كتاب الصوم، الأول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

كتاب الصوم، الأول - نسخه متنی

مرتضی انصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: كتاب الصوم ، الأول
المؤلف: الشيخ الأنصاري
الجزء:
الوفاة: 1281
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: تحقيق : لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: محرم 1413
المطبعة: باقري - قم
الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري
ردمك:
ملاحظات:
كتاب الصوم
للشيخ الأعظم أستاذ الفقهاء والمجتهدين
الشيخ مرتضى الأنصاري (قدس سره)
اعداد
لجنة تحقيق التراث
بمناسبة المؤتمر المئوي للشيخ الأعظم الأنصاري

1
الكتاب: كتاب الصوم
المؤلف: الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره
تحقيق: لجنة التحقيق
الطبعة: الأولى - محرم 1413
صف الحروف: مؤسسة الكلام - قم
التصوير الفني والزنگ: ليتوگرافي تيزهوش (27376) قم.
المطبعة: باقري - قم
الكمية المطبوعة: 1000 نسخة
جميع الحقوق محفوظة
للأمانة العامة للمؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري قدس سره

2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة
الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
وبعد فمن منن الله تعالى علينا إن وفقنا لاخراج كتاب الصوم من سلسلة
تراث الشيخ الأعظم، الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره بالشكل المناسب
بعد جهد كثير بذله إخواننا في لجنة التحقيق.
ولأجل أن يكون القراء الكرام على علم بخصوصيات الكتاب ومراحل
التحقيق نشير إلى النقاط التالية:
أولا - خصوصيات الكتاب: يتكون الكتاب الحاضر من ثلاثة أقسام، وكل قسم منه يبحث عن جانب
من الصوم، وربما حصل التداخل في بعض الموارد، والأقسام الثلاثة هي:
ألف - شرح إرشاد الأذهان:
وهو شرح مزجي لقسم من كتاب الصوم من " إرشاد الأذهان " للعلامة
الحلي قدس سره يتضمن البحث عن ماهية الصوم مع الخاتمة، أي من صفحة 296
إلى 300 من الطبعة الحديثة.

3
ب - شرح قواعد الأحكام:
وهو شرح لقسم من كتاب الصوم من " قواعد الأحكام " يحتوي على
المطلب الثاني في ما يوجب الافطار، من قوله: " وبالغروب للتقليد أو للظلمة.. "
والمطلب الثالث " في ما يجب بالافطار " والمطلب الرابع إلى قوله: " ويستحب
التتابع " وهو آخر المبحث الأول منه، أي من صفحة 64 إلى 66 من الطبعة
الحجرية.
ج - مسائل متفرقة:
بلغ مجموعها أربع وعشرون مسألة اختلفت النسخ في ترتيبها، فقد جاء
قسم منها بعد شرح الإرشاد وبعضها الآخر بعد شرح القواعد في نسخ " ج و ع
و م "، بينهما وردت متتابعة بعد شرح الإرشاد في نسخة " ف " وقد جعلنا في طبعتنا
هذه مرتبة حسب ترتيب " ف " ولكن بعد شرح القواعد.
ولا بد أن نشير إلى أن بعض هذه المسائل قد تداخلت أو تكرر البحث
عنها كما وقع في مسألتي 8 و 21 " الافطار قبل الزوال في قضاء رمضان " ومسألتي
9 و 22 " شرعية صوم الصبي " فقد بحث عنهما ببيانين مختلفين.
ثانيا - النسخ المعتمد عليها في التحقيق:
ألف - نسخة خطية من مكتبة " ملك " تقدمت بمصورتها المكتبة الرضوية
بمشهد مشكورة، وعدد أوراقها (39 ورقة = 78 صفحة) بمقياس (13 + 21 سم)
وفي كل صفحة (26 سطرا) ضمن مجموعة تحتوي على الخمس والزكاة أيضا
تم كتابتها على يد مصطفى بن معصوم الحسيني المازندراني، وجاء في آخرها:
" هذا آخر ما وجد من مسائل الصوم في مؤلفاته تغمده بغفرانه وأسكنه
بحبوحة جناته وزاد عليه بإكرامه واحسانه.
قد قابلت هذا الكتاب المستطاب بعد الاستكتاب مع فضلاء الأصحاب
مع كمال الدقة بقدر الوسع والطاقة من نسخة الأصل الذي كتبه قدس سره ". ورمزنا

4
لهذه النسخة ب‍ " م ".
ب - نسخة خطية ثانية وقفنا عليها في مكتبة مدرسة الفيضية بقم، وتقدمت
بمصورتها مشكورة، وهي في 95 صفحة بمقياس (11 + 15 سم) وفي كل صفحة
(18 سطرا) ضمن مجموعة تحتوي على الخمس والزكاة أيضا وجاء في آخرها:
" هذا جميع ما وجد في الصوم من المرحوم قدس سره وقد كتبت من نسخة
كتبت من خطه الشريف رحمه الله، وقد وقع الفراغ منه في سلخ رجب عام السادس
والثمانين بعد المأتين والألف 1286 ه‍ "، ورمزنا لها ب‍ " ف ".
ج - نسخة حجرية طبعت في سنة 1298 ه‍ ضمن كتاب الطهارة للشيخ
الأنصاري نفسه، وعدد صفحاتها 40 صفحة من القطع الكبير، ورمزنا لهذه
النسخة ب‍ " ج ".
د - نسخة حجرية أخرى مطبوعة في عام 1303 ه‍ - ضمن كتاب
الطهارة أيضا في 39 صفحة من القطع الكبير، ويظهر أنها قد قوبلت مع نسخة
معتبرة، لأنه تمتاز بتصحيحات مفيدة.
تم كتابتها بيد المستنسخ المعروف زين العابدين، ورمزنا لها ب‍ " ع ".
ثالثا - طريقة التحقيق:
كانت الطريقة المتخذة في تحقيق هذا الكتاب على النحو التالي:
1 - المقابلة: وقد تم مقابلة النسخ المعتمد عليها " ف و ج و ع و م " وضبط
موارد اختلافها على يد مجموعة من الإخوة.
2 - الاستخراج: وقد تم الاستخراج في مرحلتين:
أولا - الاستخراج الابتدائي حيث استخرجت الأقوال والمصادر
استخراجا ابتدائيا.
وثانيا - مراجعة تلك الاستخراجات مراجعة دقيقة.
3 - تقويم النص وتنظيمه وجعل ما هو المناسب من اختلافات النسخ في

5
المتن وغيره في الهوامش مع ضبط الأقوال والنصوص.
4 صياغة الهوامش صياغة فنية مناسبة.
5 - المراجعة النهائية: وقد قام بمراجعة الكتاب بعد إكماله مراجعة نهائية
وملاحظته من ناحية المتن والنواحي الفنية بعض الإخوة الفضلاء.
رابعا - صعوبات في طريق التحقيق:
ومن المناسب أن نشير هنا إلى جانب من الصعوبات التي واجهتنا في
اخراج هذا الكتاب قل ما تخلو منها مؤلفات الشيخ الأعظم قد سره ولعل ذلك
يرجع إلى عاملين أساسيين وهما:
أولا - إن ما تركه الشيخ قدس سره كان على نحو مسودات غير منتظمة
تحتوي على هوامش وتعديلات كثيرة وعبارات مشطوب عليها بحيث يكون من
الصعب - في بعض الموارد - تنظيمها وتنسيقها حتى لذوي الخبرة والاختصاص.
وثانيا - اجتهاد النساخ في تنظيم تلك العبارات وإدخال الحواشي في غير
مواضعها المناسبة من المتن.
ونحن بدورنا تمكنا من كشف الكثير من الالتباسات الناشئة من جهة
الاستنساخ في عدد من النسخ التي حصلنا فيها على نسخة الأم بينما وقفنا
مكتوفي الأيدي بالنسبة إلى ما لم نحصل فيها على مخطوطة للشيخ قدس سره كما
حصل بالنسبة إلى هذا الكتاب بالذات، ونذكر على سبيل المثال النماذج التالية:
1 - ما ورد في الصفحتين 37 و 38 من حيث ترتيب خمس عبارات فقد
وردت مختلة في النسخ التي بأيدينا، ورتبناها حسب ما رأينا أنه أقرب إلى ما
أراده المؤلف قدس سره مع إيراد الاختلافات في الهامش.
2 - ما ورد في هامش صفحة 51 حيث صرح بعض النساخ فيها بعدم
اطلاعه على مكان العبارة في المتن.
3 - ما ورد في صفحة 56 وهي عبارة طويلة زهاء صفحة واحدة كتب ناسخ

6
" ج " عليها كلمة " زائد " وأوردها ناسخ " ف " في الهامش وقال في أولها: " كان ذلك
مكتوبا في حاشية نسخة الأصل، وقد أسقطه بعض من كتب من وجه النسخ،
وكان في الصفحتين اغتشاش كثير وخطوط من المتن إلى الحواشي البعيدة
وحواش لا علامة لها، وما علمت مكان هذا ولا أنه محتاج أو زائدة ولذا
كتبتها على حده ليتأمله الناظر ".
4 - ما ورد في صفحة 116 وهي عبارة طويلة أخرى وآثرنا ايرادها في
الهامش لعدم ارتباطها بما قبلها وما بعدها.
5 - ما ورد في صفحة 236 في آخر المسألة 7 وهي عبارة طويلة لم يتحقق
لنا ارتباطها بما قبلها ورأينا أنها تناسب المطالب التي أوردها الشيخ في المسألة
20 ولذا أدرجناها في الهامش أيضا.
شكر وتقدير:
ونحن بدورنا إذ نشكر جميع الإخوة الذين ساهموا في إخراج الكتاب
بالشكل المناسب نخص بالذكر سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد محمد
جواد الجلالي الذي بذل جهدا واسعا في هذا المشروع وكذلك حجة الاسلام
الشيخ محمد جعفر الطبسي ونسأل الله تعالى مزيد التوفيق لكل العاملين لاحياء
تراث أهل البيت عليهم السلام وأن يتقبل من الجميع إنه ولي التوفيق.
مسؤول لجنة التحقيق
محمد علي الأنصاري

7
صورة الصفحة الأولى من نسخة " ف "

9
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة (ف)

10
صورة الصفحة الأولى من نسخة (م)

11
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة (م)

12
شرح
إرشاد الأذهان

13
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين (1).
الصوم لغة
" الصوم " لغة - كما عن الجوهري وجماعة - " هو (2) الامساك (3) " وعن ابن
دريد كل شئ سكنت حركته فقد (4) صام صوما (5).
الصوم شرعا وفي عرف الشارع أو المتشرعة - على ما في الشرائع (6) والنافع (7) - هو



(1) كذا جاء في أول نسخة " ج "، وفي أول نسخة " ف " جاء ما يلي: " ما كتب المرحوم مرتضى
الاسلام قدس الله روحه في الصوم بطريق المزج على الإرشاد. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله
.. إلى آخر ما أثبتناه أعلاه.
(2) ليس في " ف " و " م ": هو.
(3) الصحاح 5: 1970 مادة " صوم ".
(4) ليس في " م ": فقد.
(5) جمهرة اللغة 2: 899، وفيه: فقد صام يصوم صوما.
(6) شرائع الاسلام 1: 187.
(7) المختصر النافع: 65.
15
الكف عن المفطرات " مع النية ".
ونقض في (1) طرده، بالكف عنها مع النية وقتا ما.
وقد يذب عنه: بأن المراد بالنية: النية (2) الشرعية، وهي لا تتعلق بغير
الزمان المخصوص.
وفيه: إن عدم مشروعية النية في غير الزمان المخصوص لأجل عدم كون
المنوي صوما شرعا (3)، لا لعدم شرعية أصل نيته (4)، فيرجع الأمر إلى وجوب
إخراج مثل ذلك عن حد الصوم الشرعي.
فالأحسن أن يقال: إن هذا تعريف للصوم مع قطع النظر عن اعتبار
وقوعه في الزمان المخصوص، بأن يجعل اليوم ظرفا له خارجا عن مفهومه، كما
يشير إليه قوله تعالى: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) (5).
أو يقال: إن هذا تعريف له بعد ملاحظة معروفية أخذ اليوم في مفهومه.
ونقض في عكسه بتناول المفطر سهوا.
ويذب عنه، تارة: بأن التناول على وجه النسيان لا ينافي الكف، وفيه نظر.
وأخرى بإضمار قيد فيه (6) بأن المراد (7) الكف عن تعمد المفطر - كما
صرح بذكره الفاضل المقداد في كنز العرفان (8) -.
وفيه: أنه إن أريد بتعمد المفطر: تعمد الافطار، فيدخل في الحد: الجاهل



(1) ليس في " ج " و " ع " و " م ": في.
(2) ليس في " ج " و " ع " و " م ": النية.
(3) في " ف " و " ج " و " ع ": شرعيا.
(4) في " ج " و " ع ": أصل النية.
(5) البقرة 2 / 187.
(6) ليس في " ف " و " ع ": قيد، وليس في " م ": فيه.
(7) في " م ": بأن زاد.
(8) كنز العرفان 1: 198، وفيه: فالأولى أن يقال: هو كف شرعي عن تعمد تناول كل مزدرد.
16
بكون الشئ مفطرا والناسي له (1)، وإن أريد التعمد بفعل الشئ الخاص
- كالأكل مثلا - فلا ريب أن الناسي للصوم متعمد للأكل، فإن تعمد الأكل
لا ينافي الغفلة عن الصوم، أو القطع بعدم الصوم - كما يشهد بذلك ما ورد من
التعليل في فساد صوم من تسحر ثم تبين أنه أكل وشرب بعد الفجر (2)، وما ورد
في تعليل من أكل بظن الليل لأجل السحاب الأسود ثم تبين له بقاء النهار، بأنه
أكل متعمدا (3) -.
ودعوى الفرق بين من اعتقد عدم الصوم، وبين من اعتقد انقضاء اليوم،
وإن الأول ليس بمتعمد في أكله بخلاف الثاني، كما ترى،
وإن أريد من " تعمد الأكل " الأكل مع الالتفات إلى مطلوبية الصوم منه
وجوبا أو ندبا، فلا ريب أن أخذ هذا في تعريف (4) الصوم الذي لا بد من معرفته
مع قطع النظر عن تعلق الطلب به غير مستقيم جدا، مع أن الظاهر من العرف
- بل الأخبار - أن الصوم في أصل الشرع هو: " ترك الأكل والشرب وغيرهما
رأسا ".
فلا يبعد - حينئذ - أن يقال: إن فعل المفطرات ناسيا قادح في حقيقة
الصوم، وإن الآكل ناسيا للصوم ليس بصائم حقيقة في زمان أكله، ولذا أفتى
المصنف قدس سره في أجوبة المسائل المهنائية: ببطلان الصوم المندوب، وقضاء
الواجب إذا كان موسعا بفعل المفطر ناسيا، مستدلا بعدم تحقق الامساك (5)، وإن
كان يرد عليه: أن عدم الصوم الحقيقي في جزء من النهار لا يوجب فساد الصوم،



(1) في " ف ": أو الناسي له.
(2) انظر الوسائل 7: 81 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(3) الوسائل 7: 87 الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(4) في " م ": في مفهوم.
(5) أجوبة المسائل المهنائية: 67، المسألة 90.
17
بعد حكم الشارع بالصحة بمقتضى (1) إطلاق (2) ما دل على نفي البأس عن
الأكل والشرب ناسيا (3) الشامل بإطلاقه لجميع أفراد الصوم، بل الرواية واردة
في خصوص الصوم المندوب، فيكون حينئذ انتفاء الامساك في جزء من النهار
بمنزلة الأجزاء الغير الركنية للصلاة.
نعم، قد يشكل الأمر لو استغرق النهار بالمفطرات المختلفة أو بمفطر
واحد، كما لو استنقعت المرأة في الماء طول اليوم - بناء على قول الحلبي (4)،
والقاضي (5) بفساد صومها به -.
إلا أن يقال بكون الامساك عن كل مفطر مفطر أيضا بمنزلة الأجزاء
الغير الركنية، فماهية الصوم هي الكف في كل جزء جزء من النهار عن كل مفطر
مفطر، وفوات الكف في بعض النهار نسيانا أو فوات الكف في جميعه عن مفطر
واحد نسيانا، لا يقدح في الماهية.
ويمكن أن يقال - أيضا -: إن الصوم الحقيقي هو الكف عن المفطرات
حقيقة أو حكما، ويكون الناسي في حكم الكاف (6).
الاشكال في تعريف الصوم بالكف
ثم إن تعريف الصوم ب‍ " الكف " موجب لخروج الترك الحاصل في حال
الذهول فضلا عن حال النوم، بل الترك مع عدم القدرة على المفطرات كلا أو
بعضا، فالعدول عن الترك إلى الكف، إن كان باعتبار كون الترك غير مقدور،
فمع كونه ممنوعا مختل، وإن كان التعبير بالترك - أيضا - لا يخلو عن المناقشة،



(1) في " م ": لمقتضى.
(2) ليس في " ف ": اطلاق.
(3) الوسائل 7: 32 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(4) الكافي في الفقه: 183.
(5) المهذب 1: 191 - 192.
(6) انظر ما ذكره المؤلف قدس سره في صفحة 80، والخاتمة صفحة 97.
18
بناء على أن الظاهر منه: الترك الحاصل عن قدرة واختيار، فلا يشمل الترك
الاضطراري كما في حال النوم وعدم القدرة على التروك (1).
إلا أن يقال: إن المراد بالكف عن المفطرات مجرد تركها، ويقال في
تعريفه، هو " ترك المفطرات مع النية " فيصدق على ترك النائم، إذا سبق منه
النية.
لكن يرد عليه: ما إذا عزم على الافطار في جزء من النهار، فإن الكف في
ذلك الجزء (2) ليس عن توطين، ولا مع النية.
وإن أراد من قوله " مع النية " النية الفعلية الحاصلة في الليل، فمع مخالفته
لظاهر العبارة، يرد على طرده: ما إذا سبق منه النية ثم نوى الافطار ولم يجدد
النية بعده - بناء على فساده -.
وعلى عكسه: ما إذا نسي النية إلى ما قبل الزوال.
وإن أراد: النية المستمرة حكمها - سواء كان في الليل أم لا، يرد عليه:
ما إذا وجب عليه الامساك إذا ثبت (3) الهلال بعد الزوال، لوجوب النية فيه أيضا.
الامساك عن الأكل والشرب
" (من طلوع الفجر الثاني (4) إلى ذهاب الحمرة المشرقية (5) (6) عن الأكل والشرب " (7) على الوجه " المعتاد وغيره " للمأكول والمشروب المعتادين كالخبز



