بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: كشف اللثام (ط.ج) المؤلف: الفاضل الهندي الجزء: 11 الوفاة: 1137 المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1424 المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة ردمك: 964-470-144-5 ملاحظات: 861 كشف اللثام عن قواعد الأحكام تأليف الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الإصفهاني المعروف ب (الفاضل الهندي) 1062 - 1137 ه الجزء الحادي عشر تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1 شابك 5 - 144 - 470 - 964 - - - - - - - - - - - - - - ISBN 964 - 470 - 144 - 5 كشف اللثام عن قواعد الأحكام (ج 11) تأليف تأليف: محمد بن الحسن الإصفهاني «الفاضل الهندي» قدس سره الموضوع: الفقه تحقيق وطبع: مؤسسة النشر الإسلامي عدد الصفحات: 548 الطبعة: الأولى المطبوع: 1500 نسخة التاريخ: 1424 ه. ق مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2 كتاب الجنايات
3 بسم الله الرحمن الرحيم (كتاب الجنايات) (القتل) للمؤمن ظلما (من أعظم الكبائر) قال تعالى: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا أليما " (1) وعن الصادق (عليه السلام): أنه وجد في ذؤابة سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) صحيفة فإذا فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، إن أعتى الناس على الله يوم القيامة من قتل غير قاتله، وضرب غير ضاربه (2). وعنه (صلى الله عليه وآله) في رجل قتل رجلا مؤمنا، قال: يقال له: مت أي ميتة شئت: إن شئت يهوديا، وإن شئت نصرانيا، وإن شئت مجوسيا (3). وعنه (عليه السلام): لا يدخل الجنة سافك الدم، ولا شارب الخمر ولا مشاء بنميم (4). وعن النبي (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق، لو أن أهل السماء والأرض شركوا في دم امرئ
(1) النساء: 93. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 16 ب 8 من أبواب القصاص في النفس ح 4. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 10 ب 3 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 5 ب 1 من أبواب القصاص في النفس ح 9. 5 مسلم ورضوا به لأكبهم الله على مناخرهم في النار، أو قال: على وجوههم (1). وسئل أبو جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا " فقال يوضع في موضع من جهنم إليه ينتهي شدة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا كان إنما يدخل ذلك المكان، قيل (2): فإنه قتل آخر؟ قال يضاعف عليه (3). (ويتعلق به القصاص أو الدية والكفارة). (فهنا قطبان) في القصاص والدية ما تعلق منهما بالنفس وبالأطراف. (وخاتمة) في الكفارة.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 8 - 9 ب 2 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (2) في الوسائل: قلت. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 3 ب 1 من أبواب القصاص في النفس ح 2. 6 [القطب] (الأول) (في القصاص) (وفيه بابان):
7 (الأول) (في قصاص النفس) (وفيه مقاصد) ثلاثة: (الأول) (في القاتل) أي فعله الموجب للقصاص. (وفيه فصول) ثلاثة: (الأول في) حقيقة (الموجب) للقصاص (وهو إتلاف النفس المعصومة) شرعا (المكافئة) للقاتل في الأوصاف الآتية أو العليا في بعضها (عمدا ظلما) وكان يغني عنه " المعصومة " فإن من يقتل عمدا غير مظلوم، غير معصوم، وقد يعتذر بأنه لإخراج قتل الصبي والمجنون اللذين يصح منهما القصد، ويحمل العصمة على الذاتية والذي يظهر مما سيذكره: أن الظلم أن لا يستحق القتل بالنسبة إلى القاتل خاصة، وبالعصمة أن لا يستحقه مطلقا (مباشرة أو تسبيبا منفردا أو بالشركة). (فلو قتل غير معصوم الدم - كالحربي والزاني المحصن والمرتد وكل من أباح الشرع قتله - فلا قصاص) وإن أثم في بعض الصور. (وكذا لو قتل غير المكافئ) له (كالمسلم يقتل الذمي والحر العبد) والأب الابن. ويثبت
8 القصاص في العكس ولذا زدنا " العليا ". (ولو قتل معصوما مكافئا خطأ أو شبيه عمد فلا قصاص). (ولو قتله عمدا غير ظلم) كالمدفوع عن نفسه أو ماله أو حريمه و (كالمقتول قصاصا فلا قصاص). (وأقسام القتل ثلاثة عمد محض، وخطأ محض، وعمد شبيه الخطأ) خلافا لمالك (1) فحصره في العمد المحض والخطأ المحض، وجعل عمد الخطأ من العمد وأوجب فيه القود. (فالعمد) المحض (هو مناط القصاص وهو أن يكون الجاني عامدا في قصده وفعله) جميعا (ويتحقق بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالبا) قطعا (أو نادرا) على الأقوى وفاقا لابن حمزة (2) والمحقق (3) لأنه قتل متعمدا في القصد والفعل. ولنحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر الحلبي: إن العمد كل من اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة، فهذا كله عمد، والخطأ من اعتمد شيئا فأصاب غيره (4). وفي خبر أبي بصير: لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات كان عمدا (5). وفي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: أن من عندنا ليقيدون بالوكزة، وإنما الخطأ أن يريد الشئ فيصيب غيره (6). وخبر أبي العباس، سأله (عليه السلام) عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة، أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله؟ قال نعم (7). وقول أحدهما (عليهما السلام) في مرسل جميل: قتل العمد كل ما عمد به الضرب ففيه القود، وإنما الخطأ أن يريد الشئ
(1) بداية المجتهد: ج 2 ص 429، المدونة الكبرى: ج 6 ص 306. (2) الوسيلة: ص 429. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 195. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 24 - 25 ب 11 من أبواب القصاص في النفس ح 3. (5) المصدر السابق: ص 26 ح 8. (6) المصدر السابق: ص 23 - 24 ح 1. (7) المصدر السابق: ص 26 ح 9. 9 فيصيب غيره (1). وظاهر الأكثر أنه ليس بعمد، إذ لما لم يكن الآلة مما يقتل عادة فمجامعة القصد معها كالقصد بلا ضرب. وللاحتياط (2). ولنحو خبر أبي العباس، سأل الصادق (عليه السلام) رمى الرجل بالشئ الذي لا يقتل مثله، قال: هذا خطأ، قال: والعمد، الذي يضرب بالشئ الذي يقتل بمثله (3). وقوله (عليه السلام) في مرسل يونس: إن ضرب رجل رجلا بالعصا أو بالحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلم فهو شبيه العمد والدية على القاتل، وإن علاه وألح عليه بالعصا أو بالحجارة حتى يقتله فهو عمد يقتل به، وإن ضربه ضربة واحدة فتكلم ثم مكث يوما أو أكثر من يوم ثم مات فهو شبه العمد (4) ويمكن حملهما على من لم يقصد القتل. (أو) قصده (إلى الفعل الذي يحصل به القتل غالبا) مع علمه بذلك وإن لم يقصد القتل فإن قصد السبب مع العلم بالسببية قصد المسبب، بل يكفي قصد ما سببيته معلومة عادة وإن ادعى القاتل الجهل فإنه لو سمعت دعواه بطلت أكثر الدماء. (أما لو قصد إلى الفعل الذي يحصل به الموت وليس قاتلا في الغالب ولا قصد به القتل كما لو ضربه بحصاة أو عود خفيف فاتفق القتل فالأقرب أنه ليس بعمد وإن أوجب الدية) في ماله لكونه شبيه العمد، لأنه لم يقصد القتل ولا ما يتسبب له عادة فيحتمل اتفاق الموت معه من دون تسببه عنه، ولخبري أبي العباس ويونس المتقدمين، وقول الصادق (عليه السلام) في خبر زرارة وأبي العباس: إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله فقتله بما لا يقتل مثله (5). وللاحتياط.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 25 - 26 ب 11 من أبواب القصاص في النفس ح 6. (2) عطف على قوله: ولنحو قول الصادق (عليه السلام). (3) نفس المصدر: ص 25 - 26 ح 7. (4) المصدر السابق: ص 25 ح 5. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 27 ب 11 من أبواب القصاص في النفس ح 13. 10 ويحتمل على ضعف كونه عمدا، لأنه قصد فعلا تسبب للقتل وإن لم يقصد القتل ولا كان ما قصده مما يقتل غالبا وعليه منع التسبب، ولما تقدم من أخبار الحلبي وأبي بصير وجميل (1) وهو خيرة المبسوط في الأشياء المحددة. قال: إذا جرحه بما له حد يجرح ويفسح ويبضع اللحم كالسيف والسكين والخنجر وما في معناه مما يحدد فيجرح كالرصاص والنحاس والذهب والفضة والخشب والليطة والزجاج، فكل هذا فيه القود إذا مات منه، صغيرا كان الجرح أو كبيرا صغيرة كانت الآلة أو كبيرة لقوله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " وهذا قد قتل مظلوما. وأما إن جرحه بما يثقب البدن ولا يجرح كالمسلة والمخيط وهو شئ عريض رأسه حاد ولا يحدد غير رأسه، فمات فعليه القود للآية. وأما إن كان صغيرا كالإبرة ونحوها فغرزه فيه فمات، فإن كان غرزه في مقتل كالعين وأصول الأذنين والخاصرة والخصيتين فعليه القود لأنه مقتل، وإن كان في غير مقتل كالرأس والفخذ والصلب والعضد، فإن كان لم يزل زمنا حتى مات فعليه القود للآية ولأن الظاهر أنه منه، وأما إن مات من ساعته، قال قوم: عليه القود، لأن له سراية في البدن كالمسلة، وقال آخرون: لا قود في هذا، لأن هذا لا يقتل غالبا كالعصا الصغير. والأول أقوى، للآية. إذا ضربه بمثقل يقصد به القتل غالبا كاللت والدبوس والخشبة الثقيلة والحجر فقتله فعليه القود، وكذلك إذا قتله بكل ما يقصد به القتل غالبا، مثل أن حرقه أو غرقه أو غمه حتى تلف أو هدم عليه بناء أو طينه عليه بغير طعام حتى مات أو والى عليه بالخنق، ففي كل هذا القود. فأما إن قتله بعصا خفيفة صقيلة نظرت، فإن كان نضو الخلقة ضعيف القوة والبطش
(1) تقدمت في ص 9. 11 يموت مثله [منه] (1) به فهو عمد محض، وإن كان قوي الخلقة والبطش لم يكن عمدا عند قوم، وكذلك عندنا، وفي جملة ما ذكرناه خلاف ونحن نشرح هذه الجملة. أما المثقل فمعروف فمتى قتله به فعليه القود، وأما الخنق فإن خنقه بيده أو بيديه أو لف على حلقه حبلا أو منديلا ولم يزل يوالي حتى مات فعليه القود، وهكذا إن جعل على نفسه شيئا منع خروج نفسه مثل مخدة أو ثوب أو سده بيده مدة يموت في مثلها فمات فعليه القود، وإن مات في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو عمد الخطأ فيه الدية مغلظة [في ماله لا] (2) على العاقلة. هذا إذا لم يرسله حتى مات، وإن أرسله نظرت، فإن كان منقطع النفس ولم يتردد نفسه فعليه القود لأنه أرسله وهو في حكم المذبوح، وإن تردد نفسه ولم يزل زمنا منه حتى مات فعليه أيضا القود، لأن الظاهر أنه مات من ذلك الخنق، فإن برئ وزال الألم بعد ذلك فلا ضمان عليه، لأنه مات من غير الخنق، مثل الجراحة إذا اندملت ثم مات. فأما إن خنقه بحبل جعل له خراطة فأدخلها في حلقه ثم جعله على كرسي أو شئ عال وشد الحبل من فوقه بشئ ثم رفع ذلك الكرسي من تحته فتعلق بنفسه فعليه القود، وإن مات من ساعته، لأنه لا (3) قتل بخنق الحبل ولا أوحى منه. وإذا ضربه بسوط أو عصا ضعيفة فإن والى عليه العدد الذي يموت منه غالبا فعليه القود، وهذا يختلف باختلاف الانسان، فإن كان نضو الخلقة ضعيف الجسم مات بالعدد القليل، وإن كان قويا عبلا لم يمت إلا بالعدد الكثير فإن كان عددا لا يموت منه غالبا لكنه مات لشدة حر أو برد وكان مثل هذا العدد يقتل في هذا الزمان فعليه القود، وإن كان معتدلا فلا قود، لأن هذا العدد لا يقتل في هذا الزمان غالبا. وجملته أن هذا يختلف باختلاف حال الإنسان في نفسه، وباختلاف الزمان
(1) لم يرد في النسخ. (2) لم يرد في المبسوط. (3) لم يرد في النسخ: لا. 12 فإن كان مثله يموت من هذا العدد في هذا الزمان فعليه القود، وإن كان مثله لا يموت من هذا العدد في هذا الزمان فلا قود لكنه عمد الخطأ ففيه الدية مغلظة في ماله عندنا خاصة. وإذا أخذ حرا فحبسه فمات في حبسه، فإن كان يراعيه بالطعام والشراب فمات في الحبس فلا ضمان بوجه، صغيرا كان أو كبيرا، وقال بعضهم: إن كان كبيرا مثل هذا، وإن كان صغيرا، فإن مات حتف أنفه فلا ضمان، وإن مات بسبب مثل أن لدغته حية أو عقرب أو قتله سبع أو وقع عليه حائط أو سقف فقتله فعليه الضمان، وهذا الذي يقتضيه مذهبنا وأخبارنا. فأما إن منعه الطعام أو الشراب أو إياهما أو طين عليه البيت فمات، فإن مات في مدة يموت فيها غالبا فعليه القود، وإن كان لا يموت فيها غالبا فلا قود وفيه الدية، وهذا يختلف باختلاف حال الإنسان والزمان، فإن كان جائعا أو عطشانا والزمان شديد الحر، مات في الزمان القليل وإن كان شبعان وريان والزمان معتدل أو بارد ولم يمت إلا في الزمان الطويل، فيعتبر هذا فيه، فإن كان في مدة يموت مثله فيها فعليه القود (1) انتهى بألفاظه. ولم يوجب القود فيما لا يقتل غالبا إلا في المحدد، ولا دليل على الفرق إلا أن في خبر عبد الله بن زرارة عن الصادق (عليه السلام): إذا ضربت الرجل بحديدة فذلك العمد (2). ثم يحتمل أن يكون إنما رأى القود إذا قصد به القتل فتكون المسألة المتقدمة، وقطع بأنه إذا جرحه بذلك فلم يزل المجروح زمنا كان عليه القود، وكذا المصنف هنا وفي غيره، والمحقق (3) ظاهرا، وسيأتي. (وأما شبيه العمد فهو أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده)
(1) المبسوط: ج 7 ص 16. (2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 105 ح 5195، وفيه: عن الفضل بن عبد الملك. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 196. 13 لأنه لم يقصد القتل ولكن أفضى إليه فعله (مثل أن يضرب للتأديب) أو يمازح به أو يعالجه الطبيب (فيموت، أو يقصد ضربه بما لا يقتل غالبا بقصد العدوان) فيموت. (وأما الخطأ المحض) الذي ورد في الأخبار (1) أنه الخطأ الذي لا شبهة فيه (فأن يكون مخطئا في فعله وقصده) جميعا (وهو أن يفعل فعلا لا يريد به إصابة المقتول) فضلا عن إرادة قتله (فيصيبه مثل أن يقصد صيدا أو هدفا أو عدوا أو غيره فيصيبه فيقتله) سواء كان بآلة قتالة غالبا أو لا (أو أن لا يقصد الفعل أصلا كمن يزلق رجله فيسقط على غيره) فيقتله أو ينقلب في النوم على طفل فيقتله ويدخل في هذا القسم ما يتعمده الأطفال والمجانين. (الفصل الثاني في أقسام العمد) (وهي اثنان) كذلك ينحصر في اثنين: (الأول: المباشرة، وهو نوعان): الأول: أن يضربه بمحدد وهو ما يقطع ويدخل في البدن كالسيف والسكين والسنان وما في معناه مما يحدد فيجرح) ويقطع (من الحديد والرصاص والنحاس والذهب والفضة والزجاج والحجر والقصب والخشب. فهذا كله إذا جرح به جرحا كبيرا) يقتل مثله غالبا (فهو قتل عمد) إذا تعمد. (وإن جرحه) بأحد ما ذكر (جرحا صغيرا) لا يقتل مثله غالبا (كشرطة الحجام أو غرزه بإبرة أو شوكة فإن كان في مقتل كالعين والفؤاد والخاصرة والصدغ وأصل الأذن) والأنثيين والمثانة والأجدعين ونقرة النحر (فمات فهو عمد أيضا) فإنه مما يقتل غالبا (وإن كان في غير مقتل فإن كان قد بالغ في إدخالها فهو كالكبير) من الجرح (لأنه قد يشتد ألمه
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 23 ب 11 من أبواب القصاص في النفس. 14 ويفضي إلى القتل) فإذا بالغ مبالغة كذلك فقد فعل ما يقتل غالبا. (وإن كان الغرز يسيرا أو جرحه بالكبير جرحا يسيرا كشرطة الحجام فإن بقي) المجروح (من ذلك ضمنا) أي مريضا زمنا (حتى مات أو حصل بسببه تشنج أو تآكل أو ورم حتى مات فهو عمد) كما في المبسوط (1) لتحقق العلم بحصول القتل بفعله كما إذا سرى الجرح فمات فإنه يوجب القصاص، فالضابط في القصاص العلم العادي بتسبب موت المقتول من فعله المتعمد به. (وإن مات في الحال بغير تجدد شئ من ذلك فالأقرب وجوب الدية في ماله) كما مر النوع. (الثاني: أن يضربه بمثقل يقتل مثله غالبا كاللت) أي الدبوس وهو فارسي (والمطرقة والخشبة) الكبيرة (والحجارة الكبيرة أو يضربه بحجر صغير أو عصا أو يلكزه) أي يضربه بجميع الكف (بها) أي بيده أو كفه وإن لم يجر بها ذكر، أو اللكزة، أو بالحجر والعصا، واللكزة أي يضربه بها (في مقتل أو في حال ضعف المضروب بمرض أو صغر أو في زمن مفرط الحر أو البرد) وبالجملة (بحيث يقتله بتلك الضربة) غالبا بحسب الزمان وحال المضروب ومحل الضرب. (أو يكرر الضرب عليه حتى يقتله بما يقتل) من العدد (غالبا عدده) وهو أيضا يختلف باختلاف الزمان وباختلاف حال المضروب كما سمعته من عبارة المبسوط (2). (وكل ذلك يوجب القود) وإن لم يقصد القتل بذلك أو ادعى الجهل بإفضائه إلى القتل عادة فإنه لو سمع منه ذلك أدى إلى إهدار دماء المسلمين. (أما لو ضربه بشئ صغير جدا كالقلم والإصبع في غير مقتل أو مسه بالكبير من غير ضرب) ولامس عنيف ولم يكن مما يقتل بثقله، وبالجملة فعل
(1) المبسوط: ج 7 ص 16. (2) المبسوط: ج 7 ص 17. 15 ما لا يحتمل استناد القتل إليه عادة ولا نادرا (فلا قود ولا دية) لأنه لم يقتله عمدا ولا خطأ وإنما اتفق موته مع فعل من أفعاله. (وكذا يجب القصاص بالذبح) ونحوه مما لا يدخل في الضرب بمحدد أو مثقل. (والخنق) الذي هو كذلك، وقد أدخله هنا في المباشرة وسيذكره في التسبيب، والصواب دخوله في المباشرة كما في التحرير (1) والشرائع (2) كما سيظهر عند ظهور معنييهما. (القسم الثاني: التسبيب) وجعل منه هنا المشاركة في المباشرة ولا بأس به (و) لذا كان (فيه مطالب) أربعة. (الأول: انفراد الجاني بالتسبيب) (وله) أي للتسبيب المنفرد الموجب للقود (صور) ثمان. (الأول: لو خنقه بيده أو بحبل أو منديل أو بشئ يضعه على فيه أو أنفه أو) بأن (يضع يديه عليهما ولا يرسلهما حتى يموت أو لم يرخ عنه الحبل) أو المنديل (حتى انقطع نفسه أو) لم ينقطع بل كان النفس يتردد حين أرخى أو رفع اليد ولكن (صار ضمنا حتى مات فهو عمد) طالت المدة قدرا يقتل الخنق في مثله غالبا أو لا، قصد القتل أولا، لما عرفت. (ولو حبس نفسه يسيرا فإن كان) المقتول (ضعيفا) يموت بمثله غالبا (كالمريض) والطفل (فكذلك، وإن لم يكن) ضعيفا (وكان) الحبس مما (لا يقتل غالبا ثم أرسله فمات، فالأقرب الدية إن لم يقصد القتل أو اشتبه) لما عرفت ولم يظهر فيه خلاف كما ظهر في المحدد. (والقصاص إن قصده) لما مر. (وكذا لو داس بطنه، أو عصر خصيته) ووالى عليه (حتى مات، أو
(1) التحرير: ج 5 ص 421. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 196. 16 أرسله منقطع القوة أو ضمنا حتى مات) فالقصاص أتى منهما بما يقتل غالبا أو لا، قصد القتل أولا، وإن أتى بما يقتل نادرا ومات عقيبه من غير أن يتعقبه ضمنه، فإن قصد القتل بما يقتل فالقصاص وإلا الدية، وهما يختلفان بالشدة والضعف وطول المدة وقصرها وضعف المقتول وقوته. (الثاني: لو رماه بسهم فقتله قتل) لدخوله في ضابط العمد الموجب للقصاص وهو العلم باستناد الموت إلى فعله عادة (وكذا لو رماه بحجر المنجنيق أو غيره) مما يقتل مثله غالبا (أو ضربه بعصا مكررا ما لا يحتمله مثله بالنسبة إلى زمانه) من حر أو برد (وبدنه) من ضعف أو مرض وقد مر النص عليه في مرسل يونس (1). (أو ضربه دون ذلك فأعقبه مرضا ومات به) وإن لم يرد قتله لما مر. (الثالث: لو حبسه ومنعه الطعام والشراب مدة لا يحتمل مثله) قوة أو ضعفا، وصحة أو مرضا، شبعا أو ريا، أو جوعا أو عطشا (البقاء فيها فمات أو) مدة يحتمل مثله البقاء فيها لكن (أعقبه) ذلك (مرضا) علم أنه مسبب عنه (مات به، أو ضعف قوة) كذلك (حتى تلف بسببه، فهو عمد) وإن لم يرد القتل. (ويختلف ذلك باختلاف الناس في قواهم واختلاف الأحوال) فيهم من الصحة والمرض والجوع والشبع والري والعطش (والأزمان) حرارة وبرودة واعتدالا (فالريان في البرد يصبر ما لا يصبر العطشان في الحر، وبارد المزاج) وقويه وصحيحه (يصبر على الجوع) والعطش (أكثر من حاره) وضعيفه ومريضه. (ولو حبس الجائع) مدة لا يموت الشبعان في مثلها ويموت الجائع (حتى مات جوعا، فإن) كان (علم جوعه لزمه القصاص، كما لو ضرب مريضا ضربا يقتل المريض دون الصحيح، وإن جهله ففي القصاص
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 25 ب 11 من أبواب القصاص في النفس ح 5. 17 إشكال): من تحقق القتل بما يقتل مثله عادة وتعمده، ومن الجهل بأنه ممن يقتله، ويدفعه ضابط الموجب للقصاص. (فإن نفيناه ففي إيجاب كل الدية) بناء على استناد الموت إلى الجوع المضمون المستند إلى الحبس والجوع الغير المضمون المتقدم عليه مع كون الضابط في مثله إسقاط غير المضمون وإلا لم يجز الاقتصاص منه مع العلم إلا بعد رد نصف الدية عليه. (أو نصفها) على ضعف كما في التحرير (1) (إحالة للهلاك على الجوعين إشكال) ويجري الإشكالان في ضرب المريض بما يقتله دون الصحيح مع الجهل بالمرض. (الرابع: أن يسقيه سما قاتلا) عادة (أو يطعمه شيئا قاتلا) بأن يخلط السم بطعام لا يكسر حدته فيطعمه أو شيئا قاتلا لا يسمى سما بأن أكرهه على الشرب أو الأكل أو ناوله وهو جاهل بما فيه، ومنه الطفل والمجنون والمغمى عليه والسكران فهو عمد، بخلاف ما إذا وضع سما أو صنع مسموما فأكله غيره عن جهل أو ناوله غيره وأعلمه بالحال وهو بالغ كامل العقل ولم يكرهه، وللشافعي قول بسقوط القود بدون الإكراه وإن جهل المتناول الحال (2). (ولو كان) السم (مما يقتل كثيره) لا قليله (فأطعمه الكثير فكذلك، وإن أطعمه القليل) الذي لا يقتل مثله غالبا (فاتفق الموت به فهو) كغيره من الأسباب النادرة (عمد إن قصد القتل) به على الخلاف المتقدم (وإلا فلا) على احتمال الخلاف إلا أن يعقب ألما أو مرضا فمات به. (ويختلف) الحال (باختلاف الأمزجة) والأزمنة والأحوال. (الخامس: أن يطرحه في النار أو الماء فيموت فهو عمد إن لم يتمكن من التخلص لكثرة الماء أو النار، أو لضعفه عن التخلص بمرض أو صغر أو رباط) أو عمى، وعلم الرامي بالحال أو قصد القتل به. (أو منعه عن
(1) التحرير: ج 5 ص 423. (2) الأم: ج 6 ص 41 - 42. 18 الخروج) حتى مات (أو كان في وهدة لا يتمكن من الصعود أو ألقاه في بئر ذات نفس) أي بعيدة من قولهم غايط متنفس أي بعيدة وتنفس النهار إذا طال وتنفس به العمر وبلغك الله أنفس الأعمار، أو احتقن فيها الهواء (عالما بذلك) أي بصفة البئر (فمات). (ولو) كان السبب غير مهلك كما لو (ألقاه في ماء يسير يتمكن من الخروج عنه فلم يخرج اختيارا) بل بقي تحته مستلقيا مثلا (حتى مات فلا قود ولا دية، لأن الموت) إنما (حصل بلبثه، وهو مستند إليه لا إلى الجاني) بخلاف ما إذا ألقى العالم بالسباحة في ماء مغرق فترك السباحة حتى مات، فإن السبب فيه وهو الإلقاء في الماء المغرق مهلك والدفع غير موثوق به فربما ذهل أو ضعف عن السباحة إلا أن يعلم أنه تركها تخاذلا بأن قال بعد الإلقاء: إني أقدر على السباحة ولا أسبح حتى أموت. (وإن) كان السبب مهلكا لكن الدفع موثوق به كما لو (تركه في نار يتمكن من التخلص منها لقلتها أو لكونه في طرفها يمكنه الخروج) منها (بأدنى حركة فلم يخرج فلا قصاص) إذ بتمكنه من الخروج خرج الإلقاء عما يؤدي إلى الموت فإنما حصل بلبثه المستند إليه دون الجاني ولا أقل من الشبهة وسنذكر الفرق بينه وبين ما إذا جرح فلم يداو جرحه حتى مات. (وفي الضمان) للدية (إشكال): من الإشكال في استناد الموت إلى إهماله الخروج، أو إلى فعل الجاني الذي هو الإلقاء و (أقربه السقوط إن علم أنه ترك الخروج تخاذلا ولو لم يعلم) ذلك (ضمنه وإن) دلت القرينة على أنه (قدر على الخروج) لأنه غير معلوم (لأن النار قد ترعبه وتدهشه وتشنج أعضاءه بالملاقاة فلا يظفر بوجه المخلص) فيكون الموت مستندا إلى فعل الجاني. وبالجملة فالظاهر استناد الموت إلى فعل الجاني والمسقط الذي هو الإهمال غير معلوم، ثم هذه العبارة تعطي القطع بعدم القصاص مطلقا وهو موافق
19 للخلاف (1) والتردد في سقوط الدية ثم استقرابه إذا علم الإهمال تخاذلا. وعبارة التحرير (2) كالشرائع (3) والإرشاد (4) والتلخيص (5) يعطي القطع بالقصاص إذا لم يعلم الإهمال تخاذلا وبعدمه إذا علم، واستقراب سقوط الدية أيضا إذا علم لقوله: ولو كان السبب مهلكا لكن الدفع سهل وجب القصاص، كما لو ألقى العارف بالسباحة في ماء مغرق فلا يسبح لأنه ربما ذهل عن السباحة، وكذا لو ألقاه في نار فوقف حتى احترق لأن الأعصاب قد تتشنج بملاقاة النار فيتعسر الحركة، ولو عرف أنه ترك الخروج تخاذلا فلا قود لأنه أعان على نفسه، والأقرب عدم الدية أيضا لاستقلاله بإتلاف نفسه. انتهى. ومبنى الوجهين على تعارض ظاهرين وأصلين، فإن الظاهر من حال الإنسان أنه لا يتخاذل عن الخروج حتى يحترق، وظاهر النار المفروضة سهولة الخروج عنها وأنه لا يحترق بها إلا من تعمد اللبث فيها، والأصل براءة الذمة، والأصل عدم الشركة في الجناية والاحتياط يقوي ما في الكتاب. (ولو لم يمكنه الخروج إلا إلى ماء مغرق فخرج) إليه فغرق (ففي الضمان) قصاصا أو دية (إشكال): من استناد موته إلى فعل نفسه الذي هو الوقوع في الماء، ومن إلجائه إليه. (ولو لم يمكنه) التخلص من النار (إلا بقتل نفسه) مباشرة ففعل (فالإشكال) المتقدم (أقوى) لأنه باشر قتل نفسه، والمباشر أقوى من السبب (والأقرب الضمان) في المسألتين قصاصا مع التعمد ودية لا معه (لأنه) بإلقائه في النار مع عدم إمكان التخلص إلا بقتل النفس أو الوقوع في مغرق (صيره في حكم غير مستقر الحياة)،
(1) الخلاف: ج 5 ص 161 المسألة 20. (2) التحرير: ج 5 ص 423. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 196. (4) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 195. (5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 467. 20 (ولو غرقه آخر لقصد التخليص من التلف أو من زيادة الألم فالأقرب الحوالة بالضمان على الأول) لأنه الذي صيره في حكم غير مستقر الحياة والثاني محسن وما على المحسنين من سبيل، ويحتمل الحوالة على الثاني لحصول الموت بفعله وزوال أثر فعل الأول، ولو قتله الآخر لتخليصه من زيادة الألم فالحوالة عليه. (فإن كان) الأول (وارثا منع من الإرث) في صورة الحوالة عليه وكذا (في صورة ضمان الثاني) للتهمة وإزالته استقرار الحياة حكما. (ويحصل العلم بقدرته على الخروج) عما القي فيه من نار أو ماء (بقوله) بعد الوقوع: (أنا قادر على الخروج) ولا أخرج حتى أموت (أو بقرائن الأحوال المعلومة) كقلة الماء والنار والوقوع في الطرف. (ولو جرحه فترك المداواة فمات ضمنه، لأن السراية مع ترك المداواة من الجرح المضمون) على الجارح (بخلاف الملقى في النار مع القدرة على الخروج إذا تركه تخاذلا، لأن التلف من النار ليس بمجرد الإلقاء) والكون التابع له (بل بالاحتراق المتجدد) للأكوان المتأخرة عنه الصادرة عن نفسه (ولولا المكث) الذي اختاره (لما حصل) الاحتراق ولا سببه (وكذا) لا ضمان على الفصاد (لو فصده) مداواة (فترك) هو بل كل منهما (شده) حتى نزف الدم فمات (على إشكال): من استناد الموت إلى تفريطه، وكون الفصد غير مهلك عادة، وأصل عدم وجوب الشد على الفصاد إلا مع نقص المفصود بصغر أو جنون أو إغماء. وهو خيرة التحرير (1) والإرشاد (2) والتلخيص (3) والشرائع (4). ومن استناده إلى سراية الجرح فهو كغيره من الجراحات التي يمهل
(1) التحرير: ج 5 ص 423. (2) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 195. (3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 467. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 197. 21 المجروح مداواتها، وربما احتمل تضمين الطبيب إذا كان بأمره فإنه معالجه أما لو شده الفصاد فحله المفصود فتركه حتى نزف الدم فلا ضمان. (السادس: لو سرت جناية العمد) على طرف إلى النفس (ثبت القصاص في النفس) اتفاقا كما هو الظاهر، وإطلاقهم يشمل كل جراحة، قصد بها القتل أم لا، كانت مما يسري غالبا أو لا. (فلو قطع إصبعه عمدا لا بقصد القتل فسرت إلى نفسه قتل الجارح) ولكن فيه نظر. (السابع: لو أوقع نفسه من علو على إنسان فقتله) وكان الإيقاع (قصدا، وكان يقتل مثله غالبا أو) كان يقتله (نادرا مع قصد القتل فهو عمد. ولو لم يقصد في النادر) منه (القتل فهو عمد الخطأ ودمه) نفسه (هدر). ولو وقع لا عن عمد فلا شئ كما في خبر عبيد بن زرارة، عن الصادق (عليه السلام) (1). (ولو ألقاه غيره قاصدا للأسفل) أن يقتله (قيد) الدافع (به وبالواقع إن كان الوقوع مما يقتل) الواقع غالبا أو قصد قتله أيضا. (ولو) قصد قتله بالدفع، أو كان الوقوع يقتل غالبا و (لم يقصد) إيقاعه على (الأسفل ضمن ديته. وقتل بالواقع) وفي خبر ابن رئاب وعبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام)، في رجل دفع رجلا على رجل فقتله فقال: الدية على الذي وقع على الرجل فقتله لأولياء المقتول. قال: ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه، قال: وإن أصاب المدفوع شئ فهو على الدافع أيضا (2). وهو محمول على أنه لم يعلم إلا وقوعه، ولم يعلم تعمده ولا دفع غيره له. (الثامن: أن يقتله بسحره إن قلنا: إن للسحر حقيقة)، كما قيل (3).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 41 ب 20 من أبواب القصاص في النفس ح 3. (2) الكافي: ج 7 ص 288 ح 2. (3) لم نقف على قائله. 22 واستدل بقوله تعالى: " ويتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " (1) وبالمشاهدة، وبأنه لا معنى لإنزال ما لا حقيقة له على الملكين. (وهو عمد) إذا قصد به القتل، أو كان سحره يقتل غالبا. (وقيل) في الخلاف (2): (يقتل); لما مر من الأخبار (3) (حدا لا قصاصا، بناء على أنه لا حقيقة له); لقوله تعالى: " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " (4) وقوله: " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " (5). وفي التبيان; لأن كل شئ خرج عن العادة الجارية فإنه لا يجوز أن يتأتى من الساحر. قال: ومن جوز للساحر شيئا من هذا فقد كفر؛ لأنه لا يمكنه مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة على النبوة؛ لأنه أجاز مثله من جهة الحيلة والسحر (6). (المطلب الثاني: أن يشاركه حيوان مباشر) (فلو ألقاه في أرض مسبعة مكتوفا فافترسه الأسد اتفاقا فلا قود) فإن الإلقاء المذكور ليس مما يغلب أداؤه إلى الافتراس (وعليه الدية) للتسبيب. (ولو ألقاه إلى السبع) الضاري (فافترسه وجب القصاص مع العمد) لغلبة الافتراس. (وكذا لو جمع بينه وبين الأسد في مضيق) وإن لم يكتفه، هذا إذا قتله السبع أو جرحه جرحا يؤدي إلى الموت غالبا. (ولو فعل به الأسد) من الجرح. (ما لا يقتل غالبا، ضمن الدية) إذا مات به للتسبيب. (ولا قصاص) إذ لم يصدر منه مباشرة للقتل ولا تسبيب لما
(1) البقرة: 102. (2) الخلاف: ج 5 ص 329 المسألة 15. (3) وسائل الشيعة: ج 18 ص 576 ب 1 من أبواب بقية الحدود والتعزيرات. (4) البقرة: 102. (5) طه: 66. (6) التبيان: ج 1 ص 374. 23 يقتل غالبا إلا إذا قصد به القتل، فكما تقدم غير مرة، والمجنون الضاري كالسبع. (ولو أنهشه حية قاتلا) بأن قبضها وألقمها شيئا من بدنه ضغطها أم لا (فمات قتل به) لغلبة الموت به. (وكذا لو طرح عليه حية قاتلا فنهشته فهلك أو جمع بينه وبينها في مضيق) لا يمكنه الفرار منها (لأنه يقتل غالبا) خلافا للعامة (1) قالوا: لأنها تهرب من الإنسان في المضيق بخلاف السبع، وهو ظاهر المبسوط (2) وقد أشار في التحرير (3) إلى احتماله، لقوله: فالأشبه ذلك، يعني القود. (ولو كتفه وألقاه في أرض غير معهودة بالسباع فاتفق افتراسه ضمن الدية) للتسبيب (ولا قصاص) وهو ظاهر. (ولو أغرى به كلبا عقورا فقتله فهو عمد) لأنه كالآلة (وكذا لو ألقاه إلى أسد) ضاري (ولا يتمكن من الفرار عنه فقتله، سواء كان في مضيق أو برية) ومن العامة (4) من فرق بين البرية والمضيق، ولعله أراد التمكن من الفرار وعدمه. ولو كان الأسد لا يفترس غالبا كان الإلقاء إليه من الأسباب النادرة. ولو جهل حاله أمكن كونه كالضاري؛ لأن من طبعه الافتراس. (ولو ألقاه إلى البحر) حيث يغرق غالبا (فالتقمه الحوت قبل وصوله فعليه القود) كما في الخلاف (5) والمبسوط (6) والنافع (7)؛ لأنه أهلكه بالإلقاء فإنه لو لم يأخذه الحوت لهلك بالغرق فكأنه ابتلعه بعد الغرق فهو كنصل منصوب في عمق البئر (على إشكال ينشأ من تلفه بسبب غير مقصود) للملقي كما لو رمى به من شاهق فاستقبله غيره بالسيف فقده، وهو خيرة الشرائع (8). (نعم يضمن الدية، أما لو وصل فالتقمه بعد وصوله فإنه عمد) لوصوله قبله إلى
(1) المجموع: ج 18 ص 380 و 387، المغني لابن قدامة: ج 9 ص 327. (2) المبسوط: ج 7 ص 46. (3) التحرير: ج 5 ص 430. (4) المجموع: ج 18 ص 387. (5) الخلاف: ج 5 ص 162 المسألة 22. (6) المبسوط: ج 7 ص 19. (7) المختصر النافع: ص 284. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 198. 24 المهلك. وكذا لو ألقاه إلى الحوت فالتقمه؛ لأنه كالإلقاء إلى السبع. (ولو ألقاه في ماء قليل) لا يغرق (فأكله سبع) لوقوعه فيه (أو التقمه حوت أو تمساح فعليه الدية) للتسبيب (لا القود) لعدم قصده ما يقتله. (ولو جرحه ثم عضه الأسد وسرتا فعليه القصاص) خلافا لبعض العامة (1)، ولكن (بعد رد نصف الدية عليه) لاستناد موته إلى سببين إنما فعل أحدهما، وقد أحتمل العدم؛ لأن الجرح الآخر غير مضمون. وإن عفا الولي على الدية فإنما عليه نصفها. (وكذا لو شاركه في القتل من لا يقتص منه، كالأب لو شارك أجنبيا في قتل ولده، وكالحر لو شارك عبدا في قتل عبد، فإن القصاص يجب على الأجنبي والعبد) خلافا لأبي حنيفة (2) و (دون الأب والحر، لكن يؤخذ منهما نصف الدية أو) نصف (القيمة) و (يدفع إلى المقتص منه) ولو عفا الولي على الدية أخذ من كل نصفها. وكالعامد إذا شارك المخطئ فيدفع عاقلة المخطئ نصف الدية إلى العامد ويقتص منه، خلافا لابن سعيد (3). (ولو جرحه ونهشته حية فمات منهما فعليه نصف الدية) مع العفو (أو يقتص) منه (بعد رد النصف) كما تقدم. (ولو جرحه مع ذلك سبع) فحصل الموت من الجميع (فعليه الثلث) من الدية. وإن اقتص منه رد عليه الثلثان؛ لاستناد الموت إلى أسباب ثلاثة. (ويحتمل) أن يكون عليه (النصف. ولا ينظر إلى عدد الحيوان) فضلا عن عدد جراحات حيوان واحد؛ لاشتراك الكل في عدم الضمان فيعد غير المضمون من الجراحات وإن تكثرت واحدة.
(1) الشرح الكبير: ج 9 ص 348. (2) المجموع: ج 18 ص 358. (3) الجامع للشرائع: ص 588. 25 (المطلب الثالث: أن يشاركه المجني عليه) (إذا جرحه فداوى جرحه بما فيه سم فإن كان مجهزا) يقتل في الحال (فلا قود على الجاني، بل عليه قصاص الجرح خاصة) إن كان فيه القصاص (والقاتل هو المجروح) نفسه فإنه كما إذا جرح ثم ذبح نفسه. (وإن لم يكن مجهزا والغالب معه السلامة أو التلف فاتفق الموت سقط ما قابل فعل المجروح، ووجب على الجارح ما قابل فعله، فتكون الجناية بينهما بالسواء يقتص من الجاني بعد رد نصف الدية) عليه أو يعفى عنه على نصف الدية. وللعامة (1) قول بنفي القصاص مطلقا؛ لأن إحدى الجنايتين غير مضمونة، وآخر بنفي القصاص إذا كان الغالب مع السم السلامة؛ لحصول الموت من عمد وخطأ شبيه به. (وكذا لو خاط) نفسه أو غيره بأمره (جرحه في لحم حي فمات منهما) فإن كانت خياطة مجهزة فلا قود وإلا سقط بإزائها النصف. وللعامة ما عرفت من الخلاف. وأما الخياطة في لحم ميت فلا سراية لها. (ولو قدم إليه طعاما مسموما، فإن علم) بالسم (وكان مميزا) ولم يكرهه (فلا قود ولا دية) فإنما هو كمن بيده سكين فأخذه غيره فذبح نفسه. (وإن لم يعلم) بالسم (فأكل فمات فللولي القود؛ لأن المباشرة) هنا (ضعفت بالغرور، سواء خلطه بطعام نفسه وقدمه إليه، أو أهداه إليه، أو خلطه بطعام الآكل ولم يعلم، أو بطعام أجنبي وقدمه إليه من غير شعور أحد) من الآكل والأجنبي. ولو علم الأجنبي وشارك في التقديم كان شريكا في الجناية. وللشافعي قول بنفي القود (2) ترجيحا للمباشرة.
(1) المجموع: ج 18 ص 371. (2) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 328 - 329. 26 (ولو قصد) بالتقديم (قتل غير الآكل) بأن قدم إليه بظن أنه الغير؛ لكونه في ظلمة أو من وراء حجاب أو نحو ذلك (ضمن دية الآكل) لأنه خطأ. (ولو جعل السم في طعام صاحب المنزل فوجده صاحبه) لما دخل منزله (فأكله من غير شعور فمات، قيل) في الخلاف (1) والمبسوط (2): (عليه القود)؛ لضعف المباشرة بالغرور. (ويحتمل الدية)؛ لعدم إلجائه إلى الأكل ولا تقديمه إليه. وأما الدية؛ فللتسبيب والغرور. وللعامة قول بانتفاء الضمان رأسا. (ولو جعل السم في طعام نفسه، وجعله في منزله. فدخل إنسان فأكله، فلا ضمان بقصاص ولا دية)؛ لأن الآكل هو المتعدي بدخول دار غيره، والأكل من طعامه بدون إذنه، كما لو دخل دارا فسقط في بئر فيها (سواء قصد) بفعله (قتل الآكل أو لا، مثل أن يعلم أن ظالما يريد هجوم داره، فيترك السم في الطعام، ليقتله) فإنه لم يغر الآكل (إذا لم يقدمه إليه). (و) كذا (لو دخل رجل بإذنه فأكل الطعام المسموم بغير إذنه لم يضمنه) لأنه المتعدي حيث أكل بدون إذنه، وإن كان ممن يجوز الأكل من بيوتهم. وكذا لا ضمان إذا سم طعاما ووضعه في منزل الآكل ولم يخلطه بطعامه، ولا جعله حيث يشتبه عليه، بل أكله وهو يعلم أنه ليس له. ولو جعله بحيث يشتبه عليه كان عليه الدية. (ولو كان السم مما لا يقتل غالبا فهو شبيه عمد) إلا أن يقصد به القتل. ولو اختلف هو والولي في جنسه أو قدره فالقول قوله، وعلى الولي البينة، فإن قامت وثبت أنه مما يقتل غالبا فادعى الجهل بأنه كذلك، قال في التحرير: أحتمل القود؛ لأن السم من جنس ما يقتل غالبا فأشبه ما لو جرحه وقال: لم أعلم أنه يموت منه، وعدمه؛ لجواز خفائه فكان شبهة في سقوط القود فتجب الدية (3)
(1) الخلاف: ج 5 ص 171 المسألة 32. (2) المبسوط: ج 7 ص 45. (3) التحرير: ج 5 ص 428. 27 انتهى. والأقوى الثاني، إذا حصلت الشبهة. (ولو حفر بئرا بعيدة في طريق) أو في داره (ودعا غيره مع جهله) بالحال فأجازه عليها عمدا (فوقع فمات فعليه القود؛ لأنه مما يقتل غالبا) وقصده، وكذا إذا لم يكن مما يقتل غالبا وقصد به القتل. (المطلب الرابع: أن يشاركه إنسان آخر) (إذا اشترك اثنان فصاعدا في قتل واحد قتلوا به أجمع) إن شاء الولي مع التكافؤ (بعد أن يرد الولي ما فضل) من دياتهم (عن دية المقتول) إليهم (فيأخذ كل واحد) منهم قدر (ما فضل من ديته عن جنايته) بالإجماع، والنصوص (1) وعموم قوله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " (2) ولقوله: " ولكم في القصاص حياة " (3) فلو كانت الشركة تسقط القصاص، لبطل حفظ الدم بالقصاص غالبا. ومن العامة (4) من لم يجز إلا قتل واحد ومنهم من أجاز قتلهم مجانا (5). (وإن شاء الولي قتل واحدا) منهم (ويرد الباقون دية جنايتهم عليه، وإن شاء قتل أكثر، ويرد الباقون دية جنايتهم على المقتولين) قصاصا (فإن فضل لهم) أي المقتولين (شئ) لا يفي به ديات جنايات الباقين، (رده الولي) عليهم. (وتتحقق الشركة بأن يفعل كل واحد منهم ما يقتل لو انفرد) كأن أمسكوه جميعا فألقوه من شاهق، أو في النار أو البحر، أو جرحوه جراحات قاتلة، أو اشتركوا في تقديم الطعام المسموم إلى غير ذلك، أو يجرحه كل منهم. (أو يكون له شركة في السراية). كل ذلك (مع القصد) من كل منهم (إلى الجناية).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 29 - 31 ب 12 من أبواب القصاص في النفس. (2) الإسراء: 33. (3) البقرة: 179. (4) الحاوي الكبير: ج 12 ص 27. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 27. 28 (ولو اتفق جمع على واحد وضرب كل واحد) منهم (سوطا فمات، وجب القصاص على الجميع) بلا فرق بين ضارب السوط الأول وضارب الأخير؛ لاستواء الكل في سببية الموت، إذ كما أنه لو اكتفى بالأول لم يمت، فلو لم يكن الأول لم يمت بالأخير. وللعامة قول بأنه لا قصاص، وآخر بأنهم إذا تواطأوا عليه لزمهم القصاص، ولا قصاص إن وقع ذلك منهم اتفاقا. (ولا يعتبر التساوي في) عدد (الجناية بل لو جرحه واحد جرحا وآخر مائة) جرحة أو ضربه واحد سوطا وآخر مائة (ثم سرى الجميع فالجناية عليهما بالسوية، ويؤخذ الدية منهما سواء) إن أخذت الدية، وإن اقتص منهما أعطي كل منهما نصف الدية. ولا في جنسها، بل لو جرحه واحد جائفة وآخر آمة أو جرحه أحدهما وضربه الآخر كان الحكم ذلك. (ولو جنى عليه فصيره في حكم المذبوح، بأن لا يبقى معه حياة مستقرة، وذبحه آخر فعلى الأول القود) فإنه القاتل (وعلى الثاني دية الميت). (ولو كانت حياته مستقرة فالأول جارح، والثاني قاتل، سواء كانت جناية الأول مما يقضى معها بالموت غالبا كشق الجوف والآمة أو لا يقضى كقطع الأنملة) لأن الثاني قطع سراية الجراحة الأولى، فكان كمن قتل أو جرح جراحة سارية بعد اندمال الأولى. وعن مالك: أن القاتل الأول إذا جرح بما يقضى معه بالموت. (ولو قطع واحد يده وآخر رجله، فاندملت إحداهما وهلك بالأخرى، فمن اندمل جرحه فهو جارح، عليه ضمان ما فعل) قصاصا أو دية (والآخر قاتل، عليه القصاص في النفس أو الدية) الكامل (لكن) إنما (يقتل بعد رد دية الجرح المندمل) عليه، وهي هنا النصف كما في الشرائع (1) لأنه كامل والمقتول ناقص وقد أخذ دية جرحه (على إشكال) ينشأ من أن
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 201. 29 الدية للنفس وحدها وإلا سقط القصاص عمن قتل مقطوع اليدين أو الرجلين. (ولو مات بهما فهما قاتلان). (فلو ادعى أحدهما اندمال جرحه وصدقه الولي) ينفذ تصديقه على نفسه فليس له الاقتصاص منه (ولم ينفذ تصديقه في حق الآخر، فلا يتسلط الولي على الآخر بالقصاص مجانا، ولا بكمال الدية) بناء على انفراده بالقتل (بل) إنما يتسلط عليه (بقدر قسطه) من الدية بناء على سراية الجرحين فيأخذه خاصة منه أو يرده عليه ويقتص منه (بعد يمينه) إنه ما أندمل الجرح الآخر (و) إنما له أن (يأخذ من الآخر أرش جناية ما صدقه عليه) من الجرح الغير الساري (أو يقتص فيه خاصة). (ولو) ادعى أحدهما الاندمال و (صدق المدعي الشريك في الجناية لم يلتفت إليه مع تكذيب الولي) في حقه. نعم ينفذ على نفسه فليس له المطالبة بشئ من الدية إذا أريد الاقتصاص منه، ولا الامتناع من كمال الدية إذا طولب به. (الفصل الثالث في بيان) أقسام (المزهق (1)) للنفس وحقائقها (وفيه مطالب) ثلاثة كلها في أقسامه، لكن: (الأول في أقسامه) الأولية والثاني في المجتمع من العلة والسبب، والثالث في المجتمع من العلتين فصاعدا. (و) أقسامه الأولية (هي ثلاثة: علة) (2) هي المباشرة (وشرط، وسبب). (فالشرط: ما يقف عليه تأثير المؤثر، ولا مدخل له في العلية) للزهوق أي لا تأثير له فيه (كحفر البئر بالنسبة إلى الوقوع) فيها (إذ الوقوع مستند إلى علته وهي التخطي و) الشرط (لا يجب به قصاص) أصلا (بل الدية) بالشروط الآتية. (وأما العلة: فهي ما يستند الفعل) أي الإزهاق (إليه) ابتداء كالذبح
(1) في القواعد: الزهق. (2) في القواعد: شرط وعلة. 30 والخنق، أو بوسط (كالجراحات القاتلة) بالسراية (فإنها تولد السراية، والسراية مولدة للموت) أو بوسائط كالرمي المولد للجرح المولد للسراية المولدة للموت والإلقاء في النار أو الماء أو إلى السبع، ولكن المراد هنا أقرب العلل إلى الزهوق أي المؤدية إليه ابتداء، لما تقدم من صور انفراد الجاني بالتسبيب. لكن لا أرى لعد الخنق هناك من الأسباب سببا، وقد جعل في التلخيص (1) والإرشاد (2) الخنق باليد وسقي السم القاتل من المباشرة، والخنق بالحبل من التسبيب. (وأما السبب: فهو ماله أثر (3) في التوليد) للموت (كما للعلة، لكنه يشبه الشرط من وجه) أنه لا يولد بنفسه الموت بل يولد المولد له ولو بوسائط، وقد يتخلف عنه ولا يتخلف عن العلة. (ومراتبه) أي السبب في قوة توليد المولد للموت وضعفه (ثلاث) وعلى ما مضى في صور انفراد الجاني بالتسبيب أكثر، فإن الخنق وسقي السم والطرح في النار والماء وبعض أنواع السحر له إن قيل بتحقق حقيقة لها أقوى. (الأولى) وهو أقوى الثلاث (الإكراه، فإنه يولد في المكره داعية القتل غالبا) توليدا قويا. (والقصاص عندنا على المباشر خاصة) بشرط الكمال كما سيأتي (دون الآمر لأنه قتل عمدا ظلما لاستبقاء نفسه، فأشبه ما لو قتله في مخمصة ليأكله) ودخل في عمومات النصوص. (ولو وجبت الدية) للعفو أو عدم التكافؤ (كانت على المباشر أيضا) ومن العامة (4) من نفى عنهما القود والدية، ومنهم (5) من أوجب القود على المكره وحده، وللشافعي قولان (6) أحدهما: اشتراكهما في الجناية فعليهما القصاص وعند العفو الدية نصفين،
(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 467. (2) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 195. (3) في القواعد: أثر ما. (4) الحاوي الكبير: ج 12 ص 73. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 73. (6) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 331. 31 والآخر: أن (1) القود على المكره وعلى المباشر نصف الدية، وعند العفو كان على المكره أيضا نصف الدية وإذا تحقق توجه القصاص إلى المباشرة عندنا. (فلا يتحقق الإكراه في القتل عندنا) فإنه إنما يتحقق إذا جاز دفع الخوف بفعل المكره عليه ولا يخاف من شئ أعظم من القتل ولا يجوز هنا دفع الخوف منه. (ويتحقق فيما عداه كقطع اليد والجرح) بأن توعد على تركه بالقتل (فيسقط القصاص) فيه (عن المباشر) لرفع ما استكرهوا عليه (وفي وجوبه على الآمر إشكال ينشأ: من أن السبب هنا أقوى لضعف المباشرة بالإكراه) كمن أكره غير المميز على القتل. (ومن عدم المباشرة). (وعلى كل تقدير يضمن الآمر فيما يتحقق فيه الإكراه) أما القصاص أو الدية لوجود التسبيب أقوى من المباشرة وكون المباشر كالآلة (أما ما لا يتحقق فيه) الإكراه (كقتل النفس) والتوعد بما دون القتل (فإنه لا يجب) فيه (عليه قصاص ولا دية نعم يحبس دائما إلى أن يموت) لصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله، فقال: يقتل به الذي قتله، ويحبس الآمر بقتله في السجن حتى يموت (2). (هذا إذا كان المقهور بالغا عاقلا، ولو كان غير مميز كالطفل والمجنون والجاهل بإنسانية المرمي) أي وكالذي أكره على رمي شبح ظنه غير إنسان (فالقصاص على الآمر) كما في المبسوط (3) والشرائع (4) (لأن المباشر كالآلة) فالآمر كالمباشر. قال في المبسوط: قالوا أليس لو أمره بسرقة فسرق لا قطع على السيد هلا قلتم مثله هاهنا؟ قلنا: الفصل بينهما من وجهين، أحدهما: أن القود يجب بالقتل
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 74. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 32 ب 12 من أبواب قصاص النفس ح 1. (3) المبسوط: ج 7 ص 42. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 199. 32 بالمباشرة وبالسبب فجاز أن يجب القود بالأمر لأنه من الأسباب، وليس كذلك القطع في السرقة فإنه لا يجب إلا عن مباشرة، ولا يجب بالسبب، فلهذا لم يكن هذا السبب مما يجب به القطع عليه. والثاني: أن القود لما دخلت النيابة في استيفائه جاز أن يجب القود بالاستنابة فيه، والقطع بالسرقة لما لم يدخل الاستنابة فيه لأن المسروق منه لا يستنيب في قطع اللص بحال، فكذلك لم يجب القطع به بالاستنابة. (ولا فرق بين) المأمور (الحر والعبد) عبد الآمر وغيره، لعموم الدليل. (ولو كان) المقهور (مميزا عارفا غير بالغ حرا فلا قود) على أحد منهما، أما على المباشر فلعدم البلوغ، وأما على الآمر فلأن تمييز المقهور يحله عن أن يكون كالآلة. (والدية على عاقلة المباشر) لأن عمده خطأ، وهذه الفتوى موافقة لفتوى الشرائع (1) وفيها: أن الظاهر تحقق الإكراه بالنسبة إليه فإنه لا يقاد منه إذا قتل، وإذا تحقق فالسبب أقوى فينتفي القود. نعم إذا لم يتحقق إلا الأمر اتجه ما ذكر. (وقيل) في المبسوط (2) والنهاية (3) والمهذب (4) والجواهر (5): (يقتص منه إن بلغ عشرا) وأسند في المبسوط إلى قضية عموم أخبارنا ويؤيده الأخبار الناطقة بجواز عتقه وصدقته وطلاقه ووصيته (6). وفي المقنع (7) والمقنعة (8): يقتص منه إن بلغ خمسة أشبار، لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه، وإذا لم يكن بلغ خمسة أشبار قضى بالدية (9). وهو
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 199. (2) المبسوط: ج 7 ص 44. (3) النهاية: ج 3 ص 358 - 359. (4) لم نعثر عليه. (5) جواهر الفقه: ص 214 المسألة 744. (6) وسائل الشيعة: ج 13 ص 321 ب 15 من أبواب أحكام الوقوف والصدقات ح 1، وب 44 من أبواب احكام الوصايا ص 428 - 431. (7) المقنع: ص 523. (8) المقنعة: ص 748. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 66 ب 36 من أبواب القصاص في النفس ح 1. 33 ضعيف. وفي الوسيلة: أن المراهق كالعاقل (1). والأصل، والاحتياط، وعموم النصوص (2) الناطقة بأن عمد الصبي وخطأه واحد، ورفع القلم عن الصبي حتى يبلغ ونصوص حد البلوغ يدل على المشهور من رفع القصاص عنه قبل البلوغ بأحد الأمور المعروفة. (و) في المبسوط أن (المملوك المميز) إذا أمر فقتل (تتعلق) الدية (برقبته (3) وقيل) في الخلاف (4) والسرائر (5) (إن كان المملوك) القاتل بأمر الغير (صغيرا أو مجنونا سقط القود) عن المأمور لنقصه، وعن الآمر لعدم قتله. (ووجبت الدية) على السيد الآمر وإلا أطللنا دم المقتول. واضطرب كلام المبسوط، فتارة أوجب القود على الآمر حرا كان المأمور أو عبدا، وأخرى أوجب الدية على عاقلة المأمور حرا أو عبدا (6). وفي الوسيلة: أن المأمور إن كان حرا بالغا عاقلا أو مراهقا اقتص منه، وإن كان حرا صبيا أو مجنونا ولم يكره لزمت الدية عاقلته، وإن أكره كان نصف الدية على عاقلته ونصفها على الآمر المكره، وإن كان عبدا للآمر صغيرا أو كبيرا غير مميز اقتص من الآمر، وإلا فمن القاتل، قال: وإذا لزم القود المباشر خلد الآمر في الحبس، وإن لزم الآمر خلد المباشر فيه، إلا أن يكون صبيا أو مجنونا (7). وقال أبو علي: لو أمر رجل رجلا عاقلا عالما بأن الآمر ظالم بقتل رجل فقتله أقيد القاتل به وحبس الآمر في السجن حتى يموت، وإن كان المأمور عبدا أو جاهلا أو مكرها لا يأمن بمخالفته إتلاف نفسه أزلت القود عنه وأقدت الآمر
(1) الوسيلة: ص 438. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 66 ب 36 من أبواب القصاص في النفس. (3) المبسوط: ج 7 ص 43. (4) الخلاف: ج 5 ص 168 المسألة 30. (5) السرائر: ج 3 ص 349. (6) المبسوط: ج 7 ص 43 - 44. (7) الوسيلة: ص 437 - 438. 34 وحبست القاتل حتى يموت بعد تعزير له وأمرته بالتكفير لتولي القتل بنفسه (1). ومستنده في العبد خبر إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله، فقال: يقتل السيد به (2) وخبر السكوني عنه (عليه السلام) قال، قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): وهل عبد الرجل إلا كسيفه، يقتل السيد ويستودع العبد السجن (3) وحملهما الشيخ على من اعتاد أمر عبيده بقتل الناس وإكراههم عليه فيقتل لإفساده في الأرض (4) ووافقه الحلبيان (5). (ولو قال) كامل أو ناقص لكامل: (اقتلني وإلا قتلتك لم يجز) له (القتل، فإن فعل ففي القصاص) مع كمال المقتول (إشكال ينشأ: من إسقاط حقه بالإذن فلا يتسلط الوارث) لأنه فرع على المقتول وهو فتوى المبسوط (6) والشرائع (7) والتلخيص (8) والإرشاد (9) (ومن كون الإذن غير مبيح فلا يرتفع) به (العدوان، كما لو قال: اقتل زيدا وإلا قتلتك) من غير فرق فيدخل في عموم أدلة القصاص، كما لو أكره على قتل الغير، ولو كان مورث الآمر المكره فللآمر القصاص بعده. (ولو قال: اقتل نفسك) من غير إلجاء (فإن كان) المخاطب (مميزا) يعرف أنه لا يلزمه بذلك قتل نفسه (فلا قود) على الآمر لضعف تسبيبه. (وهل يتحقق إكراه العاقل هنا؟ إشكال): من أنه لا معنى للاضطرار إلى قتل نفسه
(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 317. (2 و 3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 33 ب 14 من أبواب قصاص النفس ح 1 و 2. (4) تهذيب الاحكام: ج 10 ص 220 ذيل حديث 13. (5) الكافي في الفقه: ص 387، الغنية: 407. (6) المبسوط: ج 7 ص 43. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 200. (8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 468. (9) إرشاد الإذهان: ج 2 ص 196. 35 خوفا من قتله فلا قود، ومن أنه ربما خوف بنوع من القتل أصعب من قتل نفسه فيدفعه به فيقاد من الآمر (وإن كان) المخاطب (غير مميز فعلى الملزم القود) ألجأه إليه أم لا، كما في المبسوط (1) والشرائع (2) لضعف المباشر وكونه كالآلة للآمر. (ولو قال: اقطع يد هذا وإلا قتلتك، كان القصاص على الآمر لتحقق الإكراه هنا) فيضعف المباشر ويقوى السبب وقد مر الإستشكال فيه. (ولو قال: اقطع يد هذا أو هذا وإلا قتلتك، فاختار المكره أحدهما ففي القصاص على المباشر إشكال ينشأ: من تحقق الإكراه) على الأمر المردد بينهما والأمر بالكلي وإن لم يكن أمرا بجزئي من جزئياته تكليفا كان أو إكراها (و) لكن (لا مخلص) للمكره (إلا بأحدهما) فأيهما أتى به فهو مكره عليه كما أن المكلف بأي جزئي أتى من جزئيات الواجب أتى بالواجب (ومن عدم الإكراه على التعيين) فبايهما أتى صدق أنه غير مكره عليه، والأول أقوى كما في التحرير (3) وقوى فيه القصاص على الآمر. المرتبة (الثانية) التي يولد مولد الموت توليدا دون توليد الإكراه (شهادة الزور) فإنها (تولد في القاضي داعية القتل غالبا من حيث الشرع) وهو أقوى من المباشرة فإن المباشر مكره شرعا (فيناط به القصاص) اتفاقا. (فلو شهد اثنان) ظاهر العدالة (بما يوجب القتل كالقصاص أو الردة، أو شهد أربعة بالزنا) الموجب للقتل (أو اللواط فقتل) بشهادتهم (وثبت أنهم شهدوا زورا بعد الاستيفاء لم يضمن الحاكم ولا الحداد، وكان القود على الشهود) كما مر في الشهادات (لأنه) أي القتل (بسبب) من الشهود (متلف بعادة الشرع) مع الأخبار. (ولو اعترف الولي بكونه عالما بتزويرهم وباشر القصاص) مع ذلك
(1) المبسوط: ج 7 ص 43. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 200. (3) التحرير: ج 5 ص 426. 36 (فالقصاص عليه) لأنه القاتل عدوانا (دون الشهود) لقوة المباشرة هنا (ولو) علم التزوير لكن (لم يباشر) القصاص وإنما باشره حداد القاضي (فالقصاص على الشهود خاصة على إشكال ينشأ: من استناد القتل إلى الشهادة والطلب) جميعا فالولي والشهود شركاء في الدم، ومن أن الشهادة أقرب وأقوى من المباشرة فمن الطلب أولى، ولأنها السبب في سببية الطلب (فإن شركناه) أي الولي معهم (ففي التنصيف) للضمان أو التقسيم على رؤوسهم (إشكال): من أن شهادتهما معا سبب واحد، ومن صدور الجناية منهم فيوزع عليهم كجراحات صدرت من ثلاثة فسرت. (وكذا لو شهدا ثم رجعا واعترفا بتعمد الكذب بعد القتل فعليهما القصاص) إن جهل الولي أو لم يباشر على وجه، وهو داخل في ثبوت التزوير إلا أنه أراد به الثبوت بالبينة. المرتبة (الثالثة: ما يولد المباشرة) للقتل (توليدا عرفيا لا حسيا ولا شرعيا، كتقديم الطعام المسموم إلى الضيف، وحفر بئر في الدهليز وتغطية رأسها عند دعاء الضيف) وفي العبارة مسامحة ظاهرة، فالسبب المولد هو الدعاء والحفر شرط. (ويجب فيه) أي لهذا السبب المولد للمباشرة عرفا (القصاص) على المسبب لضعف المباشر بالجهل. وللعامة (1) فيه خلاف. (ولو فعل السبب وقدر المقصود على دفعه) فأهمل (فإن كان السبب مهلكا) عادة (والدفع غير موثوق به) بمعنى جواز الاندفاع به وعدمه سواء أو مع رجحان أحدهما (كإهمال علاج الجرح وجب القصاص على الجارح) لصدق قتله عمدا عدوانا. (وإن فقد المعنيان كما لو فتح عرقه) الذي جرت العادة بفصده (فلم يعصبه حتى نزف الدم أو تركه) مستلقيا مثلا (في ماء قليل) لا يغرق (فبقى
(1) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 328 - 329. 37 مستلقيا فيه حتى غرق فلا قصاص) فإن الهلاك إنما حصل بإهمال نفسه. (وإن كان السبب مهلكا والدفع ممكن) موثوق به (سهل، كما لو ألقى من يحسن السباحة في ماء كثير) مغرق ينفع فيه السباحة (فلم يسبح) حتى غرق (احتمل) أن لا قصاص لمثل ذلك و (القصاص) اعتبارا بالسبب فإنه مهلك، وطرحا لإمكان الدفع وسهولته (لإمكان الدهش عن السباحة) وعروض مانع آخر منه، ولا معنى للعكس أعني انتفاء المعنى الأول أي الإهلاك دون الثاني، فإن الإهلاك إنما ينتفي حيث يندفع بنفسه فضلا عن سهولة دفعه. (المطلب الثاني في اجتماع السبب والمباشرة) (وأقسامه ثلاثة): (الأول: أن يغلب السبب المباشرة، وهو فيما إذا لم يكن المباشرة عدوانا) أي أخرجها السبب عن العدوان (كقتل القاضي والجلاد بشهادة الزور، فالقصاص على الشهود) أو كانت خارجة عنه كإكراه الصبي والمجنون. (الثاني: أن يصير السبب مغلوبا) بطريان المباشرة عليه (كما إذا ألقاه من شاهق فاعترضه ذو سيف وقده بنصفين فلا قصاص على الملقي) فإنه لم يمت بفعله (عرف ذلك) أي اعتراض المعترض حين الإلقاء (أولا) فإنه إنما قصد الإلقاء. نعم إن قصد به اعتراضه وقده بالسيف، فإن كان المعترض بالغا كامل العقل فلا شئ عليه لقوة المباشر، وإن كان مجنونا كان كمن ألقاه إلى سبع إن كان الغالب من حاله أنه لا يخطئ في اعتراضه بالسيف اعتراضا مهلكا أو قصد به القتل فقتله المعترض (بخلاف ما إذا) اعترضه سبع فافترسه قبل الوصول إلى الأرض أو (التقمه الحوت عند الإلقاء إلى الماء، إذ لا اعتبار بفعل الحوت) والسبع (فإنه كنصل منصوب في عمق البئر) لعدم التميز على الإشكال المتقدم. (الثالث: أن يعتدل السبب والمباشرة، كالإكراه مع القتل) إذ ليست
38 المباشرة خارجة عن العدوان ولا موجودة لولا الإكراه. (وهنا القصاص على المباشر) فإنه الأصل، وإنما ينتقل إلى المسبب إذا غلب التسبيب على المباشرة (ولا دية على المكره) فضلا عن القصاص (بل يحبس دائما) كما مر (ولا كفارة) عليه (أيضا) للأصل والخروج عن المأمور بها، خلافا للعامة (1) فلهم قول بوجوبها عليه. (ويمنع من الميراث على إشكال): من التهمة وضعف المباشر في الجملة، ومن الأصل وعدم صدق القاتل عليه. (ولو أكرهه على صعود شجرة) مثلا (فزلق رجله ومات وجب الضمان) على المكره، وهل عليه القصاص أو الدية؟ استقرب الدية في التحرير (2) واستشكل في القصاص. والتحقيق أنه إن كان الغالب في مثل هذا الإنسان إذا صعد مثل تلك الشجرة السقوط والغالب في السقوط الموت فالإكراه عليه كالإكراه على تناول السم، وإلا فإن لم يقصد به القتل فلا إشكال في سقوط القصاص عنه، وان قصد فبناء على ما تقدم عليه القصاص. ويحتمل الفرق بين فعل ما يقتل نادرا والإكراه عليه. (ولو أمره) بالقتل أو الصعود أو غيرهما (متغلب يعهد منه الضرر عند المخالفة فهو كالإكراه) فإنما معناه الإلجاء لدفع خوف الضرر الغالب على الظن والإجبار وسلب القدرة. (ولو أمره واجب الطاعة) وهو السلطان النائب عن الإمام خصوصا أو عموما (بقتل من) وجب قتله بالبينة وهو (يعلم فسق الشهود عليه) ولا سبيل له إلى إثباته (فهو شبهة) في حقه (من حيث إن مخالفة السلطان) الحق (تثير فتنة) عظيمة (و) من (كون القتل ظلما) في علمه فلو اعترف بعلمه فعليه القصاص إلا أن يعتذر بتلك الشبهة فيدرأ عنه ويثبت الدية (بخلاف
(1) المغني لابن قدامة: ج 18 ص 393 - 394. (2) التحرير: ج 5 ص 429 - 430. 39 العبد إذا أمره سيده فالقصاص على العبد) لضعف الشبهة هنا، ولأنا إن اعتبرناها انتشر الفساد وأمكن التثبت بمثلها في الأكثر وقد مر الخلاف في العبد. (ولا يباح بالإكراه القتل) لأن المسلمين تتكافؤ دماؤهم فلا يجوز قتل الغير لحفظ النفس، ولأداء قتله إلى القصاص كما مر فلا يدفع القتل ما يخافه على نفسه شرعا، نعم يباح به قتل الكفار وأهل الخلاف لانتفاء التكافؤ. (ويباح به ما عداه، حتى إظهار (1) الشرك والزنا وأخذ المال والجراح وشرب الخمر والإفطار) لعموم أدله التقية (2) ورفع ما استكرهوا عليه (3) وخصوص النصوص على ما ورد فيه بخصوصه نص. (ولا أثر للشرط) في التضمين (مع) وجود (المباشرة كالحافر) للبئر لا يضمن شيئا (4) (مع المردي) فيها وإن قصده بالحفر وأمر المردي وإن لم يكن مع المباشرة ضمن الدية، كما سيأتي. (ولو أمسك واحد وقتل آخر ونظر ثالث قتل القاتل وخلد الممسك السجن أبدا) للإجماع كما في الخلاف (5) ولنحو قول الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي: قضى أمير المؤمنين في رجلين أمسك أحدهما وقتل الآخر قال: يقتل القاتل ويحبس الآخر حتى يموت غما كما كان حبسه عليه حتى مات غما (6) وفي المقنعة بعد أن ينهك بالعقوبة (7) وفي خبر أبي المقدام أن الصادق (عليه السلام) أمر به فضرب جنبيه وحبسه في السجن، ووقع على رأسه يحبس عمره ويضرب كل سنة
(1) في القواعد زيادة: لفظة. (2) وسائل الشيعة: ج 11 ص 459 ب 24 من أبواب الأمر والنهي. (3) وسائل الشيعة: ج 11 ص 295 ب 1 من أبواب جهاد النفس.... ح 1. (4) في (ق) و (ل) سببا. (5) الخلاف: ج 5 ص 173 المسألة 36. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 35 ب 17 من أبواب قصاص النفس ح 1. (7) المقنعة: ص 745. 40 خمسين جلدة (1). (وسملت عين الناظر) أي عيناه أي فقئتا أو فقئت بالشوك، أو سمرت أي كحلت بمسمار محمى، للإجماع كما في الخلاف (2) ولما في خبر السكوني من قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) (3) بذلك. (المطلب الثالث في طريان المباشرة على مثلها) (ويحكم بتقديم الأقوى) منهما ونسبة القتل إليه والإقتصاص من صاحبه والمراد بالأقوى ما يحكم العقل في العادة باستناد الموت إليه (كما لو جرح الأول) وإن كان الجرح مهلكا (وقتل الثاني) بالذبح ونحوه (فالقتل على الثاني). (ولو أنهى الأول) المجروح (إلى حركة المذبوح) التي لا يبقى معها الإبصار والإدراك والنطق والحركة اختيارا (فقده الثاني فالقصاص على الأول) وعلى الثاني دية الميت كما مر. (ولو قطع أحدهما يده من الكوع والآخر من المرفق) تلك اليد أو الأخرى (فهلك بالسراية فالقود عليهما) لعدم الرجحان (لأن سراية الأول لم ينقطع بالثاني ليشاع ألمه قبل الثانية) في الأعضاء الرئيسة الموجبة للموت كما لو أجاف الأول ثم أجاف الثاني أو وسع جرح الأول. (بخلاف ما لو قطع واحد يده ثم قتله الثاني لانقطاع السراية بالتعجيل) وحاصل الفرق أن الجرحين إن كان إهلاكهما بالسراية كالقطعين والإجافتين فالقود عليهما. واستشكل فيه في التحرير (4) والشرائع (5) إذا كان القطعان من يد واحدة لمنع بقاء سراية الأول بل الظاهر انقطاعها واضمحلالها مع أن العلم بسراية الجراحة الأولى بعيد جدا إلا بآلة مسمومة تسري جراحتها عادة وإلا بل كان أحدهما القتل والآخر الجراحة
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 36 ب 18 من أبواب قصاص النفس ح 1. (2) الخلاف: ج 5 ص 174 المسألة 37. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 35 ب 17 من أبواب قصاص النفس ح 3. (4) التحرير: ج 5 ص 432. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 201. 41 السارية فالقود على القاتل وعلى الجارح الآخر القصاص في الطرف أو ديته. (ولو كان الجاني) بهما (واحدا دخلت دية الطرف في دية النفس) إذا ثبتت الدية أصلا. (إجماعا، فإن ثبتت صلحا فإشكال) من الخلاف الآتي في القصاص وأيضا من التردد في دخول ذلك في إطلاق القول بدخول الدية في الدية. (وهل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس) ففي السرائر (1) ونكت النهاية (2) وموضع من الخلاف (3) والمبسوط (4) لا، وإليه مال ابن زهرة، لعموم نصوص القصاص من الكتاب والسنة وقوله تعالى: " من أعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (5) وللأصل. وفي موضع آخر من الكتابين (6) نعم، وهو خيرة التبصرة (7) والجامع (8) لصحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) سأله عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ وذهب عقله، فقال: إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة، ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه وبين السنة أقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع اليه عقله أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله، قال فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين، وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان إلا أن يكون فيهما الموت، فيقاد به ضاربه بواحدة ويطرح الأخرى، قال: فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنت ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها
(1) السرائر: ج 3 ص 406. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 445 - 446. (3) الخلاف: ج 5 ص 183 المسألة 48. (4) المبسوط: ج 7 ص 61. (5) الغنية: 408. (6) الخلاف: ج 5 ص 191 المسألة 56، المبسوط: ج 7 ص 73. (7) تبصرة المتعلمين: ص 208. (8) الجامع للشرائع: ص 594. 42 الموت فيقاد به ضاربه، قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات (1) كائنة ما كانت ما لم يكن فيها الموت. ولما روي من أنه إذا مثل إنسان بغيره وقتله لم يكن عليه إلا القتل ولم يجز التمثيل به (2) وفي نكت النهاية: معارضة الرواية الأولى بخبر إبراهيم بن عمر عن الصادق (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل ضرب رجلا بعصا، فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه وانقطع جماعه وهو حي، بست ديات (3) و (قيل) في النهاية: (نعم إن اتحدت الضربة (4) وإن فرق لم يدخل) وهو خيرة التحرير (5) والإرشاد (6) والتلخيص (7) لحسن حفص بن البختري سأل الصادق (عليه السلام): عن رجل ضرب رأسه فذهب سمعه وبصره واعتقل لسانه ثم مات، فقال: إن كان ضربه ضربة بعد ضربة اقتص منه ثم قتل، وإن كان أصابه هذا من ضربة واحدة قتل ولم يقتص منه (8) وخبر محمد بن قيس عن أحدهما (عليهما السلام) في رجل فقأ عين رجل وقطع أنفه وأذنيه ثم قتله، فقال: إن كان فرق ذلك اقتص منه ثم يقتل، وإن كان ضربه ضربة واحدة ضرب عنقه ولم يقتص منه (9) وتوقف في المختلف (10) وهو ظاهر الكتاب والنافع (11) والشرائع (12). (و) لا خلاف في أنه (لو سرى القطع إلى النفس فالقصاص في النفس لا الطرف) فمن قطع مثلا يد رجل فمات بالسراية أقيد منه بضرب عنقه، وليس
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 281 ب 7 من أبواب ديات المنافع ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 95 ب 62 من أبواب قصاص النفس. (3) نكت النهاية: ج 3 ص 446. (4) النهاية: ج 3 ص 445. (5) التحرير: ج 5 ص 434. (6) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 199. (7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 469. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 83 ب 51 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 82 ب 51 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 394. (11) المختصر النافع: ص 285. (12) شرائع الإسلام: ج 4 ص 201 - 202. 43 عليه قطع يده. نعم لو قطع الولي يده ثم ضرب عنقه لم يكن عليه شئ. (ولو قتل مريضا مشرفا) على الموت (وجب القود) وإن لم يكن بقيت له حياة مستقرة لصدق القتل، والفرق بينه وبين من جنى عليه جناية لم يبق له حياة مستقرة وقوع جنايتين مضمونتين عليه، وإنما يوجب القصاص على أدخلهما في تلف النفس لأن المريض ربما انتهى إلى مثل تلك الحالة ثم برئ للاشتراك، نعم يصلح ضميمة إلى ما قلنا. (ولو قتل من نزع أحشاؤه وهو يموت بعد يومين أو ثلاثة قطعا وجب القود، لأنه قتل مستقر الحياة) وباعتراضه قبل سراية الجناية الأولى قطع سرايته، وأول نزع الأحشاء بالقطع والتحريق، فإن من أبينت أحشاؤه لا يبقى تلك المدة. (ولو قتل رجلا في دار الحرب على زي أهل الشرك فبان مسلما فلا قصاص) اتفاقا لانتفاء التعمد (ويجب الدية والكفارة) وفاقا لابن إدريس (1) لأنه لا يطل دم امرئ مسلم (2) ولأنه قتل مؤمنا خطأ فيعمه أدلة الدية، خلافا للشيخ فأسقط الدية (3). وظاهر المبسوط (4) والخلاف (5) الإجماع عليه، وهو خيرة المختلف (6) لقوله تعالى: " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " (7) فإن الاقتصار على التكفير هنا مع التصريح به وبالدية فيما قبله وما بعده قرينة واضحة على سقوطها هنا، وهو قوي إذا كانت الورثة كفارا كما هو منطوق الآية، والدعوى هنا أعم. (ولو قتل من ظن أنه قاتل أبيه فلا قصاص) إذ لا عدوان، ولأنه كقتل المؤمن بظن الكفر فإنه إنما قتل بزعمه مستحقا للقتل. واستشكل في التحرير (8) من
(1) السرائر: ج 3 ص 320. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 53 ب 29 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (3) الخلاف: ج 5 ص 320 المسألة 3. (4) المبسوط: ج 7 ص 245. (5) الخلاف: ج 5 ص 320 المسألة 3. (6) مختلف الشيعة: ج 9 ص 273. (7) النساء: 92. (8) التحرير: ج 5 ص 434. 44 ذلك ومن التفريط بعدم التثبيت وما حكي من قتل عبيد الله بن عمر هرمزان لظنه قاتل أبيه وإرادة أمير المؤمنين (عليه السلام) الاقتصاص منه (1). (وتجب الدية) وهو ظاهر (ولو قال): كنت حين قتلته (تيقنت أن أبي كان حيا وجب القود) لاعترافه بتعمد قتله المؤمن عدوانا. (ولو ضرب مريضا ظنه صحيحا ضربا يهلك المريض) خاصة فهلك (وجب القود) إذ قتله متعمدا بما يقتله غالبا عدوانا (إذ ظن الصحة لا يبيح الضرب) وللعامة وجه بالعدم لأنه لم يتعمد الإهلاك. * * * (المقصد الثاني) (في شرائط القصاص) بعدما اعتبر في الفعل الموجب له (وهي خمسة): (الأول: التساوي في الحرية أو الرق) أو علو المقتول بحريته مع رق القاتل. (الثاني: التساوي في الدين) أو علو المقتول. (الثالث: انتفاء الأبوة) للمقتول (عن المقتص منه). (الرابع: المساواة في العقل). (الخامس: احترام المقتول) بأن لا يكون ممن يجب قتله قصاصا أو حدا أو الكفر ولا يغني عن التساوي في الدين لاحترام الذمي والمستأمن. (فهنا فصول) أربعة لجمع الأخيرين في فصل. (الأول في الحرية) والرق (وفيه مطالب) أربعة: (الأول في جناية الأحرار بعضهم على بعض) (ويقتل الحر بالحر) كما هو نص الكتاب (2) (والحرة بالحرة، والحرة
(1) الكامل في التاريخ: ج 3 ص 75 - 76. (2) البقرة: 178. 45 بالحر، و) إذا قتلت به (لا يؤخذ من تركتها شئ) لولي الحر المقتول، كما يتوهم من كون ديتها نصف ديته ويوجد في بعض الروايات وهي رواية أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر (عليه السلام) في امرأة قتلت رجلا قال: تقتل ويؤدي وليها بقية المال (1) فإنها كما قال الشيخ رواية شاذة لم يروها إلا أبو مريم وإن تكررت في الكتب (2) وينص على ما ذكرناه قوله تعالى: " النفس بالنفس " (3) والأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي: إن قتلت المرأة الرجل قتلت به وليس لهم إلا نفسها (4) وفي صحيح ابن سنان في امرأة قتلت زوجها متعمدة: إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها وليس يجني أحد أكثر من جناية على نفسه (5) وفي تفسير علي بن إبراهيم، أن قوله تعالى: " الحر بالحر والأنثى بالأنثى " ناسخ لقوله تعالى: " النفس بالنفس " (6) وهو يعطي أن لا يكتفى بالاقتصاص منها، ولذا قال في التحرير على الأشهر (7) كما في الشرائع (8) ويقتل (الحر بالحرة بعد رد فاضل ديته) عليه وهو النصف بالإجماع والنصوص (9). (ولو امتنع الولي) من رد الفاضل (أو كان فقيرا فالأقرب أن له المطالبة بدية الحرة) وإن لم يرض القاتل (إذ لا سبيل إلى طل الدم) وفي كل من القصاص وتركه هنا طلا، ففي الأول لنصف دم القاتل وفي الثاني لتمام دم المقتول. ويحتمل العدم، لأن الأصل في مقتضى هذه الجناية القود وإنما تثبت الدية صلحا. (ويقتص للرجل من المرأة في الأطراف ولا رجوع فيه، وللمرأة من
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 62 ب 33 من أبواب قصاص النفس ح 17. (2) تهذيب الأحكام: ج 19 ص 183 ذيل الحديث 14. (3) المائدة: 45. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 59 ب 33 من أبواب القصاص ح 3. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 59 ب 33 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (6) تفسير القمي: ج 1 ص 169. (7) التحرير: ج 5 ص 442. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 203 - 205. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 59 ب 33 من أبواب القصاص في النفس. 46 الرجل ولا رد ما لم تبلغ ثلث دية الحر، و) لكن (يتساويان دية وقصاصا) إلى بلوغه (فإذا بلغت) الدية أو الجناية (ثلث دية الحر سفلت المرأة وصارت على النصف) من الرجل (فيقتص لها منه مع رد التفاوت) وفاقا للمشهور والأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في صحيح أبان بن تغلب وحسنته: إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف (1) وحسن جميل سأله (عليه السلام) عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص. وقال: نعم، في الجراحات حتى يبلغ الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل وسفلت المرأة (2) وفي الخلاف الإجماع عليه (3). وفي النهاية ما لم يتجاوز الثلث (4) لنحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن أبي يعفور: فإذا جاز الثلث كان في الرجل أضعف (5) وفي خبر أبي بصير: جراحات المرأة والرجل سواء إلى أن يبلغ ثلث الدية، فإذا جاز ذلك يضاعف جراحة الرجل على جراحة المرأة ضعفين (6). وأخبار الأول أكثر وأصح، لكن ربما يمكن فهم التجاوز من نحو قوله (عليه السلام): فإذا بلغت الثلث ارتفع الرجل، فإن مثل هذه العبارة ليست بعزيزة في إرادة المجاوزة، ولعله للإشارة إليه وقعت عبارة النهاية كذا: ويتساوى جراحتهما ما لم يتجاوز ثلث الدية، فإذا بلغ ثلث الدية نقصت المرأة وزيد الرجل (7) وعلى الجملة فلعل الإجماع منعقد على التساوي قبل بلوغ الثلث، وعلى أنه إذا بلغته أو جاوزته كانت المرأة على النصف.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 268 ب 44 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 122 ب 1 من أبواب قصاص الطرف ح 3. (3) الخلاف: ج 5 ص 255 - 256 المسألة 64. (4) النهاية: ج 3 ص 441. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 132 ب 1 من أبواب قصاص الطرف ح 4. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 122 ب 1 من أبواب قصاص الطرف ح 2 مع اختلاف في اللفظ. (7) النهاية: ج 3 ص 441. 47 (فلو قطع) الرجل إصبعا أو إصبعين أو (ثلاث أصابع منها قطع مثلها منه قصاصا) من غير رد ولو أخذت الدية أخذت كدية أصابعه (ولو قطع أربعا) منها (لم يقطع الأربع) منه (إلا بعد رد دية إصبعين) ولو أخذ منه الدية أخذت عشرون بعيرا دية إصبعين منه، فعن أبان بن تغلب في الصحيح والحسن، أنه قال للصادق (عليه السلام): ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال عشر من الإبل قلت: قطع اثنتين، قال: عشرون قلت: قطع ثلاث، قال: ثلاثون قلت: قطع أربعا، قال: عشرون قلت سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟ إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنتبرأ ممن قاله ونقول: الذي جاء به شيطان، فقال: مهلا يا أبان هذا حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف، يا أبان إنك أخذتني بالقياس، والسنة إذا قيست محق الدين (1). (وهل لها) إذا قطع أربع أصابع منها (القصاص في إصبعين من دون رد؟ إشكال): من تحقق العمل بمقتضى التفاوت بينهما وهو الأخذ لها بالنصف مما له، وأنه كان لها قطعهما إذا قطعت منها اثنتان فقط فلها ذلك إذا قطعت منها أربع لوجود المقتضي وهو قطع اثنتين وانتفاء المانع فإن قطع اثنتين أخريين منها لا يصلح مانعا. ومن أنه خارج من نصوص الأصحاب والأخبار، فإن الوارد فيها إما أخذ الدية عشرين من الإبل (2) مثلا أو القصاص ورد عشرين عليه، وهو ليس شيئا منهما وقصاص البعض ليس بقصاص، ومنع انتفاء المانع، فإن الزيادة في الجناية كما منعت أخذ ثلاثين من الإبل فلم لا يمنع القصاص في إصبعين؟ (ويقوى الإشكال لو طلبت القصاص في ثلاث والعفو عن الرابعة) لمثل ما في اثنتين، والإشكال هنا قوي أي الاحتمال المذكور فيه أضعف مما في اثنتين فإن خروجه عن النصوص أظهر، فإن قضية الجناية أن يكون على النصف وحينئذ يزيد عليه.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 268 ب 44 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 268 ب 44 من أبواب ديات الأعضاء. 48 (فإن) لم نجوز لها القصاص في ثلاث و (أوجبنا أخذ إصبعين) فقط (فلا يطالب) إذا اقتص فيهما (بزائد أرشا ولا قصاصا) لانحصار حقها فيهما. (وهل يتخير حينئذ) أجزنا لها القصاص في إصبعين أو ثلاث بين القصاص فيهما أو فيها وأخذ الدية حتى لا يكون للرجل الامتناع من ذلك، بأن يقول: إنما أن تأخذي الدية ولا تقطعي شيئا من أصابعي أو تقطعي أربع وتردي علي دية اثنتين ولا أرضى بقطع إصبعين لي أو ثلاث مجانا. (الأقرب ذلك) فإن المجوز لها ذلك جوزه مطلقا. ويحتمل العدم بناء على أن الثابت بالأصالة لها إنما هو الدية أو القصاص في الأربع مع رد فاضل الدية، وأما القصاص في اثنتين أو ثلاث فهو عوض عنهما فلا يثبت لها إلا صلحا. (ولو طلبت الدية لم يكن لها أكثر من مائتين) دينار أو ليس لها أن تطلب دية ثلاث وتعفو عن الرابعة فإنه خروج صريح عن النصوص (1). (هذا إذا كان القطع) لأربعها (بضربة واحدة ولو كان) بضربتين أو (بضربات ثبت لها دية الأربع أو القصاص في الجميع من غير رد) إذ كلما جنى عليها جناية ثبت لها حكمها ولا دليل على سقوطه بلحوق جناية أخرى، والجناية الأخيرة إنما هي قطع ما دون الأربع فلها حكمها ولا يسقط بسبق أخرى. (ولو قتل حر حرين فليس لأوليائهما سوى قتله) فإنه لا يجني الجاني أكثر من نفسه ولا يثبت عليه الدية إلا صلحا، نعم إن اصطلحوا على الدية كان عليه لكل مقتول دية. (فأيهما) أي الوليين (بدر) إلى قتله (استوفى) حقه كان قتلهما معا أو على التعاقب بدر ولي السابق أو اللاحق. وفي التحرير: إن بادر ولي المتأخر أساء، ثم استشكل بتساوي الجميع في سبب الاستحقاق (2) ولو تشاح الأولياء قدم ولي الأول. وإن قتلهما دفعة أو أشكل الأمر اقرع، هذا إذا لم يقتلاه معا، وإلا فهو الأولى بأن يوكلا جميعا من يضربه أو يقتله أو يضربا عنقه دفعة إن أمكنهما.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 268 ب 44 من أبواب ديات الأعضاء. (2) التحرير: ج 5 ص 497. 49 (وليس لهما المطالبة بالدية إذا قتلاه) معا خلافا لبعض العامة (1) وسنذكره. (ولو قتله أحدهما فالأقرب أن للآخر أخذ الدية من التركة) وفاقا لأبي علي (2) وابن زهرة (3) لئلا يطل دم المقتول. ويحتمل العدم كما في النهاية (4) والوسيلة (5) والسرائر (6) والجامع (7) والنافع (8) والشرائع (9) والمبسوط (10) والخلاف (11) وفيهما الإجماع عليه، لأن الجاني لا يجني أكثر من نفسه، ولا فرق بين ولي الأول والآخر. قال في المبسوط: إذا قتل واحد جماعة كأن قتل في التقدير عشرة واحدا بعد واحد، وجب لولي كل قتيل عليه القود، لا يتعلق حقه بحق غيره فإن قتل بالأول سقط حق الباقين إلى بدل النفس، فيكون لكل واحد في تركته كمال الدية، وإن قام واحد فقتله سقط حق كل واحد من الباقين إلى كمال الدية. وقال بعضهم: يتداخل حقوقهم من القصاص، فليس لواحد منهم أن ينفرد بقتله بل يقتلونه بجماعتهم، فإن قتلوه فقد استوفوا حقوقهم، وإن بادر واحد فقتله فقد استوفى حقه وسقط حق الباقين، وهكذا نقول غير أنا نقول: إن لكل واحد أن ينفرد بقتله ولا يتداخل. فإذا ثبت ذلك فقتل واحد جماعة لم يخل من ثلاثة أحوال: إما أن يقتلهم واحدا بعد واحد، أو دفعة واحدة، أو أشكل الأمر، فإن قتلهم واحدا بعد واحد. قدمنا الأول فالأول، فيقال له: اختر، فإن اختار القصاص استوفى حقه وسقط حق الباقين عندنا لا إلى مال وعند بعضهم إلى الديات، وإن اختار الدية وبذلها الجاني يقال للثاني: اختر على ما قلناه للأول كذلك، حتى نأتي على آخرهم.
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 119. (2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 443. (3) الغنية: 404. (4) النهاية: ج 3 ص 433. (5) الوسيلة: ص 432. (6) السرائر: ج 3 ص 348. (7) الجامع للشرائع: ص 579. (8) المختصر النافع: ص 287. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 231. (10) المبسوط: ج 7 ص 61. (11) الخلاف: ج 5 ص 182 المسألة 47. 50 فإن سبق الأوسط أو الأخير فثبت القتل استحب للإمام أن يبعث إلى الأول فيعرفه ذلك، فإن لم يفعل ومكن هذا من قتله فقد أساء، وسقط حق الباقين عندنا لا إلى مال، وعند بعضهم إلى الديات والترتيب مستحق فإن جاء رجل فثبت عنده القصاص فقضى له ثم وافى آخر فثبت القصاص لنفسه فكان قبل الأول قدمنا حق من قتله أولا. وإن كان ولي أحدهما غائبا أو صغيرا وولي الآخر كبيرا لكنه قد قتل ولي الصغير أو الغائب أولا صبرنا حتى كبر الصغير ويقدم الغائب، فإن قتله الحاضر البالغ فقد أساء وسقط حق الصغير والغائب عندنا لا إلى مال وعندهم إلى الدية. وإن كان قد قتلهم دفعة واحدة مثل أن أمر السيف على حلوقهم أو جرحهم فماتوا في وقت واحد حرقهم أو غرقهم أو هدم عليهم بناء فليس بعضهم أولى من صاحبه فيقرع بينهم فكل من خرج اسمه كان التخيير إليه، ثم يقرع بين الباقين أبدا، وإن أشكل الأمر قلنا للقاتل من قتلته أولا؟ فإن أخبرنا عملنا على قوله، وإن لم يخبرنا أقرعنا بينهم، كما لو كان دفعة واحدة (1). انتهى بعبارته نقلناها لما فيها من التفصيل. (ولو قطع يمين رجل ومثلها من آخر قطعت يمينه بالأول ويساره بالثاني) لأن ظاهرهم وصريح الخلاف (2) والغنية (3) الإجماع على أن من قطع يمينا ولا يمين له قطعت يسراه وبه الرواية الآتية. (فإن قطع يد ثالث قيل) في السرائر (4) سقط القصاص لفوات محله (وجبت الدية، وقيل) في النهاية (5) والخلاف (6) والكافي (7) والوسيلة (8) والكامل (9) والغنية (10) والإصباح (11) والجامع (12):
(1) المبسوط: ج 7 ص 60 - 61. (2 و 6) الخلاف: ج 5 ص 193 المسألة 59. (3 و 10) الغنية: 410. (4) السرائر: ج 3 ص 396 - 397. (5) النهاية: ج 3 ص 447. (7) الكافي في الفقه: ص 389. (8) الوسيلة: ص 453. (9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 394. (11) إصباح الشيعة: 496. (12) الجامع للشرائع: ص 596. 51 (يقطع رجله) اليمنى (وكذا لو قطع رابعا) يده قطعت رجله اليسرى للإجماع كما ادعي في الخلاف (1) والغنية (2) وخبر حبيب السجستاني، سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قطع يدي رجلين اليمينين، فقال (عليه السلام): تقطع يمينه أولا، وتقطع يساره الذي قطع يمينه أخيرا، لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأول، قال حبيب: فقلت: إن عليا (عليه السلام) إنما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، قال فقال: إنما يفعل ذلك فيما يجب من حقوق الله تعالى، فأما ما كان من حقوق المسلمين فإنه يؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كان للقاطع يدان، والرجل باليد إن لم يكن للقاطع يدان، فقلت له: إنما نوجب عليه الدية ونترك رجله؟ فقال: إنما توجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان، فثم توجب عليه الدية لأنه ليست له جارحة يتقاص منها (3). ولا خلاف في أنه (لو قطع ولا يد له ولا رجل) أو قطع يد خامس ولم يرض الأربعة إلا بالقصاص (فعليه الدية لفوات محل الاستيفاء). (ولو قتل الجماعة واحدا اقتص منهم) ورد عليه فاضل دياتهم كما مر، وإن شاء الولي عفا عنهم على الدية فيأخذ منهم بالسوية، وإن شاء اقتص من واحد فيرد الباقون عليهم قدر جنايتهم، وإن شاء اقتص من أكثر من واحد فيؤدي الباقون قدر جنايتهم وما فضل يؤديه الولي. فلو قتل ثلاثة واحدا واختار الولي قتلهم أدى إليهم ديتين يقتسمونها بينهم بالسوية إن كافؤوا المقتول وسيأتي حكم خلافه، ولو قتل اثنين أدى الثالث ثلث الدية إليهما والولي ثلثي الدية، ولو قتل واحدا أدى الباقيان ثلثي الدية ولا شئ على الولي ومن عفا عنه أداه الولي بما يراه كما في الأخبار (4).
(1) الخلاف: ج 5 ص 193 المسألة 59. (2) الغنية: 410. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 131 ب 12 من أبواب قصاص الطرف ح 2. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 29 ب 12 من أبواب القصاص في النفس. 52 (وكذا لو قطعوا طرفا) خلافا لأبي حنيفة (1). (فلو اجتمع ثلاثة) فصاعدا (على قطع يده أو قلع عينه اقتص منهم بعد رد ما يفضل لكل واحد منهم من جنايته. وله الاستيفاء من واحد ويرد الباقيان على المقتص منه قدر جنايتهما) كما في القتل سواء كما نطق به صحيح أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل، قال: إن أحب أن يقطعهما أدى إليهما دية يد واقتسماها، وإن أحب أخذ منهما دية يد، قال: وإن قطع يد أحدهما رد الذي لم تقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية (2). (وتتحقق الشركة في ذلك بالاشتراك في الفعل) بأن لا ينفرد أحدهم بما يمتاز عن فعل الباقين (فلو قطع أحدهم ثلث اليد والثاني ثلثا آخر وأكمل الثالث، أو وضع أحدهما آلته فوق يده والآخر تحتها، واعتمدا) على آلتيهما (حتى التقت الآلتان، فلا قصاص على واحد منهم في) تمام (اليد) في الأول، ولا في تمام ما قطع منهما بالآلتين في الثاني (بل) إنما القصاص على كل منهم (في قدر جنايته، لأن كل واحد منهم قد انفرد بجناية عن صاحبه). (أما لو أخذ الثلاثة) مثلا (آلة واحدة واعتمدوا عليها) دفعة (حتى قطعوا اليد) أو رموه دفعة بحجر واحد رفعوه دفعة، أو شهدوا عليه بما يوجب القطع، أو أكرهوا من قطعها (تحققت الشركة). (وكذا لو قطع أحدهم بعض اليد) من غير إبانة (والثاني في موضع آخر) كذلك (والثالث في موضع ثالث، وسرى الجميع حتى سقطت اليد) كما يتحقق الشركة في النفس إذا جرحوه جراحات فسرت الجميع. (ولو اشترك حر وحرة في قتل حر فللولي قتلهما، ويؤدي نصف
(1) المبسوط للسرخسي: ج 26 ص 137. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 140 ب 25 من أبواب قصاص الطرف ح 1. 53 الدية إلى الرجل خاصة) وفاقا للمشهور، فإنه الذي فضلت ديته على جنايته، وينص عليه خبر أبي بصير، أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن غلام لم يدرك وامرأة قتلا رجلا خطأ، فقال: إن خطأ المرأة والغلام عمد، فان أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما وردوا على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم، وإن أحبوا أن يقتلوا الغلام قتلوه وترد المرأة على أولياء الغلام ربع الدية، قال وإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوا المرأة قتلوها ويرد الغلام على أولياء المرأة ربع الدية، وإن أحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية، كان على الغلام نصف الدية، وعلى المرأة نصف الدية (1) ولكن الخبر مختل المتن من وجوه لا يخفى. (وقيل) في المقنعة (يقسم) بينهما (أثلاثا) بناء على تقسيم الجناية بينهما (2) كذلك فيكون الرجل جنى ثلثيها، والمرأة ثلثها، ترجيحا له فيها كما يرجح في الدية (وليس بجيد). (وله قتل الرجل) خاصة (فتؤدي المرأة إلى أوليائه) تمام (ديتها) لأنه الفاضل من ديته على جنايته وهي قد جنت بقدره (وقيل) في النهاية (3) والمهذب (4) (نصف ديتها) كما في خبر أبي بصير هذا الذي سمعته الآن (وليس بمعتمد) وفي النكت: لا ريب أن هذا وهم (5) وربما وجه بمثل ما وجه به كلام المفيد: من أنها جنت نصف جناية الرجل، وضعفه ظاهر (وله قتل المرأة وأخذ نصف الدية من الرجل). (ولو قتله امرأتان قتلتا به ولا رد، إذ لا فاضل لهما عن ديته) وسأل محمد بن مسلم في الصحيح أبا جعفر (عليه السلام) عن ذلك، فقال: تقتلان به، ما يختلف فيه أحد (6).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 64 ب 34 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (2) المقنعة: ص 752. (3) النهاية: ج 3 ص 381. (4) المهذب: ج 2 ص 468. (5) نكت النهاية: ج 3 ص 381. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 62 ب 33 من أبواب القصاص في النفس ح 15. 54 (ولو كن أكثر فللولي قتلهن بعد رد فاضل ديتهن) عليهن (بالسوية). (فلو كن ثلاثا رد دية امرأة إلى الجميع، وله قتل اثنتين منهن فترد الثالثة ثلث دية الرجل إليهما بالسوية) لأن كلا منهن جنت الثلث. (وله قتل واحدة فترد الباقيتان عليها ثلث ديتها، وعلى الولي نصف دية الرجل) فإن جنايتهما توازي ثلثي دية الرجل وأولياؤه استوفوا بقتل امرأة نصفها بقي لهم النصف الآخر يأخذونه من الباقيتين، وكل منهن إنما جنت الثلث فزادت دية كل على جنايتها بقدر ثلث ديتها. (ولو قتل رجلان امرأة فلها) أي لأوليائها (القصاص بعد رد فاضل دية الرجلين عن جنايتهما) وهو دية ونصف عليهما (فترد إلى كل واحد ثلاثة أرباع ديته). (وكل موضع يثبت فيه الرد فإنه مقدم على الاستيفاء) لزيادة المستوفي على الحق قبل الرد، ويعارضه أنه لا يستحق الفاضل ما لم يستوف، ولذا كان أكثر الأخبار (1) وفتاوى الأصحاب إنما تضمنت الرد على الورثة أو الأولياء. (ولا يقتل الرجل بالخنثى المشكل إلا بعد رد التفاوت، وهو ربع الدية) فإن ديتها نصف دية الرجل ونصف دية المرأة. (ولا يقتل الخنثى بالمرأة إلا بعد رد ربع الدية عليها، وتقتل الخنثى) المشكل (بمثلها) من غير رد وفي حكمها من ليس له ما للرجال ولا ما للنساء. (ولو اشترك رجل وخنثى في قتل رجل قتلا بعد رد) الفاضل وهو قدر (دية الخنثى) فإن الفاضل من ديتها الربع ومن دية الرجل النصف (عليهما بالنسبة فيأخذ الرجل نصف ديته والخنثى الباقي) ولو كان معهما امرأة قتلوا ورد عليهم دية وربع هي اثنا عشر ألف درهم وخمسمائة، للرجل ثلثا دية وللمرأة
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 59 - 60 ب 33 من أبواب القصاص في النفس ح 3، 6، 7. 55 سدسها وللخنثى ثلثها ونصف سدسها، ويظهر ذلك بتجزئة الدية اثنا عشر جزء، فدية المرأة ستة ودية الخنثى تسعة، وكل منهما ومن الرجل إنما جنى الثلث، ففضل للرجل الثلثان ثمانية أجزاء، وللمرأة جزءان وللخنثى خمسة، والمجموع خمسة عشر. وقال المفيد - بناء على ما يراه من تقسيم الجناية على الرجل والمرأة أثلاثا - فيكون للرجل ثلث وتسع من اثني عشر ألف درهم وخمسمائة درهم، وهو خمسة آلاف درهم وخمسمائة درهم وخمسة وخمسون درهما ونصفو حبتان وثلثا حبة، وللخنثى الثلث، وهو أربعة آلاف درهم ومائة وستة وستون درهما وثلثا درهم، وللمرأة خمس وتسع خمس، فيكون ألفي درهم وسبعمائة وسبعة وسبعين درهما وأربعة دوانيق وخمس حبات وثلث حبة. فذلك تكملة الاثني عشر ألف درهم وخمسمائة درهم (1) انتهى. وذلك لأن للرجل ضعف ما للأنثى وللخنثى نصف ما للرجل ونصف ما للأنثى، فإذا جزأنا ما يرد عليهم خمسة وأربعين كان للرجل عشرون وللمرأة عشرة، وللخنثى خمسة عشر، وذلك ما ذكره وأراد بالحبة حبة شعير. (ولو اشتركا) أي رجل وخنثى (في قتل امرأة قتلا بعد رد ثلاثة أرباع الدية إلى الرجل) فإنه إنما جنى بقدر نصف ديتها (ونصف الدية إلى الخنثى) لذلك، وإن جامعهما امرأة رد عليهما ديتان ونصف سدس خمسة أسداس للرجل وسدسان للمرأة والباقي وهو سبعة من اثني عشر للخنثى. (المطلب الثاني في الجناية الواقعة بين المماليك) (يقتل العبد بالعبد) بالنص من الكتاب (2) والسنة (3) (وبالأمة، والأمة بالأمة وبالعبد إذا كانا لمالك واحد واختار ذلك) أي القصاص تساويا قيمة أو تفاوتا، فإن النفس بالنفس. وسأل إسحاق بن عمار الصادق (عليه السلام) عن رجل له
(1) المقنعة: ص 752. (2) البقرة: 178. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 37 ب 19 من أبواب القصاص في النفس. 56 مملوكان قتل أحدهما صاحبه، أله أن يقيده به دون السلطان إن أحب ذلك؟ قال: هو ماله يفعل فيه ما شاء إن شاء قتل، وإن شاء عفا (1). (وإن كانا لمالكين فكذلك إن تساويا في القيمة ولو تفاوتا فكذلك يقتل الناقص قيمة بالكامل ولا يرجع مالكه بشئ) من غير إشكال. (وهل يقتل الكامل بالناقص من غير رد؟ الأقرب أنه لابد من الرد) فإن القيمة في المملوك بمنزلة الدية في غيره. ويحتمل العدم كما نص عليه في الوسيلة (2) بناء على إطلاق الأصحاب والنفس بالنفس (فإن لم يفعل) الرد (كان له أن يسترق منه بقدر قيمة عبده) فإنه أتلف عليه ماله وهو مال لسيده. (ولسيد المقتول الخيار وإن ساواه بين القصاص والاسترقاق إن عفا على مال ولم يفده مولاه به) أي بالمال وسيأتي استرقاقه إذا قتل حرا فهنا أولى. (وهل له الاسترقاق مع إجابة مولاه إلى المفاداة؟ الأقرب ذلك) لتسلطه على إزالة ملكه عنه بقتله فالاسترقاق أولى. ويحتمل العدم، لأنه إذا عفا على مال كان التخيير في المال إلى سيد القاتل. (ولا يضمن مولى القاتل جنايته) بل يتعلق برقبته وعند العفو على مال إن شاء سلمه وإن شاء فداه. (وإذا فداه مولاه فالأقرب) كما في المبسوط (أنه يفديه بأقل الأمرين من أرش الجناية وقيمة القاتل) (3) لأن أحدا لا يجني أكثر من نفسه. (وقيل) في الخلاف (يفديه بالأرش (4) وإن زادت على القيمة) والتأنيث باعتبار الجناية أو الفدية، وقد مر الخلاف في المتأخر، والتفاوت بين القيمة والأرش هنا مبني على اعتبار تفاوت قيمتي القاتل والمقتول.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 76 ب 44 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (2) الوسيلة: ص 442. (3) المبسوط: ج 7 ص 7. (4) الخلاف: ج 5 ص 149 المسألة 5. 57 (أما لو قتل العبد عبدا) أو حرا ولم يذكره إذ ليس الكلام فيه هنا (خطأ فإن الخيار إلى مولى القاتل) بلا إشكال لا إلى ولي المقتول. (بين فكه بقيمته وبين دفعه إلى مولى المقتول) إذ لا يتسلط ولي المقتول هنا على إزالة ملكه عنه بالقتل ليحمل عليه الاسترقاق، وإنما تعلق حقه بالدية من مال المولى فله الخيار، وإذا دفعه إلى مولى المقتول (فإن فضل منه شئ) بناء على اعتبار التفاوت في القيمة (فهو له، وليس عليه ما يعوز) إن نقصت قيمته عن قيمة المقتول إذ لا يجني الجاني أكثر من نفسه. (والمدبر كالقن يقتل عمدا بالعبد) أو الأمة (أو يدفع إلى مولى المقتول للأسترقاق، أو يفديه مولاه بقيمة الجناية) على رأي (أو بالأقل من قيمتها وقيمته على الأقوى) كما مر (فإن كانت قيمته أكثر) من الجناية أي من قيمة المقتول (لم يكن) على المختار (لمولى المقتول قتله إلا بعد رد الفاضل عن قيمة المقتول) وإذا استرقه لم يسترق الفاضل والبعديه هنا متجهة بمعنى أن لمولاه أن لا يدفعه ما لم يأخذ الفاضل إذ لا يستحق عليه أخذه ولا يمكن أخذ العبد إلا بأخذ كله. (ويقوم مدبرا) فإنه لا يبطل التدبير إن بطل إلا بعد الأخذ. (وإن دفعه وكانت قيمته أقل) من قيمة المقتول (أو مساوية) لها (بطل التدبير) في كله بخلاف ما إذا زادت عليها فإنما يبطل فيما يساويها منه. وبطلان التدبير مذهب ابن إدريس (1) والمحقق في النكت (2) لأنه انتقل إلى ملك غير المدبر كالبيع - وفيه منع بطلان التدبير بالانتقال وقد مر في التدبير - ولصحيح أبي بصير سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن مدبر قتل رجلا عمدا فقال: يقتل به، قال: وإن قتله خطأ، قال: يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم فإن شاؤوا استرقوه وليس لهم قتله، قال: يا أبا محمد إن المدبر مملوك (3) قال في المختلف وهذا نص في
(1) السرائر: ج 3 ص 354. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 391. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 75 ب 42 من أبواب القصاص في النفس ح 1. 58 الباب (1) وعندي فيه نظر. (وقيل) في المقنعة (2) والنهاية (3): (لا يبطل) التدبير (بل ينعتق بموت مولاه الذي دبره) وهو أقوى، استصحابا للتدبير إلى أن يعلم المزيل، ولحسن جميل، سأل الصادق (عليه السلام) عن مدبر قتل رجلا خطأ من يضمن عنه؟ قال: يصالح عنه مولاه، فإن أبى دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتى يموت الذي دبره، ثم يرجع حرا لا سبيل عليه (4) ولما سيأتي من خبر هشام بن أحمد. قال ابن إدريس: ويمكن أن يحمل الرواية على أنه كان التدبير عن نذر واجب لا يجوز الرجوع فيه، ثم قال: والأقوى عندي في الجميع أنه يسترق سواء كان عن نذر أو لم يكن، لأن السيد ما رجع عن التدبير وإنما صار عبدا بحق (5). (وهل يسعى حينئذ) تحرر بموت المدبر (في قيمة المقتول أو قيمة رقبته) أولا يسعى (خلاف) فالشيخ على الاستسعاء في دية المقتول (6) لأنها المضمونة، ولخبر هشام بن أحمد سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن مدبر قتل رجلا خطأ، قال: أي شئ رويتم في هذا الباب؟ قال: روينا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال يتل برمته إلى أولياء المقتول، فإذا مات الذي دبره عتق، قال: سبحان الله فيطل دم امرئ مسلم! قلت: هكذا روينا قال غلطتم على أبي يتل برمته إلى أولياء المقتول فإذا مات الذي دبره استسعى في قيمته (7) والصدوق (8) وأبو علي (9) على الاستسعاء في قيمة نفسه، وهو ظاهر الرواية والأقرب في أقل الأمرين، والظاهر أنهما إنما يريدان الاستسعاء فيما يقابل دية المقتول من القيمة إن زادت عليها.
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 315. (2) المقنعة: ص 752. (3) النهاية: ج 3 ص 39 3. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 155 ب 9 من أبواب ديات النفس ح 1. (5) السرائر: ج 3 ص 354. (6) النهاية: ج 3 ص 393. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 156 ب 9 من أبواب ديات النفس ح 5. (8) المقنع: ص 533. (9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 84. 59 وظاهر المفيد عدم الاستسعاء (1) وقد مر في التدبير عن المحقق أن للمولى بيع خدمته (2) إن ساوت الجناية، وعليه فلا استسعاء. (وإن فكه مولاه فالتدبير باق اجماعا). (والمكاتب المشروط وغير المؤدي المطلق كالقن أيضا) كما قال أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم: إن كان مولاه حين كاتبه اشترط عليه إن هو عجز فهو رد في الرق فهو بمنزلة المماليك يدفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوه وان شاؤوا باعوه (3) وقال الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي ولاد الحناط: فإن لم يكن أدى من مكاتبته شيئا فإنه يقاص للعبد منه، ويغرم المولى كل ما جنى المكاتب لأنه عبده ما لم يؤد من مكاتبته شيئا (4). (وإن كان مطلقا قد أدى بعض مكاتبته تحرر بقدر ما أدى، فلا يقتل بالعبد القن ولا بمن انعتق منه) جزء (أقل) مما انعتق منه. (ويقتل بالحر وبمن انعتق منه مثله أو أزيد) أو يسترق الولي نصيب الرقية منه. (فإذا قتل قنا تعلقت الجناية) بذمته و (بما فيه من الرقية مبعضة) فيقدر ما فيه من الحرية بذمته وبما فيه من الرقبة برقبته. (فيسعى في نصيب الحرية) من قيمة المقتول أي ما بإزائها منها كما ينص عليه صحيح أبي ولاد الحناط سأل الصادق (عليه السلام) عن مكاتب اشترط عليه مولاه حين كاتبه جنى إلى رجل جناية، فقال: إن كان أدى من مكاتبته شيئا غرم من جنايته بقدر ما أدى من مكاتبته للحر (5) فان عجز من حق الجناية شيئا أخذ ذلك من مال المولى الذي
(1) المقنعة: ص 752. (2) شرائع الإسلام: كتاب التدبير... ج 3 ص 122. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 78 ب 46 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (4 و 5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 78 ب 46 من أبواب القصاص في النفس ح 1. 60 كاتبه، قال: فإن كانت الجناية بعبد فقال: على مثل ذلك يدفع إلى مولى العبد الذي جرحه المكاتب ولا يقاص بين العبد وبين المكاتب إذا كان المكاتب قد أدى من مكاتبته شيئا. (ويسترق الباقي منه، أو يباع في نصيب الرق) من قيمته وإن أمكنه أو كان في يده ما يفي بقيمة المقتول، لأنه لما فيه من الرقية يتعلق من جنايته ما بإزائها برقبته. (وتبطل الكتابة) لانتقاله إلى الغير. (ولو قتل) قنا أو مبعضا أو حرا (خطأ فعلى الإمام بقدر ما فيه من الحرية) إن لم يكن له عاقلة، فإنه عاقلته، ولصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) (1). (وللمولى الخيار بين فك نصيب الرقبة من الجناية) فيبقي مكاتبا (وبين تسليم حصة الرق) إلى ولي المقتول (ليقاص بالجناية) فيبطل الكتابة، وله التصرف فيه كيف شاء من استخدام أو بيع أو غيرهما، وفي صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): يستخدمونه حياته بقدر ما بقي عليه، وليس لهم أن يبيعوه (2) وهو ظاهر المفيد (3) ونفى عنه البأس في المختلف (4) وفي المقنع: والمكاتب إذا قتل رجلا خطأ فعليه من الدية بقدر ما أدى من مكاتبته وعلى مولاه ما بقي من قيمته، فإن عجز المكاتب فلا عاقلة له فإنما ذلك على إمام المسلمين (5) ويوافقه خبر عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال: عليه من ديته بقدر ما اعتق وعلى مولاه ما بقي من قيمة المملوك، فإن عجز المكاتب فلا عاقلة له، وإنما ذلك على إمام المسلمين (6) وفي المراسم: على الإمام أن يزن عنه بقدر ما عتق منه ويستسعى في البقية (7) ولا بأس به عندي فإن لم يسع ولم يفكه المولى استرق بذلك القدر.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 78 ب 46 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (2) المصدر السابق: ذيل الحديث 2. (3) المقنعة: ص 752. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 328. (5) المقنع: ص 533. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 157 ب 10 من أبواب ديات النفس ح 1. (7) المراسم: ص 237. 61 (وقيل) في الاستبصار: (إذا أدى نصف ما عليه فهو كالحر) (1) لخبر علي بن جعفر سأل أخاه (عليه السلام) عن مكاتب فقأ عين مكاتب أو كسر سنه ما عليه؟ قال: إن كان أدى نصف مكاتبته فديته دية حر، وإن كان دون النصف فبقدر ما أعتق، وكذا إذا فقأ عين حر وسأله (عليه السلام) عن حر فقأ عين مكاتب أو كسر سنه ما عليه؟ قال: إن كان أدى نصف مكاتبته تفقأ عين الحر أو ديته إن كان خطأ فهو بمنزلة الحر، وإن كان لم يؤد النصف قوم فأدى بقدر ما أعتق منه وسأله عن المكاتب إذا أدى نصف ما عليه، قال: هو بمنزلة الحر في الحدود وغير ذلك من قتل وغيره. وسأله عن مكاتب فقأ عين مملوك وقد أدى نصف مكاتبته، قال: يقوم المملوك ويؤدي المكاتب إلى مولى المملوك نصف ثمنه (2). واعلم أن الذي في الاستبصار أن حكمه حكم الحر في دية أعضائه ونفسه إذا جنى عليه لا في جناياته وإن تضمنها الخبر فيحتمل أن يكون إنما يراه كالحر في ذلك خاصة، كما يرى الصدوق مع نصه في المقنع على ما سمعته في موضعين متقاربين قال: وإذا فقأ حر عين مكاتب أو كسر سنه، فإن كان أدى نصف مكاتبته، فقأ عين الحر أو أخذ ديته إن كان خطأ، فإنه بمنزلة الحر، وإن كان لم يؤد النصف قوم فأدى بقدر ما اعتق منه، وإن فقأ مكاتب عين مملوك، وقد أدى نصف مكاتبته قوم المملوك، وأدى المكاتب إلى مولى العبد نصف ثمنه (3). (ولو قتل عبد عبدين كل واحد لمالك اشترك الموليان) فيه استرقاقا وقصاصا (ما لم) يتعاقب الجنايتان ولم (يختر مولى الأول استرقاقه) أو العقوبة مجانا أو بمال ضمنه مولاه قبل الجناية الثانية إن تعاقبتا، فإنه لا ينتقل بمجرد الجناية إلى ملك المجني عليه أو وليه، ولما سيأتي في قتله حرين فإن
(1) الاستبصار: ج 4 ص 277 ذيل الحديث 1049. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 157 ب 10 من أبواب ديات النفس ذيل الحديث 3. (3) المقنع: ص 524. 62 استرقه مولى الأول (قبل الجناية الثانية فيكون للثاني) خاصة فإنه عبد الأول جنى على عبده، وكذا إذا عفا مجانا أو بما ضمنه المولى. (وقيل) في المبسوط (1) (يقدم الأول) إن تعاقبت الجنايتان ولم يسترقه قبل الثانية (لأن حقه أسبق، ويسقط الثاني لفوات محل استحقاقه) وعندي أنه لا مخالفة للمبسوط لغيره، فإن عبارته كذا: فأما إن قتل عبد واحد عبدين لرجلين لكل واحد منهما عبد ينفرد به، فإن عفوا على مال تعلق برقبته قيمة كل واحد منهما، ويكون سيده بالخيار على ما فصلناه إذا قتل عبدا واحدا، فإن اختار القود قدمنا الأول، لأن حقه أسبق، فإذا قتله سقط حق الثاني لأن حقه متعلق برقبته، فإذا هلك سقط حقه كما لو مات. وإن اختار الأول العفو على مال تعلقت قيمة عبده برقبته، وكان سيد الثاني بالخيار، فإن عفا على مال تعلقت قيمته أيضا فصارت القيمتان في رقبته، ويكون لسيده الخيار على ما فصلناه في الواحد. وإن اختار الثاني القصاص فعل فإذا قتله سقط حق الأول عن رقبته، لأنه تعلق بها لا غير، فإذا هلك تلف حقه كما لو مات (2). انتهت وهي نص في اشتراكهما فيه قصاصا واسترقاقا لكنها يتضمن أمرين، الأول: أنهما إذا اختارا القصاص فأيهما قتله سقط حق الآخر، وكذا إذا اختار أحدهما القصاص فقتله سقط حق الآخر، كما مر في أولياء الأحرار، والمصنف وغيره موافق له في هذا السقوط كما سيصرح به. والثاني: أنهما إذا اختارا القود قدمنا الأول لأن حقه أسبق فهو أولى باستيفاء حقه، وهو كما مر النقل عنه في أولياء الأحرار المقتولين، وهنا أيضا إن بادر الثاني فاستوفى القصاص أساء وليس عليه شئ وسقط حق الأول كما مر، ولم يذكره اكتفاء بما ذكره هناك، والأمر كذلك في كل موضع اشتراك في القصاص إذا لم يجتمعا على القتل دفعة، ثم
(1) المبسوط: ج 7 ص 7. (2) المبسوط: ج 7 ص 8. 63 لكل من الموليين الخيار في القصاص والاسترقاق وأخذ الفداء من مولاه إن فداه. (فإن اختار الأول المال وضمن المولى) زال حقه عن رقبته وبقي (تعلق حق الثاني برقبته، وكان له القصاص، فإن قتله بقي المال في ذمة مولى الجاني) للأول، وكذا لو اختاره الثاني وضمن المولى، زال حقه عن رقبته وبقي حق الأول وكان له القصاص، فإن قتله بقي المال في الذمة للثاني. (ولو لم يضمن) المولى المال (ورضي الأول بتملكه) أي الجاني واسترقاقه (تعلق به) حقه و (حق الثاني) جميعا (فإن قتله) الثاني (سقط حق الأول) لفوات محله ولا تركة له كالحر ليستقرب هنا ما استقربه فيه من أخذ الدية من تركته، وكذا إن رضي الثاني بتملكه فقتله الأول سقط حقه. وفيه نظر، لأنهما لما اشتركا في رقبته كان الظاهر أنه لا يجوز لأحد منهما قتله إلا إذا دفع إلى الآخر نصف قيمته فإنه مال مشترك بينهما وليس كالحر (وإن استرق) الثاني كالأول (اشترك) فيه (الموليان) كما في المبسوط (1) والشرائع (2) ولم يختص بالثاني وإن كان اختيار استرقاق الأول أقدم، إذ ليس له إلا استرقاق نصفه. وفي التحرير: والوجه عندي أنه للثاني بعد استرقاق الأول له (3) وهو مبني على تعلق استرقاقه بتمامه، فإذا اختار الثاني الاسترقاق أيضا انتقل منه إليه. (ولو قتل عبدا لجماعة فطلب بعضهم القيمة كان له منه) أي من رقبة الجاني (بقدر قيمة حصته من المقتول، وكان للباقين القود بعد رد حصة نصيب من طلب الدية عليه) وللعامة (4) قول بسقوط حقه، لأن القود لا يتبعض. (ولو قتل عبدان عبدا) لمولى (فلمولاه القصاص بعد رد فاضل قيمة الجناية) أي الجانيين (عن) قيمة (المقتول) على مولاهما أو موليهما، فإن القيمة هنا بمنزلة الدية، وللإجماع كما في الخلاف (5) خلافا
(1) المبسوط: ج 7 ص 8. (2) شرائع الإسلام: ج 2 ص 208. (3) التحرير: ج 5 ص 447. (4) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 353. (5) الخلاف: ج 5 ص 150 المسألة 6. 64 للشافعي (1) فقال: له قتلهما بلا رد. (فإن فضلت قيمة أحدهما عن جنايته) وهي النصف هنا أي نصف قيمة المقتول (أدى إلى مولاه الفاضل وقتله، وكذا الآخر، ولو لم يفضل قيمة أحدهما) أي أحد منهما (على قدر جنايته كان لمولاه قتلهما معا ولا شئ عليه) كما لو قتلت امرأتان حرا قتلتا به ولا شئ. (ولو فضل) قيمة (أحدهما خاصة) عن جنايته (رد عليه) أي مولاه الفاضل (دون الآخر) والأقرب كما في التحرير (2) رد قيمة المقتول وكل من القاتلين إلى دية الحر إن زادت عليها فلا يعتبر الزائد. (ولا يجبر فاضل أحدهما نقصان الآخر) عن جنايته حتى لا يكون عليه رد الفاضل أو بعضه لما في قيمة الآخر من النقصان من جنايته ثم الجبر وإن كان للنقصان بالفاضل وإن كان الظاهر أن يقال: ولا يجبر نقصان أحدهما بفاضل الآخر لكن لما كان يجب رد الفاضل كان نقصا على مولى المقتول فصح جعله مجبورا بالنقصان. (إلا أن يكونا لمالك واحد) فيجبر لأنهما مال أتلف مالا فيؤخذ منهما ما بإزائه. والأظهر العدم فيه أيضا بناء على أن الإنسان لا يجني أكثر من نفسه، فكما لا يجبر الناقص إذا انفرد بمال الآخر للمولى، كذا لا يجبر مع الاشتراك بفاضل الآخر. (ولو طلب الدية كان على كل واحد من الموليين نصف قيمة المقتول) وافقه قيمة عبده أو نقص عنه أو زاد عليه أو الأقل منهما مع التفاوت على الخلاف المتقدم. (أو يدفع عبده إلى مولى المقتول ليسترقه أجمع إن لم يكن في قيمته فضل عن جنايته، وإلا استرق) منه (بقدر الجناية) والخيار في دفع القيمة إلى ولي الجاني، كما أن الخيار في أخذها إلى مولى المقتول بمعنى أن حقه إنما تعلق برقبة الجاني فلا له أخذ قيمتها من مولاه قهرا ولا لمولاه
(1) الأم: ج 6 ص 25 - 26، المجموع: ج 19 ص 164. (2) التحرير: ج 5 ص 447. 65 الامتناع من تسليمه إليه وإجباره على تسليم الفداء إليه. (ولو) اختار (قتل أحدهما) وأخذ الدية من مولى الآخر قتل أحدهما أي الجانيين (فإن زادت قيمة المقتول) قودا (عن جنايته رد المقتص) منه (عليه) أي على مولاه (الفاضل وأخذ من مولى الآخر قيمة نصف عبده) أو الأقل منه ومن قيمة الجاني وقال الشافعي (1) يأخذ منه النصف ولا يرد على الأول الفاضل. (أو يدفع مولاه عبده إن ساوت قيمته جنايته) أو نقصت عنها (أو يدفع) منه (ما قابل الجناية وكان الفاضل) منه (له). (ولو تجاوزت قيمة المقتول) أي الذي يراد قتله (قودا) كمال (قيمة المقتول أولا) وهو المجني عليه (أدى مولى المجني عليه) بعد قتله (الفاضل) عن تمام القيمة خاصة واقتصر عليه ولكن مولى المقتول قودا يأخذ من مولى الآخر قدر نصف قيمة المجني عليه أو رد مولى المجني عليه على مولى المقتول قودا تمام قيمته أو نفسه إن لم يقتله. (أو قتل) العبد الآخر (الناقص) قيمته عن قيمة الأول (إن كان بقدر) تمام (قيمة عبده) المجني عليه واكتفى به (ويسترد مولاه من مولى الرفيع قدر ما أخذ منه) مولى المجني عليه (عن عبده) المجني عليه (قصاصا) وهو نصف عبده الجاني، فإن الجناية تحيط بنصفه فنصفه مستحق بالجناية، فكأنه لم يؤخذ من مولاه، وعبر عن النصف الآخر الغير المستحق بأنه أخذ من مولاه (إما قيمة أو جزء من الرفيع) إن رد عليه عبده. والمحصل: إن أحد العبدين الجانيين يتساوى قيمته قيمة المجني عليه والآخر يفضل عليها - كأن يساوي قيمته مثلا مثلي قيمته - فمولى المجني عليه بالخيار بين أن يقتل الجانيين جميعا ويرد على مولييهما الفاضل عن جنايتهما فيرد على الأول مثل نصف قيمة عبده وعلى الثاني مثلها ومثل نصفها وبين أن يقتصر على قتل الأول فيأخذ مولاه من مولى الثاني فاضل جنايته وهو نصف
(1) لم نعثر عليه. 66 قيمته ولم يقتصر على قتل الثاني فيأخذ مولاه من مولى الثاني بعض الفاضل عن جنايته وهو مثل نصف قيمة المجني عليه ومن مولى المجني عليه الباقي وهو مثل قيمته، وله بعد إرادة الاقتصار على أحدهما الاقتصار على الآخر، فلو اقتصر على الأول أولا ثم بدا له الاقتصار على الثاني دفع إلى مولى الأول تمام قيمة عبده والمساوية لقيمة المجني عليه وقتل الثاني بعد رد الفاضل عن قيمة المجني عليه إلى مولاه ثم مولاه يأخذ نصف قيمة المجني عليه من مولى الأول، وإن اقتصر على الثاني أولا ثم بدا له الاقتصار على الأول دفع إلى مولى الثاني تمام قيمة عبده وهو في المثال مثلا قيمة المجني عليه وقتل الأول من غير رد ولكن مولاه يسترد من مولى الثاني نصف قيمته. (ولو ساوى الخسيس) من الجانيين (نصف قيمة المجني عليه كان لمولاه) أي مولى المجني عليه مع الخسيس (من الرفيع بقدر النصف الآخر) فإن استرقه استرق منه ذلك القدر وإن قتله دفع الفاضل إلى مولاه. (ولو كانت) قيمة الخسيس (أقل) من نصف قيمة المجني عليه (فكذلك) ليس له من الرفيع إلا بقدر النصف الآخر لما عرفت من أن الجاني لا يجني أكثر من نفسه. (المطلب الثالث في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار) (لا يقتل) عندنا (حر بعبد ولا أمة) كما يفهم من الآية (1) وينص عليه قوله (صلى الله عليه وآله) لا يقتل حر بعبد (2) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) من السنة: لا يقتل حر بعبد (3) وغيرهما (سواء) عبد نفسه وعبد غيره وقال أبو حنيفة: يقتل بعبد غيره (4). وقال النخعي: به وبعبد نفسه (5). وسواء (كان قنا أو مدبرا أو أم ولد أو
(1) البقرة: 178. (2) سنن البيهقي: ج 8 ص 35. (3) سنن البيهقي: ج 8 ص 34. (4) المجموع: ج 18 ص 358. (5) المجموع: ج 18 ص 357. 67 مكاتبا مشروطا أو مطلقا أدى من كتابته شيئا أو لا، وسواء بقي عليه القليل أو الكثير) لصدق الرق خلافا لمن نزل المكاتب إذا أدى نصف كتابته منزلة الحر كما مر (وسواء كانت قيمة العبد أقل من دية الحر) أو مساويا (أو أكثر) مع أن الأكثر غير معتبر للأخبار الناطقة بالرد إلى دية الحر كقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن رئاب: إذا قتل الحر العبد غرم قيمته وأدب، قيل: وإن كانت قيمته عشرين ألف درهم؟ قال: لا يتجاوز قيمة العبد دية الأحرار (1). (وسواء كان القاتل ذكرا أو أنثى أو خنثى) وكذا المقتول ولكن أغنى عنه ذكر الأمة، فإن الخنثى لا تخلو عن الذكورة والأنوثة. (وكذا لا يقتل من انعتق بعضه بالقن) لنحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي ولاد المتقدم (2) ولا تقاص بين العبد وبين المكاتب إذا كان المكاتب قد أدى من مكاتبته شيئا. (ولا بمن انعتق منه) جزء (أقل) مما انعتق منه من الأحرار (وإن كانت قيمته أكثر بحيث يكون الباقي بقدر قيمة الجاني أجمع) أو أكثر فالعبرة هنا بالجزء دون القيمة. (ولو اعتاد الحر قتل العبيد قيل) في التهذيب (3) والاستبصار (4) والمراسم (5) والوسيلة (6) والكافي (7) والغنية (8): (قتل حسما للفساد) لخبر الفتح ابن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن (عليه السلام) في رجل قتل مملوكه أو مملوكته، قال: إن كان المملوك له أدب وحبس، إلا أن يكون معروفا بقتل المماليك فيقتل به (9)
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 71 ب 40 من أبواب القصاص في النفس ح 4. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 78 ب 46 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (3) تهذيب الاحكام: ج 10 ص 192 ذيل الحديث 757. (4) الاستبصار: ج 4 ص 273 ذيل الحديث 1035. (5) المراسم: ص 236. (6) الوسيلة: ص 431. (7) الكافي في الفقه: ص 384. (8) الغنية: 407. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 69 ب 38 من أبواب القصاص في النفس ح 1. 68 وخبر يونس عنهم (عليهم السلام) قال: سئل عن رجل قتل مملوكه، قال: إن كان غير معروف بالقتل ضرب ضربا شديدا وأخذ منه قيمة العبد ويدفع إلى بيت مال المسلمين، وان كان متعودا للقتل قتل به (1) وخبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): أن عليا (عليه السلام) قتل حرا بعبد قتله عمدا (2) والأخبار ضعيفة. وأطلق أبو علي (3) قتله إذا اعتاد قتل عبيده وقال في عبيد الغير: إذا عرف بقتلهم قتل في الثالثة أو الرابعة. (وفي رد الفاضل) من ديته على قيمة المقتول إذا قتل به لاعتياده كما في المراسم (4) والوسيلة (5) والجامع (6) (إشكال): من الإشكال في أن قتله قصاصا كما يشعر به لفظ الأخبار، أوحدا كما قاله الشيخ وغيره. (ولو قتل المولى عبده أدب) كما يؤدب لكل كبيرة، ونص عليه خبرا يونس (7) والجرجاني (8) المتقدمان وغيرهما، وسيأتي الآن ضربه مائة وحبسه. وفي الجامع نفيه عن مسقط رأسه (9) وهو في خبر جابر (10) عن أبي جعفر (عليه السلام). (وكفر) لعموم أدلته وخصوص النصوص (11) الناطقة به، وليس عليه غيرهما، للأصل. (وقيل) في المشهور: (يلزم بالقيمة صدقة) لخبر مسمع عن الصادق (عليه السلام): أنه رفع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) رجل عذب عبده حتى مات، فضربه مائة نكالا، وحبسه سنة، وغرمه قيمة العبد وتصدق بها عنه (12). وقد مر في خبر
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 69 ب 38 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 72 ب 40 من أبواب القصاص في النفس ح 9. (3) نقله عنه في المهذب البارع: ج 5 ص 160. (4) المراسم: ص 236 - 237. (5) الوسيلة: ص 433. (6) الجامع للشرائع: ص 572. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 69 ب 38 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (8) المصدر السابق: ح 1. (9) الجامع للشرائع: ص 576. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 69 ب 37 من أبواب القصاص في النفس ح 9. (11) المصدر السابق: ص 67. (12) وسائل الشيعة: ج 19 ص 68 ب 37 من أبواب القصاص في النفس ح 5. 69 يونس: أنه يؤخذ منه القيمة، ويدفع إلى بيت المال. ويمكن اتفاقهما في المعنى. والخبران ضعيفان، لكن القول بالتصدق قريب من المتفق عليه، كما قاله الشهيد قال: والأولى العمل بفتوى الأصحاب، ولا تعويل على الرواية، ولهذا عمل بها من طرح أخبار الآحاد بالكلية (1) يعني مثل ابني زهرة وإدريس. (ويغرم الحر قيمة عبد غيره يوم قتله) اتفاقا (ما لم يتجاوز دية الحر، فإن تجاوزت ردت إليها) بالنص (2) والإجماع إلا من ابن حمزة (3) فردها إلى أقل منها ولو بدينار، ولا نعلم مستنده إلا الفرق بين الحر والمملوك. ولا رد عند الشافعي (4) ومالك (5) بل يعتبر القيمة ما بلغت. (وكذا يضمن قيمة الأمة يوم التلف ما لم يتجاوز دية الحرة فترد) عند التجاوز (إليها). (ولو جنى عليه) جناية (فنقصت قيمته ثم مات) من تلك الجناية (ضمن قيمته كملا) ولا يكتفى منه بأرش الجناية، والقيمة يوم الموت فقد يكون أقل من تمام قيمته، والنقص إنما حصل من فعله. (ولو كان) المقتول مملوكا (ذميا لذمي لم يتجاوز بالذكر دية الذمي ولا بالأنثى دية الذمية) وهو ظاهر مما مر. (ولو كان العبد لامرأة فعليه قيمته وإن تجاوزت دية مولاته ما لم يتجاوز دية الحر) فيرد إليها، إذ لا دليل على رد القيمة إلى دية المولاة أو أقل منها. (وكذا الجارية لو كانت لرجل كان عليه قيمتها ما لم يتجاوز دية الأنثى الحرة). (ولو كان للذمي عبد مسلم وجب بيعه عليه) كما تقدم (فإن قتل قبل
(1) غاية المراد: ج 4 ص 367. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 152 ب 6 من أبواب ديات النفس. (3) الوسيلة: ص 433. (4 و 5) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 382. 70 ذلك فالأقرب أن فيه قيمته ما لم يتجاوز دية الحر المسلم) وإن تجاوزت دية مولاه، لإطلاق الأخبار (1) والفتاوى بأن ديته كذلك، مع ماله من شرف الإسلام. ويحتمل الرد إلى دية مولاه الذمي، لعموم الخبر بأن العبد لا يتجاوز بقيمة دية مولاه، كذا في الإيضاح (2) ولا يحضرني الخبر مسندا. (والعبد الذمي للمسلم كالمسلم) أي ديته قيمته ما لم يتجاوز دية الحر المسلم، كما نص عليه في التحرير (3) وفيما سيأتي. ولعله مبني على الرواية المحكية عن الإيضاح، مع إطلاق سائر الأخبار بالرد إلى دية الحر، وكون الرد خلاف الأصل فيقتصر على اليقين. (ولو اختلف الجاني والمولى في قيمته يوم قتل قدم قول الجاني مع اليمين وعدم البينة) لأصل البراءة وسأل أبو الورد أبا جعفر (عليه السلام) من يقومه وهو ميت؟ قال: إن كان لمولاه شهود أن قيمته كانت يوم قتل كذا وكذا، أخذ بها قاتله، وإن لم يكن له شهود على ذلك كانت القيمة على من قتله مع يمينه يشهد بالله ماله قيمة أكثر مما قومته، فإن أبى أن يحلف ورد اليمين على المولى فإن حلف المولى أعطى ما حلف عليه، ولا يجاوز بقيمته عشرة آلاف (4) وفي الفقيه (5): يشهد أربع مرات بالله ماله قيمة أكثر مما قومته. (ولو قتل العبد حرا عمدا قتل به) اتفاقا فالنفس بالنفس (وإن كان مولاه) بخلاف الخطأ فإنه لا يثبت للمولى على ماله مال. وعن السكوني عن الصادق (عليه السلام) في عبد قتل مولاه متعمدا، قال: يقتل به، ثم قال: وقضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك (6). (ولا يضمن المولى) جنايته على غيره (بل) يتعلق
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 163 ب 14 من أبواب ديات النفس. (2) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 581 - 582. (3) التحرير: ج 5 ص 443. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 153 ب 7 من أبواب ديات النفس ح 1. (5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 128 ح 5274. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 72 ب 40 من أبواب القصاص في النفس ح 10. 71 برقبته و (يتخير ولي المقتول بين قتله واسترقاقه) كما نصت عليه الأخبار (1) والأصحاب. (ولا خيار لمولاه لو أراد فكه ولو بأرش الجناية) وإن زاد على القيمة (إلا برضى الولي) كما ليس للقاتل دفع الدية إلى ولي المقتول إلا برضاه. (وإن اختار) الولي (استرقاقه) لا قتله لتعلق الحق بالرقبة فلا ينتقل عنها إلا بالتراضي، ويؤيده إطلاق الأخبار بدفعه إلى ولي المقتول إن شاء قتله وإن شاء استرقه. ويحتمل العدم إذا اختار الاسترقاق، لما مر. (ولو جرح حرا اقتص منه) فالجروح قصاص (فإن طلب الدية تعلقت برقبته) ولا ضمان على المولى (فإن افتكه مولاه) برضا المجروح أو لا به كما سيظهر. (وإلا كان للمجني عليه منه بقدر الجناية إن لم يحط بقيمته، أو الجميع إن أحاطت) به قال الصادق (عليه السلام) في صحيح الفضيل بن يسار في عبد جرح حرا: إن شاء الحر اقتص منه، وإن شاء أخذه إن كانت الجراحة يحيط برقبته، وإن كانت الجراحة لا يحيط برقبته افتداه مولاه، فإن أبى مولاه أن يفتديه كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جراحته، والباقي للمولى، يباع العبد، فيأخذ المجروح حقه، ويرد الباقي على المولى (2) (وليس له قتله وإن أحاطت الجناية برقبته) كما ليس للرجل قتل المرأة إذا قطعت إحدى يديه أو كلتيهما ولا قتل الرجل إذا قطع يديه أو رجليه، وهو ظاهر. (وهل يفتكه مولاه بالأرش أو بالأقل) منه ومن القيمة، فيه الخلاف المتقدم غير مرة و (الأقرب الثاني. والأقرب أن له الافتكاك هنا وإن كره المجروح إذا) لم يرد القصاص بل (أراد الأرش) بخلاف ما إذا أراد الاسترقاق وقد قتل، والفرق أن لولي المقتول التسلط على إزالة ملك المولى عنه بالقتل فكذا الاسترقاق، وليس للمجروح التسلط على الإزالة، فإن القصاص في
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 73 ب 41 من أبواب القصاص في النفس. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 125 ب 3 من أبواب قصاص الطرف ح 1. 72 الجرح لا يزيل الملك، فإذا رضي بالأرش رضي عن القصاص بالدية من مال المولى فله الخيار في أي مال له يضعها، وسيأتي في بحث قصاص الأطراف القطع بخلافه. (ولو طلب القصاص لم يكن للمولى الفك قهرا) وهو ظاهر. (ولو) طلب الأرش و (لم يفكه المولى كان للمجروح بيعه أجمع إن أحاطت الجناية برقبته، وبيع ما يساوي الجناية) منه (إن لم تحط) كما مر في خبر الفضيل. فإنه يصير ملكا له بأجمعه أو ما يساوي منه الجناية. (ولو قتل العبد حرا أو عبدا خطأ تعلقت الجناية برقبته) بمعنى أنه ليس على المولى غير رقبته (فإن اختار المولى فكه وإن شاء دفعه إلى الولي وليس للولي هنا خيار بل للمولى) لما عرفت. (وهل يفتكه بالجناية أو بالأقل) منها ومن قيمته فيه الخلاف و (الأقرب الثاني). (والمدبر كالقن) وقد مر الخلاف في بقاء تدبيره وعدمه وفي الاستسعاء. (وكذا المكاتب المشروط، والمطلق الذي لم يؤد شيئا) فسأل محمد بن مسلم أبا جعفر (عليه السلام) في الصحيح عن مكاتب قتل رجلا خطأ، فقال: إن كان مولاه حين كاتبه اشترط عليه أنه إن عجز فهو رد إلى الرق فهو بمنزلة المملوك يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا استرقوا وإن شاؤوا باعوا (1) كذا في الفقيه (2) وهو الظاهر، وفي الكافي (3) والتهذيب (4) فإن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا باعوا. ولابد من الحمل على قتل العمد وإن كان السؤال عن قتل الخطأ. (ولو أدى المطلق البعض) النصف أو أقل أو أكثر (عتق منه بقدر ما أدى، وكان للحر) دون القن ومن انعتق منه أقل (القصاص في الطرف منه
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 78 ب 46 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 128 ح 5272. (3) الكافي ج 7 ص 308 ح 3. (4) تهذيب الاحكام: ج 10 ص 198 ح 787. 73 والنفس، ويتعلق برقبته من دية الخطأ) من قتل أو جرح (بقدر الرقية، وعلى الإمام بقدر الحرية) إن لم يكن له عاقلة. وقد مر جميع ذلك وما فيه من الخلاف. (ولو قتل العبد حرين على التعاقب اشتركا) أي أولياؤهما (فيه ما لم يحكم به للأول، وقيل) في النهاية (1): إنه (للثاني) خاصة، لانتقاله بالجناية الأولى إلى ولي الأول فإذا جنى الثانية انتقل منه إلى الثاني ولأن علي بن عقبة سأل الصادق (عليه السلام) عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد، فقال: هو لأهل الأخير من القتلى إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استرقوه، لأنه إذا قتل الأول استحق أولياؤه، فإذا قتل الثاني استحق منهم فصار لأولياء الثاني، فإذا قتل الثالث استحق من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث، فإذا قتل الرابع استحق من أولياء الثالث فصار لأولياء الرابع، إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استرقوه (2). (والأول أولى) وفاقا للاستبصار (3) والسرائر (4) والشرائع (5) لاشتراكهما في الاستحقاق وعدم الانتقال بمجرد الجناية بدون الاسترقاق فإن الأصل في مقتضى العمد القصاص، ولصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في عبد جرح رجلين، قال: هو بينهما إن كانت جنايته تحيط بقيمته، قيل له: فإن جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار، قال: هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول، قال: فإن جنى بعد ذلك جناية فإن جنايته على الأخير (6) وعليه يحمل الخبر الأول. ويمكن حمل كلام النهاية (7) عليه فيرتفع الخلاف. وإذا قتلهما معا اشتركا فيه بلا خلاف.
