع ص 317.
(2) النهاية 40، المبسوط 1: 182.
(3) المبسوط 1: 182.
319
ويسقط تغسيل عشرة:
الأول: الشهيد إذا مات في المعركة، ولا يكفن أيضا باتفاقنا، لقول النبي
(صلى الله عليه وآله): (زملوهم بدمائهم) (1).
ولرواية أبان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام): (الذي يقتل في سبيل
الله يدفن في ثيابه، ولا يغسل إلا أن يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد، فإنه
يغسل ويكفن. إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله،
ولكنه صلى عليه) (2).
وعن عمار عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه: (أن عليا (عليه السلام)
لم يغسل عمار بن ياسر، ولا هاشم بن عتبة المرقال، ودفنهما في ثيابهما، ولم يصل
عليهما) (3).
ونسب الشيخ نفي الصلاة إلى أنه وهم من الراوي، لتظافر الأخبار بها (4).
ولو نقل من المعركة وبه رمق ثم مات غسل وكفن، لفحوى الرواية،
وظاهرها أن المعتبر في غسله إدراك المسلمين له وبه رمق، وكذا باقي الروايات في
التهذيب.
وروي عن عمرو بن خالد باسناده إلى علي (عليه السلام)، قال: (قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا مات الشهيد من يومه أو من الغد فواروه في
ثيابه، وإن بقي أياما حتى يتغير جرحه غسل) (5).



(1) ترتيب مسند الشافعي 1: 204، مسند أحمد 5: 431، سنن النسائي 4: 78، مسند
أبي يعلى 3: 455 ح 1951، السنن الكبرى 4: 11.
(2) الكافي 3: 210 ح 1، الفقيه 1: 97 ح 447، التهذيب 1: 331 ح 969، الاستبصار 1: 214
ح 755.
(3) الفقيه 1: 96 ح 445، التهذيب 1: 331 ح 968، الاستبصار 1: 214 ح 754.
(4) التهذيب 1: 331، الاستبصار 1: 214.
(5) التهذيب 1: 332 ح 974 و 6: 168 ح 321، الاستبصار 1: 215 ح 758.
320
والطريق ضعيف، مع مخالفته للمشهور وموافقته العامة:
وروي أبان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام): (ان رسول الله (صلى
الله عليه وآله) كفن حمزة لأنه جرد (1).
فروع:
الأول: لو قتل في الجهاد السائغ مع غيبة الإمام، فالأولى أنه شهيد،
لإطلاق الأخبار، وعموم بعضها (2).
وظاهر الشيخين المنع، إلا مع الإمام أو نائبه (3).
قال في المعتبر: ما ذكراه فيه زيادة لم تعلم من النص (4).
الثاني: لا فرق بين الجنب وغيره على الأقوى، وكذا الحائض والنفساء لو
قتلتا لم تغسلا، للعموم.
وقال ابن الجنيد والمرتضى - في شرح الرسالة -: يغسل الجنب، لإخبار
النبي (صلى الله عليه وآله) بغسل الملائكة حنظلة بن الراهب لمكان خروجه
جنبا (5).
ولخبر عيص عن الصادق (عليه السلام) في الجنب يموت: (يغسل من
الجنابة، ثم يغسل بعد غسل الميت) (6).



(1) الكافي 3: 210 ح 1، الفقيه 1: 97 ح 447، التهذيب 1: 331 ح 969، الاستبصار 1:
214 ح 755.
(2) لاحظ: الكافي 3: 210 ح 1، 213 ح 7، الفقيه 1: 97 ح 447، التهذيب 1: 330 ح 967،
969، الاستبصار 1: 213 ح 753، 755.
(3) المقنعة: 12، النهاية: 40، المبسوط 1: 181.
(4) المعتبر 1: 311.
(5) حكاه عنهما المحقق في المعتبر 1: 310.
وخبر حنظلة في: الفقيه 1: 97 ح 448، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9: 84 ح 6986،
المستدرك على الصحيحين 3: 204، السنن الكبرى 4: 15.
(6) التهذيب 1: 433 ح 1378، الاستبصار 1: 194 ح 683.
321
قلنا: لعله (1) تكليف الملائكة: وخبر العيص ظاهر في غير الشهيد،
ومعارض بخبر زرارة عن الباقر (عليه السلام) في الميت جنبا: (يغسل غسلا
واحدا، يجزئ للجنابة وتغسيل الميت) (2) فالجمع بالحمل على الندب.
على أنه روى الكليني بإسناده إلى الصادق (عليه السلام): (ان كل ميت
تخرج منه النطفة التي خلق منها، فلذلك يغسل غسل الجنابة) (3) فحينئذ المجنب
قبل موته بمنزلة من تكررت جنابته.
ولو سلم التعدد هنا أخرجنا الشهيد، للنص الدال على أنه لا يغسل
بالإطلاق.
الثالث: لو وجد ميت في المعركة أو غريق أو محترق، وعليه أثر القتل، فهو
شهيد. ولو خلا عنه، فهو شهيد أيضا عند الشيخ، لأن القتل لا يستلزم ظهور
الأثر، فيعمل بالظاهر (4). وغير شهيد عند ابن الجنيد (5)، للشك في الشرط، وأصالة
وجوب الغسل. وقوى الفاضلان الأول (6).
الرابع: لا فرق بين الصغير والكبير، والرجل والمرأة، والحر والعبد،
والمقتول بالحديد والخشب، والصدم واللطم، ولا بين من عاد سلاحه إليه فقتله
وغيره، عملا بإطلاق اللفظ، ولأنه كان في قتلى بدر وأحد أطفال كحارثة بن
النعمان وعمر بن أبي وقاص، وقتل في الطف مع الحسين (عليه السلام) ولده
الرضيع، ولم ينقل في ذلك كله غسل.
وروي أن رجلا أصاب نفسه بالسيف، فلفه رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بثيابه ودمائه وصلى عليه، فقالوا: يا رسول الله أشهيد هو؟ قال: نعم، وأنا
.



(1) ليست في س.
(2) الكافي 3: 154 ح 1، التهذيب 1: 432 ح 1384، الاستبصار 1: 194 ح 680.
(3) الكافي 3: 161 ح 1.
(4) المبسوط 1: 182، الخلاف 1: 712 المسألة: 517.
(5) المعتبر 1: 312، مختلف الشيعة: 46.
(6) المعتبر 1: 312، تذكرة الفقهاء 1: 41.
322
له شهيد) (1).
والاعتبار بالرمق لا بالأكل والشرب، لما مر.
الخامس: المقتول من أهل العدل شهيد، لفعل علي (عليه السلام) (2)،
وأوصى عمار ان لا يغسل، وقال: إدفنوني بثيابي فإني مخاصم (3)، وكذا وصى
أصحاب الجمل (4). وتغسيل أسماء ابنها عبد الله، لعدم شرط الشهادة، ولأنه أخذ
وصلى ولم يمت في المعركة (5).
والمقتول من البغاة ليس بشهيد، وتنتفي عنه أحكام الميت، لكفره عند
الشيخ (6). وفي سير الخلاف: يغسل ويصلى عليه، بناء على إسلامه (7).
السادس: أطلقت الشهادة في الأخبار على من قتل دون ماله ودون أهله
وعلى المطعون والمبطون (8) والغريق والمهدوم عليه والنفساء، لا بمعنى لحوق أحكام
الشهيد بل المعنى المساواة أو المقاربة في الفضيلة.
تتمات:
روى زيد بن علي عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (إنه نزع عن
الشهيد: الفرو، والخف، والقلنسوة، والعمامة، والمنطقة، والسراويل، إلا أن
يكون أصابه دم، فإن أصابه دم ترك، ولا يترك عليه شئ معقود إلا حل) (9).



(1) سنن أبي داود 3: 21 ح 2539.
(2) التهذيب 1: 331 ح 968، الاستبصار 1: 214 ح 754.
(3) المصنف لابن أبي شيبة: 3: 253، السنن الكبرى 4: 17.
(4) المغني 2: 402، ولاحظ المصنف لابن أبي شيبة 3: 253، السنن الكبرى 4: 17
(5) السنن الكبرى 4: 17.
(6) المبسوط 1: 182، الخلاف 1: 714 المسألة: 524.
(7) الخلاف 1: 344 المسألة: 13.
(8) ليست في س.
(9) الكافي 3: 211 ح 4، الفقيه 1: 97 ح 449، الخصال: 333، التهذيب 1: 332 ح 972،
وفي الجميع: (انه ينزع)
323
وتنزع هذه الأشياء، قال ابن بابويه: إلا أن يصيب شيئا منها دم (1).
وابن الجنيد: تنزع عنه الجلود، والحديد المفرد (2)، والمنسوج مع غيره،
والسراويل، إلا أن يكون فيه دم (3).
وفي النهاية: يدفن جميع ما عليه مما أصابه الدم إلا الخفين، وقد روي: أنه
إذا أصابهما الدم دفنا معه (4).
وفي الخلاف: يدفن بثيابه، ولا ينزع منه إلا الجلود (5).
والمفيد: ينزع عنه السروايل إلا أن يصيبه دم، وينزع عنه الفرو والقلنسوة،
وإن أصابهما دم دفنا معه، وينزع الخف عنه على كل حال (6). وابن إدريس: يدفن بثيابه وإن لم يصبها الدم، وبالخف والفرو والقلنسوة
ان أصابها دم، وإن لم يصبها دم نزعت (7). وفي المعتبر: دفنه بثيابه وإن لم يصبها دم أجمع عليه المسلمون، وقال:
الأوجه وجوب دفن السروال، لأنه من الثياب.
وظاهره: ينزع عنه الخف والفرو والجلود وان أصابها الدم، لأن دفنها
تضييع.
ولما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم
الجلود والحديد.
ولعدم تسمية الجلود ثوبا عرفا، والرواية رواها رجال الزيدية، فهي ضعيفة (8).



(1) مختلف الشيعة: 45.
(2) في ط: والفرو.
(3) مختلف الشيعة: 45.
(4) النهاية: 40.
(5) الخلاف 1: 710 المسألة: 514.
(6) المقنعة: 12.
(7) السرائر: 33.
(8) المعتبر 1: 312 - 313.
وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله في: مسند أحمد 1: 247، سنن ابن ماجة 1: 485
ح 1515، سنن أبي داود 3: 195 ح 3134، السنن الكبرى 4: 14.
324
والمقتول ظلما بحديد كالمقتول بمثقل في وجوب الغسل، لتغسيل الحسنين
(عليهما السلام) أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) وتغسيل الصحابة الثاني (2).
ويغسل اللص والمحارب كغيرهما، لأن الفسق غير مانع من إجراء
الأحكام.
وهل تزال النجاسة من غير أثر الشهادة؟ نظر: من النهي عن غسل الشهيد
مطلقا، ومن أن هذه النجاسة ليست من أثر العبادة. ويقوى الأول: إذا اقتضى
زوالها زوال أثر الشهادة. والأقرب: أنه لا يمكن الوارث من إبدال ثيابه، لقوله (عليه السلام):
(زملوهم بكلومهم) (3).
ولأن عمارا والمرقال دفنا بثيابهما بحضرة علي (عليه السلام) (4).
ولأن النبي أمر في قتلى أحد بأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم (5).
الثاني: الكافر لا يغسل بإجماعنا، بل لا يجوز غسله، لانتفاء التطهير به، ولا
فرق بين القريب وغيره، والزوجة وغيرها، وأولادهم يتبعونهم.
وكذا لا يكفن ولا يدفن ولا يصلى عليه، للآية (6)، ولقوله تعالى:
(ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (7).
ولأن ذلك إكرام لا يصلح للكافر.



(1) كشف الغمة 1: 436 و 437، العدد القوية: 242 / 21.
(2) الموطأ 2: 463 ترتيب مسند الشافعي 1: 204 ح 564، السنن الكبرى 4: 17.
(3) ترتيب مسند الشافعي 1: 204 ح 567، مسند أحمد: 431: السنن الكبرى 4: 11.
(4) الفقيه 1: 96 ح 445، التهذيب 1: 331 ح 968، الاستبصار 1: 214 ح 754
(5) راجع صحيفة 324، الهامش 8.
(6) سورة التوبة: 84.
(7) سورة المائدة: 51.
325
ولرواية عمار عن الصادق (عليه السلام) عن النصراني يموت مع
المسلمين: (لا يغسله ولا كرامة، ولا يدفنه، ولا يقوم على قبره، ولو كان أباه) (3).
والمرتضى - في شرح الرسالة - أورد عن يحيى بن عمار عن الصادق (عليه
السلام): النهي عن تغسيل المسلم قرابته الذمي والمشرك، وأن يكفنه ويصلي عليه
ويلوذ به.
قال المرتضى: فإن لم يكن له من يواريه جاز مواراته لئلا يضيع (2).
والاحتجاج: بقوله: (وصاحبهما في الدنيا معروفا) (3) وبتغسيل علي أباه (4).
وبجواز تغسيله حيا، يرد: بأن ما بعد الموت من الآخرة لا من الدنيا.
ونمنع أن ذلك معروف، لأنه لم يعلم التجهيز إلا من الشرع فيقف على
دلالة الشرع.
وأبو علي (عليه السلام) قد قامت الدلائل القطعية على أنه مات مسلما وهذا
من جملتها، والغسل حيا للتنظيف لا للتطهير بخلاف غسل الميت.
فرع:
لو اشتبه موتى المسلمين بالكفار في غير الشهداء، فالوجه: وجوب غسل
الجميع، لتوقف الواجب عليه.
ولو تميز بأمارة قوية عمل عليها. وحينئذ لو مس أحدهم بعد غسله وجب
الغسل بمسه، لجواز كونه كافرا.



(1) الكافي 3: 159 ح 12، الفقيه 1: 95 ح 437، التهذيب 1: 335 ح 982.
(2) المعتبر 1: 328.
(3) سورة لقمان: 15.
(4) السنن الكبرى 1: 305.
326
ويمكن عدمه، للشك في الحديث، فلا يرفع يقين الطهارة.
أما لو مس الجميع، فلا إشكال في الوجوب.
وحكم في المعتبر بعدم تغسيل ميت يوجد في دار الكفر وإن كان فيه علامة،
لاشتراك العالمات بين المسلمين والكفار (1).
الثالث: المخالف عند المفيد لا يغسله المؤمن ولا يصلي عليه، إلا لضرورة
فيغسله غسل أهل الخلاف (2).
واحتج في التهذيب بأنه من القسم الثاني (3)، وفيه منع ظاهر.
والقاضي ابن البراج: لا يغسل المخالف إلا لتقية (4).
والمشهور: كراهيته. ولا ينبغي وضع الجريدة معه.
الرابع إذا فقد الغاسل، وقد مر الخلاف فيه.
الخامس: إذا عدم الماء أو وصلته.
السادس: إذا عجز المسلم عن تغسيله، إما لضرورة في نفسه، أو لغير
ذلك. ولو لم يوجد إلا غير العارف بكيفية الغسل، قال المفيد - في أحكام النساء -:
أجزأه صب الماء عليه (5).
السابع: إذا لم يمكن تغسيله لخوف تناثر لحمه - كالمحترق والمجدور
والملسوع - صب عليه الماء صبا، فإن خيف ذهاب اللحم أو الجلد بالصب سقط.
وهذه الأقسام الثلاثة ييممون، لعموم بدليته من الغسل، فيمسح وجهه ثم ظاهر
كفيه بعد الضرب على الأرض مرتين، لأنه بدل من الغسل.
وروى ضريس عن زين العابدين أو الباقر (عليهما السلام): (المجدور



(1) المعتبر 1: 315.
(2) المقنعة: 13.
(3) التهذيب 1: 335.
(4) المهذب 1: 54.
(5) احكام النساء: 39.
327
والكسير والذي به القروح يصب عليه الماء) (1).
وخبر زيد باسناده إلى علي (عليه السلام) في المحترق: (يصب عليه الماء) (2).
(وبالإسناد) (3) عن علي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنه قال في
المجدور ينسلخ إذا غسل: (يمموه) (4).
والطريق ضعيف برجال الزيدية إلا أن الشهرة تؤيده.
ونقل الشيخ في تيمم المحترق إجماعنا، وإجماع المسلمين إلا الأوزاعي
حيث لم يذكر التيمم (5) وقد استقر الإجماع، لانقراضه.
تفريع:
يلوح من الاقتصار على الصب الاجتزاء بالقراح، لأن الماءين الآخرين لا
تتم فائدتهما بدون الدلك غالبا، وحينئذ الظاهر الاجتزاء بالمرة، لأن الأمر لا يدل
على التكرار.
والضرب والمسح بيدي المباشر. ولو يمم الحي العاجز، فالضرب والمسح
بيدي العاجز بإعانة القادر، ولو تعذر فكالميت.
وظاهر الخبر (6) والأصحاب (7) ان التيمم مرة، لإطلاق الأمر، ولأن الغسل
واحد وإنما تعدد باعتبار كيفيته. ووجه الثلاث: تعدد الفعل الذي يطلق عليه
اسم الغسل.
قلنا إن أريد استقلاله بالتسمية فمنعه ظاهر، وإن أريد مطلق التسمية



(1) التهذيب 1: 333 ح 975.
(2) الكافي 3: 213 ح 6، التهذيب 1: 333 ح 976.
(3) في س، ط: وباسناده.
(4) التهذيب 1: 333 ح 977.
(5) الخلاف 1: 717 المسألة: 529.
(6) راجع الهامش 2.
(7) المقنعة: 13، المبسوط 1: 180، المعتبر 1: 268.
328
فغير مستلزم للمطلوب. وربما انسحب هذا في تعدد نية الغسل، وهو ضعف في
ضعف. وإذا جعلنا التطهير بالقراح وحده فلا بحث.
الثامن: من وجب عليه الرجم أو القود يؤمر بالاغتسال والتحنيط والتكفين
ثم يقام الحد عليه، ولا يغسل بعد ذلك، ولا نعلم فيه مخالفا من الأصحاب.
وبه خبر مسمع عن الصادق (عليه السلام) في المرجوم والمرجومة:
(يغتسلان ويتحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك، والمقتص منه بمنزلة ذلك) (1).
والطريق إلى مسمع ضعيف، لكن الشهرة تؤيده.
وإنما لا يغسل بعد، للامتثال السابق. ويصلى عليه، للعموم.
تفريع:
الظاهر إلحاق كل من وجب عليه القتل بهم، للمشاركة في السبب.
ويجب فيه مواجب غسل الميت، لأنه بمنزلته.
ولا يضر تخلل الحدث بعده، للامتثال. وفي أثنائه يمكن مساواته لغسل
ويؤيده قول المفيد - رحمه الله -: فيغتسل كما يغتسل من الجنابة (2)
وفي تداخل باقي الأغسال فيه نظر، من فحوى الأخبار السابقة كما في خبر
زرارة عن الباقر (عليه السلام) في الميت جنبا: (يغسل غسلا واحدا، يجزئ
للجنابة ولغسل الميت، لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة) (3).
وفي تحتمه أيضا نظر، من ظاهر الخبر. ويمكن تخير المكلف، لقيام الغسل
بعده - بطريق الأولى - مقامه.



(1) الكافي 3: 214 ح 1، التهذيب 1: 334 ح 978.
(2) المقنعة: 13.
(3) الكافي 3: 154 ح 1، التهذيب 1: 432 ح 1384، الاستبصار 1: 194 ح 680.
329
ولو مات لم يجزئ، لعموم الأمر بغسل الميت، خرج منه صورة النص. وكذا
لو قتل بسبب آخر، سواء سقط حكم الأول أو لا، لأنه سبب جديد. ولو عفي
عنه، ثم أريد قتله بسبب آخر، فالظاهر التجديد أيضا.
ثم لا يجب الغسل بمسه بعد الموت، لطهارته بالغسل.
ومكاتبة الصفار: (إذا أصابت يدك جسد الميت قبل أن يغتسل (1) وجب
الغسل) (1).
وخبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام): (مس الميت عند موته،
وبعد غسله، والقبلة، ليس به بأس) (3).
ولأنه لولا كون الغسل مطهرا لم يفد شيئا.
ولا يلزم منه (4) سبق التطهير على النجاسة، لأن المعتبر امر الشرع (5) بالغسل
وحكمه بالطهر (6) وقد وجد في هذا الموضع كما وجد بعد الموت، إذ نجاسة الميت
لو كانت عينية لامتنع طهارته كباقي النجاسات.
والتحقيق هنا: أن تقديم الغسل يمنع من الحكم بنجاسته بعد الموت،
لسقوط غسله بعده، وما ذلك إلا لعدم النجاسة.
وكذا لا يجب الغسل بمس الشهيد، لطهارته أيضا. أما مغسول الكافر
والميمم، فالظاهر: الوجوب بمسهما، لفقد التطهير الحقيقي.
التاسع: ما في بطن الميتة من الأجنة إذا مات، لأنه كالجزء من الام. ولو
اتفق خروجه وجب غسله، للعموم.



(1) في المصدر: (يغسل).
(2) التهذيب 1: 429 ح 1368.
(3) الفقيه 1: 87 ح 403، التهذيب 1: 430 ح 1370، الاستبصار 1: 100 ح 326.
(4) ليست في س.
(5) في س: الشارع.
(6) في س: بالتطهر.
330
ولو مات وهي حية، وعسر إخراجه، قطع. ونقل الشيخ الاجماع فيه (1).
ورواه وهب عن الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين في امرأة يموت في
بطنها الولد فيتخوف عليها: (لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم
يتفق النساء) (2).
ولضعف وهب عدل في المعتبر إلى وجوب التوصل إلى إسقاطه صحيحا
ببعض العلاج، فإن تعذر فالأرفق في إخراجه ثم الأرفق، ويتولاه النساء ثم محارم
الرجال، ثم الأجانب دفعا عن نفس الحي (3).
وهذا لا ينافي الرواية.
ولو علم حياة الجنين بعد موتها بحركته، شق بطنها من الجانب الأيسر - قاله الصدوق والشيخان (4) - واخرج، توسلا إلى بقاء الحي.
ولخبر علي بن يقطين عن الكاظم (عليه السلام): (يشق عن الولد) (5).
وابن أبي حمزة عن الصادق (عليه السلام) لما قيل له أيشق بطنها ويستخرج
الولد؟ قال: (نعم) (6).
وليس في الأخبار ذكر الأيسر، ومن ثم أطلق في الخلاف (7).
قال في التهذيب: وفي رواية ابن أبي عمير، عن ابن أذينة: (يخرج الولد



(1) الخلاف 1: 729، و 730 المسألة: 557.
(2) قرب الاسناد: 64، الكافي 3: 206 ح 2، التهذيب 1: 344 ح 1008، وفي جميع: (ترفق
به (بدل (يتفق).
(3) المعتبر 1: 316.
(4) الفقيه 1: 97، المقنعة: 13، المبسوط 1: 180، النهاية: 42.
(5) التهذيب 1: 343 ح 1004.
(6) الكافي 3: 155 ح 2، التهذيب 1: 344 ح 1006.
(7) الخلاف 1: 729 المسألة: 557.
331
ويخاط بطنها) (1) وفي الكافي نسبه إلى ابن أبي عمير (2).
قال المحقق: الرواية موقوفة، والضرورة منتفية، لأن المصير إلى البلاء (3).
قلنا: هذان الراويان من عظماء الأصحاب وأصحاب الأئمة، وظاهرهما
القول عن توقيف، وزيادة الثقة مقبولة.
فرع:
لو أمكن القوابل إخراجه حيا بغير شق حرم الشق. ولو تعذر القوابل أجزأ
الرجال، للضرورة. ولا عبرة بكونه مما يعيش عادة أو لا، لظاهر الخبر.
العاشر: قطعة لا عظم فيها، أبينت من حي أو لا، وقد مر.
تتمة:
روى العلاء بن سيابة عن الصادق (عليه السلام): (إن القتيل في معصية
يغسل دمه، ثم يصب عليه الماء ولا يدلك، ويبدأ بيديه وتربط جراحه بالقطن
والخيوط، ثم يعصب على القطن. وإن بان الرأس قدم على الجسد، ثم يوضع
القطن فوق الرقبة ويضم إليه الرأس في الكفن، والدفن إلى القبلة) (4).
وعدم الدلك هنا لئلا يخرج الدم، وفي غيره لا يجب الدلك أيضا، لصدق
الغسل من غير دلك.
وعن الصادق (عليه السلام) في الميتة نفساء ويكثر دمها: (تدخل في الأدم
وشبهه إلى السرة، وتنظف ويحشى فرجاها ثم تكفن) (5).



(1) التهذيب 1: 344 ح 1007.
(2) الكافي 3: 155 ح 2.
(3) المعتبر 1: 316.
(4) التهذيب 1: 448 ح 1449. وفيه: (باليدين والدبر).
(5) الفقيه 1: 93 ح 427. ورواه في الكافي 3: 154 ح 3، والتهذيب 1: 324 ح 937 مضمرا.
332
النظر الثالث: في الغسل.
وفيه فضل عظيم. روى الشيخ أبو جعفر الكليني باسناده إلى سعد
الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أيما مؤمن غسل مؤمنا، فقال
إذا قلبه: اللهم إن هذا بدن عبدك المؤمن قد أخرجت روحه منه وفرقت بينهما
فعفوك عفوك، إلا غفر الله عز وجل له ذنوب سنة إلا الكبائر) (1).
وعن سعد عنه (عليه السلام): (من غسل ميتا، فأدى فيه الأمانة غفر له،
وهو: أن لا يخبر بما رأى) (2).
وعن إبراهيم بن عمر عن الصادق (عليه السلام): (ما من مؤمن يغسل
مؤمنا، ويقول وهو يغسله: رب عفوك عفوك، إلا عفا الله عنه) (3).
وعن أبي الجارود عن الباقر (عليه السلام)، قال: (كان فيما ناجى به موسى
ربه تبارك وتعالى: يا رب ما لمن غسل الموتى؟ فقال: أغسله من ذنوبه كما ولدته
أمه) (4).
ولا يضر ضعف الإسناد في ثواب الأعمال.
ولنذكر مضمون الأخبار في الكافي والتهذيب الذي عليه معظم
الأصحاب، وخبر الكاهلي عن الصادق (عليه السلام) يتضمن كثيرا من
أحكامه، فلنذكره بلفظه عنه (عليه السلام) تيمنا.
قال: (استقبل بباطن قدميه القبلة حتى يكون وجهه مستقبل القبلة، ثم



(1) الكافي 3: 164، الفقيه 1: 85 ح 392، أمالي الصدوق: 434، ثواب الأعمال: 232
التهذيب 1: 303 ح 884.
(2) الكافي 3: 164 ح 2، الفقيه 1: 85 ح 391، التهذيب 1: 450 ح 1460.
(3) الكافي 3: 164 ح 3، الفقيه 1: 85 ح 393.
(4) الكافي 3: 164 ح 4، الفقيه 1: 85 ح 390 ثواب الأعمال: 231.
333
تلين مفاصله، وإن امتنعت (1) عليك فدعها). وهذه عبارة الشيخ (2) وأكثر
الأصحاب (3).
قال (عليه السلام): (ثم ابدأ بفرجه بماء السدر والحرض (4) فاغسله ثلاث
غسلات وأكثر من الماء، وامسح بطنه مسحا رفيقا. ثم تحول إلى رأسه فابدأ بشقة
الأيمن من لحيته ورأسه، ثم تثني بشقه الأيسر من رأسه ولحيته. ووجهه فاغسله
برفق، وإياك والعنف واغسله غسلا ناعما. ثم اضجعه على شقه الأيسر ليبدو لك
الأيمن ثم اغسله من قرنه إلى قدمه، وامسح يدك على ظهره وبطنه بثلاث
غسلات، ثم رده على جانبه الأيمن حتى يبدو لك الأيسر فاغسله ما بين قرنه إلى
قدمه، وامسح يدك على ظهره وبطنه ثلاث غسلات.
ثم رده على قفاه فابدأ بفرجه بماء الكافور (5) والحرض، وامسح يدك على
ظهره وبطنه مسحا رفيقا، ثم تحول إلى رأسه فاصنع كما صنعت أولا بلحيته من
جانبيه كليهما ورأسه ووجهه بماء الكافور ثلاث غسلات، ثم رده إلى جانبه الأيسر
حتى يبدو لك الأيمن من قرنه إلى قدمه ثلاث غسلات.
وادخل يدك تحت منكبيه وذراعيه، ويكون الذراع والكف مع جنبه ظاهرة
كلما غسلت شيئا منه أدخلت يدك تحت منكبيه وباطن ذراعيه، ثم رده على ظهره
ثم اغسله بماء قراح كما صنعت أولا: تبدأ بالفرج، ثم تحول إلى الرأس واللحية
والوجه حتى تصنع كما صنعت أولا بماء قراح، ثم أزره بالخرقة ويكون تحتها
القطن تذفره به اذفارا قطنا كثيرا).
قلت: هكذا وجد في الرواية، والمعروف يثفره به اثفارا، من أثفرت الدابة



(1) في م، ط: (صعبت).
(2) المبسوط 1: 178.
(3) راجع المقنعة: 11، المراسم: 48، السرائر: 31، مختلف الشيعة: 48.
(4) الحرض، الأشنان، والأشنان معروف تغسل به الأيدي، لسان العرب - مادة اشن -.
(5) في التهذيب زيادة: (فاصنع كما صنعت أول مرة، اغسله بثلاث غسلات بماء الكافور).
334
إثفارا.
(ثم تشد فخذيه على القطن بالخرقة شدا شديدا، حتى لا تخاف ان يظهر
شئ، وإياك أن تقعده أو تغمز بطنه، وإياك أن تحشو في مسامعه شيئا، فان خفت
أن يظهر من المنخر شئ فلا عليك أن تصير ثم قطنا، وان لم تخف فلا تجعل فيه
شيئا، ولا تخلل أظفاره. وكذلك غسل المرأة) (1).
وعن الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (تستر عورته بقميص أو غيره
وتبدأ بكفيه ورأسه ثلاثا، وتلف خرقة على يدك (2) اليسرى، وتغسل فرجه من تحت
الثوب، ثم يجفف بثوب) (3).
وفي خبر ابن مسكان عنه (عليه السلام): تجعل في الثالثة مع الكافور
ذريرة، وأحب (عليه السلام) خرقة على يد الغاسل (4).
وعن يونس عنهم (عليه السلام): (يخرج يداه من القميص، ويجمع (5)
على عورته، ويرفع من رجليه إلى فوق الركبة، وان لم يكن قميص فخرقة على
العورة. ويضرب السدر ليرغى، فيعزل الرغوة، فيغسل يدي الميت ثلاثا إلى
نصف الذراع كما يغتسل من الجنابة، ثم ينقي فرجه، ثم يغسل رأسه بالرغوة
مبالغا. وليحذر من دخول الماء منخريه وأذنيه، ثم يغسل الإجانة ويديه إلى مرفقيه
- أي الغاسل - ليضع فيها ماء الكافور، ثم ليغسل يديه بعد فراغ الكافور والأجانة
للقراح، وليضع على فرجيه قطنا وحنوطا، ويحشو دبره قطنا) (6).
وعن علي بن جعفر عن الكاظم (عليه السلام) في غسله في فضاء: (لا



(1) الكافي 3: 140، التهذيب 1: 298 ح 873.
(2) في النسخ الثلاث (يده) والمثبت من المصدر وهو الصحيح
(3) الكافي 3: 138 ح 1، التهذيب 1: 299 ح 874، باختصار في الألفاظ.
(4) الكافي 3: 139 ح 2، التهذيب 1: 300 ح 875، وفيهما: جعل الذريرة في الغسلة الثانية.
(5) في س زيادة: القميص.
(6) الكافي 3: 141 ح 5، التهذيب 1: 301 ح 877.
335
بأس، والستر أحب إلي) (1).
وعن فضيل سكرة عن الصادق (عليه السلام): (أن النبي صلى الله عليه
وآله قال لعلي (عليه السلام): إذا أنا مت فاستق لي ست قرب من بئر غرس) (2).
قلت: هي غرس - بفتح الغين المعجمة، وسكون الراء والسين المهملة -
وكانت منازل بني النضير، قاله، الواقدي (3). وهي غير بئر أريس - بفتح الهمزة
وتخفيف الراء - وهي بناحية قباء معروفة شاهدتها، وروي أن خاتم النبي صلى الله
عليه وآله سقط فيها فيتبرك بها الناس (4).
وفي خبر حفص عنه (عليه السلام): (سبع) (5).
وفي مكاتبة محمد بن الحسن إلى العسكري (عليه السلام): (يغسل حتى
يطهر)، وكتب إليه في صب الماء في كنيف، فوقع: (في بلاليع)، وكذا ماء
الوضوء (6) وفي مرسل ابن أبي نجران: (أقل المجزئ من الكافور مثقال) (7).
وفي خبر الكاهلي: (القصد أربعة مثاقيل) (8).
وفي مرفوع إبراهيم بن هاشم: (إن جبرئيل نزل على النبي صلى الله عليه
وآله بحنوط وزنه أربعون درهما، فقسمه أثلاثا: بينه وبين علي وفاطمة عليهم
السلام) (9).