(1) في " ف ": المتروك.
(2) في " ف " بجزء.
(3) في " ج " و " ع ": وثبت.
(4) ذكر المؤلف قدس سره ما يتعلق بالفجر الثاني في كتاب الصلاة صفحة 14.
(5) ذكر المؤلف قدس سره ما يتعلق بالحمرة المشرقية عند تحديده لوقت صلاة المغرب في كتاب
الصلاة صفحة 24.
(6) ما بين المعقوفتين أخذناه من الإرشاد 1: 296.
(7) جاء في هامش " ف " في هذا الموضع ما يلي: " لا يخفى ما في الورقة من النقص، فإنه رحمه الله لم
يذكر عبارة المتن، فإنها في النسخة التي حضرت عندي هكذا: كتاب الصوم والنظر في ماهيته
وأقسامه ولواحقه. النظر الأول: الصوم هو الامساك مع النية من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب
الحمرة المشرقية عن الأكل.. الخ.
ولم تجد هذه العبارة بعينها ولا ما يفيد تمام مفادها ولا بياضا في الصفحة حتى يحتمل أنه ترك
هذا المتن، وما أدري بم يتعلق قوله: " عن الأكل والشرب "؟ مع أن قاعدة المزج: امتزاج الشرح
مع المتن، ولا يبعد سقوط ورق من البين، فإن قوله: " عن الأكل والشرب " (في) أول الصفحة
اليسرى، وقوله: " لوجوب النية فيه أيضا " من حواشي الصفحة اليمنى، مع اغتشاش كثير
فيها. (انتهى ما في هامش " ف ").
19
والفواكه والماء، بالاجماع والكتاب والسنة.
وكذا غير المعتادين - على المشهور - بل في الغنية (1) كما عن السرائر (2)
وظاهر المنتهى (3) وغيره: الاجماع، بل عن الناصرية (4) والخلاف (5): دعوى
الاجماع من جميع العلماء إلا النادر من المخالفين.
قال السيد رحمه الله في الناصرية - على ما حكى عنه (6) -: إنه لا خلاف
فيما يصل إلى جوف الصائم من جهة فمه إذا اعتمده (7)، فإنه يفطره - مثل
الحصاة والخرزة وما لا يؤكل ولا يشرب - وإنما خالف في ذلك الحسن بن صالح،
ونحوه روي عن أبي طلحة، والاجماع متقدم ومتأخر عن هذا الخلاف
(انتهى) (8)



(1) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(2) السرائر 1: 377.
(3) المنتهى 2: 563.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): 242.
(5) الخلاف 2: 212، كتاب الصوم المسألة: 71.
(6) جاءت هذه العبارة في " ف " هكذا: " على ما حكي عما حكى عنه "، وورد مثل ذلك في " ج "
إلا أن الناسخ شطب على عبارة " عما حكي ".
(7) في الناصريات (الجوامع الفقهية): إذا اعتمد أنه يفطر.
(8) الناصريات (الجوامع الفقهية): 242.
20
ونحوه - في دعوى الاجماع على الافساد بما يصل إلى جوف الصائم، وإن
كان غير معتاد - عبارة الغنية (1).
وعن الخلاف: إجماع المسلمين على أن أكل البرد مفطر، وحكم بانقراض
المخالف (2).
وعن المنتهى: إجماع المسلمين إلا الحسن بن صالح وأبي طلحة
الأنصاري، فإنه كان يأكل البرد ويقول: إنه ليس بطعام ولا شراب (3).
ولعله لصدق (4) جنس الأكل والشرب المنوط بهما الافطار في الكتاب
والسنة، ومنع الانصراف (5) المعتد به إلى المأكول والمشروب المعتادين، وإلا لوجب
تخصيصهما بالمتعارف من حيث أصل الأكل والشرب، ولم يقل به أحد من
المسلمين.
مع أن حذف المتعلق يدل على تعلق الحكم بالاجتناب بالطبيعة (6) كما في
قولك: زيد يعطي ويمنع.
مضافا إلى فحوى ما سيجئ (7) من الافطار بإيصال الغبار - مطلقا، أو
خصوص الغليظ -
مع قضاء سيرة المسلمين بمنافاة مطلق الأكل والشرب للصوم.



(1) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(2) الخلاف 2: 213 كتاب الصوم، المسألة 72.
(3) المنتهى 2: 563، وانظر: البحر الزخار 3: 251.
(4) في " م ": ولصدق، وعبارة " لعله لصدق " ليست في " ف " وإنما أوردها الناسخ في الهامش وكتب
بعدها ما يلي: " كانت مكتوبة في المنتسخ، لكنها مشطوب عليها، والظاهر أنه تعليل لمفطرية
أكل البرد ".
(5) في " ف ": انصراف.
(6) ليس في " ف ": بالاجتناب، وفي " م ": بالاجتناب عن الطبيعة.
(7) انظر صفحة 44.
21
ومع هذا كله فلا وجه للتأمل في المسألة (1)، بل (2) ولا للخلاف فيها - كما
عن السيد والإسكافي (3) - من جهة انصراف إطلاق (4) الأكل والشرب
الناشئ من حذف (5) متعلقهما إلى أكل وشرب ما تعارف أكله وشربه، فيبقى غير
المتعارف في عموم صحيحة ابن مسلم: " لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع
خصال - أو ثلاثا -: الطعام والشراب والنساء والارتماس في الماء " (6).
وقوله عليه السلام - في رواية أبي بصير -: " الصيام من الطعام والشراب " (7).
وقوله عليه السلام - في مقام المبالغة -: " ليس الصيام من الطعام والشراب
وحده " (8).
وقوله عليه السلام - في مقام تعليل عدم الافطار بدخول الذبابة في الحلق -:
" إنه ليس بطعام " (9).
وفي صحيحة ابن أبي يعفور - في تعليل نفي البأس عن الاكتحال - " إنه
ليس بطعام ولا شراب " (10).



(1) سيأتي بيان للمؤلف قدس سره حول هذا الموضوع عند شرحه للقواعد في صفحة 157.
(2) ليس في " ف ": بل، والعبارة في " م " هكذا: وأما الخلاف فيها كما عن.. الخ.
(3) نقله عنهما العلامة قدس سره في المختلف: 216. وراجع رسائل الشريف المرتضى قدس سره المجموعة
الثالثة: 54.
(4) ليس في " ف ": اطلاق.
(5) في " ف ": من جهة حذف.
(6) الوسائل 7: 19 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول. وانظر الفقيه 2:
107، الحديث 1853.
(7) الوسائل 7: 19 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2
(8) الوسائل 7: 117 الباب 11 من أبواب آداب الصائم، الحديث 3 و 4، وفيه: إن الصيام ليس
من الطعام والشراب وحده.
(9) الوسائل 7: 77 الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2. والكافي 4: 115.
الحديث 2.
(10) الوسائل 7: 51 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
22
بناء على معلومية انصراف الطعام والشراب - في هذه الروايات - إلى
المتعارف المعتاد، بل صراحة بعضها في ذلك ك‍ " رواية الذباب " و " الكحل " (1)،
فإن ابتلاع الذباب والكحل - عمدا - مفطران عند المشهور.
الامساك عن الجماع
" وعن الجماع قبلا ودبرا " الموجب للجنابة التي لا تحصل " حتى تغيب
الحشفة " أو قدرها من مقطوعها - على ما تقرر في باب الغسل -.
أما الجماع قبلا فلا خلاف ولا إشكال في كونه موجبا للافطار، ويدل عليه:
الكتاب والسنة المتواترة والاجماع - من المسلمين (2) - المحقق، بل الضرورة. ولا
فرق بين الانزال وعدمه.
وأما الجماع دبرا فكذلك - مع الانزال - بلا خلاف بين العلماء، ويدل عليه
فحوى ما سيأتي من الافطار بالانزال بغير الوطئ.
وأما مع عدم الانزال، فالمعروف بين الأصحاب - كما في المدارك (3) - أنه
كذلك، وعن الخلاف (4) والوسيلة (5): الاجماع عليه، وفي الغنية (6): الاجماع على
الفساد بحصول الجنابة (7) فيدخل فيه ما نحن فيه، وفي المعتبر (8): إنه أشهر



(1) المتقدمتان آنفا.
(2) في " ج " و " ع ": بين المسلمين.
(3) المدارك 6: 44.
(4) الخلاف 2: 190 كتاب الصوم، المسألة 41، وكلام الشيخ الطوسي قدس سره ليس صريحا في
عدم الانزال بل يشمله باطلاقه.
(5) الوسيلة: 142.
(6) وردت هذه العبارة إلى قوله: " ما نحن فيه " في " ف ": كما يلي: وعن الخلاف والوسيلة: الاجماع،
وفي المعتبر: أشهر الروايتين، ويمكن الاستدلال عليه ومضافا إلى ما يظهر من المعتبر من وجود
الرواية المجبور إرسالها - بالنسبة إلينا - بالشهرة وظهور عدم الخلاف وحكاية الاجماع. وفي
" الغنية ": بحصول الجنابة، فيدخل فيه ما نحن فيه.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(8) المعتبر 2: 654.
23
الروايتين.
ويمكن الاستدلال عليه - مضافا إلى ما يظهر من المعتبر: من وجود
الرواية المجبور إرسالها بالنسبة إلينا بالشهرة وظهور عدم الخلاف وحكاية
الاجماع (1) - بعموم (2) ما دل من الكتاب والسنة على وجوب اجتناب النساء
وعدم جواز المباشرة - كما في الآية (3) والرواية الصحيحة المتقدمة (4) - وما دل من
الأخبار على حصول الافطار بالنكاح والمجامعة والوطئ والإصابة وإتيان
الأهل (5) سيما بملاحظة قوله عليه السلام - مشيرا إلى الدبر -: " هو أحد المأتيين، فيه
الغسل " (6)، فإنه يدل على أن جميع الأحكام الثابتة لإتيان النساء ثابتة لإتيانها
في الدبر، لأن الدبر أحد الفردين، نظير قوله عليه السلام: " التراب أحد
الطهورين " (7)، و " القلم أحد اللسانين " (8)، وغير ذلك - كما في الأخبار -.
ودعوى انصرافها من (9) الادخال في الدبر ممنوعة، سيما في بعضها مثل:



(1) في " ف " في هذا الموضع زيادة " وفي الغنية الاجماع بحصول الجنابة فيدخل فيه ما نحن فيه "
(2) في " ج " و " ع ": لعموم وفي " ف " و " م ": وبعموم.
(3) البقرة: 2 / 187.
(4) في صفحة 22 وهي: صحيحة محمد بن مسلم.
(5) انظر الوسائل 7 الباب 4 و 8 من أبواب، ما يمسك عنه الصائم وغيرهما من الأبواب.
(6) الوسائل 1: 481 الباب 12 من أبواب الجنابة، الحديث الأول.
(7) لم تجده بهذا اللفظ، وفي الوسائل 2: 995، الحديث 5 قال: وفي حديث زرارة، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: " إن التيمم أحد الطهورين ".
(8) لم نقف على هذه العبارة في المصادر المعتبرة، وإنما ذكر هذا القول للعرب شريف يحيى الأمين
في كتابه: " معجم الألفاظ المثناة " صفحة 416، وذكر معناه الشيخ عباس القمي في سفينة
البحار 2: 443 مادة: قلم.
(9) في " ف " و " ج " و " م ": إلى.
24
من نكح حراما - أو جامع حراما - فعليه ثلاث كفارات " (1) فإن نكاح الحرام
يشمل النكاح في دبر الأجنبية والغلام شمولا ظاهرا.
ومثل ما عن الصدوق في العلل، عن عمر بن يزيد: " قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم، والنكاح يفطر الصائم؟
قال: لأن النكاح فعله (2)، والاحتلام (3) مفعول به " (4) فإن الظاهر من مقابلة
النكاح بالاحتلام - الحاصل بالوطئ (5) في القبل والدبر من الغلام والمرأة - إرادة
النكاح الأعم أيضا، فكأنه سأل عن علة إفطار هذه الأمور إذا وقعت في اليقظة
دون النوم؟ فأجابه عليه السلام بما أجابه.
ومنه يظهر مستند الحكم بالافطار بوطئ الغلام (6) وإن لم يوجب الغسل.
وعن الشيخ في الخلاف (7): الاجماع في الأول، لكن الظاهر من
الفاضلين (8) والمحقق والشهيد الثانيين (9): تعليق الافطار على حصول الجنابة
وهو مبني على ثبوت التلازم بين الجنابة والافطار، ولم أقف على ما يدل على ذلك



(1) لم نجده بهذا اللفظ، والموجود في التهذيب 4: 209، الحديث 605 ما يلي: عن الرضا عليه السلام
قال: " متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات ".
(2) في " ف ": بفعله.
(3) في " ف " و " م ": والنكاح، وهو سهو.
(4) علل الشرائع: 379 الباب 110، الحديث الأول.
(5) في " ف ": في الوطئ.
(6) ليس في " ف ": بوطئ الغلام.
(7) الخلاف 2: - 190، المسألة 41.
(8) العلامة قدس سره في المختلف: 216. والمحقق قدس سره في المعتبر 2: 654
(9) المحقق في حاشية شرائع الاسلام (مخطوط): 54، والشهيد في المسالك 1: 55.
25
صريحا وإن ادعى الاجماع عليه في الغنية (1) عدا ما يتراءى (2) من أخبار البقاء
على الجنابة التي لا دلالة فيها إلا على عدم انعقاد الصوم مع الجنابة - سواء
حصلت بالقصد أو بغيره - وأين هو من انتقاض الصوم بإحداث الجنابة
قصدا (3)؟! فقد يمنع شئ من انعقاده ولا يمنع من استدامته.
نعم ادعى الاجماع عليه في الغنية (4).
وربما يظهر - أيضا - من بعض الروايات، مثل ما رواه في الفقيه، عن
يونس بن عبد الرحمان، عن أبي إبراهيم عليه السلام: " في المسافر يدخل أهله وهو
جنب قبل الزوال ولم يكن أكل، فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه، قال: يعني
إذا كانت جنابته من احتلام " (5).
دلت - ولو بملاحظة حكاية الراوي لقصد الإمام عليه السلام - على أن
أصل الجنابة إذا كان اختياريا (6) مناف للصوم.
والخدشة في قبول حكاية مقصود الإمام عليه السلام من كلامه - إذا لم يكن
معناه (7) مخلا للاجتهاد والنظر بل كان من الألفاظ الواضحة - توجب سد باب
تجويز (8) النقل بالمعنى (9) فتأمل (10)



(1) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(2) في " ج " و " ع " و " م ": عدا ما ربما يتراءى
(3) في " ف ": قطعا.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): 509. والعبارة غير موجودة في " ع ".
(5) الفقيه 2: 143 الحديث 1985، والتهذيب 4: 254، الحديث 752.
(6) في " ف ": اختيارا.
(7) في " ف ": إذ معناه.
(8) في " ف ": تجوز.
(9) قوله: ولو بملاحظة.. إلى هذا الموضع جاء في " ف " بعد قوله: ومما يؤيد.. إلى قوله: رواية التهذيب
(10) ليس في " ف " و " ج ": فتأمل.
26
ومما يؤيد اعتبار مثل هذا التفسير: اهتمام الرواة بضبطه في الكتب وجعله
بمنزلة جزء الرواية، مع أن ظاهر الرواية في التهذيب (1) - حديث حذف لفظ
" قال " - كونه من كلام الإمام عليه السلام مع احتمال عود ضمير " قال " في رواية
الفقيه (2) إلى الإمام عليه السلام فيوافق رواية التهذيب.
وكيف كان، فالأقوى فساد الصوم - سيما بناء على المختار من تحقق
الجنابة - خلافا للمحكي عن المبسوط من التردد فيه - كالوطئ في دبر المرأة -
وإن جعل الفساد أحوط (3).
حكم وطئ البهيمة
أما وطئ البهيمة، فعن الخلاف (4) عدم الخلاف في إيجابه القضاء، وهو
حسن بناء على تحقق الجنابة به (5) خلافا للمحكي عن الحلي (6) فلم يوجب به (7)
شيئا وهو ضعيف، نعم هو حسن لو قلنا بعدم إيجابه الجنابة، كما عن الشيخ (8)
مع حكمه بإيجاب (9) القضاء، ولعله لصدق النكاح، وفيه نظر.
ولو أدخلت (10) المرأة ذكر البهيمة ففي البطلان إشكال، من جهة (11)
الاشكال في حصول الجنابة - كما لو أدخلت ذكر صغير - من جهة الشك في



(1) التهذيب 4: 254، الحديث 752.
(2) الفقيه 2: 143، الحديث 1985.
(3) المبسوط 1: 270، ووردت الكلمة في " ف " و " ج ": أقوى.
(4) الخلاف 2: 191 كتاب الصوم، المسألة 42.
(5) ليس في " ف ": به.
(6) السرائر 1: 380.
(7) ليس في " ف ": به.
(8) الخلاف 1: 117 كتاب الطهارة المسألة 59. وانظر المبسوط 1: 28.
(9) في " م ": بايجابه.
(10) في النسخ: ادخل، وكذا فيما بعده.
(11) في " ف ": حيث.
27
تحقق الوطئ.
الامساك عن تعمد البقاء على الجنابة
" و " كما يجب الامساك عن تعمد إحداث الجنابة في أثناء النهار، فيجب
" عن تعمد البقاء على الجنابة " الحاصلة بالاختيار أو بغيره " حتى يطلع الفجر ".
على المشهور المعروف عن (1) غير شاذ - كما في المعتبر (2) - وعن السرائر (3).
وفي الغنية (4) والروض (5) كما عن الانتصار (6) والخلاف (7) والوسيلة (8).
والسرائر (9) والتذكرة (10) الاجماع، للأخبار الكثيرة، بل قيل: لعلها متواترة (11)
منها: رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام: " في رجل أجنب في شهر
رمضان بالليل، ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح؟ قال: يعتق رقبة، أو يصوم
شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا " (12)
قال في المعتبر: وبهذه أخذ علماؤنا إلا شاذا (13) ومثلها رواية المروزي (14)



(1) في " ف " و " ج ": من.
(2) المعتبر 2: 655 وانظر نص عبارته فيما سيأتي.
(3) السرائر 1: 377.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(5) روض الجنان: 16.
(6) الإنتصار: 63.
(7) الخلاف 2: 174 كتاب الصوم، المسألة 12.
(8) الوسيلة: 142.
(9) السرائر 1: 377.
(10) التذكرة 1: 258 - 257.
(11) انظر الجواهر 16: 236.
(12) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(13) المعتبر 2: 655.
(14) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3، وانظر نص الحديث
في صفحة 173.
28
ومرسلة إبراهيم بن عبد الحميد (1).
خلافا للمحكي عن ظاهر المقنع (2) والرسالة الرضاعية للسيد
الداماد (3)، وعن الأردبيلي الميل إليه (4)، وعن الذخيرة تقويته (5)، لعموم آية
الرخصة في الرفث إلى النساء (6) ليلة الصوم (7) الصادق في جزئها الأخير،
وخصوص الإذن (8) في المباشرة - كالأكل والشرب - إلى أن يتبين الخيط
الأبيض، ولرواية إسماعيل بن عيسى، عن الرضا عليه السلام " عن رجل أصابته
جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتى يصبح، أي شئ عليه؟ قال: لا يضره
هذا، ولا يفطر ولا يبالي، فإن أبي قال: قالت عائشة: إن رسول الله
صلى الله عليه وآله أصبح جنبا من جماع غير احتلام " (9).
ونحوها صحيحة عيص بن القاسم (10) ومكاتبة ابن (أبي زينبة) (11).
وفي صحيحة حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام " كان