(1) النهاية: ج 3 ص 395. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 77 ب 45 من أبواب القصاص في النفس ح 3. (3) الاستبصار: ج 4 ص 274 ذيل الحديث 1040. (4) السرائر: ج 3 ص 357. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 207. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 77 ب 45 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (7) النهاية: ج 3 ص 395. 74 (ويكفي في الاختصاص) بالأول (اختيار الولي الاسترقاق وإن لم يحكم به حاكم) وفاقا للمحقق (1) وابن إدريس (2) للأصل وخلافا لظاهر الاستبصار (3) لظاهر خبر زرارة (4) هذا. وحمله في المختلف على ما يجب أن يحكم به وهو الانتقال المستند إلى الاختيار (فإذا اختار ولي الأول الاسترقاق (5) ملكه و) إذا ملكه واختار الثاني بعد ذلك الاسترقاق (كان للثاني). (هذا إذا كان) القتل (عمدا، ولو كان خطأ توقف تملك الأول) له (مع اختياره على اختيار مولاه بذله، فإن اختار دفع الأرش للأول لم يملكه) فإن مقتضى الخطأ الدية لا الرقية (لكن يحكم به للثاني إن اختار مولاه دفعه إليه أيضا، وإلا دفع الأرش) إليه أيضا. بقي هنا شئ هو أن الوليين أو المجروحين إذا تساويا في الاستحقاق المستوعب للرقية لوقوع الجنايتين دفعة أو مطلقا على المختار، فهل لأحدهما المبادرة إلى الاسترقاق؟ قضية الفرق بين وقوعهما دفعة أو على التعاقب حيث خصوا التفصيل باختيار الأول الاسترقاق وعدمه بالتعاقب أن لا يجوز المبادرة في صورة وقوعهما دفعة ويجوز عند التعاقب، وظاهر تخصيص الاختيار بالأول والاختصاص بالثاني أنه عند التعاقب لا يجوز للأخير المبادرة. وعندي أنا إذا حكمنا بالتساوي في الاستحقاق مع التعاقب وبدونه أن لا فرق بين الصورتين في جواز المبادرة أو عدمه ولا بين الأول والأخير عند التعاقب وإن كان الأول أولى لسبقه. وحينئذ فالتفصيل المذكور جار في الصورتين، فنقول: إذا قتل حرين دفعة اشتركا فيه ما لم يسبق أحدهما بالاسترقاق، فإن سبق اختص بالآخر، ونقول عند التعاقب: إذا اختار من المجنيين أي الوليين الاسترقاق اختص بالآخر.
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 207. (2) السرائر: ج 3 ص 357. (3) الاستبصار: ج 4 ص 274 ذيل الحديث 1040. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 77 ب 45 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 331. 75 بقي الكلام في صحة المبادرة مع التساوي في الاستحقاق، وجهان: من عدم المرجح، وعدم استحقاق أحد منهما جميع الرقبة كما أن أحدا من ديان المفلس لا يستحق جميع أمواله وإن استوعبها دينه. ومن صحيح زرارة (1) المتقدم، وفتوى الأصحاب، وأن المبادرة هنا لا تضر الآخر بل ينفعه ويزيد في القتل عدم انحصار الحق في الاسترقاق. (ولو هرب العبد بعد الجناية لم يجب على مولاه شئ ما لم يفرط في حفظه) لما عرفت من أنه لا يضمن جناياته. (فإن فرط ضمن الأقل) على المختار (أو الجناية) على قول، وعندي أنه لا يضمن ما لم يهربه، إذ لا دليل على وجوب حفظه عليه ليضمن بالتفريط، ويمكن حمله عليه. (وكذا لا يضمن مولاه لو تلف بعد الجناية، ما لم يلتزم بدفع الأرش فيضمنه) إن التزمه (لا الأقل) فإنه بمنزلة معاوضة عن الرقبة به، وللزوم المضمون بفوات الرقبة. (وكذا لو هرب بعد ضمان الأرش). (ولو أعتقه مولاه بعد قتل الحر) أو العبد (عمدا ففي الصحة إشكال): من بقاء ملكه عليه، وتغليب الحرية، وكون الأصل في قضية العمد القتل دون الاسترقاق، وكون العتق أقوى من الجناية لنفوذه في ملك الغير وهو الشريك بخلافها. ومن تسلط الولي على إزالة ملكه عنه بالقتل أو الاسترقاق فيضعف ملك المولى له وتعلق حق الغير به قصاصا أو استرقاقا وهو يمنع الاسترقاق. والأقرب الصحة كما في التحرير (2). (نعم لا يبطل حق الولي من القود) وفي التحرير: والاسترقاق فإن اقتص منه أو استرقه بطل عتقه، وإن عفا على مال وافتكه مولاه عتق، وكذا لو عفا عنه (3) انتهى. فالصحة بمعنى المراعاة وعندي الأظهر الصحة منجزة إذا كان
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 77 ب 45 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (2) التحرير: ج 5 ص 449. (3) التحرير: ج 5 ص 449. 76 المقتول حرا ولا يبقى للولي إلا القود ولا يبطل به العتق، والمراعاة إذا كان المقتول عبدا فإنه ما لم يبطل العتق لم يقتص منه له كما لا يسترق. (ولو باعه أو وهبه وقف على إجازة الولي) لتعلق حقه بالرقبة فلا ينقل إلى الغير بدون إذنه، ولا يكفي علم المشتري أو المتهب بالحال كما لا يكفي في الرهن. وهنا قولان آخران، أحدهما: الصحة منجزة، والآخر: البطلان، وموضع التفصيل المتاجر. (ولو كان) القتل (خطأ صح العتق) كما في النهاية (1) (إن كان مولى الجاني مليا) لعدم اختصاص الحق بالرقبة، وملاءة المعتق المانعة من ضياع الحق. (وإلا) يكن مليا (فالأقرب المنع) للزوم ضياع الحق. ويحتمل الصحة والاستسعاء. (ومع الصحة) لملاءة المولى (يضمن) المولى (الأرش أو الأقل على الخلاف) وبالصحة وضمان الدية خبر جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في عبد قتل حرا خطأ، فلما قتله أعتقه مولاه فأجاز عتقه وضمنه الدية (2) وأبطل ابن إدريس (3) العتق إلا بعد أداء الدية أو ضمانها وحمل عليه عبارة النهاية. (ولو قتله أجنبي أو مولاه تسلط المجني عليه) أو وليه (على القيمة) يأخذها من الجاني عليه كانت جنايته عمدا أو خطأ. (ولو اشترك حر وعبد في قتل حر عمدا فللولي قتلهما، فيدفع إلى الحر نصف ديته) قطعا (ثم إن زادت قيمة العبد عن جنايته) وهي النصف (رد على مولاه الزائد ما لم يتجاوز دية الحر) فان تجاوزها (فيرد إليها) لم يرد على مولاه إلا نصفها وهو واضح (وقيل) في النهاية (4)
(1) النهاية: ج 3 ص 396. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 160 ب 12 من أبواب ديات النفس ح 1. (3) السرائر: ج 3 ص 358. (4) النهاية: ج 3 ص 382 - 383. 77 والمقنعة (1) والإصباح (2) والمهذب (3): يقتلهما و (يؤدي إلى سيد العبد ثمنه خاصة وليس بجيد) من وجهين، الأول: تخصيص الرد لسيد العبد مع أن الحر إنما جنى نصف الجناية، والثاني: رد تمام ثمنه مع أنه جنى نصف الجناية فلا يستحق سيده إلا ما زاد عليه ولم يزد على دية الحر. وفي الكافي (4) والسرائر (5): يقتلهما ويرد قيمة العبد على سيده وورثة الحر. ويمكن بناؤه على أن يساوي قيمة دية الحر فيرد نصفها على سيده ونصفها على ورثة الحر. (وله قتل الحر) خاصة (فيؤدي مولى العبد عليه) أي إليه والتعدية ب " على " لتضمين معنى الرد (نصف دية الحر، أو يدفع العبد) أو ما يساوي منه نصف ديته (إليه يسترقه ورثته، وليس) عليه شئ لو لم يساو نصف دية الحر وليس (لهم قتله) وهو ظاهر، وعليه الاجماع كما في الغنية (6) وقال الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار إن شاء قتل الحر وإن شاء قتل العبد، فإن اختار قتل الحر ضرب جنبي العبد (7) قال الشيخ في الاستبصار قوله (عليه السلام) " ضرب جنبي العبد ": لا يدل على أنه لا يجب على مولاه أن يرد على ورثة المقتول الثاني نصف الدية أو يسلم العبد إليهم، لأنه لو كان حرا لكان عليه ذلك على ما بيناه، فحكم العبد حكمه على السواء وإنما يجب مع ذلك التعزير كما يجب على الأحرار (8) وفي الكافي (9) والسرائر (10) يرد مولى العبد نصف دية الحر، وأطلقا وهو مبني على أن قيمة العبد لا ينقص عنه. (وله قتل العبد) خاصة (فإن زاد قيمته عن نصف دية الحر فلمولاه
(1) المقنعة: ص 751. (2) إصباح الشيعة: 493. (3) المهذب: ج 2 ص 468 - 469. (4) الكافي في الفقه: ص 386. (5) السرائر: ج 3 ص 347. (6) الغنية: 406. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 31 ب 12 من أبواب القصاص في النفس ح 9. (8) الاستبصار: ج 4 ص 283 ذيل الحديث 1070. (9) الكافي في الفقه: ص 386. (10) السرائر: ج 3 ص 347. 78 الزيادة يدفعها الحر) لشريك له في القتل (فإن كانت الزيادة أقل من النصف كان للولي أخذ الباقي من النصف من الحر، وإن كانت بقدره أداها الحر إلى مولاه) ولم يرد إلى الولي شيئا، وإن زادت عليه ردت إليه وإن لم يزد قيمته عن النصف أخذ الولي النصف الآخر من الحر، وليس على مولاه شئ إن نقص قيمته عن النصف وفي النهاية (1) والمقنعة (2) والمهذب (3) والإصباح (4) ليس لمولاه على الحر سبيل. ونسبه ابن زهرة إلى الأكثر، وقال: وهو الظاهر في الروايات (5). وفي الكافي (6) والسرائر (7) أن الحر يؤدي إلى مولاه نصف قيمته، وهو إن بنى على مساواة قيمته لدية الحر فصحيح، وإن بنى على تنزيل القيمة منزلة الدية في أن نصف الجناية يتعلق بنصف القيمة كم كانت لم يصح. (ولو اشترك عبد وامرأة في قتل حر فللولي قتلهما ولا رد، إلا أن يزيد قيمة العبد على نصف دية الحر فلمولاه الزيادة على الولي إلا أن يتجاوز) القيمة (دية الحر فيرد إليها) ويرد إليه نصفها. (وله قتل المرأة) خاصة (فيسترق العبد) خاصة (إن قصر عن النصف أو ساواه، وإلا استرق بقدر النصف ولمولاه الفاضل) منه وإن فداه ورضي الولي فداه بقيمته إن لم يزد على النصف وإلا فبالنصف. (وله قتل العبد) خاصة (فإن ساوت قيمته الجناية) وهو نصف الدية (أو قصرت) عنها (أخذ الولي من المرأة دية جنايتها، وإن زادت فعلى المرأة الزيادة) تدفعها إلى مولاه (ولا يتجاوز بها) أي بالقيمة (دية الحر) أو بالزيادة نصفها (فإن قصرت) قيمته (عن الدية) قصرت الزيادة عن نصفها وعلى المرأة نصفها يدفع منه قدر الزيادة من قيمة العبد إلى مولاه و (كان
(1) النهاية: ج 3 ص 384. (2) المقنعة: ص 751. (3) المهذب: ج 2 ص 469. (4) إصباح الشيعة: 493. (5) الغنية: 406. (6) الكافي في الفقه: ص 386. (7) السرائر: ج 3 ص 347. 79 الباقي) من الدية (لولي الدم) عليها دفعه إليه، والكل واضح، وصحيح ضريس عن الصادق (عليه السلام) (1) نص في البعض. (وقيمة العبد مقسومة على أعضائه كالحر المقسوم ديته على أعضائه) كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن (2) وفي مقطوع يونس: وإذا جرح العبد فقيمة جراحته من حساب قيمته (3). (ففي) العضو (الواحد) منه كالأنف (كمال القيمة) كما أن فيه من الحر كمال الدية. (وفي أحد الأنثيين) كاليد (النصف، وهكذا فالحر أصل للعبد في المقدر) من ديات الأعضاء فيحمل على ديته القيمة ويؤخذ منها بنسبة المقدر إلى الدية (وما لا تقدير فيه) من الجراحات (في الحر فالعبد أصل له فيه، فإن) فيه (الحكومة) والحكومة (إنما يتحقق بفرض الحر عبدا خاليا من) النقص الطارئ بسبب (الجناية ويقوم حينئذ) بأن يقال: لو كان هذا عبدا فقيمته كذا (ثم نفرضه متصفا بها) أي بالنقص الحاصل منها نقومه كذلك (وينسب التفاوت بين القيمتين) أي ينسب إحداهما إلى الأخرى وتؤخذ التفاوت بينهما (فيؤخذ من الدية بقدره) من القيمة العليا. (وإذا جنى الحر على العبد) بل الرقيق (بما فيه كمال قيمته) كقطع أنفه أو يديه دفعة (تخير مولاه بين دفعه) إلى الجاني (وأخذ قيمته وبين إمساكه بغير شئ) حذرا من الجمع بين العوض والمعوض ولقول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر أبي مريم: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أنف العبد أو ذكره أو شئ يحيط بقيمته أنه يؤدي إلى مولاه قيمة العبد ويأخذ العبد (4) وللإجماع كما في الخلاف (5)
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 64 ب 34 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 126 ب 5 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 125 ب 4 من أبواب قصاص الطرف ح 2. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 298 ب 8 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 3. (5) الخلاف: ج 5 ص 267 - 268 المسألة 81. 80 وغيره. وقال الشافعي: يلزم الجاني القيمة والعبد لسيده (1) واستثنى من ذلك ما لو كان الجاني غصبه ثم جنى عليه، فيجمع للمولى بين العوض والمعوض. (ولو قطع يده كان للمولى إمساكه والمطالبة بنصف قيمته، وليس له دفعه) إلى الجاني (والمطالبة بقيمته سليما) خلافا لأبي حنيفة (2) (ولا للجاني ذلك لو أراده، إلا أن يتفقا فيكون بيعا) أو نحوه (وكذا كل جناية) عليه (لا تستغرق القيمة). (ولو قطع واحد رجله وآخر يده كان له إمساكه ومطالبة كل بنصف القيمة، وكذا لو قلع آخر عينه وقطع آخر أذنه) وليس له دفعه إلى أحد منهم أو إلى الجانيين وأخذ قيمته سليما، ولا لهم ذلك إذا أرادوه إلا مع الاتفاق. (وقيل) في المبسوط (3): (يدفعه إليهما ويلزمهما الدية، أو يمسكه مجانا، كما لو كانت الجنايتان من واحد) وليس بجيد، إذ في صورة اتحاد الجاني أجمع على خلاف الأصل فيقتصر عليها، ولانفراد كل جناية بحكمها، ولا اجتماع فيها بين العوض والمعوض. (ولا يقتل الذمي الحر بالعبد المسلم) لإطلاق النصوص (4) والفتاوى بأنه لا يقتل حر بعبد، بل يلزم القيمة، ثم يقتل حدا لنقضه العهد. وعن العامة (5) قول بالقصاص. (فإن التحق بدار الحرب فاسترق لم يقتص منه، لأن الاعتبار بوقت الجناية في القصاص). (ولو قطع العبد يد حر وقيمته مائتان) من الدنانير (و) قطع (إصبع) حر (آخر احتمل قسمته أسداسا) اعتبارا بنسبة الجنايتين من الدية، فإن الواجب في الأول خمس مائة وفي الثانية مائة والمجموع ستمائة، للثاني
(1) المجموع: ج 19 ص 135. (2) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 668. (3) المبسوط: ج 8 ص 108. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 79 ب 47 من أبواب القصاص في النفس. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 17. 81 السدس، والباقي للأول. (ولو كانت قيمته مائة فكذلك، ويحتمل) التثليث في الأول اعتبارا بنسبتهما من القيمة، لأن الواجب بالأولى تمام القيمة، وبالثانية نصفها و (التنصيف) في الثاني، لأن الواجب بكل منهما تمام القيمة، فإذا اجتمعتا قسمت عليهما بالسوية (والأول أقوى) لما مر من أن الحر مثل العبد في المقدرات. (المطلب الرابع في طريان العتق) على المجني عليه (لو جنى الحر على مملوك فسرت إلى نفسه فللمولى قيمته أجمع) ما لم يتجاوز دية الحر، وإن اختلفت فأعلى القيم من الجناية إلى الموت. (فإن تحرر ثم سرت) وحدها أو مع جناية آخر أو أخرى (لم يجب القصاص) لأن الاعتبار فيه بوقت الجناية. (وللمولى أقل الأمرين من قيمة الجناية أو الدية عند السراية) ظرف للأقلية، وذلك لأن الدية إن كانت أقل فليس له غيرها، لما عرفت من أن القيمة إنما تعتبر، إذا لم تتجاوزها فإن تجاوزتها ردت إليها وليس منها لوارث المجني عليه شئ، فإن المولى استحقها حين الجناية، وإن كانت قيمة الجناية أقل فليس له غيرها، فإن السراية إنما حصلت بعد الحرية وليس للمولى مما يلزم بعدها شئ، بل ما زاد منها على قيمة الجناية لوارث المجني عليه. والمراد بالدية دية النفس إذ حين الجناية وإن لم يجب إلا دية العضو لكن سقط حكمها بالسراية، فإن من قطع إصبعا من رجل لم يكن عليه إلا دية الإصبع فإن سرت فمات وجبت دية النفس، ومن قطع يدي رجل ورجليه كانت عليه ديتان فإن سرت لم يكن عليه إلا دية واحدة وقال المصنف: (لأن القيمة) يعني قيمة الجناية (إن زادت) عند السراية يدخل في دية النفس. (فبسبب الحرية لا شئ له فيها) أي في زمان الحرية أي ما يلزم عندها أو لأجلها أو في الزيادة التي لها أو للزيادة لها فمعنى هذه العبارة ما ذكرناه من قولنا: وإن كانت قيمة الجناية أقل، إلى آخره.
82 (وإن نقصت) قيمة الجناية عند السراية عما كانت عليه، ولا يتصور إلا إذا جنى عليه غيره بعد التحرر وسرت الجنايتان أو الجنايات. (لم يلزم الجاني تلك النقيصة) بل نقصت على المولى (لدخول دية الطرف في دية النفس) عند السراية كما عرفت. فإذا كانت قيمة الجناية بقدر الدية ثم نقصت عنها حين السراية لم يكن للمولى إلا الناقص، فأولى إذا كانت ناقصة عنها ابتداء. ثم مثل لنقصانها حين السراية عما كانت عليه حين الجناية بقوله: (فلو قطع يده وهو رق قيمته ألف) دينار (فعليه النصف). (فلو تحرر وقطع آخر يده وثالث رجله ثم سرى الجميع سقطت دية الطرف) ودخلت في دية النفس. (ووجبت على الجميع دية النفس) أثلاثا (فعلى الأول ثلث الألف بعد أن كان عليه النصف للمولى، وعلى الآخرين الثلثان للورثة) أو القصاص ويرد عليهما الفاضل عن جنايتهما. وكذا إن كانت قيمته أقل من الدية إلى أن يساوي نصفها ثلثها، فعلى الأول ثلث الدية، فإن الموجب للتثليث إنما حدث بعد الحرية ولا قيمة للحر. (وقيل) في الخلاف: (للمولى هنا أقل الأمرين من ثلث القيمة وثلث الدية) (1) وهو ثلث القيمة، فإنه لو جنى عليه وهو في ملك هذا المولى ثم جنى عليه الآخران وقد انتقل إلى ملك الغير وسرت الجنايات فمات عبدا كان على الأول للمولى الأول ثلث القيمة إن لم يزد على ثلث الدية فإن زاد عليه فثلث الدية، فكذا إذا تحرر بعد الجناية الأولى، فإن أرش الجناية إن زاد بالحرية فلا شئ للمولى من الزيادة. ويدفعه ما عرفت، من أنه لا موجب للتثليث في المسألة إلا بعد الحرية ولا قيمة للحر بخلاف المسألة الأخرى فالفرق واضح. وفي المبسوط: أن له أقل الأمرين من أرش الجناية أو ثلث الدية، إذ لا حق للسيد في الجنايتين الأخيرتين، فالجناية الأولى في حقه بمنزلة المنفردة، وهي لو
(1) الخلاف: ج 5 ص 165 المسألة 27. 83 انفردت وسرت كان على الجاني أقل الأمرين من الأرش وكمال الدية، فإذا شاركه الآخران كان عليه أقل الأمرين من الأرش وثلثها (1) وتوقف في المختلف (2) بين ما في الخلاف وما في المبسوط. وأما مثال ما إذا كانت الجناية بقدر الدية فنقصت بعد العتق فواضح كما إذا قطع أنفه وقيمته ألف فصاعدا، ثم تحرر فجنى عليه آخر أو آخرون فسرت الجنايات. (ولو جرح عبد نفسه وأعتق) بعد ذلك (ثم مات فلا دية) عليه، لأن العبرة بحال الجناية (كما لو أتلف) مالا حال كونه (عبدا ثم أعتق) لم يكن عليه الضمان اعتبارا بحال الجناية. (ولو قتل عبد عبدا عمدا فأعتق القاتل لم يسقط القصاص) اعتبارا بحال الجناية (ولو جرحه ثم أعتق الجارح ثم مات المجروح فكذلك) لأنه قتله حين جرحه. (ولو قطع حر يده) مثلا (ثم أعتق ثم سرت سقط القود، لعدم التساوي حال الجناية، و) لكنه (يضمن دية حر مسلم لوقوعها مضمونة فاعتبر حالها حين الاستقرار) فإن الحكم كذلك، ولذا وجب القصاص أو كمال الدية بسراية الجراحات. (ويأخذ السيد) من الدية (نصف قيمته وقت الجناية) إن لم يزد على نصف الدية وإلا فنصفها (والباقي لورثة المجني عليه) وبالجملة فضمان الجناية حينها واستقرار المقدار باستقرارها. (ولو قطع آخر رجله بعد العتق وسرى الجميع فلا قصاص على الأول في نفس ولا طرف) لعدم التكافؤ حين الجناية مع دخول الطرف في النفس. (ويضمن نصف دية الحر) كله للسيد إن لم يزد على نصف القيمة حين الجناية وإلا فبقدره، والباقي لورثة المجني عليه. (وعلى الثاني) النصف الآخر لورثته أو (القود بعد رد نصف الدية إليه).
(1) المبسوط: ج 7 ص 38. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 462. 84 (ولو قطع يده رقيقا ورجله حرا فلمولاه عليه نصف قيمته يوم الجناية) إن لم يزد على نصف دية الحر ولا قصاص عليه في تلك الجناية (وعليه القصاص في الجناية حال الحرية فإن اقتص) منه (المعتق) المجني عليه (جاز، وإن طلب الدية أخذ النصف) وكان (له دون مولاه). (ولو سرتا فالقصاص) من نفسه جائز في جنايته (الثانية) أي لأجلها (خاصة بعد رد) ورثة المجني عليه (ما يستحقه المولى) وفي المبسوط: لا يجوز القصاص في النفس (1) لاستناد التلف إلى جنايتين لا قصاص في إحداهما كما إذا استند إلى عمد وخطأ. (فإن اقتصر الولي على قصاص الرجل فللمولى أخذ نصف قيمة المجني عليه وقت الجناية) كما كان له فيما تقدم (فإن فضل من دية اليد شئ) بأن زادت على نصف القيمة (كان للوارث، فيحصل له قصاص الرجل وفاضل دية اليد إن زادت عن نصف القيمة). (ولو جنى عليه بكمال قيمته) كما إذا قطع أنفه (ثم سرت بعد عتقه فللمولى كمال القيمة إن ساوت دية الحر أو قصرت، وكان التفاوت بين الدية والقيمة للوارث إن وجد التفاوت، وإلا فلا شئ له) ولا قصاص لعدم التكافؤ عند الجناية ثم كرر المسألة الأولى من المطلب لإبداء الاحتمال الآخر فيها فقال: (ولو قطع يد عبد فعتق ومات) من السراية (احتمل أن يصرف إلى السيد أقل الأمرين من كل الدية أو كل القيمة) ثم الزائد من الدية على القيمة إن كان لورثة المجني عليه، وإن لم يزد فلا شئ لهم، فإن مقدار الجناية كما عرفت إنما يتعين باستقرارها وإنما استقرت بالموت فوجبت القيمة أو الدية، لكن زيادة الدية إنما حصلت بالعتق فلا شئ منها للمولى، وأما زيادة القيمة فمن المعلوم عدم اعتبارها. وللإشارة إلى الدليل قال: (بمعنى أن الواجب أقل الأمرين مما لزمه أخيرا بالجناية على الملك أولا ومثل نسبته) إلى العبد (من القيمة)
(1) المبسوط: ج 7 ص 35. 85 فإن نسبتهما إليه كنسبة الدية إلى الحر ولفظة " من " لبيان الأقل فلفظة " أو " في موقعها فأشار بقوله " أخيرا " إلى أن الدية إنما لزمته بالحرية وبقوله " أولا " إلى أنه ليس للمولى إلا ما قبل الحرية لخروجه بها عن ملكه. (ويحتمل) ما مر وفاقا للمبسوط من (أن يصرف) إليه (أقل الأمرين من كل الدية أو نصف القيمة (1)) لأن السراية إنما حصلت بعد العتق، ولا شئ للسيد فيما بعده وإنما له أرش ما تقدمه من الجناية ما لم يزد على الدية، فإن زاد لم يكن له إلا الدية، وهو ظاهر وإليه أشار بقوله: (بمعنى أن المصروف إليه أقل الأمرين مما لزمه أخيرا بالجناية على الملك أولا أو مجرد أرش الجناية على الملك) وبالجملة فالواجب بأول الجناية الأرش وباستقرارها الدية فله الأقل منهما، فإن الزيادة إنما حصلت بالعتق. وفيه أنه لا يخلو إما أن يعتبر أولها فله الأقل من الأرش ونصف الدية كما قيل (2) أو استقرارها فإما الدية أو الأقل منها ومن تمام القيمة، مع أن الصواب اعتبار الاستقرار. ثم كرر المسألة الثانية لما فيها من الاحتمال المتفرع عليه في السابقة فقال: (فلو قطع إحدى يدي عبد فعتق ثم جرحه اثنان وسرى الجميع فعلى الجميع دية واحدة) لحر (وعلى الجاني في الرق الثلث) بعدما كان عليه النصف كما عرفت، ولا كلام في أن الثلثين اللذين يغرمهما الجانيان الآخران لورثة المجني عليه إن لم يقتصوا منهما (وللسيد على أحد الاحتمالين) وهو الأول (أقل الأمرين من ثلث الدية أو مثل نسبته من القيمة وهو ثلث القيمة. وعلى الاحتمال الآخر أقل الأمرين من ثلث الدية، أو نصف القيمة وهو أرش جناية) الأول على (الملك) وقد نص عليه في المبسوط (3). (فلو عاد) الجاني الأول (وجرح جرحا آخر في) حال (العتق وجب
(1) المبسوط: ج 7 ص 34. (2) قاله في المبسوط: ج 7 ص 40. (3) المبسوط: ج 7 ص 39. 86 عليه) أيضا (ثلث الدية) لما عرفت من أن العبرة بعدد الجناة لا الجنايات و (لكن بجراحتين حصة جناية الرق) التي للمولى (نصفه وهو السدس، فالمصروف إلى السيد الأقل من سدس الدية أو سدس القيمة على احتمال، أو الأقل من سدس الدية أو) أرش الجناية وهو (نصف القيمة). (وحق السيد في الدراهم) فإنها الأصل في الأثمان وحقه فيما قبل العتق. (والواجب على الجاني) أصالة (الإبل) تخييرا على ما سيظهر اعتبارا بحال الاستقرار (و) يلزم من ذلك أن يكون (الخيار إلى الجاني، فإن سلم الإبل فهي واجبة) ليس للسيد الامتناع منها (وإن سلم الدراهم فليس للسيد الامتناع) أيضا وأولى بذلك (لأنه حقه) أصالة وبالتحرير التام: أن الذي استقر على الجاني أحد الأصول الستة المعروفة في الدية، فليس للسيد الامتناع من أيها اختاره الجاني، وخصوصا الدراهم، فإنها الأصل بالنسبة إليه. وفي المبسوط: إن أراد وارث المجني عليه أن يستبقي الإبل لنفسه ويعطي السيد قيمتها لم يكن له، لأن حق السيد نفس الإبل فلا يدفع عنه إلا برضاه (1) ولا إشكال فيه، فإنه بعد ما عين الجاني تمام الدية في الإبل فمن البين أنه ليس للوارث التبديل إلا برضى السيد. (الفصل الثاني في التساوي في الدين) (وفيه مطلبان): (الأول): (لا يقتل مسلم بكافر، حربيا كان أو ذميا أو معاهدا أو مستأمنا) بالإجماع، والنصوص (2) وهي كثيرة، وقوله تعالى: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " (3) ومن العامة من يرى قتل المسلم بالذمي.
(1) المبسوط: ج 7 ص 34. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 79 ب 47 من أبواب القصاص في النفس. (3) النساء: 141. 87 وفيه يقول القائل: يا قاتل المسلم بالكافر * جرت وما العادل كالجائر يأمن ببغداد وأطرافها * من فقهاء الناس أو شاعر جار على الدين أبو يوسف * بقتله المسلم بالكافر فاسترجعوا وابكوا على دينكم * واصطبروا فالأجر للصابر (1). (بل يعزر) إن قتل ذميا أو معاهدا أو مستأمنا (فإن كان المقتول ذميا ألزم بديته) ولا كفارة عليه، كما سيأتي. وفي المبسوط عليه الكفارة (2). (وقيل) في المشهور (إن اعتاد قتل أهل الذمة قتل) وحكى عليه الإجماع في الانتصار (3) ففي المقنعة (4) والنهاية (5) والوسيلة (6) والجامع (7): أنه يقتل (قصاصا) إذا طلبه ولي الدم (بعد رد فاضل دية المسلم) لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي بصير: إذا قتل المسلم النصراني، ثم أراد أهل النصراني أن يقتلوه قتلوه، وأدوا فضل ما بين الديتين (8) وفي صحيح ابن مسكان: إذا قتل المسلم يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا وأرادوا أن يقيدوا ردوا فضل دية المسلم (9) وأقادوا به. والحمل على الاعتياد للجمع بينهما وبين ما نفى القود كقولهم (عليهم السلام): لا يقاد مسلم بذمي لا في القتل ولا في الجراحات، وللأخبار الناصة عليه كخبر إسماعيل بن الفضل سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا من أهل الذمة، قال: لا يقتل به، إلا أن يكون متعودا للقتل (10) وفي الفقيه: أنه يقتل عقوبة لخلافه على
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 15. (2) المبسوط: ج 7 ص 6. (3) الانتصار: ص 272. (4) المقنعة: ص 739. (5) النهاية: ج 3 ص 389. (6) الوسيلة: ص 433. (7) الجامع للشرائع: ص 572. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 80 ب 47 من أبواب القصاص في النفس ح 4. (9) المصدر السابق: ح 2. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 80 ب 47 من أبواب القصاص في النفس ح 7. 88 الإمام (1) قال: والخلاف على الإمام والامتناع عليه يوجبان القتل فيما دون ذلك، كما جاء في المولي إذا وقف بعد أربعة أشهر أمره الإمام بأن يفيء أو يطلق فمتى لم يفئ وامتنع من الطلاق ضربت عنقه، لامتناعه على إمام المسلمين. وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): من آذى ذمتي فقد آذاني، فإذا كان في إيذائهم إيذاء النبي (صلى الله عليه وآله) فكيف في قتلهم (2). وعند أبي علي: أنه يقتل لإفساده في الأرض (3) وهو ظاهر الغنية (4) وهو خيرة المختلف (5) وعلى هذين القولين لا يشترط في قتله مطالبة ولي الدم ولا رد فاضل الدية. وزاد الصدوق فأوجب القتل في الفقيه على من قتل واحدا من المعاهدين عمدا، لخلافه على الإمام لا لحرمة الذمي (6) واستند إلى ما سمعته من خبر أبي بصير (7) وقصر النهي عن قتله بالذمي على ما إذا لم يكن على شريطة الذمة، وفي المقنع سوى بين الذمي والمسلم في: أن الولي إن شاء اقتص من قاتله المسلم بعد رد فاضل الدية، وإن شاء أخذ الدية (8) وأنكر ابن إدريس قتل المسلم بالذمي وإن اعتاد قتله وطرح الرواية قال به لمخالفته القرآن والإجماع (9). (ويقتل الذمي بمثله) وإن اختلفت ملتاهما، لعموم النفس بالنفس (10) وكون الكفر ملة واحدة مع الاشتراك في الذمة وخبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: يقتص لليهودي والنصراني والمجوسي بعضهم من بعض ويقتل بعضهم ببعض إذا قتلوا عمدا (11) على احتمال. (وبالذمية بعد رد
(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 124 ذيل الحديث 5256. (2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 124 ذيل الحديث 5257 و ح 5258. (3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 323. (4) الغنية: ص 404. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 324. (6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 123 ذيل الحديث 5255. (7) تقدم في هامش (1). (8) المقنع: ص 534. (9) السرائر: ج 3 ص 352. (10) المائدة: 45. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 81 ب 48 من أبواب القصاص في النفس ح 1. 89 فاضل ديته، وتقتل الذمية بالذمية وبالذمي، ولا يرجع في تركتها بشئ) كالمسلمة، لأن أحدا لا يجني أكثر من نفسه. (و) يجوز أن (يقتل) سائر (الكفار بعضهم ببعض وإن اختلفت مذاهبهم) لذلك. (ويقتل الذمي بالمستأمن) خلافا لأبي حنيفة (1). (والمستأمن بمثله وبالذمي) ولا يقتل أحد منهما بالحربي. (ولو قتل مرتد ذميا ففي قتله به إشكال ينشأ: من تحرمه بالإسلام) ولذا لا يسترق، ولا يمكن الذمي من نكاح المرتدة ووجب عليه قضاء ما فاته زمن الردة من الصلاة. (ومن المساواة في الكفر، لأنه كالملة الواحدة) بل المرتد أسوأ حالا، لأنه لا يقر على دينه، وهو خيرة التحرير (2) والمبسوط (3). (أما لو رجع إلى الإسلام لم يقتل) قطعا وإن كانا متكافئين حين الجناية، لعموم ما دل على أن المسلم لا يقتل بكافر، وجب الإسلام ما قبله (وعليه دية الذمي). (ولو قتل ذمي مرتدا قتل به، سواء كان ارتداده عن فطرة أولا، لأنه محقون الدم بالنسبة إلى الذمي) أي لا يستحق قتله إلا المسلمون. وللعامة في المرتد عن فطرة قول بالعدم (4) (ولو قتله مسلم فلا دية ولا قود) كأهل الحرب، لأنه غير محقون الدم بالنسبة إليه. ويحتمل الدية بناء على أنه محقون الدم بالنسبة إلى غير الإمام. (ولو وجب على مسلم قصاص فقتله غير المستحق أقيد (5) به) لصدق قتله له عمدا عدوانا، وعصمة دمه بالنسبة إلى الغير.
(1) الهداية: ج 4 ص 160. (2) التحرير: ج 5 ص 458. (3) المبسوط: ج 7 ص 47. (4) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 348، وليس فيه: " عن فطرة ". (5) في القواعد: قيد. 90 (ولو وجب على زان أو لائط قتل لم يجب على قاتله دية ولا قود) لانتفاء حرمته شرعا ووجوب قتله وإن لم يجز لغير الإمام أو نائبه فليس وجوب قتله كوجوب قتل من استحق الاقتصاص منه فإنه حق مخصوص بولي الدم يسقط بإسقاطه، ولإجماع الصحابة كما في الخلاف (1). و (لما روي أن عليا (عليه السلام) قال لرجل قتل رجلا ادعى أنه وجده مع امرأته) يزني بها: (عليك القود إلا أن تأتي بالبينة) (2) عن سعيد بن المسيب، أن معاوية كتب إلى أبي موسى الأشعري: أن ابن أبي الحسين وجد رجلا مع امرأته فقتله، وقد أشكل؛ فسل لي عليا عن هذا الأمر، قال أبو موسى فلقيت عليا (عليه السلام) قال: فقال علي: والله ما هذا في هذه البلاد يعني الكوفة ولا هذا بحضرتي فمن أين جاءك هذا؟ قلت: كتب إلي معاوية، أن ابن أبي الحسين وجد مع امرأته رجلا فقتله وقد أشكل عليه القضاء فيه فرأيك في هذا فقال: أنا أبو الحسن إن جاء بأربعة يشهدون على ما شهد وإلا دفع برمته (3). (وهذا حكم ينسحب على كل قريب للرجل أو ولد أو مملوك) للدخول في المدافعة عن الأهل (وهل ينسحب على الأجانب؟ إشكال): من عموم النفس بالنفس واختصاص إقامة الحدود بالإمام ونوابه، ومن أنه إنما قتل مباح الدم. (ولو قتل عبد مسلم عبدا مسلما للكافر فالأقرب سقوط القود) فإنه حق للمولى " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " (4) ويحتمل العدم للتساوي في الدين الموجب للتكافؤ في الدم. (ثم إن فدى الجاني مولاه وإلا) لم يسلم إلى مولى المجني عليه بل (بيع وصرف إلى الكافر قيمة عبده) بل الأقل منها ومن قيمة الجاني. أما لو قتل حر مسلم حرا مسلما لا وارث له سوى الكافر كان المطالب بالقود الإمام، لأنه وارثه.
(1) الخلاف: ج 5 ص 173 المسألة 35. (2) عوالي اللآلي: ج 3 ص 600 ح 59. (3) تهذيب الاحكام: ج 10 ص 314 ح 1168، وفيه: " ابن أبي الجسرين بدل ابن أبي الحسين ". (4) النساء: 141. 91 (ولو قتل مرتد مرتدا قتل به) للتكافؤ مع تحرمهما بالإسلام الموجب لعصمة الدم. (ولو قتل حربي حربيا لم) يجب أن (يقتل به) لأن المقتول غير معصوم الدم (وكذا لو قتله ذمي) وأولى، ولا يجوز لأنه معصوم الدم. وفي الإرشاد يقتل به (1) وليس بجيد. (ويقتل الحربي بالذمي). (ولو قتل الذمي مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول، ويتخيرون بين قتله واسترقاقه) بالإجماع كما في الانتصار (2) والسرائر (3) وظاهر النكت (4) ولقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح ضريس (5) وحسنه (6): في نصراني قتل مسلما يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا عفوا وإن شاؤوا استرقوا وان كان معه عين مال له دفع إلى أولياء المقتول هو وماله، ولخروجه بذلك عن الذمة فيباح نفسه قتلا واسترقاقا وماله. وفي التحرير: ولا فرق في تملك أمواله بين ما ينقل منها وما لا ينقل ولا بين العين والدين (7) قلت: وهو ظاهر الأصحاب وإن لم يذكر في الخبر إلا العين. ولا فرق أيضا بين المساوي لفاضل دية المسلم والزائد عليه المساوي للدية والزائد عليها خلافا للحلبيين (8) فإنما أجازا الرجوع على تركته أو أهله لدية المقتول أو قيمته إن كان مملوكا، ولا بين اختيار الأولياء قتله أو استرقاقه خلافا لابن إدريس (9) فإنما أجاز أخذ المال إذا اختير الاسترقاق، لأن مال المملوك لمولاه. ويحتمله الخبر وكلام الأكثر.
(1) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 203 - 204. (2) الانتصار: ص 275. (3) السرائر: ج 3 ص 351. (4) نكت النهاية: ج 3 ص 387. (5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 121 ح 5251. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 81 ب 49 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (7) التحرير: ج 5 ص 455. (8) الكافي في الفقه: ص 385، الغنية: ص 406. (9) السرائر: ج 3 ص 351. 92 (وفي استرقاق ولده الصغار قولان) فاسترقاقهم قول المفيد (1) وسلار (2) وابن حمزة، لتبعيتهم له، ولأنه بخروجه عن الذمة التحق بأهل الحرب ومن أحكامهم استرقاق أولادهم الصغار. والعدم قول ابن إدريس (3) استصحابا لما انعقدوا عليه من الحرية لعدم الدليل على خلافه. (ولو أسلم قبل الاسترقاق لم يكن لهم إلا قتله كما لو قتل وهو مسلم) وهو ظاهر، وسئل أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح ضريس وحسنه عن نصراني قتل مسلما فلما أخذ أسلم أيقتل به؟ قال: نعم (4). (ويقتل ولد الرشدة بولد الزنية) المسلم ظاهرا (لتساويهما في الإسلام) ويجوز جعل اللام ظرفية. هذا على المختار من الحكم بإسلامه. ولا يقتل عند من حكم بكفره من الأصحاب، ولا يقتل به إذا كان صغيرا لعدم إسلامه وحكمه بتبعية الأبوين لعدم اللحوق بهما إلا أن يسبى فيحكم بتبعيته للسابي. (المطلب الثاني) (في تجدد الإسلام أو الكفر) بعد الجناية (لو قتل كافر كافرا وأسلم القاتل لم يقتل به) عندنا، لعموم لا يقتل مسلم بكافر (5) ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (6) والإسلام يجب ما قبله (7) خلافا للعامة اعتبارا بحال الجناية (8). (وألزم الدية إن كان المقتول ذا دية) وإلا فلا. (وكذا لو جرحه ثم أسلم الجارح ثم سرت) الجراحة (إلى
(1) المقنعة: ص 740 و 753. (2) المراسم (الجوامع الفقهية): ص 595 س 28 - 29 (ولا يخفى أن ما أثبتناه غير موجود في كتاب المراسم المطبوع مستقلا). (3) السرائر: ج 3 ص 351. (4) تقدم: ص 92. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 79 ب 47 من أبواب القصاص في النفس. (6) النساء: 141. (7) عوالي اللآلي: ج 2 ص 54 ح 145. (8) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 342. 93 نفس الكافر) وهو أولى مما إذا أسلم بعد السراية. (ولو قتل مسلم ذميا ثم ارتد لم يقتل به) وإن قتلنا به المرتد اعتبارا بحال الجناية. (وكذا لو جرحه ثم ارتد ثم سرى الجرح فلا قود، وعليه) على كل (دية الذمي). (ولو قطع المسلم يد الذمي عمدا فأسلم وسرت فلا قصاص، لا في النفس ولا في الطرف) لعدم التكافؤ حين الجناية (ويضمن دية المسلم) لموته مسلما (وكذا لو قطع يد عبد فاعتق ثم سرت) فلا قصاص ويضمن دية الحر كما مر. (وكذا لو قطع الصبي يد بالغ ثم بلغ وسرت) فلا قصاص عليه (لعدم) شرط (القصاص حال الجناية، وتثبت) على عاقلته (دية النفس) وثبوت الدية في جميع ذلك (لأن الجناية وقعت مضمونة، فكان اعتبار أرشها باستقرارها) لما عرفت من أنه المعتبر في مقدار المضمون. (أما لو قطع يد حربي أو مرتد فأسلم ثم سرت) الجناية (فلا قصاص ولا دية، لأن الجناية وقعت هدرا، فلا يضمن سرايتها) كالقطع للسرقة أو القصاص إذا سرى. واحتمل ضمان الدية اعتبارا بحال الاستقرار وخصوصا في المرتد، لأن جرحه جرح ممنوع منه لتفويض قتله إلى الامام. (ولو رمى ذميا بسهم فأسلم أو عبدا فاعتق، فأصابه) السهم (حال كماله فلا قود) لأنه لم يتعمد قتل مسلم أو حر (بل الدية) دية حر مسلم، لأنه لا يطل دم امرئ مسلم مع تحقق الإسلام والحرية حين الجناية. وربما احتمل القود لتحقق التكافؤ عند الجناية مع تعمدها. (ولو رمى حربيا أو مرتدا فأصابه مسلما فلا قود) أيضا. (وتثبت الدية لمصادفة الإصابة المسلم المعصوم) واحتمل العدم اعتبارا بحال الرمي.
94 (ولو حفر بئرا فتردى فيه) مسلما (من كان مرتدا عند الحفر وجب الضمان) لأن أول الجناية حين التردي. (ولو جرح المسلم مثله فارتد) المجروح (ثم مات اقتص في الجرح خاصة) كما في الشرائع (1) لأن الجناية وقعت موجبة للقصاص ولم يطرأ مسقط له (لا في النفس) لعدم التكافؤ عند السراية (ويقتص) منه في الجرح (وليه المسلم فإن لم يكن استوفاه الإمام) دون وارثه الكافر لما مر غير مرة. (وقيل) في المبسوط (2) (لا قود) في نفس ولا طرف (ولا دية لأن قصاص الطرف وديته يدخلان في قصاص النفس وديتها والنفس هنا غير مضمونة) بوجه فكذا الطرف (ويشكل بما أنه لا يلزم من الدخول) لو سلم في القصاص (السقوط فيما يثبت لمانع يمنع من القصاص في النفس) وهو بالحقيقة منع الدخول هنا بناء على أن الدخول إنما يسلم إذا ثبت القصاص في النفس لا إذا سقط إذ لا معنى للدخول في الساقط إلا السقوط وهو عين المتنازع فيه والمسلم إنما هو الدخول في القصاص الثابت. (ولو عاد) المجروح (إلى الإسلام وهو) مرتد (من غير فطرة) وارتداده عن غيرها (قبل أن تحصل سراية اقتص في النفس) للتكافؤ عند الجناية وفي تمام أوقات السراية. (وإن حصلت سراية وهو مرتد ثم عاد) إلى الإسلام فتمت السراية (ومات فالأقرب) وفاقا لأبي علي (3) والشيخ في الخلاف (4) (القصاص، إذ) الجناية وقعت مضمونة و (العبرة بالمضمونة حالة الاستقرار) وهو مسلم
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 212. (2) المبسوط: ج 7 ص 28. (3) نقله عنه في إيضاح الفوائد: ج 4 ص 599. (4) الخلاف: ج 5 ص 164 المسألة 25. 95 حالته فلا يسقط الضمان بالارتداد المتخلل بين الابتداء والاستقرار. (وقيل) في المبسوط: (لا قصاص (1) لاستناد الموت إلى جميع السراية التي بعضها غير مضمون) وهو المقارن للارتداد ولا يتبعض القصاص، ولذا لو قطع مسلم يد مسلم فارتد المقطوع ومات مرتدا فلا قود عليه، وكذا لو قطع يد مرتد وأسلم المقطوع ومات مسلما فلا قود أيضا. (نعم تثبت الدية) لئلا يطل دم المسلم، ولوقوع الجناية مضمونة والعبرة باستقرارها. ومن العامة (2) من أوجب نصف الدية بناء على استناد الموت إلى مضمون وغير مضمون، كما إذا قطع يده فارتد فقطع آخر يده الأخرى وهو مرتد. وهنا وجه ثالث هو القود بعد رد نصف الدية. (ولو كانت الجناية خطأ فالدية) قطعا (لأنها وقعت مضمونة في الأصل وقد صادف الموت محقون الدم) ويلزمه كمال الدية لما مر من أن العبرة بالاستقرار خلافا لمن عرفت من العامة فعليه نصفها. (ولو قطع يدي مسلم ورجليه فارتد ومات) من سرايتها (احتمل السقوط، إذ القطع صار) بالسراية (قتلا مهدرا) بالارتداد. (و) احتمل (وجوب دية) واحدة، أما وجوب الدية فلوقوع الجناية مضمونة، وأما سقوط القود فلموته مرتدا، وأما عدم وجوب أزيد من دية فلدخول دية الأطراف في دية النفس (كما لو مات مسلما) لم يلزمه أكثر من دية فهنا أولى، وهو خيرة التحرير (3). (و) احتمل وجوب (ديتين، لأ نا) لا ندرج دية الأطراف هنا في دية النفس، إذ (لو أدرجنا لأهدرنا) فإن القتل مهدر فالإرتداد قطع حكم السراية، وهو أقوى وإن لزم الزيادة على ما لو كان مسلما.
(1) المبسوط: ج 7 ص 26. (2) المجموع: ج 19 ص 3. (3) التحرير: ج 5 ص 457. 96 (الفصل الثالث في انتفاء الأبوة) عن القاتل (لا يقتل الأب) إجماعا وبالنصوص (1) (وإن علا) كما في الخلاف (2) والمبسوط (3) والوسيلة (4) والشرائع (5) بناء على عموم لفظ " الأب " و " الوالد " وهو ممنوع (بالولد وإن نزل) بناء على مثل ذلك. ولا فرق بين المتكافئين في الدين والحرية أو الرق وغيرهما، إلا أن يكون الأب محاربا فيقتل حدا (ويقتل الولد بالأب) اتفاقا (وكذا الأم تقتل به) في المشهور، للعمومات من غير معارض، خلافا لأبي علي (6) منا وللعامة (7) (ويقتل) الولد (بها، وكذا الأقارب كالأجداد والجدات من قبلها) خلافا لأبي علي (8) والعامة (9). (والإخوة والأعمام والأخوال وغيرهم). (وللجلاد والغازي أن يقتلا أباهما مع أمر الإمام) للعمومات، وعصمة الإمام عندنا. ولا يمنعان مع ذلك من الميراث، لأنه قتل سائغ كذا في التحرير (10). ولا يجوز بدون أمره، لقوله تعالى: " وصاحبهما في الدنيا معروفا " (11) وقد مرت الكراهة في الجهاد. (ولو قتل زوجته والولد هو الوارث) لها (أو قتل زوجة الابن ولا وارث) لها (سواه) أو سوى ولده فإن الزوج لا يرث القصاص (فلا قصاص) وفاقا للشيخ (12) لأنه لا يقتل بقتله فأولى أن لا يستحق عليه القتل
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 56 ب 32 من أبواب القصاص في النفس. (2) الخلاف: ج 5 ص 151 المسألة 9. (3) المبسوط: ج 7 ص 9. (4) الوسيلة: ص 431. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 214. (6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9: ص 442. (7) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 360. (8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9: ص 442. (9) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 360 - 361. (10) التحرير: ج 5 ص 463. (11) لقمان: 15. (12) المبسوط: ج 7 ص 10. 97 اقتصاصا لمورثه، ولقوله تعالى: " وصاحبهما في الدنيا معروفا ". واحتمل المحقق (1) ثبوته اقتصارا بالمنع على مورد النص. (وكذا لو قذفها الزوج) فماتت قبل اللعان والحد (ولا وارث سواه) أي الولد لم يملك استيفاء الحد من أبيه وفاقا للشيخ (2) لأنه لا يملكه إذا قذفه فأولى أن لا يملكه هنا. واحتمل المحقق الاستيفاء لذلك (3). (أما لو كان لها وارث سواه فإنه يقتص إن شاء) قطعا (ويدفع إلى الولد نصيبه من الدية، وله استيفاء الحد) أيضا (كملا) إذ لا يوزع على الورثة. (ولو قتل ولد أباه وآخر أمه فلكل منهما على الآخر القود، ويقدم قصاص أحدهما بالقرعة) تقارنت الجنايتان أو لا، للتساوي في الاستحقاق. وقد يحتمل تقديم الاقتصاص من الأقدم جناية. ولا حق لأحد منهما في القصاص لمقتوله وديته عندنا، فإن القاتل لا يرث. (فإن بدر أحدهما فقتل صاحبه) أخرجته القرعة أولا (استوفى) حقه (وكان لورثة الآخر قتله قصاصا) وكذا إذا بدر من أخرجته القرعة اقتص منه ورثة الآخر، وفائدة القرعة أن حق المبادرة لمن أخرجته. (ولو تداعى المجهول اثنان فقتله أحدهما قبل القرعة) وثبوت الأبوة لأحدهما (فلا قود) لاحتمال الأبوة واشتراطه بانتفائها، وإشكال التهجم على الدم مع الشبهة. (وكذا لو قتلاه قبلها، ولا يكفي) هنا ولا فيما لو قتله أحدهما (القرعة) بعد القتل (لأنه) أي تعليق القصاص عليها (تهجم على الدم) من غير قاطع، والفرق بينهما حينئذ وبينها قبل القتل مع استلزامها التهجم عليه بالأخرة أن المقصود بما قبله الإلحاق ولزمه التهجم اتفاقا. ويحتمل الاكتفاء بها قويا،
(1 و 3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 215. (2) المبسوط: ج 7 ص 10. 98 لإطلاق النص (1) والفتوى بالإلحاق بالقرعة مع ما في الإهدار من الإشكال، وعموم أدلة القصاص، واحتمال عدم كون الأبوة مانعة بل أظهريته مع الجهل بحصولها بل رجحان العدم، وعموم القرعة لكل مشكل. (ولو قتله أحدهما بعد القرعة فالقصاص عليه إن لم يخرجه القرعة) وكذا لو قتلاه بعدها فالقصاص على من لم تخرجه منهما لثبوت الإلحاق بها شرعا، ومن المعلوم أنهما مع الاشتراك في القتل إذا اقتص من أحدهما رد الآخر عليه نصف الدية. (ولو ادعياه ثم رجع أحدهما وقتلاه) بعد الرجوع أو قبله (توجه القصاص على الراجع بعد رد ما يفضل عن جنايته) أخذا بإقراره (وعلى) الآخر الذي هو (الأب) شرعا (نصف الدية) دون القصاص ولو رجعا اقتص منهما إن أراد الوارث بعد رد دية عليهما (وعلى كل واحد منهما) إذا اشتركا في قتله على كل تقدير (كفارة القتل) لثبوتها في قتل الولد وغيره. (ولو قتله الراجع) خاصة (قتل به) ولا رد، ولو قتله الآخر فعليه الدية دون القود. هذا فيمن لم يعلم ولادته على فراش أحد من المدعيين. (ولو ولد مولود على فراش اثنين وتداعياه كالأمة) المشتركة بينهما (أو الموطوءة للشبهة) منهما أو من أحدهما (في الطهر الواحد) وفي المبسوط: كأن طلقها ثلاثا فنكحت في عدتها ثم أتت بولد لتمام أكثر مدة الحمل من طلاق الأول أو لستة أشهر من وطء الثاني (2) بناء على مختاره من الإلحاق بالقرعة (ثم) قتله أحدهما أو (قتلاه قبل القرعة لم يقتل أحدهما) لما عرفت. ولا يكفي القرعة بعد القتل، لما مر. وفيه ما مر.
(1) وسائل الشيعة: ج 14 ص 566 ب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء. (2) المبسوط: ج 7 ص 10. 99 (ولو رجع أحدهما ثم قتلاه فكذلك، ولا يقتل) هنا (الراجع) وفاقا للشيخ (1). (لأن النسب هنا مستند إلى الفراش لا إلى مجرد الدعوى) ولذا لا ينتفي عن الجاحد بجحوده. وتردد فيه في الإرشاد كالشرائع (2) من احتمال الانتفاء بالرجوع حتى في مثال المبسوط (3) بناء على القرعة، ويؤيده عموم أدلة القصاص والأخذ بالإقرار. نعم لا يتجه فيه الحكم بالانتفاء إن رجعا جميعا، لثبوت البنوة لأحدهما قطعا للفراش. (الفصل الرابع في باقي الشرائط) وهي سبعة: الأول: العقل وهو شرط في القاتل والمقتول جميعا. (لا يقتل عاقل بمجنون وإن قتله عمدا) قطع به الأصحاب، ونفى الخلاف فيه في الغنية (4). (وتثبت الدية) عليه في ماله (ولو قصد دفعه فلا دية أيضا) عليه، وينص على الجميع صحيح أبي بصير سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا مجنونا، فقال: إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شئ عليه من قود ولا دية، ويعطى ورثته الدية من بيت مال المسلمين، قال: وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه، وأرى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون، ويستغفر الله عزوجل ويتوب إليه (5) ثم ظاهر الكتاب نفي الدية رأسا، وهو خيرة النهاية (6) والمهذب (7) والسرائر (8) كما يقتضيه عموم نصوص الدفع. والرواية نصت على ثبوتها في بيت المال كما في
(1) المصدر السابق. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 514. (3) المبسوط: ج 7 ص 10. (4) الغنية: ص 403. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 51 ب 28 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (6) النهاية: ج 3 ص 415. (7) المهذب: ج 2 ص 463. (8) السرائر: ج 3 ص 368. 100 الجامع (1) وخبر أبي الورد عن أحدهما (عليهما السلام) على ثبوتها على الإمام (2). (ولا قصاص على المجنون) إجماعا، لرفع القلم عنه، وخصوص الأخبار (3) بهذا الحكم، وهي كثيرة. (سواء كان المقتول عاقلا أو مجنونا) وسواء أطبق الجنون أو دار إذا قتل حين الجنون (وتثبت الدية على عاقلته) عندنا، لأن عمده خطأ. فإن لم يكن له عاقلة ففي النهاية (4) والمهذب (5) والجامع (6): أن الدية على بيت المال، ويوافقه خبر بريد العجلي الآتي. وفي السرائر: أنها على الإمام، دون بيت المال، لأن ميراثه له (7). (و) الشرط الثاني: البلوغ في المشهور، فإن (الصبي لا يقتل بعاقل ولا غيره ولا بمثله) لعموم رفع القلم عنه، وخصوص نحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم: عمد الصبي وخطؤه واحد (8) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار: عمد الصبيان خطأ تحمله العاقلة (9). وأما صحيح أبي بصير، أنه سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن الغلام لم يدرك وامرأة قتلا رجلا فقال: إن خطأ المرأة والغلام عمد، فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما ويردون على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم، وإن أحبوا أن يقتلوا الغلام قتلوه وترد المرأة إلى أولياء الغلام ربع الدية، قال: وإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوا المرأة قتلوها ويرد الغلام على أولياء المرأة ربع الدية، قال: وإن أحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية كان على الغلام نصف الدية وعلى المرأة نصف الدية (10) فيحتمل أن يكون في غلام
(1) الجامع للشرائع: ص 575. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 52 ب 28 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 51 ب 28 من أبواب القصاص في النفس. (4) النهاية: ج 3 ص 415. (5) المهذب: ج 2 ص 458. (6) الجامع للشرائع: ص 575. (7) السرائر: ج 3 ص 368. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 307 ب 11 من أبواب العاقلة ح 2. (9) المصدر السابق: ح 3. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 64 ب 34 من أبواب القصاص في النفس ح 1. 101 وامرأة علم (عليه السلام) أنهما تعمدا القتل وأن الغلام قد أدرك، وزعم السائل أنه لم يدرك وأنهما قتلاه خطأ. وعبارة الفقيه (1) والكافي (2) توهم العمل بظاهره، والشيخ حمل الخطأ على العمد بناء (3) على ما يعتقده بعض العامة (4) من أن عمدها خطأ، لأن من قتل غيره بغير حديد كان ذلك خطأ ويسقط القود، فكأنه (عليه السلام) قال: إن عمدهما الذي يزعمه أولا خطأ عمد. (وروي أنه يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا) (5) كذا في طائفة من الكتب، حكيت الرواية مرسلة مقطوعة وأفتى بمضمونها الشيخ في النهاية (6) والمبسوط (7) والاستبصار (8) ولم نظفر بها مستندة. نعم رأينا الأخبار المسندة بجواز طلاقه ووصاياه وإقامة الحدود عليه وروي عن سليمان بن حفص (9) وحسن بن راشد (10) عن العسكري (عليه السلام): أنه إذا بلغ ثمان سنين فجائز أمره في ماله، وقد وجبت عليه الفرائض والحدود. (وروي) عن السكوني عن الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا بلغ الغلام (خمسة أشبار) اقتص منه، وإذا لم يكن بلغ خمسة أشبار قضي بالدية (11)
(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 113 ح 5224. (2) الكافي: ج 7 ص 301 ح 1. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 243 ذيل الحديث 963. (4) الأم: ج 6 ص 5. (5) لم نعثر عليها في الكتب المتوفرة لدينا، نعم توجد نصوص مسندة بجواز طلاقه ووصاياه راجع وسائل الشيعة: ب 44 من كتاب الوصايا ج 13، والظاهر أن الشارح أراد من هذه النصوص بإدخال القصاص في الحدود. (6) النهاية: ج 3 ص 416. (7) المبسوط: ج 7 ص 44. (8) الاستبصار: ج 4 ص 249 ذيل الحديث 945. (9) وسائل الشيعة: ج 18 ص 526 ب 28 من أبواب حد السرقة ح 13. (10) وسائل الشيعة: ج 13 ص 321 ب 15 من أبواب كتاب الوقوف والصدقات ح 4. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 66 ب 36 من أبواب القصاص في النفس ح 1. 102 وعليه الشيخان (1) والصدوق (2) وجماعة. (و) زيد في النهاية (3): أنه (يقام عليه الحدود) وأطلق ابن زهرة (4) أن ظاهر القرآن الاقتصاص من الصغير. (والأقرب) وفاقا لابن إدريس (5) والمحقق (6) (أن عمد الصبي خطأ محض يلزم جنايته العاقلة حتى يبلغ) خمس عشرة سنة أو بغيرها من أمارات البلوغ، لأصل البراءة والاحتياط في الدماء وعموم رفع القلم (7) والأخبار الخاصة (8) بأن عمده خطأ مع ضعف المعارض. واشترط في التحرير مع ذلك الرشد (9) ولا أعرف له وجها. (ولو ادعى الولي البلوغ أو الإفاقة حال الجناية) ولم يكن له بينة (قدم قول الجاني بعد يمينه) لأصل البراءة (وتثبت الدية) في ماله وقيد في التحرير (10) وفيما بعد (11) والمبسوط (12) والمهذب (13) وغيرها دعوى الجنون بمن يعرف له حالة جنون، وإلا فالأصل مع الولي. (ويقتل البالغ بالصبي) على الأصح وفاقا للمشهور للعمومات من غير معارض، وخلافا للحلبي (14) ولم نظفر له بمستند، والحمل على المجنون قياس، ولا دليل على أنه لا يقتص من الكامل للناقص مطلقا. (ولو قتل العاقل مثله ثم جن لم يسقط عنه القود) للأصل، وخبر بريد العجلي: أن أبا جعفر (عليه السلام) سئل عن رجل قتل رجلا عمدا فلم يقم عليه الحد ولم
(1) المقنعة: ص 748، النهاية: ج 3 ص 416. (2) المقنع: ص 523. (3) النهاية: ج 3 ص 417. (4) الغنية: ص 403. (5) السرائر: ج 3 ص 369. (6) المختصر النافع: ص 289. (7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 32 ب 4 من أبواب مقدمات العبادات ح 11. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 307 ب 11 من أبواب العاقلة. (9 و 10) التحرير: ج 5 ص 464. (11) كذا، ولعل " و " زائدة. (12) المبسوط: ج 7 ص 15. (13) المهذب: ج 2 ص 463. (14) الكافي في الفقه: ص 384. 103 يصح الشهادة حتى خولط وذهب عقله، ثم إن قوما آخرين شهدوا عليه بعدما خولط أنه قتله؟ فقال: إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علة من فساد عقل قتل به، وإن لم يشهدوا عليه بذلك وكان له مال يعرف دفعت إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل، وإن لم يترك مالا أعطي الدية من بيت المال، ولا يطل دم امرئ مسلم (1) و (سواء) في عدم السقوط (ثبت القتل بالبينة أو الإقرار) فإنه لا يسقط إلا بإسقاط الولي. (و) هو بخلاف الرجم الثابت بالزنا فإنه (لو ثبت الزنا) الموجب له (بالإقرار) ثم جن (لم يرجم لسقوطه بالرجوع). (و) الشرط الثالث الصحو على قول المصنف (هل يثبت القود على السكران؟) حين الجناية (أقربه عدم الثبوت) لانتفاء العمد والاحتياط في الدم. (وفيه إشكال، لإجرائه) شرعا (مجرى العاقل في الأحكام) ومنها القصاص، ولذا أفتى الشيخ في المبسوط (2) أنه كالصاحي فيه، هذا إن سكر عمدا مختارا وإلا فليس كالصاحي في شئ من الأحكام. (ولو بنج نفسه) ولم يكن البنج سكرا كما احتمله في المنتهى (3) والمدنيات (4). (أو شرب مرقدا لا لعذر فقيل): إنه (كالسكران) (5) للتساوي في زوال القصد باختياره، ونسب القول إلى الشيخ. (وفيه نظر) للفرق البين بين السكر والرقاد ونحوه، ولأن جريان أحكام الصاحي على السكران إنما يثبت على خلاف الأصل فيقتصر على موضع الاتفاق، ولا يقاس عليه غيره خصوصا ما لا دليل على حرمته. وفي المبسوط: أما من جن بسبب هو
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 52 ب 29 من أبواب القصاص في النفس. (2) المبسوط: ج 7 ص 50. (3) لم نعثر عليه. (4) لا يوجد لدينا. (5) المبسوط: ج 7 ص 50، إيضاح الفوائد: ج 4 ص 601. 104 غير معذور فيه، مثل أن يشرب الأدوية المجننة فذهب عقله، فهو كالسكران (1). (و) الشرط الرابع: التيقظ، فإن (النائم لا قصاص عليه) بالإجماع، والنصوص (2) وانتفاء التعمد، وأصل البراءة، وامتناع تكليف الغافل. (وتثبت الدية) عليه كما في التحرير (3) والإرشاد (4) والتلخيص (5) لأنه شبيه العمد: وقيل (6): على العاقلة، لأنه خطأ محض. وهو خيرة المختلف (7). والشرط الخامس: البصر على قول (والأعمى كالمبصر على رأي) وفاقا لابن إدريس (8) والمحقق (9) للعمومات. (وروى) عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (أن عمده كالخطأ تؤخذ الدية من عاقلته) قال: سألته (عليه السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله، فقال (عليه السلام): هذان متعديان جميعا، فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا لأنه قتله حين قتله وهو أعمى، والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته، يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما، فإن لم يكن للأعمى عاقلة، لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين، ويرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه (10). وعمل بها الشيخ (11) وأبو علي (12) وابنا حمزة (13) والبراج (14) وجماعة. وأجيب عنه في
(1) المبسوط: ج 7 ص 50. (2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 32 ب 4 من أبواب مقدمات العبادات ح 11. (3) التحرير: ج 5 ص 464. (4) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 203. (5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 474. (6) النهاية: ج 3 ص 415. (7) مختلف الشيعة: ج 9 ص 346. (8) السرائر: ج 6 ص 368. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 216. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 306 ب 10 من أبواب العاقلة ح 1. (11) النهاية: ج 3 ص 415. (12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 347. (13) الوسيلة: ص 455. (14) المهذب: ج 2 ص 495. 105 المختلف (1) بعد تسليم الصحة بالحمل على قصد الدفع. وفيه: أنه ينافيه إلزام الدية على العاقلة بل لا شئ فيه حينئذ. وعن أبي عبيدة: أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح متعمدا، فقال: يا أبا عبيدة، أن عمد الأعمى مثل الخطأ، هذا فيه الدية من ماله، فإن لم يكن له مال، فإن دية ذلك على الإمام، ولا يطل حق امرئ مسلم (2). (و) الشرط السادس: كون المقتول معصوم الدم شرعا، فإن (كل من أباح الشرع قتله لا يقتص له من المسلم) وإن أثم قاتله بعدم الاستيذان ممن إليه القتل من إمام ونحوه، وهذا أحد الوجهين في المسألة وقد مر خلافه في بعض الصور. وقيد المسلم لأنه يقتص له من الكافر، لأنه بالنسبة إليه معصوم الدم. ويحتمل أن يريد به من أباح الشرع قتله لكل مسلم كمن سب النبي (صلى الله عليه وآله) فقد مرت إباحة قتله لكل من سمعه أو من أباح قتله لمن قتله، ويبعده قوله: من المسلم. (وكذا) من الشروط أن لا يستند موت المقتول إلى مباح شرعا، فإن (من تلف بسراية القصاص أو الحد أو التعزير) لا يقتص له. (ولا يؤثر) عندنا (في استحقاق القصاص مشاركة من لا يقتص منه) في القتل (سواء وجبت الدية -) بقتله عليه أو على عاقلته أو نحوهم (كالحر والعبد) يشتركان (في قتل العبد، والأب والأجنبي) يشتركان (في قتل الولد، والذمي والمسلم في قتل الذمي - أو لا كالسبع مع الآدمي) وكالمقتول نفسه مع من جرحه لعموم أدلة القصاص، وللعامة (3) خلاف في كل من القسمين. (ولا يتحتم القتل في الجناية على القرابة) أي لا يتعين على الولي
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 349. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 232 ح 917. (3) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 374. 106 القصاص. (بل يصح العفو) بالنص (1) والإجماع، ولا ينافيه قوله تعالى: " كتب عليكم القصاص في القتلى " (2) لصدق الوجوب والفرض والكتابة على أحد فردي الواجب تخييرا، وعلى الواجب أصالة وإن جاز أن يطرأ عليه الرخصة. (ولو نفى مولودا) على فراشه (باللعان) ثم قتله (قتل به) أخذا بإقراره، ولانتفائه عنه شرعا فانتفى المانع من القصاص. (فإن عاد بعد اللعان واعترف به ثم قتله فالأقرب القصاص) أخذا بإقراره، ولعموم أدلته مع الشك في المانع. ويحتمل العدم احتياطا في الدم، وبناء على الاشتراط بانتفاء الأبوة مع الشك فيه لاختلاف قوليه. (ولو قتل لقيطا مجهول النسب) ولم يكن نفاه عن نفسه (ثم استلحقه لم يقتص منه) لإلحاقه به شرعا بمجرد الاستلحاق الخالي عن معارض، مع الاحتياط في الدم، وعدم الاختلاف في قوله في الاستلحاق وعدمه. * * * (المقصد الثالث) (في طريق ثبوته) أي ثبوت موجبه أي القصاص أو ثبوت القتل (وكيفية استيفائه) ولا بأس بجمعهما في مقصد كافراد كل منهما بمقصد، كما في التحرير (3). (وفيه فصول) ثلاثة: (الأول في الدعوى) (ولها) في سماعها (شروط خمسة): (الأول: أن يكون) المدعي (بالغا رشيدا حالة الدعوى دون وقت
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 88 ب 57 من أبواب القصاص في النفس. (2) البقرة: 178. (3) التحرير: ج 5 ص 466، 489. 107 الجناية. فلو كان جنينا) أو مجنونا (حالة القتل صحت دعواه) عند الكمال (إذ قد يعرف ذلك بالتسامع). (ولا يشترط ذلك في المدعى عليه) عندنا (بل لو ادعى على مجنون أو طفل) صحت و (تولى الحكومة الولي) وترتب عليها الأثر من دية أو قصاص، خلافا للعامة (1) فاشترطوا فيه البلوغ والعقل. (و يصح على السفيه) لكماله وصلاحيته للخطاب (و) لكن إنما (يقبل إقراره بما يوجب القصاص) لانتفاء الحجر فيه وإن آل الأمر إلى العفو على الدية. و (لا) يقبل إقراره بما يوجب (الدية) ابتداء عليه، للحجر، أو على العاقلة، لأنه إقرار في حق الغير. (ولو أنكر) أيا منهما (صح إنكاره لإقامة البينة عليه) ويعرض عليه اليمين. (ويقبل يمينه وإن لم يقبل إقراره لانقطاع الخصومة بيمينه) نعم إن نكل، فإن جعلنا اليمين المردودة كالإقرار لم يصح الرد هنا، وإن جعلناها كالبينة ردت، فإذا حلف المدعي فكأنه أقام بينة. وللعامة (2) قول بعدم عرض اليمين بناء على أنه قد ينكل، فلا يمكن الرد لكون اليمين المردودة كالإقرار. ويحتمل اتصال قوله: ويقبل يمينه، بإقامة البينة، وقوله: وإن لم يقبل إقراره، بقوله: صح إنكاره. ويكون المعنى: ولو أنكر صح إنكاره وإن لم يقبل إقراره إذا ترتب على الإنكار إقامة البينة أو الإحلاف ويقبل يمينه فصحت الدعوى لجواز الإنكار وانقطاع الخصومة باليمين إذا لم يكن بينة وإن لم ينفع مع الإقرار. (الثاني: تعلق الدعوى بشخص معين، أو أشخاص معينين) كسائر الدعاوى (فلو ادعى على جماعة مجهولين لم تسمع. ولو قال: قتله أحد هؤلاء العشرة ولا أعرفه عينا وأريد يمين كل واحد فالأقرب) خيرة الشرائع من (أنه يجاب إليه لانتفاء الضرر) عنهم (بإحلافهم وحصوله) أي الضرر على المدعي (بالمنع) ولزوم إهدار دم المسلم. ويحتمل المنع للإبهام، وهو ضعيف.
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 33. (2) المغني لابن قدامة: ج 12 ص 127. 108 (ولو أقام بينة) على أن القاتل أحدهم (سمعت لإثبات اللوث لو خص الوارث أحدهم) بعد ذلك فتثبت الدعوى باليمين. (وكذا) يسمع (دعوى الغصب والسرقة) ونحوهما على أحد اثنين أو جماعة لمثل ذلك. (أما القرض والبيع وغيرهما من المعاملات) الواقعة بينه وبين المدعى عليه (فإشكال ينشأ من تقصيره بالنسيان) فإنها لم تقع إلا باختيار المتعاقدين فكان من حقها حفظ كل منهما عين صاحبه. (والأقرب السماع أيضا) لغلبة النسيان على أفراد الإنسان، وجريان ما مر من العلة. (الثالث: توجه الدعوى إلى من تصح منه مباشرة الجناية فلو ادعى على غائب) عند الجناية (أو على جماعة يتعذر اجتماعهم على قتل الواحد كأهل البلد لم تسمع، فإن رجع إلى الممكن) كأن فسر قتل الغائب بأمره من يقتله أو بعث سم إليه فأكله وقتل أهل البلد بوقوعه بينهم وإن كان الفاعل واحدا منهم، فهذه العبارة شائعة في هذا المعنى أو أن كلا منهم ألقوا سما في ماء يجري إلى بيته مثلا فشربه (سمعت). (ولو ادعى أنه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم) سواء قال: أعلم أنهم لا يزيدون على خمسة مثلا أو لا (سمعت) ولكن إن قال: أعلم أنهم لا يزيدون على خمسة مثلا لم يستحق من الجناية على المدعى عليه إلا سدسا، لأصل البراءة وفي الصورة الأخرى (يقضي (1) بالصلح لا بالقود ولا الدية لجهالة قدر المستحق عليه) بالنسبة إليه وإلى كل من شركائه سواء أخذ الدية أو اقتص لوجوب رد فاضل الجناية وهو مجهول، واحتمل عدم السماع للإبهام. (الرابع: أن يكون) الدعوى (مفصلة في نوع القتل) من عمد أو خطأ (واشتراكه) فيه (أو انفراده) به لتغاير الأحكام بذلك. (فلو أجمل استفصله
(1) في القواعد: وقضي. 109 الحاكم وليس) استفصاله (تلقينا) كما زعم بعض العامة (1) (بل) يكون (تحقيقا للدعوى). (ولو لم يبين) عند الاستفصال (قيل) في المبسوط (2): (طرحت دعواه وسقطت البينة بذلك، إذ لا يمكن الحكم بها. وفيه نظر) إذ ربما لم يعلم الولي التفصيل فلو طرحت دعواه طل الدم، فالوجه السماع والقضاء بالصلح. (الخامس: عدم تناقض الدعوى، فلو ادعى على شخص تفرده بالقتل، ثم ادعى على غيره) تفرده به أو (الشركة لم تسمع الدعوى الثانية، سواء أبرأ الأول أو شركه، لأنه أكذب نفسه في الثاني بالدعوى أولا) ولو لم يحلف على الدعوى الأولى ولم يمض الحكم بها لم يمكنه العود إليها أيضا. (فلو صدقه المدعى عليه ثانيا فالأقرب جواز المؤاخذة) لانحصار الحق فيهما وقد أقر الثاني فيؤخذ بإقراره، واحتمال السهو والغلط في الدعوى الأولى والكذب عمدا، ويحتمل العدم أخذا للمدعي بإقراره. (ولو ادعى العمد ففسره بما ليس بعمد لم تبطل دعوى أصل القتل) لأن الكذب في الصفة لا يوجبه في الموصوف، وكثيرا ما يخفى مفهوم العمد على الناس فيسمون به ما هو خطأ. (وكذا لو ادعى الخطأ وفسره بغيره) ويحتمل البطلان فيهما، بناء على أنه لما ادعى العمد اعترف ببراءة العاقلة فلا يسمع بعد ادعائه عليهم ولما ادعى الخطأ اعترف ببراءة القاتل. (ولو) ادعى القتل فصالح على مال ثم (قال: ظلمته بأخذ المال ففسر) الظلم (بأنه كذب في الدعوى استرد). (ولو فسر بأنه حنفي لا يرى القسامة وقد أخذ بها لم يسترد، فإن
(1) لم نعثر عليه. (2) المبسوط: ج 7 كتاب القسامة ص 230. 110 النظر) في الحكم (إلى رأي الحاكم) المحق وهو يرى الاستحقاق بها (لا إلى) رأي (الخصمين) فالمال له شرعا وإن كان يزعم خلافه، ولو قال: هذا المال حرام، وفسره بنفي ملك الباذل، فإن عين له مالكا دفع إليه، وإلا أقر في يده أمانة، مضمونة أولا، واحتمل أخذ الحاكم وحفظه لمالكه، وعلى كل فليس على الباذل شئ من غير بينة. (الفصل الثاني فيما يثبت به الدعوى) (إنما تثبت دعوى القتل بأمور ثلاثة: الإقرار، والبينة، والقسامة). (فهنا مطالب) ثلاثة: (الأول: الإقرار) ويكفي مرة كما في التحرير (1) وغيره للعمومات. واشترط الشيخ (2) وابنا إدريس (3) والبراج (4) وجماعة مرتين، ولا يظهر له جهة إلا الحمل على السرقة ونحوها والاحتياط. (ويشترط فيه) شروط سائر الأقارير من (بلوغ المقر، وكمال عقله، والاختيار، والحرية) إلا مع تصديق المولى كما سيأتي (والقصد، فلا عبرة بإقرار الصبي (5)) وإن راهق. (ولا المجنون ولا المكره ولا العبد) فإن إقراره في حق مولاه، كما سأل الصادق (عليه السلام) أبو محمد الوابشي عن قوم ادعوا على عبد جناية تحيط برقبته فأقر العبد بها، فقال (عليه السلام): لا يجوز إقرار العبد على سيده (6) بقي الكلام في أنه إذا اعتق وكان أقر بما يوجب القصاص فهل يؤخذ بإقراره؟ وجهان كما مر في الإقرار: من
(1) التحرير: ج 5 ص 469. (2) النهاية: ج 3 ص 374. (3) السرائر: ج 3 ص 341. (4) المهذب: ج 2 ص 502. (5) في القواعد: الصغير. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 121 ب 13 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ح 1. 111 انتفاء المانع، ومن سقوط ما وقع منه من الإقرار شرعا ولأنه ربما كان غرضه من الإقرار تغريم المولى. (فإن صدقه مولاه فالأقرب القبول) لإنتفاء المانع، ولأن الحق لا يعد وهما. ويحتمل العدم ضعيفا فيما يوجب القصاص، بناء على أن الرق صفة مانعة من الأهلية لقبول الإقرار، وتصديق المولى إنما هو إقرار في حق العبد بما يوجب القصاص منه. وقد مر في الإقرار أنه إن أقر السيد دونه قبل ويجب المال ويتعلق برقبته. (والقن والمدبر وأم الولد والمكاتب وإن انعتق بعضه سواء) للتساوي في تعلق حق المولى به. نعم يسمع إقرار المبعض في نصيب الحرية لكن لا يقاد منه، بل يؤخذ الدية بالحساب، فإن لم يؤدها حتى انعتق أقيد منه. (ولا إقرار الساهي) فيه (والغافل والنائم والمغمى عليه والسكران، والمرأة كالرجل) في جميع ما ذكر. (والمحجور عليه لسفه أو فلس ينفذ إقراره في العمد) إذ لا حجر عليهما في مقتضاه. (ويستوفى منه القصاص في الحال) أي من غير تربص لزوال الحجر (ولو أقر) المفلس (بالخطأ) الشبيه بالعمد والجائفة، وبالجملة ما يوجب عليه الدية من ماله. (ثبت ولم يشارك المقر له الغرماء) بل يتعلق الدية بذمته. (ويقبل إقرار أجير الغير وإن كان خاصا) به (بالعمد والخطأ) فإن اقتص منه في النفس بطلت الإجازة وإن لزمه مال تعلق بذمته. (ولو أقر المرهون وصدقه مولاه لم ينفذ حتى يصدقه المرتهن) لتعلق حقه به. (ولو أقر واحد بقتله عمدا وآخر بقتله خطأ تخير الولي في تصديق من شاء منهما، وليس له) إذا صدق أحدهما (على الآخر سبيل) وليس له قتلهما ولا أخذ الدية منهما خلافا للعامة (1) وهو ظاهر وينص عليه خبر الحسن بن صالح سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل وجد مقتولا فجاء به رجلان فقال أحدهما: أنا
(1) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 379. 112 قتلته عمدا، وقال الآخر: أنا قتلته خطأ، فقال (عليه السلام): إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل (1) وحكي عليه الإجماع في الانتصار (2) وفي الغنية (3) والإصباح (4) تخير الولي بين قتل المقر بالعمد وأخذ الدية منهما نصفين. (ولو اتهم فأقر بالقتل عمدا فاعترف آخر بأنه هو القاتل دون الأول، ورجع الأول عن إقراره درأ عنهما القتل والدية، وأخذت الدية من بيت المال) عند الأكثر. (و) المستند مع الإجماع على ما في الإنتصار (هي قضية الحسن في حياة أبيه (عليهما السلام)) في خبر إبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل وجد في خربة وبيده سكين متلطخ بالدم، وإذا رجل مذبوح متشحط في دمه، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما تقول؟ قال: يا أمير المؤمنين أنا قتلته، قال: اذهبوا به فأقيدوه فلما ذهبوا به ليقتلوه، أقبل رجل مسرعا، فقال: لا تعجلوا وردوه إلى أمير المؤمنين، فردوه، فقال: يا أمير المؤمنين والله ما هذا قتل صاحبه، أنا قتلته، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للأول: ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال يا أمير المؤمنين: وما كنت أستطيع أن أقول، وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني، وبيدي سكين متلطخ بالدم، والرجل متشحط في دمه، وأنا قائم عليه، وخفت الضرب فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة، فأخذني البول فدخلت الخربة فوجدت الرجل يتشحط في دمه، فقمت متعجبا، فدخل علي هؤلاء فأخذوني، فقال علي (عليه السلام): خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن، وقولوا له: ما الحكم فيهما، قال:
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 106 ب 3 من أبواب القصاص ح 1. (2) الانتصار: ص 272. (3) الغنية: ص 407. (4) إصباح الشيعة: 494. 113 فذهبوا إلى الحسن (عليه السلام) وقصوا عليه قصتهما، فقال (عليه السلام): قولوا لأمير المؤمنين (عليه السلام) إن كان هذا ذبح هذا، فقد أحيى هذا وقد قال الله تعالى: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " فخلى عنهما وأخرج دية المذبوح من بيت المال (1) والخبر مرسل مرفوع مخالف للأصول، فإن لم يكن على الحكم إجماع تخير الولي في قتل أيهما شاء. (المطلب الثاني البينة) (ويثبت القتل بشهادة عدلين، أو رجل وامرأتين، أو رجل ويمين، و) إنما (يثبت بالأخيرين) عند الشيخ في الخلاف (2) وابن إدريس (3) (ما يوجب الدية كالخطأ والهاشمة والمنقلة وكسر العظام والجائفة) لكون الشهادة على المال، وقد مر في الشهادات استقراب ثبوت القصاص بشاهد وامرأتين وفاقا للشرائع (4) والمبسوط (5). (ويثبت بالأول أنواع القتل أجمع). (ولا تقبل شهادة النساء منفردات في الجميع) أي في شئ من أنواعه، لما مر من اختصاصها بما يعسر على غيرهن الاطلاع عليه والوصية. (ولو رجع) الولي أو القتل أو القصاص أو الأمر، أو البناء للمجهول (بالعفو إلى المال لم يثبت بشهادة النساء وإن انضممن) على القول بعدم ثبوت القصاص، فإن ثبوت المال ليس من المشهود به وإنما هو أمر طرأ من خارج. وللعامة (6) وجه بالقبول إذا رجع إلى المال قبل الإثبات، كأن يقول: عفوت عن القصاص فاقبلوا مني شهادة رجل وامرأتين. (ولو شهد رجل وامرأتان على هاشمة مسبوقة بإيضاح) وضربة واحدة (لم يثبت الهشم) وإن أوجب الأرش (كما لا يثبت الإيضاح)
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 107 ب 4 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ح 1. (2) الخلاف: ج 6 ص 252 المسألة 34. (3) السرائر: ج 2 ص 115. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 136. (5) المبسوط: ج 7 ص 248. (6) المحلى: ج 9 ص 399. 114 الموجب للقصاص لأن المجموع جناية واحدة، وفيه: أنه لا بعد في ثبوته مع عدم ثبوت الإيضاح، ولذا استشكل فيه في التحرير (1). (ولو شهدوا) أي رجل وامرأتان (أنه رمى زيدا) عمدا (فمرق السهم فأصاب عمرا خطأ ثبت الخطأ) وإن لم يثبت العمد لأنهما جنايتان، وكذا لو شهدوا بأنه ضربه فأوضحه ثم ضربه ثانيا فهشمه للتعدد. (ويشترط تجرد الشهادة عن الاحتمال كقوله: ضربه بالسيف فقتله، أو فمات) من الضربة كما في التحرير (2) أو لم يقل من الضربة كما هو ظاهر العبارة لظهور السببية من العبارة (أو فأنهر دمه فمات في الحال) من ذلك كما في التحرير (3) أو لم يقل من ذلك لقضاء العادة بأن الموت من ذلك. (أو) ضربه (فلم يزل مريضا منها) أي الضربة (حتى مات وإن طال الزمان) فإن العدالة تمنع من الشهادة بأن الموت منها ما لم يحصل العلم بذلك، ولا ينافيه طول الزمان. (ولو شهدوا بأنه جرح وأنهر الدم لم يكف) في ثبوت القتل (ما لم يشهدوا على القتل) حتى أنه لا يكفي أن يتبعوا قولهم ذلك، قولهم: فمات، لاحتمال الموت بسبب آخر، فلابد من ذكر القتل أو الموت بسبب تلك الجراحة. قال في التحرير: ويحتمل القبول كما يكفي الشهادة على اليد والتصرف في الملك، قال: والوجه الأول (4). (ولو قال: أوضح رأسه، لم يكف ما لم يتعرض للجراحة ووضوح العظم) لعموم مفهوم الإيضاح لغيره. (ولو قال: اختصما ثم افترقا وهو مجروح، أو ضربه فوجدناه مشجوجا، لم يقبل) للاحتمال (وكذا لو قال) ضربه (فجرى دمه) لقيام الاحتمال حتى يقول بتلك الضربة.
(1) التحرير: ج 5 ص 470. (2، 3) التحرير: ج 5 ص 470. (4) التحرير: ج 5 ص 471. 115 (ولو قال): ضربه (فأجرى دمه قبلت في الجراح). (ولو قال: أسال دمه فمات قبل في الدامية خاصة) دون القتل ما لم يصرح باستناد الموت إليها، وهو ينافي ما ظهر فيما مر من الاكتفاء بقوله: ضربه بالسيف فمات. (ولو قال: أوضحه، ولم يعين لعجزه عن تعيين محلها أو تعددها) بل لو لم يتعدد واقتصر على أنه أوضحه ولم يقل هذه الموضحة (سقط القصاص) للجهل بالمحل حتى فيما صورناه، لجواز مغايرة المشهود عليها للموجودة، وجواز أن يكون قد كانت هذه الموضحة صغيرة فأوسعها المشهود عليه أو أوضحها صغيرة [فأوسعها المشهود وعليه أو أوضحها صغيرة] (1) فأوسعها غيره. (وثبت الأرش) لأنه أحد العوضين مع اتحاده في جميع أقسام الموضحة، فإذا تعذر أحدهما الذي هو القصاص يثبت الآخر، واحتمل العدم بناء على أن الواجب هو القصاص فإذا لم يكن سقط، وثبوت الأرش على خلاف الأصل وإنما يثبت صلحا. (وليس له القصاص بأقلهما) أي الموضحتين كما يتوهم (لتغاير المحل) أي احتمال تغاير محل القصاص والموضحة الموجبة لها فلا يتحقق القصاص. (وكذا لو قال: قطع يده، ووجد مقطوع اليدين، فلابد من أن يقول: قطع هذه اليد) ليمكن القصاص فإن لم يتعين ثبتت الدية. (أو جرح هذه الشجة) أي الجراحة الموجبة للقصاص فإن لم يعينها فالأرش. (ولو شهد على أنه قتله بالسحر لم يسمع، لأنه غير مرئي) وإن رأى أو سمع ما ظن أو علم أنه سحره إذ لا يحصل به العلم بأنه قتله بالسحر. (نعم لو شهد على إقراره بذلك سمع) وهو ظاهر. (ويشترط توارد) شهادة (الشاهدين على المعنى الواحد) كما في غيره
(1) أثبتناه من هامش المطبوعة. 116 (فلو شهد أحدهما أنه قتله غدوة والآخر) أنه قتله (عشية، أو شهد أحدهما أنه قتله بالسيف والآخر) أنه قتله (بالسكين، أو شهد) أحدهما (بأنه قتله في مكان) كذا (والآخر) بأنه قتله (في غيره لم يقبل) ولا يكون لوثا (وقيل) في المبسوط: (يكون لوثا) لاتفاقهما على القتل (1) وربما واقعت إحدى الشهادتين الدعوى وسيأتي حصول اللوث بشهادة واحد. (ويشكل بالتكاذب) الموجب للتساقط وحصول اللوث بشهادة واحد إنما يسلم مع انتفاء المعارض. (ولو شهد أحدهما بالإقرار والآخر بالفعل لم يثبت القتل) لاختلاف المشهود بهما (بل) يثبت (اللوث) لعدم التكاذب بل التعاضد. (ولو شهد أحدهما بالقتل موصوفا بمكان أو زمان أو هيئة وشهد الآخر به مطلقا ثبت المطلق) للاتفاق فيه مع عدم التكاذب. (ولو شهد أحدهما أنه أقر بالقتل عمدا والآخر بالإقرار) به (مطلقا ثبت القتل دون الوصف، وألزم المقر البيان، فإن أنكر القتل لم يلتفت إليه) لتكذيبه البينة (وإن فسر بمهما كان) من العمد أو الخطأ (قبل) لعدم ثبوته (والقول قوله مع اليمين إذا لم يصدقه الولي) في التفسير فإن حلف، وإلا جعل ناكلا وحلف الولي. (ولو شهد أحدهما بالقتل عمدا والآخر بالمطلق، وأنكر القاتل العمد كان الشاهد لوثا، وحلف الولي معه القسامة) إن ادعاه وهو واضح. (ولو شهد أحدهما بالقتل عمدا والآخر بالقتل خطأ ففي ثبوت أصل القتل إشكال): من الاتفاق عليه، ومن التكاذب. قال في التحرير: نعم يكون شهادة الواحد هنا لوثا ويثبت للولي دعواه بالقسامة معها (2). (ويشترط أن لا تتضمن الشهادة جلب نفع ولا دفع ضرر) كما في سائر الشهادات.
(1) المبسوط: ج 7 ص 254. (2) التحرير: ج 5 ص 473. 117 (فلو شهد على جرح المورث قبل الاندمال لم يقبل) للتهمة باحتمال السراية مع ما مر من عدم العبرة إلا بحال الاستقرار وتعلق حق القصاص أو الدية بالمدعى. (ولو أعادها بعده سمعت) لزوال التهمة خلافا لبعض العامة (1) كما لو ردت للفسق. (و) ذلك بخلاف الشهادة بالمال، إذ (لو شهد بدين أو عين لمورثه المريض) مرض الموت (قبل) والفرق أن المال إنما ينتقل إليه من المورث بخلاف حق القصاص أو الدية، فإنه يتعلق به أولا. وللعامة (2) وجه بعدم القبول في المال أيضا للتهمة كما احتمل المحقق (3) القبول في الجرح لكونه الآن أجنبيا والمنع من استحقاق الوارث الدية ابتداء بل ينتقل إليه من المورث ولذا يقضى منها ديونه ووصاياه. (ولو شهدا بالجرح وهما محجوبان) عن الإرث (ثم مات الحاجب) في حياة المجروح (أو بالعكس) فشهدا غير محجوبين ثم طرأ الحجب. (فالنظر إلى وقت الشهادة) لا موت المجروح ولا حكم الحاكم (يبطل مع التهمة) حينها وذلك في الثاني (لا بدونها) وهو في الأول. ويحتمل ضعيفا اعتبار موت المجروح فتسمع في الأول دون الثاني. (ولو جرحت العاقلة شهود الخطأ لم يقبل جرحهم) لأنهم يدفعون بذلك الضرر عن أنفسهم (وكذا إن كانوا) عند الشهادة (من فقراء العاقلة على إشكال): من عدم الضمان عليهم لفقرهم وهو خيرة المبسوط (4) و (لتوقع الغنى) أي احتماله إذا حال الحول وهو كاف للتهمة. (ولو كانوا من الأباعد) الذين لا يعقلون عند الشهادة لوجود الأقارب (احتمل القبول) كما في المبسوط (5) (لبعد توقع موت القريب) وانتقال
(1) المغني المحتاج: ج 4 ص 433. (2) المصدر السابق. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 220. (4) المبسوط: ج 7 ص 258. (5) المبسوط: ج 7 ص 259. 118 العقل إليهم (وعدمه لإمكانه) كالغني، وقد يفرق بين الفقراء والأباعد بأن القريب الفقير من العاقلة ذاتا وإنما خرج بصفة هي الفقر، ولا عبرة بالفقر واليسار إلا عند حؤول الحول بخلاف البعيد فإنه ليس من العاقلة ذاتا. (ولو شهد اثنان على رجلين بالقتل، فشهد المشهود عليهما على الشاهدين به لم يقبل قولهما) للتهمة بدفع الضرر، والتبرع، والعداوة، وتكذيب الولي، لأن الأولين شهدا بعد تحرير الدعوى (فإن صدقهما المدعي) بعد أن ادعى عليهما وكان مصدقا للأولين، أو كانت الشهادتان حسبة، أو كان وكل في الدعوى وكيلين فادعى أحدهما على الأولين والآخر على الآخرين (أو صدق الجميع بطلت الشهادة) من الأولين والثانيين جميعا، أما من الثانيين فلما عرفت، وأما من الأولين فلأن تصديق الآخرين تكذيب لهما. (وإن صدق الأولين) خاصة (حكم بشهادتهما) ولم يلتفت إلى شهادة الباقيين، وهو ظاهر. قال في المبسوط: قالوا هذه المسألة محالة لا يتصور على قول من لا يسمع الدعوى إلا محررة، ولا يسمع الشهادة ممن شهد بها قبل أن يستشهد، والآخران قد شهدا قبل أن يستشهدا، فكيف يسمعها الحاكم، ويرجع إلى المدعي فيسأله عن حال الكل؟ قال قوم: إنا لا نسمع الشهادة من الشاهد قبل أن يستشهد، إذا كان المشهود له بالغا عاقلا رشيدا فأما إن كان ممن لا يعبر عن نفسه لصغر أو جنون أو لميت، فإنها يقبل لأنه لو حضر الشاهدان ابتداء فشهدا عند الحاكم بحق لصبي سمعها وعمل بها، وحكم للصبي بالحق، فإذا كان كذلك فالشهادة هاهنا لمن لا يعبر عن نفسه وهو الميت، والدليل على أن الحق له أنه إذا ثبت قضى منه ديونه وينفذ وصاياه فلهذا قبلت، وعلى هذا كل من شهد لميت بحق سمعت شهادته قبل أن يستشهد. ومنهم من قال: الشهادة بالحق على ضربين، أحدهما: رجل له حق له به شاهدان يعرفهما فشهدا له به قبل أن يستشهدهما، فهذه مردودة. والثاني: رجل له شاهدان بحق ولا يعرف الحق فشهدا له به أو عرف الحق ولم يعرف أن له به شهودا
119 فشهدا له قبل أن يستشهدهما، فقد فعلا خيرا واكتسبا ثوابا وفضلا، لأنهما عرفاه ما لم يعرفه من حقه، وعلى هذا قوله (صلى الله عليه وآله): خير الشهود من شهد قبل أن يستشهد، فكذلك هاهنا ما كان الولي يعلم أن له بحقه هؤلاء الشهود، فشهدوا له به فلهذا سمعها الحاكم وسأل الولي. ومنهم من قال: شهد الآخران قبل أن يستشهدا، وقد عرف الولي الحق بذلك وعلمه وكان بالغا عاقلا والحاكم قد سمع ذلك، فيقال: يسأل الولي عنهما، لأن القتل يحتاط له بحفظ الدماء، فإذا قال الآخران: القاتلان هما الأولان وأوردا شبهة فلهذا سمع. فإذا ثبت هذا فالمسألة صحيحة من هذه الوجوه (1) انتهى. (وإن شهدا على أجنبي) أي غير الشاهدين الأولين (بالقتل على وجه لا يتحقق معه التبرع) أن لا يسمع شهادة الحسبة لكونه من حقوق الناس، وذلك بأحد الوجوه التي أشرنا إليها (أو أن يتحقق) التبرع (ولا يقتضي) ذلك (إسقاط الشهادة لم يقبل) أيضا للتهمة (لأنهما دافعان) عن أنفسهما ضرر القصاص أو الدية، وهو متجه إذا لم يتوجه الدية على العاقلة. (ولو أنكر المدعي عليه ما شهد به العدلان لم يلتفت إلى إنكاره، وإن صدقهما و) لكن (ادعى استناد الموت إلى سبب غير الجناية قبل قوله مع اليمين) للأصل (إلا أن يتضمن) ذلك (تكذيب الشهادة) بأن نص الشاهدان على استناده إليهما. (وإذا شهد أجنبيان على شاهدي القتل به، فإن تبرعا بطلت الشهادة الثانية) إلا على القول بسماع المتبرع بها هنا. (وإن لم يتبرعا سقطت شهادة الأولين) لظهور فسقهما بجرح الأخيرين لهما بالكذب وبالقتل إن كان عمدا مع براءة الأخيرين من التهمة رأسا بخلاف الأولين. وفي التحرير: كان للولي الأخذ
(1) المبسوط: ج 7 ص 252. 120 بأي الشهادتين أراد (1) ولعله لكونه من أفراد ما سيأتي من شهادة شاهدين على زيد مثلا وآخرين على عمرو، ويحتمله عبارة الكتاب بأن يكون السقوط بمعنى المعارضة بالشهادة الثانية. ولكن الحق أن الشهادتين إن كانتا بالخطأ ثبت التخيير، لأن القتل خطأ لا يجرح القاتل، ويجوز كما أخطأ الأولان في القتل أن يكونا أخطآ في الشهادة فلم يتعمدا الكذب فيثبت التعارض بين الشهادتين. وإن كانتا أو إحداهما بالعمد سقطت الأولى رأسا فإن الأخيرين إذا شهدا بالعمد فقد جرحا الأولين بالقتل وبالكذب بمهما شهدا، وإن شهدا بالخطأ وقد شهد الأولان بالعمد فقد شهدا بكذبهما، ومثل هذا الكذب إما عن عمد أو عن غاية في العقول وعمد الضبط. (ولو شهد اثنان على زيد بأنه قتل) وحده (وآخران على عمرو بأنه القاتل) وحده (سقط القصاص وعليهما الدية نصفان) إن كان القتل عمدا (وان كان خطأ فعلى العاقلتين) وفاقا للشيخين (2) والقاضي (3) كل ذلك (للشبهة بتصادم البينات) فلا يمكن التهجم على قتل أحد منهما ولا أخذ الدية منه خاصة، بل يستويان في ذلك، للاشتراك في قيام البينة عليه، ولا يطل دم المسلم، ولكن التعارض إنما يتحقق إذا كانت الشهادة بالتبرع واعتبرناه، أو وكل الولي وكيلين فادعى أحدهما على زيد والآخر على عمرو، وأما إذا ادعى على زيد مثلا وتبرع شاهدان على عمرو، فإن لم يعتبر المتبرع بها فلا تعارض، وإن اعتبرناها ففي اعتبارها هنا وجهان، قطع المحقق في النكت بالعدم (4). (ويحتمل) ما في السرائر من (تخير الولي في تصديق أيهما شاء) (5) لقوله تعالى: " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (6) فثبت القود بالآية، ولا يصلح هذا
(1) التحرير: ج 5 ص 472. (2) المقنعة: 737، والنهاية: ج 3 ص 375. (3) المهذب: ج 2 ص 502. (4) نكت النهاية: ج 3 ص 374. (5) السرائر: ج 3 ص 341. (6) الإسراء: 33. 121 التعارض لسقوطه لأن البينة (كالإقرار) في الكون حجة شرعية، وسيأتي أن البينة إذا عارضها الإقرار تخير الولي فكذا هنا، ولا جهة لتقسيم الدية عليهما، لأن القاتل ليس إلا أحدهما. ويرد بأن السلطان إنما يكون إذا تعين القاتل، مع أنه يعم التسلط على أخذ الدية، والإقرار كالبينة لكن افترقا بالنص كما سيظهر، وأما انقسام الدية عليهما فيوافق المعهود في تعارض البينتين. (ولو شهدا) تبرعا على رجل (بأنه قتل، فأقر آخر أنه القاتل وبرأ المشهود عليه) من القتل (تخير الولي في قتل أيهما شاء) أو أخذ الدية منه (ولا سبيل له على الآخر) قودا أو دية ولا لورثة من اختاره للقتل، وأما إن لم يكن الشهادة تبرعا فلا عبرة بالإقرار كما نص عليه المحقق في النكت (1) وهذا هو اختيار ابن إدريس (2). (وفي الرواية المشهورة) الصحيحة لزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (3) (تخير الولي في قتل المشهود عليه فيرد المقر عليه نصف ديته. وله قتل المقر ولا رد لتفرده) بالقتل بإقراره بخلاف المشهود عليه فإنه منكر. (وله قتلهما بعد أن يرد على المشهود عليه نصف الدية دون المقر) لذلك (ولو أراد) الولي (الدية كانت عليهما بالسوية) قال زرارة سألته (عليه السلام) عن رجل شهد عليه قوم أنه قتل عمدا فدفع الوالي القاتل إلى أولياء المقتول ليقاد به فلم يريموا حتى أتاهم رجل فأقر عند الوالي أنه قتل صاحبهم عمدا، وأن هذا الرجل الذي شهد عليه الشهود بريء من قتل صاحبكم فلا تقتلوه به وخذوني بدمه، قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقر على نفسه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الآخر، ثم لا سبيل لورثة الذي شهد عليه، وإن أرادوا أن يقتلوا الذي شهد
(1) نكت النهاية: ج 3 ص 377. (2) السرائر: ج 3 ص 342. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 108 ب 5 من أبواب دعوى القتل ح 1. 122 عليه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الذي أقر ثم ليؤد الذي أقر على نفسه إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية، قال زرارة: قلت أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعا؟ قال: ذاك لهم، وعليهم أن يؤدوا إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه، ثم يقتلوهما به، قال: قلت فإن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال: فقال: الدية بينهما نصفان، لأن أحدهما أقر والآخر شهد عليه، قال: قلت وكيف جعل لأولياء الذي شهد عليه على الذي أقر نصف الدية حين قتل، ولم يجعل لأولياء الذي أقر على أولياء الذي شهد عليه ولم يقر؟ قال: فقال: لأن الذي شهد عليه ليس مثل الذي أقر، الذي شهد عليه لم يقر ولم يبرئ صاحبه والآخر أقر وبرأ صاحبه فلزم الذي أقر وبرأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه ولم يقر ولم يبرئ على صاحبه (1). (وفي التشريك في القصاص أو الدية إشكال) وخصوصا القصاص، لأن القاتل ليس إلا أحدهما، ولذا لم يره ابن إدريس (2) ووافقه المصنف في التحرير (3) ونفى عنه البأس في المختلف (4). (المطلب الثالث) في (القسامة) وهو الأيمان يقسم على جماعة يحلفونها أو الجماعة الذين يحلفونها. (وفيه مباحث) أربعة: (الأول في موضع القسامة) (إنما تثبت مع اللوث) في الدماء (لا مع عدمه) ولا في غيرها (فيحلف المنكر) مع العدم أو في غيرها (يمينا واحدة، ولا يجب) عليه
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 108 ب 5 من أبواب دعوى القتل ح 1. (2) السرائر: ج 3 ص 342. (3) التحرير: ج 5 ص 473. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 304. 123 (التغليظ) فيها عددا أو قولا أو غيرهما وإن دعاه إليه المدعي أو الحاكم، خلافا للشافعي في أحد قوليه فأوجب خمسين يمينا على منكر القتل مطلقا (1). (وإن نكل قضي عليه مع يمين المدعي) واحدة (أو بغير يمين على الخلاف) المعروف. (والمراد باللوث أمارة يغلب معها الظن بصدق المدعى) فإنه في اللغة القوة (2) (كالشاهد الواحد) العدل (ووجدان ذي السلاح الملطخ بالدم) العبيط (عند المقتول) عن قريب (ووجوده قتيلا في دار قوم أو في محلة منفردة عن البلد لا يدخلها غير أهلها) وإن لم يكن بينه وبينهم عداوة، ولو كانت المحلة يدخلها غير أهلها نهارا لا ليلا فإن وجد قتيلا فيها ليلا ثبت اللوث دون النهار (أو في صف مخاصم بعد المراماة أو في محلة) بينه و (بينهم عداوة وإن كانت مطروقة) يدخلها غيرهم (أو وجوده قتيلا قد) كان (دخل ضيفا على جماعة). (ولو وجد) قتيلا (بين قريتين) لا يطرقهما غير أهلهما ولا عداوة بينه وبينهما وكانت العداوة بينه وبين أهلها جميعا وان كان يطرقهما غير أهلها (فاللوث لأقربهما) كما نص عليه في خبر الحلبي (3) وخبر سماعة (4) بن مهران عن الصادق (عليه السلام) (ولو تساويا تساوتا في اللوث) وإن ثبت العداوة لإحداهما دون الأخرى فاللوث لها وإن كانت أبعد. (ولو وجد مقطعا فاللوث على ما وجد فيه قلبه وصدره) إلا أن يتهم غيره، لأنه معظمه وغيره أقرب إلى النقل منه، ولخبر فضيل بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة ووسطه وصدره ويداه في قبيلة والباقي في قبيلة، قال: ديته على من وجد في قبيلته صدره ويداه، والصلاة عليه (5).
(1) الأم: ج 6 ص 92. (2) الصحاح: ج 1 ص 291 (مادة لوث). (3 و 4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 112 ب 8 من أبواب دعوى القتل ح 4. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 113 ب 8 من أبواب دعوى القتل ح 6. 124 (أما من وجد قتيلا في زحام على قنطرة أو بئر أو جسر أو مصنع أو في جامع عظيم أو شارع أو وجد في فلاة) وليس عنده من يظن قتله له (أو في محلة منفردة مطروقة) لغير أهلها (ولا عداوة) بينه وبين أهلها (فلا لوث) إذ لا يغلب الظن في شئ من ذلك على أحد، وقد نطقت به الأخبار كقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبري مسمع والسكوني: من مات في زحام يوم الجمعة أو يوم عرفة أو على جسر لا يعلمون من قتله، فديته على بيت المال (1). (وقول المقتول قتلني فلان، ليس بلوث) وفاقا للشيخ (2) وابن إدريس (3) لأنه مدع، وخلافا للقاضي (4). (ولا يثبت اللوث بشهادة الصبي) الواحد (ولا الفاسق، ولا الكافر وإن كان مأمونا في مذهبه) ولا امرأة وإن كانت ثقة لعدم اعتبارها شرعا بخلاف رجل عدل، واحتمل ثبوت اللوث إن أفادت الظن. (ولو أخبر جماعة من الفساق أو النساء مع ظن ارتفاع المواطاة وحصل الظن بصدقهم ثبت اللوث). (ولو كان الجماعة صبيانا أو كفارا ثبت اللوث إن بلغوا حد التواتر) أي الشياع فإنهم إن بلغوا التواتر فأفاد قولهم اليقين، الذي هو أقوى من الظن الحاصل بالبينة. (وإلا) يبلغوا التواتر (فلا) لوث لأنهم أضعف حالا من الفساق والنساء فلا يغلب بشهادتهم الظن، والحق قوله في التحرير: ولو قيل إن أفاد خبرهم الظن كان لوثا أمكن (5). (ولا يشترط في اللوث وجود أثر القتل أو التخنيق) عندنا فربما يخلو
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 110 ب 6 من أبواب دعوى القتل ح 5. (2) المبسوط: ج 7 ص 215. (3) السرائر: ج 3 ص 401. (4) المهذب: ج 2 ص 500. (5) التحرير: ج 5 ص 476. 125 القتل عن ذلك، واشترطه أبو علي (1) وكذا أبو حنيفة فقال: إن لم يكن جراحة ولا دم فلا قسامة، وإن كانت جراحة ثبتت، وإن لم يكن وكان دم فإن خرج من أذنه ثبت لا أن خرج من أنفه (2) وقواه الشيخ في المبسوط (3). (ولا) يشترط (في القسامة حضور المدعى عليه) لجواز الحكم على الغائب عندنا، خلافا لمن لم يره من العامة (4) وبعض من رآه احتياطا في الدم (5) واستضعافا لللوث، ولم يقطع به في التحرير بل جعله أقرب (6) مشيرا إلى احتمال الاشتراط. (ويسقط اللوث بأمور) ستة: (الأول: عدم الخلوص عن الشك) فإنه يضعف الظن أو يبطله (فلو وجد بقرب المقتول ذو سلاح ملطخ بدم وسبع من شأنه القتل بطل) اللوث. (الثاني: تعذر إظهاره) أي إثباته (عند الحاكم) وفي عده مسقطا له توسع (فلو ظهر) اللوث (عنده) أي الحاكم (على جماعة فللمدعي أن يعين) أحدهم ويحلف أو يحلف القسامة (فلو قال: القاتل منهم واحد) ولم يعينه (فحلفوا إلا واحدا فله القسامة عليه، لأن نكوله لوث. ولو نكلوا جميعا فقال: ظهر لي الآن لوث معين) منهم (بعد دعوى الجهل، ففي تمكينه من قسامة إشكال) من اعترافه بالجهل، ومن كون النكول لوثا وإمكان تجدد العلم وهو أقرب. (الثالث: إبهام الشاهد المقتول) وفي عده أيضا من المسقطات توسع (كقوله: قتل أحد هذين، ليس بلوث) لأنه لا يورث ظنا بصدق لأحد من
(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 436. (2) الحاوي الكبير: ج 13 ص 15. (3) المبسوط: ج 7 ص 215. (4) الحاوي الكبير: ج 13 ص 16. (5) لم نعثر عليه. (6) التحرير: ج 5 ص 481. 126 ولييهما. (ولو) عينه وأبهم المشهود عليه بأن (قال: قتله أحد هذين، فهو لوث) كما إذا تفرق اثنان أو جماعة عن قتيل. (لأن تعيين القاتل يعسر) لأنه يخفى نفسه غالبا بخلاف المقتول فعند هذه الشهادة لو ادعى الولي على أحدهما ظن صدقه. (ويحتمل عدم اللوث في الموضعين) للإبهام. (الرابع: لو ظهر اللوث في أصل القتل دون وصفه من عمد أو خطأ ففي القسامة إشكال: ينشأ من جهالة الغريم من العاقلة والجاني) ومن احتمال الاكتفاء بذلك والرجوع في التعيين إلى الولي كما في الشهادة على أحد هذين. (الخامس: ادعاء الجاني) أي المدعى عليه الجناية (الغيبوبة) عند القتل (فإذا) لم يكن للمدعي بينة على حضوره، وأقام الجاني بينة بالغيبة أو (حلف) على عدم الحضور يمينا واحدة (سقط أثر اللوث عنه). (ولو أدعى الوارث أن واحدا) عينه (من أهل الدار قتله جاز إثبات الدعوى بالقسامة، فإن أنكر كونه فيها وقت القتل قدم قوله مع اليمين) إن لم يكن بينة (ولم يثبت اللوث، لأنه) أي اللوث إنما (يتطرق إلى الموجود في الدار، ولا يثبت وجوده فيها إلا بالبينة أو الإقرار) وإن نكل حلف المدعي وثبت اللوث، وإن أقام بينة على الغيبة والمدعي على الحضور فهل يتساقطان وعلى الجاني اليمين، أو يقدم بينته لأصل البراءة والاحتياط في الدم، أو بينة المدعي لأنه المدعي وجوده ويكفي في بينة الغيبة الشهادة بأنه لم يكن في الدار حين القتل ولا يفتقر إلى تعيين موضع كان خرج إليه؟ (ولو أقام بينة بالغيبة بعد الحكم بالقسامة) أي بإيقاعها أو بسببها أو بموجبها أو من الدية بل بعد وقوع الموجب (نقض الحكم) واستردت الدية، وكذا لو أقام بينة على أن القاتل غيره. ولو اقتص منه بالقسامة، ثم أقام وليه البينة على غيبته أو على أن القاتل غيره اقتص من ولي الأول إن تعمد، وإلا فالدية.
127 (ولو) علم أنه (كان وقت القتل محبوسا أو مريضا ولم يمكن كونه قاتلا إلا على بعد فالأقرب سقوط اللوث) عنه لضعف الظن بذلك، ويحتمل العدم للإمكان مع وجوده أمارة أوجبت اللوث لأنه المفروض. (السادس: تكاذب الورثة) للمقتول على وجه إذ في أنه (هل يبطل اللوث؟ إشكال: ينشأ من أن المدعي) منهم (ظهر معه الترجيح) الناقل لليمين إليه (فلا يضر فيه تكذيب الآخر) عدلا كان بل عدولا أو لا (كما لو أقام) أحدهم (شاهدا) واحدا (بدين) لمورثهم (حلف) وأخذ منه نصيبه (وإن أنكر الآخر الدين) أصلا أو على المدعى عليه، فكما لا يمنع إنكاره هنا حلف من ظهر رجحان دعواه بالشاهد لا يمنع القسامة إذا ظهر اللوث. (ومن ضعف الظن بالتكذيب) لأن النفوس مجبولة على الانتقام من قاتل المورث بخلاف اقتضاء الديون مع أن الرجحان الحاصل بشهادة شاهد أقوى من الأمارات الموجبة لللوث (والأول أقوى) كما هو خيرة الخلاف (1) والمبسوط (2) والشرائع (3) لعموم أدلة القسامة عند اللوث وإمكان كذب المكذب عن خطأ أو سهو أو عن عداوة أو غرض، ولأنه لو منع التكذيب لاشترطت القسامة بعدمه، فلم يصح إذا كان بعض الورثة غائبا أو صغيرا حتى يحضر أو يكمل، فلا تكذيب فيحلف المدعي القسامة ويأخذ نصيبه من الدية أو يقتله ويدفع الفاضل من نصيبه. (أما لو قال أحدهما: قتله زيد وآخر لا أعرفه، وقال الآخر: قتله عمرو وآخر لا أعرفه، فلا تكاذب) لاحتمال الآخر في الأول عمرا وفي الثاني زيدا (ثم معين زيد) إنما له أن (يطالبه بالربع) لاحتمال الآخرين غير عمرو وغير زيد. (وكذا معين عمرو) إنما يطالبه بالربع، فإن قال الأول بعد ذلك: تبين لي أن الذي لم أكن أعرفه عمرو حلف وطالبه بربع آخر، وكذا لو قال
(1) الخلاف: ج 5 ص 315 المسألة 15. (2) المبسوط: ج 7 ص 233. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 226. 128 الثاني: تبين لي أن الذي لم أكن أعرفه زيد. ولو قال كل منهما: تبين لي أن الآخر غير الذي ذكره أخي حصل التكاذب. (ولو قال أحدهما: قتله هذا وحده، وقال الثاني: بل هذا مع آخر، فإن قلنا بعدم الإبطال مع التكاذب، حلف الأول على الذي عينه واستحق نصف الدية، وحلف الثاني عليهما واستحق) النصف (على كل واحد الربع). (وإن قلنا بالإبطال حصل التكاذب في النصف) فلا يستحقانه بالقسامة (واحتمل حينئذ سقوط حكمه) أي اللوث (بالكلية) كما إذا شهد لشخصين فردت شهادته لأحدهما سقطت الشهادة للآخر على وجه (و) احتمل (عدمه) كما تبعض تلك الشهادة في وجه آخر، إذ لا جهة للسقوط إلا التعارض، وإنما حصل في النصف (فيحلف الأول على الذي عينه واستحق الربع ويحلف الآخر عليه ويأخذ الربع، ولا يحلف على الآخر لتكذيب الآخر له) في شركته. (البحث الثاني في كيفية القسامة) (إذا ثبت اللوث) وادعى الولي القتل على أحد ولم يكن بينة (حلف المدعي وقومه) العارفون بأنه القاتل الوارثون وغيرهم (خمسين يمينا) إجماعا، وبالنصوص. فاليمين هنا على المدعي أصالة على خلاف سائر الدعاوي وقد مر في القضاء، وقال الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي: ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا، ثم لم يكن شئ، وإنما القسامة نجاة للناس (1) وفي حسن زرارة: إنما جعلت القسامة احتياطا لدم المسلمين، كما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك، فامتنع من القتل (2) وفي حسن بريد: إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 114 ب 9 من أبواب دعوى القتل ح 2. (2) المصدر السابق: ح 1. 129 القسامة أن يقتل به فكف عن قتله (1). (يحلف كل واحد) منهم (يمينا واحدة إن كانوا عدد القسامة) وإن زادوا عليه حلف منهم عدد القسامة خاصة وإليهم الخيرة (وإن نقصوا) أي المدعي وقومه الباذلون لليمين عنه. (كررت عليهم الأيمان) وقسمت عليهم بالسوية، أو على حسب حصصهم على ما سيأتي من الخلاف (حتى يستوفى منهم الخمسون) ومع ثبوت الكسر عليهم الإتمام كيف شاؤوا، فإن كانوا ثلاثة وحلف كل منهم ست عشرة يبقى اثنتان يحلفهما اثنان منهم، فإن كان ولى الدم منهم واحدا أو اثنين حلفهما ولي الدم، ولا حاجة إلى أن يحلف كل منهم سبع عشرة كما في المبسوط (2) والوسيلة (3). (ولو لم يكن له قوم أو كانوا فامتنعوا) من الحلف علموا بالحال أو لا (حلف المدعي خمسين يمينا) كل ذلك (بعد الوعظ) والتخويف كما في سائر الأيمان وقال ابن حمزة في العمد: وإن كان معه شاهد واحد كانت القسامة خمسة وعشرين يمينا (4) وهو مبني على أن الخمسين بمنزلة شاهدين. (وهل يشترط توالي الأيمان) أي إيقاعها (في مجلس واحد؟ الأقرب عدمه) للأصل والإطلاق، ويحتمل الاشتراط ضعيفا بناء على أنها بمنزلة يمين واحدة، والتوالي أدخل في الزجر. (ولو لم يكن له قوم أو كانوا وامتنعوا ولم يحلف المدعي) أيضا (حلف المنكر وقومه) العالمون بالبراءة (خمسين يمينا ببراءة ساحته) فإن كانوا بعدد القسامة حلف كل منهم يمينا واحدة. (ولو كانوا أقل من خمسين كررت عليهم حتى يستوفى الخمسون).
(1) المصدر السابق: ح 3. (2) انظر المبسوط: ج 7 ص 211 و 222 - 223. (3) الوسيلة: ص 460. (4) الوسيلة: ص 460. 130 (فإن لم يكن له قوم) أو امتنعوا (كررت عليه الأيمان حتى يكمل العدد). (وفي الاكتفاء بقسامة قوم المدعي عن قسامته، أو قسامة قوم المنكر إشكال): من أن الأصل في اليمين تعلقها بالمدعي للإثبات أو المنكر للإسقاط لا غيرهما وإنما تعلقت هنا بالغير على خلاف الأصل بالتبع ولا دليل عليه بالانفراد، ومن إطلاق النصوص (1) وعدم الاشتراط فيها بحلف المدعي أو المنكر مع أنه إنما يحلف يمينا واحدة والباقية يحلفها غيره مع اجتماع عدد القسامة. (فإن امتنع) المنكر من القسامة (ولم يكن له من يقسم) القسامة (الزم الدعوى) بمجرد النكول عن الخمسين، كما في السرائر (2) والشرائع (3) والجامع (4) والنافع (5) وبعض الأخبار (6) وإن حلف وحده أو مع قومه تسعا وأربعين. أما على القضاء بمجرد النكول فظاهر، وأما على الآخر فلأن اليمين هنا على المدعي أصالة وإنما يحلف المنكر بنكول المدعي أو رده فإذا نكل لم يعد إلى المدعي. (وقيل) في المبسوط (7): (له رد اليمين على المدعي) كما في سائر الدعاوي، لعموم أدلته، وللأحتياط في الدم. وحينئذ فهل يرد القسامة أم يكتفى بيمين واحدة؟ وجهان. وقيل إن قلنا إن الخمسين يمين واحدة فله الرد وإلا فلا، وهو مبني على الاكتفاء بواحدة. وربما يعطي كلام المبسوط رد القسامة ولا بأس بنقل عبارته هنا لاشتمالها على احتجاج وتفصيل حسن وإن طالت. قال: فإن كانت اليمين في جنبة المدعي ابتداء مثل أن ادعى قتلا ومعه لوث أو مالا وله به شاهد واحد، فإن حلف مع شاهده استحق، وإن لم يحلف رد اليمين على المدعي عليه، فإن حلف برئ، وإن لم يحلف ونكل عن اليمين فهل يرد على
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 116 ب 10 من أبواب دعوى القتل. (2) السرائر: ج 3 ص 340. (3) شرائع الاسلام: ج 4 ص 225. (4) الجامع للشرائع: ص 577. (5) المختصر النافع: ص 291. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 114 - 115 ب 9 من أبواب دعوى القتل ح 3 و 5. (7) المبسوط: ج 7 ص 210 و 223. 131 المدعي وإن كانت في جنبته فلم يحلف؟ نظرت. فإن كان يستحق بيمين الرد غير ما كان يستحقه بيمين الابتداء وهو القسامة عند قوم، يستحق بها الدية، فإذا ردت إليه استحق القود بها، فإذا كان الاستحقاق بها غير ما كان يستحقه بيمين الابتداء وجب أن يرد عليه. وإن كان ما يستحقه بيمين الرد هو الذي يستحقه بيمين الابتداء مثل القسامة يستحق عندنا بها القود إذا حلف ابتداء، وإذا ردت عليه استحق القود أيضا، وهكذا في الأموال إن حلف مع شاهده استحق المال، وإن حلف يمين الرد استحق المال أيضا فهل يرد عليه اليمين أم لا؟ قال قوم: لا يرد اليمين إذا كانت في جنبة أحد المتداعيين فإذا بذلها لخصمه لم ترد عليه إذا كان استحقاقه بها إنما هو الذي استحقه بيمين الابتداء، كيمين المدعى عليه ابتداء إذا لم يحلف ردت على المدعي، فإن لم يحلف لم يرد على المدعى عليه بعد أن زالت يمينه، فإن يمينه حجة له فإذا قعد عنها فقد أبطلها فلا تسمع منه ثانيا، كما لو ادعى حقا وأقام به شاهدين ثم قال هما فاسقان لم يقبلا بعد هذا. وقال آخرون - وهو الصحيح عندنا -: إنها يرد عليه لأمور ثلاثة، أحدها أن يمين الابتداء كانت في جنبته بسبب وهو قوة جنبته بالشاهد أو اللوث، وسبب الثانية غير سبب الأولى لأنه يستحقها لنكول خصمه فإذا كانت كل واحدة يصير بجنبته بسبب غير سبب الأخرى، فإذا قعد عن إحداهما لم يكن تركا لهما. كما لو قال: من جاء بعبدي فله دينار، ومن جاء بجاريتي فله دينار، فجاء رجل بالعبد وأبرأه من الدينار ثم مضى فجاء بالجارية لم يسقط الدينار، لأنه يستحق الثاني بسبب غير سبب الأول فإذا سقط الأول لم يكن إسقاطا للثاني. وهكذا إذا اشترى عبدا فأصاب به عيبا كان له رده، فإن رضي سقط رده، فإن أصاب به عيبا ثانيا كان له رده به، ولم يكن رضاه بالأول رضي منه بالثاني ويفارق هذا يمين المدعى عليه ابتداء لأنها لو ردت إليه عادت بالسبب الذي
132 كانت في جنبته ابتداء، وهو كونه مدعى عليه، والأصل براءة ذمته، فلهذا لم يرده، وهاهنا يعود بغير السبب الأول. ولأنه إذا كان معه لوث كان له أن يحلف، وإذا لم يحلف فكأنه لا لوث بدليل أن المدعى عليه يحلف، وإذا كان كأنه لا لوث معه صارت اليمين في جنبة المدعى عليه ابتداء، فإذا قعد عنها وجب أن يرد على المدعي، ولأن للمدعي أن يرد اليمين على المدعى عليه غرضا صحيحا وهو أنه إذا كان معه لوث كانت يمينه على غالب الظن والظنة والتهمة ينصرف إليه، فإذا بذلها للمدعى عليه فلم يحلف زالت عنه الظنة وانصرفت عنه التهمة، فلهذا جاز أن يرد عليه ويفارق قولهم أبطل حجته لأنه إذا قعد عن حجته فإنما أخرها ولم يبطلها (1). (وإذا حلف المدعي) وحده أو مع قومه (القسامة ثبت القتل، ووجب القصاص إن كان) المحلوف عليه (عمدا، والدية) على القاتل أو عاقلته على خلاف يأتي (إن لم يكن) عمدا. (وفي عدد القسامة في الخطأ وعمد الخطأ قولان أقربهما مساواتهما للعمد) للاحتياط، وهو قول المفيد (2) وسلار (3) وابن إدريس (4) وادعى إجماع المسلمين عليه. (وقيل) في النهاية (5) والمبسوط (6) والخلاف (7) والمهذب (8) والوسيلة (9) والجامع (10): (خمس وعشرون يمينا، وهو مشهور) لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: القسامة خمسون رجلا في العمد، وفي الخطأ خمسة وعشرون
(1) المبسوط: ج 7 ص 228 - 230. (2) المقنعة: ص 736. (3) المراسم: ص 232. (4) السرائر: ج 3 ص 338. (5) النهاية: ج 3 ص 372. (6) المبسوط: ج 7 ص 221. (7) الخلاف: ج 5 ص 308 المسألة 4. (8) المهذب: ج 2 ص 500. (9) الوسيلة: ص 460. (10) الجامع للشرائع: ص 610. 133 رجلا (1) ونحوه في خبر أبي عمر المتطبب (2) وكذا في حسن يونس (3) عن الرضا (عليه السلام). (وتثبت القسامة في الأعضاء) عندنا (كثبوتها في النفس) خلافا لأكثر العامة (4) ويعتبر فيها اللوث أيضا بالإجماع كما يظهر من السرائر (5) خلافا للمبسوط (6) (لكن إن كان في العضو دية النفس) كاملة (كالذكر والأنف) واليدين والأذنين (فالقسامة خمسون) وفاقا للمفيد (7) وسلار (8) وابن إدريس، للاحتياط، والإجماع على ما في السرائر (9) ويحتمل أن يريد أن الثبوت بالخمسين مجمع عليه بخلاف ما دونها. (وقيل) في المشهور: (ست أيمان) وهو خيرة المختلف (10) لما في كتاب ظريف بن ناصح (11): من أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى على ما بلغت ديته ألف دينار من الجروح بقسامة ستة نفر، ولحسن ابن فضال (12) وخبر يونس (13) فيما عرض على الرضا (عليه السلام): أن في العين القسامة من ستة أجزاء قال: وكذلك القسامة كلها في الجروح، ولأن الجناية هنا أخف فناسب التخفيف في الحلف. (وإن كان) في العضو (أقل) من دية (فبحساب النسبة) إليها (من خمسين) على أول القولين إلى أن يبلغ خمس عشر ففيه يمين واحدة لأنها لا يتبعض وكذا إن بلغ ثلاث عشر كانت فيه يمينان وهكذا، أو من ستة على ثانيهما إلى أن يبلغ سدس الدية أو ينقص عنه ففيه يمين واحدة. وظاهر قوله: " على
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 119 ب 11 من أبواب دعوى القتل ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 120 ب 11 من أبواب دعوى القتل ح 2. (3) نفس المصدر السابق. (4) مختصر المزني: ص 253. (5) السرائر: ج 3 ص 341. (6) المبسوط: ج 7 ص 223. (7) المقنعة: ص 728. (8) المراسم: ص 232. (9) السرائر: ج 3 ص 341. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 301. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 120 ب 11 من أبواب دعوى القتل ح 2 وذيله. (12 و 13) وسائل الشيعة: ج 19 ص 120 ب 11 من أبواب القتل خ 2. 134 رأي " التعلق بالحساب حتى يكون إشارة إلى قول بعدم اعتبار النسبة فيما فيه أقل من دية، بل يكون فيه أيضا القسامة خمسين أو ستة أو ينتفي رأسا، ويكون كسائر الدعاوي، ولكنا لم نظفر بذلك فليتعلق بقوله: " من ستة " كأنه قال: من خمسين على رأي. (أو من ستة على رأي). (ففي اليد) الواحدة (خمس وعشرون يمينا) على الأول (أو ثلاثة) على الثاني (وفي الإصبع) الواحدة (خمس أيمان) على الأول (أو يمين واحده) على الثاني. (وكذا الجرح) إن كان فيه ثلث الدية كانت فيه يمينان على الثاني وسبع عشرة يمينا على الأول، وإن كان سدسها أو أقل ففيه يمين واحدة على الثاني، وعلى الأول إن كان فيه خمس عشرها أو أقل ففيه يمين واحدة (ففي الموضحة) في الرأس أو الوجه (ثلاث أيمان) على الأول، فإن ديتها نصف عشر، ونصف عشر الخمسين يمينان ونصف، وعلى الثاني يمين واحدة. (وفي الخارصة يمين واحدة) على القولين. (ولو كان المدعون جماعة) لم يكن عليهم إلا الخمسون يمينا اتفاقا و (قسمت الخمسون بالسوية عليهم) كما في الشرائع (1) ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلفين وارثين بالسوية أولا بها أو غير وارثين، لاشتراكهم في الدعوى، وانتفاء دليل على التفاضل، ولا يفيده التفاضل في الإرث على أنه ليس بشرط. وفي المبسوط (2): أنها يقسم عليهم بنسبة حصصهم من الدية، وسيأتي احتماله والكلام فيه. (ولو كان المدعى عليهم أكثر من واحد فالأقرب) ما في المبسوط (3) والشرائع (4) من (أن على كل واحد خمسين يمينا كما لو انفرد، لأن كل واحد منهم يتوجه عليه دعوى) القتل (بانفراده) فإنما يندفع عنه بخمسين
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 224. (2) المبسوط: ج 7 ص 223. (3) المبسوط: ج 7 ص 222. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 224. 135 يمينا، إذ لا دليل على التخفيف بمشاركة الغير له. وفي الخلاف (1): أن على الجميع خمسين واستدل بالأصل، والأخبار، والإجماع. (وينبغي أن يغلظ الحاكم في الأيمان بالزمان والمكان والقول في كل يمين) كأن يقول في المسجد مستقبلا بعد العصر: والله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، الطالب الغالب، الضار النافع. ونحو ذلك من الألفاظ. (ويجب أن يسمي المدعى عليه في كل يمين أو يشير إليه فإن كانوا جماعة يسمي كل واحد) منهم أو يشير إليه (في كل يمين. فإن أهمل بعضهم في بعض الأيمان لم يثبت الحكم عليه حتى يعيد اليمين) ولا يكفي الإضمار ولو صرح بالاسم أو الإشارة قبله، لاحتمال الرجوع إلى الله. (وكذا يسمي المقتول) أو يشير إليه (ويرفع في نسبهما) إن سماهما (بما يزول) معه (الاحتمال). (ويذكر) فيها ما يدعيه من (الانفراد أو الشركة) فيقول مثلا قتله منفردا أو قتلاه منفردين، ولا حاجة مع ذلك إلى قوله: ولم يشاركه أو لم يشاركهما أحد. ومن العامة (2) من اشترطه بناء على جواز مشاركة الغير بالإكراه دون المباشرة وزعمه أنه شريك له في الحكم، لأن عليهما الدية (و) يذكر (نوع القتل) من عمد أو غيره (و) يجب (الإعراب) الصحيح أو يذكره (ان كان من أهله) أي من العارفين به فلا يجزئ القول الملحون منه. (وإلا) يكن من أهله (اكتفى بما يعرف معه المقصود) وإن كان لحنا كأن قال: والله، بالرفع أو النصب، وفاقا للمبسوط (3) والشرائع (4). (والأقرب) ما في الشرائع (5) من (أنه لا يجب أن يقول في اليمين: إن النية نية المدعي) للأصل والانصراف إلى الدعوى حلف المدعي أو المنكر من
(1) الخلاف: ج 5 ص 315 المسألة 13. (2) الحاوي الكبير: ج 13 ص 32. (3) المبسوط: ج 7 ص 238. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 226. (5) المصدر السابق. 136 غير حاجة إلى التعرض له، ويجوز قراءة " المدعى " اسم فاعل واسم مفعول، فعلى الأول معناه نيته حين حرر الدعوى، وعلى الثاني معناه الدعوى. ونسب إلى المبسوط (1) اشتراطه، ولا يعطيه عبارته، فإنها كذا: فأما صفة اليمين التي يقسم بها وما يحتاج إليه، يحتاج إلى أربعة أشياء. وعدد الأربعة، أولها: الحلف باسم من أسماء الله تعالى أو بصفة من صفات ذاته، بأن يقول: والله أو بالله أو تالله، أو وعزة الله أو جلال الله أو نحو ذلك. والثاني: أن يقول: إن فلانا قتل فلانا ويرفع في نسبهما حتى يزول الاشتراك أو يشير إليهما. والثالث: قيد الانفراد أو الاشتراك. والرابع: ذكر نوع القتل من العمد أو الخطأ. ثم قال: والنية في اليمين نية الحاكم والفائدة في اعتبار هذه الصفات أن كل أحد لا يعلم أن الأمر هكذا، فربما يعتقد أن النية نية الحالف فتغير اليمين عن جهتها، فلهذا يحلف بهذه الأوصاف. انتهى (2). ومن البين أن ليس معنى هذه العبارة إلا رفع سؤال ربما يورد على اعتبار القيود الأربعة في لفظ اليمين، وهو أن اليمين ينصرف إلى ما ينويه الحاكم، وهو ما ادعاه المدعي عنده، سواء قيدت بما يصرفها إليه أولا فأي حاجة إلى التقييد؟ فأجاب بأنه: وإن كان الأمر كذا لكن ربما يعتقد الحالف أن له أن ينوي بها ما يشاء حين الحلف من القيود التي ادعاها وغيرها بل التورية أيضا، فيحتاط لدفع ذلك بذكر القيود في ألفاظ الأيمان وليس هذا الكلام مما نسب إليه في شئ. وفي التحرير: ولا يشترط في القسامة أن النية نية المدعى خلافا لقوم (3) انتهى. وإذا حلف المدعى عليه، ففي المبسوط: أنه يحتاج إلى أن يذكر ستة أشياء: يقول: ما قتل فلانا، ولا أعان على قتله، ولا ناله من فعله ولا بسبب فعله شئ، ولا وصل إلى شئ من بدنه ولا أحدث شيئا مات منه. أما القتل فلابد منه، وقوله: ولا أعان، لدفع الشركة، وقوله: ولا ناله من فعله، لأنه قد يرميه بسهم أو غيره فيقتله،
(1) الناسب هو صاحب مسالك الأفهام: ج 15 ص 214. (2) المبسوط: ج 7 ص 237 - 238. (3) التحرير: ج 5 ص 483. 137 وقوله: ولا بسبب فعله، لأنه قد يرمي بحجر فيقع على حجر فيطفر الثاني فيصيبه فيقتله، وقوله: ولا وصل إلى بدنه بشئ، لدفع سقيه السم، وقوله: ولا أحدث شيئا مات منه، لأنه قد ينصب سكينا أو يحفر بئرا فيتلف بسببه (1) ثم أعترض: بأن الدعوى إذا لم تسمع إلا محررة فإذا حلف على ما تحررت عليه كفى، وأجاب بوجهين، أحدهما: أن هذه اليمين مفروضة فيما إذا أطلقت الدعوى، وقلنا إنها تسمع مطلقة، والثاني: أنها فيمن لا يعبر عن نفسه لصغر أو جنون فينصب الحاكم له أمينا يستوفي له اليمين فيحتاط له، كما أن من ادعى عليه وأقام بدعواه بينة حلف احتياطا (2). (البحث الثالث في الحالف) (وهو المدعي وقومه، أو المنكر وقومه، على ما بينا) من التفصيل باجتماع خمسين أو أقل وعدمه، فلا قسامة للأجنبي. نعم لا يشترط استحقاقهم القصاص أو الدية كما عرفت. (ويشترط فيه علمه بما يحلف عليه، ولا يكفي الظن) وإن غلب، ولذا قالت الأنصار لما أمرهم بالقسامة لما اتهموا اليهود بقتل رجل منهم: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ فقال (عليه السلام) ليقسم اليهود (3) وفي خبر آخر: وكيف نحلف على ما لم نعلم ولم نشهد (4). واكتفى الشيخ في المبسوط بالظن (5) وهو بعيد. (وللسيد مع اللوث أن يحلف القسامة في قتل عبده) أو أمته (الموجب للقصاص أو الدية) لعموم النصوص (6) خلافا لأبي علي (7) لدخوله
(1) المبسوط: ج 7 ص 239. (2) المبسوط: ج 7 ص 240. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 117 ب 10 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ح 3. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 116 - 117 ب 10 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ح 1. (5) المبسوط: ج 7 ص 216. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 114 ب 9 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به. (7) مختلف الشيعة: ج 9 ص 436. 138 في المال (دون قتل دابته أو ذهاب ماله) فالقسامة مختص بدماء الناس. (ولو أقام المولى شاهدا) واحدا (بقتل) مملوكه قتل (الخطأ أو قتل الحر) له، وبالجملة بقتل يوجب الدية (ففي الاكتفاء) منه (باليمين الواحدة أو وجوب خمسين) كما في قتل الحر (إشكال): من الدخول في المال والدم، واحتمال وجوب الخمسين ثابت. (وإن كان المدعى عليه حرا) لا يثبت عليه إلا المال ولا يتعلق الجناية برقبته. (ولو كان العبد) المقتول (المكاتب) وثبت اللوث (حلف، فإن نكل وفسخت الكتابة بموت أو عجز لم يكن لمولاه القسامة) كما ليس لوارث المدعي الحر إذا نكل القسامة. (أما لو عجز أو مات قبل نكوله، فإن) حق القسامة ينتقل إلى (السيد يحلف ويثبت حقه) كسائر الورثة. (ولو أوصى) المولى (بقيمة المقتول) لا برقبته (حلف الوارث القسامة) فإن الرقبة كانت له، وقد عرفت أن للسيد القسامة وإن كان ما يثبت بحلفه ملكا للموصى له، إذ لا يمتنع أن يحلف على إثبات حق إذا ثبت كان لغيره، كما لو حلف الرجل تركة ودينا له وعليه، فإن وارثه يحلف على الدين وإن كان إذا ثبت كان لغيره. (فإن امتنع) الوارث (ففي إحلاف الموصى له إشكال): من أنه أجنبي عن الرقبة، وهو ظاهر، وعن القيمة، فإنها ما لم يثبت ولم ينتقل إلى الوارث لم ينتقل إليه، كما أنه لو لم يقتل وبيع انتقل الثمن إلى البائع وهو الوارث ثم إليه، وهو خيرة المبسوط (1). ومن أن القيمة حق له مع في ما توقف استحقاقه هنا على الانتقال إلى الوارث من المنع. (ولو ملك عبده عبدا) فقتل وثبت اللوث (فإن أحلنا الملك) للمملوك
(1) المبسوط: ج 7 ص 218. 139 القن (حلف المولى) خاصة، وهو ظاهر. (وإن سوغناه احتمل ذلك) أيضا (لأنه) وإن صار ملكا للعبد لكنه (ملك غير مستقر) لأن (للمولى انتزاعه كل وقت) شاء (بخلاف المكاتب، فإنه ليس للمولى انتزاع تكسبه إلا بعد الفسخ) للكتابة، والاحتمال الآخر ظاهر فتردد فيهما الشيخ (1) كالمصنف. (ولو وجد العبد مجروحا فأعتقه مولاه ثم مات) بالسراية (وجبت الدية) دية الحر لما مر (و) لكن (للسيد أقل الأمرين من الدية أو القيمة، فإن كانت الدية أقل حلف السيد خاصة) لأنه المستحق (وإن كانت القيمة أقل حلف السيد) للقيمة (والوارث) للفاضل عليها من الدية. (والأقرب) وفاقا للخلاف (2) والشرائع (3) (المنع من قسامة الكافر على المسلم) لأنها تثبت على خلاف الأصل فيقصر على موضع اليقين وليس في النصوص ما تضمن قسامة الكافر على المسلم، ولأصل البراءة، ولأنها سبيل وهو منفي، ولأنها يثبت في العمد القصاص مع التكافؤ ولا نثبته هنا. وقال في الخلاف: ولو أوجبنا عليه الدية لأوجبنا بيمين كافر ابتداء على مسلم مالا، مع علمنا بأنهم يستحلون أموال المسلمين ودماءهم (4). وخلافا للمبسوط، قال: لعموم الأخبار، غير أنه لا يثبت به القود وإنما يثبت به المال (5) وهو خيرة المختلف، قال: وأصالة البراءة إنما يعمل بها ما لم يظهر المضاد وقد ظهر، لأن ثبوت اللوث ينفي استصحاب البراءة، ودليل إثبات القتل على المسلم عمومات الأخبار الدالة على إثبات القتل بالقسامة كما في الأموال، وكما لا يجوز تخصيص عموم قوله (عليه السلام): اليمين على من أنكر بالمسلم كذا هنا. والملازمة الأولى - وهو وجوب القود لو ثبت بيمينهم القتل - ممنوع، فإن القتل قد
(1) المبسوط: ج 7 ص 219. (2) الخلاف: ج 5 ص 310 المسألة 10. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 225. (4) الخلاف: ج 5 ص 312 المسألة 10. (5) المبسوط: ج 7 ص 216. 140 يثبت بالبينة إجماعا، ولا يثبت به القود، بل المال. والملازمة الثانية - يعني وجوب المال بيمين الكافر ابتداء - منقوضة بدعوى المال مع الشاهد الواحد. انتهى (1). وبه يظهر اندفاع حديث السبيل، فإن للكافر إثبات حقه على المسلم بطريق شرعي. (ولو ارتد الولي منع القسامة) عن فطرة أولا عنها، قال الشيخ في المبسوط كيلا يقدم على يمين كاذبة، فإن من أقدم على الردة أقدم على اليمين الكاذبة (2). قلت: ولو كان المدعى عليه مسلما وقلنا لا قسامة عليه للكافر فهو وجه آخر. قال: (فإن خالف (3) وقعت موقعها) عندنا، لعموم الأخبار، وقال شاذ منهم: لا يقع موقعها، لأنه ليس من أهل القسامة. وهذا غلط (لأنه اكتساب، وهو غير ممنوع منه في مدة الإمهال) للتوبة (وهي ثلاثة أيام) وهذا يختص بالمرتد لا عن فطرة مع جهل الحاكم بارتداده ليحلفه، فإن اليمين لا بتحليفه تقع لاغية. وزاد المصنف له بناء على قوله في المبسوط من قسامة الكافر على المسلم: أنه لا يمنع من قسامة المرتد إسلام المدعي. (وكما يصح يمين الذمي) وغيره (في حقه على المسلم كذا هنا) قال الشيخ: (فإذا رجع إلى الإسلام استوفى) حقه (بما حلفه في الردة) من غير احتياج إلى الاستيناف، وإن مات أو قتل في الردة انتقل إلى ورثته عندنا، وكان فيئا عند العامة (4). (ويشكل) وقوع حلفه موقعه (بمنع الارتداد الإرث وإنما يحلف الولي وقد خرج عن الولاية) إلا أن يقال: العود إلى الإسلام كاشف عن بقاء الولاية أو كان هو أحد القسامة الحالفين وكان منهم الولي أو لم يكن وأجزنا قسامة غير الولي من قومه خاصة كما مر احتماله، ومنه يظهر احتمال اعتبار حلفه إن ارتد عن
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 468. (2) المبسوط: ج 7 ص 220. (3) كذا في المبسوط والقواعد وفي النسخ: فإن حلف. (4) المبسوط: ج 7 ص 220. 141 فطرة أيضا. ثم على عدم اعتبار الحلف حال الردة لو تخللت بين الأيمان، فإن اشترطنا فيها الموالاة بناء على أنها يمين واحدة كان عليه الاستئناف إن أخلت بالموالاة، وإلا فلا. وإن كان الولي قد ارتد لا عن فطرة قبل القتل، فإن عاد إلى الإسلام قبل قسمة الميراث كان له الحلف، وإلا فلا، إلا على الاحتمال الذي عرفته. (البحث الرابع في أحكام القسامة) (ويثبت بها القصاص في العمد) عندنا للنصوص (1) والإجماع، خلافا لأبي حنيفة (2) والشافعي (3) في الجديد، فإنما أوجبا بها الدية مغلظة في مال الجاني (والدية على القاتل في عمد الخطأ، وعلى العاقلة في الخطأ المحض) كما هو المشهور. وفي التحرير: وإن كان القتل خطأ يثبت الدية على القاتل لا على العاقلة، فإن العاقلة إنما يضمن الدية مع البينة لا مع القسامة (4) ويؤيده خبر زيد عن آبائه (عليهم السلام): لا يعقل العاقلة إلا ما قامت عليه البينة (5). (ولو اشترك في الدعوى اثنان) بأن ادعى عليهما القتل (واختص اللوث بأحدهما أثبت دعواه على ذي اللوث بالقسامة، وعلى الآخر) مع إنكاره (يمين واحدة كالدعوى في غير الدم. وكذا لو لم يكن هناك لوث وجب على المنكر يمين واحدة) فإذا حلفها اندفعت عنه الدعوى، فإن نكل أو رد اليمين على المدعي حلف ولا يتقدم هنا يمين المدعي بالاتفاق كما هو الظاهر وإن كانت الأخبار (6) بتقدم يمين المدعي للدم مطلقة. (فإذا أراد قتل ذي اللوث) بعد إثبات دعواه عليه بالقسامة (رد عليه نصف الدية) لأنه إنما ادعى عليه أنه أحد القاتلين، فإن أثبت دعواه على الآخر
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 114 ب 9 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به. (2 و 3) الحاوي الكبير: ج 13 ص 14. (4) التحرير: ج 5 ص 487. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 306 ب 9 من أبواب العاقلة ح 1. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 114 ب 9 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به. 142 وأراد قتله رد عليه أيضا نصف الدية. (ولو كان أحد الوارثين) للمقتول (غائبا وحصل لوث) لم يمنع غيبته الحاضر من إثبات حقه، بل (حلف الحاضر) وحده أو مع قومه (خمسين يمينا) وإن كان لو لم يغب الآخر لم يحلفها، فإن افتتاح القسامة لا يكون إلا بخمسين، إذ لا يثبت الدعوى ولا جزء من أجزائها ما لم يكمل الخمسون (وثبت حقه) وله استيفاؤه (من غير ارتقاب) إلا إذا أراد القود وقلنا بحبس القاتل إلى قدوم الغائب كما سيأتي من احتماله. (فإن حضر الغائب) وأراد استيفاء حقه من الدية (حلف) وحده أو مع قومه (خمسا وعشرين) يمينا، وإن كان الوارث ثلاثة أحدهم غائب، حلف الحاضران خمسين كل منهما خمسة وعشرين، فإذا حضر الثالث حلف الثالث وجبر المنكسر فيحلف سبع عشرة، ولو كان الحاضر منهم واحدا حلف خمسين وأخذ نصيبه، ثم إن حضر الآخران معا حلف كل منهما سبع عشرة، وإن حضر أحدهما حلف خمسا وعشرين، إذ قد لا يحضر الثالث، أو لا يدعي، فإذا حضر الثالث، حلف سبع عشرة، وعليه فقس. ولا يمكن أن يقال: إنه إذا حلف الحاضر الخمسين ثبتت الدعوى بتمامها، إذ ما لم يثبت لم يثبت نصيبه منها، فلا حاجة إلى حلف الغائب إذا حضر، فإن الحاضر إنما يدعي نصيبه وإنما يحلف الخمسين عليه، فإذا حضر الغائب كانت دعواه غير دعوى الأول، فلابد له من الحلف، وليس هذا مثل حلف قوم المدعى له، فإنهم يحلفون لتمام الدعوى. ولا يرد أن يقال: فهما متساويان في دعوى كل منهما نصيبه فما الفارق بينهما حتى يحلف أحدهما خمسين والآخر خمسا وعشرين؟ لأن الفارق أن الأول إذا ادعى احتمل أن لا يحضر الغائب أو لا يدعي فلابد له من الخمسين، لأن هذه الدعوى لا يثبت جزء من أجزائها إلا بها، بخلاف ما إذا حضر الغائب وقد حلف الأول خمسين، إذ قد انكشف أن المدعي اثنان فليس عليه إلا ما كان عليه لو كان حاضرا مع الأول، هذا إذا استوفى الحاضر حقه من الدية، وأما
143 إذا اقتص فلا يمين على الغائب إذا حضر إن اعترف به الحاضر ولم يأخذ نصيبه من الدية من تركة القاتل. (وكذا لو كان أحدهما صغيرا أو مجنونا) حلف الكامل القسامة واستوفى حقه، ثم إذا كمل الآخر حلف نصف القسامة لنصيبه. (وإذا مات الولي قام وارثه مقامه وثبت الحق بالقسامة) لانتقال الحق وحججه إليه كسائر الحقوق. (فإن كان الأول قد حلف بعض العدد) ثم مات (استأنف وارثه الأيمان) لأن الخمسين كيمين واحدة ولو مات في أثنائها لزم الوارث استئنافها (لئلا يثبت حقه بيمين غيره) لما عرفت من انتقال الحق إليه بعد ما كان لمورثه ولم يكن شريكا له في الدعوى. ونسب الاستئناف في التحرير (1) والإرشاد (2) والشرائع (3) إلى الشيخ، وهو يعطي استضعافا أو توقفا لأن كونها كيمين واحدة في جميع اللوازم ممنوع، ولذا توزع على جماعة، ولا يجب الاستئناف لو تخلل الجنون. وأما ثبوت الحق بيمين الغير فهو من شأن القسامة، فإنه يحلف مع الولي غيره. ويندفع بأنا نسلم أن الحق هنا يثبت بيمين الغير لكن عند تحقق متعلقه ولم يتعلق بالوارث إلا بعد موت المورث. (ولو مات بعد كمال العدد ثبت للوارث حقه من غير يمين. ولو نكل لم يحلف الوارث) فإنه أسقط حقه بالنكول ولا ينتقل الحق الساقط إلى الوارث. (و) أما (إذا مات من لا وارث له فلا قسامة) فإن وارثه الإمام وإحلافه محال. (ولو استوفى الدية بالقسامة، فشهد اثنان بغيبته) أي المدعى عليه (حال القتل بطلت القسامة) لأن البينة أقوى (واستعيدت الدية) وكذا لو اقتص بالقسامة اخذت منه الدية ما لم يعترف بتعمد الكذب، وإلا اقتص منه.
