كشف اللثام (ط.ج) (جزء 9) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

كشف اللثام (ط.ج) (جزء 9) - نسخه متنی

محمد بن حسین فاضل هندی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: كشف اللثام (ط.ج)
المؤلف: الفاضل الهندي
الجزء: 9
الوفاة: 1137
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:
859
كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الإصفهاني
المعروف ب‍ (الفاضل الهندي)
1062 - 1137 ه‍
الجزء التاسع
تحقيق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

1
شابك 5 - 144 - 470 - 964
- - - - - - - - - - - - - -
ISBN 964 - 470 - 144 - 5
كشف اللثام عن قواعد الأحكام
(ج 9)
تأليف: محمد بن الحسن الإصفهاني «الفاضل الهندي» قدس سره
الموضوع: الفقه
تحقيق وطبع: مؤسسة النشر الإسلامي
عدد الصفحات: 568 صفحة
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1500 نسخة
التاريخ: 1423 ه‍. ق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

2
كتاب الأيمان وتوابعها

3
بسم الله الرحمن الرحيم
(كتاب الأيمان وتوابعها)
(وفيه مقاصد) ثلاثة:
(الأول في الأيمان)
(وفيه فصول) أربعة:
(الأول في حقيقتها)
(اليمين) في عرف الشرع (عبارة) أي لفظ ينبئ (عن تحقيق ما يمكن
فيه الخلاف) ماضيا أو مستقبلا، وتثبيته وتبعيده عن احتمال الخلاف (بذكر
اسم) من أسماء (الله تعالى أو) صفة من (صفاته) والاختصاص بأسمائه
وصفاته للنهي عن الحلف بغيرها، ويخرج يمين اللغو والمناشدة عن التحقيق،
والمقصود هنا ما يتعلق بالمستقبل، ويجوز كون المعرف هو التحقيق بمعنى التلفظ
بما يبعد عن احتمال الخلاف. ويقال: إنها مأخوذة من اليد اليمنى، لأنهم كانوا
يتصافقون بأيمانهم إذا تحالفوا.

5
(وإنما ينعقد) عندنا (بالله تعالى) للأصل والأخبار (1) إما بذاته من غير
تعبير باسم من أسمائه المختصة أو المشتركة، بل بصفة تختص به (كقوله: ومقلب
القلوب) فقد روي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان كثيرا ما يحلف بهذه اليمين (والذي نفسي
بيده (2)) فعن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا اجتهد في اليمين
قال: لا والذي نفس أبي القاسم بيده (3) وفي بعضها نفس محمد بيده (4) (والذي
فلق الحبة وبرأ النسمة) كما روي عن علي (عليه السلام) (5). والذي اصلي له وأصوم،
ونحو ذلك.
(أو بأسمائه المختصة به كقوله: والله، والرحمن والقديم والأزلي
والأول الذي ليس قبله شيء) والحي الذي لا يموت، ورب العالمين ومالك
يوم الدين ونحو ذلك.
(أو بأسمائه التي ينصرف إطلاقها إليه، وإن أمكن فيها المشاركة
كقوله: والرب والخالق والرازق) لقولهم: رب الدار وخالق الافك ورازق الجند
ونحو ذلك.
(وكل ذلك ينعقد به) اليمين (مع القصد لا بدونه) بنحو قوله تعالى: " لا
يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " (6).
(ولا ينعقد بما لا ينصرف الإطلاق) فيه (إليه كالموجود والحي
والبصير والسميع) والرحيم والكريم والقادر (وإن نوى بها الحلف) به تعالى
(لسقوط الحرمة) من هذه الألفاظ (بالمشاركة) وعدم كفاية النية. وعقدها
أبو علي بالسميع والبصير لادعائه اختصاصهما به تعالى (7). ويحتمل كلامه العدم.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 141 ب 15 من أبواب الأيمان.
(2) عوالي اللآلي: ج 3 ص 305 ح 111.
(3) سنن البيهقي: ج 10 ص 26.
(4) صحيح البخاري: ج 8 ص 160.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 101 ص 147.
(6) البقرة: 225.
(7) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 142.
6
(ولو قال: وقدرة الله أو) و (علم الله) ونحوهما (فإن قصد) بها
(المعاني) التي يعتقد الأشاعرة زيادتها على الذات أو مقدوراته أو معلوماته
(لم ينعقد) لأنه حلف بغيره تعالى (وإن قصد كونه قادرا عالما انعقدت)
للانصراف إلى الذات، فإنها امور ينتزعها العقل من الذات، وليس في نفس الأمر
إلا الذات، ولأنها أيمان في العرف وإن غايرت الذات وداخلة في الحلف بالله وإن
لم يقصد عين الذات بل الامور المنتزعة، إذ لا يتعين الحلف به تعالى للحلف (1) بذاته،
مع مشاركتها للذات في الحرمة، وربما تحرم (2) الذات فلا يقسم بها بل بما يتعلق بها.
(ولو قال: وجلال الله وعظمة الله وكبرياء الله ولعمر الله) وإن ورد النهي
عنه في بعض الأخبار (واقسم بالله أو أحلف بالله أو حلفت بالله أو أشهد
بالله انعقدت) إلا أن ينوي الإخبار بهذه الأفعال. وفي الخلاف (3) الإجماع في
لعمر الله، وهو ظاهر المبسوط فيه وفي الحلف بجلال الله وعظمته وكبريائه، وفيه
الانعقاد باشهد بالله (4) وفي الخلاف (5) والسرائر (6) العدم، لأن لفظة الشهادة لا
تسمى يمينا في اللغة، وهو ممنوع، بل يستعمل فيها لغة وثبت شرعا في اللعان.
(ولو قال: اقسم أو أحلف أو أقسمت أو حلفت أو أشهد مجردا أو
قال: وحق الله على الأقوى) وفاقا للخلاف (7) والسرائر (8) (أو اعزم بالله أو
حلف بالطلاق أو العتاق أو التحريم) للزوجة أو غيرها (أو الظهار، أو
بالمخلوقات المشرفة كالنبي والأئمة أو الكعبة أو القرآن أو حلف
بالأبوين أو بشيء من الكواكب أو بالبراءة من الله تعالى أو من
رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد الأئمة على رأي) وفاقا للأكثر (أو قال: هو يهودي



(1) كذا، والظاهر: في الحلف.
(2) في ن: يحترم.
(3) الخلاف: ج 6 ص 125 المسألة 15.
(4) المبسوط: ج 6 ص 197.
(5) الخلاف: ج 6 ص 128 المسألة 19.
(6) السرائر: ج 3 ص 48.
(7) الخلاف: ج 6 ص 125 المسألة 16.
(8) السرائر: ج 3 ص 48.
7
أو مشرك أو عبدي حر إن كان كذا أو أيمان البيعة تلزمني) - وهي بفتح
الباء إما البيعة التي كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو إشارة إلى أيمان رتبها
الحجاج مشتملة على الطلاق والعتاق والصدقة ومؤكدات كثيرة للإحلاف بها،
فلما طال عليهم ذلك اجتزؤوا عنها بهذه اللفظة. وقد يقال بكسر الباء، ويؤيده ما
في النهاية (1) من اقتران " الكنيسة " بها أي الأيمان التي يحلف بها النصارى أو
اليهود في بيعهم أو كنائسهم - أو يا هناه، أو لا أب شانئك (لم ينعقد).
أما الأفعال فلخلوها عن المقسم به، وقال الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني: إذا قال
الرجل: أقسمت أو حلفت فليس بشيء حتى يقول: أقسمت بالله أو حلفت بالله (2).
وأما قول: " حق الله " فللأصل، ولأن حقوق الله هي الأمر والنهي والعبادات،
والحلف بها حلف بغير الله، وعقد به الشافعية (3) لكونه يمينا بالعرف، قال في
الخلاف: وهذا غير مسلم (4). وعن بعض العامة أن حق الله هو القرآن (5) لقوله
تعالى: " إنه لحق اليقين " (6) وفي المبسوط الانعقاد به، لقضاء العرف العام به (7) وهو
خيرة التحرير (8) والمختلف (9) وهو المختار إن أراد الحق الذي هو الله، ولو أطلق
فالأقرب الانعقاد.
وأما نحو أعزم بالله فلأنه لم يرد قسما إلا للطلب، كأن يقول: عزمت عليك لما
فعلت كذا.
وأما الطلاق والعتاق والتحريم والظهار فلأنها ليست من ألفاظ اليمين في
شيء عادة ولا شرعا. وفي الصحيح عن منصور بن حازم قال: قال أبو



(1) النهاية: ج 3 ص 41.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 142 ب 15 من أبواب الأيمان ح 3.
(3) المجموع: ج 18 ص 23.
(4) الخلاف: ج 6 ص 126 المسألة 16.
(5) لم نعثر عليه ونقله عن بعض العامة في الخلاف: ج 6 ص 126 المسألة 16.
(6) الحاقة: 51.
(7) المبسوط: ج 6 ص 199.
(8) تحرير الأحكام: ج 2 ص 97 س 5.
(9) مختلف الشيعة: ج 8 ص 170.
8
عبد الله (عليه السلام): أما سمعت بطارق أن طارقا كان نخاسا بالمدينة فأتى أبا جعفر (عليه السلام)
فقال: يا أبا جعفر إني هالك إني حلفت بالطلاق والعتاق والنذر، فقال له: يا طارق
هذه من خطوات الشيطان (1). وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خبر السكوني: كل يمين
فيها كفارة إلا ما كان من طلاق أو عتاق أو عهد أو ميثاق (2). وعن الصادق (عليه السلام):
من حرم على نفسه الحلال فليأته فلا شيء عليه (3).
وأما الحلف بالمخلوقات فللأصل والنهي عنه في الأخبار، ففي الحسن عن
محمد بن مسلم أنه سأل الباقر (عليه السلام) عن قوله تعالى: " والليل إذا يغشى " و " النجم
إذا هوى " وما أشبه ذلك، فقال: إن لله أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن
يقسموا إلا به (4). وكذا في الصحيح عن علي بن مهزيار عن الجواد (عليه السلام) (5).
وأما بالبراءة فللأصل مع انتفاء صيغة القسم والإجماع كما يظهر من
الخلاف (6). لكن جماعة ألزموا الكفارة بالحنث بها وهو يؤذن بالانعقاد، ويمكن أن
لا يريدوه. وصحيح الصفار " أنه كتب إلى العسكري (عليه السلام): رجل حلف بالبراءة من
الله عز وجل ومن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحنث ما توبته وكفارته؟ فوقع (عليه السلام): يطعم عشرة
مساكين لكل مسكين مد وليستغفر الله عز وجل " (7) ليس لفظ الحنث فيه إلا من
كلام السائل.
وأما نحو هو يهودي أو مشرك فلمثل ذلك، ولخبر إسحاق بن عمار سأل
الكاظم (عليه السلام) رجل قال: هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا وكذا، فقال: بئس ما



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 139 ب 14 من أبواب الأيمان ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 140 ب 14 من أبواب الأيمان ح 7.
(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 98 ح 315.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 160 ب 30 من أبواب الأيمان ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 159 ب 30 من أبواب الأيمان ح 1.
(6) الخلاف: ج 6 ص 112 المسألة 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 126 ب 7 من أبواب الأيمان ح 3.
9
قال! وليس عليه شيء (1). وخبر أبي بصير سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقول: هو
يهودي أو هو نصراني إن لم يفعل كذا وكذا، قال: ليس بشيء (2).
وأما أيمان البيعة فإنما هي كناية إما عن أيمان باطلة أو حقة، وعلى كل
فليست من لفظ اليمين في شيء، والأصل البراءة.
وأما يا هناه أو لا أب لشانئك فلأنهما ليسا من ألفاظ القسم في شيء، وإنما
كانوا في الجاهلية يكنون بهما عن القسم. وفي صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام):
وأما قول الرجل لا بل شانئك فإنه من قول الجاهلية، ولو حلف الناس بهذا وشبهه
ترك أن يحلف بالله، وأما قول الرجل يا هناه ويا هناه فإنما ذلك طلب الاسم ولا
أرى به بأسا، وأما لعمر الله وأيم الله فإنما هو بالله (3). وعن سماعة عنه (عليه السلام): لا أرى
للرجل أن يحلف إلا بالله، وقال: قول الرجل حين يقول: لا بل شانئك فإنما هو من
قول الجاهلية، ولو حلف الناس بهذا وشبهه ترك أن يحلف بالله (4).
وقولهم: لا بل " شانئك " مخفف " لا أب لشانئك " وقد ظهر من الخبرين النهي
عن قول " بل شانئك " ومن الأول أنه لا بأس بقول " يا هناه " لكونه لطلب الاسم
دون الحلف، وهو لا يعطي انعقاد اليمين به.
وكذا قال أبو علي: إنه لا بأس بقولهم " يا هناه ويا هناه " لأنه لطلب الاسم (5).
وفي حديث أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام): أنه لا بأس به (6) وهو لا يفيد ذهابه إلى
انعقاد اليمين بذلك.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 168 ب 34 من أبواب الأيمان ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 169 ب 34 من أبواب الأيمان ح 3.
(3) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 278 ح 1010، وسائل الشيعة: ج 16 ص 160 ب 30 من أبواب
الأيمان ح 4 وفيه: " لأب لشانئك " بدل " لا بل شانئك ".
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 160 ب 30 من أبواب الأيمان ح 5.
(5) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 169.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 160 ب 30 من أبواب الأيمان ح 4 وذيله.
10
(وحروف القسم الباء والتاء والواو).
(ولو خفض) المقسم به (ونوى) القسم (من دون حرف) بأن يقول:
" الله " بالكسر (انعقد) يمينا وفاقا للمحقق (1) وما يعطيه كلام المبسوط (2)
لموافقته للعرف واللغة، خلافا للخلاف (3) استنادا بالأصل وانتفاء حرف القسم
(وكذا لو قال: ها الله) بإثبات ألف " ها " أو حذفها مع وصل همزة " الله "
وقطعها فهي أربع صور، و " ها " عوض عن الجار المحذوف. (أو أيمن الله) بفتح
الهمزة فضم الميم، أو بالكسر فالضم، أو بفتحها، أو بالكسر فالفتح، والأكثر على أنه
اسم من اليمن أو اليمين، وقيل: إنه جمع يمين، وقيل: إنه حرف. (أو أيم الله)
بفتح الهمزة فضم الميم، أو بالكسر فالضم، أو بكسرتين. أو " هيم " بفتح الهاء
المبدلة من الهمزة، أو " أم الله " بكسرتين، أو فتحتين، أو بالفتح فالضم، أو بالفتح
فالكسر، أو بالكسر فالضم، أو بالكسر فالفتح. (أو من الله) مثلث الحرفين. أو
" من ربي " بضم الميم أو كسرها وسكون النون. (أو م الله) مثلث الميم.
(ولو قال في أقسمت أو اقسم) ونحوهما: (أردت الإخبار أو العزم)
على إنشاء القسم (قبل منه) لاحتماله احتمالا ظاهرا في اللغة والعرف وافتقار
الانعقاد إلى النية وأصل البراءة، وعن بعض العامة (4) لا يقبل.
(والاستثناء بمشيئة الله تعالى) جائز، ومن العامة (5) من أوجبه؛ لظاهر
الآية، و (يوقف اليمين) ولا يرفعها، وإنما يؤثر فيها (بشرطين: الاتصال)
بحيث لا يخرج الكلام عن الاتحاد عرفا (والنطق، فإذا اتصل) حقيقة (أو
انفصل بما جرت العادة به) في الكلام الواحد (كالتنفس والسعال) والعي
والتذكر (أثر).



(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 171.
(2) المبسوط: ج 6 ص 196.
(3) الخلاف: ج 6 ص 127 المسألة 18.
(4) المجموع: ج 18 ص 36.
(5) الحاوي الكبير: ج 15 ص 282.
11
(ولو تراخى عن ذلك لم يؤثر وكان لاغيا) للخروج عن العادة، ولأنه
لو أثر مطلقا لم يتحقق حنث إلا في واجب أو مندوب أو مع الغفلة عنه رأسا؛ لجواز
أن يستثنى إذا شاء أن يحنث، وما في الأخبار (1) من الاستثناء إذا ذكر مطلقا أو إلى
أربعين يوما أو شهر أو سنة، فلا يدل على التأثير مع التأخير. وعن ابن عباس في
رواية: إن له الاستثناء أبدا، وفي اخرى إلى حين أي سنة (2). وحمل على نحو ما
يحمل عليه الأخبار من أن له ثواب الاستثناء إذا نسيه ثم استثنى إذا ذكره وإن لم
يوقف اليمين. وعن الحسن وعطا: إن له ذلك ما دام في المجلس (3).
(وكذا يقع لاغيا لو نواه من غير نطق به) وفاقا للمبسوط (4)
والسرائر (5). وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام): إذا حلف سرا فليستثن سرا،
وإن حلف علانية فليستثن علانية (6). وفي بعض الكتب عن الباقر (عليه السلام): إذا حرك
بها لسانه أجزأ وإن لم يجهر، وإن جهر به إن كان جهر باليمين فهو أفضل (7).
والأقوى ما في المختلف (8) من الاكتفاء بالنية؛ لما عرفت من اعتبار النية في
انعقاد اليمين، فإذا لم ينو فعل المقسم عليه إلا معلقا بالمشيئة فلم ينو الحلف عليه
مطلقا فلم ينعقد إلا معلقا بها.
(ولابد من القصد للاستثناء) دون التبرك ونحوه (حالة إيقاعه) أي
الاستثناء (لا حالة اليمين) فإنه مع الاتصال نية ونطقا يؤثر، ولا دليل على
اشتراط نيته عند ابتداء اليمين، وفيه تردد.
(فلو قصد الجزم وسبق لسانه إلى الاستثناء من غير قصد إليه) ولا



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 157 ب 29 من أبواب الأيمان.
(2) الحاوي الكبير: ج 15 ص 282.
(3) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 228.
(4) المبسوط: ج 6 ص 200.
(5) السرائر: ج 3 ص 41.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 155 ب 25 من أبواب الأيمان ح 2.
(7) دعائم الإسلام: ج 2 ص 97 ح 309.
(8) مختلف الشيعة: ج 8 ص 170.
12
حين التلفظ به (كان لاغيا، ولو لم ينو) الاستثناء (حالة اليمين بل حين
فراغه منها وقت نطقه به أثر).
(ويصح الاستثناء بالمشيئة في كل الأيمان المنعقدة) نفيا أو إثباتا
(فيوقفها) على المشيئة وإن لم يفسد الانحلال في الواجب والمندوب لتعلق
المشيئة بهما قطعا كما سيأتي.
(ولو قال:) والله (لأشربن اليوم إلا أن يشاء الله أو لا أشرب إلا أن
يشاء الله لم يحنث بالشرب ولا بتركه) فيهما (كما في الإثبات) بأن يقول:
" إن شاء الله " أي كما أنه يوقف اليمين فلا يحنث بالفعل ولا بالترك لمنعه من
الانعقاد، فكذا بصيغة الاستثناء لاتحاد المعنى. وقد يقال هنا بالحنث بالترك في
الأول والفعل في الثاني؛ لاشتراطه الحل، وهو فعل خلاف المحلوف عليه، وهو
الترك في الأول والشرب في الثاني بالمشيئة، فما لم يعلم تحققها لم يجز له خلاف
المحلوف عليه، بخلاف الإثبات فإنه يتضمن اشتراط العقد - أي فعل المحلوف
عليه - بالمشيئة. ويدفعه أن المباحات يتساوى فعلها وتركها في تعلق مشيئة الله
ووقوع كل منهما كاشف عن التعلق، نعم يفترق الحال في التعليق بمشيئة غيره
تعالى كما سيأتي.
(ولا فرق) في الإيقاف (بين تقديم الاستثناء) على المحلوف عليه
(مثل والله إن شاء الله لا أشرب اليوم وبين تأخيره).
(وضابط التعليق بمشيئة الله أن المحلوف عليه إن كان واجبا أو
مندوبا انعقدت) اليمين ولم يوقفها التعليق، لأنهما مما شاء الله قطعا إلا على
رأي الأشعري (وإلا فلا) تنعقد؛ لما عرفت من تساوي طرفي المباح في مشيئته
تعالى، وعليه ينزل إطلاق الأصحاب والأخبار (1) كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من حلف على



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 157 ب 28 من أبواب الأيمان.
13
يمين فقال: إن شاء الله لم يحنث " (1). وقول أمير المؤمنين (عليه السلام): " من استثنى في
يمين فلا حنث عليه ولا كفارة " (2) مع احتمال الأول التبرك، وإن من يتبرك بذلك
في يمينه وفق للوفاء. وقيل (3) بعدم الفرق؛ لعموم النص والفتوى، وهو بعيد من
حيث الاعتبار.
(ولو) علق العقد بمشيئة غيره تعالى، كأن (قال: والله لأشربن اليوم إن
شاء زيد فشاء زيد لزمه الشرب، فإن تركه حتى مضى اليوم حنث وإن لم
يشأ زيد لم يلزمه يمين. وكذا لو لم يعلم مشيئته بموت أو جنون أو غيبة)
لكونها شرط الانعقاد، فما لم يتحقق لم يعلم الانعقاد.
(ولو) علق الحل بمشيئة غيره كأن (قال: والله لا أشرب إلا أن يشاء
زيد فقد منع نفسه الشرب إلا أن يوجد مشيئة زيد، فإن شاء فله الشرب)
لوجود شرط الانحلال (وإن لم يشأ لم) يجز له أن (يشرب) لفقد شرط الحل
(و) كذا (إن جهلت مشيئته لغيبة أو موت أو جنون لم يشرب) لعدم العلم
بوجود شرط الحل (وإن شرب) في صورتي الجهل والعلم بالعدم (حنث،
لأنه منع نفسه، إلا أن توجد المشيئة فليس له الشرب قبل) تحقق
(وجودها).
(ولو قال: والله لأشربن إلا أن يشاء زيد فقد ألزم نفسه الشرب إلا أن
يشاء زيد أن لا يشرب) لا إلا أن يشاء أن يشرب (لأن الاستثناء
والمستثنى منه متضادان، والمستثنى منه إيجاب لشربه بيمينه) فالاستثناء
نفي له، فكأنه قال: ولا أشرب إن شاء زيد، والمتبادر منه مشيئته لعدم الشرب



(1) سنن البيهقي: ج 10 ص 46 مع اختلاف.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 157 ب 28 من أبواب الأيمان ح 1.
(3) الروضة البهية: ج 3 ص 53.
14
(فإن شرب قبل) تحقق (مشيئة زيد) لعدم الشرب (بر).
(وإن قال زيد: قد شئت أن لا تشرب انحلت، لأنها معلقة بعدم
مشيئته لترك الشرب ولم تنعدم فلم يوجد شرطها) في الانعقاد.
(وإن قال: قد شئت أن تشرب أو ما شئت أن لا تشرب لم تنحل) بل
عليه الشرب، فإن لم يشرب حنث (لأن هذه المشيئة غير المستثناة، فإن
خفيت مشيئته لزمه الشرب) أيضا (لأنه علق) لزوم (الشرب بعدم
المشيئة وهي معدومة بحكم الأصل) فانعقدت، وتحقق الحنث بالترك، هذا
على ظاهر الكلام من تعلق المشيئة بعدم الشرب.
(والتحقيق أنه إن قصد بقوله) أي استثنائه: (إلا أن يشاء زيد أن لا
أشرب) أو مفعول القصد أن لا أشرب (فالحكم ما تقدم، وإن قصد إلا أن
يشاء زيد أن أشرب فالحكم بضد ما تقدم و) قبل منه ذلك لاحتمال الكلام،
لأن (التضاد ثابت هنا أيضا) فإنه في قوة ولا أشرب إن شاء زيد أن أشرب،
وكما أن حرف الاستثناء قرينة على كون مفعول المشيئة عدم الشرب يصلح قوله:
" لأشربن " قرينة على كونه الشرب.
(وإن جهل الأمران) أي القصدان (احتمل) الحمل على (ما تقدم)
لأنه الظاهر (و) احتمل (البطلان) للاحتمال المفضي إلى جهل الاستثناء
الموقف لليمين.
(ولو قال: والله لا أشرب إن شاء زيد فقال) زيد: (فقد شئت أن لا
تشرب فشرب حنث) إلا أن يقول: أردت إن شاء أن أشرب فيقبل منه ويدين
بنيته (وإن شرب قبل مشيئته لم يحنث، لأن الامتناع من الشرب تعلق
بمشيئته ولم تثبت مشيئته فلم يثبت) لزوم (الامتناع) وبالجملة فهذا تعليق
للعقد بالمشيئة وما تقدم للحل.

15
(ولا يدخل الاستثناء) بالمشيئة (في غير اليمين) من طلاق أو عتاق
أو نذر، بمعنى أنه لم يوقف شيئا من ذلك بل تقع لاغيا، لخروجها بالنص (1)
والإجماع كما في السرائر (2) وهو أحد قولي الشيخ (3) وقوله الآخر (4) دخوله في
جميع ذلك. والأولى ما في المختلف (5) من اتحاد القولين وكونهما بمعنى البطلان
مع الاستثناء؛ لاشتراط النية فيها، فإذا لم ينوها إلا معلقة بالمشيئة لم يقع، لعدم
التنجيز والجهل بالشرط. وهو قوي إن لم يتجدد له نية التعليق بعد الإيقاع (وفي
دخوله في الإقرار) وإبطاله له (إشكال، أقربه عدم الدخول) وفاقا لأحد
قولي الشيخ (6) والمحقق (7) لأنه إنكار بعد الإقرار. ووجه الخلاف اتحاد الكلام
وأصل البراءة، وهو خيرة المختلف (8).
(الفصل الثاني في الحالف)
(ويشترط فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد) أي كونه ممن يصح
منه القصد إلى شيء (والنية) وهو القصد إلى الحلف والمحلوف عليه.
(فلو حلف الصغير أو المجنون أو المكره أو السكران أو الغضبان
إذا) غضب بحيث (لم يملك نفسه لم ينعقد) لانتفاء البلوغ في الأول، والعقل
في الثاني، والاختيار في الثالث، والقصد في الباقين. وعن عبد الله بن سنان قال:
قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يمين في غضب ولا في قطيعة رحم ولا في جبر ولا في
إكراه، قال: قلت: أصلحك الله فما فرق بين الإكراه والجبر؟ قال: الجبر من السلطان



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 138 ب 14 من أبواب الأيمان.
(2) السرائر: ج 3 ص 42.
(3) الخلاف: ج 6 ص 132 المسألة 26.
(4) الخلاف: ج 4 ص 483 المسألة 53.
(5) مختلف الشيعة: ج 8 ص 143.
(6) المبسوط: ج 3 ص 22.
(7) شرائع الإسلام: ج 3 ص 143.
(8) مختلف الشيعة: ج 8 ص 143.
16
ويكون الإكراه من الزوجة والأب والأم وليس ذلك بشيء (1).
(ولو حلف من غير نية لم تنعقد) عندنا (سواء كان بصريح أو
كناية) فإنما الأعمال بالنيات. وقال الرضا (عليه السلام) لإسماعيل بن سعد في
الصحيح (2) ولصفوان بن يحيى في الحسن؛ اليمين على الضمير (3) ولقوله تعالى: " لا
يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " (4) (و) هذه (هي يمين اللغو) لقول
الصادق (عليه السلام) لأبي بصير: هو لا والله وبلى والله (5). ولمسعدة بن صدقة: اللغو قول
الرجل: لا والله وبلى والله ولا يعقد على شيء (6). ولأبي الصباح: هو لا والله وبلى
والله وكلا والله لا يعقد عليها أو لا يعقد على شيء (7). وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لغو اليمين
قول الرجل في كلامه: كلا والله بلى والله لا والله (8). وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه مر بقوم
ينتصلون ومعه رجل من الصحابة فرمى رجل من القوم، فقال: أصبت والله ثم
أخطأ، فقال الصحابي: حنث الرجل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقال: كلا أيمان الرماة
لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة (9). وللعامة قول بأنها اليمين على ما ظن أنه كذلك
وأخطأ ظنه وآخر بأنها على المعصية، وآخر بأنها المكفرة لإسقاط الكفارة لها
وإلغاءها إياها، وآخر بأنها قول الرجل أعمى الله بصري وأهلك مالي فيدعو على
نفسه وآخر بأنها يمين الغضبان (10). ويجوز عود الضمير في كلام المصنف إلى جملة



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 143 ب 16 من أبواب الأيمان ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 149 ب 21 من أبواب الأيمان ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 150 ب 21 من أبواب الأيمان ح 2.
(4) البقرة: 225.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 145 ب 17 من أبواب الأيمان ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 144 ب 17 من أبواب الأيمان ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 145 ب 17 من أبواب الأيمان ح 5.
(8) سنن البيهقي: ج 10 ص 49.
(9) تفسير الطبري: ج 2 ص 245.
(10) راجع الدر المنثور: ج 1 ص 269 ذيل الآية 225 من سورة البقرة.
17
ما ذكره من الأيمان؛ لعموم الآية، واحتمال الأخبار التمثيل مع ضعفها. وللعامة (1)
خلاف في انعقاد اليمين بلا نية إذا كان بالصريح (وينعقد بالقصد) إذا كان
بالصريح عندنا وبالكناية أيضا عند العامة (2).
(ولا ينعقد يمين ولد مع) وجود (والده إلا مع إذنه، ولا المرأة مع
زوجها إلا بإذنه، ولا المملوك مع مولاه إلا بإذنه) كما هو المتبادر من نحو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)
في صحيح (3) منصور بن حازم وحسنته (4)؛ لا يمين لولد مع والده، ولا المرأة مع
زوجها، ولا المملوك مع سيده (وذلك فيما عدا فعل الواجب وترك القبيح، أما
فيهما فينعقد من دون إذنهم) كما نص عليه الأكثر، وفيه أن النص مطلق، ولا
ينافي وجوب الواجب وحرمة القبيح توقف انعقاد اليمين فيهما على الإذن.
(ولو قيل بانعقاد أيمانهم) بدون الإذن كما في ظاهر الأكثر حيث ذكروا
أن لأوليائهم حل أيمانهم (كان وجها) لعموم ما دل على وجوب الوفاء باليمين
وانعقادها، والنفي الوارد في الأخبار إنما يراد به نفي حكمها، فإن من المعلوم
تحقق حقيقة اليمين إذا حلفوا، والحمل على نفي حقيقتها في الشرع يوجب النقل
الذي يخالف الأصل، والحكم كما يحتمل الانعقاد يحتمل الاستمرار والحنث
والتكفير، وكما خصوها بانتفاء الإذن يجوز تخصيصها بالنهي.
(نعم لهم الحل في الوقت) الموقت به اليمين (مع بقاء الوالد والزوجية
والعبودية، فلو مات الأب أو طلقت الزوجة) مثلا (أو أعتق المملوك)
قبل حلهم (وجب عليهم الوفاء مع بقاء الوقت) فإنا وإن لم نشترط في صدق
المشتق بقاء المبدأ، لكن اتفقنا على عدم اشتراط الإذن في ابتداء اليمين بعد الفراق
أو العتاق، فكذا في استدامتها.



(1) المجموع: ج 18 ص 8.
(2) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 184.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 129 ب 11 من أبواب الأيمان ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 128 ب 10 من أبواب الأيمان ح 2.
18
(وكل موضع يثبت لهم الحل لا كفارة معه على الحالف) وإلا لم يكن
لنفيها معنى (ولا عليهم) للأصل.
(ولو أذن أحدهم في اليمين انعقدت إجماعا ولم يجز لهم) بعد الإذن
(المنع من الإتيان بمقتضاها) لأن حكمها ثبت لها مع الإذن لتحقق الشرط
وانتفاء المانع فيستصحب.
(وهل للمولى) بعد انعقاد يمين المملوك وإجازته أو تعلق اليمين بواجب
(المنع من الأداء في الموسع أو المطلق في أول أوقات الإمكان إشكال)
من أن التخيير في الواجب المخير في الأوقات إلى المكلف، ومن عدم التعين
وتعلق حق المولى بمنافعه، وكذا الإشكال فيما وجب على الزوجة موسعا أو
مطلقا مما يمنع الاشتغال به عن الاستمتاع.
(ولو قال الحالف) بالصريح (لم أقصد) اليمين (قبل منه ودين بنيته)
فإنه لا يعلم إلا من قبله، والأصل البراءة (ويأثم مع الكذب) في قوله.
(ويصح اليمين من الكافر على رأي) وفاقا للأكثر؛ لعموم خطابي الشرع
والوضع له، ولابد من التخصيص بمن يعرف الله كما في المختلف (1) ليصح النية.
وفي الخلاف (2) والسرائر (3)؛ إنها لا تصح من الكافر بالله، وهو المحكي عن
القاضي (4) وهو لا يخالف الأول إلا إذا بقي (5) على إطلاقه أو عمم الكافر بالله
لأصناف الكفار.
(فإن) حلف و (أطلق وأسلم لم يسقط الفعل) للأصل، واختصاص
جب الإسلام بما قبله، وهو مستمر إلى ما بعده، مع أن المتبادر منه جبه للإثم قبله



(1) مختلف الشيعة: ج 8 ص 150.
(2) الخلاف: ج 6 ص 116 - 117 المسألة 9.
(3) السرائر: ج 2 ص 48.
(4) الحاكي هو فخر المحققين في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 11.
(5) في ق و ن: " أبقى ".
19
(وكذا إن قيده بوقت وأسلم قبل فواته) ويظهر السقوط من الخلاف (1) لجب
الإسلام ما قبله (فإن حنث) في الإسلام أو قبله (وجبت الكفارة) لأنه قضية
الصحة، لكن لا يصح منه ما لم يسلم لاشتراط القربة فيها، وتردد المحقق (2) في
صحتها منه.
(ولو أسلم بعد فوات الوقت ولم يكن قد فعله) كان قد (حنث
ووجبت) عليه (الكفارة لكنها تسقط بإسلامه) لأنه جب ما قبله من الحنث.
(الفصل الثالث في متعلق اليمين)
(وفيه مطالب) ثمانية:
(الأول في متعلق اليمين بقول مطلق)
(إنما ينعقد اليمين على فعل الواجب أو المندوب أو المباح إذا
تساوى فعله وتركه في المصالح الدينية أو الدنيوية أو كان فعله أرجح)
في المصالح الدينية أو الدنيوية (أو على ترك الحرام أو المكروه أو المرجوح
في الدين والدنيا من المباح) والإتيان بالواو هنا وفي السابق ب‍ " أو " يعطي أنه
يكفي في انعقاد اليمين على الفعل الرجحان أو التساوي دنيا أو دينا وإن كان
مرجوحا في الآخر، ولا ينعقد على الترك إلا إذا كان مرجوحا فيهما، والفرق غير
ظاهر، بل إما المراد بالواو " أو " أو العكس، أو المراد في الأول التساوي في الدين
خاصة تساوي في الدنيا أو رجح أو في الدنيا خاصة تساوي في الدين أو رجح،
بأن لا يراد التساوي في أحدهما والمرجوحية في الآخر، وفي الثاني المرجوحية
فيهما جميعا أو بالتفريق، أو المراد أن المناط في انعقاد اليمين على الفعل هو



(1) الخلاف: ج 6 ص 116 - 117 المسألة 9.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 172.
20
التساوي أو الرجحان في أحدهما، وعلى الترك هو المرجوحية في أحدهما وإن
اشترط في الأول أن لا يكون مرجوحا في الآخر (فإن خالف) اليمين في أحد
هذه (أثم وكفر).
ومما يدل على الانعقاد على المباح - مع العمومات واتفاق الأصحاب كما
يظهر منهم - قول الباقر (عليه السلام) في صحيح زرارة: وما لم يكن عليك واجبا أن تفعله
فحلفت أن لا تفعله ثم فعلته فعليك الكفارة (1).
وخبر أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله: سأله ما اليمين الذي
يجب فيها الكفارة؟ فقال: الكفارة في الذي يحلف على المتاع أن لا يبيعه ولا
يشتريه ثم يبدو له فيه فيكفر عن يمينه (2).
وخبر عيسى بن عطية قال للباقر (عليه السلام): إني آليت أن لا أشرب من لبن عنزي
ولا آكل من لحمها فبعتها وعندي من أولادها، فقال: لا تشرب من لبنها ولا تأكل
من لحمها فإنها منها (3).
وقوله تعالى: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك
والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " (4) مع ما ورد في الأخبار من
كونها يمينا وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كفر عنها (5).
وقول الرضا (عليه السلام) في صحيح البزنطي: إن أبي صلوات الله عليه كان حلف على
بعض أمهات أولاده أن لا يسافر بها، فإن سافر بها فعليه أن يعتق نسمة تبلغ مائة
دينار فأخرجها معه وأمرني فاشتريت نسمة بمائة دينار فأعتقها (6) وهو وإن



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 153 ب 24 من أبواب الأيمان، ذيل الحديث 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 154 ب 24 من أبواب الأيمان ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 171 ب 37 من أبواب الأيمان ح 1.
(4) التحريم: 1 و 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 169 - 170 ب 35 من أبواب الأيمان ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 154 ب 24 من أبواب الأيمان ح 6.
21
احتمل أن يكون الحلف فيه هو أنه إن سافر فعليه العتق، لكن الظاهر خلافه.
والظاهر أنه لو لم يكن ينعقد لما حلف.
وأما نحو قول الصادقين - صلوات الله عليهما - لحمران: ما حلفت عليه مما لله
فيه طاعة أن تفعله، [ولم تفعله] فعليك فيه الكفارة، وما حلفت عليه مما لله فيه
المعصية، فكفارته تركه، وما لم يكن فيه معصية ولا طاعة، فليس بشيء (1).
وقول الصادق (عليه السلام) لزرارة: ما حلفت عليه مما فيه البر، فعليك الكفارة إذا لم
تف به، وما حلفت عليه مما فيه المعصية فليس عليك فيه الكفارة إذا رجعت عنه،
وما كان سوى ذلك مما ليس فيه بر ولا معصية، فليس بشيء (2).
فيمكن أن يقال: إذا انعقدت اليمين على شيء كان فيه البر والطاعة لله، فمعنى
هذه الأخبار أنه لا يتحقق يمين على شيء لا يكون فيه بر ولا معصية، فإنه إن
تساوى أو يرجح الفعل أو الترك دينا أو دنيا، فإذا حلف عليه انعقدت اليمين
ووجب الوفاء به، فكان فيه البر والطاعة.
وأما قول الصادق (عليه السلام) في خبري ابن سنان وأبي الربيع: لا يجوز يمين في
تحليل حرام، ولا تحريم حلال، ولا قطيعة رحم (3) فمع الضعف يمكن حمله على
ما الأولى فيه الخلاف وعلى ما يعم الكراهة، كما يرشد إليه قوله (عليه السلام) في خبر
أبي بصير: لو حلف الرجل أن لا يحك أنفه بالحائط لابتلاه الله حتى يحك أنفه
بالحائط، ولو حلف الرجل أن لا ينطح رأسه الحائط لوكل الله عز وجل به شيطانا
حتى ينطح رأسه الحائط (4). وعلى تحليل المال الحرام لنفسه وتحريم الحلال على
الغير بالحلف الكاذب.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 153 ب 24 من أبواب الأيمان ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 153 ب 24 من أبواب الأيمان ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 130 ب 12 من أبواب الأيمان ح 6 و 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 116 ب 1 من أبواب الأيمان ح 8.
22
(ولو حلف على فعل حرام أو مكروه أو مرجوح من المباح أو على
ترك واجب أو مندوب لم ينعقد اليمين ولا كفارة بالترك) كما نص عليه ما
سمعته من خبري حمران وزرارة. ونحو قول الباقر (عليه السلام) في خبر زرارة: كل يمين
حلفت عليها لك فيها منفعة في أمر دين أو أمر دنيا فلا شيء عليك فيها، وإنما تقع
عليك الكفارة فيما حلفت عليه فيما لله فيه معصية أن لا تفعله ثم تفعله (1). وقوله
أيضا في خبره: كل يمين حلف عليها أن لا يفعلها مما له فيه منفعة في الدنيا
والآخرة فلا كفارة عليه، وإنما الكفارة في أن يحلف الرجل والله لا أزني، والله لا
أشرب الخمر، والله لا أسرق، والله لا أخون - وأشباه هذا - ولا أعصي ثم فعل فعليه
الكفارة فيه (2) إلى غير ذلك، فهو من الكثرة بمكان.
(بل قد يجب الترك) لتعلق اليمين (كما في فعل الحرام وترك الواجب
أو ينبغي) الترك (كغيرهما) مما يترجح فيه خلاف اليمين (مثل أن يحلف
أن لا يتزوج على امرأته أو لا يتسرى) وقال الصادق (عليه السلام): من حلف على
يمين فرأى ما هو خير منها فليأت الذي هو خير وله زيادة حسنة (3).
(ولا ينعقد على الماضي مثبتة كانت أو نافية، و) معناه أنه (لا يجب
بها كفارة وإن كذب متعمدا) بالإجماع؛ للأصل، والأخبار الحاصرة لوجوب
الكفارة في اليمين على المستقبل، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: في
رجل قيل له: فعلت كذا وكذا، فقال: لا والله ما فعلته وقد فعله، فقال: كذب كذبة
يستغفر الله منها (4). وأوجب بعض العامة (5) بالكذب فيه الكفارة.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 151 ب 23 من أبواب الأيمان ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 151 ب 23 من أبواب الأيمان ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 147 ب 18 من أبواب الأيمان ح 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 127 ب 9 من أبواب الأيمان ح 2.
(5) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 177 - 178.
23
(وهي) اليمين (الغموس) لغمسها الحالف بها في الذنب، إذ لا كفارة لها.
وعن الصادق (عليه السلام) في مرسل علي بن حديد: واليمين الغموس التي توجب النار
الرجل يحلف على حق امرئ مسلم على حبس ماله (1). وفي رواية اخرى: وأما
التي عقوبتها دخول النار فهو أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه
ظلما، فهذه يمين غموس توجب النار، ولا كفارة عليه في الدنيا (2). وهو قسم من
اليمين على الماضي أحق باسم الغموس، إذ لا يكفرها الاستغفار وحده.
(وإنما ينعقد) اليمين (على المستقبل) وإن عبر عنه بالحال - كأن يقول
لأفعلن الآن - لانصرافه إلى الزمان المتصل بالتكلم وهو مستقبل.
(ولا ينعقد على فعل الغير) وهي يمين المناشدة (لا في حق الحالف
ولا) في حق (المقسم عليه) بالاتفاق؛ للأصل، وخبر عبد الرحمن بن أبي
عبد الله سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقسم على الرجل في الطعام ليأكل فلم يطعم
فهل عليه في ذلك كفارة؟ وما اليمين التي يجب فيها الكفارة؟ فقال: الكفارة في
الذي يحلف على المتاع أن لا يبيعه ولا يشتريه ثم يبدو له فيكفر عن يمينه (3).
وخبر حفص وغيره عنه (عليه السلام) أنه سئل عن الرجل يقسم على أخيه، قال: ليس عليه
شيء إنما أراد إكرامه (4).
وأما قول علي بن الحسين (عليه السلام) في مرسل عبد الله بن سنان: إذا أقسم الرجل
على أخيه فلم يبر قسمه، فعلى المقسم كفارة اليمين (5) فمع الإرسال واحتمال
الاستحباب يحتمل أن يراد بالمقسم عليه أنه أقسم عنه كأن يقول: والله ليأتين



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 127 ب 9 من أبواب الأيمان ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 127 ب 9 من أبواب الأيمان ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 154 ب 24 من أبواب الأيمان ح 5، وفيه: " فيبدو له فيه فيكفر ".
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 174 ب 42 من أبواب الأيمان ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 174 ب 42 من أبواب الأيمان ح 4.
24
اليوم زيد، لظنه إجابته فلم يأت. ومن العامة (1) من أوجب الكفارة على المقسم
(ولا) تنعقد (على المستحيل) عقلا أو عادة كالجمع بين النقيضين (و)
صعود السماء ومعناه أنه (لا يجب بتركه كفارة وإنما تنعقد على الممكن)
فإن الاستحالة ينافي نية الحلف عليه إلا أن لا يكون عالما بالاستحالة حين
الحلف كأن يقول: لأقتلن زيدا وكان قد مات وهو لا يعلم، وللإجماع كما في
الخلاف (2) ولما دل من الأخبار (3) على انحصار الانعقاد فيما فيه بر وطاعة
(فإن) حلف على ممكن و (تجدد العجز) مستمرا إلى انقضاء وقت المحلوف
عليه أو أبدا إن لم يتقيد بوقت (انحلت كمن يحلف ليحج عامه) أو عام كذا
(فيعجز) إلا أن يتسع الوقت وفرط بالتأخير.
(واليمين إما واجبة) وإن كذب فيها (مثل أن يتضمن تخليص معصوم
الدم من القتل) كما قال (عليه السلام) في خبر السكوني احلف بالله كاذبا ونج أخاك من
القتل (4) لكن يجب التورية في الكاذب إن أمكنت.
(وإما مندوبة كالتي يتضمن الصلح بين المتخاصمين) كما يفهم بطريق
الأولى من قوله تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا
بين الناس، فقد روي فيه عن الصادق (عليه السلام) بعدة طرق إذا دعيت لصلح بين اثنين
فلا تقل على يمين أن لا أفعل (5).
(وإما مباحة كالتي تقع على فعل مباح) أو تركه مع الحاجة لما سيأتي
ما (لم تكثر) فإن الإكثار منها مكروه، لورود النهي (6) عن جعل الله عرضة



(1) الشرح الكبير: ج 11 ص 181.
(2) الخلاف: ج 6 ص 116 المسألة 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 152 ب 24 من أبواب الأيمان.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 134 ب 12 من أبواب الأيمان ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 176 ب 44 من أبواب الأيمان ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 115 ب 1 من أبواب الأيمان.
25
للأيمان، ولقوله تعالى: ولا تطع كل حلاف مهين (1).
(وإما مكروهة كالمتعلقة بفعل المكروه).
(وإما محرمة كالكاذبة والمتعلقة بفعل الحرام).
(والأيمان الصادقة كلها مكروهة إلا مع الحاجة) فربما وجبت وربما
استحبت. ويدل على الكراهة الآيتان، والاعتبار، والأخبار وهي كثيرة كقول
الصادق (عليه السلام) في خبر أبي أيوب الخزاز: لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين، فإن
الله عز وجل يقول: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم (2). وفي حسن ابن سنان:
اجتمع الحواريون إلى عيسى (عليه السلام) فقالوا له: يا معلم الخير أرشدنا فقال لهم: إن
موسى نبي الله أمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين
ولا صادقين (3). ولسدير من حلف بالله كاذبا كفر، ومن حلف بالله صادقا أثم، إن
الله عز وجل يقول: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم (4). وخبر علي بن مهزيار قال:
كتب رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) يحكي له شيئا فكتب إليه: والله ما كان ذلك، وإني
لأكره أن أقول " والله " على حال من الأحوال ولكنه غمني أن يقال ما لم يكن (5).
ومن العامة (6) من قال: إن الأيمان كلها مكروهة، لقوله تعالى: ولا تجعلوا الله
عرضة لأيمانكم (وتتأكد الكراهة في الغموس) أي الحلف الصادق على
الماضي، وهو غير معهود في معناه لكن في العين: أن اليمين الغموس هي التي لا
استثناء فيها (على قليل المال) ويختلف باختلاف الشخص والحال، ففي مرسل



(1) القلم: 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 116 ب 1 من أبواب الأيمان ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 115 ب 1 من أبواب الأيمان ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 116 ب 1 من أبواب الأيمان ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 115 ب 1 من أبواب الأيمان ح 1.
(6) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 164.
26
علي بن الحكم، عن الصادق (عليه السلام) إنه قال: إذا ادعي عليك مال، وما لم يكن له عليك،
فأراد أن يحلفك، فإن بلغ مقدار ثلاثين درهما فأعطه ولا تحلف، وإن كان أكثر من
ذلك فاحلف ولا تعطه (1). قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أجل الله أن يحلف به أعطاه
الله خيرا مما ذهب منه (2). ودفع زين العابدين (عليه السلام) إلى امرأته التي ادعت عليه
صداقها أربع مائة دينار، وقال: أجللت الله عز وجل أن أحلف به يمين صبر (3).
(وقد تجب الكاذبة إذا تضمنت تخليص مؤمن) كما مر (أو مال
مظلوم، أو دفع ظلم عن إنسان، أو) عن (ماله أو عرضه) فقال
الصادق (عليه السلام) في رجل حلف تقية: إن خشيت على دمك أو مالك فاحلف ترده
عنك بيمينك (4). وقال زرارة للباقر (عليه السلام): نمر بالمال على العشار، فيطلبون منا أن
نحلف لهم ويخلون سبيلنا، ولا يرضون منا إلا بذلك، قال: فاحلف لهم، فهو أحل
من التمر والزبد (5). وسئل علي (عليه السلام) عن الرجل يحلف لصاحب العشور يحوز
بذلك ماله، فقال: نعم (6). سأل محمد بن أبي الصباح أبا الحسن (عليه السلام): أن امه
تصدقت عليه بنصيب لها في دار، فكتبه شراء، فأراد بعض الورثة أن يحلفه على
أنه نقدها الثمن ولم ينقدها شيئا فقال: احلف له (7) (لكن إن كان يحسن التورية
وجب أن يوري ما يخلص به من الكذب) لوجوب اجتنابه ما أمكن (ولو
لم يحسن) التورية (جاز الحلف) كاذبا (ولا إثم ولا كفارة) عليه.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 118 ب 3 من أبواب الأيمان ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 115 ب 1 من أبواب الأيمان ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 117 ب 2 من أبواب الأيمان ح 1.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 364 ح 4289.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 135 ب 12 من أبواب الأيمان ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 135 ب 12 من أبواب الأيمان ح 8، وفيه: عن الصادق (عليه السلام).
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 175 ب 43 من أبواب الأيمان ح 1.
27
(المطلب الثاني في) اليمين (المتعلقة بالمأكل والمشرب)
(قاعدة: مبنى اليمين على نية الحالف) لما عرفت إلا إذا ظلم بها حق
الغير، فإنها على نية المستحلف كما سيأتي. وإذا اعتبرت نية الحالف (فإذا نوى
ما يحتمله اللفظ انصرف الحلف إليه، سواء نوى ما يوافق الظاهر أو) ما
(يخالفه) وإن انتفى شرط إرادته من نصب القرينة (كالعام يريد به الخاص،
كأن يحلف: لا آكل كل لحم) أي لحما، كما في قوله تعالى: ولا تطع كل حلاف
مهين (1) والله لا يحب كل مختال فخور (2). (وينوي نوعا معينا) من اللحوم
(وكالعكس مثل أن يحلف: لا شربت لك ماء من عطش، ويريد به قطع
كل ماله فيه منة، وكالمطلق يريد به المقيد) كأن يحلف: أن يكلم رجلا، يريد
زيدا، أو أن يصلي، ويريد ركعتين (وكالحقيقة يريد بها المجاز) سوى ما ذكر من
التخصيص والتعميم (وكالحقيقة العرفية يريد بها اللغوية) إن رجحنا العرفية
(وبالعكس) إن رجحنا اللغوية، أو الأول إن كان من أهل العرف، والثاني إن
كان من أهل اللغة، وخصوصا إذا عممنا العرف للخاص، أو اللغة للعرف العام.
(ولو أطلق لفظا له وضع عرفي ولغوي ولم يقصد أحدهما بعينه، ففي
حمله على العرفي أو اللغوي إشكال، أقربه الأول) لنسخه اللغوي. ووجه
الآخر أنه الأصل، وهو مبني على الخلاف في أيهما تقدم إذا تعارضا، فإذا حلف لا
يأكل رأسا، فلغته عامة، وفي العرف يختص برؤوس الأنعام، فلا يحنث على
الأقرب برأس الطير والحوت. ولو قال: لا شربت لك ماء من عطش، حرم عليه
أكل طعامه على الأقرب دون خلافه.
(ولو نوى ما لا يحتمله اللفظ) ولا مجازا (لغت اليمين لأن غير



(1) القلم: 10.
(2) الحديد: 24.
28
المنوي لا يقع؛ لعدم قصده، ولا) يقع (المنوي؛ لعدم النطق) به.
(ولو لم ينو شيئا) من عموم وخصوص أو تجوز وغيره (حمل على
مفهومه المتعارف) لأنه الأصل، فلو حلف مثلا: لا يلبس ثوبا من غزل امرأته،
حمل على العموم، وأما إذا لم ينو ما يحتمله اللفظ ولا غيره فهو لاغ.
(إذا عرفت هذا فلو حلف: لا يأكل هذه الحنطة، فطحنها دقيقا أو
سويقا وأكله لم يحنث) لأنهما لا يسميان حنطة، خلافا للقاضي (1) تمسكا ببقاء
العين كتقطيع الخيار وقشره وهو خيرة المختلف (2) لصدق أكل الحنطة وإن لم
يصدق اسمها، فإنها إنما تؤكل كذلك. وأما لو حلف: لا يأكل هذا، ولم يذكر الحنطة
فأكله دقيقا أو سويقا أو خبزا فإنه يحنث قطعا، للتعليق على العين الباقية (وكذا
لو حلف: لا يأكل الدقيق فخبزه وأكله) لم يحنث، لأن الخبز غير الدقيق،
خلافا للمختلف (3) تمسكا بأن الدقيق إنما يؤكل كذلك، وهو قضية كلام القاضي (4)
لبقاء العين (أو) حلف: (لا يأكل لحما فأكل ألية أو مخا وهو ما في وسط
العظام) من الرجل واليد (أو دماغا وهو ما في وسط الرأس) لم يحنث،
خلافا لبعض العامة (5) في الألية، لكونها بمنزلة اللحم، ويظهر من التحرير (6) احتماله.
(ويحنث بالرأس والكارع) أي الكراع، ولم أسمعه بمعناه، لكنه صحيح في
اللغة كالشارب (ولحم الصيد) بريا أو بحريا، وللشيخ في لحم السمك قولان (7)
من تبادر غيره في العادة، ومن قوله تعالى: ومن كل تأكلون لحما طريا (8) وهو
خيرة السرائر (9) تقديما لعرف الشرع على العادة، ولحم (الميتة والمغصوب).



(1) المهذب: ج 2 ص 419.
(2) مختلف الشيعة: ج 8 ص 181.
(3) مختلف الشيعة: ج 8 ص 181.
(4) المهذب: ج 2 ص 419 - 420.
(5) المجموع: ج 18 ص 59.
(6) تحرير الأحكام: ج 2 ص 101 س 25.
(7) المبسوط: ج 6 ص 239، والخلاف: ج 3 ص 295 المسألة 73.
(8) فاطر: 12.
(9) السرائر: ج 3 ص 52.
29
(ولا يحنث بالكبد والقلب والرئة والمصران) جمع مصير وهو المعاء،
كرغيف ورغفان (والكرش والمرق) وهو واحد من مراق البطن، وهي مارق
منه عند الصفاق أسفل السرة، وقيل: لا واحد لها (1) وقال ابن إدريس (2) يحنث
بالقلب، لشمول اللحم له. ويؤيده التعبير عنه في الأخبار بالمضغة (3). واستشكل فيه
في التحرير (4) والمختلف (5) والإرشاد (6) والتلخيص وزاد فيه التردد في الكبد (7).
(ولا يحنث في الشحم باللحم) لتغاير الاسمين والحقيقتين خلافا لأبي
علي (8) فاحتاط بتركهما إلا مع الإفراد بالنية (ولا شحم الظهر) وهو الأبيض
الملاصق للأحمر الغير المختلط به الذي يسمى سمينا (على إشكال) من إطلاق
الشحم عليه عرفا، وقوله تعالى: حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما (9)
وهو خيرة السرائر (10) والمختلف (11) والتحرير (12) والشرائع (13). ومن أنه لحم
أبيض ولذا يحمر عند الهزال وهو خيرة الشيخ (14) ولا بالألية (ولا بما في الجنب
أو تضاعيف اللحم) من الأبيض المسمى بالسمين، ويجري فيه الإشكال للتردد
في صدق الاسم.
(ولا يحنث في اللبن بالزبد) إذا لم يكن معه لبن ظاهر (والسمن
والجبن) لاختلاف الاسم. وللعامة (15) قول بالحنث بكل ما يعمل منه (ويحنث



(1) لسان العرب: ج 10 ص 342 (مادة مرق).
(2) السرائر: ج 3 ص 51.
(3) الخصال: ج 1 ص 31 ح 109.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 101 س 24.
(5) مختلف الشيعة: ج 8 ص 164.
(6) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 86.
(7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 32 ص 148.
(8) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 8 ص 165.
(9) الأنعام: 146.
(10) السرائر: ج 3 ص 56.
(11) مختلف الشيعة: ج 8 ص 165.
(12) تحرير الأحكام: ج 2 ص 101 س 25.
(13) شرائع الإسلام: ج 3 ص 174.
(14) المبسوط: ج 6 ص 241.
(15) المجموع: ج 18 ص 64.
30
في أكل السمن بأكله) وحده و (مع الخبز وعلى الطعام) من طبيخ أو
عصيدة أو حلواء أو خبز (مذابا متميزا) أي ظاهرا غير مستهلك كما في
التحرير (1) والمبسوط (2) لصدق أكل السمن في جميع ذلك. وللعامة (3) قول بأنه لا
يحنث إذا أكله وحده، لأنه لم يأكله على جهته، وكذا مع الخبز. وأما إن أذابه فشربه
وحده فلا يحنث، لأنه غير الأكل مع احتماله ضعيفا.
(ولو حلف: لا يأكل رأسا، انصرف إلى الغالب كالبقر والغنم والإبل)
أي رؤوسهن (دون رأس الطير والسمك والجراد) كما في الخلاف (4) مع
ادعاء الإجماع عليه (على إشكال) من شمول الاسم لغة وعرفا، ومن أن
المتبادر هنا ما يطبخ أو يشوى منفردا، ولم يعهد في الطيور ونحوها. ولذا قصرها
بعض العامة على رأس الغنم (5) وبعضهم على رأسه ورأس البقر (6). وفي المبسوط:
وإن كان بلد له صيد كثير ويكون رؤوس الصيد يؤكل منفردة حنث فيها، وإن
حلف: لا يأكل الرؤوس، وهو في غيرها من البلاد، فأكل منها هل يحنث أم لا؟ قال
قوم: يحنث، لأنه إذا ثبت عرف في مكان تعلق بها حكم اليمين في كل مكان،
كخبر الأرز له عرف بطبرستان فتعلق به الأيمان في كل مكان. وقال آخرون: لا
يحنث، لأن هذا الحالف لا علم له بذلك، ولا عرف له بهذا البلد. وهكذا القول في
رؤوس الحيتان إذا ثبت لها من العرف ما ثبت لرؤوس الصيد. هذا إذا لم يكن له
نية، وأما إذا كان له نية حنث وبر على نيته، والورع أنه يحنث بأي رأس كان
ليخرج من الخلاف، لأن فيه خلافا، والأقوى عندي أنه لا يحنث بما لا يعرفه، لأن
الأصل براءة الذمة انتهى (7) (وكذا اللحم) ينصرف إلى الغالب كلحم الغنم والبقر



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 101 س 13.
(2) المبسوط: ج 6 ص 240.
(3) المجموع: ج 18 ص 66.
(4) الخلاف: ج 6 ص 167 المسألة 72.
(5) الشرح الكبير: ج 11 ص 260.
(6) الشرح الكبير: ج 11 ص 260.
(7) المبسوط: ج 6 ص 241.
31
والإبل لا الطير والسمك والجراد على إشكال، وقد سمعت الخلاف في لحم
السمك، والظاهر أنه لا إشكال في عدم دخول الجراد ونحوه.
(ويحنث في الرطب والبسر بالمنصف) والمذنب، ففي الرطب بما
أرطب منه وفي البسر بالباقي وفاقا للشيخ (1) وجماعة، فلو حلف: لا يأكل رطبا،
فأكل المنصف كله أو ما رطب منه حنث، وكذا لو حلف: لا يأكل بسرا فأكله أو ما
لم يرطب منه، أو حلف: لا يأكلهما، فأكله أو بعضه أي بعض كان (على إشكال)
من صدق الاسمين على البعضين ومن مخالفة العادة، إذ لا يتبادر من العادة إلا ما
أرطب كله ومن البسر إلا ما لم يرطب منه شيء، وهو اختيار القاضي (2) وفصل في
المختلف بأنه: إن أكل البسر منه حنث في البسر ولم يحنث في الرطب، وإن أكل
الرطب منه حنث في الرطب لا البسر فإن أكل الجميع فإن كان أحدهما أغلب كأن
يكون مذنبا جرى عليه حكم الغالب، فالبسر يشمل المذنب فيحنث به فيه دون
الرطب، وما أرطب أكثره يحنث به في الرطب دون البسر ولو تساويا حنث به في
الرطب لأنه يطلق عليه اسمه دون البسر إذ لا يسمى به عرفا (3) (أما في الرطبة
والبسرة فلا) يحنث بالمنصف كلا ولا بعضا، فإن البعض ليس برطبة واحدة ولا
بسرة، والكل مركب منهما، وليس برطبة ولا بسرة إلا إذا غلبت فيه إحدى الصفتين
حتى يسمى باسم موصوفها على ما اقتضاه كلام المختلف.
(ويندرج الرمان والعنب والرطب في الفاكهة) لأنها كل ما يتفكه به، أي
يستطاب ويتنعم به من الثمار، خلافا لبعض العامة (4) فقد أخرجوا الثلاثة منها،
للعطف في القرآن المقتضي للمغايرة. قال الأزهري ولم أعلم أحدا من العرب قال:
النخل والرمان ليسا من الفاكهة، ومن قال ذلك من الفقهاء فلجهله بلغة العرب



(1) المبسوط: ج 6 ص 241.
(2) المهذب: ج 2 ص 420.
(3) مختلف الشيعة: ج 8 ص 165 - 166.
(4) الشرح الكبير: ج 11 ص 234.
32
وبتأويل القرآن يعني أن العطف للتفضيل لا المباينة.
(ولا يدخل الخضراوات) قطعا (كالقثاء والخيار) والقرع والجزر
والباذنجان و (في البطيخ إشكال) من الشك في شمول الاسم له عادة وأيضا
من نحو قوله (عليه السلام): نعم الفاكهة البطيخ (1) وما روي أنه (عليه السلام): كان يحب من الفاكهة
البطيخ والعنب (2) وهو اختيار الشيخ (3) ومن نحو قول الصادقين (عليهما السلام) لزرارة:
أنه (عليه السلام) عفى عن الخضر فقال: وما الخضر قال: كل شيء لا يكون له بقاء البقل
والبطيخ والفواكه (4) لظهور العطف في المغايرة، وهو خيرة التلخيص (5).
(والأدم) بالضم وبضمتين جمع إدام ككتاب وهو (ما يؤتدم به) الخبز
أي يطيب ويصلح، ومدار التركيب على الموافقة والملائمة (يابسا كالملح)
والتمر (ورطبا كالدبس) لعموم الاسم، ولما روى يوسف بن عبد الله بن سلام
أنه: رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ كسرة من خبز الشعير فوضع عليها تمرة فقال: هذه إدام
هذه (6). وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): سيد إدامكم الملح (7). وقوله: سيد إدام أهل الدنيا والآخرة
اللحم (8). ولبعض العامة (9) قول باختصاصه بما يصطبغ به وهو المائع. وقد حكى
ذلك في الخلاف مع حكايته أنه لا خلاف في الحنث بالملح (10).
(ولو حلف: لا يأكل خلا فاصطبغ به حنث) إذ لا يؤكل مثله إلا بنحو
ذلك (بخلاف) ما لو أكل (السكباج) المستهلك فيه الخل، كما في المبسوط (11)



(1) لم نعثر عليه.
(2) مستدرك الوسائل: ج 16 ص 393 ح 6.
(3) المبسوط: ج 6 ص 248.
(4) وسائل الشيعة: ج 6 ص 44 ب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة ح 9.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 32 ص 148.
(6) سنن أبي داود: ج 3 ص 362 ح 3830.
(7) بحار الأنوار: ج 66 ص 394 ح 1.
(8) الجامع الصغير: ج 2 ص 35.
(9) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 237.
(10) الخلاف: ج 6 ص 183 المسألة 98.
(11) المبسوط: ج 6 ص 240.
33
والتحرير (1) أو مطلقا بناء على أنه لا يسمى بأكل الخل، وكذا لو شرب مرقة فيها
خل وإن لم يستهلك.
(ولا يحنث في التمر بالرطب ولا بالبسر ولا بالعكس فيهما ولا
بينهما) أي لا حنث بين الرطب والبسر فلا يحنث في الرطب بالبسر ولا
بالعكس، وكذا الحال في الطلع والبلح ونحوهما.
(ويحنث في اللبن بلبن الصيد والأنعام والأدمية) وباللبا (والحليب
والمخيض والرائب).
(ولو حلف: لا يأكل تمرة معينة، فوقعت في تمر لم يحنث إلا بأكل
الجميع أو تيقن أكلها) للأصل (ويجب ترك الاستيعاب ولو بإبقاء واحدة)
يحتمل المحلوف عليها بل بعضها، لأنه ليس تمرة ولا تلك التمرة، إلا أن يريد
بأكلها ما يعم الكل وأبعاضها (وهل يجب اجتناب المحصور غير المشق)
اجتنابه، أي الموقع في المشقة، ولم أسمع به والمعروف الشاق (إشكال أقربه
ذلك) لاختلاط الحرام بالحلال فوجب الاجتناب عن الكل من باب المقدمة، كما
إذا اشتبهت الزوجة بالأجنبية، ووجه الخلاف أن الحرمة للحنث وإذ لا حنث بأكل
غير المحلوف عليها يقينا فلا حرمة وإنا (وإن حرمنا المشتبهة بالأجنبية)
لكن الفرق حاصل (لأصالة التحريم هناك) فيجب الاجتناب ما لم يتيقن الحل
(و) أصالة (الإباحة هنا) فلا يجب الاجتناب عما لا يتيقن حرمته، وأما إذا
اشتبهت المحللة بالمحرمة نسبا مثلا فإنما يجب الاجتناب، للاحتياط في الفروج
(ولو تلف منه) أي التمر الواقع فيه (تمرة لم يحنث بالباقي) كلا أو بعضا
(مع الشك) في كون التالف هو المحلوف عليه، لأصل الإباحة مع الشك في



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 101 س 3.
34
الحرمة، بخلاف ما لو ماتت إحدى المرأتين من الزوجة والأجنبية، لأصالة الحرمة.
(ولو حلف: لا يأكل طعاما اشتراه زيد، فأكل ما اشتراه مع غيره)
صفقة (لم يحنث وإن اقتسماه) كما في الخلاف (1) والسرائر (2) (على
إشكال) كما في المبسوط (3) والشرائع (4) من أنهما مشتريان معا لكل جزء
يفرض فكل منهما مشترى إذ لا ينافيه شركة الغير ومن تبادر التفرد بالشراء ولا
يفيده القسمة، فإنها ليست بيعا وإن اشتملت على رد وأيضا من أن كلا منهما
مشتري للنصف ولذا كان عليه نصف الثمن ولا يتعين إلا بالقسمة والأصل الإباحة
فيكون كالتمرة المحلوف عليها إذا اختلطت بغيرها وعليه يتجه أن يحنث إذا أكل
أكثر من النصف، ومن أن التعين بالقسمة لا يكفي في تعين المشتري فإنه أمر
طارئ غير الشراء، ومن أنه لا أحد منهما بمشتري وإنما هو نصف مشتري ولذا
كان عليه نصف الثمن لا لكونه مشتري النصف لإيقاعهما العقد على المجموع
(ولو اشترى كل منهما طعاما وامتزج) الطعامان (فأكل الزائد على ما
اشتراه الغير حنث) وإلا لم يحنث وفاقا للخلاف (5) والمبسوط (6) للأصل كما في
مسألة التمرة وإن وجب الاجتناب على وجه مضى.
وفيه أوجه اخرى، أحدها: أنه لا يحنث وإن أكل كله، إذ لا يمكن الإشارة إلى
شيء بأنه اشتراه زيد فالكل كما لو اشتراه صفقة. والثاني: أنه إن أكل ما يمكن في
العادة انفراد الغير به كحبة من الحنطة لم يحنث، وإلا ككف منها حنث، لقضاء العادة
بالاشتمال على ما اشتراه زيد، واحتمله الشيخ في المبسوط (7). والثالث: أنهما إن



(1) الخلاف: ج 6 ص 149 المسألة 46 و 47.
(2) السرائر: ج 3 ص 49.
(3) المبسوط: ج 6 ص 223.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 173.
(5) الخلاف: ج 6 ص 150 المسألة 48.
(6) المبسوط: ج 6 ص 223.
(7) المبسوط: ج 6 ص 223.
35
كانا مائعين حنث بالقليل والكثير، لامتزاج الأجزاء كلها، وإلا فلا، وهو خيرة
المختلف (1) والرابع: قول القاضي (2) وهو الحنث مطلقا لوجوب الاجتناب
لاختلاط الحرام بالحلال، وهو ملزوم للإثم بتركه ولا إثم هنا إلا للحنث.
(ولو حلف: لا يأكل من لحم شاته ولا يشرب لبنها، لزم إلا مع
الحاجة، ولا يسري التحريم إلى النسل على رأي) وفاقا لابن إدريس (3)
والمحقق (4) للأصل والمباينة للمحلوف عليه، وخلافا للشيخ (5) وأبي علي (6)
والقاضي (7) لخبر عيسى بن عطية قال للباقر (عليه السلام): إني آليت أن لا أشرب من لبن
عنزي، ولا آكل من لحمها، فبعتها، وعندي من أولادها، فقال: لا تشرب من لبنها،
ولا تأكل من لحمها، فإنها منها (8) وهو ضعيف.
(ولو حلف: ليأكلن هذا الطعام غدا، فأكله) أو بعضه (اليوم حنث)
كما في المبسوط (9) والخلاف (10) والشرائع (11) والجامع (12) (لتحقق المخالفة)
لأن التوقيت كما يقتضي نفي الفعل فيما بعد الوقت المقدر يقتضيه قبله، فكأنه
حلف أن لا يأكله قبل الغد ولا بعده، فكما يحنث بالتأخير يحنث بالتقديم.
وللعامة (13) قول بالانحلال واحتمله بعض الأصحاب، لأنه إذا وقت اليمين لم يجب
عليه الوفاء قبل الوقت، وحين حضر كان قد انتفى متعلق اليمين. ومبنى القولين
على أن اليمين هل يقتضي الأمر حالها بالإيقاع إذا حضر الوقت أو لا يقتضيه إلا



(1) مختلف الشيعة: ج 8 ص 176.
(2) المهذب: ج 2 ص 417.
(3) السرائر: ج 3 ص 46.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 173.
(5) النهاية: ج 3 ص 49 - 50.
(6) مختلف الشيعة: ج 8 ص 148.
(7) المهذب: ج 2 ص 403.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 171 ب 37 من أبواب الأيمان ح 1.
(9) المبسوط: ج 6 ص 228.
(10) الخلاف: ج 6 ص 158 المسألة 58.
(11) شرائع الإسلام: ج 3 ص 173.
(12) الجامع للشرائع: ص 421.
(13) لم نعثر عليه.
36
إذا حضر. (و) على المختار (يلزمه الكفارة معجلا) أي قبل الغد (على
إشكال) من تحقق المخالفة لما عرفته، ومن احتمال انتفاء القدرة بالموت أو
غيره في الغد فيظهر انتفاء التكليف، وأن المخالفة إنما يتحقق بحضور الوقت مع
ترك المحلوف عليه، وبالأكل قبله إنما يحصل العلم بحصول المخالفة، وفي
الإيضاح (1) عمم الإشكال للحنث. (وكذا) يحنث (لو هلك الطعام قبل الغد
أو فيه بشيء من قبله) لعين ما مر مع الاحتمال في ما قبله (ولا يحنث لو
هلك لا بسببه) قبله أو فيه قبل التمكن من الأكل وبعده وجهان. وللعامة (2) قول
بالحنث وإن هلك قبله لا من قبله.
(ولو حلف لا يأكل سويقا، فشربه) وكذا إن حلف أن لا يأكل خبزا،
فماثه وشربه كالسويق (أو) حلف (لا يشربه فأكله لم يحنث).
(ولو حلف: لا يشرب، فمص قصب السكر أو حب الرمان) أو
نحوهما (لم يحنث) لأنه لا يسمى شربا عرفا وإن سمي به لغة (وكذا لو
حلف: لا يأكل سكرا، فوضعه في فيه فذاب وابتلعه) لم يحنث لذلك.
(ولو حلف: لا يطعم أو لا يذوق، حنث بالأكل والشرب والمص)
لاشتمالها على الذوق وزيادة، ولذا لا يمكن أن يقال: كل هذا ولا تذقه. والطعم
بشمل الشرب والمص، قال الله تعالى: ومن لم يطعمه فإنه مني (3). وفي العين:
الطعم، طعم كل شيء وهو ذوقه قال: وقول العرب: مر الطعم وحلو الطعم معناه
الذوق، لأنك تقول: أطعمه أي ذقه، ولا تريد به امضغه كما يمضغ الخبز، وهكذا في
القرآن: ومن لم يطعمه فإنه مني، فجعل ذوق الطعام؟ الشراب. وفي المقاييس:
الطاء والعين والميم أصل مطرد منقاس في تذوق الشيء. إلى غير ذلك من نصوصهم.



(1) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 19.
(2) الحاوي الكبير: ج 15 ص 369.
(3) البقرة: 249.
37
(ولو حلف: لا يأكل قوتا احتمل صرفه إلى) كل ما يقتات به ولو في
غير بلده مثل (الخبز والتمر والزبيب واللحم واللبن، لأنها تقتات) بها (في
بعض البلدان) فيشملها الاسم لغة وعرفا (وكذا غيرها) معمما (فيما يقتاته
بعض الناس) أو " في " بمعنى اللام أو على و " ما " مصدرية، أي لاقتيات بعض
الناس أو مع اقتياته له (و) احتمل صرفه (إلى عادة بلده) خاصة (وهو
الأقرب) لأنه السابق إلى الفهم مع أصل البراءة (ويحنث بالحب الذي
خبزه) أو طبخه (مقتات) لشمول الاسم له عرفا ويؤيده ألفاظ الأخبار، نحو
أنه (عليه السلام): كان يدخر قوت عياله سنة (1) (ولا يحنث) في القوت (بالعنب
والخل والحصرم) لأن القوت ما يقوم به بدن الإنسان ويمسك الرمق، ولا يطلق
في العادة على الفواكه والأشربة.
(والطعام يصرف إلى القوت والأدم والحلواء والتمر) وما قيل (2) من
اختصاصه بالبر لم يثبت (و) يشمل (الجامد والمائع دون الماء) فإنه لا يسمى
به. وقوله تعالى: ومن لم يطعمه، بمعنى الذوق كما عرفت، وهو لا يقتضي دخوله
في اسم الطعام. وقوله (عليه السلام): لماء زمزم طعام طعم (3) بمعنى أنه يشبع كالطعام، وإلا
لم يكن مزية خاصة به (و) دون (ما لا يجرى العادة بأكله كورق الشجر
والتراب) وهل يختص بطعام أهل بلده أو يعم وجهان، كما مر في القوت.
(ويحنث في الشعير بالحبات التي في الحنطة منه إلا أن يقصد المنفرد)
أو يحلف: لا يأكل خبز الشعير أو سويقه، فلا يحنث بالمستهلك في الحنطة.
(ولو حلف على شيء بالإشارة) مع ذكر صفة هو عليها أو لا معه
(فتغيرت صفته فإن استحالت أجزاؤه وتغير اسمه مثل أن يحلف: لا



(1) تاريخ بغداد: ج 9 ص 443، الدر المنثور للسيوطي: ج 6 ص 193.
(2) لم نعثر عليه.
(3) الأحكام النبوية في الصناعة الطبية: ج 2 ص 107.
38
أكلت) هذه أو (هذه البيضة فتصير فرخا أو هذه الحنطة فتصير زرعا لم
يحنث) لقضاء العقل والعرف واللغة، إذا ما حدث مغاير لما كان (وإن زال
اسمه) بنمو أو نضج أو عمل أو نحوها (مع بقاء أجزائه مثل لا أكلت) هذا أو
(هذا الرطب فيصير تمرا أو دبسا أو خلا أو ناطفا) أي النوع من الحلواء
المسمى بالقبيطي (أو هذا الحمل فيصير كبشا، أو هذا العجين فيصير خبزا،
فإنه يحنث) للحكم بالاتحاد عقلا وعادة، وإنما حصلت زيادة صفة إلى أن
ينوي الاجتناب مع الاتصاف بهذه الأوصاف. والفرق بين هذه والحنطة تصير
دقيقا أو سويقا أو الدقيق يصير خبزا غير ظاهر حتى يحكم بالحنث هنا لا هناك،
إلا أن يريد هنا الحلف على هذه التي هي رطب وحمل وعجين لكنه اقتصر على
الإشارة ولم يذكر الصفات وهو بعيد.
(ولو) حلف بالإشارة والإضافة و (تغيرت الإضافة مثل: لا أكلت هذا
رطب زيد، فباعه) زيد (على عمرو حنث) بأكله (إلا أن يقصد الامتناع
باعتبار الإضافة).
(وإذا حلف ليفعلن شيئا لم يبر إلا بفعل الجميع) إن كان له جميع لا نحو
ليشربن ماء (ولو حلف: أن لا يفعله وأطلق، ففعل بعضه لم يحنث) وهما
ظاهران (و) لكن (لو اقتضى العرف غيرهما صير إليه. ولو حلف ليشربن ماء
الكوز لم يبر إلا بفعل الجميع) لاتفاق الحقيقة والعرف عليه (ولو حلف
ليشربن ماء الفرات بر بالبعض) لقضية العرف (ولو قصد خلاف مدلول العرف
صير إلى قصده) فلو قصده في المثال شرب الجميع كان من الحلف على المستحيل.
(ولو حلف لا شربت ماء الكوز لم يحنث بالبعض ويحنث في
ماء الفرات به) للعرف (ولو حلف: لا شربت من الفرات، حنث بالكرع
منها ومن الشرب من آنية اغترفت منها) وبالاغتراف باليد وفاقا للخلاف (1)



(1) الخلاف: ج 6 ص 163 المسألة 67.
39
لعموم اللفظ لغة وعرفا، وظاهر قوله تعالى: فمن شرب منه فليس مني إلا
من اغترف غرفة بيده (1) (وقيل) في المبسوط (2) والسرائر (3) (بالكرع
خاصة) لأنه الحقيقة العرفية أو المجاز الغالب. أما لو حلف: لا يشرب من ماء
البئر فيحنث بالاغتراف، فإنه المعروف، وكذا بالكرع وأولى، لأنه الحقيقة. وقيل:
لا لأنه متروك (4).
(ولو حلف على فعل شيئين) لم يبر إلا بفعلهما. وإن حلف على تركهما،
وهو الذي أراده المصنف (مثل لا آكل لحما وخبزا، ولا آكل زبدا وتمرا،
فإن قصد المنع من الجمع أو من كل واحد حمل على قصده، وإلا) حمل
(على الأول) للظاهر، والأصل (فلا يحنث بأحدهما) وأظهر منه التثنية،
كأن يحلف: لا يأكل الرغيفين. ومن العامة (5) من قال: يحنث بأحدهما، بناء على
أصله من أن القرب من الحنث حنث. وفي المبسوط (6) قطع بالحمل على الأول في
المثنى وعلى الثاني في العطف، ومثل بنحو لا كلمت زيدا وعمروا، قال: لأنهما
يمينان حلف: لا كلم زيدا ولا كلم عمروا، وإنما دخلت الواو نائبة مناب تكرير
الفعل (ولو كرر لا حنث بكل منهما) قطعا لأنه صريح في الثاني.
(ولو قال: لا آكل لحما وأشرب لبنا، بالفتح وهو من أهل العربية لم
يحنث إلا بالجمع لا بالآحاد).
(ولو حلف على السمن لم يحنث بالأدهان) لأنه سلاء الزبد خاصة
(بخلاف العكس) ولعل الوجه فيه ما في المقاييس: من أن السين والميم
والنون أصل يدل على خلاف الهزال، ومنه السمن، والدال والهاء والنون أصل يدل
على لين وسهولة وقلة، ومنه الدهن (ولو حلف: لا يأكل بيضا وأن يأكل ما



(1) البقرة: 249.
(2) المبسوط: ج 6 ص 232.
(3) السرائر: ج 3 ص 52.
(4) لم نعثر عليه.
(5) الحاوي الكبير: ج 15 ص 379.
(6) المبسوط: ج 6 ص 231.
40
في كم زيد فإذا هو بيض، بر بجعله في ناطف) ونحوه (وأكله) لخروجه
بذلك عن اسم البيض مع بقائه فيه حقيقة، فيصدق أنه أكل ما في كمه.
(المطلب الثالث في البيت والدار)
(إذا حلف على الدخول لم يحنث) بالوقوف على الحائط بلا خلاف.
كما في المبسوط (1) والخلاف (2) ولا (بصعوده السطح) الغير المسقف (من
خارج وإن كان محجرا) خلافا للعامة فلهم قول بالحنث مطلقا (3) وآخر إن كان
محجرا (4) (فعلى هذا لا يجوز الاعتكاف في سطح المسجد ولا يتعلق
الحرمة) التي للمسجد (به على إشكال) من الإشكال في دخوله، لأن عدم
الحنث بالصعود على السطح لا يعين خروجه عن الدار لجواز أن يدخل فيها، لكن
لا يدخل صعوده في مفهوم " دخول الدار " عرفا ويؤيده ملك صاحب الدار له،
ومبنى الاحتمالين على أن من المعلوم توقف حصول الدار على السطح ولكن
يحتمل أن يكون توقف الكل على الجزء وأن يكون توقف المشروط على الشرط
(ويحنث بدخول الغرفة في الدار) فإنها منها، مع صدق الدخول.
(ولو حلف: لا يدخل بيتا، فدخل غرفته لم يحنث) بلا خلاف كما في
الخلاف (5) والمبسوط (6) لأنها منه كالسطح من الدار (ويتحقق الدخول) في
الدار أو البيت (إذا صار بحيث لو رد بابه لكان من ورائه) في الداخل (و)
كذا (يحنث في الدار بالدهليز لا بالطاق خارج الباب) ولا بعتبة الباب.
ويتحقق الدخول بأي وجه كان: بالدخول من الباب والسور وطرح نفسه من
السطح وطرح النفس في الماء فحمله والقعود في سفينة ونحوها فدخلت، إلا إذا لم



(1) المبسوط: ج 6 ص 221.
(2) الخلاف: ج 6 ص 147 المسألة 43.
(3) الحاوي الكبير: ج 15 ص 348.
(4) الحاوي الكبير: ج 15 ص 348.
(5) الخلاف: ج 6 ص 147 المسألة 43.
(6) المبسوط: ج 6 ص 221.
41
يكن يريد الدخول فسقط من السطح أو حمله الماء أو السفينة قهرا إلى أن دخل
فلا يحنث وإن صعد السطح أو دخل الماء أو السفينة مختارا. وفي المبسوط: أنه
إن قعد في سفينة أو على شيء فحمله الماء فأدخله أو طرح نفسه في الماء فحمله
الماء فأدخله حنث، لأنه دخل باختياره، فهو كما لو ركب فدخلها راكبا أو
محمولا (1) ونحوه في الجواهر (2) وهو مطلق وكأن القيد مراد. وفيه أيضا: فإن كان
فيها شجرة عالية عن سورها فتعلق بغصن منها خارج الدار وحصل في الشجرة
نظرت، فإن كان أعلى من السطح لم يحنث بلا خلاف، لأنه لا يحيط به سور الدار،
لأن هواء الدار ليس منها وإن حصل بحيث يحيط به سور الدار حنث لأنه في
جوف الدار. وإن حصل بحيث يكون موازيا لأرض السطح فالحكم فيه كما لو كان
واقفا على نفس السطح (3).
(ولو حلف: لا دخلت بيتا حنث ببيت الشعر والجلد والخيمة إن كان
بدويا) لدخول جميع ذلك في المعهود عند البادية (وإلا فلا) لخلاف ذلك.
ويحنث ببيت المدر مطلقا. وللعامة (4) قول بالحنث على كل حال إذا كان يعرف
عرف الحاضرة والبادية وآخر (5) بأنه إن كان بدويا لا يدخل بيوت الحاضرة لم
يحنث ببيوتهم، وإن كان قرويا لا يعرف بيوت البادية لم يحنث ببيوتهم. وفي
الخلاف: الحنث بالجميع مطلقا، لشمول الاسم لها لغة وعرفا وشرعا، كما قال الله
تعالى: وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها (6) وفي المبسوط (7) الحنث
مطلقا إن كان بدويا، وكذا إن كان قرويا يعرف بيوت البادية وإلا فلا (ولا يحنث
بالكعبة والحمام) والمسجد والبيعة والكنيسة وفاقا للشيخ (8) (لأن البيت ما



(1) المبسوط: ج 6 ص 221.
(2) جواهر الفقه: ص 203 المسألة 711.
(3) المبسوط: ج 6 ص 221.
(4) الحاوي الكبير: ج 15 ص 351 - 352.
(5) الحاوي الكبير: ج 15 ص 351 - 352.
(6) الخلاف: ج 6 ص 148 المسألة 45.
(7) المبسوط: ج 6 ص 222.
(8) المبسوط: ج 6 ص 227.
42
جعل بإزاء السكنى) قال ابن فارس: الباء والياء والتاء أصل واحد، وهو
المأوى والمآب ومجموع الشمل (1) وقال الراغب: أصل البيت مأوى الإنسان
بالليل، ثم قد يقال: من غير اعتبار الليل فيه (2). وخلافا لابن إدريس فنص على
الكعبة، لتسميتها في الشرع بالبيت (3) فيقال لها بيت الله، وقال تعالى: إن أول بيت
وضع للناس للذي ببكة مباركا (4) وليطوفوا بالبيت العتيق (5) إلى غير ذلك.
وللمحقق فاستشكل فيها وفي المسجد والحمام لقوله تعالى: في بيوت أذن الله أن
ترفع ويذكر فيها اسمه، ولأنه يقال له بيت الله، ولما في الخبر من قوله (عليه السلام): نعم
البيت الحمام (6) (وكذا الدهليز والصفة) ليسا من البيت عرفا فلا يحنث بهما.
(ولو حلف ليخرجن) من الدار ونحوها (فصعد السطح ففي البر
إشكال) من أن الدخول لا يتحقق إلا بالنزول منه إلى الدار وما هو إلا لأنه ما كان
عليه خارج عنها، ومن احتمال أن لا يكون خارجا ولا داخلا كمن دخل ببعض
بدنه وخرج ببعض لكون السطح من أجزاء الدار.
(ولو حلف على فعل فإن كان ينسب إلى) تمام (المدة كالابتداء)
أي كما ينسب إليه، كالركوب والسكنى لأنه يصح أن يقال: ركب شهرا وسكن
شهرا مثلا (حنث بهما) أي بكل من الابتداء والاستدامة (وإلا) ينسب إلا إلى
الابتداء (فبالابتداء) يحنث خاصة كالدخول والقعود، إذ لا يقال: دخلت البلد
شهرا، وبعت الدار شهرا أو نحو ذلك.
(فلو حلف: لا يدخل دارا وهو فيها لم يحنث بالمقام فيها) وإنما
يحنث بما إذا دخلها ثانيا بعد الخروج خلافا لبعض العامة (7) (وكذا لو قال: لا



(1) مقاييس اللغة: ج 1 ص 324 (مادة بيت) وفيه: مجمع الشمل.
(2) المفردات للراغب: ص 64 (مادة بيت).
(3) السرائر: ج 3 ص 48.
(4) آل عمران: 96.
(5) الحج: 29.
(6) شرائع الإسلام: ج 3 ص 177.
(7) الحاوي الكبير: ج 15 ص 343.
43
آجرت هذه الدار أو لا بعتها أو لا وهبتها تعلقت اليمين بالابتداء خاصة)
فلا حنث لو كان آجرها أو باعها أو وهبها بالاستدامة بل بالإيقاع ثانيا.
(ولو قال: لا سكنت) بها (وهو ساكن بها، أو لا أسكنت فيها زيدا
وهو ساكن، حنث بالاستدامة والابتداء، ويبر بخروجه عقيب اليمين) بلا
فصل، أو ما هو في حكم الخروج من المقام لنقل متاعه كما يأتي. وللعامة قول (1)
بأنه إنما يحنث لو أقام يوما وليلة. وآخر (2) بأنه لا طريق له إلى البرء، لخروجه
منها من السكون فيها (ولو) خرج ثم (عاد لا للسكنى بل لنقل متاعه
وعيادة مريض بها وشبهه) كأن اجتاز بها في طريقه وإن تردد فيها أو مكث لا
بنية السكنى لغرض صحيح أو غيره (لم يحنث) إذ ليس شيء من ذلك بسكنى
(وكذا لو قال: لا أركب وهو راكب أو لا ألبس وهو لابس حنث بالابتداء
والاستدامة) لصحة أن يقال: ركب يوما ولبس شهرا (وفي التطيب إشكال،
أقربه الحنث بالابتداء خاصة) كما في المبسوط (3) إذ لا يقال: تطيب شهرا وإن
قيل في الاستدامة، إنه متطيب كما يقال لمستديم الدخول: إنه داخل، ولا يقال
دخل شهرا. وحرمة الاستدامة على المحرم ووجوب الكفارة عليه ليس للتطيب
بل لاتحاد حكم التطيب والاستدامة بالنسبة إليه، ووجه الخلاف احتمال أن يكون
حقيقة في الاستدامة أيضا، لأنه قبول الطيب وهو ضعيف.
(ولو حلف: لا يسكن) الدار (حنث بالمكث ساعة يمكنه الخروج
فيها) لا للاشتغال بما يعين على الخروج وان لم ينو به السكنى أو نوى خلافها،
والفرق بينه وبين ما إذا مكث بعد الخروج والعود ثانيا - حيث لم يحكم فيها
بالحنث إذا لم ينو السكنى - أنه لا يخرج عن السكون إلا بالخروج ولا يصدق



(1) الحاوي الكبير: ج 15 ص 343.
(2) الحاوي الكبير: ج 15 ص 343.
(3) المبسوط: ج 6 ص 222.
44
" ثانيا " إلا بالسكون للسكنى، كما أن المقيم لا يصير مسافرا بالنية بل إذا خرج إلى
السفر، ولا يعود مقيما بمجرد العود بل إذا نوى الإقامة (ولو أقام لنقل رحله
وقماشه) ونحو ذلك من مقدمات الخروج (لم يحنث) وفاقا للخلاف (1)
والمبسوط (2) لقضية العادة، وحنثه في التحرير (3) وهو قول بعض العامة (4) وتردد
في الإرشاد (5) (ولا يجب) في البر (نقل الرحل والأهل ولا يحنث بتركهما
مع خروجه بنية الانتقال) خلافا لبعض العامة (6).
(ولو حلف: لا ساكنت فلانا حنث بالابتداء والاستدامة ولو انتقل
أحدهما) بعده بلا فصل وإن مكث لنقل الرحل ونحوه (بر) وطريق معرفة
المساكنة أنهما (لو كانا في بيتين من خان) وإن كان ضيقا (أو) من (دار
متسعة لكل بيت باب وغلق) مباين لما للآخر ولو بالقوة القريبة من الفعل، بأن
لم يكن ولكن صلح لأن يجعل له باب وغلق وهو على هيئته (فليسا بمتساكنين
بخلاف ما لو) كانا في بيت واحد أو في صفتين أو أحدهما في بيت والآخر في
صفة أو في بيتين لدار صغيرة وإن انفردا بغلق أو في بيتين من دار متسعة و (لم
ينفردا بغلق) بأن كان أحدهما داخل الآخر، أو في حجرة صغيرة كل منهما في
بيت له باب مفرد يغلق فكل هذا مساكنة. قال في المبسوط في الحجرة: لأن
الحجرة الصغيرة إنما تبنى لواحد ويفارق الخان الصغير، لأنها وإن صغرت فإنها
تبنى مساكن (7) انتهى. ثم كل ذلك إذا أطلق المساكنة. وأما إذا قال: لا ساكنته في
خان أو دار، حنث وإن كانا في بيتين منفردين، كما أنه لو حلف: لا ساكنته في بلد
حنث وإن كانا في دارين أو في إقليم حنث وإن كانا في بلدين (ولو كانا في دار



(1) الخلاف: ج 6 ص 145 المسألة 41.
(2) المبسوط: ج 6 ص 220.
(3) تحرير الأحكام: ج 2 ص 98 س 31.
(4) الحاوي الكبير: ج 15 ص 343.
(5) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 87.
(6) الحاوي الكبير: ج 15 ص 344.
(7) المبسوط: ج 6 ص 221.
45
فخرج أحدهما) عقيب اليمين (واقتسماها حجرتين وفتحا لكل واحدة
بابا وبينهما حاجز ثم سكن كل منهما في حجرة لم يحنث. ولو تشاغلا
ببناء الحاجز وهما متساكنان حنث) وإن كان الاشتغال بذلك اشتغالا بما
يرفع المساكنة، لظهور الفرق بينه وبين الاشتغال بمقدمات الخروج.
(ولو قال لا ساكنته في هذه الدار فقسماها حجرتين وبنيا حاجزا)
بينهما (ثم سكنا لم يحنث) وإن صغرت الدار كما أنه لا يحنث في الكبيرة إذا
بنيا فيها حجرتين أو بيتين منفردين وإن لم يحجزا بينهما.
(ولو حلف: ليخرجن من هذه الدار، اقتضى الخروج بنفسه خاصة)
دون الرحل والعيال (وإن أراد) بالخروج خروج (النقلة) بأن يسكن في غيرها
كما مر في ترك السكنى، ولا يجب المبادرة إلا أن يقيد بها أو بوقت (و) إذا
تحقق الخروج مرة (تنحل اليمين به فله العود) متى شاء إلا أن يريد الهجران.
(المطلب الرابع في العقود)
(والإطلاق ينصرف إلى الصحيح منها) لأنه الحقيقة (فلو حلف: ليبيعن
أو لا يبيع، انصرف إلى البيع الصحيح دون الفاسد) فلا يبر به في الأول ولا
يحنث به الثاني (إلا في المحرم بيعه كالخنزير والميتة والخمر فإن اليمين)
فيه (على عدم البيع لا ينصرف إلى الصحيح) تحرزا عن حمل الكلام على
الهذر (بل إلى الصورة) فيحنث بإيقاعها وقد يقال: لا يحنث اعتبارا بالحقيقة.
(نعم الأقرب اشتراط ما يشترط في الصحيح) سوى المعلوم فقدانه
لقرب المجاز بذلك من الحقيقة (ويحنث) إذا حلف لا يبيع (بالبيع مع
الخيار) قلنا بالانتقال بمجرده أو لا، لأن البيع إنما هو العقد (و) بالبيع
(المختلف فيه) صحة وفسادا (كوقت النداء) ما لم يعلم حاله من الصحة أو
الفساد، بأن لا يكون مجتهدا ولا يمكنه الرجوع إلى مجتهد رجح أحد الرأيين، أو

46
يكون مجتهدا مترددا فيهما، وذلك لأن الأصل الصحة فيحكم بها ما لم يعلم الفساد
وإن كان الأصل عدم الحنث (وإنما يحنث) في البيع وغيره من العقود
(بالإيجاب والقبول) جميعا (لا بأحدهما، فلو أوجب ولم يقبل المشتري
لم يحنث) لو حلف لا يبيع (ولو حلف ليبيعن لم يبر به وليس) يلزم من
ذلك أن يكون (يمينا على فعل الغير) وهو القبول وإنما هي يمين على إيجابه
ممن يقبل. (ويحنث بالإيجاب فيما لا يفتقر) تحققه (إلى القبول كالوصية،
لأن قبولها قد يقع بعد الموت) وهو المعتبر في صحتها فلا يمكن إناطة الحنث
به (قيل) في الخلاف (1) وفي المبسوط (2) على تردد (والهبة) لأنه إذا قال:
وهبت، قيل: إنه وهب وإن لم يقبل الموهوب، بخلاف البيع.
(ولو حلف ليتزوجن على امرأته يبر بالإيجاب والقبول من غير
دخول) إذ لا يدخل له في مسمى التزويج وإن قصد بذلك أن يغيظ امرأته أو
صرح به (لأن الغيظ يحصل به، بل بالخطبة) فيضعف قول من قال من
العامة (3): أنه لا يبر إلا بالدخول، لعدم حصول الغيظ بدونه من وجهين، الأول أنه
غير التزوج، والثاني أنه حصول بدونه (ولو قصد الغيظ) صرح به أو اكتفى بنيته
(لم يبر بما لم يحصل به) من التزويج (كالتزويج بالعجوز).
(ولو حلف: لا يأكل ما اشتراه زيد، لم يحنث بأكل ما ملكه بهبة
معوضة، أو رجع إليه بعيب أو إقالة أو قسمة أو صلح بعوض) الأولى تعلقه بكل
من القسمة والصلح (أو شفعة ويحنث) بأكل ما اشتراه (بالسلم) والكل ظاهر.
(ولو حلف: أن لا يشتري أو لا يتزوج، فوكل وعقد الوكيل، أو قال:
لا بنيت بيتا فبناه الصانع بأمره أو استيجاره أو) قال: (لا ضربت، وهو



(1) الخلاف: ج 6 ص 186 المسألة 103.
(2) المبسوط: ج 6 ص 250.
(3) الحاوي الكبير: ج 15 ص 297.
47
سلطان) ليس من عادته الضرب بنفسه (فأمر به ففي الحنث إشكال، ينشأ
من معارضة العرف والوضع، ولعل الأقرب متابعة العرف) لنسخه اللغة
وخصوصا فيمن لم يعتد منه أن يلي الأفعال بنفسه كالسلطان لا يلي البيع والشراء
والضرب ومن لا يعرف البناء، خلافا للخلاف (1) والسرائر (2) والشرائع (3) فرجحوا
اللغة. وفي المبسوط (4): اعتبر اللغة إن كان يلي الفعل بنفسه، وتردد فيمن لا يليه،
ومال إلى ما استقربه المصنف وقال في التزوج والطلاق باعتبار اللغة وإن كان
الحالف سلطانا، لأنهما مما يليه بنفسه.
(ولو قال: لا أستخدمه، فخدمه بغير أمره لم يحنث) كان عبد نفسه أو
عبد غيره، خلافا لبعض العامة (5) فحنثه إن كان عبد نفسه.
(ولو حلف: لا يبيع أو لا يشتري أو لا يتزوج فتوكل) لغيره (في
هذه العقود، فالأقرب الحنث) لأنها حقائق في إيقاع العقد. ويحتمل العدم،
لقولهم: ما بعته ولا اشتريته بل كنت وكيلا، وهو الحق في لا أتزوج ولا أنكح، إذ لا
يقال لوكيل الزوج: إنه تزوج أو نكح، وقد سمعته فيما مضى، نعم إن قال: لا أزوج
أو لا أنكح من الإنكاح حنث قطعا.
(ولو حلف: لا كلمت عبدا اشتراه زيد، فاشترى وكيل زيد لم يحنث
بكلامه وكذا في) الحلف أن لا يكلم (امرأة تزوجها زيد فقبل وكيل زيد)
وفيهما أيضا معارضة اللغة والعرف بزعم المصنف، وعلى ما قلناه في الشراء
خاصة (ويحنث) قطعا (لو قال) لا كلمت (زوجة زيد أو عبده).
(ولو حلف: لا يبيعه بعشرة، فباعه بأقل ففي الحنث إشكال) من



(1) الخلاف: ج 6 ص 162 المسألة 65.
(2) السرائر: ج 3 ص 50.
(3) شرائع الإسلام:، ج 3 ص 178.
(4) المبسوط: ج 6 ص 231.
(5) المبسوط للسرخسي: ج 9 ص 12.
48
الخروج عن المنطوق، ومن الفهم في العرف بطريق الأولى (ولا يحنث بالأكثر
قطعا و بالعكس في الشراء.)
(ولو حلف على الهبة انطلق إلى كل عطية متبرع بها) كما في
المبسوط (1) والخلاف (2) (كالهدية والنحلة والعمرى على إشكال) في
العمرى خاصة من أنها تمليك منفعة وهو خيرة الشرائع (3) فيها وفي النحلة لجواز
تناولها المنفعة، ومن احتمال عموم الهبة لتمليك المنافع وقوله (عليه السلام): " العمرى هبة
لمن وهبت " (4) له. أو في الكل من أنها في الأصل التمليك بغير عوض كما نص
عليه جماعة من أهل اللغة (5) ومن اختصاصها في عرف الشرع بغيرها. وهو ممنوع
في غير العمرى (والوقف) كما في المبسوط (6) بناء على الانتقال إلى ملك
الموقوف عليه (والصدقة) المندوبة كما فيه وفي الخلاف (7) والجامع (8) لدخولها
في تمليك العين بلا عوض، ولم يدخلهما ابن إدريس فيها ومنع كون الهبة عبارة
عن تمليك العين تبرعا بلا عوض، قال: لأن الوقف كذلك ولا يسمى هبة بغير
خلاف، وصدقة التطوع عندنا لا تسمى هبة بل بينها وبين الهبة فرق كثير، لأن
صدقة التطوع بعد القبض لا يجوز الرجوع فيها (9) وفي المختلف: أن ادعاء
الإجماع غلط، وأن احتجاجه بلزوم الصدقة دون الهبة ينتقض بهبة ذي الرحم (10)
وقد يفرق بينهما باشتراط القربة في الصدقة، ودفع بأنها تدخل في الهبة أيضا وإن
لم يشترط بها، فإنا نقول: إنها نوع منها.



(1) المبسوط: ج 6 ص 244.
(2) الخلاف: ج 6 ص 177 المسألة 91.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 177.
(4) مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 302 و 304.
(5) النهاية لابن الأثير: ج 5 ص 231 (مادة وهب).
(6) المبسوط: ج 6 ص 244.
(7) الخلاف: ج 6 ص 177 المسألة 91.
(8) الجامع للشرائع: ص 422.
(9) السرائر: ج 3 ص 55.
(10) مختلف الشيعة: ج 8 ص 163.
49
(ولو قال: لا أتصدق لم يحنث بالهبة) غير المتصدق.
(ولو حلف على المال انطلق على العين والدين الحال والمؤجل وإن
كان المديون معسرا) لاشتغال ذمته به ولذا يبرأه إذا أبرأه (والعبد الآبق
والمدبر) لبقاء الملك (فلو حلف: ليتصدقن بماله لم يبر إلا بالجميع)
وللعامة قول باختصاصه بالزكوي (1) وآخر بالعين، وثالث بغير المؤجل (دون
المكاتب) وإن كان مشروطا كما يقتضيه الإطلاق لجريانه مجرى الخروج من
ملكه ولذا لا يملك منافعه، خلافا للتحرير (2) لبقاء الملك حقيقة، كما قال (عليه السلام):
المكاتب عبد ما بقي عليه درهم (3) (و) كذا (ام الولد) خلافا ودليلا، نعم
إن حلف على نحو التصدق بماله لم يتناولهما، لمنع التصرف فيهما بمثله
شرعا، ويجوز أن يكون الذي أراده (وفي) دخول (المنفعة) في المال
(كإجارة الدار) أي كالسكنى المستحقة بالإجارة ونحوها، وكخدمة العبد
ومنافع الدابة (نظر) من تبادر الأعيان إلى الفهم، ومن مساواتها الأعيان في
الانتفاع والتقويم. وقد مر ترجيحه في التفليس، وأما منفعة نفسه ونحو حق الشفعة
والاستطراق فليس منه.
(المطلب الخامس في الإضافات والصفات)
(لو حلف: لا يدخل دار زيد انصرف إلى المملوكة) له بلا خلاف كما
في المبسوط (4) (ولو بالوقف) عليه إن قلنا بملكه (وإن لم يكن مسكنه لا
المسكونة بأجرة وغيرها) إلا أن يكون نوى المسكن بالدار (ولو حلف على
مسكنة دخل المستعار والمستأجر، وفي المغصوب إشكال) من أن



(1) الحاوي الكبير: ج 15 ص 457.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 103 س 1.
(3) سنن أبي داود: ج 4 ص 20 الحديث 3926 وفيه: " عليه من مكاتبته درهم ".
(4) المبسوط: ج 6 ص 225.
50
الإضافة مقدرة باللام والمتبادر منها الاستحقاق، ومن أن أدنى الملابسة كافية فيها
(ولا يدخل الملك مع عدم السكنى) فإن المتبادر من إضافة المسكن إليه
اختصاصه به من حيث السكنى وإن جازت بدونه.
(واليمين تابعة للإضافة مع عدم الإشارة) قطعا (فلو حلف: لا يدخل
دار زيد فباعها أو لا يدخل مسكنه فخرج عنه أو لا يكلم زوجته فطلقها
أو لا يستخدم عبده فباعه، انحلت اليمين) إلا أن يكون نوى العموم، ويدل
عليه خبر أبي بصير سئل الصادق (عليه السلام) في رجل أعجبته جارية عمته، فخاف الإثم
وخاف أن يصيبها حراما فأعتق كل مملوك له، وحلف بالأيمان أن لا يمسها أبدا،
فماتت عمته فورث الجارية، أعليه جناح أن يطأها؟ فقال: إنما حلف على الحرام
ولعل الله أن يكون رحمه فورثها إياه لما علم من عفته (1). وفيه: أنه يجوز أن يكون
عينها بالإشارة أو الانحلال، لأنه صارت المخالفة أولى (ولو قيده بالإشارة)
دون الإضافة (كقوله: لا دخلت هذه الدار لم ينحل اليمين ولو جمع) بينهما
(كقوله: لا دخلت دار زيد هذه أو لا استخدمت هذا عبد زيد فالأقرب
بقاء) حكم (اليمين مع عدم الإضافة) لأن الإشارة أفادت تعلقها بالعين فلا
يضر زوال الصفة. ويحتمل الانحلال، لأصالة البراءة، ولأنها علقت بالعين مع
الصفة فينحل بزوال أحد الأمرين، ولأنه يتبادر إلى الأفهام من الحلف على مثله
أنه أراد قطع الموالاة بينه وبين زيد. قال في المبسوط: وهذا الذي يدل عليه أخبار
أصحابنا، والأول أقوى (2) وبه قطع في الخلاف (3) ونسبه إلينا. ولعله أراد بالأخبار
خبر أبي بصير في جارية العمة، لأنه يعم ما إذا عينها بالإشارة مع الإضافة.
(ولو قال: لا آكل لحم هذه البقرة وأشار إلى سخلة أو لا كلمت هذا



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 180 ب 49 من أبواب الأيمان ح 1.
(2) المبسوط: ج 6 ص 224.
(3) الخلاف: ج 6 ص 173 المسألة 85.
51
الرجل وأشار إلى طفل، حنث بالأكل والكلام) وإن خالف الذات في الأول
والوصف في الثاني (تغليبا للإشارة) وتحرزا عن إلغاء الكلام رأسا.
(ولو حلف: لا يدخل هذه الدار من بابها لم يحنث بالدخول من غير
الباب) بنحو التسور والدخول من منفذ الماء. (ولو استجد باب آخر فدخل
به حنث سواء أزيل الباب الأول أو بقي) لعموم اللفظ كل باب اختص بها من
قديم وجديد، كما أنه إن حلف لا يدخل دار زيد حنث بما سيملكه من الدور.
وقيل بالعدم (1) صرفا للفظ إلى الموجود (ولو قلع الباب وحول إلى دار اخرى
وبقي الممر حنث بدخوله، لأن الاعتبار في الدخول بالممر لا بالمصراع)
وفيه وجهان آخران، أحدهما الاعتبار بالمصراع دون الممر، والآخر باعتبارهما.
وهما ضعيفان وإن سلمنا كون الباب حقيقة في المصراع. (و) على المختار (لو
حلف: لا دخلت من هذا الباب، لم يحنث بالدخول من باب آخر وإن
حول الخشب إلى الثاني، ولو حلف على الدخول فنزل من السطح
فالأقرب الحنث) كان على السطح حين حلف أو خارجا، فإن الدخول لا يعم
الكون على السطح، ويعم الانتقال من الخارج إلى الداخل بأي وجه كان. ويحتمل
العدم مطلقا لما أن المتبادر من دخولها الدخول من الباب ونحوه من المنافذ لا
النزول، والعدم إن كان على السطح بناء على عموم دخولها للكون عليه، فإنه لا
يحنث إذا حلف وهو فيها إلا بدخول متجدد كما عرفت.
(ولو حلف: لا ركب دابة العبد) عبر بلفظ العبد أو ذكر اسمه وهو عبد
(لم يحنث إلا بما يملكه بعد العتق إن أحلنا الملك مع الرقية) وإن وسمت
له دابة، لتبادر الملك. وأما إذا ملكها بعد العتق فإن عبر باسمه حنث قطعا وإن عبر
بدابة العبد لم يحنث. وإن قال: دابة هذا العبد جرى فيه ما جرى في نحو دار زيد



(1) لم نعثر عليه.
52
هذه. (ويحنث في) دابة (المكاتب وإن كان مشروطا، لانقطاع تصرف
المولى عن أمواله) فهي في حكم ماله، ولذا لا يحنث بركوب دابته إذا حلف لا
يركب دابة السيد (ولو حلف لا يركب سرج الدابة حنث بما هو منسوب
إليها) من السروج، إذ لا يراد هنا بالإضافة إلا المعروف من الاختصاص دون
الملك، لأنها ليست أهلا للملك بخلاف العبد.
(ولو حلف: لا يلبس ما غزلت فلانة حنث بالماضي من الغزل)
خاصة (أما لو قال: لا ألبس ثوبا من غزلها) فظاهر أنه (شمل الماضي
والمستقبل ولا يحنث بما خيط من غزلها أو كان سداه) خاصة أو لحمته
خاصة (منه إذا ذكر الثوب) فإنه لا ينطلق على السدى وحده ولا على اللحمة
وحدها. أما لو قال: لا ألبس ما من غزلها أو ما غزلته أو تغزله فإنه يحنث بلبس ما
سداه خاصة أو لحمته خاصة منه، لصدق اللبس.
(ولو حلف: لا يلبس قميصا فارتدى به) وهو على هيئته (ففي
الحنث إشكال) من أنه لبس، ومن أن المتبادر لبسه على الوجه المعروف (ولا
يحنث) بلا خلاف كما في المبسوط (1) (لو فتقه وائتزر) أو ارتدى (به).
(وإذا علق على الإشارة دامت بدوام العين) قطعا (كقوله: لا أكلت
هذا أو لا كلمته. ولو علق على الوصف انحلت بعدمه كقوله: لا كلمت
عبدا أو لا أكلت لحم سخلة فكلم من أعتق أو أكل لحم بقرة) كذا في
النسخ والظاهر لحم كبش، ويمكن تعميم السخلة لولد البقرة توسعا (ولو اجتمعا
فالأقرب تغليب الإشارة) كما مر في الإضافة (كقوله: لا كلمت هذا العبد أو
لا أكلت لحم هذه السخلة فيعتق وتكبر) فإنه يحنث.
(ولو حلف: لا يخرج بغير إذنه، فأذن بحيث لا يسمع المأذون، ففي



(1) المبسوط: ج 6 ص 225.
53
الحنث إشكال) من الشك في اشتراط تحقق الإذن بعلم المأذون، وعلى عدم
الاشتراط من الشك في كون الباء للسببية أو المصاحبة، وعلى السببية من الشك
في اشتراط العلم بسبب الإباحة (وإذا خرج مرة بإذنه انحلت اليمين) ولم
يلزمه كلما دخل أن لا يخرج إلا بإذنه إلا إذا حلف كذلك.
(ولو حلف: لا دخلت دارا، فدخل براحا كان دارا لم يحنث) لأنه لا
يسمى دارا حقيقة لأخذها من الدوران، وإنما سميت بها لدوران الحائط بها وإن
كثر استعمالها فيه (ولو قال: لا دخلت هذه الدار، فانهدمت وصارت براحا
احتمل الحنث بدخولها، وعدمه، للتردد بين الرجوع إلى الإشارة أو
الوصف) ويزيد الإشكال هنا كون الوصف فيه بمنزلة اسم الذات، لأن الحكم فيه
يتبع الاسم. وفي المبسوط: أنه لا يحنث عندنا (1). وعن المصنف في الدروس أن
الاسم للعرصة وليست العمارة جزء من مفهومه (2). وإن انهدمت ثم بنيت بآلتها أو
بغيرها حنث إن كانت الدار هي العرصة المحاطة بالحيطان دون الحيطان، وهو
الظاهر. وقيل: لا يحنث مطلقا (3). وقيل: يحنث إن أعيدت بآلتها (4).
(ولو حلف: لا يدخل على زيد بيتا، فدخل على جماعة هو فيهم)
جاهلا لم يحنث عندنا، خلافا لبعض العامة (5) وإن كان (عالما ولم يستثنه
حنث) بلا إشكال (وكذا إن استثناه بأن نوى الدخول على غيره خاصة
على رأي) وفاقا للخلاف (6) والسرائر (7) والجامع (8) والشرائع (9) لأنه فعل واحد
لا يختلف باختلاف القصود. وخلافا للمبسوط (10) بناء على اختلاف الأفعال



(1) المبسوط: ج 6 ص 224.
(2) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 34.
(3) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 34.
(4) الحاوي الكبير: ج 15 ص 358.
(5) الحاوي الكبير: ج 15 ص 365.
(6) الخلاف: ج 6 ص 157 المسألة 56.
(7) السرائر: ج 3 ص 50.
(8) الجامع للشرائع: ص 421.
(9) شرائع الإسلام: ج 3 ص 177.
(10) المبسوط: ج 6 ص 227.
54
الاختيارية بالقصود (أما لو قال: لا كلمته، فسلم على جماعة هو فيهم
وعزله بالنية) خاصة (أو النطق) أيضا (لم يحنث) قولا واحدا، لأن
الخطاب يختلف باختلاف القصود بلا إشكال (ولو لم يستثنه مع العلم حنث)
وللعامة (1) قول بأنه لا يحنث، وآخر بأنه يحنث وإن استثنى.
(ولو حلف: ليعطين من يبشره، فهو لأول مخبر بالبشار (2))
للاختصاص به عرفا، والعلة فيه أنه الإخبار بما يظهر منه السرور على البشرة،
وهو مختص في الغالب بالخبر الأول، وهل يشترط الصدق؟ وجهان، (سواء
تعدد أو اتحد) لعموم " من " (ولو قال: من يخبرني، استحق الثاني ومن
بعده مع الأول) فإن المعروف من الإخبار الإتيان بالجملة الخبرية من غير إرادة
الإنشاء بها وإن علم المخاطب بمضمونها، وهو ممنوع في العرف العام، نعم هو
المعروف بين علماء العربية ولكن لا يظهر فيه خلاف (ولو قال:) لأعطين
(أول من يدخل داري، فدخلها واحد) أو جماعة (استحق) وفي
المبسوط: فإن قال: أول من يدخل الدار من عبيدي أحرار، فدخل اثنان معا
ودخل ثالث، لم ينعتق الاثنان، لأنه لا أول منهما، ولا الثالث، لأنه ليس بأول، فإن
قال: أول من يدخلها من عبيدي وحده فهو حر، فدخلها اثنان معا وثالث بعدهما،
عتق الثالث وحده، لأنه أول داخل وحده. وقد روي في أحاديثنا أن الاثنين
ينعتقان، لأنهم رووا أنه إذا قال القائل: أول ما تلده الجارية فهو حر، فولدت توأما
اثنين أنهما ينعتقان (3) انتهى. ثم إنه يستحق من لم يسبق بالدخول (وإن لم
يدخل غيره) إن يراد به في الغالب من لم يسبق خلافا لبعض العامة (4) (ولو
قال: آخر من يدخل داري، كان لآخر داخل قبل موته، لأن إطلاق



(1) الحاوي الكبير: ج 15 ص 445.
(2) في القواعد: بالسار.
(3) المبسوط: ج 6 ص 248.
(4) الحاوي الكبير: ج 15 ص 407.
55
الصفة) وهي هنا دخول الدار (يقتضي وجوده) أي الصفة (حال الحياة) لا
بعدها وإلا لغت اليمين، مع أن إضافة الدار إلى نفسه ظاهرة في الملك، وهي تخرج
عن ملكه إذا مات. وإذا عين الدار بالإشارة أو النية، كان لآخر داخل قبل
خروجها عن ملكه.
(ولو حلف: لا يلبس حليا حنث بالخاتم) خلافا لبعض العامة (1)
(واللؤلؤ) منفردا، لقوله تعالى: وتستخرجون منه حلية تلبسونها (2) خلافا لبعض
العامة (3) وهو خيرة الدروس (4).
(والتسري) أصله التسرر (وهو) اتخاذ السرية، وهي الأمة المتخذة
للوطء، من السر، لإخفائها بالتخدير أو عن الزوجة، أو السر هو الجماع، أو
السرور، لأنه يسر بها أو تسر به. وقيل: من السرا وهو الظهر، لأنها مركوبة.
وبالجملة: فلو حلف على التسري اعتبر (وطء الأمة) قطعا (وفي جعل
التخدير شرطا نظر) فاعتبره الشيخ في الخلاف (5) وفي المبسوط (6) في وجه،
وفي آخر اعتبر الوطء والإنزال دون التخدير ورجحه على الأول. ولعل اعتبار
الإنزال لاتباع العادة. وفي المختلف المعتمد البناء على العرف، وهو يختلف
باختلاف الأزمان والأصقاع (7) يعني في اعتبار التخدير وعدمه، فإن منهم من
يخدر السرية ومنهم من لا يخدرها.
(ولو حلف: أن يدخل) دارا ونحوها (لم يبر إلا بدخوله كله) لا
بإدخال رأسه أو يده أو إحدى رجليه، ولكن يصدق عرفا بما إذا دخل ورأسه أو يداه



(1) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 296.
(2) النحل: 14.
(3) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 296.
(4) الدروس الشرعية: ج 2 ص 174 درس 154.
(5) الخلاف: ج 6 ص 187 المسألة 106.
(6) المبسوط: ج 6 ص 251.
(7) مختلف الشيعة: ج 8 ص 167.
56
خارجة. وإذا دخل مضطجعا ونحوه احتمل اعتبار أنه إذا جلس كان داخلا (ولو
حلف: أن لا يدخل، لم يحنث بدخول بعضه كرأسه ويده) وإحدى رجليه.
(ولو حلف: لا يلبس ثوبا، فاشترى به أو بثمنه ثوبا ولبسه لم يحنث)
ولبعض العامة قول بأنه إذا حلف لا يلبس ثوبا من عمل يد فلان فاستبدل به أو
بثمنه ثوبا فلبسه حنث (1) بناء على جعله كقوله: لا شربت له ماء من عطش.
(المطلب السادس الكلام)
(لو قال: والله لا كلمتك فتنح عني، حنث بقوله: " تنح عني " دون
الأول) وهما ظاهران (ولو قال: أبدا، لم يحنث به أو الدهر أو ما عشت أو
كلاما حسنا أو قبيحا) فإن شيئا من ذلك لا يسمى كلاما فضلا عن كونه كلاما
معه، ولأنه لا يتم اليمين على ما نواه بدونه (ولو علل مثل) أن قال: (لأنك
حاسد أو مفسد، فإشكال) من الدخول في الجملة القسمية وعدم الاستقلال،
ومن أن اليمين تمت قبله، مع اشتماله على الحكم والخطاب معه (ويحنث لو
شتمه) مع مواجهته به، إلا أن يقوم قرينة على أنه إنما حلف على ما ينبئ عن
الموادة (ولو كاتبه لم يحنث وكذا لو راسله أو أشار إشارة مفهمة) لخروج
جميع ذلك عن حقيقة الكلام، ولقوله تعالى: فأشارت إليه (2) بعد قوله: إني نذرت
للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا (3) والاستثناء في قوله تعالى: " آيتك ألا تكلم
الناس ثلاثة أيام إلا رمزا " (4) منقطع خلافا لبعض العامة (5) فحنث بالجميع.
واحتمل حنث الأخرس بالإشارة والمكاتبة.
(ولو حلف على المهاجرة ففي الحنث بالمكاتبة) أو المراسلة



(1) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 298.
(2) مريم: 29.
(3) مريم: 26.
(4) آل عمران: 41.
(5) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 327.
57
(إشكال) من الإشكال في شمول المهاجرة لترك جميع ذلك فإنها قطع الموادة
وهي تحصل بكل من ذلك، ولا يعلم أنه حلف على قطع جملة مراتبها أو بعضها
فإن الكلام موجب لفظا منفي معنا، فإن اعتبر اللفظ كفى نوع من القطع، وإن اعتبر
المعنى لزم القطع جملة، وهو خيرة الإرشاد (1) ولا إشكال في مكاتبة ومراسلة لا
تنبئ على الموادة.
(ولو حلف: لا يتكلم، ففي الحنث بقراءة القرآن أو بترديد الشعر مع
نفسه إشكال) من صدق الكلام عليهما لغة وعرفا وشرعا وهو خيرة السرائر (2)
والشرائع (3) والتحرير (4) والمختلف (5) ومن مبادرة غيرهما إلى الذهن. وهو خيرة
الإرشاد (6) والخلاف (7) في القرآن، واستدل عليه في الخلاف بأنه لا يبطل به
الصلاة. وضعفه ظاهر إلا أن يريد أنه في الغالب طاعة، فلا ينعقد اليمين بالنسبة إليه
أو يكون المخالفة فيه أولى.
(ولو حلف: أن يصلي، لم يبر إلا بصلاة تامة ولو ركعة. ولو حلف: أن
لا يصلي، فالأقرب الحنث بالكاملة دون التحريم) وما بعده (إذا أفسدها)
لانصراف الصلاة شرعا إلى الكاملة. ويحتمل الحنث ضعيفا، لنحو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن
جبرائيل (عليه السلام) صلى بي الظهر حين زالت الشمس (8) ولأنه كما يحرم فعلها كاملة
يحرم الشروع فيها.
(ولو حلف: أن لا يكلمه، فكلم غيره بقصد إسماعه لم يحنث) فإن
الإسماع غير التكليم (ولو ناداه بحيث يسمع، فلم يسمع لتشاغله أو غفلته
حنث. ولو كلمه حال نومه أو إغمائه أو غيبته أو موته) أو صممه (لم



(1) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 89.
(2) السرائر: ج 3 ص 57.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 180.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 104 س 23.
(5) مختلف الشيعة: ج 8 ص 167.
(6) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 89.
(7) الخلاف: ج 6 ص 185 المسألة 102.
(8) سنن أبي داود: ج 1 ص 107 ح 393.
58
يحنث) لأنه لا يقال: كلمه، إلا حيث كان من شأنه أن يفهمه (ويحنث) لو كلمه
(حال جنونه) فإنه من شأنه (ولو سلم عليه حنث) بلا خلاف كما في
الخلاف (1) لأن السلام كلام. وقد مر الكلام فيما لو سلم على جماعة هو فيهم (ولو
صلى به إماما لم يحنث إذا لم يقصده بالتسليم) ولو صلى مأموما فارتج على
الإمام ففتح عليه لم يحنث، لأنه من كلام الله لا كلام الآدميين.
(المطلب السابع في الخصومات)
(لو حلف: لا يأوى مع زوجته في دار، فأوى معها في غيرها فإن
قصد الجفا) لا خصوصية الدار (حنث وإلا فلا. وكذا لو حلف: لا يدخل
عليها بيتا) وليس إذا أراد الجفا بأحد اللفظين فقد نوى ما لم يلفظ به حتى لا
يعتبر، فإنهما يصلحان له ولو مجازا، مع ما قيل في الدار: من كونها حقيقة في
العرصة والمحلة (2).
(ولو حلف: ليضربن عبده مائة سوط، قيل) في الخلاف (3)
والمبسوط (4) والتبيان (5) (يجزئ ضربة واحدة بضغث فيه العدد) من
الشماريخ أو الأسواط. وحكى عليه الإجماع في الخلاف صريحا، وفي الباقيين
ظاهرا، وزاد عليه: والدليل قصة أيوب (والأقرب المنع) ولو جمع مائة سوط
فضربها دفعة فإن قوله " مائة سوط " ظاهره أنه مفعول مطلق في قوة " مائة ضربة
بالسوط " وهذا ضربة بمائة، ثم لا دليل على إجزاء الشمراخ عن السوط إلا أن
يشتمله حقيقة، وهو غير بعيد (نعم لو اقتضت المصلحة ذلك فعل كالمريض)
ويحمل قصة أيوب إما عليه أو على أنه إنما حلف على الضرب بمائة لا مائة. وأما



(1) الخلاف: ج 6 ص 172 المسألة 84.
(2) العين: ص 276 (مادة دور).
(3) الخلاف: ج 6 ص 175 المسألة 89.
(4) المبسوط: ج 6 ص 243.
(5) التبيان: ج 8 ص 568.
59
إجزاء الشمراخ عن السوط فلا دلالة لها عليه بوجه، ويدل على الإجزاء في
الضرورة قول الصادق (عليه السلام) في خبر حنان بن سدير: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتى
برجل أحبن قد استسقى بطنه وبدت عروق فخذيه وقد زنى بامرأة مريضة، فأمر
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه به ضربة وضربها به ضربة
ثم خلى سبيلهما (1) وذلك قوله: وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث (2)
(ويشترط) في الإجزاء (وصول كل شمراخ إلى جسده) إذ لا ضرب إلا
بوصول آلته إلى المضروب وسيأتي في الحد أنه لا يشترط، وهو الذي في
الإرشاد (3) في الموضعين، ولعله أولى، لبعده عادة (و) على الأول (يكفي ظن
الوصول) لأنه المناسب للتخفيف، لأنه يتعسر تحصيل العلم مع الضرب دفعة،
وعموم الآية والخبر. وللعامة قول باشتراط العلم (4) (ويجزئ ما يسمى به
ضاربا) فلا يجزي الوضع (ويشترط إيلامه) فإن ما انفك عنه إنما يدخل في
الوضع إلا أن يضرب على ثوبه. ولم يشترطه الشيخ. وظاهر الخلاف الإجماع
على عدم الاشتراط (5) ولا خلاف في أنه إن حلف: ليضربنه مائة لم يبر بالضرب
بمائة دفعة، وإذا حلف: ليضربنه مائة ضربة بر به وفاقا للشيخ (6) لأن لكل شمراخ
ضربة. وفيه وجه آخر أنه لا يبر لا بمائة مرة (أما لو حلف: ليضربنه بمائة
سوط فالأقرب إجزاء الضغث) لغير ضرورة، فإنه إنما أفاد كون الآلة مائة.
ويحتمل العدم ضعيفا بناء على تبادر التعاقب (ولا يبر بالسوط الواحد مائة
مرة) إلا أن ينوي ما يشمل ذلك، إذ قد يراد ذلك (هذا) الذي ذكر من البر
والحنث (في الحد والتعزير) والتأديب، وبالجملة ما يترجح فيه الضرب شرعا.



(1) وسائل الشيعة: ج 18 ص 320 ب 13 من أبواب مقدمات الحدود ح 1.
(2) ص: 44.
(3) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 89.
(4) مختصر المزني: ص 296.
(5) الخلاف: ج 6 ص 175 المسألة 89.
(6) الخلاف: ج 6 ص 175 المسألة 89.
60
(أما في المصالح الدنيوية فالأولى العفو ولا كفارة) للعمومات، وخصوص
خبر محمد العطار قال: سافرت مع أبي جعفر (عليه السلام) إلى مكة فأمر غلامه بشيء
فخالفه إلى غيره، فقال أبو جعفر (عليه السلام): والله لأضربنك، قال: فلم أره ضربه، فقلت:
جعلت فداك أنك حلفت لتضربن غلامك فلم أرك ضربته، فقال: أليس الله يقول:
وأن تعفوا أقرب للتقوى (1).
(ولو حلف على الضرب حنث باللطم) وهو الضرب بالكف مفتوحة
(واللكم) وهو الضرب بها مجموعة وللعامة قول بالعدم (2) (والضرب بغير
العصا) وبه (لا بالعض والخنق وجز الشعر المؤلم) بإهمال الراء واعجامها، إذ
لا شيء منها بضرب حقيقة. خلافا لأبي علي فحنث بالعض والخنق والقرص (3) ولأبي
حنيفة فحنث بالأولين ونتف الشعر، لاشتمالها على الضرب وزيادة (4). وهو ممنوع.
(ولو حلف: لا يرى منكرا إلا رفعه إلى القاضي، لم يجب المبادرة)
إلا إذا اشترطها أو وقت أو ظن الوفاة (فإن قصد) القاضي (المعين) فلا
إشكال (وإلا احتمله) وهو قاضي البلد (واحتمل الجنس) لاحتمال اللام
لهما، وتعارض أصلي عدم التعيين والبراءة، ويؤيد الأول اشتمال الثاني على
التجوز، لتنزله النكرة. والثاني خيرة المبسوط (5) والتحرير (6) (ولو عين فعزل
قبل الرفع) فإن قال: إلى هذا أو زيد مثلا، فلا إشكال أن عليه الرفع، لبقاء الذات
مع عدم التعليق على الوصف. ولو قال: إلى هذا القاضي أو زيد القاضي ونحوهما
(ففي الرفع إليه إشكال) من تعارض الإشارة والوصف. والعدم خيرة



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 171 ب 38 من أبواب الأيمان ح 1.
(2) الحاوي الكبير: ج 15 ص 405.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 169.
(4) المبسوط للسرخسي: ج 9 ص 18، الحاوي الكبير: ج 15 ص 405.
(5) المبسوط: ج 6 ص 243.
(6) تحرير الأحكام: ج 2 ص 104 س 13.
61
الخلاف (1) والمبسوط (2) (ولو بادر فمات القاضي قبل الوصول إليه) حجب
عنه أو منع من الوصول أو لا (لم يحنث) خلافا لبعض العامة (3) (ولو اطلع
القاضي عليه قبل رؤيته ففي وجوب الرفع إشكال) من العموم، ومن انتفاء
الفائدة. وقيل: إن كان القاضي يقضي بعلمه لم يجب، وإلا وجب (4) وهو الوجه، بل
يكفي في وجوب الرفع احتمال التأكيد إن لم نقل بوجوبه مطلقا.
(ولو حلف: أن لا يتكفل بمال، فتكفل ببدن لم يحنث وإن استعقب
إلزام المال عند التعذر) إلا أن يشترطه عند التكفل بالبدن (ولو حلف: لا
يفارق غريمه، ففارقه الغريم فلم يتبعه) فإن أذن له في المفارقة حنث كما في
التحرير (5) فإن يمينه بمنزلة اليمين على الاستيفاء قبل المفارقة وقد تركه، وإن لم
يأذن (لم يحنث على إشكال): من أن اليمين إنما هي على فعل نفسه وهو لم
يفعل شيئا والمفارق إنما هو الغريم لصحة " ما فارقته ولكن فارقني " ومن استلزام
وقوع المفارقة من جانب وقوعها من الآخر، لأنه قضية المفاعلة ويكفي فيه ترك
المتابعة (وكذا لو اصطحبا في المشي فمشى الغريم ووقف، لأن المفارق)
قطعا (هو الغريم) وإن كان إذا حلف: " لا فارقته " في الطريق كان الظاهر الحنث
بذلك (أما لو قال: لا نفترق، حنث فيهما) لأنه متى فارق أحدهما الآخر قيل
افترقا. وفرق في المبسوط (6) بين أن يقول: " لا افترقنا " وأن يقول: " لا افترقت أنا
وأنت أو هو، أو لا أفترق أنا وهو " فلم يحنث في الأول إلا بمفارقة كل منهما
صاحبه بأن يذهب هذا هكذا وهذا هكذا، وفي الثاني بكل منهما، فإنه بمعنى لا
فارقتني ولا فارقتك.



(1) الخلاف: ج 6 ص 174 المسألة 87.
(2) المبسوط: ج 6 ص 242.
(3) الام: ج 7 ص 80، المغني المحتاج: ج 4 ص 349.
(4) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 41.
(5) تحرير الأحكام: ج 2 ص 102 س 13.
(6) المبسوط: ج 6 ص 233.
62
(ولو قال: لا فارقتك حتى أستوفي حقي، فأبرأه حنث على إشكال)
من أن الاستيفاء إنما يكون إذا ثبت الحق ولما أبرأه سقط فزال محل اليمين، ومن
أنه الذي أزال المحل فهو كمن أتلف طعاما حلف على أكله (ولو قضاه قدر
حقه) في ظنه (ففارقه فخرج رديئا أو ناقصا) أو من غير الجنس (لم
يحنث) لامتناع تكليف الغافل خلافا لبعض العامة (1) (وكذا لو خرج مستحقا
فأخذه صاحبه. ولو فلسه الحاكم فالأقرب) كما في المبسوط (2) (عدم
الحنث لوجوب مفارقته) حينئذ شرعا إذ ليس له مطالبته بالبقية (فهو
كالمكره) على المفارقة. ويحتمل الحنث ضعيفا، لإمكان الملازمة مع أنه لم
يستوف حقه. ولو ألزمه الحاكم بالمفارقة فلا شبهة في عدم الحنث (ولو أحاله
ففارقه حنث) كما في المبسوط (3) (على إشكال، ينشأ من البراءة) فيأتي ما
مر من الإشكال في الإبراء (أما لو ظن: أنه قد بر بذلك، ففارقه لم يحنث)
كما لو ظهر رديئا أو ناقصا أو مستحقا (وكذا لو كانت يمينه: لا فارقتك ولي
قبلك حق، لم يحنث بالإحالة والإبراء) بلا إشكال (وفي) الحنث عند
(قضاء العوض عن الحق) كان له عليه دنانير فقضى عوضها دراهم
(إشكال) من أن عوض الحق ليس نفسه، وهو خيرة المبسوط (4) والجامع (5)
والتلخيص (6) ومن صدق الاستيفاء عرفا، وهو خيرة الخلاف (7) (ولو وكل) في
الاستيفاء (فقبض الوكيل قبل المفارقة لم يحنث) لعموم الاستيفاء له عرفا
(ولو قال: لا فارقتك حتى أوفيك حقك، فأبرأه الغريم لم يحنث) لفوات



(1) الام: ج 7 ص 75.
(2) المبسوط: ج 6 ص 233.
(3) المبسوط: ج 6 ص 234.
(4) المبسوط: ج 6 ص 234.
(5) الجامع للشرائع: ص 421.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 32 ص 151.
(7) الخلاف: ج 6 ص 164 المسألة 68.
63
المحل لا باختياره (ولو كان الحق عينا فقبل هبته) قبل الإقباض (حنث)
لأنه أتلفه باختياره.
(المطلب الثامن في التقديم والتأخير)
(إذا حلف: ليأكلن هذا الطعام غدا، فأخر) عامدا مختارا (حنث) بلا
إشكال (وإن تلف الطعام قبل الغد أو مات الحالف) قبله (انحلت اليمين)
قطعا. ولو أكله أو أتلفه قبله ففيه ما مر (ولو تلف في أثناء الغد بعد التمكن من
أكله حنث) لإخلاله بالبر مختارا مع التمكن، ولم يحنثه الشيخ (1) وأبو علي (2)
لسعة الوقت فلا تفريط. والفرق بينه وبين ما إذا أطلق فكان وقته العمر أنا لو لم
نحنثه فيه مطلقا ارتفع وجوب العمل بمقتضى اليمين وأنه لا حد فيه للسعة وإنما
الأمر فيه إلى اجتهاد الحالف فإذا مات قبل البر علم خطاؤه. وتوقف في
المختلف (3) (ولو جن في يومه ولم يفق إلا بعد خروج الغد انحلت) ولم
يجب عليه الأكل بعده، لفوات الوقت، وعدم الدليل على وجوب التلافي.
(ولو حلف: ليضربن عبده غدا، فمرض العبد أو غاب لم يحنث) لأنه
كالمكره، إلا أن يحدث ذلك في الغد بعد التمكن من الضرب، ففيه الوجهان (ولا
يتعين الضرب في وقت معين من الغد بل يتضيق بتضيق الغد) ومن تضيقه
عند المصنف عروض المانع من مرض أو غيبة، ولذا حنثه إذا أخر فعرض (ولا
يبر بضربه ميتا) لانعدام الشخص بالموت وبعد فهمه من ضربه (ولا بضرب
غير مؤلم) خلافا للشيخ كما مر (4) (ولا بخنقه ونتف شعره وعصر ساقه)
ونحو ذلك (وإن آلمه) وقد مر الخلاف.
(ولو قال: لأقضين حقك غدا، فمات صاحبه ففي وجوب التسليم إلى



(1) الخلاف: ج 6 ص 158 المسألة 59.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 179.
(3) مختلف الشيعة: ج 8 ص 179.
(4) الخلاف: ج 6 ص 175 المسألة 89.
64
الورثة في غد إشكال) من أن القضاء يعمه إليه وإلى الوارث وإن انتقل الحق إلى
الوارث بالموت فإنه كان حقه حين اليمين - وهو خيرة الإرشاد (1) - ومن تبادر
التسليم إلى نفسه مع أنه لما لم يبق حقه لم يصدق أنه قضى حقه (ولو قال:
لأقضين حقك عند رأس الهلال، فعليه إحضار المال) قبله من باب المقدمة
(والترصد للهلال) فإذا رئي أو غربت شمس الثلاثين سلمه (فإن سلم قبله
أو بعده) ولو بأقل حين (حنث) خلافا لمالك (2) فإنه أجاز التأخير تمام الليلة
ويومها. وفي التحرير: لو شرع في عده أو وزنه أو كيله فتأخر القضاء لكثرته
فالأقرب عدم الحنث (3) (ولو قال: لأقضين إلى شهر، كان) رأس الهلال من
الشهر الآتي. (غاية) إن حلف أول الشهر، وإلا كانت الغاية يوم الثلاثين فيجب
القضاء قبل الغاية. وقيل: يجوز التأخير إليها (4) (ولو قال: إلى حين أو زمان
قيل) في الخلاف (5) والمبسوط (6): (يحمل على النذر في الصوم) فينصرف
الحين إلى ستة أشهر والزمان إلى خمسة، وحكى عليه الإجماع في الخلاف
(وفيه نظر) لأن التحديد بهما إنما وقع في النذر في الصوم، فلا يتعدى إلى غيره
إلا إذا ثبت النقل إليهما ولم يثبت (والأقرب أنه لا يحنث بالتأخير إلى أن
يفوت) القضاء (بموت أحدهما فحينئذ يتحقق الحنث) إلا أن يموت
صاحب الحق وقلنا بوجوب القضاء إلى الوارث، فإنه يبر إن لم يقيده بالمخاطب.
وفي المختلف: أن قول الشيخ لا يخلو من قوة، لأن العرف الشرعي ناقل عن
الوضع اللغوي ويجب المصير إليه، ولما ورد النقل بأن الحين في الصوم ستة أشهر
استدلالا بقوله تعالى: " تؤتى أكلها كل حين " استقر العرف في ذلك (7) (وكذا



(1) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 89.
(2) الحاوي الكبير: ج 15 ص 372.
(3) تحرير الأحكام: ج 2 ص 102 ص 12.
(4) لم نعثر عليه.
(5) الخلاف: ج 6 ص 159 المسألة 61.
(6) المبسوط: ج 6 ص 230.
(7) مختلف الشيعة: ج 8 ص 179.
65
الإشكال لو قال: لا كلمته حينا أو زمانا) والأقرب على ما تقدم أنه يبر
بالانتهاء عن الكلام في أقل زمان.
(والحقب) بالضم أو بضمتين (ثمانون عاما) كما قيل، وهو المروي في
معاني الأخبار مرسلا عن الصادق (عليه السلام) (1). وقال مالك: أربعون سنة (2) وقيل: بضع
وثمانون (3) وقيل: سبعون (4) وقيل: سنة (5) وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): مائة سنة (6)
وقيل: هو الدهر لا حد له، وهو اختيار الشيخ (7). وفي الصحاح: أن ما بضمتين
بمعنى الدهر وما بضمة بمعنى ثمانين سنة (8) (والدهر والوقت والعمر والطويل
والقريب والبعيد والقليل والكثير واحد) في عدم الاختصاص بحد (فلو
حلف: لا يكلمه دهرا) أو عمرا إلى آخر ما مر (يبر باللحظة) أما في الدهر
والوقت والعمر فظاهر، وأما في البواقي فلأن كل جزء من الزمان يفرض فهو
طويل وبعيد وكثير بالنسبة إلى أقل منه حتى ينتهي إلى الآن، وقصير وقريب وقليل
بالنسبة إلى أزيد منه. ولم يتخصص شيء منها بحد بالعرف أو غيره خلافا للعامة،
فلهم قول باختصاص الدهر بسنة (9) وآخر بستة أشهر (10) وآخر باختصاص البعيد
بشهر والقريب بأقل منه (11) (ولو قال: لا كلمته الدهر أو الأبد أو الزمان، حمل
على الأبد) فإن المعروف في هذه العبارة نفي التكلم في هذا الظرف، فلو وقع منه
في جزء من أجزائه حنث، كما أن المعروف في " لا كلمته دهرا " نفي التكلم في
دهر أي جزء ما من أجزاء الزمان فيبر بالامتناع في أقل جزء من الزمان بخلاف



(1) معاني الأخبار: ص 220 - 221 ح 1.
(2) الحاوي الكبير: ج 15 ص 376.
(3) التفسير الكبير للرازي: ج 31 ص 13.
(4) التبيان: ج 10 ص 244.
(5) تفسير الصافي: ج 5 ص 275.
(6) التفسير الكبير للرازي: ج 31 ص 13.
(7) التبيان: ج 10 ص 243 - 244.
(8) الصحاح: ج 1 ص 114 (مادة حقب).
(9) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 303.
(10) المبسوط للسرخسي: ج 9 ص 16.
(11) الحاوي الكبير: ج 15 ص 376.
66
" لا كلمته أبدا " فإنه معروف في تأكيد النفي (ولو حلف: أن يقضيه حقه في
وقت، فقضاه قبله لم يحنث إن أراد عدم تجاوز ذلك الوقت، وإلا حنث)
بناء على ما تقدم من الحنث بإتلاف ما حلف على أكله غدا قبله (ولو كان)
الموقت (غير القضاء حنث بتعجيله) من غير تفصيل، لأن الغالب فيه قصد
التوقيت لا عدم التجاوز، وإلا فلا فرق في إتيان التفصيل في الكل.
(الفصل الرابع في اللواحق)
(يكفي في الإثبات الإتيان بجزئي من الماهية في وقت ما) إن لم
توقت لأن الماهية تحصل في ضمن جزئي (ولابد في النفي من الامتناع عن
جميع الجزئيات في جميع الأوقات) لأنها لا ترتفع إلا بارتفاع جميع الأفراد
(إلا أن يعين جزئيا معينا أو وقتا معينا).
(وإذا حلف: ليفعلن، لا يجب البدار) للأصل (بل يجوز التأخير إلى
آخر أوقات الإمكان وهو) وقت (غلبة الظن بالوفاة) لكبر أو مرض أو
غيرهما (فيتعين إيقاعه قبل ذلك بقدر إيقاعه) فلو أخذ به ومات وجبت
الكفارة في التركة. ولو أخل به ثم ظهر فساد الظن وسعة الوقت فهل يحنث؟
وجهان، أقربهما العدم. وقيل (1) بوجوب المبادرة بناء على اقتضاء الأمر الفورية أو
على أن تجويز التأخير يفضي إلى عدم الوجوب، وهما ممنوعان.
(ويتحقق الحنث بالمخالفة اختيارا) مع التعمد (سواء كان بفعله أو
بفعل غيره كما لو حلف: أن لا يدخل، فركب دابة أو قعد في سفينة أو
حمله إنسان ودخلت الدابة أو السفينة أو الحامل بإذنه) فيحنث قطعا. وإن
قهر عليه لم يحنث قطعا. ويجوز تعلق الإذن بالثلاثة، لأن الدابة ربما يسوقها أو
يقودها الغير وكذا السفينة. (ولو سكت مع القدرة) على الامتناع (فكذلك



(1) لم نعثر عليه.
67
على إشكال) من تحقق حقيقة الدخول وإن كانت الحركة عرضية، ومن أن
المفهوم من الدخول ما باختياره كسائر الأفعال المنسوبة إلى المختار ولا اختيار
مع السكوت، فإنه إنما يتحقق اختيار الدخول بجعل المركوب آلة فيه، وإنما يتعين
الآلية مع الإذن، إذ بدونه ربما كان المقصود دخول المركوب وإنما دخل الراكب
تبعا وإن قصد في نفسه الدخول، فإنه كمن قصد الحنث ولم يحنث. ويحتمل قويا
الاكتفاء بالقصد فإنه بقصده جعل المركوب آلة. ويمكن تعميم الإذن له وجعل
السكوت في مقابله. وإذا لم يحنث ففي انحلال اليمين وجهان: من تحقق الدخول،
ومن أنه غير ما حلف عليه.
(ولا يتحقق الحنث بالإكراه ولا مع السهو ولا مع الجهل) بأنه
مما حلف عليه، إذ لا إثم في شيء من ذلك فلا كفارة، خلافا لبعض العامة
في الجميع (1).
(والحلف على النفي مع انعقاده يقتضي التحريم، كما أن الحلف على
الإثبات يقتضي الوجوب) لكن ربما يعرض التحريم ما يجعله واجبا أو مندوبا
والوجوب ما يجعله حراما أو مكروها (ويجوز أن يتأول في يمينه إذا كان
مظلوما ولو تأول الظالم لم ينفعه) كما في خبر مسعدة بن صدقة: أنه سئل
الصادق (عليه السلام) عما يجوز وعما لا يجوز من النية على الإضمار في اليمين، فقال:
يجوز في موضع ولا يجوز في آخر، فأما ما يجوز فإذا كان مظلوما فما حلف به
ونوى اليمين فعلى نيته، وأما إذا كان ظالما فاليمين على نية المظلوم (2) ونحوه عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (3).
(والتأويل: أن يأتي بكلام ويقصد غير ظاهره مما يحتمله) اللفظ



(1) المجموع: ج 18 ص 102.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 149 ب 20 من أبواب الأيمان ح 1.
(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 96 ح 301.
68
حقيقة أو مجازا في اللفظ أو في النسبة (مثل أن يقول: هو أخي، ويقصد أنه
أخوه في الإسلام أو المشابهة) أو الانتساب إلى الجد الأعلى وإن كان
آدم (عليه السلام) أو المصاحبة المتأكدة، أو الاختصاص التام، أو الكرامة عليه (أو يعني
بالسقف والبناء السماء) كما قال الله تعالى: والسقف المرفوع (1) والسماء بناء (2).
(وبالبساط والفراش الأرض) كما قال الله تعالى: والله جعل لكم الأرض
بساطا (3) الذي جعل لكم الأرض فراشا (4) (وبالأوتاد الجبال) كما قال الله
تعالى: والجبال أوتادا (5) (وباللباس الليل) أو التقوى أو الزوج أو الزوجة كما
قال تعالى: جعل الليل لباسا (6) هن لباس لكم وأنتم لباس لهن (7) ولباس التقوى (8)
(أو يقول ما رأيت فلانا، يعني ما ضربت ريته)؟ كما قال:
وحرف كنون تحت راء ولم يكن * بدال يؤم الرسم غيره النقط
(ولا ذكرته، يعني ما قطعت ذكره) أو ما ضربت على ذكره (أو يقول:
جواري أحرار، ويعني سفنه؟ ونسائي طوالق، ويعني أقاربه من النساء، أو
يقول: ما كاتبت فلانا، يعني كتابة العبد، ولا عرفته، جعلته عريفا، أو لا
أعلمته، أي جعلته أعلم الشفة) أي مشقوق العليا (ولا سألته حاجة، يعني
شجرة صغيرة) وهي واحدة الحاج ضرب من الشوك (ولا أكلت له دجاجة
يعني الكبة من الغزل) قال ابن فارس: إن صح فهو على معنى التشبيه (ولا في
بيتي فرش أي صغار الإبل) بل الأنعام قالوا: سميت بذلك، لأنها لا تصلح إلا
لأن تفرش للذبح (ولا بارية، أي سكين يبري بها. أو يقول: ما لفلان عندي
وديعة، ويعني ب‍ " ما " الموصولة أو) يريد الخصوص من العام كأن يقول: (ما
أكلت منه شيئا، يعني بعد ما أكلت).



(1) الطور: 5.
(2) البقرة: 22.
(3) نوح: 19.
(4) البقرة: 22.
(5) النبأ: 7.
(6) الفرقان: 47.
(7) البقرة: 187.
(8) الأعراف: 26.
69
(ولو لم يكن ظالما ولا مظلوما فالأقرب جواز التورية) للأصل،
واتباع النية. ويحتمل العدم، بمعنى أنه لا يقبل قوله في التورية في التجنب
وإيجاب الكفارة وإن كان يدان بنيته لما فيه من إبطال حق الله وحق الفقراء في
الكفارة وفي المحلوف عليه. (وكذا يجوز استعمال الحيل المباحة) في كل
أمر (دون المحرمة. ولو توصل بالمحرمة أثم وتم قصده) إن لم ينافه
التحريم (فلو حملت المرأة ابنها على الزنا بامرأة لتمنع أباه من العقد عليها
أثمت وتمت الحيلة) على أحد القولين (ولو عقد عليها) الولد (تمت ولا
إثم) عليه ولا عليها. (ولو برئ من الدين بإسقاط وإقباض وخشي إن) أقر
بالاستدانة و (ادعاه) أي الإقباض أو الإسقاط (أن ينقلب الغريم منكرا)
ولم نقل بكفاية الحلف على نفي الحق له عليه وإن لم يرض الغريم ولم يرض به
(جاز الحلف على إنكار الاستدانة) وإن اشتدت كراهية إذا كان قليلا يقدر
على أدائه. (ويوري ما يخرجه عن الكذب وجوبا مع المعرفة بها) أي
التورية (وكذا) يجوز الحلف أو يجب وإن كان عليه الحق (لو خاف الحبس)
أو نحوه من ضرر لا يتحمله (وهو معسر).
(والنية نية المدعي) أبدا (إن كان محقا، فلو ورى الحالف الكاذب
لم ينفعه توريته) فيما بينه وبين الله (وكانت اليمين مصروفة إلى ما قصده
المدعي. ونية الحالف إذا كان مظلوما) ولو كان الظلم بمطالبته وحبسه أو
نحوه وهو معسر وينص عليه ما مر من الخبرين (1).
(ولو أكرهه على اليمين على ترك المباح، حلف وورى مثل أن
يوري أنه لا يفعله في السماء أو بالشام) وهما من أبعد التأويلات، فالأقرب
أولى. وإن لم يحسن التورية جاز أو وجب بدونها ولا حنث ولا كفارة (ولو اكره



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 149 ب 20 من أبواب الأيمان ح 1، دعائم الإسلام: ج 2
ص 96 ح 301.
70
على اليمين على أنه لم يفعل، فقال: ما فعلت كذا، وجعل " ما " موصولة
جاز) إلى غيره من وجوه التورية وإن لم يحسنها جاز بدونها.
(ولو اضطر إلى الجواب ب‍ " نعم " فقال: وعنى) به (الإبل) ونحوها
(أو حلف: أنه لم يأخذ ثورا وعنى القطعة الكبيرة من الأقط) أو الطحلب
أو الجبل أو البرج المعروفين (أو جملا وعنى به) البرج أو (السحاب)
الكثيرة الماء (أو عنزا وعنى به الأكمة) السوداء أو العقاب الأنثى أو انثى
الحبارى (جاز. ولو اتهم غيره في فعل، فحلف) الغير (ليصدقنه) ولم يرد
الإعلام بالحال (أخبر بالنقيضين. ولو حلف ليخبرنه بعدد حب الرمانة
خرج) عن اليمين (بالعدد الممكن) ولو بأقله، كأن يقول: فيه حبة أو حبات،
فإن الاشتمال على الكثير لا ينفي الاشتمال على القليل.
* * *

71
(المقصد الثاني في النذر)
وهو في الأصل الوعد أو الوعد بشرط. وقال ابن فارس: إنه أصل يدل على
التخويف، فإنه إنما سمي به لما فيه من الإيجاب والتخويف من الإحلاف.
(وفيه فصول) ثلاثة بإدخال العهد فيه، إذ لا يفارقه إلا في اللفظ.
(الأول: الناذر والنذر)
أما الناذر: فيشترط فيه) الكمال، وتأتي التقرب منه (1) وهما يجمعان
(البلوغ والعقل والإسلام والاختيار والقصد) وانتفاء الحجر في متعلق النذر
(فلا ينعقد نذر الصبي وإن كان مميزا ولا المجنون) حال جنونه (ولا الكافر،
لتعذر نية القربة في حقه) لما مر. ويحتمل على ما مر الفرق بين من يعرف الله
من الكفار ومن لا يعرفه (نعم يستحب له الوفاء لو أسلم) لما روي أن عمر
نذر في الجاهلية: أن يعتكف في المسجد الحرام ليلة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أوف
بنذرك (2). ولأنه لا يليق بالإسلام أن يسقط ما التزمه من خصال الخير حين الكفر
(ولو نذر مكرها) مع عدم القصد (أو غير قاصد) لهزل أو (لسكر أو إغماء
أو نوم أو غضب رافع للقصد أو غفلة، لم يقع) فإنما الأعمال بالنيات (3)



(1) يعني قصد القربة من الناذر.
(2) سنن أبي داود: ج 3 ص 242 ح 3325.
(3) عوالي اللآلي: ج 2 ص 11.
72
ولانتفاء حقيقته حينئذ، وإنما فصل هذه الأربعة عن الإكراه تنبيها على عموم الإكراه
للبالغ حدا يرفع القصد وغيره وإن اشترك الكل في انتفاء القصد إلى المنذور.
(ويشترط في نذر المرأة بالتطوعات إذن الزوج وفي نذر المملوك
إذن المولى) وفي نذر الولد إذن الوالد كما في الإرشاد (1) والتلخيص (2) لما ورد
من نفي اليمين لأحدهم مع شمولها للنذر فإن المادة للقوة سمي بها مع ما يؤكد به
الأمر، ولما في مضمر سماعة من قوله: إنما اليمين الواجبة التي ينبغي لصاحبها أن
يفي بها ما جعل لله عليه في الشكر إن هو عافاه من مرضه أو عافاه من أمر يخافه،
أو رده من سفر، أو رزقه رزقا، فقال: لله علي كذا وكذا شكرا، فهذا الواجب على
صاحبه ينبغي له أن يفي به (3) ولخبر الوشا قال لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إن لي
جارية ليس لها مني مكان ولا ناحية، وهي تحتمل الثمن، إلا أني كنت حلفت فيها
بيمين، فقلت: لله علي أن لا أبيعها أبدا، ولي إلى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤونة،
فقال: ف لله بقولك له (4) وللاشتراك في الموجب. والكل ضعيف، فإن لفظ اليمين
حقيقة في غير النذر وإن اخذت من القوة، والخبران مع الضعف غايتهما إطلاقها
عليه وهو أعم من الحقيقة، مع أن الإطلاق في الثاني من غير الإمام، ومعارضتهما
بالأخبار (5) الناصة بأن كفارة النذر كفارة اليمين ودلالته على تغايرهما والحمل
على اليمين قياس، فالأقوى عدم الاشتراط. وعن فخر الإسلام (6) أن المصنف
أفتى به بعد أن تصفح كتب الأحاديث فلم يظفر بما يدل على مساواته لليمين.