(1) الوسائل 7: 43 - 44 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4.
(2) المقنع (الجوامع الفقهية): 16.
(3) كلمات المحققين: 74.
(4) مجمع الفائدة 5: 35.
(5) ذخيرة المعاد: 497.
(6) ليس في " ف ": إلى النساء.
(7) البقرة: 2 / 187
(8) في النسخ: وخصوص آية الإذن، والصحيح ما أثبتناه في المتن فإنها ليست آية أخرى، وإنما
ورد ذلك في آخر الآية 187 ذاتها.
(9) الوسائل 7: 39 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 6.
(10) الوسائل 7: 38 نفس الباب الحديث 2.
(11) ما بين المعقوفتين غير مقروء في " ف " و " م "، وفي " ج ": ابن اذنيية، وفي " ع ": ابن أذينة، وما أثبتناه
من الوسائل 7: 39 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث؟ 5
29
رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان، ثم يجنب، ثم يؤخر
الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر " (1).
والكل ضعيف لمنع العموم في (أول) الآية (2) لورود إطلاقها في مقام جواز
أصل الرفث في الليل - في مقابل النهار - ومنع شمول الغاية في (آخر) الآية (3)
لغير الجملة الأخيرة، مع وجوب تخصيصها - على تقدير العموم - بالأخبار
الكثيرة السليمة عن مزاحمة ما ذكر من الأخبار المخالفة للمشهور الموافقة
للجمهور، كما في المعتبر (4)، وقد أشار إليه مولانا الرضا عليه السلام بحكايته عن أبيه
عليه السلام عن عائشة (5)، مع أن المتعارف في ذلك نسبته إلى آبائه (صلوات الله عليهم.
مع إمكان حملها على بعض المحامل كالعذر - ولو للنبي صلى الله عليه وآله
وسلم) (6) - كما في التهذيب (7)، والمعتبر (8)، أو النوم بقصد الاغتسال مع اعتياد (9)
الانتباه.
" و " لا فرق في تعمد البقاء بين أن يبقى مستيقظا عازما على ترك الغسل،
وبين أن ينام متعمدا عازما على الترك، بل يجب الاجتناب " عن النوم عليها من
غير نية الغسل حتى يطلع " الفجر، فلو نام كذلك فسد الصوم، لا لما دل على



(1) الوسائل 7: 44 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 5.
(2) في النسخ: الآية الأولى.
(3) في " ف " و " م ": شمول الغاية في الآية الثانية، وفي " ج ": شمول الآية في الآية الثانية، وفي " ع ":
ومنع شمول الآية الثانية. وانظر الهامش 8 في الصفحة 29.
(4) المعتبر 2: 655.
(5) الوسائل 7: 39 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 6.
(6) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(7) التهذيب 4: 213 الحديث 619 و 620.
(8) المعتبر 2: 655.
() في " ج ": اعتبار.
30
وجوب القضاء إذا نام الجنب متعمدا - كصحيحتي الحلبي (1) والبزنطي (2)، كما
استدل به في المدارك (3) ثم رده بأن الظاهر من تعمد النوم العزم على ترك
الاغتسال (4) - بل لاطلاق مرسلة إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة (5) في من
أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا،
وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه، ولن يدركه أبدا " (1).
ونحوها رواية المروزي (7) وصحيحة ابن مسلم " عن الرجل تصيبه الجنابة
في رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل؟ قال: يتم صومه ويقضى ذلك اليوم إلا أن
يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى (8) فطلع الفجر
فلا شئ " (9).
وفحوى ما سيجئ من وجوب القضاء على الحائض إن طهرت بليل،



(1) الوسائل 7: 42 - 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، وانظر
نص الحديث في صفحة 35.
(2) الوسائل 7: 42 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4، وفيه: عن أحمد بن
محمد - يعني: ابن أبي نصر -، عن أبي الحسن عليه السلام: " قال: سألته عن رجل أصاب من أهله
في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتى يصبح متعمدا؟ قال: يتم ذلك اليوم وعليه
قضاؤه ".
(3) المدارك 6: 59.
(4) المدارك 6: 60.
(5) انظر صفحة 29 الهامش 1
(6) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4.
(7) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(8) في " ف ": أو ماء يستسقى.
(9) الوسائل 7: 41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 3 وفيه: فلا يقضي صومه
(يومه). وأورده المؤلف قدس سره في صفحة 175 كما في الوسائل.
31
وتوانت أن تغتسل (1) فإن وجوب القضاء مع التواني - الشامل لما إذا قصده
لكن مع التكاهل - يدل على وجوبه مع عدم نية الفعل (2) بطريق أولى، فتأمل.
وسيجئ أن الأقوى حرمة النوم مع التردد في الغسل وعدمه.
حكم التيمم مع عدم التمكن من الغسل
ثم لو لم يتمكن المكلف من الغسل فهل يجب عليه التيمم؟ فيه قولان:
من عموم المنزلة في صحيحة حماد " هو بمنزلة الماء " (3) وفي الروايات " هو أحد
الطهورين " (4) وهو مذهب المحقق (5) والشهيد الثانيين (6)، خلافا للمحكي عن
المنتهى (7).
ومن أن (8) المانع هو حدث الجنابة، والتيمم لا يرفعه، وهو طهور بمنزلة
الماء في كل ما يجب فيه الغسل، لا فيما يتوقف على رفع الجنابة (9)، ويشعر به قوله
عليه السلام - في صحيحة ابن مسلم - " فإن انتظر ماء يسخن، أو يستقى فطلع
الفجر فلا شئ " (10) حيث أنه لم يؤمر بالتيمم، ولذا لم يذكروا - في كتاب
الطهارة - من التيمم (11) الواجب ما كان لصوم واجب، كما عدوا للصلاة (12)



(1) الوسائل 7: 48 الباب 21 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، وانظر نص
الحديث في صفحة 33.
(2) كذا في " ع " وفي " ف " و " م ": نية القضاء، وفي " ج " نية الفصل، والظاهر: نية الغسل.
(3) الوسائل 2: 995 الباب 23 من أبواب التيمم، الحديث 2.
(4) الوسائل 2: 995 الباب 23 من أبواب التيمم، الحديث 5.
(5) جامع المقاصد 3: 83.
(6) المسالك 1: 59.
(7) المنتهى 1: 156.
(8) وردت العبارة في " ف " و " ع " و " م " هكذا: ولعله من أن. وفي هامش " ف ": إن كلمة " لعله " هنا
زائد ظاهرا.
(9) وردت العبارة في " ج " و " ع " و " م " هكذا: " لا ما توقف على رفع الجنابة، فالتيمم يجب في كل
موضع يجب فيه الغسل، لا فيما يشترط بعدم الجنابة ".
(10) راجع صفحة 31 الهامش 9.
(11) ليس في " ف ": التيمم.
(12) في " ج " و " ع " و " م ": الصلاة.
32
والطواف الواجبين، بل مقتضى ذكرهم وجوب الغسل للصوم ذكر التيمم
- أيضا - له (1) بمقتضى المقابلة.
نعم ذكروا أنه يجب التيمم لكل ما يجب له المائية، لكن هذا الكلام
- على فرض الدلالة - لم يبلغ حد الاجماع، مع مخالفة المصنف رحمه الله في
المنتهى (2) وتردده في النهاية (3) كما عن الذكرى (4).
نعم، قال في المعتبر: يجوز التيمم لكل من وجب عليه الطهارة المائية،
وادعى عليه إجماع المسلمين (5).
وكيف كان، فالأحوط: التيمم.
وعليه، فهل يجب أن يبقى مستيقظا لئلا يبطل تيممه أم لا؟ أقواهما
وأحوطهما: الأول.
ولو تعمد تأخير الغسل حتى ضاق الوقت عصى وتيمم.
وظاهر إطلاقات ترك الغسل متعمدا - كرواية أبي بصير السابقة (6) -
وجوب القضاء عليه، بل الكفارة.
الامساك عن تعمد البقاء على الحيض والنفاس
وهل يلحق بالجنابة الحيض؟ المشهور نعم، بل عن المقاصد العلية نفي
الخلاف فيه (7)، لرواية أبي بصير " إن طهرت بليل ثم توانت أن تغتسل فعليها
قضاء ذلك اليوم " (8) خلافا للمحكي عن صاحب المدارك (9) والأردبيلي (10) ومحكي



(1) ليس في " ف ": له.
(2) المنتهى 1: 156.
(3) نهاية الإحكام 1: 215.
(4) الذكرى: 25.
(5) المعتبر 1: 407.
(6) تقدمت في صفحة 28.
(7) المقاصد العلية: 44.
(8) الوسائل 7: 48 الباب 21 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(9) المدارك 6: 57.
(10) مجمع الفائدة 5: 46 و 47.
33
النهاية (1).
(ثم إن النفساء مثل الحائض بلا خلاف ظاهرا، كما حكي التصريح
بالوفاق عن الغنية (2) والسرائر (3) والمعتبر (4) والتذكرة (5). قيل: ويدل عليه الرواية
المصححة (6) " الحائض مثل النفساء " (7) ولأن دم النفاس دم الحيض - كما عن
جماعة (8) -) (9).
عدم توقف الصوم على غسل المس
وأما غسل المس فلم يذكر الأصحاب قولا بتوقف الصوم عليه، بل عن
مجمع الفائدة عدم القول به (10)، إلا أنه حكى بعض مشايخنا عن بعض نسخ
رسالة علي بن بابويه القول بالتوقف (11) وهو ضعيف على فرضه (12).



(1) حكاه صاحب الجواهر عن نهاية الإحكام للعلامة الحلي قدس سره (الجواهر 16: 245) وانظر
النهاية 1: 119
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): 488، هذا وقد وردت الكلمة في " ج " و " ع ": الغنيمة بدل: الغنية.
(3) السرائر 1: 154.
(4) المعتبر 1: 257.
(5) التذكرة 1: 36.
(6) في " م ": الصحيحة.
(7) ورد مؤداها في الوسائل 2: 605 الباب الأول من أبواب الاستحاضة، الحديث 5. وذكرها
السيد الطباطبائي قدس سره في رياض المسائل 1: 51.
(8) منهم السيد الطباطبائي في الرياض 1: 51 والمحقق النراقي في المستند 1: 166.
(9) ما بين المعقوفتين ليس في " ف " وجاءت العبارة في " ج " بعد قوله: " بالتوقف "، وفي " ع " بعد
قوله: " على فرضه ".
(10) مجمع الفائدة 5: 47. وفيه: وأما الحاق ماس الميت به فلا وجه له.
(11) في مصابيح الظلام للعلامة بحر العلوم قدس سره (مخطوط) صفحة 209 - 210 ما يلي: ولم
يشترط أحد منهم صحة الصوم بغسل المس إلا الشيخ علي بن بابويه في رسالته، فإنه أوجب
قضاء الصوم والصلاة على ناسي غسل المس، ولم أجد أحدا نقل عنه ذلك، ولعل في النسخة
وهما من النساخ وعبارة الرسالة مطابقة للفقه الرضوي في حكم التعلق دون الصوم فإنه
غير مذكور فيه، ولو صح ذلك فلا ريب (في) ندرته وشذوذه.
(12) ليس في " ف ": وهو ضعيف على فرضه.
34
واعلم (1) أنه ذكر في المسالك: إن النوم الثاني للجنب حرام - وإن عزم
على الغسل واعتاد الانتباه (2) - " و " على هذا فيجب الامساك " عن معاودة النوم
بعد انتباهة " (3) ولو فعل كان آثما وعليه القضاء.
أقول: أما الإثم فلم أجد عليه دليلا سوى ما في بعض الأخبار الآتية
من وجوب القضاء عقوبة (4). وفي إثبات التحريم بهذا المقدار إشكال، لورود
نظيره فيما لا يحرم كما حكم الشارع (5) بوجوب إعادة الصلاة على ناسي
النجاسة عقوبة لنسيانه - بل هذا دال كون القضاء عقوبة للنوم، وليس
فيه غيره.
ودعوى صدق التفريط - في الفرض - ممنوعة جدا.
نعم، يمكن الاستدلال عليه (6) بعموم مصححة الحلبي، عن أبي عبد الله
عليه السلام: " في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله، ثم نام متعمدا في شهر
رمضان حتى أصبح؟ قال: يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر
رمضان ويستغفر ربه " (7).
فإن ظاهره - بقرينة وجوب القضاء - ما عدا النومة الأولى، فالأمر
بالاستغفار ليس إلا لتحريم النوم.
إلا أن يقال: إن ظاهر النوم متعمدا هو النوم عازما على ترك الاغتسال.



(1) جاء في " ج " و " ع " و " م " قبل قوله: " واعلم " ما يلي: وعن ايصال الغبار.. إلى آخر عبارة المتن.
وهو زهاء صفحة بالقطع الكبير وسيأتي في صفحة 44 - 50.
(2) المسالك 1: 55.
(3) في " ف " انتباهين، وفي الإرشاد: انتباهتين.
(4) الوسائل 7: 41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(5) في " ف ": المشهور.
(6) ليس في " ف ": عليه.
(7) الوسائل 7: 42 - 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
35
وفيه: أن اللازم حينئذ (1) - لكونه في (2) مقام البيان - ذكر الكفارة، لأنه
كمتعمد (3) البقاء على الجنابة، فعدم ذكرها دليل على عدم وجوبها (4)، وهو يكشف
عن عدم إرادة العزم على العدم.
حكم النوم الأول
وأما النومة الأولى، فإن كان (5) مع العزم (6) على الاغتسال مع
اعتياد الانتباه فليس بحرام قطعا، وأما مع اعتياد عدم الانتباه فحرام قطعا
وموجب للقضاء والكفارة.
وأما مع عدم العزم على الاغتسال، فإن كان مع الذهول فهو غير حرام،
وأما مع الالتفات والتردد فقد لا تستبعد الحرمة، نظرا إلى أن النوم على حالة
يوجب (7) استمرارها حكما (8) إلى آخر النوم عقلا وعرفا، فالنائم على حالة
كالباقي عليها مستيقظا، ولذا كان النوم مع عزم ترك (9) الاغتسال كتعمد
البقاء على الجنابة (10)، فالنائم مترددا كالمستيقظ مترددا إلى أن يفجأه الصبح، ولذا



(1) جاءت هذه الكلمة في " ف " و " ج " بعد قوله: مقام البيان.
(2) ليس في " ف " و " م ": في.
(3) في " ف " و " م ": متعمد البقاء.
(4) في " ج " و " ع ": دليل على وجوبها.
(5) في " ف ": فكان.
(6) ليس في " ج ": العزم.
(7) في " ف ": توجب.
(8) ليس في " ف ": حكما.
(9) وردت العبارة في " ف " هكذا: ولذا كان العزم مع عدم ترك.
(10) وردت العبارة في " م " مع زيادة وهي: كتعمد البقاء على الجنابة به والقدرة قاصد في ترك النية
إن ترك الغسل، كليهما مما يجب ايقاعهما فالنوم تاركا للغسل، فالنائم مترددا.. الخ ما ورد في
المتن.
وفي " ج " هنا زيادة ما يلي: قاصد في ترك النية، لأن الغسل والنية كلاهما مما يجب ايقاعهما،
فالنائم مترددا.. الخ ما ورد في المتن.
36
اتفقوا على أن من بات عازما على ترك الصوم أو مترددا فيه فسد صومه، لترك
تبييت النية ليلا مع أنه لم يترك النية الواجبة موسعا في جميع (1) أجزاء الليل إلا
في جزء واحد من وقته الموسع، ولا ريب أن المتردد في الغسل متردد في النية للصوم
الصحيح، فالنائم على التردد في الغسل إذا فاجأه الصبح فهو كالباقي مستيقظا
إلى الفجر مع التردد في الغسل وفي الصوم، ولا شبهة في استحقاقه العقاب
لافساد (2) الصوم وعليه القضاء والكفارة.
وحيث إن إفساد الصوم في أول مطلع الفجر إنما كان لتسبيبه (3) إليه
بالنوم، فيستحق العقاب عند النوم، مع أن الأصل عدم الانتباه، فهو كمن ترك
الفعل (4) في الجزء الأول مع علمه بطرو العجز (5) بعده، وعدم العلم بارتفاع العجز
في آخر الوقت فإن (6) العلم بسعة الوقت إنما يوجب الرخصة من جهة رجاء



(1) ليس في " ف ": في جميع.
(2) في " ف " و " م ": للافساد.
(3) في " ف ": بالنسبة، وفي " ج " و " ع " و " م ": لتسببه.
(4) كذا في النسخ، والظاهر: الغسل.
(5) في " ف ": الفجر.
(6) هذا ما استظهرنا كونه أقرب إلى الترتيب الذي أراده المؤلف قدس سره وقد حصل تشويش
كثير في هذا الموضع في النسخ التي بأيدينا من جهة ترتيب المقاطع الخمسة المحصورة بين
الأقواس، وإليك ترتيبها في النسخ:
فالعبارات في " ف " وردت هكذا: (ثم إن هذا إذا لم يعتد الانتباه واضح، وأما إذا اعتاده فهو
أيضا لا يجدي في رفع استحقاق العقاب عنه، فإن العلم بسعة الوقت إنما يوجب الرخصة، من
جهة رجاء ادراك الفعل في بعض أجزائه، إذ مع التردد وعدم العزم على الفعل لا فرق بين
اعتياده الانتباه فإنه إنما يفيد إذا كان علمه بذلك موجبا لعزمه على الفعل بعد الانتباه إذا لم
يتفق لانتباه، أما إذا اتفق الانتباه فيصير حاله كالحالة الأولى قبل النوم.
ويؤيد ما ذكرنا من حرمة النوم الأولى إلا مع القصد، المحكي عن الرضوي: " إذا أصابتك
جنابة في أول الليل فلا بأس أن تنام متعمدا وفي نيتك أن تقوم وتغتسل، فإن غلبك النوم حتى
تصحيح فليس عليك بشئ).
وأما في " ع " فالعبارات هكذا: (ثم إن هذا إذا لم يعتد الانتباه واضح، وأما إذا اعتاده فهو
أيضا لا يجدي في رفع استحقاق العقاب عنه إذا لم يتفق الانتباه، إذ مع التردد وعدم العزم على
الفعل لا فرق بين اعتياده للانتباه فإنه إنما يفيد إذا كان علمه بذلك موجبا لعزمه على الفعل
بعد الانتباه وعدمه.
فإن العلم بسعة الوقت إنما يوجب الرخصة من جهة رجاء ادراك الفعل في بعض أجزائه.
أما إذا اتفق الانتباه فيصير حاله كالحالة الأولى قبل النوم.
ويؤيد ما ذكرنا من حرمة النوم الأولى إلا مع القصد المحكي عن الرضوي: " إذا أصابتك
جناية في أول الليل فلا بأس أن تنام متعمدا وفي نيتك أن تقوم وتغتسل فإن غلبك النوم حتى
تصبح فليس عليك شئ).
وفي " م " هكذا: (ثم إن هذا إذا لم يعتد الانتباه واضح، وأما إذ اعتاده فهو أيضا لا يجدي
في رفع استحقاق العقاب عنه إذا لم يتفق الانتباه، إذ مع التردد وعدم العزم على الفعل لا فرق
بين اعتياده للانتباه فإنه إنما يفيد إذا كان علمه بذلك موجبا لعزمه على الفعل بعد الانتباه. أما
إذا اتفق الانتباه فيصير حاله كالحالة الأولى قبل النوم.
ويؤيد ما ذكرنا من حرمة النوم الأولى إلا مع القصد المحكي عن الرضوي: إذا أصابتك
جنابة في أول الليل فلا بأس أن تنام متعمدا وفي نيتك أن تقوم وتغتسل فإن غلبك العزم حتى
يصبح فليس عليك شئ).
وفي هامش " م " ورد ما يلي: (فإن العلم بسعة الوقت إنما يوجب الرخصة من جهة رجاء.
ادراك الفعل في بعض أجزائه). ولم يحدد موضعه من المتن.
هذا وقد اتفقت النسخ على عبارة: " على الفعل " والظاهر أن الصحيح: على الغسل.
37
إدراك الفعل في بعض أجزائه.
ثم إن هذا إذا لم يعتد الانتباه واضح، وأما إذا اعتاده فهو أيضا - لا
يجدي في رفع استحقاق العقاب عنه إذا لم يتفق الانتباه. إذ مع التردد وعدم
العزم على الفعل لا فرق بين اعتياده لانتباه وعدمه، فإنه إنما يفيد إذا كان علمه
بذلك موجبا لعزمه على الفعل بعد الانتباه.
أما إذا اتفق الانتباه فيصير حاله كالحالة الأولى قبل النوم.