(1) التحرير: ج 5 ص 480. (2) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 220. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 227. 144 (ولو حلف) القسامة (واستوفى) الدية (وقال: هذه حرام، فإن فسر بكذبه في اليمين) عمدا أو سهوا (استعيدت، وإن فسر بأنه) حنفي (لا يرى القسامة لم تستعد) لتقدم اجتهاد الحاكم على زعمه. نعم لو ردها باختياره اخذت (وإن فسر بأنها ليست ملك الدافع ألزم بدفعها إلى من يعينه) مالكا لها إن عين. (ولا يرجع) بعوضها (على القاتل المكذب) له في ذلك. نعم إن وافقه القاتل أو ادعاها المالك وأقام به بينة كان له الرجوع (و) إذا ذكر أنها ليست ملك الدافع (لا يطالب بالتعيين) لمالكها (فلو لم يعين أقرت في يده). (ولو استوفى بالقسامة) أو حلفها ولم يستوف (فقال آخر: أنا قتلته منفردا، قيل) في الخلاف: (يتخير الولي) بين أن يصدقه ويكذب نفسه وأن يكذبه ويثبت على ما كان عليه، لأن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، فإذا كذب نفسه فقد أقر بعدم استحقاق شئ على الأول، ولما أقر الثاني بالقتل أخذ بإقراره (1). (والأقرب المنع) كما في المبسوط (لأنه) بتكذيب نفسه وإن أقر بعدم استحقاق شئ على الأول لكنه (إنما يقسم مع العلم، فهو) بالقسامة (مكذب للإقرار) مقر بأنه لا يستحق على المقر شيئا فكيف له أن يأخذ منه؟ فهو كزوج ساق إلى امرأته مهرها ثم طلقها وأقر بأنه دخل بها فلا يستحق عليها من المهر شيئا، وإن أقرت بأنه طلقها قبل الدخول وإن له عليها نصف المهر (2) قال في التحرير: ولو قيل: إن كذبه الولي لم يبطل القسامة ولم يلزم المقر شئ لأنه يقر لمن يكذبه، وإن صدقه رد ما أخذه وبطلت دعواه على الأول، لأنه يجري مجرى الإقرار ببطلان الدعوى وليس له مطالبة المقر، كان وجها، انتهى (3). وكلام المبسوط يعطي أن الدية من بيت المال صدق الولي المقر أو كذبه، فإنه قوى القول بأنه ليس للولي الدعوى على المقر لتكذيبه له بالقسامة، ثم قال: على
(1) الخلاف: ج 5 ص 314 المسألة 16. (2) المبسوط: ج 7 ص 237. (3) التحرير: ج 5 ص 487. 145 أ نا قد بينا قصة الحسن (عليه السلام) في مثل هذا أن الدية من بيت المال (1). (قيل) في النهاية (2) والمهذب (3) وغيرهما: (ويحبس المتهم في الدم) أي القتل (مع التماس خصمه حتى يحضر البينة) إلى ستة أيام، لخبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإن جاء أولياء المقتول بثبت (4) وإلا خلى سبيله (5) وفي الوسيلة: يحبس ثلاثة (6) أيام، فإما وجد به خبرا أو قاسه على إمهال المرتد، ونحوه. وقال أبو علي: حبس إلى ستة (7) فيمكن أن يكون اسم العدد فيوافق النهاية، ويمكن ان يكون بالنون بعد السين أي عاما، وكذا قرأه الشهيد، وقال: إنه نظر إلى أنه نهاية الاحتياط في الدماء، وأقرب إلى تحقيق عدم الحجة بالكلية (8) ومنع ابن إدريس (9) من الحبس رأسا، لضعف الخبر مع كونه تعجيل عقوبة قبل موجبها، والأصل البراءة. وفي المختلف: والتحقيق أن نقول: إن حصلت التهمة للحاكم بسبب لزم الحبس ستة أيام عملا بالرواية وتحفظا للنفوس عن الإتلاف، وإن حصلت لغيره فلا عملا بالأصل (10). (والسكران لا يحلف إلا أن يعقل) وهو واضح. (وإذا اختلف سهام الوارث) أي الوارث المدعي للقتل من دية مورثهم (احتمل تساويهم في تقسيط الخمسين عليهم) كما في الشرائع (11) لتساويهم في الدعوى. (ويكمل المنكسر) على ما مر. (و) احتمل (التقسيط بالحصص) كما في المبسوط (12) فإنهم يحلفون
(1) المبسوط: ج 7 ص 242. (2) النهاية: ج 3 ص 378. (3) المهذب: ج 2 ص 503. (4) الثبت: بفتحتين: الحجة. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 121 ب 12 من أبواب دعوى القتل وما يثبت به ح 1. (6) الوسيلة: ص 461. (7) نقله عنه في غاية المراد: ص 208 س 15. (8) نقله عنه في غاية المراد: ص 208 س 19. (9) السرائر: ج 3 ص 343. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 306. (11) شرائع الإسلام: ج 4 ص 224. (12) المبسوط: ج 7 ص 233. 146 خلافة عن القتيل، فيحلف كل بقدر خلافته، ولذا ترى الأيمان ينقص بحساب نقص ديات الجراحات والأعضاء عن دية النفس، (فيحلف الذكر ضعف الأنثى) مع تكميل المنكسر، فإن كان الولي ابنا وبنتا، حلف الابن أربعا وثلاثين، والبنت سبع عشرة، وعليه قس. (فإن جامعهما خنثى احتمل مساواته للذكر وإن أخذ) من الدية (أقل) من نصيب الذكر (احتياطا) لاحتمال الذكورية فلا يثبت دعواه يقينا بأقل، فيحلف كل منه ومن الذكر عشرين والأنثى عشرا. (و) احتمل (أن) لا (يحلف) إلا (الثلث) كما لا يرث سواه، فيحلف سبع عشرة بتكميل المنكسر، ويحلف الذكر ثلاثا وعشرين، فإن عليه أربعة أتساع الخمسين، لأن نصيبه يزيد على نصيب الخنثى بثلاثة وأربعة أتساعه اثنتان وعشرون وتسعان، فيكملها ثلاثا وعشرين، وعلى الأنثى نصفها فيكملها اثنتي عشرة. (فإن مات وله وارث) للقتيل قبل القسامة (بسطت حصته من الأيمان على ورثته) بالسوية أو (بالحصص أيضا). (ولو جن في أثناء الأيمان ثم أفاق أكمل ولا يستأنف) لا تحاد الحالف مع أنه ليس فيه إلا تفريق اليمين في وقتين، فهو كما لو استحلف الحاكم ثم تشاغل عنه، نعم إن اشترطنا التوالي لزم الاستئناف إن اختل التوالي. (الفصل الثالث في كيفية الاستيفاء) أي ما يتعلق به من طريق فعله وفاعله وزمانه. (وفيه مطالب) خمسة: (الأول: المستوفى عند اتحاد القتيل) (القتيل إن كان واحدا استحق الاستيفاء جميع الورثة) له (وهم كل من يرث المال) من الذكور والإناث والخناثى المتقربين بأنفسهم أو بالذكور أو بالإناث، لعموم آية أولي الأرحام، وإطلاق قوله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد
147 جعلنا لوليه سلطانا " (1) وسائر نصوص القصاص والديات (2) (عدا الزوج والزوجة فإنهما لا يستحقان قصاصا) اتفاقا (بل إن أخذت الدية صلحا في العمد أو أصلا في الخطأ وشبهه) والمراد به هنا كل ما أشبهه مما يوجب الدية خاصة، فيعم نحو قتل الوالد ولده والحر العبد والمسلم الكافر. (ورثا نصيبهما منها) اتفاقا، ويعطيه عموم نصوص الإرث، ولا يعارضها خبر السكوني، وقد تقدم في الفرائض (3). (وإلا فلا حظ لهما في استيفاء القصاص ولا عفوه، وقيل: لا يرث القصاص إلا العصبة، فلا يرث من يتقرب بالأم ولا للنساء) أية كن (عفو ولا قود) حكاه الشيخ في المبسوط عن جماعة من الأصحاب (4) ورواه علي بن الحسين بن فضال بسنده عن أبي العباس أنه قال للصادق (عليه السلام): هل للنساء قود أو عفو؟ قال: لا، وذلك للعصبة، قال علي بن الحسين: هذا خلاف ما عليه أصحابنا (5). (والأول أقرب) لما عرفت من العمومات. (ويرث الدية كل من يرث المال من غير استثناء) وفاقا لجراح المبسوط (6) وميراث الخلاف (7) وقد مر اختياره استثناء المتقرب بالأم وأنه الأشهر، وأن للشيخ قولا باستثناء النساء المتقربات بالأب أيضا (8) (و) إذا تعدد الوارث للقود أو الدية فلا خلاف أنه (لا يرث كل منهم كمال القصاص) أو الدية (بل يكون بينهم على قدر حقهم في الميراث، ويشترك) فيهما (المكلفون وغيرهم) الحاضرون والغائبون.
(1) الإسراء: 33. (2 و 3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 37 ب 19 من أبواب القصاص في النفس. (4) المبسوط: ج 7 ص 54. (5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 432 ب 8 من أبواب موجبات الإرث ح 6. (6) المبسوط: ج 7 ص 54. (7) الخلاف: ج 4 ص 114 المسألة 127. (8) الخلاف: ج 5 ص 178 المسألة 41. 148 (وإذا كان الولي واحدا جاز أن يستوفي) القصاص (من غير إذن الإمام) ونوابه من الحكام (على رأي) الشيخ في موضع من المبسوط، للأصل، وعموم فقد جعلنا لوليه سلطانا (1) وكرهه في التحرير (2) وفاقا للخلاف (3) قال: ويتأكد الكراهة في الطرف (نعم الأقرب التوقف على إذنه) كما في المقنعة (4) والمهذب (5) والكافي (6) وموضع من المبسوط (7) لأن أمر الدماء خطير والناس مختلفون في شروط الوجوب، وكيفية الاستيفاء (خصوصا الطرف) لجواز التخطي فيه وكونه مظنة للسراية ومعنى التوقف على إذنه الإثم بالاستيفاء بدونه، لكنه إن خالف لم يضمن دية أو أرشا ولكن يعزر كما في المبسوط (8) والمهذب (9). (ولو كانوا جماعة لم يجز الاستيفاء إلا باجتماع الجميع) كما في الشرائع (10) لاشتراكهم فيه، وهو حق لا يقبل التبعيض، ولكن لا بأن يجتمعوا بأنفسهم لما سيأتي (إما بالوكالة) بأن يوكلوا بأجمعهم من يستوفيه (أو الإذن لواحد) منهم في أن (يستوفيه) عن نفسه وعنهم. (فإن وقعت المنازعة) في الإذن لمن يستوفيه منهم (وكانوا كلهم من أهل الاستيفاء) أي ممن يقدر عليه (أقرع) وهو الحكم في مثل ذلك. (فمن خرجت قرعته جعل إليه الاستيفاء). (ولو كان منهم من لا يحسنه كالنساء) إن ورثن القصاص والمريض والضعيف (فالأقرب) إدخاله فيمن يقرع عليه و (كتبه اسمه) فإنه وإن لم يقدر على المباشرة لكنه (بحيث لو خرج) اسمه (فوض) الاستيفاء (إلى
(1) المبسوط: ج 7 ص 56. (2) التحرير: ج 5 ص 491. (3) الخلاف: ج 5 ص 205 المسألة 80. (4) المقنعة: ص 760. (5) المهذب: ج 2 ص 485. (6) الكافي في الفقه: ص 383. (7) المبسوط: ج 7 ص 100. (8) المبسوط: ج 7 ص 100. (9) المهذب: ج 2 ص 485. (10) شرائع الإسلام: ج 4 ص 228. 149 من شاء) ويحتمل العدم، فإن الإقراع لتعيين المباشر (وقيل) في المبسوط (1) والخلاف (2) والغنية (3): (يجوز لكل منهم المبادرة) إلى القصاص (ولا يتوقف على إذن الآخر) لأنه ولي فله السلطان، وللإجماع كما في الخلاف والغنية وظاهر المبسوط، ولبناء القصاص على التغليب ولذا إذا عفا الأولياء إلا واحدا كان له القصاص، ولأنه إذا جاز القصاص مع عفو الباقين فمع السكوت أو الجهل أولى. (لكن يضمن حصص من لم يأذن) من الدية يؤديها إليهم أو إلى ورثة القاتل كما سيظهر. (ولو كان فيهم غائب أو صغير أو مجنون، قيل) في الخلاف (4) والمبسوط (5): (كان للحاضر الاستيفاء) كان الغائب في البلد أو غائبا عنه. (وكذا للكبير والعاقل) لمثل ما عرفت من الإجماع وغيره (لكن بشرط أن يضمنوا نصيب الغائب والصبي والمجنون من الدية ويحتمل) بناء على حرمة المبادرة على أحدهم بدون إذن الباقين (حبس القاتل إلى أن يقدم الغائب، ويبلغ الصغير (6) ويفيق المجنون) إن رجيت إفاقته، أو يموتوا فيقوم ورثتهم مقامهم، أو يرضى الحاضر الكامل بالدية، وإن لم يرج المجنون فيحتمل ذلك أيضا، ويحتمل جواز المبادرة إلى القصاص ضمان حصته، ويحتمل جواز المبادرة هنا وإن منعناها مع كمال الشركاء وحضورهم، لكون الحبس ضررا على القاتل غير منصوص، مع ما في التأخير من الضرر على ولي الدم وتعريض حقه للضياع إلا أن يقل زمان الانتظار بحيث ينتفي الضرر عادة. (ولو كان المستحق للقصاص صغيرا أو مجنونا وله) ولي من (أب أوجد، قيل) في الخلاف (7) والمبسوط (8) (ليس لأحد) منهما (الاستيفاء حتى يبلغ الصغير أو يفيق المجنون) أو يموتا (سواء كان) القصاص أو
(1 و 5) المبسوط: ج 7 ص 54. (2) الخلاف: ج 5 ص 179 المسألة 42. (3) الغنية: ص 404. (4 و 7) الخلاف: ج 5 ص 179 المسألة 43. (6) في القواعد: الصبي. (8) المبسوط: ج 7 ص 54. 150 الاستحقاق أو الحق أو الاستيفاء (في النفس أو الطرف، و) نص في المبسوط (1) على أنه (يحبس القاتل حتى يبلغ أو يفيق) فتوقف الاستيفاء على الكمال (لأنه) أي الاستيفاء (تفويت بمعنى أنه لا يمكن تلافيه، وكل تصرف هذا شأنه لا يملكه الولي، كالعفو عن القصاص) بمعنى أنه لا يتم ولا يسقط به القصاص إذا كمل المولى عليه وإن كان على مال (و) نحو (الطلاق والعتق) وحبسه لحفظ الحق عن الضياع واستشكله المحقق (2) لكونه عقوبة زائدة على ما ثبت بالنص والإجماع من القود أو الدية بخلاف تصرف يمكن تلافيه فللولي أن يفعله كالنكاح. ولذا قال في المبسوط (3): إن للولي العفو عن القصاص على مال لأن المولى عليه إذا كمل كان له القصاص. (ولو قيل: للولي الاستيفاء كان وجها) لتسلطه على استيفاء حقوقه مع المصلحة، ولما في التأخير من التعريض للضياع. (وليس للأولياء) للدم (أن يجتمعوا على استيفائه) أي القصاص (بالمباشرة) بأن يضربه كل منهم سيفا (لما فيه من التعذيب، فإن فعلوا أساؤوا ولا شئ عليهم) لأنهم قتلوه بحق. (ولو بدر منهم واحد فقتله من غير إذن الباقين عزر) كما في المبسوط (4) والمهذب (5) لأنه فعل محرما، ونفاه في الخلاف (6) لأصل البراءة بناء على أنه لم يحرمه فيه. (وهل يستحق) عليه (القصاص؟ إشكال: ينشأ من أن له نصيبا في نفسه) أي نفس المقتص منه، وأقله أن يصير شبهة دارئة عن القتل، ويقوى الشبهة اختلاف الفقهاء في جواز المبادرة وعدمه (ومن أنه تعمد) بدر و (قتل من يكافيه) فإنه المفروض (ظلما) بالنسبة إلى غير نصيبه (مع العلم بالتحريم)
(1 و 3) المبسوط: ج 7 ص 55. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 230. (4 و 5 و 6) لم نعثر عليه في الكتب الثلاثة، بل عثرنا على قول الشيخ في الكتابين بجواز مبادرة أحدهم مع ضمان الدية عن حصص الباقين، كما نبه عليه في مفتاح الكرامة: ج 10 ص 91 في تعليقات على باب القصاص، فراجع. 151 فإنه المفروض فلا شبهة، فهو كأحد رجلين اشتركا في قتل رجل في أنه بمنزلة من أتلف نصف نفس عمدا ظلما. (والأول أقرب) للاحتياط في الدم مع عصمة دم القاتل ووجوب قتل المقتول في الجملة، ولأن له قتله مع عفو الباقين (وحينئذ يضمن نصيب الباقين من الدية) بخلاف ما لو اقتص منه، فإنه لا ضمان عليه، بل على ورثة الجاني دفع الدية من تركته إلى أولياء المجني عليه بحسب أنصبائهم، ومنهم القاتل الذي اقتصوا منه. (وهل) إذا لم يستحق على الولي المبادر القصاص كان (للولي الآخر مطالبة) نصيبه من الدية من (تركة القاتل) لأن المستوفي فيما وراء حقه كالأجنبي وإذا قتله أجنبي اخذت الدية من تركته، ولأن القاتل إن كان ذميا ومقتوله مسلما فبدر إلى القود أحد ابنيه المسلمين لم يكن عليه إلا نصف دية الذمي، والابن الآخر يستحق نصف دية أبيه المسلم، فلابد من أن يطالب من تركة القاتل، لكن على المستوفي أن يؤدي إلى ورثته ما زاد على حقه وهو نصف ديته إن اتحد شريكه كما فرض (أو مطالبة المستوفي) لأنه بالمبادرة إلى الاقتصاص استوفى حقه مع حق شريكه بل أتلف حق شريكه، فهو كما لو أخذ الوديعة أحد الشريكين فيها فأتلفها، فإن ضمان نصيب الآخر منها على الآخذ لا المستودع. وقد يفرق بأن الوديعة ملك لهما بخلاف الجاني وإنما لهما عليه حق، فأشبه المبادر إلى قتله من قتل غريم رجل، فليس عليه ضمان ما له عليه بل له المطالبة بماله في تركته وعلى القاتل ديته. (أو يتخير) لأن كلا منهما متعد عليه، فالأول بقتل مورثه، والثاني بإتلاف حقه، فهما كغاصبين ترتبت أيديهما على المغصوب (الأقرب الأخير) لذلك، ولتعارض دليلي الأولين، لكن إن طالب من تركة القاتل كان على المستوفي أن يرد على ورثته ما زاد على حقه، وإن طالب من المستوفي وكان القاتل أقل دية من المقتول الأول كأن كان ذميا وذاك مسلما كان للمستوفي أخذ الفاضل من تركة القاتل. (والواجب في قتل العمد) أصالة هو (القصاص) عندنا، لقوله تعالى:
152 " النفس بالنفس " (1) وقوله: " كتب عليكم القصاص في القتلى " (2) (لا الدية) خلافا للشافعي (3) في أحد قوليه فجعلهما أصلين، وهو قول أبي علي، فإنه ذكر أن الولي إن أراد أخذ الدية وامتنع الجاني كان الخيار للولي (4). ويستدل له بوجوه، منها: قوله (صلى الله عليه وآله) من أصيب بدم أو خبل والخبل الجرح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتص أو يعفو أو يأخذ العقل (5) ومنها: قول الصادق (عليه السلام) في خبر علاء بن الفضيل: العمد هو القود أو رضا ولي المقتول (6) وهما ضعيفان سندا ودلالة. ومنها: أن فيه إسقاط بعض الحق فليس للجاني الامتناع كإبراء بعض الدين، وضعفه ظاهر، فإنه معاوضة لا محض إسقاط. ومنها: أن الرضا بالدية ذريعة إلى حفظ نفس الجاني فيجب عليه، وقد يمنع الوجوب. وعلى المشهور. (فلو عفا الولي على مال لم يسقط حقه من القصاص، ولا يثبت) له (الدية إلا برضا الجاني) فإن القتل إنما أوجب القصاص فلا يجب الدية ما لم يرض بها الجاني، ولقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه، إلا أن يرضي أولياء المقتول أن يقبلوا الدية، فإن رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية إثنا عشر ألفا (7) الخبر. خلافا للشافعي وأحمد وجماعة من العامة (8) فأوجبوا الدية بالعفو وإن لم يرض بالجاني. (ولو عفا ولم يشترط المال سقط القصاص، ولا يستحق شيئا من المال) رضي الجاني أو لا أطلق العفو أو صرح بنفي المال لانحصار الحق في
(1) المائدة: 45. (2) البقرة: 178. (3) الحاوي الكبير: ج 12 ص 97. (4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 274. (5) السنن الكبرى: ج 8 ص 52. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 145 ب 1 من أبواب ديات النفس ح 13. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 144 ب 1 من أبواب ديات النفس ح 9. (8) المجموع: ج 18 ص 475. 153 القصاص فإذا عفا عنه فقد عفا عن كل ما وجب له. وللعامة (1) قول بثبوت الدية مع إطلاق العفو (ولو بذل الجاني القود لم يكن للولي سواه) فإن شاء استوفاه وإن شاء عفا مجانا وليس له أن يعفو على مال، خلافا للشافعي (2) وأضرابه. (فإن طلب الدية) أو أقل أو أكثر (ورضي الجاني صح، وإن امتنع لم يجبر) على البذل، بل إما أن يقتص منه أو يعفى عنه مجانا، وكما لا يجبر الجاني على بذل المال لا يجبر الولي على قبوله حتى (لو بذل الجاني الدية وأضعافها ورضي الولي صح، وإلا) يرض (فله القصاص) ولا بأس بحكاية عبارة المبسوط لاشتمالها على تفصيل أقوال العامة هنا. قال: إذا قتل عمدا محضا ما الذي يجب عليه؟ قال قوم: القتل أوجب أحد شيئين: القود، أو الدية، فكل واحد منهما أصل في نفسه، فإن اختار أحدهما ثبت وسقط الآخر، وإن عفا على أحدهما سقط الآخر، فعلى هذا موجب القتل القود أو الدية. وقال آخرون: القتل أوجب القود فقط، والولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو، فإن قتل فلا كلام، وإن عفا على مال سقط القود، ويثبت الدية، بدلا عن القود، فيكون الدية على هذا بدلا عن بدل، وعلى المذهبين معا يثبت الدية بالعفو، سواء رضي الجاني ذلك أو لم يرض، وفيه خلاف. والذي نص أصحابنا عليه واقتضته أخبارهم أن القتل يوجب القود والولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو فإن قتل فلا كلام، وإن عفا لم يثبت الدية إلا برضا الجاني، فإن بذل القود ولم يقبل الدية لم يكن للولي عليه غيره، فإن طلب الولي الدية وبذلها الجاني، كانت الدية مقدرة على ما نذكره في الديات، فإن لم يرض بها الولي جاز أن يفادي نفسه بالزيادة عليها على ما تراضيا عليه. وإذا قلنا: إن القتل يوجب القود فقط، فإن عفا عن الدية لم يسقط، لأنه عفا
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 99، الشرح الكبير: ج 9 ص 415. (2) المجموع: ج 18 ص 474، مغني المحتاج: ج 4 ص 49. 154 عما لم يجب كما لو عفا عن الشفعة قبل البيع. وإن عفا عن القود، فإما أن يعفو على مال أو على غير مال أو يطلق، فإن عفا على مال ثبت المال، وإن عفا على غير مال سقط القود، ولم يجب المال. وإن أطلق، قال قوم: يسقط القود إلى غير مال، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، لأن الذي وجب له هو القود، فإذا عفا عنه عفا عن كل ما وجب له. ومنهم من قال: يجب المال بمجرد العفو. ومن قال: يوجب أحد شيئين: القود، أو الدية، فالكلام في فصلين: إذا اختار، وإذا عفا، فإن اختار الدية تعينت وسقط القود، لأنه إذا كان مخيرا فيهما فإذا اختار أحدهما تعين وسقط الآخر، فإن أراد العدول بعد هذا إلى القود لم يكن له، لأنه يعدل عن الأدنى إلى ما هو أعلى. وإن اختار القصاص تعين وسقطت الدية. فإن أراد هاهنا أن يعفو على مال، قال قوم: ليس له ذلك، وقال آخرون: يجوز أن يعدل عنه إلى الدية، فإنه لا يمتنع أن يعود إلى ما كان له بعد تركه. فأما العفو فإن عفا عن الدية ثبت القصاص، وإن عفا عن القصاص أولا، فإما أن يعفو على مال أو غير مال أو يطلق، فإن عفا على غير مال سقط المال، لأنه قد وجب له أحد شيئين، فإذا عفا عن أحدهما ثبت الآخر، وقوله: " على غير مال " إسقاط له بعد ثبوته، وإن عفا على مال ثبت المال، لأنه وجب له أحدهما لا بعينه، فإذا عفا عن أحدهما على ثبوت الآخر ثبت، وإن عفا مطلقا ثبت المال. والفرق بين هذا القول وبين القول الأول أن هاهنا أوجب أحد شيئين، القود أو المال، فإذا عفا عن أحدهما مطلقا علم أنه أراد استيفاء الآخر، وليس كذلك إذا كان القتل أوجب القود فقط، لأن الواجب هناك القود لا غير، فإذا أطلق العفو لم يجب شئ، لأنه قد عفا عن كل ما وجب له، فلهذا لم يجب له شئ (1) انتهت. (ولو اختار بعض الأولياء الدية وأجاب القاتل) إليها (كان للباقي
(1) المبسوط: ج 7 ص 52 - 53. 155 القصاص) عندنا (بعد أن يردوا عليه نصيب من فأداه من الدية) وكذا لو فأداه بأكثر من الدية أو أقل كان على القاتل رد نصيب العافي من الدية، وإنما كان للباقي القصاص، للإجماع كما هو الظاهر، والأخبار (1) وإطلاق قوله تعالى: " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (2) وللأصل إذا كان الواجب بالقتل القود وكان مشتركا بين الأولياء ولا دليل على سقوطه رأسا إذا أسقط بعضهم حقه منه. وللعامة (3) قول بالسقوط رأسا، وتعطي احتماله عبارة الشرائع (4) ويوافقه ظواهر عدة من الأخبار، كصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق (عليه السلام) عن رجلين قتلا رجلا عمدا وله وليان فعفا أحد الوليين، فقال (عليه السلام): إذا عفا بعض الأولياء درئ عنهما القتل وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عفا، وأديا الباقي من أموالهما إلى الذين لم يعفوا (5) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر إسحاق: من عفا عن الدم من ذي سهم له فيه فعفوه جائز ويسقط الدم ويصير دية، ويرفع عنه حصة الذي عفا (6) وخبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجلين قتلا رجلا عمدا وله وليان فعفا أحد الوليين، فقال (عليه السلام): إذا عفا عنهما بعض الأولياء درء عنهما القتل، وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عفا، وأديا الباقي من أموالهما إلى الذي لم يعف، وقال: عفو كل ذي سهم جائز (7) ويحتمل درء القتل في حصة العافي بمعنى أنه ليس له قتله ثم العفو فيها بمعنى العفو مجانا وهو ظاهر، وما فيها من إعطاء الباقين حصتهم من الدية مبني على رضاهم بالدية. وحملها الشيخ (8) على أن الباقين لا يؤدون إلى أولياء المقاد منه مقدار ما عفا عنه فإنهم إذا لم يؤدوا إليهم ذلك لم يكن لهم القود.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 83 ب 52 من أبواب القصاص في النفس. (2) الإسراء: 33. (3) المجموع: ج 18 ص 476. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 230. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 85 ب 54 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (6) المصدر السابق: ص 86 ح 4. (7) المصدر السابق: ح 3. (8) الاستبصار: ج 4 ص 263 ذيل الحديث 991. 156 (ولو امتنع القاتل من المفاداة كان لمن طلب القصاص قتله بعد رد نصيب شريكه من الدية إليه) أي الشريك. (ولو عفا البعض) مجانا (لم يسقط القصاص) بالنسبة إلى غيره (بل يقتص طالبه) ولكن (بعد أن يرد على الجاني قدر نصيب العافي من الدية) كما في الصحيح عن أبي ولاد سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل قتلته امرأة وله أم وأب وابن، فقال الابن: أنا أريد أن أقتل قاتل أبي، وقال الأب: أنا أريد أن أعفو، وقالت الأم: أنا أريد أن آخذ الدية، فقال (عليه السلام): فليعط الابن أم المقتول السدس من الدية، ويعطي ورثة القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا وليقتله (1) وكما تنقسم الجناية بتعدد الأولياء كذا تنقسم بتعدد الجاني، وكما لا يمنع عفو بعض الأولياء الباقين عن القصاص كذا لا يمنع عدم تعلق القصاص ببعض الجناة تعلقه بالباقي. (وكذا لو اشترك الأب والأجنبي في قتل الولد أو المسلم، والذمي في قتل الذمي، فعلى الشريك) للأب في الأول والمسلم في الثاني (القود) إن أراده الولي (بعد أن يرد) الشريك (الآخر نصف ديته) كما مر خلافا لبعض العامة (2). (وكذا) إذا اجتمع (العامد والخاطئ) جاز الإفادة من العامد بعد رد نصف ديته. (إلا أن الراد هنا العاقلة، وكذا شريك السبع) بجواز الإفادة منه بعد رد نصف ديته وقد مر خلاف العامة في جميع ذلك. (ولو أقر أحد الوليين أن شريكه عفا) عن القصاص (على مال لم يقبل إقراره على شريكه و) يقتضي ذلك أن (حقهما في القصاص باق) ويقبل على نفسه (و) يلزم منه أن ليس (للمقر أن يقتل) إلا (بعد رد نصيب شريكه) من الدية لا ما ذكره من المال، وهو ظاهر (فإن صدقه) الشريك (فالرد له وإلا كان للجاني، والشريك على حاله في شركة القصاص) غاية الأمر أن يكون
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 83 ب 52 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (2) المجموع: ج 18 ص 476. 157 ظالما في القصاص على قول المقر، فإن اشترك معه في القصاص لم يكن له شئ، وكذا إن بادر إليه وكان عليه أن يرد إلى المقر نصيبه من الدية، وإن بادر المقر إلى القصاص كان له نصيبه وإن لم يصدقه في العفو على شئ، ولا يغرر المقر بالمبادرة لو قلنا به في غيره للشبهة بادعائه العفو على شريكه. (ولو وكل في استيفاء القصاص فعزله قبله ثم استوفى، فإن) كان (علم) بالعزل قبل الاستيفاء (فعليه القصاص) لأنه صار بالانعزال أجنبيا وقد تعمد القتل ظلما، وللموكل دية مورثه على ورثة قاتله (وإن لم) يكن (يعلم فلا قصاص) قطعا (ولا دية) بناء على عدم الانعزال بالعزل ما لم يعلم، وإلا فعليه الدية، ويرجع على الموكل، لأنه غره، ثم له على ورثة المقتول دية مورثه. (ولو عفا الموكل فاستوفى) الوكيل (عالما به فهو قاتل عمد) وهو ظاهر (وإن لم) يكن (يعلم فلا قصاص) قطعا (وعليه الدية للمباشرة) القتل من ظنه مباح الدم ولم يمكنه، كما قتل مسلما بظن بقائه على الكفر (ويرجع بها على الموكل، لأنه غره) بالعفو عن غير علمه وهو خيرة المبسوط (1) والشرائع (2) والتحرير (3). (ويحتمل عدم الضمان) للدية، لبطلان العفو (لأن العفو) إنما (حصل عند حصول سبب الهلاك، فصار كما لو عفا بعد رمي السهم) فهو كالعفو بعد الاستيفاء (ويمكن الفرق بعدم الاختيار هنا) أي إذا رمى السهم (بخلاف الوكيل فإنه يقتل مختارا) فافترق السببان. (ويحتمل) الضمان و (عدم الرجوع على الموكل، لأنه) إنما (فعل) بالتوكيل (ما ندب الشرع إليه، ولم يوجد منه تغرير) فإن العفو بنفسه ليس تغريرا، وإنما هو إحسان إلى القاتل، وعدم العلم ليس من فعله، وقد يفرق بين
(1) المبسوط: ج 7 ص 58. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 231. (3) التحرير: ج 5 ص 497. 158 إمكان الإعلام وعدمه، هذا إذا عفا مجانا، أما لو عفا على مال فلا ضمان على الوكيل، لأنه لا يصح إلا صلحا، إلا أن يكون برضا الجاني ولم يعلم به الوكيل فيجري فيه الأوجه الثلاثة. (ولو كان العفو بعد الاستيفاء لم يكن له أثر، ولو اشتبه فكذلك، لأصالة بقاء الحق) وتأخر العفو الحادث (وبراءة المستوفى عن القصاص والدية). (ولو ادعى الولي) أي ولي الجاني (قتله بعد العلم بالعفو) أو العزل ولا بينة (قدم قول الوكيل مع اليمين) للأصل. (وفي) وجوب (الكفارة) على الوكيل بهذا القتل الذي وقع بعد العزل أو العفو وهو لا يعلم (إشكال: ينشأ من) الأصل و (أنه أقدم) على هذا القتل (بحكم الحاكم) استأذنه الموكل في الاقتصاص أو لا، فإنه أثبت الدعوى عنده وحكم بأن له الاقتصاص وهو كاف، وما كان كذلك فهو مرخص فيه مباح أو مندوب، ولا كفارة في ذلك. (ومن مساواته للرامي إلى صف الكفار وهو لا يعلم إسلام المرمي) فإنه أيضا رمي مأمور به من الشارع. (ولو اقتص الوكيل بعد موت الموكل جاهلا بموته، فإن كان) اقتصاصه (بإذن الحاكم فالدية في بيت المال) فإنه مما أخطأ فيه الحاكم، وإلا فعليه الدية، ويرجع بها على تركة الموكل أو لا يرجع ولورثة الموكل الدية من تركة الجاني إن لم يسقط الاستحقاق بفوات المحل. (وإذا كان الولي لا يستوفي بنفسه، ولم يكن هناك من يتبرع بالاستيفاء استأجر الإمام من بيت المال من يستوفيه) لأنه من المصالح العظيمة مع أصل براءة الجاني والولي ابتداء (ولو لم يكن فيه مال) أو كان وكان هناك ما هو أهم كسد الثغور (دفع المقتص منه الأجرة دون المستوفي) وفاقا للخلاف (1)
(1) الخلاف: ج 5 ص 205 المسألة 81. 159 (لأن هذه) الأجرة (مؤونة التسليم) الواجب على الجاني فهي كأجرة الكيال الواجبة على البائع وخلافا للمبسوط (1) فأوجبها من مال المستوفي، لأنه وكيله فأجرته على موكله، وإنما على الجاني التمكين لا الفعل، ولذا لو أراد أن يقتص من نفسه لم يمكن منه واحتمل في التحرير (2). (وإن لم يكن له) أي للمقتص منه (مال، فإن كان القصاص على النفس استدان الإمام على بيت المال، وإن كان على الطرف استدان على الجاني) وعلى قول المبسوط إن لم يكن للمستوفى مال استدان. (ولو قال الجاني: أنا أستوفي له القصاص مني ولا أبذل أجرة، احتمل عدم القبول) لقوله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم " (3) ولأن معنى القصاص أن يفعل به كما فعل لا أن يفعل هو بنفسه، و (لأن القصاص للتشفي، وإنما يحصل للمستحق أو من ينوب عنه) لا بفعل نفسه (فصار كالمسلم) للمبيع أو الثمن مثلا (إذا قال: أنا أتولى الكيل ولا أدفع أجرة) فإنه لا يقبل منه، لأن الكيل لضبط المكيل وحفظه من الزيادة والنقصان، ولا يحصل بفعل المسلم لاحتمال الخيانة. (و) احتمل (القبول لتعين المحل والفعل) والقصد إلى إتلافه عوضا عن المجني عليه ولا يتفاوت ذلك باختلاف الفاعل (وعدم) إمكان (الخيانة هنا، بخلاف الكيل الذي يتصور فيه النقص). (ولو قال المستحق: اعطوني الأجرة) من بيت المال أومن مال الجاني و (أنا أستوفي بنفسي أجيب) إليه، لأنه عمل يستحق به الأجرة غير لازم عليه (كما لو قال) المشتري أو البائع: (اعطوني) الأجرة (لأكتال حقي) من المبيع أو الثمن. (المطلب الثاني في تعدد القتيل) (القتيل إذا تعدد استحق) عليه (القصاص بسبب) قتل (كل مقتول
(1) المبسوط: ج 7 ص 108. (2) التحرير: ج 5 ص 492. (3) النساء: 29. 160 فلو عفا بعض المستحقين) أي أولياء بعض المقتولين لا على مال (كان للباقي القصاص) كما سأل عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح الصادق (عليه السلام) عن رجل قتل رجلين عمدا ولهما أولياء فعفا أولياء أحدهما وأبى الآخرون، فقال (عليه السلام): يقتل الذي لم يعف وإن أحبوا أن يأخذوا الدية أخذوا (1) (فإن اجتمعوا على المطالبة فقتلوه استوفوا حقوقهم) وليس لهم عليه غير نفسه، فإنه لا يجني الجاني أكثر من نفسه خلافا لعثمان البتي (2) فإنه قال: إذا قتلوه سقط من الديات واحدة، وكان لهم في تركة الباقي من الديات بالحصص. (وهل لبعض المطالبة بالدية وللباقين القصاص؟ إشكال): من أن الجاني لا يجني أكثر من نفسه، ومن أن لكل قتيل حكمه بانفراده ولو انفرد كان لوليه القصاص والعفو على الدية. (وفي وجوب قتله بواحد، إما سابق) إن ترتبت الجنايات (أو بالقرعة) إن قتلهم دفعة أو أشكل الأمر (أو مجانا) إن لم يوجب القرعة، أو بادر إلى القصاص ولي أحد المقتولين وإن كان متأخرا وإن أساء كما في المبسوط (3) أو لم يسئ كما احتمل في التحرير (4) للتساوي في الاستحقاق (وأخذ الديات للباقين إشكال أيضا) يعني بهذه العبارة احتمال ما ذهبت إليه الشافعية (5): من أن الواجب قتله بواحد وأخذ الدية للباقين، وليس لأولياء القتلى اجتماعهم على القصاص، ووجه الاحتمال أنه لما قتل واحدا استحق عليه القصاص، ثم لما قتل الباقين فكأنه فات محل القصاص لهم فينتقل إلى الدية. ومن الأصل وأن الجاني لا يجني أكثر من نفسه. (ولا فرق) في جميع ما ذكر - من استحقاق القصاص عليه بكل قتيل
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 84 ب 52 من أبواب القصاص في النفس ح 3. (2) المجموع: ج 18 ص 435. (3) المبسوط: ج 7 ص 61. (4) التحرير: ج 5 ص 494. (5) مختصر المزني: ص 240. 161 وجواز اجتماعهم على الاقتصاص منه وأنهم إذا فعلوا ذلك استوفوا حقوقهم واحتمال جواز مطالبة بعضهم بالقصاص والباقين بالدية واحتمال وجوب الديات للباقين إذا سبق إلى القصاص بعضهم - (بين الترتيب والجمع في القتل) أي الجناية، ولا في أخذ الدية إن قلنا به بين ولي الأول وولي الثاني مع الترتيب، بمعنى أن أيهما سبق إلى القصاص كان للآخر الدية. وللشافعية (1) وجه: بأن لأولياء القتلى مع وقوع قتلهم دفعة اجتماعهم على القصاص وأخذهم ديات القتلى إلا دية واحد من تركة الجاني بالحصص. (ولو بدر واحد) من أولياء القتلى (فقتله استوفى حقه) أساء بذلك أم لا (وكان للباقين المطالبة بالدية) كما قاله أبو علي (2) وابن زهرة (3) ووافقهما المصنف فيما مر (على إشكال: ينشأ من فوات الاستحقاق بفوات المحل) وثبوت الدية فيما إذا مات الجاني أو قتله أجنبي ثبت بالنص والإجماع كما قيل (4) مع أن الجاني لا يجني أكثر من نفسه وهو خيرة المبسوط (5) وغيره كما عرفت فيما مر، ومن أن دم المسلم لا يطل، وكون المبادر إلى القصاص أجنبيا بالنسبة إلى الباقين. (ولو قتله أجنبي خطأ كان للجميع الدية عليه) أو على عاقلته، لأنه فوت عليهم حقهم (بالسوية) وإن اختلف القتلى ذكورة وأنوثة لتساويهم في استحقاق القصاص. (وأخذ ولي كل واحد منهم من تركته كمال حقه) من دية مورثه إن بقي منها شئ (على إشكال) مبني على الإشكال المتقدم، فإنه إن كان إذا بدر أحدهم فاقتص منه كان للباقين المطالبة بالدية من تركته كان لهم كمال الديات منها وإلا فلا. (ولو قتله) أجنبي (عمدا لم يكن لهم منع أوليائه من القصاص) فإنه
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 120 - 121. (2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 443. (3) الغنية: ص 406. (4) لم نعثر عليه. (5) المبسوط: ج 7 ص 72. 162 الواجب بالقتل سواء كان لهم الدية من تركته أو لا، و (سواء ترك مالا بقدر دياتهم أو لا). (ولو قطع يد رجل ثم قتل آخر، أو بالعكس قطعنا يده أولا على التقديرين ثم قتلناه، توصلا إلى استيفاء الحقين) وعملا بأدلتها خلافا لمالك (1) فأسقط القطع. (فإن سبق ولي المقتول فقتله أساء واستوفى) حقه (ولا ضمان عليه). (ويؤخذ دية اليد من التركة) كما إذا مات أو قتله أجنبي قبل قصاص اليد (فإن سرى القطع قبل قتله) قصاصا (كان قاتلا لهما عمدا) فحكمه ما تقدم (وإن سرى بعده) وبعد قطع يده قصاصا (كان لوليه الرجوع في تركة الجاني بنصف الدية، لأن قطع اليد) قصاصا (بدل عن نصف الدية) فإنما عليه النصف الآخر. (ويحتمل الجميع لأن للنفس دية كاملة) والذي استوفاه وقع قصاصا فلا يتداخل، وهو خيرة التحرير (2) ثم هذان مبنيان على أحد الوجهين عند تعدد القتيل، وهو أنه إذا اقتص أولياء بعض القتلى كان للباقين الدية. (وعدم الرجوع) في تركته بشئ هو الوجه على الوجه الآخر (لفوات محل القصاص ولا تثبت الدية إلا صلحا) ولا يجني أحد أكثر من نفسه. (ولو) قتل ثلاثة و (جاء ولي مقتول فقطع يديه، ثم) جاء (ولي آخر فقطع رجليه، ثم ولي ثالث فقتله أستوفى الثالث حقه، و) استوفى (الأولان ما ساوى حقيهما) وإن أساءا (فلا يبقى لهما مطالبة) وكذا إن كان القاتل رجلا وأحد القتلى امرأة فقطع وليها إحدى يديه أو رجليه استوفى مساوي حقه. (وللمحجور عليه للسفه أو الفلس المطالبة بالقصاص واستيفاؤه) قلنا: إنه الأصل في موجب العمد، أو جعلناه مع الدية أصلين، فإن
(1) المدونة الكبرى: ج 6 ص 433. (2) التحرير: ج 5 ص 499. 163 الرضا بالدية اكتساب لا يجب عليه (و) له (العفو على مال إذا رضي) به (الجاني) على المشهور مطلقا على قول أبي علي (1) إذا كان بقدر الدية أو أقل (فيقسم) المال إن كان مفلسا (على الغرماء) وله العفو مجانا على المشهور لا على الآخر (سواء كان القصاص له) بأن كانت الجناية على طرف من أطرافه (أو موروثا) من المجني عليه أو وليه. (ولو قتل وعليه دين، فإن أخذ الورثة الدية قضى منها الديون والوصايا) فإنها بحكم التركة وسأل عبد الحميد بن سعيد الرضا (عليه السلام) عن رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا، وأخذ أهله الدية من قاتله أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال: نعم، قال: وهو لم يترك شيئا، قال: أما أخذوا الدية؟ فعليهم أن يقضوا عنه الدين (2). (ولهم القصاص، وإن لم يكن له مال) و (لم يكن عليهم ضمان الديون وغيرها) وفاقا لابن إدريس (3) والمحقق (4) لأن الأصل عدم الضمان وموجب العمد القصاص خاصة أو أحد الأمرين منه ومن الدية وعلى كل فالأصل عدم تعين الرضا بالدية، وخلافا للشيخ (5) والقاضي (6) وجماعة، فلم يجوزوا لهم القود إلا إذا ضمنوا الديون، لقول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير: إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل، فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل فجائز، وإن أرادوا القود فليس لهم ذلك حتى يضمنوا الدين للغرماء (7) قال المحقق: إن الرواية ضعيفة السند نادرة، فلا تعارض الأصول (8).
(1) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 274. (2) وسائل الشيعة: ج 13 ص 112 ب 24 من أبواب الدين، ذيل الحديث 1. (3) السرائر: كتاب الديون ج 2 ص 48، وج 3 ص 220. (4) المختصر النافع: ص 257. (5) النهاية: كتاب الديون ج 2 ص 28. (6) نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب الديون ج 5 ص 382. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 92 ب 59 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (8) نكت النهاية: ج 2 ص 29. 164 (المطلب الثالث في كيفية الاستيفاء) و (إنما) يجوز أن (يقتص) من النفس (مع علم التلف بالجناية، فإن اشتبه اقتصر على القصاص في الجناية) إن أمكن (دون النفس). (وينبغي للإمام إحضار شاهدين عارفين عند الاستيفاء احتياطا، لئلا يقع مجاحدة) بين المقتص وأولياء المقتص منه، فيؤدي إلى أخذ الدية أو قضاء القاضي بعلمه مع احتمال اتهامه في ذلك. (ويعتبر الآلة بحيث لا تكون مسمومة ولا كالة، فإن كانت مسمومة وكانت الجناية نفسا فقد أساء) لأنه يفسد البدن، ويؤدي إلى انهتاك حرمته، وقد يفضي إلى التقطع وعسر الغسل والدفن. وفي موضع من المبسوط بعد الحكم بأنه لا يقتص بالمسموم لأنه إن قتل به لم، يمكن تغسيله لأنه يهريه، حكم بأن مقتضى المذهب الجواز، لأنه يغسل أولا ويكفن ثم يقام عليه القود، ولا يغسل بعد موته (1) قيل: ولو علم عادة أن السم لا يؤثر في بدنه إلا بعد الدفن احتمل الجواز (2). (واستوفى) حقه من القصاص (ولا شئ عليه) من دية ونحوها وإن عزر كما في المبسوط، قال: لأنه بمنزلة جناية عليه بعد استيفاء القصاص، فهو كما لو قتله ثم عاد فقطعه أو حرقه فإنا نعزره كذلك هاهنا، انتهى (3) ويحتمل نفي التعزير أيضا للأصل. (وإن كان) الجناية (طرفا وحصلت جناية بالسم ضمنه) أي ما يجنيه السم (المباشر) للقود (إن علم) بالسم لأنه متعمد (وإلا فلا) يضمنه (إلا أن يكون) المباشر (هو الولي فيضمن، أما غيره فالحوالة في الضمان على الولي إن دفع إليه آلة مسمومة ولم يعلم) هو والفرق بينهما أن على الولي البحث عن حال السيف فهو مفرط بتركه، وأما غيره فهو بمنزلة الآلة له ليس عليه إلا
(1) المبسوط: ج 7 ص 56. (2) قاله الشهيد في مسالك الأفهام: ج 15 ص 234. (3) المبسوط: ج 7 ص 107 - 108. 165 استعمال السيف الذي يناوله، وأما إن لم يكن السيف مما ناوله الولي إياه، بل كان سيف نفسه أو يناوله من غيره فعليه البحث وعليه الضمان. (ولا يمكن من القصاص بالكالة لئلا يتعذب المقتص منه، سواء النفس والطرف، فإن فعل أساء) لقوله (عليه السلام): إذا قتلتم فأحسنوا القتلة (1) وللأمر بإراحة الذبيحة وتحديد الشفرة للذبح، ففي الآدميين أولى (ولا شئ عليه) من دية ونحوها وإن كان عليه التعزير. (ولا يجوز القصاص) عندنا (إلا بالسيف ويحرم التمثيل به) للنهي عنه في أخبار (2). (والقتل بغيره، سواء فعل الجاني ذلك) أي أحد الأمرين أو كليهما (أو لا، فلو غرقه) الجاني (أو حرقه أو رض دماغه) أو فعل به غير ذلك (اقتصر في القصاص على ضرب عنقه) ولا يفعل به مثل فعله، هذا هو المشهور لخبر موسى ابن بكر عن الكاظم (عليه السلام) في رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع العصا حتى مات، قال: يدفع إلى أولياء المقتول ولكن لا يترك يتلذذ به ولكن يجاز عليه بالسيف (3) ويقرب منه أخبار (4) ونفى عنه الخلاف في الغنية (5) وفي الجامع (6) ويقتص بالعصا ممن ضرب بها، وجوز أبو علي قتله بمثل ما قتله به إن وثق بأنه لا يتعدى (7) لقوله تعالى: " فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (8) وقربه في المختلف (9) ويستثنى من ذلك ما إذا قتله بالسحر أو الجماع قبلا أو دبرا أو أوجره خمرا. وللعامة (10) قول بأنه إذا أوجره خمرا فإنه يوجر ماء حتى يموت،
(1) سنن الدارمي: ج 2 ص 82. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 95 ب 62 من أبواب القصاص في النفس. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 26 ب 11 من أبواب القصاص في النفس ح 10. (4) المصدر السابق: ص 23. (5) الغنية: ص 408 وفيه: " ولا يجوز قتل القاتل بغير الحديد ". (6) الجامع للشرائع: ص 572. (7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 444. (8) البقرة: 194. (9) مختلف الشيعة: ج 9 ص 445. (10) المجموع: ج 18 ص 461. 166 ولو قتله باللواط اتخذ آلة شبيهة بآلة اللواط فيصنع به مثل ذلك حتى يموت. (ويضمن لو اقتص بالآلة المسمومة إذا مات المقتص منه في الطرف نصف الدية، أو يقتل بعد رد نصف الدية عليه، لأن الموت حصل بالقطع) الغير المضمون (والسم) المضمون، فهو كما لو جرح المرتد فأسلم ثم جرحه آخر فمات من سراية الجراحتين، وإذا سرى السم فجنى على عضو ولم يؤد إلى الموت فإنه يضمن ما جنى عليه السم دية أو قصاصا. (وإذا أذن الولي) أي وكل غيره (في استيفاء القصاص) أو استوفاه بنفسه (بضرب رقبته فجاء وضرب السيف لا على الرقبة، فإن ضرب على موضع لا يخطأ الإنسان بمثله) إذا أراد ضرب الرقبة (بأن يضرب وسطه أو رجله أو وسط رأسه) لم يسمع قوله إن ادعى الخطأ و (عزره الحاكم) لفعله ما لا يجوز. (ولا يمنعه من الاستيفاء) إن أحسنه. وللعامة (1) قول بالمنع مطلقا، وآخر بعدمه مطلقا. (ولو وقع) السيف أو الضرب (على موضع يخطأ الإنسان بمثله بأن وقع على كتفه أو جنب رأسه) فإن ادعى الخطأ سمع مع يمينه و (لم يعزره) الحاكم (ولم يمنعه من الاستيفاء) إن أحسنه (ولو اعترف بالعمد عزره، ولم يمنعه من الاستيفاء) إن أحسنه. (ولا يضمن المقتص سراية القصاص) في الطرف إلى غيره حتى النفس، لأنه فعل مأذون فيه فلا يستعقب ضمانا، وقول الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني: من اقتص منه فهو قتيل القرآن (2) وفي حسن الحلبي: أيما رجل قتله الحد أو القصاص فلا دية له (3) وخبر الشحام سأله عن رجل قتله القصاص هل له دية؟ فقال: لو كان ذلك لم يقتص من أحد (4) وقوله (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم: من
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 111، والمجموع: ج 18 ص 465. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 46 ب 24 من أبواب قصاص النفس ح 2. (3) المصدر السابق: ص 47 ح 9. (4) المصدر السابق: ص 46 ذيل الحديث 1. 167 قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل ولا جراحة (1) وقول أحدهما (عليهما السلام) في صحيحة ابن مسلم: من قتله القصاص فلا دية له (2) وقيل له الدية من بيت المال (3) لئلا يطل دمه (إلا مع التعدي) وليس منه الاقتصاص بغير إذن الإمام، وإن اشترطناه (فإن) تعدى و (اعترف بالعمد اقتص منه في الزائد) إن أمكن (وإن قال: أخطأت أخذ منه الدية) فإن سرى الاستيفاء الذي حصلت فيه الزيادة إلى النفس فعليه نصف الدية إن أخطأ، فإن تعمد فكذلك، أو اقتص منه بعد رد نصف الدية عليه، لأن السراية حصلت من فعلين مضمون وغيره. (هذا إذا لم يكن المستحق نفسا) وإلا كأن كانت الجناية قطع طرف سرى إلى النفس مثلا فاقتص الولي بقطع الطرف لكنه تعدى حتى سرى إلى غيره أو النفس فلا ضمان، وهو ظاهر. (والقول قوله في) ادعائه (الخطأ) مع اليمين (لا قول المقتص منه) أو وليه، فإنه أعرف بنيته مع الأصل. وإن ادعى أن الزيادة حصلت باضطراب المقتص منه أو بشئ من جهته قبل ولم يضمن. (وكل من يجري بينهم القصاص في النفس يجري بينهم القصاص في الأطراف والجراحات) سواء اتفقوا في الدية أم لا، ولكن لو اقتص من الكامل دفع إليه الفاضل. واشترط أبو حنيفة (4) التساوي. ومن لا يجري بينهم القصاص في النفس لا يجري في الأطراف والجراحات كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: ليس بين العبيد والأحرار قصاص فيما دون النفس (5). (المطلب الرابع في زمان الاستيفاء) (إذا وجب القصاص في النفس على رجل أو امرأة لا حبل لها
(1) المصدر السابق: ص 47 ح 8. (2) المصدر السابق: ح 5. (3) حكاه الشهيد الثاني في الروضة البهية: ج 10 ص 93. (4) عمدة القارئ: ج 24 ص 47. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 139 ب 22 من أبواب قصاص النفس ح 3. 168 فللولي الاستيفاء في الحال، ولا) يجب عليه ولا يندب إلى أن (يراعى صفة الزمان في حر أو برد) كما يراعى في إقامة الحد، فإن المقصود الإتلاف. نعم يراعى في الطرف إذا خيف السراية في شدة الحر أو البرد، ويحتمل العدم لابتناء القصاص على التضييق بخلاف الحد. (ويستحب إحضار جماعة كثيرة) عند القصاص (ليقع الزجر). (والحبلى يؤخر استيفاء القصاص منها) في النفس اتفاقا (إلى أن تضع ولو تجدد حملها بعد الجناية) ولو كان الحمل من زنا، فإن الاقتصاص من الحامل إسراف في القتل. (ولا يجوز قتلها بعد الوضع إلا أن يشرب الولد اللباء لأن الولد) يقال: إنه (لا يعيش بدونه) ولكنه محمول على الغالب لمشاهدة خلافه، والغلبة يكفي هنا (ثم إن وجد مرضع) واحدة أو متعددة يتناوبن عليه، أو ما يعيش به من لبن شاة ونحوها (قتلت) لزوال المانع. واحتمل العدم، لأن لبن الأم أوفق بطبعه فينتظر إلى أن تفطمه الأم كما في الحدود وقد يفرق بابتناء الحدود على التخفيف دون حقوق الناس، وقد يفرق بين وجدان مرضع واحدة ووجدان مراضع يتناوبن عليه، للضرر على الطفل باختلاف الألبان. ولا إشكال في أن الأولى حينئذ الصبر. (وإلا) يوجد له ما يعيش به (انتظرت مدة الرضاع) لأنه إذا وجب الانتظار احتياطا للحمل فبعد الوضع وتيقن وجوده أولى. فلو لم ينتظر الولي وبادر إلى القصاص عالما بالحال فمات الولد، احتمل القصاص كما لو حبس رجلا ومنعه الطعام أو الشراب حتى مات جوعا أو عطشا، والعدم لأنه كمن غصب طعام رجل أو سلبه فتركه حتى مات جوعا أو بردا. وهل عليه الدية؟ احتمال. واحتمل جواز المبادرة إلى القصاص، للأصل، والتضيق فيه، وإمكان تعيش الولد بما يقدر الله له. والفرق بينه موضوعا وجنينا يعلم هلاكه بقتل الأم بعدم العلم هنا، وغايته أن يكون كقتل من له عيال يضيعون إذا قتل في ظاهر حالهم. (ولو ادعت الحبل ثبت بشهادة أربع من القوابل، ولو لم يوجد شهود
169 فالأولى الاحتياط بالصبر إلى أن يعلم حالها) كما في المبسوط (1) ويجوز المبادرة إلى القصاص، لضيقه، وأصل العدم. واحتمل وجوب الصبر، لأن للحمل أمارات ربما يخفى على غير الحامل فلا يعلم إلا من قبلها فوجب قبول قولها فيه كالحيض، وللشبهة. (ولو طلب الولي المال) من الحامل أو ذات الولد الرضيع (لم يجب) عليها (إجابته) كغيرها. (ولو قتلت) قصاصا (وظهر الحمل فالدية) للحمل (على القاتل) إن قتلها بدون إذن الحاكم علم بالحال أو جهل، وكذا إن قتلها بإذنه عالمين أو جاهلين، لأنه المباشر. واحتمل ضمان الحاكم لصدور قتله عن رأيه واجتهاده، وضمانهما بالسوية. وفي التحرير: أن الدية في بيت المال مع جهلهما (2). (ولو لم يعلم المباشر وعلم الحاكم وأذن) في القصاص (ضمن الحاكم خاصة) لأنه غره، كما لو أضاف الغاصب بالطعام المغصوب من جهل بالحال. واحتمل ضعيفا ضمان القاتل لقوة المباشرة. ولو انعكس الأمر فعلم المباشر دون الحاكم فالضمان على المباشر، وهو أولى مما تقدم. واحتمل ضعيفا ضمان الحاكم وحده أو معه، لتقصيره بترك البحث مع صدور القتل عن رأيه. وفي المبسوط: أن الضمان على القاتل مطلقا، لأنه المباشر، ولأن الحاكم إذا أذن فإنما يأذن في قتل واحد وقد قتل اثنين، وأن الضمان إذا كان عليه ففي ماله، وإن كان على الحاكم ففي بيت المال، لأن ذلك حكم خطأ الحكام (3). وفيه: أن الحاكم في بعض الصور متعمد. (وكذا لا) يجوز أن (يقتص منها) أي الحامل (في الطرف، حذرا من موتها) بالسراية فيهلك ولدها (أو سقوط الحمل بألمها. وكذا) لا يقتص منها
(1) المبسوط: ج 7 ص 59. (2) التحرير: ج 5 ص 501. (3) المبسوط: ج 7 ص 59 - 60. 170 (بعد الوضع إلى أن يوجد المرضع، أو يستغني الولد) بالغذاء حذرا من السراية إلى نفسها. (والملتجئ إلى الحرم لا يقتص منه فيه) لعموم آيات الأمن (1) والإجماع كما في الخلاف (2) وقوله (عليه السلام) أعتى الناس على الله القاتل غير قاتله والقاتل في الحرم (3) (بل يضيق عليه في المطعم والمشرب إلى أن يخرج ثم يستوفى منه) كما مر في الحد، وألحق به في النهاية (4) والمهذب (5) مشاهد الأئمة (عليهم السلام) واستحسنه المحقق (6) ويظهر من السرائر (7) الموافقة. وللعامة قول بالقصاص في غير الكعبة والمسجد الحرام (8). (ولو جنى في الحرم اقتص منه فيه) كما لم ير له حرمة، كما مر في الحدود (والإحرام لا يقتضي التأخير) إذ لا دليل عليه. (ولو التجأ إلى بعض المساجد غير المسجد الحرام أخرج منه وأقيم عليه القود) حذرا من تلويث المسجد (فإن طلب القصاص في المسجد تعجيلا) كان له ذلك و (منع من التلويث بأن يفرش فيه الأنطاع) ونحوها إن لم نحرم إدخال النجاسة مطلقا، وإلا فلم يجب إليه. (ولو هرب إلى ملك إنسان أخرجه الحاكم) أو الولي إن قلنا باستقلاله (وأستوفي منه خارجا) ما لم يأذن المالك (للمنع) شرعا وعقلا (من شغل ملك الغير) بما لا يأذن فيه. (المطلب الخامس في اعتبار المماثلة) بين الجناية والقصاص (قد بينا أنه لا يجوز استيفاء القصاص إلا بالسيف وضرب العنق وإن
(1) البقرة: 125 و 126، آل عمران: 97، إبراهيم: 35، القصص: 57، العنكبوت: 67. (2) الخلاف: ج 5 ص 223 المسألة 8. (3) عوالي اللآلي: ج 1 ص 236 ح 145. (4) النهاية: ج 3 ص 406. (5) المهذب: ج 2 ص 516. (6) نكت النهاية: ج 3 ص 405. (7) السرائر: ج 3 ص 364. (8) المجموع: ج 18 ص 472، المحلى: ج 10 ص 493. 171 كان الجاني فعل بالمقتول أنواع التعذيب) أو قتله بغير السيف فلا يعتبر المماثلة من هذه الجهة. (وإذا كان الجاني قد جز الرقبة وأبان الرأس فعل به ذلك) لقوله تعالى: " فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (1) (وإن لم يكن أبانه فالأقرب أنه ليس للولي إبانته، لحرمة الآدمي بعد موته) وثبوت دية لقطع رأسه، فلا يجوز مع تحقق القصاص بما دونه، ويحتمل الجواز، لأن الجاني لا حرمة له بالنسبة إلى ولي الدم، وإذا جاز قتله فإبانة رأسه بعد الموت أولى بالجواز. وقد يقال: إن أبانه بعد الموت أثم، وإن لم يمت إلا بعد الإبانة فلا. (ولو ضرب رقبته بالسيف فأبانه لم يعزر، لأنه لا اختيار له في قدر ما يقطعه السيف) مع أن ما فعله أحسن وجوه القصاص إن جوزنا غيره، وما على المحسنين من سبيل. (وليس له العدول إلى الذبح بالسكين) لما فيه من التعذيب. (ولو أستوفي القتل بسيف مسموم بمثله) أي بمثل ما سمه به الجاني (جاز) وإن لم يجز إذا لم يسمه الجاني. ولا يجوز السم بأشد مما سمه به الجاني إن لم تجز السم ما لم يسم الجاني. ولا يجوز استيفاء قصاص الطرف بالمسموم بمثل ما سمه الجاني، لأنه ربما سرى ما لم يسره سم الجاني إذ لا يضبط سرايته، ولاختلاف الأبدان والأحوال. (وإذا كان) الجاني (قد جز الرقبة بضربة لم يكلف الولي) الضربة (الواحدة، لأنه ربما يتعذر عليه) خصوصا ويختلف الرقاب، ولا دليل على وجوب توكيله في الاستيفاء من يمكنه ذلك. (بل يمكن من الضرب إلى أن يحصل غرضه) إلا أن لا يمكنه الاستيفاء إلا بتعذيب شديد فيوكل، ولا يدل على تكليفه الضربة وصية أمير المؤمنين (عليه السلام): أن يضرب ابن ملجم لعنه الله ضربة
(1) البقرة: 194. 172 مكان ضربة (1). (ولو بادر فقطع طرفا من أطرافه لم يلزمه قصاص ولا دية) وإن أساء، إذ لا عصمة لنفسه فكذا أطرافه، وسيأتي إيجابه الدية. (ولو اقتص من قاطع اليد ثم مات المجني عليه بالسراية ثم الجاني) بالسراية (وقع القصاص بالسراية) أي معها أو بسببها (موقعه) أما لو مات الجاني لا بالسراية فلم يقتص منه في النفس مع استحقاقه عليه، فيؤخذ الدية من تركته على المشهور كلها، وفي المبسوط نصفها لاستيفاء ما يقوم مقام النصف (2). (وكذا لو قطع يده ثم قتله فقطع الولي يد الجاني ثم سرت) هذه الجراحة (إلى نفسه) حصل القصاص في الطرف والنفس جميعا. (ويحتمل مطالبة الورثة بالدية. لأن قطع اليد قصاص) في الطرف (فلا يضمن) سرايته، فكانت السراية هدرا وقد قتله الجاني عمدا (وقد فات محل العمد) فيؤخذ الدية أو نصفها من تركته على المشهور. (ولو سرى القطع إلى الجاني أولا ثم سرى قطع المجني عليه لم يقع سراية الجاني قصاصا) في النفس (لأنها وقعت هدرا) ولا يكون القصاص سلفا فيؤخذ الدية أو نصفها من التركة على المشهور. واحتمل وقوعها قصاصا، كما لو قتل المجني عليه الجاني ثم سرى قطعه، فإنه لا يؤخذ من تركة المجنى عليه دية الجاني. وضعفه ظاهر. (ولو عفا المقطوع فقتله القاطع اقتص الولي في النفس بعد رد دية اليد) أو أخذ نصف الدية (على إشكال) من سقوط القصاص في اليد، ولا يقتل الكامل بالناقص إلا ويرد الفاضل، وإن اختيرت الدية فإنما يؤخذ دية الناقص. ومن أن القتل بعد العفو عن القطع كالقتل بعد اندمال الجرح فللولي كمال الدية أو القصاص بلا رد، وهو عندي أقوى.
(1) أمالي الشيخ الطوسي: ج 1 ص 375. (2) المبسوط: ج 7 ص 62. 173 وفي المبسوط: أن له القصاص يعني بلا رد أو العفو على نصف الدية، قال: وهو مذهبنا، قال: أما القصاص فلأن القصاص في الطرف لا يدخل في قصاص النفس، بدليل أنه لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان لوليه القطع والقتل معا، فلما عفا عن القصاص في الطرف لم يدخل في قصاص النفس فكان له القصاص فيها. ويفارق الدية لأن أرش الطرف يدخل في بدل النفس، بدليل أنه لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان فيه دية النفس لا غير، ولم يستحق دية اليد ودية النفس أيضا فلهذا دخل أرش الطرف في دية النفس، فأوجبنا عليه نصف الدية فبان الفصل بينهما (1) انتهى. وحكى وجها آخر هو نفي القصاص رأسا وثبوت نصف الدية (2) أما سقوط القصاص فلأن القتل بعد القطع بمنزلة السراية فهو كالجناية الواحدة عفا عن بعضها فيسقط القصاص عن جميعها، وأما نصف الدية فلأن العفو قد استوفى نصفها. (وكذا لو قتل من قطعت يده قتل بعد أن يرد عليه دية اليد إن كان المجني عليه أخذ ديتها) من القاطع (أو قطعت في قصاص على إشكال): من الخبر الآتي ونقص المجني عليه مع استيفائه بإزاء ما نقص منه، ومن عموم النفس بالنفس ومساواته للشق الآتي. (وإن كانت قطعت من غير جناية ولا أخذ لها دية قتل القاتل ولا رد) عليه، ونطق بهذا التفصيل خبر سورة بن كليب عن الصادق (عليه السلام) أنه سأل عن رجل قتل رجلا عمدا وكان المقتول أقطع اليد، فقال: إن كانت قطعت يده في جناية جناها على نفسه أو كان قطع وأخذ دية يده من الذي قطعها، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدوا إلى أولياء قاتله دية يده التي قيد منها إن كان أخذ دية يده ويقتلوه، وإن شاؤوا طرحوا عنه دية يده وأخذوا الباقي، قال: وإن كانت يده قطعت من غير جناية جناها على نفسه ولا أخذ لها دية قتلوا قاتله ولا يغرم شيئا، وإن شاؤوا أخذوا دية كاملة قال: وهكذا وجدنا
(1 و 2) المبسوط: ج 7 ص 67. 174 في كتاب علي (عليه السلام) (1). (ولو قطع كفا بغير أصابع قطعت كفه بعد رد دية الأصابع) وفاقا للشيخ (2) وجماعة، لخبر الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر الأول (عليه السلام) لعبد الله بن العباس: يا بن عباس أنشدك الله هل في حكم الله اختلاف؟ قال: لا، قال فما ترى في رجل ضربت أصابعه بالسيف حتى سقطت فذهب فأتى رجل آخر فأطار يده فأتى به إليك وأنت قاض كيف أنت صانع؟ قال: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفه وأقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت وأبعث إليهما ذوي عدل، فقال له: قد جاء الاختلاف في حكم الله ونقضت القول الأول، أبى الله أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود وليس تفسيره في الأرض، اقطع يد قاطع الكف أصلا ثم أعطه دية الأصابع، هذا حكم الله عز وجل (3). وقال ابن إدريس: إنه مخالف لأصول المذهب، إذ لا خلاف بيننا أنه لا يقتص العضو الكامل للناقص، قال: والأولى الحكومة في ذلك، وترك القصاص، وأخذ الأرش (4) وتوقف فيه في المختلف (5). (ولو ضرب ولي الدم الجاني قصاصا وتركه بظن القتل، فعالج نفسه وبرئ لم يكن للولي القصاص في النفس حتى يقتص منه بالجراحة) التي فعلها فيه إن كانت مما فيه القصاص (على رواية ضعيفة) بالإرسال وضعف الراوي - عمل بها الشيخ (6) وجماعة - وهي رواية أبان بن عثمان، عمن أخبره، عن أحدهما (عليهما السلام) أنه أتي عمر بن الخطاب برجل قتل أخا رجل، فدفعه إليه وأمره بقتله، فضربه الرجل حتى رأى أنه قد قتله، فحمل إلى منزله فوجدوا به رمقا
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 82 ب 50 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (2) النهاية: ج 3 ص 449. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 129 ب 10 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (4) السرائر: ج 3 ص 404. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 399. (6) النهاية: ج 3 ص 451. 175 فعالجوه حتى برئ فلما خرج أخذه أخ المقتول، وقال له: أنت قاتل أخي ولي أن أقتلك، فقال له: قد قتلتني مرة، فانطلق به إلى عمر، فأمر بقتله، فخرج وهو يقول: يا أيها الناس قد والله قتلني مرة، فمروا على أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبروه خبره، فقال: لا تعجل عليه حتى أخرج إليك، فدخل على عمر، فقال: ليس الحكم فيه هكذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن قال: يقتص هذا من أخ المقتول الأول ما صنع به ثم يقتله بأخيه، فنظر أنه إن اقتص منه أتى على نفسه، فعفا عنه وتتاركا (1). (والوجه) ما قاله المحقق من (أن له قتله ولا قصاص عليه إذا ضربه بما له الاقتصاص به، كما لو) ضرب عنقه بالسيف و (ظن إبانة عنقه ثم ظهر خلافه فله قتله، ولا) يكون له أن (يقتص من الولي) لأنه فعل به ما كان يسوغ له، وإن جرحه بما ليس له كان للجاني القصاص (2) ويحتمله الخبر. (ولو قطع يهودي يد مسلم فاقتص المسلم، ثم سرت جراحة المسلم) فقتلته (فللولي قتل الذمي) بلا رد، لعموم النفس بالنفس (3) ونحوه، ولأن السراية جناية حادثة لم يقع قصاص بإزائها. (ولو طالب بالدية كان له دية المسلم إلا دية يد الذمي) كما في المبسوط (4) وهي أربع مائة درهم، وإن كان قطع يديه فاقتص منه يديه فطالب الولي بالدية كان له دية المسلم إلا ثمانمائة درهم (على إشكال) من أنه بالقصاص أخذ ما قام مقام ذلك، ومما سيذكره المصنف من أن للنفس دية أوجبها السراية وما وقع وقع قصاصا عن القطع دون السراية. (وكذا الإشكال لو قطعت امرأة يده فاقتص) منها (ثم سرت جراحته فللولي القصاص) في النفس بلا رد (ولو طالب بالدية فله ثلاثة أرباعها)
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 94 ب 61 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 233. (3) المائدة: 45. (4) المبسوط: ج 7 ص 64. 176 لاستيفائه منها ما يقوم مقام الربع، كذا في المبسوط (1) ومنشأ الإشكال ما مر. وللعامة فيهما قول بنقص نصف الدية بناء على أنه باقتصاص يد اليهودي أو المرأة رضي بكون ذلك عوضا عن يده (2). (ولو قطعت يديه ورجليه فاقتص) منها (ثم سرت جراحاته فلوليه القصاص في النفس دون الدية، لأنه استوفى ما يقوم مقامها) كذا في المبسوط (3) وكذا قال في رجل قطع يدي رجل فاقتص منه ثم سرت كان لوليه القصاص دون الدية، قال: وليس هاهنا قتل أوجب قودا ولا يعفى فيه على مال إلا هذه المسألة (4). (وفيه اشكال من حيث إن المستوفى) إنما (وقع قصاصا) عن الجناية السابقة. (وللنفس دية بانفرادها) أوجبتها السراية وهي جناية أخرى. * * * (الباب الثاني) (في قصاص الطرف) والعفو عنه وعن قصاص النفس والنزاع الواقع في السراية. (وفيه فصول) سبعة: (الأول في قصاص اليد والرجل) إذا ابينتا كلا أو بعضا، (وفيه مطلبان): (الأول في الشرائط) الموجبة للقصاص (وهي) بعد وجود محل القصاص (خمسة): (الأول: العمد، فلا قصاص بقطع العضو خطأ أو شبيه العمد) اتفاقا. (ويتحقق العمد بإتلاف العضو، إما بفعل ما يتلفه غالبا) وإن لم يقصد
(1) المبسوط: ج 7 ص 64. (2) المجموع: ج 18 ص 485 - 486. (3) المبسوط: ج 7 ص 65. (4) المبسوط: ج 7 ص 62. 177 الإتلاف كما مر في القتل (أو بإتلافه بما لا يتلف غالبا مع قصد الإتلاف، سواء كان مباشرة كقطع اليد أو تسبيبا كما لو ألقى نارا على يده) فاحترقت (أو حية) فنهشتها (أو قطع إصبعا فسرت) الجراحة أو الجناية أو الإصبع أي قطعها (إلى كفه، أو جرحه) في عضو (فسرى إليه) في عضو آخر أو سرى إلى نفسه ويكون استطرادا، وقد مر تفسير المباشرة والتسبيب. (الثاني: التساوي) بين الجاني والمجني عليه (في الإسلام والحرية، أو يكون المجني عليه أكمل) لما عرفت من أن من لا يقتص منه في النفس لا يقتص منه في الأطراف (فيقتص للمسلم من المسلم والذمي وللذمي من الذمي) والحربي (خاصة. ولا يقتص له من المسلم بل يجب) له (الدية) إن جنى عليه مسلم. (و) لا يشترط التساوي في الذكورة والأنوثة، بل (يقتص للرجل من مثله ومن المرأة، ولا يرجع بالتفاوت مطلقا) نقصت دية العضو عن الثلث أو زادت. (و) يقتص (للمرأة من مثلها ومن الرجل بعد رد التفاوت فيما تجاوز ثلث دية الرجل، ولا رد فيما نقص عن الثلث) وفيما بلغ الثلث خلاف، وقد مضى جميع ذلك. ويشترط التساوي حرية أو رقا أو كون المجني عليه أكمل. (و) لذا (يقتص للحر من العبد، وله استرقاقه إن ساوت قيمته) دية (الجناية أو قصرت) أو زادت وساوى أرش الجناية دية النفس، كما في جنايته على النفس. (و) له استرقاق (ما قابلها إن زادت) عليها ولم يساو أرشها دية النفس الجاني والخيار في ذلك للمجني عليه. (ولا خيار للمولى) فليس له افتكاكه إذا أراد المجني عليه استرقاقه كلا أو بعضا إلا برضاه، كما في قتل النفس خصوصا إذا ساوت قيمة الجاني دية المجني عليه، لاستلزامه تساوي عضوي الجاني والمجني عليه في القيمة، فإذا تسلط على إزالته تسلط على استرقاق ما بإزائه، وقد مر استقرابه أن له الخيار، وقد مر الفرق بين القتل والجرح. وقد يبنى
178 الوجهان على أن الواجب أصالة بجناية العمد هو القصاص، وإنما تثبت الدية صلحا، أو أحد الأمرين، فإن كان الأول لم يتسلط المجني عليه على الاسترقاق إلا برضا المولى وكان للمولى الاختيار في الافتكاك، وإن كان الثاني كان الخيار للمجني عليه ويمكن تعبدا أن يراد أنه لا خيار للمولى في الاسترقاق وعدمه، بمعنى أن يكون إذا لم يرض بالاسترقاق ولم يفك عبده تعين القصاص، بل للمجني عليه الاسترقاق بإزاء جنايته ولا له إجبار المجني عليه على الرضا به أو بالأرش وعدم الاقتصاص، بل له الاقتصاص وإن لم يرض به المولى فلا ينافي ما تقدم. (ولا يقتص للعبد من الحر) كالنفس وإن ساوت قيمته دية الحر أو زادت عليه (ويقتص للعبد من مثله) في رق الكل، وكذا من الأمة وللأمة من العبد بعد رد الفاضل إن بلغت الثلث أو جاوزته، ويجوز لمولى المجني عليه الصلح على ما تراضيا به، ومنه استرقاق ما بإزاء نسبة عضو عبده إلى قيمته إن لم يرد على دية الحر واسترقاق كله وإن زادت قيمته على كل قيمة المجني عليه. و (لا) يقتص للقن (من المكاتب إذا تحرر بعضه) أو غيره من المبعضين. (ويقتص له من المدبر، وأم الولد) لبقائهما على القنونة، ويجوز استرقاق المدبر كلا أو بعضا، ويبطل التدبير أو لا؟ على الخلاف المتقدم. (ولمن انعتق منه أكثر، القصاص من الأقل) عتقا (والمساوي) أي الجاني والمجني عليه إذا كانا مبعضين، فإن تساويا في قدر الحرية كأن تحرر من كل منهما النصف كان للمجني عليه القصاص من الجاني، وكذا إن زاد قدر الحرية من المجني عليه على قدرها من الجاني. (ويشترط التساوي في القيمة أو نقص الجاني، فإن زادت قيمة الجاني لم يكن لمولى الآخر الاقتصاص إلا بعد رد التفاوت) فإن القيمة في المملوك بمنزلة دية الحر، وكما ينقسم الدية على أعضاء الحر فكذا القيمة، وكما يجب الرد إذا زادت دية عضو الجاني كالرجل على دية عضو المجني عليه كالمرأة فكذا القيمة. ويحتمل العدم، لإطلاق نحو " والجروح قصاص ".
179 (الثالث: التساوي في السلامة) من الشلل أو في الشلل مع انتفاء التغرير أو التفاوت مع الصحة من المجني عليه، فلا (تقطع اليد) أو الرجل (الصحيحة بالشلاء) بالإجماع كما في الخلاف (1) ولقوله تعالى: " فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (2) وقوله: " فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " (3) وإطلاق ظاهر قول الصادق (عليه السلام) في خبر سليمان بن خالد في رجل قطع يد رجل شلاء: إن عليه ثلث الدية (4) خلافا لداود (5). (وإن بذلها الجاني) فإنه لا يكفي في التسويغ، كما إذا رضي القاتل الحر للعبد بالقود لم يجز أن يقاد منه (لكن لا يضمن القاطع) مع البذل شيئا وإن أثم (واستوفى حقه) كما في المبسوط (6) للأصل. ويحتمل ضمان ثلث الدية، لأن دية الشلاء سدس الدية ودية الصحيحة نصفها. (وتقطع الشلاء بالصحيحة) ولا يضم إليها أرش ولا تثبت الدية إلا بالتراضي (إلا أن يحكم أهل الخبرة بعدم انحسامها) إذا قطعت لبقاء أفواه عروقها منفتحة، أو احتملوا ذلك احتمالا مساويا أو راجحا (فتجب الدية) حينئذ خاصة حذرا من السراية. (وكذا لا تقطع الشلاء بمثلها مع الخوف من السراية) لعدم انحسامها (وتقطع لا معه) والشلل يبس اليد أو الرجل بحيث لا تعمل وإن بقي فيها حس أو حركة ضعيفة. (ولو كان (7) بعض أصابع المقطوع شلاء لم يقتص من الجاني) الصحيح الأصابع (في الكف، بل في أربع الأصابع الصحيحة، وتؤخذ منه ثلث دية إصبع صحيحة عوضا عن الشلاء، وحكومة ما تحتها وما تحت
(1) الخلاف: ج 5 ص 194 المسألة 61. (2) البقرة: 194. (3) النحل: 126. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 253 ب 28 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 162. (6) المبسوط: ج 7 ص 84. (7) في القواعد: كانت. 180 الأصابع الأربع من الكف) وللعامة قول بأن ما تحت الأصابع يتبعها (1) فإذا اقتص من أربع الأصابع لم يلزم حكومة ما تحتها وإذا أخذت دية الشلاء لم تؤخذ حكومة لما تحتها. (ولو كان) الأمر (بالعكس) فكانت أصابع المجني عليه صحيحة وإصبع من أصابع الجاني في اليد الموافقة للمقطوعة شلاء (قطع) الجاني (من الكف) أي قطعت كفه، لأن الناقص يقطع بالكامل (فإن خيف السراية) لشلل تلك الإصبع (اقتص) منه (في الأصابع الصحيحة، وأخذ دية إصبع صحيحة، وحكومة في الكف أجمع) كالسابقة ولا يتبع الكف الأصابع. (ولا يقطع العضو الصحيح بالمجذوم وإن لم يسقط منه شئ) فإنه معرض له (ويقطع المجذوم بالصحيح) ولا يضم إليه أرش. (ولا يشترط تساوي خلقة اليد ومنافعها) وفي سائر العلل من البرص ونحوه والصحة منها، لعموم الأدلة والفتاوى (فيقطع يد الباطش القوي بيد الطفل الصغير والشيخ الفاني والمريض المشرف) على الموت (والكسوب) من اليد (بغيره، والصحيحة بالبرصاء). (ولو كانت يد المقطوع كاملة ويد القاطع ناقصة إصبعا فللمقطوع القصاص) قطعا (وفي أخذ دية الإصبع الفائتة قولان) للشيخ (أحدهما) له (ذلك مطلقا) اختاره في الخلاف (2) وموضع من المبسوط (3) وهو خيرة التحرير (4) للأمر بالاعتداء بمثل ما اعتدى عليه والعقاب بمثل ما عوقب به، والمثل إما بالصورة أو بالقيمة، فإذا لم يكن الأول بقي الثاني. ولا يرد الاعتراض باقتصاص الشلاء للصحيحة، فإن الاختلاف هناك في الصفة فهو كقتل العبد بالحر
(1) المجموع: ج 18 ص 424. (2) الخلاف: ج 5 ص 193 المسألة 60. (3) المبسوط: ج 7 ص 85. (4) التحرير: ج 5 ص 506. 181 والمرأة بالرجل، وللإجماع كما في الخلاف (1) ولأن من الأصول المقررة أن الجاني على عضو إذا لم يكن له ذلك العضو كانت عليه ديته. (و) القول (الثاني) وهو قوله في موضع آخر من المبسوط: إن له ذلك (إن كان) الجاني إنما فقد الإصبع بجناية جان عليه و (قد أخذ ديتها) (2) أو استحقها لا أن فقدها خلقة أو بآفة من الله أو قصاصا، حملا على ما مر في خبر سورة بن كليب في القاتل إذا كان أقطع اليد (3) وهو خيرة المهذب (4) والجواهر (5) وضعفه ظاهر. (ولو كان بالعكس لم تقطع يد الجاني) لاستلزامه قطع الزائد (بل) إنما يقطع منه ما يقابل (الأصابع التي قطعها، ويؤخذ منه حكومة الكف) أو يؤخذ دية الجميع مع التراضي. وفي الغنية (6) والإصباح (7): أن له قطع يد الجاني ورد الفاضل. وفي الخلاف (8) والمبسوط (9): أن من قطع ذراع رجل بلا كف كان للمجني عليه القصاص ورد دية الكف، للإجماع والأخبار، وقوله: " والجروح قصاص " (10) واحتمله في التحرير في المسألة بعينها (11) (وكذا لو نقصت بعض أصابع المقطوع أنملة) لم تقطع يد الجاني، بل إما الدية أو يقطع ما قابل الأصابع الكاملة ويؤخذ دية باقي الأصابع الباقية وحكومة الكف، ولو نقصت أصابع القاطع أنملة قطعت يده، وفي الأنملة المفقودة وجهان.
(1) الخلاف: ج 5 ص 194 ذيل المسألة 60. (2) المبسوط: ج 7 ص 79 - 80. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 82 ب 50 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (4) المهذب: ج 2 ص 477. (5) جواهر الفقه: ص 215 - 216. (6) الغنية: ص 410. (7) إصباح الشيعة: ص 495. (8) الخلاف: ج 5 ص 54 المسألة 54. (9) المبسوط: ج 7 ص 71. (10) المائدة: 45. (11) ظاهره القطع به، راجع التحرير: ج 5 ص 506. 182 (وكذا لو كانت أصابع المقطوع) أو القاطع (بغير أظفار أو بعضها) كذلك (وأصابع الجاني سليمة). (الرابع: التساوي في المحل) مع الوجود اتفاقا (و) لذا (تقطع اليمنى (1) بمثلها) لا باليسرى (وكذا اليسرى، والإبهام بمثلها لا بالسبابة وغيرها، وكذا باقي الأصابع) إنما تقطع بمثلها. (و) لكن الأكثر على أنه (لو لم يكن له يمين) وقطع يمين رجل (قطعت يسراه) وبالعكس (فإن لم يكن له يسار أيضا قطعت رجله اليمنى، فإن فقدت فاليسرى) وحكى عليه الإجماع في الغنية (2) والخلاف (3). (وكذا لو قطع أيدي جماعة على التعاقب قطعت يداه ورجلاه الأول فالأول) فالأولان يقطعان يديه وإن خالفت إحداهما المقطوع من أحدهما، والثانيان الرجلين (فإن بقي أحد) خامس قطع يده (أخذ الدية. وكذا لو) قطع يد رجل و (فقدت يداه ورجلاه) لم يكن إلا الدية. والمستند صحيح حبيب السجستاني سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين، فقال (عليه السلام): تقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا وتقطع يساره للذي قطع يمينه أخيرا، لأنه إنما قطع يد الرجل الآخر، ويمينه قصاص للرجل الأول، قال: فقلت: إن عليا (عليه السلام) إنما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، قال: إنما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق الله، وأما ما يجب من حقوق المسلمين فإنه يؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يدان والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان، قال فقلت: إنما يوجب عليه الدية ويترك رجله؟ فقال: إنما يوجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان، فثم يوجب عليه الدية
(1) في بعض نسخ القواعد والشرح: اليمين. (2) الغنية: ص 410. (3) الخلاف: ج 5 ص 193 المسألة 59. 183 لأنه ليس له جارحة تقاص منها (1). وصحة الخبر إلى حبيب معلومة، وبالنسبة إليه محتملة، كما هو الظاهر من حكم جماعة بالصحة وإن لم ينص في الرجال على توثيقه. وزيد في المختلف: أنه استيفاء لمساوي الحق مع تعذر العين كالقيمة في المتلفات والدية مع تعذر القصاص، قال: والمساواة الحقيقية لو اعتبرت لما جاز التخطي من اليد اليمنى إلى اليسرى، كما لا يجوز لو كانت الجناية واحدة (2). وفيه: أنه لو كفت المساواة دية لجاز قلع العين إذا فقدت اليدان والرجلان، فالعمدة الخبر إن صح. ووافق ابن إدريس على قطع اليسار باليمين إذا فقدت (3) وأنكر قطع الرجل باليد، للمخالفة، وعدم الدليل، وحكى قطعها بها رواية (4) وهو أقوى. (ولو قطع يمينا فبذل) للقصاص (شمالا فقطعها المجني عليه جاهلا) بأنها شماله (قيل) في المبسوط: (سقط القصاص) (5) لما مر من أن اليسار تقطع قصاصا عن اليمين إذا فقدت (ويحتمل بقاؤه) كما في المهذب (6) ونسب إلى القوة في المبسوط (7) لأن اليسار إنما يقتص منها عن اليمين مع فقدها، ولأن قطعها قصاصا عن اليمين على خلاف الأصل فلا يثبت بلا دليل، وهو أقوى. (فتقطع اليمنى بعد الاندمال، حذرا من توالي القطعين) الذي ربما يسري فيتلف النفس عن قطع مضمون وغيره فيضمن نصف السراية، بخلاف ما لو قطع يدين فإنه توالى بين قطعي يديه، فإن السراية إن حصلت فعن غير مضمون. قال في المبسوط: وأما لو وجب عليه قطع اليمين في السرقة فأخرج يساره فقطعت
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 131 ب 12 من أبواب قصاص الطرف ح 2. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 395. (3) السرائر: ج 3 ص 396. (4) السرائر: ج 3 ص 397. (5) المبسوط: ج 7 ص 101. (6) المهذب: ج 2 ص 485. (7) المبسوط: ج 7 ص 101. 184 سقط القطع عنه في اليمين بلا خلاف، لأنه من حقوق الله، وهي مبنية على التخفيف (1). (ثم) لا إشكال على القولين في أنه لا قصاص على المقتص بقطعه اليسار ولا دية على الأول ولكن (المقتص منه إن سمع الأمر بإخراج اليمنى) بل بإخراج اليد بل وإن لم يسمع شيئا (فأخرج اليسرى مع علمه بعدم إجزائها) وهو على القول الثاني (فلا دية له) لأنه الذي أتلفها على نفسه، وفيه: نظر. قيل: وكذا لو لم يخرجها بل أخرجها المجني عليه فقطعها وهو ساكت، وفيه: نظر (وإلا) بل ظن الإجزاء أو دهش فلم يعلم ما أخرجه وما الذي عليه (فله الدية) لوجود المقتضي وهو قطع يد محترمة من غير سبب مبيح خطأ وانتفاء المانع من إباحة صاحب اليد مجانا. (ولو قطعها المجني عليه عالما بأنها اليسرى، قيل) في المبسوط (2) والمهذب (3): لزمته الدية، لأنه إنما قطعها عوضا عن يمناه وإذا لم يصح المعاوضة لزمه الرد، وإن لم يمكن رد العين فعليه رد القيمة و (سقط) عنه (القطع) قصاصا جهل الباذل ببذله اليسرى أو علم بذلها عوضا عن اليمنى أو لا، كما يقتضيه إطلاقهما. قيل: وكذا لو لم يبذلها ولكنه سكت حين قطع (لأنه) أي الباذل (ببذلها) اليسار (للقطع كان مبيحا) له إما حقيقة وذلك مع علم الباذل، أو بزعم المجني عليه، وذلك مع جهله، وكذا الساكت بسكوته مبيح (فصار) ذلك (شبهة) وفيه: أنه لا يكفي في الشبهة مع العلم بالحرمة وعدم الإجزاء عن اليمين، ولذا احتمل القصاص في التحرير (4) ونبه هنا على الاستضعاف أو التردد لنسبته إلى القيل. (وكل من يضمن دية اليسار يضمن سرايتها، وما لا (5)) ضمان فيه لديتها من الصور (فلا) ضمان لسرايتها.
(1) المبسوط: ج 7 ص 101. (2) المبسوط: ج 7 ص 102. (3) المهذب: ج 2 ص 485. (4) التحرير: ج 5 ص 522. (5) في القواعد: وإلا. 185 (ولو قال المجني عليه: بذلها عالما) بأنها يسراه فأباح قطعها مجانا (لا بدلا) عن اليمنى أي لا زاعما أنها تكون قصاصا عن اليمنى، وقال الباذل: بل بذلتها لزعمي أنها تكون قصاصا عنها (قدم قول الباذل مع يمينه، لأنه أعرف بنيته) والأصل ثبوت العوض لقطع العضو المحترم فإن حلف أخذ الدية، وإن نكل حلف الآخر إن احتيج إلى الرد وذهبت هدرا، كما في المبسوط (1). وفيه: نظر. (ولو اتفقا على بذلها بدلا) عن اليمنى (لم يصر بدلا، وعلى القاطع الدية) أو القصاص كما عرفت (و) بقي (له قصاص اليمنى على إشكال) في الجميع، فإن الإشكال في بقاء القصاص له يستلزمه في لزوم الدية لليسار أو القصاص عنها وفي صيرورتها بدلا عن اليمنى ومنشؤه: من أن الأصل أن لا يقتص عن اليمين إلا اليمين إذا كانت، ولا دليل على البدلية إلا مع الفقد، والتراضي بها معاوضة فاسدة. ومن ثبوت قطع كل منهما قصاصا عن الأخرى في الجملة، مع أن رضا المجني عليه بذلك في قوة العفو عن القصاص، هذا إذا ادعى أنه قطعها بدلا بزعم الإجزاء أو لا بزعمه، أما لو قال: إنما استحب قطعه بإباحته لا بدلا فيضعف سقوط القصاص. والشيخ أيضا متردد في ذلك، وذكر أن من أسقط القصاص قال له دية يمينه، وعليه دية يسار الباذل، فإن تساوت الديتان تقاصا وإلا كان دية أحدهما رجلا والآخر امرأة تقاصا فيما اتفقا فيه ورجع صاحب الفضل بالفضل (2). وأن من أثبت القصاص خير بينه وبين العفو على الدية، وهو ظاهر، فإن عفا أخذ دية اليمين وعليه دية يسار الباذل، وإن أراد القصاص صبر إلى أن يندمل يسار الباذل أو يسري إلى نفسه، فإن اندمل اقتص، وإن سرى فعليه ضمان النفس دية، ويدخل فيها دية الطرف، وله من هذه النفس قطع يمينها، وقد فاتت بغير اختياره فيكون له ديتها، وعليه دية النفس فيتقاصان بالنصف، ويفضل له النصف،
(1) المبسوط: ج 7 ص 103. (2) المبسوط: ج 7 ص 104. 186 قال: وقال بعضهم: إذا قطع يساره فسرى إلى نفسه كان كالمستوفي ليمينه قصاصا فسقط حقه منها، ويكون عليه كمال الدية، كمن وجب له قطع يد رجل فقطعها ثم عاد فقتله (1). بقي الكلام في أن المصنف فصل المسألة بعلم المجني عليه بأن المبذول هو اليسار وجهله، كما في الشرائع (2) والمهذب (3). وفصلت في المبسوط بعلم الباذل وجهله من غير فرق بين علم القاطع وجهله، فذكر فيه: أنه إذا سمع الجاني من المجني عليه " أخرج يمينك " فأخرج يساره مع العلم بأنها يساره، وبأن القود لا يسقط عن يمينه بقطع يساره، فلا ضمان على المجني عليه من قود ولا دية، لأنه بذل يده للقطع عمدا بغير عوض، وهل على القاطع التعزير؟ فإن كان جاهلا بأنها يساره فلا تعزير، لأنه لم يقصد قطعها بغير حق، وإن قطعها مع العلم بحاله فعليه التعزير، لأنه قطع يدا عمدا بغير حق، وليس إذا سقط حق الآدمي بالترك سقط حق الله تعالى، كما لو قال له: اقتل عبدي، فقتله، سقط عنه الضمان الذي هو للسيد، ولم يسقط حق الله من الكفارة. قال: وإذا ثبت أن يساره ذهبت هدرا فالقود باق في يمينه، لأنه وجب عليه حق فبذل غيره لا على سبيل العوض، فلم يسقط عنه الحق، كما لو وجب عليه قطع يمينه، فأهدى إلى المجني عليه مالا وثيابا لا على سبيل العوض عن اليمين، فقبل ذلك المجني عليه لم يسقط القصاص به عن اليمين. قال: والذي يقتضيه مذهبنا أنه يسقط عنه القود، لأ نا قد بينا فيما تقدم أن اليسار يقطع باليمين إذا لم يكن يمين، وما ذكروه قوي (4). ثم ذكر: أن الجاني إن أخل بشرط من الشروط الثلاثة، فقال: ما سمعت منه " أخرج يمينك " بل أخرج يسارك أو قال: سمعته ولكن اشتبهت علي فأخرجت
(1) المبسوط: ج 7 ص 103. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 240. (3) المهذب: ج 2 ص 485. (4) المبسوط: ج 7 ص 100. 187 يساري معتقدا أنها يميني، أو قال: زعمت أن قطعها يسقط القود عن يميني، لم يخل المقتص من أن يكون جاهلا بأنه قطع اليسار أو عالما، فإن كان جاهلا فلا قود عليه، لأنه قطعها معتقدا أنه يستوفي حقه، فكان شبهة، ولأنه قطعها ببذل مالكها فلا قود. وقال قوم: لا دية عليه أيضا، لأنه قطعها ببذل صاحبها والصحيح أن عليه ديتها، لأنه بذلها عن يمينه، فكان البذل على سبيل المعاوضة فإذا لم يصح كان على القابض الرد، وإذا عدمت كان عليه رد بدلها. وإن كان المقتص عالما بأنها يساره فقطعها، فهذا القطع مضمون، لأن الباذل إنما بذله عوضا، فلم يسلم له، فكان على القابض الضمان. فقال قوم: أنه مضمون بالقود، لأنه قطع يد غيره بغير حق مع العلم بالتحريم. وقال آخرون وهو الصحيح: أنه لا قصاص عليه، لأنه قد بذلها للقطع، فكان شبهة في سقوط القود عنه (1). وإذا ثبت أن قطعه اليسار مضمون، فحقه من القصاص باق له في يمين الجاني، لأن يساره لم يصر بدلا عن يمينه. ثم قال: هذا إذا اتفقا من غير خلاف، فأما إن قطع يساره ثم اختلفا، فقال الباذل: بذلتها لتكون بدلا عن يميني فلي ديتها، وقال القاطع المقتص: بل بذلتها مع العلم بأنها لا تكون بدلا عن يمينك فهدرت فالقول قول الباذل، لأن الاختلاف في نيته وإرادته، وهو أعلم بها. فإن حلف ثبت أنه بذلها على سبيل العوض، فيكون الحكم على ما مضى يعني من ضمان الدية. فإن نكل رددنا اليمين على المقتص يحلف ما بذلها إلا وهو يعلم أنها لا يكون بدلا عن اليمين، فإذا حلف كانت هدرا، وبقي له القصاص في يمينه. هذا إذا اختلفا، فأما إن اتفقا على قطعها باليمين. وتراضيا به لم تكن بدلا عن يمينه، لأن ما لا يقع قصاصا عن الشئ لم يقع قصاصا عنه بالتراضي، كما لو قتل عبده عبدا لرجل، فقال له السيد: اقتلني بعبدك، أو اقتل عبدي الآخر بعبدك، ففعل،
(1) المبسوط: ج 7 ص 101 - 102. 188 لم يقع القصاص موقعه. فإذا تقرر هذا فلا قود على المقتص في اليسار، لأنه بذلها على سبيل العوض، فإذا لم يسلم ما في مقابلها رجع إلى بدلها كما قلنا في المبيع والثمن. قال: فإذا ثبت أن على المقتص دية يساره فهل له قطع يمين الباذل أم لا؟ قال بعضهم: ليس له قطعها، لأن رضا المقتص بقطع اليسار مكان اليمين، عفو منه عن اليمين فلهذا سقط القصاص عنها. وقال آخرون: لا يسقط، وله قطع اليمين، لأنه أخذ اليسار بدلا عن اليمين، فإذا لم يصح أخذها عن اليمين واليمين قائمة، فله الرجوع إلى عين ماله، كرجل باع عبدا بثمن معين فتلف الثمن قبل القبض، رجع سيد العبد إلى عين ماله (1). ثم ذكر ما قدمناه عنه: من أن من أسقط قطع يمينه قصاصا أوجب الدية. وتحصيل (2) الكلام في المقام: أن الجاني إما أن يتعمد بذل اليسار ليكون قصاصا عن اليمين أو لا يتعمده، وعلى كل فالمقتص إما عالم ببذله اليسار أو غافل عنه، وعلى العلم فإما أن يقطعها ليكون قصاصا عن اليمين أو لا، وعلى كل فإما أن يعلم حرمة قطعها عليه أو لا، والكلام في مقامات ثلاثة: سقوط قصاص اليمين، ولزوم العوض لليسار من قصاص أو دية، ولزوم التعزير. أما التعزير فإنما يلزم عند العلم بالحرمة. وأما قصاص اليمين فأحد الأوجه سقوطه مطلقا، لثبوت قصاص اليسار عن اليمين في الجملة، والثاني ثبوته مطلقا، كما يظهر من المهذب (3) لأنه أثبته مع جهل المقتص وعلمه وأطلق وذلك لأن الأصل في القصاص عن اليمين ولا ينتقل إلى اليسار إلا مع فقد اليمين، والثالث سقوطه إن قطع اليسار ليكون قصاصا، لأنه بمنزلة عفوه عن اليمين. وأما عوض اليسار من دية أو قصاص فيسقط إن سقط القصاص عن اليمين، إلا إذا قلنا بأنه إذا سقط القصاص عنه فالدية له ثابتة - كما سمعته من المبسوط - فإنه يلزمه دية اليسار وله
(1) المبسوط: ج 7 ص 103. (2) المبسوط: ج 7 ص 104. (3) المهذب: ج 2 ص 485. 189 دية يمينه. وأما إن بقي له القصاص عن يمينه، فأحد الوجهين: أنه لا يقتص منه لقطعه اليسار لكون البذل شبهة، والثاني: أن عليه القصاص إذا تعمد ذلك عالما بأنها لا تجزئ عن اليمين، وعلى الأول فإن لم يتعمد الجاني بذلها كان له ديتها، وإن تعمده فوجهان. ومن هذا علم أن ما في الكتاب من التفصيل بعلم المقتص وجهله أولى من التفصيل بعلم الباذل وجهله، كما في المبسوط (1). (الخامس: التساوي في الأصالة أو الزيادة) أو الزيادة في الجاني اتفاقا كما هو الظاهر (فلا تقطع أصلية بزائدة مطلقا) اتحد محلاهما أو اختلفا، لأن الكامل لا يؤخذ بالناقص (ولا زائدة بأصلية مع تغاير المحل) لما مر من اشتراط الاتحاد فيه (وتقطع بمثلها) في الزيادة والمحل (وبالأصلية مع التساوي في المحل) وفقدان الأصلية، لجواز أخذ الناقص بالكامل. وهل له فضل دية الأصلية على الزائدة؟ وجهان، كما مر في قطع الشلاء بالصحيحة. ونص في المبسوط (2) على العدم. (ولا تقطع زائدة بمثلها مع تغاير المحل) وجد المثل المساوي في المحل أو لا، فلا تقطع اليد الزائدة اليسرى بالزائدة اليمنى وجدت زائدة يمنى أو لا، قصر خلاف الأصل على موضع النص والفتوى، مع احتمال الانسحاب، بل عمومهما للزائدة. (ولو كان لكل من الجاني والمجني عليه) بقطع يده (إصبع زائدة ثبت القصاص مع تساوي المحل) للزائدة فيهما، بأن كانتا في يديهما المتساويتين، ولا يكون لأحدهما في يمناه ولآخر في يسراه، ولا يكون لأحدهما إبهام زائدة مثلا وللآخر خنصر زائدة. (ولو كانت) الإصبع الزائدة (للجاني خاصة اقتص) منه في الكف (إن أمكن بدون قطعها، بأن يخرج عن حد الكف) المقطوعة أو ما قطع منها
(1) المبسوط: ج 7 ص 103. (2) المبسوط: ج 7 ص 80. 190 (وإلا قطعت الأصابع الخمس) من الجاني (إن لم) يستلزم قطع الزائدة بأن لم (تكن متصلة بأحدها، وتؤخذ حكومة في الكف). (ولو كانت) الزائدة (متصلة بإحداهن اقتص) منه (في أربع، وأخذ) منه (دية إصبع وحكومة كفه) ولو أمكن قطع ما تحت الأربع من الكف قطع وكانت الحكومة في باقي الكف. وللعامة قول بأن الأصابع يتبعها ما تحتها من الكف (1) فما يقتص منها لا حكومة فيما تحتها، وما يؤخذ بدلها الدية لا يؤخذ إلا ديتها، ولا يضاف إليها حكومة ما تحتها. (ولو كانت) الزائدة (للمجني عليه) خاصة (اقتص في الكف وطالب بدية الزائدة) وإن صالح على الدية كانت له دية الكف ودية الزائدة. (ولو كانت) لكل من كفيهما خمس أصابع لكن كانت (خمس الجاني أصلية وبعض أصابع المجني عليه زائدة) قال في المبسوط: وإنما يعلم ذلك بضعفها ودقتها وصلبها عن الأصابع (2) (لم يقتص في الجميع بل في الأصلية) خاصة (ويطالب بدية الزائدة وحكومة الكف) أو لا يقتص ويطالب بدية الجميع. (ولو انعكس) الأمر فكانت إحدى أصابع الجاني زائدة وأصابع المجني عليه أصلية، (ثبت القصاص في الكف إن كانت) الزائدة (في سمت الأصلية) أي مساوية لها في المحل بالمعنى الذي عرفته (وإلا فكالأول) لعدم جواز الاقتصاص مع الاختلاف في المحل. (ولو كان على يد الجاني إصبع زائدة في سمت أصابعه) الأربع غير الإبهام (وعلى نسقها غير متميزة) من الأصلية ولا امتازت هذه الخمس شئ منها من شئ في الطول والقصر والهيئة، ولم يكن على يد المجني عليه إصبع زائدة (لم تقطع اليد من الكوع) للزوم قطع الزائدة (ولا) أربع من الخمس غير
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 176. (2) المبسوط: ج 7 ص 88. 191 الإبهام أو (شئ من الأربع) لاحتمال قطع الزائدة. (ويقطع الإبهام، ويطالب بدية باقي الأصابع وحكومة الكف) الخالية من الإبهام وإن كانت الأصابع متمايزة بالطول والقصر كما في العادة، فالزائدة إنما تشتبه بإصبع منها فيقطع ثلثا منها ولا يقطع الباقيتين ولا إحداهما، للاشتباه ويؤخذ دية إصبع وحكومة الكف. (فلو قطعه) أي الكف من الكوع (المجني عليه استوفى) حقه (وأساء) للزيادة (وعليه دية الزائدة) إلا أن يكون له بإزائها زائدة مساوية لها في المحل فعليه القصاص. (ولو قطع خمس أصابع) الإبهام وأربعا من الباقية (أساء واستوفى، لكن أخذ حقه ناقصا، لجواز أن يكون فيها زائدة) وهي علة لكل من الإساءة وأخذ الحق ناقصا، فإن الزائدة لا تؤخذ بالأصلية إلا مع فقد الأصلية لمخالفتها الأصلية محلا وصفة، وعلة الاستيفاء أنه لا يجوز له الزيادة على ذلك قصاصا. (ويطالب بحكومة الكف). (وكذا لو قطع إصبعا من الست) يحتمل دية الزائدة والأصالة (لم يكن عليه قصاص) لاحتمال أخذ الأصلية بالزائدة (وما الذي يجب عليه؟ يحتمل دية الزائدة، لأصالة البراءة) من الزائدة (و) يحتمل (نصف الديتين) وهو ستة وستون دينارا وثلثان لتكافؤ الاحتمالين، كجنين ولجته الروح واحتمل فيه الذكورة والأنوثة، فإن على قاتله نصف الديتين للتكافؤ (و) يحتمل (سدس دية الكف، وسدس دية الزائدة، لأن الكف) المشتملة على ستة أصابع (لو قطعت ضمنت بدية يد ودية إصبع زائدة) هي ثلث دية الأصلية، وكذا لو قطعت الأصابع لمساواتها لدية تمام الكف. (فعند الاشتباه قسطت الدية، ودية الزائدة على الجميع) واخذ سدسها، لأن المقطوعة سدس الأصابع وسدس المجموع أحد وتسعون دينارا وخمسة أسداس ونصف تسع. (وكذا لو قطع صاحب الست) أصابع (إصبع من يده صحيحة)
192 بلا زيادة إصبع (فلا قصاص) إذا اشبته مثل المقطوعة منه بالزيادة (وعليه دية الإصبع الكاملة). (فلو بدر المقطوع وقطع إصبعا) أساء و (استوفى) حقه ناقصا لاحتمال الزيادة. (ولو كان لأنملة المجني عليه طرفان) قطعهما الجاني (فإن ساواه الجاني اقتص، وإلا قطع أنملته وأخذ دية الزائدة) وهي ثلث دية الأنملة الأصلية كما في التحرير (1). وفي المبسوط (2) والمهذب (3): فيها حكومة. (ولو كان الطرفان للجاني) خاصة (فإن تميزت الأصلية وأمكن قطعها منفردة فعل) قصاصا (وإلا أخذ دية الأنملة) ثلث دية الإصبع أو نصفها. (ولو قطع أنملة عليا) لرجل (ووسطى من آخر، فإن سبق صاحب العليا) إلى المطالبة (اقتص ثم يقتص لصاحب الوسطى، وإن سبق) إليها (صاحب الوسطى أخر) حقه (إلى أن يقتص صاحب العليا) لامتناع اقتصاصه ما لم يذهب العليا إلا مع الزيادة مع كون الزيادة حقا لصاحب العليا فيفوت حقه. (فإن عفا) صاحب العليا (على مال أو مطلقا كان لصاحب الوسطى القصاص بعد رد دية العليا) كما في المبسوط (4) والشرائع (5) (على إشكال): من أن له القصاص ولا يتم إلا بقطع العليا، وجواز القود في النفس مع الاشتمال على الزيادة، كما إذا عفا أحد الوليين أو اشترك اثنان في قتل واحد أو قتل رجل امرأة ففي الطرف أولى، وهو قضية ما مر عن الخلاف (6) والغنية (7) والإصباح (8). ومن حرمة الاعتداء إلا بمثل ما اعتدى عليه، وهو أقوى فإن شاء صاحب الوسطى أخذ الدية وإن شاء صبر إلى أن يذهب العليا من الجاني بآفة أو جناية فيقتص.
(1) التحرير: ج 5 ص 519. (2) المبسوط: ج 7 ص 89. (3) المهذب: ج 2 ص 479. (4) المبسوط: ج 7 ص 90. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 239. (6) الخلاف: ج 5 ص 183 المسألة 48. (7) الغنية: ص 408. (8) إصباح الشيعة: 494 - 495. 193 (ولو قطع صاحب الوسطى أولا أساء واستوفى حقه وزيادة فيطالب بديتها) لامتناع القصاص لانتفاء المثل (ولصاحب العليا مطالبة الجاني بدية أنملته). وإن قطع العليا من سبابتي يمنى رجلين مثلا فللسابق منهما القصاص. وهل (1) للاحق القصاص من اليسرى احتمال لورود قطع اليد اليسرى باليمنى كما عرفت. واليد تشمل الكل والأبعاض، وكلام المبسوط (2) يعطي العدم. وبنى عليه أنه إن قطع عليا سبابة رجل ثم العليا والوسطى من سبابة آخر قدم صاحب العليا، فإن عفا كان للآخر القصاص وإن اقتص كان للآخر القصاص في الباقية وأخذ دية العليا، وإن انعكس قدم صاحب العليا والوسطى، فإن عفا كان لصاحب العليا القصاص وإلا الدية. (ولو كان لإصبع) من أصابع إنسان (أربع أنامل) أي رواجب (فإن كان طولها مثل طول الأصابع) في العادة (فحكمها حكم باقي الأصابع عند قطعها أجمع) في أنه لا يحكم بزيادة واجبة منها، إذ لا دليل عليها (حتى لو قطع) مثل (تلك الإصبع من يد إنسان قطعت هذه) وإن لم يكن للأصبع المقطوعة إلا ثلاث أنامل (ولو قطعها إنسان اقتص منه من غير مطالبة بحكومة) للراجبة الزائدة، فإن الرواجب الأربع لإصبعه بمنزلة الثلاث. (وإن وقعت الجناية على بعضها، بأن قطع إنسان الأنملة العليا) منها (وللقاطع ثلاث أنامل سقط القصاص، لا نه) إنما (فوت ربع إصبع، و) أنملته ثلث إصبعه وإنما (يلزمه ربع دية الإصبع) حيث تعذر القصاص. (ولو قطع أنملتين) منها (فقد فوت نصف الإصبع فله نصف دية إصبع، أو يقطع أنملة واحدة) من أنامل الجاني (ويطالب بأرش الباقي، وهو التفاوت بين النصف والثلث) وهو السدس. (وليس له قطع اثنتين)
(1) لم نعثر عليه. (2) المبسوط: ج 7 ص 91. 194 من أنامل الجاني لأنهما ثلثا الإصبع. (ولو قطع ثلاث أنامل) منها (فله قطع أنملتين قصاصا، ويطالب بالتفاوت بين ثلثي دية الإصبع وثلاثة أرباعها، وهو نصف سدس دية إصبع) وليس له قطع الثلث. ويأتي على ما مر من احتمال جواز اقتصاص صاحب الوسطى ورد دية العليا هنا جواز اقتصاص ذي الأربع الرواجب بعدد ما قطع من رواجبه ورد التفاوت، واحتمل ضعيفا القصاص بلا رد التفاوت كالرجل والمرأة. (ولو كان) ذو أربع رواجب (هو الجاني) على ذي ثلاث (فإن قطع أنملة واحدة فللمجني عليه قطع أنملته قصاصا) لأنها أنقص من أنملته (ويطالب بالتفاوت) بين الثلاث والأربع (وهو نصف سدس دية إصبع) واستشكل في الإرشاد (1) من أنها دون حقه فلو كان عليه الاقتصار عليها لزم الضرر، ومن المماثلة في الجملة لكون كل منهما أنملة كأنملتي الرجل والمرأة، وأصل البراءة، وعموم " والجروح قصاص ". (ولو قطع أنملتين فللمجني عليه قطع أنملتين) منه (ويطالب بالتفاوت بين نصف دية إصبع وثلثي ديتها) وهو السدس، هذا كله إذا تساوت الرواجب الأربع أو قربت من التساوي كالثلاث لذوي الثلاث، ويمكن أن يكون راجبتان منها بقدر راجبة من ذوي الثلاث، وحينئذ فالظاهر أنهما معا ثلث الإصبع وكل من الباقيتين ثلثها وما يتفرع على ذلك ظاهر. (وإن كان طول إصبعه) ذات الرواجب الأربع (زائدا) بسبب زيادة راجبة (على ما هو طول الأصابع في العادة) علم أن راجبة منها زائدة لا أصلية (فإن قطع) صاحبها من مثل محلها (إصبع رجل) ذات ثلاث رواجب (لم يقتص منه، للزيادة في إصبعه، فإن زالت تلك الأنملة) الزائدة إن تعينت وإلا فإن زالت أنملة منها بل إن زالت العليا تعينت هي أو غيرها للزيادة أو
(1) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 210. 195 لا، زالت معها غيرها أو لا (كان للمجني عليه القطع) لأن الباقي مثل حقه أو دونه، ويأتي على احتمال جواز القطع وإن لم يزل العليا مع رد دية الزائدة. (وإن قطع انسان) ذو ثلاث رواجب (إصبعه فعليه دية إصبع) أو القصاص (وحكومة) أو ثلث دية أنملة (وإن قطع أنملته العليا) مع احتمال كونها الزائدة أو تعينها (فعليه ثلث دية الأنملة) أصلية، ولا قصاص عليه لأصل البراءة منه ومن الزيادة. وقد يقال: مع تساوي الرواجب يتعين غير العليا للزيادة لاشتمالها على الظفر. (وإن قطع أنملتين) منه مع احتمال زيادة إحداهما (اقتص منه في واحدة وعليه ثلث دية الأخرى) لما عرفت. ولو قطع منه ثلاثا كذلك اقتص منه في أنملتين وعليه ثلث دية الأخرى. (وإن قطع صاحب الزائدة أنملة انسان) مع احتمال زيادة العليا منه (فلا قصاص) عليه (لأن الزائد في غير محل الأصلي لا يستوفى بالأصلي، وهنا الزائدة في غير محل الأصلية لوجود الأصلية) نعم إن زالت الأصلية قامت مقامها. (فإن زالت) العليا (كان للمجني عليه أن يقتص منه) فإن الباقية إما أصلية أو فيها زائدة قامت مقام الأصلية لزوالها، هذا كله إن لم تتعين الزائدة، وإلا فما يتفرع عليه ظاهر. (ولو كان له كفان على ساعد أو ذراعان على عضد أو قدمان على ساق فأحدهما زائد، فإن علمت الزائدة إما ببطش الأخرى دونها، أو بضعف بطشها عنها، أو بكونها خارجة عن السمت) أي سمت الساعد أو العضد أو الساق. (والأخرى عليه، أو بنقص أصابعها وكمال الأخرى) ولو تعارضت العلامات، دخلتا في غير المتمايزين أو ترجحت الأصالة بالبطش وقوته، ثم بالكون على السمت كما يظهر من المبسوط (1) (فالأصلية) منهما (كغيرها) من الأصليات (يثبت فيها القصاص) لها من الأصلية ومنها لها
(1) المبسوط: ج 7 ص 144. 196 (دون الأخرى) إلا لمثلها من الزائدة. (ولو لم تتميزا - بوجه من الوجوه - فقطعهما إنسان اقتص منه، وكان عليه أرش الزائدة) من الحكومة أو ثلث دية الأصلية على الخلاف الآتي (ولا قصاص) عليه (لو قطع إحداهما) لاحتمال الزيادة، وكذا إن كان للقاطع أيضا زيادة مثل زيادته امتازت عن الأصل أم لا، لاحتمال المقطوعة الأصالة والزيادة، وكذا إن امتازت الزائدة من المجني عليه ولم يتميز من الجاني. (وعليه) على كل (نصف دية كف) أصلية (ونصف حكومة) أو نصف ثلث دية كف، لتكافؤ الاحتمالين كجنين قتله رجله بعد ولوج الروح ولم يعلم أذكر هو أو أنثى، ولأن الكفين لو قطعتا كان على الجاني دية كف وثلثها، فعند الاشتباه يقسط المجموع عليهما ويؤخذ النصف وهو ثلثا دية كف. ويحتمل أن لا يكون عليه إلا أرش الزائدة لأصل البراءة. (وكذا لو قطع منهما إصبعا لزمه نصف دية إصبع ونصف حكومة) لتكافؤ الاحتمالين (على ما تقدم من الاحتمالات) في إصبع من الست، أي على أن فيها الاحتمالات المتقدمة، أحدها: ما ذكر، والآخر: أن ليس عليه إلا نصف حكومة، والآخر: أن عليه سدس مجموع دية الأصابع الخمس الأصلية وخمس أرش الأصابع الزائدة. (فلو قطع ذو اليدين) أصلية وزائدة بلا امتياز (يدا) أصلية (احتمل القصاص) من إحدى يديه (لأنها إما أصلية أو زائدة) فلم يعاقب إلا بمثل ما عاقب أو دونه، واحتمل عدمه (لعدم جواز أخذ الزائدة) قصاصا عن الأصلية (مع وجود الأصلية) فيجب الاجتناب عنهما من باب المقدمة. (ولو) كان له يدان أصلية وزائدة متمايزتان يبطش إحداهما خاصة و (قطع الباطشة قاطع اقتص منه، فإن صارت الأخرى) بعد قطع الأولى (باطشة ففي إلحاقها بالأصلية) في الأحكام من قدر الدية والقصاص لها
197 ومنها (إشكال): من الاستصحاب، وأصل البراءة، واستحالة تخلف الذاتي، مع أن مناط الأصلية في الحقيقة هو الخلق على وفق طبيعة النوع ومناط الزيادة خلافه، فهما ذاتيتان لليدين فلا يتخلفان، ومن أن البطش لما كان علة الأصالة فلما وجد في الآخر ترتب عليه، وهو ممنوع بل إنما هو علامة لها، والعلامات غير موجبة، مع أن العلامة هي البطش أول الخلقة لا للطارئ. ويأتي نحو ذلك من الكلام إذا صارت الأخرى باطشة مع وجود الأولى، فيقال: هل يلتبس حينئذ الأصلية بالزائدة؟ وكذا إذا كانت الأولى موجودة وانقلبت الحال فصارت الباطشة معطلة والأخرى باطشة، فهل انقلبت الأصلية زائدة وبالعكس، أو التبست الأصلية بالزائدة أو لا شئ من ذلك؟ (المطلب الثاني في الأحكام) (لو قطع إصبعا) مثلا (فسرت إلى الكف) فسقطت (واندملت) الجراحة (ثبت) له (القصاص في الكف) لأن سراية الجناية عمدا كالجناية عمدا، خلافا لموضع من المبسوط (1) فأثبت في السراية الدية دون القصاص، ولأبي حنيفة (2) فلا يرى للسراية حكما. (وهل له) اختيارية (القصاص في الإصبع وأخذ دية الباقي؟) وإن لم يرض بها الجاني (الأقرب المنع، لإمكان القصاص فيهما) مع تعمد الجناية عليهما لما عرفت فلا تثبت الدية إلا بالتراضي. ويحتمل الجواز، لتغاير المحل، وكون الجناية بالسراية بمنزلة التسبيب. (ولو قطع يده من مفصل الكوع ثبت القصاص) لوضوح المفصل فلا تغرير في القصاص (ولو قطع معها بعض الذراع اقتص) منه (في اليد) أي الكف من الكوع (وله الحكومة في الزائد) دون القصاص، لعدم المفصل،
(1) المبسوط: ج 7 ص 80. (2) الحاوي الكبير: ج 12 ص 175. 198 واختلاف أوضاع العروق والأعصاب وفاقا للشيخ (1) والقاضي (2) وجماعة. وقال ابن إدريس: يعتبر المساحة فلو قطع نصف الذراع كان عليه نصف دية الذراع (3) وهكذا. وقال أبو علي إن له القصاص من المرفق بعد رد الفاضل (4). قال في التحرير: وهل له أن يقطع الأصابع خاصة ويطالب بحكومة في الكف؟ الأقرب أنه ليس له ذلك، لإمكان أخذه قصاصا فليس له الأرش (5). قلت: ولعل احتمال الجواز لأنه لما لم يكن القصاص كاملا وجاز التبعيض فكما يجوز أخذ الكف يجوز أخذ الأصابع خاصة. (ولو قطعها من المرفق اقتص منه، وليس له القصاص في اليد) أي الكف (وأخذ أرش الزائد) لوجود المفصل، وكذا لو قطعها من المنكب اقتص منه، ولم يكن له القصاص من المرفق وأخذ أرش الزائد. ولو قطعها من بعض العضد فلا قصاص منه بل يقتص من المرفق وفي الباقي الحكومة، وليس له القصاص من الكوع أو الأصابع والحكومة في الباقي. ولو خلع عظم المنكب ويقال له مشط الكتف، فإن حكم ثقتان من أهل الخبرة بإمكان الاستيفاء من غير أن يصير جائفة استوفى، وإلا فالدية، أو الاستيفاء من المنكب والأرش في الباقي. والقدم كالكف، والساق كالذراع، والفخذ كالعضد، والورك كعظم الكتف. (وكل عضو يؤخذ قودا مع وجوده تؤخذ الدية مع فقده) للأخبار (6) ولا نعرف فيه خلافا، كما تحقق في أخذ الدية من تركة من قبل ثم مات (كأن يقطع إصبعين وله واحدة) فيقطع وتؤخذ منه دية الأخرى (أو يقطع كفا
(1) المبسوط: ج 7 ص 79. (2) المهذب: ج 2 ص 482. (3) السرائر: ج 3 ص 395. (4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 449. (5) التحرير: ج 5 ص 517. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 211 ب 42 من أبواب موجبات الضمان. 199 كاملا وليس له أصابع) فيقطع كفه ويؤخذ منه دية الأصابع، ويأتي فيه مثل ما مر فيمن قطع كفا كاملا وكفه ينقص إصبعا. (ولو قطع من نصف الكف لم يكن له القصاص من موضع القطع، لعدم وقوع القطع على مفصل محسوس يمكن اعتبار المساواة فيه) كالقطع من نصف الذراع أو العضد (وله قطع الأصابع والمطالبة بالحكومة في الباقي) كما له قطع الكف من الكوع والحكومة في الباقي من الذراع إذا قطعت من بعضها. (وليس له قطع الأنامل ومطالبة دية باقي الأصابع والحكومة) لما عرفت، ويأتي فيه الاحتمال المشار إليه في التحرير (فإن رضي بقطعها) أي الأصابع (مع إسقاط الباقي) وهو الحكومة أو قطع الأنامل مع إسقاط الباقي من الأصابع أسقط الحكومة أم لا (جاز) إذ كما يجوز استيفاء جميع الحق والعفو عن جميعه يجوز استيفاء بعضه والعفو عن البعض، خلافا لبعض العامة (1). (وليس له أن يقطع الأنامل) أولا (ثم يكمل القطع في الأصابع، لزيادة الألم) فإن فعل أساء وعليه التعزير، ولا ضمان عليه إلا أن يكون الجاني فعل به ذلك فكأنه لا بأس، لأنه اعتداء بمثل ما اعتدى عليه. (ولو قطع إصبع رجل فشلت) لذلك (أخرى بجنبها اقتص منه في القطع، وطولب بثلثي دية الشلاء) لما سيأتي أن في الشلل ثلثي الدية. (ولو وقعت الآكلة في الموضع) أي موضع القطع بسببه (وسرت إلى أخرى اقتص فيهما (2) معا). (ولو قطع إصبع رجل ويد آخر) مع اتحاد محلهما (اقتص للأول) منهما أيا كان (ثم للثاني) إن لم يفت المحل، وإن فات له الدية أو ثم للثاني استيفاء حقه قصاصا أو دية، وذلك لأن السابق تعلق حقه بعضو الجاني قصاصا فلا
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 179. (2) في نسخة من القواعد: منهما. 200 يتعلق به حق اللاحق إلا مع عفوه. (فإن كانت الإصبع أولا) اقتص من إصبعه و (رجع صاحب الكف بدية الإصبع مع قطع) بقية (الكف) وقد مر الخلاف فيه (ولو كانت اليد) أولا (اقتص) من يده (لصاحبها وغرم) الجاني (دية الإصبع لصاحبها) ولو بادر المسبوق أساء واستوفى حقه. (ولو قطع إصبعه فعفا قبل الاندمال) عن الجناية وسرايتها (فاندملت سقط حقه. وكذا لو قال: عفوت عن الجناية) إذ لا سراية. ثم إن صدر العفو عنها مع الصلح على الدية يثبت الدية، وإلا فلا، صرح بإسقاطها أو لا وإن قال إنما أردت العفو عن القصاص على الدية بناء على أنها لا يثبت إلا صلحا، وتثبت على القول الآخر ما لم يصرح بإسقاطها. وللعامة قول بثبوت الدية مطلقا (1) بناء على أن العبرة في الجناية بحال الاستقرار، وهي هنا حال الاندمال، فلا عبرة بالعفو قبله. ولو تنازعا فادعى الجاني العفو لا على مال والمجني عليه العفو على مال، فعلى المشهور من أن قضية العمد القصاص وحده يقدم قول الجاني للأصل، وعلى الآخر قول الآخر للأصل أيضا. وفي المبسوط: أنه يقدم قوله، لأنهما مختلفان في إرادته (2). وفيه: أن الإرادة لا يكفي على الأول. (ولو أبرأه عن الجناية) خاصة لا السراية (فسرت إلى الكف) خاصة (فلا قصاص في الإصبع، بل في الكف إن ساواه) أي كفه كف المجني عليه (في النقص أو في الباقي من الأصابع، ويطالب بالحكومة) في الكف إن لم يساوه، وهو واضح. وفي المبسوط: ليس له القصاص في باقي الأصابع بل ديتها والكف تابع لها، قال: لأنه لا قصاص في الأطراف بالسراية (3). قال في المختلف: ممنوع، لأنه يجب بالنفس بالسراية ففي الأطراف أولى (4). ثم في المبسوط: أن دية باقي الأصابع تثبت له، وإن قال: عفوت عن عقلها
(1) المجموع: ج 18 ص 483. (2) المبسوط: ج 7 ص 109. (3) المبسوط: ج 7 ص 109. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 448. 201 وقودها وما يحدث منها، لأن الحادث منها وجوب دية ما بعد الإصبع فهو عفو وإبراء عما لم يجب فلا يصح العفو عنه (1). (ولو) كان الحال هذه و (سرت إلى النفس كان للولي القصاص في النفس) عندنا، لأن العفو عن الطرف لا يوجب العفو عن النفس. خلافا للشافعي تمسكا بأن القصاص لا يتبعض (2) وقد عفا هنا عن البعض، وهو ممنوع. فإن الطرف هنا ليس بعضا عن النفس، ولذا يقتص من الكامل للأقطع. وبأن السراية عن جناية معفو عنها، ولا يجدي، لثبوت القصاص عندنا بالسراية، والعفو عن الجناية لا يوجبه عن السراية. وإنما يقتص في النفس (بعد رد ما عفي عنه) من دية الإصبع كما في الخلاف (3) والمبسوط (4) والشرائع (5) والجامع (6) (على إشكال): من دخول الطرف في النفس فهو كقتل كامل بمن قطع يده غيره أو تلفت بآفة، ومن أن الكامل لا يؤخذ بالناقص إلا بعد رد التفاوت وبه قطع في التحرير (7). (ولو قال: عفوت عنها وعن سرايتها صح العفو عنها، وفي صحته في السراية) كما في الخلاف (8) (إشكال): من أنه إبراء ما لم يثبت في الذمة، وأنه وصية للقاتل وإسقاط لحق الغير وهو وليه، وهو خيرة المبسوط (9) والمختلف (10) والتحرير (11) وأبي علي، قال أبو علي: فيزيل القود للخلاف والشبهة ويوجب الدية على القاتل في ماله (12) وفي المختلف: لا يسقط القود باعتبار العفو
(1) المبسوط: ج 7 ص 109 - 110. (2) المجموع: ج 18 ص 477. (3) الخلاف: ج 5 ص 208 المسألة 85. (4) المبسوط: ج 7 ص 110. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 241. (6) الجامع للشرائع: ص 599. (7) التحرير: ج 5 ص 520 - 521. (8) الخلاف: ج 5 ص 208 المسألة 86. (9) المبسوط: ج 7 ص 110. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 448. (11) التحرير: ج 5 ص 502. (12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 446 - 447. 202 الباطل (1). ومن الأصل، وعموم قوله تعالى: " فمن تصدق به فهو كفارة له " (2) وثبوت الإبراء عن الجناية قبلها شرعا للطبيب والمبيطر فبينها وبين السراية أولى. (وقيل) في الخلاف (يصح) العفو (عنها وعما يحدث عنها من الثلث) لكونه بمنزلة الوصية (3). وفي المبسوط: فأما إذا سرى إلى النفس فالقود في النفس لا يجب، لأنه عفا عن القود في الإصبع، وإذا سقط فيها سقط في الكل، لأن القصاص لا يتبعض، قال: وهذا القصاص يسقط عن النفس، سواء قلنا تصح الوصية من القاتل أو لا نقول، لأن القولين معا فيما كان مالا. فأما القصاص فإنه يصح، لأنه ليس بمال بدليل أنه قد يعفو عن القود من لا يصح أن يعفو عن المال، وهو المحجور عليه لسفه، ولو كان القصاص مالا ما صح عفو السفيه عنه. قال: والذي رواه أصحابنا أنه إذا جنى عليه فعفا المجني عليه عنها ثم سرى إلى نفسه إن لأوليائه القود إذا ردوا دية ما عفى عنه على أولياء المقتص منه، فإن لم يردوا لم يكن لهم القود. قال: فأما دية النفس فلا يخلو إما أن يقول: عفوت عنها وعما يحدث من عقلها أو لا يقول عما يحدث من عقلها، فإن قال: وما يحدث منها من عقلها، لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون بلفظ الوصية، أو بلفظ العفو والإبراء. فإن كان بلفظ الوصية فهذه وصية لقاتل، وهل تصح الوصية له أم لا؟ قال قوم: لا يصح، لقوله (عليه السلام): ليس لقاتل شئ. وقال آخرون: يصح الوصية له، لقوله (عليه السلام): " إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " (4) دل على أنها لغير وارث، وهذا غير وارث، والذي يقتضيه مذهبنا أنه تصح للقاتل لأنه لا مانع منه. فمن قال: لا تصح الوصية للقاتل، قال يكون الدية ميراثا ومن قال: تصح كانت الدية كلها له،
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 448. (2) المائدة: 45. (3) الخلاف: ج 5 ص 208 المسألة 86. (4) السنن الكبرى: ج 6 ص 212. 203 إن خرجت من الثلث، وإن لم يخرج منه كان له منها بقدر الثلث. وأما إن كان بلفظ العفو والإبراء فهل الإبراء والعفو من المريض وصية أم لا؟ قال قوم: هو وصية، لأنه يعتبر من الثلث. وقال آخرون: هو إسقاط وإبراء وليس بوصية، لأن الوصية نقل ملك فيما يأتي، والإبراء والعفو إسقاط في الحال، فلهذا لم يكن العفو كالوصية، وعندنا أنه ليس بوصية وهل يعتبر من الثلث؟ لأصحابنا فيه روايتان قد مضتا. فمن قال: عفوه كالوصية فالحكم فيه كما لو كان بلفظ الوصية، وقد مضى، ومن قال: هو إبراء وليس بوصية فعلى هذا يصح الإبراء عما وجب له، وهو دية الأصابع ولم يصح فيما عداه، لأنه إبراء عما لم يجب والإبراء عما لم يجب لا يصح (1) انتهى. (ولو أبرأ) المجني عليه (العبد الجاني لم يصح) وفاقا للمبسوط (2) والشرائع (3) (على إشكال): من تعلق الحق برقبته، ومن أن رقبته حق المولى فهو إبراء من لاحق له عليه، والأقرب أنه إن استحق تملك تلك الرقبة خاصة فلا معنى لإبراءة إذ لا معنى للإبراء عن النفس، وإن استحق القصاص تخير بينه وبين الاسترقاق كلا أو بعضا، فإذا أبرأه صح وانصرف إلى القصاص، فإنه الذي يصح إبراؤه عنه وبقي له الاسترقاق ما لم يبرئ السيد، إلا أن يريد إسقاط القصاص والاسترقاق جميعا، فإنه لا يصح إلا أن يتجوز بذلك عن إبراء السيد. (ولو أبرأ سيده صح) استحق الاسترقاق خاصة أو مع القصاص، فإنه كان استحق عليه أخذ العبد منه واسترقاقه أو بحيث إن شاء اقتص وإن شاء استرق فإذا أبرأه سقط حقه. قال المحقق: وفيه إشكال من حيث إن الإبراء إسقاطا لما في الذمة (4) وكذا في التحرير (5).
(1) المبسوط: ج 7 ص 110 - 111. (2) المبسوط: ج 7 ص 111. (3 و 4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 242. (5) التحرير: ج 5 ص 502. 204 (ولو قال: عفوت عن أرش هذه الجناية) أو موجبها (صح) إذ لم يوقع العفو على أحد فيصرف إلى من يصح العفو عنه. ولا يجري فيه الإشكال المذكور، فإن العفو لا يختص بما في الذمة. (ولو أبرأ قاتل الخطأ لم يبرأ العاقلة) ولغا، إلا إذا تعلقت الدية به. وللعامة قول بالبراءة بناء على أن الدية على القاتل والعاقلة يتحملون عنه (1). (ولو أبرأ العاقلة أو قال: عفوت عن أرش هذه الجناية) أو موجبها (صح) لما عرفت. (ولو كان القتل عمد الخطأ وأبرأ القاتل، أو قال: عفوت عن هذه الجناية) أو أرشها ونحوه (صح. ولو أبرئ العاقلة) لغا و (لم يبرأ القاتل) والكل واضح. (ولو كان مستحق القصاص) في النفس أو الطرف (طفلا أو مجنونا لم يكن لهما الاستيفاء) لعدم استئهالهما له وقد مر حكم الولي (فإن بذل لهما الجاني العضو فقطعاه ذهب هدرا) وبقي عليه القصاص أو الدية، و لا يستحق عليهما أو على عاقلتهما دية، وكذا النفس، سواء كان يزعم أنه يقع قصاصا أو لا، لأنه الذي أتلف على نفسه لضعف المباشر. (ولو قطع يمين مجنون فوثب المجنون فقطع يمينه، قيل (2): يقع قصاصا) لأنه إذا كان له حق معين فأتلفه كان بمنزلة الاستيفاء، كما لو كان له وديعة عند غيره فهجم عليها فأتلفها فلا ضمان على المودع، ولا نعرف قائله من الأصحاب. (وقيل) في المبسوط (3) والشرائع: (4) (لا) يقع قصاصا، لأن المجنون لا يصح منه استيفاء حقه بحال، قال الشيخ: ويفارق الوديعة، لأنه إذا أتلفها فلا ضمان على المودع، لأنها تلفت بغير جناية ولا تفريط كان منه، فهو كما لو أتلفها غير المجنون فلهذا سقط عنه الضمان، وليس كذلك هاهنا لأن الضمان لا يسقط عنه
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 206. (2) لم نعثر عليه. (3) المبسوط: ج 7 ص 105. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 240. 205 بذهاب يمينه وإن كان هلاكها بغير تفريط منه (1). (ويكون قصاص المجنون باقيا) كما في الشرائع (2) يعني من يساره أو رجليه فإن فقد الجميع فالدية. وأطلق في المبسوط (3) والتحرير (4) بقاء الدية له (ودية جناية المجنون على عاقلته) عندنا. ومن العامة من أوجبها عليه (5) فحكم هنا بالتقاص كلا أو بعضا. (ولو قطع العاقل عدة أعضاء) من مكافئه جازت المبادرة إلى القصاص قبل الاندمال أو السراية، وكذا إذا قطعها (خطأ جاز أخذ دياتها) قبل الاستقرار (وإن زادت عن دية النفس) لوجود المقتضي وانتفاء المانع، ولا يصلح احتمال السراية للمنع، لأصل العدم، ثم إن اندملت كان له ما أخذه وإن سرت رد الزائد لدخول دية الأطراف في النفس (وقيل) في المبسوط (6) والمهذب (7): (يقتصر) قبل الاستقرار (على) أخذ (دية النفس) لاحتمال السراية وأصل البراءة من الزائد، قال الشيخ: وهو الذي يقتضيه مذهبنا (8) وهو خيرة الإرشاد (9) (فإن سرت فلا شئ في الباقي، لأن دية الطرف تدخل في دية النفس إجماعا، وإن اندملت أخذ دية الباقي) وقد يبنى الخلاف على أن السراية هل هي مسقطة للزائد من الديات على النفس أو عدمها شرط لاستحقاق الزائد؟ وبعبارة أخرى هل يجب الديات بالجنايات حقيقة والسراية مسقطة أو ظاهرا وهي كاشفة عن الخلاف؟ وربما قيل بعدم المطالبة بشئ قبل الاستقرار. (الفصل الثاني في الأعضاء الخالية من العظام) مع نوع انفصال وانفراد لها غير العورة. (والشرائط ما تقدم). (و) لذا لا (يقتص في العين) إلا (مع مساواة
(1 و 3) المبسوط: ج 7 ص 105. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 240. (4) التحرير: ج 5 ص 523. (5) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 504. (6) المبسوط: ج 7 ص 82. (7) المهذب: ج 2 ص 486. (8) المبسوط: ج 7 ص 82. (9) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 199. 206 المحل، فلا تقلع يمنى بيسرى، ولا بالعكس) وإن فقدت المماثلة لاختصاص النص باليدين. (وهل له) أي للمجني عليه (قلع عين الجاني بيده؟ الأقرب أخذها بحديدة معوجة) كما في المبسوط (1) (فإنه أسهل) غالبا، وربما دل عليه فحوى القتل بالسيف، ولو قلعها باليد لم يكن عليه شئ. نعم إن كان الجاني قلع عينه بحديدة ونحوها انتفى المماثلة بين العقابين، وأما استحقاقه بذلك تأديبا أو تعزيرا فلا، ولا شبهة في أنه إن كان قلعها باليد أسهل عليه منه بغيرها كان هو الأولى، وإن تساويا تخير. وبالجملة: فليس للقطع طريق معروف شرعا ولا كلام المصنف إشارة إلى خلاف أو تردد، وإنما المرجع إلى السهولة والصعوبة، فالأولى بالمجني عليه أن يتخير الأسهل وإن جنى عليه بالأصعب، ولو انعكس الأمر أساء واستحق ملامة، وإن اعتدى بمثل ما اعتدى عليه فلا إساءة. ولعل " الأولى " مكان " الأقرب " كما في الشرائع (2) أولى، لأن الأقرب أقرب إلى الإشارة إلى الخلاف أو التردد. نعم للشافعي قولان: أحدهما ليس القصاص إلا بحديدة، والأخرى يجوز بالإصبع (3). (ولو كان الجاني أعور خلقة) أو بآفة أو جناية أو قصاص (اقتص منه) مع التساوي في المحل (وإن عمي فإن الحق أعماه) للإجماع كما في الخلاف (4) ولعموم النصوص، وخصوص حسن محمد بن قيس، قال لأبي جعفر (عليه السلام): أعور فقأ عين صحيح، قال: يفقأ عينه، قال: يبقى أعمى، قال: الحق أعماه (5) وكذا مرسل أبان عن الصادق (عليه السلام) (6) (ولا رد) لشئ على الجاني وإن كانت دية عينه ضعف دية عين المجني عليه، كما هو ظاهر الأصحاب وصريح بعض، للأصل. وفيه نظر. (ولو قلع) من الأعور (عينه الصحيحة مثله) في العور (فكذلك).