(1) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 90.
(2) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 32 ص 152.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 199 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 201 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 11.
(5) وسائل الشيعة: ج 15 ص 574 ب 23 من أبواب الكفارات.
(6) لم نعثر عليه.
73
وعلى الأول فهل يتوقف الانعقاد على الإذن أم ينعقد ولكن لهم الحل؟ وجهان،
كما مر في اليمين. وعلى الأول (فلو بادر) المملوك فنذر بغير إذن المولى (لم
ينعقد وإن تحرر) بعده (لوقوعه فاسدا) لا موقوفا (وإن أجاز المالك)
وهو أحد الثلاثة بعد النذر (لزم) لانحصار الحق فيه وفي الناذر، ولأن المانع من
الانعقاد عدم رضاه فإذا زال انعقد. والفرق بينه وبين ما إذا تحرر ظاهر إن تعلق
النذر بنحو عين تحت يد المملوك إذ لا يزول عنها ملك المولى بالعتق، وأما في
غيره فلعله لأن الحق بالتحرر انتقل إلى غير المالك فكأنه لم يبق متعلق النذر.
ويحتمل مساواته للإجازة واستشكل في التحرير (1) والإرشاد (2) في الإجازة من
احتمال كون الإذن شرطا ويحتمل عبارة الكتاب إرادة الإجازة قبل النذر كما نقل
عن فخر الدين (3) (والأقرب عندي ما تقدم في اليمين) من أن لهم الحل لا أن
الانعقاد مشروط بإذنهم. وعن عميد الإسلام (4) أنها إن نذرت الصدقة من مالها لم
يكن للزوج منعها.
(ويشترط أن يكون قادرا) على المنذور (فلو نذر الصوم الشيخ
العاجز عنه لم ينعقد) فلا كفارة عليه.
(وأما صيغة النذر: فأن يقول: إن عافاني الله مثلا فلله علي صدقة أو
صوم أو غيرهما) مما يذكره. هذه هي الصيغة المتفق عليها ولا عبرة بما قد يقال
من اشتراط القربة زيادة على قوله: لله علي. وهل لابد من التلفظ بلفظ " الله " أو
يكفي غيره من أسمائه تعالى؟ كلام الشهيد (5) يعطي الثاني، ويؤيده العمومات،
ويظهر الأول من قول الصادق (عليه السلام) في صحيح منصور بن حازم: إذا قال الرجل:



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 105 س 22.
(2) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 90.
(3) قواعد الأحكام (حاشية): ج 2 ص 139.
(4) لم نعثر عليه.
(5) الدروس الشرعية: ج 2 ص 161.
74
علي المشي إلى بيت الله، و هو محرم بحجة، أو علي هدي كذا وكذا، فليس بشيء
حتى يقول: لله علي المشي إلى بيته أو يقول: لله علي هدي كذا وكذا إن لم أفعل كذا
وكذا (1). وهو نص النافع (2).
(وهو إما نذر لجاج و) تمادى في (غضب أو نذر بر وطاعة فالأول:
أن يقصد) به (منع نفسه عن فعل أو يوجب عليها فعلا) ليغيظ به غيره أو
لاغتياظه منه (فالمنع) نحو (إن دخلت الدار فمالي صدقة، والإيجاب)
نحو (إن لم أدخل فمالي صدقة. والثاني: إما أن يعلقه بجزاء) أي مجازاة أو
يعلق صيغته بجزاء (إما شكر نعمة مثل: إن رزقني الله ولدا فمالي صدقة،
أو) شكر (دفع نقمة مثل: أن تخطاني المكروه فمالي صدقة، أو لا يعلقه
مثل: مالي صدقة. ففي هذه الأقسام الأربعة إن قيد النذر بقوله: لله انعقد)
اتفاقا إلا في الأخير فلم يعقده السيدان (3) واشترطا التعليق بشرط وهو ظاهر
الأكثر ومنهم الشيخان في المقنعة والنهاية (4) للإجماع كما ادعى في الانتصار
ودخول ذلك في معنى النذر كما حكى في (الغريبين) عن ابن عرفة، وهما
ممنوعان. وممن نص على التعميم بنو حمزة وسعيد (5) والشيخ في الخلاف وحكى
الإجماع عليه (6) (وإلا فلا) في المشهور كما ستعرف.
(ويشترط في الصيغة نية القربة) بالمنذور وإن كان النذر نذر لجاج
اتفاقا، وللأصل، والنصوص (7) ويعطيها قوله " لله " ولا حاجة إلى زيادة قوله " قربة



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 182 ب 1 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) المختصر النافع: ص 237.
(3) الانتصار: ص 358، الغنية: ص 393.
(4) المقنعة: ص 563، 564، النهاية: ج 3 ص 56.
(5) الوسيلة: ص 349، الشرائع: ج 3 ص 186، الجامع للشرائع: ص 422.
(6) الخلاف: ج 6 ص 191 المسألة 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 205 ب 23 من أبواب النذر والعهد.
75
إلى الله " للأصل، وإطلاق النصوص (1) والفتاوى (والنطق) بالصيغة (فلو) لم
ينو القربة بل (قصد منع نفسه) عن فعل أو ترك (بالنذر لا التقرب) بالمنذور
(لم ينعقد. ولو اعتقد النذر بالضمير لم ينعقد على رأي، بل لابد من
النطق) وفاقا لأبي علي (2) وابن إدريس (3) والمحقق (4) للأصل، ولأنه لا وعد ما
لم يلفظ بشيء، ولما تقدم من قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن حازم: فليس
بشيء حتى يقول: لله علي المشي إلى بيته (5) وخلافا للشيخ (6) وابني حمزة (7)
والبراج (8) لإطلاق الأمر في الأخبار (9) بالوفاء بما جعله على نفسه لله وبما عاهد
عليه الله مع أن الأعمال بالنيات، وتوقف في المختلف (10). (و) يشترط (كون
الشرط سايغا) أي غير منفور عنه فإن كان من أفعال العباد كان راجحا، وإن كان
من فعله تعالى كان مرغوبا. وبالجملة كونه صالحا لأن يشكر عليه (إن قصد
الشكر) بالمنذور (و) كون (الجزاء) وهو المنذور (طاعة و) يشترط
(في اللزوم التقييد بقوله: لله علي) وفاقا للأكثر للأصل ونحو قول
الصادق (عليه السلام) في خبر مسعدة بن صدقة: إذا لم يجعل لله فليس بشيء (11) وخبر
إسحاق بن عمار قال له (عليه السلام): إني جعلت على نفسي شكرا لله ركعتين أصليها في
السفر والحضر فأصليها في السفر بالنهار؟ فقال: نعم، ثم قال: إني لأكره الإيجاب
أن يوجب الرجل على نفسه، قال: إني لم اجعلهما لله علي، إنما جعلت ذلك على



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 182 ب 1 من أبواب النذر والعهد.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 195.
(3) السرائر: ج 3 ص 58 وص 64.
(4) المختصر النافع: ص 237.
(5) تقدم آنفا.
(6) النهاية: ج 3 ص 53 - 54.
(7) الوسيلة: ص 350.
(8) المهذب: ج 2 ص 409.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 206 ب 25 من أبواب النذر والعهد.
(10) مختلف الشيعة: ج 8 ص 195.
(11) وسائل الشيعة: ج 16 ص 183 ب 1 من أبواب النذر والعهد ح 4.
76
نفسي أصليهما شكرا لله ولم أوجبه لله على نفسي، أفأدعها إذا شئت؟ قال: نعم (1)
(فلو قال: علي كذا، ولم يقل لله استحب الوفاء به) لكونه طاعة، ولظاهر
خبر إسحاق بن عمار قال للكاظم (عليه السلام): رجل كانت عليه حجة الإسلام فأراد أن
يحج فقيل له: تزوج ثم حج قال: إن تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر، فتزوج قبل
أن يحج؟ فقال: أعتق غلامه، فقال: لم يرد بعتقه وجه الله. فقال: إنه نذر في طاعة
الله (2) وصحيح الحلبي: سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يجعل عليه نذرا، ولا يسميه؟
قال: إن سميته فهو ما سميت، وإن لم تسم شيئا فليس بشيء، وإن قلت: لله علي،
فكفارة يمين (3). وفي الوسيلة: أنه إن قال: علي كذا إن كان كذا ولم يقل " لله " لزمه
الوفاء ولم يلزمه الكفارة بفواته. وإن قال: علي كذا، فحسب، إن شاء وفى وإن شاء
لم يف، والوفاء أفضل (4) ومستنده قول الصادق (عليه السلام) في صحيح منصور بن حازم:
إذا قال الرجل: علي المشي إلى بيت الله، وهو محرم أو علي هدي كذا وكذا فليس
بشيء حتى يقول: لله علي المشي إلى بيته أو يقول: علي هدي كذا وكذا إن لم أفعل
كذا وكذا. كذا في نسخ الكافي (5) وفي نسخ التهذيب أو يقول: لله علي هدي
الخبر (6) بزيادة لفظ " لله " مع أخذه من الكافي. وفي المختلف: والمعتمد عدم
الوجوب في الجميع، لما تواتر من أن مناط الوجوب تعليق النذر بقوله: لله (7). قلت
ولم أظفر بخبر واحد ينص عليه فضلا عن المتواتر، وما تقدم من الخبرين مع
ضعفهما يحتملان الجعل لله بالنية وإن لم يلفظ به.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 189 ب 6 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 304 ح 1132.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 185 ب 2 من أبواب النذر والعهد ح 5.
(4) الوسيلة: ص 350.
(5) الكافي: ج 7 ص 454 ح 1.
(6) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 303 ح 1124.
(7) مختلف الشيعة: ج 8 ص 210.
77
(ولا ينعقد بالطلاق ولا بالعتق) اتفاقا، لأنهما ليسا من ألفاظ النذر في
شيء مع الأصل، خلافا لبعض العامة (1) (ولا ينعقد نذر المعصية، ولا يجب به
كفارة) عندنا (كمن نذر أن يذبح ولده أو غيره من المحرم ذبحه أو ينهب
مالا معصوما أو أن يشرب خمرا أو يفعل محرما) غير ما ذكر أو المراد
التلفظ بلفظ المحرم مطلقا كأن يقول: لله علي أن أفعل محرما وكذا قوله: (أو
يترك واجبا) أي شيئا من الواجبات يصرح به كأن ينذر لا يصلي أو يطلق كأن
يقول: لله علي أن أترك واجبا، للأصل والإجماع ونحو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في صحيح
منصور بن حازم: لا نذر في معصية (2) وخبر زرارة قال للصادق (عليه السلام): أي شيء لا
نذر في معصية؟ فقال: كل ما كان لك فيه منفعة في دين أو دنيا فلا حنث عليك (3)
ومضمر سماعة في: امرأة تصدقت بمالها على المساكين إن خرجت مع زوجها، ثم
خرجت معه، قال: ليس عليها شيء (4) وصحيح محمد بن مسلم: أنه سئل
أحدهما (عليهما السلام) عن امرأة جعلت مالها هديا وكل مملوك لها حرا إن كلمت اختها
أبدا، قال: تكلمها وليس هذا بشيء، إنما هذا وشبهه من خطوات الشيطان (5) وسأل
عبد الرحمن بن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): عن رجل حلف أن ينحر ولده، فقال:
ذلك من خطوات الشيطان (6) ولكن في خبر السكوني: أنه أتى رجل
أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: إني نذرت أن أنحر ولدي عند مقام إبراهيم (عليه السلام) إن فعلت
كذا وكذا، ففعلته، فقال (عليه السلام): اذبح كبشا سمينا تتصدق بلحمه على المساكين (7)



(1) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 232 - 233.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 199 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 199 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 200 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 129 ب 11 من أبواب النذر والعهد ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 205 ب 24 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 206 ب 24 من أبواب النذر والعهد ح 2.
78
فلا بأس بأن نستحبه كما فعله الشيخ (1) وأوجبه أبو حنيفة (2) وروي عن ابن
عباس (3) وفي رواية اخرى عنه: أن عليه دية (4) وسوى محمد بين ولده وغلامه
فأوجب فيهما شاة (5) وعن سعيد بن المسيب: أن عليه كفارة اليمين في كل نذر
معصية (6) (بل إنما ينعقد في طاعة إما واجب) كفاية أو عينا على خلاف يأتي
(أو مندوب أو مباح يترجح فعله في الدين أو الدنيا أو يتساوى فعله
وتركه) على خلاف يأتي (ولو كان فعله مرجوحا) دينا أو دنيا (لم ينعقد
النذر) كما نطق به ما مر آنفا من خبر زرارة، ولأنه لا نذر إلا لله ولا يصلح
المرجوح لأن يجعل لله. ولعله معنى خبر يحيى بن أبي العلا عن الصادق (عليه السلام) عن
أبيه صلوات الله عليهم: أن امرأة نذرت أن تقاد مزمومة بزمام في أنفها، فوقع بعير،
فخرم أنفها، فأتت عليا تخاصم فأبطله وقال: إنما نذرت لله (7) (وكذا لا ينعقد
على فعل المكروه) وهو أولى.
(الفصل الثاني في الملتزم)
(وفيه: مطالب) ستة:
(الأول: الضابط في متعلق النذر)
أي المنذور (أن يكون طاعة) أي غير مرجوح في الشرع ليشمل المباح
مطلقا أو الراجح دينا (مقدورا للناذر، فلا ينعقد نذر غير الطاعة ولا غير
المقدور) امتنع عقلا كالجمع بين الضدين أو عادة (كالصعود إلى السماء. ولو



(1) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 318 ذيل الحديث 1182، والاستبصار: ج 4 ص 48 ذيل
الحديث 164.
(2) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 336.
(3) سنن البيهقي: ج 10 ص 72 - 73.
(4) سنن البيهقي: ج 10 ص 73.
(5) المحلى: ج 8 ص 17، والمبسوط للسرخسي: ج 8 ص 142.
(6) حلية العلماء: ج 3 ص 387.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 200 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 8.
79
نذر حج ألف عام أو صوم ألف سنة احتمل البطلان لتعذره عادة) وهو
مبني على كون المنذور عبادة واحدة، وهو ممنوع (والصحة لإمكان بقائه
بالنظر إلى قدرته تعالى) فيجب عليه ما قدر عليه كما أنه إذا نذر صوم الدهر
وجب عليه ما قدر (و) احتمل الصرف إلى (وجوب المنذور مدة عمره) أي
صرف العبارة إلى ذلك على أن يكون ذكر الألف للمبالغة وأحد الأخيرين هو
الأقوى (ولو) نذر مقدورا ولم يوقته أو وقت موسعا و (تجدد العجز بعد)
دخول (وقته) إن كان موقتا موسعا وبعد مضيه إن كان مضيقا (وإمكانه) مع
إهماله (كفر) أما مع الضيق فلا شبهة فيه، وأما مع السعة فيجب المبادرة إذا ظن
الضيق بتوقع العجز، فإن لم يبادر حينئذ فعجز كفر، وأما بدونه ففيه ما مر في اليمين
(وإلا) يمكن بل تجدد العجز قبل الإمكان (فلا) كفارة بل انفسخ (فلو نذر
الحج في عامه) مثلا (فصد سقط ولو نذر صوما) معينا (فعجز فكذلك،
لكن روي هنا الصدقة عن كل يوم بمدين) في خبر إسحاق بن عمار عن
الصادق (عليه السلام) (1) وهو اختيار النهاية (2) والشرائع (3) والنافع (4) في موضع والجامع (5
)
والإصباح (6) وزيد في الشرائع (7) والنافع (8) فإن عجز تصدق بما استطاع، فإن
عجز استغفر الله. ثم إن في الخبر: أنه يعطى من يصوم عنه في كل يوم مدين (9)
ولم يتعرضوا له.
وروي التصدق بمد في أخبار اخر، ففي صحيح البزنطي عن الرضا (عليه السلام): مد



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 195 ب 12 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) النهاية: ج 3 ص 66 - 67.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 69.
(4) المختصر النافع: ص 208.
(5) الجامع للشرائع: ص 418.
(6) إصباح الشيعة: ص 142 وفيه " بمد " بدل مدين.
(7) شرائع الإسلام: ج 3 ص 69.
(8) المختصر النافع: ص 208.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 195 ب 12 من أبواب النذر والعهد ح 1.
80
من حنطة أو تمر (1) وفي خبر علي بن إدريس وإدريس بن زيد مد من حنطة أو
شعير (2) وهو خيرة النهاية (3) في موضع آخر، وليس في هذه الأخبار الصيام عنه
(والأقرب الاستحباب) إذ لا فدية لما لم يجب مع اختلاف الأخبار في التقدير،
وفيه أنها غير معارضة مع صحة بعضها والاختلاف إنما يقتضي استحباب الأكثر
ويحتمله العبارة. وأوجب عليه المفيد القضاء دون الكفارة (4) وهو خيرة
المختلف (5) وفصل ابن إدريس بأنه: إن عجز بحيث لا يرجى القدرة فعليه عن كل
يوم مدان، وإلا فعليه القضاء دون الكفارة (6) وقيل بعدم وجوب شيء منهما
مطلقا (7) وعدم وجوب القضاء مطلقا متجه، لعدم وجوب الأداء مع الخلو عن
النص على القضاء.
(وأقسام الملتزم ثلاثة):
(الأول: كل عبادة مقصودة) للشارع (كالصلاة والصوم والحج
والهدي والصدقة والعتق، ويلزم) فعلها (بالنذر سواء كان مندوبا أو فرض
كفاية كتجهيز الموتى والجهاد) إذا لم يتعينا عليه وهما مما لا خلاف فيه (أو
فرض عين) على المختار، لعموم الأدلة (وقيل) في المبسوط (8) والسرائر (9)
والجامع (10) (لو نذر صوم أول يوم من رمضان لم ينعقد، لوجوبه بغير
النذر) فلا فائدة لانعقاد النذر، لامتناع تحصيل الحاصل (وليس بجيد) لما
عرفت (والفائدة) تأكد الوجوب، ويظهر (في) تعدد (الكفارة) إن أفطر



(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 286 ب 15 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 7 ص 286 ب 15 من أبواب بقية الصوم الواجب ذيل الحديث 1، 5.
(3) النهاية: ج 1 ص 412.
(4) المقنعة: ص 565 - 566.
(5) مختلف الشيعة: ج 8 ص 215.
(6) السرائر: ج 1 ص 414.
(7) انظر المسالك: ج 10 ص 34.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 207.
(9) السرائر: ج 3 ص 68.
(10) الجامع للشرائع: ص 425.
81
(ويلزم) النذر (بصفاتها) أي العبادات، أو يلزم العبادة بصفاتها المنذورة إذا
لم يرغب عنها في الشرع. والصفة إما مجرد هيئة مقارنة (كالمشي في الحج و)
إما هيئة تقتضي الزيادة في جزء العبادة نحو (طول القراءة في الصلاة) وإما
مقارنة لفعل متقدم نحو (المضمضة في الوضوء) إن لم يدخل في أجزائه
المندوبة، ويمكن جعل الجزء المندوب أيضا صفة و (سواء في ذلك) أي لزوم
الصفات (الحج الواجب والمندوب، وكذا الصلاة والوضوء) وبالجملة لم
يخالف في صفات الواجب عينا من خالف فيه منا، وللعامة (1) وجه بالعدم فيها.
(الثاني: القربات) غير العبادات (كعيادة المريض وإفشاء السلام وزيارة
القادم) فهذه قربات وليست عبادات، فإن العبادة أقصى غاية الخضوع له سبحانه
(ويجب بالنذر) خلافا للعامة (2) فيوجه (وكذا تجديد الوضوء) قربة ليست
بعبادة وإنما هو زيادة تطهير وتنظيف يجب بالنذر، خلافا للعامة (3) في وجه.
(الثالث: المباحات كالأكل والشرب) والنوم (وفي لزومها بالنذر)
إذا لم يترجح في الدين أو الدنيا (إشكال) من إطلاق الأمر بالوفاء بالنذر وما
مر من أمر الوشا (4) بالوفاء بنذره أن لا يبيع جاريته، ومن أنه لا يعقل جعل مثل
ذلك لله، وما روي عن ابن عباس قال: بينما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب إذا هو برجل قائم
في الشمس فسأل عنه، فقالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم فلا يقعد ولا يستظل
ولا يتكلم ويصوم، قال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه (5) (نعم لو
قصد التقوي بها على العبادة) مثلا (أو منع النفس عن أكل الحرام وجب)
بلا إشكال، خلافا لبعض العامة (6) (ولو نذر الجهاد في جهة تعين) ولم يجز له



(1) المجموع: ج 8 ص 454.
(2) المجموع: ج 8 ص 454.
(3) المجموع: ج 8 ص 454.
(4) تقدم في ص 73.
(5) سنن البيهقي: ج 10 ص 75.
(6) المجموع: ج 8 ص 455.
82
العدول إلى جهة اخرى مساوية لها أو أفضل، لأن الجهاد فيها غير المنذور. وللعامة
فيه وجوه، أحدها (1): كما قلنا والثاني (2): العدم مطلقا والثالث (3): تعين تلك الجهة
أو ما يساويها في المسافة والمؤنة، وليس كذلك الحج من جهة، فإن المأتي به من
الحج واحد والطريق خارج فإن ترجح دينا أو دنيا تعين وإلا ابتنى على مسألة
نذر المباح المتساوي الطرفين. (ولو نذر قربة ولم يعين تخير في) أنواعها
من (الصلاة أو الصوم أو أي قربة شاء) كما روى مسمع: أن أمير المؤمنين (عليه السلام)
سئل عن رجل نذر ولم يسم شيئا قال: إن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صام يوما،
وإن شاء تصدق برغيف (4) ومرسل أبي جميلة عن الصادق (عليه السلام) في رجل جعل لله
نذرا ولم يسم شيئا، قال: يصوم ستة أيام (5) يحمل على التمثيل.
(المطلب الثاني في الصلاة)
(وينصرف الإطلاق إلى الحقيقة الشرعية وهي ذات الركوع والسجود)
على الهيئة المشروعة بأن يشتمل ركعة واحدة منها على ركوع وسجدتين (دون
صلاة الجنازة والدعاء إلا مع القصد) أما الدعاء فظاهر. وأما صلاة الجنازة
فبناء على أن إطلاق الصلاة عليها في عرف الشرع مجاز وإنما فيها هي بمعنى
الدعاء، وعلى القول باشتراك الصلاة بينها وبين ذات الركوع والسجود أيضا يتجه
الانصراف إلى ذات الركوع والسجود، لكونها المتبادرة. ثم هل يكفي ركعة أم لابد
من ركعتين؟ قولان: من العموم، ومن النهي عن البتراء، ويؤيده ما سمعته الآن من
خبر مسمع.



(1) المجموع: ج 8 ص 455.
(2) المجموع: ج 8 ص 455.
(3) المجموع: ج 8 ص 455.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 185 ب 2 من أبواب النذر والعهد ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 7 ص 288 ب 16 من أبواب الصوم المنذور ح 2.
83
(ولو نذر الصلاة في الأوقات المكروهة لزم) فعلها (على إشكال)
من كونها طاعة والكراهة إنما هي في خصوص الوقت مع كونها بمعنى قلة الثواب
واشتراطها بالابتداء وحينئذ يصير ذات سبب، ومن دخول الخصوصية في المنذور
مع المرجوحية شرعا. وقيل (1) يلزم فعلها لا في ذلك الوقت بل إذا فعلها في أي
وقت وفى بالنذر.
(ولو نذر صلاة ونوى فريضة تداخلتا) على المختار، وتظهر الفائدة في
الكفارة كما عرفت (ولو نوى غيرها لم يتداخلا) بلا إشكال (ولو أطلق
ففي الاكتفاء بالفريضة على القول بجواز نذر الفريضة) كما هو المختار
(إشكال) من العموم، ومن رجحان التأسيس.
(ولو نذر الطهارة) فإن كانت مجازا في التيمم (لم يكتف بالتيمم) قطعا
(إلا مع تعذر الماء) فيجب بدلا عن كل طهارة وجبت فتعذرت، وإن كانت
حقيقة فيه مشتركا لفظيا بينه وبين المائية أو معنويا متواطئا أو مشككا اتجه
الاكتفاء. وقد يحتمل على التشكيك العدم احتياطا بفعل الأعلى، وعلى الاشتراك
الإتيان بجميع أفرادها بناء على ظهور المشترك في جميع معانيه.
(ولو نذر ركوعا أو سجودا احتمل البطلان) لعدم التعبد بهما منفردين
(و) احتمل (وجوب ما نذره) منهما (خاصة) أي منفردا، لتحقق التعبد
بهما في الجملة، واشتمالهما على الخضوع له سبحانه، مع الأمر بهما في نحو قوله
تعالى: واركعوا واسجدوا (2) (و) احتمل (إيجاب ركعة) أو قراءة آية سجدة
لاشتراطهما بذلك والنذر أوجبهما فيجب ما يتوقفان عليه. واحتمل الفرق بين
الركوع والسجود بإيجاب السجود منفردا، للتعبد به كذلك دون الركوع فإما أن لا
يجب أو يجب في ركعة.



(1) قاله في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 52.
(2) الحج: 77.
84
(ولو نذر إتيان مسجد لزم) لكونه طاعة (والأقرب عدم إيجاب صلاة
أو عبادة) غيرها (فيه) لأنه بنفسه طاعة، لإطلاق نحو قوله (عليه السلام): من مشى إلى
مسجد لم يضع رجله على رطب ولا يابس إلا سبحت له إلى الأرض السابعة (1)
خلافا للمبسوط (2) بناء على أن إتيانه إنما هو طاعة لإيقاع عبادة فيه.
(ولو نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام أو بيت الله بمكة أو بيت الله،
انصرف إلى) الذي في (مكة) أما الأولان فلا إشكال، وأما الأخير فعليه
الأكثر، للسبق إلى الفهم. وأبطل في الخلاف (3) ما لم ينو الحرام، لاشتراك المساجد
في كونها بيوت الله ولم يعين، مع أصالة البراءة. وفيه بعد التسليم أن غايته الوفاء
بكل مسجد (ولو قال:) لله علي (أن أمشي إلى بيت الله لا حاجا ولا
معتمرا، فإن كان ممن يجب عليه أحدهما عند الحضور لم ينعقد النذر)
وفاقا للمبسوط (4) لأن الكلام إنما يتم بآخره والمشي بدونهما معصية فقد نذر
المعصية، نعم إن لم يقصد بالنفي إلا نفي دخولهما في المنذور انعقد ووجب
أحدهما، وكذا إن لم ينو بيت الله بيته الحرام أمكن جعل نفيهما قرينة على إرادة
غيره من المساجد. وقيل: ينعقد (5) النذر ويلغو الضميمة لأن قصده بنفسه طاعة
فإذا ذكره انعقد نذره، وهو ضعيف (وإلا) يكن ممن يجب عليه أحدهما عند
الحضور (انعقد) النذر بلا شبهة (ولو قال: أن أمشي، وقصد معينا) كالمشي
إلى المسجد أو في قضاء حاجة مؤمن ونحو ذلك (لزم) إن كان راجحا دينا أو
دنيا (وإلا بطل، لأن المشي ليس طاعة في نفسه) إلا أن يتضمن رجحانا في



(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 482 ب 4 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 201.
(3) الخلاف: ج 6 ص 194 المسألة 3.
(4) نقله عنه في مسالك الأفهام: ج 11 ص 332.
(5) شرائع الإسلام: ج 3 ص 187، " نسبه إلى القيل أيضا ".
85
الدين أو الدنيا أو قلنا بانعقاد نذر المتساوي الطرفين.
(ولو نذر صلاة في الكعبة لم تجزئه جوانب المسجد) خلافا لبعض
العامة (1) (ويجب) إذا نذر المشي إلى بيت الله أو في الحج إلى غير ذلك، ابتداء
(المشي من دويرة أهله إلا أن يعين غيرها) لفظا أو نية، أما في غير الحج
والعمرة فلا إشكال، وأما فيهما ففيه وجهان، أحدهما: ذلك لأنه السابق إلى الفهم من
قولهم حج ماشيا أو مشى إلى الحج أو الكعبة، والآخر: أنه إنما يلزم المشي من
الميقات فإنه ابتداء الحج أو العمرة. وضعفه بمكان في غير ما لو نذر الحج أو الاعتمار
ماشيا. ثم في الابتداء من بلد النذر أو الناذر وجهان، ثانيهما المفهوم من العبارة.
(المطلب الثالث الصوم)
(ويجب في) نذر (مطلقه أقله وهو) صوم (يوم كامل) إذ لا يسمى
بالصوم شرعا إمساك بعض اليوم خلافا لبعض العامة (2) في وجه (ولا يلزمه
التبييت) لنيته بل متى جددها قبل الزوال أجزأ ما لم يتناول مفطرا خلافا لبعض
العامة (3).
(ولو نذر صوم شهر) مثلا (لم يجب قيد التتابع والتفريق) أي تخير
بينهما ولم يجب شيء منهما خلافا لبعض العامة (4) حيث نزل الإطلاق على التتابع
وهو اختيار ابن زهرة (5) ويعطيه كلام السيد في الجمل (6) (ولو قيده بالتتابع
وجب) بلا إشكال، وسيأتي ما به يتحقق أقل التتابع (ولا يجب قيد التفريق لو
قيده على إشكال منشأه) أن مقتضى النذر (إيجاب يوم غير التالي) لما



(1) المجموع: ج 8 ص 476.
(2) المجموع: ج 8 ص 478.
(3) المجموع: ج 8 ص 478.
(4) المجموع: ج 8 ص 480.
(5) الغنية: ص 143.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 58.
86
صامه أولا (فلا يجزئ التالي) كما إذا عين يوما في النذر فصام ما قبله، ومن
أن خصوص الزمان غير مقصود وإنما المقصود هو الوصف وهو مرجوح، فيجوز
تحري الأفضل، والأول أجود. وعليه إن عين التفريق بين جميع أيام الشهر أو
بعضها تعين. وإن أطلق فهل يجب تفريق الجميع حتى لا يجوز الموالاة بين يومين
أم يكفي التفريق في جملة الشهر بحيث لا يصدق أنه صام شهرا متتابعا أو يصدق
أنه صامه متفرقا؟ وجهان، لعل الأخير أجود. وعليه فإن حصل التتابع بصوم
خمسة عشر يوما وجب أن لا تتابع بينهما بل يترك الصوم قبل بلوغها، ويحتمل
العدم بناء على تحقق التفريق حقيقة وإن صدق التتابع أيضا من وجه، وإن لم
يحصل إلا بمتابعة الجميع فلا إشكال في أنه يكفي تفريق يوم من أيامه مما قبله أو
بعده (ولو عين يوما) يجوز صومه (تعين. ولو نذر التتابع في صوم شهر
معين ففي وجوبه في قضائه نظر) من أنه قضاء المنذور ومن هيئته التتابع فلو
قضاه متفرقا لم يقض المنذور، ومن أنه غيره وإنما وجب بأمر جديد وإنما وجب
التتابع في المنذور والأصل البراءة، ولأن إيجابه بمنزلة تعيين الزمان وقد فات.
(ولو نذر صوم هذه السنة) مثلا (لم يجب قضاء العيدين ولا أيام
التشريق إذا كان بمنى) ناسكا كما اختاره فيما تقدم، لخروجها عن النذر، خلافا
للعامة (1) في وجه (ولا) قضاء (شهر رمضان) إذا صامه، فإنه إما أن يدخل
في النذر وقد صامه أو لا فيكون كالعيد (وهل يدخل رمضان في النذر؟
الأقرب ذلك) لأن المختار جواز نذر الواجب عينا. والسنة عبارة عن اثني عشر
شهرا فلا جهة لخروجه (فيجب بإفطاره عمدا) لا لعذر (كفارتان) ويخرج
على القول بعدم تعلقه بالواجب عينا كالعيد (و) على القولين ليس عليه إلا
(قضاء واحد، ويجب قضاء ما أفطر) أيام السنة (في السفر والمرض



(1) المجموع: ج 8 ص 481.
87
والحيض) لأنها طرأت في يوم صوم واجب فوجب القضاء كما إذا طرأت في
رمضان. والفرق بين ذلك والعيد أنه بذاته يقبل الصوم بخلاف العيد. وقيل (1) لا
قضاء (ولو كان بغير منى لزمه أيام التشريق) وكذا لو كان بمنى غير ناسك
على ما اختاره (ولو أفطر في أثناء السنة لغير عذر كفر وبنى وقضى ما
أفطر خاصة) ولم يلزمه الاستئناف (وإن شرط التتابع) للأصل، ولكون صوم
كل يوم عبادة مغايرة لصوم غيره وإنما يجب عليه قضاء ما أخل به. ولما لم يمكن
تدارك ما وجب عليه من التتابع الذي هو صفة العبادة لم يجب عليه، لعدم إمكان
الإتيان بالصفة من دون الموصوف. ولا فرق بين اشتراط التتابع وعدمه، فإنه لا
يقع إلا متتابعا. وقيل (2) بل إذا شرط التتابع لزم الاستئناف، لأن شرطه يدل على
القصد إليه بالذات فإذا أخل به لزمه التدارك ولا يحصل إلا بتدارك الصوم، بخلاف
ما إذا لم يشترطه، فإن التتابع إنما يدخل تبعا لضرورة الزمان (ولو كان)
الإفطار (لعذر من مرض أو سفر أو حيض قضى ولا كفارة).
(ولو نذر سنة غير معينة لزمه اثنا عشر شهرا ولا ينحط عنه رمضان
ولا أيام الحيض ولا العيدان) ولا أيام التشريق، بل عليه أن يصوم أياما
بإزائها، لعدم الدليل هنا على الاستثناء ورجحان التأسيس إن علقنا النذر بنحو
رمضان. وقيل بالانحطاط (3) لأنه يصدق على من صام من المحرم مثلا إلى مثله
أنه صام سنة. وضعفه بين (والشهر إما عدة بين هلالين) إن صام من الهلال
إلى الهلال (أو ثلاثون يوما) إن صام في الأثناء أو انكسر الشهر بالإفطار فيه
(و) حيث أطلق السنة (يتخير بين التوالي والتفريق ولو صام شوالا وكان
ناقصا أتمه بيومين) للعيد والانكسار كما في الشرائع (4) (وقيل) في المبسوط



(1) مسالك الأفهام: ج 11 ص 381 وذكر فيه قولان ولم يفت بأحدهما.
(2) قاله في شرائع الإسلام: ج 3 ص 192.
(3) لم نعثر عليه.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 192.
88
أتمه (بيوم) (1) لصدق صوم الشهر مع إبدال العيد (وكذا لو كان بمنى أيام
التشريق وصام ذا الحجة وكان ناقصا أتمه بخمسة أيام على رأي) وعلى
رأي الشيخ بأربعة (2) (ولو صام سنة واحدة) على التوالي (أكملها بشهر عن
رمضان وبيومين عن العيدين) إن تم الشهران، وإلا فبأربعة على المختار
وبثلاثة اخر عن أيام التشريق إن كان بمنى، وربما نزل انكسار السنة انكسار
الشهر فاعتبر ثلاثمائة وستون يوما.
(ولو شرط التتابع في) السنة (المطلقة فأخل به) لا لعذر (استأنف)
قولا واحدا، لأنه لم يأت بالمنذور على وجهه، والفرق بينها وبين السنة المعينة
ظاهر، فإن ما صامه من أيام المعينة عين المنذور والأصل عدم القضاء بخلاف ما
صامه من غيرها (ولا كفارة) لعدم الإخلال بالمنذور و (قيل) في المبسوط
في السنة المعينة: (و) روى أصحابنا أنه (يكفي مجاوزة النصف) فإن
جاوزه لم يعد وإلا أعاد (3) وفي الشرائع أنه تحكم (4) لأنه قياس على الشهرين
المتتابعين واعتذر له بأنه بطريق الأولى أو من الحقيقة الشرعية. وفيهما ما
لا يخفى. ولما لم يكن عند المصنف إعادة على ناذر السنة المعينة بالتفريق مطلقا
وكان غير المعينة أولى بالاكتفاء فيها بالمجاوزة ذكر القول فيها دون المعينة.
واحتمل بعضهم حصول المتابعة بوصل يوم بشهر ثم وصل يوم من الرابع بالثالث
... وهكذا، لصدق تتابع الشهور ويبنى على أن تتابع السنة بمعناه، ولعله خلاف
الظاهر (ولا ينقطع التتابع بالعيدين ورمضان) إن لم يدخل في النذر
(والحيض والمرض) والسفر الضروري، ضرورة استثنائها شرعا.
(ولو نذر صوم شهر متتابعا) ولم يعين (وجب أن يتوخى ما يصح



(1) المبسوط: ج 1 ص 281.
(2) المبسوط: ج 1 ص 281.
(3) المبسوط: ج 6 ص 247.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 192.
89
فيه ذلك، فلا يصوم ذا الحجة) إلا أن يبتدئ بما بعد العيد أو أيام التشريق
(وأقل التتابع أن يصح فيه تتابع خمسة عشر يوما) لما حكي من الاتفاق
على حصول التتابع به، ويؤيده بعض الأخبار (1).
(ولا ينعقد نذر الصوم إلا أن يكون طاعة، فلو نذر العيدين أو أيام
التشريق بمنى أو صوم الليل أو مع الحيض لم ينعقد) اتفاقا ولم يكن عليه
شيء، خلافا لبعض (2) العامة فأوجب يوما بدل يوم (وأن يكون مقدورا، فلو
نذر صوم يوم مقدم زيد، لم يصح سواء قدم ليلا أو نهارا) أما ليلا فظاهر،
لأنه لم يتحقق يوم مقدم له إلا أن ينوي ما يعم ذلك، وأما نهارا فكذلك (على
إشكال) من أنه إذا قدم فإما أن يجب صوم باقي اليوم وليس في الشرع صوم أقل
من يوم أو صوم الكل وقد مضى بعضه. وهو خيرة الخلاف (3) والسرائر (4) ومن بقاء
محل النية إلى الزوال مع عموم ما دل على وجوب المنذور وهو خيرة المبسوط (5)
والمختلف (6) وأطلق أبو علي (7) وجوبه واحتاط بصوم يوم مكانه (و) إذا لم
يصح صوم يوم قدومه (لو نذره) أي صوم يوم قدومه (دائما سقط يوم
مجيئه ووجب ما بعده) من أمثاله. (ولو اتفق ذلك اليوم في رمضان صام
بنية رمضان لأنه كالمستثنى) في قول ومما اجتمع عليه الوجوبان على ما
اختاره آنفا. وعلى التقديرين إذا صامه بنية رمضان صح، وإذا صامه بنية النذر
خاصة لم يجزئ، إلا على القول بأنه يجزئ عن رمضان صوم يومه وإن نوى غيره
عمدا (ولا قضاء) عليه بإزائه، فإنه إما مستثنى فلا أداء عليه ليستعقب القضاء،
وإما واقع عن جهتي الوجوب فلا إخلال ليستعقبه (ولو اتفق) ذلك اليوم (يوم



(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 276 ب 5 من أبواب بقية الصوم.
(2) المجموع: ج 8 ص 457.
(3) الخلاف: ج 6 ص 200 المسألة 13.
(4) السرائر: ج 1 ص 370.
(5) المبسوط: ج 1 ص 278.
(6) مختلف الشيعة: ج 8 ص 199.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 199.
90
عيد أفطر) إجماعا (ولا قضاء) عنه (على الأقوى) وفاقا لعلم الهدى (1)
والمحقق (2) وابن إدريس (3) وابن البراج (4) للأصل ومعلومية استثنائه من النذر
وخلافا للصدوق (5) والشيخ (6) وابن حمزة (7) لخبر القاسم الصيقل قال، كتبت إليه:
يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي، فوافق ذلك اليوم يوم
عيد فطر، أو أضحى، أو أيام التشريق، أو سفر، أو مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم
أو قضاؤه؟ وكيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه: قد وضع الله عنه الصيام في هذه
الأيام، ويصوم يوما بدل يوم إن شاء الله (8) وصحيح علي بن مهزيار عن
الهادي (عليه السلام) مثل ذلك (9) وأجيب بالحمل على مطلق الطلب الشامل للاستحباب
ويشكل بالصحة من دون معارض. وما توهم: من اضطرابه سندا - لاشتماله على
محمد بن جعفر الرزاز وهو مجهول - ومتنا لما في التهذيب (10) من قوله " فوافق
ذلك اليوم يوم عيد فطر أو عيد أضحى أو يوم جمعة " يندفع بالنظر إلى الكافي (11)
فإنه يعلم منه عدم دخول الرزاز في السند. وإن " يوم الجمعة " إنما زاد في نسخ
التهذيب سهوا من الناسخ، فإن الحديث مأخوذ من الكافي وليس فيه هذه الزيادة
(ولو وجب على هذا الناذر صوم شهرين متتابعين) عن كفارة مثلا (قيل)
في المبسوط (12): إن الذي يقتضيه مذهبنا أنه (يوم في) الشهر (الأول) كل ما
وقع فيه من ذلك اليوم (عن الكفارة) لتحصل متابعة الشهرين (وفي الثاني)



(1) الطرابلسيات (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الاولى): ص 440.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 188.
(3) السرائر: ج 3 ص 60.
(4) المهذب: ج 2 ص 411.
(5) المقنع: ص 137.
(6) المبسوط: ج 1 ص 281.
(7) الوسيلة: ص 350.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 194 ب 10 من نذر... ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 7 ص 139 ب 10 من أبواب من يصح منه الصوم ح 2.
(10) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 305 ح 1135.
(11) الكافي: ج 7 ص 456 ح 12.
(12) المبسوط: ج 1 ص 280.
91
بعد يوم وجب وصله بالأول يجوز أن يصوم (عن النذر) وعن الكفارة، لأنه لا
يخل بالتتابع، وإنما جاز له صومه عن الكفارة حينئذ، لأنه وإن حصل التتابع لكنه
يجب عليه المبادرة إلى إكمال الشهر الثاني ويأثم بالتفريق كما نص عليه في
التبيان (1) وظهار المبسوط (2) وكفارات النهاية (3) (ويحتمل صومه عن النذر
فيهما) أي الشهرين (لأنه عذر) والعذر (لا ينقطع به التتابع) وقال ابن
إدريس: بل تنتقل الكفارة إلى الإطعام لأنه لا يمكنه صوم شهرين متتابعين (4)
(ولا فرق بين تقدم وجوب التكفير على النذر وتأخره) للاشتراك في
العلة، وكذا لا فرق بينهما في وجوب قضاء ما صامه عن الكفارة عن النذر كما في
المبسوط (5) أو عدمه كما قيل (6) وفرق بينهما بعض العامة (7) فأوجب القضاء إن
تأخرت الكفارة خاصة (ولو قدم ليلا لم يجب شيء) اتفاقا سواء نذر صوم
يوم قدومه خاصة أو صومه دائما إلا إذا نوى بيوم القدوم ما مر.
(ولو أصبح بنية الإفطار ولم يفطر فنذر الصوم باقي اليوم قبل الزوال
انعقد) لدلالة الأخبار (8) على جواز صوم النفل كذلك (وحينئذ قد ينعقد نذر يوم
قدوم زيد) وهو إذا قدم قبل الزوال كما في المبسوط (9) والمختلف (10) كما تقدم.
(ولو نذر الصوم في بلد معين قيل) في المبسوط (أجزأ أين شاء (11))
لعدم التمايز بين الأمكنة باختصاص بعضها لمزية لا يكون في غيره. وفيه وجهان
آخران، أحدهما: اللزوم في ما عينه، لأنه لو صام في غيره لم يأت بالمنذور على



(1) التبيان: ج 9 ص 544.
(2) المبسوط: ج 5 ص 172.
(3) النهاية: ج 3 ص 68.
(4) السرائر: ج 3 ص 68.
(5) المبسوط: ج 1 ص 280 - 281.
(6) قاله ابن إدريس في السرائر: ج 3 ص 68.
(7) المجموع: ج 8 ص 479.
(8) وسائل الشيعة: ج 7 ص 289 ب 1 من أبواب الصوم المندوب.
(9) المبسوط: ج 1 ص 281.
(10) مختلف الشيعة: ج 8 ص 199.
(11) المبسوط: ج 1 ص 282.
92
وجهه. والآخر: اللزوم فيما له مزية، كما روي أن صوم يوم بمكة يعدل صوم
السنة (1) وكثلاثة أيام للاعتكاف بالمدينة (2) إلى غير ذلك من المزايا وقد حكي
الإجماع على اللزوم هنا وقصر الخلاف على غيره.
(ولو نذر أن يصوم زمانا وجب) صوم (خمسة أشهر ولو نذر حينا
وجب ستة أشهر) لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في السكوني في رجل نذر أن يصوم
زمانا: الزمان خمسة أشهر والحين ستة أشهر، لأن الله تعالى يقول: تؤتي أكلها كل
حين بإذن ربها (3). وخبر أبي الربيع الشامي أنه سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل قال:
لله على أن أصوم حينا، وذلك في شكر، فقال صلوات الله عليه: قد اتي أبي في مثل
ذلك، فقال: صم ستة أشهر، فإن الله تعالى يقول: تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها (4)
يعني ستة أشهر. ونحوه في تفسير العياشي عن الحلبي (5) عنه (عليه السلام)، وعمل بها
الأصحاب (ولو نوى غير ذلك لزم ما نواه) من غير خلاف.
(ولو نذر صوم الدهر فإن استثنى العيدين وأيام التشريق بمنى صح
والأقرب دخول رمضان) لما تقدم من جواز نذر الواجب عينا (وإن نوى
دخول العيدين وأيام التشريق بمنى بطل النذر رأسا) بناء على كون
المجموع عبادة واحدة، والأقوى خلافه فيصح فيما عداها (ولو أطلق فالأقرب
وجوب غير العيدين وأيام التشريق) للعلم باستثنائها، وصدق صوم الدهر مع
الإفطار فيها، ويحتمل البطلان، لكونه بمنزلة التصريح بدخولها في النذر المستلزم
لبطلانه رأسا على ما اختاره. وربما يؤيد الأول نحو خبر عبد الكريم بن عمرو قال



(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 382 ب 45 من أبواب مقدمات الحج ح 1.
(2) لم نعثر عليه.
(3) وسائل الشيعة: ج 7 ص 284 - 285 ب 14 من أبواب بقية الصوم ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 7 ص 284 ب 14 من أبواب بقية الصوم ح 1.
(5) تفسير العياشي: ج 2 ص 224 ح 13.
93
للصادق (عليه السلام): إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم (عج) فقال: لا
تصم في السفر ولا في العيدين ولا أيام التشريق ولا اليوم الذي يشك فيه (1) (ولو
نذر صوم الدهر سفرا وحضرا وجب) فيهما بلا خلاف يعرف ويدل عليه
عموم ما دل على وجوب الوفاء بالنذر، وصحيح علي بن مهزيار قال: كتب بندار
مولى إدريس: يا سيدي نذرت أن أصوم كل يوم سبت، فإن أنا لم أصمه، ما
يلزمني من الكفارة؟ فكتب (عليه السلام) وقرأته: لا يتركه إلا من علة، وليس عليك صومه
في سفر ولا مرض إلا أن تكون نويت ذلك (2) (ولم يدخل رمضان في السفر)
أدخلناه في النذر أو لا (بل يجب إفطاره ويقضيه) ثم القضاء إما داخل في
المنذور أو لا (لأنه كالمستثنى) من هذا الحكم (بقوله تعالى: فعدة من أيام
اخر (3)) ونحوه. (و) على القول بخروج الواجب من نحو رمضان وقضائه عن
المنذور (هل له أن يعجل قضاء ما فاته من رمضان بسفر أو حيض أو
مرض) أو لا لعذر (أو يجب عليه) التأخير (إلى أن يتضيق رمضان
الثاني إشكال، أقربه جواز التعجيل) لأنه مستثنى ولاشتراكهما في الوجوب
من غير مرجح فإن التأخير لا يفيد المنذور شيئا، ويحتمل وجوب التأخير لسعة
وقته وضيق المنذور بمعنى أنه لا يجوز ترك المنذور إلا لعذر ولا يتحقق العذر ما
لم يتضيق وقت القضاء. وعلى المختار (فلو عين يوما للقضاء فهل له إفطاره
قبل الزوال اختيارا؟ إشكال) من كونه قضاء رمضان، ومن لزوم التخلف عن
النذور لا لعذر (فإن سوغناه ففي إيجاب كفارة خلف النذر إشكال، ينشأ
من أنه أفطر يوما من القضاء قبل الزوال) ولا كفارة فيه (ومن كون العدول



(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 16 ب 6 من أبواب وجوب الصوم ونيته ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 7 ص 139 ب 10 من أبواب من يصح منه الصوم ح 1.
(3) البقرة: 184.
94
عن النذر سائغا بشرط القضاء فإذا أخل به فقد أفطر يوما كان يجب
صومه بالنذر لغير عذر، إذ العذر صوم القضاء ولم يفعله) فإنما أفطر في يوم
النذر (و) ذلك لأنه (بإفطاره خرج عن كونه قضاء و) لأنا لو لم نوجب
عليه كفارة لزم سقوط النذر وخروج المنذور عن الوجوب (لأن سقوط الكفارة
في اليوم الأول يوجب سقوطها في اليوم الثاني وهكذا) لعدم الفرق (وكذا
لو) عين يوما للقضاء و (أفطر بعد الزوال ففي وجوب الكفارتين) للنذر
والقضاء بناء على الدخول في النذر (أو إحداهما) بناء على الاستثناء (أو)
على الثاني في أن (أيتهما هي) أي كفارة القضاء، لكونه صومه خصوصا وقد
زالت الشمس أو النذر، لأنه فوت يوم النذر لا لعذر (إشكال) وعليه أيضا
يحتمل قويا وجوب الكفارتين، لأنه أخل بالقضاء والمنذور كليهما من جهتين
وإن لم يكن الصوم الذي شرع فيه من المنذور (ولو نذر صوم قدومه فظهر
بعلامة قدومه في الغد فالأقرب) كما في المبسوط (إيجاب نية الصوم (1)
وان عرف قدومه بعد الزوال) لابتناء العبادات كثيرا على الظنون كما أنه إذا
نذر شيئا وأطلق يضيق عليه إذا ظن الوفاة في وقت. ويحتمل العدم، لأن المسبب
لا يتقدم على السبب، ولأنه ربما يتخلف العلامة عن مدلولها.
(ولو نذر عتق عبده يوم قدومه فباعه ثم قدم يوم البيع بعده ظهر
بطلان العقد) لتعلق النذر به لحضور وقته فظهر كون المبيع مستحقا للغير (و)
ذلك لأنه (حمل ذكر اليوم على جميع ذلك اليوم) لصدق يوم القدوم عليه،
ففي أوله قبل القدوم كان قد انعقد عتقه وتعلق به، وتشبث العبد بالحرية والقدوم
إنما هو كاشف عن ذلك لا موقوف عليه.
(ولو نذر إتمام صوم التطوع لزمه) سواء أطلق كأن قال: متى صمت



(1) المبسوط: ج 1 ص 278.
95
تطوعا أتممته، أو خصه ببعض منه وللعامة وجه بالعدم (1) بناء على أنه نذر صوم
ببعض يوم، وضعفه ظاهر.
(ولو نذر صوم بعض يوم احتمل البطلان) لأنه لا يسمى في عرف
الشرع صوما، ولأنه لو صح لم يجب إلا البعض دون الباقي فيجوز الإفطار فيه،
فليلزم وجوب صوم قاصر عن اليوم (و) احتمل (لزوم يوم كامل) لاستلزام
وجوب صوم البعض صوم الكل فنذره يستلزم نذره، كما أن نذر اعتكاف يوم
يوجب اعتكاف ثلاثة أيام (أما لو قال: بعض يوم لا أزيد، بطل) اتفاقا إلا أن
يريد مجرد الإمساك وترجح أو أوقعنا نذر المتساوي (ولو نذر صوم الاثنين)
مثلا (دائما لم يجب قضاء الأثانين الواقعة في شهر رمضان) لأنها إما
مستثناة أو محسوبة من رمضان والنذر جميعا (إلا الخامس مع الاشتباه على
رأي) الشيخ (2) القائل بقضاء العيد، لاحتمال كونه عيدا، والأصل تعلق النذر
وحكمه به، فلا يخالف إلا إذا علم الرافع له وهو الكون من رمضان، أو يحتمل
العدم لأصل البراءة والكون من رمضان، والتنافي بين صومه من رمضان والقضاء
عنه. وأما على مختار المصنف من عدم وجوب قضاء يوم العيد فلا استثناء.
وأوجب ابن حمزة قضاء أثانين رمضان (3) أيضا (ولا) يجب قضاء (يوم العيد
على رأي) لما تقدم مع الخلاف (وفي الحيض والمرض إشكال) تقدم
منشؤه وإن لم يستشكل هناك.
(ولو نذر أن يصوم شهرا قبل ما بعد قبله رمضان فهو شوال) فإن
المعنى صوم شهر من صفته أن قبل نفسه رمضان فإن نفسه بعد قبله، وبناؤه على أن
يكون القبل الأول ظرفا مستقرا وصلة " ما " أو صفتها قوله: بعد قبله وحده - أي ما



(1) المجموع: ج 8 ص 487.
(2) المبسوط: ج 1 ص 280.
(3) الوسيلة: ص 350.
96
يكون بعد قبله - وخبر " رمضان " قوله: قبل ما بعد قبله، والجملة صفة لشهر.
(وقيل شعبان (1)) بناء على أن صلة " ما " أو صفتها جملة بعد قبله رمضان، على
أن يكون رمضان فاعل الظرف - أعني بعد قبله - أو مبتدأ خبره قوله: بعد قبله،
والقبل الأول لغو متعلق بالصوم ويجوز استقراره، وما بعده قبله رمضان نفس
رمضان، لأن كل شهر هو بعد قبله وقد نذر صوم شهر قبله. (وقيل رجب (2)) بناء
على أن الإفادة خير من الإعادة فلابد من الحمل عليها ما أمكن، وكل من البعدية
والقبلية يكون بواسطة وبغيرها، والمتبادر ما بغيرها وخصوصا في مثل هذه
المواضع، ثم ما بواسطة واحدة أولى مما بأكثر وهكذا، وارتكاب الواسطة أولى من
الحمل على الإعادة فنقول: إن القبل الأول ظرف لغو للصوم وما بعد قبله رمضان
غير رمضان، فإنه لو حمل على نفسه لكان إعادة، وإذا حمل على غيره لم يكن بد
من حمل البعدية أو القبلية على ما بواسطة، فإما أن يكون شوالا لأن قبله بواسطة
شعبان وبعده رمضان، أو شعبان لأن قبله رجب أو بعده بواسطة رمضان والثاني
أولى من الأول، إذ لو حمل عليه كان الشهر الذي قبله رمضان. فعلى الأول من
الأقوال الثلاثة شعبان، لأن ما قبل بعده نفسه وبعده رمضان. وعلى الثاني شوال،
فإنه بعد شهر قبل بعده رمضان، فإن كل شهر فهو قبل بعده، فكأنه قال: بعد رمضان.
وعلى الثالث ذو القعدة فإنه بعد شوال الذي بعده بلا واسطة ذو القعدة بواسطة
رمضان. وإن قال: قبل ما قبل بعده رمضان، فشوال على الأول لأنه نفس ما قبل
بعده وقبله رمضان، وشعبان على الثاني، فإن ما قبل بعده رمضان نفس رمضان
وقبله شعبان، وعلى الثالث رجب، لأنه قبل شعبان الذي بعده بواسطة شوال وقبل
ذلك بلا واسطة رمضان وإن قال: بعد ما بعد قبله رمضان فشعبان على الأول
وشوال على الثاني، وذو القعدة على الثالث. وإن قال: ما بعد بعده رمضان، فشعبان



(1) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 64.
(2) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 65.
97
على الأول وجمادي الآخرة على الثاني. وإن قال: بعد ما قبل قبله رمضان،
فشوال على الأول، وذو الحجة على الثاني. وإن قال: قبل ما قبل قبله رمضان، فذو
الحجة على الأول وشوال على الثاني. وإن قال: بعد ما بعد بعده رمضان، فجمادي
الآخرة على الأول وشعبان على الثاني. ولا احتمال في هذه الأربعة لثالث ومجمل
ما ذكر في هذه الشجرة ما يقول الفقيه أيده الله ولا زال عنده الإحسان.
(المطلب الرابع الحج)
(لو نذر إيقاع حجة الإسلام في عام متأخر عن عام الاستطاعة بطل.
ولو نذره بعام استطاعته انعقد) على المختار (فإن أخل لزمه مع الإثم
الكفارة).
(ولو نذر الحج ماشيا، وقلنا المشي أفضل انعقد الوصف) كما يتضمنه
الأخبار (وإلا فلا) إلا على جواز نذر المباح المتساوي إن لم يكن الركوب
أفضل، أو على ما تقدم من لزوم صفة العبادة وإن لم يترجح على خلافها (و) في
صور الانعقاد (يلزمه المشي من بلده) أي بلد النذر، كما في المبسوط (1)
والشرائع (2) والتحرير (3) والإرشاد (4) أو بلد الناذر، كما قيل (5) ووجه لزومه من
أحدهما أن الحج هو القصد قد اريد هنا القصد إلى بيت الله ويبتدئ قصده بابتداء
السفر إليه، ولأنه السابق إلى الفهم في العرف من قولهم: حج ماشيا، وقد يتأيد بما
ورد من القيام في المعبر. وأما الكون من بلد النذر فلأن الالتزام وقع فيه فهو كبلد
الاستطاعة. ومن قال بأنه من بلد الناذر قال: إنه المتبادر. وقيل: من أقرب البلدين
إلى الميقات، لأصل البراءة. ويمكن القول بأنه من أي بلد يقصد فيه السفر إلى



(1) المبسوط: ج 1 ص 303.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 186.
(3) تحرير الأحكام: ج 2 ص 107 س 6.
(4) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 93.
(5) نسبه الشهيد في غاية المراد إلى ابن الجنيد: ص 135 س 17.
98
الحج، لتطابق العرف واللغة فيه بأن حج ماشيا (و) في المبسوط أنه (قيل من
الميقات (1)) لأن الحج في عرف المتشرعة اسم للأفعال المخصوصة التي مبدؤها
الإحرام مع أصل البراءة، ويدفعه أصل عدم النقل، وإن سلم فإنما سلم إلى قصد
بيت الله (و) لا إشكال في أنه (لو قيد أحدهما) أي البلد أو الميقات (لزم)
وكذا إن قيد بغيرهما.
(ولو نذر الحج راكبا، فإن قلنا: إنه أفضل انعقد الوصف وإلا فلا) لأنه
مرجوح إلا أن يعرضه الرجحان، أو نقول بانعقاد وصف العبادة مطلقا بناء على أنه
إذا أخل به لم يأت بالمنذور على وجهه (وإذا لم ينعقد الوصف فيهما انعقد
أصل الحج) إجماعا، كما قيل (2) إذ لا مانع من انعقاده. ويحتمل العدم ضعيفا بناء
على أن المنذور غير واقع والمأتي به غير المنذور.
(ولو نذر المشي فعجز، فإن كان النذر معينا بسنة ركب، ويستحب أن
يسوق بدنة) جبرانا، كما في نحو صحيح الحلبي قال للصادق (عليه السلام): رجل نذر أن
يمشي إلى بيت الله وعجز أن يمشي، قال: فليركب، وليسق بدنة فإن ذلك
يجزئ عنه إذا عرف الله منه الجهد (3) ولا يجب، للأصل، وخبر عنبسة بن مصعب
قال: نذرت في ابن لي، إن عافاه الله أن أحج ماشيا، فمشيت حتى بلغت العقبة،
فاشتكيت، فركبت، ثم وجدت راحة، فمشيت، فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: إني
احب إن كنت موسرا أن تذبح بقرة، فقلت: معي نفقة، ولو شئت أن أذبح لفعلت،
وعلي دين، فقال: إني احب إن كنت موسرا أن تذبح بقرة، فقلت: أشيء واجب
أفعله؟ فقال: لا، من جعل لله شيئا فبلغ جهده فليس عليه شيء (4) (وقيل) في



(1) المبسوط: ج 1 ص 313.
(2) القائل هو صاحب غاية المرام: ص 40 س 20.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 203 ب 20 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 193 ب 8 من أبواب النذر والعهد ح 5.
99
حج النهاية (1) وأيمان الخلاف (2) (يجب) السوق للإجماع والأخبار
والاحتياط، مع نصه في نذور الخلاف على العدم، للأصل. ولكنه قال في الأيمان:
لا يجوز له أن يركب، فإن ركب وجب عليه إعادة المشي، فإن عجز عن ذلك لزمه
دم. وقال في النذور: وإن ركب مع العجز لم يلزمه شيء. فالظاهر أنه إنما وجب
الدم إذا ركب قادرا على المشي ثم عجز عن الإعادة ماشيا، ولم يوجبه إذا عجز
أولا. وصحيح الحلبي (3) وغيره يدل على الثاني إلا أن يفهم الأول من طريق
الأولى (ولا يسقط الأصل إلا مع العجز عنه مطلقا) للأصل، ووجوب
الإتيان بما وجب حسب الاستطاعة فإن الميسور لا يسقط بالمعسور، وعموم أدلة
وجوب الوفاء بالنذر مع مغايرة الشيء لصفته فلا يلزم سقوطه من سقوطها خلافا
لابن إدريس (4) فأسقطه تمسكا بأنه بدون الهيئة المنذورة غير المنذور، مع إمكان
حمل الأخبار الآمرة بالركوب على تجدد العجز بعد الإحرام وخصوص صحيح
ابن مسلم سأل أحدهما عن رجل جعل عليه مشيا إلى بيت الله فلم يستطع؟ قال:
يحج راكبا (5) وهو خيرة الكتاب في الحج (ولو كان النذر مطلقا) فعجز عن
المشي (توقع المكنة) إلى أن يعلم عادة استمرار العجز (ولو ركب مختارا
فإن كان معينا كفر) كفارة النذر ولا قضاء عليه، لأنه أتى بالحج المنذور، وإنما
أخل بالمشي ولا قضاء له وحده. وقيل (6) بالقضاء، لأنه لم يأت بالمنذور على
وجهه، ولأنه لم يأت بالمشي الذي نذره فلابد من قضائه، ولا يقضي إلا مع الحج
(ولو كان مطلقا وجب الاستيناف ماشيا) لأنه لم يأت بالمنذور والوقت



(1) النهاية: ج 1 ص 460.
(2) الخلاف: ج 6 ص 187 المسألة 105.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 60 ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 9.
(4) السرائر: ج 3 ص 61.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 61 ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 9.
(6) المختصر النافع: ص 76.
100
باق (ولا كفارة) لعدم إخلاله بالمنذور (ولو ركب بعضا فكذلك) في
المطلق والمعين وفاقا للمحقق (1) وابن إدريس (2) للتساوي في الإخلال، وتوقف
التدارك على الاستئناف مع المشي في تمام الطريق (وقيل) في المقنعة (3)
والنهاية (4) والمبسوط (5) والإصباح (6) والجامع (7) وغيرها وليس عليه المشي في
تمام الحج الثاني بل (يقضي) أي يعيد قضاء أو أداء (و) له أن (يركب ما
مشى و) عليه أن (يمشي ما ركب) لأنه نذر الحج والمشي في طريقه ولم
يشترط كون مشي تمام الطريق في حجة واحدة، وإذا فعل ذلك صدق أنه مشى
تمام طريق الحج ولو دفعتين. وضعفه ظاهر، فإنه إنما نذر أن يحج ماشيا ولم يفعله
في الشيء من الدفعتين (ويقف ناذر المشي في السفينة عابرا نهرا) لخبر
السكوني: أن عليا (عليه السلام) سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمر بالمعبر؟ قال:
ليقم حتى يجوزه (8) (استحبابا) كما في الشرائع (9) والمعتبر (10) لأنه ليس بمشي،
والأصل البراءة مع ضعف الخبر وقال الشيخ (11) وجماعة بالوجوب (12) للخبر،
ولتضمن المشي القيام مع الحركة، فإذا عجز عن الحركة لم يسقط القيام. وفيه أنه
كما يقدر على القيام يقدر على الحركة، وكما لا تفيد الحركة لا يفيد القيام
(ويسقط المشي بعد طواف النساء) في المشهور، لأنه آخر الأفعال، وقيل بل
آخرها الرمي (13) وأيد بقول الصادق (عليه السلام) في صحيح إسماعيل بن همام: في الذي



(1) شرائع الإسلام: ج 1 ص 231.
(2) السرائر: ج 3 ص 62.
(3) المقنعة: ص 565.
(4) النهاية: ج 1 ص 461.
(5) المبسوط: ج 1 ص 303.
(6) إصباح الشيعة: ص 180.
(7) الجامع للشرائع: ص 176.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 64 ب 37 من أبواب وجوب الحج ح 1.
(9) شرائع الإسلام: ج 1 ص 231.
(10) المعتبر: ج 2 ص 763.
(11) النهاية: ج 1 ص 461.
(12) في ن بدل " قال الشيخ وجماعة بالوجوب ": ويحتمل كلام الشيخين والأكثر بالوجوب.
(13) مدارك الأحكام: ج 7 ص 103.
101
عليه المشي في الحج إذا رمى الجمار زار البيت راكبا، وليس عليه شيء (1) فإن
المفهوم من الجمار جميعها وإنما يرمي الجميع بعد التحلل، وكذا إن اريد بها
الحصيات كان الظاهر جميع ما معه منها، وإنما يتحقق رمي الجميع في ثالث
التشريق، ولكن في خبر جميل عنه صلوات الله عليه: إذا حججت ماشيا ورميت
الجمرة فقد انقطع المشي (2) وفي خبر علي بن أبي حمزة عنه صلوات الله عليه: إذا
رمى جمرة العقبة وحلق رأسه فقد انقطع مشيه فليزر راكبا (3).
(ولو فاته الحج) قبل التلبس أو بعده (أو فسد) بعده (مع تعينه ففي
لزوم لقاء البيت) للنذر (إشكال) من أن الحج هو القصد إلى البيت للأفعال
المخصوصة فإذا فاتت الأفعال لم يلزم فوات القصد، ومن احتمال صيرورته في
العرف بمعنى الأفعال وأنه إنما أوجب على نفسه القصد إليه للأفعال فهو لا لها
خارج عن المنذور وأيضا من التردد في التعبد بلقائه مجردا ممنوع إن لم يكن
تلبس ولم يوجب النذر اللقاء لم يجب وإن تلبس ففات أو فسد لزمه اللقاء
للتحليل بالعمرة أو لإتمام الأفعال، وإنما تظهر الفائدة في الكفارة إن أخل به فإن
وجب بالنذر أيضا لزمت وإلا فلا (وإن أوجبناه) أي اللقاء بالنذر (ففي جواز
الركوب) إذا نذر المشي (إشكال) من أن نذره قصده وأفعاله ماشيا، ومن أنه
إنما نذر أفعاله وقصده لها ماشيا وقد فاتته (ثم) لا يكفيه اللقاء بل (يلزم قضاء
الحج المنذور) مع الإفساد أو الفوات بالتفريط.
(ولو نذر الحج في عامه) مثلا (فتعذر بمرض) يمكنه معه الحج بمشقة
(ففي القضاء إشكال) من الأصل مع عدم استقرار الوجوب في الذمة للعذر،
ومن أن هذا المرض إنما أفاد الرخصة في الترك ولم يبطل القدرة على الفعل



(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 62 ب 35 من أبواب وجوب الحج ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 62 ب 35 من أبواب وجوب الحج ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 62 ب 35 من أبواب وجوب الحج ح 4.
102
والمنذور إذا قدر عليه فترك لزم قضاؤه (ولا قضاء لو تعذر بالصد) لأنه ينفي
القدرة وبه ينحل النذر ونحوه المرض النافي للقدرة، ويظهر من إطلاق الكافي (1)
وجوب القضاء وهو وجه لبعض العامة (2).
(ولو نذر إن رزق ولدا أن يحج به أو عنه، ثم مات حج بالولد أو عنه
من صلب ماله) لأنه طاعة ينعقد نذره فيجب عليه وهو من الماليات التي تخرج
من صلب المال، ولحسن مسمع قال للصادق (عليه السلام): كانت لي جارية حبلى، فنذرت
لله عز وجل، إن ولدت غلاما أن أحجه أو أحج عنه، فقال (عليه السلام): إن رجلا نذر لله عز
وجل في ابن له، إن هو أدرك أن يحجه أو يحج عنه فمات الأب وأدرك الغلام بعد،
فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الغلام فسأله عن ذلك، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يحج عنه
مما ترك أبوه (3).
(ولو نذر أن يحج، ولم يكن له مال فحج عن غيره ففي إجزائه عنهما
إشكال) من صدق الحج وصحيح رفاعة سأل الصادق (عليه السلام): عن رجل حج عن
غيره، ولم يكن له مال، وعليه نذر أن يحج ماشيا أيجزئ عنه من نذره؟ قال: نعم (4)
وهو خيرة النهاية (5) ومن أنه أوجب على نفسه الحج كما يجب عليه حجة
الإسلام، فكما لا يجزئ عنها الحج عن غيره فكذا عنه، مع أن الأصل والظاهر
اختلاف المسبب باختلاف السبب، ويقوى الأول إذا حج عن غيره تبرعا،
ويحتمله الخبر وإن لم يفترق الحال حينئذ بين أن يكون له مال أو لا وبالجملة بين
القادر على الوفاء بالنذر وغيره، وربما حمل الخبر على العجز، وحينئذ وإن لم
يجب عليه المنذور لكن لا بعد في أن يثاب ثوابه، ولا إشكال في الإجزاء إذا نوى



(1) الكافي في الفقه: ص 218.
(2) المجموع: ج 8 ص 494.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 198 ب 16 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 204 ب 21 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(5) النهاية: ج 3 ص 61.
103
حين النذر عموم الحج عن نفسه وغيره، وحمل الخبر عليه بعيد.
(وإذا نذر أن يحج راكبا فحج ماشيا مع القدرة) على الركوب (قيل)
في الشرائع (1) وغيره (يحنث) بناء على رجحانه أو على انعقاد صفة العبادة وإن
لم يترجح (فيجب به الكفارة) إن عين السنة (لا القضاء) لأنه أتى بالحج
المنذور وإنما أخل بالركوب، وفيه ما تقدم من الاحتمال فيما لو نذره ماشيا فحج
راكبا. وأما إن أطلق فعليه الإعادة كما في المشي.
(ولو نذر المشي أو الركوب إلى بيت الله تعالى ولم يقصد حقيقتهما
بل الإتيان لم يجب أحدهما بل القصد) بأيهما كان (ولو نذر القصد إلى
البلد الحرام) أو الحرم (أو بقعة منه كالصفا أو المروة) وترجح أو قلنا
بالانعقاد مطلقا (لزمه حج أو عمرة) لتوقفه على أحدهما شرعا، كما أنه إذا
نذر الصلاة لزمه الوضوء (ولو نذر) القصد (إلى عرفة أو الميقات لم يجب
أحدهما) لخروجهما عن الحرم إلا أن يقصد بقصدهما الحج أو الاعتمار (وفي
انعقاد النذر) إن لم يترجح قصدهما بمرجح (إشكال) للإشكال في انعقاد نذر
المباح المتساوي الطرفين.
(ولو أفسد الحج المنذور ماشيا في سنة معينة لزمته الكفارة) للنذر
مع ما قدر للإفساد (والقضاء ماشيا) ويسقط عنه المشي في بقية ما أفسده بناء
على أن الإتمام عقوبة، والفرض هو الثاني لا المفسد الذي يتمه، وإلا فلا كفارة ولا
مشي في الثاني.
(ولو نذر غير المستطيع الحج في عامه ثم استطاع بدأ بالنذر) لتقدم
سببه (وكذا الاستئجار).
(ولو نذر المستطيع الصرورة الحج في عامه ونوى حجة الإسلام



(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 187.
104
تداخلتا) على المختار من تعلق النذر بالواجب (وإن نوى غيرها، فإن قصد
مع فقد الاستطاعة انعقد، وإن قصد معها لم ينعقد) لانتفاء المشروعية (وإن
أطلق ففي الانعقاد إشكال) من تعلق النذر بغير المشروع، ومن إمكان الحمل
على تقدير فقد الاستطاعة مع أصالة صحة النذر. وإن أطلق الحج المنذور عام
الاستطاعة فإن استمرت الاستطاعة دخل على المختار في حجة الإسلام.
(ولو أخل بحج الإسلام والنذر في عامه وجب عليه حجان إن انعقد
النذر) من غير تداخل بأن نذر قبل الاستطاعة (وكفارة خلف النذر. وكل
موضع لا ينعقد فيه النذر لا يجب غير قضاء حجة الإسلام) وإن انعقد مع
التداخل كان عليه قضاء حجة الإسلام وكفارة خلف النذر.
(المطلب الخامس الهدي)
(إذا نذر هدي بدنة انصرف الإطلاق إلى الكعبة) للعرف، وقول
الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: إنما الهدي ما جعل لله هديا للكعبة (1) ولكن في
خبر محمد عن الباقر (عليه السلام): في رجل قال: عليه بدنة، ولم يسم أين ينحر، قال (عليه السلام):
إنما النحر بمنى يقسمونها بين المساكين (2) (ولو نوى منى لزم) لأنها أيضا مما
يهدى لها الهدي (ولو نذر إلى غيرهما لم ينعقد) كما في المبسوط (على
إشكال) من أن الهدي المشروع ما كان إليهما وأنه لا رجحان لغيرهما من
الأماكن، ومن عموم الأمر بالوفاء ورجحان نفس الهدي وإن لم يترجح المكان
على أنه ربما كان له رجحان، وخبر محمد عن الباقر (عليه السلام) في رجل قال: عليه بدنة
ينحرها بالكوفة؟ فقال (عليه السلام): إذا سمى مكانا فلينحر فيه فإنه يجزئ عنه (3) وهو



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 187 ب 4 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 194 ب 11 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 194 ب 11 من أبواب النذر والعهد ح 1.
105
الأقوى وخيرة الخلاف (1) مع ادعاء الإجماع عليه.
(ولو نذر نحر الهدي بمكة وجب وتعين التفريق بها) كما قاله الشيخ (2)
وجماعة تقتضيه العرف والاحتياط، إذ لا تعبد بمجرد النحر في الحرم إذ لا إذن في
جعله مجزرة (وكذا منى) ويزيد فيها ما مر من قول الباقر (عليه السلام): إنما النحر بمنى
يقسمونها بين المساكين (3) فإن الظاهر منه القسمة فيما بينهم وقيل: إنما يتعين
النحر فيهما (4) للأصل، ومنع اقتضاء العرف و (لا) كذلك (غيرهما) أي مكة
ومنى، فلا يتعين النحر والتفريق فيه، لعدم انعقاد النذر (على إشكال) تقدم.
(وينصرف إطلاق الهدي إلى مكة ومنى) أو مطلقا (إلى النعم)
للعرف، والأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: وسئل عن الرجل يقول:
أنا أهدي هذا الطعام، ليس بشيء إن الطعام لا يهدى (5) وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خبر أبي
بصير: فإن قال الرجل: أنا أهدي هذا الطعام، فليس هذا بشيء إنما تهدى البدن (6)
وللإجماع كما في الخلاف (7) ولا فرق بين أن يقول علي أن أهدي أو أهدي هديا
أو أهدي الهدي ووافقنا الشافعي (8) في الأخير دون غيره (ويجزئه أقل ما
يسمى هديا منها) أي النعم كالشاة بالشروط المعتبرة في الهدي (وقيل) في
المبسوط (يجزئ) من غيرها (ولو بيضة) أو تمرة قال: لأن اسم الهدي يقع
عليه لغة وشرعا، يقال: أهدي بيضة وتمرة، وقال تعالى: ذوا عدل منكم هديا بالغ
الكعبة، وقد يحكمان بقيمة عصفور أو جرادة، وسمى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) البيضة هديا،



(1) الخلاف: ج 6 ص 196 المسألة 7.
(2) الخلاف: ج 6 ص 197 المسألة 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 194 ب 11 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(4) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 74.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 187 ب 4 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 183 ب 1 من أبواب النذر والعهد ح 3.
(7) الخلاف: ج 6 ص 197 المسألة 8.
(8) الام: ج 7 ص 70، المجموع: ج 8 ص 469.
106
فقال في التبكير إلى الجمعة: ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما أهدى بيضة.
قال: والأول عندنا أحوط، والثاني قوي، لأن الأصل براءة الذمة (1). وهو مقرب
المختلف قال: لأصالة البراءة، ونمنع تخصيص إطلاق الهدي بالنعم (2).
(ولو نذر أن يهدي إلى بيت الله تعالى غير النعم قيل) في السرائر (3)
والجامع (4) والإصباح (5) وغيرها: (بطل) وهو اختيار الحسن (6) والقاضي (7)
وأبي علي (8) للخبرين، ولأن الهدي إنما يكون من النعم فتعلق بغير المشروع
(وقيل) في المبسوط (9): (يباع ويصرف في مصالح البيت) وهو خيرة
المختلف (10) لأنه قربة وطاعة. ولا ينافيه انصراف الإطلاق إلى النعم، لأنه بعد
التسليم لا شبهة في جواز التجوز به عن غيره بقرينة، ولصحيح علي بن جعفر، سأل
أخاه (عليه السلام) عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة كيف يصنع؟ فقال: إن أبي أتاه رجل
قد جعل جاريته هديا للكعبة، فقال (عليه السلام) له: مر مناديا يقوم على الحجر فينادي ألا
من قصرت به نفقته، أو قطع به، أو نفد طعامه فليأت فلان بن فلان، ومره أن يعطي
أولا فأولا حتى يتصدق بثمن الجارية (11) وخبر أبي الحر عن الصادق (عليه السلام)، قال:
جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام): قال إني أهديت جارية إلى الكعبة، فأعطيت
خمسمائة دينار فما ترى؟ قال (عليه السلام): بعها ثم خذ ثمنها، ثم قم على هذا الحائط
حائط الحجر، ثم ناد وأعط كل منقطع به، وكل محتاج من الحاج (12) وفي خبر



(1) لم نعثر عليه في المبسوط وحكاه عنه في المختلف 8: 203.
(2) مختلف الشيعة: ج 8 ص 204.
(3) السرائر: ج 3 ص 66.
(4) الجامع للشرائع: ص 424.
(5) إصباح الشيعة: ص 162.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 204.
(7) المهذب: ج 2 ص 409.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 204.
(9) لم نعثر عليه في المبسوط وحكاه عنه في المختلف 8: 202.
(10) مختلف الشيعة: ج 8 ص 205.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 354 ب 22 من أبواب مقدمات الطواف ح 7.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 354 ب 22 من أبواب مقدمات الطواف ح 8.
107
آخر لعلي بن جعفر، أنه سأل أخاه (عليه السلام) عن الرجل يقول: هو يهدي إلى الكعبة كذا
وكذا، ما عليه إذا كان لا يقدر على ما يهديه؟ قال: إن كان جعله نذرا ولا يملكه فلا
شيء عليه، وإن كان مما يملك غلام أو جارية أو شبهه، باعه واشترى بثمنه طيبا،
فيطيب به الكعبة، وإن كانت دابة فليس عليه شيء (1) وهو يتضمن غير الجارية من
سائر الأشياء سوى الدابة. وفي قرب الإسناد للحميري عن علي بن جعفر، أنه
سأل أخاه صلوات الله عليه عن رجل جعل ثمن جاريته هديا للكعبة، فقال (عليه السلام)
له: مر مناديا يقوم على الحجر، فينادي ألا من قصرت نفقته، أو قطع به، أو نفد
طعامه فليأت فلان بن فلان، وأمره أن يعطي أولا فأولا حتى ينفد ثمن الجارية (2)
وهو صريح في إهداء الثمن فيعم نحو الدراهم والدنانير. وقد يتأيد بما في خبر
ياسين: أن قوما أقبلوا من مصر فمات منهم رجل فأوصى بألف درهم للكعبة،
فسئل الباقر (عليه السلام) قال: إن الكعبة غنية عن هذا انظر إلى من أم هذا البيت فقطع به، أو
ذهبت نفقته، أو ضلت راحلته، وعجز أن يرجع إلى أهله فادفعها إلى هؤلاء الذين
سميت (3). (و) في السرائر: أنه روي أنه (لو نذر أن يهدي) إلى البيت أو
مشهد من المشاهد (عبده أو جاريته أو دابته، بيع ذلك وصرف في مصالح
البيت أو المشهد الذي نذر له وفي مؤنة الحاج أو الزائرين) الذين خرجوا
إلى السفر ويناولهم اسم الحاج والزائرين. ولا يجوز لأحد أن يعطي شيئا من ذلك
لأحد منهم قبل خروجهم إلى السفر (4) مع أنه قال: فإن قال: متى كان كذا فلله علي
أن أهدي هذا الطعام إلى بيته، لم يلزمه ذلك، لأن الإهداء لا يكون إلا في النعم (5)
وهو صريح في الفرق بين الثلاثة وغيرها، للنص. ولذا فرق المصنف أيضا وقصر



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 202 ب 18 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) قرب الإسناد: ص 108.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 353 ب 22 من أبواب مقدمات الطواف ح 6.
(4) السرائر: ج 3 ص 62.
(5) السرائر: ج 3 ص 66.
108
الخلاف (1) على غيرها، ومثله المحقق في الشرائع (2) ونحوه السرائر والإصباح (3)
والجامع (4) بزيادة العصفور والدجاج مع الطعام، وكلام القاضي (5) بزيادة الثوب
على المملوك والدابة إلا أنهم لم يذكروه رواية. ونص أبو علي على بيع
الغلام والجارية وشراء طيب للكعبة، وقال: ولو قال: من الحيوان غير الإنسي
أو الثمانية الأزواج، فلم يلزمه شيء (6) فأخرج الدابة من الثلاثة كما فيما مر من
الخبر ونص المبسوط (7) فإن عين فإن كان مما ينقل ويحول كالنعم والدراهم
والدنانير والثياب وغيرها انعقد نذره ولزمه نقله إلى الحرم وتفرقته في مساكين
الحرم إلا أن يعين الجهة التي نذر لها كالثياب لستارة الكعبة وطيبها ونحوهما
فيكون على ما نذر، وإن كان مما لا ينقل ولا يحول مثل أن يقول: لله علي أن
أهدي داري هذه وضيعتي هذه وهذه الشجرة، لزمته قيمته لمساكين الحرم يباع
ويبعث بالثمن إلى مساكين الحرم. فعمم الانعقاد لكل شيء والصرف في المصالح
لكنه خص الصرف إلى المساكين. ولعله أحوط، للأخبار، ولأن الهدي من النعم
يصرف إليهم، ولم يوجب البيع وصرف الثمن فيما ينقل، لإمكان صرف نفسه،
والأمر كذلك، لكنه إن كان صرف الثمن أصلح للمساكين كان أولى وعليه ينزل
الإطلاق في الأخبار، وكلام الأصحاب وما فيه من التعميم هو المختار لما عرفت
من الاعتبار والأخبار وهو خيرة التحرير (8) والمختلف (9) وما مر في الطعام
محمول على ما إذا أراد الناذر الهدي بالمعنى المعروف، وكذا صحيح الحلبي، أن
الصادق (عليه السلام) سئل عمن يقول: للجزور بعد ما نحر هو هدي لبيت الله، فقال (عليه السلام):



(1) الخلاف: ج 6 ص 197 المسألة 8.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 191.
(3) إصباح الشيعة: ص 484.
(4) الجامع للشرائع: ص 424.
(5) المهذب: ج 2 ص 411.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 203.
(7) لم نعثر عليه.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 107 س 5.
(9) مختلف الشيعة: ج 8 ص 205.
109
إنما يهدى البدن وهن أحياء، وليس بهدي حين صارت لحما (1) على أنه ليس فيه
للنذر ذكر فيجوز أن يكون القائل إنما قصد به الهدي لعمرة أو حج.
(ولو نذر إهداء بدنة انصرف) عندنا (إلى انثى الإبل) للعرف، واللغة،
ويدل عليه قول الصادق (عليه السلام) في خبر حفص بن غياث بطريقين: من نذر بدنة فعليه
ناقة، يقلدها ويشعرها، ويقف بها بعرفة (2) كذا في التهذيب (3) وفي نسخ الكافي من
نذر هديا (4). والخبر بأحد طريقيه مأخوذ منه، وقولهم صلى الله عليهم: البدنة
والبقرة يجزئ عن سبعة، وقوله تعالى: وإذا وجبت جنوبها (5) واختلف فيها العامة
فمنهم (6) من خصها بالإبل وعممها للذكر والأنثى، ومنهم (7) من عممها مع ذلك للبقر
ذكرا وانثى، ومنهم (8) من عممها للشاة.
[وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني، في الرجل يقول: علي بدنة،
تجزئ عنه بقرة إلا أن يكون عنى بدنة من الإبل] (9).
(وكل من وجب عليه بدنة في نذر ولم يجد لزمه بقرة فإن لم يجد
فسبع شياه) لأن الشرع أقامهما مقامها عند العجز، ولو لم يجد إلا أقل من سبع
شياه فهل يجب عليه؟ وجهان، أقربهما الوجوب.
(وإذا نذر التقرب بذبح شاة بمكة) مثلا أو ما يفيد التقرب من التضحية
ونحوها (لزم) ولزم التفريق فيها على المساكين، إذ لا قربة بمجرد الذبح (ولو
لم يذكر لفظ التقرب ولا التضحية) ولا نحوها (فإشكال) من أنه لا قربة في



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 187 ب 4 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 195 ب 11 من أبواب النذر والعهد ح 2.
(3) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 307 ح 1141.
(4) الكافي: ج 7 ص 457 ح 13.
(5) الحج: 36.
(6) الحاوي الكبير: ج 15 ص 486.
(7) الشرح الكبير: كتاب الحج ج 3 ص 578.
(8) الشرح الكبير: كتاب الحج ج 3 ص 578، الحاوي الكبير: كتاب الحج ج 4 ص 371.
(9) أثبتناه من نسخة " ن ".
110
مجرد الذبح فيكون مباحا مع الخلاف في انعقاد نذر المباح، وعلى عدم انعقاده
يحتمل أن يكون تعليق النذر به قرينة على قصد التقرب (وإذا ذكر في النذر
لفظ التضحية) مثلا (لم يجزئه إلا ما يجزئ في التضحية، وهو الثني
السليم) مما يعتبر السلامة منه.
(ولو نذر إهداء ظبي إلى مكة لزم التبليغ) إلى الحرم (على إشكال)
من اشتمال الإهداء على التبليغ إليه فلا يسقط بسقوط التبليغ إلى مكة والذبح
والتصدق بها لمنع الشرع من جميع ذلك لوجوب الإرسال إذا بلغ الحرم، ومن أنه
لا قربة في مجرد التبليغ، وأنه إنما نذره بقيد الإهداء فلما امتنع شرعا سقط رأسا.
وظاهر العبارة التبليغ إلى مكة ووجهه احتمال أن لا يجب المبادرة بالإرسال إذا
دخل الحرم ثم في التحرير (1) أنه يتصدق به حيا. ووجهه احتمال أن لا يخرج عن
ملكه وإن وجب الإرسال ووجب الإرسال على المتصدق عليه أيضا. ويظهر
الفائدة فيما إذا خرج الظبي عن الحرم بعد الإرسال، فإنه باق على ملك مالكه، فله
أخذه بعده وإن كان المالك هو الذي أمسكه حتى أخرجه، فإن إثمه بذلك لا ينافي
بقاء ملكه (ولم يجز الذبح) قطعا (ولو نذره) أي الإهداء (في بعير معيب)
بما يشترط السلامة منه في الهدي انعقد و (وجب) عليه (الذبح فيها) لأنه من
جنس الهدي وإن لم يتحقق فيه شرطه، فكونه (2) معيبا حال النذر قرينة أنه إنما
أراد بما نذره من الإهداء التقرب به كما يتقرب بالهدي الصحيح وإن كان إذا أطلق
انصرف إلى الصحيح. وللعامة (3) وجه بالعدم. وكذا إذا طرأ العيب بعد النذر، لتعلق
وجوب ذبحه والتقرب به قبله، فلا يدفعه العيب الطارئ. وفي التحرير (4) جعله
كالظبي في وجوب التبليغ والتصدق به حيا لا الذبح بناء على خروجه عن الهدي
المعروف، فالإهداء إنما يكون بمعنى التقرب به ويكفي فيه التصدق به حيا.



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 108 س 29.
(2) في نسخة " ق " لكونه.
(3) لم نعثر عليه.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 108 س 29.
111
(ولو نذر نقل عقار إلى مكة، بطل النذر) لعدم القدرة عليه (ولم يلزم
بيعه) لأنه غير منذور (إلا أن يقصده فيصرف ثمنه فيها) وللعامة (1) قول
بتنزيل الإطلاق عليه.
(ولو نذر أن يستر الكعبة أو يطيبها، وجب) لأنهما من السنن، وقد مر
ما نص على تنزيل الهدي على التطيب، وجاز الستر بالحرير (وكذا في مسجد
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأقصى) وغيرهما من المساجد والمشاهد ينعقد نذر التطيب كما
في التحرير (2) لرجحانه شرعا. وأما الستر فلا أعرف له مرجحا إلا ستر حجرة
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبور الأئمة (عليهم السلام) كما يفعل في هذه الأعصار، لما فيه من التعظيم
والاحترام. وللعامة (3) وجه بعدم انعقاد التطيب، وآخر باختصاصه بالحرام والأقصى.
(وإذا نذر أضحية معينة زال ملكه عنها) وكانت أمانة في يده للمساكين
بالإجماع كما في الخلاف خلافا لبعض العامة (فإن أتلفها ضمن قيمتها) لهم
وقال الشافعي: أكثر الأمرين من المثل والقيمة (ولو عابت نحرها على ما بها)
من العيب ولا شيء عليه (إذا لم يكن عن تفريط) للأصل (ولو ضلت أو
عطبت كذلك) أي عن غير تفريط (لم يضمن، ويضمن) القيمة (مع
التفريط) في العين حتى ضلت أو عطبت، والأرش مع التفريط فيها حتى عابت
(ولو ذبحها يوم النحر) أو بعده حيث يجزئ فيه التضحية (غيره ونوى عن
صاحبها أجزأته وإن لم يأمره) لأنه إنما نذر كونها أضحية وقد حصل، فإنه أعم
من التضحية بنفسه إلا أن ينوي ذلك في النذر، وللإجماع كما في الخلاف (4) ولم
يجتزئ به مالك (5) (وإن لم ينو عن صاحبها) بل قصد به التملك لنفسه ثم
ضحى بها (لم يجزئ عنه) فإن المضحي يضمن له القيمة حينئذ، فعليه تفريق



(1) الحاوي الكبير: ج 15 ص 484.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 108 س 28.
(3) لم نعثر عليه.
(4) الخلاف: ج 6 ص 60 المسألة 21.
(5) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 117.
112
القيمة على المساكين (ولا يسقط استحباب الأكل بالنذر) لدخوله في مفهوم
الأضحية والتضحية، وللشافعي (1) فيه وجهان.
(المطلب السادس في الصدقة والعتق)
(إذا نذر أن يتصدق وأطلق لزمه أقل ما يسمى صدقة) وليس منها
تعليم العلم أو الكلمة الطيبة ونحوهما وإن أطلقت عليه تجوزا (ولو قيده بمعين
لزم. ولو قال: بمال كثير، لزمه ثمانون درهما) وفاقا للشيخين (2) وسلار (3)
والقاضي (4) وابني سعيد (5) لخبر الحضرمي قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله
رجل عن رجل مرض، فنذر لله شكرا، إن عافاه أن يتصدق من ماله بشيء كثير،
ولم يسم شيئا فما تقول؟ قال: يتصدق بثمانين درهما فإنه يجزئه، وذلك بين في
كتاب الله، إذ يقول الله لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد نصركم الله في مواطن كثيرة. والكثير في
كتاب الله ثمانون (6) وما رواه العياشي في تفسيره عن يوسف بن السخت، أنه
اشتكى المتوكل فنذر إن شفاه الله يتصدق بمال كثير، فكتب إلى الهادي (عليه السلام) يسأله
فكتب (عليه السلام): يتصدق ثمانين درهما، وكتب قال الله لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد نصركم الله
في مواطن كثيرة، والمواطن التي نصر الله رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها ثمانون، فثمانون
درهما من حله مال كثير (7) وفي الفقيه (8) والهداية (9) أنه ثمانون وأطلق، ويوافقه
في الإطلاق أخبار كما في معاني الأخبار من مرسل ابن أبي عمير عن



(1) الشرح الكبير (المغني لابن قدامة): ج 3 ص 582.
(2) النهاية: ج 3 ص 57.
(3) المراسم: ص 186.
(4) المهذب: ج 2 ص 411.
(5) شرائع الإسلام: ج 3 ص 190، الجامع للشرائع: ص 424.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 186 ب 3 من أبواب النذر والعهد ح 2.
(7) تفسير العياشي: ج 2 ص 84 ح 37.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 368 ذيل الحديث 4298.
(9) الهداية: ص 74.
113
الصادق (عليه السلام): أنه قال في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير، فقال (عليه السلام): الكثير
ثمانون فما زاد لقول الله تبارك وتعالى: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة، وكانت
ثمانين موطنا (1) وما في الكافي والتهذيب من مرسل علي بن إبراهيم: أن المتوكل
سم، فنذر إن عوفي أن يتصدق بمال كثير، فأرسل إلى الهادي (عليه السلام)، فسأله عن حد
المال الكثير، فقال له: الكثير ثمانون (2) وما في تفسير علي بن إبراهيم عن محمد
ابن عمر: أن المتوكل نذر التصدق بدنانير كثيرة، فأرسل إليه (عليه السلام) يسأله فقال:
الكثير ثمانون (3) ومن الغريب ما في كتاب الأنساب لأبي سعيد السمعاني: من أن
المتوكل اعتل في أول خلافته، فقال: لأن برئت لأتصدقن بدنانير كثيرة، فبعث إليه
يسأله فقال (عليه السلام): يتصدق بثلاثة وثمانين دينارا، قال: لأن الله تعالى قال: لقد
نصركم الله في مواطن كثيرة، فروى أهلنا جميعا أن المواطن في الوقائع والسرايا
والغزوات ثلاثة وثمانين موطنا، وأن يوم حنين كان الرابع والثمانين (4) وفي
المقنع (5) أنه ثمانون دينارا وفي السرائر (6) أنه ثمانون درهما إن كان التعامل به،
وثمانون دينارا إن كان تعومل به. ويمكن تنزيل الأخبار وكلامي الصدوق عليه،
وهو قوي، وإن تعومل بهما لم يلزم إلا الدراهم، للأصل، وإنما العبرة حينئذ
بالدراهم المتعامل بها وقت النذر، وعلى الأول الذي هو الاقتصار على الدراهم
مطلقا فالأقوى اعتبار الدراهم التي كان يتعامل بها وقت السؤال. وفي المختلف:
أن الكثرة إن أضيفت إلى المال المطلق أو الدراهم حملت على ثمانين درهما، وإن
أضيفت إلى نوع آخر حملت على ثمانين (7) منه. فلو نذر ثوبا كثيرا، وجب ثمانون



(1) معاني الأخبار: ص 218 ح 1.
(2) الكافي: ج 7 ص 463 ح 21، تهذيب الأحكام: ج 8 ص 309 ح 1147.
(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 284، وفيه بدل " عمر ": عمير.
(4) لم نعثر عليه.
(5) المقنع: ص 137.
(6) السرائر: ج 3 ص 61.
(7) مختلف الشيعة: ج 8 ص 188 مع اختلاف.
114
ثوبا، ويدل عليه ما في نثر الدرر للآبي: أن المتوكل نذر التصدق بمال كثير إن
عوفي، فاستفتى الجواد (عليه السلام)، فقال: إن كنت نويت الدنانير فتصدق بثمانين دينارا،
وإن كنت نويت الدراهم فتصدق بثمانين درهما (1) قال الآبي: وهذه القصة إن كانت
وقعت للمتوكل فالجواب لعلي بن محمد الهادي (عليه السلام)، فإن الجواد (عليه السلام) لم يلحق
أيام المتوكل، ويجوز أن يكون له مع غيره من الخلفاء انتهى. وأنكر من الأصحاب
علي بن عيسى الإربلي في كشف الغمة أن يكون ذلك جوابا لأحد من الأئمة (عليهم السلام)
قال: لأن كل شيء له كثرة بحسبه، فمواطن القتال إذا كانت ثمانين بل خمسين بل
عشرين كانت كثيرة، فكثير من الملوك العظماء لا يتفق لهم ذلك عشر مرات، ألا
ترى أنا لو قلنا: إن الملك له عشرون ألف فرس كانت تستكثر، ولو قيل: إن له
خمسمائة ألف دينار لم يستعظم له ذلك، وعلى هذا وأمثاله فقس (2) (ولو قال)
بمال (خطير أو جليل أو جزيل أو عظيم فله الصدقة بأقل ما يتمول)
لانتفاء التقدير مع كونه جليلا في الشرع ولذا يكفر مستحليه ويقطع سارق النصاب
منه، وربما أحيي به نفس محترمة أو اقيم به فريضة أو سنة مؤكدة.
(ولو عين موضع الصدقة لزم) اشتملت الصدقة فيه على مزية أو لا، قلنا
بلزوم المباح أو صفة العبادة وإن لم يترجح أو لا، فإنه في قوة تعيين أهل المكان
للتصدق عليهم فلا يجوز العدول (وصرف) المال (في أهله ومن حضره)
من غير أهله، لعموم التصدق فيه له من غير دليل على التخصيص بالأولين وهل
يشترط الفقر؟ وجهان (فإن صرفها في غيره) ولو على أهله (أعاد الصدقة
بمثلها فيه) عينها في مال أو لا، أما على الثاني فظاهر، وأما على الأول فلتعلق
حق أهل المكان به فيضمنه بالإتلاف (ثم إن كان المال معينا كفر وإلا فلا، ولا



(1) لا يوجد لدينا الكتاب المنقول منه، وهو محاضرات للوزير الأديب العالم الفقيه زين
الكفاة أبي سعيد منصور بن الحسن بن الحسين الآبي، تلميذ شيخ الطائفة الطوسي، الذريعة:
ج 24 ص 51.
(2) كشف الغمة: ج 2 ص 368.
115
يجزئه لو صرف في غيره على أهل بلد النذر على إشكال) من الاخلال
بالمكان المنذور، ومن حصول الغرض الذي كان هو السبب في تعيين المكان.
(ولو نذر أن يتصدق بجميع ما يملكه لزم) إلا أن يتضرر به أو ببعضه
دينا أو دنيا، ولا ينفيه النهي عن التبذير والبسط كل البسط، لاندفاعه بالتصدق
شيئا فشيئا - كما تسمع الآن - وبالاعتياض عنه بحيازة ونحوها بحيث لا يتضرر
بالتصدق بما يملكه (فإن خاف الضرر) بالتصدق به دفعة (قومه أجمع ثم
يتصدق شيئا فشيئا حتى يتصدق بقدر القيمة، وله أن يتعيش بالمال وأن
يكتسب به والكسب له) وإلا لم يفد التصدق شيئا فشيئا وقد تضمن جميع ذلك
خبر محمد بن يحيى الخثعمي، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة، إذ دخل عليه
رجل من موالي أبي جعفر (عليه السلام) فسلم عليه ثم بكى ثم قال له: جعلت فداك إني
كنت أعطيت الله عهدا، إن عافاني الله من شيء كنت أخافه على نفسي أن أتصدق
بجميع ما أملك، وأن الله عز وجل عافاني منه، وقد حولت عيالي من منزلي إلى قبة
في خراب الأنصار، وقد حملت كل ما أملك، فأنا بايع داري وجميع ما أملك،
وأتصدق به فقال أبو عبد الله (عليه السلام): انطلق، وقوم منزلك وجميع متاعك وما تملك
بقيمة عادلة، فاعرف ذلك، ثم اعمد إلى صحيفة بيضاء فاكتب فيها جملة ما قومته،
ثم انطلق إلى أوثق الناس في نفسك وادفع إليه الصحيفة، وأوصه، ومره إن حدث
بك حدث الموت أن يبيع منزلك وجميع ما تملك فيتصدق به عنك، ثم ارجع إلى
منزلك، وقم في مالك على ما كنت عليه، فكل أنت وعيالك مثل ما كنت تأكل، ثم
انظر كل شيء يتصدق به مما يسهل عليك من صدقة، أو صلة قرابة، وفي وجوه
البر، فاكتب ذلك كله وأحصه، فإذا كان رأس السنة فانطلق إلى الرجل الذي
وصيت إليه، فمره أن يخرج الصحيفة، ثم اكتب جملة ما تصدقت به، وأخرجت من
صلة قرابة أو بر في تلك السنة، ثم افعل مثل ذلك في كل سنة حتى تفي لله بجميع ما

116
نذرت فيه، ويبقى لك منزلك ومالك إن شاء الله (1) (وهل يجب أن يتصدق بما
لا يتضرر به) معجلا (ثم يقوم المتضرر به) ويفعل ما في الخبر (إشكال)
من إطلاق الخبر والفتوى، ومن المخالفة للأصل في قضية النذر فيقصر على
الضرورة وهو أقوى.
(ومن نذر أن يخرج شيئا من ماله في سبيل الخير) أو سبيل الله أو
سبيل الثواب (تصدق به على فقراء المؤمنين أو) صرفه (في حج أو زيارة
أو مصالح المسلمين كبناء قنطرة أو عمارة مسجد أو غير ذلك) وللشيخ (2)
قول باختصاص سبيل الخير بالفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمين لمصلحة
والمكاتبين، وسبيل الثواب بالفقراء والمساكين، وسبيل الله بالغزاة والحج والعمرة.
(ولو نذر الصدقة على أقوام بعينهم لزم وإن كانوا أغنياء) إذا لم يناف
الإنفاق عليهم القربة، فإن الصدقة ما تعطى لوجه الله وهو يتحقق في الغنى، ويؤيده
قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): كل معروف صدقة (3) وفي التحرير (4) لم يجز العدول عنهم إذا كانوا
من أهل الاستحقاق، فيحتمل أن يريد الفقر ولو بكونه ابن السبيل أو غارما ويكون
الوجه فيه اختصاص الصدقة في غالب العرف بهم وإطلاق جماعة من أهل اللغة
أنها ما يتصدق به على المساكين، وأن يريد تحقق القربة فيوافق الكتاب (فإن لم
يقبلوه فالأقرب بطلان النذر) لتعذر الوفاء به، وعدم الخروج عن ملكه إذا
تعين إلا مع القبول، ويحتمل الإيقاف إلى أن يقبلوا والحكم بالخروج عن ملكه
بالنذر إذا تعين، والوجه عدم البطلان إذا لم يعين وقتا إلا إذا ماتوا ولم يقبلوا
والبطلان إذا عين الوقت فمضى ولم يقبلوا. 6



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 197 ب 14 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) النهاية: ج 3 ص 58.
(3) وسائل الشيعة: ج 11 ص 522 ب 1 من أبواب فعل المعروف ح 5.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 108 س 2.
117
(ولو نذر صرف زكاته الواجبة إلى قوم بأعيانهم من المستحقين) لها
(لزم) ما لم يناف التعجيل الواجب (وهل له العدول إلى الأفضل) في
الصرف وهو البسط أو المستحق الأفضل (كالأفقر والأعدل) والقريب
(الأقرب المنع) لعموم الأمر بالوفاء ويحتمل الجواز، لعموم ما دل على أن من
حلف على شيء فكان خلافه أولى جاز العدول إلى الخلاف، ونحو خبر زرارة
قال للصادق (عليه السلام): أي شيء لا نذر فيه؟ فقال (عليه السلام): كل ما كان لك فيه منفعة في دين
أو دنيا، فلا حنث عليك فيه (1). وخبر عبد الله بن جندب، سمع من ذكر أنه سأله (عليه السلام)
عن رجل جعل على نفسه نذرا صوما، فحضرته نيته في زيارة أبي عبد الله (عليه السلام)،
قال: يخرج، ولا يصوم في الطريق، فإذا رجع قضى (2).
(ولو نذر الصدقة بشيء معين لم يجز غيره) وإن ساواه أو زاد عليه
قيمة أو نفعا للفقراء (ولا يجزئ القيمة لو نذر جنسا) للعمومات، وخصوص
صحيح علي بن مهزيار قال لأبي الحسن (عليه السلام): رجل جعل على نفسه نذرا إن قضى
الله حاجته أن يتصدق بدراهم، فقضى الله حاجته فصير الدراهم ذهبا ووجهها
إليك أيجوز ذلك أو يعيد؟ فقال (عليه السلام): يعيد (3).
(وإذا نذر عتق مسلم لزم) عين أم لا (ولو نذر عتق كافر غير معين لم
ينعقد) لتعليقه النذر بما ينافي القربة وهو الكفر (وفي المعين قولان) مبنيان
على الخلاف في جواز عتق الكافر، وفي الصحيح عن أبي علي بن راشد، أنه قال
للجواد (عليه السلام) أن امرأة من أهلنا اعتل صبي لها، فقالت: اللهم إن كشفت عنه ففلانة
جاريتي حرة، والجارية ليست بعارفة، فأيما أفضل تعتقها؟ أو أن تصرف ثمنها في



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 199 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 196 ب 13 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 193 ب 9 من أبواب النذر والعهد ح 1.
118
وجه البر؟ فقال (عليه السلام): لا يجوز إلا عتقها (1) (و) إذا نذر عتق رقبة (يجزئ
الصغير والكبير والمعيب والذكر والأنثى) كما نص عليه خبر عمار عن
الصادق (عليه السلام)، في رجل جعل على نفسه عتق رقبة، فأعتق أشل أعرج، قال (عليه السلام):
إذا كان مما يباع أجزأ عنه، إلا أن يكون سمى، فعليه ما اشترط وسمى (2).
(ولو نذر أن لا يبيع مملوكه لزم، فإن اضطر إلى بيعه جاز على رأي)
وفاقا للسرائر (3) والنكت (4) لإطباق الأصحاب والنصوص على جواز المخالفة أو
وجوبها إذا كان الصلاح فيها دينا أو دنيا، ولم يجزه الشيخ (5) والقاضي (6) لظاهر
خبر الحسن بن علي، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: إن لي جارية ليس لها مني
مكان ولا ناحية، وهي تحتمل الثمن، إلا أني كنت حلفت فيها بيمين، فقلت: لله
علي أن لا أبيعها أبدا، ولي إلى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤنة، فقال (عليه السلام): ف لله
بقولك (7) والجواب مع الضعف الحمل على ضعف الحاجة وقصورها عن الضرورة.
(ولو نذر الصدقة فأبرأ غريما مستحقا بنية التصدق أجزأ) لما عرفت
من أن كل معروف صدقة، وفي التحرير (8) لا يجزئ ما لم يقبضه الغريم.
(الفصل الثالث في العهد)
وأصله الاحتفاظ بالشيء ومراعاته (وحكمه حكم اليمين) كما في الشرائع (9)
والنافع (10) (وصورته أن يقول: عاهدت الله أو علي عهد الله أنه متى كان



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 191 ب 7 من أبواب النذر والعهد ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 27 ب 23 من أبواب العتق ح 3.
(3) السرائر: ج 3 ص 63.
(4) النهاية: ج 3 ص 60.
(5) النهاية: ج 3 ص 60.
(6) المهذب: ج 2 ص 312.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 201 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 11.
(8) تحرير الأحكام: ج 2 ص 108 س 7.
(9) شرائع الإسلام: ج 3 ص 193.
(10) المختصر النافع: ص 239.
119
كذا فعلي كذا أو) أطلقه عن الشرط بأن يقول: (علي عهد الله إن أفعل كذا)
وعمومه للمشروط والمقيد مما يندرج في كونه كاليمين فإنها كذلك اتفاقا (1).
ويدل على العموم هنا عموم نحو " أوفوا بعهد الله " والأخبار، مع انتفاء
الإشكال في عمومه لغة (فإن كان ما عاهد) الله (عليه فرضا أو ندبا
أو ترك مكروه أو ترك حرام أو فعل مباح متساو) طرفاه (في الدين
أو الدنيا) وقد عرفت معنى أو (أو راجح) أحدهما (انعقد) وهو أيضا
من لوازم مساواته لليمين وهو خيرة السرائر (2) ومتشابه القرآن لابن
شهرآشوب (3) ويدل عليه عموم ما مر ونحو خبر علي بن جعفر، سأل أخاه (عليه السلام)
عن رجل عاهد الله في غير معصية، ما عليه إن لم يف بعهده؟ قال: يعتق رقبة، أو
يتصدق بصدقة، أو يصوم شهرين متتابعين (4) وصريح المقنعة (5) والمراسم (6)
والوسيلة (7) وظاهر النهاية (8) وجماعة اختصاصه بالراجح (وإن كان) ما عاهد
عليه (بضد ذلك لم ينعقد) اتفاقا كما يظهر منهم (كأن يعاهد على فعل
حرام) أو مكروه أو مباح مرجوح (أو ترك واجب) أو مندوب أو مباح راجح
(ولو كان المباح الذي عاهد عليه تركه أرجح من فعله، فليتركه ولا كفارة
عليه) عندنا كما في التبيان (9) (سواء كان الرجحان في مصلحة الدين أو
الدنيا) ويؤيده ما مر في اليمين. (ولا ينعقد إلا باللفظ على رأي) وفاقا



(1) في نسخة " ق " بدل " فإنها كذلك اتفاقا " فإن ظاهره في النذر الاقتصار على المشروط كما
في النهاية.
(2) السرائر: ج 3 ص 66.
(3) متشابه القرآن ومختلفه: ج 2 ص 179.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 576 ب 24 من أبواب الكفارات ح 1.
(5) المقنعة: ص 565.
(6) المراسم: ص 186.
(7) الوسيلة: ص 351.
(8) النهاية: ج 3 ص 54.
(9) التبيان: ج 3 ص 415، وج 6 ص 420.
120
للمحقق (1) وابن إدريس (2) وغيرهما للأصل، وخلافا للشيخ (3) وهو قوي. والفرق
بينه وبين النذر ظاهر، لكون النذر بمعنى الوعد ووجود النصوص على اشتراطه
باللفظ.
(ويشترط صدوره ممن يصح نذره) فلا يصح من الزوجة والولد
والمملوك بدون الإذن إن لم يصح نذرهم، لإطلاق اليمين عليه (ولابد فيه من
النية) فإنما الأعمال بالنيات ولا عهد بلا نية.
* * *



(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 193.
(2) السرائر: ج 3 ص 66.
(3) النهاية: ج 3 ص 54.
121
(المقصد الثالث في الكفارات)
(والنظر في أطراف) خمسة:
(الأول في أقسامها)
(وهي إما) خصلة واحدة ككفارة وطء الحائض وبعض كفارات الإحرام،
أو متعددة وهي (مرتبة أو مخيرة، أو ما حصل فيه الأمران وكفارة الجمع)
كذا بالواو في النسخ ولا بأس بها، والحصر في الأربعة لما يقصد هنا بالبحث عنه.
(فالمرتبة) كثيرة، أكثرها كفارات الإحرام والمذكور هنا (ثلاث: كفارة
الظهار) بلا خلاف، وبه النصوص من الكتاب (1) والسنة (2) (و) كفارة (قتل
الخطأ) في المشهور، لقوله تعالى: ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة،
إلى قوله: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين (3) وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح
ابن سنان: إذا قتل خطأ أدى ديته إلى أوليائه، ثم أعتق رقبة، فإذا لم يجد
صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا مدا (4) وجعلها سلار (5)



(1) المجادلة: 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 506 - 508 ب 1 من أبواب الظهار.
(3) النساء: 92.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 559 ب 10 من أبواب الكفارات ح 1.
(5) المراسم: ص 187.
122
وابن زهرة (1) مخيرة وفي النزهة (2) أنه خلاف لظاهر التنزيل والإجماع (ويجب
فيهما العتق أولا، فإن لم يجد فالصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام
ستين مسكينا) والثلاثة في الأول نص الكتاب، وفي الثاني الأولان نصه،
والثالث معلوم من السنة (وكفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد
الزوال) خلافا للحسن (3) فلم يوجب عليه كفارة، وللتقي (4) وابني زهرة (5)
وحمزة (6) فجعلوها على التخيير، وللشيخين (7) في ظاهر قول لهما وجماعة
فجعلوها كفارة اليمين (وهي) عند الشيخين وعلم الهدى (8) وأبي علي (إطعام
عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام متتابعات) لنحو صحيح هشام بن
سالم، قال للصادق (عليه السلام): رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان؟ فقال: إن
كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شيء عليه، يصوم يوما بدل يوم، وإن فعل بعد
العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة
لذلك (9) وقد حمل العصر على وقت صلاته وهو الزوال، لأنه إذا زالت دخل وقت
الصلاتين إلا أن هذه قبل هذه. وأما التتابع فقد نص عليه الشيخان (10) وجماعة
قاطعين به، ولم أظفر بما يدل عليه بل يخالفه عموم نحو قول الصادق (عليه السلام) في
حسنة ابن سنان: كل صوم يفرق إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين (11) وأوجب عليه



(1) الغنية: ص 139.
(2) نزهة الناظر: ص 130.
(3) نقله عنه العلامة في مختلفه: ج 8 ص 219.
(4) الكافي في الفقه: ص 184.
(5) الغنية: ص 142.
(6) الوسيلة: ص 145.
(7) المقنعة: ص 570، النهاية: ج 3 ص 68.
(8) الانتصار: ص 69.
(9) وسائل الشيعة: ج 7 ص 254 ب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان ح 2.
(10) المقنعة: ص 568، النهاية: ج 3 ص 68.
(11) وسائل الشيعة: ج 7 ص 280 ب 10 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 1.
123
الصدوقان (1) في غير الفقيه كفارة الإفطار في رمضان، وكذا ابن حمزة (2) مع
الاستخفاف، واحتمله الشيخ في النهاية (3) وكتابي الأخبار (4).
(والمخيرة: كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان مع وجوب صومه)
في المشهور بل حكى الإجماع عليه في الانتصار (5) والغنية (6) ودليله الأصل، ونحو
قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو
يطعم ستين مسكينا، فإن لم يقدر تصدق بما يطيق (7) وعند الحسن (8) أنها على
الترتيب، ويظهر من الخلاف (9) الميل إليه، ومن السيد في الجمل (10) التردد،
للاحتياط وخبر عبد المؤمن بن الهيثم الأنصاري، عن الباقر (عليه السلام): أن رجلا أتى
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: هلكت وأهلكت! فقال: ما أهلكك؟ فقال: أتيت امرأتي في شهر
رمضان وأنا صائم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أعتق رقبة، قال: لا أجد، قال: فصم شهرين
متتابعين، فقال: لا أطيق، قال: تصدق على ستين مسكينا قال: لا أجد (11) وضعف
الدلالة ظاهر (و) كفارة من أفطر يوما من (النذر) أو العهد (المعين على
رأي) وفاقا لمن ذهب إليه في خلفهما مطلقا وبعض من خالف فيه كما سيظهر
(و) كفارة (خلف النذر والعهد) مطلقا (على رأي) وفاقا للشيخين (12)



(1) المقنع: ص 63، الهداية: ص 49.
(2) الوسيلة: ص 147.
(3) النهاية: ج 3 ص 68.
(4) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 279 ذيل الحديث 846، الاستبصار: ج 2 ص 121 ذيل
الحديث 5.
(5) الانتصار: ص 69.
(6) الغنية: ص 139.
(7) وسائل الشيعة: ج 7 ص 29 ب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 1.
(8) مختلف الشيعة: ج 3 ص 442.
(9) الخلاف: ج 2 ص 186 المسألة 32.
(10) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 55.
(11) وسائل الشيعة: ج 7 ص 30 ب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 5.
(12) المقنعة: ص 562، النهاية: ج 3 ص 66.
124
وعلم الهدى في الانتصار (1) والتقي (2) وابني حمزة (3) والبراج (4) للإجماع كما في
الانتصار ولخبر عبد الملك بن عمرو عن الصادق (عليه السلام)، قال: من جعل لله أن لا
يركب محرما سماه فركبه؟ قال: لا أعلمه، إلا قال: فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين
متتابعين، أو ليطعم ستين مسكينا (5) وخبر علي بن جعفر سأل أخاه (عليه السلام)، عن رجل
عاهد الله في غير معصية، ما عليه إن لم يف بعهده؟ قال: يعتق رقبة، أو يتصدق
بصدقة، أو يصوم شهرين متتابعين (6) وقول أحدهما (عليهما السلام) في خبر أبي بصير: من
جعل عليه عهد الله وميثاقه في أمر لله فيه طاعة فحنث فعليه عتق رقبة، أو صيام
شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا (7) (ويجب في كل منهما عتق رقبة
أو إطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين) والمفيد نص في النذر
على التخيير في هذه الخصال، ثم ذكر أن العهد مثله في الكفارة، ونص فيه أيضا
على هذه الخصال بلفظة أو، ثم قال في الكفارات: ومن نكث عهد الله تعالى كان
عليه من الكفارة ما قدمناه، وهي كفارة قتل الخطأ (8) ونص في الديات على
الترتيب فيها (9) فكأنه أراد المشابهة في نفس الخصال وإن تخالفتا تخييرا وترتيبا،
ويؤيده أنه مع نصه على الترتيب في كفارة قتل الخطأ ذكر في الكفارات أن فيه
كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان (10) وذهب سلار (11) إلى أن كفارة النذر
والعهد كفارة الظهار، وهو يعطي الترتيب، وهو المحكي عن الكراجكي (12) وفي



(1) الانتصار: ص 162.
(2) الكافي في الفقه: ص 176.
(3) الوسيلة: 353.
(4) المهذب: ج 2 ص 421.
(5) وسائل الشيعة: ج 15 ص 576 ب 23 من أبواب الكفارات ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 15 ص 576 ب 24 من أبواب الكفارات ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 15 ص 576 ب 24 من أبواب الكفارات ح 2.
(8) المقنعة: ص 569.
(9) المقنعة: ص 737.
(10) المقنعة: ص 571.
(11) المراسم: ص 186 و 187.
(12) حكاه عنه الشهيد في المسالك: ج 10 ص 22.
125
الفقيه (1) أن كفارة النذر كفارة اليمين، ونص على خصالها الآتية (2) وبه أخبار
كقول الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي، إن قلت: لله علي، فكفارة يمين (3) وفي خبر
حفص بن غياث كفارة النذر كفارة اليمين (4) وحملها الشيخ (5) على العجز، وكلام
الاستبصار (6) نص في العجز عن خصال الكبرى، واستدل في التهذيب (7) على
التنزيل على العجز بقول الكاظم (عليه السلام) في خبر جميل بن صالح (8): كل من عجز عن
نذر نذره فكفارته كفارة يمين، وكذا في المختلف (9) والخبر ظاهر في العجز عن
المنذور، وعبارة الكتابين تحتمله فلتحمل عليه. وجمع ابن إدريس (10) بينهما بأنه:
إن كان المنذور صياما كان عليه كفارة الإفطار في رمضان، وإلا فكفارة اليمين،
وحكاه عن الموصليات (11) للسيد. وفي الجامع (12) فإن أخل بما نذره عمدا مع
تمكنه منه، فإن كان له وقت معين فخرج فعليه مثل كفارة إفطار شهر رمضان، فإن
لم يقدر فكفارة يمين، وفي فقه القرآن للراوندي (13) وكفارة النذر مثل كفارة
الظهار، فإن لم يقدر كان عليه كفارة اليمين. وظاهر العبارتين العجز عن التكفير،
ويحتملان العجز عن المنذور. وقال علي بن بابويه: كفارة خلف النذر صيام
شهرين متتابعين، وروي كفارة يمين (14) وفي المقنع فإن خالف لزمته الكفارة صيام



(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 367 ذيل الحديث 4298.
(2) في نسخة " ق " الآية.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 574 ب 23 من أبواب الكفارات ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 575 ب 23 من أبواب الكفارات ح 4.
(5) النهاية: ج 3 ص 66.
(6) الاستبصار: ج 4 ص 56 ذيل الحديث 194.
(7) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 306 ذيل الحديث 1136.
(8) وسائل الشيعة: ج 15 ص 575 ب 23 من أبواب الكفارات ح 5.
(9) مختلف الشيعة: ج 8 ص 214.
(10) السرائر: ج 3 ص 74 - 75.
(11) الموصليات (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الاولى): ص 246.
(12) الجامع للشرائع: ص 423.
(13) فقه القرآن: ج 2 ص 237.
(14) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 212.
126
شهرين متتابعين، وروي كفارة يمين. فإن نذر رجل أن يصوم كل سبت أو أحد أو
سائر الأيام، فليس له أن يتركه إلا من علة، وليس عليه صومه في سفر ولا مرض،
إلا أن يكون نوى ذلك، فإن أفطر من غير علة تصدق مكان كل يوم على عشرة
مساكين، ثم قال: وإن نذر رجل أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله، فعليه أن
يصوم يوما بدل يوم، ويعتق رقبة مؤمنة قلت: وهذا الأخير من عتق رقبة مؤمنة (1)
إن وقع على أهله في اليوم المنذور رواه في الصحيح علي بن مهزيار عن
الهادي (عليه السلام) (2) وفي صحيحة كتب بندار مولى إدريس: يا سيدي، نذرت أن أصوم
كل يوم سبت، فإن أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفارة؟ فكتب وقرأته: لا يتركه إلا
من علة، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض إلا أن يكون نويت ذلك، فإن كنت
أفطرت من غير علة فتصدق بعدة كل يوم سبعة مساكين، يسأل الله التوفيق لما
يحب ويرضى (3) وأما قول الباقر (عليه السلام) في خبر عمرو بن خالد: النذر نذران فما كان
لله وفي به، وما كان لغير الله فكفارته كفارة يمين (4) فالظاهر أنه كفارة إيقاع النذر
لغير الله، وكذا خبر عمرو بن حريث سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل، قال: إن كلم ذا
قرابة له فعليه المشي إلى بيت الله، وكل ما يملكه في سبيل الله، وهو بريء من دين
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: يصوم ثلاثة أيام، ويتصدق على عشرة مساكين (5) ظاهر في
أنه كفارة إيقاع ذلك المشتمل على البراءة من دين الإسلام مع الوقوع جزاء لما
ظاهره المعصية أو الكراهية من هجر ذي قرابته.
(وما يحصل فيه الأمران كفارة اليمين، ويجب بالحنث فيها عتق



(1) المقنع: ص 137 و 138.
(2) وسائل الشيعة: ج 7 ص 277 ب 7 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 7 ص 277 ب 7 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 275 ب 23 من أبواب الكفارات ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 199 ب 17 من أبواب النذر والعهد ح 10.
127
رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن عجز عن الثلاثة صام
ثلاثة أيام) وهو نص القرآن (1) والسنة (2) وعليه إجماع المسلمين. ومن ذلك
كفارة من جامع أمته المحرمة بإذنه.
(وأما كفارة الجمع: فهي كفارة قتل المؤمن) ومن بحكمه (عمدا
ظلما) إذا عفى عنه بالدية أولا بها إذا كان القاتل حرا والمقتول مملوكا إذا أمهل
أو عفى عن القاتل بالدية أولا بها، أو كان أبا المقتول، أو كان وارثه الذي انحصر
فيه الذي له القصاص، بالإجماع والأخبار (3) (وهي عتق رقبة، وصوم شهرين
متتابعين، وإطعام ستين مسكينا) فإن عجز عن الجميع أتى بما أمكنه
(وعندي) وفاقا للصدوق (4) والشيخ في كتابي الأخبار (5) وابني حمزة (6)
وسعيد (7) (أن إفطار يوم من شهر رمضان عمدا على محرم كذلك) لقول
الصدوق في الفقيه: أنه أفتى به، لوجوده في روايات أبي الحسين الأسدي (رضي الله عنه)
فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) (8) خلافا للأكثر.
ومن كفارة الجمع ما في صورة تحمل الرجل عن المرأة المكرهة على الوطء.
ومنها كفارة الجماع قبل الوقوف إن كان الحج الثاني عقوبة.
(ومن حلف بالبراءة من الله تعالى أو من رسوله أو أحد الأئمة (عليهم السلام)
لم ينعقد) كما عرفت (ولا يجب بها كفارة) وإن حنث أو كذب وفاقا لابني



(1) المائدة: 89.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 560 ب 12 من أبواب الكفارات.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 579 ب 28 من أبواب الكفارات.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 118 ذيل الحديث 1892.
(5) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 207 ذيل الحديث 604، والاستبصار: ج 2 ص 97 ذيل
الحديث 315.
(6) الوسيلة: ص 146.
(7) الجامع للشرائع: ص 156.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 118 ذيل الحديث 1892.
128
إدريس (1) وسعيد (2) والخلاف (3) والمبسوط (4) للأصل، والإجماع على ما في
الخلاف (5) (ويأثم وإن كان صادقا) لخبر يونس بن ظبيان، قال: قال لي، يا
يونس لا تحلف بالبراءة منا، فإنه من حلف بالبراءة منا صادقا أو كاذبا فقد برئ
منا (6) (وقيل) في النهاية: (يجب كفارة ظهار فإن عجز فكفارة يمين) (7)
وأطلق، وفي الإصباح (8) كفارة ظهار، وفي الإرشاد (9) كفارة ظهار إن حنث، فإن
عجز فكفارة يمين وفي المقنعة (10) والمراسم (11) والغنية (12) والنزهة (13) كفارة ظهار
(إذا حنث) ويمكن أن يكون من أطلق أراد القيد، وادعى ابن زهرة الإجماع (14)
عليه، وفي الوسيلة عليه كفارة النذر إذا كذب (15) وفي المقنع: إن قال رجل: إن كلم ذا
قرابة له فعليه المشي إلى بيت الله، وكل ما يملكه في سبيل الله، وهو بريء من دين
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه يصوم ثلاثة أيام، ويتصدق على عشرة مساكين (16) وهو عين ما
مر من خبر عمرو بن حريث عن الصادق (عليه السلام) (17) وفي المقنعة: وقول القائل: أنا
بريء من الإسلام أو أنا مشرك إن فعلت كذا، باطل لا يلزمه إذا فعل كفارة، وقسمه
بذلك خطأ منه، ويجب أن يندم عليه ويستغفر الله تعالى (18) (وروي) في
الصحيح عن العسكري (عليه السلام) (إطعام عشرة مساكين ويستغفر الله تعالى) إذا



(1) السرائر: ج 3 ص 39 - 40.
(2) الجامع للشرائع: ص 414.
(3) الخلاف: ج 6 ص 112 المسألة 4.
(4) المبسوط: ج 6 ص 194.
(5) الخلاف: ج 6 ص 112 المسألة 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 126 ب 7 من أبواب الأيمان ح 2.
(7) النهاية: ج 3 ص 65 - 66.
(8) إصباح الشيعة: ص 487.
(9) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 97.
(10) المقنعة: ص 558 - 559.
(11) المراسم: ص 185.
(12) الغنية: ص 393.
(13) نزهة الناظر: ص 112 - 113.
(14) الغنية: ص 393.
(15) الوسيلة: ص 353.
(16) المقنع: ص 136 - 137.
(17) تقدم في ص 127.
(18) المقنعة: ص 559.
129
حنث (1) كتب إليه الصفار، رجل حلف بالبراءة من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحنث، ما
توبته وكفارته؟ فوقع (عليه السلام): يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد، ويستغفر الله عز
وجل (2) وهو خيرة التحرير (3) والمختلف (4).
(وقيل) في السرائر: (في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة
ظهار (5) وقيل) في المراسم (6) والوسيلة (7) والإصباح (8) والجامع (9) والنزهة (10)
والشرائع (11) والنافع (12) (كبيرة مخيرة) لقول الصادق (عليه السلام): إذا خدشت المرأة
وجهها، أو جزت شعرها أو نتفته، ففي جز الشعر عتق رقبة، أو صيام شهرين
متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا (13) وهو ضعيف وفي المقنعة (14) والنهاية (15)
والانتصار (16) أن فيه كفارة قتل الخطأ عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو صيام
شهرين متتابعين. وقد نص الشيخان (17) على الترتيب في قتل الخطأ فيحتمل أن
يكون التشبيه في الخصال والترتيب جميعا، ويكون التعبير بأو إجمالا للترتيب،
وأن يكون التشبيه في أصل الخصال (وقيل) يأثم و (لا كفارة) حكاه
المحقق (18) وهو قوي، للأصل، وضعف الخبر. (وهل يتناول الحكم البعض أو



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 572 ب 20 من أبواب الكفارات ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 378 ح 4330.
(3) تحرير الأحكام: ج 2 ص 109 س 19.
(4) مختلف الشيعة: ج 8 ص 141.
(5) السرائر: ج 3 ص 78.
(6) المراسم: ص 178 وفيه كفارة قتل الخطأ.
(7) الوسيلة: ص 353.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 10 ص 135.
(9) الجامع للشرائع: ص 418.
(10) نزهة الناظر: ص 113.
(11) شرائع الإسلام: ج 3 ص 68.
(12) مختصر النافع: ص 208.
(13) وسائل الشيعة: ج 15 ص 583 ب 31 من أبواب الكفارات ح 1.
(14) المقنعة: ص 573.
(15) النهاية: ج 3 ص 69 - 70.
(16) الانتصار: ص 166.
(17) المقنعة: ص 569، 570 - 571، 573، النهاية: ج 3 ص 67.
(18) شرائع الإسلام: ج 3 ص 68.
130
الجميع؟ إشكال) من الخلاف في أن الشعر جمع فيفيد إضافته إلى المعرفة
العموم أو لا، والأقرب كما في التحرير (1) إلحاق الحلق به، وأنه لا فرق بين
المباشرة والأمر. وفي الجز لغير المصاب وجهان، أقواهما العدم (ويجب في
نتف شعرها في المصاب كفارة يمين، وكذا في خدش وجهها فيه) مع
الإدماء كما نص عليه الشيخان (2) وغيرهما، للإجماع كما في الانتصار (3) ولقول
الصادق (عليه السلام) في خبر خالد بن سدير: وفي خدش الوجه إذا أدمت، وفي النتف
كفارة حنث يمين (4) وأطلق الخدش جماعة كسلار (5) وابن حمزة (6) ونص في
التحرير على التعميم مع قوله: وفي الرواية دلالة على اشتراط الدم (7) (و) كذا في
(شق الرجل ثوبه في موت ولده وزوجته) للإجماع كما في الانتصار (8)
ولقوله (عليه السلام): إذا شق زوج على امرأته أو والد على ولده، فكفارته حنث يمين، ولا
صلاة لهما حتى يكفرا ويتوبا من ذلك (9) ولا فرق في الزوجة بين الدائمة وغيرها،
وفي الولد بين ولد الصلب وولد الولد لذكر أو انثى. واستشكل في التحرير في ولد
الأنثى، وفي الثوب بين العمامة وغيرها، وفي الشق بين شق الكل والبعض (10).
(ومن تزوج امرأة في عدتها) مع العلم (فارق وكفر) إن لم يرفع إلى
الحاكم (بخمسة أصوع من دقيق وجوبا على رأي) وفاقا لظاهر
الشيخين (11) وجماعة، لخبر أبي بصير، سأل الصادق (عليه السلام) عن امرأة تزوجها رجل،



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 109 س 22.
(2) المقنعة: ص 573، النهاية: ج 3 ص 71.
(3) الانتصار: ص 166.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 583 ب 31 من أبواب الكفارات ح 1.
(5) المراسم: ص 187.
(6) الوسيلة: ص 354.
(7) تحرير الأحكام: ج 2 ص 109 س 25.
(8) الانتصار: ص 166.
(9) وسائل الشيعة: ج 15 ص 583 ب 31 من أبواب الكفارات ح 1.
(10) تحرير الأحكام: ج 2 ص 109 س 30.
(11) المقنعة: ص 572، النهاية: ج 3 ص 68.
131
فوجد لها زوجا؟ قال: عليه الجلد وعليها الرجم، لأنه تقدم بعلم وتقدمت هي
بعلم، وكفارته إن لم يقدم إلى الإمام أن يتصدق بخمسة أصيع دقيقا (1) لعموم
وجدان الزوج لها للباقية على الزوجية والمعتدة الرجعية، ولا فارق بين العدة
الرجعية والبائنة. والأقوى الاستحباب وفاقا للمحقق (2) وابن إدريس (3) لضعف
المستند مع الأصل. وفي الانتصار: أن على من تزوج امرأة لها زوج وهو لا يعلم
خمسة دراهم، وحكى عليه الإجماع (4) قال ابن إدريس: ولم أجد أحدا من
أصحابنا موافقا له على هذا القول، والأصل براءة الذمة، وشغلها بهذه الكفارة
يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليها من كتاب ولا إجماع ولا تواتر أخبار (5).
(ومن نام عن) صلاة (العشاء حتى خرج نصف الليل، أصبح صائما
ندبا على رأي) وفاقا لابن إدريس (6) والمحقق (7) وأطلق الشيخان (8) وجماعة
أنه يصبح صائما، وصرح السيد بالوجوب في الانتصار وادعى الإجماع عليه (9)
وفي مرسل عبد الله بن المغيرة عن الصادق (عليه السلام)، في رجل نام عن العتمة ولم يقم
إلا بعد نصف الليل؟ قال: يصليها ويصبح صائما (10) وهو مع الضعف ليس نصا في
الوجوب ولم يثبت الإجماع، ولذا كان المختار الندب.
(وكفارة الإيلاء مثل كفارة اليمين) لأنه يمين.
(ومن ضرب عبده فوق الحد استحب عتقه كفارة لفعله) لأنه فعل



(1) وسائل الشيعة: ج 18 ص 397 ب 27 من أبواب حد الزنا ح 5.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 68.
(3) السرائر: ج 3 ص 77.
(4) الانتصار: ص 166.
(5) السرائر: ج 3 ص 77.
(6) المصدر السابق.
(7) شرائع الإسلام: ج 3 ص 68.
(8) المقنعة: ص 572 - 573، النهاية: ج 3 ص 68.
(9) الانتصار: ص 165.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 157 ب 29 من أبواب المواقيت ح 8.
132
محرم، والعتق مسقط لذنب القتل، وهو أعظم من الضرب، كذا في المختلف (1) وعتقه
أولى بجبر ضربه من عتق غيره. وعدم الوجوب، للأصل من غير معارض. وأطلق
في النهاية (2) أن كفارته ذلك من غير تنصيص على الوجوب أو الاستحباب. وعن
بعض العامة (3) قول بالوجوب (وفي اعتبار أي حد أو حد الحرية إشكال)
من العموم والحكمة فإن الظاهر أن العقوبة فيما زاد على ما حده الشارع له، ومن
أصالة الحرية وحدها وسبقه إلى الذهن من الإطلاق. ثم إن كان الضرب لما
يوجب حدا فإنما يكفر إن زاد على حده وإلا فإذا زاد على أقل الحدود.
(وخصال الكفارة) المبحوث عنها هنا (إما عتق أو صوم أو إطعام أو
كسوة) فلكل منها طرف من الكلام.
(الطرف الثاني في العتق)
(وفيه مطلبان):
المطلب (الأول الأوصاف) المعتبرة في المعتق
(ويتعين على واجد العتق في الكفارات المرتبة عتق من اجتمع فيه
الإسلام) أو حكمه (والسلامة، وتمامية الملك، ويحصل الوجدان بملك
الرقبة) مع عدم الحاجة إليها (أو الثمن) من غير حاجة إليه (مع وجود
بائع) غير مجازف (ويجب) عتق من اجتمع فيه ما ذكر (على المتخير)
للعتق (في المخيرة).
(أما الإسلام: فهو شرط في كفارة القتل) خطأ أو عمدا (إجماعا)
بين المسلمين، وهو نص القرآن (4) (وفي غيرها على الأقوى) وفاقا



(1) مختلف الشيعة: ج 8 ص 222.
(2) النهاية: ج 3 ص 71.
(3) في نسخة " ي " و " ق " بعض الأصحاب.
(4) البقرة: 92.
133
للسيد (1) وابن إدريس (2) والشيخ (3) في النهاية، لما تقدم من أنه لا يصح عتق الكافر،
ولقوله تعالى: ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون (4) وخبر سيف بن عميرة سأل
الصادق (عليه السلام)، أيجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال: لا (5) وخلافا
للمبسوط (6) والخلاف (7) وجماعة، للإطلاق والأصل، مع ضعف الخبر سندا
ودلالة، والآية دلالة (وهل يعتبر الإيمان؟ الأقوى ذلك) لأن غيره خبيث،
وقول الصادق (عليه السلام): لا يجوز لكم أن تعتقوا إلا عارفا (8) لكنهما إن تما لم يجز عتق
غيره مطلقا، مع أنه نص في العتق على الكراهة.
(ويجزئ الذكر والأنثى، والصحيح والسقيم والشاب والكبير حتى لو
بلغ) من السقم أو الكبر (حد التلف أجزأ عتقه) للعموم والأصل خلافا
للمبسوط (9) في المأيوس من برئه، وللعامة في الهرم والعاجز عن الكسب في
قول (10) وكذا من قدم للقتل دون من لم يقدم وإن وجب قتله (ولو أعتق من لا
حياة له مستقرة، فالأقرب عدم الإجزاء) لكونه في حكم الميت، كما ينبه عليه
حكم الذبيحة، ويحتمل الإجزاء للحياة، ولذا يصح تصرفه ووصيته.
(ويجزئ الصغير حتى المولود) ساعة يولد (مع إيمان أحد أبويه)
وقال الصادق (عليه السلام) لمعاوية بن وهب: الرقبة تجزئ فيه الصبي ممن ولد في
الإسلام (11) (وفي رواية) معمر بن يحيى الحسنة عن الصادق (عليه السلام) (لا يجزئ
في القتل إلا البالغ الحنث) قال: سألته عن الرجل يظاهر من امرأته، أيجوز



(1) الانتصار: ص 169.
(2) السرائر: ج 3 ص 73.
(3) النهاية: ج 3 ص 63.
(4) البقرة: 267.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 20 ب 17 من أبواب العتق ح 5.
(6) المبسوط: ج 6 ص 212.
(7) الخلاف: ج 6 ص 370 المسألة 11.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 20 ب 17 من أبواب العتق ح 3.
(9) المبسوط: ج 6 ص 212.
(10) المجموع: ج 17 ص 370.
(11) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 321 - 322 ح 1192.
134
عتق المولود في الكفارة؟ فقال: كل العتق يجوز فيه المولود إلا في كفارة القتل،
فإن الله تعالى يقول: فتحرير رقبة مؤمنة، يعني بذلك: مقرة قد بلغت الحنث (1)
ونحوه في خبر الحسين بن سعيد عن رجاله عنه (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (2) وفي
صحيح الحلبي عنه، قال: لا يجوز في القتل إلا رجل، ويجوز في الظهار وكفارة
اليمين صبي (3) وفي خبر مسمع عنه (عليه السلام)، قال: لا يجزئ في كفارة القتل إلا رقبة قد
صلت وصامت، ويجزئ في الظهار ما صلت ولم تصم (4) (ولا يجزئ الحمل
وإن كان بحكم المسلم) انفصل حيا أم لا انفصل لما دون ستة أشهر من الإعتاق
أم الأكثر، لأنه لا يلحقه في الشرع حكم الأحياء، ولذا لا يجب فطرته. وللعامة (5)
وجه بالإجزاء إن انفصل لما دون ستة أشهر.
(ويكفي في الإسلام الشهادتان، ولا يشترط التبرء من غير الإسلام
ولا الصلاة) للأصل، والاكتفاء بهما في عهده (عليه السلام) ومن بعده. وما ورد من تكفير
تارك الصلاة، فبمعنى مستحله. وللعامة قول باشتراط التبرء (6) وآخر باشتراطه
إن كان ممن يعتقد رسالته (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجملة، كقوم من اليهود يزعمون أنه
رسول العرب خاصة، وآخرين يزعمون أنه سيبعث (7) وهو خيرة كتاب المرتد
عن المبسوط (8) ومنهم من قال: إن من أتى من الشهادتين بما يخالف اعتقاده
حكم بإسلامه (9) فالثنوي والمعطل إذا شهد بالتوحيد حكم بإسلامه، ثم
يعرض عليه الرسالة فإن أنكرها حكم بارتداده، واليهودي والنصراني إذا شهد



(1) الكافي: ج 7 ص 462 - 463 ح 15.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 556 - 557 ب 7 من أبواب الكفارات ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 556 ب 7 من أبواب الكفارات ح 4.
(4) الجعفريات: ص 120.
(5) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 264.
(6) المغني لابن قدامة: ج 10 ص 100، الشرح الكبير: ج 10 ص 92.
(7) نفس المصدر.
(8) المبسوط: ج 7 ص 288.
(9) الشرح الكبير: ج 10 ص 93، المغني لابن قدامة: ج 10 ص 101.
135
بالرسالة حكم بإسلامه، ومنهم من اكتفى في الإسلام بالإقرار بصلاة يوافق ملتنا،
أو بحكم يختص بشريعتنا.
(ويكفي إسلام الأخرس المتولد من كافرين بالإشارة بعد بلوغه)
لقيامها فيه مقام اللفظ، وقد روي أن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه جارية
أعجمية أو خرساء، فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي عتق رقبة، فهل يجزئ
عني هذه؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أين الله؟ فأشارت إلى السماء، ثم قال من أنا؟ فأشارت
إلى أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له: أعتقها فإنها مؤمنة (1) ومن العامة من اشترط
مع ذلك الصلاة (2).
(ولا يكفي إسلام الطفل) المتولد (بين كافرين وإن كان مراهقا على
إشكال) من رفع القلم عنه الموجب لارتفاع الحكم عن عباراته، ومن الحكم
باعتبار وصيته وصدقته، وأنه يحد ويقتص منه، وأنه حكم بإسلام
أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يكن بلغ الحلم، وكون مباشرته أقوى من تبعيته لأبويه، وهو
خيرة الخلاف (3) والأجود الأول (و) لكن (يفرق بينه وبين أبويه) كما في
المبسوط (4) (وإن كان بحكم الكافر لئلا يرده (5) عن عزمه).
(ولا يحكم بإسلام المسبي من أطفال الكفار بإسلام السابي سواء
انفرد) المسبي (به) أي بالسبي، أو انفرد السابي بالمسبي (عن أبويه أو لا)
للأصل وانتفاء الدليل على خلافه، خلافا للمبسوط إذا انفرد عن أبويه قال: لأنه لا
حكم له بنفسه، وليس هاهنا غير السابي فيحكم بإسلامه بإسلام السابي (6) ومن
العامة (7) من قال به وإن لم ينفرد عن أبويه. والأول هو الوجه، لكن الظاهر الاتفاق



(1) السنن الكبرى: ج 7 ص 388 وفيه " جارية سوداء "، المغني لابن قدامة: ج 11 ص 264.
(2) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 264.
(3) الخلاف: ج 3 ص 591 المسألة 20.
(4) المبسوط: ج 3 ص 345.
(5) كذا في النسخ، وفي القواعد: يرداه.
(6) المبسوط: ج 3 ص 342.
(7) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 264.
136
على التبعية في الطهارة [إن انفرد عن أبويه، ولعله لأنه الأصل، وكل مولود يولد
على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه] (1) (ويجزئ ولد الزنى المسلم
على رأي) وفاقا للمشهور، للإجماع كما في المبسوط (2) وللعموم مع الحكم
بإسلام من أقر بالشهادتين، وعدم دلالة أنه لا يفلح على كفره. وخلافا للسيد (3)
وأبي علي، لأنه خبيث وقد نهي عن إنفاق الخبيث، وللإجماع على كفره كما ادعاه
ابن إدريس (4) وللإجماع على خصوص المسألة كما في الانتصار (5) ولقوله (عليه السلام):
لا خير في ولد الزنا لا في لحمه ولا في دمه ولا في جلده ولا في عظمه ولا في
شعره ولا في بشره ولا في شيء منه (6) والتكفير به خير.
(وأما السلامة من العيوب: فإنما تشترط السلامة من) كل (عيب
يوجب عتقه) قهرا (وهو العمى والجذام والإقعاد والتنكيل من مولاه
خاصة. ويجزئ من عداه) من أصحاب العيوب وفاقا للمشهور (كالأصم
والمجنون والأعور والأعرج والأقطع والأخرس) أما اشتراطه السلامة من
العيوب الأولة فمتفق عليه، وأما عدم اشتراطها من غيرها فللأصل بلا معارض،
وقال الباقر (عليه السلام) في خبر غياث بن إبراهيم: لا يجزئ الأعمى في الرقبة، ويجزئ
ما كان منه مثل الأقطع والأشل والأعرج والأعور، ولا يجوز المقعد (7) وقال
أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: العبد الأعمى والأجذم والمعتوه لا يجوز في
الكفارات، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعتقهم (8) وفي خبر أبي البختري: لا يجوز في



(1) لم يرد في النسخ، أثبتنا من المطبوع.
(2) المبسوط: ج 5 ص 170.
(3) الانتصار: ص 166.
(4) السرائر: ج 3 ص 10.
(5) الانتصار: ص 166.
(6) وسائل الشيعة: ج 14 ص 238 ب 14 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 7، مع تقديم
وتأخير.
(7) وسائل الشيعة: ج 15 ص 578 ب 27 من أبواب الكفارات ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 15 ص 579 ب 27 من أبواب الكفارات ح 3.
137
العتاق الأعمى والمقعد، ويجوز الأشل والأعرج (1) ولم يجز أبو علي عتق الناقص
في خلقه ببطلان جارحة ليس في البدن سواها، كالخصي والأصم والأخرس (2)
(ولا يجزئ أقطع الرجلين) لأنه مقعد، خلافا للخلاف (3) والمبسوط (4)
والسرائر (5) (ويجزئ أقطع اليدين) خاصة أو (مع رجل) واحدة.
وفي ظهار المبسوط: فأما مقطوع اليدين أو الرجلين أو يد ورجل من جانب
واحد، فإنه لا يجزئ بلا خلاف، فأما إذا كان مقطوع إحدى اليدين أو إحدى
الرجلين أو يد ورجل من خلاف فإنه لا يجزئ عند قوم، وعند قوم يجزئ، وهو
الأقوى للآية. وإذا قطعت إبهاماه لا يجزئ بلا خلاف، فإن قطعت الإبهام والسبابة
أو الوسطى فإنه لا يجزئ عند قوم وإن قطعت الخنصر أو البنصر فإن قطعت
إحداهما لم يؤثر لأن الكف لم تتعطل وإن قطعتا معا من كفين أجزأ وإن قطعت
الخنصران أو البنصران أو الخنصر من أحدهما والبنصر من الاخرى أجزأ، وإن
قطعتا معا من كف واحد لم يجزئ، لأن الكف ينقص بقطعهما أكثر مما ينقص بقطع
إحدى الأصابع. وأما إذا قطع بعض الأنامل فإن قطعت الثلثان من خنصر أو بنصر
أجزأ، وإن كان من الأصابع الثلاث لم يجزئ، وإن قطعت واحدة فإن كان من
الإبهام لم يجزء، وإن كان من الأصابع الأربع أجزأ. فأما الأعرج فإن كان عرجه
يسيرا لا يمنع العمل والتصرف أجزأه، وإن كان كثيرا يمنعه التصرف لم يجزأ. وأما
الأصم فإنه يجزأ، لأن منفعته كاملة فإنه قد أكثر من عمل السميع. وأما الأخرس
فقال قوم: يجزئ، وقال آخرون: لا يجزئ، وفيهم من قال: يجزئ إذا كانت له
كتابة مفهومة وإشارة معقولة، وإذا لم يكن له ذلك لا يجزئ. والذي نقوله في هذا
الباب: إن الآفات التي ينعتق بها لا يجزئ معها، مثل الأعمى والمقعد والزمن ومن



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 578 ب 27 من أبواب الكفارات ح 1.
(2) مختلف الشيعة: ج 8 ص 244.
(3) الخلاف: ج 4 ص 551 - 552 المسألة 44.
(4) المبسوط: ج 6 ص 212 - 213.
(5) السرائر: ج 3 ص 73.
138
نكل به صاحبه، وأما ما عدا هؤلاء فالظاهر أنه يجزئه، لتناول الظاهر لهم، وليس
على جميع ما ذكروه دليل مقطوع به (1).
هذا آخر كلام المبسوط وكأنه أراد بنفي الخلاف في أقطع اليدين أو الإبهامين
أو الرجلين أو يد ورجل من جانب نفيه عند العامة (2) فلا ينافي ما ذكره أخيرا وما
نص عليه في الكفارات من إجزاء الجميع، لعموم الآية (3) ثم قد ورد أن من قطع منه
يد ورجل من جانب لا يقدر على القيام فيتجه عدم إجزائه.
(وأما تمامية الملك: فلا يجزئ المكاتب وإن كان مشروطا أو مطلقا
لم يؤد) شيئا عند الشيخ في الخلاف (4) والمبسوط (5) للزوم عقد الكتابة
وخصوصا من جانب السيد، ولوجوب تحصيل يقين البراءة. وفي النهاية: أنه لا
يجزئ المدبر ما لم ينقض تدبيره (6) وعليه ابنا الجنيد (7) والبراج (8) لصحيح الحلبي،
في رجل يجعل لعبده العتق إن حدث به حدث، وعلى الرجل تحرير رقبة واجبة
في كفارة يمين أو ظهار، أيجزئ عنه أن يعتق عبده ذلك في تلك الرقبة الواجبة
عليه؟ قال: لا (9) (والأقرب فيهما) كما في النهاية (10) والسرائر (11) (وفي
المدبر) كما في المبسوط (12) والخلاف (13) والسرائر (14) (الإجزاء وإن لم ينقض
تدبيره على رأي) للعموم، مع تمام الرقية، وجواز بيع المدبر ونحوه من
الأسباب الناقلة، والاكتفاء بذلك في انتقاض التدبير، فكذا العتق مع أنه ليس إلا



(1) المبسوط: ج 5 ص 169 - 170.
(2) المغني لابن قدامة: ج 8 ص 586 - 587، الشرح الكبير: ج 8 ص 591.
(3) المجادلة: 3.
(4) الخلاف: ج 4 ص 544 المسألة 29.
(5) المبسوط: ج 5 ص 160.
(6) النهاية: ج 3 ص 63.
(7) نقله عنه في المختلف: ج 7 ص 442.
(8) المهذب: ج 2 ص 414.
(9) وسائل الشيعة: ج 15 ص 558 ب 9 من أبواب الكفارات ح 2.
(10) النهاية: ج 3 ص 63.
(11) السرائر: ج 3 ص 73.
(12) المبسوط: ج 5 ص 160.
(13) الخلاف: ج 4 ص 545 المسألة 31.
(14) السرائر: ج 2 ص 716.
139
تعجيلا للاحسان، واحتمال خبر الحلبي (1) الإعتاق عنه بعد الموت، كما سأله
صلوات الله عليه إبراهيم الكرخي، فقال: إن هشام بن أديم سألني أن أسألك عن
رجل جعل لعبده العتق إن حدث بسيده حدث، فمات السيد وعليه تحرير رقبة في
كفارة أيجزئ عن الميت عتق العبد الذي كان السيد جعل له العتق بعد موته في
تحرير الرقبة التي كانت على الميت؟ فقال: لا (2) وأما خبر أبان، عن عبد الرحمن،
قال: سألته عن رجل، قال لعبده: إن حدث بي حدث فهو حر، وعلى الرجل تحرير
رقبة في كفارة يمين أو ظهار، أله أن يعتق عبده الذي جعل له العتق إن حدث به
حدث في كفارة تلك اليمين؟ قال: لا يجوز الذي جعل له ذلك (3) فهو وإن ظهر في
إعتاقه بنفسه في حياته لكنه ضعيف مضمر، مع احتمال أن يراد بالسؤال الاكتفاء
بنفس التدبير في الكفارة.
(ويجزئ الآبق) ما لم يعلم موته، وفاقا للأكثر، للعموم مع أصل الحياة،
وحسن أبي هاشم الجعفري، سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل أبق منه مملوكه،
أيجوز أن يعتقه في كفارة الظهار؟ قال: لا بأس به ما لم يعرف منه موتا (4) وحكى
في السرائر الإجماع عليه (5) وفي الخلاف عدم الإجزاء ما لم يعرف الحياة (6)
لوجوب تحصيل اليقين، واجتزأ به في المختلف مع علم الحياة أو ظنها، لا مع
الشك أو ظن الوفاة، وتمسك في إلحاق الظن بالعلم بأن الأحكام الشرعية والفروع
العملية منوطة بالظن (7) ومن العامة (8) من لم يجتزأ به مطلقا لنقصان الملك، وضعفه



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 558 ب 9 من أبواب الكفارات ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 558 ب 9 من أبواب الكفارات ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 82 ب 12 من أبواب التدبير ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 53 ب 48 من أبواب العتق ح 1.
(5) السرائر: ج 2 ص 718.
(6) الخلاف: ج 4 ص 546 المسألة 34.
(7) مختلف الشيعة: ج 7 ص 446.
(8) المجموع: ج 17 ص 370.
140
ظاهر (وام الولد) وفاقا للمشهور، لبقائها على الملك. وقد روي عن
زين العابدين (عليه السلام) أن ام الولد تجزئ في الظهار (1) وفيه قول نادر بالعدم وهو قول
العامة (2) لنقصان الرق، ولذا لا يجوز بيعها (والموصى بخدمته على التأبيد)
لكمال الرق. وللعامة (3) فيه وجهان (وشقص من عبد مشترك مع يساره إذا
نوى التكفير إن قلنا: إنه يعتق) الباقي (بالإعتاق) للشقص أوقفناه إلى الأداء
فأدى أو لا، فإنه أعتق شقصه بنية التكفير وتبعه الباقي في العتق، فكذا يتبعه في
الوقوع عن الكفارة، فإن التكفير هو الذي تسبب العتق كله وإن وجه العتق حينئذ
على الجميع كان أولى بالإجزاء. ويحتمل أن لا يجزئ إلا إذا وجهه إلى الجميع،
لاشتراط وقوعه عن الكفارة بالنية، وإذا لم يوجهه إلا إلى الشقص لم يكن نوى
التكفير بعتق الباقي مع وقوعه قهرا، كما إذا تملك من ينعتق عليه. ولم يجتزئ أبو
علي بعتق الشقص وإن كان مأخوذا بأداء القيمة للباقي، قال: لأن ذلك عتق بغير
قصد منه (4) (وإن قلنا) إنما ينعتق (بالأداء ففي إجزائه عنده) أي الأداء
(إشكال من عتق الحصة بالأداء) قهرا (لا بالإعتاق) ولا مع النية، ومن أن
الإعتاق حاصل باختياره وإن لم يكن بالصيغة، وهو الذي أوجب على نفسه
الأداء وقد أدى باختياره، مع أنه لو نوى التكفير أولا فكأنه أعتق الكل بنية
التكفير. ويحتمل أن يجب عليه تجديد النية عند الأداء (ولو كان معسرا صح
العتق في حصته ولم يجزئ عن الكفارة) لأنه شقص (وإن أيسر بعد
ذلك) لأنه لا يوجب السراية (لاستقرار الرق في نصيب الشريك) (و)
لكن (لو ملك النصيب فنوى إعتاقه عن الكفارة صح وإن تفرق العتق
لأنه) صدق أنه (أعتق رقبة) وهو عام (فيجزئ نصفان من عبد دفعتين)



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 577 - 578 ب 26 من أبواب الكفارات ح 1.
(2) المجموع: ج 17 ص 370.
(3) انظر مغني المحتاج: ج 3 ص 362.
(4) مختلف الشيعة: ج 8 ص 247.
141
لعدم الدليل على وجوبه دفعة. ويمكن القول بالعدم، لأنه حين أعتق الشقص
أعتق ما لا يجزئ في الكفارة فتلغو النية، نعم يندفع إذا ظن ملك الباقي
(ولا يجزئ نصفان من عبدين مشتركين) أو مبعضين، لأن الرقبة لا تشملهما
إلا مجازا. ومن العامة (1) من اجتزأ بهما مطلقا، ومنهم (2) من اجتزأ في المبعضين
دون المشتركين (ولو أعتق نصف عبده) المختص به (عن الكفارة نفذ
العتق في الجميع وأجزأ) لصدق إعتاق الكل عنهما، إلا أن ينوي أن لا يكون
التكفير إلا بالنصف.
(ويجزئ المغصوب) لتمامية الملك، وللعامة (3) قول بالعدم، لفقدان
الغرض من العتق، وهو ملك المعتق نفسه (دون المرهون ما لم يجز المرتهن)
لتعلق حقه، والمنع من التصرف بدون إذنه (وإن كان الراهن موسرا على
رأي) خلافا للشيخ (4) فاجتزأ به إن كان موسرا، لأنه ملكه مع تمكنه من الأداء أو
الإبدال، وهو ضعيف. ومن العامة (5) من اجتزأ به مطلقا.
(و) يجزئ (الجاني خطأ إن نهض مولاه بالفداء) أي كان موسرا، فإنه
بالخيار إن شاء دفعه إلى أولياء المقتول وإن شاء افتكه، وبالإعتاق يكون اختار
الافتكاك (وإلا فلا) ينفذ العتق، لتضرر أولياء المقتول إن نفذ، ولزوم سقوط
حقهم (ولا يصح) عتق (الجاني عمدا إلا بإذن الولي) فإن الخيار فيه مع
ولي المقتول وأطلق في الخلاف المنع في العمد والجواز في الخطأ، واستدل
بإجماع الفرقة، قال: لأنه لا خلاف بينهم، أنه إن كانت جنايته عمدا ينتقل ملكه
إلى المجني عليه، وإن كان خطأ فدية ما جناه على مولاه لأنه عاقله (6) وعكس في
المبسوط فأطلق الجواز في العمد قال: لأن القود لا يبطل بكونه حرا، والمنع إن



(1) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 280.
(2) الحاوي الكبير: ج 10 ص 480.
(3) المغني لابن قدامة: ج 8 ص 590.
(4) المبسوط: ج 5 ص 160.
(5) المغني لابن قدامة: ج 8 ص 590.
(6) الخلاف: ج 4 ص 546 المسألة 33.
142
كان خطأ قال: لأنه يتعلق برقبته، والسيد بالخيار بين أن يفديه أو يسلمه (1) وجوزه
ابن إدريس في الخطأ مع ضمان المولى قال: لأنه قد تعلق برقبة العبد الجاني حق
الغير، فلا يجوز إبطاله (2).
(ولو قال) لغيره: (أعتق عبدك عني، فقال) منشئا: (أعتقت عنك
صح) عن الآمر اتفاقا كما في الشرائع (3) فإن المعتق حينئذ كالوكيل، فيدخل في
عموم تحرير الرقبة مع انتقال ملك العبد إلى المكفر بذلك. وأوقعه ابن إدريس (4)
عن المعتق، لأنه ملكه، ولا عتق إلا في ملك (ولم يكن له عوض) إن لم
يشترط (ولو شرط عوضا مثل وعلي عشرة، لزمه) فإنه كالبيع (ولو تبرع
فأعتق عنه من غير مسألة قيل) في الخلاف (5) والمبسوط (6) (صح العتق)
تغليبا للحرية، ولوقوع صيغته صحيحة عن صحيح العبارة، لكن (عن المعتق
دون المعتق عنه) لأنه لا تمليك إلا برضا المملك (سواء كان) المعتق عنه
(حيا أو ميتا) ويدل عليه ما سبق في الولاء من حسن بريد العجلي عن
الباقر (عليه السلام) (7). وقيل (8) لا يصح العتق أصلا، لأن اللفظ تابع للنية، وهو لم ينو إلا
العتق عن الغير، فلا يقع عن نفسه، ولا ولاية له على الغير ليقع عنه.
(و) في المبسوط (9) أنه (لو أعتق الوارث من ماله (10) عن الميت) عن
واجب عليه مرتب أو مخير (صح عن الميت وإن لم يكن من ماله) كان قد
أذن له أم لا (ولعل بينهما) أي الوارث والأجنبي (فرقا) من وجوه، أحدها:
النص وهو ما مر من حسن بريد. وثانيها: قيام الوارث مقام المورث في غيره،



(1) المبسوط: ج 5 ص 161.
(2) السرائر: ج 2 ص 717.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 72.
(4) السرائر: ج 3 ص 21.
(5) الخلاف: ج 4 ص 548 المسألة 37.
(6) المبسوط: ج 5 ص 164.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 45 ب 40 من أبواب العتق ح 2.
(8) قاله في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 89 - 90.
(9) المبسوط: ج 5 ص 164.
(10) كذا في النسخ، وفي القواعد: مال.
143
كقبول قوله: فيما يقبل فيه قوله، وتعيين الوصية المبهمة أو المطلقة والمعتق وقضاء
الصوم والصلاة. وثالثها: أن التركة تنتقل إليه بموت المورث ولا خلاف في صحة
العتق عنه من التركة، فيصح عنه من غيرها من أمواله لعدم الفارق، وأن عليه أداء
ديون المورث وإليه الاختيار في الأداء من التركة أو من غيرها. وفي الشرائع أن
الوجه التسوية بينهما (1) ثم في المبسوط أنه إن أعتق من ماله عنه عن تطوع فإن
كان بإذنه جاز وإلا وقع عن المعتق (2) قلت: وينص عليه ما سبق من حسن بريد.
(وهل ينتقل الملك إلى الآمر قبل العتق. قيل): في المبسوط (نعم،
فيحصل بقوله: أعتقت عنك، الملك أولا للآمر ثم العتق (3)) وهو خيرة
التحرير (4) فإنه لا عتق إلا في ملك، ولا ينتقل الملك إلا بالتمليك، ولا لفظ هنا
يملك غيره (ومثله) ما إذا قدم طعاما إلى غيره فقال: (كل هذا الطعام) فإنه
يملكه بالتناول، ولا بأس بما يلزم من تأخر العتق عن الإعتاق أو الملك عن
التناول لحظة، ونسب هذا القول في الشرائع إلى التحكم (5) وقيل (6): يحصلان معا،
لتساويهما في تمامية اللفظ لسببيتهما ولا مرجح، ولا يستلزم وقوع العتق في
الملك تأخره عنه. وقيل (7): يحصل الملك بالشروع في الصيغة والعتق بتمامها. وفيه
أنه لو لم يكمل الصيغة لم يحصل الملك قطعا، ويندفع بجواز أن يكون الإتمام
كاشفا عن حصوله بالشروع وأن جزء الصيغة ليس من الألفاظ المملكة، ويمكن
الدفع بجواز كونه مملكا هنا وإن لم يكن له نظير. وقيل (8): يحصل بالاستدعاء،
وقيل (9): به مقرونا بصيغة العتق. ولعلهما واحد، فإن من البين أن الاستدعاء بنفسه



(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 72.
(2) المبسوط: ج 5 ص 164.
(3) المبسوط: ج 5 ص 164.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 111 س 28.
(5) شرائع الإسلام: ج 3 ص 72.
(6) انظر مسالك الأفهام: ج 10 ص 58 - 59.
(7) قاله في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 91.
(8) انظر مسالك الأفهام: ج 10 ص 58 - 59.
(9) انظر مسالك الأفهام: ج 10 ص 58 - 59.
144
لا يملك، وإلا لزم التملك وإن لم يعتق عنه المولى، بل الاستدعاء بمعنى قبول
التمليك والإعتاق بمنزلة الإيجاب، فهنا تقدم القبول على الإيجاب، لكن إن
اشترط التمليك هنا بصيغة الإعتاق لزم تأخر العتق عن الإعتاق، فلذا التزموا أنه
يكفي هنا في الإيجاب الرضا وأن يكون التلفظ بالصيغة كاشفا عنه، كما أنه يكفي
في قبول الهبة الفعل الكاشف عن الرضا.
وفي الطعام المقدم إلى الغير أقوال: فقيل (1) يملكه إذا أخذه بيده ليأكله، وقيل
بوضعه في فيه (2) وقيل في المختلف في وجه بالازدراد، وفي وجه آخر لا تمليك
هنا أصلا وإنما هو إباحة (3) وهو خيرة التحرير (4) وهو أقوى، فلو نبت من غائطه
شجرة " مثلا " كان ملكا للمقدم دون الآكل ويمكن القول بمثله في مسألة الإعتاق
أيضا، فإن النص (5) والإجماع إنما هما على أن الإعتاق إنما يكون في ملك
ويكفي في صدقه هنا ملك المعتق ولا محذور في إجزاء الإعتاق عن غير المالك.
(ولو قال: أعتق مستولدتك عني) مجردا أو مع قوله (وعلي ألف
فأعتق، فإن قلنا بالملك) أي الانتقال إلى المعتق عنه (ومنعناه مطلقا) أي
مستقرا كان أو مستعقبا للعتق (في ام الولد نفذ) العتق (عنه) لنطقه بالصيغة
صحيحة (لا عن الآمر) فيلغو قوله: عنك أو عن فلان إن نطق به (ولا عوض)
عليه لعدم الانتقال ولا عليه ما شرطه من جهة الجعل، لأنه إنما جعله على العتق
عنه ولم يقع (ويحتمل البطلان) لأنه لم ينو العتق عن نفسه ولم يقع ما نواه وإن
لم نقل بالانتقال، كما احتملناه وقع عن الآمر وعليه ما شرطه جعلا لا عوضا.
وقيل (6) وقع الإنفاق على الانتقال وأن " إن " هنا لتقرير الملكية دون التردد فيها.