(1) قرب الاسناد: 85، الكافي 3: 142 ح 6، الفقيه 1: 86 ح 400، التهذيب 1: 431
ح 1379.
(2) الكافي 3: 150 ح 1، التهذيب 1: 435 ح 1397، الاستبصار 1: 196 ح 688.
(3) معجم البلدان 4: 193.
(4) صحيح البخاري 7: 201، صحيح مسلم 3: 1656 ح 2091.
(5) الكافي 3: 150 ح 2، التهذيب 1: 435 ح 1398، الاستبصار 1: 196 ح 687.
(6) الكافي 3: 150 ح 3، التهذيب 1: 431 ح 1377، 1378.
(7) الكافي 3: 151 ح 5، التهذيب 1: 291 ح 846.
(8) الكافي 3: 151 ذيل ح 5، التهذيب 1: 291 ح 847.
(9) الكافي 3: 151 ح 4، التهذيب 1: 290 ح 845.
336
وفي مرسل ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام): (لا يمس منه شعر
ولا ظفر، فإن سقط جعل في الكفن) (1).
وفي خبر غياث عنه (عليه السلام): (كره علي (عليه السلام): حلق عانته،
وقلم ظفره، وجز شعره) (2)
وفي خبر طلحة بن زيد عن الصادق (عليه السلام) انه كره ذلك، (أو
يغمز له مفصل) (3).
وفي خبر عبد الله بن عبيد عن الصادق (عليه السلام): (يوضأ أولا
ويغسل رأسه بالسدر والأشنان * وقدر السدر بسبع ورقات صحاح (4).
وفي خبر حريز عنه (عليه السلام): (الوضوء) (5).
وفي التهذيب عن (أم) أنس عن النبي صلى الله عليه وآله في الحبلى
لا يحركها، وغيرها يمسح بطنها مسحا رفيقا، ويلقى على عورتها ثوب ستير، ثم
يمسح من تحت الثوب ثلاثا بالكرسف، ثم توضأ بماء فيه سدر (6).
وعن معاوية بن عمار: أمرني الصادق (عليه السلام): (أن أغمز بطنه، ثم
أوضئه، ثم أغسله بالأشنان، ثم أغسل رأسه بالسدر ولحيته، ثم أفيض على
جسده منه، ثم أدلك منه جسده، ثم أفيض عليه ثلاثا، ثم أغسله بالقراح، ثم
أفيض عليه الماء بالكافور والقراح، وأطرح فيه سبع ورقات سدر) (7) وفي هذا الخبر
غرائب.
وعن محمد بن إسماعيل بن بزيع: أمر الباقر (عليه السلام) إياه بنزع أزرار



(1) الكافي 3: 155 ح 1، التهذيب 1: 323 ح 940.
(2) الكافي 3: 156 ح 2.
(3) الكافي 3: 156 ح 3، التهذيب 1: 323 ح 941.
(4) التهذيب 1: 302 ح 978، الاستبصار 1، 206 ح 726.
(5) التهذيب 1: 302 ح 879، الاستبصار 1: 206 ح 727.
(6) التهذيب 1: 303 ح 880، الاستبصار 1: 207 ح 728.
(7) التهذيب 1: 303 ح 882، الاستبصار 1: 207 ح 729.
337
القميص (1).
وفي مرسل محمد بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (لا تجعل للجديد
كما، واللبيس لا بأس) (2).
وعن عمار بن موسى عنه (عليه السلام): (لا بأس بغسل رأسه ولحيته
بالخطمي، ويجعل في الجرة من الكافور نصف حبة، ويمر يده على جسده كله،
وينصب رأسه ولحيته شيئا، ثم يعصر بطنه شيئا، ثم يمال رأسه شيئا فينفض
ليخرج الخارج من أنفه، ويغسل بجر ثلاث للغسلات الثلاث، ولا بأس
بالزيادة، ويحشى القطن في مقعدته) (3).
وعن يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن الصادق (عليه السلام):
(لا يسخن للميت الماء، لا يعجل له النار، ولا يحنط بمسك) (4).
وعن عبد الله بن المغيرة عن الباقر والصادق (عليهما السلام): (لا يقرب
الميت ماء حميما) (5).
وعن سهل بن زياد عن بعض أصحابه رفعه: (يضع للمرأة القطن أكثر
من الرجل، ويحشى القبل والدبر به (6).
وفي خبر عمار المذكور: (لقبلها نصف من) (7).
وعن طلحة بن زيد ان الصادق (عليه السلام): (استحب أن يجعل بين
الميت حال الغسل وبين السماء سترا) (8).
وعن عثمان النواء - وكان غاسلا - عن الصادق (عليه السلام): (إذا غسلته



(1) التهذيب 1: 304 ح 885، رجال الكشي: 348.
(2) الفقيه 1: 90 ح 418، التهذيب 1: 305 ح 886.
(3) التهذيب 1: 305 ح 887.
(4) الكافي 3: 147 ح 2، التهذيب 1: 322 ح 937.
(5) رواه الطوسي في التهذيب 1: 322 ح 939 مرسلا عن عبد الله بن المغيرة.
(6) الكافي 3: 147 ح 2، التهذيب 1: 324 ح 944.
(7) التهذيب 1: 305 ح 887.
(8) التهذيب 1: 432 ح 1380. وفيه. أن أباه - اي الباقر (عليه السلام) - كان يستحب.....
338
فأرفق به، ولا تعصره، ولا تقربن مسامعه بكافور) (1).
وعن أبي العباس عن الصادق (عليه السلام): (أقعده واغمز بطنه غمزا
رفيقا، وتغسله بالماء والحرض ثم بماء وكافور، ثم بالقراح) (2)
قال الشيخ: ذكر إقعاده محمول على التقية (3).
قلت: ويمكن حمله على مدلول رواية عمار (4).
قال في المعتبر: لا معنى للحمل على التقية هنا، ولكن لا بأس بتجنب ما
قاله الشيخ (5).
ونقل في الخلاف الإجماع على كراهية إقعاده (6) وعصر بطنه (7).
وعن سليمان بن خالد عنه (عليه السلام): (يغسل بماء وسدر، ثم بماء
وكافور، ثم بماء) (8).
وعن يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح: يغسل الغاسل يديه إلى
المنكبين ثلاثا عند تكفينه) (9).
وعن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام): (غسل الميت مثل غسل
الجنب، وإن كان كثير الشعر فزد عليه ثلاث مرات) (10).
قلت يدل على وجوب الترتيب، وعلى عدم وجوب الوضوء.
.



(1) الكافي 3: 144 ح 8، التهذيب 1: 309 ح 899، 445 ح 1441 الاستبصار 1: 205.
ح 722.
(2) التهذيب 1: 446 ح 1442، الاستبصار 1: 206 ح 724.
(3) الهامش السابق.
(4) التهذيب 1: 305 ح 887.
(5) المعتبر 1: 278.
(6) الخلاف 1: 693 المسألة: 473.
(7) يستفاد ذلك من المسألة 14 ص 162 ج 1.
(8) التهذيب 1: 446 ح 1443.
(9) التهذيب 1: 446 ح 1444، الاستبصار 1: 208 ح 731.
(10) الفقيه 1: 122 ح 586، التهذيب 1: 447 ح 1447، الاستبصار 1: 208 ح 732
339
وفي خبر عمار عن الصادق (عليه السلام: (لا يجعله بين رجليه:، بل يقف
من جانبه) (1).
وعن العلاء بن سيابة عن الصادق (عليه السلام): (لا بأس أن تجعل
الميت بين رجليك) (2).
قال الشيخ: العمل على عدم الركوب وهو الأفضل، وهذا جائز (3).
وفي مكاتبة أحمد بن القاسم إلى الهادي (عليه السلام): (يغسل المؤمن
غسله وان كان العامة حضورا) (4).
وعن مغيرة مؤذن بني عدي عن الصادق (عليه السلام): (غسل علي (عليه
السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدأه بالسدر، والثانية ثلاث مثاقيل من
كافور ومثقال من مسك، وأفاض في الثالث عليه قربة مشدودة الرأس) (5).
والأولى ترك المسك، والخبر معارض بأشهر منه.
ثم هنا مسائل:
الأولى: يجب استقبال القبلة حالة الغسل، كالاحتضار، في ظاهر كلام
الشيخ (6) وظاهر الخبر السابق.
وخبر الكاهلي: سألت الصادق (عليه السلام) عن غسل الميت، فقال:
(استقبل بباطن قدميه القبلة حتى يكون وجهه مستقبل القبلة) (7).



(1) أخرجه المحقق في المعتبر 1: 277، والعلامة في نهاية الإحكام 2: 227.
(2) الفقيه 1: 122 ح 587، التهذيب 1: 447 ح 1448، الاستبصار 1: 206 ح 725.
(3) التهذيب 1: 448.
(4) التهذيب 1: 448 ح 1451.
(5) التهذيب 1: 450 ح 1464. وفي النسخ الثلاث: سبرة مؤذن بني عدي.... والصحيح ما أثبتناه من
المصدر.
(6) المبسوط 1: 77.
(7) الكافي 3: 140 ح 4، التهذيب 1: 298 ح 873.
340
وفي المصرية للمرتضى: لا يجب (1) للأصل،
ولخبر يعقوب بن يقطين سألت الرضا (عليه السلام) عن الميت كيف
يوضع عل المغتسل، موجها وجهه نحو القبلة، أو يوضع على يمينه ووجهه نحو
القبلة؟ قال: (يوضع كيف تيسر، فإذا طهر وضع كما يوضع في قبره) (2). وهو
مختار المحقق (3).
الثانية: يستحب وضعه على مرتفع لئلا يعود إليه ماء الغسل، وليجعل
على ساجة أو سرير حفظا لجسده من التلطخ، وليكن مكان الرجلين منحدرا كيلا
يجتمع الماء تحته، وليحفر للماء حفرة ليجتمع فيها.
وروى سليمان بن خالد (4) عن الصادق (عليه السلام): (وكذلك إذا غسل
يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة) (5).
والحفرة أولى من البالوعة، قاله ابن حمزة (6).
وقال ابن الجنيد: يقدم اللوح الذي يغسل عليه إلى الميت، ولا يحمل الميت
إلى اللوح. وكره أن يحضر الغسل جنب أو حائض أو نفساء.
وقال الصدوق: يعد الغاسل لنفسه مئزرا (7) وهو حسن ليقي أثوابه.
الثالثة: يفتق قميصه وينزع من تحته، لأنه مظنة النجاسة.
قال في المعتبر: ينزع كذلك إذا أريد ستره به، ثم ينزع بعد الغسل من
أسفله، لخبر عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (ثم يخرق القميص



(1) مختلف الشيعة: 42.
(2) التهذيب 1: 298 ح 871.
(3) المعتبر 1: 269.
(4) في م س: حماد، وما أثبتناه من ط، والمصادر.
(5) الكافي 3: 127 ح 3، الفقيه 1: 123 ح 591، التهذيب 1: 286 ح 835، 298 ح 872.
(6) الوسيلة: 64.
(7) الهدية: 50.
341
إذا فرغ من غسله وينزع من رجليه) (1).
وفي النهاية والمبسوط: ينزع قميصه، ويترك على عورته ساتر (2).
وخير في الخلاف بين غسله في قميصه أو يستر بخرقة، ونقل الإجماع على
التخيير (3). وقد مرت الرواية باستحباب القميص (4).
وفي المعتبر، الوجه جوازهما، وبخرقة عريانا أفضل: لدلالة الأخبار
عليهما.
وأفضلية التجريد، لأنه أمكن للتطهير، ولأن الثوب قد ينجس بما يخرج
من الميت، ولا يطهر بصب الماء فتتفاحش (5) النجاسة في الميت والغاسل. وتغسيل
النبي (صلى الله عليه وآله) في قميصه للأمن من ذلك فيه (6).
وابن أبي عقيل: السنة تغسيله في قميصه، لتواتر الأخبار بفعل علي (عليه
السلام) في النبي صلى الله عليه وآله (7) وهو ظاهر الصدوق (8).
وابن حمزة أوجب تجريده إلا ما يستر العورة (9).
قلت: عند المحقق أن نجاسة الميت تتعدى إلى الملاقي، فهي حاصلة وان
لم يخرج منه شئ وعدم طهارة القميص هنا بالصب ممنوع، لاطلاق الرواية،
وجاز أن يجزي مجرى ما لا يمكن عصره.



(1). المعتبر 1: 270.
والخبر في الكافي 3: 144 ح 9، التهذيب 1: 308 ح 894.
(2) النهاية: 33، المبسوط 1: 178.
(3) الخلاف 1: 692 المسألة: 469.
(4) تقدمت في ص 335 الهامش 3.
(5) في م، س: متفاحش.
(6) المعتبر 1: 270 - 271.
وتغسيل النبي صلى الله عليه وآله في: الموطأ 1: 222.
(7) مختلف الشيعة: 44.
(8) المقنع: 18.
(9) الوسيلة: 65.
342
وهذا كله لوجوب ستر العورة، إلا أن يكون الغاسل غير مبصر أو واثقا من
نفسه بكف البصر فيستحب استظهارا، للأمن من البصر غلطا أو سهوا.
وعلى هذا لو كان زوجا أو زوجة لم يجب، لإباحة النظر إن جوزنا غسله مجردا،
وكذا لو كان طفلا يباح غسله للنساء، لأنه لا شهوة فيه، ومن ثم جاز للنساء
غسله.
قال في المعتبر: جواز نظر المرأة يدل على جواز نظر الرجل (1). فان أراد إلى
العورة أمكن توجه المنع، إلا أن يعلل بعدم الشهوة فلا حاجة إلى الحمل على
النساء.
الرابعة: يجب إزالة النجاسة عن بدنه أولا، لتوقف تطهيره عليها، وأولوية.
إزالتها على الحكمية، ولخبر يونس عنهم (عليهم السلام): (فإن خرج منه شئ
فأنفقه) (2).
الخامسة: قطع في الخلاف على وجوب النية على الغاسل مدعيا الإجماع (3).
وتردد في المعتبر، لأنه تطهير للميت من نجاسة الموت فهو كإزالة النجاسة
عن الثوب، ثم احتاط بها (4).
قلت: وقد مر أنه كغسل الجنابة، وتجب فيه النية قطعا، ولأنه عبادة.
ولو اشترك في غسله جماعة نووا. ولو نوى الصاب وحده أجزأ، لأنه الغاسل
حقيقة. ولو نوى الآخر، فالأقرب: الإجزاء، لأن الصاب كالآلة.
وعلى عدم النية: يجزئ في المكان المغصوب، وبالماء المغصوب.
السادسة: يجب تغسيله ثلاثا: بالسدر، ثم الكافور، ثم القراح وهو:
الخالص البحت عند الأكثر، لما مر، ولقول النبي (صلى الله عليه وآله) لأم عطية



(1) المعتبر 1: 271.
(2) الكافي 3: 141 ح 1، التهذيب 1: 301 ح 877.
(3) الخلاف 1: 702 المسألة: 492.
(4) المعتبر 1: 265.
343
غاسلة ابنته: (اغسليها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر) (1) فيجب أقل مراتب التخيير.
ونقل فيه الشيخ الإجماع (2).
واجتزأ سلار بالقراح (3)، للأصل، ولخبر علي عن الكاظم (عليه السلام) في
الميت جنبا، قال: (غسل واحد) (4). فغير الجنب أولى.
قلنا: الأخبار مخرجة عن الأصل، والمراد بالوحدة عدم تعدد الغسل بسبب
الجنابة، ولأن غسل الميت واحد بنوعه وان تعدد صفة.
فروع:
الأول: الترتيب في هذه المياه واجب، لظاهر خبر الحلبي السابق (5).
وغيره (6).
ويلوح من كلام ابن حمزة استحباب الترتيب (7)، للأصل، وحمل الروايات
على الندب.
قلنا: المذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب.
الثاني: لو عدم الخليط، فظاهر كلام الشيخ الاجتزاء بالمرة (8). وابن
إدريس اعتبر ثلاثا (9).
والأول أفقه، للأصل، وللشك في وجوب الزائد فلا يجب، ولأن المراد



(1) صحيح البخاري 2: 93، صحيح مسلم 2: 646 ح 939، سنن ابن ماجة 1: 468.
ح 1458، سنن النسائي 4: 28.
(2) الخلاف 1: 694 المسألة: 476.
(3) المراسم: 47.
(4) التهذيب 1: 432 ح 1383، الاستبصار 1: 194 ح 679.
(5) تقدم في ص 335 الهامش 3.
(6) راجع: التهذيب 1: 450 ح 1464.
(7) الوسيلة: 64.
(8) المبسوط 1: 181، النهاية: 43.
(9) السرائر: 34.
344
بالسدر الاستعانة على النظافة، وبالكافور تطييب الميت وحفظه من تسارع التغير
وتعرض الهوام، فكأنهما شرط في الماء فيسقط الماء عند تعذرهما، لانتفاء الفائدة،
ولأنه كغسل الجنابة.
ووجه الثاني: إمكان الجزء فلا يسقط بفوات الآخر، لأصالة عدم اشتراط
أحدهما بصاحبه.
ولو مس بعد الغسل بني على الخلاف فيما لو وجد الخليط بعد الغسل
بالقراح.
والأقرب: وجوبه ما لم يدفن، لتوجه (1) الخطاب حينئذ.
ويمكن المنع، للامتثال المقتضي للإجزاء.
الثالث: لو وجد ماء لغسلة واحده، فالأولى القراح، لأنه أقوى في
التطهير، ولعدم احتياجه إلى جزء آخر. ولو وجد لغسلتين، فالسدر مقدم لوجوب
البدأة به، ويمكن الكافور لكثرة نفعه. ولا ييمم في هذين الموضعين، لحصول
مسمى الغسل.
المسألة السابعة: تجب البدأة برأسه، ثم جانبه الأيمن، ثم الأيسر
باتفاقنا، وقد سبق في الأخبار دليله (2).
والظاهر سقوطه بالغمس في الكثير، كغسل الجنابة.
ولا يزاد على ثلاث غسلات اقتصارا على المنقول، ولم يثبت عندنا خبر
التخيير بينها وبين الخمس (3)، وإنما ذكرناه التزاما.
الثامنة: يظهر من الأخبار السابقة وغيرها وجوب الوضوء: لأنه مذكور في
سياق الغسل، ولصحيح ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان أو غيره عن الصادق



(1) في ط: أوجه.
(2) راجع ص 333 وما بعدها
(3) راجع ص 344 الهامش 1.
345
(عليه السلام): (في كل غسل وضوء إلا الجنابة) (1). وهو ظاهر أبي الصلاح (2).
وفي النهاية: أحوط (3). وفي المبسوط: عمل الطائفة على ترك الوضوء (4).
وفي المقنعة: يوضأ (5). ونقل سلار عن شيخه أنه لا يرى وضوءه (6) والمفيد أشهر
شيوخه.
والأقرب الاستحباب، لتظافر الأخبار به مع أصالة عدم الوجوب، ولعدم
ذكر العبد الصالح (عليه السلام) الوضوء في خبر يعقوب بن يقطين (7). وكونه
كغسل الجنابة لا يلزم منه عدم الوضوء، لصدق المشابهة من وجه. وهو اختيار
الاستبصار (8) والفاضلين (9).
نعم، لا مضمضة، ولا استنشاق، للتعرض لخروج شئ.
التاسعة: يستحب تليين أصابعه برفق، فإن تعسر تركها كما مر، وبعد
الغسل لا يلين، لعدم فائدته.
وابن أبي عقيل نفاه مطلقا (10)، لخبر طلحة بن زيد عن الصادق (عليه
السلام): (ولا يغمز له مفصلا) (11) وحمله الشيخ على ما بعد الغسل (12).
العاشرة: مسح بطنه في الأوليين قبلهما ليرد عليه الماء، والغرض به التحفظ



(1) التهذيب 1: 143 ح 403، 303 ح 881، الاستبصار 1: 209 ح 733.
(2) الكافي في الفقه: 134.
(3) النهاية: 35.
(4) المبسوط 1: 178.
(5) المقنعة: 11.
(6) المراسم: 48.
(7) التهذيب 1: 446، 1444، الاستبصار 1: 208 ح 731.
(8) الاستبصار 1: 208.
(9) المعتبر 1: 267، مختلف الشيعة: 42.
(10) مختلف الشيعة: 42.
(11) الكافي 3: 156 ح 3، التهذيب 1:: 323 ح 941.
(12) الخلاف 1: 696 المسألة: 480.
346
من الخارج بعد الغسل لعدم القوة الماسكة، ومن ثم أمر بحشو المخرج عند خوف
الخروج كما دل عليه الخبر (1).
ونقل الشيخ فيه الإجماع (2). وأنكره ابن إدريس - بعد أن جوزه في أول
الباب - لما ثبت من مساواة الميت الحي في الحرمة (3).
قلنا: الحشو أبلغ في الحرمة.
ولا يستحب المسح في الثالثة بالإجماع، بل يكره لأنه تعرض لكثرة الخارج،
ولهذا لم يذكر في خبر يونس عنهم (عليه السلام) (4).
ولا يمسح بطن الحامل، لما مر، وللخوف من الإجهاض.
ولو خرج منه نجاسة في الأثناء أو بعد الفراغ غسلت ولا يعاد الغسل،
للامتثال، ولخبر الكاهلي والحسين بن المختار وروح بن عبد الرحيم عن الصادق
(عليه السلام): (ان بدا منه شئ بعد غسله فاغسل الذي بدا منه، ولا تعد
الغسل) (5).
وابن أبي عقيل: إذا انتقض منه شئ استقبل به الغسل استقبالا (6). ونبه
بهذا التأكيد على مخالفة ما يقوله بعض المنتمين إلى الشيعة من أنه إن حدث في
أثناء الثلاث لم يلتفت إليه، وان حدث بعد كمالها تممت خمسا، وبعد الخمس
تكمل سبعا، وبعد السبع لم يلتفت إليه. وهذا مبني على ما لم يثبت عن أهل البيت
(عليهم السلام).
وكلامه - رحمه الله - لم نقف على مأخذه، فإن قال: لتكون خاتمة أمره على
كمال الطهارة.



(1) الكافي 3: 141 ح 5، التهذيب 1: 301 ح 877.
(2) الخلاف 1: 703 المسألة: 494.
(3) السرائر: 33.
(4) لاحظ الكافي 3: 141 ح 5، التهذيب 1: 301 ح 877.
(5) الكافي 3: 156 ح 2، التهذيب 1: 449 ح 1455، 1456.
(6) المعتبر 1: 274، مختلف الشيعة: 43.
347
قلنا: الطهارة قد حصلت، والحدث إنما يكون ناقضا في الأحياء، ولا فرق
بين خروجها في الأثناء أو بعد الغسل أو بعد الإدراج، وكذا لا يعاد الوضوء لو
سبق. ويتخرج من كونه كغسل الجنابة أو نفس غسل الجنابة الخلاف في غسل
الجنابة إذا كان الحدث في الأثناء، والرواية ظاهرها أنه بعد كمال غسله (1).
الحادية عشرة: استحباب غسله تحت سقف اتفاق علمائنا، قال المحقق:
ولعل الحكمة كراهة أن يقابل السماء بعورته (2).
ولا حد في ماء الغسل غير التطهير، كما مر. وظاهر المفيد: صاع لغسل
الرأس واللحية بالسدر، ثم صاع لغسل البدن بالسدر (3). ونقل في المعتبر عن
بعض الأصحاب أن لكل غسلة صاعا (4) وهو مختار الفاضل في النهاية (5) لخبر
محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام): (غسل الميت مثل غسل الجنب) (6).
والمسخن جائز عند ضرورة الغاسل. والصدوق: توقي الميت في البرد مما
توقي نفسك، ونسبه إلى الحديث (7). وحينئذ يقتصر على ما يدفع الضرورة من
السخونة.
واستحباب الدعاء المخصوص قد ذكر (8)، ويستحب معه الاستغفار وذكر الله
تعالى.
الثانية عشرة: نقل الشيخ الإجماع على أنه لا يجوز قص أظفاره، ولا
تنظيفها من الوسخ بالخلال، ولا تسريح لحيته. وجعل حلق رأسه مكروها



(1) راجع ص 347 الهامش 5.
(2) المعتبر 1: 275.
(3) المقنعة: 11.
(4) المعتبر 1: 276.
(5) نهاية الإحكام 2: 226.
(6) الفقيه: 122 ح 586، التهذيب 1: 447 ح 1447، الاستبصار 1: 208 ح 732.
(7) الفقيه 1: 86 ح 398.
(8) راجع ص 333، الهامش 1 و 3.
348
وبدعة، وكره حلق عانته وإبطه وحف شاربه (1).
ولعل مراده الكراهية، لقضية الأصل، والنهي أعم من التحريم، ويؤيده
أنه ذكر كراهية قلم الأظفار بعد ذلك.
وابن حمزة حرم القص والحلق والقلم وتسريح الرأس واللحية (2) وقد ذكر
مأخذ ذلك.
ولم يثبت عندنا قول النبي (صلى الله عليه وآله): (افعلوا بموتاكم ما
تفعلون بعرائسكم) (3) مع أنه متروك الظاهر، إذ العروس تطيب بكل الطيب
ويزين وجهها وتحلى بخلاف الميتة.
ولا يظفر شعر الميتة، لقول الصادق (عليه السلام): (لا يمس من الميت
شعر ولا ظفر) (4).
ولم يثبت خبر أم سليم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في ابنته:
(واظفرن شعرها ثلاثة قرون، ولا تشبهنها بالرجال) (5).
ويكره التجمير حال الغسل، والصدوق استحب تجمير الكفن (6)، لما في خبر
عمار عن الصادق (عليه السلام): (وجمر ثيابه بثلاثة أعواد) (7).
وقال الفاضل: يخرج الوسخ من أظفاره بعود عليه قطن مبالغة في التنظيف (8).
ويدفعه: نقل الإجماع، مع النهي عنه في خبر الكاهلي السابق (9).



(1) الخلاف 1: 694 المسألة: 475، وص 695 المسألة: 478 وص 696 المسألة: 481
وص 697 المسألة: 482.
(2) الوسيلة: 65.
(3) تلخيص الحبير: 120.
(4) الكافي 3: 155 ح 1، التهذيب 1: 323 ح 940.
(5) السنن الكبرى: 4: 5.
(6) الفقيه 1: 91.
(7) التهذيب 1: 305 ح 887.
(8) تذكرة الفقهاء 1: 42.
(9) تقدم في 335 الهامش 1.
349
الثالثة عشر: أجمعنا على كراهية إرسال الماء في الكنيف دون البالوعة، لما
مر. وعلى وضع خرقة على يد الغاسل اليسرى لغسل فرج الميت، وهل يجب؟
يحتمل ذلك، لأن المس كالنظر بل أقوى، ومن ثم نشر حرمة المصاهرة دون النظر.
أما باقي بدنه فلا تجب الخرقة قطعا، وهل تستحب؟ كلام الصادق (عليه السلام)
السابق يشعر به (1).
الرابعة عشرة: قال الفاضل - رحمه الله -: يشترط كون السدر والكافور لا
يخرجان الماء إلى الإضافة، لأنه مطهر والمضاف غير مطهر (2).
والمفيد - رحمه الله - قدر السدر برطل أو نحوه (3)، وابن البراج: برطل
ونصف (4). واتفق الأصحاب على ترغيته. وهما يوهمان الإضافة، ويكون المطهر
هو القراح، والغرض بالأولين التنظيف، وحفظ البدن من الهوام بالكافور، لأن
رائحته تطردها.
ولو عدم السدر، قال الشيخ: يقوم الخطمي مقامه في غسل الرأس،
وقليل من الكافور في الغسلة الثانية (5). وهو يشعر بإقامة غير السدر مقامه في
الغسلة الأولى، وتطييب الرائحة.
الخامسة عشرة: يستحب تقديم غسل يديه وفرجيه مع كل غسلة، كما في
الخبر (6) وفتوى الأصحاب (7). وتثليث غسل أعضائه كلها من اليدين والفرجين
والرأس والجنبين بالإجماع.
وحصرها الجعفي في كل غسلة خمس عشرة صبة لا تنقطع، وابن الجنيد



(1) تقدم في ص 335 الهامش 1.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 38.
(3) المقنعة: 11.
(4) المهذب 1: 56.
(5) المبسوط 1: 177.
(6) الكافي 3: 141 ح 4، التهذيب 1: 301 ح 877.
(7) كالمحقق في المعتبر 1: 272، والعلامة في تذكرة الفقهاء 1: 38.
350
والشيخ قالا: بعدم الانقطاع أيضا يستوفي العضو (1). والصدوق ذكر ثلاث
حميديات (2). وكأنه إناء كبير، ولهذا مثل ابن البراج الإناء الكبير بالإبريق
الحميدي (3).
السادسة عشرة: لا يجزئ تكرار القراح ثلاثا في الغسل مع إمكان الخليط،
لمخالفة الأمر.
قال الفاضل: يحتمل الإجزاء، لأنه أبلغ (4). وهو مشكل على مذهبه من
الاشتراط، لأن الجميع ماء مطلق عنده، وفي النصوص زيادة التنظيف بالخليط،
فالأبلغية إنما هي في المنصوص.
السابعة عشرة: الغريق يعاد غسل بعد تيقن موته بالاستبراء، لخبر إسحاق
ابن عمار (5)، ولأن السدر والكافور مفقودان فيه.
ولو قال سلار بعدم وجوب النية، أمكن الإجزاء عنده (6) إذا علم موته قبل
خروجه من الماء، لحصول الغرض من تنظيفه، كالثوب النجس تلقيه الريح في
الماء. نعم، لو نوى عليه في الماء أجزأ عنده
الثامنة عشرة: لا تستحب الدخنة بالعود ولا بغيره في أشهر الأخبار، لقول
علي (عليه السلام): (لا تجمروا الأكفان) (7) ولما مر (8). وعن أبي حمزة عن الباقر
(عليه السلام): (لا تقربوا موتاكم بالنار) (9) يعني الدخنة.



(1) المبسوط 1: 178.
(2) الفقيه 1: 91، المقنع: 18.
(3) المهذب 1: 58.
(4) تذكرة الفقهاء 1: 39.
(5) الكافي 3: 209 ح 2، التهذيب 1: 338 ح 990.
(6) بناء على قوله المتقدم في ص 264 الهامش 6.
(7) الكافي 3: 147 ح 3، علل الشرائع: 1: 308، الخصال: 618، التهذيب 1: 295 ح 863،
الاستبصار 1: 209 ح 735.
(8) راجع ص 249 الهامش 6، 7.
(9) التهذيب 1: 295 ح 866، الاستبصار 1: 209 ح 737.
351
وقول الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن سنان: (لا بأس بدخنة
كفن الميت، وينبغي للمسلم أن يدخن ثيابه إذا كان يقدر) (1) لا ينفي الكراهية
بل يشعر بها، وحمله الشيخ على التقية (2).



(1) التهذيب 1: 295 ح 867، الاستبصار 1: 209 ح 738.
(2) التهذيب 1: 295، الاستبصار 1: 209.
352
الحكم الثالث: تكفينه.
والواجب منه: مئزر، وقميص، وإزار، عند الجميع إلا سلار، فإنه اكتفى
بقطعة واحدة، وجعل الأسبغ وسبع قطع، ثم خمسا ثم ثلاثا (1)، لقول الباقر (عليه
السلام) في خبر زرارة: (إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب، وثوب تام لا أقل منه
يواري فيه جسده كله، فما زاد فهو سنة إلى أن يبلغ خمسة، فما زاد فهو مبتدع،
فالعمامة سنة) (2).
لنا: الإجماع، وما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كفن في ثلاثة أثواب
بيض سحولية (3) بالحاء المهملة بعد السين المفتوحة، قيل: منسوب إلى سحول
قرية باليمن. وعن زرارة عن الصادق (عليه السلام)، قال: (كفن رسول الله
(صلى الله عليه وآله) بثلاث أثواب: ثوبين سحوليين، وثوب حبرة يمنية عبري) (4).
وعن أبي مريم الأنصاري: كفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ثلاثة
أثواب (5) وحمل ال‍ (ثوب التام) على التقية، أو نقول: هو من عطف الخاص على
العام، على أن لفظ (ثوب) محذوف في كثير من النسخ (6).
وهل يتعين القميص، أو يكفي ثوب مكانه؟ المعظم على الأول (7)، لما روى
ابن المغفل: ان النبي (صلى الله عليه وآله) كفن في قميص (8) ولخبر معاوية بن



(1) المراسم: 47.
(2) الكافي 3: 144 ح 5، التهذيب 1: 292 ح 854، وفيه: (أو ثوب).
(3) المصنف لعبد الرزاق 3: 421 ح 6171، مسند أحمد 6: 40 صحيح البخاري 2: 97.
صحيح مسلم 2: 649 ح 941، السنن الكبرى 3: 399.
(4) أخرجه المحقق في المعتبر 1: 279، والعلامة في نهاية الإحكام 2: 244. وسيأتي نحوه في
ص 361 الهامش 1.
(5) التهذيب 1: 296 ح 869.
(6) يلاحظ في ذلك: الحدائق الناضرة 4: 15.
(7) راجع: المقنعة: 11، المبسوط 1: 176، النهاية: 31 نهاية الإحكام 2: 243.
(8) مجمع الزوائد 3: 24 عن الطبراني في الكبير.
353
وهب عن الصادق (عليه السلام): (يكفن الميت في خمسة أثواب: قميص لا يزر
عليه، وإزار وخرقة، وبرد يلف فيه، وعمامة) (1).
وابن الجنيد والمحقق خيرا بين القميص وبين ثوب يدرج فيه، لخلو أكثر
الأخبار من تعيينه (2) وأصل البراءة، ولخبر محمد بن سهل، عن أبيه، قال: سألت
أبا الحسن (عليه السلام) عن الثياب التي يصلي فيها الرجل، أيكفن فيها؟ قال:
(أحب ذلك الكفن)، يعني: قميصا. قلت يدرج في ثلاثة أثواب؟ قال: (لا
بأس به، والقميص أحب ألي) (3).
وروت عائشة: ان النبي (صلى الله عليه وآله) كفن في ثلاثة أثواب ليس
فيها قميص (4).
قلت: لعل القميص هو المعهود، وهو ما كان يصلي فيه، ولقول الباقر
(عليه السلام): (ان استطعت ان يكون كفنه ثوبا كان يصلي فيه) (5) فجاز أن
يكون في الثلاثة الأثواب قميص غيره. وروى الصدوق تكفينه في ثلاثة أثواب بغير قميص عن الكاظم (عليه
السلام) (6). وهي الرواية بعينها (7) ولكن حذف صدرها، وخبرها معارض بما مر،
والمثبت راجح.
مسائل:
الأولى: يجزئ (8) عند الضرورة ثوبان. ولو لم يوجد إلا واحد كفى، لأن



(1) الكافي 3: 145 ح 11، التهذيب 1: 293 ح 858، 310 ح 900.
(2) المعتبر 1: 279.
(3) التهذيب 1: 292 ح 855.
(4) صحيح مسلم 2: 649 ح 941، الجامع الصحيح 3: 321 ح 996، السنن الكبرى 3: 399.
(5) الفقيه 1: 89 ح 413، التهذيب 1: 292 ح 852.
(6) الفقيه 1: 93 ح 424.
(7) أي رواية بن سهل المتقدمة في الهامش 5.
(8) في س: يجوز.
354
الضرورة تجوز دفنه بغير كفن فبعضه أولى. نعم، لو كان هناك بيت مال تمم
الكفن منه، لأنه مصلحه لمسلم.
الثانية: لا يجوز التكفين في المغصوب، إجماعا، للنهي عن إتلاف مال
الغير.
ولا في الحرير للرجل والمرأة باتفاقنا، لإعراض السلف عنه، ولدلالة
مقطوعة الحسن بن راشد عليه - وهي من المقبولات، لأنه نفى البأس إذا كان
القطن أكثر من القز فيثبت البأس عند عدمه، وقد أرسلها الصدوق عن
الهادي (عليه السلام) (2). ولخبر مروان بن عبد الملك عن أبي الحسن (عليه
السلام) في كسوة الكعبة: لا يكفن بها الميت، مع حكمه بجواز بيعها وهبتها (3).
والظاهر أنه لأجل الحرير.
ولا في النجس، إجماعا، ولوجوب إزالة النجاسة العارضة في الكفن.
واشتراط كونه من جنس ما يصلى فيه، ينفي أوبار وأشعار غير المأكول.
وأما الجلد فيمنع منه مطلقا، لعدم فهمه من إطلاق الثوب، ولنزعه عن الشهيد.
نعم، لو اضطر إلى ما عدا المغصوب ففيه ثلاثة أوجه: المنع، لإطلاق
النهي. والجواز لئلا يدفن عاريا، مع وجوب ستره ولو بالحجر، ووجوب ستر العورة
لا غير حالة الصلاة، ثم ينزع بعده.
وحينئذ، فالجلد مقدم، لعدم صريح النهي فيه، ثم النجس، لعروض المانع،
ثم الحرير، لجواز صلاة النساء فيه، ثم وبر غير المأكول. وفي هذا الترتيب للنظر
مجال، إذ يمكن أولوية الحرير على النجس، لجواز صلاتهن فيه اختيارا.
الثالثة: يجب وضع الكافور على المساجد السبعة، وهو الحنوط، ونقل
الشيخ فيه الإجماع (4).



(1) الكافي 3: 149 ح 12، التهذيب 1: 435 ح 1396، الاستبصار 1: 211 ح 744.
(2) الفقيه 1: 90 ح 415.
(3) الكافي 3: 148 ح 5، الفقيه 1: 90، التهذيب 1: 434 ح 1391.
(4) الخلاف 1: 704 المسألة: 495.
355
وأقله مسماه، قاله في المعتبر، لصدق الامتثال (1).
واختلف الأصحاب في تقديره.
فالشيخان والصدوق: أقله مثقال، وأوسطه أربعة دراهم (2).
والجعفي: أقله مثقال وثلث، قال: ويخلط بتربة مولانا الحسين (عليه
السلام).
وابن الجنيد: أقله مثقال، وبه رواية مرسلة عن الصادق (عليه السلام) (3).
وفي مرسلة عنه (عليه السلام): (مثقال ونصف) (4).
وأوسطه أربعة مثاقيل، لرواية الحسين بن مختار عن الصادق (عليه
السلام) (5).
وحملها في المعتبر كلها على الفضيلة (6) تطييبا لمواضع العبادة، وتخصصا لها
بمزيد العناية.
وأكثره مر (7) وابن البراج جعله ثلاثة عشر درهما ونصفا (8).
ولا يشاركه الغسل في هذه المقادير، قطع به الأكثر.
وابن إدريس فسر المثاقيل بالدراهم (9) نظرا إلى قول الأصحاب، وطالبه
ابن طاوس - رحمه الله - بالمستند.
واختلف الأصحاب في تحنيط ما عدا السبعة والصدر، من الأنف والسمع.
والبصر والفم.