(1) المبسوط: ج 7 ص 49. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 235. (3) المجموع: ج 18 ص 464. (4) الخلاف: ج 5 ص 252 المسألة 58. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 134 ب 15 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (6) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 276 ح 1079. 207 (ولو قلعها ذو عينين اقتص له بعين واحدة) لا بكليهما وإن كانت واحدة الأعور بمنزلة الثنتين (وفي الرد) لنصف دية النفس على المجني عليه إن كان العور خلقة أو بآفة (قولان) فالرد خيرة النهاية (1) والمبسوط (2) والجامع (3) والوسيلة (4). ونفى عنه البأس في المختلف (5) لخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت إن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية، وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفو عن عين صاحبه (6) وخبر عبد الله بن الحكم عن الصادق (عليه السلام) نحوا من ذلك، وفي آخره، لأن له الدية كاملة وقد أخذ نصفها بالقصاص (7) ولأن دية عين الأعور خلقة دية النفس فلا يؤخذ عوضا عما قيمته النصف إلا بعد رد التفاوت. والعدم خيرة المقنعة (8) والسرائر (9) والشرائع (10) والتحرير (11) للأصل، وعموم العين بالعين. وقال أبو علي بثالث هو التخيير بين قلع عين الجاني ورد خمسمائة دينار عليه وقلع إحداهما وأخذ خمسمائة (12). وهو غريب، فإن العينين إما أن تساويا عينه فلا رد وإلا فلا قلع. (ولو قلع عينا) عمياء (قائمة فلا قصاص) لها من عين صحيحة اتفاقا (لنقصها، وعليه ثلث ديتها) وفاقا للأكثر، وقيل: الربع (13) وسيأتي الكلام فيها.
(1) النهاية: ج 3 ص 433. (2) المبسوط: ج 7 ص 146. (3) الجامع للشرائع: ص 592. (4) الوسيلة: ص 447. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 365. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 252 ب 27 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 253 ب 27 من أبواب ديات الأعضاء ح 4. (8) المقنعة: ص 759. (9) السرائر: ج 3 ص 381. (10) شرائع الإسلام: ج 4 ص 262. (11) التحرير: ج 5 ص 511. (12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 449. (13) المقنعة: ص 760. 208 (ولو أذهب الضوء دون الحدقة اقتص منه) متى أمكن، لعموم الأدلة، بذر كافور ونحوه، أو (بأن يطرح على أجفانه قطن مبلول) لئلا يحترق الأجفان (ثم تحمى المرآة وتقابل بالشمس ثم يفتح عيناه) أو إحداهما (ويكلف النظر إليها حتى يذهب النظر وتبقى الحدقة) كما في خبر رفاعة عن الصادق (عليه السلام) من فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) قال في المبسوط: فإن لم يكن إذهاب الضوء إلا بذهاب الحدقة لم يكن له القصاص فيه لأنه استحق الضوء، فلا يجوز أن يأخذ معه عضو آخر (2) وكذا في الخلاف (3). (وتؤخذ) العين (الصحيحة) قصاصا (بالحولاء (4) والعمشاء، لأن) الحول إعوجاج و (العمش خلل في الأجفان) فإنه سيلان الدمع غالبا (وعين الأخفش: وهو الذي ليس بحاد البصر ولا يرى من بعد) أو الذي يبصر بالليل دون النهار، وفي يوم غيم دون صحو، أو الفاسد الأجفان، أو الصغير العين (لأنه تفاوت في قدر المنفعة) وعلى الأخير في المقدار، ولا يمنع شئ من ذلك القصاص وإلا لم يثبت غالبا أو أصلا، لأن التساوي في القدر أو المنفعة بين أعضاء الناس مفقود أو عزيز جدا. (والأعشى: وهو الذي لا يبصر ليلا، والأجهر: وهو الذي لا يبصر نهارا، لسلامة البصر) منهما (و) إنما (التفاوت في النفع) كالأخفش (ويثبت) القصاص (في الأجفان) لعموم والجروح قصاص (و) لكن (لو خلت أجفان المجني عليه عن الأهداب ففي القصاص إشكال) من تبعيتها للأجفان كالنابت على الأيدي من الشعور فيقتص، كما يقتص من اليد الشعراء لغيرها، وكما يقتص للمرأة من الرجل نفسا وطرفا، ومن أن لها وحدها دية فهي كعضو برأسه، وسيأتي الكلام في أن فيها الدية أو
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 129 ب 11 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (2) المبسوط: ج 7 ص 82. (3) الخلاف: ج 5 ص 175 المسألة 38. (4) في القواعد: بالحوراء. 209 الأرش وفي أن فيها شيئا إن كانت مع الأجفان أو لا (فإن أوجبناه) أي القصاص (رجع الجاني بالتفاوت) إن قلنا به من دية أو أرش تحرزا عن الظلم. (ويثبت القصاص في الأهداب) وحدها (والأجفان) وحدها وفيهما معا إذا اجتمعتا (و) في (شعر الرأس واللحية) والحاجبين لعموم قوله تعالى: " فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (1) وقوله: " فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " (2) (على إشكال ينشأ: من أنه) إن (لم يفسد المنبت فالشعر يعود) فلا قصاص. (وإن أفسده فالجناية على البشرة والشعر تابع) فإن كان إفساده بما يمكن الاقتصاص له اقتص، وهو قصاص البشرة لا الشعر، وإلا تعينت دية الشعر على التفصيل الآتي، وأرش البشرة إن جرحت، والإشكال جار في الأهداب وإن لم يشملها ظاهر العبارة. وقطع في التحرير بالقصاص في الجميع (3) إلا الأهداب فلم يتعرض لها. وقطع ابن حمزة بأن لا قصاص في شعر الرأس. (فإن نبت) الشعر (فلا قصاص) وثبت الأرش (4). وهو واضح إن خيف مع القصاص أن لا ينبت، وأما بدونه فلا بعد فيه. (ويثبت في الأذن القصاص) بالنص (5) والإجماع (ويستوي أذن الصغير والكبير) والصغيرة والكبيرة كسائر الأعضاء (والصحيحة والمثقوبة) فإن الثقب فيها يعد جمالا لا نقصا، نعم لو كان بحيث صار نقصا فكالخرم. (والصماء والسامعة) فإن ذلك تفاوت في الصماخ أو ما وراءه إلا في الأذن. (ولا يؤخذ) كل (الصحيحة بالمخرومة) أي المشقوقة وفاقا للوسيلة (6) لأنه ظلم (بل يقتص) منها (إلى حد الخرم) من الأخرى.
(1) البقرة: 194. (2) النحل: 126. (3) التحرير: ج 5 ص 512. (4) الوسيلة: ص 444. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 139 ب 23 من أبواب قصاص الطرف. (6) الوسيلة: ص 446. 210 (ويؤخذ حكومة في الباقي) وكذا المثقوبة في غير محله، قال المحقق: ولو قيل يقتص إذا رد دية الخرم كان حسنا (1) وهو أشبه لعموم الأذن بالأذن. (ولو قطع بعضها) فأبانه (جاز القصاص فيه) بنسبة المساحة فيؤخذ نصف الكبيرة بنصف الصغيرة وبالعكس، وكذا لو قطع أذنا قد انقطع منها شئ اقتص من أذنه ما يساوي ذلك بالنسبة. (ولو أبان الأذن فألصقها المجني عليه فالتصقت بالدم الحار وجب القصاص) لوجود المقتضي وهو القطع، ولا دليل على السقوط بالالتصاق الطارئ. وفي المختلف: لأن هذا الالتصاق لا يقر عليه بل يجب إزالته فلا يسقط القصاص بما لا استقرار له في نظر الشرع (2) وما ذكرناه أولى. وأسقط أبو علي القصاص (3). (و) ليس له الامتناع حتى يزال كما في المهذب (4) فإن (الأمر في إزالتها إلى الحاكم) أو من يأتي ذلك منه من باب النهي عن المنكر، لأنها ميتة لا يجوز معها الصلاة (فإن أمن هلاكه) بالإزالة (وجب إزالتها وإلا فلا) وفي الشرائع: أن للجاني إزالتها لتحقق المماثلة (5). (وكذا لو ألصق الجاني أذنه بعد القصاص لم يكن للمجني عليه الاعتراض) إلا من باب النهي عن المنكر لحمله النجاسة. وفي النهاية (6) والخلاف (7): أن له المطالبة بالإزالة يعني لتحقق المماثلة لا لحمله النجاسة، واستدل عليه بالإجماع، والأخبار، وفي خبر إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): أن رجلا قطع من بعض أذن رجل شيئا، فرفع ذلك إلى علي (عليه السلام) فأقاده، فأخذ الآخر ما قطع من أذنه فرده على أذنه بدمه فالتحمت وبرئت، فعاد الآخر إلى
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 237. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 450. (3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 450. (4) المهذب: ج 2 ص 480. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 235. (6) النهاية: ج 3 ص 451. (7) الخلاف: ج 5 ص 201 المسألة 72. 211 علي (عليه السلام) فاستقاده فأمر بها فقطعت ثانية وأمر بها فدفنت، وقال (عليه السلام): إنما يكون القصاص من أجل الشين (1). وفي المبسوط: فإن قال المجني عليه: قد التصق أذنه بعد أن أبنتها أزيلوها عنه، روى أصحابنا أنها تزال ولم يعللوا، وقال: من تقدم - يعني من قال من العامة بإجابة الجاني إلى الإزالة متى طلبها - إنها تزال لما تقدم أنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يستقيم أيضا على مذهبنا. قال: فإن قطع النصف من أذن الجاني قصاصا فألصقها فالتصقت كان للمجني عليه إبانتها بعد الاندمال، فيقطع الأصل والذي اندمل منها، لأن القصاص لا يحصل له إلا بالإبانة (2). (ولو قطع بعض الأذن ولم يبنه، فإن أمكنت المماثلة في القصاص وجب) لوجود المقتضي وعموم النصوص (وإلا فلا) ومن العامة من أطلق العدم وعلل بانتفاء المماثلة (3). (ولو ألصقها المجني عليه لم يؤمر بالإزالة) لعدم الموت ما لم يبن (وله القصاص) لحصول مقتضيه والتصاقه طارئ لا دليل على السقوط به كما لو اندملت جراحة فيها القصاص. (فلو جاء آخر فقطعها) من ذلك الموضع (بعد الالتحام) من غير إبانة (فالأقرب القصاص) فإنه (كما لو شج آخر موضع الشجة) أو جرح موضع الجراحة (بعد الاندمال) ويحتمل العدم ضعيفا، إذ ليس في عضو قصاصان وهو ممنوع. (ولو قطع أذنه فأزال سمعه فهما جنايتان، لأن منفعة السمع في الدماغ لا في الأذن) ليتبعها (ولو قطع أذنا مستحشفة وهي التي لم يبق فيها حس وصارت شلاء) أي يابسة وإن لم يكن لفظ الشلل حقيقة إلا في
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 139 ب 23 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (2) المبسوط: ج 7 ص 92. (3) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 423. 212 اليدين والرجلين (ففي القصاص) من الصحيحة (إشكال) ينشأ: (من أن اليد الصحيحة لا تؤخذ بالشلاء ومن) أن الشلل فيها ليس نقصا يعتد به لأجل (بقاء الجمال والمنفعة) المقصودة في الأذن معه (لأنها تجمع الصوت وتوصله إلى الدماغ، وترد الهوام) والغبار والدخان والبخار الغليظة. (عن الدخول في ثقب الأذن بخلاف اليد الشلاء). (ويثبت في الأنف القصاص) بالنص (1) والإجماع (ويستوي) الصحيح والعليل فيقتص من الصحيح للمجذوم (2) ما لم يتناثر منه شئ، فإن تناثر بعضه ثبت القصاص بالنسبة إلى الباقي، و (الشام وفاقده، لأن الخلل) يفقد الشم (في الدماغ) لا الأنف (والأقنى والأفطس والكبير والصغير) للتساوي في الاسم. (وهل يستوي الصحيح والمستحشف؟ إشكال كالأذن). (والقصاص يجري في المارن وهو ما لان منه) لانفصاله عن القصبة انفصال الكف من الساعد والقدم من الساق فيقتص منه كلا أو بعضا بالنسبة. (ولو قطع معه القصبة) ثبت القصاص فيه. وأما في القصاص في القصبة (فإشكال: من حيث انفراده عن غيره فأمكن استيفاؤه قصاصا، ومن أنه ليس له مفصل معلوم) فهو كما لو قطع اليدين من نصف الساعد فله القصاص أو كمال الدية في المارن والحكومة في القصبة، وهو خيرة المبسوط (3). (ولو قطع بعض القصبة فلا قصاص) لعدم المفصل بل الحكومة. (ولو قطع المارن فقطع القصبة) آخر لأنفه مارن لم يقتص منه، كما لا يقتص من ذي أصابع قطع كفا بلا أصابع. ولو قطعها (فاقد المارن احتمل القصاص) للانفراد عن الغير (وعدمه) لعدم المفصل كما عرفت (ويجري القصاص في أحد المنخرين مع تساوي المحل) يمينا أو شمالا، لأن له حدا
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 123 ب 1 من أبواب قصاص الطرف ح 5. (2) في الحجرية: للمخروم. (3) المبسوط: ج 7 ص 95. 213 ينتهي إليه فهو كإحدى الأصابع، وكذا في الحاجز بينهما. (ولو قطع بعض الأنف) وفي المبسوط بعض المارن (1) (نسبنا المقطوع إلى أصله وأخذنا من الجاني بحسابه) أي ما نسبته إلى تمام أنفه أو مارنه نسبة المقطوع من أنف المجني عليه إلى أنفه أو مارنه، ولم تؤخذ من الجاني ما يساوي في المساحة المقطوع من المجني عليه. (لئلا يستوعب أنف الجاني). (لو كان صغيرا) وأنف المجني عليه كبيرا (فالنصف) من أنف الجاني أو مارنه (بالنصف) من ذلك من المجني عليه، ساواه في المساحة أو زاد أو نقص (والثلث بالثلث) كذلك (و) بالجملة (لا يراعى المساحة بين الأنفين) حتى يقتص بقدر ما قطع وإن كان تمام الآخر، بل إنما يراعى النسبة. (ويثبت القصاص في الشفتين وبعضهما) للعموم مع انفرادهما عن غيرهما وتحددهما فحد العليا كما سيأتي عرضا ما اتصل منها بالأنف، وحد السفلى ما ارتفع منها عن الذقن وطولهما طول الفم. وللعامة قول بالعدم (2) لعدم المفصل. وإنما يقتص (مع تساوي المحل، فلا تؤخذ العليا بالسفلى ولا بالعكس) ويستوي الغليظة والرقيقة، والطويلة والقصيرة، والصحيحة والمريضة، كغيرهما. (وكذا يثبت في اللسان وبعضه) بالنسبة إجماعا كما في التحرير (3) للعموم والانفصال (مع التساوي في النطق) أو عدمه، لأن الخرس فيه بمنزلة الشلل ولذا نقصت ديته به (فلا يقطع الناطق بالأخرس) ويقطع الفصيح والخفيف بغيرهما، والأخرس بمثله. (ولو قطع لسان صغير) لا يتكلم وليس في سنه (فإن كان تحرك لسانه عند البكاء) أو غيره (وجب القصاص، لأنه دليل الصحة) وإن كان بلغ حد النطق ولم ينطق ففيه حكومة، للأصل وظهور أمارة الخرس.
(1) المبسوط: ج 7 ص 96. (2) المجموع: ج 18 ص 412. (3) التحرير: ج 5 ص 523. 214 (ويثبت القصاص في ثدي المرأة وحلمته وحلمة الرجل) للعموم والانفصال. (ولو قطع الرجل حلمة ثدي المرأة فلها القصاص) حسب (إن لم نوجب فيها) أي فيهما (كمال الدية) كما قاله الشيخ (1) بل أوجبنا فيهما وفي حلمتي الرجل الحكومة، وكذا إن سوينا بينهما وبين حلمتي الرجل في ثبوت كمال الدية كما قاله الشيخ (2). (وهل ترجع المرأة) مع القصاص (بالتفاوت إن) لم نسو بين حلمتيها وحلمتيه بأن (أوجبنا لها الكمال) كما قاله الشيخ (3) (وله الثمن) كما قاله الصدوق (4)؟. (نظر، أقربه العدم) للأصل، وتشابه العضوين، وفضل الرجل على المرأة مع ثبوت أخذ الناقص بالكامل من غير رد في قطع الشلاء بالصحيحة. ويحتمل الرجوع، لثبوت الفضل للمرأة هنا، وانتفاء المماثلة في الاعتداء والعقاب بدونه. وفي العبارة شئ، فإن الثمن في إحدى الحلمتين والكمال فيهما. (ولو انعكس الفرض فلا قصاص) إلا مع رد التفاوت (على تقدير قصور دية حلمة الرجل) لأن الكامل لا يؤخذ بالناقص بلا رد، للظلم. (الفصل الثالث في الأسنان) (ويثبت في السن) وهو العضو المعروف المنقسم في العادة إلى ثمان وعشرين (القصاص) بالنص (5) والإجماع (بشرط التساوي في المحل) وهو يستلزم التساوي أصالة أو زيادة (فلا يقلع ضرس) أي طاحنة (بسن) غيرها، وهذا معنى أخص قد يطلق عليه (ولا بالعكس، ولا ثنية برباعية أو ناب أو ضاحك، ولا بالعكس، ولا رباعية) مثلا (من أعلى أو من الجانب الأيمن
(1) المبسوط: ج 7 ص 148. (2 و 3) المبسوط: ج 7 ص 148. (4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 91 ذيل الحديث 5150. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 132 ب 13 من أبواب قصاص الطرف ح 4. 215 بمثلها من أسفل أو من الأيسر) وإن فقد المماثل في الجاني (ولا أصلية بزائدة، ولا بالعكس، مع تغاير المحل) فإن اتحد بأن نبتت مع الأصلية من منبت واحد جاز القصاص، لأنه أخذ للناقص بدل الكامل، وفي التفاوت ما عرفت. وفي التحرير: ولا بالعكس وإن اتحد المحل (1) ولعل مبنى الوجهين على أن النبات من منبت واحد هل يكفي في اتحاد المحل؟ (ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحل). (ولو قلع سن مثغر - وهو من سقط سنه - ونبت بدله مع سنخه وهو أصله الذي يكون بين اللحم) في المنبت (وجب القصاص) لجريان العادة بعدم العود. (وكذا لو كسر الظاهر) منها (لكن لا يضرب بما يكسره، لإمكان التفاوت) بين الضربين وأداء هذا الضرب إلى انقلاع السنخ ونحوه (بل يقطع بحديدة) حادة لا تحرك السنخ بقطعها الظاهر (وكذا لو كسر البعض). (ولو حكم أهل الخبرة بعوده) إلى أمد (لم يقتص إلى أن تمضي مدة) يحصل معها (اليأس) فلو عاد بعدها أو عاد مع حكم أهل الخبرة بعدم العود مطلقا فهل هو عود للمقلوع أو هبة مجددة؟ وجهان: من أنه كسن غير المثغر وكضوء العين إذا ذهب بجناية ثم عاد، ومن الفرق بجريان العادة بعودها لغير المثغر وضوء العين لا يزول بل يحول دونه حائل، وهو خيرة المبسوط (2) والمختلف (3). (ولو عادت قبل القصاص) قبل اليأس أو بعده وقلنا هي المقلوعة (ناقصة أو متغيرة ففيها الحكومة، وإن عادت كاملة، قيل) في المهذب (4) (لا قصاص ولا دية، والأقرب) أن له (الأرش) أي التفاوت بين حالتي سقوط سنه في المدة وبقائها لئلا يذهب الجناية هدرا. (ولو اقتص) بعد اليأس (فعاد سن المجني عليه) قال الشيخ في
(1) التحرير: ج 5 ص 516. (2) المبسوط: ج 7 ص 98. (3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 380. (4) المهذب: ج 2 ص 483. 216 الخلاف (1) وديات المبسوط (2) (لم يغرم سن الجاني، لأنها نعمة مجددة من الله تعالى) وهو خيرة المختلف (3) (ويلزم منه وجوب القصاص) له من الجاني (وإن عادت) قبله بعد اليأس وهو ظاهر. وفي المهذب: أن عليه رد الدية (4). (ولو عادت سن الجاني) دون المجني عليه بعد القصاص واليأس (لم يكن للمجني عليه إزالتها إن قلنا: إنها هبة) وهو خيرة السرائر (5) فإن أزالها كان عليه ديتها (وإن قلنا: إنها بدل الفائت فكذلك، لزيادة الألم) وللشبهة لاحتمال أن يكون هبة مجددة (إلا أنه لا يكون المجني عليه مستوفيا لحقه، لأن سنه مضمونة بالدية) لأنها لم يعد. (وسن الجاني غير مضمونة بالدية، لأنها في الحكم كسن طفل) غير مثغر ففيها الحكومة (فينقص الحكومة عن دية سن ويغرم الباقي) وإن أزال المجني عليه العائدة أيضا كانت عليه ديتها وله دية سنه فيتقاصان، وعليه الحكومة لقلعه الأول الذي فعله بزعم القصاص. وفي الخلاف (6) والوسيلة (7): أن للمجني عليه الإزالة، وأطلقا. واحتج له في الخلاف بالإجماع والأخبار (8). وفي المبسوط: أنه الذي يقتضيه مذهبنا على القول بأنها بدل الفائت (9). قال ابن إدريس بعد حكاية كلام الخلاف: يا سبحان الله من أجمع معه على ذلك وأي أخبار لهم فيها (10). (ولو عاد سن المجني عليه بعد القصاص) واليأس (فقلعه) الجاني (ثانيا، فإن قلنا: إنها هبة) جديدة (فعليه ديتها، إذ لا مثل لها فيه) إلا أن يعود سنه أيضا (وإن قلنا: إنها بدل فالمقلوعة أولا كسن طفل) غير مثغر فظهر أنه لم يكن يستحق القصاص على الجاني (فيثبت لكل منهما دية على
(1) الخلاف: ج 5 ص 204 المسألة 78. (2) المبسوط: ج 7 ص 139. (3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 381. (4) المهذب: ج 2 ص 484. (5) السرائر: ج 3 ص 387. (6) الخلاف: ج 5 ص 204 المسألة 77. (7) الوسيلة: ص 448. (8) الخلاف: ج 5 ص 204 المسألة 77. (9) المبسوط: ج 7 ص 99. (10) السرائر: ج 3 ص 387. 217 صاحبه ويتقاصان، وعلى الجاني حكومة) لقلعه الأول كسن غير المثغر. (ولو كان) المجني عليه (غير مثغر انتظر سنة) قال الشهيد: التقييد بالسنة غريب جدا، فإني لم أقف عليه في كتب أحد من الأصحاب مع كثرة تصفحي لها ككتب الشيخين وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس وابن سعيد وغيرهم من القائلين بالأرش مع العود وابن الجنيد ومن تبعه من القائلين بالتغير مطلقا ولا في رواياتهم ولا سمعته من أحد من الفضلاء الذين لقيتهم، بل الجميع أطلقوا الانتظار بها أو قيدوا بنبات بقية أسنانه بعد سقوطها. وهو الوجه، لأنه ربما قلع سن ابن أربع سنين والعادة قاضية بأنها لا تنبت إلا بعد مدة تزيد على السنة قطعا، وإنما هذا شئ اختص به هذا المصنف قدس الله روحه فيما علمته في جميع كتبه التي وقفت عليها على أنه في التحرير علله بأنه الغالب، ولا أعلم وجه ما قاله وهو أعلم بما قال. نعم في رواية أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: السن إذا ضربت انتظر بها سنة، فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم، وإن لم يقع واسودت أغرم ثلثي الدية (1). وهذه وإن كانت صحيحة إلا أنها لا تدل على المطلوب، إذ موضوعها سن ضربت ولم يسقط. قال: ويمكن أن يعتذر له (رحمه الله) بأن المراد به إذا قلعها في وقت يسقط أسنانه فيه فإنه ينتظر سنة، ولا ريب أن هذا إذ ذاك غالب (2) انتهى. واحتمل في حاشية الكتاب (3): أن تقرأ سنه بتشديد النون وإضافة السن إلى الضمير، وعلى الجملة ينتظر مدة جرت العادة بالنبات فيها. (فإن عادت ففيها الحكومة) كما في المقنعة (4) والنهاية (5) والخلاف (6) والكامل (7)
(1) الكافي: ج 7 ص 334 ح 9. (2) غاية المراد: ج 4 ص 379 - 380. (3) الحاشية النجارية للشهيد الأول: 189 الصفحة الثانية س 1. (4) المقنعة: ص 757. (5) النهاية: ج 3 ص 438 - 439. (6) الخلاف: ج 5 ص 246 المسألة 44. (7) لا يوجد لدينا ونقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 377. 218 والجامع (1) والنافع (2) والشرائع (3) والسرائر (4) وجراح المبسوط (5) للاحتياط، والإجماع كما في الخلاف (6) والسرائر (7) وللتحرز عن إهدار الجناية، ولقول أحدهما (عليهما السلام) في مرسل جميل في سن الصبي يضربها الرجل فيسقط ثم ينبت، قال: ليس عليه قصاص وعليه الأرش (8). والحكومة هي التفاوت لو كان عبدا بين قيمته لو لم يسقط سنه تلك المدة وقيمته وقد سقطت تلك المدة. وفي المبسوط: أنها حكومة الجرح وإسالة الدم، قال في الجراح: وإن عادت كالتي كانت من غير تغير ولا نقصان فلا دية فيها ولا قصاص. فأما إسالة الدم فإن كان عن جرح في غير مغرزها - وهو اللحم الذي حول السن ويحيط بها - ففيه حكومة لأنها جناية على محل السن. وإن كان الدم من نفس مغرزها، قال قوم: فيها حكومة، وقال آخرون: لا حكومة فيها ولا شئ عليه. والأول أقوى. ومن قال بالثاني، قال: لأنه لم يجرح محل الدم فهو كما لو لطمه فرعف، فإنه لا حكومة عليه (9). (وإلا) تعد ويحصل اليأس من عودها (فالقصاص) كما نص عليه في المبسوط (10) والشرائع (11) والنافع (12). (وقيل) في المهذب (13) والغنية (14) والكافي (15) والوسيلة (16) والإصباح (17) وديات المبسوط (18): (في سن الصبي بعير مطلقا) من غير تفصيل إلى
(1) الجامع للشرائع: ص 592. (2) مختصر النافع: ص 293. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 237. (4) السرائر: ج 3 ص 386. (5) المبسوط: ج 3 ص 98. (6) الخلاف: ج 5 ص 246 المسألة 44. (7) السرائر: ج 3 ص 387. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 134 ب 14 من أبواب قصاص الطرف ح 2. (9 و 10) المبسوط: ج 7 ص 97. (11) شرائع الإسلام: ج 4 ص 237 - 238. (12) المختصر النافع: ص 293. (13) المهذب: ج 2 ص 483. (14) الغنية: ص 418. (15) الكافي في الفقه: ص 398. (16) الوسيلة: ص 448. (17) إصباح الشيعة: ص 505. (18) المبسوط: ج 7 ص 138. 219 العود وعدمه، وهو خيرة المختلف (1) لخبري مسمع (2) والسكوني (3) عن الصادق (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في سن الصبي قبل أن يثغر بعيرا في كل سن. وهما ضعيفان، لكن نسب العمل بهما في المبسوط إلى الأصحاب وفي المختلف إلى أكثرهم (4). وفي المبسوط عقيب ذلك متصلا به: حكى عن العامة عند العود خلافا في الحكومة وقواها، قال: لأنه لا ينفك قلعها عن جرح (5) فكأنه يرى الجمع بين البعير والحكومة أو هو تقوية من غير اختيار. وقال أبو علي: وفي واحدة من أسنان الصبي التي تنبت إذا ضربت فسقطت، فإن نبتت ففيها بعير، فإن لم تنبت ففيها ديتها. وما كان منها لا يثغر كالضرس، فإن لم ينبت ففيها ديتها، وإن نبتت ثلث الدية (6) وكأنه جمع بين الأدلة بحمل خبري البعير على حال العود فيكون هي حكومة منصوصة وعلى المختار هنا. (فإن مات) الصبي المجني عليه (قبل اليأس من عودها فالأرش) أي الدية كما في المبسوط (7) والمهذب (8) لتحقق القلع دون العود، ولا قصاص للشبهة، واستشكل الأرش من يقابل أصلي البراءة وعدم العود، واحتمل أن يراد به الحكومة. (ولو عاد مائلا عن محله أو متغير اللون) أو قصيرا أو منثلما (فعليه حكومة عن الأولى) لقلعها وقد عادت (وعن نقص الثانية) لأن الظاهر أنه من فعله. وفيه: نظر. (ولو قلع زائدة وله مثلها في محلها اقتص منه وإلا فالحكومة) أو ثلث دية الأصلية وسيأتي الخلاف فيها.
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 379. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 225 ب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح 6. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 258 ب 33 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 379. (5) المبسوط: ج 7 ص 138. (6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 377. (7) المبسوط: ج 7 ص 98. (8) المهذب: ج 2 ص 483 - 484. 220 (الفصل الرابع في القصاص في الجراح) الخالية عن إبانة طرف. وكان الأولى تأخيره عن الفصل الخامس. (لا قصاص في الضرب الذي لا يجرح) لعدم انضباطه شدة وضعفا. نعم لو أحدث انتفاخا أو تغير لون فسيجيء أن فيه الحكومة أو غيرها. وفي المقنعة (1) والنهاية (2) والجامع (3): أن فيه القصاص، لعموم آية الاعتداء بمثل ما اعتدى عليه (4) والعقاب بمثل ما عوقب به (5) وخبر الحسن بن صالح الثوري عن أبي جعفر (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر قنبر أن يضرب رجلا حدا، فغلط قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأقاده علي (عليه السلام) من قنبر ثلاثة أسواط (6). وهو يعطي القصاص مع الخطأ ولا بعد فيه، إذ لا إتلاف هنا وعموم العقاب. لكن الشيخين (7) قيدا بالظلم، لأصل البراءة، وضعف الخبر، وعدم الاعتداء بدونه، وظهور العقاب في المتعمد به. (وإنما يثبت) عند المصنف (في الجراح، ويعتبر التساوي بالمساحة في الشجاج) أي الجرح والشق (طولا وعرضا) اتفاقا، لإشعار لفظ القصاص به (لا عمقا) عندنا خلافا لبعض العامة (8). (بل) إنما (يراعى) في العمق ما يختلف به (اسم الشجة) وذلك (لاختلاف الأعضاء بالسمن والهزال) فلو اعتبر انتفى القصاص غالبا فالعمق في الشجاج كالمساحة في الأطراف والمساحة فيه كالاسم في الأطراف ويلزم من ذلك أنه لو كان عمق المتلاحمة مثلا نصف أنملة جاز في القصاص الزيادة عليه ما لم ينته إلى السمحاق. (ولا قصاص فيما فيه تعزير بالنفس) أو طرف أو يتعذر استيفاء المثل
(1) المقنعة: ص 761. (2) النهاية: ج 3 ص 451. (3) الجامع للشرائع: ص 599. (4) البقرة: 194، والحج: 60. (5) النحل: 126. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 137 ب 19 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (7) المقنعة: ص 761، النهاية: ج 3 ص 451. (8) الحاوي الكبير: ج 12 ص 156. 221 فيه (كالمأمومة والجائفة والهاشمة والمنقلة وكسر العظام) بلا خلاف كما في الخلاف (1) والمبسوط (2) والغنية (3) وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): لا قصاص في عظم (4) وكل من الأربعة الأخيرة ينقسم إلى ما فيه تعزير بالنفس، وما فيه تعزير بطرف، وما لا يمكن استيفاء المثل فيه. (وإنما يثبت في الحارصة والباضعة والسمحاق والموضحة، وكل جرح) يمكن استيفاء المثل فيه و (لا تعزير فيه) بنفس أو طرف (وسلامة النفس) والأطراف (معه غالبة) ولا يقدح احتمال السراية إلى النفس أو الطرف على خلاف العادة. وعند أكثر العامة (5) لا قصاص إلا في الموضحة. وفي المقنعة (6) والنهاية (7) القصاص فيما عدا المأمومة والجائفة. وأول في المختلف (8) بثبوته في الجراحات، والهشم والنقل ليسا منها. وهو بعيد عن عبارتيهما وصرح ابن حمزة بثبوته في الهاشمة والمنقلة (9) ونحو منه كلام سلار (10). (و) في المبسوط (11) (لا يثبت القصاص قبل الاندمال، لجواز السراية الموجبة للدخول) فيما يسرى فيه من نفس أو عضو (والأقرب الجواز) واستحباب الصبر، كما في الخلاف (12) والشرائع (13) لعموم النصوص (14) وأصل البراءة من وجوب الصبر، وأصل عدم السراية. (وإذا اقتص حلق الشعر عن المحل) ان كان عليه شعر يمنع من سهولة
(1) الخلاف: ج 5 ص 192 المسألة 58. (2) المبسوط: ج 7 ص 73. (3) الغنية: ص 420. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 102 ب 70 من أبواب القصاص في النفس. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 155. (6) المقنعة: ص 766. (7) النهاية: ج 3 ص 453 - 454. (8) مختلف الشيعة: ج 9 ص 407. (9) الوسيلة: ص 444 - 445. (10) المراسم: ص 247. (11) المبسوط: ج 7 ص 75. (12) الخلاف: ج 5 ص 196 المسألة 65. (13) شرائع الإسلام: ج 4 ص 235. (14) وسائل الشيعة: ج 19 ص 211 ب 42 من أبواب موجبات الضمان. 222 استيفاء المثل (وربط الرجل) الجاني (على خشبة أو غيرها بحيث لا يضطرب حالة الاستيفاء) فزيد الجرح (ثم يقاس) محل الشجة (بخيط أو شبهه، ويعلم طرفاه في) مثله وهو (موضع الاقتصاص) من الجاني (ثم يشق من إحدى العلامتين إلى الأخرى). (ويجوز أن يستوفي منه في دفعات إذا شق على الجاني) الاستيفاء دفعة، وإن لم يمكنه الاستيفاء أصلا وكل غيره، ولا يستوفى بالسيف ولا بآلة كالة، بل بسكين حاد غير مسموم. (فإن زاد المقتص) في جرحه (لاضطراب الجاني فلا شئ) عليه (لاستناد التفريط إليه باضطرابه، وإن لم) يكن (يضطرب اقتص من المستوفي إن تعمد، وطولب بالدية مع الخطأ، ويقبل قوله) في دعواه الخطأ (مع اليمين) والكل ظاهر. وإن ادعى الاضطراب قدم قول الجاني، للأصل وإن كان الأصل البراءة ترجيحا للمباشرة. (وفي قدر المأخوذ منه) مع الخطأ (إشكال ينشأ: من أن الجميع موضحة واحدة) حقيقة (فيقسط) ديتها (على الأجزاء فيلزمه ما قابل) منها (الزيادة) حسب (كما لو أوضح جميع الرأس ورأس الجاني أصغر. فإنا نستوفي) القصاص في (الموجود ولا يلزمه بسبب الزيادة دية موضحة) بكمالها (بل يقسط الدية على الجميع) ويلزمه منها مقابل الزيادة حسب (ومن أنها موضحة كاملة) برأسها (لأن الزيادة جناية) و (ليست من جنس الأصل) شرعا فإنه قصاص (بخلاف مستوعب الرأس) بالإيضاح في المثال (فإنها هناك موضحة واحدة) حقيقة وشرعا، فإنها جميعها جناية. وهو خيرة المبسوط (1). (ويؤخر) الاستيفاء (من شدة الحر والبرد إلى اعتدال النهار) كما في قصاص الأطراف حذرا من السراية.
(1) المبسوط: ج 7 ص 76. 223 (ولو كان الجرح يستوعب عضو الجاني) المماثل لمحل الجناية من المجني عليه. (ويزيد عنه لم يتجاوزه) إلى عضو آخر، حتى لو كان في تمام الرأس وكان رأس الجاني أصغر لم يتجاوز إلى الجبهة أو القفا فإنهما عضوان غير الرأس، ولا جرحنا العضو جراحتين تساويان جميعا في المساحة تمام الجناية (بل اقتصرنا) في القصاص (على ما يحتمله العضو وأخذنا عن الزائد بنسبة المتخلف إلى أصل الجرح) أرشا يساويها نسبة إلى أرش أصل الجرح، كما أن من قطع كفا كاملة الأصابع وكفه ينقص إصبعا اقتص منه وأخذت دية الإصبع. وللعامة (1) قول بعدم الأرش كما يقتص لليد الكبيرة من الصغيرة بلا رد. وعندنا أن المساحة هنا كالاسم في الأطراف كما عرفت. (ولو كان نصف رأس المجني عليه) مثلا (يستوعب رأس الجاني) وقد (استوعب) الجراحة النصف فأريد القصاص استوعب رأس الجاني، لأنه مثله في المساحة وإن كانت في أحدهما في تمام الرأس وفي الآخر في نصفه. وكذا العكس. (ولو كان المجني عليه صغير العضو) الذي فيه الجانية (فاستوعبته الجناية لم يستوعب في المقتص) منه (بل اقتصرنا على قدر مساحة الجناية). (ولو أوضح) مثلا (جميع رأسه بأن سلخ الجلد واللحم عن جملة الرأس فإن تساويا) أي الرأسان (في القدر فعل به ذلك، وإن كان الجاني أكبر رأسا لم يعتبر الاسم) اسم العضو (كما اعتبرناه في قطع اليد) وغيرها من الأطراف (حيث قطعنا الكبيرة والسمينة بالصغيرة والمهزولة) وإن كان لجلد الرأس بنفسه اسم وهو الفروة والشوى وقد أبين (بل) يعتبر حتى (تعرف مساحة الشجة طولا وعرضا فيشج من رأسه بذلك القدر) فيسلخ من جلده ولحمه مثل ذلك (إما من مقدم الرأس أو مؤخره) أو وسطه (والخيار إلى
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 161. 224 المقتص) لعدم المرجح فإنه أوضح جميع رأسه، واحتمل التفويض إلى الحاكم والابتداء بما ابتدأ منه الجاني. نعم إن اختص الجناية بجانب من الرأس فإذا اقتص اقتص من ذلك الجانب. (ولو كان) رأس الجاني (أصغر) في المثال (استوفي القدر الموجود، وغرم بدل المفقود) ما يقابله من الأرش (باعتبار التقسيط) له (على جميع الموضحة). (ولا ينزل) في القصاص (إلى الجبين) أو الجبهة (ولا إلى القفا ولا إلى الأذنين) لخروج الجميع عن العضو، وسيأتي في الديات احتمال كون الرأس والوجه عضوا واحدا. ولو كان رأس الجاني أصغر وكانت الجناية في المقدم مثلا فعند القصاص هل يمد الجرح إلى المؤخر إذا اقتضت المساواة في المساحة ذلك وبالعكس؟ وجهان، الأظهر ذلك، لأن الرأس عضو واحد وإن اختص بعضه باسم. (ولو شجه فأوضح في بعضها) خاصة والجميع في عضو واحد (فله دية موضحة) إذ لا يتفاوت ديتها بتفاوتها طولا وقصرا، وليست جنايتين ليكون له دية موضحة ودية أخرى لما دونها. (ولو أراد القصاص استوفي القصاص في الموضحة) موضحة (و) في (الباقي) مثله. (ولو أوضحه في اثنين وبينهما حاجز متلاحم اقتص منه كذلك) وإن أخذ الدية أخذ دية موضحتين ومتلاحمة. (ولو أوضح جبينه ورأسه بضربة واحدة فهما جنايتان) فله القصاص عن إحداهما والعفو عن الأخرى إلا على احتمال كونهما عضوا واحدا (ولو قطع الأذن فأوضح العظم منها) أي من الأذن أي العظم المتصل بها أو من الجناية (فهما جنايتان) يجوز له القصاص عن إحداهما والعفو عن الأخرى على ديتها ولا عليها.
225 (الفصل الخامس في الجناية على العورة) أي قبل الرجل والمرأة. (يثبت القصاص في الذكر) بالنص (1) والإجماع (ويتساوى ذكر الشاب والشيخ والصغير والبالغ والفحل ومسلول الخصيتين) إن لم يؤد سلهما إلى شلله، خلافا لمالك (2) لانتفاء منفعة الإيلاد. وفيه: أن ذلك نقص في الماء. (والمختون والأغلف) لعموم النصوص (3) والاشتراك في الاسم والصحة. (ولا يقطع الصحيح بذكر العنين، ويقطع) ذكر (العنين بالصحيح) لأن التعنين كالشلل، خلافا للشافعية (4) بناء على أن التعنين نقص في القلب والدماغ. (وكذا لا يقطع الصحيح بمن في ذكره شلل) وإن لم يكن عنينا، فإنه قد يلتذ مع ذلك بالجماع (ويعرف) شلله (بأن يكون الذكر منقبضا فلا ينبسط) أبدا (أو منبسطا) من غير قيام أو قائما (فلا ينقبض) أبدا وإن اختلفت عليه الحال من حر أو برد. ويقطع الأشل منه بالصحيح، وفي التفاوت ما عرفت، وكذا بالأشل. ولا يقطع إن خيف عدم الانحسام كما مر في اليد الشلاء. (ويقتص في البعض) أيضا وإن عدم المفصل هنا، لأنه ليس كالأعضاء ذوات العظام في الخوف من قطعها من غير المفاصل (فإن كان) البعض (الحشفة فظاهر) أنه يقطع بها الحشفة تماثلا في النسبة أو اختلفا، فإنها كعضو برأسه، ولذا كانت فيها تمام الدية. ويحتمل اعتبار النسبة (وإن زاد استوفى بالنسبة) للمقطوع (من الأصل إن نصفا فنصفا وإن ثلثا فثلثا، وهكذا) لا بالمساحة وإلا أدى إلى قطع جميع القصير ببعض الطويل. (ويثبت القصاص في الخصيتين وفي إحداهما، إلا أن يخشى) بقطعها
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 259 ب 35 من أبواب ديات الأعضاء. (2) الحاوي الكبير: ج 12 ص 183. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (4) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 425. 226 (ذهاب منفعة الأخرى فالدية) حذرا من الزيادة، والقصاص فيهما أو في إحداهما ثابت (سواء كان المجني عليه صحيح الذكر أو عنينا) فإن قطعهما لا يبطل من الذكر سوى الإيلاد وقد أبطله الجاني من المجني عليه أيضا. نعم لو خيف منه على الذكر الشلل أو التعنين ولم يحصل ذلك في المجني عليه بل كان كذلك أو بقي على الصحة فالدية. (ولو قطع الذكر والخصيتين اقتص له، سواء قطعهما دفعة أو على التعاقب) بدأ بالذكر أو الخصيتين، أدى قطع الخصيتين إلى تعنين أو شلل في الذكر أو لا، فلا يتوهمن أنه إن قطع الأنثيين فشل الذكر ثم قطع الذكر لم يقتص له من ذكره الصحيح لأن الشلل إنما حصل من جنايته، نعم إن كان أدى دية شلله استردها. وللعامة (1) قول بأنه إذا قطع الخصيتين أولا لم يكن في الذكر إلا حكومة، لأنهما إذا قطعتا ذهبت منفعته إذ لا يخلق الولد من مائه. (وفي الشفرين وهما اللحم المحيط بالرحم) أي الفرج كما سيأتي (إحاطة الشفتين بالفم) وسيأتي الكلام فيهما وفي الإسكتين إن شاء الله (القصاص) كما في المبسوط (2) خلافا لبعض العامة (3) بناء على أنهما لحم ليس له حد ينتهي إليه كالإليتين ولحم العضد والفخذ. (سواء البكر والثيب، والصغيرة والكبيرة، والصحيحة) الفرج (والرتقاء) أو القرناء أو العفلاء (والمختونة وغيرها، والمفضاة والسليمة) إذ لا يحصل بالتفاوت في شئ منها التفاوت في الشفرين، فإن البكارة والرتق والإفضاء وأضدادهما إنما يتعلق بالباطن والخفض إنما يكون فوق الفرج في الهيئة الشبيهة بعرف الديك. (ولو أزالت بكر بكارة أخرى بإصبعها احتمل القصاص مع إمكان المساواة) لعموم " والجروح قصاص " (و) احتمل (الدية) لمنع إمكان
(1) المجموع: ج 18 ص 431. (2) المبسوط: ج 7 ص 149. (3) المجموع: ج 18 ص 429. 227 المساواة لكونهما من البواطن. (ولو جنى الرجل) على امرأة (بقطع الشفرين أو المرأة) على رجل (بقطع الذكر أو الخصيتين فالدية) لانتفاء المحل وفي خبر عبد الرحمن بن سيابة عن الصادق (عليه السلام): إن في كتاب علي (عليه السلام) لو أن رجلا قطع فرج امرأة لأغرمته لها ديتها، فإن لم يؤد لها ديتها قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك (1). وهي متروكة. (ولو قطع ذكر خنثى مشكل وأنثييه وشفريه: فإن كان الجاني ذكرا فإن ظهرت الذكورة) في المجني عليه (كان في ذكره وأنثييه القصاص، وفي شفريه الحكومة) فإنهما ليس بشفري فرج امرأة (وإن ظهرت) فيه (الأنوثة فعليه دية الشفرين وحكومة في الذكر والأنثيين) فإنها ليست بذكر وأنثيين. (وإن كان الجاني امرأة وظهرت الذكورة) في المجني عليه (فعليها دية المذاكير) لانتفاء المحل (وحكومة) في (الشفرين. وإن ظهرت الأنوثة اقتص لها في الشفرين، وطولبت بحكومة في المذاكير). (وإن كان الجاني خنثى) مشكلا (لم يكن قصاص إلا مع العلم بحالهما) لاحتمال المخالفة، وأصل البراءة، والشبهة. (ولو طلب الخنثى القصاص) من مثله أو معلوم الذكورة أو الأنوثة (قبل ظهور حاله) أو طلب الذكر أو الأنثى القصاص من خنثى قبل ظهور حاله (لم يكن له ذلك) لاشتراطه بوجود المماثل في الجاني وليس بمعلوم قبله (فإن طلب) الخنثى (الدية أعطي اليقين) مقدارا (وهو دية الشفرين والحكومة في المذاكير) فإن في الشفرين دية المرأة وفي ذكر الذكران دية رجل وفي الخصيتين دية أخرى، فإن كان ذكرا كانت له ديتا رجل وحكومة في الشفرين، وإن كان أنثى كانت له دية امرأة والحكومة في الباقي ولا أقل من ذلك. (فإن ظهرت الذكورة أكمل له).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 128 ب 9 من أبواب قصاص الطرف ح 2. 228 (ولو قال: أطلب دية عضو) هو مجموع الشفرين أو مجموع المذاكير أعني الذكر والخصيتين (مع بقاء القصاص في الباقي لم يكن له ذلك) للتناقض، فإنه إنما يستحق دية عضو له وفيه القصاص وإذا استحقه في عضو لم يستحقه في الباقي، ولما لم يعف عن الباقي احتمل ظهور أصالته فيه فيستحق القصاص فيه فلا يستحق دية الآخر. نعم إن ظهرت أصالة ما أخذ ديته لغا استبقاء القصاص في الباقي وكانت له الحكومة فيه، إلا أن يؤخذ مثله في الجاني. (ولو قال: أطلب حكومة) في عضو (مع بقاء القصاص في الباقي أجيب اليه، وأعطي أقل الحكومتين) لموافقته الواقع فإنه يستحق القصاص في أحدهما والحكومة في الآخر، لكن إن ظهرت أصالة ما أخذ حكومته اقتص له فيه وحسبت الحكومة للآخر وأكملت أو أكملت الحكومة دية لذلك العضو. وللعامة قول بأنه لا يعطى حكومة للجهل (1) وآخر بأنه يعطى حكومة ما قطع منه آخرا (2) لأن القيمة بعد الجناية أقل منها قبلها. وإن بقي الإشكال وأيس من الوضوح لم يقتص له في عضو وكان له نصف دية كل عضو والحكومة في نصفه. (ولا قصاص في الأليتين) وفاقا للمبسوط (3) (لتعذر المماثلة) إذ لا ينفردان عن سائر الأعضاء بمفصل ونحوه، ولذلك لا يجري في أبعاضهما أيضا. وفي التحرير (4): أنه يثبت فيهما ويناسبه ثبوت الدية فيهما ونصفها في إحداهما كما سيأتي. وعدم الانفصال ممنوع، فإنهما ما نبا عن استواء الفخذ والظهر. (الفصل السادس في الاختلاف) (إذا قطع يدي رجل ورجليه خطأ) شبيها بالعمد أو غيره (ورأينا المجنى عليه ميتا فادعى الجاني) أو عاقلته (موته من السراية) لئلا يلزمه إلا دية واحدة (وادعى الولي الاندمال والموت بغيرها) ليأخذ ديتين (فإن
(1 و 2) الحاوي الكبير: ج 12 ص 91. (3) المبسوط: ج 7 ص 50. (4) التحرير: ج 5 ص 514. 229 لم يحتمل الاندمال) عادة (لقصر الزمان) عنه (صدق الجاني) لأن الظاهر معه مع أصل البراءة، ولا يعارض بثبوت ديتين بالجناية، والأصل عدم السقوط، فإن الثبوت ممنوع بل مراعى. (وفي إحلافه) كما في المبسوط (1) والشرائع (2) (إشكال): من عموم اليمين على من أنكر (3) ومن عدم الاحتمال لما يدعيه الولي. ولكن في المبسوط: أنه يحلف أنه مات بالسراية لجواز أن يكون الموت بحادث غير القطع مثل أن لدغته حية أو عقرب. قلت: ولا يقال لا حاجة إليه أيضا، لأن الولي إنما يدعي الاندمال، لأ نا نقول: دعواه مركبة من الاندمال والموت بغير السراية، وغاية قصر الزمان أن يشهد بكذبه في الاندمال. لا يقال: فلا يسمع إذن قول الجاني، لأن مع الولي أصلين: أصل عدم السراية، وأصل ثبوت الديتين، لأ نا نقول: يعارض الأول أصل البراءة وعدم حدوث سبب آخر من لدغ حية ونحوه، ويمنع الثاني لما عرفت من أنه مراعى (وإن أمكن) الاندمال لمضي مدة يمكن فيها عادة (قدم قول الولي مع اليمين) لأن الظاهر ثبوت الديتين فلا يسقط إحداهما بمحتمل كذا في المبسوط (4). ويؤكده أصل عدم السراية، ولكن عرفت أن الأصل البراءة وأن ثبوت الديتين مراعى، وظهوره ظهور وهمي متزلزل لا عبرة به (فإن اختلفا في) طول (المدة) وقصرها (قدم قول الجاني مع اليمين) لأن الأصل عدم المضي وتأخير الجناية والبراءة. (ولو ادعى الولي موته بسبب غير الجناية - كلدغ حية أو وقوع من شاهق أو قتل آخر - وادعى الجاني استناده إلى جنايته احتمل تقديم قول الجاني، لأصالة عدم حدوث سبب آخر) مع أصل البراءة (و) تقديم (قول الولي) بناء على ثبوت الديتين بمجرد الجناية وكون السراية مسقطة لإحداهما (لأن الجاني يدعي سقوط حق يثبت المطالبة به) والأصل عدمه ولكنه في
(1) المبسوط: ج 7 ص 106. (2) شرائع الاسلام: ج 4 ص 241. (3) عوالي اللآلي: ج 1 ص 244 ح 172. (4) المبسوط: ج 7 ص 106. 230 محل المنع كما عرفت (أما لو قطع يدا واحدة) عمدا أو خطأ (ثم وجد ميتا فادعى الولي السراية) ليقتص في النفس أو يأخذ ديتها (والجاني الاندمال قدم قول الجاني إن احتمل الزمان) لأصل البراءة من غير معارض (وإلا) قدم (قول الولي) لأن الظاهر معه. وفي الحلف على عدم الاندمال ما مر. وهل يحلف أنه لم يمت بغير السراية؟ وجهان: من الاحتمال، ومن انحصار دعوى الجاني في الاندمال. (ولو كان) الزمان (قصيرا) لا يحتمل الاندمال (فقال الجاني: مات بسبب آخر) كلدغ حية ونحوه (وقال الولي، مات بالسراية قدم قول الولي) لأصل عدم حدوث شئ من ذلك. (ويحتمل) تقديم (قول الجاني) لأصل البراءة. وهو الأقوى وخيرة التحرير (1) والشرائع (2). وكذا لو تنازعا في ذلك والجاني قطع يديه ورجليه، بناء على ما عرفت من أن ثبوت الديتين مراعى. (ولو اختلفا في المدة قدم قول الولي) كما في المبسوط (3) لأصل عدم المضي وتأخر الجناية (على إشكال) من أصل البراءة. (ولو قد) من لم يثبت حياته حين قده كأن كان (ملفوفا في كساء بنصفين) مثلا (ثم ادعى أنه كان ميتا وادعى الولي الحياة، احتمل تقديم قول الجاني) كما في الخلاف (4) والجواهر (5) والشرائع (6) (لأن الأصل البراءة، وتقديم قول الولي) كما في السرائر (7) (لأن الأصل الحياة) وللعامة (8) وجه ضعيف بأنه إن كان ملفوفا في الكفن قدم قول الجاني لظهور الموت، وإلا فقول الولي. (وكذا لو أوقع عليه حائطا) ثم تنازعا في موته وحياته.
(1) التحرير: ج 5 ص 524. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 241. (3) المبسوط: ج 7 ص 106. (4) الخلاف: ج 5 ص 326 المسألة 13. (5) جواهر الفقه: ص 224 المسألة 778. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 241. (7) السرائر: ج 3 ص 402. (8) المجموع: ج 19 ص 170. 231 (ولو ادعى الجاني شلل العضو المقطوع من حين الولادة أو عمى عينه المقلوعة) كذلك (وادعى المجني عليه الصحة، فإن كان العضو ظاهرا) كالعين واليد والرجل (قدم قول الجاني) كما في الخلاف (1) والمبسوط (2) (لإمكان إقامة البينة على سلامته) مع أصل البراءة. (وإن كان مستورا) كالمذاكير (احتمل تقديم قول الجاني) لأصل البراءة. (و) قول (المجني عليه) كما في المبسوط (3) والخلاف (4) لأصل الصحة. ويكفي في البينة إذا قامت أن تشهد بالسلامة قبل الجناية مطلقا. واختلف في تفسير المستور، فقيل: ما أوجب الشرع ستره (5) وقيل: ما أوجبته المروة (6) فيشمل الفخذ والسرة والركبة. وهو أظهر سواء وافق المروة فستره أو خالفها، إذ كما أن المروة يقتضي ستره كذلك تقتضي الغض عنه. وللعامة (7) قول بتقديم قول الجاني مطلقا. وآخر بتقديم قول المجني عليه مطلقا (8). وهو خيرة السرائر (9) وادعى الإجماع عليه. (وكذا الإشكال لو ادعى الجاني تجدد العيب) قبل الجناية، فيحتمل تقديم قول الجاني مطلقا لأصل البراءة، وقول المجني عليه مطلقا كما في المبسوط (10) لأصل الصحة - وهو هنا بالسلامة أقوى لتسليم الصحة في الخلقة - وهو الأقوى والفرق بين الظاهر والباطن. ولا بد للبينة أن تشهد هنا بالسلامة حين الجناية. ولو اقتصر الجاني على دعوى الشلل عند الجناية فإن أقام المجني عليه البينة بالسلامة عندها فلا كلام، وإن أقامها بها قبلها فالقول قوله إذا حلف أنه لم يتجدد، للاستصحاب إلا إذا أقام الجاني البينة، وإن لم يكن بينة فكدعوى الشلل خلقة. ولا بأس هنا بتقديم قول المجني عليه مطلقا، لعدم امتداد الوقت المشهود بالسلامة فيه، واختصاصه بوقت الجناية الذي يكون في الخلوات غالبا، فيتساوى فيه
(1 و 4) الخلاف: ج 5 ص 203 المسألة 76. (2 و 3) المبسوط: ج 7 ص 95. (5 و 10) المبسوط: ج 7 ص 94. (6) لم نعثر عليه. (7) المجموع: ج 19 ص 173. (8) المجموع: ج 19 ص 173. (9) السرائر: ج 3 ص 344. 232 الظاهر والباطن في عسر إقامة البينة على حالهما. (ولو ادعى الجاني صغره وقت الجناية) مع اتفاقهما على وقتها (قدم قوله مع الاحتمال) لأصله وأصل البراءة من القصاص. ولو ادعى العاقلة بلوغه فالأصل براءتهم، فيؤخذ الدية أو الأرش من ماله لأنه الجاني. (وإلا) يحتمله عادة (حكم بشاهد الحال) وهو تقديم قول المجني عليه، لمعارضته للأصلين. ولو اختلفا في الوقت فادعى الجاني تقدم الجناية على البلوغ يعارض أصلا البراءة من القصاص وتأخر الجناية، والبراءة أقوى، وفي الدية ما عرفت. (ولو ادعى الجنون) وقتها (وعرف له حالة جنون قدم قوله) للأصل (وإلا فلا) للأصل أيضا. (ولو اتفقا على زوال العقل حال الجناية لكن ادعى المجني عليه السكر والجاني الجنون قدم قول الجاني) وإن لم يعرف له حالة جنون، لأصل عدم العصيان وأصل البراءة خصوصا الغافل. (ولو أوضحه في موضعين وبينهما حاجز ثم زال) الحاجز واتحدا (فادعى الجاني زواله بالسراية) أو بإزالته وشقه لئلا يكون عليه إلا دية موضحة واحدة. (و) ادعى (المجني عليه) زواله (بالإزالة) منه لا من الجاني ليكون عليه دية موضحتين (قدم قول المجني عليه) استصحابا للتعدد وثبوت دية موضحتين عليه. وسيأتي المسألة في الديات لكن لا بالسراية بل الوصل وهناك موضعه، إذ لا يتفاوت الحال في القصاص إلا بالنقصان إذا أزالها المجني عليه فكيف يدعيه وكذا الكلام في قوله. (ولو اتفقا على أن الجاني أزاله لكن قال المجني عليه): إنما أزلته (بعد الاندمال، فعليك) أرش (ثلاث موضحات، وقال الجاني: قبله) بالوصل أو السراية (فعلي) أرش (موضحة واحدة، فالقول في الموضحتين قول المجني عليه، لأن الجاني) ثبت عليه أرش موضحتين أولا وفيه: ما مر
233 من أنه مراعى، و (يدعي سقوط المطالبة بأرش إحدى الموضحتين) والأصل عدمه (وفي الموضحة الثالثة قول الجاني، لأن المجني عليه يدعي وجود الاندمال) قبلها (والأصل عدمه) ويدعي عليه أرش موضحة ثالثة والأصل البراءة. لا يقال: هذا عمل بمتناقضين، لابتناء ثبوت أرش موضحتين على تقدم الاندمال على زوال الحاجز، والبراءة من أرش الثالثة على تأخره. لأ نا نقول: بل إنما يبنيان على أصل واحد، وهو الاستصحاب لثبوت ما ثبت والبراءة عما لم يثبت، أو لاحتمال النقيضين من غير عمل بهما. (ولو قتل من عهد كفره أو رقه فادعى الولي سبق الإسلام أو العتق قدم قول الجاني مع اليمين) لأصل البراءة والاستصحاب. (ولو اختلفا في أصل الكفر والرق احتمل تقديم قول الجاني، لأصالة البراءة) وحصول الشبهة (و) احتمل (تقديم قول الولي) في دار الإسلام (لأن الظاهر في دار الإسلام الإسلام والحرية) ولأنهما الأصل، لكن يعارضه ظهور الكفر في دار الكفر. (ولو داوى) المجني عليه (الإصبع) المقطوعة (فتآكل الكف فادعى الجاني تآكله بالدواء والمجني عليه) تآكله (بالقطع قدم قول الجاني مع شهادة العارفين) بصيغة الجمع أو التثنية. (بأن هذا الدواء يأكل) اللحم (الحي والميت) فهي تؤيد أصل البراءة (وإلا قدم قول المجني عليه) مع يمينه (وإن اشتبه الحال، لأنه هو المداوي فهو أعرف بصفته، ولأن) الظاهر معه فإن (العادة قاضية بأن الإنسان لا يتداوى بما يضره). (الفصل السابع في العفو) (وفيه مطلبان): (الأول من يصح عفوه). (الوارث) للقصاص (إن كان واحدا) كاملا (وعفا عن القصاص)
234 لا إلى بدل (أو كانوا جماعة) كملا (وعفوا أجمع سقط القصاص لا إلى بدل). (ولو أضاف العفو إلى وقت - مثل عفوت عنك شهرا أو سنة - صح) فإن الاستيفاء حقه، له تعجيله وتأخيره. (وكان له بعد ذلك القصاص) بل قبله، فإنه ليس أداء لازما وإنما هو وعد بالتأخير. (ولو أضاف) العفو (إلى بعضه) معينا أو مشاعا (فقال: عفوت عن نصفك أو يدك أو رجلك ففي) بقاء (القصاص إشكال): من أنه كما يصح العفو عن جميع الحق يصح عن بعضه، وإذا صح سقط القصاص فيه، وسقوطه فيه يستلزمه في الجميع، ومن إيقاعه على ما لا يصح وقوعه عليه فإن القصاص إما أن يقع على الكل أو يسقط عنه، ولأن الأصل بقاء القصاص وإنما أسقطه في البعض. ويمكن الجمع برد ما قابل العفو عن قصاصه من الدية، كما يعفو بعض الأولياء دون بعض. (ويصح العفو من بعض الورثة) مع الكمال (ولا يسقط حق الباقين من القصاص لكن) إنما يقتصون (بعد رد دية) نصيب (من عفا) من الدية (على الجاني) كما نطقت به الأخبار والأصحاب، وقد مر الخلاف. (ولو كان) حق (القصاص في الطرف كان للمجني عليه العفو) عنه (في حياته، فإن مات قبل الاستيفاء) والعفو (فلورثته العفو) لانتقال الحق إليهم. (ولو عفا المحجور عليه لسفه أو فلس صح عفوه) بناء على أن الواجب بالعمد أصالة هو القصاص والدية إنما يثبت صلحا (وليس للصبي والمجنون العفو) لأنهما ليسا من أهله. (وأما الولي) لهما (إذا أراد أن يعفو عنه على غير المال لم يصح) لانتفاء المصلحة (وإن أراد أن يعفو على مال جاز مع المصلحة لا بدونها) واحتمل في التحرير منع ولي الطفل لما فيه من تفويت حقه من غير حاجة (1). وفي المبسوط: أن له العفو مطلقا بناء على أن القصاص لا يفوت المولى عليه إذا كمل
(1) التحرير: ج 5 ص 496. 235 قال: فإن كان الطفل في كفاية لم يكن له - يعني للولي - ذلك، لأنه يفوت عنه التشفي، وعندنا له ذلك، لأن له القصاص على ما قلناه إذا بلغ، فلا يبطل التشفي. وإن كان فقيرا لا مال له، قال قوم: له العفو على مال، لأن المال خير من التشفي، وقال آخرون: ليس له العفو على مال، لأنه إذا لم يكن له مال كانت نفقته في بيت المال، قالوا: والأول أصح، وعندنا له ذلك لما بيناه (1) انتهى. ولو كان الأصلح أخذ الدية وبذلها الجاني، ففي منع الولي من القصاص إن قلنا بأن له استيفاءه إشكال، كما في التحرير (2). (ولو قطع عضوا فقال: أوصيت للجاني بموجب هذه الجناية وما يحدث منها فاندملت فله المطالبة) بالقصاص والأرش، لأن غايته نقض الوصية وهو جائز، على أن المطالبة بالأرش لا يستلزم النقض، لجواز أخذه في حياته ويكون للجاني بعد موته (وإن مات) من السراية أو من غيرها صحت الوصية. وقد مر من العامة (3) قول بأنه لا وصية لقاتل عمدا، وهو قول أبي علي (4). وقد مر استشكاله فيه في الوصية. و (سقط القصاص والدية) دية النفس أو الطرف (من الثلث) فإن لم يف بالجميع قسط ما يفي به وكان للورثة المطالبة بالباقي من الدية وبالقصاص مع رد الثلث، فإن الجاني صار كأحد الورثة الذين يقسط عليهم حق القصاص أو الدية، وقد مر أن أحدهم إذا عفا كان للباقي القصاص. المطلب (الثاني في حكمه) (إذا عفا عن القصاص إلى الدية، فإن بذلها الجاني صح العفو. وهل يلزمه) البذل؟ (الأقرب ذلك): من أنه لا يطل دم المسلم وقد عفا عن القصاص فيجب بذل الدية، ووجوب حفظ النفس وحرمة إلقائها إلى التهلكة. ومن أن الواجب أصالة بالعمد هو القصاص والدية إنما يجب بالتراضي، ومنع وجوب حفظ النفس هنا.
(1) المبسوط: ج 7 ص 55. (2) التحرير: ج 5 ص 496. (3) الحاوي الكبير: ج 8 ص 191. (4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 6 ص 377. 236 (و) على التقديرين (إن لم يبذل الجاني) الدية (لم يسقط القصاص) لأنه إنما أسقطه بشرط أن تسلم له الدية (وإن عفا مطلقا لم يجب المال) لما مر غير مرة أنه إنما يجب صلحا. ومن قال: إن الواجب بالعمد أصالة أحد الأمرين، من القصاص أو الدية، أوجبه بالعفو المطلق. (وإذا قال: عفوت إلى الدية) وأطلق (ورضي الجاني وجبت) عليه (دية المقتول) لأنه المتبادر (لا دية القاتل وكذا لو مات الجاني أو قتل قبل الاستيفاء وجبت دية المقتول، لا دية القاتل في تركته) وإن كان يتوهم وجوب دية القاتل، فإن الواجب أصالة نفسه فإذا فاتت وجب بدله وهو ديته. وأما لزوم الدية في تركته، ففيه قولان: ففي النهاية (1) والمهذب (2) والكافي (3) والغنية (4) والوسيلة (5) والجامع (6) والإصباح (7) الوجوب، للإجماع - كما في الغنية - وعموم: " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (8) ولا يطل دم امرئ مسلم (9) وخبر البزنطي عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل قتل رجلا عمدا ثم فر ولم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال أخذت الدية من ماله، وإلا أخذت من الأقرب فالأقرب (10) ونحوه خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (11) وهما يختصان بالهارب ويتضمنان الأخذ من الأقرب فالأقرب وكذلك عبارات الكتب المذكورة، ولأنه لو قطع طرفا وليس له مثله أخذت منه ديته.
(1) النهاية: ج 3 ص 364. (2) المهذب: ج 2 ص 457. (3) الكافي في الفقه: ص 395. (4) الغنية: ص 405. (5) الوسيلة: ص 437. (6) الجامع للشرائع: ص 571. (7) إصباح الشيعة: 492. (8) الإسراء: 33. (9) عوالي اللآلي: ج 2 ص 160 ح 441. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 303 ب 4 من أبواب العاقلة ح 4. (11) المصدر السابق: ص 302 ح 1. 237 وفي المبسوط (1) والسرائر (2) السقوط، للإجماع - كما في السرائر (3) - والأصل، فإن الواجب بالعمد إنما هو القصاص وانما يثبت الدية صلحا، لكن فرض المسألة في المبسوط (4) في هلاك القاتل، وفي السرائر في هربه (5). وكلام الخلاف (6) والشرائع (7) يعطي التردد. وفرض المسألة فيهما في هلاك القاتل وفي صحيح حريز أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي فدفعه إلى أولياء المقتول فوثب قوم فخلصوه من أيديهم، فقال (عليه السلام): أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل، قيل: فإن مات القاتل وهم في السجن؟ فقال: إن مات فعليهم الدية (8). (ولو عفا في العمد عن الدية) أولا (لم يكن له) أي العفو (حكم) لأنه عفو عما لم يثبت، بناء على أن الواجب به إنما هو القصاص، ويتجه على القول الآخر. فإن عفا بعد ذلك عن القصاص مطلقا لم يكن له الدية، كما أنها ليست له على القول الأول إذا أطلقه مطلقا. (ولو تصالحا على مال أزيد من الدية أو من غير جنسها صح) على المختار وعلى وجوب أحد الأمرين بالعمد، فإن للولي اختيار أيهما شاء، فله أن لا يرضى بإسقاط القصاص إلا بأزيد من الدية وبغير جنسها. والعامة (9) قطعوا بعدم الصحة على الثاني، ولهم على الأول وجهان: من أن خلف القصاص الدية، ومن أن الواجب هنا القود والمال لهما إنما يثبت بالتراضي.
(1) المبسوط: ج 7 ص 65. (2) السرائر: ج 3 ص 330. (3) المصدر السابق. (4) المبسوط: ج 7 ص 65. (5) السرائر: ج 3 ص 329. (6) الخلاف: ج 5 ص 184 المسألة 50. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 232. (8) وسائل الشيعة: ج 13 ص 160 ب 15 من أبواب أحكام الضمان. (9) لم نعثر عليه. 238 (ولو قطع بعض أعضاء القاتل) وإن أساء (ثم عفا عن النفس) مطلقا (لم يضمن بدل الطرف، سواء سرى القطع إلى النفس أو وقف) لأنه قطع غير مضمون، والعفو لا يوجب الضمان غايته أنه إذا سرى بطل العفو. وقال مالك (1): يقتص منه في الطرف. وقال أبو حنيفة (2): عليه ديته. (ولو رمى سهما إلى القاتل ثم عفا لم يكن للعفو حكم) إذا كان السهم قاتلا، لخروج الأمر عن اختياره، ويحتمل أن يكون كقطع الطرف فإن أصاب وقتل ظهر البطلان، وإلا الصحة (ولا ضمان) لما عرفت. وللعامة (3) وجه بلزوم الدية للعاقلة فإنه حين الإصابة محقون الدم. (ولو عفا عن القصاص في جناية لا يجب فيها القصاص كالمأمومة فلا حكم للعفو) لتعلقه بما ليس له (فإن مات) منها (اقتص منه) فإنه لم يعف عن القصاص في النفس، أما لو عفا عنه فهو عفو عن سراية الجناية وقد مضى. (ولو عفا عن الدية) للجناية (ومات) منها (فله) أي لوليه أو لأجله (القصاص) في النفس (و) لكن (إذا قلنا بصحة العفو قبل السراية) الموجبة لدخول الجناية في النفس (عنها فهو وصية) للجاني فيدفع إليه من تركته دية الجناية، وإن اخذت منه الدية أسقط منها الوصية واخذ الباقي. ويحتمل بطلان العفو عن دية الجناية قبل استقرارها للجهل، وقد مر القول ببطلان الوصية للقاتل. (ولو اقتص) الولي (بما ليس له الاقتصاص) به (كقطع اليدين والرجلين فالأقرب أنه يضمن الدية) لأنه جنى عليه جناية بغير حق. (دون القصاص، لأنه ليس بمعصوم الدم بالنسبة إليه) في نفسه فكذا في الأطراف
(1) المجموع: ج 18 ص 480. (2) المصدر السابق. (3) المجموع: ج 18 ص 479. 239 مع الأصل والشبهة ويحتمل القصاص، لعموم النصوص (1) ومنع خروج الأطراف عن العصمة، ويؤيده ما مر من مرسل أبان بن عثمان عن أحدهما (عليهما السلام) في الذي ضرب قاتل أخيه في زمن عمر حتى ظن أنه قتله ثم عولج فبرئ (2). ويحتمل أن لا يضمن الدية أيضا كما تقدم لعين دليل نفي القصاص إلا الشبهة. (وله القود بعد ذلك) لأنه لم يستوفه وإن استوفى ما يزيد ديته على دية النفس، خلافا لبعض العامة (3). (فإن عفا على مال فالأقرب التقاص) بناء على وجوب الدية عليه. * * *
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 130 - 131 ب 12 من أبواب قصاص الطرف. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 94 ب 61 من أبواب قصاص النفس. (3) لم نقف عليه. 240 [القطب الثاني] (في الديات) (وفيه ثلاثة أبواب):
241 (الأول) (في الموجب) (وفيه فصول) خمسة: (الأول: المباشرة) وقد عرفت معناها والفرق بينها وبين التسبيب. (وتجب بها الدية إذا انتفى قصد القتل) وما يقتل غالبا (كمن رمى غرضا فأصاب إنسانا، أو ضرب للتأديب فاتفق الموت، أو وقع من علو) فاتفق وقوعه (على غيره فقتله، فإن قصد) الوقوع عليه (وكان الوقوع يقتل غالبا فهو عمد) وإن لم يقصد به القتل. (وإن كان لا يقتل غالبا فهو عمد الخطأ) أي خطأ شبيه بالعمد لأنه قصد الفعل القاتل (إن لم يقصد) به (القتل وإلا فعمد). (ولو اضطر إلى الوقوع أو) تعمده و (لم يقصد القتل) أي الوقوع على الغير الذي تسبب لقتله (فهو خطأ) كان الوقوع عليه مما يقتله أو لا. وكان يفهم هذه الشرطية مما تقدمها كما أشرنا إليه لكنه صرح بها نصا وللتفصيل إلى الاضطرار وغيره. فالكلام في قوة قوله أو وقع من علو على غيره فقتله في بعض الوجوه، فإنه إن قصد الوقوع على الغير فكذا. وكذا ولو اضطر فكذا. بقي الكلام في
242 الاضطرار إن أراد به ما يزول معه القصد إلى الوقوع أو الوقوع على الغير فهو كما لو ألقاه الهواء وسنذكر أنه لا ضمان، وإن أراد الإلجاء لا إلى زوال القصد فلا فرق بينه وبين غيره في أنه إن قصد الوقوع على الغير وكان مما يقتل غالبا فهو متعمد وإن لم يقصد القتل، وإن كان مما يقتل نادرا فإن قصد القتل فهو متعمد، وإلا فشبيه به وليس مخطئا محضا إلا إذا لم يقصد الوقوع على الغير فلا معنى للعطف بأو. وكان حق العبارة أن يقول: ولو قصد الوقوع ولم يقصد الوقوع على الغير فهو خطأ، لكنه عبر بمثل ما في الكتاب في التحرير (1) والإرشاد (2) والتلخيص (3) أيضا. وهو أعلم بما قال. ويحتمل بعيدا عبارة الكتاب والتلخيص أن يزيد الاضطرار السالب للقصد وأنه خطأ وإن لم يوجب ضمانا، ويكون ما يذكره بعد من إلقاء الهواء أو الزلق ذكر لبعض أفراد الاضطرار، لكنه نص في التحرير (4) والإرشاد (5) على أن الدية على العاقلة، ولا يلائمه قوله: " والواقع على التقديرات كلها هدر " فإنه لو اضطره كذلك غيره كان عليه الدية أو القصاص. (ولو ألقاه الهواء أو زلق) فوقع (فلا ضمان) وفاقا للشيخين (6) وغيرهما، للأصل، وصحيح محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يسقط على الرجل فيقتله، فقال: لا شئ عليه (7) وصحيح عبيد بن زرارة، سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل وقع على رجل فقتله، فقال: ليس عليه شئ (8) وخبره سأله (عليه السلام) عن رجل وقع على رجل من فوق البيت فمات أحدهما، فقال: ليس
(1) التحرير: ج 5 ص 424. (2) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 195. (3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 467. (4) التحرير: ج 5 ص 535. (5) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 224. (6) المقنعة: ص 742، والنهاية: ج 3 ص 413. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 41 ب 20 من أبواب قصاص النفس ح 2. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 40 ب 20 من أبواب قصاص النفس ح 1. 243 على الأعلى شئ، ولا على الأسفل شئ (1). ويحتمل أن يكون كمن انقلب على غيره في النوم فقتله في وجوب الدية عليه أو على عاقلته، وأن يكون كقتيل الزحام في وجوبها في بيت المال كما في السرائر (2) لئلا يطل دم المسلم. (والواقع على التقديرات كلها هدر) وهو ظاهر. (ولو أوقعه غيره فماتا فدية المدفوع على الدافع). وإن قصد قتله بدفعه أو كان الدفع يقتل غالبا، كان عليه القصاص مع التكافؤ. (وكذا دية الأسفل) أو القصاص له وفاقا للمفيد (3) وابن إدريس (4) فإنه القاتل له كمن هدم عليه جدارا مثلا (وقيل) في النهاية (5) والتهذيب (6) والاستبصار (7) والجامع (8): (إنها) أي دية الأسفل (على الواقع، ويرجع بها على الدافع. وكذا لو مات الأسفل خاصة) لصحيح عبد الله بن سنان، عن الصادق (عليه السلام) في رجل دفع رجلا على رجل فقتله، قال: الدية على الذي وقع على الرجل لأولياء المقتول، ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه، قال: وإن أصاب المدفوع شئ فهو على الدافع (9) أيضا. وهو محمول على أن أولياء المقتول لم يعلموا دفع الغير له. (والطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه) من نفس أو طرف (إن كان قاصرا، أو عالج طفلا أو مجنونا بغير إذن الولي، أو بالغا لم يأذن) فإنه لا يطل دم المسلم وقد حصل التلف من فعله، ولما لم يتعمده لم يقتص منه. (وإن كان حاذقا وأذن له المريض) أو وليه (فآل علاجه إلى التلف) لخطئه (فالأقرب
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 41 ب 20 من أبواب قصاص النفس ح 3. (2) السرائر: ج 3 ص 366. (3) المقنعة: ص 742. (4) السرائر: ج 3 ص 366. (5) النهاية: ج 3 ص 413. (6) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 211 ذيل حديث 836. (7) الاستبصار: ج 4 ص 280 ذيل حديث 1062. (8) الجامع للشرائع: ص 584. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 41 ب 21 من أبواب قصاص النفس ح 1. 244 الضمان) أيضا (في ماله) وفاقا للشيخين (1) وسلار (2) والقاضي (3) والحلبيين (4) وابني سعيد (5) وجماعة، لأنه شبيه عمد، وللإجماع كما في الغنية (6) ونكت النهاية (7). وخلافا لابن إدريس (8) لأنه فعل سائغ فلا يوجب ضمانا، وللأصل، والإذن في الفعل. والجواب أن الإذن في الفعل لا الإتلاف وجوازه لا ينافي الضمان كالضرب للتأديب، والأصل معارض. (وفي براءته بالإبراء قبل العلاج) كما ذكره الشيخ (9) وجماعة (نظر ينشأ: من إمساس الحاجة إليه) أي العلاج فلو لم يفد لم يقدم الأطباء عليه غالبا (وقوله) أي أمير المؤمنين ((عليه السلام)) في خبر السكوني (من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلا فهو ضامن (10). ومن بطلان الإبراء قبل الاستحقاق) واحتمال الخبر أخذ البراءة بعد الجناية مجانا أو على مال احتمالا ظاهرا، وربما يرشد إليه لفظ " وليه ". (وروي) عن السكوني عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) (أن عليا (عليه السلام) ضمن ختانا قطع حشفة غلام (11) وهو) وإن ضعف سنده لكنه (حسن) موافق للمذهب، فإن تعمده اقتص منه، وإلا أخذت الدية من ماله. قال ابن إدريس: والرواية هذه صحيحة لا خلاف فيها (12).
(1) المقنعة: ص 734، النهاية: ج 3 ص 420، وفيه: " ومن تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلا فهو ضامن ". (2) المراسم: ص 235. (3) المهذب: ج 2 ص 499، وفيه: " وإذا تطبب إنسان أو تبيطر فليأخذ البراءة وإلا كان ضامنا لما يحدثه من جناية ". (4) الكافي في الفقه: ص 402، الغنية: ص 410. (5) الجامع للشرائع: ص 586، وفيه: " والطبيب إذا عالج.... إلا أن يكون أخذ البراءة من العاقل أو ولي الطفل... "، شرائع الإسلام: ج 4 ص 249. (6) الغنية: ص 410. (7) نكت النهاية: ج 3 ص 420، ولم ينسبه إلى الاجماع. (8 و 12) السرائر: ج 3 ص 373. (9) النهاية: ج 3 ص 420. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 194 ب 24 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 195 ب 24 من أبواب موجبات الضمان ح 2. 245 (ولو أتلف النائم بانقلابه أو حركته) نفسا أو طرفا (فالضمان على عاقلته) كما في السرائر (1) والشرائع (2) لأنه خطأ محض (وقيل) في المقنعة (3) والنهاية (4) والجامع (5): (في ماله) ورواه ابن إدريس، ثم قال: والذي يقتضيه أصول مذهبنا أن الدية في جميع هذا - يعني هذا ومسألة الظئر - على العاقلة لأن النائم غير عامد في فعله ولا عامد في قصده، وهذا حد قتل الخطأ المحض. ولا خلاف أن دية قتل الخطأ المحض على العاقلة، وإنما هذه أخبار آحاد لا يرجع بها عن الأدلة. والذي ينبغي تحصيله في هذا أن الدية على النائم نفسه، لأن أصحابنا جميعهم يوردون ذلك في باب ضمان النفوس، وذلك لا يحمله العاقلة بلا خلاف (6) انتهى. (ولو انقلبت الظئر فقتلت الصبي) قال الشيخ (7) وبنو حمزة (8) وسعيد (9) (لزمها الدية في مالها إن طلبت) بالمظائرة (الفخر، وعلى العاقلة إن كان) مظائرتها (للحاجة) للأخبار (10) الناطقة بذلك (والأقرب) أن الدية على (العاقلة مطلقا) لأنه خطأ محض مع ضعف الأخبار. قال المحقق في النكت: لكن لا بأس أن يعمل الإنسان بها، لاشتهارها وانتشارها بين الفضلاء من علمائنا. ويمكن الفرق بين الظئر وغيرها بأن الظئر بإضجاعها الصبي إلى جانبها مساعدة بالقصد إلى فعل له شركة في التلف فتضمن لا مع الضرورة (11) انتهى.
(1) السرائر: ج 3 ص 365. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 249، وفيه: " الدية في ماله ". (3) المقنعة: ص 747. (4) النهاية: ج 3 ص 412. (5) الجامع للشرائع: ص 583. (6) السرائر: ج 3 ص 365. (7) النهاية: ج 3 ص 411. (8) الوسيلة: ص 454. (9) الجامع للشرائع: ص 583. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 199 ب 29 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (11) نكت النهاية: ج 3 ص 411. 246 وأوجب المفيد (1) وسلار (2) الدية عليها مطلقا ولعله لأنها بإضجاعها الصبي إلى جنبها شبيهة بالعامد. (ولو أعادت الولد) بعد ما تسلمته وغابت به (فأنكره أهله قدم قولها ما لم يعلم كذبها) لأنها مؤتمنة، والأصل براءتها ونص صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (3) عليه. فإن علم كذبها (فتلزمها (4) الدية) لأنها عوضه، والأصل البراءة من القصاص (أو إحضاره) الولد (أو من يحتمل أنه هو) فإنه يقبل منها ذلك لما مر. وإن كذبت أولا أو ادعت موته حتف أنفه فتقبل، للأصل وعليها اليمين على الكل. (ولو استأجرت الظئر أخرى وسلمته إليها بغير إذن أهله) في التسليم أذنوا في الاستئجار أم لا (فجهل خبره ضمنت ديته) كما في صحيح سليمان ابن خالد (5) عن الصادق (عليه السلام). (ومن أعنف بزوجته) أو أجنبية (في جماعها قبلا أو دبرا أو ضما فماتت ضمن الدية) في ماله إن لم يتعمد القتل أو ما يؤدي إليه غالبا. (وكذا الزوجة) أو الأجنبية إذا أعنفت به ضما وفاقا للمفيد (6) وابني إدريس (7) والبراج (8) والمحقق (9) وذلك لأنه قتل شبيه بالعمد، وينص عليه صحيح سليمان بن خالد، سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت مرة من عنفه، قال: الدية كاملة، ولا يقتل الرجل (10) وخبر زيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل نكح
(1) المقنعة: ص 747. (2) المراسم: ص 241. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 199 ب 29 من أبواب موجبات الضمان ح 2. (4) في القواعد: فتضمن. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 199 ب 29 من أبواب موجبات الضمان ح 3. (6) المقنعة: ص 747. (7) السرائر: ج 3 ص 366. (8) المهذب: ج 2 ص 497. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 249. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 201 ب 31 من أبواب موجبات الضمان ح 1. 247 امرأة في دبرها فألح عليها حتى ماتت من ذلك، قال: عليه الدية (1). قال المحقق: لا يقال فعله سائغ فلا يترتب عليه ضمان، لأ نا نمنع ولا نجيز له العنف. قال: أما لو كان بينهما تهمة، وادعى ورثة الميت منهما أن الآخر قصد القتل، أمكن أن يقال بالقسامة، وإلزام القاتل القود (2) انتهى. وقطع به ابن إدريس (3). (وقيل) في النهاية (4) والجامع (5): (إن كانا مأمونين فلا ضمان) لخبر يونس عن بعض أصحابنا، أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أعنف على امرأته وامرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر، قال: لا شئ عليهما إذا كانا مأمونين، فإن اتهما ألزمهما اليمين بالله: أنهما لم يريدا القتل (6). وهو ضعيف، مخالف للأصول، محتمل لنفي القود خاصة، كما في الاستبصار (7) والتهذيب (8). (ويضمن حامل المتاع إذا كسره أو أصاب به غيره) فأتلفه (المتاع والمصدوم في ماله) كما في الشرائع (9) وخبر داود بن سرحان، عن الصادق (عليه السلام) في رجل حمل متاعا فكسره أو أصاب به إنسانا فمات أو انكسر، قال: هو ضامن (10). وفي النهاية (11) والسرائر (12) والمهذب (13) ضمان المتاع، إلا أن يدفعه غيره فضمانه عليه. والموافق للأصول أنه إنما يضمن المتاع مع التفريط، أو كونه عارية
(1) المصدر السابق: ح 2. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 413. (3) السرائر: ج 3 ص 366. (4) النهاية: ج 3 ص 413. (5) الجامع للشرائع: ص 583. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 202 ب 31 من أبواب موجبات الضمان ح 4. (7) الاستبصار: ج 4 ص 279 ذيل حديث 2. (8) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 210 ذيل حديث 828. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 249. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 182 ب 10 من أبواب موجبات الضمان. (11) النهاية: ج 3 ص 414. (12) السرائر: ج 3 ص 368. (13) المهذب: ج 2 ص 495. 248 مضمونة ونحو ذلك، وإنما يضمن المصدوم غير الإنسان في ماله، والإنسان إذا تعمد الصدم دون الإتلاف ولم يكن متلفا غالبا، وإلا فهو إما متعمد عليه القصاص، أو مخطئ محض على عاقلته الضمان. (الفصل الثاني في التسبيب) (وهو) فعل (كل ما يحصل التلف عنده بعلة غيره، إلا أنه لولاه لما حصل من العلة تأثير) وهو هنا أعم من فعل السبب بالمعنى المتقدم أوائل الكتاب، وفعل الشرط (كالحفر) للبئر (مع التردي وهو موجب للضمان أيضا) بالتفصيل الآتي (وفي منعه الإرث إشكال): تقدم في الفرائض في إرث القاتل خطأ، وما مر فيها من الجزم بمنع التسبيب فإنما هو التسبيب الداخل في العمد. (وكذا نصب السكين وإلقاء الحجر) في الطريق من التسبيب بالشرط الآتي (فإن التلف) فيهما وفي الحفر (بسبب العثار) إلا أنه لولا أحد هذه لم يتلف العثار. (ولو صاح بصبي) أو معتوه (فارتعد وسقط من سطح) فمات (ضمن الدية) للتسبيب في ماله، لأنه شبيه عمد وفي المبسوط (1) والمهذب (2) على عاقلته. (وفي القصاص) بذلك (نظر) من احتمال كونه بالنسبة إليهما بمنزلة الإسقاط. (ولو مات من الصيحة أو زال) من الصبي (عقله) بها (ضمن الدية) في ماله. وفي الكتابين (3) على العاقلة. ولعله لا إشكال هنا في القصاص إذا كان مثل تلك الصيحة بمثله متلفا له غالبا أو قصد به الإتلاف. (ولو صاح ببالغ) كامل (فمات) أو سقط فمات (فلا دية) كما في المبسوط (4) والمهذب (5) بناء على أنه لا يموت ولا يسقط بذلك وإنما حصل الموت أو السقوط اتفاقا (على إشكال) من أن الفرض حصول ذلك من الصيحة
(1 و 4) المبسوط: ج 7 ص 158. (2) المهذب: ج 2 ص 487. (3) المبسوط والمهذب. (5) المهذب: ج 2 ص 487. 249 وقد يتفق ذلك، ويشهد الحال به خصوصا إذا كان جبانا ضعيف القلب، ولكن العلم بذلك مشكل، والأصل البراءة، ويؤيد الضمان قول الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي: أي رجل فزع رجلا على الجدار أو نفر به عن دابته فخر فمات فهو ضامن لديته، فإن انكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه (1). (ولو كان) بالغا (مريضا أو مجنونا أو اغتفله وفاجأه بالصيحة - وإن كان بالغا كاملا - فمات أو زال عقله ضمن الدية في ماله) لأنه كالصبي. والظرف يحتمل التعلق بضمان الدية في المسائل الثلاث، ويؤيده أن الخلاف الذي يذكره واقع فيهن. (وقيل) في المبسوط (2) والمهذب (3): (على العاقلة. وفيه نظر، لأنه قصد الإخافة) بالصيحة (فهو شبيه عمد) ويمكن حمل كلامهما على من صاح لا بالمجني عليه بل اتفق كونه هناك وإن عبرا بالصيحة بهما. (وكذا البحث لو شهر سيفه في وجه إنسان) أو دلاه من شاهق (فإنه يضمن) الدية في ماله (مع الإتلاف بالخوف) فإنه شبيه عمد. (أما لو فر) بالإخافة بإشهار السيف ونحوه (فألقى نفسه في بئر أو من سقف قيل) في المبسوط (4) والمهذب (5): (لم يضمن) في ماله ولا عاقلته إن كان بصيرا (لأنه) إنما (ألجأه) بالإخافة (إلى الهرب لا الوقوع، فهو المباشر لإتلاف نفسه) والمخيف سبب غير ملجئ (فيسقط السبب) كالحافر والدافع فلا ضمان على الحافر، ولأن الهارب إما مختار فلا ضمان أو مكره ولا معنى له، فإن غايته أن يكون كمسألة: اقتل نفسك وإلا قتلتك، في أنه لا معنى للخلاص عن الهلاك بالهلاك. قال في التحرير: ولو قيل بالضمان كان وجها (6). ووجهه أنه لولا
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 188 ب 15 من أبواب موجبات الضمان ح 2. (2) المبسوط: ج 7 ص 158. (3) المهذب: ج 2 ص 487. (4) المبسوط: ج 7 ص 159. (5) المهذب: ج 2 ص 487. (6) التحرير: ج 5 ص 530. 250 الإخافة لم يكن الهرب، غايته اختياره طريقا سقط فيه لمرجح أو لا له. واحتمل أنه إن تساوى الطريقان في العطب ضمن المخيف، إذ لا مندوحة، وإلا فلا، لأن له مندوحة بالطريق الآخر. ولعله لا إشكال في الضمان إن رفع قصده بالإخافة. (وكذا لو صادفه سبع في هربه فأكله) لأن السبع هو المباشر والمخيف سبب غير ملجئ. واحتمل الضمان في التحرير (1) ويحتمل التفصيل. (ولو وقع في) هربه في (بئر لا يعلمها أو كان أعمى أو انخسف به السقف أو اضطره إلى مضيق فأكله السبع فإنه) أي المخيف (يضمن) كما في المبسوط (2) والمهذب (3) فإن السبب هنا ملجئ فإنه بعماه أو جهله لا اختيار له في الوقوع فالضمان على المسبب كمن حفر بئرا فوقع فيها أعمى، وأما السبع فإنه وإن كان هو المباشر لكن يفترق الحال إذا اضطره إلى مضيق وإذا لم يضطره. (لأنه يفترس في المضيق غالبا) فهو كما لو ربط يديه ورجليه وألقاه إليه. نعم إن علم أن في الطريق سبعا وله طريق آخر فاختاره توجه عدم الضمان، لكنه ليس من الاضطرار إلى المضيق في شئ. (ولو خوف حاملا فأجهضت ضمن دية الجنين) لإجماع الصحابة كما في المبسوط (4) وقول الصادق (عليه السلام) في خبر يعقوب بن سالم: كانت امرأة بالمدينة تؤتى فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروعها فأمر أن يجاء بها إليه، ففزعت المرأة فأخذها الطلق فانطلقت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهل الغلام ثم مات، فدخل عليه من روعة المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله، فقال له بعض جلسائه: ما عليك من هذا شئ؟ وقال بعضهم: وما هذا؟ قال: سلوا أبا الحسن، فقال لهم أبو الحسن (عليه السلام): لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم، ولئن كنتم برأيكم قلتم لقد أخطأتم، ثم قال: عليك دية الصبي (5). (ولو ماتت ضمن ديتها أيضا) إن تعمد التخويف
(1) التحرير: ج 5 ص 530. (2) المبسوط: ج 7 ص 160. (3) المهذب: ج 2 ص 488. (4) المبسوط: ج 7 ص 159. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 200 ب 30 من أبواب موجبات الضمان ح 1. 251 الغير المتلف غالبا، فإن كان متلفا غالبا فالقصاص مع التكافؤ، ولو لم يتعمده فالدية على العاقلة. (ولو اجتاز على الرماة فأصابه أحدهم بسهم فإن قصد فهو عمد، وإلا فخطأ. ولو ثبت أنه قال: حذار، لم يضمن إن) لم يقصد و (سمع المرمي ولم يعدل) عن الطريق (مع إمكانه) وكماله بالعقل والبلوغ، لخبر أبي الصباح عن الصادق (عليه السلام) قال: كان صبيان في زمن علي بن أبي طالب (عليه السلام) يلعبون بأخطار لهم، فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأقام الرامي البينة بأنه قال: حذار، فدرأ أمير المؤمنين (عليه السلام) القصاص، ثم قال: قد أعذر من حذر (1) قال ابن حمزة: وإن لم يحذره وكان في ملكه وقد دخل عليه بغير إذنه فكذلك (2). (ولو كان معه صبي فقربه من طريق السهم اتفاقا لا قصدا) فأصابه ولم يكن حذر الرامي أو لم يكن سمعه المقرب (ففي الحوالة بالضمان على المقرب) كما في المهذب (3) (من حيث إنه عرضه للتلف) تعريضا قويا شبيها بالمباشرة. بل في التحرير أنه مباشرة (4) لأنه كالدفع في البئر والرامي كالحافر، وهو خيرة التحرير (5). (أو على) عاقلة (الرامي) من حيث إ نه المباشر. وإذا اجتمع السبب والمباشرة فالضمان على المباشر أو عاقلته (إشكال) كما في المبسوط (6) والشرائع (7). (ولو قصد المقرب) ذلك (فإن لم يعلم الرامي فالضمان على المقرب قطعا) فإن السبب هنا أقوى من المباشرة. ولو تعمد الرامي فالضمان عليه قصاصا أو دية. ولو تقدم الصبي بنفسه ولم يقربه أحد فالضمان عليه مع التعمد،
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 50 ب 26 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (2) الوسيلة: ص 454. (3) المهذب: ج 2 ص 508. (4) لم نجد التصريح به في التحرير. (5) التحرير: ج 5 ص 535. (6) المبسوط: ج 7 ص 189. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 257. 252 وعلى عاقلته بدونه، حذر أم لا. (ويضمن من أخرج غيره) كاملا أو غيره (من منزله ليلا إلى أن يعود) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن ميمون: إذا دعا الرجل أخاه بالليل فهو ضامن له حتى يرجع إلى بيته (1) وفي خبر عمرو بن أبي المقدام، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد رده إلى منزله (2). وهما وإن ضعفا وخالفا الأصل لأن الحر الكامل لا يضمن ما لم يثبت الجناية عليه لكن في نكت النهاية الاتفاق (3) ولما اختصا - هما - وفتوى الأصحاب بالليل وجب القصر عليه قصرا لخلاف الأصل على المنصوص المفتى به. (فإن لم يعد) إلى منزله ولم يعلم حاله (فالدية) على من أخرجه من ماله، لثبوت الضمان، والأصل براءته من القود وبراءة العاقلة. وأما قوله (عليه السلام) في خبر ابن أبي المقدام: يا غلام نح هذا فاضرب عنقه، فلعله لمصلحة التقرير وإيضاح الأمر. ونفى ابن إدريس (4) الضمان رأسا ما لم يتهم، فإن اتهم بأن كان بينهما عداوة قام ذلك مقام اللوث، فإن حلف أهله القسامة يثبت الضمان قصاصا أو دية. (وفي المنع من الإرث نظر): من التهمة، وأن تضمينه الدية دليل على عده قاتلا. ومن أصل الإرث وانتفاء المانع منه، والتضمين إنما يدل على أنه في حكم القاتل في ذلك. (ولو وجد مقتولا وادعى قتله على غيره) وأقر الغير (وأقام شاهدين) عليه (برئ، وضمن القاتل) كما أنه (عليه السلام) قال في خبر ابن أبي المقدام: يا غلام نح هذا واضرب عنق الآخر. لما أسند القتل إليه. ولعله (عليه السلام) إنما أمر بضرب عنقه قبل ثبوت قتله بإقرار أو بينة لمصلحة التقرير. (وإن) لم يقر الغير بالقتل و (لم يقم) الأول (بينة) عليه (فالأقرب) ما
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 206 ب 36 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 36 ب 18 من أبواب قصاص النفس ح 1. (3) نكت النهاية: ج 3 ص 409. (4) السرائر: ج 3 ص 364. 253 هو المشهور من (سقوط القود) للأصل (ووجوب الدية عليه) لعموم الخبرين (1) والفتاوى. نعم في السرائر (2) والمختلف (3): أنه يثبت اللوث مع العداوة بينهما، فلو حلف أولياء الفقيد القسامة أنه قتله اقتصوا منه إن ادعوا قتله عمدا. وأفتى المفيد بالقود إذا لم يقم البينة ولكنه احتاط بإسقاطه (4). وجعل الشيخ (5) والمحقق (6) القود وجها ضعيفا وابن إدريس رواية (7). ولو وجد مقتولا ولم يتبرأ من قتله ولا أقر به، ففي المقنعة (8) والمراسم (9) والوسيلة (10): أن عليه القود. وفي المختلف (11) اشتراطه بالقسامة أنه قتله عمدا. والوجه أنهم ان لم يحلفوا القسامة الزم البيان، فإن ادعى الخطأ قبل مع يمينه والزم الدية، وإن ادعى على الغير فما تقدم. (ولو وجد ميتا ففي إلزامه بالدية) كما في المقنعة (12) والنهاية (13) والوسيلة (14) والمراسم (15) - مع ادعائه الموت حتف أنفه وعجزه عن إثباته أو سكوته، أو ادعائه القتل على غيره وعجزه عن الإثبات - (إشكال): من الأصل، وهو خيرة الشرائع (16) والتحرير (17) والمختلف (18). ومن عموم الخبرين. (ولا يضمن المستأجر) لغيره وإن استأجره ليلا إذا اختار هو الخروج ليلا بنفسه أما لو استأجره ليلا ليقود أو يسوق دابته - مثلا - فأخرجه لذلك من منزله فهو داخل في إخراجه ليلا. (ولا المرسل) لغيره ليلا، فإنه لم يصحبه في الخروج ليتهم بقتله ولعل المتبادر من دعائه وإخراجه ذلك، فلا يعمه الخبران
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 206 ب 36 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) السرائر: ج 3 ص 365. (3 و 18) مختلف الشيعة: ج 9 ص 343. (4 و 12) المقنعة: ص 746. (5) النهاية: ج 3 ص 408. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 252. (7) السرائر: ج 3 ص 364. (8) المقنعة: ص 746. (9) المراسم: ص 241. (10 و 14) الوسيلة: ص 454. (11) مختلف الشيعة: ج 9 ص 343. (13) النهاية: ج 3 ص 408 - 409. (15) المراسم: ص 241. (16) شرائع الإسلام: ج 4 ص 252. (17) التحرير: ج 5 ص 537. 254 والفتاوى، وقصرا لخلاف الأصل على اليقين. (وروى عبد الله بن طلحة) النهدي (عن الصادق (عليه السلام) في لص جمع ثياب امرأة، ووطئها، وقتل ولدها، ثم حمل الثياب ليخرج فقتلته: أن على مواليه دية الغلام، وفي تركته أربعة آلاف درهم لمكابرتها على فرجها، ولا شئ عليها في قتله) (1). وقال ابن إدريس: هذه الرواية مخالفة للأدلة وأصول المذهب، لأنا قد بينا أن القتل العمد لا يضمنه العاقلة، والسارق المذكور قتل الابن عمدا فكيف يضمن مواليه دية الابن. قال: فأما إلزامه من ماله أربعة آلاف درهم، فلا دليل على ذلك. والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنه يجب عليه مهر [مثل] ها يستوفي من تركته إن كان قد خلف تركة، ولا يجب عليه أكثر من ذلك، لأنه لا دليل على أكثر من مهر المثل، لأنه دية الفرج المغصوب (2) انتهى. وزيد وجهان آخران لمخالفتها الأصول، أحدهما: أن على السارق قطع اليد دون القتل فلم يهدر دمه، والثاني: أن قتلها له بعد قتله ابنها، فهلا وقع قصاصا عنه؟ (و) الجواب أنه يمكن (تخريجها) على وفق الأصول وذاك: (أن الدية تثبت عند فوات محل القصاص) كما مر في تركته إن كانت، وإلا فعلى الأقرب فالأقرب، وقد فات المحل هنا، ولعله لم يكن له تركة يؤخذ منها الدية، فلذا كانت على مواليه. ولا يرد أنها قتلته فهلا كان قصاصا عن ابنها؟ (لأنها قتلته دفعا عن المال، فلم يقع قصاصا) وذهب دمه هدرا كما مر، كما قال أبو جعفر (عليه السلام) للثمالي في رجل وقع على حامل فقتل ما في بطنها، فوثبت عليه فقتلته: ذهب دم اللص هدرا، وكانت دية ولدها على المعقلة (3).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 45 ب 23 من أبواب القصاص في النفس ح 2. (2) السرائر: ج 3 ص 362. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 309 ب 13 من أبواب العاقلة ح 3. 255 (وإيجاب أربعة آلاف درهم، لأنه) كان (مهر مثلها فرضا، ولا يتقدر مهر المثل هنا بخمسين دينارا) يوازي خمسمائة درهم وإن كان يقدر بها في مفوضة جعل إليها الحكم. (و) روى عبد الله بن طلحة أيضا (عنه (عليه السلام) في امرأة أدخلت صديقا لها ليلة بناء زوجها بها) (1) أي زفافها، لأنهم كانوا يضربون على العروس ليلة الزفاف، فيه يقال: بنى عليها وبنى بها. وخطأ ابن السكيت والجوهري والعامة في قولهم بنى بأهله. قال ابن الأثير: فيه نظر، فإنه قد جاء في غير موضع من الحديث وغير الحديث. وفي الأساس: وقالوا بنى بأهله كقولهم أعرس بها (الحجلة) محركة، وهي البيت الذي يزين بالستور والأسرة والثياب للعروس. وفي نكت النهاية: هي الستر والخيمة التي تضرب للنساء في السفر (2) ويوافقه ما في ديوان الأدب ونظام الغريب وشمس العلوم: من أنها الستر. وقريب منه قول ابن الأثير: إنه بيت كالقبة يستر بالثياب، ويكون له إزرار كبار. وقول الثعالبي في فقه اللغة في السرير: إذا كان للعروس وعليه حجلة فهو أريكة. (فلما أراد الزوج مباضعتها ثأر الصديق فاقتتلا، فقتل) الزوج (الصديق، فقتلت هي الزوج) بالصديق (أنها تضمن دية الصديق، وتقتل بالزوج). (وفي السند ضعف) لجهل عبد الله، وفي الحكم مخالفة للأصول فإن الصديق إما أن كان يستحق القتل لقصده قتل الزوج أو لهجمة عليه وعلى أهله بغير إذنه وعدم اندفاعه إلا بالقتل أولا، فعلى الأول لا حرمة لدمه، وعلى الثاني فالضامن الزوج لا المرأة. (والأقرب) كما في السرائر (3) والشرائع (4) والنكت (5) (سقوط دم الصديق) لما عرفت، وغاية توجيه ضمانها لديته أنها غرته وكما في النكت،
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 45 ب 23 من أبواب القصاص في النفس ح 3. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 404. (3) السرائر: ج 3 ص 363. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 253. (5) نكت النهاية: ج 3 ص 403. 256 أو أخرجته من منزله ليلا كما في التحرير (1). قال المحقق: والذي أراه إن هذا الحكم إشارة إلى واقعة، والفعل لا عموم له، فيحمل على أنه حكم بذلك لعلمه ما يوجب ذلك الحكم، وإن كان الراوي نقله من غير علم بالسبب المقتضي فلا تعدى (2). (ويضمن معلم السباحة) دية (الصغير) في ماله (إذا غرق وإن كان وليه أو من أذن له الولي) كما في المبسوط (3) وغيره (على إشكال، لأنه) إنما (تلف بتفريطه في حفظه وغفلته عنه) فهو كالمعلم يؤدب فيؤدي إلى التلف. وقد روي (4) ضمان الصائغ وإن اجتهد وكان حاذقا. وإنما يضمن الدية لعدم تعمده القتل وإنما يضمنها في ماله، لأنه شبيه عمد. ومن أصل البراءة والحاجة إلى السباحة، فتعليمها مشروع فلا يستعقب الضمان، إلا إذا علم التفريط. والإشكال يختص بالولي ومأذونه. والفرق بينه وبين الأجنبي بأن تسلمه الصغير تسلم صحيح، وتعليمه له سايغ مرغب إليه بخلاف الأجنبي فيضمن مطلقا، لأن تعليمه تفريط. (ولو كان) التالف (بالغا رشيدا لم يضمن) إذا لم يفرط كما في التحرير قال: لأن الكبير بيد نفسه (5) انتهى. فان فرط فكالطبيب إذا فرط. (الفصل الثالث في اجتماع العلة والشرط) والمراد به هنا ما يعم السبب. (إذا حفر بئرا فتردى فيها إنسان، فإن كانت العلة) للتردي (عدوانا بأن دفعه غيره) متعمدا لإسقاطه فيها (سقط أثر الحفر) ولا ضمان على الحافر (وكان الضمان على الدافع) لقوة المباشر. (وإن لم يكن) العلة للتردي (عدوانا، كما لو تردى بنفسه مع الجهل) بها أو دفعه الغير مع الجهل بها ضعف المباشر (فإن كان الحفر عدوانا ضمن الحافر) لأنه أقوى من
(1) التحرير: ج 5 ص 539. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 403. (3) المبسوط: ج 7 ص 172. (4) وسائل الشيعة: ج 13 ص 271 ب 29 من أبواب أحكام الإجارة. (5) التحرير: ج 5 ص 545. 257 المباشر، وذلك (مثل أن يحفر) بئرا (في طريق مسلوك) للمسلمين لا لمصلحتهم، كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) في خبر السكوني: من أخرج ميزابا أو كنيفا أو أوتد وتدا أو أوثق دابة أو حفر بئرا في طريق المسلمين، فأصاب شيئا فعطب، فهو له ضامن (1) وقال الصادق (عليه السلام) في خبر سماعة: وأما ما حفر في الطريق أو في غير ما يملك، فهو ضامن لما يسقط فيه (2) (أو) في (ملك غيره بغير إذنه) كما في خبر سماعة - الذي سمعته الآن - وخبر زرارة عنه (عليه السلام) في رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها، فقال: عليه الضمان، لأن كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان (3). (ولو أذن سقط الضمان عن الحافر) وكان كما لو حفرها المالك، وذهب دم الساقط هدرا، أو ضمنه عاقلة الدافع خطأ (وكذا لو رضي بها) المالك (بعد الحفر) على (العدوان) فإن الإبقاء كالإحداث. (ولو كان) الحفر (في طريق مسلوك لمصلحة المسلمين، قيل) في النهاية (4) والمبسوط (5) والشرائع (6): (لا ضمان) على الحافر، وهو مقرب التحرير (7) (لأنه حفر سائغ) شرعا فلا يستعقب ضمانا، ولأنه محسن وما على المحسنين من سبيل. قال في المبسوط: إن كان الطريق ضيقا فعليه الضمان، سواء حفرها بإذن الامام أو بغير إذنه، لأنه لا يملك الإذن فيما فيه تضييق على المسلمين وإلحاق الضرر بهم، وإن كان الطريق واسعا لا يضيق على المسلمين حفرها، ويقصد نفع المسلمين بها، فإن كان بإذن الإمام فلا ضمان عليه، لأن للإمام أن يأذن فيما فيه منفعة للمسلمين من غير إضرار بهم ولا تضييق عليهم وأما إن حفرها بغير إذن
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 182 ب 11 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) المصدر السابق: ص 180 ب 8 ح 3. (3) المصدر السابق: ص 179 ب 8 ح 1. (4) النهاية: ج 3 ص 417. (5) المبسوط: ج 7 ص 186. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 254. (7) التحرير: ج 5 ص 540. 258 الإمام فإن قصد ملكها بالحفر فعليه الضمان، لأنه تعدى بالحفر ولم يملك به، لأن أحدا لا يملك أن يتملك طريق المسلمين، فكان الضمان عليه. وإن حفرها طلبا للثواب لمنفعة المسلمين، قال قوم: لا ضمان عليه، لقوله (عليه السلام): البئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس. وقال آخرون: عليه الضمان، لقوله (عليه السلام) وفي النفس مائة من الإبل. والأول أقوى (1) انتهى. ويحتمل الضمان، فإن فعل ما فيه المصلحة إنما يجوز إذا لم يتضمن مفسدة، والحفر يعرض المسلمين للتردي. (وكذا لا يضمن لو كان الحفر) في غير طريق مسلوك وكان عن (غير عدوان بأن يحفر في ملكه، أو في أرض موات بقصد التملك، أو بقصد الاستقاء (2) والتخلية) بينها وبين الناس، فإن له التصرف في ملكه وفي الموات بما شاء. وقال الصادق (عليه السلام) في خبر زرارة: لو أن رجلا حفر بئرا في داره ثم دخل رجل فوقع فيها لم يكن عليه شئ ولا ضمان، ولكن ليغطها (3) وقال أبو جعفر (عليه السلام) لأبي بصير في غلام دخل دار قوم يلعب فوقع في بئرهم: ليس يضمنون فإن كانوا متهمين ضمنوا (4). قلت: ولعله بعد القسامة. وفي خبر السكوني، قضى علي (عليه السلام) في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم، فقال: لا ضمان عليهم (5). وللشافعي (6) في الضمان قولان. (و) لكن (لو كانت في ملكه) أو في الموات (وأدخل غيره وعرفه المكان) وأن فيه البئر (وهو بصير) ولا ظلمة (فلا ضمان. وكذا لو كانت مكشوفة) والموضع مضيء وهو بصير وإن لم يعلمه بمكانها (أو دخل بغير
(1) المبسوط: ج 7 ص 186. (2) في القواعد ونسخة (ل): الاستسقاء. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 180 ب 8 من أبواب موجبات الضمان ح 4. (4) المصدر السابق: ص 190 ب 18 ح 1. (5) المصدر السابق: ص 190 ب 17 ح 2. (6) الحاوي الكبير: ج 2 ص 374 - 375. 259 إذنه) وإن كانت مستورة أو الموضع مظلما، لأن التفريط من المتردي لتركه التحفظ. وهو في الأخير متعد إن دخل ملك الغير بغير إذنه. وإن كانت في الموات فدخله بنفسه وتردى فيها فلم يتعد. وربما لم يفرط إن كانت مستورة أو الموضع مظلما ولكن لم يتعد الحافر أيضا، فإما أن يذهب هدرا أو يؤدى من بيت المال. (ولو كانت مستورة) وأدخله (ولم يشعره بها أو كان الموضع مظلما أو كان الداخل أعمى) ولم يقدهما أو يشعرهما بما يتميز عندهما طريقها من غيره (ضمن) ولو اختلفا في الإذن وعدمه فالقول قول المالك، لأصلي العدم والبراءة. ولو ادعى المالك أنها مكشوفة وولي الدم أنها مستورة فإشكال: كما في التحرير (1) من أصلي البراءة وعدم التغطية، ومن ظهور الاستتار فإن الظاهر أنها لو كانت مكشوفة لم يترد فيها. (ولو كان الحفر في ملك الغير بغير إذنه فدخل آخر بغير إذنه وكان الموضع مكشوفا فلا ضمان) لمن دخله لا بإذن، للأصل وتعديه بالدخول بغير إذن وتفريطه بترك التحفظ مع انكشاف البئر. وتعدي الحافر بالتصرف في ملك الغير بغير إذنه لا يستلزم الضمان إلا بالنسبة إلى من تعدى عليه، وهو المالك ومن بحكمه وهو ما دونه. والفرق بينه وبين الطريق المسلوك ظاهر، لاشتراك المسلمين فيها ووضعها للسلوك فهو متعد عليهم وهم غير متعدين، مع الأخبار (2) الناطقة بضمان من أضر بها. لكن الأصحاب أطلقوا الضمان، ومنهم المصنف في غير هذا الكتاب. وكذا الأخبار وقد مر بعضها. ويمكن تنزيل الجميع على ما في الكتاب. (وإن كان مستورا) ستره الحافر (أو كان الداخل) بغير الإذن (أعمى احتمل ضمان الحافر، لتفريطه) بالستر والحفر في غير ملكه، وعموم النصوص والفتاوى. (و) احتمل (عدم الضمان، لتفريط الداخل) بدخوله بغير إذن،
(1) التحرير: ج 5 ص 542. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 179 ب 8 من أبواب موجبات الضمان. 260 وهو أظهر بناء على ما تقدم في المكشوف بالتقريب المتقدم. (ولو تردى المالك أو المأذون) له في الدخول (ضمن) قطعا مكشوفة كانت أو مستورة وإن فرطا بالغفلة لتعدي (الحافر) عليهما مع النصوص. ولو رضي المالك بعد الحفر فكما لو حفرها بإذنه، فإن السبب استدامتها. وهو نص المبسوط (1) والمهذب (2). ولو أبرءه من ضمان ما يتلف بها، في التحرير في الصحة إشكال ينشأ: من أن المالك لو أذن فيه ابتداء لم يضمن، ومن أن حصول الضمان لتعديه بالحفر، والإبراء لا يزيله، لأن الماضي لا يمكن تغيره عن الصفة التي وقع عليها، ولأن الضمان ليس حقا للمالك فلا يصح الإبراء منه، ولأنه إبراء مما لم يجب فلا يصح، كالإبراء من الشفعة قبل البيع. قال: ولو استأجر أجيرا فحفر في ملك غيره بغير إذنه وعلم الأجير ذلك فالضمان عليه وحده، وإن لم يعلم فالضمان على المستأجر لقوله (عليه السلام): البئر جبار والعجماء جبار والمعدن جبار (3). نعم لو كان الأجير عبدا استأجره بغير إذن سيده أو صبيا استأجره بغير إذن وليه فإنه يضمن لتعديه باستعماله ولسببيته إلى إتلاف حق غيره (4) انتهى. (ولو حفر في) ملك (مشترك بينه وبين غيره بغير إذنه احتمل الضمان) للكل، لصدق تعديه بالحفر مع إطلاق الفتاوى بضمان المتعدي بالحفر، واحتمال تعديه في جميع الحفر وإن كان شريكا بناء على توقف الاجتناب عن الحفر في غير ملكه عليه في ملكه من باب المقدمة. (و) احتمل (نصفه إن كان الشريك واحدا، والثلثين إن كان اثنين، وهكذا) بناء على تقسيط الحفر حسب الحصص، فيكون تعديا بالنسبة إلى حصة الشريك أو حصص الشركاء،
(1) المبسوط: ج 7 ص 186. (2) المهذب: ج 2 ص 507. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 202 ب 32 من أبواب موجبات الضمان ح 2. (4) التحرير: ج 5 ص 541. 261 فيقسط الدية أو قيمة التالف على عدد الملاك، فيضمن بإزاء الشركاء. (و) احتمل (النصف مطلقا) بناء على أن سبب التلف حفر متجزئ إلى مباح ومحظور فيعدان سببين وإن تعدد أحدهما، كما لو جرحه رجل جراحة وآخر مائة فمات من الجميع فإنهما يضمنان بالسوية. (ولو كان الحافر عبدا تعلق الضمان برقبته) كغيره من جناياته (فإن أعتقه مولاه) بعد ذلك على وجه يصح (ضمن) المولى، فإنه افتكه فعليه الدية. (ولو أعتقه قبل السقوط) في البئر المحفورة (فالضمان على العبد لا السيد) فإن العبرة بحال الجناية وهي حال السقوط، لا الحفر وهو حينئذ حر. (ولو وضع حجرا في ملكه أو موضع مباح) فيه أي تصرف أو يد (1) (لم يضمن دية العاثر) إلا إذا أدخل هو أعمى أو في الظلمة ولم يعلم بالحال. (وإن كان في ملك غيره) بغير إذنه (أو شارع مسلوك) ولم يكن لمصلحة المسلمين (ضمن في ماله) دية التالف، للتعدي، والأخبار، فسأل الحلبي في الحسن والصحيح الصادق (عليه السلام) عن الشئ يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره، فقال (عليه السلام): كل شئ يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه (2). وقال (عليه السلام) في صحيح الكناني: من أضر بشئ من طريق المسلمين فهو له ضامن (3). وقد مر خبر السكوني. (وكذا لو نصب سكينا فمات العاثر بها) أو انقطع منه عضو. ولو وضع في الطريق المسلوك لمصلحة المارة كمرمة القنطرة، ووضع حجر في الطين ليطأ الناس عليه، ووضع الحصى في حفرة ليملأها فلا ضمان، إلا أن يمنع الإمام منه. (ولو جاء السيل) إلى الشارع (بحجر فلا ضمان على أحد) يعثر به
(1) في نسخة " ق " أريد، وفي نسخة " ل " أزيد. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 181 ب 9 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (3) المصدر السابق: ح 2. 262 (وإن تمكن من إزالته) فلم يزله، لعدم الوجوب. (فإن نقله إلى موضع آخر من الشارع) لا لمصلحة المارة (ضمن) ما يتلف به، لأنه وضع فيه الحجر المتلف. (ولو كان) النقل (إلى) مثل موضعه الأول أو (ما هو أقل سلوكا فيه على إشكال) في الثاني: من الإحسان والمصلحة، ومن صدق أنه وضع في طريق المسلمين ما أدى إلى التلف من غير مصلحة لهم في الوضع، وإنما المصلحة في الرفع من موضعه الأول، وكذا الإحسان إنما هو بالرفع دون الوضع. فهو الأقوى. (ولو حفر انسان بئرا إلى جانب هذا الحجر) الذي جاء به السيل (فتعثر إنسان بذلك الحجر وسقط في البئر فالضمان على الحافر، لتعديه) وأما إن تعدى أحد بوضع الحجر وآخر بحفر البئر فالضمان على واضع الحجر، كما في المبسوط (1) والمهذب (2) والتحرير (3) فإنه كالدافع. ولا يبعد القول بضمان المتأخر منهما، فإن وضع الحجر قرب البئر بمنزلة الدفع لا مطلقا. ولو تعدى أحدهما خاصة فالضمان عليه. (ولو وضع حجرا وآخران آخر فتعثر بهما إنسان فمات) أو تلف منه عضو (احتمل تقسيط الضمان أثلاثا) بعدد الجناة (وأن يكون النصف على الأول) والنصف على الباقيين نصفين تقسيطا له على عدد السبب، فإن السبب حجران، وضع الأول أحدهما فعليه النصف، وعلى الآخرين النصف. (وإذا بنى حائطا في ملكه أو مباح فوقع الحائط على إنسان فمات فلا ضمان، سواء وقع إلى الطريق) أو إلى ملك الغير (أو إلى ملكه) أو المباح (وسواء مات بسقوطه عليه، أو بغباره إن كان قد بناه مستويا على أساس يثبت مثله عليه) عادة فسقط دفعة من غير ميل ولا استهدام على خلاف العادة، لعدم التعدي والتفريط بوجه (وإن بناه مائلا إلى ملكه) أو المباح (فوقع إلى
(1) المبسوط: ج 7 ص 185. (2) المهذب: ج 2 ص 506. (3) التحرير: ج 5 ص 539. 263 غير ملكه أو إلى ملكه إلا أنه طفر شئ من الآجر أو الخشب وآلات البناء إلى الشارع) أو ملك الغير (فأصاب إنسانا) مثلا فأتلف منه طرفا أو نفسا (لم يضمن، لأنه متمكن من البناء في ملكه كيف شاء) إذا لم يضر بالشارع أو ملك الغير، والوقوع إلى غير ملكه اتفق هنا على خلاف العادة (وما تطاير إلى الشارع) مثلا (لم يكن باختياره) ولا بفعل منه يؤدي إليه عادة. (ولو قيل بالضمان إن عرف حصول التطاير) عادة عند السقوط (كان وجها) للتعدي كما لو بناه مائلا إلى الشارع. (وكذا) لا ضمان (لو بناه مستويا فمال إلى ملكه) فسقط إلى غير ملكه، أو تطاير منه آلاته إليه، أو سقط في ملكه ولم يتطاير منه شئ، وأتلف من دخله بغير إذنه، أو مع الإذن والتنبيه. (ولو بناه مائلا إلى الشارع أو إلى ملك جاره أو مال إليهما بعد الاستواء وفرط في الإزالة) والإقامة (أو بناه على غير أساس) يثبت مثله عليه (ضمن) للتعدي أو التفريط (إن تمكن من الإزالة) أو الإقامة (بعد ميله، ومطلقا إن كان مائلا من الأصل أو على غير أساس) يثبت عليه مثله ولا حاجة إلى الشرطية بعد قوله: وفرط في الإزالة: ولا فرق بين المطالبة بها والإشهاد بالإزالة والإشهاد عليه وعدمها، خلافا للشيخ (1) والقاضي (2) فاشترطا مع التمكن من الإزالة المطالبة بها والإشهاد. ولعله لاحتمال الغفلة بدونهما، مع الأصل. وللعامة قول بعدم الضمان وإن تمكن من الإزالة (3) ولو مال بعضه دون بعض فأتلف بسقوطه، نظر في التالف أنه تلف بالمائل منه أو بغيره. (ولو استهدم) أي أشرف على الانهدام (من غير ميل فكالميل) فإن خيف الوقوع في غير ملكه وجبت الإزالة مع التمكن، فإن لم يفعل ضمن ما تلف
(1) المبسوط: ج 7 ص 187 - 188. (2) المهذب: ج 2 ص 507 - 508. (3) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 573. 264 بوقوعه في غير ملكه تشقق طولا أو عرضا. وقال ابن أبي ليلى: إن انشق طولا فلا ضمان (1). ولعله أراد ما في التحرير من: أنه إن لم يظن سقوطه لكون الشقوق بالطول لم يجب نقضه وكان في حكم الصحيح، وإن خيف سقوطه - بأن يكون الشقوق بالعرض - وجب الضمان كالمائل (2). ولو كان الحائط لمولى عليه فالضمان على الولي. ولو مال الحائط إلى ملك الغير فأبرأه المالك فلا ضمان. وإن باع الملك أو الحائط وهو مايل أو مستهدم فالضمان على المشتري. وفي المبسوط (3) والمهذب (4): أنه إذا كان حائط بين دارين تشقق وتقطع وخيف عليه الوقوع غير أنه مستو لم يمل إلى دار أحدهما لم يملك أحد منهما المطالبة بالإزالة لأنه لم يحصل في ملكه في هواء ولا غيره فإن مال إلى إحداهما كان لصاحبها المطالبة، لأنه إذا مال إلى هواء داره فقد حصل في ملكه فله المطالبة بالإزالة، كما لو امتد غصن شجرة إلى هواء داره فإن له المطالبة بالقطع أو التبعيد (5). ولعل ذلك إذا لم يخف عليه الوقوع على الدارين أو إحداهما عادة، وإلا فكما يترتب الضمان على التفريط في إزالته يترتب المطالبة على استهدامه. (ولو بنى مسجدا) لنفسه أو لمصلحة المسلمين (في الطريق) الضيق أو الواسع في موضع يضر بالمارة (ضمن ما يتلف بسببه) وإن بناه فيما زاد على الواجب في الطريق وهو سبع أذرع أو ما يفتقر إليه المارة لنفسه، أو بناه لمصلحة العامة فيما لا يضر بالمارة كالزاوية فلا ضمان، أذن فيه الإمام أو لا، ما لم يمنع. وفي المبسوط: أنه إن كان الطريق واسعا وأذن الإمام فلا ضمان، وكذا إن لم يأذن وبناه للمصلحة العامة، وإن بناه لنفسه ضمن (6). وفي الشرائع: لو بنى مسجدا في طريق، قيل: إن كان بإذن الإمام لم يضمن ما
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 377. (2) التحرير: ج 5 ص 543. (3) المبسوط: ج 7 ص 187. (4) المهذب: ج 2 ص 508. (5) المبسوط: ج 7 ص 187. (6) المبسوط: ج 7 ص 186. 265 يتلف بسببه، والأقرب استبعاد الفرض (1). وهو يعطي الضمان مطلقا، لكن يحتمل أن لا يعد الزائد على ما لا يحتاج إليه المارة أو السبع أذرع من الطريق. ولا ضمان إذا سقف مسجدا أو بنى فيه حائطا أو علق فيه قنديلا أو فرش فيه بارية، كل ذلك للمصلحة العامة أذن فيه الإمام أولا ما لم يمنع. (ويجوز نصب الميازيب إلى الطريق المسلوكة) كما في المبسوط (2) والسرائر (3) وغيرهما، وفيهما الإجماع عليه وعليه عمل الناس قديما وحديثا من غير نكير، إلا أن في الوسيلة: أنه يجوز للمسلمين المنع منه (4). وفي النهاية عده مما ليس له إحداثه (5) ويمكن تخصيصه بالمضر منه (لا) إلى الطرق (المرفوعة) فإنها مع هوائها لأربابها (إلا بإذن أربابها. وكذا الرواشن) جمع روشن وهو الرف كما قاله الأزهري أو الكوة كما في الصحاح. (والأجنحة والساباطات، كل ذلك إذا لم يضر بالمارة) بأن لا يتعسر عليهم وعلى أحمالهم العبور ولا يظلم عليهم الطريق. وفي المبسوط: عن بعض العامة تحديد ذلك بأن لا تناله رمح الفارس إذا كان منصوبا، قال: والأول أصح، لأن الرمح لا حد له وأنه لا ينصبه وإنما يحمله على كتفه (6). وممن نص على جواز جميع ذلك القاضي (7) والمحقق (8) والشيخ في الخلاف، ودليله الأصل (9) من غير معارض. واشتهر أنه كان للعباس ميزاب إلى المسجد وكان رخص له النبي (صلى الله عليه وآله) فقلعه عمر يوما لما قطر عليه منه، فخرج العباس فقال له: أتقلع ميزابا نصبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده، فقال عمر: والله لا ينصبه إلا من رقى على ظهري فرقى العباس على ظهره فنصبه (10).
(1 و 8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 254. (2) المبسوط: ج 7 ص 188 - 189. (3) السرائر: ج 3 ص 400. (4) الوسيلة: ص 426. (5) النهاية: ج 3 ص 417. (6) المبسوط: ج 7 ص 188. (7) المهذب: ج 2 ص 508. (9) الخلاف: ج 6 ص 290 المسألة 118. (10) مسند أحمد بن حنبل: ج 1 ص 210، مع اختلاف. 266 قال في الخلاف: وهذا إجماع، فإن أحدا لم ينكره، قال: ولأن هذه الأجنحة والساباطات والسقايف - سقيفة بني النجار وسقيفة بني ساعدة وغير ذلك - إلى يومنا هذا لم ينقل أن أحدا اعترض فيها وإن ثبت (1) اعتراض معترض عليها ثبت أن إقرارها جايز بإجماع المسلمين (2). وقوى في المبسوط أنه إنما يجوز إخراج جناح وإصلاح ساباط إذا لم يمنعه مانع، فإن اعترض عليه معترض أو منعه مانع كان عليه قلعه (3). (فلو وقع الميزاب على أحد فمات) أو جرح، أو على متاع فتلف (ففي الضمان قولان): فالضمان خيرة المبسوط (4) والخلاف وفيه: إجماع الأمة (5) عليه، والجامع (6) والوسيلة إلا أن فيها: إن نصب ميزابا جاز للمسلمين المنع، فإن نصب ووقع على شئ ضمن (7). فيحتمل الضمان مع المنع. والنهاية إلا أن فيها: ومن أحدث في طريق المسلمين حدثا ليس له أو في ملك لغيره بغير إذنه من حفر بئر أو بناء حائط أو نصب خشبة أو إقامة جذع أو إخراج ميزاب أو كنيف أو ما أشبه ذلك فوقع فيه شئ أو زلق به أو أصابه منه شئ من هلاك أو تلف شئ من الأعضاء أو كسر شئ من الأمتعة كان ضامنا لما يصيبه قليلا كان أو كثيرا فإن أحدث في الطريق ما له إحداثه لم يكن عليه شئ (8). فعلق الضمان بحرمة الإحداث وعد من المحرمات الميزاب، فإما أن يريد مطلقه أو المضر منه. ونص في المبسوط على الضمان (9) مع إباحة الإحداث، ويعطيه كلام الجامع (10). وهو نص المختلف
(1) وفي الخلاف بدل " وإن ثبت ": ولا أزيلت. (2) الخلاف: ج 6 ص 290 المسألة 118. (3) المبسوط: ج 7 ص 188. (4) المبسوط: ج 7 ص 189. (5) الخلاف: ج 6 ص 291 المسألة 119. (6) الجامع للشرائع: ص 585. (7) الوسيلة: ص 426. (8) النهاية: ج 3 ص 417. (9) المبسوط: ج 7 ص 189. (10) الجامع للشرائع: ص 585. 267 وخيرته، لأنه سبب في الإتلاف (1) وإن كان مباحا كالتأديب والمعالجة والبيطرة، ولعموم قوله (عليه السلام) في صحيح الكناني المتقدم: من أضر بشئ من طريق المسلمين فهو له ضامن (2)، ونحوه في صحيح الحلبي المتقدم أيضا (3) وفي عمومه لمحل النزاع نظر فإن المفروض أن لا يضر بالطريق، ولقوله (عليه السلام) فيما تقدم من خبر السكوني: من أخرج ميزابا أو كنيفا أو أوتد وتدا أو أوثق دابة أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب، فهو له ضامن (4) قال في المختلف: وهذا نص في الباب (5). قلت: لكنه ضعيف، محتمل للتخصيص بالمضر منها. وعدم الضمان خيرة السرائر (6) والشرائع (7) والإرشاد (8) والتلخيص (9) وظاهر المفيد (10) وسلار (11) فإنهما لم يضمنا بالمباح مما يحدث في الطريق، للأصل، وكونه سائغا شرعا فلا يستعقب ضمانا، ولأنه محسن وما على المحسنين من سبيل. وفيه: أنه محسن إلى نفسه لا إلى المجني عليه، مع أن الطبيب والمؤدب ضامنان وإن لم يقصدا إلا الإحسان. (وكذا لو سقط من الرواشن أو الساباط) أو نحوهما (خشبة فقتلت) أو جنت غير القتل، ففي الضمان القولان: فالضمان خيرة المبسوط (12) والنهاية (13) والمهذب (14) والوسيلة (15) والجامع (16). والعدم خيرة السرائر (17)
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 351. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 179 - 180 ب 8 من أبواب موجبات الضمان ح 2. (3) المصدر السابق: ص 181 ب 9 ح 1. (4) المصدر السابق: ص 182 ب 11 ح 1. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 352. (6) السرائر: ج 3 ص 370. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 256. (8) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 227. (9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 489. (10) المقنعة: ص 749. (11) المراسم: ص 242. (12) المبسوط: ج 7 ص 189. (13) النهاية: ج 3 ص 417. (14) المهذب: ج 2 ص 497. (15) الوسيلة: ص 426. (16) الجامع للشرائع: ص 585. (17) السرائر: ج 3 ص 370. 268 والشرائع (1) والإرشاد (2) والتلخيص (3) وظاهر المقنعة (4) والمراسم (5) وما الذي يضمنه بوقوع الميزاب (و) غيره (الأقرب) ما في المبسوط (6) من (أن الساقط إن كان بأجمعه في الهواء) هواء الطريق (بأن انكسر الميزاب أو الخشبة) من الجناح ونحوه (فوقع ما هو في الهواء) خاصة فأتلف (ضمن الجميع) أي جميع التالف لتلفه بجناية مضمونة خاصة (وإن وقع) على التالف (الجميع) أي جميع الميزاب وغيره الذي بعضه في ملكه وبعضه في الهواء (ضمن النصف) لتلفه بمضمون هو وقوع ما في الهواء وغير مضمون هو وقوع ما في ملكه قال الشيخ: ولا فصل بين أن يقع الطرف الخارج عليه وبين أن يقع ما كان في ملكه عليه، لأن الخشبة إنما تقتل بثقلها، فإذا وقع أحد طرفيها عليه ناله ثقل الطرفين. انتهى (7) ويحتمل إن وقع الجميع أن يضمن بنسبة الخارج إلى المجموع مساحة أو ثقلا. ويحتمل ضمان الجميع على التقديرين، لإطلاق الخبرين، ولأن سقوط ما في الملك بتبعية الخارج. (وكذا لو حفر) في الطريق (بئرا لا تضر بالمارة لمصلحته) لا لمصلحتهم (ضمن ما يتلف بسقوطه فيها) لنحو ما تقدم، وإن كان لمصلحتهم فقد تقدم القول فيه. (ولو وضع على طرف سطحه صخرة أو جرة من الماء أو على حائط فوقع على إنسان) مثلا (فمات فلا ضمان) لأنه إنما تصرف في ملكه، فهو كما لو بنى في ملكه حائطا مستويا فوقع دفعة (إلا أن يضعه مائلا إلى الطريق) فهو كما لو بنى الحائط مائلا إليه.