(1) قاله في المبسوط: ج 5 ص 165.
(2) حكاه في المبسوط: ج 5 ص 165.
(3) مختلف الشيعة: ج 8 ص 249 - 250.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 111 س 29.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 7 ب 5 من أبواب العتق ح 2.
(6) لم نعثر عليه.
145
(ولو قال: إذا جاء الغد فأعتق عبدك عني بألف، فأعتقه عنه عند
مجيء الغد، نفذ العتق وأجزأ) عن الآمر (وله العوض. ولو أعتقه قبل الغد
نفذ، لا عن الآمر، ولم يستحق عوضا) ويحتمل البطلان لما مر.
(ولو قال: أعتق عبدك عني على خمر أو مغصوب) فأعتقه عنه (نفذ
العتق) عنه، لتغليب الحرية، وصدور الصيغة صحيحة مع النية. وفي التحرير في
نفوذ العتق إشكال (1) فإن قلنا بوقوعه ففي نفوذه عن الآمر نظر (ورجع إلى قيمة
المثل) أي مثل المعتق أو الخمر أو المغصوب (على إشكال) من أنه لم يتبرع
والمسمى فاسد فيضمن الآمر قيمة التالف أو قيمة المسمى للتراضي عليه، ومن
فساد المسمى والأصل البراءة عن غيره، وخصوصا على احتمال عدم الانتقال.
(المطلب الثاني في الشرائط)
(وهي ثلاثة: النية، والتجريد من العوض، وأن لا يكون السبب)
للعتق فعلا منه (محرما).
(ويشترط في النية القربة، والتعيين مع تعدد الواجب. فلو كان عليه
عتق عن كفارة و) آخر عن (نذر أو عن كفارتين مختلفتين) في نوع
المكفر عنه وإن اتفقتا ترتيبا أو تخييرا (فلابد من التعيين) وفاقا للخلاف (2)
والسرائر (3) والشرائع (4) والتحرير (5) لأن الأعمال بالنيات، وللاحتياط، أو المراد
الاختلاف حكما ككفارتي الظهار والإفطار المختلفتين في الترتيب والتخيير كما
في المختلف لأنه إن أطلق فإن صرف إلى الظهار بقي التخيير بين العتق والإطعام
والصوم للإفطار، وإن صرف إلى الإفطار تعين عليه العتق، ولا رجحان لأحدهما



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 111 س 25 - 26.
(2) الخلاف: ج 4 ص 549 المسألة 39.
(3) السرائر: ج 2 ص 718.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 73.
(5) تحرير الأحكام: ج 2 ص 114 س 1.
146
على الآخر، فإما أن يصرف إليهما أو إلى أحدهما معينا أو غير معين والكل باطل،
قال: لا يقال: ينتقض بما لو تعدد الجنس واتفق الحكم، لأنا نقول: إنه لما وجب
عليه كفارتان فقد وجب عليه واحدة، وإذا نوى التكفير المطلق ارتفعت واحدة
مطلقة، وتعين العتق في الاخرى، أما مع اختلاف الحكم فإنه لا يدري حينئذ
الواجب عليه (1) انتهى. ولا يرد ما ذكره من الإشكال فيما لو اختلفتا في الجمع
والترتيب فلعله لا يريده بالاختلاف حكما. وفي المبسوط (2) أنه لا يشترط
التعيين مطلقا، للأصل وسيأتي من المصنف ما يشعر باحتماله (أما لو اتفقت
الكفارتان) في الحكم والمكفر عنه (لم يجب) التعيين اتفاقا كما في
الخلاف (3) (كإفطار يومين من رمضان أو قتلي الخطأ، فإنه يجزئ نية
التكفير عن قتل الخطأ وعن الإفطار وإن لم يعين إفطار اليوم الأول أو
الثاني أو قتل زيد أو عمرو) وإطلاق النافع (4) يقتضي اشتراطه فيه أيضا، وهو
نص الإرشاد (5) وهو متجه على قول الخلاف، لعدم ظهور الفرق (ولا يصح عتق
الكافر عن الكفارة) كما لا يصح العبادات منه (لعدم صحة التقرب منه) إما
لعدم إمكانه منه، أو لعدم ترتب أثره عليه (سواء كان) ممن يقر بالله، كأن كان
(ذميا أو) لا، كأن كان (حربيا) لا يقر به (أو) كان (مرتدا) قد عرف الله
كما يجب أن يعرف ثم ارتد. وللعامة قول بإجزاء اعتاق الذمي (6) تغليبا
لجهة الغرامات. وبنوا إعتاق المرتد على ملكه وصحة تصرفه (7) وقيل (8) يصح
تصرفه إلى أن يحجر عليه، وقيل (9) لا يصح مطلقا، وقيل (10) يصح مراعى، فإن



(1) مختلف الشيعة: ج 8 ص 228.
(2) المبسوط: ج 6 ص 209.
(3) الخلاف: ج 4 ص 549 المسألة 39.
(4) المختصر النافع: ص 210.
(5) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 99.
(6) المغني لابن قدامة: ج 8 ص 619.
(7) الحاوي الكبير: ج 10 ص 489.
(8) حكاه الشيخ في المبسوط: ج 5 ص 168.
(9) حكاه الشيخ في المبسوط: ج 5 ص 168.
(10) قاله في المبسوط: ج 5 ص 168.
147
أسلم تبينا الصحة، وإن مات أو قتل على الكفر تبينا الفساد، فعلى الصحة يجزئ،
وكذا على المراعاة إن أسلم.
(ولو أعتق وشرط عوضا لم يجزئ عن الكفارة مثل: أنت حر
وعليك كذا) اتفاقا، لانتفاء الإخلاص (وفي) حصول (العتق) به (نظر)
من تغليب الحرية وصدور الصيغة صحيحة عن أهلها وهو الأجود، ومن أنه إنما
نواه عن الكفارة (فإن قلنا به وجب العوض) لأنه عوض عن العتق وقد
حصل، ولعموم: المؤمنون عند شروطهم (1).
(ولو قيل له: أعتق مملوكك عن كفارتك وعلي كذا، ففعل كذلك لم
يجزئ عن الكفارة، وفي نفوذ العتق إشكال) مما عرفت (ومعه) الأقرب
نفوذه عن المالك لا الباذل، فإنه إنما بذل عن الإعتاق عن كفارته، وفي المبسوط
يقع عن الباذل ويكون ولاؤه له (2) ثم (الأقرب لزوم العوض) كما في
المبسوط (3) لعدم تبرع المالك، ولزوم الشرط سواء أوقعناه عن المالك فيكون
العوض جعلا، أو عن الآمر. ورد في المختلف: بأن العوض إنما هو على العتق عن
الكفارة (4) ولم يقع، وأجيب بأنه إنما هو على الإعتاق عن الكفارة وقد وقع، وإن لم
يحصل العتق عنها فإنه على فعل المكلف وهو الإعتاق دون الإجزاء الذي ليس له
فيه قدرة، وهو إنما يتم لو حمل الإعتاق على مجرد النطق بالصيغة، والظاهر أنه
إيقاع العتق عن الكفارة، ولا يتحقق إلا إذا وقع هذا مع أصل البراءة، ولا يكفي
الامتناع في الحمل على مجرد النطق خصوصا مع الجهل به (ولو رده) أي
العوض (بعد) بالإعتاق بشرطه مع (قبضه) أو لا معه (لا يجزئ عن
الكفارة) وهو ظاهر.



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 30 ب 20 من أبواب المهور ح 4.
(2) المبسوط: ج 5 ص 163.
(3) المبسوط: ج 5 ص 163.
(4) مختلف الشيعة: ج 8 ص 246.
148
(ولو كان سبب العتق محرما بأن نكل بعبده، بأن قلع عينيه أو قطع
رجليه) مثلا (ونوى) به (التكفير انعتق) قطعا (ولم يجزئ عن الكفارة)
فإن المعصية لا يكون كفارة لمعصيته.
(فروع) سبعة:
(الأول: لو أعتق عبدا عن إحدى كفارتيه صح على القول بعدم)
وجوب (التعيين) فإن لم نوجبه مطلقا واختلفتا ترتيبا وتخييرا تعين العتق ثانيا
كما سيأتي (ولو كان عليه ثلاث كفارات متساوية) في الخصال (فأعتق
ونوى التكفير مطلقا ثم عجز فصام شهرين بنية التكفير المطلق ثم عجز
فتصدق على ستين) مسكينا (كذلك أجزأ) ما فعله (عن الثلاث) تساوت
ترتيبا أو تخييرا أو اختلفت، وكذا إن لم يعجز وتساوت تخييرا وإن تساوت جمعا
ففعل الثلاث ثلاثا مطلقا أجزأه.
(الثاني: لو كان عليه كفارة ظهار وإفطار رمضان) وبالجملة كفارتان
مختلفتان تخييرا وترتيبا (فأعتق ونوى التكفير) المطلق (فالأقرب عدم
الإجزاء لعدم التعيين) مع اختلاف الذنبين في النوع (و) خصوصا هنا
(للاختلاف حكما) أي تخييرا وترتيبا، وقد عرفت جهة اختصاصه بلزوم
التعيين (ولو سوغناه ففي وقوعه عن الظهار) حتى يتخير بعده بينه وبين
الآخرين (إشكال، أقربه الوقوع عما نواه وهو المطلق) لأن العمل يتبع النية،
ويحتمل الانصراف إلى الظهار لرجحانه بالتعيين (وحينئذ لو عجز) عن العتق
ثانيا (فالأقرب وجوب الصوم عينا) وعدم جواز الإطعام (ولو لم يعجز
فالأقرب وجوب العتق) لتوقف البراءة عليه، ويحتمل العدم إما لأنه كما يتخير
ابتداء يتخير بعد الإيقاع في صرفه إلى ما شاء كما في التحرير (1) والمبسوط (2) فله



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 114 س 5.
(2) المبسوط: ج 5 ص 167.
149
الصرف إلى المرتبة، وإما لأن المسبب لا يتعين إلا إذا تعين السبب، فلو عينا عليه
ما لا يعجز عنه لزم إما الحكم بثبوت المسبب بدون سببه أو ببقاء المرتبة وانصراف
ما فعله إلى المخيرة، وأيضا فإن التعيين ينافي التخيير وهو ينافي ثبوت المخيرة
عليه، فيلزم الانصراف إليها. ويدفع الأول: أنه إنما له الصرف في النية أما إذا أطلق
فيها فيستصحب، والأخيرين: أن التعين عرض من باب المقدمة.
(الثالث: لو كان عليه كفارة واشتبه) أنها كفارة (القتل أو الظهار نوى
بالعتق التكفير) المطلق بلا إشكال، وعلى القول بجواز الترديد في النية في مثله
يردد هنا (ولو) علم أن عليه عتقا و (شك بين) أنه في كفارة (ظهار) مثلا
(ونذر فنوى) به (التكفير لم يجزئ، ولو نوى إبراء ذمته أجزأ) بلا ترديد
أو مع الترديد (ولو نوى العتق مطلقا أو الوجوب) الغائي (لم يجزئ)
لانصراف إطلاقه إلى التطوع والغاية لا تكفي في التميز (ولو نوى العتق
الواجب أجزأ) كما في المبسوط (1) ولم يجتزئ به في التحرير (2) كما في
الشرائع (3) لأن الواجب قد يكون لا عن كفارة ولا نذر فلا يعين ما في الذمة.
(الرابع: لو كان عليه كفارتان فأعتق نصف عبد عن إحداهما ونصف
الآخر عن الاخرى) وهما مختصان به (صح) عنهما (وسرى العتق إليهما.
وكذا لو أعتق نصف عبده عن كفارة معينة صح، لأنه ينعتق) به (كله)
وقد عرفت إجزاءه.
(الخامس: لو اشترى أباه أو غيره ممن ينعتق عليه ونوى به التكفير،
ففي الإجزاء إشكال):
(ينشأ من أن نية العتق) إنما (تؤثر في ملك المعتق لا في ملك
غيره) فهي قبل الشراء لا يفيد (و) كذا بعده، لأن (السراية) أي الانعتاق



(1) المبسوط: ج 5 ص 167.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 114 س 6.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 73.
150
(سابقة) عليها ولا حينه، لأنه ما لم يكمل الصيغة لم يحصل الملك (فلا
تصادف النية ملكا) ولا حينه مستمرا إلى التمام وما بعده، إما لحصول الملك
والعتق معا بتمام الصيغة كما قيل في الإعتاق عن الغير، وإما لأنه وإن تقدم الملك
آنا إلا أنه غير مستقر وعلى التقديرين فيحصل العتق قهرا، ولا عبرة به ولا بنية
الإعتاق معه كمن ابتلى بما ينعتق معه من العمى ونحوه، ولأن الكفارة هي التحرير
وهنا لا تحرير، فإنه يتحرر بنفسه قهرا وإنما فعل ما أعده للعتق وحقيقة الإعتاق
والتحرير فعل السبب المؤثر لا المعد، وهو خيرة التحرير (1) والخلاف (2)
والمبسوط (3) ويظهر منه الإجماع عليه.
ومن أن التحرير إنما هو الجعل حرا، وهو يعم ما كان بالصيغة وغيره، وهنا قد
حرره بالشراء، ولما كان عقد البيع هنا كافيا في العتق جرى مجرى صيغة الإعتاق،
فكما يكفي النية عندها يكفي عنده وإن ضويق في الاكتفاء بها فلينو مستمرا إلى ما
بعده لتصادف الملك، وأيضا إذا نوى العتق عند الشراء مستمرا إلى ما بعده وقع
العتق عن الكفارة مصادفا للملك، ولم يقع العتق عن القرابة، لاشتراطه بأن لا
يوجد له سبب آخر. وهو قوي، لكن دليله الأخير ضعيف جدا، إذ لو لم يكن العتق
للقرابة لافتقر إلى صيغة، والتزامه بعيد جدا، على أن نية العتق ليست سببا فيه،
والأسباب الشرعية لا تتمانع.
(السادس: لو أعتق أحد عبديه عن كفارته صح) على ما سبق (وعين
من شاء) منهما.
(السابع: لو اشترى بشرط العتق) فأعتق (لم يجزئ عتقه عن
الكفارة) وفاقا للمبسوط (4) لأنه إما أن يجبر على الإعتاق فهو عتق واجب بغير
الكفارة فلا يجزئ عنها أو لا ويتخير البائع في الفسخ فهو إعتاق لغير تام الملكية.



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 111 س 14.
(2) الخلاف: ج 4 ص 547 المسألة 35.
(3) المبسوط: ج 5 ص 162.
(4) المبسوط: ج 5 ص 162.
151
وفي التحرير (1) والمختلف (2) أنه يجزئ لأنه اعتاق بلا عوض، والوجوب للشرط
إن سلم فإنما هو مؤكد للوجوب عن الكفارة لا مناف. ولا يبعد التفصيل بالإجزاء
إن تقدم وجوب الكفارة على الشراء، والعدم إن تأخر.
(الطرف الثالث في الصيام)
ف‍ (إذا فقد الرقبة والثمن أو لم يجد باذلا للبيع وإن وجد الثمن، انتقل
فرضه في المرتبة إلى صيام شهرين متتابعين) في بعض الكفارات، ولو قال:
إلى الصيام كان أولى.
(ولو وجد الرقبة وهو مضطر إلى خدمتها أو وجد الثمن واحتاج إليه
لنفقته وكسوته) ودابته اللائقة به أو المحتاج إليها ومسكنه اللائق به وما يليق به
من الأثاث ودينه وإن لم يطالب به ونفقة عياله (لم يجب العتق، وسواء كانت
الحاجة) إلى الخدمة (لزمانة أو كبر أو مرض أو جاه واحتشام وارتفاع
عن مباشرة الخدمة وإن كان من أوساط الناس) فإن منهم من يرتفع عنها إن
لم نقل: إن من لا يرتفع ليس من الأوساط (ويعتق على من جرت عادته
بخدمة نفسه) أي يجب عليه الإعتاق (إلا مع المرض) أو شبهه مما يحوجه
إلى الخدمة (ولو كان الخادم كثير الثمن يمكن شراء خادمين بثمنه يخدمه
أحدهما ويعتق الآخر عن الكفارة احتمل وجوب البيع) كما في
المبسوط (3) لصدق القدرة على الإعتاق مع مراعاة المستثنى، والعدم كما في
التحرير (4) والتلخيص (5) لأنه عين المستثنى وعموم الاستثناء والتضرر بالفراق إذا



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 111 س 31.
(2) مختلف الشيعة: ج 8 ص 246.
(3) المبسوط: ج 5 ص 171.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 113 س 15.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 32 ص 156.
152
كان مألوفا (ولو كان له دار سكنى أو ثياب جسد) يليق به (لم يلزم بيعها.
ولو فضل من) دارا لسكنى أو (الثياب ما يستغنى عنه ويمكن شراء
عبد بثمنه وجب بيعه. ولو كانت دار السكنى أو ثياب الجسد التي يعتاد
مثله لبس ما دونها غالية الثمن وأمكن) بيعها و (تحصيل العوض والرقبة
بالثمن وجب البيع) كما هو نص المبسوط (1) في الدار لما مر في
الخادم، ويحتمل العدم كما في التحرير (2) والشرائع (3) والإرشاد (4) والتلخيص (5)
في الدار لما مر. وفي الثياب أقوى، لكثرة النصوص باستثنائها، وقوة الاضطرار
إليها وإنما خص اعتياد الأدون بالثياب لعدم اعتباره في الدار وإنما العبرة فيها
بالضيق والسعة.
(ولو كان له ضيعة يستنميها أو مال تجارة يتضرر بصرف ثمنها في
العتق لم يجب) وإن ملك قوت يومه أو سنته، لاشتراط القدرة بملكه لما يزيد
عما يستمر له دائما فعلا أو قوة، كما هو نص المبسوط في كتاب كفارة القتل (6)
وفي التحرير (7) أوجب البيع وإن التحق بالمساكين، وفي الجامع (8) والشرائع (9)
إنما جعل له قوت يوم وليلة له ولعياله.
(ولو وجد الرقبة بأكثر من ثمن المثل ولا ضرر فالأقرب وجوب
الشراء) للقدرة (مع احتمال عدمه لحرمة المال) فالزيادة ضرر.
(ولو وجد الثمن وافتقر الشراء إلى الانتظار لم يجز الانتقال إلى
الصوم) لعدم تحقق العجز (إلا مع الضرر) بالانتظار (كالظهار) واستشكل



(1) المبسوط: ج 5 ص 171.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 13 س 14.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 75.
(4) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 99.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 32 ص 156.
(6) المبسوط: ج 7 ص 246.
(7) تحرير الأحكام: ج 2 ص 113 س 16.
(8) الجامع للشرائع: ص 484.
(9) شرائع الإسلام: ج 3 ص 75.
153
فيه في التحرير (1) والتلخيص (2) كالشرائع (3) من الضرر، ومن الوجدان (وكذا لو
كان ماله غائبا) فإذا أخر الشراء لانتظار حضوره (ولو كان ماله غائبا
ووجد من يبيع نسيئة وجب الشراء. وكذا لو وجد من يدينه مع وجود
العوض) وقد يقال: لا يجب شيء منهما، لاحتمال تلف المال والعوض.
والتفصيل بالثقة وعدمها جيد (ولا يجب) الاستدانة (من دونه) أي العوض
ولا الشراء نسيئة إذا لم يتوقع مالا (ولا قبول الهبة) لعين الرقبة أو ثمنها،
لاشتماله على المنة، وأصل البراءة.
(ولو انعتق نصفه ووجد بالجزء الحر مالا) يفي بالعتق (وجب عليه
العتق) للوجدان، وللعامة (4) قول بأنه ليس له بناء على أنه يقتضي الولاء وهو
ليس أهلا له. وأما الإطعام والكسوة فلا خلاف في وجوبهما عليه إذا أيسر، إلا من
شاذ من العامة (5) يعين عليه الصوم.
(والاعتبار في القدرة) عندنا (بحال الأداء) دون الوجوب كالعبادات
(فلو عجز بعد اليسار صام ولم يستقر العتق في ذمته. ولو كان عاجرا
وقت الوجوب ثم أيسر قبل الصوم وجب العتق) لأن ذلك قضية إطلاق
النصوص، فإنه إذا لم يجب المبادرة إليها فحين الفعل إذا قدر على العتق أو عجز
عنه شمله إطلاقهما في النصوص (6) وللعامة قول باعتبار حال الوجوب تغليبا
لجانب العقوبة، وآخر باعتبار أغلظ الحالين لكونها حقا واجبا في الذمة بوجود
المال فيعتبر حال اليسار كالحج، وآخر باعتبار أغلظ الأحوال من الوجوب إلى



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 113 س 18.
(2) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 32 ص 156.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 75.
(4) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 276.
(5) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 276.
(6) وسائل الشيعة: ج 15 ص 553 ب 5 من أبواب الكفارات.
154
الأداء حتى لو أيسر في البين استقر العتق عليه (1) (ولو أعتق العبد ثم أيسر قبل
الصوم فالأقرب) ما في المبسوط من (وجوب العتق (2)) لأنه حال الأداء
موسر. ويحتمل العدم، لأن الرقبة منعت من سببية الحنث مثلا لغير الصوم بخلاف
الحر لتحقق السببية بالنسبة إليه، والعجز إنما يمنع من الحكم، فإذا انتفى عمل
السبب عمله. ومن اعتبر من العامة حال الوجوب جعل عليه الصوم، ومن اعتبر
أغلظ الحالين أو الأحوال اعتبر الأغلظ من حين العتق والأداء (3) أو إلى الأداء (4)
(ولو شرع العاجز في الصوم) ولو بالتلبس بلحظة من يوم (ثم تمكن لم
يجب الانتقال) في المشهور، للأصل، وقول أحدهما (عليهما السلام) في صحيح محمد بن
مسلم: وإن صام فأصاب مالا فليمض الذي ابتدأ فيه (5) (بل استحب) لقول
أحدهما (عليهما السلام) في خبر محمد بن مسلم، في رجل صام شهرا من كفارة الظهار، ثم
وجد نسمة، قال: يعتقها، ولا يعتد بالصوم (6) فأوجبه ابن الجنيد ما لم يصم أكثر من
شهر، لهذا الخبر (7) ولأنه قبل ذلك لم يخرج عن عهدة التكفير مع أنه واجد للرقبة.
(وإذا تحقق العجز عن العتق وجب في الظهار وقتل الخطأ على الحر
صوم شهرين متتابعين ذكرا كان أو انثى) بالنصوص والإجماع (وعلى
المملوك صوم شهر واحد ذكرا كان أو انثى) وفاقا للشيخ (8) وابني حمزة (9)
وسعيد (10) وحكى عليه الإجماع في الخلاف (11) وينص عليه نحو قول الصادق (عليه السلام)



(1) المجموع: ج 17 ص 368.
(2) المبسوط: ج 6 ص 218.
(3) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 276.
(4) كذا في المخطوطات وفي المطبوع: والأولى الأداء.
(5) وسائل الشيعة: ج 15 ص 553 ب 5 من أبواب الكفارات ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 15 ص 553 ب 5 من أبواب الكفارات ح 2.
(7) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 2 ص 181 درس 155.
(8) المبسوط: ج 6 ص 217.
(9) الوسيلة: ص 353.
(10) الجامع للشرائع: ص 484.
(11) الخلاف: ج 6 ص 143 المسألة 38.
155
لمحمد بن حمران في الصحيح: عليه نصف ما على الحر صوم شهر (1) هذا في
الظهار ولم أظفر في القتل بمثله. خلافا للتقي (2) وابني زهرة (3) وإدريس (4) في
الظهار، عملا بعموم الآية. ولا يدفعه ظهور كونها في الحر للأمر فيها بالتحرير ولا
يؤمر به المملوك، لعموم من لم يجد للمملوك (ولو أعتق قبل الأداء فكالحر)
في وجوب شهرين عليه، لما عرفت من أن العبرة عندنا بحال الأداء (ولو أعتق
بعد التلبس) بالصوم (فكذلك) يجب عليه إتمام شهرين (على إشكال)
من أن العبرة بأول الأداء، ولذا لا يجب عليه الانتقال إلى العتق إن أيسر، مع
أصل البراءة، واحتمال كون مجموع الصيام عبادة واحدة، ونحو ما مر فيما إذا
أعتق قبل التلبس فقدر على العتق من أن السبب إنما تسبب في حقه لصوم شهر فلا
يتسبب لصوم شهرين. ومن أنه إنما كان يكفيه شهر للرق وقد زال، مع كون الظاهر
أن صوم كل يوم عبادة مغايرة لصوم آخر، وإنما كانت العبرة بأول الأداء في
سقوط الخصلة المتقدمة.
(أما لو أفسد ما شرع فيه من الصوم فإنه يجب) عليه (الشهران
قطعا) على ما استقر به من وجوب العتق إذا أيسر قبل التلبس، فإنه حينئذ كمن لم
يشرع (وكذا لو أيسر وأفسد تعين العتق) بناء عليه، وأما على الاحتمال فلا
العتق متعين ولا الشهران.
(ولا يجب نية التتابع) كما أوجبها بعض العامة (5) في الليلة الاولى أو كل ليلة،
للأصل، ولأنه من الهيئات والشروط ولا يجب التعرض لها في النيات (بل يكفيه كل
ليلة نية صوم غد عن الكفارة) ولا يكفيه نية واحدة من أول ليلة بلا خلاف، كما
في المبسوط (6) (ولا يجزئه نية الصوم المفروض) لأنه لا يكفي في التمييز.



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 523 ب 12 من أبواب الظهار ح 1.
(2) الكافي في الفقه: ص 303.
(3) الغنية: ص 369.
(4) السرائر: ج 3 ص 74.
(5) المجموع: ج 17 ص 377.
(6) المبسوط: ج 5 ص 173.
156
(ويتخير بين صوم شهرين هلاليين) بأن يشرع فيه أول الشهر (أو
ثلاثين يوما وشهرا هلاليا) بأن يشرع في أثنائه فيجب عليه إكمال الأول
ثلاثين ويكفي الهلالي في الثاني، أو يشرع فيه أول الشهر ثم يقطع التتابع بعد أن
صام شهرا ويوما فعليه إكمال الثاني ثلاثين، وهذا أحد الأقوال. والثاني: أنه ليس
عليه إلا إكمال هلالين. والثالث: أنه إذا انكسر الأول لزمه إكمالهما ثلاثين ثلاثين.
(ويجب التتابع) بين الشهرين كما هو منطوق النصوص (1) لا بين جميع
أيامهما، وهو يحصل (بأن يصوم شهرا متتابعا) أيامه (ومن الثاني شيئا ولو
يوما) بالنصوص والإجماع، كما في الانتصار (2) والخلاف (3) والغنية (4)
والسرائر (5) والمنتهى (6) والتذكرة (7) (وهل يجوز) حينئذ (تفريق الباقي؟
قولان) فالشيخان (8) والسيد (9) وابن إدريس (10) على العدم، بناء على أن المفهوم
من تتابعهما تتابع أيامهما. والأخبار (11) والإجماع إنما أفادت الإجزاء، وأبو
علي (12) والمصنف في التذكرة (13) والمنتهى (14) والمختلف (15) على الجواز، لتفسير
التتابع بذلك في بعض الأخبار، بل كونه المفهوم منه (ولا خلاف في إجزائه).
(ولو أفطر في أثناء الأول أو بعده قبل أن يصوم من الثاني شيئا فإن



(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 275 ب 4 من أبواب بقية الصوم الواجب.
(2) الانتصار: ص 167.
(3) الخلاف: ج 4 ص 553 المسألة 47.
(4) الغنية: ص 142.
(5) السرائر: ج 3 ص 76.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 621 س 18.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 282 س 11.
(8) المقنعة: ص 361، النهاية: ج 1 ص 410.
(9) الانتصار: ص 167.
(10) السرائر: ج 1 ص 411.
(11) وسائل الشيعة: ج 7 ص 271 ب 3 من أبواب بقية الصوم الواجب.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 561.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 282 س 11.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 621 س 30.
(15) مختلف الشيعة: ج 3 ص 561.
157
كان مختارا استأنف) إجماعا، وفي التذكرة (1) والمنتهى (2) أنه إجماع فقهاء
الإسلام (ولا كفارة) عليه للإخلال بالتتابع أو للإفطار في أثناء اليوم (وإن كان
لعذر كمرض أو سفر ضروري أو حيض بنى) لانتفاء الحرج في الدين،
ونحو صحيح رفاعة سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين
فصام شهرا ومرض، قال: يبني عليه، الله حبسه، قال: امرأة كان عليها صيام
شهرين متتابعين فصامت وأفطرت أيام حيضها، قال: تقضيها، قال: فإنها قضتها ثم
يئست من الحيض؟ قال: لا تعيدها، أجزأها ذلك (3) والتعليل بالحبس يفيد التعميم،
وللإجماع كما هو الظاهر في الحيض والمرض وقد حكي فيه في الانتصار (4)
والخلاف (5). ورأى ابن إدريس (6) اختلال التتابع بالسفر وإن اضطر إليه، وهو
ظاهر الجامع (7). والمفيد (8) وابن حمزة (9) يجيزان هذا الصوم في السفر (والسفر
الاختياري قاطع للتتابع) إلا على القول بالصوم فيه (وفي نسيان النية) حتى
زالت الشمس (إشكال) من فوات التتابع مع تفريطه بترك التحفظ، ومن تحقق
العذر مع رفع الخطأ والنسيان ولزوم الحرج، وهو أقرب.
(ولا ينقطع بإفطار الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما) بلا
خلاف، كما في المبسوط (10) (أو على الولد على رأي) وفاقا للخلاف (11)
والشرائع (12) للعذر وشمول العلة المنصوصة، وخلافا للمبسوط (13) بناء على أنه



(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 282 س 5.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 621 س 12.
(3) وسائل الشيعة: ج 7 ص 274 ب 3 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 10.
(4) الانتصار: ص 167.
(5) الخلاف: ج 4 ص 554 المسألة 48.
(6) السرائر: ج 1 ص 410.
(7) الجامع للشرائع: ص 486.
(8) المقنعة: ص 361.
(9) الوسيلة: ص 148.
(10) المبسوط: ج 5 ص 172.
(11) الخلاف: ج 4 ص 555 المسألة 50.
(12) شرائع الإسلام: ج 3 ص 75.
(13) المبسوط: ج 5 ص 172.
158
ليس كالمرض والحيض المعلوم استثناؤهما لغلبة وقوعهما (ولا بالإكراه على
الإفطار) للحرج، ورفع ما استكرهوا عليه (1) وشمول العلة المنصوصة له (سواء
وجر الماء في حلقه أو ضرب حتى شرب أو توعد عليه) ممن يخاف منه
الوفاء بوعيده وفاقا للخلاف (2) وإن لم يصرح فيه بالتوعد للاشتراك في العلة ونص
فيه على أنه لا يفطر، وخلافا للمبسوط (3) فحكم فيه بالإفطار وقطع التتابع إذا لم
يوجر في حلقه، لصدق الإفطار اختيارا.
(وينقطع التتابع بصوم زمان لا يسلم فيه الشهر واليوم عن وجوب
إفطار في أثنائه شرعا كالعيد، أو وجوب صومه كذلك كرمضان)
فيجب عليه تحري زمان يسلم من ذلك. فلو شرع في زمان لا يسلم منه لم
ينعقد، وكذا إذا احتمله بنقصان الشهر في وجه لعدم الوثوق ووجوب تحري
الزمان السالم فلا يجزئ وإن تم الشهر، والوجه الآخر فيه الانعقاد مراعى فإن
نقص ظهر الفساد، وإلا ظهرت الصحة، وربما احتمل الصحة وإن نقص لكون
النقص لا عن اختياره (4).



(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 345 ب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2.
(2) الخلاف: ج 4 ص 555 المسألة 51.
(3) المبسوط: ج 5 ص 172.
(4) وعن زرارة أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا خطأ في الشهر الحرام، قال: يغلظ
عليه العقوبة وعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم، قال: فإنه يدخل في
هذا شيء، قال (عليه السلام): ما هو؟ قال: يوم العيد وأيام التشريق، قال: يصوم، فإنه حق لزمه.
وظاهره ما قاله الصدوق والشيخ وابن حمزة من صوم هذه الأيام. وفي التذكرة والمنتهى أن
في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف ومع ذلك فهو مخالف للإجماع. وفي المعتبر والمختلف
مع أنه نادر يخالف لعموم الأحاديث المجمع عليها وليس فيه تصريح بصوم العيد يعنيان أنه
يفطر فيه ولا ينقطع التتابع. وفي حسن زرارة أنه سأله رجل قتل رجلا في الحرم، قال (عليه السلام):
عليه دية وثلث ويصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم، ويعتق رقبة ويطعم ستين مسكينا،
قال: يدخل في هذا شيء؛ قال: وما يدخل؟ قال: العيدان وأيام التشريق، قال: يصومه فإنه
حق لزمه. صح ظاهرا (هامش ن).
159
(ولا ينقطع بنذر الأثانين) مثلا (دائما) فإنه من الأعذار التي لا يمكن
التخلص عنها (ولو نذر) صوم (أثانين سنة ففي وجوب الصبر حتى يخرج
إشكال، أقربه الوجوب) لوجوب تحري زمان يسلم فيه التتابع مع إمكانه، وهو
هنا ممكن، وعدم الدليل على عدم انقطاع التتابع بها (إلا مع الضرر) بالتأخر
كما في الظهار فيقوى المبادرة واستثناء الأثانين، ويحتمل جواز المبادرة مطلقا،
لاحتمال استثنائها مطلقا، مع استحباب المبادرة إلى كل خير، وخصوصا ما يكفر
الذنب مع احتمال طروء العجز.
(ولو صام يوما في أثناء الشهر واليوم لا بنية الكفارة) عمدا (انقطع
تتابعه وعليه الاستئناف، إلا في الأثانين) المنذورة (وشبهها) ولو كان
نسيانا فهو كما لو ترك النية نسيانا.
(ولو حاضت في أثناء الثلاثة الأيام في كفارة اليمين فالأقوى انقطاع
تتابعها) وفاقا للمبسوط (1) والاقتصاد (2) والجامع (3) والإصباح (4) لقول
الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعات لا
يفصل بينهن (5) وفي حسن ابن سنان: كل صوم يفرق إلا ثلاثة أيام في كفارة
اليمين (6) مع عدم الإتيان بالهيئة المأمور بها، وقوة مدخليتها في التكفير إن لم نقل
يكون الثلاثة عبادة واحدة، وإمكان الإتيان بثلاثة متتابعات بخلاف من عليها
شهران فإنها لا تسلم غالبا عليها من الحيض.



(1) المبسوط: ج 6 ص 214.
(2) الاقتصاد: ص 291.
(3) الجامع: ص 418.
(4) إصباح الشيعة: ص 132.
(5) وسائل الشيعة: ج 15 ص 563 ب 12 من أبواب الكفارات ح 15.
(6) وسائل الشيعة: ج 7 ص 248 ب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان ح 3.
160
خلافا لابني زهرة (1) وإدريس (2) وظاهر السيد (3) والمحقق (4) للأصل، وكون
الصوم واجبا والتتابع واجبا آخر، ومنع توقف التكفير عليه مع عموم العلة
المنصوصة، واحتمال الخبرين الفرق بينها وبين غيرها في قبوله التفريق اختيارا
بعد النصف أو التجاوز عنه بخلافها، ويكون المراد بها إياها ونحوها مع أن الأول
لا ينص إلا على وجوب التتابع ولا كلام فيه.
(ووطء المظاهر يقطع التتابع وإن كان ليلا على رأي) وفاقا للشيخ (5)
لاشتراط كون الشهرين من قبل أن يتماسا في نص الكتاب (6) وخلافا لابني
إدريس (7) وسعيد (8) لأن الآية إنما دلت على وجوب الإتيان بهما قبل المسيس،
ولا يستلزم ذلك وجوب الاستئناف مع أصل البراءة وقد مر في الظهار.
(الطرف الرابع في الإطعام)
(وإذا عجز في) بعض الكفارات (المرتبة عن الصيام انتقل فرضه إلى
الإطعام ويجب إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد) وفاقا للصدوقين (9)
والمفيد (10) وسلار (11) وابن إدريس (12) والمحقق (13) للأصل، وكفايته غالبا، والأخبار
كقول الصادق (عليه السلام) في كفارة قتل الخطأ في صحيح ابن سنان: فإن لم يستطع، أطعم
ستين مسكينا، مدا مدا (14) وفي كفارة الإفطار في رمضان في صحيح



(1) الغنية: ص 145.
(2) السرائر: ج 1 ص 414.
(3) الانتصار: ص 167.
(4) شرائع الإسلام: ج 1 ص 205.
(5) الخلاف: ج 4 ص 540 المسألة 24.
(6) المجادلة: 3.
(7) السرائر: ج 2 ص 714.
(8) الجامع للشرائع: ص 484.
(9) المقنع: ص 108.
(10) المقنعة: ص 570.
(11) المراسم: ص 186، وفيه: " لكل واحد منهم شبعه في يومه ".
(12) السرائر: ج 1 ص 414.
(13) شرائع الإسلام: ج 3 ص 76.
(14) وسائل الشيعة: ج 15 ص 559 ب 10 من أبواب الكفارات ح 1.
161
عبد الرحمن ابن أبي عبد الله: عليه خمسة عشر صاعا، لكل مسكين مد (1) وفي
كفارة اليمين في صحيح صفوان: لكل مسكين مد من حنطة، أو مد من دقيق
وحفنة (2) (وقيل) في الخلاف (3) والمبسوط (4) والنهاية (5) والتبيان (6) ومجمع
البيان (7) والوسيلة (8) والإصباح (9) (مدان حال القدرة ومد مع العجز) لقول
أحدهما (عليهما السلام) في خبر أبي بصير في كفارة الظهار: تصدق على ستين مسكينا
ثلاثين صاعا، مدين مدين (10) وقول علي (عليه السلام) في بعض الأخبار في الظهار أيضا:
يطعم ستين مسكينا كل مسكين نصف صاع (11) وللاحتياط، والإجماع كما هو نص
الخلاف (12) وظاهر التبيان (13) ومجمع البيان (14) واعتبر المفيد في الأيمان
شبعهم (15) طول يومهم، ولم يذكر المد إلا في القتل (16) وقال سلار في الأيمان: أو
إطعامهم لكل واحد منهم شبعه في يومه، ولا يكون فيهم صبي ولا شيخ كبير ولا
مريض، وأدنى ما يطعم كل واحد منهم مد (17). وفي الوسيلة: أنه إن أطعمهم
أشبعهم، وإن أعطاهم الطعام لزمه لكل مسكين مدان في السعة، ومد في
الضرورة (18) وقال القاضي: فليطعم كل واحد منهم شبعه في يوم، فإن لم يقدر



(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 31 ب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 560 ب 12 من أبواب الكفارات ح 1.
(3) الخلاف: ج 4 ص 560 المسألة 62.
(4) المبسوط: ج 5 ص 177.
(5) النهاية: ج 3 ص 64.
(6) التبيان: ج 9 ص 544.
(7) مجمع البيان: ج 9 ص 248.
(8) الوسيلة: ص 353.
(9) إصباح الشيعة: ص 488.
(10) وسائل الشيعة: ج 15 ص 566 ب 14 من أبواب الكفارات ح 6.
(11) دعائم الإسلام: ج 2 ص 280 ح 1056.
(12) الخلاف: ج 4 ص 561 المسألة 62.
(13) التبيان: ج 9 ص 544.
(14) مجمع البيان: ج 9 ص 248.
(15) المقنعة: ص 568.
(16) المقنعة: ص 746.
(17) المراسم: ص 186.
(18) الوسيلة: ص 353.
162
أطعمه مدا من كل طعام (1) وقال أبو علي: هو مخير بين أن يطعم المساكين ولا
يملكهم وبين أن يعطيهم ما يأكلونه، فإذا أراد أن يطعمهم دون التمليك غداهم
وعشاهم في ذلك اليوم، وإذا أراد تمليك المساكين الطعام، أعطى كل إنسان منهم
مدا وزيادة عليه بقدر ما يكون لطحنه وخبزه وأدمه (2) واقتصر التقي (3) وابن
زهرة (4) على الإشباع في يومه.
(ولو عجز عن الصوم بمرض يرجى زواله لم يجز الانتقال إلى
الإطعام) لما عرفت (إلا مع الضرر كالظهار) فيحتمل الجواز، ومن العامة
من أجازه إذا ظن استمراره شهرين، لصدق أنه لا يستطيع الصوم (5) (والصحيح
إذا خاف الضرر بالصوم انتقل إلى الإطعام) لشمول عدم الاستطاعة له،
وكذا عدم القدرة في خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إني ظاهرت من امرأتي، فقال: أعتق رقبة،
قال: ليس عندي، قال: فصم شهرين متتابعين، قال: لا أقدر، قال: فأطعم ستين
مسكينا (6) وهذا الصوم (بخلاف) صوم (رمضان) فلا يجوز فيه الإفطار من
الصحيح لخوف المرض، لعموم الأمر بصومه، وتعليق التأخير إلى أيام اخر على
المرض مع أنه لا بدل له.
(ولو خاف المظاهر الضرر بترك الوطء مدة وجوب التتابع) وهي
شهر ويوم (لشدة شبقه، فالأقرب) كما في المبسوط (7) (الانتقال إلى
الإطعام) إن لم يكن له من يكتفي بها، أما إذا خاف من شدة الشبق حدوث مرض



(1) المهذب: ج 2 ص 415.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 224.
(3) الكافي في الفقه: ص 227.
(4) الغنية: ص 392.
(5) الحاوي الكبير: ج 10 ص 512.
(6) وسائل الشيعة: ج 15 ص 548 ب 1 من أبواب الكفارات ح 1.
(7) المبسوط: ج 5 ص 177.
163
فهو من خوف الصحيح الضرر، وأما إذا كان الشبق هو الضرر فلأنه ضرر كغيره ولا
ضرر ولا حرج في الدين، ويؤيده أن الله رخص الرفث إلى النساء ليلة الصيام بعد
أن حرمه لما علم أنهم لا يصبرون، وقصة سلمة بن صخر، الذي حمله الشبق على
أن واقع بعد الظهار في رمضان، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): صم شهرين متتابعين، فقال:
يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني في الصيام؟ فقال: فأطعم ستين مسكينا (1)
ويحتمل العدم إذا لم يكن عليه إلا الصبر ولم يؤد إلى مرض.
(ولو تمكن من الصوم بعد إطعام بعض المساكين لم يجب الانتقال)
لما مر، ولم يستحب، لعدم النص هنا، ولاحتمال أن يكون الصدقة أفضل من الصوم
أو مثله وإن تقدم عليها في رتبة التكفير لكونه أشق (وكذا) لا يجب الانتقال إلى
العتق (لو تمكن من الرقبة) لكن الظاهر استحبابه.
(ولو وطئ في أثناء الإطعام لم يلزمه الاستئناف) وقد نص عليه
في التبيان (2) للأصل وإطلاقه عن قيد قبلية المسيس، وللعامة (3) قول بالاستئناف
(والأقرب) حينئذ (وجوب) كفارة (اخرى) عليه، لأن التكفير لا يصدق
إلا بالتمام فيصدق الوطء قبله. ويحتمل العدم. لما يتبادر من القبلية من
قبلية الشروع فيها.
(ويجب في المساكين الإسلام) أو حكمه اتفاقا (والإيمان) أو
حكمه، فإن لم يوجد مؤمن أو من بحكمه بقي في ذمته وفاقا للقاضي (4) للنهي عن
الركون إلى الظالمين. وفي النهاية (5) والجامع (6) والإصباح (7) إنه إن لم يجد مؤمنا



(1) سنن أبي داود: ج 2 ص 265 ح 2213 وفيه: " هل أصبت ".
(2) التبيان: ج 9 ص 545.
(3) المجموع: ج 17 ص 384.
(4) المهذب: ج 2 ص 415.
(5) النهاية: ج 3 ص 64.
(6) الجامع: ص 417.
(7) إصباح الشيعة: ص 488.
164
أو من بحكمه أطعم المستضعفين، وهو خيرة المختلف (1) لإطلاق النصوص،
وورود الأخبار بالتصدق عليهم، وخصوص ما في تفسير العياشي عن إسحاق بن
عمار قال للكاظم (عليه السلام) فيعطها: إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال: نعم،
وأهل الولاية أحب إلي (2) ونحوا منه خبر إبراهيم بن عبد الحميد عنه (عليه السلام) (3)
ويحتمله عبارة الكتاب (ولا يجب العدالة) كما اعتبره ابن إدريس (4) للأصل
(وهل يجزئ الفقراء؟ إشكال) في شمول المسكين لهم خصوصا مع الانفراد
(إلا أن قلنا بأنهم أسوأ حالا) فلا إشكال، لأنه يعلم الإجزاء حينئذ بطريق
الأولى، وربما احتمل العدم عليه أيضا لما أنه لا يجوز صرف حق طائفة إلى آخرين.
(ولا يجوز الصرف إلى ولد الغني) لأنه إما غني بنفسه أو بأبيه، لكن
يتجه الجواز إذا كان فقيرا ويمتنع الأب من الإنفاق عليه وكذا كل من يجب نفقته
على الغني (و) لا إلى (من يجب نفقته عليه) أي المكفر لذلك، ولأنه يجب
عليه إطعامه للقرابة ونحوها، ولا يبقى للإطعام محل (و) لا إلى (مملوكه) وإن
عاله غيره، لأنه لا يخرج عن ملكه (والأقرب جوازه لمكاتبه المعسر) مطلقا
أو مشروطا كما في التحرير (5) لأنه يملك ونفقته في كسبه. وقيد في المبسوط
بالمطلق الذي تحرر منه شيء، قال: لأنه غير مستغن، لأنه لا يمكن رده في
الرق (6) ونزل عليه كلام المصنف في الإيضاح، وذكر أنه لا يجوز الدفع إلى
المشروط قطعا، لأنه رق ما بقي عليه درهم (7) وأن الدفع إليه ليس للتمليك، فإنه لا
يملك حقيقة كالحر، بل لأن الآية إنما تدل على الإطعام، وهو لا يقتضي التمليك.
وأطلق في الخلاف (8) المنع من المكاتب للاحتياط.



(1) مختلف الشيعة: ج 8 ص 234.
(2) العياشي: ج 1 ص 336 ح 166.
(3) العياشي: ج 1 ص 337 ح 170.
(4) السرائر: ج 1 ص 459.
(5) تحرير الأحكام: ج 2 ص 113 س 26.
(6) المبسوط: ج 5 ص 178.
(7) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 104.
(8) الخلاف: ج 4 ص 560 المسألة 60.
165
(ولا يجوز) عندنا (صرفها إلى الغني وإن استحق سهما في الزكاة)
خلافا لبعض العامة (1).
(أما عبد الفقير فإن جوزنا تمليكه قبول الهبة) أضاف المصدر إلى
المفعول وفاعله القبول، أي أن ملكناه بالقبول (أو أذن له مولاه) في أخذ
الكفارة (جاز) الدفع إليه، لأنه على الأول فقير لفقر مولاه، وعلى الثاني وكيل
للمولى الفقير في الأخذ (وإلا فلا) وأطلق في المبسوط المنع من إعطائه قال:
لأنه غني بسيده (2) وهو يدل على جواز الدفع إليه مع فقر السيد.
(ولا يجوز صرفها إلى من يجب عليه) أي المكفر (نفقته) لغناه به،
ولوجوب إطعامه للقرابة ونحوها، فلا يبقى للإطعام من الكفارة محل (إلا مع فقر
المكفر على إشكال):
من أنه حينئذ لا يجب عليه الإنفاق فيكون كالأجنبي الفقير، وقوله (عليه السلام) في
حسن جميل لمن أفطر في رمضان: فخذه وأطعمه عيالك واستغفر الله عز وجل (3)
وقول الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار: إن الظهار إذا عجز صاحبه عن
الكفارة فليستغفر ربه، ولينو أن لا يعود قبل أن يواقع، ثم ليواقع، وقد أجزأ ذلك
عنه من الكفارة، فإذا وجد السبيل إلى من يكفر به يوما من الأيام فليكفر، وإن
تصدق بكفه، وأطعم نفسه وعياله، فإنه يجزئه إذا كان محتاجا، وإن لم يجد ذلك
فليستغفر الله ربه، وينوي أن لا يعود، فحسبه بذلك والله كفارة (4).
ومن أنه إذا تمكن من الإطعام للكفارة فهو متمكن منه للقرابة مثلا وهو مقدم
فيجب عليه، وعدم تعين الخبر الأول لأن يكون الإطعام للتكفير، ويؤيده قوله (عليه السلام)
في خبر أبي بصير في المظاهر الذي لم يستطع أن يكفر: اذهب فكل وأطعم



(1) الحاوي الكبير: ج 10 ص 520.
(2) المبسوط: ج 6 ص 208.
(3) وسائل الشيعة: ج 7 ص 29 ب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 555 ب 6 من أبواب الكفارات ح 4.
166
عيالك (1) فإن من البين أن أكل نفسه ليس من التكفير في شيء مع التنصيص في
هذا الخبر بأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطاه ثمن إطعام ستين مسكينا، لكن في الفقيه (2) والمقنع (3)
أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: خذه فكل أنت وأهلك، فإنه كفارة لك. واحتمال الخبر الثاني
وجوها، منها: أن يكون المراد أنه إن كان ممن يتكفف فجمع من ذلك ما يطعم به
ستين مسكينا فإنه يجزئه أن يكفر متى وجد وإن واقع قبله بعد الاستغفار والندم إذا
كان محتاجا لا يجد قبل ذلك السبيل إلى التكفير، فيكون الضميران في " فإنه "
" يجزئه " عائدين على ما تقدم من الاستغفار والندم والتكفير بعد ذلك إذا وجد، لا
إلى الإطعام. ومنها: أن يكون المعنى أنه إن تصدق على المساكين فأعادوه إليه
حتى أطعم نفسه وعياله، فإنه يجزئه، على أن يكون " أطعم " بصيغة المجهول
والتقييد بكفه للتنبيه على أنه لم يطعمهم. ومنها: أن يكون الواو في قوله: " وإن
تصدق " حالية أو اعتراضية أو عاطفة على " إن لم يتصدق " مقدرا أي فإذا وجد ما
يكفر فليكفر وإن احتاج إلى التكفف، ثم قال: فإنه يجزئه، أي يجزئه الاستغفار
والندم ثم التكفير إذا وجد، أو يغنيه أو يكفيه التكفف إذا احتاج إليه، أو إذا اجتيح
أي استوصل، بأن يتقدم الجيم على الحاء في " محتاجا " ويمكن فهم هذا المعنى
على أن يكون قوله: فإنه يجزئه جواب الشرط أيضا (ويجوز أن تصرف
المرأة) الكفارة (إلى زوجها) خلافا لأبي حنيفة (4).
(ويجب) عندنا (إعطاء العدد المعتبر) و (لا) يجوز إعطاء (ما
دونه) لأنه خروج عن النص، وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن (عليه السلام) أيجمع ذلك
لإنسان واحد؟ فقال: لا، ولكن يعطى إنسان إنسان كما قال الله (5) (وإن زاد)



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 550 ب 2 من أبواب الكفارات ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 116 ح 1885.
(3) المقنع: ص 61.
(4) المبسوط للسرخسي: ج 3 ص 11.
(5) وسائل الشيعة: ج 15 ص 569 ب 16 من أبواب الكفارات ح 2.
167
المدفوع إليه (على الواجب) بالنسبة إليه، كأن يدفع حق مسكينين إلى مسكين
دفعة (ولا يجوز التكرار عليهم) أي ما دونه (من الكفارة الواحدة) كأن
يدفع إلى مسكين حق مسكينين مرتين (إلا مع عدم التمكن من العدد سواء
كرر) عليهم (في يوم أو أيام) خلافا لأبي حنيفة (1) فأجازه في أيام. وأما
الجواز مع التعذر فهو المشهور، ويدل عليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر
السكوني: إن لم يجد في الكفارة إلا الرجل والرجلين فليكرر عليهم حتى
يستكمل العشرة، يعطيهم اليوم ثم يعطيهم غدا (2) والخبر وإن ضعف لكن لا يظهر
الخلاف فيه بين الأصحاب، وربما يظهر من الخلاف الاتفاق.
(ولا يجوز إطعام الصغار منفردين) بعدهم كعد الكبار، للاحتياط، وقول
الصادق (عليه السلام) في خبر غياث: لا يجزئ إطعام الصغير في كفارة اليمين، ولكن
صغيرين بكبير (3) (ويجوز منضمين) لعموم النصوص، وخبر يونس بن
عبد الرحمن سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل عليه كفارة إطعام مساكين، أيعطي
الصغار والكبار سواء والرجال والنساء، أو يفضل الكبار على الصغار، والرجال
على النساء؟ فقال: كلهم سواء (4) لأن ظاهره الانضمام (فإن انفردوا احتسب
كل اثنين) منهم (بواحد) لخبر غياث، ولأن الانفراد مظنة لقلة ما يصرف
فيناسب التضعيف. وأطلق الأضعاف في المقنع (5) والفقيه (6) والخلاف (7)
والمبسوط (8) والوسيلة (9) وهو متجه إن عمل بالخبر، لأن الخبر الثاني إنما هو في



(1) المجموع: ج 17 ص 377.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 569 ب 16 من أبواب الكفارات ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 570 ب 17 من أبواب الكفارات ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 570 ب 17 من أبواب الكفارات ح 3.
(5) المقنع: ص 136.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 367 ذيل الحديث 4297.
(7) الخلاف: ج 4 ص 564 المسألة 68.
(8) المبسوط: ج 5 ص 178.
(9) الوسيلة: ص 353.
168
الإعطاء دون الإطعام، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: من أطعم في
كفارة اليمين صغارا وكبارا، فليزود الصغير بقدر ما أكل الكبير (1) وقضية الكتاب
وسائر الأخبار التسوية مطلقا. ومنع في المقنعة (2) والمراسم (3) أن يكون فيهم صبي
صغير أو شيخ كبير أو مريض (والإناث كالذكور) للعموم، وما رواه العياشي في
تفسيره عن إبراهيم بن عبد الحميد قال للكاظم (عليه السلام) فيعطيه الضعفاء من النساء من
غير أهل الولاية قال: أهل الولاية أحب إلي (4) ولا يتوهمن الاختصاص بالذكور
من قوله تعالى: عشرة مساكين (5) (وإذا أراد الوضع في صغير) بالتسليم لا
الإطعام (لم يسلم إليه) فإنه ليس أهلا للتسليم (بل إلى وليه) كما في
المبسوط (6) خلافا للخلاف (7) تمسكا بإطلاق النصوص. وربما قيل بوجوب
الاستئذان منه في الإطعام أيضا، لعدم جواز التصرف في مصالحه لغيره بغير إذنه.
(ولو ظهر عدم استحقاق الآخذ فإن كان قد فرط ضمن) لأنه مأمور
بإطعام المساكين من المؤمنين الأجانب، فعليه تحصيل الشرط المبرئ للذمة
(وإلا فلا) لأنه لم يؤمر إلا بالظاهر، وللحرج والضرر خلافا لبعض العامة (8)
لكن لو ظهر الآخذ مملوكه فالوجه الضمان، لعدم خروجه عن ملكه.
(ويجب أن يطعم من أوسط ما يطعم أهله) كما نطق به الكتاب في
اليمين، إلا أن التوسط يحتمل التوسط في الجنس وهو الظاهر ويدل عليه من
الأخبار ما ستسمعه، وفي المقدار كما نطق به كثير من الأخبار، كحسن الحلبي عن
الصادق (عليه السلام) في الآية، فقال: هو كما يكون أنه يكون في البيت، من يأكل أكثر من



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 570 ب 17 من أبواب الكفارات ح 2.
(2) المقنعة: ص 568.
(3) المراسم: ص 186.
(4) العياشي: ج 1 ص 337 ح 170.
(5) المائدة: 89.
(6) المبسوط: ج 5 ص 178.
(7) الخلاف: ج 4 ص 564 المسألة 68.
(8) الام: ج 5 ص 285.
169
المد، ومنهم من يأكل أقل من المد فبين ذلك (1) وخبر (2) أبي بصير سأل الباقر (عليه السلام)
عن الأوسط، فقال: قوت عيالك. والقوت يومئذ مد، وعلى الأول لا يتعين الآية
بمعنى أن يجب على المكفر الإطعام من أوسط ما يطعم أهله، لعموم الخطاب،
فيجوز أن يراد به أوسط ما يتقوت به أهل البلد، وعلى الخصوص إطعام المكفر من
أوسط طعام أهله [و] يحتمل التنزيل على الغالب، فإن الغالب أن طعامهم من
غالب قوت البلد، ويؤيد ذلك أنه إن خالف طعامهم الغالب فالغالب، إن الغالب
أولى للمساكين وأنفع لهم (و) لذا حكم بأنه (يجوز) الإطعام (من غالب
قوت البلد) كما في كفارات المبسوط (3) والإصباح (4) والوسيلة (5) والشرائع (6).
(ويجزئ الحنطة والدقيق) والسويق (والخبز والشعير) والأرز
والعدس والحمص (والتمر والدخن) واللحم والأقط وكل ما يسمى طعاما
بالإجماع كما في الخلاف (7) للعموم. وللعامة (8) قول بالمنع من الأرز مطلقا أو إذا
قشر، وآخر في العدس والحمص، وآخر في اللحم والأقط، وآخر في الدقيق
والسويق والخبز. وما في بعض الأخبار (9) من الاقتصار على الحنطة أو الخبز فمن
التمثيل. ثم الإجزاء مشروط بكونه مما يغلب على قوت البلد بناء على ما تقدم.
وفي الوسيلة: وفرضه غالب قوته، فإن أطعم خيرا منه فقد أحسن، وإن أطعم دونه
جاز إذا كان مما يجب فيه الزكاة (10) وفي ظهار المبسوط: الواجب في الإطعام في
الكفارة من غالب قوت البلد، وكذلك زكاة الفطرة. وقال قوم: يجب مما يطعم أهله،



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 565 ب 14 من أبواب الكفارات ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 566 ب 14 من أبواب الكفارات ح 5.
(3) المبسوط: ج 6 ص 207.
(4) إصباح الشيعة: ص 489.
(5) الوسيلة: ص 353.
(6) شرائع الإسلام: ج 3 ص 76.
(7) الخلاف: ج 4 ص 563 المسألة 66.
(8) الشرح الكبير: ج 8 ص 614.
(9) وسائل الشيعة: ج 15 ص 564 ب 14 من أبواب الكفارات.
(10) الوسيلة: ص 353.
170
وهو الأقوى، للظاهر. فإن أخرج من غالب قوت البلد وهو مما يجب فيه الزكاة
أجزأه، فإن أخرج فوقه فهو أفضل، وإن أخرج دونه، فإن كان مما لا يجب فيه
الزكاة لم يجزئه، وإن كان مما يجب فيه الزكاة فعلى قولين، وإن كان قوت البلد مما
لا يجب فيه الزكاة فإن كان غير الأقط لم يجزئه وإن كان أقطا قيل فيه وجهان،
أحدهما يجزئه، والثاني لا يجزئه، لأنه مما لا يجب فيه الزكاة الذي ورد نص
أصحابنا: أن أفضله الخبز واللحم، وأوسطه الخبز والخل والزيت، وأدونه الخبز
والملح (1) وفي كفاراته: ويخرج من غالب قوت أهل بلده قال: فإن كان في موضع
قوت البلد اللبن أو الأقط أو اللحم أخرج منه (2) ونص في الخلاف على وجوب ما
يغلب على قوته وقوت أهله لا البلد، واستدل بالآية وقال: أوجب من أوسط ما
يطعم أهلينا وهو دون ما يطعم أهل البلد (3) وفي السرائر: يجوز له أن يخرج حبا
ودقيقا وخبزا وكل ما يسمى طعاما إلا كفارة اليمين، فإنه يجب عليه أن يخرج من
الطعام الذي يطعم أهله، لقوله تعالى: من أوسط ما تطعمون أهليكم، فقيد تعالى
ذلك وأطلق باقي الكفارات، ولأن الأصل براءة الذمة (4) وهو خيرة التحرير (5)
(ولا يجزئ القيمة) عندنا، لخروجها عن النص خلافا لأبي حنيفة (6).
(ويستحب الإدام مع الإطعام و) في الأخبار (7) أن (أعلاه اللحم،
وأوسطه الخل) والزيت (وأدونه الملح) ولا يجب، للأصل، وقول الصادق (عليه السلام)
في حسن الحلبي: وإن شئت جعلت لهم أدما (8) خلافا لظاهر المفيد (9) وسلار (10)



(1) المبسوط: ج 5 ص 177.
(2) المبسوط: ج 6 ص 207.
(3) الخلاف: ج 4 ص 561 المسألة 63.
(4) السرائر: ج 3 ص 70.
(5) تحرير الأحكام: ج 2 ص 112.
(6) المبسوط للسرخسي: ج 8 ص 152.
(7) وسائل الشيعة: ج 15 ص 564 ب 14 من أبواب الكفارات.
(8) وسائل الشيعة: ج 15 ص 565 ب 14 من أبواب الكفارات ح 3.
(9) المقنعة: ص 568.
(10) المراسم: ص 186.
171
لظاهر قوله (عليه السلام) في خبري أبي جميلة (1) وزرارة (2) في تفسير الآية: أن الوسط
الخل والزيت، وأرفعه الخبز واللحم.
(ولو صرف إلى مسكين مدين فالمحسوب) من الكفارة على المختار
(مد، وفي استرجاع الزائد) مع بقاء العين (إشكال) من أنه صدقة نوى بها
القربة وأقبض فيلزم، ومن أنه إنما نوى به التكفير ولم يحصل. وفي المبسوط: إن
كان شرط حال دفعه أنه كفارة كان له استرجاعه (3) وإلا فلا.
(ولو فرق على مائة وعشرين مسكينا، لكل واحد نصف مد وجب
تكميل) المد إلى (ستين منهم) أو استئناف إطعام الأمداد لستين آخرين،
لاشتراط القدر في الطعام كاشتراط العدد في المساكين (وفي الرجوع على
الباقين إشكال) مما تقدم ويزيد للعدم هنا أنه نوى التكفير بكل من ذلك وهو في
محله، قال في المبسوط: لم يكن له استرجاع ما دفعه إلى الباقين، لأنه وقع موقعه،
ألا ترى أنه لو تمم عليه مدا أجزأه (4) (ويجوز إعطاء العدد مجتمعين
ومتفرقين إطعاما وتسليما) للعموم وأوجب الشافعي (5) التمليك.
(ولو دفع إلى ستين مسكينا خمسة عشر صاعا، وقال: ملكت كل
واحد) منكم (مدا فخذوه، أو ملكتكم هذا فخذوه) أو أعطيتكم هذا أو
خذوه (ونوى التكفير أجزأ) وللعامة (6) قول بعدم الإجزاء ما لم يملك، وآخر
بالعدم وإن ملك لأن عليهم مؤنة القسمة فكان كما لو دفع إليهم سنابل (ولو قال)
لهم: (خذوه فتناهبوا فمن أخذ منهم قدر مد احتسب، وعليه التكميل لمن
أخذ أقل) وفي استرداد الفضل من آخذه ما تقدم.



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 565 ب 14 من أبواب الكفارات ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 567 ب 14 من أبواب الكفارات ح 9.
(3) المبسوط: ج 5 ص 179.
(4) المبسوط: ج 5 ص 180.
(5) المجموع: ج 17 ص 379.
(6) المجموع: ج 17 ص 379.
172
(ولو أدى وظائف الكفارة بمد واحد بأن يسلمه إلى واحد ثم
يشتريه) مثلا (ويدفعه إلى آخر وهكذا... أجزأه، لكنه مكروه) لكراهة
شراء الصدقة لنحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر جراح المدائني: لا يصلح شراء
الصدقة، والخيانة إذا عرفت (1).
ومالك (2) لم يجوز الشراء.
(ويجوز إعطاء الفقير من الكفارات المتعددة دفعة وإن زاد) المجموع
(على الغنى) كما جاز مثله في الزكاة والخمس (ولو فرق حرم الزائد
عليه) أي الغنى.
(ويستحب تخصيص أهل الخير والصلاح ومن بحكمهم من أطفالهم).
(تتمة):
قد عرفت أن (كفارة اليمين مخيرة بين العتق والإطعام والكسوة، فإذا
كسا الفقير) أي المسكين (وجب أن يعطيه ثوبين مع القدرة وواحدا مع العجز)
كما في النهاية (3) والتهذيب (4) والاستبصار (5) والكافي (6) والغنية (7) وظاهر
التبيان (8) جمعا بين نحو قولي الصادقين (عليهما السلام) (9) في صحيح الحلبي: لكل إنسان
ثوبان، وفي حسن محمد بن قيس: ثوب يواري عورته (وقيل) في السرائر (10)



(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 250 ب 1 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 7.
(2) المدونة الكبرى: ج 6 ص 114.
(3) النهاية: ج 3 ص 64.
(4) تهذيب الأحكام: ج 8 ص 296 ذيل الحديث 1095.
(5) الاستبصار: ج 4 ص 52 ذيل الحديث 178.
(6) الكافي في الفقه: ص 225.
(7) الغنية: ص 392.
(8) التبيان: ج 4 ص 13.
(9) وسائل الشيعة: ج 15 ص 560 ب 12 من أبواب الكفارات ح 1، ص 568 ب 15 ح 1.
(10) السرائر: ج 3 ص 70.
173
والجامع (1) والنزهة (2) والنافع (3) والشرائع (4) (يجزئ مطلقا) وتحتمله عبارة
المبسوط (5) لأصل البراءة، واحتمال أخبار الثوبين الاستحباب. واقتصر في
الخلاف (6) والمقنعة (7) والفقيه (8) والمقنع (9) والوسيلة (10) والإصباح (11) وغيرها على
الثوبين، لكثرة أخبارهما، وصحة بعضها مع الاحتياط، والإجماع كما في
الخلاف (12) وأوجب أبو علي للمرأة ثوبين يكفيانها للصلاة، واكتفى للرجل بثوب
يكفيه لها (13) (ولا يجزئ ما لا يسمى ثوبا كالقلنسوة والخف) خلافا
للشافعي (14) فيهما في وجه.
(ويجزئ الغسيل من الثياب) كما في المبسوط (15) والسرائر (16) للعموم
خلافا لظاهر الوسيلة (17) والإصباح (18) (ويجزئ القميص والسروال والجبة
والقبا والإزار والرداء) كن (من) قطن أو (صوف أو كتان أو حرير ممتزج)
للرجال (وخالص للنساء وغير ذلك) من أنواع الثياب وأجناسها (مما جرت
العادة بلبسه كالفرو من جلد ما يجوز لبسه وإن حرمت الصلاة فيه)
للعمومات، وأصل البراءة. واشترط ابن الجنيد (19) جواز الصلاة فيه. وعن محمد



(1) الجامع للشرائع: ص 417.
(2) نزهة الناظر: ص 113.
(3) المختصر النافع: ص 208.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 67.
(5) المبسوط: ج 6 ص 211.
(6) الخلاف: ج 6 ص 141 المسألة 35.
(7) المقنعة: ص 568.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 368 ذيل الحديث 4298.
(9) المقنع: ص 137.
(10) الوسيلة: ص 354.
(11) إصباح الشيعة: ص 489.
(12) الخلاف: ج 6 ص 140 المسألة 35.
(13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 226.
(14) المجموع: ج 18 ص 119.
(15) المبسوط: ج 6 ص 212.
(16) السرائر: ج 3 ص 70.
(17) الوسيلة: ص 354.
(18) إصباح الشيعة: ص 489.
(19) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 226.
174
ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): وأما كسوتهم فإن وافقت به الشتاء فكسوته، وإن
وافقت به الصيف فكسوته، لكل مسكين إزار ورداء وللمرأة ما يواري ما يحرم
منها إزار وخمار ودرع (1). واحتمل الشهيد (2) جواز الحرير الخالص للرجال، لأنه
ثوب في الجملة، وصالح للإبدال، وجائز لبسه للضرورة وفي الحرب (ولا
يجزئ من ليف وشبهه) مما لا يعتاد لبسه (ولا يجزئ البالي ولا المرقع)
الذي يخرق بالاستعمال لبطلان منافعهما أو معظمها، ويمكن دخولها في الخبيث.
(ويجزئ كسوة الأطفال) وإن كانوا رضعا (وإن انفردوا عن الرجال
ومع المكنة) من كسوة الكبار، للعموم (ولا يجب تضاعف العدد) كما يجب
في الإطعام، للأصل، وانتفاء النص هنا.
(الطرف الخامس في اللواحق)
(يجب تقديم الكفارة على المسيس في الظهار، سواء كفر بالعتق أو
الصوم أو الطعام) كما مر، وقد عرفت الخلاف في الإطعام (و) قد مر أيضا أنه
يجب (تأخيرها عن نية العود) كما ينطق به الكتاب (فلو ظاهر وكفر قبل
نية العود لم يجزئه) خلافا للشافعي (3).
(ولا يجب كفارة اليمين إلا بعد الحنث، فلو كفر قبله لم يجزئه)
وللعامة (4) قول بجواز تقديم ما عدا الصوم إلا إذا كان الحنث محظورا، وآخر
بجواز التقديم من غير استثناء (وكذا لا يجزئ لو قال: إن شفى الله مريضي)
فلله علي (أن أعتق هذا العبد فأعتقه قبله، ويجب عليه كفارة خلف النذر



(1) العياشي: ج 1 ص 337 ح 167.
(2) الدروس الشرعية: ج 2 ص 188 درس 156.
(3) المجموع: ج 18 ص 116.
(4) المجموع: ج 18 ص 115.
175
إن عوفي مريضه) لأنه الذي فوت محله. ويقوى العدم، لأنه إنما فوت محله
حين جاز له التفويت، مع مسارعته إلى الخير، خصوصا إذا أوجبنا عليه عوضه
(وصح العتق السابق) لانتفاء المانع، فإن النذر إن منع من التصرف فيه فلأجل
العتق فلا يمنع منه، وإن لم يمنع فالأولى أن لا يمنع من العتق. ويحتمل الفساد لمنع
النذر التصرف فيه، والعتق تصرف وعبادة، فالنهي عنه مفسد له (وفي وجوب
عتق عوضه إشكال): من أنه الذي فوت محله فيضمن، ومن التعذر المستند إلى
سبب سائغ (ولو باعه) قبل الشفاء (ففي صحته) أي البيع (إشكال): من
تمامية الملك ولا مانع وهو اختيار أبي علي (1) ومن تعلق حق الغير به ووجوب
الكفارة عليه على ما اختاره في العتق، وهنا أولى، ولا كفارة إلا لما نهي عنه،
والنهي هنا مفسد وإن لم نقل بإفساد ما تعلق منه بالمعاملات، لأن الحكم (2) فيه
الوفاء بالنذر (وكذا في عتق عوضه) إن صح البيع إشكال مما تقدم. (و) لا
إشكال في أنه (لو مات العبد قبل الشفاء سقط النذر، ولو جرح فكفر قبل
الموت) المستند إلى الجرح (لم يجزئ) عندنا سواء جرح آدميا أو صيدا
محرما عليه، خلافا لبعض العامة (3) فيهما.
(ولو أراد) المحرم (حلق رأسه لأذى أو اللبس) المحرم عليه
(للضرورة، ففي جواز التقديم إشكال، وكذا الحامل والمرضع لو
عزمتا على الإفطار فقدمتا الفدية) لأن الفدية في هذه المواضع ليست كفارة
للذنب وعقوبة، ويحتمل أن يكون الحلق أو اللبس أو الإفطار سببا لوجوبها،
فلا يجزئ لو تقدمت، وأن لا يكون بالنسبة إلى ترك الحلق واللبس والإفطار
إلا كخصال الكفارة.



(1) نقله عنه في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 108.
(2) في المخطوطات: الحكمة.
(3) الام: ج 5 ص 281.
176
(ولا يجوز أن يكفر بجنسين في كفارة واحدة وإن كان مخيرا، كأن
يطعم خمسة ويكسو خمسة) لأنه خروج عن النص، خلافا لأبي حنيفة (1)
(وكل من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز، صام ثمانية عشر
يوما) لخبر أبي بصير وسماعة سألا الصادق (عليه السلام) عن الرجل يكون عليه صيام
شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام ولم يقدر على العتق ولم يقدر على الصدقة،
قال: فليصم ثمانية عشر يوما عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام (2) والخبر ضعيف
مختص بالعجز عن خصال الكفارة الثلاث، فيحمل عليه إطلاق المصنف وغيره،
ونزله في التحرير (3) على ما إذا لم يقدر على صوم شهرين متفرقين ولا على صوم
شهر، وأوجب التتابع في الثمانية عشر، لوجوبه في الأصل (فإن عجز تصدق
عن كل يوم) من الثمانية عشر (بمد من طعام) لما ثبت في النصوص (4) من
كونه فدية عن الصوم في رمضان والنذر وغيرهما (فإن عجز استغفر الله تعالى
ولا شيء عليه) لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولقول الصادق (عليه السلام) في خبر
عاصم بن حميد: كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه من عتق أو صوم أو
صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك مما يجب على صاحبه الكفارة
فالاستغفار له كفارة، ما خلا يمين الظهار (5) ولكن اختلف في الظهار أنه يكفي كل
المسيس أو لا، كما عرفت فيما مر. وعند الصدوق (6) وأبي علي أن العاجز عن
الخصال يتصدق (7) بما تيسر له، لصحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام) في رجل أفطر
في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال: يعتق نسمة أو يصوم



(1) المبسوط للسرخسي: ج 8 ص 151.
(2) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 207 ح 601.
(3) تحرير الأحكام: ج 2 ص 113 س 31.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 285 ب 15 من أبواب بقية الصوم الواجب.
(5) وسائل الشيعة: ج 15 ص 554 ب 6 من أبواب الكفارات ح 1.
(6) المقنع: ص 108.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 444.
177
شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا، فإن لم يقدر تصدق بما يطيق (1).
(ولو مات من عليه كفارة مرتبة) قادرا على العتق وجب الإخراج من
تركته و (اقتصر على أقل رقبة تجزئ، فإن أوصى بالأزيد ولم يجز
الوارث، اخرج المجزئ من الأصل والزائد من الثلث) و (سواء وجب
التكفير في المرض أو الصحة) فإنه يخرج أقل المجزئ من الأصل.
(ويقتصر في المخيرة على أقل الخصال قيمة) إلا أن يتبرع الوارث
بالأزيد، وللعامة (2) قول بأنه إذا أوصى اعتبر جميع القيمة من الثلث (3) وآخر بأنه
يعتبر الجميع (4) من الأصل (و) إذا بطلت في الزائد (وجبت) الخصلة
(الدنيا) دون الوسطى وإن نهض بها الثلث، لأنها غير الموصى بها ولم يجب
بأصل الشرع إلا الدنيا (ويحتمل) وجوب (الوسطى مع النهوض) لوجوب
العمل بالوصية ما أمكن، وتعلق حق الميت بالثلث فيجب صرفه في الكفارة وإن لم
يكن فيما عينه من خصالها.
(وإذا انعقدت يمين العبد ثم حنث وهو رق ففرضه الصوم في المخيرة
والمرتبة) لأنه لا يملك ولا يقدر على غيره (فإن كفر بغيره من إطعام أو
كسوة أو عتق بإذن المولى صح على رأي) كما في الإصباح (5) والمبسوط (6)
في وجه استظهره لأنه كالمعسر، ولو فعل الغير ذلك عن المعسر صح إجماعا فكذا
العبد، إذ لا مانع سوى عدم الوجدان وهو كما يصدق بالإعسار يصدق بالإرقاق،
كذا نص المختلف (7) وفي وجه آخر للمبسوط (8) العدم، لأنه لا يملك بالتمليك، ولا



(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 28 - 29 ب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 1.
(2) شرح فتح القدير: ج 9 ص 390.
(3) المغني لابن قدامة: ج 12 ص 271.
(4) شرح فتح القدير: ج 9 ص 389.
(5) إصباح الشيعة: ص 490.
(6) المبسوط: ج 6 ص 217.
(7) مختلف الشيعة: ج 8 ص 246.
(8) المبسوط: ج 6 ص 217.
178
يصح التبرع عن الحي (وإلا) يكن بإذنه (فلا) يصح بلا إشكال إلا إذا قلنا
بملكه أو كان مبعضا قد ملك بجزئه الحر ما يمكنه به (وكذا يبرء لو أعتق عنه)
أو أطعم أو كسا عنه (المولى) لأنه لا فرق بالنسبة إليه بين فعل نفسه
بإذن المولى وفعل المولى عنه، لأنه لا يملك شيئا، نعم لو قلنا بملكه بالتمليك ولم
يجزئ تبرع الأجنبي لم يصح، إلا أن يفعل ذلك العبد نفسه بإذن المولى (ولو
حلف بغير إذن مولاه لم ينعقد على قول علمائنا) كما عرفت (فإن حنث
فلا كفارة) عليه (ولا بعد العتق وإن لم يأذن له المولى فيه) أي الحنث،
وأما على ما احتمله سابقا من انعقاد يمينه وأن لمولاه حلها فإن حنث بإذنه فلا
كفارة وإلا كانت عليه.
(ولو أذن في اليمين انعقدت فإن حنث بإذنه كفر بالصوم، ولم يكن
للمولى منعه) منه، فإن إذنه للحنث مستلزم لإذنه في لازمه (ولو قيل بمنع
المبادرة) إلى ضيق الوقت بظن العجز (أمكن) لأنها لا تلزم الحنث.
(ولو حنث بغير إذنه) بعد أن كان الحلف بإذنه (قيل) في المبسوط (له
منعه من التكفير وإن لم يكن الصوم مضرا) به في بدنه وعمله كما في الشتاء،
قال: لأنه إذا أذن له في اليمين فقد منعه من الحنث بها (1) وأما عدم الفرق بين أن
يضر به الصوم أو لا، فلعموم الأخبار والفتاوي (وفيه نظر) من ذلك، ومن أن
الإذن في اليمين يقتضي لزومها، وهو لزوم الكفارة بالحنث، وملزوم الملزوم ملزوم.
(ولو حنث بعد الحرية كفر كالحر، وكذا لو حنث ثم أعتق قبل
التكفير) لأن العبرة كما عرفت بحال الأداء، وللعامة (2) أقوال اخر بناء على
اعتبار حال الوجوب وأغلظ الحالين أو الأغلظ من الوجوب إلى الأداء.
(ويكفي ما يواري الرضيع) للعموم وإن أمكنه ما يواري الكبير كما مر



(1) المبسوط: ج 6 ص 218.
(2) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 274.
179
(إذا أخذ الولي له) لا إذا كساه بنفسه، إذ لا اعتبار بقبضه إلا على أحد قولي
الشيخ (1) (فإن أخذ) الولي بل الكبير (لنفسه) ما يواري الصغير (ففي
الإجزاء نظر) من العموم وإجزائه في الجملة، ومن أنه لم يكسه وهو أقرب.
(ولو أفطر ناذر صوم الدهر في بعض الأيام غير رمضان لعذر فلا
قضاء عليه) إذ لا محل له (ولا فدية) عليه للأصل (ولا كفارة) لعدم الحنث
(ولو تعمد) لا لعذر (كفر ولا قضاء، والأقرب) في الصورتين (وجوب
فدية عنه لتعذر الصوم) بدله مع وجوبه عليه (فكان كأيام رمضان إذا تعذر
قضاؤها) ولخبر محمد بن منصور سأل الرضا (عليه السلام) في رجل نذر نذرا في صيام
فعجز، فقال: كان أبي يقول: عليه مكان كل يوم مد (2) وخبر إبراهيم بن محمد قال:
كتب رجل إلى الفقيه (عليه السلام)، يا مولاي نذرت إني متى فاتني صلاة الليل صمت في
صبيحتها ففاته ذلك، كيف يصنع؟ وهل له من ذلك مخرج؟ وكم يجب عليه من
الكفارة في صوم كل يوم تركه إن كفر إن أراد ذلك؟ قال، فكتب: يفرق عن كل يوم
مدا من طعام كفارة (3) بحمل الكفارة على الفدية (ولو أفطر) ناذر الدهر (في
رمضان قضى) لما عرفت من استثنائه (ولا يلزمه فدية بدل اليوم الذي
صام فيه عن القضاء إن كان إفطاره لعذر) لأنه ضروري الاستثناء كالعيدين
وأيام الحيض (وإلا) يكن لعذر (وجبت) الفدية على (إشكال): من استثناء
قضاء رمضان من النذر، ومن أن وجوب القضاء إنما حصل باختياره الإفطار في
رمضان لغير عذر، فلم يكن مستثنى فوجب الفدية على ما استقر به (ولا كفارة)
عليه لخلف النذر (على إشكال): من أنه ترك صوم النذر باختياره لاختياره
الإفطار الموجب له، ومن استثناء القضاء (إلا) أن عليه في (إفطار رمضان)



(1) المبسوط: ج 5 ص 178.
(2) وسائل الشيعة: ج 7 ص 286 ب 15 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 576 ب 23 من أبواب الكفارات ح 8.
180
كفارة أو كفارتين على قولي دخوله في النذر وعدمه (إلا أن يكون) الإفطار
ب‍ (السفر اختيارا فيفدي) على ما استقر به (ولا كفارة) للاستثناء.
(ولو أفطر يوما معينا بالنذر فالأقوى مساواة) كفارته كفارة الإفطار
في (رمضان) كما مر. (أما لو لم يصمه فالأقوى) أن كفارته (كفارة
يمين) جمعا بين ما عرفت من الأخبار، ووجه تخصيص الإفطار بكفارة رمضان
ظاهر (و) عليه أن (يقضي) على التقديرين.
(وكفارة) حلف (اليمين والعهد واحدة) بالاتفاق إلا على ما توهمه
عبارة المفيد (1) كما تقدمت الإشارة إليه.
(وفي كفارة النذر قولان) باعتبار تعيين الخصال وإن زاد عليهما باعتبار
التفصيل الآتي وغيره مما مر من الترتيب أو التخيير وغيرهما، أو تخصيص
القولين بشهرتهما مع أنه ليس نصا في الحصر (أحدهما) أنه (كاليمين،
والثاني) أنه (كرمضان وقيل بالتفصيل) وقد مضى جميع ذلك مع الأدلة.
واتفق لليمين فراغها من الأيمان لثامن عشر
رجب منصل السنان، سابع ألف وسبع بعد تسعين
والحمد لله والصلاة على نبيه وآله أجمعين
وكتب مؤلفه محمد بن الحسن الإصفهاني
كفر الله سيئاتهما وضاعف حسناتهما
وتولهما الأماني
* * *



(1) المقنعة: ص 556 و 565.
181
كتاب الصيد والذبائح

183
(كتاب الصيد والذبائح)
أي المصيد وما يذبح، فإن المعروف: أن الذبائح جمع للذبيحة، وإن كان
جمعا للذباحة بقي الصيد على معناه المصدري. ثم الذبح يشمل النحر لغة، ويشمل
الكل " التذكية " ويذكر فيه الأطعمة والأشربة. واقتصر في العنوان على ما اقتصر،
لكثرة أحكامه.
(وفيه مقاصد) خمسة:
(الأول الآلة) التي بها تصاد
و (يجوز الاصطياد) بالنص والإجماع (بجميع الآلة كالسيف والرمح
والسهم والكلب والفهد والنمر والبازي والصقر والعقاب والباشق والشرك)
قال ابن فارس: إنه من الشرك لقم الطريق سمي به لامتداده (و) هو أخص من
(الحبالة) أو أعم وهي أيضا كما في المقاييس من الامتداد (والشباك) كزنار
وهو ما يصنع من قصب ونحوه (والغل) وهو نوع من الشباك (و) لعله أخص
من (الفخ والبندق وجميع الآلات) وغيرها. (والسباع من الجوارح) أي
الكواسب للصيد من الطيور (وغيرها).
(ثم إن أدركه مستقر الحياة وجبت تذكيته) كما سيأتي. (وإن قتلت

185
الآلة الصيد حرم إلا ما يقتله الكلب المعلم أو السهم) لمفهوم الآية (1)
لاختصاص التكليب بالكلب، وللإجماع كما نص عليه في الانتصار (2)
والخلاف (3) والغنية (4) والسرائر (5) في غير الكلب من السباع، والنصوص وهي
كثيرة جدا كصحيح الحذاء قال للصادق (عليه السلام): فالفهد؟ قال: إن أدركت ذكاته فكل
قلت: أليس الفهد بمنزلة الكلب؟ قال: لا، ليس شيء يؤكل منه مكلب إلا الكلب (6)
وقال: ما تقول في البازي والصقر والعقاب؟ قال: إذا أدركت ذكاته فكل منه، وإن
لم تدرك ذكاته فلا تأكل منه (7).
وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) عن قتل الحجر والبندق أيؤكل
منه؟ فقال: لا (8) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في حسن محمد بن قيس: ما أخذت
الحبالة من صيد فقطعت منه يدا أو رجلا فذروه فإنه ميت (9) على وجه (10).
وأحل الحسن (11) ما يصيده شبه الكلب من الفهد والنمر ونحوهما، ويوافقه
في الفهد أخبار كثيرة، كصحيح زكريا بن آدم، سأل الرضا (عليه السلام) عن الكلب والفهد
يرسلان فيقتل؟ فقال: هما مما قال الله تعالى " مكلبين " فلا بأس بأكله (12).
واحتمل الشيخ فيها مساواة الفهد خاصة للكلب والتقية والحمل على الضرورة (13).



(1) المائدة: 4.
(2) الانتصار: ص 183.
(3) الخلاف: ج 6 ص 5 - 6 المسألة 1.
(4) الغنية: ص 394.
(5) السرائر: ج 3 ص 82.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 216 ب 6 من أبواب الصيد ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 222 ب 9 من أبواب الصيد ح 11.
(8) الكافي: ج 6 ص 213 ح 2، وسائل الشيعة: ج 16 ص 236 ب 23 من أبواب الصيد ذيل الحديث 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 237 ب 24 من أبواب الصيد ح 1.
(10) " على وجه " ليس في بعض النسخ.
(11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 349.
(12) وسائل الشيعة: ج 16 ص 216 ب 6 من أبواب الصيد ح 4.
(13) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 28 ذيل الحديث 113.
186
(أما الكلب فيحل ما قتله) خاصة وإن كان أسود، خلافا لأبي علي (1)
استنادا إلى قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: أنه لا يؤكل صيده، لأن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر بقتله (2) (بشروط) ستة:
(الأول: أن يكون معلما) بالنص والإجماع (ويتحقق بأن يسترسل
إذا أرسله، وينزجر إذا زجره) قبل الإرسال وإن أطلق الأكثر لندرة الانزجار
بعده جدا. وفي التحرير إنما يعتبر قبل إرساله على الصيد أو رؤيته، أما بعد ذلك
فلا، لأنه لا ينزجر بحال (3). (وأن لا يأكل ما يمسكه إلا نادرا) وفاقا
للمشهور، لأنه الظاهر من الإمساك علينا، وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح رفاعة:
إذا أكل منه فلم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه (4). وهنا أخبار كثيرة مطلقة في
أنه لا بأس بأكله (5) وكذلك أطلق بعض الأصحاب كالصدوقين (6) والتفصيل أولى
في الجمع من الحمل على الكراهة أو التقية. (فلو أكل نادرا لم يقدح) ولم
يحرم ما أكل منه وإن أكل أكثره كما قال الصادق (عليه السلام) في خبر أبان بن تغلب: " كل
مما أمسك عليك الكلاب وإن بقي ثلثه " (7) وفي خبر آخر: " كل مما أكل الكلب
وإن أكل منه ثلثيه، كل ما أكل الكلب وإن لم يبق منه إلا بضعة واحدة " (8). وعن
سعيد بن المسيب أنه سمع سلمان يقول: " كل ما أمسك الكلب وإن أكل ثلثيه " (9).



(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 271.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 224 ب 10 من أبواب الصيد ح 2.
(3) تحرير الأحكام: ج 2 ص 154 س 29.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 212 ب 2 من أبواب الصيد ح 17.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 208 ب 2 من أبواب الصيد.
(6) المقنع: ص 413، ونقله عنهما في مختلف الشيعة: ج 8 ص 352.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 211 ب 2 من أبواب الصيد ح 13.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 210 ب 2 من أبواب الصيد ح 10.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 210 ب 2 من أبواب الصيد ح 5.
187
وللعامة قول بالمنع من أكل ما أكل منه (1) وقال أبو علي: فإن أكل منه قبل أن
يخرج نفس الصيد لم يحل أكل باقيه، وإن كان أكل منه بعد أن خرجت نفس الصيد
جاز أكل ما بقي منه من قليل أو كثير (2) ولعله لأن الصيد صيد ما دام حيا لا بعد
الموت فإنما يشترط إمساكه قبله، أو لأن الإمساك على الصائد إنما يتحقق بأن
يمسكه حتى يموت أو يدركه صاحبه فإذا أكل منه قبل ذلك لم يكن ممسكا عليه،
بخلاف ما إذا أمسكه حتى مات. ويؤيده صحيح حكم بن حكيم الصيرفي قال
للصادق (عليه السلام): ما تقول في الكلب يصيد الصيد فيقتله؟ قال: لا بأس بأكله، قال:
قلت: فإنهم يقولون: إنه إذا قتله وأكل منه فإنما أمسك على نفسه فلا تأكله، فقال:
كل، أو ليس قد جامعوكم على أن قتله ذكاته؟ قال: قلت: بلى، قال: فما يقولون في
شاة ذبحها رجل أذكاها؟ قال: قلت: نعم، قال: فإن السبع جاء بعد ما ذكاها فأكل
بعضها أتؤكل البقية، قلت: نعم قال: فإذا أجابوك إلى هذا فقل لهم: كيف تقولون: إذا
ذكى ذلك فأكل منه لم تأكلوا، وإذا ذكى هذا وأكل أكلتم (3). (وكذا) لا يقدح (لو
شرب دم الصيد) وإن اعتاده، للعموم. خلافا للنخعي (4) فجعله كالأكل.
(ويحصل العلم) بحصول التعليم (بتكرر ذلك) المذكور من الامور
الثلاثة (منه مرة بعد اخرى) فهو معلم إذا تكرر منه مرتين وقيل: ثلاثا (5).
والحق ما في التحرير من الحوالة على العرف (6) بأن يتكرر منه الصيد متصفا بهذه
الشرائط: إحداها إذا أرسله استرسل، وثانيها إذا زجره انزجر، وثالثها أن لا يأكل
ما يمسكه، وتكرر منه دفعات حتى يقال في العادة: إنه قد تعلم. وبه قال



(1) المجموع: ج 9 ص 105.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 271.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 209 ب 2 من أبواب الصيد ح 1.
(4) الحاوي الكبير: ج 15 ص 10.
(5) نسبه في حاشية القواعد (ط - الحجرية) إلى الشهيد: ج 2 ص 150.
(6) تحرير الأحكام: ج 2 ص 154 س 28.
188
الشافعي (1). وقال أبو حنيفة (2): إذا فعل ذلك دفعتين كان معلما دليلنا: أن ما
اعتبرناه مجمع على أنه يصير به معلما وليس على ما اعتبراه دليل، ولأن المرجع
في ذلك إلى العرف، ولا يقال في العرف إذا فعل ذلك دفعتين: إنه تعلم. (ولا
تكفي المرة الاولى، ولا ما يتفق فيه ذلك من المرات) من غير تكرر، لأنه
خلاف العرف. وفي التبيان قال أبو يوسف ومحمد: حد التعليم أن يفعل ذلك ثلاث
مرات، وقال قوم: لا حد لتعليم الكلاب، فإذا فعل ما قلناه فهو معلم وقد دل على
ذلك رواية أصحابنا، لأنهم رووا أنه إذا أخذ كلب مجوسي فعلمه في الحال
فاصطاد به جاز أكل ما يقتله (3) ونحوه المجمع (4) وهو يدل على الاكتفاء بالمرة
الاولى وأشار بالرواية إلى خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال: كلب المجوسي لا
تأكل صيده إلا أن يأخذه المسلم فيعلمه ويرسله (5). ونزل عليه خبر عبد الرحمن
ابن سيابة سأله (عليه السلام) عن كلب مجوسي نستعيره أفنصيد به قال: لا تأكل من صيده،
إلا أن يكون علمه مسلم فتعلم (6) وينص عليه قوله (عليه السلام) في خبر زرارة: وإن كان
غير معلم، يعلمه في ساعته ثم يرسله فيأكل منه فإنه معلم (7).
(الثاني: أن يرسله المسلم أو من هو بحكمه من الصبيان) المميزين،
لما سيأتي من اشتراط الإسلام أو حكمه في التذكية، وللأصل، واختصاص
الخطاب في الآية (8) بالمسلمين، وقول الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني كلب
المجوسي لا تأكل صيده إلا أن يأخذه المسلم فيعلمه ويرسله (9) (رجلا كان)



(1) المجموع: ج 9 ص 97.
(2) المجموع: ج 9 ص 97.
(3) التبيان: ج 3 ص 441.
(4) مجمع البيان: ج 3 ص 161.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 227 ب 15 من أبواب الصيد ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 227 ب 15 من أبواب الصيد ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 218 ب 7 من أبواب الصيد ح 2.
(8) المائدة: 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 227 ب 15 من أبواب الصيد ح 3.
189
المرسل (أو امرأة. ولو أرسله الكافر لم يحل) قتيله (وإن كان ذميا)
خلافا للحسن في اليهود والنصارى (1) ولظاهر الصدوق فيهما وفي المجوس،
لحكمه بحل ذبائحهم (2) وفي اشتراط الإيمان ما يأتي من الخلاف فيه في الذباحة.
(الثالث: أن يرسله للاصطياد، فلو أرسله لغير صيد فاتفق صيده
لم يحل، وكذا لو استرسل من نفسه) بالإجماع إلا من الأصم كما في
الخلاف (3) وللأصل، والأمر بالإرسال والتسمية في الأخبار (4).
(نعم لو زجره) بعد استرساله (فأمسك ثم أغراه صح) لانقطاع
الاسترسال (بخلاف ما لو أغراه حال استرساله فازداد عدوا) فإنه ليس
من الإرسال في شيء، وقد يحتمل كونه إرسالا والحل به، وتركبه من الإرسال
والاسترسال فلا يحل أيضا. (فلو حصل زيادة العدو بإغراء ما أرسله
المسلم من مجوسي) أو وثني (لم يقدح في الحل) إلا على الاحتمالين،
ولو انعكس الأمر لم يؤثر في الحل إلا عليهما (5). (ولو حصل) الإغراء
الموجب لزيادة العدو (من غاصب) وبالجملة من غير المالك بغير إذنه (لم
يملكه) أي ما يثبته من الصيد وإن كان يملك ما يصيده الكلب المغصوب
بإرساله، إلا إذا كان الإغراء إرسالا فيملكه كما يملكه المالك، وهل يملكه المالك
بدونه أو معه إذا لم يكن إرسالا؟ وجهان، والملك ظاهر العبارة.
(ولا يشترط) قصد المرسل إلى (عين الصيد) للأصل والعموم خلافا
لمالك (6) (فلو أرسله إلى سرب من الظباء فاصطاد واحدا حل، وكذا لو



(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 296.
(2) المقنع: ص 417.
(3) الخلاف: ج 6 ص 16 المسألة 14.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 224 ب 11 و 12 من أبواب الصيد.
(5) في ن: على أولهما.
(6) المدونة الكبرى: ج 2 ص 54.
190
أرسله على صيد فصاد غيره) يرشد إليه ما سيأتي من الخبر في من يرمي
صيدا فيصيب آخر.
(ولو أرسله على غير صيد) محلل (كالخنزير) وغيره من المحرمات
(فأصاب صيدا لم يحل) وإن سمى، وإن كان ما ظنه خنزيرا صيدا محللا
وأصابه كما يأتي في الرمي.
(ولو أرسله) للصيد (و) لكن (لم يشاهد صيدا وسمى فأصاب
صيدا لم يحل) وإن علم به أو ظن كما يقتضيه الإطلاق، والوجه الإجتزاء بالعلم
بل الظن، فيحل بإرسال الأعمى إذا علم أو ظن، للعمومات، وربما احتمل
الاجتزاء بالاحتمال.
(الرابع: أن يسمي عند إرساله) بالنصوص (1) والإجماع (فلو تركها
عمدا لم يحل) خلافا لبعض العامة (2) وهل يجب أوله حتى لو أخره عنه إلى
الإصابة عمدا لم يحل قولان سيأتيان. (ويحل لو كان) الترك (ناسيا) كما
يحل الذبيحة مع النسيان للأصل ولثبوت الحل بإطلاق الآية (3) وإن دلت على
وجوب التسمية دون الحرمة بدونها والأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في خبر
عبد الرحمان بن أبي عبد الله وإن كنت ناسيا فكل منه أيضا وكل من فضله (4) وفي
خبر زرارة إذا أرسل الرجل كلبه ونسي أن يسمي فهو بمنزلة من قد ذبح ونسي أن
يسمي وكذلك إذا رمى بالسهم ونسي أن يسمي حل ذلك، قال: الصدوق، وفي خبر
آخر أن يسمي حين يأكل (5).



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 225 ب 12 من أبواب الصيد.
(2) المجموع: ج 9 ص 102.
(3) المائدة: 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 225 ب 12 من أبواب الصيد ح 4.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 316 ح 4125 و 4126.
191
(ولو أرسل واحد وسمى غيره، أو) أرسل و (سمى وأرسل آخر
كلبه ولم يسم واشتركا) أي الكلبان (في قتله لم يحل) لانتفاء الشرط ونحو
قول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير: لا يجزي أن يسمي إلا الذي أرسل الكلب (1)
وقول الباقر (عليه السلام) لمحمد بن مسلم: لا يسمي إلا صاحبه الذي أرسله (2) وكذا إذا
اشتركا في الاسترسال وشك في انفراد ما يسمي عليه بالقتل للشك في الشرط،
وخبر أبي بصير سأل الصادق (عليه السلام): عن قوم أرسلوا كلابهم، وهي معلمة كلها، وقد
سموا عليها، فلما مضت الكلاب دخل فيها كلب غريب، لا يعرفون له صاحبا،
فاشتركت جميعا في الصيد؟ فقال لا تأكل منه لأنك لا تدري أخذه معلم أم لا (3).
(الخامس: استناد القتل إلى الصيد، فلو وقع في الماء بعد جرحه أو
تردى من جبل فمات لم يحل إذا كانت فيه حياة مستقرة) بالإجماع
والنصوص (4) والأصل. (ولو صير حياته غير مستقرة حل وإن مات في
الماء) ونحوه (بعد ذلك) لصيرورته كالمذبوح.
(ولو غاب عن العين وحياته مستقرة ثم وجد مقتولا أو ميتا بعد
غيبته لم يحل) للشك في التذكية، والأخبار (5) (سواء وجد الكلب واقفا
عليه) وعليه أثر العقر (أو بعيدا منه) فإنه لا يوجب العلم. وللعامة قول
بالحل (6) وآخر بأنه إن تبعه فوجده ميتا حل وإلا فلا (7) وآخر بأنه إن وجده من
يومه حل وإلا فلا (8). وأما إن علم بأنه لم يمت إلا من جرح الكلب فإنه حلال،



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 226 ب 13 من أبواب الصيد ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 226 ب 13 من أبواب الصيد ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 215 ب 5 من أبواب الصيد ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 238 ب 26 من أبواب الصيد.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 230 ب 18 من أبواب الصيد.
(6) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 19.
(7) الحاوي الكبير: ج 15 ص 16.
(8) الحاوي الكبير: ج 15 ص 16.
192
وقد نطقت الأخبار (1) به فيما رمى فغاب.
(السادس: أن يقتله الكلب بعقره) كما هو المتبادر (فلو قتله بصدمه
أو غمه أو إتعابه لم يحل) لدخول الأول في الموقوذة والثاني في المنخنقة
وعدم الإمساك في الثالث، مع الأصل، والاحتياط، وقوله (صلى الله عليه وآله) ما أنهر الدم وذكر
اسم الله تعالى عليه فكلوا (2) والاقتصار في الآية (3) على ما يمسكه الجوارح إن
كان الاشتقاق من الجرح بمعنى الإدماء لا بمعنى الكسب.
(وأما السهم) الذي يحل ما يصاد به (فالمراد به كل آلة محددة كالسهم
والرمح والسيف وغيرها).
(ويحل مقتوله) اتفاقا من الأكثر، وبه من النصوص كثير (4) ويظهر التردد
فيه من سلار (5) وهو نادر. وقال ابن زهرة: لا يحل أكل ما قتل من صيد الطير بغير
النشاب ولا به إذا لم يكن فيه حديد، بدليل الإجماع والاحتياط، وما عدا الطير
من صيد البر يحل أكل ما قتل منه بسائر السلاح (6) وهو ظاهر ابن إدريس (7)
وعلى المختار لا يحل إلا (بشرط أن يرسله المسلم) أو من بحكمه ذكرا أو
انثى وبالجملة من يصح منه التذكية، (ويسمي عند إرساله) خلافا لبعض
العامة (8) (وقصد جنس الصيد) إذ لا تذكية حيث لا قصد (لا عينه) للأصل،
وما سيأتي من الخبر (ويستند الموت إليه).
(فلو أرسله غير المسلم لم يحل وإن كان ذميا سواء سمى أو لا)
وفيه ما عرفت من الخلاف.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 230 ب 18 من أبواب الصيد.
(2) سنن البيهقي: ج 9 ص 247.
(3) المائدة: 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 228 ب 16 من أبواب الصيد.
(5) المراسم: 208.
(6) الغنية: ص 396، وفيه مصيد الطير.
(7) السرائر: ج 3 ص 91 - 92.
(8) المجموع: ج 9 ص 102.
193
(ولو ترك المسلم التسمية عمدا لم يحل، ولو تركها ناسيا حل) لما مر
من خبر زرارة (1) وورود الأخبار (2) بحل الذبيحة مع النسيان.
(ولو أرسل) السهم وترك التسمية عند الإرسال (ثم سمى قبل
الإصابة) أو معها (أو سمى عند عض الكلب) أو قبله (بعد إرساله
فالأقرب الإجزاء) لأن التذكية حقيقة إنما هي حين الإصابة والعض، مع إطلاق
النصوص من الكتاب (3) وبعض الأخبار (4) وما في الفتاوى وبعض الأخبار (5) من
التوقيت بالإرسال ظاهره الرخصة وأنها إذا أجزأت عنده فبعده أولى، ويحتمل
العدم للتوقيت في الفتاوى والأخبار ومنع الأولوية واحتمال توقيت التذكية به.
(ولو أرسل آخر آلته) من كلب أو سهم (وكان كافرا أو مسلما لم
يسم عمدا فقتل السهمان) ولو احتمالا (لم يحل).
(وكل ما فيه نصل حل ما يقتله وإن كان) أصابه (معترضا) للنصوص
كصحيح (6) الحلبي سأل الصادق (عليه السلام) عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه
معترضا، فيقتله وقد سمى حين رماه ولم تصبه الحديدة؟ فقال: إن كان السهم الذي
أصابه هو الذي قتله فإن أراده فليأكله (7) ولولاها لشمله حكم الموقوذة.
(ولو قتله المعراض) وهو عند أكثر اللغويين سهم بلا ريش وقيل: بلا
ريش ولا نصل وقيل: سهم طويل له أربع قذذ دقاق إذا رمى به اعترض وفي
القاموس سهم بلا ريش رقيق الطرفين غليظ الوسط يصيب بعرضه دون حده.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 225 ب 12 من أبواب الصيد ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 225 ب 12 من أبواب الصيد.
(3) المائدة: 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 225 ب 12 من أبواب الصيد ح 1، 3، 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 225 - 226 ب 12 من أبواب الصيد ح 2، و ص 208 و 214 ب
1، 4 من أبواب الصيد ح 4، 2.
(6) وفي نسخة: لخصوص صحيح.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 233 ب 22 من أبواب الصيد ح 2.
194
(أو السهم الذي لا نصل فيه حل إن كان حادا أو خرقه. ولو أصابه
معترضا لم يحل) لأنه وقيذ، ولنحو صحيح أبي عبيدة عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا
رميت بالمعراض فخرق فكل، وإن لم يخرق واعترض فلا تأكل (1).
ويظهر الكراهة باستعمال المعراض من عدة أخبار كحسن الحلبي إنه سأل
الصادق (عليه السلام) عما صرع المعراض من الصيد؟ فقال: إن لم يكن له نبل غير
المعراض وذكر اسم الله عليه فليأكل ما قتل، وإن كان له نبل غيره فلا (2) ويؤيده ما
في بعض الكتب عنه (عليه السلام): إنه كره ما قتل بالمعراض إلا أن لا يكون له سهم غيره (3)
وأطلق في النهاية (4) حرمة المقتول بالمعراض.
(ولو سمى غير المرسل لم يحل) كما مر في الكلب.
(ولو رمى خنزيرا) أو نحوه من حجر أو حيوان لا يحل بالصيد (فأصاب
صيدا أو رمى صيدا ظنه خنزيرا لم يحل وإن سمى) إذ لا عبرة بالتسمية إلا
مع قصد الصيد، وللعامة (5) فيه خلاف، وحكي الخلاف عن أصحابنا أيضا.
(ولو رمى صيودا فأصاب أحدها أو رمى صيدا فأصاب غيره حل) لما
عرفت من عدم اشتراط القصد إلى العين، ولخبر عباد بن صهيب: سأل أبا عبد الله (عليه السلام)
عن رجل سمى ورمى صيدا فأخطأه وأصاب آخر؟ فقال: يأكل منه (6).
(ولو رمى صيدا فوقع في الماء أو من جبل قبل صيرورة حياته)
بالرمي (غير مستقرة لم يحل) كما قال الصادق (عليه السلام) لسماعة: وإن وقع في ماء
أو تدهده من الجبل فلا تأكله (7) إلا أن يعلم أنه لم يمت بذلك كأن يكون رأسه



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 233 ب 22 من أبواب الصيد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 234 ب 22 من أبواب الصيد ح 4.
(3) بحار الأنوار: ج 65 ص 277 ح 25.
(4) النهاية: ج 3 ص 85.
(5) المجموع: ج 9 ص 122.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 239 ب 27 من أبواب الصيد ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 232 ب 20 من أبواب الصيد ح 1.
195
خارجا من الماء (وإن كان) ذلك (بعدها) أي صيرورته كذلك (حل).
(ولو قطع من السمك بعد إخراجه من الماء حل) المقطوع (لأنه
مقطوع بعد التذكية) إذ لا تذكية له إلا أخذه وإخراجه من الماء (سواء ماتت
السمكة) بعد القطع (أو وقعت في الماء مستقرة الحياة. ولو قطعها في الماء
وأخرجها) بعده (لم يحل وإن خرجت السمكة) مستقرة الحياة (وماتت
خارجا) لتقدم القطع على التذكية.
(المقصد الثاني في أحكام الصيد)
(لو أرسل مسلم وكافر آلتين فقتلتا صيدا لم يحل. إتفقت الآلة أو
اختلفت وسواء اتفقت الإصابة زمانا أو اختلفت، إلا أن تسبق إصابة
المسلم ويصيره في حكم المذبوح فيحل) كما كان يحل لو وقع بعده في ماء
أو من جبل. (ولو انعكس أو اشتبه لم يحل) ولو أرسلا كلبيهما فأدركه كلب
الكافر فرده إلى كلب المسلم فقتله حل خلافا لأبي حنيفة (1).
(ولو أرسل المسلم كلبه واسترسل آخر له معه فقتلا لم يحل) وكذا
لو اشتبه الأمر.
(ولو أرسل سهما للصيد فأمالته الريح إليه حل وإن كان لولا الريح لم
يصب) للعموم، واجتماع شروط التذكية (وكذا لو أصاب الأرض ثم وثب
وقتل) لذلك، وللشافعي فيه وجهان (2).
(ولو وقع السيف من يده فانجرح الصيد أو نصب منجلا في شبكة أو
سكينا في بئر لم يحل) وإن سمى حين سقوط السيف أو وقوعه على الصيد أو
وقوع الصيد في الشبكة أو البئر، إذ لا مباشرة للتذكية في شيء منها. وللشافعية (3)



(1) المجموع: ج 9 ص 103.
(2) المجموع: ج 9 ص 110.
(3) مختلف الشيعة: ج 8 ص 269.
196
وجه بالحل في الأول، وأحله أبو حنيفة (1) في الثاني.
(ولو رمى بسهم فانقطع الوتر فارتمى السهم فأصاب فالوجه الحل)
لحصول الشرائط كما لو أمالته الريح أو وثب من الأرض، ويحتمل العدم لأنه
ارتماء لا رمي، ولذا لا يعد من الإصابة في السبق والرماية (وقيل) في النهاية (2)
والسرائر (3) والوسيلة (4) والجامع للشرائع (5) (يحرم رميه بما هو أكبر منه)
فإن رماه به فقتله حرم وإن سمى لقول الصادق (عليه السلام)، في مرفوع محمد بن يحيى: لا
يرمى الصيد بشيء هو أكبر منه (6) ولأنه إذا كان أكبر منه قتله بثقله أو اشترك الثقل
والحد في قتله (وقيل) في النافع (7) والشرائع (8) (يكره) الرمي به والأكل منه،
لضعف الخبر سندا ودلالة خصوصا على حرمة الأكل، ومنع لزوم القتل بالثقل أو
بمشاركته. نعم إن احتمل ذلك حرم للدخول في الوقيذ، مع أنه في محل المنع لما
عرفت من النصوص على حل ما قتله السهم وإن أصاب بعرضه.
(ولو اعتاد المعلم الأكل حرمت الفريسة التي ظهرت بها عادته) وما
بعدها إلى أن يعود إلى عادته في التعليم، وتظهر العادة في الثانية لاشتقاقها من
العود وينبه عليه العادة في الحيض، وقيل في الثالثة (9) وقيل بالتفويض إلى
العرف (10). ومن اكتفى في التعليم بأول مرة كما في التبيان (11) ينبغي أن يكتفي في
تحريم الفريسة بأول مرة بعد أول التعليم، لأن الأكل لا يكون حينئذ نادرا. نعم إذا



(1) الحاوي الكبير: ج 15 ص 25.
(2) النهاية: ج 3 ص 85.
(3) السرائر: ج 3 ص 92.
(4) الوسيلة: ص 357.
(5) الجامع للشرائع: ص 382.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 233 ب 21 من أبواب الصيد ح 1.
(7) المختصر النافع: ص 241.
(8) شرائع الإسلام: ج 3 ص 201.
(9) نسبه في حاشية القواعد (ط - الحجرية) إلى الشهيد: ج 2 ص 150.
(10) تحرير الأحكام: ج 2 ص 154 س 28.
(11) التبيان: ج 3 ص 441.
197
تكرر الإمساك افترق الأكل ندرة وعدمها، ولكن الشيخ أطلق الفرق بين النادر
وغيره ولعله أراد ما ذكرناه. (ولا تحرم) الفريسة (التي أكل منها قبله) أي
اعتياده (على إشكال) من تسبب التحريم من الاعتياد ولا اعتياد وإطلاق
النصوص (1) بالأكل مما أكل منه، ومن كشف الأخير عن الخروج عن التعليم أولا
ولأنه إنما يحل فريسته مع ندرة الأكل وإذا تكرر لم يكن شيء من مراته بنادرة.
(وموضع العضة نجس يجب غسله) كما في السرائر (2) والشرائع (3)
وغيرهما، لعموم ما دل على نجاسة الكلب ونجاسة ما لاقى النجس برطوبته،
خلافا للخلاف (4) فلم ينجسه، وللمبسوط (5) فلم يوجب الغسل، لعموم: " فكلوا مما
أمسكن عليكم " (6) وضعفه ظاهر.
(والاعتبار في حل الصيد بالمرسل لا المعلم) وفاقا للمشهور (فلو
أرسل المسلم حل وإن كان المعلم كافرا، دون العكس) لأن العبرة في
التذكية بتسمية المسلم وتعليم الكلب وأما الكلب فإنما هو آلة، فكما يحل ما صاده
المسلم بسهم الكافر دون العكس فكذا الكلب. وحكى عليه الإجماع في
الخلاف (7) وهو مقتضى عموم الأخبار (8) الناصة على الحل مع التسمية،
ولخصوص صحيح سليمان بن خالد وحسنه: سأل الصادق (عليه السلام) عن كلب
المجوسي يأخذه الرجل المسلم فيسمي حين يرسله أيأكل مما أمسك عليه؟ قال:
نعم؛ لأنه مكلب وذكر اسم الله عليه (9). واعتبر الشيخ في المبسوط (10) وكتابي



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 208 ب 2 من أبواب الصيد.
(2) السرائر: ج 3 ص 84.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 203.
(4) الخلاف: ج 6 ص 12 المسألة 8.
(5) المبسوط: ج 6 ص 259.
(6) المائدة: 4.
(7) الخلاف: ج 6 ص 19 المسألة 18.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 225 ب 12 من أبواب الصيد.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 227 ب 15 من أبواب الصيد ح 1.
(10) المبسوط: ج 6 ص 262.
198
الأخبار (1) بالمعلم، لظاهر الآية لاختصاص الخطاب بالتعليم بالمسلمين، وبعض
الأخبار كخبر عبد الرحمن بن سيابة قال للصادق (عليه السلام): إني أستعير كلب المجوسي
فأصيد به؟ قال: لا تأكل من صيده إلا أن يكون علمه مسلم فتعلم (2) وقوله (عليه السلام) في
خبر السكوني: كلب المجوسي لا تأكل صيده إلا أن يأخذه المسلم فيعلمه
ويرسله (3) ويمكن التنزيل على أنه لا ثقة بخبر الكافر عن تعليمه كلبه، فلا يحل
صيده إلا مع مشاهدة دليل التعليم، فعبر عن ذلك في الخبرين بالتعليم. ويؤيده ما
مر من الخبر الناص على تعليمه في الحال. ويمكن القول بالكراهة ما لم يعلمه
المسلم كما يدل عليه ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: في كلب المجوسي
لا يؤكل صيده إلا أن يأخذه مسلم فيقلده ويعلمه ويرسله قال: وإن أرسله المسلم
جاز أكل ما أمسك وإن لم يكن علمه (4).
(ولو أرسله على كبار فتفرقت عن صغار فقتلها حلت إن كانت
ممتنعة، وكذا) إذا رمى (السهم) قاصدا به الكبار فأصاب الصغار، لما عرفت
من عدم اشتراط إصابة عين ما قصده من الصيد.
(ولا يشترط إصابة السهم موضع التذكية بل كل موضع خرق فيه
اللحم وقتل أجزأ، وإنما يحل الصيد بقتل الكلب المعلم أو السهم في غير
موضع التذكية إذا كان ممتنعا) فإن الصيد إنما هو الحيوان الممتنع. قال ابن
فارس: إن أصله ركوب الشيء رأسه ومضيه غير ملتفت ولا مائل، واشتقاق صاد
منه كاشتقاق رأست الرجل، إذا ضربت رأسه، من الرأس. ثم إنه غلب في العرف
على الممتنع بالأصالة لكن الحل بقتل الكلب المعلم أو السهم ثابت فيه (سواء)



(1) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 30 ذيل الحديث 119، الاستبصار: ج 4 ص 70 ذيل الحديث 255.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 227 ب 15 من أبواب الصيد ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 228 ب 15 من أبواب الصيد ح 3.
(4) دعائم الإسلام: ج 2 ص 171 ح 614.
199
كان ممتنعا بالأصالة بأن (كان وحشيا - كالظبي وحمار الوحش وبقر
الوحش - أو) بالعرض بأن كان (إنسيا كالثور المستعصي والجاموس
الممتنع) لنحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: في ثور تعاصى وابتدره قوم
بأسيافهم وسموا فأتوا عليا (عليه السلام) فقال: هذه ذكاة وحية ولحمه حلال (1) وفي خبر
أبي بصير، إذا امتنع عليك بعير وأنت تريد أن تنحره فانطلق منك، فإن خشيت أن
يسبقك فضربته بسيف، أو طعنته برمح بعد أن تسمي فكل، إلا أن تدركه ولم يمت
بعد فذكه (2) وفي خبر الفضيل بن عبد الملك وعبد الرحمن بن أبي عبد الله أن قوما
أتوا النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إن بقرة لنا غلبتنا واستصعبت علينا فضربناها بالسيف
فأمرهم بأكلها (3) وللإجماع كما في الخلاف (4) والغنية (5) لكن لم نظفر به ولا
بالأخبار إلا على الحل إذا قتل بالسلاح دون ما يعقره الكلب، كما يظهر من كلام
المصنف هنا. وأصرح منه كلامه في التحرير (6) والإرشاد (7) والتلخيص (8) وليس
في أخبارنا إلا الإصابة بالسيف والرمح ولا فيها ذكر لغير الإبل والبقر. نعم روى
العامة عن رافع بن خديج قال: أصبنا نهب إبل وغنم فند منها بعير فرماه رجل
بسهم فحبسه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلبكم
منها شيء فافعلوا به هكذا (9) وعن جابر عنه (صلى الله عليه وآله) كل إنسية توحشت فذكاتها ذكاة
الوحشية (10). ويمكن الإستدلال للعموم آلة ومذكى بأخبار الصيد لما عرفت من أنه
في الأصل الممتنع، بالأصالة كان أو بالعرض، والنقل غير معلوم.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 260 ب 10 من أبواب الذبائح ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 261 ب 10 من أبواب الذبائح ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 261 ب 10 من أبواب الذبائح ح 3.
(4) الخلاف: ج 6 ص 20 المسألة 21.
(5) الغنية: ص 396.
(6) تحرير الأحكام: ج 2 ص 159 س 9.
(7) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 108.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 36 ص 123.
(9) صحيح البخاري: ج 7 ص 120 - 121.
(10) الكامل في الضعفاء: ج 2 ص 852.
200
(وكذا ما يصول من البهائم أو يتردى في بئر وشبهها إذا تعذر ذبحه أو
نحره فإنه يكفي عقره في موضع التذكية وغيره) بالإجماع كما في الخلاف (1)
والغنية (2) في المتردي والنصوص كقول الصادق (عليه السلام) في حسن العيص:
إن ثورا ثار بالكوفة، فبادر الناس إليه بأسيافهم، فضربوه، فأتوا أمير المؤمنين (عليه السلام)
فأخبروه فقال: ذكاة وحية ولحمه حلال (3). وخبر إسماعيل الجعفي قال له (عليه السلام):
بعير تردى في بئر كيف ينحر؟ قال: تدخل الحربة فتطعنه وتسمي وتأكل (4).
(ولو رمى فرخا لم ينهض فقتله لم يحل) لخروجه عن الصيد، لعدم
امتناعه، والأصل، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار: لا بأس
بصيد الطير إذا ملك جناحيه (5) وإن احتمل أن يكون المراد النهي عن صيده في
وكره كما في أخبار اخر (6) وقول النبي (صلى الله عليه وآله) في خبر محمد بن عبد الرحمن: لا
تأتوا الفراخ في عشه حتى يريش، فإذا طار فأوتر له قوسك وانصب له فخك (7).
(ولو رمى طائرا وفرخا حل الطائر خاصة) مع اجتماع الشروط
(دون الفرخ).
(ولو رمى خنزيرا وصيدا فأصابهما حل الصيد خاصة، وكذا لو
أرسل كلبه عليهما دفعة).
(ولو تقاطعت الكلاب الصيد قبل إدراكه) وقبل زوال الحياة المستقرة
(حل) لعموم النصوص بحل ما قتله الكلب المعلم وهو بخلاف تقاطع المذكين
قبل زوال الحياة فإنه محرم.



(1) الخلاف: ج 6 ص 21 المسألة 21.
(2) الغنية: ص 396.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 260 ب 10 من أبواب الذبائح ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 261 ب 10 من أبواب الذبائح ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 246 ب 37 من أبواب الصيد ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 241 ب 31 من أبواب الصيد.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 239 ب 28 من أبواب الصيد ح 1.
201
(ولو قطعت الآلة) من سهم ونحوه (منه شيئا كان المقطوع ميتة) إن
لم يوجب القطع زوال الحياة المستقرة عن الكل فإنه حينئذ مما أبين من حي
(فإن كانت حياة الباقي مستقرة حل بالتذكية. ولو قطعه) بالآلة
(بنصفين) أي قسمين (حلا معا، سواء تحركا أو لم يتحركا، أو تحرك
أحدهما خاصة) وسواء تساويا أو تفاوتا صغرا وكبرا وسواء فيهما ما اشتمل
منهما على الرأس وما لا يشتمل. وسواء خرج الدم أم لا، لعموم النصوص (إلا أن
يكون أحدهما حياته مستقرة فيجب تذكيته ويحل بعدها والآخر حرام)
لأنه أبين من حي.
وفي النهاية: فإن قده بنصفين ولم يتحرك واحد منهما جاز له أكلهما إذا خرج
منهما الدم، وإن تحرك أحد النصفين ولم يتحرك الآخر أكل الذي تحرك ورمى ما
لم يتحرك (1). ولعله أراد بالحركة حركة الحي لا المذبوح، ويكون مراده أنه إن صيره
بالقد مذبوحا حل إن كانت حياته مستقرة، ويعلم ذلك غالبا بخروج الدم كما يخرج
من الحي إذا ذبح، وإلا بأن بقي أحد الجزءين مستقرة الحياة يتحرك حركة الأحياء
لم يحل ما لا يتحرك، لأنه أبين من حي وحل الباقي إذا ذكي، فيوافق ما ذكره المصنف.
وفي الخلاف: إذا قطع الصيد نصفين حل أكل الكل بلا خلاف فإن كان الذي
مع الرأس أكبر حل الذي مع الرأس دون الباقي وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي
يحل أكل الجميع، دليلنا طريقة الاحتياط، فإن أكل ما مع الرأس مجمع على إباحته
وما قالوه ليس عليه دليل، وأيضا روي عن ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ما أبين من
حي فهو ميت، وهذا الأقل أبين من حي فيجب كونه ميتا وهذا نص رواية أصحابنا
ولا يختلفون فيه (2). انتهى. ولعله إنما فرق بين التساوي وعدمه لأنه مع التساوي
لا يبقى للذي مع الرأس حياة مستقرة، وكذا إذا كان ما مع الرأس أصغر بخلاف ما



(1) النهاية: ج 3 ص 88.
(2) الخلاف: ج 6 ص 18 المسألة 17، وفيه (أكثر) بدل أكبر.
202
لو كان أكبر، فيتوافق أيضا ما ذكره المصنف، وقس عليها سائر عبارات
الأصحاب. فليس في المسألة خلاف في أن العبرة باستقرار الحياة وعدمه ولكن
اختلفوا في التعبير عن ذلك، فمنهم من عبره بهما، ومنهم من عبر بعلامتهما
واختلفوا في العلامات. وفي خبر إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام): في رجل
ضرب غزالا بسيفه حتى أبانه أيأكله؟ قال: نعم، يأكل مما يلي الرأس ويدع
الذنب (1). وفي مرسل النوفلي عنه (عليه السلام): إذا قتله جدلين فارم بأصغرهما وكل
الأكبر، وإن اعتدلا فكلهما (2). وفي مرسل النضر بن سويد، في الظبي وحمار
الوحش يعترضان بالسيف، فيقدان فقال: لا بأس بأكلهما ما لم يتحرك أحد
النصفين، فإن تحرك أحدهما فلا تأكل الآخر لأنه ميت (3).
(وكل آلات الصيد يجب فيها) أي معها أو في وقت إصابة الصيد بها
(تذكية الصيد إن) أدرك و (كانت حياته مستقرة، وكذا الكلب والسهم)
بمعناه العام من الآلات. أما غيرهما فظاهر لأنك عرفت أنه لا يحل به الصيد وإنما
يحل بالتذكية المعهودة، فإن لم يذك حرم أدرك وفيه حياة مستقرة أو لا. وأما هما فلا
خلاف في الحل بهما إن صيراه في حكم المذبوح، وأما إن أدرك معهما وفيه حياة
مستقرة فيجب التذكية المعهودة، لأنه إذا ثبت بالإصابة وأدرك وهو حي أدرك
وقد خرج عن كونه صيدا لزوال امتناعه، فلا يشمله ما دل على ذكاة الصيد بالآلة،
مع الأصل، والاحتياط، وخصوص نحو قول الصادقين (عليهما السلام) في حسن محمد بن
مسلم وغيره، في الكلب يرسله الرجل ويسمي، قالا إن أخذه فأدركت ذكاته
فذكه، وإن أدركته وقد قتله وأكل منه فكل ما بقي، ولا ترون ما يرون في الكلب (4)



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 243 ب 35 من أبواب الصيد ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 244 ب 35 من أبواب الصيد ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 244 ب 35 من أبواب الصيد ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 209 ب 2 من أبواب الصيد ح 2.
203
(فلو أرسلهما) أي الكلب والسهم (فجرحه وجب الإسراع إليه) إسراعا
عاديا يخرج به عن التواني لئلا يموت قبل التذكية مع إدراكه حيا كما يجب
المسارعة إلى ما شارف الموت ليدرك ذكاته فإن المراد بإدراكه القدرة عليه كما
يفهم في العرف، ولخروجه بالإثبات عن اسم الصيد، ومساواته للذبائح الأهلية
(فإن أدركه) مع الإسراع إليه (مستقر الحياة لم يحل إلا بالتذكية إن اتسع
الزمان لها) كان معه ما يذكيه به أو لا (وإلا حل إذا لم يتسع) الزمان لها وهو
تكرير لقوله " إلا " ليصل به قوله (وإن كانت حياته مستقرة) بأن يعيش مثله
اليوم أو الأيام كما سيأتي. ويمكن مع ذلك أن لا يتسع الزمان للتذكية بأن كان
الصيد يعدو بعد الجرح فلا يدرك إلا بعد يوم مثلا أو كان الطريق إليه صعبا لا يمكن
الوصول إليه إلا كذلك، أو اجتمع فيه الأمران فلا بعد في اجتماع الأمرين، على أنه
يمكن أن يراد هنا باستقرارها ما يسمى به في العرف حيا وإن مات بعد لحظة، أو
يقال: إنما العبرة في استقرار الحياة بإمكان أن يعيش يوما وهو لا يستلزم العيش
فقد يموت بعد لحظة، أو المراد هنا ظن استقرار الحياة. ولا يفيد حمل الاتساع
على الاتساع للتذكية ومقدماتها القريبة كأخذ السكين من مكان قريب وسله أو
انتظار معاون لا ينافي المبادرة. وبالجملة إذا لم يتسع الزمان للتذكية فمات حل
(ما لم يتوان في ذكاته أو يتركه) أي الصيد (عمدا وهو قادر على ذكاته)
من حيث اتساع الزمان لها وإن لم يقدر عليها لفقدان الآلة ونحوه.
(ولو) جرحه بالكلب أو السهم حتى (كانت حياته غير مستقرة) ولو
كان عدم استقرارها بعد إدراكه (حل من غير تذكية فيهما) أي الكلب والسهم
(خاصة دون باقي الآلات).
(وروي) عن الصادق (عليه السلام) (أن أدنى ما يدرك به ذكاته أن تجده
يركض رجله أو تطرف عينه أو يتحرك ذنبه) رواه ليث المرادي إذ سأله عن
الصقور والبزاة وعن صيدهن، فقال: كل ما لم يقتلن إذا أدركت ذكاته، وآخر

204
الذكاة إذا كانت العين تطرف والرجل تركض والذنب يتحرك، كذا في التهذيب (1)
وقد فسره الشيخ والجماعة بما ذكره المصنف من معناه، أو لكثرة الأخبار الناصة
به في مطلق الذبيحة والتذكية كقوله (عليه السلام) في خبر عبد الله بن سليمان: إذا طرفت
العين أو ركضت الرجل أو تحرك الذنب فأدركته فذكه (2) وقول الباقر (عليه السلام) في
صحيح زرارة: كل كل شيء من الحيوان غير الخنزير والنطيحة والمتردية وما أكل
السبع، وهو قول الله عزوجل: " إلا ما ذكيتم " فإن أدركت شيئا منها وعين تطرف أو
قائمة تركض أو ذنب يمصع فقد أدركت ذكاته فكل (3) وفي أكثر النسخ في خبر ليث
مكان قوله " وآخر الذكاة " " وخير الذكاة " وحينئذ فالظاهر كون الواو بمعناها.
(وقيل) في المقنع (4) والنهاية (5) (إن لم يكن معه ما يذبحه به ترك
الكلب يقتله ثم يأكله إن شاء) وهو خيرة أبي علي (6) والمختلف (7) (وفيه
نظر) مما مر، ومن منع الخروج بالإمساك أو بالجرح عن اسم الصيد، ولذا يقال
مع فلان صيد حي وصيد ميت، وقال:
كلاب عوت لا قال قدس الله روحها * فجاءت بصيد لا يحل للأكل
وهو في المجروح مبني على عدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق،
ولعموم النصوص بالأكل مما أمسكن، وخصوص نحو صحيح جميل سأل
الصادق (عليه السلام) عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين
فيذكيه بها أفيدعه حتى يقتله ويأكل منه؟ قال: لا بأس، قال الله تعالى: " فكلوا مما
أمسكن عليكم " (8).



(1) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 33 ح 131.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 263 ب 11 من أبواب الصيد والذبائح ح 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 262 ب 11 من أبواب الصيد والذبائح ح 1.
(4) المقنع: ص 138.
(5) النهاية: ج 3 ص 87.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 265.
(7) مختلف الشيعة: ج 8 ص 266.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 219 ب 8 من أبواب الصيد والذبائح ح 1.
205
(وإذا كانت الآلة مغصوبة ملك الغاصب الصيد) فإنه المكتسب له بفعله
(وعليه اجرة) مثل (الآلة) لمثل عمله (وكان اصطياده) بها (حراما) و
(لا) يلزم منه أن يكون (صيده) أي مصيده حراما عليه أو على غيره بملكه أو
أكله أو غير ذلك من التصرفات.
(ولو قتلته الآلة كان حلالا) لأن غاية الأمر أن يكون قتله أو اكتسابه
حراما، وهو لا يستلزم حرمة المكتسب إلا أن يقتضي النهي الفساد مطلقا.
(المقصد الثالث في أسباب الملك) للصيود
(وهي أربعة) ترجع إلى واحد وهو الاصطياد (إبطال منعته) بكسر
جناحه أو نتفه مثلا لا بالإعياء، (وإثبات اليد) عليه بنفسه أو بمملوكه أو وكيله،
(وإثخانه) بالجرح وإن لم يبطل منعته بعد، (والوقوع فيما نصب آلة
للصيد).
(و) قد يحصل من ذلك أن (كل من رمى صيدا لا يد لأحد عليه ولا
أثر ملك فإنه يملكه إذا صيره غير ممتنع وإن لم يقبضه فإن أخذه غيره دفع
إلى الأول) وجوبا ولم يملكه.
(وما يثبت في آلة الصيد - كالحبالة والشبكة - يملكه ناصبها وكذا
جميع ما يصطاد به عادة. ولو انفلت قبل قبضه بعد إثباته) بالآلة (لم
يخرج عن ملكه، وكذا لو أطلقه من يده) ولو (ناويا لقطع ملكه عنه)
وفاقا للشرائع (1) للأصل، وخروج نية الإخراج عن الأسباب المذكورة للخروج
في النصوص والفتاوى، نعم يفيد الإباحة لغيره. (وقيل: هنا) أي إذا نوى القطع
(يخرج) عن ملكه لزوال علته وهي ثبوت اليد عليه بنية التملك، وفيه: أن علته



(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 211.
206
حدوث اليد عليه لا استمرارها. ولأن التملك باختياره وقدرته والقدرة إنما تتحقق
إذا تعلقت بالطرفين كما يقدر عليه يقدر على إزالته، وفيه: أنه قادر عليها لكن
الكلام في طريق الإزالة ولا يلزم اتحاد الطريق في الطرفين مع أن القدرة على
إحداث التملك لا يقتضيها على إبقائه ويكفي في القدرة على الإحداث كونه إن
شاء تملك وإن لم يشأ لم يتملك. ولأنه لولاه لحرم على غيره اصطياده فيشكل إذا
اختلط بغيره، وفيه: بعد التسليم أنه إذا اختلط بغير المحصور جاز الاصطياد كما
جاز النكاح إذا اختلط الأخت مثلا بغيرها ولا إشكال في الاحتراز عن المحصور.
ولأنه (كما لو رمى الحقير مهملا له، فإنه يكون مباحا لغيره) بلا خلاف
يظهر ولذا كان السلف الصالحون يجيزون التقاط السنابل وهو يعطي زوال الملك
عنه ولا فرق بينه وبين المتنازع بل هو أولى بزوال الملك، لأنه إنما يملكه بالحيازة
والنية باختياره، وفيه: أن الإباحة لا تستلزم انتقال الملك. أو لأنه لما أفاد
الإعراض عن الحقير إباحته لغيره مع تملكه قهرا أفاد هنا الانتقال عن ملكه،
وورود المنع عليه ظاهر. وللعامة (1) قول بالخروج عن ملكه إن نوى القربة.
(ولا يملك الصيد بتوحله في أرضه، ولا بتعشيشه في داره، ولا)
السمكة (بوثوب السمكة إلى سفينته) إذ ليس شيئا منها من الاصطياد في
شيء لانتفاء القصد وكون الآلة آلة له في العادة. وللعامة (2) وجه بالتملك. (نعم
هو أولى) به كالمحجر للموات، لكونه في ملكه، وثبوت يد له عليه في الجملة.
(فإن تخطى أجنبي داره أو دخل سفينته وأخذ الصيد أساء، و) لكن
(ملكه). وفيه وجه بالعدم.
(ولو اتخذ موحلة للصيد فوقع فيها بحيث لا يمكنه التخلص لم
يملكه، لأنها ليست آلة) للصيد (في العادة على إشكال) من ذلك، ومن أنه
اصطاد قاصدا له بما يصلح آلة له وإن لم تكن معتادة.