(1) المعتبر 1: 281.
(2) المقنعة 11، الخلاف 1: 407 المسألة: 498 المقنع: 18، الهداية: 25.
(3) الكافي 3: 151 ح 5، التهذيب 1: 291 ح 846.
(4) التهذيب 1: 291 ح 849.
(5) الكافي 3: 151 ح 5، التهذيب 1: 291 ح 847، 848.
(6) المعتبر 1: 281.
(7) تقدم في ص 336 الهامش 9.
(8) في المهذب 1: 61 ثلاثة عشر درهما وثلث، ولعل المصنف نقل عن غيره
(9) السرائر: 32.
356
فالصدوق تحنط، وكذا المغابن، وهي: الآباط وأصول الأفخاذ (1).
وابن أبي عقيل والمفيد ألحقا الأنف بالسبعة (2).
وأضاف الصدوق إلى الكافور المسك (3).
والشيخ أنكر ذلك كله (4).
ولنشر إلى الحديث:
ففي خبر سماعة عن الصادق (عليه السلام): (إذا كفنته فذر على كل ثوب
شيئا من الذريرة والكافور، واجعل شيئا من الحنوط على مسامعه ومساجده، وشيئا
على ظهر الكف (5)) (6).
وفي خبر عمار عنه (عليه السلام): (واجعل الكافور في مسامعه، وأثر
سجوده منه، وفيه) (7) وفي خبر يونس عنهم (عليهم السلام): (يوضع على جبهته وموضع
سجوده، ويمسح به مغابنه من اليدين والرجلين ووسط راحته) إلى قوله: (ولا
تجعل في منخريه، ولا في بصره، ولا في مسامعه، ولا وجهه، قطنا ولا كافورا) (8).
وفي مقطوع عبد الرحمن: (ولا تجعل في مسامعه حنوطا) (9).
وفي خبر الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (فامسح به آثار السجود
ومفاصله كلها، ورأسه ولحيته، وعلى صدره من الحنوط)، وقال: (الحنوط للرجل



(1) الفقيه 1: 91 المقنع: 18.
(2) المقنعة، 11، مختلف الشيعة: 43.
(3) الفقيه 1: 93 ح 422.
(4) الخلاف 1: 703 المسألة: 495، المبسوط 1: 177، 179.
(5) في م، ط، المصدر: (الكفن).
(6) التهذيب 1: 435 ح 1399.
(7) التهذيب 1: 305 ح 887.
(8) الكافي 3: 143 ح 1، التهذيب 1: 306 ح 888.
(9) التهذيب 1: 308 ح 893، الاستبصار 1: 212 ح 748.
357
والمرأة سواء) (1).
ومثله في خبر زرارة عن الباقر والصادق (عليهما السلام)، وزاد: (فاه وسمعه.
وفرجه) (2).
وفي خبر الحسين بن مختار عن الصادق (عليه السلام): (يوضع على
المساجد، وعلى اللبة وباطن القدمين، وموضع الشراك من القدمين، وعلى
الركبتين والراحتين واللحية) (3).
وفي خبر عبد الله بن سنان عنه (عليه السلام): (يضع في فمه ومسامعه وآثار
السجود) (4)، وشهادة هذه للصدوق - رحمه الله - أتم.
وأما المسك، ففي خبرين أرسلهما الصدوق: أحدهما - (أن النبي (صلى
الله عليه وآله) حنط بمثقال من مسك سوى الكافور) (5). والآخر عن الهادي
(عليه السلام) أنه سوغ تقريب المسك والبخور إلى الميت (6).
ويعارضهما مسند محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام): (قال أمير
المؤمنين (عليه السلام): لا تجمروا الأكفان، ولا تمسوا موتاكم بالطيب إلا
بالكافور، فإن الميت بمنزلة المحرم) (7).
وخبر غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام): (أن أباه كان يجمر
الميت بالعود) (8) ضعيف السند.
ويستحب سحق الكافور باليد خوفا من الضياع، قال في المعتبر: قاله



(1) الكافي 3: 143 ح 4، التهذيب 1: 307 ح 890، الاستبصار 1: 212 ح 746.
(2) التهذيب 1: 436 ح 1403، الاستبصار 1: 213 ح 750.
(3) التهذيب 1: 307 ح 892، الاستبصار 1: 212 ح 747.
(4) التهذيب 1: 307 ح 891، الاستبصار 1: 212 ح 749.
(5) الفقيه 1: 93 ح 422.
(6) الفقيه 1: 93 ح 426.
(7) الكافي 3: 147 ح 3، علل الشرائع 1: 308، الخصال: 618، التهذيب 1: 295 ح 863،
الاستبصار 1: 209 ح 735.
(8) التهذيب 1: 295 ح 865، الاستبصار 1: 210 ح 739.
358
الشيخان، ولم أتحقق مستنده (1).
وقال في المبسوط: ويكره سحقه بحجر أو غير ذلك، ويكفي وضعه - على
المساجد من غير قطن (2).
الرابعة: يستحب الذريرة على الأكفان.
قال الشيخ في التبيان: هي فتات قصب الطيب، وهو قصب يجاء به من
الهند كأنه قصب النشاب (3).
وقال في المبسوط والنهاية: تعرف بالقمحة - بضم القاف وتشديد الميم
المفتوحة والحاء المهملة أو بفتح القاف والتخفيف - كواحدة القمح (4). وسماها به
أيضا الجعفي.
وقال الصغاني: هي فعلية بمعنى مفعولة، وهي ما يذر على الشئ وقصب
الذريرة دواء يجلب من الهند، وباليمن يجعلون أخلاطا من الطيب يسمونها
الذريرة.
وقال المسعودي: من الأفاوية الخمسة والعشرين: قصب الذريرة،
والورس، والسليخة، واللاذن، والزباد. والأفاوية: ما يعالج به الطيب كالتوابل
للطعام. وعد أصول الطيب خمسة: المسك، والكافور، والعود، والعنبر،
والزعفران (5)
وابن إدريس: هي نبات طيب غير الطيب المعهود، يسمى: القمحان -
بالضم والتشديد. ثم استشهد بقول الأصمعي: يقال للذي يعلو الخمر مثل
الذريرة القمحان، وانشد فيه شعرا:



(1) المعتبر 1: 286.
وقول الشيخين في: المقنعة: 11، المبسوط 1: 179.
(2) المبسوط 1: 179.
(3) التبيان 1: 448.
(4) المبسوط 1: 177، النهاية: 32.
(5) مروج الذهب 1: 194.
359
إذا فضت خواتمه علاه * يبيس القمحان من المدام (1).
وليس فيهما صراحة بالمطلوب، ولا في كلامه تعيين له.
قال في المعتبر: وهو خلاف المعروف بين العلماء، بل هي الطيب
المسحوق (2).
وقال الراوندي: قيل: إنها حبوب تشبه حب الحنطة التي تسمى بالقمح،
تدق تلك الحبوب كالدقيق، لها ريح طيب.
قال: وقيل: الذريرة هي الورد والسنبل والقرنفل والقسط والأشنة، وكلها
نبات، ويجعل فيها اللاذن ويدق جميع ذلك.
ويجعل الذريرة أيضا على القطن الذي يوضع على الفرجين، قاله ابن
بابويه (3) والشيخ في المبسوط (4).
ولا يطيب بغير الكافور والذريرة، لما مر. ولا يجب استيعاب كل المسجد
بالمسح.
الخامسة: يستحب عندنا أن يزاد الرجل والمرأة حبرة - بكسر الحاء وفتح
الباء - يمنية عبرية - منسوبة إلى موضع أو جانب واد - لقول أبي مريم الأنصاري:
سمعت الباقر (عليه السلام) يقول: (كفن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة
أثواب: برد حبرة أحمر، وثوبين أبيضين صحاريين، وقال: إن الحسن بن علي
(عليهما السلام) كفن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة، وإن عليا (عليه السلام)
كفن سهل بن حنيف ببرد أحمر حبرة) (5).



(1) السرائر: 32.
والبيت للنابغة الذبياني، راجع ديوانه ص 112.
(2) المعتبر 1: 284.
(3) الفقيه 1: 92، المقنع: 18.
(4) المبسوط 1: 179.
(5) التهذيب 1: 296 ح 869.
وذيل الحديث في الكافي 3: 149 ح 9، والتهذيب 1: 296 ح 868.
360
وعن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): (كفن رسول الله صلى الله عليه
وآله في ثوبين صحاريين، وثوب يمنة عبري أو أظفار) (1) قال الشيخ: والصحيح
أو ظفار، وهما بلدان (2).
قلت اليمنة - بضم الياء -: البردة من برود اليمن.
وعن الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (كتب أبي في وصيته أن أكفنه
بثلاثة أثواب، أحدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة) (3).
وبهذه استدلوا على استحباب زيادة الحبرة، وهي غير بينة منها، فالحجة
عملهم.
ولتكن غير مطرزة بالذهب والحرير، لأنه إتلاف غير مأذون فيه. وظاهر
الأخبار أفضلية الحمراء (4). ولو تعذرت الأوصاف في الحبرة اتفاقا كفى بعضها،
فإن لم يوجد فلفانة أخرى.
السادسة: يزادان أيضا خرقة لشد الفخذين، وتسمى: الخامسة، طولها
ثلاث أذرع ونصف، ويلف بها فخذاه لفا شديدا. والرجل عمامة والمرأة خمار، لخبر
معاوية بن وهب عن الصادق (عليه السلام): (يكفن الميت في خمسة أثواب:
قميص، وإزار، وخرقة يعصب بها وسطه، وبرد يلف فيه، وعمامة) (5). وهذا الخبر
يدل على أن العمامة من الكفن.
وفي خبر يونس عنهم: (خذ خرقة طويلة عرضها شبر فشدها من حقويه،
وضم فخذيه ضما شديدا ولفها في فخذيه، ثم أخرج رأسها من تحت رجليه إلى
الجانب الأيمن واغمزها في الموضع الذي لففت فيه الخرقة) (6).



(1) التهذيب 1: 292 ح 853.
(2) التهذيب 1: 292.
(3) الكافي 3: 144 ح 7، الفقيه 1: 93، 423، التهذيب 1: 293 ح 857.
(4) الكافي 3: 149 ح 9، التهذيب 1: 296 ح 868.
(5) الكافي 3: 145 ح 11، التهذيب 1: 293 ح 858، 310 ح 900.
(6) الكافي 3: 141 ح 5، التهذيب 1: 301 ح 877.
361
وفي خبر عمار عن الصادق (عليه السلام): (طول الخرقة ثلاثة أذرع
ونصف، وعرضها شبر ونصف) (1).
وليكن تحتها قطن، لما مر، واختلاف الروايتين في القدر يدل على إرادة
التقريب. ولا يشق رأسها، أو يجعل فيها خيط يشدها.
وليحنك بالعمامة، لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام) (2).
ولينشر وسطها على رأسه وترد إلى خلفه، ويطرح طرفيها على ظهره لا كعمة
الأعرابي - وقال في المبسوط: عمة الأعرابي بغير حنك (3) - وهذه الهيئة في خبر عثمان
النوا عن الصادق (عليه السلام) (4).
وفي خبر معاوية بن وهب عنه (عليه السلام): (يلقى فضلها على
وجهه) (5).
وفي خبر يونس: (يؤخذ وسط العمامة، فيثنى على رأسه بالتدوير، ثم يلقى
فضل الشق الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، ثم يمد على صدره (6).
والمشهور بين الأصحاب مضمون هذا الخبر (7).
وأما الخمار فأفتى به الأصحاب (8) وهو موجود في خبر محمد بن مسلم عن
الباقر (عليه السلام): (يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، والمرأة إذا كانت عظيمة في
خمسة: درع، ومنطق، وخمار، ولفافتين) (9).



(1) التهذيب 1: 305 ح 887.
(2) الكافي 3: 145 ح 10، التهذيب 1: 308 ح 895.
(3) المبسوط 1: 179.
(4) الكافي 3: 144 ح 8، التهذيب 1: 309 ح 899، وفيهما: (واطرح طرفيها على صدره).
(5) الكافي 3: 145 ح 11، التهذيب 1: 293 ح 858، 310 ح 900.
(6) الكافي 3: 143 ح 1، التهذيب 1: 306 ح 888.
(7) راجع: المبسوط 1: 179، النهاية: 36، المهذب 1: 61، المعتبر 1: 283.
(8) راجع: المعتبر 1: 286، نهاية الإحكام 2: 245.
(9) الكافي 3: 147 ح 3، التهذيب 1: 324 ح 945.
362
قلت: الدرع: القميص. - والمنطق - بكسر الميم وفتح الطاء -. ما يشده به
الوسط، ولعله المئزر. واللفافتان: الإزار والحبرة، أو الإزار والنمط (1).
وفي خبر عبد الله بن سنان عنه (عليه السلام): (يكفن في ثلاثة سوى
العمامة، والخرقة تشد بها وركيه لئلا يبدو منه شئ، وليسا من الكفن) (2).
والجمع بينه وبين ما تقدم أن النفي للكفن الواجب، والأول يراد مطلق
الكفن، كما في خبر زرارة، قلت لأبي جعفر (عليه السلام): العمامة للميت أمن
الكفن هي؟ قال: (لا) إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب) إلى قوله: (إلى
أن يبلغ خمسة فما زاد مبتدع. والعمامة سنة، وأمر النبي صلى الله عليه وآله
بالعمامة) وبعث الصادق (عليه السلام) بدينار ليشترى به حنوط وعمامة لأبي
عبيدة الحذاء (3).
وعن يونس عن بعض رجاله عن الباقر والصادق (عليهما السلام): (الكفن
فريضة، للرجال ثلاثة أثواب، والعمامة والخرقة سنة) (4).
وخبر عبد الرحمن عن الصادق (عليه السلام): (تكفن في خمسة أثواب
أحدها الخمار) (5).
وتزاد المرأة خرقة لثدييها، لخبر سهل بن زياد عن بعض أصحابه رفعه،
قال: سألته كيف تكفن المرأة؟ قال: كما يكفن الرجل، غير أنها يشد على ثدييها
خرقة تضم الثدي إلى الصدر، وتشد إلى ظهرها) (6).
ولئلا يبدو حجم الثديين أو يضطربا فتنتشر الأكفان، ولا تنزع هذه الخرقة
في القبر.



(1) في ط زيادة: والخمار: القناع.
(2) الكافي 3: 144 ح 6، التهذيب 1: 293 ح 856، باختصار في الألفاظ.
(3) الكافي 3: 144 ح 5، التهذيب 1: 292 ح 854.
(4) التهذيب 1: 291 ح 851.
(5) الكافي 3: 146 ح 1، التهذيب 1: 324 ح 946.
(6) الكافي 3: 147 ح 2، التهذيب 1: 324 ح 944.
363
السابعة: قال كثير من الأصحاب: تزاد المرأة نمطا (1)، وهو لغة: ضرب من
البسط، ولعله مراد. أو هو ثوب فيه خطط مأخوذ من الأنماط وهي: الطرائق.
وابن إدريس جعله الحبرة، لدلالة الاسمين على الزينة (2).
والمفيد: تزاد المرأة ثوبين، وهما: لفافتان، أو لفافة ونمط (3).
وفي النهاية: نهايته خمسة أثواب، وهي: لفافتان، إحداهما: حبرة،
وقميص، وازار، وخرقة. والمرأة تزاد لفافة أخرى ونمطا (4).
وفي المبسوط مثل النهاية، ثم قال، وإن كانت امرأة زيدت لفافتين فيكمل
لها سبعة (5) فظاهره هنا مشاركة المرأة في الخمسة الأول وزيادتها لفافتين.
وفي الخلاف: تزاد المرأة إزارين (6).
ولم يذكر الشيخ في التهذيب ما يدل على ذلك غير خبري محمد بن مسلم
وسهل بن زياد (7).
وقال الجعفي: الخمسة: لفافتان وقميص، وعمامة، ومئزر. وقال: قد
روي سبع: مئزر، وعمامة، وقميصان، ولفافتان، ويمنة، وليس تعد الخرقة التي
على فرجه من الكفن. قال: وروي: ليس العمامة من الكفن المفروض.
وقال أبو الصلاح: يكفنه في: درع، ومئزر، ولفافة، ونمط، ويعممه.
قال: والأفضل ان يكون الملاف ثلاثا: إحداهن حبرة يمنية، وتجزئ واحدة (8).
وهذا اللفظ يدل على اشتراك الرجل والمرأة في النمط واللفائف.
ولم يذكر البصروي النمط، وسمى الإزار الواجب حبرة.



(1) راجع: الاقتصاد: 248، المعتبر 1: 285، مختلف الشيعة: 45.
(2) السرائر: 31.
(3) المقنعة: 12.
(4) النهاية: 31.
(5) المبسوط 1: 176.
(6) الخلاف 1: 701 المسألة: 491.
(7) التهذيب 1: 324 ح 944، 945.
(8) الكافي في الفقيه: 237.
364
وقال علي بن بابويه: ثم اقطع كفنه، تبدأ بالنمط وتبسطه، وتبسط عليه
الحبر، وتبسط الإزار على الحبر، وتبسط القميص على الإزار، وتكتب على
قميصه، وإزاره وحبره (1). وظاهره مساواة الرجل والمرأة.
وابنه الصدوق لما ذكر الثلاث الواجبة، وحكم بأن العمامة والخرقة لا تعدان
من الكفن، قال: من أحب أن يزيد زاد لفافتين حتى يبلغ العدد خمسة أثواب (2).
وقال في المقنع كقول أبيه بلفظ الخبر (3).
وسلار ذكر الحبرة والخرقة للرجل، ثم قال: ويستحب أن يزاد للمرأة
لفافتين. قال: وأسبغ الكفن سبع قطع، ثم خمس، ثم ثلاث (4). ويظهر منه
زيادة اللفائف، ومساواة الرجل للمرأة.
وقال ابن أبي عقيل - رحمه الله -: الفرض: إزار، وقميص، ولفافة. والسنة
ثوبان: عمامة، وخرقة، وجعل الإزار فوق القميص، وقال: السنة في اللفافة أن
تكون حبرة يمانية، فإن أعوزهم فثوب بياض، والمرأة تكفن في ثلاثة: درع،
وخمار، ولفافة.
وقال ابن البراج في الكامل: يسن لفافتان زيادة على الثلاثة المفروضة
إحداهما حبرة يمنية، فان كان الميت امرأة كانت إحدى اللفافتين نمطا، فهذه
الخمس هي الكفن، ولا يجوز الزيادة عليها. ويتبع ذلك وإن لم يكن من الكفن:
خرقة وعمامة، وللمرأة خرقة للثديين، قال: وان لم يوجد حبرة ولا نمط جاز أن
يجعل بدل كل واحدة منهما إزار.
ونحوه قال في المهذب (5). وصرح بثلاثة أزر أحدهما الحبرة، وهو ظاهر ابن



(1) مختلف الشيعة: 45.
(2) الفقيه 1: 92.
(3) المقنع: 18.
(4) المراسم: 47.
(5) المهذب 1: 60.
365
زهرة (1) - رحمه الله - أيضا.
وابن الجنيد لم يفرق بين الرجل والمرأة في ثلاثة أثواب يدرج فيها، أو ثوبين
وقميص. قال: ولا بد من العمامة، ويستحب المئزر والخمار للإشعار (2).
فظهر أن النمط مغاير للحبرة في كلام الأكثر، وأن بعض الأصحاب على
استحباب لفافتين فوق الإزار الواجب للرجل والمرأة وان كانت تسمى إحداهما
نمطا، وان الخمسة في كلام الأكثر غير الخرقة والعمامة، والسبعة للمرأة غير
القناع.
الثامنة: يستحب التكفين في القطن الأبيض - إلا الحبرة - ويكره الكتان،
لقول النبي صلى الله عليه وآله: (ليس من لباسكم أحسن من البياض، فالبسوه
وكفنوا فيه موتاكم) (3)، رواه جابر عن الباقر (عليه السلام) عن رسول الله صلى
الله عليه وآله.
وروي عنه صلى الله عليه وآله: (البسوا البياض، فإنه أطهر وأطيب،
وكفنوا فيه موتاكم) (4).
ولما تقدم في خبر أبي مريم: في ثوبين أبيضين صحاريين (5)، وهما منسوبان
إلى صحار - بضم الصاد المهملة - وهي: قصبة عمان مما يلي الجبل.
ولرواية أبي خديجة عن الصادق (عليه السلام): (الكتان كان لبني إسرائيل
يكفنون به، والقطن لأمة محمد صلى الله عليه وآله) (6).
وفي رواية يعقوب بن يزيد عنه (عليه السلام): (لا يكفن الميت في



(1) الغنية: 501.
(2) المعتبر 1: 279.
(3) الكافي 3: 148 ح، التهذيب 1: 434 ح، 1390.
(4) الكافي 6: 445 ح 1، 2.
(5) تقدم في ص 360 الهامش 5.
(6) الكافي 3: 149 ح 7، الفقيه 1: 89 ح 414، التهذيب 1: 434 ح 1392، الاستبصار 1:
210 ح 741.
366
كتان) (1).
وفي خبر عمار عن الصادق (عليه السلام): (الكفن يكون بردا، فإن لم يكن
بردا فاجعله كله قطنا، فإن لم تجد عمامة قطن فاجعل العمامة سابريا) (2). وهو
يعطي مغايرة البرد للقطن وأفضليته عليه، فيحمل على الحبرة، لما سبق من تسميتها
بردا، ولعله الممتزج بالحرير، هذا مع ضعف السند.
وعن يونس بن يعقوب عن الكاظم (عليه السلام): (كفنت أبي في ثوبين
شطويين كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه، وفي عمامة كانت لعلي بن
الحسن، وفي برد اشتريته بأربعين دينارا ولو كان اليوم لساوى أربعمائة دينارا) (3)،
وهو يشعر بأفضلية البرد.
قلت: الشطوي - بفتح الشين المعجمة، وفتح الطاء المهملة - منسوب إلى
شطا قرية بمصر، قاله الجوهري (4).
التاسعة: يكره في السواد (5)، وكل صبغ على الأصح، وعليه تحمل رواية
الحسين بن المختار: (لا يكفن الميت في السواد) (6).
ومنع ابن البراج من المصبوغ، ونقل الكراهية في الأسود. وكذا منع الممتزج
بالحرير، وبما فيه أو له طراز من حرير، ومن القميص المبتدأ للكفن إذا خيط (7).
والأقرب الكراهة، للأصل، ولصحة الصلاة فيه، ولخبر الحسن بن راشد
في المشبه بالعصب اليماني - بالعين والصاد المهملتين، وهو البرد لأنه يصبغ
بالعصب وهو نبت -: (إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس) (8).



(1) التهذيب 1: 451 ح 1465، الاستبصار 1: 211 ح 745.
(2) الكافي 3: 149 ح 10، التهذيب 1: 296 ح 870، الاستبصار 1: 210 ح 740.
(3) الكافي 3: 149 ح 8، التهذيب 1: 434 ح 1393، الاستبصار 1: 210 ح 742.
(4) الصحاح 6: 2392.
(5) في ط زيادة: بل.
(6) الكافي 3: 149 ح 11، التهذيب 1: 434 ح 1394
(7) المهذب 1: 59 - 60.
(8) الكافي 3: 149 ح 12، التهذيب 1: 435 ح 1396، الاستبصار 1: 211 ح 744.
367
أما المذهب، فالظاهر المنع لما ذكر في الحبرة، وقطع بالمنع ابن البراج (1).
ومنع ابن الجنيد من التكفين في الوبر (2) إما لعدم النقل أو لنقل العدم.
والظاهر: الجواز إذا صحت الصلاة فيه، وكذا الشعر والصوف.
العاشرة: يستحب الجريدتان، وفيهما مباحث.
الأول: في شرعيتهما. والأصل فيه ان آدم (عليه السلام) لما هبط من الجنة
خلق الله من فضل طينه النخلة، فكان يأنس بها في حياته، فأوصى بنيه أن يشقوا
منها جريدا بنصفين ويضعوه معه في أكفانه، وفعله الأنبياء بعده عليهم الصلاة
والسلام إلى أن درس في الجاهلية، فأحياه نبينا عليه الصلاة والسلام (3). واجمع
الإمامية على ذلك، وبه أخبار كثيرة من طريقي الخاصة والعامة، فمنها:
ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (عليه السلام): (أنه يتجافى
(العذاب) عنه ما دامت رطبة) (4).
وعنه (عليه السلام): (الجريدة تنفع المحسن والمسيئ) (5).
وعنه في خبر (الحسن بن) زياد الصيقل: (الجريدة تنفع المؤمن والكافر) (6).
وروت العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال: (خضروا موتاكم) (7)،
وأسند سفيان الثوري عن الباقر (عليه السلام) ذلك (8).
وفي صحاح العامة عن ابن عباس: مر النبي صلى الله عليه وآله بقبرين،



(1) المهذب 1: 60.
(2) المعتبر 1: 208.
(3) لاحظ المقنعة: 12، التهذيب 1: 326 ح 952، 953.
(4) الكافي 3: 153 ح 7، التهذيب 1: 327 ح 955، ومنهما ما أثبتناه بين المعقوفين.
(5) المقنعة: 12.
(6) الكافي 3: 151 ح 1، التهذيب 1: 327 ح 954.
(7) لم نجده في مصادر أبناء العامة المتوفرة لدينا، ونقله السيد المرتضى في الانتصار: 36 هكذا: روي
من طرق معروفة أن سفيان الثوري سأل يحيى بن عبادة الملكي عن التخضير. خضروا
صاحبكم....
(8) الكافي 3: 152 ح 2، الفقيه 1: 88 ح 408.
368
فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان بكبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول،
وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)، وأخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين وغرز في كل
قبر واحدة، وقال: (لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا) (1).
وروى الأصحاب: إن النبي صلى الله عليه وآله مر على قبر يعذب صاحبه
- وقيل هو قيس بن فهد، أو ابن قمير الأنصاري - فشق جريدة بنصفين، فجعل
واحدا عند رأسه، والآخر عند رجليه، وقال: (يخفف عنه العذاب ما كانا
خضراوين) (2).
وفي خبر زرارة عن الباقر (عليه السلام): (إنما الحساب والعذاب كله في
يوم واحد في ساعة واحدة، قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم، وإنما جعلت
السعفتان لذلك، فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفافها إن شاء الله) (3).
قال المرتضى وابن أبي عقيل: التعجب من ذلك كتعجب الملحدة من
الطواف والرمي وتقبيل الحجر، بل من غسل الميت وتكفينه مع سقوط التكليف
عنه، وكثير من الشرائع مجهولة العلل (4).
الثاني: في قدرها. والمشهور قدر عظم الذراع.
وفي خبر يونس عنه: (قدر ذراع) (5).
وروى الصدوق: (قدر الذراع أو الشبر) (6).
وفي خبر جميل بن دراج: (قدر شبر) (7).



(1) مسند أحمد 1: 225، سنن الدارمي 1: 188، صحيح البخاري 2: 124، صحيح مسلم 1:
240 ح 292، سنن أبي داود 1: 6 ح 20، سنن النسائي 4: 106، السنن الكبرى 1: 104.
(2) الفقيه 1: 88 ح 405.
(3) الكافي 3: 152 ح 4، الفقيه 1: 89 ح 410، علل الشرائع 1: 302.
(4) الاستبصار: 36.
(5) الكافي 3: 143 ح 1، التهذيب 1: 306 ح 888.
(6) الفقيه 1: 87 ح 403.
(7) الكافي 3: 152 ح 5، التهذيب 1: 309 ح 897.
369
وابن أبي عقيل: قدر أربع أصابع فما فوقها (1).
والكل جائز، لثبوت الشرعية، مع عدم القاطع على قدر معين.
وهل تشق أو تكون صحيحة؟ الخبر دل على الأول، والعلة تدل على
الثاني، والظاهر جواز الكل. نعم، تعتبر الخضرة قطعا، لخبر محمد بن علي بن
عيسى عن الكاظم (عليه السلام): (لا يجوز اليابس) (2)
الثالث: في بدلها. والأجود أنه مع التعذر شجر رطب. وهو اختيار ابن
بابويه (3) والجعفي، والشيخ في الخلاف (4)، وعليه دلت مكاتبة علي بن بلال أبا
الحسن الثالث (عليه السلام) كما ذكره الصدوق (5) وفي التهذيب جعلها مجهولة
المكتوب إليه (6).
والسدر أفضله ثم الخلاف، وعكس المفيد (7) ويشهد للطرد خبر سهل بن
زياد (8).
وفي خبر علي بن إبراهيم: (عود الرمان) (9).
الرابع: في محلها. والمشهور أن إحداهما لاصقة بجلد الجانب (10) الأيمن
من ترقوته، والأخرى من ترقوة جانبه الأيسر بين القميص والإزار.
اختاره جماعة () 11) منهم الصدوق في المقنع (12) وهو في خبر جميل، قال:



(1) مختلف الشيعة: 44.
(2) التهذيب: 432 ح 1381.
(3) الفقيه 1: 88 ح 407.
(4) الخلاف 1: 704 المسألة: 499.
(5) الفقيه 1: 88 ح 407.
(6) الكافي 3: 153 ح 11، التهذيب 1: 294 ح 860.
(7) المقنعة: 11.
(8) الكافي 3: 153 ح 10.
(9) الكافي 3: 154 ح 12، التهذيب 1: 294 ح 861.
(10) في س: الميت.
(11) المقنعة: 11، النهاية: 36.
(12) المقنع: 18.
370
(توضع من عند الترقوة إلى ما بلغت مما يلي الجلد الأيمن، والأخرى في الأيسر من
عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص) (1).
وقال في غيره كما قال والده في الرسالة: أن اليسرى عند وركه ما بين
القميص والإزار، واليمنى كما سبق (2).
وقال الجعفي: إحداهما تحت إبطه الأيمن، والأخرى نصف مما يلي
الساق، ونصف مما يلي الفخذ. وهو في خبر يونس عنهم (عليه السلام) (3)
قال المحقق - رحمه الله - في المعتبر: مع هذا الخلاف الجزم بالقدر المشترك،
وهو: وضعها مع الميت في كفنه أو قبره كيف شئت (4).
هذا مع إمكان ذلك، ومع تعذره للتقية توضع حيث يمكن - لخبر سهل بن
زياد (5).
وفي مكاتبة أحمد بن القاسم إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام):
(ليستخف بها، وليجتهد في ذلك جهده) (6) - ولو في القبر، لخبر عبد الرحمن بن أبي
عبد الله عن الصادق (عليه السلام) (7). ولو أنسيت أو تركت، فالأولى جواز
وضعها على القبر، كما في الخبر النبوي (8).
قال الأصحاب: وتوضع مع جميع أموات المسلمين حتى الصغار، لإطلاق
الأمر بذلك (9)، قالوا: ويجعل على الجريدتين قطن (10).



(1) الكافي 3: 152 ح 5، التهذيب 1: 309 ح 897.
(2) الفقيه 1: 91، وحكاه عن والده العلامة في مختلف الشيعة: 44.
(3) الكافي 3: 143 ح 1، التهذيب 1: 306 ح 888.
(4) المعتبر 1: 288.
(5) الكافي 3: 153 ح 8.
(6) التهذيب 1: 448 ح 1451.
(7) الكافي 3: 153 ح 9، التهذيب 1: 328 ح 958.
(8) الفقيه 1: 88 ح 405.
(9) راجع: النهاية: 43.
(10) راجع: المهذب 1: 61، المراسم: 49.
371
الحادية عشرة: يستحب ان يكتب على الحبرة واللفافة والقميص والعمامة
والجريدتين: فلان يشهد ان لا إله إلا الله، لخبر أبي كهمس: أن الصادق (عليه
السلام) كتبه على حاشية كفن ولده إسماعيل (1).
وزاد ابن الجنيد: وأن محمدا رسول الله (2).
وزاد الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف: أسماء النبي والأئمة (3) وظاهره
في الخلاف دعوى الإجماع عليه.
والعمامة ذكرها الشيخ في المبسوط (4) وابن البراج (5) لعدم تخصيص الخبر.
ولتكن الكتابة بتربة الحسين (عليه السلام)، ومع عدمها بطين وماء، ومع
عدمه بالإصبع. وفي العزية للمفيد: بالتربة أو غيرها من الطين (6). وابن الجنيد:
بالطين والماء (7). ولم يعين ابن بابويه ما يكتب به (8). والظاهر: اشتراط التأثير في
الكتابة، لأنه المعهود.
ويكره بالسواد، قال المفيد: وبغيره من الأصباغ (9).
ولم ينقل استحباب كتابة شئ على الكفن سوى ذلك، فيمكن أن يقال
بجوازه قضية للأصل، وبالمنع لأنه تصرف لم يعلم إباحة الشرع له.
الثانية عشرة: يستحب أن يخاط الكفن بخيوطه، قاله الشيخ في المبسوط (10)
.



(1) التهذيب 1: 289 ح 842، 309 ح 898.
(2) مختلف الشيعة: 46.
(3) النهاية: 32، المبسوط 1: 177، الخلاف 1: 706 المسألة: 504.
(4) المبسوط 1: 177.
(5) المهذب 1: 61.
(6) السرائر: 32، مختلف الشيعة: 46.
(7) مختلف الشيعة: 46.
(8) مختلف الشيعة: 46.
(9) المقنعة: 11.
(10) المبسوط 1: 177
372
والأصحاب (1).
ويكره بل الخيوط بالريق في المشهور، قال في المعتبر: ذكره الشيخ، ورأيت
الأصحاب يجتنبونه، لا بأس بمتابعتهم لإزالة الاحتمال، ووقوفا على موضع
الوفاق (2). اما بلها بغير الريق، فالظاهر: عدم الكراهية، للأصل، ولإشعار
التخصيص بالريق إباحة غيره.
وكذا يكره الأكمام للأكفان المبتدأة، قاله الأصحاب (3) وقد تقدم مأخذه (4).
ويكره أن يقطع الكفن بالحديد، قال الشيخ: سمعنا ذلك مذاكرة من
الشيوخ، وعليه كان عملهم (5).