38
ويؤيد ما ذكرنا - من حرمة النومة الأولى إلا مع القصد - المحكي عن
الرضوي " إذا أصابتك جنابة في أول الليل فلا بأس أن تنام متعمدا في نيتك
أن تقوم وتغتسل (قبل الفجر) (1) فإن غلبك النوم حتى تصبح فليس عليك
شئ (2).
حكم النوم الثاني
وفي حرمة النوم الثاني مطلقا - وإن عزم على الاغتسال واعتاد الانتباه -
ما مر: من جواز الاستناد إلى ذكر العقوبة (3)، وصحيحة الحلبي المتقدمة (4).
وأما وجوب القضاء: ففي المدارك أنه مذهب الأصحاب (5) وعن المنتهى
عدم الخلاف (6) وفي كلام بعض مشايخنا استفاضة نقل الاجماع عليه (7) ويدل
عليه صحيحة معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام " الرجل يجنب من أول
الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان؟ قال: ليس عليه شئ. قلت: فإنه
استيقظ ثم نام. قال: يقضي ذلك اليوم عقوبة " (8).
ونحوها مضمرة سماعة - فيمن (9) أصابته جنابة في جوف الليل فنام وقد
علم بها فلم يستيقظ حتى يدركه الصبح - " قال: عليه أن يتم يومه ويقضي
يوما آخر " (10).



(1) الزيادة من المصدر.
(2) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 207، وانظر تمام الحديث في صفحة 152.
(3) انظر في صفحة 35.
(4) في صفحة 35، وانظر هامش 7 هناك.
(5) المدارك 6: 60.
(6) المنتهى 2: 577 ولم نعثر فيه على، ادعاء عدم الخلاف كما نسب إليه في الجواهر مجردا عن
عدم الخلاف، الجواهر 16: 251.
(7) مستند الشيعة 2: 112.
(8) الوسائل 7: 41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول باختلاف يسير.
(9) في " ج " و " ع ": متى.
(10) الوسائل 7: 42 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 5 وفيه: في جوف الليل
في رمضان.
39
وصحيحة ابن أبي يعفور: " الرجل يجنب في شهر رمضان، ثم (1) يستيقظ،
ثم ينام حتى يصبح؟ قال: يتم يومه ويقضي يوما، وإن لم يستيقظ حتى يصبح
أتم يومه وجاز له " (2).
ما هي النومة الأولى؟
فظاهر هذه الصحيحة: أن نومة المحتلم التي يحتلم فيها بعد (3) نومة أولى،
حتى يكون النوم بعد الاستيقاظ نومة ثانية، أو يقال (4): إن المحتلم ليس
كالجنب (5) يقظانا، بل يجب القضاء على المحتلم إذا نام محتلما واستمر إلى طلوع
الفجر، بخلاف غيره من الجنب.
وقد فرق بعض المعاصرين بين المحتلم وغيره بما ذكرنا (6) مستندا إلى
تخصيص (7) عموم صحيحة الحلبي - السابقة (8) - في بيان تحريم النومة الثانية،
بتقريب: أن ظاهرها وجوب القضاء بمطلق النوم للمحتلم وغيره، خرج غيره
بمقتضى صحيحة معاوية بن عمار (9) - الظاهرة في غير المحتلم من الجنب -
وبقي الباقي.
وفيه: أن صحيحة الحلبي قد نص فيها بذكر المحتلم وغيره، فالنوم



(1) في الوسائل: في نسخة: حتى. وانظر صفحة 152، الهامش 5.
(2) الوسائل 7: 41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2 وفيه زيادة: " ثم يستيقظ
ثم ينام " لكنها لم ترد في التهذيب 4: 211 الحديث 612.
(3) في النسخ: بعد، والظاهر أنه تصحيف.
(4) في " ف ": ويقال.
(5) في " ف ": كما يجنب.
(6) راجع مستند الشيعة 2: 112.
(7) ليس في " ف " و " ج " و " م ": تخصيص.
(8) (في صفحة 35 وانظر الهامش 7 هناك.
(9) وقد ذكرها المؤلف في صفحة 39 وانظر الهامش 8 هناك.
40
- فيها - إن حمل على مطلقه فيدل على وجوب القضاء بالنومة الأولى فيهما، وإن
قيد بالنوم الثاني - كما هو المتعين - لم يفرق.
والحاصل: أن التفرقة بينهما - مع دلالة ظاهر الصحيحة على ثبوت
القضاء فيهما بمطلق (1) النوم - لا يتأتى إلا بإخراج غير المحتلم عن الصحيحة،
وهو غير صحيح، لذكر غير المحتلم (2) فيها بالنصوصية فلا يمكن الاخراج، وإما
بتقييد النوم فيهما بالنومة الثانية، والمفروض أن النوم - في الصحيحة - مسند (3)
إلى المحتلم وغيره، فيلزم تخصيص القضاء في كليهما بالنومة الثانية.
فالأولى الاستدلال للتفرقة بصحيحة ابن أبي يعفور وموثقة سماعة
- المتقدمتين - (4)، ونحوهما صحيحة محمد بن مسلم: " عن الرجل تصيبه الجنابة
في رمضان، ثم ينام قبل أن يغتسل قال: يتم صومه ويقضي ذلك اليوم " (5).
والجواب عنها: بمعارضتها (6) بمصححة العيص: " عن الرجل ينام في
شهر رمضان فيحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل؟ قال: لا بأس " (7) بناء
على أن السؤال عن حكم النوم المستمر إلى الفجر، وأنه يوجب القضاء أم لا؟
وأما لو حمل السؤال والجواب على جواز نوم المحتلم في الليل أو النهار، في مقام
دفع التوهم الناشئ من النهي عنه في بعض الأخبار الناهية عنه ليلا ونهارا



(1) في " ف ": لمطلق.
(2) في " ج " و " ع ": لذكر المحتلم.
(3) في " م ": مستند.
(4) تقدمتا في صفحة 39 و 40 وانظر الهوامش المعنية هناك.
(5) الوسائل 7: 41 - 42 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(6) في " ف ": عنهما بمعارضتهما.
(7) الوسائل 7: 38 الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
41
كمرسلة (ابن) عبد الحميد (1) - فيبقى أخبار وجوب القضاء بنومة المحتلم سليما.
إلا أن ظاهر الفقهاء عدم الفرق بين المحتلم وغيره، إلا أن يحمل
إطلاق (2) كلامهم: " النوم الأول للجنب " على ما يعم المتصل بالجنابة - كالنومة
التي يحتلم فيها - لكنه خلاف الظاهر.
وممن صرح بأن نومة الاحتلام لا تعد أولا (3) الشهيد الثاني في الروضة (4)
وسبطه في المدارك (5). وعن الفاضل الهندي " إنه حكي عن فخر الاسلام في
حاشية الإرشاد إن الانتباه (6) من الاحتلام وفي حال الجماع لا يعد من
الانتباهتين، بل المعتبر انتباهه بعد نومه جنبا " ثم أيده الفاضل بالنصوص من
الفتاوى والأخبار (7)، فإن الحكم إنما علق على النوم ثلاثا يتخللها انتباهتان بعد
الجنابة، قال (8): " ولو أجنب في النوم ولم ينتبه بالاحتلام ثم انتبه، فالظاهر أنه (9)
غير معدود، وإنما المعدود ما بعد العلم بالجنابة (10)، كما هو نص



(1) الوسائل 7: 43 - 44 الباب 16، الحديث 4، وانظر نص الحديث في صفحة 173 والزيادة
من المصدر
(2) ليس في " ف ": اطلاق، ووردت العبارة في " م " هكذا: يحمل كلا اطلاقهم النوم الأول على الجنب
على...
(3) ليس في " ف " و " ج " و " م ": أولا.
(4) الروضة البهية 2: 90.
(5) لم نجد التصريح بذلك، انظر المدارك 6: 102.
(6) في المناهج السوية: 116 (مخطوط) ما يلي: قال فخر الاسلام في شرح الإرشاد: الانتباه الأول
من الاحتلام.
(7) العبارة في المناهج السوية: 116 هكذا: " قلت: وهو الذي يقتضيه النصوص من الأصحاب
والأخبار، فإن الحكم إذا علق.. إلى آخر العبارة ".
(8) ليس في المناهج السوية: قال.
(9) في المناهج السوية زيادة: أيضا.
(10) ليس في " ف ": بالجنابة.
42
الشارع (1) (انتهى) (2).
أقول: أما النصوص، فقد عرفت أن ظاهرها كون النومة بعد الانتباه
محتلما موجبا للقضاء، وأما الفتاوى فكما ذكره الفاضل (وأما احتمال كون النومة
الأولى للجنب موجبا للقضاء، لأنه بعد انتباه وعلم بالجنابة، بخلاف نوم المحتلم
إذا أصبح به، فهو خلاف ظاهر النصوص والفتاوى) (3).
حكم النوم الثالث والرابع
ثم إن النوم الثالث والرابع في حكم النوم الثاني في وجوب القضاء، ولا
يهدم العدد بتجديد الجنابة بعد ما عدا النومة الأولى - كما هو واضح -.
وإنما الكلام في ثبوت الكفارة في النوم الثالث، فإن ظاهر المشهور ثبوتها
فيه، بل عن الغنية (4) والوسيلة (5) والخلاف (6) دعوى الاجماع، إلا أنه لا
دليل عليه كما اعترف به في الروضة (8) وغيرها، عدا ما استدل به الشيخ من رواية
المروزي (9) ومرسلة (ابن) عبد الحميد (10) ورواية أبي بصير (11) - المتقدمة في مسألة
تعمد البقاء على الجنابة - (12). ولا يخفى اختصاص الثالثة بمن تركه متعمدا،
وإن كانتا مطلقتين في النوم إلا أن التمسك باطلاقهما وارتكاب خروج النومة



(1) كذا في النسخ، ولكن في المناهج السوية: نص الشارح - وهو أنسب -.
(2) المناهج السوية في شرح الروضة البهية: 116، (مخطوط) ونقله الجواهر 16: 252 كما في المتن
نضا.
(3) ما بين القوسين ليس في " م ".
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(5) الوسيلة: 142.
(6) الخلاف 2: 222 المسألة 87.
(7) جامع المقاصد 3: 70.
(8) الروضة البهية 2: 90.
(9) مر ذكرها في صفحة 29 و 28 الهوامش المعنية هناك.
(10) مر ذكرها في صفحة 29 و 28 الهوامش المعنية هناك.
(11) مر ذكرها في صفحة 29 و 28 الهوامش المعنية هناك.
(12) راجع صفحة 28.
43
الأولى والثانية ليس بأولى من تقييدها بالنوم معرضا عن الغسل - وإن كان في
النومة الأولى - مع أن المرسلة آبية عن الحمل على ما عدا الأولى - كما
لا يخفى -.
فالقول بعدم الكفارة - كما في المعتبر (1) وعن المنتهى (2) وجماعة (3) -
لا يخلو عن قوة.
النوم عن غسل الحيض والنفاس والاستحاضة
وهل يجري في النوم عن غسل الحيض والنفاس والاستحاضة ما يجري
في النوم على الجنابة من الأقسام الثلاثة؟ وجهان، وجهان، أقواهما: العدم، وإن كان
الجريان لا يخلو عن قوة.
وهل يجري النسيان عن غسل الجنابة مع الاستيقاظ مجرى النوم عنه في
الأحكام والأقسام؟ وجهان - أيضا -.
الامساك عن ايصال الغبار
" وعن ايصال الغبار الغليظ إلى الحلق " على المشهور، بل لم يعلم مصرح
بالخلاف فيه إلى زمان بعض متأخري المتأخرين، كما اعترف به في الرياض (4)،
بل يظهر من الروضة تحقق الاجماع عليه، حيث جعل الحكم بوجوب القضاء
والكفارة له قطعيا، ثم جعل وجوبهما (5) لمعاودة النوم جنبا بعد انتباهتين
مشهوريا (6) - فتأمل - وهو الظاهر من الدروس (7) حيث ذكر جميع ما اختلف في
وجوب القضاء والكفارة - أو أحدهما - فيه، ولم يذكر في الغبار خلافا، ويشمله
ظاهر (8) ما تقدم من دعوى الاجماع عن الناصرية (9) - كما في الغنية (10) - على



(1) المعتبر 2: 675.
(2) المنتهى 2: 574، وفيه: الأولى عندنا سقوط الكفارة إلا مع العمد.
(3) منهم صاحب الحدائق 13: 127.
(4) رياض المسائل 1: 305.
(5) في " م ": وجوبها.
(6) انظر الروضة البهية 2: 90.
(7) الدروس: 73.
(8) في " ج " و " ع ": ويشهد أيضا ظاهر.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): 242.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
44
الافساد بكل ما يصل إلى جوف الصائم.
. وعن التنقيح (1) والسرائر (2) - كما عن بعض الحكاية عن نهج الحق (3) -
الاجماع عليه، وعن التذكرة نسبة الخلاف إلى الجمهور (4) المشعرة بعدم الخلاف
بيننا.
لأن الظاهر (5) عدم صحة سلب الأكل عنه (6)، إلا أنه (7) أكل غير معتاد،
وإن كان المأكول معتادا، وقد عرفت العموم في الأكل والمأكول (8).
نعم، يأتي على مذهب السيد (9) والإسكافي (10) المنع عن إفساده لو كان
مما لا يؤكل عادة لا مطلقا - كما قيل -.
وبما ذكر ينجبر سندا ودلالة مضمرة سليمان الجعفري أو المروزي (11).
" قال: سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة
أو كنس بيتا، فدخل في أنفه وحلقه غبار، فعليه صوم شهرين متتابعين، فإن ذلك
له فطر (12) مثل الأكل والشرب والنكاح " (13).



(1) التنقيح الرائع 1: 357.
(2) السرائر 1: 374 - 377.
(3) نهج الحق وكشف الصدق: 461.
(4) التذكرة 1: 257.
(5) هذا تعليل لقوله: ويشمله ظاهر ما تقدم.
(6) ليس في " ف " و " م ": عنه.
(7) في " ف " زيادة: له.
(8) في صفحة 19
(9) نقله عنه العلامة قدس سره في المختلف: 216.
(10) نقله عنه العلامة قدس سره في المختلف: 216.
(11) في " ج " و " ع " والمروزي. وقد ذكره الشيخ الأنصاري قدس سره بعنوان: الجعفري في صفحة
269 كما ذكره بعنوان: المروزي في مواضع عديدة كما تقدم في صفحة 28 و 43 ويأتي في
صفحة 173.
(12) كذا في النسخ، ومثله التهذيب 4: 214، والاستبصار 2: 94، ولكن وردت العبارة في الوسائل:
فإن ذلك مفطر.
(13) الوسائل 7: 48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
45
وإضمارها - لو سلم قدحه، إغماضا عن القرائن، وعن كون الباعث عليه
غالبا تقطيع الأخبار - غير ضائر بعد الانجبار بما عرفت.
ودعوى أن الانجبار مختص بما نسب إلى الإمام عليه السلام حتى يسمى
خبرا ممنوعة.
وكذا الطعن في دلالتها باشتمالها على ما لا يقول به أحد - من ثبوت
الكفارة بمجرد المضمضة والاستنشاق (أو شم رائحة، لجواز تقييد المضمضة
والاستنشاق) (1) بما إذا كان على وجه عدم التحفظ فدخل (2) - ولو يسيرا - في
الحلق، كما صرح به غير واحد.
حكم شم الرائحة الغليظة
وأما شم الرائحة الغليظة، فقد حكي (3) عن المفيد (4) والقاضي (5) وجوب
القضاء والكفارة به (6) إذا وصل إلى الحلق، بل الشيخ ادعى وجود الرواية (7)
بذلك (8).
وأما كنس البيت فهو محمول على ما إذا لم يتحفظ عن الغبار، ووقف في



(1) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(2) في " ف " و " م ": فيدخل.
(3) المختلف: 219 ولكن الظاهر منه خلاف ما نسب إلى المفيد.
(4) الموجود في المقنعة: 356: " ويجتنب الصائم الرائحة الغليظة والغبرة التي تصل إلي الحلق، فإن
ذلك نقص (نقض) في الصيام ".
(5) المهذب 1: 192.
(6) ليس في " ف ": به
(7) في " ف " و " م ": الروايات.
(8) قال الشيخ في الخلاف 2: 177: غبار الدقيق والنفض الغليظ حتى يصل إلى الحلق، يفطر
ويجب منه القضاء والكفارة متى تعمد.. إلى أن قال: دليلنا: الأخبار التي بيناها في الكتاب
الكبير، وروى في التهذيب 4: 214 الحديث 621، وفي الإستبصار 2: 94 رواية حفص
المروزي المشتملة على الاستنشاق والرائحة الغليظة. وهي نفس رواية سليمان المتقدمة في
الصفحة 47.
46
معرض الايصال.
هذا كله مع أن سقوط جزء من الرواية عن الحجية (1) لا يوجب سقوط
الكل.
وأما معارضته بالرواية " (وسألته) (2) عن الصائم يدخل الغبار في حلقه؟
قال: لا بأس " (3) فلا دلالة فيه، لاحتمال أن يراد به الدخول لا (4) على وجه
الاختيار.
وكيف كان يكفي في المسألة مثل هذه الرواية إذا انجبرت بفتوى
جمهور (5) الأساطين من القدماء والمتأخرين، وإن قال المحقق في الشرائع: إن فيه
خلافا (6)، لكن الظاهر أن المخالف فيه من لا يرى الفساد بأكل التراب
- كالسيد (7) والإسكافي (8) - لأن المتبادر من الغبار: غبار التراب - كما هور مورد
الرواية (9) -.
نعم، تردد المحقق - بنفسه (10) - فيه في المعتبر (11) من جهة ضعف
الرواية، ومن جهة منع كونه كابتلاع الحصى والبرد، وكلا الوجهين ضعيفان. ولذا



(1) وهو ما لم يلتزم به أحد من ثبوت الكفارة بمجرد المضمضة والاستنشاق، انظر صفحة 46.
(2) الزيادة من المصدر.
(3) الوسائل 7: 48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(4) ليس في " ف ": لا.
(5) ليس في " ف ": جمهور.
(6) شرائع الاسلام 1: 189.
(7) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة): 54.
(8) المختلف: 216.
(9) فإنه ورد فيها: " أو كنس بيتا. فدخل في أنفه وحلقه غبار " انظر صفحة 45 والهامش 13.
(10) كذا في النسخ، والصحيح: نفسه. وفي " ع " شطب على كلمة: فيه.
(11) المعتبر 2: 655.
47
مال أخيرا في بيان ما يوجب القضاء والكفارة إلى ثبوتها فيه (1) (وعن التقي
وجوب القضاء فيه خاصة) (2) وحكاه الشيخ عن بعض أصحابنا (3) - على ما
قيل - واختاره الحلي متمسكا بأن القضاء مجمع عليه والكفارة - بين أصحابنا -
فيه (4) خلاف (5) وليس عليه دليل.
ثم إن في تقييد الغبار بالغليظ - كما في كلام المصنف قدس سره (6) بل في
الغنائم كما عن غيره نسبته إلى الأكثر (7)، وعدمه كما هو صريح بعض، وبالغ
فيه الشهيد الثاني حتى نفي الوجه في التقييد (8) - خلاف، والأقوى التقييد،
لأنه المتيقن من الاجماعات والشهرة، مع عدم صدق الأكل في غيره، وإلا لفسد
الصوم بإيصال مطلق الهواء الكدر المخلوط بالأجزاء الأرضية، فلا يقال: إنه أكل
التراب (أو الدقيق) (9) بخلاف ما إذا كان غليظا. نعم، لو عملنا بإطلاق
الرواية (10) كان المتجه الاطلاق.
حكم الدخان الغليظ
وأما الدخان الغليظ، ففي المدارك: إن المتأخرين ألحقوه بالغبار.
واستبعده (11) تبعا للمحكي عن التنقيح (12) وتبعهما في الكفاية (13)