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 255 - 256. (2) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 227. (3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 489. (4) المقنعة: ص 749. (5) المراسم: ص 242. (6) المبسوط: ج 7 ص 189. (7) المبسوط: ج 7 ص 188. 269 (ولو بنى على باب داره) في الطريق المسلوك (دكة أو غرس شجرة في طريق مسلوك فعثر به إنسان) فمات مثلا (ضمن) لما تقدم، إلا أن يكون للمصلحة العامة فالأقرب العدم، لما مر (ولو كان في) طريق (مرفوع فكذلك إن لم يأذن أربابه) يضمن التالف منهم وممن أذنوا له في الدخول ولو بشاهد الحال. (ولو أذنوا فلا ضمان، لأنه يصير) بإذنهم (كالباني في ملكه) فإنما يضمن من أدخله هو وكان أعمى أو الموضع مظلما ولم ينبهه. (وإذا رمى قشور البطيخ وشبهها من قمامات المنزل في الطريق فزلق به إنسان ضمن) للتسبيب، وعموم ما مر من صحيحي الكناني والحلبي (1). (و) لكن (لو تعمد المار وضع الرجل عليه وأمكنه العدول) عنه (فلا ضمان) لقوة المباشرة (وكذا لو رش الطريق، أو بل الطين فيه) وإن كان لمصلحة المارة في وجه (أو بالت دابته فيه، سواء كان راكبها أو قائدها أو سائقها) لأنها في يده على التقادير فهو كما لو رش أو بال نفسه. (ولو أشعل نارا في ملكه) أو ما في حكمه (فطارت شرارة أو سرت إلى ملك جاره) أو الشارع (فإن كان الهواء ساكنا أو كان بينه وبين الجار) أو الشارع (حائل يمنع الريح) عادة (ولم يتجاوز) في الإشعال (قدر الحاجة فلا ضمان) لأنه لم يتعد ولم يتصرف إلا في ملكه التصرف الجائز له. (وإن كان الهواء عاصفا ولا حائل) وإن غفل عن التعدي فيكفي قضاء العادة به (أو أجج أكثر من قدر الحاجة مع غلبة الظن بالتجاوز) أو قضاء العادة به وإن غفل عنه (ضمن. ولو عصف الهواء بغتة بعد الإشعال فلا ضمان) إلا أن يفرط في الإطفاء ونحوه بعده، وعليه يحمل إطلاق النهاية وغيرها بعدم الضمان (2) إذا أشعلها في ملكه فحملتها الريح إلى غيره فأحرقت. ولو لم يتجاوز قدر الحاجة مع ظن التعدي أو تجاوزها مع عدم ظنه فتعدت فأتلفت ففي الضمان
(1) تقدما في ص 268. (2) النهاية: ج 3 ص 419. 270 قولان أقربهما العدم، كما يظهر من الكتاب والشرائع (1) والضمان فتوى التحرير (2). (ولو أشعلها في ملك غيره) بغير إذنه أو في الشارع لا لمصلحة المارة (ضمن) ما يتلف بها من (الأنفس والأموال) وإن لم يقصد ذلك ما لم يعارض مباشر قوي كأن ألقى فيها غيره نفسا أو مالا. (ولو قصد) بالإشعال (إتلاف النفس فهو عمد) يجب به القصاص مع التكافؤ إن لم يعارضه مباشر قوي، ومنه عدم الفرار مع الإمكان، كما قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت واحترق متاعهم، قال: يغرم قيمة الدار وما فيها ثم يقتل (3). وفي النهاية: كان ضامنا لجميع ما تتلفه النار من النفوس والأثاث والأمتعة وغير ذلك، ثم يجب عليه بعد ذلك القتل (4). ونحوه في المهذب (5). ولعلهما أرادا بالنفوس ما لا يكافئه من الحيوانات أو الأناسي، ويحتمل بعيدا أن يريدا بقولهما: " ثم يجب عليه بعد ذلك القتل " قودا من ضمان النفوس، صرح به دون الضمان بالدية أو القيمة لأنه أخفى وأحق بالتنصيص. قال المحقق في النكت: ولا يلزم من قوله: " ثم يجب عليه بعد ذلك القتل " أن يكون ضمان النفوس شيئا غير ذلك (6). قال: ولا يجب مع سلامة الأنفس القتل، لكن إن اعتاد ذلك قصدا للفساد، ورأى الإمام قتله حسما لفساده، لم أستبعده (7). وحمل في المختلف كلام النهاية عليه (8). (ولو وضع صبيا في مسبعة فافترسه سبع ضمن) للتسبيب مع ضعف المباشر، بخلاف الكامل المتمكن من الفرار. وللشافعية قول بعدم الضمان مطلقا (9). (ولو أتبع إنسانا بسيفه فولى هاربا فألقى نفسه في بئر) أو نار أو
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 256. (2) التحرير: ج 5 ص 545. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 210 ب 41 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (4) النهاية: ج 3 ص 418 - 419. (5) المهذب: ج 2 ص 496. (6) نكت النهاية: ج 3 ص 418. (7) نكت النهاية: ج 3 ص 419. (8) مختلف الشيعة: ج 9 ص 353. (9) مغني المحتاج: ج 4 ص 81. 271 نحوهما (أو رمى نفسه من سطح) فتلف نفسه أو طرف منه (فإن ألجأه إلى ذلك) أي الإلقاء والرمي أو إلى الهرب (ضمن) أما إذا ألجأه إلى الإلقاء أو الرمي فلا شبهة في الضمان. وأما إذا ألجأه إلى الهرب ففي المبسوط (1): أنه لا ضمان عليه، لأنه ألجأه إلى الهرب وما ألجأه إلى الوقوع، بل ألقاه نفسه في مهلكة باختياره، فالطالب صاحب سبب والواقع مباشر، ومتى اجتمع مباشر وسبب غير ملجئ فلا ضمان على صاحب السبب، كالحافر والدافع، فإن الضمان على الدافع دون الحافر. قال في التحرير: ولو قيل بالضمان كان وجها (2). وقد تقدم الكلام فيه. (وإلا) يكن إلجاء (فلا) ضمان. (وكذا يضمن لو كان أعمى، أو كان ليلا مظلما، أو كانت البئر مغطاة) لضعف المباشرة حينئذ، وكون السبب ملجئا إلى الوقوع بالنسبة إليهم. وظاهر العبارة يعطي إرادة الإلجاء إلى الوقوع في العبارة السابقة. (ولو عدا) في هربه (على سقف فانخسف به ضمن) لعدم اختياره في الانخساف فالسبب يلجئ له إليه (ولو تعرض له) في طريقه (سبع فافترسه لم يضمن) وقد مر احتماله الضمان في التحرير. (إلا ان يلجئه إلى مضيق فيه سبع) لجريان العادة بافتراسه في المضيق وعدم إمكان الفرار عادة، فهو كمن ربط يديه ورجليه وألقاه إلى السبع. (ولو نام في الطريق) المسلوك لا لضرورة (فتعثر به إنسان فمات) أو تلف منه طرف أو متاع (ضمن) للتعدي، وعموم صحيحي الكنائي (3) والحلبي (4). (ولو مات النائم فلا ضمان على المتعثر إذا لم يعلم به) لعدم التعدي فإن وضع الطريق للسلوك، ولا أعرف فارقا بينه وبين النائم إذا انقلب على من
(1) المبسوط: ج 7 ص 159. (2) التحرير: ج 5 ص 530. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 179 - 180 ب 8 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (4) المصدر السابق: ص 181 ب 9 ح 1. 272 أتلفه، فالظاهر أنه مثله في ضمانه أو ضمان عاقلته، كما سنذكره عن المبسوط في المتعثر بالقاعد فيها. (ولو نام في المسجد معتكفا) فتعثر به إنسان (فلا ضمان عليه) لأن المعتكف لا ينام إلا في المسجد (وغيره) أي غير المعتكف، فيه (إشكال): من جواز النوم في المساجد، والفرق بينه وبين النائم المتلف بانقلابه أن التلف هناك بفعله الذي هو انقلابه وهنا بفعل التالف وهو تعثره. ومن أنها وضعت للعبادة كالطريق المسلوك، وجواز النوم مشروط بعدم الإضرار. (ولو خوف الإمام من ارتكب محرما فمات) مثلا (فلا ضمان) كما لو مات بالحد أو سراية القصاص، لأنه تخويف بحق. نعم لو أخطأ بأن كان مريضا لا يحتمل مثله مثله احتمل الضمان في بيت المال كما تقدم فيما أخطأت القضاة. (ولو خوف حبلى فأسقطت ضمن) دية الجنين، كما تقدم من قصة عمر (1) لأن التخويف ليس بحق بالنسبة إلى الجنين. (ويجب حفظ الدابة الصائلة كالبعير المغتلم، والكلب العقور، والهرة الضارية) إذا اقتناهما، لا إذا حصلا عنده من غير اقتناء. (فإن أهمل) الحفظ فأتلفت نفسا أو طرفا أو متاعا (ضمن) إذا علم حالها، كما في خبر علي بن جعفر سأل أخاه (عليه السلام) عن بختي اغتلم فقتل رجلا ما على صاحبه؟ قال: عليه الدية (2) وحسن الحلبي وصحيحه، أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن بختي اغتلم فقتل رجلا فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف فعقره، فقال (عليه السلام): صاحب البختي ضامن للدية ويقبض ثمن بختيه (3) وأما قوله (عليه السلام) العجماء جبار (4) فمخصوص بغير الصائلة أو غير المملوكة أو التي لم يفرط في
(1) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 579. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 187 ب 14 من أبواب موجبات الضمان ح 3. (3) المصدر السابق: ص 186 - 187 ب 14 ح 1 وذيله. (4) المصدر السابق: ص 202 ب 32 ح 2. 273 حفظها أو التي فرط التالف بالتعرض لها. وأما قول الصادق (عليه السلام) في مرسل يونس: بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا ما دامت مرسلة (1). فيحتمل كون الإرسال بمعنى أن لا يكون صائلة أو مجهولة الحال، وكون المعنى ما دام من شأنها الإرسال بأن لا يكون صائلة، وكون لا يغرم من باب الإفعال أو التفعيل، أي لا يغرم من جنى عليها للدفع شيئا، وكذا لو جنت عليها دابة أخرى. (ولو جهل حالها أو علم ولم يفرط) في الحفظ (فلا ضمان) لما تتلفه، لأن العجماء جبار. وفي خبر مسمع عن الصادق (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا صال الفحل أول مرة لم يضمن صاحبه فإذا ثنى ضمن صاحبه (2). (ولو جنى على الصائلة جان لم يضمن إن كان) الجناية (للدفع) عن نفسه، أو نفس محترمة أو مال محترم ولم يندفع إلا بها، كما مر (وإلا ضمن) كما مر آنفا في حسن الحلبي وصحيحه. وفي النهاية: فإن كان الذي جنى عليه البعير ضرب البعير فقتله أو جرحه، كان عليه بمقدار ما جنى عليه مما ينقص من ثمنه يطرح من دية ما كان جنى عليه البعير (3). قال ابن إدريس: هذا غير واضح، والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنه لا ضمان عليه بضرب البعير، لأنه بفعله محسن، وقد قال تعالى: " ما على المحسنين من سبيل " (4). قلت: ويمكن أن يريد ضربه بعد الجناية، لا للدفع أو مع اندفاعه بدونه. (ويضمن جناية الهرة المملوكة مع الضراوة) المعلومة له والتفريط في حفظها، وفاقا للشيخ (5) وابن حمزة (6). وتردد فيه المحقق (7) والمصنف في التحرير: من أن العادة لم تجر بربطها (8). وللعامة في ضمانها أربعة أوجه: الضمان مطلقا،
(1) المصدر السابق: ص 183 - 184 ب 13 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) المصدر السابق: ص 187 ب 14 ح 2. (3) النهاية: ج 3 ص 419. (4) السرائر: ج 3 ص 372. (5) المبسوط: ج 8 ص 79. (6) الوسيلة: ص 427. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 256. (8) التحرير: ج 5 ص 546. 274 وعدمه مطلقا، والضمان بالليل دون النهار لأن انتشارها بالليل غالبا فينبغي الاحتياط بربطها، والعكس، لقضاء العادة بحفظ ما تقصده الهرة بالليل (1). (و) لعله الأشبه في أنه (يجوز قتلها) كسائر المؤذيات. ومن العامة من لم يجزه، لعروض ضراوتها، وسهولة التحرز عن شرها (2). (ولو هجمت دابة على أخرى ضمن صاحب الداخلة جنايتها إن فرط) في حفظها (ولا يضمن صاحب المدخول عليها لو جنت على الداخلة) إذ لا تفريط. وقد روي عن أبي جعفر (عليه السلام): أن ثورا قتل حمارا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرفع إليه وهو في ناس من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر، فقال: يا أبا بكر اقض بينهم، فقال: يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ما عليها شئ، فقال: يا عمر اقض بينهم، فقال: مثل قول أبي بكر، فقال: يا علي اقض بينهم، فقال: نعم يا رسول الله، إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن صاحب الثور، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء، فقال: الحمد لله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيين (3). (ولو دخل دار قوم بإذنهم فعقره كلبهم ضمنوا) لتفريطهم، وللإجماع كما يظهر من المبسوط (4). (وإن دخل بغير إذن فلا ضمان) لتعديه، كما لو دخل فوقع في بئر. وقد نصت على الحكمين أخبار. وللعامة قول بالضمان مطلقا (5). (ولو اختلفا في الإذن قدم قول منكره) لأصلي عدمه والبراءة. (وراكب الدابة يضمن ما تجنيه بيديها ورأسها) لأنها قدامه لا ما تجنيه برجليها، لأنهما خلفه. وقد نطقت بذلك الأخبار (6) في يديها. وألحق بهما رأسها
(1) مغني المحتاج: ج 4 ص 207. (2) مغني المحتاج: ج 4 ص 207 - 208. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 191 ب 19 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (4) المبسوط: ج 8 ص 79. (5) لم نعثر عليه. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 183 ب 13 من أبواب موجبات الضمان. 275 في المبسوط (1) لمساواته في التمكن من الحفظ، ويرشد إليه ما في الأخبار: من تعليل عدم ضمان ما تجنيه برجليها بأنها خلفه. واحتمل المحقق العدم (2) لأصل البراءة، وعموم العجماء جبار، وخروجه عن نصوص الضمان. ثم إن ذلك مبني على المعتاد في الركوب، فلو ركب ووجهه خلف الدابة كان كالسائق في ضمان ما تجنيه برجليها. وهل يضمن ما تجنيه بمقاديمها إن لم يضطر إلى الركوب كذلك؟ يحتمله، للتفريط، وعموم النص (3) والفتوى. ثم إنه إنما يضمن ما تجنيه (مباشرة لا تسبيبا، كما لو أصاب شئ من موقع السنابك عين إنسان و) أبطلها أو (أبطل ضوءها أو أتلفت برشاش ماء خاضته على إشكال): من صدق الجناية فيعمه النص والفتوى، ومن الأصل وتبادر المباشرة إلى الفهم عند الإطلاق. (ولو بالت الدابة أو راثت) وهي في يده بركوبها أو غيره (فزلق إنسان فلا ضمان) كما في المبسوط (4) والوسيلة (5) والمهذب (6). (إلا مع الوقوف) غير الواقع منها عند البول أو الروث كما يعتاده بعضها (على إشكال) في الأمرين: أما في الأول فمن التسبيب مع ضعف المباشر فهو كما لو رش أو ألقى في الطريق مزلقا، ومن الأصل وعدم الاختيار في ذلك مع كون السير بالدابة من ضرورات الاستطراق وموضوعات الطرق. وأما في الثاني فلذلك، ويؤكد الضمان فيه خروج الوقوف بها عن وضع الطرق. (ولو دخلت زرعه المحفوف بزرع الغير لم يكن له إخراجها إليه مع) أدائه إلى (الإتلاف) لزرع الغير (بل يصبر) وإن أتلفت زرعه أجمع (ويضمن المالك) ما أتلفته من زرع الغير بالإخراج إن لم يصبر أو بالخروج أو
(1) المبسوط: ج 8 ص 79. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 257 وفيه: " ضمن ". (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 184 ب 13 من أبواب موجبات الضمان ح 3. (4) المبسوط: ج 7 ص 189. (5) الوسيلة: ص 426. (6) المهذب: ج 2 ص 509. 276 الدخول (مع التفريط) وهو ظاهر (ومع عدمه) ففي لزوم الصبر عليه وتضمينه (إشكال): من استناد التلف إلى دابته فيضمن كما لو أدخلت رأسها في قدر فلم يمكن التخليص إلا بالكسر، ومن الأصل وعدم التفريط والتضرر بالصبر. (وكذا القائد) إنما يضمن ما تجنيه بمقاديمها دون رجليها، كما قال الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني: ما أصاب الرجل فعلى السائق، وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب (1). (ولو وقف بها) في الطريق (أو ضربها أو ساقها قدامه ضمن جميع جنايتها) لتفريطه بالوقوف بها أو استناد الجناية إلى ضربه وجميعها بين يدي السائق فعليه حفظها. وقال الصادق (عليه السلام) في خبر العلاء بن الفضيل: وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا (2) وسمعت قوله في خبر السكوني. (ولو ضربها غيره) فجنت بذلك (فالضمان على الضارب). (ولو أوقعت) بذلك (الراكب ضمن الضارب) كما سئل الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي عن الرجل ينفر بالرجل فيعقره ويعقر دابته رجلا آخر، فقال (عليه السلام): هو ضامن لما كان من شئ (3). وقال (عليه السلام) في خبر إسحاق بن عمار: إن عليا (عليه السلام) كان يضمن الراكب ما وطئت بيدها ورجلها، إلا أن يعبث بها أحد فيكون الضمان على الذي عبث بها (4). هذا إذا لم يكن الضارب إنما ضربها دفعا لها عن نفسه، وإلا فلا ضمان، كما سأله (عليه السلام) أبو بصير عن رجل كان راكبا على دابة فغشى رجلا ماشيا حتى كاد أن يوطئه، فزجر الماشي الدابة عنه فخر عنها فأصابه موت
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 185 ب 13 من أبواب موجبات الضمان ح 5. (2) المصدر السابق: ص 184 ح 2. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 188 ب 15 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (4) المصدر السابق: ص 186 ب 13 ح 10. 277 أو جرح، قال: ليس الذي زجر بضامن، إنما زجر عن نفسه (1). ونحوه في خبر آخر له عنه (عليه السلام) وفي آخره وهي الجبار (2). (ولو ألقته) أي الراكب الدابة المملوكة لغيره (لم يضمن المالك وإن كان معها، إلا أن يكون) ألقاه (بتنفيره) أو كان الراكب صغيرا أو مريضا لا يتمكن من الاستقلال عليها فصحبه المالك لحفظه فيضمن، كما لو فرط في حفظ متاع حمله عليها. (ولو ركبها اثنان تساويا في ضمان ما تجنيه بيديها ورأسها) لعموم النصوص والفتاوى لهما، وخصوص ما روي من قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) بالغرامة بين الرديفين بالسوية (3). وفيه تردد، ولكن الأصحاب قاطعون به. (ولا ضمان على الراكب إذا كان صاحب الدابة معها) وكانت المراعاة موكولة إليه، بأن لم يكن الراكب من أهلها كالطفل والمجنون والمريض ونحوهم أو شرط عليه ذلك. (ولو أركب مملوكه الصغير دابة ضمن جنايته) لتفريطه بإركابه مع صغره (ولو كان بالغا) عاقلا (فالضمان في رقبته إن كانت الجناية على نفس آدمي) حرا أو طرفه، ويجوز تعميم النفس للطرف. (ولو كانت) الجناية (على مال) فلا ضمان على المولى في رقبته ولا غيرها بل (تبع به بعد العتق) وفاقا للمحقق (4) وابن إدريس (5) وإن لم ينص في الأخير على أنه يتبع به بعد العتق. وأطلق الشيخ (6) والقاضي (7) ضمان المولى، لإطلاق صحيح ابن رئاب، عن الصادق (عليه السلام) في رجل حمل عبده على دابته فوطئت رجلا، فقال: الغرم على
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 42 ب 21 من أبواب قصاص النفس ح 3. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 206 - 207 ب 27 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 211 ب 43 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 257. (5) السرائر: ج 3 ص 372. (6) النهاية: ج 3 ص 420. (7) المهذب: ج 2 ص 497. 278 مولاه (1). وهو لا يشمل الجناية على المال كعبارتيهما، وحمل العبد ظاهر في عدم كماله، وكذا ما في عبارتيهما من لفظ الإركاب على أن التعلق برقبته من الغرم على المولى. (الفصل الرابع في الترجيح بين الأسباب) وبينها وبين غيرها. (إذا اجتمع المباشر والسبب) وتساويا في القوة أو رجح المباشر (ضمن المباشر) دون المسبب اتفاقا (كالدافع) في البئر (مع الحافر والممسك مع الذابح، وواضع الحجر في الكفة مع جاذب المنجنيق) فالضمان على الدافع والذابح والجاذب. (ولو جهل المباشر حال السبب ضمن) صاحب (السبب) أو ضمن من التضمين (كمن غطى بئرا حفرها في ملك غيره) وغير الموات (فدفع غيره ثالثا ولم يعلم) بالبئر (ضمن الحافر) دون الدافع لانتفاء أثره بالغرور. (وكذا لو فر من مخوف فوقع في بئر لا يعلمها) وإن لم يلجئه إلى سلوك هذا الطريق. (ولو حفر في ملك نفسه وسترها ودعا غيره) ولم يعلمه عمدا أو نسيانا فوقع فيها (فالأقرب الضمان) وإن لم يكن بالحفر متعديا (لأن المباشرة يسقط أثرها مع الغرور) ولا يطل دم المسلم. ويحتمل العدم إذا لم يغره عمدا، لأصل البراءة مع عدم التعدي، وعموم نحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر زرارة: ولو أن رجلا حفر بئرا في داره ثم دخل رجل فوقع فيها لم يكن عليه شئ ولا ضمان، ولكن ليغطها (2). وما في مضمر سماعة من قوله: أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان (3). و (لو اجتمع سببان مختلفان) في التقدم والتأخر بالنسبة إلى الجناية
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 188 - 189 ب 16 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 180 ب 8 من أبواب موجبات الضمان ح 4. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 180 ب 8 من أبواب موجبات الضمان ح 3. 279 (قدم الأول منهما في الضمان) وإن تأخر حدوثه عن الآخر. (فلو حفر بئرا في طريق مسلوك ونصب آخر حجرا فتعثر به إنسان فوقع في البئر فمات، ضمن واضع الحجر) لكونه كالدافع. (ولو نصب سكينا في بئر محفورة) في طريق مسلوك (فتردى إنسان فمات بالسكين فالضمان على الحافر) فإنه بمنزلة الموقع له على السكين. واحتمل المحقق التساوي في الضمان، لأن التلف لم يتمحض من أحدهما (1) واحتمل ثالث هو اختصاص الضمان بذي السبب القوي كما لو كان السكين قاطعا موجبا. ولا أفهمه فإن السكين وإن كان قاطعا لكن لا يضمن إلا من يوقعه عليه ولم يقع عليه إلا التردي في البئر. (هذا كله إذا تساويا في العدوان. ولو اختص أحدهما به اختص بالضمان) كما لو حفر البئر في ملكه فنصب آخر فيها سكينا بغير إذنه، فإن الضمان على الناصب. (أما لو سقط الحجر بالسيل على طرف البئر) المحفورة عدوانا (ففي ضمان الحافر) لاختصاصه بالعدوان (إشكال) ينشأ من استناد التردي إلى الحجر. (ولو حفر بئرا قريب العمق فعمقها غيره فالضمان على الأول) لأن سببه أسبق (أو يشتركان) لاستناد التلف إلى سبب واحد اشتركا فيه فإن المتلف إنما هو التردي في البئر بما لها من العمق (إشكال). وإذا اشتركا فهل الضمان عليهما بالسوية أو يوزع على القدر الذي أحدثه كل منهما؟ وجهان، والظاهر أن احتمال الاشتراك إنما يجري إذا كان ما أحدثه الثاني مما يستند إليه التلف عادة، بأن لا يكون قليلا جدا. وأما الأول فلابد من حفره حتى يبلغ ما يسمى بئرا فإنه المفروض. (ولو تعثر بحجر في الطريق فالضمان على واضعه) وإن كان المتعثر مباشرا، لضعفه كالمتردي في بئر لا يعلمها. ولو تعثر به رجل فدحرجه ثم تعثر به
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 258. 280 آخر فالضمان على المدحرج، لأنه الذي وضعه في موضعه هذا. نعم لو لم يشعر بذلك فالدية على العاقلة، لأنه خطأ محض. (ولو تعثر بقاعد) في الطريق (فالضمان على القاعد) فإنه المفرط لوضع الطريق للمشي والوقوف. نعم لو تلف القاعد أو شئ منه كان الضمان على العاثر، كما في المبسوط (1). ويحتمل الإهدار. (ولو تعثر) الماشي (بواقف) في الطريق (فضمان الواقف) إن تلف نفسا أو طرفا (على الماشي، لأن الوقوف من مرافق المشي) لأن الماشي قد يحتاج إلى الوقوف لكلام أو انتظار رفيق، فهو من موضوعات الطريق وليس من التفريط في شئ. (والماشي هدر) لتلفه بمباشرته بلا تفريط من الواقف. (ويحتمل مساواة) الوقوف (القعود) في أنه ليس من أغراض الطريق فيكون الواقف مفرطا، فعليه ضمان الماشي وهو هدر أو مضمون أيضا. (ولو تردى في بئر) حفرت عدوانا (فسقط عليه آخر) فماتا وكان موت الأول بالتردي وسقوط الآخر عليه (فضمانهما على الحافر) لأنه المسبب لترديهما وموتهما. (وهل لورثة الأول الرجوع على عاقلة الثاني بنصف الدية حتى يرجعوا به على الحافر؟ إشكال): من موت الأول بسببين، التردي وسقوط الآخر عليه، فله الدية على الفاعلين بالسوية، ولما كان السقوط خطأ محضا كان النصف على عاقلته ورجوعهم على الحافر، لأنه المسبب للسقوط. ومن ضعف مباشرة الساقط وقوة تسبيب الحافر. (ولو زلق (2) على طرف البئر فتعلق بآخر وجذبه وتعلق الآخر بثالث ووقع بعضهم على بعض وماتوا، فالأول مات من ثلاثة أسباب: بصدمة البئر، وثقل الثاني والثالث، فسقط ما قابل فعله) أي جذبه الثاني (وهو
(1) المبسوط: ج 7 ص 161. (2) كذا في القواعد وفي النسخ " تزلق ". 281 ثلث الدية، ويبقى على الحافر ثلث، وعلى الثاني ثلث، فإنه جذب الثالث. والثاني هلك بسببين: هو متسبب إلى أحدهما) وهو جذبه الثالث والسبب الآخر جذب الأول له (فهدر نصفه) لاستناده إلى نفسه (ونصف ديته على الأول، لأنه جذبه) ولا شئ على الحافر، لقوة المباشرة، فالجاذب كالدافع (وأ ما الثالث فكل ديته على الثاني) فإنه إنما هلك بفعله. (ولو جذب إنسان آخر إلى بئر فوقع المجذوب فمات الجاذب بوقوعه عليه فالجاذب هدر) لاستناد موته إلى فعل نفسه. (ويضمن المجذوب لو مات، لاستقلاله بإتلافه. ولو ماتا فالأول هدر، وعليه دية الثاني في ماله) لأن جنايته عمد أو شبيه به. (ولو جذب الثاني ثالثا فماتوا بوقوع كل منهم على صاحبه فالأول مات بفعله وفعل الثاني) وليس للحافر هنا فعل، لأنه تعمد الوقوع (فيسقط نصف ديته) بإزاء فعله (ويضمن الثاني النصف، والثاني) كذلك مات بفعله وفعل الأول، فإنه (مات بجذبه الثالث عليه وجذب الأول) له (فيضمن الأول النصف، ولا ضمان على الثالث) لأن انجذابه بفعل الثاني نفسه فالنصف هدر (وللثالث) كل (الدية) فإنه إنما هلك بفعل الغير الذي هو الجاذب. وعلى من الدية؟ قال المفيد (1) والقاضي (2): على الثاني، كما سيأتي في حديث الزبية، وهو أقوى. وقال ابن إدريس: على الأول والثاني نصفين، قال: وهو الذي يطابق ما رواه أصحابنا (3). يعني به غير خبر الزبية. ومبناهما على أنه إذا قوي السبب بأن يكون ملجئا إلى المباشرة، فهل يشترك مع المباشرة في الضمان أو الرجحان للمباشرة القوية؟ (فإن رجحنا المباشرة فديته على الثاني) فإنه المباشر للجذب (وإن
(1) المقنعة: ص 750. (2) المهذب: ج 2 ص 498. (3) السرائر: ج 3 ص 375. 282 شركنا بين القابض) للجاذب الملجئ له إلى الجذب (والجاذب) المباشر (فالدية على الأول، والثاني نصفين) وهذا معنى ما في السرائر من نسبته الجذب إليهما، فإن قوة القبض على الجاذب وإلجاءه إليه نزله منزلة مباشرة الجذب. (ولو جذب الثالث رابعا فمات بعض على بعض فللأول ثلثا الدية، لأنه مات بجذبه الثاني عليه) وهو فعله (وبجذب الثاني الثالث عليه، وبجذب الثالث الرابع، فيسقط ما قابل فعله، ويبقى الثلثان على الثاني والثالث) نصفين. (ولا ضمان على الرابع). (وحفر الحافر سبب، والسبب لا يعتبر مع المباشرة) القوية فلا ضمان عليه أيضا. (وكذلك جذب الأول سبب في جذب) الثاني (الثالث و) الثالث (الرابع، و) كل من (جذب الثاني الثالث وجذب الثالث الرابع مباشرة، فلا يعتبر معها السبب) بالنسبة إلى تلف الأول، حتى يسقط لذلك من ديته شئ سوى ما سقط، لمباشرته جذب الثاني (فصار التلف حاصلا بفعل الأول) نفسه وهو مباشرته جذب الثاني. (و) بفعل (الثاني والثالث) فيسقط ما قابل فعله ويثبت له الثلثان (وللثاني ثلث الدية أيضا، لأنه مات بجذب الأول) بالرفع فاعل الجذب وإن ندر هذا التركيب (وبجذبه) نفسه (الثالث، وبجذب الثالث الرابع عليه، فيسقط ما قابل فعله. ويجب الثلثان على الأول والثالث) نصفين (وللثالث ثلثا الدية أيضا، لأنه مات بجذبه الرابع، وبجذب الثاني والأول له) بناء على تشريك السبب مع المباشرة وإلا فله نصف الدية لأنه مات بجذبه الرابع وبجذب الثاني له. (أما الرابع فليس عليه شئ، وله الدية كاملة. فإن رجحنا المباشرة فديته عليه) أي المباشر وهو الثالث (وإن شركنا) المسبب والمباشر (في الضمان فالدية أثلاثا بين الأول والثاني والثالث) وكما لم يظهر لي الفرق بين
283 الثالث والرابع في أن ضمان الأول مبني على تشريك المسبب والمباشر لم يظهر الفرق بين نسبة السبب إلى تلف نفس المسبب ونسبته إلى الثالث أو الرابع، حتى احتمل هنا الشركة مع المباشرة في الضمان ولم يحتمل هناك. واحتمل في المختلف: أن يكون الأول هدرا وعليه دية الثاني، وعلى الثاني دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع (1). بناء على عدم اعتبار السبب والإلجاء، فالأول إنما تلف بفعل نفسه الذي هو جذبه الثاني، وأما جذب الثاني الثالث فقد ألجئ إليه، وكذا الثالث في جذبه الرابع، وعليه دية الثاني جميعها، لأنه الذي باشر جذبه من غير إلجاء، وأما جذب الثاني والثالث فإنما صدر عنهما عن إلجاء، وعلى الثاني دية الثالث، لأنه المباشر لجذبه، وأما الأول فهو مسبب، وأما جذب الثالث الرابع فعن إلجاء، وكذا الباقي. (ولو وقع الأول في البئر ثم وقع الثاني فوقه فمات الأول فالضمان على الثاني) كما في المبسوط (2) والشرائع (3) والجامع (4) قصاصا إن أوقع نفسه عليه متعمدا قتله أو كان مما يقتله غالبا، أو دية إن كان شبيه عمد، فإن كان خطأ محضا فعلى عاقلته، وإن دفعه غيره فعليه الضمان، والثاني هدر إن لم يوقعه غيره ولم يكن البئر حفرت عدوانا. (ويحتمل) أن لا يكون على الثاني إلا (النصف، لأن الوقوع في البئر سبب الهلاك، فالتلف) إنما (حصل من الفعلين، فإن كان الحافر متعديا) بالحفر ولم يتعمد الأول الوقوع ولا دفعه غيره (ضمن) الحافر (النصف، وإلا) يكن متعديا (سقط) لكون الوقوع فعل نفسه. ولعلهم فرضوا وقوعا لا يقتل، فلذا نسبوا جميع الضمان إلى الثاني. (ولو وقع فوقهما ثالث فماتوا كلهم، فإن كان الأول قد نزل إليها) ولم يقع فيها حتى يكون فعل نفسه مهلكا (فديته على الثاني والثالث) أو عاقلتهما
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 339. (2) المبسوط: ج 7 ص 190. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 251. (4) الجامع للشرائع: ص 588. 284 أو دافعهما (نصفين (1)) تعدى الحافر بالحفر أو لا (لأنه) إنما (مات بوقوعهما عليه، وإن كان قد وقع فيها) فكان فعله مهلكا (فعلى) القول (الأول الضمان عليهما) أيضا أو على عاقلتهما أو دافعهما. (وعلى الثاني) أي الاحتمال (عليهما ثلثا الضمان، والثلث الآخر على الحافر إن كان متعديا) بالحفر ولم يتعمد الأول الوقوع ولا دفعه غيره (وهدر إن لم يكن) كذلك، لأنه مقابل فعل نفسه (و) جميع (دية الثاني على الثالث) أو عاقلته أو دافعه (على الاحتمال الأول والنصف) خاصة (على الثاني) والنصف الآخر إما على الحافر أو هدر (والثالث حكمه حكم من وقع في البئر ابتداء) ولم يقع عليه غيره، فهو إما هدر أو ضمانه على الحافر. ولو وقعوا من غير جذب لأحد منهم أحدا وقوعا مهلكا بدون وقوع بعضهم على بعض لبعد القعر جدا أو وجود ماء مغرق أو أسد مفترس فلا ضمان على أحد منهم لأحد، لأن وقوعه مما لا أثر له. وكذا إن شككنا في ذلك، لأصل البراءة. (ولو وقع الأول فجذب آخر ثم الثاني ثالثا والثالث رابعا والبئر متسعة ووقع كل واحد في زاوية) لا بعضهم على بعض (فدية الأول على الحافر مع العدوان، وهدر لا معه) إلا أن يدفعه غيره (ودية الثاني على الأول، ودية الثالث على الثاني، ودية الرابع على الثالث) إلا أن يشرك السبب مع المباشرة فيكون دية الثالث على الأولين ودية الرابع على الثانيين. (ولو وقع بعضهم على بعض) بجذب الأول الثاني وهكذا (فماتوا) فهي عين المسألة المتقدمة أعادها لذكر الاحتمالين (احتمل ما تقدم) وهو مبني على أمرين: الأول أن لا يعد وقوع الأول ولا سببه الذي هو الحفر عدوانا من أسباب تلفه لما ستعرف، والثاني أن لا يعتبر في تلف المباشر نفسه تسبيب نفسه مع قوة مباشرة الغير وإن احتمل اعتبار التسبيب مع المباشرة بالنسبة إلى تلف الغير
(1) في القواعد: نصفان. 285 وقد ذكرت أنه لم يظهر الفرق لي. (و) احتمل (أن يكون دية الأول أرباعا) توزيعا لها على عدد الأفعال دون الفاعلين واعتبارا للمباشرة القوية لوقوعها عمدا دون السبب الضعيف، وبالعكس أعني اعتبارا للسبب مع ضعف المباشرة لوقوعها لا عن عمد (ربعه على الحافر مع العدوان) لقوة سببه بالنسبة إلى مباشرة الوقوع (وهدر لا معه) لكون الوقوع من فعله (وربعه هدر) لا محالة (بجذبه الثاني على نفسه، وربعه على الثاني بجذبه الثالث) عليه (وربعه على الثالث بجذبه الرابع) ولا اعتبار مع مباشرة هذين الجذبين بتسبيب الأول لهما لقوة المباشرتين. والمحصل: أن الحفر إن لم يكن عدوانا فالفاعل لتلف الأول ثلاثة، نفسه والثاني والثالث، ولكن وقع من الأول فعلان هما الوقوع وجذبه الثاني. فإما أن يعتبر الوقوع ويوزع الدية على الأفعال الأربعة، لأصالة البراءة، أو يعتبر ولكن يوزع على الفاعلين الثلاثة، لأصل عدم الإهدار، ولما تقرر من أنه لو جنى على نفس رجلان فجرحه أحدهما جرحا والآخر مائة كان الضمان عليهما نصفين. أو لا يعتبر لوقوعه اتفاقا والجهل بدخوله في أسباب التلف والأصل عدم إهدار دم المسلم كلا وبعضا فالتوزيع أيضا أثلاثا. وإن كان الحفر عدوانا فالمتلف للأول أربعة: الحافر تسبيبا، ونفس التالف والثاني والثالث كلهم مباشرة. فإما أن يعتبر السبب مع المباشرة لكون السبب سببا لغير المباشرة وإنما يسقط السبب مع قوة المباشرة إذا كان سببا لها فيوزع الدية أرباعا، أو لا يعتبر بناء على عدم السبب مع قوة المباشرة مطلقا فيوزع أثلاثا. (وأما الثاني فديته أثلاثا فثلث هدر بجذبه الثالث على نفسه، وثلثه على الأول) لجذبه (وثلثه على الثالث بجذبه الرابع) عليه، ولا عبرة بالأسباب مع هذه المباشرات القوية حتى بالحفر عدوانا، إذ لا عبرة به مع دفع الغير، فكذا مع جذبه، لما عرفت من أنه لا عبرة مع قوة المباشرة بالسبب.
286 (وأما الثالث فنصف ديته هدر بجذبه الرابع على نفسه، ونصفه على الثاني، لأنه جره إلى البئر) ولا فعل للأول إلا التسبيب ولا عبرة به، كما لا عبرة بتسبيب الحافر. (وأما الرابع فكل ديته على الثالث، لأنه) الذي (جره إلى البئر) مباشرة، ولا عبرة بتسبيب الأولين. وقد ظهر لك من النظر إلى هذا الاحتمال وإلى ما تقدم مع ما أشرنا إليه هناك: أنه لا مخالفة بينهما إلا بالنسبة إلى التالف الأول، إلا أنه تعرض هناك في الرابع لاحتمال تشريك المباشر والمسبب أيضا، واقتصر هنا على عدمه كما اقتصر هناك في الثالث على التشريك. (واحتمل أن) العبرة في الضمان بالمباشرة وما يتولد منها وإن كان سببا لأنه في حكم المباشرة لتولده منها دون السبب المتقدم عليها من غير المباشر، والضمان بالمتولد من المباشرة على المباشر، وعلى هذا (دية الأول كلها هدر، لأنه جذب الثاني) على نفسه (وهو مباشرة، وهو السبب في جذب) الثاني (الثالث و) الثالث (الرابع) فهما تولدا من مباشرته، فهما في حكمها لا ضمان بهما إلا على المباشر. (وحفر الحافر سبب، والسبب لا يتعلق به الضمان مع المباشرة) القوية إذا لم يتولد منها (فكأنه أتلف نفسه بجذبه الثاني وما تولد منه، ودية الثاني نصفها هدر، ونصفها على الأول، لأنه مات بسبب جذبه الثالث على نفسه) وجذب الثالث الرابع إنما تولد منه (و) بسبب (جذب الأول له، ودية الثالث كذلك، لأنه مات بجذبه الرابع وجذب الثاني له) ولا عبرة بتسبيب الأول (ودية الرابع على الثالث، لأنه) إنما (هلك بسبب فعله) لأن من قبله مسبب، وهذا الاحتمال يخالف ما تقدم في الأولين. (وروي) في الصحيح عن (محمد بن قيس) الثقة (عن الباقر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أربعة وقع واحد منهم في زبية الأسد)
287 أي عرينه، وأصلها الأرض المرتفعة فوق الأكمة، لأنهم كانوا يحفرون للأسد في موضع عال. (فتعلق بثان، وتعلق الثاني بثالث، والثالث تعلق برابع فافترسهم الأسد: أن الأول فريسة الأسد وغرم أهله ثلث الدية للثاني، وغرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وغرم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة (1). وهي مشهورة) بين الأصحاب. ويستشكل بمخالفتها للأصول، فإنه لا يخلو إما أن لا يسند الضمان إلا إلى المباشرة، أو يشرك معها السبب. وعلى الأول فإما أن يكون ما يتولد من المباشرة بحكمها أولا، وعلى كل فإما أن كان وقع بعضهم على بعض وكان ذلك سببا لافتراسهم، أو لم يقعوا كذلك، أو لم يكن لذلك مدخل في الافتراس، فإن وقع بعضهم على بعض وكان ذلك سببا للافتراس كان الحكم ما تقدم من أحد الوجوه، وإلا فكل سابق يضمن جميع دية اللاحق، أو بشركة سابقه، أو يضمن الأول الجميع. ووجهوها تارة بأن الأول لم يقتله أحد فهو هدر، والثاني قتله الأول، وهو قتل الثالث والرابع، فقسطت ديته على الثلاثة، فاستحق منها ما قابل الجناية عليه وسقط ما قابل جنايته، والثالث قتله الأولان وهو قتل الرابع، فبالتقسيط له الثلثان ويسقط الثلث. وأخرى: بأن دية الرابع على الثلاثة بالسوية، لاشتراكهم في سببية تلفه، وإنما نسب إلى الثالث، لأنه استحق على الأولين ثلثي الدية فيضيف إليهما ثلثا آخر للرابع، والثاني يستحق على الأول ثلث الدية فيضيف إليه ثلثا آخر للثالث. وأنت على خبر بما فيهما من التناهي في الضعف، والصواب: أن يقال: إن الثاني والثالث كانا مملوكين وكانت قيمة الثاني بقدر ثلث دية الحر وقيمة الثالث بقدر ثلثيها ولم يقع أحد منهم على أحد أو وقع ولم يكن لذلك مدخل في الافتراس، فعلى كل جميع دية من باشر جذبه، بناء على اختصاص المباشر بالضمان. (وروي) ضعيفا عن (مسمع) بن عبد الملك (عن الصادق (عليه السلام): أن
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 176 ب 4 من أبواب موجبات الضمان ح 2. 288 عليا (عليه السلام) قضى) في قوم ازدحموا على زبية الأسد فوقع فيها رجل فتعلق بآخر، فتعلق الآخر بآخر، والآخر بآخر، فجرحهم الأسد، فمنهم من مات من جراحته، ومنهم من أخرج فمات: (أن للأول ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية، وللرابع الدية كاملة، وجعل ذلك على عاقلة الذين ازدحموا) فرضي بعض وسخط بعض (وكان ذلك في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وأمضاه (1)). (ووجهه) بعد التسليم (أن يفرض حفر الزبية تعديا واستناد الافتراس إلى الازدحام المانع من التخلص، فحينئذ الأول مات بسبب الوقوع في البئر ووقوع الباقي) أي الثلاثة (فوقه، إلا أنه) أي وقوع الباقي (نتيجة فعله) الذي هو التعلق بالباقي (فلم يتعلق به ضمان) تنزيلا لما يتولد من المباشرة منزلتها (وهي ثلاثة أرباع السبب، فيبقى الربع على الحافر) ويبنى أيضا على توزيع الضمان على عدد الجنايات دون الجناة، فإن الجاني حينئذ اثنان الحافر ونفسه، وعلى اعتبار السبب وإدخاله في الضمان مع المباشرة القوية، لكن لغير ما هو سبب له، (وموت الثاني بسبب جذب الأول) له (وهو ثلث السبب، ووقوع الاثنين فوقه وهو ثلثاه، ووقوعهما فوقه من فعله) أحدهما مباشرة والآخر توليدا (فوجب ثلث الدية) وسقط ثلثاها (وموت الثالث من جذب الثاني) له (وهو نصف السبب، ووقوع الرابع عليه وهو فعله فوجب نصف الدية، والرابع له كمال الدية، لأن سبب هلاكه جذب الثالث له) خاصة ولا فعل لنفسه تسبب له ليسقط بإزائه منها شئ (ويحمل قوله " وجعل ذلك) على عاقلة الذين إزدحموا " (على جعل) ما عدا الربع على عاقلة الثلاث المزدحمين فجعل (الثلث على عاقلة الأول والنصف على عاقلة الثاني والجميع على عاقلة الثالث) لا على أنفسهم، لأن ما صدر عنهم من الجذب إنما صدر عنهم من حيث لم يشعروا به لما اعتراهم من الدهشة فهو كانقلاب النائم
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 175 - 176 ب 4 من أبواب موجبات الضمان ح 1 مع اختلاف. 289 على من قتله، فلا يرد أنه عمد أو شبهه، فلا وجه لإيجابها على عاقلتهم. ولكن في بعض كتب الإسماعيلية: أنه (عليه السلام) جعل ذلك على جميع من حفر الزبية. (وأما الرابع (1) فعلى الحافر) نفسه، لأنه تعمد الحفر (2). وفي مسند أحمد ابن حنبل عن سماك عن حنش، أنه (عليه السلام) قال: أجمعوا من قبايل الذين حفروا البئر ربع الدية وثلث الدية ونصف الدية والدية الكاملة (3). ولا عبرة به. (ويمكن أن يقال: على الأول) جميع (الدية للثاني، لاستقلاله بإتلافه) لأنه تلف بجذبه له وما تولد منها وألجأ إليه الثاني من جذب الثالث المولد لجذب الرابع. (وعلى الثاني) جميع (دية الثالث) لذلك (وعلى الثالث) جميع (دية الرابع). (ولو شركنا) في الضمان (بين مباشر الإمساك والمشارك في الجذب) للتسبيب والمباشر لإمساك الثالث والثاني والمشارك له في الجذب بالتسبيب الأول وهكذا. ويحتمل تعلق قوله " في الجذب " بالتشريك (فعلى الأول دية) للثاني (ونصف) للثالث (وثلث) للرابع، فالدية للمباشرة والباقيان للتسبيب (وعلى الثاني نصف) للثالث بالمباشرة (وثلث) للرابع بالتسبيب. (وعلى الثالث ثلث دية لا غير). (الفصل الخامس فيما يوجب التشريك) بين الجاني والمجني عليه. (إذا اصطدم حران فماتا) غير متعمدي قتل (فلورثة كل منهما نصف ديته، ويسقط النصف، لأن تلف كل واحد مستند إلى فعله وفعل صاحبه، سواء كانا) مقبلين أو مدبرين، أو مختلفين بصيرين أو أعميين، أو مختلفين وقعا مستلقيين، أو منكبين أو مختلفين، وسواء كانا (فارسين أو راجلين، أو
(1) في نسخة " ق " الربع. (2) نيل الأوطار: ج 7 ص 235 - 236. (3) مسند أحمد بن حنبل: ج 1 ص 77. 290 أحدهما فارسا والآخر راجلا) ولا فرق بين أن يكونا على فرسين أو بغلين أو حمارين أو فيلين أو جملين أو غيرها أو أحدهما على فرس والآخر على بغل أو حمار، أو أحدهما على فرس والآخر على فيل أو جمل، لاشتراكهما في كل من الجنايتين. فإن تعمدا الاصطدام كان لورثة كل منهما الدية على تركة الآخر، وإن لم يتعمدا بأن كان الطريق مظلما أو كانا أعميين أو غافلين فعلى عاقلته. وإن تعمده أحدهما دون الآخر فلكل حكمه. وقال أبو حنيفة: لورثة كل منهما جميع ديته (1). وقال: إن وقع أحدهما مستلقيا والآخر منكبا فالمكبوب هو القاتل فهو هدر (2) فإن وقعا منكبين أهدرا. (وعلى كل منهما نصف قيمة فرس الآخر) بل مركوبه (إن) كانا فارسين و (تلفت بالتصادم، ويتقاصان في الدية والقيمة، فيرجع صاحب الفضل) فيهما أو في أحدهما بالفضل على تركة الآخر أو عاقلته. وإن كانت الديتان على العاقلتين فلا تقاص. (ولو قصدا القتل) كلاهما أو أحدهما أو الاصطدام مع كونه مما يقتل غالبا (فهو عمد) ففي تركة كل منهما نصف دية الآخر مغلظة. وقال أبو حنيفة: خطأ والدية على عاقلتهما (3) وبعض الشافعية: أنه شبيه عمد، بناء على أن الاصطدام لا يقتل غالبا (4). (ولو غلبتهما الدابتان احتمل إهدار الهالك) إذا لم يكن من عادة الدابتين ذلك، أو لم يعلم به الراكبان (إحالة) للإتلاف (على الدواب) لفرض انتفاء الاختيار عنهما، فالجنايتان كجناية الدواب غير الصائلة إذا أرسلت في زمان يجوز فيه الإرسال. (واحتمل الإحالة على ركوبهما) كما في المبسوط
(1) الهداية للمرغياني: ج 4 ص 199. (2) فتاوى قاضيخان (بهامش الفتاوى الهندية): ج 6 ص 384. (3) اللباب: ج 3 ص 168، الهداية للمرغياني ج 4 ص 199. (4) المجموع: ج 19 ص 26 - 27. 291 والشرائع (1) وغيرهما لتسببه للجنايات. (فإن كانا) كاملين كان على عاقلة كل منهما نصف دية الآخر ولا ضمان للمركوبين. وإن كانا (صبيين) أو مجنونين (أركبهما أجنبي متعد) بالإركاب (فحوالة الجميع) أي الجناية على الراكبين والمركوبين (عليه) لتعديه، فقيمة المركوبين على نفسه لو لم يملكهما وجميع ديتي الراكبين على عاقلته. وإن أركبهما أجنبيان كذلك فعلى كل منهما وعاقتله نصف الجنايات، فلا يتفاوتان في الضمان باتفاق الديتين والقيمتين واختلافهما. (وإن أركبهما الولي) لمصلحتهما (فلا حوالة عليه) لأن له ذلك (و) نصف (ديتهما على عاقلتهما) ولا ضمان للمركوبين. (ولو ركبا بأنفسهما فنصف دية كل واحد من الصبيين على عاقلة الآخر) كما لو أركبهما الولي. ومنه يظهر رداءة العبارة. (ولو كانا) أي المتصادمان راجلين أو راكبين (عبدين بالغين) أو غيرهما (سقطت جنايتهما، لأن نصيب كل واحد منهما) من الجناية عليه وهو نصفها (هدر) لأنه جناية على نفسه (والذي على صاحبه فات بفوات محله) لتعلقه برقبته وقد فاتت. (ولو كان أحدهما عبدا) والآخر حرا (فلا شئ لمولاه) ولا عليه، أما الثاني فلتعلق جنايته برقبته وقد فاتت، وأما الأول فلأنه كما جنى عليه الحر جنى هو على الحر فيتقاصان وإن زاد نصف قيمته على نصف دية الحر، إذ لا عبرة بالزيادة عندنا. (ولو مات أحد المتصادمين فعلى الباقي) أو عاقلته (نصف ديته)
(1) المبسوط: ج 7 ص 261 و 263 والشرائع: ج 4 ص 250 وفيهما: " يفهم من إطلاقهم التصادم من دون تقييد، ومن حكمهم في الصبيين إذا ركبا بأنفسهما بأن نصف دية كل واحد منهما على عاقلتهما ولم يفصلوا بين ما إذا غلبتهما الدابتان كما هو الغالب وبين ما إذا لم تغلبهما ". راجع مفتاح الكرامة: ج 10 ص 335. 292 وعن موسى بن إبراهيم المروزي، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في فارسين اصطدما فمات أحدهما فضمن الباقي دية الميت (1). وهو مع التسليم يحتمل ضعف صدمة الميت بحيث علم أنه لا مدخل لها في موته. (ولو تصادم حاملان) فماتتا مع جنينيهما (فعلى كل واحدة) أو عاقلتها (نصف دية الأخرى، ونصف دية جنينها ونصف دية جنين الأخرى) وهدر نصفها، وإن لم يعلم ذكورة الجنين وأنوثته فربع دية الذكر وربع دية الأنثى. والكل واضح. (ولو صدم إنسانا) لم يصدمه (فمات فديته في مال الصادم) أو عاقلته. وإن تعمد القتل به أو تعمد الصدم وكان مما يقتل غالبا فعليه القصاص مع التكافؤ. وللعامة قول بأن الدية على عاقلته مطلقا (2). (ولو مات الصادم فهدر) تعمد الصدم أم لا (إن كان المصدوم) غير متعد في وقوفه أو جلوسه، بأن كان (في ملكه أو مباح أو طريق واسع) أو كان يمشي في الطريق وإن كان ضيقا. (ولو كان في طريق ضيق والمصدوم واقف) أو جالس من غير ضرورة (قيل) في المبسوط: (يضمن المصدوم، لأنه فرط بوقوفه) (3) فهو مسبب للتلف والمباشر ضعيف. ويحتمل الإهدار لأن الصدم من فعل الصادم والوقوف من مرافق المشي. وفيه: أن الكلام في الوقوف الغير السائغ، وهو كوضع حجر في الطريق يتعثر به فيتلف. (ولو قصد) الصادم (الصدم فدمه هدر) قطعا (وعليه دية المصدوم) إن تلف، أو القصاص إن تعمد القتل، أو كان الصدم قاتلا غالبا.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 195 ب 25 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) المجموع: ج 19 ص 26، مختصر المزني: ص 247. (3) المبسوط: ج 7 ص 167. 293 (ولو اصطدمت سفينتان فهلك ما فيهما من المال والنفس) فالسفينتان كالدابة، والملاح كالراكب، وغلبة الريح أو الماء كغلبة الدابة (فإن كانا) أي الملاحان كاملين (مالكين) للسفينتين وما فيهما من مال (وقصدا) الإتلاف أو (التصادم وعلما التلف معه غالبا) أو لم يعلماه وكان كذلك (فعلى كل منهما القصاص لورثة كل قتيل، وعلى كل واحد منهما نصف قيمة سفينة صاحبه ونصف ما فيها من المال) ونصف دية صاحبه ان تلفا (وإن لم يقصدا) التصادم (لكن فرطا) بأن كان يمكنهما الصرف عن السمت أو الحبس فلم يفعلا أو أجرياهما مع هبوب الريح أو طغيان الماء. (أو قصدا ولم يعلما أنه يؤدي إلى التلف) ولم يكن كذلك غالبا (أو) علما بعد الإرسال وقصد التصادم الأداء إلى التلف لكن (تعذر عليهما الضبط لخلل في الآلات وقلة) في (الرجال فالحكم ما تقدم) من ضمان الأنفس ونصف قيمة السفينتين وما فيهما، (إلا في القصاص) لعدم التعمد (ويجب عليهما الدية عوضه، لكل واحد) من الأنفس التالفة (دية كاملة) موزعة (عليهما) مع قصدهما التصادم، وعلى عاقلتهما بدونه. (ولو لم يكونا مالكين) للسفينتين ولا لما فيهما، بل مستأجرين أو غاصبين لهما، أو أجيرين لمالكيهما أو غير ذلك (ضمن كل منهما نصف السفينتين وما فيهما) وإن كان الملاحان صغيرين أو مجنونين، فإن أجريا السفينة بأنفسهما لم يكن عليهما ضمان المال وعلى عاقلتهما ضمان النفوس. وكذا إن أركبهما الولي لمصلحتهما. وإن أركبهما الأجنبي ووكل إليهما السفينتين فالضمان عليه وعلى عاقلته كما مر. (ولو) لم يتعمدا و (لم يفرطا بأن غلبتهما الرياح فلا ضمان) كما لو غلبتهما دابتاهما. وهنا أقوى، لأن ضبط الدابة أسهل من إمساك السفينة في البحر
294 إذا هاج وللشافعي قولان (1) ويحتمل ضمان عاقلتيهما ما تلف من الأنفس لأنهما تسببا لتلفها كما احتمل في راكبي دابتين. (ولو اختلف حالهما بأن كان أحدهما عامدا أو مفرطا بخلاف الآخر لم يتغير حكم كل) واحد (منهما باختلاف حال صاحبه) بل لكل منهما حكمه. (ولو وقعت سفينة على أخرى واقفة أو سائرة لم يضمن صاحب الأخرى) شيئا من السفينتين وما فيهما، إلا مع اختصاصه بالتفريط، بأن اتفق هيجان البحر فلم يمكن صاحب الواقعة ضبطها وعلم صاحب الأخرى توجهها وأمكنه دفعها أو الصرف عن جهتها فلم يفعل. (وضمن صاحب الواقعة مع التفريط) أو التعدي وإن فرط صاحب الأخرى أيضا. (ولو اصطدم الحمالان فأتلفا) ما حملاه (أو أتلف أحدهما فعلى كل منهما نصف قيمة ما تلف من صاحبه) ولو صدم أحدهما الآخر فتلف ما حملاه ضمن الجميع. (ولو أصلح سفينته (2) وهي سائرة أو أبدل لوحا فغرقت بفعله، مثل أن سمر مسمارا فقلع لوحا أو أراد سد فرجة فانهتكت) فغرقت بذلك (فهو ضامن في ماله ما يتلف من مال أو نفس، لأنه شبيه عمد). وإن خرقها عمدا في لجة البحر فغرقت فعليه القصاص لما غرق من الأنفس، لأنه تعمد لإتلافها. وإن خرقها خطأ محضا - كأن كان في يده فاس أو حجر فسقط فيها فانخرقت فغرق من فيها - كانت ديته على عاقلته. (ولو تجاذبا حبلا وتساويا في اليد بأن كان ملكهما أو غصباه فانقطع فوقعا وماتا فعلى كل واحد) أو عاقلته (نصف دية صاحبه) لتلفه بجنايتين، جناية نفسه وجناية الآخر، كالمتصادمين وقعا منكبين أو مستلقيين أو بالتفريق.
(1) المجموع: ج 19 ص 31، الحاوي الكبير: ج 12 ص 332 - 333. (2) في نسخة: سفينة. 295 وقال أبو حنيفة: إن وقعا منكبين فكذلك، وإلا فكل من وقع مستلقيا فذلك من جناية نفسه لا ضمان على الآخر (1). ولو تلف أحدهما كان على الآخر أو عاقلته ضمان نصف ديته. ولو جذبه أحدهما فتلف الآخر كان عليه أو على عاقلته جميع دية التالف. ومع تعمد القتل أو أداء الجذب إليه عادة فعلى المتلف القصاص. (ولو كان أحدهما مالكا والآخر غاصبا فالغاصب هدر) لتعديه (وعليه ضمان المالك) كله، لأنه لم يجن على نفسه، وإنما أراد استنقاذ ماله من الغاصب. (ولو قطعه ثالث) عند تجاذبهما فوقعا (ضمنهما) في ماله، أو على عاقلته (مطلقا) مالكين كانا أو غاصبين أو مختلفين وإن تعدى الغاصب بالإمساك والجذب فإن المباشر هو القاطع. (ولو رمى جماعة بالمنجنيق فقتل الحجر أجنبيا، فإن قصدوا) قتله أو رميه القاتل غالبا (فهو عمد يجب به القصاص) من الجميع. وقال أبو حنيفة: إنه خطأ (2). والشافعي: إنه عمد الخطأ (3) بناء على أنه لا يمكن قصد رجل بعينه بالقتل غالبا، بل يتفق وقوعه عليه (وإلا فهو خطأ) أو عمد خطأ. (والضمان يتعلق بجاذب الحبال) لأنه المباشر (لا بصاحب المنجنيق، ولا بواضع الحجر في المقلاع) فإنه كمن وضع السهم في القوس فنزعه آخر. (ولا بممسك الخشب، ولا بمن يساعد بغير المد). (ولو عاد الحجر عليهم فقتل واحدا منهم فهو شريك في قتل نفسه، فإن كانوا ثلاثة) مثلا (فعلى) عاقلة (كل واحد ثلث الدية، ويسقط ما قابل فعله). (ولو هلكوا أجمع فعلى عاقلة كل واحد) منهم (نصف دية الباقين)
(1) فتاوي قاضيخان (بهامش الفتاوي الهندية): ج 6 ص 384، بدائع الصنائع: ج 7 ص 273. (2) نقله عنه الشيخ في الخلاف: ج 5 ص 274 المسألة 93. (3) الحاوي الكبير: ج 12 ص 329. 296 بل إن كانوا ثلاثة فعلى عاقلة كل ثلث دية كل من الباقين والثلث هدر وإن كانوا أربعة فربعها وهكذا. نعم، وإن كانا اثنين فعلى عاقلة كل منهما نصف دية الباقي والنصف هدر. فليحمل العبارة عليه أو على فرض الثلاثة. والمراد أن على عاقلة كل منهم نصف المضمون للباقيين من الدية تنزيلا للهدر منزلة العدم. (وقيل) في النهاية: (لو اشترك ثلاثة في هدم حائط فوقع على أحدهم فمات ضمن الباقيان ديته، لأن كل واحد منهم ضامن لصاحبه) (1) لرواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى به (2). وعلل بذلك. وإنما ذكر في النهاية ذلك رواية لا فتوى (والأقرب) كما في السرائر (3) والشرائع (4) (أن عليهما ثلثي ديته) وثلثها هدر، لأنه شريك في الجناية على نفسه. و يمكن حمل الخبر عليه، إذ ليس نصا على أن عليهما كمال الدية. (ولو أشرفت سفينة على الغرق فقال الخائف على نفسه أو) على (غيره: ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه ضمن) بلا خلاف إلا من أبي ثور كما في المبسوط (5) والخلاف (6) لأنه ألزمه (دفعا للخوف) وهو غرض صحيح، كما لو قال: أطلق هذا الأسير ولك علي كذا أو أعتق عبدك عني علي كذا. وفي الخلاف: أن عليه إجماع الأمة (7). (ولو لم يقل: وعلي ضمانه، بل قال: ألق متاعك لتسلم السفينة فألقاه فلا ضمان) سلمت أولا، لأصل البراءة. كما قال له: أعتق عبدك، فأعتقه. أو طلق زوجتك، فطلقها. (ولو لم يكن خوف فقال: ألقه وعلي ضمانه فالأقرب) كما في
(1) النهاية: ج 3 ص 427. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 175 ب 3 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (3) السرائر: ج 3 ص 377. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 254 - 255. (5) المبسوط: ج 7 ص 171. (6) الخلاف: ج 5 ص 275 المسألة 95. (7) الخلاف: ج 5 ص 275 المسألة 95. 297 الشرائع (1) عدم الضمان وفاقا للمبسوط (2) والمهذب (3) لأنه لم يتضمن غرضا صحيحا، والأصل البراءة، والمأمور كامل بالبلوغ والعقل، فهو المفرط في إتلاف ماله إلا أن أوهمه الخوف ففعل لذلك فإنه ضامن. وفي المبسوط: أنه قيل لا خلاف في (عدم الضمان) (4). ويحتمل الضمان، لعموم الأمر بالوفاء بالعقود (5) والمؤمنون عند شروطهم (6) ولأنه غره بذلك. وفي الإيضاح: المراد أنه خلا عن الخوف ولم يخل عن الفائدة، بل ذكر فيه فائدة وهي أن يخف السفينة أو غير ذلك من الفوائد، لأنه لو خلا عن الفائدة بالكلية لم يصح قطعا (7). (وكذا لا ضمان لو قال: مزق ثوبك وعلي ضمانه) لذلك. وفي المبسوط: أنه قيل لا خلاف فيه (8). (ولو قال حالة الخوف: ألق متاعك وعلي ضمانه مع ركبان السفينة، فامتنعوا) من الضمان قبل الإلقاء أو بعده (فان قال: أردت التساوي) بيني وبين السكان (قبل) منه لأنه أعرف بنيته (ولزمه) الضمان (بحصته وأما الركبان، فإن رضوا ضمنوا، وإلا فلا) لأن الأصل البراءة، ولا يلزم بالفضولي شئ، ولا يلزم القائل ضمان الجميع كما قاله بعض العامة (9) لأصل البراءة، واستناد التفريط إلى المالك حيث لم يستبن الأمر. نعم، إن ألقاه هو وقال: إني والركبان ضمناء، ضمن الكل، خلافا لبعض العامة فلم يضمنوه إلا بالحصة (10). وإن قال: ألقه وإني وكلا من الركبان ضامن، فهو ضمان اشتراك وانفراد جميعا، فهو يضمن الكل (فإن قال) مع ذلك: (قد أذنوا لي) في الضمان عنهم (فأنكروا بعد الإلقاء) ولا بينة (حلفوا وضمن هو الجميع) وإن لم يضمن إلا ضمان اشتراك وهو
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 258. (2 و 4) المبسوط: ج 7 ص 171. (3) المهذب: ج 2 ص 492. (5) المائدة: 1. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 30 ب 20 من أبواب المهور ح 4. (7) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 675. (8) المبسوط: ج 7 ص 171. (9) الحاوي الكبير: ج 12 ص 337. (10) المصدر السابق. 298 التحاص فإنه غر المالك بكذبه عنهم، كذا هنا. وفي التحرير (1) والشرائع (2). وفيه نظر، لتفريط المالك في استبانة الحال، واصل البراءة. وفي المبسوط (3) والمهذب (4): أنه يضمن دونهم، وهو يحتمل الضمان بالحصة. (ولو قال حالة الخوف: ألقه وعلي ضمانه وكان المالك أيضا خائفا) على نفسه (فالأقرب أن على الضامن الجميع) وفاء بعقده وشرطه، فإنه عقد الضمان على الجميع عقدا صحيحا لغرض صحيح. ويحتمل ضعيفا سقوطه بنسبة المالك إلى المخوف عليهم. فلو كانوا عشرة سقط العشر لأنه ساع بالإلقاء في تخليص نفسه وإن تضمن تخليص الغير. (ولو كان المحتاج إلى الإلقاء هو المالك فألقاه بضمان غيره، فالأقرب أنه لا يحل له الأخذ) من الضامن، فإنه فعل ما وجب عليه لمصلحة نفسه، فهو كمن اضطر إلى أكل طعامه، فقال له غيره: كل وعلي ضمانه. ويحتمل الحل عملا بعقد الضمان. وفي التحرير بنى الاحتمالين عليهما فيما إذا اشترك الخوف بينه وبين غيره، فقال: يحل له الأخذ إن لم نسقط الضمان هناك بالنسبة، ولا يحل إن أسقطناه (5). وقد يمكن الفرق والقول بالسقوط هنا وإن لم نسقط الضمان هناك لشركة الغير في الخوف فيكون الشركة مصححة لعقد الضمان، وإذا صح لزم مقتضاه. ولو ألقى المالك بنفسه متاعه لخوفه على نفسه أو غيره لم يضمنه أحد. ولو ألقى متاع غيره لخوفه عليه أو على نفسه أو غيرهما ضمن إذا لم يأذن له المالك. (ولو جرح شخص (6) مرتدا) أو حربيا (فأسلم فعاد الجارح مع ثلاثة فجرحوه فالجناة أربعة، وعلى كل واحد ربع الدية) إن لم يقتص منهم (والجاني) عليه (في الحالتين يلزمه الربع بجراحتين: إحداهما هدر،
(1) التحرير: ج 5 ص 534. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 258. (3) المبسوط: ج 7 ص 172. (4) المهذب: ج 2 ص 493. (5) تحرير الأحكام: ج 5 ص 534. (6) في نسخ كشف اللثام: مسلم. 299 فتعود حصته إلى الثمن ويحتمل التوزيع) للدية (على) عدد (الجراحات) لاختلافها بالضمان وعدمه كاختلافها بالجناة (فيقال: إنها خمس، فيسقط الخمس، ويبقى على كل واحد من الأربعة خمس الدية) والمحصل: أن جراحتي الجاني الأول لما اختلفتا بالهدر وعدمه وكانت السراية من الجميع سقط بإزاء إحداهما جزء من الدية قطعا، وليستا كجراحتين مضمونتين من جاني واحد حتى لا يوزع الدية عليهما بل لابد من التوزيع عليهما، فإما أن يوزع أولا على عدد الجنايات، أو يوزع على عدد الجناة ثم يوزع ما يصيب من جنى الجنايتين عليهما احتمالان. (ولو) جنى العبد على حر جناية مستوعبة لرقبته ثم (قطع يد العبد الجاني فجنى بعده) على آخر كذلك (ثم مات) من سراية القطع (فأرش اليد) وهو نصف القيمة (يختص به المجني عليه أولا، والباقي يشاركه فيه المجني عليه ثانيا، لأنه مات) بالسراية (بعد الجنايتين) فإنما لزم قاطع يده تمام قيمته بعدهما فلا يختص بالمجني عليه أولا (وقطع بعد إحدى الجنايتين) فلا يشترك في أرش ما قطع منه المجني عليه ثانيا، أما إن قطعت يداه قبل الجناية الثانية فالشركة في الجميع كشركتهما في رقبته إن لم يجن عليه، إذ لا يتفاوت في ضمان تمام القيمة بالموت وعدمه، هذا كله إن لم نقل بانتقال ملك الرقبة إلى المجني عليه أولا بمجرد الجناية، وإلا اختص المجني عليه ثانيا بجميع القيمة على التقديرين. (و) عن الأصبغ بن نباته، أنه (قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في جارية ركبت أخرى فنخستها) أي المركوبة (ثالثة، فقمصت المركوبة) أي رفعت يديها من الأرض (فصرعت الراكبة) فماتت (أن دية الراكبة نصفان بين الناخسة والمنخوسة (1) وفي الرواية ضعف السند) بسعد الإسكاف وأبي
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 178 ب 7 من أبواب موجبات الضمان ح 1. 300 جميلة ومحمد بن عبد الله بن مهران. (وقيل) في المقنعة: إنه (عليه السلام) قضى بأنه (يسقط الثلث لركوبها عبثا ويجب الثلثان على الناخسة والقامصة) (1) ونحو ذلك في الإصباح (2) والكافي (3) والغنية (4) وفيهما: أن الراكبة كانت لاعبة فلو كانت راكبة بأجرة كان كمال ديتها على الناخسة والمنخوسة. قال في المختلف: وقول المفيد ليس بعيدا من الصواب، لأن هذا الوقوع في الحقيقة مستند إلى فعل الثلاثة والتقدير عدم الإلجاء (5). ونحوه في نكت النهاية (6). وقال الراوندي: إن كانت الراكبة بالغة مختارة فالدية أثلاث، وإن كانت صغيرة مكرهة فهي نصفان (7). ويمكن أن يراد بدية الراكبة في الخبر الأول ما يضمن من ديتها كان كمالها أو ثلثيها. (وقيل) في السرائر: (إن ألجأت الناخسة) بنخسها (القامصة) على القماص (فالدية على الناخسة وإلا فالقامصة) (8) وهو خيرة الإرشاد (9) ومستحسن التحرير (10) ومحتمل الشرائع (11). (وروي) في الصحيح عن (محمد بن قيس) الثقة (عن الباقر (عليه السلام) أن عليا (عليه السلام): قضى في أربعة شربوا المسكر، فجرح اثنان) منهم (وقتل اثنان أن دية المقتولين على المجروحين بعد أن تدفع جراحة المجروحين من الدية) قال: وإن مات أحد المجروحين فليس على أحد من أولياء المقتولين شئ (12). (وروى السكوني، عن الصادق (عليه السلام)، أنه) أي عليا (عليه السلام) (جعل دية
(1) المقنعة: ص 750. (2) إصباح الشيعة: ص 503. (3) الكافي في الفقه: ص 394. (4) الغنية: ص 416. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 338. (6) نكت النهاية: ج 3 ص 422 - 423. (7) لم نعثر عليه ونقله عنه المحقق في نكت النهاية: ج 3 ص 423. (8) السرائر: ج 8 ص 374. (9) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 224. (10) التحرير: ج 5 ص 553. (11) شرائع الإسلام: ج 4 ص 251. (12) وسائل الشيعة: ج 19 ص 172 ب 1 من أبواب موجبات الضمان ح 1. 301 المقتولين على قبائل الأربعة، وأخذ دية جراحة الباقين من دية المقتولين) قال (عليه السلام): كان قوم يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم، فرفعوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسجنهم فمات منهم رجلان وبقي رجلان، فقال أهل المقتولين: يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا فقال علي (عليه السلام) للقوم: ما ترون؟ قالوا نرى أن تقيدهما، قال علي (عليه السلام): فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه، قالوا: لا ندري، فقال علي (عليه السلام): بل أجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة وآخذ دية جراحة الباقيين من دية المقتولين. وذكر إسماعيل بن الحجاج بن أرطاة، عن سماك بن حرب، عن عبد الله بن أبي الجعد قال: كنت أنا رابعهم فقضى علي (عليه السلام) هذه القضية فينا (1). واشتهر الأول بين الأصحاب وأفتى بمضمونه القاضي (2). ويستشكل: بأن المجروحين لو كانا قتلا المقتولين فلم لم يقدهما بهما، ولو كان المقتولان هما الجارحين للمجروحين فلم إذا مات أحدهما لم يكن على أولياء المقتولين شئ. وبأن المقتولين ربما قتل أحدهما الآخر أو قتلهما أحد الجارحين. وبأن المجروحين ربما جرح أحدهما الآخر أو جرحهما أحد المقتولين. ويندفع الكل بحمله على أن الواقع كان قتل الجارحين المقتولين أو لما كان اللوث حلفهما القسامة فلم يحلفا وجرح المقتولين الجارحين وإنما لم يقدهما إما لصلح أو لوقوعه عند السكر فيكون خطأ. وأما قوله: " إن مات أحد المجروحين فليس على أحد من أولياء المقتولين شئ " فيحتمل لفظ " المقتولين " صيغة التثنية والجمع، فإن كان الأول جاز أن يراد بهما المجروح الذي مات مع من قتله من المقتولين الأولين، وإن كان الثاني جاز أن يراد أنه ليس على أحد من أوليائهم
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 173 ب 1 من أبواب موجبات الضمان ح 2. وورد أيضا في الإرشاد مع اختلاف في ألفاظ الإرشاد 1: 220. (2) المهذب: ج 2 ص 499. 302 شئ للباقين وإن كان عليهم دية جراحة الباقي. وأما الاستشكال: بأن الواجب بالجرح القصاص لا الدية. فظاهر الاندفاع، لفوات محل القصاص. وقال المحقق في النكت بعد ذكر الخبرين: والأصل أن ذلك حكم في واقعة فلعله (عليه السلام) اطلع منها على ما يقتضي الحكم بذلك، فلا يلزم تعديتها، لأن الفعل لا عموم له (1). ونحوه في الشرائع (2). واختار ابن الربيب الخبر الثاني، وقال: إنه أقرب إلى الصواب، لأن القاتل غير معين، واشتراكهم في القتل أيضا مجهول، لجواز أن يكون حصل القتل من أحدهم فرجع إلى الدية، لئلا يطل دم امرئ مسلم، وجعل على قبائل الأربعة لأن لكل منهم تأثيرا في القتل (3). وفيه: أنه إن علم أن لكل منهم تأثيرا في القتل كان لأولياء المقتولين قتل الباقيين، وإن لم يعلم فلم جعلت الدية على قبائلهم. ويمكن تنزيل الخبر على أن ولي كل قتيل ادعى على الباقين اشتراكهم وقد حصل اللوث ولم يحلف هو ولا الباقيان ولا أولياء القتيلين. وفي السرائر: أن الذي يقتضيه أصول مذهبنا أن القاتلين يقتلان بالمقتولين، فإن اصطلح الجميع على أخذ الدية أخذت كملا من غير نقصان، لأن في إبطال القود إبطال القرآن، وأما نقصان الدية فذلك على مذهب من تخير بين القصاص وأخذ الدية وذلك مخالف لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، لأن عندهم ليس يستحق غير القصاص فحسب (4). قلت: وهو مبني على العلم بأن الباقيين قتلا الهالكين عمدا فعليهما القصاص إن لم يسقطه السكر، وإنما يسقط بالصلح، ويجوز الصلح على الدية وأكثر منها،
(1) نكت النهاية: ج 3 ص 424. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 253. (3) كشف الرموز: ج 2 ص 645. (4) السرائر: ج 3 ص 374 - 375. 303 فلا يتعين نقص دية جراحة المجروحين من الدية على أن جراحتهما إن وقعت دفعا هدرت. (وروي) في الصحيح عن (محمد بن قيس) (1) الثقة (عن الباقر (عليه السلام) و) روى (السكوني (2) عن الصادق (عليه السلام) عن علي (عليه السلام) أنه قضى في ستة غلمان كانوا في الفرات، فغرق واحد منهم فشهد اثنان على الثلاثة أنهم غرقوه وشهد الثلاثة على الاثنين) أنهما غرقاه (فقضى) (عليه السلام) (بالدية ثلاثة أخماس على الاثنين وخمسين على الثلاثة) وأفتى به القاضي (3). وفي التحرير (4) ونكت النهاية (5): أنها قضية في واقعة عرف (عليه السلام) الحكم فيها بذلك لخصوصية لا تتعدى إلى غيرها. وفي الشرائع: أن هذه الرواية متروكة بين الأصحاب، فإن صح نقلها كانت حكما في واقعة فلا يتعدى، لاحتمال ما يوجب الاختصاص (6). * * * (الباب الثاني) (في الواجب) (وفيه مقاصد) خمسة: (الأول: دية النفس) (وفيه فصلان): (الأول في دية الحر المسلم) (ويجب الدية) أصالة (في قتل المسلم خطأ) محضا (وشبيه عمد،
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 174 ب 2 من أبواب موجبات الضمان ذيل الحديث 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 174 ب 2 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (3) المهذب: ج 2 ص 499. (4) التحرير: ج 5 ص 554. (5) نكت النهاية: ج 3 ص 425. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 254. 304 ولا تجب في العمد) أصالة (إلا القصاص) كما مر (نعم، يثبت المال صلحا إذا تراضيا) بقدر الدية أو أقل أو أكثر، وإذا فات المحل، أو كان القاتل أبا المقتول، أو عاقلا قتل مجنونا. (ودية العمد) إذا تعينت أو تراضيا على الدية وأطلقا، وعلى القول بأن الواجب بالعمد أحد الأمرين (مائة من مسان الإبل) عندنا وهي الكبار. وقال الأزهري والزمخشري إنها إذا أثنت فقد أسنت قالا: أول الأسنان الإثناء وهو أن تنبت ثنيتاها، وأقصاه في الإبل البزول، وفي البقر والغنم الصلوغ. وفي زكاة البقر من المبسوط عن النبي (صلى الله عليه وآله): المسنة هي الثنية فصاعدا (1). وفي الجامع مائة من فحولة مسان الإبل (2) لأخبار معاوية بن وهب (3) وزيد الشحام (4) والحكم بن عيينة (5) عن الصادق (عليه السلام). وفي الأخير أنه قال له (عليه السلام): فما أسنان المائة بعير؟ فقال: ما حال عليها الحول (6). (أو مائتا بقرة) وفي النهاية (7) والمهذب (8) والجامع (9). (مسنة، أو مائتا حلة) عند أكثر الأصحاب. وفي المقنع مائة حلة (10). وفي المختلف بعد أن حكى عن القاضي أن قيمة كل حلة خمسة دنانير قال: فإذا كان الضابط اعتبار القيمة فلا مشاحة في العدد مع حفظ قدر القيمة، وهي عشرة آلاف درهم أو ألف دينار (11) (كل حلة ثوبان) كما نص عليه أكثر الأصحاب وأهل اللغة (من برود اليمن) كما في الشرائع (12) (و) في السرائر أو نجران (هي أربع مائة ثوب) (13) قال أبو عبيد: الحلل برود اليمن، والحلة
(1) المبسوط: ج 1 كتاب الزكاة ص 198. (2) الجامع للشرائع: ص 573. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 146 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 2. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 147 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 5. (5 و 6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 148 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 8. (7) النهاية: ج 3 ص 364. (8) المهذب: ج 2 ص 457. (9) الجامع للشرائع: ص 572. (10) المقنع: ص 182. (11) مختلف الشيعة: ج 9 ص 430. (12) شرائع الإسلام: ح 4 ص 245. (13) السرائر: ج 3 ص 323. 305 إزار ورداء، ولا تسمى حلة حتى تكون ثوبين وفي النهاية الأثيرية: الحلة واحدة الحلل، وهي برود اليمن، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد. وفي مصباح المنير: الحلة بالضم لا تكون إلا ثوبين من جنس واحد. وفي العين: الحلة إزار ورداء بردا أو غيره، لا يقال، لها حلة حتى تكون ثوبين وفي الحديث تصديقه وهو: ثوب يماني. وفي القاموس: لا يكون حلة إلا من ثوبين أو ثوب له بطانة. وقال الأزهري في التهذيب: قال شمر، قال خالد بن جنبة: الحلة رداء وقميص تمامها العمامة، قال: ولا يزال الثوب الجيد يقال له في الثياب حلة، فإذا وقع على الإنسان ذهبت حلته حتى يجمعن له إما اثنان وإما ثلاثة، وأنكر أن تكون الحلة إزارا ورداء وحده، قال: والحلل الوشي والحبرة والخز والقز والقوهي والمردي والحرير، قال: وسمعت اليمامي يقول: الحلة كل ثوب جيد جديد تلبسه غليظ أو رقيق، ولا يكون إلا ذا ثوبين، وقال ابن شميل: الحلة القميص والإزار والرداء لا أقل من هذه الثلاثة، وقال شمر: الحلة عند الأعراب ثلاثة أثواب، قال، وقال ابن الأعرابي: يقال للإزار والرداء حلة ولكل واحد منهما على انفراده حلة، قلت: وأما أبو عبيد فإنه جعل الحلة ثوبين، وروى شمر عن القعنبي عن هشام بن سعد، عن حاتم بن أبي نضرة، عن عبادة بن نسي، قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير الكفن الحلة، وخير الضحية الكبش الأقرن وقال أبو عبيد: الحلل برود اليمن من مواضع مختلفة منها، قال: والحلة إزار ورداء ولا تسمى حلة حتى تكون ثوبين، قال: ومما يبين ذلك حديث عمر، إنه رأى رجلا عليه حلة قد ائتزر بإحداهما وارتدى بالأخرى فهذان ثوبان، وبعث عمر إلى معاذ بن عفراء بحلة فباعها واشترى بها خمسة أرؤس من الرقيق فأعتقهم، ثم قال: إن رجلا آثر قشرتين يلبسهما على عتق هؤلاء لغبين الرأي، أراد بالقشرتين الثوبين. قلت: والصحيح في تفسير الحلة ما قال أبو عبيد، لأن أحاديث السلف تدل على ما قال. انتهى كلام التهذيب بألفاظه.
306 (أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم) وما في خبر عبد الله بن سنان (1) وعبيد بن زرارة (2): من أنها اثنا عشر ألف درهم، فمحمول على التقية، أو كما ذكر الشيخ عن الحسين بن سعيد وأحمد بن محمد بن عيسى: أنه روى أصحابنا أن ذلك من وزن ستة، قال: وإذا كان ذلك كذلك فهو يرجع إلى عشرة آلاف (3). (أو ألف شاة) وما في أخبار معاوية بن وهب (4) وأبي بصير (5) والشحام (6): أن مكان كل جمل عشرين من فحولة الغنم، إن سلم فمحمول على التقية، أو على أحد وجهين ذكرهما الشيخ، أحدهما: أن الإبل يلزم أهل الإبل، فمن امتنع من بذلها ألزمه الولي قيمتها وقد كان قيمة كل جمل عشرين من فحولة الغنم (7) كما قال الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: ومن الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة (8). والثاني: اختصاص ذلك بالعبد إذا قتل حرا (9) كما في خبر زيد الشحام عن الصادق (عليه السلام)، في العبد يقتل حرا، قال: مائة من الإبل المسان، فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم (10). (وتستأدى في سنة واحدة) عندنا، كما قال الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي ولاد وحسنه: وتستأدى دية العمد في سنة (11). خلافا لأبي حنيفة فأجلها ثلاث
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 144 ب 1 من أبواب ديات النفس ح 9. (2) المصدر السابق: ح 10. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 162 ذيل الحديث 645. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 146 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 2. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 147 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 3. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 147 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 5. (7) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 161 ذيل الحديث 643. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 146 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 1. (9) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 160 ذيل الحديث 644. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 147 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 5. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 150 ب 4 من أبواب ديات النفس ح 1. 307 سنين (1). نعم، إن ثبت صلحا وتراضيا بالتأجيل فأجلت ثلاثا وأكثر وفي الخلاف فأنها حالة، وهي (من مال الجاني) (2) لا العاقلة ولا بيت المال. وفي مضمر زرعة، عن سماعة: فإن لم يكن له مال يؤدي ديته قال: يسأل المسلمين حتى يؤدي منه ديته إلى أهله (3). وإنما يثبت عليه الدية (مع التراضي بالدية) أو في الصور التي عرفتها. (ولو كان له إبل تخير في بذل إبله وشراء غيرها) من الإبل (من البلد، أو غيره أدون) مما له (أو أعلى مع السلامة) أي سلامة ما يشتريه من المرض والنحافة (والاتصاف بالمشترط) من الوصف في الدية. وذلك للأصل، وعموم النصوص والفتاوي. وفي المبسوط: عدم إجزاء ما يشتريها إن كانت دون إبله، قال: وهكذا لو طلب الولي غير إبله وهي أعلى من إبله لم يكن له (4). (والأقرب أنه لا يجب) على الولي ولا على القاتل (قبول القيمة السوقية مع وجود الإبل) أو غيرها من الأصناف، ولا على القاتل الإجابة إليها إذا طلبها الولي، فإن الأصناف هي الواجبة أصالة فلا ينتقل إلى القيمة إلا بالتراضي. ويحتمل ضعيفا وجوب القبول لقيام القيمة مقامها في الجملة. ويحتمل وجوبه عند فقد القاتل لها لذلك، مع أصالة البراءة. وفي المبسوط: والذي يقتضيه مذهبنا، أنه إذا كان من أهل الإبل وبذل القيمة قيمة مثله كان له ذلك، وإن قلنا ليس له ذلك كان أحوط، فأما إن كان من أهلها فطلب الولي منه القيمة لم يكن له ذلك (5). (وكل واحد من هذه الأصناف) الستة (أصل في نفسه) عندنا (وليس بدلا عن غيره) فلا يعتبر التساوي في القيمة ولا التراضي (ولا مشروطا بعدم غيره و) لكن (الخيار إلى الجاني في بذل أيها شاء) من
(1) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 489. (2) الخلاف: ج 5 ص 220 المسألة 4. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 23 ب 10 من أبواب القصاص في النفس ح 5. (4 و 5) المبسوط: ج 7 ص 118. 308 أهل أيها كان، للأصل، وإطلاق النصوص (1) إلا قول الصادق (عليه السلام) في خبري معاوية بن وهب (2) والشحام (3): فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم. ونحوه في مضمر سماعة، عن أبي بصير (4) وهو - مع احتمال التقية - ليس نصا في البدلية، لاحتمال أن يراد فإن لم يؤد الإبل فكذا. وما في عدة من الأخبار (5) وعبارات كثير من الأصحاب: من أن الإبل على أهلها والبقر على أهلها وهكذا فلعل المراد التسهيل على القاتل لئلا يكلف تحصيل غير ماله. وما في صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام) من قوله: قيمة كل بعير مائة وعشرون درهما أو عشرة دنانير، ومن الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة (6) وما في صحيح ابن الحجاج عنه (عليه السلام) من قول أمير المؤمنين (عليه السلام): وقيمة الدنانير عشرة آلاف درهم (7). فهو بيان للواقع في تلك الأزمان. ولعله إشارة إلى الحكمة في شرع التقادير أول مرة. وقال القاضي: فدية العمد المحض إذا كان القاتل من أصحاب الذهب ألف دينار جياد، وإن كان من أصحاب الفضة فعشرة آلاف درهم جياد، وإن كان من أصحاب الإبل فمائة مسنة قيمة كل واحد منها عشرة دنانير، أو مائتا مسنة من البقر إن كان من أصحاب البقر قيمة كل واحدة منها خمسة دنانير، أو ألف شاة إن كان من أصحاب الغنم قيمة كل واحدة منها دينار واحد، أو مائتا حلة إن كان من أصحاب الحلل قيمة كل حلة منها خمسة دنانير (8). وظاهره اعتبار التساوي في
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 146 ب 2 من أبواب ديات النفس. (2) المصدر السابق: ح 2. (3) المصدر السابق: ص 147 ح 5. (4) المصدر السابق: ح 3. (5) المصدر السابق: ص 141 ب 1. (6) المصدر السابق: ص 142 ب 1 ح 3. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 141 ب 1 من أبواب ديات النفس ح 1. (8) المهذب: ج 2 ص 456. 309 القيم. ويجوز أن يكون إشارة إلى الحكمة في شرعها ابتداء. (وهل له التلفيق من جنسين فما زاد؟) بغير رضا الولي (إشكال): من الخروج عن الأصناف فإن خمسين من الإبل ومائة من البقر ليست مائة من الإبل ولا مائتين من البقر، ومن ثبوت الاختيار له في كل جزء يثبت في الكل إذ لا فارق بين افتراقها واجتماعها. وهو ممنوع بل الظاهر أن التخيير بين المجموعات كخصال الكفارة. (ودية شبيه العمد) أيضا (ما تقدم من الأصناف. وكذا دية الخطأ) وقول أحدهما (عليهما السلام) في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما: هي مائة من الإبل وليس فيها دنانير ولا دراهم وغير ذلك (1) ويحتمل أنه لا يجب زيادة على مائة من الإبل دنانير أو دراهم فهما كدية العمد. (إلا في شئ واحد، وهو أن دية العمد مغلظة وهاتان مخففتان، والتخفيف بشيئين): (أحدهما: السن في الإبل خاصة، فدية) العمد عرفت أنها من المسان وأن أدنى الأسنان الأثناء، وهو إذا دخلت في السادسة. ودية (شبيه العمد) أيضا (مائة) لكن (ثلاث وثلاثون منها حقة، وثلاث وثلاثون بنت لبون، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل) أي التي بلغت أن يضربها الفحل وفاقا للنهاية (2) والشرائع (3) والوسيلة (4). ويحتمل أن يريدوا بالطروقة ما طرقها الفحل فحملت، بقرينة أن الحقة بلغت أن يضربها الفحل. فيوافقها ما في الخلاف (5) والمهذب (6): من كون الأربع والثلاثين خلفة. وعلى كل فلم أظفر لهذا القول بمستند. (وروي) بطريقين: أحدهما صحيح، عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام)
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 143 ب 1 من أبواب ديات النفس ح 6. (2) النهاية: ج 3 ص 370. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 246. (4) الوسيلة: ص 441. (5) الخلاف: ج 5 ص 221 المسألة 5. (6) المهذب: ج 2 ص 459. 310 عن أمير المؤمنين (ثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، وأربعون خلفة) بين ثنية إلى بازل عامها (1) (و) الخلفة (هي الحامل) وفي المبسوط: وقيل إنها التي يتبعها ولدها (2) وهو خيرة المقنع (3) والجامع (4) والمختلف (5). وفي المقنعة (6) والمراسم (7) والغنية (8) والإصباح (9) وخبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل (10). وكذا في خبر العلا بن فضيل عنه (عليه السلام) إلا أن في آخره: وأربع وثلاثون ثنية كلها خلفة طروقة الفحل (11) كذا في الكافي (12) ويوافقه الفقيه (13). وفي التهذيب: وأربع وثلاثون خلفة كلها طروقة الفحل (14) وقوله: " كلها طروقة الفحل، أو كلها خلفة طروقة الفحل " يحتمل أن يراد به كل من الأربع والثلاثين، وأن يراد كل منهما ومما قبلها، ولعله المتعين فيما في التهذيب. وظاهر طروقة الفحل فيه المعنى المعروف من بلوغها ذلك لا الحمل. وفي النهاية (15) والغنية (16) والإصباح (17): أنه روي ثلاثون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون وأربعون خلفة، قال في النهاية: كلها طروقة الفحل (18).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 146 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 1. (2) المبسوط: ج 7 ص 116. (3) المقنع: ص 514. (4) الجامع للشرائع: ص 574. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 277. (6) المقنعة: ص 735. (7) المراسم: ص 239. (8) الغنية: ص 412. (9) إصباح الشيعة: ص 499. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 147 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 4. (11) المصدر السابق: ص 145 ب 1 من أبواب ديات النفس ح 13. (12) الكافي: ج 7 ص 282 ح 7. (13) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 108 ذيل الحديث 5207. (14) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 158 ح 634. (15 و 18) النهاية: ج 3 ص 370. (16) الغنية: ص 412. (17) إصباح الشيعة: ص 499. 311 (وهي) أي دية شبيه العمد (في مال الجاني كالعمد) فإن لم يكن له مال استسعى فيها أو أمهل إلى السعة. وإن مات أو هرب ففي النهاية (1) والمهذب (2): يؤخذ بها أولى الناس به، وإن لم يكن له أحد ففي بيت المال. وقد مر مثل ذلك في العامد إذا مات أو هرب. وأنكر ابن إدريس أخذها من الولي أو بيت المال، وقال: إنه خلاف الإجماع، فإنه لا ضمان عليهما إلا في الخطاء المحض (3). وأوجب الحلبي دية شبيه العمد على العاقلة (4). وهو نادر. وفي التحرير: الإجماع على أنها على القاتل (5). (ودية الخطأ المحض) عند الأكثر (عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة) لخبر ابن سنان (6) في الصحيح وغيره عن الصادق (عليه السلام). (وروي) عن العلا بن فضيل عنه (عليه السلام). (خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة) (7) وبه أفتى ابن حمزة (8). وفي المبسوط (9) والسرائر (10): عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة وعشرون جذعة. وفي الخلاف إجماع الفرقة على الروايتين (11). وقد روي عن الصادقين (عليهما السلام) ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة (12) (وهي على العاقلة لا يضمن القاتل منها شيئا) ولا يرجع عليه
(1) النهاية: ج 3 ص 369 - 370. (2) المهذب: ج 2 ص 458. (3) السرائر: ج 3 ص 334. (4) الكافي في الفقه: ص 396. (5) التحرير: ج 5 ص 564. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 146 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 1. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 145 ب 1 من أبواب ديات النفس ح 13. (8) الوسيلة: ص 441. (9) المبسوط: ج 7 ص 115. (10) السرائر: ج 3 ص 322. (11) الخلاف: ج 5 ص 221 المسألة 5. (12) وسائل الشيعة: ج 19 ص 148 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 7. 312 العاقلة خلافا للمفيد (1) كما سيأتي. نعم، إن فقدت العاقلة أو كانوا فقراء كانت في مال القاتل. (الثاني) مما فيه التخفيف (الزمان. فدية الشبيه) بالعمد (تستأدى في سنتين) كما في المقنعة (2) والمبسوط (3) والسرائر (4) والمراسم (5) والغنية (6) ونفي فيها الخلاف في ذلك، كظاهر المبسوط. ونسب في النهاية (7) والمهذب (8) إلى بعض الأصحاب وفي الشرائع إلى المفيد (9) لعدم الوقوف على النص. واحتج له في المختلف بالاعتبار، لأنه كما ظهر التفاوت بين العمد والخطأ في الأجل لتفاوت الجناية فيهما وجب أن يظهر بالنسبة إليهما وإلى شبيه العمد لوجود المقتضي عملا بالمناسبة (10). وقال ابن حمزة تستأدى في سنة إن كان موسرا وإلا في سنتين (11). (ودية الخطأ) تستأدى (في ثلاث سنين) في كل سنة ثلثها اتفاقا منا بل من الأمة كما في الخلاف (12) وبه صحيح أبي ولاد وحسنه عن الصادق (عليه السلام) (13) وفي الغنية (14) والخلاف (15) بلا خلاف: إلا من ربيعة، فإنه قال: في خمس (16). وفي الخلاف: من الناس من قال: إنها حالة (17) والإمهال ثلاث سنين وكذا سنة وسنتين ثابت في الديات (سواء كانت الدية تامة أو ناقصة) كدية المرأة والعبد والذمي والجنين (أو دية طرف) لعموم الدليل والفتاوي وسيأتي خلافه في الطرف. (ولو اختلف) الولي ومن عليه الدية (في الحوامل) إذا وجبت من الإبل
(1) المقنعة: ص 735. (2) المقنعة: ص 736. (3) المبسوط: ج 7 ص 115. (4) السرائر: ج 3 ص 322. (5) المراسم: ص 239. (6 و 14) الغنية: ص 412. (7) النهاية: ج 3 ص 370. (8) المهذب: ج 2 ص 458. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 246. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 282. (11) الوسيلة: ص 441. (12 و 15) الخلاف: ج 5 ص 276 المسألة 97. (13) وسائل الشيعة: ج 19 ص 150 ب 4 من أبواب ديات النفس ح 1. (16) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 495. (17) الخلاف: ج 5 ص 277 المسألة 97. 313 (فالمرجع) فيه (إلى أهل الخبرة، فإن ظهر الغلط استدرك) فإن قبض الولي، ثم قال: لم يكن حوامل وقد ضمرت (1) أجوافها، فقال الغريم: بل ولدت عندك. فإن قبضها بقول أهل الخبرة فالقول قول الغريم عملا بظاهر إصابتهم، وإن قبضها بغير قولهم، فالقول قول الولي عملا بأصل عدم الحمل، كذا في التحرير (2) (فإن أزلقت) أي أسقطت (قبل التسليم أبدل ولو كان بعد الإحضار. ولا يلزم) الإبدال (بعد القبض) فإن الواجب إقباض الحوامل وقد حصل لا الولادة. (ولا تغليظ في الأسنان غير الإبل). (ولو قتل في الشهر الحرام أو في حرم مكة ألزم دية وثلثا من أي الأجناس كان تغليظا) وفاقا للأكثر، لقول الصادق (عليه السلام) في خبر كليب بن معاوية الأسدي: من قتل في شهر حرام فعليه دية وثلث (3). ونحوه في خبر زرارة (4) وفي خبره أيضا في رجل قتل في الحرم، قال: عليه دية وثلث (5). وقطع المحقق به في الأشهر الحرم، ونسبه في الحرم إلى الشيخين (6) وقال في النكت في الأشهر الحرم، إن عليه فتوى الأصحاب وأنه رواية كليب بن معاوية عن الصادق (عليه السلام) قال: وعندي في قتل الحرم توقف، ونحن نطالب الشيخين بدليل ذلك (7). وفي التحرير عن النهاية إلحاق حرم المدينة ومشاهد الأئمة (عليهم السلام) بمكة (8) والعبارة كذا: ومن قتل غيره في الحرم أو في أحد الأشهر الحرم - رجب وذي القعدة وذي الحجة والمحرم - وأخذت منه الدية، كان عليه دية وثلث، دية للقتل، وثلث لانتهاكه حرمة الحرم وأشهر الحرم. وإن طلب منه القود، قتل بالمقتول. فإن
(1) في الجواهر: أضمت. (2) التحرير: ج 5 ص 566. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 149 ب 3 من أبواب ديات النفس ح 1. (4) المصدر السابق: ص 150 ب 3 ح 5. (5) المصدر السابق: ح 3. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 246. (7) نكت النهاية: ج 3 ص 405. (8) التحرير: ج 5 ص 322. 314 كان إنما قتل في غير الحرم، ثم التجأ إليه، ضيق عليه في المطعم والمشرب، ومنع من مخالطته ومبايعته إلى أن يخرج، فيقام عليه الحد. وكذلك الحكم في مشاهد الائمة (عليهم السلام) (1) انتهت. وقال ابن إدريس: يريد عطفه على الحرم في حكم واحد، لا في جميع أحكام الحرم، من أنه إذا جنى في غير حرم الإمام الذي هو المشهد، ثم التجأ إلى المشهد، ضيق عليه في المطعم والمشرب، وأمر بأن لا يبايع ليخرج فيقام عليه الحد، إلا أنه إذا قتل فيه وأخذت منه الدية وجب عليه دية وثلث، لأنه لا دليل على ذلك من كتاب ولا سنة ولا إجماع (2) انتهى. والظاهر اختصاص ذلك بالعمد، كما يشعر به عبارة النهاية وتعليل الأصحاب بالانتهاك، ويدل عليه الأصل فيقتصر في خلافه على اليقين. وزاد العامة للتغليظ القرابة بين القاتل (3) والمقتول. وفي اشتراط المحرمية لهم وجهان (4) وللعامة قول بأنه لا تغليظ إلا بأسنان الإبل (5). (والزائد) للتغليظ (للمقتول) أي أوليائه وان كان لانتهاكه حرمة الزمان أو المكان. ولو اجتمع سببان للتغليظ فالوجه عدم الإلزام إلا بزيادة الثلث، للأصل. (ولا يغلظ (6) في الطرف) للأصل من غير معارض، خلافا لبعض العامة (7). (ولو رمى في الحل إلى الحرم فقتل فيه غلظ) لصدق القتل فيه وإن خرج السبب (وفي) التغليظ في (العكس إشكال): من أنه لم يقتل في الحرم مع الأصل، ومن حصول سببه في الحرم فهو كالقتل فيه، ولذا يلزم الكفارة من رمى فيه صيدا في الحل.
(1) النهاية: ج 3 ص 404 و 406. (2) السرائر: ج 3 ص 364. (3) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 499. (4) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 499. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 214. (6) وفي القواعد: ولا تغليظ. (7) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 500. 315 (ولو قتل والتجأ إلى الحرم ضيق عليه فيه) بأن لا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يكلم (إلى أن يخرج فيقاد منه، ولا يقتص منه فيه، فإن جنى في الحرم اقتص منه) فيه (لانتهاكه حرمة الحرم) نص على الحكمين ما مر في الحدود من صحيح هشام بن الحكم عن الصادق (عليه السلام) (1). (قيل) في المقنعة (2) والنهاية (3) والمهذب (4) والسرائر (5): (وكذا في مشاهد الائمة (عليهم السلام)) واستحسنه المحقق في النكت (6). (ولا فرق) في جميع ما ذكر من الأحكام (بين أن يكون المقتول كبيرا أو صغيرا) كما قال الصادق (عليه السلام) في مرسل ابن فضال: كل من قتل شيئا صغيرا أو كبيرا بعد أن يتعمد فعليه القود (7) (عاقلا أو مجنونا) وإنما الفرق بينهما في القصاص كما عرفت (سليم الأعضاء أو مفقودها) للعمومات، وقد مر خبر سورة بن كليب عن الصادق (عليه السلام) في أقطع اليد إذا قتل: إن يده إن كانت قطعت في جناية جناها أو كان أخذ ديتها فإنما يؤخذ من قاتله تتمة الدية (8). (وولد الزنا إذا أظهر الإسلام مسلم على رأي) وفاقا للمحقق (9) وغيره، فديته كدية سائر المسلمين، لعموم الأدلة على جريان أحكام الإسلام على من أظهره من غير قاطع على استثناء ولد الزنا. وخلافا لعلم الهدى (10) والصدوق في المقنع (11) والهداية (12) فجعلا ديته كدية الذمي ثمانمائة درهم وبه مرسل جعفر بن
(1) وسائل الشيعة: ج 18 ص 346 ب 34 من أبواب حد الزنا ح 1. (2) المقنعة: ص 744. (3) النهاية: ج 3 ص 406. (4) المهذب: ج 2 ص 516. (5) السرائر: ج 3 ص 364. (6) نكت النهاية: ج 3 ص 404. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 56 ب 31 من أبواب القصاص في النفس ح 4. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 82 ب 50 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 247. (10) الانتصار: ص 273. (11) المقنع: ص 520. (12) الهداية: ص 303. 316 بشير (1) عن الصادق (عليه السلام) وخبر إبراهيم بن عبد الحميد (2) عنه (عليه السلام) ومرسل عبد الرحمن بن عبد الحميد (3) عن أبي الحسن (عليه السلام). قال السيد: والحجة بعد الإجماع المتردد، أنا قد بينا أن من مذهب هذه الطائفة أن ولد الزنا لا يكون قط طاهرا ولا مؤمنا بإيثاره واختياره وإن أظهر الإيمان، وهم على ذلك قاطعون وبه عالمون، فإذا كانت هذه صورته عندهم فيجب أن يكون ديته دية الكفار من أهل الذمة، للحوقه في الباطن بهم. قال: فإن قيل: كيف يجوز أن يقطع على مكلف أنه من أهل النار وفي ذلك منافاة للتكليف، وولد الزنا إذا علم أنه مخلوق من نطفة الزاني فقد قطع على أنه من أهل النار، فكيف يصح تكليفه؟ قلنا: لا سبيل لأحد في القطع على أنه مخلوق من نطفة الزنا لأنه يجوز أن يكون هناك عقد، أو شبه عقد، أو أمر يخرج من أن يكون زانيا فلا يقطع أحد على أنه على الحقيقة ولد زنا، فأما غيره فإنه إذا علم أن أمه وقع عليها هذا الواطئ من غير عقد ولا ملك يمين ولا شبهة فالظاهر في الولد أنه ولد الزنا والدية معمول فيها على ظاهر الأمور دون باطنها (4) انتهى. وقال ابن إدريس: ولم أجد لباقي أصحابنا فيه قولا فأحكيه، والذي يقتضيه الأدلة التوقف في ذلك، وأن لا دية له، لأن الأصل براءة الذمة (5). قلت: وعلى هذين القولين لا فرق بين البالغ منه وغيره، فإن الطفل منه لا يتبع والده إلا أن يسبيه مسلم وقلنا بتبعيته له، وعلى المختار الوجه أيضا ذلك فإنه وإن لم يتبع أحدا إلا أن كل مولود يولد على الفطرة. (وجميع فرق الإسلام) المحقة منهم والمبطلة (متساوية) في الدية اتفاقا وإن لم يكن غير المحقة منهم كفارا في الحقيقة (6) إجراء لهم مجرى
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 164 ب 15 من أبواب ديات النفس ح 2. (2) المصدر السابق: ح 3. (3) المصدر السابق: ح 1. (4) الانتصار: ص 273. (5) السرائر: ج 3 ص 352. (6) كذا في النسخ، وفي العبارة تأمل. 317 المسلمين كإجراء أحكام الإسلام على المنافقين استدراجا لهم ومصلحة للمؤمنين (ما لم يجحدوا ما هو معلوم الثبوت من دين النبي (صلى الله عليه وآله)) كالغلات والنواصب ومن أنكر ما اعترف بثبوته في دينه (صلى الله عليه وآله) فإنهم كفار. (الفصل الثاني في دية من عداه) (أما دية المرأة المسلمة الحرة فنصف دية الحر المسلم) بالنص (1) والإجماع إلا من بعض العامة (2) (سواء كانت صغيرة أو كبيرة، عاقلة أو مجنونة، سليمة الأعضاء أو غير سليمتها، من جميع أجناس الدية في الأحوال الثلاث) أي العمد قسيميه (وكذا الجراحات والأطراف) منها (على النصف) من الرجل (ما لم يقصر) ديتها (عن ثلث الدية) أي دية الرجل (فإن قصرت) دية (الجناية - جراحة أو طرفا - عن الثلث تساوتا قصاصا ودية) كما مر. (وأما الذمي الحر فديته ثمانمائة درهم) في المشهور رواية (3) وفتوى (سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا. ولا دية لغير هؤلاء الأصناف) من الكفار (سواء كانوا ذوي عهد) مع المسلمين أو إمامهم (أولا، وسواء بلغتهم الدعوة أو لا) للأصل. وللعامة قول بأن لمن لم يبلغه الدعوة دية المسلم (4) لولادته على الفطرة. وآخر بأن له ثمانمائة درهم. وكذا لا دية لمن لا يقر على دينه لارتداده أو انتقاله من دين إلى آخر وإن كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا. (ودية المرأة الحرة منهم) أي أهل الذمة (أربع مائة درهم). و (روي) في الصحيح عن أبان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام) (أن دية الذمي) بأصنافه الثلاثة (كدية المسلم) (5) وكذا عن زرارة عنه (عليه السلام): من
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 151 ب 5 من أبواب ديات النفس ح 1. (2) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 532. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 160 ب 13 من أبواب ديات النفس ح 3. (4) المجموع: ج 19 ص 52. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 163 ب 14 من أبواب ديات النفس ح 2. 318 أعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذمة فديته كاملة. قال زرارة: فهؤلاء؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام) وهؤلاء من أعطاهم ذمة (1). (وروي) ضعيفا عن أبي بصير، عنه (عليه السلام) دية اليهودي والنصراني (أربعة آلاف درهم) ودية المجوسي ثمانمائة (2) درهم. (وحملا) في التهذيب (3) والاستبصار (4) (على المعتاد لقتلهم) فإنه إذا كان كذلك فللإمام أن يلزمه دية المسلم كاملة تارة، وأربعة آلاف درهم أخرى، بحسب ما يراه أصلح في الحال وأردع. ونفى عنه البأس في المختلف (5). ويشهد له خبر سماعة سأله (عليه السلام) عن مسلم قتل ذميا، فقال: هذا شئ شديد لا يحتمله الناس فليعط أهله دية المسلم حتى ينكل عن قتل أهل السواد، وعن قتل الذمي، ثم قال: لو أن مسلما غضب على ذمي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدي إلى أهله ثمانمائة درهم إذا يكثر القتل في الذميين، ومن قتل ذميا ظلما فإنه ليحرم على المسلم أن يقتل ذميا حراما ما آمن بالجزية وأداها ولم يجحدها (6). وذكر فيها: أن ما فيه من الفرق بين المجوسي وغيره فهو معارض بالنصوص على المساواة. وفي الفقيه: متى كان اليهودي والنصراني والمجوسي على ما عوهدوا عليه، من ترك إظهار شرب الخمور وإتيان الزنا وأكل الربا والميتة ولحم الخنزير ونكاح الأخوات، وإظهار الأكل والشرب بالنهار في شهر رمضان، واجتناب صعود مساجد المسلمين، واستعملوا الخروج بالليل عن ظهراني المسلمين والدخول بالنهار للتسوق وقضاء الحوائج، فعلى من قتل واحدا منهم أربعة آلاف درهم،
(1) المصدر السابق: ح 3. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 163 ب 14 من أبواب ديات النفس ح 4. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 187 ذيل الحديث 34. (4) الاستبصار: ج 4 ص 269 ذيل الحديث 1019. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 437. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 163 ب 14 من أبواب ديات النفس ح 1. 319 ومتى آمنهم الإمام وجعلهم في عهده وعقده وجعل لهم ذمة ولم ينقضوا ما عاهدهم عليه من الشرائط التي ذكرناها، وأقروا بالجزية وأدوها فعلى من قتل واحدا منهم خطأ دية المسلم (1). وقال أبو علي: فأما أهل الكتاب الذين كانت لهم ذمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يغيروا ما شرط عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدية الرجل منهم أربعمائة دينار أو أربعة آلاف درهم، وأما الذين ملكهم المسلمون عنوة ومنوا عليهم بإستحيائهم كمجوس السواد وغيرهم من أهل الكتاب بالجبال وأرض الشام فدية الرجل منهم ثمانمائة درهم (2) انتهى. (وأما العبد فديته قيمته ما لم يتجاوز دية الحر، فترد إليها) مع التجاوز كما مر، فإن كان مسلما ردت إلى ديته، وان كان ذميا فإلى ديته وقد تقدم (وهي) كدية الأحرار (في مال الجاني إن كان القتل عمدا أو شبهه، وعلى العاقلة إن كان خطأ. ودية أعضائه وجراحاته بنسبة) العضو إلى الكل من حيث (قيمته على قياس) نسبة أعضاء (الحر) إلى كله من حيث الدية كما مر (فما في الحر كمال الدية) من الأعضاء (ففي العبد كمال القيمة، إلا أنه ليس للمولى المطالبة بذلك) أي كمال القيمة (إلا أن يدفعه إلى الجاني، وليس له الإمساك والمطالبة بالقيمة) لأن فيه جمعا بين العوض والمعوض، وللإجماع، والخبر كما عرفت (ولا) الإمساك والمطالبة (ببعضها) كما إذا قطع الجاني يديه، فيقول المولى: أمسكه وآخذ دية إحدى يديه خاصة (على إشكال): من أنه استحق على الجاني تمام الدية والعفو عن بعضها مع إمساك العبد معاوضة لا تتم إلا بالتراضي، ومن أنه كما يجوز العفو عن الكل فلا إشكال في جواز العفو عن البعض، وإنما اتفق على دفع العبد إلى الجاني على تقدير أخذ الدية
(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 122 ذيل الحديث 5254. (2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 436. 320 كلها فإذا أخذ البعض كان كما لو أوجبت الجناية بعضها. ويحتمل قريبا الفرق بين تعدد الجناية ووحدتها، ففي المثال له ذلك لا في قطع الأنف مثلا. (وما فيه من الحر نصف الدية في العبد) كذلك أي (نصف القيمة، وكذا باقي الأعضاء، وكذا في الجراحات). (وكل ما فيه مقدر في الحر) من ديته (ففي العبد كذلك من قيمته، وكل ما لا تقدير فيه في الحر ففيه الأرش، فيفرض الحر عبدا سليما من الجناية، وينظر قيمته حينئذ، ويفرض عبدا فيه تلك الجناية، وينظر قيمته وينسب إحدى الحالتين إلى الأخرى، فيؤخذ من الدية) أي القيمة (بتلك النسبة) إلى التفاوت بين القيمتين (وهنا العبد أصل للحر) لأنه إذا جني عليه جناية لا تقدير فيه فرض تارة عبدا سليما منها، وأخرى عبدا فيه تلك الجناية، ويؤخذ من الدية ما نسبته إليها كنسبة تفاوت القيمتين (كما كان الحر أصلا له في المقدر) إذا كان يؤخذ له من القيمة ما نسبته إليها نسبة ما يؤخذ للحر إلى ديته. (ولو جني على العبد بدون القيمة لم يكن لمولاه دفعه) إلى الجاني (والمطالبة بالقيمة) إلا برضا الجاني (بل يمسكه ويطالب بدية الفائت) مع التقدير (أو أرشه إن لم يكن مقدرا في الحر) فإنه حقه وذلك معاوضة لا تثبت إلا بالتراضي. وللعامة قول بأن له ذلك (1). (ودية الأمة قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرة فترد إليها) إن تجاوزتها. (ولو كان العبد ذميا أو الأمة كذلك) وهما (للمسلم فهما كالمسلمين في أن ديتهما قيمتهما ما لم يتجاوزا دية الحر المسلم أو الحرة المسلمة) لا الذمي أو الذمية لما مر من الخبر (2) بأنه لا يتجاوز بقيمة العبد دية مولاه. (ولو كان العبد لامرأة أو الأمة لذكر فالاعتبار في العبد بالذكر)
(1) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 667. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 153 ب 6 من أبواب ديات النفس ح 5. 321 لا بمولاه. (وفي الأنثى بالمرأة) لا بمولاها، لإطلاق النصوص والفتاوى باعتبار ذلك، وذلك الخبر إن ثبت ففي المولى دون المولاة. (وفي المسلم عبد الذمي، أو المسلمة جارية) الذمية، هل يرد قيمتها إلى دية المسلم أو المسلمة، أو إلى دية (الذمي) أو الذمية؟ (إشكال): من عموم النصوص (1) والفتاوى بالرد إلى دية الحر المسلم أو الحرة المسلمة، مع ما فيه من شرف الإسلام، وأصلي اعتبار القيمة وعدم الرد فيقصر خلافه على اليقين، وما عرفت من الخبر بأنه لا يتجاوز بالقيمة دية مولاه. (وإذا جنى العبد على الحر خطأ لم يضمنه مولاه) في غير رقبته (بل يدفعه) إلى المجني عليه أو إلى وليه. (أو يفديه، وله الخيار في أيهما شاء، لا إلى المجني عليه، ولا إلى وليه) لأن موجب الخطأ الدية أو الأرش وهو مال، فالمجني عليه إنما يتسلط على أخذ مال من المولى، إذ لا مال للجاني وكون جنايته كجناية دابته، ولا فرق بين رقبة الجاني وغيرها من أموال المولى في كونه مالا للمولى، والتعلق بالرقبة إنما هو لمصلحة المولى، فإذا افتكها بغيرها كان له ذلك، ولظاهر الأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في خبري جميل (2) ومحمد بن حمران (3) في مدبر قتل رجلا خطأ، قال: إن شاء مولاه أن يؤدي إليهم الدية، وإلا دفعه إليهم يخدمهم. وفي حسن جميل، قال له: مدبر قتل رجلا خطأ من يضمن عنه؟ قال: يصالح عنه مولاه، فإن أبى دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتى يموت الذي دبره (4). (وفي قدر الفداء قولان) تقدما مرارا، أحدهما: أنه أرش الجناية كائنا ما كان، والآخر: أنه أقل الأمرين منه ومن قيمته. (ولو كانت الجناية غير مستوعبة لقيمته تخير المولى بين الفداء وبين
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 163 ب 14 من أبواب ديات النفس. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 155 ب 9 من أبواب ديات النفس ح 1. (3) المصدر السابق: ح 3. (4) المصدر السابق: ح 1. 322 تسليم ما قابل الجناية) منه (ليسترق أو يباع ويبقى شريكا) فيه، والخيار في ذلك إليه، لما عرفت، وظاهر نحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح الفضيل في عبد جرح حرا، قال: إن شاء الحر اقتص منه، وإن شاء أخذه إن كانت الجناية تحيط برقبته، وإن كانت الجناية لا تحيط برقبته افتداه مولاه، فإن أبى مولاه أن يفتديه كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جراحته ويرد الباقي على المولى (1). (والقن والمدبر سواء) وفي بقاء التدبير وعدمه ما مر. (وكذا الذكر والأنثى، وكذا أم الولد) جنايتها يتعلق برقبتها، ويتخير المولى بين تسليمها كلا أو بعضا إلى المجني عليه أو وليه وبين افتدائها (على الأقوى) وفاقا للخلاف (2) والسرائر (3) واستيلاد المبسوط (4) لعموم الأدلة على أن السيد لا يعقل مملوكه. وخلافا لديات المبسوط والمهذب ففيهما: أن جنايتها على سيدها (5). ولم يستبعده في المختلف، قال: لأن المولى باستيلاده منع من بيع رقبتها، فأشبه ما لو أعتق الجاني عمدا (6). وقد مضى القول فيه في كتاب العتق ومسائل جناية المملوك وإن كانت مستطردة من حيث الجناية لكنها من مسائل الدية الواجبة بجنايته. (المقصد الثاني في دية الأطراف) (كل ما في الإنسان منه واحد) خلقة (ففيه) كمال (الدية، وكل ما فيه اثنان) أصالة (ففيه) أي في كليهما (الدية، وفي كل واحد) منهما (النصف) كما قال الصادق (عليه السلام) في صحيح هشام بن سالم: كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وما كان واحدا ففيه
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 124 ب 3 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (2) الخلاف: ج 5 ص 272 المسألة 89. (3) السرائر: ج 3 ص 22. (4) المبسوط: ج 6 ص 187. (5) المبسوط: ج 7 ص 160، المهذب: ج 2 ص 488. (6) مختلف الشيعة: ج 9 ص 455. 323 الدية (1). وفي حسن ابن سنان مثل ذلك (2) وسيأتي الخلاف في بعضها. (وما فيه أربعة ففيه الدية، كالأجفان) وفي كل منها الربع (وما فيه عشرة كالأصابع ففيه الدية) ودفع بالتمثيل توهم عد الأصابع عشرين (وفي كل واحد منها العشر). (وكل ما لا تقدير فيه) من أجزاء الأعضاء (يجب فيه الأرش) كما عرفت من أن المملوك يقوم سليما ومجنيا عليه ويؤخذ التفاوت والحر يفرض مملوكا. (والتقدير) في المشهور (في ثمانية عشر): الشعر، والعينين ومنهما الأجفان، والأنف، والأذنين، والشفتين، واللسان، والأسنان، والعنق، واللحيين، واليدين، والرجلين، والأصابع، والظهر، والنخاع، والثديين، والذكر، والخصيتين، والشفرين. (فهنا مطالب) عشرة، لذكر اللحيين في مطلب الأسنان لأنهما منبتها، والظهر والعنق والنخاع والثديين في مطلب، والخصيتين والشفرين مع الذكر في مطلب، واليدين والرجلين والأصابع في مطلب. (الأول في الشعر): (وفي شعر الرأس الدية إن لم ينبت) وفاقا للمشهور، لأنه عضو واحد وربما يناقش فيه، ولنحو صحيح سليمان بن خالد، سأل الصادق (عليه السلام): رجل صب ماء حارا على رأس رجل فامتعط شعره فلا ينبت أبدا، قال: عليه الدية (3). وخبر سلمة بن تمام، قال: أهرق رجل على رأس رجل قدرا فيها مرق فذهب شعره، فاختصما في ذلك إلى علي (عليه السلام) فأجله سنة فلم ينبت شعره، فقضي عليه بالدية (4). (فإن نبت) الشعر كله أو بعضه كما في الوسيلة (5) إلى سنة كما في التحرير (6)
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 217 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 12. (2) المصدر السابق: ص 213 - 214 ب 1 ح 1. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 250 ح 992. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 261 ب 37 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (5) الوسيلة: ص 444. (6) التحرير: ج 5 ص 580. 324 والجامع (1) لما سمعته من الخبر. (فالأرش إن كان المجني عليه ذكرا) كما في النهاية (2) والوسيلة (3) والسرائر (4) والجامع (5) والشرائع (6) والنافع (7). على ما يراه الإمام كما في النهاية (8) والوسيلة (9). وفي السرائر: يقوم لو كان عبدا كم كانت قيمته قبل أن يذهب شعره، وكم يكون قيمته بعد ذهاب شعره، ويؤخذ من ذلك بحساب دية الحر (10). وفي الكافي (11) والغنية (12) والإصباح (13): أن فيه عشر الدية. وعن الرضا (عليه السلام): وإن نبت بعضه أخذ من الدية بالحساب (14). وهو أقرب إن أمكنت معرفة قدري النابت وغيره. ولو طلب الدية قبل انقضاء السنة، ففي التحرير: إن حكم أهل الخبرة بعدم النبات دفعت إليه وإلا فلا، وإن طلب الأرش وإبقاء الباقي إلى استبانة الحال دفع إليه. قال: ولو نبت بعد السنة فالأقرب رد ما فضل من الدية عن الأرش، و كذا لو نبت بعد حكم أهل المعرفة بعدم رجوعه (15). (وإن كان) المجني عليه (أنثى فمهر نسائها) اتفاقا كما في الغنية وبه خبر عبد الله بن سنان، قال للصادق (عليه السلام): رجل وثب على امرأة فحلق رأسها، قال: يضرب ضربا وجيعا، ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها، فإن نبت أخذ منه مهر نسائها، وإن لم ينبت أخذ منه الدية كاملة، قال: فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعر رأسها؟ فقال: يا بن سنان إن شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كاملا (16). فإن زاد مهرها عن ديتها
(1) الجامع للشرائع: ص 590. (2) النهاية: ج 3 ص 428. (3 و 9) الوسيلة: ص 444. (4 و 10) السرائر: ج 3 ص 377. (5) الجامع للشرائع: ص 590. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 261. (7) المختصر النافع: ص 299. (8) النهاية: ج 3 ص 429. (11) الكافي في الفقه: ص 396. (12 و 16) الغنية: ص 416. (13) إصباح الشيعة: ص 503. (14) فقه الإمام الرضا (عليه السلام): ص 320. (15) التحرير: ج 5 ص 581. (16) وسائل الشيعة: ج 19 ص 255 ب 30 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. 325 فليس لها إلا الدية، للإجماع على أنه لا يزيد دية عضو من إنسان على دية نفسه، ولا يضر تساوي عود النبات وعدمه حينئذ. وقال أبو علي: فيه ثلث الدية (1). (وفي شعر اللحية الدية إن لم ينبت) وفاقا للأكثر، لأنه عضو واحد. وقد نوقش فيه. وبه قضاء علي (عليه السلام) في خبري السكوني (2) ومسمع (3) وصحيح سليمان بن خالد (4) سأل الصادق (عليه السلام) رجل دخل الحمام فصب عليه ماء حارا فامتعط شعر رأسه ولحيته فلا ينبت أبدا، قال: عليه الدية. بناء على أن الواو بمعنى أو (وإن نبت فالأرش) كما في الشرائع (5) والنافع (6) استضعافا لسند الثلث. (وقيل) في المقنع (7) والنهاية (8) والخلاف (9): (ثلث الدية) لخبري السكوني ومسمع. وهما ضعيفان. وفي الكافي (10) والغنية (11) والإصباح (12): عشر الدية. (وفي الأبعاض) من شعر الرأس أو اللحية (بالنسبة) لمحل الفائت منها (إلى الجميع بالمساحة) فيؤخذ من الدية بالحساب كسائر ما فيه تقدير من الأعضاء، وكذا إن وجب بالكل ثلث الدية أو عشرها أو المهر، وأما على القول بالأرش ففي البعض أيضا إذا عاد الأرش من غير نسبة. (وقيل) في المقنعة: (في شعر رأس الرجل) ولحيته (إذا لم ينبت مائة دينار) (13) وقد روي في بعض الكتب عن الرضا (عليه السلام): من حلق رأس رجل
(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 357. (2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 150 ح 5332. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 260 ب 37 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 261 ب 37 من أبواب ديات الأعضاء ذيل الحديث 2. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 261. (6) المختصر النافع: ص 299. (7) المقنع: ص 526. (8) النهاية: ج 3 ص 440. (9) الخلاف: ج 5 ص 211 المسألة 91. (10) الكافي في الفقه: ص 396. (11) الغنية: ص 416. (12) إصباح الشيعة: ص 503. (13) المقنعة: ص 756. 326 فلم ينبت فعليه مائة دينار، فإن حلق لحيته فلم ينبت فعليه الدية، وإن نبت فطالت بعد نباتها فلا شئ له (1). (وفي الحاجبين خمسمائة دينار، وفي كل واحد) منهما (نصف ذلك ربع الدية) وفاقا للأكثر، وفي السرائر: الإجماع (2) عليه. وبه خبر أبي عمرو المتطبب عن الصادق (عليه السلام) (3). وروي أيضا عن الرضا (عليه السلام) (4). وفي المبسوط (5) والغنية (6) والإصباح (7): أن فيهما الدية، وفي كل واحدة نصفها. وظاهر المبسوط: الإجماع عليه. ويؤيده النصوص على أن فيما كان في الجسد اثنين الدية (8) مع ضعف مستند الأول. ثم لم يظهر في الخبرين وكلام الشيخين وابني إدريس والبراج وابني سعيد فرق بين عود نباتهما وعدمه. وفي الغنية والإصباح: أن ما ذكر إذا لم ينبت شعرهما، فإن نبت ففيه الأرش. وقال سلار: وإذا ذهب بحاجبه فنبت، ففيه ربع الدية. وقد روي أيضا: أن فيهما إذا لم ينبت مائة دينار (9). وقال في المختلف: والوجه عندي الحكومة فيما إذا نبت، وهو قول أبي الصلاح، للأصل (10). (وفي البعض) من حاجب (بالحساب) والنسبة إلى الكل وقد نطق به الخبران وإن عاد وقلنا بالأرش فلا نسبة بل فيه أرشه. (وفي الأهداب) الأربعة وهي الشعور النابتة على الأجفان (الدية على رأي) وفاقا للخلاف (11) والمبسوط (12). واستدل عليه في الخلاف بالإجماع والأخبار (13). وقال في المبسوط: إنه الذي يقتضيه مذهبنا (14). ولعله أراد ما مر
(1) فقه الإمام الرضا (عليه السلام): ص 320. (2) السرائر: ج 3 ص 378. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 218 ب 2 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (4) فقه الإمام الرضا (عليه السلام): ص 316. (5) المبسوط: ج 7 ص 153. (6) الغنية: ص 417. (7) إصباح الشيعة: ص 504. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (9) المراسم: ص 245. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 430. (11 و 13) الخلاف: ج 5 ص 237 المسألة 25. (12 و 14) المبسوط: ج 7 ص 130. 327 من: أن فيما كان من الأعضاء اثنين ففيهما الدية، وفيما كان أربعة ففيها الدية، وهكذا. وجعل ذلك في الوسيلة رواية ونص فيها (1) وفي المبسوط على عدم العود (2). (فإن قطعت الأجفان بالأهداب فديتان) كما نص عليه في المبسوط (3). (ولو قيل بالأرش حالة الانفراد) عن الأجفان (وبالسقوط حالة الاجتماع) معها كما في السرائر (4) والشرائع (5) (أمكن) إذ لا نص على تقدير فيها، والأصل براءة الذمة. ومع الاجتماع يتبع الأجفان كشعر اليدين والرجلين. (ولا تقدير في غير ذلك من أصناف الشعر كالنابت على الساعدين أو الساقين أو غير ذلك، بل يثبت فيه الأرش إن قلع منفردا) ويثبت فيه أرش عاد أم لا. (ولا شئ مع الانضمام إلى العضو) إذا قطع (أو الجلد) إذا كشط وكذا إن لم يثبت فيه أرش. (ولو كانت اللحية للمرأة) فأزالها (فالواجب الأرش إن نقصت بها) أي بإزالتها (القيمة لو كانت أمة) ولا يجب بذلك دية أو شئ مقدر لخروجها عن النص والفتوى، لتبادر لحية الرجل من إطلاقها، وكونها فيها زائدة، مع أصل البراءة. (ولو كانت) اللحية (للأمة فزادت قيمتها) بزوالها (فالأقرب التعزير خاصة) لأن الضمان إنما يكون للنقص ولا نقص، وأما التعزير فللتصرف في مال الغير بغير إذن مالكه. خلافا للمبسوط (6) فأثبت فيها الحكومة، والاعتبار بعبد إذا أزيلت لحيته نقصت قيمته. (وكذا لو حلق شعر العانة منها أو من الحرة) أو العبد، والاقتصار على الأنثى، لأن عدمها فيها أهم وازدياد القيمة لها بذلك أغلب (أو قلعهما) أي شعر العانة أو اللحية منها وبالجملة إزالتهما (بحيث لا ينبت فزادت القيمة فلا شئ)
(1) الوسيلة: ص 442. (2) المبسوط: ج 7 ص 130. (3) المصدر السابق. (4) السرائر: ج 3 ص 378 - 379. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 262. (6) المبسوط: ج 7 ص 154. 328 عليه، إذ لا ضمان إذ لا نقص (ولا) ينافيه ما ورد من: أن فقدان الأمة شعر العانة عيب ترد به. ولا شئ عليه أيضا (في) لحية (الحرة) أو شعر عانتها إذا لم يوجب إزالتهما نقصا فيها. وأوجب الحكومة في المبسوط في لحيتها (1) بما عرفت. (المطلب الثاني في دية العين): (وفي كل عين بصيرة نصف الدية) بالنص (2) والإجماع (ويستوي الصحيحة والعمشاء والحولاء والجاحظة) كما في المبسوط (3) والشرائع (4) لعموم الأدلة. وجعل ابن حمزة في العمشاوين ثلث الدية (5). (وفي العينين كمال الدية). (والأخفش والأعشى والرمد والأجهر والأعمش كالصحيح). (أما من على) سواد (عينيه) أو بياضهما أو عليهما (بياض، فإن كان البصر) أي الإبصار بكماله (باقيا) وذلك بأن لا يكون البياض على الناظر (فالدية) لبقاء العضو وفائدته، فيعمه الأدلة كيد عليه ثولول و (إلا) تبق كمال الإبصار (أسقط الحاكم) من الدية (بحسب ما يراه) فإن عرف قدر الباقي منه والساقط أسقط بإزاء الساقط من الدية، وإن لم يمكنه معرفة ذلك كانت فيها الحكومة. (وفي عين الأعور الصحيحة الدية كاملة إن كان العور خلقة، أو تجدد بآفة من الله تعالى) للأخبار (6) ولأن العين الواحدة له بمنزلة ما فيه من آحاد الأعضاء، وللإجماع كما في المختلف (7) والخلاف (8) والغنية (9). وقد مر الخلاف
(1) المبسوط: ج 7 ص 154. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (3) المبسوط: ج 7 ص 127. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 262. (5) الوسيلة: ص 446. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 252 ب 27 من أبواب ديات الأعضاء. (7) مختلف الشيعة: ج 9 ص 363. (8) الخلاف: ج 5 ص 237 المسألة 22. (9) الغنية: ص 416. 329 في أنه إذا كان عمدا واقتص المجني عليه من عين الجاني، فهل يستحق عليه نصف الدية أم لا؟ (ولو كان بجناية جان استحق) بها (أرشه، وإن لم يأخذه أو ذهبت في قصاص فالنصف) اتفاقا كما هو الظاهر وإن لم يتعرض الأكثر للذهاب قصاصا أو خلت الأخبار عن التفصيل، وذلك للإجماع على أن في أحد العينين نصف الدية إلا أن الإجماع استثنى ما تقدم فأوجب فيه تمامها، ولأنه لأخذه العوض أو استحقاقه له أو الذهاب قصاصا لا ينزل عينه الموجودة منزلة الأعضاء المفردة. (وفي خسف العوراء ثلث دية الصحيحة) وهو سدس دية النفس وفاقا للمشهور، لنحو قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح بريد (1) وحسنه (2): في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي الحر وأنثييه ثلث الدية. (وروي) عن الصادق (عليه السلام) (الربع) قال في خبر عبد الله بن أبي جعفر: قضى فيها علي بن أبي طالب (عليه السلام) بنصف الدية في العين الصحيحة (3) وفي خبر عبد الله بن سليمان: عليه ربع دية العين (4) وبه أفتى المفيد (5) وسلار (6). وفي الشرائع أن هذه الرواية متروكة (7). وعلى القولين (سواء كانت) عوراء (بخلقة) أو آفة من الله (أو جناية) أو قصاص، لإطلاق الأخبار (8) والأصل. لكن في صحيح أبي بصير وحسنه، أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس، فقال: إن كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه ثلث
(1) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 270 ح 7062. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 256 ب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 254 ب 29 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (4) المصدر السابق: ص 255 ح 2. (5) المقنعة: ص 760. (6) المراسم: ص 244. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 262. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 252 ب 27 من أبواب ديات الأعضاء. 330 الدية، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فإن على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه، قال: وكذلك القضاء في العينين والجوارح، قال: وهكذا وجدناه في كتاب علي (عليه السلام) (1). ولم نظفر بمن يعمل به، وكذا في الكافي (2) والتهذيب (3) ولعل الفرق بين الفرضين إنما يظهر في نحو العين وغيرها من الجوارح المتعددة وإن لم يظهر في اللسان. وفي الفقيه: إن كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه الدية (4). وزعم ابن إدريس: أنه لا خلاف في أنها إن كانت عوراء خلقة ففيها نصف الدية خمسمائة دينار، وثلث ديتها إنما يجب في التي جني عليها (5). وهو يوافق ما في الفقيه، إلا أنه ليس في الفقيه قوله: " وكذلك القضاء في العينين والجوارح (6) ". ثم الشيخ (7) والمصنف وابنا سعيد (8) اقتصروا على الخسف كما في خبر عبد الله بن أبي جعفر. وعبر سلار بالإذهاب (9) وقال المفيد ومتى كانت عينه ذاهبة، وهي قائمة غير مخسوفة، فلطمه إنسان فانخسفت بذلك، أو كانت مفتوحة فانطبقت، أو كان سوادها باقيا فذهب، فعليه ربع دية العين الصحيحة (10). وفي خبر عبد الله بن سليمان، فقأ عين رجل ذاهبة وهي قائمة (11). وقال الحلبي: وفي خسف العين الواقفة العمياء ثلث ديتها، وفي طبق المفتوحة أو ذهاب سوادها مع تقدم
(1) المصدر السابق: ص 256 - 257 ب 31 ح 2. (2) الكافي: ج 7 ص 318 ح 7. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 270 ح 1063. (4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 148 ح 5328. (5) السرائر: ج 3 ص 380 و 382 وفيه: " أن فيها ديتها كاملة خمسمائة دينار ". (6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 148 ح 5328. (7) النهاية: ج 3 ص 433. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 262، الجامع للشرائع: ص 593. (9) المراسم: ص 244. (10) المقنعة: ص 760. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 255 ب 29 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. 331 العمى ربع ديتها (1) وكذا في الغنية (2) والإصباح (3). وقال ابن إدريس: وفي العين القائمة إذا خسف بها ثلث ديتها صحيحة، وكذلك في العين العوراء التي أخذت ديتها أو استحقها صاحبها ولم يأخذها ثلث ديتها صحيحة على ما قلناه أولا وحررناه. وشيخنا أبو جعفر في نهايته فرق بينهما، بأن قال: إذا قلع العين العوراء التي أخذت ديتها أو استحقت الدية فلم تؤخذ فنصف الدية، يعني ديتها، فإن خسف بها ولم يقلعها ثلث ديتها. والأولى عندي أن في القلع والخسف ثلث ديتها، فأما إذا كانت عوراء والعور من الله تعالى فلا خلاف بين أصحابنا أن فيها ديتها كاملة خمسمائة دينار (4) انتهى. والظاهر سقوط لفظ " القلع " من قلمه أو أقلام النساخ في قوله: وكذلك في العين العوراء، والصحيح: " وكذلك في قلع العين العوراء " إلى آخر الكلام. وما نسبه إلى النهاية وهم منه، وعبارتها موهمة لذلك، فإنها كذا: وفي العين العوراء الدية كاملة إذا كانت خلقة أو قد ذهبت في آفة من جهة الله تعالى، فإن كانت قد ذهبت وأخذ ديتها أو استحق الدية وإن لم يأخذها كان فيها نصف الدية، والأعور إذا فقأ عين صحيح قلعت عينه وإن عمي، فإن الحق أعماه، فإن قلعت عينه كان مخيرا بين أن يأخذ الدية كاملة أو يقلع إحدى عيني صاحبه ويأخذ نصف الدية، وفي العين القائمة إذا خسف بها ثلث ديتها صحيحة (5) انتهت. ففهم من العين العوراء، الذاهبة من عيني الأعور لا الصحيحة كما في نحو عبارة الكتاب ويقويه قوله " ذهبت " مرتين " وأخذ ديتها " فحمل قوله: " الدية كاملة " على دية العين الواحدة، أي نصف الدية خمسمائة دينار ونصف الدية على نصف ديتها وهو ربع الدية. ثم لما قال في آخر الكلام: " إن في خسف العين القائمة
(1) الكافي في الفقه: ص 396. (2) الغنية: ص 416. (3) إصباح الشيعة: ص 503. (4) السرائر: ج 3 ص 381 - 382. (5) النهاية: ج 3 ص 431 و 433. 332 ثلث ديتها " حمل ما قبله على القلع، وجعل الكلام في قوة أن قال: في العين الذاهبة من عيني الأعور ديتها كاملة وهي خمسمائة دينار قلعت أو خسفت إذا كانت ذهبت خلقة أو في آفة من الله، فإن كانت ذهبت وأخذ ديتها أو استحق ديتها كان في قلعها نصف ديتها مائتان وخمسون دينارا، وإذا فقأ الأعور عين صحيح قلعت عينه الصحيحة وإن عمي، فإن الحق أعماه، فإن قلع قالع عينه الصحيحة كان مخيرا بين أن يأخذ الدية دية النفس كاملة ألف دينار أو يقلع إحدى عيني الجاني ويأخذ نصف الدية، وفي عينه الذاهبة القائمة إذا خسف بها وكان ذهابها بالجناية عليها ففيها ثلث ديتها صحيحة. والظاهر ما في المختلف (1) والنكت (2) من أن مراده بالعوراء الصحيحة من عيني الأعور. قال المحقق: ويوشك أن يكون سماها عوراء لأنه ليس لها أخت. وفي الحديث: أن أبا لهب اعترض على النبي (صلى الله عليه وآله) عند إظهار الدعوة، فقال له أبو طالب: يا أعور ما أنت وهذا. قال ابن الأعرابي: ولم يكن أبو لهب أعور، لكن العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه وأمه أعور، وعلى هذا يقال للأنثى عوراء، قال: وكان الشيخ (رحمه الله) استعمل ذلك اتساعا، وتبعا للفظ رواية رواها محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن سنان، عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " في أنف الرجل الدية تامة، وذكر الرجل الدية تامة، ولسانه الدية تامة، وأذنيه الدية تامة، والرجلان بتلك المنزلة، والعينان كذلك، وفي العين العوراء الدية تامة " ولم يرد بالعوراء هنا الفاسدة، لأن ديتها ليست تامة، إذ هو يريد بالتامة دية النفس، لأنه عدد ما فيه دية النفس ولم يرد بالدية التامة خمسمائة على ما ظنه بعض المتأخرين. ثم لم يذهب أحد إلى أن القائمة ولا المطبقة فيها خمسمائة بحيث ينزل ذلك على هذا التأويل، قال: وأما قول الشيخ (قدس سره): إذا كانت خلقة أو ذهبت في آفة من جهة الله، يريد الذاهبة، أضمرها ولم يجز لها ذكر اتساعا ولدلالة اللفظ
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 363. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 432. 333 عليها (1) انتهى. وحينئذ قوله: " فإن قلعت عينه " مع جزائه تكرير لما قدمه من إذهاب عينه الصحيحة، وإنما كرره للتصريح بالتخيير. (وفي الأجفان) الأربعة (الدية) لما عرفت من الضابطة (وفي كل جفن الربع) وفاقا للحسن (2) للأصل، وما روي: أن فيما كان اثنين الدية، وفي كل واحد منهما نصفها (3). ولا دلالة له. (وقيل) في الخلاف (4) والمبسوط (5) والسرائر (6): (في الأعلى) من شفري كل عين (ثلثا الدية) أي دية العين (وفي الأسفل الثلث) للإجماع، والأخبار كما في الخلاف (7). ولا نعرف به خبرا واحدا. (وقيل) في المشهور (في الأعلى الثلث) أي ثلث دية العين (وفي الأسفل النصف) وهو في كتاب ظريف بن ناصح، عن الصادق (عليه السلام) (8). وكذا روي عن الرضا (عليه السلام) (9). وحينئذ ينقص سدس الدية، فلا وجه لما في التحرير: من أن في الأجفان الأربعة الدية بلا خلاف (10) إلا ما قيل: من أن الخلاف إنما هو إذا تعدد الجاني (11) أما مع الاتحاد فالدية إجماعا. (ولو لم يكن عليها أهداب فكذلك) فإن الجفن إذا قطع وعليه أهداب فإما لأهدابه دية أخرى، أو لا دية لها، كما عرفت، وعلى كل لا يتفاوت الحال في الجفن. (وفي أجفان الأعمى الدية) أيضا (وكذا أجفان الأعمش) فإن العمى والعمش إنما هما في العين. دون الأجفان. (أما الأجفان المستحشفة) أي اليابسة
(1) نكت النهاية: ج 3 ص 432 - 433. (2) ذكره في مسالك الأفهام: ج 15 ص 402. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (4) الخلاف: ج 5 ص 236 المسألة 24. (5) المبسوط: ج 7 ص 130. (6) السرائر: ج 3 ص 378. (7) الخلاف: ج 5 ص 237 المسألة 24. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 218 ب 2 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (9) المصدر السابق: ص 219 ح 5. (10) التحرير: ج 5 ص 599. (11) المهذب البارع: ج 5 ص 309. 334 المتقلصة (فالحكومة) لزوال منفعتها (لأنها لا تكن العين ولا تغطيها). (ولو قلع العين مع الأجفان فديتان) أو دية وخمسة أسداس دية. وبالجملة: لا يتبع الأجفان العين كما يتبع الأهداب الأجفان. (ولو قطع بعض الجفن فعليه بحساب ديته). (المطلب الثالث الأنف): (في الأنف الدية كاملة) إذا استوصلت (وكذا في مارنه، وهو ما لان منه) ونزل عن القصبة وفاقا للنهاية (1) والسرائر (2) والجامع (3) والشرائع (4) والنافع (5) لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: في الأنف إذا استوصل جدعه الدية (6) وفي حسن الحلبي: في الأنف إذا قطع المارن الدية (7) ونحوه في خبري زرارة (8) والعلاء بن الفضيل (9) (وفي بعضه بحسابه من المارن). (و) حينئذ (لو قطع المارن وبعض القصبة فالدية) حسب (و) لكن (لو قطع المارن ثم القصبة) كلها أو بعضها (فالأقرب ثبوت الدية في المارن والحكومة في القصبة) إذ لا تقدير فيها وحدها، ولم يجن عليها مع المارن جناية واحدة ليكتفي بالدية. ويحتمل أن ينسب إلى جميع الأنف بالمساحة ويؤخذ لها من الدية بالحساب، لأن جميعه عضو له مقدر، فإذا قطع بعضه نسب إليه وأخذ له بالحساب. وفي المبسوط: وفي الأنف الدية بلا خلاف لقوله (عليه السلام): وفي الأنف إذا أوعى جدعا مائة من الإبل، ومعني أوعى استوعب. وعن علي (عليه السلام) في الأنف مائة من
(1) النهاية: ج 3 ص 434. (2) السرائر: ج 3 ص 382. (3) الجامع للشرائع: ص 593. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 263. (5) المختصر النافع: ص 299. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 215 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 5. (7) المصدر السابق: ص 214 - 215 ح 4. (8) المصدر السابق: ص 215 ح 6. (9) المصدر السابق: ص 216 ب 1 ح 8. 335 الإبل، فإذا ثبت أن فيه الدية فإنما الدية في المارن وهو ما لان منه، وهو دون قصبة الأنف وذلك المنخران والحاجز إلى القصبة. فإن كان قطع كل المارن ففيه الدية كاملة، فإن قطع بعضه ففيه بالحصة مساحة. وذكر أنه إن قطع المارن مع القصبة كان في المارن الدية وفي القصبة حكومة (1) وهو خيرة المهذب (2) والوسيلة (3) والتحرير (4). وفي الغنية (5) والإصباح (6) في استيصال الأنف بالقطع الدية كاملة، وفي قطع الأرنبة نصف الدية، وهو مروي عن الرضا (عليه السلام) (7) وسيأتي الآن أن في الروثة نصف الدية، مع تفسير الروثة بالأرنبة. (والروثة وهي الحاجز بين المنخرين) كما في الشرائع (8) والجامع (9) ولا أعرف لهم موافقا من أهل اللغة، فإن المعروف عندهم أنها الأرنبة، أو طرفها حيث يقطر الرعاف، والأرنبة عندهم طرف الأنف، ويسمون الحاجز بالوترة، وفي كتاب ظريف بالخيشوم (10) وكذا روي عن الرضا (عليه السلام) (11). وقد ذكر في الشرائع (12) والتحرير (13): أنها عند أهل اللغة طرف المارن. (وفيها) إذا استوصلت كما في النهاية (14) والمقنعة (15) والجامع (16) (نصف الدية على رأي) وفاقا للأكثر، لما في كتاب ظريف من قوله: فإن قطعت روثة الأنف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية (17) وزيد في الكافي وهي طرفه (18) يعني الروثة طرف الأنف، وكأنه من كلام الكليني (رحمه الله).
(1) المبسوط: ج 7 ص 131. (2) المهذب: ج 2 ص 482. (3) الوسيلة: ص 447. (4 و 13) التحرير: ج 5 ص 571. (5) الغنية: ص 417. (6) إصباح الشيعة: ص 504. (7) فقه الرضا (عليه السلام): ص 316. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 263. (9 و 16) الجامع للشرائع: ص 593. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 4 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (11) فقه الرضا (عليه السلام): ص 316. (12) شرائع الإسلام: ج 4 ص 263. (14) النهاية: ج 3 ص 434. (15) المقنعة: ص 767. (17) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 4 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (18) الكافي: ج 7 ص 331 ذيل الحديث 2. 336 (وقيل) فيها (الثلث) لاشتمال الأنف عليها وعلى المنخرين (1) وقد وجبت الدية في الجميع، ففي كل منها الثلث، والأصل البراءة من الزائد، ولا نعرف قائله من الأصحاب. (وقيل) في الفقيه (الروثة مجمع المارن) (2) لا مجمع المارن والأنف كما في الكنز (3) والإيضاح (4). ومراده بمجمعه إما رأسه فيوافق كتب اللغة، أو الحاجز: فإنه موصل كما أنه مفصل. (وفي أحد المنخرين نصف الدية) كما في السرائر (5) والمبسوط (6) وفيه أنه مذهبنا، وفيهما الاحتجاج بأنه ذهب نصف الجمال والمنفعة. وقد أيد بأنهما اثنان، فيعمهما ما مر من الحكم العام فيما كان اثنين. (وقيل) في المشهور فيه (الثلث (7) وهو الأقرب) لخبري غياث (8) وعبد الرحمن العرزمي عن الصادق (عليه السلام)، ولفظ الثاني في حشاش الأنف في كل واحد ثلث الدية (9) والحشاش بإهمال الحاء فتحها وكسرها الجانب، قال المحقق: و في الرواية ضعف غير أن العمل بمضمونها أشبه (10) انتهى. ولاشتمال الأنف على المنخرين والحاجز بينهما (فتتقسط الدية على الحاجز والمنخرين أثلاثا) وفيه رجوع عن إيجاب النصف في الحاجز. وعند الحلبيين (11) والكيدري (12): أن فيه ربع الدية. قال الشهيد: ولعله نظر إلى المنخرين والحاجز والروثة (13).
(1) الروضة البهية: ج 10 ص 208. (2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 81. (3) كنز الفوائد: ج 3 ص 740. (4) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 688. (5) السرائر: ج 3 ص 398. (6) المبسوط: ج 7 ص 131. (7) قاله الشهيد في اللمعة الدمشقية: ج 10 ص 208. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 267 - 268 ب 42 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (9) نفس المصدر: ص 217 ب 1 ح 13. (10) شرائع الإسلام: ج 4 ص 263. (11) الغنية: ص 417، الكافي في الفقه: ص 397. (12) إصباح الشيعة: ص 504. (13) نكت الإرشاد: ص 219 س 20 (مخطوط). 337 ولو قطع مع المارن لحما تحته متصلا بالشفتين فعليه مع الدية زيادة حكومة) للحم، إذ لا مقدر له. (ولو كسر الأنف ففسد فالدية) كما في المقنعة (1) والنهاية (2) والشرائع (3) والنافع (4) والوسيلة (5) لأنه كالإبانة. (ولو جبر) حينئذ (على غير عيب فمائة دينار) كما في المقنعة (6) والغنية (7) والإصباح (8) والنهاية (9) والشرائع (10) والنافع (11) والوسيلة (12) للحكم بذلك فيما في كسره الدية كما سيظهر، وللإجماع كما في الغنية (13). (ولو نفذت فيه نافذة) فخرقت المنخرين والوترة جميعا خرقا (لا تنسد فثلث الدية) كما في كتاب ظريف. وروي عن الرضا (عليه السلام) (14) وعن مسمع عن الصادق (عليه السلام) قال قضي أمير المؤمنين (عليه السلام) في النافذة يكون في العضو ثلث الدية دية ذلك العضو (15) ونحو ذلك من الأخبار (16) وقطع به الأصحاب. وكذا لو خرمه، لقول الصادق (عليه السلام) في خبر مسمع: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في خرم الأنف ثلث دية الأنف (17). (فإن جبرت وصلحت فخمس الدية) مائتا دينار كما في المقنعة (18)
(1) المقنعة: ص 767. (2) النهاية: ج 3 ص 455. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 263. (4) المختصر النافع: ص 299. (5) الوسيلة: ص 447. (6) المقنعة: ص 767. (7) الغنية: ص 417. (8) إصباح الشيعة: ص 504. (9) النهاية: ج 3 ص 455. (10) شرائع الإسلام: ج 4 ص 253. (11) المختصر النافع: ص 299. (12) الوسيلة: ص 447. (13) الغنية: ص 417. (14) فقه الرضا (عليه السلام): ص 316. (15) وسائل الشيعة: ج 19 ص 291 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 7 وفيه: " في الناقلة ". (16) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 4 من أبواب ديات الأعضاء. (17) المصدر السابق: ح 2. (18) المقنعة: ص 767. 338 والمراسم (1) والكافي (2) والغنية (3) والإصباح (4) والنهاية (5) والسرائر (6) والنافع (7) والشرائع (8) والجامع (9) وفي كتاب ظريف: خمس دية الروثة مائة دينار (10) وهو خيرة أبي علي (11) والشيخ في الخلاف (12). (ولو كانت) النافذة نفذت (في أحد المنخرين إلى الحاجز) فعولجت فبرئت (فعشر الدية) مائة دينار كما في المقنعة وسائر ما عددناه (13) من الكتب سوى المراسم. وكذا روي عن الرضا (عليه السلام) لكن ليس فيه نص على البرء (14). وفي كتاب ظريف: أن فيه عشر دية الروثة خمسين دينارا (15) وبه أفتى أبو علي (16). وإن نفذت فخرقت خرقا لا ينسد ففي الغنية (17) والكافي (18) والإصباح (19) والتحرير (20): أن فيه سدس الدية. وفي كتاب ظريف: وإن كانت الرمية نفذت في أحد المنخرين أو الخيشوم إلى المنخر الآخر فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار (21)
(1) المراسم: ص 244. (2) الكافي في الفقه: ص 397. (3) الغنية: ص 417. (4) إصباح الشيعة: ج 24 ص 292. (5) النهاية: ج 3 ص 455. (6) السرائر: ج 3 ص 411. (7) المختصر النافع: ص 304. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 277. (9) الجامع للشرائع: ص 593. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 4 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 439. (12) الخلاف: ج 5 ص 237 المسألة 26. (13) الكافي في الفقه: ص 397، الغنية: ص 417، إصباح الشيعة: ص 504، النهاية: ج 3 ص 455، السرائر: ج 3 ص 411، المختصر النافع: ص 304، شرائع الإسلام: ج 3 ص 277، الجامع للشرائع: ص 593. (14) فقه الرضا (عليه السلام): ص 316. (15) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 4 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (16) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 439. (17) الغنية: ص 417. (18) الكافي في الفقه: ص 397. (19) إصباح الشيعة: ص 504. (20) التحرير: ج 5 ص 572. (21) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 4 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. 339 يعني إذا عولجت فبرئت ففي الحاجز ثلث ما في إحدى المنخرين، ويلزم اعتباره مع إحداهما وعدمه معهما. (وفي شلله ثلثا ديته) كما في الوسيلة (1) والمبسوط (2) والخلاف (3) وفيهما الإجماع عليه، كشلل سائر الأعضاء، فقد وضع الأصحاب ضابطا أن في شلل كل عضو ثلثي ديته كما سيأتي، ويرشد إليه: أن في قطع الأشل ثلث الدية كما تسمعه الآن. ولم نظفر بنص عام أو خاص بشلله وإنما ظفرنا بصحيح الفضيل بن يسار عن الصادق (عليه السلام): بأن في شلل الأصابع ثلثي دية اليد أو القدم، وفي شلل بعضها ثلثي ديتها (4) وحسن بريد عن أبي جعفر (عليه السلام): أن في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي وأنثييه ثلث الدية (5). (فإن قطع بعد الشلل فعليه الثلث) وكذا إن كان أشل خلقة فقطع. قطع به الشيخ (6) وجماعة فيه وفي كل أشل، لقول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر الحكم بن عيينة: وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح (7). وفيه نظر سيأتي. (ولو قطع أحد المنخرين والحاجز فثلثا الدية، وفي) قطع (أحدهما مع نصف الحاجز أو بالعكس نصف الدية) كل ذلك (بناء على انقسام الدية) على المنخرين والحاجز (أثلاثا) وعلى القول بأن في الحاجز نصف الدية - كما اختاره أولا - كان في كل من المنخرين ربعها، وعلى القول بأن في كل من المنخرين نصف الدية كان في الحاجز حكومة، وعلى قول الحلبيين (8)
(1) الوسيلة: ص 447، وفيه: " ثلث الدية ". (2) المبسوط: ج 7 ص 131. (3) الخلاف: ج 5 ص 237 المسألة 27. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 265 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 5. (5) المصدر السابق: ص 256 ب 31 ح 1. (6) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 257 ذيل الحديث 1107. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 263 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (8) الكافي في الفقه: ص 397، الغنية: ص 417. 340 والكيدري (1) كان في كل منهما ومن الحاجز والروثة ربع الدية، وقطع أحد المنخرين مع تمام الحاجز يوجب قطع الروثة. (وفي قطع بعض المنخر جزء من الثلث) أو النصف أو الربع (بنسبة المقطوع إلى الجميع، وكذا في) قطع (بعض الحاجز) إن لم نقل إن فيه حكومة. (ولو ضربه فعوجه أو تغير لونه فالحكومة) صلح بعد ذلك أولا إلا أن الحكومة في الأخير أكثر. (فإن قطعه) بعد الإعوجاج أو تغير اللون (آخر) أو الأول (فالدية) كاملة إذ لا ينقص بنقصانه شكلا أو لونا كما لو كان كذلك خلقة. وكذا إذا شق ما بين المنخرين ففيه حكومة، كما في المبسوط (2) والسرائر (3) بقي منفرجا أو التأم، إلا أن الحكومة في الأول أكثر. وفي الوسيلة: أن في شقه خمسين دينارا، فإن بقي منفرجا ففيه زيادة حكومة (4). ولعله ظفر بما أفاده ذلك. (ولو قطعه إلا جلده وبقي معلقا بها، فإن احتيج إلى الإبانة) بأن لم يمكن الرد والإلزاق (فعليه الدية) كاملة (لأنه قطع الأنف بعضه بالمباشرة وبعضه بالتسبيب) أو كله بالتسبيب. (ولو أبانه فرده) هو أو المجني عليه (فالتحم، احتمل الحكومة) لأنه بمنزلة عدم الإبانة، لبقائه الآن كما كان. (و) احتمل (الدية) كما في المبسوط (5) واختاره في التحرير (6) لصدق الإبانة، والالتحام ثانيا نعمة متجددة، ولأنه يجبر على الإبانة لأنه نجس لا تصح معه الصلاة. (ولو لم يبنه ورده فالتحم فالحكومة) قطعا لأنه لم يبنه ولا اضطره إلى الإبانة للالتحام والطهارة.