(1) الوسيلة: 66.
(2) المعتبر 1: 289. وذكره الشيخ في المبسوط 1: 177.
(3) المبسوط 1: 177، المعتبر 1: 289.
(4) تقدم في ص 338 الهامش 2.
(5) التهذيب 1: 294.
373
خاتمة: في كيفية التكفين.
يستحب تجفيفه بثوب طاهر بعد فراغ الغسل صونا للكفن. وفي خبر
الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (إذا فرغت من غسله، ثم جعلته في ثوب،
ثم جففته) (1).
وفي خبر يونس عنهم (عليهم السلام): (ثم نشفه بثوب طاهر) (2).
وفي خبر عمار عن الصادق (عليه السلام): (يجففه بثوب نظيف) (3).
وتقديم تهيئة الأكفان على تغسيله، فيبسط الحبرة ويضع عليها الحنوط، ثم
يحنط الميت، ثم يشد الخامسة وعليها قطن وحنوط، بعد أن يضع بين أليتيه القطن
أيضا وعليه الحنوط، كما في خبر يونس (4)، وكذا على قبله، رواه أيضا (5).
ويحشو ما يخاف الخروج منه، وليكثر في قبل المرأة إلى نصف من، الخبر عمار
عن الصادق (عليه السلام) (6).
ثم يؤزره بالمئزر، ويستحب أن يكون عريضا يغطي الصدر والرجلين، لخبر
عمار عن الصادق (عليه السلام) (7).
ثم ينقله إلى الأكفان، وهو الأفضل، قاله الأصحاب (8) وهو في خبر يونس
عنهم (عليهم السلام)، قال: يحمل فيوضع على قميصه، ويرد مقدم القميص



(1) الكافي 3: 138 ح 1، التهذيب 1: 299 ح 874.
(2) الكافي 3: 143 ح 1، التهذيب 1: 301 ح 877.
(3) التهذيب 1: 305 ح 887.
(4) راجع الهامش 2.
(5) راجع الهامش 2.
(6) راجع الهامش 3.
(7) راجع الهامش 3.
(8) لاحظ: المبسوط 1: 179، النهاية: 35.
374
عليه) (1) ويجوز ان ينقلها إليه. وليكن ذلك بعد غسل الغاسل من المس، أو بعد
وضوءه الذي يجامع الغسل، فإن خيف على الميت فليغسل الغاسل يديه إلى
المنكبين، كما رواه يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح (عليه السلام) (2).
وفي خبر محمد بن مسلم عن أحدهما، وقد سأله: هل يغتسل الغاسل قبل
تكفينه؟ فقال (عليه السلام): (يغسل يده من العاتق، ثم يلبسه أكفانه، ثم
يغتسل) (3). وفيه دلالة على تأخير الغسل، ويمكن حمله على الضرورة. وفي خبر
عمار عن الصادق (عليه السلام): (تغسل يديك إلى المرافق، ورجليك إلى
الركبتين، ثم تكفنه) (4).
وذهب بعض الأصحاب إلى أن البرد لا يلف ولكن يطرح عليه طرحا، فإذا
دخل القبر وضع تحت خده وتحت جنبه، وهو رواية عبد الله بن سنان عن الصادق
(عليه السلام) (5)، والظاهر أن المراد به الحبرة.
وقال الصدوق - رحمه الله -: وان شاء لم يجعل الحبر معه حتى يدخله قبره
فيلقيه عليه (6).
وفي خبر عمار عن الصادق (عليه السلام): (يبدأ بالقميص ثم بالخرقة فوق
القميص، ثم يشد الإزار ثم اللفافة ثم العمامة) (7). وهو مخالف للمشهور: من
جعل الخرقة تحت المئزر، والقميص فوقه.
قال الأصحاب - ونقل الشيخ فيه الإجماع: وتطوى اللفافتان جانبهما
الأيسر على جانبه الأيمن، وجانبهما الأيمن على جانبه الأيسر، ويعقد طرفهما مما



(1) الكافي 3: 143 ح 1، التهذيب 1: 307 ح 888.
(2) التهذيب 1: 446، ح 1444، الاستبصار 1: 208 ح 731.
(3) الكافي 3: 160 ح 2، التهذيب 1: 428 ح 1364.
(4) راجع الهامش 2.
(5) التهذيب 1: 436 ح 1400.
(6) الفقيه 1: 92.
(7) التهذيب 1: 305: 887.
375
يلي رأسه ورجليه (1).
قال ابن البراج: يشق حاشية الظاهرة منهما ويعقد بها (2).
ويستحب الإكثار من الذكر حال تكفينه. وأن يكون في حال تكفينه
مستقبل القبلة كما كان في حال غسله.
قال المفيد - رحمه الله -: وكل ما سقط من شعره أو ظفره يغسل ويجعل معه
في كفنه (3).
قلت: روى الكليني بإسناده إلى عبد الحميد الفراء: أن أبا جعفر (عليه
السلام) انقلع ضرسه، فحمد الله ثم قال: (يا جعفر إذا أنت دفنتني فادفنه
معي) ثم انقلع آخر فأوصاه بذلك (4).
ثم تشد الأكفان بشداد خيفة انتشارها عند الحمل، وإن خيطت في مواضع
أو عملت بخلال أمكن ذلك، ثم تزال الشداد والخياطة عند إلحاده.
ويلحق بذلك فوائد:
قد مر ان العمامة والخرقة ليسا من الكفن الواجب، أو ليستا مما يعد كفنا.
قال الفاضل - رحمه الله -: وتظهر الفائدة لو سرقها سارق لم يقطع، لأن القبر حرز
للكفن لا غير (5). وهو يتأتى على التفسير الثاني، ولكن يلزمه مثله في الخرقة.
والذي يظهر أنهما بالنسبة إلى النباش من الكفن، لشمول الاسم لهما،
والأخبار محمولة على ما قلناه. ولو سلم كونهما لا يعدان من الكفن، فهو بالنسبة
إلى المهم، أو نظرا إلى ما يدرج فيه الميت كما مر.
الثانية: لو خرج من الميت نجاسة غسلت عن بدنه مطلقا، لوجوب إزالة



(1) راجع مفتاح الكرامة 1: 454.
(2) المهذب 1: 62.
(3) المقنعة: 13، ولم يذكر الغسل.
(4) الكافي 3: 262 ح 43.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 43.
376
النجاسة، وعن كفنه، ما لم يوضع في القبر فيقرض، قاله الصدوقان (1) وابن
إدريس (2) لاستبقاء الكفن مع إمكان غسله، والنهي عن إتلاف المال. وأطلق
الشيخ قرضها (3) لصحيح الكاهلي عن الصادق (عليه السلام) (4) ومرسل ابن أبي
عمير (5) عنه
قال الصدوق: وإذا قرضت مد أحد الثوبين على الآخر (6). قال: وإن خرج
منه دم كثير لا ينقطع عولج بالطين الحر فإنه ينقطع (7).
قلت: لو أفسد الدم معظم الكفن، أو ما يفحش قطعه، فالظاهر وجوب
الغسل مطلقا، استبقاء للكفن لامتناع إتلافه على هذا الوجه، ومع التعذر يسقط
للحرج.
الثالثة: لو تعذر شئ من الواجبات في الغسل والكفن - كالحنوط وغيره -
سقط، ولا يتدارك بعد الدفن لو وجد. نعم، لو كان قبله فعل.
ولا يكفي وضع الحنوط على النعش. وهل يستحب؟ في خبر غياث عن
الصادق (عليه السلام) عن أبيه: (انه ربما كان يجعل الحنوط على النعش) (8). وفي
خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): (أن النبي صلى الله عليه وآله نهى أن
يوضع الحنوط على النعش) (9). والخبران ضعيفا السند، وإن كان الأخير أقوى في
العمل، والمستحبات أولى بالسقوط عند العذر.
الرابعة: في خبر أم أنس عن النبي صلى الله عليه وآله في وصف غسل المرأة:
.



(1) الفقيه 1: 92، مختلف الشيعة: 43.
(2) السرائر: 33.
(3) المبسوط 1: 181، النهاية، 43.
(4) الكافي 3: 156 ح 1، التهذيب 1: 436 ح 1405.
(5) الكافي 3: 156 ح 3، التهذيب 1: 450 ح 1458.
(6) الفقيه 1: 92.
(7) الفقيه 1: 98.
(8) التهذيب 1: 295 ح 865، الاستبصار 1: 210 ح 739.
(9) الكافي 3: 146 ح 16، التهذيب 1: 437 ح 1408
377
(ثم وضئيها بماء فيه سدر) (1) كما مر، ولم يذكره الأصحاب، والطريق ضعيف.
الخامسة: لو كفنه في قميصه نزع أزراره دون أكمامه، لمرسل محمد بن سنان
عن الصادق (عليه السلام) (2)، ولأمر أبي جعفر محمد بن بزيع بنزع الأزرار (3).
وفي خبر عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (يخرق القميص إذا
غسل، وينزع من رجليه) (4)، والظاهر أن المراد به إذا غسل في قميصه. وهذا
يفعله الولي، أو من أذن له شرعا.
السادسة: لا بأس بمس الميت عند موته، وتقبيله بعد غسله وقبله، فقد
قبل رسول الله صلى الله عليه وآله عثمان بن مظعون بعد موته، رواه السكوني
عن الصادق (عليه السلام) (5)، وقبل الصادق (عليه السلام) ابنه إسماعيل قبل
غسله، رواه إسماعيل بن جابر وقبله أيضا بعد تكفينه (7).
وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام: (لا بأس بمسه.
وقبلته (8).
ولا يمنع أهل الميت من رؤيته بعد تكفينه، لما روى جابر قال: لما قتل أبي
جعلت أكشف عن وجهه وأبكي، ورسول الله لا ينهاني (9) وتقريره صلى الله عليه
وآله حجة



(1) التهذيب 1: 302 ح 880، الاستبصار 1: 207 ح 728.
(2) الفقيه 1: 90 ح 418، التهذيب 1: 305 ح 886.
(3) التهذيب 1: 304 ح 885.
(4) الكافي 3: 144 ح 9، التهذيب 1: 308 ح 894.
(5) الكافي 3: 161 ح 6، الفقيه 1: 98 ح 453، التهذيب 1: 430 ح 1371، الاستبصار 1: 100
ح 327.
(6) التهذيب 1: 429 ح 1366.
(7) الفقيه 1: 98 ح 452.
(8) الفقيه 1: 87 ح 403، التهذيب 1: 430 ح 1370، الاستبصار 1: 100 ح 326.
(9) صحيح البخاري 2: 91، صحيح مسلم 4: 1917 ح 2471، سنن النسائي 4: 12، السنن
الكبرى 3: 407.
378
وحمل الشيخ التقبيل على ما كان قبل برده أو بعد غسله (1) فان أراد به
التحرز من وجوب الغسل فمسلم، وإن جعله شرطا في جواز القبلة فممنوع.
السابعة: لا فرق بين حنوط الرجل والمرأة، لأغلبية تساويهما في الأحكام،
ولخبر زرارة عن الباقر والصادق (عليهما السلام): (حنوط الرجل والمرأة سواء) (2).
الثامنة: الكفن من أصل المال - قبل الدين إجماعا منا - لا من الثلث، وقد
روي أن حمزة ومصعب بن عمير لم يتركا إلا قدر الكفن فكفنا (3) به ولقول النبي
صلى الله عليه وآله في الذي وقصت به راحلته: (كفنوه في ثوبيه) (4) ولم يسأل عن
ثلثه، ولأن الإرث بعد الدين والمؤنة قبله، ولخبر ابن سنان عن الصادق (عليه
السلام): (ثمن الكفن من جميع المال) (5).
ولا فرق بين أن يوصى به أو لا. وليس الوجوب منحصرا في ساتر العورة.
والمرتهن مقدم بخلاف غرماء المفلس.
ويجوز تكفينه من الزكاة، لرواية الفضل بن يونس عن أبي الحسن (عليه
السلام: (كان أبي يقول: إن حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا، فوار بدنه
وعورته، وجهزه وكفنه وحنطه، واحتسب بذلك من الزكاة) (6). ولو دفعت الزكاة
إلى وارثه، وكفنه هو وجهزه كان أفضل، لقوله (عليه السلام) في هذا الخبر: (إعط
عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه، فيكونون هم الذين يجهزونه) (7).
ولو خلف كفنا، فتبرع عليه بآخر، ففي هذا الخبر (8) يكفن بالمتبرع به



(1) التهذيب 1: 430.
(2) التهذيب 1: 436 ح 1403، الاستبصار 1: 213 ح 750.
(3) صحيح البخاري 2: 97، السنن الكبرى 4: 14.
(4) صحيح البخاري 2: 96، سنن أبي داود 3: 219 ح 3238، السنن الكبرى 3: 392.
(5) الكافي 7: 23 ح 1، الفقيه 4: 143 ح 490، التهذيب 1: 437 ح 1407.
(6) قرب الاسناد: 130، التهذيب 1: 445 ح 1440.
(7) قرب الاسناد: 130، التهذيب 1: 445 ح 1440.
(8) قرب الاسناد: 130، التهذيب 1: 445 ح 1440.
379
عليه، والآخر للورثة لا يقضى منه الدين، لأنه شئ صار إليه بعد الوفاة فلا يعد
تركة.
التاسعة: لو تشاح الورثة في الكفن اقتصر على الواجب. ولو تبرع بعضهم
أخذ من نصيبه الندب. ولو كان هناك دين مستوعب منع من الندب، وان كنا لا
نبيع ثياب التجمل للمفلس لحاجته إلى التجمل، بخلاف الميت فإنه أحوج إلى
براءة ذمته.
ولو أوصى بالندب، فهو من الثلث إلا مع الإجازة، ولو أوصى باسقاطه،
فالأقرب: أن للوارث الخيار، وقيل: تنفذ وصيته، فإن أريد تحريم الندب على
الوارث وعلى غيره فهو بعيد، وتوصية بعض الصحابة بأن يكفن في ثوبه الخلق
وإنفاذ أهله (1) ليس حجة، ولو سلم فغير دال على الوجوب، فلو ترع بالندب
متبرع من الورثة أو غيرهم لم يمنع.
وحكم الحنوط ومؤنة التجهيز حكم الكفن.
ولو قصر الكفن عنه، غطى رأسه وجعل على رجليه حشيش وشبهه يستره،
كما فعل النبي صلى الله عليه وآله بحمزة أو بمصعب بن عمير لما قتل يوم أحد،
فلم يخلف إلا نمرة إذا غطي بها رأسه بدت رجلاه وبالعكس، فقال النبي صلى
الله عليه وآله: (غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه من الأذخر) (2). والنمرة: بردة
صوف يلبسها الأعراب.
ولو كثر الموتى وقلت الأكفان، قيل: يجعل اثنان وثلاثة في ثوب واحد (3). قال
في المعتبر: ولا بأس به، لخبر أنس (4).



(1) السنن الكبرى 3: 399.
(2) صحيح البخاري 2: 98، صحيح مسلم 2: 649 ح 940، سنن أبي داود 3: 199 ح 3155،
السنن الكبرى 4: 7، ولاحظ: الكافي 3: 211 ح 2، التهذيب 1: 331 ح 970.
(3) المغني 2: 341، الشرح الكبير 2: 340.
(4) المعتبر 1: 331.
وخبر انس في: سنن أبي داود 3: 195 ح 3136، السنن الكبرى 4: 10.
380
قلت: روى البخاري وغيره عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله كان
يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد (1).
ولو لم يكن له مال فمن بيت المال أو الزكاة، ومع عدمهما يدفن عاريا، لا
يجب على المسلمين كفنه ولا مؤنته - قاله جماعة من الأصحاب (2) - بل يستحب
استحبابا مؤكدا، لرواية سعيد بن طريف - بالطاء المهملة - عن أبي جعفر (عليه
السلام): (من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة) (3).
العاشرة: كفن الزوجة على زوجها وإن كانت ذات يسار، أفتى به
الأصحاب (4) ونقل فيه الشيخ الإجماع (5) ورواه السكوني عن الصادق عن أبيه
عليهما السلام: (أن عليا (عليه السلام) قال: على الزوج كفن امرأته إذا ماتت) (6).
ولبقاء أثر الزوجية ومن ثم حل تغسيلها ورؤيتها، ولأنها زوجة لآية الإرث (7).
فيجب مؤنتها لأنها من أحكام الزوجية.
فروع:
الأول: الظاهر: أن مؤنة التجهيز أيضا على الزوج، كالحنوط وغيره من
الواجب.
قال في المبسوط: لزم زوجها كفنها وتجهيزها، ولا يلزم ذلك في مالها (8) وكذا



(1) صحيح البخاري 2: 114، سنن ابن ماجة 1: 485 ح 1514، الجامع الصحيح 3: 354
ح 1036، سنن النسائي 4: 62، السنن الكبرى 4: 34.
(2) لاحظ: المقنعة: 13، تذكرة الفقهاء 1: 44.
(3) الكافي 3: 164 ح 1، التهذيب 1: 450 ح 1461.
(4) لاحظ: السرائر: 34، المعتبر 1: 307، تذكرة الفقهاء 1: 44.
(5) الخلاف 1: 708 - 709 المسألة: 510.
(6) الفقيه 4: 143 ح 491، التهذيب 1: 445 ح 1439.
(7) سورة النساء: 12.
(8) المبسوط 1: 188.
381
ابن إدريس (1) وصرح به الفاضل في النهاية (2).
الثاني: لو أعسر عن الكفن، بأن لا يفضل شئ عن قوت يوم وليلة، وما
يستثنى في الدين، كفنت من تركتها، قاله الفاضل (3) لأن الإرث بعد الكفن.
ولو ملك البعض أخرج الباقي من تركتها.
الثالث: لا فرق بين الحرة والأمة في ذلك، وكذا المطلقة الرجعية. أما
الناشز فالتعليل بالانفاق ينفي وجوب الكفن، وإطلاق الخبر يشمله (4)، وكذا
المستمتع بها.
الرابع: لو ماتا معا، فالظاهر: سقوط كفنها، لخروجه عن التكليف.
ولو مات بعدها لم يسقط. نعم، لو لم يكن إلا واحدا أمكن اختصاصه لأن مؤنته
مقدمة في حال الحياة، واختصاصها، لسبق التعلق، وهو ضعيف لعدم تعلقه
بالعين. ولو أوصت بالكفن فهو من الثلث، لعدم وجوبه من مالها.
الخامس: لا يلحق واجب النفقة بالزوجة، للأصل، إلا العبد، للإجماع
عليه، وإن كان مدبرا، أو مكاتبا مشروطا، أو مطلقا لم يتحرر منه شئ، أو أم
ولد. لو تحرر منه شئ فبالنسبة.
الفائدة:
الحادية عشرة: لو وجد الكفن ويئس من الميت عاد ميراثا، لأنه مال متروك
فيرثه الوارث، للعموم في آي الإرث (5). ولو كان من الزكاة، أو بيت المال، أو
متبرع، عاد إلى ما كان، لأنه مشروط ببقائه كفنا وقد زال الشرط فإن تطوع به
على الورثة فهو عطية مستأنفة.



(1) السرائر: 34.
(2) نهاية الإحكام 2: 248.
(3) نهاية الإحكام 2: 248.
(4) تقدم في ص 381 الهامش 6.
(5) سورة النساء: 11 - 12.
382
الثانية عشرة: روى السكوني عن الصادق (عليه السلام)، قال: (قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم الكفن الحلة) (1)، قال الشيخ في التهذيب:
لا يعمل بهذا الخبر، لعدم جواز الإبريسم (2).
قلت: قال أبو عبيد والجوهري: الحلة: إزار ورداء لا يسمى حتى يكون
ثوبين، وقال أبو عبيد: الحلل برود اليمن (3) وليس في هذا إشعار بأنها من حرير،
لأنا أجمعنا على استحباب الحبرة، وقد قال أهل اللغة: هي برد يمان، وحلة الدية
لم يشرط أحد كونها من حرير، فالخبر يمكن العمل بظاهره من غير احتياج إلى
تأويل.
الثالثة عشرة: يستحب إعداد الكفن في حال الحياة، لخبر محمد بن سنان
عن الصادق (عليه السلام): (من كفنه في بيته لم يكتب من الغافلين، وكان
مأجورا كلما نظر إليه) (4).
ويستحب إجادته عندنا، لمرسل ابن أبي عمير عنه (عليه السلام):
(أجيدوا أكفان موتاكم، فإنها زينتهم) (5).
وروى يونس بن يعقوب عن الصادق (عليه السلام): إن أباه أوصى
بإجادة كفنه، وقال: (إن الموتى يتباهون بأكفانهم) (6).
وروى ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): (تنوقوا في الأكفان، فإنكم
تبعثون بها) (7). والتنوق فيها: تطلب أحسنها وأعجبها.
ولم يثبت عندنا لخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله): (لا تغالوا بالكفن،



(1) التهذيب 1: 437 ح 1406، الاستبصار 1: 211 ح 743.
(2) التهذيب 1: 437.
(3) الصحاح 4: 1673.
(4) الكافي 3: 256 ح 23، التهذيب 1: 449، 1452.
(5) الكافي 3: 148 ح 1، الفقيه 1: 89 ح 412.
(6) علل الشرائع 1: 301، التهذيب 1: 449 ح 1453.
(7) الفقيه 1: 89 ح 411، التهذيب 1: 449 ح 1454.
383
فإنه يسلب سلبا سريعا) (1) مع معارضته بما في الصحاح عن النبي (صلى الله عليه
وآله: (إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه) (2). وبما مر من حديث الحلة، وهو
من الحسان عند العامة، رواه عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليه
وآله) (3). ولو سلم حمل على البلوغ في ذلك إلى حد الإسراف، أو الإجحاف
بالوارث.



(1) سنن أبي داود 3: 199 ح 3154، السنن الكبرى 3: 403.
(2) صحيح مسلم 2: 651 ح 943، المستدرك على الصحيحين 1: 369، السنن الكبرى 3:
403.
(3) سنن ابن ماجة 1: 473 ح 1473، سنن أبي داود 3: 199 ح 3156.
384
الحكم الرابع: في الصلاة عليه.
والنظر في: الحمل، والمحل، والمصلي، والكيفية.
النظر الأول: في الحمل: وهو واجب على الكفاية، وليس فيه لزوم دنوءة
ولا سقوط مروءة، فقد حمل النبي (صلى الله عليه وآله) جنازة سعد بن معاذ (1) ولم
تزل الصحابة والتابعون على ذلك، لما فيه من البر والإكرام للمؤمن.
وهو وظيفة الرجال لا النساء وان كان الميت امرأة، إلا لضرورة.
والحمل جائز كيف اتفق، الا على أحوال مزرية، أو على هيئة يخاف منها
السقوط.
والجنازة - بالكسر -: الميت على السرير. والخالي عن الميت: سرير لا غير
وقيل: الجنازة - بالفتح -: الميت، وبالكسر: السرير. وقيل: هما لغتان.
وأفضله التربيع عندنا، وهو مروي عن أكابر الصحابة، ولأنه أسهل من
الحمل بين العمودين.
قال ابن مسعود: إذا شيع أحدكم جنازة، فيأخذ بجوانب السرير
الأربعة، ثم ليتطوع بعد أو ليذر، فإنه السنة (2).
وعن الباقر (عليه السلام): (السنة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة،
وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع) (3).
وقال الباقر (عليه السلام): (من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر له
أربعون كبيرة.) (4).



(1) المغازي للواقدي 2: 527، تلخيص الحبير 5: 140.
(2) سنن ابن ماجة 1: 474 ح 1477، السنن الكبرى 4: 19.
(3) الكافي 3: 168 ح 2، الفقيه 1: 99 ح 461، التهذيب 1: 453 ح 1476، الاستبصار 1:
216 ح 765.
(4) الكافي 3: 174 ح 1، الفقيه 1: 99 ح 461، التهذيب 1: 454 ح 1479.
385
وعن الصادق (عليه السلام): (من أخذ بقوائم السرير غفر الله له خمسا
وعشرين كبيرة، وإذا ربع خرج من الذنوب) (1).
وقال (عليه السلام) لإسحاق بن عمار: (إذا حملت جوانب سرير الميت
خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك) (2).
والمراد بالتربيع حملها من جوانبها الأربعة كيف اتفق بأربعة رجال، وأفضله
التناوب ليشترك الجميع في الأجر للتعاون. وأفضله أن يكون على هذه الهيئة،
وهي ما رواه العلاء بن سيابه عن الصادق (عليه السلام): - تبدأ في الحمل من
الجانب الأيمن، ثم تمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر حتى ترجع إلى
المقدم، كذلك دور الرحى) (3).
وعن الفضل ين يونس عن الكاظم (عليه السلام): (ان لم يكن تقية،
فالسنة البدأة باليد اليمنى، ثم بالرجل اليمنى، ثم بالرجل اليسرى، ثم باليد
اليسرى. وفي التقية يبدأ باليد اليمنى، ثم الرجل اليمنى ثم يرجع إلى اليد
اليسرى من قدام الميت، ثم رجله اليسرى) (4).
قلت: لأن بعضهم لا يرى المشي خلف الجنازة فلذلك يرجع إلى مقدمها،
وبعضهم يحمل الأيسر من مقدمها على عاتقة الأيمن ثم يسلمه إلى غيره ثم يأخذ
العمود الأيسر من مؤخرها فيحمله على العاتق الأيمن أيضا، ثم يتقدم بين يديها
ويأخذ العمود الأيمن من مقدمها ويحمله على عاتقه الأيسر، ثم يأخذ العمود
الأيمن من مؤخرها. وهذا يبطل قولهم بأفضلية الحمل بين العمودين، لأنه انما
يتأتى إذا حملت على وجه التربيع.
ويدل على جواز الحمل كيف كان مكاتبة الحسين بن سعيد الرضا (عليه
.



(1) الكافي 3: 174 ح 2، الفقيه 1: 99 ح 462.
(2) الفقيه 1: 100 ح 463.
(3) الكافي 3: 169 ح 4، التهذيب 1: 453 ح 1474، الاستبصار 1: 216 ح 763.
(4) الكافي 3: 168 ح 3، التهذيب 1: 452 ح 1473، باختصار في الألفاظ
386
السلام): يسأله عن سرير الميت أله جانب يبتدأ به في الحمل من جوانبه الأربع
أو ما شاء الرجل؟ فكتب: (من أيها شاء) (1). وعلى هذا عمل ابن الجنيد (2).
والشيخ في الخلاف (3) عمل على خبر علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى
(عليه السلام): باستقبال السرير بشقه الأيمن، فيحمل الأيسر بكفه الأيمن،
ثم يمر عليه إلى الجانب الرابع مما يلي يسار الحامل (4).
ويمكن حمله على التربيع المشهور، لأنه الشيخ ادعى عليه الإجماع (5) وهو
في المبسوط والنهاية (6) وباقي الأصحاب على التفسير الأول، فكيف يخالف دعواه؟
ولأنه قال في الخلاف يدور دور الرحى - كما في الرواية (7) - وهو لا يتصور ألا على
البدأة بمقدم السرير الأيمن والختم بمقدمه الأيسر، والإضافة هنا قد تتعاكس،
والراوندي حكى كلام النهاية والخلاف، وقال: معناهما لا يتغير.
ويستحب تشييع الجنازة، قال على (عليه السلام): (من تبع جنازة كتب
له أربعة قراريط: قيراط لاتباعها، وقيراط للصلاة عليها، وقيراط للانتظار حتى
يفرغ من دفنه، وقيراط للتعزية)، رواه الأصبغ (8).
وفي صحاحهم عن علي (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ
من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد. ومن صلى عليها،
ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط) (9).



(1) الفقيه 1: 100 ح 465، التهذيب 1: 435 ح 1477، الاستبصار 1: 216 ح 766.
(2) مختلف الشيعة: 122.
(3) الخلاف 1: 718 المسألة: 531.
(4) الكافي 3: 168 ح 1، التهذيب 1: 453 ح 1475، الاستبصار 1: 216 ح 764.
(5) راجع الهامش 3.
(6) المبسوط 1: 183، النهاية: 37.
(7) راجع الهامش 3.
(8) الكافي 3: 173 ح 7، الفقيه 1، 98 ح 454، التهذيب 1: 455 ح 1484.
(9) صحيح البخاري 1: 18، وسنن النسائي 8: 121، ومسند أحمد 2: 430 عن أبي
هريرة.
387
وعن الباقر (عليه السلام): (من مشى مع جنازة حتى يصلى عليها ثم رجع
كان له قيراط، فإذا مشى معها حتى تدفن فله قيراطان، والقيراط مثل أحد)،
ورواه أبو بصير (1).
وقال (عليه السلام): (من شيع جنازة مسلم أعطي يوم القيامة أربع
شفاعات، ولم يقل شيئا الا قال له الملك: ولك مثل ذلك) رواه ميسر (2).
وقال الصادق (عليه السلام): (من شيع جنازة مؤمن حتى تدفن، وكل الله
به سبعين ملكا من المشيعين، يشيعونه ويستغفرون له إذا اخرج من قبره إلى
الموقف) (3).
وقال (عليه السلام): (أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن شيع
جنازته)، رواه إسحاق بن عمار (4).
وقال أبو جعفر (عليه السلام): (إذا ادخل المؤمن قبره نودي: الا ان أول
حبائك الجنة، وأول حباء من تبعك المغفرة) (5).
ولو دعي إلى وليمة وجنازة قدم الجنازة، لخبر إسماعيل بن أبي زياد عن
الصادق، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وآله) معللا: (بان الجنازة تذكر
الآخرة، والوليمة تذكر الدنيا) (6).
ويستحب أن يقول حامل الجنازة: (بسم الله (اللهم صل) (7) على محمد
وآله محمد، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات)، رواه عمار عن الصادق (عليه



(1) الكافي 3: 173 ح 5، الفقيه 1: 99 ح 455، التهذيب 1: 455 ح 1485.
(2) الكافي 3: 173 ح 6، الفقيه 1: 99 ح 456، التهذيب 1: 455 ح 1483. وفي الجميع
(من تبع).
(3) الكافي 3: 173 ح 2، الفقيه 1: 99 ح 458، أمالي الصدوق: 180.
(4) الكافي 3: 173 ح 3، الفقيه 1: 99 ح 460، الخصال: 24، التهذيب 1: 455 ح 1482.
(5) الكافي 3: 172 ح 1، الفقيه 1: 99 ح 461.
(6) الفقيه 1: 106 ح 493، التهذيب 1: 462 ح 1510.
(7) في المصدر: (وبالله وصلى الله).
388
السلام) (1).
ويقول من رآه: (الله أكبر، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله،
اللهم زدنا ايمانا وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة، وقهر العباد بالموت)، رواه
عنبسة بن مصعب عن الصادق (عليه السلام) (2).
وعن أبي حمزة: كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا رأى جنازة قال:
(الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم) (3). وروي أيضا عن الباقر (عليه
السلام) (4).
قلت: السواد: الشخص. والمخترم: الهالك أو المستأصل. والمراد هنا (5).
الجنس، ومنه قولهم: السواد الأعظم، إي: لم يجعلني من هذا القبيل.
ولا ينافي هذا حب لقاء الله تعالى لأنه غير مقيد بوقت، فيحمل على حال
الاحتضار ومعاينة ما يحب، كما روينا عن الصادق (عليه السلام) (6) ورووه في
الصحاح عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (من أحب لقاء الله أحب الله
لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)، فقيل له (صلى الله عليه وآله) انا لنكره
الموت، فقال: (ليس ذلك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله
وكرامته، فليس شئ أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه،، وان
الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله، فليس شئ أكره إليه مما أمامه، كره لقاء الله
فكره الله لقاءه) (7). وبقية عمر المؤمن نفيسة، كما أشار إليه النبي (صلى الله عليه
وآله) في الصحاح: (لا يتمن أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، انه إذا



(1) التهذيب 1: 454 ح 1478.
(2) الكافي 3: 167 ح 3، التهذيب 1: 452 ح 1471.
(3) الكافي 3: 167 ح 1، الفقيه 1: 113 ح 525، التهذيب 1: 452 ح 1472.
(4) الكافي 3: 167 ح 2.
(5) في س زيادة: به.
(6) الكافي 3: 134 ح 12، معاني الأخبار: 236.
(7) سنن الدارمي 2: 312، سنن أبن ماجة 2: 1425 ح 4264.
389
مات انقطع عمله، وانه لا يزيد المؤمن عمره ألا خيرا) (1)، وقال علي (عليه
السلام): (بقية عمر المؤمن لا ثمن لها، يدرك بها ما فات، ويحي بها ما مات) (2).
ويجوز أن يكنى بالمخترم عن الكافر، لأنه الهالك على الاطلاق بخلاف المؤمن،
أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة كما (2) مر وإذا أريد به المستأصل فالجمع
أظهر.
وأفضل مشي المشيع وراءها: لأنها متبوعة لا تابعة، ولرواية السكوني عن
الصادق (عليه السلام) باسناده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اتبعوا
الجنازة ولا تتبعكم، خالفوا أهل الكتاب) (4).
أو عن جانبيها، لرواية سدير عن أبي جعفر (عليه السلام): (من أحب أن
يمشي ممشى الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير) (5).
وروى العامة عن علي (عليه السلام) أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه
وآله) يقول: (فضل الماشي خلف الجنازة على الماشي أمامها كفضل المكتوبة على
التطوع) (6)
ويجوز أمامها، لرواية محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): (بين
يديها، وعن يمينها، وعن شمالها، وعن خلفها) (7) ولرواية إسحاق بن عمار عن
الصادق (عليه السلام): (المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها، ولا



(1) مسند أحمد 2: 316، السنن الكبرى 3: 377.
(2) سجع الحمام في حكم الامام: 147 ح 506 عن كتاب التمثيل والمحاضرة للثعالبي، الدعوات
للراوندي: 122 ح 298.
(3) تقدم في ص 284 الهامش 7.
(4) التهذيب 1: 311 ح 901.
(5) الكافي 3: 170 ح 6.
(6) المصنف لعبد الرزاق 3: 447 ح 6267، شرح معاني الآثار 1: 482، دعائم الاسلام 1:
234، المطالب العالية 1: 205 ح 732، 733، مجمع الزوائد 3: 30.
(7) الكافي 3: 169 ح 4، الفقيه 1: 100 ح 467.
390
بأس ان يمشي بين يديها) (1). وعن جابر عن الباقر (عليه السلام): (قيل لرسول
الله (صلى الله عليه وآله) في مشيه خلفها، فقال: ان الملائكة رأيتهم يمشون
أمامها ونحن تبع لهم) (2).
وقال ابن أبي عقيل: يجب التأخر خلف جنازة المعادي لذي القربى، لخبر
أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): يمنع المشي امام جنازة المخالف لاستقبال
ملائكة العذاب إياه (3). وما رواه العامة من رؤية ابن عمر النبي (صلى الله عليه
وآله) والأولين يمشون أمامها (4) لم يثبت، ولو سلم فهو حكاية حال، فجاز أن
يكون لبيان الجواز منه (عليه السلام)، وأما فعلهما فليس حجة بمجرده.
وابن الجنيد قال: يمشي صاحب الجنازة بين يديها، والقاضون حقه
وراءها، وروى الحسين بن عثمان: ان الصادق (عليه السلام) تقدم سرير (5) ابنه
إسماعيل بلا حذاء ولا رداء (6).
وكثير من الأصحاب يرى كراهية المشي أمامها (7)، وفي النهاية جعل تركه
أفضل (8)، وهو الأولى.
ويكره الركوب، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تشييع جنازة
أنصاري: (إني لأكره أن أركب والملائكة يمشون)، رواه عبد الرحمن عن الصادق
(عليه السلام) (9). وروى العامة عن ثوبان: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه



(1) التهذيب 1: 311 ح 902.
(2) الكافي 3: 169 ح 3، التهذيب 1: 311 ح 903.
(3) التهذيب 1: 312 ح 905، وبسند آخر في الكافي 3: 170 ح 7، وعلل الشرائع: 304.
(4) سنن أبي داود 3: 205 ح 3179، سنن النسائي 4: 56، سنن الدارقطني 2: 70، السنن
الكبرى 4: 23.
(5) في م، س: بسرير.
(6) الكافي 3: 204 ح 5، الفقيه 1: 112 ح 524، التهذيب 1: 463 ح 1513.
(7) لاحظ: المبسوط 1: 183، السرائر: 33 الوسيلة: 62.
(8) النهاية: 37.
(9) الكافي 3: 170 ح 2، الفقيه 1: 122 ح 588، التهذيب 1: 312 ح 906.
391
وآله) في جنازة فرأى ركبانا، فقال: (الا تستحيون فان ملائكة الله على أقدامهم
وأنتم على ظهور الدواب) (1).
ويجوز مع العذر، لخبر غياث عن الصادق (عليه السلام) عن علي: (انه
كره الركوب معها في بدأة الا من عذر، وقال: يركب إذا رجع) (2). ومن ركب
يتأكد له التأخير، لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (الراكب يمشي خلف
الجنازة، والماشي: خلفها وأمامها وعن جانبيها قريبا منها) (3).
وابن الجنيد قال: لا يركب فيها صاحب الجنازة، ولا أهله، ولا إخوان
الميت.
وهنا مسائل.
الأولى: يستحب للمشيع ان يحضر قلبه التفكر في مآله، والتخشع
والاتعاظ بالموت.
ويكره له الضحك واللهو، لما روي أن النبي أو عليا صلى الله عليهما شيع
جنازة فسمع رجلا يضحك، فقال: (كأن الموت فيها على غيرنا
كتب) (4).... الحديث.
ورفع الصوت: لنهي النبي (صلى الله عليه وآله) ان تتبع الجنازة بصوت (5).
وقال علي بن بابويه: إياك أن تقول ارفقوا به، أو ترحموا عليه، أو تضرب
يدك على فخذك فيحبط أجرك (6).