(1) المجموع: ج 9 ص 141.
(2) المجموع: ج 9 ص 130.
207
(ولو أغلق عليه بابا ولا مخرج له أو ألجأه إلى مضيق وأمكنه قبضه
ففي تملكه بذلك نظر): من استيلائه عليه، وأنه إثبات يد عليه، وأنه أزال
امتناعه. ومن أنه ليس من الاصطياد وإنما هو مقدمة له، ولو سلم فليس بالآلة
المعتادة، ومنع ثبوت اليد عليه ما لم يقبضه أو يبطل آلة امتناعه. نعم يصير أولى به
كما حكي عن المصنف. (أما لو قبضه بيده) ومنها يد مملوكه أو وكيله (أو
بآلته فإنه يملكه قطعا) ويبقى على ملكه (وإن هرب من يده أو آلته بعد).
(ولو قصد ببناء الدار تعشيش الطائر أو بالسفينة وثوب السمك
فإشكال): من ثبوت اليد لثبوتها على ما وقع فيه من الدار والسفينة وقصد التملك
وصلاحيتهما للآلية وإن لم تعتد فيهما فيمكن صدق الاصطياد، ومن أنهما ليسا من
آلة الاصطياد في شيء.
(ولو اضطر السمكة إلى بركة واسعة لم تملك) لأنها ليست من
الآلة، ولم يبطل امتناعها، لعسر الوصول إليها كما يعسر في الأنهار والبحار (و)
لكن يصير (هو أولى) بها لحصول نوع انحصار لها بفعله كالمحجر. (ولو
كانت) البركة (ضيقة ملك على إشكال) من أنه قصد التملك وأبطل امتناعه
بما يصلح آلة له، ومن عدم اعتياد مثلها آلة، ويملك الحمام بالتعشيش في البرج
المعد له للاعتياد.
(ولو اختلط حمام برج بحمام) برج (آخر) وكانا لمالكين (وعسر
التميز لم) يجز أن (ينفرد أحدهما ببيعه) كلا أو بعضا (من ثالث) ولو
واحدا لاحتماله لكل منهما (ولو باعه) أحدهما (من الآخر) مع علمه بالحال
(صح) لانحصار الحق فيهما. (ولو اتفقا على بيع الجميع من ثالث وعلما
مقدار قيمة الملكين أو اتفقا على تقدير حتى يمكن التوزيع جاز، وإلا فلا).
(ولو امتزج حمام مملوك محصور) بمحصور لم يجز لغيره الصيد قطعا
للاختلاط الموجب للاحتراز عن الكل. ولو امتزج (بحمام بلدة) فصاعدا

208
وبالجملة بغير المحصور (لم يحرم الصيد) لعسر الاحتراز كما يجوز نكاح
واحدة من غير المحصورات إذا اختلط بهن الأخت مثلا. ويحتمل الحرمة، لعموم
ما دل على الاحتراز عن المختلط. (ولو كان) المملوك أيضا (غير محصور
فإشكال) من ذلك، لكن لما غلب الحلال في السابق قوي الحل ولذا لم يستشكل
فيه، ومنه يظهر قوته إذا غلب الحلال وإن لم يحصرا.
(ولو انتقلت الطيور من برج إلى آخر لم يملكها الثاني) كما لا يملك
المملوك بالاصطياد خلافا لبعض العامة (1).
(ولو كان الطير مقصوصا لم يملكه الصائد) ترجيحا للظاهر على
الأصل، وتغليبا للتحريم، ولنحو خبر إسماعيل بن جابر قال للصادق (عليه السلام): جعلت
فداك، الطير يقع على الدار، فيؤخذ أحلال هو أم حرام لمن أخذه؟ فقال: يا
إسماعيل عاف أم غير عاف؟ قال: قلت: جعلت فداك و ما العافي؟ قال: المستوي
جناحاه المالك جناحيه يذهب حيث يشاء قال هو لمن أخذه حلال (2). (وكذا مع
كل أثر يدل على الملك. ولو كان مالكا جناحيه) أو ساقط (ولا أثر
عليه) لملك (فهو لصائده، إلا أن يكون له مالك معروف فلا يحل تملكه)
بغير إذنه كما نص على الحكمين صحيح البزنطي، سأل الرضا (عليه السلام) عن رجل يصيد
الطير، يساوي دراهم كثيرة، وهو مستوي الجناحين، فيعرف صاحبه أو يجيئه
فيطلبه من لا يتهم، فقال: لا يحل له إمساكه، يرده عليه، فقال له: فإن هو صاد ما هو
مالك لجناحيه لا يعرف له طالبا، قال: هو له (3).
(ولو اشترك اثنان في الاصطياد فإن أثبتاه) أي أزالا امتناعه (دفعة
فهو لهما، وإن أثبته الأول اختص به، وكذا) إن أثبته (الثاني) خاصة اختص به.



(1) المجموع: ج 9 ص 143.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 245 ب 37 من أبواب الصيد والذبائح ح 2، وفيه: " إسماعيل بن
جابر ".
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 244 ب 36 من أبواب الصيد والذبائح ح 1.
209
(ولو أصاباه دفعة وكان أحدهما) خاصة (مزمنا أو مذففا) أي
مجهزا (دون الآخر فهو له، ولا ضمان على الآخر) بما أحدث فيه من نقص
أو جرح لأنه إنما دخل في الملك بعد الإصابتين (وإن احتمل أن يكون
الأزمان) أو التذفيف (بهما أو بأحدهما فهو لهما) نصفين، لتساويهما في
احتمال تملك الجميع أو النصف كتعارض البينتين، وإن استحل كل منهما الآخر
كان أولى. (ولو علمنا أن أحدهما مذفف وشككنا في الثاني فللمعلوم
النصف) بلا إشكال، إذ لا إشكال في ملكه (والنصف الآخر موقوف على
التصالح) أو تبين الحال، للإشكال. وقد يقال: قد يكون بينهما نصفين فيكون
للأول ثلاثة أرباعه وللثاني ربعه، كمتداعيين في نصف عين بيد ثالث مع الاتفاق
على تفرد أحدهما بالنصف الآخر وتعارض البينتين.
(ولو أثبته أحدهما وجرحه الآخر) واتفقا في الإصابة (فهو للمثبت
ولا شيء على الجارح) لما مر. (ولو جهل المثبت منهما اشتركا)
فيه للتساوي، (ويحتمل القرعة) لأن المثبت إنما هو أحدهما وقد أشكل وهي
لكل مشكل.
(ولو كان يمتنع بأمرين كالدراج يمتنع بجناحه وعدوه فكسر الأول
جناحه ثم الثاني رجله، قيل) في المبسوط (1): (هو لهما) لحصول الإثبات
بفعلهما معا من غير مرجح (وقيل) في الشرائع (2): (للثاني لتحقق الإثبات
بفعله) لبقاء الامتناع قبله غاية الأول إعانة الثاني وهي لا تقتضي الشركة.
(ولو رمى الأول الصيد فأثبته وصيره في حكم المذبوح ثم قتله
الثاني فهو للأول، ولا شيء على الثاني إلا أن يفسد لحمه أو جلده) فإن
قتل ما في حكم المذبوح لا يوجب ضمانا. (ولو لم يصيره في حكم المذبوح



(1) المبسوط: ج 6 ص 271.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 213.
210
ولا أثبته ثم قتله الثاني فهو له، ولا شيء على الأول) بجرحه (وإن أفسد
منه شيئا) لأنه قبل تملك الثاني له (ولو أثبته الأول ولم يصيره في حكم
المذبوح فقتله الثاني فقد أتلفه) على الأول. (فإن كان قد أصاب محل
الذبح فذكاه فهو حلال ويملكه الأول) بالإثبات (وعلى الثاني الأرش)
ما بينه حيا ومجروحا بالجراحة المخصوصة ومذكى. (وإن أصابه في غير
المذبح) أو لم يتحقق غيره من شروط التذكية (فهو ميتة يضمن) للأول
(قيمته إن لم يكن لميتته قيمة، وإلا فله الأرش) ما بينه حيا مجروحا بتلك
الجراحة وميتة.
(ولو جرحه الثاني ولم يقتله فإن أدرك ذكاته حل) وكان (للأول
وإلا فهو ميتة) لأنه جرح من غير تذكية بعد الإثبات والخروج عن اسم الصيد.
(ولو ذفف أحدهما) أي جرحه جراحة مذففة (وأزمن الآخر) أي فعل
به ما من شأنه الأزمان. (ولم يعلم السابق فهو حرام) لتوقف الحل على العلم
بالتذكية ولا علم هنا (لاحتمال كون التذفيف) أي الجرح الذي هو من شأنه
(قاتلا) أي واقعا (بعد الأزمان) مع أنه بعده كالذبيحة الأهلية.
(ولو ترتب الجرحان وحصل الأزمان بالمجموع فهو بينهما، وقيل (1)
للثاني) كما في المسألة المتقدمة (فعلى الأخير لو عاد الأول فجرحه
فالاولى هدر، والثانية مضمونة) والوجه ظاهر فيهما (فإن مات بالجراحات
الثلاث وجب) للأول على الثاني (قيمة الصيد وبه جراحة الهدر وجراحة
المالك) لأن المضمون هي الجراحة الأخيرة وقد جرحه بها معيبا بالأولين
(ويحتمل ثلث القيمة) لأنه مات بثلاث جراحات وإنما يضمن منها واحدة



(1) نسب ذلك إلى الشيخ في المبسوط فخر المحققين في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 126، ولم
نجده في المبسوط.
211
(و) يحتمل (ربعها) بناء على توزيع الأرش على رؤوس الجناة فإن الجاني
هنا اثنان، أحدهما المالك فسقط النصف، والنصف الباقي قد اشترك فيه جنايتان
إنما يضمن إحداهما.
(ولو رمياه فعقراه ثم وجد ميتا فإن صادفا مذبحه فذبحاه) بما رمياه
(فهو حلال، وكذا إن أدركاه أو أحدهما فذكاه. ولو لم يكن كذلك فهو
حرام) للشك في التذكية (لاحتمال أن يكون الأول أثبته ولم يصيره في
حكم المذبوح ثم قتله الآخر غير ممتنع).
(ولو أصابه فأمكنه التحامل) أي تكلف الهرب (طيرانا أو عدوا
بحيث لا يقدر عليه إلا بالاتباع مع الإسراع لم يملكه الأول) لأنه لم يبطل
امتناعه (وكان لمن أمسكه).
(ولو رد كلب الكافر الصيد على كلب المسلم فافترسه حل)
لاجتماع الشرائط خلافا لأبي حنيفة (1). (ولو أثخنه كلب المسلم فأدركه
كلب الكافر فقتله و) كانت (حياته مستقرة حرم، وضمنه الكافر) إما تمام
قيمته أو الأرش.
(المقصد الرابع في الذباحة)
تكررت هذه اللفظة في كتب الفقه ولم أرها في كتب اللغة (وفيه فصلان):
(الأول في الأركان)
(وفيه أربعة مطالب):
(الأول: الذابح ويشترط فيه الإسلام أو حكمه والتسمية) إلا ناسيا كما
سيظهر (فلو ذبح الكافر) أصليا أو مرتدا (لم يحل وإن كان ذميا، وكان)



(1) المجموع: ج 9 ص 103.
212
المذبوح (ميتة) وفاقا للمشهور. أما إذا لم يذكر اسم الله فظاهر وعليه الإجماع.
وأما إذا ذكره فلأصل حرمة الميتة ما لم يعلم التذكية ويعارضه أصل عدم اشتراط
غير ذكر الاسم، وللاحتياط، ولأن غير المسلم لا يعتقد وجوبه وإن اعتقده لم يعتد
به لأنه نشأ من غير الشرع المعتبر ولا يفيد ذكره الخالي عن الاعتقاد الصحيح
بوجوبه إذ لو كفى اللفظ لكفى من المرتد وخصوصا المرتد الذي بقي على إقراره
بوجوبه وارتد عن غيره من المسائل ولا يكفي اتفاقا، ولأن ما يذكر اسمه غير
المسلم من فرق الكفار غير الله إذ لا أقل من أنه لا يعتقد إرساله محمدا (صلى الله عليه وآله) وهو
ضعيف، وللأخبار وهي كثيرة جدا، كقول الصادق (عليه السلام) لزيد الشحام وسأله عن
ذبيحة الذمي، فقال: لا تأكله إن سمى وإن لم يسم (1). وللحلبي في الصحيح لا يذبح
لك يهودي ولا نصراني أضحيتك (2).
وأحل الصدوق (3) ذبائح الفرق الثلاثة لأهل الكتاب إذا سمع تسميتهم،
لإطلاق الآية بالأكل مما ذكر اسم الله عليه، وإطلاق قوله تعالى: " وطعام الذين
اوتوا الكتاب حل لكم " (4). والأخبار هي أكثر وأصح من الأخبار الأولة كقول
الباقر (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم: كل ذبيحة المشرك إذا ذكر اسم الله عليها
وأنت تسمع (5). وخبر الورد بن زيد قال له (عليه السلام): ما تقول في مجوسي قال بسم الله
ثم ذبح؟ فقال: كل (6). وقولهما (عليهما السلام) في صحيح حريز وزرارة في ذبائح أهل
الكتاب: فإذا شهدتموهم وقد سموا اسم الله فكلوا ذبائحهم، وإن لم تشهدوهم فلا
تأكلوا، وإن أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سموا فكل (7). وقول أمير المؤمنين (عليه السلام)



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 283 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 286 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 19.
(3) المقنع: ص 140.
(4) المائدة: 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 289 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 32.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 289 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 37.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 290 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 38.
213
في صحيح محمد بن قيس: لا تأكلوا ذبيحة نصارى العرب، فإنهم ليسوا أهل
الكتاب (1). ونحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح قتيبة: لا تدخل ثمنها مالك ولا
تأكلها، فإنما هو الاسم ولا يؤمن عليها إلا المسلم (2) وعن معاوية بن وهب، أنه
سأل الصادق (عليه السلام) عن ذبائح أهل الكتاب، فقال: لا بأس إذا ذكروا اسم الله عز
وجل ولكني أعني منهم من يكون على أمر موسى وعيسى - على نبينا وآله
وعليهما السلام - (3).
وأطلق الحسن حل ذبائح اليهود والنصارى دون المجوس (4) لنحو صحيح
الحلبي، سأل الصادق (عليه السلام) عن ذبيحة أهل الكتاب ونسائهم، فقال: لا بأس به (5).
وخبر عبد الملك بن عمرو، قال له: ما تقول في ذبائح النصارى؟ قال: لا بأس بها،
قلت: فإنهم يذكرون عليها المسيح، فقال: إنما أرادوا بالمسيح الله (6) ونحو
قوله (عليه السلام) لأبي بصير: لا تأكل من ذبيحة المجوسي (7).
(ولا يحل لو ذبحه الناصب) وفاقا للشيخين (8) وجماعة (وهو المعلن
بالعداوة لأهل البيت (عليهم السلام) كالخوارج وإن أظهر الإسلام ولا الغلاة) لكفر
الفريقين وإن أظهروا الشهادتين، فالإقرار بالرسالة ينافيه إنكارها ما علم من
الدين ضرورة، ولقول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير ذبيحة الناصب لا تحل (9)



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 286 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 23.
(2) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 64 ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 284 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 11.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 296.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 289 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 34.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 289 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 35.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 286 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 22.
(8) المقنعة: ص 579، النهاية: ج 3 ص 89.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 292 ب 28 من أبواب الصيد والذبائح ح 2.
214
وخبره أيضا، سأله عن الرجل يشتري اللحم من السوق، وعنده من يذبح ويبيع
من إخوانه، فيتعمد الشراء من الناصب، فقال: أي شيء تسألني أن أقول؟ ما يأكل
إلا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، قلت: سبحان الله مثل الميتة والدم ولحم
الخنزير؟ فقال: نعم، وأعظم عند الله من ذلك، ثم قال: إن هذا في قلبه على
المؤمنين مرض (1). وخبره عن الباقر (عليه السلام): إنه لم يحل ذبائح الحرورية (2). وهنا
أخبار ناصة على الأكل من ذبيحة الناصب إذا سمى، كقول الباقر (عليه السلام) في حسن
حمران: لا تأكل ذبيحة الناصب إلا أن تسمعه يسمي (3). وقوله في حسنه أيضا في
ذبيحة الناصب واليهود والنصارى: لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله، قال:
المجوسي؟ فقال: نعم إذا سمعته يذكر اسم الله، أما سمعت قول الله " ولا تأكلوا مما
لم يذكر اسم الله عليه " (4). وسأل الحلبي الصادق (عليه السلام) عن ذبيحة المرجئة
والحروري، فقال: كل وقر واستقر حتى يكون ما يكون (5). وقد حمل الشيخ
الأخير على حال التقية كما هو الظاهر منه، وجمع بين الأدلة بحمل المحرمة على
المعلن بالعداوة والمبيحة على غيره. ويمكن الجمع بالعلم بالتسمية وعدمه.
(ولا يشترط الإيمان إلا في قول) ابني حمزة (6) والبراج (7) لقول
الرضا (عليه السلام) لزكريا بن آدم: إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت
عليه وأصحابك، إلا في وقت الضرورة (8). وهو (بعيد) لندرة الخبر وضعفه
بأحمد بن حمزة، ومعارضته بالعمومات وخصوص ما نص على الإباحة مع التسمية



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 292 ب 28 من أبواب الصيد والذبائح ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 292 ب 28 من أبواب الصيد والذبائح ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 293 ب 28 من أبواب الصيد والذبائح ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 288 ب 27 من أبواب الصيد والذبائح ح 31.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 293 ب 28 من أبواب الصيد والذبائح ح 8.
(6) الاستبصار: ج 4 ص 88 ذيل الحديث 337.
(7) الوسيلة: ص 361.
(8) المهذب: ج 2 ص 439.
215
وإن كان الذابح ناصبيا أو كتابيا (1) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر محمد بن
قيس: ذبيحة من دان بكلمة الإسلام وصلى وصام لكم حلال إذا ذكر اسم الله عليه (2).
(فيحل لو ذبحه المخالف) وإنما أباح ابن إدريس (3) ذبيحة المؤمن
المستضعف، وحرم الحلبي (4) ذبيحة جاحد النص.
(وكذا يحل) للأصل والعمومات (ذبيحة المرأة) بلا خلاف كما في
المبسوط، ونص عليه أخبار كثيرة: منها، صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام):
أن علي بن الحسين (عليهما السلام) كانت له جارية تذبح له إذا أراد (5). ولكن الأولى أن
لا تذبح إلا لضرورة، كما هو مدلول الأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في صحيح محمد
بن مسلم: إن كن نساء ليس معهن رجل فلتذبح أعقلهن ولتذكر اسم الله عليه (6).
وقول الباقر (عليه السلام) في خبر جابر: ولا تذبح إلا من اضطرار (7). (والخنثى
والخصي) كما في صحيح إبراهيم بن أبي البلاد، سأل الصادق (عليه السلام) عن ذبيحة
الخصي، فقال: لا بأس (8).
(والأخرس) لاعتبار إشارته في سائر الأذكار، وعن الباقر (عليه السلام) أنه رخص
في ذبيحة الأخرس إذا عقل التسمية وأشار بها (9).
(والجنب) كما قال الصادق (عليه السلام) في مرسل ابن أبي عمير: لا بأس بأن يذبح
الرجل وهو جنب (10).



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 292 ب 28 من أبواب الصيد والذبائح ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 292 ب 28 من أبواب الصيد والذبائح ح 1.
(3) السرائر: ج 3 ص 106.
(4) الكافي في الفقه: ص 277.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 276 ب 23 من أبواب الصيد والذبائح ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 276 ب 23 من أبواب الصيد والذبائح ح 5.
(7) بحار الأنوار: ج 103 ص 254 ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 278 ب 24 من أبواب الصيد والذبائح ح 1.
(9) دعائم الإسلام: ج 2 ص 178 ح 644.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 269 ب 17 من أبواب الذبائح ح 1.
216
(والحائض) فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنه سئل عن الذبح على غير طهارة،
فرخص به (1).
(والفاسق) وإن لم يعلم تسميته، لأصل الصحة في فعل المسلم.
(والصغير إذا أحسن) الذبح وشروطه (وكان ولد مسلم) كما في
صحيح (2) سليمان بن خالد وحسنه (3) سأل الصادق (عليه السلام) عن ذبيحة الغلام والمرأة
هل تؤكل؟ فقال: إذا كانت المرأة مسلمة وذكرت اسم الله عليها حلت ذبيحتها،
وكذلك الغلام إذا قوي على الذبيحة وذكر اسم الله عليها " حلت ذبيحته " وذلك إذا
خيف فوت الذبيحة ولم يوجد من يذبح غيرهما. وصحيح (4) محمد بن مسلم
وحسنه (5) سأله (عليه السلام) عن ذبيحة الصبي؟ فقال: إذا تحرك وكان له خمسة أشبار
وأطاق الشفرة. والأولى تجنيبه الذبح كالمرأة للخبر الأول.
(ولو ذبحه المجنون) حين الذبح (أو الصبي غير المميز لم يحل) وإن
اجتمعت صور الشرائط لعدم العبرة بفعلهما، (وكذا السكران والمغمى عليه)
والمكره بما يرفع القصد (لعدم القصد إلى التسمية) منهم في الأخيرين حقيقة،
ومن الأولين حكما إن تحقق قصد، إذ لا عبرة بقصدهما ولا عبرة بها بلا قصد.
(وإذا سمى المسلم على الذبيحة حال الذبح حل، ولو تركها عمدا لم
يحل، ولو تركها ناسيا حل) للأخبار، كصحيح محمد بن مسلم سأل الباقر (عليه السلام)
عن الرجل يذبح ولا يسمي، قال: إن كان ناسيا فلا بأس عليه إذا كان مسلما وكان
يحسن أن يذبح ولا ينخع ولا يقطع الرقبة بعد ما يذبح (6). وفي التبيان أنه مذهبنا



(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 178 ح 643.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 277 ب 23 من أبواب الذبائح ح 7.
(3) الكافي: ج 6 ص 237 ح 3.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 333 ح 4190.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 275 ب 22 من أبواب الذبائح ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 267 ب 15 من أبواب الذبائح ح 2.
217
وحكى فيه عن الجبائي وابن سيرين خلافه (1). وفي الحسن عن محمد بن مسلم
أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل ذبح ولم يسم، فقال: إن كان ناسيا فليسم حين
يذكر ويقول: بسم الله على أوله وعلى آخره (2).
(وصورة التسمية بسم الله. ولو قال: بسم محمد أو بسم الله ومحمد لم
يحل) للإهلال به لغير الله. (ولو قال بسم الله ومحمد رسول الله وقصد
الإخبار بالرسالة حل) وإن لحن في الإعراب (وإن قصد العطف ووصف
محمدا (صلى الله عليه وآله) بالرسالة لم يحل) وإن لحن في الإعراب.
(ولو قال: الحمد لله أو الله أكبر أو ما شابهه من الثناء حل) لصدق ذكر
اسم الله، وخبر العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن رجل ذبح
فسبح أو كبر أو هلل أو حمد الله عز وجل، قال: هذا كله من أسماء الله عز وجل،
ولا بأس به (3).
(ولو قال: الله وسكت، أو قال: اللهم اغفر لي، فإشكال): من صدق ذكر
اسم الله. ومن مخالفتهما للمعهود والمتبادر من ذكره على الذبيحة، فإن المتبادر من
ذكره ذكره في ضمن كلام، ومن ذكره عليها للتبرك أو الاستعانة به في ذبحها، فلا
يشمل ذكره في جملة دعائية ونحوها.
(ولو ذكر) اسمه تعالى (بغير العربية جاز وإن أحسنها) للعموم
فإن الظاهر كون إضافة الاسم إلى الله لامية واسمه يعم أسماءه بأي لسان اتفق،
وربما احتمل كونها بيانية فيجب الاقتصار على لفظ " الله " حتى لا يجزي نحو
باسم الرحمن.
(ويجب صدور التسمية من الذابح) كما هو نص الأخبار (4) والأصحاب،



(1) التبيان: ج 4 ص 256.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 267 ب 15 من أبواب الذبائح ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 268 ب 16 من أبواب الذبائح ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 267 ب 15 من أبواب الذبائح.
218
والمتبادر من الآية (1) (فلو سمى غيره لم يحل. و) على (الأخرس) أن
(يحرك لسانه) ويخطر الاسم بباله كما في سائر الأذكار.
(ولو سمى الجنب أو الحائض بنية) بسملة إحدى (العزائم فإشكال):
من الدخول في العموم، ومن النهي المنافي للوجوب.
(ولو وكل المسلم كافرا في الذبح وسمى المسلم لم يحل وإن شاهده
أو جعل يده معه) فقرن التسمية بذبحه، لما عرفت من وجوب اتحاد الذابح
والمسمي.
(ولو ذبح الأعمى حل) إذا سدد، ففي مرسل ابن اذينة عنهما (عليهما السلام): إن
ذبيحة المرأة إذا أجادت الذبح وسمت فلا بأس بأكله، وكذلك الصبي، وكذلك
الأعمى إذا سدد (2). (وفي اصطياده) أي الأعمى (بالرمي والكلب إشكال:
لعدم تمكنه من قصد الصيد) فإنه لا يقصد ما لا يعلم وطريق العلم به البصر،
ومن أنه كثيرا ما يحصل له العلم بوجوده وجهته ويتحقق قصده إليه، وهو الأقوى.
(نعم يجب مشاهدة بصير لقتل ما يرسله من الكلب أو السهم إن
سوغناه) أي صيده إذ لابد من العلم بالتذكية ولا يحصل بدونه.
(المطلب الثاني: المذبوح وهو كل حيوان مأكول لا يحل ميته) فلا
يذبح السمك والجراد (فلو ابتلع السمكة) حية (حل) كما في الشرائع (3) لأن
ذكاتها إخراجها حية من الماء ولا دليل على اشتراط موتها، ولقول الصادق (عليه السلام)
في مرسل ابن المغيرة: الحوت ذكي حيه وميته (4). وخلافا للخلاف (5)



(1) الأنعام: 121.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 277 ب 23 من أبواب الذبائح ح 8.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 207.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 297 ب 31 من أبواب الذبائح ح 5.
(5) الخلاف: ج 6 ص 33 المسألة 34.
219
والمبسوط (1) والإصباح (2) لعدم الدليل على حله قبل الموت، ولأنه إن عاد
بعد الإخراج إلى الماء حرم فعلم أنه لا يكفي الإخراج في الحل، والنهي عن
أكل اللحم غريضا أي نيأ في صحيح زرارة عن الباقر (عليه السلام) (3) وصحيح هشام
بن سالم عن الصادق (عليه السلام) (4). ولكن عن عطية أخي أبي العوام أنه قال
للباقر (عليه السلام): إن أصحاب المغيرة ينهوني عن أكل القديد الذي لم تمسه النار،
فقال: لا بأس بأكله (5).
(وقد تقع التذكية على ما لا يحل أكله، بمعنى أنه يكون طاهرا بعد
الذبح، وهو كل ما ليس بنجس العين ولا آدمي) وفاقا للمشهور. (فلا يقع
على نجس العين) اتفاقا (كالكلب والخنزير، بمعنى أنه يكون باقيا على
نجاسته بعد الذبح) وأما ما لا تحله الحياة منه فعلى القول بطهارته لا يفتقر في
طهارته إلى التذكية (ولا على الآدمي) اتفاقا أيضا (وإن كان طاهرا أو مباح
الدم، ويكون ميتة وإن ذكي) بمعنى أنه لا يجوز استعمال أعضائه بالتذكية.
(وفي المسوخ كالقرد والدب والفيل قولان): فالوقوع هو المشهور،
وعدمه قول المحقق (6) ومن قال بنجاستها كالشيخين (7) وسلار (8). (وكذا في
السباع) من الطير أو غيرها (كالأسد والنمر والفهد والثعلب) والأرنب



(1) المبسوط: ج 6 ص 277.
(2) إصباح الشيعة: ص 383.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 514 ب 89 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 514 ب 89 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 37 ب 22 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1.
(6) شرائع الإسلام: ج 3 ص 210.
(7) المقنعة: ص 578، الخلاف: ج 6 ص 73 المسألة 2.
(8) المراسم: ص 55 وفيه أنه لم يذكره صريحا وإن نسبه إليه فخر المحققين في ايضاحه ج 4
ص 130 ولعله بقرينة ذكر لعابه في النجاسات استفاد منه ذلك كما عليه في مفتاح الكرامة:
ج 1 ص 149 س 25.
220
قولان: فالوقوع هو المشهور، وعدمه قول المفيد (1) وسلار (2) وابن حمزة (3) ذكروه
في الجنايات وكذا الشيخ في النهاية (4). (والأقرب) فيهما (الوقوع) لأصل
الإباحة والطهارة خرج منه الميتة، ولورود النص على حل الأرنب والقنفذ
والوطواط مع أن المذهب حرمة الأكل لعموم إلا ما ذكيتم، ولخبر عثمان بن عيسى
عن سماعة، قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها، فقال: أما لحوم السباع
والسباع من الطير والدواب فإنا نكرهه، وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا
شيئا منها تصلون فيه (5) وخبر زرعة عن سماعة عنه (عليه السلام) قال: سألته عن جلود
السباع ينتفع بها؟ فقال: إذا رميت وسميت فانتفع بجلده، وأما الميتة فلا (6). وخبر
أبي مخلد السراج أنه كان عند الصادق (عليه السلام)، فقال له رجل: إني سراج أبيع جلود
النمر، فقال: مدبوغة هي؟ فقال: نعم، فقال: ليس به بأس (7). وفي السرائر (8)
الإجماع عليه في السباع.
والقول الآخر في المسوخ فأما من نجسها فدليله واضح. ودليل من لم ينجسه
أن الأصل في الميتة النجاسة إلى أن يعلم التذكية ولا علم بها هنا، ومنع عموم إلا ما
ذكيتم لها فإن الكلام في وقوع التذكية. ويدفعه أن التذكية ليست إلا الذبح إما من
الحدة والنفاذ أومن التمام ولا دليل على نقلها في الشرع، والأصل استصحاب الطهارة.
وأما القول الآخر في السباع فقد حكي القول بنجاستها أيضا لقول
الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: لا يصلح أكل شيء من السباع إني لأكرهه



(1) المقنعة: ص 578.
(2) المراسم: ص 243.
(3) الوسيلة: ص 428.
(4) النهاية: ج 3 ص 466.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 321 ب 3 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1071 ب 49 من أبواب النجاسات ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 12 ص 124 ب 38 من أبواب ما يكتسب به ح 1.
(8) السرائر: ج 3 ص 114.
221
وأقذره (1) فإن القذر هو النجس. وحينئذ لا إشكال في عدم قبولها التذكية، وعلى
المشهور دليله مثل ما مر في المسوخ. وقد يستدل للخلاف في الجميع على القول
بالطهارة بما روي عنه (صلى الله عليه وآله) من النهي عن ذبح الحيوان لغير مأكله، وبأن الذكاة إنما
شرعت للانتفاع وأعظمه الأكل فإذا حرم انتفت.
(و) على المشهور فيهما (تطهر جلودها بالتذكية. وفي اشتراط الدبغ)
في طهارتها (قولان) فعلى الاشتراط المرتضى (2) والشيخان (3) وبنو إدريس (4)
وسعيد (5) والبراج (6) لما تقدم من خبر أبي مخلد (7) وقوله (صلى الله عليه وآله) أيما أهاب دبغ فقد
طهر (8) وقوله (صلى الله عليه وآله) وقد سئل عن جلود الميتة: دباغها طهورها (9) ولأن الإجماع
إنما انعقد على طهارتها بعد الدباغ ولا دليل عليها قبله. والأقوى العدم كما في
الشرائع (10) والإرشاد (11) والتحرير (12) والمختلف (13) للأصل، وضعف هذه الأدلة،
ولإطلاق ما مر في جلود السباع، ولخبر علي بن أبي حمزة سأل الصادق (عليه السلام) عن
لباس الفراء والصلاة فيها، فقال: لا يصلى فيها إلا فيما كان منه ذكيا، فقال: أو ليس
الذكي ما ذكي بالحديد؟ فقال: بلى إذا كان مما يؤكل لحمه، فقال: وما لا يؤكل
لحمه من غير الغنم؟ قال: لا بأس بالسنجاب، فإنه دابة لا تأكل اللحم وليس هو مما



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 321 ب 3 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 5.
(2) الانتصار: ص 13.
(3) المقنعة: ص 149 - 150، يستفاد من مفهوم كلامه، النهاية: ج 3 ص 99.
(4) السرائر: ج 3 ص 114.
(5) الجامع للشرائع: ص 66.
(6) المهذب: ج 2 ص 442.
(7) وسائل الشيعة: ج 12 ص 124 ب 38 من أبواب ما يكتسب به ح 1.
(8) عوالي اللآلي: ج 1 ص 42 ح 46.
(9) سنن البيهقي: ج 1 ص 17.
(10) شرائع الإسلام: ج 3 ص 210.
(11) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 107.
(12) تحرير الأحكام: ج 2 ص 159 س 27.
(13) مختلف الشيعة: ج 1 ص 502.
222
نهى منه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ نهى عن كل ذي ناب ومخلب (1) فإنه (عليه السلام) فسر التذكية
بما فسره به وأجاز الصلاة في السنجاب. وعندي فيه نظر إذ من البين أن ظاهر
لفظه (عليه السلام) قصر تفسير التذكية بذلك على مأكول اللحم فيمكن أن يتمسك به الخصم.
(أما الحشرات) وهي صغار دواب الأرض (كالفأر والضب وابن
عرس فالأقرب عدم وقوع التذكية فيها) وفاقا للمحقق (2) للاحتياط، وقلة
الانتفاع بها. وقيل (3) بالوقوع، للأصل، وعموم إلا ما ذكيتم (4) ويؤيده ما ورد (5) في
السنجاب، لأنه كابن عرس في الظاهر.
(أما السمك فذكاته إخراجه من الماء حيا) أو خروجه حيا ثم
أخذه كما سيأتي.
(وذكاة الجراد أخذه حيا) بالنص (6) والإجماع.
(وذكاة الجنين ذكاة امه إن تمت خلقته بأن أشعر أو أوبر وخرج) من
بطن امه بعد تذكيتها (ميتا) ولجته الروح أم لا (وإن لم يتم خلقته فهو
حرام) للنصوص، كقول أحدهما (عليهما السلام) في صحيح محمد بن مسلم الجنين في بطن
امه إذا أشعر وأوبر: فذكاته ذكاة امه (7) وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: إذا
ذبحت الذبيحة فوجدت في بطنها ولدا تاما فكل، وإن لم يكن تاما فلا تأكل (8).



(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 252 ب 3 من أبواب لباس المصلي ح 3.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 210.
(3) جعله في إيضاح الفوائد قولا شاذا: ج 4 ص 133.
(4) المائدة: 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 252 ب 3 من أبواب لباس المصلي ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 305 ب 37 من أبواب الذبائح.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 270 ب 18 من أبواب الذبائح ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 270 ب 18 من أبواب الذبائح ح 4.
223
وقال الشيخ (1) وجماعة منهم المصنف في التحرير (2) إذا ولجته الروح لم يكف في
حله ذكاة الام لعموم الميتة له. ولكن النصوص مطلقة مع بعد تأخر الولوج وبعد
إطلاق الذكاة على ما لم تلجه الروح.
(ولو خرج حيا) حياة مستقرة كما في المختلف (3) وهو مراد من أطلق
(فلابد من تذكيته) فيحرم بدونها وإن قصر الزمان عنها لأنها الأصل في
الحيوان فيقصر خلافه على اليقين، ولخروجه بانفصاله حيا عن تبعية الام. ولا
فرق بين تام الخلقة وغيره وإن استبعد في التحرير (4) الحياة قبل التمام.
(قيل) في المبسوط (5) (ولو خرج حيا وعاش بقدر ما لا يتسع الزمان
لتذكيته حل) لأنه في حكم الميت، لكن لابد من المبادرة إلى إخراجه والأصل
البراءة من المبادرة زيادة على المعتاد. (وإن عاش ما يتسع الزمان لذبحه ثم
مات قبل الذبح حرم، سواء تعذر ذبحه لتعذر الآلة أو لغيرها) أي لأجل
غير الآلة أو لم يتعذر.
(المطلب الثالث في الآلة ولا يصح التذكية) اختيارا (إلا بالحديد)
اتفاقا كما يظهر من النصوص كقول الصادق (عليه السلام) في حسن محمد بن مسلم: لا
ذكاة إلا بحديدة (6) ونحوه في حسن الحلبي (7) وفي خبر الحضرمي: لا يؤكل ما لم
يذبح بحديدة (8) (فإن تعذر وخيف فوت الذبيحة) أو اضطر إلى الذبح لغير
ذلك (جاز لكل ما يفري الأعضاء) اتفاقا كما يظهر (كالزجاجة والليطة)



(1) النهاية: ج 3 ص 95.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 159 س 26.
(3) مختلف الشيعة: ج 8 ص 310.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 159 س 25.
(5) المبسوط: ج 6 ص 282.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 252 ب 1 من أبواب الذبائح ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 252 ب 1 من أبواب الذبائح ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 252 ب 1 من أبواب الذبائح ح 3.
224
بالكسر وهي القشرة اللازقة بالقصب جمعها ليط وفي الفائق: وكذلك ليط القناة
وكل شيء كانت له صلابة ومتانة. (والخشبة والمروة الحادة) وهي ضرب من
الحجارة أبيض براق يكون فيه النار، وقيل (1): أصلب الحجارة، والأخبار ناطقة
بجواز التذكية بنحو ذلك عند الضرورة كقول الصادق (عليه السلام) لزيد الشحام في
الصحيح: اذبح بالحجرة وبالعظم وبالقصبة والعود إذا لم تصب الحديدة، إذا قطع
الحلقوم وخرج الدم فلا بأس به (2).
(وهل تصح بالظفر والسن مع تعذر غيرهما؟ قيل) في الشرائع (3)
والتحرير (4) (نعم) - لكن كره في الجامع (5) - لعموم (إلا ما ذكيتم) والأصل،
وحسن عبد الرحمن بن الحجاج سأل الكاظم (عليه السلام) عن المروة والقصبة والعود
يذبح بهن الإنسان إذا لم يجد سكينا؟ قال: إذا فري الأوداج فلا بأس بذلك (6)
ولعموم العظم الواقع في صحيح الشحام لهما، والأحوط ترتبهما على غيرهما من
خشبة ونحوها. (وقيل) في المبسوط (7) والخلاف (8) والغنية (9) والإصباح
(بالمنع، للنهي) عنه في نحو خبر رافع بن خديجة، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ما أنهر
الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا، إلا ما كان من سن أو ظفر وساحدثكم عن ذلك، أما
السن فعظم الإنسان، وأما الظفر فمدى الحبشة (10) وعموم النهي عن غير الحديد
خرج ما نص عليه من العود والحجر والليط. والدليلان مما شملاهما (وإن كانا



(1) انظر لسان العرب: ج 15 ص 276 مادة " مرا ".
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 254 ب 2 من أبواب الذبائح ح 3.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 205.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 158 س 30.
(5) الجامع للشرائع: ص 387.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 253 ب 2 من أبواب الذبائح ح 1.
(7) المبسوط: ج 6 ص 263.
(8) الخلاف: ج 6 ص 22 المسألة 22.
(9) الغنية: ص 397.
(10) سنن البيهقي: ج 9 ص 246.
225
منفصلين) ولذا نص على التعميم في المبسوط (1) والخلاف (2) والإصباح (3)
والغنية (4) ولا تحل التذكية بالسن والظفر المتصلين بلا خلاف، ولا بالمنفصلين
وفي ذلك خلاف، وطريقة الاحتياط يمنع من ذلك بعد إجماع الطائفة. ثم لا بعد
في حمل كلامي الخلاف والمبسوط على حال الاختيار كما فعل في المختلف (5).
(ولا يجزئ) التذكية (بغير الحديد مع إمكانه، ولا مع تعذره إذا لم
يخف فوت الذبيحة إلا مع الحاجة) إلى الذبح.
(أما المثقل فيحرم) بالإجماع والنصوص وقد سمعت بعضها (ما مات به
عمدا أو اضطرارا) وهو يشمل غير العمد (كما لو رمى الصيد ببندقة فمات،
أو رماه في البئر فانصدم، أو اختنق بالأحبولة، أو مات بالتغريق، أو تحت
الكلب غما، أو مات بسهم وبندقة، أو انصدم بالأرض وإن كان مع
الجرح) بالسهم (إلا أن يكون الجرح قاتلا) أي مبتدئ به فلا يضر انضمام
غيره إليه لأنه لا يخلو عنه غالبا.
(ويستحب أن يكون السكين حادة) فعن النبي (صلى الله عليه وآله): من ذبح فليحد
شفرته وليرح ذبيحته (6) وعن الباقر (عليه السلام): إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذب
البهيمة، أحد الشفرة واستقبل القبلة ولا تنخعها حتى تموت (7) وعنه (صلى الله عليه وآله): من قتل
عصفورا عبثا، بعث الله به يوم القيامة وله صراخ، يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني
بغير ذبح، فليحذر أحدكم من المثلة وليحد شفرته ولا يعذب البهيمة (8).
(المطلب الرابع: الكيفية ويشترط لإباحة المذكى امور ستة):
(الأول: قطع الأعضاء الأربعة) في الذبح (أعني المريء) كما مر



(1) المبسوط: ج 6 ص 263.
(2) الخلاف: ج 6 ص 22 المسألة 22.
(3) إصباح الشيعة: ص 382.
(4) الغنية: ص 397.
(5) مختلف الشيعة: ج 8 ص 259.
(6) دعائم الإسلام: ج 2 ص 174 ح 624.
(7) دعائم الإسلام: ج 2 ص 174 ح 625.
(8) دعائم الإسلام: ج 2 ص 175 ح 629.
226
(وهو مجرى الطعام) والشراب قال الأزهري: وقد أقرأني أبو بكر الأيادي
" المريء " لأبي عبيدة فهمزه بلا تشديد، وأقرأنيه المنذري لأبي القاسم فلم يهمزه
وشدد الياء. (والحلقوم وهو مجرى النفس، والودجين وهما عرقان
محيطان بالحلقوم) أو المري في المشهور. (ولو قطع بعضها مع الإمكان لم
يحل) للأصل، والاحتياط، وقول الكاظم (عليه السلام) لعبد الرحمن بن الحجاج في
الحسن: إذا فري الأوداج فلا بأس (1) وقول النبي (صلى الله عليه وآله) في فري الأوداج: فكلوا ما
لم يكن قرض ناب أو جز ظفر (2) وقيل (3): يكفي قطع الحلقوم، لحصول الذبح
فيدخل في عموم إلا ما ذكيتم، وأصل الطهارة، والبراءة من الزائد لقول
الصادق (عليه السلام) في صحيح الشحام: إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (4) واقتصر
ابن زهرة (5) على الحلقوم والودجين اقتصارا على الجمع بين مضموني الخبرين.
(ويكفي) عندنا (في المنحور طعنه في ثغرة النحر، وهي وهدة اللبة)
خلافا لبعض العامة (6).
(الثاني: قصد الذبح، فلو وقع السكين من يده فصادف حلق الحيوان
فذبحه لم يحل) وإن سمى حين سقط أو أصاب حلقه، لعدم صدق التذكية والذبح
ونحوهما بدون القصد لاعتباره فيما يتبادر من الأفعال المنسوبة إلى المختارين.
(الثالث: استقبال القبلة بالذبيحة) بالإجماع والنصوص كقول الباقر (عليه السلام)
لمحمد بن مسلم في الحسن: إذا أردت أن تذبح فاستقبل بذبيحتك القبلة (7). وإنما



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 253 ب 2 من أبواب الذبائح ح 1.
(2) راجع الحاوي الكبير: ج 15 ص 88، وفيه: حز طعن.
(3) القائل: هو ابن الجنيد، نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 353.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 254 ب 2 من أبواب الذبائح ح 3.
(5) الغنية: ص 397.
(6) المجموع: ج 9 ص 85.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 265 ب 14 من أبواب الذبائح ح 2.
227
يعتبر (مع الإمكان) لما عرفت من حكم دابة تردت أو استعصت (فلو أخل به
عمدا اختيارا لم يحل) اتفاقا كما في حسن محمد بن مسلم قال للباقر (عليه السلام):
فإنه لم يوجهها؟ قال: فلا تأكل (1). ثم المفهوم من الأخبار (2) وكلام أكثر الأصحاب
وجوب الاستقبال بالذبيحة - أي جعلها مستقبلة - فلا يشترط استقبال الذابح،
وكلام السيد (3) وسلار (4) وابن زهرة (5) يعطي وجوب استقباله لا بالذبيحة، وعليه
نقل السيد (6) وابن زهرة (7) الإجماع. وعلى الأول هل يجب الاستقبال بالمذبح
خاصة أو بجميع مقاديم الذبيحة؟ وجهان.
(ولو كان ناسيا) لوجوب الاستقبال (أو جاهلا لموضع القبلة حل)
لنحو حسن محمد بن مسلم سأل الصادق (عليه السلام) عن الذبيحة تذبح لغير القبلة، فقال:
كل ولا بأس بذلك إذا لم يتعمد (8) ولا يعرف في ذلك خلافا (9). وهل يعذر الجاهل
بالحكم؟ وجهان: من التعمد، ومن حسن محمد بن مسلم سأل الباقر (عليه السلام) عن
الرجل ذبح ذبيحة فجهل أن يوجهها إلى القبلة، قال: كل منها (10).
(ويسقط) الاستقبال عند الضرورة وإن علمت جهة القبلة كما (في
المتردي والمرمي بالسهم) للاستعصاء (والصيد) بسهم أو كلب.
(الرابع: التسمية) إلا عند النسيان كما مر.
(الخامس: اختصاص الإبل بالنحر وباقي الحيوانات بالذبح في



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 266 ب 14 من أبواب الذبائح ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 265 ب 14 من أبواب الذبائح.
(3) الانتصار: ص 190.
(4) المراسم: ص 209.
(5) الغنية: 397.
(6) الانتصار: ص 190.
(7) الغنية: ص 397.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 266 ب 14 من أبواب الذبائح ح 4.
(9) كذا، والظاهر خلاف.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 266 من أبواب الذبائح ح 2.
228
الحلق تحت اللحيين) إجماعا كما في الخلاف (1) والغنية (2) والسرائر (3).
(فإن ذبح المنحور) أي الإبل (أو نحر المذبوح) أي غيرها (فمات)
بذلك (حرم) ففي الحسن عن صفوان أنه: سأل الرضا (عليه السلام) عن ذبح البقر في
المنحر، فقال: للبقر الذبح، وما نحر فليس بذكي (4) وعن يونس بن يعقوب، أنه قال
له (عليه السلام): إن أهل مكة لا يذبحون البقر وإنما ينحرون في اللبة فما ترى في أكل
لحمها؟ فقال (عليه السلام): (فذبحوها وما كادوا يفعلون) لا تأكل، إلا ما ذبح (5). ويمكن
التمسك في وجوب نحر الإبل بقوله تعالى: " وانحر " (6) لأن الوجوب ظاهره ومن
البين أنه لا يجب نحر غيرها. ولكن ورد في معناه رفع اليدين بالتكبير في الصلاة
والاستقبال بالنحر فيها.
(ولو) خولف فنحر المذبوح أو ذبح المنحور و (أدرك) الواجب من
(ذكاته فذكاه فإن كانت حياته مستقرة حل وإلا فلا) كسائر الجراحات كذا
في النهاية (7) وتردد فيه في التحرير (8) كما في الشرائع (9) من أنه لا استقرار للحياة
بعد ذلك، ويمكن فرضه بالمسارعة إلى الذبح أو النحر بعد وقوع الآخر بلا تراخ،
وإن اكتفى بالحركة أو خروج الدم فلا إشكال. (هذا) الذي ذكر من وجوب النحر
أو الذبح (في حال الاختيار. أما لو انفلت الطير أو غيره من الإبل والبقر
والغنم جاز رميه بالنشاب أو الرمح أو السيف، فإذا سقط وأدرك ذكاته
ذبحه أو نحره، وإلا حل) لدخولها في الصيد حينئذ، ولا يجب مع الإمكان تحري



(1) الخلاف: ج 6 ص 25 المسألة 24.
(2) الغنية: ص 396.
(3) السرائر: ج 3 ص 87.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 257 ب 5 من أبواب الذبائح ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 257 ب 5 من أبواب الذبائح ح 2.
(6) الكوثر: 2.
(7) النهاية: ج 3 ص 90.
(8) تحرير الأحكام: ج 2 ص 158 س 33.
(9) شرائع الإسلام: ج 3 ص 205.
229
نحر المذبوح أو ذبح المنحور لكونه صورة التذكية في الجملة، للأصل، وتساوي
جميع صور الجرح غير الذبح في المذبوح وغير النحر في المنحور شرعا.
(السادس): أحد الأمرين (الحركة بعد الذبح) أو النحر كما في النهاية (1)
والشرائع (2) وغيرهما، كما قال الصادق (عليه السلام)، للحلبي في الصحيح: إذا تحرك الذنب
أو الطرف أو الاذن فهو ذكي (3) وفي خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله في كتاب
علي (عليه السلام): إذا طرفت العين أو ركضت الرجل أو تحرك الذنب فكل منه فقد أدركت
ذكاته (4) وعن أبي بصير في الصحيح، أنه سأله عن الشاة تذبح فلا تتحرك ويهراق
منها دم كثير عبيط، فقال: لا تأكل، إن عليا (عليه السلام) كان يقول: إذا ركضت الرجل
أو طرفت العين فكل (5) (أو خروج الدم المعتدل) أي لا المتثاقل، كما
قال الصادق (عليه السلام) في خبر الحسين بن مسلم: فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة
حين ذبح خرج الدم معتدلا فكلوا وأطعموا، وإن كان خرج خروجا متثاقلا
فلا تقربوه (6) وقال الباقر (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم: إن خرج الدم فكل (7).
وسأله في الحسن عن مسلم ذبح شاة فسمى فسبقته مديته فأبان الرأس، فقال: إن
خرج الدم فكل (8).
(ولو) انتفى الأمران بأن (خرج) الدم (متثاقلا) أو لم يخرج (ولم
يتحرك حركة تدل على) استقرار (الحياة حرم) وإن تحرك نحو حركة
الاختلاج. (ولا يجب) في الحل (اجتماعهما) - كما اعتبره جماعة منهم



(1) النهاية: ج 3 ص 94.
(2) شرائع الإسلام: ج 3 ص 206.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 263 ب 11 من أبواب الذبائح ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 263 ب 11 من أبواب الذبائح ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 264 ب 12 من أبواب الذبائح ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 264 ب 12 من أبواب الذبائح ذيل الحديث 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 259 ب 9 من أبواب الذبائح ذيل الحديث 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 259 ب 9 من أبواب الذبائح ح 2.
230
المفيد (1) وأبو علي (2) وسلار (3) وابن زهرة (4) - للأصل، وكفاية الاكتفاء بأحدهما
في الجمع بين الأخبار. والحركة أقوى، لكثرة أخبارها (و) لذا اقتصر عليها
بعض الأصحاب كالصدوق (5).
والتحقيق أنه (إذا علم بقاء الحياة بعد الذبح) وأنها أنما زالت به (فهو
حلال، وإن علم الموت قبله فهو حرام). وإنما اعتبر الحركة (و) خروج
الدم (إن اشتبه الحال، كالمشرف على الموت) فحينئذ (اعتبر بخروج الدم
المعتدل، أو حركة تدل على استقرار الحياة، فإن حصل أحدهما حل، وإلا
كان حراما) وقول الصادق (عليه السلام) في خبر أبان بن تغلب: إذا شككت في حياة شاة
ورأيتها تطرف عينها أو تحرك أذنيها أو تمصع بذنبها فاذبحها فإنها لك حلال (6) لا
يدل على الاجتزاء بما كان من الحركة قبل الذبح، وهو ظاهر.
(ونعني " بما حياته مستقرة " ما يمكن) في العادة (أن يعيش مثله
اليوم أو الأيام) قيل: أو نصف يوم (7) ولم نقف لذلك على مستند. وفي الدروس،
وعن الشيخ يحيى: أن اعتبار استقرار الحياة ليس من المذهب، ونعم ما قال (8)
(وبغير المستقرة ما يقضى) عادة (بموته عاجلا).
(ويستحب في المذبوح من الغنم ربط يديه ورجل) واحدة (وإطلاق
الاخرى، والإمساك على صوفه أو شعره حتى يبرد) كذا ذكره جماعة من
الأصحاب، ولا يحضرنا الآن سوى قول الصادق (عليه السلام) في خبر حمران بن أعين:
وإن كان شيء من الغنم فأمسك صوفه أو شعره ولا تمسكن يدا ولا رجلا (9).



(1) المقنعة: ص 580.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 306.
(3) المراسم: ص 209.
(4) الغنية: ص 397.
(5) المقنع: ص 416.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 263 ب 11 من أبواب الذبائح ح 5.
(7) قاله الشيخ في المبسوط: ج 6 ص 260.
(8) الدروس الشرعية: ج 2 ص 415.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 255 ب 3 من أبواب الذبائح ح 2.
231
(و) يستحب (في البقر عقل يديه ورجليه وإطلاق ذنبه) فقال
الصادق (عليه السلام) في خبر حمران: وأما البقر فاعقلها وأطلق الذنب (1).
(وفي الإبل ربط أخفافه) أي خفي يديه (إلى آباطه) أي جمع يديه
وربطهما مما بين الخفين إلى الإبطين (وإطلاق رجليه) لقول الصادق (عليه السلام) في
ذلك الخبر: وأما البعير فشد أخفافه إلى آباطه وأطلق رجليه (2) وفي صحيح ابن
سنان يربط يديها ما بين الخف إلى الركبة (3). ولكن روي ابن أبي خديجة: أنه رأى
الصادق (عليه السلام) وهو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى (4) وعنه (عليه السلام) في بعض الكتب
أنه سئل كيف ينحر؟ فقال: يقام قائما حيال القبلة، ويعقل يده الواحد، ويقوم الذي
ينحره حيال القبلة، ويضرب في لبته بالشفرة حتى يقطع ويفرى (5). وكذلك روت
العامة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما
بقي من قوائمها (6).
(و) يستحب (في الطير إرساله بعد الذبح) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر
حمران: والإرسال للطير خاصة (7).
(و) يستحب (الإسراع بالذبح) كما يرشد إليه استحباب تشحيذ المدية،
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): أن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة،
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته (8).
(ويكره) وفاقا لابن إدريس (9) والمحقق (10) (أن ينخع الذبيحة) أي



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 255 ب 3 من أبواب الذبائح ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 255 ب 3 من أبواب الذبائح ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 134 ب 35 من أبواب الذبح ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 135 ب 35 من أبواب الذبح ح 3.
(5) دعائم الإسلام: ج 2 ص 180 ح 652.
(6) سنن البيهقي: ج 5 ص 237.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 255 ب 3 من أبواب الذبح ح 2.
(8) سنن البيهقي: ج 9 ص 280.
(9) السرائر: ج 3 ص 107.
(10) شرائع الإسلام: ج 3 ص 206.
232
إصابة نخاعها حين الذبح أو قطعه، فقد اختلف فيه كلام اللغويين، وهو يشمل إبانة
الرأس، وفي النهاية (1) والسرائر (2) والوسيلة (3) أنه هي. وقال الشيخ بكراهة الإبانة
في الخلاف (4) وحكى عليه إجماع الصحابة. ونفى في المبسوط (5) الخلاف عن
كراهة النخع، بمعنى البلوغ إلى النخاع. ودليل الكراهة نحو قول الباقر (عليه السلام) في
صحيح محمد بن مسلم: استقبل بذبيحتك القبلة، ولا تنخعها حتى تموت (6) وقول
الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: لا تنخع الذبيحة حتى تموت فإذا ماتت
فانخعها (7) (وأن يقلب السكين فيذبح إلى فوق) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر
حمران. ولا تقلب السكين لتدخلها تحت الحلقوم وتقطعه إلى فوق (8) ولم يحرما
لعموم " إلا ما ذكيتم " ولزوال الحياة المستقرة بفري الأعضاء الأربعة، فما فعل بعده
بمنزلة ما فعل بعد الموت، مع جهل خبر حمران. (وقيل): في النهاية (9)
والغنية (10) (يحرمان) وفي الغنية (11) ذكر الإبانة دون النخع. ووجه الحرمة ظاهر
النهي فيما تقدم، وفي صحيح محمد بن مسلم، سأل الباقر (عليه السلام) عن الرجل يذبح
ولا يسمي، فقال: إن كان ناسيا فلا بأس إذا كان مسلما وكان يحسن أن يذبح ولا
ينخع ولا يقطع الرقبة بعد ما يذبح (12) وصحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام): أنه سئل
عن رجل ذبح طيرا فقطع رأسه أيؤكل منه؟ قال: نعم، ولكن لا يتعمد قطع



(1) النهاية: ج 3 ص 90 - 91.
(2) السرائر: ج 3 ص 107.
(3) الوسيلة: ص 360.
(4) الخلاف: ج 6 ص 53 المسألة 13.
(5) المبسوط: ج 1 ص 389.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 257 ب 6 من أبواب الذبائح ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 258 ب 6 من أبواب الذبائح ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 255 ب 3 من أبواب الذبائح ح 2.
(9) النهاية: ج 3 ص 91، 92.
(10) الغنية: ص 397.
(11) الغنية: ص 397.
(12) وسائل الشيعة: ج 16 ص 267 ب 15 من أبواب الذبائح ح 2.
233
رأسه (1). وادعى ابن زهرة (2) الإجماع. وحرمة الإبانة صريح
ابني حمزة (3) والجنيد (4) وظاهر المقنع (5) والمقنعة (6) والمراسم (7). ونص ابن
الجنيد (8) على حرمة النخع غير الإبانة أيضا. ثم إنه نص في النهاية (9) والوسيلة (10)
والغنية (11) على حرمة الذبيحة، ذلك مع العمد. وفي النهاية (12) والوسيلة (13) على الحل
مع النسيان إن خرج الدم. أما الحرمة مع العمد فلأنها المتبادر هنا، ونحو حسن
الحلبي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن الرجل يذبح فينسى أن يسمي أتؤكل
ذبيحته؟ فقال: نعم إذا كان لا يتهم ويحسن الذبح قبل ذلك ولا ينخع ولا يكسر
الرقبة حتى تبرد الذبيحة (14). وأما الحل مع النسيان إن خرج الدم، فلحسن محمد
ابن مسلم سأل الباقر (عليه السلام) عن مسلم ذبح شاة فسمى فسبقت مديته فأبان الرأس؟
فقال: إن خرج الدم فكل (15) مع عموم " إلا ما ذكيتم " وزوال استقرار الحياة بفري
الأعضاء الأربعة فيما بعده كما بعد الموت وما قبله كجرح لا يزول الحياة (16).
واختار في المختلف (17) حرمة الفعل دون الأكل استنادا في الحل إلى ما سمعته من
صحيح الحلبي (18) والحرمة أن يقصر الحل على النسيان كالتسمية والاستقبال.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 259 ب 9 من أبواب الذبائح ح 5.
(2) الغنية: ص 397.
(3) الوسيلة: ص 360.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 302.
(5) المقنع: ص 415.
(6) المقنعة: ص 580.
(7) المراسم: ص 209.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 302.
(9) النهاية: ج 3 ص 91.
(10) الوسيلة: ص 360.
(11) الغنية: ص 397.
(12) النهاية: ج 3 ص 91.
(13) الوسيلة: ص 360.
(14) وسائل الشيعة: ج 16 ص 267 ب 15 من أبواب الذبائح ح 3.
(15) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 55 ح 230.
(16) من قوله: " مع عموم " إلى قوله: " يزول الحياة " غير موجود في بعض النسخ.
(17) مختلف الشيعة: ج 8 ص 303.
(18) وسائل الشيعة: ج 16 ص 259 ب 9 من أبواب الذبائح ح 5.
234
(و) يكره (أن يذبح) حيوان (وحيوان آخر ينظر إليه) لقول
أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر غياث بن إبراهيم: لا تذبح الشاة عند الشاة ولا الجزور
عند الجزور وهو ينظر إليه (1) ولا يفهم منه إلا الكراهة إذا تجانسا. وظاهر النهاية (2)
التحريم. والكراهة أولى، لضعف الخبر، مع الأصل إلا أن يدخل ذلك في تعذيب
الناظر فيتجه التحريم وليس ببعيد.
(الفصل الثاني في اللواحق)
(يكره سلخ الذبيحة قبل بردها) وفاقا لابن إدريس (3) والمحقق (4) لقول
الرضا (عليه السلام) في مرفوع محمد بن يحيى: الشاة إذا ذبحت وسلخت أو سلخ شيء منها
قبل أن تموت فليس يحل أكلها (5) وعن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه نهى أن تسلخ الذبيحة أو
يقطع رأسها حتى تموت وتهدأ (6). وحرم الأكل به الشيخ في النهاية (7) وبنو
زهرة (8) وحمزة (9) والبراج (10) لظاهر الخبر، وادعى ابن زهرة (11) الإجماع عليه.
والأقوى ما اختاره الشهيد (12) من حرمة الفعل - كما في النهاية لأنه إيلام للحيوان
بلا فائدة وقد نهي عن تعذيب الحيوان - دون الأكل، للأصل، وعموم " إلا ما
ذكيتم " وضعف الخبرين (13) عن إثبات الحرمة. (أو قطع شيء من أعضائها)
وقد يحمل عليه قوله (عليه السلام): أو سلخ شيء منها، ويتجه التحريم للتعذيب. ولا يحرم



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 258 ب 7 من أبواب الذبائح ح 1.
(2) النهاية: ج 3 ص 93.
(3) السرائر: ج 3 ص 110.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 205.
(5) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 56 ح 233.
(6) دعائم الإسلام: ج 2 ص 176 ح 630.
(7) النهاية: ج 3 ص 93 - 94.
(8) الغنية: ص 397.
(9) الوسيلة: ص 360.
(10) المهذب: ج 2 ص 440.
(11) الغنية: ص 397.
(12) الدروس الشرعية: ج 2 ص 415 درس 201.
(13) تقدما آنفا.
235
المقطوع كما نص عليه في التحرير (1) لكونه بعد التذكية. وفي المبسوط: لا يجوز
تقطيع لحمها قبل أن تبرد، فإن خولف وقطع قبل أن تخرج الروح لا تحل عندنا (2).
وفي الكافي: ما قطع منها قبل البرد ميتة (3) قال الشهيد: وفيه بعد (4). (و) يكره (إبانة
الرأس على رأي) كما عرفت، وكلامه هنا وفي غيره ظاهر في مغايرتها للنخع.
(ووقت) ذبح (الأضحية ما بين طلوع الشمس) يوم النحر (إلى غروبها)
آخر التشريق فيدخل فيه الليالي، أو طلوعها من كل يوم إلى غروبها منه فلا
تدخل، فإن في الدخول وجهين تردد فيهما في التحرير (5). وفي ابتداء الوقت
وجهان، أحدهما أنه بعد مضي مقدار الصلاة والخطبتين.
(ويكره الذبح ليلا إلا مع الضرورة) لنهي النبي (صلى الله عليه وآله) عنه (6) وقول
الصادق (عليه السلام) في خبر أبان بن تغلب: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يأمر غلمانه أن لا
يذبحوا حتى يطلع الفجر، ويقول: إن الله جعل الليل سكنا لكل شيء، قال أبان:
قلت جعلت فداك فإن خفنا؟ قال: فإن كنت تخاف الموت فاذبح (7).
(و) يكره (يوم الجمعة قبل الزوال) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر الحلبي: كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكره الذبح وإراقة الدم يوم الجمعة قبل الصلاة إلا عن ضرورة (8).
(ويستحب متابعة الذبح حتى يستوفي أعضاءه الأربعة) احترازا عن
أن يموت قبل الاستيفاء فيحرم، ولا يجب - كما قيل (9) - للأصل، وامتثال الأمر إذا



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 159 س 6.
(2) المبسوط: ج 1 ص 389.
(3) الكافي في الفقه: ص 277.
(4) الدروس الشرعية: ج 2 ص 415 درس 201.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 107 س 24.
(6) السنن الكبرى: ج 9 ص 290.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 274 ب 21 من أبواب الذبائح ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 274 ب 20 من أبواب الذبائح ح 1.
(9) مسالك الأفهام: ج 11 ص 512.
236
قطعت الأعضاء الأربعة قبل الموت، ولأنه إن قطع عضو منها فبقى حيا مستقرة
الحياة أياما ثم قطع الباقي حل اتفاقا. وفيه: أن من البين أن قطع الأربعة إنما يجب
إذا تحققت فالذبح هنا قطع الباقي، ولذا لو انقطع البعض من غير أن يقطعه الذابح
بشروط التذكية ثم قطع الباقي بشروطها حل. ووجه الوجوب أنه المتبادر، ولا يتم
إلا إذا وجد نص في الأخبار على كيفية الذبح بقطعها ونحوه وليس في النصوص
إلا أنه إذا فري الأوداج حل (1) وإنه عند التراخي لا يكون لقطع بعضها مدخل في
زوال استقرار الحياة. والكبرى ممنوعة كما يظهر الآن. (فلو قطع البعض
وأرسله ثم استأنف قطع الباقي فإن كان بعد الأول حياته مستقرة حل)
اتفاقا، وإلا لزم وجود حيوان محلل حي لا يقبل التذكية. (وإلا حرم على
إشكال: لاستناد إزهاق الروح) بالكلية (إلى) مجموع (الذبح) الذي هو
مجموع القطعين وإن استند إلى الأول ذهاب الاستقرار، ومن أن ذهاب الاستقرار
بمنزلة الموت وقد استند إلى الأول.
(ولو ذبح من القفاء أو قطعت الرقبة وبقيت أعضاء الذبح فإن أسرع في الذبح
حتى انقطع الحلق) بانقطاع الأعضاء الأربعة (قبل أن ينتهي) المذبوح (إلى
حركة المذبوح) أي إلى عدم استقرار الحياة (حل، وإن بقيت حياته) بقطع
الرقبة (غير مستقرة حرم، وكذا لو عقرها السبع) أو جرح بغير ذلك.
(ولو شرع في الذبح فانتزع آخر حشوته) بالضم والكسر أي أمعاءه
(معا أو فعل) الآخر من غير ذلك (ما لا يستقر معه الحياة حرم) لأنهما
كآلتين للصيد اشتركتا في عقره إحداهما جامعة للشروط دون الاخرى، فإن الحل
مشروط بالموت بالتذكية، وهنا غير معلوم.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 253 ب 2 من أبواب الذبائح ح 1.
237
ثم إن استقرار الحياة في هذه المسائل على ما اختاره المصنف وجماعة
بمعناه الذي ذكروه والعلم به وجودا وعدما ممكن في العادة، وعلى ما عرفت
بمعنى الحركة القوية أو خروج الدم المعتدل ففي المسألة الأخيرة بمعنى أنه اشترك
مع الذبح فعل لا يبقى للمذبوح بعده حركة قوية ولا دم معتدل لو ذبح بعده.
(وكل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان إما لاستعصائه أو لحصوله
في موضع يتعذر) فيه (الوصول إلى موضع التذكية وخيف فوته جاز
عقره بالسيوف، وكل ما يجرح) وحل إذا مات بذلك (وإن لم يصادف
موضع الذكاة) كما عرفت غير مرة.
(وما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح واللحوم حلال لا يجب
الفحص عنه) سواء كان فيهم من يستحل ذبيحة الكتابي ومن لا يشترط في
التذكية ما شرطناه وغيرهم، وسواء علم إسلام من يؤخذ منه أو لا، لعموم الفتاوى،
والأخبار كصحيح الفضلاء (1) وحسنهم (2) سألوا الباقر (عليه السلام) عن شراء اللحم من
الأسواق ولا يدرون ما صنع القصابون؟ فقال: كل إذا كان في سوق المسلمين ولا
تسأل عنه. مع أن عامة أهل الأسواق في تلك الأزمان كانوا من العامة. واستشكل
في التحرير (3) إذا كان البائع معتقدا لإباحة ذبيحة الكتابي ثم استقرب المنع. وهو
ضعيف لما عرفت، لكنه موافق لأصل عدم التذكية الموجب للحرمة الذي اعتبره
الأصحاب فيما تقدم وفي اللحم والجلد المطروحين في الطرق. وما ذكرناه من
العموم يوافق أصل الإباحة والطهارة خرج منه ما علم موته بلا تذكية. ويمكن أن
يكون الإباحة من السوق تخفيفا من الشارع وامتنانا على المؤمنين، كما حكم



(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 332 ح 4185.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 294 ب 29 من أبواب الذبائح ح 1.
(3) تحرير الأحكام: ج 2 ص 159 س 15.
238
بطهارة العامة مع كونهم من المنافقين الذين هم أشد الكفار كفرا لذلك.
(وذكاة السمك إخراجه من الماء حيا) بل خروجه من الماء حيا
مع أخذه حيا كما سيظهر. (و) لا خلاف في أنه (لا يشترط التسمية) كما
نطقت به النصوص كحسن الحلبي سأل الصادق (عليه السلام) عن صيد الحيتان وإن لم
يسم، قال: لا بأس به (1).
(ولو) لم يخرجه من الماء بل (وثب) وخرج منه بنفسه (فأخذه حيا
حل) اتفاقا كما في صحيح علي بن جعفر، سأل أخاه عن سمكة وثبت من نهر
فوقعت على الجد من النهر فماتت هل يصح أكلها؟ قال: إن أخذتها قبل أن تموت
ثم ماتت فكلها وإن ماتت قبل أن تأخذها فلا تأكلها (2) (ولو) وثب ولم يأخذه
بل (أدركه بنظره فالأقرب التحريم) وفاقا للأكثر، لنحو هذا الخبر، وقول
الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي: إنما صيد الحيتان أخذه (3) ولأبي بصير إنما صيد
الحيتان أخذها (4). وخلافا للنهاية ونكتها (5) لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر سلمة
ابن أبي حفص إذا أدركتها وهي تضطرب وتضرب بيديها وتحرك ذنبها وتطرف
بعينها فهي ذكاتها (6) والإدراك في الأخذ أظهر منه في الإحساس وخبر عبد الله بن
بحر عن رجل عن زرارة، قال: قلت: السمك يثب من الماء فيقع على الشط
فيضطرب حتى تموت، فقال: كلها (7) ولعموم نحو " الحيتان ذكي " و " أحلت لنا " و



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 296 ب 31 من أبواب الذبائح ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 301 ب 34 من أبواب الذبائح ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 299 ب 32 من أبواب الذبائح ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 299 ب 32 من أبواب الذبائح ح 5.
(5) النهاية ونكتها: ج 3 ص 80.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 302 ب 34 من أبواب الذبائح ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 302 ب 34 من أبواب الذبائح ح 4.
239
" أحلت ميتتان ".
(ولا يشترط إسلام مخرجه) وفاقا للمشهور للأصل، والعمومات
والخصوصات وهي كثيرة: كخبر سليمان بن خالد سأل الصادق (عليه السلام) عن الحيتان
التي يصيدها المجوس، فقال: إن عليا (عليه السلام) كان يقول: الحيتان والجراد ذكي (1)
وصحيح الحلبي سأل الصادق (عليه السلام) عن صيد المجوسي للسمك آكله؟ فقال: ما كنت
لآكله حتى أنظر إليه (2). واحتاط ابن زهرة (3) باشتراطه وهو ظاهر المفيد (4) وبه
يشعر كلام الاستبصار حيث اشترط أخذ المسلم له من الكافر حيا، لحسن عيسى
ابن عبد الله سأل الصادق (عليه السلام) عن صيد المجوسي؟ فقال: لا بأس إذا أعطوكه حيا
والسمك أيضا وإلا فلا يجوز شهادتهم إلا أن تشهد (5). وهو في الدلالة على
المشهور أظهر، ولأن الصيد هنا ذكاة والكافر ليس أهلا لها كما ورد به الخبر. وفيه:
منع كونه ذكاة حقيقة، فإن التذكية في العرف إنما هي الذبح، فيؤيده أنه جعل في
النصوص ميتة مع اشتهارها فيها في غير المذكى، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) حين
سئل عن دم السمك: لا بأس بدم ما لم يذك (6) (نعم يشترط الإشراف عليه)
كما نطق به خبر الحلبي وغيره (فلو أخرجه مجوسي) أو كتابي أو غيرهما
(والمسلم ينظر إليه ومات في يده حل للمسلم أخذه، ولا يحل له ما
يجده في يده ميتا) وإن أخبر بأنه أخذه حيا، لأن شهادته لا تجوز كما نص
عليه الخبر (7) (إلا أن يعلم أنه خرج من الماء حيا) بشهادة مسلم.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 298 ب 32 من أبواب الذبائح ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 298 ب 32 من أبواب الذبائح ح 1.
(3) الغنية: ص 397.
(4) المقنعة: ص 577.
(5) الاستبصار: ج 4 ص 64 ذيل الحديث 228 و ح 229.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1030 ب 23 من أبواب النجاسات ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 298 ب 32 من أبواب الذبائح ح 3.
240
(ويشترط) إتفاقا منا خلافا للشافعي (1) (أن يموت خارج الماء. فلو
أخرجه حيا ثم أعاده إلى الماء ومات فيه لم يحل) كما في صحيح أبي
أيوب سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل اصطاد سمكة فربطها بخيط وأرسلها في الماء
فماتت أتؤكل؟ فقال: لا (2). وفي خبر عبد الرحمن بن سيابة سأله عن السمك يصاد
ثم يجعل في شيء ثم يعاد في الماء فيموت فيه، قال: لا تأكله، لأنه مات في الذي
فيه حياته (3). (وإن كان ناشبا في الآلة) خلافا للحسن (4) فأحل ما يموت
في حظيرة جعلت في الماء لصيد السمك. وصحيح محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام)
" في رجل نصب شبكة في الماء ثم رجع إلى بيته وتركها منصوبة، فأتاها بعد ذلك
وقد وقع فيها سمك فيموتن، فقال: ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيها " (5)
فليس نصا في الموت في الماء، لجواز أن يكون إذا أتاها وجدها نضب عنها الماء
وماتت السمك فيها فيحكم بموتها بعد النضوب، للأصل والظاهر فيحل، لصدق
الأخذ حيا، أو وجدها وقع فيها السمك ثم ماتت لما أخرج الشبكة، وبالجملة
رآها حية وأنها ماتت خارج الماء فتحل قطعا. ومقصود السائل إنما هو السؤال
عن أن مثل ذلك هل يعد في الأخذ، على أن عود ضمير " فيها " إلى اليد أظهر
بالنظر إلى التأنيث، فيفيد أنه لا بأس بأكل ما وقع في اليد ثم مات وإن كان الوقوع
أعم منه بواسطة الشبكة ونحوها. وخبر حماد بن عثمان عن الحلبي قال: سألت
عن الحظيرة من القصب يجعل في الماء للحيتان فيدخل فيها الحيتان فيموت
بعضها فيها؟ فقال: لا بأس به، إن تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد فيها (6) إنما تضمن



(1) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 40.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 300 ب 33 من أبواب الذبائح ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 300 ب 33 من أبواب الذبائح ح 2.
(4) نقله عنه مختلف الشيعة: ج 8 ص 264.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 303 ب 35 من أبواب الذبائح ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 303 ب 35 من أبواب الذبائح ح 3.
241
نفي البأس عن الفعل دون الأكل. وقول الباقر (عليه السلام) في خبر مسعدة بن صدقة: إذا
ضرب صاحب الشبكة بالشبكة فما أصاب فيها من حي أو ميت فهو حلال ما خلا،
ما ليس له قشر، ولا يؤكل الطافي من السمك (1) يحتمل ما مات في الشبكة خارج
الماء قبل الأخذ باليد وما مات بعده. هذا مع ضعف الأخيرين واحتمال الكل التقية.
(ولو نصب شبكة في الماء فمات فيها) في الماء (بعضه واشتبه
بالحي حرم الجميع على رأي) وفاقا لابني حمزة (2) وإدريس (3) لثبوت حرمة
ما مات في الماء، وعموم ما دل على وجوب الاجتناب إذا اختلط الحلال
بالحرام، وخصوص خبر عبد المؤمن أمر رجلا، يسأل الصادق (عليه السلام) عن رجل صاد
سمكا وهن أحياء ثم أخرجهن بعد ما مات بعضهن، فقال: ما مات فلا تأكله، فإنه
مات فيما كان فيه حياته (4) فإنه يعم الاشتباه. وخلافا للحسن (5) والشيخ (6)
والقاضي (7) والمحقق (8) لتلك الأخبار (9) وأصل الحل، وعموم البلوى. وسيأتي أن
جماعة منهم الصدوق (10) والمفيد (11) اعتبروا - في السمكة تؤخذ فلا يعلم ذكاتها
وعدمها - الطفو على الماء وعدمه، فما طفا على ظهره فهو ميتة وما طفا على وجهه
فهو ذكي، فيتجه اعتبار ذلك هنا كما صرح به في الجامع للشرائع (12).
(ويباح أكله حيا على رأي) وقد تقدم الكلام فيه.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 303 ب 35 من أبواب الذبائح ح 4.
(2) الوسيلة: ص 355.
(3) السرائر: ج 3 ص 90.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 303 ب 35 من أبواب الذبائح ح 1.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 264.
(6) النهاية: ج 3 ص 83 - 84.
(7) المهذب: ج 2 ص 438.
(8) شرائع الإسلام: ج 3 ص 208.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 303 ب 35 من أبواب الذبائح.
(10) المقنع: ص 423.
(11) المقنعة: ص 577.
(12) الجامع للشرائع: ص 386.
242
(ولو ضرب السمكة بآلة في الماء فصير حياتها غير مستقرة ثم
أخرجها) قبل الموت (فالأقرب التحريم) لأن زوال الاستقرار بمنزلة الموت
الذي لا يدرك معه ذكاة المذبوحات، فكذا ذكاة السمك. ويحتمل الحل لصدق
الحي عليه وإخراجه حيا في الجملة.
(وذكاة الجراد أخذه) باليد أو الآلة (حيا، ولا يشترط الإسلام في
آخذه) للأصل، وعموم نحو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): الجراد ذكي فكله (1) خلافا
لابن زهرة (2) وظاهر المفيد (3) كما تقدم في السمك. (ولا التسمية) لذلك. (ولو
أخذه ميتا لم يحل) اتفاقا كما يظهر، ولصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عن
الجراد نصيبه ميتا في الصحراء أو في الماء أيؤكل؟ فقال: لا تأكله (4).
(ولا يحل الدبى) كالعصى اتفاقا كما في الغنية (5) (وهو الصغير منه إذا
لم يستقل بالطيران) كذا في الصحاح والديوان والنهاية الأثيرية، وهو يشمل ما
إذا نبتت له جناح صغير وهو المراد هنا كما نص عليه الفقهاء وسيظهر. والمشهور
عند اللغويين أنه الذي لم ينبت له جناح، وفي النهاية الأثيرية، وقيل: هي نوع
يشبه الجراد. ويوافقه خبر عمار عن الصادق (عليه السلام) في الذي يشبه الجراد، وهو
الذي يسمى الدبى ليس له جناح يطير به إلا أنه يقفز قفزا أيحل أكله؟ قال: لا يحل
ذلك، لأنه مسخ (6). وفي نظام الغريب أن الدبى من الجراد أول ما يظهر من بيضه،
وفوقه البرقان وهو أول ما يصفر ويظهر فيه خطوط، وفوقه المسح وهو ما ظهر فيه
خطوط بيض وسود وصفر قبل ظهور حجم أجنحته، وفوقه الكتفان وهو ما ظهر



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 305 ب 37 من أبواب الذبائح ح 4.
(2) الغنية: ص 397.
(3) المقنعة: ص 577.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 305 ب 37 من أبواب الذبائح ح 1.
(5) الغنية: ص 397 - 398.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 306 ب 37 من أبواب الذبائح ح 7.
243
حجم أجنحته فإذا بصرت موضعها رأيته شاخصا، وفوقه الغوغا بالمد والقصر وهو
أول ما يظهر أجنحته ويصير أحمر إلى الغبرة ويستقل من الأرض ويموج بعضه
في بعض ولا يتوجه لجهة واحدة. وبأي معنى أخذ (فيحرم أكله لو أخذه)
ويدل على الحرمة صحيح علي بن جعفر سأل أخاه (عليه السلام) عن الدبى من الجراد
أيؤكل؟ قال: لا يحل حتى يستقل بالطيران (1) ولخروجه عن اسم الجراد في
العرف، ويؤيده قوله تعالى " والجراد والقمل " (2) إن كان بمعنى الدبى كما هو أحد
الأقوال. وزاد ابن إدريس أنه ليس من الصيد (3) حينئذ.
(ولو احترق الجراد في أجمة وغيرها قبل أخذه لم يحل وإن قصده
المحرق) فقد سئل الصادق (عليه السلام) في خبر عمار عن الجراد إذا كان في قراح
فيحرق ذلك القراح فيحترق الجراد وينضج بتلك النار هل يؤكل؟ قال: لا (4).
* * *



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 305 ب 37 من أبواب الذبائح ح 1.
(2) الأعراف: 133.
(3) السرائر: ج 3 ص 96.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 306 ب 37 من أبواب الذبائح ح 5.
244
(المقصد الخامس)
(في الأطعمة والأشربة) (1)
(وفيه فصلان):
(الأول حالة الاختيار)
(وفيه مطالب) خمسة:
(الأول حيوان البحر)
(ويحل منه السمك الذي له فلس خاصة، سواء بقي عليه كالشبوط)
كسفود، ويخفف وهو بالشين المعجمة وبالمهملة لغة فيه، وهو دقيق الذنب عريض
الوسط لين المس صغير الرأس (أو لا، كالكنعت) وهو الكنعد كما في
السرائر (2) فقال حماد بن عثمان للصادق (عليه السلام): ما تقول في الكنعت؟ فقال: لا بأس
بأكله قال: فإنه ليس له قشر، فقال: بلى ولكنها سمكة سيئة الخلق تحتك بكل شيء،
وإذا نظرت في أصل أذنها وجدت لها قشر (3).



(*) كذا في القواعد أيضا، ولم نعلم الوجه في جعل " الأطعمة والأشربة " مقصدا من مقاصد
كتاب الصيد والذبائح، وهو (قدس سره) أعلم بما صنع.
(2) السرائر: ج 3 ص 99.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 336 ب 10 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
245
(ويحرم ما لا فلس له كالجري) بكسر الجيم والراء المهملة وشدها
مع الياء في المشهور، وفي الانتصار (1) الإجماع عليه، ويؤيده نحو
قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر أبي سعيد: لا تشتروا الجريث ولا المارماهي
ولا الطافي على الماء ولا تبيعوه (2) وقول الصادق (عليه السلام) في مرسل ابن فضال:
الجري والمارماهي والطافي حرام في كتاب علي (عليه السلام) (3) والأخبار العامة (4) في
حرمة ما لا قشر له.
لكن في الصحيح أن زرارة سأل الباقر (عليه السلام) عن الجريث؟ فقال: " قل لا أجد
فيما اوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية، ثم قال: لم يحرم الله
شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، ويكره كل شيء من البحر ليس له
قشر مثل الورق وليس بحرام إنما هو مكروه (5).
وأن محمد بن مسلم سأل الصادق (عليه السلام) عن الجري والمارماهي والزمير
وما ليس له قشر من السمك أحرام هو؟ فقال لي: يا محمد اقرأ هذه الآية التي
في الأنعام " قل لا أجد فيما اوحي إلي محرما " قال: فقرأتها حتى فرغت منها،
فقال: إنما الحرام ما حرم الله ورسوله في كتابه، ولكنهم قد كانوا يعافون أشياء
فنحن نعافها (6).
فإن كان الإجماع منعقدا على تحريمه لم يكن بد من حملها على التقية، وأن
المراد بالحرام ما قابل الفريضة بأحد معانيها وهو ما نص في الكتاب على تحريمه.
ولعدم وجدان الخلاف فيه قطع المصنف بحكمه.



(1) الانتصار: ص 186 - 187.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 333 ب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 14.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 334 ب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 15.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 329 ب 8 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 334 ب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 19.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 335 ب 9 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 20.
246
والظاهر أن الجري هو الجريث وفي مكاسب السرائر (1): وأنهما اثنان، وهو
موافق لبعض كتب اللغة، وفي بعضها أن الجريث هو المارماهي.
(وفي المارماهي والزمار) وهو الزمير كسكيت (والزهو) بالزاء
المعجمة قاله ابن إدريس، قال: لا قشر له ولا هو سمك (2) (روايتان) سمعتهما
في الأولين. وأما الزهو فروى إسحاق صاحب الحيتان قال: خرجنا بسمك نتلقى
به أبا الحسن الرضا (عليه السلام) وقد خرجنا من المدينة وقد قدم هو من سفر له فقال:
ويحك يا فلان لعل معك سمكا فقلت: نعم، يا سيدي جعلت فداك فقال: انزلوا ثم
قال ويحك لعله زهو؟ قال: قلت: نعم، فأريته، فقال: اركبوا لا حاجة لنا فيه والزهو
سمك ليس له قشر (3) فهي رواية الحرمة، وما تقدم يكفي في حله. وبإزائهما
قولان: فالأكثر ومنهم الشيخ في موضعين من النهاية (4) الحرمة حتى أنه في
الحدود أوجب قتل مستحلها (5) وفي الانتصار (6) الإجماع عليه، والقول الآخر
للشيخ في كتابي الأخبار (7) وموضع من النهاية بالكراهة.
(ولا بأس بالربيثا) بفتح الراء وكسر الباء كذا في السرائر (8). ففي صحيح
محمد بن إسماعيل، أنه كتب إلى الرضا (عليه السلام) اختلف الناس في الربيثا فما تأمرني
به فيها؟ فكتب (عليه السلام) لا بأس بها (9) وفي الحسن عن عمر بن حنظلة قال: حملت إلي
ربيثا يابسة في صرة، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته عنها، فقال: كلها فلها



(1) السرائر: ج 2 ص 222.
(2) السرائر: ج 3 ص 99.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 337 ب 11 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(4) النهاية: ج 2 ص 99.
(5) النهاية: ج 3 ص 319.
(6) الانتصار: ص 186 - 187.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ذيل الحديث 14، الاستبصار: ج 4 ص 59 ذيل الحديث 206.
(8) السرائر: ج 3 ص 99.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 338 ب 12 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
247
قشر (1) وعن حنان بن سدير، قال: أهدى الفيض بن المختار إلى أبي عبد الله (عليه السلام)
ربيثا فأدخلها عليه وأنا عنده فنظر إليها فقال: هذه لها قشر فأكل منها، ونحن نراه (2)
(والطمر) بالطاء غير المعجمة المكسورة والميم الساكنة والراء غير المعجمة كذا
في السرائر (والطبراني) بالطاء غير المعجمة المفتوحة والباء بنقطة واحدة من
تحتها المفتوحة والراء غير المعجمة كذا في السرائر (3) (والإبلامي) بكسر الهمزة
وبالباء بنقطة واحدة من تحتها المسكنة كذا في السرائر (4). فعن محمد الطبري، أنه
كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام) سأله عن سمك يقال له الإبلامي وسمك يقال له الطبراني
وسمك يقال له الطمر، فكتب: كله لا بأس به وكتبت بخطي (5).
(ويحرم) عندنا (السلاحف والضفادع والرقاق) جمع رق بالكسر
والفتح وهو دابة مائية تشبه التمساح أو ذكر السلاحف أو كبيرها (والسرطان
وجميع حيوان البحر وإن كان جنسه حلالا في البر) فقد قيل: ما من شيء
في البر إلا ومثله في الماء (سوى السمك). وبخصوص ما هنا - عدا الرقاق -
قول الكاظم (عليه السلام) في صحيح علي بن جعفر: لا يحل أكل الجري ولا السلحفاة ولا
السرطان، وسأله عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر والفرات أيؤكل؟ فقال:
ذلك لحم الضفادع لا يحل أكله (6).
(ولو وجدت سمكة في بطن اخرى) اخذت حية (حلت على رأي)
الشيخين (7) وجماعة، وحرمت عند ابن إدريس (8) (ومنشأ الخلاف عدم اليقين



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 337 ب 12 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 337 ب 12 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(3) السرائر: ج 3 ص 100.
(4) السرائر: ج 3 ص 100.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 331 ب 8 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 342 ب 16 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(7) المقنعة: ص 576، النهاية: ج 3 ص 79.
(8) السرائر: ج 3 ص 100.
248
بالشرط) للحل وهو الأخذ حيا (والاستصحاب) للحياة إلى الأخذ. ويؤيده
خبر السكوني أن عليا (عليه السلام) سئل عن سمكة شق بطنها فوجد فيها سمكة، قال: كلها
جميعا (1). ومرسل أبان قيل للصادق (عليه السلام): رجل أصاب سمكة وفي جوفها سمكة،
قال: يؤكلان جميعا (2).
(ولو وجدت سمكة في جوف حية قيل) في النهاية (3) (حلت إن لم
تنسلخ) لخبر أيوب بن أعين، قال للصادق (عليه السلام): جعلت فداك ما تقول في حية
ابتلعت سمكة ثم طرحتها وهي حية تضطرب أفآكلها؟ فقال (عليه السلام): إن كانت فلوسها
قد تسلخت فلا تأكلها، وإن لم تكن تسلخت فكلها (4) وهو كما ترى صريح في
حياة السمك، والشيخ أطلق ولعل القيد مراده. ثم إن اعتبرنا الأخذ فمعنى الخبر
كلها، إذا أخذتها، ولعل النهي عن أكلها مع التسلخ لتأثير السم فيها. (والوجه
التحريم) في المسألتين كما في السرائر (5) (إلا أن يأخذها حية) فإن ذلك
ذكاتها. ولكن هل أخذ المبتلع من الحية أو السمكة أخذ لما في بطنه حتى أن أخذه
حين ابتلاعه سمكة حية حل ما في بطنه؟ وجهان.
(والطافي) من السمك (حرام) بالاتفاق، والنصوص كما تقدم من خبر
مسعدة بن صدقة (6) وصحيح الحلبي سأل الصادق (عليه السلام) عما يوجد من السمك
طافيا على الماء أو يلقيه البحر ميتا، فقال: لا تأكله (7) (وهو) كما فهم من هذا



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 304 ب 36 من أبواب الذبائح ذيل الحديث 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 304 ب 36 من أبواب الذبائح ح 1.
(3) النهاية: ج 3 ص 79.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 342 ب 15 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(5) السرائر: ج 3 ص 100.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 340 ب 13 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 340 ب 13 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
249
الخبر وغيره (ما يموت في الماء سواء كان) موته (بسبب كسخونة الماء)
وبرودته (وضرب العلق) أي نشوب نحو الشبكة أو آلة البكر أو تلك الدويبة
(أو بغيره) أو حتف أنفه خلافا لأبي حنيفة (1) فأحل ما مات بسبب. وذكر
الصدوق (2) والمفيد (3) والسيد (4) والسلار (5) وبنو حمزة (6) وإدريس (7) وسعيد (8)
والمصنف في التحرير (9): أنه إذا وجد سمكة ولا يدري أذكية هي أم لا، فليعتبرها
فإن طفت على الماء مستلقية على ظهرها فهي غير ذكية، وإن طفت عليه على
وجهها فهي ذكية. قال السيد: ويجب على هذا الاعتبار أن يقول: أصحابنا في
السمك الطافي على الماء أنه ليس بمحرم على الإطلاق بل يعتبرونه بما ذكرناه،
فإن وجدوا طافيا على ظهره أو وجهه عملوا بحسب ذلك، واستدل عليه
بالإجماع (10). وقال ابن زهرة: يعتبر في السمك بطرحه في الماء فإن رسب فهو
ذكي وإن طفا فهو ميت (11) فاستدل عليه بالإجماع.
(وكذا) يحرم (ما يموت في الشبكة الموضوعة في الماء أو
الحظيرة) الموضوعة (فيه) وقد مر الكلام فيهما.
(والجلال) منه (حرام) كهو من غيره (وهو ما يأكل العذرة) لا غير
(إلا أن يستبرأ بجعله في الماء يوما وليلة) كما عند الأكثر، لخبر يونس بن
عبد الرحمن سأل الرضا (عليه السلام) عنه فقال: ينتظر به يوم وليلة (12) واكتفى الصدوق (13)



(1) الحاوي الكبير: ج 15 ص 65.
(2) المقنع: ص 423.
(3) المقنعة: ص 577.
(4) الانتصار: ص 188.
(5) المراسم: ص 207.
(6) الوسيلة: ص 355.
(7) السرائر: ج 3 ص 100.
(8) الجامع للشرائع: ص 386.
(9) تحرير الأحكام: ج 2 ص 160 س 30.
(10) الانتصار: ص 188.
(11) الغنية: ص 401.
(12) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(13) المقنع: ص 421.
250
والشيخ (1) بيوم إلى الليل لرواية الجوهري (2) و (يطعم فيها) أي في
المدة المذكورة (علفا طاهرا بالأصالة) وإن تنجس بالعرض (على
إشكال): من إطلاق الخبر وأن أكله ليس من الجلل فيكفي في زواله، ومن
الاحتياط والاستصحاب وإطلاق الأصحاب العلف الطاهر وهو حقيقة فيما ليس
بنجس ذاتا ولا عرضا.
(والبيض تابع) في الحل والحرمة للحيوان (فإن اشتبه بيض المحلل
بالمحرم اكل الخشن خاصة) كذا ذكره أكثر الأصحاب، ولم أقف على مستنده،
ولعلهم استندوا إلى خبر أو تجربة. ثم الأكثر أطلقوا أنه يؤكل من بيض السمك
الخشن دون الأملس، وفهم منه ابن إدريس أن بيض ما حل منها إذا انقسمت
إلى خشن وأملس اكل الخشن خاصة، فقال: لا دليل على صحة هذا القول من
كتاب ولا سنة ولا إجماع، ولا خلاف أن جميع ما في بطن السمك طاهر، ولولا
كان ذلك صحيحا لما حلت الصحناة (3) وفهم منه المصنف والمحقق (4) أنه عند
الاشتباه يعتبر بذلك.
(ويجوز صيد السمك بالنجس كالدم والعذرة والميتة) للأصل، وإن
حرمنا استعمال الميتة بأنواعه لم يحرم السمك المصيد بها.
(ولو قذفه البحر حيا أو نضب عنه حيا وأدرك ففي أكله إشكال)
قد تقدم (أقربه اشتراط أخذه حيا) لما مر، وسأل عمار بن موسى
الصادق (عليه السلام) عن الذي ينضب عنه الماء من سمك البحر، قال: لا تأكله (5) وروى
محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) قال: لا يؤكل ما نبذه الماء من الحيتان وما نضب



(1) النهاية: ج 3 ص 79.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 7.
(3) السرائر: ج 3 ص 113.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 218.
(5) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 80 ح 345.
251
الماء عنه فذلك المتروك (1).
(ولو ذبح حيوان البحر) ما يشبه منه ما لا يقبل التذكية من حيوان البر
(مثل كلبه و) ما يشبه ما يقبلها منه مثل (فرسه و) ما لا يشبه شيئا منهما
(غيرهما لم يحل) أكله اتفاقا لما مر من حرمة ما سوى السمك، ولكن جميع
ذلك يقبل التذكية إن كانت له نفس سائلة حتى كلبه وخنزيره، فيطهر ويجوز
استعماله في غير الأكل للعموم.
(المطلب الثاني في حيوان البر)
(وهو إما إنسي أو وحشي، فالأول يحل منه الإبل والبقر والغنم)
بإجماع المسلمين وكره الحلبي (2) الإبل والجاموس (ويكره الخيل والبغال
والحمير الأهلية) صفة للثلاثة (وأدونها) كراهة (الخيل ثم الحمير)
وأشدها البغال.
هذا هو المشهور، للأصل، والنصوص من الآية (3) والأخبار، كصحيح محمد
ابن مسلم، أنه سأل الباقر (عليه السلام) عن سباع الطير والوحش حتى ذكر له القنافذ
والوطواط والحمر والبغال والخيل، فقال: ليس الحرام إلا ما حرم الله في كتابه،
وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم خيبر عن أكل لحوم الحمير وإنما نهاهم من أجل
ظهورهم أن يفنوه، وليست الحمر بحرام، ثم قال: إقرأ هذه الآية: " قل لا أجد فيما
أوحي إلي " الآية (4). لكن إن عمل بظاهره حلت القنافذ وسائر ما ذكر فيه، وإن أول
الحرام بما نص في الكتاب على تحريمه لم يفد المطلوب. وخبر آخر له، أنه سأله
عن لحوم الخيل والبغال، فقال: حلال ولكن الناس يعافونها (5) وحسنه مع زرارة



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 302 ب 13 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
(2) الكافي في الفقه: ص 279.
(3) النحل: 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 327 ب 5 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 326 ب 5 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
252
سألاه (عليه السلام) عن لحم الحمير الأهلية، فقال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أكلها يوم خيبر
وإنما نهى عن أكلها لأنها كانت حمولة الناس وإنما الحرام ما حرمه الله عز وجل
في القرآن (1) وأخبار تحليل ألبان الأتن كحسن العيص، سأل الصادق (عليه السلام) عن
شرب ألبان الأتن، فقال: لا بأس بها (2).
وحرم المفيد (3) الحمير والبغال والهجن من الخيل وجعلها مما لا تقع عليه
الذكاة، لأخبار النهي كصحيح ابن مسكان، سأل الصادق (عليه السلام) عن لحوم الحمير،
فقال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أكلها يوم خيبر (4) وسأله عن أكل الخيل والبغال،
فقال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها، فلا تأكلها إلا أن تضطر إليها (5) وصحيح سعد بن
سعد الأشعري، سأل الصادق (عليه السلام) عن لحوم البراذين والخيل والبغال، فقال:
لا تأكلها (6). وحملت على الكراهة جمعا. وحرم الحلبي البغل (7). ثم ما ذكر من
كون البغل أشد من الحمار هو المشهور، واستدلوا له بتركبه من كراهتين. وقيل (8)
بالعكس لخفة كراهة أحد أبوي البغل، وهو أظهر، والأولى الاستدلال له بكثرة
أخبار النهي عن الحمار.
(ويحرم ما عداها من الكلب والسنور وسائر الحشرات) - أي جميعها
فهو أحد استعمالي سائر، وإن أنكره المحققون - وأراد منها ما يعم الإنسية منها
والوحشية، والظاهر الاتفاق على حرمتها (كالحية والفأرة والعقرب



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 322 ب 4 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 89 ب 60 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 وفيه: " اشربها " بدل
" لا بأس بها ".
(3) المقنعة: ص 768.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 323 ب 4 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 325 ب 5 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 326 ب 5 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5 وفيه: " عن
الرضا (عليه السلام) ".
(7) الكافي في الفقه: ص 277.
(8) السرائر: ج 3 ص 98.
253
والخنافس وبنات وردان والصراصر والجرذان والقنفذ والضب واليربوع
والذباب والقمل والنمل والبراغيث والوبر) بالسكون دويبة كالسنور أو أكبر
أو أصغر لها ذنب يشبه ألية الغنم ولذا يسمى بغنم بني إسرائيل، قال في الخلاف:
سوداء أكبر من ابن عرس تأكل وتجتر (1). قلت وما في الفقيه عن النبي (صلى الله عليه وآله) كل
شيء يجتر فسؤره حلال ولعابه حلال (2) فإن سلم فإما أن يستثنى منها الوبر أو
المراد لعابه الذي يدخل في سؤره ويستهلك به. (والفنك) بالتحريك دويبة
فروها من أحسن الفراء تجلب كثيرا من بلاد الصقالبة. (والسمور والسنجاب
والعظايا واللحكة) كهمزة، قال الجوهري: أظنها مقلوبة من الحلكة (3) ويقال
لها: اللحكا والحلكا بالقصر والمد وهي دويبة زرقاء تبرق يشبه العظاية تغوص في
الرمل كما يغوص طير الماء في الماء. أما ما كان منها من المسوخ فيدل على
حرمته نحو قول الكاظم (عليه السلام) في خبر الحسين بن خالد: قد حرم الله عز وجل
لحوم الأمساخ (4). وأما غيرها فإن كان مما يستخبث أمكن التمسك فيه بقوله
تعالى " ويحرم عليكم الخبائث " (5) وعن أبي حمزة قال: سأل أبو خالد الكابلي
علي بن الحسين (عليهما السلام) عن أكل لحم السنجاب والفنك والصلاة فيهما، فقال أبو
خالد: إن السنجاب يأوي إلى الأشجار، قال: فقال: إن كان له سبلة كسبلة السنور
والفأرة فلا يؤكل لحمه ولا تجوز الصلاة فيه، ثم قال: أما أنا فلا آكله ولا أحرمه (6).
(والثاني) وهو الوحشي، وكأنه لا خلاف في أنه (يحل منه
البقر والكباش الجبلية والغزلان واليحامير) جمع يحمور وهي دابة لها قرنان
طويلان كأنهما منشاران ربما نشرت بهما الأشجار، قيل: إنها



(1) الخلاف: ج 6 ص 77 المسألة 7.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 8 ح 9.
(3) الصحاح: ج 4 ص 1606.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 313 ب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(5) الأعراف: 157.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 373 ب 41 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
254
اليامور (1) وهي من أنواع البقر الوحشية، وقيل: إنه حمار الوحش (2) (والحمر) إلا
أن ابن إدريس كره الحمار (3) (و) هي خيرة التحرير (4) لمكاتبة أبي الحسن (5).
(يحرم السباع كافة) اتفاقا (و) السبع (هي ما كان له ناب أو ظفر
يفرس به وإن كان ضعيفا) فقال الصادق (عليه السلام) في صحيح (6) داود بن فرقد
وحسنه (7): كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام، وقال النبي (صلى الله عليه وآله) في
حسن الحلبي: كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام، وقال لا تأكل منه
شيئا (8) وقال الصادق (عليه السلام) لسماعة: السبع كله حرام وإن كان سبعا لا ناب له (9)
وفي صحيح الحلبي: لا يصلح أكل شيء من السباع، إني لأكرهه وأقذره (10) فالسبع
القوي (كالأسد والنمر والفهد والذئب، و) الضعيف نحو (الثعلب والضبع
وابن آوى). وأباح الشافعي الثعلب والضبع (11) ولأصحابه عن ابن آوى
وجهان (12) وكره أبو حنيفة الضبع (13). (وكذا يحرم الأرنب) عندنا فقد ورد في
الأخبار أنه مسخ وقد عد في السباع (14) (وابن عرس) لأنه إما من الحشرات
أو السباع، وللعامة فيه وجهان (15) (والخنزير والسنور الوحشي) لأنه من
السباع وأباحه مالك وأحمد في رواية وبعض الشافعية (16).



(1) لم نعثر عليه.
(2) الصحاح: ج 2 ص 637.
(3) السرائر: ج 3 ص 98.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 159 س 32.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 321 ب 3 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 8.
(6) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 38 ح 161.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 320 ب 3 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 320 ب 3 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 320 ب 3 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 321 ب 3 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(11) المجموع: ج 9 ص 9.
(12) الحاوي الكبير: ج 15 ص 139.
(13) الحاوي الكبير: ج 15 ص 139.
(14) وسائل الشيعة: ج 16 ص 315 ب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 11.
(15) الحاوي الكبير: ج 15 ص 140.
(16) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 67.
255
(المطلب الثالث في الطير)
(ويحرم منه) عندنا (كل ذي مخلاب) لنحو ما مر من الخبرين (1)
(سواء قوي به على الطائر - كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق
- أو ضعف كالنسر والرخمة) محركة هي الأنوق، ويشبه النسر خلقة.
(والبغاث) مثلثة طائر أغبر دون الرخمة، أو شرار الطير التي لا تمتنع ولا تصيد.
(وأما الغراب فيحرم منه الأسود الكبير) الشديد السواد (الذي يسكن
الجبال ويأكل الجيف والأبقع) لخبر أبي يحيى الواسطي سئل الرضا (عليه السلام) عن
الغراب الأبقع، فقال: إنه لا يؤكل ومن أحل لك الأسود؟ (2) ولأنهما يأكلان الجيف
فيستخبثان، لأنهما من سباع الطير كما يقال.
(وأما الزاغ وهو غراب الزرع) وهو أسود صغير قد يكون محمر المنقار
والرجلين لطيف الشكل حسن المنظر، ويقال له غراب الزيتون، وفي عجائب
المخلوقات: إنه الأسود الكبير (3). (والغداف وهو أصغر منه أغبر اللون
كالرماد) كذا في المبسوط (4) والخلاف (5) والشرائع (6) وفي المحيط والمجمل
والمفصل وشمس العلوم أنه الغراب الضخم، وفي الصحاح والديوان والمغرب
وغيرها أنه غراب الغيظ، قال في المغرب ويكون ضخما وافر الجناحين وفي
العين والمعرب المهمل أنه غراب الغيظ الضخم الوافي الجناحين، وفي الأساس
والسامي والمهذب والخلاص: إنه غراب الأسود، وفي التحرير (7) والسرائر (8) أنه



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 320 ب 3 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 و 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 329 ب 7 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(3) عجائب المخلوقات (حياة الحيوان): ج 2 ص 277 وفيه: " الغراب " بدل " الأسود ".
(4) المبسوط: ج 6 ص 281.
(5) الخلاف: ج 6 ص 85 المسألة 15.
(6) شرائع الإسلام: ج 3 ص 220.
(7) تحرير الأحكام: ج 2 ص 160 س 13.
(8) السرائر: ج 3 ص 103.
256
الكبير الأسود الذي يأكل الجيف ويفرس ويسكن الخربان، والمراد هنا المعنى
الأول لأن فيه الخلاف (ففي تحريمهما خلاف) ففي الخلاف استظهر حرمة
الغربان بأنواعها، لإجماع الفرقة، وعموم الأخبار في تحريم الغراب (1) ووافقه
القاضي (2) والمصنف في المختلف، ويدل عليه قول الكاظم (عليه السلام) في صحيح أخيه
علي بن جعفر: لا يحل شيء من الغربان زاغ ولا غيره (3). وفي النهاية (4) وكتابي
الأخبار (5) كرهه مطلقا لقول أحدهما (عليهما السلام) في خبر زرارة: أن أكل الغراب ليس
بحرام إنما الحرام ما حرم الله في كتابه، ولكن الأنفس تتنزه عن كثير من ذلك
تقززا (6). وحرم ابن إدريس ما عدا غراب الزرع (7) وهو خيرة التحرير (8).
(ويحرم كل ما) لم يكن له دفيف أو (كان صفيفه أكثر من دفيفه، ولو
تساويا أو كان الدفيف أكثر لم يحرم) لقول الباقر (عليه السلام) في صحيح زرارة: كل
ما دف، ولا تأكل ما صف (9) قال في الفقيه (10) ونحوه قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن أبي
يعفور (11) وفي حديث آخر إن كان الطير يصف ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه
اكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلا يؤكل (12) وفي خبر سماعة قال الصادق (عليه السلام)
وكل ما صف وهو ذو مخلب فهو حرام والصفيف كما يطير البازي والصقر والحدأة



(1) الخلاف: ج 6 ص 85 المسألة 15.
(2) المهذب: ج 2 ص 429، نسبه إلى الكراهة.
(3) مختلف الشيعة: ج 8 ص 288.
(4) النهاية: ج 3 ص 82.
(5) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 19 ذيل الحديث 73، الاستبصار: ج 4 ص 66 ذيل الحديث 238.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 328 ب 7 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(7) السرائر: ج 3 ص 103.
(8) تحرير الأحكام: ج 2 ص 160 س 12.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 346 ب 19 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 321 ح 4146.
(11) وسائل الشيعة: ج 16 ص 347 ب 19 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 16 ص 347 ب 19 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
257
وما أشبه ذلك، وكل ما دف فهو حلال (1) والحكم قطع به الأصحاب.
(ويحرم) بالاتفاق كما يظهر (ما ليس له قانصة) وهي في الطير بمنزلة
المصارين في غيرها، وفي المحيط هنة في بطن الطائر وفي الأساس هنة كأنها
حجر في بطن الطائر (2). (ولا حوصلة) بتخفيف اللام وتشديدها، وهي لها
كالمعدة لغيرها. ويظهر من بعض كتب اللغة (3) اتحادها مع القانصة.
(ولا صيصية) بالتخفيف وهي الشوكة التي خلف رجلها خارجة عن كفها، وهي
لها بمنزلة الإبهام للإنسان (ويحل ما له أحدها إذا لم ينص على تحريمه)
لقول الصادق (عليه السلام) لابن سنان في الصحيح: لا تؤكل ما لم تكن له قانصة (4)
ولسماعة والحوصلة والقانصة يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه وكل طير
مجهول (5) ولمسعدة بن صدقة كل من الطير ما كانت له قانصة ولا مخلب له وسأله
عن طير الماء فقال: مثل ذلك (6) ولابن بكير كل من الطير ما كانت له قانصة أو
صيصية أو حوصلة (7) ولابن أبي يعفور كل ما كانت له قانصة (8) وقول الباقر (عليه السلام)
لزرارة في الحسن وقد سأله عما يؤكل من الطير كل ما دف ولا تأكل ما صف (9)
قال فطير الماء؟ قال: ما كانت له قانصة فكل وما لم تكن له قانصة فلا تأكل (10)
ولعل تخصيص طير الماء بالسؤال مع أنه (عليه السلام) عمم الحكم أولى كما عمم في



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 346 ب 19 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(2) أساس البلاغة: ص 524 (مادة قنص).
(3) لسان العرب: ج 7 ص 82 (مادة قنص).
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 346 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 346 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 346 ب 19 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
258
السؤال أنه لا يعرف في الغالب طيران طير الماء، وفي خبر سماعة الذي سمعت
بعضه فكل الآن من طير البر ما كان له حوصلة، ومن طير الماء ما كان له قانصة
كقانصة الحمام لا معدة كمعدة الإنسان (1) ولعل التفصيل لكون الغالب ذلك أو لكون
القانصة في طير الماء أظهر والحوصلة في غيرها، ولذا نص على التعميم فيما سمعته
منه. وتخصيص القانصة في بعض الأخبار (2) والنهي عن أكل ما ليست له لعله لتلازم
الثلاثة ولو غالبا. وخبر مسعدة (3) يدل على اشتراط الحل بانتفاء علامة التحريم.
(ويحرم أيضا الخشاف) وهو لغة في الخفاش وهو الوطواط نص عليه
جماعة منهم الشيخ (4) والقاضي (5) وابن إدريس (6) والمحقق (7) وحكى ابن إدريس
الإجماع عليه، ويدل عليه ما دل على أنه مسخ وما دل على حرمة ما كان صفيفه
أكثر. (والطاووس) لقول الرضا (عليه السلام) في خبر سليمان بن جعفر: الطاووس لا
يحل أكله ولا بيضه (8) وفي خبر آخر له: الطاووس مسخ، كان رجلا جميلا فكابر
امرأة رجل مؤمن تحبه فوقع بها ثم راسلته بعد ذلك فمسخهما الله تعالى طاووسين
انثى وذكرا فلا يؤكل لحمه ولا بيضه (9). (والزنابير والبق) لكونهما من
الحشرات، ولورود الخبر بكون الزنبور مسخا (10) وللاستخباث على ما قيل (11).
(وبيض ما يحرم أكله، لا) بيض (ما يحل) فإنه حلال، بالاتفاق فيهما كما



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(4) النهاية: ج 3 ص 82.
(5) المهذب: ج 2 ص 429.
(6) السرائر: ج 3 ص 104.
(7) شرائع الإسلام: ج 3 ص 221.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 313 ب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 314 ب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 314 ب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 7.
(11) تحرير الأحكام: ج 2 ص 160 س 21.
259
هو الظاهر، وقال الصادق (عليه السلام) في خبر ابن أبي يعفور: إن البيض إذا كان مما يؤكل
لحمه لا بأس بأكله فهو حلال (1) وفي خبر داود بن فرقد: كل شيء يؤكل لحمه
فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو إنفحة فكل ذلك حلال طيب (2). (ولو اشتبه
حرم ما اتفق طرفاه دون ما اختلفا) قطع به الأصحاب، لنحو قول أحدهما في
صحيح محمد بن مسلم: إذا دخلت أجمة فوجدت بيضا فلا تأكل منه إلا ما اختلف
طرفاه (3) وقول الصادق (عليه السلام) لابن سنان في الصحيح وسأله عن بيض طير الماء: ما
كان منه مثل بيض الدجاج يعني على هيئته فكل (4) وقول الباقر (عليه السلام) لزرارة: ما
استوى طرفاه فلا تأكل وما اختلف طرفاه فكل (5).
(ويكره الهدهد) لقول الكاظم (عليه السلام) لعلي بن جعفر في الصحيح: لا يؤذى
ولا يذبح، فنعم الطير هو (6) وقول الرضا (عليه السلام) في خبر سليمان الجعفري: نهى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قتل الهدهد والصرد والصوام والنحلة (7) والأخبار كلها إنما
تضمنت النهي عن قتله سواء بقي على ظاهره من التحريم، أو أول بالكراهة، لعدم
ثبوت الحرمة بأخبار الآحاد بدون ضميمة فتوى الأصحاب فلا يثبت بها حرمة
الأكل ولا يبعد الكراهة احترازا عن القتل. (والخطاف على رأي) وفاقا
للمحقق (8) لأنه يدف، وقال الصادق (عليه السلام) في خبر عمار: هو مما يؤكل (9) مع خبر



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 355 ب 27 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 59 ب 40 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 347 ب 20 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 348 ب 20 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2 وفيه: " خلقته "
بدل " هيئته ".
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 348 ب 20 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 248 ب 40 من أبواب الصيد ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 249 ب 40 من أبواب الصيد ح 3.
(8) شرائع الإسلام: ج 3 ص 221.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 248 ب 39 من أبواب الصيد ح 6.
260
الحسين بن داود الرقي قال: بينما نحن قعود عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ مر رجل بيده
خطاف مذبوح، فوثب إليه أبو عبد الله (عليه السلام) حتى أخذه من يده ثم رمى به، ثم قال:
أعالمكم أمركم بهذا أم فقيهكم؟ لقد أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
نهى عن قتل الستة النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف (1) ولقول
الصادق (عليه السلام) في خبر عمار: خرء الخطاف لا بأس به، وهو مما يحل أكله، ولكن
كره أكله، لأنه استجار بك وآوى في منزلك، وكل طير يستجير بك فأجره (2).
وحرمه الشيخ في النهاية (3) وابنا إدريس (4) والبراج (5) لأخبار النهي، وضعف
خبري عمار، مع احتمال الأول للإنكار. (والفاختة) لقول الصادق (عليه السلام): إنها
طائر شوم يقول فقدتكم (6) وهو ضعيف سندا ودلالة. (والقبرة) وهي القنبرة
لنحو قول الرضا (عليه السلام) في خبر سليمان الجعفري: لا تأكلوا القنبرة ولا تسبوها ولا
تعطوها الصبيان يلعبون بها، فإنها كثيرة التسبيح لله تعالى، وتسبيحها لعن الله
مبغضي آل محمد (7). (والحباري) على رواية شاذة كذا في التحرير (8)
والسرائر (9) وقال الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: إن كانت له قانصة فكل (10)
وفي صحيح كردين المسمعي: وددت أن عندي منه فآكل منه حتى أمتلئ (11) وقال
الكاظم (عليه السلام) في خبر نشيط بن صالح: لا أرى بأكل الحباري بأسا، وأنه جيد



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 247 ب 39 من أبواب الصيد ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 248 ب 39 من أبواب الصيد ح 5.
(3) النهاية: ج 3 ص 82.
(4) السرائر: ج 3 ص 104.
(5) المهذب: ج 2 ص 429.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 386 ب 41 من أبواب أحكام الدواب ح 2، نقلا بالمعنى.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 249 ب 41 من أبواب الصيد ح 1.
(8) تحرير الأحكام: ج 2 ص 160 س 16.
(9) السرائر: ج 3 ص 103.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 350 ب 21 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 16 ص 350 ب 21 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
261
للبواسير ووجع الظهر، وهو مما يعين على كثرة الجماع (1). (وأغلظ منه) أي
الحباري (كراهة الصرد) مهمل الحروف كرطب طائر فوق العصفور يصيد
العصافير، قال نضر بن شميل: ضخم الرأس ضخم المنقار، له برثن عظيم أبقع نصفه
أسود ونصفه أبيض، لا يقدر عليه أحد، وهو شرير النفس، شديد النقرة، غذاؤه من
اللحم، وله صفير مختلف يصفر لكل طائر يريد صيده بلغته فيدعوه إلى التقرب منه
فإذا اجتمعن إليه شد على بعضهن، وله منقار شديد فإذا نقر واحدا قده من ساعته
وأكله، ومأواه الأشجار ورؤوس التلاع وأعالي الحصون (2) قيل: ويسمى المجوف
لبياض بطنه، والأخطب لخضرة ظهره، والأخيل لاختلاف لونه (3) وقال الصنعاني: إنه
يسمى السميط (4) مصغرا. (والصوام) بضم الصاد وتشديد الواو، وهو طائر أغبر
اللون طويل الرقبة أكثر ما يبيت في فيء النخل، كذا في السرائر (5) والتحرير (6).
(والشقراق) بكسر الشين المعجمة والقاف وتشديد الراء كطرماح، وربما
فتح الشين والكسر أقيس، لفقد فعلال بالفتح في الأوزان، وجاء بتخفيف القاف
وتثليث الشين، وربما قيل: شرقراق وهو طائر أخضر مليح بقدر الحمام خضرته
حسنة مشبعة في أجنحته سواد ويكون مخططا بحمرة وخضرة وسواد، قال
الجاحظ: إنه ضرب من الغربان (7). وشدة كراهتها بالنسبة إلى الحباري لوجود
صريح النهي عن قتلها. أما الصرد والصوام فسمعت خبرهما، وأما الشقراق فقال
الصادق (عليه السلام) في خبر عمار: كره قتله لحال الحيات قال: وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يوما
يمشي فإذا بشقراق قد انقض فاستخرج من خفه حية (8).



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 350 ب 21 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(2) حياة الحيوان: ج 1 ص 612.
(3) المصباح المنير: ص 338.
(4) المصباح المنير: ص 338.
(5) السرائر: ج 3 ص 103.
(6) تحرير الأحكام: ج 2 ص 160 س 17. ليس فيهما لفظة فيء.
(7) لم نعثر عليه ونقله عنه في حياة الحيوان: ج 1 ص 605 (مادة شقراق).
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 251 ب 43 من أبواب الصيد ح 1.
262
(ولا بأس بالحمام كله) لدخول الكل في العمومات، وقال الصادق (عليه السلام)
لداود الرقي: لا بأس بركوب البخت، وشرب ألبانها، وأكل لحومها، وأكل الحمام
المسرول (1) (كالقماري) وهي جمع قمري وهو منسوب إلى قمر، بلدة تشبه
الجص لبياضها حكاه السمعاني (2) عن المجمل، وقال: وأظن أنها من بلاد مصر
ولم أره فيه، وإنما رأيت في تهذيب الجمل لابن المظفر: أنه منسوب إلى طير قمر،
وهو كما يحتمل توصيف الطير بالقمر جمع أقمر، كما قيل في المحيط وغيره: إنه
إنما سمي به لأنه أقمر اللون، قيل: إن القمري هو الأزرق (3) (والدباسي) جمع
دبسي بضم الدال وهو الأحمر بلون الدبس بكسر الدال قسم من الحمام البري،
وقيل هو ذكر اليمام (4).
(والورشان) بكسر الواو وإسكان الراء وإعجام الشين جمع ورشان
بالتحريك، والمعروف أنه ذكر القماري، وقيل طائر يتولد بين الفاختة والحمامة (5).
(وكذا لا بأس بالحجل) بالتحريك وهو القبج أو ذكره أو نوع منه (والدراج)
كالرمان (والقبج) وليس في بعض النسخ وهو معرب (والقطا) وهو طائر
يسمى باسم صوته (والطيهوج) بالفتح شبيه بالحجل الصغير غير أن عنقه
ومنقاره ورجليه حمر وما تحت جناحه أسود وأبيض (والكروان) بكسر الكاف
وإسكان الراء جمع كروان وهو طائر يشبه البط أو الدجاج، قيل سمي بضد فعله،
لأنه لا ينام بالليل (6) (والصعو) جمع صعوة من صغار العصافير أحمر الرأس
(والكركي والدجاج والعصافير) لدخول جميع ذلك في العمومات من غير



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 371 ب 38 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(2) الأنساب للسمعاني: ج 4 ص 541.
(3) مجمع البحرين: ج 4 ص 158 (مادة ورش).
(4) لسان العرب: ج 6 ص 76.
(5) لم نعثر عليه.
(6) حياة الحيوان: ج 2 ص 248.
263
معارض، وقال النبي (صلى الله عليه وآله) في مرسل السياري (1) وخبر علي بن النعمان: من سره
أن يقل غيظه فليأكل لحم الدراج (2) وعنه (عليه السلام): من اشتكى فؤاده وكثر غمه فليأكل
الدراج (3) وقال الكاظم (عليه السلام) في خبر محمد بن حكيم: أطعموا المحموم لحم
القباج، فإنه يقوي الساقين ويطرد الحمى طردا (4) وقال علي بن مهزيار: تغديت
مع أبي جعفر (عليه السلام) فأتى بقطاة، فقال: إنه مبارك وكان أبي (عليه السلام) يعجبه، وكان يقول:
أطعموه صاحب اليرقان يشوى له فإنه ينفعه (5).
(ويعتبر في طير الماء ما يعتبر في المجهول) من غيرها (من مساواة
الدفيف) للصفيف (أو غلبته أو حصول أحد الثلاثة إما القانصة أو
الحوصلة أو الصيصية) لعموم الأخبار (6) والفتاوى، وخصوص خبر مسعدة بن
صدقة عن الصادق (عليه السلام)، قال: كل من الطير ما كانت له قانصة ولا مخلب له، قال:
وسألته عن طير الماء، فقال: مثل ذلك (7) وإنما صرح بالتسوية لما يوهمه بعض
الأخبار من الفرق، كخبر زرارة سأل الباقر (عليه السلام) ما يؤكل من الطير، قال: كل ما دف
ولا تأكل ما صف (8) قال، قلت: فالبيض في الآجام، فقال: ما استوى طرفاه فلا
تأكل، وما اختلف طرفاه فكل (9) قال: قلت: فطير الماء، قال: ما كانت له قانصة
فكل، وما لم يكن له قانصة فلا تأكل (10). وقول الرضا (عليه السلام) لسماعة: فكل الآن من



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 33 ب 18 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3.
(2) طب الأئمة: ص 107.
(3) طب الأئمة: ص 107.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 33 ب 18 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 33 ب 18 من أبواب الأطعمة المباحة ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 346 ب 19 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 348 ب 20 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 345 ب 18 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
264
طير البر ما كان له حوصلة، ومن طير الماء ما كان له قانصة كقانصة الحمام، لا معدة
كمعدة الإنسان (1) (فيؤكل) من طير الماء (ما يوجد فيه أحدها وإن كان
يأكل السمك) للعموم وخصوص خبر نجية بن الحرث سأل الكاظم (عليه السلام) عن
طير الماء وما يأكل السمك منه، يحل؟ قال: لا بأس به، كله (2).
(فائدة):
(المحلل من الحيوان قد يعرض له التحريم من وجوه) أربعة:
(الأول: الجلل وهو) التقاط الجل بالفتح، قيل: بالتثليث، وهي البعرة كني
بها عن عذرة الإنسان، لكن المعروف في المصدر هو الجل وهو من باب قتل،
والمحرم منه (أن يغتذي عذرة الإنسان لا غير) يوما وليلة، أو إلى أن ينمو
بذلك، أو إلى أن يظهر النتن في لحمه وجلده على اختلاف الأقوال. وألحق
الحلبي (3) بها غيرها من النجاسات، وهو قياس. واشتراط عدم الاختلاط هو
المشهور، ودليله الأصل، وخبر علي بن أسباط عمن روى في الجلالات: لا بأس
بأكلهن إذا كن يخلطن (4) وخبر سعد بن سعد سأل الرضا (عليه السلام) عن أكل لحوم
الدجاج في الدساكر وهم لا يصدونها عن شيء تمر على العذرة مخلى عنها فآكل
بيضهن؟ فقال: لا بأس به (5) - ويحتمل أن يكون نفي البأس لعدم العلم بالاغتذاء
بالعذرة - ومرسل موسى بن أكيل عن الباقر (عليه السلام): في شاة شربت بولا، ثم ذبحت،
فقال: يغسل ما في جوفها، ثم لا بأس به وكذلك إذا اعتلفت بالعذرة ما لم يكن



(1) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 16 ح 65، وفيه: " عن أبي عبد الله (عليه السلام) ".
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 351 ب 22 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) الكافي في الفقه: ص 278.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 355 ب 27 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 355 ب 27 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
265
جلالة، والجلالة التي يكون ذلك غذاؤها (1) ويحتمل أن يراد بكونه غذاؤها
الاستمرار (فيحرم على الأشهر إلا أن يستبرأ) للأخبار كقول الصادق (عليه السلام)
في صحيح هشام بن سالم: لا تأكلوا لحوم الجلالة (2) وفي حسن حفص بن
البختري: لا تشرب من ألبان الإبل الجلالة (3) ولا يدعو إلى الحمل على الكراهة ما
فيهما من قوله (عليه السلام): وإن أصابك شيء من عرقها فاغسله (4) وإن لم ينجس عرقها.
وكرهها أبو علي (5) للأصل والحصر في الآية وفي بعض الأخبار (6) على وفق الآية،
وكذا الشيخ في الخلاف (7) والمبسوط (8) ونسبه فيهما إلينا إلا أنه فسره فيهما بما
تغلب العذرة في غذائه، ونص في الخلاف على التحريم إذا كانت غذاؤه كله. وهذا
التفصيل قال في التحرير (9) والتلخيص (10) لكنه أطلق الخلط في التحرير ولم
يشترط الغلبة، وكذا في الجامع (11) والإصباح (12) وهو جيد.
ويستبرأ الجلال (بأن يقطع عنه ذلك) أي الاغتذاء بالعذرة (و) هو معنى
(يربط) والربط للاستظهار (ويطعم علفا طاهرا) بالأصالة على الإشكال
المتقدم (مدة ما قرره الشارع، وهو في الناقة أربعون يوما) بلا خلاف
ظاهر، لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر مسمع: الناقة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 352 ب 24 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 354 ب 27 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 354 ب 27 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 354 ب 27 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 279.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 354 ب 27 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(7) الخلاف: ج 6 ص 85 المسألة 16.
(8) المبسوط: ج 6 ص 282.
(9) تحرير الأحكام: ج 2 ص 160 س 5.
(10) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 36 ص 125.
(11) الجامع للشرائع: ص 380.
(12) إصباح الشيعة: ص 385.
266
يشرب لبنها حتى تغذى أربعون يوما (1) وفي خبر السكوني والإبل: أربعين
يوما (2) وقول الباقر (عليه السلام) في الإبل الجلالة في خبر بسام الصيرفي: لا يؤكل لحمها
ولا تركب أربعين يوما (3) وقول الرضا (عليه السلام) في خبر يونس: والإبل أربعين يوما ثم
تذبح (4) وقول الصادق (عليه السلام) في مرفوع يعقوب بن يزيد: تحبس البعير أربعين
يوما (5) ولا أرى جهة لتخصيص الناقة بالذكر هنا وفي سائر كتبه مع عموم
الأخبار (6) وكلام الأصحاب. (وفي البقرة عشرون على رأي) كما هو
المشهور، لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: والبقرة الجلالة عشرين
يوما (7) وفي خبر مسمع: والبقرة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى
تغذى عشرين يوما (8) كذا في بعض نسخ التهذيب (9) وفي بعضها أربعين يوما وهو
قول المبسوط (10). وفي الكافي ثلاثين يوما (11) وهو قول الصدوق (رحمه الله) (12)، ويوافقه
خبر يونس (13) ويعقوب بن يزيد (14). (وفي الشاة عشرة) كما هو المشهور، وهو



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 وفيه: " الناقة
الجلالة " بدل " الإبل ".
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(9) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 45 ح 189.
(10) المبسوط: ج 6 ص 282.
(11) الكافي: ج 6 ص 253 ح 12.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 338 ذيل الحديث 4199.
(13) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(14) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
267
نص أخبار السكوني (1) ومسمع (2) ويعقوب بن يزيد (3). وقال أبو علي: أربعة
عشر (4) وهو نص خبر يونس عن الرضا (عليه السلام) (5). وقال الصدوق: عشرون (6).
وفي المبسوط (7) سبعة، وهو مروي في بعض الكتب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (8).
وفي خبر مسمع على ما في التهذيب (9) خمسة. (والبطة وشبهها خمسة أيام)
كما في خبري السكوني (10) ومسمع (11). وفي خبر يونس (12) سبعة. وقال الصدوق:
ثلاثة، وروي ستة (13). وإلحاق شبهها بها مما فعله الشيخ (14) وتبعه غيره.
(والدجاجة وشبهها ثلاثة) كما في خبري مسمع (15) ويونس (16) وإلحاق شبهها
بها مما فعله الشيخ (17) وتبعه غيره. وقال الحلبي (18) وابن زهرة (19) خمسة.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 279.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(6) لم يذكر حكم (العشرين) في كتبه، ونقله عنه في الدروس الشرعية: ج 3 ص 6 درس
204، وفي من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 339 ح 4200 عشرة أيام.
(7) المبسوط: ج 6 ص 282.
(8) الجعفريات: ص 27، دعائم الإسلام: ج 2 ص 124 ح 430.
(9) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 45 ح 189.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 339 ح 4200.
(14) النهاية: ج 3 ص 82.
(15) وسائل الشيعة: ج 16 ص 356 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(16) وسائل الشيعة: ج 16 ص 357 ب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(17) النهاية: ج 3 ص 82.
(18) الكافي في الفقه: ص 277.
(19) الغنية: ص 398.
268
(وليس في غيرها) من حيوانات البر أو غير ما ذكر فيشمل السمكة (موظف،
فيستبرأ بما يزيل حكم الجلل) عادة. (ولا يكره الزرع وإن كثر الزبل
تحت أصله) وعن أحمد الحرمة (1).
(الثاني: وطء الإنسان) كبيرا أو صغيرا، قبلا أو دبرا، أمنى أو لا، علم
الحكم أو جهل، مختارا أو لا (فيحرم هو ونسله بذلك) بغير خلاف يظهر من
الأصحاب، لخبر محمد بن عيسى - والظاهر أنه العبيدي وأنه ثقة - عن الرجل،
والظاهر أنه الهادي أو العسكري (عليهما السلام): إنه سئل عن رجل نظر إلى راع نزا على
شاة، قال: إن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم يعرفها قسمها نصفين أبدا حتى يقع
السهم بها، فتذبح وتحرق وقد نجت سائرها (2) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر
مسمع: وسئل عن البهيمة التي تنكح، قال: حرام لحمها، وكذلك لبنها (3).
(والأقرب اختصاص هذا الحكم بذوات الأربع دون الطيور) وإن
عمها وغيرها كثير من العبارات، لاختصاص الخبر الأول بالشاة والثاني بالبهيمة
التي اختصت في العرف بذوات الأربع، مع الأصل.
(ولو اشتبه الموطوء) بغيره (قسم القطيع) الذي وقع فيه الاشتباه
(قسمين) متساويين أولا وإن تضمن الخبر نصفين - إذ ربما لم يمكن التنصيف،
والأولى الاقتصار عليه إن أمكن، وإلا فبزيادة واحدة فقط في أحد القسمين - ثم
تقسم القسم الذي أخرجته القرعة قسمين (وهكذا) إلى (أن تبقى واحدة) ثم
الإقراع هو المشهور ومستنده الخبر (4). ولضعفه يمكن القول بوجوب التحرز عن



(1) المجموع: ج 9 ص 30.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 358 ب 30 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 359 ب 30 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 18 ص 187 ب 13 من أبواب كيفية الحكم.
269
الجميع إذا اشتبه في محصور، وعدمه مطلقا في غير المحصور.
(الثالث: أن يشرب شيء من) هذه (الدواب لبن خنزيرة حتى يشتد
لحمه، فيحرم هو ونسله) لأخبار (1) اعتبرها الأصحاب وإن ضعف، كخبر حنان
ابن سدير: أنه سئل الصادق (عليه السلام) عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتى شب وكبر
واشتد عظمه، ثم استفحله رجل في غنم له، فخرج له نسل، ما تقول في نسله؟
فقال: أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه، وأما ما لم تعرفه فهو بمنزلة الجبن
فكل، ولا تسأل عنه (2). (ولو لم يشتد) عليه لم يحرم، للأصل، ولكن (كره
لحمه واستحب استبراؤه بسبعة أيام) لخبر السكوني أنه سئل
أمير المؤمنين (عليه السلام) عن حمل غذي بلبن خنزيرة، فقال: قيدوه واعلفوه الكسب
والنوى والشعير والخبز إن كان استغنى عن اللبن، وإن لم يكن استغنى عن اللبن
فيلقى على ضرع شاة سبعة أيام، ثم يؤكل لحمه (3).
(ولو شرب) شيء منها (خمرا لم يحرم لحمه) بذلك للأصل (بل
يغسل ويؤكل. ولا يؤكل ما في جوفه) وإن غسل: لقول الصادق (عليه السلام) في خبر
زيد الشحام في شاة شربت خمرا حتى سكرت وذبحت على تلك الحال: لا يؤكل
ما في بطنها (4). واختار ابن إدريس حمله على الكراهة (5) للأصل، وضعفه عن
إثبات الحرمة. وأما غسل اللحم فذكره الأصحاب، ولعله للاستظهار، لسرعة نفوذ
الخمر في الأعضاء، ونسبه ابن إدريس (6) إلى الرواية. والأولى قصر الحكمين على
ما تضمنه الخبر من السكر والذبح على تلك الحال.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 352 ب 25 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 352 ب 25 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 353 ب 25 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 352 ب 24 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(5 و 6) السرائر: ج 3 ص 97.
270
(ولو شرب بولا نجسا لم يحرم) للأصل (و) لكن (يغسل ما في بطنه
ويؤكل) لخبر موسى بن أكيل عن الباقر (عليه السلام) في شاة شربت بولا ثم ذبحت، فقال:
يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به، وكذا إذا اعتلفت العذرة ما لم تكن جلالة (1).
(الرابع: المجثمة حرام، وهي التي تجعل غرضا وترمى بالنشاب حتى
تموت) من جثم الطائر إذا تلبد بالأرض. (والمصبورة أيضا، وهي التي
تجرح وتحبس حتى تموت) لانتفاء التذكية، وورود النهي عن الصبر وجعل
ذي الروح غرضا.
(المطلب الرابع في الجامدات)
(وقد تقدم ذكر بعضها في كتاب التجارة، ولنذكر هنا أنواعا خمسة:
الأول: الميتة ويحرم أكلها واستعمالها) من كل وجه في المشهور، لعموم
الآية (2) والأخبار (3) المانعة من الانتفاع بجلدها أو بشيء من أجزائها، وقول
علي (عليه السلام) في خبر الكاهلي في أليات الغنم: إن ما قطع منها ميت لا ينتفع به (4).
خلافا للنهاية (5) للأصل، وتبادر الأكل عن الآية (إلا ما لا تحله الحياة) من
أجزاء الميتة فيجوز استعماله مطلقا بالاتفاق كما يظهر، إلا أن تعرض له النجاسة
مثلا فيحرم فيما يشترط بالطهارة، وذلك (مثل الصوف والشعر والوبر والريش
والقرن والظلف والعظم والسن) سواء منها ما لاقى جلد الميتة وغيره وإن
اشترط غسل ما لاقاها منها كما يأتي. (والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى)



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 352 ب 24 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(2) المائدة: 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 309 - 312 ب 1 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 295 ب 30 من أبواب الذبائح ح 1.
(5) النهاية: ج 3 ص 101.
271
صلب أو لا (والإنفحة) مكسورة الهمزة مشددة الحاء ومخففها، وهي لا يكون
إلا في كل ذي كرش، وهي شيء يستخرج من بطنه أصفر يعصر في صوفه مبتلة
في اللبن فيغلظ كالجبن، ولا يسمى إنفحة إلا وهو رضيع. ففي خبر زرارة عن
الصادق (عليه السلام) قال: الشعر والصوف والريش وكل نابت لا يكون ميتا، وسأله عن
البيضة يخرج من بطن الدجاجة الميتة؟ فقال: تأكلها (1) وفي صحيحه عنه (عليه السلام) سأله
عن الإنفحة تخرج من الجدي الميت؟ قال: لا بأس به (2) وعن يونس عنهم (عليهم السلام)
قالوا: خمسة أشياء ذكية مما فيه منافع الخلق، الإنفحة والبيض والصوف والشعر
والوبر (3) وفي خبر عن الثمالي: إن رجلا سأل الباقر (عليه السلام) عن الجبن وأنه ربما
جعلت فيه إنفحة الميت، قال: ليس به بأس، إن الإنفحة ليس لها عروق ولا فيها دم
ولا لها عظم، إنما تخرج من بين فرث ودم، وإنما الإنفحة بمنزلة دجاج ميتة
أخرجت منها بيضة (4) وعن الحسين بن زرارة قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي
يسأله عن السن من الميتة والبيضة من الميتة وإنفحة الميتة، فقال: كل هذا ذكي (5).
قال: في الكافي وزاد فيه علي بن عقبة وعلي بن الحسين بن رباط قال: والشعر
والصوف كله ذكي (6) وعنه أيضا قال: سأله (عليه السلام) أبي عن الإنفحة يكون في بطن
الضأن أو الجدي وهو ميت، فقال: لا بأس (7). ومما يدل على اشتراط حل البيضة
باكتساء القشر الأعلى خبر غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام) في بيضة خرجت



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 366 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 8.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 366 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 10.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 365 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 364 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 365 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(6) الكافي: ج 6 ص 258 ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 367 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 12 وفيه: العناق بدل الضأن
.
272
من إست دجاجة ميتة، قال: إن اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها (1) والخبر وإن
ضعف لكن الأصحاب عملوا به. وممن أطلق الصدوق (2) والمفيد (3) فإما أن يريدا
القيد أو عملا بإطلاق سائر الأخبار، ويؤيده أن عليها إذا لم يكتس الأعلى جلدة
رقيقة يحول بينها وبين النجاسة. (ولا يحل اللبن) من الميتة (على رأي)
وفاقا لسلار (4) وابن إدريس (5) والمحقق (6) للاتفاق على نجاسة الميتة وأنها
تنجس ما لاقته برطوبة واللبن كذلك، مع خبر وهب بن وهب عن الصادق (عليه السلام): أن
عليا (عليه السلام) سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن، فقال (عليه السلام): ذاك الحرام محضا (7).
والأكثر على حله، لضعف الخبر، ومنع الإجماع على التنجس بالميتة مع الملاقاة
برطوبة إلا في غيره، وعدم دخوله في عموم تحريم الميتة، فإنه ليس من أجزائها
كما يرشد إليه ما تسمعه من خبر الثمالي والأخبار، وهي كثيرة: كصحيح زرارة عن
الصادق (عليه السلام)، قال له: اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت، قال: لا بأس به (8)
وخبر آخر له (عليه السلام) سأله عن السن من الميتة والإنفحة من الميتة واللبن من الميتة
والبيضة من الميتة، فقال: كل، هذا ذكي (9) وإرشاد أخبار الإنفحة وحلها إليها،
خصوصا قول الباقر (عليه السلام) في خبر الثمالي: إن الإنفحة ليست لها عروق ولا فيها دم
ولا لها عظم، إنما تخرج من بين فرث ودم (10).
(ولو قلع الشعر أو الريش) أو الصوف أو الوبر أو السن أو القرن أو



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 365 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
(2) الهداية: ص 310.
(3) المقنعة: ص 583.
(4) المراسم: ص 211.
(5) السرائر: ج 3 ص 112.
(6) شرائع الإسلام: ج 3 ص 223.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 367 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 11.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 366 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 10.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 365 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 364 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
273
الظلف من الميتة (غسل موضع الاتصال) لقول الصادق (عليه السلام) لزرارة ومحمد بن
مسلم في الحسن: اللبن واللبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر
وكل شيء يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي، وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله
وصل فيه (1) ولأن باطن الجلد لا يخلو من رطوبة مع أن الميتة تنجس ما لاقاها
برطوبة، بل يحتمل التنجيس مطلقا. وفي النهاية (2) والمهذب (3) والإصباح (4) لا يحل
شيء منها إذا قلع منها. وحمله ابن إدريس (5) على الحرمة قبل الغسل وإزالة ما لا يخلو
عنه غالبا من اتصال جزء من الميتة، وقد يبقى على إطلاقه. ويستدل له بظاهر قول
أبي الحسن (عليه السلام) لفتح بن يزيد الجرجاني: وكل ما كان من السخال الصوف إن جز
والشعر والوبر والإنفحة والقرن، ولا يتعدى إلى غيرها إن شاء الله (6) وبأن ما في
باطن الجلد منها لم يستحل إلى شيء منها، والمنع ظاهر الورود عليه.
(ولو امتزج الذكي بالميت اجتنبا) من باب المقدمة كما هو القاعدة
المطردة، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنه سئل عن شاتين إحداهما ذكية ولم تعرف
الذكية منهما، قال: يرمى بهما جميعا (7). لكن في صحيح ابن سنان عن
الصادق (عليه السلام): كل ما فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه (8)
فكأنه في غير المحصور، أو بمعنى احتمال الأمرين لا تيقنهما. (وقيل) في
النهاية (9) والوسيلة (10) والجامع (11): (يباع) المختلط (ممن يستحل الميتة)



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 365 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(2) النهاية: ج 3 ص 95 - 96.
(3) المهذب: ج 2 ص 441.
(4) إصباح الشيعة: ص 388.
(5) السرائر: ج 3 ص 111.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 366 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 7.
(7) نوادر الراوندي: 46.
(8) وسائل الشيعة: ج 12 ص 59 ب 4 من أبواب ما يكتسب به ح 1.
(9) النهاية: ج 3 ص 98.
(10) الوسيلة: ص 362.
(11) الجامع للشرائع: ص 387.
274
لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: إذا اختلط الذكي بالميت باعه ممن يستحل
الميتة، وأكل ثمنه (1) ونحوه في حسنه (2) عنه (عليه السلام) (و) إذا عرفت أنه لا يجوز
الانتفاع بالميتة والتصرف فيها مطلقا وجب أن (يحمل على قصد بيع الذكي
خاصة) وقصد المشتري أيضا ذلك ليتوافق الإيجاب والقبول، ولعله يغتفر هنا
جهل المبيع إذ لا غرر، والأولى الحمل على الإباحة من الطرفين واستنقاذ المال
من الكافر، ومن الأصحاب من لا يوجب البيع ولا الاجتناب لما سيأتي في اللحم
المطروح المشتبه الحال من الاختبار بالانقباض والانبساط.
(وكل قطعة) تحلها الحياة (أبينت من حي فهي ميتة يحرم أكلها
صغيرة كانت أو كبيرة) لا نعرف فيه خلافا، لصدق اسم الميتة عليها مع عدم
التذكية، ولنحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصيد: ما
أخذت الحبالة فقطعت منه شيئا فهو ميت (3) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في حسن
محمد بن قيس: ما أخذت الحبالة من صيد فقطعت منه يدا أو رجلا فذروه، فإنه
ميت (4). وما روي عن الصادقين (عليهما السلام) من قولهما: ما قطع من الحيوان فبان عنه
قبل أن يذكى فهو ميتة، لا يؤكل (5) وقول الصادق (عليه السلام) في خبر الكاهلي فيما يقطع
من أليات الغنم: أن في كتاب علي أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به (6) وفي خبر أبي
بصير في أليات الضأن تقطع وهي أحياء: أنها ميتة (7) والحكم يشمل ما ينفصل من
نحو الثآليل والبثورات، خصوصا وقد نص على التعميم للأجزاء الكبيرة



(1 و 2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 370 ب 36 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 و 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 237 ب 24 من أبواب الصيد ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 236 ب 24 من أبواب الصيد ح 1.
(5) دعائم الإسلام: ج 2 ص 179، وفيه: " وعن علي وأبي جعفر (عليهما السلام) ".
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 295 ب 30 من أبواب الذبائح ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 295 ب 30 من أبواب الذبائح ح 3.
275
والصغيرة، ووجهه عموم بعض ما سمعته من الأدلة. واستقرب في المنتهى (1) ونهاية
الإحكام (2) طهارة ذلك، لعدم إمكان التحرز عنها، وصحيح علي بن جعفر سأل
أخاه (عليه السلام) عن الرجل يكون به الثالول أو الجرح هل يصلح له أن يقطع الثالول وهو
في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه؟ قال: إن لم يتخوف أن
يسيل الدم فلا بأس، وان تخوف أن يسيل الدم فلا يفعله (3). وإنما يتم لو كان القطع
والنتف باليد بحيث تحمل ما يقطع أو ينتف ولم يجز في الصلاة حمل النجس
والكل ممنوع، مع أن فيه نتف بعض اللحم ولا يقول بطهارته.
(ولو كانت) القطعة (ألية الغنم لم يجز الاستصباح بها) ولا (تحت
السماء) لما عرفت من حرمة التصرف في الميتة مطلقا، وما سمعته من قول
أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر الكاهلي: أن ما قطع منه ميت لا ينتفع به (4) وفي خبر
الحسن بن علي سأل أبا الحسن (عليه السلام) أن أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم
فيقطعونها؟ فقال: حرام هي، قال: فيستصبح بها، قال: أما تعلم أنه يصيب اليد
والثوب وهو حرام (5) ولكن روى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن
الحسن عن جده عن علي بن جعفر: أنه سأل أخاه (عليه السلام) عن بيع ما قطع من أليات
وهي أحياء فقال نعم يذيبها ويسرج بها ولا يأكلها ولا يبيعها (6) وقد تحمل على
الضرورة. (بخلاف الدهن النجس) فإنه يجوز الاستصباح به تحت السماء كما
سيأتي وحمل الإلية عليه قياس مع الفارق.
(ولا يجوز أكل الأطعمة التي فيها دود كالفواكه والقثاء والمسوس



(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 166 س 14.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 271.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1082 ب 63 من أبواب النجاسات ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 295 ب 30 من أبواب الذبائح ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 364 ب 32 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(6) قرب الاسناد: ص 115.
276
من) الحبوب و (الثمار إلا بعد إزالة الدود عنه) لما عرفت من حرمة
الحشرات من غير مخصص، خلافا لبعض العامة (1) فجوزوا تارة أكلها مع ما فيه لا
منفردة، واخرى مطلقا (2). (ويكفي) في حل الطعام (الظن) للزوال، لتعذر
العلم غالبا، مع أصل العدم.
(الثاني): محرمات الذبائح (يحرم من الذبيحة الدم) المسفوح
بالنص (3) والإجماع (والفرث والطحال والقضيب والأنثيان) لا نعرف في
شيء منها خلافا (والمثانة والمرارة والمشيمة والفرج - ظاهره وباطنه -
والنخاع) وهو الخيط الأبيض في وسط الفقار (والعلباء) بالكسر وهما
علباوان وهما عصبتان عريضتان صفراوتان ممدودتان من الرقبة على الظهر إلى
عجب الذنب (والغدد وذات الأشاجع) وهي كما في التحرير (4) والسرائر (5)
اصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف، الواحد أشجع.
ومنه قول لبيد:
وإنه يدخل فيها إصبعه * يدخلها حتى يواري أشجعه
واختلف فيه اللغويون، فقيل: الأشاجع هي العصب الممدود ما بين الرسغ إلى
اصول الأصابع (6). وقيل: العظام التي تتصل الأصابع بالرسغ (7) والمراد هنا ما
جاوز الظلف وقال الراوندي في فقه القرآن: وهو موضع الذبح ومجمع العروق (8)
(والحدق) هو السواد (وخرزة الدماغ) وهي كالغدة بقدر الحمصة في وسط



(1) الحاوي الكبير: ج 15 ص 147.
(2) المجموع: ج 9 ص 16، الحاوي الكبير: ج 15 ص 147.
(3) الأنعام: 145، وسائل الشيعة: ج 16 ص 309 ب 1 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 9.
(5) السرائر: ج 3 ص 111.
(6) لسان العرب: ج 8 ص 174 (مادة شجع).
(7) تهذيب اللغة: ج 1 ص 333 (مادة شجع) إلا أنه نسبه إلى بعضهم.
(8) فقه القرآن: ج 2 ص 258.
277
الدماغ، وهو المخ يخالف لونها لونه إلى الغبرة ففي مرسل ابن أبي عمير عن
الصادق (عليه السلام)، قال: لا يؤكل من الشاة عشرة أشياء: الفرث والدم والطحال والنخاع
والغدد والعلباء والقضيب والأنثيان والحياء والمرارة (1) وفي الفقيه (2) والخصال (3)
مكان العلباء والمرارة الرحم والأوداج، وفي الخصال " أو قال العروق " يعني
مكان الأوداج. وفي المقنع (4) والهداية (5) وروي العروق، وزاد في المقنع: وفي
حديث آخر مكان الحياء الجلد (6). قلت: ولعله بمعنى الحياء كما قيل (7) في قوله
تعالى: " وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا " (8) قالوا لفروجهم. وأسند حديث الجلد
في العلل عن أبان بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) (9) وعن إبراهيم بن عبد الحميد عن
أبي الحسن (عليه السلام)، قال: حرم من الشاة سبعة أشياء، الدم والخصيتان والقضيب
والمثانة والغدد والطحال والمرارة (10) وروى نحوه مسندا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في
الخصال (11) وعن إسماعيل بن مرازم عنهم (عليهم السلام): لا يؤكل من الإبل والبقر والغنم
وغير ذلك - مما لحمه حلال - الفرج بما فيه ظاهره وباطنه، والقضيب، والبيضتان،
والمشيمة - هو موضع الولد - والطحال، لأنه دم، والغدد مع العروق، والمخ الذي
يكون في الصلب، والمرارة، والحدق، والخرزة التي تكون في الدماغ، والدم (12)
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر مسمع: إذا اشترى أحدكم لحما فليخرج منه الغدد،



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 360 ب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 346 ح 4216.
(3) الخصال: ص 433 ح 18.
(4) المقنع: ص 143.
(5) الهداية: ص 309.
(6) لا توجد هذه الزيادة في المقنع، نعم نقلها عنه مختلف الشيعة: ج 8 ص 314.
(7) التفسير الكبير للرازي: ج 27 ص 116، نقلا عن ابن عباس.
(8) فصلت: 21.
(9) علل الشرائع: ص 562 ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 359 ب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(11) الخصال: ص 341 ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 16 ص 360 ب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
278
فإنه يحرك عرق الجذام (1) وفي المحاسن عن مسمع عن الصادق (عليه السلام): اتقوا
الغدد من اللحم فلربما حرك عرق الجذام (2) وهما لا ينصان على التحريم،
خصوصا إذا كان " انقوا " في الثاني بالنون قبل القاف. وفي المحاسن عن محمد بن
جمهور القمي أرسل عن الصادق (عليه السلام): حرم من الذبيحة عشرة أشياء، وأحل من
الميتة اثنتي عشرة شيئا فأما ما يحرم من الذبيحة، فالدم والفرث والغدد والطحال
والقضيب والأنثيان والرحم (3) الخبر.
وعلى حرمة الطحال أخبار كثيرة، وفيها التعليل بأنه دم، أو بيت الدم.
واختلف عبارات الأصحاب، فالصدوق أفتى في المقنع (4) والهداية (5) بما رواه في
الفقيه (6) والخصال (7) من تحريم العشرة التي سمعتها. وحكى عليه الإجماع في
أحكام القرآن للراوندي (8) ولم يتعرض المفيد (9) لغير الدم والطحال والقضيب
والأنثيين. واقتصر السيد على خمسة، الطحال والقضيب والخصيتين والرحم
والمثانة وحكى الإجماع عليه (10). ولم يذكر الدم، لظهوره بنص الكتاب (11) مع أنه
ليس من الانفرادات. وحرم الشيخ في النهاية (12) جميع ما في المتن سوى المثانة،
وكذا في الوسيلة (13) والإصباح (14). وفي الإصباح أن ذات الأشاجع هي الأوداج.
وفي الخلاف: الطحال والقضيب والخصيتان والرحم والمثانة والغدد والعلباء
والخرزة تكون في الدماغ والحدق عندنا محرم (15). واستدل عليه بالإجماع



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 361 ب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
(2 و 3) المحاسن: ص 471 ح 462 و 464.
(4) المقنع: ص 425.
(5) الهداية: ص 309.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 346 ح 4216.
(7) الخصال: ص 433 ح 18.
(8) فقه القرآن: ج 2 ص 258.
(9) المقنعة: ص 582.
(10) الانتصار: ص 197.
(11) المائدة: 3.
(12) النهاية: ج 3 ص 95.
(13) الوسيلة: ص 361.
(14) إصباح الشيعة: ص 388.
(15) الخلاف: ج 6 ص 29 المسألة 30.
279
والأخبار والاحتياط. وفي الجامع (1) أربعة عشر كما في النهاية لكن ذكر المثانة
ولم يذكر ذات الأشاجع. ولم يذكر سلار (2) إلا الدم والطحال والقضيب والأنثيين
والغدد. وذكرها ابن زهرة (3) مع المشيمة والمثانة. وقطع المحقق (4) في كتابيه
بحرمة خمسة، الدم والفرث والطحال والقضيب والأنثيان. ونفى عنها الخلاف
تلميذه في الكشف (5). وتردد في النافع (6) في المثانة والمرارة. وفي الشرائع (7)
فيهما وفي المشيمة، وجعل الأشبه التحريم، للاستخباث. وذكر فيهما: أن في الباقي
من الخمسة عشر خلافا، ثم اختار الكراهة. وفي التحرير (8) يحرم من الذبائح
تسعة أشياء، الدم والفرث والقضيب والفرج ظاهره وباطنه والطحال والأنثيان
والمثانة والمرارة والمشيمة، وأضاف أكثر علمائنا النخاع إلى آخر الستة الباقية.
ونحوه كلام الإرشاد (9) ونسب حرمة الستة الباقية فيه إلى القيل كما في التحرير (10) إلى
أكثر الأصحاب، وقطع في التلخيص (11) بحرمة ثمانية هي التسعة ما خلا الفرج، وجعل
التحريم في السبعة الباقية أولى. والتبصرة موافقة للكتاب. وقال أبو علي (12):
ويكره من الشاة أكل الطحال والمثانة والغدد والنخاع والرحم والقضيب والأنثيين.
ولم ينص على التحريم قال في المختلف (13): وإن كانت لفظة " يكره " قد تستعمل
في المحرم أحيانا. وظاهر الصدوق في العلل (14) كراهة الغدد. وعن الحلبي (15)



(1) الجامع للشرائع: ص 389.
(2) المراسم: ص 210.
(3) الغنية: ص 398.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 223، المختصر النافع: ص 245.
(5) كشف الرموز: ج 2 ص 369.
(6) المختصر النافع: ص 245.
(7) شرائع الإسلام: ج 3 ص 223.
(8) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 7.
(9) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 112.
(10) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 8.
(11) التلخيص: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 36 ص 125.
(12) نقله عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 8 ص 314.
(13) مختلف الشيعة: ج 8 ص 314.
(14) علل الشرائع: ج 1 ص 561.
(15) الكافي في الفقه: ص 279.
280
أنه كره النخاع والعروق اذني القلب والمرارة وحبة الحدقة وخرزة الدماغ.
(ويكره الكلى) وظاهر الانتصار (1) الاتفاق عليه، ويؤيده خبر سهل بن
زياد عن بعض أصحابنا: أنه كره الكليتين، وقال: إنما هما مجتمع البول (2) وقول
الباقر (عليه السلام) في خبر محمد بن صدقة: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يأكل الكليتين من غير
أن يحرمهما لقربهما من البول (3). (وأذنا القلب) لنهي أمير المؤمنين (عليه السلام) في
مرفوع أبي يحيى الواسطي عن بيعهما (4) (والعروق) لما مر من خبر النهي عنها (5).
(ولو شوى الطحال واللحم فوقه أو لم يكن) الطحال (مثقوبا وإن
كان) اللحم (تحته لم يحرم، ولو كان مثقوبا واللحم تحته حرم) لأن
الطحال بيت الدم، فإذا ثقب جرى الدم على اللحم ونفذ فيه، بخلاف ما إذا لم يثقب
أو كان اللحم فوقه، لخبر عمار بن موسى عن الصادق (عليه السلام) وقد سئل عن الجري
يكون في السفود مع السمك، فقال: يؤكل ما فوق الجري ويرمى ما سال عليه
الجري، قال: وسئل (عليه السلام) عن الطحال في السفود مع اللحم وتحته الخبز وهو
الجوذاب أيؤكل ما تحته؟ قال: نعم، يؤكل اللحم والجوذاب، ويرمى بالطحال، لأن
الطحال في حجاب لا يسيل منه، فإن كان الطحال مثقوبا أو مشقوقا فلا تأكل مما
يسيل عليه الطحال (6).
(ولا يحرم من الذبيحة شيء سوى ما ذكرناه من عظم وغيره).
(الثالث: الأعيان النجسة كالعذرة مما لا يؤكل لحمه، وكل طعام
نجس بملاقاة خمر أو بول وشبهه من النجاسات، أو مباشرة كافر) حكم



(1) الانتصار: ص 197.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 360 ب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 362 ب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 13.
(4 و 5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 359 ب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 379 ب 49 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
281
بنجاسته مطلقا أو غير كتابي على الخلاف المعروف، وقد دل الإجماع والأخبار (1)
على حرمة كل نجس ومتنجس، وكذا قوله تعالى " يحرم عليهم الخبائث " (2)
(ولو) تنجس طعام (قبل التطهير حل أكله بعد غسله) وهو ظاهر.
(ويحرم أكل العذرة من مأكول اللحم أيضا وإن كانت طاهرة،
لاستخباثها) وللنصوص على حرمة الفرث كما سمعت بعضها إن لم يخص بما
في الكرش، وعلى الاختصاص كما هو المشهور لا يجدي التمسك بها مع
الاستصحاب، لأن العمدة في الأحكام هي الأسماء ولا استصحاب إذا تبدلت.
وخالف فيها بعض العامة (3) فأحلها.
(الرابع: الطين ويحرم) بالاتفاق كما يظهر من النصوص (4) (قليله
وكثيره) وهل التراب كذلك؟ قيل: نعم، لأن الطين إنما هو التراب الممزوج بالماء
والحرمة ليست للماء فهي للتراب وعليه منع، ويؤيد الاختصاص قول الرضا (عليه السلام)
لمعمر بن خلاد: إنما ذاك المبلول وذاك المدر (5) نعم يعم الرطب واليابس، لهذا
الخبر، ولعموم الطين لهما، ويمكن الاستدلال لحرمة التراب باشتراك العلة المروية
للتحريم من إيراث السقم وتهيج الداء.
(عدا تربة الحسين (عليه السلام) فإنه يجوز الاستشفاء باليسير منه) اتفاقا
ولكن اختلف الأخبار في حد ما يؤخذ من التربة، ففي مرسل سليمان بن عمر
السراج عن الصادق (عليه السلام): يؤخذ طين قبر الحسين (عليه السلام) من عند القبر على سبعين
ذراعا (6) وفي مرسل آخر له على سبعين ذراعا في سبعين ذراعا (7) وفي الكامل



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 374 - 375 ب 23 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(2) الأعراف: 157.
(3) لم نعثر عليه.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 391 - 395 ب 58 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 391 ب 58 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 400 ب 67 من أبواب المزار وما يناسبه ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 400 ب 67 من أبواب المزار وما يناسبه ذيل الحديث 4 وفيه:
" على سبعين باعا في سبعين باعا " بدل " ذراعا ".
282
لابن قولويه مسندا عن الثمالي عنه (عليه السلام) يستشفى بما بينه وبين القبر على رأس
أربعة أميال (1) وفيه عن أبي الصباح الكناني عنه (عليه السلام): طين قبر الحسين (عليه السلام) فيه
شفاء وإن أخذ على رأس ميل (2) وفيه عن أبي بكر الحضرمي عنه (عليه السلام): لو أن
مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد الله (عليه السلام) وحرمته وولايته، اخذ له من طين
قبره على رأس ميل كان له دواء وشفاء (3) وفي مرسل الحجال عن الصادق (عليه السلام):
التربة من قبر الحسين بن علي (عليه السلام) على عشرة أميال (4) وقال علي بن طاووس:
وروي فرسخ في فرسخ (5).
وشئ من ذلك لا يدخل في المتبادر من طين القبر، فالأحوط الاقتصار على
المتبادر، لضعف الأخبار، وعن يونس بن الربيع عن الصادق (عليه السلام) قال: إن رأس
الحسين لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء إلا السام قال: فأتينا القبر بعد ما سمعنا
هذا الحديث فاحتفرنا عند رأس القبر فلما حفرنا قدر ذراع ابتدرت علينا من
رأس القبر مثل السهلة حمراء قدر الدرهم فحملناها إلى الكوفة فمزجناه وأقبلنا
نعطي الناس يتداوون بها (6).
وفي المصباح: وروي أن رجلا سأل الصادق (عليه السلام) فقال: إني سمعتك تقول: إن
تربة الحسين (عليه السلام) من الأدوية المفردة وإنها لا تمر بداء إلا هضمته؟ فقال: قد كان
ذاك - أو قد قلت ذلك - فما بالك؟ فقال: إني تناولتها فما انتفعت بها، قال (عليه السلام): أما
إن لها دعاء، فمن تناولها ولم يدع به واستعملها لم يكد ينتفع بها قال: فقال له: ما
أقول إذا تناولتها؟ قال: تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينيك، ولا تناول منها
أكثر من حمصة، فإن من تناول منها أكثر فكأنما أكل من لحومنا ودمائنا، فإذا



(1) كامل الزيارات: ص 280.
(2) كامل الزيارات: ص 275.
(3) كامل الزيارات: ص 279.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 401 ب 67 من أبواب المزار وما يناسبه ح 7.
(5) بحار الأنوار: ج 101 ص 131.
(6) الكافي: ج 4 ص 588 ح 4.
283
تناولت فقل: اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قبضها وبحق الملك الذي خزنها
وأسألك بحق الوصي الذي حل فيها أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعلها
شفاء من كل داء، وأمانا من كل خوف، وحفظا من كل سوء، فإذا قلت: ذلك
فاشددها في شيء، واقرأ عليها " إنا أنزلناه في ليلة القدر " فإن الدعاء الذي تقدم
لأخذها هو الاستئذان عليها وقراءة إنا أنزلناه ختمها (1). وهو يعطي اشتراط
الاستشفاء بها بالدعاء والقراءة، وقوله: فإذا قلت ذلك، فاشددها في شيء إلى آخر
الكلام يعطي أن يكون المراد بالتناول الأخذ من القبر لا الأكل.
وعن جابر الجعفي: إنه شكى إلى الباقر (عليه السلام) علتين متضادتين كان به وجع
الظهر ووجع الجوف، فقال له (عليه السلام): عليك بتربة الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: كثيرا ما
استعملها ولا تنجح في، قال: فتبينت في وجه سيدي ومولاي الغضب، فقلت: يا
مولاي أعوذ بالله من سخطك، وقام فدخل الدار وهو مغضب، فأتى بوزن حبة في
كفه فناولني إياها، ثم قال: لي استعمل هذه يا جابر، فاستعملتها فعوفيت لوقتي،
فقلت: يا مولاي ما هذه التي استعملتها فعوفيت لوقتي؟ قال: هذه التي ذكرت أنها
لم تنجح فيك شيئا، فقلت: والله يا مولاي ما كذبت ولكن قلت لعل عندك علما
فأتعلمه منك فيكون أحب إلي مما طلعت عليه الشمس فقال لي: إذا أردت أن
تأخذ من التربة فتعمد لها آخر الليل، واغتسل لها بماء القراح، والبس أطهر
أطهارك، وتطيب بسعد، وادخل فقف عند الرأس، فصل أربع ركعات، تقرأ في
الاولى الحمد مرة وإحدى عشر مرة قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد مرة
وإحدى عشرة مرة إنا أنزلناه في ليلة القدر، وتقنت فتقول في قنوتك: لا إله إلا الله
حقا حقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، لا إله إلا الله وحده وحده، أنجز وعده، ونصر
عبده، وهزم الأحزاب وحده، سبحان الله مالك السماوات وما فيهن وما بينهن،



(1) مصباح المتهجد: ص 677.
284
سبحان الله ذي العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، ثم تركع وتسجد، وتصلي
ركعتين أخراوين تقرأ في الاولى الحمد مرة وإحدى عشر مرة قل هو الله أحد،
وفي الثانية الحمد مرة وإحدى عشر مرة إذا جاء نصر الله والفتح، وتقنت كما قنت
في الاوليين، ثم تسجد سجدة الشكر، وتقول: ألف مرة شكرا، ثم تقوم وتتعلق
بالتربة وتقول: يا مولاي يا بن رسول الله إني آخذ من تربتك بإذنك اللهم فاجعلها
شفاء من كل داء، وعزا من كل ذل، وأمنا من كل خوف، وغنى من كل فقر لي
ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتأخذ بثلاث أصابع ثلاث مرات، وتدعها في
خرقة نظيفة أو قارورة زجاج، وتختمها بخاتم عقيق، عليه ما شاء الله لا قوة إلا
بالله أستغفر الله، فإذا علم الله منك صدق النية لم يصعد معك في الثلاث قبضات إلا
سبعة مثاقيل، وترفعها لكل علة فإنها يكون مثل ما رأيت (1). ونحو ذلك خبر آخر
إلا أن فيه في أولى كل من الركعتين إحدى عشر مرة سورة الإخلاص بعد الحمد،
وليس فيه ذكر للقنوت (2) وروى لأخذ التربة غير ذلك من القراءة والدعاء بلا
تعرض لصلاة أو غسل (3).
وفي الكامل لابن قولويه مسندا عن محمد بن مسلم: أنه كان بي وجعا
فأرسل إلي أبو جعفر (عليه السلام) شرابا مع الغلام مغطى بمنديل فناوله الغلام إياه، قال له:
اشربه، فإنه قد أمرني أن لا أبرح حتى تشربه، قال: فتناولته فإذا رائحة المسك منه
وإذا بشراب طيب الطعم بارد، فلما شربت قال لي الغلام: يقول لك مولاي: إذا
شربته فتعال. ففكرت فيما قال لي وما أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي،
فلما استقر الشراب في جوفي فكأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت
عليه فصوت بي: صح الجسم ادخل! فدخلت عليه وأنا باك، فسلمت عليه وقبلت



(1) بحار الأنوار: ج 101 ص 138 ح 83.
(2) بحار الأنوار: ج 101 ص 137.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 416 ب 73 من أبواب المزار وما يناسبه.
285
يده ورأسه فقال لي: وما يبكيك يا محمد؟ فقلت جعلت فداك أبكي على اغترابي
وبعد الشقة وقلة القدرة على المقام عندك أنظر إليك (إلى أن قال (عليه السلام)) يا محمد
إن الشراب الذي شربته فيه من طين قبر الحسين (عليه السلام) وهو أفضل ما استشفي به،
فلا تعدل به، فإنا نسقيه صبياننا ونساءنا فنرى فيه كل خير، فقلت له: جعلت فداك
إنا لنأخذ منه ونستشفي به؟ فقال: يأخذه الرجل فيخرجه من الحائر وقد أظهره فلا
يمر بأحد من الجن به عاهة، ولا دابة ولا شيء فيه آفة إلا شمه فتذهب بركته
فيصير بركته لغيره، وهو الذي يتعالج به ليس هكذا، ولولا ما ذكرت لك ما يمسح به
شيء ولا شرب منه شيء إلا أفاق من ساعته، وما هو إلا كالحجر الأسود أتاه
صاحب العاهات والكفر والجاهلية، وكان لا يتمسح به أحد إلا أفاق (قال أبو
جعفر (عليه السلام)) وكان كأبيض ياقوتة فاسود حتى صار إلى ما رأيت، فقلت: جعلت
فداك وكيف أصنع به؟ فقال: تصنع به مع إظهارك إياه ما يصنع غيرك تستخف به
فتطرحه في خرجك وفي أشياء دنسة فيذهب ما فيه مما تريده له، فقلت: صدقت
جعلت فداك، قال: ليس يأخذه أحد إلا وهو جاهل بأخذه ولا يكاد يسلم بالناس،
فقلت: جعلت فداك وكيف لي أن آخذه كما تأخذه؟ فقال لي: أعطيك منه شيئا؟
فقلت: نعم، قال: إذا أخذته فكيف تصنع به؟ فقلت: أذهب به معي، فقال: في أي
شيء تجعله؟ قلت: في ثيابي، قال: فقد رجعت إلى ما كنت تصنع، اشرب عندنا منه
حاجتك ولا تحمله، فإنه لا يسلم لك، فسقاني منه مرتين، فما أعلم أني وجدت
شيئا مما كنت أجد حتى انصرفت (1).
وفيه مسندا عن الثمالي قال للصادق (عليه السلام): جعلت فداك إني رأيت أصحابنا
يأخذون من طين قبر الحسين (عليه السلام) يستشفون به، هل في ذلك شيء مما يقولون من
الشفاء؟ قال: يستشفى بما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال، وكذلك طين قبر



(1) كامل الزيارات: ص 275 - 277.
286
جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذلك طين قبر الحسن وعلي ومحمد، فخذ منها فإنها شفاء
من كل سقم، وجنة مما تخاف، ولا يعدلها شيء من الأشياء التي يستشفى بها إلا
الدعاء، وإنما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها، فأما من
أيقن أنها له شفاء إذا يعالج بها كفته بإذن الله من غيرها مما يتعالج به، ويفسدها
الشياطين والجن من أهل الكفر منهم يتمسحون بها، وما تمر بشيء إلا شمها، وأما
الشياطين وكفار الجن فإنهم يحسدون بني آدم عليها فيتمسحون بها ليذهب عامة
طيبها، ولا يخرج الطين من الحائر إلا وقد استعد له ما لا يحصى منهم وإنه لفي
يدي صاحبها وهم يتمسحون بها ولا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائر ولو
كان من التربة شيء يسلم ما عولج به أحد إلا برئ من ساعته، فإذا أخذتها فاكتمها
وأكثر عليها من ذكر الله عز وجل، وقد بلغني أن بعض من يأخذ من التربة شيئا
يستخف به حتى أن بعضهم ليطرحها في مخلاة الإبل والبغل والحمار أو في وعاء
الطعام وما يمسح به الأيدي من الطعام، والخرج والجوالق فكيف يستشفي به من
هذا حاله عنده؟ ولكن القلب الذي ليس فيه يقين من المستخف بما فيه صلاحه
يفسد عليه عمله (1).
وإذا سمعت الأخبار أشكل عليك الاستشفاء بها ما لم يعلم تحقق الشروط فيها.
وينص على تحريم الأكل لا للاستشفاء مع العمومات، نحو قول الصادق (عليه السلام)
في خبر حنان: من أكل من طين قبر الحسين (عليه السلام) غير مستشف به فكأنما أكل من
لحومنا (2). وينص على الاقتصار على اليسير قول الرضا (عليه السلام) لسعد بن سعد: ولكن
لا يكثر منه (3).