(1) إصباح الشيعة: ص 504. (2) المبسوط: ج 7 ص 131. (3) السرائر: ج 3 ص 398. (4) الوسيلة: ص 447. (5) المبسوط: ج 7 ص 131. (6) التحرير: ج 5 ص 572. 341 (المطلب الرابع الأذن): (وفي كل واحدة نصف الدية، وفيهما أجمع الدية كاملة) للضابط، والأخبار (1) الخاصة. وقال مالك: ليس فيها إلا حكومة (2) لأنها جمال بلا منفعة. (وفي بعضها بحساب ديتها) كما قال الصادق (عليه السلام) في خبر مسمع: وما قطع منها فبحساب ذلك (3). ونحوه في كتاب ظريف (4). وبمعناه قوله (عليه السلام) في خبر سماعة: وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل (5). و (يعتبر) الحساب (بالمساحة، فإن كان المقطوع نصفها وجب النصف) دية الأذن الواحدة و (إن كان الثلث فالثلث، وهكذا). (و) لكن (في شحمة الأذن ثلث دية الأذن) لرواية مسمع عن الصادق (عليه السلام) (6). وهي ضعيفة. قال المحقق: لكن يؤيدها الشهرة (7). وفي الخلاف (8) والغنية (9): الإجماع عليه. (وفي خرمها ثلث ديتها) بالإجماع كما في الخلاف (10) ويدل عليه قول الصادق (عليه السلام) في خبر معاوية بن عمار: في كل فتق ثلث الدية (11) وما في كتاب ظريف من قوله: وفي قرحة لا تبرأ ثلث دية ذلك العضو الذي هي فيه (12). وقال ابن إدريس: يعني في خرم الشحمة ثلث دية الشحمة وهو ثلث الثلث
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 4 و 5 و 7 و 8 و 9. (2) المدونة الكبرى: ج 6 ص 313، المغني لابن قدامة: ج 9 ص 593. (3) فروع الكافي: ج 7 ص 333 ح 5. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 223 ب 7 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 215 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 7. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 224 ب 7 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 263. (8) الخلاف: ج 5 ص 234 المسألة 19. (9) الغنية: ص 417. (10) الخلاف: ج 5 ص 234 المسألة 19. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 257 ب 32 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (12) وسائل الشيعة: ج 19 ص 290 ب 2 من أبواب ديات الشجاج ح 3. 342 الذي هو دية الشحمة (1). وهو خيرة النافع (2) والجامع (3). وهو كما في المختلف تأويل بلا دليل (4) ومخالف لظاهر كلام الشيخ. وممن نص على أن فيه ثلث دية الأذن ابن حمزة، وقال: وغير القطع والخرم وهو الثقب فيه حكومة (5). وكذا الخرم إذا التأم. (وأذن الأصم كالصحيح) فإن الصمم ليس نقصا في الأذن، بل في السماع (ولو ضربها فاستحشفت - وهو كشلل العضو - فثلثا ديتها) عندنا كما في المبسوط (6) للإجماع، والأخبار على ما في الخلاف (7). وإن لم أظفر بخبر مسند يخصها أو يعمها وغيرها، لكن الضابط ذلك كما عرفت. (فإن قطعها قاطع بعد الشلل فثلث الدية) عندنا، لما مر من الضابط، والخبر. (ولو قطع الأذن فأوضح العظم وجب عليه مع دية الأذن دية الموضحة) وكذا إن سرى إلى السمع فأفسده أو نقص منه لم يتداخل ديتا العين والمنفعة. (المطلب الخامس الشفتان): و (يجب في الشفتين الدية إجماعا) منا ومن العامة (8) (واختلف في التقسيط). (وقيل) في المقنعة (9) والمبسوط (10) والمراسم (11) والكافي (12) والغنية (13) والإصباح (14) والجامع (15) (في العليا الثلث، وفي السفلى الثلثان، لأن فيها مع
(1) السرائر: ج 3 ص 382. (2) المختصر النافع: ص 300. (3) الجامع للشرائع: ص 593. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 369. (5) الوسيلة: ص 446. (6) المبسوط: ج 7 ص 125. (7) الخلاف: ج 5 ص 233 المسألة 17. (8) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 602، بداية المجتهد: ج 2 ص 455. (9) المقنعة: ص 755. (10) المبسوط: ج 7 ص 132. (11) المراسم: ص 244. (12) الكافي في الفقه: ص 398. (13) الغنية: ص 417. (14) إصباح الشيعة: ص 505. (15) الجامع للشرائع: ص 590. 343 الجمال زيادة المنفعة بإمساك الطعام والشراب) قال المفيد: لأنها تمسك الطعام والشراب، وشينها أقبح من شين العليا، وبهذا ثبتت الآثار عن أئمة الهدى (عليهم السلام) (1). (وقيل) في المقنع (2) والهداية (3) والنهاية (4) والخلاف (5) والتهذيب (6) والاستبصار (7) والوسيلة (8) والمهذب (9): (في العليا خمسا الدية) أربعمائة دينار (وفي السفلى ثلاثة أخماسها) ستمائة واختاره في المختلف (10) وبه خبر أبان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام) (11). وحكي عن كتاب ظريف (12). وفي الخلاف الإجماع عليه (13). (وقيل) في المعروف من كتاب ظريف (في العليا النصف، وفي السفلى الثلثان) (14) وحكي عن الصدوق (15) وأبي علي (16) (وفيه زيادة لم تثبت) والأصل البراءة. (وقيل) والقائل الحسن (بالسوية (17) وهو حسن) لعموم الأدلة (18) على
(1) المقنعة: ص 755. (2) المقنع: ص 511، وفيه: " ستة آلاف للسفلى وأربعة آلاف للعليا ". (3) الهداية: ص 299، وفيه: " دية الشفة العليا أربعة آلاف درهم ودية السفلى ستة آلاف درهم ". (4) النهاية: ج 3 ص 434. (5) الخلاف: ج 5 ص 238 المسألة 30. (6) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 246 ذيل الحديث 975. (7) الاستبصار: ج 4 ص 288 ذيل الحديث 1088. (8) الوسيلة: ص 443. (9) لم نعثر عليه في المهذب ولعله في الكامل. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 370. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 222 ب 5 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (12) التحرير: ج 5 ص 588. (13) الخلاف: ج 5 ص 239 المسألة 30. (14) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 5 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (15) نقل الحكاية المحقق في شرائع الإسلام: ج 4 ص 264. (16) نقله عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 9 ص 369. (17) نقله عنه في شرائع الإسلام: ج 4 ص 264. (18) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. 344 أن ما كان اثنين ففي كل منهما نصف الدية، وأصلي البراءة والتساوي، وقول الصادق (عليه السلام) في خبر سماعة: الشفتان العليا والسفلى سواء في الدية (1). وحمله على التساوي في وجوب الدية لا قدرها بعيد. واختاره في التحرير قال: وأجود ما بلغنا من الأحاديث في هذا الباب ما أفتى به ابن أبي عقيل (2). وقال ابن إدريس: و هو قول قوي إلا أن يكون على خلافه إجماع، ولا شك أن الإجماع منعقد على تفضيل السفلى، والاتفاق حاصل على الستمائة دينار، والأصل براءة الذمة مما زاد عليه، قال: وبهذا القول الأخير أعمل وأفتي، وهو قول شيخنا في الاستبصار (3). يعني القول بالأربعمائة والستمائة، وقد كان اختار أولا القول بالثلث والثلثين. (وحد الشفة السفلى) كما في المبسوط (4) والسرائر (5) (عرضا ما تجافى عن اللثة) وطولها (مع طول الفم، وحد الشفة العليا ما تجافى عن اللثة متصلا بالمنخرين والحاجز) بينهما (مع طول الفم) وفيه إشارة إلى رد من قال من العامة (6): لا قصاص فيهما إذ لا حد لهما، ومن قال منهم: إن حدهما ما ينبو عند إطباق الفم (7) ومن قال منهم: إنه ما إذا قطع لم ينطبق الباقي على الشفة الأخرى (8) ومن قال منهم: إنه من حروف الفم إلى ما يستر العمور أو اللثة (9) (وليس حاشية الشدقين منهما). (وفي قطع بعض الشفة) بعض ديتها (بنسبتها) إلى المقطوع منها (مساحة، ففي النصف نصف ديتها، وفي ثلثها ثلث ديتها، وهكذا) والمساحة تعتبر (طولا وعرضا. فلو قطع نصفها طولا وربعها عرضا) كان
(1) المصدر السابق: ص 216 ح 10. (2) التحرير: ج 5 ص 588. (3) السرائر: ج 3 ص 383. (4) المبسوط: ج 7 ص 132. (5) السرائر: ج 3 ص 383. (6) الحاوي الكبير: ج 12 ص 262. (7 و 8 و 9) لم نعثر عليها. 345 عليه نصف ديتها، إلا مضروب النصف في الربع، وهو الثمن (فعليه ثلاثة أثمان ديتها) فإن المقطوع لو كان نصفها طولا وعرضا كان عليه النصف فلما نقص الربع عرضا نقص مضروب النصف في الربع. وفيه: أن الصواب أنه ليس عليه إلا مضروب طول المقطوع في عرضه وهو الثمن ولذا وجه بأن المراد: أنه قطع من إحدى الشفتين نصفها والقطع من جهة الطول لا أن النصفية من جهة خاصة بل من الجهتين ومن الأخرى ربعها والقطع عرضا، فعليه للأول نصف دية كله وهو ربع دية الشفتين، وللثاني ربع دية كله وهو ثمن ديتهما، فتلك ثلاثة أثمان ديتهما وهو مبني على تساويهما في الدية. ولو فرض أنه قطع من شفة واحدة قطعة يكون نصفا لها طولا وعرضا - أي طولها نصف طولها وعرضها نصف عرضها - وقطعة أخرى يكون طولها نصف طولها وعرضها ربع عرضها أو بالعكس كانت عليه ثلاثة أثمان دية تلك الشفة. لكن لا يمكن تنزيل العبارة عليه. (ولو) جني عليها حتى (تقلصت) فلا تنطبق على الأسنان ولا ينتفع بها بحال (قيل) في المبسوط: عليه (الدية) لأنه كالإتلاف (1). (ويحتمل الحكومة) كما في الشرائع (2) لأنه ليس إتلافا وربما أحتمل أن يكون كالاسترخاء الذي هو الشلل. وقال الشيخ: إنه لو لم يحصل التقلص واليبس كذلك بل تقلصت بعض التقلص، ففيه الحكومة، قال، وقال بعضهم: فيه الدية بالحصة، والأول أقوى، لأن هذا يتعذر الوصول إليه (3). (ولو استرختا) بالجناية فلا تنفصلان عن الأسنان إذا كشر أو ضحك (فثلثا الدية) لأنه شللهما. وفي المبسوط الدية (4) لأنه كالإتلاف. (ولو قطعت بعد الشلل فثلث الدية) وعلى قول المبسوط ينبغي أن يكون فيه حكومة لأن فيه شيئا (5).
(1 و 3) المبسوط: ج 7 ص 132. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 264. (4) المصدر السابق. (5) كذا في النسخ، ولعلها: شينا. 346 (ولو شق الشفتين حتى بدت الأسنان) ولم يبن شيئا منهما (فعليه ثلث الدية) إن لم تبرأ ولم تلتئم (فإن برئت فخمس الدية، وفي إحداهما) إذا شقت (ثلث ديتها إن لم تبرأ، وإن برئت فخمس ديتها) قطع بذلك الأصحاب، وفي الغنية الإجماع عليه (1) ويوافقه كتاب ظريف، إلا في السفلى إذا لم تبرأ فقد أوجب فيه في قطعها ثلثي الدية ستمائة دينار وستة وستين دينارا وثلثي دينار، وفي شقها إذا لم تبرأ ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثين دينارا وثلث دينار (2). وعند العامة فيه الحكومة (3) إلا أنها إذا لم تبرأ كانت الحكومة أكثر. (المطلب السادس اللسان): (ويجب في لسان الصحيح مع الاستئصال الدية) كاملة بلا خلاف (وفي استئصال لسان الأخرس ثلث الدية) عندنا كما في المبسوط (4) والسرائر (5) بالإجماع كما في الخلاف (6) والغنية (7) وينص عليه قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح بريد (8) وحسنه (9): في لسان الأخرس وعين الأعمى ثلث الدية. وقد سمعت صحيح أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): إن كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه الدية، وإن كان لسانه ذهب لوجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فإن على الذي قطع ثلث دية لسانه (10). وعند العامة فيه الحكومة (11).
(1) الغنية: ص 417. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 221 ب 5 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (3) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 603، الحاوي الكبير: ج 12 ص 262. (4) المبسوط: ج 7 ص 135. (5) السرائر: ج 3 ص 385. (6) الخلاف: ج 5 ص 241 المسألة 34. (7) الغنية: ص 417. (8) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 270 ح 1062. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 256 ب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح 1، وليس فيه: " ثلث ". (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 256 ب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح 2، وفيه: "... فعليه ثلث الدية... ". (11) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 605. 347 (ولو قطع بعض لسان الصحيح) فإن لم يذهب به شئ من الكلام اعتبر بالمساحة، وإن ذهب بعض كلامه (اعتبر بحروف المعجمة) لا بالمساحة، نص عليه الشيخان (1) وابن إدريس (2) والمحقق (3) قاطعين به وهو ظاهر الأكثر، وينص عليه ما تسمعه من خبر سماعة (4) ورواية عن الرضا (عليه السلام) (5). وأما سائر الأخبار (6) فإنما فيها: أنه ضرب الرجل أو على رأسه فذهب بعض كلامه. وهو جناية على النطق دون جسم اللسان، فليس نصا في المقصود. وفي الكافي (7) والغنية (8) والإصباح (9): أنه إذا قطع بعض اللسان ففيه بحساب الواجب في جميعه، ويقاس بالميل، وإذا ذهب بعض اللسان - يعنون الكلام - اعتبر بحروف المعجم. فيحتمل أنهم اعتبروا مساحة اللسان مطلقا حتى أنه إذا ذهب مع ذلك الكلام أو بعضه كان على الجاني دية أو بعضها لجسم اللسان وأخرى أو بعضها للكلام. ويحتمل أنهم إنما أرادوا الاعتبار بالمساحة إن لم يذهب من الكلام شئ. (وهي) في المشهور عند الفقهاء (ثمانية وعشرون حرفا) لكون الألف والهمزة واحدا، وهو رواية عن الخليل (10). وينص عليه صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام) في رجل ضرب رجلا بعصا على رأسه فثقل لسانه، فقال: يعرض عليه حروف المعجم فما أفصح منها فلا شئ فيه، وما لم يفصح به كان عليه الدية وهي ثمانية وعشرون حرفا (11). وخبر
(1) المقنعة: ص 757، المبسوط: ج 7 ص 133. (2) السرائر: ج 3 ص 384. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 265. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 274 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 4. (5) فقه الرضا (عليه السلام): ص 318. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 273 ب 2 من أبواب ديات المنافع. (7) الكافي في الفقه: ص 397. (8) الغنية: ص 417. (9) إصباح الشيعة: ص 504. (10) تهذيب اللغة: ج 1 ص 50. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 274 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 2. 348 السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي بعض كلامه، فجعل ديته على حروف المعجم كلها، ثم قال: تكلم بالمعجم فما نقص من كلامه فبحساب ذلك، والمعجم ثمانية وعشرون حرفا فجعل ثمانية وعشرين جزءا فما نقص من ذلك فبحساب ذلك (1). مع احتمال أن يكون ذلك من كلام الراوي. وروي أيضا عن الرضا (عليه السلام) (2). وفي صحيح ابن سنان عنه (عليه السلام): أنها تسعة وعشرون، قال (عليه السلام): إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف المعجم، فما لم يفصح به منها يؤدي بقدر ذلك من المعجم، يقام أصل الدية على المعجم كله، ثم يعطي بحساب ما لم يفصح به منها، وهي تسعة وعشرون حرفا (3). وهو أيضا يحتمل كونه من كلام الراوي. وهو المشهور عند أهل العربية، وبه قال يحيى بن سعيد (4). وقال المحقق: إن هذه الرواية مطرحة (5). واختلف أهل العربية في اتحاد الهمزة والألف في المخرج واختلافهما، فعلى الاختلاف كأنه لا مجال لاتحادهما، وعلى الاتحاد يحتمل الأمران. ومن العامة (6) من اعتبر حروف اللغة التي يتكلم بها المجني عليه. (وتبسط الدية عليها أجمع بالسوية) كما هو نص خبر السكوني (7) وظاهر غيره، وهو فتوى الأصحاب. ولكن روي عن سماعة، أنه قال للصادق (عليه السلام): رجل طرق لغلام طرقة فقطع بعض لسانه فأفصح ببعض، ولم يفصح ببعض، قال: يقرأ المعجم فما أفصح به طرح من الدية، وما لم يفصح به الزم الدية، قال: قلت: فكيف هو؟ قال على حساب
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 275 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 6. (2) فقه الرضا (عليه السلام): ص 318. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 274 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 5. (4) الجامع للشرائع: ص 591. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 264. (6) الأم: ج 6 ص 119. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 275 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 6. 349 الجمل: ألف ديتها واحد، والباء ديتها اثنان، والجيم ثلاثة والدال أربعة، والهاء خمسة، والواو ستة، والزاء سبعة، والحاء ثمانية، والطاء تسعة، والياء عشرة، والكاف عشرون، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والنون خمسون، والسين ستون، والعين سبعون، والفاء ثمانون، والصاد تسعون، والقاف مائة، والراء مائتان، والشين ثلاثمائة، والتاء أربعمائة وكل حرف يزيد بعد هذا من ا ب ت ث ز د ت له مائة درهم (1). وهو خبر نادر، ضعيف، لم يفت به أحد إلا المفيد في بعض نسخ المقنعة (2) ولا يؤيده اعتبار، فإن العقل يستبعد أن يجب بسقوط حرف من الحروف كالألف مثلا واحد وبسقوط مثله كالعين مثلا ألف لاختلافهما فيما اعتبر فيهما من الدلالة على العددين. قال الشيخ: إن ما فيه من تفصيل دية الحروف يجوز أن يكون من كلام بعض الرواة من حيث سمعوا أنه قال: يفرق ذلك على حروف الجمل، ظنوا أنه على ما يتعارفه الحساب من ذلك ولم يكن القصد ذلك، وإنما كان المراد أن يقسم على الحروف كلها أجزاء متساوية ويجعل لكل حرف جزء من جملتها على ما فصل السكوني في روايته وغيره، قال: ولو كان الأمر على ما تضمنته هذه الرواية لما استكملت الحروف كلها الدية على الكمال، لأن ذلك لا يبلغ الدية إن حسبناها على الدراهم وان حسبناها على الدنانير تضاعفت الدية وكل ذلك فاسد (3). وروي عن الرضا (عليه السلام) أنه يقرأ حروف المعجم، فما أفصح به طرح من الدية، وما لم يفصح به الزم الدية. قيل: كيف ذلك؟ قال: بحساب الجمل - وهو حروف " أبي جاد " من واحد إلى ألف - وعدد حروفه ثمانية وعشرون حرفا، فيقسم لكل حرف جزء من الدية الكاملة، ثم يحط من ذلك ما تبين عنه ويلزم الباقي (4).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 275 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 7. (2) المقنعة: ص 757. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 264 ذيل الحديث 1043. (4) فقه الرضا (عليه السلام): ص 318. 350 قلت: وليس فيه تنصيص على أن التقسيم عليه على وفق ما يتضمنه كل حرف من العدد، فيمكن أن يكون على السوية كما هو المفتى به. ومعنى سؤال السائل كيف ذلك سؤالا عن العلة في تقسيم الألف دينار على الحروف، فأجاب (عليه السلام) بما أقنعه من أن الحروف أيضا تتضمن من الأعداد الواحد إلى الألف، ثم نص (عليه السلام) على اعتبار عدد أنفسها وهو ثمانية وعشرون. (وتستوي اللسنية وغيرها) من الحلقية والشفوية (ثقيلها وخفيفها) في الحساب ويقسم الدية عليها، فهو نص ما سمعته من أخبار ابن سنان (1) وسماعة (2) والسكوني (3) وما روي عن الرضا (عليه السلام) (4) وعليه فتوى الأصحاب وغيرهم، إلا بعضا من العامة (5) فاعتبر اللسنية خاصة، بناء على أنه لا حظ للسان في غيرها، وأجيب عنه في المبسوط (6) والخلاف (7) بأن غيرها وإن لم يكن من حروف اللسان فلا ينتفع بها بدون اللسان. وإذا كانت العبرة بحروف المعجم وكانت الدية مبسوطة عليها (فإن ذهبت) بالجناية (أجمع فالدية كاملة، وإن ذهب بعضها وجب نصيب الذاهب) منها، زاد على نصيب الذاهب من مساحة اللسان إن اعتبرت، أو نقص، أو تساويا. (فلو قطع نصف لسانه فذهب ربع الحروف فربع الدية، ولو كان بالعكس فنصف الدية) وفاقا لابن إدريس (8) والمحقق (9) وظاهر الأخبار (10) والأكثر. (والأقرب) ما في المبسوط (11) من (اعتبار الأكثر مع الاختلاف) بين الذاهب من المساحة ومن الحروف.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 274 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 2. (2) المصدر السابق: ح 4. (3) نفس المصدر: ص 275 ح 6. (4) نفس المصدر: ص 276 ح 8. (5) الشرح الكبير: ج 9 ص 600. (6) المبسوط: ج 7 ص 133. (7) الخلاف: ج 5 ص 240 المسألة 32. (8) السرائر: ج 3 ص 384. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 265. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 273 ب 2 من أبواب ديات المنافع. (11) المبسوط: ج 7 ص 134. 351 (فلو قطع النصف فذهب ربع الحروف فنصف الدية، ولو قطع الربع فذهب نصف الحروف فالنصف أيضا). ونفى الشيخ عنه الخلاف وقال: واختلفوا في تعليله، فمنهم من قال: الجناية إذا كانت على عضو ذي منفعة أوجبت الدية في أغلظ الأمرين فإن كانت دية المنفعة أكثر أوجبتها إن كانت دية ما أتلف أكثر أوجبتها. وقال بعضهم: إن قطع ربع لسانه وذهب نصف كلامه أوجبت نصف الدية اعتبارا باللسان، وذلك أنه قطع ربع اللسان وشل ربع آخر بعد قطعه، لأ نا اعتبرنا ذلك بالحروف فوجدناها نصف الكلام، فعلمنا أنه قطع الربع وشل الربع الآخر فأوجبنا نصف الدية، ربعها بقطع ربعه، وربعها بشلل ربعه (1). وزيد له في التحرير (2) والمختلف (3): أن الدية تجب باستئصال اللسان وحده وإن لم يذهب شئ من الحروف، وكذا نصف الدية إذا قطع نصفه و لم يذهب شئ من الحروف، وكذا تجب الدية إذا ذهب الكلام كله وإن لم يقطع شئ من اللسان، ويجب نصف الدية بذهاب نصف الكلام وحده، فلم لا يجب النصف لنصف اللسان أو لنصف الكلام مع انضمام ذهاب الربع من الآخر؟ وفيه: أن المساحة إنما تعتبر إذا لم يذهب شئ من الكلام، وأما إذا ذهب فلا عبرة بها مع أصل البراءة. (ولو صار) بالجناية (سريع النطق) سرعة يكون عيبا (أو ازداد سرعة أو) صار بها ثقيلا (ثقلا) كذلك وازداد بها ثقلا، أو كان يأتي بحرف صحيحا فصار لا يأتي به كذلك بل بغيره ولا يسقطه جملة، أو كان يأتي به متغيرا فزاد تغييره (أو صار ينقل الفاسد إلى الصحيح) أي حرفا فاسدا إلى صحيح آخر كأن كان يأتي بالراء شبيهة بالغين فصار يأتي بها غينا صحيحة، ويجوز اعتبار الغين في الحالين فصار ينقل العين الفاسدة إلى الصحيحة (فالحكومة) كما في
(1) المبسوط: ج 7 ص 134. (2) التحرير: ج 5 ص 572. (3) مختلف الشيعة: ج 9 ص 373. 352 المبسوط (1) والشرائع (2) لأنه نقص غير مقدر، أما فيما عدا الأخيرين فظاهر، وأما فيهما فلأنه وإن كان لا يفصح بالحرف ولكنه لم يكن يفصح به قبل الجناية أيضا. ويحتمل قصر الحكم على ما إذا جني بغير قطع اللسان، فأما إذا قطع منه فحصل النقص بأحد ما ذكر كان عليه أرش القطع باعتبار المساحة خاصة أو أرشه والحكومة، قصرا لاعتبار الحروف على اليقين، وخصوصا في السرعة والثقل. (ولو أذهب بعض كلامه فجنى آخر اعتبر) على الثاني (بما بقي) بعد جنايته (وأخذ بنسبة ما ذهب بعد جناية الأول) إلى ما بقي بعدها. (فلو أذهب الأول نصف الحروف ثم الثاني نصف الباقي وجب عليه الربع) من غير اعتبار لمساحة اللسان على قول الأكثر، وعلى قول المبسوط (3) ومقرب المصنف اعتبر أكثر الأمرين من المقطوع والذاهب من الكلام مع اختلافهما، فلو قطع الأول ربع اللسان فذهب نصف الكلام كان عليه نصف الدية، فإن قطع آخر بقيته فذهب ربع الكلام فعليه ثلاثة أرباعها. (وهكذا). (ولو أعدم الأول كلامه) كله من غير قطع (ثم قطعه آخر كان على الأول الدية، وعلى الثاني الثلث) للخرس. (ولو قطع لسان طفل) لم يبلغ حد النطق - كابن شهر أو شهرين - (كان فيه الدية) كلا أو بعضا (إذ الأصل السلامة) وقيد ذلك في المبسوط (4) والتحرير (5) والسرائر (6) والوسيلة (7) بأن كان يحرك لسانه لبكاء وغيره، لأنه أمارة صحة اللسان. قال في التحرير: ولو كان صغيرا جدا لم يظهر عليه أثر القدرة ولا عدمها لطفوليته فالأقرب الدية، لأن الأصل السلامة. ويحتمل الثلث لأنه لسان لا كلام فيه فكان كالأخرس مع عدم تيقن السلامة (8). قلت: مع أصل البراءة.
(1) المبسوط: ج 7 ص 134. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 264. (3) المبسوط: ج 7 ص 135. (4) المبسوط: ج 7 ص 135. (5) تحرير الأحكام: ج 5 ص 573. (6) السرائر: ج 3 ص 385. (7) الوسيلة: ص 449. (8) التحرير: ج 5 ص 573. 353 (فإن) كان الطفل (بلغ حدا ينطق) فيه (مثله) عادة (ولم ينطق فالثلث، لظن الآفة) مع أصل البراءة (فإن نطق بعد ذلك ظهرت صحته، فيعتبر حينئذ بالحروف فيؤخذ من الجاني) دية (ما نقص) منها (فإن كان) ديته (بقدر المأخوذ أولا، وإلا أتم) الجاني (له) إن زادت على المأخوذ منه أولا (ولو نقص) ديته عنه (استعيد منه) أي من المجني عليه الزائد منها على المأخوذ أولا. (ولو لم يذهب) بالجناية (شئ من الحروف فالحكومة) والصواب دية المقطوع معتبرا بالقياس إلى الكل بالمساحة. (ولو ادعى الصحيح ذهاب نطقه) كلا أو بعضا (عند الجناية صدق) وإن أنكر الجاني (مع القسامة) كما في النهاية (1) والشرائع (2) وكتاب ظريف (3). والحلف بالإشارة إن ادعى الذهاب جملة ويكون عليه دون قومه (لتعذر البينة) عليه (وحصول) اللوث لحصول (الظن المستند إلى السبب) وهو الجناية (بصدقه) ثم إن ادعى ذهاب الكل حلف خمسين، وإن ادعى النصف فنصفها، وهكذا. ويحتمل اختباره أحوال الغفلة قبل الحلف، كما سيأتي في السمع والبصر. (وروي) ضعيفا عن الأصبغ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (ضرب لسانه بإبرة، فإن خرج الدم أسود صدق، وإن خرج أحمر كذب) (4) وأفتى به ابن حمزة (5) والحلبي (6) والشيخ في الخلاف، وادعى الإجماع عليه (7). وفي المختلف: والوجه أن نقول: إن أفادت العلامة للحاكم ما يوجب الحكم اعتبرها، وإلا فالأيمان (8). (ولو ذهب الكلام) كله أو بعضه (بقطع البعض) أو بجناية غير القطع
(1) النهاية: ج 3 ص 435. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 265. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 296 ح 1148. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 279 ب 4 من أبواب ديات المنافع ذيل ح 1. (5) الوسيلة: ص 449. (6) الكافي في الفقه: ص 397. (7) الخلاف: ج 5 ص 240 المسألة 33. (8) مختلف الشيعة: ج 9 ص 435. 354 فأخذت الدية وبعضها من الجاني (ثم عاد) إليه الكلام (قيل) في المبسوط: (يستعاد) ما أخذ من الدية (1) وقربه في المختلف (2) إذ بالعود علم أنه لم يكن ذهب (لأنه لو) كان (ذهب لما عاد) لأن ذهابه بشلل اللسان والشلل لا يزول، وهو إن تم ففي الجناية بغير القطع كما هو نص المبسوط (3) والتحرير (4) يستعاد جميع ما أخذ. وعلى فرض الكتاب إنما يستعاد ما زاد على أرش القطع من دية الكلام، كما نص عليه في المختلف (5). (وقيل) في الخلاف (6) والشرائع (7): (لا) يستعاد، لأن الأخذ كان بحق، والاستعادة يفتقر إلى دليل. واستحسنه في التحرير (8). (والأقرب الاستعادة إن علم أن الذهاب أولا ليس بدائم) عادة بحكم أهل الخبرة بذلك، فإنه حينئذ هبة مجددة من الله، والموجب للدية إنما هو الذهاب الدائم. نعم له أرش الذهاب في المدة التي ذهب فيها زيادة على أرش القطع إن كان قطع، أو في القطع حكومة كما تقدم فيما إذا قطع فازداد ثقلا أو سرعة ونحو ذلك. (وإلا) يعلم ذلك بل علم الدوام عادة أو شك فيه (فلا) استعادة، فإنه هبة مجددة قطعا أو احتمالا وقد أخذ ما أخذ بحق ولم يظهر قاطع بالاستعادة، ويرشد إلى هذا التفصيل - ما سيأتي في دعوى ذهاب السمع أو البصر - من التأجيل سنة، ومن أنه إن أبصر بعدها كان نعمة متجددة. (أما سن المثغر) فالفرق بينها وبين الكلام واضح لأنها (إذا عادت فإن الدية لا تستعاد، لأن المتجددة غير الساقطة) قطعا إلا إذا حكم أهل الخبرة بعودها كما تقدم. (ولو اتفق أنه بعد قطع لسانه أنبته الله تعالى لم يستعد الدية) قطعا
(1) المبسوط: ج 7 ص 136. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 374. (3) المبسوط: ج 7 ص 136. (4، 8) التحرير: ج 5 ص 577. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 374. (6) الخلاف: ج 5 ص 242 المسألة 36. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 265. 355 (لأنه هبة من الله تعالى) جديدة إذا لم يجر العادة بعود مثله. وللشافعية قول بالاستعادة قياسا على السن (1). (ولو كان للسانه طرفان) فإن خرج أحدهما عن سمت اللسان كان زائدا وفي قطعه حكومة، وإن كانا في سمته (فأذهب أحدهما، فإن بقي النطق بكماله فالذاهب زائد وفيه الحكومة) كما في الشرائع (2) (وإلا) بل ذهب كله أو بعضه (كان أصليا واعتبر بالحروف) فإن ذهب الكل فالدية، أو البعض فبقدره. وحينئذ فهما أصليان، فإذا نسب المقطوع مساحة نسب إلى الجميع، وفي دلالة بقاء النطق بكماله على زيادة الطرف الذاهب نظر ولذا لم يعتبر في المبسوط، بل قال: فإن قطع أحدهما فلم يذهب من الكلام شئ نظرت، فإن كان مخرج الطرفين سواء لا يرجح أحدهما على الآخر أوجبنا فيه ما يخصه من الدية من كل اللسان، لأن الكل لسان واحد غير أنه مشقوق. وإن كان مخرجهما مختلفا، كأن كان أحد الطرفين في جانب، ففيه حكومة كالإصبع الواحدة، إلا أنه لا يبلغ بهذه الحكومة بقدر قياس اللسان، لأنها زيادة فلا يوجب فيها ما يوجب في الأصل. قال: فإن قطع الطرفين معا فذهب الكلام، فإن كان الطرفان سواء فلا كلام، وإن كان أحدهما في حكم الزائد أوجبنا الحكومة في الزائد والدية جميعا، كما لو قطع إصبعا عليها إصبع زائدة (3). (ولو تعذر بعض الحروف بقطع بعض اللسان) أو جناية غير القطع (و) لم يتعذر الباقي لكن (لم يبق له كلام مفهوم) لبقاء حرف أو حرفين خاصة (لم يلزمه) أي الجاني (إلا قدر ما يخص الحروف الفائتة) لإتمام الدية (لأن) الدية بسطت على الحروف ولم يفت إلا بعضها و (باقي الحروف وإن تعطلت منفعتها لم تفت) مع أصل البراءة، قال الشيخ: ألا ترى أنه لو قصم ظهره فشلت رجلاه فعليه ديتان دية في الظهر ودية في الرجلين وعندنا ثلثاها،
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 269. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 265. (3) المبسوط: ج 7 ص 136. 356 ولو ذهب مشيه مع سلامة الرجلين لم يكن عليه إلا دية الظهر وحده (1). (ولو صار يبدل حرفا بحرف لزمه ما يخص الحرف الفائت من الدية، لأن) الواجب دية الفائت و (الحرف الذي صار عوضه كان موجودا) أي موجود بعد الجناية، فكان الأولى ترك " كان " (فلو أذهب آخر الحرف الذي صار بدلا لم يلزمه إلا ما يخص الحرف الواحد) المبدل (لاعتبار كونه أصليا، ولا يثبت له بسبب قيامه مقام غيره زيادة) وهو ظاهر. ولو كان الحرف المبدل غير الحروف الثمانية أو التسعة والعشرين لم يخصه شئ من الدية ففي تفويته الحكومة. (ولو كان في لسانه خلل وما كان يمكنه النطق بجميع الحروف) بشئ منها أو ببعضها فصيحا (إلا أنه كان له مع ذلك كلام مفهوم) ونطق بالحروف كلها من غير إبدال لكن غير فصيحة كلها أو بعضها (فضرب لسانه فذهب نطقه) رأسا (فعليه دية إلا حكومة). والأقوى الدية كاملة كالجناية على العين العمشاء. ويحتمل ذلك إذا كان الخلل خلقة أو بآفة سماوية واستثناء الحكومة إن حدث بجناية استحق لها الحكومة. وفي التحرير: لو حصل في كلامه تمتمة أو فأفأة أو سرعة فعليه حكومة، فإن جنى عليه آخر فأذهب كلامه ففيه الدية كاملة، كمن جنى على عين فعمشت ثم جنى آخر فذهب ضوؤها (2) انتهى. أ ما لو كان الخلل بإسقاط بعض الحروف أو إبداله فجني عليه فذهب كلامه رأسا، فعلي الجاني من الدية ما يوازي الحروف التي كان ينطق بها إلا أن يكون الخلل مرجو الزوال فالدية كاملة، كما قال في التحرير: ولو كان ألثغ من غير جناية فذهب إنسان بكلامه أجمع، فإن كان مأيوسا من زوال لثغته فيه يقسط ما ذهب من الحروف، وإن كان غير مأيوس من زوالها كالصبي أو الكبير إذا أمكن إزالته لثغته
(1) المبسوط: ج 7 ص 134. (2) التحرير: ج 5 ص 576. 357 بالتعلم ففيه الدية كاملة، لأن الظاهر زوالها (1) وسيأتي استشكاله فيه في الكتاب. (ولو ضرب شفته فأزال الحروف الشفهية أو ضرب رقبته فأزال الحروف الحلقية فالحكومة) مع أرش الجراحة إن جرح بناء على أن توزيع الدية على الحروف يخص الجناية على اللسان. والوجه ما في التحرير من أن فيه من الدية بقدر ذلك (2) فإن الأخبار إنما نطقت بالضرب أو الضرب على الرأس لا الجناية على اللسان. وسيأتي إطلاقه أن في نقص الكلام بعض الدية. ويحتمل إرادة الحكومة في الضربين زيادة على ما بإزاء الفائت من الحروف من الدية. (ولو قطع نصف اللسان فأزال) به (ربع الكلام فعليه نصف الدية على ما اخترناه) من اعتبار الأكثر (وعلى قول) أكثر (أصحابنا الربع) اعتبارا بالكلام خاصة. (فلو قطع آخر الباقي) من اللسان وهو النصف (وجب على قول أصحابنا ثلاثة أرباع الدية) لذهاب ثلاثة أرباع الكلام بجنايته (وعلى ما اخترناه) أيضا (كذلك اعتبارا) بالأكثر، وهو هنا الكلام، فهنا العبرة (بالمنفعة) الفائتة (على القولين) لأنها أكثر. (ولو كان بالعكس) فقطع الأول ربع اللسان فأزال نصف الكلام وقطع الثاني الباقي وهو ثلاثة أرباع اللسان فأزال الباقي من الكلام وهو النصف (فعلى) المختار على (الأول نصف الدية، وعلى الثاني ثلاثة أرباع الدية) وعلى قول الأصحاب على كل منهما نصف الدية. ويجوز أن يريد بالأول قول الأصحاب، وبالثاني المختار. والمراد ما على الثاني على القولين أي فعلى الجاني الثاني على أول القولين نصف الدية، وعلى الثاني ثلاثة أرباعها. (ولو قطع بعض لسان الأخرس اعتبر بالمساحة، وأخذ بالنسبة من الثلث) ولو ادعى الجاني البكم الأصلي فالقول قوله، لأصل البراءة، وإمكان قيام
(1، 2) التحرير: ج 5 ص 576. 358 البينة على النطق، لأنه من الأعضاء الظاهرة. ولو ادعى حدوثه مع تسليمه النطق قبله فالقول قول المجني عليه، للأصل. (المطلب السابع الأسنان): ويتبعها اللحيان (في الأسنان أجمع الدية كاملة) بلا خلاف (وهي مقسومة) عندنا (على ثمانية وعشرين سنا) وعند الشافعي على اثنين وثلاثين (1). (اثنا عشر في مقاديم الفم، ثنيتان) من فوق وهما وسطها (ورباعيتان) خلفهما (ونابان) خلفهما (ومثلها من أسفل (2)) والمآخير اثنتا عشر رحى وأربع ضواحك. وزاد الشافعي (3) أضراس العقل وهي النواجد (ففي كل واحدة من المقاديم خمسون دينارا الجميع ستمائة دينار، وفي كل واحدة من المآخير خمسة وعشرون دينارا الجميع أربعمائة دينار). فعن الحكم بن عيينة أنه قال لأبي جعفر (عليه السلام): إن بعض الناس في فيه اثنان وثلاثون سنا وبعضهم له ثمانية وعشرون سنا فعلى كم يقسم دية الأسنان؟ فقال: الخلقة إنما هي ثمانية وعشرون سنا، اثنتي عشرة في مقاديم الفم وستة عشر سنا في مآخيره فعلى هذا قسمت دية الأسنان فدية كل سن من المقاديم إذا كسرت حتى يذهب خمسمائة درهم، وهي اثنتا عشرة سنا فديتها كلها ستة آلاف درهم، وفي كل سن من المآخير مائتان وخمسون درهما، وهي ستة وعشرون سنا فديتها أربعة آلاف درهم، فجميع دية المقاديم والمآخير من الأسنان عشرة آلاف درهم، وإنما وضعت الدية على هذا، فما زاد على ثمانية وعشرين سنا فلا دية له، وما نقص فلا دية له. هكذا وجدناه في كتاب علي (عليه السلام) (4).
(1) المجموع: ج 19 ص 101. (2) في القواعد بعد قوله: " من أسفل ": وستة عشر في مآخيره وهي في كل جانب ضاحك وثلاثة أضراس ومثلها من أسفل. (3) الأم: ج 6 ص 125. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 262 ب 38 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. 359 وعن الرضا (عليه السلام): وأضراس العقل لا دية فيها إنما على من أصابها أرش كأرش الخدش (1). ونحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: الأسنان كلها سواء في كل سن خمسمائة درهم (2) يحمل على المقاديم أو التقية. وفي كتاب ظريف: وجعل في الأسنان في كل سن خمسين دينارا وجعل الأسنان سواء وكان قبل ذلك يجعل في الثنية خمسين دينارا وفيما سوى ذلك من الأسنان في الرباعية أربعين دينارا وفي الناب ثلاثين دينارا وفي الضرس خمسة وعشرين دينارا (3). (فإن زاد عددها على ما ذكرناه كان في الزائد ثلث دية الأصلي) الذي يجنيه كما في الوسيلة (4) والتحرير (5) فإن كانت عند المقاديم فثلث ديتها، وإن كانت عند المآخير فثلث ديتها و (إن) كانت بينهما فالأقل، للأصل إن امتاز كالنواجد والخارج عن سمت الأسنان إلى داخل أو خارج و (قلع منفردا، وإن قلع منضما) إلى الأصلية كلها (فلا شئ فيه) وفاقا للفقيه (6) والنهاية (7) والسرائر (8) والجامع (9) والنافع (10) والشرائع (11). أما أنه لا شئ فيه منضما، فلقوله (عليه السلام) في خبر الحكم: فما زاد على ثمانية وعشرين فلا دية (12) ولأنه حينئذ كالإصبع الزائدة إذا قطعت الكف.
(1) فقه الإمام الرضا (عليه السلام): ص 319. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 224 ب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (3) المصدر السابق: ح 1. مع اختلاف. (4) الوسيلة: ص 448. (5) التحرير: ج 5 ص 602. (6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 136 ذيل ح 5300. (7) النهاية: ج 3 ص 135. (8) السرائر: ج 3 ص 386. (9) الجامع للشرائع: ص 592. (10) المختصر النافع: ص 300. (11) شرائع الإسلام: ج 4 ص 266. (12) وسائل الشيعة: ج 19 ص 262 ب 38 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. 360 وأما وجوب شئ إذا قلع منفردا، فلأن فيه إيلاما ونقصا من الخلقة فلا يخلو عن عوض. وأ ما الثلث فلوروده في غيره كالإصبع الزائدة وهو قياس. وقال ابن إدريس (رحمه الله) وهذا المذهب قوي، وبه أخبار كثيرة معتمدة (1). قال المحقق: نحن لا ندري قوته من أين عرفها ولا الأخبار التي أشار إليها أين وجدها، ولا الكثرة من أين حصلها، ونحن مطالبوه بدعواه (2). وأطلق في الخلاف (3) والوسيلة (4) والمهذب (5): أن فيه ثلث دية الأصلي، وفي الخلاف (6) الإجماع عليه. (وقيل) في المقنعة (7) ونكت النهاية (8) والغنية (9) والكافي (10) والإصباح (11): (فيها حكومة) قال المفيد بأن ينظر فيما ينقص من قيمة صاحبه بذهابه منه لو كان عبدا، ويعطى بحساب دية الحر منه (12). وهو أقوى، ويؤيده ما سمعته عن الرضا (عليه السلام) (13) ثم إنهم أطلقوا. وحمله المصنف على ما (لو قلعت منفردة) بناء على القطع بأنه لا شئ فيه مع الانضمام، مع أنه قال في المختلف: على أن إيجاب الأرش في الحالين لا بأس به (14). ويحتمل الإشارة إلى قول لغيرهم، وأطلق في المقنع (15) أن لا شئ فيه كخبر الحكم. (ولو نقص عددها) عن الثمانية والعشرين خلقة أو بجناية أو بسقوط (نقص من الدية بإزائه).
(1) السرائر: ج 3 ص 386. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 436. (3) الخلاف: ج 5 ص 246 المسألة 46. (4) الوسيلة: ص 448. (5) المهذب: ج 2 ص 484. (6) الخلاف: ج 5 ص 247 المسألة 46. (7) المقنعة: ص 756. (8) نكت النهاية: ج 3 ص 436. (9) الغنية: ص 418. (10) الكافي في الفقه: ص 398. (11) إصباح الشيعة: ص 505. (12) المقنعة: ص 756. (13) فقه الرضا (عليه السلام): ص 43. (14) مختلف الشيعة: ج 9 ص 376. (15) المقنع: ص 530. 361 (ولا فرق بين البيضاء والسوداء خلقة، والصفراء) خلقة لعموم النصوص والفتاوى. والسواد والصفرة خلقة (بأن كانت) كذلك (قبل أن يثغر سوداء ثم نبتت كذلك). (أما لو) لم يكن كذلك خلقة بأن (كانت بيضاء قبل أن يثغر ثم نبتت سوداء رجع إلى العارفين، فإن أسندوا السواد إلى علة فالحكومة) كما في المبسوط (1) لأنها ليست سنا صحيحة وعلى ما سيأتي في الكتاب ثلث ديتها لعموم الخبر (2) به في قلع السن السوداء. أو يحتمل الدية إلا حكومة (وإلا) يسندوه إلى علة (فالدية) كاملة، لكونه حينئذ خلقيا وكذا الكلام في الصفراء كما هو ظاهر العبارة وفي التحرير (3) فرق بينها وبين السوداء كما في المبسوط (4) فقيد السوداء بالخلقة، وقال في الصفراء: وإن كانت الصفرة بجناية. ويحتمله عبارة الكتاب وإن بعده أولها، والفارق بينهما كما في المبسوط (5) أن السن يصفر من غير علة فليس إلا شينا فالسن الصفراء كالإصبع إذا لحقها شين. (ولو اسودت) السن (بالجناية ولم يسقط ففيها ثلثا ديتها) كما قطع به الأصحاب، وحكى في الخلاف (6) الإجماع عليه، وبه صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال: السن إذا ضربت انتظر بها سنة، فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم، وإن لم يقع واسودت أغرم ثلثي ديتها (7) وفي كتاب ظريف: فإذا اسودت السن إلى الحول فلم تسقط، فديتها دية الساقطة، خمسون دينارا (8). وروي نحوه عن الرضا (9) (عليه السلام). وأرسل أبان عن الصادق (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام)
(1) المبسوط: ج 7 ص 141. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 225 ب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح 3 وص 217 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 13. (3) التحرير: ج 5 ص 602. (4 و 5) المبسوط: ج 7 ص 141. (6) الخلاف: ج 5 ص 246 المسألة 45. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 225 ب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح 4. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 224 ب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (9) فقه الرضا (عليه السلام): ص 319. 362 يقول: إذا اسودت الثنية جعل فيها الدية (1) يمكن حمله على دية الإسوداد. وفي المبسوط: إذا ضرب سن الرجل فلم يتغير منها إلا لونها فإن كان التغير سوادا مع بقاء قوتها ومنافعها ففيها حكومة، وقد روى أصحابنا فيها مقدرا ذكرناه في النهاية يعني ثلثي ديتها (2) فإن كان خضرة دون السواد ففيها حكومة، وإن صارت صفراء ففيها حكومة دون الخضرة، لأن السن يصفر من غير علة، فإن قلعها قالع بعد هذا فعليه الدية، لأنها سن بحالها وإنما لحقها شين فهو كالإصبع إذا لحقها شين فقطعت فإن فيها ديتها، فإن ذهب مع هذا التغير بعض منافعها كأن ضعفت عن القوة التي كانت عليها في عض المأكول ونحو ذلك ففيها حكومة لأجل الشين والضعف معا، فإن ذهب مع هذا التغير كل منافعها حتى لا يقوى على أن يمضغ بها شيئا فهذه بمنزلة اليد الشلاء فعليه ثلثا الدية، لأن كل ما كان في إتلافه الدية، كان في الشلل منه ثلثا الدية، فإن قلعها قالع بعد ذلك فعليه حكومة (3) انتهى. فكأنه عند بقاء المنافع شبه متردد في ثلثي ديتها والحكومة. وفي بعض الأخبار إذا تغير السن إلى السواد ديته ستة دنانير، وإذا تغيرت إلى الحمرة فثلاثة دنانير، وإذا تغيرت إلى الخضرة فدينار ونصف. (وكذا لو انصدعت) بالجناية (ولم تسقط) ففيها ثلثا ديتها، قطع به الشيخان (4) وجماعة. ولم أعرف له مستندا، ولذا نسب في النافع (5) إلى القيل، وفيه وفي الشرائع: وفي الرواية ضعف والحكومة أشبه (6). والرواية المشار إليها تحمل على ما يعطيه كلام الأصحاب، فإنهم لم يفتوا به إلا عن رواية وإن لم نرها مسندة وخصوصا ما أفتى به في المقنعة (7) والنهاية (8) وإن جعلوا ذلك من الشلل، فعموم
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 225 ب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (2) النهاية: ج 3 ص 438. (3) المبسوط: ج 7 ص 141. (4) المقنعة: ص 757، النهاية ونكتها: ج 3 ص 438. (5) المختصر النافع: ص 300. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 266. (7) المقنعة: ص 757. (8) النهاية: ج 3 ص 438. 363 رواية (1) الشلل له ضعيف. وفي كتاب ظريف: أن فيه نصف ديتها (2) وروي نحوه عن الرضا (عليه السلام) (3). (ولو قلعها آخر) وقد صارت (سوداء) بجناية الأول (ففيها الثلث) من ديتها كما في المقنع (4) والخلاف (5) والسرائر (6) والغنية (7) والوسيلة (8) والإصباح (9) والنافع (10) لقول أبي جعفر في خبر العرزمي: إن في السن السوداء ثلث ديتها (11) وفي خبر الحكم: وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح (12) وهو إنما يتم إذا شلت بالسواد كما حكيناه عن المبسوط (13) ولأن في اسودادها ثلثي ديتها فينبغي أن يكون في قلعها سوداء ثلثها. وفي الخلاف (14) الإجماع عليه. وفي النهاية (15) والجامع (16): ربع ديتها، لخبر عجلان (17) عن الصادق (عليه السلام). وفي المبسوط (18) فيه حكومة. وقد سمعت عبارته آنفا. وفي قلع المصدوعة أيضا ثلث الدية، كما في التحرير (19) أو ربعها، كما في المقنع (20).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 263 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (2) المصدر السابق: ج 19 ص 224 ب 8 ح 1. (3) فقه الرضا (عليه السلام): ص 319. (4) المقنع: ص 528. (5 و 14) الخلاف: ج 5 ص 246 المسألة 46. (6) السرائر: ج 3 ص 386. (7) الغنية: ص 418. (8) الوسيلة: ص 448. (9) إصباح الشيعة: 505. (10) المختصر النافع: ص 300. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 268 ب 43 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (12) وسائل الشيعة: ج 19 ص 264 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (13) المبسوط: ج 7 ص 141. (15) النهاية: ج 3 ص 437. (16) الجامع للشرائع: ص 592. (17) وسائل الشيعة: ج 19 ص 266 ب 40 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (18) المبسوط: ج 7 ص 141. (19) التحرير: ج 5 ص 602. (20) المقنع: ص 512. 364 وفي كتاب ظريف على ما في الكافي والتهذيب: فإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها اثنا عشر دينارا ونصف دينار (1) وعلى ما في الجامع: فإن سقطت أو انصدعت (2) وعلى ما في الفقيه: فإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها خمسة وعشرون دينارا، فإن انصدعت وهي سوداء فديتها اثنا عشر دينارا ونصف (3). (والدية تثبت في الظاهر) من السن (مع السنخ وهو النابت منها في اللثة) المدفون فيها، وكأنه لا خلاف فيه. (ولو كسر الظاهر أجمع وبقي السنخ فالدية أيضا) خمسون دينارا أو خمسة وعشرون، كما في المبسوط (4) والسرائر (5) والشرائع (6) بناء على أنه السن والسنخ تابع كأصل الإصبع، ويؤيده قول أهل اللغة: إن السنخ أصل السن. ويحتمل العدم، للأصل واتحاد العضو، وشمول اللفظ للكل، فيقال: قلع سنه، أو انكشفت اللثة عن سنه، ونحو ذلك. (ولو) كسر الظاهر و (قلع آخر السنخ) فإن قلنا بأن على الأول ديتها (فعليه) أي الثاني (حكومة) وعلى الاحتمال كانت الدية عليهما بنسبة المساحة. (ولو قلع سن الصغير غير المثغر انتظر به سنة) بل مدة يمكن فيها النبات عادة وقد مر الكلام فيه، واحتمل أن يقرأ سنه بإضافة السن إلى الضمير (فإن نبتت فالأرش) وقد مضى تفسيره (وإن لم تنبت فدية) سن (المثغر كاملة. وقيل) في المبسوط (7) والمهذب (8) والكافي (9) والغنية (10) والوسيلة (11)
(1) الكافي: ج 7 ص 333 و تهذيب الأحكام: ج 10 ص 300. (2) الجامع للشرائع: ص 592. (3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 83. (4) المبسوط: ج 7 ص 137. (5) السرائر: ج 3 ص 386. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 266. (7) المبسوط: ج 7 ص 138. (8) لم نعثر عليه. (9) الكافي في الفقه: ص 398 وفيه عشر عشر ديته. (10) الغنية: ص 418 وفيه عشر الدية. (11) الوسيلة: ص 448. 365 والإصباح (1) (فيها بعير مطلقا) وقد مر الكلام فيه، وأن أبا علي قال: إن لم ينبت ففيها ديتها، وإن نبت ففيها بعير (2) مطلقا. (ولو أثبت (3)) المجني عليه (عوضها عظما) طاهرا من حيوان يؤكل لحمه، أو خشب، أو ذهب، أو فضة، أو نحو ذلك. (فثبت) كما ثبت السن (فقلعه آخر فالأرش) كما في الشرائع (4) لإيجابه ألما وشينا، ولاشتمال المقلوع على منافع السن لا الدية لأنه ليس بسن. وفي المبسوط (5) والخلاف (6): لا شئ فيه، لأصل البراءة. ولو أثبت عوضها عظما نجسا أو مما لا يؤكل لحمه، فلا تصح معه الصلاة، فلا شئ على قالعه، لوجوب إزالته. (ولو أثبت (7)) السن (المقلوعة) بعينها (فثبتت كما كانت فقلعها آخر فدية كاملة) كما في الخلاف، لعموم الأدلة (8). وفي المبسوط (9) والتحرير (10): أن فيه الحكومة. وفي المختلف (11): فيه الحكومة إن لم يثبت صحيحة. ولا شئ عليه عند الشافعي (12) بناء على أنها نجست بالانقلاع فيجب الإزالة. وعندنا لا ينجس العظم بالبينونة. (ولو كانت السن طويلة) بالنسبة إلى أخواتها أو بالنسبة إلى النوع أو جثة الشخص. (لم يزد بدلها بسبب الطول) كسائر الأعضاء (ولو كان بعضها أقصر) من بعض (و) لكن (ينتفع بها كالطويلة فدية) كاملة، للعمومات (وإلا فالحكومة) للعيب المخرج لها عن حكم السن. ولا فرق بين كون هذا
(1) إصباح الشيعة: ص 505. (2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 377. (3) في القواعد: أنبت. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 266. (5) المبسوط: ج 7 ص 140. (6) الخلاف: ج 5 ص 245 المسألة 43. (7) في القواعد: أنبت. (8) المصدر السابق المسألة 42. (9) المبسوط: ج 7 ص 140. (10) التحرير: ج 5 ص 604. (11) مختلف الشيعة: ج 9 ص 378. (12) الأم: ج 6 ص 126. 366 الاختلاف في صنف واحد منها كأن تكون ثنية أقصر من أخرى أو رباعية أقصر من أخرى، أو في صنفين كأن تكون رباعية أقصر من الناب. وأطلق الشيخ (1) الحكم بالدية مع القصر كما أطلق بعض العامة (2) النقص من الدية بقدر القصر. (ولو اضطربت لكبر أو مرض) لكن يمكن المضغ بها وحفظ الطعام والريق وكان فيها الجمال (ففي) قلعها (الكمال) كمال ديتها صحيحة كما في المبسوط (3) أو الحكومة (إشكال): من العموم وبقاء المنفعة، ومن نقصها. نعم لو ذهبت منافعها أجمع كانت كالأشل ففيها ثلث ديتها، كذا في التحرير (4). (ولو ذهب بعضها لعلة) أو جناية (أو لتطاول المدة ففيها بعض الدية) بحساب المساحة. لا إذا كلت ففيها ديتها تامة. (ولو كسر طرفا من سنه لزمه بقدره من الدية، ويقسط) الدية (على الظاهر) دون السنخ على ما تقدم (حتى إذا كان المكسور نصف الظاهر وجب نصف دية السن). (و) عليه (لو) كانت (انكشفت اللثة عن) بعض (السنخ فظهر فقال الجاني: المكسور ربع الظاهر، وقال المجني عليه: نصفه) اعتبر بأخواتها، فإن فقدت رجع إلى أهل الخبرة، فإن فقدوا (قدم قول الجاني) لأصل البراءة. (ولو كسر بعض السن وقلع آخر الباقي مع السنخ، فإن كان الأول قد كسر عرضا وبقي أصلها صحيحا مع) تمام (السنخ فالسنخ تبع) لجناية الثاني، ولا شئ فيه عندنا. (ولو كسر بعضها طولا) مع شئ (5) من سنخها (فعلى الثاني دية الباقي من السن، ويتبعه ما تحته من السنخ) فلا شئ فيه (وعليه حكومة للسنخ
(1) المبسوط: ج 7 ص 142. (2) المجموع: ج 19 ص 100. (3) المبسوط: ج 7 ص 139. (4) التحرير: ج 5 ص 604. (5) في " ق " و " ل " لا مع شئ. 367 الذي كسره) أي ظاهره (الأول، فإن قال المجني عليه: الفائت بجناية الأول الربع، وقال الثاني: بل النصف، قدم قول المجني عليه) كما في المبسوط (1) (لأصالة السلامة). ويحتمل تقديم قول الجاني، لأصالة البراءة. (وفي اللحيين الدية، وفي كل واحد) منهما (النصف) للضابط (- وهما العظمان اللذان يقال لملتقاهما الذقن، ويتصل طرف كل واحد منهما بالأذن من جانبي الوجه، وعليهما نبات الأسنان السفلى - لو قلعا منفردين عن الأسنان، كلحيي الطفل والشيخ الذي تساقطت أسنانه) والذي فقدت أسنانه بآفة أو جناية، وإن استلزم قلعهما من الطفل منع الأسنان من النبات. (ولو قلعا مع الأسنان فديتان): دية النفس، ودية الأسنان بالحساب. ولا يدخل شئ منهما تحت الآخر، للأصل. وللعامة (2) وجهان. (وفي نقص المضغ بالجناية عليهما أو تصلبهما) بالجناية حتى يتعسر تحريكهما (الحكومة) والكل واضح. (المطلب الثامن اليدان): ونحوهما الرجلان (وفيهما الدية كاملة، وفي كل واحدة) منهما (نصف الدية. وكذا في الرجلين الدية كاملة، وفي كل واحدة النصف) كل ذلك بالإجماع والنصوص. (وتتساوى اليمنى واليسرى) دية (فيهما) وإن كانت اليمنى أقوى وأنفع. ويتساوي من له يدان ورجلان ومن ليس له إلا يد واحدة أو رجل واحدة، سواء فقدت إحداهما خلقة أو بآفة أو بجناية أو في سبيل الله، خلافا للأوزاعي (3) في الأخير فأوجب في الباقية دية اليدين. (وحد اليد: المعصم) عندنا، خلافا لبعض العامة (4). (و) حد (الرجل:
(1) المبسوط: ج 7 ص 138. (2) المجموع: ج 19 ص 105. (3) نقله عنه الشيخ في الخلاف: ج 5 ص 250. (4) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 620، المجموع: ج 19 ص 105 - 107. 368 مفصل الساق) والقدم. (فإن قطعت) الكف أو القدم (مع الأصابع فدية) يد أو رجل (كاملة) هي نصف دية النفس ولا شئ عليه غير ذلك، لإطلاق الأخبار (1) بأن في اليدين الدية وكذا في الرجلين وفي إحداهما نصفها. (ولو قطعت الأصابع منفردة فدية يد كاملة، أو رجل) أيضا (للأصابع) بالنصوص والإجماع. (ولو قطع الأصابع) منفردة (وقطع آخر الكف) أو القدم (فعلى الأول نصف الدية خمسمائة دينار عن الأصابع) إن كانت أصابع رجل حر (وعلى الثاني حكومة في الكف) أو القدم. وكذا لو قطع كفا لا أصابع لها خلقة أو بآفة من الله لم يكن عليه إلا حكومة. (ولو قطع اليد ومعها شئ من الزند) أو الذراع - والزند موصل طرف الذراع في الكف - (ففي اليد نصف الدية، وفي) المقطوع من (الزند (2)) أو الذراع (حكومة) وفاقا للشيخ (3) والقاضي (4) والمحقق (5) والظاهر بناء على ما سيأتي: من أن في الذراعين الدية وفي إحداهما نصفها اعتبار المساحة وتقسيط دية الذراع عليها كما في السرائر (6). فلو قطع مع الكف عشر الذراع كان عليه دية اليد وعشر دية الذراع وهكذا. ولا فرق في إيجاب الحكومة أو القسط من الدية مع دية اليدين اتحاد الجاني وتعدده. (و) أما (إن قطعت) اليد (من المرفق أو المنكب فالنصف) نصف
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (2) في القواعد: الزائد. (3) المبسوط: ج 7 ص 143. (4) المهذب: ج 2 ص 474. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 267. (6) السرائر: ج 3 ص 395. 369 دية النفس خاصة، لأصل البراءة، وعموم النصوص (1) فإن اليد مجملة في العضو من رؤوس الأصابع إلى أصل المنكب وفي أبعاضه، ونطقت النصوص بأن في اليدين الدية وفي إحداهما نصفها، فهي تعم الأصابع خاصة، وإياها مع الكف، والجميع مع الذراع، والجميع مع العضد، فلا يجب في شئ من ذلك إلا نصف الدية. وعلى هذا ينبغي أن لا يجب على من قطع الكف وبعض الزند. أو الذراع أيضا شئ إلا نصف الدية. لكن وجه الفرق بوجود المفصل وعدمه، بمعنى أن اليد إنما تتناول الكل والأبعاض ذوات المفاصل، فإذا قطع بعض ذو مفصل من المفصل كالكف مع بعض آخر، لا من مفصله كبعض الزند أو الذراع، فكأنه قطع اليد وشيئا آخر لا مقدر فيه، ففيه الحكومة. وعليه منع ظاهر. ونص ابنا حمزة (2) والبراج (3): على أنه لو قطع يده من مفصل المرفق أو المنكب كانت عليه دية اليد وحكومة في الساعد أو فيها وفي العضد بناء على أن حد اليد كما عرفت من المعصم، ففيما زاد عليها الحكومة. وكذا الشيخ في جراح المبسوط (4). ويعطي كلام ابن إدريس، حيث اعتبر المساحة وقسط الدية عليها في المسألة المتقدمة أن يجب هنا في الكف دية يد، وفي الساعد أخرى، وفي العضد أخرى. وهو ظاهر أبي علي (5) والمفيد (6) وسلار (7) والحلبيين (8) حيث أطلقوا أن في الساعدين الدية وفي إحداهما نصفها. وكذا في العضدين وإحداهما. وظاهر ديات
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (2) الوسيلة: ص 453. (3) المهذب: ج 2 ص 474. (4) المبسوط: ج 7 ص 79. (5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 464. (6) المقنعة: ص 755. (7) المراسم: ص 244. (8) الغنية: ص 418، الكافي في الفقه: ص 398. 370 المبسوط حيث قال بعد تحديد اليد: فإن قطع أكثر من ذلك كان فيها دية وحكومة بقدر ما يقطع، فإن كان من نصف الذراع أو المرفق أو العضد أو المنكب ففي الزيادة حكومة، وكلما كانت الزيادة أكثر كانت الحكومة أكثر، وعندنا أن جميع ذلك فيه مقدر ذكرناه في تهذيب الأحكام (1). يعني ما نطق من الأخبار (2) بأن كل ما كان من الأعضاء اثنين ففيهما الدية، وفي إحداهما نصفها. ويحتمل إرادة المقدر في اليد فيوافق الكتاب. (ولو كان له كفان على زند فقطعهما فدية) يد (وحكومة) كما في الشرائع (3) لعدم التقدير شرعا، وللأصل ويؤيده قول أبي جعفر (عليه السلام) للحكم بن عيينة: في الأصابع فما زاد أو نقص فلا دية له (4) وكذا في الأسنان فما زاد على ثمانية و عشرين سنا فلا دية له (5). (ولو قطع أحدهما، فإن كان أصليا فدية) يد (وان كان زائدا فحكومة). (وتتميز الأصلية بانفرادها بالبطش) أو الاشتمال على الأصابع الخمس أو مساواة اليد الأخرى قدرا (أو كونها أشد بطشا) أو انحراف الأخرى عن سمت الساعد أو العضد (فإن تساوتا فإحداهما أصلية قطعا فثبت مع الاشتباه) في المقطوع إذا قطع إحداهما (الحكومة) لأصل البراءة. وفي (6) المبسوط والتحرير نصف دية الأصلية ونصف الحكومة، قال الشيخ: لأنه قطع نصف يد وزيادة، قال: وقال بعضهم في إحداهما حكومة، قال: فإن قطع إصبعا من إحداهما ففيها نصف دية إصبع خمس من الإبل، وحكومة على ما فصلنا
(1) المبسوط: ج 7 ص 143. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 267. (4 و 5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 262 ب 38 من أبواب ديات الأعضاء ح 2، وسائل الشيعة: ج 19 باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (6) التحرير: ج 5 ص 591 - 592. 371 إذا قطع إحداهما وفي أناملها كذلك نصف دية أنملة وحكومة (1). (وقيل) في المبسوط (في الزائد ثلث دية الأصلية) (2) ولعله لحملها على الإصبع، وسيأتي أن في الزائدة منها ثلث ديتها. وكذا الكلام فيمن له رجلان من أصل القدم أو أصل الركبة أو الورك، قال في التحرير وفاقا للمبسوط: إلا أن في الرجلين تفصيلا وهو أن إحداهما إذا كانت أطول من الأخرى ولا يمكنه المشي على القصيرة، بمنع الطويلة من وصولها إلى الأرض، فإذا قطع قاطع الطويلة، فإن لم يقدر على المشي على القصيرة حينئذ فعليه القود أو الدية، لظهور أنها أصلية وإن قدر على المشي على القصيرة، فعليه دية الزائدة وهو ثلث الأصلية، أو الحكومة على ما اخترناه، لظهور أن القصيرة هي الأصلية وإنما تعذر المشي عليها لطول الزائدة. فإن قطعت القصيرة بعد الطويلة ففيها القود أو دية الأصلية. قلت: وعليه منع ظاهر، قال وفاقا للمبسوط: ولو جني على الطويلة فشلت ففيها ثلثا (3) الدية، لأن الظاهر أصالتها ولا يمكن الصبر لينظر هل يمشي على القصيرة أم لا، فإن قطعها آخر بعد الشلل ففيه ثلث دية الرجل، فإن لم يقدر على المشي على القصيرة استقر الحكم، وإن قدر ظهر زيادة الطويلة فيسترد من الدية الفاضل (4). (وفي الذراعين الدية، وكذا في العضدين) والساقين والفخذين (وفي كل واحد النصف) كما في المقنعة (5) والمراسم (6) والسرائر (7) في الأوليين، وفي الكافي (8) والغنية (9) والإصباح (10) والشرائع (11) في الجميع، لعموم الضابط ودليله. و في قطع الساق أو الفخذ أو بعضها مع ما تحته ما تقدم في قطع الذراع أو العضد أو
(1) المبسوط: ج 7 ص 145. (2) المصدر السابق. (3) كذا في النسخ وفي التحرير: ثلث. (4) التحرير: ج 5 ص 594. (5) المقنعة: ص 755. (6) المراسم: ص 244. (7) السرائر: ج 3 ص 395. (8) الكافي في الفقه: ص 398. (9) الغنية: ص 418. (10) إصباح الشيعة: ص 505. (11) شرائع الإسلام: ج 4 ص 267. 372 بعضها مع ما تحته من الوجوه. وعبارة المبسوط هنا كعبارته هناك، فقال: وحد ما يجب فيه نصف الدية أن يقطع من مفصل الساق والقدم وهو الذي يقطع من الساق عندهم، وإن قطعها من نصف الساق ففيها دية رجل وحكومة. فإن قطعها من الركبة فكذلك وإن قطعها من الفخذ كذلك إلا أنه كلما قطع معها أكثر كانت الحكومة أكثر، وعندنا في جميع ذلك مقدر كما قلنا في اليد ذكرناه في الكتاب المتقدم ذكره (1) انتهى. وحكم في الخلاف بأن من قطع ذراع رجل وكان قطع كفه آخر وكان للقاطع ذراع بلا كف كان له القصاص، وإن أراد ديته كان له نصف الدية إلا قدر حكومة ذراع لا كف له (2). (ويحتمل) أن لا يجب في شئ من ذلك إلا (الحكومة) بناء على أنه لا نص فيها بخصوصها، مع أصل البراءة، ونقص المنفعة فيها، وعدم استقلال شئ منها عضوا برأسه. (وفي قطع كف لا إصبع عليه الحكومة) اتفاقا كما هو الظاهر (ويجوز أن يزاد بها) أي بحكومتها (على دية الإصبع وأكثر. ولا يجوز أن يبلغ بها دية الأصابع أجمع) وإلا لزم أن يكون في اليد الواحدة من رؤوس الأصابع إلى المعصم دية نفس كاملة. (ولو كان عليها إصبع واحدة فمنبت تلك الإصبع تابع لها في الضمان) ليس في الجميع إلا دية الإصبع (وفي الباقي أربعة أخماس حكومة الكف) بل حكومة أربعة أخماس الكف. (ولو قطع رجل الأعرج، فإن كانت) القدم والأصابع (سليمة والخلل في الساق أو الفخذ وجب كمال دية الرجل) لكمال المعتبر منها (وإن كان) الخلل (في القدم فإن كانت الأصابع سليمة وجب أيضا الدية) لوجوبها فيها وحدها (وإن كان في الأصابع خلل فالحكومة) لما فيها من النقص.
(1) المبسوط: ج 7 ص 143. (2) الخلاف: ج 5 ص 189 المسألة 54. 373 وفي المبسوط (1): نصف الدية كالصحيحة، لعموم الأدلة. وهو أقوى. وفي المقنع (2) والجامع (3): ثلث دية الصحيحة، وبه خبر عبد الرحمن العرزمي (4) عن الصادق (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام). وكذا قال أبو علي (5): إن كان العرج ولادة أو لا يرجي زواله وإلا فكالصحيحة. وذكر في التحرير الخبر، وقال: وهو جيد إن كان العرج شللا (6). (وكذا يد الأعسم) بالمهملان فيها الحكومة. وفي المبسوط: أنها كالصحيحة قال فيه: والأعسم قال قوم هو الأعسر، وقال آخرون: هو من في رسغه ميل يعني اعوجاج عند الكوع (7). قلت: وهو المعروف عند أهل اللغة. (وفي أصابع اليدين) العشر (الدية، وكذا في أصابع الرجلين) بالإجماع والنصوص (8). (وفي كل واحدة) منها (عشر الدية) كما في النهاية (9) والمقنع (10) والمقنعة (11) والمراسم (12) والمهذب (13) والسرائر (14) والجامع (15) والشرائع (16) لنحو قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية، في كل إصبع عشر من الإبل (17) وفي حسن الحلبي: في الإصبع عشر الدية (18)
(1) المبسوط: ج 7 ص 144. (2) المقنع: ص 528. (3) الجامع للشرائع: ص 598. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 268 ب 43 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 438. (6) التحرير: ج 5 ص 595. (7) المبسوط: ج 7 ص 144. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 263 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء. (9) النهاية: ج 3 ص 443. (10) المقنع: ص 513. (11) المقنعة: ص 756. (12) المراسم: ص 245. (13) المهذب: ج 2 ص 487. (14) السرائر: ج 3 ص 389. (15) الجامع للشرائع: ص 590. (16) شرائع الإسلام: ج 4 ص 268. (17) وسائل الشيعة: ج 19 ص 264 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 4. (18) المصدر السابق: ح 3. 374 وفي خبر أبي بصير: في كل إصبع عشر من الإبل (1) وقول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر الحكم: في كل إصبع من أصابع اليدين ألف درهم، وفي كل إصبع من أصابع الرجلين ألف درهم (2). (وقيل) في الخلاف (3) والوسيلة (4) (في الإبهام ثلث دية اليد) الواحدة (وفي الأربعة الباقية الثلثان) في كل منها سدسها، لما في كتاب ظريف من قوله: في الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار. وفي الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار، ودية الأصابع والقصب التي في القدم للإبهام ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار إلى أن قال: ودية كل إصبع منها سدس دية الرجل ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار (5). وروى نحو منه عن الرضا (عليه السلام) (6). وادعي في الخلاف الإجماع عليه (7) ونسب في المبسوط إلى أكثر الأصحاب (8). واحتمل في التهذيب (9) والاستبصار في أخبار التساوي تساوي الأربع غير الإبهام قال في الاستبصار: وأما ما تضمن رواية أبي بصير وعبد الله بن سنان " أن في كل إصبع عشرا من الإبل " يجوز أن يكون من كلام الراوي، وهو أنه لما سمع أن الأصابع سواء في الدية فسر هو لكل إصبع عشر من الإبل، ولم يعلم أن الحكم يختص بالأصابع الأربع (10) ولا يخفى ما فيه. وقال الحلبي: في كل إصبع عشر الدية إلا الإبهام فديتها ثلث دية اليد، وقال:
(1) المصدر السابق: ص 265 ح 7. (2) الكافي: ج 7 ص 330 ح 2. (3) الخلاف: ج 5 ص 211 المسألة 93. (4) الوسيلة: ص 452. (5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 85 - 86. (6) فقه الرضا (عليه السلام): ص 323. (7) الخلاف: ج 5 ص 212 المسألة 93. (8) المبسوط: ج 7 ص 143. (9) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 259 ذيل الحديث 1024. (10) الاستبصار: ج 4 ص 292 ذيل الحديث 1102. 375 في الرجلين في كل إصبع من أصابعها عشر ديته (1) ونحوه في الغنية (2) والإصباح (3) إلا أنهما سويا بين أصابع اليدين والرجلين. قال في المختلف: وقول أبي الصلاح مشكل، فإنه جعل في الإبهام ثلث دية اليد، وفي البواقي في كل واحدة عشر دية اليد، وهو يقتضي نقصا لا موجب له، ثم إن كلامه يقتضي الفرق بين أصابع اليدين والرجلين مع أن أحدا من علمائنا لم يفصل بينهما (4). قلت: بل هو موافق للخلاف (5) وإنما أوجب في كل من الأربع عشر دية النفس لا عشر دية اليد الواحدة أو الرجل الواحدة، وأما في أصابع الرجلين فلعله لم يتعرض للاستثناء اكتفاء بما قدمه في أصابع اليدين. (وتقسم دية كل إصبع على ثلاث أنامل) أي رواجب (بالسوية إلا الإبهام، فإن ديتها تقسم على أنملتين بالسوية) ففي كل راجبة منها نصف ديتها ومن البواقي ثلث ديتها إجماعا كما في الخلاف (6). وبه خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقضي في كل مفصل من الإصبع بثلث عقل تلك الإصبع إلا الإبهام فإنها كان يقضي في مفصلها بنصف عقل تلك الإبهام، لأن لها مفصلين (7). وفي كتاب ظريف: ودية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلث دينار، وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع سبعة وعشرون دينارا ونصف وربع، ونصف عشر دينار. كذا في الكافي (8).
(1) الكافي في الفقه: ص 398. (2) الغنية: ص 418. (3) إصباح الشيعة: ص 506. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 384. (5) الخلاف: ج 5 ص 250 المسألة 54. (6) الخلاف: ج 5 ص 249 المسألة 51. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 267 ب 42 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (8) الكافي: ج 7 ص 337. 376 وفي الفقيه (1) والتهذيب (2) والجامع (3): سبعة وعشرون دينارا ونصف دينار وربع عشر دينار وكذا روي عن الرضا (عليه السلام) (4). وفي الرجل في المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلثا دينار، وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع التي فيها الظفر إذا قطع فديته سبعة وعشرون دينارا أو أربعة أخماس دينار كذا في الكافي (5) والفقيه (6) والتهذيب (7) والجامع (8). ومن العامة (9) من أوجب في كل من أنملتي الإبهام أيضا ثلث ديتها بناء على أن لها أيضا ثلاث أنامل ظاهرتين (و) باطنة هي المتصلة بالكوع. فأجاب بأن (الكرسوع) والصواب الكوع أي أصل الإبهام المتصل بالكوع (من جملة الكف لا من جملة الإبهام) ولو اعتبرناه في الإبهام لزم اعتبار مثله في سائر الأصابع فكان لكل منها أربع أنامل ولم يقل به أحد. ثم الكوع والكرسوع طرفا الزند، فما عند الإبهام كوع، وما عند الخنصر كرسوع. وقد مر أنه لو كان للإصبع أربع أنامل ففي كل أنملة ربع دية الإصبع مع تساوي الأربع أو القرب منه وتساوي الأصابع في الطول مع حكم باقي الصور. (ولو قطعت الأصابع مع الكف من الكوع) أي الزند أو مع القدم من عند الساق (فدية واحدة) فقط (و) ذلك لأنه (يدخل الكف) أو القدم تحت الأصابع حينئذ (تبعا). (وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الأصلية) لخبر غياث بن إبراهيم عن
(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 86. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 303 ذيل الحديث 1148. (3) الجامع للشرائع: ص 619. (4) فقه الرضا (عليه السلام): ص 323. (5) الكافي: ج 7 ص 341. (6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 86. (7) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 307 ذيل الحديث 1148. (8) الجامع للشرائع: ص 618 - 619. (9) الأم: ج 6 ص 75. 377 الصادق (عليه السلام) (1). ولا نعرف فيه خلافا. (وفي شلل كل واحدة) منها (ثلثا ديتها) إجماعا على ما في الخلاف (2) والغنية (3) وظاهر المبسوط (4) ولقول الصادق (عليه السلام) في الصحيح وغيره للفضيل بن يسار: إذا يبست منه الكف فشلت أصابع الكف كلها فإن فيها ثلثي الدية دية اليد، قال: وإن شلت بعض الأصابع وبقي بعض فإن في كل إصبع شلت ثلثي ديتها، قال: وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت أصابع القدم (5) ولأنه يرشد إليه أن في قطع الشلاء ثلث ديتها. وأوجب الشافعي (6) فيه تمام الدية. ويوافقه كتاب ظريف لقوله: وشلل اليدين ألف دينار (7) وظاهر خبر زرارة عن الصادق (عليه السلام): في الإصبع عشر من الإبل إذا قطعت من أصلها أو شلت (8) وحسن الحلبي عنه (عليه السلام): في الإصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلت (9). وحمله الشيخ على أن يفعل بها ما يشل ثم يقطع فإنه يستحق أولا بالشلل ثلثا الدية ثم بقطعها ثلثها (10). والأولى عندي أن يقرأ بإهمال السين أي انتزعت. (وفي قطعها بعد الشلل الثلث) به قطع الأصحاب، ونطق قول الصادق (عليه السلام) للحسن بن صالح، فيمن قطع يد رجل له ثلاث أصابع من يده شلل: وقيمة الثلاث
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 264 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (2) الخلاف: ج 5 ص 261 المسألة 72. (3) الغنية: ص 418. (4) المبسوط: ج 7 ص 151. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 265 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 5. (6) الأم: ج 6 ص 74، المجموع: ج 19 ص 106. (7) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 297 ذيل الحديث 1148. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 265 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 8. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 264 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (10) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 257 ذيل الحديث 1017. 378 أصابع الشلل مع الكف ألف درهم لأنها على الثلث من دية الصحاح (1) وقول أبي جعفر (عليه السلام) للحكم بن عتيبة: وفي كل إصبع من أصابع اليدين ألف درهم، وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح (2). (وكذا لو كان الشلل خلقة) فليس في قطعها إلا الثلث، لعموم الخبرين والفتاوي. (وكذا كل عضو أشل فيه ثلث الدية) أي ديته، قطع به الأصحاب ولم أظفر بخبر عام، نعم في الإصبع ما سمعت، وظاهر خبر الحكم شلل الأصابع خاصة وإن احتمل العموم، وعن سليمان بن خالد عن الصادق (عليه السلام) في رجل قطع يد رجل شلاء قال: عليه ثلث الدية (3) وعن عبد الرحمن بن العرزمي عن أبي جعفر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام): أنه جعل في السن السوداء ثلث ديتها، وفي اليد الشلاء ثلث ديتها (4). (وكل عضو شله الجاني وكان صحيحا ففيه ثلثا ديته) بالإجماع كما في الخلاف (5) والغنية (6) وزيد في الخلاف الأخبار. ولم أظفر منها إلا بما مر من خبر الفضيل. وفي كتاب ظريف: وشلل اليدين ألف دينار، والرجلين ألف دينار (7) وفيما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام) والشلل في اليدين كلتيهما الشلل كله ألف دينار، وشلل الرجلين ألف دينار (8). (وفي الظفر إذا) قلعت و (لم ينبت أو نبت أسود عشرة دنانير، فإن نبت أبيض فخمسة) وفاقا للمشهور لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر مسمع: في الظفر إذا قطع ولم ينبت أو خرج أسود فاسدا عشرة دنانير، فإن خرج أبيض
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 253 ب 28 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 264 ب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 253 ب 28 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (4) المصدر السابق: ص 217 ب 1 ح 13. (5) الخلاف: ج 5 ص 261 المسألة 72. (6) الغنية: ص 419. (7) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 297 ح 1148. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 272 ب 1 من أبواب ديات المنافع ح 1. 379 فخمسة دنانير (1). قال في التحرير (2) وفاقا للشرائع (3): والرواية وإن كان ضعيفة إلا أن الشهرة تعضدها. (وروي) في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): (في الظفر خمسة دنانير) (4). وفي كتاب ظريف: وفي كل ظفر من أظفار اليد خمسة دنانير، ومن أظفار الرجل عشرة (5). وفي السرائر: أنه إن خرج أسود فثلثا ديته لأن خروجه أسود ليس كلا خروجه والأصل البراءة (6). ونفى عنه البأس في المختلف (7) وقال أبو علي: في ظفر إبهام اليد عشرة دنانير، وفي كل من الأظفار الباقية خمسة وفي ظفر إبهام الرجل ثلاثون، وفي كل من الباقية عشرة، كل ذلك إذا لم ينبت أو نبت أسود معيبا، وإلا فالنصف من ذلك (8). (المطلب التاسع الظهر): [وفيه العنق والبعصوص والحق به الثدي والعجان]. (وفي) فقار (الظهر إذا كسر) فعولج فلم يصلح (الدية كاملة) لحسن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في الرجل يكسر ظهره، فقال: فيه الدية كاملة (9) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: في الصلب الدية (10). (وكذا لو أصيب فاحدودب) كسر فعولج فانجبر كذلك أو لم ينكسر، لما في كتاب يونس الذي عرضه على الرضا (عليه السلام) من قوله: والظهر إذا أحدب ألف
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 266 ب 41 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (2) التحرير: ج 5 ص 601. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 268. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 267 ب 41 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (5) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 303 و 307 ح 1148. (6) السرائر: ج 3 ص 388. (7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 385. (8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 384. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 214 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 4. (10) المصدر السابق: ص 232 ب 14 ح 2. 380 دينار (1) وفي كتاب ظريف من قوله: فإن أحدب منها الظهر فحينئذ تمت ديته ألف دينار (2) وللإجماع كما في الخلاف (3). (أو ارتفعت قدرته على القعود) لخبر بريد العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس أن فيه الدية (4) وللإجماع كما في الخلاف (5). وكذا إن صار بحيث لا يقدر على المشي أصلا، أو يقدر عليه راكعا أو بعكاز بيديه أو بإحداهما، أو ذهب بذلك جماعه أو ماؤه أو إحباله، أو حدث به سلس البول أو نحوه. واحتمل في التحرير الحكومة إذا ذهب الماء دون الجماع، لأنه لم يذهب المنفعة أجمع (6). (فإن صلح) بعد الكسر أو التحديب بحيث يقدر على المشي أو القعود كما كان يقدر عليهما ولم يبق عليه من أثر الجناية شئ (فثلث الدية) كما في النهاية (7) والتحرير (8) والجامع (9) والنافع (10) والشرائع (11) وموضع من السرائر (12). ولم أعرف مستنده، ويمكن أن يكونوا حملوه على اللحية إذا نبتت وقد مر أو على الساعد. ففي كتاب ظريف: أن فيه إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس (13). بناء على أن المراد به الساعدان جميعا. وفي المبسوط (14): حكومة. وهو مبني على عدم التقدير شرعا وفي الوسيلة: خمس الدية (15). ولعله حمله على
(1) المصدر السابق: ص 214 ب 1 ح 2. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 308 ح 1148. (3) الخلاف: ج 5 ص 253 المسألة 61. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 232 ب 14 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (5) الخلاف: ج 5 ص 253 المسألة 59. (6، 8) التحرير: ج 5 ص 583، 582. (7) النهاية: ج 3 ص 441. (9) الجامع للشرائع: ص 593. (10) المختصر النافع: ص 301. (11) شرائع الإسلام: ج 4 ص 268. (12) السرائر: ج 3 ص 391. (13) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 301 ح 1148. (14) المبسوط: ج 7 ص 147. (15) الوسيلة: ص 450. 381 المرفق والرسغ والعضد. ففي كتاب ظريف: في كل منها أنه إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد (1). وقصبة الإبهام ففيه: أنها إن كسرت فجبرت كذلك ففيها خمس دية الإبهام. والساق والركبة والورك والفخذ ففيه: أن كلا منها إذا كسرت فجبرت كذلك ففيها خمس دية الرجلين. (وروي) في كتاب ظريف (2) (أنه إذا كسر فجبر على غير عيب) من احديداب أو غيره (فمائة دينار، وإن عثم) أي لم ينجبر على استواء (فألف) دينار، وعليه فتوى المقنعة (3) والغنية (4) والإصباح (5) والسرائر (6) في موضع. (ولو شلت الرجلان بكسره فدية للصلب) إذا لم يصلح (وثلثا دية للرجلين) لأنهما جنايتان يجب فيهما ما أوجبه النص لعمومه. وفي الخلاف إجماع الفرقة وأخبارهم (7). وأوجب الشافعي (8) دية للشلل، وحكومة لكسر الصلب. (ولو ذهب مشيه وجماعه بكسره فديتان) لأنهما منفعتان يوجب الدية ذهاب كل منهما، مر في الخلاف إجماع الفرقة وأخبارهم. ومن العامة (9) من لم يوجب إلا دية واحدة. (وفي العنق إذا كسر فاصور الإنسان) أي صار مائل العنق واستمر به ذلك فلم يزل، أو جني عليها بضرب أو نحوه فصور من غير كسر (الدية) كاملة بالإجماع كما في الخلاف (10) ولقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خبر مسمع في الصعر الدية (11)
(1) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 301 ح 1148. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 231 ب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (3) المقنعة: ص 756. (4) الغنية: ص 418. (5) إصباح الشيعة: ص 506. (6) السرائر: ج 3 ص 410. (7) الخلاف: ج 5 ص 252 المسألة 59. (8) المجموع: ج 19 ص 113. (9) المصدر السابق. (10) الخلاف: ج 5 ص 253 - 254 المسألة 62. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 286 ب 11 من أبواب ديات المنافع ح 1. 382 وفي كتاب ظريف (1): أن فيه نصف الدية. وفيما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام): وفي صدع الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلا ما انحرف الرجل نصف الدية خمسمائة دينار (2) كذا في الكافي (3) وفي كتاب ظريف على ما في الفقيه (4) والتهذيب (5) والجامع (6). وهو يحتمل إعجام عين الصدع وضم جيم الرجل في الموضعين وإهمال العين وتسكين الجيم مع كسر الراء، وإذا صدعت الرجل فلم يستطع أن يلتفت ما لم يحول رجله ويؤيده أن في التهذيب. وفي صدع الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلا بأطراف الرجل كما يؤيد الأول ما روي عنه (عليه السلام) أيضا من قوله: فإذا أصيب الصدع فلم يستطع أن يلتفت حتى ينحرف بكليته فنصف الدية، وما كان دون ذلك فبحسابه (7). وعند الشافعي (8): فيه حكومة. (وكذا لو امتنع) بالجناية (من الازدراد) رأسا مات بذلك أو عاش وإن بعد، لأن هذه المنفعة أعظم من الذوق وفي إبطاله الدية، كما سيأتي. ولا شئ عند العامة (9) إن عاش. وفي المبسوط: وينبغي أن يقول: إن عليه حكومة (10). وأفتى به ابن حمزة (11). (فإن صلح) بعد الصور أو امتناع الازدراد (فالأرش) أي الحكومة. وكذا إذا صور لكن يمكنه الإقامة والالتفات بعسر، أو أمكنه الازدراد لكن بعسر. (وفي النخاع إذا قطع الدية كاملة) وإن عاش الإنسان، لأنه عضو واحد
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 231 ب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 219 ب 2 من أبواب ديات الأعضاء ح 5. (3) الكافي: ج 7 ص 311 ح 1. (4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 75 ح 5150. (5) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 298 ح 1148. (6) الجامع للشرائع: ص 619. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 219 ب 2 من أبواب ديات الأعضاء ح 5. (8) المجموع: ج 19 ص 124. (9) راجع الحاوي الكبير: ج 12 ص 289. (10) المبسوط: ج 7 ص 148. (11) الوسيلة: ص 449. 383 فيه، فيعمه الضابط وفي بعضه بالحساب بنسبة المساحة. (وفي الثديين من المرأة ديتها، وفي كل واحد) منهما (نصف الدية) للضابط، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في صحيح أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): في رجل قطع ثدي امرأته، إذن أغرمه لها نصف الدية (1) ولو شلتا فثلثا الدية، كما في التحرير (2) بناء على الضابط. وفي المبسوط: الدية، ولو استرختا فالحكومة (3). (ولو انقطع لبنهما مع بقائهما) وقد كان فيهما (فالحكومة) كما في المبسوط (4). (وكذا لو) لم يكن فيهما لبن لكن (تعذر) بالجناية (نزوله) في وقته بأن قال أهل الخبرة: إن التعذر من الجناية فالحكومة أيضا ووقته إذا حملت فمضى للحمل أربعون ثم إذا وضعت فسقت اللبأ در اللبن لثلاث، أو بعد مدة النفاس. وكذا إذا قل لبنها بالجناية فحكومة دون ذلك. (ولو قطع معهما شيئا من جلد الصدر فالدية) لهما (وحكومة) للجلد (فإن أجاف الصدر) مع ذلك (فدية للثديين وحكومة عن الجلد ودية الجائفة). (وفي حلمتي ثدي المرأة) وهما رأساهما اللذان بهيئة الذر (الدية) كما في المبسوط (5) والوسيلة (6) والسرائر (7) وهو خيرة التحرير (8) والإرشاد (9) والتبصرة (10) والتلخيص (11) بناء على الضابط في كل اثنين (على إشكال): كما في الشرائع (12): من ذلك فلو قطع الحلمتين ثم قطع آخر الباقي كان على
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 270 ب 46 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (2) التحرير: ج 5 ص 596. (3 و 4 و 5) المبسوط: ج 7 ص 148. (6) الوسيلة: ص 450. (7) السرائر: ج 3 ص 394. (8) التحرير: ج 5 ص 597. (9) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 241. (10) تبصرة المتعلمين: ص 213. (11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 494. (12) شرائع الإسلام: ج 4 ص 268. 384 الثاني الحكومة. ومن أن الدية تجب في الثديين وهما بعضهما فينبغي أن يكون فيهما بعضها بالحساب. والحمل على اليد والرجل - حيث تجب الدية بقطع الأصابع خاصة و بقطعها مع الكف أو القدم أيضا - وعلى الأنف والذكر قياس مع الفارق، بالإجماع وعدمه، والنص وعدمه، وبإطلاق اليد والرجل على أبعاضهما عرفا كثيرا كما في آيتي الوضوء وقطع السارق (1) وكذا الأنف والذكر بخلاف الثدي فلا يطلق على الحلمة كإطلاقها. قيل: ولأن العموم إنما يستدل به حال عدم ورود النص على خلافه في الخاص، والحلمتان قدر الشارع لهما مقدرا لكن اختلفوا فيه (2). (وكذا قيل) في الخلاف (3) والمبسوط (4) والسرائر (5) (في حلمتي الرجل) الدية، وفي الأخيرين أنه مذهبنا. وهو خيرة المختلف (6) والتحرير (7) والإرشاد (8) والتلخيص (9) وهو مبني على الضابط في كل اثنين. واستبعد المحقق (10) دخولهما في الضابط، لقلة منفعتهما ومدخليتهما في الجمال. (وقيل) في الوسيلة (11) والفقيه (12) والجامع (13): (فيهما ربع الدية، وفي كل واحدة الثمن مائة وخمسة وعشرون دينارا) والمستند كتاب ظريف (14). (وإذا كسر بعصوصه) - وهو عظم الورك. وقيل: إنه العصعص (15) وهو
(1) المائدة: 6 و 38. (2) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 699. (3) الخلاف: ج 5 ص 257 المسألة 65. (4) المبسوط: ج 7 ص 148. (5) السرائر: ج 3 ص 394. (6) مختلف الشيعة: ج 9 ص 391. (7) التحرير: ج 5 ص 597. (8) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 241. (9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 494. (10) شرائع الإسلام: ج 4 ص 269. (11) الوسيلة: ص 450. (12) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 91. (13) الجامع للشرائع: ص 590. (14) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 307 ح 1148. (15) لسان العرب: ج 7 ص 54 مادة (عصص). 385 عجب الذنب الذي عليه يجلس. ويقال: إنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى. وقيل: إنه تصحيف ولذا لم يذكره أهل اللغة، وقد ذكره ابن عباد في المحيط بالمعنيين. وقال الراوندي: إنه عظم رقيق حول الدبر (1) - (فلم يملك غائطه كان عليه الدية) كما في النهاية (2) والسرائر (3) والوسيلة (4) والشرائع (5) والجامع (6) والنافع (7) لخبر سليمان بن خالد سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه فما فيه من الدية؟ فقال: الدية كاملة (8). (وكذا إذا كسر عجانه) وهو ما بين الخصية والفقحة (فلم يملك بوله ولا غائطه) كما في الكتب (9) التي قدمناها، لخبر إسحاق بن عمار سمع الصادق (عليه السلام) يقول: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك (10). وإن لم يؤد الكسر فيهما إلى ما ذكر كان ككسر سائر العظام. (وفي كل ترقوة من الترقوتين أربعون دينارا) كما في الوسيلة (11) والشرائع (12) (إذا كسرت فجبرت على غير عثم) لكتاب ظريف (13) وروي نحوه عن الرضا (عليه السلام) (14) وفي الخلاف (15) الإجماع على التقدير فيهما.
(1) نقله عنه صاحب مسالك الأفهام: ج 15 ص 440. (2) النهاية: ج 3 ص 441. (3) السرائر: ج 3 ص 391. (4) الوسيلة: ص 451. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 270. (6) الجامع للشرائع: ص 593 - 594. (7) المختصر النافع: ص 302. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 284 ب 9 من أبواب ديات المنافع ح 1. (9) النهاية: ج 3 ص 441، والسرائر: ج 3 ص 391، والوسيلة: ص 451، وشرائع الإسلام: ج 4 ص 270، والجامع للشرائع: ص 593 - 594، والمختصر النافع: ص 402. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 284 ب 9 من أبواب ديات المنافع ح 2. (11) الوسيلة: ص 449. (12) شرائع الإسلام: ج 4 ص 271. (13) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 300 ح 1148. (14) الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام): ص 321. (15) الخلاف: ج 5 ص 261 - 262 المسألة 73. 386 وإن انجبرت على عثم فدية النفس كما في الوسيلة (1). وفي صدعها أربعة أخماس دية كسرها كما في كتاب ظريف (2) والوسيلة (3) وفي كتاب ظريف: فإن أوضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا وذلك خمسة أجزاء من ثمانية من ديتها إذا انكسرت، فإن نقل منها العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون دينارا فإن نقبت فديتها ربع دية كسرها عشرة دنانير (4). (ولو داس بطنه) أي وطئه (حتى أحدث فعل به ذلك، أو يفتدي نفسه بثلث الدية) لخبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): أنه رفع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضى عليه أن يداس بطنه حتى يحدث أو يغرم ثلث الدية (5) وقطع به الشيخان (6) وفي الخلاف (7) الإجماع عليه. (و) لضعف الخبر (لو قيل بالحكومة كان وجها) وقال ابن إدريس: الذي يقتضيه مذهبنا خلاف هذه الرواية، لأن فيه تغريرا بالنفس فلا قصاص في ذلك بحال (8). قال في المختلف: وقول ابن إدريس جيد، ثم قال: والأولى الحكومة (9). وعلى العمل بالخبر فظاهر لفظ " في ثيابه " كون الحدث بولا أو غائطا، لا ريحا ففيها الحكومة قطعا. (فائدة): (في كسر عظم من عضو) لقطعه مقدر (خمس دية ذلك العضو) فإن جبر على غير عثم ولا عيب فأربعة أخماس دية كسره، كذا في المقنعة (10)
(1 و 3) الوسيلة: ص 449. (2 و 4) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 300 ح 1148. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 137 ب 20 من أبواب قصاص الطرف ح 1. (6) المقنعة: ص 761، والخلاف: ج 3 ص 150 المسألة 136. (7) الخلاف: ج 5 ص 299 المسألة 136. (8) السرائر: ج 3 ص 395. (9) مختلف الشيعة: ج 9 ص 392. (10) المقنعة: ص 766. 387 والنهاية (1) والمراسم (2) والسرائر (3) والغنية (4) والإصباح (5) والشرائع (6) والجامع (7) والتحرير (8) والتلخيص (9) والإرشاد (10) والتبصرة (11). وفي الخلاف: إذا كسر يده فجبرت، فإن انجبرت على الاستقامة كان عليه خمس دية اليد، وإن انجبرت على عثم كان عليه ثلاثة أرباع دية كسره. واستدل عليه بالإجماع والأخبار (12). وفي كتاب ظريف: أن في كسر كل من المنكب والعضد والمرفق والكف إذا جبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد، وكذا الساعد إذا كسرت قصبتاها جميعا فإن كسرت إحدى الزندين فخمسون دينارا (13) كذا في الكافي (14). وفي الفقيه (15) والتهذيب (16) والجامع (17): أن فيه إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فإن كسر إحدى القصبتين من الساعد فديته خمس دية اليد مائة دينار، وفي أحدهما أيضا في الكسر لإحدى الزندين خمسون دينارا وفي كليهما مائة دينار، انتهى.
(1) النهاية: ج 3 ص 455. (2) المراسم: ص 248. (3) السرائر: ج 3 ص 410. (4) الغنية: ص 419. (5) إصباح الشيعة: ص 508. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 271. (7) الجامع للشرائع: ص 596 - 597. (8) التحرير: ج 5 ص 606. (9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 494 - 495. (10) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 241. (11) تبصرة المتعلمين: ص 214. (12) الخلاف: ج 5 ص 250 المسألة 55. (13) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 300 - 301 ح 1148. (14) الكافي: ج 7 ص 335 ذيل الحديث 10. (15) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 84 ذيل الحديث 5150. (16) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 301 ح 1148. (17) الجامع للشرائع: ص 616 - 617. 388 وفي الكتاب أيضا: أن في كسر قصبة الإبهام من اليد أو الرجل قصبتها التي تلي الكف أو القدم خمس دية الإبهام إن جبرت من غير عثم ولا عيب، وفي كسر المفصل الأعلى منها ستة عشر دينارا وثلثا دينار إن انجبرت كذلك، وفي كسر المفصل الأسفل الذي يلي الكف من كل من الأصابع الأربع ستة عشر دينارا وثلثا دينار، وهو يزيد على خمس دية الإصبع بدينار وثلث، وفي كسر مثله من أصابع الرجل الأربع ستة عشر دينارا وثلثا وفي كسر المفصل الأوسط من الأصابع الأربع للكف أحد عشر دينارا وثلثا، ومن أصابع الرجل أحد عشر دينارا وثلثي دينار، وفي كسر المفصل الأعلى من كل من أصابعهما خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار، ولم يقيد الكسر في الأصابع بالانجبار على غير عثم وعيب، وفي الكف إذا كسرت فانجبرت على غير عثم ولا عيب أربعين دينارا، وفي كل من الورك والفخذ والركبة والساق والقدم إذا كسر فانجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين، ولعل المراد في كل من الوركين والفخذين وكذا البواقي ونص فيه على أن كلا من الفخذ والساق إن عثمت ففيها ثلث دية النفس، وقد ذكر في صدع أكثر هذه الأعضاء أن فيه أربعة أخماس دية كسرها (1). وفي الوسيلة: أن في كسر كل من العضد والمنكب والمرفق وقصبة الساعد وأحد الزندين أو الكفين خمس دية اليد، وفي كسر الأنملة الأولى من الإبهام ثلث دية كسر الكف، وفي الثانية نصف دية كسر الكف، وفي كسر المفصل الثاني من الأصابع سوى الإبهام أحد عشر دينارا وثلثا، وفي كسر الأول نصفه، وفي صدع العضو أربعة أخماس دية الكسر (2). (وفي موضحته) أي موضحة كل عضو لقطعه مقدر (ربع دية كسره)
(1) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 302 - 307 ح 1148. (2) الوسيلة: ص 453. 389 كما في المقنعة (1) والنهاية (2) والخلاف (3) والمراسم (4) والسرائر (5) والغنية (6) والإصباح (7) والشرائع (8) والجامع (9) لما فيما عرضه يونس وابن فضال على أبي الحسن (عليه السلام) من قوله: ودية موضحته ربع دية كسره (10) وللإجماع على ما في الخلاف (11) ولكتاب ظريف في أكثر الأعضاء وكذا في نقبه كما فيه أيضا (12). لكن فيه أيضا إن في كسر الكف أربعين دينارا (13) وفي موضحتها خمسة وعشرين دينارا وإن في كسر قصبة إبهام الرجل ستة وستين دينارا وثلثي دينار وفي موضحتها ونقبها نصف خمس ذلك ثمانية دنانير وثلث دينار وإن في كسر المفصل الأوسط من الأصابع الأربع للرجل أحد عشر دينارا وثلثي دينار وفي موضحته دينارين وفي المفصل الأعلى منها خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار وفي موضحته ونقبه دينارا وثلثا (14) وفي خبر إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام) أن في الأصابع إذا وضح العظم نصف عشر دية الإصبع (15). (وفي رضه ثلث دية ذلك العضو) إن لم يبرأ أو عثم (فإن برأ على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه) كما في المقنعة (16) والنهاية (17)
(1) المقنعة: ص 766. (2) النهاية: ج 3 ص 454 - 455. (3) الخلاف: ج 5 ص 230 المسألة 12. (4) المراسم: ص 248. (5) السرائر: ج 3 ص 410. (6) الغنية: ص 419. (7) إصباح الشيعة: ص 508. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 271. (9) الجامع للشرائع: ص 596 - 597. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 290 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 3. (11) الخلاف: ج 5 ص 230 المسألة 12. (12) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 304 ح 1148. (13) المصدر السابق: ص 303. (14) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 306 - 307 ح 1148. (15) وسائل الشيعة: ج 19 ص 132 ب 13 من أبواب قصاص الطرف ح 2. (16) المقنعة: ص 767. (17) النهاية: ج 3 ص 456. 390 والسرائر (1) والغنية (2) والإصباح (3) والجامع (4) والشرائع (5) وكذا في المراسم (6) إلا أنه أطلق فيه الثلث ولم يفصل إلى البرء من غير عيب وعدمه. قال المحقق في النكت: إن هاتين المسألتين - يعني مسألتي الكسر والرض - ذكرهما الشيخان وتبعهما المتأخرون ولم يشيروا إلى المستند (7). وفي كتاب ظريف: في رض كل من المنكب والمرفق والورك و الركبة إذا انجبر على عثم ثلث دية النفس (8). فكأنهم حملوه على رض المنكبين والمرفقين وكذا الباقيان. وفيه: أن في رض الرسغ إذا انجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية اليد مائة وستة وستين دينارا (9) وفي الكعب إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين دينارا وثلث دينار (10) وقال ابن حمزة: فإن رض أحد خمسة أعضاء المنكب والعضد والمرفق والرسغ والكف وانجبر على عثم ففيه ثلث دية اليد، فإن انجبر على غير عثم ففيه مائة دينار، وقيل مائة وثلاثون دينارا وثلث (11). (وفي فكه من العضو بحيث يتعطل العضو ثلثا دية العضو، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه) كما في المقنعة (12) والنهاية (13) والسرائر (14) والمراسم (15) والجامع (16) والشرائع (17) ويمكن إدخال الأول في الشلل. وفي كتاب ظريف: في فك كل من المنكب والمرفق والورك والركبة ثلاثون
(1) السرائر: ج 3 ص 411. (2) الغنية: ص 419. (3) إصباح الشيعة: ص 508. (4) الجامع للشرائع: ص 598. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 271. (6) المراسم: ص 248. (7) نكت النهاية: ج 3 ص 455. (8 و 9 و 10) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 300 - 306 ح 1148. (11) الوسيلة: ص 453. (12) المقنعة: ص 767. (13) النهاية: ج 3 ص 456. (14) السرائر: ج 3 ص 411. (15) المراسم: ص 248. (16) الجامع للشرائع: ص 598. (17) شرائع الإسلام: ج 4 ص 271. 391 دينارا (1) وروي نحوه عن الرضا (عليه السلام) (2) وفي فك قصبة الإبهام من اليد أو الرجل التى تلي الكف أو القدم عشرة دنانير، وفي فك المفصل الأعلى من إبهام الرجل خمسة دنانير، وكذا فك المفصل الثالث من سائر أصابع اليد أو الرجل، وفي فك المفصل الأوسط والأعلى من سائر أصابع اليد ثلاثين دينارا وثلثا دينار، وفي فك الأوسط من سائر أصابع الرجل ثلاثة دنانير، وفي فك أعلى مفاصل سائر أصابع الرجل ديناران وأربعة أخماس دينار. كذا في الكافي (3). وفي الفقيه (4) والتهذيب (5) والجامع (6): في فك أوسط سائر أصابع الرجل أيضا ثلاثة دنانير وثلثا دينار، وفي أعلى مفاصل سائر أصابع اليد والرجل دينار وأربعة أخماس دينار. وقال ابن حمزة: فإذا فك كفا وتعطلت ففيها ثلثا دية اليد، فإن صلحت والتأمت ففيها أربعة أخماس دية الفك، وفي فك أنملة الإبهام عشرة دنانير، وفي فك المفصل الثاني منها نصف دية فك الكف، وفي فك كل مفصل من غير الإبهام ثلاثة دنانير وثلث، وفي فك العضد أو المرفق أو المنكب ثلاثون دينارا، فإن تعطل العضو بالفك ففيه ثلثا دية اليد، فإن انجبر والتأم ففيه أربعة أخماس دية الفك (7). (أما الضلع فإذا كسر كل ضلع يخالط القلب) منها (كان فيه خمسة وعشرون دينارا. وما يلي العضدين لكل ضلع إذا كسرت عشرة دنانير) كما في الشرائع (8) والوسيلة (9) وفاقا لكتاب ظريف قال فيه: وفي الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر منها ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا، وفي
(1) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 301 ح 1148. (2) فقه الإمام الرضا (عليه السلام): ص 321. (3) الكافي: ج 7 ص 342 ذيل الحديث 10. (4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 86 و 91 ذيل الحديث 5150. (5) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 307 ح 1148. (6) الجامع للشرائع: ص 619 و 623. (7) الوسيلة: ص 453. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 270. (9) الوسيلة: ص 450. 392 صدعه اثنا عشر دينارا ونصف، ودية نقل عظامه سبعة دنانير ونصف، وموضحته على ربع كسره، ونقبه مثل ذلك، وفي الأضلاع مما يلي العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر، ودية صدعه سبعة دنانير، ودية نقل عظامه خمسة دنانير، وموضحة كل ضلع منها ربع دية كسره ديناران ونصف، فإن نقبت ضلع منها فديتها ديناران ونصف (1). وروي نحوه عن الرضا (عليه السلام) (2) ثم ظاهر عبارة الكتاب وغيره وصريح التحرير، أن الأضلاع قسمان: منها ما يخالط القلب ففيه خمسة وعشرون، ومنها ما لا يخالطه ويلي العضدين وهي الأعالي منها ففيه عشرة (3). ومن الأصحاب من نزل العبارات على أن لكل ضلع جانبين: ففي جانبها الذي يخالط القلب خمسة وعشرون، وفي الجانب الآخر عشرة. (المطلب العاشر الذكر) والأنثيان والإليتان وفرج المرأة ولحم العانة: (و) الذكر (فيه الدية) بالإجماع والنصوص (4). (وتثبت) الدية (في الحشفة) وحدها كما قال الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: وفي الذكر إذا قطع من موضع الحشفة الدية (5) (فما زاد) كما قال (عليه السلام) في حسن الحلبي: وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية (6). (وإن استوصل) كما فيما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام) من قوله: والذكر إذا استوصل ألف دينار (7). وبالجملة: فالقضيب كالكف، والحشفة كالإصبع، لا يتفاوت الحال من وجوب كمال الدية بقطع الحشفة خاصة أو مع القضيب أو بعضها من غير وجوب دية أو حكومة لما زاد عليها، قطع بذلك الأكثر.
(1) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 304 ح 1148. (2) فقه الرضا (عليه السلام): ص 325. (3) التحرير: ج 5 ص 606. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 215 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 5. (6) المصدر السابق: ص 214 ح 4. (7) المصدر السابق: ح 2. 393 و (سواء) ذكر (الشاب والشيخ، والصبي والرضيع، والخصي) إذا لم يؤد خصاه إلى شلل ذكره (وغيره) للعمومات، وقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح بريد: في ذكر الغلام الدية كاملة (1) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: في ذكر الصبي الدية (2). ولم يوجب أبو حنيفة في ذكر الخصي إلا الحكومة (3). وفي صحيح بريد العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام): أن في ذكر الخصي الحر وأنثييه ثلث الدية (4). ويحتمل أن يكون المراد من شل ذكره بالاختصاء. (فإن قطع بعض الحشفة نسب المقطوع إلى الحشفة خاصة) لا إلى جميع الذكر خلافا لبعض العامة (5) (فإن كان المقطوع نصفها فنصف الدية، وإن كان ثلثا فالثلث، وعلى هذا) القياس. (هذا إذا لم ينخرم مجرى البول، فإن اختل المجرى احتمل) وجوب (الجزء المقسط والحكومة معا) لأنهما جنايتان لا مقدر لإحديهما، ولأنه لو اقتصر على خرم المجرى خاصة كانت فيه الحكومة، ولو اقتصر على قطع الجزء من الحشفة كان عليه الجزء من الدية (واحتمل أكثرهما كما قلنا في اللسان والكلام) إذا قطع نصفه مثلا فذهب ربع الحروف أو بالعكس كما في المبسوط (6) لأنه جناية واحدة تضمنت ذهاب العين والمنفعة. (فإن قطع الحشفة) كلها (ثم قطع الباقي هو أو غيره ففي الحشفة الدية كملا وفي الباقي حكومة) كما لو قطع الأصابع ثم قطع هو أو غيره الكف. (ولو قطع نصف الذكر) تمامه أو حشفته (طولا ولم يحصل في النصف الباقي خلل) من شلل ونحوه (فنصف الدية) وإلا فإن ذهب بذلك
(1) المصدر السابق: ص 259 ب 35 ح 1. (2) المصدر السابق: ح 2. (3) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 628. (4) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 270 ح 7062. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 298. (6) المبسوط: ج 7 ص 135. 394 الجماع فالدية كملا، وإن حدث شلل في الباقي فخمسة أسداس الدية. وفي ذكر الخنثى إذا علم أنها امرأة حكومة. وقال أبو علي: ثلث ديتها (1). وفي المقنع: في ذكر الخنثى وأنثييه ثلث الدية (2). والوجه: أنها إن علم أنه رجل فديتان، وإن علم أنها امرأة أو استمر الاشتباه فالحكومة. (وفي ذكر العنين ثلث الدية) وفاقا للمشهور، وفي الخلاف الإجماع عليه (3) وكأنهم أدخلوه في الشلل، وعند الصدوق (4) وأبي علي (5) الدية، لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: في ذكر العنين الدية (6) ويجوز إرادة ديته. (وفيما قطع منه بحسابه) والنسبة إلى جميع الذكر هنا لا الحشفة خاصة. (وكذا) في (الذكر الأشل) ثلث الدية (وهو الذي يكون منبسطا أبدا فلا ينقبض) ولو (في الماء البارد، أو يكون منقبضا) أبدا (فلا ينبسط) ولو (في الماء الحار) وإن التذ صاحبه وأمنى بالمساحقة وأولد. وفي بعضه بالحساب. وهل يعتبر بالنسبة إلى الحشفة خاصة أو الجميع؟ وجهان (ولو ضرب ذكره) أو غيره (فشل) أو حدث التعنين (فثلثا الدية). (وفي الخصيتين الدية) بالنصوص والإجماع، إلا من أبي علي كما سيظهر (وفي كل واحدة النصف) كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والمقنعة (9) والكافي (10) والكامل (11) والغنية (12) والإصباح (13)
(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 426. (2) المقنع: ص 512. (3) المصدر السابق. (4) الخلاف: ج 5 ص 202 المسألة 74. (5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 427. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 259 ب 35 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (7) النهاية: ج 3 ص 441. (8) المبسوط: ج 7 ص 152. (9) المقنعة: ص 755. (10) الكافي في الفقه: ص 399. (11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 390. (12) الغنية: ص 507. (13) إصباح الشيعة: ص 507. 395 والسرائر (1) والنافع (2) والشرائع (3) لما مر من الضابط ومستنده، وخصوص ما في كتاب ظريف من قوله: وفي خصية الرجل خمسمائة دينار. وأفتى في الوجاءة (4) إذا كانت في العانة فخرق الصفاق فصارت أدرة في إحدى الخصيتين فديتها مائتا دينار خمس الدية (5). (وروي في) صحيح عبد الله بن سنان (6) عن الصادق (عليه السلام) وعن أبي يحيى الواسطي (7) رفعه إليه (عليه السلام): في البيضة (اليسرى الثلثان وفي اليمنى الثلث، لأن الولد يخلق من اليسرى) واختاره الشيخ في الخلاف (8) والقاضي في المهذب (9) وسلار (10) وابنا حمزة (11) وسعيد (12) والصدوق في الهداية (13) وهو خيرة المختلف، للخبرين، ولتفاوتهما في المنفعة فيتفاوتان في الدية (14). وفي الشرائع: والرواية حسنة، لكن يتضمن عدولا عن عموم الروايات المشهورة (15). وفي السرائر: لا دليل يعضد هذه الرواية (16). وفي المقنعة: وقد قيل، إن في اليسرى منها ثلثي الدية وفي اليمنى ثلث الدية، واعتل من قال ذلك بأن اليسرى من الأنثيين يكون منها الولد وبفسادها يكون العقم، ولم أتحقق ذلك برواية صحت عندي (17). قيل: وربما أنكر ذلك بعض الأطباء، ونسبه الجاحظ في
(1) السرائر: ج 3 ص 393. (2) المختصر النافع: ص 301. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 269. (4) في الكافي: البجرة، وفي التهذيب: الوجيئة. (5) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 307 - 308 ح 1148. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 213 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (7) المصدر السابق: ص 237 ب 18 ح 2. (8) الخلاف: ج 5 ص 259 المسألة 69. (9) المهذب: ج 2 ص 481. (10) المراسم: ص 244. (11) الوسيلة: ص 451. (12) الجامع للشرائع: ص 589. (13) الهداية: ص 299. (14) مختلف الشيعة: ج 9 ص 390. (15) شرائع الإسلام: ج 4 ص 269. (16) السرائر: ج 3 ص 393. (17) المقنعة: ص 755. 396 كتاب الحيوان إلى العامة. ولكن لا عبرة بذلك إن صح النقل عنهم (عليهم السلام) (1) وذهب الراوندي إلى التنصيف في ذكر الشيخ اليائس من الجماع والتثليث في ذكر الشاب (2). وقال أبو علي: فيهما الدية، وفي اليسرى أيضا الدية، لأن الولد منها، وفي اليمنى نصفها (3). (ولا فرق) على كل (بين أن يكون الذكر سليما أو مقطوعا) أو أشل لأن النقص في عضو آخر. وكذا لا فرق بين العنين وغيره، للعمومات، وكون منشأ التعنين في الأنثيين ممنوع. (وفي أدرة الخصيتين) وهي انتفاخهما (أربعمائة دينار) قطع به الأصحاب وفاقا لكتاب ظريف وفيه: أن في أدرة إحداهما مائة دينار كما سمعت، لكن تمام عبارته كذا: ودية البجرة إذا كانت فوق العانة عشر دية النفس مائة دينار، فإن كانت في العانة فخرقت الصفاق فصارت أدرة في إحدى البيضتين فديته مائة دينار، خمس الدية (4). ويمكن حملها على أن دية البجرة مائة، فإن تسببت للأدرة أضيفت إليها مائة أخرى للأدرة خاصة فيتم لها مائتان. وعن معاوية بن عمار قال: تزوج جار لي امرأة فلما أراد مواقعتها رفسته برجلها ففتقت بيضته فصار آدر، فكان بعد ذلك ينكح ويولد له (5) فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك، وعن رجل أصاب سرة رجل ففتقها، فقال (عليه السلام): في كل فتق ثلث الدية (6). ولا ينافي ما تقدم، لاحتمال أن يكون في الفتق ثلث الدية فإن استلزم الأدرة لزم خمساها.
(1) غاية المراد: ج 4 ص 541، والعبارة هكذا: ولا عبرة بذلك مع صحة النقل عن المعصومين (عليهم السلام) الذين هم أعرف. (2) لم نعثر عليه، ونقله عنه في غاية المراد: ص 220 - 221 (مخطوط). (3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 389. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 236 ب 18 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (5) في الجواهر ومفتاح الكرامة: ولا يولد له. (6) المصدر السابق: ص 257 ب 32 ح 1. 397 (فإن فحج) بجناية أي تباعد رجلاه عقبا وتدانتا صدرا أو تباعد فخذاه أو وسط ساقيه (فلم يقدر على المشي) أو مشى مشيا لا ينتفع به (فثمانمائة دينار) كما في كتاب ظريف (1) و قطع به أكثر الأصحاب. (وفي شفري المرأة) بضم الشين (الدية) للضابط، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر عبد الله بن سيابة عن الصادق (عليه السلام): لو أن رجلا قطع فرج امرأته لأغرمنه لها ديتها وإن لم يؤد إليها الدية قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك (2). (وهما) عبارة عن اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم. قال في المبسوط: والإسكتان والشفران (عبارة عن) شئ واحد وهو (اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم) قال: وهما عند أهل اللغة عبارة عن شيئين، قال بعضهم: الإسكتان هو اللحم المحيط بشق الفرج، والشفران حاشية الإسكتين كما أن للعينين جفنين ينطبقان عليهما وشفرهما الحاشية التي ينبت فيها أهداب العين، فالإسكتان كالأجفان والشفران كشفري العينين، انتهى (3). قلت: والفرق كما ذكره هو المعروف عند اللغويين (4) والدية إنما تجب في الإسكتين لا في حرفيهما ففيهما الحكومة. أو من الدية بالحساب إن أمكنت النسبة بالمساحة. (وفي كل واحد) منهما أي الشفرين بمعنى الإسكتين (نصف ديتها) للضابط (سواء كانت صغيرة أو كبيرة، بكرا أو ثيبا، قرناء أو رتقاء أو سليمة منهما) فإنهما عيبان في الداخل وكذا البكارة والثيوبة في الداخل. نعم إن كان بهما شلل - أي استحشاف - ففيهما ثلث الدية، كما أنهما إن شلا بالجناية كان فيهما ثلثا الدية كما في المبسوط (5) بناء على الضابط.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 236 ب 18 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (2) الكافي: ج 7 ص 313 ح 15. (3) المبسوط: ج 7 ص 149. (4) لسان العرب: ج 4 ص 419 " مادة شفر ". (5) المبسوط: ج 7 ص 149. 398 (وفي لحم العانة حكومة وهو) منها (الركب) محركة واختلف في تسمية عانة الرجل به (وكذا لو قطع موضع عانة الرجل) كل ذلك لعدم التقدير (سواء قطعها منفردة أو منضمة إلى الفرج) منها أو منه، لعدم الدليل على التبعية كتبعية الراحة للأصابع. (وفي إفضاء المرأة) فلم يندمل صحيحا (ديتها) كما في خبري بريد (1) وسليمان بن خالد (2) عن الصادقين (عليهما السلام) (ويسقط في طرف الزوج إن وطئ بعد البلوغ) لأنه وطئها بحق، ولقول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر بريد: وإن كان دخل بها ولها تسع سنين فلا شئ عليه (3). قال في المختلف وأجاد: ولو قيل يجب عليه الضمان مع التفريط كان وجها (4). وفي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام): أن رجلا أفضى امرأة فقومها قيمة الأمة الصحيحة وقيمتها مفضاة، ثم نظر ما بين ذلك فجعل من ديتها وأجبر الزوج على إمساكها (5). (ولو كان) وطؤه لزوجته (قبله ضمن الدية) خلافا لأبي حنيفة (6) (والمهر، ووجب عليه نفقتها) وإن طلقها إن لم ينفسخ نكاحها (إلى أن يموت أحدهما) أو تزوجت على وجه (وحرمت عليه أبدا) كما تقدم في النكاح. (وهل ينفسخ نكاحها) بذلك (أم) لا بل (يتوقف تزويجها بغيره على طلاقه؟ الأقرب الثاني) كما في السرائر (7) والجامع (8) والشرائع (9) للأصل، وعدم لزوم البينونة بالحرمة، وقول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر بريد: فإن أمسكها ولم
(1) وسائل الشيعة: ج 14 ص 381 ب 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 3. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 284 ب 9 من أبواب ديات المنافع ح 1. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 212 ب 44 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 388. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 212 ب 44 من أبواب موجبات الضمان ح 3. (6) الحاوي الكبير: ج 12 ص 295. (7) السرائر: كتاب النكاح ج 2 ص 530. (8) الجامع للشرائع: كتاب النكاح ص 428. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 291. 399 يطلقها حتى تموت فلا شئ عليه، إن شاء أمسك وإن شاء طلق (1) وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح حمران: وإن أمسكها، ولم يطلقها حتى تموت فلا شئ عليه (2) وظاهرهما نفي الدية عنه إن أمسكها، لكن الفتوى على ضمانها مطلقا، وكأن المراد فيهما لا إثم عليه في الإمساك. ويحتمل الأول، لظاهر قول الصادق (عليه السلام) في مرسل يعقوب بن يزيد: إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما ولم تحل له أبدا (3). (ومع تزويجها بغيره هل تسقط نفقتها عن الأول؟ إشكال) تقدم في النكاح: من إطلاق النص والفتوى، ومن أن الموجب للنفقة انتفاء صلاحيتها للأزواج واحتباسها عليه. (وهل تلحق النحيفة - التي يغلب على الظن الإفضاء بوطئها - بالصغيرة؟ الأقرب المنع) للأصل، وبطلان القياس، وتحقق المقتضي لأحكام الزوجية وهو النكاح، وانتفاء المانع منها والرافع لها. ويحتمل اللحوق ضعيفا للاشتراك في الإفضاء، وخصوصا وجوب النفقة عليه إلى أن يموت أحدهما ما لم يطلق أو يتزوج، لاحتباسها عليه (إلا) في (الدية فإن الأقرب ثبوتها) لأنها جناية عليها صدرت عنه فلا يهدر. ويحتمل العدم لإباحة السبب فلا يستعقب ضمانا وإن أمكنت المناقشة في الإباحة، ولو ضمن هنا ضمن مطلقا ولولا صحيح حمران (4) لم يبعد، لأن الجنايات مضمونة مطلقا. (ولو كان الواطئ) المفضي (أجنبيا، فإن أكرهها) أو اشتبه عليها (فعليه مهر المثل والدية) ولا يتداخلان خلافا لأبي حنيفة (5) (وإن طاوعته
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 212 ب 44 من أبواب موجبات الضمان ح 1 وليس فيه: " حتى تموت ". (2) وسائل الشيعة: ج 14 ص 380 ب 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 1. (3) وسائل الشيعة: ج 14 ص 381 ب 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 2. (4) وسائل الشيعة: ج 14 ص 380 ب 24 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 1. (5) الحاوي الكبير: ج 12 ص 295. 400 فالدية خاصة) إلا أن يكون أمة لغيره على وجه والكل ظاهر. (ولو كانت المكرهة بكرا ففي وجوب أرش البكارة مع المهر) والدية (نظر، أقربه ذلك) وفي المبسوط: أنه مذهبنا (1). لتعدد الأسباب، وأصل عدم التداخل فنفرض أمة وتقوم بكرا تارة وثيبا أخرى فيأخذ التفاوت مع مهر المثل ودية الإفضاء. ويحتمل قويا دخول الأرش في المهر لاعتبار البكارة في مهر مثلها، وأصل البراءة، وقول الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن سنان: إن شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كاملا (2). أما المطاوعة فالظاهر كما يشعر به العبارة أن لا أرش لها كما لا مهر. وإن كانت أمة كان عليه أرش البكارة مطلقا، وقدر في الأخبار (3) بنصف عشر قيمتها. (ويجب ذلك كله في ماله) فالمهر والأرش ظاهر، والدية (لأنه عمد محض أو عمد خطأ). قال في المبسوط: وإنما يكون عمدا محضا إذا كانت صغيرة وبدنه كبير، ويعلم أن مثلها لا يطيق ذلك، فمتى فعل ذلك فقد أفضاها عمدا محضا فالدية مغلظة حالة في ماله، وإن وجبت عن عمد الخطأ فالدية مغلظة مؤجلة عندنا في ماله، وعندهم على العاقلة. قال: وعمد الخطأ أن تكون كبيرة قد يفضي مثلها وقد لا يفضي، فإذا وجد الإفضاء علمنا أنه عامد في فعله مخطئ في قصده فلهذا كان عمد الخطاء، قال: وأحال بعضهم أن يتصور في الإفضاء خطأ محض، وقال بعض المتأخرين: وهو جيد أنه قد يتصور الخطأ المحض، وهو إذا كان له زوجة قد
(1) المبسوط: ج 7 ص 150. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 255 ب 30 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 415 ب 5 من أبواب أحكام العيوب. 401 وطئها ويعلم أن وطأها لا يفضيها فأصاب على فراشه امرأة فأفضاها ويعتقدها زوجته، فإنه خطأ محض. انتهى (1). (واختلف) الناس (في تفسير الإفضاء، فقيل) في الجامع: (أن يزيل الحاجز بين القبل والدبر (2). وقيل) في المبسوط (3) والسرائر (4): أن يزيل الحاجز (بين مخرج البول و) مخرج (الحيض. وهو أقرب، لأن الحاجز بين القبل والدبر عصب قوي يتعذر إزالته بالاستمتاع) غالبا (والحاجز بين مدخل الذكر) وهو مخرج الحيض (ومخرج البول رقيق، فإذا تحامل عليها ربما انقطعت تلك الجلدة) قال الشيخ: ثم الفقهاء فرعوا على الإفضاء إذا كان البول مستمسكا وغير مستمسك، وإنما يصح هذا التفريع على ما قلناه من رفع الحاجز الذي بين مخرج البول ومدخل الذكر (5) (ومع) كون المختار في معنى الإفضاء (هذا فالأقرب عندي وجوب الدية بكل منهما) لصدق الاسم عليهما وإن بعد وقوع الأول مع أنه أولى بالدية. ويحتمل الاختصاص بالثاني والحكومة في الأول، للأصل، وتبادر الثاني من اللفظ لبعد الأول. (وهل يتعلق أحكام الإفضاء) من الحرمة ووجوب الإنفاق وانفساخ النكاح إن قيل به ثم (لو فعله بغير الوطء؟ الأقرب لا) للأصل، وعدم الدخول، في النصوص والفتاوى (إلا الدية فإنها تجب لو فعله بسكين وشبهها) لأن موجبها الجناية ولا يختلف فيها الآلة. وأما المهر فلا يجب قطعا، لأنه ليس من أحكام الإفضاء بل الوطء. وكذا أرش البكارة يجب قطعا كما وجب بالوطء، لاستناده إلى إزالة البكارة لا الوطء ولا الإفضاء. ويحتمل ثبوت سائر أحكام الإفضاء بالوطء لاحتمال استنادها إلى الإفضاء
(1) المبسوط: ج 7 ص 150 - 151. (2) الجامع للشرائع: ص 462. (3) المبسوط: ج 7 ص 149. (4) السرائر: ج 3 ص 393. (5) المبسوط: ج 7 ص 149 - 150. 402 من غير مدخل لآلته، وفي الفقيه: وفي نوادر الحكمة أن الصادق (عليه السلام) قال: في رجل أفضت امرأته جاريته بيدها فقضى أن تقوم قيمة وهي صحيحة وقيمة وهي مفضاة فيغرمها ما بين الصحة والعيب وأجبرها على إمساكها، لأنها لا تصلح للرجال (1). (ولو أزال الحاجزين بالوطء تعلقت الأحكام) وهو واضح (ووجبت ديتان) لأنه فعل إفضاءين في كل منهما الدية لو انفرد، والأصل عدم التداخل. وعلى ما مر من الاحتمال دية وحكومة. (وإن كان) زوالهما (بغير الوطء فديتان) وحكم سائر الأحكام ما عرفت. (ولو اندمل) الموضع (وصلح ففي زوال التحريم نظر): من أن سببه الإفضاء بل الوطء قبل التسع كما هو ظاهر مرسل يعقوب بن يزيد (2) وقد حصل، ومن أصل الإباحة وإنما علم التحريم مع بقائها مفضاة إذ لندرة الاندمال إنما يتبادر من الإطلاق الغالب من البقاء مفضاة. (وهل تسقط) مع الاندمال (الدية إلى الحكومة؟ إشكال): من الإطلاق، ومن أن المعروف الفرق بين إبانة العضو والجرح الذي يندمل وما لا يندمل في حكم الإبانة ولما لم يقدر في الشرع التفاوت هنا فالحكومة، ولأن الأصل البراءة وإنما حصل اليقين بوجوب الدية إذا لم يندمل لكونه الغالب المتبادر من الإطلاق. (ولو أفضاها فلم تملك بولها فديتان) لما سيأتي من وجوب الدية في سلس البول، وفي المبسوط (3): دية وحكومة. (وفي الإليتين الدية، وفي كل واحدة النصف) كما في المبسوط (4) واستحسنه المحقق (5) للضابط فإنهما عضوان متميزان فيهما الجمال والمنفعة (وهي اللحم الناتئ بين الظهر والفخذين) فإن الظهر مستو من المنكبين إلى
(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 149 ح 5329. (2) الخصال: ص 420 ح 16، ورواه مسندا. (3) المبسوط: ج 7 ص 150. (4) المبسوط: ج 7 ص 146. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 270. 403 الأليتين وكذا الفخذان مستويان إليهما (فإذا قطع ما أشرف منهما على البدن (1) فالدية) لازمة (وإن) لم (يقرع العظم) أي لم يصل القطع إليه بل اقتصر على قطع المشرف منها حتى ينتهي إلى مساواة الظهر والفخذين، وهو مبني على خروج الباقي عن مسمى الألية، وهو ممنوع. بل هي اسم لمجموع هذا اللحم إلى العظم. فالوجه ما في المبسوط (2) والتحرير (3) والوسيلة (4) وغيرها من اشتراط الدية بالوصول إلى العظم، وفي قطع أبعاضهما بعض الدية بالحساب إن أمكن، وإلا فالحكومة. (ولو افتض بكرا بإصبعه) مثلا (فخرق مثانتها فلم تملك بولها فعليه ثلث ديتها) لخبر ظريف بن ناصح (5) وغيره عن أبي عمرو الطبيب عن الصادق (عليه السلام) (6) ولقوله (عليه السلام) لمعاوية بن عمار: في كل فتق ثلث الدية (7). (وفي رواية) هشام بن إبراهيم عن أبي الحسن (عليه السلام) (الكل (8) وهو أولى) لما سيأتي أن في السلس الدية كاملة. وفي الفقيه أن أكثر رواية أصحابنا أن في ذلك الدية كاملة (9). (وعليه مهر المثل أيضا) لإزالة البكارة لخبر أبي عمرو الطبيب أيضا عن الصادق (عليه السلام) (10). وما مر من خبر عبد الله بن سنان عنه (عليه السلام) (11) وخبر السكوني: أن عليا (عليه السلام) رفع إليه جاريتان دخلتا الحمام فافتضت إحداهما الأخرى بإصبعها فقضى على التي فعلت عقلها (12) ويحتمل أرش البكارة وقد قدر في الأخبار بعشر القيمة إن كانت أمة فيفرض الحرة أمة و تقوم.