(1) سنن ابن ماجة 1: 475 ح 1480، الجامع الصحيح 3: 333 ح 1012، المستدرك على
الصحيحين 1: 356، السنن الكبرى 4: 23.
(2) التهذيب 1: 464 ح 1518.
(3) سنن أبي داود 3: 205 ح 3180، سنن النسائي 4: 56، المستدرك على الصحيحين 1: 355.
السنن الكبرى 4: 24.
(4) نهج البلاغة: 490 الحكمة 122.
(5) مسند أحمد 2: 92، سنن ابن ماجة 1: 504 ح 1583، السنن الكبرى 4: 74.
(6) المعتبر 1: 294، تذكرة الفقهاء 1: 48.
392
قال المحقق: وبه رواية نادرة، ولا بأس بمتابعته تفصيا من المكروه (1).
قلت: روى السكوني عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه: (قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما: الذي يمشي مع
الجنازة بغير رداء، والذي يقول قفوا، والذي يقول استغفروا له غفر الله لكم) (2).
ومنه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء، ويظهر من ابن حمزة
تحريمه (3). اما صاحب الجنازة، فيخلعه ليتميز عن غيره، لما مر، ولخبر ابن أبي
عمير المرسل عن الصادق (عليه السلام) (4) وخبر أبي بصير عنه (عليه السلام) (5).
وذكره الجعفي، وابن حمزة (6) والفاضلان (7).
وذكر ابن الجنيد أيضا التمييز - بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة، أو
أخذ مئزر من فوقها - على الأب والأخ، ولا يجوز على غيرهما. وابن حمزة منع هنا
مع تجويزه الامتياز (8) فكأنه يخص النهي (9) في غير الأب والأخ بهذا النوع من
الامتياز.
وأنكر ابن إدريس الامتياز بهذين، لعدم الدليل عليهما، وزعم أنه من
خصوصيات الشيخ (10). ورده الفاضلان بأحاديث الامتياز (11). ولعله إنما أنكر هذا



(1) المعتبر 1: 294.
(2) التهذيب 1: 462 ح 1507.
(3) الوسيلة: 69.
(4) الكافي 3: 204 ح 6، التهذيب 1: 463 ح 1514.
(5) الكافي 3: 204 ح 8، الفقيه 1: 110 ح 509، علل الشرائع 1: 307، التهذيب 1: 463
ح 1515.
(6) الوسيلة: 69.
(7) المعتبر 1: 342، مختلف الشيعة: 123.
(8) الوسيلة: 69.
(9) في س، ط: التمييز.
(10) السرائر: 34 ولاحظ المبسوط 1: 189.
(11) المعتبر 1: 342، مختلف الشيعة: 123.
393
النوع من الامتياز وظاهر أن الأخبار لا تتناوله، ثم لم نقف على دليل الشيخ
عليه، ولا على اختصاص الأب والأخ.
وقال أبو الصلاح: يتحفى، ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده خاصة (1) ويرده
ما تقدم.
فرع:
قال في التذكرة: يكره مس الجنازة بالأيدي والأكمام، لأنه لا يؤمن معه
فساد الميت (2).
الثانية: نقل الشيخ الاجماع على كراهية الاسراع بالجنازة (3) لقول النبي
(صلى الله عليه وآله): (عليكم بالقصد في جنائزكم) (4) لما رأى جنازة تمخض
مخضا، وقال ابن عباس في جنازة ميمونة: ارفقوا فإنها أمكم (5). ولو خيف على
الميت فالإسراع أولى.
قال المحقق: أراد الشيخ كراهية ما زاد على المعتاد (6).
وقال الجعفي: السعي بها أفضل: وقال ابن الجنيد: يمشي بها خببا (7).
قلت: السعي: العدو، والخبب ضرب منه، فهما دالان على السرعة.
وروى الصدوق عن الصادق (عليه السلام): (إن الميت إذا كان من أهل
الجنة نادى: عجلوا بي، وإن كان من أهل النار نادى: ردوني) (8).
الثالثة: يستحب حمل النساء في النعش، للستر.



(1) الكافي في الفقه: 238.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 48.
(3) الخلاف 1: 718 المسألة: 532.
(4) مسند أحمد 4: 22.
(5) السنن الكبرى 4: 22.
(6) المعتبر 1: 333.
(7) مختلف الشيعة: 121.
(8) الفقيه 1: 123 ح 592.
394
وعن سليمان بن خالد عن الصادق (عليه السلام): (أول من جعل له
النعش فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
وعن الحذاء عن الصادق (عليه السلام): (أنه أول نعش أحدث في
الاسلام، اتخذته لها أسماء - كما رأت بالحبشة - أخذت جرائد فشدت على قوائمه،
ثم جللته ثوبا (2).
قال ابن الجنيد - بعد ذكر النعش للنساء -: ولا بأس بحمل الصبي على
أيدي الرجال، والجنازة على ظهور الدواب.
قلت: النعش - لغة -: السرير عليه الميت، أو السرير. وهنا يراد: المظلل
عليه.
الرابعة: يكره الاتباع بنار، اجماعا، وهو مروي عن النبي (صلى الله عليه
وآله) (3).
وعن الصادق (عليه السلام): (إن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى ان تتبع
بمجمرة) رواه السكوني (4). ورواه الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (5)
ولو كان ليلا جاز المصباح، لقول الصادق (عليه السلام): (إن ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخرجت ليلا ومعها مصابيح) (6).
الخامسة: يكره اتباع النساء الجنازة، لقول النبي (صلى الله عليه وآله):
(إرجعن مأزورات غير مأجورات) (7) ولقول أم عطية: نهينا عن اتباع الجنازة (8).



(1) الفقيه 1: 124 ح 597، التهذيب 1: 469 ح 1539.
(2) التهذيب 1: 469 ح 1540.
(3) مسند أحمد 2: 427، سنن أبي داود 3: 203 ح 3171، المصنف لابن شبية 3: 272.
(4) الكافي 3: 147 ح 4، التهذيب 1: 295 ح 864، الاستبصار 1: 209 ح 736.
(5) الكافي 3: 143 ح 4، التهذيب 1: 307 ح 890.
(6) الفقيه 1: 100 ح 466.
(7) سنن ابن ماجة 1: 502 ح 1578، مسند أبي يعلى 7: 109 ح 4056، تاريخ بغداد 9: 102،
السنن الكبرى 4: 77.
(8) صحيح مسلم 2: 646 ح 938، سنن ابن ماجة: 1: 502 ح 1577، سنن أبي داود 3: 202:
3167.
395
ولأنه تبرج،
السادسة: لا يستحب القيام لمن مرت عليه الجنازة، لقول علي (عليه
السلام): (قام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قعد) (1) ولخبر زرارة عن الباقر
(عليه السلام): أنه لم يقم، فقيل له: إن الحسين (عليه السلام) فعل ذلك. فقال
(عليه السلام): (والله ما فعله الحسين، ولا أحد منا)، فتشكك القائل (2).
نعم، لو كان الميت كافرا جاز القيام، لخبر مثنى الحناط عن الصادق (عليه
السلام): (كان الحسين جالسا، فمرت به جنازة فقام الناس، فقال (عليه
السلام): مرت جنازة يهودي، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا فكره
أن تعلو رأسه) (3).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): (إذا رأيتم الجنازة فقوموا) (4) منسوخ.
السابعة: اختلف الأصحاب في كراهة جلوس المشيع قبل الوضع في
اللحد: فجوزه في الخلاف (5)، ونفى عنه البأس ابن الجنيد (6) للأصل، ولرواية
عبادة بن الصامت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان في جنازة لم يجلس
حتى توضع في اللحد، فقال اليهودي: إنا لنفعل ذلك، فجلس وقال:
(خالفوهم) (7).



(1) الموطأ: 232، مسند أحمد 1: 82، صحيح مسلم 2: 662 ح 962، سنن أبي داود 3: 204
ح 3175، الجامع الصحيح 3: 361 ح 1044، سنن النسائي 4: 77.
(2) الكافي 3: 191 ح 1، التهذيب 1: 456 ح 1486.
(3) الكافي 3: 192 ح، 2، التهذيب 1: 456 ح 1487.
(4) صحيح مسلم 2: 660 ح 959، سنن ابن ماجة 1: 492 ح 1543، سنن أبي داود 3: 203
ح 3172.
(5) الخلاف 1: 719 المسألة: 534.
(6) مختلف الشيعة: 122.
(7) سنن ابن ماجة 1: 493 ح 1545، سنن أبي داود 3: 204 ح 3176، الجامع الصحيح 3:
340 ح 1020.
396
وكرهه ابن أبي عقيل (1) وابن حمزة (2) والفاضلان (3). وهو الأقرب، لصحيح
ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): (ينبغي لمن شيع جنازة أن لا يجلس حتى
يوضع في لحده) (4). والحديث حجة لنا، لأن (كان) تدل على الدوام، والجلوس
لمجرد إظهار المخالفة، ولأن الفعل لا عموم له فجاز وقوع الجلوس تلك المرة
خاصة، ولأن القول أقوى من الفعل عند التعارض، والأصل يخالف للدليل.
الثامنة: لا يمنع من الاتباع كون المنكر مع الجنازة، لأن عطاء لما رجع
لسماع صارخة، قال الباقر (عليه السلام) لزرارة: (امض بنا، لو أنا إذا رأينا شيئا
من الباطل تركنا الحق، لم نقض حق مسلم) (5).
التاسعة: قال الشيخ وجماعة من الأصحاب: يكره حمل ميتين على سرير،
رجلين كانا أو امرأتين، أو رجلا وامرأة حتى قال في النهاية: لا يجوز وهو
بدعة (6)، وكذا ابن إدريس، هذا مع الاختيار (7)، وممن صرح بالكراهية ابن
حمزة (8). وقال الجعفي: لا يحمل ميتان على نعش واحد.
والذي في مكاتبة الصفار إلى أبي محمد العسكري: وسأله عن جواز حمل
ميتين على سرير، والصلاة عليهما وإن كان الميتان رجلا وامرأة مع الحاجة أو كثرة
الناس: (لا يحمل الرجل مع المرأة على سرير واحد) (9). وهو أخص من الدعوى، وظاهره عدم جوازه مع الحاجة.



(1) المعتبر 1: 334.
(2) الوسيلة: 69.
(3) المعتبر 1: 334، مختلف الشيعة: 122.
(4) التهذيب 1: 462 ح 1509.
(5) الكافي 3: 171 ح 3، التهذيب 1: 454 ح 1481، باختصار في الألفاظ.
(6) النهاية: 44. ولاحظ: المعتبر 1: 305، تذكرة الفقهاء 1، 54.
(7) السرائر: 34.
(8) الوسيلة: 62.
(9) التهذيب 1: 454 ح 1480.
397
العاشرة: قال ابن الجنيد: من صلى على جنازة لم يبرح حتى تدفن، أو يأذن
أهله في الانصراف، إلا من ضرورة، لرواية الكليني باسناده إلى من رفعه عن
الصادق (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أميران وليسا
بأميرين، ليس لمن شيع جنازة أن يرجع حتى تدفن أو يؤذن له، ورجل يحج مع
امرأة ليس له أن ينفر حتى تقضي نسكها (1).
وفي رواية زرارة عن الباقر (عليه السلام) لما قال له ولي الجنازة: ارجع
مأجورا. وقال له زرارة: قد اذن لك في الرجوع. قال (عليه السلام): (ليس بإذنه
جئنا، ولا بإذنه نرجع، أنما هو فضل وأجر طلبناه، فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل
يؤجر على ذلك) (2).
وليس بينهما منافاة، وكلام زرارة يدل على أن الإذن مؤثر، والظاهر أن المراد
به الاستحباب قضية للأصل، ولندب الحضور في أصله فيستصحب (3).
الحادية عشرة: يجب التغسيل، ثم الكفن، ثم الصلاة، ثم الدفن، تأسيا
بالنبي (صلى الله عليه وآله)، ولقول الصادق (عليه السلام) في رواية عمار: (لا
يصلى على الميت بعد ما يدفن، ولا يصلى عليه وهو عريان) (4).
فإن لم يكن كفن، وأمكن ستره بثوب، صلي عليه قبل الوضع في اللحد وإلا
فبعده. ويستر عورته بما أمكن، ولو باللبن والحجر، لما رواه عمار عن الصادق
(عليه السلام) في ميت وجده قوم عريانا لفظه البحر، وليس معهم فضل ثوب
يكفنونه به، قال: (يحفر له، ويوضع في لحده، وتستر عورته باللبن والحجر، ثم
يصلي عليه، ثم يدفن) (5).
اما الشهيد فالصلاة عليه بلا غسل ولا كفن، إلا أن يجرد كما مر.



(1) الكافي 3: 171 ح 2، الخصال: 49، المقنع: 19.
(2) الكافي 3: 171 ح 3، التهذيب 1: 454 ح 1481.
(3) في س: فيستحب.
(4) الكافي 3: 214 ح 4، التهذيب 3: 179 ح 406.
(5) الكافي 3: 214 ح 4، الفقيه 1: 104 ح 82، التهذيب 3: 179 ح 406.
398
النظر الثاني: في المحل. وهو الميت المسلم، وحكمه، الحاضر، لقول النبي
(صلى الله عليه وآله) فيما رواه سعيد بن غزوان عن الصادق (عليه السلام) عن
آبائه:: (ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: صلوا على المرجوم من أمتي، وعلى
القتال نفسه من أمتي، ولا تدعوا أحدا من أمتي بغير صلاة) (1).
ولقوله (صلى الله عليه وآله): (صلوا على كل بر وفاجر) (2).
ولقوله (صلى الله عليه وآله): (صلوا على من قال لا إله إلا الله) (3).
ولخبر عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (لما مات آدم، قال
هبة الله لجبرئيل: تقدم يا رسول الله فصل على نبي الله. فقال جبرئيل: ان الله
أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم أبرار ولده، وأنت من أبرهم. فتقدم، فكبر عليه
خمسا عدة الصلاة التي فرضها الله على أمته محمد (صلى الله عليه وآله)، وهي السنة
الجارية إلى يوم القيامة) (4).
وروى العامة: (ان الملائكة صلت على آدم، وقالت، لولده: هذه سنة
موتاكم) (5).
واحترزنا بالميت عن أبعاضه، فلا صلاة على بعض غير الصدر والقلب،
لما مر في خبر الفضل بن عثمان (6)، وفي مرفوع: (المقتول إذا قطع أعضاء يصلى
على العضو الذي فيه القلب) (7) اما عظام الميت فيصلى عليها، لما مر في أكيل



(1) رواه الصدوق في الفقيه 1: 103 ح 480 مرسلا، والطوسي في التهذيب 3: 328 ح 1026 بسنده
عن محمد بن سعيد عن غزوان عن السكوني وفي الاستبصار 1: 468 ح 1810 بسنده عن محمد
بن سعيد بن غزوان عن السكوني، وهو الصحيح، راجع: جامع الرواة 2: 117، معجم رجال
الحديث 16، 110.
(2) سنن الدارقطني 2: 57.
(3) سنن الدارقطني: 2: 56، حلية الأولياء 10: 320.
(4) الفقيه 1: 100 ح 468، التهذيب 3: 330 ح 1033.
(5) سنن الدارقطني 2: 71، المستدرك على الصحيحين 1: 345.
(6) تقدم في ص 316 الهامش 6.
(7) المعتبر 1: 317 عن جامع البزنطي.
399
السبع عن الكاظم (عليه السلام) (1).
ولا يصلى على العضو التام في الأشهر. وروي عن عبد الله بن المغيرة، انه
قال: بلغني عن أبي جعفر (عليه السلام) انه يصلى على كل عضو رجلا أو يدا أو
الرأس، فإذا نقص عن رأس أو يد أو رجل لم يصل عليه (2). وعن محمد بن خالد،
عمن ذكره، عن الصادق (عليه السلام): (إن وجد له عضو تام صلي على ذلك
العضو، فإن لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه) (3) وهذان مطرحان، مع
ارسالهما.
وخبر إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام): (إن عليا وجد قطعا
من ميت، فجمعت ثم صلى عليها) (4) محمول على ما فيه الصدر. وصلاة أهل
مكة على يد عبد الرحمن ممنوعة، لأن البلاذري روى أن اليد ألقيت باليمامة (5).
وفعل أهل اليمامة ليس بحجة. سلمنا، لكن لم يبق بمكة من يعتد بفعله من
الصحابة لخروجهم مع علي (عليه السلام)، أو أن من صلى كان يرى الصلاة على
الغائب وسنبطله.
أما العضو غير التام فالقطع فيه بعدم الصلاة مطلقا عندنا. وبالغ بعض
العامة فاحتمل الصلاة على الشعرة مع علم موته (6).
فرع:
إذا صلي على الصدر، أو قلنا بالصلاة على العضو التام، فالشرط فيه موت



(1) تقدم في ص 316 الهامش 7.
(2) المعتبر 1: 317.
(3) الكافي 3: 212 ح 3.
(4) الفقيه 1: 104 ح 483، التهذيب 1: 337 ح 986.
(5) راجع الام 1: 268، أسد الغابة 3: 308، تلخيص الحبير 5: 274. وقد تقدمت في
ص 317 الهامش 1.
(6) انظر المحلى 5: 138.
400
صاحبه إجماعا. وله ينوي الصلاة عليه خاصة، أو على الجملة؟ قضية المذهب
الصلاة عليه خاصة إذ لا صلاة على الغائب. فلو وجد الباقي وجبت الصلاة على
ما لم يصل عليه.
واحترزنا بالمسلم عن الكافر فلا يصلى عليه، لقوله تعالى: (ولا تصل على
أحد منهم مات أبدا) (1). ولا فرق بين الأصلي والمرتد، والذمي والحربي،
للعموم. ولو اشتبه المسلم بالكافر، فالأقرب: الصلاة على الجميع بنية الصلاة
على المسلمين، لتوقف الواجب عليه.
وروى حماد بن يحيى عن الصادق (عليه السلام): (أن النبي (صلى الله عليه وآله
) في يوم بدر أمر بمواراة كميش الذكر - أي صغيره - وقال: لا يكون إلا
في كرام الناس) (2) وأورده الشيخ في الخلاف والمبسوط عن علي (عليه السلام) (3).
فحينئذ يمكن العمل به في الصلاة في كل مشتبه، لعدم تعقل معنى في اختصاص
الشهيد.
وفي المبسوط أورد الرواية في اشتباه قتلى المسلمين بالمشركين، وبنى عليها
الصلاة، ثم قوى ما قلناه أولا، واحتاط بان يصلى على كل واحد واحد بشرط
اسلامه (4).
قال في المعتبر: ولو قيل بمواراة الجميع ترجيحا لجانب حرمة المسلم كان
صوابا (5). وهذا فيه طرح للرواية لضعفها، والصلاة على الجميع حينئذ بطريق
الأولى.
ولو وجد ميت لا يعلم إسلامه الحق بالدار، إلا أن يغلب الظن على اسلامه
في دار الكفر، لقوة العلامة، فيصلى عليه.



(1) سورة التوبة: 84.
(2) التهذيب 6: 172 ح 336.
(3) الخلاف 1: 716 المسألة: 528، المبسوط 1: 182.
(4) المبسوط 1: 182.
(5) المعتبر 1: 315.
401
اما القرعة فاستعمالها في هذين ضعيف، لأن محلها الإشكال في مواضع
مخصوصة. ولو اطردت القرعة، لجنح إليها فيما اختلف فيه من الأحكام، فيستغني
عن الاجتهاد فقهاء الاسلام.
والمراد بالمسلم من أظهر الشهادتين، ولم يجحد ما علم ثبوته من الدين
ضرورة. فيصلى على غير الناصب والغالي، للعموم السالف، ولخبر طلحة بن
زيد، عن الصادق (عليه السلام)، عن أبيه: (صل على من مات من أهل
القبلة، وحسابه على الله) (1).
وقال ابن الجنيد: يصلى على سائر أهل القبلة، ممن لم يخرج منها بقول
وفعل.
وقال أبو الصلاح: لا تجوز الصلاة على المخالف: بجبر، أو تشبيه، أو
اعتزال، أو خارجية، أو إنكار امامة، إلا لتقية. فإن فعل لعنه بعد الرابعة (2).
وقال المفيد - رحمه الله -: ولا يجوز أن يغسل مخالفا للحق في الولاء، ولا
يصلي عليه، إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية، فيلعنه في صلاته (3)
مع أنه جوز الصلاة على المستضعف (4).
وشرط سلار في الغسل اعتقاد الميت للحق (5) ويلزمه ذلك في الصلاة.
وابن إدريس قال: لا تجب الصلاة إلا على المعتقد للحق، ومن بحكمه
كابن ست أو المستضعف، محتجا بكفر غير المحق (6).
والشيخ وابن البراج لم يصرحا بغير لعنة الناصب (7) لكن قال في باب الصلاة



(1) أمالي الصدوق: 180، التهذيب 3: 328 ح 1205، الاستبصار 1: 468 ح 1809.
(2) الكافي في الفقيه: 157.
(3) المقنعة: 13.
(4) المقنعة: 38.
(5) المراسم: 45.
(6) السرائر: 80.
(7) المبسوط 1: 185، المهذب 1: 131.
402
من المبسوط: لا يصلى على الباغي لكفره (1). وكذا في قتال أهل البغي من
المبسوط (2) وأما في هذا الباب من الخلاف فأوجب الصلاة على الباغي، محتجا
بالعمومات (3).
ونقل ابن إدريس عن الشيخ ايجاب الصلاة على أهل القبلة (4).
فرع:
الصلاة على ولد الزنا تابعة لإسلامه، ومن ثم منعه ابن إدريس بناءا على
كفره عنده (5). والشيخ في الخلاف أوجبها عليه، محتجا بالإجماع - إلا من قتادة -
والعمومات (6). ويشكل قبل بلوغه إذ لالحاق له بأحد الأبوين، ويمكن تبعية
الإسلام هنا للغة كالتحريم، ويؤيد الاسلام تبعية الفطرة.
واما النفساء المسلمة فالصلاة عليها بالاجماع، الا من الحسن البصري (7).
والمراد ب (حكم المسلم): الطفل الذي كمل ست سنين في الأشهر. ذكره:
الشيخ (8) وابن البراج (9) وابن زهرة (10) وابن حمزة (11) وسلار (12) والبصروي،



(1) المبسوط 1: 182.
(2) المبسوط 7: 278.
(3) الخلاف 5: 344 المسألة: 13.
(4) السرائر: 80.
(5) السرائر: 81.
(6) الخلاف 1: 714 المسألة 522.
(7) المغني 2: 203، عمدة القاري 8: 136.
(8) النهاية: 143.
(9) المهذب 1: 128.
(10) الغنية: 502.
(11) الوسيلة: 118.
(12) المراسم: 80.
403
والمتأخرون (1) ونقل المرتضى فيه الاجماع (2).
والمفيد: حدها بان يعقل الصلاة (3).
وقال الجعفي لا يصلى على صبي حتى يعقل.
وأسقطها ابن أبي عقيل ما لم يبلغ (4).
وأوجبها ابن الجنيد على المستهل (5). وقال الصدوق: لا يصلى عليه حتى يعقل الصلاة، ذكره في المقنع (6)
وروى الست في الفقيه عن الباقر والصادق (عليهما السلام) (7).
ولم يتعرض أبو الصلاح لغير كيفية الدعاء في الطفل (8).
لنا: حسن زرارة عن الصادق (عليه السلام)، قلت متى تجب الصلاة
عليه؟ قال: (إذا كان ابن ست سنين) (9) ولأنه ليس من أهل الصلاة لو نقص
عن الست، ولأن الصلاة استغفار للميت وشفاعة له، ومن لا يخاطب بالصلاة لا
يتحقق فيه المعنى، ونبه عليه رواية علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام): (إذا
عقل الصلاة صل عليه) (1).
قال هشام: قلت للصادق (عليه السلام): قالوا لو توقفت الصلاة على
الصلاة لم يصل على الميت بعد اسلامه بلا فصل. فقال (عليه السلام): (إنما يجب
.



(1) المعتبر 2: 343.
(2) الانتصار: 59.
(3) المقنعة: 38.
(4) مختلف الشيعة: 119.
(5) مختلف الشيعة: 119.
(6) المقنع: 21.
(7) الفقيه 1: 104 ح 486، 488.
(8) لاحظ: الكافي في الفقه: 157.
(9) الكافي 3: 206 ح 2، الفقيه 1: 104 ح 486، التهذيب 3: 198 ح 456، الاستبصار 1:
479 ح 1855.
(10) قرب الاسناد: 99، التهذيب 3: 199 ح 458
404
ان يصلى على من وجبت عليه الصلاة والحد، ولا يصلى على من لم تجب عليه
الصلاة ولا الحد) (1). وفيه اشعار بمذهب ابن أبي عقيل، إلا ان يريد بالوجوب
هنا ما لا بد منه، فيكون شاملا (2) لتأكد الاستحباب.
ويشهد له أيضا خبر عمار عن الصادق (عليه السلام): (إنما الصلاة على
الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم) (3). ويمكن ان يراد بجري القلم مطلق
الخطاب الشرعي، والتمرين خطاب شرعي.
وعن زرارة: لما صلى الباقر (عليه السلام) على ابن ابنه عبد الله وكان فطيما
دارجا، قال: (انه لم يكن يصلى على الأطفال، إنما كان أمير المؤمنين (عليه السلام)
يأمر بهم فيدفنون، وانما صليت عليهم من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا: لا
يصلون على أطفالهم) (4). وهذا مطلق فيقيد بما دون الست، وذكر الصدوق ان
الطفل كان عمره ثلاث سنين (5).
وحجة ابن الجنيد بصحيح عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام):
(لا يصلى على المنفوس، وهو المولود الذي لم يستهل، وإذا استهل فصل عليه
وورثه) (6).
وخبر السكوني عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام): (يورث الصبي
ويصلى عليه إذا سقط من بطن أمه فاستهل صارخا، وإذا لم يستهل صارخا لم يورث
ولم يصل عليه) (7).
وفي مرسلة أحمد بن محمد عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) في الصلاة
.



(1) الكافي 3: 209 ح 8، التهذيب 3: 332 ح 1039.
(2) في س: مثالا.
(3) التهذيب 3: 199 ح 460، الاستبصار 1: 480 ح 1858.
(4) الكافي 3: 206 ح 3، التهذيب 3: 198 ح 457، الاستبصار 1: 479 ح 1856.
(5) الفقيه 1: 105 ح 487.
(6) التهذيب 3: 199 ح 459، الاستبصار 1: 480 ح 1857.
(7) التهذيب 3: 331 ح 1035
405
على الصبي: (يصلى عليه على كل حال، الا ان يسقط لغير تمام) (1).
وحملها الشيخ على التقية أو الندب، جمعا بين الأخبار (2).
وفي النهاية: يصلى على من نقص عن ست استحبابا وتقية (3).
فرع:
لقيط دار الاسلام لو مات طفلا، فبحكم المسلم تغليبا للدار. وكذا لقيط
دار الحرب إذا كان فيها مسلم، تغليبا للاسلام. وكذا المجنون المتولد من مسلم،
أو كان أحد اللقيطين. واما الأخرس، فاسلامه حقيقي بالإشارة إذا كان يعقل.
واحترزنا بالحاضر عن الغائب، وهو: من لم يشاهده المصلي حقيقة ولا
حكما، أو من كان بعيدا بما لم تجر العادة به.
أما الأول، فلأنه لو جاز لصلي على النبي صلى الله عليه وآله في الأمصار
وعلى من مات بعده من الصحابة، ولو وقع ذلك لاشتهر، ولأن استقبال القبلة
بالميت شرط.
قالوا: صلى النبي صلى الله عليه وآله على النجاشي (4).
قلنا: قيل إن الأرض. زويت له، أو محمولة على الدعاء كما يأتي.
وفي الخلاف والمبسوط استدل على المنع بعدم دليل الثبوت، ولم يذكر خبرا
ولا اجماعا (5).
وأما البعد بما لم تجر العادة به، فلأنه كالغائب، ولأن عمل الناس على
القرب في جميع الأعصار: وقيل: يستحب أن يتباعد عنها يسيرا.



(1) التهذيب 3: 331 ح 1036، الاستبصار 1: 480 ح 1859.
(2) التهذيب 3: 331، الاستبصار 1: 480.
(3) النهاية: 143.
(4) صحيح البخاري 2: 111، سنن ابن ماجة 1: 490 ح 1534، سنن أبي داود 3: 212.
ح 3204، سنن النسائي 4: 72.
(5) الخلاف 1: 731 المسألة: 563، المبسوط 1: 185.
406
واعتبرنا الحقيقة والحكم، لتدخل فيه الصلاة على القبر في أشهر الخبرين،
فإنه وان لم يكن مشاهدا حقيقة فهو في حكم المشاهد، لصحيح هشام بن سالم عن
الصادق (عليه السلام): (لا بأس أن يصلي الرجل على الميت بعد ما يدفن) (1).
وعن مالك مولى الجهم عنه (عليه السلام): (إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى
يدفن، فلا بأس بالصلاة عليه وقد دفن) (2). والخبران يشملان من صلي عليه،
ومن لم يصل عليه.
وعن عمرو بن جميع عن الصادق (عليه السلام): (كان رسول الله صلى
الله عليه وآله إذا فاتته الصلاة على الميت صلى على القبر) (3). وروي: ان النبي
صلى الله عليه وآله صلى على قبر مسكينة دفنت ليلا. وهذان ظاهران فيمن صلي
عليه
وبإزاء هذه الأخبار:
خبر يونس بن ظبيان، عن الصادق (عليه السلام)، عن أبيه: (ان رسول
الله صلى الله عليه وآله نهى أن يصلى على قبر، أو يقعد عليه، أو يبنى عليه) (5).
وخبر عمار عن الصادق (عليه السلام) في ميت صلي عليه وهو مقلوب رجلاه
إلى موضع رأسه، قال: (يسوى وتعاد الصلاة ما لم يدفن، فان دفن فقد مضت
الصلاة، ولا يصلي عليه وهو مدفون) (6).
وروى عمار أيضا عنه: (لا صلى على الميت بعد ما يدفن) (7).
وروي ذلك عن رجل من أهل الجزيرة عن الرضا (عليه السلام) في الصلاة



(1) التهذيب 1: 467 ح 1530، الاستبصار 1: 482 ح 1866.
(2) الفقيه 1: 103 ح 475، التهذيب 3: 201 ح 467.
(3) الفقيه 1: 103 ح 476، التهذيب 1: 467 ح 1531، الاستبصار 1: 482 ح 1868.
(4) السنن الكبرى 4: 48.
(5) المقنع: 21، التهذيب 1: 461 ح 1504، الاستبصار 1: 482 ح 1869.
(6) الكافي 3: 174 ح 2، التهذيب 3: 201، 470، الاستبصار 1: 482 ح 1870.
(7) الكافي 3: 214 ح 4، التهذيب 3: 179 ح 406، 327 ح 1022.
407
على المدفون، قال: (لا، ولو جاز ذلك لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله) (1).
وهو شامل لنفي الصلاة على القبر، ونفيها على الغائب.
وروى جعفر بن عيسى: ان الصادق (عليه السلام) قال له حين اخبره
بموت عبد الله بن أعين بمكة: (انطلق بنا إلى قبره حتى نصلي عليه) فقلت:
نعم. فقال: (لا، ولكن نصلي عليه ها هنا) فرفع يديه يدعو واجتهد في الدعاء
وترحم عليه (2). وهذا يحتمل أن يريد بالصلاة الأولى حقيقتها، فتكون من قبيل
الأخبار الأول، وان يريد بها الدعاء المجرد، ويكون قد اعرض عن الدعاء على
القبر إلى الدعاء في موضعه، فيكون محتملا لعدم الصلاة بالمعنى الحقيقي.
وفي مقطوع محمد بن مسلم أو زرارة، قال: (الصلاة على الميت بعد ما
يدفن انما هو الدعاء) قلت: فالنجاشي ألم يصل عليه النبي صلى الله عليه وآله؟
فقال: (لا، انما دعا له) (3).
والشيخ جمع بين الأخبار بالحمل على يوم وليلة (4) - كما قاله المفيد رحمه
الله (5) - لأنه القدر المتفق عليه.
واختاره في المبسوط والنهاية، حيث قال: ومن فاتته الصلاة على الجنازة،
جاز ان يصلي على القبر يوما وليلة (6).
وقال في الخلاف: من صلى على جنازة يكره أن يصلي عليها ثانيا، ومن فاتته
الصلاة جاز ان يصلي على القبر يوما وليلة، وقد روي ثلاثة أيام (7).
ثم قال: قد حددنا الصلاة على القبر يوما وليلة، وأكثره ثلاثة أيام (8).



(1) التهذيب 3: 201 ح 471، الاستبصار 1: 483 ح 1871.
(2) التهذيب 3: 202 ح 472، الاستبصار 1: 483 ح 1872.
(3) التهذيب 3: 202 ح 473، الاستبصار 1: 483 ح 1873.
(4) التهذيب 3: 201، الاستبصار 1: 483.
(5) المقنعة: 38.
(6) المبسوط 1: 185، النهاية: 146.
(7) الخلاف 1: 726 المسألة: 548.
(8) الخلاف 1: 726 المسألة: 549.
408
وجمع أيضا بين الأخبار بحمل أخبار الصلاة على الدعاء (1) وفي هذا الحمل
إنكار للصلاة على المدفون.
وقد جنح إليه في المعتبر حيث - قال - بعد حكاية المذاهب فيما إذا لم يصل
على الميت -: الوجه عندي انها لا تجب، ولا أمنع الجواز، لأن المدفون خرج بدفنه
عن أهل الدنيا فساوى من فنى في قبره، ولأنه لو جازت الصلاة عليه بعد دفنه
لصلي على الأنبياء في قبورهم والصلحاء وان تقادم العهد. ويؤيد ذلك ما رواه
عمار، وتلا بعض الروايات المذكورة (2).
قال: واما التقدير باليوم والليلة وثلاثة أيام فلم أقف به على مستند، وما
روي من الصلاة على القبر محمول على الجواز أو الدعاء المحض (3).
وفي المختلف جمع بحمل أخبار الجواز على ميت لم يصل عليه، وصرف
أخبار المنع إلى ميت صلي عليه، لاعتضاد الأول بالعمومات الدالة على الصلاة
على الميت (4). وظاهر بعد هذا الحمل.
وانكار الصلاة على المدفون يخالف فتوى الأصحاب: اما الشيخان فقد
ذكرا، واما غيرهما:
فقال ابن الجنيد: من فاتته الصلاة على الميت، صلى عليه ما لم يعلم منه
تغير صورته (5). وهذا ظاهر فيمن فاتته الصلاة على الميت.
وقال ابن البراج: وان فاتته الصلاة، جاز له ان يصلي على القبر يوما
وليلة (6). ومثله الكيدري.
وقال ابن زهرة: ولا يجوز أن يصلي على الميت بعد أن يمضي عليه يوم



(1) التهذيب 3: 201، الاستبصار 1: 483.
(2) المعتبر 2: 358.
(3) المعتبر 2: 358.
(4) مختلف الشيعة: 120.
(5) مختلف الشيعة: 120.
(6) المهذب 1: 132.
409
وليلة (1).
وقال ابن حمزة: وان فاتته الصلاة، صلى على القبر إلى انقضاء يوم وليلة (2).
وقال سلار: يجوز الصلاة على القبر إلى ثلاثة أيام (3). وكلام الشيخ يشعر
بأن به رواية (4).
وقال ابن إدريس: ومن فاتته الصلاة على الجنازة، جاز أن يصلي على القبر
يوما وليلة، وجعله أظهر من القول بثلاثة أيام (5).
قلت: وأكثر هذه ظاهرة فيمن صلي عليه، وفي الجواز بمعناه الحقيقي لا
الدعاء. ويلزم من جوازها فيمن صلي عليه وجوبها في فاقد الصلاة، لأن
العمومات الدالة سالمة عن معارض كون الميت غير صالح للصلاة عليه. وقول
المحقق: انه يساوي من فني في قبره، محض الدعوى، ولأنه مهما قدر (6) الجواز به
قدرنا به الوجوب. ومنع الصلاة على الأنبياء، لانتفاء ما قدره به العلماء، أو لما
حكاه الشيخ في الخلاف من استلزامه الفتنة، لما روي عنه (عليه السلام): (لا
تتخذوا قبري وثنا يعبد، لعن الله اليهود فإنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (7)، أو
لما روي عنه صلى الله عليه وآله انه قال: (أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري
أكثر من ثلاث) (8).