(1) كامل الزيارات: ص 280.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 397 ب 59 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
(3) الكافي: ج 6 ص 378 ح 2.
287
(ولا يتجاوز قدر الحمصة) لما سمعته من قول الصادق (عليه السلام) فيما حكيناه
من المصباح (1) ولقول أحدهما (عليهما السلام) في مرسل الحسن بن فضال: ولكن اليسير منه
مثل الحمصة (2).
(ولو اضطر إليه) أي الطين غير التربة الحسينية (للتداوي كالأرمني)
والمختوم بأن انحصر الدواء فيه (فالوجه الجواز) كما في الشرائع (3) إذ لا ضرر
ولا حرج في الدين، ولما في المصباح عن محمد بن جمهور القمي عن بعض
أصحابه: سئل الصادق (عليه السلام) عن الطين الأرمني يؤخذ للكسير أيحل أخذه؟ قال:
لا بأس به، أما أنه من طين قبر ذي القرنين وطين قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) خير
منه (4) وهو لا يدل على جواز الأكل، فإنه يتداوى الكسير بالإطلاء به. ولكن
أرسل في مكارم الأخلاق عنه: أنه سئل عن الطين الأرمني يؤخذ للكسير
والمبطون الحديث (5) وهو يدل على جواز الأكل، فإن المبطون يتداوى بأكله.
ويحتمل المنع، لعموم الأخبار في أن الله لم يجعل الدواء في حرام (6). ولا يصح
التأويل بأنه عند التداوي حلال، فإنها وقعت في جواب السؤال عن الاستشفاء
بنحو الخمر، وفيه أنه يجوز أن يراد أنما يكون دواء إذا حل، وهو إذا انحصر الدواء
فيه. وفي الإيضاح نفى الخلاف عن جواز الأكل لدفع الهلاك، قال: لأن الميتة
والدم أفحش والهلاك يبيحهما، فهذا أولى، وذكر أن المصنف احترز عن دفع الهلاك
بقوله للتداوي (7).



(1) مصباح المتهجد: ص 678.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 414 ب 72 من أبواب المزار وما يناسبه ح 1.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 224.
(4) مصباح المتهجد: ص 676.
(5) مكارم الأخلاق: ص 169.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 274 - 275 ب 20 من أبواب الأشربة المحرمة.
(7) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 154.
288
(الخامس: السموم القاتلة) أو الممرضة (قليلها وكثيرها) إلا أن
تصلح بما يزول معه ضررها، أو يقوي مزاج المتناول حتى لا يضره بتناولها (ولا
بأس باليسير مما لا يقتل) ولا يمرض (قليله كالأفيون والسقمونيا وشحم
الحنظل) إلا إذا لم يكن في شجرته غير واحد. فقد قيل: إنه يسهل إسهالا مفرطا
وربما أهلك (والشوكران) ويقال له شيكران بإعجام الشين واهمالها وهو نبت
ساقه كساق الرازيانج وورقه كورق القثاء وله زهر أبيض وبزره كالأنيسون (إذا
مزج بغيره من الحوائج) يحتمل الاختصاص بالشوكران لأنه يعد من السموم
وقلما يستعمل وحده، والتعلق بالجميع فإن الأغلب في الكل أن يخلط بالغير.
(ولا يجوز الإكثار منه) أي مما لا يضر قليله ويضر كثيره (كالمثقال)
من المذكورات ونحوها (وبالجملة ما يخاف معه الضرر) من المقدار.
(المطلب الخامس المايعات)
(ويحرم منها خمسة):
(الأول: لبن ما يحرم أكله كالذئبة والهرة واللبوة والمرأة إلا للصبي)
بل الطفل مطلقا، فلا يحرم على المكلف سقيه شيئا من ذلك، خصوصا لبن المرأة
إلا ما زاد على حولين بأكثر من شهرين، فظاهر الأكثر الحرمة وقد مر. ويدل على
حرمة اللبن ما يدل على حرمة ذات اللبن إن لم يقيد بلحمها كالخنزير في الآية (1).
ولكن لا شبهة في حرمة لبنه، للنجاسة. واستلزام حرمة اللحم لحرمة اللبن مما لا
دليل عليه، إلا أن يكون إجماع.
(ويكره لبن مكروه اللحم كالأتن مائعه وجامده) قطع به جماعة، ولا
أعرف دليله، والأخبار نافية للبأس من ألبان الأتن، كصحيح العيص ذكر: أنه



(1) البقرة: 173.
289
تغدى مع الصادق (عليه السلام) فقال هذا شيراز الأتن اتخذناه لمريض لنا فإن أحببت أن
تأكل منه فكل (1) وحسنه سأله عن شرب ألبان الأتن؟ فقال: اشربها (2) وخبر أبي
مريم الأنصاري سأل الباقر (عليه السلام) عن شرب ألبان الأتن، فقال لي: لا بأس بها (3).
(الثاني: البول سواء كان نجسا كبول ما لا يؤكل لحمه سواء كان
الحيوان نجسا كالكلب والخنزير أو طاهرا كالذئب والقرد، أو) كان البول
(طاهرا كبول ما يؤكل لحمه) وفاقا للشرائع (4) والوسيلة (5) (للاستخباث)
وهو دليل ضعيف.
(نعم يجوز الاستشفاء بشرب بول الإبل وشبهه) بالإجماع كما هو
الظاهر، وحكى في الانتصار (6) وقال الكاظم (عليه السلام) في خبر الجعفري: أبوال الإبل
خير من ألبانها، وجعل الله الشفاء في ألبانها (7) وعن سماعة: أنه سأل الصادق (عليه السلام)
عن شرب أبوال الإبل والبقر والغنم للاستشفاء، قال: نعم، لا بأس به (8) وروي أن
قوما من عرينة قدموا على النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة فاستوخموها فانتفخت أجوافهم،
فبعثهم (صلى الله عليه وآله) إلى لقاح الصدقة ليشربوا من أبوالها (9). وفي الانتصار (10) والسرائر (11)
والنافع (12): جواز شرب بول مأكول اللحم لغير التداوي أيضا، وهو ظاهر أبي علي،
وحكى في الانتصار الإجماع عليه، وقال: بول كل ما يؤكل لحمه طاهر غير



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 89 ب 60 من أبواب الأطعمة المباحة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 89 ب 60 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 89 - 90 ب 60 من أبواب الأطعمة المباحة ح 4.
(4) شرائع الإسلام: ج 3 ص 227.
(5) الوسيلة: ص 364.
(6) الانتصار: ص 201.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 87 ب 59 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3 وفيه يجعل الله.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 88 ب 59 من أبواب الأطعمة المباحة ح 7.
(9) سنن البيهقي: ج 10 ص 4.
(10) الانتصار: ص 201.
(11) السرائر: ج 3 ص 125.
(12) المختصر النافع: ص 246.
290
نجس، وكل من قال بطهارته جوز شربه، ولا أحد يذهب على طهارته والمنع من
شربه (1) ويؤيده الأصل وخبر الجعفري (2).
(الثالث: الدم المسفوح حرام نجس وإن كان الحيوان مأكول اللحم)
وكذا المني مما له نفس سائلة (وكذا ما ليس بمسفوح) من الدم (من الحيوان
المحرم كدم الضفادع والقراد وإن لم يكن نجسا) لشمول حرمتها حرمة
أجزائها وما يشتمل عليه، و (لاستخباثه) وعموم قوله تعالى: " حرمت عليكم
الميتة والدم " (3). والاستخباث ضعيف خصوصا والدم المتخلف في اللحم محكوم
بحله، والعموم معارض بقوله تعالى: " أو دما مسفوحا " (4) مع أداة الحصر، فيمكن
أن يكون الدم المعرف إشارة إليه. (أما ما لا يدفعه الحيوان المأكول إذا ذبح
مما يبقى في اللحم فإنه طاهر حلال) بلا خلاف يعرف، للأصل، وقوله تعالى:
" أو دما مسفوحا " وعسر التحرز عنه.
(ولو وقع قليل من الدم النجس) فضلا عن كثيره (في قدر يغلي على
النار وجب غسل اللحم والتوابل واكل) على من أراد أكلها (والمرق نجس
على رأي) وفاقا لابن إدريس (5) والمحقق (6) وجعله القاضي أحوط
للاستصحاب من غير معارض (7) وخلافا للصدوق (8) والشيخين (9) وجماعة، فإنهم
يطهرون ما في القدر بالغليان إذا قل الدم. وأطلق المفيد وسلار (10) فيشمل الكثير،
لصحيح سعيد الأعرج سأل الصادق (عليه السلام) عن قدر فيها جزور وقع فيها قدر أوقية



(1) الانتصار: ص 201.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 87 ب 59 من أبواب الأطعمة المباحة ح 3.
(3) المائدة: 3.
(4) الأنعام: 145.
(5) السرائر: ج 3 ص 120.
(6) شرائع الإسلام: ج 3 ص 225.
(7) المهذب: ج 2 ص 432.
(8) المقنع: ص 36.
(9) النهاية: ج 3 ص 104، المقنعة: ص 582.
(10) المراسم: ص 210.
291
من دم أيؤكل؟ قال: نعم، فإن النار تأكل الدم (1) وخبر زكريا بن آدم سأل
الرضا (عليه السلام) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير،
قال: يهراق المرق، أو يطعمه أهل الذمة، أو الكلاب، واللحم اغسله وكله، قلت:
فإن قطر فيه دم قال الدم تأكله النار (2). والجواب إن شيئا منهما لا يدل على جواز
الأكل قبل الغسل، وإنما ذكر فيهما أن النار تأكل الدم دفعا لتوهم السائل أنه لا
يجوز الأكل وإن غسل، لأن الدم ثخين يبعد أن يأكله النار فهو ينفذ في اللحم فلا
يجدي الغسل. ويمكن تنزيل كلامي الشيخين عليه، ففي المقنعة: وإن وقع دم في
قدر يغلي على النار جاز أكل ما فيها بعد زوال عين الدم وتفرقها بالنار، وإن لم
تزل عين الدم منها حرم ما خالطه الدم وحل منها ما أمكن غسله بالماء (3) وفي
النهاية: فإن حصل فيها شيء من الدم وكان قليلا ثم غلى جاز أكل ما فيها لأن النار
تحل الدم، وإن كان كثيرا لم يجز أكل ما وقع فيه (4).
(الرابع: الخمر وسائر المسكرات المائعة) اتفاقا وهي (نجسة على
أصح القولين) كما مر في الطهارة (سواء كان) خمرا وهو المتخذ من العنب،
أو (نبيذا) من التمر كما في الخبر (5) (أو بتعا) بكسر الموحدة وسكون المثناة
من فوق وإهمال العين من العسل (أو فضيخا) بالفاء وإعجام الضاد والخاء
بينهما ياء مثناة من تحت، وهو من البسر المفضوخ أي المكسور وقيل: من
الرطب (6) وقيل: من تمر وبسر (7) (أو نقيعا) من الزبيب (أو مزرا) بتقديم



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 376 ب 44 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1056 ب 38 من أبواب النجاسات ح 8.
(3) المقنعة: ص 582.
(4) النهاية: ج 3 ص 104.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 221 ب 1 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(6) قاله في لسان العرب: ج 3 ص 45.
(7) قاله في السرائر: ج 3 ص 129.
292
المعجمة الساكنة على المهملة وكسر الميم من الذرة، وقيل (1): من الشعير والحنطة
ونحو ذلك من الحبوب.
(والفقاع) وهو شراب يتخذ من الشعير يعلوه الزبد والفقاقيع، ولذا يسمى به
ويسمى العنبي أو الأسكركة (كالخمر بالإجماع) كما في الانتصار (2) (في
جميع الأحكام) من الحرمة والنجاسة وحد الشارب ورد شهادته ونحو ذلك
(إلا في اعتقاد إباحته وإباحة بيعه، فإنه لا يقتل معتقده) كما يقتل معتقد
ذلك في الخمر، لأنه ليس مثلها في ضرورية الحرمة من الدين.
(والعصير) العنبي وإن لم يشتد (إذا غلى حرام) إجماعا (نجس) كما
في الدروس (3) واشتهر بين المتأخرين أو مطلقا كما أطلق الأكثر ومنهم المصنف
في كتبه (4) ونص في السرائر على التعميم (5) وستسمع عبارته، ويأتي في القضاء:
أنه لا بأس بعصير التمر والبسر وإن غلى ما لم يسكر على قول (سواء غلى من
قبل نفسه أو بالنار) أو بالشمس، للعموم. وفي الوسيلة: إن غلى بنفسه حرم
ونجس، وإن غلى بالنار حرم خاصة (6). ولا نعرف له مستندا (ولا يحل حتى
يذهب ثلثاه) بنفسه أو بالنار أو بالشمس، وقال الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن
سنان: العصير إذا طبخ حتى يذهب منه ثلاثة دوانيق ونصف، ثم يترك حتى يبرد
فقد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (7) (أو يصير خلا) فيحل بأحد الأمرين كما في الشرائع (8)



(1) قاله في لسان العرب: ج 5 ص 172.
(2) الانتصار: ص 197.
(3) الدروس الشرعية: ج 3 ص 16 درس 204.
(4) مختلف الشيعة: ج 8 ص 469، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7 س 38، تحرير الأحكام: ج 1
ص 24 س 12، منتهى المطلب: ج 1 ص 167 س 32.
(5) السرائر: ج 3 ص 129.
(6) الوسيلة: ص 365.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 232 - 233 ب 5 من أبواب الأشربة المحرمة ح 7.
(8) شرائع الإسلام: ج 3 ص 225.
293
والجامع (1) بالنصوص (2) والإجماع في ذهاب الثلثين. وأما إذا تخلل فلخروجه به
عن اسم العصير عرفا، وهو يكفي لتعلق الأحكام بالأسماء، ولما يقال: من أنه لا
يصير خلا إلا بعد أن يصير خمرا وهي تطهر بالتخلل نصا (3) وإجماعا.
وفي المقنع (4) والنهاية (5) والمهذب (6) والوسيلة (7) تخصيص ما غلى بنفسه
بالتخلل، وما غلى بالنار بذهاب الثلثين، ويمكن تنزيل كلام المصنف وابني
سعيد (8) عليه.
وقريب من ذلك في السرائر لقوله: وأما عصير العنب فلا بأس بشربه ما لم
يلحقه نشيش، فإن لحقه طبخ قبل نشيشه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه حل شرب
الثلث الباقي، فإن لم يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه كان ذلك حراما، وكذلك القول فيما
ينبذ من الثمار في الماء أو اعتصر من الأجسام في جواز شربه ما لم يتغير فإن تغير
بالنشيش لم يشرب (9) انتهى.
ودليله اختصاص أخبار الثلثين بالطبخ على النار والغليان بها، وعموم نحو
قول الصادق (عليه السلام) في خبر ذريح: إذا نش العصير أو غلى حرم (10) وفي خبر حماد
ابن عثمان: يشرب ما لم يغل، فإذا غلى فلا تشربه (11).
وعصير الزبيب إذا غلى لم يحل ما لم يتخلل، وإذا طبخ على النار لم يحل ما



(1) الجامع للشرائع: ص 394.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 223 ب 2 من أبواب الأشربة المحرمة.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 296 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة.
(4) المقنع: ص 453.
(5) النهاية: ج 3 ص 109 و 112.
(6) المهذب: ج 2 ص 432.
(7) الوسيلة: ص 365.
(8) شرائع الإسلام: ج 3 ص 225، الجامع للشرائع: ص 394.
(9) السرائر: ج 3 ص 129.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 229 ب 3 من أبواب الأشربة المحرمة ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 17 ص 229 ب 3 من أبواب الأشربة المحرمة ح 3.
294
لم يذهب ثلثاه. وعلى ظاهر الكتاب يحل كل بكل منهما وسواء تذيب بالشمس أو
لا إذا اختص التحريم بعصير العنب وقلنا بخروجه عنه.
وفي الدروس: ولا يحرم المعتصر من الزبيب ما لم يحصل فيه نشيش، فيحل
طبيخ الزبيب على الأصح، لذهاب ثلثيه بالشمس غالبا، وخروجه عن مسمى
العنب، وحرمه بعض مشايخنا المعاصرين، وهو مذهب بعض فضلائنا المتقدمين،
لمفهوم رواية علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) حيث سأله عن الزبيب يؤخذ ماؤه
فيطبخ حتى يذهب ثلثاه، قال: لا بأس (1).
وفيه: إنا إن اعتبرنا ذهاب ثلثي الزبيب بالشمس فلا معنى لحرمة عصيره إذا
نش، والظاهر عدم اعتباره ولا اعتبار غليانه بالشمس ولا بالنار. ولا يخفى عليك
ما في الاحتجاج بمفهوم الخبر المذكور، وعصير التمر أيضا كذلك وإن عممنا
العصير، وسئل الصادق (عليه السلام) في خبر عمار عن النضوح المعتق كيف يصنع به حتى
يحل؟ قال: خذ ماء التمر فاغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر (2). وفي الدروس: أحله
بعض الأصحاب ما لم يسكر (3). قلت: وهو نص المصنف في القضاء: وإذا مزج
العصير بنحو الماء كفى في حله ذهاب ثلثي المجموع، كما نص عليه بعض
الأصحاب والأخبار كأخبار الشراب الحلال، وهو ظاهر خبر عقبة بن خالد عن
الصادق (عليه السلام) في رجل أخذ عشرة أرطال من عصير العنب فصب عليه عشرين
رطلا من ماء ثم طبخهما حتى ذهب منه عشرون رطلا وبقي منه عشرة أرطال
أيصلح أن يشرب تلك العشرة أم لا؟ فقال: ما طبخ على الثلث فهو حلال (4).
(وكذا الخمر يطهر بانقلابه) خلا (من نفسه) إجماعا (أو بعلاج)



(1) الدروس الشرعية: ج 3 ص 16 درس 204.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 298 ب 32 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(3) الدروس الشرعية: ج 3 ص 17 درس 204.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 236 ب 8 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
295
وفاقا للشيخين (1) وجماعة: للعمومات. وخصوص خبر عبد العزيز بن المهتدي
كتب إلى الرضا (عليه السلام): العصير يصير خمرا فيصب عليه الخل وشئ يغيره حتى
يصير خلا؟ قال: لا بأس به (2) وخبر أبي بصير سأل الصادق (عليه السلام) عن الخمر يصنع
فيها الشيء حتى تحمض، فقال: إذا كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فلا
بأس به (3) و " ما " في ما صنع يحتمل المصدرية والموصولية، فإن كان الأول كان
المعنى إن كان ما فعله فيها غالبا على فعله أي قويا على التخليل، وإن كان الثاني
احتمل صنع بالبناء للفاعل وحذف المفعول أي ما صنعه، وما صنعه يحتمل
التخليل والخمر المخللة، والبناء للمفعول أي ما صنع فيه وهي الخمر، والغلبة على
الخمر أيضا بمعنى القوة على تخليلها، وفهم منه الشيخ غلبة الموضوع فيها عليها
فنسبه إلى الشذوذ (4). واحتمل غيره العكس، وهو بعيد، وظاهر نحو حسن زرارة
سأل الصادق (عليه السلام) عن الخمر العتيقة تجعل خلا، قال: لا بأس (5). وخبر عبيد بن
زرارة سأله (عليه السلام) عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلا، قال: لا بأس (6) فإن الجعل
ظاهر في العلاج. وظاهر المنتهى (7) ونهاية الإحكام (8) والتحرير (9) ويظهر من
التذكرة (10) الإجماع (ما لم يمازجه نجس) بالذات أو متنجس إلا أن يستحيل
استحالة مطهرة قبل التخلل. والوجه ظاهر.
(ولا فرق بين أن يكون ما يعالج به باقيا أو مستهلكا) ولا بين أن



(1) المقنعة: ص 581، النهاية: ج 3 ص 112.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 297 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 296 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(4) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 119 ذيل الحديث 511.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 296 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 296 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 3.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 167 س 34.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 292.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 12.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65.
296
يستحيل هو أيضا استحالة مطهرة إلى الخل أو غيره أو لا، كما هو قضية إطلاق
الأصحاب ونص المحقق (1) والشيخ (2) وأبي علي (3) لإطلاق النصوص (4) وجواز
أن يطهر بطهارة الخمر كما يطهر الإناء، لأنه إنما ينجس بالخمر، فكما تبعها في
النجاسة فلا بعد في أن يتبعها في الطهارة (وإن كان العلاج مكروها) كما ذكره
الشيخ (5) وجماعة لصحيح محمد بن مسلم وأبي بصير، أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن
الخمر يجعل فيها الخل، فقال: لا إلا ما جاء من قبل نفسه (6). ويمكن أن يكون
السائل سأل عن حالها إذا جعل فيها الخل فاستهلك فيه، فأجاب عنه (عليه السلام) بأنه لا
يكفي لحلها بل لابد من انقلاب نفسها خلا، وهو أعم من أن يكون بنفسها أو بعلاج.
وخبر عبيد بن زرارة، سأله عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلا، قال: لا بأس إذا
لم يجعل فيها ما يقلبها. كذا بالقاف في التهذيب (7) والاستبصار (8). وفي الكافي (9)
بالغين، فيحتمل ما قلناه في الخبر الأول، أي إذا لم يكن التخلل لغلبة الخل عليها
واستهلاكها فيه، أو النهي عن جعلها فيما يغلبها، وإن بقيت زمانا يظن فيه الانقلاب
حذرا من أن لا تكون انقلبت، لأنه حينئذ لا يحصل العلم بالانقلاب. وما سمعته من
الاحتمال في الخبرين لا يدفع الكراهة، لاحتمال النهي عن العلاج، فالأولى تركه.
(الخامس: كل ما لاقاه نجس وكان أحدهما رطبا فإنه يحرم) اتفاقا
إلا إذا لاقاه ميتة على رأي من لا يعدي نجاستها مائعا أو جامدا (قبل غسله)
بل تطهيره (إن قبل التطهير، وإلا حرم مطلقا) وعدم قبول التطهير في كل مائع



(1) شرائع الإسلام: ج 3 ص 228.
(2) النهاية: ج 3 ص 112.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 348.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 296 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة.
(5) الاستبصار: ج 4 ص 94 ذيل الحديث 360.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 297 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 7.
(7) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 117 ح 506.
(8) الاستبصار: ج 4 ص 94 ح 361.
(9) الكافي: ج 6 ص 428 ح 4.
297
غير الماء في التحرير (1) وموضع من المنتهى (2) فإنه لا يطهر إلا إذا القي في الماء
الكثير بحيث استهلك فيه ولم يخرجه عن الإطلاق. وهو ظاهر الأصحاب، وحكى
عليه الإجماع في السرائر (3). وفي موضع آخر من المنتهى: أن الدهن النجس لو
صب في كر ماء ومازجت أجزاء الماء أجزاءه واستظهر على ذلك بالبصر بحيث
يعلم وصول أجزاء الماء إلى جميع أجزائه طهر (4). ولا يبعد عندي الفرق بين
الأدهان وغيرها فيحكم بطهر الأدهان دون غيرها وإن رأى الأكثر أن طهر
الأدهان أبعد، وذلك لأنها لدسومتها بعد ما يتفرق في الماء يفوق عليه بخلاف
سائر المائعات.
(ولو وقعت النجاسة في جامد كالدبس والسمن والعسل مع جمادها
وعدم سريان النجاسة في أجزائها) بعضها في بعض (القيت النجاسة وما
يكتنفها، وحل الباقي) لا نعرف فيه خلافا، لنحو قول الباقر (عليه السلام) في صحيح
زرارة: إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت، فإن كان جامدا فألقها وما يليها، وكل
ما بقي وإن كان ذائبا فلا تأكله واستصبح به، والزيت مثل ذلك (5). وهو مما يدل
على أن المائع لا يطهر. وصحيح الحلبي سئل الصادق (عليه السلام) عن الفأرة والدابة تقع
في الطعام والشراب فتموت فيه، فقال: إن كان سمنا أو عسلا أو زيتا فإنه ربما
يكون بعض هذا، فإن كان الشتاء فانزع ما حوله وكله، وإن كان الصيف فارفعه
حتى تسرج به، وإن كان بردا فاطرح الذي كان عليه، ولا تترك طعامك من أجل
دابة ماتت عليه (6).
(ولو كان) ما وقع فيه النجاسة (مائعا نجس) جميعه (وجاز)



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 31.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 12 س 7.
(3) السرائر: ج 1 ص 183.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 17.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 374 - 375 ب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 375 ب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
298
استعماله فيما لا يشترط بالطهارة، ومن ذلك (الاستصباح به إن كان دهنا) أو
سمنا ولكن (تحت السماء لا تحت الظلال) قطع به الأصحاب. وفي
السرائر (1): نفى عنه الخلاف. ونص المبسوط (2) على الكراهة. وأطلق أبو علي
جواز الاستصباح (3) به، كما هو منطوق الأخبار. ولم نظفر بخبر مفصل أو ناه عن
الاستصباح مطلقا أو تحت الظلال. ولذا اختار الجواز مطلقا في المختلف (4).
(والأقرب) على المشهور (أنه تعبد) كما في السرائر (5) (لا لنجاسة
دخانه) كما في المبسوط (6) (فإن دخان الأعيان النجسة) بالذات أو
بالعرض (طاهر) على الأقوى (و) ذلك لأن (كل ما أحالته النار إلى
الرماد أو إلى الدخان من الأعيان النجسة) ذاتا أو عرضا (فإنه يطهر
بالإحالة) أما إذا كانت نجسة بالذات فلتعليق نجاستها بأسمائها، فإذا انتقلت إلى
أسماء اخرى طهرت. وأما إذا تنجست فلأن النجاسة صفة تابعة للذات، فإذا أزالت
زالت، ويزول الذات بالإحالة، فإن الذات هنا تابعة للأسماء. ولا استصحاب مع
زوال الذات. ولو سلم نجاسة الدخان فلا يصلح دليلا على حرمة الاستصباح، فإن
غاية الأمر أن يتنجس السقف، ولا دليل على حرمته.
(ويحل بيع الأدهان النجسة لفائدة الاستصباح تحت السماء) أو
مطلقا، وتدهين الدواب، ونحو ذلك مما لا يشترط بالطهارة. (ويجب إعلام
المشتري) بنجاستها إن كان مسلما، كما قال الصادق (عليه السلام) في خبر معاوية بن
وهب في الزيت مات فيه جرذ: يبيعه ويبينه لمن اشتراه ليستصبح به (7) (وكذا)



(1) السرائر: ج 3 ص 121.
(2) المبسوط: ج 6 ص 283.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 332.
(4) مختلف الشيعة: ج 8 ص 333.
(5) السرائر: ج 3 ص 121.
(6) المبسوط: ج 6 ص 283.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 374 ب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
299
يجوز بيع (كل الأعيان النجسة القابلة للتطهير) مع الإعلام، لا غير القابلة له
وإن انتفع بها فيما لا يشترط بالطهارة.
(وكل ما مات فيه حيوان له نفس سائلة سواء كان مأكول اللحم أو لا
من المائعات، فإنه ينجس بموته فيه) إلا الماء الجاري أو الكثير، وإلا مع
تحقق التذكية. (دون ما لا نفس له سائلة كالذباب) إلا المسوخات على
القول بنجاستها. وسئل الصادق (عليه السلام) في خبر عمار عن الخنفساء والذباب والجراد
والنملة وما أشبه ذلك تموت في البئر والزيت والسمن وشبهه، قال: كل ما ليس له
دم فلا بأس به (1). وسأله أبو بصير عن الذباب يقع في الدهن والسمن والطعام،
فقال: لا بأس، كل (2).
(وكل ما باشره كافر من المائعات والأجسام الرطبة واليابسة إذا كان
هو رطبا نجس) إلا على القول بطهارة الكتابي. وفي الصحيح عن علي بن
جعفر سأل أخاه (عليه السلام) عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس، لا يدري لمن كان،
هل تصلح الصلاة فيه؟ قال: إن اشتراه من مسلم فليصل فيه، وإن اشتراه من
نصراني فلا يصل فيه حتى يغسله (3) وسأله عن النصراني يغتسل مع المسلم في
الحمام، قال: إذا علم أنه نصراني اغتسل بغير ماء الحمام، إلا أن يغتسل وحده على
الحوض فيغسله، ثم يغتسل. وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء
أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إلا أن يضطر إليه (4). ولعل معنى الاضطرار التقية، ولا
ينافيه نحو صحيح إسماعيل بن جابر قال للصادق (عليه السلام): ما تقول في طعام أهل
الكتاب؟ فقال: لا تأكله، ثم سكت هنيئة، ثم قال: لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال:



(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1051 ب 35 من أبواب النجاسات ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 378 ب 46 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1071 ب 50 من أبواب النجاسات ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1020 ب 14 من أبواب النجاسات ح 9.
300
لا تأكله ولا تتركه تقول: إنه حرام ولكن تنزه عنه، إن في آنيتهم الخمر ولحم
الخنزير (1) لجواز يبس الطعام. وكذا خبر الكاهلي قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)
وأنا عنده، عن قوم مسلمين حضرهم رجل مجوسي أيدعونه إلى طعامهم؟ فقال:
أما أنا فلا أدعوه ولا أواكله وإني لأكره أن احرم عليكم شيئا تصنعون في بلادكم (2)
على أن المؤاكلة لا تستلزم الكون في آنية واحدة. وكذا خبر زكريا بن آدم قال
له (عليه السلام): إني رجل من أهل الكتاب وإني أسلمت وبقي أهلي كلهم على النصرانية،
وأنا معهم في بيت واحد لم أفارقهم بعد، فآكل من طعامهم؟ فقال لي: يأكلون لحم
الخنزير؟ قلت: لا، ولكنهم يشربون الخمر، فقال لي: كل معهم واشرب (3) لأنه ليس
نصا في الأكل والشرب معهم في إناء واحد ولا في عموم الطعام للرطب. ولعل
السؤال عن أكلهم لحم الخنزير للاستظهار والتنزيه إذ قد لا يخلو أيديهم وأوانيهم
إن أكلوه عن دسومة فتسري النجاسة إلى الأواني وما فيها أو باشروه من الأطعمة
اليابسة. (ولا يجوز استعمال أوانيهم التي باشروها برطوبة) إلا بعد التطهير
قال الصادق (عليه السلام) في صحيح زرارة في آنية المجوس: إذا اضطررتم إليها
فاغسلوها بالماء (4). وأما نحو قول الصادق (عليه السلام) فيما مر من صحيح إسماعيل بن
جابر: إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير (5) وصحيح محمد بن مسلم سأل
أحدهما (عليهما السلام) عن آنية المجوس، فقال: لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيها
الميتة والدم ولحم الخنزير (6) فلعل المراد التنزيه عن تلك الأواني ولو غسلت.



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(2) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 88 ح 370.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5 وفيه: " زكريا بن
إبراهيم ".
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 6.
301
(وروي) صحيحا عن زرارة عن الصادق (عليه السلام) (أنه يأمر المجوسي إذا
أراد مؤاكلته بغسل يده) ولفظ الخبر: أنه سأله (عليه السلام) عن مؤاكلة المجوسي، فقال:
إذا توضأ فلا بأس (1). وفي صحيح عيص بن القاسم، أنه سأله (عليه السلام) عن مؤاكلة
اليهودي والنصراني والمجوسي، فقال: إن كان من طعامك وتوضأ فلا بأس (2)
(وهي) أي الرواية على المشهور من نجاستهم (محمولة على) المؤاكلة في
(الأجسام الجامدة، أو مع اختلاف الأواني) والغسل إنما هو لدفع الاستقذار،
أو على الضرورة والغسل لذلك أيضا، أو على الضرورة وفاعل التوضؤ المسلم.
فيكون " توضأ " في الخبر الثاني مضارعا محذوف أحد التائين للخطاب، وفي
الأول يحتمله المضي. ولكن لفظ خبر العيص في المحاسن: إذا أكلوا من طعامك
وتوضئوا لا بأس (3).
(ولو وقعت النجاسة في قدر يغلي القي المرق وغسل اللحم والتوابل
واكل) أية كانت النجاسة، قليلة كانت أو كثيرة. وفي خبر السكوني، أن
أمير المؤمنين (عليه السلام) سئل عن قدر طبخت وإذا في القدر فأرة؟ فقال: يهراق مرقها
ويغسل اللحم ويؤكل (4). وقال القاضي: إن وقع فيها كثير من الخمر لم يؤكل شيء
مما فيها (5). ولعله للاحتياط لشدة نفوذ الخمر وسمعت في الدم خلافا.
(ولو عجن) العجين (بالماء النجس لم يطهر بخبزه) وفاقا للمشهور،
للأصل، والاحتياط، وصحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا - قال: وما أحسبه
إلا حفص بن البختري - قال: قيل لأبي عبد الله: في العجين يعجن من الماء النجس



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 383 ب 53 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 383 ب 53 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) المحاسن: ص 453 ح 372.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 376 ب 44 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(5) المهذب: ج 2 ص 431.
302
كيف يصنع به؟ قال: يباع ممن يستحل أكل الميتة. وصحيحته أيضا عن بعض
أصحابه عنه (عليه السلام) قال: يدفن ولا يباع (1). وللشيخ قول بالطهارة (2) وفاقا لظاهر
الصدوق (3) لصحيحه أيضا عمن رواه عن الصادق (عليه السلام) في عجين عجن وخبز، ثم
علم أن الماء كان فيه ميتة، قال: لا بأس، أكلت النار ما فيه (4) وخبر أحمد بن محمد
ابن عبد الله بن الزبير سأله (عليه السلام) عن البئر يقع فيها الفأرة أو غيرها من الدواب
فتموت فتعجن من مائها، أيؤكل ذلك الخبز؟ قال: إذا أصابته النار فلا بأس
بأكله (5). وليس في شيء منهما دلالة على تنجس الماء، فيجوز أن يعني أن النار
أزالت ما كان فيه من السم والاستقذار.
(ويكره أكل ما باشره الجنب والحائض إذا كانا غير مأمونين، وما
يعالجه من لا يتوقى من النجاسات) غيرهما، كذا ذكره الشيخان (6) وجماعة،
ويؤيده الاعتبار وما يعرف من الرغبة في التنزه شرعا، ولا ينافيه الأخبار الناطقة
بتجويز شرب سؤرهما دون الوضوء (7) لظهور أولوية الوضوء بالاحتياط.
(تتمة):
(لو القي الخمر في الخل حتى استهلكه الخل أو بالعكس لم يطهر
الخمر فكان الخل نجسا، سواء) صبر حتى يعلم أو يظن انقلاب الخمر خلا،
وذلك بأن يستبقي من الخمر بقية ويصبر حتى (انقلب الباقي من الخمر خلا أو
لا) وبالجملة: لا يطهر بالامتزاج بالخل وإن استهلكها، لأنه ليس من الاستحالة



(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 174 ب 11 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
(2) النهاية: ج 1 ص 211.
(3) المقنع: ص 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 129 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 18.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 129 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 17.
(6) النهاية: ج 3 ص 106، المقنعة: ص 584.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 169 ب 8 من أبواب الأسئار.
303
في شيء، ولا دليل على كونه مطهرا خلافا لأبي حنيفة (1) ولا بالتخليل بعد
الامتزاج وفاقا لابن إدريس (2) والمحقق (3) لأن الخل تنجس بالخمر ولم يعرضه
مطهر، وخلافا للنهاية (4) وأبو علي (5) وجماعة. ونفى عنه البعد في المختلف (6).
وهو متجه، لا لما فيه: من أن نجاسة الخل تابعة لنجاسة الخمر فإذا طهرت طهر لئلا
يزيد الفرع على الأصل، لظهور ضعفه، بل لدخوله في مطلق العلاج، وخصوص
خبر عبد العزيز بن المهتدي (7). نعم يتجه الأول إن لم يكن للخل مدخل في
الانقلاب لقلته أو غيرها، لعدم الدخول في العلاج، وقد يقال بعدم الدخول فيه
أيضا إذا استهلك الخمر. فيمكن أن يكون المصنف لاحظ ذلك فاقتصر على
الاستهلاكين إلا أنه قال في التحرير: ولا فرق بين استهلاك ما يعالج به أو لا (8).
(وبصاق شارب الخمر وغيره من النجاسات طاهر ما لم يتلوث
بالنجاسة، وكذا دمع المكتحل بالنجس ما لم يتلون به) أو يتغير بتغير اللون
مما يعلم به وجود النجاسة معه، لطهارة البواطن إذا زالت عين النجاسة، وخبر أبي
الديلم قال للصادق (عليه السلام): رجل يشرب الخمر فيبزق فأصاب ثوبي من بزاقه، فقال:
ليس بشيء (9). (ومع الجهل بالتلون) بل التلوث (فهو طاهر) فكلما أصاب
منه ثوبا أو غيره ولم يعلم تلوثه لم يحكم بنجاسة ما أصابه وإن علم تلوث البزاق
في الجملة، وعلى الجملة لا يشترط في الحكم بالطهارة العلم بزوال عين النجاسة
عن الفم والعين مع احتمال اشتراطه بالعلم بذلك.



(1) المجموع: ج 2 ص 576.
(2) السرائر: ج 3 ص 133.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 228.
(4) النهاية: ج 3 ص 113.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 348.
(6) مختلف الشيعة: ج 8 ص 348.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 297 ب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ح 8.
(8) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 18.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1058 ب 39 من أبواب النجاسات ح 1.
304
(ويكره الإسلاف في العصير) وفاقا للشيخ قال: لأنه لا يؤمن أن يطلبه
من صاحبه ويكون قد تغير إلى حال الخمر (1). ويؤيده خبر يزيد بن خليفة: كره أبو
عبد الله (عليه السلام) بيع العصير بتأخيره (2). وأباحه ابن إدريس (3) لأن الحق في السلف إنما
يتعلق بالذمة وإنما يتم الدليل لو تعلق بالعين. واعتذر في المختلف (4) بجواز أن
يكون أراد بالإسلاف العقد على العين مع اشتراط تأخير التسليم، وجواز أن يتعذر
على البائع عند الحلول غير العين التي عنده وقد استحالت خمرا ويكفي ذلك في
الكراهة. (و) كره المحقق (أن يؤمن على طبخه من يستحل شربه قبل ذهاب
ثلثيه إذا كان مسلما) (5) وهو خيرة التحرير (6) والتلخيص (7) والإرشاد (8).
(وقيل) في النهاية (9) والسرائر (10) والجامع (11) (بالمنع، وهو أجود):
لأنه إذا غلى اشترط في حله وطهارته إذا كان نجسا ذهاب الثلثين، والأصل
العدم، ولم يعارضه ظاهر. ولخبر معاوية بن عمار سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل
من أهل المعرفة بالحق يأتيه بالبختج ويقول قد طبخ على الثلث وأنا أعرف أنه
يشربه على النصف، فقال: خمر، لا تشربه (12). وإذا حرم بمجرد كونه ممن يشربه
على النصف فمع استحالته أولى، وإذا حرم مع إيمانه وإخباره فبدونهما أولى.
وصحيح علي بن جعفر سأل أخاه (عليه السلام) عن الرجل يصلي إلى القبلة لا يوثق به أتى
بشراب يزعم أنه على الثلث فيحل شربه؟ قال: لا يصدق إلا أن يكون مسلما



(1) النهاية: ج 3 ص 110.
(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 169 ب 59 من أبواب ما يكتسب به ح 3.
(3) السرائر: ج 3 ص 131.
(4) مختلف الشيعة: ج 8 ص 345.
(5) شرائع الإسلام: ج 3 ص 228.
(6) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 21.
(7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 36 ص 116.
(8) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 113.
(9) النهاية: ج 3 ص 109.
(10) السرائر: ج 3 ص 129.
(11) الجامع للشرائع: ص 394.
(12) وسائل الشيعة: ج 17 ص 234 ب 7 من أبواب الأشربة المحرمة ح 4.
305
عارفا (1). وحسن عمر بن يزيد سأله (عليه السلام) عن الرجل يهدى إليه البختج من
غير أصحابنا، فقال: إن كان ممن يستحل فلا تشربه، وإن كان ممن لا
يستحل فاشربه (2).
ودليل القول الأول أصل الحل ما لم يعلم دخوله في المحرمات، وقبول
قوله فيما تحت يده في الحل والطهارة، وخبر معاوية بن وهب سأل الصادق (عليه السلام)
عن البختج؟ فقال: إذا كان حلوا يخضب الإناء وقال صاحبه قد ذهب ثلثاه
وبقي الثلث، فاشربه (3) وقوله (عليه السلام) في حسن عمر بن يزيد: إذا كان يخضب
الإناء فاشربه (4).
(ويكره الاستشفاء بمياه الجبال الحارة) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر
مسعدة بن صدقة: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الاستشفاء بالحمامات، وهي العيون
الحارة التي تكون في الجبال التي توجد منها رائحة الكبريت، فإنها تخرج من
فوح جهنم (5). وفي مرسل محمد بن سنان، كان أبو عبد الله (عليه السلام) يكره أن يتداوى
بالماء المر وبماء الكبريت (6).
(و) يكره (سقي الدواب المسكر) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر غياث: أن
أمير المؤمنين (عليه السلام) كره أن يسقى الدواب الخمر (7). وخبر أبي بصير سأله (عليه السلام) عن
البهيمة البقرة وغيرها تسقى أو تطعم ما لا يحل للمسلم أكله أو شربه أيكره ذلك؟



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 235 ب 7 من أبواب الأشربة المحرمة ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 233 ب 7 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 234 ب 7 من أبواب الأشربة المحرمة ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 234 ب 7 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 160 ب 12 من أبواب الماء المضاف ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 213 ب 24 من أبواب الأشربة المباحة ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 246 ب 10 من أبواب الأشربة المحرمة ح 4.
306
قال: نعم، يكره ذلك (1). وحرمه القاضي (2) لما روي من نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن
يعالج بالخمر والمسكر وأن يسقى الأطفال والبهائم، قال: الإثم على من سقاها (3).
وما روي من لعنه (صلى الله عليه وآله) الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وساقيها
وآكل ثمنها وشاربها وحاملها والمحمول إليه (4).
(ولا يحرم شيء من الربوبات والأشربة وإن شم منها رائحة المسكر
كرب الأترج والرمان والتفاح والسكنجبين، لأنه لا يسكر كثيره) ولا فيه
سبب آخر للحرمة، مع الأصل، والعمومات، وخصوص خبر جعفر بن أحمد
المكفوف كتب إلى الكاظم (عليه السلام) سأله عن السكنجبين والجلاب ورب التوت ورب
الرمان، فكتب (عليه السلام) حلال (5). وزاد في خبر آخر رب السفرجل (6). ومضمر الحسن
ابن محمد المدائني سأله عن سكنجبين وجلاب ورب التوت ورب السفرجل
ورب التفاح ورب الرمان، فكتب: حلال (7). نعم ربما عرض التحريم لإيقاع
الشارب في التهمة.
(وكل مسكر حرام) بالإجماع والنصوص (8) (سواء كان جامدا أو
مائعا كالحشيشة وما يتخذ من الحنطة وغيرها) من الأشربة المسكرة. وفي
المنتهى: لم أقف على قول لعلمائنا في الحشيشة المتخذة من ورق القنب، والوجه
أنها إن أسكرت فحكمها حكم الخمر في التحريم أما النجاسة فلا (9) (ولا



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 246 ب 10 من أبواب الأشربة المحرمة ح 5.
(2) المهذب: ج 2 ص 433.
(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 133 ح 371.
(4) وسائل الشيعة: ج 12 ص 164 ب 55 من أبواب ما يكتسب به ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 293 ب 29 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 293 ب 29 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 294 ب 29 من أبواب الأشربة المحرمة ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 221 و 259 و 273 ب 1 و 15 و 19 من أبواب الأشربة المحرمة.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 168 س 9.
307
ينجس) شيء (منها سوى المائع) وإن اطلق في كثير من العبارات، للأصل
من غير معارض، اللهم إلا أن يشمل اسم الخمر كل مسكر، وهو غير معلوم.
(وأواني الخمر) وسائر المسكرات (تطهر بالغسل ثلاثا بعد زوال
العين وإن كانت من خشب أو قرع أو خزف غير مغضور على رأي) وفاقا
للتهذيب (1) ولأطعمة النهاية (2) لخبر عمار عن الصادق (عليه السلام) في الإناء يشرب فيه
الخمر، هل يجزيه أن يصب فيه الماء؟ قال: لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله
ثلاث مرات (3). ولا يكفي المرة، للأصل المتأيد بهذه الرواية.
ولكن اكتفى بها المصنف (4) في أحد قوليه، لأصل عدم وجوب الزائد مع
حصول الإزالة، وإطلاق خبر عمار عن الصادق (عليه السلام) سأله عن الدن يكون فيه
الخمر، هل يصلح أن يكون فيه خل أو ماء كامخ أو زيتون؟ قال: إذا غسل
فلا بأس، وعن الإبريق وغيره يكون فيه خمر أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال: إذا
غسل فلا بأس (5).
والأصل معارض باستصحاب النجاسة والإطلاق في الخبر بالتقييد في غيره.
وأوجب الشيخان (رحمهما الله) في المقنعة (6) والمبسوط (7) - وهو ضعيف - وموضعين
آخرين من النهاية (8) سبع مرات، ووافقهما جماعة منهم سلار (9) وابن حمزة (10)
لقول الصادق (عليه السلام) في خبر عمار: تغسله سبع مرات (11). وطريق الجمع بينه وبين



(1) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 117 ذيل الحديث 503.
(2) النهاية: ج 3 ص 106.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1074 ب 51 من أبواب النجاسات، ح 1 وج 17 ص 294 ب 30
من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(4) مختلف الشيعة: ج 1 ص 501.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 294 ب 30 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(6) المقنعة: ص 73.
(7) المبسوط: ج 1 ص 15.
(8) النهاية: ج 1 ص 204 و 268.
(9) المراسم: ص 36.
(10) الوسيلة: ص 80.
(11) وسائل الشيعة: ج 17 ص 294 ب 30 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
308
ما تقدم الحمل على الاستحباب، وعليه حمل المحقق (رحمه الله) (1) كلام الشيخ في النهاية،
دفعا للتنافي بين كلاميه.
ثم لا فرق بين أجناس الأواني كما هو نص المبسوط (2) لإطلاق هذه
الأخبار، ونفوذ الماء حيث نفذ المسكر. وفيه: أنه لا يكفي، بل لابد من الإزالة،
وهي غالبا غير معلومة في مثل القرع والخشب، والغسل الواقع في الأخبار (3)
مشروط بالإزالة إجماعا. نعم يتجه القول بالطهارة مع العلم بالإزالة بكثرة اللبث
في الماء مثلا. وفرق أبو علي (4) والقاضي (5) والشيخ في النهاية (6) فلم يطهروا
مثلهما، لما عرفت، ولقول أحدهما (عليهما السلام) لمحمد بن مسلم في الصحيح: نهى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الدباء (7) وقوله (عليه السلام) لأبي الربيع الشامي: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير (8) وحمل النهي على التغليظ والكراهة.
(ويحرم استعمال شعر الخنزير) أما فيما يشترط بالطهارة فظاهر إلا
على قول المرتضى (رحمه الله) (9) بطهارته، وأما مطلقا ففي السرائر: أن الأخبار به
متواترة (10). ولم نظفر بخبر واحد، فالأقوى جواز الاستعمال فيما لا يشترط
بالطهارة وفاقا للمختلف (11) ويؤيده نحو خبر سليمان الإسكاف سأل الصادق (عليه السلام)
عن شعر الخنزير يخرز به، قال: لا بأس، ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلي (12)



(1) المعتبر: ج 1 ص 460.
(2) المبسوط: ج 1 ص 15.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 294 ب 30 من أبواب الأشربة المحرمة.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 467.
(5) المهذب: ج 1 ص 28.
(6) النهاية: ج 3 ص 111.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1075 ب 52 من أبواب النجاسات ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1075 ب 52 من أبواب النجاسات ح 2.
(9) الناصريات: ص 100 المسألة 19.
(10) السرائر: ج 3 ص 114.
(11) مختلف الشيعة: ج 8 ص 323.
(12) وسائل الشيعة: ج 16 ص 404 ب 65 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
309
(فإن اضطر استعمل) اتفاقا، ولعله يكفي في الاضطرار عدم كمال العمل بدونه،
والأولى الاقتصار على (ما لا دسم فيه) ليسهل عليه تطهير اليد إن تنجست به
ولا يتعدى نجاسته إلى الثوب ونحوه (وغسل يده) إن تنجست به إذا احتاج إلى
طهارتها. فعن برد الإسكاف قال للصادق (عليه السلام): إني رجل خراز لا يستقيم عملنا
إلا بشعر الخنزير نخرز به، قال: خذ منه وبرة فاجعلها في فخارة، ثم أوقد تحتها
حتى يذهب دسمه، ثم اعمل به (1). وقال في خبر آخر له: خذوه فاغسلوه فما كان
له دسم فلا تعملوا به، وما لم يكن له دسم فاعملوا به، واغسلوا أيديكم منه (2).
وقال (عليه السلام) في خبر آخر: خذ منه فاغسله بالماء حتى يذهب ثلث الماء ويبقى
ثلثاه، ثم اجعله في فخارة جديدة في ليلة باردة، فإن جمد فلا تعمل به، وإن لم
يجمد ليس عليه دسم فاعمل به، واغسل يدك إذا مسسته عند كل صلاة، قال: قلت:
ووضوء؟ قال: لا، اغسل اليد كما تمس الكلب (3).
(ويجوز الاستقاء بجلد الميتة لغير الطهارة) وفاقا للصدوق (4)
والشيخ (5) وجماعة، للأصل، وظهور إطلاق الآية (6) في حرمة التناول، وخبر
الحسن بن علي قال لأبي الحسن (عليه السلام): إن أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم
فيقطعونها؟ فقال: هي حرام فقال: فنستصبح بها؟ فقال: أما تعلم أنه يصيب اليد
والثوب وهو حرام (7) لدلالته على أن حرمة الاستصباح للتحرز عن التنجس بها
مع عدم الفارق بين الألية والجلد، وخبر الحسين بن زرارة عن الصادق (عليه السلام) في



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 404 ب 65 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 404 ب 65 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 168 ب 58 من أبواب ما يكتسب به ح 2.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 10 ذيل الحديث 13، وفيه: ولا بأس بأن يستقى الماء بحبل
اتخذ من شعر الخنزير.
(5) النهاية: ج 3 ص 101.
(6) المائدة: 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 295 ب 30 من أبواب الذبائح ح 2.
310
جلد شاة ميتة يدبغ فيصيب فيه اللبن أو الماء فأشرب منه وأتوضأ؟ قال: نعم،
وقال: يدبغ فينتفع به ولا يصلى فيه (1) وما في الفقيه من أنه (عليه السلام) سئل عن جلود
الميتة يجعل فيه اللبن والماء والسمن ما ترى فيه؟ فقال: لا بأس بأن يجعل فيها ما
شئت من ماء أو لبن أو سمن وتتوضأ منه وتشرب ولكن لا تصل فيها (2). ولكن
يمكن دفع ما يظهر منها من الطهارة باشتراط الشرب والتوضأ منه بكونه مما يسع
كرا فصاعدا، ولا يكون الشرب إلا من الماء الذي يجعل فيه، وأما اللبن والسمن
فإنما نفى البأس عن جعلهما فيه وإن تنجسا به.
(وتركه) أي الإستقاء بل وغيره من وجوه الاستعمال (أفضل) لخبر
زرعة عن سماعة، سأله عن جلد الميتة المملوح وهو الكيمخت فرخص فيه، فقال:
إن لم تمسه فهو أفضل (3). والمشهور حرمة الانتفاع به وبسائر أجزاء الميتة مطلقا
وقد تقدم اختياره، لإطلاق التحريم في الآية مع أن حرمة جميع وجوه الاستعمال
أقرب المجازات إلى الحقيقة فيترجح الحمل عليه على الحمل على حرمة الأكل
خاصة، وللأخبار المانعة من الانتفاع به خاصة أو بأجزاء الميتة عموما كما تقدم
من قول علي (عليه السلام) في خبر الكاهلي: ميت لا ينتفع به (4) وصحيح علي بن أبي
المغيرة قال للصادق (عليه السلام): الميتة ينتفع منها بشيء؟ فقال: لا (5).
(ولو كان) جلد الميتة (يسع كرا فأملأه) كذا حكي عن خطه (رحمه الله)
والصواب فملأه (من الفرات) مثلا (جاز استعمال ما فيه) وإن منعنا من
استعمال الميتة إلا أن يستلزم استعمال الماء استعمال ظرفه. (ولو كان) ما فيه



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 369 ب 34 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 7.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 11 ح 15.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 369 ب 34 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 8، وليس فيه " زرعة ".
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 295 ب 30 من أبواب الذبائح ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 368 ب 34 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
311
من الماء (أقل) من الكر (كان نجسا) عندنا دبغ الجلد أو لا. وفي هذا الكلام
إشارة إلى ما ذكرنا من إمكان حمل ما في الأخبار من التوضؤ بما يجعل فيه من
الماء في جلود الميتة على كريته.
(ولو وجد لحم مطروح لا يعلم ذكاته اجتنب) للأصل. (وقيل) في
المشهور بل كاد أن يكون إجماعا كما ادعاه ابن زهرة (1): (يطرح في النار، فإن
انقبض فذكي، وإن انبسط فميت) وبه خبر شعيب عن الصادق (عليه السلام) (2). وهو وإن
ضعف ولكن لا راد له قبل الفاضلين. ثم الظاهر اكتفاؤهم بذلك في الحل، مع أن
الظاهر أن الانقباض إنما يدل على الذكاة اللغوية بالذبح ونحوه، لاعلى إسلام المذكي.
لكن في خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) سئل عن سفرة
وجدت في الطريق كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين، قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): يقوم ما فيها ثم يؤكل، لأنه يفسد وليس له بقاء، فإن جاء طالبها
غرموا له الثمن، قيل: يا أمير المؤمنين لا ندري سفرة مسلم أو سفرة مجوسي؟
فقال: هم في سعة حتى يعلموا (3). وليعلم أنه لا يلزم من القول به هنا القول به عند
اختلاط الذكي بالميتة، لوجود النص الصحيح (4) هناك بالبيع ممن يستحل الميتة
والنصوص (5) بوجوب الاجتناب عند الاشتباه، وللعلم بوجود الميتة هناك فيجب
اجتنابها وهو يستلزم اجتناب الكل من باب المقدمة. فيجوز الفرق بين المقامين
بالاستناد إلى هذه العلامة في أحدهما دون الآخر، كما فعله الشيخ (6) وجماعة،
وقد مر أن من الأصحاب من لم يفرق بينهما.



(1) الغنية: ص 401.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 370 ب 37 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 307 ب 39 من أبواب الصيد والذبائح ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 370 ب 36 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2 و 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 12 ص 67 ب 6 من أبواب ما يكتسب به ح 6 و ب 7 ص 68 ح 4.
(6) النهاية: كتاب الصيد والذبائح ج 3 ص 88 و 97.
312
(والذمي إذا باع الخمر أو الخنزير على مثله) أي من مثله في
الاستحلال (ثم أسلم قبل قبض ثمنه كان له قبضه) كما روي عن يونس في
مجوسي باع خمرا أو خنازير إلى أجل مسمى ثم أسلم قبل أن يحل المال؟ قال: له
دراهمه (1) للحكم بصحة العقد وإقرارهم عليه المستلزم لاستحقاق العوض، كما إذا
كان قبضه ثم أسلم والعين باقية في يده. وما في الأخبار (2) - من تحريم ثمنهما
ومن أن الله لما حرم أشياء حرم أثمانها - لو أبقي على عمومه لحرم وإن كان قبضه
حين الكفر، ولحرم على المسلم الأخذ من الكافر استدانة أو ثمنا في بيع صحيح،
ونحو ذلك. فالمراد إنما هو الحرمة إذا اخذ من جهة أنه ثمن الخمر مثلا في عقد
محكوم بفساده.
(وكذا يجوز للمسلم قبضه) أي ثمن الخمر أو الخنزير (من دينه
عليه) أي الذمي أسلم أو لا، فإنه يملكه ملكا صحيحا، ولنحو صحيح محمد بن
مسلم عن الباقر (عليه السلام) في رجل كانت له على رجل دراهم فباع خنازير أو خمرا
وهو ينظر فقضاه، قال: لا بأس به، أما للمقضي فحلال، وأما للبائع فحرام (3).
(ولا يجوز أن يأكل الإنسان من مال غيره إلا بإذنه) صريحا أو
بشهادة الحال أو المقال، وهو مما يشهد به العقل والإجماع والنصوص (4). (وقد
رخص في الأكل من بيت من تضمنته الآية إن لم يعلم) أو يظن منه
(كراهته) لأكله كما إذا نهى عنه صريحا أو شهد مقاله أو حاله بالكراهية. وهذا
الشرط معلوم بالإجماع والنصوص إلا أن يجب النفقة على صاحب البيت. والآية (5)



(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 167 ب 57 من أبواب ما يكتسب به ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 164 ب 55 من أبواب ما يكتسب به.
(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 171 ب 60 من أبواب ما يكتسب به ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 3 ب 1 من أبواب القصاص في النفس ح 3.
(5) النور: 61.
313
تعم ما يخشى عليه الفساد وما لا يخشى، وعليه الأكثر. وقيد في المقنع بخوف
الفساد كالبقول والفواكه (1). ولعله استند إلى نحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر زرارة:
هؤلاء الذين سمى الله عز وجل في هذه الآية تأكل بغير إذنهم من التمر والمأدوم،
وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه وأما ما خلا ذلك من الطعام فلا (2).
واشترط ابن إدريس في الإباحة أن يكون دخول البيت بإذن أهله (3). والآية عامة
لكن له أن يقول: إنها إنما أذنت في الأكل لا في الدخول، والأصل حرمته إلا
بالإذن، فإذا دخل بغيره وجب عليه الخروج. فيحرم عليه اللبث للأكل، وأما حرمة
الأكل فلا دليل له ظاهرا، فإنه لا يستلزم اللبث وإن فعله لابثا. ويمكن أن يقال: إنها
إذا أذنت في الأكل أذنت فيما دونه بطريق الأولى ودخول البيت دونه. والمراد
ب‍ " ما ملكتم مفاتحه " أموال المماليك فإنها للمولى، أو أن يكون للرجل وكيل في
ماله وقيم في ضيعته ومواشيه، فلا بأس أن يأكل من ثمر حائطه ويشرب من لبن
ماشيته كما قال الصادق (عليه السلام) في مرسل ابن أبي عمير - الحسن -: الرجل يكون له
وكيل يقوم في ماله فيأكل بغير إذنه (4). ولا يجوز له أن يفسد ويسرف كما قال
أحدهما (عليهما السلام) لزرارة: ليس عليكم جناح فيما أطعمت أو أكلت مما ملكتم مفاتحه
ما لم تفسده (5) (ولا) أن (يحمل منه شيئا) اقتصارا على النصوص (6) إلا أن
يشهد الحال بالرضا بالحمل، ومن الحال الشاهدة الصداقة المتأكدة. وعليه يحمل
قول الصادق (عليه السلام) في خبر جميل: للصديق أن يأكل من منزل أخيه ويتصدق (7).



(1) المقنع: ص 371.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 434 ب 24 من أبواب آداب المائدة ح 2.
(3) السرائر: ج 3 ص 124.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 435 ب 24 من أبواب آداب المائدة ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 435 ب 24 من أبواب آداب المائدة ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 434 ب 24 من أبواب آداب المائدة.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 435 ب 24 من أبواب آداب المائدة ح 3.
314
(وروي) صحيحا عن ابن أبي عمير أرسل عن الصادق (عليه السلام) (إباحة ما
يمر به الإنسان من الشجر والزرع والنخل) قال: سألته عن الرجل يمر بالنخل
والسنبل والثمر، فيجوز أن يأكل منها من غير إذن صاحبها من ضرورة أو غير
ضرورة؟ قال: لا بأس (1). وأفتى بمضمونه الأكثر ومنهم المصنف في التذكرة (2)
ولكن اقتصروا على الفواكه، إلا المصنف فذكر الكل كما في الكتاب، وكذا
الحلبي (3) والمحقق (4) وحكي عليه في الفواكه الإجماع في الخلاف (5)
والسرائر (6). وعن محمد بن مروان أنه قال للصادق (عليه السلام): أمر بالثمرة فآكل منها؟
قال: كل، ولا تحمل، قال: قلت جعلت فداك إن التجار قد اشتروها ونقدوا أموالهم،
قال: اشتروا ما ليس لهم (7).
والمرور إنما يتحقق (إذا لم يقصده) فإن قصده لم يبح له. (و) كذا إنما
يباح له إذا (لم يفسد) للنهي عن الإفساد عقلا ونقلا، وخصوص مرسل يونس
عن بعض رجاله سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يمر بالبستان وقد حيط عليه أو لم
يحط عليه، هل يجوز له أن يأكل من ثمره وليس يحمله على الأكل من ثمره إلا
الشهوة، وله ما يغنيه عن الأكل من ثمره؟ وهل له أن يأكل منه من جوع؟ قال:
لا بأس أن يأكل، ولا يحمله ولا يفسده (8) وقوله (عليه السلام) في خبر عبد الله بن سنان:
لا بأس أن يمر ويأكل منها ولا يفسد (9). والإفساد: إما بهدم حائط، أو كسر غصن،
أو تضييع للثمرة، أو بكثرة الأكل، وهي تختلف باختلاف المارة والثمر كثرة وقلة.



(1) وسائل الشيعة: ج 13 ص 14 ب 8 من أبواب بيع الثمار ح 3.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 10 ص 409.
(3) الكافي في الفقه: ص 323.
(4) شرائع الإسلام: ج 2 ص 55.
(5) الخلاف: ج 6 ص 98 المسألة 28.
(6) السرائر: ج 3 ص 126.
(7) وسائل الشيعة: ج 13 ص 14 ب 8 من أبواب بيع الثمار ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 13 ص 15 ب 8 من أبواب بيع الثمار ح 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 13 ص 17 ب 8 من أبواب بيع الثمار ح 12.
315
(ولا) يجوز له أن (يأخذ منه شيئا) فيحمله، للأصل، والعمومات،
وخصوص قول الصادق (عليه السلام) لمحمد بن مروان: كل منها، ولا تحمل (1). ومرسل
مروك عن بعض أصحابنا سأله (عليه السلام) الرجل يمر على قراح الزرع ويأخذ
منه السنبلة، قال: لا قال: أي شيء السنبلة؟ قال: لو كان كل من يمر به يأخذ
سنبلة لا يبقى شيء (2) وصحيح علي بن يقطين سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل
يمر بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر المباطخ وغير ذلك من الثمرة،
أيحل له أن يتناول منه شيئا ويأكل بغير إذن صاحبه؟ وكيف حاله إن نهاه
صاحب الثمرة أو أمره القيم وليس له، وكم الحد الذي يسعه أن يتناول منه؟ قال: لا
يحل له أن يأخذ شيئا (3). ولا ينافي السؤال عن الأكل الحمل على الحمل. ومنع
المصنف في الإرشاد (4) وموضع من المختلف (5) من الأكل أيضا، احترازا عن
التصرف في مال الغير بغير إذنه، وحملا للأخذ المنهي عنه في الأخبار (6) على
العموم، ولجواز الأكل الذي في الأخبار (7) على ما إذا شهدت القرينة بالإذن.
واحتاط به المرتضى في الصيداوية (8). وتردد فيه المصنف في التحرير (9)
والتلخيص (10) وموضع من المختلف (11).
وتردد المحقق في النافع (12) وموضع من الشرائع (13) في الزرع وثمرة غير النخل.



(1) تقدم آنفا.
(2) وسائل الشيعة: ج 13 ص 15 ب 8 من أبواب بيع الثمار ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 13 ص 15 ب 8 من أبواب بيع الثمار ح 7.
(4) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 364.
(5) مختلف الشيعة: ج 8 ص 343.
(6) وسائل الشيعة: ج 13 ص 14 ب 8 من أبواب بيع الثمار.
(7) وسائل الشيعة: ج 13 ص 14 ب 8 من أبواب بيع الثمار.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) تحرير الأحكام: ج 2 ص 162 س 18.
(10) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 36 ص 127.
(11) مختلف الشيعة: ج 8 ص 345.
(12) المختصر النافع: ص 246.
(13) شرائع الإسلام: ج 3 ص 228.
316
ومنع الشيخ في الحائريات من أكل غير ثمرة النخل، قال: الرخصة في الثمار
من النخل، وغيره لا يقاس عليه، لأن الأصل حظر استعمال مال الغير (1).
قلت: ما عرفناه من الرخصة عامة.
وقال أبو علي: ليناد صاحب البستان والماشية ثلاثا ويستأذنه، فإن أجابه،
وإلا أكل وحلت عند الضرورة، ولمن أمكنه رد القيمة كان أحوط (2).
(الفصل الثاني في حالة الاضطرار)
(ومطالبه ثلاثة):
(الأول: المضطر)
(وهو كل من يخاف التلف على نفسه) أو غيره من محترم - كالحامل
تخاف على الجنين، والمرضع على الطفل - (لو لم يتناول) كان التلف لنفس
عدم التناول أو لإتلاف الغير له بأن اكره عليه، أو وجب عليه التناول تقية للخوف
من إتلاف، أو هتك عرض، أو تحمل مشقة لا تتحمل عادة (أو) يخاف
(المرض) بتركه. ولا يدخل فيه صداع غير متناه في الشدة ونحوه (أو الضعف
المؤدي إلى التخلف عن الرفقة مع ظهور العطب) بالتخلف على نفسه أو
دابته، أو نفس محترمة، بل مال محترم له أو لغيره، يضر به أو بمالكه أو غيرهما
تلفه، أو مطلقا (أو) الضعف المؤدي إلى ضعف الركوب أي يخاف (ضعف
الركوب) أو المشي أي الضعف عنهما (المؤدي إلى خوف التلف) على نفس
محترمة أو عرض أو مال محترم، أو إلى مرض.
(ولو) كان مريضا و (خاف) بترك التناول (طول المرض أو عسر
علاجه فالأقرب أنه مضطر) لصدق الاضطرار عليه عرفا، ونفي الحرج في



(1) الحائريات: ص 330.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 343.
317
الدين والضرر. وفي النهاية: ولا يجوز أن يأكل الميتة إلا إذا خاف تلف النفس،
فإذا خاف ذلك أكل منها ما أمسك رمقه ولا يتملأ منه (1). ولعله استند إلى نحو قول
الصادق (عليه السلام) في مرسلي محمد بن عبد الله ومحمد بن عذافر: ثم أحله للمضطر في
الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك (2). وهو
مع تسليم السند لا ينص عليه. (وسواء) في جواز التناول (كان المضطر
حاضرا أو مسافرا) لعموم الأدلة من العقل والنقل. ولا يجب بل لا يجوز لخائف
التلف الامتناع من التناول إلى الإشراف على الموت، لعدم انتفاعه بالتناول حينئذ
وانتفاء الحرج في الدين، وحرمة إتلاف النفس وإلقائها إلى التهلكة.
(ولا يترخص الباغي وهو الخارج على الإمام العادل) كما في كثير
من الأخبار، منها: قول الصادق (عليه السلام) في مرسل البزنطي: الباغي الذي يخرج على
الإمام، والعادي الذي يقطع الطريق، لا تحل له الميتة (3). (وقيل: الذي يبغي
الميتة) ويتلذذ بها، حكي عن الحسن وقتادة ومجاهد (4). وقيل: المفرط المتجاوز
للحد الذي أحل له، عن الزجاج (5). وقيل: غير المضطر عن ابن عباس (6). وكأنه
الذي يبغي الميتة. وقيل: المستحل لها (7). وفي النهاية (8): باغي الصيد بطرا أو لهوا.
وبه أخبار (9) (ولا العادي، وهو قاطع الطريق) كما في نحو مرسل البزنطي من
الأخبار (10). وهو الذي في النهاية (11). (وقيل): هو (الذي يعدو شبعه) عن



(1) النهاية: ج 3 ص 98.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 309 ب 1 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 389 ب 56 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 5.
(4) قاله في التبيان: ج 2 ص 86.
(5) قاله في التبيان: ج 2 ص 86.
(6) تفسير السمرقندي: ج 1 ص 177.
(7) لم نعثر عليه.
(8) النهاية: ج 3 ص 98.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 388 ب 56 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 388 ب 56 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(11) النهاية: ج 3 ص 98.
318
الحسن وقتادة ومجاهد (1). وقيل: الذي يعدو سد الرمق عن ابن عباس (2). وقيل:
المقصر عن الزجاج (3). وقيل: المتزود منها (4). وقيل: العادي بالمعصية طريق
المحقين (5). وفي التبيان (6) ومجمع البيان (7) إنه مع تفسير الباغي بالخارج على
الإمام: هو المروي عن الصادقين (عليهما السلام). وعن عبد العظيم الحسني عن
الجواد (عليه السلام) (8) وحماد بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) (9) قال: إنه السارق.
(وهل يترخص العاصي بسفره) بغير قطع الطريق (كالآبق والظالم
وطالب الصيد لهوا وبطرا؟ إشكال): من عموم الآية (10) والاشتراك في العلة
واستناد الضرورة إلى سفر هو معصية، والمعصية لا توجب الرخصة، وهو خيرة
علي بن إبراهيم (11) والشيخ أبو الفتوح الرازي، وذكر أنه مذهب أهل
البيت (عليهم السلام) (12). ومن قصر التفسير في الأخبار على ما ذكر.
(وكل مضطر يباح له جميع المحرمات المزيلة لتلك الضرورة ولا يختص
نوعا منها إلا ما سنذكره) في صور تعدد ما يزيل الضرورة من تعين بعضه.
(وهل للمضطر التزود من الميتة؟ الأقرب ذلك) وفاقا لنص أبي علي (13)
لاشتراك العلة، مع الأصل. ويحتمل العدم. بناء على حرمة وجوه الانتفاع بها،
وإنما خرج الأكل بالنص والإجماع. (فإن لقيه مضطر آخر لم يجز له بيعها



(1 و 3 و 5) قاله في التبيان: ج 2 ص 86.
(2) قاله في تفسير السمرقندي: ج 1 ص 177.
(4) لم نعثر عليه.
(6) التبيان: ج 2 ص 86.
(7) مجمع البيان: ج 1 و 2 ص 257.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 388 ب 56 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1 وفيه: " عن محمد
بن علي الرضا ".
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 388 ب 56 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 2.
(10) البقرة: 173.
(11) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 162.
(12) تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 2 ص 13.
(13) لم نعثر عليه.
319
عليه، إذ لا ضرورة في البيع، ويجب دفعها إليه بغير عوض إذا لم يكن هو
مضطرا) إليها (في الحال) وإن توقعه، للتساوي في الاحترام، ووجوب
الحفظ، مع رجحان الاضطرار في الحال على المتوقع، لاحتمال العدم.
(المطلب الثاني في قدر المستباح)
(وهو ما يسد الرمق، والتجاوز) عنه (حرام) عندنا، كما في التبيان (1)
ومجمع البيان (2) وروض الجنان (3). وصرح بالإجماع في الخلاف (4). (سواء بلغ
الشبع أو لا). ومن العامة (5) من يبيح الشبع. (و) لكن (لو اضطر إلى الشبع
للالتحاق بالرفقة) مثلا (وجب) حيث يجب. (ولو كان) يفتقر إلى الشبع
لنحو الالتحاق ولكن (يتوقع مباحا قبل رجوع الضرورة) إليه (تعين سد
الرمق، وحرم الشبع).
(ويجب) عندنا (التناول للحفظ) من التلف أو غيره. (فلو طلب التنزه
وهو يخاف التلف لم يجز) لوجوب دفع الضرر عن النفس وخصوصا التلف.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام): من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل
شيئا من ذلك حتى يموت فهو كافر (6) وللشافعي وجهان (7) (و) نحو التلف غيره
من المضار المبيحة للتناول، فعلم أنه (إذا جاز التناول وجب حفظ النفس).
فليس هنا " الجواز " بمعنى الإباحة وتساوي الطرفين.
(المطلب الثالث في جنس المستباح)
(كل ما لا يؤدي) تناوله (إلى قتل معصوم) الدم (حل) لوجوب دفع



(1) التبيان: ج 2 ص 87.
(2) مجمع البيان: ج 3 - 4 ص 357.
(3) تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 2 ص 12.
(4) الخلاف: ج 6 ص 93 المسألة 22.
(5) الحاوي الكبير: ج 15 ص 168، والمغني لابن قدامة: ج 11 ص 73.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 389 ب 56 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(7) المغني لابن قدامة: ج 11 ص 74.
320
الضرر من غير معارض (كالخمر) لإساغة اللقمة أو (لإزالة العطش) المؤدي
إلى التلف أو المرض أو المشقة بحيث يعد مضطرا وفاقا للصدوق في العلل (1)
والشيخ في النهاية (2) وابني إدريس (3) وسعيد (4) وجماعة، لوجوب دفع الضرر،
وخصوص قول الصادقين (عليهما السلام) في خبري محمد بن عبد الله (5) ومحمد بن عذافر (6)
في كل من الخمر والميتة ولحم الخنزير: ثم أباحه للمضطر فأحله له في الوقت
الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمره أن يتناول منه بقدر البلغة لا غير، وقول
الصادق (عليه السلام) في خبري حماد بن عيسى وعمار بن موسى في الرجل أصابه عطش
حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا، قال: يشرب منه قوته (7).
(وقيل) في المبسوط (8) والخلاف (9): (يحرم) للاحتياط، وقول الصادق (عليه السلام)
في خبر أبي بصير: المضطر لا يشرب الخمر، لأنها لا تزيده إلا شرا، ولأنه إن
شربها قتلته فلا يشرب منها قطرة (10). قال الصدوق: وروي، لا تزيده إلا عطشا.
(وأما التداوي به فحرام ما لم يخف التلف) بالتجنب عنه (و) لم
(يعلم بالعادة الصلاح) إذا تناوله. أما إذا لم ينحصر الدواء فيه فظاهر متفق
عليه، وأما عند الانحصار فكذلك عند الأكثر وحكي عليه الإجماع في الخلاف (11)
وظاهر المبسوط (12). ويؤيده الأخبار كحسن عمر بن اذينة كتب إلى الصادق (عليه السلام)



(1) علل الشرائع: ص 478 ذيل الحديث 1.
(2) النهاية: ج 2 ص 111.
(3) السرائر: ج 3 ص 126.
(4) الجامع للشرائع: ص 394.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 310 ب 1 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 310 ب 1 من أبواب الأطعمة المحرمة ذيل الحديث 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 302 ب 36 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1 والراوي له هو
عمار بن موسى فقط.
(8) المبسوط: ج 6 ص 288.
(9) الخلاف: ج 6 ص 97 المسألة 27.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 303 ب 36 من أبواب الأشربة المحرمة ح 3.
(11) الخلاف: ج 6 ص 97 المسألة 27.
(12) المبسوط: ج 6 ص 288.
321
يسأله عن الرجل يبعث إليه الدواء من ريح البواسير، فيشربه بقدر أسكرجة من
نبيذ صلب، ليس يريد به اللذة، وإنما يريد به الدواء؟ فقال: لا، ولا جرعة، ثم
قال: إن الله عز وجل لم يجعل في شيء مما حرم شفاء ولا دواء (1). ويمكن
حمل الجميع على عدم الانحصار. وأطلق القاضي (2) جواز التداوي به إذا انحصر
الدواء فيه. وهو قوي. وأما إذا خاف التلف (ففيه حينئذ) عند المصنف
(إشكال): من عموم " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " (3) ومن عموم أخبار النهي
عن التداوي به (4) وأن الله تعالى لم يجعل الشفاء في محرم. (وكذا باقي
المسكرات) بل المحرمات، لعموم العلة، وعن الصادق (عليه السلام): لا يتداوى بالخمر
ولا المسكر، ولا تمتشط النساء به، فقد أخبرني أبي عن أبيه عن جده أن عليا (عليه السلام)
قال: إن الله عز وجل لم يجعل في رجس حرمه، شفاء (5). (و) كذا (كل ما
مازجها) أي المسكرات (كالترياق وشبهه أكلا وشربا) لعموم ما عرفت،
وخصوص صحيح الحلبي سأل الصادق (عليه السلام) عن دواء عجن بالخمر، فقال: لا
والله، ما احب أن أنظر إليه، فكيف أتداوى به (6). وما في طب الأئمة عن
عبد الرحمن بن الحجاج - من أن رجلا سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن الترياق؟ قال:
ليس به بأس، قال: يا بن رسول الله إنه يجعل فيه لحوم الأفاعي؟ فقال: لا تقذر
علينا (7) - يحتمل التقية، والقصر على الحالة المبيحة له، وعلى الذي لا يتضمن
خمرا ولا غيرها من المحرمات.



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 274 ب 20 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(2) المهذب: ج 2 ص 433.
(3) البقرة: 195.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 274 ب 20 من أبواب الأشربة المحرمة.
(5) دعائم الإسلام: ج 2 ص 134 ح 473.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 275 ب 20 من أبواب الأشربة المحرمة ح 4.
(7) طب الأئمة: ص 63.
322
(ويجوز عند الضرورة أن يتداوى به للعين) وفاقا للشيخ (1) وجماعة،
لعموم وجوب دفع الضرر، وخصوص خبر هارون بن حمزة الغنوي عن
الصادق (عليه السلام): في رجل اشتكى عينيه فنعت له كحل يعجن بالخمر؟ فقال: هو
خبيث بمنزلة الميتة، فإن كان مضطرا فيكتحل به (2). وخلافا لابن إدريس (3) لما في
الأخبار: من أن الله لم يجعل في محرم شفاء (4) والأخبار المطلقة الناهية عن
الاكتحال بها كقول الصادق (عليه السلام) في مرسل مروك من اكتحل بميل من مسكر كحله
الله بميل من نار (5).
(ولو اضطر إلى) أحد من الأمرين من (خمر وبول تناول البول) وإن
كان نجسا، لأنه أخف حرمة ولذا لا يحد عليه، ولأنه لا يسلب العقل والإيمان ولا
يؤدي إلى شر كالخمر.
(ولو وجد المضطر ميتة ما لا يؤكل لحمه وما يؤكل) لحمه (أكل ما
يؤكل لحمه) لأنه أخف حرمة. (ولو وجد ميتة ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل
لحمه) ولكن يقبل التذكية و (حيا ذبح ما لا يؤكل لحمه، فهو أولى من
الميتة) لنجاستها، وكونها أشد حرمة، كما يعلم من الكتاب والسنة، ولذا اقتصر
عليها مع أخواتها في الآية (6). وأما حصر التحريم فيها في نحو قوله تعالى: " قل لا
أجد فيما اوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة " (7) فإضافي أو
قبل تحريم الغير. (وكذا مذبوح الكافر أولى من الميتة) وخصوصا من



(1) النهاية: ج 3 ص 111.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 279 ب 21 من أبواب الأشربة المحرمة ح 5.
(3) السرائر: ج 3 ص 126.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 278 ب 21 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 279 ب 21 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(6) البقرة: 173.
(7) الأنعام: 145.
323
اختلف في ذبيحته، لأنه ليس ميتة وإن كان بحكمها، وليس فيه ما في الميتة من
المضار التي علل بها تحريمها.
(ولو لم يجد) المضطر (إلا الآدمي ميتا تناول منه) لعموم الأدلة،
واحترام الميت ليس بحيث يجوز له إتلاف الحي، قيل: ولكن لا يجوز أن يأكله إلا
نيا إذا تمكن منه، ولا يطبخه ولا يشويه حفظا لحرمته، واستثنى بعضهم أجساد
الأنبياء (1). وهو الوجه. وإن كان المضطر ذميا والميت مسلما، ففيه وجهان: من
عصمة الدم والاشتراك في الاحترام، ومن عروض احترام الذمي بخلاف الميت
المسلم. (ولو كان) الموجود عند الاضطرار (حيا محقون الدم لم يحل)
للمضطر الأكل منه بقتله، أو القطع من أعضائه. (ولو كان مباح الدم جاز قتله
والتناول) منه (وإن كان حيا) بالقطع من أعضائه. وإذن الإمام في قتله إنما
يشترط حال الاختيار. (ولا فرق بين المرتد) عن فطرة (والكافر
الأصلي). ولا بين الرجل الحربي (والمرأة الحربية والصبي الحربي) فإنهما
وإن كانا لا يقتلان في الاختيار لكن لا لحرمتهما، ولذا لا يتعلق بقتلهما كفارة ولا
دية. وهنا وجه بالفرق للمنع من قتلهما اختيارا كالذمي. ولا فرق بين مباح الدم
لكفره، أو لغيره كالمحارب (والزاني المحصن). وقد يفرق لحرمة الإسلام
(لكن) الرجل (المرتد والكافر الأصلي أولى من المرأة والصبي والزاني)
والمحارب، للمنع من قتل الأولين وحرمة الإسلام في نحو الأخيرين. (ولو
اضطر إلى) قتل (الذمي والمعاهد فإشكال): من العصمة، ومن أن حفظ
المسلم أولى. ثم المعاهد أولى بالقتل من الذمي للتبرع بتقريره ووجوب تقرير
الذمي. (ولا يحل) للمولى قتل (العبد) والتناول منه (ولا) للوالد (الولد).
(ولو لم يجد سوى نفسه، قيل: جاز أن يأكل من المواضع اللحمة



(1) انظر الحاوي الكبير: ج 15 ص 175، وروضة الطالبين: ج 2 ص 551.
324
كالفخذ (1). وفيه إشكال ينشأ من أنه دفع الضرر) وهو الموت بالجوع
(بمثله) فإنه ربما هلك بالقطع (بخلاف قطع الآكلة، لأنه قطع سراية، وهنا
إحداث لها) ولذا منع منه الشيخ والأكثر. وأجيب بأن السراية محتملة عند القطع
لا مقطوع بها، فيجوز عند القطع أو الظن الغالب بالهلاك إن لم يقطع، وليس من دفع
الضرر بمثله. (وليس له أن يقطع من فخذ غيره) ممن يساويه في العصمة. أما
إذا أمكن القطع من نفسه أو احتمل السراية إن قطع من الغير فظاهر، وأما إذا لم يمكن
من نفسه وقطع بعدم السراية في الغير إذا قطع منه ما اضطر إليه فلا يبعد التجويز.
(ولو وجد طعام الغير فإن كان صاحبه مضطرا فهو أولى) إلا أن يكون
الآخر نبيا أو إماما. وهل يجوز له الإيثار مع الأولوية؟ وجهان: من الإلقاء في
التهلكة ومن التساوي في العصمة، وقوله " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم
خصاصة " (2) ومنع أنه إلقاء في التهلكة، بل بمنزلة الثبات في الجهاد حتى يقتل.
(ولو كان يخاف الاضطرار) ويتوقعه (فالمضطر أولى).
(فإن لم يكن معه ثمن وجب على المالك بذله) كما في المبسوط
وغيره، قال: لقوله (عليه السلام) من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة
مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة الله (3). ولم يوجب عليه في الخلاف (4)
والسرائر (5) للأصل.
وعلى المختار (فإن منعه غصبه) المضطر وجوبا، لوجوب دفع الضرر،
وحرمة الإلقاء في التهلكة، وقتل النفس. (فإن دفعه) المالك (جاز له قتل
المالك في الدفع) إن لم يندفع إلا به، فضلا عما دونه من مراتب الدفع، وأهدر
دمه، لمنعه حقه وتعريضه للتلف. فالمضطر يذبه عن نفسه وحقه بما يندفع به، كما



(1) القائل هو صاحب مسالك الأفهام: ج 12 ص 126.
(2) الحشر: 9.
(3) المبسوط: ج 6 ص 285.
(4) الخلاف: ج 6 ص 95 المسألة 24.
(5) السرائر: ج 3 ص 126.
325
يذب الرجل من هجم عليه من لص ونحوه. ولو قتل المالك المضطر كان ضامنا
ولو عجز المضطر عن الاغتصاب والدفع فمنعه المالك حتى مات فهل يضمن؟
وجهان: من أنه لم يفعل به ما يقتله، ومن أنه منعه حقه في ماله، فكأنه حبسه ومنع
منه الطعام حتى مات.
(قيل: ولا يجب عليه) حينئذ (دفع العوض) إلى المالك عند القدرة،
وهو مختار التحرير (1) (لوجوب بذله على مالكه) ولا عوض على الواجب.
وقيل بالوجوب (2) لعصمة المال، والجمع بين الحقين، ومنع أنه لا عوض على
الواجب مطلقا.
(ولو كان الثمن موجودا) للمضطر (لم يجز قهر مالكه عليه إذا طلب
ثمن مثله) اتفاقا (بل يجب دفعه. ولو طلب زيادة) يقدر عليها (قيل) في
المبسوط: (لا يجب بذلها) (3) للأصل، والضرر. فإن قدر على القهر والقتال فعل،
فإن قتل كان مظلوما مضمونا، وإن قتل المالك أهدر دمه. وكذا إن قدر على
الاحتيال والشراء بعقد فاسد حتى لا يلزمه إلا ثمن المثل، فعل. (والأقرب
الوجوب) لدفع الزائد (إذ) لا يجوز القتال ولا أخذ مال الغير بغير رضاه إلا
عند الضرورة، و (القدرة رافعة للضرورة).
(ولو اشتراه بأزيد من الثمن كراهة لإراقة الدم) لا عن رضى به
(قيل) في المبسوط: (لا يجب إلا ثمن المثل) (4) وإن اشتراه بعقد صحيح،
لأنه مكره على الزائد. ويبعد حمل كلام الشيخ على ما إذا لم يقدر على البذل
عاجلا ولا آجلا ليرتفع الخلاف فرض الطلب بالزائد.



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 162 س 9.
(2) القائل هو صاحب مسالك الأفهام: ج 12 ص 118.
(3) المبسوط: ج 6 ص 286.
(4) المبسوط: ج 6 ص 286.
326
(ولو وجد ميتة وطعام الغير، فإن بذله بغير عوض أو بعوض هو قادر
عليه) وإن زاد عن ثمن المثل (لم تحل الميتة) لعدم الاضطرار إلا أن لا يبذله
إلا بزيادة كثيرة لا يتغابن بمثلها، فإن تضرر ببذلها بما لا يتحمل عادة حلت الميتة،
وإلا ففيه وجهان. (ولو كان صاحبه غائبا أو حاضرا مانعا عن بذله قويا
على دفعه أكل الميتة) أما على الثاني فظاهر، وأما الأول فلأن حرمة الميتة
لحق الله، ومال الغير يتعلق به الحقان، مع المساهلة في حقوق الله، وللنص (1) في
إباحة الميتة بخلاف مال الغير. وفيه وجهان آخران: أحدهما: أكل الطعام وضمان
عوضه لصاحبه، لأنه حلال بالذات، والتصرف فيه بدون الإذن منجبر بالضمان فلا
اضطرار، والميتة نجسة مضرة تنفر عنها الطباع. والآخر: التخيير بينهما.
(ولو تمكن المضطر من دفع صاحب الطعام لضعفه) عن المقاومة
(قيل) في المبسوط (2): (أكله وضمنه، ولا تحل له الميتة) لعدم الاضطرار
والفرق بينه وبين ما إذا كان المالك غائبا وجوب البذل على الحاضر، فإذا امتنع
عنه جاز قهره عليه. وقيل: بل أكل الميتة (3).
(وكذا لو وجد المحرم الصيد والميتة قيل) في النهاية (4) والتهذيب (5):
(أكل الميتة إن لم يقدر على الفداء) والصيد إن قدر عليه، لأن الميتة نجسة
مضرة تنفر عنها الطباع ولا كفارة لأكلها بخلاف الصيد. وكذا أبو علي في ميتة ما
يقبل الذكاة، قال: فإن لم يكن كذلك أكل الصيد (6) يعني مطلقا، وخيرة الصدوق (رحمه الله) (7)



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 388 ب 56 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(2) المبسوط: ج 6 ص 286.
(3) شرائع الإسلام: ج 3 ص 230.
(4) النهاية: ج 1 ص 494.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 368 ذيل الحديث 1284.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 135.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 383 ذيل الحديث 2733.
327
عند القدرة على الفداء. وفصل في الخلاف (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) وفي
التهذيب (4) والاستبصار (5) في وجه بأنه إن كان الصيد حيا أكل الميتة مطلقا،
لأنه إذا ذبح الصيد كان ميتة.
(أما لو وجد لحم الصيد) الذي ذبحه المحل في الحل (كان أولى من
الميتة، لأن تحريمه) أخف من وجوه: منها أنه طاهر، ومنها أنه (خاص)
بالمحرم، ومنها أنه لا يضر، ومنها أنه لا ينفر عنه الطباع. ولكن الشيخ أطلق الحكم
في اللحم. وفصل ابن إدريس بأنه يأكله إن قدر على الفداء وإلا فالميتة (6).
والأخبار متخالفة الظواهر، ففي الحسن أن الحلبي سأل الصادق (عليه السلام) عن المحرم
يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل؟ قال: يأكل من الصيد أما يحب أن يأكل من
ماله؟ قال: بلى، قال: إنما عليه الفداء فليأكل وليفده (7). وفي خبر إسحاق: أن
عليا (عليه السلام) كان يقول: إذا اضطر المحرم إلى الصيد وإلى الميتة فليأكل الميتة التي
أحل الله له (8). فجمع بينهما ونحوهما بوجوه: منها الفرق بين التمكن من الفداء
وعدمه، ومنها الفرق بين لحم الصيد والحي منه، ومنها التقية، ومنها احتمال الثاني
أن لا يكون وجد الصيد أو لم يتمكن منه وإن اضطر إليه.
(ويحل له الشبع حينئذ) أي إذا أكل الصيد ذبحه ثم أكله أو أكل المذبوح،
لأنه إذا فدى سقط الإثم عنه. ومنع منه في غيره، وأوجب الاقتصار على ما يمسك



(1) الخلاف: ج 6 ص 95 المسألة 25.
(2) المبسوط: ج 6 ص 287.
(3) السرائر: ج 3 ص 126.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 368 و 369 ذيل الحديث 1284 و 1286.
(5) الاستبصار: ج 2 ص 209 ذيل الحديث 715 و 717.
(6) السرائر: ج 3 ص 126.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 238 ب 43 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 240 ب 43 من أبواب كفارات الصيد ح 11.
328
الرمق كالميتة، ونفى عنه الخلاف في المنتهى (1) وادعى الإجماع عليه في
التذكرة (2). ووجهه حرمة الأكل إلا لضرورة فيجب الاقتصار على قدر الضرورة.
(كلام في الآداب)
(يستحب غسل اليد قبل) تناول (الطعام وبعده) ففي حسن الثمالي
عن الباقر (عليه السلام): أن الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان الفقر (3). وعن الصادق (عليه السلام):
من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة، وعوفي من بلوى في جسده (4).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنهما زيادة في العمر وإماطة للغمر عن الثياب، ويجلو
البصر (5). وعن النبي (صلى الله عليه وآله): أوله ينفي الفقر وآخره ينفي الهم (6). وعنه (صلى الله عليه وآله): الوضوء
قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم ويصح البصر (7) وقد روي استحباب غسل
اليدين جميعا وإن لم يأكل إلا بإحداهما (8). وعن سليمان الجعفري: أنه كان ربما
اتي بالمائدة فأراد بعض القوم أن يغسل يده، فيقول أبو الحسن (عليه السلام): من كانت يده
نظيفة فلا بأس أن يأكل من غير أن يغسل يده (9).
(و) يستحب (مسحها) أي اليد (بالمنديل) إذا غسلها بعد الطعام لا
قبله، فإنه لا يزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد.
(والتسمية عند الشروع في كل لون بانفراده) فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):



(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 805 س 9.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 7 ص 284.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 470 - 471 ب 49 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 471 ب 49 من أبواب آداب المائدة ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 471 - 472 ب 49 من أبواب آداب المائدة ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 471 ب 49 من أبواب آداب المائدة ح 4.
(7) مكارم الأخلاق: ص 138.
(8) لم نعثر عليه.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 493 - 494 ب 64 من أبواب آداب المائدة ح 10.
329
ضمنت لمن يسمي على طعامه أن لا يشتكي منه، فقال ابن الكوا: يا أمير المؤمنين
لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه وآذاني، فقال: لعلك أكلت ألوانا فسميت
على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع (1).
(ولو قال: بسم الله على أوله وآخره (2) كفاه عن الجميع) فعن داود بن
فرقد في الصحيح، أنه قال للصادق (عليه السلام): كيف اسمي على الطعام؟ فقال: إذا
اختلفت الآنية فسم على كل إناء، قال: فإن نسيت أن اسمي؟ قال: تقول باسم الله
على أوله وآخره.
(ولو سمى واحد من الجماعة كفى عن الباقين) لقول الصادق (عليه السلام) في
صحيح ابن الحجاج: إذا حضرت المائدة وسمى رجل منهم أجزأ عنهم أجمعين (3).
(و) يستحب (حمد الله تعالى عند الفراغ) فعن النبي (صلى الله عليه وآله): إذا وضعت
المائدة حفتها أربعة آلاف ملك، فإذا قال العبد: بسم الله، قالت الملائكة: بارك الله
عليكم في طعامكم، ثم يقولون للشيطان: اخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم، وإذا
فرغوا فقالوا: الحمد لله، قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدوا شكر ربهم. وإذا
لم يسموا، قالت الملائكة للشيطان: ادن يا فاسق، فكل معهم، فإذا رفعت المائدة ولم
يذكروا اسم الله عليها، قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم جل وعز (4).
وعنه (صلى الله عليه وآله): ما من رجل يجمع عياله ويضع مائدة بين يديه ويسمي ويسمون في
أول الطعام، ويحمدون الله عز وجل في آخره فترتفع المائدة حتى يغفر لهم (5).
وعن الصادق (عليه السلام): أن إبراهيم (عليه السلام) قال للمرسلين: إذا أكلتم فقولوا بسم الله، وإذا



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 490 ب 61 من أبواب آداب المائدة ح 3.
(2) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 99 ح 431.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 486 ب 58 من أبواب آداب المائدة ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 482 ب 57 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 484 ب 57 من أبواب آداب المائدة ح 6.
330
فرغتم فقولوا: الحمد لله، فالتفت جبرئيل (عليه السلام) إلى أصحابه - وكانوا أربعة
وجبرئيل (عليه السلام) رئيسهم - فقال: حق لله أن يتخذ هذا خليلا (1). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام):
من ذكر اسم الله عز وجل عند طعام أو شراب في أوله وعند آخره، لم يسأل عن
نعيم ذلك الطعام أبدا (2).
(والأكل والشرب باليمين اختيارا) لعموم الأخبار (3) باستحباب التيامن،
ولما سيأتي من كراهتهما باليسار.
(وبدأة صاحب الطعام بالأكل وأن يكون آخرهم فيه) لئلا يحتشموه،
وعن الصادق (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أكل مع القوم طعاما كان أول من يضع
يده وآخر من يرفعها، ليأكل القوم. (وأن يبدأ) الخادم (في غسل الأيدي)
بعد رفع الطعام (بمن على يمينه) فعن الفضل بن يونس قال: لما تغدى عندنا
أبو الحسن (عليه السلام) وجئ بالطشت بدأ به، وكان في صدر المجلس، فقال: ابدأ بمن
على يمينك (4). (ثم يدور عليهم إلى الأخير) أو المعنى أن يبدأ صاحب الطعام
في الغسل الأول بمن عن يمينه بعد غسله يده. ففي الكافي (5) والعلل (6): أن في
بعض الأخبار يغسل أولا رب البيت، ثم يبدأ بمن على يمينه، وإذا رفع الطعام بدأ
بمن على يسار صاحب المنزل، فيكون آخر من يغسل يده صاحب المنزل، لأنه
أولى بالصبر على الغمر. وكذلك حكي في البصائر (7) عن فعل الكاظم (عليه السلام). وعن
محمد بن عجلان عن الصادق (عليه السلام): الوضوء قبل الطعام، يبدأ صاحب البيت، لئلا



(1) علل الشرائع: ص 35 ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 483 - 484 ب 57 من أبواب آداب المائدة ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 419 ب 10 من أبواب آداب المائدة.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 475 ب 51 من أبواب آداب المائدة ح 2.
(5) الكافي: ج 6 ص 291 - 292 ح 1.
(6) علل الشرائع: ص 291.
(7) رواه الشيخ الطبرسي في مكارم الأخلاق: ج 1 ص 311 ح 993 عن البصائر.
331
يحتشم أحد، فإذا فرغ من الطعام بدأ بمن على يمين الباب، حرا كان أو عبدا (1).
والظاهر موافقته لخبر الفضل، وأن يمين الباب هو يمين الخادم حين يدخل.
(وأن يجمع غسالة الأيدي في إناء واحد) ففي خبر الفضل المتقدم بعضه،
فلما أن توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست، فقال له: دعها، واغسلوا أيديكم
فيها (2). وعن عمر بن ثابت عن الصادق (عليه السلام) اغسلوا أيديكم في اناء واحد
تحسن أخلاقكم (3).
(وأن يستلقي بعد الأكل على قفاه، ويضع رجله اليمنى على
اليسرى) كما في خبر البزنطي عن الرضا (عليه السلام) (4).
(ويحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شيء من المسكرات أو
الفقاع) لقول النبي (صلى الله عليه وآله) في خبر جراح المدائني: من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر، فلا يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر (5). وفي صحيح هارون بن الجهم:
ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر (6). وأما إلحاق سائر المسكرات
والفقاع كما فعله الأصحاب، فإما لدخولها في الخمر، أو لوجوب الإنكار على
شاربها. وأقله القيام عن المائدة، أو الامتناع من حضورها. (والأقرب التعدية
إلى الاجتماع للفساد واللهو والقمار) وبالجملة يحرم الجلوس على مائدة
يعصى الله عليها، بل حضور مجلس يعصى الله فيه، إلا أن يضطر إليه، أو يقدر على
إزالة المنكر، لوجوب إنكاره، ولأن مجلس العصيان في معرض نزول العذاب



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 474 ب 50 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 476 ب 51 من أبواب آداب المائدة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 475 ب 51 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 500 ب 74 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 401 ب 62 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 400 - 401 ب 62 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 1.
332
بأهله، ويؤيده قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم: ولا تجلسوا على
مائدة يشرب عليها الخمر، فإن العبد لا يدري متى يؤخذ (1).
(وينبغي أن يقعد حال الأكل) معتمدا (على رجله).
(ويكره الاتكاء) لأنه ينافي التواضع، وللأخبار، وهي كثيرة، منها: سأل
سماعة الصادق (عليه السلام) عن الرجل يأكل متكئا، فقال: لا، ولا منبطحا (2) أو سأله (عليه السلام)
بشير الدهان، هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل متكئا على يمينه وعلى يساره؟ فقال:
ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل متكئا على يمينه ولا على يساره، ولكن كان يجلس
جلسة العبد، قال: ولم ذلك؟ قال: تواضعا لله عز وجل (3). وقال الخطائي: الاتكاء
هنا أن يقعد متمكنا مستويا جالسا، بل السنة أن يقعد عند الأكل مائلا إلى الطعام
منحنيا. وقال ابن الأثير: المتكئ في العربية كل من استوى قاعدا على وكاء
متمكنا، والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه،
والتاء فيه بدل من الواو، وأصله من الوكاء، وهو ما يشد به الكيس وغيره، وكأنه
أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوكاء الذي تحته، قال: ومن حمل الاتكاء على
الميل على أحد الشقين فأوله على مذهب الطب، فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام
سهلا ولا يسيغه هنيئا وربما تأذى به (4).
(و) يكره (كثرة الأكل) فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أطولكم جشاء في الدنيا أطولكم
جوعا في الآخرة (5). وعن الصادق (عليه السلام): أن الله عز وجل يبغض كثرة الأكل (6).



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 17 ب 10 من أبواب الأطعمة المباحة ح 43.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 415 ب 6 من أبواب آداب المائدة ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 414 ب 6 من أبواب آداب المائدة ح 6 وفيه ما أكل الخ.
(4) نهاية ابن الأثير: ج 1 ص 193.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 410 ب 3 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 407 ب 1 من أبواب آداب المائدة ح 9.
333
وعن الباقر (عليه السلام): ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مملوء (1). (وربما
حرم مع الضرر. و) يكره (الأكل على الشبع) وربما حرم مع الضرر، فعن
الصادق (عليه السلام): أنه يورث البرص (2). وعنه (عليه السلام) ثلاث فيهن المقت من الله عز وجل،
نوم من غير سهر، وضحك من غير عجب، وأكل على الشبع (3). وعن النبي (صلى الله عليه وآله): يا
علي أربعة يذهبن ضياعا: الأكل على الشبع، والسراج في القمر، والزرع في
السبخة، والصنيعة عند غير أهلها (4). (والأكل والشرب باليسار اختيارا) فعن
الصادق (عليه السلام): لا تأكل باليسار وأنت تستطيع (5). وعنه (عليه السلام): أنه كره للرجل أن
يأكل ويشرب بشماله، أو يتناول بها (6).
(ولا بأس بالأكل والشرب ماشيا) فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): لا بأس أن
يأكل الرجل وهو يمشي، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفعل ذلك (7). وعن الصادق (عليه السلام):
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الغداة ومعه كسرة قد غمسها في اللبن وهو يأكل،
ويمشي وبلال يقيم الصلاة فصلى بالناس (8). (واجتنابه أفضل) لقول
الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن سنان: لا تأكل وأنت تمشي، إلا أن تضطر إلى
ذلك (9). وأما الشرب فللأخبار (10) الناصة على كراهته قائما. لكن في بعضها أنه
يخص بالليل (11).



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 411 ب 4 من أبواب آداب المائدة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 408 ب 2 من أبواب آداب المائدة ح 3.
(3) الخصال: ص 89 ح 25.
(4) الخصال: ص 263 - 264 ح 143.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 420 ب 10 من أبواب آداب المائدة ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 16 ص 419 ب 10 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 421 ب 11 من أبواب آداب المائدة ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 16 ص 421 ب 11 من أبواب آداب المائدة ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 421 ب 11 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 193 ب 8 من أبواب الأشربة المباحة.
(11) وسائل الشيعة: ج 17 ص 191 ب 7 من أبواب الأشربة المباحة.
334
(ويكره الشرب بنفس واحد) لخبر سليمان بن خالد سأل الصادق (عليه السلام)
عن الرجل يشرب بالنفس الواحد، قال: يكره ذلك وذاك شرب الهيم، قال: وما
الهيم؟ قال: الإبل (1). وفي مرسل عثمان بن عيسى أنه سأل عن الرجل يشرب
الماء فلا يقطع نفسه حتى يروي، فقال (عليه السلام): وهل اللذة إلا ذاك؟ قيل: فإنهم
يقولون: إنه شرب الهيم، فقال: كذبوا إنما شرب الهيم ما لم يذكر اسم الله عليه (2).
(وينبغي أن يكون بثلاثة أنفاس) فقال الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي: ثلاثة
أنفاس أفضل من نفس واحد (3) وكذا في خبر معلى بن خنيس (4). وفي خبر أبي
بصير ثلاثة أنفاس أفضل في الشرب من نفس واحد، وقال: وكان يكره أن يتشبه
بالهيم وقال الهيم النيب (5). وعنه (عليه السلام) إذا شرب أحدكم، فليشرب في ثلاثة أنفاس
أوله شكر لشرابه، والثاني مطردة للشيطان، والثالث شفاء لما في جوفه (6).
وعنه (عليه السلام) إذا كان الذي يناول الماء مملوكا لك فاشرب بثلاثة أنفاس، وإن كان
حرا فاشربه بنفس واحد (7).
(وإذا حضر الطعام والصلاة) وأمكنه الإقبال على الصلاة (فالبدأة
بالصلاة أفضل) مع سعة الوقت. (ولو تضيق الوقت وجب البدأة بالصلاة)
وإن تاقت نفسه إلى الطعام بحيث لا يمكنه الإقبال التام على الصلاة. والوجه في
الكل ظاهر، وسأل سماعة الصادق (عليه السلام) عن الصلاة تحضر وقد وضع الطعام؟



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 195 ب 9 من أبواب الأشربة المباحة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 197 ب 9 من أبواب الأشربة المباحة ح 19.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 197 ب 9 من أبواب الأشربة المباحة ح 17.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 197 ب 9 من أبواب الأشربة المباحة ح 18.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 195 ب 9 من أبواب الأشربة المباحة ح 2.
(6) مكارم الأخلاق: ج 1 ص 325 ح 1044.
(7) مكارم الأخلاق: ج 1 ص 323 ح 1035.
335
فقال: إن كان في أول الوقت يبدأ بالطعام، وإن كان قد مضى من الوقت شيء
وتخاف أن تفوتك الصلاة فابدأ بالصلاة (1). (ولو كان هناك من ينتظر فالبدأة
بالطعام في أول الوقت) أي سعته (أولى) لحسن الحلبي أنه سئل
الصادق (عليه السلام) عن الإفطار أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال: فقال: إن كان معه قوم يخشى
أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم، وإن كان غير ذلك فليصل وليفطر (2) والحمد
لله أولا وآخرا.
واتفق الفراغ من صيد شوارد الأوابد وبسط موائد الفوائد في
هذا الكتاب ليلة الأحد ثامن عشر أول ربيع، من عام
ألف وثمان وتسعين
والصلاة على محمد وآله أجمعين
* * *



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 498 ب 70 من أبواب آداب المائدة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 7 ص 107 - 108 ب 7 من أبواب آداب الصائم ح 1.
336
كتاب الفرائض

337
(كتاب الفرائض)
وهي جمع فريضة من الفرض، بمعنى القطع والتقدير، أو بمعنى الإيجاب.
(ومقاصده ثلاثة):
(الأول)
(في المقدمات)
(وفيه فصول) أربعة:
(الفصل الأول في موجب الإرث)
(إنما يثبت الإرث بأمرين: نسب وسبب) والنسب إما أن يوجب الإرث
بخصوصياته الموجبة للفروض المعلومة، مثلا لا ترث الام الثلث أو السدس إلا
لكونها اما لا لمطلق النسب وإلا استحقهما من سواها من الأنساب، أو بعمومه كما
في صور الرد. والسبب يوجبه لخصوصية في الإمام والمعتق، وكذا في الزوجين
إن لم يرد عليهما، وإلا فبالعموم أيضا (فالنسب اتصال شخص بغيره لانتهاء
أحدهما في الولادة إلى الآخر، أو لانتهائهما إلى ثالث على الوجه

339
الشرعي) أي المحكوم بصحته شرعا، أو المجعول في حكم الصحيح من الإقرار
عليه وترتيب أحكام الصحيح عليه كالمتسبب عن أنكحة الكفار أو الشبهة.
(ومراتبه) من حيث الإرث (ثلاث):
(الاولى: الأبوان من غير ارتفاع) إلى أبويهما فصاعدا (والأولاد وإن
نزلوا) بمعنى إن كلا من الأبوين والأولاد يرث مع الاجتماع مع الآخر، وكذا كل
من الأبوين وأولاد الأولاد، وهكذا وإن لم يرث أولاد الأولاد مع الأولاد.
(الثانية): طبقة الكلالة (الإخوة والأخوات لأب أو لام أو لهما،
وأولادهم وإن نزلوا، والأجداد والجدات وإن علوا لأب كانوا أولام أو لهما).
(الثالثة: الأخوال والخالات وإن علوا) من أخوال الأبوين وخالاتهما
فصاعدا (أو سفلوا) من أولادهم فنازلا. (والأعمام والعمات وإن علوا أو
سفلوا) ولكن الصنفين هنا ليسا كما تقدم، فإن ابن العم لا يرث مع الخال، ولا ابن
الخال مع العم، بل إنما يجتمع منهما في الإرث المتساوون في التقرب.
(و) الضابط أن (أصل النسب التوليد، فمن ولد شخصا من نطفته كان
ابنه) أو بنته (والمولد أبا والأنثى) الوالدة (اما) فهؤلاء متساوون في النسب
قربا، فهم أصحاب المرتبة الاولى (وآباؤهما) أي الأبوين (أجداد وجدات
وإن تصاعدوا، وأولادهما إخوة وأخوات) للولد (وهم الموجودون على
حاشية عمود النسب) والجميع في مرتبة واحدة متساوون قربا وبعدا بالنسبة
إلى الأبوين، فهم أصحاب المرتبة الثانية (وأولاد آبائهما وإن علوا أعمام
وعمات) للولد (وأخوال وخالات وهم على الحاشية أيضا) متساوون
قربا وبعدا، فهم أصحاب المرتبة الثالثة.
(والسبب اثنان: زوجية) دائمة بشرط الدخول إن عقد في المرض
(وولاء. ومراتب الولاء ثلاث: ولاء العتق) ومنه أو من ولاء الإمامة - على

340
اختلاف القولين - ولاء المشترى من الزكاة (ثم ولاء تضمن الجريرة، ثم ولاء
الإمامة) وزاد المحقق الطوسي (رحمه الله) (1) ولاء من أسلم على يده كافر، لقول
أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن، فقال:
يا علي لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه، وأيم الله لئن يهدي الله على يديك رجلا خير
لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي (2) ونحوه في خبر
مسمع (3). وهما مع الضعف يمكن أن يكون الوجه فيهما أن الولاء لمن أسلم منهم كان
للنبي (صلى الله عليه وآله)، وقد جعله لعلي (عليه السلام). ولخبر تميم الداري قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما
السنة في الرجل من أهل الشرك يسلم على يدي رجل من المسلمين؟ قال: هو
أولى الناس بمحياه ومماته (4). وهو عامي.
(واعلم أن هؤلاء) المذكورين في النسب والسبب (ينقسمون) أربعة أقسام:
(فمنهم) من لا يرث إلا بالولاء ومنهم (من لا يرث إلا بالفرض
خاصة) وتعين مقدار ما يرثه في القرآن (وهم الام من بين الأنساب إلا على
الرد) أي إلا في صورة الرد عليها، فإنها ترث حينئذ بالفرض والقرابة جميعا.
وذلك بأن لا يكون للميت أب ولا ابن ولا ابنتان على قول. وأما إنها ترث بالفرض
في غيرها، فلقوله تعالى " ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد
فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث فإن كان له أخوة فلامه السدس " (5)
(والزوج والزوجة من بين الأسباب إلا نادرا) وهو إذا انحصر الوارث في
أحدهما. والقول بالرد على الزوجة أيضا نادر.
(ومنهم من يرث بالفرض) خاصة (مرة وبالقرابة) خاصة (اخرى)



(1) الفرائض النصيرية: مخطوط.
(2) وسائل الشيعة: ج 11 ص 30 ب 10 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 11 ص 30 ب 10 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه ذيل الحديث 1.
(4) سنن الترمذي: ج 4 ص 427 ح 2112.
(5) النساء: 11.
341
وإن كانوا يرثون بهما أيضا (وهم الأب) لفرض السدس له مع الولد وعدمه
بدونه، فإن لم يكن له ولد لم يرث إلا قرابة، وإن كان ابن أو أكثر أو مع بنت أو أكثر
لم يرث إلا السدس المفروض. ولكن إن كانت بنت أو ابنتان فصاعدا فهو يرث
بالفرض والقرابة جميعا (والبنت) ترث بالفرض خاصة مع الزوج والأبوين،
وبالقرابة خاصة مع الابن، وبهما في صور الرد (أو البنات) فبالفرض خاصة مع
الأبوين وبالقرابة خاصة مع ابن فصاعدا، وبهما في صور الرد (والأخت)
فبالفرض ترث الأخت للأب أو الأبوين مع الزوج وللأم مع الزوج والجد للأب أو
الأبوين وبالقرابة ترث الأخت للأب أو الأبوين مع أخ أو إخوة كذلك وبهما في
صور الرد (1) (أو الأخوات) فبالفرض إذا اجتمعت أخوات من الأب أو الأبوين
مع أخوات من الام، وبالقرابة إذا اجتمعت إخوة وأخوات لأب أو لأب وام، وبهما
في صور الرد (ومن يتقرب بالأم) من الإخوة والأخوات، فبالفرض إذا تعدد
مع أختين أو أخوات أو إخوة لأبيه (2) أو اتحد مع إخوة لأب، وبالقرابة إذا اجتمع
مع جد أو جدة لام في صور الرد (3).
(ومنهم من لا يرث إلا بالقرابة وهم الباقون. فإذا خلف الميت ذا
فرض لا غير أخذ فرضه ورد عليه الباقي. وإن كان معه ذو فرض) آخر
(اخذ) هو أيضا (فرضه، فإن أبقت) من (التركة) شيئا (ولا قريب
غيرهما رد عليهما بنسبة حصصهما إلا الزوج والزوجة، فإنه لا يرد عليهما
مع وجود النسب).



(1) العبارة في ق ول هكذا: والأخت فبالفرض ترث الأخت للأب أو الأبوين مع الزوج،
وبالقرابة إن كانوا إخوة رجالا ونساء، وبهما في صور الرد.
(2) في ط: لامه.
(3) العبارة في ق ول هكذا: من الأعمام والأخوال فبالفرض إذا اجتمع مع المتقرب بالأبوين أو
الأب، وبالقرابة إذا انفرد.
342
(وإن نقصت التركة) عن الفروض (اختص النقص بالبنت أو البنات
أو من يتقرب) من الأخوات (بالأب) وجده أو مع الام. (دون الام ومن
يتقرب بها) إذ لا عول عندنا.
(ولو شارك ذا الفرض من لا فرض له فله الباقي).
(ولو كان الميت قد خلف من لا فرض له ولم يشاركه غيره فالمال
له، مناسبا كان) كالابن (أو مساببا) كالمولى.
(وإن شاركه من لا فرض له فالمال لهما) بالسوية إن اتفقت الوصلة من
الميت إليهما (فإن اختلفت الوصلة إليهما فلكل طائفة نصيب من يتقرب به
كالأخوال مع الأعمام) فللأخوال نصيب الام وللأعمام نصيب الأب.
(واعلم أن الطبقة الاولى تمنع الطبقتين الباقيتين) من الإرث (ولا
يرث واحد منهما مع واحد من الطبقة الاولى).
(وفي الطبقة الاولى صنفان): أعلى وهو (الأبوان ولا يقوم غيرهما
مقامهما) ما كان أحد من الطبقة الاولى، وأسفل (و) هو (الأولاد، ويقوم
أولادهم وإن نزلوا مقامهم إذا فقدوا في جميع المواضع) أي وإن كان معهم
الأبوان مع تقربهما بلا واسطة خلافا للصدوق (1) كما سيأتي.
(والاعتبار فيهم) أي الأولاد وأولادهم خاصة، لمعرفة حكم الأولاد مع
أولادهم من الحكم بالقيام مقامهم إذا فقدوا (بالمساواة في القعدد) أي
الانتساب (إلى الميت) أي إنما يشتركون في الإرث إذا تساووا، وأما عند
الاختلاف قربا وبعدا (فالواحد من بطن أعلى وإن كان انثى يمنع جميع من
في بطن أسفل). والقعدد ك‍ " برثن " و " جحدب " قريب النسب إلى الجد الأكبر.
قيل: والبعيد من الأضداد (2) قال الصاحب: وقد يجعل ابنا ابنه (3) لأقرب القرابة إلى



(1) المقنع: ص 487 - 490.
(2) لسان العرب: ج 3 ص 362 (مادة قعد).
(3) وفي نسخة ن ول وق: اسما.
343
الحي يقال: ورث فلان بالقعدد (1) وفي العين: أنه أقرب القرابة إلى الحي، يقال: هذا
أقعد من ذاك وفي النسب أي أسرع انتهاء وأقرب أبا وورثت فلانا بالقعدد أي لم
يوجد في أهل بيته أقعد نسبا مني إلى أجداده (2).
(والطبقة الثانية: تأخذ عند فقد الطبقة الاولى، وتمنع الطبقة الثالثة،
وفيها) أيضا (صنفان) أحدهما من عمود النسب وهم (الأجداد والجدات وإن
علوا و) الآخر على حاشيته وهم (الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا).
(والأقرب من كل صنف إلى الميت يمنع من ذلك الصنف) كالجد يمنع
أبويه وأبوي الجدة وللأخ أولاده وأولاد غيره من الإخوة والأخوات (دون
الأبعد من الصنف الآخر) فأولاد الإخوة وإن نزلوا يرثون مع الجد الأقرب إذا
لم يكن أخ ولا اخت وكذا الجد الأعلى مع الإخوة.
(والطبقة الثالثة فيها صنف واحد من الورثة، هو إخوة الأب وهم
الأعمام، وإخوة الام وهم الأخوال) وإنما كانوا صنفا واحدا لكونهم في درجة
واحدة من النسب (إلا أنهم على درجات متفاوتة):
(الاولى: أعمام الميت وأخواله وعماته وخالاته ويقوم أولادهم
مقامهم) فلا يرث معهم عمومة الأبوين أو خؤولتهما.
(الثانية: عمومة أبوي الميت وخؤولتهما وأولادهم).
(الثالثة: عمومة الأجداد والجدات وخالاتهم) كذا في النسخ
(وأولادهم بعدهم، وهلم جرا إلى سائر الدرجات. وهذه الطبقة الثالثة هي
طبقة اولي الأرحام) لأن الدال على إرثهم آية اولي الأرحام (3).
(والواحد من كل طبقة أو درجة) من درجات أصناف الطبقات (وإن
كان انثى يمنع من ورائه من الطبقات والدرجات) إلا ابن العم من الأبوين مع



(1) لا يوجد لدينا كتابه.
(2) العين: ج 1 ص 142 (مادة قعد).
(3) الأنفال: 75.
344
العم من الأب إجماعا، وصور اخرى على خلاف كما سيظهر (ومن له قرابة)
من إخوة أو عمية أو خالية (من جهتي الأب والأم يمنع من له تلك القرابة
من جهة الأب خاصة من الإرث والرد، ويمنع من له تلك القرابة من جهة
الام خاصة من الرد دون الإرث) كلاهما (مع التساوي قربا وبعدا) وكذا
من له قرابة من الأب خاصة يمنع من له تلك القرابة من الام خاصة [من الرد] (1)
مع التساوي إذا لم يكن من له تلك القرابة من الأبوين إلا (2) في الأخوات فيأتي
الخلاف فيهن.
(ومن له قرابتان مختلفتان) أو سببان (لا يحجب من له قرابة واحدة)
أو سبب إلا إذا تأخرت قرابته عن إحدى القرابتين (نعم يكثر استحقاقه فإنه
يأخذ بالجهتين إذا استويا في المرتبة كعم هو خال) وزوج هو معتق.
(الفصل الثاني في موانع الإرث)
أي ما يمنع الإنسان من أن يرث مما تركه الميت ميراثا أصلا مع كونه في
طبقة الإرث ودرجته.
(وهي ثلاثة: الكفر، والقتل، والرق) ومن اعتبر المنع في الجملة جعلها
عشرين: أربعة منها سيأتي في كتاب اللعان، وانفصال الحمل ميتا وهما مخرجان
عن المذكورين من الأنساب والأسباب والثاني مخرج عن الإنسانية، والدين
المستغرق، وهو مما يمنع كون التركة ميراثا على أحد القولين، ولا يمنع الإرث
على الآخر. والغيبة المنقطعة، وهي إنما تمنع من نفوذ الإرث ظاهرا. والثامن الزنا.
والتاسع الشك في النسب. والعاشر اشتباه الحر الوارث بالعبد إذا سقط بيت على
قوم فماتوا وبقي منهم صبيان حر ومملوك له واشتبه. والحادي عشر ما يتعلق



(1) لم يرد في المخطوطات.
(2) في ن: لا.
345
بالزوجين من انقطاع العقد أو عدم الدخول مع العقد في المرض وعدم إرثها من
العقار، ويشترك الأربعة في خروج الإنسان المفروض عن المذكورين قطعا أو
احتمالا إلا عدم الإرث من العقار، وهو منع من إرث البعض لا أصلا. والثاني عشر
عدم استكمال شهود الاستهلال في المشهور، فإنه إن شهدت امرأة واحدة منع من
ثلاثة أرباع النصيب ولو شهدت اثنتان منع من النصف وهكذا. والثالث عشر
الحباء. والرابع عشر الكفن ومؤن التجهيز. والخامس عشر وقف عين من أعيان
التركة. والسادس عشر كون العبد جانيا عمدا إذا اختير استرقاقه أو قتله. والسابع
عشر الوصية، وهذه تشترك في أنها إنما تمنع من البعض. والثامن عشر الحجب
بالقرب أو غيره، وهو إن منع من الإرث أصلا فللخروج عن طبقته أو درجته وإلا
فإنما يمنع من البعض. والتاسع عشر اقتران موت المتوارثين أو الاشتباه لا لغرق
أو هدم، وهو مخرج عن الإنسانية علما أو احتمالا. والعشرون التبرء عند السلطان
من جريرة الابن وميراثه. وهو قول نادر للشيخ (1) والقاضي (2). وفي هذا الفصل
مطالب ثلاثة في الموانع الثلاثة، وخاتمة في الأربعة الباقية.
(المطلب الأول في الكفر)
(وهو) كل (ما يخرج به معتقده من دين الإسلام سواء كان حربيا
أو ذميا) أصليا (أو مرتدا، أو على ظاهر الإسلام إذا جحد ما يعلم ثبوته
من الدين ضرورة، كالخوارج والغلاة) ومستحل الخمر وترك الصلاة ونحو
ذلك، إلا إذا ادعى الجهل بحكم الشرع وأمكن في حقه (فلا يرث الكافر
مسلما) بالنصوص (3) وإجماع المسلمين. (ويرث المسلم الكافر) عندنا
(على اختلاف ضروبه) فإن الإسلام لم يزده إلا عزا وقوة.



(1) النهاية: ج 3 ص 267.
(2) المهذب: ج 2 ص 167.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 374 ب 1 من أبواب موانع الإرث.
346
(ولو خلف الكافر) الأصلي (ورثة كفارا ورثوه) إن لم يكن معهم
مسلم بلا خلاف (ولو كان معهم مسلم كان الميراث كله له) بالاتفاق
(سواء قرب أو بعد، حتى أن مولى النعمة بل ضامن الجريرة المسلم يمنع
الولد الكافر من ميراثه من أبيه الكافر) عن الصادق (عليه السلام): المسلم يحجب
الكافر ويرثه، والكافر لا يحجب المؤمن ولا يرثه (1). لكن الشيخان (2)
والحلبيان (3) والقاضي (4) والكيدري (5): على أن الكافر إن كان له أولاد صغار ينفق
عليهم مما ترك حتى يبلغوا، فإن بلغوا مسلمين ورثوا، وإلا كان الميراث للمسلم.
وهو قوي إن فقدوا الأبوين جميعا، لأن كل مولود يولد على الفطرة، وإنما حكم
بكفرهم تبعا لهما، فإذا ماتا زالت التبعية. وعن مالك بن أعين، أنه سأل
أبا جعفر (عليه السلام) عن نصراني مات، وله ابن أخ مسلم وابن اخت مسلم، وللنصراني
أولاد وزوجة نصارى، قال: فقال: أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك،
ويعطى ابن اخته ثلث ما ترك إن لم يكن له ولد صغار، فإن كان له ولد صغار فإن
على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا، قيل له: كيف
ينفقان؟ قال: فقال: يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة، ويخرج وارث الثلث ثلث
النفقة، فإذا أدركوا قطعا النفقة عنهم، قيل له: فإن أسلم الأولاد وهم صغار؟ قال:
فقال: يدفع ما ترك أبوهم إلى الإمام حتى يدركوا، فإن بقوا على الإسلام دفع
الإمام ميراثهم إليهم، وإن لم يتموا على الإسلام إذا أدركوا دفع الإمام ميراثه إلى
ابن أخيه وابن اخته المسلمين، يدفع إلى ابن أخيه ثلثي ما ترك، وإلى ابن اخته
ثلث ما ترك (6) (والإمام لا يمنع الولد) الكافر ولا غيره (من الإرث) ولا



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 374 ب 1 من أبواب موانع الإرث ح 2.
(2) المقنعة: ص 701، النهاية: ج 3 ص 236 - 238.
(3) الكافي في الفقه: ص 375، الغنية: ص 329.
(4) المهذب: ج 2 ص 159 - 160.
(5) إصباح الشيعة: ص 370.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 379 ب 2 من أبواب موانع الإرث ح 1.
347
يرث الكافر مع واحد من الوراث اتفاقا، وإلا انتفى التوارث بين الكفار رأسا.
فما أطلق من منع الوارث الكافر من الإرث إذا كان له وارث مسلم وإن بعد
مخصوص بغير الإمام.
(ولو كان مع الولد الكافر زوجة مسلمة) بأن أسلمت ومات في العدة،
أو طلقها في المرض فمات وأسلمت في العدة (فإن قلنا بالرد) على الزوجة إذا
انفردت مطلقا أو في الغيبة (فلا بحث) لأن وجود الوارث الكافر معها كعدمه
(وإلا) نقل بالرد (فأقوى الاحتمالات أن للزوجة الثمن) للدخول في
عموم النصوص (1) (والباقي للولد) لأنها بالنسبة إلى الباقي كالمعدومة، لا
للإمام، لأن الولد إنما يحجب الزوجة عن الثمن إذا ورث، ويمكن منعه (ثم)
احتمال أن يكون لها (الربع) لكون الولد الكافر بالنسبة إليها كالمعدوم (فالباقي
له) لكونها بالنسبة إليه كالمعدومة، والإمام لا يمنع الوارث الكافر (أولها) لأنه
إذا اجتمع وارثان مسلم وكافر لم يتشاركا بل انفرد المسلم بالإرث، وأيضا جعل
الربع لها مبني على عدم إرثه. فلو ورثناه الباقي تناقض الحكمان. وإنما منعنا من
الرد عليها، لكون الباقي حقا للإمام أو لوارث آخر، فإذا لم يكن هنا للإمام ولا
لغيره رددناه عليها (أو للإمام) مطلقا أو إذا كان ظاهرا، لأنا إنما أعطيناها الربع
لعدم إرث الولد فهو كالمعدوم. وهو خيرة النهاية (2) والسرائر (3) والمهذب (4)
والجامع (5). ولما كان جعل الباقي لها منافيا في الظاهر لعدم الرد عليها مطلقا وجه
الكلام ناظروه بأن المراد بالقول بالرد القول به مطلقا، فمقابله يعم القول بعدمه
مطلقا، أو عند الظهور. وجعل الباقي للولد مبني على القول بالعدم مطلقا، وجعله



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 434 ب 1 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(2) النهاية: ج 3 ص 235.
(3) السرائر: ج 3 ص 268.
(4) المهذب: ج 2 ص 157.
(5) الجامع للشرائع: ص 502 و 503.
348
لها على القول بالرد في الغيبة، وجعله للإمام على حضوره، أو القول بالعدم مطلقا
وما ذكرناه ظاهر العبارة ولا بعد فيه.
(ولو كان الميت مرتدا، فإن كان له وارث مسلم ورثه) وإن كان
ضامن جريرة كان معه غيره أم لا (وإلا كان ميراثه للإمام، ولا شيء
لأولاده) وسائر أقربائه (الكفار، سواء كانت ردته عن فطرة أو لا عنها،
وسواء ولد له في حال كفره الأصلي أو بعد إسلامه أو) بعد (ارتداده)
وفاقا للسرائر (1) والشرائع (2) والنافع (3) وميراث المبسوط (4). وفي كتاب المرتد
منه (5): إن المال لبيت المال إذا لم يكن وارث مسلم. وفي النهاية (6) والمهذب (7)
والوسيلة (8) كذلك في المرتد لا عن فطرة، ونص في الأولين (9) في المرتد عن
فطرة على الكون للإمام، ولم ينص في الوسيلة فيه على شيء. وحمل ابن
إدريس (10) بيت المال على بيت مال الإمام. قال في النهاية: وقد روي أنه يكون
ميراثه لورثته الكفار يعني المرتد لا عن فطرة، قال: وذلك محمول على ضرب من
التقية، لأنه مذهب العامة (11). وقال أبو علي: إن كان المرتد ممن كان مشركا
فأسلم، ثم رجع إلى الشرك، ولا قرابة له مسلم كان ميراثه لقرابته المشركين، كذلك
روى ابن فضال وابن يحيى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ولنا في ذلك نظر (12). وفي
الصحيح عن إبراهيم بن عبد الحميد أنه قال للصادق (عليه السلام): نصراني أسلم ثم رجع
إلى النصرانية، ثم مات، قال: ميراثه لولده النصارى، ومسلم تنصر، ثم مات، قال:



(1) السرائر: ج 3 ص 270 - 271.
(2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 12.
(3) المختصر النافع: ص 255.
(4) المبسوط: ج 4 ص 112.
(5) المبسوط: ج 7 ص 283.
(6) النهاية: ج 3 ص 239.
(7) المهذب: ج 2 ص 162.
(8) الوسيلة: ص 395.
(9) النهاية: ج 3 ص 239، المهذب: ج 2 ص 160 - 161.
(10) السرائر: ج 3 ص 272.
(11) النهاية: ج 3 ص 239 - 240.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 107.
349
ميراثه لولده المسلمين (1). وأفتى بمضمونه الصدوق في المقنع (2). وسلم الشيخ
في التهذيب (3) والاستبصار (4) كون الميراث لولده النصارى إن لم يكن له
ولد مسلمون، وعليه حمل الخبر، وهو مراد الصدوق. وفي صحيح أبي ولاد،
أنه سأله (عليه السلام) عن رجل ارتد عن الإسلام لمن يكون ميراثه؟ قال: يقسم
ميراثه على ورثته على كتاب الله (5). وقال الباقر (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم:
من رغب عن دين الإسلام وكفر بما أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وآله) بعد إسلامه فلا توبة
له، وقد وجب قتله، وبانت امرأته منه، ويقسم ما ترك على ولده (6). ويمكن
حملهما على المسلمين خصوصا والثاني في المرتد عن فطرة، وظاهر حاله إسلام
أولاده كامرأته.
(ولو كان الميت مسلما وله ورثة كفار لم يرثوه) بالإجماع
والنصوص (7) (وورثه الإمام مع عدم الوارث المسلم وإن بعد كالضامن)
كما في صحيح أبي بصير وحسنه أنه سأل الباقر (عليه السلام) عن رجل مسلم مات وله ام
نصرانية، وله زوجة وولد مسلم، فقال: إن أسلمت امه قبل أن يقسم ميراثه أعطيت
السدس، قال: فإن لم يكن له امرأة، ولا ولد، ولا وارث له سهم في الكتاب من
المسلمين وامه نصرانية، وله قرابة نصارى ممن له سهم في الكتاب لو كانوا
مسلمين، لمن يكون ميراثه؟ قال: إن أسلمت امه فإن لها جميع ميراثه، وإن لم



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 385 ب 6 من أبواب موانع الإرث ح 1.
(2) المقنع: ص 508.
(3) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 372 ذيل الحديث 1328.
(4) الاستبصار: ج 4 ص 193 ذيل الحديث 724.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 386 ب 6 من أبواب موانع الإرث ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 387 ب 6 من أبواب موانع الإرث ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 374 ب 1 من أبواب موانع الإرث.
350
تسلم امه، وأسلم بعض قرابته ممن له سهم في الكتاب، فإن ميراثه له، وإن لم يسلم
من قرابته أحد فإن ميراثه للإمام (1). وهو وإن خص القرابة بالذكر لكنه مبني على
الغالب، من انتفاء المولى والضامن.
(ولو أسلم الكافر الوارث على ميراث قبل قسمته شارك الورثة إن
ساواهم) في المرتبة (واختص به إن كان أولى) منهم بالنصوص (2)
والإجماع، وعموم أدلة الإرث (سواء كان الميت مسلما أو كافرا).
(والأقرب تبعية النماء المتجدد بين الموت والإسلام) كالحادث بعد
الإسلام والمتقدم على الموت، لأن الإسلام كشف عن استحقاقه المال حين
الموت، أو لبقاء المال على حكم مال الميت موقوفا، أو لأنه فرع الأصل، فإذا
ملك الأصل ملكه لأن الفرع لا يكون أقوى من أصله. ويحتمل العدم، لانتقال
التركة عند الموت إلى المسلمين لئلا يبقى بلا مالك وإن كان متزلزلا فالنماء في
ملكهم، والإسلام لم يكشف عن تقدم الملك، فإن الكفر مانع من الإرث، أو
الإسلام شرط له. ويمكن أن يكون المانع هو الكفر المستمر إلى القسمة، والشرط
الإسلام حينها.
(و) الأقرب (ثبوت الإرث فيما لا يمكن قسمته على إشكال): من
الدخول في عموم الإسلام قبل القسمة، ومن أن هذه العبارة إنما يقال في الأكثر
فيما يمكن قسمته، وهو المحقق لحقيقة القبلية.
(و) الأقرب (عدمه) أي الإرث (لو) أسلم قبل القسمة حقيقة ولكن
(وهب أو باع أحد الورثة) حصته من غير قسمة (على إشكال): من انتقاء



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 380 ب 3 من أبواب موانع الإرث ح 1، وفيه عن أبي
عبد الله (عليه السلام).
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 380 ب 3 من أبواب موانع الإرث.
351
القسمة حقيقة، ومن أنه قسمة حكمية مزيلة للحصة عن ملك مالكها، فهي
أقوى. ولأنه إن شارك فإما أن يشمل الشركة ما بيع أو وهب، وهو باطل، أو
يخص بالباقي، وهو كذلك، لاستلزامه مشاركة بعض الورثة دون بعض. وفيه منع
بطلان الأول إذا قلنا بكشف الإسلام عن تقدم الملك لاستلزامه الكشف عن بطلان
البيع أو الهبة.
(ولو أسلم بعد القسمة فلا شيء له) وإن كانت أعيان التركة باقية.
(وكذا لو خلف الميت واحدا) مسلما (لم يكن لمن أسلم معه شيء،
إذ لا قسمة) هنا وإرث من تجدد إسلامه إنما ثبت على خلاف الأصل للنصوص
من الأخبار والأصحاب، وهي إنما تناولت ما إذا أسلم قبل القسمة. وقد صرح
بذلك في النهاية (1) والمهذب (2) وغيرهما. وفي النكت أنه فتوى الأصحاب (3).
وخالف أبو علي (4): فورث ما بقيت العين في يد الوارث.
(أما لو لم يكن) له وارث مسلم (سوى الإمام فأسلم قيل) في
الشرائع (5): (هو أولى من الإمام) لما تقدم من قول الباقر (عليه السلام) في خبر أبي
بصير: فإن أسلمت امه لها جميع ميراثه، وإن لم تسلم امه وأسلم بعض قرابته ممن
له سهم في الكتاب فإن ميراثه له، وإن لم يسلم من قرابته أحد فإن ميراثه للإمام
- وهو نص في الباب إن لم يكن تبرعا منه (عليه السلام)، والخبر مروي بطرق: منها صحيح،
ومنها حسن - ولعموم أدلة الإرث (وقيل: لا يرث، لأن الإمام كالوارث
الواحد) غيره (وقيل) في الوسيلة (6) وظاهر المبسوط (7) والإيجاز (8) والإصباح (9):



(1) النهاية: ج 3 ص 233.
(2) المهذب: ج 2 ص 156.
(3) نكت النهاية: ج 3 ص 234.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 108.
(5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 12.
(6) الوسيلة: ص 394.
(7) المبسوط: ج 4 ص 79.
(8) الإيجاز (الرسائل العشر): ص 274.
(9) إصباح الشيعة: ص 370.
352
(إن أسلم قبل النقل إلى بيت مال الإمام، فهو أولى، وإلا فالإمام) ولم يظهر
لنا مستنده ولعلهم وجدوا بذلك خبرا، أو حملوا الخبر المذكور آنفا على التبرع. ثم
إنهم أطلقوا بيت المال، فيحتمل أن يكونوا أرادوا بيت مال المسلمين وأنه إذا
أخرجه عن ملكه وملكه المسلمين لم يجد الإسلام وإلا أفاد الإرث. واحتمل
بعضهم أن يكونوا نزلوا النقل منزلة تصرف الإمام فيه.
(ولو كان) الوارث (الواحد زوجا أو زوجة فأسلم، فإن قلنا بالرد
عليهما لم يرث) لاتحاد الوارث (وإن منعناه ورث ما فضل عن فرضهما)
إن أسلم قبل القسمة بينه وبين الإمام.
والشيخ في النهاية (1) والقاضي (2) مع تصريحهما بأن الإسلام لا يفيد مع
اتحاد الوارث صرحا بأنه إن خلفت المرأة زوجا مسلما وورثة كفارا كان الميراث
كله للزوج وسقط غيره، فإن أسلموا رد عليهم ما يفضل من سهم الزوج. وقد أورد
عليه ابن إدريس (3): أنه لا قسمة هنا فلا يجدي تجدد الإسلام. وأجاب عنه
المحقق في النكت (4) بأن الزوج إنما يستحق بالأصالة النصف أو الربع، وإنما
يستحق الفاضل بالرد مع انتفاء من يصلح أن يكون وارثا، أما مع من يمكن أن
يرث كالكافر فلا يستحقه إلا إذا عرض الإسلام على الكافر فأباه، فهو كالإمام في
أنه إن أسلم أحد القرابة على الميراث ثم يرثه لاشتراكهما في أن استحقاقهما ليسا
بالأصالة بل لعدم الوارث. وفيه: ان النصوص (5) إنما تضمنت الإسلام قبل القسمة
فإذا اتحد الوارث المسلم استحق التركة عند موت المورث بلا فصل أصالة أو
وردا. واشتراط الاستحقاق بالرد بعدم الوارث بالقوة أيضا ممنوع، بل هو أول



(1) النهاية: ج 3 ص 234 - 235.
(2) المهذب: ج 2 ص 157.
(3) السرائر: ج 3 ص 268.
(4) نكت النهاية: ج 3 ص 235.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 380 ب 3 من أبواب موانع الإرث.
353
المسألة. والحكم في الإمام أيضا ممنوع. وأيضا لو تم ما ذكره لجرى في كل من
يرد عليه وفي كل مانع يمكن زواله كالرق، وللزم إيقاف الفاضل إلى موت الكافر
أو إسلامه، إذ لا دليل على الاكتفاء بالإباء إذا عرض عليه مرة، مع أنه قد يتعذر
العرض لغيبته أو جنون.
(ولو كانت الزوجات أربعا فأسلمت واحدة فلها كمال الحصة) من
الربع أو الثمن، لأن الباقيات كالمعدومات.
(ولو أسلم بعد قسمة البعض) من التركة (احتمل الشركة) مع
المساواة في الدرجة (أو الاختصاص) مع الأولوية (في الجميع) لصدق أن
الجميع لم يقسم مع الحكم في النصوص بأن المسلم قبل القسمة له حقه من
الميراث (و) احتمل (في الباقي) خاصة، لصدق التركة والميراث على كل
جزء مما تركه الميت، فيصدق على المقسوم أنه ميراث وتركة قد قسم قبل
الإسلام فلا يستحقه، وعلى الباقي (1) أنه ميراث وتركة أسلم عليه الوارث قبل
القسمة. وفيه: أن أكثر الأخبار يتضمن النص على أن من أسلم على ميراث قبل أن
يقسم فله ميراثه، وغاية الأمر أن يعم الميراث كل التركة وبعضها، وهو لا يفيد
تخصيص قولهم (عليهم السلام): فله ميراثه، بأن له ميراثه من غير المقسوم، نعم في بعضها:
أن من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فهو له، وهو مناسب للاختصاص بالباقي إن
لم نقل إن الجميع ميراث لم يقسم (و) احتمل (المنع) من الإرث مطلقا (على
بعد) بناء على أنه إذا وقعت القسمة في التركة صدق أنها قسمت وإن لم تستوف
القسمة، ولم يحتمله في التحرير (2).
(ولو كان الكافر من صنف متعدد) أشخاصه المسلمون (وهناك
صنف) آخر (مشارك) لذلك الصنف في الإرث (وقسمت التركة بين



(1) في ق: على الثاني.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 171 س 25.
354
الصنفين ولم يقسم كل صنف) حصته (بين أفراده فالأقرب الشركة) إذا
أسلم الكافر قبل قسمة صنفه حصتهم بين أنفسهم، لأنه لا يشارك الصنف الآخر فلا
يقدح القسمة بين الصنفين ويكون حصة صنفه بالنسبة إليه بمنزلة كل التركة، ولأن
ألفاظ النصوص " الإسلام على ميراث " والظاهر أن هذه الإضافة إنما يتحقق فيما
له أن يرثه أو يرث منه، وإذا قسمت التركة بين الصنفين لم يرث من حصة الصنف
الآخر شيئا، فلم يسلم إلا على حصة صنفه وهي لم تقسم. ويحتمل العدم بناء على
صدق القسمة في التركة في الجملة، وصدق الإسلام على الجميع للمشاركة فيه في
الجملة لعدم استلزامها المشاركة في كل جزء منه. ويصلح أيضا منشأ للوجهين ما
مر من صرف الميراث والتركة إلى كل ما تركه الميت، أو تعميمه له ولكل جزء،
وذلك (كعم كافر وللميت أعمام وأخوال مسلمون فاقتسموا) المال بينهم
(أثلاثا ولم يقسم الأعمام نصيبهم. ولو اقتسموا نصيبهم) قبل إسلامه (لم
يشارك) قطعا (وإن لم يقسم الأخوال) نصيبهم فإنه ليس وارثا بالنسبة إلى
نصيبهم ولا بالقوة.
(وكذا لو كان) الكافر (ولدا ذكرا مع أولاد ذكور وأبوين) مسلمين
فاقتسموا المال أثلاثا ولم يقسم الأولاد نصيبهم (بخلاف ما لو كان ولدا
ذكرا مع أولاد ذكور وإناث) فلا يجدي الإسلام إذا اقتسموا (لزيادة
نصيبهم) أي الأولاد الذكور (لو كان مسلما) ويلزم منه أن يوجب القسمة
المتقدمة أخذ الصنف الآخر ما كان يأخذه لو كان مسلما، فلو ورثناه بعد الإسلام
أبطلنا القسمة واستعدنا من الصنف الآخر، مثلا إذا خلف ثلاثة بنين: أحدهم كافر،
وبنتين مسلمتين، فإذا قسموا التركة قسموها أثلاثا. ثم إن أسلم الابن الكافر
وورثناه لزم القسمة أرباعا، فالضابط أن توريث المتجدد الإسلام إن أبطل القسمة
لم يرث وإلا ورث.