(1) في القواعد: الناتئ. (2) المبسوط: ج 7 ص 146. (3) التحرير: ج 5 ص 597. (4) الوسيلة: ص 443. (5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 92 ح 5150. (6 و 10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 256 ب 30 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 257 ب 32 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 256 ب 30 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (9) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 92 ذيل الحديث 5150. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 255 ب 30 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (12) وسائل الشيعة: ج 19 ص 270 ب 45 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. 404 (المقصد الثالث في دية المنافع) (وفيه مطالب) أربعة: (الأول في العقل): (الدية كاملة) بلا خلاف كما في المبسوط (1) والغنية (2) (إن ذهب بالضرب) على الرأس أو غيره (أو بغيره مما ليس بجرح، كما لو ضربه على رأسه حتى ذهب) عقله (أو فزعه تفزيعا شديدا فزال عقله) عن إبراهيم بن عمر عن الصادق (عليه السلام) قال قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه وانقطع جماعه وهو حي، بست ديات (3). (ولو زال بجراح أو قطع عضو فدية العقل. وفي الجرح والعضو ديتهما) لأصل عدم التداخل، وهو المشهور، وفي الخلاف (4) الإجماع عليه، وفي المبسوط (5): أنه مذهبنا. وقال ابن إدريس (6): ليس في ذلك سوى الدية وأطلق. وسأل في الصحيح أبو عبيدة الحذاء أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ وذهب عقله، قال: فإن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلوات أو لا يعقل ما قال ولا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه وبين سنة أقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين سنة ولم يرجع إليه عقله أغرم ضاربه الدية في ماله، لذهاب عقله. قال: فما ترى في الشجة شيئا؟ قال: لا إنما ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنة ما كانت إلا أن يكون فيهما الموت فيقاد به ضاربه، قال: وإن كان ضربه عشر ضربات فجنين
(1) المبسوط: ج 7 ص 126. (2) الغنية: ص 417. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 280 ب 6 من أبواب ديات المنافع ح 1. (4) الخلاف: ج 5 ص 234 - 235 المسألة 20. (5) المبسوط: ج 7 ص 127. (6) السرائر: ج 3 ص 414. 405 جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات كائنة ما كانت ما لم يكن فيها الموت (1). وأفتى بمضمونه الشيخ في النهاية (2) وابن سعيد (3). (ولا يضمن العقل بالقصاص وإن تعمد الجاني، لعدم العلم بمحله) للاختلاف فيه، فمنهم من قال: محله القلب، ومنهم من قال: الدماغ، ومنهم من قال: غير ذلك. ومع العلم بمحله ففي القصاص تغرير وإن كان بسقي المجنن. (هذا) الذي ذكرناه من لزوم الدية (إذا حكم أهل الخبرة بعدم زوال العارض، وإن حكموا بزواله) إلى مدة (انتظر ظهور حاله) المدة التي حكموا بها (فإن استمر) ولم يزل إلى مضي المدة (فالدية، وإن عاد) العقل (قبل استيفاء الدية) ولو بعد المدة (فلا يطالب بالدية، بل يطالب بالأرش) لظهور أنه لم يكن زال وإنما عرض له شاغل. (وإن عاد بعده أمر بالرد). (ويحتمل عدم الارتجاع) مطلقا كما في الجامع (4) أو إذا كان العود بعد المدة أو عند حكم أهل الخبرة بأن العارض لا يزول (لأنه) يحتمل أن يكون (هبة من الله تعالى مجددة) والأصل البراءة من الإعادة بخلاف ما إذا عاد قبل الاستيفاء فإن الاحتمال وإن قام لكن الأصل البراءة من الأداء وعدم زوال العقل. (ولو مات قبل اليأس من عوده ففي عدم وجوب الدية إشكال) من تعارض أصلي البراءة وعدم الزوال، وأصل عدم العود. وقال أبو حمزة الثمالي لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في رجل ضرب رأس رجل بعمود فسطاط فأمه يعني ذهب عقله؟ قال: عليه الدية، قال: فإنه عاش عشرة أيام أو أقل أو أكثر فرجع إليه عقله، أله أن يأخذ الدية؟ قال: لا، قد مضت الدية بما فيها، قال: فإنه مات بعد شهرين أو ثلاثة، قال أصحابه: نريد أن نقتل الرجل الضارب؟
(1) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 253 ح 1003. (2) النهاية: ج 3 ص 445 - 447. (3) الجامع للشرائع: ص 595. (4) الجامع للشرائع: ص 594. 406 قال: إن أرادوا أن يقتلوه يردوا الدية ما بينهم وبين سنة، فإذا مضت السنة فليس لهم أن يقتلوه ومضت الدية بما فيها (1). وقوله: " أله أن يأخذ الدية " يحتمل السؤال عن المجني عليه أله أن يأخذ الدية؟ فأجاب (عليه السلام): " لا قد مضت الدية " مع ما يتعلق بها من الأحكام أو مع ما فيها الدية من الجناية أي بطلت، لظهور أن العقل لم يكن زال. ويحتمل السؤال عن ارتجاع الجاني ما أداه من الدية، فقال: لا قد مضت الدية وما يتعلق بها أو ما فيها الدية أو ما في الجناية، أي ثبتت واستقرت فلا يسترد أو أمضت الدية، أي أداؤها ما في الجناية أي حكم الجناية أداؤها، فلما أداها فقد مضى حكمها فلا يسترد، وما رجع إليه هبة مجددة. (ولو أنكر الجاني فوات العقل وادعاه) ولي (المجني عليه) أو نفسه مع عدم الإطباق وكون الدعوى حين الإفاقة أو مطلقا، لأن دعوى المجنون إنما لا يسمع لأنه مع الجنون لا عبرة بعبارته ولا يفيد شيئا، وهنا الجنون مجهول وبه تعلقت الدعوى ويستعلم بالاختبار، فإذا ظهر به الحال حكم على وفقه من غير أن يكون اعتبرت عبارة المجنون، نعم لا يلزم الحاكم الاختبار إذا كان هو المدعي مع ادعائه الإطباق أو وقوع الدعوى حين الجنون (اختبر بأن يضع الحاكم عليه قوما يراعونه) أو عدلين يراعيانه (في) حال (خلوته وأحوال غفلته، فإن ظهر) لهم بالاختبار وللحاكم بشهادتهم (اختلال حاله والاختلاف في أقواله وأفعاله) أي عدم انتظامها كما تكون قضية العقل (ثبت جنونه بغير يمين) إذ لا عبرة بيمين المجنون أو نكوله، ولا يمين على الولي إذ لا يمين على فعل الغير أو حاله. (وإن لم يظهر الاختلاف) وعدم الانتظام (في أقواله وأفعاله) إذا خلي ونفسه (فالقول قول الجاني مع اليمين).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 282 ب 7 من أبواب ديات المنافع ح 2. 407 (ولو لم يكن الجنون مطبقا بل كان) أي صار بالجناية (يجن في وقت ويفيق في وقت وجب) له (من الدية بقدره، فإن كان يجن يوما ويفيق يوما) أو يجن يومين ويفيق يومين وهكذا (فنصف الدية، وإن كان يجن يومين ويفيق يوما فثلثا الدية) وهكذا، فهو نقص من العقل مقدر، كذا في المبسوط (1) والوسيلة (2). وفي الشرائع (3): أنه تخمين وأنه لا طريق إلى تقدير النقصان فليس إلا الأرش. (ولو لم يزل العقل) ولا نقص نقصا مقدرا (ولكن اختل) فنقص نقصا لا يمكن تقديره (فصار مدهوشا يستوحش مع الانفراد ويفزع من غير شئ يفزع منه في العادة وجب حكومة بحسب ما يراه الحاكم) موافقا لفرضه مملوكا وتقويمه بحسب حالتيه وأخذ التفاوت. (وروي) عن أبي عبيدة وأبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) (أن من ضرب على رأسه فذهب عقله انتظر به سنة، فإن مات فيها قيد به، وإن بقي ولم يرجع عقله ففيه الدية) (4) وقد سمعت الروايتين وعمل بموجبهما الشيخ (5) وبنو إدريس (6) والبراج (7) وسعيد (8) وغيرهم، ولم نعرف لهم مخالفا إلا أن الصدوق (9) والمصنف والمحقق (10) اقتصروا على ذكره رواية، لأن الظاهر أن لا قود إلا مع تحقق الموت بالضربة وتحقق شروط العمد وعدم التقدير بالسنة ونحوها. قال
(1) المبسوط: ج 7 ص 126. (2) الوسيلة: ص 443. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 271. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 281 - 282 ب 7 من أبواب ديات المنافع ح 1 و 2. (5) النهاية: ج 3 ص 445. (6) السرائر: ج 3 ص 396. (7) نقله عنه في غاية المراد: ص 221 (مخطوط). (8) الجامع للشرائع: ص 594. (9) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 131 ح 5283. (10) شرائع الإسلام: ج 4 ص 272. 408 الشهيد: ولكن هذا الكلام على النص وفتاوى الأصحاب والأصح حينئذ العمل بهذه الرواية (1). قلت: والتهجم على الدم مشكل، ويمكن تنزيل إطلاقهم وإطلاق الروايتين على تقدير تحقق شروط العمد، نعم يقوى التقدير بالسنة وأنه إن مات فيها تحقق موته بالضربة. (المطلب الثاني السمع): (وفيه الدية) إجماعا كما في التحرير (2) ونطق به ما مر من خبر إبراهيم بن عمرو (3) وما فيما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام) من قوله: وفي ذهاب السمع كله ألف دينار (4). ولا تفاوت بين أصنافه المختلفة حدة وثقلا. (ولو قطع أذنيه فذهب سمعه فديتان) كما في المبسوط (5) والشرائع (6) لأصل عدم التداخل، مع عدم تناول ما مر من صحيح أبي عبيدة (7) له، لأن الجنايتين هنا متساويتان. نعم إن شجه أو جرحه وأذهب سمعه أمكن القول بالتداخل إن عمل بذلك الخبر وعديت العلة المنصوصة. (ولو حكم أهل الخبرة بعوده بعد مدة توقعت) المدة (فإن لم يعد فيها استقرت الدية، وكذا لو أيس من عوده حالة الجناية) بحكم أهل الخبرة، أو قال أهل الخبرة: يرجى عوده لكن لا إلى مدة معلومة، فانقضت ولم يعد، كما سيأتي في الإبصار. (ولو رجع في أثناء مدة الانتظار) أو بعدها على وجه (فالأرش) ولو رجع بعد الاستيفاء فالوجهان. وفي خبر سليمان بن خالد عن الصادق (عليه السلام)، قيل:
(1) غاية المراد: ج 4 ص 550. (2) التحرير: ج 5 ص 608. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 280 ب 6 من أبواب ديات المنافع ح 1. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 214 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (5) المبسوط: ج 7 ص 126. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 272. (7) تقدم آنفا. 409 فإن عثر عليه بعد ذلك أنه سمع، قال: إن كان الله عز وجل رد عليه سمعه، لم أر عليه شيئا (1). (ولو مات) قبل الاستيفاء ولم يرجع إليه سمعه (فالأقرب) وجوب (الدية) ويحتمل العدم مما تقدم. (ولو كذبه الجاني في الذهاب، أو قال: لا أعلم، اعتبر حاله عند الصياح الكثير والرعد القوي، ويصاح به عند الغفلة، فإن تحققنا صدقه حكم له) وإن لم يحلف (وإلا أحلفناه القسامة) خمسين يمينا أو ستا للوث (وحكم له). وأطلق في الكافي (2) أنه إن ارتاع بالصوت الرفيع من حيث لا يعلم فهو سميع وإلا فأصم، كما أطلق في المبسوط (3) التحليف، لاحتمال السماع والتجلد. وروي في الصحيح عن سليمان بن خالد، عن الصادق (عليه السلام) أنه قال في رجل ضرب رجلا في أذنه بعظم فادعى أنه لا يسمع، قال: يرصد ويستغفل و ينتظر به سنة، فإن سمع أو شهد عليه رجلان أنه سمع، وإلا حلفه وأعطاه الدية (4). (ولو ذهب سمع إحدى الأذنين فنصف الدية) ولو كانت إحداهما أحد من الأخرى، أو كانت الأخرى ذاهبة بسبب من الله أو بجناية أو بحق كما يقتضيه إطلاقهم. خلافا لابن حمزة (5) فأوجب الدية كاملة إن كانت الأخرى ذهبت بسبب من الله، والنصف إن كانت ذهبت بسبب من الناس. قال في المختلف: ونحن نمنع ذلك، فإن حمله على الأعور منعنا القياس لبطلانه عندنا، وان قاله لدليل طالبناه (6). (ولو نقص سمع إحداهما قيس إلى الأخرى بأن تسد الناقصة) سدا شديدا (وتطلق الصحيحة ويصاح به) أو يضرب عنده بجرس أو نحوه
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 278 ب 3 من أبواب ديات المنافع ح 1. (2) الكافي في الفقه: ص 397. (3) المبسوط: ج 7 ص 126. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 278 ب 3 من أبواب ديات المنافع ح 1. (5) الوسيلة: ص 445. (6) مختلف الشيعة: ج 9 ص 457. 410 متباعدا عنه (حتى يقول: لا أسمع، ثم يعاد عليه مرة ثانية) من جهة أخرى ببعد المقايسة بينهما وبين الجهة الأولى مسافة بالبصر (فإن تساوت المسافتان صدق، ثم تسد الصحيحة وتطلق الناقصة، ويعتبر بالصوت) متباعدا عنه (حتى يقول: لا أسمع، ثم يعتبر ثانية) كذلك (فإن تساوت المسافتان صدق) وإن اعتبر كل منهما في الجهات الأربع كان أظهر وأحوط، وبه خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (1) (ثم تمسح المسافة التي سمع فيها بالأذن الصحيحة والمسافة الأخرى، ويطالبه) أي الجاني (بتفاوت ما بين المسافتين، فإن كانت المسافة في الناقصة نصف المسافة في الصحيحة وجب نصف الدية، وعلى هذا الحساب) ففي كتاب ظريف بعد ذكر المقايسة بين العينين: وإن أصاب سمعه شئ فعلى نحو ذلك يضرب له بشئ لكي يعلم منتهى سمعه ثم يقاس ذلك (2). ونحوه فيما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام) (3) وغيرهما من الأخبار. ويضم إلى ذلك الاستظهار بالأيمان كما في النهاية (4) إذ ربما كانت إحدى الأذنين أضعف من الأخرى قبل هذه الجناية. (ولو كان) يدعى (النقصان من الأذنين معا اعتبرناه بالتجربة، بأن يوقف بالقرب منه إنسان يصيح على غفلة منه، فإن ظهر فيه تغير) يعلم به سماعه (أو قال: قد سمعت تباعد عنه وصاح على غفلة إلى أن ينتهي إلى حد لا يظهر عليه تغير، فإن قال) مع ذلك: (لم أسمع أحلف) القسامة على قدر ما يدعيه من النقص (وعلم على الموضع علامة، ثم يزيد في البعد حتى ينتهي إلى آخر موضع منه) أي البعد (يسمع مثل ذلك الصوت من هو سميع لا آفة به) في مثل سن المجني عليه (فينظركم بين المسافتين ويقسط
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 278 ب 3 من أبواب ديات المنافع ح 2. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 298 ح 1148. (3) الكافي: ج 7 ص 324 ح 9. (4) النهاية: ج 3 ص 434. 411 الدية على المسافة) الثانية (فيوجب (1)) من الدية (بقدر النقصان) ويرشد إليه خبر القداح في دعوى نقصان البصر (2) وستسمعه، ولا بد مع ذلك من الاستظهار بالأيمان كما سيأتي في البصر، لما ستعرف. (وينبغي اعتباره بالصوت من جوانبه الأربعة) لأنه أحوط وأولى، ويرشد إليه خبر أبي بصير المتقدم (3) في دعوى نقص سمع إحدى الأذنين (فإن تساوت) الجوانب الأربعة في انتهاء السماع (صدق، وإن اختلفت كذب). (ولا يقاس السمع في يوم) هبوب (ريح، ولا في المواضع المختلفة في الارتفاع والانخفاض) لعدم الانضباط حينئذ (بل يتوخى سكون الهواء والمواضع المعتدلة) قال المفيد مع ذلك: فإن اشتبه الأمر في ذلك استظهر بامتحانه مرارا، واستظهر عليه بالأيمان إن شاء الله (4). (ولو ذهب السمع كله بقطع إحدى الأذنين فدية ونصف) من غير مداخلة لإحدى الديتين في الأخرى، وعليه قس. (ولو حكم أهل المعرفة ببقاء السمع) أي القوة السامعة (إلا أنه قد وقع في الطريق ارتتاق) حجبها عن السماع (احتمل الدية، لمساواة تعطيل المنفعة زوالها (5)) في المعنى، بل لشمول الزوال له لغة، واحتمل الحكومة، لأصل البراءة، وبقاء القوة، وإن تعطلت فهو كشلل العضو. (وإذا ذهب سمع الصبي فتعطل نطقه فديتان) بناء على أن التعطيل كالزوال، وإلا فالحكومة في النطق. (المطلب الثالث الإبصار) (وفي فقده الدية) بالإجماع كما هو الظاهر والنصوص (وإن كان من
(1) في القواعد: فيؤخذ. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 283 ب 8 من أبواب ديات المنافع ح 4. (3) تقدم في ص 411. (4) المقنعة: ص 759. (5) في القواعد: لمساواة تعطل المنفعة بزوالها. 412 الأعشى والذي على عينه بياض يتمكن معه من النظر على إشكال): من عموم النصوص والفتاوى وعدم اعتبار التفاوت حدة وكلالا، ومن النقص الموجب لنقصان العوض، فإن علم مقدار النقص لزم من الدية بالحساب، وإلا نقصت حكومة. وهو خيرة المبسوط (1). أما إذا كان البياض حيث لا ينقص من الإبصار شيئا فلا إشكال في المساواة لمن ليس على عينه بياض فهو كالثؤلول على اليد. ولو أقلع الحدقتين فليس عليه إلا دية واحدة وإن استلزم إزالة البصر أيضا، لأن المنفعة تابعة للعين، وذلك بخلاف قطع الأذنين وإذهاب السمع، فإنه ليس من منفعتهما. (فإن ادعى) المجني عليه (ذهابه) وأنكره الجاني (رجع فيه إلى أهل الخبرة، فإن شهد منهم عدلان بذلك) ثبت القصاص مع التعمد إلا أن يصطلحا (أو) شهد (رجل وامرأتان إن كان خطأ أو شبه الخطأ ثبت) المدعى. (وتجب الدية إن حكم أهل الخبرة باليأس من عوده) أو رجائه بلا تقدير بمدة كما في المبسوط (2) والشرائع (3) والتحرير (4) لأ نا لو اعتبرناه أدى إلى سقوط الضمان. (وإن حكموا بعوده بعد مدة ترقبنا انقضاءها، فإن انقضت ولم يعد فالدية، وإن عاد فالأرش) وفي الصحيح أن سليمان بن خالد، سأل الصادق (عليه السلام) عن العين يدعي صاحبها أنه لا يبصر، قال: يؤجل سنة، ثم يستحلف بعد السنة أنه لا يبصر ثم يعطى الدية (5) ولو عاد قبل استيفاء الدية أو بعده فالكلام فيه كما تقدم. وفي خبر سليمان هذا عقيب ما سمعت، قال قلت: فإنه أبصر بعد؟ قال: هو شئ أعطاه الله إياه (6). ولو عاد وقد كان رجى عوده لا في مدة مضبوطة، استعيد من الدية إن استوفاها الفاضل عن الحكومة، كما في التحرير (7).
(1) المبسوط: ج 7 ص 129. (2) المبسوط: ج 7 ص 127 - 128. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 273. (4) التحرير: ج 5 ص 609 - 610. (5 و 6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 279 ب 3 من أبواب ديات المنافع ذيل الحديث 3، الفقيه: ج 4 ص 133 ح 5290. (7) التحرير: ج 5 ص 610. 413 (وإن اختلفا في عوده فالقول قول المجني عليه) للأصل (مع يمينه) واحدة. وإن شهد عدلان أو رجل وامرأتان من أهل الخبرة بالعود أو بعدمه قبل. وكذا لو مات فاختلف وليه والجاني في العود قبل الموت، فالقول قول الولي مع يمينه إن لم يكن بينة. (ولو مات قبل الانقضاء) للمدة التي حكم أهل الخبرة بالعود فيها (أو قلع آخر عينيه) قبله (فالأقرب الدية أيضا) كما في المبسوط (1). ويحتمل العدم مما تقدم. (ولو ادعى ذهاب بصره عقيب الضرب الذي يحصل معه ذلك غالبا وعيناه قائمتان) وليس من أهل الخبرة من يشهد بشئ (أحلف القسامة، وقضي له) كما نص عليه في كتاب ظريف (2) وما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام) وفيها: أن القسامة على ستة أجزاء، فإن ادعى ذهاب البصر كله حلف ستا أو حلف هو وخمسة رجال معه، وإن ادعي ذهاب سدس بصره حلف هو وحده. وإن ادعى ذهاب ثلثه حلف يمينين (3) أو هو وآخر معه وهكذا. (وروي) عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (أنه يقابل) بعينه (بالشمس، فإن بقيتا مفتوحتين صدق) فإنه لو كان كاذبا لم يتمالك من التغميض (وإلا كذب) (4) وأفتي به سلار (5) والشيخ في الخلاف، وادعى الإجماع عليه وزاد الاستظهار بالأيمان، وذكر أنه لا يمكن إقامة البينة عليه، ونسب الحكم بشهادة رجلين أو رجل وامرأة إلى الشافعي (6). ونفى في المختلف (7) البأس عن العمل به إن أفاد الحاكم ظنا.
(1) المبسوط: ج 7 ص 127 - 128. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 297 ح 1148. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 287 ب 12 من أبواب ديات المنافع ح 1. (4) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 268 ح 1053. (5) المراسم: ص 245. (6) الخلاف: ج 5 ص 235 المسألة 21. (7) مختلف الشيعة: ج 9 ص 431. 414 (ولو أزال الضوء وحكم العارفون بعوده) إلى مدة معلومة (فقلع آخر عينيه قبل مضي المدة، فإن اتفقوا) أي المجني عليه والجانيان (على أن الضوء لم يكن قد عاد) قبل القلع (فالأقرب) ما في المبسوط (1) من (أن على الأول الدية) لما مر (وعلى الثاني دية العين الفاقدة للضوء، وهي ثلث دية الصحيحة) فإنه فاقدة للضوء والأصل البراءة. ويحتمل أن لا يكون على الأول إلا الحكومة لما عرفت، ويكون على الثاني دية العين الصحيحة أو الحكومة لحكم العارفين بعود الضوء. (وإن اتفقوا على عوده) قبل القلع (فعلى الثاني الدية، وعلى الأول حكومة) وهو ظاهر. (وإن اختلفوا فادعى الأول عود البصر) لئلا يكون عليه إلا الحكومة (وأنكر الثاني) لئلا يكون عليه إلا ثلث دية الصحيحة (فإن صدق المجني عليه الأول حكم عليه في حق الأول، فلا يطالبه بأكثر من الحكومة) لأنه أقر على نفسه بأنه لا يستحق منه أكثر منها (ولا يقبل قوله على الثاني، لأن الأصل عدم عود الضوء) ولا يسمع الإقرار على الغير (وإن كذبه فالقول قوله مع اليمين) لأن الأصل معه (ويطالبه) إذا حلف (بالدية، ويأخذ من الثاني الحكومة، سواء صدق الثاني الأول أو كذبه، لأنه مع التصديق) وإن أقر على نفسه بالدية لكن (لا يدعي عليه) المجني عليه (إلا الحكومة) فلا يجوز أخذ الزائد منه. (ولو زال ضوء إحداهما ففيه نصف الدية) إلا أن يكون أعور خلقة أو بآفة من الله كما مر (وفي نقصان الضوء من العينين) أو إحداهما (جزء من الدية) أو نصفها على وفق ما نقص (ويعلم بنسبة التفاوت بين المسافة التي يشاهد منها مساويه) في السن (إذا كان صحيحا) وإن كان أعور فيكفي
(1) المبسوط: ج 7 ص 128. 415 صحة إحدى عينيه (والمسافة التي يشاهد هو منها، فإن ادعاه) أي المجني عليه التفاوت وأردنا استعلام مقدار التفاوت (اختبرناه، بأن نوقف شخصا قريبا منه ونسأله عنه، فإن عرفه وعرف لباسه أمرناه بالتباعد إلى أن ينتهي إلى موضع يدعي أنه ليس يراه فيعلم على الموضع علامة، ثم نأمره بأن يحول وجهه إلى جانب آخر، وتوقف بالقرب منه إنسانا) آخر أو ذلك الإنسان بعينه حيث (يعرفه، ثم يتباعد عنه إلى موضع يذكر بأنه يراه فيه وأنه إذا زاد البعد عنه لا يراه) وبالجملة: فلا بد في الجهتين من اعتبار آخر موضع يراه فيه وأول موضع لا يراه فيه، (فيعلم علامة على الموضع) من الجهة الثانية أيضا (ونذرع المسافة من الجهتين، فإن تفاوتت كذب) في دعواه عدم الرؤية من ذلك الموضع من الجهتين أو إحداهما، ولم يبق سبيل إلى معرفة النقصان ومقداره إلا أن يعتبر مرة أخرى فيعلم صدقه فيها، ثم إنه وإن كذب (لكن) لا يكفي ذلك في سقوط دعواه بل (يحلف الجاني على عدم الانتقاص) لاحتمال صدق المجني عليه. (وإن اتفقت) المسافة في الجهتين (صدق) في ادعائه عدم الرؤية فيهما فيترجح جانبه ويحصل اللوث (فيحلف المدعي) القسامة كما يذكره الآن فهذا الحلف هو ما يذكره من الأيمان. وإن اعتبر ذلك من أربع جهات كان الظن أقوى (ثم) إن بعد الاعتبار بما ذكره لا بعد الحلف (نقيس بعيني من لا آفة به ممن هو مثله في السن، وألزم الجاني التفاوت) بين مدى النظرين، لخبر القداح عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل قد ضرب رجلا بعصا حتى نقص من بصره فدعا برجل من أسنانه، ثم أراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دية ما انتقص من بصره (1). ثم إلزام التفاوت إنما يكون (بعد الاستظهار بالأيمان) عدد القسامة المعتبرة كما في
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 283 ب 8 من أبواب ديات المنافع ح 4. 416 المبسوط (1) والسرائر (2) والشرائع (3) لحصول اللوث بالضرب، والاعتبار، وعدم استفادة اليقين بذلك، لشدة تفاوت الأشخاص في الإبصار. (ولو ادعى النقص في ضوء إحداهما قيست إلى الأخرى) بالطريق الذي نطقت به الأخبار والأصحاب (بأن يشد (4) على الصحيحة وتطلق الناقصة و) يوضع تجاهه شئ ينظر إليه: من بيضة أو غيرها، فيؤمر بأن ينظر إليه ثم يبعد عنه إلى أن (ينظر) إليه (من بعد حتى يدعي أنه لا ينظر) أي لا يبصر (من أزيد منه) ويعلم الموضع (ثم يدار إلى جهة أخرى) ويفعل كذلك (فإن تساوت المسافتان صدق وإلا كذب) ولو اعتبر من الجهات الأربع كما في خبر معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) (5) كان أوضح. (ثم يطلق الصحيحة ويشد (6) الناقصة) ويجعل تجاهه ذلك الشئ بعينه (و) يؤمر بأن (ينظر) إليه ثم يبعد عنه حتى ينظر إليه من بعد لا يراه من أزيد منه، ويفعل ذلك من جهتين أو أربع، ويستعلم التفاوت بين مدى نظري العينين (ويؤخذ) من الجاني (التفاوت بالنسبة إلى تفاوت المسافتين) ولا بد من أن يضم إليه الاستظهار بالأيمان كما في النهاية (7) لما قلنا في السمع. (ولا يقاس عين في يوم غيم) لخبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) (8) ولضعف الضوء الذي هو شرط الرؤية (ولا في أرض مختلفة الجهات) سهولة وحزونة، أو علوا وهبوطا، لأنه يمنع من معرفة الحال. (ولو ضرب عينه فصار أعشى) أي (لا يبصر بالليل أو أجهر) أي
(1) المبسوط: ج 7 ص 128. (2) السرائر: ج 3 ص 380. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 273. (4 و 6) في القواعد: يسد. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 282 ب 8 من أبواب ديات المنافع ح 1. (7) النهاية: ج 3 ص 430. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 280 ب 5 من أبواب ديات المنافع ح 2. 417 (لا يبصر نهارا فالحكومة) فإنه نقص لا يعرف قدره ولا تقدير له شرعا. (ولو ادعى قالع العين أنها كانت قائمة) لا تبصر (وادعى المجني عليه الصحة قدم قول الجاني مع اليمين) إذا لم يعترف بالصحة زمانا بل أطلق، أو ادعى أنها كانت كذلك خلقة (لأصالة البراءة و) لا يتعذر على المجني عليه معارضته (لإمكان إقامة البينة على الصحة) فإن مثله لا يخفى على أهله وعشيرته وجيرانه ومعامليه. وأما إن اعترف الجاني بأنها خلقت صحيحة وادعي الذهاب حين الجناية، فالقول قول المجني عليه، كما في المبسوط (1) والتحرير (2) لأن الأصل معه. ويحتمل تقديم قول الجاني لأصل البراءة كما احتمل في المبسوط (3). وفي الشرائع: لو قلع عينا، وقال: كانت قائمة، وقال المجني [عليه]: كانت صحيحة، فالقول قول الجاني مع يمينه. وربما خطر أن القول قول المجني [عليه مع يمينه] لأن الأصل الصحة، وهو ضعيف، لأن أصل الصحة معارض بأصل البراءة. واستحقاق الدية أو القصاص منوط بتيقن السبب، ولا يقين هنا، لأن الأصل ظن لاقطع. انتهى (4). وهو مطلق يشمل القسمين شمولا ظاهرا وإن خصصه بعضهم بالقسم الأول ونفي الإشكال في تقديم قول المجني عليه في الثاني، وعبارة الكتاب أيضا مطلقة إلا أن قوله: لإمكان إقامة البينة على الصحة، يقوي الاختصاص بالأول. (المطلب الرابع في باقي المنافع): (وهي ستة): (الأول: في الشم الدية كاملة) بلا خلاف كما في المبسوط (5) والخلاف (6)
(1) المبسوط: ج 7 ص 129. (2) التحرير: ج 5 ص 611. (3) المبسوط: ج 7 ص 129 - 130. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 273. (5) المبسوط: ج 7 ص 131. (6) الخلاف: ج 5 ص 238 المسألة 28. 418 والغنية (1) (فإن ادعى ذهابه وكذبه الجاني عقيب الجناية امتحن بتخير الأشياء الطيبة والكريهة و) تقريب (الروائح الحادة) إليه من خلفه وهو غافل، فإن هش للطيبة ويكره للمنتنة كذب (و) إلا صدق بعد أن (يستظهر عليه بعد ذلك بالقسامة ويقضى له). (وروي) عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) (أنه يقرب منه الحراق) كغراب ورمان ما يقع فيه النار عند القدح من خرقة أو قطن (فإن دمعت عيناه ورد أنفه فهو كاذب، فيحلف الجاني، وإن بقي) على حاله (فهو صادق) وحكي عليه الإجماع في الخلاف (3) ولابد من الاستظهار بالأيمان مع ذلك. (ولو ادعى النقص) قدم قوله كما في المبسوط (4) و (استظهر بالأيمان، إذ لا طريق إلى البينة والامتحان) وحصول اللوث بالجناية (ويقضي له الحاكم بالحكومة) على ما يراه، لعدم التقدير شرعا. ونسبه المحقق إلى القيل (5). ولعله لأصل البراءة، ومخالفة حلف المدعي للأصل، فلا يقال به إلا عند اليقين به. قلت: ولكن حلف الجاني هنا مشكل، إذ لا طريق له إلى العلم بالحال فتعين تقديم قول المجني عليه. ولا بأس بالامتحان هنا قبل تحليف القسامة بمثل الامتحان في السمع والبصر، بأن يقرب إليه ذو رائحة، ثم يبعد عنه إلى أن يقول: لا أدرك رائحته في جهتين أو جهات إلى آخر ما مر، لكن لم يرد به نص ولا قال به أحد. (ولو) زال و (حكم أهل المعرفة بعوده) في مدة معينة (فعاد فالحكومة، وإلا الدية. وإن مات قبل عوده فالدية) ويحتمل الحكومة كما مر. (ولو حكموا باليأس من عوده فأخذت الدية منه ثم عاد لم تستعد، لأنه هبة من الله تعالى) كما مر غير مرة، وأطلق في المبسوط الاستعادة (6). وفي الخلاف عدمها (7).
(1) الغنية: ص 417. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 268 ح 1053. (3 و 7) الخلاف: ج 5 ص 238 المسألة 28 و 29. (4 و 6) المبسوط: ج 7 ص 132. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 274. 419 (ولو قطع الأنف فذهب الشم فديتان) لأنهما جنايتان متباينتان ذاتا ومحلا. (الثاني: في الذوق الدية) كما في السرائر (1) والوسيلة (2) والنزهة (3) قال في التحرير: لأنه منفعة واحدة في الإنسان، فيدخل تحت عموم قولهم (عليهم السلام): كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية (4). وقلت: ولما لم يعلم دخوله تحت عمومه، لأن المتبادر منه كل عضو كان واحدا لم يقطع به المحقق، وقال: يمكن أن يقال فيه الدية، إذ لا سبيل إلى معرفة زواله إلا من قبل المجني عليه. (ويرجع فيه عقيب الجناية المحتملة) لإزالته (إلى يمين المدعي، ويستظهر بالأيمان) عدد القسامة. وفي التحرير: ويجرب بالأشياء المرة المتقررة (5) المنفردة ويرجع فيه مع الاشتباه عقيب الجناية إلى دعوى المجني عليه مع الاستظهار بالأيمان (6) (فإن ادعي نقصه قضي بالحكومة) بما يراه الحاكم بعد الاستظهار بالأيمان. (الثالث: النطق وفيه الدية) كما في المبسوط (7) والنهاية (8) والخلاف (9) والسرائر (10) والوسيلة (11) والنزهة (12) والشرائع (13) لما مر من قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) بست ديات فيمن ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه وانقطع جماعه (14) وبعض ما مر في قطع اللسان وغيرهما. (وإن بقي في اللسان فائدة الذوق و) بقيت القدرة على (الحروف الشفوية والحلقية) فإنها ليست
(1) السرائر: ج 3 ص 383. (2) الوسيلة: ص 442. (3) نزهة الناظر: ص 141. (4 و 6) التحرير: ج 5 ص 612. (5) كذا في النسخ وفي التحرير: المقزة. (7) المبسوط: ج 7 ص 133. (8) النهاية: ج 3 ص 434. (9) الخلاف: ج 5 ص 242 المسألة 36. (10) السرائر: ج 3 ص 383. (11) الوسيلة: ص 449. (12) نزهة الناظر: ص 141. (13) شرائع الإسلام: ج 4 ص 265. (14) وسائل الشيعة: ج 19 ص 280 ب 6 من أبواب ديات المنافع ح 1. 420 من منفعة اللسان وإن اعتبرت في قطعه للنص والإجماع. (وفي بعض الكلام بعض الدية، ويوزع على ثمانية وعشرين حرفا، ودخل الشفوية والحلقية في التوزيع) للأخبار كقول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف المعجم، فما لم يفصح به الكلام كانت الدية بالقصاص من ذلك (1). وفي صحيح ابن سنان: إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف المعجم، فما لم يفصح به منها يؤدي بقدر ذلك من المعجم، يقام أصل الدية على المعجم كله، يعطى بحساب ما لم يفصح به منها (2). وغيرهما. وقيل (3): وهو يناقض الحكم بالدية كاملة إذا ذهب النطق وإن بقيت الحروف الشفوية والحلقية. ولا يناقضه عندي فإن بقاءها مع ذهاب النطق إنما معناه بقاء إمكان تأديتها أو تأدية بعضها مع تعذر تأدية كلام مفهوم، فذهاب النطق بمعنى ذهاب الكلام. ومحصل الكلامين: أنه إن جني على لسانه فلم يكن له كلام مفهوم فالدية وإن أمكنه النطق ببعض الحروف بحيث لا يتألف كلام مفهوم، وإن نقص كلامه فلا يقدر على بعضه وزعت الدية على جميع الحروف. فلو قدر على كلام مفهوم مؤلف من الحلقية أو الشفوية أو منهما خاصة كان كالقادر على كلام مفهوم من اللسنية، لكن لا اختصاص على هذا للشفوية والحلقية باستحقاق الذكر أولا فإنه ينبغي لزوم الدية وإن أمكنه تأدية بعض اللسنية أيضا لا بحيث يتألف كلام مفهوم. (وإن كان) قبل الجناية (لا يحسن بعض الحروف) فذهب نطقه رأسا بالجناية (فهل تنقص الدية) بالحساب (أو يكون كضعيف القوى) في المقتول والأعضاء فلا ينقص الدية، كما أنه لا فرق بين القوي والضعيف. وبين اليد القوية والضعيفة، والعين القوية الإبصار والضعيفة في لزوم الدية أو نصفها من غير
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 274 ب 2 من أبواب ديات المنافع ح 3. (2) المصدر السابق: ح 5. (3) لم نعثر عليه. 421 نقص، وكذا لا فرق في المنافع بين قويها وضعيفها، ففي ذهاب البصر أو السمع أو العقل الدية من غير فرق بين أفرادها (إشكال): من صدق ذهاب النطق بتمامه وهو منفعة كسائر المنافع فكما لا ينقص من الدية لنقصها فكذا هنا، ومن الفرق بينه وبين سائر المنافع بورود توزيعه على الحروف في النصوص والفتاوي فيمكن تقديره بها بخلاف سائر المنافع، مع أصل البراءة، ومنع ذهاب النطق بتمامه بالجناية لانتفاء بعضه أصالة وإنما ذهب بها بعضه. ويحتمل الفرق بين ما إذا كان ذهاب البعض قبل هذه الجناية بجناية أخرى استحق بها الأرش، أو خلقة، أو بآفة سماوية، أو بحق فينقص الدية في الأول خاصة. (وفي الصوت الدية كاملة) كما في كتاب ظريف (1) وما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام) (2) وفيهما: أن في الغنن والبحح الدية (3). (وهل يجب ديتان لو أبطل حركة اللسان مع بطلان الصوت؟ إشكال ينشأ: من أنهما منفعتان) متباينتان ذاتا ومحلا، فإن الصوت إنما ينشأ من الهواء الخارج من الجوف لا مدخل فيه اللسان، ولكل منهما نص على حكمه. (ومن أن) معظم (منفعة الصوت النطق) فإنما يجب في ذهابه الدية لذهاب النطق. وضعفه ظاهر. وفي التحرير: في الصوت الدية، فإن أبطل معه حركة اللسان فدية وثلثا دية اللسان إن لحقه حكم الشلل (4). (الرابع: المضغ فإذا صلب مغرس لحيته) بالجناية (فعليه الدية على إشكال): من عدم النص، ومن كونه منفعة واحدة فيدخل في العموم كما مر في الذوق. (الخامس: قوة الإمناء والإحبال فيهما) أي في ذهاب كل منهما (الدية، فإذا أصيب فتعذر عليه الإنزال حالة الجماع وجب عليه الدية) كما في المبسوط (5)
(1 و 3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 296 ح 1148. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 272 ب 1 من ديات المنافع ح 1. (4) التحرير: ج 5 ص 612. (5) المبسوط: ج 7 ص 147. 422 والنزهة (1) والشرائع (2) والنافع (3) لمثل ما مر في الذوق، ولقول الصادق (عليه السلام) في خبر سماعة: في الظهر إذا كسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة (4). وكذا إذا أصيب فتعذر عليه الإحبال وإن أنزل، لأنه منفعة واحدة، ولما يرشد إليه خبر سليمان بن خالد سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد، قال: الدية كاملة (5). وفي الإرشاد نظر ظاهر، مع أنه من كلام السائل، وفي الصحيح: أن أبا بصير سأل أبا جعفر (عليه السلام) ما ترى في رجل ضرب امرأة شابة على بطنها فعقر رحمها فأفسد طمثها، وذكرت أنها قد ارتفع طمثها عنها لذلك وقد كان طمثها مستقيما؟ قال: ينتظر بها سنة فإن رجع طمثها إلى ما كان وإلا استحلفت وغرم ضاربها ثلث ديتها لفساد رحمها وانقطاع طمثها (6). وإن أمكن افتراق الحبل والإحبال. (وفي) ذهاب (قوة الإرضاع حكومة) لعدم التقدير، والفرق بينها وبين قوة الإمناء أنها صفة لازمة للفحول بخلاف الإرضاع، فإنه يطرأ في بعض الأوقات. (ولو أبطل الالتذاذ بالجماع أو بالطعام إن أمكن) بطلانهما مع الإمناء وشهوة الطعام (فالدية) لأن كلا منهما منفعة واحدة لازمة، بل الالتذاذ بالطعام ملازم للذوق وإبطاله ملازم لإبطاله. (ولو جني على عنقه فتعذر إنزال الطعام لارتتاق منفذه وبقي معه حياة مستقرة، فقطع آخر رقبته فعلى الأول كمال الدية) كما على الثاني القصاص أو الدية أيضا، لمثل ما مر فهذه منافع خمس سردها وجعلها بمنزلة واحدة لتقارب الإنزال والالتذاذ والإحبال ثم أتبع الالتذاذ بالجماع الالتذاذ بالطعام وأتبعه ارتتاق الموضع.
(1) نزهة الناظر: ص 143. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 274. (3) المختصر النافع: ص 303. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 215 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح 7. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 284 ب 9 من أبواب ديات المنافع ح 1. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 286 ب 10 من أبواب ديات المنافع ح 1. 423 (السادس: في سلس البول الدية) لأن إمساكه منفعة عظيمة واحدة لازمة، ولخبر غياث عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام): أن عليا (عليه السلام) قضى في رجل ضرب رجلا حتى سلس بوله بالدية كاملة (1). ولضعف الخبر وما قبله نسبه المحقق إلى القيل (2) في كتابيه. وقد مر الدية في كسر البعصوص فلا يملك استه، و ضرب العجان فلا يستمسك بوله ولا غائطه. (وقيل: إن دام) السلس (إلى الليل فالدية، وإن كان إلى الظهر فالنصف، وان كان إلى ضحوة فالثلث) ولم نعرف قائله نعم في النهاية (3) والوسيلة (4) والجامع (5) والنزهة (6) والسرائر (7): إن دام إلى الليل الدية، وإلى الظهر ثلثاها، وإلى ضحوه ثلثاها. وفي بعضها ثم على هذا الحساب. والمستند خبر إسحاق قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر عن رجل ضرب رجلا فلم ينقطع بوله، قال: إن كان البول يمر إلى الليل فعليه الدية، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية، وإن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية (8). كذا في الفقيه (9) والمقنع (10). وفي الكافي (11) والتهذيب (12) قال: سأله رجل وأنا عنده عن رجل ضرب
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 285 ب 9 من أبواب ديات المنافع ح 4. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 274، المختصر النافع: ص 303. (3) النهاية: ج 3 ص 441، وفيه: " إلى ضحوه ثلث الدية ". (4) الوسيلة: ص 450، وفيه: " إلى الضحوة ثلث الدية ". (5) الجامع للشرائع: ص 594، وفيه: " إلى ضحوه ثلثها ". (6) نزهة الناظر: ص 143، وفيه: " إلى ضحوه ثلث الدية ". (7) السرائر: ج 3 ص 391، وفيه: " إلى ضحوه ثلث الدية ". (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 285 ب 9 من أبواب ديات المنافع ح 3. (9) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 142 ح 5314. (10) المقنع: ص 527. (11) الكافي: ج 7 ص 315 ح 21. (12) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 251 ح 994. 424 رجلا فقطع بوله، فقال: إن كان البول يمر إلى الليل فعليه الدية لأنه قد منعه المعيشة، وإن كان إلى آخر النهار فعليه الدية، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية، وإن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية. وحكاه في التحرير ثم قال وفي إسحاق قول، وفي الطريق إليه صالح بن عقبة، وقد ذكرنا في كتاب خلاصة الأقوال والكتاب الكبير في الرجال أنه كذاب غال، لا يلتفت إلى روايته (1). وكأن قطع بوله بمعنى قطع مجراه أو شئ منه حتى لا يستمسك، ويجوز أن يكون من التقطيع ويراد به التفريق الموجب للسلس ودوام الخروج شيئا فشيئا والشرطيتان الأولتان يحتملان الاتحاد معنى والتأكيد، و يحتملان الاختلاف بأن لا يراد في الثانية الاستمرار إلى الليل بل إلى قرب منه. (والظاهر أن المراد) بالدوام إلى الليل أو الظهر والضحوة (في كل يوم) لا في يوم أو أيام، لأن المعهود أن الدية وبعضها المقدر إنما يجب في ذهاب العضو أو المنفعة رأسا، وأن مع العود الحكومة مع أصل البراءة. (المقصد الرابع في الجراحات) أي الشجاج ونحوها. (الشجة) على نص أهل اللغة (هي الجرح المختص بالرأس أو الوجه (2)). (وأقسامها) غير الدامغة بإعجام الغين (ثمانية): كما في السرائر (3) والشرائع (4) والجامع (5) إلا أنها في الأولين كما في الكتاب. وفي الجامع: أن الحارصة هي الدامية وبعدها الباضعة ثم المتلاحمة (6) ثم كما في الكتاب. وكذا في
(1) التحرير: ج 5 ص 613. (2) المصباح المنير: ج 1 ص 305. (3) السرائر: ج 3 ص 406. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 274. (5 و 6) الجامع للشرائع: ص 600. 425 النهاية (1) والغنية (2) والإصباح (3) إلا أنه ليس فيها ذكر للدامغة. وفي المقنعة (4) والمراسم (5) وطبريات السيد (6): أنها ثمانية، ولم يتعرضوا للدامغة، ورتبوا الثمانية كما في الكتاب، إلا أنهم ذكروا الباضعة مكان المتلاحمة. والوسيلة كالنهاية وزيد فيها: أن المأمومة هي الدامغة. والفقيه (7) والتهذيب (8) وأدب الكاتب (9) كالنهاية إلا أنه لم يذكر فيها الدامية أصلا، وإنما ذكر الحارصة ثم الباضعة ثم المتلاحمة ثم كما في الكتاب. وكذا الكافي للكليني إلا أنه ليس فيه للحارصة ذكر وإنما فيه الدامية ثم الباضعة ثم المتلاحمة (10) ثم كما في الكتاب. وفي فقه اللغة للثعالبي: أنها تسعة وجعل التاسعة الجائفة وفسرها بالتي وصلت إلى جوف الدماغ والثامنة الدامغة ولم يتعرض للآمة ووسط الباضعة بين القاشرة التي هي الحارصة والدامية. وفي نظام الغريب لعيسى بن إبراهيم الربعي: أنها تسعة، وجعل التاسعة الآمة ولم يتعرض للدامغة، وجعل الباضعة بين الدامية والمتلاحمة. وفي الصحاح: أنها عشرة، تاسعها الآمة، وعاشرها الدامغة، وجعل الباضعة بين الحارصة والدامية كالثعالبي قال: وزاد أبو عبيد الدامعة بعين غير معجمة بعد الدامية. وفي القاموس: أنه زادها قبل الدامية. وفي السامي: ثلاثة عشر بالفرق بين القاشرة والحارصة، فإن القاشرة التي تذهب الجلد والحارصة التي تقطعه، وبعدهما الدامية ثم الباضعة ثم المتلاحمة، والعاشرة الآمة ثم الدامغة، وزاد المفرشة وهي الصادعة للعظم غير الهاشمة،
(1) النهاية: ج 3 ص 453. (2) الغنية: ص 419. (3) إصباح الشيعة: ص 508. (4) المقنعة: ص 765. (5) المراسم: ص 247. (6) الناصريات: ص 391. (7) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 166. (8) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 289 ب 26.. (9) أدب الكاتب: ص 154. (10) الكافي: ج 7 ص 329 وفيه: " وذكر فيها الخارصة ". 426 والجالفة التي تذهب بالجلد مع اللحم. وفي الكامل (1): أنها سبعة بإسقاط الموضحة، وإن أولها الحارصة وهي الدامية ثم الباضعة ثم المتلاحمة ثم كما في الكتاب إلا الموضحة. وقال أبو علي: أولاها الحارصة وثانيها الدامية والثالثة الباضعة والرابعة المتلاحمة والخامسة السمحاق والسادسة الموضحة والسابعة الهاشمة والثامنة المنقلة، ثم قال: والعود من الشجاج وهي التي تعود في العظم ولا تخرقه وفيها عشرون من الإبل، والآمة وهي التي تخرق عظم الرأس وتصل إلى الدماغ، و فيها ثلث الدية، وفي الجوف الجائفة، وهي التي تصل إلى جوف الرجل ولا تقتله، وفيها أيضا ثلث الدية، ومنه النافذة وهي الجائفة إذا تعدت إلى الجانب الآخر من البدن، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه في الديات: إن فيها أربعمائة وثلاثة وثلاثين دينارا وثلث دينار انتهى (2). وفي المختلف: زاد ابن الجنيد على المشهور العود وهي التي تعود في العظم ولا تخرقه وجعل ديتها عشرين من الإبل ولم يصل إلينا في ذلك حديث يعتمد عليه (3). (الأول) من أقسام الشجاج (الحارصة) والحرصة كالعرصة بإهمال الحروف (وهي التي تقشر الجلد وتخدشه) كما في المحيط وأدب الكاتب ونظام الغريب والشرائع (4) والنافع (5) قال الأزهري: وأصل الحرص القشر وبه سميت الشجة حارصة، وقيل للشره حريص، لأنه يقشر بحرصه وجوه الناس بمسألتهم وفي أكثر الكتب أنها التي تشق الجلد من قولهم: حرص القصار الثوب إذا شقه. وفي المحكم: هي التي تحرص الجلد أي تشقه قليلا، يقال حرص رأسه بفتح الراء يحرصه بكسرها حرصا بإسكانها أي شق وقشر جلده، ويظهر منه كون الشق والقشر بمعنى. وقد عرفت أن الميداني في السامي فرق بينهما وسمى التي
(1 و 2 و 3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 275. (5) المختصر النافع: ص 303. 427 تقشر القاشرة، والتي تشق الحارصة، والثعالبي في فقه اللغة لم يذكر الحارصة، وإنما جعل أول الشجاج القاشرة (وفيها بعير) وفاقا للمشهور، لقول الصادق (عليه السلام) في خبر منصور بن حازم: في الحرصة شبه الخدش بعير (1). وظاهرهم تساوي الذكر والأنثى والحر والمملوك. ونص ابن حمزة على تساوي الذكر والأنثى (2) دون الحر والمملوك، بل جعل فيه الأرش على حسب قيمته. وفي الغنية (3) والإصباح (4) والجامع (5): أن فيها عشر عشر الدية فيفرق الذكر والأنثى. وعن أبي علي: أن فيها نصف بعير (6). (وهل هي الدامية؟ قيل) في النهاية (7) والخلاف (8) والمبسوط (9) والغنية (10) والوسيلة (11) والإصباح (12) والكامل (13) والجامع (14): (نعم) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضي في الدامية بعيرا (15) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر مسمع مثله (16) مع ما عرفت من أن في الحارصة بعيرا، وهو إن لم يدل إلا على التساوي حكما لا الترادف لكنه يكفي هنا فكأنه المراد (والأقرب) المشهور (المغايرة) معنى لتغاير مبدأ اشتقاقهما، وحكما لخبر منصور بن حازم عن الصادق (عليه السلام)، للحكم فيه بأن في الحارصة بعيرا كما سمعت، وفيها بعيرين كما ستسمع.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 293 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 14. (2) الوسيلة: ص 444. (3) الغنية: 419. (4) إصباح الشيعة: ص 508. (5 و 14) الجامع للشرائع: ص 600. (6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (7) النهاية: ج 3 ص 452. (8) الخلاف: ج 5 ص 191 المسألة 57. (9) المبسوط: ج 7 ص 122. (10) الغنية: ص 419. (11) الوسيلة: ص 444. (12) إصباح الشيعة: ص 508. (13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (15) وسائل الشيعة: ج 19 ص 292 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 8. (16) المصدر السابق: ص 291 ح 6. 428 (الثاني: الدامية وهي التي يخرج معها الدم، و) لا بد من أن (تنفذ في اللحم شيئا يسيرا، ويسمى الدامعة) بإهمال العين (أيضا لأنه يخرج معها نقطة من الدم كما يخرج الدمع) والمعروف المغايرة بينهما بسيلان الدم وعدمه. ففي العين: أن الدامعة سائلة، والدامية التي تدمأ ولم تدمع بعد. ونحوه في الصحاح عن أبي عبيد وعليه الأكثر، ومنهم ابن فارس في المجمل. وقال في المقاييس: إن الأصح أن التي تسيل دما هي الدامية، فأما الدامعة فأمرها دون ذلك، لأنها التي كأنها يخرج منها ماء أحمر رقيق. ويوافقه في اعتبار السيلان في الدامية كلام الكليني (1) وأبي علي (2) والمفيد (3) والسيد في الانتصار (4) والناصريات (5) وسلار (6) وكذا كلام الحلبيين (7) مع أنهما جعلاها أول الأقسام. (وفيها بعيران) كما في المقنعة (8) والانتصار (9) والناصريات (10) والمراسم (11) والسرائر (12) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر منصور بن حازم: في الدامية بعيران (13) وسمعت القول باتحادها مع الحارصة وأن فيها بعيرا، والخبرين الناطقين به. وجعل أبو علي فيها بعيرا (14) مع حكمه بكونها ثاني الأقسام وغير الحارصة، وقد سمعت أنه جعل في الحارصة نصف بعير. (الثالث: المتلاحمة وهي التي تأخذ في اللحم وتنفذ فيه كثيرا) أزيد من نفوذ الدامية (إلا أنها تقصر عن السمحاق) فلذا يتلاحم أي يلتئم سريعا قال الأزهري: الوجه أن يقال اللاحمة (15) أي القاطعة للحم، وإنما سميت بذلك على
(1) الكافي: ج 7 ص 329. (2 و 14) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (3 و 8) المقنعة: ص 765. (4 و 9) الانتصار: ص 276. (5 و 10) الناصريات: 391. (6 و 11) المراسم: ص 247. (7) الكافي في الفقه: ص 399، الغنية: ص 419. (12) السرائر: ج 3 ص 409. (13) وسائل الشيعة: ج 19 ص 293 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 14. (15) لم نعثر عليه. 429 ما يؤول إليه أو على التفاؤل (وفيها ثلاثة أبعرة) كما في النهاية (1) والخلاف (2) والمبسوط (3) والسرائر (4) والكامل (5) والوسيلة (6) وغيرها، لخبري مسمع (7) والسكوني (8) عن الصادق (عليه السلام)، ولخبر منصور بن حازم (9) وحسن الحلبي عنه (عليه السلام): أن في الباضعة ثلاثا من الإبل (10). إن اتحدت الباضعة والمتلاحمة. وفي الكافي (11) والغنية (12) والإصباح (13) والجامع (14): أن فيها عشر عشر الدية وخمسه. وهذه العبارة أجود إذا أريد التعميم، كما قطع به في التحرير (15) (وهي الباضعة أيضا) كما ظاهر من اكتفى بإحداهما من الأصحاب ومن فسرهما بالتي تبلغ اللحم كما في المجمل أو التي تأخذ في اللحم كما في النهاية الأثيرية. (ومن جعل الدامية هي الحارصة) من الأصحاب كالشيخ (16) والقاضي (17) وابني زهرة (18) وحمزة (19) أو اقتصر على أحدهما كالصدوق (20) والمفيد (21) والحلبي (22). (حكم بتغاير الباضعة والمتلاحمة).
(1) النهاية: ج 3 ص 453. (2) الخلاف: ج 5 ص 191 المسألة 57. (3) المبسوط: ج 7 ص 122. (4) السرائر: ج 3 ص 409. (5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (6) الوسيلة: ص 444. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 291 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 6. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 292 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 8. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 293 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 14. (10) المصدر السابق: ص 291 ب 2 ح 4. (11) الكافي في الفقه: ص 400. (12) الغنية: ص 419. (13) إصباح الشيعة: ص 509. (14) الجامع للشرائع: ص 600. (15) التحرير: ج 5 ص 614. (16) الخلاف: ج 5 ص 191 المسألة 57. (17) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (18) الغنية: ص 419. (19) الوسيلة: ص 444. (20) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 166. (21) المقنعة: ص 765. (22) الكافي في الفقه: ص 400. 430 ففي النهاية بعد الحارصة: ثم الباضعة وهي التي تبضع اللحم وفيه بعيران، ثم المتلاحمة وهي التي ينفذ في اللحم وفيها ثلاثة أبعرة (1). وفي التهذيب: أن الباضعة هي التي يشق اللحم بعد الجلد، والمتلاحمة هي التي أخذت في اللحم ولم تبلغ العظم (2). وكان مراده في الكتابين واحد. ونحو ذلك في الفقيه عن الأصمعي (3) والكافي للحلبي (4) والكامل (5). فهؤلاء يجعلون الباضعة مكان الدامية قبل المتلاحمة، ويفرقون بينهما بقلة النفوذ في اللحم وكثرته، ويوافقه كلام الكليني في الفرق بينهما، إلا أنه جعل أول الأقسام الحارصة، وثانيها الدامية، والباضعة ثالثها، والمتلاحمة رابعها (6). وعلى هذا الفرق أكثر كتب اللغة. ففي أدب الكاتب بعد الحارصة، ثم الباضعة وهي التي تشق اللحم شقا خفيفا، ثم المتلاحمة وهي التي أخذت في اللحم. وفي نظام الغريب للربعي بعد الحارصة والدامية، الباضعة وهي التي أخذت في اللحم قليلا، والمتلاحمة وهي التي أخذت في اللحم أكثر من الأولى. ونحوه السامي إلا أن الباضعة فيه رابع الأقسام، والمتلاحمة خامسها، والأول القاشرة، ثم الحارصة، ثم الدامية. و في تهذيب الأزهري أبو عبيد عن الأصمعي وغيره: الباضعة من الشجاج التي يشق اللحم ويبضعه بعد الجلد وبعدها المتلاحمة. وفي الصحاح: الباضعة الشجة التي يقطع الجلد ويشق اللحم وتدمي، إلا أنه لا يسيل الدم، فإن سال فهي الدامية. والمتلاحمة الشجة التي أخذت في اللحم ولم يبلغ السمحاق فرتب الأقسام كذا القاشرة قال: وهي الحارصة، ثم الباضعة، ثم
(1) النهاية: ج 3 ص 452. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 289 ب 26. (3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 166. (4) الكافي في الفقه: ص 400. (5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (6) الكافي: ج 7 ص 329. 431 الدامية، ثم المتلاحمة، ثم السمحاق، ثم الموضحة، ثم الهاشمة، ثم المنقلة، ثم الآمة، ثم الدامغة. ونحوه في فقه اللغة للثعالبي إلا في عدد الأقسام، فقال: إذا قشرت الشجة جلد البشرة فهي القاشرة، فإذا بضعت اللحم ولم تسل الدم فهي الباضعة، فإذا بضعت اللحم وأسالت الدم فهي الدامية، فإذا عملت في اللحم الذي يلي العظم فهي المتلاحمة، فإذا بقي بينها وبين العظم جلد رقيق فهي السمحاق، فإذا أوضحت العظم فهي الموضحة، فإذا كسرت العظم فهي الهاشمة، فإذا نقلت منها العظام فهي المنقلة، فإذا بلغت أم الرأس حتى يبقى بينها وبين الدماغ جلد رقيق فهي الدامغة، فإذا وصلت إلى جوف الدماغ فهي الجائفة. وفي العين: الباضعة شجة تقطع اللحم وشجة متلاحمة بلغت اللحم. وربما توهم هذه العبارة كون المتلاحمة أخف من الباضعة، وحكي التصريح به عن محمد بن الحسن الشيباني (1) ففي المغرب: وعن محمد هي قبل الباضعة وهي التي يتلاحم فيها الدم ويسود ويحمر ولا يبضع اللحم. وفي شمس العلوم: الباضعة الشجة التي يبضع اللحم أي يقطعه، والمتلاحمة الشجة التي تبلغ اللحم ولم تبلغ السمحاق. وفي المقاييس: الشجة الباضعة هي التي تشق اللحم ولا توضح عن العظم، قال الأصمعي: هي التي تشق اللحم شقا خفيفا والشجة المتلاحمة التي بلغت اللحم وعبارتهما كعبارة العين. ويحتمل أنهم إنما عبروا ببلوغ اللحم إشارة إلى مبدأ الاشتقاق. وقال أبو علي بن الجنيد: إن الباضعة هي التي يذهب بالبضعة من الجلد أو يبضع اللحم ويقطعه (2). وقال الأزهري: قال شمر قال عبد الوهاب: المتلاحمة من الشجاج التي يشق
(1) المبسوط للسرخسي: ج 26 ص 73. (2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. 432 اللحم كله دون العظم ثم يتلاحم بعد شقها فلا يجوز فيها المسبار بعد تلاحم اللحم، قال: ويتلاحم من يومها ومن غد (1). وفي المغرب (2): أن الباضعة هي التي جرحت الجلد وشقت اللحم، والمتلاحمة التي تشق اللحم دون العظم ثم يتلاحم بعد شقها أي تتلائم وتتلاصق. (الرابع: السمحاق) بالاتفاق إلا الكليني (3) وأبي علي (4) فجعلاه الخامس كالجوهري (5) والثعالبي (6) من اللغويين. وجعله الميداني (7) سادس الأقسام، وقد سمعت الخمسة قبله ويسمى الملطى والملطاء (وهي التي تقطع جميع اللحم وتصل إلى جلدة رقيقة بين اللحم والعظم مغشية للعظم تسمى السمحاق) وما قاله الكليني: من أنها التي تبلغ العظم، لعله مسامحة، لنصه على أن السمحاق جلدة رقيقة على العظم (8) (وفيها أربعة أبعرة) بالنصوص (9) وهي كثيرة، والإجماع كما في الانتصار (10) والناصريات (11) والخلاف (12). وقال أبو علي: قد روي عن أمير المؤمنين أن فيها حقة وجذعة وابنة مخاض وابنة لبون (13). وفي الكافي (14) والغنية (15) والإصباح (16) والجامع (17): أن فيها خمس عشر الدية. وفي المقنع: أن فيها خمسمائة درهم، قال: وإذا كانت في الوجه فالدية على
(1) تهذيب اللغة: ج 5 ص 106 " مادة لحم ". (2) لا يوجد لدينا. (3 و 8) الكافي: ج 7 ص 329. (4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (5) الصحاح: ج 4 ص 1318 (مادة دمغ). (6) فقه اللغة: ص 238. (7) لا يوجد لدينا. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 290 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح. (10) الانتصار: ص 276. (11) الناصريات: ص 391. (12) الخلاف: ج 5 ص 191 المسألة 57. (13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 402. (14) الكافي في الفقه: ص 400. (15) الغنية: ص 419. (16) إصباح الشيعة: ص 509. (17) الجامع للشرائع: ص 600. 433 قدر الشين (1). (الخامس: الموضحة وهي التي تكشف عن وضح العظم) أي بياضه (وتقشر الجلدة) التي عليه وهي السمحاق ولا ثؤثر في العظم (وفيها خمسة أبعرة) بلا خلاف كما في المبسوط (2) والغنية (3) وغيرهما، والنصوص (4) به كثيرة. وفي الخلاف (5) والغنية (6) والإصباح (7) والكافي (8) والجامع (9): فيها نصف عشر الدية. وفي كتاب ظريف: في مواضح الرأس خمسون دينارا (10). وفي خبر حريز عن الصادق (عليه السلام) فيمن شج عبدا موضحة، قال: عليه نصف عشر قيمة العبد لمولاه (11). وقد عرفت أن القاضي لم يذكرها في الكامل. (السادس: الهاشمة وهي التي تهشم العظم) أي تكسره (وفيها) عشر الدية (عشرة أبعرة) بالاتفاق كما هو الظاهر وبه خبر السكوني (12) (أرباعا إن كان خطأ) بنتا مخاض وابنا لبون وثلاث بنات لبون وثلاث حقق (أو (13) أثلاثا إن كان شبيه الخطأ) ثلاث بنات لبون وثلاث حقق وأربع خلف على رواية ابن سنان (14) وعلى القول الآخر لا يتحصل التثليث، ثم ما ذكره من التربيع والتثليث موافق للمبسوط (15) والشرائع (16). ولم أظفر بخبر ينص عليه، ولعلهم
(1) المقنع: ص 512. (2) المبسوط: ج 7 ص 119. (3) الغنية: ص 419. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 290 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح. (5) الخلاف: ج 5 ص 192 المسألة 58. (6) الغنية: ص 419. (7) إصباح الشيعة: ص 509. (8) الكافي في الفقه: ص 400. (9) الجامع للشرائع: ص 600. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 223 ب 6 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 299 ب 8 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 5. (12) المصدر السابق: ص 293 ب 2 ح 15. (13) في القواعد: وأثلاثا. (14) وسائل الشيعة: ج 19 ص 146 ب 2 من أبواب ديات النفس ح 1. (15) المبسوط: ج 7 ص 121. (16) شرائع الإسلام: ج 4 ص 276. 434 حملوها على دية النفس، ويظهر الاتفاق عليه من المبسوط (1). (ويتعلق الحكم بالكسر وان لم يكن جرح) وفاقا للمبسوط (2). وخلافا للعامة حتى أن لهم في الهاشمة الخالية من الإيضاح وجهين، أحدهما: الحكومة، والآخر خمس من الإبل (3). (السابع: المنقلة) بصيغة اسم الفاعل (وهي) كما في النهاية (4) والشرائع (5) والنافع (6) والجامع (7) والنزهة (8) (التي تحوج إلى نقل العظم) من موضعه إلى غيره. وفي المقنعة (9) والمراسم (10) والناصريات (11): التي تكسر العظم كسرا يفسده فيحتاج معه الإنسان إلى نقله من مكانه. وفي الوسيلة: ما تكسر العظم وتحوج إلى النقل من موضع إلى موضع (12). وفي الغنية (13) والإصباح (14): التي يحوج مع كسر العظم إلى نقله من موضع إلى آخر. وفي المقنع: هي التي قد صارت قرحة ينتقل منها العظام (15) ولعل الكل بمعنى. وفي التهذيب (16) والفقيه عن الأصمعي: هي التي يخرج منها فراش العظام وفراش العظام قشرة تكون على العظم دون اللحم، ومنه قول النابغة: ويتبعها منهم فراش الحواجب (17). ونحوه في تهذيب الأزهري عن أبي عبيد عن الأصمعي. وفي السرائر: هي التي تخرج منها فراش العظام وفراش الرأس بفتح الفاء والراء غير المعجمة المفتوحة والشين المعجمة، وهي عظام رقاق تلي القحف وتحوج إلى نقلها من موضع إلى موضع (18).
(1) المبسوط: ج 7 ص 121. (2) المبسوط: ج 7 ص 121. (3) المجموع: ج 19 ص 66. (4) النهاية: ج 3 ص 453. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 276. (6) المختصر النافع: ص 304. (7) الجامع للشرائع: ص 600. (8) نزهة الناظر: ص 152. (9) المقنعة: ص 766. (10) المراسم: ص 247. (11) الناصريات: ص 391. (12) الوسيلة: ص 445. (13) الغنية: ص 420. (14) إصباح الشيعة: ص 509. (15) المقنع: ص 512. (16) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 289 ب 26. (17) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 166، وفيه: " ويتبعهم منها فراش.... ". (18) السرائر: ج 3 ص 407. 435 وفي العين والمحيط: أنها التي ينقل منها فراش العظام أي صغارها. ونحوها في المغرب والنهاية الأثيرية. وفي المجمل والمقاييس وشمس العلوم: أنها التي ينقل منها فراش العظام وأن فراش الرأس طرائق رقاق تلي القحف. وفي الصحاح: أنها التي ينقل العظم أي تكسره حتى يخرج منها فراش العظام وإن فراش الرأس عظام رقاق تلي القحف. وقال الكليني: هي التي تنقل العظم من الموضع الذي خلقه الله (1). وفي أدب الكاتب: أنها التي يخرج منها العظام. وفي نظام الغريب: أنها التي خرجت منها عظام صغار. وسمعت كلام الثعالبي وهو ككلامهم. (وفيها) عشر الدية ونصف عشرها (خمسة عشر بعيرا) بلا خلاف كما في الخلاف (2) والمبسوط (3) والنصوص (4) به كثيرة. وأوجب الحسن فيها عشرين بعيرا (5). وهو نادر (ولا قصاص فيها، ولا) حكومة (في الهاشمة) بلا خلاف كما في الخلاف (6) والمبسوط (7) والغنية (8) للتغرير، وتعذر المساواة غالبا وقد مر الخلاف فيهما (نعم للمجني عليه) بإحداهما مع الإيضاح (القصاص في الموضحة وأخذ دية الزائد، وهو عشرة من الإبل) في المنقلة (أو خمسة) في الهاشمة وفاقا للمبسوط (9) والشرائع (10) لوجود المقتضي وانتفاء المانع وخلافا للخلاف تمسكا بالإجماع والأخبار (11). (الثامن: المأمومة) والآمة هما كما في الفائق كعيشة راضية وسيل مفعم، بمعنى ذات أم الرأس (وهي التي تبلغ أم الرأس، وهي الخريطة الجامعة
(1) الكافي: ج 7 ص 329. (2) الخلاف: ج 5 ص 192 المسألة 58. (3) المبسوط: ج 7 ص 122. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 290 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح. (5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 428. (6) الخلاف: ج 5 ص 192 المسألة 58. (7) المبسوط: ج 7 ص 122. (8) الغنية: ص 420. (9) المبسوط: ج 7 ص 121 - 122. (10) شرائع الإسلام: ج 4 ص 276 - 277. (11) الخلاف: ج 5 ص 192 المسألة 58. 436 للدماغ، وفيها ثلث الدية) كما في أخبار أبي بصير (1) ومعاوية بن وهب (2) ومسمع (3) والشحام (4) وأبي الصباح (5) عن الصادق (عليه السلام)، والخلاف (6) والمراسم (7) والمقنع (8) والغنية (9) وغيرها فيكون فيها ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون وثلث دينار كما في كتاب ظريف (10). أو (ثلاثة وثلاثون بعيرا وثلث بعير) كما في المبسوط (11). وفي الوسيلة: ديتها على الثلث من دية النفس مغلظة في العمد ومخففة في الخطأ وبين بين في عمد الخطأ (12). وفي المقنعة فيها ثلث الدية ثلاثة وثلاثون بعيرا، أو ثلث الدية من العين أو الورق على السواء، لأن ذلك يتحدد فيه الثلث، ولا يتحدد في الإبل والبقر والغنم على السلامة في العدد (13) ونحوه في الناصريات (14). وفي النهاية أيضا: فيها ثلث الدية ثلاثة وثلاثون بعيرا، أو ثلث الدية من الغنم أو البقر أو الفضة أو الحلة (15). وفي الشرائع: فيها ثلث الدية ثلاثة وثلاثون بعيرا (16). فهؤلاء مع تصريحهم بالثلث لم يعتبروا ثلث البعير، فحملوا أخبار الثلث على التقريب في الإبل ونحوها، ويوافقه صحيح الحلبي وحسنه عن الصادق (عليه السلام) قال: والمأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل (17) ونحوه خبر زرارة (18) عنه (عليه السلام).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 292 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 9 و 10. (2) المصدر السابق: ص 293 ب 2 ح 12. (3) المصدر السابق: ص 291 ب 2 ح 6. (4 و 5) المصدر السابق: ح 5. (6) الخلاف: ج 5 ص 192 المسألة 58. (7) المراسم: ص 247. (8) المقنع: ص 512. (9) الغنية: ص 420. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 223 ب 6 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (11) المبسوط: ج 7 ص 122، بالمضمون. (12) الوسيلة: ص 445. (13) المقنعة: ص 766. (14) الناصريات: ص 391. (15) النهاية: ج 3 ص 453. (16) شرائع الإسلام: ج 4 ص 277. (17) وسائل الشيعة: ج 19 ص 291 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 4. (18) المصدر السابق: ص 292 ب 2 ح 11. 437 قال ابن إدريس: في الثامنة ثلث الدية دية النفس وهي ثلاث وثلاثون بعيرا فحسب بلا زيادة ونقصان إن كان من أصحاب الإبل، ولم يلزم أصحابنا ثلث البعير الذي يتكمل به ثلث المائة بعير التي هي دية النفس، لأن رواياتهم هكذا مطلقة، وكذلك تصنيفاتهم وقول مشايخهم وفتاويهم، وإجماعهم منعقد على هذا الإطلاق، أو ثلث الدية من العين أو الورق على السواء، لأن ذلك يتحدد فيه الثلث ولا يتحدد في الإبل والبقر والغنم (1). (أما الدامغة فهي التي تفتق الخريطة) التي هي أم الدماغ فهي بعد الآمة كما في الصحاح والمغرب وغيرهما. وبمعناه إطلاق أهل اللغة: أنها التي تبلغ الدماغ. وفي العين والمحيط: الدمغ كسر الصاقورة عن الدماغ، والصاقورة باطن القحف المشرف على الدماغ. و يمكن حمله على ذلك المعنى. ولكن الثعالبي (2) ذكرها مكان الآمة وفسرها بمعناه كما سمعت عبارته (و) بالجملة فالشجة التي تفتق الخريطة ظاهر أن (السلامة معها بعيدة) فهي توجب غالبا القصاص في النفس أوديتها (فإن فرضت) السلامة (فزيادة حكومة على دية المأمومة) لعدم التقدير شرعا (وللمجني عليه) بالمأمومة (القصاص في الموضحة والمطالبة بدية الزائد من المأمومة) كما في المبسوط (3) والشرائع (4) لما عرفت خلافا للخلاف، تمسكا بالأخبار والإجماع (5) (و) الزائد (هو ثمانية وعشرون بعيرا وثلث بعير) كما في المبسوط (6) وعلى القول الآخر يسقط الثلث. (وأما الجائفة فهي) من الجراح لا الشجاج إذ لا اختصاص لها بالرأس والوجه، فهي (التي تصل إلى الجوف) ولو بغرز إبرة كما في التحرير (7) (من أي الجهات كان، سواء كان) من رأسه ولكنه المأمومة أو الدامغة، أو (من
(1) السرائر: ج 3 ص 407. (2) فقه اللغة: ص 238. (3 و 6) المبسوط: ج 7 ص 122. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 277. (5) الخلاف: ج 5 ص 192 المسألة 58. (7) التحرير: ج 5 ص 619. 438 بطنه أو صدره أو ظهره أو جنبه، ولو من ثغرة النحر) لإمكان السلامة معها. قال في الفقيه: ومن الشجاج والجراحات الجائفة وهي التي تبلغ في الجسد الجوف وفي الرأس الدماغ (1). ولكن في المقنع: أن المأمومة هي التي قد نفذت في العظم ولم يصل إلى الجوف، فهي فيما بينهما والجائفة هي التي قد بلغت جوف الدماغ (2). وهو لفظ خبر أبي بصير (3) عن الصادق (عليه السلام). وقال الكليني: ثم الآمة والمأمومة وهي التي تبلغ أم الدماغ، ثم الجائفة وهي التي تصير في جوف الدماغ (4). وظاهرهما اختصاصها بالرأس، كما قد يظهر مما سمعته من كلام الثعالبي (5). (ولا قصاص فيها) اتفاقا كما هو الظاهر (للتغرير وفيها ثلث الدية) بلا خلاف كما في المبسوط (6) والخلاف (7) والغنية (8) والأخبار ناطقة به (9). وفي حسن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) فيها ثلاث وثلاثون من الإبل (10). وكذا في خبر زرارة (11) عنه (عليه السلام). وفي مقطوع أبي حمزة: وفي الجائفة ما وقعت في الجوف ليس فيها قصاص إلا الحكومة (12). وهو إن سلم يمكن حمله على ثلث الدية. (ولو جرح في عضو ثم أجاف لزمه ديتهما) وإن اتصلا (كما لو شق كتفه) فمد السكين (إلى أن حاذى الجنب ثم أجاف فعليه دية الجرح ودية الجائفة) وكذا إذا فعل ذلك في موضع واحد، كأن ضرب على جنبه فأوضحه مثلا ثم ضربه فأجافه، فيلزمه مع دية الجائفة أرش الموضحة، كما يقتضيه إطلاق
(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 167. (2) المقنع: ص 512. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 292 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 9. (4) الكافي: ج 7 ص 329. (5) تقدم في ص 432. (6) المبسوط: ج 7 ص 124. (7) الخلاف: ج 5 ص 232 المسألة 15. (8) الغنية: ص 420. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 290 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح. (10) المصدر السابق: ص 291 ب 2 ح 4 وليس فيه: " من الإبل ". (11) المصدر السابق: ص 293 ب 2 ح 11. (12) المصدر السابق: ص 294 ب 2 ح 18. 439 الكتاب والمبسوط (1). ويحتمل التداخل. أما إذا تعدد الجاني فعليهما الديتان قطعا. (ولو نفذت نافذة في شئ من أطراف الرجل ففيه مائة دينار على قول) ظريف (2) في كتابه، ونحوه فيما عرضه ابن فضال من كتاب علي على أبي الحسن (عليه السلام) (3) وفي كتاب ظريف أيضا: في الخد إذا كانت فيه نافذة ويرى منها جوف الفم فديتها مائتا دينار، [فإن دووي فبرئ والتأم وبه أثر بين وشين فاحش فديته خمسون دينارا، فإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار،] وذلك نصف دية التي يرى منها الفم، وإن كانت رمية بنصل نشبت في العظم حتى تنفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها، وإن كانت ثاقبة ولم تنفذ فديتها مائة دينار (4). وفيه أيضا: أن في نافذة الكف إن لم تنسد مائة دينار، وإن في نافذة الساعد خمسين دينارا (5). وقال الصادق (عليه السلام) في خبر مسمع: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في النافذة تكون في العضو ثلث الدية دية ذلك العضو (6). وقد مر حكم النافذة في الأنف. وقد يفهم من تقييد الأطراف بالرجل مخالفة المرأة له. وقد قيل (7): بأن النافذة فيها على نصف النافذة فيه كالدية. وقيل أيضا: إن في النافذة في المملوك بنسبة القيمة إلى دية الحر (8) إن نقصت. ويؤيده قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني: جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن (9).
(1) المبسوط: ج 7 ص 124. (2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 92 ح 5150. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 290 ب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 1. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 223 ب 6 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (5) المصدر السابق: ص 228 ب 11 ح 1. (6) المصدر السابق: ص 291 ب 2 ح 11، وفيه: " الناقلة ". (7) نسبه إلى البعض في مسالك الأفهام: ج 15 ص 465. (8) شرائع الإسلام: ج 4 ص 279، مسالك الأفهام: ج 2 ص 506 س 25. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 298 ب 8 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 2. 440 (ولو اشتملت الجناية على غير جرح ولا كسر كالرفس) وهو الضرب بالرجل (واللطم) وهو الضرب بالكف مفتوحة (والوكز) وهو الضرب بها مجموعة (والضرب بسوط أو عصا فأحدث انتفاخا فالحكومة) لعدم التقدير (وإن أحدث تغير لون، فإن كان احمرارا في الوجه فدينار ونصف، وإن كان اخضرارا فثلاثة دنانير، وإن كان اسودادا فستة) كما في المقنع (1) والنهاية (2) والكامل (3) والوسيلة (4) والجامع (5) والشرائع (6) والنافع (7) والخلاف (8) وفيه: الإجماع عليه. وهو خبر إسحاق بن عمار (9) عن الصادق (عليه السلام). وفي الخلاف (10) والسرائر (11) أن الرأس كالوجه. (وقيل) في المقنعة (12) والانتصار (13) والكافي (14) والغنية (15) والإصباح (16) والمراسم (17) والسرائر (18): إن الاسوداد (كالاخضرار) واحتج له في الانتصار (19) بالإجماع، وفي السرائر بأصل البراءة (20). (ولو كانت هذه التغيرات في البدن فعلى النصف) مما في الوجه كما في خبر إسحاق (21) وعليه الإجماع كما في الانتصار (22) والخلاف (23). ونسبه المحقق إلى القيل (24).
(1) المقنع: ص 523. (2) النهاية: ج 3 ص 454. (3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 408. (4) الوسيلة: ص 445. (5) الجامع للشرائع: ص 598. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 278. (7) المختصر النافع: ص 304. (8 و 23) الخلاف: ج 5 ص 262 المسألة 74. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 295 ب 4 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 1. (10) الخلاف: ج 5 ص 262 المسألة 74. (11) السرائر: ج 3 ص 410. (12) المقنعة: ص 766. (13) الانتصار: ص 276. (14) الكافي في الفقه: ص 400. (15) الغنية: ص 420. (16) إصباح الشيعة: ص 509. (17) المراسم: ص 248. (18 و 20) السرائر: ج 3 ص 410. (19 و 22) الانتصار: ص 276. (21) تقدم آنفا. (24) شرائع الإسلام: ج 4 ص 278. 441 (وهل) يعم هذا الحكم أجزاء البدن كلها ماله دية مقدرة وما ليست له حتى (ينسب العضو الذي ديته أقل) من دية النفس (كاليد) الواحدة (والرجل، بل والإصبع كنسبة البدن) حتى يكون في تغير لون كل منها نصف ما في الوجه (أو) يخص الحكم مالا دية له مقدرة من أجزاء البدن حتى ينسب الأعضاء التي دياتها أقل (كنسبة دياتها؟) إلى دية الرأس وهي دية النفس كما يأتي في الشجاج حتى يكون في اسوداد إحدى أنملتي الإبهام مثلا ثلاثة أعشار دينار، وفي اخضرارها عشر ونصف عشر، وفي احمرارها نصف عشر وربعه. (الأقرب الأول) لإطلاق الخبر (1) والفتاوي. ويحتمل الثاني حملا على الشجاج، ثم خبر إسحاق يختص بالرجل. ولذا قيل: إن كانت الجناية على المرأة فنصف المذكورات. وقيل أيضا: إنها إن كانت على المملوك فبنسبة قيمته إلى الدية إن نقصت. لكن أكثر الأصحاب أطلقوا. واستقرب بعض الأصحاب في لزوم هذه المقدرات استمرار الحمرة أو الخضرة أو السواد، فلو زالت فالحكومة. (وإن أحدث) الجناية (شللا في أي عضو كان ففيه ثلثا دية ذلك العضو) إن كانت له دية مقدرة. (وفي قطعه بعد الشلل ثلث ديته) والكل واضح. (ولو لم يكن) العضو (مقدرا) ديته (فالحكومة). (ويتساوى الوجه والرأس في دية الشجاج فيهما) فقال الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الموضحة في الوجه والرأس سواء (2) وفي خبر الحسن بن صالح الثوري: الموضحة والشجاج في الرأس والوجه سواء في الدية، لأن الوجه من الرأس (3). (فإن كانت الجراحة في عضو) آخر (له دية مقدرة ففيها) من الدية
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 295 ب 4 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 296 ب 5 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 2. (3) المصدر السابق: ح 1. 442 (بنسبة دية العضو الذي يتفق فيه) الجراحة (من دية الرأس) وهي دية النفس. (ففي) حارصة اليد مثلا نصف بعير أو خمسة دنانير، وفي (حارصة إحدى أنملتي الإبهام نصف عشر بعير، أو نصف دينار) فقال الصادق (عليه السلام) في خبر الثوري: وليست الجراحات في الجسد كما هي في الرأس (1) وفي خبر إسحاق بن عمار: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الجروج في الأصابع إذا أوضح العظم نصف عشر دية الإصبع إذا لم يرد المجروح أن يقتص (2). وفي كتاب ظريف: ولكل عظم كسر معلوم فديته، ونقل عظامه نصف دية كسره، ودية موضحته ربع دية كسره وفيه: في الترقوة فإن أوضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا، وذلك خمسة أجزاء من ديتها إذا انكسرت، فإن نقل منها العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون دينارا. وفي المنكب إن أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا، فإن نقلت منه العظام فديته مائة دينار، وخمسة وسبعون دينارا منها مائة دينار دية كسره، وخمسون دينارا لنقل العظام، وخمسة وعشرون دينارا للموضحة. ونحوه في المرفق وهو موافق لما ذكر أولا من الضابط. وفي العضد دية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها خمسون دينارا. وفي الساعد دية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها مائة دينار وذلك خمس دية اليد. وفي الكف في موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها مائة دينار وثمانية وسبعون دينارا ونصف دية كسرها. كذا في الفقيه (3) والتهذيب (4). ولعل المراد إذا اجتمع الكسر والنقل والإيضاح فالدية ذلك، مائة دينار دية كسرها، وخمسون دية النقل، وخمسة وعشرون دية الموضحة.
(1) المصدر السابق: ح 1. (2) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 290 ح 1128. (3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 79 و 83 - 85. (4) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 297 و 300 - 303 ح 1148. 443 كما في الكافي: وفي موضحة القصبة السفلى من إبهام اليد ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية نقل عظامها ستة عشر دينارا وثلثا دينار. وفي موضحة المفصل الأعلى منها أربعة دنانير وسدس دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير. وفي موضحة كل قصبة عليا من قصبات سائر الأصابع أربعة دنانير وسدس دينار، وفي نقل كل منها ثمانية دنانير وثلث، وفي موضحة القصبة الوسطى منها دينار، وفي نقل عظامها خمسة دنانير وثلث. وفي موضحة الكف خمسة وعشرون دينارا وفي نقل عظامها عشرون دينارا ونصف. وفي موضحة كل من الصدر والظهر والكتفين خمسة وعشرون دينارا (1). إلى آخر ما في كتابه، فبعضه موافق للضابط المذكور فيه أولا وبعضه مخالف، وقد قدمنا بعض ذلك. (ولو لم يكن العضو مشتملا على عظم كالذكر) واللسان والشفة والثدي (فالحكومة) في جراحاته، وإلا لزم تساوي الجراحات في الرأس وفي الذكر ونحوه مما ديته دية النفس، مع ما مر من أن الجراحات في الجسد ليست كما هي في الرأس، ولأن العظم مناط تمايز الجراحات. وقد يمنع. (و) معنى (الحكومة والأرش واحد) اصطلاحا (ومعناه أن يقوم) المجروح (لو كان عبدا) تارة و (به) أثر (تلك الجناية، و) أخرى (صحيحا، فيؤخذ من الدية) للنفس لا العضو (بنسبة التفاوت) بين القيمتين. ومن العامة (2) من يأخذ من دية العضو بالنسبة إن قدرت له دية، فالحكومة في إحدى الشفتين مثلا أن يقوم لو كان عبدا بالقيمتين فإن نقص عشر القيمة مثلا كان للمجني عليه عشر الدية عندنا لا عشر نصفها، وعند بعض العامة (3) عشر نصفها (هذا في الحر) فالعبد أصله هنا.
(1) الكافي: ج 7 ص 336. (2) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 666. (3) المصدر السابق: ص 667. 444 (وأما العبد فيقوم) تارة (صحيحا و) أخرى (معيبا) بتلك الجناية (ويأخذ مولاه) من الجاني أو مولاه أو عاقلته (قدر النقصان) بشرط عدم زيادة قيمته صحيحا على دية الحر، وإلا رد إليها فالحر أصله. (ولو لم ينقص) قيمته (بالجناية كقطع السلعة والذكر فالأقرب أخذ أرش نقصه حين الجناية) لأنها حينها في معرض السراية، فإن كان مملوكا كان لمولاه الأرش وإلا فرض مملوكا، وذلك لتحقق جناية أوجبت نقصا ولو حيا (ما لم تستغرق) الجناية (القيمة) فإذا استغرقتها فالقيمة أو الدية لا الأرش. ويحتمل أن لا يكون فيها شئ، فإن دية الجناية إنما يستقر عند الاندمال أو تحقق الموت بها، والمفروض أنه لا نقص عند الاندمال. ثم ذكر الذكر هنا للتنظير لا التمثيل، وإلا فلا شبهة أن في قطعه الدية أو القيمة، نقصت به أم لا. (وتتساوى المرأة والرجل دية وقصاصا في الأعضاء والجراح حتى تبلغ) الدية (الثلث، ثم تصير المرأة على النصف) بالنصوص (1) والإجماع وقد تقدم (سواء كان الجاني رجلا أو امرأة على إشكال في المرأة): من عموم الفتاوي وكثير من النصوص (2). وهو الأقوى. ومن أن الأصل في ديات أعضائها وجراحاتها أن يكون على النصف مطلقا قبل بلوغ الثلث وبعده، وإنما علم استثناء ما قبله إذا كان الجاني رجلا لاختصاص أكثر الأخبار به (ففي ثلاث أصابع منها ثلاثمائة) دينار (وفي أربع مائتان إن كان) قطعهن (بضربة واحدة) إذ مع التعدد لكل ضربة حكمها (وليس لها القصاص) من الرجل (فيما بلغ الثلث إلا مع الرد) للفاضل تحصيلا للمساواة كما ينص عليه حسن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في رجل فقأ عين امرأة، فقال: إن شاؤوا أن يفقؤوا عينه
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 122 ب 1 من أبواب قصاص الطرف، وص 268 ب 1 من أبواب ديات الأعضاء. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 124 ب 2 من أبواب قصاص الطرف. 445 ويؤدوا إليه ربع الدية وإن شاءت أن تأخذ ربع الدية (1). ويدل عليه غيره من الأخبار. وإن جنت المرأة على الرجل فأراد القصاص اقتصر عليه، كما قال (عليه السلام) في تمام ذلك الخبر، في امرأة فقأت عين رجل: إنه إن شاء فقأ عينها، وإلا أخذ دية عينه. (ويقتص) لها (من الرجل فيما نقص عنه) أي الثلث (من غير رد) للتساوي والأخبار (وكل عضو فيه مقدر من الرجل إما ديته) كالأنف (أو نصفها) كالعين (أو ربعها) كالجفن أو غير ذلك، وكذا المنافع وقيل الجراح كما مر (فهو بنسبته) أي المقدر (من دية المرأة والذمي وقيمة العبد والأمة، إلا أن المرأة تساويه فيما نقص عن الثلث) كما عرفت. (ومن لا وارث له) سوى الإمام (فالإمام ولي دمه، يقتص في العمد أو يأخذ الدية) يتخير بينهما. (وكذا يأخذ الدية في الخطأ) لأنه الوارث، وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقول الصادق (عليه السلام) في حسن أبي ولاد، في مسلم قتل وليس له ولي مسلم: على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه فإن شاء قتل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يسلم أحد كان الإمام ولي أمره، فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية يجعلها في بيت مال المسلمين، لأن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك يكون ديته لإمام المسلمين (2). (وهل له العفو فيهما) مجانا؟ (الأقرب المنع) وفاقا للأكثر، لأن أبا ولاد في ذلك الخبر سأله (عليه السلام) فإن عفا عنه الإمام، فقال: إنما هو حق جميع المسلمين، وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية، وليس له أن يعفو. وخلافا لابن إدريس (3) للأصل، ولأن الدية له، لأنه الوارث لا للمسلمين. ونفى عنه البأس
(1) المصدر السابق: ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 93 ب 60 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (3) السرائر: ج 3 ص 336. 446 في المختلف، قال: لكن العمل بالرواية أولى (1). ويظهر التردد من التحرير (2). وهو خلاف قليل الفائدة. (فروع) ثلاثة عشر: (الأول: لا يختلف أرش الجرح بصغره وكبره في الطول والعرض) لصدق الاسم والتعليق عليه في النصوص (3) والفتاوي (بل) إنما يختلف باختلافه (في النزول إذا خرج به عن الاسم) إلى اسم آخر، كما إذا نزلت الحارصة إلى المتلاحمة أو المتلاحمة إلى الموضحة، وإذا لم يخرج إلى اسم آخر فالاختلاف نزولا كهو طولا أو عرضا. (الثاني: إذا أوضحه موضحتين ففي كل واحدة خمس من الإبل، ولو أوصل الجاني بينهما) كما في المبسوط (4) والشرائع (5) (على إشكال) من الوحدة اسما، وأصل البراءة، وبناء فعل الواحد بعضه على بعض، كما لو قطع يديه ورجليه ثم قتله فالدية واحدة لاتحاد الجاني. ومن زيادة الجناية، وتعددها، وأصل بقاء الشغل بدية موضحتين. (أو سرتا) أو سرت إحداهما (فذهب الحاجز بينهما صارتا موضحة واحدة) فلم يكن عليه إلا خمس من الإبل. ولم يستشكل في السراية، لأنها من تتمة الجنايتين الأوليين ولا يستقر حكمهما ما لم تستقرا، وإنما استقرتا بعد السراية مع أصل البراءة. وقد استشكل فيها بناء على أنهما كانتا اثنتين والسراية زيادة فكيف تقلل الدية. (ولو كان الواصل غيره) الجاني (فعلى الأول ديتان) لموضحتين (وعلى الثاني دية) موضحة. (ولو وصلهما المجني عليه فعلى الأول ديتان، والثالثة هدر) والكل
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 298. (2) التحرير: ج 5 ص 623. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 271 ب 48 من أبواب دية الأعضاء. (4) المبسوط: ج 7 ص 109. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 275. 447 واضح مبني على عدم بناء فعل جان على فعل آخر. (فإن) اعترف الجاني أو ثبت أنه أوضحه موضحتين، لكن اختلف هو والمجني عليه في حدوث الاتحاد، فذكر المجني عليه أنه أو ثالثا وصل بينهما، و (ادعى الجاني أنه الواصل) بجناية ثالثة أو بالسراية (فالقول قول المجني عليه مع يمينه) كما في المبسوط (1) والشرائع (2) (لأن الأصل) والظاهر (ثبوت الديتين) لأن الظاهر من حدوثهما التعدد، والأصل عدم السراية أو جناية ثالثة. من الجاني (ولم يثبت المزيل) لهما، وهو وصل الجاني الأول بالسراية أو جناية ثالثة، ويمكن أن يقدم قول الجاني، لأن الأصل البراءة، ولا يستقر مقدار الدية إلا باستقرار الجناية، والأصل عدم تخلل جناية جان آخر وعدم استقرارها قبل الاتصال. (وكذا لو قطع يديه ورجليه ثم مات بعد مدة يمكن فيها الاندمال فادعى) الجاني (موته بالسراية) ليدخل دية الطرف في النفس فلا يكون عليه إلا دية واحدة (قدم قول الولي) لمثل ذلك. ويضعف هنا احتمال العكس، لأن الأصل عدم السراية وعدم الدخول في النفس. (الثالث: لو أوضحه فزادت موضحاته على عشرين وبينها حواجز وجب عليه عن كل موضحة خمس من الإبل) وإن زاد الجميع عن دية النفس. (الرابع إذا أوضح رأسه في موضعين فانخرق ما بينهما في الباطن خاصة، إما بفعله أو بسرايته وبقي ظاهر البشرة سليما فالأقرب لزوم ديتين) لبقاء التعدد اسما فإن الإيضاح إنما يتحقق بوضوح العظم وظهوره. ويحتمل الاتحاد للاتصال باطنا، وتفسير الإيضاح بوصول الجرح إلى العظم وقد وصل. وتردد في التحرير (3) وهو ظاهر المبسوط (4). (وكذا لو وصل (5) بينهما في الظاهر دون الباطن، بأن قطع بعض اللحم الظاهر ولم يصل إلى العظم) فهما موضحتان،
(1 و 4) المبسوط: ج 7 ص 120. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 275. (3) التحرير: ج 5 ص 617. (5) في القواعد: أوصل. 448 وما بينهما متلاحمة أو دامية أو سمحاق، والاتحاد هنا غير محتمل. نعم لو ضربه ضربة واحدة فجرحه جراحة طرفاها موضحتان دون الوسط فالكل موضحة واحدة. (الخامس: لو أوضحه في مواضع فجاء آخر فأوصل بين الجميع، فإن كان بموضحة واحدة، مثل أن شج رأسه شجة طويلة و (1) خرق إليها الموضحات كلها) بالضربة الأولى أو بضربة أخرى على إشكال تقدم (فعليه دية موضحة واحدة، وإلا) بل أوصل بينهما بموضحتين فصاعدا (تعددت) الدية وإن استلزم اتصال تلك الموضحات اتحاد هذه، فإن اتحادها بفعل جاني آخر. (السادس: لو أوضحه موضحة واسعة فاندمل جوانبه وبقي العظم ظاهرا سلمت له دية الموضحة) لبقاء الإيضاح (ولو اندمل) الكل (والتحم وستر العظم لكن بقي الشين والأثر فكذلك) لعموم النصوص والفتاوى. ويفهم منه عدم سلامتها إن لم يبق الأثر ولا نعرف له دليلا، وحملها على الكسر حيث فرق بين انجباره على عيب ولا عليه قياس. (السابع: لو أوضحه ثم اندملت فجاء آخر فأوضحه في ذلك الموضع أو جاء الجاني) الأول (ففعل ذلك فعليه دية أخرى) ودليله واضح. (الثامن: إذا شجه شجة واحدة واختلفت أبعادها) فأوضح بعضها مثلا دون بعض (أخذنا) منه (دية الأبعد) عمقا، لصدق اسمه مع ما عرفت من عدم الاختلاف بالصغر والكبر. ولما اتحدت الجناية لم يكن عليه إلا دية واحدة، هذا إذا كانت في عضو واحد. (ولو شجه في عضوين) اختلفت ديتاهما أو اتفقتا كاليدين مثلا (فلكل عضو دية) لجرحه (على انفراده وإن كان بضربة واحدة) ومن ذلك الرأس والقفا كما في المبسوط (2) والتحرير (3) فان اختص الأبعد كالموضحة بأحدهما كان
(1) في القواعد: أو. (2) المبسوط: ج 7 ص 120. (3) التحرير: ج 5 ص 616. 449 فيه ديته وفي الآخر دية ما دونه، وإن عمهما الموضحة مثلا كان للمجني عليه دية موضحتين لعضويه. (ولو شجه في رأسه ووجهه) شجة واحدة (ففي تعدد الدية إشكال) كما في المبسوط (1) (ينشأ من) الإشكال في (كونهما عضوا واحدا) وهو خيرة الشرائع (2) والتحرير (3). (التاسع: لو أوضحه اثنتين وهشمه فيهما واتصل الهشم باطنا فهما هاشمتان) كما في المبسوط (4) (على إشكال) كما في الشرائع (5): (لأن الهاشمة تابعة للموضحة) وإلا لم يتأخر عنها في مراتب الشجاج فهي المشتملة على الإيضاح وانكسار العظم جميعا ولا يكفي فيها الانكسار (والموضحة هنا متعددة). ومن المنع، لعدم الدخول في المفهوم لغة، ولذا قطع فيما سبق بتعلق الحكم بالكسر وان لم يكن جرح. (العاشر: لو أوضحه) موضحة (فهشمه فيها آخر ثم نقل) فيها (ثالث ثم أم رابع، فعلى الأول خمسة أبعرة، وعلى الثاني خمسة أيضا) لا عشرة، فإن العشرة إنما يجب بالهشم مع الإيضاح، إذ لو أوضح وهشم لم يكن عليه إلا العشرة، فخمسة بإزاء الإيضاح. وهو ينافي ما قدمه من تعلق الحكم بالكسر وإن لم يكن جرح، وقد نص على المنافاة في التحرير (6). (وكذا على الثالث) خمسة لا خمسة عشر (وعلى الرابع ثمانية عشر (7) كمال دية المأمومة) لا ثلاثة وثلاثون، لمثل ما عرفت. وفيه مثل ما مر. (الحادي عشر: إذا أجافه لزمه دية الجائفة، فإن جاء آخر وأدخل
(1) المبسوط: ج 7 ص 120. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 276. (3) التحرير: ج 5 ص 616. (4) المبسوط: ج 7 ص 121. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 276. (6) التحرير: ج 5 ص 618. (7) في القواعد زيادة: بعيرا وثلث بعير. 450 السكين ولم يقطع شيئا عزر) لأنه آذاه (ولا ضمان عليه) لأنه لم يجرحه. (وإن قطع) الآخر (جزء من الأعلى) أي الظاهر (أو الأسفل) أي الباطن أبانه أولا (فالحكومة) لأنه جرح لم يقدر له شئ، لخروجه عن الإجافة (وإن وسعها فيهما) أي ظاهرا وباطنا (فهي جائفة أخرى) وهو ظاهر. (فإن قطع جزء من الظاهر في جانب وجزء من الباطن في جانب) آخر بحيث لم تتسع الجائفة بتمامها وإن اتسع ظاهرها من جانب وباطنها من آخر (فالحكومة). (وكذا لو زاد في غوره) أي غور الجرح أو العضو المجروح فالحكومة، لأنه ليس من الجائفة فإنها الجرح من الظاهر بحيث يبلغ الجوف. (وكذا لو ظهر عضو من الأعضاء الباطنة كالكبد والقلب والطحال، فغرز السكين فيه فالحكومة) لأن غرزه فيه إنما كان جائفة لو لم يكن برز فغرزه من الظاهر حتى بلغه. (ولو أجافه ثم عاد الجاني فوسع الجائفة أو زاد في غوره فدية الجائفة) الواحدة لا غير (على إشكال) من تعدد الجناية، ومن كونها جائفة واحدة في الاسم وأصل البراءة. (فلو أبرز الثاني حشوته فهو قاتل) دون الأول، لعدم السلامة معه غالبا بخلاف مجرد الإجافة، فعلى الأول ثلث الدية، وعلى الثاني القود أو الدية. (ولو خيطت ففتقها آخر، فإن كانت) قبل الفتق (بحالها لم تلتئم ولم يحصل بالفتق جناية، قيل) في المبسوط (1): (لا أرش ويعزر) لأنه لم يجرحه وآذاه (والأقرب الأرش) كما في الشرائع (2) للإيلام كما في التحرير (3). وفي إيجاب الإيلام أرشا تأمل، وعليه أرش الخيوط إن نقص منها وأجرة
(1) المبسوط: ج 7 ص 124. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 278. (3) التحرير: ج 5 ص 619. 451 الخياطة مرة أخرى. (ولو) كان (التحم البعض) أي الظاهر أو الباطن من الكل أو البعض كما يعطيه عبارة التحرير ففتقه (فالحكومة، ولو كان) الفتق (بعد الاندمال) كلا أو بعضا مع فتق المندمل (فهي جائفة أخرى) وهو ظاهر. (الثاني عشر: لو أجافه في موضعين وجب عليه ديتان عن كل جائفة ثلث الدية). (ولو طعنه في صدره فخرج من ظهره فهما جائفتان على رأي) كما في الخلاف (1) والشرائع (2) لأنهما عضوان متباينان تحقق في كل منهما جائفة وهي الجرح النافذ من الظاهر إلى الباطن. وكذا لو طعنه في مقدم الرأس فأخرج من مؤخره لم يكن إلا جائفة واحدة، كما قال الشهيد: إنه ظاهر فتاوي علمائنا (3). وفي المبسوط: قوى اتحادهما، لاتحاد الجناية، وأصل البراءة، وكون الجائفة ما نفذت إلى الجوف من ظاهر، أعم (4) من أن تنفذ إلى الظاهر من جانب آخر أولا. (وكذا لو أصابه من جنبه وخرج من الجنب الآخر). (الثالث عشر: لو جرح رقبته وأنفذها إلى حلقه فعليه دية الجائفة، وكذا لو طعنه في عانته فوصل إلى المثانة) لصدق الاسم عليهما. (ولو جرح وجهه فأنفذه إلى باطن الفم فليس جائفة) وفاقا للخلاف (5) (لأن) باطن (الفم ملحق بالظاهر) وقد قدمنا أرشه عن كتاب ظريف (6) وللشافعية (7) في كونها جائفة وجهان.
(1) الخلاف: ج 5 ص 232 المسألة 15. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 278. (3) غاية المراد: ج 4 ص 562. (4) المبسوط: ج 7 ص 125. (5) الخلاف: ج 5 ص 233 المسألة 16. (6) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 297 ضمن حديث 1148. (7) المجموع: ج 19 ص 70. 452 (المقصد الخامس في دية الجنين والميت) (و) في (الجناية على البهائم) (وفيه مطالب) ثلاثة: (الأول في دية الجنين): (الجنين إن كان لحر مسلم) أو حرة مسلمة، وبالجملة: إذا كان الجنين بحكم الحر المسلم (فديته مائة دينار إن تمت خلقته ولم تلجه الروح) وفاقا للأكثر، وحكي عليه الإجماع في الانتصار (1) والخلاف (2) والسرائر (3) وظاهر المبسوط (4) وبه أخبار، كقول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن مسكان: فإذا تم الجنين كانت مائة دينار (5) وفي خبر سليمان بن صالح: فإذا كسي اللحم فمائة دينار (6). وقال الحسن: فيه الدية كاملة، لصحيح (7) أبي عبيدة عن الصادق (عليه السلام) أو عن أبيه (عليه السلام) في امرأة شربت دواء ليطرح ولدها فألقت ولدها، قال: إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فإن عليها دية تسلمها إلى أبيه (8). وقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم: إذا كان عظما شق له السمع والبصر ورتبت جوارحه فإن كان كذلك فأن فيه الدية كاملة (9). ويمكن حملهما على دية الجنين كما في غيرهما من الأخبار: من أن الدية الكاملة للجنين مائة دينار مقسومة، خمسة أجزاء: للنطفة عشرون دينارا، ثم للعلقة عشرون، ثم للمضغة عشرون، ثم للعظم عشرون، ثم إذا كسي اللحم فمائة.
(1) الانتصار: ص 264. (2) الخلاف: ج 5 ص 291 المسألة 120. (3) السرائر: ج 3 ص 416. (4) المبسوط: ج 7 ص 193. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 169 ب 21 من أبواب ديات النفس ح 1. (6) المصدر السابق: ص 238 ب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 411. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 242 ب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (9) المصدر السابق: ص 239 ب 19 ح 4. 453 ويمكن حملهما على ولوج الروح. وقال أبو علي: إذا ألقي الجنين ميتا من غير أن يتبين حياته بعد الجناية على الأم كان فيه غرة عبدا أو أمة إذا كانت الأم حرة مسلمة وقدر قيمة الغرة قدر نصف عشر الدية (1). ويوافقه في الغرة أخبار، قال الصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير: إن ضرب رجل امرأة حبلى فألقت ما في بطنها ميتا فإن عليه غرة عبد أو أمة يدفعها إليها (2). وفي خبر السكوني: قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جنين الهلالية حين رميت بالحجر فألقت ما في بطنها غرة عبد أو أمة (3). وفي خبر داود بن فرقد: جاءت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها فألقت جنينا، فقال الأعرابي: لم يهل ولم يصح ومثله يطل، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اسكت سجاعة، عليك غرة وصيف عبد أو أمة (4). وسئل (عليه السلام) في صحيح أبي عبيدة والحلبي، عن رجل قتل امرأة خطأ وهي على رأس الولد تمخض، قال: عليه خمسة آلاف درهم وعليه دية الذي في بطنها، غرة وصيف أو وصيفة أو أربعون دينارا (5). وحملها الشيخ تارة على التقية، وأخرى على جنين لم يتم خلقته (6). وأجاب في المختلف بأن: ما ذكره من الأحاديث أصح طريقا وأقوى متمسكا، لأن الحوالة فيها على أمر مقدر معلوم، بخلاف هذه الأحاديث، فإن فيها حوالة على أمر مختلف لا يجوز أن تناط به الأحكام. قال: وقد روى عبيد الله بن زرارة - في الصحيح - عن الصادق (عليه السلام)، قلت إن الغرة تكون بمائة دينار وتكون بعشرة دنانير، فقال: بخمسين. وعن إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام)، قال: إن
(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 411. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 243 ب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح 5. (3) المصدر السابق: ص 243 ح 3. (4) المصدر السابق: ص 242 ح 2. (5) المصدر السابق: ص 243 ب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح 6. (6) الاستبصار: ج 4 ص 301 ذيل الحديث 1130. 454 الغرة تزيد وتنقص لكن قيمتها أربعون دينارا. قال: ويحتمل أن يجيب الإمام (عليه السلام) بغرة قيمتها خمسون تارة وأربعون أخرى بحسب الجنايات التي وقعت وقت السؤال لا مطلقا، ولهذا اختلفت القيم، ولا يجوز التعويل في الحكم الكلي على ما هو مختلف (1). والشيخ في الخلاف (2) والأكثر على أن الدية مائة دينار (ذكرا كان أو أنثى أو خنثى) لإطلاق النصوص (3) وتخصيصها الفرق بين الذكر والأنثى بما بعد ولوج الروح ونفى الخلاف عنه في السرائر (4) وفي المبسوط (5): أن دية الأنثى خمسون دينارا. ويظهر منه اتفاقنا عليه، ولا يصح الاحتجاج له بنحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن مسكان: و إن قتلت المرأة وهي حبلى، فلم يدر أذكرا كان ولدها أو أنثى، فدية الولد نصفان نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى، وديتها كاملة (6) فإن الظاهر أنه بعد ولوج الروح لقوله (عليه السلام) قبله: وإذا تم الجنين كانت له مائة دينار فإذا أنشئ فيه الروح فديته ألف دينارا أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكرا أو كان أنثى فخمسمائة دينار. (فإن ولجته الروح فدية كاملة ألف دينار إن كان ذكرا، وخمسمائة إن كان أنثى) وذلك (مع يقين الحياة) باستهلاله أو تنفسه أو عطاسه أو ارتضاعه أو حركته في البطن أو خارجه ممتازة من حركة الاختلاج أو نحو ذلك. وقال الصادق (عليه السلام) في خبر زرارة: السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل (7) وأفتى بمضمونه الأصحاب. وقال أبو شبل له (عليه السلام): فإذا وكزها فسقط الصبي ولا يدرى أحيا كان أم لا،
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 412. (2) الخلاف: ج 5 ص 293 المسألة 124. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 237 ب 19 و 20 من أبواب ديات الأعضاء. (4) السرائر: ج 3 ص 417. (5) المبسوط: ج 8 ص 194. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 169 ب 21 من أبواب النفس ح 1. (7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 697 ب 12 من أبواب غسل الميت ح 4. 455 قال: هيهات يا أبا شبل إذا مضت خمسة أشهر فقد صارت فيه الحياة فقد استوجب الدية (1). وأفتى بمضمونه الصدوق (2). وقال الحلبيان (3): إن ديته ذلك إن خرج حيا فمات، فإن مات في بطنها فنصف ذلك. واستظهر في المختلف أن يكون المراد ما أفتى به الأصحاب (4) من تساوي الحالين. وهو بعيد جدا. ويجوز أن يكون استنبطا ذلك مما ستسمعه من خبر أبي سيار أو ابن سنان في جنين الأمة. (ولو احتمل كون الحركة) في البطن لا عن الجنين بل (عن ريح أو) كونها عن (شبهة (5) لم يحكم بالحياة) للأصل (كحركة الاختلاج) يحتمل التمثيل لشبهه والتنظير فيكون احتجاجا، والأول أقرب معنى والثاني لفظا (فإن اللحم إذا عصر شديدا ثم ترك اختلج) رجوعا إلى حالته الطبيعية بعد زوال العاصر والجنين هنا قد خرج من مسلك حرج ضيق فانعصر (والمذبوح بعد مفارقة الروح قد يختلج) لما تعرضه انتفاش أو اندماج لأسباب داخلية أو خارجية. وفيه إشارة إلى إبطال قول الزهري (6) فإنه اكتفى بالحركة، فقال: إذا كانت حركة فضربها فسكنت، ففيه غرة، لأن الظاهر قتله الجنين. (وإن كان) الجنين الذي تمت خلقته ولم تلجه الروح (لذمي فعشر دية أبيه ثمانون درهما) كما أن في جنين المسلم عشر ديته، والظاهر الاتفاق عليه كما في الخلاف (7).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 240 ب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح 6. (2) المقنع: ص 510. (3) الغنية: ص 415، الكافي في الفقه: ص 393. (4) مختلف الشيعة: ج 9 ص 418. (5) في القواعد: عن ريح وشبهة. (6) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 538. (7) الخلاف: ج 5 ص 296 المسألة 130. 456 (وروي) في خبر السكوني عن جعفر (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية (عشر دية أمه) (1) قال في التحرير: والأول أظهر (2) وهنا: (والأقرب حملها على ما لو كانت مسلمة) أي كانت ذمية فأسلمت قبل الجناية أو الإسقاط ليصح. وفيه مع ذلك أن الجنين حينئذ يصير بحكم المسلم فديته مائة دينار، إلا على القول بأن دية الأنثى خمسون. واحتمل القول بالتفصيل هنا، والفرق في جنين الذمي بين ذكره وأنثاه وحمل الخبر على الأنثى. واحتمل الحمل على حربية الأب. والأولى إطراحه، لضعفه، وترك الأصحاب له. (وإن كان) الجنين (مملوكا فعشر قيمة أمه الأمة) وفاقا للمشهور، وخبر السكوني عن الصادق (عليه السلام) (3). وفي الخلاف (4) والسرائر (5): الإجماع عليه ذكرا كان أو أنثى. وفي موضع من المبسوط: وأما إن كان الجنين عبدا ففيه عشر قيمته إن كان ذكرا، وكذلك عشر قيمته إن كان أنثى، وعندهم نصف عشر قيمة أمه (6) وفي موضع آخر إذا ضرب بطن أمه فألقت جنينا ميتا مملوكا ففيه عشر قيمة أمه ذكرا كان أو أنثى، وعند قوم غرة تامة مثل جنين الحرة، وهو الذي رواه أصحابنا (7). كذا فيما عندنا من نسخ المبسوط. وكذا حكاه ابن إدريس، وقال: هاهنا يحسن قول " أقلب تصب " بل رواية أصحابنا ما قدمه (رحمه الله) (8) وحكى في المختلف عبارة المبسوط كذا: وعند قوم اعتباره بأبيه مثل جنين الحرة وهو الذي رواه أصحابنا، ثم حكى عن ابن إدريس إنه حكى العبارة المتقدمة وقال: هاهنا يحسن قول " أقلب تصب " بل رواية أصحابنا ما قدمه وقال: وهذا تجاهل من ابن
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 246 ب 22 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (2) التحرير: ج 5 ص 624. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 245 ب 21 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (4) الخلاف: ج 5 ص 298 المسألة 133. (5) السرائر: ج 3 ص 417. (6) المبسوط: ج 7 ص 197. (7) المبسوط: ج 7 ص 205. (8) السرائر: ج 3 ص 417. 457 إدريس، وشيخنا أعرف بالروايات منه. وقد أورد منها طرفا صالحا وتأولها في كتابه على جارى عادته (1). يعني من روايات الغرة في مطلق الجنين. (ولو كانت أمه حرة) بأن أعتقت بعد الحمل ولم نتبعه إياها، أو اشترط الرقية وأجزناه (فالأقرب عشر قيمة أبيه) لأن الأصل في الولد أن يتبع الأب، وحكم الجنين الحر ذلك، خرج ما إذا كانت أمه أمة بالنص والإجماع. (ويحتمل عشر قيمة الأم على تقدير الرقية) لعموم النص والفتوى باعتبار قيمتها. وفي التحرير: الأقرب عشر دية أمه ما لم تزد على عشر قيمة أبيه (2). جمعا بين عموم النصوص والفتوى باعتبار قيمتها ورق الجنين الموجب لعدم زيادة ديته على قيمة أبيه الرقيق. قال: ولم أقف في ذلك على نص (3). (هذا كله إذا لم تلجه الروح، فإن ولجته فدية جنين الذمي) إذا كانت أمه كافرة (ثمانمائة درهم إن كان ذكرا وأربعمائة درهم إن كان أنثى، وقيمة المملوك الجنين) حين سقوطه ودليله واضح. وقال الحسن (4) وأبو علي (5): في جنين الأمة إن مات الجنين في بطنها بالجناية ففيه نصف عشر قيمة أمه وإن ألقته حيا ثم مات ففيه عشر قيمة أمه، لخبر أبي سيار كما في الكافي (6) أو عبد الله بن سنان كما في الفقيه (7) وفي التهذيب: ابن سنان عن الصادق (عليه السلام)، في رجل قتل جنين أمة لقوم في بطنها فقال: إن كان مات في بطنها بعد ما ضربها فعليه نصف عشر قيمة أمه، وان كان ضربها فألقته حيا فمات فإن عليه عشر قيمة أمه (8). والخبر ضعيف، لجهل أبي سيار، واشتمال الطريق على نعيم بن إبراهيم، مع أن
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 414 - 415. (2 و 3) التحرير: ج 5 ص 624. (4 و 5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 414. (6) الكافي: ج 7 ص 344 ح 5. (7) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 146 ح 5322. (8) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 152 ح 607، لكن فيه: عن مسمع. 458 لنا أن نقول بموجبه بأن يكون بيانا لقيمة الجنين فإن معرفتها بالرأي مشكلة. (ولو كان الحمل) على كل تقدير من التقادير المذكورة (أزيد من واحد تعددت الدية) الواجبة على ذلك التقدير بعدده، فإن كان اثنين ولم يلجهما الروح فمائتا دينار مطلقا أو إذا كانا ذكرين، وإلا فمائة أو مائة وخمسون، وإن ولجتها فديتا ذكرين إن كانا هما، أو أنثيين إن كاناهما، أو دية ذكر وأنثى إن اختلفا، وإن ولجت أحدهما دون الآخر فلكل حكمه. (ولا كفارة على الجاني) على الجنين عندنا (إلا أن تلجه الروح) فيعمه دليل وجوبها. وأوجب الشافعي (1) الكفارة فيما أوجب فيه غرة وهو ماتم خلقته. وقال أبو علي وإن حكم عليه بديات أجنة قتلهم كان عليه من الكفارة لكل جنين رقبة مؤمنة (2). وهو لا يخالف المذهب، فإن قتلهم إنما يتحقق بعد ولوج الروح فيهم. (ولو لم تتم خلقته قيل) في التهذيب (3) والاستبصار (4) وفرائض الخلاف (5) والمبسوط (6): (فيه غرة عبد أو أمة) جمعا بين أخبار الغرة - وقد سمعت بعضها - وغيرها، وينص عليه قول أحد الصادقين (عليهما السلام) في صحيح أبي عبيدة، في امرأة شربت دواء فأسقطت وإن كان جنينا علقة أو مضغة فإن عليها أربعين دينارا، أو غرة تسلمها إلى أبيه (7). وأفتى بمضمونه الحسن (8). واختلف اللغويون في تفسير الغرة، فمنهم من فسره بالعبد أو الأمة وأطلق وأنشد: كل قتيل في كليب غرة * حتى يبال القتل آل مرة
(1) المجموع: ج 19 ص 188. (2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 438. (3) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 287 ذيل الحديث 1112. (4) الاستبصار: ج 4 ص 301 ذيل الحديث 1129. (5) الخلاف: ج 4 ص 113 المسألة 126. (6) المبسوط: ج 4 ص 125. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 242 ب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 411. 459 يقول: كل قتيل ليس بكفو لكليب إنما هم بمنزلة العبيد والإماء، إلا آل مرة فإنهم أكفاء لهم (1). وعن أبي عمرو بن العلاء: لو لا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد بالغرة معنى لقال في الجنين عبد أو أمة، ولكنه على البياض فلا يقبل في دية الجنين، إلا غلام أبيض أو جارية بيضاء (2). ولم يعتبر ذلك الفقهاء. ومنهم من فسرها بالنفيس (3) المختار، واختاره الشيخ (4) (و) لذا اشترط فيها أن (لا يكون معيبا) وعد من العيوب سل الأنثيين وقطع الذكر (ولا شيخا كبيرا) وذكر عن بعض العامة عدم اشتراطه بناء على أنه يجوز أن يكون من الخيار، لعقله وفضله ونحوهما (ولا له أقل من سبع سنين) أو ثمان قال: وهو بلوغ حد التخيير بين الأبوين، قال: فإن كان لها أقل من هذا لم يقبل، لقوله (عليه السلام) في الجنين غرة عبد أو أمة. والغرة من كل شئ خياره، ومن كان لها دون هذا السن فليست من خيار العبيد. قال: وأما أعلى السن فإن كانت جارية فما بين سبع إلى عشرين وإن كان غلاما فما بين سبع إلى خمس عشرة قال وقيمتها نصف عشر دية الحر المسلم خمسون دينارا (5). قلت: ويوافقه خبر عبيد بن زرارة عن الصادق (عليه السلام) (6) وقد مر، وخبر السكوني عنه (عليه السلام) قال: الغرة يزيد وينقص ولكن قيمته خمسمائة درهم (7) إلا أن في خبر إسحاق بن عمار عنه (عليه السلام): أن الغرة يزيد وينقص، ولكن قيمتها أربعون دينارا (8). ويوافقه ما في صحيح أبي عبيدة والحلبي المتقدم ونحوه صحيح أبي عبيدة أيضا عن الصادق (عليه السلام) (9).
(1) لسان العرب: ج 5 ص 18 (مادة غرر). (2) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 541. (3) مجمع البحرين: ج 3 ص 422 (مادة غرر)، بالمعنى. (4) المبسوط: ج 7 ص 193. (5) المبسوط: ج 7 ص 196. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 244 ب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح 7. (7) المصدر السابق: ح 9. (8) المصدر السابق: ح 8. (9) المصدر السابق: ص 242 ح 1. 460 (وقيل) في المشهور (بتوزيع الدية على أحواله، فإن كان نطفة قد استقرت في الرحم فعشرون دينارا، وإن كان علقة) وهي كما في المقنعة (1) والغنية (2) والوسيلة (3) شبه المحجمة من الدم (فأربعون، وإن كان مضغة) وهي كما في المقنعة (4) والوسيلة (5) كقطعة لحم فيها كالعروق (فستون، وإن كان عظما) قال المفيد: وهو أن يكون في المضغة كالعقد والخطط اليابسة (6). وقال الحلبيان (7): وهو أن يظهر في المضغة سبع عقد. وفي الخلاف: فإن ألقت عظما فيه عقد (فثمانون) (8) وفي الانتصار قيد العظم باكتسائه اللحم (9). وروي مثله عن الرضا (عليه السلام) (10). والمراد قبل كمال الخلقة (ومع تكميل الخلقة) قبل ولوج الروح (يجب المائة). والمستند أخبار كثيرة، وفيما عرضه يونس وابن فضال على أبي الحسن (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) جعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة أجزاء، قبل أن يلج الروح فيه مائة دينار، وذلك أن الله عز وجل خلق الإنسان من سلالة وهي النطفة فهذا جزء، ثم علقة فهو جزءان، ثم مضغة ثلاثة أجزاء ثم عظم فهي أربعة أجزاء، ثم يكسى لحما حينئذ ثم جنينا فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار والمائة دينار خمسة أجزاء، فجعل للنطفة خمس المائة عشرين دينارا، وللعلقة خمسي المائة أربعين دينارا، وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين دينارا، وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانين دينارا، فإذا أنشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس ألف دينار كاملة إن كان ذكرا، وإن كان أنثى فخمسمائة دينار (11). ونحو منه مرسل
(1) المقنعة: ص 762. (2) الغنية: ص 415. (3) الوسيلة: ص 456. (4) المقنعة: ص 762. (5) الوسيلة: ص 456. (6) المقنعة: ص 763. (7) الغنية: ص 415، الكافي في الفقه: ص 393. (8) الخلاف: ج 5 ص 292 المسألة 122. (9) الانتصار: ص 264. (10) فقه الرضا (عليه السلام): ص 311. (11) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 285 ح 1107. 461 ابن مسكان عن الصادق (عليه السلام) (1). وسأل محمد بن مسلم في الصحيح أبا جعفر (عليه السلام) ما صفة خلقة النطفة التي تعرف بها؟ فقال: النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم إذا صارت فيه أربعين يوما، ثم تصير إلى علقة، قال: فما صفة خلقة العلقة التي يعرف بها؟ فقال: هي علقة كعلقة الدم المحجمة الجامدة تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوما، ثم تصير مضغة، قال: فما صفة المضغة وخلقتها التي تعرف بها؟ قال: هي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر مشبكة (2) الخبر. وفيه إجمال للعظم قبل كمال الخلقة ووجوب ثمانين فيه. (قيل) في النهاية: (وفيما بين كل مرتبة بحسابه فقيل) (3) في السرائر: (معناه بأن في كل يوم زيادة دينار في جميع المراتب، فإن النطفة تمكث عشرين يوما (4) ثم تصير علقة) في عشرين يوما أخرى، فابتدأ تحولها إلى العلقة من اليوم الحادي والعشرين (وكذا بين العلقة والمضغة، وكذا بين المضغة والعظم، وكذا بين العظم والكمال. فإذا مكثت النطفة) أحدا وعشرين يوما كان فيها أحد وعشرون دينارا، وإذا مكثت اثنين وعشرين كان فيها اثنان وعشرون، وإذا مكثت (عشرة أيام) بعد عشرين (كان فيها ثلاثون، وعلى هذا) القياس. وعبارة السرائر صريحة فيما ذكرناه، فإنها كذا: أول ما يكون نطفة وفيها بعد وضعها في الرحم إلى عشرين يوما عشرون دينارا، ثم بعد العشرين يوما لكل يوم دينار إلى أربعين يوما أربعون دينارا وهي دية العلقة، فهذا معني قولهم: وفيما بينهما بحساب ذلك (5) انتهت. فهي يوافق صحيح ابن مسلم المتقدم وغيره، كخبري سعيد بن المسيب (6)
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 169 ب 21 من أبواب ديات النفس ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 239 ب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح 4. (3) النهاية: ج 3 ص 459. (4) السرائر: ج 3 ص 416. (5) السرائر: ج 3 ص 416. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 240 ب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح 8. 462 وأبي جرير القمي (1): في أن بين كل مرتبتين أربعين يوما. فما في الشرائع (2) ونكت النهاية (3) والتحرير (4) والمختلف (5): من مخالفته الروايات، لا وجه له. نعم لا نعرف دليله على أن الأخذ في المرتبة المتأخرة في اليوم الحادي والعشرين، ولا على قسمة الدنانير على الأيام. (وروى) محمد بن إسماعيل عن يونس الشيباني وأبي شبل عن الصادق (عليه السلام): (أن لكل نقطة تظهر في النطفة دينارين، وكلما صار في العلقة شبه العرق من اللحم يزداد دينارين) قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فإن خرج في النطفة قطرة دم؟ قال: القطرة عشر النطفة فيها اثنان وعشرون دينارا، قلت: فإن قطرت قطرتان؟ قال: أربعة وعشرون دينارا، قلت: فإن قطرت ثلاثة؟ قال: فستة وعشرون دينارا، قلت: فأربع؟ قال: ثمانية وعشرون دينارا وفي خمس ثلاثون، وما زاد على النصف فعلى حساب ذلك حتى تصير علقة، فإذا صارت علقة ففيها أربعون. وقال محمد بن إسماعيل حضرت يونس الشيباني، وأبو عبد الله (عليه السلام) يخبره بالديات، فقلت له: فإن النطفة خرجت متخضخضة بالدم؟ قال: قد علقت إن كان دم صاف ففيه أربعون دينارا، وإن كان دم أسود فلا شئ عليه إلا التعزير، لأنه ما كان من دم صاف فذلك للولد، وما كان من دم أسود فإنما ذلك من الجوف. قال أبو شبل: فإن العلقة صار فيها شبه العروق من لحم؟ قال: اثنان وأربعون العشر، قال: قلت: فإن عشر الأربعين أربعة؟ قال: لا إنما هو عشر المضغة لأنه إنما ذهب عشرها، فكلما زادت تزيد حتى يبلغ الستين قال: قلت: فإن رأيت في المضغة شبه العقدة عظما يابسا، قال: فذاك عظم كذلك أول ما يبتدئ العظم فيبتدئ بخمسة أشهر ففيه أربعة دنانير، فإن زاد فزد أربعة أربعة حتى يتم
(1) المصدر السابق: ص 241 ح 9. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 281 - 282. (3) نكت النهاية: ج 3 ص 459. (4) التحرير: ج 5 ص 626. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 417. 463 الثمانين، قال: قلت: وكذلك إذا كسي العظم لحما؟ قال: كذلك (1). وبه فسر المحقق في النكت (2) قول الشيخ: إن فيما بين ذلك بالحساب. وعليه فتوى المقنع (3). ولم يذكر الأصحاب هذه المراتب في جنين الأمة. فيحتمل أن يكون فيه العشر مطلقا، لإطلاق الخبر والفتوى. ويحتمل التوزيع خمسة أجزاء حتى يكون في النطفة خمس عشر قيمة الأم، وفي العلقة خمساه، وهكذا. ويبعد أن يكون في النطفة عشرون دينارا وفي العلقة أربعون دينارا وهكذا كالجنين الحر، للزوم زيادة ديات هذه المراتب على دية الجنين التام إن نقص عشر قيمة الأم، ومثله القول في جنين الذمي. (ولو قتلت المرأة فمات معها الجنين وقد ولجته الروح فللمرأة ديتها، وعليه نصف دية ذكر، ونصف دية أنثى للجنين إن لم تعلم الذكورة ولا الأنوثة) وفاقا للمشهور، وفي الخلاف (4) الإجماع عليه. وبه قضي أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما عرضه يونس وابن فضال على أبي الحسن (عليه السلام) (5) ورواه ابن مسكان عن الصادق (عليه السلام) (6). (وإن علم أحدهما لزمته ديته). (وقيل) في السرائر (7): (القرعة مع الجهل) لأنها مجمع عليها في كل أمر مشكل، وهذا من ذاك. قال في المختلف: وإذا كانت الروايات متطابقة على هذا الحكم، وأكثر الأصحاب قد صاروا إليها، فأي مشكل بعد ذلك في هذا الحكم حتى يرجع إليها ويعدل عن النقل وعمل الأصحاب؟ ولو استعملت القرعة في ذلك استعملت في
(1) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 284 ح 1105. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 458. (3) المقنع: ص 509 - 510. (4) الخلاف: ج 5 ص 294 المسألة 125. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 218 ب 2 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 169 ب 21 من أبواب ديات النفس ح 1. (7) السرائر: ج 3 ص 417. 464 جميع الأحكام، لأ نا إذا تركنا النصوص، بقيت مشكلة هل التحريم ثابت أم لا؟ وكذا في باقي الأحكام (1). (ولو ألقته المرأة مباشرة أو تسبيبا فعليها الدية لورثته غيرها) كما نص عليه صحيح أبي عبيدة عن الصادق (عليه السلام) فيمن شربت ما أسقطت به قال: فهي لا ترث من ولدها من ديته؟ قال: لا، لأنها قتلته (2). (فإن ألقته بتفزيع (3) مفزع فالدية على المفزع) إن تعمد كما في خبر داود ابن فرقد عن الصادق (عليه السلام) قال: جاءت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها فألقت جنينا، فقال الأعرابي: لم يهل ولم يصح ومثله يطل، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اسكت سجاعة، عليك غرة وصيف عبد أو أمة (4). وإن أخطأ فعلى العاقلة، كما مر من قضية امرأة أفزعها عمر فأسقطت. (ومن أفزع مجامعا فعزل فعلى المفزع دية ضياع النطفة) وهي (عشرة دنانير) بالإجماع كما في الانتصار (5) والخلاف (6) وفيما عرضه يونس وابن فضال على أبي الحسن (عليه السلام): أفتى (عليه السلام) في مني الرجل يفزع عن عرسه فعزل عنها الماء ولم يرد ذلك نصف خمس المائة عشر دنانير، وإن أفزع فيها عشرين دينارا (7). (فإن عزل المجامع اختيارا فالدية لها عليه إن كانت) زوجته وكانت (حرة ولم تأذن) كما في المقنعة (8) وديات النهاية (9) والخلاف (10)
(1) مختلف الشيعة: ج 9 ص 418. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 242 ب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (3) في القواعد: بتخويف. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 242 ب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (5) الانتصار: ص 265. (6 و 10) الخلاف: ج 5 ص 293 المسألة 123. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 237 ب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. (8) المقنعة: ص 763. (9) النهاية: ج 3 ص 463. 465 والمهذب (1) والكافي (2) والغنية (3) والوسيلة (4) والإصباح (5) ونكاح الشرائع (6) لثبوت الدية على مفوتها ولا فرق بين مفوت ومفوت، وظاهر الخلاف (7) الإجماع عليه، ونسب في الجامع (8) إلى رواية، وكذا في السرائر (9) مع الحكم بالشذوذ وعدم الالتفات إليها، للأصل، وكراهة العزل لا حرمته. قال في المختلف: ولا امتناع في كراهة ذلك وإيجاب الدية للزوجة. قال: والوجه الحمل على الاستحباب (10). وهو خيرة ديات النافع (11) والشرائع (12) وقد مر في النكاح الخلاف في كراهة العزل أو حرمته. (ولو أذنت أو كانت أمة) وإن كانت زوجة له (فلا شئ) لها إجماعا كما هو الظاهر. (ويرث دية الجنين وارث المال) منه لو كان حيا وملك شيئا ثم مات (الأقرب فالأقرب) بترتيب الورثة في غيرها بالإجماع، كما في الخلاف (13). وقال الليث بن سعد: لا يرثها إلا الأم لأنه بمنزلة عضو منها (14). (ودية أعضائه) أي الجنين (وجراحاته) يعتبر (بالنسبة إلى ديته) كغيره كما ينص عليه ما عرضه يونس وابن فضال على أبي الحسن (عليه السلام) من قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الذكر والأنثى والرجل والمرأة كاملة، وجعل له في قصاص جراحته ومعقلته على قدر ديته وهي مائة دينار (15) (ففي يده بعد الكمال قبل
(1) المهذب: ج 2 ص 510. (2) الكافي في الفقه: ص 392. (3) الغنية: ص 415. (4) الوسيلة: ص 456. (5) إصباح الشيعة: ص 501. (6) شرائع الإسلام: كتاب النكاح ج 2 ص 270. (7) الخلاف: ج 5 ص 293 المسألة 123. (8) الجامع للشرائع: ص 603. (9) السرائر: ج 3 ص 418. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 420 - 421. (11) المختصر النافع: ص 305. (12) شرائع الإسلام: ج 4 ص 282، وفيه: " أشبهه أنه لا يجب ". (13) الخلاف: ج 5 ص 294 المسألة 126. (14) المجموع: ج 19 ص 61. (15) الوسائل: ج 19 ص 237 ب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. 466 أن تلجه الروح خمسون دينارا) وفي يديه مائة وهكذا. وأما قبل تمام الخلقة فلا أعضاء له متمايزة ولا نص من خبر أو فتوى على حكمه إذا جنى عليه فنقص منه شئ حتى إذا تمت خلقته كان ناقصا عضوا مع العلم بتسبب الجناية لذلك إن أمكن، ويمكن القول باعتباره بالنسبة إلى ديته حينئذ، ففي يده إذا كان له عظم أربعون دينارا. و لعل العلم بذلك غير ممكن، والأصل البراءة. وأما ما يشبه الجرح فيه فكأنه لا حكم له. (فروع) أربعة عشر: (الأول يتعلق بكل إلقاء مما سبق من النطفة على رأي) الشيخ في النهاية (1) والعامة (2) (أو العلقة أو المضغة أو العظم أو الجنين) الكامل قبل ولوج الروح وبعده (أمور ثلاثة: وجوب الدية، وانقضاء العدة) لغير الموت (و) انكشاف (صيرورة الأمة أم ولد) قبله. وفائدة الأخيرة فيما قبله (فيتسلط المالك على إبطال ما تقدم من التصرفات الممنوعة بالاستيلاد) من بيعها ونحوه أي إظهار بطلانها. (وفي) ظهور (كون الأمة بوضع النطفة أم ولد نظر) تقدم في الاستيلاد للأصل وعدم العلم باستعدادها لنشوء الولد. (الثاني: تعتبر قيمة المجهضة) إذا كانت أمه أسقطت بالجناية (عند الجناية) كما في الخلاف (3) والمبسوط (4) لأنها المثبتة لدية الجنين في الذمة (لا وقت الإلقاء) مع احتماله بعيدا الاستقرار. (الثالث: لو خفي على القوابل وأهل المعرفة كون الساقط مبدأ نشوء لأنه إنسان فالأقرب) أن للأم (حكومة باعتبار الألم بالضرب) وتحقق نقص فيها بذلك يوجب النقص في القيمة لو كانت أمة. ويحتمل العدم، للأصل، وعدم إتلاف شئ من أعضائها أو منافعها.
(1) النهاية: ج 3 ص 458. (2) الحاوي الكبير: ج 12 ص 385. (3) الخلاف: ج 5 ص 298 المسألة 135. (4) المبسوط: ج 7 ص 205. 467 (ولا يجب بالإلقاء شئ) قطعا، للأصل (وإنما يجب مع حكم أهل الخبرة بكونه مبدأ نشوء إنسان). (الرابع: لا يجب بضرب المرأة شئ غير) القصاص على قول تقدم و (دية الجنين، إلا أن تموت) هي أيضا بالضرب (أو يخرج (1) شيئا من جسده، أو يؤثر أثرا يوجب أرشا) كإحالة اللون (إذ لا شئ في الإيلام المجرد سوى التعزير) وخصوصا الألم الحاصل عند الإسقاط إن حصل، فإنه لا يمكن اقتصاصه. (الخامس: لو ضرب الذمية فألقته بعد إسلامها فعليه دية جنين المسلم، لأن الجناية مضمونة، واعتبارها بعد استقرارها) على ما تقدم كما إذا جرح النصراني فأسلم ثم مات. (ولو كانت) المضروبة (حربية فأسلمت ثم ألقته بعد فلا ضمان) لأن الجناية لم يقع مضمونة. (ولو كانت أمة فأعتقت) وقلنا بتبعية الحمل في العتق ولم يكن ولجته الروح (ثم ألقته) ضمن دية الجنين الحر (فللمولى عشر قيمة أمه يوم الجناية، والزائد بالحرية لورثة الجنين) إن زادت ديته بالحرية، وهو لازم إن كان الجنين ذكرا، وكذا إن كان أنثى على المختار، وعلى التفصيل إن كان قيمة الأم أقل من خمسمائة دينار. (وقيل) في المبسوط (2): (للمولى أقل الأمرين من عشر قيمة الأم (3) يوم الجناية، أو الدية) للجنين وهي مائة دينار (لأن العشر إن كان أقل فالزيادة بالحرية لوارث الجنين لا للمولى) لأنها زيادة في غير ملكه (وإن كانت الدية أقل فهي له، لأن حقه نقص بالعتق) فكأنه قد جنى بالعتق على
(1) في القواعد: يجرح. (2) المبسوط: ج 7 ص 198. (3) في القواعد: الأمة. 468 حقه (وهو بناء على القول بالغرة) كما نص عليه الشيخ (1) لكن إن لم يعين قيمة الغرة بخمسين دينارا كما عينها بها (أو على تجويز زيادة جنين الأمة على جنين الحرة) في الدية بناء على قول العامة (2) بعدم رد قيمة المملوك إلى دية الحر إن زادت عليها. واعلم أن ذهاب الشيخ إلى ذلك غير معلوم، فإنه لم يذهب في المبسوط في الجنين التام الحر، إلا إلى مائة دينار (3). ثم قال: إذا ضرب بطن نصرانية ثم أسلمت ثم ألقت جنينا ميتا فكان الضرب وهي نصرانية وهو نصراني، والإسقاط وهي وجنينها مسلمان، أو ضرب بطن أمة ثم أعتقت ثم ألقت الجنين فكان الضرب وهما مملوكان، والإسقاط وهما حران فالواجب فيه غرة عبد أو أمة قيمتها خمسون دينارا، وعندنا مائة دينار، لأن الجناية إذا وقعت مضمونة ثم سرت إلى النفس كان اعتبار الدية بحال الاستقرار، ثم قال: فإذا تقرر أن الواجب فيه غرة عبد أو أمة أو مائة دينار على مذهبنا كما يجب في المسلم الأصلي والحر الأصلي فإن للسيد من ذلك أقل الأمرين من عشر قيمة أمه أو الغرة فإن كان عشر قيمة أمه أقل من الدية فليس له إلا عشر قيمة أمه، لأن الزيادة عليها بالعتق والحرية ولا حق له فيما زاد بالحرية لأنها زيادة في غير ملكه، وإن كانت دية الجنين أقل من عشر القيمة كان له الدية كلها لأنه قد نقص حقه بالعتق فكأنه قد جنى بالعتق على حقه فنقص فلهذا كان له الدية انتهى (4). ولما قصر الأقل على الأقل من العشر والغرة احتمل أن يكون بيانا لقول المخالف القائل بالغرة، وعبارة الكتاب أيضا ليست صريحة في ذهابه إليه، بل يمكن أن يكون بناؤه على أحد الأمرين إبانة عن أنه ليس مذهبا له، وإن لم يتم خلقة الجنين فإن كان فيه العشر أيضا كان على الجاني ما في جنين الحر، وهو قد
(1) المبسوط: ج 7 ص 194. (2) الحاوي الكبير: ج 12 ص 396. (3) المبسوط: ج 7 ص 193. (4) المبسوط: ج 7 ص 197 - 198. 469 يزيد على العشر وقد ينقص وربما يتساويان، فعلى الأولين للمولى أقل الأمرين من العشر أو عشرين دينارا مثلا، وإن وزعناه على المراتب الخمس فللمولى في النطفة مثلا خمس عشر قيمة أمه الأمة، وما زاد من تتمة العشرين دينارا إن زادت عليه لورثة الجنين، ولا يصح القول بأقل الأمرين حينئذ إلا على القول بالغرة أو عدم رد القيمة إلى دية الحرة. (ولو كان أحد الأبوين ذميا والآخر وثنيا، فإن كان الذمي هو الأب فهو مضمون) بما مر قطعا (وإلا فإشكال): من أصل البراءة وانتساب الأولاد إلى الآباء وكون الكفر ملة واحدة، ومن احتمال تبعية الولد لأشرف الأبوين. (السادس: لو ضرب بطن مرتدة فألقت جنينا، فإن كان الأب مسلما وجب الضمان) كما يضمن الجنين المسلم حكما، لأنه كذلك (وكذا لو كان أحدهما مسلما حال خلقته) نطفة أو بعدها (وإن تجدد الحمل بعد ارتدادهما معا فلا ضمان إن كان الجاني مسلما، وإن كان ذميا) أو حربيا (ضمن) لأنه محقون بالنسبة إليه. (السابع: لو كان الجنين رقيقا وانفصل ميتا) أي لم تلجه الروح ولا حاجة إلى قيد الانفصال (وجب عشر قيمة الأم سواء كان مسلما) حكما (أو كافرا، لأن المضمون هو المالية) لا انهتاك حرمة المجني عليه (وكذا لو قتل مسلم (1) عبدا حربيا لمسلم) أو ذمي أو مستأمن (فالأقرب) وجوب (القيمة) لذلك. ويحتمل عدم ضمان شئ فيه وفي الجنين، لعدم حقن الشرع له، وهو إنما يسلم باعتبار التالف نفسه لا من تلف منه. (ولا فرق في جنين الأمة بين الذكر والأنثى كجنين الحرة) إجماعا كما في الخلاف (2).
(1) لم يرد في القواعد. (2) الخلاف: ج 5 ص 298 المسألة 133. 470 (ولو تعدد جنين الأمة فعن كل واحد عشر قيمة أمه) إن تما ولم تلجهما الروح، وإن اختلفا فلكل حكمه. (ولو ألقت جنينا حال رقها وآخر بعد عتقها بالجناية السابقة وجب في الأول عشر قيمة الأم للمولى، وكذا في الآخر) للمولى عشر قيمة الأم (والزائد وهو التفاوت بين عشر قيمة الأم وعشر الدية) للحر المسلم أو للحرة إن كان الجنين أنثى وقلنا بالفصل بينها وبين الذكر (لورثة الجنين الحر) لما مر من اعتبار حال الاستقرار وكون الزائد في غير ملك المولى. (الثامن: لو ضرب السيد بطن جاريته) الحامل من عبده أو زنا (ثم أعتقها) وأتبعناها حملها (ثم ألقت جنينا) بالضرب (فعليه الضمان على إشكال ينشأ: من أن الجناية لم تقع مضمونة) إذ لا ضمان على أحد في إتلاف مال نفسه (كما لو جرح عبده ثم أعتقه) ومن أنها جناية محرمة على محترم وإنما لم تقع مضمونة لمانع هو امتناع ضمان المالك لنفسه. (التاسع: لو ضرب حر الأصل - الذي أمه معتقة وأبوه مملوك - بطن امرأة فقبل إسقاط الجنين أعتق الأب وانجر الولاء) من موالي الأم (إلى مواليه ثم أسقطت فدية الجنين على مولى الأم إن أسندنا الضمان إلى الضرب) لكونه الجناية (لأن الولاء لهم حينئذ، وإن أسندناه إلى الإسقاط) لكون الاستقرار عنده (فعلي موالي الأب). (العاشر: لو أخرج الجنين رأسه واستهل ثم مات فالدية) دية النفس (كملا، انفصل عنها) حيا (أولا، لأ نا تيقنا وجود الحياة فيه) ومع تيقنه يلزم دية النفس ولا مدخل للانفصال، خلافا لمالك فاعتبر الانفصال حيا لأنه إنما يثبت له أحكام الدنيا إذا انفصل. (وكذا لو انفصل بعد الضرب وفيه حياة ثم مات فعليه كمال الدية، سواء انفصل لمدة يعيش الولد فيها عادة أو لا يعيش، كأن يكون لأقل من
471 ستة أشهر) لأن العبرة بالحياة خلافا لبعض العامة (1) فأوجب في الأخير الغرة. (الحادي عشر: لو ألقت) بالجناية (يدا أو رجلا) أو عضوا آخر، وبالجملة ما يعلم به تمام خلقة الجنين (وماتت) بتلك الجناية (ولم ينفصل الجنين بكماله فعليه دية الجنين) التام الخلقة، لأن موتها سبب لتلفه وإن لم ينفصل (ودية أمه). (ولو ألقت أربع أيد فدية واحدة) لجنين واحد (لأن) الظاهر وإن كان أنها لجنينين لكن يحتمل الوحدة، و (الاحتمال وإن بعد إلا أن الأصل براءة الذمة) وكذا لو ألقت رأسين. (ولو ألقت عضوا ثم ألقت جنينا كامل الأطراف) بحيث لا يحتمل أن يكون الساقط منه، بأن لا يكون فيه أثر لانقطاع عضو منه ثم ماتت (وجب ديتان) لجنينين مع ديتها إن ماتت بالجناية (لأنه ظهر بكمالية أطراف الساقط) من غير ظهور سقوط عضو منه (أن في البطن آخر) فيجب ديته. (الثاني عشر: لو ألقت يدا ثم ألقت جنينا ناقص اليد قبل زوال الألم) الحاصل لها بالضرب حكم بأن اليد يده وإن احتمل غيره، لأصل البراءة، وأن إلقاء الجنين بالجناية لشهادة الحال (فإن ألقته ميتا) من غير علم بحياته قبل (فعليه دية الجنين) الكامل الخلقة قبل ولوج الروح فيه (ويدخل دية الطرف) في ديته كالإنسان الكامل. (وإن ألقته حيا ثم مات) أو علم سبق حياته (فكمال الدية) دية النفس (وإن عاش فنصف الدية) للنفس (إذا علمنا أن اليد انفصلت منه بعد نفخ الروح فيه، إما بأن ألقته عقيب الضرب، أو شهدت القوابل) أو أهل الخبرة (أنها يد من نفخ فيه الروح). واحتمل عدم اعتبار هذه الشهادة والعمل بأصل البراءة لأصل عدم الحياة. (وإن أشكل فنصف دية الجنين، عملا بأصالة براءة الذمة). (وإن زال الألم عنها ثم ألقته ميتا وجب نصف دية الجنين) وإن علم
(1) الحاوي الكبير: ج 12 ص 402. 472 سبق الحياة على الإسقاط، فإن الظاهر أن الإسقاط من غير جناية، ولا أقل من احتماله، والأصل البراءة، فهو (كما لو قطع) من إنسان (يده ثم مات بسبب آخر بعد الاندمال) فزوال الألم عن الأم بمنزلة الاندمال هنا. (وإن انفصل) بعد زوال الألم (حيا، فإن شهد (1) القوابل أنها يد من نفخ فيه الروح فنصف الدية) للنفس (وإلا فمع الاشتباه نصف دية الجنين) للأصل (وكذا لو تأخر سقوطه) فطولب الجاني بدية اليد قبل سقوطه، فإن علم أنها يد من نفخ فيه الروح فعليه نصف دية أنثى وإلا فخمسون دينارا. (الثالث عشر: لو ضربها فألقته) حيا (فمات عند سقوطه قتل الضارب إن تعمد) الضرب، فإن الظاهر موته من ضربه، فهو كمن ضرب رجلا فمات عقيب الضرب (وإلا) يتعمده (أخذت منه الدية، أو من عاقلته مع الخطأ وشبه العمد) النشر على غير ترتيب اللف. (وكذا لو) لم يمت عقيب السقوط لكن (بقي ضمنا ومات) كمن ضربه أو سقاه شيئا فبقي ضمنا حتى مات (أو كان مثله لا يعيش) كمن له دون ستة أشهر. وللعامة قول بالغرة فيه (2). (وتجب الكفارة في هذه الصور) لأنه قتل إنسانا كاملا. (ولو ألقته وحياته مستقرة فقتله آخر قتل الثاني به) إن تعمد، وإلا فالدية عليه أو على عاقلته. (وعزر الأول خاصة، وإن لم تكن) حياته (مستقرة فالأول قاتل، ويعزر الثاني) وعليه دية قطع رأس الميت إن قطع رأسه. (ولو جهل حاله فلا قود) على أحد منهما للشبهة (وعليه) أي الثاني أو عاقلته (الدية) لأصل بقاء الحياة ونسب ذلك في الشرائع إلى الشيخ (3) ولعله للتردد في وجوب كمال الدية على الثاني لأصل البراءة.