(1) الغنية: 502.
(2) الوسيلة: 120.
(3) المراسم: 80.
(4) الخلاف 1: 726 المسألة: 548.
(5) السرائر: 81.
(6) في س: قدرنا.
(7) الخلاف 1: 170 المسألة: 84.
والرواية في مسند أحمد 2: 246، صحيح البخاري 2: 111، سننن النسائي 4: 96، السنن
الكبرى 4: 80.
(8) تلخيص الحبير 5: 198.
410
تذنيب:
أكثر هؤلاء حكموا بكراهية الصلاة على الجنازة مرتين. وظاهرهم
اختصاص الكراهية بمن صلى على الميت، لما تلوناه عنهم من جواز صلاة من فاتته
على القبر، أو يريدون بالكراهية قبل الدفن حتى ينتظم الكلام. وابن إدريس قيد
الكراهية بالصلاة جماعة، لتكرار الصحابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
فرادى (1).
وقد روى إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام): (ان رسول الله
صلى الله عليه وآله صلى على جنازة، فلما فرغ جاء قوم فقالوا، فاتتنا الصلاة
عليها، فقال صلى الله عليه وآله: (ان الجنازة لا يصلى عليها مرتين، ادعوا له
وقولوا خيرا) (2). ومثله رواية وهب بن وهب، عن الصادق (عليه السلام) عن
أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله (3).
وبإزاء هاتين الروايتين روايات، منها:
رواية عمار عن الصادق (عليه السلام): (الميت يصلى عليه ما لم يوار
بالتراب وان كان قد صلي عليه) (4).
ورواية يونس بن يعقوب عنه (عليه السلام: (إن أدركتها قبل أن تدفن،
فان شئت فصل عليها) (5).
ورواية عمرو بن شمر عن جابر عن الباقر (عليه السلام): (ان رسول الله صلى
الله عليه وآله خرج على جنازة امرأة من بني النجار فصلى عليها، فوجد الحفرة لم



(1) السرائر: 81.
(2) التهذيب 3: 324 ح 1010 الاستبصار 1: 484 ح 1878.
(3) قرب الاسناد: 63، التهذيب 3: 332 ح 1040، الاستبصار 1: 485 ح 1879.
(4) التهذيب 3: 334 ح 1045، الاستبصار 1: 484 ح 1874.
(5) التهذيب 3: 334 ح 1046، الاستبصار 1: 484 ح 1875.
411
لم يمكثوا (1) فوضعوا الجنازة، فلم يجئ قوم ألا قال لهم (عليه السلام): صلوا
عليها) (2).
وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام)، قال: (كبر أمير
المؤمنين (عليه السلام) على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات، ثم مشى
ساعة، ثم وضعه وكبر عليه خمس تكبيرات أخرى، يصنع ذلك حتى كبر عليه
خمسا وعشرين تكبيرة) (3).
وفي خبر عقبة: ان الصادق (عليه السلام) قال: (اما بلغكم ان رجلا صلى
عليه علي (عليه السلام) فكبر عليه خمسا حتى صلى عليه خمس صلوات. وقال:
انه بدري، عقبي، أحدي، من النقباء الاثني عشر، وله خمس مناقب فصلى عليه
لكل منقبة صلاة) (4).
وفي خبر أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: (كبر رسول الله
صلى الله عليه وآله على حمزة سبعين تكبيرة، وكبر علي (عليه السلام) عندكم على
سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة، كلما أدركه الناس قالوا: يا أمير المؤمنين لم
ندرك الصلاة على سهل، فيضعه ويكبر حتى انتهى إلى قبره، خمس مرات) (5).
فتبين رجحان الصلاة بظهور الفتوى، وكثرة الأخبار.
وقال الفاضل: ان خيف على الميت كره تكرار الصلاة والا فلا، وظاهره انه
إن نافى التعجيل أيضا (6) كره. وهذا فيه جمع بين الأخبار، الا انه لا يرد في الصلاة
على القبر.



(1) في م سواد، وفي المصدرين: (يمكنوا).
(2) التهذيب 3: 325 ح 1012، الاستبصار 1: 484 ح 1877.
(3) الكافي 3: 186 ح 2.
(4) التهذيب 3: 318 ح 985.
(5) الكافي 3: 186 ح 3، الفقيه 1: 101 ح 470، التهذيب 3: 197 ح 455.
(6) تذكرة الفقهاء 1: 51.
412
وفي المختلف: المشهور كراهة التكرار (1) وقد علمت الحال فيه.
فرع له - رحمه الله -: لو قلع الميت، صلى عليه من غير تقدير (2) لزوال المانع
بالظهور. وهو تام مع بقاء شئ منه، والقلع يدل عليه، فلو صار رميما ففي
الصلاة بعد إذ لا ميت. وهذا فيمن لم يصل عليه، ولو كان قد صلى عليه ثم ظهر،
ففي استحباب التثنية القولان، وكذا ينسحب تقديرها أيضا باليوم أو الثلاثة،
ويمكن عدم التقدير لعدم مقتضيه.
تنبيهات:
الأول: لا فرق في تكرار الصلاة بين الولي وغيره، لأن النبي صلى الله عليه
وآله صلى على المدفون ليلا جماعة، رواه ابن عباس وقال: وانا فيهم (3)،. ولو
اختص التكرار بالولي صلى وحده.
وتوجيه الثلاثة: بأنها أول حد الكثرة وآخر حد القلة، لا وجه له.
والتحديد بالشهر أخذا من صلاة النبي صلى الله عليه وآله على النجاشي (4)
وبينهما مسيرة شهر ولولا الوحي لتأخر علمه به، ظاهر الضعف، فإنه صلى عليه
ليوم موته باخبار الله تعالى، ولا طريق إلى علم عدم صلاته لو زاد على شهر. وما
نقل من صلاته صلى الله عليه وآله على البراء بن معرور بعد شهر (5) لا ينفي الزيادة
عليه.
الثاني: لو قدرنا بتقدير ابن الجنيد (6) فالظاهر: ان البلى غير شرط، إذ



(1) مختلف الشيعة: 120.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 45، نهاية الإحكام 2: 253.
(3) انظر: صحيح البخاري 2: 113، صحيح مسلم 2: 658 ح 954، سنن النسائي 4: 85،
السنن الكبرى 4: 46.
(4) تقدم في 406 الهامش 4.
(5) المصنف لابن أبي شيبة 3: 360، السنن الكبرى 4: 49.
(6) راجع قوله في ص 409 الهامش 5.
413
الصورة الانسانية تتغير بدونه، ولو شككنا في تغير الصورة، فالأصل: العدم،
وعليه نبه بقوله: ما لم يعلم تغير صورته، ويمكن أن يراد بتغير الصورة انمحاق
الاجزاء، لأن المعتبر اسم البدن، وهو حاصل قبل الانمحاق.
الثالث: لا فرق في هذه الصلاة بين الموجود عند موته وغيره، ولا بين
المكلف وغيره.
ويمكن الفرق، لأن غير الموجود لم يكن متوجها إليه الخطاب. وعلى هذا
يشترط ان يكون مكلفا حتى يكون من أهل فرض الصلاة. ويمكن الاجتزاء
بكونه مميزا، اعتبارا بكونه من أهل الصلاة.
وتظهر الفائدة في المميز عند موته، فعل الأول لا يصلي، وعلى الثاني يصلي.
ويمكن أن يقال: ان كان الميت لم يصل عليه اشترط الأول، وان كان ممن
فاته الصلاة كفى اعتبار الثاني. وهذا الشرط انما يظهر على مذهب ابن الجنيد،
أو على القول بعدم التقدير.
الرابع: يعتبر هنا مشاهدة القبر أو حكمه، وإلا لكان صلاة على
الغائب: ووقوفه مستقبلا، جاعلا لما يلي الرأس عن يمينه، كالميت الظاهر.
الخامس: لا يتقدر التباعد عن الجنازة بثلاثمائة ذراع (1) لأنه بعد مفرط لم
يعتد مثله. وحمله على الجماعة اليومية (2) غلط في غلط.
السادس: إذا كان الميت لم يصل عليه، فايقاعها بنية الفرض. ولو كان قد
صلي عليه، فالظاهر: انها بنية النفل، لجواز تركها لا إلى بدل، والنية تابعة
للوجه، ولا منافاة ين فرضيتها في حق الأولين دون الآخرين، لاختلافهما في
المقتضى، وهو كونه ميتا لم يصل عليه أولا بخلاف من صلي عليه.
السابع: يصلى على المرجوم: للعموم، ولصلاة النبي صلى الله عليه وآله



(1) المجموع 5: 253، فتح العزيز 5: 191.
(2) المجموع 5: 253، فتح العزيز 5: 191.
414
على الغامدية (1) وأمر علي (عليه السلام) بالصلاة على سراحة الهمدانية (2) وهما
مرجومتان. وكذا يصلي الامام عليه، لما قلناه.
وكذا يصلى على الغال، وهو: كاتم الغنيمة ليخص بها. وقول النبي صلى
الله عليه وآله في الجهني الغال: (صلوا على صاحبكم) (3) للمبالغة في المنع من
الغلول، كما امتنع من الصلاة على المديون (4) مع أن الصلاة عليه مشروعة
بالاجماع.
وكذا يصلى على قاتل نفسه. وامتناع النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة
على قاتل نفسه بمشاقص (5) كالأول.
وكذا يصلى على تارك الصلاة - وان قتل لتركها - وقاطع الطريق.
الثامن: لا صلاة على السقط إذا لم يتسهل وان ولجته الروح، أو مضى
عليه: الأربعة أشهر التي ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله: (انه ينفخ
فيه الروح بعدها) (6) لعدم تناول العموم له. وأولى إذا لم ينفخ الروح فيه وان ظهر
التخطط أو اختلج.
وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (السقط يصلى عليه) (7).
مطلق، فيحمل على المقيد بالاستهلال، مع أن رواية المغيرة بن شعبة وهو مشهور
بالانحراف عن علي (عليه السلام)، ولما ولاه عمر الكوفة قال هل: أنت القوي



(1) سنن أبي داود 4: 152 ح 4442، سنن النسائي 4: 63.
(2) الفقيه 4: 16 ح 28، التهذيب 10: 47 ح 174.
(3) الجامع الصحيح 3: 382، 1070 سنن النسائي 4: 64، سنن الدارقطني 3: 78، السنن
الكبرى 9: 101.
(4) تقدم في ص 302 الهامش 3.
(5) سنن أبي داود 3: 206 ح 3185، الجامع الصحيح 3: 380 ح 1068، سنن النسائي 4: 66،
السنن الكبرى 4: 19.
(6) مسند أحمد 1: 382، صحيح البخاري 4: 135، سنن أبي داود 4: 228 ح 4708.
(7) مسند أحمد 4: 249 سنن أبي داود 3: 205 ح 3180، السنن الكبرى 4: 25.
415
الفاجر (1) فلا تنهض روايته حجة.
ولو استهل بعد خروج بعضه، ثم مات قبل تمام خروجه، صلي عليه ندبا
وان خرج أقله، لدخوله تحت ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: (إذا
استهل السقط صلى عليه) (2) ولما مر.
التاسع: يصلى على من غسله الكافر، أو غسل بالصب، أو يمم. ولو لم
يحصل أحد هذه - إما لتعذرها كمن مات في بئر أو معدن انهدما عليه وتعذر
اخراجه، اما لعدم وجود فاعلها - ودفن، فالظاهر: وجوب الصلاة: وانها غير
مشروطة بتقدم الغسل أو بدله، للعموم، وعدم ثبوت التلازم بين الغسل والصلاة.
وروى العلاء بن سيابة عن الصادق (عليه السلام) في بئر مخرج مات فيه
رجل ولم يمكن اخراجه: (انها تجعل قبرا) (3) ولم يذكر الصلاة عليه، والظاهر أنه
معلوم من عموم الصلاة بعد الدفن، قال: (وان أمكن اخراجه اخرج وغسل
وكفن) (4).
وفي المعتبر: ان تعذر الا بالتمثيل به لم يجز، لقول النبي صلى الله عليه وآله
- في هذه الرواية -: (حرمة المسلم ميتا كحرمته وهو حي) فان اضطر أهل البئر
بان خافوا التلف، جاز اخراجه ولو تقطع إذا لم يمكن بدونه (5).



(1) انظر مختصر تاريخ دمشق 5: 169.
(2) سنن ابن ماجة 1: 483 ح 1508، السنن الكبرى 4: 8.
(3) المقنع: 11، التهذيب 1: 419 ح 1324، 465 ح 1522.
(4) المقنع: 11، التهذيب 1: 419 ح 1324، 465 ح 1522.
والمخرج: مكان خروج الفضلات، أي الكنيف. مجمع البحرين - مادة خرج -
وفي الموضعين من التهذيب: محرج اي ضيق، لاحظ الصحاح - مادة حرج -:
(5) المعتبر 1: 337.
416
النظر الثالث: في المصلي، وفيه مسائل.
الأولى: الأولى بالإرث أولى بالصلاة، لآية اولي الأرحام (1) ومرسل ابن أبي
عمير عن الصادق (عليه السلام): (يصلي على الجنازة أولى الناس بها، أو يأمر
من يحب) (2).
وامام الأصل أولى منه عند حضوره، لقيامه مقام النبي صلى الله عليه وآله
الذي هو أولى بالمؤمنين، ولخبر طلحة بن زيد عن الصادق (عليه السلام): (إذا
حضر الإمام الجنازة، فهو أحق الناس بالصلاة عليها) (3).
ويظهر منهما عدم احتياجه إلى اذن، قال أبو الصلاح: الامام أولى، فان
تعذر حضوره واذنه فولي الميت (4).
وفي المبسوط: يحتاج (5) لخبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): (قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة، فهو أحق
بالصلاة عليها ان قدمه ولي الميت، وإلا فهو غاصب) (6). ويحمل على غير إمام
الأصل، لأن تنكيره مشعر بالكثرة، وفيه اشعار باستحباب تقديم الولي إياه، وكذا
قول النبي صلى الله عليه وآله: (لا يؤم الرجل في سلطانه) (7) (ان حملناه على العموم
في السلطان والامامات.
وتقديم الحسين (عليه السلام) سعيد بن العاص في الصلاة على الحسن



(1) سورة الأنفال: 75.
(2) الكافي 3: 177 ح 1، التهذيب 3: 204 ح 483.
(3) الكافي 3: 177 ح 4، التهذيب 3: 206 ح 489.
(4) الكافي في الفقه: 156.
(5) المبسوط 1: 183.
(6) التهذيب 3: 206 ح 490.
(7) مسند أحمد 4: 118 صحيح مسلم 1: 465 ح 673، سنن أبي داود 1: 159 ح 582، الجامع
الصحيح 1: 459 ح 235، سنن النسائي 2: 76، السنن الكبرى 3: 125.
417
(عليه السلام) وقوله: (لولا السنة لما قدمتك) (1) لإطفاء الفتنة، فإنه من السنة
إطفاؤها، لأن السلطان عندنا الحسين (عليه السلام).
وقال ابن الجنيد: الأولى الامام، ثم خلفاؤه، ثم إمام القبيلة كباقي
الصلوات (2).
ونقل الفاضل: ان الولي أولى من الوالي عند علمائنا (3) فان أراد توقفه على
تقديمه وان كان تقديمه مستحبا فحسن، وان أراد نفي استحباب تقديمه فظاهر
الخبر يدفعه.
ولو قلنا باحتياج الامام إلى إذن، وجب على الولي تحصيلا للغرض، فان
امتنع سقط اعتبار إذنه، لزوال حقه بامتناعه.
الثانية: لو كان الأقرب امرأة فهي أولى، لخبر زرارة عن الباقر (عليه
السلام)، قلت له: المرأة تؤم النساء؟ قال: (لا، الا على الميت إذا لم يكن أحد
أولى منها، تقوم وسطهن) (4).
وروى يزيد بن خليفة عن الصادق (عليه السلام): (ان فاطمة خرجت في
نسائها فصلت على أختها) (5) يعني زينب عليهما السلام.
وهذا محمول على خروجها بهن في سترة عن الرجال، لكراهة خروج
الشواب لصلاة الجنازة، لخبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): (ليس ينبغي
للشابة، الا ان تكون مسنة) (6)، ولعله لخوف الفتنة، ولو امن فلا بأس، لخبر
السكوني عن الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (خير



(1) السنن الكبرى 4: 28.
(2) مختلف الشيعة: 120.
(3) تذكرة الفقهاء 1: 47.
(4) الفقيه 1: 259 ح 1177، التهذيب 3: 206 ح 488، الاستبصار 1: 427 ح 1648.
(5) التهذيب 3: 333 ح 1043، الاستبصار 1: 485 ح 1880.
(6) التهذيب 3: 333 ح 1044، الاستبصار 1: 486 ح 1881.
418
الصفوف في الجنازة المؤخر لستره النساء) (1) وخبر الحسن الصيقل عن الصادق
(عليه السلام) في صلاة النساء بلا رجال: (لا تتقدمهن امرأة) (2).
وفي انفراد الحائض هنا نظر، من خبر محمد بن مسلم عن الصادق (عليه
السلام): (لا تقف معهم، تقف منفردة) (3) فان الضمير يدل على الرجال،
واطلاق الانفراد يشمل النساء، وبه قطع في المبسوط (4) وتبعه ابن إدريس (5)
والمحقق (6).
الثالثة: لو تعدد الوارث فالزوج أولى، لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه
السلام): (الزوج أحق من الأب والولد والأخ (7).
وفي خبرين عنه (عليه السلام) معتبري الاسناد: الأخ أحق من الزوج (8)
وحملا على التقية، وضعفهما في المعتبر بابان بن عثمان في أحدهما، وبحفص بن
البختري في الاخر (9).
قلت: قد نقل الكشي الاجماع على تصحيح ما يصح عن أبان (10) ووثق
النجاشي حفصا (11).
وقال في المعتبر: أن سند الأولى سالم (12) مع أن فيه علي بن أبي حمزة رأس



(1) الكافي 3: 176 ح 3، علل الشرائع: 306، التهذيب 3: 319 ح 991.
(2) الفقيه 1: 103 ح 479.
(3) الكافي 3: 179 ح 4، الفقيه 1: 107 ح 496، التهذيب 3: 204 ح 479.
(4) المبسوط 1: 184.
(5) السرائر: 81.
(6) المعتبر 2: 354.
(7) الكافي 3: 177 ح 2.
(8) التهذيب 3: 205 ح 485، 486، الاستبصار 1: 486 ح 1884، 1885.
(9) المعتبر 2: 346.
(10) رجال الكشي: 375 رقم 705.
(11) رجال النجاشي: 134 رقم 344.
(12) المعتبر 2: 346.
419
الواقفة - ولعنه ابن الغضائري (1) - والقاسم بن محمد - والظاهر أنه الجوهري -
وقد قال الشيخ: كان واقفيا (2). نعم، مضمون الأولى أشهر في العمل، لا اعلم
فيها مخالفا من الأصحاب.
ولأن ميراث الزوج أكثر مع الأبوين والاخوة (3).
وقول عمر لأهل امرأته: أنتم أحق بها (4) لا حجة فيه، وجاز ان يكون
إيثارا لهم.
ولو فقد الزوج، قال الشيخ، الأب أولى، ثم الولد، ثم ولد الولد، ثم الجد
للأب (5)، ثم الأخ للأبوين، ثم الأخ للأب، ثم الأخ للام، ثم العم، ثم
الخال، ثم ابن العم، ثم ابن الخال (6).
قال: وبالجملة من كان أولى بالإرث فهو أولى بالصلاة، للآية (7).
ولا يمكن تعليل هذا بأولوية الإرث، لعدم اطرادها في الأب، فإنه أقل إرثا
مع الولد، ولهذا عدوه في باب الغرقى أضعف، والجد مساو للأخ في الإرث.
نعم، في الأب مزيد اختصاص بالحنو والشفقة، وفي الجد بالتولد، ولكنه خروج
عن الإرث.
وقال ابن الجنيد: الجد ثم الأب ثم الولد (8) وكأنه يراعي الشرف.
الرابعة: لو لم يكن الا المولى أو قرابته، فهو أولى لإرثه.
واما الموصى إليه بالصلاة، فابن الجنيد قدمه، وفاء بعهد الميت (9) ولاشتهار



(1) حكاه عنه ابن داود في رجاله: 259.
(2) رجال الطوسي: 358.
(3) هذا الدليل الثاني للمسألة الثالثة.
(4) المصنف لابن أبي شيبة 3: 250.
(5) في المصدر زيادة: والام.
(6) المبسوط 1: 183.
(7) المبسوط 1: 183.
(8) مختلف الشيعة: 120.
(9) مختلف الشيعة: 120.
420
ذلك بين السلف، كوصية الأول بصلاة الثاني، ووصية الثاني بصلاة صهيب،
ووصية عائشة بصلاة أبي هريرة، ووصية ابن مسعود بصلاة الزبير، ووصية ابن
جبير بصلاة أنس، ووصية أبي شريحة بصلاة زيد بن أرقم، فجاء عمرو بن حريث
أمير الكوفة ليتقدم فاعلمه بوصيته فقدم زيدا. ولأن إيصاءه إليه لظنه فيه مزية،
فلا ينبغي منعه منها.
والفاضل - رحمه الله - قال: الوارث أولى (1). وهو أقرب، للآية والخبر،
ونقل المذكورين ليس حجة، وجاز أن يكون برضى الوارث ونحن لا نمنعه إذا
رضي، بل يستحب له انفاذه مع الأهلية.
الخامسة: لو تساوى الأولياء، قال في المبسوط والخلاف: يقدم الأقرأ
فالأفقه فالأسن (2) وتبعه الفاضلان في المعتبر والتذكرة (3) لعموم قول النبي صلى الله
عليه وآله: (يؤمكم أقرؤكم) (4).
قال في المبسوط - بعد الأسن - فان تساووا أقرع بينهم (5)، قال: والحر أولى
من العبد، والذكر أولى من الأنثى إذا كان ممن يعقل الصلاة (6) وتبعه ابن إدريس
(7). وهو يشعر بان التمييز كاف في الإمامة، كما أفتى به في المبسوط
والخلاف في جماعة اليومية (8).
وابن البراج قال في الابنين بالتخيير، فان تشاحا أقرع، ولم يعتبر أفضلية (9).



(1) تذكرة الفقهاء 1: 46، مختلف الشيعة: 120.
(2) المبسوط 1: 184، الخلاف 1: 720 المسألة: 537.
(3) المعتبر 2: 346، تذكرة الفقهاء 1: 47.
(4) الفقيه 1: 185 ح 880، سنن ابن ماجة 1: 240 ح 726، سنن أبي داود 1: 161 ح 590.
مسند أبي يعلى 4: 231 ح 2343 السنن الكبرى 1: 426.
(5) المبسوط 1: 184.
(6) المبسوط 1: 184.
(7) السرائر: 81.
(8) المبسوط 1: 154، والخلاف 1: 553 المسألة: 295.
(9) المهذب 1: 130.
421
وفي الكامل قيده بالتساوي في العقل والكمال.
ولم نقف على مأخذ ذلك في خصوصية الجنازة، وظاهرهم الحاقها بجماعة
المكتوبة، وهي مرجحة بهذه الأوصاف كلها. ولكن ذكر العبد هنا مشكل، لأنه
لا إرث له فيخرج عن الولاية.
وفي شرائع المحقق قدم الأفقه على الأقرأ (1). وهو متوجه، لأن القراءة هنا
ساقطة، ألا أنه خلاف فتوى الأصحاب بتقديم الأقرأ في الجماعة على الاطلاق (2).
وخلاف فتواه (3)، وفتوى الشيخ في هذه الصورة (4).
فروع ست:
الأول: لو كان الذكر صغيرا والأنثى كاملة، فالأقرب: ان الولاية لها،
لأنه لنقصه كالمعدوم، وكذا لو كان ناقص الحكم بجنون أو عته. ولو لم يكن في
طبقته مكلف، ففي كون الولاية للأبعد أو للحاكم عليه نظر، من عموم آية اولي
الأرحام، والناقص كالمعدوم، وانه أولى بالإرث فلتكن الولاية له يتصرف فيها
الولي.
(ومهما امتنع الولي من الصلاة والاذن، فالأقرب: جواز الجماعة: لاطباق
الناس على صلاة الجنازة جماعة من عهد النبي صلى الله عليه وآله إلى الآن، وهو
يدل على شدة الاهتمام، فلا يزول هذا المهم بترك إذنه. نعم، لو كان هناك حاكم
شرعي كان الأقرب اعتبار إذنه، لعموم ولايته في المناصب الشرعية.
الثاني: لم يتعد الشيخ والجماعة الأسن، ولعل اعتبار الأسن لما روي عنه صلى



(1) شرائع الاسلام 1: 105.
(2) راجع: المقنع: 24 النهاية 111، المراسم: 87، الوسيلة: 105 تذكرة الفقهاء 1: 179.
(3) المعتبر 2: 346.
(4) المبسوط 1: 184، النهاية: 111.
422
الله عليه وآله: (إن الله لا يرد دعوة ذي الشيبة المسلم) (1). وعلى مأخذهم ينبغي
اعتبار جميع مرجحات المكتوبة من قدم الهجرة وصباحة الوجه، وقد صرح به في
التذكرة (2) أخذا بعمومات التراجيح، ويقوى اعتبار هذه المرجحات في نائب
الولي.
ولو لم يكن هناك ولي، قال في التذكرة، يتقدم بعض المؤمنين (3) وكأنه أراد
به مع عدم الحاكم. وذكر ابن الجنيد ثبوت الولاية هنا لقرابة الرسول صلى الله
عليه وآله.
الثالث: لو لم يكن الولي بصفة (4) الإمام استناب، ومع الصلاحية لو
استناب جاز، ولو وجد الأكمل، ففي استحباب الاستنابة قوة، لأن كماله قد
يكون سببا في إجابة دعائه. وجعل المفيد - في العزية - تقديم العالم الفقيه من السنة
إلا أنه بعد الهاشمي.
ويمكن ترجيح مباشرة الولي، لاختصاصه بمزيد الرقة التي هي مظنة
الإجابة.
وليتحر الأفضل.
قال ابن بابويه والشيخان والجعفي وأتباعهم: الهاشمي أولى (5).
وبالغ المفيد رحمه الله فأوجب تقديمه (6). وربما حمل كلامه على إمام



(1) تلخيص الحبير 5: 161.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 47.
(3) تذكرة الفقهاء 1: 47.
(4) في س: بصفات.
(5) الفقيه 1: 102، المقنع: 21، المقنعة: 38، المبسوط 1: 183، النهاية: 143، السرائر: 81،
المعتبر 2: 347، مختلف الشيعة: 120.
(6) المقنعة: 38.
423
الأصل (1) وهو بعيد لأنه قال: وإن حضر رجل من فضلاء بني هاشم (2) وهو
صريح في كل واحد من فضلائهم، ولم أقف على مستنده.
والصدوق عزاه إلى أبيه في رسالته (3). ولم يذكر في التهذيب عليه دليلا.
وفي المعتبر احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: (قدموا قريشا ولا
تقدموها) (4)، ولم نستثبته في روايتنا، مع أنه أعم من المدعى.
وقال ابن الجنيد: ومن لا أحد له، فالأقعد نسبا برسول الله صلى الله عليه
وآله من الحاضرين أولى به. وهو انما يقتضي ثبوت الولاية مع عدم الولي، ويقتضي
تقديم الأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فالأقرب، ولعله إكرام لرسول الله
صلى الله عليه وآله، فكما كان القرب منه أكثر كان أدخل في استحقاق الإكرام.
وليس للنائب الاستنابة بدون الاذن، اقتصارا على المأذون فيه.
الرابع: للولي الرجوع عن الاذن ما لم يشرع فيها، لأنه وكالة في المعنى.
أما بعده، فالأقرب: المنع، لما فيه من اختلال نظم الصلاة. ووجه الجواز: انها
صلاة عن إذنه - الذي هو جائز في الأصل - فيستصحب، وحينئذ يصلون فرادى
إذ لا طريق إلى الإبطال، والعدول إلى إمام آخر بعيد.
الخامس: لو صليت فرادى صحت الصلاة، لأن الصحابة صلى أكثرهم
على النبي صلى الله عليه وآله فرادى (5) ولكن الجماعة أفضل قطعا.
ولا يشترط الكثرة، فلو صلى الواحد أجزأ وان (6) كان امرأة، لأنها فرض



(1) حمله العلامة في مختلف الشيعة: 120.
(2) المقنعة: 38.
(3) الفقيه 1: 120.
(4) المعتبر 2: 347.
والحديث النبوي في: ترتيب مسند الشافعي 2: 194 ح 691، الكامل لابن عدي 5: 1810
مجمع الزوائد 10: 25، كنز العمال 12: 22 ح 33789 - 33791 عن البزار والبيهقي في المعرفة
وغيرهم.
(5) السنن الكبرى 4: 30.
(6) في س: ولو.
424
كفاية، ولرواية القاسم بن عبيد الله القمي عن الصادق (عليه السلام) في جواز
صلاة الرجل وحده على الجنازة أو الاثنين (1).
وقول النبي صلى الله عليه وآله: (صلوا) (2) لا تدل على الجمع، فإن
الخطاب هنا لكل واحد لا للجميع، وإلا لوجبت على عامة الناس، فلا يشترط
الاثنان ولا الثلاثة (3) حينئذ.
واشتراط الأربعة لأنهم الحملة للجنازة (4) غلط، إذ لا تلازم بين عدد الحملة
والمصلين، ولاتفاق على جواز حمل واحد أو الحمل على دابة، على أن الحمل بين
العمودين عند هذا المشترط أفضل، وهو يحصل بثلاثة.
وخبر غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام) عن الباقر (عليه
السلام: (لا صلاة على جنازة معها امرأة) (5) ضعيف السند، ويجوز أن يكون
المنفي الفضل والكمال لا الصحة.
السادس: لو اجتمع جنائز، فتشاح أولياؤهم وأراد كل افراد ميته بصلاة
جاز، والا فالأقرب تقديم أولاهم بالإمامة في المكتوبة: للعموم. وربما أمكن
تقديم ولي من سبق ميته، لأنه استحق الإمامة فيستصحب، وحينئذ لو توافوا
جميعا زالت الخصوصية.



(1) التهذيب 3: 319 ح 990، وفي الكافي 3: 176 ح 1، الفقيه 1: 103 ح 477 عن اليسع بن
عبد الله القمي.
(2) راجع ص 399 الهامش 1، 2، 3.
(3) كما هو مذهب بعض العامة، راجع شرح صحيح مسلم للنووي 4: 281.
(4) اشترطه بعض الشافعية، لاحظ: المجموع 5: 212.
(5) التهذيب 3: 333 ح 1042، الاستبصار 1: 486 ح 1882.
425
النظر الرابع: في الصلاة.
ومطالبه ثلاثة: الأول في واجبها، وفيه مسائل:
الأولى. تجب النية المشتملة على قصد الفعل على وجهه تقربا إلى الله
تعالى، لأنها عبادة وعمل، فتدخل تحت: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين) (1).
و (إنما الأعمال بالنيات) (2) وعن الرضا (عليه السلام): (لا عمل ألا بنية) (3)، ولأن
الفعل إذا أمكن وقوعه على وجوه بعضها غير مراد للشارع لم يحصل الامتياز إلا
بالنية، وإلا لزم الترجيح من غير مرجح.
وهي فعل قلبي لا عمل للسان فيها، لأنها إرادة والإرادة من فعل القلب
ولو جمع بين القلب واللسان جاز، والأقرب: عدم استحبابه، لعدم نقله عن
السلف الصالح. وتخيل أنه زيادة مشقة فيستتبع الثواب: ضعيف، لأن المشقة
المعتبرة هي ما امر به الشارع، والتقدير خلوه عن أمره.
ولتكن مقارنة للتكبير، لأنه حين الاحتياج إلى التمييز والشروع في العبادة.
ويجب استدامتها إلى آخر الفعل، لتقع الأفعال بعدها بنية. وتكفي
الاستدامة الحكمية، تفاديا من لزوم الحرج المنفي لو لزم البقاء عليها فعلا، لما
يعرض من الصوارف والشواغل في القلب. وهذا حكم عام في جميع العبادات.
تفريع:
لا يشترط التعرض لكونها فرض كفاية، بل يكفي نية مطلق الفرض.



(1) سورة البينة: 5.
(2) التهذيب 4: 186 ح 519، مسند أحمد 1: 25، صحيح البخاري 1: 2، صحيح مسلم 3:
1515 ح 1907، سنن أبي داود 2: 262 ح 2201، الجامع الصحيح 4: 1079 ح 2147،
السنن الكبرى 7: 341.
(3) أمالي الطوسي 2: 203.
427
لحصول الامتياز به. ونحتمله، لأن النية لامتياز الشئ على ما هو عليه.
ثم إن كان الميت واحدا نواه، وان كانوا جماعة نواهم. ولا يشترط تعيين
الميت ومعرفته بل يكفي نية منوي الإمام، فلو عين وأخطأ فالأقرب البطلان، لخلو
الواقع عن نية. ولينو المأموم القدوة كما في سائر الجماعات.
الثانية: يجب فيها القيام مع الإمكان اجماعا، بل هو الركن الأظهر، لأن
النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) والصحابة صلوا عليها قياما،
والتأسي واجب وخصوصا في الصلاة، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (صلوا
كما رأيتموني أصلي) (1) ولأن الأصل بعد شغل الذمة عدم البراءة إلا بالقيام
فيتعين. ولو عجز عنه صلى بحسب مكنته، كاليومية.
فرع:
لو وجد من يمكنه القيام، فهو أولى من العاجز. وفي الاجتزاء بصلاة
العاجز حينئذ نظر، من صدق الصلاة الواجبة بالنسبة إليه، ومن نقصها وقدرة
غيره على الكاملة.
الثالثة: الأقرب وجوب ستر العورة مع الامكان، إلحاقا لها بسائر
الصلوات، وبحكم التأسي. ومع التعذر يسقط كاليومية، ولا يبرز عنهم الإمام - لأنه
أقرب إلى الستر - بل يقف وسطهم، قاله الشيخ في النهاية والمبسوط (2) مع أن
مذهبه في جماعة العراة في اليومية الجلوس (3). ويمكن الفرق بالاحتياج إلى
الركوع والسجود هناك.
وقال الفاضل: ليس الستر شرطا في صلاة الجنازة، لأنها دعاء (4).