355
(ولو تعدد الكافر) في درجة (فأسلم أحدهما قبل القسمة شارك
دون الآخر) وإن أسلم بعدها.
(ولو ادعى الإسلام قبل القسمة فالقول قول الورثة مع اليمين) اتفقا
على زمان القسمة أو لم يتعرضا له أو اختلفا في الزمانين كما يقتضيه الإطلاق بل
وإن اتفقا على زمان الإسلام واختلفا في تقدم القسمة عليه، لأصالة عدم الإرث
إلا مع يقين السبب أو ارتفاع المانع بعد تيقن حصوله واستقرار ملك الورثة، وعدم
جواز الاستنقاذ من أيديهم، وأصل تأخر الإسلام إذا اتفقا على زمان القسمة. وفي
الدروس: لو قيل بأنهما إن اتفقا على زمان القسمة. واختلفا في تقدم الإسلام أو
اختلفا في زمان القسمة والإسلام يحلف الوارث وإن اتفقا على زمان الإسلام
واختلفا في تقدم القسمة وتأخرها يحلف المتجدد إسلامه، كان قويا (1). وهو كما
قال: (فإن صدقه أحدهم نفذ في نصيبه) خاصة، للأخذ بإقراره في حقه دون
غيره (وإن كان عدلا وشهد معه آخر ثقة شارك) جميع الورثة. (ولو انفرد
ففي إثبات حقه باليمين مع الشاهد إشكال): من أن المشهود به تقدم الإسلام،
ومن أن المقصود هو المال وكذا الشاهد والمرأتان.
(والطفل تابع لأحد أبويه في الإسلام) كما مر في الأمانات (فلو كان
أحدهما مسلما فهو بحكمه وإن كان الآخر كافرا، وكذا لو أسلم أحد
أبويه) بعد كفره (تبعه) الولد في الإسلام، فالولد الصغير الذي يحكم بإسلامه
يرث ويورث بحسب الإسلام، وكذا إذا بلغ مجنونا. (فإن بلغ فامتنع من
الإسلام قهر عليه) ولم يقر على الكفر، لأنه مرتد، خلافا لبعض العامة (2) (فإن
أصر) على الكفر (كان مرتدا) أي حكم عليه بحكم المرتدين من القتل أو



(1) الدروس الشرعية: ج 2 ص 345 درس 182.
(2) المجموع: ج 19 ص 223.
356
الضرب، وأنه لا يرثه إلا المسلم أو الإمام ومما ينص عليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام):
إذا أسلم الأب جر الولد إلى الإسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام فإن
أبى قتل (1). وقول الصادق (عليه السلام) في مرسل أبان بن عثمان في الصبي: إذا شب
فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني أو مسلمان، قال: لا يترك، ولكن يضرب
على الإسلام (2). وفي خبر عبيد بن زرارة في الصبي يختار الشرك وهو بين أبويه،
قال: لا يترك وذلك إذا كان أحد أبويه نصرانيا (3).
(والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب) لعموم الأدلة
والاشتراك في الإقرار بالشهادتين الموجب للمعاملة معهم كما يعامل مع
المسلمين وإن كانوا منافقين. وفي بعض نسخ المقنعة: ويرث المؤمنون أهل البدع
من المعتزلة والمرجئة والخوارج والحشوية ولا ترث هذه الفرق أحدا من أهل
الإيمان، كما يرث المسلمون الكفار ولا يرث الكفار أهل الإسلام (4). وفي بعضها:
ويتوارث المسلمون وإن اختلفوا في الأهواء، فلا يمنع تباينهم في الآراء من
توارثهم (5). وهو الموافق للمشهور وللدليل. وقال الحلبي: ولا يرث الكافر المسلم
وإن اختلفت جهات كفره وقرب نسبه، ويرث المسلم الكافر وإن بعد نسبه، كابن
خال مسلم، والموروث مسلم أو كافر له ولد كافر بيهودية أو نصرانية أو جبرية (6)
أو تشبيه أو جحد نبوة أو إمامة، ميراثه لابن خاله المسلم دون ولده الكافر (7).
ولعله أراد بجحد الإمامة جحدها من رأس واعتقاد أنه لا إمام.



(1) وسائل الشيعة: ج 18 ص 549 ب 3 من أبواب حد المرتد ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 18 ص 546 ب 2 من أبواب حد المرتد ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 18 ص 546 ب 3 من أبواب حد المرتد ح 1.
(4 و 5) المقنعة: ص 701.
(6) في النسخ: حربية، والصواب ما أثبتناه من المصدر.
(7) الكافي في الفقه: ص 374 - 375.
357
(والكفار يتوارثون وإن اختلفوا في الملل) لعموم الأدلة، وكون الكفر
ملة واحدة. والأخبار وإن نطقت بنفي التوارث بين أهل ملتين، لكنها نطقت أيضا
بتفسيرهما بالإسلام والكفر (فاليهودي يرث النصراني والحربي،
وبالعكس). وقال الحلبي: يرث كفار ملتنا غيرهم من الكفار ولا يرثهم الكفار (1).
قال سلار: إنهم يتوارثون إذا لم يكونوا حربيين (2). وفي شرح الإيجاز (3) وأما
الكافر الحربي فلا يرث من أهل الذمة، ويكون ميراثهم للإمام إذا لم يكن للميت
منهم نسيب ذمي ولا مسلم.
(أما المرتد فإن كان عن فطرة) الإسلام بأن انعقد حال إسلام أحد أبويه
أو أسلم أحد أبويه وهو طفل ثم بلغ ووصف الإسلام كاملا ثم ارتد (قسمت
تركته حين ارتداده بين ورثته المسلمين) إن كانوا (وتبين زوجته، وتعتد
عدة الوفاة وإن لم يقتل و) ذلك كله لأنه (لا يقبل توبته) بل يجب قتله حين
ارتد فينزل منزلة الميت، كل ذلك بالإجماع، والنصوص، كقول الصادق (عليه السلام) في
خبر عمار: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمدا (صلى الله عليه وآله) نبوته
وكذبه، فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتد فلا تقربه،
ويقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الإمام أن
يقتله ولا يستتيبه (4). وإنما فسرنا المرتد عن فطرة بمن ذكرنا، لنصهم على أن من
ولد على الفطرة فبلغ فأبى الإسلام استتيب، كما مر. وقبل أبو علي (5) توبة المرتد
مطلقا، للأخبار (6) العامة في الاستتابة.



(1) الكافي في الفقه: ص 375.
(2) المراسم: ص 218.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) وسائل الشيعة: ج 18 ص 545 ب 1 من أبواب حد المرتد ح 3.
(5) نقله عنه في المسالك: ج 15 ص 24.
(6) وسائل الشيعة: ج 18 ص 544 و 547 ب 1 و 3 من أبواب حد المرتد.
358
(وإن كان امرأة لم تقتل بل تحبس) ويضيق عليها (وتضرب أوقات
الصلوات) كما قال الصادق (عليه السلام) في مرسل الحسن بن محبوب: والمرأة إذا
ارتدت استتيبت، فإن تابت ورجعت، وإلا خلدت السجن، وضيق عليها في
حبسها (1). وقال الباقر (عليه السلام) في خبر غياث بن إبراهيم: لا تقتل، وتستخدم خدمة
شديدة، وتمنع الطعام والشراب إلا ما يمسك نفسها، وتلبس خشن الثياب،
وتضرب على الصلوات (2) (ولا تقسم تركتها حتى تموت و) ذلك لأنها (لو
تابت قبلت توبتها).
(ولو كان المرتد عن غير فطرة) بالمعنى الذي عرفته (استتيب)
بالإجماع، والنصوص كالأخبار العامة والناصة على التفصيل، كتوقيع
أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عامله: أما من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم تزندق
فاضرب عنقه ولا تستتبه، ومن لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه، فإن تاب، وإلا
فاضرب عنقه (3) وسيأتي الخلاف في مدة الاستتابة (ولا تقسم تركته إلا أن
يقتل إذا لم يتب أو يموت، وتعتد زوجته من حين الارتداد عدة الطلاق،
فإن عاد) إلى الإسلام (في العدة فهو أولى بها، وإن خرجت وهو مرتد لم
يكن له عليها سبيل) قطع الأصحاب بالحكمين فكأنهم اتفقوا عليه. قال
الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي بكر الحضرمي: إذا ارتد الرجل عن الإسلام بانت منه
امرأته، كما تبين المطلقة ثلاثا وتعتد منه كما تعتد المطلقة، فإن رجع إلى الإسلام
فتاب قبل التزويج فهو خاطب من الخطاب، ولا عدة عليها منه، ولتعتد منه لغيره،



(1) وسائل الشيعة: ج 18 ص 550 ب 4 من أبواب حد المرتد ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 18 ص 549 ب 4 من أبواب حد المرتد ح 1 وفيه: " عن حماد عن أبي
عبد الله (عليه السلام) ".
(3) وسائل الشيعة: ج 18 ص 552 ب 5 من أبواب حد المرتد ح 5.
359
وإن مات أو قتل قبل العدة اعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها، وهي ترثه في
العدة ولا يرثها إن ماتت وهو مرتد عن الإسلام (1). وظاهره نفي الأولوية وإن
أسلم في العدة. ويمكن حمل البينونة على أنه ليس له الرجوع ما دام على الكفر
والتوبة قبل التزويج عليها قبله بعد العدة.
(ولا يمنع من) الإرث بمن (يتقرب إلى الميت بالكافر وإن منعت)
منه (الوصلة) لتنزلها بالكفر منزلة المعدوم.
(المطلب الثاني في القتل)
(القاتل لا يرث مقتوله) بالإجماع، والنصوص (2) (إذا كان القتل عمدا
ظلما، ولو كان بحق لم يمنع) عندنا كما في خبر حفص بن غياث: أنه سئل
الصادق (عليه السلام) عن طائفتين من المؤمنين، إحداهما باغية، والاخرى عادلة، اقتتلوا،
فقتل رجل من أهل العراق أباه، أو ابنه أو أخاه، أو حميمه، وهو من أهل البغي،
وهو وارثه هل يرثه؟ قال: نعم، لأنه قتله بحق (3) وفيه للعامة خلاف (ولو كان خطأ
قيل) في النافع (4) والجامع (5) وظاهر المقنعة (6) والمراسم (7): (ورث مطلقا).
وفي الشرائع (8): أنه أشهر، ودليله عموم أدلة الإرث، ورفع الخطأ عن الامة،
وصحيح ابن سنان سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل قتل امه، أيرثها؟ قال: إن كان خطأ
ورثها وإن كان عمدا لم يرثها (9). ونحوه حسن محمد بن قيس عن الباقر عن



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 387 ب 6 من أبواب موانع الإرث ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 388 ب 7 من أبواب موانع الإرث.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 397 ب 13 من أبواب موانع الإرث ح 1.
(4) المختصر النافع: ص 256.
(5) الجامع للشرائع: ص 504.
(6) المقنعة: ص 703.
(7) المراسم: ص 218.
(8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 14.
(9) وسائل الشيعة: ج 17 ص 392 ب 9 من أبواب موانع الإرث ح 2.
360
أمير المؤمنين (عليهما السلام) (1). (وقيل: يمنع) من الإرث (مطلقا) وهو قول
الحسن (2) لعموم الأخبار المانعة، وخصوص قول الصادق (عليه السلام) في خبر الفضيل بن
يسار: لا يرث الرجل الرجل إذا قتله وإن كان خطأ (3). وهو ضعيف مرسل. وقال
الحسن: كيف يرث وهو يؤخذ منه الدية (4). وجوابه ظاهر كما في الانتصار (5)
وغيره، إذ لا منافاة بين أخذ الدية والإرث من غيرها (وقيل) في المشهور:
(يمنع من الدية خاصة) وقد حكاه الشيخ عن المفيد (6). وحكى عليه الإجماع
في السرائر (7). (وهو جيد) للجمع بين الأخبار، والنص في بعض الأخبار على
منع إرث القاتل من الدية كقول الباقر (عليه السلام) في حسن محمد بن قيس: والمرأة ترث
من دية زوجها ويرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه (8). وفي بعضها على
المنع من الدية مطلقا كقوله (عليه السلام) في خبر السكوني: إن عليا (عليه السلام) كان لا يورث
المرأة من دية زوجها شيئا. ولا يرث الرجل من دية امرأته شيئا، ولا الإخوة من
الام من الدية شيئا (9) أو النص على التفصيل في قوله (صلى الله عليه وآله): لا يتوارث أهل ملتين
بشيء، وترث المرأة من مال زوجها ومن ديته، ويرث الرجل من مالها ومن ديتها
ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا فلا يرث من ماله ولا من ديته، وإن قتله خطأ
ورث من ماله ولا يرث من ديته (10) ولقوله تعالى: " ودية مسلمة إلى أهله " (11) ولو



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 391 - 392 ب 9 من أبواب موانع الإرث ح 1.
(2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 67.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 392 ب 9 من أبواب موانع الإرث ح 3.
(4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 65.
(5) الانتصار: ص 307 - 308.
(6) النهاية: ج 3 ص 248.
(7) السرائر: ج 3 ص 274.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 391 ب 8 من أبواب موانع الإرث ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 17 ص 396 ب 11 من أبواب موانع الإرث ح 4.
(10) سنن الدارقطني: ج 4 ص 72 - 73 ح 16 و 17 مع اختلاف.
(11) النساء: 92.
361
ورثناه من الدية لم يجب عليه إلا تسليم الباقي إن لم ينحصر الوارث فيه (ولا
فرق في ذلك بين مراتب النسب والسبب) وإن اختصت أخبار الخطأ ببعضها.
وفي بعض عبارات العامة ما يوهم أن الأب يرث ابنه الذي قتله (1) (وفي اشتراط
استقرار الحياة) في المقتول في المنع من الإرث (إشكال) من الإشكال في
صدق القتل لتنزله بعد استقرارها منزلة الميت.
(ولو لم يكن) للمقتول (وارث إلا القاتل كان الميراث للإمام) وهو
الذي أراده من قال كان لبيت المال، ومنهم المصنف في التحرير (2). ولكن في
المقنعة (3): أنه لبيت مال المسلمين. وفي الجامع (4): أن الإمام يأخذ الدية ويجعلها
في بيت مال المسلمين. وهو نص ما ستسمعه من حسن أبي ولاد (5).
(ولو كان لقاتل أبيه ولد ورث الجد، ولم يمنع لمنع الأب إذا لم يكن
هناك) للمقتول (ولد للصلب) كما قال أحدهما (عليهما السلام) في خبر جميل (6): فإن
كان للقاتل ابن ورث الجد المقتول وفي خبر آخر له: لا يرث الرجل إذا قتل ولده
أو والده ولكن يكون الميراث لورثة القاتل (7).
(ولو لم يكن) للمقتول (وارث إلا الكافر والقاتل ورث الإمام) ولم
يكن للكافر المطالبة بالدم (فإن أسلم الكافر) قبل نقل المال (ورث) على
القول الذي تقدم (وطالب بالقتل، ولو نقلت التركة) قبل إسلامه (طالب)
بالقتل (ولم يرث).
(ولو لم يكن) له (وارث سوى الإمام لم يكن له العفو) وفاقا للأكثر



(1) الفتاوى الهندية: ج 6 ص 454.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 172 س 16.
(3) المقنعة: ص 703.
(4) الجامع للشرائع: ص 504.
(5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 93 ب 60 من أبواب القصاص في النفس ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 396 ب 12 من أبواب موانع الإرث ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 396 ب 12 من أبواب موانع الإرث ح 1.
362
(بل يأخذ الدية أو يقتص) ففي الحسن عن الحسن عن أبي ولاد أنه: سأل
الصادق (عليه السلام) عن رجل مسلم قتل مسلما عمدا فلم يكن للمقتول أولياء من
المسلمين إلا أولياء من أهل الذمة من قرابته، فقال: على الإمام أن يعرض على
قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه، فإن شاء
قتل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يسلم أحد كان الإمام ولي أمره،
فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين لأن جناية
المقتول كانت على الإمام فكذلك يكون ديته لإمام المسلمين، قال: فإن عفا عنه
الإمام، فقال: إنما هو حق جميع المسلمين، وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ
الدية، وليس له أن يعفو (1). وأجاز ابن إدريس للإمام العفو، لأن الإمام ولي
المقتول، فإن رضي هو والقاتل بالدية، فإنها تكون له، لا لبيت مال المسلمين، قال:
لأن الدية عندنا يرثها من يرث المال والتركة، سوى كلالة الام، فإن كلالة الام لا
ترث الدية ولا القصاص ولا القود بغير خلاف، وتركته لو مات كانت لإمام
المسلمين بغير خلاف بيننا، ولأن جنايته على الإمام، لأنه عاقلته. وحمل الرواية
على التقية (2). ونفى عنه البأس في المختلف: قال: لكن العمل بالرواية أولى (3).
(ويرث الدية كل مناسب ومسابب، عدا المتقرب بالأم على رأي)
وفاقا للأكثر، ومنهم الشيخ في النهاية (4) والإيجاز (5) وجنايات الخلاف (6) وابن
إدريس في المواريث (7) وموضع من الجنايات (8). وهو الذي سمعته الآن، وسمعت
أنه نفى الخلاف عنه. والشيخ ادعى الإجماع عليه في الخلاف (9). ويؤيده الأخبار



(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 93 ب 60 من أبواب القصاص في النفس ح 1.
(2) السرائر: ج 3 ص 336.
(3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 298.
(4) النهاية: ج 3 ص 252.
(5) الإيجاز (الرسائل العشر): ص 277.
(6) الخلاف: ج 5 ص 178 المسألة 41.
(7) السرائر: ج 3 ص 274.
(8) السرائر: ج 3 ص 336.
(9) الخلاف: ج 5 ص 178 المسألة 41.
363
كقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الدية يرثها
الورثة إلا الإخوة والأخوات من الام، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا (1). ونحوه في
صحيح سليمان بن خالد (2) وقول الباقر (عليه السلام) في صحيح محمد بن قيس الدية يرثها
الورثة على فرائض المواريث إلا الإخوة من الام فإنهم لا يرثون من الدية
شيئا (3). والظاهر أن حرمان الإخوة والأخوات يقتضي حرمان غيرهم من
الأخوال، وغيرهم بطريق الأولى وأطلق في جراح المبسوط (4) وميراث
الخلاف (5): أنه يرثها جميع الورثة وادعى الإجماع عليه في الخلاف. وهو خيرة
ابن إدريس في موضع من الجنايات عملا بعموم الأدلة، قال: فلا يرجع عن كتاب
الله بأخبار الآحاد لا يوجب علما ولا عملا، وهي أيضا معارضة بأخبار مثلها،
والإجماع فغير منعقد على ما ذكره في نهايته، فإذا لم يكن على المسألة إجماع،
فالتمسك فيها بكتاب الله هو الواجب (6). وزيد في المهذب (7) والإيجاز (8)
وجنايات الخلاف (9) أنه لا يرثها النساء ممن يتقرب بالأب أيضا. وجمع في شرح
الإيجاز بين قولي الشيخ - بمنع النساء المتقربات بالأب وبإرثهن - بالمنع إذا
انفردن والإرث إذا اجتمعن مع الذكور وحكى فيه قول بالعكس (10).
(ولا يرث أحد الزوجين القصاص) اتفاقا (بل إن تراضوا في العمد
على الدية ورثا منها) بالإجماع كما هو الظاهر، والنصوص العامة، والخاصة.
وخبر السكوني: أن عليا (عليه السلام) كان لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا، ولا يورث



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 393 ب 10 من أبواب موانع الإرث ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 393 ب 10 من أبواب موانع الإرث ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 394 ب 10 من أبواب موانع الإرث ح 4.
(4) المبسوط: ج 7 ص 54.
(5) الخلاف: ج 4 ص 114 المسألة 127.
(6) السرائر: ج 3 ص 328.
(7) المهذب: ج 2 ص 163.
(8) الإيجاز (الرسائل العشر): ص 277.
(9) الخلاف: ج 5 ص 178 المسألة 41.
(10) لا يوجد لدينا.
364
الرجل من دية امرأته شيئا، ولا الإخوة من الام من الدية شيئا (1) مع الضعف
محمول على التقية، أو على أن يكون القاتل أحدهما خطأ (وإلا) تراضوا عليها
(فلا) يرثان من جهة القتل شيئا.
(والدية) عندنا (في حكم مال الميت) وإن تجددت بعده (تقضى منها
ديونه وتخرج) منها (وصاياه وإن كان القتل عمدا، لكن إن رضي الورثة
بالدية) في العمد. قال في الخلاف (2) والمبسوط (3): إنه قول عامة الفقهاء إلا أبا
ثور. وعن إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إذا قبلت دية
العمد فصارت مالا، فهي ميراث كسائر الأموال (4) وعن يحيى الأزرق عن
الكاظم (عليه السلام) في رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا فأخذ أهله الدية من قاتله
عليهم أن يقضوا دينه؟ قال: نعم قال: وهو لم يترك شيئا، قال: إنما أخذوا الدية
فعليهم أن يقضوا دينه (5) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: من أوصى
بثلثه ثم قتل خطأ فإن ثلث ديته داخل في وصيته (6). وفي خبر محمد بن قيس:
أنه (عليه السلام) قضى في وصية رجل قتل أنها تنفذ من ماله وديته كما أوصى (7) (وليس
للديان منعهم من القصاص وإن مات فقيرا) وفاقا للمحقق (8) وابن إدريس (9)
لأن القصاص حقهم أصالة والأصل عدم وجوب الرضا بالدية، وبراءة ذممهم من
قضاء الدين، وخلافا للنهاية (10) وجماعة فقالوا: لا يجوز لهم الاقتصاص حتى



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 396 ب 11 من أبواب موانع الإرث ح 4.
(2) الخلاف: ج 4 ص 115 المسألة 128.
(3) المبسوط: ج 4 ص 125.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 397 ب 14 من أبواب موانع الإرث ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 13 ص 112 و ب 31 في أحكام الوصايا ح 1 وج 13 ص 411 ب 24
من أبواب الدين والقرض ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 13 ص 373 ب 14 في أحكام الوصايا ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 13 ص 373 ب 14 في أحكام الوصايا ح 3.
(8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 231.
(9) السرائر: ج 2 ص 52.
(10) النهاية: ج 2 ص 29.
365
يضمنوا الدين للغرماء، لخبر أبي بصير سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقتل وعليه
دين وليس له مال، فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال: إن أصحاب
الدين هم الخصماء للقاتل، فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل فجائز، وإن أرادوا القود
فليس لهم ذلك حتى يضمنوا الدين للغرماء (1). كذا رواه المحقق في النكت، وبه
استدل للشيخ (2) وكذا ابن الربيب (3) والشهيد (4) وأجابوا بالضعف والندرة ومخالفة
الاصول. والذي في التهذيب: أنه سأله (عليه السلام) عن رجل قتل وعليه دين وليس له
مال فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال: إن أصحاب الدين هم
الخصماء للقاتل، فإن وهب أولياؤه دية القاتل ضمنوا الدية للغرماء وإلا فلا (5) وهو
لا يفيد المطلوب وقال أبو منصور الطبرسي: إن بذل القاتل الدية لم يجز للولي
الاقتصاص ما لم يضمن الدين، وإلا كان له (6).
(وهل يلحق شبيه العمد بالعمد) في المنع من الإرث (أو بالخطأ؟
الأقرب الأول) وفاقا لأبي علي (7) لعموم الأخبار المانعة من إرث القاتل خرج
الخطأ بالدليل، وخلافا لسلار (8) واختاره في التحرير (9) والمختلف (10) لأصل
الإرث، خرج العامد بالإجماع، وهو المتبادر من إطلاق القاتل، وقد خص به في
بعض الأخبار، وهو الآثم المتهم، فينبغي أن يعامل بنقيض غرضه. ونص الفضل بن
شاذان على أن من ضرب ابنه غير مسرف يريد تأديبه فقتله ورثه، قال: لأن ذلك
للأب، وهو مأمور بتأديب ولده، لأنه في ذلك بمنزلة الإمام يقيم حدا على رجل



(1) وسائل الشيعة: ج 13 ص 112 ب 24 من أبواب الدين والقرض ح 2.
(2) النهاية: ج 2 ص 29.
(3) كشف الرموز: ج 2 ص 428.
(4) غاية المراد في شرح نكت الإرشاد: ج 4 ص 328.
(5) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 312 ح 861.
(6) مختلف الشيعة: ج 5 ص 382.
(7) مختلف الشيعة: ج 9 ص 64.
(8) المراسم: ص 218.
(9) تحرير الأحكام: ج 2 ص 172 س 9.
(10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 67.
366
فمات فلا دية عليه، ولا يسمى الإمام قاتلا. وإن ضربه ضربا مسرفا لم يرثه الأب،
قال: فإن كان بالابن جرح فبطه الأب فمات الابن من ذلك، فإن هذا ليس بقاتل
وهو يرثه ولا كفارة عليه ولا دية، لأن هذا بمنزلة الأدب والاستصلاح والحاجة
من الولد إلى ذلك وإلى شبهه من المعالجات (1). ونحوه كلام الحسن (2) وقد حكاه
الكليني (3) والصدوق (4) ساكتين عليه.
(والقتل بالسبب مانع) كالمباشرة إن عمدا فكالعمد وإن خطأ فكالخطأ،
للاشتراك في التهمة، والدخول في اسم القاتل، والمساواة للقاتل في التسبيب
لزوال الحياة وإن اختلفا قربا وبعدا. فلو شهد مع جماعة ظلما على مورثه فقتل لم
يرثه كما ينص عليه، وإن كان خطأ ورث من التركة دون الدية. أما لو شهد بحق
فقتل فهو يرثه. وفيه منع شمول القاتل له، مع أن الأصل الإرث. وقال الفضل بن
شاذان: ولو أن رجلا حفر بئرا في غير حقه، أو أخرج كنيفا أو ظلة، فأصاب شيء
منها وارثا فقتله لم يلزمه الكفارة، وكانت الدية على العاقلة وورثه، لأن هذا ليس
بقاتل. ألا ترى أنه لو فعل ذلك في حقه لم يكن قاتلا، ولا وجب في ذلك دية ولا
كفارة. وإخراج ذلك في غير حقه ليس هو قتلا، لأن ذلك بعينه يكون في حقه ولا
يكون قتلا، وإنما الزم العاقلة الدية، احتياطا للدماء، ولئلا يبطل دم امرئ مسلم،
ولئلا يتعدى الناس حقوقهم إلى ما لا حق لهم فيه (5). ونحوه كلام الحسن وحكاه
الكليني (6) والصدوق (7) ساكتين عليه (وكذا قتل الصبي والمجنون والنائم)
مانع للدخول في عموم القاتل، غاية الأمر الدخول في قتل الخطأ، كما في



(1) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 320 ذيل الحديث 5690.
(2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 65.
(3) الكافي: ج 7 ص 142.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 320 ذيل الحديث 5690.
(5) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 320 ذيل الحديث 5690.
(6) الكافي: ج 7 ص 142.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 320.
367
التحرير (1) فيمنع مما يمنع منه. وأطلق الفضل (2) والحسن (3) إرث الأولين إذا قتلا.
وقيل: بمنعهما دون النائم.
(ولو أمره عاقل كبير ببط جراحته أو قطع سلعته) ففعل (فمات
ورثه) الآمر، لضعف السبب، وعدم شمول القاتل له، بخلاف الصبي والمجنون.
(وإذا قتل العادل الباغي ورثه) لأنه قتل بحق، وللعامة فيه خلاف.
(والمشارك في القتل كالقاتل) مستقلا (أما الناظر والممسك ففيهما
إشكال): من انتفاء القتل عنهما حقيقة، ومن إعانتهما عليه فكانا مشاركين له.
(ولو شهد مع جماعة) على مورثه بما يوجب قتله (ظلما فقتل لم يرث)
للتسبيب (وإن كان الحق يثبت بغيره) ممن شهد أو لم يشهد (لو لم يشهد)
لأنه شارك في السبب كما لو اشترك اثنان في مباشرة القتل أو تسبيبه وإن كان لو
انفرد أحدهما كفى في القتل (أما لو شهد بعد الحكم لم يمنع) لانتفاء التسبيب.
(ولو جرح أحد الولدين أباه والآخر امه، ثم ماتا دفعة ولا وارث
سواهما، فلكل منهما مال الذي لم يقتله، والقصاص على صاحبه).
(ولو عفا أحدهما) عن الآخر (فللآخر قتل العافي ويرثه) لأنه قتله بحق.
(ولو بادر أحدهما فقتل أخاه سقط القصاص عنه) إذ لا مطالب به
(وورثه) لأنه قتله بحق، ويحتمل العدم، لأنه تعدى بالمبادرة إلى الاستيفاء.
(ولو قتل أكبر الإخوة) مثلا (الثاني، والثالث الرابع) ولا وارث
لهما سواهما (فميراث الرابع للأكبر) خاصة فيرجع إليه نصف دم نفسه
(وله قتل الثالث، وليس للثالث قتله إلا أن يدفع إليه نصف الدية) ولو بادر



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 172 س 10 - 11.
(2) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 321 ذيل الحديث 5690.
(3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 66.
368
الأكبر فقتل الثالث ورثه. قال في التحرير: ويحتمل أن لا يرثه، لأنه تعدى
باستيفاء حقه أولا (1).
(المطلب الثالث في الرق)
(وهو يمنع) بالاتفاق، والنصوص (2) (من الإرث في الوارث والموروث)
ملكنا الرقيق أو لا، فإنه إن ملك فملكا غير مستقر يزول بزوال ملك المولى عن
رقبته كما إذا باعه، وسواء تشبث بالحرية كالمدبر وام الولد والمكاتب الذي لم
يتحرر منه شيء أو لا، إلا المكاتب الذي مات عن وفاء فقد مر الخلاف فيه.
(فلو مات عبد لم يرثه أحد، لأن ماله لمولاه) ملكا لا إرثا ملكناه أم
لا، كما عرفت.
(ولو انعتق بعضه ورث ورثته الأحرار من ماله بقدر الحرية، وكان
الباقي لمولاه).
(ولو مات حر وخلف وارثا مملوكا لغيره وآخر حرا، فالميراث للحر
وإن بعد كضامن الجريرة، دون الرق وإن قرب كالولد).
(ولو تقرب الحر بالمملوك لم يمنع وإن منع السبب) كما قال
الصادق (عليه السلام) في خبر مهزم في عبد مسلم له ام نصرانية وابن حر فماتت الام: يرثها
ابن ابنها الحر (3).
(ولو أعتق المملوك على ميراث قبل قسمته شارك إن ساواهما،
واختص به إن كان أولى) منهما.
(ولو أعتق بعد القسمة، أو كان الوارث واحدا منع ولم يكن له شيء)



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 172 س 15.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 399 ب 16 من أبواب موانع الإرث.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 401 ب 17 من أبواب موانع الإرث ح 1.
369
كما تقدم في الكافر إذا أسلم. وظاهر المبسوط (1) والإيجاز (2): أنه إن أعتق
قبل حيازة الواحد ورث. ونص في الوسيلة (3) والإصباح (4) على الإرث إذا أعتق
قبل النقل إلى بيت المال (والإشكال لو أعتق بعد قسمة البعض كما تقدم)
في الكافر.
(ولو لم يكن وارث سوى المملوك لم يعط) التركة (الإمام، بل
اشتري المملوك من التركة) إن وقت (واعتق، وأعطي بقية المال) على
الخلاف الآتي في غير الأبوين (ويقهر مالكه على بيعه) إن امتنع كما روى عن
عبد الله بن طلحة أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل مات وترك مالا كثيرا وترك اما
مملوكة وأختا مملوكة، قال: تشتريان من مال الميت ثم يعتقان ويورثان، قال:
أرأيت إن أبى أهل الجارية كيف يصنع؟ قال: ليس لهم ذلك تقومان قيمة عدل
ويعطى مالهم على قدر القيمة (5). قال الفضل: فإن قال قائل: فإن أبى مولى المملوك
أن يبيعه وامتنع من ذلك أيجبر عليه؟ قيل: نعم، لأنه ليس له أن يمتنع، وهذا حكم
لازم لأنه يرد عليه قيمته تاما ولا ينقص منه شيئا. وفي امتناعه فساد المال
وتعطيله وهو منهي عن الفساد. قال: فإن قال، فإنها كانت ام ولد لرجل فيكره
الرجل أن يفارقها وأحبها وخشي أن لا يصبر عنها وخاف الغيرة أن يصير إلى
غيره هل يؤخذ منه ويفرق بينه وبينها وبين ولده منها؟ قلنا فالحكم بوجوب
تحريرها فإن خشي الرجل ما ذكرت وأحب أن لا يفارقها، فله أن يعتقها ويجعل
مهرها عتقها حتى لا تخرج من ملكه ثم يدفع إليها ما ورثت (6) (ويتولى الشراء
والعتق الإمام) أو نائبه، أما إذا افتقر إلى القهر فظاهر فإنه من شأن الحاكم، وأما



(1) المبسوط: ج 4 ص 79.
(2) الإيجاز (الرسائل العشر): ص 274.
(3) الوسيلة: ص 397.
(4) إصباح الشيعة: ص 370.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 405 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 5.
(6) نقله عنه في الكافي: ج 7 ص 148.
370
بدونه فلأن على الحاكم أن يجوز تركات الموتى وأموال الغيب ونحو ذلك،
ويحفظها حتى يصرفها في مصارفها. ولابد في الشراء من الاحتياط لئلا يزيد
الثمن عن القيمة، ولا يعلم صحة العتق من غير المالك إذا أوقعه غير الحاكم، وإن
تعذر الحاكم تولى ذلك حتى القهر على البيع عدول المؤمنين صونا للمال عن
الضياع وتغليبا للحرية.
(ولا يكفي الشراء عن العتق) وفاقا لنصوص الأكثر، للأصل، والأخبار.
وقد يحتمل الكفاية، لإطلاق بعض الأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في حسن ابن
سنان: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرجل يموت، وله ام مملوكة، وله مال: أن
تشترى امه من ماله، ويدفع إليها بقية المال إذا لم يكن له قرابة له سهم في كتاب
الله (1). وهو من الضعف بمكان.
(ويدفع إلى مالكه القيمة لا أزيد، وإن طلب الزيادة لم يجب) إليها،
للأصل، بل لا يجوز بدون رضا المملوك. وهل يكفي المعاطاة أم لابد من العقد؟
وجهان، من التردد في انصراف الشراء الواقع في النصوص إلى العقد.
(و) لكن (لو امتنع من البيع دفع إليه القيمة وكان) ذلك (كافيا في
الشراء وأخذ منه قهرا) مع احتمال اشتراط العقد خصوصا إذا تولاه الحاكم.
ولو وفى المال بالثمن خاصة اشتري واعتق.
(ولو قصر المال عن الثمن كانت التركة للإمام) وفاقا للمشهور، قصرا
لخلاف الأصل على اليقين، فإن الأخبار إنما تضمنت الشراء وإعطاء (2) الباقي،
وصونا للمملوك عن التشطير المضر بمالكه. وفي النهاية (3) والجواهر (4): أنها لبيت
مال المسلمين (وقيل) في الكافي عن الفضل: (يفك) بعضه (بما وجد



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 405 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 6.
(2) في ق ون: إعتاق.
(3) النهاية: ج 3 ص 241.
(4) جواهر الفقه: ص 168 المسألة 596.
371
ويسعى في الباقي) إن شاء المولى، وإن شاء أخدم بالحساب (1). إلا أنه لم يذكر
ذلك إلا في الجارية، والظاهر مساواة العبد لها. قال، فإن قال: فإن كان قيمتها
عشرة آلاف درهم وورثت عشرة دراهم أو درهما واحدا أو أقل من ذلك؟ قيل
له: لا يبلغ قيمة المملوكة أكثر من خمسة آلاف درهم الذي هو دية الحرة المسلمة،
إن كان ما ورثت جزء من ثلاثين جزء من قيمتها أو أكثر من ذلك أعتق منها بمقدار
ذلك، وأن كان أقل من جزء من ثلاثين جزء لم يعبأ بذلك ولم يعتق منها شيء، فإن
كان جزء وكسرا أو جزئين وكسرا لم يعبأ بالكسر، كما أن الزكاة تجب في
المائتين، ثم لا يجب حتى يبلغ مائتين وأربعين، ثم لا يجب ما بين الأربعينات
شيء كذلك هذا، قال، فإن قال: لم جعل ذلك جزء من ثلاثين جزء دون أن يجعل
جزء من عشرة أو جزء من ستين أو أقل أو أكثر؟ قيل: إن الله عز وجل يقول في
كتابه: " ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس " هي الشهور. فجعل
المواقيت هي الشهور وأتم الشهور ثلاثين يوما وكان الذي يجب لها من الرق
والعتق من طريق المواقيت التي وقتها الله للناس. قال، فإن قال: ما قولك فيمن
أوصى لرجل بجزء من ماله ثم مات ولم يبين هل يجعل له جزء من ثلاثين جزء
من ماله كما فعلته للمعتق؟ قيل: لا، ولكنه يجعل جزء من عشرة من ماله، لأن هذا
ليس هو من طريق المواقيت، وإنما هو من طريق العدد، فلما أن كان أصل العدد
كله الذي لا تكرار فيه ولا نقصان فيه عشرة فأخذنا الأجزاء من ذلك، لأن ما زاد
على عشرة فهو تكرار لأنك تقول: أحد عشر، واثنا عشر، وثلاثة عشر، وهذا
تكرار الحساب الأول، وما نقص من عشرة فهو نقصان عن حد كمال أصل
الحساب وعن تمام العدد، فجعلنا لهذا الموصى له جزء من عشرة إذا كان ذلك من
طريق العدد، وهكذا روينا عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن له جزء من عشرة وجعلنا
للمعتق جزء من ثلاثين، لأنه من طريق المواقيت، وهكذا جعل الله المواقيت



(1) الكافي: ج 7 ص 148.
372
للناس الشهور، انتهى (1). وحكى الأصحاب قولا بفك ما يفي به التركة والسعي في
الباقي مطلقا. ونفى القاضي عنه البأس في الجواهر (2). ولم يستبعده في
المختلف (3) قال: لأن عتق الجزء يشارك عتق الجميع في الامور المطلوبة شرعا
فيساويه في الحكم. ويؤيده: أن الميسور لا يسقط بالمعسور، وقوله (عليه السلام): إذا
أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (4).
(ولو تعدد الوارث الرقيق وقصر نصيب كل واحد منهم أو نصيب
بعضهم عن قيمته لم يفك) على المشهور من عدم الفك إذا لم تف التركة بثمن
الرقيق، فإن شراء البعض بنصيبه مع نصيب آخر ترجيح بلا مرجح، ولا يتصور
شراء بعض لا بعينه (وكان المال للإمام) في الأول (و) في الثاني (هل يفك
من ينهض نصيبه بقيمته لكثرته) أي النصيب (أو لقلة قيمته؟ فيه إشكال):
من التردد في تنزل الجميع منزلة وارث واحد وتبعيضهم منزلة تبعيضه والأظهر
العدم وفاقا لسلار (5) لصدق الوارث على كل وتضرر المولى بتبعيض الواحد دون
المتعدد، وأيضا من التردد في تقدير الأنصباء المتفرعة على الإرث المتفرع على
العتق، فلا يقطع به قبله مع التساوي في الموجب للإرث، وإن لم يقدر تساوي من
يفي نصيبه بقيمته ومن لا يفي، فإذا لم تف التركة بشراء الجميع لم يشتر أحد منهم،
للزوم الترجيح من غير مرجح. وسلار يوجب شراء البعض إذا وفت التركة (6) به
ويندفع عنه الترجيح من غير مرجح بالقرعة والمشهور خلافه ونفى عنه الخلاف
في السرائر (7) (فإن أوجبناه) أي فك من يفي نصيبه لم يكن للإمام من التركة
شيء بل (ورث) هو (باقي المال) فرضا وردا، كما إذا انحصر فيه الوارث إلا



(1) الكافي: ج 7 ص 148.
(2) جواهر الفقه: ص 167 المسألة 595.
(3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 63.
(4) مجمع البيان: ج 3 ص 250.
(5) المراسم: ص 219.
(6) المراسم: ص 219.
(7) السرائر: ج 3 ص 272.
373
أن يكون أحد الزوجين ولم نقل بالرد، هذا كله إن لم تف التركة بشراء الجميع كما
لا يفي نصيب كل أو بعض بشرائه.
(ولو وفت التركة بشرائهما) أي الوارثين فصاعدا (أجمع اشتريا،
سواء كان نصيب أحدهما قاصرا عن ثمنه أو لا) لصدق وفاء التركة بقيمة
الوارث، نزلنا الجميع منزلة واحد أو لا (ومنه ينشأ الإشكال السابق) لإعطائه
عدم اعتبار التقدير.
(ولو كان أحدهما أولى وقصرت) التركة (عن قيمة القريب دون
البعيد) ولم نقل بتبعيض الفك (ففي شرائه) أي البعيد (إشكال): من حجب
القريب له عن الإرث، ومن تنزله للرق منزلة المعدوم.
(ولو كان الوارث رقا له ولم يخلف سواه عتق) بنفسه، أو بإعتاق
الحاكم، أو عدل من المؤمنين (وورث باقي المال) لأنه وإن خرج عن
المنصوص إلا أنه يعلم منه حكمه بطريق الأولى.
(ولو خلف) معه (غيره فإن كان المملوك ممن ينعتق عليه عتق)
لأنه ملك بالإرث (ولم يشاركه في باقي التركة إلا أن يتعدد الحر) فيشارك
أو يختص به، لأنه عتق حينئذ قبل القسمة (وإن لم يكن ممن ينعتق) عليه (لم
ينعتق وورثه الحر وإن بعد كأخ مملوك مع ضامن جريرة).
(ولا خلاف في فك الأبوين، والأقرب في الأولاد ذلك) وفاقا للأكثر،
لقول الصادق (عليه السلام) لجميل في الصحيح: يشتري ابنه من ماله، فيعتق ويورث ما
بقي (1). وفي خبر سليمان بن خالد: يشتري الابن، ويعتق ويورث ما بقي من
المال (2) وفي صحيح ابن عبد ربه في ولد ام ولد تزوجت فمات الزوج وترك مالا



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 405 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 407 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 10.
374
وليس له وارث إلا ولده منها، اشترى منه فأعتق وورث (1). وخبر إسحاق: أنه
مات مولى لعلي (عليه السلام)، فقال: انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل له: ابنتان باليمامة
فاشتراهما من مال الميت، ثم دفع إليهما بقية الميراث (2). وفيه جواز التبرع
منه (عليه السلام) وحكى عليه الإجماع في السرائر (3) وخلافا لسلار (4) (وكذا باقي
الأقارب) وفاقا للشيخ (5) وجماعة (على إشكال): مما مر من خبر عبد الله بن
طلحة عن الصادق (عليه السلام) في الأخت (6) وقوله (عليه السلام) في مرسل ابن بكير: إذا مات
الرجل وترك أباه وهو مملوك، أو امه وهي مملوكة، أو أخاه أو اخته وترك مالا
والميت حر، اشتري مما ترك أبوه أو قرابته وورث ما بقي من المال (7). ومن
ضعفهما مع الأصل، وهو خيرة المفيد (8) والمحقق (9) وبني حمزة (10) وإدريس (11)
وداود (12) والربيب (13) إلا أن ابن حمزة ذكر إرثهم رواية (14) (وقيل) في النهاية:
(الزوجان كالأقارب) (15) لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح سليمان بن خالد: كان
علي (عليه السلام) إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورثها (16).
قال الشهيد: ويلزم عليها فك الزوج بطريق الأولى (17). وليس نصا في الباب لجواز
التبرع منه (عليه السلام).



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 407 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 12.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 406 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 8.
(3) السرائر: ج 3 ص 273.
(4) المراسم: ص 219.
(5) النهاية: ج 3 ص 241.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 405 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 407 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 9.
(8) المقنعة: ص 695.
(9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 15.
(10) الوسيلة: ص 396.
(11) السرائر: ج 3 ص 272.
(12) لا يوجد لدينا كتابه.
(13) كشف الرموز: ج 2 ص 431.
(14) الوسيلة: ص 397.
(15) النهاية: ج 3 ص 241.
(16) وسائل الشيعة: ج 17 ص 406 ب 20 من أبواب موانع الإرث ح 7.
(17) الدروس الشرعية: ج 2 ص 343 درس 182.
375
(فلو خلف زوجة فقصر الربع عن قيمتها وتفي التركة به ففي
الشراء) كلا أو بعضا (إشكال): من الخلاف في الرد عليها، وأيضا من التردد
في اعتبار وفاء النصيب أو جميع التركة وعلى تقدير اعتبار النصيب وعدم الرد من
الخلاف المتقدم في تبعيض الشراء.
(وام الولد تنعتق من نصيب ولدها) فإن قصر النصيب عن قيمتها
استسعيت في الباقي (ولا ترث) من مولاها شيئا وإن كانت ذات قرابة منه
لوجود الولد.
(وكذا المدبر لا يرث من مدبره مع وحدة الوارث) وإن كان قريبا، لأنه
لا قسمة للتركة ليقال: إنه انعتق قبلها. وأما مع التعدد وكونه في طبقتهم أو أولى
منهم فيشاركهم أو يختص بالتركة (ولا المكاتب المشروط، والمطلق الذي لم
يؤد شيئا) اتحد الوارث أو تعدد، إلا أن يكون مملوكا لغير المورث وأدى قبل
القسمة، أو انعتق قبلها بغير ذلك، أو انحصر فيه الوارث.
(ولو خلف ولدا نصفه حر وأخا) مثلا (فالمال بينهما نصفان) فإن
الولد لا يرث إلا بنسبة الحرية.
(ولو انعتق ثلثه فله ثلث المال، وهكذا لا يمنع) القريب (بجزئه الحر
من بعد على إشكال): من عموم النصوص (1) الناطقة بالإرث بحساب الحرية
فالقريب المبعض في نصيب جزئه الرق كالمعدوم، ومن عموم ما دل على حجب
القريب البعيد.
(فروع) اثنا عشر:
(الأول: إن كان المعتق بعضه ذا فرض اعطي بقدر ما فيه من الحرية



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 374 ب 1 من أبواب موانع الإرث.
376
من فرضه. وإن كان يرث بالقرابة نظر ماله) من الميراث (مع الحرية
الكاملة فاعطي) من كله (بقدر ما فيه منها).
(ولو تعدد من يرث بالقرابة) ورث بالفرض أيضا أم لا (كإبنين نصفهما
حر احتمل أن تكمل الحرية فيهما، بأن تضم الحرية من أحدهما إلى ما
في الآخر منها، فإن كمل منهما) حر (واحد) كأن كان النصف من كل منهما
حرا أو كان الثلث من أحدهما والثلثان من الآخر وهكذا (ورثا جميعا ميراث
ابن حر) فإن جامعهما أخ حر لم يرث شيئا لأن الابن الواحد مع الأخ يحوز
جميع المال بالقرابة (لأن نصفي شيء) مثلا (شيء كامل) فكل منهما لما
كان يرث بقدر حريته فكانا يرثان نصفي التركة كانا كحر كامل يرث كل التركة
(ثم يقسم ما ورثاه بينهما على قدر ما في كل واحد منهما) من الحرية.
(فإن كان ثلثا أحدهما حرا وثلث الآخر حرا كان ما ورثاه بينهما أثلاثا).
(وإن نقص) مجموع (ما فيهما عن حر كامل ورثا بقدر ما فيهما من
الحرية) ويكون الباقي في المثال للأخ على الإشكال المتقدم. (ويحتمل عدم
التكميل، وإلا لم يظهر للرق أثر، وكانا في ميراثهما كالحرين) إذا كمل بما
فيهما حر ولم يحجبهما الرق عن شيء، ففي المثال الأول إنما يرث كل منهما ربع
التركة ويكون الباقي للأخ على الإشكال.
(ولو كان أحدهما يحجب الآخر) كابن وأخ (فالأقرب عدم التكميل
فيه) وإن لم يحجب المبعض الأبعد (لأن الشيء لا يكمل بما يسقطه، ولا
يجمع بينه وبين ما ينافيه) فلو اجتمع ابن وأخ نصف كل منهما حر وعم كله حر
لم يحجب العم، بل يرث الابن النصف، لأنه نصف ما كان يحوزه لو كان كله حرا
والأخ الربع، لأنه لو كان كله حرا حاز الباقي وهو النصف، والباقي وهو الربع للعم.
ويحتمل التكميل لاشتراكهما في القرب والأولوية من العم، ومنع التنافي بينهما

377
فإنهما إنما يتنافيان لو كانا بكمالهما حرين لفرض عدم حجب المبعض الأبعد ففي
المثال يكون المال كله للابن والأخ يقسم بينهما أثلاثا، فإن الأخ لو كان حرا
لورث نصف ما يرثه الابن لو كان حرا فكذا الابن يرث نصف ما يرثه الآن.
(الثاني: ابن نصفه حر وآخر كذلك لهما المال على الأول) أي
التكميل (والنصف على الثاني، والباقي لغيرهما وإن بعد على إشكال) تقدم.
(ويحتمل أن يكون لكل واحد) منهما (ثلاثة أثمان المال) على
تنزيل الأحوال (لأنهما لو كانا حرين لكان لكل نصف) المال.
(ولو كانا رقيقين منعا).
(ولو كان الأكبر حرا فالمال له، ولو كان الأصغر حرا فالمال له،
فلكل منهما في أربعة الأحوال مال ونصف) وهذه الحالة التي له الآن ربع
الأحوال (فله ربع ذلك).
(ولو كان معهما ابن ثالث ثلثه حر فعلى الأول يقسم المال بينهم على
ثمانية) فإنه يكمل حرية ابن وزيادة ثلث، ثم النصف ثلاثة أسداس والثلث
سدسان، وذلك ثمانية لمن ثلثه حر جزءان والباقي بين الآخرين نصفين. (وعلى
الثاني يقسم النصف على الثمانية) لأن حرية كل منهم لا تزيد على النصف
ويدخل الأقل في الأكثر، فلهم النصف يقسم بينهم على حسب الحرية، فلكل ممن
نصفه حر ثلاثة من ستة عشر، وللآخر جزءان.
(ويحتمل قسمة الثلث أثلاثا) لاشتراكهم في حرية الثلث (و) قسمة
(السدس) الزائد على الثلث فيمن نصفه حر (بين صاحبي النصف نصفين)
فتصح من ستة وثلاثين، لكل ممن نصفه حر سبعة، وللآخر أربعة، ويبقى ثمانية عشر.
(وعلى تنزيل الأحوال يحتمل) أي هنا احتمال آخر مبني على التنزيل
وهو (أن يكون لكل واحد ممن نصفه حر سدس المال وثمنه، ولمن ثلثه
حر ثلثا ذلك وهو تسع المال ونصف سدسه، لأن لكل واحد المال في

378
حال) حريته الكاملة (ونصفه في حالين) هما حريته مع كل من الباقيين على
البدل (وثلثه في حال) حرية الكل (فيكون له مالان وثلث في ثمانية
أحوال) أربعة منها ما ذكر، والخامس رقبة كل منهم، والسادس والسابع رق كل
مع رق كل من الباقيين على البدل، والثامن رق الكل وتنزيل الأحوال بالنسبة إلى
الجميع إن تساووا في مقدار الحرية، وإلا فبالنسبة إلى أكثرهم حرية، وإلا لزم
التسوية بين الأكثر حرية والأقل، والأكثر حرية هنا من نصفه حر. (فيعطيه ثمن
ذلك وهو سدس وثمن، ويعطى من ثلثه حر ثلثيه، وهو تسع ونصف
سدس) فأصل المال أربعة وعشرون، ليكون له سدس وثمن، ولابد أن يكون
لسدسه وثمنه ثلث، فضربنا فيه الثلاثة، حصل اثنان وسبعون، فلمن نصفه حر سدس
ذلك، وهو اثنا عشر وثمنه وهو تسعة، ولمن ثلثه حر ثلثاهما وهو أربعة عشر.
(الثالث: ابن حر وآخر نصفه حر، فعلى الأول للحر ثلثاه وللآخر
ثلثه) فإن مقتضى التكميل أن يقسم المال على نسبة ما فيهما من الحرية (وعلى
الثاني النصف بينهما بالسوية وللحر الباقي، فيكون له ثلاثة أرباع وللآخر
الربع) فإن قضية عدم التكميل أن يلحظ ما اشتركا فيه من الحرية وهو الأقل،
فيؤخذ من المال بقدره ويقسم عليهما بالسوية ويخص الزائد بالزائد.
(ولو نزلتهما بالأحوال فالأمر كذلك، لأن للحر المال في حال) رقية
الآخر بتمامه (ونصف في حال) حريته (فله نصفهما وهو ثلاثة أرباع،
وللآخر نصفه في حال) حريته، وليس له شيء في حال رقيته، فليس له في
الحالين إلا النصف (فله نصف ذلك وهو الربع).
(ولو) ترافعا إليك و (خاطبتهما لقلت للحر) كان (لك المال لو كان
أخوك رقا، ونصفه لو كان حرا، فقد) كان (حجبك بحريته) الكاملة (عن
النصف، فنصفها) أي الحرية (يحجبك عن الربع، يبقى لك ثلاثة أرباع.
ويقال للآخر) كان (لك النصف لو كنت حرا، فإذا كان نصفك حرا فلك الربع).

379
(الرابع: ابن ثلثاه حر وآخر ثلثه حر، فعلى الأول المال بينهما أثلاثا،
وعلى الثاني الثلث بينهما) نصفين لاشتراكهما فيه (وللأول ثلث) آخر
(فيكون له النصف وللآخر السدس. ويحتمل أن يكون الثلثان بينهما
أثلاثا) فإن من ثلثاه حر حجب بما فيه من الرق عن الثلث، ولما كان له أخ لم
يكن بد من قسمة الثلثين بينهما على نسبة ما فيهما من الحرية، فيكون لمن ثلثاه
حر أربعة أتساع المال وللآخر تسعاه (وبالخطاب يقال لمن ثلثاه حر: لو
كنت وحدك) وكنت (حرا لكان لك المال، ولو كنتما حرين كان لك
النصف، فقد) كان (حجبك) أخوك (بحريته) الكاملة (عن النصف،
فثلثها) أي حريته (يحجبك عن السدس) لأن الوارث المساوي في الطبقة
يحجب مساويه عن نصيبه، والنصف يتجزأ بقدر الحرية إذا لم تكن كاملة (يبقى
لك خمسة أسداس، لو كنت حرا فلك بثلثي حريته) ثلثا خمسة أسداس
وهما (خمسة أتساع) عشرة من ثمانية عشر (ويقال للآخر: يحجبك
أخوك بثلثي حريته عن ثلثي النصف وهو الثلث، يبقى لك الثلثان) لو كنت
حرا (و) لكن (لك) الآن (بثلث حرية ثلث ذلك وهو التسعان) أربعة من
الثمانية عشر (ويبقى التسعان لباقي الأقارب) على ما مر من الإشكال (أو
لبيت المال مع عدمهم) أو عدم إرثهم.
(الخامس: ابن حر وبنت نصفها حر، للابن خمسة أسداس المال،
وللبنت سدسه في الخطاب والتنزيل معا) إذ يقال في الخطاب للابن: لو كانت
البنت حرة حجبتك عن ثلث المال فتحجبك بنصف حرية عن السدس، وللبنت: لو
كنت حرة كان لك الثلث فلك بنصف الحرية السدس، وعلى التنزيل لهما حالتان
حريتهما فله الثلثان، ورقيتهما فله المال وثلثان في حالين فله نصف ذلك خمسة
أسداس، وأصل المال ستة، ولها على الحرية ثلث ولا شيء لها على الرقية، فلها
في الحالين ثلث فلها نصفه (وعلى تقدير جمع الحرية) يكونان بمنزلة ابن حر

380
وربعه فالأصل خمسة، و (يلزم أن يكون له أربعة أخماس ولها الخمس).
(ولو كانت البنت حرة والابن نصفه حر، فعلى جمع الحرية) هما
بمنزلة بنتين و (المال بينهما نصفان، وعلى تقدير الخطاب يكون لها
الثلثان) إذ لو كان أخوها حرا حجبها عن الثلثين فبالنصف يحجبها عن ثلث
(وله الثلث، وكذا على التنزيل) لأن له إن كانا حرين الثلثين ولا شيء له، إن
كان رقا فله نصف الثلثين، ولها الثلث إن كان أخوها حرا، والكل إن كان رقا،
والمجموع أربعة أثلاث فلها نصفها.
(السادس: ابن وبنت نصفهما حر فعلى جمع الحرية لهما ثلاثة أرباع
بينهما أثلاثا) لأنهما معا بمنزلة ثلاثة أرباع ابن حر، وعلى الثاني له الثلث ولها
السدس لأنهما لو كانا حرين لكان المال بينهما أثلاثا، فلهما الآن نصف نصيبهما
(وعلى تنزيل الأحوال) نقول: (لو كان حرين كان له الثلثان. ولو كان
وحده حرا كان له المال).
(ولو كانا رقيقين أو كان رقا لم يكن له شيء، فله المال في حال من
الأربعة وثلثاه في حال اخرى منها، فله ربع ذلك ربع وسدس) عشرة من
أربعة وعشرين (وللبنت نصف ذلك ثمن ونصف سدس، والباقي للأقارب)
أو بيت المال وعلى المخاطبة تقول له: لو كانت أختك حرة حجبتك عن الثلث
فالآن تحجبك عن السدس فلك خمسة أسداس، لو كنت حرا فلك الآن نصفها
عشرة من أربعة وعشرين. ويقول لها: لو كان أخوك حرا حجبك عن الثلثين،
فالآن يحجبك عن الثلث فلك الثلثان. لو كنت حرة والآن لك الثلث ثمانية من
أربعة وعشرين. ورد عليه بأن تساويهما في الحرية يقتضي كون البنت على
النصف من الابن في الإرث، فطريق الخطاب إنما يجري إذا وافق قضية الإرث.
وربما يمنع كون البنت على النصف، إلا إذا حاز الابن الباقي وهنا ليس كذلك. وهو
ضعيف، لعموم النصوص بالتنصيف.

381
(ولو كان معهما ام وزوجة حرتان كملت الحرية فيهما بالنسبة إلى
الزوجة فحجباها) عن الربع (إلى الثمن، لأن كل واحد منهما لو انفرد
لحجب نصف الحجب) لرق نصفه بلا تفاوت بين الذكر والأنثى (و) يلزم من
التكميل مع ذلك أنهما (إذا اجتمعا اجتمع الحجب).
(أما الام فإنها محجوبة بالنسبة إلى الابن لو كان حرا عن الثلث إلى
السدس، وبالنسبة إلى البنت لو كانت حرة عن الثلث إلى الربع) لرد
الفاضل عن فرضيهما عليهما أرباعا، ولعدم زيادة الحجب بها لم يعتبر جمعهما
بالنسبة إلى الام، بل دخل حجبها في حجب الابن (فيحجبانها عن نصف
ذلك) أي نصف السدس فلها سدس ونصف ستة من أربعة وعشرين وثلثه منها
للزوجة، والباقي بين الولدين للذكر مثل حظ الانثيين، فللابن عشرة وللبنت
خمسة. كذا في الإيضاح (1) وفيه، أنه حينئذ لم يتكمل الحريتان وإنما يتكملان
باعتبار حجبهما عن نصف ما كانا يحجبانها جميعا عنه فليحمل عليه ذلك وهو
السدس ونصفه، فلها خمسة من أربعة وعشرين.
(وعلى التنزيل للأم السدس في حالين) هما حرية الولدين وحرية
الابن خاصة، وتصح من اثنين وسبعين، لأن أصل المسألة أربعة وعشرون، ولابد
للباقي بعد نصيبي الزوجة والأم من ثلث، والباقي هنا سبعة عشر ولا ثلث لها،
فيضرب الأصل في الثلاثة (وربع سبعة أثمان في حال) حرية البنت خاصة،
فإن الثمن للزوجة والباقي يقسم على الام والبنت أرباعا، وتصح من اثنين
وثلاثين، لأنا نطلب مالا له ثمن ولباقيه ربع (وثلاثة أرباع في حال) رقيتهما
(فلها ربع ذلك) وتصح من ألف ومائة واثنين وخمسين نضرب اثنين وسبعين
أو اثنين وثلاثين أحدهما في وفق الآخر، وبينهما توافق بالثمن يبلغ مائتين



(1) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 197.
382
وثمانية وثمانين، ثم ضرب الحاصل في الأحوال الأربعة يبلغ ما ذكر، وأما الأربعة
والعشرون فهي داخلة في الاثنين وسبعين، والأربعة التي في حال رقية الولدين
تدخل فيها وفي الاثنين والثلاثين (وللمرأة الثمن في ثلاثة أحوال) هي غير
رقية الولدين (والربع في حال) رقيتهما (فلها ربع ذلك. وللابن الباقي) بعد
نصيبي الزوجة والأم (في حال) حريته وحده (وثلثاه في حال) حريته مع
البنت (فله ربعهما) وليس له شيء في الحالين الباقيتين (وللبنت ثلث الباقي
في حال) حريتها مع الابن (وثلاثة أرباع سبعة أثمان في حال) حريتها
وحدها ولا شيء لها في الباقيتين (فلها الربع) لما لها في الأولتين فللام
ثلاثمائة وأربعة وثمانون في حالين وهي السدسان من ألف ومائة واثنين
وخمسين، ومائتان واثنان وخمسون في حال وهي ربع سبعة أثمان، وثمانمائة
وأربعة وستون في حال وهي ثلاثة أرباع المال، والمجموع ألف وخمسمائة، فلها
ربعها ثلاثمائة وخمسة وسبعون، وللزوجة أربعمائة واثنان وثلاثون في ثلاث
حالات وهي ثلاثة أثمان المال، ومائتان وثمانية وثمانون في حال وهي ربعه،
والمجموع سبعمائة وعشرون، فلها ربعها مائة وثمانون، وللابن في حال الباقي بعد
إخراج الثمن وهو مائة وأربعة وأربعون، والسدس وهو مائة واثنان وتسعون،
والباقي ثمانمائة وستة عشر، وله في حالة اخرى خمسمائة وأربعة وأربعون ثلثا
ما كان له في الحالة الاولى، والمجموع ألف وثلاثمائة وستون فله ربعها ثلاثمائة
وأربعون، وللبنت في حال مائتان واثنان وسبعون، وهي ثلث الباقي بعد الثمن
والسدس، ولها في حال اخرى سبعمائة وستة وخمسون، وهي ثلاثة أرباع سبعة
أثمان، والمجموع ألف وثمانية وعشرون، فلها ربعها مائتان وسبعة وخمسون.
(السابع: ابن وأبوان نصف كل واحد منهم حر) فعلى التنزيل نقول:
الأحوال ثمان (فعلى تقدير حرية الجميع للابن الثلثان، وعلى تقدير
حريته) أي الابن (خاصة له المال) أجمع (وعلى تقدير حريته مع حرية

383
أحدهما له خمسة أسداس) ولا شيء له في الباقيات لرقه فيهن (فإذا جمع)
ماله في الأحوال الأربعة (يكون ثلاثة أموال وثلثا فله ثمنها وهو ربع
وسدس) عشرة من أربعة وعشرين (وللأب المال في حال) حريته خاصة
(وثلثاه في حال) حرية الأبوين خاصة (وسدسه في حالين) هما حريته
مع الابن وحرية الكل (فله) مالان في ثمانية أحوال وله (ثمن ذلك) وهو
(ربع) المال (وللأم الثلث في حال) حرية الأبوين خاصة (والمال في
حال) حريتها خاصة (والسدس في حالين فلها ثمن ذلك) وهو ثمن
الأربعة وعشرين وهو ثلاثة ونصف سدسه وهو اثنان، فلها خمسة (والباقي)
وهو ثلاثة (للأقارب).
(وإن عملتها) أي المسألة (بالبسط قلت: إن قدرناهم أحرارا فهي)
أي المسألة (من ستة) لأن لكل من الأبوين السدس والباقي للابن (وإن قدرنا
الابن وحده حرا فهي من سهم، وكذا) إن قدرنا (الأب) وحده حرا (وكذا
الام، وإن قدرنا الابن مع الأب) وحده (أو مع الام) وحدها (فهي) أيضا
(من ستة. وإن قدرنا الأبوين) وحدهما حرين (فهي من ثلاثة) لأن المال
لهما أثلاثا (وإن قدرناهم رقيقا فالمال للأقارب).
(وجميع المسائل تدخل في ستة تضربها في الأحوال الثمانية تصير
ثمانية وأربعين: للابن المال في حال) انفراده بالحرية وهو (ستة) أصل
المسألة (وثلثاه في حال) حرية الكل وهي (أربعة، وخمسة أسداسه في)
كل من (حالين) هما اجتماع حريته مع حرية أحد الأبوين فله فيهما (عشرة،
فذلك عشرون. وللأب المال في حال) تفرده بالحرية (ستة، وثلثاه في
حال) تفرد الأبوين بالحرية (أربعة، وسدساه في) مجموع (حالين اثنان)
في كل حال سدس وهما حرية الكل وحريته مع الابن (وذلك اثنا عشر. وللأم
المال في حال) انفرادها بالحرية (ستة والثلث في حال) حرية الأبوين

384
خاصة (اثنان والسدس في) مجموع (حالين اثنان وذلك عشرة) ولما
ضربنا المسألة في الأحوال الثمانية لم يكن لنا أن نأخذ ثمن ما للوارث فيها بل
نجمع الجميع فنعطي الابن عشرين من ثمانية وأربعين والأب إثنى عشر والأم
عشرة (والباقي) وهو ستة (للورثة) غيرهم.
(ولو كان ثلث كل واحد منهم حرا زدت على الستة نصفها) ليحصل
عدد يكون نصف الستة ثلثه لأن نصيبه الآن ثلثا ما كان نصيبه (تصير تسعة،
وتضربها في ثمانية يكون اثنين وسبعين، للابن عشرون من اثنين وسبعين،
وهي السدس والتسع) كما كانت في السابقة ربعا وسدسا، فكما أن المخرج في
هذه المسألة مثل مخرج السابقة ونصفه كذا الكسر في السابقة مثل الكسر في
المسألة ونصفه (وللأب اثنا عشر) من اثنين وسبعين (وهي السدس) كما
كانت في السابقة ربعا (وللأم عشرة منها وهي تسع وربع تسع) كما كانت في
السابقة سدسا وربع سدس (ولا يتغير سهامهم) عما كانت في السابقة (وإنما
تصير مقسومة على اثنين وسبعين) والباقي وهو ثلاثون للأقارب.
(ولو كان ربع كل واحد منهم حرا زدت على الستة مثلها) ليحصل
عدد يكون نصف الستة ربعه، لأن نصيبه الآن نصف ما كان نصيبه تصير اثني عشر
تضرب في الثمانية تصير ستة وتسعين، للابن عشرون منها ثمنها ونصف سدسها،
وللأب إثنا عشر ثمنها، وللأم عشرة نصف سدسها وثمن سدسها، والباقي وهو
أربعة وخمسون للأقارب.
(الثامن: ابن نصفه حر وام حرة، للأم على تقدير حرية الولد
السدس) اثنان من اثني عشر (وعلى تقدير رقيته المال، فلها نصف ذلك)
سبعة (وهو نصف) اثني عشر (ونصف سدس، وللابن تارة خمسة
أسداس) عشرة من اثني عشر (وتارة يمنع، فله نصف خمسة أسداس)
خمسة (وهو ثلث) اثني عشر (ونصف سدس).

385
(ولو كان بدل الام أختا حرة) وقلنا بأن القريب المبعض لا يحجب
البعيد إلا بقدر الحرية (فالمال بينهما نصفان) فإن الابن لو كان حرا لورث
المال أجمع، فالآن يرث نصفه والنصف الآخر للأخت.
(التاسع: ابن نصفه حر وابن ابن حر) ولم تحجب البعيد بالقريب
المبعض (المال بينهما بالسوية) إذ لو كان الابن حرا لحاز المال، فله الآن نصفه
(فإن كان النصف الثاني حرا فله الربع) نصف ما كان يحوزه لو كان حرا
(فإن كان معهما) مع ذلك (ابن ابن ابن نصفه حر فله الثمن) نصف الربع
الذي كان يرثه لو كان حرا.
(ويحتمل) التكميل حتى يلزم (أن يكون للأعلى النصف وللثاني
النصف) ولا يكون للثالث شيء (لأن فيهما حرية ابن) كاملة إذا جمعت
حريتاهما فيختص بهما المال ويكون بينهما نصفين، لتبعض الأول دون الثاني ورد
بلزوم تساوي حرية الكل وحرية النصف، فإن ابن الابن لو كان كله حرا لم يرث
إلا نصف المال لحجبه عن النصف الآخر بالابن، وبأن الجمع بين حريته وحرية
الابن جمع بين المتنافيين في السببية للإرث، لامتناع اجتماعهما في الإرث لو
كانا حرين فكذا مع التبعيض، وإنما اجتمعا في الإرث في الواقع لتنزل الابن
بالنسبة إلى الزائد على النصف منزلة المعدوم.
(ويحتمل حرمان الثاني والثالث، لأن ما فيهما من الحرية محجوب
بحرية الابن) إذ كما أن تمام حريته يحجب تمام حريتهما فكذا نصفها نصفها،
بخلاف من يكون كله حرا وإن كان أبعد من الأولاد كالأخ والعم، فإن تمام الحرية
لا يحجب بنصفها، ولا يرد عليه الاستبعاد بإرث الأخ أو العم دون ابن الابن
وابن ابن الابن لوجود المانع من إرثهما، نعم يرد أن حرية الابن إنما تحجب عما
بإزائها من الميراث.
(ولو كان ابن الابن ثلثه حر ومعهما أخ ثلاثة أرباعه حر، فللابن

386
النصف، وللثاني ثلث الباقي السدس، وللأخ ثلاثة أرباع الباقي الربع)
والباقي وهو نصف سدس لغيرهم من الأقارب، والوجه ظاهر.
(وعلى الاحتمال الآخر) وهو التكميل يجتمع حرية ونصف ونصف
سدس، لأن فيهم نصف حرية وثلثها وثلاثة أرباعها فلابد من تجزئة الحرية إلى
عدد له ثلث وربع وأقله إثنا عشر، فللابن ستة من أجزاء الحرية، ولابن الابن
أربعة، وللأخ تسعة، وذلك تسعة أسداس ونصف سدس و (للابن) من التركة
(النصف، ولابن الابن الثلث، والباقي) وهو السدس (للأخ) ودخل عليه
النقص لتأخره.
(العاشر: ثلاثة إخوة متفرقين، نصف كل واحد حر: للأخ من الام
نصف السدس، وللأخ من الأبوين نصف الباقي، وللأخ من الأب نصف
الباقي) كل ذلك لانتصاف الحرية.
(فيصح من ثمانية وأربعين) لأن أصل المسألة من إثنا عشر ليكون
لسدسه نصف، فإذا أعطينا الأول نصف السدس بقي أحد عشر لا ينقسم على
الباقيين، ولابد لنا من عدد له نصف ولنصفه نصف، فنضرب الاثني عشر في أربعة
يبلغ ثمانية وأربعين (للأخ من الام) نصف سدسها (أربعة، وللأخ من
الأبوين) نصف الباقي (اثنان وعشرون، وللأخ من الأب) نصف الباقي
(أحد عشر، إلا إذا حجبناه) أي الأخ من الأب (بحرية الأخ من الأبوين)
كما أنه يحجب بحريته الكاملة بناء على الاحتمال المتقدم من حجب القريب
المبعض البعيد (فلا شيء له).
(الحادي عشر: بنت نصفها حرة) كذا بالتاء عن خطه (لها النصف
بالفرض والرد) إذ لو كانت حرة لكان لها المال فرضا وردا (فإن كان معها ام
حرة فللبنت ربع) فرضا (وثمن) ردا (والباقي) وهو نصف وثمن (للأم)
وتصح من ثمانية للبنت ثلاثة، ولو كانت حرة لكانت لها ستة وللأم خمسة.

387
وقيل (1): تصح من أربعة وعشرين لأن فيها سدسا وثمنا فيضرب وفق أحدهما في
الآخر يبلغ ما ذكر، فلو كانت البنت حرة لكان لها ثلاثة أرباعها ثمانية عشر، والآن
لها نصفها تسعة، والباقي للأم. وفيه: أن السدس إنما يكون لو كانت البنت حرة ولا
ثمن حينئذ والثمن على التبعيض ولا سدس حينئذ (ولو كان معها زوجة فلها
الثمن ونصف الثمن) لأن البنت إنما حجبتها عن نصف الثمن (ولو كان معها
أخ من ام ولم نقل بالحجب فله نصف السدس) لحجب نصفه بنصف حرية
البنت، فله واحد من اثني عشر، وللبنت ستة، والباقي لسائر الأقارب (وهذا)
الذي ذكر قبل الفروع من الإرث بقدر الحرية والحرمان بقدر الرقية (ضابط كلي
يستخرج منه ما يرد عليك من فروع هذا الباب) وهو باب تبعض الرقية
(فإنها كثيرة لا تنحصر) وللاستخراج طرق متعددة كما عرفت، ففي بعضها
يجري الجميع، وفي بعضها بعضها وقد يتفق المؤدى مع اختلاف الطرق وقد
يختلف باختلافها.
(الثاني عشر: لو اشتري) مملوك (واعتق) لتوريثه المال لظن
الانحصار فيه (ثم ظهر الوارث فالأقرب بطلانهما) لاشتراط صحتهما بعدم
الوارث. ويحتمل الصحة بناء على الاشتراط بعدم ظهوره عندهما لتعلق الأحكام
بما يظهر للمكلفين لا الواقع وضعفه ظاهر.
(خاتمة):
(قد يحصل) ال‍ (منع) من (الإرث بأسباب اخر):
(الأول: اللعان، فإنه يقطع) علقة (النكاح، ولا يرث أحد الزوجين
صاحبه وإن وقع في المرض) لحصول البينونة وخروجها عن الزوجية، ونحو
قول علي (عليه السلام) في خبر زيد فيمن ماتت زوجته قبل اللعان: تخير واحدة من ثنتين،



(1) القائل هو صاحب إيضاح الفوائد: ج 4 ص 203.
388
يقال له: إن شئت ألزمت نفسك الذنب فيقام عليك الحد وتعطى الميراث، وإن شئت
أقررت، فلاعنت أدنى قرابتها إليها، ولا ميراث لك (1). وقول الصادق (عليه السلام) في خبر
أبي بصير: إن قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه، فلا ميراث له، وإن أبى أحد من
أوليائها أن يقوم مقامها، أخذ الميراث زوجها (2).
(ولو نفى الولد باللعان سقط نسبه ولم يقع الموارثة بينهما) لانتفاء
سببها وهو النسب شرعا، وللنصوص (3) والإجماع (فإن اعترف به بعد اللعان
الحق به) أخذا بإقراره (دون آبائه وأقاربه، مع عدم اعترافهم به) لانتفائه
عنهم شرعا باللعان، وعدم قبول الإقرار في حق الغير (إلا بالنسبة إليه) أي
الأب كما أنه إذا مات الأب وله ولد شاركه في الميراث فقد لحقه بالإخوة بالنسبة
إلى تركة الأب، وكذا يحجب الأخ والعم وغيرهما من الإرث (ويدخل في
الوقف على أولاده والوصية لهم) أما إذا شرك بينه وبين الأولاد في ذلك
فظاهر أنه يشارك الأب في نصيبه بما يقتضيه الحساب وأما بدونه فمشكل. نعم
يتجه إذا تأخر الوقف أو الوصية عن الاعتراف (وورثه) أي الأب (الولد) بعد
الاعتراف، للنصوص (4) والإجماع في الظاهر، لا للأخذ بالإقرار، فإنه في حق
الورثة (دون الزوجة) فإن الاعتراف بالولد لا يعيد الزوجية.
(وكذا لو أكذب نفسه في القذف بعد اللعان لم ترثه) الزوجة لحصول
البينونة شرعا من غير معارض، ولا الولد إذا نفاه أيضا، فإن الإكذاب في القذف لا
يستلزم الإكذاب في النفي (وهو لا يرث الولد) أخذا بنفيه، وللأخبار (5) والإجماع.



(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 608 ب 15 من أبواب اللعان ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 608 ب 15 من أبواب اللعان ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 607 ب 14 من أبواب اللعان.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 558 ب 2 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 558 ب 2 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
389
(الثاني: من مات وعليه دين مستوعب للتركة، فالأقرب عندي)
وفاقا للمبسوط (1) والجامع (2) (أن التركة للورثة) إذ ليست باقية على ملك
الميت لعدم صلاحيته له، ولا انتقلت إلى الغرماء إجماعا، ولذا كان للوارث القضاء
من غيرها وسقط حقهم بالإبراء، ولا إلى الله وإلا صرفت إلى المساكين، ولا إلى
غير مالك فتعين الانتقال إلى الورثة (لكن يمنعون منها) لتعلق حق الغرماء بها
(كالرهن) لا كأرش الجناية، فإن تعلق حقهم بها إنما ثبت شرعا نظرا للميت
لتبرأ ذمته، فينبغي أن لا يسلط عليه الوارث (حتى يقضي الدين منها أو من
غيرها. وقيل) في الخلاف (3) والشرائع (4) والسرائر (5) وغيرها: (يبقى على
حكم مال الميت ولا ينتقل إلى الوارث) لظاهر الآية (6) وبعض الأخبار كقول
الصادق (عليه السلام) في خبر سليمان بن خالد: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دية المقتول،
أنه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم إذا لم يكن على المقتول دين (7).
والجواب الحمل على استقرار الملك، أو على استقرار الظرف أعني قوله تعالى:
" من بعد " وجعله حالا عن الأنصباء المذكورة في الآية (وتظهر الفائدة في
النماء) المتخلل بين الموت والأداء.
(ولو لم يكن) الدين (مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل عن
الدين) قطعا (وكان ما قابله) أي الدين (على حكم مال الميت) على
القيل، أو في تعلق حق الغرماء به (وتكون التركة بأجمعها كالرهن) لا يجوز
للورثة التصرف فيها أصلا قبل القضاء، ولا يسقط شيء من الدين بتلف بعض منها،
لتعلق حقهم بكل جزء منها مشاعا. واحتمل في التذكرة (8): نفوذ التصرف فيما زاد



(1) المبسوط: ج 4 ص 79.
(2) الجامع للشرائع: ص 505.
(3) الخلاف: ج 4 ص 147 المسألة 18.
(4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 16.
(5) السرائر: ج 3 ص 223.
(6) النساء: 12.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 393 ب 10 من أبواب موانع الإرث ح 1.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 460 س 22.
390
على الدين، لبعد الحجر في مال كثير بشيء يسير جدا. وهو الذي استقربه سابقا
في الحجر وسيختاره في القضاء.
(الثالث: الغائب غيبة منقطعة بحيث لا يعلم خبره لا يورث) وفاقا
للأكثر (حتى يعلم موته، إما بالبينة، أو بمضي مدة) من ولادته (لا يمكن
أن يعيش مثله إليها عادة) وهي تختلف باختلاف الأزمان والأصقاع، وربما
قدرت بما زاد على مائة وعشرين، لأصل بقاء الحياة والتركة على ملكه بلا
معارض. وإذا علم موته (فيحكم حينئذ) بالإرث (لورثته الموجودين في
وقت الحكم) لا من مات قبله ولو بيوم، إلا إذا شهدت البينة بالموت قبله.
(وقيل) في المختصر الأحمدي (1): (يورث بعد مضي عشر سنين من
غيبته) قال: والنظرة في ميراث من فقد في عسكر قد شهدت هزيمته وقتل من
كان فيه أو أكثرهم أربع سنين، وفيمن لا يعرف مكانه في غيبته ولا خبر له عشر
سنين، والمأسور في قيد العدو يوقف ماله ما جاء خبره ثم إلى عشر سنين لخبر
علي بن مهزيار سأل الجواد (عليه السلام)، عن دار كانت لامرأة، وكان لها ابن وابنة، فغاب
الابن بالبحر، وماتت المرأة، فادعت ابنتها أن امها كانت صيرت هذه الدار لها،
وباعت أشقاصا منها، وبقيت في الدار قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا، وهو
يكره أن يشتريها لغيبة الابن، وما يتخوف من أن لا يحل شراؤها، وليس يعرف
للابن خبر، فقال (عليه السلام): ومنذ كم غاب؟ قال: منذ سنين كثيرة، فقال: ينتظر به غيبته
عشر سنين، ثم يشتري، فقال: إذا انتظر به غيبته عشر سنين يحل شراؤها؟ قال:
نعم (2). وليس نصا في الباب لجواز أن يكون الشراء لأنها بيد البنت ولا معارض
لها ويكون الصبر إلى عشر سنين للاحتياط، ويجوز أن يكون قد حفظ الثمن



(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 95.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 584 ب 6 من أبواب ميراث الخنثى ح 7.
391
للغائب أو أعطى البنت وضمنت له كما في المقنعة (1) (وقيل) في الانتصار (2)
والفقيه (3) والغنية (4) والكافي (5): (بعد أربع) لقول الكاظم (عليه السلام) لإسحاق بن
عمار: المفقود يتربص بماله أربع سنين، ثم يقسم (6). وقول الصادق (عليه السلام) في خبر
سماعة: المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين، فإن
لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة (7). ولاعتداد المرأة بعد أربع وجواز تزوجها
وعصمة الفروج أشد في الشرع من عصمة الأموال، وللإجماع كما في الانتصار (8)
قال في المختلف: وهذا القول لا بأس به مع طلبه في البلاد كما في الاعتداد (9) وفي
التحرير: وإن كان الاحتياط في البضع أشد من المال لكن عارضه تضرر المرأة
بطول الغيبة (10). هذا في التوريث من المفقود. وأما توريث المفقود من الميت،
فالمختار وقف نصيبه من الميراث حتى يعلم موته بالبينة، أو مضي مدة لا يعيش
مثله فيها عادة، ويقسم باقي التركة، فإن بان حيا أخذه. وإن علم أنه مات بعد
موت المورث دفع نصيبه إلى ورثته، وإن علم موته قبله، أو جهل الحال بعد
التربص تلك المدة دفع إلى سائر ورثة الأول.
(وقيل) في المقنعة (11): لا بأس بأن (يدفع ماله إلى الوارث الملي)
ويضمن للمفقود بعد ذلك، لنحو قول الكاظم (عليه السلام) لإسحاق بن عمار: إن كان الورثة



(1) المقنعة: ص 706.
(2) الانتصار: ص 307.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 330 ح 5707.
(4) الغنية: ص 332.
(5) الكافي في الفقه: ص 378.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 583 ب 6 من أبواب ميراث الخنثى ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 585 ب 6 من أبواب ميراث الخنثى ح 9.
(8) الانتصار: ص 307.
(9) مختلف الشيعة: ج 9 ص 97.
(10) تحرير الأحكام: ج 2 ص 173 س 25.
(11) المقنعة: ص 706.
392
ملاء اقتسموا ميراثه، فإن جاء ردوه عليه (1). وفي المقنعة أيضا: ولا بأس أن يبتاع
الإنسان عقار المفقود بعد عشر سنين من غيبته وفقده وانقطاع خبره، ويكون
البائع ضامنا للثمن والدرك، فإن حضر المفقود خرج إليه من حقه (2). ومستنده ما
سمعته من خبر علي بن مهزيار (3) وكأنه استحب أو احتاط بالصبر إلى عشر سنين.
وقال الحلبي: بالصبر إلى أربع سنين يكشف فيها السلطان عن خبره (4) لما تقدم.
وعلى المختار يعطي الحاضرون من أنصبائهم أقل الأمرين مما لهم على فرض
حياة المفقود وعلى فرض موته، ويوقف الباقي حتى يظهر أمره أو تمضي مدة
التربص. فلو خلف اما وبنتا حاضرتين وأبا غائبا، فعلى فرض موته تكون المسألة
من أربعة. ربعها للأم فرضا وردا والباقي للبنت، وعلى فرض حياته تكون من
خمسة، لكل من الأبوين خمس وللبنت ثلاثة أخماس، فتضرب الأربعة في
الخمسة يصير عشرين، وتعطى البنت الأقل وهو ثلاثة أخماس اثنا عشر من
العشرين. هذا إذا تباينت المسألتان، وإن تماثلتا اكتفى بإحداهما، وإن توافقتا
ضرب وفق إحداهما في الاخرى، وإن تداخلتا اجتزئ بالأكثر. قال في
التحرير (5): ولهم أن يصطلحوا على ما زاد، ففي المثال للأم أن تأخذ خمسة من
الستة عشر إن رضيت البنت، وللبنت أن تأخذ خمسة عشر إن رضيت الام. ولو
كان الحاضر لا يرث إلا عند موت الغائب أوقف نصيبه. ولو كان الغائب حاجبا
غير وارث كما لو خلف أبويه وأخويه، قال في التحرير: ففي تعجيل الحجب نظر،
أقربه التعجيل، فتأخذ الام السدس والأب الثلثين ويؤخر السدس للأم، قال: لكن



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 584 ب 6 من أبواب ميراث الخنثى ح 8.
(2) المقنعة: ص 706.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 583 ب 6 من أبواب ميراث الخنثى ح 7.
(4) الكافي في الفقه: ص 378.
(5) تحرير الأحكام: ج 2 ص 173 س 31.
393
هنا وإن حكمنا بالحجب لكن يحكم بموتهما في حق الأب فلا يتعجل له السدس
المحجوب عن الام، وحينئذ نحكم في الأخوين بالحياة بالنظر إلى طرف الام،
وبالموت إلى طرف الأب (1).
(الرابع: الحمل يرث) بالنص (2) والإجماع (بشرط) لحوقه به شرعا
و (انفصاله حيا) استهل أم لا استقرت حياته أم لا، لعموم نصوص الإرث،
وخصوص نحو صحيح الفضيل قال: سأل الحكم بن عيينة أبا جعفر (عليه السلام) عن الصبي
يسقط من امه غير مستهل أيورث؟ فأعرض عنه، فأعاد عليه، فقال: إذا تحرك
تحركا بينا ورث، فإنه ربما كان أخرس (3). فقول الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن
سنان: إن المنفوس لا يرث من الدية شيئا حتى يصيح (4) وفي خبر آخر حتى
يستهل ويسمع صوته (5) محمول على الغالب البين من علامات الحياة. واشترط
الشيخ استقرار الحياة، قال: ويعلم بأن يعطس، أو يمص اللبن، أو يبقى يومين
وثلاثة (6) (ولو سقط ميتا لم يكن له شيء ويحكم بعدمه حال موت
الميت) وإن أحس بحركته في البطن بعده لاشتراط الإرث بحياته بعده ولا يعلم
حياته إلا بعد الانفصال، لاحتمال كون الحركة من ريح ونحوها أو المغمى، وكان
بحكم المعدوم حال موته.
(ولو ولد حيا ثم مات في الحال ورث) لتحقق الشرط، وصحيح عمر
ابن يزيد، سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل، فوضعت



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 173 س 35.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 586 ب 7 من أبواب ميراث الخنثى.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 588 ب 7 من أبواب ميراث الخنثى ح 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 587 ب 7 من أبواب ميراث الخنثى ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 586 ب 7 من أبواب ميراث الخنثى ح 2.
(6) المبسوط: ج 4 ص 124.
394
بعد موته غلاما، ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض، فشهدت المرأة التي قبلتها
أنه استهل وصاح حين وقع إلى الأرض، ثم مات بعد ذلك، قال: على الإمام أن
يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام (1) (وانتقل نصيبه إلى وارثه).
(ولو سقط بجناية فإن تحرك حركة تدل على الحياة ورث) للعموم
(وإلا فلا، كالتقلص الذي يحصل طبعا لا اختيارا) ولو اشتبهت الحركة لم
يرث، للشك في شرطه.
(ولو خرج نصفه حيا والباقي ميتا لم يرث) لعدم انفصاله حيا. ويحتمل
الإرث كما احتمله في التحرير (2) بناء على أن الانفصال حيا إنما اعتبر للدلالة
على بقائه حيا بعد موت المورث، وقد حصلت.
(ولو طلب الورثة قسمة المال) قبل انفصال الحمل (فإن كانوا
محجوبين به) عن الإرث رأسا (لم يعطوا شيئا حتى يظهر أمره) من
الانفصال حيا أو ميتا (وإن كانوا غير محجوبين دفع إلى من لا ينقصه
الحمل) شيئا من ميراثه (كمال ميراثه. و) يعطى (من ينقصه) الحمل (أقل
ما يصيبه) من الميراث على التقديرات المحتملة، وهو ما يصيبه على تقدير كون
الحمل ذكرين ويوقف الباقي إلى ظهور أمره. وللعامة قول بأن الأكثر أربعة ذكور (3)
وآخر بأنه ذكر وانثى (4). فلو خلف ابنا وحملا اعطي الابن عندنا الثلث، ووقف
الباقي. وإن خلف حملا وولد ولد لم يعط ولد الولد شيئا. وإن خلف مع الحمل بنتا
أعطيت الخمس. وإن خلف زوجة أعطيت الثمن. ولو ادعت المرأة الحمل حكم
بقولها ووقف النصيب إلى أن يتضح الأمر.



(1) وسائل الشيعة: ج 18 ص 259 ب 24 من أبواب الشهادات ح 6.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 174 س 7.
(3) الحاوي الكبير: ج 8 ص 170.
(4) شرح الكبير: ج 7 ص 131.
395
(الفصل الثالث في الحجب)
(وهو إما عن أصل الإرث بأن يحجب القريب البعيد، فلا يرث ولد
ولد مع ولد، سواء كانا ذكرين أو أنثيين أو ذكرا وانثى، وسواء كان ابن ابن
أو ابن بنت) أو بنتها (أو بنت ابن. وكذا يمنع ولد الولد ولد ولد الولد.
وعلى هذا) القياس (الأقرب يمنع الأبعد) عندنا. وورثت العامة أولاد الابن
مع البنت والبنتين (1) وام الام مع الأب (2). ومنهم من ورث ام الأب مع الأب.
وورث ابن مسعود مع البنتين ذكور أولاد الابن (3).
(ويمنع الولد وإن نزل كل من يتقرب بالأبوين من) الإخوة و (الأجداد)
وإن ساوت مرتبتهم في الصعود مرتبة الولد في النزول أو كانوا أقرب، وقال يونس
بن عبد الرحمن: إن اجتمع جد أبو أب وابن ابن ابن فالمال كله للجد (4). وقال أبو
علي: لو خلف بنتا وأبوين، فالفاضل عن أنصبائهم للجدين أو الجدتين. ولو خلف
ولد ولد وجدا، أو والدا وجدا فللجد السدس (5). وقال الصدوق: لو خلفت زوجها
وابن ابنها وجدا، فللزوج الربع، وللجد السدس، والباقي لابن الابن (6). وهي أقوال
شاذة. وعن سعد بن أبي خلف: أنه سأل الكاظم (عليه السلام) عن بنات بنت وجد، فقال:
للجد السدس، والباقي لبنات البنت (7). قال ابن فضال: أجمعت العصابة على ترك
العمل به (8) (والأعمام والأخوال، وأولادهم) خلافا للعامة القائلين بالتعصيب (9)



(1) المبسوط للسرخسي: ج 29 ص 141.
(2) كفاية الأخيار: ج 2 ص 16.
(3) المبسوط للسرخسي: ج 29 ص 141.
(4) الكافي: ج 7 ص 118 ذيل الحديث 16.
(5) نقله عنه في الدروس: ج 2 ص 367 درس 189.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 289 ذيل الحديث 5651.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 473 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 15.
(8) الاستبصار: ج 4 ص 164 ذيل الحديث 622.
(9) الحاوي الكبير: ج 8 ص 116.
396
وفي توريث الجد فورثوها السدس مع الولد ومع الأبوين. وورث الشافعي (1)
الإخوة والأخوات مع البنات وبنات الابن.
(و) بالجملة (لا يرث) عندنا (مع الأولاد وأولادهم وإن نزلوا، سوى
الأبوين والزوجين).
(فإذا عدم الآباء والأبناء) أي الأولاد (ورث الإخوة والأخوات
والأجداد والجدات، و) هؤلاء (يمنعون من عداهم سوى الزوجين).
(ويمنعون من يتقرب بهم كالإخوة) و (يمنعون أولادهم، والأجداد
يمنعون آباءهم وأبناءهم) والعامة (2) يورثون ابن الأخ للأب مع الأخت
للتعصيب.
(ويمنع الإخوة وأولادهم أولاد الأجداد، وهم الأعمام والأخوال
وأولادهم) لنحو قول الباقر (عليه السلام) في صحيحة بريد الكناسي: وابن أختك من
أبيك أولى بك من عمك (3) (ولا يمنعون آباء الأجداد وإن تصاعدوا. وكذا
الأجداد لا يمنعون أولاد الإخوة وإن نزلوا) خلافا للعامة (4) قال في
المبسوط: ولم يوافقنا عليه أحد (5). وأسقط الشافعي (6) الإخوة لام مع الجد. وأبو
حنيفة (7) الإخوة مطلقا.
(والأعمام والأخوال وأولادهم وإن نزلوا يمنعون أعمام الأب
وأخواله وأعمام الام وأخوالها وكذا أعمام الأجداد والجدات وإن
تصاعدوا يمنعون بالأعمام والأخوال وأولادهم).
(والمتقرب بالأبوين) عندنا (يمنع المتقرب بالأب وحده مع تساوي



(1) المجموع: ج 16 ص 81.
(2) كفاية الأخيار: ج 2 ص 13.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 415 ب 1 من أبواب موجبات الإرث ح 2. وفيه وابن أخيك.
(4) الحاوي الكبير: ج 8 ص 123.
(5) المبسوط: ج 4 ص 85.
(6) المجموع: ج 16 ص 116.
(7) الفتاوى الهندية: ج 6 ص 450.
397
الدرج) لنحو قول الباقر (عليه السلام) في صحيح الكناسي: وعمك أخو أبيك من أبيه وامه
أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه (1) خلافا للعامة (2).
(والنسب وإن بعد يمنع المعتق) عندنا، ويدل عليه قوله تعالى:
" واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " (3) وكان زيد (4) يورث ذا السهم سهمه
وما زاد للمولى. وورث الشافعي (5) المولى مع من يرث النصف كالأخت والبنت،
فجعل النصف له والنصف للبنت مثلا (والمعتق يمنع ضامن الجريرة، والضامن
يمنع الإمام).
(وإما) الحجب (عن بعضه، وهو: إما حجب الولد، فإن الولد وإن نزل
- ذكرا كان أو انثى - يمنع الأبوين عما زاد عن السدسين إلا البنت
وحدها، معهما) لبقاء سدس من التركة يرد عليهم (أو مع أحدهما) لبقاء
الثلث منها يرد عليهما (والبنتين فما زاد مع أحدهما) لبقاء السدس يرد عليهم
خلافا لأبي علي (6) فخص الرد بهما كما سيأتي.
(ويحجب الولد - ذكرا كان أو انثى - وإن نزل الزوجين عما زاد
عن) النصيب (الأدنى) وفي غير ولد الصلب خلاف سيأتي.
(وإما حجب الإخوة، وهم يمنعون الام عما زاد على السدس)
بالنص (7) والإجماع (بشروط ستة:
الأول: العدد، فلا يحجب الواحد وإن كان ذكرا، بل) أقل الحاجب
(إما ذكران أو ذكر وأنثيان أو أربع إناث) أما حجب اثنين فهو معلوم من



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 415 ب 1 من أبواب موجبات الإرث ح 2.
(2) المبسوط للسرخسي: ج 30 ص 20.
(3) الأنفال: 75، الأحزاب: 6.
(4) انظر المجموع: ج 16 ص 55 - 56.
(5) انظر المجموع: ج 16 ص 55 - 56.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 103.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 454 ب 10 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
398
السنة (1) والإجماع. وعن ابن عباس (2) أنه اشترط الثلاثة، لظاهر الآية. وأما تنزيل
اثنتين من الإناث منزلة ذكر واحد، فلنحو قول الصادق (عليه السلام) في حسن البقباق: إذا
كن أربع أخوات حجبن الام من الثلث، لأنهن بمنزلة أخوين، وإن كن ثلاثا لم
يحجبن (3). ولا ينافيه قوله (عليه السلام) في خبر آخر له في أبوين وأختين: للأم مع
الأخوات الثلاث، إن الله عز وجل قال: " فإن كان له إخوة " ولم يقل فإن كان له
أخوات (4) فإن المراد بالأخوات الأختان بقرينة السؤال. والغرض أن الآية لا
تشمل الأخوات حتى يكتفي في الحجب بأختين وثلاث، كما يكتفي فيه بأخوين
وإنما علم مما تنزل أربع أخوات منزلة أخوين بدليل خارج عنها (والخناثى
كالأناث) للأصل (إلا أن يحكم بالذكورية فيهم) بإحدى العلامات
المعهودة، ويحتمل القرعة.
(الثاني: انتفاء موانع الإرث عنهم، وهي: الرق والقتل والكفر) أما الرق
والكفر فبالإجماع والأخبار (5). وأما القتل فاختلف فيه: من الأصل واشتراك العلة
وهي المنع من الإرث، ومن عموم الآية ومنع العلة، وهو قول الصدوق (6)
والحسن (7). والأول هو المشهور وحكي (8) عليه الإجماع. ويحجب الغائب ما لم
يقض بموته. ويحتمل العدم، إذ كما أن الأصل حياته فالأصل عدم الحجب.
(الثالث: وجود الأب، فلو كان مفقودا لم يكن حجب) وفاقا للأكثر،



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 456 ب 11 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(2) المجموع: ج 16 ص 72، النساء: 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 456 ب 11 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 457 ب 11 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 374 و 399 ب 1 و 16 من أبواب موانع الإرث.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 320 ذيل الحديث 5690.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 65.
(8) الخلاف: ج 4 ص 32 المسألة 24.
399
للأصل مع عدم تناول الآية لمفقود الأب، وقول الصادق (عليه السلام) في خبر بكير: الام لا
تنقص من الثلث أبدا، إلا مع الولد والإخوة إذا كان الأب حيا (1) ولأن الحكمة في
الحجب التوفير للأب من أجل عياله، كما ذكره زرارة لعمر بن اذينة (2) وعلي بن
سعيد (3) وأشعر به قول الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار في رجل مات وترك
أبويه وإخوة لام: الله سبحانه أكرم من أن يزيدها في العيال وينقصها من الميراث
الثلث (4). ولم يشترط الصدوق (5) بل حجبها عن السدس فرضا ولكن أعطاها
الباقي ردا، وهو شبيه بالنزاع في اللفظ لاتفاقه معنى في أنها تحوز المال.
(الرابع: أن يكونوا للأب أو للأب والأم) بالإجماع والأخبار (6) (فلو
كانوا للأم خاصة لم يحجبوا وإن كثروا) فالله سبحانه أكرم من أن يزيدها في
العيال وينقصها من الميراث الثلث، كما سمعته الآن في خبر إسحاق.
(الخامس: أن يكونوا منفصلين) عند موت المورث (فلو كانوا) كلهم
أو بعضهم (حملا لم يحجبوا) لعدم سبقهم إلى الفهم من إطلاق الإخوة مع
الأصل، وقول الصادق (عليه السلام) في خبر العلاء بن الفضيل: إن الطفل والوليد لا يحجب
ولا يرث، إلا ما آذن بالصراخ، ولا شيء أكنه البطن وإن تحرك، إلا ما اختلف عليه
الليل والنهار (7). وقيل (8) بعدم الاشتراط، لعموم النصوص.
(السادس: أن يكونوا أحياء فلو كان بعضهم ميتا) عند موت المورث



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 458 ب 12 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 455 ب 10 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 454 ب 10 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 455 ب 10 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 5.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 271.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 454 ب 10 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 459 ب 13 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1.
(8) والقائل هو فيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع: ج 3 ص 316 مفتاح 1213.
400
اقترنا أو تقدم موته على موته (لم يقع حجب) اتفاقا، للأصل، والخروج عن
النصوص والاعتبار، بل لا ينبغي عده من الشروط، لدخوله في مفهوم حجب
الإخوة كدخوله في مفهوم كان له إخوة. ولو اشتبه الأسبق من الموتين فالظاهر أن
لا حجب إذا كانا لأب، للأصل. وكذا الغرقى وفيهم من الإخوة للأبوين وجهان:
من الشك في وجود الحاجب واحتمال عدم تقدير السبق لأنه لم يثبت إلا
للتوارث ولا توارث بين الأخوين هنا، ومن تقدير السبق وفرض موت كل منهما
يستدعي حياة الآخر فيتحقق الحجب (والأقرب) اشتراط سابع هو (المغايرة،
فلو كانت الام أختا) لشبهة أو مجوسية (لم تحجب) للخروج عن ظواهر
النصوص، وبعد اتحاد الحاجب والمحجوب، مع الأصل، ويحتمل العدم، للعموم.
(الفصل الرابع في تفصيل السهام وكيفية)
ما يتصور فيها من (الاجتماع)
(السهام المنصوصة في كتاب الله تعالى ستة)
الأول: (النصف، وهو فرض البنت الواحدة والأخت الواحدة للأبوين
أو للأب إذا انفردتا عن ذكر مساو في القرب) وإلا فللذكر مثل حظ الانثيين
(والزوج مع عدم الولد وإن نزل) اتفاقا، وهل ينزل عدم إرث الولد لرق
ونحوه منزلة عدمه؟ وجهان.
(و) الثاني: (الربع، وهو سهم الزوج مع الولد) الوارث أو مطلقا (وإن
نزل) على خلاف يأتي (وسهم الزوجة) واحدة أو متعددة (مع عدمه).
(و) الثالث: (الثمن) وهو (سهم الزوجة خاصة مع الولد وإن نزل)
على خلاف يأتي.
(و) الرابع: (الثلثان) وهما (سهم البنتين فصاعدا مع عدم الولد

401
الذكر) اتفاقا ممن عدا ابن عباس فجعلهما كالبنت الواحدة (1). ودليل الأول،
الإجماع، والنصوص (2) وإن للأختين الثلثين، والبنتان أمس رحما منهما، وإن
لبنت مع ابن الثلث فأولى أن يكون لها مع بنت اخرى وقوله تعالى: " فإن كن نساء
فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك " (3) فإنه بمعنى: فإن كن نساء فضلا عن اثنتين أي
اجعل النساء فوق اثنتين أي ضمهن إليها فيفهم منه مساواة الاثنتين لما فوقهما [إذ
لو اريد التقييد بالزيادة على اثنتين لم يكن إلا تأكيدا، والتأسيس خير، ولئلا يخلو
الكلام من حكم الاثنتين، وهو معنى ما قيل] (4) أو المراد اثنتين فما فوقهما، كما
في قوله (عليه السلام): لا تسافر المرأة سفرا فوق ثلاثة أيام إلا ومعها زوجها أو ذو محرم
لها أو علم حكم الاثنين (5) من قوله " للذكر مثل حظ الانثيين " (6) فإن أقل ما يتعدد
به الولد مع الاختلاف ذكورة وأنوثة أن يكون ابنا وبنتا، وقد حكم بأن للذكر مثل
حظ الانثيين. وفي هذا الفرض للذكر ثلثان، فيفهم منه أنهما حظ البنتين. ولعل ابن
عباس استند في جعلهما كالواحدة إلى أن الظاهر من هذا الكلام وجود ذكر
وأنثيين وللذكر حينئذ النصف وكذا الأنثيان فكذا إذا انفردتا، أو إلى أنه ليس
للواحدة إلا النصف، والأصل عدم الزيادة عليه إذا زادت واحدة. وحكى النظام
عنه أن لهما نصفا وقيراطا ليكون بين النصف والثلثين (7). (والأختين) بنص
الآية (فصاعدا) بالإجماع ولنزول الآية في سبع أخوات لجابر (من الأبوين
أو من الأب مع عدم الأخ من قبله) وإلا فللذكر مثل حظ الانثيين.
(و) الخامس: (الثلث) وهو (سهم الام مع عدم الولد وعدم من



(1) المجموع: ج 16 ص 79 - 80.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 479 ب 2 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(3) النساء: 11.
(4) لم يرد في ن ول.
(5) السنن الكبرى للبيهقي: ج 7 ص 98.
(6) النساء: 11.
(7) لم نقف عليه.
402
يحجبها من الإخوة، وسهم الاثنين فصاعدا من ولد الام) ذكورا أو إناثا أو
مختلفين بلا خلاف بين الامة، لقوله تعالى " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة
وله أخ أو اخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في
الثلث " (1) واتفقوا على أن المراد الأخ والأخت من الام.
(و) السادس: (السدس) وهو (سهم كل من الأبوين) انفردا أو
اجتمعا (مع الولد وإن نزل وسهم الام مع الحاجب من الإخوة، وسهم
الواحد من ولد الام ذكرا كان أو انثى).
(والنصف يجتمع مع مثله كالأخت) للأبوين أو لأب (والزوج) وأما
الأخت لام فلها النصف أيضا في المسألة لكن سهمها السدس (ومع الربع
كالبنت والزوج والأخت) لأب أو لهما (والزوجة ومع الثمن كالبنت
والزوجة ولا يجتمع مع الثلثين لاستحالة العول) عندنا (بل يدخل النقص
على الاختين دون الزوج، ويجتمع مع الثلث كالام) أو المتعدد من كلالتها
(والزوج، ومع السدس كالبنت والأم) أو الأب أو هما وكالزوج أو الأخت
للأب أو لهما مع واحد من كلالة الام.
(ويجتمع الربع مع الثلثين كالزوج والبنتين والزوجة والأختين) لأب
أو لهما (ومع الثلث كالزوجة والأم) أو اثنين من كلالتها (ومع السدس
كزوج و) أب أو (ام وبنت وزوجة و) أخ أو (اخت لام) أو وام مع من
يحجبها من الإخوة (ولا يجتمع مع الثمن) ولا مع نفسه.
(ويجتمع الثمن مع الثلثين كالزوجة والبنات، و) مع (السدس كما
لو انضم إليهن) أب أو (ام، ولا يجتمع مع الثلث) ولا مع الربع (ولا
الثلث مع السدس تسمية، ويصح للقرابة كزوج وأبوين) فإن للأم الثلث



(1) النساء: 12.
403
وللأب السدس.
(واعلم أن الفريضة) أي العدد الذي يخرج منه ما فرض من السهام (قد
تكون وفق السهام فلا بحث، وقد تزيد) عليها (وقد تنقص) عنها.
(فإذا زادت الفريضة عن الفروض) أي السهام (فإن كان هناك
مساو) في الدرجة لأرباب الفروض يرث معهم ولكن (لا فرض له، فالفاضل
له بالقرابة، كأبوين وزوج أو زوجة، للأم الثلث، وللزوج النصف أو
للزوجة الربع، والباقي) وهو السدس أو الربع مع السدس (للأب) إذا لم
يفرض له في الكتاب شيء إن لم يكن ولد.
(فإن كان هناك إخوة يحجبون، فللام السدس، والباقي بعد) أحد
(الزوجين للأب، وكأبوين وابن وزوج أو زوجة، للأبوين السدسان،
وللزوج الربع أو للزوجة الثمن، والباقي للولد. وكزوج أو زوجة وإخوة
من الام وإخوة من الأبوين أو من الأب: للزوج النصف أو للزوجة الربع،
وللإخوة من الام الثلث، والباقي لمن تقرب بالأب).
(وإن لم يكن هناك مساو بل أبعد لم يرث) عندنا (بالتعصيب ولا
غيره، بل يرد الباقي على ذوي الفروض بنسبة فروضهم عدا الزوجين. فلو
خلف أبوين وبنتا وأخا، فلكل من الأبوين السدس، وللبنت النصف، ولا
شيء للأخ بل يرد) الباقي وهو (السدس على الأبوين والبنت أخماسا).
والتعصيب: هو توريث ما فضل عن السهام من كان من العصبة وهم الابن
والأب ومن يدلي بهما من غير رد على ذوي السهام. والعصبة عندهم قسمان:
أولهما عصبة بنفسه، وهو كل ذكر يدلي إلى الميت بغير واسطة أو بتوسط الذكور
وهو يرث المال كله إن انفرد والباقي إن اجتمع مع ذي سهم، فلو خلف بنتا وابن
ابن أو أخا أو عما أو ابن عم كان للبنت النصف والباقي لأحد الباقين. والثاني

404
عصبة بغيره، وهن البنات وبنات الابن والأخوات من الأبوين ومن الأب، فإنهن
لا يرثن بالتعصيب إلا بالذكور في درجتهن أو فيما دونهن، ولذا لو خلف مثلا بنتين
وبنت ابن كان للبنتين الثلثان، ولم يكن لبنت الابن شيء إلا إذا كان لها أخ أو كان
هناك ابن ابن ابن مثلا، ويدل على بطلانه الإجماع والأخبار (1) منا ومن العامة (2)
وهما العمدة وقوله تعالى: " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون " (3) لدلالته على تساوي الرجال والنساء في
الإرث وهم لا يورثون الأخت مع الأخ ولا العمة مع العم، وقوله تعالى: " واولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " (4) فإنه إنما أراد الأقرب فالأقرب بلا
خلاف. ومعلوم أن البنت أقرب من ابن ابن الأخ ومن ابن العم ونحو ذلك. وفيهما
نظر ظاهر وتلزمهم أقوال شنيعة كأن يكون الابن للصلب أضعف سببا من ابن العم
فنازلا، فإنا لو فرضنا أنه خلف ابنا وثمانيا وعشرين بنتا كان للابن جزءان من
ثلاثين بلا خلاف. ولو كان مكانه ابن عم فنازلا كان له الثلث عشرة أسهم من
ثلاثين، وكما أن الأخت عصبته عندهم دون البنت، فإن قالوا: إنها عصبها أخوها،
قلنا: لم لم يعصب البنت أبوها والأب أولى بالتعصيب من الأخ؟ وكما أنهم لا
يورثون بنت الابن شيئا مع بنتين للصلب إذا انفردت ويورثونها إذا كان معها ذكر
من العصبة في درجتها أو فيما دونها إلى غير ذلك.
(وإذا نقصت) الفريضة عن السهام (فإن كان بسبب وصية) كما لو
خلفت زوجا وأختا ووصت لأجنبي (ثبت العول) أي النقص على جميع
الورثة، فإن الإرث بعد الوصية بالنص والإجماع (وإن كان بسبب ورثة لم
يثبت، لاستحالة أن يفرض الله تعالى في مال ما لا يفي به) من السهام فلابد



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 427 ب 7 من أبواب موجبات الإرث ح 6.
(2) المجموع: ج 16 ص 79.
(3) النساء: 7.
(4) الأحزاب: 6.
405
إذا اجتمعت ذوو سهام لا يفي بها المال أن يخرج بعضهم من اولي السهام حتى
يكون له ما بقي بعد توفية ذوي السهم سهامهم، ولا يجوز إلا إخراج من لا سهم له
في بعض الصور، بالكتاب (1) والإجماع، كما يظهر لك الآن.
(وإنما تنقص الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة، إما مع البنت أو
البنات، أو مع الأخت أو الأخوات من قبل الأبوين أو من الأب، وحينئذ
يدخل النقص على البنت أو البنات) فإنهن إذا اجتمعن مع البنين نقصن عن
النصف أو الثلثين بنص الآية (2) لأن للذكر حينئذ حظ الانثيين (وعلى الأخت أو
الأخوات من قبل الأب، أو من قبلهما معا) لمثل ذلك (دون باقي الورثة)
لإطلاق الآية في فرض ما فرض لهم من السهام من غير ما يوجب لهم النقص في
صورة من الصور.
(فلو خلف زوجا وأبوين وبنتا: فللزوج الربع كملا، وللأبوين
السدسان كملا، والباقي للبنت. وكذا لو كان) الوارث أو الولد (أزيد منها
مع الأبوين أو) مع (أحدهما والزوج، وكزوجة مع أبوين وبنتين، وكزوج
مع أخوين من الام وأختين من الأب أو اخت) منه فللزوج النصف،
وللأخوين من الام الثلث، والباقي لمن بقي (وكزوجة مع اخت لأب أو
أختين) له (فصاعدا مع أخوين من قبل الام) فللزوجة الربع، وللأخوين
للأم الثلث، والباقي لمن بقي. وعلى ما ذكر إجماع الطائفة، وأخبارهم، فعن
علي (عليه السلام): لا يزاد الزوج على النصف، ولا ينقص عن الربع، ولا تزاد المرأة على
الربع، ولا تنقص عن الثمن، وإن كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء، ولا تزاد
الإخوة من الام على الثلث، ولا ينقصون من السدس، وهم فيه سواء الذكر
والأنثى، ولا يحجبهم عن الثلث إلا الولد والوالد (3). وعنه (عليه السلام): إن الذي أحصى



(1) النساء: 11.
(2) النساء: 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 429 ب 7 من أبواب موجبات الإرث ح 12.
406
رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول، لو كانوا يبصرون وجوهها (1). وعن علي بن
سعيد أنه قال لزرارة: إن بكير بن أعين حدثه عن أبي جعفر (عليه السلام) السهام لا تعول،
فقال: هذا ما ليس فيه اختلاف بين أصحابنا، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) (2).
وعن ابن عباس، أنه قال: سبحان الله العظيم، أترون أن الذي أحصى رمل عالج
عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا، فهذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع
الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري: يا بن عباس فمن أول من أعال الفرائض؟
قال: رمع لما التفت عنده الفرائض، ودافع بعضها بعضا قال: والله ما أدري أيكم قدم
الله، وأيكم أخر الله، وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال
بالحصص، فادخل على كل ذي حق ما دخل عليه من عول الفريضة، وأيم الله أن
لو قدم من قدم الله، وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقال له زفر بن أوس:
وأيهما قدم وأيهما أخر؟ فقال كل فريضة لم يهبطها الله عز وجل عن فريضة إلا إلى
فريضة فهذا ما قدم الله، وأما ما أخر الله فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن
لها إلا ما يبقى فتلك التي أخر الله. فأما الذي قدم الله فالزوج له النصف، فإذا دخل
عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع، ولا يزيله عنه شيء، والزوجة لها الربع، فإذا
زالت عنه صارت إلى الثمن، لا يزيلها عنه شيء، والأم لها الثلث، فإذا زالت عنه
صارت إلى السدس، لا يزيلها عنه شيء. فهذه الفرائض التي قدم الله عز وجل،
وأما التي أخر الله ففريضة البنات والأخوات لها النصف إن كانت واحدة، وإن كانتا
اثنتين أو أكثر فالثلثان، إذا أزالتهن الفرائض لم يكن لهن إلا ما يبقى فتلك التي
أخر الله، فإذا اجتمع ما قدم الله وما أخر بدئ بما قدم الله واعطي حقه كملا، فإن
بقي شيء كان لمن أخر الله، فإن لم يبق شيء فلا شيء له (3).



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 423 ب 6 من أبواب موجبات الإرث ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 421 ب 6 من أبواب موجبات الإرث ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 427 ب 7 من أبواب موجبات الإرث ح 6.
407
(المقصد الثاني)
(في تعيين الوراث وسهامهم)
(وفيه فصول) خمسة:
(الأول في ميراث) الطبقة الاولى
من النسب (الأبوين والأولاد).
(للأب المنفرد) عمن في درجته وعن الزوجين (المال) كله بالقرابة،
لآية اولي الأرحام إذ لا فرض له (وللأم المنفردة الثلث) فرضا (والباقي يرد
عليها) بالقرابة (فإن اجتمعا فللام الثلث والباقي للأب. ومع الإخوة
الحاجبين، لها السدس والباقي للأب) كل ذلك بالإجماع، والنصوص من
الكتاب (1) والسنة (2) (ولا يرث الإخوة) عندنا (شيئا وإن حجبوا) وفي
رواية شاذة عن ابن عباس (3) أن لهم السدس الذي حجبوها عنه.
(وللابن المنفرد المال، وكذا الابنان فصاعدا بالسوية) إذ لا فرض
للبنين.
(وللبنت المنفردة النصف) فرضا (والباقي يرد عليها) قرابة
(وللابنتين فصاعدا الثلثان والباقي يرد عليهن).
(ولو اجتمع الذكور والإناث من الأولاد، فللذكر مثل حظ الانثيين)
كل ذلك بالكتاب (4) والسنة (5) والإجماع، إلا أن الفضل بن شاذان (6) والحسن (7)
جعلا البنت والبنتين عند الانفراد كالابن في انتفاء الفرض، وخصا فرض النصف



(1) النساء: 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 453 ب 9 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(3) المبسوط للسرخسي: ج 29 ص 145.
(4) النساء: 176.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 436 ب 2 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(6 و 7) نقله عنهما في مختلف الشيعة: ج 9 ص 16 - 17.
408
والثلثين بحال الاجتماع مع الأبوين. ولا وجه له. وقد عرفت أن ابن عباس سوى
في الفرض بين البنت والبنتين.
(ولو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع ولد ذكر فصاعدا فلهما السدسان)
إن اجتمعا (أو السدس إن كان) الموجود (واحدا) منهما (والباقي للولد)
الواحد (أو لمن زاد بالسوية) لأن الأبوين حينئذ ذوا فرض بخلاف البنين.
(ولو كان مع الأبوين أو مع أحدهما أولاد ذكور وإناث فللواحد) من
الأبوين (السدس ولهما السدسان، والباقي للأولاد، للذكر ضعف الأنثى)
كما نص على جميع ذلك في الكتاب (1).
(ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذ الزوج الربع والزوجة الثمن،
وللأبوين السدسان، والباقي للأولاد، للذكر ضعف الأنثى) والمسألة من
اثني عشر أو أربعة وعشرين (وللأبوين مع البنت السدسان، وللبنت النصف،
والباقي يرد عليهم أخماسا) على نسبة سهامهم اتفاقا، كما نص عليه حسن
محمد بن مسلم، أنه أقراه الباقر (عليه السلام) صحيفة الفرائض التي هي إملاء
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) بيده، فوجد فيها رجل ترك أبويه وابنته فلابنته
النصف، وللأبوين لكل واحد منهما السدس، يقسم المال على خمسة أسهم فما
أصاب ثلاثة فلابنته، وما أصاب سهمين فللأبوين (2) المسألة من أول الأمر من
خمسة كما هو ظاهر الخبر هذا إذا لم يكن للأم حاجب.
(فإن كان) معهم (إخوة) يحجبون الام (فالرد على الأب والبنت
خاصة) اتفاقا (أرباعا) في المشهور، لأن المعهود كون الرد بنسبة السهام
خلافا للمصري (3) فقسمه أخماسا استنادا إلى أن الإخوة إنما يحجبون الام عن



(1) النساء: 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 463 ب 17 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 117.
409
السدس لمكان الأب فيكون له ما حجبت عنه. وضعفه ظاهر (ولأحدهما معها
السدس، ولها النصف، والباقي يرد) عليهما (أرباعا مطلقا) كان معهما
إخوة أم لا (ولهما مع البنتين فصاعدا السدسان، وللبنات الثلثان،
ولأحدهما مع البنتين فصاعدا السدس، والباقي يرد) عليهم (أخماسا)
لعدم الأولوية، ونحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر بكير في رجل ترك ابنته وامه: إن
الفريضة من أربعة، لأن للبنت ثلاثة أسهم، وللأم السدس، وبقي سهمان، فهما أحق
بهما من العم والأخ والعصبة، لأن البنت والأم سمي لهما، ولم يسم لهم، فيرد عليهما
بقدر سهامهما (1). لاشتراك العلة. خلافا لأبي علي (2) فخص الرد بالابنتين، لدخول
النقص عليهما بالزوجين فالفاضل لهما، ولا يصلح علة، ولقول الصادق (عليه السلام) في
خبر أبي بصير في رجل ترك ابنتيه وأباه: أن للأب السدس وللابنتين الباقي (3).
وهو ضعيف سندا ودلالة. واحتمل في المختلف (4) حمله على ما إذا كان مع
الابنتين ذكر، قال: وعليه يحمل كلام ابن الجنيد (رحمه الله). وحمل الخبر عليه ممتنع.
(ولو دخل الزوج أو الزوجة) مع الأبوين أو أحدهما والبنت أو أكثر
(أخذ كل منهما النصيب الأدنى، وللأبوين السدسان أو لأحدهما السدس
والباقي للبنت أو البنات) وإن نقص عن النصف أو الثلثين لما مر.
(فإن حصل رد فهو على البنت) أو البنات (وأحد الأبوين، أو هما)
على المختار (دون) الزوج أو (الزوجة) لما مر وترك الزوج، لعدم احتمال
الرد مع اجتماع الأبوين، ويأتي على قول أبي علي (5) اختصاص البنت أو البنات
بالرد (ومع الحاجب) من الإخوة (يرد على الأب والبنت دون الام



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 464 ب 17 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 103.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 465 ب 17 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 7.
(4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 104.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 62.
410
والزوجة) والمسألة إن دخل الزوج مع الأبوين وبنت من اثني عشر، كما نص
عليه في خبر محمد بن مسلم وبكير عن الباقر (عليه السلام): للزوج ثلاثة، وللأبوين أربعة
وللبنت خمسة (1). وإن تعددت البنت ازدادت الفريضة على حسب ازديادهن إلا
إذا كن خمسا، وإن دخلت الزوجة معهم صحت من مائة وعشرين مع عدم
الحاجب، من ضرب نصف مخرج السدس في مخرج الثمن، ليحصل أربعة
وعشرون، للزوجة الثمن ثلاثة، وللأبوين السدسان ثمانية، وللبنت النصف اثنا
عشر، يبقى واحد، يقسم عليها وعلى الأبوين أخماسا، فيضرب الخمسة في
الأربعة وعشرين يبلغ ما ذكر. ومع الحجب يقسم الزائد أرباعا فتصح من ستة
وتسعين، وقس عليهما باقي الصور.
(ولو اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأبوين) وحدهما (فللام الثلث)
إن لم يحجبها إخوة (ولأحد الزوجين فرضه الأعلى، والباقي للأب. ومع
الإخوة) الحاجبين (للأم السدس، والباقي للأب بعد نصيب أحد
الزوجين) إذ لا فرض للأب مع عدم الولد، فللأب حالتان: حالة لا فرض له وهي
إذا لم يجتمع معه ولد، وحالة له السدس فرضا وهي إذا اجتمع مع الولد. وحينئذ إما
أن يرد عليه أو لا. وللأم أيضا حالتان: إما لها الثلث، أو لها السدس. وعلى كل إما
أن يرد عليه أو لا. والبنت إما لها النصف فرضا مع رد أو نقص، أو لا فرض لها،
وهو إذا كان معها ابن. والبنتان إما لهما الثلثان مع رد أو نقص أو بدونهما، أو لا
فرض لهما، ولا فرض للبنين.
(وولد الولد وإن نزل يقوم مقام الولد مع عدم أبيه) أو امه (ومن هو
في طبقته) أو طبقتها، وهو الولد للصلب بالإجماع، وعموم الأولاد والبنات.
وفيه نظر. (ويقاسم الأبوين كأبيه) أو امه وفاقا للمشهور، لدخوله في عموم



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 465 ب 18 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1.
411
الأولاد. وهو ممنوع. ولو سلم لزم كونه كولد الصلب في الفروض مع أنهم إنما
ورثوه نصيب من يتقرب به. ولقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن الحجاج: بنات
البنت يرثن إذا لم تكن بنات كن مكان البنات (1) وفي خبر آخر له ابن الابن إذا لم
يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن، قال: وابنة الابنة إذا لم يكن من صلب
الرجل أحد قامت مقام البنت (2). وفي خبر إسحاق: ابن الابن يقوم مقام أبيه (3).
وفي النهاية (4) أن الأخبار به متواترة (وشرط ابن بابويه (5) في توريثه عدم
الأبوين) لأنهما - الجد والجدة - في درجة الأولاد للصلب، والقريب يمنع البعيد،
كما ينص عليه نحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي أيوب الخزاز: إن في كتاب
علي (عليه السلام)، إن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به، إلا أن يكون وارث أقرب
إلى الميت منه فيحجبه (6). ولقول الكاظم (عليه السلام) في صحيح سعد بن أبي خلف: بنات
الابنة يقمن مقام البنات إذا لم تكن للميت بنات ولا وارث غيرهن، وبنات الابن
يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ولد، ولا وارث غيرهن (7). وقول الصادق (عليه السلام)
في صحيح ابن الحجاج مثله (8). وحمل على معنى ولا وارث من الأولاد للصلب،
ويؤيده ما سمعته.
(والأقرب) من أولاد الأولاد (يمنع الأبعد) اتفاقا (فلا يرث ابن ابن
ابن مع ابن ابن) والعامة (9) يورثون الأبعد مع الأقرب. فلو خلف بنت ابن



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 449 ب 7 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 450 ب 7 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 449 ب 7 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 2.
(4) النهاية: ج 3 ص 191 - 192.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 269.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 487 ب 5 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 449 ب 7 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 450 ب 7 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 4.
(9) كفاية الأخيار: ج 2 ص 16 - 17.
412
وبنت ابن ابن كان لبنت الابن النصف وللأخرى السدس تكملة الثلثين (ويرث)
في المشهور بل كاد يجمع عليه كما قاله المحقق الطوسي (1) (كل منهم نصيب
من يتقرب به).
(فلولد البنت نصيب امه - ذكرا كان أو انثى - وهو النصف مع الانفراد
أو مع الأبوين، ويرد عليه كامه وإن كان ذكرا).
(ولولد الابن نصيب الابن - ذكرا كان أو انثى - وهو جميع المال إن
انفرد، والفاضل عن الفرائض إن اجتمع مع ذوي الفروض، كالأبوين أو
أحد الزوجين).
(ولو انفرد أولاد الابن وأولاد البنت، فلأولاد الابن الثلثان وإن كان)
الموجود منهم (واحدا أنثى، ولأولاد البنت الثلث وإن كان أكثر ذكرا أو انثى).
(ولو كان معهما أبوان فلهما السدسان، والفاضل بينهم على ما بيناه).
(ولو كان هناك أحد الزوجين فله نصيبه الأدنى) على المختار.
(وللأبوين السدسان، والباقي لأولاد الابن ولأولاد البنت أثلاثا)
على ما ذكر، والدليل على ما ذكر ما سمعته من صحيحي سعد وابن الحجاج
الناطقين بقيام بنت الابن مقام الابن، ولأنهم فروع من يتقربون به فلا
يزيدون عليه.
(وأولاد البنت يقتسمون نصيب أمهم، للذكر ضعف الأنثى) كأولاد
الابن (على الأصح) لعموم الأولاد لهم مع الاتفاق في أولاد الابن خلافا
لجماعة، منهم: القاضي (2) والشيخ في المبسوط (3) استنادا إلى قضية التقرب
بالأنثى الاقتسام بالسوية.



(1) لا يوجد لدينا كتابه.
(2) المهذب: ج 2 ص 133.
(3) المبسوط: ج 4 ص 76.
413
(وقيل) في السرائر (1) وبعض المسائل للسيد (2) وحكي عن الحسن (3)
والمصري (4): (إن أولاد الأولاد يتقاسمون المال بينهم تقاسم الأولاد)
لدخولهم في الأولاد حقيقة إجماعا - ولذا حرمت حلائلهم على أبيهم، لقوله
تعالى: " وحلائل أبنائكم " (5) وحرمت الإناث منهم بقوله: " وبناتكم " وحجبوا
الزوجين عن نصيبهما الأعلى والأبوين إلى السدسين، فيدخلون في قوله تعالى:
" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين " (6). ولو خلينا وظاهر الآية
لشركنا بين الأولاد وأولادهم في الإرث مع الاجتماع، ولكن الإجماع صرفها عن
ظاهرها وأوجب أن يكون معناها بطنا بعد بطن - ولأنه لا خلاف في أن أولاد
الابن إذا اختلفوا ذكورة وأنوثة كان للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى وهو المشهور
في أولاد البنت وما هو إلا لشمول الآية لهم، ولأنه يلزم من إرثهم نصيب من
يتقربون به تفضيل البنت الواحدة على بنين كثيرين في بعض الصور والتسوية في
بعض وقد منع شمول الأولاد لهم حقيقة والإجماع عليه. وأما شمول الأحكام
المذكورة لهم فبالإجماع أو السنة، والتزم (7) التسوية بين البنت والابن وتفضيلها
عليه وإن استبعد كما هو لازم في أولاد الإخوة والأخوات والأعمام والعمات.
(خاتمة):
(لا يرث الجد ولا الجدة مع الأبوين) وفاقا للمشهور، لأنهما إنما
يتقربان بهما فلا يشاركانهما، وللأخبار (8) الناطقة بمنع الأقرب الأبعد، وخصوص



(1) السرائر: ج 3 ص 239 - 240.
(2) مسائل في إرث الأولاد (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 262.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 6.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 16.
(5) النساء: 23.
(6) النساء: 11.
(7) في ق: الزم. وعلى أي منهما العبارة غير واضحة.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 467 ب 19 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
414
صحيح الحميري كتب إلى العسكري (عليه السلام): امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها
وجدها وجدتها كيف يقسم ميراثها؟ فوقع (عليه السلام): للزوج النصف وما بقي للأبوين (1)
وخبر أبي بصير سأل الباقر (عليه السلام) عن رجل مات وترك أباه وعمه وجده، فقال:
حجب الأب الجد، والميراث للأب، وليس للعم ولا للجد شيء (2). وقوله (عليه السلام) في
خبر زرارة: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعم الجدة السدس، ولم يفرض الله لها شيئا (3).
وخبر الحسن بن صالح، سأل الصادق (عليه السلام) عن امرأة مملكة لم يدخل بها زوجها
ماتت وتركت امها وأخوين لها من أبيها وأمها وجدها أبا امها وزوجها، قال: يعطى
الزوج النصف وتعطى الام الباقي، ولا يعطى الجد شيئا، لأن ابنته حجبته عن
الميراث ولا تعطى الإخوة شيئا (4) (لكن يستحب للأبوين الطعمة لكل
واحد) فالأب يطعم أباه وامه والأم تطعم أباها وأمها للأخبار (5). وهي في الجدة
كثيرة. وفي الجد خبر سعد بن أبي خلف، سأل الكاظم (عليه السلام) عن بنات بنت وجد؟
قال: للجد السدس، والباقي لبنات البنت (6) وظاهر أبي علي (7) إرث الأجداد
والجدات مع الأبوين، وتوهمه عبارة الفقيه (8) لكنه صرح بعده بخلافه. وخص
الحلبيان (9) والمحقق الطوسي (10) الإطعام بالجد والجدة للأب. والأخبار (11) مطلقة،



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 468 ب 19 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 468 ب 19 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 470 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 467 - 468 ب 19 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 469 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 473 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 15.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 106.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 286 - 287 ذيل الحديث 5650.
(9) الكافي في الفقه: ص 378، الغنية: ص 325.
(10) لا يوجد لدينا كتابه.
(11) وسائل الشيعة: ج 17 ص 497 ب 9 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
415
ومنها ما ينص على التعميم كما سيظهر. والطعمة (بالأقل من سدس الأصل،
والزيادة مع زيادة نصيب المطعم على السدس) فإن المشهور المفهوم من
ظواهر الأخبار (1) إطعام سدس الأصل، فلو أطعمناهم السدس مطلقا بقي الأب
أو الام بلا شيء أو بأقل من نصيبهم. ولعل الإطلاق في الأخبار وكلام الأصحاب
منزل عليه. وأطعمهم أبو علي (2) سدس نصيب المطعم. ويدفعه ظواهر الأخبار،
خصوصا خبر سعد (3) وخبر إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) في أبوين وجدة
قال: للأم السدس، وللجدة السدس، وما بقي وهو الثلثان للأب (4). واشترط
الشهيد في الطعمة زيادة نصيب المطعم بقدر سدس الأصل (5) ابقاء للنصوص على
ظواهرها، مع التحرز عن تفضيل الجد أو الجدة على الأب أو الام. (فلو نقص)
نصيب أحد الأبوين عما زاد على السدس (سقطت الطعمة في حقه دون
الآخر) إن زاد نصيبه.
(فلو خلف أبوين وزوجا وجدا وجدة من قبل الأب وجدا وجدة
من قبل الام استحب للأم طعمة أبويها سدس الأصل) لأن لها الثلث وتكون
الطعمة (بينهما بالسوية) كما قطع به الأصحاب، لتساويهما في الاستحقاق من
غير معارض.
(ولو كان أحدهما كان السدس له ولا طعمة على الأب) لأنه لا يرث
هنا إلا السدس.



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 469 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 105.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 473 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 15.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 472 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 10.
(5) الدروس الشرعية: ج 2 ص 367 درس 188.
416
(فلو كان معهما) أي الأبوين (إخوة) يحجبون الام عن الثلث، انعكس
الأمر، فورثت السدس وورث الأب الثلث ولذا (استحب للأب طعمة أبويه
بسدس الأصل بينهما بالسوية أو) الطعمة (لأحدهما) إن انفرد (دون الام).
(وكذا لو خلف أبويه وإخوة) حاجبين (استحب للأب الطعمة خاصة)
لأن للأم السدس، والباقي للأب.
(ولو خلف أبويه خاصة استحب لكل منهما الطعمة) لأن التركة بينهما
أثلاثا. (ولا يطعم أحدهما أبوي الآخر) ونص عليه الأصحاب وقول
الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق في أبوين وجدة لام: للأم السدس وللجدة السدس،
وما بقي وهو الثلثان للأب (1) وقد يستظهر من مرفوع ابن رباط عنه (صلى الله عليه وآله): الجدة لها
السدس مع ابنها ومع ابنتها (2).
(و) لذلك (لا طعمة للأجداد من الأب إلا مع وجود الأب. وكذا لا
طعمة للأجداد من الام إلا مع وجودها) كما هو منصوص الأصحاب، وظاهر
مرفوع ابن رباط، وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح جميل: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أطعم
الجدة ام الأب السدس وابنها حي، وأطعم الجدة ام الام السدس وابنتها حية (3)
(ولا طعمة للأجداد إذا علوا) للأصل، واختصاص ظواهر النصوص بالأجداد
الأقربين.
(تتمة):
(يحبى الولد) الذكر (الأكبر (4)) - أي من لا أكبر منه - وجوبا، كما في



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 472 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 472 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 471 ب 20 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 9.
(4) في القواعد: يحبى الولد الأكبر الذكر من تركة أبيه.
417
التحرير (1) والجامع (2) والسرائر وفيه: أنه المجمع عليه عند أصحابنا، المعمول به،
وفتاويهم في عصرنا هذا وهو سنة ثمان وخمسمائة عليه بلا خلاف بينهم (3) - أو
استحبابا، كما في الأحمدي (4) والغنية (5) والإصباح (6) والرسالة النصيرية في
الفرائض (7) والمختلف (8) وظاهر الكافي (9). ويدل على الأول، ظاهر لام الملك أو
الاختصاص الواردة في الأخبار (10). ودليل الثاني، الأصل، وعموم نصوص
الإرث، وإجمال نصوص الحبوة لعدم نصوصية اللام في الوجوب. وهو الأقوى،
إلا أن يثبت الإجماع على الوجوب، وهو بمعزل عن الثبوت.
ثم الأقوى ما في الانتصار (11) من الاحتساب عليه بالقيمة من الإرث، لعموم
أدلته من غير معارض فإن اختصاص الأعيان به في الأخبار والفتاوى لا ينافي
الاحتساب، ولقول الصادق (عليه السلام) في حسن حريز: إذا هلك الرجل فترك بنين
فللأكبر السيف والدرع والخاتم والمصحف، فإن حدث به حدث فللأكبر منهم (12).
وأما إنه يحبى من لا أكبر منه وإن لم يكن أكبر من غيره فهو نص الجامع (13) ويدل
عليه قول أحدهما (عليهما السلام) في خبر الفضلاء: إن الرجل إذا ترك سيفا وسلاحا فهو
لابنه، فإن كانوا ابنين فهو لأكبرهما (14) وفي مرسل ابن اذينة: أن الرجل إذا ترك



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 164 س 9.
(2) الجامع للشرائع: ص 509.
(3) السرائر: ج 3 ص 258.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 17.
(5) الغنية: ص 324.
(6) إصباح الشيعة: ص 366.
(7) لا يوجد لدينا.
(8) مختلف الشيعة: ج 9 ص 21.
(9) الكافي في الفقه: ص 371.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 439 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(11) الانتصار: ص 299.
(12) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3.
(13) الجامع للشرائع: ص 509.
(14) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 6.
418
سيفا وسلاحا فهو لابنه، وإن كان له بنون فهو لأكبرهم (1) وإطلاق قول
الصادق (عليه السلام) في خبر شعيب العقرقوفي: الميت إذا مات فإن لابنه السيف والرحل
والثياب ثياب جلده (2) وظاهر الأكثر اشتراط التعدد وتحقق معنى التفضيل حقيقة.
ثم الظاهر اختصاص ولد الصلب بها كما هو نص الإرشاد (3) اقتصارا في
خلاف الأصل على اليقين المتبادر من النصوص. ويحتمل العموم بناء على عموم
الولد حقيقة.
ولابد من تحقق الذكورية، للأصل. ويحتمل القرعة في الخنثى. وربما احتمل
ضعيفا أن يكون لها نصف الحبوة، كما لها نصف النصيبين في الميراث.
وهل يشترط انفصاله حيا عند موت المورث؟ وجهان: من صدق الولد عليه
حقيقة ولذا يعزل له من الميراث، ومن الاشتراط بالذكورية ولا يصدق أن له ولدا
ذكرا إذا كان علقة أو مضغة.
ثم الظاهر اعتبار السن، فلو كان الأصغر بالغا دون الأكبر حبي الأكبر،
واحتمل البالغ والتشريك.
وفي أكثر الكتب أنه يحبى (بثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه) وترك
الخاتم في الخلاف (4) والثياب في الانتصار (5) والغنية (6) والإصباح (7) والرسالة
النصيرية (8) وهو المحكي عن كتاب الاعلام للمفيد (9). وفي الكافي: تخصيص



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 7.
(3) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 120.
(4) الخلاف: ج 4 ص 115 - 116 المسألة 129.
(5) الانتصار: ص 299.
(6) الغنية: ص 324.
(7) إصباح الشيعة: ص 366.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) مصنفات المفيد (كتاب الاعلام): ج 9 ص 53.
419
الثياب بثياب مصلاه (1). والذي في صحيح ربعي بن عبد الله عن الصادق (عليه السلام)، سيفه
ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله وكسوته. كذا في الفقيه (2). وفي الكافي (3)
والتهذيب (4) بزيادة الراحلة. وفي خبر آخر: له سيفه ومصحفه وخاتمه ودرعه (5)
وكذا في حسن حريز عنه (عليه السلام) (6). وفي خبر الفضلاء: السيف والسلاح (7) وكذا في
مرسل ابن اذينة (8). وفي خبر العقرقوفي: السيف والرحل والثياب ثياب الجلد (9)
وكذا في خبر أبي بصير (10).
وهل يعتبر في غير الثياب الإعداد لنفسه كما يعتبر في الثياب على ما يفهم
من ثياب جلده وثياب بدنه؟ وجهان: من أن التملك يكفي في الاختصاص
المصحح للإضافة، ومن أن الأكثر أنه لا يقال لسيف عبد زيد - مثلا - إنه سيف زيد،
مع الأصل.
والظاهر شمول الخاتم لما يختم به ولغيره فإن العرف عممه، ولما يجوز
التختم به وغيره. وكذا الثوب لما يجوز لبسه وغيره، للعموم. وكذا المصحف
والكتب إذا لم يعدها لغيره لمن يحسن قراءتها وفهمها وغيره.
(وعليه قضاء ما فات من الأب من صلاة وصيام) كما سبق، ولذا قيل:



(1) الكافي في الفقه: ص 371.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 346 ح 5746.
(3) الكافي: ج 7 ص 86 ح 4.
(4) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 275 - 276 ح 997.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 439 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 6.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 5.
420
إن الحبوة له بإزاء ذلك حتى اشترطها ابن حمزة بقيامه بذلك (1).
(وإنما يحبى إذا لم يكن سفيها) وفاقا للمقنعة (2) والنهاية (3) والسرائر (4)
والجامع (5) ولم يظهر لنا مستنده (ولا فاسد المذهب) لأنه كرامة لا يليق بها إلا
المؤمن، ولأنه من منفردات المذهب فيلزم المخالف بما يراه. وعلى الاشتراط
بالقيام بالقضاء وأنه بإزائه يزيد إن المخالف لا يقضي أو لا يصح قضاؤه، ولعله
المراد بفساد الرأي في النهاية (6) والجامع (7) واريد الإيمان بسداد الرأي في
الوسيلة (8). ولكن في السرائر إذا لم يكن سفيها فاسد الرأي (9). وفي المقنعة (10)
فكأنه فساد العقل واشتراط انتفائه ظاهر على الاشتراط بالقيام بالقضاء، ولذا
اشترطه ابن حمزة (11) أيضا، وكذا على اشتراط انتفاء السفه بطريق الأولى.
ويحتمل أن يكون هو المراد بالسفه.
(و) اتفقوا على أنه إنما يحبى بشرط أن (يخلف الميت غير ما ذكر. فلو
لم يخلف سواه لم يخص) تحرزا عن الإجحاف بالورثة، ولانتفاء مفهوم
الحباء بدونه. وهما ضعيفان خصوصا إذا احتسب على المحبو بالقيمة. (وكذا لو
قصر النصيب) أي نصيب المحبو (عنه على إشكال): من عموم النصوص،
ومن أنه خلاف الأصل فيقصر على المتيقن، وهو الغالب من زيادة النصيب.
واحتمل الشهيد (12) اعتبار زيادة نصيب كل وارث، تحرزا عن الإجحاف.