(1) راجع المعتبر 2: 670 - 671
(2) الكافي في الفقه: 183، وما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(3) المبسوط 1: 271.
(4) كذا في النسخ، والصحيح: فيها.
(5) السرائر 1: 377.
(6) في " ف ": المصنف وغيره قدس أسرارهم.
(7) غنائم الأيام: 401.
(8) الروضة البهية 2: 90.
(9) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
(10) هي رواية سليمان المروزي المتقدمة في صفحة 45، وانظر الهامش 13 هناك.
(11) المدارك 6: 52 - 53.
(12) التنقيح الرائع 1: 358.
(13) كفاية الأحكام: 46.
48
والذخيرة (1) - على ما حكي -
والأقوى: الالحاق لو عممنا الغبار لغير الغليظ، لتنقيح المناط أو
الأولوية (2) وإن قيدناه بالغليظ فالأقوى عدم اللحوق، لأن الأجزاء الترابية
تلصق بالحلق وتنزل (3) مع الريق، بخلاف الأجزاء اللطيفة الرمادية في الدخان،
فإنها تدخل في الجوف مصاحبا (4) للدخان النازل، ولا تلصق بالحلق ولا ينزل مع
الريق منها شئ والدخان ليس مما يؤكل، والأجزاء الرمادية ليست منفردة عن
الدخان حتى يتصدق الأكل بنزولها.
وبالجملة، فالفرق بين الأجزاء الترابية - الداخلة في الحلق مع الهواء -
والأجزاء الرمادية - النازلة مع الدخان - في دخول الأولى بنفسها في الحلق
منفصلا عن الهواء مخالطا (5) للريق، ونزول الثانية في ضمن الدخان - بحيث لا
ينفصل عن الهواء الدخاني ولا يختلط بالريق - واضح.
نعم، لو قلنا: إن الصوم عبارة عن الامساك عما يصل إلى الجوف (6)
مطلقا، أو من طريق الفم - حتى الدخان، أو حتى الأجزاء الرمادية المختلطة مع
الهواء الدخاني - كان للافطار وجه، إلا أن الأكل لا يصدق على الأول قطعا،
لأن الدخان ليس مأكولا ولا مشروبا، ولا يصدق على الثاني أيضا أكل الرماد
- جزما - بخلاف الغبار المخلوط بالرماد.
نعم، لو فرض غلظة الدخان على وجه ينفصل منه أجزاء ويتحقق معها



(1) ذخيرة المعاد: 499.
(2) في " ف ": والأولوية.
(3) في " ف ": أو تنزل.
(4) كذا في النسخ.
(5) كذا في النسخ.
(6) ليس في " ج ": إلى الجوف.
49
جسم فلا يبعد كونه كالغبار - كما ذكره المحقق والشهيد الثانيان في حاشية
الإرشاد (1) والمسالك (2) -.
ومما ذكرنا (3) ظهر أن الاجتناب عن دخان التتن شئ قضت به سيرة
المسلمين ومراعاة الاحتياط في الدين.
ثم إن المراد بإيصال الغبار: الظاهر أنه ما يعلم جذبه بالنفس تعمدا، أو
إيجاد فعل يستلزمه، أو تمكينه (4) من الوصول، بأن لا يتحفظ عنه مع القدرة - كما
صرح به المحقق الثاني في حاشية الإرشاد (5) - وعن الحلبي (6) إن مما يجب
الاجتناب عنه الوقوف في الغبار المتكاثف (7).
الامساك عن الاستمناء
" و " يجب الامساك " عن الاستمناء " أيضا، وهو استنزال المني بأي سبب
كان، فإن نية القاطع محرمة - على ما تقدم - (8) ولا يفسد إلا إذا حصل بناء على
عدم حصول الافساد بمجرد نية القاطع، ومع حصوله فلا ريب في الفساد،
للاجماع عليه فتوى ونصا، ففي صحيحة ابن الحجاج " عن رجل يعبث بأهله
في شهر رمضان حتى يمني؟ قال: عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع " (9).
والظاهر من كلمة " حتى " - وإن كان للانتهاء - الغاية لا التعليل (10)، لأن



(1) مخطوط وأشار إلى ذلك في حاشيته على الشرائع: 55 (مخطوط).
(2) المسالك 1: 55
(3) في " ف " و " ج " و " م ": ذكر.
(4) في " ف " و " م ": أو تمكنه، وفي " ج " و " ع ": أو يمكنه.
(5) مخطوط، وأشار إلى ذلك في حاشيته على الشرائع: 55 (مخطوط).
(6) في " ع ": وعن الحلي.
(7) الكافي في الفقه: 179.
(8) لم نقف على ذلك فيما تقدم.
(9) الوسائل 7: 25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(10) في " ف " و " م ": للتعليل.
50
الافطار لا يترتب على مجرد العبث لأجل الامناء بل على الامناء الحاصل عقيب
العبث لأجله، إلا أن ظاهر السؤال استمرار العبث إلى حصول الامناء،
فيظهر منه كثرة العبث، وهي عادة موجبة للامناء، فالرواية تدل على وجوب
الكفارة بإعمال السبب العادي - وإن لم يقصده -.
ولا يختص (1) بصورة القصد كما يظهر من صاحب المدارك (2) (ليرجع إلى
قصد الامناء - بناء على أن قصد ما يترتب عليه شئ في العادة مع الالتفات إلى
الترتب قصد لذلك الشئ ظاهرا (3) -) (4).
الامناء بغير السبب العادي
ولا يعم غير السبب العادي من أفراد الملامسة وإن لم يقصد به (5) الانزال
- كما قد يتخيل -.
نعم هذا - أيضا - مفسد على الأقوى، لاطلاقات (6) العبث وظاهر
إطلاق روايات أخر، مثل رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام " عن رجل
وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق، فقال: كفارته أن يصوم شهرين
متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة " (7).



(1) في " ف " و " م ": ولا يخص
(2) مدارك الأحكام 6: 61 و 63.
(3) ليس في " ج " و " ع ": ظاهرا، والعبارة في " م " هكذا: قصد ذلك الشئ أم لم يقصده كما هو ظاهر
اطلاق روايات أخر.
(4) ما بين المعقوفتين جاء في " ج " و " ع " و " م " بعد قوله: " لاطلاقات العبث "، وفي هامش " ف " جاء
ما يلي: كان في المنتسخ الأصلي الذي كان بخط المرحوم بين قوله: " لاطلاقات " وقوله:
" روايات " هذه العبارة: " لاطلاقات العبث، ليرجع إلى قصد الامناء، بناء على أن قصد ما ترتب
عليه شئ في العادة - مع الالتفات إلى الترتب - قصد لذلك الشئ ظاهرا " هذه آخرها ومعها
فقرة أخرى قد شطب عليها، وهذه العبارة وإن كانت مطلبا صحيحا مربوطة بالمقام إلا أنه لم
يعلم مكانه معينا (لمحرره).
(5) ليس في " ف ": به.
(6) كذا في النسخ، والصحيح: لاطلاق.
(7) الوسائل 7: 26 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 5.
51
وموثقة سماعة " في من لزق بامرأته فأنزل، قال: عليه إطعام ستين
مسكينا، مد لكل مسكين " (1).
ومرسلة حفص بن سوقة " في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في
قضاء رمضان فسبقه الماء؟ قال: عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في
شهر رمضان " (2).
وصحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " عن رجل يمس من المرأة
شيئا، أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ قال: إن ذلك يكره للرجل (3) الشاب مخافة
أن يسبقه المني " (4).
وظاهرها أن سبق المني - أعني خروجه من غير إرادة - عقيب الفعل
المعرض له مفسد، وإلا لم يكن معنى (5) لتعليل كراهة التعرض له بخوف سبقه
وخروجه (6).
ونحوها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام " إنه
سئل: هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان؟ قال: إني أخاف عليه، فليتنزه
عن ذلك إلا أن يثق أن لا يسبقه منيه " (7).
وصحيحة ابن حازم " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الصائم
يقبل الجارية والمرأة؟ فقال: أما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس، وأما الشاب



(1) الوسائل 7: 25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 4.
(2) الوسائل 7: 25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 2 مع اختلاف يسير.
(3) في النسخ: لأجل. وما أثبتناه من المصدر.
(4) الوسائل 7: 68 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول،
(5) ليس في " ف " و " م ": معنى.
(6) في " ف " و " ج " و " م ": وجه.
(7) الوسائل 7: 70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 13.
52
الشبق (1) فلا، لأنه لا يؤمن، والقبلة إحدى الشهوتين، قلت: فما ترى في مثلي
يكون له الجارية فيلاعبها؟ فقال: إنك لشبق يا أبا حازم، كيف طعمك (2)؟
قلت: إن شبعت أضرني وإن جعت أضعفني. قال: كذلك أنا، قال: فكيف أنت
والنساء؟ قلت: (و) (3) لا شئ. قال: ولكني يا أبا حازم ما أشاء شيئا يكون مني
إلا فعلت " (4).
وموثقة سماعة: " عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان؟ فقال: ما لم
يخف على نفسه فلا بأس " (5).
والمستفاد من هذه أن سبق المني عقيب التعرض له مفسد - سواء كان
بالملامسة أو بالنظر والتكلم، وسواء مع الاعتياد وعدمه - نعم يستثنى منه ما لو
اعتاد العدم ولم يقصد الانزال (6).



(1) الشبق - بالتحريك -: شدة الميل إلى الجماع، يقال: شبق الرجل شبقا، من باب تعب، فهو
شبق: هاجت به شهوة الجماع. (مجمع البحرين 5: 189 - شبق -).
(2) في " ف ": طبعك، وفي " ج " و " ع " و " م ": طمعك، وصححناه على ما في الكافي 4: 104، الحديث 3.
(3) الزيادة من الكافي.
(4) الكافي 4: 104، الحديث 3، وأورد صدر الحديث في الوسائل 7: 69 الباب 33 من أبواب
ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(5) الوسائل 7: 69 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 6.
(6) في هامش " ف " ما يلي: قد سقط من المتن - ها هنا - فقرات كثيرة مشتملة على مسائل مهمة
كتعمد القئ والحقنة، ولا يختص بالمقام بل فقد المتن في هذه الأوراق كثير، والظاهر أن كثيرا
منها مستند إلى فقد الأوراق لا ترك التصنيف، - والله العالم - (لمحرره). وفي هامش " م " ما يلي:
در نسخع أصل در صحافي يك ورق بيش ديده شده بود از أين جهت حك واصلاح... (كلمة
لا تقرأ، ولعلها كلمة: شد). وفي الإرشاد 1: 296 بعد قوله: " وعن الاستمناء " ما يلي: " وعن
تعمد القئ وعن الحقنة، وعن معاودة النوم للجنب بعد انتباهة ". هذا وسيأتي شرح المؤلف
قدس سره لهذه المسائل في شرحه لكتاب القواعد، انظر صفحة 147 فما بعدها.
53
اتيان المفطر قبل مراعاة الفجر
" ويجب القضاء - أيضا - بفعل المفطر " (1) مطلقا " قبل " مباشرة " مراعاة
الفجر مع القدرة " عليها " ويكون " الفجر " طالعا " في الواقع حين الأكل وإن
كان مأذونا في الفعل، بلا خلاف في الجملة - كما قيل وسيجئ - إلا أن حقيقة
الصوم لم يتحقق عرفا ولا لغة، بل ولا شرعا، لعموم ما سيجئ من التعليلات
في الروايات الآتية، والأمر في بعضها بإفطار اليوم الذي اتفق فيه ذلك إذا كان
غير معين أو مندوبا، الذي لا وجه له - سيما في المندوب - إلا فساد الصوم، ومجرد
الفساد وإن لم يوجب القضاء - المتوقف على فرض جديد ممنوع تحققه إلا فيما
إذا تحقق الافساد، لا مجرد الفساد - إلا أن الظاهر تحقق الاجماع على الملازمة
بين فساد الصوم ووجوب القضاء فيما نحن فيه، مضافا إلى خصوص ما ورد في
المسألة مثل قوله عليه السلام في موثقة سماعة " عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع
الفجر في شهر رمضان؟ فقال: إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد
فرأى الفجر، فليتم صومه ولا إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب ثم نظر إلى
الفجر فرأى أنه قد طلع (الفجر) فليتم صومه ويقضي يوما آخر لأنه بدأ
بالأكل (2) قبل النظر فعليه الإعادة (3).
وصحيحة الحلبي " عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر
وتبين؟ قال: يتم صومه ذلك ثم يقضيه، وإن تسحر في غير شهر رمضان بعد
الفجر أفطر. ثم قال: إن أبي كان ليلة يصلي وأنا آكل، فانصرف وقال: أما جعفر
فقد أكل وشرب بعد الفجر، فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان " (5).
ورواية إبراهيم بن مهزيار " قال: كتب الخليل بن هاشم إلى أبي الحسن



(1) في " ف ": أيضا، بدل: مطلقا.
(2) في " ع " زيادة: والشرب.
(3) الوسائل 7: 82 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3 والزيادة من المصدر
(4) الوسائل 7: 82 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
54
عليه السلام: رجل سمع الوطئ (1) والنداء في شهر رمضان، فظن أن النداء للسحور،
فجامع وخرج فإذا الصبح قد أسفر. فكتب بخطه: يقضي ذلك اليوم إن شاء
الله " (2).
ومن صريح صدر الموثقة (3) وذيل صحيحة معاوية بن عمار الآتية في
إخبار الغير (4)، يعلم الوجه فيما (5) حكي الاجماع عليه عن (6) جماعة (7) من عدم
وجوب القضاء مع المراعاة وحصول الأكل بعدها، بحيث يكون مستندا عرفا
إليها، بأن لا يتخلل فصل محوج - عادة - إلى تكرار المراعاة.
حكم العالم بعدم إفادة المراعاة الظن
وفي حكم المراعي (8) من يعلم أن المراعاة لا يثمر له ظنا بالفجر،
لانصراف الأدلة إلى غيره.
حكم العاجز عن المراعاة
وفي حكمه - أيضا - العاجز عنها - على المشهور كما قيل - بل في (9) غير
واحد من العبائر دعوى عدم الخلاف فيه (10) نعم حكي عن موهم كلام المفيد
في المقنعة (11).



(1) ليس في " ف ": الوطئ. والمراد: أنه سمع وقع الأقدام الذاهبة إلى المسجد.
(2) الوسائل 7: 82 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2، وانظر التهذيب 4:
318، الحديث 970 وقد وردت العبارة في النسخ هكذا: انشاء.
(3) أي موثقة سماعة المذكورة في صفحة 54، وانظر الهامش 3 هناك.
(4) في صفحة 59، وانظر الهامش 4 هناك.
(5) في " م ": مما.
(6) كذا في " م "، وفي النسخ الأخرى: من.
(7) حكاه صاحب الرياض في 1: 311 وفيه: ولا خلاف فيه، بل عليه الاجماع في صريح
الاستبصار وظاهر المنتهى وغيرهما.
(8) في " ف ": المراعاة.
(9) كذا في " م "، وفي سائر النسخ: عن.
(10) رياض المسائل 1: 311، وانظر الجواهر 16: 276.
(11) المقنعة: 358.
55
كما يظهر من ذيل الموثقة (1) المعللة لوجوب الإعادة بالتقصير في النظر.
اللهم إلا أن يقال بتقصير العاجز - أيضا - من جهة ترك السؤال، فيجب
عليه السؤال ومع عدمه يجب عليه القضاء.
الافطار في الواجب غير المعين والمندوب
ثم إن مقتضى ما قدمنا: تحقق الافطار (2) بمجرد الأكل في الواجب الغير
المعين والمندوب - ولو مع المراعاة -.
قيل: بل الظاهر عدم الخلاف فيه، ويؤكده أمر الإمام عليه السلام بالافطار
في صحيحة الحلبي (3).
وفي الحسن كالموثق - كما قيل - " يكون علي اليوم واليومان من شهر
رمضان فأتسحر مصبحا، أفطر ذلك اليوم وأقضي مكان ذلك يوما آخر، أو أتم
على صوم ذلك اليوم وأقضي يوما آخر؟ فقال: لا، بل تفطر ذلك اليوم لأنك
أكلت مصبحا وتقضي يوما آخر " (4).
فإن الأمر بالافطار لا يكون إلا لفساد الصوم، ومقتضى الأصل المذكور
من انتفاء الحقيقة فساد المعين غير رمضان - ولو مع المراعاة - سيما بملاحظة
ما دل من التعليل للافطار بالأكل مصبحا (5) ونحوه (6).