(1) مسند أحمد 5: 53، السنن الدارمي 1: 286، صحيح البخاري 1: 162، الاحسان بترتيب
صحيح ابن حبان 3: 85 ح 1656، سنن الدارقطني 1: 273، السنن الكبرى 3: 120.
(2) النهاية: 147، المبسوط 1: 186.
(3) النهاية: 119، المبسوط 1: 87.
(4) قواعد الأحكام: 28، نهاية الإحكام 1: 372.
428
قلنا: لا ريب أنها تسمى صلاة وان اشتملت على الدعاء، فتدخل تحت
عموم الصلاة، ويعارض: بوجوب الاستقبال والقيام فيها.
الرابعة: يجب فيها خمس تكبيرات، لخبر زيد بن أرقم: انه كبر على جنازة
خمسا، وقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكبرها، أوردها مسلم وأكثر
المساند (1) ولفظة (كان) تشعر بالدوام. والأربع وان رويت (2) فالاثبات مقدم على
النفي، وجاز أن يكون راوي الأربع لم يسمع الخامسة أو أنسيها.
قال بعض العامة: الزيادة ثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
والاختلافات المنقولة في العدد من جملة الاختلاف في المباح، والكل سائغ (3).
وفي كلام بعض شراح مسلم: انما ترك القول بالخمس لأنه صار علما
لتشيع (4) وهذا عجيب.
وأما الأصحاب فمتفقون على ذلك، وبه أخبار كثيرة، منها.
خبر أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): (إن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) كبر خمسا (5).
وخبر أم سلمة عن الصادق (عليه السلام): ان رسول الله (صلى الله عليه
وآله) كبر خمسا (6).
وخبر قدامة بن زائدة عن أبي جعفر (عليه السلام): (إن رسول الله (صلى



(1) صحيح مسلم 2: 659 ح 957، الجامع الصحيح 3: 343 ح 1023، سنن النسائي 4: 72،
السنن الكبرى 4: 36.
(2) راجع: صحيح البخاري 2: 112، صحيح مسلم 2: 659، سنن النسائي 4: 70، السنن
الكبرى 4: 36.
(3) قاله ابن سريج، لاحظ: المجموع 5: 230، فتح العزيز 5: 167.
(4) لم نجده في شرح النووي ولعله في غيره. وانظر شرح النووي 7: 23 وعمدة القاري 8: 28.
(5) التهذيب 3: 315 ح 977، الاستبصار 1: 474 ح 1833.
(6) الكافي 3: 181 ح 3، الفقيه 1: 100 ح 469، علل الشرائع: 303، التهذيب 3: 189
ح 431.
429
الله عليه وآله) كبر على ابنه إبراهيم خمسا) (1).
وروي ذلك عن علي (عليه السلام) كما مر (2) وعن الباقر (عليه السلام) -
رواه أبو بكر الحضرمي - معللا: بأخذ تكبيرة من كل صلاة من الخمس (3).
قال الصدوق: وروي ان الله تعالى فرض خمسا، الصلاة، والزكاة،
والصوم، والحج، والولاية. وجعل للميت من كل فريضة تكبيرة، وانما تكبر
العامة أربعا لأنهم تركوا الولاية (4).
وروى الخمس عن الصادق (عليه السلام) جماعة، منهم: عبد الله بن
سنان (5) وأبو بصير (6) وكليب الأسدي (7) وأبو ولاد (8) ويونس (9) وعمار (10) وعبد الرحمن
العرزمي (11).
وفي خبر عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (ان هبة الله صلى
على أبيه آدم وكبر خمسا، وأنها سنة جارية في ولده إلى يوم القيامة) (12).
وروى هشام بن سالم عنه (عليه السلام): (كان رسول الله (صلى الله عليه
وآله يكبر على قوم خمسا، وعلى قوم أربعا، فإذا كبر على رجل أربعا أتهم) يعني:



(1) التهذيب 3: 316 ح 979، الاستبصار 1: 474 ح 1835، باختلاف يسير.
(2) تقدم في ص 412 الهامش 5.
(3) المحاسن: 317، الكافي 3: 181 ح 5، الخصال: 280، علل الشرائع: 302، التهذيب
3: 189 ح 430.
(4) علل الشرائع: 304، عيون أخبار الرضا 2: 82.
(5) التهذيب 3: 315 ح 976، الاستبصار 1: 474 ح 1832.
(6) التهذيب 3: 315 ح 978، الاستبصار 1: 474 ح 1834.
(7) التهذيب 3: 315 ح 975: الاستبصار 1: 474 ح 1837.
(8) التهذيب 3: 316 ح 980، الاستبصار 1: 474 ح 1836.
(9) التهذيب 3: 318 ح 987.
(10) التهذيب 3: 330 ح 1034.
(11) التهذيب 3: 194 ح 445، الاستبصار 1: 478 ح 1851.
(12) الفقيه 1: 100 ح 468، التهذيب 3: 330 ح 1033. باختصار في ألفاظ الحديث.
430
بالنفاق (1).
ومثله روى إسماعيل بن همام عن أبي الحسن (عليه السلام) (2).
وروي إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا (عليه السلام): (أما المؤمن
فخمس تكبيرات، وأما المنافق فأربع) (3).
وهذا جمع حسن بين ما رواه العامة لو كانوا يعقلون، وكذا ما روي من
شواذ الأخبار من طريقنا:
مثل: الضعيف بعمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام):
(كبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إحدى عشرة، وسبعا، وخمسا، وستا
وأربعا) (4). قال الشيخ: الزيادة على الخمس منفية بالاجماع (5).
ومثل: خبر عقبة عن الصادق (عليه السلام) وسئل عن التكبير على
الجنائز: (ذاك إلى أهل الميت ما شاؤوا كبروا). فقيل انهم يكبرون أربعا. فقال:
(ذاك إليهم) (6).
مع أن هذين الخبرين ظاهران في التقية، قال الشيخ: ويحتمل ان يريد
بالأربع: الأذكار بين التكبيرات، فإنها أربع كما روى أبو بصير عن الصادق (عليه
السلام) وسئل عن التكبير فقال: (خمس). ثم سئل عن الصلاة على الجنازة،
فقال: (أربع) ثم قال: (إنها خمس تكبيرات بينهن أربع صلوات) (7).
ومما هو ظاهر في التقية خبر زرارة: ان الباقر (عليه السلام) كبر على ابن ابنه



(1) الكافي 3: 181 ح 2، علل الشرائع: 303، التهذيب 3: 197 ح 454، الاستبصار 1:
475 ح 1839.
(2) التهذيب 3: 317 ح 983، الاستبصار 1: 475 ح 1840.
(3) التهذيب 3: 192 ح 439.
(4) التهذيب 3: 316 ح 981، الاستبصار 1: 474 ح 1838.
(5) راجع الهامش السابق.
(6) التهذيب 3: 318 ح 985.
(7) التهذيب 3: 318، الاستبصار 1: 476، ورواية أبي بصير فيهما برقم 986، 1842.
431
أربعا، لقوله: (انما صليت عليه من أجل أهل المدينة، كراهية أن يقولوا لا يصلون
على أطفالهم) (1).
الخامسة: الأقرب وجوب الأذكار الأربعة، لخبر أبي بصير المذكور.
وخبر أم سلمة عن الصادق (عليه السلام): (كان رسول الله (صلى الله
عليه وآله) إذا صلى على ميت كبر وتشهد، ثم كبر فصلى على الأنبياء ودعا، ثم كبر
ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة ودعا للميت، ثم كبر وانصرف. فلما نهاه الله عن
الصلاة على المنافقين، كبر وتشهد، ثم كبر فصلى على النبيين، ثم كبر ودعا
للمؤمنين ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدع للميت) (2).
ورواية إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام)، عن الصادق
(عليه السلام): (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمد الله ومجده بعد الأولى،
ودعا في الثانية للنبي، وفي الثالثة للمؤمنين، وفي الرابعة للميت) (3).
وعن يونس بن يعقوب عنه (عليه السلام): (إنما هو تكبير وتسبيح
وتمجيد (4) وتهليل) (5).
وعن يونس عن الصادق (عليه السلام): (الصلاة على الجنائز: التكبيرة
الأولى استفتاح الصلاة، والثانية الشهادتان، والثالثة الصلاة على النبي وأهل بيته
والثناء على الله، والرابعة له) (6).
وفي خبر سماعة: سألته عن الصلاة على الميت؟ فقال: (خمس تكبيرات



(1) الكافي 3: 206 ح 3، التهذيب 3: 198 ح 457، الاستبصار 1: 479 ح 1856.
(2) الكافي 3: 181 ح 3، الفقيه 1: 100 ح 469، علل الشرائع: 303، التهذيب 3: 189.
ح 431.
(3) التهذيب 3: 317 ح 983، الاستبصار 1: 475 ح 1840.
(4) في جميع المصادر: (وتحميد).
(5) الكافي 3: 178 ح 1، الفقيه 1: 107 ح 495، التهذيب 3: 203 ح 475.
(6) التهذيب 3: 318 ح 987.
432
يقول إذا كبر: أشهد ان لا اله إلا الله)..... إلى آخره (1)، وعن أبي ولاد عن
الصادق (عليه السلام) نحوه (2).
هذا والأصحاب بأجمعهم يذكرون ذلك في كيفية الصلاة: كابني بابويه (3)
والجعفي، والشيخين (4) واتباعهما (5) وابن إدريس (6). ولم يصرح أحد منهم بندب
الأذكار، والمذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب.
فان قلت: قد روى زرارة ومحمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام):
(ليس في الصلاة على الميت قراءة، ولا دعاء موقت، إلا أن تدعو بما بدا لك،
وأحق الأموات أن يدعى له أن يبدأ بالصلاة على رسول الله (صلى الله عليه
وآله) (7). ولهذا قال ابن الجنيد: ليس في الدعاء بين التكبيرات شئ موقت لا
يجوز غيره.
قلت: نحن لا نوقت لفظا بعينه، بل نوجب مدلول ما اشتركت فيه
الروايات بأية عبارة كانت، ولأن الغاية من الصلاة الدعاء للميت فيجب تحصيلا
لها، فيجب الباقي إذ لا قائل بالفرق.
السادسة: روى أبو ولاد عن الصادق (عليه السلام): (تقول إذا كبرت:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. اللهم صلى على محمد وآله محمد.
اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك، وقد قبضت روحه إليك، وقد
احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه. اللهم انا لا نعلم من ظاهره إلا خيرا.



(1) الكافي 3: 182 ح 1، التهذيب 3: 191 ح 435.
(2) الكافي 3: 184 ح 3، التهذيب 3: 191 ح 436.
(3) الفقيه 1: 101، المقنع: 20، الهداية: 25.
(4) المقنعة: 37، النهاية: 145، المبسوط 1: 184.
(5) راجع: المهذب 1: 130، المراسم 79، الغنية: 501، الوسيلة 119، نهاية الإحكام 2:
263.
(6) السرائر: 81.
(7) التهذيب 3: 189 ح 429.
433
وأنت أعلم بسريرته. اللهم إن كان محسنا فضاعف احسانه، وان كان مسيئا
فتجاوز عن إسائته. ثم تكبر الثانية وتفعل ذلك في كل تكبيرة) (1). ونحوه عن
الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (2).
وفي رواية سماعة يقول إذا كبر: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صلى على محمد وآل محمد وعلى أئمة
الهدى، واغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين
آمنوا، ربنا انك رؤوف رحيم. اللهم اغفر لاحيائنا وأمواتنا من المؤمنين والمؤمنات،
وألف بين قلوبنا على قلوب خيارنا، واهدنا لما اختلف فيه من الحق باذنك انك
تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
فان قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرك، فقل: اللهم هذا عبدك وابن
عبدك وابن أمتك، وأنت أعلم به منا (3)، افتقر إليك واستغنيت عنه. اللهم تجاوز
عن سيئاته، وزد في حسناته، واغفر له وارحمه، ونور (4) في قبره، ولقنه حجته،
وألحقه بنبيه، ولا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده. قل هذا حتى تفرغ من الخمس
تكبيرات (5).
وبهذا صدر في الكافي، ثم أسند عن الحلبي وزرارة عن الصادق (عليه
السلام): (يكبر ويصلي عن النبي (صلى الله عليه وآله). ثم ذكر الدعاء للميت
وفيه: (وافسح له في قبره، واجعله من رفقاء محمد) (صلى الله عليه وآله). ثم يكبر
الثانية، ويقول: اللهم إن كان زاكيا فزكه، وان كان خاطئا فاغفر له. ثم يكبر
الثالثة، ويقول: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، ثم يكبر الرابعة، ويقول:



(1) الكافي 3: 184 ح 3،: 191 ح 436.
(2) الكافي 3: 184 ح 4.
(3) ليست في التهذيب، وفي الكافي: (مني).
(4) في المصدرين زيادة: (له).
(5) الكافي 3: 182 ح 1، التهذيب 3: 191 ح 435.
434
اللهم اكتبه عندك في عليين، واخلف له على عقبه في الغابرين، واجعله من رفقاء
محمد (صلى الله عليه وآله) (1).
وعن الحلبي عنه (عليه السلام) بعد كل تكبيرة: التشهد والصلاة والدعاء
للميت، وفيه: (اللهم اسلك بنا وبه سبيل الهدى، واهدنا وإياه إلى (2) صراطك
المستقيم) (3).
وفي رواية عمار عن الصادق (عليه السلام): (يكبر، ويقول: (انا لله وإنا
إليه راجعون. ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليما. اللهم صلى على محمد وآله محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما
صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم صلى على محمد
وعلى أئمة المسلمين. اللهم صلى على محمد وعلى إمام المسلمين، اللهم عبدك
فلان وأنت أعلم به، اللهم ألحقه بنبيه، وافسح له في قبره، ونور له فيه، وصعد
روحه، ولقنه حجته، واجعل ما عندك خيرا له، وأرجعه إلى خير مما كان فيه.
اللهم عندك نحتسبه فلا تحرمنا أجره، لا تفتنا بعده. اللهم عفوك عفوك (4).
تقول هذا في الثانية والثالثة والرابعة، فإذا كبرت الخامسة، فقل: اللهم
صل على محمد وعلى آل محمد. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وألف بين
قلوبهم، وتوفني على ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله). اللهم اغفر لنا ولاخواننا
الذين سبقونا بالايمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم.
اللهم عفوك عفوك) (5).
وهذه الروايات مشتركة في تكرار الدعاء له بين التكبيرات، وفي أكثرها



(1) الكافي 3: 183 ح 2، عن الحلبي عن زرارة عن الصادق (عليه السلام).
(2) ليست في المصدر.
(3) الكافي 3: 184 ح 4.
(4) في المصدر زيادة: (تقول هذا كله في التكبيرة الأولى، ثم تكبر الثانية وتقول: (اللهم عبدك فلان
ألحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله، وافسح له.. تقول هذا في الثانية.....)
(5) التهذيب 3: 330 ح 1034.
435
تكرار جميع الأذكار، وانفردت الأخيرة بالدعاء بعد الخامسة ونحن لا نمنع جوازه،
فإن الدعاء حسن على كل حال.
والمشهور: توزيع الأذكار على ما مر، ونقل فيه الشيخ الإجماع (1)، ولا ريب
أنه كلام الجماعة، إلا ابن أبي عقيل والجعفي، فإنهما أوردا الأذكار الأربعة عقيب
كل تكبيرة وان تخالفا في الألفاظ (2).
قال الفاضل - رحمه الله - كلاهما جائز (3).
قلت: لاشتمال ذلك على الواجب، وزيادة غير منافية مع ورود الروايات
بها، وان كان العمل بالمشهور أولى. ولكن ينبغي مراعاة هذه الألفاظ تيمنا بما ورد
عنهم - عليهم السلام - ولذلك أوردناها.
وليقل أيضا ما ذكره ابن بابويه - بعد الشهادتين -: أرسله بالحق بشيرا
ونذيرا بين يدي الساعة. وفي الدعاء للميت: اللهم اجعله عندك في أعلى عليين،
واخلف على أهله في الغابرين، وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين (4).
وما ذكره المفيد رحمه الله تعالى - بعد التشهد -: (إلها واحدا أحدا، فردا
صمدا، حيا قيوما، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، لا إله إلا الله الواحد القهار، ربنا
ورب آبائنا الأولين. وفي الدعاء للمؤمنين: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات،
والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وأدخل على موتاهم رأفتك
ورحمتك، وعلى أحيائهم بركات سماواتك وأرضك، إنك على كل شئ قدير.
وبعد الخامسة: اللهم عفوك عفوك (5).
السابعة: هذا الدعاء للمؤمنين، واما المستضعف - وهو: الذي لا يعرف



(1) الخلاف 1: 724 المسألة: 543.
(2) مختلف الشيعة: 119.
(3) مختلف الشيعة: 119.
(4) الفقيه 1: 101، المقنع 20، الهداية: 25.
(5) المقنعة: 37.
436
الحق، ولا يعاند فيه، ولا يوالي أحدا بعينه. وقال في العزية: يعرف بالولاء،
ويتوقف عن البراءة - فليقل ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه
السلام): (وإن كان منافقا (1) مستضعفا فكبر وقل: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا
سبيلك، وقهم عذاب الجحيم) (2). وزاد الجعفي إلى آخر الآيات. وفي رواية
محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): (ربنا اغفر) إلى آخر
الآيتين) (3).
قال الصدوق: إن كان المستضعف منك بسبيل، فاستغفر له على وجه
الشفاعة، لا على وجه الولاية (4)، لرواية الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (5). وفي مرسل ابن فضال عنه: (الترحم على جهة الولاية والشفاعة (6).
وان كان مجهولا، قال ما رواه ثابت أبو المقدام: سمعت أبا جعفر (عليه
السلام) يقول على جنازة لقوم من جيرته: (اللهم انك خلقت هذه النفوس،
وأنت تميتها، وأنت تحييها، وأنت أعلم بسرائرها وعلانيتها منا، ومستقرها
ومستودعها، اللهم وهذا عبدك ولا أعلم منه شرا وأنت أعلم به، وقد جئناك
شافعين له بعد موته، فإن كان مستوجبا فشفعنا فيه، واحشره مع من كان
يتولاه) (7).
وقال الصدوق - رحمه الله - يقول: اللهم هذه (8) أنت أحييتها، وأنت



(1) في المصدرين: (واقفا).
(2) الكافي 3: 187 ح 2، التهذيب 3: 196 ح 450
والآية في سورة غافر: 7.
(3) الكافي 3: 186 ح 1، الفقيه 1: 105 ح 489.
والآيتان في سورة غافر: 7 - 8.
(4) الفقيه 1: 106.
(5) الكافي 3: 187 ح 3، الفقيه 1: 106 ح 491.
(6) الكافي 3: 187 ح 4.
(7) الكافي 3: 188 ح 6، التهذيب 3: 196 ح 451.
(8) في المصدر زيادة: النفس.
437
أمتها، اللهم ولها ما تولت واحشرها مع من أحبت) (1).
وروى إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق (عليه السلام) في صلاة
الجنازة: (اللهم أنت خلقت هذه النفس، وأنت أمتها، تعلم سرها وعلانيتها،
أتيناك شافعين فيها فشفعنا، ولها ما تولت، واحشرها مع من أحبت) (2).
وروي عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في المجهول: (اللهم إن
كان يجب الخير وأهله فاغفر له، وارحمه، وتجاوز عنه) (3).
وإن كان طفلا، فليقل ما رواه زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (عليه
السلام): (اللهم اجعله لأبويه ولنا سلفا وفرطا وأجرا) (4). والفرط: الأجر
المتقدم.
وقال المفيد - رحمه الله - يقول: اللهم هذا الطفل كما خلقته قادرا وقبضته
طاهرا، فاجعله لأبويه نورا، وارزقنا أجره، ولا تفتنا بعده (5).
وفي الشرائع: سأل الله أن يجعله مصلحا لحال أبيه، شافعا فيه (6).
وان كان ناصبا، فليقل ما رواه عامر بن السمط عن الصادق (عليه
السلام): ان منافقا مات فخرج الحسين (عليه السلام)، فقال مولى له: أفر من
جنازته. فقال: (قم عن يميني فما تسمعني أقول فقل مثله). فما ان كبر عليه
وليه، قال الحسين: (الله أكبر، اللهم العن عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة.
اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك، وأصله حر نارك، وأذقه أشد عذابك، فإنه
كان يتولى أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك) (7). ونحوه رواية



(1) المقنع: 21.
(2) الكافي 3: 185 ح 6.
(3) الكافي 3: 187 ح 3، الفقيه 1: 105 ح 491.
(4) التهذيب 3: 195 ح 449.
(5) المقنعة: 38.
(6) شرائع الاسلام 1: 107.
(7) الكافي 3: 188 ح 2، التهذيب 3: 197 ح 453.
438
صفوان الجمال عن الصادق (عليه السلام) في القضية بعينها، وقال فيها: فرفع
يده، يعني: الحسين (عليه السلام) (1).
وعن الحلبي عنه (عليه السلام): (اللهم ان فلانا لا نعلم إلا أنه عدو لك
ولرسولك، فاحش قبره نارا، واحش جوفه نارا، وعجله إلى النار، فإنه كان يتولى
أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك (صلى الله عليه وآله). اللهم
ضيق عليه قبره) (2)، وذكر ابن أبي عقيل ان ذلك المنافق سعيد بن العاص، (فإذا
رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه) (3).
وعن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): (إن كان جاحدا للحق
فقل: اللهم إملأ جوفه نارا، وقبره نارا، وسلط عليه الحيات والعقارب) قاله أبي
لامرأة سوء من بني أمية، وزاد: (واجعل الشيطان له قرينا) (4). فسأله محمد بن
مسلم لأي شئ؟ فقال: (تعضضها الحيات، وتلسعها العقارب، والشيطان
يقارنها في قبرها). قال: أو تجد ألم ذلك؟ قال: (نعم شديدا) (5).
وعن الحلبي عن الصادق (عليه السلام)، قال: (لما مات عبد الله بن أبي
قال النبي (صلى الله عليه وآله) لما حضر جنازته: اللهم احش جوفه نارا، واملأ
قبره نارا، وأصله نارا) (6).
قلت: الظاهر أن الدعاء على هذا القسم غير واجب: لأن التكبير عليه
أربع وبها يخرج من الصلاة.
وفي الدعاء للمرأة تقول: اللهم أمتك بنت أمتك، ثم تلحقها علامة



(1) قرب الاسناد: 29، الكافي 3: 189 ح 3، الفقيه 1: 105 ح 490.
(2) الكافي 3: 189 ح 4، الفقيه 1: 105 ح 491.
(3) الكافي 3: 189 ح 4، الفقيه 1: 105 ح 491.
(4) كذا في النسخ الثلاث، وفي المصدر: لها.
(5) الكافي 3: 189 ح 5.
(6) الكافي 3: 188 ح 1، التهذيب 3: 196 ح 452.
439
التأنيث إلى آخر الدعاء.
وللعامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) دعوات في صلاة الميت، ففي
الصحاح رواية عوف بن مالك: (اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه واعف عنه،
وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت
الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله،
وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة وقه فتنة القبر، وعذاب النار) قال عوف:
حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت (1).
وفي الحسان: (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا،
وذكرنا وأنثانا. اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على
الإيمان. اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده) (2).
ومن الحسان رواية واثلة بن الأسقع: (اللهم ان فلان بن فلان في ذمتك
وحبل جوارك، فقه من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق. اللهم
اغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم.
الثامنة: لا تجب فيها الطهارة إجماعا منا، فتجوز للجنب والحائض
والمحدث، لأن الغرض الدعاء وهي غير واجبة فيه. وعليه نبه خبر يونس بن
يعقوب عن الصادق (عليه السلام)، وسأله عن فعلها على غير وضوء فقال:
(نعم، إنما هي: تكبير، وتسبيح، وتمجيد، وتهليل، كما تكبر وتسبح في بيتك على
غير وضوء) (4).
وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله، ومحمد بن مسلم، ومن أخبر عبد الله بن



(1) صحيح مسلم 2: 662 ح 963، سنن النسائي 4: 73، السنن الكبرى 4: 40.
(2) سنن ابن ماجة 1: 480 ح 1498، سنن أبي داود 3: 211 ح 3201 سنن النسائي 4: 74.
(3) سنن ابن ماجة 1: 480 ح 1499، سنن أبي داود 3: 211 ح 3202.
(4) تقدم في ص 432 الهامش 5.
440
المغيرة، جميعا عنه (عليه السلام): جواز صلاة الحائض على الجنازة (1). وكذا
مرسل حريز عنه (عليه السلام) في صلاة الحائض، معللا: بأنه لا ركوع فيها ولا
سجود، وقال: (الجنب يتيمم ويصلي عليها) (2).
وروى سماعة عنه (عليه السلام): تيمم الحائض إذا حضرت الجنازة (3).
نعم، يستحب، لرواية عبد الحميد بن سعد، عن أبي الحسن (عليه
السلام): (تكون على طهر أحب إلي) (4) وخصوصا للإمام، حتى أن ابن الجنيد
قال: لا بأس بالتيمم إلا لإمام ان علم أن خلفه متوضئا، ولا بأس بالصلاة
للمأموم عليها بغير طهارة (5). وكأن نظره إلى إطلاق الخبر بكراهة ائتمام المتوضئ
بالمتيمم، قلنا: ذلك في الصلاة الحقيقية.
التاسعة: لا تجب فيها القراءة باتفاقنا، لرواية ابن مسعود: لم يوقت لنا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صلاة الجنازة قولا ولا قراءة، اختر من طيب
القول ما شئت (6) ولما مر.
وعن إسماعيل الجعفي، عن الباقر (عليه السلام): (ليس في الصلاة على
الميت قراءة) (7).
وفي الأحاديث لم تذكر القراءة إلا في حديثين:
أحدهما: عن علي بن سويد، عن الرضا (عليه السلام) - فيما نعلم -:
(تقرأ في الأولى بأم الكتاب، وفي الثانية تصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)



(1) الكافي 3: 179 ح 3، 4، التهذيب 3: 203 ح 478، 479، 482.
(2) الكافي 3: 179 ح 5، التهذيب 3: 204 ح 480.
(3) الفقيه 1: 107 ح 497، التهذيب 3: 204 ح 481.
(4) الكافي 3: 178 ح 3، التهذيب 3: 203 ح 476.
(5) مختلف الشيعة: 121.
(6) سبل السلام 2: 560، ونحوه في المصنف لابن أبي شيبة 3: 203، السنن الكبرى 4: 36،
المغني 2: 366.
(7) الكافي 3: 185، التهذيب 3: 193 ح 442، الاستبصار 1: 476 ح 1843.
441
وتدعو في الثالثة للمؤمنين، وتدعو في الرابعة لميتك) (1).
قال الشيخ: أول ما فيه أن الراوي شاك في كونه الرضا (عليه السلام)،
وكما يكون شاكا يجوز ان يكون قد وهم في القراءة، ولأنه رواه بطريق آخر عن
الكاظم (عليه السلام)، واضطراب النقل دليل الضعف، ولو صح حمل على
التقية (2).
والثاني: عن عبد الله بن ميمون القداح، عن الصادق (عليه السلام)، عن
أبيه: (ان عليا (عليه السلام) كان إذا صلى على ميت يقرأ بفاتحة الكتاب، ويصلي
على النبي وآله (صلى الله عليهم) (3) وحمله الشيخ أيضا على التقية (4).
فرع:
قال الشيخ في الخلاف: تكره القراءة (5) وكأنه نظر إلى أنه تكلف ما لم يثبت
شرعه. ويمكن أن يقال بعدم الكراهية، لأن القرآن في نفسه حسن ما لم يثبت
النهي عنه، والأخبار خالية عن النهي وغايتها النفي، وكذا كلام الأصحاب. لكن
الشيخ نقل الإجماع بعد ذلك (6) وقد يفهم منه الإجماع على الكراهية، ونحن فلم
نر أحدا ذكر الكراهية فضلا عن الإجماع عليها.
العاشرة: أجمع الأصحاب على سقوط التسليم فيها، وظاهرهم عدم
مشروعيته فضلا عن استحبابه.
قال في الخلاف: ليس فيها تسليم، واحتج عليه بإجماع الفرقة، ونقل عن



(1) التهذيب 3: 193 ح 440، الاستبصار 1: 477 ح 1844.
(2) التهذيب 3: 193 وحديث الكاظم (عليه السلام) فيه برقم 441.
(3) التهذيب 3: 319 ح 988، الاستبصار 1: 477 ح 1845.
(4) راجع الهامش السابق.
(5) الخلاف 1: 723 المسألة: 542.
(6) الخلاف 1: 723 المسألة: 542.
442
العامة التسليم على اختلافهم في كونه فرضا أو سنة (1) وهو يفهم كونه عنده غير
سنة.
وقال ابن الجنيد: ولا استحب التسليم فيها، فإن سلم الإمام فواحدة عن
يمينه (2). وهذا يدل على شرعيته للإمام وعدم استحبابه لغيره، أو على جوازه
للإمام من غير استحباب بخلاف غيره.
واحتج المرتضى بعد الإجماع بأن مبناها على التخفيف، ولهذا حذف منها
الركوع والسجود، فغير منكر أن يحذف التسليم (3).
وقال ابن أبي عقيل: لا تسلم، لأن التسليم في الصلاة التي فيها الركوع
والسجود، ولذلك (4) لا تسليم في صلاة الخوف التي ليس فيها ركوع ولا سجود.
لنا على عدمه في الجملة اطباق الأصحاب على تركه علما وعملا، وخبر
الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (ليس في الصلاة على الميت تسليم) (5).
وعن الحلبي - بطريق آخر - وعن زرارة عن الباقر والصادق (عليهما
السلام): (ليس في الصلاة على الميت تسليم) (6).
وعن إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا (عليه السلام): (لا سلام
فيها) (7). وفي خبر أم سلمة: (ثم كبر وانصرف) (8) ولم تذكر التسليم، وكذا في أكثر
الأخبار.



(1) الخلاف 1: 724 المسألة: 544.
(2) مختلف الشيعة: 119.
(3) الانتصار: 60.
(4) في س: كذلك.
(5) الكافي 3: 185 ح 2، التهذيب 3: 192 ح 437، الاستبصار 1: 477 ح 1846.
(6) الكافي 3: 185 ح 3، التهذيب 3: 192 ح 438، الاستبصار 1: 477 ح 1847.
(7) التهذيب 3: 192 ح 439، الاستبصار 1: 477 ح 1848.
(8) الكافي 3: 181 ح 3، الفقيه 1: 100 ح 469، التهذيب 3: 189 ح 431.
443
وقد أورد في التهذيب التسليم في أربعة أخبار:
مضمر سماعة: (فإذا فرغت سلمت عن يمينك ((1)، وهو يعطي التسليم
مطلقا.
وخبر الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس، عن الصادق (عليه السلام):
(والخامسة يسلم، ويقف مقدار ما بين التكبيرتين، ولا يبرح حتى يحمل السرير
من بين يديه) (2).
وخبر عمار عن الصادق (عليه السلام): سئل عن ميت صلي عليه، ولما
سلم الإمام فإذا الميت مقلوب (3).
وهذان يدلان على تسليم الإمام، والثاني منهما حكاية فعل الإمام إلا أنه لم
يذكر إنكار المعصوم إياه.
وخبر عمار عنه (عليه السلام): سألته عن الصلاة على الميت، فقال:
(تكبر)... إلى قوله: (اللهم عفوك عفوك، وتسلم) (4) وهذا كالأول في إطلاق
التسليم. وهي بأسرها ضعيفة الاسناد، معارضة للمشهور، محمولة على التقية.
واما شرعية التسليم استحبابا أو جوازا، فالكلام فيه كالقراءة إذ الإجماع
المعلوم إنما هو على عدم وجوبه، ومع التقية لا ريب فيه.
الحادية عشرة: يجب فيها استقبال المصلي: إلحاقا لها بسائر الصلوات.
وفي وجوب إزالة الخبث عنه وعن ثوبه نظر، من الأصل وأنها دعاء، وأخفية
الخبث بالنسبة إلى الحدث، ومن ثم صحت الصلاة مع الخبث لا مع بقاء حكم
الحدث. ومن إطلاق التسمية بالصلاة التي يشترط فيها ذلك، وللاحتياط. ولم
أقف في هذا على نص ولا فتوى.



(1) التهذيب 3: 191 ح 435، الاستبصار 1: 478 ح 1849.
(2) التهذيب 3: 318 ح 987.
(3) الكافي 3: 174 ح 2، التهذيب 3: 201 ح 470، الاستبصار 1: 482 ح 1870.
(4) التهذيب 3: 330 ح 1034.
444
ويجب الاستقبال بالميت، بأن يوضع رأسه عن يمين المصلي مستلقيا ورجلاه
إلى يسار المصلي، قال ابن حمزة: بحيث لو اضطجع على يمينه لكان بإزاء القبلة (1)
تأسيا بالنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة - (عليهم السلام)، ولدلالة خبر عمار عن
الصادق (عليه السلام) عليه حيث قال: وسئل عن ميت صلي عليه، فلما سلم
الإمام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه، قال: (يسوى، وتعاد الصلاة
عليه وإن كان قد حمل ما لم يدفن، فان كان قد دفن فقد مضت الصلاة عليه، لا
يصلى عليه وهو مدفون) (2). والأصحاب عاملون بهذه الأحكام كلها.
ويجب أن يكون أمام المصلي بغير تباعد فاحش، ولا يجوز التباعد بمائتي
ذراع. ولو كان خلف المصلي لم يصح عندنا. والحمل على الغائب خطأ على خطأ.
وإنما يجب الاستقبال مع الإمكان، فيسقط لو تعذر من المصلي أو الجنازة،
كالمصلوب الذي يتعذر إنزاله، كما روى أبو هاشم الجعفري عن الرضا (عليه
السلام): (إن كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن، فإن كان قفاه
إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر فإن بين المشرق والمغرب قبلة، وإن كان منكبه
الأيسر إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن، فإن كان منكبه الأيمن إلى القبلة فقم
على منكبه الأيسر، وكيف كان منحرفا فلا تزايلن مناكبه، وليكن وجهك إلى ما
بين المشرق والمغرب، ولا تستقبله ولا تستدبره البتة)..... قال الرضا (عليه
السلام): (أما علمت أن جدي صلى على عمه) (3)، يعني الصادق (عليه السلام)
وزيدا رضي الله عنه.



(1) الوسيلة: 118.
(2) الكافي 3: 174 ح 2، التهذيب 3: 201 ح 470، 323 ح 1004، الاستبصار 1: 483
ح 1870.
(3) الكافي 3: 215 ح 2، عيون أخبار الرضا 1: 255، التهذيب 3: 327 ح 1021.
(4) عيون أخبار الرضا 1: 256.
445
يذكروا مضمونها في كتبهم، إلا أنه ليس لها معارض ولا راد.
وقد قال أبو الصلاح وابن زهرة: يصلى على المصلوب، ولا يستقبل وجهه
الإمام في التوجه (1) فكأنما عاملان بها، وكذا صاحب الجامع الشيخ نجيب الدين
يحيى بن سعيد (2) والفاضل في المختلف قال: ان عمل بها فلا بأس (3).
وابن إدريس نقل عن بعض الأصحاب إن صلي عليه وهو على خشبته
استقبل وجهه وجه المصلي، ويكون هو مستدبر القبلة، ثم حكم بأن الأظهر إنزاله
بعد الثلاثة، والصلاة عليه (4).
قلت: هذا النقل لم نظفر به، وانزاله قد يتعذر كما في قصة زيد (عليه
السلام).
الثانية عشرة: الأجود ترك ما يترك في ذات الركوع، والإبطال بما تبطل به،
خلا ما يتعلق بالحدث والخبث على ما تقدم.
والشاك في عدد تكبيراتها يبني على الأقل، لأنه المتيقن. فلو فعله ثم ذكر
سبقه، فالأقرب: الصحة، بناء على أن التكبير ذكر حسن في نفسه. ويحتمل
البطلان: لأنه ركن زيد. اما زيادة الدعوات فلا تضر قطعا.
ولو صلى قاعدا ناسيا، فالأولى: البطلان أيضا، لركنية القيام. وكذا لو
قعد في بعضها ناسيا إن أتى بالتكبير فيه.