(1) الوسيلة: ص 387.
(2) المقنعة: ص 684.
(3) النهاية: ج 3 ص 198.
(4) السرائر: ج 3 ص 258.
(5) الجامع للشرائع: ص 509.
(6) النهاية: ج 3 ص 198.
(7) الجامع للشرائع: ص 509.
(8) الوسيلة: ص 387.
(9) السرائر: ج 3 ص 258.
(10) المقنعة: ص 684.
(11) الوسيلة: ص 387.
(12) الدروس الشرعية: ج 2 ص 363 الدرس 187.
421
(ولو كان الأكبر انثى لم تحب) اتفاقا، للأصل من غير معارض
(واعطي أكبر الذكور) كما نص عليه الشيخ (1) والقاضي (2) وابنا سعيد (3) وقول
الصادق (عليه السلام) في صحيح ربعي: فإن كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور (4).
(ولو كان الأكبر متعددا فالأقوى القسمة) عليهم بالسوية وفاقا
للمبسوط (5) والجامع (6) لعموم الأكبر له. وخلافا للنهاية (7) والمهذب (8) والوسيلة (9)
إذ لا يصدق على أحد منهما أنه أكبر.
(ولو تعددت هذه الأجناس اعطي) الكل (في الثياب) لورودها في
كلام الأصحاب وبعض الأخبار (10) بلفظ الجمع، وسمعت عن الحلبي قصرها على
ثياب مصلاه (11) (وفي الباقي إشكال): لورودها بلفظ الواحد فيحتمل إعطاء
الجميع لأن اسم الجنس يشملها، ولأنه يصدق على كل سيف مثلا أنه سيفه و
(أقربه إعطاء واحد) منها تحرزا من الاجحاف وقصرا لخلاف الأصل على
اليقين. والأقرب أنه (يتخيره الوارث) أي الابن لأنه كرامة له ولا صارف له
عما يتخيره شرعا، أو غيره للأصل وقصر خلافه على اليقين والجمع بين الحقين،
ويحتمل القرعة. وقال ابن إدريس في الثياب وغيرها خص بالذي كان يعتاد لبسه
ويديمه دون ما سواه (12) (وفي العمامة نظر) من التردد في دخولها في الثياب
عرفا خصوصا ثياب البدن كما عبر بها الأكثر، وقد يؤيد الخروج ما دل من



(1) النهاية: ج 3 ص 197.
(2) المهذب: ج 2 ص 132.
(3) الجامع للشرائع: ص 509، شرائع الإسلام: ج 4 ص 25.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 439 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 1.
(5) المبسوط: ج 4 ص 126.
(6) الجامع للشرائع: ص 509.
(7) النهاية: ج 3 ص 198.
(8) المهذب: ج 2 ص 132.
(9) الوسيلة: ص 287.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 439 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
(11) الكافي في الفقه: ص 371.
(12) السرائر: ج 3 ص 258.
422
الأخبار (1) على خروجها عن الكفن. والأقوى دخولها ودخول القلنسوة دون
الخف والنعل ونحوهما، ودون لباس الحرب من الدرع والمغفر ونحوهما إلا
إذا اعتبرنا ما تضمن الدرع من الأخبار (2).
(الفصل الثاني في ميراث) الطبقة الثانية
وهم (الإخوة) وأولادهم (والأجداد)
(ومطالبه ثلاثة):
(الأول في ميراث الإخوة):
(للأخ من الأبوين والأب المنفرد) عمن يرث معه (المال) قرابة،
ولقوله تعالى " وهو يرثها " (3) يعني جميع مالها إن لم يكن لها ولد، كذا قاله
الباقر (عليه السلام) في حسن بكير ومحمد بن مسلم (4) (فإن تعددوا تشاركوا بالسوية).
(وللأخت من قبل الأبوين أو الأب المنفردة النصف) فرضا (والباقي
يرد عليها).
(ولو تعددت فلهما أولهن الثلثان بالسوية) فرضا (والباقي) يرد
عليهن يقسم (بينهن بالسوية).
(ولو اجتمع الذكور والإناث فالمال لهم، للذكر ضعف الأنثى) كل ذلك
بنص الكتاب (5) والإجماع.
(ويمنع المتقرب بالأبوين مطلقا) ذكرا أو انثى (المتقرب بالأب



(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 726 ب 2 من أبواب التكفين.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 439 - 440 ب 3 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ح 2 و 3.
(3) النساء: 176.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 481 - 482 ب 3 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ذيل
الحديث 2.
(5) النساء: 176.
423
خاصة) بالإجماع والنص كقوله (صلى الله عليه وآله) أعيان بني الام أحق بالميراث من ولد
العلات (1) قال الفضل وهذا مجمع عليه (2) من قوله (عليه السلام)، وقول الباقر (عليه السلام): أخوك
لأبيك وامك أولى بك من أخيك لأبيك (3). (ويقوم المتقرب بالأب مقام
المتقرب بالأبوين من الإخوة عند عدمهم، وقسمتهم قسمتهم).
(وللواحد من ولد الام السدس أخا كان أو أختا، والباقي يرد عليه).
(وللاثنين فصاعدا الثلث بالسوية) كما هو ظاهر الآية ونفى عنه الخلاف
بين الامة (والباقي يرد عليهم بالسوية) أيضا (ذكورا كانوا أو إناثا أو
بالتفريق) وفي الحسن: أن بكيرا قال للصادق (عليه السلام): امرأة تركت زوجها وإخوتها
لامها وإخوتها وأخواتها لأبيها، فقال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللإخوة من الام
الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء، وبقي سهم للإخوة والأخوات من الأب، للذكر مثل
حظ الانثيين، لأن السهام لا تعول، ولا ينقص الزوج من النصف والإخوة من الام
من ثلثهم، لأن الله عز وجل يقول: " فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث
وإن كانت واحدة فلها السدس " والذي عنى الله في قوله " وإن كان رجل يورث
كلالة أو امرأة وله أخ أو اخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك
فهم شركاء في الثلث " إنما عنى بذلك: الإخوة والأخوات من الام خاصة، وقال
في آخر سورة النساء: " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس له
ولد وله اخت - يعني أختا لام وأب وأختا لأب - فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن
لم يكن لها ولد وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين " فهم الذين
يزادون وينقصون وكذلك أولادهم الذين يزادون وينقصون (4) ونحوه في صحيح



(1 و 3) الكافي: ج 7 ص 106.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 502 ب 13 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 1 وفيه: " عن
أبي عبد الله (عليه السلام) ".
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 481 - 482 ب 3 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 2.
424
محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) (1).
(ولو اجتمع الإخوة المتفرقون فللمتقرب بالأم السدس إن كان واحدا)
ذكرا أو انثى (والثلث إن كان أكثر بالسوية) كذلك أو بالتفريق (والباقي
للإخوة من الأبوين، للذكر ضعف الأنثى) كما نص على جميع ذلك في
الكتاب (2) وهو من المواضع التي يقدم فيها من قدمه الله وهو الذي فرض له إذا لم
يفرض للإخوة والأخوات للأب إذا اجتمعوا (وسقط المتقرب بالأب) خاصة.
(ولو كان المتقرب بالأبوين واحدا ذكرا فله الباقي. ولو كان انثى فلها
النصف) فرضا (والباقي يرد عليها دون المتقرب بالأم وإن تعدد).
(و) كذا (لو كان المتقرب بالأبوين أختين فلهما الثلثان، وللواحد من
كلالة الام السدس، والباقي يرد على المتقرب بالأبوين خاصة دون
المتقرب بالأم) لأن المتقرب بسببين أولى، قال في المختلف: وادعى أكثر
علمائنا عليه الإجماع (3).
قلت: ويدل عليه نحو قول الصادقين (عليهما السلام) فيما مر من خبري بكير ومحمد بن
مسلم (4): فهم الذين يزادون وينقصون. وخالف الفضل (5) والحسن (6) فردا عليهما
البقية على حسب السهام.
(ولو اجتمع الإخوة من الأب خاصة مع الإخوة من الام) خاصة
(فللواحد من قبل الام) إن لم يكن منهم إلا واحد (السدس، ذكرا كان أو
انثى، والباقي للمتقرب بالأب) قرابة (إن كان ذكرا أو ذكورا وإناثا).
(ولو كان انثى فلها النصف) فرضا (والباقي يرد عليها وعلى الواحد



(1) الكافي: ج 7 ص 103 ح 6.
(2) النساء: 176.
(3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 46.
(4) قد مرا في ص 411.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 46.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 47.
425
من كلالة الام أرباعا) بحسب السهمين (على رأي) الحسن (1) وبني
الجنيد (2) وزهرة (3) وإدريس (4) والشيخ في المبسوط والإيجاز (5) وهو خيرة
التحرير (6) وجماعة، لعدم المرجح لتقرب كل منهما بسبب (وعليها) أو عليهن
(خاصة على رأي) الشيخ في النهاية (7) والاستبصار (8) والصدوق (9)
والقاضي (10) والحلبي (11) وابن حمزة (12) وهو خيرة المختلف (13) (لدخول
النقص) عليها أو عليهن خاصة لو كان هناك زوج أو زوجة، فإن لأحدهما سهمه
النصف أو الربع، ولكلالة الام السدس، والباقي لكلالة الأب. ورد بأنه لا يقتضي
الاختصاص بالرد كالبنت مع الأبوين ولأنه لو كان ذكرا اختص بالرد فكذا الأنثى،
وضعفه ظاهر. (ولما روى) عن محمد بن مسلم (عن الباقر (عليه السلام) في ابن
الأخت لأب وابن اخت لام: إن لابن الأخت للأم السدس، والباقي لابن
الأخت للأب) (14) وهو يقتضي كون الاختين كذلك، لأن أولادهما إنما يرثون
بالتقرب بهما (و) فيه: أن (في طريقها علي بن فضال وفيه قول) لأنه كان
فطحيا. لكن الأصحاب وثقوه وأثنوا عليه كثيرا. وفي الخلاصة أثنى عليه محمد
ابن مسعود كثيرا، وقال: إنه ثقة (15). وكذا شهد له بالثقة الشيخ الطوسي (16)



(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 46.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 46.
(3) الغنية: ص 325.
(4) السرائر: ج 3 ص 260.
(5) المبسوط: ج 4 ص 73، الإيجاز في الفرائض والمواريث (الرسائل العشر): ص 272.
(6) تحرير الأحكام: ج 2 ص 164 س 31.
(7) النهاية: ج 3 ص 203.
(8) الاستبصار: ج 4 ص 168 - 169 ذيل الحديث 637.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 272 - 273.
(10) المهذب: ج 2 ص 134.
(11) الكافي في الفقه: ص 371 - 372.
(12) الوسيلة: ص 389.
(13) مختلف الشيعة: ج 9 ص 46.
(14) وسائل الشيعة: ج 17 ص 494 ب 7 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 1.
(15) الخلاصة: ص 93.
(16) الفهرست: ص 319.
426
والنجاشي (1). فأنا أعتمد على روايته وإن كان مذهبه فاسدا.
(ولو تعدد المتقرب بالأم كان له الثلث، وللأخت للأب النصف،
والباقي يرد عليها خاصة أو) عليهما (أخماسا).
(ولو كان مع الواحد من قبل الام اختان فصاعدا للأب، فللواحد
السدس) أخا كان أو أختا (وللأختين فصاعدا الثلثان، والباقي يرد
أخماسا على الجميع، أو على المتقرب بالأب خاصة على الخلاف).
(ويمنع الإخوة من يتقرب بهم من أولادهم) في المشهور إن لم ندع
الإجماع، للنصوص المتظافرة على أولوية الأقرب (و) كذا يمنعون (أولاد
الأب) الأعلى (من العمومة والعمات والخؤولة والخالات وأولادهم)
بالإجماع، والنصوص (دون الأجداد والجدات) للإجماع، والنصوص.
(وقال) الفضل (بن شاذان: للأخ من الام مع ابن الأخ للأبوين
السدس، والباقي لابن الأخ) لأنه بمنزلة أبيه (2). (وليس بجيد، لأن كثرة
السبب) إنما (تراعى مع تساوي الدرج) ولو تمت حجته لكان إذا اجتمع أخ
لأب مع ابن أخ لأب وام كان المال كله لابن الأخ ولم يقل به.
(ولو دخل الزوج أو الزوجة) مع الإخوة (كان لهما نصيبهما الأعلى.
وللأخ أو الأخت) للأم (أو هما، نصيبهما السدس إن كان واحدا، والثلث
إن كان أكثر بالسوية، والباقي للمتقرب بالأبوين، واحدا كان أو أكثر، ذكرا
كان أو انثى).
(ومع عدمهم) أي المتقربين بالأبوين (فللمتقرب بالأب خاصة)
الباقي (كذلك) فالمتقرب بالأب أو بهما، إما لا فرض له وهو إذا كان أخا أو



(1) رجال النجاشي: ص 257 - 258.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 275 ذيل الحديث 5621.
427
إخوة رجالا ونساء، أو ينقصون عما فرض لهم وهو إذا كان انثى (إلا أن يكون
انثى واحدة مع زوجة) ووحدة كلالة الام إذ تزيد التركة حينئذ (فللزوجة
الربع، وللأخت من قبل الأب) أو قبلهما (النصف وللواحد من كلالة الام
السدس، والباقي) وهو نصف السدس (يرد على الأخت) للأبوين أو
(للأب خاصة، أو عليها وعلى المتقرب بالأم أرباعا على الخلاف)
والنقصان على كلالة الأب أو الأبوين خاصة كما أن الزيادة لهم على المختار،
لنحو ما مر من خبري بكير وابن مسلم (1) وفي حسن آخر لبكير: إنه جاء رجل إلى
الباقر (عليه السلام) فسأله عن امرأة تركت زوجها وإخوة لامها وأختا لأبيها، فقال: للزوج
النصف ثلاثة أسهم، وللإخوة من الام سهمان، وللأخت من الأب سهم. فقال له
الرجل: فإن فرائض زيد وفرائض العامة والقضاة على غير ذا يا أبا جعفر! يقولون:
للأخت من الأب ثلاثة أسهم، تصير من ستة، تعول إلى ثمانية، فقال (عليه السلام): ولم قالوا
ذلك؟ فقال: لأن الله عز وجل يقول: " وله اخت فلها نصف ما ترك " فقال (عليه السلام): فإن
كانت الأخت أخا، قال: فليس له إلا السدس، فقال (عليه السلام): فما لكم تنقصون الأخ إن
كنتم تحتجون للأخت النصف، بأن الله سمى لها النصف، فإن الله قد سمى للأخ
الكل، والكل أكثر من النصف، لأنه قال: فلها النصف، وقال للأخ: وهو يرثها، يعني:
جميع مالها إن لم يكن لها ولد، فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض
فرائضكم شيئا وتعطون الذي جعل الله له النصف تاما (2).
(المطلب الثاني في ميراث الأجداد):
(للجد المنفرد) وإن علا (المال، وكذا الجدة) قرابة (سواء كان لأب
أو لام) أو لهما.



(1) قد مرا في ص 411.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 482 ب 3 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 3.
428
(ولو اجتمع الجد والجدة تساويا إن كانا لام) كالأخ والأخت لها،
للاشتراك في الإرث للمتقرب بها، وللأصل من غير معارض، وتضافر الأخبار (1)
بكون الأجداد كالإخوة (و) لذلك (إن كانا لأب) أو لهما (فللجد الثلثان،
وللجدة الثلث) وإن اختصت الأخبار بحال الاجتماع مع الإخوة. وأكثر
الأصحاب مطبقون عليها. وتردد أبو علي، فقال: وذوو أرحام الام أيضا (2). فالذي
دل عليه الدليل: أنهم يتقاسمون ما أحرزوه لجهة الام، للذكر مثل حظ الانثيين،
لأنه صار كميراثهم منها. ولنا في هذا نظر. قال في المختلف: وهذا يدل على توقفه
في ذلك وتردده، وهو جيد (3) (وللجد أو الجدة أو لهما لام مع جد أو جدة أو
هما لأب الثلث إن كان واحدا أو أكثر) يقسم بينهما (بالسوية، والباقي للجد
أو الجدة أو لهما للأب) يقسم بينهما (أثلاثا) وارث الفريق الأول الثلث
والثاني الباقي، هو المشهور وحكي عليه الإجماع في الخلاف (4) لأنهما يرثان
نصيب من يتقربان به، ولصدق الام على الجدة لها - وفيه نظر - ولقول الباقر (عليه السلام)
في خبر محمد بن مسلم: إذا لم يترك الميت إلا جده أبا أبيه، وجدته ام امه فإن
للجدة الثلث، وللجد الباقي، قال: وإذا ترك جده من قبل أبيه، وجد أبيه، وجدته
من قبل امه، وجدة امه، كان للجدة من قبل الام الثلث، وسقطت جدة الام، والباقي
للجدة من قبل الأب وسقط جد الأب (5). وأعطى الحسن ام الام السدس وام الأب
النصف، ورد عليهما الباقي (6) بحسب ذلك تنزيلا لهما منزلة الاختين. والصدوق (7)



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 488 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 104.
(3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 104.
(4) الخلاف: ج 4 ص 88 المسألة 98.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 498 ب 9 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 2.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 23.
(7) لم نعثر عليه في كتبه ونقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 23.
429
أبا الام السدس وأبا الأب الباقي تنزيلا لهما منزلة الأخوين. ونص الحلبيان (1)
والكيدري (2) على أنه إذا اتحد الجد من الام فله السدس، ذكرا كان أو انثى، وإذا
اجتمعا كان لهما الثلث ككلالة الام.
(ولو دخل زوج أو زوجة كان لهما نصيبهما الأعلى: النصف للزوج،
والربع للزوجة، وللجد أو الجدة أو هما للأم ثلث الأصل) على المختار،
وسدسه على الآخر (والباقي للجد أو الجدة أو لهما للأب) فالنقص عليهما
كما هو على الأب إذا اجتمع مع الام وعلى كلالته إذا اجتمع مع كلالتها.
(ويمنع الجد والجدة - لأب كانا أو لام - كل من يتقرب بهما من
آبائهما وأجدادهما وأولادهما، وهم العمومة والعمات والخؤولة والخالات
وأولادهم) للقاعدة المستمرة من منع الأقرب الأبعد. وقال يونس بن
عبد الرحمن: إن ترك ام أبيه وعمته وخالته فالمال بينهن (3). قال الفضل: غلط
هاهنا في موضعين، أحدهما: أنه جعل للخالة والعمة مع الجدة ام الأب نصيبا،
والثاني: أنه سوى بين الجدة والعمة، والعمة إنما يتقرب بالجدة (4) (ولا يمنعون
الإخوة والأخوات ولا أولادهم) بل يقاسمونهم بالإجماع والنصوص
المتضافرة. وأسقط العامة (5) كلالة الام مع الجد للأب، ولهم قول (6) بسقوط كلالة
الأبوين أو الأب مع الجد له [والجد الأعلى ذكرا كان أو انثى يمنع العم والعمة
والخال والخالة وأولادهم] (7). (والجد للأم يمنع أبا الجد للأب) وامه كما



(1) الكافي في الفقه: ص 372، الغنية: ص 324 - 325.
(2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 23.
(3) نقله عنه في الكافي: ج 7 ص 118 ذيل الحديث 16.
(4) نقله عنه في الكافي: ج 7 ص 118 ذيل الحديث 16.
(5) مختصر المزني: ص 138.
(6) الام: ج 4 ص 81.
(7) أثبتناه من القواعد.
430
يمنع أباه وامه، لكونه أقرب (وكذا الجد للأب يمنع أبا الجد للأم) وامه
(وكذا الأنثى) تمنع الأبعد ذكرا أم انثى.
(ومع فقد الأجداد الدنيا) ذكورا وإناثا (يرث أجداد الأب وأجداد
الام) ثم أجداد الجد وأجداد الجدة وهكذا، وهم في المرتبة الاولى أربعة، وفي
الثانية ثمانية، وفي الثالثة ستة عشر وهكذا.
(فلو ترك) الأجداد الثمانية بأن ترك (جد أبيه وجدته) أي جدة أبيه
كلاهما (لأبيه) أي أب الأب (وجده) أي أبيه (وجدته لامه) أي لام أبيه
(وجد امه، وجدتها لأبيها وجدها وجدتها لامها، كان لأجداد الام)
الأربعة (الثلث) بينهم (بالسوية، والثلثان لأجداد الأب، ثلثاهما للجدين
من قبل أبيه) وبينهم (أثلاثا والثلث للجدين من قبل امه كذلك) هذا هو
المشهور، لأن القبيل الأول بمنزلة كلالة الام فهم شركاء في الثلث، والثاني بمنزلة
كلالة الأب فللذكر مثل حظ الانثيين (وينقسم) التركة عليهم (من مائة
وثمانية) فإن أصلها ثلاثة، واحد للقبيل الأول وسهامهم أربعة بعدد رؤوسهم،
واثنان للثاني وسهامهم تسعة، ليكون لها ثلث ولثلثها ثلث فنضرب الأربعة في
التسعة، والحاصل في ثلاثة يحصل مائة وثمانية. وقال المصري: ثلث الثلث
لأبوي ام الام بالسوية وثلثاه لأبوي أبيها بالسوية فسهامهم ستة، وثلث الثلثين
لأبوي ام الأب بالسوية وثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثا فسهامهم ثمانية عشر، ليكون
لها ثلث له نصف ولثلثيها ثلث، ويدخل فيها الستة فنضربها في أصل المسألة يبلغ
أربعة وخمسين (1). ودليله أن نصيب الام وهو الثلث هو الذي ينتقل إلى أبويها ثم
ينتقل منهما إلى أبويهما، فهو بمنزلة تركة الام تنتقل منها إلى أبويها فثلثه لامها
والباقي لأبيها، ثم ينتقل كل من الثلث والباقي إلى الأجداد، فإنما ينتقل إلى أبوي



(1) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 2 ص 370 درس 190.
431
الام ثلثها وينتقل الباقي إلى أبوي الأب، وإنما يقسم بينهما بالسوية لأنه الأصل
مع أنهما إنما ورثاه لجديتهما للميت. وقد اطلق في الأخبار (1) وكلام الأصحاب:
أن الجد للأم ككلالتها والجدية تشمل الدنيا والعليا، ثم نصيب الأب وهو
الثلثان ينتقل إلى أبويه أثلاثا، ثم منهما إلى أبويهما، فثلث الام ينتقل إلى
أبويها، وإنما يقسم بينهما بالسوية، للأصل، وصدق الجدية للأم عليهما أيضا
ورثوا بالنسبة إلى أبي الميت، وثلثا الأب ينتقل إلى أبويه أثلاثا، لعدم صدق
الجدية للأم عليهما بوجه. وقيل نصيب قرابة الأب يقسم بينهم (2) كما قاله الأكثر،
ونصيب قرابة الام ثلثه لأبوي ام الام بالسوية وثلثاه لأبوي أبيها أثلاثا، فسهام
قرابة الأب تسعة، وسهام قرابة الام ثمانية عشر، يدخل فيها التسعة فنضربها في
أصل المسألة يبلغ أربعة وخمسين، ودليله: أن لغير أبوي ام الام جدية للأب، أما
بالنسبة إلى الميت أو إلى أبيه أو امه، فللذكر مثل حظ الانثيين، وليس لهما ذلك
بوجه، فيقسم بينهما بالسوية.
(ولو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على أجداد الأب الأربعة
دون أجداد الام) لما مر (بسهمهما الأعلى) وهو النصف أو الربع، فيبقى على
المشهور مع الزوج لقرابة الأب ثمانية عشر من مائة وثمانية، ثلثها وهو ستة
للجدين من امه أثلاثا، وثلثاها لهما من أبيه كذلك، وقد كان لهم قبل ذلك اثنان
وسبعون، منها أربعة وعشرون منها للجدين لامه للجدة ثمانية وللجد ستة عشر،
فنقصت الجدة ستة والجد اثنى عشر، وثمانية وأربعون منها للجدين لأبيه ستة
عشر للجدة وللجد اثنان وثلاثون، فنقصت الجدة اثنى عشر والجد أربعة
وعشرون، ويبقى لهم مع الزوجة خمسة وأربعون للجدين من الام خمسة عشر



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 488 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) النهاية: ج 3 ص 216.
432
أثلاثا، فنقصت الجدة ثلاثة والجد ستة، ولهما من الأب ثلاثون أثلاثا فنقصت
الجدة ستة والجد اثنى عشر، ويبقى لهم مع الزوج تسعة على القولين الآخرين،
لكن ينقسم عليهم على القول الثالث، فإن ثلثه للجدين من الام أثلاثا وستة لهما
من الأب كذلك. ولا ينقسم على قول المصري، فإن الثلاثة لا ينقسم على الجدين
من الام بالسوية، فلابد من ضرب الاثنين في الأربعة والخمسين فيبلغ مائة
وثمانية، ويبقى لهم ثمانية عشر كما في المشهور.
(ويشارك الأجداد وإن علوا الإخوة وأولادهم وإن نزلوا) كما عرفت،
والتكرير ليصل به ما بعده أو المراد المشاركة بالسوية، وهي أيضا منصوصة. وقال
الشافعي: يدفع إلى الجد خير الأمرين من الثلث والمقاسمة (1). وقال بعضهم له
المقاسمة أو نصف السدس (2). ورووا عن علي (عليه السلام): أن له المقاسمة أو السدس (3)
وأن له المقاسمة أو السبع (4) وأن له المقاسمة أو الثمن (5). وعندنا (فإذا اجتمعوا
كان الجد من الأب كالأخ من قبله أو من قبل الأبوين، والجدة كالأخت،
والجد من الام كالأخ من قبلها، وكذا الجدة) كالأخت، للأخبار المتضافرة،
كحسن الفضلاء عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن الجد مع الإخوة من الأب يصير مثل
واحد من الإخوة ما بلغوا، قال قلت: رجل ترك أخاه لأبيه وامه وجده أو
قلت: جده وأخاه لأبيه أو أخاه لأبيه وامه قال: المال بينهما وإن كانا أخوين أو
مائة ألف فله مثل نصيب واحد من الإخوة، قال: قلت: رجل ترك جده واخته؟
فقال: للذكر مثل حظ الانثيين، وإن كانتا أختين فالنصف للجد والنصف الآخر
للأختين، وإن كن أكثر من ذلك فعلى هذا الحساب، وإن ترك إخوة وأخوات لأب
وام أو لأب وجد فالجد أحد الإخوة، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين، وقال



(1) مختصر المزني: ص 142.
(2) المغني لابن قدامة: ج 7 ص 69.
(3) المجموع: ج 16 ص 117.
(4) المجموع: ج 16 ص 117.
(5) انظر المحلى: ج 9 ص 284.
433
زرارة: هذا مما لا يؤخذ علي فيه، قد سمعته من أبيه ومنه قبل ذلك وليس عندنا
في ذلك شك ولا اختلاف (1).
(ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذا نصيبهما الأعلى، واقتسم الأجداد
والإخوة كما قلنا).
(فإذا اجتمع جد وجدة أو أحدهما من قبل الام مع إخوة لها كان
الثلث بينهم، للذكر مثل الأنثى) للأخبار (2) الناطقة بالمساواة مع الأخ. ويمكن
أن يحمل عليه نحو قول الباقر (عليه السلام) في خبر أبي بصير: أعط الأخوات من الام
فريضتهن مع الجد (3). وقول الصادق (عليه السلام) في خبر الحلبي: للإخوة للأم فريضتهم،
الثلث مع الجد (4) ويؤيده قوله (عليه السلام) في خبر آخر له: للإخوة من الام مع الجد
نصيبهم، الثلث مع الجد (5) وفي صحيح ابن سنان إنه قال للصادق (عليه السلام): فإن كان مع
الأخ للأم جدة؟ قال: يعطى الأخ للأم السدس، ويعطى الجد الباقي، قال: فإن كان
أخ لأب وجد؟ قال: المال بينهما سواء (6) ولعل المراد الجد للأب.
(وإن اجتمع جد أو جدة أو هما لأب مع أخ أو اخت أو هما للأبوين
أو للأب كان الجد كالأخ والجدة كالأخت) بالإجماع على ما في الخلاف (7)
ففي الجد مع الأخت للذكر ضعف ما للانثى، وكذا الأخ مع الجدة، وكذا الجد
والجدة مع الأخ أو الأخت أو هما، وللجدة مع الأخت الثلثان، وللجد مع الأخ
المال، أو الباقي بعد نصيب كلالة الام والزوج أو الزوجة إن كان. فعن الباقر (عليه السلام)



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 490 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 488 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 496 ب 8 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 496 ب 8 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 496 ب 8 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 495 ب 8 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 1.
(7) الخلاف: ج 4 ص 98 المسألة 109.
434
في صحيح أبي عبيدة في رجل مات وترك امرأته واخته وجده، قال: هذه من
أربعة أسهم: للمرأة الربع، وللأخت سهم، وللجد سهمان (1). وسأل زرارة
الصادق (عليه السلام) في الصحيح عن رجل ترك أخاه لأبيه وامه وجده، قال: المال بينهما،
ولو كانا أخوين أو مائة كان الجد معهم كواحد منهم، للجد ما يصيب واحدا من
الإخوة قال: وإن ترك اخته فللجد سهمان، وللأخت سهم، وإن كانتا أختين فللجد
النصف وللأختين النصف، وقال: إن ترك إخوة وأخوات من أب وام كان الجد
كواحد من الإخوة للذكر مثل حظ الانثيين (2). وسأله (عليه السلام) ابن سنان في الصحيح
عن أخ من أب وجد، فقال: المال بينهما سواء (3). وفي المقنع: وإن ترك أختا لأب
وام وجدا فللأخت النصف وللجد النصف، فإن ترك أختين لأب وام أو لأب وجدا
فللأختين الثلثان وما بقي فللجد (4) ويوافقه خبر الحلبي والكناني والشحام وأبي
بصير جميعا عن الصادق (عليه السلام) في الأخوات مع الجد: إن لهن فريضتهن، إن كانت
واحدة فلها النصف، وإن كانتا اثنتين أو أكثر من ذلك فلهما الثلثان، وما بقي
فللجد (5) وهو إن لم يكن حكاية ما عند بعض العامة يمكن حمله على الجد للأم.
(فإذا اجتمع الإخوة المتفرقون مع الأجداد المتفرقين، كان للإخوة
والأجداد من قبل الام الثلث بالسوية) ذكورا أو إناثا أو متفرقين (والباقي
للإخوة والأخوات من قبل الأبوين، والأجداد والجدات من قبل الأب
بالسوية) بين الذكور من الإخوة والأجداد وكذا بين الأناث (وسقط الإخوة
والأخوات من قبل الأب).



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 500 ب 11 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 491 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 13، وفيه عن
أبي جعفر (عليه السلام).
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 488 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 1.
(4) المقنع: ص 498.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 492 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 17 و 18.
435
(ولو اجتمع الجد أو الجدة أو هما من قبل الأب مع الأخ أو الأخت
أو هما من الام كان للأخ أو الأخت السدس، والباقي للأجداد من قبل
الأب) خلافا للعامة فأسقطوا مع الجد للأب كلالة الام، كما عرفت (وإن كان
واحدا انثى على إشكال) في الواحدة الأنثى من إطلاق الأصحاب والأخبار
أنها كالأخت فإن كانت كالأخت من الأبوين اختصت بالرد قطعا كما ادعى الأكثر
الإجماع عليه (1) وإن خالف فيه الفضل (2) والحسن (3) وإن كانت كالأخت من الأب
جرى فيها الخلاف السابق في الأخت، ومن أنها غير ذات فريضة ولا نص على
الرد عليها وعلى كلالة الام جميعا فاختصت بالباقي.
(ولو كانا) أي كلالة الام (اثنين كان لهما الثلث، والباقي للأجداد من
قبل الأب) وإن كان واحدا انثى على إشكال.
(ولو كان الجد أو الجدة أو هما من قبل الام مع أخ أو اخت أو هما
من قبل الأبوين أو الأب، كان للجد أو الجدة أو هما من قبل الام الثلث)
بالسوية بينهما (والباقي للإخوة من قبل الأبوين) أو الأب ذكورا أو إناثا أو
بالتفريق. (وفي الأخت المنفردة من قبل الأب إشكال) في اختصاصها بالرد
أو اشتراكه بينها وبين الجد للإشكال فيما إذا اجتمعت مع كلالة الام، وأيضا من
التساوي في الدرجة وإطلاق النصوص بكون الجدودة كالإخوة فيشتركان في
الرد، ومن اختصاص النص بالأخت مع الإخوة للأم دون الجدودة ولا فريضة لهم
فيختص بهم الرد.
(ولو اجتمع مع الأجداد للأب إخوة من قبله أو من قبل الأبوين
وأجداد من قبل الام، كان للجدين من قبل الام أو لأحدهما الثلث) على
المشهور، والسدس على قول مضى (والثلثان للأجداد والإخوة من قبل



(1) الخلاف: ج 4 ص 88 المسألة 97.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 47.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 46.
436
الأب) للذكر مثل حظ الانثيين. وقد سمعت أن للعامة (1) قولا بسقوط كلالة
الأبوين أو الأب مع الجد للأب.
(ولو اجتمع مع الإخوة الأجداد العليا والدنيا، كان المقاسم للإخوة
الدنيا دون العليا) لما عرفت من حجب الأقرب الأبعد.
(ولو فقد الأدنى ورث الأبعد، ولا) يحجبه الإخوة، لاختلاف الجهة،
وعموم (2) الأخبار بمقاسمة الجد الإخوة. ولا يشترط عندنا في حجب القريب من
الأجداد البعيد اتحاد الجهة، فلا (يرث الأعلى للأب مع الأدنى للأم، وكذا
العكس) وعن ابن مسعود (3) اشتراطه.
(ولو خلف مع الأجداد الثمانية أخا لأب، كان لأجداد الام الثلث)
بينهم (بالسوية) على المشهور (والباقي للأخ والأجداد من قبل الأب)
وهو ظاهر (والأقرب أنه يأخذ مثل نصيب الجد من قبل أبي الأب) لا من
قبل امه فإنه لو كان مكان هذا الجد أبو الأب لكان للأخ مثل نصيبه فكذا معه
ولتساويهما في التقرب إلى الميت بالأبوة خاصة. ويحتمل ضعيفا أن يكون له مثل
نصيب الجد من قبل امه لصدق الجد للأب عليه أيضا.
(وهل يوفر ثلث الثلثين على جد ام الأب وجدتها) أي الجد والجدة
لامه (ويقسم ثلثا الثلثين على الأخ والجد والجدة من قبل أبي الأب
أخماسا الأقرب ذلك) لمثل ما مر من مساواته لهما في عدم التقرب إلا بالأبوة
(فيصح من خمسمائة وأربعين) فإن سهام قرابة الأب حينئذ خمسة وأربعون،
ليكون لها ثلث ولثلثها ثلث وخمس، وذلك بضرب الخمسة في التسعة ثم بضرب
الأربعة سهام قرابة الام في الخمسة وأربعين، والحاصل في ثلاثة يبلغ ذلك لقرابة



(1) الام: ج 4 ص 81.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 488 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(3) المغني لابن قدامة: ج 7 ص 57.
437
الام مائة وثمانون بينهم بالسوية ولقرابة الأب ثلاثمائة وستون، لأبوي ام
الأب مائة وعشرون، ويقسم الباقي وهو مائتان وأربعون بين الأخ وأبوي
أبي الأب أخماسا، خمسها وهو ثمانية وأربعون لامه، ولكل من الباقين خمساها
وستة وتسعون.
(ويحتمل دخول النقص على أجداد الأب الأربعة) لاشتراك الكل في
التقرب بأبي الميت (فتصح من مائة وست وخمسين، لأنك تضرب أربعة
سهام أجداد الام في أصل الفريضة وهي ثلاثة) كما كنت تفعل سابقا (تصير
اثني عشر، ثم تضرب ثلاثة عشر) وهي (سهام أجداد الأب وهي تسعة)
كما عرفت (وسهام الأخ وهي أربعة) كأبي أبي الأب (في اثني عشر)
والموافق لما سنذكره من الضابط أن يضرب الأربعة في الثلاثة عشر والمجتمع في
الثلاثة، لقرابة الأب مائة وأربعة (فللأخ اثنان وثلاثون، وكذا لجد الأب من
أبيه ولجدة الأب من أبيه ستة عشر، وكذا لجد الأب من امه، وثمانية لجدة
الأب من امه، ولكل من أجداد الام ثلاثة عشر. وكذا) الكلام (لو تعددت
الإخوة من الأب أو) الأبوين، أو كان الأخ واحدا أو كثيرا (من الام) لكن
الأقرب فيه أنه يأخذه مثل نصيب الجد من ام الام. وهل يدخل النقص على أجداد
الام الأربعة أو يختص به أبو ام الام؟ فيه الوجهان، والأقرب الثاني.
(ولو شارك الأجداد الثمانية أحد الزوجين أخذ نصيبه الأعلى،
والثلث للأجداد الأربعة من قبل أبوي الام) بلا نقص (ودخل النقص على
أجداد الأب الأربعة) خاصة كالكلالة. (وقد يتفق مع تباعد الدرج كون
الجد من قبل الأبوين) كأن يكون لزيد ابنان عمرو وبكر ولعمرو ابن اسمه خالد
ولبكر بنت اسمها خديجة فتزوجها خالد وأولدها سلمان فزيد جده من أبويه، وإذا
اجتمع مع جد للأب وجد للأم مساويين له في الدرجة كأن يكون في المثال ام
خالد زهرة بنت أحمد فهو جد سلمان لأبيه وام خديجة فاطمة بنت محمد فهو

438
جده لامه (فالأقرب أنه يمنع الجد للأب دون الجد للأم) كما أن الأمر
كذلك إذا اجتمع الإخوة المتفرقون، لإطلاق النصوص من الأخبار (1) والأصحاب
بأنهم كالإخوة (لكن للجد للأم معه الثلث) على المختار. ويحتمل عدم
الحجب، لتساوي الجدين في الدرجة، وكون اجتماعهما من قبل اجتماع ذي
القرابتين مع ذي قرابة، وانتفاء ما في الإخوة من الإجماع وهو خيرة التحرير (2).
(ولو خلف الأجداد الأربعة من قبل الأب مع جد واحد للأم كان
للجد الواحد الثلث) على المختار لأنه يرث نصيب الام واحدا كان أو كثيرا وله
السدس على قول عرفته (والباقي للأجداد الأربعة) كما كان الباقي للأب إذا
ورث الأبوان يقسم بينهم كما عرفت.
(المطلب الثالث في ميراث أولاد الإخوة والأخوات):
(وهؤلاء يقومون مقام آبائهم مع عدمهم) وعدم من في درجتهم من
الكلالة. وفي الكافي للكليني: أنه ورث الفضل ابن الأخ للأبوين أو للأب وابنته مع
الأخ للأم، وابن ابن الأخ للأب أو لهما فنازلا مع ابن الأخ للأم، وكذا ابن الأخت
وبني الأخوات لهما مع اخت لها، لاختلاف جهة القرابة، قال: ولا يشبه هذا ولد
الولد لأن ولد الولد هم ولد يرثون ما يرث الولد ويحجبون ما يحجب الولد
فحكمهم حكم الولد، وولد الإخوة والأخوات ليسوا بإخوة ولا يرثون ما ترث
الإخوة ولا يحجبون ما تحجب الإخوة، لأنه لا يرث مع أخ لأب ولا يحجبون
الام، وليس سهمهم بالتسمية كسهم الولد، إنما يأخذون من طريق سبب الأرحام
ولا يشبهون أمر الولد (3). قلت: يعني أن أولاد الإخوة لا يرثون لكونهم إخوة كما
أن أولاد الأولاد إنما يرثون لكونهم أولادا، بل لدخولهم في اولي الأرحام، فلا



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 488 ب 6 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 165 س 3.
(3) الكافي: ج 7 ص 107 - 108 ذيل الحديث 10.
439
يحجب الأخ من الام ولد الأخ من الأب وإن كان أقرب منه، كما أن الجد الأدنى لا
يحجبه، لأن الأقرب إنما يحجب الأبعد مع اتحاد الجهة وهو إن تم أدى إلى أن
الأخ للأب أيضا لا يحجب أولاد الأخ للأم. وقد نص فيه على موافقة المشهور،
وقال: لأنه أقرب ببطن وقرابتهما من جهة واحدة. والفرق غير ظاهر. وسائر
الأصحاب إنما حكوا عنه إرث ولد الأخ للأبوين مع الأخ للأم، واستدلوا له
باجتماع سببين له، وردوه بأنه إنما يفيد مع التساوي في الدرجة (ويرث كل منهم
نصيب من يتقرب به، فإن كان واحدا فله) تمام (النصيب، وإن كان أكثر
اقتسموه بالسوية، إن كانوا ذكورا أو إناثا، أو اختلفوا وكانوا من قبل الام).
(ولو اختلفوا من قبل الأب أو الأبوين كان للذكر مثل حظ الانثيين)
ولا عمل عندنا على خبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام)، قال له: بنات أخ وابن
أخ، قال: المال لابن الأخ، قال: قرابتهم واحدة، قال: العاقلة والدية عليهم، وليس
على النساء شيء (1) وهو مع الضعف يحتمل الإرث بالولاء وحكاية ما عندهم.
وأيضا إذ كانوا يرثون نصيب من يتقربون به (فلأولاد الأخ للأب أو لهما إذا
انفردوا المال) قرابة لا فرضا، واحدا أو متعددا، ذكرا أو انثى، أو بالتفريق إذ لا
فرض للأخ (وإن اجتمعوا مع ذي فرض فلهم الباقي) إذ لا فرض لهم
(ولأولاد الأخت للأبوين أو للأب مع عدم المتقرب بالأبوين النصف)
فرضا (والباقي يرد عليهم إن لم يشاركهم غيرهم).
(ولو كانوا أولاد أختين فصاعدا كان لهم الثلثان) فرضا (والباقي يرد
عليهم) وإن كان واحدا لجواز اتفاقه عند تباعد الدرجة.
(ولو دخل الزوج أو الزوجة عليهم كان له نصيبه الأعلى، والباقي لهم).
(ويقوم أولاد كلالة الأب مقام أولاد كلالة الأبوين مع فقدهم، ولا
يرثون معهم شيئا).



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 488 ب 5 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 13.
440
(ولأولاد الأخ أو الأخت من الام السدس بالسوية) وإن تعددوا
واختلفوا ذكورة وأنوثة.
(ولو كانوا أولاد اثنين فصاعدا) من كلالة الام (كان لهم الثلث، لكل
فريق منهم نصيب من يتقرب به بالسوية) إن تعدد (فلأولاد الأخ سدس
وإن كان واحدا، ولأولاد الأخت سدس وإن كانوا مائة) وكذا إن انعكس
الأمر، وكذا لأولاد أحد الأخوين أو الاختين سدس، ولأولاد الآخر أيضا سدس
وإن اتحد أحد القبيلين وتعدد الآخر. وإن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما وابنة ابن
أخ كذلك، فإن اتحد الأخ كان للانثى ضعف ما للذكر. وإن تعدد كان المال بينهما
نصفين. وإن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما وابنة ابنة أخ (1) كذلك واتحدت امهما
كان للذكر مثل حظ الانثيين، وإلا فبالسوية.
(ولو اجتمع أولاد الكلالات الثلاث كان لأولاد كلالة الام الثلث إن
كان المنسوب إليه) من الكلالة (أكثر من واحد، لكل فريق نصيب من
يتقرب به) كما عرفت (والسدس إن كان) المنسوب إليه (واحدا. ولأولاد
كلالة الأب والأم الثلثان) إن ورث الأولون الثلث فرضا إن كانوا أولاد أختين،
وإلا فقرابة أو وفرضا (أو الباقي) إن ورث الأولون السدس، إما قرابة خاصة أو
وفرضا (فإن كانوا أولاد أخ أو أولاد اخت تساووا) في النصيب، بمعنى
تساوي الذكور وتساوي الإناث ولكن (للذكر ضعف الأنثى، وإن كانوا أولاد
أخ وأولاد اخت) لم تتساو ذكورهم ولا إناثهم (فلأولاد الأخ الثلثان من
الباقي، للذكر ضعف الأنثى، ولأولاد الأخت الثلث، للذكر ضعف الأنثى،
ويسقط أولاد كلالة الأب).
(ولو دخل عليهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى ولمن تقرب



(1) في ن: بدل أخ " اخت ".
441
بالأم ثلث الأصل إن كانوا أولاد أخ وأخت أو أولاد أخوين أو أختين،
والسدس إن كانوا أولاد) أخ (واحد) أو اخت واحدة من غير دخول نقص
عليهم ولا الزيادة لهم (والباقي لأولاد كلالة الأبوين، زائدا كان أو ناقصا.
فإن لم يكونوا فلأولاد كلالة الأب خاصة) فهم الذين يزادون وينقصون دون
أولاد كلالة الام كما نطقت به النصوص، كما تقدم من قول الصادقين (عليهما السلام) في
خبري بكير ومحمد بن مسلم (1).
(ولو حصل رد) مع اجتماع أولاد كلالة الام مع أولاد إحدى الكلالتين
الباقيتين (اختص بأولاد الإخوة من الأبوين) أو الأب لما عرفت (ولو
كانوا أولاد أخ أو اخت لام وأولاد اخت لأب خاصة، ففي الرد الخلاف)
المتقدم في كلالة الام مع اخت لأب.
(ولو اجتمع معهم الأجداد قاسموهم كما يقاسمهم الإخوة) كما عرفت.
(ولو خلف ابن أخ وبنت ذلك الأخ) وكان الأخ (لأب، وابن اخت
وبنت تلك الأخت له، وابن أخ وبنت ذلك الأخ لام، وابن اخت وبنت تلك
الأخت لام مع الأجداد الثمانية، أخذ الثلثين الأجداد من قبل الأب مع
أولاد الأخ والأخت) للأب (الأربعة) ولانتسابهم إلى الأب يقسم بينهم
أثلاثا (فللجد والجدة) من قبل أبي الأب (وأولاد الأخ والأخت) للأب
(ثلثا الثلثين) ثم ثلثا الثلثين أيضا يقسم بينهم أثلاثا (للجد وأولاد الأخ ثلثا
ذلك، نصفه للجد ونصفه لأولاد الأخ) أثلاثا (والثلث) أي ثلث ثلثي
الثلثين (للجدة وأولاد الأخت نصفه للجدة ونصفه لأولاد الأخت) يقسم
بينهم (أثلاثا، وثلثهما) أي الثلثين (للجد والجدة من قبل ام الأب) أثلاثا
(والثلث) أي ثلث الأصل (للأجداد الأربعة من الام، ولأولاد الإخوة من



(1) تقدما في ص 411.
442
قبلها أسداسا) على المشهور و (لكل جد سدس، ولأولاد الأخ للأم
سدس) بالسوية (ولأولاد الأخت) لها (سدس آخر) بالسوية (وتصح
من ثلاثمائة وأربعة وعشرين) فإن أصل الفريضة ثلاثة ثلثها لقرابة الام لا
ينقسم عليهم، فتضرب الستة في الثلاثة يبلغ ثمانية عشر، لقرابة الام ستة لا تنقسم
عليهم إذ لابد من نصف للسدس، فنضرب اثنين في الثمانية عشر يبلغ ستة
وثلاثين، لقرابة الام اثنا عشر، ولقرابة الأب أربعة وعشرون، ثلثها وهو ثمانية
للجد والجدة من قبل ام الأب أثلاثا، لا ينقسم عليهم، فنضرب ثلاثة في ستة
وثلاثين يبلغ مائة وثمانية، لقرابة الام ستة وثلاثون، ولقرابة الأب اثنان وسبعون،
ثلثها وهو أربعة وعشرون للجد والجدة من ام الأب ينقسم عليهم أثلاثا، وثلثاها
وهي ثمانية وأربعون ثلثاها وهي اثنان وثلاثون للجد وولدي الأخ، نصفها للجد
ونصفها للولدين أثلاثا لا ينقسم عليهما، كذلك نضرب ثلاثة في مائة وثمانية يبلغ
ثلاثمائة وأربعة وعشرين، لكل من أجداد الام الأربعة ثمانية عشر سدس الثلث،
ولكل من أولاد الأخ والأخت الأربعة تسعة وذلك تمام الثلث، ولأبوي ام الأب
ثلث الثلثين الباقيين اثنان وسبعون، للجدة أربعة وعشرون، وللجد ثمانية
وأربعون، وثلثاهما وهو مائة وأربعة وأربعون لأبوي أب الأب وأولاد الأخ
والأخت، للأب ثلثها وهو ثمانية وأربعون، لام أبي الأب وولدي الأخت، للجدة
نصفه أربعة وعشرون والنصف الآخر بين ولدي الأخت أثلاثا، وثلثاها وهي ستة
وتسعون لأبي أبي الأب وولدي الأخ، للأب نصفها وهي ثمانية وأربعون للجد،
والنصف الآخر بين ولدي الأخ أثلاثا، هذا على ما سبق من توفير ثلث الثلثين
على أبوي ام الأب. وأما على إدخال النقص على الجميع فتصح من خمسمائة
وأربعين، فإن سهام قرابة الام اثنا عشر ليكون لها سدس وللسدس نصف ضربناها
في الثلاثة أصل الفريضة يبلغ ستة وثلاثين وسهام الباقين خمسة عشر، لأن سهام
الأجداد وحدهم تسعة، ولولدي الأخ أربعة، ولولدي الأخت اثنان، ضربنا الخمسة

443
عشر في الستة والثلاثين تبلغ ما ذكرنا، لقرابة الام مائة وثمانون، لكل من الجدين
والجدتين ثلاثون، ولكل من أولاد الأخ والأخت خمسة عشر، وللباقين الثلثان
ينقسم عليهم خمسة عشر قسما، للجد من الأب أربعة منها وهي ستة وتسعون
وكذا لولدي الأخ من الأب بينهما أثلاثا، وللجدة منه اثنان منها ثمانية وأربعون
وكذا لولدي الأخت منه أثلاثا، وللجد والجدة من الام ثلاثة منها بينهما أثلاثا.
(ولو خلف مع الإخوة من الأب) أو أولادهم (جدا قريبا لأب، ومع
الإخوة من الام) أو أولادهم (جدا بعيدا منها أو بالعكس، فالأقرب أن
الأدنى هاهنا يمنع الأبعد) للعموم (مع احتمال عدمه لعدم مزاحمته به)
لمكان الإخوة أو أولادهم، وحجب البعيد بالقريب ليجوز القريب نصيبه لو ورث.
وعليه منع ظاهر.
(ولو تجرد البعيد عن مشارك من الإخوة منع) قطعا (وكذا لو كان
الأعلى من الام مع واحد) من الإخوة (من قبلها منع) لتحقق المزاحمة.
(وكذا الأقرب فيما لو خلف الجد من قبل الام وابن أخ من قبلها مع
أخ من قبل الأبوين أو من الأب) يمنع ابن الأخ (فإنه) لو لم يمنع لزم أن
(يرث الأبعد مع الأقرب) وعموم الأدلة يمنعه وإن لم يقع به مزاحمة، وعلى
القول بأن للجد للأم السدس منع قطعا، للمزاحمة.
(الفصل الثالث في ميراث) الطبقة الثالثة
وهم (الأعمام والأخوال) وأولادهم.
(وفيه مطلبان):
(الأول في ميراث) (العمومة والخؤولة)
وهم لا يرثون إلا بعد فقد جميع من تقدم. خلافا ليونس فشرك بين العمة
والخالة وام الأب وكذا بين العم وابن الأخ، وغلطه الفضل فيهما، وقال: إنه لما رأى

444
أن بين العم والميت ثلاث بطون، وكذلك بين ابن أخ وبين الميت ثلاث بطون وهما
جميعا من طريق الأب، قال: المال بينهما نصفان، وهذا غلط، لأنه وإن كانا جميعا
كما وصف، فإن ابن الأخ من ولد الأب والعم من ولد الجد وولد الأب أحق وأولى
من ولد الجد وإن سفلوا، كما أن ابن الابن أحق من الأخ، لأن ابن الابن من ولد
الميت والأخ من ولد الأب، وولد الميت أحق من ولد الأب وإن كانا في البطون
سواء، وكذلك ابن ابن ابن أحق من الأخ وإن كان الأخ أقعد منه، لأن هذا من ولد
الميت نفسه وإن سفل وليس الأخ من ولد الميت، وكذلك ولد الأب أحق وأولى
من جد الجد انتهى (1).
و (للعم المنفرد المال، وكذا العمان والأعمام) لآية اولي الأرحام (2)
(بالسوية إن تساووا في المرتبة) بأن لا يكون بعضهم أقرب من بعض، ولا
يتقرب بعضهم بالأب وبعضهم بالأم، أو وبعضهم بالأبوين (وكذا العمة والعمتان
والعمات).
(ولو اجتمعوا فللذكر ضعف الأنثى إن كانوا من الأبوين أو من
الأب) كالإخوة والأخوات، لنحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر سلمة بن محرز: للعم
الثلثان وللعمة الثلث (3) (وإلا) بل كانوا من الام (فبالسوية).
(والمتقرب بالأبوين وإن كان واحدا انثى يمنع المتقرب بالأب
خاصة وإن تعدد مع تساوي الدرج) لنحو قول الباقر (عليه السلام) في صحيح يزيد
الكناسي: وعمك أخو أبيك من أبيه وامه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه (4).
(ولو اجتمع المتفرقون سقط المتقرب بالأب، وكان للمتقرب بالأم
السدس إن كان واحدا، ذكرا كان أو انثى، والثلث إن كان أكثر بالسوية وإن



(1) الكافي: ج 7 ص 121.
(2) الأنفال: 75، الأحزاب: 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 506 ب 2 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 414 ب 1 من أبواب موجبات الإرث ح 2.
445
اختلفوا في الذكورية) والأنوثية (والباقي للمتقرب بالأبوين واحدا كان
أو أكثر) وبالجملة حكمهم حكم الإخوة والأخوات. ومتأخروا الأصحاب من
الشيخ (1) ومن بعده (2) مطبقون عليه. ويمكن أن يكون في النصوص على حكم
الكلالات إرشاد إلى حكمهم، فإنهم أقرب إلى الميت من الأعمام والعمات، فإذا لم
يكن للأخ أو الأخت من الام إلا السدس إن توحد والثلث إن تعدد فكذا العم
والعمة بطريق الأولى. وكما لم يرث الأخ من الأب وإن تعدد مع أخ أو اخت
للأبوين فكذا العم والعمة لذلك. وكما لم ترث الأخت مع الأخ إذا كانا لأب أو لهما
إلا نصف ما للأخ فكذا العمة مع العم. والفضل (3) والصدوق (4) والمفيد (5) أطلقوا
التقسيم، للذكر ضعف الأنثى بين الأعمام والعمات.
(ولو عدم المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامهم، ويقتسمون)
ما كان (حصة المتقرب بالأبوين) لو كان من تمام المال أو الثلثين أو خمسة
أسداس (للذكر أيضا ضعف الأنثى).
(ولو اجتمع الواحد من كلالة الام) أي العم أو العمة (مع العمة للأب
فصاعدا) فضلا عن العم (كان للواحد) من الام (السدس، والباقي للعمة أو
ما زاد، ولا رد هنا) إذ لا فرض للعمة ولا للعمات كما فرض للأخت والأخوات
فلا يأتي فيه الخلاف في الأخت.
(ولو خلف معهم زوجا أو زوجة كان له نصيبه الأعلى، والباقي يقسم
على ما ذكرناه).
(ولا يرث ابن العم مع العم) القريب، لما مر غير مرة، وخصوص قول
الباقر (عليه السلام) في صحيح الكناسي وعمك أخو أبيك لأبيه أولى بك من ابن عمك أخي



(1) النهاية: ج 3 ص 223 - 224.
(2) المختصر النافع: ص 262.
(3) نقله عنه في الكافي: ج 7 ص 120.
(4) المقنع: ص 499 - 500.
(5) المقنعة: ص 692.
446
أبيك لأبيه (1) (إلا في مسألة إجماعية، وهي ابن عم من الأبوين) فإنه
(أولى) عندنا (بالمال من العم للأب) قال الصدوق (2) في الفقيه: للخبر
الصحيح الوارد عن الأئمة (عليهم السلام)، وفي المقنع: لأنه قد جمع الكلالتين كلالة الأب
وكلالة الام (3). وقال المفيد: لأن ابن العم يتقرب إلى الميت بسببين والعم يتقرب
بسبب واحد، وليس كذلك حكم الأخ للأب وابن الأخ للأب والأم، لأن الأخ
وارث بالتسمية الصريحة وابن الأخ وارث بالرحم دون التسمية، ومن ورث
بالتسمية حجب من يستحق الميراث بالرحم دون التسمية، والعم وابن العم فإنما
يرثان بالقربى دون التسمية، فمن تقرب بسببين منهما كان أحق ممن تقرب بسبب
واحد على ما بيناه، لقول الله عز وجل " واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله " (4). قلت: وقال الصادق (عليه السلام) للحسن بن عمارة: أيما أقرب ابن عم لأب
وام، أو عم لأب؟ فقال: حدثنا أبو إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه كان يقول: أعيان بني الام أقرب من بني
العلات، فاستوى (عليه السلام) جالسا، ثم قال: جئت بها من عين صافية، إن عبد الله أبا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخو أبي طالب لأبيه وامه (5) والعمدة الإجماع.
(ولو تغير الحال) عن الصورة المجمع عليها (انعكس الحجب) وفاقا
للقاعدة المطردة (فلو كان بدل العم عمة أو بدل الابن بنتا، كان الأبعد
ممنوعا بالأقرب وإن جمع الأبعد السببين) للخروج عن المنصوص المجمع
عليه. وفي الاستبصار (6): أن العمة كالعم. وعبارة المفيد ربما تعطي العموم، لقوله:



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 414 ب 1 من أبواب موجبات الإرث ح 2.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 292.
(3) المقنع: ص 500.
(4) المقنعة: ص 692 - 693.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 508 ب 5 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ح 2.
(6) الاستبصار: ج 4 ص 170 ذيل الحديث 643.
447
ولا يرث ابن العم مع العم، ولا ابن الخال مع الخال إلا أن تختلف أسبابهما في
النسب، ككون العم لأب وابن العم لأب وام (1). وما سمعته من العلة التي ذكرها هو
والصدوق أيضا يفيد العموم.
(ولو اجتمع مع العم وابن العم خال أو خالة، فالأجود حرمان ابن
العم، ومقاسمة الخال والعم) المال بينهما وفاقا للعماد القمي (2) وابن إدريس (3)،
لأن الخال يحجب ابن العم، لكونه أقرب، ولقول الصادق (عليه السلام) في خبر سلمة بن
محرز في ابن عم وخالة: المال للخالة، وفي ابن عم وخال، المال للخال (4) والعم
إنما يحجب بابن العم إذا ورث. (ويحتمل حرمان العم وابن العم) كليهما كما
يقوله الشيخ سديد الدين الحمصي (5) لحجب العم بابن العم وحجبه بالخال (و)
يحتمل (حرمان الخال والعم) فإن العم محجوب بابن العم فكذا الخال،
للتساوي في الدرجة. وهو في غاية الضعف، فإن العمدة في الحجب هو الإجماع
والنص، ولا شيء منهما في الخال، ولا يجدي التساوي وإلا لحجب به (6) وإن لم
يكن عم. ويحتمل حرمان العم خاصة كما قاله الراوندي (7) والمصري (8) لوجود
المقتضي لحرمانه، وهو وجود ابن العم وانتفاء المانع من الحجب، وانتفاء المقتضي
لحرمان الخال أو ابن العم، فإن العم لا يحجب الخال، فابن العم أولى وإن كان هنا
أولى من العم. والخال إنما يحجب ابن عم لا يكون أولى من العم فإنه إذا لم
يحجب العم فأولى أن لا يحجب أولى منه. وذكر في المختلف الاحتمالات سوى



(1) المقنعة: ص 692.
(2) السرائر: ج 3 ص 262.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 25.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 509 ب 5 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ح 4.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 25.
(6) في ن: ولا الحجب به.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 27.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 27.
448
الثالث وتوقف فيها، وذكر أنه سمعها مشافهة من المحقق الطوسي (رحمه الله) (1) (وكذا)
الاحتمالات (ولو اجتمعا مع العم للأم).
(ولو كان معهما زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى. وهل يأخذ)
الباقي (العم أو ابن العم؟ إشكال): من الدخول في المجمع عليه وما مر من
خبر الحسن بن عمارة الحاكم بأولوية علي (عليه السلام) من العباس مع أنه (صلى الله عليه وآله) خلف
زوجات، ومن تغير الصورة. والمنع عليه ظاهر.
(ولو تعدد أحدهما أو كلاهما فالإشكال أقوى) لأن احتمال تغير
الصورة فيه أظهر، لإمكان ادعاء أن ما في نصوص الأصحاب من لفظي العم وابن
العم ظاهرة الاتحاد. والأقرب الحجب لصدق ابن العم على كل منهما وكذا العم،
وأيضا إذا حجب ابن عم واحد فالمتعدد أولى، وإذا حجب ابن العم فهو مانع للعمية
عن السببية للإرث، فلا فرق بين الواحد والكثير. (ولا يرث الأبعد في غير
هذه المسألة مع الأقرب) إلا في بعض الأقوال النادرة كما عرفت.
(والخال إذا انفرد أخذ المال) لأب كان أم لام (وكذا إن تعدد بالسوية
وإن اختلفوا في الذكورية مع تساوي النسبة) لأب كانوا أم لام.
(وكذا الخالة والخالات والخال أو الخالة أو هما من) قبل (الأبوين
يمنع المتقرب بالأب خاصة، اتحد أو تعدد) بغير خلاف. لكن الصدوق في
المقنع نسبه إلى الفضل (2): (ولا يمنع المتقرب بالأم، بل يأخذ المتقرب بالأم
السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي للمتقرب
بالأبوين) واحدا أو متعددا (ذكورا كانوا أو إناثا أو هما معا بالسوية) وفي
الخلاف (3): أن من الأصحاب من جعل للذكر ضعف ما للانثى، وهو خيرة القاضي (4).



(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 27 - 28.
(2) المقنع: ص 502.
(3) الخلاف: ج 4 ص 17 المسألة 6.
(4) المهذب: ج 2 ص 148.
449
(ويقوم المتقرب بالأب مقام المتقرب بالأبوين عند عدمه).
(ولو اجتمع الأخوال المتفرقون سقط المتقرب بالأب، وكان للمتقرب
بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن
يتقرب بالأبوين، واحدا كان أو أكثر بالسوية وإن كانوا ذكورا وإناثا) إلا
على القول المحكي في الخلاف (1).
(ولو اجتمع معهم زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى، والباقي بين الأخوال
على ما فصلناه. فلو خلفت زوجا وخالا من الام وخالا من الأبوين،
فللزوج النصف، وللخال للأم سدس الثلث) فإن الخالين إنما يتقربان بالأم
فلهما نصيبهما وهو الثلث، ويؤيده ما في كتاب علي (عليه السلام): من أن العمة بمنزلة الأب
والخالة بمنزلة الام (2) وقول الصادق (عليه السلام) في خبر سليمان بن خالد: كان علي (عليه السلام)
يجعل العمة بمنزلة الأب في الميراث، ويجعل الخالة بمنزلة الام (3) ثم ينزل
الخالان المتفرقان منزلة الأخوين المتفرقين، فيكون للخال من الام سدس الثلث،
والباقي للباقي. وإنما كان له فيما تقدم سدس (4) الأصل، لأن الام كانت ترث هناك
الكل. وفيه ما فيه. (وقيل) له (سدس الباقي) وهو النصف، لأنه نصيب الام
حينئذ. والتحرير (5) والتلخيص (6) يوافقان الكتاب في الفتوى وحكاية هذا القول،
ولم نعرف قائله. وظاهر غيره أن له سدس الأصل، وهو الظاهر (والمتخلف
للخال من الأبوين) وعلى الأول فيه نظر (وللخال للأم أو الخالة السدس
مع الخالة للأب، والباقي للخالة من الأب ولا رد) إذ لا فرض.



(1) الخلاف: ج 4 ص 16 المسألة 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 487 ب 5 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 506 ب 2 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ح 7.
(4) في ن: ثلث.
(5) تحرير الأحكام: ج 2 ص 166 س 29.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 34 ص 178.
450
(ولو اجتمع الأعمام والأخوال كان للخال - واحدا كان أو أكثر -
الثلث، والباقي للأعمام وإن كان واحدا) للنصوص، وهي كثيرة. وعند
الحسن (1) وابن زهرة (2) والكيدري (3) والمصري (4) وظاهر المفيد (5) وسلار (6): أن
للخال أو الخالة السدس إن اتحد، والثلث إن تعدد وأن للعمة النصف لكونهم
كالإخوة والأخوات. والكلية ممنوعة.
(ولو اجتمع الأعمام والأخوال المتفرقون كان للأخوال الثلث)
وللأعمام الثلثان، ثم (سدس الثلث للخال أو الخالة من قبل الام) إن اتحد
(ولو كان أكثر من واحد كان له ثلث الثلث بالسوية والباقي) وهو خمسة
أسداس الثلث أو ثلثاه (لمن تقرب بالأبوين بالسوية أيضا) إلا على قول
القاضي (7) (وسقط المتقرب بالأب وسدس الثلثين للعم أو العمة من قبل
الام) إن اتحد (ولو كان أكثر من واحد فله الثلث بالسوية، والباقي
للمتقرب بالأبوين) للذكر ضعف ما للانثى (وسقط المتقرب بالأب).
(ولو اجتمع معهم زوج أو زوجة كان له النصف أو الربع و) دخل
النقص على الأعمام خاصة فكان (للخال أو الخالة أو هما من قبل الام
وللخال أو الخالة أو هما من قبل الأبوين الثلث) بكماله كما هو لهم إن لم
يكن معهم زوج أو زوجة (سدسه لمن تقرب بالأم إن كان واحدا، وثلثه إن
كان أكثر بالسوية، والباقي للمتقرب بالأبوين) بالسوية أو أثلاثا (وللعمومة
والعمات الباقي بعد سهم الزوجين والأخوال على ما بيناه، سدسه لمن



(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 28.
(2) الغنية: ص 326.
(3) إصباح الشيعة: ص 368.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 29.
(5) المقنعة: ص 692.
(6) المراسم: ص 223.
(7) المهذب: ج 2 ص 148.
451
تقرب بالأم إن كان واحدا وإلا فالثلث بالسوية) أو أثلاثا (والباقي
للمتقرب بالأبوين، للذكر ضعف الأنثى).
(وعمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى
من عمومة الأب وعماته وخؤولته وخالاته وعمومة الام وعماتها
وخؤولتها وخالاتها وأولادهم) قال الشيخ: لأن هؤلاء وإن سفلوا يقومون مقام
من يتقربون به إليه ومن يتقربون به، إما العم أو العمة أو الخال أو الخالة، وهؤلاء
أولى من عمومة الأب ومن خؤولته وخؤولة الام وخالاتها، لأنهم أقرب
بدرجة (1). وفي الفقيه: لأن ابنة الخالة - مثلا - من ولد الجدة، وعمة الام - مثلا - من
ولد جدة الام وولد جدة الميت أولى بالميراث من ولد جدة ام الميت (2). وشرك
الحسن بين عمة الام وابنة الخالة (3) (فابن العم وإن نزل أولى من عم الأب،
سواء اتفقت أنسابهما أو اختلفت، وهكذا عمومة الأبوين وأولادهم
وخؤولتهما وأولادهم أولى من عمومة الجدين وخؤولتهما) للقرب (وعم
الأب من الأب أولى من ابن عم الأب من الأبوين) للقرب مع الخروج عن
الصورة المجمع عليها. وقد يحتمل العكس للأولوية، واحتمال شمول العم لعم
الأب. (وهكذا كل أقرب يمنع الأبعد) إذا اتحدت سلسلتهما (وإن تقرب
الأبعد بسببين والأقرب بسبب واحد) بالنص والإجماع، إلا في الصورة
المجمع عليها، وفي غيرها على بعض الأقوال النادرة (ولو اجتمع عم الأب
وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها فلأعمام الام
وأخوالها الثلث) كما في النهاية (4) والمهذب (5) وفاقا للفضل (6) لأنه نصيب الام



(1) النهاية: ج 3 ص 228.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 293.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 32.
(4) النهاية: ج 3 ص 227.
(5) المهذب: ج 2 ص 149.
(6) نقله عنه في الكافي: ج 7 ص 120 ذيل الحديث 9.
452
وهم إنما يتقربون بها بينهم (بالسوية) لاشتراك الكل في التقرب بالأم (و)
الثلثان لقرابة الأب بينهم أثلاثا (ثلث الثلثين لخال الأب وخالته) للنصوص
الناطقة بأن للخال الثلث عند الاجتماع مع العم، وللعم الثلثين اتحد أم تعدد ذكورا
كانوا أم إناثا وهذا الثلث بينهما (بالسوية وثلثاه لعمه وعمته للذكر ضعف
الأنثى وينقسم) عليهم (من مائة وثمانية) فإن سهام قرابة الام أربعة،
ضربناها في الثلاثة تبلغ اثني عشر، وسهام قرابة الأب ثمانية عشر ليكون له ثلث
له نصف ولثلثيه ثلث فضربنا فيها وفق اثني عشر وهو ستة يبلغ ما ذكر
(ويحتمل) ما قاله المحقق الطوسي (1) من (أن) ينقسم الثلث على قرابة الام
أثلاثا حتى (يكون لعم الام وعمتها ثلثا الثلث بالسوية، وثلثه لخالها
وخالتها بالسوية) لإطلاق النصوص بالقسمة أثلاثا بين الأعمام والأخوال
(فيصح من أربعة وخمسين) فإنا نريد عدد الثلاثة ثلث له نصف، ولثلثي ثلثيه
ثلث، فنضرب ثلاثة في ثلاثة ثم اثنين في تسعة، ثم ثلاثة في ثمانية عشر.
وقيل (2): للأخوال الأربعة الثلث بالسوية وللأعمام الأربعة الثلثان، لما عرفت من
النصوص (3). ثم ثلث الثلثين لعم الام وعمتها بالسوية، وثلثاهما لعم الأب وعمته
أثلاثا، وتصح أيضا من مائة وثمانية. ولعله أظهر.
(وعلى الأول لو زاد أعمام الام على أخوالها أو بالعكس، احتمل
التنصيف) للثلث بينهم (ضعيفا) اعتبارا بسبب الإرث دون الرؤوس، والسبب
اثنان العمية والخالية، وهو ظاهر النهاية (4) والمهذب (5). (و) يحتمل (التسوية)
والاعتبار بالرؤوس (قويا) لتساويهم في التقرب بالأم (ولو اجتمع معهم



(1) حكاه عنه في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 230.
(2) المسالك: ج 9 ص 167.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 504 ب 2 من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.
(4) النهاية: ج 3 ص 227.
(5) المهذب: ج 2 ص 150.
453
زوج أو زوجة دخل النقص على المتقرب بالأب من العمومة والخؤولة
دون عمومة الام وخؤولتها) كالقبيلين من الإخوة، لقول الصادق (عليه السلام): إن في
كتاب علي (عليه السلام)، أن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به (1).
(ولو اجتمع عم الأب وعمته من الأبوين ومثلهما من الام، وخاله
وخالته من الأبوين ومثلهما من الام، وعم الام وعمتها من الأبوين ومثلهما
من الام، وخالها وخالتها من الأبوين ومثلهما من الام، كان للأعمام
والأخوال الثمانية من قبل الام الثلث) الذي هو نصيب الام بين القبيلين
أثلاثا، لعموم النصوص بأن للعم ضعف ما للخال، فيكون (ثلثه لأخوالها الأربعة
بالسوية) كما هو المشهور (وثلثاه لأعمامها كذلك) لتقربهم بالأم.
(ويحتمل قسمته أثمانا) للاشتراك في التقرب بالأم، وهذا هو الموافق
لما رجحه فيما سبق، وما ذكره هنا أولا يوافق ما احتمله هناك من قول
المحقق الطوسي.
(و) على الأول (يحتمل أن يكون ثلث الثلث للأخوال الأربعة) لا
بالسوية بل (ثلثه لمن يتقرب بالأم وثلثاه للمتقرب بالأبوين) لأنه ذو
سببين والأول ذو سبب واحد. (وثلثاه) أي ثلثا الثلث (لأعمامها الأربعة) لا
بالسوية، بل (ثلثهما لمن يتقرب بالأم) بالسوية على المشهور (وثلثاهما
لمن يتقرب بهما) أثلاثا لأنهم وإن اشتركوا في التقرب إلى الميت بالأم لكن
اختلفوا بالنسبة إلى امه.
(ويحتمل قسمة الثلث نصفين) اعتبارا بالسبب دون الرؤوس مع
التسوية بين العم والخال، للاشتراك في التقرب بالأم (نصفه للأخوال إما على
التفاوت أو على التسوية) على الاحتمالين المتقدمين (ونصفه لأعمامها



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 487 ب 5 من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح 9.
454
كذلك) على الاحتمالين، ففي الثلث الذي لقرابة الام ثلاثة احتمالات، أحدها:
قسمته بينهم على عدد الرؤوس بالسوية، وثانيها: تنصيفه بين قبيلي العمومة
والخؤولة، والثالث: قسمته بين القبيلين أثلاثا. وكل من الاحتمالين الأخيرين
يحتمل احتمالين، أحدهما: قسمة نصيب كل قبيل من النصف أو الثلث أو الثلثين
على الرؤوس بالسوية، والثاني: قسمته عليهم أثلاثا (و) الثلثان من الأصل
لقرابة الأب بينهم أثلاثا، فيكون (ثلث الثلثين لخؤولة الأب) أثلاثا لتقربهم
بالأب (ثلثه للخال والخالة من قبل امه بالسوية وثلثاه لخاله وخالته من
الأبوين كذلك) على المشهور (وثلثا الثلثين للعمين والعمتين) أثلاثا (ثلثه
للعم والعمة من قبل الام بالسوية) على المشهور (وثلثاه للعم والعمة من
قبل الأب أثلاثا) قولا واحدا فعلى قسمة نصيب أقرباء الام ثمانية تصح من
ستمائة وثمانية وأربعين لأن سهامهم ثمانية وسهام أقرباء الأب أربعة وخمسون،
إذ لابد لها من عدد له ثلث ولثلثه ثلث له نصف ولثلثي ثلثيه ثلث، فنضرب الثلاثة
في نفسها ثم التسعة في الاثنين ثم الثمانية عشر في الثلاثة ثم الثمانية، توافق
الأربعة والخمسين بالنصف، فنضرب فيها الأربعة يبلغ مائتين وستة عشر، فنضربها
في الثلاثة أصل الفريضة يبلغ ستمائة وثمانية وأربعين لقرابة الام ثلثها مائتان
وستة عشر، لكل منهم سبعة وعشرون، ولقرابة الأب أربعمائة واثنان وثلاثون،
للأخوال مائة وأربعة وأربعون، للخالين من الام ثمانية وأربعون بالسوية ولهما من
الأب ستة وتسعون، وللأعمام مائتان وثمانية وثمانون، للعمين من الام ستة
وتسعون بالسوية، ولهما من الأب مائة واثنان وتسعون أثلاثا. وكذلك على
التنصيف على القبيلين. وقسمة نصيب كل قبيل على عدد الرؤوس وإن قسم
النصيب أثلاثا صحت من ثلاثمائة وأربعة وعشرين، فإن سهام قرابة الام حينئذ
اثنا عشر، ليكون لها نصف وللنصف ثلث وللثلث نصف، وهي توافق الأربعة

455
والخمسين بالسدس، فنضرب فيها الاثنين ثم الحاصل في ثلاثة. وكذلك إن قسم
الثلث على القبيلين أثلاثا ثم نصيب كل قبيل على عدد الرؤوس، فإن سهامهم
أيضا اثنا عشر ليكون لها ثلث وللثلث ربع. وعلى قسمة النصيب أثلاثا تصح من
مائة واثنين وستين، فإن سهام قرابة الام حينئذ ثمانية عشر ليكون لها ثلث له ثلث
ولثلث الثلث نصف، وهي تداخل الأربعة والخمسين فاكتفينا بضربها في الثلاثة.
(المطلب الثاني في ميراث أولاد العمومة والخؤولة)
(أولاد العمومة والعمات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم) وعدم من
هو في درجتهم.
(ولا يرث ابن عم مع خال وإن تقرب بسببين) والخال لسبب (ولا
ابن خال مع عم وإن تقرب بهما) دون العم (بل الأقرب وإن اتحد سببه
يمنع الأبعد وإن تكثر سببه) وإن أوهم ما مر من عبارتي المقنع (1) والمقنعة (2)
أولوية الأبعد إن تكثر سببه دون الأقرب. ونص أبو علي (3) على أن لابن الخال إذا
اجتمع مع العم الثلث وللعم الثلثين. (وكذا) الأقرب يمنع الأبعد (في صنفه)
وهو أولى (كبني العم مع العم، وبني الخال مع الخال، إلا المسألة
الإجماعية وقد سلفت) ولهم نصيب من يتقربون به، ويقتسمونه بينهم كما
يقتسمه آباؤهم وامهاتهم.
(و) لذا (لو اجتمع أولاد العمومة المتفرقين كان لأولاد العم للأم
السدس إن كانوا لواحد، والثلث إن كانوا لأكثر بالسوية) وإن اختلفوا ذكورة
وأنوثة. وأطلق الفضل (4) والصدوق (5): أن لولد العمة الثلث ولولد العم الثلثين



(1) المقنع: ص 499 - 500.
(2) المقنعة: ص 688.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 28.
(4) نقله عنه في الكافي: ج 7 ص 120 ذيل الحديث 9.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 299.
456
(ولأولاد العم للأبوين الباقي، لواحد كانوا أو لأكثر، للذكر ضعف الأنثى)
إذا كانوا أولاد عم أو واحد كثير أو أولاد عمة كذلك لا أنه إذا اجتمع ابن عمة وابنة
عم كان لابن العمة الثلثان ولابنة العم الثلث، فإن الأولاد إنما يرثون ميراث من
يتقربون به. وقد نص عليه الفضل (1) والصدوق (2) وغيرهما. (وسقط المتقرب
بالأب) بالاتفاق كما يظهر، ولقول الصادق (عليه السلام) في صحيح الكناسي: وابن عمك
أخي أبيك من أبيه وامه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأبيه (3).
(وأولاد الخؤولة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم) وعدم من في
درجتهم (ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به).
(ولو اجتمع أولاد الخؤولة المتفرقين كان لأولاد الخال) أو الخالة
(للأم السدس إن كانوا لواحد، والثلث إن كانوا لأكثر بالسوية) وإن
اختلفوا هم أو آباؤهم ذكورة وأنوثة (والباقي لأولاد الخال) أو الخالة
(للأبوين، لواحد كانوا أو لأكثر بالسوية) إلا على قول القاضي (4) فصرح هنا
أيضا بأن للذكر مثل حظ الانثيين.
(ولو اجتمع أولاد الخال وأولاد العم فلأولاد الخال الثلث، لواحد
كانوا أو لأكثر، ولأولاد العم الباقي) كما إذا اجتمع الأعمام والأخوال. وعلى
القول المحكي فيهم يأتي هنا أن يكون لولد الخال السدس إن اتحد الخال والثلث
إن تعدد.
(ثم إن اتفقوا في الجهة تساووا في القسمة، وإلا كان) المنتسب إلى الام
بالنسبة إلى المنتسب إلى الأب أو الأبوين ككلالة الام بالنسبة إلى كلالة الأب أو



(1) نقله عنه في الكافي: ج 7 ص 122.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 299.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 414 ب 1 من أبواب موجبات الإرث ح 2.
(4) المهذب: ج 2 ص 151.
457
الأبوين، فكان في المثال (سدس الثلث لأولاد الخال أو الخالة للأم بالسوية)
إن اتحد الخال أو الخالة (وثلثه لأولاد المتعدد، لكل) قبيل (نصيب من
يتقرب به بالسوية، وباقي الثلث لأولاد الخال أو الخالة) اتحد أو تعدد
(أولهما للأبوين أو للأب) لكل نصيب من يتقرب به (بالسوية، وسدس
الثلثين لأولاد العم أو العمة للأم للذكر مثل الأنثى) إن اتحد من تقربوا به
(وثلثهما لأولاد المتعدد لكل نصيب من يتقرب به للذكر مثل الأنثى،
والباقي لأولاد العم أو العمة أولهما للأبوين أو للأب) لكل نصيب من يتقرب
به (للذكر ضعف الأنثى) ولو اجتمع أولاد خال وخالة وعم وعمة كان لأولاد
الخال والخالة الثلث بالسوية، ولأولاد العمة ثلث الثلثين، والباقي لأولاد العم.
وخالف الحسن فأعطى أولاد الخال والخالة الثلث بالسوية، وأولاد العم الثلث
للذكر ضعف ما للانثى، ولأولاد العمة الثلث الباقي أيضا للذكر ضعف ما للانثى.
(ولو كان معهم زوج أو زوجة كان له النصف أو الربع، و) اختص بنوا
الأعمام بالنقص، فكان (لبني الأخوال ثلث الأصل، والباقي لبني الأعمام.
كما أنهما لو دخلا على الأعمام والأخوال) جميعا أو على أحد القبيلين
(كان لهما النصف أو الربع، ولمن تقرب بالأم) وهو الخال عند الاجتماع مع
العم أو الخال للأم عند انفراد الأخوال، أو العم للأم عند انفراد الأعمام (نصيبه
الأصلي من أصل التركة) لا الباقي (والباقي لقرابة الأبوين، فإن لم يكونوا
فلقرابة الأب) لأن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به.
(فائدة: قد يجتمع للوارث سببان، فإن لم يمنع أحدهما الآخر ورث
بهما) لعموم أدلة الإرث، ووجود المقتضى وانتفاء المانع (كابن عم لأب هو
ابن خال لام، أو ابن عم هو زوج، أو بنت عم هي زوجة، أو عمة لأب هي
خالة لام).

458
(ولو منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع) خاصة (كأخ) لام
(هو ابن عم، فإنه يرث من جهة الاخوة خاصة).
(ونقل: إن شخصا مات وخلف ابن ابن عم له من قبل أبي أبيه) أي
أخي أبيه لأبيه (هو ابن ابن خال له من قبل ام امه، هو ابن بنت خالة له من
قبل أبي امه، هو ابن بنت عمة له من قبل ام أبيه) كما إذا مات محمد بن زيد
وامه عمرة وخلف يحيى بن علي بن أحمد أخي زيد لأبيه وعمرة لامها، وام يحيى
هذا ليلى بنت هند اخت زيد لامه وأخت عمرة لأبيها (وابني بنت عمة له
اخرى من قبل ام أبيه، هما ابنا بنت خالة له أيضا من قبل أبي امه، وأختا
لهما كذلك) أي هي بنت بنت عمته لام أبيه وبنت بنت خالته لأبي امه، بأن خلف
حسنا وحسينا وفاطمة أولاد رقية بنت سعدي اخت زيد لامه وعمرة لأبيها
(وثلاثة بني ابن عم له آخر من قبل أبي أبيه، وثلاث بنات بنت عمة له
من قبل أبي أبيه) بأن خلف ناصرا ومنصورا ونصرا بني جعفر بن موسى أخي
زيد لأبيه، وزينب ومريم وآسية بنات عزة بنت أسماء اخت زيد لأبيه.
(وتحقيقه: أن الشخص الأول) وهو يحيى (له أربع قرابات، وذلك
لأن عم المتوفى لأبيه) وهو أحمد (كان هو خاله لامه فولد ابنا) هو علي
(وكانت عمته لامه) و (هي) هند هي (خالته لأبيه فولدت بنتا) هي ليلى
(ثم تزوجها الابن المذكور فولدت له ابنا) هو يحيى (فله هذه القرابات
الأربع فيجعل كأربعة نفر. وهكذا) تعدد سبب الإرث (في أولاد العمة
الاخرى) وهي سعدي (الذين هم أولاد الخالة أيضا) فهم ذوو قرابتين.
(فتكون المسألة كمن ترك خالا لام، وخالتين لأب وعمتين لام،
وعمة وعمين لأب أصلها مائة وثمانون) فإن أصل الفريضة ثلاثة: واحد
للأخوال، واثنان للأعمام. وسهام الأخوال اثنا عشر، فإن للخال للأم السدس،

459
والباقي خمسة تنكسر على الخالتين، فلابد من ضرب ستة في اثنين. وسهام
الأعمام ثلاثون، لأن لكل من العمتين سدسا وتبقى أربعة. وأنصباء العمة والعمين
لأب خمسة فنضرب خمسة في ستة، والاثنا عشر توافق الثلاثين بالسدس
فنضرب الاثنين في الثلاثين ثم الستين في الثلاثة تبلغ مائة وثمانين، للأخوال
ستون، للخال للأم عشرة، ولكل من الخالتين خمسة وعشرون. وللأعمام مائة
وعشرون، لكل من العمتين لام عشرون، وللعمة لأب ستة عشر، ولكل من العمين
لأب اثنان وثلاثون (ثم يجعل نصيب كل واحد منقسما على أولاده) إن
تعددوا كأولاد العم والعمة لأبي أبيه، ولكل منهما ثلاثة من الأولاد، ولا ثلث لستة
عشر ولا لاثنين وثلاثين، فنضرب ثلاثة في مائة وثمانين (فتبلغ خمسمائة
وأربعين، لذي القرابات الأربع مائتان وأحد وستون) وستة وتسعون نصيب
العم للأب، وثلاثون نصيب الخال، وخمسة وسبعون نصيب الخالة، وستون نصيب
العمة (ولذوي القرابتين مائة وخمسة وثلاثون) ستون منها نصيب العمة،
وخمسة وسبعون نصيب الخالة (ولحوافد العم الثلاثة ستة وتسعون) نصيب
جدهم (ولحوافد العمة ثمانية وأربعون) نصيب جدتهم.
(تتمة: لو خلف عمة لأب هي خالة لام، وعمة اخرى لأب، وخالة
اخرى لأب وام كان للعمتين من الأب الثلثان بالسوية) للعمية (وللخالة
التي هي عمة سدس الثلث) أيضا للخالية (وللأخرى الباقي. فالفريضة من
ثمانية عشر) ليكون لها ثلث ولثلثها سدس (لكل عمة ستة، وللخالة العمة
سهم آخر) أي واحد (وللخالة الاخرى خمسة).
(الفصل الرابع في ميراث الأزواج)
(للزوج مع الولد - ذكرا كان أو انثى - أو ولد الولد وإن نزل كذلك)

460
أي ذكرا أو انثى (الربع) أما الولد فهو منصوص (1) مجمع عليه، وأما ولد الولد فهو
مجمع عليه أيضا كما في المقنعة (2). ونسبه الصدوق في المقنع إلى الفضل، وقال:
ولم أرو بهذا حديثا عن الصادقين (عليهما السلام) (3) وهو ربما يشعر بالتوقف. وقطع في
الفقيه بموافقة المشهور، وقال: لأن الزوج والمرأة ليسا بوارثين أصليين، إنما
يرثان من جهة السبب لا من جهة النسب، فولد الولد معهما بمنزلة الولد، لأنه ليس
للميت ولد ولا أبوان (4). (و) له (مع عدمهم أجمع النصف) وهو يرث أحد
النصيبين (مع جميع الوراث) من غير نقص (والباقي للقريب إن وجد)
واجتمعت فيه شرائط الإرث (فإن فقد فلمولى النعمة، فإن فقد فلضامن
الجريرة، فإن فقد قيل) في المشهور: (يرد عليه) وحكي عليه الإجماع في
الانتصار (5) والاستبصار (6) والمبسوط (7) والإيجاز (8) والسرائر (9) وكتاب الاعلام
للمفيد (10) وبه أخبار (11) كثيرة (وقيل) في المراسم: وفي أصحابنا من قال: إنه إذا
ماتت امرأة ولم تخلف غير زوجها فالمال كله له بالتسمية والرد (12) وهو يعطي أنه
اختار عدم الرد عليه وهو يقتضي أن (يكون) الباقي (للإمام) ولعله استند إلى
إطلاق الآية (13) بأن له النصف مع انتفاء الولد، مع الأصل، وقول الصادق (عليه السلام) في
خبر جميل: لا يكون الرد على زوج ولا زوجة (14) وما سيظهر من حكم الزوجة



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 510 ب 1 من أبواب ميراث الأزواج.
(2) المقنعة: ص 688.
(3) المقنع: ص 491.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 270.
(5) الانتصار: ص 300.
(6) الاستبصار: ج 4 ص 149 ذيل الحديث 563.
(7) المبسوط: ج 4 ص 74.
(8) الإيجاز (الرسائل العشر): ص 271.
(9) السرائر: ج 3 ص 244.
(10) مصنفات المفيد (الاعلام): ج 9 ص 54.
(11) وسائل الشيعة: ج 17 ص 511 ب 3 من أبواب ميراث الأزواج.
(12) المراسم: ص 222.
(13) النساء: 12.
(14) وسائل الشيعة: ج 17 ص 513 ب 3 من أبواب ميراث الأزواج ح 8.
461
لتساويهما في السبب المقتضي للإرث. والكل بينة الضعف مع المعارضة بما مر،
واحتمال الخبر أنه لا رد عليهما إذا وجد وارث غيرهما بل يخص بالرد، وأنه لا
رد عليهما للرحم، فهو المتبادر من الرد، وهو لا ينافي أن يحوز المال كله
و (سواء) في الرد أو عدمه (دخل) بها (أو لا).
(وللزوجة مع الولد أو ولد الولد وإن نزل الثمن) والكلام فيولد الولد ما
تقدم في الزوج من نقل الاتفاق عليه في المقنعة، ونسبة حكمه في المقنع إلى الفضل
مع نفي وجدان خبر به (و) لها (مع عدمه الربع مع جميع الوراث) من غير
دخول نقص عليها (والباقي لمن كان) معها (من ذوي النسب) فرضا أو
قرابة أو بهما من غير رد عليها (فإن فقدوا أجمع فلمولى النعمة، فإن فقد
فللضامن، فإن فقد قيل) في ظاهر المقنعة: (يرد عليها) لقوله: وإذا لم يوجد
مع الأزواج قريب ولا نسيب للميت رد باقي التركة على الأزواج (1). وفي ظهوره فيه
نظر. وفي الخلاف (2): أن فيها لأصحابنا روايتين، وهو يدل على الخلاف، والرواية
ظاهرة فيه خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): في امرأة ماتت وتركت زوجها، قال:
المال كله له قال: فالرجل يموت ويترك امرأته؟ قال: المال لها (3). ويمكن أن
يكون (عليه السلام) تبرع لها بحقه. (وقيل) في المشهور: (للإمام) وظاهر الانتصار (4)
الاتفاق عليه، ويدل عليه الأصل والأخبار (5) وهي كثيرة. (وقيل) في الفقيه (6)
(يرد) عليها (حال الغيبة) خاصة جمعا، واستقربه الشيخ في النهاية (7) وهو



(1) المقنعة: ص 691.
(2) الخلاف: ج 4 ص 116 المسألة 130.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 515 ب 4 من أبواب ميراث الأزواج ح 6.
(4) الانتصار: ص 301.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 514 ب 4 من أبواب ميراث الأزواج.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 262 ذيل الحديث 5612.
(7) النهاية: ج 3 ص 210 - 211.
462
خيرة التحرير (1) والإرشاد (2) والجامع (3). وقال ابن إدريس ما قربه شيخنا (رحمه الله) أبعد
مما بين المشرق إلى المغرب، لأن تخصيص الجامع بين الأمرين بما قد ذهب إليه
يحتاج إلى دلالة قاهرة وبراهين متظاهرة لأن أموال بني آدم ومستحقاتهم لا تحل
بغيبتهم، لأن التصرف في مال الغير بغير إذنه قبيح عقلا وسمعا (4). وقال القاضي: إن
عملنا به كنا قد عولنا في العمل به على خبر واحد لا تعضده قرينة، وهذا لا
يجوز (5). قلت: مع أن حمل قول الإمام الظاهر على حال الغيبة في غاية البعد،
والأولى الاستناد إلى أن غايته أن يكون من الأنفال، وهي محللة في الغيبة
لشيعتهم، و (سواء) في كل من الأقوال (دخل أو لا).
(ولو تعددت الزوجات كان لهن الربع مع عدم الولد بالسوية بينهن،
سواء دخل بهن أو ببعضهن أو لا، والثمن مع الولد بينهن بالسوية) إلا إذا
تزوج ببعضهن في المرض ولم يدخل كما سيأتي.
(والمطلقة رجعية ترث) إن مات عنها زوجها (في العدة كالزوجة،
ويرثها الزوج) إن ماتت (فيها) بلا خلاف كما مر (ولا توارث) بينهما (في
البائن كالمطلقة ثلاثا، وغير المدخول بها، واليائسة) والصغيرة
(والمختلعة، والمبارأة) إلا إذا كان الطلاق في المرض ومات قبل سنة ولم
تتزوج كما مر. (و) أما (المعتدة عن وطء الشبهة أو الفسخ) فالاولى منهما
خارجة عن الزوجة أصلا، وإنما ذكرها استطرادا والدليل على عدم الإرث الأصل
مع الخروج عن عموم أدلة توارث الزوجين، والأخبار كقول الباقر (عليه السلام) في حسن
محمد بن قيس: فإن طلقها الثالثة فإنها لا ترث زوجها شيئا ولا يرث منها (6)



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 168 س 12.
(2) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 125.
(3) الجامع للشرائع: ص 502.
(4) السرائر: ج 3 ص 243.
(5) المهذب: ج 2 ص 142.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 530 ب 13 من أبواب ميراث الأزواج ح 1.
463
ولزرارة يرثها وترثه ما دام له عليها رجعة (1). وقول الصادق (عليه السلام) في حسن
الحلبي: إذا طلق الرجل وهو صحيح لا رجعة له عليها لم يرثها ولم ترثه (2) وفي
خبر محمد بن القاسم الهاشمي: لا ترث المختلعة، والمبارأة، والمستأمرة في
طلاقها من الزوج شيئا، إذا كان منهن في مرض الزوج، وإن مات، لأن العصمة قد
انقطعت منهن ومنه (3). وقد سلف في الفراق أن في النهاية (4) والوسيلة (5) التوارث
في العدة إذا كان الطلاق في المرض.
(ولو رجعت المختلعة والمبارأة في البذل في العدة توارثا على
إشكال) من ثبوت أحكام البينونة أولا فيستصحب إلى ظهور المعارض، ومن
انقلابه رجعيا، ولذا كان له الرجوع (إذا كان يمكنه الرجوع) بأن لم يكن تزوج
بأختها أو بخامسة.
(ولو طلق ذو الأربع إحداهن وتزوج غيرها ثم اشتبهت المطلقة،
فللأخيرة ربع الثمن) مع الولد (أو) ربع (الربع) مع عدمه (والباقي بين
الأربعة بالسوية) لتعارض الاحتمالين في كل منهن فهو كمال يتداعاه اثنان
خارجان مع تعارض بينتيهما، ولصحيح أبي بصير سأل الباقر (عليه السلام) عن رجل تزوج
أربع نسوة في عقد واحد أو قال في مجلس واحد ومهورهن مختلفة، قال: جائز له
ولهن، قال: أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان، فطلق واحدة من الأربع، وأشهد
على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد، وهم لا يعرفون المرأة، ثم تزوج امرأة من
أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة التي طلق، ثم مات بعد ما دخل بها، كيف يقسم



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 530 ب 13 من أبواب ميراث الأزواج ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 530 ب 13 من أبواب ميراث الأزواج ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 535 ب 15 من أبواب ميراث الأزواج ح 1.
(4) النهاية: ج 3 ص 178.
(5) الوسيلة: ص 324.
464
ميراثه؟ قال: إن كان له ولد فإن للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد ربع
ثمن ما ترك، وإن عرفت التي طلقت من الأربع نفسها ونسبها فلا شيء لها من
الميراث وعليها العدة، وإن لم تعرف التي طلقت من الأربع نسوة اقتسمن الأربع
نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا وعليهن العدة جميعا (1). وأقرع ابن
إدريس بينهن (2).
(وهل ينسحب) الحكم (على غيره) أي المذكور من الصورة (بأن
تشتبه الخامسة أيضا، أو تشتبه المطلقة بواحدة أو اثنتين أو ثلاث)
إحداهن الخامسة وبه يغاير الصورة المنصوصة (إشكال): من الخروج عن
النص (3) فيقرع أو يصالح بينهن ومن التساوي في التعارض.
(ولو تزوج المريض ومات في مرضه ورثت إن دخل، وإلا بطل العقد
ولا ميراث لها ولا مهر) في المشهور كما في الدروس (4) لقول أحدهما (عليهما السلام) في
خبر زرارة: ليس للمريض أن يطلق، وله أن يتزوج، فإن تزوج ودخل بها جاز،
وإن لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل، ولا مهر لها ولا ميراث (5).
وفي التذكرة: وإنما شرطنا الدخول، للروايات، ولإجماع علمائنا، ولأنه بدون
الدخول يكون قد أدخل في الورثة من ليس وارثا، ولأنه بدون الدخول يكون قد
قصد بالتزويج الإضرار بالورثة فلم يصح منه (6). وفي الرسالة النصيرية قال: بعض
أصحابنا بطل العقد، ولم ترثه المرأة، وعليه كلام. واستظهر في شرح الإيجاز (7) أن



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 525 ب 9 من أبواب ميراث الأزواج ح 1.
(2) لم نعثر عليه ونسبه إليه في الدروس: ج 2 ص 361.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 525 ب 9 من أبواب ميراث الأزواج ح 1.
(4) الدروس الشرعية: ج 2 ص 358.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 537 ب 18 من أبواب ميراث الأزواج ح 3.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 518 س 26.
(7) لا يوجد لدينا.
465
يراد بالدخول: أن تدخل عليه فتخدمه وتضاجعه وتمرضه وإن لم يطأها (ولو
ماتت هي قبل الدخول ففي توريثه منها نظر): من اجتماع شروط صحة
النكاح وارتفاع الموانع ولذا كان له وطؤها وإنما بطل بالنسبة إليها بالإجماع
والسنة (1) ومن إطلاق الخبر ببطلان النكاح إذا لم يدخل بها حتى مات في مرضه
وهو خيرة شرح الإيجاز (ولو برأ ثم مات توارثا مطلقا) دخل أو لا تقدم
موته أو موتها، للخروج عن صورة الاستثناء مع عموم أدلة الإرث والنكاح.
(ولو كان المريض الزوجة فكالصحيحة) لما ذكر (والزوج يرث من
جميع ما تخلفه المرأة سواء دخل بها أو لا إذا كان العقد) عليها (في غير
مرض الموت).
(أما الزوجة فإن كان لها ولد من الميت) وإن نزل على وجه (فكذلك،
وإن لم يكن لها ولد) منه (فالمشهور أنها لا ترث من رقبة الأرض شيئا)
لا عينا ولا قيمة، أية أرض كانت بيضاء أو مشغولة ببناء أو شجر دار أو غيرها
(وتعطى حصتها من قيمة الآلات والأبنية والنخل والشجر) لنحو قول
الصادقين (عليهما السلام) في حسن الفضلاء: إن المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار
أو أرض إلا أن يقوم الطوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها (2) إن كان من
قيمة الطوب والجذوع والخشب. فنفي إرثها يعم الإرث من العين ومن القيمة،
ويؤيده تخصيص التقويم بالطوب والخشب والجذوع. واحتمال كون " أو أرض "
ترديدا من الراوي لا يخلو من بعد في مثل هذا الخبر، ويؤكد بعده أن في خبر بكير
تربة دار ولا أرض (3) وفي الخلاف (4): الإجماع على مضمونه. وقول الباقر (عليه السلام)



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 537 ب 18 من أبواب ميراث الأزواج.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 519 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 521 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 15.
(4) الخلاف: ج 4 ص 116 المسألة 131.
466
في صحيح زرارة: إن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح
والدواب شيئا، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك ويقوم
النقض والأبواب والجذوع والقصب فتعطى حقها منه (1). وفيه ما لا قائل به من
السلاح والدواب إن عم فلابد من أن تكون الإشارة بالمرأة إلى امرأة رجل كان
وقف سلاحه ودوابه أو أوصى بها وفي حسنه مع محمد بن مسلم: لا ترث النساء
من عقار الأرض شيئا (2) وهو إنما يعم إن كان المراد اصول الأرض على ما قيل:
العقار كل مال له أصل من دار أو ضيعة (3) والأشهر في معناه الضيعة، وقيل: غير
ذلك مما لا يناسب المقام. وفي خبر آخر لهما: إن النساء لا يرثن من الدور ولا من
الضياع شيئا، إلا أن يكون أحدث بناء، فيرثن ذلك البناء (4) وقول الصادق (عليه السلام) في
خبر محمد بن مسلم: ترث المرأة الطوب، ولا ترث من الرباع شيئا، قال كيف ترث
من الفرع ولا ترث من الرباع؟ فقال لي: ليس لها منهم نسب ترث به، وإنما هي
دخيل عليهم، فترث من الفرع، ولا ترث من الأصل، ولا يدخل عليهم داخل
بسببها (5). وينص على تقويم الشجر والنخل قول الصادق (عليه السلام) في صحيح الأحول:
لا ترث النساء من العقار شيئا، ولهن قيمة البناء والشجر والنخل (6). وطريق
التقويم أن تقوم باقية في الأرض مجانا لأنها كانت فيها كذلك بحق. وربما احتمل
ضعيفا أن تقوم باقية فيها بأجرة بناء على أنها لا ترث من الأرض، فتكون في غير
ملكها فتكون بأجرة، وهل يجبر الوارث على التقويم أو تجبر هي على الرضا
بالعين إذا رضى الوارث؟ وجهان، وهل تدخل في الآلات الدولاب والمحالة



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 517 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 519 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 6.
(3) تهذيب اللغة: ج 1 ص 217 (مادة عقر).
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 521 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 13.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 518 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 522 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 16.
467
والعريش الذي عليه أغصان الكروم ونحوها؟ وجهان، ودليل تخصيصهن
بمن ليس لها ولد خبر ابن اذينة إذا كان لهن ولد أعطين من الرباع (1).
وصحيح الفضل ابن عبد الملك وابن أبي يعفور سألا الصادق (عليه السلام) عن الرجل هل
يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئا أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا
يرث من ذلك شيئا؟ فقال: يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت (2) ولئلا يخصص
عموم أدلة الإرث من الكتاب والسنة إلا باليقين. ولم يشترط كثير من الأصحاب،
منهم: المرتضى (3) والشيخان في المقنعة (4) والخلاف (5) ونسب التقييد في
الاستبصار (6) إلى الصدوق. ونص ابن إدريس (7) على التعميم، وجعل الاشتراط
تمسكا برواية شاذة وخبر واحد لا يوجب علما ولا عملا. ونص أبو علي (8) على
أنها إذا دخلت على الولد ورثت من كل شيء عقار أو أثاث أو غير ذلك من غير
تخصيص للولد بولدها.
(وقيل) في المقنعة (9) والسرائر (10) والنافع (11): (إنما تمنع من الدور
والمساكن) دون الضياع والبساتين، اقتصارا في تخصيص عموم أدلة الإرث
على المجمع عليه المتواتر به الأخبار كذا في السرائر (12). وفي المقنعة: ولا ترث
الزوجة شيئا مما يخلفه الزوج من الرباع وتعطى قيمة الخشب والطوب والبناء
والآلات فيه، وهذا منصوص عليه عن نبي الهدى عليه وآله السلام وعن الأئمة



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 522 ب 7 من أبواب ميراث الأزواج ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 522 ب 7 من أبواب ميراث الأزواج ح 1.
(3) الانتصار: ص 301.
(4) المقنعة: ص 687.
(5) الخلاف: ج 4 ص 116 المسألة 131.
(6) الاستبصار: ج 4 ص 155 ذيل الحديث 581.
(7) السرائر: ج 3 ص 259.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 34.
(9) المقنعة: ص 687.
(10) السرائر: ج 3 ص 258.
(11) المختصر النافع: ص 264.
(12) السرائر: ج 3 ص 258.
468
من عترته (عليهم السلام)، والرباع هي الدور والمساكن دون البساتين والضياع (1) قلت:
يشير بذلك إلى الأخبار الناطقة بلفظ الرباع، كما تقدم من خبري محمد بن مسلم
وابن اذينة وقول الباقر (عليه السلام) في خبر يزيد الصائغ: إن النساء لا يرثن من رباع
الأرض شيئا (2). وكون الرباع هي المنازل هو المعروف بين اللغويين، ففي العين:
الربع المنزل والوطن، سمي ربعا لأنهم يربعون فيه، أي يطمئنون، ويقال: هو
الموضع الذي يرتبعون فيه في الربيع (3). وقال الأزهري أبو عبيد عن الأصمعي:
الربع هو الدار بعينها حيث كانت، والمربع المنزل في الربيع خاصة (4). وقال
الفارابي: الربع الدار بعينها حيث كانت (5). إلى نحو ذلك من نصوصهم. ثم عبارة
النافع كذا: وكذا المرأة عدا العقار وترث من قيمة الآلات والأبنية، ومنهم من طرد
الحكم في مزارع الأرض والقرى (6). وهي صريحة في اختصاص العقار بغير
المزارع والقرى. والمعروف في كتب اللغة: أنه الضيعة أو النخل، أو ما يعمهما
وسائر الأشجار. والمراد هنا المنزل، وحكاه الأزهري بمعناه.
(وقيل) في الانتصار (7): (ترث من قيمة الأرض أيضا لا من العين)
جمعا بين أدلة الإرث وأدلة الحرمان، مع حصول الغرض المذكور في الأخبار
بالحرمان عن العين خاصة. قال في المختلف: وقول السيد المرتضى حسن لما فيه
من الجمع بين عموم القرآن وخصوص الأخبار، ثم قول شيخنا المفيد (رحمه الله) جيد لما
فيه من تقليل التخصيص، فإن القرآن دال على التوريث مطلقا، فالتخصيص
مخالف، فكلما قل كان أولى. وبعد هذا كله، فالفتوى على ما قاله الشيخ (رحمه الله) (8) يعني



(1) المقنعة: ص 687.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 520 ب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 11.
(3) العين: ج 2 ص 133.
(4) تهذيب اللغة: ج 2 ص 369.
(5) ديوان الأدب: ج 1 ص 116.
(6) المختصر النافع: ص 264.
(7) الانتصار: ص 301.
(8) مختلف الشيعة: ج 9 ص 33.
469
به ما جعله المشهور هنا.
(ولو اجتمعتا) أي ذات ولد منه وغيرها (ورثت ذات الولد كمال الثمن
في رقبة الأرض ونصفه في الباقي) وعليها للأخرى قيمة الآلات بقدر الحصة
وكذا قيمة نصف الثمن من الأرض على قول المرتضى.
(ولو طلق المريض أربعا وخرجن من العدة ثم تزوج أربعا ودخل
بهن ثم طلقهن وخرجت عدتهن ثم تزوج أربعا وفعل كالأول وهكذا إلى
آخر السنة ومات قبل بلوغها) أي السنة (في ذلك المرض من غير برء
ورث الجميع المطلقات وغيرهن الربع بينهن بالسوية أو الثمن).
(الفصل الخامس في الولاء)
(وأقسامه ثلاثة):
(الأول ولاء العتق):
(وإنما يرث المتبرع بالعتق) إذ لا ولاء بدونه كما مر، وإنما يرث (إذا لم
يتبرأ من ضمان الجريرة) في صيغة العتق إجماعا كما في التحرير (1) أو بعده
على وجه، لما تقدم من أن لا ولاء مع التبرء، وقد مر أيضا أنه لا يشترط الإشهاد
على التبرء خلافا للشيخ (2) وجماعة (و) إنما يرث المولى إذا (لم يكن للعتيق
وارث من النسب) بالإجماع والنصوص (3) كآية اولي الأرحام خلافا
للشافعي (4) فورثه مع من لا يرث جميع التركة.



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 168 السطر الأخير.
(2) النهاية: ج 3 ص 243.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 538 ب 1 من أبواب ميراث ولاء العتق.
(4) الحاوي الكبير: ج 8 ص 117.
470
(وإنما يرث المولى من أعلى) أي المعتق اسم فاعل ومن يرث منه
الولاء (ولا يرث من أسفل) وهو المعتق اسم مفعول إجماعا كما في الخلاف (1)
ولقوله (عليه السلام): الولاء لمن أعتق (2) خلافا للصدوق (3) وهو قول لبعض العامة (4).
ويمكن أن يكون استند إلى قوله (عليه السلام): الولاء لحمة كلحمة النسب (5).
(وهل يورث الولاء) حتى يكون إرث أقرباء المولى من العتيق، لأنهم
ورثوا الولاء عنه فيرثون من العتيق كما يرثون من تركة المولى (أو يورث به)
ولا يورث حتى لا يعتبر في إرثهم من العتيق إلا درجتهم بالنسبة إلى المولى حين
موت العتيق، فلا يرثون إلا بحسبها؟ (إشكال): تقدم في العتق (أقربه الثاني،
لقوله (عليه السلام)) في بعض طرق العامة: (إنما الولاء لمن أعتق) (6) وفي أكثر
الأخبار من طريقنا (7) وطريقهم (8) جملة: الولاء لمن أعتق، بدون لفظة " إنما " وهي
أيضا كافية (وقوله (عليه السلام)) في خبر السكوني (9): (الولاء لحمة كلحمة النسب
والنسب يورث به ولا يورث. ولأن الولاء يحصل بإنعام السيد على عبده
بالعتق، وهو غير منتقل) عن المنعم (فلا ينتقل معلوله) وقد عرفت سابقا:
أن الشيخ حكى الإجماع عليه في الخلاف، ونفى عنه الخلاف في المبسوط (10).



(1) الخلاف: ج 4 ص 84 المسألة 91.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 543 ب 3 من أبواب ميراث ولاء العتق ح 2.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 305.
(4) المغني لابن قدامة: ج 7 ص 277، الشرح الكبير: ج 7 ص 274.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 47 ب 42 من أبواب العتق ح 6.
(6) مسند أحمد: ج 6 ص 33.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 543 ب 3 من أبواب ميراث ولاء العتق ح 2.
(8) مسند أحمد: ج 2 ص 28 و 100 و 113 و 153.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 47 ب 42 من أبواب العتق ح 2.
(10) المبسوط: ج 4 ص 95.
471
ويحتمل الأول، لقول الباقر (عليه السلام) في حسن بريد العجلي: فإن ولاء المعتق هو
ميراث لجميع ولد الميت من الرجال. وقد تقدم مع غيره. (و) على المختار
(يرث المعتق من عصبات سيده أقربهم إليه وأولاهم بميراثه يوم موت
العبد) لا موت المولى.
(فعلى هذا لو مات المعتق وخلف ولدين ثم مات أحدهما عن أولاد
ثم) مات (العتيق ورثه الولد الباقي خاصة على الثاني) وهو المختار، لأنه
أقرب من ولد الولد (واشترك الباقي وورثه الأول نصفين على الأول) وهو
إرث الولاء لاعتبار المولى حينئذ.
(ولا يجتمع الميراث بالولاء والنسب) عندنا (سواء اتحد الوارث بهما
أو اختلف، بل يرث بالنسب خاصة) لآية اولي الأرحام وغيرها خلافا للعامة (1).
(ولو أعتق الرجل وابنته عبدا) مشتركا بينهما بالسوية (ثم مات عنها
وعن ابن، ثم مات العبد فالولاء بين البنت والابن نصفان. وإن قلنا البنات
يرثن بالولاء) للقرابة من الأب المعتق (كان لها الثلثان) النصف بالأصالة،
والسدس لقرابتها من المولى.
(فإن مات الابن قبل العبد وخلف بنتا، ثم مات العبد وخلف معتقة
نصفه وبنت أخيها، فللمعتقة نصف ماله، وباقيه لبيت المال) إن لم تورث
البنت بالولاء ولم نجعل الولاء موروثا (وإن جعلنا للبنت ميراثا بالولاء
ورثت البنت) مع ذلك (من أبيها ثلث حصته) من الولاء وهي النصف،
والثلثان الآخران لأخيها ثم لابنته (إن جعلنا الولاء موروثا وإلا) نجعله
موروثا (فلا) كذلك الأمر، بل يرث البنت جميع تركة العتيق نصفها لإعتاق
نفسها نصفه، والباقي لأنها أقرب إلى المولى.



(1) الحاوي الكبير: ج 8 ص 117.
472
(ولو خلف الميت بنت مولاه ومولى أبيه، فتركته لبيت المال إن منعنا
البنت) من الإرث بالولاء (لأنه ثبت عليه الولاء بالمباشرة، فلا يثبت عليه
بإعتاق الأب) لما مر من أن الولاء إنما يسري إلى الأولاد إن لم يمس أحدهم
الرق وإلا فولاؤه لمعتقه أو عصبات معتقه.
(ولو ماتت امرأة حرة لا ولاء عليها وأبواها رقيقان - بأن سبيا
لكفرهما وأسلمت دونهما فتحررت واسترقا - وخلفت معتق أبيها) أو امها
(لم يرثها، لأنه إنما يرث) العتيق وأولاده (بالولاء وهذه لا ولاء عليها)
وكذا رجل حر لا ولاء عليه وأبواه رقيقان.
(ولو ماتت المعتقة وخلفت ابنها وأخاها ثم مات مولاها) أي عتيقها
(فميراثه لابنها على قول المفيد (رحمه الله) (1)) ومن وافقه كابن زهرة بأن الولاء
لذكور أولاد المنعم (2) رجلا كان أو امرأة، وعلى قول الشيخ في النهاية (3) وابني
حمزة (4) وسعيد (5) فالميراث للأخ.
(فإن مات ابنها بعدها وقبل مولاها وترك عصبة كأعمامه، ثم مات
العبد وترك أخا مولاته وعصبة ابنها، فميراثه لأخي مولاته، لأنه أقرب
عصبة المعتق. فإن انقرض عصبتها كان بيت المال أحق به من عصبة
ابنها) لأنهم ليسوا من عصبات المعتق في شيء.
(و) لكن (لو قلنا: الولاء يورث كالمال يرثه عصبة الابن، ولا يرث
العتيق من أقارب معتقه بعد أولاده إلا العصبة على رأي) للأخبار كما تقدم.
وقيل في المبسوط (6) والخلاف (7): إن الأخوات يرثن. (وأقرب العصبات يمنع



(1) المقنعة: ص 694.
(2) الغنية: ص 327.
(3) النهاية: ج 3 ص 244.
(4) الوسيلة: ص 397.
(5) الجامع للشرائع: كتاب العتق ص 405.
(6) المبسوط: ج 4 ص 95.
(7) الخلاف: ج 4 ص 82 المسألة 88.
473
الأبعد) كالإرث بالنسب. وقد عرفت أن الولاء لحمة كلحمة النسب، فيرث به
الوراث على حسب ما يرثونه بالإرث.
(و) لذا (لو مات المعتق وخلف أبا معتقه وابنه، فللأب السدس،
والباقي للابن) وخصه أبو علي بالمال (1). (ولو كان عوض الأب جدا كان
المال) كله (للابن. ولو خلف أخا معتقه وجده تساويا) وخص المال بعض
العامة بالأخ (2) وأبو علي بالجد (3) (ولو خلف جد معتقه وابني أخي معتقه
فللجد النصف، ولابني الأخ النصف) وخص المال بعض العامة بالجد،
وآخرون بابن الأخ (4).
(ولو خلف جدا وعما لمعتقه فالمال للجد).
(ولو خلف المعتق ابنين ثم ماتا، وخلف أحدهما عشرة والآخر
واحدا ثم مات العبد، فإن جعلنا الولاء يورث كان للواحد النصف وللعشرة
النصف) لأن كلا من الابنين ورثا أولادهما مالهما من حصة الولاية (وإن قلنا:
يورث به) خاصة (فكذلك) أيضا، لأن أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم
ويرثون نصيب من يتقربون به. (ويحتمل كون الميراث بينهم على عددهم،
لكل واحد جزء من أحد عشر) لأنهم إنما يرثون بسبب الولاء المشترك بينهم
على درجة واحدة، مع أن أولاد الأولاد إنما يرثون نصيب الجد من غير توسط
الأب على قول.
(ولو خلف السيد ابنه وابن ابنه، فمات ابنه بعده عن ابن ثم مات
عتيقه، فميراثه بين ابني الابنين نصفان على الثاني) وهو أن لا يورث الولاء



(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 63.
(2) الحاوي الكبير: ج 18 ص 92.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 8 ص 64.
(4) الحاوي الكبير: ج 18 ص 92.
474
لتساويهما حينئذ في السبب (وكان لابن الابن الذي كان حيا عند موت أبيه
على الأول) لأنه الذي ورث الولاء.
(ولو مات السيد عن أخ من أب وابن أخ من الأبوين، فمات الأخ من
الأب عن ابن ثم مات العتيق، فماله لابن الأخ من الأبوين) خاصة على
المختار من أن الولاء لا يورث (وعلى الآخر هو لابن الأخ من الأب)
خاصة، والكل ظاهر.
(والزوج والزوجة) للعتيق (يرثان نصيبهما الأعلى) إذا لم يكن له
ولد (والباقي للمنعم أو لمن يقوم مقامه عند عدمه) لما عرفت من أنهما
لا يحوزان المال، مع أي وارث كان إلا الإمام. خلافا للحلبي في الزوج فرد
عليه الباقي (1).
(الثاني ولاء تضمن الجريرة):
(ومن تولى إلى أحد) أي اتخذه وليا. والتعدي بإلى لتضمين معنى الركون
بأن (يضمن حدثه ويكون ولاؤه له، صح وثبت به الميراث) عندنا، خلافا
للشافعي (2) (لكن مع فقد كل مناسب) يرث (ومعتق) له الولاء أو من يقوم
مقامه. (ويرث مع الزوج والزوجة فلهما نصيبهما الأعلى والباقي
للضامن) كما مر (وهو أولى من الإمام) بالنصوص (3) والإجماع (ولا
يتعدى الميراث الضامن) إلى أقاربه، للأصل من غير معارض (فلو مات
المضمون ورثه الضامن مع فقد النسب والمعتق).
(ولو مات الضامن أولا) ثم مات المضمون (لم يرثه أولاده) أي الضامن
(ولا) سائر (ورثته، ولا يرث المضمون الضامن) للأصل إلا إذا دار الضمان.



(1) الكافي في الفقه: ص 374.
(2) المجموع: ج 16 ص 56.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 547 ب 3 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة.
475
(ولا يضمن) أحد (إلا سائبة لا ولاء عليه كالمعتق في الكفارات
والنذور، أو من لا وارث له) من مناسب أو مسابب غير الزوجين كما تشهد به
الأخبار (1) والاعتبار.
(الثالث ولاء الإمامة):
(وإذا عدم كل وارث، من مناسب ومسابب) ومولى وضامن (ورث
الإمام) بالنص، والإجماع. وأما خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): إنه قال: السائبة
ليس لأحد عليها سبيل، فإن والى أحد ميراثه وجريرته عليه، وإن لم يوال أحدا
فهو لأقرب الناس لمولاه الذي أعتقه (2) فلم يعمل به أحد من الأصحاب. وقد
يقال: إنه (عليه السلام) تبرع عليه بحقه، أو استحب أن يؤثر به إذا احتاج.
(ولو وجد معه الزوجان، ففي توريثه معهما خلاف سبق، فإن كان
الإمام ظاهرا أخذه يصنع به ما شاء، و) ذكر الشيخان أنه (كان علي (عليه السلام)
يضعه في فقراء بلده وضعفاء جيرانه) وخلطائه، تبرعا عليهم بما يستحقه من
ذلك، واستصلاحا للرعية حسب ما كان يراه في الحال من صواب الرأي (3). وفي
مرسل داود: أن رجلا مات على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن له وارث، فدفع
أمير المؤمنين (عليه السلام) ميراثه إلى همشهريجة (4).
وفي خبر السري كان علي (عليه السلام) يقول في الرجل يموت ويترك مالا وليس له
أحد: أعط الميراث همشاريجه (5) (وإن كان غائبا حفظ له) كما في



(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 48 ب 43 من أبواب العتق.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 550 ب 3 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ح 10.
(3) المقنعة: ص 705، النهاية: ج 3 ص 245.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 552 ب 4 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ح 3 [وفيه:
همشهريجه].
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 552 ب 4 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ح 2.
476
الخلاف (1) استنادا إلى الإجماع، والأخبار، والأصل (أو صرف في
المحاويج) كما في النهاية (2) والمهذب (3) والنافع (4) والشرائع (5) ويؤيده
خبر سليمان بن خالد عن الصادق (عليه السلام) في مسلم قتل وله أب نصراني لمن يكون
ديته؟ قال: يؤخذ فتجعل في بيت مال المسلمين، لأن جنايته على بيت مال
المسلمين (6) وقال الصدوق: إن ماله لأهل بلده (7) ويؤيده فعل أمير المؤمنين (عليه السلام).
(و) لا خلاف عندنا أنه (لا يعطى سلطان الجور مع الأمن) ومن أصحاب
الشافعي من خير بين الدفع إليه والحفظ إلى ظهور إمام عادل، والصرف إلى
مصالح المسلمين (8).
(ومن مات من أهل الحرب ولم يخلف وارثا، كان ميراثه للإمام)
عندنا، ولبيت المال عند العامة بلا خلاف بيننا ولا بينهم كما في الخلاف (9).
(وكل ما يتركه المشركون خوفا، ويفارقونه من غير حرب فهو
للإمام. وما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين) كما تقدم في الجهاد
(ومع عدمهم يقسم في الفقراء من المسلمين) (و) سائر (المصالح) لهم.
(وما يؤخذ من أموالهم حال الحرب للمقاتلة بعد الخمس، وما يأخذه
سرية بغير إذن الإمام، فهو له خاصة).
(وما يؤخذ غيلة في زمان الهدنة، يعاد عليهم، وإن كان في غيره كان
لآخذه بعد الخمس) وقد تقدم جميع ذلك، وإنما ذكر هنا استطرادا.



(1) الخلاف: ج 4 ص 23 المسألة 15.
(2) النهاية: ج 3 ص 246 - 247.
(3) المهذب: ج 2 ص 154.
(4) المختصر النافع: ص 265.
(5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 40.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 552 ب 4 من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ح 5.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 333 ذيل الحديث 5715.
(8) المجموع: ج 16 ص 113 - 114.
(9) الخلاف: ج 4 ص 23 المسألة 15.
477
(المقصد الثالث)
(في اللواحق)
(وفيه فصول) ثمانية:
(الأول في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا)
(ولد الملاعنة ترثه امه، وولده، وزوجه وزوجته، وكل من يتقرب)
إليه (بالأم. فمع الولد للأم السدس) خاصة (إن كان) الولد (ذكرا أو ذكرا
وانثى، والباقي للأولاد) وإن كان انثى فلها النصف أو الثلثان، والباقي يرد عليها
وعلى الام (ولو لم يكن ولد فلها الثلث) بالفرض (والباقي بالرد) في
ظهور الإمام وغيبته، للعمومات. خلافا للصدوق فجعل الباقي للإمام (1) إن كان
ظاهرا، لقول الباقر (عليه السلام) في خبري زرارة وأبي عبيدة: ترثه امه الثلث، والباقي
لإمام المسلمين، لأن جنايته على الإمام (2) وحملا في التهذيب على التقية (3) وفي
الاستبصار على ما إذا لم يكن لها عصبة يعقلون عنه (4).
(فإن فقدت الام والأولاد ورثه الإخوة من قبلها) وأولادهم
(والأجداد من قبلها) وإن علوا (ويترتبون الأقرب فالأقرب. ومع عدمهم
فالأخوال والخالات وأولادهم، على ما تقدم من الترتيب بالسوية في هذه
المراتب) لما تقدم من التسوية بين المتقربين بالأم.
(ولو لم يكن) له ولد أو ام ولا (للأم قرابة أصلا، ورثه) المولى بالعتق



(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 323 ذيل الحديث 5692.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 560 ب 3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 3 و 4.
(3) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 343 ذيل الحديث 1231.
(4) الاستبصار: ج 4 ص 182 ذيل الحديث 684.
478
أو الضمان أو (الإمام، دون الأب ومن يتقرب به) لانقطاع النسب بينه وبينهم
في ظاهر الشرع.
(ويرث الزوج والزوجة سهمهما مع كل درجة) إما الأعلى أو الأدنى
(ويرث هو قرابة الام على الأصح) وفاقا للمشهور، ويشهد به الاعتبار،
والأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في خبري الشحام وأبي الصباح: وهو يرث أخواله (1)
وخبر أبي بصير سأله (عليه السلام) فهو يرث أخواله، قال: نعم (2). وخلافا للاستبصار ففيه:
إنه إنما يرثهم إذا أقر به الأب بعد اللعان، لأنه يبعد التهمة عن المرأة ويقوى صحة
النسب (3). وعليه حمل قول الباقر (عليه السلام) في خبر أبي بصير: يلحق الولد بامه ترثه
أخواله ولا يرثهم الولد (4). وما في مضمر العلاء عن الفضيل: الحق بأخواله يرثونه
ولا يرثهم (5) وينص على التفصيل خبر أبي بصير سأل الصادق (عليه السلام) عن الملاعنة
إذا تلاعنا وتفرقا، وقال زوجها بعد ذلك: الولد ولدي، وأكذب نفسه، فقال: أما
المرأة فلا ترجع إليه، ولكن أرد إليه الولد، ولا أدع ولده، ليس له ميراث، فإن لم
يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه، ولا يرثهم (6). ونحوه حسن الحلبي عنه (عليه السلام) (7). وفي
التهذيب وقد روي: أن الأخوال يرثونه، ولا يرثهم، غير أن العمل على ثبوت
الموارثة بينهم أحوط وأولى على ما يقتضيه شرع الإسلام (8).



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 560 ب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 561 ب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 2.
(3) الاستبصار: ج 4 ص 181 ذيل الحديث 682.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 562 ب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 562 ب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 562 ب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 563 ب 4 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 7.
(8) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 341.
479
(ولو اعترف به أبوه بعد اللعان ورث الولد أباه دون العكس) أخذا
بإقراره أولا وآخرا، ولنحو قول الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي: فإن ادعاه أبوه
لحق به، وإن مات ورثه الابن ولم يرثه الأب (1).
(وهل يرث أقارب الأب مع اعترافه؟ إشكال): من انتفاء النسب شرعا
باللعان ولا يؤخذ بالإقرار في حق الغير وهو قول الأكثر، ومن أن إرثه منه
لثبوت نسبه فلا فرق. وهو قول الحلبي (2). ويؤيده أن الإرث بالإقرار أخذ للورثة
بإقرار مورثهم.
(ولو قيل: يرثهم إن اعترفوا به وكذبوا الأب في اللعان ويرثونه كان
وجها) أخذا عليهم بإقرارهم.
(ولو خلف) ابن الملاعنة (أخوين أحدهما من الأبوين والآخر من
الام تساويا لسقوط اعتبار نسب الأخ بالأب في نظر الشرع. وكذا لو
كان) المخلف (أخا لأبويه وأختا) لهما أو (لامه أو أختين) أختا لأبويه
واخرى لامه (فإنهما يتساويان) لتساوي الأخ والأخت للأم (وكذا ابن الأخ
للأبوين وابن الأخ للأم) لأنهما إنما يرثان نصيب من يتقربان به.
(ولو خلف أخوين من الأبوين مع جد وجدة للأم تساووا) لكون
الجميع بمنزلة الإخوة للأم.
(ولو أنكر الحمل فتلاعنا فولدت توأمين، توارثا بالأمومة دون
الابوة) فيرث كل منهما سدس تركة الآخر فرضا.
(ولو ماتت الام) الملاعنة (ولا وارث) لها (سواه) أي ولدها
(فميراثها) أجمع (له).



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 558 ب 2 من أبواب ميراث الملاعنة وما أشبهه ح 1.
(2) الكافي في الفقه: ص 375.
480
(ولو كان معه أبوان أو أحدهما، فلكل السدس، والباقي له) إن كان
ذكرا (ولو كان) الولد (مع الأبوين انثى فلها النصف، وللأبوين السدسان،
ويرد) عليهم (الباقي أخماسا).
(ومن تبرأ عند السلطان من جريرة ولده وميراثه ثم مات الولد،
قيل) في النهاية (1) والوسيلة (2) والمهذب (3) والإصباح (4) (يرثه عصبة
الأب دون الأب) لخبر يزيد بن خليل سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل تبرأ من
جريرة ابنه وميراثه، قال: ميراثه لأقرب الناس إلى أبيه (5). ومضمر ابن مسكان عن
أبي بصير، قال: سألته عن المخلوع تبرأ منه أبوه عند السلطان ومن ميراثه
وجريرته لمن ميراثه؟ فقال: قال علي (عليه السلام): هو لأقرب الناس إلى أبيه (6) (وليس
بجيد) لضعف المستند، ومخالفته للأصول، وعموم نصوص الإرث واحتمال
الخبرين التبرء بعد موت الابن ولفظ أبيه فيهما ابنه. وقال الشيخ في الحائريات:
إنها رواية شاذة فيها نظر (7).
(ولا يرث أحد الزانيين ولد الزنا ولا أحد من أقاربهما ولا يرثهم هو،
لعدم النسب شرعا. وإنما يرثه ولده وزوجه أو زوجته، فإن فقد أولاده
فميراثه للإمام) مع انتفاء الزوجين (ومع) أحد (الزوجين الخلاف) في
الزائد على النصف أو الربع.
(وروي) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (أن ميراثه لامه ومن يتقرب بها)



(1) النهاية: ج 3 ص 267.
(2) الوسيلة: ص 402.
(3) المهذب: ج 2 ص 167.
(4) إصباح الشيعة: ص 374.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 565، وفيه " عن بريد " ب 7 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما
أشبهه ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 566 ب 7 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 7.
(7) لم نعثر عليه ونقله عنه في السرائر: ج 3 ص 286.
481
روى إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) أن عليا (عليه السلام) كان يقول: ولد الزنا
وابن الملاعنة ترثه امه وإخوته لامه أو عصبتها (1). وعن يونس قال: ميراث ولد
الزنا لقرابته من امه على نحو ميراث ابن الملاعنة (2) (وهي مطرحة) عند أكثر
الأصحاب، للضعف، ومخالفة الاصول. وعمل بها الصدوق (3) وأبو علي (4)
والحلبي (5). وما عن يونس يحتمل الرواية والرأي ويحتمل أن الاختصاص بمن
زنى أبوه دون امه.
(الفصل الثاني في ميراث الخناثى)
(من له الفرجان يرث) بالإجماع والنص (على الفرج الذي يبول
منه) قال الصادق (عليه السلام) في صحيح داود بن فرقد: إن كان يبول من ذكره فله
ميراث الذكر، وإن كان يبول من القبل فله ميراث الأنثى (6) (فإن بال منهما فعلى
الذي يسبق منه البول، فإن جاء منهما) معا (ورث على الذي ينقطع
أخيرا) في المشهور. وفي السرائر: أن عليه الإجماع (7) ويدل عليه قول
الصادق (عليه السلام) في حسن هشام بن سالم: فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث (8).
أي من حيث يسترسل منه مع انقطاع الآخر. واعتبر في المهذب (9) والإصباح (10)



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 569 ب 8 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 568 ب 8 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه ح 6.
(3) المقنع: ص 504 - 505.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 77.
(5) الكافي في الفقه: ص 377.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 572 ب 1 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 1.
(7) السرائر: ج 3 ص 277.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 574 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 1.
(9) المهذب: ج 2 ص 171.
(10) إصباح الشيعة: ص 372.
482
الانقطاع أولا وهو ظاهر المبسوط (1) والنهاية (2) لقوله في الأول: فإن تساويا فمن
أيهما انقطع: وفي الثاني: فأيهما انقطع منه البول ورث عليه. واعتبر المفيد في
الأعلام (3) والسيد (4) الأغلب والأكثر. وهو قريب من الانقطاع أخيرا، ولفظ الخبر
يحتمله، فإن الانبعاث يحتمل الثوران، فيكون المعنى فمن حيث يكون أقوى. ولم
يعتبر الصدوقان (5) ولا أبو علي شيئا (6) من ذلك. (فإن تساويا أخذا وتركا
حصل الاشتباه، فقيل) في الخلاف: يورث (بالقرعة) قال: روى أصحابنا أنه
تعد أضلاعه، فإن تساويا ورث ميراث النساء، وإن نقص أحدهما ورث ميراث
الرجال، والمعمول عليه أنه يرجع إلى القرعة فيعمل عليها. وحكى عن العامة
قولا: بأنه يعطى نصف المال ويوقف الباقي إلى ظهور أمرها أو يعطى الباقي
العصبة، وآخر: بأنه يعطى نصف نصيب الذكر ونصف نصيب الأنثى، ثم قال: دليلنا
إجماع الفرقة، وأخبارهم (7). ويؤيده عموم نصوص القرعة (8) وضعف دليل القولين
الآخرين. ولا شبهة في أنه لابد منها إذا مات ولم يستعلم حالها. (وقيل) في
كتاب الأعلام (9) والانتصار (10) والسرائر (11): (يعد أضلاعه فإن اختلف
عدد) أضلاع (الجنبين فذكر، وإن اتفقا فأنثى) وقد حكى عليه المفيد (12)



(1) المبسوط: ج 4 ص 114.
(2) النهاية: ج 3 ص 258.
(3) مصنفات المفيد (كتاب الأعلام): ج 9 ص 62.
(4) الانتصار: ص 306.
(5) المقنع: ص 503، ونقله عن والده في المختلف: ج 9 ص 80.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 77.
(7) الخلاف: ج 4 ص 106 المسألة 116.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 579 ب 4 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه.
(9) مصنفات المفيد (كتاب الأعلام): ج 9 ص 62.
(10) الانتصار: ص 306.
(11) السرائر: ج 3 ص 279.
(12) مصنفات المفيد (كتاب الأعلام): ج 9 ص 62.
483
والمرتضى (1) الإجماع، وقد وردت به أخبار معللة بأن حواء خلقت من ضلع آدم
الأيسر (2) وفسر ذلك في بعض الأخبار بخلقها من الطينة التي فضلت من ضلعه
الأيسر (3) وقد ذكر أن الموافق للحسن والتشريح تساوي الرجال والنساء في
الأضلاع (وقيل) في الفقيه (4) والمقنع (5) والمقنعة (6) والنهاية (7) والمبسوط (8)
وغيرها: (يرث نصف النصيبين، وهو الأشهر) ويدل عليه قول الصادق (عليه السلام)
في حسن هشام بن سالم: فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال والنساء (9) وقول
علي (عليه السلام) في خبره مثله (10) وفي خبر إسحاق بن عمار: فإن مات ولم يبل فنصف
عقل المرأة، ونصف عقل الرجل (11) قال في المختلف: ولأن القضية المعهودة في
الشرع قسمة ما يقع في التنازع بين الخصمين مع تساويهما في الحجة وعدمها،
والأمر كذلك هنا، فإنه إذا خلف مع الخنثى ذكرا فهو يقول: إني ذكر، والذكر ينكر،
فله ما اتفقا عليه، وهو سهم الأنثى، ويقع التنازع في التفاوت بين السهمين فيقسم
بينهما. ولأنه ليس أحد الاحتمالين أولى، فتعين الانقسام (12) انتهى. ولا ينافي
ذلك انحصار الناس في الذكر والأنثى إن سلم، لجواز مخالفة هذا الفرد في النصيب
بالدليل. لكن في تمامية الأدلة نظر.



(1) الانتصار: ص 306.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 576 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 4.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 327 ذيل الحديث 5702.
(4) لم نعثر عليه وحكاه عنه في الإيضاح: ج 4 ص 249.
(5) المقنع: ص 503.
(6) المقنعة: ص 698.
(7) النهاية: ج 3 ص 258.
(8) المبسوط: ج 4 ص 114.
(9) وسائل الشيعة: ج 17 ص 574 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 575 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ذيل ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 17 ص 575 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 2.
(12) مختلف الشيعة: ج 9 ص 85.
484
(ونبات اللحية، وتفلك الثدي) أي استدارته (والحبل، والحيض،
علامات على الأقرب) فالأول على الذكورية، والبواقي على خلافها، لحصول
الظن القوي بها ما لم تتعارض علامتان، كما في القضية التي قضى فيها
أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد الأضلاع (1) فقد عارض فيها الحبل، الإحبال، وهو يوافق
كلام الحسن، قال: الخنثى عند آل الرسول (عليهم السلام) فإنه ينظر فإن كان هناك علامة
يبين الذكر من الأنثى من بول أو حيض أو احتلام أو لحية أو ما أشبه ذلك، فإنه
يورث على ذلك. فإن لم يكن وكان له ذكر كذكر الرجل وفرج كفرج النساء، فإن له
ميراث النساء، لأن ميراث النساء داخل في ميراث الرجال. وهذا ما جاء
عنهم (عليهم السلام) في بعض الآثار. وقد روي عن بعض علماء الشيعة: أنه سئل عن
الخنثى، فقال: روى بعض أصحابنا - من وجه ضعيف لم يصح عندي - أن حواء
خلقت من ضلع آدم، فصار للرجال من ناحية اليسار ضلع أنقص، فللنساء ثمانية
عشر ضلعا من كل جانب تسعة، وللرجال سبعة عشر ضلعا من جانب اليمين
تسعة، ومن جانب اليسار ثمانية. وهذه علامة واضحة جيدة إن صحت. وروي
عنهم (عليهم السلام): أنه يورث من المبال، فإن سال البول على فخذيه فهو امرأة، وإن زرق
البول كما يزرق الرجل فهو رجل. وجميع ما ذكرناه من العلامات التي يعرف بها
الرجال من النساء مثل الحيض واللحية والاحتلام والجماع وغير ذلك انتهى (2).
ويحتمل العدم لانتفاء النص وبقاء الاحتمال.
(وفي كيفية معرفته) أي نصف النصيبين (طرق أربعة).
(الأول) وهو مذكور في المبسوط (3) وغيره: (أن يجعل مرة ذكرا ومرة



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 576 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ح 4.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 80.
(3) المبسوط: ج 4 ص 114.
485
انثى، ويعمل المسألة) أي مسألة قسمة التركة على الورثة (على هذا مرة و
على هذا اخرى، ثم يضرب إحداهما في الاخرى إن تباينتا) كذكر وخنثى
فإن المسألة على الذكورية اثنان وعلى الأنوثية ثلاثة (أو في وفقهما إن
اتفقتا) كذكرين وخنثيين، فإنها على ذكوريتهما من أربعة، وعلى أنوثيتهما من
ستة (وتجتزء بإحداهما إن تماثلتا) كأبوين وخنثيين فإنها على التقديرين من
ستة (وبالأكثر إن تناسبتا) أي تداخلتا كأبوين وذكر وخنثى، فإنها على
الذكورية من ستة، وعلى الأنوثية من ثمانية عشر (ثم يضربها) أي المسألة التي
هي الأكثر أو إحداهما أو مضروب إحداهما في الاخرى أو في وفقها (في
اثنين) إن احتيج إليه بالانكسار في مخرج النصف (ثم يجمع ما لكل) من
الورثة على كل (واحد منهما) أي من المسألتين (إن تماثلتا) أي المسألتان
ففي المثال، تجمع ما لكل من الأبوين وهو سهم من ستة على التقديرين فيكون له
سهمين، وما لكل من الخنثيين وهو سهمان، فيكون أربعة أسهم (ونضرب ما
لكل واحد من إحداهما في الاخرى إن تباينتا) ففي المثال، للذكر سهم من
اثنين على تقدير نضربه في الثلاثة، وسهمان من ثلاثة على التقدير الآخر نضربهما
في الاثنين يبلغ سبعة، وللخنثى سهم من اثنين على تقدير نضربه في ثلاثة، وسهم
من ثلاثة على الآخر نضربه في اثنين يبلغ خمسة (أو في وفقها إن اتفقتا) ففي
المثال لكل من الذكرين سهم من أربعة نضربه في نصف ستة، وسهمان من ستة
نضربهما في اثنين يبلغ سبعة، ولكل من الخنثيين سهم من أربعة على تقدير نضربه في
ثلاثة وسهم من ستة على الآخر نضربه في اثنين يبلغ خمسة (فندفعه) أي الحاصل
من الجمع أو الضرب مما بلغ (إليه) المسألتان عند الضرب في اثنين إليه، ففي
مثال التماثل لكل من الأبوين سهمان من اثني عشر ولكل من الخنثيين أربعة منها،
وفي مثال التباين للذكر سبعة من اثني عشر وللخنثى خمسة منها، وفي مثال

486
التوافق لكل من الذكرين سبعة من أربعة وعشرين ولكل من الخنثيين خمسة منها.
أو نأخذ ما لكل منهما على كل من التقديرين مما بلغ إليه المسألتان بعد
الضرب في الاثنين إن احتيج إليه فندفع إليه نصفه، ففي مسألة الذكر والخنثى،
للذكر على تقدير ستة وعلى آخر ثمانية، ونصف المجموع سبعة فله سبعة من اثني
عشر، وللخنثى على تقدير ستة وعلى آخر أربعة فله خمسة من اثني عشر. وفي
مثال الذكرين والخنثيين، لكل من الذكرين على تقدير ستة وعلى آخر ثمانية فله
سبعة من أربعة وعشرين، ولكل من الخنثيين ستة على تقدير وأربعة على آخر فله
خمسة منها. وفي الأبوين والخنثيين لكل من الأبوين اثنان على كل تقدير فله
اثنان من اثني عشر، ولكل من الخنثيين أربعة على كل فله أربعة منها [وفي الباقي
لكل من الأبوين ستة على كل فله ستة من ستة وثلاثين وللذكر خمسة عشر على
تقدير وعشرون على آخر فله سبعة عشر ونصف منها وللخنثى عشرة على تقدير
وخمسة عشر على آخر فله اثني عشر ونصف منها] (1) وأما عند التداخل فإنما
يأخذ نصف النصيبين من الأكثر إن لم ينكسر وإلا فمن مضروبه في اثنين ففي
المثال نصيب الخنثى على تقدير ستة وعلى الآخر أربعة فنعطيه خمسة، وللذكر
على تقدير ستة وعلى آخر ثمانية نعطيه سبعة (وهذا) الطريق (يسمى
التنزيل) من تنزيل الحساب أو تنزيل الأحوال.
الطريق (الثاني) وهو طريق التحقيق وجعله الأصل المعول عليه في
المبسوط (2): (أن يجعل للخنثى سهم بنت ونصف سهم بنت، فلو خلف ابنا
وبنتا وخنثى بسطت سهامهم، فتجعل لحصة الابن نصفا) أي لابد من أن
يكون له نصف ليكون حصة البنت (ولحصة البنت نصفا) ليكون من حصة
الخنثى (فيكون أقل عدد يفرض للبنت اثنان وللذكر ضعفهما) يبلغ



(1) بين المعقوفتين لم يرد في ق والمطبوع.
(2) المبسوط: ج 4 ص 115.
487
المجموع ستة (وللخنثى نصفهما، فالفريضة من تسعة) أربعة للابن واثنان
للبنت وثلاثة للخنثى. (ولو كان مع الخنثى ذكر) فقط (فالفريضة من
سبعة) بحذف نصيب البنت (ولو كان معها انثى) فقط (فالفريضة من
خمسة) بحذف نصيب الابن.
الطريق (الثالث) طريق الدعوى وهو: (أن تورثه بالدعوى فيما بقي
بعد اليقين) وهو نصيب انثى (كمسألة الابن والبنت والخنثى) وتصح من
أربعين فإنها على الذكورية من خمسة وعلى الأنوثية من أربعة ومضروبهما
عشرون ثم نضربها في اثنين للانكسار في مخرج النصف (للذكر الخمسان
بيقين، وهي ستة عشر من أربعين) فإنها له على ذكورية الخنثى (وهو يدعي
النصف) أي (عشرين) ويقول إن الخنثى انثى (وللبنت الخمس بيقين
ثمانية وهي تدعي الربع عشرة، وللخنثى الربع بيقين وهو يدعي) أنه ذكر
وأن له (الخمسين ستة عشر والمختلف فيه) بين الكل (ستة أسهم يدعيها
الخنثى كلها، فيعطيه نصفها ثلاثة مع العشرة، صار له ثلاثة عشر، والابن
يدعي أربعة يعطيه نصفها سهمين، يصير له ثمانية عشر، والبنت تدعي
سهمين فتدفع إليها سهما صار لها تسعة) هذا على تأخير الدعوى عن فرض
المسألة على التقديرين.
(ويحتمل توريثه بالدعوى من أصل المال، فيكون الميراث في
هذه المسألة من ثلاثة وعشرين، لأن المدعي هنا نصف) يدعيه الابن
(وربع) تدعيه البنت (وخمسان) يدعيهما الخنثى (ومخرجها) مضروب
أربعة في خمسة (عشرون، للابن النصف عشرة، وللبنت خمسة، وللخنثى
ثمانية) على ما يدعونه (تعول إلى ثلاثة وعشرين) فللابن ثمانية بيقين وهو
يدعي اثنين، وللبنت أربعة بيقين وهي تدعي واحد، وللخنثى خمسة بيقين وهو

488
يدعي ثلاثة، فالمختلف فيه ستة نعطيهم نصفها ثلاثة، للابن واحد وللبنت نصف
وللخنثى واحد ونصف، فللابن تسعة من عشرين وهي ثمانية عشر من أربعين،
وللبنت أربعة ونصف من عشرين وهي تسعة من أربعين، وللخنثى ستة ونصف
وهي ثلاثة عشر من أربعين، فلابد من ضرب العشرين بالأخرة في اثنين ولا
تتفاوت الأنصباء.
الطريق (الرابع: أن يقسم التركة نصفين، فيقسم أحد النصفين على
الوراث على تقدير ذكورية الخنثى، والنصف الآخر عليهم على تقدير
الأنوثة، كالمسألة بعينها، أصل الفريضة سهمان) للتنصيف (نضرب في
خمسة، لأن حصة البنت على تقدير الذكورية الخمس يصير عشرة، ثم
نضربها في أربعة هي أصل حصتها) أي مخرجها (على تقدير الأنوثية
فتصير أربعين، يقسم نصفها - وهو عشرون - على ذكر وأنثيين يكون
للخنثى هنا خمسة، وكذا الأنثى وللذكر عشرة، والنصف الآخر يقسمه على
ذكرين وانثى يكون للخنثى ثمانية وكذا للذكر، وللأنثى أربعة، فيجتمع
للخنثى ثلاثة عشر) من أربعين (وللذكر ثمانية عشر، وللأنثى تسعة).
(والطريق الأول يخالف الطريق الثاني في هذه المسألة، لأن على
الطريق الأول تضرب فريضة الذكورية وهي خمسة في فريضة الأنوثية
وهي أربعة) يبلغ عشرين (ثم) نضرب (اثنين في المجتمع تصير أربعين،
للخنثى على تقدير الذكورية ستة عشر، وعلى تقدير الأنوثة عشرة، فله
نصفهما ثلاثة عشر، وللذكر) عشرون على تقدير وستة عشر على آخر فله
نصفهما (ثمانية عشر وللأنثى) عشرة على تقدير وثمانية على آخر فلها
نصفهما (تسعة، لأن للبنت سهما) مضروبا (في خمسة وسهما) مضروبا
(في أربعة) كما عرفت (فالمجموع تسعة، وللذكر) ضعفها (ثمانية عشر)

489
وأيضا له سهمان في خمسة وسهمان في أربعة (وللخنثى سهم في خمسة
وسهمان في أربعة يكون ثلاثة عشر).
(وعلى الطريق الثاني المسألة) كما عرفت (من تسعة، للخنثى الثلث
وهو ثلاثة، وثلاثة عشر من أربعين أقل من الثلث).
(والطريقة الثالثة توافق الاولى في أكثر المواضع كما في هذه
المسألة) بل لا يمكن تخالفهما، إذ لا فرق في الاولى بين أن يجمع ما لكل
أو يضرب ما لكل في الاخرى أو في وفقها قبل الضرب في الاثنين وبين أن
يؤخذ نصف النصيبين بعد الضرب، وأخذ نصفهما بعده يلازم أخذ نصف الدعوى
بعده ضرورة.
(فروع) عشرة:
(الأول: لو خلف ابنا وخنثى، فعلى الأول نضرب اثنين) فريضة
الذكورة (في ثلاثة) فريضة الأنوثة (ثم اثنين في المجتمع، للذكر سبعة)
حاصلة من سهم في ثلاثة وسهمين في اثنين (وللخنثى خمسة) حاصل من
سهم في ثلاثة وسهم في اثنين.
(وعلى الثاني الفريضة من سبعة، للذكر أربعة وللخنثى ثلاثة).
(وعلى الثالث للذكر بيقين النصف) لمضروب الفريضتين أي اثنى عشر
وهي (ستة وللخنثى بيقين) ثلاثة (أربعة يبقى سهمان يدعيهما كل
منهما) فإن الابن يدعي الثلثين والخنثى النصف (فيقسم بينهما).
(وعلى العول في الدعوى يصح من سبعة، لأن مخرج النصف) الذي
هو (إحدى الدعويين) وهو دعوى الخنثى (والثلثين) الذي هو (الدعوى
الاخرى) التي هي دعوى الابن (من ستة، الذكر يدعي أربعة والخنثى
ثلاثة) فنعطي الابن ثلاثة ونصف والخنثى اثنين ونصف وإذا أردنا تصحيح

490
النصف ضربنا الستة في اثنين فللابن سبعة وللخنثى خمسة.
(وعلى الرابع) تصح (من اثني عشر، لأن أحد النصفين يقسم نصفين
والآخر أثلاثا) فالفريضة عدد له ثلث ونصف ولنصفه نصف (وأقل مخرج
الثلث والربع اثنا عشر) قسمنا نصفها بينهما نصفين والنصف الآخر أثلاثا.
(الثاني: لو خلف انثى وخنثى، فعلى الأول: الفريضة من اثني عشر)
مضروب اثنين في ثلاثة ثم في اثنين (للخنثى سبعة) سهمان في اثنين وسهم
في ثلاثة (وللأنثى خمسة) سهم في اثنين وسهم في ثلاثة. (وعلى الثاني من
خمسة، للخنثى ثلاثة وللأنثى سهمان. وباقي الطرق ظاهرة) فعلى الثالث
للانثى أربعة بيقين وهي تدعي ستة فلها خمسة وللخنثى ستة بيقين وهي تدعي
ثمانية فلها سبعة، وعلى العول من ستة تعول إلى سبعة، وعلى الرابع من اثني عشر
يقسم عليهما نصفها بالسوية والنصف الآخر أثلاثا.
(الثالث: لو اتفق معهم) أي الخناثى ومشاركيهم (زوج أو زوجة
صححت مسألة الخناثى ومشاركيهم أولا) بإحدى الطرق (دون الزوج
والزوجة) إذ لا تتفاوت الحال في نصيبهما بذكورية الخنثى وأنوثيتها (ثم
ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة فيما اجتمع) ليخرج نصيبه، ثم يقسم
الباقي بين الباقين و (كابن وبنت وخنثى فريضتهم على) الطريق (الأول
أربعون) فإذا اجتمع معهم زوج (تضرب مخرج سهم الزوج وهو أربعة في
أربعين تبلغ مائة وستين، للزوج) ربعها (أربعون وكل من) كان (حصل
له أولا سهم ضربته) أي سهمه (في ثلاثة، فما اجتمع فهو نصيبه من مائة
وستين، فللخنثى تسعة وثلاثون) ثلاثة أمثال ثلاثة عشر (وللذكر أربعة
وخمسون) ثلاثة أمثال ثمانية عشر (وللأنثى سبعة وعشرون) من أربعين
ثلاثة أمثال تسعة.