(1) أي: موثقة سماعة المذكورة في صفحة 54، وفيها: " لأنه بدأ بالنظر قبل الأكل فعليه الإعادة ".
وانظر الهامش 3 هناك.
(2) العبارة في " ج " و " ع " و " م " هكذا: " ما قدمنا من عدم تحقق الصوم لغة وعرفا تحقق الافطار ".
(3) المتقدمة في صفحة 54، وانظر الهامش 4 هناك.
(4) الوسائل 7: 83 الباب 45 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(5) وهو ما مر أعلاه: وفي الحسن كالموثق.
(6) في هذا الموضع من " ج " عبارة طويلة كتب فوقها: " زائد " وقد وردت نفس تلك العبارة مع
اختلاف يسير في هامش " ف "، وكتب الناسخ قبل ايرادها ما يلي:
" كان ذلك مكتوبا في حاشية نسخة الأصل وقد أسقطه بعض من كتب من وجه النسخ،
وكان في الصفحتين اغتشاش كثير وخطوط من المتن إلى الحواشي البعيدة وحواش لا علامة
لها، وما علمت مكان هذا، ولا أنه محتاج إليه أو زائدة، ولذا كتبتها على حدة ليتأمله الناظر " (ثم
أورد نص العبارة وهي:)
(مضافا إلى أن تعليل الموثقة أخص مطلقا من تعليل الفساد بمجرد الأكل في الروايات) (1)
يقتضي تحقق (2) الافطار في المعين غير رمضان كالمنذور (3) وما ذكرنا من فساد الصوم وانتفاء
حقيقته وإن لم يقتض وجوب القضاء في شهر رمضان إلا بمعونة الاجماع المنتفى (4) في غير
رمضان من المعين، إلا أنه بعد الحكم بجواز الافطار هنا وانتقال الأمر (5) بالامساك الموجود في
رمضان بالاجماع، لا بد من القضاء كبعض المعينات، حيث فرض ثبوته في افطار ذلك المعين.
نعم لو كان مما لا يجب قضاؤه كالصوم الواجب للنوم عن صلاة العشاء - على القول
بوجوبه -، أو قلنا بأن وجوب القضاء في المنذور المعين لم يثبت إلا مع الافطار متعمدا - لا مع
حصوله بغير تعمد - كان الأظهر عدم وجوب القضاء.
فيقوى حينئذ عدم وجوب القضاء في المعين غير رمضان - ولو مع التقصير في النظر -، إلا
أن في تعليل (6) القضاء في رواية سماعة بالتقصير في النظر اشعار بوجوب القضاء هنا. كما أن في
اطلاق ذيل صحيحة معاوية بن عمار الآتية دلالة على عدم لزوم القضاء مع عدم (7) التقصير
على أقوى الاحتمالين (8) فيه، كما سيجئ.
فيقع التعارض بين ذيل هذه الصحيحة المعتضدة بتعليل الموثقة الشامل لصوم رمضان وغيره
المختص بصوره النظر وبين اطلاق صحيحة الحلبي الشامل لصورتي النظر وعدمه المختص
بغير رمضان (9).
- هامش 2 - (1) ما بين المعقوفتين غير موجود في " ج " و " م ".
(2) في " ج ": يقضي بتحقق وفي " م " يقضي تحقق.
(3) في " ج " و " م " زيادة: أيضا.
(4) في " م ": المنفي.
(5) في " م ": وانتفاء الأمر.
(6) في " م " المراعاة، إلا أن تعليل.
(7) ليس في " ج ": عدم.
(8) في " ف ": الاحتمالات.
(9) في " ج " و " م " زيادة: لكنها معارضة. وفي " ف " زيادة: تمت من حاشيته نسخة الأصل.
56
وأما صحيحة ابن عمار الآتية " أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت لم

57
يجب عليك القضاء (1) " (2) المعتضدة بالموثقة المشعرة بأن علة القضاء التقصير في
النظر (3)، فهما مختصتان برمضان، للأمر فيهما بإتمام الصوم ثم القضاء، وهذا من
خواص صوم رمضان، مضافا إلى ندرة غير رمضان من المعينات ولا يشمل غير
المعين قطعا، لعدم وجوب إتمامه.
إلا أن الحكم مع ذلك بوجوب القضاء مشكل، لعدم تلازم الفساد والقضاء
في غير رمضان، اللهم إلا أن يثبت - ولا يبعد - سيما وأن الفساد مستلزم لوجوب
الافطار فيه، فيكون كيوم معين فات صومه اضطرارا فيجب قضاؤه، إلا أن لا
يكون له قضاء ككفارة صلاة العشاء - مثلا -.
نعم لو كان معينا بالعارض كقضاء المضيق، وجب بدله من غير
حاجة إلى أمر جديد - كما لا يخفى -.
ثم إن رواية معاوية بن عمار مروية في الفقيه (4) على وجه يفيد العموم
لجميع أقسام الصيام فلا حظ، إلا أن الظاهر اتحادها مع رواية الكليني (5)، وأن ما
في الفقيه منقول بالمعنى، فلاحظ الكتابين وتأمل فيما فيهما.
نعم لو تم الاستناد إلى ما في الفقيه أمكن القول بإلحاق غير المعين
- أيضا - برمضان، وتعليل الموثقة (6) وإن كان مورده في رمضان إلا أن المستفاد
أن القضاء يتفرع على الأكل قبل النظر، لا على مجرد الأكل في النهار - كما



(1) في " م ": قضاء.
(2) الوسائل 7: 84 الباب 46 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، وفيه: " لم يكن
عليك شئ " وستأتي في الصفحة الآتية.
(3) الوسائل 7: 82 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(4) الفقيه 2: 131 - 132، الحديث 1940.
(5) الكافي 4: 97، الحديث 3.
(6) المتقدمة في صفحة 54، وانظر الهامش 3 هناك.
58
يستفاد من تعليل غيره من الأخبار - فهذا التعليل يخصص التعليل الوارد في
الأخبار بمجرد الأكل في النهار، مضافا إلى أن ظاهر موارد تلك الأخبار الأكل
قبل النظر - أيضا - وسيما مع أن الظاهر أن ماهية الصوم حقيقة واحدة ولا
تغاير بين أفراده من حيث الحقيقة، خصوصا بين صوم رمضان وقضائه، فإن
اختلاف حقيقتهما في غاية البعد، فإذا كان حقيقة صوم رمضان: الامساك من
حيث تبين الفجر بعد النظر ولا عبرة بطلوعه قبله للناظر الذي لم يتبين له، كذلك
قضاء هذا الصوم سيما بعد ما ورد في حق يوم القضاء من " أنه عند الله بمنزلة
أيام رمضان " (1) بل الظاهر كون جميع أقسام الصيام واحدا.
اللهم إلا أن يقال بالفساد في الجميع، إلا أنه رفع القضاء في صوم رمضان
لأجل رفع العسر.
الافطار لأخبار الغير بعدم الطلوع
" و " يجب القضاء أيضا " بالافطار لأخبار الغير بعدم الطلوع مع القدرة
على المراعاة، مع طلوعه " حين الافطار (2)، لما ذكرنا من انتفاء حقيقة الصوم
المستلزم لوجوب القضاء - بحكم الاجماع على التلازم - ولعموم التعليل
المتقدم (3) " لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الإعادة " وخصوص صحيحة
معاوية بن عمار - أو حسنته - " آمر الجارية تنظر أطلع الفجر أم لا؟ فتقول: لم
يطلع، فآكل ثم أنظر فأجده قد طلع حين نظرت. قال: تتم صومك وتقضيه، أما
إنك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه " (4).



(1) الوسائل 7: 254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 3، وفيه: من أيام رمضان،
وستأتي الإشارة إليه في صفحة 241.
(2) سيأتي شرح المؤلف قدس سره لنظير المسألة في شرح القواعد في صفحة 143.
(3) في صفحة 54.
(4) وردت الرواية بهذا اللفظ في الكافي 4: 97، الحديث 3 وأورده في الوسائل بلفظ آخر قريب
من هذا، 7: 84 وسيأتي استدلال المؤلف، قدس سره بهذه الرواية في صفحة 143.
59
ولو عجز عن المراعاة سقط القضاء، لفحوى ما مر - من سقوطه عن
العاجز إذا لم ينظر عنه الغير -.
ومقتضى إطلاق أدلة المسألة - من القاعدة وتعليل الموثقة (1) وذيل
الصحيحة (2) كإطلاق أكثر الفتاوى - عدم الفرق في المخبر بين الواحد -
عدلا أو غيره - والمتعدد.
وحجية العدلين - على تقدير ثبوتها في ما نحن فيه - لا تزيد في إفادة
الإذن على الاستصحاب، ولا تنافي وجوب القضاء مع انكشاف الخطأ، فيكون
كما لو انكشف أن اليوم الذي ثبت (3) كونه عيدا كان من رمضان - وإن كان
الفرض نادرا -.
فظهر ضعف ما اختاره المحقق والشهيد الثانيان (4) - كما عن صاحبي
المدارك (5) والذخيرة (6) - من عدم وجوب القضاء مع شهادة العدلين، لأنهما (7)
حجة شرعية، الصحيحة لا تنافيه، لأن موردها كون المخبر واحدا. وفيه ما
عرفت من أن الحجة إنما تفيد جواز التناول، وأما الصحيحة (8) فموردها وإن كان
خاصا بالواحد، بل بالمرأة بل بغير العادلة، إلا أن مقتضى قوله: " إنك لو كنت
أنت الذي نظرت.. " (9). حصر عدم القضاء في صورة مباشرة النظر، ويؤيده



(1) أي: موثقة سماعة المتقدمة في صفحة 54.
(2) أي: صحيحة معاوية بن عمار المذكورة في الصفحة السابقة.
(3) في " ف ": يثبت.
(4) المحقق في جامع المقاصد 3: 66 والشهيد في المسالك 1: 56.
(5) مدارك الأحكام 6: 92.
(6) ذخيرة المعاد: 501.
(7) في " ع " و " م ": لأنها.
(8) المتقدمة في صفحة 59.
(9) الكافي 4: 97، الحديث 3.
60
التعليل في الموثقة (1).
مضافا إلى أن اختصاص مورد الرواية لا يقدح، بعد اقتضاء انتفاء حقيقة
الصوم للقضاء، وقد عرفت أن حجية البينة لا تنافيه حتى يحتاج إلى ارتكاب
تخصيص أدلتها بأدلة ثبوت القضاء، كما ارتكبه في الرياض (2)
بل لو سلم التنافي فلا مناص عن الحكم بحكومة أدلة الحجية على هذه
الأدلة، لجعل الشارع نظر العدلين بمنزلة نظر نفسه، بل بمنزلة القطع بالليل،
لا كما توهم من صيرورة النسبة - حينئذ - بين أدلة الحجية وأدلة المسألة عموما
من وجه، فيرجع إلى أصالة البراءة.
نعم هي والاستصحاب وجميع ما يفيد الإذن في التناول تنافي الكفارة، لما
تقدم من أن العذر - شرعيا كان أم عقليا - يسقط الكفارة عن الافطار، بل قد
يكون نفس الافطار - لكونه واجبا - كفارة لذنوب أخر، كإنقاذ الغريق
بالارتماس.
الافطار مع أخبار الغير بالطلوع
" و " يجب القضاء أيضا " بالافطار مع الاخبار بطلوعه مع كذبه (3) والقدرة
على المراعاة مع طلوعه (4) " واقعا (5) لما ذكرنا من انتفاء حقيقة الصوم، وخصوص
صحيحة العيص بن القاسم " عن رجل خرج في رمضان وأصحابه يتسحرون في
بيت، فنظر إلى الفجر فناداهم، فكف بعضهم وظن بعضهم أنه يسخر، فأكل.
قال: يتم صومه ويقضي " (6).



(1) المتقدمة في صفحة 54.
(2) رياض المسائل 1: 311.
(3) في الإرشاد 1: 266: لظن كذبه.
(4) في الإرشاد: وطلوعه.
(5) سيأتي للمؤلف، قدس سره تحقيق آخر لهذه المسألة عند شرحه لكتاب القواعد في صفحة 146.
(6) الوسائل 7: 47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث الأول مع اختلاف يسير.
61
ومقتضى ترك الاستفصال: ثبوت الحكم مع العجز عن المراعاة
- أيضا - مضافا إلى ما عرفت من القاعدة، مع أن تكليف العاجز الرجوع إلى
الغير، ولم يفعل.
إلا أن يعتذر عن مخالفته بظن (1) كذبه، فيكون وجود الخبر عنده كعدمه.
بل ويكون بقاء الليل مظنونا مع عجزه عن المراعاة، وعدم خبر معتبر بخلافه،
وقد تقدم عدم القضاء في المسألة الأولى (2)، لظاهر التعليل (3) في الموثقة (4)، بل
لعدم الخلاف في الظان بالبقاء العاجز عن المراعاة الغير المخبر بدخول النهار،
إلا أن ظاهر الرواية الظن بالسخرية (وهو لا يستلزم الظن بالكذب فقد يظن
بالسخرية) (5) بل يقطع بها مع الشك في بقاء الليل، بأن يكون الساخر يخبر مع
عدم المراعاة، فيكون أصل الكلام مسخرة لا كذبا.
ثم إطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق - في ثبوت القضاء - بين
كون الأكل بظن كذب المخبر بعد النظر أو من دون نظر متصل عرفا.
ويشكل في الأول من جهة عموم منطوق صدر الموثقة السابقة (6) ومفهوم
تعليل ذيلها الحاكم بأن الأكل بعد النظر ليس فيه شئ - عند (7) انكشاف
الخلاف -.
مضافا إلى قوله - في الصحيحة السابقة (8) - " لو كنت أنت الذي نظرت
.. " إلا أن في شمولها لهذه الصورة إشكالا، بل الظاهر من الأكل بعد النظر:



(1) في " ف ": لظن.
(2) المذكورة في صفحة 60، قوله: ولو عجز من المراعاة.. الخ.
(3) في " ف ": بظاهر التعليل.
(4) المتقدمة في صفحة 54.
(5) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(6) في صفحة 54.
(7) في " ف ": بعد.
(8) في صفحة 59.
62
الأكل اتكالا عليه مع عدم حصول ما يوهنه، فإن إخبار الغير وإن كان فيه مظنة
السخرية إلا أنه يوجب التزلزل المحوج إلى النظر، فإن الظاهر أن اعتبار النظر
في سقوط القضاء ليس تعبدا، بل من جهة عدم التقصير، وظاهر أن طرح إخبار
الغير لا من جهة احتمال الكذب، بل من جهة احتمال السخرية، المدفوع
- شرعيا وعادة - بالأصل والغلبة، والاتكال مع ذلك كله على النظر السابق
- أيضا - تقصير.
نعم لو كان نظره (1) السابق مما يغلب على الإخبار حتى يكون مثل من
ينظر فلا يرى وينظر غيره فيرى الفجر فلا يبعد عدم الاتكال على الغير - كما
تقدم في رواية " رجلين قاما فنظرا. " (2) -.
إخبار العدلين بالطلوع
ولو كان المخبر عدلين - أو عدلا واحدا - فإن ظن السخرية ففي وجوب
الكف وجهان: من أصالة عدمها، ومن عدم كون البينة حجة من باب التعبد
الصرف، لا أقل من اعتبار عدم الظن (3) على الخلاف، سيما وإن أكثر ما يمكن
استفادة حجية العدل أو العدلين منه - من الآيات والروايات - إنما يدل على
وجوب تصديق العادل وعدم الاعتناء باحتمال كذبه.
وأما احتمال سخريته - حيث لا يكون السخرية معصية (4) - فهو
كاحتمال خطأ المخبر في النظريات، لا يدل تلك الأدلة على نفي مثل هذا
الاحتمال. نعم لا بد من رفعه بالأصول والظواهر.
وإن لم يظن السخرية فلا إشكال في وجوب الكف، ولا في وجوب القضاء.



(1) في " ج " و " ع ": النظر.
(2) هذه الرواية لم تتقدم، بل ستأتي في الصفحة الآتية.
(3) في " ج " و " ع ": زيادة: به.
(4) في " م ": مقتضية.
63
وإنما الكلام في وجوب الكفارة - كما عن المصنف (1) والشهيدين (2)
قدس الله أسرارهم، لأنه كمتعمد الافطار مع تيقن الطلوع، ويمكن أن يقال: إن الكفارة
قد علقت في أدلتها على تعمد الافطار الذي لا يتحقق إلا مع العلم بالنهار، ومجرد
كون الزمان في حكم النهار بمقتضى البينة (3) لا يوجب صدق التعمد إلى الافطار،
والأصل في ذلك التفرقة بين تعمد الأكل في زمان علم أنه من نهار رمضان، فإنه
تعمد إلى افطار الصوم، وبين تعمد الأكل في زمان حكم الشارع بكونه نهارا، فإنه
بمجرد ذلك - مع الشك - لم يقصد إلى نقض الصوم، لكن فيه نظر لا يخفى.
الأكل والشرب بظن بقاء الليل
ثم إن الظاهر جواز التناول مع الظن ببقاء الليل، تعويلا على
استصحاب الليل - بمعنى عدم طلوع الفجر - بالكتاب والسنة والاجماع
والعقل.
قال الله تعالى: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض.. الآية) (4). جعل غاية
جواز الأكل والشرب: تبين النهار، لا وجوده الواقعي.
وللموثق: " في رجلين قاما فنظرا إلى الفجر، فقال أحدهما: هو ذا وقال
الآخر: ما أرى شيئا. قال: فليأكل الذي لم يتبين له الفجر، وقد حرم على الذي
رأى أنه الفجر، إن الله عز وجل يقول: (كلوا وأشربوا حتى يتبين لكم) (5).
وفي أخرى: " قلت له: آكل حتى أشك؟ قال: كل حتى لا تشك " (6).
ومقتضى أكثرها: جواز التناول مع الشك بعد الفحص.



(1) منتهى المطلب 2: 578 وتحرير الأحكام 1: 80.
(2) الشهيد الأول في الدروس: 72، والشهيد الثاني في المسالك 1: 56.
(3) في " ج " و " ع " و " م " زيادة: مع عدم البينة.
(4) البقرة: 2 / 187.
(5) الوسائل 7: 85 الباب 48 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، والآية من سورة
البقرة: 2 / 187
(6) الوسائل 7: 86 الباب 49 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 1 و 2.
64
ومقتضى الاستصحاب والرواية الأخيرة: جواز التناول مع عدم الفحص
والشك - أيضا -.
وقد يتوهم هذا (1) في الآية - أيضا - وهو فاسد، لأن الظاهر منها: التبين
للناظر.
وعن الخلاف (2): المنع مع الشك، وهو ضعيف خصوصا مع تعميم المنع لما
بعد الفحص - كما هو مقتضى إطلاق المحكي عنه -.
وقد استند له إلى أن الصوم الواقعي المأمور به هو عبارة عن الامساك
في النهار، فيجب الكف في الجزء المشكوك كونه من النهار مقدمة لتحصيل القطع
بامتثال الأمر بالصوم النفس الأمري، وهذا الأصل وإن كان واردا على
استصحاب حلية الأكل، إلا أن استصحاب الموضوع - أعني عدم طلوع
الفجر - وارد عليه، ويؤيده قوله عليه السلام: " كل حتى لا تشك " (3).
الافطار مع الظن بطلوع الفجر
ولو ظن طلوع الفجر، فإن تمكن من تحصيل العلم بحيث لا يجوز (4) له
الدخول في الصلاة مع هذا الظن، فالظاهر أنه في حكم العدم، للاستصحاب
والرواية (5)، بناء على أن المراد بالشك فيها: مطلق الاحتمال، وإن لم يتمكن
من تحصيله بحيث يجوز له الصلاة في ذلك الزمان، فالظاهر وجوب الكف، بل
لزوم القضاء والكفارة - مع تبين الخلاف - والقضاء فقط - مع استمرار الاشتباه -.
الافطار بإخبار الغير بدخول الليل
" و " يجب أيضا القضاء " بالافطار بالاخبار (6) بدخول الليل ثم ظهر (7)



(1) أي التناول مع الشك وعدم الفحص.
(2) الخلاف 2: 174 كتاب الصوم، المسألة 14.
(3) في الرواية المتقدمة في الصفحة السابقة.
(4) في " ف ": بحيث يجوز له.
(5) أي: قوله عليه السلام: " كل حتى لا تشك ".
(6) كذا في النسخ، والصحيح - كما في الإرشاد 1: 296 -: للاخبار.
(7) في الإرشاد: يظهر.
65
الفساد " (1) لما ذكرنا من انتفاء حقيقة الصوم، مضافا إل ى فحوى ما مر من وجوب
القضاء مع استصحاب الليل وإخبار المخبر ببقائه، ولا فرق بين كون المخبر ممن
يجوز للصائم تقليده أم لا، لأن جواز التقليد لا ينفي القضاء (2) الثابت لأجل
فساد الصوم، ولفحوى وجوبه مع الإذن في الاعتماد على استصحاب الليل،
المعتضد بإخبار الغير، بل بالبينة - على ما عرفت -.
الكفارة بإخبار الغير بدخول الليل
وأما مع عدم جواز التقليد، فقد يقوى وجوب الكفارة مع القضاء
بالافطار تعمدا في زمان حكم الشارع - بمقتضى الاستصحاب - بكونه نهارا.
وقد يقال بعدم انصراف أدلة الكفارة إلى وجوبها للافطار في النهار
الاستصحابي.
وفيه: أن النهار الاستصحابي ليس قسيما للنهار الواقعي، وإنما أثبت
الشارع أحكام النهار الواقعي للزمان المشكوك فيه، فإذا سلم أن من أحكام
النهار الواقعي تعلق الكفارة بالافطار فيه، كان الزمان المشكوك كذلك.
نعم يمكن أن يقال: إن الكفارة إنما علقت في الأخبار على تعمد الافطار
الذي هو عبارة عن نقض الصوم، وقصد نقض الصوم لا يتأتى من الشاك في
النهار، بل الظان (بالليل المتمكن من العلم) (3) الذي هو أحد (4) أفراد المسألة.
وحرمة الافطار عليه لا يوجب ثبوت الكفارة - كما في الجاهل المقصر،
فإن ظاهر المشهور أنه غير معذور في التحريم، ولم يوجب جماعة عليه الكفارة -
فلعل ثبوت الكفارة من لوازم تعمد هتك حرمة اليوم.
وكيف كان، فمبنى المسألة هو: أن الكفارة هل هي من لوازم الأكل في