(1) الكافي في الفقه: 157، الغنية: 502.
(2) الجامع للشرائع: 122.
(3) مختلف الشيعة: 120.
(4) السرائر: 34.
446
المطلب الثاني: في سننها.
وفيه مسائل:
الأول: يستحب كثرة المصلين، لرجاء مجاب الدعوة فيهم. وفي الأربعين
بلاغ، ففي الصحاح عن النبي (صلى الله عليه وآله): (ما من مسلم يموت،
فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه) (1).
وروينا عن عمر بن يزيد، عن الصادق (عليه السلام): (إذا مات المؤمن، فحضر
جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا: اللهم إنا لا نعلم إلا خيرا، وأنت أعلم
به منا، قال الله تعالى: قد أجزت شهادتكم، وغفرت له ما عملت مما لا
تعلمون) (2).
والمائة أبلغ، لما في الصحاح عن النبي (صلى الله عليه وآله): (ما من ميت،
يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له، إلا شفعوا فيه) (3).
وأقل الفضل اثنان، لما في الصحاح عنه (صلى الله عليه وآله): (أيما مؤمن
شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة). قلنا: وثلاثة؟ قال: (وثلاثة) قلنا: واثنان؟
قال: (واثنان). ثم لم نسأله عن الواحد (4).
وعنه (صلى الله عليه وآله) من الصحاح: انهم مروا بجنازة فأثنوا عليها
خيرا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (وجبت) ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها
شرا، فقال: (وجبت) فقيل له (صلى الله عليه وآله): ما وجبت؟ فقال: (هذا
أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، المؤمنون



(1) مسند أحمد 1: 277، صحيح مسلم 2: 665 ح 948، سنن أبي داود 3: 203 ح 317.
(2) الكافي 3: 254 ح 14، الفقيه 1: 102 ح 472.
(3) مسند أحمد 6: 32، صحيح مسلم 2: 654 ح 947، الجامع الصحيح 3: 348 ح 1029،
سنن النسائي 4: 75، مسند أبي يعلى 7: 633 ح 4398، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 5:
33 ح 3070.
(4) مسند أحمد 1: 22، صحيح البخاري 3: 222، سنن النسائي 4: 51.
447
شهداء الله في الأرض) (1).
قال الفاضل: وليكونوا ثلاثة صفوف، لما روي عن النبي (صلى الله عليه
وآله): (من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب) (2).
قلت: الخبر عامي، ولكن فضائل الأعمال ربما تثبت بالخبر الضعيف.
ويستحب تسوية الصف (3) كالمكتوبة، لما يأتي إن شاء الله تعالى. وقول
عطاء: بعدم استحباب التسوية هنا (4) مخالف للإجماع.
ووقوف الواحد خلفه وان كان رجلا، لخبر اليسع بن عبد الله القمي عن
الصادق (عليه السلام): (يقوم خلفه، ولا يقوم بجنبه) (5) والظاهر أن المرأتين تقفان
صفا، لظاهر الخبر في صلاتهن على الجنازة (6)، ولأنه أنسب بالستر، وكذلك
العاريان.
وأفضل الصفوف المؤخر، لخبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): (خير الصفوف في الصلاة المقدم، وفي الجنائز
المؤخر لأنه سترة للنساء) (7). وجعل الصدوق سبب الخبر: ترغيب النساء في التأخر
منعا لهن عن الاختلاط بالرجال في الصلاة، كما كن يصلين على عهد النبي (صلى



(1) مسند أحمد 3: 186، صحيح البخاري 2: 121، صحيح مسلم 2: 655 ح 949، سنن ابن
ماجة 1: 478 ح 1491، سنن النسائي 4: 49 مسند أبي يعلى 6: 181 ح 3466.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 49، نهاية الإحكام 2: 266.
وحديث النبي صلى الله عليه وآله في: الجامع الصحيح 3: 347 ح 1028، ونحوه في: سنن ابن
ماجة 1: 478 ح 1490، سنن أبي داود 3: 202 ح 3166، المستدرك على الصحيحين 1:
362.
(3) في س: الصفوف.
(4) المغني 2: 372، الشرح الكبير 6: 348.
(5) الكافي 3: 176 ح 1، الفقيه 1: 103 ح 477، التهذيب 3: 319 ح 990، باختصار في
الألفاظ.
(6) الفقيه 1: 259 ح 1177، التهذيب 3: 206 ح 488، الاستبصار 1: 427 ح 1648.
(7) الكافي 3: 176 ح 3، علل الشرائع 1: 306، التهذيب 3: 319 ح 991.
448
الله عليه وآله) ويتقدمن، وإن كان الحكم بالأفضلية عاما لهن وللرجال (1).
الثانية: يستحب نزع الحذاء، لا الخف، لخبر سيف بن عميرة عن الصادق
(عليه السلام): (لا يصلي على الجنازة بحذاء، ولا بأس بالخف) (2).
قال في المقنع: روي أنه لا يجوز للرجل أن يصلي على جنازة بنعل حذو.
وكان محمد بن الحسن يقول، كيف تجوز صلاة الفريضة به، ولا تجوز صلاة
الجنازة؟ وكان يقول: لا نعرف النهي عن ذلك إلا من رواية محمد بن موسى
الهمداني، وكان كذابا. قال الصدوق: وصدق في ذلك، إلا اني لا أعرف عن
غيره رخصة، وأعرف النهي وان كان عن غير ثقة، ولا يرد الخبر بغير خبر
معارض (3).
قلت، قد روى الكليني عن عدة، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن
مهران، عن سيف بن عميرة، ما قلناه (4). وهذا طريق غير طريق الهمداني، إلا
أن يفرق بين الحذاء ونعل الحذو.
واحتج في المعتبر على استحباب الحفاء - وهو عبارة ابن البراج (5) - بما روي
عن بعض الصحابة ان النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: (من اغبرت قدماه في
سبيل الله حرمهما الله على النار)، ولأنه موضع اتعاظ فناسب التذلل بالحفاء (6).
قلت: استحباب الحفاء يعطي استحباب نزع الخف، والشيخ وابن الجنيد
ويحيى بن سعيد استثنوه (7)، والخبر ناطق به.



(1) الفقيه 1: 106.
(2) الكافي 3: 176 ح 2، التهذيب 3: 206 ح 491.
(3) لم يلاحظ في المقنع، وفي الفقيه 2: 55 / 241 إشارة إلى ضعف محمد بن موسى الهمداني فقط.
(4) راجع الهامش 2.
(5) المهذب 1: 130.
(6) المعتبر 2: 355.
وحديث النبي صلى الله عليه وآله في صحيح البخاري 3: 9، وسنن النسائي 6: 14.
(7) النهاية: 145، المبسوط 1: 184، الجامع للشرائع: 122.
449
وفي التذكرة اختار عدم نزع الخف، واحتج بحجة المعتبر (1) وهو تام لو ذكر
الدليل المخرج للخف عن مدلول الحديث.
الثالثة: ينبغي ان يكون بين الإمام والميت شئ يسير، قاله الشيخ (2).
والجماعة (3) وكأنه للتحرز عن التباعد عنها.
ويستحب ايقاعها في المواضع المعتادة، قاله الأصحاب (4) اما للتبرك بها
لكثرة من صلى فيها، وأما لان السامع بموته يقصدها.
ويكره ايقاعها في المساجد - إلا بمكة - خوفا من التلطيخ، ولرواية أبي بكر
بن عيسى العلوي عن الكاظم (عليه السلام): انه منعه من الصلاة على الجنازة
في المسجد، وقال: (إن الجنائز لا يصلى عليها في المسجد (5) فيحمل على
الكراهة، جمعا بينه وبين خبر الفضل بن عبد الملك عن الصادق (عليه السلام):
وسأله هل يصلى على الميت في المسجد؟ قال: (نعم) (6) ومثله خبر محمد بن مسلم
عن أحدهما (عليهما السلام) (7).
ومسجد مكة استثناه الشيخ في الخلاف من الكراهية، واحتج بالإجماع
عقيب ذكر الكراهية والاستثناء (8).
قلت: لعله لكونها مسجدا بأسرها، كما في حق المعتكف وصلاة العيد.
وقال ابن الجنيد: لا بأس بها في الجوامع (9) وحيث يجتمع الناس على الجنازة



(1) تذكرة الفقهاء 1: 49.
(2) المبسوط 1: 184، النهاية: 144.
(3) راجع: السرائر: 81، المهذب 1: 130.
(4) راجع: الوسيلة: 119، المهذب 1: 130، المعتبر 2: 356، نهاية الإحكام 2: 266.
(5) الكافي 3: 182 ح 1، التهذيب 3: 326، ح 1016، الاستبصار 1: 473 ح 1831.
(6) الفقيه 1: 102 ح 473، التهذيب 3: 320 ح 992، 325 ح 1013، الاستبصار 1: 473
ح 1829.
(7) التهذيب 3: 320 ح 993، 325 ح 1014، الاستبصار 1: 473 ح 1830.
(8) الخلاف 1: 721 المسألة: 538.
(9) في م: الجامع.
450
دون المساجد الصغار.
الرابعة: لا كراهة في فعلها في الأوقات الخمسة في أشهر الأخبار، لأنها
دعاء مجرد، وواجبة، وذات سبب، ولخبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه
السلام): (يصلى على الجنازة في كل ساعة، انها ليست صلاة ركوع ولا سجود،
وإنما تكره عند طلوع الشمس وغروبها، التي فيها الركوع والسجود) (1).
وخبر عبيد الله الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (لا بأس بالصلاة على
الجنازة حين تغيب الشمس وحين تطلع، انما هو استغفار) (2) ويقرب منه خبر جابر
عن الباقر (عليه السلام) (3) وهذه وإن لم يصرح فيها بالخمس فالتعليل يقتضيه.
وخبر محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام): وسأله هل يمنع شئ
من هذه الساعات عن صلاة الجنازة، فقال: (لا) (4).
وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (عليه السلام) بكراهيتها حين
تصفر الشمس وحين تطلع (5) لا يعارض المشهور، والشيخ حمله على التقية (6).
ولو اتفقت في وقت حاضرة، قال المحقق: تخير ما لم يخف على الميت أو يخف
فوت الحاضرة، جمعا بين رواية جابر عن الباقر (عليه السلام): وسأله في الصلاة
على الجنازة في وقت مكتوبة، فقال: (عجل الميت، إلا أن تخاف فوت الفريضة)،
ورواية هارون بن حمزة عن الصادق (عليه السلام): (إذا دخل وقت مكتوبة،
فابدأ بها قبل الصلاة على الميت، إلا أن يكون مبطونا أو نفساء أو نحو ذلك) (7).



(1) الكافي 3: 180 ح 2، التهذيب 3: 321 ح 998، الاستبصار 1: 470 ح 1814.
(2) التهذيب 3: 321 ح 999، الاستبصار 1: 470، ح 1815.
(3) التهذيب 3: 320 ح 995، الاستبصار 1: 469، 1812.
(4) الكافي 3: 180 ح 1، التهذيب 3: 321 ح 997، الاستبصار 1: 469 ح 1813.
(5) التهذيب 1: 321 ح 1000، الاستبصار 1: 470 ح 1816.
(6) راجع الهامش السابق.
(7) المعتبر 2: 360.
ورواية جابر في التهذيب 3: 320 ح 995، الاستبصار 1: 469 ح 1812.
ورواية هارون في التهذيب 3: 320 ح 994.
451
وفي رواية علي بن جعفر عن أخيه (عليهما السلام): (لا صلاة في وقت
صلاة، إذا وجبت الشمس فصل المغرب، ثم صل على الجنائز) (1). فإنه لما
تعارضتا في التقديم انتفت الأولوية، وهو معنى التخيير.
قلت: الأقرب استحباب تقديم المكتوبة ما لم يخف على الميت،
لأفضليتها، وعموم أحاديث أفضلية أول الوقت كما يأتي إن شاء الله، وخبر جابر
ضعيف السند، مع أن الشيخ وابن البراج وابن إدريس على ما قلناه (2).
فرع:
قال في المبسوط: لو تضيقت الحاضرة بدأ بها، إلا أن يخاف ظهور حادثه
في الميت فيبدأ به (3).
وظاهر كلام ابن إدريس أنه مع ضيق الحاضرة تقدم على الإطلاق (4) وقطع
به الفاضل في المختلف (5).
وفيه جوابان:
أحدهما: لعل الشيخ أراد به تضيق أول الوقتين كما هو مذهبه، ويكون
هذا من قبيل الأعذار المسوغة للوقت الثاني.
وثانيهما: يمكن أن يقال تقديم الميت أولى، كمنقذ الغير من الغرق عند
ضيق الوقت وعدم إمكان الإيماء.
هذا إن لم يكن على ذلك اجماع، أو يقال: تقدم الحاضرة لإمكان استدراك



(1) التهذيب 3: 320 ح 996.
(2) النهاية: 146، المهذب 1: 132، السرائر: 81.
(3) المبسوط 1: 185.
(4) السرائر: 81.
(5) مختلف الشيعة: 121.
452
الصلاة على القبر، إلا إنه يشكل بأن زمان فعل الحاضرة يخاف فيه على الميت قبل
الدفن، فيجب تعجيل دفنه خوفا من الحادث ولا يتم إلا بالصلاة، على أنه يمكن
هنا تأخر الصلاة عليه عن الدفن إذا خيف بسببها، فتبقى في الحقيقة المعارضة
بين المكتوبة ودفنه. ومن هذا يعلم حكم تضيقهما معا، وما لو جامعت صلاة
واجبة غير المكتوبة.
الخامسة: الأفضل وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة، لمرسل
عبد الله بن المغيرة عن الصادق (عليه السلام): (قال علي (عليه السلام): من
صلى على امرأة فلا يقوم وسطها، ويكون مما يلي صدرها، وإذا صلى على الرجل
فليقم في وسطه) (1).
وفي خبر موسى بن بكر عن أبي الحسن (عليه السلام): (إذا صليت على
المرأة فقم عند رأسها، وإذا صليت على رجل فقم عند صدره) (2).
قال الشيخ: لا تنافي لأن الشئ يعبر عنه بما يجاوره (3).
وعن عمرو بن شمر عن جابر عن الباقر (عليه السلام): (كان رسول الله
(صلى الله عليه وآله) يقوم من الرجل بحيال السرة، ومن النساء دون ذلك من قبل
الصدر) (4).
وفي الخلاف: يقف عند رأس الرجل وصدر المرأة (5).
وفي الاستبصار عمل على خبر موسى بن بكر (6).



(1) الكافي 3: 176 ح 1، التهذيب 3: 190 ح 433، الاستبصار 1: 471 ح 818.
(2) الكافي 3: 177 ح 2، التهذيب 3: 190 ح 432، 319 ح 989، الاستبصار 1: 470
ح 1817.
(3) التهذيب 3: 190.
(4) التهذيب 3: 190 ح 434، الاستبصار 1: 471 ح 1819.
(5) الخلاف 1: 731 المسألة: 562.
(6) الاستبصار 1: 471.
453
السادسة: لو تعددوا أجزأت الصلاة الواحدة، وعليه دلت رواية عمار (1)
والحلبي عن الصادق (عليه السلام) (2). ومحمد بن مسلم عن أحدهما (3).
ومضمرة سماعة (4).
والتفريق أفضل ولو على كل طائفة، لما فيه من تكرار ذكر الله، وتخصيص
الدعاء الذي هو أبلغ من التعميم، إلا أن يخاف حدوث أمر بالميت فالصلاة
الواحدة أولى.
فيستحب إذا اجتمع الرجل والمرأة محاذاة صدرها لوسطه، ليقف الإمام
موقف الفضيلة، وأن يلي الرجل الإمام، ثم الصبي لست، ثم العبد، ثم الخنثى،
ثم المرأة، ثم الطفل لدون ست، ثم الطفلة.
وجعل ابن الجنيد الخصي (5) بين الرجل والخنثى (6).
ونقل في الخلاف الإجماع على تقديم الصبي الذي تجب عليه الصلاة إلى
الإمام على المرأة، لأن الحسن والحسين (عليهما السلام) صليا على أم كلثوم
أختهما وابنها زيد، وهو مقدم عليها، رواه عمار بن ياسر (7).
وروى ابن بكير مرسلا عن الصادق (عليه السلام): (توضع النساء مما يلي



(1) الكافي 3: 174 ح 2، التهذيب 3: 322 ح 1004، الاستبصار 1: 472 ح 827.
(2) التهذيب 3: 323 ح 1008، الاستبصار 1: 471 ح 1853.
(3) الكافي 3: 175 ح 4، التهذيب 3: 323 ح 1005، الاستبصار 1: 471 ح 1822.
(4) الكافي 3: 175 ح 6، التهذيب 3: 322 ح 1003، الاستبصار 1: 472 ح 1826.
(5) في ط، س: الصبي.
(6) مختلف الشيعة: 121.
(7) الخلاف 1: 722 المسألة: 541.
والرواية في: المصنف لعبد الرزاق 3: 465 ح 6337، المصنف لابن أبي شيبة: 3: 314، سنن
الدارقطني 2: 79، السنن الكبرى 4: 33، عن ابن عمر.
وفي: سنن أبي داود 3: 208 ح 1393، سنن النسائي 4: 71، السنن الكبرى 4: 33، عن
عمار مولى الحرث بن نوفل.
454
القبلة، والصبيان دونهم، والرجال دون ذلك) (1).
وهذان الخبران ليس فيهما تعيين سن الصبي بل الإطلاق، وكذا أطلق
الصدوقان تقديم الصبي إلى الإمام (2) وما قيدنا به: تقييد الخلاف والمبسوط (3) لأن
مراعاة الواجب أولى من الندب، والصلاة على من دون الست ندب. وفي
النهاية: أطلق تقديم الصبي إلى القبلة على المرأة (4). وخبر طلحة الآتي قد يدل
عليه.
ولا خلاف ان الرجل يلي الإمام، إلا من الحسن البصري وابن المسيب (5).
لنا: ما مر، وقد كان في الجنازة الحسنان، وابن عباس، وأبو سعيد، وابن
عمر، وأبو قتادة، وأبو هريرة، وقالوا: هكذا السنة (6). وروى تقديم الرجل إلى
الإمام زرارة والحلبي عن الصادق (عليه السلام) (7)، ومحمد بن مسلم عن الباقر
(عليه السلام) (8). وروى أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن
الصادق (عليه السلام)، قال: (في كتاب علي. تقدم الرجال) (9).
وعن طلحة بن زيد، عنه (عليه السلام): ان عليا (عليه السلام) قدم
المرأة وأخر الرجل، وقدم العبد واخر الحر، وقدم الصغير وأخر الكبير (10).
قلت: المراد به التقديم إلى القبلة.



(1) الكافي 3: 175 ح 5، التهذيب 3: 323 ح 1007، الاستبصار 1: 472 ح 1824.
(2) الفقيه 1: 107، المقنع: 21، مختلف الشيعة: 121.
(3) المبسوط 1: 184، الخلاف 1: 722 المسألة: 541.
(4) النهاية: 144.
(5) المجموع 5: 228.
(6) راجع ص 368 الهامش 7، وفي بعضها لم يورد اسم الحسنان عليهما السلام.
(7) التهذيب 3: 323 ح 1006. الاستبصار 1: 471 ح 1823.
(8) الكافي 3: 174 ح 1، التهذيب 3: 321 ح 1001، الاستبصار 1: 471 ح 1820.
(9) الكافي 3: 175 ح 6، التهذيب 3: 322 ح 1003، الاستبصار 1: 472 ح 1826.
الكافي 3: 175 ح 3، الفقيه 1: 106 ح 492 ح، التهذيب 3: 322 ح 1002، الاستبصار 1.
471 ح 1821.
455
وإنما جعلناه مستحبا جمعا بين ما سبق، وبين صحيح هشام بن سالم، عن
الصادق (عليه السلام): (لا بأس ان يقدم الرجل وتؤخر المرأة، ويؤخر الرجل
وتقدم المرأة يعني في الصلاة على الميت (1).
وعن عبيد الله الحلبي، سألته عن الرجل والمرأة كيف يصلى عليهما؟ قال:
(يكون الرجل بين يدي المرأة مما يلي القبلة، ويكون رأس المرأة عند وركيه) (2)،
والظاهر أنه الإمام، وهو دليل الجواز.
تفريع:
ظاهر خبر طلحة أن الأسن مقدم إلى الإمام، لدلالة الصغر والكبر عليه،
وهو الذي فهمه يحيى بن سعيد رحمه الله (2)، فعلى هذا، متى اجتمع حران، أو
عبدان، أو حرتان، أو أمتان، أو صبيان، قدمنا أسنهما إلى الإمام. ويمكن أن
يراد بالصغر دون البلوغ.
والأقرب: أن الحرة مقدمة على الأمة، لفحوى الحر والعبد. أما الحرة
والعبد، فتعارض فيه فحوى الرجل والمرأة والحر والعبد، لكن الأشهر تغليب
جانب الذكورية، فيقدم العبد إلى الإمام.
السابعة: لو اجتمع الرجال صفوا مدرجا، يجعل رأس الثاني إلى ألية الأول
وهكذا، ثم يقوم الإمام في الوسط. ولو كان معهم نساء جعل رأس المرأة الأولى
إلى ألية الرجل الأخير، ثم الثانية إلى الأولى وهكذا، ثم يقوم وسط الرجال ويصلي
عليهم صلاة واحدة. روى ذلك كله عمار عن الصادق (عليه السلام) (4).



(1) الفقيه 1: 106 ح 493، التهذيب 3: 324 ح 1009، الاستبصار 1: 473 ح 1828.
(2) التهذيب 3: 323 ح 1008، الاستبصار 1: 472 ح 1825.
(3) الجامع للشرائع: 123.
(4) الكافي 3: 174 ح 2، وفي التهذيب 3: 322 ح 1004 باختلاف أشار إليه البحراني في الحدائق
الناضرة 10: 439.
456
وقال في التذكرة: يقدم الأفضل إلى الإمام، كما يقدم أفضل المأمومين إلى
الصف الأول، ولأنه نوع تعظيم فالأفضل أولى به، مع حكمه قبل ذلك
بالتدريج (1)، وهو مدفوع باطلاق النص والأصحاب.
تفريع:
لا فرق في التدريج إذا كان المجتمعون صنفا واحدا بين صف الرجال
والنساء، والأحرار والعبيد، والإماء والأطفال. والظاهر: أنه يجعلهم صفين
كتراص البناء، لئلا يلزم الانحراف عن القبلة، وإن كان ظاهر الرواية أنه صف
واحد.
والأقرب: جواز الجمع بين من يجب عليه ومن يستحب وإن اختلفا في
الوجه، لإطلاق الأخبار في ذلك. فحينئذ يمكن الاكتفاء بنية الوجوب، لزيادة
الندب تأكيدا. ويمكن أن ينوي الوجهان معا بالتوزيع - قاله في التذكرة (2) - لعدم
التنافي، لاختلاف الاعتبارين. ويشكل: بأنه فعل واحد من مكلف واحد،
فكيف يقع على وجهين؟!.
الثامنة: الإجماع على استحباب رفع اليدين في التكبير الأول. وهل
يستحب في الباقي؟ الأكثر على نفيه، وهو مروي من فعل علي (عليه السلام)
بطريق غياث بن إبراهيم، وإسماعيل بن إسحاق، عن الصادق (عليه السلام)،
حيث قال: (كان علي (عليه السلام) يرفع يديه في أول التكبير، ثم يعود حتى
ينصرف) (3).
وظاهر كتابي الأخبار - وهو اختيار المعتبر (4) - استحبابه في الكل (5).



(1) تذكرة الفقهاء 1: 50.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 50.
(3) التهذيب 3: 194 ح 443، 444، الاستبصار 1: 478 ح 1853، 1854.
(4) المعتبر 2: 356.
(5) راجع: التهذيب 3: 194، الاستبصار 1: 479.
457
وقد رواه عبد الرحمن العرزمي (1) وعبد الله بن خالد (2) من فعل الصادق
(عليه السلام). ورواه يونس عن أمر الرضا (عليه السلام)، وقال له: إن الناس
يرفعون في الأولى لا غير، فقال: (إرفع يدك في كل تكبيرة) (3). وهذه الطرق وإن
ضعف بعضها، إلا أنها مشهورة بين الأصحاب.
وقال في المعتبر: ما دل على الزيادة أولى. ولأن رفع اليدين مراد لله في أول
التكبير، وهو دليل الرجحان، فيشرع في الباقي تحصيلا للأرجحية. ولأنه فعل
مستحب، فجاز أن يفعل مرة ويخل به أخرى، فلذلك اختلفت الروايات (4).
قلت: رواية النقيصة تدل على نفي الزائد صريحا، فهما متعارضتان في
الإثبات. والثاني مرغوب عنه. والثالث لا بأس به لولا أن (كان) تشعر بالدوام.
ولو حملت رواية عدم الرفع على التقية - كما قال الشيخ (5) - أمكن، لأن
بعض العامة يرى ذلك (6). وبالجملة الخروج عن جمهور الأصحاب بخبر الواحد
فيه ما فيه.
التاسعة: لا يستحب دعاء الاستفتاح عندنا، ولا التعوذ، ولا تكبيرات
ست قبلها: لبنائها على التخفيف، ولما مر من صفتها.
والأقرب: استحباب الجهر بالتكبير للإمام ليعلم من خلفه، ولأن كثيرا من
الرواة حكى عدد التكبير من فعل النبي والأئمة، وهو لا يحصل غالبا إلا بسماعه
فيتأسى بهم.
وقال الفاضلان باستحباب السر في الدعاء، سواء فعلت ليلا أو نهارا، لأنه



(1) التهذيب 3: 194 ح 445، الاستبصار 1: 478 ح 1851.
(2) التهذيب 3: 195 ح 447، الاستبصار 1: 478 ح 1850، عن: محمد بن عبد الله بن خالد.
(3) الكافي 3: 184 ح 5، التهذيب 3: 195 ح 446، الاستبصار 1: 478 ح 1852.
(4) المعتبر 2: 356.
(5) التهذيب 3: 195.
(6) كالثوري وأصحاب الرأي، راجع المجموع 5: 332.
458
أبعد من الرياء فيكون أقرب إلى الإجابة (1)، ولرواية أبي همام عن الرضا (عليه
السلام): (دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية) (2).



(1) المعتبر 2: 351، تذكرة الفقهاء 1: 50.
(2) الكافي 2: 345.
459
المطلب الثالث: في اللواحق
وفيه مسائل:
الأولى: لا يتحمل الإمام هنا عن المأموم شيئا من الأذكار، لأن المتحمل
إنما هو القراءة ولا قراءة هنا، ولأن الغرض كثرة الداعين.
الثانية: يجوز الدخول في أثنائها ولو كان بين تكبيرتين، لعموم شرعية
الائتمام، ونقل الشيخ فيه الإجماع (1)، ولا ينتظر تكبيرة الإمام، ولا نسلم ان
التكبيرة تساوي الركعة ليتوقف الدخول عليها، ووجوب قضاء باقيها بعد الفراغ
لا يدل على مساواة الركعة.
فيحنئذ يأتي بالباقي بعد فراغ الإمام على الأشهر، لعموم قول النبي (صلى
الله عليه وآله): (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا) (2). ولرواية العيص عن
الصادق (عليه السلام) في الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة: (يتم ما
بقي) (3). ولرواية زيد الشحام عن الصادق (عليه السلام) فيمن فاته تكبيرة
فصاعدا: يتم ما فاته (4).
وفي رواية إسحاق بن عمار، عن الصادق (عليه السلام)، عن أبيه: (أن
عليا (عليه السلام) كان يقول: لا يقضى ما سبق من تكبير الجنائز) (5). وحمله
الشيخ على القضاء الخاص، وهو القضاء مشفوعا بالدعاء لا القضاء المتتابع (6).



(1) الخلاف 1: 725 المسألة: 547.
(2) المصنف لعبد الرزاق 2: 287 ح 3399، مسند أحمد 2: 27، سنن أبي داود 1: 156 ح 572،
سنن النسائي 2: 114، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3: 291 ح 2142، السنن
الكبرى 2: 297.
(3) التهذيب 3: 199 ح 461، الاستبصار 1: 481 ح 1861.
(4) التهذيب 3: 200 ح 464، الاستبصار 1: 481 ح 1863.
(5) التهذيب 3: 200 ح 465، الاستبصار 1: 481 ح 1864.
(6) التهذيب 3: 200.
461
قلت: يريد به نفي وجوب الدعاء لحصوله من السابقين ولأنه موضع
ضرورة، لا نفي جوازه لدلالة ما يأتي عليه، بل يمكن وجوبه مع الاختيار، لعموم
أدلة الوجوب، وعموم قول النبي (صلى الله عليه وآله): (وما فاتكم فاقضوا) (1).
فحينئذ تحمل رواية إسحاق على غير المتمكن من الدعاء بتعجيل رفعها، وعليه
يحمل قول الصادق (عليه السلام) في رواية الحلبي: (فليقض ما بقي متتابعا) (2).
ولو رفعت أتم وهي محمولة، ولو ماشيا إلى سمت القبلة، ولو عند القبر،
أو عليه بعد الدفن، لقول الباقر (عليه السلام) في رواية القلانسي عن رجل، عنه
(عليه السلام)، في الرجل يدرك مع الإمام في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين، فقال:
(يتم التكبير وهو يمشي معها، فإذا لم يدرك التكبير كبر عند القبر، فان أدركهم وقد
دفن كبر على القبر) (3). وهذا يشعر بالاشتغال بالدعاء، إذ لو والى لم يبلغ الحال إلى
الدفن.
الثالثة: لو سبق المأموم بتكبيرة فصاعدا متعمدا أثم وأجزأ. ولو كان ناسيا
أو ظانا. فلا إثم وأعادها معه، ليدرك فضل الجماعة. وفي إعادة العامة تردد، من
حيث المساواة لليومية في عدم إعادة العامة، ولأنها أركان (4) زيادتها كنقصانها،
ومن أنها ذكر لله تعالى فلا تبطل الصلاة بتكرره.
ولو تخلف عن الإمام عمدا، حتى سبقه بتكبيرة فصاعدا، فالوجه: أنها لا
تبطل ويأتي بالفائت بعد الفراغ، لأصالة الصحة، وعدم وجوب أصل الاقتداء،
وكما لو تعمد التأخر بركن في اليومية، وان أثم. ويمكن البطلان، لأن الاقتداء في
الجنازة أثره في المتابعة في التكبير، وهذا تخلف فاحش. اما لو كان التخلف سهوا
لم يؤثر، لعدم مؤاخذة الساهي.



(1) تقدم في ص 461 الهامش 2.
(2) التهذيب 3: 200 ح 463، الاستبصار 482 ح 1865.
(3) التهذيب 3: 200 ح 462، الاستبصار 1: 481 ح 1862.
(4) في م 7 ط: أذكار.
462
الرابعة: لو حضرت جنازة أخرى في أثناء الصلاة، قال الصدوقان
والشيخ: يتخير في الإتمام على الأولى ثم يستأنف أخرى على الثانية، وفي إبطال
الأولى واستئناف الصلاة عليهما (1) لأن في كل من الطريقين تحصيل الصلاة،
ولرواية علي بن جعفر عن أخيه (عليهما السلام) في قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو
تكبيرتين ووضعت معها أخرى، قال: (إن شاؤوا تركوا الأولى حتى يفرغوا من
التكبير على الأخيرة، وإن شاؤوا رفعوا الأولى وأتموا التكبير على الأخيرة، كل ذلك
لا بأس به) (1).
والرواية قاصرة عن إفادة المدعى، إذ ظاهرها ان ما بقي من تكبير الأولى
محسوب للجنازتين، فإذا فرغ من تكبير الأولى تخيروا بين تركها بحالها حتى يكملوا
التكبير على الأخيرة، وبين رفعها من مكانها والإتمام على الأخيرة، وليس في هذا
دلالة على إبطال الصلاة على الأولى بوجه، هذا مع تحريم قطع العبادة الواجبة.
نعم، لو خيف على الجنائز قطعت الصلاة ثم استأنف عليها، لأنه قطع لضرورة.
إلا أن مضمون الرواية يشكل بعدم تناول النية أولا للثانية، فكيف يصرف
باقي التكبير إليها مع توقف العمل على النية؟ إلا أن يقال: يكفي إحداث نية من
الآن لتشريك باقي التكبير على الجنازتين، وهو يتم إذا قلنا أن محل النية الثانية لم
يفت ما بقي التكبير، لأن الواجب خمس تكبيرات على الجنازة بأذكارها
المخصوصة، وقد حصل هنا. فحينئذ إن قلنا بجمع الأذكار مع كل تكبيرة فلا
بحث، وإلا فالأولى الجمع بين وظيفة التكبير بالنسبة إلى الجنازتين فصاعدا. وابن الجنيد يجوز للإمام جمعهما إلى أن يتم على الثانية خمسا، وإن شاء أن
يومئ إلى أهل الأولى ليأخذوها ويتم على الثانية خمسا، وهو أشد طباقا للرواية.
وقد تأول الشيخ رواية جابر عن الباقر (عليه السلام): (إن رسول الله



(1) الفقيه 1: 102، المقنع: 21، المبسوط 1: 185.
(2) الكافي 3: 190 ح 1.
463
(صلى الله عليه وآله) كبر إحدى عشرة وسبعا وستا) (1) بالحمل على حضور جنازة
ثانية، فيبتدئ من حين انتهى خمسا، وهكذا (2).
الخامسة: يستحب ملازمة الإمام مكانه حتى ترفع الجنازة على أيدي
الرجال، قاله الأصحاب (3) وهو مروي بطريق حفص بن غياث عن الصادق
(عليه السلام) عن أبيه: (أن عليا (عليه السلام) كان إذا صلى على جنازة، لم يبرح
من مصلاه حتى يراها على أيدي الرجال) (4).
قلت: هذا مخصوص بالإمام فغيره لا يستحب له ذلك، كما قاله ابن
الجنيد.
السادسة: تضمن خبر أم سلمة الصلاة على الأنبياء من فعل النبي (صلى
الله عليه وآله) (5) فيحمل على الاستحباب، للأصل الدال على عدم الوجوب،
وخلو أكثر الأخبار منه. نعم، تجب الصلاة على آل محمد إذا صلي عليه كما تضمنته
الأخبار.
السابعة: تجوز الصلاة على الميت ليلا ودفنه فيه، لعموم الأخبار الدالة على
تعجيله، ولقول النبي (صلى الله عليه وآله): (لا ألفين رجلا منكم مات له ميت
ليلا فانتظر به الصبح، ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل) (6) وهذا يدل
على مساواة الليل للنهار.
وفي المبسوط: النهار أفضل، إلا أن يخاف على الميت (7) ولعله ليكثر اجتماع
الناس عليه.



(1) التهذيب 3: 316 ح 981، الاستبصار 1: 474 ح 1838.
(2) التهذيب 3: 316.
(3) راجع: المقنعة: 38، المبسوط: 185، المهذب 1: 131، شرائع الاسلام 1: 107.
(4) التهذيب 3: 195 ح 448.
(5) الكافي 3: 181 ح 3، الفقيه 1: 100 ح 469، التهذيب 3: 189 ح 431.
(6) الكافي 3: 137 ح 1، الفقيه 1: 85، ح 389، التهذيب 1: 427 ح 1359.
(7) المبسوط 1: 184.
464
الثامنة: لو زاد في التكبير متعمدا لم تبطل، لأنه خرج بالخامسة من الصلاة
فكانت زيادة خارجة من الصلاة. ولو قلنا باستحباب التسليم فكذلك، لأنه لا
يعد جزء منها.
ثم إن اعتقد شرعيته فهو آثم، وإلا فلا. ولو زاد في الأثناء معتقدا شرعيته
أثم أيضا، والأقرب: عدم البطلان، لما سبق في المأموم.
ولو زاد الإمام على المقدر لم يتابعه المأموم بل ينصرف، لأنه غير معتد به في
الاقتداء.
وقال ابن الجنيد: ان كان الإمام الأكبر هو المكبر فالواجب اتباعه، زاد على
الخمس أو نقص.
قلت: الظاهر أنه أراد به المعصوم، والتأسي به واجب، أما في النقيصة
فلعل الميت من أهلها، وأما في الزيادة فكما مر من فعل النبي وعلي (عليهما
السلام) (1)



(1) تقدم في ص 412 الهامش 4، 5.
465
/ 1