491
(وعلى) الطريق (الثاني: نضرب تسعة في أربعة) يبلغ ستة وثلاثين
(للزوج تسعة، وللذكر اثنا عشر، وللأنثى ستة، وللخنثى نصفهما) تسعة
(وباقي الطرق ظاهر) لا فرق بينه وبين الأول إلا على العول، فإنا نضرب
الأربعة في ثلاثة وعشرين يبلغ اثنين وتسعين، للزوج ثلاثة وعشرون، وللذكر
ثلاثون، وللبنت خمسة عشر، وللخنثى أربعة وعشرون.
(الرابع: أبوان وخنثى، للأبوين تارة) وهي تقدير الأنوثة (الخمسان)
فريضة وردا (وتارة) وهي على فرض الذكورة (السدسان، نضرب خمسة
في ستة تبلغ ثلاثين، للأبوين) على تقدير اثنا عشر وعلى آخر عشرة فلهما
نصف ذلك (أحد عشر، وللخنثى) على تقدير ثمانية عشر وعلى الآخر
عشرون فلها نصف ذلك (تسعة عشر). هذا على ما ذكرنا من جمع النصيبين
على التقديرين وتنصيف المجموع. وأما على ما قدمه المصنف فلابد من ضرب
الثلاثين في اثنين ليبلغ ستين ويكون للأبوين مجموع سهمين في خمسة وسهمين
في ستة وهو اثنان وعشرون، وللخنثى مجموع ثلاثة في ستة وأربعة في خمسة
وهو ثمانية وثلاثون. (وكذا على الثاني) فإن للخنثى فرضا خمسة عشر
باعتبار كونها بنتا، وللأبوين عشرة فرضا، ولو كانت بنتا واحدة كانت الخمسة
الباقية ترد عليهم أخماسا فيكون لها ثلاثة أخماسها، ولو كانت بنتين كان لها
مجموع الباقي أيضا، فإن للبنتين الثلثين فالذي يزيد لها بالبنتية الزائدة خمسا
الباقي نعطيها نصفهما فيكون لها أربعة أخماس الباقي وهي أربعة من ثلاثين
نضيفها إلى النصف يكون تسعة عشر. (و) كذا على (الثالث) فإنه يدعي
عشرين ونحن نعطيه ثمانية عشر ثم نعطيه نصف ما يدعيه وهو اثنان.
(وعلى العول تصح من ستة عشر، فإن الأبوين يدعيان الخمسين،
والخنثى الثلثين، مخرجهما خمسة عشر) تعول إلى ستة عشر (والرابع

492
كالأول) فإنا نقسم عليهم خمسة عشر أخماسا، فيكون للخنثى تسعة وخمسة
عشر أسداسا فيكون لها عشرة.
(ولو اعتبرت نصف نصيب كل واحد من الأبوين، استوى الأول
والرابع في كون الفريضة ستين) ليكون لكل منهما أحد عشر. ومنع المصري
من الرد تمسكا بأنه خلاف الأصل، وأن ما يثبت في الأنثى بالإجماع وكون
الخنثى يرث نصف نصيب الأنثى معارض بإرثه نصف نصيب الذكر.
(الخامس: أبوان وخنثيان، للأبوين السدسان والباقي للخنثيين،
الفريضة من ستة، للأبوين سهمان ولكل خنثى سهمان على جميع الطرق،
إذ لا رد هنا) فإنهما إن كانتا أنثيين كان لهما الثلثان، وإن كانا ابنين أو ذكرا وانثى
كان لهما الباقي بلا فرض.
(ولو كان معهما أحد الأبوين فله تارة) وهي حالة كونهما ابنين أو
مختلفين (السدس، وتارة) وهي حالة كونهما بنتين (الخمس، نضرب
خمسة في ستة فتبلغ ثلاثين ثم اثنين في ثلاثين، فللأب تارة الخمس اثنا
عشر وتارة السدس عشرة، فله نصفهما أحد عشر) أو نقول: له سهم في ستة
وسهم في خمسة يبلغ أحد عشر (والباقي للخناثى بالسوية) لما سيأتي من
تساويهم لتساويهم في الاحتمال (وكذا باقي الطرق) أما على الثالث فإن كلا
من الأب والخنثيين يدعي اثنين زيادة على المتيقن فنقسمها نصفين (وعلى
العول) تصح (من أحد وثلاثين) فإن الأب يدعي الخمس والخنثيين يدعيان
خمسة أسداس فضربنا الخمسة في الستة يبلغ ثلاثين تعول إلى أحد وثلاثين، فإنه
يدعي ستة وهما يدعيان خمسة وعشرين. وأما على الرابع فتقسم ثلاثين بينهم
أسداسا للأب خمسة ولهما خمسة وعشرون وثلاثين أخماسا فيجتمع للأب أحد
عشر ولهما تسعة وأربعون. وأما الطريق الثاني فلا يوافق هنا تلك الطرق، فإنه

493
يكون للأب اثنا عشر فإنهما بمنزلة ثلاث بنات فتقسم التركة عليهم أخماسا.
(السادس: أحد الأبوين وخنثى، الفريضة من أربعة وعشرين، للأب
خمسة، والباقي للخنثى إن جعلنا له نصف) نصيب (ابن ونصف) نصيب
(بنت) فإنها على الذكورة من ستة وعلى الأنوثة من أربعة فضربنا وفق إحداهما
في الاخرى بلغت اثنا عشر، للأب اثنان على الأول، وثلاثة على الثاني، ولها
عشرة على الأول، وتسعة على الثاني، وليس للتسعة ولا للثلاثة نصف فضربنا
اثنين في اثنا عشر، فللأب أربعة على تقدير، وستة على آخر أعطيناه خمسة،
وللخنثى عشرون على تقدير وثمانية عشر على آخر فأعطيناه تسعة عشر.
(وكذا على الطريق الأول) فإن للأب سهما من ستة مضروبا في اثنين
وفق الأربعة، وسهما من أربعة مضروبا في ثلاثة وفق الستة وذلك خمسة، وللخنثى
خمسة أسهم من ستة في اثنين وثلاثة من أربعة في ثلاثة وذلك تسعة عشر. (و)
كذا على (الثالث، لأن للأم) مثلا (السدس بيقين) وهي تدعي نصف سدس
آخر (وللخنثى ثلاثة أرباع بيقين) وهي تدعي زيادة نصف سدس (ويقسم
نصف السدس) وهو اثنان من أربعة وعشرين (بينهما) فيكون للأم خمسة
والباقي للخنثى (وكذا على الرابع) فإن للأم من اثني عشر اثنين ومن اثني
عشر ثلاثة، وللخنثى من اثني عشر عشرة ومن اثني عشر تسعة.
(وعلى الثاني) نقول: يتفاوت سهم الام على تقدير وحدة البنت وتعددها،
فهل التفاوت باعتبار البنت الزائدة خاصة أو باعتبار المجموع؟ وجهان: من
احتمال النص (1) والدوران، وضعفهما بين. ومن تعليق الحكم بالعدد وتساوي
البنتين في صحة الإسناد فلا ترجح إحداهما بلا مرجح، وهو الأجود. فنقول: (إن



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 463 ب 17 من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.
494
جعلنا التفاوت باعتبار البنت الزائدة، احتمل أن تكون الفريضة من أربعين،
للأم تسعة، لأن للأم مع البنت الواحدة الربع ومع البنتين الخمس)
والتفاوت بينهما جزء من عشرين جزء (فلها) مع بنت ونصف (نصف
التفاوت) فنضرب اثنين في العشرين يبلغ أربعين، للأم خمسها ثمانية ونصف
التفاوت بين الربع والخمس وهو جزء من أربعين جزء، وللخنثى أحد وثلاثون
لأنها إن كانت بنتا كان لها ثلاثون، وإن كانت بنتين كان لها اثنان وثلاثون، فلها
ثلاثون ونصف التفاوت (و) احتمل (أن تكون) الفريضة (من ستة
وثلاثين، لأن الأصل) بلا نظر إلى الرد (ستة، للأم السدس، وللبنت ثلاثة،
ولنصف البنت نصف سهم) أي سدس فإن للبنتين أربعة (فإن ضربت اثنين
في ستة) ليكون للسدس نصف صحيح (بلغ اثني عشر) للأم اثنان، وللخنثى
سبعة وهي مجموع النصف ونصف التفاوت بين النصف والثلاثين وذلك تسعة،
تبقى ثلاثة ترد عليهما كذلك (و) بين التسعة والاثنى عشر توافق بالثلث فإن
(ضربت ثلاثة الوفق في اثني عشر يصير ستة وثلاثين، للأم بالتسمية ستة
وبالرد سهمان، والباقي للخنثى، أو يضرب تسعة) حاصلة من بسط سهام
الام والبنت ونصفها وهي أربعة ونصف من جنس الكسر (في ستة) أصل
الفريضة (فيبلغ أربعة وخمسين، للأم اثنا عشر بالتسمية والرد) فتسعة
بالتسمية وثلاثة بالرد، والباقي للخنثى ويكفي ضرب التسعة في وفق الستة
للتوافق بالثلث فيبلغ ثمانية عشر، للأم أربعة ثلاثة فرضا وواحد ردا.
(وإن جعلنا التفاوت باعتبار مجموع الزائدة والبنت الأصلية، احتمل
أن تكون الفريضة من ثمانين، لأن للأم مع البنتين الخمس ومع البنت
الربع، فالتفاوت وهو سهم من عشرين، للخنثى ثلاثة أرباعه) لأنها ثلاثة
أرباع البنتين، وإذ ليس للواحد ربع صحيح (نضرب أربعة في عشرين) تبلغ

495
ثمانين (للأم الخمس ستة عشر وربع التفاوت وهو سهم) من ثمانين
(وللخنثى ثلاثة وستون).
(والأجود أن) يقطع النظر أولا عن الرد وينظر إلى ما لكل منهما فرضا ثم
يرد عليهما الباقي بالنسبة. وذلك بأن (يقال: للأم السدس) تسمية (وللخنثى
نصف وثلاثة أرباع سدس) تسمية، لأنها لو كانت بنتين كان لها الثلثان، ولو
كانت بنتا كان لها النصف، فلما كانت بمنزلة بنت ونصف كان لها ثلاثة أرباع الزائد
للبنتين على بنت، وهي ثلاثة أرباع سدس (والمخرج) لسدس له ربع (أربعة
وعشرون، للأم بالتسمية أربعة، وللخنثى خمسة عشر) يبقى خمسة تقسم
عليهما بهذه النسبة (فإما أن) لا تنظر إلى التفصيل بالفرض والرد وتقتصر على
عدد يكون أربعة أسهم منه للأم وخمسة عشر للخنثى جملة، كما فعله الشيخ (1) و
(تجعل الفريضة تسعة عشر، أو نضرب تسعة عشر في أربعة وعشرين)
ليمكن قسمة الخمس الباقية عليهما بتلك النسبة (تبلغ أربعمائة وستة
وخمسين، للأم من كل تسعة عشر سهما أربعة) يجتمع لها (ستة وتسعون،
والباقي للخنثى، وعلى العول) تصح (من) اثني عشر تعول إلى (ثلاثة
عشر) فإن الام تدعي الربع والخنثى خمسة أسداس.
(السابع: أحد الأبوين وانثى وخنثى، فعلى الأول: نضرب مخرج
الخمس) الذي للأب على الأنوثة (في مخرج السدس) الذي له على
الذكورة (ثم اثنين في المجتمع، ثم مخرج الثلث) الذي لابد منه على
الذكورية (في المرتفع، وذلك مائة وثمانون) أو مسألة الأنوثة خمسة ومسألة
الذكورة ثمانية عشر ضربنا إحداهما في الاخرى والحاصل في اثنين (للأب
على تقدير الذكورة ثلاثون، وللخنثى مائة، وللأنثى خمسون. وعلى تقدير



(1) المبسوط: ج 4 ص 116.
496
الأنوثة للأب الخمس ستة وثلاثون، وللخنثى اثنان وسبعون، وكذا الأنثى،
فنأخذ نصف نصيب كل واحد) منهم على التقديرين (فهو فرضه، فللأب
ثلاثة وثلاثون، وللخنثى ستة وثمانون، وللأنثى أحد وستون) أو نقول:
المسألة على الأنوثة من خمسة، وعلى الذكورة من ثمانية عشر، وللأب سهم من
خمسة نضربه في ثمانية عشر وثلاثة أسهم من ثمانية عشر نضربها في خمسة
والمجموع ثلاثة وثلاثون، وللأنثى سهمان من خمسة في ثمانية عشر وخمسة من
ثمانية عشر في خمسة والمجموع أحد وستون، وللخنثى سهمان في ثمانية عشر
وعشرة في خمسة يبلغ ستة وثمانين.
(ويحتمل أن يقال: يضرب مسألة الخناثي) أي الأنثى والخنثى خاصة
(وهي اثنا عشر) لأن فريضة الذكورة ثلاثة وفريضة الأنوثة اثنان ضربنا
إحداهما في الاخرى والمجتمع في اثنين (في مسألة الام وهي ستون) فإن
لها نصف الخمس والسدس وهما أحد عشر من ثلاثين ولا نصف لها فنضرب فيها
اثنين (فتصير سبعمائة وعشرين، للأم السدس) فرضا (مائة وعشرون،
وللبنت مائتان، وللخنثى مائتان وثمانون، إذ للبنت مع الخنثى خمسة من
اثنى عشر) فإن لها على الذكورة أربعة وعلى الأنوثة ستة ونصف التفاوت واحد
(وللخنثى سبعة) فإن لها على الذكورة ثمانية وعلى الأنوثة ستة ونصف
التفاوت واحد (ويبقى الرد وهو مائة وعشرون، للأم على تقدير الأنوثية
الخمس بالنسبة إليهما معا أربعة وعشرون، وتأخذ البنت من الباقي
أربعين، والخنثى ستة وخمسين سهما).
(ثم يرجع الخنثى على الأب) أو الام ولا محذور في فرض الام أولا ثم
الأب (بنصف ما اخذ منه) أي الخنثى (من الرد وهو سبعة، لأنه إذا أخذ
أربعة وعشرين التي هي الرد منهما كان ما يأخذه من الأنثى عشرة أسهم،

497
ومن الخنثى أربعة عشر، ونصفها غير مستحق) له (لأنه نصف ذكر،
فيصير مع الأب سبعة عشر سهما، وله من الأصل مائة وعشرون، فيصير له
مائة وسبعة وثلاثون، وللخنثى ثلاثمائة وثلاثة وأربعون، وللأنثى مائتان
وأربعون. وهذا) التردد بين الاحتمالين (بناء على) أن (فرض الخنثى
ذكرا هل يقتضي سقوط الرد) على الام مثلا (بالنسبة إلى البنت أيضا
مطلقا أو لا) يقتضي سقوطه إلا بالنسبة إلى نفسه؟ وجهان متكافئان: من أن
الفرض يقتضي كون الوارث ذكرا أو انثى وكون التركة بينهما للذكر ضعف الأنثى
من غير فرض لأحد منهما وهو ينفي الرد بالنسبة إليهما، ومن أن الأصل أن
الفرض لا يؤثر إلا في المفروض، وأن اليقين للبنت ما ينقص بالرد لكن الأصل
عدم الرد على الام مثلا (وبالجملة فقه هذه المسألة لا ينفك عن عسر ما)
لتكافؤ الاحتمالين، وانتفاء النص.
(وعلى الطريق الثاني للأم نصف سدس ونصف خمس، ومخرجهما
ستون) إذ لا نصف لسدس الثلثين (تضربها في خمسة) هي (فريضة الأنثى
والخنثى تبلغ ثلاثمائة، للأم خمسة وخمسون، وللبنت ثمانية وتسعون،
وللخنثى مائة وسبعة وأربعون) هذا إن سقط الرد على الام بفرض ذكورية
الخنثى بالنسبة إلى البنت أيضا.
(وعلى الاحتمال الثاني) وهو أن لا يسقط الرد إلا بالنسبة إلى الخنثى
(نقول: قد عرفت أن فريضة الخنثى والأنثى خمسة، وللأم من حصة
البنت خمسها، ومن نصف حصة الخنثى سدسه، ومن النصف الآخر
خمسه، فنضرب خمسة) هي فريضة الأنثى والخنثى (في خمسة) ليكون
لخمسها خمس (تصير خمسة وعشرين، للخنثى خمسة عشر ليس لها
نصف، تضرب اثنين في الأصل يصير خمسين، للخنثى ثلاثون ليس

498
لنصفها نصف) فليس له سدس، فإن كل عدد له سدس فله نصف، فعبر بنفي اللازم
عن نفي الملزوم لتعلم أنه يكفي أن (تضرب اثنين في خمسين يبلغ مائة) أو
نقول: إنها تأخذ من واحد ونصف خمسا وهو خمس ونصف خمس ومخرجه
عشرة، ومن واحد ونصف سدسا وهو ربع مخرجه أربعة، وهي توافق العشرة
بالنصف، فنضرب اثنين في العشرة ثم العشرين في الخمسة التي هي أصل المسألة
يبلغ مائة (للانثى أربعون تأخذ الام منها) خمسها (ثمانية، وللخنثى ستون
تأخذ) الام (من نصفها ستة ومن نصفها الآخر خمسة يتكمل لها تسعة
عشر، وللأنثى اثنان وثلاثون، وللخنثى تسعة وأربعون).
(ويحتمل أن يكون للأم من سهم الخنثى سدس ثلثيه وخمس ثلثه)
لأن ما يحصل للخنثى فثلثاه للذكورة وثلثه للأنوثة، لأن للذكر ضعف الأنثى
(نضرب خمسة في خمسة) هي مسألة الأنثى والخنثى ليكون للثلث خمس
يبلغ خمسة وعشرين، للخنثى خمسة عشر ثلثها خمسة ولها خمس صحيح (ثم)
أردنا أن نأخذ سدس ثلثيها وهي عشرة لم يكن لها سدس فنضرب (ثلاثة) هي
(وفق الستة مع المنكسر) عليها (من حصة الخنثى) وهو العشرة (في
المرتفع) وهو خمسة وعشرون يبلغ خمسة وسبعين (للأم من حصة الأنثى)
وهي ثلاثون خمسها (ستة، ومن ثلثي حصة الخنثى) وهي (خمسة)
وأربعون وثلثاها سدسهما خمسة (ومن ثلثها) خمسة (ثلاثة، يتكمل) لها
(أربعة عشر، وللأنثى أربعة وعشرون، وللخنثى سبعة وثلاثون).
(و) يحتمل أن (ينعكس الحال في الخنثى، فتأخذ الام من ثلثي حصتها
الخمس كالبنت) أي كما تأخذ من تمام حصتها الخمس (ومن الثلث السدس
لأنه) أي الثلث (الزائد) في حصة الخنثى (على حصة البنت، لأن للأم أن
تعول الزائد باعتبار فرض الذكورية) إنما (هو السهم الزائد) على نصيب

499
البنت وهو خمس التركة وثلث نصيب الخنثى، فإنما ينقص من نصيب الام بالنسبة
إليه خاصة (يضرب خمسة في خمسة) ليكون للخمسين اللذين هما ثلثا
حصة الخنثى خمس يبلغ خمسة وعشرين (ثم ستة في المرتفع) لأن ثلث ما
للخنثى خمسة ولا سدس لها وهي تباين الستة يبلغ مائة وخمسين، أو نقول
المأخوذ من ثلثي حصتها خمس مخرجة خمسة ومن ثلثها سدس مخرجه ستة،
فنضرب الخمسة في الستة ثم الثلثين في الأصل وهي خمسة يبلغ مائة وخمسين
(للأم من سهم الأنثى) وهو ستون خمسه (اثنا عشر، وكذا من ثلثي سهم
الخنثى، ومن الثلث) وهو ثلاثون سدسه (خمسة يتكمل لها تسعة
وعشرون، وللأنثى ثمانية وأربعون، وللخنثى ثلاثة وسبعون).
(وعلى الطريق الثالث: الام تدعي الخمس ستة وثلاثين من مائة
وثمانين) حاصلة من ضرب خمسة في ستة ثم ثلاثين في ثلاثة ثم تسعين في
اثنين فيحصل عدد له خمس وسدس وتسع ويكون لما يدعيه كل منهم نصف
(ولها باليقين السدس ثلاثون، والبنت تدعي الخمسين اثنين وسبعين ولها
بيقين ثلث الباقي بعد السدس وهو سدس) الأصل (وثلثا سدس
خمسون) من مائة وثمانين (والخنثى تدعي ثلثي الباقي بعد السدس وهو
نصف) الأصل (ونصف تسع وهو مائة، وله بيقين الخمسان اثنان
وسبعون، فيقع التنازع في ثمانية وعشرين، فالخنثى تدعيها أجمع فتعطى
نصفها أربعة عشر، والأم تدعي منها ستة فتعطى ثلاثة، والبنت تدعي اثنين
وعشرين تعطى أحد عشر. وهذا الطريق ينسحب على الاحتمال الأول
خاصة) وهو سقوط الرد بالنسبة إلى البنت والخنثى جميعا، إذ على الاحتمال
الآخر يكون لها أزيد من نصف ما تدعيه، فهنا يكون لها أربعة وربع، فإن الستة
التي تدعيها نبسطها انصافا نأخذ خمسة منها من البنت وسبعة من الخنثى، وعلى

500
الاحتمال تسلم لها الخمسة التي تأخذها من البنت ونصف ما تأخذه من الخنثى،
وإن أعطيناها من سهم الخنثى سدس ثلثيه وخمس ثلثه كان لها ثلاثة وثلثان، فإن
لها حينئذ من السبعة ثلثها وإن عكسنا كان لها خمسة إلا سدسا.
(وعلى العول الام تدعي الخمس، والخنثى تدعي خمسة أتساع)
فإن السدس الذي تأخذه الام تسع ونصف تسع فإذا أخذته بقيت سبعة أتساع
ونصف والخنثى يدعي الذكورية والقسمة أثلاثا فيكون لها خمسة، وللبنت تسعان
ونصف (والأنثى) تدعي (الخمسين، ومخرج ذلك خمسة وأربعون سهما،
للأم خمس تسعة، وللبنت خمسان ثمانية عشر، وللخنثى خمسة أتساع
خمسة وعشرون، فالمجموع اثنان وخمسون يعول بسبعة).
(وعلى الطريق الرابع: يطلب مالا له نصف، ولنصفه خمس) لأن أحد
النصفين يقسم عليهما أخماسا (وسدس) لأن النصف الآخر سدسه للأم
(ولسدس النصف ثلث) لأنه تقسم الخمسة الأسداس الباقية من ذلك النصف
أثلاثا (نضرب اثنين في خمسة، ثم ستة في المجتمع ثم ثلاثة في المرتفع
تبلغ مائة وثمانين يقسم) نصفها (تسعين أخماسا، للأم ثمانية عشر،
وللبنت ستة وثلاثون وكذا الخنثى ويقسم تسعين أسداسا، للأم خمسة
عشر. ثم نقسم الباقي أثلاثا، للبنت خمسة وعشرون، وللخنثى خمسون،
فيكمل للأم ثلاثة وثلاثون، وللبنت أحد وستون، وللخنثى ستة وثمانون).
(الثامن: لو تعددت الخناثى تساووا في الميراث، لتساويهم في
الاستحقاق) وسببه (إن لم نقل بعد الأضلاع ولا القرعة، وحينئذ يحتمل
أن ينزلوا حالين) فقط (تارة ذكورا واخرى إناثا كما يفعل بالواحد)
لإطلاق النص (1) والفتوى بأن للخنثى نصف ما للذكر وما للانثى، وهو أعم من أن



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 574 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى.
501
تجتمع معها اخرى أو لا.
(و) يحتمل (أن ينزلوا بعدد أحوالهم) المحتملة فكلما زاد واحد
تضاعف الاحتمالات المتقدمة، فإن لكل واحد حالين (فللاثنين أربعة
أحوال) ذكورتهما، وأنوثتهما، وذكورة واحد وأنوثة الآخر، وعكسه (وللثلاثة
ثمانية، وللأربعة ستة عشر، وللخمسة اثنان وثلاثون حالا، وهكذا ثم
تجمع مالهم في الأحوال كلها فيقسم على عدد أحوالهم، فما خرج
بالقسمة فهو لهم) بالسوية (إن كانوا من جهة واحدة) كالأولاد والإخوة
من جهة واحدة (وإن كانوا من جهات) كأخ للأب مع أخ للأم (جمعت ما
لكل واحد منهم في) جميع (الأحوال وقسمته على عدد الأحوال
فالخارج بالقسمة هو نصيبه) وبعدد أحوالهم يتعدد أحوال الورثة غيرهم
فيفعل بهم كذلك.
(فلو خلف بنتا وخنثيين فعلى الأول: تضرب ثلاثة) هي فريضة
أنوثتهما (في خمسة) هي فريضة ذكورتهما (ثم اثنين في المجتمع تبلغ
ثلاثين، للبنت حال الذكورية) خمسها (ستة وحال الأنوثة ثلثها عشرة،
فلها نصفهما ثمانية، ولكل خنثى أحد عشر هي مجموع نصف اثني عشر
الحاصلة حال الذكورية، ونصف عشرة الحاصلة حال الأنوثة).
(وعلى الثاني: يفرض لكل وارث حالين آخرين، فيفرض أكبر
الخنثيين ذكرا وأصغرهما انثى، وبالعكس، فيكون لكل خنثى في حال
ذكوريتهما إثنا عشر، وفي حال أنوثيتهما عشرة، وللكبرى حال فرضها)
خاصة (ذكرا خمسة عشرة، وللأخرى) حينئذ (سبعة ونصف، وللصغرى
حال فرضها) خاصة (ذكرا خمسة عشرة، وللكبرى) حينئذ (سبعة
ونصف) (وللبنت في الفرض الأول) أي ذكوريتهما (ستة، وفي الثاني

502
عشرة، وفي) كل من (الفرضين الآخرين سبعة ونصف، فنأخذ لكل وارث
ربع ما حصل له في) جميع (الأحوال) وهو معنى (ونجمعها) أو نأخذ ربع
ماله في حال ونجمع الأرباع (فهو نصيبه، فللبنت سبعة وثلاثة أرباع، وذلك
ربع ما حصل لها في الأحوال الأربعة) وهو أحد وثلاثون (ولكل خنثى
أحد عشر سهما وثمن سهم) ربع أربعة وأربعين ونصف، ولك أن تجمع ما
للخنثيين في الأحوال الأربعة وهو تسعة وثمانون وتأخذ ربعها وهو اثنان
وعشرون وربع فتعطيهما جميعا بالسوية.
(فقد حصل التفاوت) في الأنصباء (بين الاحتمالين، والأخير أعدل،
لما فيه من إعطاء كل واحد بحسب ما فيه من الاحتمال) فيه نفسه وفي
مشاركيه في الإرث (وفي الأول يعطي ببعض الاحتمالات دون بعض، وهو
تحكم، لكن هنا يحتاج إلى زيادة ضرب للفرض الآخر) بل الفرضين
فيضرب ثمانية في الثلاثين التي هي المسألة على الأول، لمكان ثمن السهم يبلغ
مائتين وأربعين، للبنت اثنان وستون، ولكل خنثى تسعة وثمانون.
(ولو كان عوض الأنثى ذكرا، فعلى الاكتفاء بالاحتمالين نضرب
أربعة) فريضة الأنوثة (في ثلاثة) فريضة الذكورة (ثم اثنين في المجتمع،
فللذكر عشرة) نصف ثمانية واثني عشر (ولكل خنثى سبعة) نصف ثمانية
وستة. (وعلى تقدير الاحتمالات، نفرض الأكبر ذكرا والأصغر انثى)
وبالعكس وعلى كل (فالفريضة من خمسة نضربها في أربعة وعشرين تصير
مائة وعشرين، فعلى تقدير ذكورية الجميع لكل وارث أربعون، وعلى
تقدير أنوثية الجميع للذكر ستون ولكل خنثى ثلاثون، وعلى تقدير
ذكورية الأكبر) خاصة (يكون له ثمانية وأربعون، وكذا للذكر، وللأصغر
أربعة وعشرون).

503
(وبالعكس يكون للأكبر أربعة وعشرون، وللأصغر) وكذا للذكر
(ثمانية وأربعون، فللذكر ربع ما حصل له في الأحوال الأربعة) وهو مائة
وستة وتسعون وربعها (تسعة وأربعون، ولكل خنثى خمسة وثلاثون سهما
ونصف) ربع مائة واثنين وأربعين.
(وعلى الاكتفاء بالاحتمالين، يكون للذكر من مائة وعشرين
خمسون) فإن له على الذكورة أربعين، وعلى الأنوثة ستين (ولكل خنثى
خمسة وثلاثون) فإن له على الذكورة أربعين وعلى الأنوثة ثلاثين (فيظهر
التفاوت) بين الاحتمالين (والأخير أصوب) لما عرفت.
(ولو كان مع الخنثيين أحد الأبوين فله الخمس تارة) وهي على
أنوثتهما (والسدس اخرى) وهي على الاحتمالات الباقية (وتصح الفريضة
من مائة وعشرين) نضرب خمسة في ستة ثم اثنين في ثلاثين، للأب
بالاحتمالين اثنان وعشرون كما ينص عليه، فله أحد عشر، يبقى تسعة وأربعون لا
ينقسم على الخنثيين نضرب اثنين في الستين (فإن اكتفينا بالاحتمالين
فللأب) عشرون تارة وأربعة وعشرون اخرى فله نصفهما (اثنان وعشرون،
وإن أوجبنا) اعتبار (الاحتمالات فله حال ذكوريتهما) السدس
(عشرون، وكذا حال ذكورية الأكبر خاصة، وحال ذكورية الأصغر
خاصة، وله حال أنوثيتهما) الخمس (أربعة وعشرون، فله ربع المجموع،
وذلك أحد وعشرون، فينقص سهما) عما له على الأول (لأن الأربعة
يأخذها في حال ويسقط في ثلاثة أحوال فكان له ربعها) لما اعتبرت
الأحوال الأربعة، ولما لم تعتبر إلا حالتان اعتبر نصفها.
(التاسع: إن جعلنا الخنثى تمنع من الرد في النصف) أي نصف نصيب
من يرد عليه بما يرد عليه (باعتبار نصف الذكورية احتمل مع تعدد الخناثى

504
سقوط الرد) بالكلية (فإن الأب) مثلا (يمنع من نصف الرد بنصف
الذكورية في أحدهما، ومن النصف الآخر بالذكورية من الآخر، وذلك لأن
في كل واحد منهما اعتبار نصف ذكر، ففيهما) معا (اعتبار ذكر، والذكر)
الكامل (مانع من الرد) مطلقا.
(ويحتمل عدم ذلك، فيحصل) له (نصف الرد) أبدا وإن بلغ عدد
الخناثى ما بلغ (إن اكتفينا بالاحتمالين، وإلا) نكتف بهما (فبحسب تعدد
الاحتمالات) فالخنثيان يمنعانه من ثلاثة أرباع الرد، وله ربعه لاحتمال
أنوثيتهما، والثلاثة يمنعونه من سبعة أثمانه، وهكذا. والأقوى أن لا يسقط من الرد
إلا نصفه، إذ لا يتفاوت الرد بوحدة الذكر وتعدده.
(العاشر: العمل في سهم الخناثى من الإخوة من الأبوين أو الأب
والعمومة وأولادهم كما ذكرنا في الأولاد، فلو فرضنا جدا لأب وأخا له
خنثى فعلى تقدير الذكورية المال) بينهما (نصفان، وعلى تقدير الأنوثة
المال أثلاثا، نضرب اثنين في ثلاثة تصير ستة ثم نضرب اثنين في ستة
تبلغ اثنى عشر، فللجد سبعة) نصف ستة وثمانية (وللخنثى خمسة) نصف
ستة وأربعة (ولو كانت) مع الأخ الخنثى (جدة فبالعكس).
(أما الإخوة من الام أو الأخوال وأولادهم فلا حاجة في حسابهم
إلى هذا العمل، لتساوي الذكور والإناث) منهم.
(وهل يصح أن يكون الآباء والأجداد خناثى؟ قيل: نعم، حتى لو
كان الخنثى زوجا) أ (و زوجة فله نصف ميراث الزوج ونصف
ميراث الزوجة).
قال في المبسوط: ولا يتقدر في الخنثى أن يكون أبا واما، لأنه متى كان أبا
كان ذكرا بيقين، ومتى كان اما كانت انثى بيقين، ويتقدر أن يكون زوجا أو زوجة

505
على ما روي في بعض الأخبار، فإن كان زوجا أو زوجة كان له نصف ميراث
الزوج ونصف ميراث الزوجة (1) انتهى.
فأشار المصنف إلى أن من جوز فيها أن يكون زوجا وزوجة فلابد من أن
يجوز كونها أبا واما، فما قدمه من النفي لعله إنما أراد بالنسبة إلى شخص واحد
يعلم أنه أولده أو ولده. ثم ما ذكره الشيخ من توريثه نصف نصيب الزوج ونصف
نصيب الزوجة إنما يتم مع الاشتباه، وذلك بأن تزوج خنثى خنثى وصححنا العقد
وماتا متعاقبين ولم تقسم تركتهما واشتبه الأمر علينا فلم نعلم أيهما الزوج وأيهما
الزوجة. ومع ذلك ففي الحكم بإعطاء نصف النصيبين نظر، فإن القريب إنما اضطرنا
إلى إيراثه كذلك أن الواقع لم يكن يخلو عن إرثه. وهنا يحتمل كونهما ذكرين
وأنثيين وعليهما لا نكاح فلا إرث. ويندفع بفرض ولد بينهما لا يعلم أيهما أولده أو
وإن علم على ما في الخبر الآتي.
وقال القاضي: الخنثى إذا تزوج من خنثى على أن الواحدة منهما رجل
والآخر امرأة من قبل أن يتبين أمرهما أوقف النكاح إلى أن يتبين، فإن مات
أحدهما قبل بيان أمرهما لم يتوارثا (2).
وهو صحيح، لجواز فساد النكاح بذكورتهما أو أنوثتهما، ولا يخالف ما في
المبسوط لما نزلناه على ما يعلم به انتفاء الاحتمالين من وجود ولد بينهما.
(والأقرب المنع) من كونهم خناثى، لما سمعته من عبارة المبسوط (إلا)
على (ما روي) في الحسن عن محمد بن قيس عن الباقر (عليه السلام) (3) (من أن امرأة
ولدت وأولدت) على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) (فعلى هذه الرواية تشكل
النسبة بينهما) أي الولدين بالإخوة (إذ هي ام لأحدهما وأب للآخر،



(1) المبسوط: ج 4 ص 117.
(2) المهذب: ج 2 ص 172.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 576 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى ح 5.
506
ويشترط في إضافة الإخوة اتحاد أحدهما بينهما، وهو منفي هنا).
(مسائل) أربع:
(الاولى: من ليس له فرج الرجال ولا النساء) قال في التحرير: كما نقل
عن شخص وجد ليس في قبله إلا لحمة نابتة كالربوة يرشح البول منها رشحا،
وليس له قبل، وعن آخر: ليس له إلا مخرج واحد بين المخرجين منه يتغوط ومنه
يبول، وعن آخر: ليس له مخرج لا قبل ولا دبر وإنما يتقيأ ما يأكله ويشربه (1)
(يورث بالقرعة) في المشهور. وفي السرائر بغير خلاف بين أصحابنا (2)
للإشكال، والأخبار (3) (فيكتب على سهم " عبد الله " و على سهم " أمة الله "
ويستخرج بعد الدعاء فيورث على ما يخرج عليه) ففي الصحيح: أن
الفضيل بن يسار سأل الصادق (عليه السلام) عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما
للنساء، قال: يقرع الإمام أو المقرع به يكتب على سهم " عبد الله " ويكتب على
سهم " أمة الله " ثم يقول الإمام أو المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، عالم الغيب
والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود
حتى يورث ما فرضت له في الكتاب، ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة، ثم يجال
السهم على ما خرج ورث عليه (4). وفي عدة أخبار (5): أن الإمام يجلس ويجلس
عنده ناس من المسلمين فيدعون الله ويجال السهم عليه على أي ميراث يورث.
والظاهر استحباب الدعاء كما في الدروس (6). وذهب ابنا حمزة (7) والجنيد (8) إلى



(1) تحرير الأحكام: ج 2 ص 175 س 10.
(2) السرائر: ج 3 ص 277.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 579 ب 4 من أبواب ميراث الخنثى.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 580 ب 4 من أبواب ميراث الخنثى ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 579 و 580 و 581 ب 4 من أبواب ميراث الخنثى ح 1 و 3 و 4.
(6) الدروس الشرعية: ج 2 ص 381 درس 193.
(7) الوسيلة: ص 401.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 79.
507
اعتبار البول، فإن كان يبول على مباله فهو انثى، وإن كان تنحى البول فهو ذكر.
ومال إليه الشيخ في الاستبصار (1) وجعل الأول أولى وأحوط. ومستنده مرسل ابن
بكير عنهم (عليهم السلام) قال: إن كان إذا بال يتنحى بوله ورث ميراث الذكر، وإن كان لا
يتنحى بوله ورث ميراث الأنثى (2).
وعن الحسن (عليه السلام) في جواب مسائل ملك الروم - التي سأل عنها معاوية لعنه
الله - ينتظر به الحلم، فإن كان امرأة بان ثدياها، وإن كان رجلا خرجت لحيته، وإلا
قيل له: يبول على الحائط، فإن أصاب الحائط بوله فهو رجل، وإن نكص كما
ينكص بول البعير فهي امرأة (3).
(الثانية: من له رأسان وبدنان على حقو واحد) كما حكى عن أبي
جميلة: أنه رأى بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حقو واحد، تغار هذه على
هذه وهذه على هذه. وعن غيره: أنه رأى رجلا كذلك، وكانا حائكين يعملان
جميعا على حقو واحد (4) (يوقظ أحدهما، فإن انتبها) معا (فهما واحد، وإن
انتبه أحدهما خاصة فهما اثنان في الميراث) لخبر حريز عن الصادق (عليه السلام)
قال: ولد على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) مولود له رأسان وصدران في حقو واحد،
فسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) يورث ميراث اثنين أو واحد؟ فقال: يترك حتى ينام ثم
يصاح به فإن انتبها جميعا معا كان له ميراث واحد، وإن انتبه واحد وبقى الآخر
نائما يورث ميراث اثنين (5). والخبر وإن ضعف لكنهم عملوا به من غير خلاف. ولا
ينافيه قوله تعالى: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " (6) لجواز أن يراد قلبين



(1) الاستبصار: ج 4 ص 187 ذيل الحديث 702.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 581 ب 4 من أبواب ميراث الخنثى ح 5.
(3) الخصال: ص 441 ح 33.
(4) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 358 ح 1279.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 581 ب 5 من أبواب ميراث الخنثى وشبهه ح 1.
(6) الأحزاب: 4.
508
متضادين كان يحب بأحدهما شيئا ويكرهه بالآخر، أو يحب بأحدهما قوما
وبالآخر أعداؤهم كما ورد في الخبر (1). قال الشيخ في التبيان: ليس يمتنع أن
يوجد قلبان في جوف واحد إذا كان ما يوجد فيهما يرجع إلى حي واحد وإنما
المتنافي أن يرجع ما يوجد فيهما إلى حيين، وذلك محال (2) (وكذا التفصيل في
الشهادة) والحجب (أما التكليف فاثنان) فيه (مطلقا) أي يجب في الطهارة
غسل الأعضاء جميعا، وفي الصلاة - مثلا - أن يصليا فلا يجزئ فعل أحدهما عن
فعل الآخر ليحصل يقين الخروج عن العهدة. وهل يجوز صلاة أحدهما منفردا عن
الآخر ويكفيه في الطهارة غسل أعضاءه خاصة؟ يحتمل البناء على الاختبار
بالانتباه فإن اتحدا لم يجز من باب المقدمة، ووجوب الاجتماع مطلقا، لقيام
الاحتمال، وضعف الخبر، واختصاصه بالإرث (3) (وفي النكاح واحد) لاتحاد
الحقو وما تحته. (وإن كان انثى) فيجوز لمن تزوجها أن يتزوج ثلاثا آخر، لكن
لابد في العقد من رضاهما وإيجابهما أو قبولهما. (ولا قصاص على أحدهما
وإن تعمد مطلقا) لأدائه إلى إيلام الآخر أو إتلافه.
(ولو تشاركا) في الجناية (ففي الرد) لما زاد عن دية واحد
لاقتصاصهما (مع الانتباه لا دفعة إشكال) من أن الشارع جعله علامة للتعدد
ولذا ورثه ميراثين، ومن أصالة عدم الرد وعدم العلم بسببه لضعف الخبر
واختصاصه بالإرث. (و) مع الانتباه (دفعة أشكل) فإنه يتقوى أصل عدم الرد
بعلامة الوحدة، ومن احتمال التعدد.
(الثالثة: لا يشترط في ميراث الحمل كونه حيا) أي تكونه حيا (عند



(1) التبيان: ج 8 ص 314.
(2) التبيان: ج 8 ص 314.
(3) في ق، ن، ل زيادة ما يلي: وكذا إذا توضأ أحدهما فهل يصح صلاته أو صلاة آخر أو
صلاتهما ومفهوم الإثنينية جواز الانفراد وصحة الصلاة من غسل أعضائه خاصة.
509
موت المورث، حتى أنه لو ولد لستة أشهر من موت الواطئ ورث. وكذا
لو ولد لأقصى الحمل إذا لم يتزوج نعم يشترط انفصاله حيا) مستقر الحياة،
أو مطلقا على ما مر من الخلاف.
(ولو ترك الميت) مع الحمل (ذا فرضين، أعلى وأدون - كأحد
الزوجين أو الأبوين - اعطي ذو الفرض نصيبه الأدنى وحبس الباقي، فإن
سقط ميتا أكمل له، وإلا فلا).
(ولو كان للميت) مع الحمل (ابن موجود اعطي الثلث) لعدم جريان
العادة بأزيد من توأمين ذكرين. وللعامة قول آخر بأنه يدفع إليه الخمس (1) وآخر
بأنه لا يدفع إليه شيء (2) وآخر بأنه إنما يوقف نصيب واحد ويؤخذ من الورثة
ضمين (3) وأجاز الشيخ في الخلاف (4) العمل به (ولو كان الموجود بنتا أعطيت
الخمس) لذلك.
(ولو خلف ابنا وبنتا وحملا، فالاحتمالات الممكنة التي لا تخرج
إلى الشذوذ في الحمل عشرة، فإذا أردت فريضة واحدة تنقسم) عليهم
(على جميع التقادير ثلث الفريضة، على تقدير عدمه ثلاثة، وعلى تقدير
كونه ذكرا خمسة، وعلى تقدير كونه انثى أربعة، وعلى تقدير كونه خنثى
تسعة) على تنزيلها منزلة بنت ونصف بنت (وعلى تقدير كونه ذكرين سبعة،
وعلى تقدير كونه أنثيين خمسة، وعلى تقدير كونه خنثيين اثنا عشر)
على تنزيلهما منزلة ثلاث بنات. (وعلى تقدير كونه ذكرا وانثى ستة، وعلى
تقدير كونه ذكرا وخنثى ثلاثة عشر) على التنزيل. (وعلى تقدير كونه
خنثى وانثى أحد عشر) ثم يسقط كل فريضة دخلت في اخرى وهي الثلاثة



(1) المجموع: ج 16 ص 111.
(2) المجموع: ج 16 ص 111.
(3) المبسوط للسرخسي: ج 30 ص 52.
(4) الخلاف: ج 4 ص 113 المسألة 125.
510
والأربعة والستة، وإحدى المتماثلتين وهي الخمسة.
و (تضرب سبعة في ثلاثة عشر، ثم أحد عشر في المرتفع وهو أحد
وتسعون يكون ألفا وواحدا، ثم خمسة في ذلك يكون خمسة آلاف
وخمسة، ثم وفق التسعة في اثنا عشر يكون ستة وثلاثين، تضربها في
خمسة آلاف وخمسة تصير مائة ألف وثمانين ألفا ومائة وثمانين سهما.
فعلى تقدير أن يكون) الحمل (ذكرا أو أنثيين يقسم) عليهم (أخماسا:
للبنت ستة وثلاثون ألفا وستة وثلاثون سهما، وللذكر الضعف).
(وعلى تقدير أن يكون انثى فيقسم أرباعا: للبنت خمسة وأربعون
ألفا وخمسة وأربعون سهما، وللذكر ضعفه).
(وعلى تقدير أن يكون خنثى يقسم أتساعا: للبنت تسعان أربعون
ألفا وأربعون سهما، وللذكر ضعفاه) أي مثلاه (وللخنثى ضعف) أي
مثله (ونصف).
(وعلى تقدير أن يكونا ذكرين يقسم أسباعا: للبنت سبع وهو خمسة
وعشرون ألفا وسبعمائة وأربعون، وللذكر ضعفه).
(وعلى تقدير أن يكون خنثيين يقسم على اثني عشر: للبنت
سدس) لكون البنات أربعا تقديرا (وهو ثلاثون ألفا وثلاثون سهما، وللابن
ضعفه، وللخنثى مثله ونصفه).
(وعلى تقدير أن يكون ذكرا وانثى يقسم أسداسا: للبنت سدس،
وللذكر ضعفه).
(وعلى تقدير أن يكون ذكرا وخنثى يقسم على ثلاثة عشر كل
قسم ثلاثة عشر ألفا وثمانمائة وستون: للبنت قسمان، وللذكر أربعة،
وللخنثى ثلاثة).

511
(وعلى تقدير أن يكون انثى وخنثى يقسم على أحد عشر، كل قسم
ستة عشر ألفا وثلاثمائة وثمانون: للبنت قسمان وللذكر أربعة وللخنثى
ثلاثة) والكل ظاهر لكن لا طائل تحته هنا.
(الرابعة: دية الجنين يرثها أبواه، ومن يتقرب بهما أو بالأب بالنسب
والسبب. وفي المتقرب بالأم) خاصة (قولان) تقدما مع إختيار العدم.
(الفصل الثالث في الإقرار بالنسب)
(وقد تقدم) في الإقرار (اصول هذا الباب، ونحن نذكر هنا ما يتعلق
بتعيين السهام من الفريضة).
(إذا تعارف اثنان) فصاعدا (ورث بعضهم من بعض ولا يطلب منهما
بينة) لانحصار الحق فيهما، والأخبار كصحيح عبد الرحمن بن الحجاج،
سأل الصادق (عليه السلام) عن المرأة تسبى من أرضها ومعها الولد الصغير، فتقول: هو
ابني، والرجل يسبي، فيلقى أخاه، فيقول: أخي ويتعارفان، وليس لهما على ذلك
بينة إلا قولهما، فقال: ما يقول من قبلكم، قلت: لا يورثونهم، لأنهم لم يكن لهم
على ذلك بينة، إنما كانت ولادة في الشرك، فقال: سبحان الله، إذا جاءت بابنها أو
بنتها معها، لم تزل مقرة به، وإذا عرف أخاه، وكان ذلك في صحة من عقولهما، لا
يزالان مقرين بذلك، ورث بعضهم من بعض (1) وقد مر الخلاف في إقرار الام
بولدها. (ولو كانا معروفين بغير ذلك النسب) أو قامت البينة بخلافه (لم
يقبل قولهما).
(وإذا أقر بعض الورثة بمشارك في الميراث ولم يثبت نسبه لزم المقر



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 569 - 570 ب 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح 1.
512
أن يدفع إليه ما فضل في يده عن ميراثه) على تقدير شركته في الإرث، أخذا
بإقراره، وللنصوص (1). (ولا يجب أن يقاسمه) ما بيده فلو أقر أحد الابنين
بثالث فإنما عليه أن يدفع إليه ثلث ما في يده، وهو سدس الأصل لا ثلث الأصل،
هذا هو المشهور وقد مر احتمال المقاسمة.
(ولو أقر الابن ولا وارث سواه بآخر دفع إليه نصف ما في يده، فإن
أقر بثالث فإن صدقه الثاني وأنكر الثالث الثاني لم يكن له) أي للثالث
(أكثر من الثلث، لأنه لم يقرا) أي الابنان الأولان (له بأكثر منه) لأنهما لم
يقرا إلا بأنه ابن ثالث (والمشهور أن له نصف التركة) وللثاني سدسها وللأول
ثلثها وهو خيرة الإرشاد (2) لأنه حينئذ مع الأول بمنزلة ابنين أقر أحدهما بثالث
دون الآخر، فالمنكر إنما يقر بأن له مشاركا واحدا فله النصف، والآخر لما أقر
بثالث أخذ بإقراره فيما في يده، فعليه أن يعطى الثاني سدس الأصل، وفيه أن
الثالث لم يثبت نسبه شرعا، فإنه يكذب أحد شاهديه فإنما يرث بإقرارهما وإنما
أقرا له بالثلث. (وعلى الأول يحتمل أن يغرم المقر الأول له سدس التركة)
فيكون له النصف أيضا، وللثاني الثلث، وللأول السدس (لأنه أتلفه عليه
بإقراره الأول) ويضعف بأن الإتلاف إنما يثبت لو ثبت استحقاقه شرعا أو
بالإقرار، وليس شيء منهما.
(ولو أنكر الثاني الثالث دفع الأول إلى الثالث ثلث ما بقي في يده)
لأنه مع الثاني وارثان أقر أحدهما دون الآخر، فإنما عليه أن يدفع مما في يده
الفاضل عن نصيبه على إقراره.
(ويحتمل أن يلزمه دفع ثلث جميع المال، لأنه فوته عليه بدفع



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 569 ب 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
(2) الإرشاد: ج 1 ص 412.
513
النصف إلى الأول، وهو يقر أنه لا يستحق إلا الثلث، وسواء دفعه بحكم
حاكم أو بغير حكمه) فإنه الذي تسبب للحكم (إذ إقراره سبب الحكم) فهو
المتلف على التقديرين (سواء علم بالحال عند إقراره الأول أو لم يعلم،
لتساوي العمد والخطأ في ضمان الإتلاف).
(ويحتمل عدم الضمان إذا لم يعلم بالثاني حين أقر بالأول، أو لم يعلم
أنه إذا أقر بعد الأول لا يقبل، لأنه يجب عليه الإقرار بالأول إذا علمه و)
أن (لا يحوجه) إلى الترافع (إلى حاكم، ومن فعل الواجب لم يخن فلم
يضمن) فإن الضمان عقوبة إنما يترتب على افراط أو تفريط.
(وإن علم بالثاني وعلم أنه إذا أقر بعد الأول لم يقبل ضمن، لتفويته
حق غيره بتفريطه) ويحتمل عدم الضمان مطلقا، لأن الإقرار بالثاني لا يتضمن
نفي الثالث ليكون تفويتا، وإنما لزم الفوت من إنكار الثاني وانتفاء البينة.
(فروع) ستة:
(الأول: إذا أردت معرفة الفضل فاضرب مسألة الإقرار في مسألة
الإنكار) إن تباينتا أو توافقتا واكتفيت بالأكثر إن تداخلتا، ويجوز في التوافق
الاكتفاء بالضرب في الوفق (ثم) تأخذ من الأكثر، أو حاصل الضرب ما للمقر
على الإقرار وماله على الانكار فالتفاوت هو الفضل، أو (تضرب ما للمقر من
مسألة الإقرار في مسألة الإنكار إذا كانتا متباينتين، وتضرب ما للمنكر
من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار، فما كان بينهما) أي بين المضروبين
(فهو الفضل) وإن توافقتا ففي الوفق إن كنت اكتفيت أولا بالوفق، وإن تداخلتا
فلا ضرب.
(فإن لم يكن في يده فضل فلا شيء للمقر له، كإخوة متفرقين أقر
الأخ من الام بأخ أو اخت فلا شيء للمقر له، لأنه مقر على غيره) لأن له

514
السدس على كل تقدير (سواء أقر بأخ من ام أو غيره) نعم إن أقر بأكثر من
واحد من كلالة الام فقد أقر على نفسه.
(أما لو خلف أختا لام واخرى لأب، وأقرت الاولى بأخرى من أي
جهة كانت فلها خمس ما في يدها، لأن مسألة الإنكار من أربعة) فإن
لكلالة الام السدس، ولكلالة الأب النصف (و) مسألة (الإقرار من خمسة)
فإنها إن أقرت بأخرى من الأب فلكلالته الثلثان ولكلالة الام السدس، وإن أقرت
بأخرى من الام فلكلالتها الثلث ولكلالة الأب النصف (إذا ضربت إحداهما في
الاخرى كانت عشرين، فلها) منها على الإنكار خمسة وعلى الإقرار أربعة،
أولها (في مسألة الإنكار) سهم في (خمسة) هي مسألة الإقرار يكون
خمسة (وفي مسألة الإقرار) سهم في (أربعة) يكون أربعة (فضل في يدها
سهم فهو للأخت) المقر لها.
(ولو أقرت الأخت من الأب بأخرى من الام وكذبتها الأخت من الام
فالعمل ما تقدم).
(و) لكن (تأخذ الثالثة خمس ما في يد الأخت من الأب، لأن لها
في مسألة الإقرار) ثلاثة في أربعة يكون (اثنى عشر، وفي مسألة الإنكار)
ثلاثة في خمسة يكون (خمسة عشر فيفضل ثلاثة).
(ولو أقرت الأخت من الأب) بأخت من الأب (فالعمل واحد، لكن
لها في مسألة الإنكار) ثلاثة في خمسة يكون (خمسة عشر) كما تقدم
(وفي مسألة الإقرار) سهمان في أربعة يكون (ثمانية، يفضل معها سبعة
فهي للمقر بها).
(ولو أقرت بأخ من الأب، فمسألة الإقرار هنا ثمانية عشر) ليكون
للباقي منها بعد السدس ثلث (ومضروب المسألتين اثنان وسبعون، لها في

515
مسألة الإنكار) ثلاثة في ثمانية عشر وذلك (أربعة وخمسون، وفي مسألة
الإقرار) خمسة في أربعة وذلك (عشرون، يفضل في يدها أربعة وثلاثون
تسلم إلى الأخ، وإن ضربت الوفق) من إحدى المسألتين في الاخرى إذا
توافقتا (فالمضروب) هنا (ستة وثلاثون) للتوافق بين الأربعة والثمانية عشر
بالنصف، لها في مسألة الإنكار سبعة وعشرون مضروب ثلاثة في تسعة، وفي
مسألة الإقرار عشرة مضروب خمسة في اثنين يفضل سبعة عشر.
(ولو أقرت بأخ أو اخت من الأبوين دفعت جميع ما في يدها)
إلى المقر به، إذ لا ميراث لكلالة الأب مع كلالة الأبوين. ولو خلف إخوة ثلاثة
لأب وأخا لام فأقر الأخ من الام بأخوين لام فمسألة الإقرار من تسعة، والإنكار
من ثمانية عشر، فيجتزء بالأكثر، وله على الإقرار سهمان وعلى الإنكار ثلاثة
فيفضل سهم.
(الثاني: لو خلف ابنين فأقر الأكبر بأخوين فصدقه الأصغر في
أحدهما، ثبت نسب المتفق عليه) مع عدالتهما أو مطلقا بالنسبة إلى الإرث
(فصاروا ثلاثة) واختص الاختلاف بواحد (ومسألة الإقرار أربعة)
والإنكار ثلاثة (ومضروب المسألتين اثنا عشر: للأصغر سهم من مسألة
الإنكار في مسألة الإقرار) وذلك (أربعة أسهم) من اثني عشر (وللأكبر
سهم من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار) وهو (ثلاثة، وللمتفق عليه إن
أقر بصاحبه مثل سهم الأكبر) ثلاثة (وإن أنكر فمثل سهم الأصغر) أربعة،
وللمختلف فيه على الأول سهمان وعلى الثاني سهم.
(ويحتمل أن المتفق عليه إن صدق بصاحبه لم يأخذ من الأصغر إلا
ربع ما في يده) وهو ثمن الأصل (لأنه لا يدعي أكثر منه) لأنه إنما يدعي
أنه رابع (ويأخذ هو والمختلف فيه من الأكبر نصف ما في يده) يقتسمانه

516
بينهما (فتصح) المسألة (من ثمانية: للأصغر ثلاثة أسهم) باقية من أربعة لما
اخذ المتفق عليه الربع (وللأكبر سهمان) نصف أربعة (وللمتفق عليه
سهمان) سهم أخذه من الأكبر وآخر أخذه من الأصغر (وللآخر سهم) أخذه
من الأكبر.
(ويضعف بأن) المتفق عليه وإن كان لا يدعي أكثر من الثمن لكن
(الأصغر يقر بأنه لا يستحق أكثر من الثلث) لإقراره بأخوين آخرين
(وقد حضر من يدعي الزيادة) على الثلث وهو الأخوان الآخران، أو على
الربع الذي يدعيه المتفق عليه وهو الآخر (فيدفع) الزيادة (إليه) فإنما يبقى
للأصغر من الثمانية سهمان وثلثا سهم (كما لو ادعى دارا في يد آخر فأقر
بها) الآخر (لغيره، فقال المقر له: إنها للمدعي، فإنها تدفع إليه) فإن
المختلف فيه هنا يدعي نصيبا مما في يد الأصغر، وهو يقر بأنه للمتفق عليه وهو
يقول بل للمختلف فيه.
(ويحتمل أن يدفع الأكبر إليهما نصف ما في يده) وهو ربع الأصل
(ويأخذ المتفق عليه من الأصغر ثلث ما في يده) وهو سدس الأصل أخذا
عليهما بإقرارهما (فيحصل للأصغر الثلث، وللأكبر الربع، وللمتفق عليه
السدس والثمن، وللمختلف فيه الثمن، وتصح من أربعة وعشرين) حاصلة
من ضرب ستة في نصف ثمانية (للأصغر ثمانية، وللمتفق عليه سبعة، وللأكبر
ستة، وللمختلف فيه ثلاثة).
وفيه: أن المتفق عليه إذا أخذ الثلث لزمه أن يدفع ما زاد على الربع إلى
المختلف فيه، أخذا بإقراره، فيكون له ستة، وللمختلف فيه أربعة.
(الثالث: لو خلف ثلاثة بنين فأقر الأكبر بأخ وأخت فصدقه الأوسط
في الأخ والأصغر في الأخت، لم يثبت نسبهما) إلا مع العدالة (ويدفع
الأكبر إليهما ثلث ما في يده) ليقتسماه أثلاثا (والأوسط إلى الأخ ربع ما

517
في يده، والأصغر إلى الأخت سبع ما في يده) والكل ظاهر.
(فالأصل ثلاثة: سهم الأكبر بينه وبينهما على تسعة) ليكون لثلثه ثلث
(له ستة ولهما ثلاثة، وسهم الأوسط بينه وبين الأخ على أربعة، له ثلاثة
وللآخر سهم. وسهم الأصغر بينه وبين الأخت على سبعة، له ستة ولها
سهم، وهي متباينة تضرب أربعة في سبعة) مضروبة (في (1) تسعة) يبلغ
مائتين واثنين وخمسين (ثم) الحاصل (في أصل المسألة وهي ثلاثة تبلغ
سبعمائة وستة وخمسين: للأكبر ستة في أربعة في سبعة) وذلك (مائة
وثمانية وستون، وللأوسط ثلاثة في سبعة في تسعة؛ مائة وتسعة وثمانون،
وللأصغر ستة في أربعة في تسعة مائتان وستة عشر، وللأخ سهمان)
يأخذهما من الأكبر (في أربعة في سبعة، ستة وخمسون، وسهم) يأخذه من
الأوسط (في سبعة في تسعة، ثلاثة وستون، فيكمل له مائة وتسعة عشر،
وللأخت سهم) تأخذه من الأكبر (في أربعة في سبعة، ثمانية وعشرون،
وسهم) تأخذه من الأصغر (في أربعة في تسعة، ستة وثلاثون، يجتمع لها
أربعة وستون).
(ولا فرق بين تصادقهما وتجاحدهما، لأنه لا فضل في يد أحدهما
عن ميراثه) بل أخذ كل منهما أنقص من حقه، لأن الأخ وإن كان يأخذ من
الأوسط الربع وهو مقر بأنه إنما يستحق التسعين لكنه لا يأخذ من الأصغر شيئا،
وهو يقول: إنه يستحق الجميع، والأخت وإن أخذت السبع من الأصغر وهي مقرة
بأنها إنما تستحق التسع لكنها لم تأخذ من الأوسط شيئا.
(ولو كان هناك ابن رابع مكذب في الجميع) أي الأخ والأخت كليهما
(كان أصل المسألة من أربعة: سهم) المقر بهما بينه وبينهما (على أحد



(1) في القواعد: ثم في.
518
عشر) له ثمانية، ولهما ثلاثة (وسهم) المقر بالأخت (على تسعة، وسهم)
المقر بالأخ (على خمسة، وسهم ينفرد به الجاحد، فتصح من ألف
وتسعمائة وثمانين سهما) بضرب خمسة في تسعة في أحد عشر، ثم في أربعة.
(الرابع: لو خلف ثلاثة إخوة لأب، وادعت امرأة أنها اخت الميت
لأبويه، فصدقها الأكبر، وقال الأوسط: هي اخت لام، وقال الأصغر: لأب،
دفع الأكبر) تمام (ما في يده إليها) لاعترافه بأنه لا ميراث له وأن التركة لها
(ودفع الأوسط) إليها (سدس ما في يده) لأنه فريضة واحد من كلالة الام
(ودفع الأصغر) إليها (سبع ما في يده، وتصح) المسألة (من مائة وستة
وعشرين، لأن أصل المسألة ثلاثة: فمسألة الأوسط من ستة، و) مسألة
(الأصغر من سبعة، تضرب ستة في سبعة تبلغ اثنين وأربعين، وهو ما في يد
كل واحد منهم) أي في يد كل منهم هذا المقدار، فهو مضروب في ثلاثة، يبلغ مائة
وستة وعشرين (فتأخذ) الأخت (جميع ما في يد الأكبر و) تأخذ (من
الأوسط سدسه سبعة، ومن الأصغر سبعه ستة، صار لها خمسة وخمسون).
(الخامس: لو أقر الابن) مثلا (ولا وارث سواه بابن ثم جحد لم يقبل،
ويدفع إليه نصف ما في يده. فإن أقر بعد جحوده بآخر احتمل أن لا يلزمه
شيء، لأنه لا فضل في يده عن ميراثه) على قوله، فإنه إنما أقر بكون الثاني
بدلا من الأول وهو إقرار على الأول (فإن كان لم يدفع إلى الأول شيئا لزمه
أن يدفع إليه نصف ما في يده ولا يلزمه للآخر شيء) فإنه ربما كان أخطأ
في إقراره الأول فلا يستعقب ضمانا.
(ويحتمل أن يلزمه دفع النصف الباقي كله إلى الثاني، لأنه فوته
عليه) بإقراره بالأول فيضمن تعمد أو أخطأ، لأنه من شأن الإتلاف.
(ويحتمل أن يلزمه ثلث ما في يده للثاني، لأنه) كمن أقر بابنين
والثلث هو (الفضل الذي في يده على تقدير كونهم ثلاثة، فيصير كما لو أقر

519
بالثاني من غير جحود) للأول بعد خروج نصف التركة عن يده.
(السادس: أبوان وبنتان اقتسموا التركة، ثم أقروا ببنت، فاعترفت
البنت بأنها قد استوفت نصيبها من التركة) فكم أخذت وكم بقي (فالفريضة
في الإقرار من ثمانية عشر) ليكون لها ثلث له نصف وثلث (للأبوين
ستة، ولكل بنت أربعة، فاسقط منها نصيب البنت المقر بها، يبقى أربعة
عشر للأبوين منها ستة، وإنما) اقتسما مع البنتين الأربعة عشر بينهم أثلاثا
فإنما (أخذا ثلث أربعة عشر، وذلك أربعة وثلثان، فيبقى لهما في يد
البنتين سهم وثلث يأخذانهما منهما) فإن أردت أن لا يكون كسر (فاضرب
ثلاثة في أربعة عشر يكون اثنين وأربعين، فقد أخذ الأبوان أربعة عشر
وهما يستحقان ثمانية عشر) بزيادة أربعة هي ثلاثة أمثال السهم والثلث
اللذين كانا يستحقانهما (يبقى لهما أربعة يأخذانها منهما، ويبقى للابنتين
أربعة وعشرون).
(ولو قالت استوفيت نصف نصيبي، فاسقط سهمين من ثمانية عشر
يبقى ستة عشر أخذا ثلثها خمسة وثلثا بقي لهما ثلثا سهم فإذا ضربتها)
أي الستة عشر (في ثلاثة كانت ثمانية وأربعين، قد أخذا منها ستة عشر
بقي لهما سهمان. وفروع هذا الباب كثيرة من ضبط ما أصلناه قدر على
استخراج الباقي).
(الفصل الرابع في ميراث المجوس)
(قيل) في كتب الشيخ كلها (1) والمقنعة (2) والمراسم (3) والمهذب (4)



(1) النهاية: ج 3 ص 269 - 270. الخلاف: ج 4 ص 108 المسألة 9، المبسوط: ج 4 ص 120،
تهذيب الأحكام: ج 9 ص 364 ذيل الحديث 1299، الاستبصار: ج 4 ص 188.
(2) المقنعة: ص 699.
(3) المراسم: ص 224.
(4) المهذب: ج 2 ص 170.
520
والوسيلة (1): (يورثون بالأنساب والأسباب الصحيحة والفاسدة، أعني: ما
حصل عن نكاح محرم عندنا لا عندهم، كما إذا نكح امه فأولدها، فنسب
الولد فاسد، وسبب الام فاسد) لعموم أدلة الإرث، ولأنهم يقرون على
أنكحتهم الصحيحة عندهم ويلزمهم أحكامها أو الأنساب التابعة لها أيضا تحكم
بصحتها ولذا ورد النهي (2) عن سبهم بالقدح في أنسابهم، ولقول الباقر (عليه السلام) في خبر
السكوني: إن عليا (عليه السلام) كان يورث المجوسي إذا تزوج امه من وجهين: من وجه
أنها امه، ومن وجه أنها زوجته (3). وظاهر المقنعة (4) الاتفاق عليه.
(وقيل) في الكافي (5) والسرائر (6): (إنما يورثون بالصحيح منهما
كالمسلمين) وهو المحكي عن يونس بن عبد الرحمن (7) لانصراف أدلة الإرث
إلى الصحيح، مع الأصل، وضعف خبر السكوني، وقوله تعالى: " وأن احكم بينهم
بما أنزل الله " (8) وقوله: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر " (9) وقوله: " فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم
فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط " (10).
قال ابن إدريس: فإذا حكم الحاكم بما لا يجوز في شرع الإسلام فقد حكم
بغير الحق وبغير ما أنزل الله وبغير القسط، قال: وأيضا فلا خلاف بيننا أن الحاكم
لا يجوز له أن يحكم بمذاهب أهل الخلاف مع الاختيار (11).



(1) الوسيلة: ص 403.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 597 ب 2 من أبواب ميراث المجوس ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 596 ب 1 من أبواب ميراث المجوس ح 1.
(4) المقنعة: ص 699 - 700.
(5) الكافي في الفقه: ص 376.
(6) السرائر: ج 3 ص 287 - 288.
(7) الحاكي هو الشيخ في تهذيب الأحكام: ج 9 ص 364 ذيل الحديث 1299.
(8) المائدة: 49.
(9) الكهف: 29.
(10) المائدة: 42.
(11) السرائر: ج 3 ص 288.
521
وضعف هذه الوجوه من الظهور بمكان.
وفي قوله: " كالمسلمين " أنهم يتوارثون بالنسب عن شبهة، اللهم إلا أن ينزل
أنكحتهم الفاسدة منزلة النكاح الفاسد بلا شبهة.
(وقيل) في الفقيه (1) والشرائع (2) والجامع (3) والنافع (4) وبعض نسخ
المقنعة (5): (يورثون بالأنساب الصحيحة والفاسدة والأسباب الصحيحة خاصة)
وهو المحكي عن الفضل بن شاذان (6) (وهو الأقرب) لصحة النسب الناشئ عن
الشبهة شرعا، فيدخل في عموم أدلة الإرث بخلاف السبب، فلا يقال للموطوءة
شبهة بعقد أو غيره: إنها زوجة، ولا للواطئ: إنه زوج فلا يدخل في العمومات.
(فعلى هذا، لو تزوج اخته وهي بنته ورثت بالبنتية خاصة، وعلى
الأول ترث بالزوجية أيضا) وأما الأختية فلا عبرة بها مع البنتية (وعلى
الثاني لا ميراث لها أصلا) لفساد الجميع.
(ولو تزوج امه، فعلى الأول لها الربع) للزوجية (والثلث) للأمومة
(إذا لم يكن ولد، والباقي يرد عليها بالأمومة) لا الزوجية وإن رددنا على
الزوجة إذا انفردت.
(ولو كانت أختا هي زوجة كان لها النصف والربع، والباقي يرد عليها
بالقرابة إذا لم يكن مشارك) دون الزوجية. وفي المقنع: وأما مواريث
أهل الكتاب والمجوس، فإنهم يرثون من جهة القرابة ويبطل ما سوى ذلك
من ولاداتهم (7).



(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 343.
(2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 52.
(3) الجامع للشرائع: ص 508.
(4) المختصر النافع: ص 268.
(5) المقنعة: ص 700 (العبارة في هامش الكتاب) ونقل هذا القول في مصنفاته (كتاب الأعلام):
ج 9 ص 66.
(6) الحاكي هو الشيخ في تهذيب الأحكام: ج 9 ص 364 ذيل الحديث 1299.
(7) المقنع: ص 507.
522
(ولو) اجتمع فيه سببان للإرث و (منع أحد السببين الآخر ورث من
جهة المانع) خاصة وإن كان فاسدا والآخر صحيحا (وإلا) يمنع ورث
(بهما) فالأول (كبنت هي اخت من ام ترث من جهة البنت خاصة، وكذا
بنت هي بنت بنت لها نصيب البنت خاصة، وكذا عمة هي اخت من أب)
كأن يكون له ابن وقد تزوج بامه فأولدها بنتا فهي عمة الابن واخته (أو عمة هي
بنت عمة) كأن يكون له ولدان أحدهما انثى فتزوج بها فأولدها بنتا فهي اخت
الولد الآخر وبنت اخته، فهي عمة أولاده وبنت عمتهم (وكذا بنت هي بنت بنت
وهي بنت اخت) كأن تزوج بامه فأولدها بنتا فتزوجها فأولدها بنتا. (ولو لم
يمنع ورث بهما) وهو تكرير لما مر (كجدة هي اخت) كأن تزوج به فأولدها
بنتا فتزوجها فأولدها فالبنت جدة الولد واخته.
(وأما المسلمون فلا يتوارثون بالأسباب الفاسدة إجماعا. فلو
تزوج بمحرمة عليه، إما بالإجماع كالام من الرضاعة، أو على الخلاف
كأم المزني بها والبنت من الزنا لم يتوارثا (1)) به إجماعا في الأول وعند
المبطل في الثاني (سواء اعتقد الزوج الإباحة) بل اعتقد أو يمكن تعميم
الزوج لهما (أو لا).
(ويتوارثون بالأنساب الفاسدة، فإن الشبهة كالعقد الصحيح في
التحاق النسب به. فلو تشبهت بنت المسلم عليه بزوجته، أو اشتراها وهو
لا يعلم بها، ثم وطئها وأولدها، لحق به النسب، واتفق مثل هذه الأنساب)
في الإسلام (وكان الحكم) فيها عند أهل الإسلام (كما تقدم في المجوس)
فإذا اجتمع سببان ورث بهما إن لم يمنع أحدهما الآخر.



(1) في القواعد: لا ترث.
523
(الفصل الخامس في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم)
(إذا مات اثنان) مجتمعان (فصاعدا) معا (بسبب) واحد (كهدم أو
غرق، أو شبههما على رأي) وفاقا للنهاية (1) والكافي (2) والوسيلة (3)
والجامع (4) والرسالة النصيرية، للاشتراك في الاشتباه الذي هو العلة. وهو ممنوع،
والأقوى الاقتصار على المنصوص (5) كما يظهر من الأكثر، ونص عليه المفيد (6)
وجماعة، وقد روي أن قتلى اليمامة وصفين والحرة لم يورث بعضهم من بعض (7)
(واشتبه تقدم موت أحدهم وتأخره، ورث بعضهم من بعض بشروط) أربعة:
(الأول: أن يكون لهم أو لأحدهم مال، فلو لم يكن هناك مال
لأحدهم لم يكن ميراث) وهو من الظهور بحيث كان الأولى الإعراض عنه.
(الثاني: أن يكون الموارثة ثابتة من الطرفين، فلو ثبت من أحدهما
سقط هذا الحكم، كأخوين غرقا ولأحدهما ولد) فلا يرثه الأخ الآخر ولا
يرث هو الآخر لأن الحكم ثبت على خلاف الأصل فيقتصر على اليقين
المنصوص من التوارث. قال المحقق الطوسي: وقال قوم: بل يورث من الطرف
الممكن، قال: والأول أقرب، ويمكن أن يستدل عليه بالإجماع وغيره.
(الثالث: أن يكون الموت بسبب) ظاهر من خارج (كالغرق والهدم،
والأقرب في غيرهما من الأسباب ثبوت الحكم) لما عرفت. (فلو ماتوا لا
بسبب) كذلك (كحتف أنفهما سقط هذا الحكم) اتفاقا، كما في الشرحين (8).



(1) النهاية: ج 3 ص 253.
(2) الكافي في الفقه: ص 376.
(3) الوسيلة: ص 400.
(4) الجامع للشرائع: ص 520.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 590 ب 2 من أبواب ميراث الغرقى.
(6) المقنعة: ص 699.
(7) سنن البيهقي: ج 6 ص 222.
(8) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 276، كنز الفوائد: ج 3 ص 425.
524
وعن القداح عن الباقر (عليه السلام) قال: ماتت ام كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر بن
الخطاب في ساعة واحدة، لا يدري أيهما هلك قبل، فلم يورث أحدهما من
الآخر، وصلى عليهما جميعا (1). لكن علل ذلك في كل من النهاية (2) والمبسوط (3)
والسرائر (4) والمهذب (5): بأن التوارث إنما يجوز فيما يشتبه فيه الحال فيجوز
تقدم كل منهما على الآخر لا فيما علم الاقتران، وهو مؤذن بقصر نفي التوارث
على اقترانهما.
(الرابع: أن يشتبه تقدم موت أحدهما، فلو علم السابق أو الاقتران
بطل الحكم) وانتفى الإرث مطلقا أو عن المتقدم.
(ومع الشرائط يرث بعضهم من بعض من تلاد ماله) أي قديمه (دون
طارفه) أي جديده (وهو ما ورثه من ميت معه على الأصح) وفاقا للأكثر.
(لما روي) عن الصادق (عليه السلام) (أنه لو كان لأحدهما مال) دون الآخر
(صار) المال (لمن لا مال له) ففي الصحيح والحسن عن عبد الرحمن بن
الحجاج، سأله عن بيت وقع على قوم مجتمعين، فلا يدري أيهم مات قبل، فقال:
يورث بعضهم من بعض، قال: فإن أبا حنيفة أدخل فيها شيئا، قال: وما أدخل؟ قال:
رجلين أخوين أحدهما مولاي والآخر مولى لرجل، لأحدهما مائة ألف درهم،
والآخر ليس له شيء، ركبا في السفينة فغرقا، فلم يدر أيهما مات أولا فإن المال
لورثة الذي ليس له شيء، ولم يكن لورثة الذي له المال شيء، فقال الصادق (عليه السلام)
لقد سمعها وهي كذلك (6) وعنه أيضا، أنه سأله (عليه السلام) عن رجل وامرأة سقط عليهما
البيت فماتا، قال: يورث الرجل من المرأة، والمرأة من الرجل، قال: فإن أبا حنيفة



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 594 ب 5 من أبواب ميراث الغرقى ح 1.
(2) النهاية: ج 3 ص 258.
(3) المبسوط: ج 4 ص 119.
(4) السرائر: ج 3 ص 301.
(5) المهذب: ج 2 ص 170.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 590 ب 2 من أبواب ميراث الغرقى ح 1.
525
قد أدخل عليهم في هذا شيئا، قال: وأي شيء أدخل عليهم؟ قال: رجلين
أعجميين ليس لهما وارث إلا مواليهما، أحدهما له مائة ألف درهم معروفة،
والآخر ليس له شيء، ركبا في السفينة فغرقا، وأخرجت المائة ألف، كيف يصنع
بها؟ قال: يدفع إلى مولى الذي ليس له شيء، فقال (عليه السلام): ما أنكر ما أدخل فيها
صدق، هو هكذا، ثم قال: يدفع المال إلى مولى الذي ليس له شيء (1) ونحو ذلك
عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح (2) عنه (عليه السلام) ولمرسل حمران بن أعين
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوم غرقوا جميعا أهل البيت، قال: يورث هؤلاء من
هؤلاء، وهؤلاء من هؤلاء، ولا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا، ولا يورث
هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا (3).
(ولأن توريثه مما ورث منه يؤدي إلى فرض الحياة بعد الموت) من
جهة واحدة (وهو ممتنع عادة) بخلاف ما اتفق عليه من توريث كل من تلاد
الآخر فإنه إنما يفرض الموت من حيث إنه يورث والحياة من حيث إنه يرث.
وللزوم التسلسل، كذا في المبسوط (4). ويندفع بأنهم إنما ورثوا المتأخر في
الموت فرضا مما ورثه منه المتقدم.
وخلافا للمفيد (5) وسلار (6) لعموم بعض الأخبار (7) ولورود تقديم الأكثر نصيبا
في الموت ولا يظهر له فائدة إن قصرنا الإرث على التلاد. وضعفهما ظاهر.
(وهل يجب تقديم الأضعف) وهو الأقل ميراثا (في التوريث؟ قيل)



(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 591 ب 2 من أبواب ميراث الغرقى ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 17 ص 590 ب 1 من أبواب ميراث الغرقى ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 592 ب 3 من أبواب ميراث الغرقى ح 2.
(4) المبسوط: ج 4 ص 118.
(5) المقنعة: ص 699.
(6) المراسم: ص 225.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 591 ب 3 من أبواب ميراث الغرقى.
526
في ظاهر المقنع (1) والمقنعة (2) والنهاية (3) والمبسوط (4) والمراسم (5) والمهذب (6)
والوسيلة (7) والسرائر (8) والجامع (9): (نعم) لقول الصادق (عليه السلام) في خبري الفضل
بن عبد الملك (10) وعبيد بن زرارة (11): تورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من
المرأة (ولا ثمرة له) ظاهرة (إلا على التوريث من الجميع) قال في
المبسوط: ولهذا ما لا يتغير به حكم سواء قدمنا موت الزوج أو الزوجة إذا ورثنا
أحدهما من صاحبه، غير أنا نتبع الأثر في ذلك (12). ونص في الإيجاز (13)
والغنية (14) والإصباح (15) والنافع (16) والشرائع (17) على عدم الوجوب، وهو خيرة
التحرير (18) والمختلف (19).
وعلى التقديم (فلو غرق الزوجان فرض موت الزوج أولا، فللزوجة
نصيبها منه، ثم يفرض موتها فيأخذ نصيبه من تركتها الأصلية، لا فيما
ورثته منه).
(ولو غرق أب وابن، ورث الأب نصيبه، ثم يفرض موت الأب فيرث



(1) المقنع: ص 505.
(2) المقنعة: ص 699.
(3) النهاية: ج 3 ص 253.
(4) المبسوط: ج 4 ص 119.
(5) المراسم: ص 225.
(6) المهذب: ج 2 ص 168.
(7) الوسيلة: ص 401.
(8) السرائر: ج 3 ص 300.
(9) الجامع للشرائع: ص 520.
(10) وسائل الشيعة: ج 17 ص 595 ب 6 من أبواب ميراث الغرقى ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 17 ص 595 ب 6 من أبواب ميراث الغرقى ح 2.
(12) المبسوط: ج 4 ص 118.
(13) الإيجاز في الفرائض والمواريث (الرسائل العشر): ص 276.
(14) الغنية: ص 332.
(15) إصباح الشيعة: ص 374.
(16) المختصر النافع: ص 267.
(17) شرائع الإسلام: ج 4 ص 50.
(18) تحرير الأحكام: ج 2 ص 175 س 21 - 23.
(19) مختلف الشيعة: ج 9 ص 103.
527
الابن نصيبه من ماله) الأصلي (لا مما ورثه من الأب) كذا بخطه (رحمه الله)
والصواب الابن (وما يرثه كل واحد من الآخر ينتقل إلى ورثته الأحياء
خاصة) لا الذي غرق معه وإن كان أولى منهم.
(ولو كان كل منهما أولى بالآخر من الأحياء كالإخوة للأب والابن
من غيره) أي الأب كما غرق الأب والابن وللأب إخوة وللابن إخوة من غير
هذا الأب (انتقل مال كل واحد منهما إلى صاحبه، ثم ينتقل إلى ورثته
الأحياء، فيرث الأب مال الابن أجمع، ثم ينتقل عن الأب إلى إخوة الأب
نفسه، وينتقل مال الأب الأصلي إلى الولد، ثم عنه إلى إخوة الولد، فيرث
إخوة كل منهما مال الآخر).
(وإن كان لهما أو لأحدهما شريك في الميراث، كأن يكون) في
المثال (للأب أولاد اخر، وللولد أولاد) توارثا نصيبهما من التركة (فللأب
سدس تركة الابن يأخذه الأحياء من أولاده، ويأخذ أولاد الابن خمسة
أسداس تركته، ثم يفرض موت الأب، فيأخذ الابن نصيبه) من تركته
بالنسبة إلى ماله من الأولاد (و) هو (ينتقل إلى أولاده، وباقي تركة الأب
لباقي أولاده).
(ولو كان الغريقان متساويين في الاستحقاق - كأخوين غرقا - لم يقدم
أحدهما) معينا (في التوريث، وانتقل مال كل واحد) منهما (إلى الآخر).
(فإن لم يكن لهما وارث فالميراثان للإمام. وإن كان لأحدهما وارث
- كجد من ام - انتقل ما صار إليه من أخيه إلى وارثه، وانتقل ما صار إلى
الآخر إلى الإمام) ولا اختصاص لهذا بالمتساويين، وهو ظاهر.
(وعلى المذهب الضعيف) وهو تعميم الإرث للتلاد والطارف (ينبغي
استعمال القرعة مع الفائدة) أي إن أفادت (كأخوين من أب، لكل منهما

528
جد لام، ولأحدهما مال دون الآخر، فإنه يقرع في المتقدم في الميراث،
فإن خرج ذو المال لم يرث من أخيه شيئا) لإعدامه (لكن لو فرض
موته) أي ذي المال (بعد ذلك أخذ أخوه ثلثي تركته وانتقلت) أي تركته
التي هي ثلثا تركة ذي المال (إلى جده، وأخذ جد ذي المال الثلث خاصة).
(وإن خرج المعدم ورث ثلثي مال أخيه، ثم يفرض موته فيرجع
إلى أخيه ثلثا ما ورثه منه، فيصير لجد ذي المال سبعة أسهم من تسعة)
ثلاثة أولا وأربعة أخيرا (ولجد المعدم سهمان، فظهرت الفائدة)
وعلى المختار انتقل مال الموسر إلى جده وجد أخيه أثلاثا، فالثلث لجده
والثلثان لجد أخيه، وكذا القرعة على قوله إن كان لهما مال تساويا في قدره أو
اختلفا، فإن جد المتقدم في الموت يفوز بالثلث وثلثي الثلثين وجد المتأخر يفوز
بالثلث وثلث الثلثين اللذين ورثهما من المتقدم، وعلى المختار يقسم مال كل بين
جده وجد أخيه أثلاثا.
(ولو كان الغرقى أكثر من اثنين يتوارثون، فالحكم كذلك، يفرض
موت أحدهم ويقسم تركته على الأحياء) إن كان له ورثة أحياء (والأموات
معه، فما يصيب الحي يعطى، وما يصيب الميت معه يقسم على ورثته الأحياء
دون الأموات) على المختار وعلى الجميع عند المفيد وسلار (1). (وهكذا
يفرض موت كل واحد إلى أن يصير تركات جميعهم منقولة إلى الأحياء).
(وإذا ماتا حتف أنفهما، واشتبه المتقدم أو علم الاقتران) وإن ماتا
بغرق ونحوه (لم يرث أحدهما من الآخر، بل كان ميراث كل واحد منهما
لورثته الأحياء) فإن الإرث مشروط بالحياة فلا إرث إلا مع العلم بها، لا مع
الاشتباه أو العلم بعدمها لكن خرج من صور الاشتباه ما تقدم.



(1) المقنعة: ص 699، المراسم: ص 225 - 226.
529
(ولو ماتت امرأة وولدها واشتبه السابق وادعى الزوج موت الزوجة
أولا) ليجوز تركتها وتركة الولد (والأخ موت الولد أولا) ليرث منها ومن
الولد بواسطتها (كان ميراث المرأة بين الزوج والأخ نصفين) فإن تعارض
الدعويين مما يورث الاشتباه أو يؤكده، وإذ لا إرث مع الاشتباه فلا إرث بينها
وبين الولد وكأن الولد معدوم وانحصر وارثها في الزوج والأخ فتركتها بينهما
نصفين (وميراث الولد للزوج خاصة) لانحصار وارثه حينئذ فيه (وحلف
كل منهما لصاحبه) ويحتمل قويا أن يكون للزوج ثلاثة أرباع تركة الزوجة وما
انتقل إليها من الولد جميعا وللأخ ربع الجميع، فإنه مال تداعيا فيه فيدعي أحدهما
الكل والآخر النصف.
(وكذا) تركة الولد للزوج خاصة وتركتها بينهما نصفين (مع علم
الاقتران) لانتفاء الإرث أيضا (إلا أنه لا يمين) هنا (إلا أن يدعيه) أي
الاقتران (أحدهما ويدعي الآخر السبق، فيقدم قول مدعي الاقتران مع
اليمين) لأصل عدم انتقال التركة. ويحتمل تقديم مدعي السبق، لأنه الظاهر،
وندرة الاقتران جدا.
(ولنذكر هنا أمثلة للغرقى المتكثرة):
(الأول: ثلاثة إخوة لأب منهدم عليهم، خلف كل واحد منهم أخا لام،
يفرض موت كل واحد منهم، فيصير كمن خلف أخا لام وأخوين لأب،
فيكون أصل ماله اثني عشر) ليكون لخمسة أسداسه نصف (لأخيه لامه
سهمان، ولكل من المتوفيين معه خمسة ينتقل منه إلى أخيه لامه).
(فيكون بعد قسمة تركة الجميع: لكل أخ حي سهمان من اثني عشر
من أصل تركة أخيه، وخمسة أسهم من اثني عشر من تركة كل واحد من
الأخوين الباقيين بالانتقال عنه إلى أخيه) ثم عن أخيه إليه.

530
(الثاني: زوجان وابن وبنتان لهما، ماتوا جميعا وخلف الرجل أخا،
والمرأة أبا، والابن زوجة، وإحدى البنتين زوجا، يفرض موت الرجل
أولا) بناء على عدم وجوب تقديم الأقوى في الموت، وإلا فرض موت الابن
أولا وإنما قدمه في الحساب دون الحكم (فأصل ماله اثنان وثلاثون)
مضروب أربعة في ثمانية (1) ليكون له ثمن ولسبعة أثمانه ربع (منها أربعة
لزوجته وينتقل إلى أبيها، وأربعة عشر لابنه ولا ينقسم على ورثته) وهم
الزوجة وأبو الام (إذ ليس لها ربع صحيح، فيضرب الأصل في اثنين) وفق
أربعة بالنسبة إلى أربعة عشر (يبلغ أربعة وستين: للزوجة ثمانية وينتقل إلى
أبيها، ونصيب الابن ثمانية وعشرون ينتقل منها سبعة إلى زوجته والباقي
إلى جده، ونصيب البنت التي لها زوج أربعة عشر ينتقل منها سبعة إلى
زوجها والباقي إلى جدها، وأربعة عشر للبنت الاخرى وينتقل إلى جدها).
(ثم يفرض موت الزوجة قبل سائر الورثة فأصل مالها ثمانية
وأربعون) مضروب اثنين في ستة ثم اثنى عشر في أربعة، لأن لأبيها السدس
ولزوجها الربع، فنضرب ستة في اثنين، للأب اثنان، وللزوج ثلاثة، تبقى سبعة
ليس لها نصف صحيح يكون للابن ولا ربع يكون لكل من البنتين فنضرب اثنى
عشر في أربعة (منها ثمانية لأبيها واثنا عشر لزوجها، وأربعة عشر لابنها)
وأربعة عشر لبنتيها بينهما نصفين، ولما كان لإحداهما زوج كان له نصف مالها أي
سبعة وهو ربع الأربعة عشر (وليس لها ربع صحيح فنضربها) أي الثمانية
والأربعين (في اثنين) وفق الأربعة بالنسبة إلى أربعة عشر (فيصير أصل
المال ستة وتسعين: منها ستة عشر لأبيها، وأربعة وعشرون لزوجها وينتقل



(1) في ن، ق: مضروب اثنين في ثمانية ثم في ستة عشر.
531
إلى أخيه، وثمانية وعشرون لابنها ينتقل منها سبعة إلى زوجته والباقي إلى
جده، وأربعة عشر لبنتها التي لها زوج ينتقل منها سبعة إلى زوجها والباقي
إلى جدها، وأربعة عشر للبنت الاخرى وينتقل إلى جدها).
(ثم يفرض موت الابن قبل البنتين، فيكون أصل ماله اثنى عشر)
لأن له زوجة وأبوين (ثلاثة لزوجته، وأربعة لامه وينتقل إلى أبيها،
والباقي) وهو (خمسة لأبيه وينتقل إلى أخيه).
(ثم يفرض موت البنت التي لها زوج، فيكون أصل مالها) وعن خطه
" ماله " (ستة) لأن لها زوجا وأبوين (ثلاثة لزوجها، واثنان لامها وينتقل
إلى أبيها، وواحد لأبيها وينتقل إلى أخيه).
(ثم يقدر موت البنت الاخرى) كذلك (فيكون أصل مالها ثلاثة:
واحد لامها وينتقل إلى أبيها، واثنان لأبيها وينتقل إلى أخيه).
(فلأخي الرجل من تركة زوجته أربعة وعشرون من ستة وتسعين،
ومن تركة ابنه خمسة من اثني عشر، ومن تركة بنته التي لها زوج واحد
من ستة، ومن تركة بنته الاخرى اثنان من ثلاثة، جميع ذلك بالانتقال)
من الرجل إليه (ولا شيء له من الأصل) لتأخر درجته عن الأولاد.
(ولأبي المرأة من تركتها ثمانية وخمسون من ستة وتسعين، منها
ستة عشر من أصل مالها والباقي بالانتقال) أحد وعشرون بالانتقال منها إلى
ابنها ثم إليه، وسبعة بالانتقال منها إلى البنت ذات الزوج ثم إليه، وأربعة عشر منها
إلى البنت الاخرى ثم إليه (ومن تركة الرجل خمسون من أربعة وستين)
بانتقال ثمانية منه إلى المرأة ثم إليه، واحد وعشرين إلى ابنه وسبعة إلى بنته ذات
الزوج وأربعة عشر إلى الاخرى (ومن تركة الابن أربعة من اثني عشر)
بالانتقال منه إلى امه ثم إليه (ومن تركة البنت التي لها زوج اثنان من ستة)

532
بالانتقال منها إلى امها ثم إليه (ومن تركة البنت الاخرى واحد من ثلاثة)
كذلك (جميع ذلك بالانتقال) كما عرفت لا من الأصل، لتأخر الجد عن الأولاد
والآباء وعدم النسبة بينه وبين الزوج.
(ولزوجة الابن من تركة أبيه سبعة من أربعة وستين) بالانتقال إليه ثم
إليها (ومن تركة امه سبعة من ستة وتسعين بالانتقال) كذلك (ومن أصل
تركته ثلاثة من اثني عشر).
(ولزوج البنت من أصل تركتها ثلاثة من ستة، ومن تركة أبيها سبعة
من أربعة وستين، ومن تركة أمها سبعة من ستة وتسعين بالانتقال) إليها ثم إليه.
(الثالث: أخوان وأخت لأب وام، وجد لهم من قبل أبيهم، ماتوا كذلك
وخلف الجد أخا وأختا، والإخوة ابن أخ آخر لام، فأصل مال الجد
خمسة: اثنان لكل أخ وواحد للأخت، وينتقل جميعا إلى ابن أخيهم الحي،
ولا شيء لأخيه واخته مع وجود أولاد أولاده).
(وأصل مال كل واحد من الأخوين خمسة: اثنان للجد ولا ينقسم
على ورثته) وهم إخوة وأخيه أثلاثا (فنضربها في ثلاثة يبلغ أصل ماله
خمسة عشر: منها ستة للجد وينتقل) منه (اثنان إلى اخته وأربعة إلى
أخيه، والباقي للأخ والأخت) أثلاثا (وينتقل) الكل (إلى ابن أخيهما).
(وأصل مال الأخت ثلاثة) لتنزل الورثة منزلة ثلاثة إخوة من جهة
واحدة (واحد للجد ولا ينقسم على ورثته، فنضربها في ثلاثة تبلغ تسعة،
ثلاثة منها للجد وينتقل إلى أخيه واخته) أثلاثا (والباقي للأخوين
وينتقل) منهما (إلى ابن أخيهما).
(فلابن الأخ جميع مال الجد، وتسعة من خمسة عشر من مال كل واحد
من الأخوين، وستة من تسعة من مال أختهما، جميع ذلك بالانتقال) فمال

533
الجد بالانتقال منه إلى عميه وعمته، ومال العمين بالانتقال من كل إلى الآخر وإلى
العمة ثم إليه، ومال العمة بالانتقال إلى العمين ثم إليه.
(ولأخي الجد أربعة من خمسة عشر من مال كل واحد من الأخوين،
واثنان من تسعة من مال أختهما، ولأخته نصف ذلك. جميع ذلك
بالانتقال) إلى الجد (ولا شيء للأحياء في هذه الصورة من اصول
التركات إلا بالانتقال) إذ لا ترث الكلالة مع الأولاد فنازلا ولا ابن الأخ مع
الأخ أو الأخت أو الجد.
(الرابع: رجل وابن عمه وابنة خاله، ماتوا غرقا وخلف الرجل زوجة،
وابن العم ابن خال، وبنت الخال زوجا: أصل تركة الرجل اثنا عشر)
مضروب اثنين في ستة ليكون له ربع وسدس (منها ثلاثة لزوجته، و) سدسها
(اثنان لبنت خاله وينتقل إلى زوجها و) الباقي (سبعة لابن عمه وينتقل
إلى ابن خاله).
(وأصل تركة ابن عمه ستة) لأن له ابن خال (واحد لابن خاله الحي
والباقي للرجل) الذي هو ابن عمه، ولما كان للرجل زوجة كان لها ربع الباقي
(وليس له ربع) صحيح (فنضربها) أي الستة (في أربعة يبلغ الأصل
أربعة وعشرين: منها أربعة لابن خاله الحي، وعشرون للرجل وينتقل
خمسة منها إلى زوجته والباقي إلى بيت المال) على المشهور. وعلى القول
الآخر لا حاجة إلى الضرب.
(وأصل مال بنت الخال ثمانية) ليكون له نصف له ربع (أربعة لزوجها
وأربعة للرجل) الذي هو ابن عمته (ينتقل منها إلى زوجته واحد والباقي
لبيت المال) فإن سئل عن هذه الصورة وما يصيب الأحياء فيها من الميراث.
(فالجواب: أن للزوجة من أصل مال زوجها ثلاثة من اثني عشر،

534
ومن مال ابن عم زوجها خمسة من أربعة وعشرين، ومن مال بنت خال
زوجها واحدا) من ثمانية (بالانتقال) إلى الزوج ثم إليها (وللزوج) أي
زوج ابنة الخال (من أصل مال زوجته أربعة من ثمانية، ومن مال ابن
عمها) كذا في النسخ، والصواب ابن عمتها (وهو الرجل اثنين من اثني عشر
بالانتقال، ولابن الخال من مال الرجل سبعة من اثني عشر) بالانتقال، ومن
أصل مال ابن عمته وهو ابن عم الرجل أربعة من أربعة عشرين (ولبيت المال
ثلاثة من ثمانية من مال بنت الخال) بالانتقال إلى الرجل ثم إليه (وخمسة
عشر من أربعة وعشرين من مال ابن عم الرجل بالانتقال) كذلك (هذا
على قول بعض أصحابنا) كالحسن (1) والمصري (2) وابن زهرة (3) والمفيد (4)
وسلار (5) في ظاهرهما من أن للخال مع الوحدة السدس فكذا لأولاده.
(وعلى الأشهر: أن) له الثلث فكذا (لبنت الخال) ولابنه (الثلث،
فتركة الرجل اثنا عشر: ثلاثة للزوجة، وأربعة لبنت الخال وينتقل إلى
زوجها، وخمسة لابن عمه وينتقل إلى ابن خاله).
(وأصل تركة ابن عمه ثلاثة: واحد لابن خاله الحي والباقي للرجل،
وليس له ربع) تأخذه زوجته (تضربها في أربعة يبلغ اثنى عشر: منها أربعة
لابن خاله الحي، وثمانية للرجل ينتقل منها سهمان لزوجته والباقي إلى
بيت المال).
(وأصل مال بنت الخال ثمانية: أربعة لزوجها، وأربعة للرجل ينتقل
منها إلى زوجته واحد والباقي لبيت المال).



(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 31.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 29.
(3) الغنية: ص 326.
(4) المقنعة: ص 693.
(5) المراسم: ص 223.
535
(الفصل السادس في حساب الفرائض)
(وفيه مطلبان):
(الأول في المقدمات، وهي أربع (1)):
(المقدمة الاولى: عادة الحساب إخراج الحصص من أقل عدد ينقسم
على أرباب الحقوق، ولا يقع فيه كسر، ويضيفون حصة كل واحد منهم إلى
ذلك العدد. فإذا كان) العدد (اثنين قالوا: لكل ابن) مثلا (سهم) وبخطه
سهما (من سهمين من تركته، ولا يقولون: التركة بينهما نصفان، ويسمون
العدد المضاف إليه أصل المال ومخرج السهام، والمخرج: هو أقل عدد
يخرج منه الجزء المطلوب صحيحا، ومخارج الفروض الستة) التي عرفتها
(خمسة) يخرج (النصف من اثنين، والثلث والثلثان من ثلاثة، والربع من
أربعة، والسدس من ستة، والثمن من ثمانية).
(إذا عرفت هذا، فنقول: الورثة إن لم يكن فيهم ذو فرض وتساووا)
في الإرث (فعدد رؤوسهم أصل المال، كأربعة أولاد ذكور وإن كانوا
يقتسمون للذكر مثل حظ الانثيين، فاجعل لكل ذكر سهمين، ولكل انثى
سهما، فما اجتمع فهو أصل المال).
(وإن كان فيهم ذو فرض أو أصحاب فروض، فاطلب عددا له ذلك
السهم أو تلك السهام، وينقسم الباقي بعد السهم أو السهام على) عدد
(رؤوس باقي الورثة إن تساووا، وعلى سهامهم إن اختلفوا) وذلك بأن
تطلب أولا مخرج الفروض فما بقي إن لم ينكسر على من بقي من غير أرباب
الفروض فيكفي ما طلبته، كزوج وأبوين وبنين خمسة أو ابنين وبنت فتطلب أولا



(1) في القواعد: أربعة.
536
مخرج السدس والربع وهو اثنا عشر، فتعطى الزوج ثلاثة، والأبوين أربعة،
والباقي خمسة لا ينكسر على الباقين، وإن انكسر ضربت سهامهم في العدد الذي
حصلته أولا فإن كان في المثال ابنان ضربت اثنين في اثني عشر أو ابن وبنت
ضربت فيها ثلاثة (فإذا اجتمع في الفريضة نصفان) كزوج وأخت لأب (أو
نصف وما بقي) كزوج وأخ (فهي من اثنين، وإن اشتملت على ثلث
وثلثين) كإخوة من الام وأخوات من الأب وكابن وبنت (أو أحدهما وما
بقي) كإخوة لام وأخ وأخت لأب (فهي من ثلاثة، وإن اشتملت على ربع
وما بقي) كزوج وابن (فهي من أربعة، وعلى ثمن وما بقي) كزوجة
وابن (فهي من ثمانية، وعلى سدس وما بقي) كأم وابن (فهي من ستة)
وإذا حصلت المخرج بعدد من له الفرض ولم ينقسم الجزء المطلوب من المخرج
عليهم بصحة فاضرب عددهم فيه، كأبوين وخمس بنات، للأبوين السدسان،
فالفريضة ستة والثلثان فريضة البنات، وهما هنا أربعة لا تنقسم عليهن فاضرب
خمسة في ستة.
(المقدمة الثانية: كل عددين، إما أن يتساويا أو يختلفا، والمختلفان إن
عد أقلهما الأكثر حتى أفناه تداخلا، ولا يمكن أن يتجاوز الأقل) حينئذ
(نصف الأكثر) وإلا لم يعده كذلك (ويسميان أيضا بالمتناسبين) لأن الأقل
جزء من الأكثر (كثلاثة وستة وأربعة واثني عشر).
(وإن لم يعد الأقل الأكثر: فإن وجد ثالث أكثر من الواحد يعد كلا
منهما كذلك) أي حتى يفنيهما (تشاركا، ويسميان أيضا بالمتوافقين، وذلك
العدد) الثالث يسمى جزء الشركة و (هو مخرج الكسر المشترك فيه) أي إن
كان العدد الثالث اثنين يقال: إنهما متوافقان أو متشاركان في النصف أو بالنصف،
وإن كان ثلاثة فبالثلث وهكذا. وإن لم يكن ذلك العدد بالنسبة إلى شيء منهما من

537
ذلك الكسر مثلا يتوافق الستة والعشرة بالنصف مع أن الاثنين ليس نصفا لشيء
منهما فنسبة التشارك إلى الكسر مجازية وإنما هو في مخرجه.
(وهذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من
الواحد) فإذا اسقط من الأقل فإما أن يفنيه مرارا أو يبقى بعد إسقاطه منه مرة أو
مرارا أكثر من الواحد، يفني الباقي الأول بالإسقاط مرارا أو يبقى أيضا بعد
إسقاطه منه مرة أو مرارا أكثر من الواحد، وهكذا إلى أن يفنى، فالأخير هو جزء
الشركة (كعشرة واثني عشر يعدهما الاثنان. فإنك إذا أسقطت العشرة من
اثني عشر بقي اثنان) ثم الاثنان إذا أسقطا من العشرة مرارا فنيت (فإذا
أسقطتهما) أي الاثنين أي هذه المرتبة (من العشرة) وكذا من الاثني عشر
(مرارا فنيت بهما، فهذان يتوافقان بجزء ما يعدهما وهو النصف) وكستة
وثلاثين واثنين وثمانين أسقطنا الأقل مرتين من الأكثر بقي عشرة، أسقطناها من
الأقل ثلاث مرات بقي ستة أسقطناها من العشرة بقي أربعة، أسقطناها من الستة
بقي اثنان، أسقطناهما من الأربعة فنيت، فهما أيضا متوافقان بالنصف (وإن بقي)
من إسقاط الأقل من الأكثر ثم الباقي من الأقل مرة أو مرارا إلى آخر العمل
(ثلاثة كتسعة وستة فالموافقة بالثلث، وكذا إلى العشرة) فالموافقة بالعشر
كعشرين وثلاثين (وإن بقي أحد عشر) كاثنين وعشرين وثلاثة وثلاثين
(فالموافقة بجزء من أحد عشر) جزء (وهكذا) لا إلى نهاية. والجزء
المشترك فيه يسمى الوفق، وإذا توافق العددان فإذا ذكر وفق أحدهما اريد ذلك
الجزء المشترك منه، مثلا يتوافق العشرة والستة بالنصف، فوفق أحدهما بمعنى
نصفه، فإذا قيل اضرب وفق أحدهما في الآخر اريد ضرب نصفه. ويتوافق العشرة
وخمسة عشر في الخمس، فوفق أحدهما هو الخمس (فإن لم يعد أحدهما
الآخر ولا عدهما غيرهما سوى الواحد فهما المتباينان، وهما اللذان إذا

538
أسقط الأقل) منهما (من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحد) كثلاثة وتسعة
عشر أو إذا أسقط الأقل من الأكثر ثم الباقي من الأقل إلى آخر العمل بقي واحد
(كثلاثة عشر وعشرين، فإذا أسقطت ثلاثة عشر بقي سبعة، فإذا أسقطت
من ثلاثة عشر بقي ستة فإذا أسقطت من سبعة بقي واحد).
(المقدمة الثالثة: إذا أردت أن تطلب أقل عدد ينقسم على عددين
مختلفين فاعرف النسبة بينهما) من أي الثلاثة هي، من التداخل والتوافق
والتباين (فإن كانا متداخلين فالمطلوب هو الأكثر منهما ولا تحتاج
إلى عمل آخر) فإذا أردت مثلا عددا يمكن أن يقسم أربعة أقسام وأن يقسم
قسمين فهو الأربعة.
(وإن كانا متشاركين في كسر فالمطلوب هو الحاصل من ضرب ذلك
الكسر من أحدهما في الآخر، كما إذا طلبنا عددا ينقسم على ثمانية عشر
وثلاثين وقد اشتركا في السدس، فسدس أيتهما ضرب في الاخرى حصل
تسعون، وهي أقل عدد ينقسم عليهما).
(وإن كانا متباينين فالمطلوب هو الحاصل من ضرب أحدهما في
الآخر، كما إذا طلبنا أقل عدد ينقسم على سبعة وتسعة فهو ثلاثة وستون).
(وكذا إذا أردت أقل عدد ينقسم على أعداد مختلفة، لأنك إذا عرفت
العدد المنقسم على اثنين منها، عرفت العدد المنقسم عليه) أي على العدد
المنقسم على الاثنين (وعلى الثالث، ثم المنقسم عليه) أي العدد المنقسم
على الثلاثة (وعلى الرابع، وهكذا) وبالجملة إذا حصلت ما ينقسم على اثنين
نسبته إلى الثالث، فإن تداخلا فالأكثر ينقسم على الثلاثة، وإن تباينا فمضروب
أحدهما في الآخر ينقسم عليها، وإن توافقا فمضروب أحدهما في وفق الآخر ثم
نسبت هذا المنقسم عليها إلى الرابع وهكذا.

539
(مثلا: إذا أردت أن تعرف أقل عدد ينقسم على ثلاثة وأربعة وخمسة
وستة وثمانية، فالمنقسم على الثلاثة والأربعة اثنا عشر، لأنهما متباينان،
والمنقسم عليهما وعلى الخمسة ستون، لأنهما) أي الخمسة والاثنى عشر
(متباينان أيضا، والمنقسم عليها وعلى الستة ستون لتداخلهما) أي الستة
والستين (والمنقسم عليها وعلى الثمانية مائة وعشرون، لأنهما) أي
الستين والثمانية (متشاركان في الربع) وإن أردت نظرت إلى نفس الأعداد
فأسقطت ما دخل منها في غيره وضربت ما تباينا منها أحدهما في الآخر وما
توافقا أحدهما في وفق الآخر ثم نسبت المضروب إلى آخر، فإن تداخلا اكتفيت
بالأكثر، أو تباينا ضربت أحدهما في الآخر، أو توافقا ففي وفق الآخر. ففي المثال
أسقطت الثلاثة والأربعة لدخولهما في الستة والثمانية، وضربت الخمسة في ستة
ثم الثلاثين في أربعة لموافقتها الثمانية بالنصف.
(المقدمة الرابعة: الكسر ضربان: مفرد ومركب، والمفرد كالسدس
وكجزء من أحد عشر (1)) وعن خطه من عشر (والمركب إما مضاف) لفظا
ومعنى (كنصف سدس، أو) معنى خاصة نحو (جزء من خمسة عشر هي
جزء من ثلاثة) أو معطوف (والمعطوف كالنصف والسدس، فمخرج
الكسر المفرد) أقل عدد يخرج منه (وهو العدد المسمى له أو المنسوب
إليه) فالمسمى (كالسدس مخرجه ستة و) النصف مخرجه اثنان، وتسمية
الستة مثلا سميا للسدس مجاز، والمنسوب إليه نحو (جزء من خمسة عشر
مخرجه خمسة عشر) وجزء من ستة وجزء من اثنين، ويجوز أن يريد
بالمسمى ما يعمهما، وبالمنسوب إليه ما يزيد على المخرج المصطلح كنصف ستة
وثلث تسعة وأحد عشر جزء من اثنين وعشرين (ومخرج المضاف هو



(1) في القواعد: خمسة عشر.
540
الحاصل من ضرب مخرج المضاف في مخرج المضاف إليه كنصف
السدس، فإن مخرجه هو الحاصل من ضرب اثنين مخرج النصف في ستة
مخرج السدس وهو اثنا عشر. ومخرج المعطوف هو العدد المنقسم على
المخارج) وقد تقدم مخرج الأعداد المختلفة (كالنصف والسدس والعشر،
فإن مخرج الجميع ثلاثون) لسقوط النصف لدخول مخرجه في مخرجي
الآخرين، وتوافق الستة والعشرة بالنصف، فنضرب ثلاثة في عشرة.
إذا عرفت المقدمتين الأخيرتين أو الثلاث الأخيرة (فإذا قيل: أي عدد له
كسر كذا وكذا، فاطلب العدد المنقسم على مخارجها).
(وإذا قيل: أي عدد ينقسم منه كذا على كذا مثل أي عدد ينقسم ربعه
على خمسه، فاطلب عددا يكون لربعه خمس) إذ لا معنى لقسمة الربع عليها
إلا جعله خمسة أقسام، فاطلب عددا يكون لربعه خمس على الطريق المتقدم من
ضرب أربعة في خمسة فهو عشرون.
(وإذا قيل: أي عدد ينقسم ربعه على ثلاثة وخمسه على ستة، فاطلب
عددا لربعه، ثلث وعددا آخر لخمسه سدس، ثم اطلب المنقسم عليهما)
كما عرفت (فهو المطلوب) وهو هنا ستون، لأن العدد الأول اثنا عشر مضروب
أربعة في ثلاثة، والثاني ثلاثون مضروب خمسة في ستة، وبينهما توافق بالسدس
ضربنا سدس أحدهما في الآخر.
(وإذا قيل: أي عدد ينقسم الباقي منه بعد الربع والسدس على خمسة
- مثلا - فاطلب العدد الذي له الربع والسدس) مثلا وهو اثنا عشر (وانقص
منه ربعه وسدسه، ثم انظر في الباقي) وهو هنا سبعة (فإن كانت الخمسة)
مثلا (مباينة له) وهو هنا كذلك (فاضربها في العدد الأول، فما بلغ) وهو
هنا ستون (فهو المطلوب، وإن كانت مشاركة أو داخلة) وهو إنما يكون في

541
غير ما ذكر. ويكفي في التعميم قوله مثلا (فبحسب ما يقتضيه الأصل الذي
عرفت) من الضرب في الوفق أو الاكتفاء بالأكثر. وإن كانت مماثلة فاكتف
بالعدد الأول، كما إذا قيل في المثال: ينقسم الباقي على سبعة. والتداخل كما إذا
قيل: أي عدد ينقسم الباقي منه بعد عشرة وسدسه على أحد عشر، فنضرب ثلاثة
في عشرة، وننقص من الثلاثين ثمانية، يبقى اثنان وعشرون، يدخل فيها أحد
عشر. والموافقة كما إذا قيل في المثال: ينقسم الباقي على اثنا عشر، فنضرب ستة
في ثلاثين، وننقص من المائة وثمانين ثمانية وأربعين، ونقسم الباقي.
(المطلب الثاني)
(الفريضة: إما أن تكون بقدر السهام، أو زائدة، أو ناقصة).
(الأول: أن تكون بقدر السهام، فإن انقسمت) عليها (من غير كسر
فلا بحث، كأبوين وأربع بنات أو زوج وأبوين) فإن (الفريضة) عليهما
(من ستة) فإن فرض كل من الأبوين على الأول سدس فلهما سهمان من ستة
والباقي أربعة بين البنات الأربع، وعلى الثاني فرض الام ثلث والزوج نصف،
فالفريضة مضروب اثنين في ثلاثة، للزوج ثلاثة من ستة وللأم سهمان وللأب سهم
(وإن انكسرت فإما على فريق واحد أو أكثر، فالأول نضرب عددهم في
أصل الفريضة إن لم يكن بين نصيبهم وعددهم وفق، كأبوين وخمس
بنات) فإن الفريضة من ستة و (نصيب البنات من الفريضة أربعة ولا وفق
بينها وبين العدد) أي الخمسة (تضرب خمسة عددهن في ستة تبلغ
ثلاثين، فمن حصل له من الوراث سهم من الفريضة قبل الضرب، أخذ
مضروبا في خمسة وهو قدر نصيبه) فللأبوين عشرة، والباقي عشرون لكل
من البنات أربعة (وإن كان بين النصيب والعدد وفق فاضرب الوفق من
عدد، لا من النصيب في الفريضة، كست بنات وأبوين، نضرب نصف عددهن

542
في الفريضة) وهي ستة (تبلغ ثمانية عشر) للأبوين ستة ولكل منهن سهمان.
(وإن انكسرت على أكثر من فريق، فإن كان بين نصيب كل فريق
وعدده وفق فرد كل فريق إلى جزء الوفق، وإن كان بعضهم كذلك دون
بعض رد من له وفق إلى جزء الوفق واترك الآخر بحاله، وإن لم يكن
لأحدهم وفق فاجعل كل عدد بحاله).
(ثم تعتبر الأعداد) على التقديرين، وعلى الأول بعد الرد إلى جزء الوفق
(فإن كانت متماثلة اقتصرت على واحد وضربته في الفريضة، كثلاثة
إخوة من أب ومثلهم من ام، الفريضة ثلاثة) لأن فريضة كلالة الام الثلث
نصيبهم سهم، ونصيب كلالة الأب سهمان، وهما ينكسران عليهما وعدداهما
متماثلان ومباينان للسهمين (تضرب عدد أحدهم ثلاثة في الفريضة يصير
تسعة) لكلالة الام ثلاثة، وللباقين ستة.
(وإن تداخلت) الأعداد (اقتصرت على ضرب الأكثر في الفريضة،
كثلاثة) إخوة (من أب وستة من ام، تضرب ستة في أصل الفريضة
وهي ثلاثة، فللإخوة من الأب) الثلثان (اثنا عشر و) للإخوة (من الام)
الثلث (ستة).
(وإن توافقت ضربت وفق أحدهما في عدد الآخر، ثم) من (المرتفع
في الفريضة، كأربع زوجات وستة إخوة) من جهة (الفريضة من أربعة
تنكسر حصة الزوجات) عليهن وهي سهم (وكذا) حصة (الإخوة) وهي
ثلاثة (وبين عدد الزوجات وعدد الإخوة وفق بالنصف، فاضرب اثنين في
ستة، ثم المرتفع وهو اثنا عشر في أربعة أصل الفريضة) فلكل من
الزوجات ثلاثة، ولكل من الإخوة ستة. وإن كان المنكسر عليهم أكثر من فريقين
وتوافقت الأعداد، فالبصريون يقفون أحدها ويردون البواقي إلى أجزاء الوفق ثم

543
ينظرون في أجزاء الوفق فيكتفون بواحد إن تماثلت وبالأكثر إن تداخلت
ويضربون بعضها في بعض إن تباينت أو وفق بعضها في بعض إن توافقت ثم
يضربون الحاصل في العدد الموقوف ثم الحاصل في أصل المسألة، والكوفيون
يقفون أحدهما ويضربون وفقه في جمع آخر، ثم الحاصل أو وفقه في الثالث،
وهكذا ثم الحاصل في المسألة. ومع التماثل أو التداخل فالأمر معلوم.
(وإن تباينت ضربت أحدهما في الآخر، ثم المجتمع في الفريضة،
كأربع زوجات وخمس بنات) فتضرب عشرين في ثمانية أصل الفريضة، هذه
كلها مما ليس بين الأعداد والأنصباء وفق. ومثال الأعداد الموافقة للأنصباء: خلف
رجل بنين ثم خلف أحدهما زوجة واما وولدا، فنصيبه من أبيه ينقسم عليهم على
أربعة وعشرين فهي الفريضة، ففريضة الولد الآخر أيضا أربعة وعشرون ولو مات
وخلف أربع زوجات وثمانية إخوة للأب وستة للأم، فحصة الزوجات ستة، وهي
توافق عددهن بالنصف نرد عددهن إلى اثنين وللإخوة للأم من ثمانية، وهي أيضا
توافق الستة بالنصف رددناها إلى ثلاثة، وللباقين عشرة توافق عددهم بالنصف
أيضا رددناه إلى أربعة فالاثنان يداخل الأربعة والثلاثة تباينها نضرب اثني عشر
مضروب الثلاثة في الأربع في أربعة وعشرين يبلغ مائتين وثمانية وثمانين،
للزوجات اثنان وسبعون لكل منهن ثمانية عشر، ولكلالة الام ستة وتسعون لكل
منهم ستة عشر، ولكلالة الأب مائة وعشرون لكل منهم خمسة عشر. وإن كان
النصيب داخلا في عددهم اكتفيت من عددهم بجزئه الذي يوافقه النصيب، فتضربه
في الفريضة كأبوين وثماني بنات فنضرب اثنين في ستة لأن نصيبهن أربعة وهي
مخرج الربع فنضرب ربع عددهن في الفريضة. وإن انكسرت على أكثر من فريق
وكان بين عدد كل ونصيبه مداخلة اكتفيت من كل عدد بجزئه الموافق للنصيب، ثم
نظرت إلى الأعداد وأتممت العمل كما تقدم. فلو خلف ست زوجات وستة إخوة

544
للأم وخمسة وعشرين أخا للأب، فالفريضة اثنا عشر مضروب ثلاثة في أربعة
للزوجات ثلاثة اكتفينا من عددهن باثنين، ولكلالة الام أربعة توافق عددهم
بالنصف فاكتفينا بثلاثة، وللباقين خمسة فاكتفينا منهم بخمسة، وهذه الأعداد
متباينة فنضرب الاثنين في الثلاثة ثم الستة في خمسة ثم الثلاثين في اثني عشر
يبلغ ثلاثمائة وستين، ومنها تصح. ويمكن تعميم كلام المصنف لذلك بتعميم الوفق
فيه، فإن التوافق له معنى آخر يشمل المتداخلين والوفق الجزء الذي مخرجه
العدد الأقل من الأكثر.
(الثاني: أن تزيد الفريضة على السهام، فيرد) الباقي (على ذوي
السهام إلا الزوج والزوجة وعدا الام مع الإخوة) لحجبهم إياها عما
زاد على السدس (أو يجتمع ذو سبب مع ذي سببين، فذو السببين أولى
بالرد) ككلالة الأبوين مع كلالة أحدهما. وفيه خلاف نادر تقدم، ومثال الزيادة
(كأبوين وبنت، للأبوين السدسان، وللبنت النصف، والباقي يرد)
عليهم (أخماسا).
(ومع الإخوة) لا يرد على الام بل (على الأب والبنت خاصة أرباعا،
فإما أن تجعل الفريضة في أصلها من خمسة أو أربعة) من غير تفصيل إلى
الفرض والرد، وهو أخصر لكنه مختص بما إذا نحصر الوارث فيمن يرد عليه، ففي
المثال مع الإخوة لا يكفي جعلها من أربعة. ويمكن التأويل بأن المراد جعلها من
أربعة إن لم تكن ام مثلا (أو) تعتبر الفريضة أولا من حيث الفرض ثم (تضرب
مخرج الرد) وهو أقل عدد يخرج منه سهامه، فإن كان الرد أثلاثا فثلاثة أو
أرباعا فأربعة، وهكذا (في أصل الفريضة) وهو يعم ما إذا كان من لا يرد عليه
أو لم يكن. وفي المبسوط (1) والإيجاز (2): أنه تجتمع مخارج فرائض من يرد



(1) المبسوط: ج 4 ص 130.
(2) الإيجاز في الفرائض والمواريث (الرسائل العشر): ص 280.
545
عليهم فيضرب في أصل الفريضة، ففي المثال مخرج فرض الأبوين ثلاثة، فإن
السدسين ثلث ومخرج فرض البنت اثنان، وذلك خمسة، فتضرب في الفريضة
يبلغ ثلاثين ومنها تصح. وذكر أن الام إذا حجبت وفر سهمها من الرد على الأب.
ومن البين أن ما ذكره المصنف أظهر وأولى. (ومثل أحد الأبوين وبنتين فالرد
أخماسا) فإن له السدس ولهما الثلثين. (ومثل واحد من كلالة الام مع اخت
لأب فالرد عليهما) و (على رأي بالنسبة) وهي أرباعا (وعلى الأخت
للأب خاصة على رأي) وتقدم الخلاف.
(وأما الخنثى مع أحد الأبوين أو معهما فالرد الثابت لهما مع البنت
ثبت هنا نصفه) لأن للخنثى نصف الذكورية ولا رد مع الابن. (وقيل) في
التحرير للشيخ معين الدين المصري (1): (لا رد، لأن الأصل عدمه، وإنما ثبت
في البنات بالإجماع وليس الخنثى بنتا، وكونها تستحق نصف ميراث بنت
وإن أوجب ردا، لكن استحقاق نصف ميراث ابن يسقطه، فتعارضا
فتساقطا ورجع) الأمر (إلى الأصل وهو عدم الرد على الأبوين، بل يكون
الجميع للخنثى) وقد أمضينا هذا القول مع دليله هذا (والمعتمد الأول)
لإطلاق النص والفتوى من الأصحاب بأن للخنثى نصف ما للذكر والأنثى، وهو
يعم ما لهما فرضا وردا، ولو لم يرد على الأبوين لكان لها تمام ما للذكر أو الذكر
مع الأنثى.
(الثالث: أن يقصر الفريضة عن السهام، وسببه: دخول الزوج أو
الزوجة في موضعين):
(الأول): أن يجامع أحدهما الأبوين أو أحدهما، وله صور:
الاولى: (أبوان مع بنت وزوج) لأن الفريضة من اثني عشر، فإن فرض



(1) نقل عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 116.
546
كل من الأبوين السدس، وفرض البنت النصف، وفرض الزوج الربع، ومخرج
النصف يداخل مخرج الربع، ومخرجه يوافق مخرج السدس بالنصف، فيضرب
اثنان في ستة، وسهامهم ثلاثة عشر، للأبوين أربعة، وللبنت ستة، وللزوج ثلاثة.
الصورة الثانية (أبوان وبنتان مع زوج أو زوجة) فإن الفريضة مع الزوج
اثنا عشر، فإن الفروض سدسان وثلثان وربع، والسهام خمسة عشر، للأبوين
أربعة، وللبنتين ثمانية، وللزوج ثلاثة. والفريضة مع الزوجة أربعة وعشرون،
مضروب نصف ثمانية في ستة، والسهام سبعة وعشرون، فإن للأبوين ثمانية،
وللبنتين ستة عشر، وللزوجة ثلاثة.
الصورة الثالثة (أحد الأبوين مع بنتين وزوج) فإن الفريضة من اثني
عشر والسهام ثلاثة عشر (فالنقص) عندنا (على البنت أو البنات خاصة)
لما تقدم.
(الثاني): أن يجامع أحدهما الكلالة وله صور:
الاولى: (إخوة من ام وأخت من أب أو أبوين وزوج) فإن الفريضة من
ستة، مضروب اثنين في ثلاثة، والسهام ثمانية لكلالة الام اثنان، لكل من الزوج
وكلالة الأب ثلاثة.
الثانية: (إخوة من ام وأخت من الأبوين أو الأب وزوجة) فإن
الفريضة اثنا عشر، مضروب أربعة في ثلاثة، والسهام ثلاثة عشر.
الثالثة: (إخوة من ام واختان فصاعدا من الأبوين أو الأب مع أحد
الزوجين) لاجتماع الثلث والثلثين مع النصف أو الربع، فالفريضة من ستة أو اثني
عشر، والسهام على الأول تسعة، وعلى الثاني خمسة عشر.
الرابعة: (أخ من ام مع اخت من الأبوين أو الأب مع زوج) لاجتماع
نصفين مع سدس.

547
الخامسة: (أخ من ام مع أختين فصاعدا من الأبوين أو الأب مع أحد
الزوجين) لاجتماع السدس والثلثين مع النصف أو الربع (والنقص هنا على
المتقرب بالأبوين أو بالأب خاصة) لما تقدم (ففي) الموضع (الأول
يأخذ الزوجان) نصيبهما (الأدنى) لوجود الولد (وفي الثاني الأعلى، فإن
انقسمت الفريضة) بعد اعتبار النقص فلا كلام (وإلا ضربت سهام من انكسر
عليهم النصيب في الأصل) والسهام هنا بعدد الرؤوس (فالأول كزوج
وأبوين وخمس بنات، للأبوين أربعة من اثني عشر، وللزوج ثلاثة، يبقى
خمسة للبنات من غير كسر، والثاني) كأن (كان البنات أربعا تضرب
عددهن في اثني عشر) فللأبوين ستة عشر، وللزوج اثنا عشر، ويبقى عشرون
للبنات لكل منهن خمسة.
(الفصل السابع في المناسخات)
وهي: أن يموت إنسان فلا تقسم تركته ثم يموت وراثه أو بعضهم، فتقسم
الفريضتان من أصل واحد، من نسخ الكتاب بمعنى نقله لانتقال الأنصباء من عدد
إلى آخر أو التركة من الوراث إلى ورثتهم أو عدد الورثة من نوع إلى آخر، ومن
نسخ الشمس الظل بمعنى إبطاله لبطلان طريق القسمة إلى طريق آخر أو القسمة
على الورثة إلى القسمة على ورثتهم.
(إذا مات بعض الوراث قبل القسمة، واريد قسمة الفريضتين من أصل
واحد صححت مسألة) الميت (الأول، فإن كان نصيب) الميت (الثاني
ينهض بالقسمة على ورثته من غير كسر فلا بحث، وإلا احتيج إلى عمل)
ونفصل الأمرين (فنقول:
إن كان ورثة الثاني هم ورثة الأول من غير اختلاف في القسمة كان)

548
المال (كالفريضة الواحدة، كإخوة ثلاثة وأخوات ثلاث من جهة واحدة،
مات أخ ثم آخر ثم اخت ثم اخرى، و) إنما (بقي) منهم (أخ وأخت،
فتركة الأول ومن بعده لهما أثلاثا) إن كانا لأب أو لأبوين (أو بالسوية)
إن كانا لام.
(وإن اختلف الاستحقاق أو الوراث أو هما، فإن صح) قسمة (نصيب
الثاني على ورثته، كزوجة ماتت عن ابن وبنت بعد) أن مات (زوجها
وخلف معها ابنا وبنتا) فالفريضة من أربعة وعشرين مضروب ثلاثة في ثمانية
(فنصيب الزوجة ثلاثة من أربعة وعشرين) والثلاثة (تصح) قسمتها
(على ولديها من غير كسر) فهنا اختلف الوارث والاستحقاق، ومثال اختلاف
الوارث خاصة كما إذا خلف ابنين ثم مات أحدهما عن ابن، ومثال العكس كامرأة
ماتت عن زوج وابن وبنت من أب وابنين آخرين من أب آخر، فالفريضة من
ثمانية وعشرين ليكون له ربع وينقسم الباقي أسباعا، فلكل من البنتين ستة
وللبنت ثلاثة، ثم مات الابن الذي اتحد أبوه مع البنت عن اخته هذه وأخويه،
فلأخويه الثلث لكونهما كلالة الام، ولأخته الثلثان. فالمراد باختلاف الوارث
المغايرة وباتحاده خلافه، وإن كان الوارث للأول أكثر منه للثاني كما فرضه،
والمراد باختلاف الاستحقاق اختلافه في المقدار، ولا يكفي في جهته، فإنه إذا
اتحد المقدار لم يحتج إلى عمل وإن اختلفت الجهة، وهو ظاهر. (وإلا) يصح
قسمة نصيب الثاني على ورثته (فاضرب وفق الفريضة الثانية في الفريضة
الاولى إن كان بين نصيب الثاني من فريضة الاولى والفريضة الثانية وفق)
ولا يجب وقد (لا) يفيد ضرب (وفق النصيب الثاني) فيها وكل من كان له
من الفريضة الاولى نصيب أخذه مضروبا في الوفق الذي ضرب فيها، وذلك
(كأخوين من ام، ومثلهما من أب وزوج، مات الزوج عن ابن وبنتين،

549
الفريضة الاولى اثنا عشر) ليكون لسدسه نصف والفريضة الثانية أربعة. (وبين
الفريضة الثانية ونصف الاولى) الذي هو (سهم الزوج موافقة بالنصف
فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية وهو اثنان لا من النصيب في اثني
عشر تصير أربعة وعشرين) ومنها تصح الفريضتان.
(وإن لم يكن بين نصيب الثاني من الفريضة الاولى والفريضة الثانية
وفق بل مباينة فاضرب الفريضة الثانية في الاولى، فالمرتفع المطلوب).
(وكل من كان له من الفريضة الاولى قسط أخذه مضروبا في
الفريضة الثانية: كزوج وأخوين من الام وأخ من الأب، مات الزوج عن
ابنين وبنت، فريضة الاولى من ستة، للزوج ثلاثة لا ينقسم على خمسة)
هي سهام الأولاد (ولا وفق، فاضرب الخمسة في الستة تبلغ ثلاثين، ومنها
تصح الفريضتان) فللزوج خمسة عشر بين أولاده أخماسا، ولكلالة الام عشرة
لكل منهما خمسة، ولكلالة الأب خمسة. وإن دخل نصيب الثاني في الفريضة
الثانية ضربت وفقها بالمعنى الآخر في الاولى، كما إذا مات الزوج في المثال عن
أب وابن، فإن الفريضة الثانية ستة فاضرب وفقها أي ثلثها في الأول يبلغ اثنى
عشر ومنها تصحان. ويمكن تعميم عبارة المصنف له كما عرفت.
(ولو كانت المناسخات أكثر من فريضتين، إما بأن يموت وارث آخر
في طبقة) الوارث (الأول) أي من ورثة الميت الأول، كما إذا مات في المثال
الأخير أحد الإخوة (أو) أحد (من وراث ورثة) الميت (الأول) كما إذا
مات في المثال أحد الابنين عن وارث أو ورثة (فإن انقسم نصيب الثالث على
ورثته على صحة) فلا بحث (وإلا عملت ما تقدم) بأن تضرب الفريضة
الثالثة أو وفقها في الثانية. (وكذا لو مات رابع فما زاد) ففي المثال، لو مات
الأخ من الأب عن الأخوين من الام فالفريضة الثالثة اثنان والنصيب خمسة

550
فاضرب اثنين في الثلاثين. ولو مات ابن الزوج عن ابن وزوجة فالفريضة الثالثة
ثمانية والنصيب ستة فاضرب الثلاثين في أربعة، وهكذا. وهنا طريق آخر إذا
تكثرت المناسخات: أن تصحح كل مسألة برأسها، فكل ميت تصح قسمة نصيبه
على مسألته طرحت مسألته واعتبرت البواقي، فمن كان بين نصيبه ومسألته توافق
ردت مسألته إلى وفقها، وإلا حفظت المسألة بتمامها، ثم تنسب المحفوظات
بعضها من بعض، فتكتفي من المتداخلين بالأكثر، وتضرب المتباينات بعضها في
بعض والوفق من المتوافقات، ثم تضرب الحاصل في المسألة الاولى، مثاله: خلف
زوجة وثلاثة إخوة من جهة ثم مات أحدهم عن ابنين والثاني عن ابنين وبنت
والثالث عن ابن وبنت، الاولى من أربعة والثانية من اثنين والثالثة من خمسة
والرابعة من ثلاثة، والمسائل تباين الأنصباء، وما عدا الاولى تتباين تضربها
بعضها في بعض يبلغ ثلاثين، تضربها في الاولى يبلغ مائة وعشرين، ومنها تصح
وعليه القياس.
(ولنورد هنا مثالين ذكرهما بعض علمائنا:
الأول): ما ذكره المحقق الطوسي (رحمه الله) وهو مثال يشتمل على أكثر الأبواب
المتقدمة مع الوصية والإقرار (رجل خلف أبوين وثلاث زوجات وابنين
وبنتا وخنثى مشكلا أمره، وإحدى زوجاته هي ام البنت وابن واحد من
ابنيه، وأوصى لأجنبي بمثل ما لأبيه إلا نصف ما يبقى من الثلث بعد
إخراج نصيبه من الثلث، ولآخر بمثل ما لامه إلا ثلث ما يبقى، ولآخر
بمثل ما لابن واحد إلا سدس ما يبقى، ثم وقع الهدم على الابن الذي له ام،
وعلى امه التي هي احدى الزوجات المذكورة وعلى بنت للابن، وخلفوا
المذكورين) أولادهم ورثة الرجل. (ومات الابن الآخر وخلف ثلاثة بنين،
وقد أقر أحدهم بزوجة له وابنة منها، وماتت الزوجة الثانية أيضا وخلفت

551
ابن ابن أخيها لأبيها الذي هو ابن ابن اختها لامها، والذي هو ابن بنت
اختها لأبيها، و) هو (الذي هو ابن بنت أخيها لامها) بأن تزوج أخوها
لأبيها بأختها لامها فأولدها ابنا وتزوج أخوها لامها بأختها لأبيها فأولدها بنتا ثم
تزوج ذلك الابن بهذه البنت فأولدها ابنا (وابن بنت اخت اخرى لأبيها أيضا،
وماتت الزوجة الثالثة أيضا وخلفت زوجا وعما وعمة، وأقر الزوج أنها
أوصت لأجنبي بثلث مالها، ثم مات وخلف بنتين، ولم يخلف غير
المتوفى الأول تركة).
(فأصل الفريضة مائة وثمانون) فإن مسألة الورثة أربعة وعشرون،
مضروب مخرج الثمن في نصف مخرج السدس، للأبوين ثمانية لكل منهما أربعة،
وللزوجات الثمن ثلاثة لكل من الابنين أربعة، وللبنت اثنان، وللخنثى ثلاثة، ثم
كل ثلث بمقتضى الوصية يشتمل على نصيب ابن وستة أسهم، فالمال ثلاثة أنصباء،
وثمانية عشر سهما يعدل تسعة أنصباء إلا ستة أسهم، لأن للأبوين والابنين أربعة
أنصباء، وللبنت نصف نصيب، وللخنثى ثلاثة أرباعه، وللزوجات أيضا ثلاثة
أرباعه، وللموصى لهم ثلاثة أنصباء إلا ستة أسهم مجتمعة من نصف وثلث وسدس،
فثمانية عشر سهما تعدل ستة أنصباء إلا ستة أسهم، فأربعة وعشرون سهما تعدل
ستة أنصباء، فكل نصيب أربعة، وكل ثلاث عشرة، لأنه نصيب وستة أسهم، فالمال
ثلاثون، لكل من الأبوين والابنين أربعة، وللبنت اثنان، وللخنثى ثلاثة،
وللزوجات ثلاثة، وللموصى له الأول واحد، فإن الباقي من العشرة التي هي الثلث
بعد إخراج نصيب الابن الذي هو أربعة ستة، وله مثل نصيب الأب إلا نصف الباقي،
فله أربعة إلا ثلاثة، وللموصى له الثاني اثنان، فإن له أربعة إلا ثلث الباقي وهو
اثنان، وللثالث ثلاثة، فإن له أربعة إلا واحدا هو سدس الباقي، ثم نضرب ستة في
ثلاثين، لأن نصيب الزوجة الثالثة يقسم ستة أقسام، لأنها خلفت زوجا وعما

552
وعمة، ونصيب الثانية أيضا يقسم ستة، فإنها خلفت ذا قرابات أربع هو بمنزلة أخ
وأخت لأب وأخ وأخت لام، وذا قرابة واحدة هو بمنزلة اخت لام، فثلث نصيبها
لكلالة الام، وثلثاه لكلالة الأب أرباعا، فلذي القرابات خمسة أسداس، وللآخر
سدس، فلكل من الورثة والموصى له قسطه مضروبا في ستة. فيكون (للأب
أربعة وعشرون، وللأم أربعة وعشرون، وللزوجات ثمانية عشر) لكل
منهن ستة (ولكل ابن أربعة وعشرون، وللبنت اثنا عشر، وللخنثى ثمانية
عشر، وللموصى له الأول ستة، والثاني اثنا عشر، والثالث ثمانية عشر).
(ثم يقسم الأربعة والعشرين التي هي للابن المهدوم عليه على ورثته)
وهم ام وبنت (فنصيب امه ستة) أربعا فرضا واثنان ردا (وينتقل إلى بنتها،
والباقي لبنته) فرضا وردا (وينتقل إلى جدي أبيها، للذكر ضعف الأنثى).
(ثم يقسم الستة التي هي للزوجة المهدوم عليها على ورثتها) أي
ولديها (فيصيب بنتها اثنان، وابنها المهدوم) عليه (معها أربعة وينتقل) منه
إلى ورثته فينتقل (منها اثنان إلى جده وواحد إلى جدته وواحد إلى اخته،
فبلغ نصيب الجد ثمانية وثلاثين) له أربعة وعشرون أصالة وانتقل اثنا عشر
من الابن المهدوم عليه بتوسط بنته واثنان من الزوجة بتوسط ابنها (ونصيب
الجدة أحدا وثلاثين) أربعة وعشرون أصالة والباقي بالانتقال (ونصيب
البنت أحدا وعشرين) اثنا عشر أصالة وستة بالانتقال من أخيها إلى امها ثم
إليها واثنان من امها وواحد من امها إلى أخيها ثم إليها.
(وأما الأربعة والعشرون التي هي حصة الابن الآخر فيقسمها على
ورثته) أي بنيه (والمقر لهما) وهما زوجة وابنة منها (فيكون لكل ابن
ثمانية، وللابن المقر ستة، وللزوجة المقر بها واحد ولبنتها واحد).
(وأما الستة التي هي حصة الزوجة الثانية، فلذي القرابات الأربع

553
خمسة منها، ولذي القرابة الواحدة واحد) لما عرفت (وأما الستة التي هي
حصة الزوجة الثالثة، فلزوجها ثلاثة، منها واحد للموصى له المقر به،
وواحد لكل بنت من بنتيه، ولعمها اثنان، ولعمتها واحد).
(الثاني): مثال يشتمل على مناسخات ووصايا فيها استثناءات (ماتت
امرأة عن زوج وثلاثة بنين، وأوصت لأجنبي بمثل ما للزوج إلا سدس
المال، ثم مات الزوج عن أخ لام وأخوين وأخت لأب، وأوصى
لأجنبي بمثل ما للأخ من الام إلا ثمن المال، ثم مات الأخ للأم عن زوجة
وسبع بنات، وأوصى لأجنبي بمثل ما لإحدى البنات إلا نصف سبع المال).
(أصل الفريضة أربعة: للزوج سهم، ولكل ابن سهم، وتضيف إليها
للأجنبي سهما تصير خمسة) وإذا وقع استثناء سدس المال (نضربها في
مخرج السدس تصير ثلاثين، نعطي الزوج السدس المستثنى خمسة
أسهم، ولكل ابن خمسة، يبقى عشرة يقسم على خمسة للموصى له
سهمان، ولكل وارث سهمان، فلكل ابن سبعة، وكذا الزوج) والكل ظاهر مما
تقدم في وصايا.
(وسهام ورثة الزوج ستة) إذ (لأخيه من الام سهم، ولكل أخ من
الأب سهمان، وللأخت) منه (سهم، وتضيف إليها سهما للموصى له يصير
سبعة، تضربها في مخرج الثمن) لاستثنائه (يصير ستة وخمسين سهما،
وسهام مورثهم) وهو الميت (الثاني) أي الزوج أيضا كانت (سبعة من
ثلاثين) والآن لابد أن (تضربها في ثمانية يصير ستة وخمسين) فإذا
أردت تصحيح الفريضتين (فاضرب أصل سهام الورثة الأولة وهي ثلاثون
في ثمانية أسهم) لتوافق النصيب والفريضة بالسبع بالمعنى الأعم فنضرب
الفريضة الاولى في وفق الثانية (يكون مائتين وأربعين) فلكل منهم قسط

554
مضروبا في ثمانية، فيكون (لكل ابن ستة وخمسون، وللموصى له ستة
عشر، وللزوج الموروث الثاني ستة وخمسون، لأخيه لامه الثمن المستثنى
سبعة أسهم، ولكل أخ من الأب أربعة عشر، وللأخت) للأب (سبعة،
يبقى أربعة عشر، تقسم على سبعة، الموصى له) واحد (والورثة)
بمنزلة ستة اثنان سهم الأخ للأم والأخت للأب والأخوان للأب بمنزلة أربعة
(لكل منهم سهمان).
(فلكل أخ من الأب) أربعة فله (من الأصل والمستثنى ثمانية عشر،
وللأخت تسعة، وللأخ من الام تسعة، وللموصى له سهمان).
(ثم سهام ورثة هذا الأخ من الام ثمانية: للزوجة سهم، ولكل بنت
سهم، وتضيف إليها للأجنبي سهما تصير تسعة، تضربها في مخرج نصف
السبع) لاستثنائه وهو (أربعة عشر، تكون مائة وستة وعشرين سهما).
(وسهام هذا الموروث) كانت أيضا (تسعة من مائتين وأربعين
سهما) ولابد أن (تضرب التسعة في أربعة عشر تبلغ مائة وستة وعشرين
سهما) فإذا أردت تصحيح الفرائض الثلاث (فاضرب أصل سهام الورثة
الأولة وهي مائتان وأربعون في أربعة عشر) التي هي تسع الفريضة الثانية،
للتوافق بينها وبين نصيب الثالث من الثانية بالتسع (يكون ثلاثة آلاف
وثلاثمائة وستين) لكل من الورثة في الطبقة الاولى قسطه مضروبا في مائة
واثني عشر، فيكون (لكل ابن في الطبقة الاولى من هذه الجملة سبعمائة
وأربعة وثمانون سهما، وللموصى له معهم مائتان وأربعة وعشرون،
وللزوج سبعمائة وأربعة وثمانون).
(ثم) في الطبقة الثانية لكل من الورثة قسطه مضروبا في أربعة عشر، فيكون
(لكل واحد من الأخوين للأب مائتان واثنان وخمسون، وللأخت مائة

555
وستة وعشرون وللموصى له معهم ثمانية وعشرون وللأخ من الام مائة
وستة وعشرون).
(ثم) في الطبقة الثالثة (لكل واحدة من بنات هذا الأخ. وهو
الموروث الثالث وزوجته نصف سبع) مائة وستة وعشرين وهو
(المستثنى) وهو (تسعة أسهم، يبقى أربعة وخمسون، يقسم على تسعة
للورثة والموصى له، فلكل بنت وللزوجة ستة، وللموصى له معهم) أي مع
إرثهن (ستة، فله مثل) نصيب (إحداهن) وهو خمسة عشر (إلا نصف سبع
المال، ونصف سبع المال تسعة أسهم).
(الفصل الثامن في معرفة سهام الورثة من التركة)
بعد تصحيح المسألة بما تقدم (وفيه طرق:
الأول: انسب سهام كل وارث من الفريضة) التي صححتها بما تقدم
(وخذ له من التركة بتلك النسبة، فما كان فهو نصيبه) وهو أسهل الطرق لو
أظهرت النسبة (كزوج وأبوين) صححنا (الفريضة) أولا من (ستة) بضرب
مخرج النصف في مخرج الثلث (للزوج ثلاثة وهي نصف الفريضة فيأخذ
من التركة نصفها) بالقدر أو العدد أو غيرهما أيا ما كانت التركة وبأي مقدار أو
عدد كانت (وللأم سهمان هي الثلث) من الفريضة (فلها ثلث التركة،
وللأب سهم هو سدس فله سدس التركة) وإنما تسهل النسبة بإرجاع التركة
إلى الأعداد إن خالفتها كالعقار والرقيق قيمة أو منفعة، وربما افتقر إلى ضرب
التركة في الفريضة كأن تكون التركة في المثال خمسة فنضربها في الستة وهو في
الحقيقة تجزئة لكل من الخمسة ستة أجزاء.
(الثاني) - ويحتاج إليه حيث تعسر معرفة نسبة السهام من التركة -: (أن

556
تقسم التركة على الفريضة، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كل واحد،
فما بلغ فهو نصيبه، كما لو كانت التركة أربعة وعشرين) دينارا (والفريضة
ستة كما تقدم) من المثال (فإذا قسمت التركة على ستة خرج أربعة لكل
سهم، تضرب الخارج وهو أربعة في سهام كل وارث، فما بلغ فهو نصيبه)
من التركة (فإذا ضربت أربعة في ثلاثة نصيب الزوج) من الفريضة (يبلغ
اثني عشر دينارا فهي نصيبه) من التركة (وتضرب أربعة في واحد نصيب
الأب) من الفريضة (يكون أربعة) فهي نصيبه من التركة (وفي اثنين نصيب
الام تكون ثمانية) فهي نصيبها هذا إذا زادت التركة على الفريضة وإن نقصت
نسبتها إليها وضربت النسبة في سهام أي اخذت منها بتلك النسبة فأعطيت أربابها،
فإن كانت التركة في المثال ثلاثة نسبتها إلى الستة كانت نصفها، فللزوج نصف
ثلاثة، وللأب نصف واحد وللأم نصف اثنين. ويجوز إن توافقت التركة والفريضة
كما إذا كانت التركة في المثال ثمانية أن تضرب السهام في وفق التركة وتقسم
الحاصل على وفق الفريضة، فنضرب في المثال ثلاثة، سهم الزوج في أربعة وفق
الثمانية يبلغ اثني عشر تقسمها على ثلاثة تخرج أربعة فهي نصيبه من التركة،
وتضرب فيها اثنين يكون ثمانية تقسمها على ثلاثة يخرج اثنان وثلثان فهي
نصيب الام، وتضرب فيها واحدا وتقسم الأربعة على ثلاثة تخرج واحد وثلث
فهما نصيب الأب، وإن شئت قسمت وفق التركة على وفق الفريضة وضربت
الخارج في السهام، ففي المثال قسمنا الأربعة على الثلاثة وضربنا واحدا وثلثا في
ثلاثة حصل أربعة وفي اثنين حصل اثنان وثلثان وفي واحد حصل واحد وثلث،
وإن كان وفق التركة أنقص نسبته إلى وفق الفريضة وأخذت بتلك النسبة من
السهام، فإن كانت التركة في المثال أربعة كان لكل منهم ثلثا نصيبه.
(الثالث: التركة إن كانت صحاحا فاضرب ما حصل لكل وارث من
الفريضة في التركة، فما حصل فاقسمه على العدد الذي صحت منه

557
الفريضة، فما خرج فهو نصيب الوارث، كزوجة وأبوين، والتركة عشرون)
دينارا (والفريضة اثنا عشر: للزوجة ثلاثة تضربها في عشرين تبلغ ستين،
تقسمها على اثني عشر تخرج خمسة، فللزوجة خمسة دنانير، وللأم
أربعة تضربها في عشرين تبلغ ثمانين، تقسمها على اثني عشر تخرج ستة
وثلثان، فيكون للأم ستة دنانير وثلثا دينار، وللأب خمسة تضربها في
عشرين تصير مائة تقسم على اثني عشر يخرج ثمانية وثلث، فيكون
للأب ثمانية دنانير وثلث دينار) هذا إن زاد مضروب السهم في التركة على
الفريضة، وإن نقصت نسبته إليها وأخذت بتلك النسبة، وإن ماثل الفريضة فالسهم
واحد من التركة، فإن كانت التركة في المثال ثلاثة ضربنا فيها ثلاثة ونسبنا التسعة
إلى اثني عشر للزوجة ثلاثة أرباع دينار، ثم ضربنا فيها أربعة حصل اثنا عشر
فللام دينار، ثم خمسة حصل خمسة عشر فللأب دينار وربع.
(وإن كان في التركة كسر فابسط التركة من جنسه، بأن تضرب
مخرج الكسر في) صحاح (التركة، ثم تضيف الكسر إلى المرتفع) وإن
تعدد الكسر ضربت فيها المخرج المشترك وأضفت الكسرين أو الكسور إلى
المرتفع فهو حاصل البسط (وتعمل) بعده (ما عملت في الصحاح) من
الضرب والقسمة (فما اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج) فالخارج
هو المطلوب.
(فلو كانت التركة) في المثال (عشرين دينارا ونصفا، فابسطها
أنصافا يكون أحدا وأربعين، واعمل كما عملت في الصحاح) بضرب سهم
كل من الفريضة فيها وقسمة المضروب على الفريضة (فما خرج لكل وارث
من العدد المبسوط فاقسمه على اثنين) مخرج النصف (فما خرج نصيبا
للواحد فهو نصيب الواحد من الجنس الذي تريده) ففي المثال ضربنا ثلاثة
نصيب الزوجة في أحد وأربعين بلغت مائة وثلاثة وعشرين، قسمناها على اثني

558
عشر خرج عشرة وربع، قسمناها على اثنين خرج خمسة وثمن، فلها خمسة
دنانير وثمن، وضربنا فيها أربعة تبلغ مائة وأربعة وستين، قسمناها على اثني عشر
خرجت ثلاثة عشر وثلثان، قسمناها على اثنين خرجت ستة وثلثان ونصف ثلث
فللام من الدنانير كذا، وضربنا فيها خمسة يبلغ خمسة ومائتين، نقسهما على اثني
عشر خرج سبعة عشر ونصف سدس، نقسمها على اثنين تخرج ثمانية ونصف
وربع سدس، فهو نصيب الأب من الدنانير.
(ولو كان الكسر ثلاثا فاقسم التركة) أي ابسطها (أثلاثا) واعمل ما
تقدم (وهكذا إلى) العشر فيقسم على (العشرة) وإن كان الكسر ربعا وسدسا
- مثلا - فاقسم صحاحها أنصاف أسداس تضرب اثني عشر فيها وأضف إليها
خمسة وتمم العمل، وكذا إن كان ثلثا وربعا، وهكذا.
(ولو كانت المسألة عددا أصم) ليس له من الكسور التسعة شيء كأربعة
بنين وثلاث بنات فالفريضة أحد عشر (فاقسم التركة عليه) إن زادت عليها
من غير بسط إن لم يبق شيء أو بقي دينار - مثلا - كما إذا كانت في المثال اثني
عشر، فلكل من البنين ديناران وجزءان من أحد عشر جزء، ولكل من البنات
دينار وجزء من أحد عشر جزء (فإن بقي ما لا يبلغ دينار فابسطه) أي
الكسر الذي لا يبلغه (قراريط) فإن الدينار عشرون قيراطا (واقسمه) بعد
البسط على الفريضة (وإن بقي ما لا يبلغ قيراطا فابسطه حبات) فإن
القيراط ثلاث حبات (واقسمه) كذلك (وإن بقي ما لا يبلغ حبة فابسطه
أرزات) فإن الحبة أربع أرزات والأرزة حبتان من الخردل البري (واقسمه،
وإن بقي ما لا يبلغ أرزة فانسبه بالأجزاء إليها) أي الأرزة إذ لا اسم لما بعدها
في المشهور، فإن كانت التركة في المثال أحد عشر دينارا وثلاثة أرباع دينار
فابسط الكسر قراريط يبلغ خمسة عشر، نقسمها على أحد عشر تبقى أربعة
تبسطها حبات يبلغ اثني عشر، نقسمها على أحد عشر تبقى حبة إذا قسمتها على

559
أحد عشر خرج أربعة أجزاء من أحد عشر جزء من أرزة، فلكل من البنين
ديناران وقيراطان وحبتان وثمانية أجزاء من أحد عشر جزء من أرزة، ولكل من
البنات دينار وقيراط وحبة وأربعة أجزاء من أحد عشر جزءا من أرزة، وربما بقي
في القسمة دنانير أو قراريط أو حبات وكان البسط أعون على الضبط كما سمعته
في المثال في القراريط والحبات، وفي الدنانير كما إذا كانت التركة في المثال
عشرين قسمناها على أحد عشر بقي تسعة بسطناها قراريط بلغت مائة وثمانين
نقسمها عليها تخرج ستة عشر وتبقى أربعة نبسطها حبات تبقى حبة، فقد يكون إذا
قلنا: إن كل سهم دينار وستة عشر قيراطا وحبة وأربعة أجزاء من أحد عشر جزء
من أرزة كان أضبط من أن يقال: دينار وتسعة أجزاء من أحد عشر جزء من
دينار، وربما احتيج إلى القراريط وما بعدها، وإن كان العدد منطقا (وعليك
بالتحفظ من الخطأ، واجمع) إذا أردت امتحان العمل (ما يحصل لكل وارث)
بعد العمل (فإن ساوى المجموع التركة فالقسمة صواب، وإلا فهي خطأ).
(تذنيب: لو عين الورثة نصيب بعضهم في عين اقتسم الباقون الباقي
على نسبة سهامهم الباقية) بأن ينسب نصيب كل من التركة إلى الباقي فيأخذ
منه بتلك النسبة (فيأخذ الأب) إذا كان (مع الابن تسعي الباقي بعد التعيين
للزوج) فإن نصيبه من الكل سهمان وهما بالنسبة إلى الكل سدس وإلى الباقي
تسعان، ويأخذ الابن سبعة أتساع.
فهذه سهام فرائض القواعد من التحقيق وفيناها، وفرائض مسائلها من الشرح
والكشف قضيناها ونجزت عشري تاسع ألف وثمان وتسعين.
والحمد لله ما أج اجاج وما معن معين
وكتب مؤلفه محمد بن الحسن، جعلهما الله من ورثة جنة النعيم
ووقاهما وهج الجحيم
* * *

560
/ 1