(1) سيأتي تحقيق آخر للمؤلف حول هذه المسألة عند شرحه للقواعد في صفحة 134.
(2) في " ف ": لا ينفي العقاب.
(3) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(4) ليس في " ج ": أحد.
66
نهار رمضان، أو أنها من لوازم تعمد نقض الصوم؟ فيجب الكفارة على الأول دون
الثاني.
حكم المسألة مع استمرار الاشتباه
هذا كله مع ظهور الفساد، وأما مع استمرار الاشتباه فلا إشكال في عدم
وجوب القضاء مع جواز التقليد، وأما مع عدمه فمقتضى الاستصحاب وجوب
القضاء، بل الكفارة - كما قواه الشهيد الثاني (1) - لما سبق في صورة انكشاف
الخلاف من أن الافطار محرم عليه.
بل قد احتمل وجوبهما (2) مع انكشاف دخول الليل لثبوت التحريم
ظاهرا في حقه، فيترتب عليه القضاء والكفارة، وانكشاف موافقة الواقع (3)
لا يجدي في رفع التحريم الموجب لتعلق القضاء في الذمة.
لكنه ضعيف، بل الأقوى: عدم الكفارة ولا القضاء، كما أن جواز التناول
لا يوجب سقوط القضاء مع انكشاف المخالفة.
اخبار العدلين بدخول الليل
ثم إن الاعتماد في دخول الليل على العدلين هو الأظهر، ويدل عليه
- مضافا إلى بعض العمومات (4) - استقراء موارد اعتبارهما، وفحوى اعتبارهما
في مثل حقوق الناس من الأموال والنفوس والأعراض، وفي إفطار تمام اليوم
ووجوب صلاة العيد إذا شهد عدلان بالهلال ونحو ذلك (5).
اللهم إلا أن يقال: إن (في) (6) تلك الموارد اعتبارهما لحكمة تعذر العلم



(1) المسالك 1: 57.
(2) كذا في " م " وفي سائر النسخ: وجوبها.
(3) في " ف ": الواقعي.
(4) فمن الكتاب قوله: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) الطلاق: 65 / 2، ومن السنة ما ورد في
الوسائل 18: 167 الباب الأول من أبواب كيفية الحكم وغيره من الأبواب.
(5) راجع الوسائل 7: 207 الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان.
(6) الزيادة اقتضاها السياق.
67
غالبا فطرد الحكم في النادر، وأما أوقات الصلوات والافطار فالغلبة فيها
بالعكس، فلا يبقى إلا العمومات - إن تمت -.
الافطار بسبب الظلمة
" و " يجب القضاء - أيضا - بالافطار (1) " للظلمة الموهمة " (2) أي المخيلة في
بادئ النظر " دخول الليل " وإن قطع به، مع عدم دخوله واقعا، لما مر - من
انتفاء حقيقة الصوم المقتضي لوجوب القضاء - وللصحيح عن أبي بصير وسماعة
- كما في المسالك (3) وغيره - عن أبي عبد الله عليه السلام " في قوم صاموا شهر
رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فرأوا أنه الليل (فأفطر
بعضهم، ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس) (4) فقال: على الذي أفطر صيام
ذلك اليوم، إن الله عز وجل يقول: (أتموا الصيام إلى الليل) (5) فمن أكل قبل أن
يدخل الليل فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا " (6).
والخدشة في سندها بأن فيه " محمد بن عيسى، عن يونس " أو اشتراك
" أبي بصير " وعدم ايمان " سماعة " غير مسموعة، مضافا إلى أن " يونس " من
أصحاب الاجماع.
ونحوها: الخدشة في دلالتها بعدم دلالتها على القضاء - بناء على أن المراد
من صيام ذلك اليوم إتمامه، وكون وجوب القضاء لمن أكل قبل دخول الليل
إشارة إلى من أكل بعد انكشاف الخطأ - لأن في ذلك مخالفة للظاهر.
ثم إن ظاهر الرواية أنهم تخيلوا ذلك السحاب الليل، يعني: توهموا ظلمته



(1) في " ع ": للافطار.
(2) في " ف ": " بالظلمة الموهمة " وسيأتي تحقيق للمؤلف قدس سره لهذه المسألة عند شرحه للقواعد
في صفحة 134.
(3) المسالك 1: 56.
(4) الزيادة من الوسائل.
(5) البقرة 2 / 187.
(6) الوسائل 7: 87 الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
68
ظلمة الليل، والظاهر عدم رضا الشارع بالافطار بمثل هذا التخيل البدوي
- وإن بلغ القطع - إلا أن في صورة القطع غير مكلف بالامساك، وهو لا ينافي
وجوب القضاء.
نعم ينبغي وجوب الكفارة مع عدم القطع إذا علم أن تكليفه عدم
الاعتبار (1) بهذا الظن الابتدائي الذي يزول (3) بأدنى تفطن فإن الانسان
إذا تفحص وعلم أن هذه الظلمة من السحاب، فيكون وجودها عنده كعدمها.
إلا أن الظاهر جهل أولئك بحرمة الافطار وكون الزمان محكوما في حقهم
بالنهارية بمقتضى الاستصحاب، بل قد عرفت سابقا إمكان أن يقال: إن
الاستصحاب لا يثبت به القصد إلى نقض الصوم الواقعي، لأن القصد لا يتحقق
من الجاهل - وإن كان محكوما بحكم العالم - نعم هو قاصد إلى ترك الامساك
في زمان يجب إمساكه، وليس هذا قصدا إلى الافطار.
والتمسك ببقاء الصوم يوجب إعادة الكلام السابق، إذ لا يتحقق معه
القصد إلى نقض الصوم الواقعي، ولم يتحقق الصوم بالاستصحاب، إنما الثابت
أحكامه - من وجوب الامساك وحرمة الأكل -، فتأمل.
الافطار مع الظن بالغروب
" ولو ظن " بالغروب مع عدم التمكن من العلم " لم يفطر " (3) أي لم يقض
الصوم مع الفساد (4) وإن اقتضى (5) قاعدة الفساد - المتقدمة - القضاء، لصحيحة
أبي الصباح الكناني " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن
الشمس غابت - وفي السماء علة - فأفطر، ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس



(1) في " ج " و " ع " و " م ": الاعتناء.
(2) في " ف ": الامتدادي التي لا تزول.
(3) انظر بيان المؤلف لهذه المسألة في شرح القواعد صفحة 140.
(4) كذا في النسخ، والظاهر: من الفساد.
(5) في " ف ": إن اقتضى.
69
لم تغب؟ قال: قد تم (صومه) (1) ولا يقضيه " (2).
(ونحوها رواية زيد الشحام) (3).
وصحيحة زرارة " قال أبو جعفر عليه السلام: وقت المغرب إذا غاب القرص
فإن رأيته بعد ذلك - وقد صليت - أعدت الصلاة ومضى صومك، وتكف عن
الطعام إن كنت (قد) (4) أصبت منه شيئا " (5).
ونحوها صحيحة أخرى لزرارة (6) - كما قيل - وهي محمولة على ما إذا ظن
بالليل ولم يتمكن من تحصيل العلم بالمراعاة، بقرينة رواية أبي بصير
- المتقدمة - (7) الظاهرة في المبادرة إلى الافطار بمجرد تخيل الظلمة ظلمة الليل،
من غير مراعاة مشخصة لكون الظلمة من السحاب أو من الليل، إذ لو راعوا
لتبين لهم أنها ظلمة السحاب وأن وجودها كعدمها (8).
فساد صوم الموطوء
" و " اعلم أن " حكم الموطوء " في فساد الصوم " حكم الواطي " بلا خلاف



(1) الزيادة من الوسائل.
(2) الوسائل 7: 88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(3) ما بين المعقوفتين ليس في " ف " ورواية زيد الشحام - كما في الوسائل 7: 88 -: " عن أبي عبد الله
عليه السلام: في رجل صائم ظن أن الليل قد كان (دخل) وأن الشمس قد غابت وكان في السماء
سحاب فأفطر، ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب. فقال: تم صومه ولا يقضيه ".
والزيادة من التهذيب 4: 271، الحديث 817.
(4) الزيادة من التهذيب.
(5) الوسائل 7: 87 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث الأول، والتهذيب 4:
271، الحديث 818.
(6) الوسائل 7: 88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2 وفيه: عن زرارة، عن
أبي جعفر عليه السلام في حديث: " أنه قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر، ثم أبصر
الشمس بعد ذلك، قال: ليس عليه قضاء ".
(7) في صفحة 68: في قوم صاموا شهر رمضان.. الخ.
(8) في هامش " م ": محل ابياض بقدر صفحة.
70
ظاهرا، ولو بنينا الافساد على الجنابة فلا إشكال.
" ويحرم وطئ الدابة " في الصوم وغيره، وقد تقدم أن إفساده للصوم
لا يخلو عن قوة (1).
حكم الكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السلام
" و " يحرم " الكذب على الله ورسوله والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين " في الصوم
وغيره بالضرورة.
" و " كذا يحرم " الارتماس " على المشهور، يدل عليه الأخبار الكثيرة (2)
- كما مضى وسيجئ (3) - خلافا للمحكي عن السيد في أحد قوليه (4) والعماني (5)
والحلي (6) فكرهاه، وهو ضعيف، لكثرة ما يدل على التحريم،
إلا أنه " لا " (7) يترتب
حكم القضاء والكفارة في الكذب
على وقوعه ووقوع الكذب في حال الصوم " قضاء ولا كفارة على رأي " المصنف
هنا، تبعا لشيخه المحقق (8) كما عن السيد في الجمل (9) والحلي (10) وأكثر
المتأخرين (11) أما في الأول فللصحيح المتقدم (12) الحاصر لما يضر الصائم من



(1) انظر صفحة 27.
(2) انظر الوسائل 7: 22 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(3) في صفحة 22، قوله عليه السلام: " لا يضر الصائم ما صنع.. الخ ". وسيجئ أيضا معناها في
صفحة 74 وما بعدها.
(4) نقله عنه المحقق في المعتبر 2: 656.
(5) نقله عنه السيوري في التنقيح الرائع 1: 359، هذا ولكن ابن إدريس صرح بحرمة
الارتماس حيث قال: " ولا بأس أن يستنقع في الماء إلى عنقه، ولا يرتمس فيه، فإنه محظور "
السرائر 1: 386
(6) نقله عنه السيوري في التنقيح الرائع 1: 359، هذا ولكن ابن إدريس صرح بحرمة
الارتماس حيث قال: " ولا بأس أن يستنقع في الماء إلى عنقه، ولا يرتمس فيه، فإنه محظور "
السرائر 1: 386
(7) في الإرشاد: ولا.
(8) المعتبر 2: 656.
(9) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة): 54.
(10) السرائر 1: 375 - 376، ونقل هذا وسابقه في المختلف 1: 218.
(11) في " م ": هنا زيادة للأصل.
(12) في صفحة 22.
71
حيث صومه، ولا مخصص له عدا الأخبار الآتية (1) الظاهرة في الافساد، المحمولة
- بقرينة ضم الوضوء في بعضها إلى الصوم في الانتقاض - على ضرب من
المبالغة، خلافا - في الأول - للمحكي عن المشايخ الثلاثة (2) وأتباعهم وابن
زهرة (3) وظاهر الصدوقين (5) حيث عداة مفطرا، وعن الدروس أنه المشهور (5)
وفي الغنية (6) - كما عن الانتصار (7) - دعوى الاجماع عليه، بل ظاهر عبارة
المعتبر (8) - كما عن المنتهى (9) - دعوى الشيخين - أيضا - الاجماع، للأخبار
المستفيضة، كموثقة سماعة " عن رجل كذب في شهر رمضان. قال: قد أفطر.
قلت: وما كذبته؟ قال: يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله " (10)
ونحوها أخرى (11).
وعن (12) الخصال " خمسة أشياء تفطر الصائم: الأكل والشرب والجماع
والارتماس في الماء والكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله.. " (13).



(1) في صفحة 73 من قوله عليه السلام: " الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم.. الخ ".
(2) المقنعة: 344 المبسوط 1: 270، والسيد المرتضى في الإنتصار: 62
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(4) أما علي بن بابويه، فقد نقل ذلك عنه العلامة في المختلف: 218، وأما محمد بن علي فراجع
المقنع (الجوامع الفقهية): 16.
(5) الدروس: 73.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): 509. وفي " ج " و " ع ": وعن الغنية.
(7) الإنتصار: 63.
(8) المعتبر 2: 656
(10) الوسائل 7: 20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول مع اختلاف يسير.
(11) ليس في " ف ": أخرى. وانظر الروايات الأخرى. وانظر الروايات الأخرى في الوسائل 7: 20 الباب 2 من أبواب ما
يمسك عنه الصائم.
(12) في " ف ": عن.
(13) الخصال: 286، باب الخمسة، الحديث 39، وفيه: ".. وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم السلام ".
72
ونحوها المحكي عن الفقه الرضوي (1) -. وخبر أبي بصير " الكذبة تنقض
الوضوء وتفطر الصائم. قلت: هلكنا! قال: ليس حيث تذهب، إنما الكذب
على الله ورسوله صلى الله عليه وآله، وعلى الأئمة عليهم السلام " (2).
ونحوه آخر منه (3).
والحكم بنقض الوضوء - المحمول على المبالغة - لا يقدح في حمل الافطار
على معناه الحقيقي - كما اعترف به في المعتبر (4) - والمسألة محل إشكال إلا أن
القول بالافساد لا يخلو عن قوة، مع أنه أحوط.
ثم إن القول بوجوب الكفارة مبني على ثبوتها بمجرد تحقق الافطار - كما
هو ظاهر إطلاق الأخبار - ولو ادعي انصراف إطلاق الافطار (5) إلى خصوص
الأكل والشرب، فثبوت الافطار لا يوجب الكفارة - كما يظهر من الشهيد في
شرح الكتاب (6) -.
الكذب على الزهراء والأنبياء عليهم السلام
وفي إلحاق الكذب على (7) الزهراء عليها السلام وجه قوي، وإن لم يكن
منصوصا.
وأما الكذب على الأنبياء صلوات الله على نبينا وآله وعليهم فإن استلزم الكذب على
الله فلا إشكال، وإلا ففيه وجهان (8).



(1) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 207، وعنه المستدرك 7: 322 الباب 2، الحديث
الأول.
(2) الوسائل 7: 20 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2 مع اختلاف يسير.
(3) راجع الوسائل 7: 21 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4.
(4) المعتبر 2: 656.
(5) في " ف ": اطلاق الأخبار.
(6) غاية المراد: 50.
(7) في " م ": وفي الحاق الكذب على الله الكذب على الزهراء.
(8) في " ف " زيادة: من الكذب.
73
والمتيقن من الكذب المفطر نسبة حكم إليهم فيما يتعلق بالدين، سواء
نسبه إلى قولهم أو فعلهم أو تقريرهم، وسواء كانت النسبة بالقول (1) أو بالإشارة
أو بالكتابة (مع العلم بعدم صدوره) (2).
فإن لم يعلم بالصدور فلا يفطر - وإن كان غير صادر - لأنه لم يقصد
الكذب عليهم فيكون كما لو اعتقد الصدق فبان مخالفته للواقع.
ولو اعتقد المخالفة فبانت الموافقة، فالظاهر عدم الافساد، لأنه قصد
الكذب ولم يكذب. نعم لو كان العزم على فعل المفطر توجه الافطار.
ولا يجدي الرجوع عما كذب.
ولو نفي صدور حكم صادر عنهم ففي كونه كذبا عليهم، وجهان.
حكم الكذب غير المحرم
ولو وقع الكذب لا على الوجه المحرم، كما لو وقع تقية أو من الصبي
فالظاهر عدم الافساد، لأن الظاهر المتبادر: تعلق الحكم على الكذب المحرم
- كما يشهد ضم نقض الوضوء إليه في بعض الأخبار (3) -.
وتوهم أن التقية ترفع حكم الإثم دون الافطار فاسد، لأن ذلك فيما إذا
كان الشئ بالذات مفطرا - كالأكل والشرب - وأما الكذب فبعد دعوى أن
المتبادر: أن المفطر منه هو القسم المحرم منه، فعدم الافطار (4) عند التقية لأجل
عدم التحريم.
وهل يعتبر صدق الاخبار في الكذب المذكور بأن يوجه خطابا إلى أحد
فيخبره بالكذب، أو يكفي مجرد تكلمه ولو عند نفسخ أو موجها (5) إلى من



(1) في " ف " زيادة: له.
(2) ما بين المعقوفتين ليس في " ف " و " ع " و " م ".
(3) راجع صفحة 73.
(4) في " ف ": فلا يوجب الافطار، وفي " ج " و " ع ": فليس عدم الافطار.
(5) في " ج " و " ع ": ومتوجها.
74
لا يفهم؟ وجهان، صرح بعض بالأول، ولا بأس به لأنه الظاهر من الكذب.
ولو كذب عليهم فيما يتعلق بأمور الدنيا، ففي (1) صريح التحرير كونه
مفطرا (2)، وعن بعض عدمه، والحق: الالحاق في كل ما شأنهم بيانه، ولا يختص
به واحد دون آخر، دون العاديات الواقعة عنهم في الموارد الخاصة - كالأمر بشراء
اللحم وإتيان الماء -.
الافتاء بغير علم
ثم إن الافتاء من غير علم، الظاهر أنه ليس مفطرا، وإن بانت المخالفة،
لأنه ليس تعمدا للكذب.
والحصر في قوله تعالى: (قل أألله أذن لكم أم على الله تفترون) (3) إنما
هو في المورد الخاص، وهو تحريم اليهود لبعض الأشياء، ولا ريب أن عدم الإذن
في التحريم يقتضي الرجوع إلى حكم العقل بأن الله تعالى لم يحرمه من غير
بيان، بل حكم العادة - بل العقل - بأنه لو كان حراما لبينه لهم نبيهم، فتشريع
الحرمة - مع ذلك - كذب على الله، فلا تقتضي الآية أن الحكم من غير علم
- مطلقا - كذب.
ولو قال: الحكم في المسألة كذا من دون نسبته إلى الله والقصد إلى ذلك،
فإن لم يعلم المخالفة فالظاهر عدم الفساد - كما عرفت - (4). وإن علم بالمخالفة
فلا يبعد البطلان، لأن معنى كلامه: أن حكم الله كذا - مع علمه بأن الله تعالى
لم يحكم به -.
وربما يحتمل العدم، نظرا إلى أن دلالة القول المذكور على نسبته إلى الله
تعالى - من دون ذكر النسبة وقصدها - دلالة تبعية غير مقصودة. وفيه نظر.