(1) في القواعد: شهدت. (2) المجموع: ج 19 ص 183. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 284. 473 (الرابع عشر: لو وطئها ذمي ومسلم بشبهة) غير زانيين (في طهر) بحيث يكون التولد منهما (ألحق الولد بمن تخرجه القرعة، وألزم الجاني بنسبة دية من ألحق به) أو القود إن تحققت شروطه، وعليه الكفارة إن ألحق بالمسلم وكان حيا. (المطلب الثاني في الاختلاف) في الجناية على الجنين: (و) في (دية الميت) وأعضائه وجراحاته، ونظمهما في مطلب، لقلة مباحث الأخير. (لو ادعى وارث الجنين على إنسان أنه ضرب بطن الأم وأنها ألقت الجنين ميتا) أو بحكمه لعدم استقرار حياته أو كونه لدون ستة أشهر (بضربه فأنكر أصل الضرب فالقول قول المنكر مع اليمين) إن لم يكن بينة (ولا يقبل) فيه (إلا شهادة الرجال لإمكان اطلاعهم عليه) ولكن إن كان الضرب مما يوجب الدية قبلت شهادتهم مع النساء أيضا، وإن أوجب القود فلا يسمع إلا شهادتهم وحدهم. (ولو اعترف بالضرب وأنكر الإسقاط وقال: لم يكن هناك سقط أو كان) أو اعترف بأنه كان (وادعى أنها التقطته أو استعارته) ولم يكن منها (قدم قوله أيضا، وتسمع فيه شهادة النساء) منفردات، لأنه وضع حمل لا يطلع عليه غالبا غيرهن. (ولو اعترف بالضرب والإسقاط وأنكر استناد الإسقاط إلى الضرب، فإن كان الزمان) بينهما باعترافه (قصيرا لا يحصل فيه البرء) من ألم الضرب (قدم قولها) إن اعترف بضرب مؤلم تسبب للإسقاط لأن الظاهر معها (وإن طال الزمان) بحيث يحتمل البرء (قدم قوله) لأصل البراءة وإن كان الأصل عدم البرء، وعليه أن يحلف ما أسقطت بالضرب (إلا أن يعترف لها بعدم الاندمال) أي البرء (فيحكم بقولها مع اليمين) أنه لم يحصل ما يوجب
474 الإسقاط غير ضربه إن ادعى عليها ذلك وإلا فلا. ويحتمل الحلف على أنها أسقطت بالضرب استظهارا وإن لم يدع عليها الاستناد إلى غيره. وليس في المبسوط يمين (1) وكذا ان شهدت بينة بأنها لم يزل ضمنه حتى أسقطت. (وإن أسند الإسقاط إلى شرب) دواء (أو ضرب غيره) حكم بقولها مع اليمين إن أنكرتهما ولم يكن بينة إلا أن اعترفت وأنكرت استناد السقوط إليهما. (ولو ادعى الوارث استهلال الجنين) أو ما يجري مجراه مما يدل على حياته. (وأنكر الضارب قدم قوله مع اليمين، ويقبل هنا شهادة النساء) منفردات. (ولو أقام كل منهما بينة على مدعاه) فأقام الجاني البينة على أنه انفصل ميتا والوارث على انفصاله حيا (قدمت بينة الوارث) كما في المبسوط (2) (لأنها تشهد بزيادة قد تخفى عن بينة الضارب) مع كونها بمنزلة بينة الخارج. (ولو اعترف الجاني بأنه انفصل حيا وادعى موته بسبب آخر، فإن كان الزمان قصيرا قدم قول الوارث) للظاهر، وأصل عدم جناية جان آخر. (وإلا فعليه البينة) بأنه لم يزل ضمنا حتى مات. وإن اتفقا على انفصاله لدون ستة أشهر ولم يدع الجاني جناية جان آخر فعليه الضمان، قصر الزمان أو طال، من غير حاجة إلى بينة أو يمين. (ولو ضرب حاملا خطأ فألقت جنينا فادعى الولي حياته فصدقه الجاني ضمن العاقلة دية جنين غير حي، وضمن المعترف ما زاد) إذ لا يؤخذ العاقلة بإقرار الجاني. (ولو ألقت جنينين فادعى الولي حياتهما معا وادعى الضارب موتهما) أي عدم ولوج الروح (فأقام الولي شاهدين شهدا بأنهما سمعا صياح أحدهما من غير تعيين، فإن تساويا) أي الجنينان ذكورة أو أنوثة (فدية كاملة) لرجل أو امرأة (ودية جنين) تام لم تلجه الروح (وإن اختلفا
(1) المبسوط: ج 7 ص 199. (2) المبسوط: ج 7 ص 201. 475 فدية امرأة ودية جنين) لأصل البراءة. واستشكل بأنه تقدم أن في مجهول الذكورة والأنوثة نصف الديتين. وقيل: القرعة (1) ولا فرق بين المسألتين. (ولو صدقه الضارب) في المسألة (على استهلال الذكر) منهما (وكذبه العاقلة) وادعوا أن المستهل هو الأنثى (قدم قول العواقل مع اليمين) لأصل برائتهم (فيتحملون دية امرأة ودية جنين، والباقي في مال الضارب) باعترافه. (ولو ادعت الذمية) المسقطة بالجناية (أنها حبلت من مسلم) لكن (من زنا فلا حكم لدعواها، ولا يثبت لها شئ) إذ لا نسب لولد الزنا (وإن ادعت) أنها حبلت من مسلم (نكاحا أو شبهة قدم قول الجاني والعاقلة) أنها حبلت من كافر (ويستوفى دية جنين الذمية من الجاني) أو العاقلة (ولا شئ لها فيه، لاعترافها بإسلامه فلا ترثه). (ولو ادعى وارث المرأة انفصاله ميتا حال حياتها فلها نصيبها من ديته). (و [لو] ادعي وارث الجنين موتها قبل انفصاله ميتا) أو قبل موته (فلا نصيب لها فيه (2) حكم بالبينة) لأن كلا منهما يدعي ما ينكره الآخر (فإن فقدت) البينة (حكم للحالف) منهما، لإنكار كل ما يدعيه الآخر من تقدم الموت أو تأخره. وكذا إذا تعارضت بينتاهما تساقطتا لتكذيب كل منهما الأخرى ورجع إلى اليمين (فإن حلفا أو نكلا) سقط بحلف كل منهما دعوى الأخرى أو بنكوله دعواه، ولذا (لم ترث المرأة من دية الجنين) لحلف وارثه (وكانت تركة المرأة) كلها (لوارثها دون وارث الجنين) لحلف وارثها (وميراث الجنين لوارثه دون أمه) وهو لازم الأول، وذلك لأن دعوى كل منهما متوجهة إلى غير ما يدعيه الآخر، لتوجه دعوى أحدهما إلى دية الجنين ودعوى الآخر إلى تركة أمه، فوارث المرأة يدعي دية الجنين أو شيئا منها وينكره وارثه فإذا حلف
(1) قاله في السرائر: ج 3 ص 417. (2) في القواعد: منه. 476 بطلت الدعوى، ووارث الجنين يدعي تركة المرأة أو شيئا منها وينكره وارثها فإذا حلف سقطت الدعوى، وكذا إذا نكل وارث المرأة سقطت دعواه وإذا نكل وارث الجنين سقطت دعواه، وليس من باب تعارض الدعويين في شئ واحد ليوجب حلفهما أو نكولهما قسمته بينهما، وعلى التفصيل المذكور في الكتاب يحمل ما أطلق في المبسوط (1): من أنه لا يورث أحدهما - يعني الجنين وأمه - من صاحبه إذا لم يعلم كيف وقع، ويكون تركة كل واحد منهما لورثته. (ودية الجنين) في جميع مراتبه (إن كان) الجناية عليه (عمدا أو عمد الخطأ في مال الجاني، وإن كان خطأ فعلى العاقلة) خلافا للعامة (2) فأوجبوها مطلقا على العاقلة بناء على عدم تحقق العمد فيه (وتستأدي) دية الخطأ (في ثلاث سنين) عندنا، وللشافعي (3) قول باستيدائها في السنة الأولى إن لم يكن ولجته الروح بناء على قوله بأداء ثلث الدية الكاملة في السنة الأولى والباقي في الثانية. (وفي قطع رأس الميت المسلم الحر مائة دينار) وفاقا للمشهور، وفي الخلاف (4) والانتصار (5) والغنية (6) الإجماع عليه، وبه مرسل محمد بن الصباح عن الصادق (عليه السلام) (7) وقد علل فيه بأنه كجنين تمت خلقته ولم تلجه الروح، وخبر الحسين بن خالد، عن أبي الحسن (عليه السلام) وفيه: ذكر شق بطنه وكل فعل به فيه اجتياح نفسه لو كان حيا، وقال: قلت: فإن أراد رجل أن يحفر له ليغسله في الحفرة فسدر الرجل مما يحفر فدير به فمالت مسحاته في يده فأصاب بطنه فشقه، فما عليه؟ فقال: إذا كان هكذا فهو خطأ وكفارته عتق رقبة، أو صيام شهرين، أو صدقة
(1) المبسوط: ج 7 ص 204. (2) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 496. (3) المجموع: ج 19 ص 146. (4) الخلاف: ج 5 ص 299 المسألة 137. (5) الانتصار: ص 272. (6) الغنية: ص 415. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 247 ب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح 1. 477 على ستين مسكينا، مد لكل مسكين بمد النبي (صلى الله عليه وآله) (1). وفي الفقيه: إن الجاني إن قطع رأس ميت كان يريد قتله في حياته فعليه ديته حيا، وإلا فمائة دينار (2) جمعا بين خبر الحسين بن خالد وقول الصادق (عليه السلام) كما حكاه عن نوادر ابن أبي عمير: قطع رأس الميت أشد من قطع رأس الحي (3) وفي خبر ابن مسكان: عليه ديته، لأن حرمته ميتا كحرمته وهو حي (4) وفي التهذيب: عليه الدية (5) ونحوه أخبار (6) ونحن نحملها على مائة دينار، فإنها دية رأس الميت والأشدية لا يوجب التساوي في الدية. (وفي جوارحه بحساب ديته) لقول الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق: وإن قطعت يمينه أو شئ من جوارحه فعليه الأرش للإمام (7). (ففي قطع يده) مثلا (خمسون دينارا، وكذا ينسب شجاجه وجراحه إلى ديته) على قياس النسبة في الحي ولا ينافيه خبر مسمع أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل كسر عظم ميت، فقال: حرمته ميتا أعظم من حرمته وهو حي (8) لما عرفت. (ولو لم يكن في الجناية مقدر أخذ الأرش لو كان حيا ونسب إلى الدية، فيؤخذ من ديته) وهي مائة دينار (بتلك النسبة) لخبر إسحاق. (وهذه الدية يتصدق بها عنه) أو يحج أو يصرف في القرب في المشهور
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 247 ب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 158. (3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 157 ح 5356. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 249 ب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح 6. (5) تهذيب الأحكام: ج 10 ص 273 ح 1072. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 247 ب 24 من أبواب ديات الأعضاء. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 248 ب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح 3. (8) المصدر السابق: ص 251 ب 25 ح 5. 478 وعليه الإجماع في الخلاف والغنية. (وليس لوارثه فيها شئ) لقول أبي الحسن (عليه السلام) للحسين بن خالد: دية الجنين إذا ضربت أمه فسقط من بطنها قبل أن ينشأ فيه الروح مائة دينار وهي لورثته، وإن دية هذا إذا قطع رأسه أو شق بطنه فليست لورثته إنما هي له دون الورثة، قال: ما الفرق بينهما؟ فقال: إن الجنين أمر مستقبل مرجو نفعه، وهذا قد مضى وذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره، يحج بها عنه، ويفعل بها أبواب الخير، والبر من صدقة أو غيرها (1). وقول الصادق (عليه السلام) في مرسل محمد بن الصباح: ليس لورثته فيها شئ إنما هذا شئ صار إليه في بدنه بعد موته يحج بها عنه، أو يتصدق بها عنه، أو تصير في سبيل من سبل الخير (2) (وإن كان) وارثه (سيدا) له لم يكن له من ديته شئ، لعموم النصوص (3) والفتاوي وزوال ملكه عنه بموته (وهل يقضى منها ديته واجبا إشكال): من أنه إنما يجب أداء الدين من التركة وهي ليست منها ولذا لا يورث، ومن أنه إنما يتصدق بها أو يصرف في القرب عنه ولا أفضل ولا أهم من قضاء الدين عنه. وإليه مال المحقق في النكت (4). وهو أظهر. (وقيل) في الانتصار (5) والسرائر (6): (إنها لبيت المال) لأنها عقوبة جناية ولا قاطع بوجوب الصرف في سبل الخير عنه، ولأن إسحاق بن عمار قال للصادق (عليه السلام): فمن يأخذ ديته؟ قال الإمام: هذا لله. ولعل المفيد جمع بينه وبين ما تقدم بقوله: يقبضها إمام المسلمين أو من نصبه للحكم في الرعية ويتصدق عن الميت بها (7). (ولو كان الميت ذميا أو عبدا، فعشر دية الذمي الحي وعشر قيمة
(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 247 ب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (2) المصدر السابق: ح 1. (3) المصدر السابق. (4) النكت بهامش النهاية: ج 3 ص 464. (5) الانتصار: ص 272. (6) السرائر: ج 3 ص 419. (7) المقنعة: ص 760. 479 العبد الحي) فإن الأخبار والفتاوي وإن كانت مطلقة لكن لو كان حكمهما حكم الحر المسلم لزم زيادة الميت منهما على الحي في الدية. واحتمل عدم وجوب شئ في الذمي، للأصل، واختصاص النصوص (1) والفتاوي بالمسلم لما ذكر، وانتفاء الحرمة للكافر (وتتساوى المرأة والرجل والصغير والكبير في ذلك) للعمومات، ويؤيده ما في خبري محمد بن الصباح (2) والحسين بن خالد (3) من التعليل بأنه كالجنين التام الذي لم يلجه الروح. (ولو لم يبن الرأس بل قطع ما لو كان حيا لم يعش مثله فمائة دينار) أيضا، للنص عليه في خبر محمد بن الصباح. (المطلب الثالث في الجناية على الحيوان): إن (الحيوان إن كان مأكولا كالإبل والبقر والغنم فأتلفه بالذكاة وجب الأرش) وفاقا لابن إدريس (4) والمحقق (5) والشيخ في المبسوط (6) (وهو تفاوت ما بين كونه حيا وميتا) مذكى، فإنه الذي أتلفه على المالك، والأصل البراءة من غيره. (وقيل) في المقنعة (7) والنهاية (8) والمراسم (9) والمهذب (10) والوسيلة (11) والجامع (12): صاحبه مخير بين أن يأخذ (القيمة ويدفعه إلى الجاني إن شاء) وبين أن يأخذ الأرش. واحتج له في المختلف بأن الجاني صيره في حكم التالف لتفويته معظم منافعه (13). (وإن أتلفه لا بالذكاة فعليه القيمة، و) لكن (يوضع منها صوفه
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 249 ب 25 من أبواب ديات الأعضاء. (2) المصدر السابق: ص 247 ب 24 ح 1. (3) المصدر السابق: ح 2. (4) السرائر: ج 3 ص 420. (5) شرائع الإسلام: ج 4 ص 285. (6) المبسوط: ج 8 ص 30. (7) المقنعة: ص 769. (8) النهاية: ج 3 ص 467. (9) المراسم: ص 243. (10) المهذب: ج 2 ص 512. (11) الوسيلة: ص 428. (12) الجامع للشرائع: ص 604. (13) مختلف الشيعة: ج 9 ص 423. 480 وشعره ووبره وريشه) وعظمه. وبالجملة ما ينتفع به من الميتة وكانت له قيمة (ويدفع ذلك إن وجد إلى المالك) وإن أتلفه فالقيمة بكمالها. (وإن أتلف عضوا منه أو كسر عظمه أو جرحه فالأرش) وفي صحيح ابن اذينة عن الصادق (عليه السلام): أن في عين ذوات الأربع ربع الثمن (1) وفي صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) ذلك في عين الفرس (2) وفي خبري مسمع وأبي العباس عن الصادق (عليه السلام): ذلك في عين الدابة (3) وأفتى بذلك الشيخ وجماعة في عين البهيمة. قال الشيخ في النهاية: ومن كسر عظم بعير أو شاة أو بقرة وما أشبه ذلك كان عليه أرشه، وهو فضل ما بين قيمته صحيحا ومعيبا، وليس له خيار في أخذ قيمته وتسليمه إلى الجاني عليه، كما ذكرنا ذلك في إتلاف النفوس (4) ونحوه في المقنعة (5) والمهذب (6) والوسيلة (7) والجامع (8). (وإن لم يكن) الحيوان (مأكولا وكان مما يقع عليه الذكاة كالسباع) ومنها الفهد. وذكر في النهاية (9) مثالا لما لا يقع عليه الذكاة، وأولها المحقق تارة بالذكاة التامة المحللة للأكل، وأخرى بالمطهرة (10). فلعل الشيخ لا يرى طهارة جلد ما لا يؤكل لحمه ما لم يدبغ. وعد المفيد مما لا يقع عليه الذكاة ولا يحل أكله اختيارا، البغال، والحمير الأهلية، والهجن من الدواب، والسباع من الطير، وغيره (11) (فإن أتلفه بالذكاة فالأرش) كالمأكول، وفيه القول بتخير المالك. (وكذا لو كسر عظمه أو قطع جزءا منه أو جرحه ولم يمت. ولو أتلفه بغير الذكاة فالقيمة) ويوضع منها ما مر.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 271 ب 47 من أبواب ديات الأعضاء ح 2. (2) المصدر السابق: ح 3. (3) المصدر السابق: ص 270 و 271 ح 1 و 4. (4) النهاية: ج 3 ص 467. (5) المقنعة: ص 770. (6) المهذب: ج 2 ص 512. (7) الوسيلة: ص 428. (8) الجامع للشرائع: ص 604. (9) النهاية: ج 3 ص 465. (10) النكت بهامش النهاية: ج 3 ص 465. (11) المقنعة: ص 768. 481 (وإن لم يقع عليه الذكاة، فإن كان كلب صيد ففيه أربعون درهما) كما في المقنع (1) والسرائر (2) والمراسم (3) والشرائع (4) والنافع (5) والجامع (6). واشترط في المراسم (7) والسرائر (8) أن يكون معلما، ويحتمله سائر العبارات. (وقيل) في المقنعة (9) والنهاية (10) والمهذب (11) والوسيلة (12): (يختص السلوقي) لاختصاص النص به، ثم قيد في المقنعة (13) بالمعلم وأطلق في غيرها. وفي خبري الوليد بن صبيح (14) وأبي بصير (15). قال ابن إدريس: وإنما أطلق ذلك لأن العادة أن الكلب السلوقي الغالب عليه أن يصطاد. (وهو منسوب إلى) سلوق كصبور وهي (قرية) باليمن (16). وظاهر المحقق أنه فهم من السلوقي في الخبرين كلب الصيد، لقوله: ومن الناس من خصه بالسلوقي وقوفا على صورة الرواية (17). (وروي) عن السكوني عن الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أن كلب الصيد فيه قيمته) (18). وأفتى به أبو علي، إلا أنه قال: لا يتجاوز بالقيمة أربعين درهما (19). وكأنه جمع به بين الأخبار، واستحسنه في المختلف (20). (وفي كلب الغنم كبش) كما في النافع (21) والشرائع (22) لخبر أبي بصير (23).
(1) المقنع: ص 534. (2 و 16) السرائر: ج 3 ص 421. (3 و 7) المراسم: ص 243. (4 و 22) شرائع الإسلام: ج 4 ص 285. (5) المختصر النافع: ص 306. (6) الجامع للشرائع: ص 604. (8) السرائر: ج 3 ص 421. (9 و 13) المقنعة: ص 769. (10) النهاية: ج 3 ص 466. (11) المهذب: ج 2 ص 512. (12) الوسيلة: ص 428. (14) وسائل الشيعة: ج 19 ص 167 ب 19 من أبواب ديات النفس ح 1. (15) المصدر السابق: ح 2. (17) شرائع الإسلام: ج 4 ص 285. (18) وسائل الشيعة: ج 19 ص 167 ب 19 من أبواب ديات النفس ح 3. (19) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 423. (20) مختلف الشيعة: ج 9 ص 424. (21) المختصر النافع: ص 306. (23) وسائل الشيعة: ج 19 ص 167 ب 19 من أبواب ديات النفس ح 3. 482 (وقيل) في المشهور (عشرون درهما) لمرسل ابن فضال (1) واختار الأول، لإرسال الثاني وإن ضعفا. (وفي كلب الحائط) وهو كما في السرائر البستان، قال: لأن في الحديث، أن فاطمة (عليها السلام) وقفت حوائطها بالمدينة، المراد بذلك بساتينها (2). قلت: ويمكن الشمول للدار (عشرون درهما على قول) مشهور، ولا يعرف المستند. وكلام المفيد (3) وسلار (4) يعطي النص عليه وفي خبر السكوني: أن فيه وفي كلب الغنم القيمة (5) ونص عليه ابن سعيد (6). (وفي كلب الزرع قفيز حنطة) وفاقا للمشهور، والقفيز ثمانية مكاكيك والمكوك ثلاث كيلجات والكيلجة من وسبعة أثمان من، والمن رطلان. كذا في الصحاح. وفي خبر أبي بصير: جريب من بر (7) وقال الأزهري: إن الجريب أربعة أقفزة. والصدوق في المقنع ذكر كلب الصيد والماشية، ثم قال: ودية الكلب الذي ليس لصيد ولا ماشية زبيل من تراب، على القاتل أن يعطي وعلى صاحب الكلب أن يقبله (8). ورواه في الفقيه عن ابن فضال أرسله عن الصادق (عليه السلام) (9) وهو يشمل كلبي الحائط والزرع. وفي خبر السكوني: دية كلب الأهل قفيز من تراب (10). وقال المفيد بعد ذكر السلوقي المعلم وكلب الحائط والماشية: وليس في شئ
(1) المصدر السابق: ح 4. (2) السرائر: ج 3 ص 421. (3) المقنعة: ص 769. (4) المراسم: ص 243. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 167 ب 19 من أبواب ديات النفس ح 3. (6) الجامع للشرائع: ص 604. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 167 ب 19 من أبواب ديات النفس ح 2. (8) المقنع: ص 534. (9) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 170 ح 5391. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 167 ب 19 من أبواب ديات النفس ح 2 وفيه أبي بصير. 483 من الكلاب سوى ما سميناه غرم ولا لها قيمة (1). فيفيد أن لا شئ في كلب الزرع. (وهذه التقديرات) إن اعتبرت احتمل أن يكون هي القيم في زمان الأخبار، وعلى تسليم العموم كما أفتى به الأصحاب فإنما هي (في حق الجاني) فإنه المورد للنصوص والفتاوى. (أما الغاصب فيضمن) إن تلف مغصوبه عنده (أكثر الأمرين من المقدر الشرعي والقيمة السوقية) لأخذه بالأشق، ولذا يضمن غاصب العبد قيمته وإن زادت على دية الحر. وفي السرائر (2) والشرائع (3): عليه القيمة وإن زادت على المقدر. ويحتمل إرادتهما أكثر الأمرين، وإن نقص المغصوب فالأرش بالنسبة إلى أكثر الأمرين. وفي التحرير: الوجه الضمان بالمقدر (4). ولا أعرف له وجها. و (أما غير هذه الكلاب فلا شئ فيها ولا قيمة لها) وفاقا للأكثر، وخلافا للصدوق (5) وأبي علي (6) فأوجبا زبيلا من تراب كما تقدم. وروي قفيز من تراب كما عرفت (ولا لغير الكلاب مما لا يقع عليه الذكاة) ولا يصح للمسلم تملكه، وهو الحشرات والخنزير، إلا أن يكون لذمي كما سيأتي. ولما انحصر عنده " مما لا يقع عليه الذكاة " في الآدمي والكلب والخنزير والحشرات أطلق نفي القيمة عنه. ولما انقسم عند الشيخين (7) ومن تبعهما إلى " ما لا يملك وما يملك " فصلوا فضمنوا بتلف ما يملك من مثل الفهد والبازي والصقر كما في النهاية (8) والبغال والحمير الأهلية والهجن من الدواب والسباع من الطير وغيره كما في المقنعة (9).
(1) المقنعة: ص 769. (2) السرائر: ج 3 ص 421. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 287. (4) التحرير: ج 5 ص 634. (5) المقنع: ص 534. (6) نقله عنه في المختلف: ج 9 ص 423. (7) المقنعة: ص 769 - 770، النهاية: ج 3 ص 466 - 467. (8) النهاية: ج 3 ص 466. (9) المقنعة: ص 768. 484 (وهل يشترط في كلب الصيد كونه صائدا) بالفعل أي بالقوة القريبة منه (أو) يشترط مع ذلك كونه (معلما؟ الأقرب ذلك) أي اشتراط أحدهما أي كونه صائدا مطلقا كما هو ظاهر بعض، أو صائدا مع التعليم كما في المقنعة (1) والمراسم (2) فلا حكم لجروه الذي ليس من شأنه الصيد وإن كان سلوقيا، فإن الخبرين وإن أطلقا لكنهما من الآحاد، والأصل القيمة، وأكثر الفتاوي على كلب الصيد أو المعلم مع ظهور كلب الصيد في فعلية الصيد أو القرب منها. ويحتمل عدم الاشتراط والاكتفاء بكونه من ذلك الصنف وإن كان جروا لا يصيد، لإطلاق الخبرين، وإطلاق كلب الصيد عليه عرفا، ومنع ظهوره في الفعلية أو القرب منها. وأما اشتراط التعليم فلا أعرف له وجها، نعم يمكن اشتراط قبوله للتعليم بناء على أنه لا قيمة لما لا يقبله. (ولو أتلف خنزيرا على ذمي، فإن كان مستترا به ضمن قيمته عند مستحليه) إذا استجمع سائر شروط الذمة، لأنه إذا فعل ذلك حقن دمه أو ماله، (وفي الجناية على أطرافه) وجراحاته (الأرش عندهم. وإن لم يكن مستترا به فلا شئ) وإن كان الجاني ذميا أو حربيا، لإخلاله بشرط الذمة. (وكذا لو أتلف عليه خمرا أو آلة لهو) يستحله في ملته (سواء كان المتلف مسلما أو لا) ضمن قيمتها عندهم (بشرط الاستتار، فإن أظهر شيئا من ذلك فلا ضمان على المتلف) وإن لم يكن مسلما. (ولو كانت هذه الأشياء لمسلم لم يضمن متلفها شيئا وإن كان ذميا) أو حربيا، لعدم تملكه لها وإن اقتنى الخمر للتخليل. نعم يملك جوهر آلة اللهو فإن أحرق الجاني عودا له مثلا ضمن له قيمة الخشب وسائر الأجزاء. (و) روي في الصحيح عن محمد بن قيس الثقة عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه
(1) المقنعة: ص 769. (2) المراسم: ص 243. 485 (قضى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في بعير لأربعة عقل أحدهم يده) فعبث في عقاله (فوقع في بئر فانكسر) فقال أصحابه للذي عقله أغرم لنا بعيرنا (1): (أن على الثلاثة الباقية) غرامة (حصته، لأنه حفظ وضيعوا). ولما كان الظاهر أن العقل تسبب لترديه حكاه الأصحاب رواية ولم يفتوا به. وقال المحقق في النكت: فإن صحت هذه الرواية فهي حكاية في واقعة، ولا عموم للوقائع، فلعله (عليه السلام) عرف فيها ما يقتضي الحكم بذلك، مثل أن يعقله ويسلمه إليهم، فيفرطوا في الاحتفاظ به، أو غير ذلك من الوجوه المقتضية للضمان، أما أن يطرد الحكم على ظاهر الواقعة فلا (2). (وروي) عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام) (أن الماشية إذا جنت على الزرع ليلا يضمن صاحبها، ولا يضمن) إذا جنت عليه (نهارا (3) لأن على صاحب الماشية حفظها ليلا، وعلى صاحب الزرع حفظه نهارا) وأفتى به الشيخان (4) وجماعة. (والوجه) ما في السرائر (5) والشرائع (6) والجامع (7): (أن صاحب الغنم يضمن مع التفريط) في الحفظ (ليلا كان أو نهارا) كما إذا كان يرعاها فرآها دخلت الزرع فلم يدفعها عنه (ولا يضمن مع عدمه مطلقا) كما إذا جعلها ليلا في مأواها وأغلق عليها الباب ففتح الباب آخر حتى خرجت وأفسدت الزرع. والظاهر ما ذكره الشهيد (8) من انتفاء الخلاف وأن القدماء إنما ذكروا الليل والنهار تبعا للرواية وتمثيلا للتفريط وعدمه، لكون الغالب حفظ الماشية ليلا والزرع نهارا، وأكثر عباراتهم تشعر بذلك.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 208 ب 39 من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) نكت النهاية: ج 3 ص 468. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 208 ب 40 من أبواب موجبات الضمان ح 1 " نقلا بالمعنى ". (4) المقنعة: ص 770، النهاية: ج 3 ص 468. (5) السرائر: ج 3 ص 424 - 425. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 286. (7) الجامع للشرائع: ص 604. (8) اللمعة الدمشقية: ج 10 ص 327. 486 (خاتمة) لهذا المطلب. (لو رمى واحد صيدا فأثبته) اي أبطل امتناعه (ملكه) كما لو أثبت يده أو آلته عليه (فإن رماه آخر فأتلفه فإن كان بالذكاة فعليه ضمان ما نقص بالذبح) كما تقدم (وحل أكله) إن كان مما يؤكل وإن كان الذبح حراما (وإن كان قد أصاب غير الحلق فأتلفه حرم أكله) وإن ذكر اسم الله عليه واستقبل القبلة (وعليه قيمته) كاملة ويوضع عنه ما ينتفع به من الميتة لكن إن كان جرحه الأول فعليه قيمته (معيبا بالجرح الأول). (وإن لم يوجه الثاني) أي لم يعجل قتله (وسرى الجرحان ومات، فإن كان الأول لم يتمكن من ذبحه) بعد ذلك (مثل أن أدركه وقد مات، أو أدركه وقد بقي من حياته ما لا يتسع الزمان) الذي لها (لذبحه) أو اتسع ولم يكن مستقرة إن اعتبرنا استقرارها (فهو حرام، وعلى الثاني كمال قيمته معيبا بالأول) فإنه لو لا جرحه لم يمت فهو المتلف، و جرح المالك وإن كان مؤثرا لكنه مباح، وإذا اجتمع المباح والمحرم غلب المحرم، كما إذا رمى الصيد مسلم وكافر فإنه يحرم، وكذا إذا اشتركا في الذبح. (وإن قدر الأول على تذكيته فإن ذكاه حل، وعلى الثاني أرش الجرح) بعد الموت (إن كان قد أفسد جلده أو لحمه) وإلا فلا ضمان، لأن متلفه مالكه والآخر إنما فوت عليه ما نقص عنه بعد الموت. وعندي أن عليه أرشه حيا لأنه يصدق بالجناية أنه فوت على المالك ما نقص من قيمته بالجرح وهو حي، ولما بادر المالك إلى ذبحه لم يبق مجال للتربص إلى استقرار الجناية، نعم إن كان جني عليه ذلك بعد الذبح لم يكن عليه إلا ذلك (وإن لم يذكه) مع القدرة (حتى مات من الجرحين معا حرم أكله). (وهل يجب على الثاني) بناء على ما مر (كمال القيمة معيبا بالأول؟ يحتمل ذلك، لأن ترك تذكية الأول لا يسقط عنه الضمان، كما لو جرح
487 شاة غيره ولم يذكها المالك حتى ماتت) بالجرح، فإن على الجارح ضمان قيمتها قطعا، ولا يسقط ترك التذكية شيئا من الضمان. (والأقرب) هنا وفيما إذا لم يقدر على التذكية (أن القيمة عليهما) أي المالك والآخر، لاستناد موته إليهما، فهو كشاة جرحه مالكها وآخر فمات من الجرحين، وكإنسان جرحه نفسه وآخر فمات منهما أو كعبد جرحه مولاه وآخر فمات منهما (فيسقط ما قابل فعل المالك) وإنما يجب على الثاني الباقي موضوعا عنه ما ينتفع به من الميتة، وتغليب المحرم إذا اجتمع مع المباح إنما هو في الحرمة لا الضمان. (وما الذي يجب على الثاني يظهر بفرض) صورة فيها (تضمين الأول) أيضا وذلك (في صورة كون الصيد لغيرهما، أو في عبد الغير، أو دابته). (فنقول: إذا جنى شخص على عبد غيره أو صيده وقيمته عشرة دراهم فصار يساوي) بالجناية (تسعة ثم جنى) عليه (الثاني فصارت قيمته ثمانية ثم سرى الجرحان فأرش جناية كل واحد) منهما (درهم، فيحتمل ستة أوجه): (الأول: أن يكون على كل منهما أرش جنايته، ونصف قيمته بعد الجنايتين، ولا يدخل أرش كل واحد منهما في دية النفس) بناء على تنزيل السراية منزلة جناية أخرى وقد وقعت بعد الجنايتين، فكما لو جناها ثالث كانت عليه قيمته بعد الجنايتين، ولو جناها اثنان آخران كان على كل منهما نصف قيمته بعدهما، فكذا هنا (فيكون على كل واحد منهما خمسة) دراهم، درهم للجرح وأربعة للموت بعد صيرورة قيمته ثمانية. (ولو كان أرش) الجرح (الأول ثلاثة و) أرش (الثاني درهما فعلى كل واحد منهما كمال أرش جنايته ونصف قيمته بعد الجنايتين) وهي ستة (فيكون على الأول ستة) ثلاثة للجرح وثلاثة للسراية (وعلى الثاني أربعة، ولو انعكس) الأمر (انعكس) الضمان ولا يرد أن الجنايتين إذا سرتا إلى
488 النفس تساوتا في الضمان ولم يعتبر كمية أرشهما لأنه إنما يسلم في الحر، لأن الحر إذا قطع رجل يده وقتله آخر، فعلى القاطع نصف ديته وعلى القاتل كمال ديته، وأما العبد المقطوع اليد إذا قتله رجل فإنما عليه قيمته بعد قطع اليد. (الثاني: أن لا يدخل أرش جناية الأول في بدل النفس، ويدخل أرش جناية الثاني) فيه (و) يكون (على كل واحد منهما نصف قيمته بعد جناية الأول) وهي تسعة، وعلى الأول مع ذلك درهم (لأنه جنى على صيد ما جنى عليه غيره، فأوجبنا عليه الأرش) زائدا على ما يجب عليه بالسراية بخلاف الثاني، فإنه جنى عليها بعد جناية الأول وأخذها في السراية فجنايته مع سراية جناية الأول اشتركتا في الإتلاف فلذا دخل أرشها في بدل النفس. وبعبارة أخرى انفرد الأول بجنايته فلزمه ضمان أرشها وهو درهم، واشتركا في الإتلاف فلزمهما القيمة بعد الأولى نصفين، وقيل: لأن الأول لو انفرد بالجناية وسرايتها لكانت عليه عشرة فلما جنى الثاني سقط عنه ما ضمنه وهو نصف القيمة بعد الجناية الأولى (فعلى الأول خمسة ونصف، وعلى الثاني أربعة ونصف). (الثالث: يدخل نصف أرش جناية كل منهما في بدل النفس، وعلى كل منهما نصف قيمته يوم جنايته، لأنه لو انفرد بالجناية دخل جميع الأرش في بدل النفس) بناء على دخول دية الطرف في دية النفس وعدم اعتبار الجناية قبل استقرارها (فإذا شاركه غيره) في الجناية السارية (سرت جنايته إلى نصف النفس، فدخل نصف الأرش في بدل نصفها، ولم يدخل النصف الباقي في بدل النصف الباقي، لأنه ضمنه غيره، فلا يدخل أرش جنايته في بدل نفس ضمنه غيره، كما لو قطع يد رجل ثم قتله آخر لم يدخل دية اليد في دية النفس، ويكون عليه) أي على كل منهما (نصف قيمته يوم جنايته، فعلى الأول خمسة) لأن قيمته يوم جنايته عشرة (ونصف) هو نصف أرش جنايته الذي لم يدخل في بدل النفس (وأما الثاني
489 فيدخل نصف أرش جنايته في بدل النفس، ولا يدخل كله، وعليه نصف قيمته يوم جنايته) وهي تسعة (فعليه) من بدل النفس أربعة ونصف ومن الأرش نصف، والمجموع (خمسة، و) إن زاد مجموع ما عليهما نصف درهم على القيمة (يرجع الأول على الثاني بنصف أرش جناية الثاني، وهو النصف الذي دخل في نصف بدل النفس، لأنه جنى على ما دخل في ضمان الأول) بجنايته (فإن من جنى على ما ضمنه غيره ضمنه له، كالجاني على المغصوب يضمنه للغاصب إذا دفع الغاصب) العين أو البدل (إلى المالك) وإنما يرجع عليه بهذا النصف، لأنه لما دخل في بدل النفس المضمون بالسراية كان أرش جناية على ما دخل في ضمان الأول، وأما النصف الآخر فلما استقل ولم يدخل فيه لم يعتبر بالنسبة إلى السراية فلم يكن أرش جناية على ما دخل في ضمان الأول، فإنه لا يضمنه إلا بالسراية، وللمالك الرجوع بهذا النصف على كل منهما، بل على قياس الرجوع على الغاصب له الرجوع بكمال القيمة على الأول، ثم يرجع هو على الثاني بخمسة. ويمكن الفرق بأن المعلوم هنا الفوت بالجرحين جميعا، ولا يعلم أنه لو لم يكن إلا جرح الأول لسرى إلى النفس وأتلفه فضمان الأول لكمال القيمة غير معلوم بخلاف الغاصب. (فإن رجع المالك على الأول بخمسة ونصف رجع على الثاني بأربعة ونصف، ويرجع الأول على الثاني بنصف، وإن رجع على الأول بخمسة رجع على الثاني بخمسة). (فلو كانت جناية الأول) أرشها (ثلاثة و) أرش جناية (الثاني درهما فعلى الأول نصف أرش الجناية) وهو (درهم ونصف، ونصف قيمته يوم الجناية) وهو (خمسة) فعليه ستة ونصف (وعلى الثاني أربعة) نصف درهم (نصف أرش الجناية) وثلاثة (و) نصف (نصف قيمته يوم جنايته، ويرجع الأول على الثاني بنصف درهم) إن رجع عليه المالك بستة
490 ونصف، وحينئذ لا يأخذ من الثاني إلا ثلاثة ونصفا، وله أن يأخذ ستة من الأول وأربعة من الثاني. وبالجملة (فيستقر على الأول ستة، وعلى الثاني أربعة). (الرابع: يدخل نصف أرش جناية كل منهما في بدل النفس) لما تقدم (وعلى كل منهما نصف قيمته يوم جنايته عليه، ولا يرجع الأول) على الثاني (بشئ) كما يرجع الغاصب على الجاني على المغصوب (لأنه لم يضمن) بجنايته (الجميع) كما ضمنه الغاصب (فلم يجن) الثاني (على ما دخل في ضمان الأول) بل جنايته على غير ما جنى عليه وضمنه (فعلى الأول خمسة ونصف، وعلى الثاني خمسة يصير عشرة ونصفا) يزيد على القيمة بنصف ولا يجوز، بل إنما عليهما عشرة لكن يؤخذ منهما بهذه النسبة، وذلك بأن (تبسط العشرة عليها (1)) أي (2) تجزأ عشرة ونصفا (فعلى الأول خمسة ونصف من عشرة ونصف من عشرة، وعلى الثاني خمسة من عشرة ونصف من عشرة). (وطريقه) أي طريق البسط إذا أريد معرفة ما على كل منهما من الدراهم: (أن تضرب ما على كل واحد منهما في القيمة، فما اجتمع قسمته على عشرة ونصف، فتأخذ من كل عشرة ونصف درهما) ومما دونها بالنسبة (فتضرب الخمسة ونصفا التي هي على الأول في عشرة تصير خمسة وخمسين، تأخذ من كل عشرة ونصف واحدا) فيأخذ من اثنين وخمسين ونصف خمسة دراهم، ومن اثنين ونصف سبع درهم وثلثي سبع، فإن نسبة الاثنين ونصف إلى عشرة ونصف ذلك، ويظهر ببسط الكل إيضافا ونسبة خمسة إلى أحد وعشرين (فيكون ما يخصها) أي الخمسة ونصفها، أو جناية الأول (خمسة دراهم وسبع درهم وثلثي سبع درهم، ثم تضرب ما على الآخر - وهو خمسة في عشرة - تكون خمسين تقسمها على عشرة ونصف تكون) الخارج (أربعة وخمسة أسباع وثلث سبع) فهي التي على الثاني. وبعبارة
(1) في نسخة من القواعد: عليهما. (2) في المطبوع: أو. 491 أخرى يأخذ من اثنين وأربعين أربعة، ومن ثمانية خمسة أسباع درهم، وثلث سبع درهم، فإنها نسبة الثمانية إلى عشرة ونصف. وبطريق آخر أوضح وأسهل يجمع ما عليهما يكون عشرة ونصفها نبسطها إيضافا تكون أحدا وعشرين نضربها في القيمة، فمن كل أحد وعشرين أحد عشر على الأول، وعشرة على الثاني. (الخامس: يدخل) جميع (أرش جناية كل منهما في بدل النفس) لدخول دية الأطراف في دية النفس مع الانفراد والاشتراك، كمن قطع كلا من يديه رجل فسرى الجرحان، فليس عليهما إلا الدية نصفين (وعلى كل منهما نصف قيمته يوم جنايته، فعلى الأول نصف قيمته يوم الجناية) هو (خمسة، وعلى الثاني) نصفها يوم جنايته وهو (أربعة ونصف ويضيع نصف درهم) يبسط العشرة على تسعة ونصف، بأن يضرب فيها يكون خمسة وتسعين، على الأول خمسون، وعلى الثاني خمسة وأربعون، فهذا احتمال آخر ذكره في التلخيص (1) وإليه مال الشيخ (2). (السادس: يدخل أرش جناية كل واحد منهما) بكماله (في بدل النفس) كما في الخامس (و) لا يضيع على المالك شيئا بل (يفرض كل واحد منهما كأنه انفرد بقتله، ويوجب عليه كمال قيمته يوم جنى عليه) أي لو كان انفرد كان عليه ذلك (ويضم إحدى القيمتين إلى الأخرى) يكون تسعة عشر (ويقسم ما اجتمع على) قيمته التي هي (عشرة فتبسط تسعة عشر على) ثلاثة (عشرة) أي يقسم العشرة تسعة عشر قسما (فيكون على الأول عشرة من تسعة عشر) جزء (من عشرة، وعلى الثاني تسعة من تسعة عشر من عشرة) وبعبارة أخرى يضرب تسعة عشر في عشرة، على الأول مائة، وعلى الثاني تسعون. وبعبارة أخرى أتلف الأول خمسة، والثاني أربعة ونصفا، تجمعها
(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 500 - 501. (2) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا، ونقله عنه في تلخيص المرام: ج 40 ص 500 - 501. 492 تكون تسعة ونصفا، تضربها في عشرة يكون خمسة وتسعين، على الأول من كل تسعة ونصف خمسة، وعلى الثاني أربعة ونصف، فعلى الأول خمسون، وعلى الثاني خمسة وأربعون. (ولو جنى الأول خمسة والثاني درهما فالأول جنى وقيمته عشرة والثاني جنى وقيمته خمسة) وضمانهما بهذه النسبة تجمع القيمتين يكون خمسة عشر، و (تبسط العشرة على خمسة عشر، فعلى الأول عشرة ثلثا العشرة، وعلى الثاني خمسة ثلث العشرة) هذا على الاحتمال الأخير، وعلى الأول يكون على الأول سبعة وعلى الثاني ثلاثة، وعلى الثاني على الأول سبعة ونصف وعلى الثاني اثنان ونصف، وعلى الثالث على الأول سبعة ونصف وعلى الثاني ثلاثة ويرجع الأول على الثاني بالنصف، وعلى الرابع على الأول سبعة ونصف من عشرة وعلى الثاني ثلاثة من ذلك. وطريقه أن يضرب سبعة ونصفا في عشرة يكون خمسة وسبعين، فمن ثلاثة وسبعين ونصف على الأول سبعة، ومن واحد ونصف سبع، ويضرب ثلاثة في عشرة فمن أحد وعشرين على الأول اثنان، ومن تسعة ستة أسباع، وعلى الخامس على الأول خمسة وعلى الثاني اثنان ونصف ويضيع اثنان ونصف. (وكل واحد من هذه الوجوه لا يخلو من دخل) أي عيب (فإن الأول يقتضي عدم دخول أرش الجناية) لدية الطرف (في بدل النفس) وهو خلاف الأصل المقرر. وأجاب عنه في التلخيص بأن الدخول فيما لا ينقص بدله بإتلاف بعضه كالآدمي الحر (1) (و) يقتضي (تساويهما في) قدر (الضمان مع اختلاف القيمتين وقت جنايتهما، وهو ظلم للثاني) ولا يندفع بأن يقال: إن الأول بجنايته أتلف درهما من عشرة والثاني درهما من تسعة وهو أكثر فينجبر نقص سرايته بزيادة أرشه، لعدم دخوله في بدل النفس، لأن زيادة
(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 499. 493 الأرش إنما هي بعشر درهم، وقد زيد في ضمانه نصف درهم (وكذا الوجه الثالث ظلم أيضا) لمثل ذلك، وفيه أيضا مخالفة لقانون دخول دية الأطراف في دية النفس، وفيه أيضا أن دخول الكل في ضمان الأول ممنوع، وإنما كان يدخل لو انفرد بإتلافه، ودخول البعض لا يسوغ الرجوع على الثاني. (ويضعف الثاني بأن) فيه فرقا بين الجنايتين من غير ما يصلح علته له، لأن (فيه إسقاط حكم جناية الثاني) على الطرف (لأنها صارت نفسا وأوجب أرش جناية الأول وقد صارت نفسا أيضا) فالموجب للإسقاط مشترك، ولا يصلح مانعا منه جنايته على ما لم يجن عليه غيره، فإنه لو انفرد بالجناية عليه حتى مات، سقطت جنايته على الطرف ودخل أرشها في دية النفس. (والرابع ضعيف أيضا، لأنه أوجب نصف أرش الجناية) كالثالث (وهو) مخالف لقانون دخول دية الطرف في دية النفس والاعتبار في الجنايات بحال استقرارها، فإنه (في الحكم كأنه بجنايته متلف لنصف الصيد وكان يجب أن يدخل أرش جميعها في نصف النفس) كما أنهما إذا جرحا حرا فسرى الجرحان لم يكن عليهما إلا دية نفسه نصفين وسقط عنهما أرش الجرحين رأسا. (ويبطل الخامس، لأنه لم يوجب لصاحب الصيد كمال ماله وقد أتلف) وهو ظلم له، وعلى البسط يلزم إلزام كل من الجانبين أزيد من نصف القيمة عند جنايته. (والسادس ضعيف، لما فيه من إلزام الثاني بزيادة لا وجه لها) فإن الواجب عليه نصف القيمة يوم جنايته وهي تسعة دراهم ونصفها أربعة ونصف، وقد لزم أن يكون عليه أربعة دراهم وأربعة عشر جزء من تسعة عشر جزء من درهم، فإنا لما ضربنا العشرة في تسعة عشر كما عرفت صارت مائة وتسعين، وتجزأ كل درهم تسعة عشر، فإذا أوجبنا على الأول مائة فقد أوجبنا عليه خمسة دراهم وخمسة أجزاء من تسعة عشر جزء من درهم، وإذا أوجبنا على الثاني
494 تسعين لزم الزيادة على ما عليه أربعة أجزاء ونصف جزء من تسعة عشر جزء من درهم. وكان الصواب أن نلزم هذه الزيادة الأول، لأن عليه نصف القيمة خمسة دراهم، وعليه نصف درهم أيضا لأن نقصه من النصف الذي ضمنه الثاني، فكان يجب أن يكون عليه بعد تجزءة كل درهم وتسعة عشر مائة وأربعة ونصف. ولا يندفع بأن الثاني زادت جنايته على جناية الأول لأنه نقص درهما من تسعة والأول نقص درهما من عشرة. فإنه إن تم فإنما يتوجه على تقدير عدم سقوط الجناية لما صارت نفسا. والسادس مبني على سقوطها على أنه فاسد بمثل ما مر، فإن زيادة جنايته على جناية الأول بعد التسليم بعشر درهم، وقد زيد في ضمانه أربعة أجزاء ونصف جزء من تسعة عشر جزء من درهم. (والأقرب عندي) مع ذلك (الأخير، لأن) العبرة في الجنايات باستقرارها، ومن الأصول المقررة سقوط الجناية إذا صارت نفسا، وكل متلف لمال إنما يضمن مثل ما أتلفه أو قيمته حين الجناية المتلفة (الأول أتلف نصف النفس وقيمتها عشرة، فيكون عليه خمسة) لا غير، وفيه: أنه كما أتلف نصفها نقص من النصف الآخر نصف درهم فكان الواجب عليه خمسة ونصفا (والثاني أتلف النصف وقيمتها تسعة، فيكون عليه أربعة ونصف) وإذ لم يجز تضييع نصف درهم على المالك (فيقسم عشرة على تسعة ونصف، فعلى الأول ما يخص خمسة) دراهم من تلك الأجزاء (وعلى الثاني ما يخص أربعة ونصفا) وبعبارة أخرى يضرب العشرة في تسعة ونصف يكون خمسة وتسعين، على الأول خمسون وعلى الثاني خمسة وأربعون. وبعبارة أخرى تقسم كل درهم على تسعة ونصفا فعلى الأول خمسة وعلى الثاني أربعة ونصف. وبما مر من الاعتراض ظهر أن الأقرب وجه سابع، هو أن على الأول خمسة ونصفا فالخمسة لكونها نصف القيمة والنصف لأنه نقصه من النصف الآخر، وعلى الثاني أربعة ونصفا. (ولو كانت إحدى الجنايتين من المالك سقط ما قابل جنايته) أول
495 الجانيين في الفرض الأول (وكان له مطالبة الآخر بنصيب جنايته) وفيه الاحتمالات السبعة، والأقرب ما مر. * * * (الباب الثالث) (في محل الواجب) من الديات أي من يجب عليه أداؤها. (القتل) والجرح (إن كان عمدا وتراضى الجاني والأولياء على الدية) أو لم يحصل من شروط القصاص شئ (فهي على الجاني في ماله) بالإجماع والنصوص. (فإن مات أخذت من تركته) إن كانت، كما في خبري البزنطي (1) وأبي بصير (2) وحكى عليه الإجماع في الغنية (3) وأسقطت (4) في المبسوط. وقد تقدم الكلام فيه. (فإن هرب، قيل) في النهاية (5) والمهذب (6) والغنية (7) والإصباح (8) والجامع (9): (أخذت من عاقلته) فإن لم يكن له عاقلة فمن بيت المال، لكنهم إنما ذكروه في شبيه العمد واختاره في المختلف (10) ولما لم يفرق هو والعمد في ذلك نسب إليهم في العمد. ولعلهم ذهبوا إليه، لئلا يطل دم المسلم، وللإجماع على ما في الغنية (11). وهو ضعيف.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 303 ب 4 من أبواب العاقلة ح 3. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 302 - 303 ب 4 من أبواب العاقلة ح 1. (3) الغنية: ص 412. (4) في ق: سقطت. ولم نقف عليه في المبسوط. (5) النهاية: ج 3 ص 370. (6) المهذب: ج 2 ص 458. (7) الغنية: ص 413. (8) إصباح الشيعة: ص 499. (9) الجامع للشرائع: ص 574. (10) مختلف الشيعة: ج 9 ص 287. (11) الغنية: ص 413. 496 قال ابن إدريس: إنه خلاف الإجماع وضد ما يقتضيه أصول مذهبنا، لأن الأصل براءة الذمة، فمن شغلها يحتاج إلى دليل، والإجماع حاصل على أن الأولياء وبيت المال لا تعقل إلا قتل الخطأ المحض، فأما الخطأ شبيه العمد فعندنا بغير خلاف بيننا لا تعقله العاقلة، ولا تحمله، بل يجب الدية على القاتل نفسه، فمن قال: بموته أو هربه تصير على غيره، يحتاج إلى دليل قاهر، ولا يرجع في ذلك إلى أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا (1). قلت: ولم نظفر بخبر يفيد الانتقال إلى العاقلة أو بيت المال بمجرد الهرب، ويمكن تأويل كلامهم بإرادتهم الهرب وعدم الظفر به حتى يموت. وتوقف المحقق في النكت في لزومها العاقلة مع الموت وتعذر الاستيفاء من التركة وجواز أخذها من بيت المال قال: لأنه مجعول للمصالح، وحسم المنازعة في الدماء من أهم المصالح (2). (وإن كان شبيه عمد ففي ماله) الدية (أيضا) عندنا. وللعامة قول بأنها على العاقلة (3) وهو قول للحلبي (4). (وإن كان خطأ فالدية على العاقلة) بالنصوص (5) والإجماع إلا من الأصم والخوارج. وسميت عاقلة، لعقلها الإبل التي هي الدية بفناء ولي الدم، أو لعقلها أي منعها القاتل من القتل أي من شأنهم ذلك أو منعها منه، أو لعقلهم عنه أي تحملهم العقل وهو الدية عنه. (وهنا فصلان): الفصل (الأول في جهة العقل) (وهي اثنان): (الأول: القرابة وإنما يعقل منها العصبة خاصة) كما هو المشهور، ودل
(1) السرائر: ج 3 ص 335. (2) النكت بهامش النهاية: ج 3 ص 370. (3) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 491. (4) الكافي في الفقه: ص 396. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 302 ب 3 من أبواب العاقلة. 497 عليه صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في امرأة أعتقت رجلا و اشترطت ولاءه ولها ابن، فألحق ولاءه بعصبتها الذين يعقلون عنها، دون ولدها (1) وصحيحه أيضا عنه (عليه السلام): أنه (عليه السلام) قضى في رجل حرر رجلا فاشترط ولاءه فتوفي الذي أعتق وليس له ولد إلا البنات، ثم توفي المولى وترك مالا، قال: فقضى ميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه، إذا أحدث حدثا يكون فيه عقل (2). وما روي: أن امرأة رمت أخرى حاملا فأسقطت ثم ماتت الرامية، فقضى رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليها بالغرة، وقضى بأن ميراثها لبنيها وزوجها والعقل على عصبتها (3). (و) العصبة (هو) كما في المقنعة (4) والخلاف (5) والمبسوط (6) والمهذب (7) والنافع (8) والشرائع (9): (كل من يتقرب) إلى القاتل (بالأبوين أو بالأب) من الرجال (كالإخوة والأعمام وأولادهما) فإنه المعروف من معناها (ولا يشترط كونهم ورثة في الحال). (وقيل) في النهاية (10) والغنية (11) والإصباح (12): (العصبة هو من يرث الدية) للقاتل لو قتل (وليس بجيد لأن الزوجين) قطعا (والمتقرب بالأم على الأصح يرثون الدية) كما في ميراث الخلاف (13) وجراح المبسوط (14) وقد مر في الفرائض اختياره العدم (15) ومر الكلام فيه (وليسوا عصبة. وكذا المتقرب بالأب إذا كان أنثى) يرث الدية.
(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 44 ب 39 من أبواب أن المعتق إذا مات ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 44 ب 40 من أبواب أن المعتق إذا مات ح 1. (3) سنن البيهقي: ج 8 ص 113. (4) المقنعة: ص 735. (5) الخلاف: ج 5 ص 277 المسألة 98. (6) المبسوط: ج 7 ص 173. (7) المهذب: ج 2 ص 503. (8) المختصر النافع: ص 307. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 288. (10) النهاية: ج 3 ص 366. (11) الغنية: ص 413. (12) إصباح الشيعة: ص 500. (13) الخلاف: ج 4 ص 114 المسألة 127. (14) المبسوط: ج 7 ص 54. (15) الرسائل العشر: ص 277. 498 (والعقل يختص الذكور من العصبة دون الإناث، ودون الزوجين، والمتقرب بالأم). وعبارة النهاية كذا: وأما دية قتل الخطأ فإنها تلزم العاقلة الذين يرثون دية القاتل أن لو قتل، ولا يلزم من لا يرث من ديته شيئا على حال (1). وهي توهم العموم لكل من يرث الدية وليست صريحة فيه، فإن الوصف يجوز أن يكون للتعليل دون التفسير، ولذا قال المحقق: وفي هذا الإطلاق وهم (2) فيكون كقول المفيد: ولا يؤخذ من إخوته لأمه شئ. ولا من أخواله، لأنه لو قتل وأخذت ديته ما استحق إخوته لأمه وأخواله منها شيئا، فلذلك لم يكن عليهم منها شئ (3). ثم ليس في عبارة النهاية تفسير للعصبة (4). وعبارة الغنية (5) والإصباح (6) كذا: وعاقلة الحر المسلم عصبته الذين يرثون ديته. وظاهرها أيضا التعليل والاتكال في معنى العصبة على وضوحه، وأن المفهوم منهم المتقربون بالأب من الرجال، أو التوضيح والتنصيص على الاختصاص بالمتقربين بالأب. (وقيل: الأقرب ممن يرث) القاتل (بالتسمية (7) ومع عدمه يشترك في العقل بين من يتقرب بالأم) من أولي الأرحام مع (من يتقرب بالأب أثلاثا) وبالجملة هم الورثة على ترتيب الإرث. وقد يستدل عليه بما تقدم من خبري البزنطي (8) وأبي بصير (9) فيمن هرب فلم يظفر به حتى مات: أنه تؤخذ الدية من تركته، فإن لم يكن فمن الأقرب فالأقرب.
(1) النهاية: ج 3 ص 366. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 288. (3) المقنعة: ص 735. (4) النهاية: ج 3 ص 366. (5) الغنية: ص 413. (6) إصباح الشيعة: ص 500. (7) نسبه إلى ابن الجنيد في مسالك الأفهام: ج 15 ص 509. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 303 ب 4 من أبواب العاقلة ح 3. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 302 - 303 ب 4 من أبواب العاقلة ح 1. 499 وقول أحدهما (عليهما السلام) في مرسل يونس: إن الدية على ورثته، فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت المال (1). ويمكن تخصيصها بالمشهور، وهو خيرة الكتاب، وينسب هذا القول إلى أبي علي، وعبارته كذا: العاقلة هم المستحقون لميراث القاتل من الرجال العقلاء، سواء كانوا من قبل أبيه أو أمه، فإن تساوت القرابتان كالإخوة للأب والإخوة للأم، كان على الإخوة للأب الثلثان، وعلى الإخوة للأم الثلث - سواء كان المستحق للميراث واحدا أو جماعة - ولا يلزم ولد الأب شئ إلا بعد عدم الولد والأب، ولا يلزم ولد الجد شئ إلا بعد عدم الولد للأبوين (2). وهي ليست نصا في استحقاق الإرث بالتسمية ولا في شمول العقل كل من يرث بالتسمية، بل ظاهر قوله: سواء كان من قبل أبيه أو أمه، اختصاصه بالأجداد والإخوة والأعمام والأخوال وأولادهم، ثم ليس فيها اشتراط التشريك بين المتقرب بالأب والمتقرب بالأم بعد الوارث بالتسمية. ولكن ظاهر المختلف أنه نزلها على مضمون خبر سلمة بن كهيل في قاتل أتي به أمير المؤمنين (عليه السلام) فذكر أنه من أهل الموصل فأرسله (عليه السلام) إليها وكتب إلى عامله بها فيما كتب: فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها وأصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك، ثم انظر فإن كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذه بها نجوما في ثلاث سنين، وإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب، وكان له قرابة من قبل أبيه وأمه في النسب سواء ففض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين، ثم اجعل على
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 304 ب 6 من أبواب العاقلة ح 1. (2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 290. 500 قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية واجعل على قرابته من قبل أمه ثلث الدية، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففض الدية على قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين. وفي الكتاب: وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل أمه ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها ونشأ ولا تدخلن فيهم غيرهم من أهل البلد ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجما حتى تستوفيه إن شاء الله وإن لم يكن لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل ولا يكون من أهلها وكان مبطلا فرده إلي مع رسولي فلان بن فلان فأنا وليه والمؤدي عنه ولا يبطل دم امرء مسلم (1). ثم قال: وفي سلمة ضعف، والأولى الاعتماد على الشهرة (2) يعني ما اختاره في الكتاب. وفي السرائر: أنهم العصبات من الرجال سواء كان وارثا أو غير وارث، الأقرب فالأقرب، ويدخل فيها الولد والوالد (3). وقال: إجماعنا منعقد على أن العاقلة جماعة الوارث من الرجال دون من يتقرب بالأم (4). (وقيل) في الخلاف (5) والمبسوط (6) والمهذب (7) والوسيلة (8): (لا يدخل في العقل الآباء) للقاتل (والأولاد) له، لخروجهم عن مفهوم العصبة. ونص الخبر النبوي المتقدم (9) وخبر آخر عنه (عليه السلام): لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة ابنه (10) وما روي: أن امرأتين من هذيل اقتتلتا فقتلت إحداهما الأخرى وكان لكل منهما زوج وولد، فبرأ النبي (صلى الله عليه وآله) الزوج والولد، وجعل الدية على العاقلة (11). ولأصل البراءة.
(1) الكافي: ج 7 ص 364 ح 2. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 291. (3) السرائر: ج 3 ص 331. (4) السرائر: ج 3 ص 332. (5) الخلاف: ج 5 ص 278 المسألة 98. (6) المبسوط: ج 7 ص 173. (7) المهذب: ج 2 ص 503. (8) الوسيلة: ص 437. (9) لم نقف عليه فيما تقدم. (10) كنز العمال: ج 11 ص 134 ح 30928 وفيه (بجريرة أخيه). (11) عوالي اللآلي: ج 3 ص 666 ح 158. 501 (والأقرب دخولهما) فيه كما في السرائر (1) والشرائع (2) والنافع (3) والجامع (4) والحائريات للشيخ في الأب (5). ونسب في الإيضاح إلى الشهرة (6). وذلك لأنهما أقرب، وتلك الأخبار عامية، ونمنع خروجهما عن مفهوم العصبة. ونسبه ابن إدريس إلى روايتنا ونسب الشيخ إلى التفرد بالقول بعدم الدخول (7). (ولا تعقل امرأة ولا صبي ولا مجنون وإن ورثوا من الدية) بلا خلاف كما في المبسوط (8) لخروجهم عن مفهوم العصبة عرفا، وأصل البراءة. قال الشيخ: وأما الشباب الضعفى والزمنى والشيوخ الذين لا قوة لهم ولا نهضة فيهم، فهم من أهل العقل، لأنهم من أهل النصرة بوجه، لأنه إن لم يكن فيهم نصرة بالسيف ففيهم نصرة بالرأي والمشورة (9). (ولا مخالف في دين، كالمسلم لا يعقل الكافر، وبالعكس) لانقطاع الموالاة والانتصار بينهم، ولما تقدم من أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كتب إلى عامله بالموصل: أن يجمع قرابة الموصلي المسلمين ويفض الدية عليهم (10) ولقوله (عليه السلام) في خبر السكوني في رجل أسلم ثم قتل رجلا خطأ، قال: اقسم الدية على نحوه من الناس ممن أسلم وليس له موال (11). وإذا لم يعقل الكافر المسلم فالعكس أولى وإن أمكن منع الاولوية، لأن المسلم يرث الكافر من غير عكس. (ولو رمى الذمي سهما فأصاب مسلما خطأ فقتل السهم بعد إسلام الرامي لم يعقل عنه عصبته من الذمة، ولا من المسلمين) كما نص عليه في المبسوط (12) والشرائع (13) (لأنه أصاب وهو مسلم) ليس الكفار من عاقلته
(1) السرائر: ج 3 ص 331. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 288. (3) المختصر النافع: ص 307. (4) الجامع للشرائع: ص 573. (5) لم نعثر عليه، ونقله عنه في السرائر: ج 3 ص 332. (6) إيضاح الفوائد: ج 4 ص 744. (7) السرائر: ج 3 ص 332. (8 و 9) المبسوط: ج 7 ص 175. (10) تقدم في ص 500. (11) وسائل الشيعة: ج 19 ص 305 ب 7 من أبواب العاقلة ح 2. (12) المبسوط: ج 7 ص 183. (13) شرائع الإسلام: ج 4 ص 292. 502 (ورمى وهو كافر) ليس المسلمون من عاقلته، والعاقلة من كان عاقلة في الحالين (و) لكن (يضمن الدية في ماله). (وكذا لو ارتد المسلم بعد رميه ثم أصاب مسلما بعد ردته لم يعقل عنه المسلمون ولا الكفار) لذلك (ويحتمل أن يعقل عنه عصبته من المسلمين) كما استحسنه المحقق (لأن ميراثه لهم (1) عندنا). (ولا) يعقل (فقير) لا يملك ما يؤدي بالفعل (وإن كان مكتسبا) يمكنه الأداء بعد الكسب، خلافا للعامة (2) في وجه فاكتفوا بالاكتساب (ويعتبر فقره عند المطالبة، وهو حول الحول) فمن استغنى عنده عقل وإن كان فقيرا قبله وبالعكس. (ويعقل أهل الذمة الإمام مع عجز القاتل منهم عن الدية) عندنا (لأنهم) بمنزلة (مماليك له يؤدون الجزية إليه كما يؤدي العبد الضريبة إلى مولاه) وميراثه له إذا لم يكن له وارث غيره. وقال الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي ولاد: ليس بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة، إنما يؤخذ ذلك من أموالهم، فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين، لأنهم يؤدون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده، قال: وهم مماليك للإمام، فمن أسلم منهم فهو حر (3). (ولا يعقل) عندنا (أهل الديوان) بعضهم عن بعض وهم الذين رتبوا للجهاد وجعلت لهم أرزاق ودونت أسماؤهم (ولا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة) خلافا لأبي حنيفة فقدم أهل الديوان على الأقارب، لفعل عمر (4) مع احتماله اشتمالهم على العصبية، وقد سمعت رواية سلمة في أهل البلد (5)، لكنها
(1) شرائع الإسلام: ج 4 ص 292. (2) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 523. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 300 ب 1 من أبواب العاقلة ح 1. (4) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 517. (5) تقدمت في ص 500. 503 مطرحة (ولا يشرك (1) القاتل العاقلة في العقل) عندنا خلافا لأبي حنيفة (2). (ويقدم المتقرب بالأبوين على المتقرب بالأب) كما في المبسوط (3) لأنه أقرب والأقرب أحق بالإرث، ولما مر من خبري البزنطي وأبي بصير (4) في قاتل هرب فمات. وفي التحرير: ولو قيل بعدم التقديم كان وجها، لأن قرابة الأم لا مدخل لها في العقل (5) انتهى. هذا إذا لم يزد الدية عند التوزيع على المتقربين وإلا تعدت إلى المتقربين بالأب كما سيأتي. (وإنما يعقل من عرف كيفية انتسابه إلى القاتل، ولا يكفي العلم بكونه من القبيلة) التي منها القاتل (إذ العلم بانتسابه) مع القاتل (إلى الأب) الواحد (غير كاف في العلم بكيفية الانتساب) إليه (والعقل إنما مناطه التعصيب) وليس كل من انتسب مع أحد إلى أب من عصبته، وإلا فالناس كلهم منتسبون إلى آدم، و (خصوصا على قول من يقدم الأقرب) ممن يرث بالتسمية فالعلم بكيفية الانتساب أهم (وعلى المنع من دخول الأولاد وإن نزلوا والآباء وإن علوا في العقل (6)). (ولو كان الابن) للقاتلة (ابن ابن عم، احتمل أن يعقل من حيث إنه ابن ابن عم لا من حيث البعضية) واحتمل العدم. واحتملهما الشيخ في المبسوط (7). (الثاني) من جهتي العقل: (الولاء) ولاء العتق والضمان (وإذا لم يوجد) للقاتل (عصبة) أو وجدوا وزادت الدية عليهم عند التوزيع (عقل المولى من أعلى) إجماعا (لا من أسفل) خلافا للشافعي (8) في أحد قوليه. وعقله بترتيب الولاء (فيعقل معتق الجاني، فإن لم يكن فعصبات المعتق، ثم معتق
(1) في القواعد: ولا يشترك. (2) الحاوي الكبير: ج 12 ص 345. (3) المبسوط: ج 7 ص 174. (4) تقدما في ص 499. (5) التحرير: ج 5 ص 639. (6) في القواعد: من العقل. (7) المبسوط: ج 7 ص 173. (8) الحاوي الكبير: ج 12 ص 360. 504 المعتق، ثم عصباته، ثم معتق أب المعتق، ثم عصباته، وهكذا كترتيب الميراث. ويدخل ابن المعتق وإن نزل وأبوه وإن علا) في العقل، كما يدخلان في الولاء، وكما يدخل أبو القاتل وابنه في عصبته على ما اختاره، وعلى خروجهما عن عصبته يحتمل الخروج هنا لخروجهما عن مفهوم عصبة المولى، كما يرشد إليه ما مر من صحيح محمد بن قيس: في معتقة ماتت ولها ابن وعصبة (1). ويحتمل الدخول لانتفاء البعضية بينهما وبين القاتل وتحقق الولاء والإرث. (ولو كان المعتق امرأة) كان لها الولاء و (لم يضرب عليها) العقل لما عرفت من أنهن لا يعقلن (بل) يضرب (على عصباتها) ومنهم أبوها فصاعدا وبنوها فنازلين إن ورثوا الولاية وقد مر الخلاف. (والشركاء في عتق عبد واحد كشخص واحد) في العقل (لأن الولاء لجميعهم لا لكل واحد) منهم فهم كمولى واحد (فلا يلزمهم) بأجمعهم (أكثر من نصف دينار) إن كانوا أغنياء (أو ربعه) إن كانوا فقراء (فلو اجتمعا) أي الغني والفقير فيهم فكان بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا (فبالنسبة) فعلى الغني حصة من النصف لو كانوا أغنياء، وعلى الفقير حصة مع الربع لو كانوا فقراء (بخلاف ما لو مات المعتق الواحد) المنفرد بعتق العبد كله (عن عصبات، فإنه يضرب على كل واحد منهم نصيبه) أي المعتق (تاما (2) من النصف أو الربع) ولا يوزع نصيبه عليهم بأجمعهم (لأنه يرث) العتيق (بالولاء، لا) أنه يرث (الولاء) من المعتق حتى يتوزع عليهم نصيبه خاصة، يعني أن عصبة المولى بعده موالي للعتيق بأنفسهم كالمتقربين بالنسب إلى الميت المتأخرين في الإرث عن طبقة إذا فقدت الطبقة المتقدمة فإنهم يرثون بالقرابة، فهؤلاء العصبة أيضا إنما يرثون العتيق ويعقلون عنه بولائهم لا بإرثهم الولاء عن
(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 44 ب 39 من أبواب العتق ح 1. (2) في المطبوع: فإما. 505 المولى، فالولاء في حقهم كالنسب، وإذا اجتمع منتسبون فعلى كل منهم نصف دينار أو ربعه، نعم إن كانوا يرثون الولاء من المولى كانوا بمنزلة مولي واحد، كجماعة اشتركوا في عتق عبد (فإن) كان المسألة كما فرضت من اشتراك جماعة في عتق عبد واحد و (مات واحد) منهم (فكل واحد من عصباته لا يحمل أكثر من حصة المعتق لو كان حيا) وهي جزء من نصف دينار أو ربعه، ولا يحمل النصف أو الربع كاملا فإنه لا ينزل منزلة المنفرد بالعتق، بل غايته أنه بمنزلة الشريك فيه، ولا يتقسط عليهم حصة المعتق من النصف أو الربع بل يحمل كل منهم كمال حصتهم لمثل ما عرفت. (وقيل) في بعض كتب العامة (ما دام المعتق حيا فلا يرتقى (1)) بالعقل (إلى عصباته وإن فضل عنه شئ) من الدية (إذ لا ولاء لهم) ما دام حيا ولا عمل عليه. وفي الكنز (2): إن حكاية هذا القول ليست في النسخة التي بخطه (رحمه الله) ولا في أكثر النسخ (فإن مات) المعتق (فعصباته كعصبات الجاني) في العقل وترتيبه. (ومعتق الأب أولى بالتحمل من معتق الأم) لاختصاص الولاء به (فإن كان أبوه رقيقا) وأمه معتقة (عقل عنه معتق الأم) بالولاء (فإن جنى الولد حينئذ) أبوه رقيق (عقل عنه معتق أمه، فإن أعتق الأب بعد ذلك انجر الولاء إلى معتقه) كما مر (فإن حصلت سراية) للجناية (بعد ذلك لم يضمنها معتق الأب، لأنها) أي السراية (حصلت بجناية قبل الجر، فلا يضمنها مولى الأب، ولا يضمنها) أيضا (مولى الأم وإن ضمن أصل أرش الجناية، لأن الزيادة حصلت بعد الجر وخروج الولاء عن مولى الأم) وقد عرفت اشتراط الضمان بتحقق العقل في الحالين، وإنما يتحقق هنا بتحقق الولاء فهو كالذمي إذا رمى ثم أسلم (فتكون) الزيادة (في مال الجاني ولا تضمن
(1) في القواعد: فلا يترقى. (2) كنز الفوائد: ج 3 ص 826. 506 في بيت المال، لأنه لم يخل عن الموالي) والضمان فيه مشروط بالخلو، مع الأصل. واحتمل الضمان فيه تنزيلا لبراءة الموالي منزلة عدمهم، وليس بجيد. (ولو قطع يدين قبل الجر أو يدين ورجلين فسرى بعده فعلى مولى الأم دية كاملة) لوجوبها عليه بالجناية ولا زيادة بالسراية، وفي الثاني ظهر بالسراية أنه لا زيادة على الدية. (ولا يعقل مولى المملوك جنايته) وفاقا للمشهور، للأصل بل يتعلق برقبته. وللسيد الفك كما مر. وقال ابن زهرة: وعاقلة الرقيق مالكه (1) ويمكن أن يريد أن جنايته في ماله إما في رقبة الرقيق أو غيرها، فلا خلاف وسيأتي نحوه عن الكافي (قنا كان أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد) خلافا للعامة (2) فيها فحكموا بعقل المولى عنها إلا أبا ثور (3) فجعل جنايتها عليها تبيع بها بعد العتق. وظاهر المبسوط (4) هنا اختيار عقله عنه، وقد مر في الاستيلاد مع تأييده بخبر مسمع، ودفعه. (وإذا لم يوجد) للجاني الحر خطأ (عصبة ولا أحد من الموالي وعصباتهم عقل ضامن الجريرة إن كان هناك ضامن) موسر بالإجماع والنصوص، ويحتمله قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم: من لجأ إلى قوم فأقروا بولايته كان لهم ميراثه وعليهم معقلته (5). (ولا يعقل عنه المضمون) إلا إذا دار الضمان (ولا يجتمع) عقله (مع) عقل (عصبة ولا معتق) وإن اتسعت الدية (لأن عقده (6) مشروط بجهالة النسب وعدم المولى) فلا ضمان معهم. (ولا يضمن الإمام مع وجوده ويسره) إلا الزائد على نصيبه (فإن لم يكن هناك ضامن أو كان فقيرا ضمن الإمام) مطلقا، أو إن لم يكن للجاني
(1) الغنية: ص 413. (2) المغني لابن قدامة: ج 12 ص 511. (3) المغني لابن قدامة: ج 12 ص 511. (4) المبسوط: ج 6 ص 187. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 304 ب 7 من أبواب العاقلة ح 1. (6) في نسخة من القواعد: عقله. 507 مال - على الخلاف الآتي - كما نطق به ما تقدم من خبر سلمة (1) (من بيت المال) كما نطق به قول أحدهما (عليهما السلام) في مرسل يونس: فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت المال (2) - والمراد بيت مال المسلمين، كما هو نص الشيخين (3) وجماعة. ويدل عليه ما سلف من قول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي ولاد (4) فيمن قتل ولا ولي له سوى الإمام: إنه ليس له العفو بل إنما له القتل أو أخذ الدية وجعلها في بيت مال المسلمين لأن جنايته كانت عليه فكذا ديته. ويرشد إليه بعض الأخبار في قتيل زحام لا يدرى قاتله - ولوضع بيت المال للمصالح و هو من أهمها، والأصل براءة ذمة الإمام. وأوجبها ابن إدريس (5) في ذمته من ماله وادعى الإجماع عليه، وقال: إنه ضامن جريرته ووارثه. ومال إليه في المختلف (6). وهو ظاهر خبر سلمة (7). (الفصل الثاني في كيفية التوزيع) (وفيه مطلبان): (الأول بيان ما يوزع على العاقلة) (قد بينا أن دية العمد وشبهه في مال الجاني، وإنما يتحمل العاقلة دية الخطأ المحض، ولا يتحمل العاقلة الغرامات الواجبة بإتلاف الأموال) للأصل من غير معارض، ومنها المماليك على قول وسيأتي، سواء كان الجاني غنيا أو فقيرا وسواء خطأ في الإتلاف أو تعمد و (سواء كان بالغا أو صغيرا، عاقلا أو مجنونا).
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 301 ب 2 من أبواب العاقلة ح 1. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 304 ب 6 من أبواب العاقلة ح 1. (3) المقنعة: ص 743، النهاية: ج 3 ص 368. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 93 ب 60 من أبواب القصاص في النفس ح 1. (5) السرائر: ج 3 ص 335. (6) مختلف الشيعة: ج 9 ص 297. (7) تقدم آنفا. 508 وفي الكافي: والثالث ما يقع من الرقيق أو المضمون الجريرة أو المحجور عليه من قتل خطأ أو إفساد غير مقصود أو عمد ممن لا يعقل فيلزم الولي دية النفس وقيمة المتلف وأرش الجناية (1). قال في المختلف: وهذا على إطلاقه ليس بجيد، فإنا قد بينا أن المولى لا يضمن جناية عبده بل له أن يدفعه، ولا ضمان على ولي الطفل والمجنون بل على العاقلة، ولا ضمان على العاقلة فيما يتلف من الأموال بل النفوس خاصة (2). قلت: يمكن أن يريد بضمان مولى الرقيق ما يعم رقبته، وبالولي ما يعم العاقلة وبضمانه ما يتلف من الأموال أنه المكلف بأداء عوض ما أتلفه الصبي ونحوه من ماله. ونحو منه قول ابن زهرة (3): ويضمن جناية الخطأ عن رقيقه وعمن هو في حجره. (وكذا) لا يضمن العاقلة (جراحات العمد وشبهه، سواء أوجبت المال) ابتداء (كالهاشمة أو القصاص كالموضحة). (و) عن النبي (صلى الله عليه وآله) (لا يضمن العاقلة عبدا ولا بهيمة) أي لا يضمن جنايتهما أولا يضمن الجناية عليهما، وهو خيرة التحرير (4). (وتحمل العاقلة) من الجراحات (دية الموضحة فما زاد إجماعا. وهل تحمل ما نقص؟ قيل) في الخلاف (5) والسرائر (6): (نعم) لعموم الأخبار كما في الخلاف (7) وللإجماع كما في السرائر (8) (وقيل) في النهاية (9) والكافي (10) والغنية (11) والإصباح (12) والوسيلة (13) والكامل (14): (لا، لرواية) أبي مريم عن
(1) الكافي في الفقه: ص 402. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 435. (3) الغنية: ص 411. (4) التحرير: ج 5 ص 641. (5) الخلاف: ج 5 ص 283 المسألة 106. (6 و 8) السرائر: ج 3 ص 334. (7) الخلاف: ج 5 ص 283 المسألة 106. (9) النهاية: ج 3 ص 368. (10) الكافي في الفقه: ص 396. (11) الغنية: ص 413 - 414. (12) إصباح الشيعة: ص 500. (13) الوسيلة: ص 437. (14) نقله عنه الشهيد في غاية المراد: ج 4 ص 485. 509 أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)، أن لا يحمل على العاقلة إلا الموضحة فصاعدا (1). و (فيها ضعف) بابن فضال. ولكنه اختاره في المختلف (2) والتحرير (3) والتلخيص (4) والتبصرة (5) لأصل البراءة، ومنع الإجماع، ولزوم الضرر الكثير، إذ الغالب وقوع التنازع وحصول الجنايات الكثيرة من الناس، فلو وجب كل جرح قل أو كثر على العاقلة لزم حصول المشقة لهم، وتساهل الناس في الجنايات، لانتفاء الضمان عنهم. وفي التبصرة (6): أنها لا يعقل موضحة فما دون. وهو غريب. وفي التحرير (7): أنها لا يعقل من جراح المرأة إلا ما بلغ أرشه أرش الموضحة، يعني الموضحة في الرجال. (ومعه) أي عدم تحمل ما نقص عن الموضحة (في اشتراط اتحاد الجرح) الناقص عنها حتى لو تعدد وكان أرش المجموع بقدر أرش موضحة أو أكثر حمل العاقلة (إشكال) من الأصل، وعدم ضمانه شيئا منها فكذا الكل. ومن التساوي في الأرش، وندرة الوقوع بالنسبة إلى واحد منها فلا مشقة ولا تساهل، والدخول في قوله (عليه السلام) في الخبر: فصاعدا. والأول أظهر. (وإنما يعقل ما يثبت بالبينة أو تصديق العاقلة). (فلو أقر الجاني بالقتل) أو الجرح (خطأ ألزم) الدية (في ماله) لئلا يطل دم المسلم. ومن العامة (8) من أسقطها (ولم يثبت على العاقلة شئ بإقراره) إذ لا يسمع الإقرار في حق الغير (إلا أن يصدقه) فيؤخذ بإقرار نفسه.
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 303 ب 5 من أبواب العاقلة ح 1. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 294. (3) التحرير: ج 5 ص 640. (4) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 484. (5) تبصرة المتعلمين: ص 218. (6) المصدر السابق. (7) التحرير: ج 5 ص 642. (8) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 503. 510 وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): لا يحمل العاقلة عمدا ولا اعترافا (1). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا (2). وعنه (عليه السلام): العاقلة لا تضمن عمدا ولا إقرارا ولا صلحا (3). ونحوه عن أبي جعفر (عليه السلام) (4). (وكذا لا يضمن العاقلة لو ثبت أصل القتل بالبينة فادعى) القاتل والولي (الخطأ وأنكرت العاقلة الخطأ فالقول قولهم مع اليمين، فيحلفون أنه تعمد) لجواز حصول العلم به (أو) أنهم (لم يعلموا الخطأ) فإنها لا يلزمهم ما لم يعلموا ويثبت عليهم بالبينة. (وكذا لا يعقل العاقلة صلحا) أي ما صولح عليه في العمد أو شبهه (ولا عمدا مع وجود القاتل) أو الجارح، كل ذلك للأصل، والأخبار (5) والإجماع. أما مع موت القاتل أو هربه ولا تركة فقد مر الكلام فيه. (وإن أوجبت) العمد (الدية) ابتداء (كقتل الأب ولده، والمسلم الذمي، والحر العبد) والهاشمة والمأمومة كانت الدية على الجاني دون العاقلة إجماعا. (ولو جنى على نفسه خطأ بقتل أو جرح لم تضمنه العاقلة، وكان هدرا) عندنا. وضمن العاقلة الأوزاعي (6) وأحمد (7) وإسحاق (8). (ودية جناية الذمي في ماله وإن كان خطأ) عندنا، وبه ما مر من صحيح أبي ولاد (9). والعامة (10) ضمنوها العاقلة وهم عصبته الذميون. (فإن لم يكن له مال فعلى الإمام) كما مر (وجناية الصبي والمجنون على العاقلة) عندنا
(1) راجع المغني لابن قدامة: ج 9 ص 503. (2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 416 ح 1449. (3) وسائل الشيعة: ج 19 ص 302 ب 3 من أبواب العاقلة ح 2. (4) المصدر السابق: ح 1. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 302 ب 3 من أبواب العاقلة. (6 و 8) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 509. (7) فتح الباري: ج 12 ص 218. (9) وسائل الشيعة: ج 19 ص 304 ب 6 من أبواب العاقلة ح 1. (10) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 507. 511 (إن كانت على نفس آدمي، سواء قصد أولا) فإن عمدهما خطأ وللشافعي (1) قول بأنها في مالهما. (والحر إذا قتل عبدا عمدا غرم قيمته في ماله، وإن كان خطأ فعلى عاقلته) كما في المبسوط (2) والخلاف (3) وغيرهما، وفيهما: الإجماع عليه، للعمومات. خلافا لأبي علي (4) فجعله في ماله لأنه مال واستحسنه في المختلف (5). (المطلب الثاني في قدر التوزيع): و (يقسط الإمام) أو نائبه (دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين) بإجماع الأمة، إلا من ربيعة، كما في الخلاف قال: فإنه قال: أجلها خمس سنين. قال: وفي الناس من قال إنها حالة غير مؤجلة (6) (يأخذ عند انسلاخ كل سنة ثلث دية، سواء كانت تامة) وهي دية الرجل الحر المسلم (أو ناقصة كدية المرأة والذمي) والجنين، للعموم. والشافعي (7) في أحد وجهيه يعتبر الناقصة بالكاملة فما كان منها ثلثها كدية اليهودي والنصراني عنده أو نقصت عنه كدية المجوسي والجنين يحل في السنة الأولى، وما زاد كدية المرأة يحل في سنتين: في الأولى بقدر الثلث، والباقي في الثانية. (والأرش) أي دية مادون النفس ما قدرت منها وما لم يقدر (إن كان أقل من الثلث أخذ في سنة واحدة) عند انقضاء الحول، لأن العاقلة لا يعقل حالا. (وإن كان أكثر حل الثلث عند انسلاخ الحول) الأول (والزائد عند انسلاخ الثاني إن كان ثلثا آخر فما دون، وإن كان أكثر حل الثلث الثاني عند انسلاخ الثاني. والزائد عند انسلاخ الثالث).
(1) المغني لابن قدامة: ج 9 ص 504. (2) المبسوط: ج 7 ص 158. (3) الخلاف: ج 5 ص 269 المسألة 85. (4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 9 ص 441. (5) مختلف الشيعة: ج 9 ص 441. (6) الخلاف: ج 5 ص 277 المسألة 97. (7) الحاوي الكبير: ج 12 ص 343. 512 (ولو كان) الأرش (أكثر من الدية كقطع يدين ورجلين فإن تعدد المجني عليه حل لكل واحد ثلث الدية بانسلاخ الحول الأول، وإن كان واحدا حل له ثلث لكل جناية) وهو (سدس دية) لأن العاقلة لا تعقل الواحد أكثر من هذا، فلا يستوفى الديتان منهم إلا عند انقضاء ست سنين. كل ذلك في المبسوط (1) والوسيلة (2). واستشكل فيه في التحرير (3) والشرائع (4) من حيث احتمال اختصاص التأجيل بدية النفس، لأنها مورد النص. وهو ممنوع، فإن في خبر أبي ولاد: أن دية الخطأ يستأدى في ثلاث سنين (5) وهي عامة. ويمكن أن يقال: إن القتل مع أنه أعظم من نقص الأطراف إذا كانت ديته يؤجل، فديات الأطراف وأروش الجنايات أولى به، مع أصل البراءة من الأداء حالة. وقد مر تأجيل الأرش ثلاث سنين مطلقا وهو خيرة التحرير (6) هنا، ونسب الاستيداء في آخر الحول الأول إن كان بقدر الثلث إلى المبسوط (7). (ولا ترجع العاقلة) بما يضمنه (على الجاني) وفاقا للمشهور، للأصل. خلافا للمفيد (8) وسلار (9). قال الشيخ: ولا أعرف به نصا، ولا قولا لأحد (10). (ويقسط على الغني عشرة قراريط، وعلى الفقير) بالنسبة إليه لا الذي لا يعقل، فالتعبير بالمتوسط كما في الخلاف (11) والوسيلة (12) أولى (خمسة)
(1) المبسوط: ج 7 ص 176. (2 و 12) الوسيلة: ص 437. (3) التحرير: ج 5 ص 567. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 289. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 150 ب 4 من أبواب ديات النفس ح 1. (6) التحرير: ج 5 ص 642. (7) المبسوط: ج 7 ص 177. (8) المقنعة: ص 753. (9) المراسم: ص 238. (10) المبسوط: ج 7 ص 174. (11) الخلاف: ج 5 ص 282 المسألة 105. 513 قراريط أي أن أكثر ما على الموسر نصف دينار، وأكثر ما على المتوسط ربعه، كما في المهذب (1). أو أنهما لازمان عليهما لا أقل منهما، للإجماع ولا أكثر، للأصل مع عدم الدليل، كما في موضع من الخلاف (2) والمبسوط (3). (وقيل) في موضع آخر منهما (4) وفي السرائر (5) والشرائع (6) والنافع (7) والجامع (8): (بحسب ما يراه الإمام) على حسب أحوالهم وبحيث لا يجحف بأحد منهم، إذ لا دليل على التقدير، والإجماع ممنوع، وهو خيرة المختلف (9) والتحرير (10) والتلخيص (11) والتبصرة (12). وكلام الشيخ في الكتابين يحتمل التفويض إلى رأي الإمام فيما زاد على القدرين دون ما نقص، لنفيه الخلاف فيهما عن وجوبهما. ثم في المبسوط: فمن قال يجب على الغني نصف دينار وعلى المتوسط ربع دينار، فهل يجب عليه ذلك في كل سنة حتى يتكامل في ثلاث سنين دينار ونصف، أو يكون النصف عليه في ثلاث سنين في كل سنة دانق وعلى المتوسط نصف دانق؟ قال قوم: هذا النصف على كل واحد في ثلاث سنين، ومنهم من قال في كل سنة. وسواء قيل يلزمه النصف في كل سنة أو كل ثلاث سنين، نظرت فإن كانت الإبل موجودة فعليهم جميع ذلك، ولا يقبل منهم سهم من حيوان، لأنه يشق على الدافع ويضيع على المدفوع إليه، فإن أعوزت الإبل انتقل إلى ما مضى القول فيه من البدل على الخلاف فيه (13).
(1) المهذب: ج 2 ص 504. (2) الخلاف: ج 5 ص 283 المسألة 105. (3) المبسوط: ج 7 ص 178. (4) الخلاف: ج 5 ص 286 المسألة 110، المبسوط: ج 7 ص 180. (5) السرائر: ج 3 ص 332. (6) شرائع الإسلام: ج 4 ص 290. (7) المختصر النافع: ص 308. (8) الجامع للشرائع: ص 576. (9) مختلف الشيعة: ج 9 ص 293. (10) التحرير: ج 5 ص 643. (11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 485. (12) تبصرة المتعلمين: ص 218. (13) المبسوط: ج 7 ص 178. 514 وإذا اجتمع في العاقلة القريب (و) البعيد فإنه (يأخذ) الدية (من القريب) ولا يشرك بينه وبين البعيد (فإن اتسعت) حتى لا يمكن استيفاؤها منه على أحد الوجهين من التقدير بالنصف أو الربع أو عدمه (تخطى) الأخذ (إلى البعيد، فإن اتسعت فإلى الأبعد، حتى أنه يأخذ من الموالي مع وجود العصبة إذا عمهم التقسيط) ولم يكمل (فإن اتسعت الدية) حتى زادت عليهم أيضا (أخذت من عصبة المولى، ولو زادت فعلى مولى الموالي) وهكذا. وفاقا للخلاف (1) والشرائع (2) والنافع (3) والسرائر (4) والمهذب (5) لقوله تعالى: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " (6) لعمومه في جميع الأشياء، قال الشيخ: وأيضا فلا يخلو إما أن يكون على الأقرب وحده أو على من قرب وبعد كما قالوا، أو على الأقرب فالأقرب كما قلناه. وبطل أن يكون كلها على الأقرب لأنه لا خلاف في ذلك. وبطل أن يقال: على الكل، لما قلناه في الآية فكان على الأقرب فالأقرب كالميراث والولاية في النكاح (7) قلت: ويؤيده ما تقدم من خبري البزنطي (8) وأبي بصير (9) فيمن هرب فمات، وأن الأصل براءة البعيد ما أمكن الأخذ من القريب. وخلافا للجامع (10) والمبسوط في وجه قال: قد مضى أن قدر ما يحمله الغني كل واحد نصف دينار والمتجمل ربع دينار، وقال بعضهم: على كل واحد من ثلاثة إلى أربعة، والغني والمتوسط سواء. ومن قال بالأول قال: يقسم على الأقرب فالأقرب حتى يستوفى، ومن قال بالثاني قال: يقسم على جميع العاقلة لا يبدأ
(1) الخلاف: ج 5 ص 277. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 290. (3) المختصر النافع: ص 308. (4) السرائر: ج 3 ص 335. (5) المهذب: ج 2 ص 505. (6) الأنفال: 75. (7) الخلاف: ج 5 ص 282. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 303 ب 4 من أبواب العاقلة ح 1. (9) المصدر السابق: ح 3. (10) الجامع للشرائع: ص 576. 515 بالأقرب فالأقرب، والذي يقتضيه مذهبنا أن لا يقدر ذلك بل يقسم الإمام على ما يراه من حاله من الغني والفقير، وله أن يفرقه على القريب والبعيد، وإن قلنا يقدم الأولى فالأولى كان قويا، لقوله تعالى: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " وذلك عام (1) انتهى. والمحقق (2) والمصنف (3) في غير الكتاب لا يريان التقدير بالنصف أو الربع، ويريان تقديم الأقرب فالأقرب. (فإن زادت الدية عن العاقلة أجمع فالزائد على الإمام) من بيت ماله أو بيت مال المسلمين على ما تقدم من الخلاف، لأنه من العاقلة وهو قول الشيخ في المبسوط (4) بناء على الترتيب الذي بناه على التقدير بالنصف والربع، وتبعه القاضي (5). (فلو كانت الدية دينارا وله أخ لا غير) قال: (اخذ منه نصف دينار، والباقي من بيت المال (6) وقيل) في الشرائع (7): بل الكل (على الأخ، لأن ضمان الإمام مشروط بعدم العاقلة أو عجزهم) كما في خبري سلمة (8) ويونس (9) لأصل البراءة معهم، وهو خيرة الخلاف، قال: إن الأخبار عامة في أن الدية على العاقلة، فمن نقلها أو بعضها إلى بيت المال فعليه الدلالة (10). وبناء على التقدير بالنصف (و) الربع (لو زادت العاقلة على الدية قيل) في المبسوط (11): (يخص الإمام) بها (من شاء) منهم، لأن في توزيعها على الكل بالحصص مشقة (والأقرب التوزيع على الجميع) كما في الخلاف (12) والشرائع (13) لتعلقها بالجميع، ولا دليل على التخصيص، والمشقة غير صالحة له
(1) المبسوط: ج 7 ص 178. (2) المختصر النافع: ص 308. (3) تبصرة المتعلمين: ص 218. (4) المبسوط: ج 7 ص 178. (5 و 6) المهذب: ج 2 ص 504. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 290. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 300 ب 2 من أبواب العاقلة ح 1. (9) المصدر السابق ص 304 ب 6 ح 1. (10) الخلاف: ج 5 ص 279 المسألة 100. (11) المبسوط: ج 7 ص 180. (12) الخلاف: ج 5 ص 286 المسألة 110. (13) شرائع الإسلام: ج 4 ص 290. 516 والأصل البراءة (فإن غاب بعض العاقلة لم يخص بها الحاضر) كما قاله الشافعي (1) في أحد وجهيه (بل أخذ من الحاضر قسطه وانتظر الغائب) لاشتراك العلة ولا مخصص. وخبر الحكم بن عيينة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا كان الخطأ من القاتل أو الخطأ من الجارح وكان بدويا فدية ما جنى البدوي من الخطأ على أوليائه من البدويين، وإذا كان القاتل أو الجارح قرويا فإن دية ما جنى من الخطأ على أوليائه من القرويين (2) ضعيف. (ولو مات بعض العاقلة في أثناء الحول سقط ما قسط عليه، وأخذ من غيره) لعدم استقراره عليه قبل انقضائه. (ولو مات بعد الانقضاء أخذ من تركته) كسائر ديونه. وأسقطه أبو حنيفة (3). (وأول مدة التأجيل في) الجناية على (النفس من حين الوفاة) سواء كان القتل توجبه أو بالسراية، لأن الابتداء من حين وجوب الدية ولا وجوب قبله، وإذا سرى الجرح دخل في النفس ولم يعتبر إلا حال الدخول فيها (وفي) الجناية على (الطرف من حين الجناية) عليه، فإنه حين الوجوب (لا الاندمال، وفي السراية) من العضو إلى غيره (وقت الاندمال) لاختلاف وقتي الوجوب والاستقرار حينئذ، ولا يعلم الاستقرار إلا بالاندمال، بخلاف ما إذا لم يسر، فإن وقت الوجوب فيه وقت الاستقرار. (ولا يفتقر ضرب الأجل) عندنا (إلى حكم الحاكم) للأصل خلافا لأبي حنيفة (4). (ولو كانت العاقلة في بلد آخر) غير بلد الحاكم (كوتب حاكمه ليوزعها عليهم) كما كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عامله بالموصل (5) (كما لو
(1) المجموع: ج 19 ص 163. (2) وسائل الشيعة: ج 19 ص 305 ب 8 من أبواب العاقلة ح 1. (3) المغني لابن قدامه: ج 9 ص 522. (4) المجموع: ج 19 ص 152. (5) وسائل الشيعة: ج 19 ص 301 ب 2 من أبواب العاقلة ح 1. 517 كان القاتل هناك). (ولو فقدت العاقلة أو كانوا فقراء أو عجزوا) في أثناء الحول (عن الدية أخذت من مال الجاني، فإن لم يكن له مال فعلى الإمام) من بيت ماله أو بيت مال المسلمين وفاقا للمقنعة (1) والنهاية (2) والغنية (3) والشرائع (4) والإصباح (5) لما مر من خبر الحلبي عن الصادق (عليه السلام) فيمن ضرب غيره فسألت عيناه وقام المضروب فقتل ضاربه: أنه لا قود على الضارب لعماه، والدية على عاقلته، فإن لم يكن له عاقلة ففي ماله إلى ثلاث سنين (6) ولأن الأصل لزوم الجناية على الجاني. (وقيل) في المبسوط (7) والسرائر (8) والمهذب (9) (إن ضمان الإمام مقدم على ضمان الجاني) لأن دية الخطأ تتعلق ابتداء بالعاقلة فالأصل براءة ذمة غيره وهو الجاني، ولأن الإمام من العاقلة اتفاقا مع الاتفاق على أن الجاني لا يدخل فيهم. (ودية عمد الخطأ والعمد المحض في مال الجاني خاصة) كما مر غير مرة. (فإن مات أو هرب أو قتل، قيل) في النهاية (10) وغيرها: (أخذت من الأقرب إليه ممن يرث ديته، فإن لم يكن فمن بيت المال) ولعل المراد إذا لم يكن له تركة. (وقيل) في السرائر (11): بل (على الجاني، وينتظر قدومه) إذا كان غائبا، وقد مر الكلام فيه (أو) ينتظر (غناه) إن كان فقيرا. وهذه العبارة توهم أن في القول الأول: أنه إن كان فقيرا أخذت الدية من الأقرب إليه، فإن لم يكن فمن بيت المال. ولم نظفر بهذا القول، بل الشيخ (12) ومن تبعه في ذلك صرحوا
(1) المقنعة: ص 743. (2) النهاية: ج 3 ص 368. (3) الغنية: ص 413. (4) شرائع الإسلام: ج 4 ص 291. (5) إصباح الشيعة: ص 500. (6) وسائل الشيعة: ج 19 ص 306 ب 10 من أبواب العاقلة ح 1. (7) المبسوط: ج 7 ص 179. (8 و 11) السرائر: ج 3 ص 335. (9) المهذب: ج 2 ص 506. (10 و 12) النهاية: ج 3 ص 370. 518 بأنه إن لم يكن للجاني مال استسعى فيها، أو يكون في ذمته إلى أن يوسع الله عليه. (ولو أقر بنسب مجهول ألحق به) إذ لا منازع (فإن أقام آخر بينة به) أي بالنسب له (قضي له وأبطل الأول، فإن ادعاه ثالث وأقام بينة بولادته على فراشه فهو أولى) من الثاني ويلحق به (لأن بينته كما شهدت بالنسب شهدت بالسبب) وقد علمت أن البينة المتعرضة للسبب أقدم من المطلقة. (فإذا قتله الثالث عمدا) لم يقتل به، للحكم بأبوته له و (غرم الدية لغيره من الوارث) وإن فقدوا فللإمام. (وإن كان خطأ ألزمت) الدية (العاقلة) وإن أنكروا نسبه (ولا يرث الأب منها شيئا) لأنه قاتله. (ولو لم يكن) له (وارث سوى العاقلة فلا دية) إذ لا ضمان على الإنسان لنفسه، كذا في السرائر (1) والجامع (2). ويحتمل قويا مع تعددها واختلافهم بالغني والفقر أن يضمن الغني حصة الفقير، وكذا إذا اختلفوا بالغني والتوسط أن يضمن الغني تتمة حصة المتوسط لاختلاف ما عليهما قدرا بما يراه الحاكم أو بالنصف والربع. (وإن قلنا: إن القاتل خطأ يرث) المقتول (ففي إرثه هنا (3) نظر): من أنه الجاني ولا يعقل ضمان الغير له جناية جناها والعاقلة إنما يضمن جنايته للغير، وهو خيرة النهاية (4) والإرشاد (5) والتحرير (6) والتلخيص (7). ومن وجوب الدية على العاقلة وهو وارث فيرث لوجود السبب وانتفاء المانع (وكذلك) الكلام في (كل أب قتل ولده عمدا أو خطأ، أو الابن إذا قتل أباه خطأ). * * *
(1) السرائر: ج 3 ص 337. (2) الجامع للشرائع: ص 575. (3) في نسخة من القواعد: منها. (4) النهاية: ج 3 ص 367. (5) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 231. (6) التحرير: ج 5 ص 645. (7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 40 ص 485. 519 (خاتمة) (تجب كفارة الجمع) بالنصوص (1) والإجماع كما في الخلاف (2) والغنية (3) (في القتل عمدا ظلما للمسلم ومن هو بحكمه من الأطفال) قال في التحرير: وإن كان جنينا لم يلجه الروح بعد تمام خلقته (4). وهو قول الشافعي (5). ولا دليل عليه. (والمجانين، سواء كان القتيل ذكرا أو أنثى، حرا أو عبدا) للعموم، وحكي عن مالك (6) عدمها في العبد (وإن كان عبد القاتل) كما في النهاية (7) والسرائر (8) والشرائع (9) للعمومات وخصوص قول الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي بصير: من قتل عبده متعمدا فعليه أن يعتق رقبة ويطعم ستين مسكينا ويصوم شهرين متتابعين (10). خلافا لكفارات النهاية (11) والمهذب (12) لقوله (عليه السلام) في صحيحة الحلبي: يعجبني أن يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكينا (13) لإشعار يعجب بالفضل وليس نصا. وقوله (عليه السلام) في خبر المعلى وأبي بصير: من قتل عبده متعمدا فعليه أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا (14). وأجاب عنه في المختلف بحمل " أو " على الواو، أو القتل على الخطأ وإرادة التفصيل دون التخيير (15). وقال المفيد: عليه عتق رقبة مؤمنة وإن أضاف إليه صيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا فهو أفضل وأحوط له
(1) وسائل الشيعة: ج 19 ص 21 ب 10 من أبواب القصاص في النفس. (2) الخلاف: ج 5 ص 322 المسألة 6. (3) الغنية: ص 412. (4) التحرير: ج 5 ص 635. (5) المجموع: ج 19 ص 185. (6) المجموع: ج 19 ص 187. (7) النهاية: ج 3 ص 394. (8) السرائر: ج 3 ص 355. (9) شرائع الإسلام: ج 4 ص 287. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 67 ب 37 من أبواب القصاص في النفس ح 3. (11) النهاية: ج 3 ص 71. (12) المهذب: ج 2 ص 424. (13) وسائل الشيعة: ج 15 ص 581 ب 29 من أبواب الكفارات ح 1. (14) المصدر السابق: ح 2. (15) مختلف الشيعة: ج 8 ص 223. 520 في كفارة ذنبه إن شاء الله (1). (وإن كان القتل خطأ أو عمد الخطأ فكفارة مرتبة) خلافا لسلار (2) وابن زهرة (3) فخيرا ويوهمه كلام المفيد (4). والكتاب (5) والسنة (6) يدفعانه. وإنما يجب الكفارة فيهما (إن كان القتل مباشرة، ولا يجب لو كان تسبيبا، كمن حفر بئرا فوقع فيها إنسان فمات، أو نصب سكينا في طريق، أو وضع حجرا فتعثر به إنسان فمات، فإن الدية تجب على فاعل ذلك) أو عاقلته مع ما عرفت من الشروط (دون الكفارة) للأصل، وعدم تبادره إلى الفهم من القتل الوارد في النصوص (7). خلافا للشافعي (8). (ولا كفارة في قتل الكافر وإن كان قتله حراما كالذمي والمعاهد، سواء كان عمدا أو خطأ) عندنا. خلافا للعامة (9) لتوهمهم من الآية ذلك. (ولو قتل مسلما في دار الحرب عالما بإسلامه) فإن كان لضرورة كما إذا تترس به الكفار فلا قود ولا دية وفيه الكفارة، كما تقدم في الجهاد (فإن كان لا لضرورة فالقود) عندنا (إن كان عمدا، والدية إن كان خطأ، وعليه الكفارة) على التقديرين إلا إذا أقيد منه على قول، كل ذلك لعموم أدلتها، وسواء أسلم فيها ولم يهاجر، أو هاجر وعاد لحاجة، أو لغيرها. وقال مالك (10): فيه الدية والكفارة على كل حال. وقال أبو حنيفة (11): إن كان أسلم فيها ولم يهاجر فالكفارة، ولا قود ولادية.
(1) المقنعة: ص 749. (2) المراسم: ص 187. (3) الغنية: ص 408. (4) المقنعة: ص 570 - 571. (5) النساء: 92. (6) وسائل الشيعة: ج 15 ص 559 ب 10 من أبواب الكفارات. (7) وسائل الشيعة: ج 19 ص 179 ب 8 من أبواب موجبات الضمان. (8) المجموع: ج 19 ص 184. (9) المجموع: ج 19 ص 187. (10) الجامع لأحكام القرآن: ج 5 ص 323 - 324. (11) الشرح الكبير: ج 9 ص 382 - 383. 521 (وإن ظنه كافرا فلا قود) اتفاقا وإن قتله عمدا (وعليه الكفارة دون الدية) وفاقا للشيخ (1) والمحقق (2) ويظهر الاتفاق من المبسوط (3): لأنه تعالى قال: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " ثم قال: " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " ولم يذكر الدية، ثم قال: " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة " ففهمنا من الثاني: أن المؤمن يكون في دار الحرب يظن كافرا فيقتل لا دية له، وإلا لم يظهر وجه للتفصيل وإهمال الدية فيه. وخلافا لابن إدريس: لئلا يطل دم المسلم (4). هذا في مؤمن كان في دار الحرب من غير إلجاء وضرورة. (ولو بان أسيرا) للكفار لا يمكنه الخروج (فعليه الدية والكفارة) وفاقا للخلاف (5) والمبسوط (6) (لعجز الأسير عن التخلص) فلم يفرط منه ما يهدر دمه مع عموم نصوص الدية. وتردد المحقق (7) لعموم ما مر. (وقاتل العمد إذا أخذت الدية) أو أقل أو أكثر (منه صلحا) أولم يوجب قتله قودا أو عفي عنه (وجبت الكفارة إجماعا) خلافا للحنفية والثوري (8). (وإن قتل قودا قيل) في المبسوط (9) والسرائر (10) وظاهر المقنعة (11) والمهذب (12) والوسيلة (13): (لا تجب الكفارة في ماله) للأصل، ونحو قول الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن سنان: كفارة الدم إذا قتل الرجل مؤمنا متعمدا
(1) الخلاف: ج 5 ص 320 المسألة 3. (2) شرائع الإسلام: ج 4 ص 287. (3) المبسوط: ج 7 ص 244. (4) السرائر: ج 3 ص 320. (5) الخلاف: ج 5 ص 321 المسألة 5. (6) المبسوط: ج 7 ص 246. (7) شرائع الإسلام: ج 4 ص 287. (8) الشرح الكبير: ج 9 ص 670. (9) المبسوط: ج 7 ص 246. (10) السرائر: ج 3 ص 331. (11) المقنعة: ص 736. (12) المهذب: ج 2 ص 469. (13) الوسيلة: ص 432. 522 فعليه أن يمكن نفسه من أوليائه، فإن قتلوه فقد أدى ما عليه إذا كان نادما على ما كان منه، عازما على ترك العود، وإن عفي عنه فعليه أن يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، وأن يندم على ما كان منه، ويعزم على ترك العود، ويستغفر الله أبدا ما بقي (1). وقوى الوجوب في المختلف والتحرير (2) لوجود المقتضي. وهو ممنوع. وتردد المحقق (3). (ولو تعدد القاتل فعلى كل واحد كفارة كاملة) بالإجماع، وعموم النصوص (4). خلافا لعثمان البتى، وحكاية عن الشافعي (5). (ولا تسقط الكفارة بأمر المقتول بقتل نفسه) إذ لا دليل عليه. (ولو قتل صبي أو مجنون مسلما ففي إيجاب الكفارة) في ماله (نظر، أقربه العدم) للأصل مع عدم التكليف، وهو خيرة السرائر (6). وخيرة المبسوط (7) الوجوب، لعموم النصوص (8) وعدم اشتراطها هنا بالإثم، لوجوبها على المخطئ. وكلام الخلاف (9) يعطي التردد. وعلى الوجوب فليس إلا العتق أو الإطعام لأن عمدهما خطأ ولا يكلفان بالصوم حين الجناية، والأصل البراءة بعد الكمال. (والأقرب وجوبها على الذمي) والحربي، لعموم النصوص (10) مع تكليف الكافر عندنا بالفروع (لكن تسقط بإسلامه) فإنه يجب ما قبله. ويحتمل عدم الوجوب بناء على أنها مكفرة للذنب ولا يكفر ذنب الكافر.
(1) وسائل الشيعة: ج 15 ص 579 ب 28 من أبواب الكفارات ح 2. (2) مختلف الشيعة: ج 9 ص 289، التحرير: ج 5 ص 635. (3) شرائع الإسلام: ج 4 ص 287. (4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 29 من أبواب القصاص في النفس. (5) المجموع: ج 19 ص 189. (6) السرائر: ج 3 ص 331. (7) المبسوط: ج 7 ص 246. (8) وسائل الشيعة: ج 19 ص 66 ب 36 من أبواب قصاص النفس. (9) الخلاف: ج 5 ص 324 المسألة 9. (10) وسائل الشيعة: ج 19 ص 79 ب 47 من أبواب قصاص النفس. 523 (و) الأقرب وجوبها (على قاتل نفسه) في ماله، للعموم. ويحتمل العدم، لأنها لا تجب ما لم يتحقق الموت وإذا تحقق لم يكن من أهل التكليف، وهو خيرة التحرير (1). (ولو قتل من أباح الشرع قتله - كالزاني بعد الإحصان وقاطع الطريق - فلا كفارة) بقتله وإن حكم بإيمانه ولم يكن القاتل ممن له قتله، لانتفاء حرمته شرعا وخروجه عن النصوص قطعا. والإثم بتصديه لما ليس له - لعدم إذن الإمام - لا يوجب الكفارة. (ولو تصادمت الحاملان) فماتتا مع جنينيهما (ضمنت كل واحدة أربع كفارات إن ولجت الروح) الجنين وقلنا بوجوبها على القاتل نفسه، لاشتراك كل منهما مع الأخرى في قتل أربع أنفس (وإلا) تلجه الروح (فلا كفارة فيه) وإنما عليهما كفارة قتل أنفسهما، فعلى كل كفارتان. وعلى ما قدمنا حكايته عن التحرير لا فرق بين الولوج وعدمه. فهذا جناي في الجنايات وخياره فيه وحسبكم به، فليكن كل جان يده على فيه. (وصية) (اعلم يا بني - أعانك الله تعالى على طاعته) فإنها رأس الدين، وإنما خلق الله الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيدا قرشيا، وإنما خلق الإنس والجن ليعبدوه. (ووفقك لفعل الخير) ففاعل الخير خير منه، ومن يزرع خيرا يحصد رغبة (2) ومن يزرع شرا يحصد ندامة. وسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الخير، فقال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم عملك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله، ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل اقترف ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع في الخيرات (3). ويجوز
(1) التحرير: ج 5 ص 635. (2) في ل و ط: رقبة. (3) نهج البلاغة (صبحي الصالح): ص 484 قصار الحكم 94. 524 أن يريد بالخير المعروف والإحسان إلى الغير. وعنه (عليه السلام): الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعباده (1). ويكون المراد بالطاعة العبادات التي لا يتعدى نفعها إلى الغير من الصلاة والصوم ونحوهما، وعلى الأول فإما المراد بها العبادات وذكر الخير ذكر خاص بعد العام، أو الانقياد والاستسلام لقضائه أو لأوامره، والاستسلام لأوامره ملزوم للامتثال الذي هو فعل الخير بذلك المعنى (وملازمته) فإن الخير عادة، وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل (وأرشدك إلى ما يحبه ويرضاه) من المعارف والأعمال. (وبلغك ما تأمله من الخير) دينية ودنيوية (وتتمناه، وأسعدك في الدارين. وحباك) فيهما (بكل ما تقر به العين، ومد لك في العمر السعيد) أي الميمون أو ذي السعادة خلاف الشقاوة، عن النبي (صلى الله عليه وآله): السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة الله (2) (والعيش الرغيد) أي الواسع، فإن ضنك المعيشة يعوق عن كل خير، ويؤدي إلى كفران النعم، بل كاد الفقر يكون كفرا. وعنه قوله (صلى الله عليه وآله): اللهم أسألك عيشة سوية (3) وقوله: اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك (4). (وختم أعمالك بالصالحات) فعنه (صلى الله عليه وآله): الأعمال بالخواتيم (5). وعنه (صلى الله عليه وآله): من مات على خير عمله، فارجوا له خيرا (6). (ورزقك أسباب السعادات) في الدارين (وأفاض عليك من عظائم البركات) في الدين والدنيا (ووقاك الله) أي صانك في الدارين عن (كل محذور) في الدين أو النفس أو البدن أو الأهل أو المال أو غيرها (ودفع عنك) فيهما (الشرور - إني قد لخصت لك في هذا الكتاب لب فتاوى الأحكام) بالإتيان به محذوف الزوائد، فليس فيه تطويل ممل ولا إيجاز مخل (وبينت لك
(1) عوالي اللآلي: ج 1 ص 372 ح 85. (2) تاريخ بغداد: ج 6 ص 17. (3) عوالي اللآلي: ج 1 ص 29 ذيل الحديث 10. (4) بحار الأنوار: ج 94 ص 214 ح 11. (5) بحار الأنوار: ج 100 ص 352 ح 34. (6) كنز العمال: ج 15 ص 694 ح 42779. 525 فيه قواعد شرائع الإسلام بألفاظ مختصرة وعبارات محررة) عن الحشو والزوائد والتعقيد والانغلاق (وأوضحت لك فيه نهج الرشاد) إلى الشرائع (وطريق السداد) أي إصابة الحق فيها، ومن إصابته الترددات مع الترجيح، ولا معه (وذلك بعد أن بلغت من العمر الخمسين ودخلت في عشر الستين) وتسميها العرب دقاقة الرقاب (وقد حكم سيد البرايا (صلى الله عليه وآله) بأنها مبدأ اعتراك المنايا) أي ازدحامها، ففي الشهاب (1) عنه (عليه السلام): معترك المنايا ما بين الستين إلى سبعين. وعنه (عليه السلام): أعمار أمتي ما بين الستين إلى سبعين (2). (فإن حكم الله تعالى علي فيها بأمره وقضى فيها بقدره وأنفذ ما حكم به على العباد الحاضر منهم والباد) من الموت (فإني أوصيك) نائب مناب الجزاء أي فاعمل بما أوصيك وصية (كما افترض الله علي من الوصية وأمرني به حين إدراك المنية) في كتابه الكريم وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) والكاف إما زائدة أو أراد بيان قصور ما يأتي به عما افترض عليه، وكذلك ينبغي للعبد أن يرى ما يأتي به من الفرائض أو النوافل قاصرة وإن بذل فيها مجهوده (بملازمة تقوى الله تعالى، فإنها السنة القائمة) أي الطريقة الثابتة التي لا يتطرق إليها نسخ، أو يجب المواظبة عليها في كل حال، ليست كسائر السنن تفعل حينا دون حين. ولما استشعر من لفظة " السنة " توهم عدم افتراضها، دفعه بقوله: (والفريضة اللازمة و) إنها (الجنة الواقية) من الخزي والعذاب في الدنيا والآخرة، فقد قال تعالى: " ولباس التقوى ذلك خير " (3) (والعدة الباقية) للفوز بالدرجات " فإن خير الزاد التقوى " (4) و " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (5) (وأنفع ما أعده الإنسان ليوم تشخص فيه الأبصار) تبقى متفتحة من غير طرف، للأهوال
(1) لم نتحقق المراد منه، والرواية نقلها الصدوق في معاني الأخبار: ص 402 ح 66. (2) كنزالعمال: ج 15 ص 677 ح 42697. (3) الأعراف: 26. (4) البقرة: 197. (5) الحجرات: 13. 526 (وتعدم عنه الأنصار) وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا يقل عمل مع تقوى، وكيف يقل ما يتقبل (1). وعنه (عليه السلام): أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه (2). وعن الصادق (عليه السلام): ما نقل الله عز وجل عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه الله من غير مال، وأعزه من غير عشيرة، وآنسه من غير بشر (3). وقال (عليه السلام) للمفضل ابن عمر: إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير بلا تقوى. قال المفضل: كيف يكون كثير بلا تقوى؟ قال: نعم مثل الرجل يطعم طعامه ويرفق جيرانه ويوطئ رحله فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه، فهذا العمل بلا تقوى (4). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): لو أن السماوات والأرض كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله، لجعل له منهما مخرجا (5). وعنه (عليه السلام): اعلموا أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبارون المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ والمتجر المربح (6). (وعليك باتباع أوامر الله تعالى، وفعل ما يرضيه) من الطاعات والمبرات (واجتناب ما يكرهه، والانزجار عن نواهيه) وفي وصيته (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: ولا تنظر إلى صغر الخطيئة، وانظر إلى من عصيت (7). (وقطع زمانك في تحصيل الكمالات النفسانية وصرف أوقاتك في اقتناء الفضائل العلمية، والارتقاء عن حضيض النقصان إلى ذروة الكمال، والارتفاع إلى أوج العرفان عن مهبط الجهال) وفي الوصية لأبي ذر: وكن
(1) الكافي: ج 2 ص 75 ح 5. (2) الكافي: ج 2 ص 74 ح 3. (3 و 4) الكافي: ج 2 ص 76 ح 8 و 7. (5) نهج البلاغة: ص 188 الخطبة 130. (6) نهج البلاغة: ص 383 كتاب 27. (7) البحار 77: 77 ح 3. 527 على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك (1). وفيها: لا تنطق فيما لا يعنيك، فإنك لست منه في شئ، فاخزن لسانك كما تخزن رزقك (2) (وبذل المعروف) فمن بذل معروفه استحق الرئاسة، وصنائع المعروف نفي مصارع السوء، وأن للجنة بابا يقال له: المعروف، لا يدخله إلا أهل المعروف، وإن الله تعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة أمر ريحا عبقة طيبة فلزقت بأهل المعروف، فلا يمر أحد منهم بملأ من أهل الجنة إلا وجدوا ريحه، فقالوا: هذا من أهل المعروف (ومساعدة الإخوان) فعن الصادق (عليه السلام) قال الله عز وجل: الخلق عيالي، فأحبهم إلي ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم (3). وقال: من طاف بهذا البيت طوافا واحدا كتب الله عز وجل له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة، حتى إذا كان عند الملتزم فتح له سبعة أبواب من أبواب الجنة، قيل: هذا الفضل كله في الطواف؟ قال: نعم وأخبرك بأفضل من ذلك، قضاء حاجة المسلم أفضل من طواف وطواف... حتى بلغ عشرا (4) وقال: من قضى لأخيه المؤمن حاجة، قضى الله عز وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة، من ذلك أولها الجنة، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا (5). وقال: من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم (6). وقال في قوله " وجعلني مباركا أينما كنت " (7) أي نفاعا. (ومقابلة المسئ بالإحسان) فعنه (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك (8). وعن علي بن الحسين (عليهما السلام): إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثم ينادي مناد
(1) مكارم الأخلاق: ج 2 ص 364. (2) مكارم الأخلاق: ج 2 ص 365. (3) الكافي: ج 2 ص 199 ح 10. (4) الكافي: ج 2 ص 194 ح 8. (5) الكافي: ج 2 ص 193 ح 1. (6) الكافي: ج 2 ص 164 ح 4. (7) مريم: 31. (8) الكافي: ج 2 ص 107 ح 1. 528 أين أهل الفضل؟ فيقوم عنق من الناس، فيلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، فيقال لهم: صدقتم أدخلوا الجنة (1). وعن ابنه أبي جعفر الباقر (عليه السلام): ثلاث لا يزيد الله بهن المرء المسلم إلا عزا: الصفح عمن ظلمه، وإعطاء من حرمه، والصلة لمن قطعه (2). (و) مقابلة (المحسن بالامتنان) فعن الصادق (عليه السلام): لعن الله قاطعي سبل المعروف، قيل: وما قاطعوا سبل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره، فيمتنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره (3). (وإياك ومصاحبة الأرذال ومعاشرة الجهال، فإنها تفيد خلقا ذميما، وملكة رديئة) فعنه (صلى الله عليه وآله): ثلاثة مجالستهم تميت القلوب: الجلوس مع الأنذال، والحديث مع النساء، والجلوس مع الأغنياء (4) وعن عيسى (عليه السلام) قال: إن صاحب الشر يعدي، وقرين السوء يردي، فانظر من تقارن (5). وعن الصادق (عليه السلام): إن كنت تحب أن تستتب لك النعمة وتكمل لك المروءة وتصلح لك المعيشة، فلا تشارك العبيد والسفلة في أمرك، فإنك إن ائتمنتهم خانوك، وإن حدثوك كذبوك، وإن نكبت خذلوك، وإن وعدوك أخلفوك (6) (بل عليك بملازمة العلماء ومجالسة الفضلاء، فإنها تفيد استعدادا تاما لتحصيل الكمالات وتثمر لك (7) ملكة راسخة لاستنباط المجهولات) فعنه (صلى الله عليه وآله): مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة (8). وفي وصيته لأبي ذر: المتقون سادة والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة (9). وعن أبي الحسن موسى (عليه السلام): محادثة العالم على المزابل خير من محادثة
(1) المصدر السابق: ح 4. (2) الكافي: ج 2 ص 108 ح 10. (3) الكافي: ج 4 ص 33 ح 1. (4) الكافي: ج 2 ص 641 ح 8. (5) الكافي: ج 2 ص 640 ح 4. (6) الكافي: ج 2 ص 640 ح 5. (7) في نسخة من القواعد: ذلك. (8) ثواب الأعمال: ص 160 ح 1. (9) مكارم الاخلاق: ج 2 ص 365. 529 الجاهل على الزرابي (1). (وليكن يومك خيرا من أمسك) فالمغبون من اعتدل يوماه. (وعليك بالصبر) على الطاعات والنوائب وعن المعاصي، فعنه (صلى الله عليه وآله): الصبر نصف الإيمان (2). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): الصبر ثلاثة: صبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائه كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرضين إلى العرش، ومن صبر على الطاعة كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش (3) (والتوكل) " فمن يتوكل على الله فهو حسبه " (4). وعنه (عليه السلام): من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه (5). (والرضا) بقضائه، فقيل أول شئ كتب الله في اللوح المحفوظ: إني أنا الله لا إله إلا أنا، ومحمد رسولي، من استسلم لقضائي وصبر على بلائي وشكر لنعمائي كتبته صديقا وبعثته مع الصديقين، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر لنعمائي فليتخذ إلها سواي (6). وعن داود (عليه السلام): أنه قال لابنه سليمان صلوات الله عليهما: يا بني إنما يستدل على تقوى الله الرجل بثلاث: حسن التوكل فيما لم ينل، وحسن الرضا فيما قد نال، وحسن الصبر فيما قد فات (7).
(1) الكافي: ج 1 ص 39 ح 2. (2) مسكن الفؤاد: 47. (3) الكافي: ج 2 ص 91 ح 15. (4) الطلاق: 3. (5) مشكاة الأنوار: ص 18. (6) إتحاف السادة المتقين: ج 9 ص 652. (7) لم نقف عليه. 530 (وحاسب نفسك في كل يوم وليلة) ففي الوصية لأبي ذر: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه، فيعلم من أين مطعمه ومن أين مشربه ومن أين ملبسه، أمن حل أو من حرام (1). وفيها: حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه أهون لحسابك غدا، وزن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى منك خافية (2). (وأكثر من الاستغفار لربك) فعنه (صلى الله عليه وآله): خير الدعاء الاستغفار (3). وعنه: الاستغفار وقول لا إله إلا الله خير العبادة (4). وكان (صلى الله عليه وآله) يستغفر كل غداة يوم سبعين مرة (5) وكان لا يقوم من مجلس وإن خف حتى يستغفر الله عزوجل خمسا وعشرين مرة (6). وعن الصادق (عليه السلام): إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ (7). (واتق دعاء المظلوم) فعنه (صلى الله عليه وآله) دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه (8). وعنه: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده (9). وعنه (صلى الله عليه وآله) إياكم ودعوة المظلوم، فإنها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله عز وجل إليها، فيقول: ارفعوها حتى أستجيب له. وإياكم ودعوة الوالد، فإنها أحد من السيف (10). وعنه (صلى الله عليه وآله): أربعة لا ترد لهم دعوة حتى يفتح لهم أبواب السماء ويصير إلى العرش: الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر (11). وعن الصادق (عليه السلام): اتقوا الظلم، فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء (12). وعن أبيه (عليه السلام) خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى: دعوة الإمام المقسط، ودعوة
(1) مكارم الأخلاق: ج 2 ص 375. (2) مكارم الأخلاق: ج 2 ص 371. (3) الكافي: ج 2 ص 504 ح 1. (4) الكافي: ج 2 ص 505 ح 6. (5) الكافي: ج 2 ص 504 ح 5. (6) الكافي: ج 2 ص 505 ح 4. (7) الكافي: ج 2 ص 504 ح 2. (8) أمالي الشيخ الطوسي: ج 1 ص 317. (9) بحار الأنوار: ج 74 ص 84 ح 94. (10) الكافي: ج 2 ص 509 ح 3. (11) الكافي: ج 2 ص 510 ح 6. (12) الكافي: ج 2 ص 509 ح 4. 531 المظلوم يقول الله عز وجل: لأنتقمن لك ولو بعد حين، ودعوة الولد الصالح لوالديه، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب (1) (خصوصا اليتامى والعجائز، فإن الله تعالى لا يسامح بكسر كسير). وعنه (صلى الله عليه وآله): إن اليتيم إذا ضرب اهتز عرش الرحمن لبكائه، فيقول الله: يا ملائكتي من أبكى الذي غيبت أباه في التراب؟ وهو تعالى أعلم به، فيقول الملائكة: ربنا لا علم لنا، قال الله: فإني أشهدكم أن من أرضاه فإني أرضيه من عندي يوم القيامة (2). وعنه (عليه السلام): من أرق للأنثى كان كمن بكى من خشية الله غفر الله له، ومن فرج عن أنثى فرجه الله يوم الفزع الأكبر. (وعليك بصلاة الليل، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حث عليها وندب إليها وقال: من ختم له بقيام الليل ثم مات فله الجنة) (3). وعن الصادق (عليه السلام): شرف المؤمن صلاة الليل (4). وعنه (عليه السلام): عليكم بصلاة الليل، فإنها سنة نبيكم، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة الداء عن أجسادكم (5). وعنه: أن الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة (6). وعنه: صلاة الليل يحسن الوجه، ويحسن الخلق، ويطيب الريح، وتدر الرزق، وتقضي الدين، وتذهب بالهم، وتجلو البصر (7). وعنه (عليه السلام): صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار (8). وعنه (عليه السلام): أن البيوت التي تصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض (9). (وعليك بصلة الرحم، فإنها تزيد في العمر) كما تظافرت به الأخبار، عنه (صلى الله عليه وآله): من سره النساء في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه (10). وعن
(1) الكافي: ج 2 ص 509 ح 2. (2) ثواب الأعمال: ص 237. (3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 274 ب 39 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 24. (4) وسائل الشيعة: ج 5: ص 268 ح 2. (5) المصدر السابق: ص 271 ح 10. (6) المصدر السابق: ح 12. (7) ثواب الأعمال: ص 64 ح 8. (8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 269 ب 39 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 4. (9) المصدر السابق: ص 277 ح 38. (10) الكافي: ج 2 ص 152 ح 16. 532 الصادق (عليه السلام): ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلا صلة الرحم، حتى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة، ويكون أجله ثلاثا وثلاثين سنة فيكون قاطعا للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة ويجعل إلى ثلاث سنين (1). وقال تعالى: " واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (2). وعنه (صلى الله عليه وآله): أوصي الشاهد من أمتي والغائب منهم ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصل الرحم ولو كانت منه على مسيرة سنة، فإن ذلك من الدين (3). وعنه (صلى الله عليه وآله): حافتا الصراط يوم القيامة الرحم والأمانة، فإذا مر الوصول للرحم المؤدي للأمانة نفذ إلى الجنة، وإذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل وتكفأ به الصراط في النار (4). وعن الصادقين (عليهما السلام): أن الرحم معلقة بالعرش يقول: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني (5). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): صلوا أرحامكم ولو بالسلام (6). (وعليك بحسن الخلق، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) (7) وقال: ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق (8). وقال: لا حسب كحسن الخلق (9). وقال: أكثر ما تلج به أمتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق (10). وقال: إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم (11). وقال: أفاضلكم أحسنكم أخلاقا، الموطؤون أكتافا، الذين
(1) الكافي: ج 2 ص 152 ح 17. (2) النساء: 1. (3) الكافي: ج 2 ص 151 ح 5. (4) الكافي: ج 2 ص 152 ح 11. (5) الكافي: ج 2 ص 151 ح 10. (6) تحف العقول: ص 103. (7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 513 ب 107 من أبواب أحكام العشرة ح 8. (8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 505 ب 104 من أبواب أحكام العشرة ح 13. (9) تحف العقول: ص 10. (10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 504 ب 104 من أبواب أحكام العشرة ح 8. (11) المصدر السابق: ح 3. 533 يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم (1). وسئل بعضهم عن حسن الخلق، فقال: أدناه احتمال الأذى، وترك المكافأة، والرحمة للظالم، والاستغفار له والشفقة عليه (2). وسئل آخر، فقال: عشرة أشياء: قلة الخلاف، وحسن الإنصاف، وترك طلب العثرات، وتحسين ما يبدو من السيئات، والتماس المعذرة، واحتمال الأذى، والرجوع باللائمة على نفسه، والتفرد بمعرفة عيوب نفسه دون غيره، وطلاقة الوجه للصغير والكبير، ولطف الكلام لمن دونه وفوقه (3). (وعليك بصلة الذرية العلوية، فإن الله تعالى قد أكد الوصية فيهم، وجعل مودتهم أجر الرسالة والإرشاد، فقال تعالى: " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (4) لإطباق الأخبار من الخاصة والعامة ومفسري الخاصة وأكثر العامة على إرادة قربى النبي (صلى الله عليه وآله). وظاهره العموم وإن كان الأكثر على الاختصاص بالأئمة صلوات الله عليهم. (وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذريتي، ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق، ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا) (5) يحتمل الظرف تعلقه بالجمل كلها واختصاصه بالأخيرة. وقال (صلى الله عليه وآله): من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته به يوم القيامة (6). (وقال الصادق (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا (صلى الله عليه وآله) يكلمكم، فينصت الخلائق، فيقوم النبي (صلى الله عليه وآله) فيقول: يا
(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 510 ب 105 من أبواب أحكام العشرة ح 1. (2) تنبيه الخواطر (مجموعة ورام): ج 1 ص 99. (3) المصدر السابق. (4) الشورى: 23. (5) وسائل الشيعة: ج 11 ص 556 ب 17 من أبواب فعل المعروف ح 2. (6) وسائل الشيعة: ج 11 ص 556 ب 17 من أبواب فعل المعروف ح 1. 534 معشر الخلائق من كانت له عندي يد) أي نعمة (أو منة) أي إحسان (أو معروف) أي صنيع جميل لا ينكر (فليقم حتى أكافيه، فيقولون: بآبائنا وأمهاتنا! وأي يد وأي منة وأي معروف لنا) عندك؟ (بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عري أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه، فيقوم أناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند الله تعالى: " يا محمد يا حبيبي، قد جعلت مكافأتهم إليك، فأسكنهم من الجنة حيث شئت " فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين) (1). فقد روي: أن في الجنة لؤلؤتين: إحداهما بيضاء، والأخرى صفراء، في كل منهما سبعون ألف غرفة، فالبيضاء هي الوسيلة وهي لمحمد وأهل بيته، والصفراء لإبراهيم وأهل بيته (2). وفي خبر آخر عنه (صلى الله عليه وآله): هي درجتي في الجنة، وهي ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد شهرا، وهي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة يا قوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة (3). (وعليك بتعظيم الفقهاء وتكرمة العلماء، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله)) قال: إنهم ورثة الأنبياء (4) وفضل مدادهم على دماء الشهداء (5). ونومهم على عبادة غيرهم (6). وقال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم (7) وروي: كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب (8). وقال: بين العالم والعابد مائة درجة، بين كل
(1) وسائل الشيعة: ج 11 ص 556 ب 17 من أبواب فعل المعروف ح 3، نقله باختلاف يسير. (2) تفسير فرات الكوفي: ص 170. (3) معاني الأخبار: ص 116 ح 1. (4) الكافي: ج 1 ص 34 ح 1. (5) الحكم الزاهرة: ص 26 ح 87. (6) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 367 باب النوادر. (7) مجمع البيان: ج 9 ص 253. (8) الكافي: ج 1 ص 34 ح 1، تفسير جوامع الجامع: ص 485. 535 درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة (1). و (قال: من أكرم فقيها مسلما لقي الله تعالى يوم القيامة وهو عنه راض، ومن أهان فقيها مسلما لقي الله تعالى يوم القيامة وهو عليه غضبان) (2). (وجعل النظر إلى وجه العالم عبادة) (3) عن الصادق (عليه السلام): هو العالم الذي إذا نظرت إليه ذكرك الآخرة، ومن كان على خلاف ذلك فالنظر إليه فتنة (4). (والنظر إلى باب العالم عبادة) والنظران يحتملان التقييد بما إذا كان نظر ود ومحبة وتلذذ بما له من الفضل والشرف، وتذكر للآخرة وأهلها، وتطلب للتعلم منه والتأسي به. ويحتملان العموم لما إذا كان لاهيا (ومجالسة العالم عبادة) وقال (عليه السلام): من زار عالما فكأنما زارني، ومن صافح عالما فكأنما صافحني، ومن جالس عالما فكأنما جالسني، ومن جالسني في الدنيا أجلسه الله معي يوم القيامة في الجنة (5). وفي وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه الحسن (عليه السلام): يا بني جالس العلماء، فإنك إن أصبت حمدوك، وإن جهلت علموك، وإن أخطأت لم يعنفوك، ولا تجالس السفهاء فإنهم خلاف ذلك (6). وفي وصايا لقمان: جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء (7). (وعليك بكثرة الاجتهاد في ازدياد العلم والتفقه في الدين) فما ازداد الإنسان علما إلا ازداد شرفا وكرما، فإن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): " وقل رب زدني علما " (8). وعنه (صلى الله عليه وآله): أفضلكم أفضلكم معرفة (9). وعنه (صلى الله عليه وآله): منهومان
(1) تفسير جوامع الجامع: ذيل الآية 17 من سورة المجادلة. (2) عوالي اللآلي: ج 1 ص 359 ح 31. (3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 621 ب 166 من أبواب أحكام العشرة ح 1. (4) تنبيه الخواطر (مجموعة ورام): ج 1 ص 84. (5) تنزيه الشريعة لابن مراق: ج 1 ص 272. (6) لم نعثر على مأخذه. (7) روضة الواعظين: ص 11. (8) طه: 114. (9) بحار الأنوار: ج 3 ص 14 ح 38. 536 لا يشبعان: طالب علم، وطالب دنيا (1). (فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لولده) الحسن (عليه السلام): (و) تفقه في الدين (2). ولمحمد بن الحنفية (تفقه في الدين، فإن الفقهاء ورثة الأنبياء (3) وإن طالب العلم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الطير في جو السماء، والحوت في البحر، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به) (4). قيل: كنا نمشي في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعنا في المشي وكان معنا رجل ماجن، فقال: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة كالمستهزئ، فما زال عن مكانه حتى جفت رجلاه. وقيل: إن خليعا لما سمع الحديث جعل في رجليه مسمارين من حديد، وقال: أريد أن أطأ أجنحة الملائكة، فأصابته الآكلة في رجليه. وقيل: فشلت رجلاه وسائر أعضائه. (وإياك وكتمان العلم ومنعه عن المستحقين لبذله، فإن الله تعالى يقول: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) (5) أي الملائكة والناس، أو دواب الأرض وهوامها، أو كل شئ سوى الثقلين، أو كل من يلعن أحدا إذا لم يستحقه أحد منهما. (وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل) مع الإمكان (فعليه لعنة الله) (6). وفي وصية أبي ذر: شر الناس عند الله - جل ثناؤه - يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه (7). وعنه (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بأجود الأجواد؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الله أجود الأجواد، وأنا أجود ولد
(1) الكافي: ج 1 ص 46 ح 1. (2) نهج البلاغة: ص 393 الكتاب 31. (3) عوالي اللآلي: ج 4 ص 60 ح 5. (4) أمالي الصدوق: ص 58 ح 9. (5) البقرة: 159. (6) وسائل الشيعة: ج 11 ص 510 ب 40 من أبواب الأمر والنهي ح 1. (7) أعلام الدين: ص 190. 537 آدم، وأجودكم من بعدي رجل علم علما فنشره يبعث يوم القيامة أمة وحده، ورجل جاد بنفسه في سبيل الله حتى قتل (1). (وقال (صلى الله عليه وآله): لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم) (2). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): أن العالم الكاتم علمه يبعث أنتن أهل القيامة ريحا، يلعنه كل دابة حتى دواب الأرض الصغار (3). وعنه (عليه السلام): من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا، فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضيء لأهل تلك العرصات، وحلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها. ثم ينادي مناد: هذا عالم من بعض تلامذة آل محمد، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره، ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان، فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا، وفتح عن قلبه قفلا، أو أوضح له عن شبهة (4). وحضرت امرأة فاطمة الصديقة (عليها السلام) فسألتها عن مسألة، فأجابتها، ثم ثنت وثلثت إلى أن عشرت ثم استحيت، فقالت: لا أشق عليك يا بنت رسول الله. فقالت (عليها السلام): هاتي وسلي عما بدا لك، أرأيت من الذي يصعد يوما إلى سطح بحمل ثقيل، وكراؤه مائة ألف دينار، أيثقل عليه؟ فقالت: لا، فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا فأحرى أن لا يثقل علي، سمعت أبي (صلى الله عليه وآله) يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون، فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدهم في إرشاد عباد الله، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف خلعة من نور. ثم ينادي منادي ربنا عز وجل: أيها الكافلون لأيتام آل محمد، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم، هؤلاء تلامذتكم
(1) كنزالعمال: ج 10 ص 151 ح 28771. (2) أعلام الدين: ص 336، وفيه: لا تعطوا. (3) وسائل الشيعة: ج 11 ص 510 ب 40 من أبواب الأمر والنهي ح 2. (4) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): ص 339 ح 215. 538 والأيتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا. فيخلعون على كل واحد من أولئك الأيتام على قدر ما اخذ عنه من العلوم حتى أن فيهم لمن يخلع عليه مائة ألف حلة، وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلم منهم. ثم إن الله تعالى يقول: أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتى تتموا لهم خلعهم وتضعفوها، فيتم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم، ويضاعف لهم، وكذلك مرتبتهم ممن خلع عليهم على مرتبتهم. قالت (عليها السلام): يا أمة الله إن سلكا من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة، وما فضل ما طلعت عليه الشمس فإنه مشوب بالتنغيص والكدر (1). (وعليك بتلاوة الكتاب العزيز) فإنه هدى من الضلالة، وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة، ونور من الظلمة، وضياء من الأحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة، وفيه كمال الدين، وشفاء ما في الصدور (2). وعنه (صلى الله عليه وآله): أفضل العبادة قراءة القرآن (3) وعنه: القرآن غنى لاغنى دونه ولا فقر بعده (4). وعنه (صلى الله عليه وآله): إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول " ألم " عشر، ولكن أقول: " الف " عشر و " لام " عشر و " ميم " عشر (5). (والتفكر في معانيه) فعنه (صلى الله عليه وآله): وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، [فيه] مصابيح الهدى، ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة، فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره ينج من عطب،
(1) التفسير المنسوب للامام العسكري: ص 340 ح 216. (2) الكافي: ج 2 ص 601. (3) الوسائل: ج ص 168، الباب 1 من أبواب قراءة القرآن ح 11. (4) جامع الأخبار: ص 114 ح 199. (5) جامع الأخبار: ص 114 ح 200. 539 ويتخلص من نشب، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص (1) (وامتثال أوامره ونواهيه) فإن من لم يمتثلها كان مستخفا به نابذا له وراء ظهره (وتتبع الأخبار النبوية والآثار المحمدية، والبحث عن معانيها واستقصاء النظر فيها) فمنها تعلم أصول الدين وفروعه، وفيها تفصيل جمل القرآن وتفسير معضلاته، وتبيين متشابهه ومبهماته، وبيان الناسخ والمنسوخ. (وقد وضعت لك كتبا متعددة في ذلك كله) أي في الفقه، وهو يشمل الكلام والقرآن والحديث، وكتبه في كل من ذلك معروفة (هذا ما يرجع إليك) من الوصايا. (وأما ما يرجع إلي ويعود نفعه علي) أولا وإن استلزم انتفاعه به أضعاف ذلك (فأن تتعهدني بالترحم في بعض الأوقات، وأن تهدي إلي ثواب بعض الطاعات) فإذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. وقال الصادق (عليه السلام) لامرأة توفيت ابنتها: لا، عليك بالدعاء، فإنه يدخل عليها كما يدخل البيت الهدية (2). (ولا تقلل من ذكري) بين الناس (فينسبك أهل الوفاء إلى الغدر، ولا تكثر من ذكري) افتخارا أو جزعا أو استغاثة أو استدلالا بقوله (3) على المسائل (فينسبك أهل الحزم (4) إلى العجز) عن الأحساب أو الصبر أو في المسائل (بل اذكرني في خلواتك وعقيب صلواتك) فإنها مظان استجابة الدعاء. (واقض ما علي من الديون الواجبة والتعهدات اللازمة) فعنه (صلى الله عليه وآله): نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه (5).
(1) الكافي: ج 2 ص 599. (2) الوسائل 8: 140، الباب 25 من أبواب النيابة في الحج ح 8. (3) كذا، والظاهر: بقولي. (4) في القواعد: العزم. (5) علل الشرائع: ص 528 ح 5 وفيه (لا تزال نفس المؤمن معلقة ما كان عليه الدين). 540 (وزر قبري بقدر الإمكان) فعنهم (عليهم السلام): إن الميت يستأنس بزائره، ويستوحش إذا رجع. وفيه للزائر من الأجر ما وردت الأخبار (1) خصوصا في زيارة الأبوين (واقرأ عليه شيئا من القرآن) فإنه سكن للميت، وأنس له، ويبلغ إليه ثوابه، ويستدفع به عنه الشدة والعذاب. وعن فاطمة (عليها السلام): أنها أوصت أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت: إذا أنامت فتول أنت غسلي، وجهزني، وصل علي، وأنزلني قبري، والحدني، وسو التراب علي، واجلس عند رأسي قبالة وجهي، وأكثر من تلاوة القرآن والدعاء، فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء (2). (وكل كتاب صنفته وحكم الله تعالى بأمره قبل إتمامه فأكمله وأصلح) فيما كتبته (ما تجده من الخلل والنقصان) بالتغيير إن احتاج إليه، وإلا فبالإيضاح و التفسير (والخطأ والنسيان). (هذه وصيتي إليك والله خليفتي عليك. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته). ووصيتي إلى علماء الدين وإخواني المجتهدين أن لا ينطقوا في الفقه ومسائله ولا يتعرضوا لدقائقه وجلائله إلا بعد إتقان العربية بأقسامها واستقراء فنون ما تنطق به العرب أو تكتبه بأقلامها، وتتبع بليغ في كل مسألة لأقوال الأصحاب ومداركها وما أدتهم إليه آراؤهم في معاركها من مسالكها، ولا ينسبوا إلى أحد منهم قولا إلا بعد وجدانه في كتابه أو سماع منه شفاها في خطابه، ولا يتكلوا على نقل النقلة بلا كل تعويل عليه وإن كانوا كملة، فالسهو والغفلة والخطأ لوازم عادية للناس، واختلاف النسخ واضح ليس به التباس، ولا يعتمدوا في الأخبار إلا أخذها من الأصول، ولا يعولوا ما استطاعوا على ما عنها من النقول حتى إذا وجدوا في التهذيب عن محمد بن يعقوب مثلا خبرا فلا يقتصروا عليه بل ليجيلوا له في الكافي نظرا، فربما طغى فيه القلم أو زل فعن خلاف في المتن أو السند جل
(1) وسائل الشيعة: ب 54 في استحباب زيارة القبور وطلب الحوائج عند قبر الأبوين ج 2 ص 878. (2) البحار: ج 82 ص 27 ح 13. 541 أو قل. ولقد رأيت جماعة من الأصحاب أخلدوا إلى أخبار وجدوها فيه أو في غيره كما وجدوها وأسندوا إليها آراءهم من غير أن ينتقدوها (1) ويظهر عند الرجوع إلى الكافي أو غيره أن الأقلام أسقطت منها ألفاظا أو صحفتها وأزالت كلمة أو كلما عن مواضعها وحرفتها، وما هو إلا تقصير بالغ وزيغ عن الحق غير سائغ. ولا يستندوا في تصحيح الطرق والتضعيف والترجيح لبعضها على بعض والتطفيف إلى ما يوجد في بعض كتب الفروع من غير سبر السند برجاله والبحث عن كل رجل وحقيقة حاله، فإنه إهمال وعن الحق إغفال، وربما انكشف عن الكذب حال فانكشف البال وانقطع المقال. ولا يقتصروا في اللغات على كتاب أو كتابين، بل ليجافوا عن المضاجع الجنبين حتى ترتفع الشبهة من البين، وليبذلوا فيها مجهودهم ثم لينفقوا موجودهم، فالمساهلة فيها اجتراء عظيم على الله في أحكامه ومعاني كلامه وسنة نبيه وأقوامه - شملوا بصلوات الله وسلامه - ثم إذا ثنيت لهم الوسائد واستميحت منهم الفوائد واستفتحت بهم الشدائد واستشفيت بهم الأدواء وتصدروا للإفتاء بعد ما أحسنوا الانتقاد وبالغوا في الاجتهاد لم يقطعوا في الخلافيات بجواب وإن ظنوه الصواب وضموا عليه الإهاب، كدأب قوم لبهم في الجهل عريق، وقلبهم في الحمق غريق، نراهم يحتمون على الله في أحكامه ويقطعون في الشرع بما لم ينقطع عن إبهامه ولا انسلخ عن ظلامه، فنحن في زمن الحيرة وأيام النظرة. وأحكام الشرع إنما يستيقنها أهله وقوامه وعندهم الحق وبهم قوامه، وليس لنا إلا الاحتياط في الدين ومجانبة المجازفة والتخمين، فهذه وصيتي إلى المفتين. وأوصي المستفتين أن لا يستفتوا من العلماء من هجيراه (2) المراء وأصحابه الملوك والأمراء، فهم جفاء وأمرهم جفاء (3) وأفئدتهم هواء، وصدورهم خواء، وعقولهم هباء، وهم الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا، وهم
(1) في ل: يفتقدوها. (2) أي: دأبه. (3) كذا، ولعلها: جفاة. 542 قطاع طريق الدين، والمضلون للمستهدين، المغوون للمسترشدين، إنما يعنون بما يملأ بطونهم، أو يصلح لدى الأمراء شؤونهم. فربما عرفوا الحق وغمضوا عنه عيونهم. وربما اشتبه عليهم الباطل وتصور بصورة الحق دونهم. هذا، وانقطع الآن ما رعف به القلم وعطست عنهم العمم وجاد به الطبع ووسعته الذرع في كشف اللثام عن قواعد الأحكام مع اختصار بلا إبهام واستيفاء لما لابد منه في كل مقام، ولتستشف به الأسقام ولينشرح به صدر الإسلام، وليكتحل بسواده الأعلام ولتزين به الحور نحورها ولتملأ بدرره الشرائع بحورها. وقد كان الفراغ ليوم سبت * ومن شهر الصيام أنقص عشر وليل من ليالي مشرقات * ليالي الدهر دهم وهي زهر وقد تمت سنو الهجر مآت * كوامل لم يفتها صاح حصر عدت عشرا و واحدة بعام * وزادت أشهر وانساق شهر ولله الموفق كل حمد * ومما يملأه الأقطار شكر وصلى الله ما كانت صلاة * وما دامت أصيلات وفجر وما قامت سماوات ودارت * وما كانت شهور ثم دهر على خير الأفاضل كلهم من * به للأنبياء هدى وفخر وخير الآل والأصحاب طرا * وأعلى من لهم حكم وأمر وهذه النسخة الغراء أم * لما ألفيته منه وبحر وشاها صاحب الشرح البهاء * حشى وينا له قلب وصدر (1) * * *
(1) وردت الأبيات في ل و ط فقط، مغلاطا وبصورة النثر، وهذه ما تيسر لنا من الحدس في تنظيمها وقراءة بعض كلماتها. 543