(1) في " ج " و " ع " و " م ": فعن.
(2) تحرير الأحكام 1: 78.
(3) يونس: 10 / 59.
(4) في الصفحة المتقدمة.
75
وأما القضاء، فهو إلزام ولا يتصف بالكذب.
حكم القضاء والكفارة في الارتماس
وأما الارتماس، فقد عرفت أن الأقوى فيه: التحريم، وأما القضاء
والكفارة فثبوتهما (1) قوي أيضا، لما مر من صحيحة ابن مسلم (2) الظاهرة في كون
الخصال الأربعة مضرة بالصائم من حيث صومه، وأصرح منها رواية الخصال (3)
المنجبرة بالشهرة المطلقة (4) - كما هو ظاهر الدروس - (5) وفي الغنية دعوى
الاجماع على إيجابه لهما (6)، وعن الانتصار الاجماع على الافساد (7)، مضافا إلى
ظاهر النهي في الأخبار الكثيرة الظاهرة في إفادة الحكم الوضعي دون محض
التكليفي - كما هو مساق نظائرها - مع (أن) (8) استلزام التقييد بالواجب المعين
وإخراج (9) صوم النقل والواجب الموسع، والتزام التحريم فيهما إذا أراد البقاء
على الصوم مع تجويز الافطار - كحرمة التكفير في النافلة مع جواز قطعها - فيه
ما فيه.
مع أن ارتكاب هذا في صحيحة ابن مسلم - الجامعة لغير الارتماس مما



(1) العبارة في " ج " و " ع " هكذا: " فقد عرفت أن الأقوى فيه التحريم والقضاء والكفارة فثبوتها
قوي.. الخ ". وانظر ما مر في الصفحة السابقة
(2) الوسائل 7: 18 - 19 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، وقد تقدم
في صفحة 22.
(3) الخصال: 286 باب الخمسة، الحديث 39 وقد تقدمت في صفحة 72، وانظر الهامش 13 هناك
(4) كذا في النسخ.
(5) الدروس: 73.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(7) الإنتصار: 62.
(8) الزيادة اقتضاها السياق.
(9) في " ف ": بإخراج.
76
يختص تحريمه بالصوم المعين - لا يخفى ما فيه. خلافا للمحقق (1) والمصنف (2)
والشيخ في الإستبصار (3) والمحقق الثاني في حاشية الإرشاد (4) والفخر (5) والشهيد
الثاني (6) وسبطه (7)، بل عن أكثر المتأخرين، استنادا إلى أصالة البراءة وظهور
نواهي الارتماس في الحرمة المجردة وموثقة إسحاق بن عمار " عن رجل صائم
ارتمس في الماء متعمدا أعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: ليس عليه قضاء ولا
يعودن " (8) ولا يخلو هذا القول عن قوة.
المقصود من الارتماس
ثم الظاهر أن المراد بالارتماس: غمس الرأس ولو مع خروج البدن - كما
صرح في بعض الأخبار (9) بالنهي عن رمس الرأس - والمعتبر غمسه دفعة بأن
يجمع (10) جميع أجزاء الرأس تحت الماء دفعة، وإن كان الغمس شيئا فشيئا - وهو
المراد بالدفعة في كلامهم -.
والمصرح به في أكثر الأخبار (11) الارتماس في الماء المطلق (12) إلا أن إلحاق
ما يشبهه من المضافات - كماء الورد - لا يخلو عن قوة، نعم قد يتأمل فيما ليس
كالماء في الميعان - كالدبس والعسل ونحوهما -



(1) المعتبر 2: 656.
(2) الإرشاد 1: 297.
(3) الإستبصار 2: 85.
(4) مخطوط.
(5) إيضاح الفوائد 1: 224
(6) الروضة البهية 2: 92.
(7) المدارك 6: 48.
(8) الوسائل 7: 27 الباب 6 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(9) الوسائل 7: 22 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(10) في " ف ": بأن يجتمع.
(11) في " ف ": في أخبار.
(12) الوسائل 7: 22 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
77
وقد فرعوا على تحريم الارتماس بطلان الغسل لو ارتمس له (1) في صوم
واجب معين (2)، للنهي.
ولا يجوز نية الغسل بالخروج، لأن الخروج وإن كان مأمورا به لكنه
مبغوض لم يتعلق به النهي، لفرض تعلق الأمر المقدمي بوجوب كون الرأس
خارج الماء فإن التحريم ليس مختصا بإحداث الارتماس، بل بكون الرأس في
الماء مرموسا، وحينئذ فلا يتحد (3) معه العبادة المحبوبة.
إلا أن يوجه إفساد (4) النهي للعبادة بعدم اجتماع طلب الفعل مع طلب
الترك، فإذا انتفى طلب الترك لقبحه - بنسيان أو لعجز عقلي أو شرعي ولو كان
مسببا عن نفسه - فلا مانع من طلب الفعل.
والجاهل بالفساد كالعالم به، وكذا الجاهل بالتحريم - مع التقصير - على
المشهور.
ويشكل بعدم توجه الخطاب إليه لغفلته، وإن لم يقبح عقابه على فعل
الحرام، خلافا لمن قبحه عليه، وحسنه على ترك التعلم (5) فلا فرق بين الجاهل
وبين المرتمس عند الخروج، حيث أنه يعاقب على نفس الخروج (6) ولا يطلب تركه
منه حينه، وإن طلب منه قبل الارتماس كمن توسط أرضا مغصوبة -.
الارتماس في الصوم المندوب
ولو كان الصوم مندوبا فعلى القول بعدم الافساد وعدم التحريم في
المندوب، فلا فساد. وعلى الكراهة - هنا، أو مطلقا - فإن أريد بها نقص الثواب



(1) كلمة له مشطوب عليها في " ج " وهي غير موجودة في " ع ".
(2) ليس في " ف " و " ج " و " ع " معين
(3) في " ج " و " ع ": يتخيل، واستظهر الناسخ في هامش " ع " أن الصحيح: يوجد.
(4) في " ج " و " ع ": فساد، واستظهر الناسخ في هامش " ع " أن الصحيح: " عدم " بدل " فساد ".
(5) نفله المؤلف في فرائد الأصول: 513 عن المحقق الأردبيلي وصاحب المدارك.
(6) في " ف ": على ترك الخروج.
78
فلا إفساد، وإن أريد بها الكراهة المصطلحة، فالظاهر الفساد أيضا، لعدم
اجتماع العبادة مع الكراهة الحقيقية.
وربما يدعى الصحة مع التحريم، تارة بجواز اجتماع الأمر والنهي،
وأخرى بأن رمس الرأس في الماء المبطل - وهو جمع جميع أجزاء الرأس تحت الماء
دفعة - ليس نفس إيصال الماء ولا جزء منه (1).



(1) في هامش " ج " و " ع " في هذا الموضوع ما يلي: " إلى هنا شرح الإرشاد " وفي هامش " ف ": كان هنا
بياض بقدر نصف صفحة. وفي هامش " م ": هنا محل بياض بقدر صفحة (انتهى). والذي نحتمله
هو أن المؤلف قدس سره ترك زهاء صفحة من كتاب الإرشاد واكتفى بشرح موضوعين هامين
وردا في كلام العلامة قدس سره عند عده مالا يفسد الصوم. وأما العبارات التي ترك المؤلف شرحها
فهي كما يلي:
" ويكره تقبيل النساء ولمسهن وملاعبتهن، والاكتحال بما فيه صبر أو مسك، وإخراج الدم
ودخول الحمام المضعفان، والسعوط بما لا يتعدى الحلق، وشم الرياحين - خصوصا النرجس -.
وبل الثوب على الجسد، وجلوس المرأة في الماء.
ولو أجنب ونام ناويا الغسل وطلع الفجر أو أجنب نهارا أو نظر إلى امرأة فأمنى أو استمع
فأمنى لم يفسد صومه.
ولو تمضمض للتبرد فدخل الماء حلقه فالقضاء، بخلاف مضمضة الصلاة والتداوي والعبث
على رأي.
ولو ابتلع بقايا الغذاء في أسنانه عامدا كفر، ولو صب في إحليله دواء فوصل جوفه فالقضاء
على رأي.
ولا يفسد مص الخاتم وغيره ومضغ العلك والطعام للصبي وزق الطائر، والاستنقاع في الماء،
والحقنة بالجامد على رأي، وابتلاع النخامة والبصاق إذا لم ينفصل عن الفم، والمسترسل من
الفضلات من الدماغ من غير قصد، ولو قصد ابتلاعه أفسد، وفعل المفطر سهوا، ولو كان عمدا
أو جهلا أفسد.
والاكراه على الافطار غير مفسد، وناسي غسل الجنابة الشهر يقضي الصلاة والصوم على رأي.
وإنما يجب الكفارة في صوم رمضان وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين وشبهه والاعتكاف الواجب
لا غير ". هذا وقد تناول المؤلف قدس سره بالشرح في المسألتين الآتيتين: " فعل المفطر سهوا "
و " الاكراه على الافطار ". فقط. وأما الأمور الأخرى فقد تعرض لها عند شرحه لكتاب قواعد الأحكام في صفحة 154 وما بعدها.
79
مسألة (1)
(1)
لا يتحقق الافطار بتناول موجبه سهوا - إجماعا في الجملة - لعموم
الافطار سهوا
قاعدة " كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر " (2) - الوارد في نفي القضاء عن
المغمى عليه - وبملاحظة موردها يندفع توهم اختصاصها بالمعذورية من جهة
التكليف دون القضاء، ولخصوص الأخبار المستفيضة وفي كثير منها " إنه شئ (3)
رزقه الله " (4). وفيه إشعار بعدم نقض في الصوم من جهته في الواقع.
وإطلاق كثير منها كعموم القاعدة (5) وفتوى معظم الأصحاب، بل كلهم
- كما يظهر من المدارك (6) - عدم الفرق بين أقسام الصيام، مضافا إلى خصوص



(1) ليس في " ف ": مسألة، وراجع صفحة 79 الهامش 1.
(2) الوسائل 7: 162 الباب 24 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 6.
(3) ليس في " ف ": شئ.
(4) الكافي 4: 101 والوسائل 7: 33 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول،
وفيه: قال: " إنما هو شئ رزقه الله عز وجل فليتم صومه ".
(5) في " ف ": " واطلاق كثير لعموم القاعدة "، والمراد بالقاعدة: " كل ما غلب الله عليه " وقد تقدمت
أعلاه.
(6) مدارك الأحكام 6: 69.
80
رواية أبي بصير في النافلة (1).
وفي أجوبة المسائل المهنائية (2) - كما عن التذكرة (3) - الفساد في الواجب
الغير المعين والمندوب، ولعله لأن حقيقة الصوم: الامساك عن المفطرات، ولم
يتحقق، مضافا إلى عموم الصحيحة " لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع
خصال " (4) فإن عمومها يشمل صورة السهو، ومعنى الضرر - حينئذ - هو
القضاء، فالمعنى: لا يضر الصائم شئ مما صنع عمدا ولا سهوا إلا الأربعة فإنها
مضرة عمدا وسهوا.
ورد بمنع كونه مطلق الامساك عنها، وإنما هو الامساك عن تعمدها.
وفيه نظر، لأن الناسي للصوم متعمد للأكل أيضا، إلا أنه غير ملتفت إلى
أنه نوى الصوم.
والقول بأن الصوم هو الامساك عن ارتكاب الأمور في حال الالتفات
إلى نية الصوم، يوجب عدم تحقق نفس الصوم المتعلق للنية (5) إلا بعد تحقق النية
فيستحيل ورود النية عليه بأن تتعلق النية بالامساك عن أن يرتكب هذه الأمور
عند الالتفات إلى نية الامساك عنها.
هذا كله مع أن الصحيحة المذكورة، بعمومها - كما عرفت - دالة على
منافاة مطلق الأكل - وشبهه - للصوم، فهو دليل آخر على كون الصوم هو
مطلق الامساك، مضافا إلى الأخبار الواردة في أن الصوم من الطعام والشراب



(1) الوسائل 7: 34 الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 10.
(2) أجوبة المسائل المهنائية: 67، المسألة 90.
(3) التذكرة 1: 261 وفيه: فإن المفطر ناسيا لا يفسد صومه مع تعين الزمان ولا يجب به قضاء
ولا كفارة عند علمائنا أجمع.
(4) وانظر تمام الحديث في صفحة 22 والهامش 7 هناك.
(5) كذا في النسخ، والصحيح: بالنية.
81
ونحو ذلك (1).
فالأحسن في الجواب: تسليم عدم تحقق الصوم في حال ارتكاب المفطر،
إلا أن الدليل قام على نفي البأس عنه.
نعم يمكن أن يقال: إن الصوم عبارة عن نية الامساك في الليل ثم
الامساك في حال الالتفات إلى تلك النية بجعل النية داخلة. وفيه ما لا يخفى (2).
حكم الجاهل المقصر
وأما الجاهل فإن كان (مقصرا فعليه القضاء بل الكفارة، لعموم أدلتها،
ولا اختصاص لها بمتعمد الافطار حتى يمنع صدقه عليه.
حكم الجاهل القاصر
وإن كان) (3) قاصرا فالظاهر عدم القضاء والكفارة، لعموم القاعدة
المتقدمة، وخصوص ما ورد في من أتى امرأته (4) وهو صائم ولا يرى إلا أنه له
حلال، قال: " ليس عليه شئ " (5). نعم، يعارضها إطلاقات وجوب القضاء - بل
الكفارة - على من تناول المفطرات، الشامل للعالم والجاهل بقسميه.
لكن الانصاف: أن القاعدة والرواية حاكمان (6) على تلك العمومات، وإلا
لم يبق لهما مورد، إذ لا تنفيان حكما إلا وعليه دليل يقتضي وجوده لولاهما.
والظاهر أن المراد بالشئ المنفي هو غير العقاب، لأن السؤال عن
العقاب إن كان عن استحقاقه فهو بالنسبة إلى من اعتقد حلية محرم ليس أمرا
توقيفيا، بل مستفاد من حكم العقل (7) بعدمه - إذا كان قاصرا في الاعتقاد -.



(1) راجع الوسائل 7: 18 الباب الأول من أبواب ما يمسك عنه الصائم وغيره من الأبواب
(2) جاء في هامش " ف " و " م " في هذا الموضع ما يلي: كان هنا بياض بقدر نصف صفحة.
(3) ما بين المعقوفتين ليس في " ف "، والعبارة في " ج " و " ع ": وإن كان قاصرا.. الخ.
(4) في " ف ": امرأة.
(5) الإستبصار 2: 82، الحديث 249 والتهذيب 4: 208، والحديث 603 والوسائل 7: 35.
الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 12.
(6) كذا في النسخ، والصحيح: حاكمتان.
(7) في " ف " و " م ": العقاب.
82
وإن كان عن فعليته، فهو من الغيوب التي لا تعلم إلا في الآخرة.
فالظاهر أن السؤال عن القضاء والكفارة أو أحدهما.
وإن كان مقصرا - بأن كان ثبوت الجهل له باختياره - فالظاهر وجوب
القضاء عليه، لعموم أدلة وجوبه على من تناول المفطرات، السالمة عن حكومة
القاعدة والموثقة (1) عليها، لأن هذا الجهل ليس مما غلب الله ولأن
ظاهر الموثقة نفي العقاب واستحقاقه أيضا.
وإن لم يكن السؤال عن العقاب فلا بد إما من إخراج المقصر، وإما من
تقييد الرواية بما إذا قصر في إزالة الجهل، وإنه يثبت عليه شئ، وهو العقاب.
ودعوى غلبة التقصير في الجهال ممنوعة، ولو سلمت ففي غير المعتقد
للخلاف، سيما في مسألة الوقاع في الصوم التي لا يجهلها إلا القاصرون، وإلا
فمن له علم اجمالي بوجود مفطرات في الصوم - كالأكل والشرب - يعلم الوقاع
غالبا.
وأما وجوب الكفارة: فلا يبعد - أيضا - لاطلاقات وجوبها على من أفطر
وإن قيد في بعضها بالتعمد إلا أن بعضها مطلقة، إلا أن يدعى انصراف الافطار
إلى صورة التعمد والقصد - كما هو الظاهر في كل فعل اختياري - لكنه لو سلم
ففي الأخبار (2) المشتملة على لفظ الافطار.
وأما ما علق الكفارة فيه على نفس الفعل كأخبار الاستمناء وأخبار
الوقاع، مثل قوله عليه السلام - في المستمني -: " فعليه مثل ما على الذي
يجامع " (3) وقوله: " إن كان نكح حلالا " (4) وما ورد في المعتكف من أنه " إن وطأها



(1) المتقدمة آنفا، قوله: " من أتى امرأته.. ".
(2) انظر الوسائل 7: 28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(3) الوسائل 7: 25 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(4) الوسائل 7: 35 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
83
فعليه كفارتان " (1)، وكذا في من أكره امرأته على الوقاع (2)، وكذا في من كنس بيتا
فدخل الغبار في حلقه (3)، ومن نام على الجنابة ثالثا (5) أو أخر الغسل متعمدا (5)
وما ورد من أن الكذبة تفطر الصائم (6).
فإن الافطار لم يسند إلى الفاعل حتى يستظهر منه صورة القصد، وإنما
نسب إلى السبب، مع أنه يكفي في المسألة عدم القول بالفصل بين المفطرات.



(1) الوسائل 7، 407 الباب 6 من أبواب كتاب الاعتكاف، الحديث 4.
(2) الوسائل 7: 37 الباب 12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(3) الوسائل 7: 48 الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(4) الفقيه 2: 119، الحديث 1898.
(5) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(6) الوسائل 7: 21 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 9.
84
مسألة (1)
[2]
لو أكل مكرها، فإن بلغ حدا يرفع القصد فلا إشكال في عدم الافساد،
المكره في الافطار
إذا لم يحصل منه فعل حينئذ، بل يصدق عليه حينئذ، بل يصدق عليه حينئذ أنه ممسك عن فعل الأكل والشرب وغيرهما، ويدل عليه عموم " لا يضر الصائم ما صنع.. إلى آخره " (2).
وإن لم يبلغ ذلك الحد، بل خوف حتى أكل، فعن الأكثر عدم الافساد
أيضا لعموم " رفع عن أمتي ما استكرهوا عليه " (3) ولعدم ترتب الآثار على أفعال
المكره في الشرع.
وفيه: أن الرواية ظاهرة في رفع المؤاخذة، وعدم ترتب الآثار مطلقا
ممنوع، إنما المرتفع الآثار المتوقف ترتبها على الاختيار كالعقود.
وتوقف تحقق الافطار على الاختيار - بالمعنى المنافي للاكراه - ممنوع،
لأن الثابت من اللغة (4) والعرف والشرع: كون الأكل بالقصد مضرا بالصوم.



(1) كلمة: " مسألة " ليست في " ف " و " م " وانظر الهامش 1 في صفحة 79.
(2) الوسائل 7: 18 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(3) الخصال: 417 باب التسعة، الحديث 9.
(4) في " ج " و " ع ": في اللغة.
85
فالاكراه على الأكل: إكراه - في الحقيقة - على الافطار، كما أن الاكراه على
التكلم في الصلاة أو الحدث فيها أو الاستدبار: إكراه على إبطالها.
ويؤيد ما ذكرنا: ما ورد من الأخبار في إطلاق الافطار على أكل الإمام عليه السلام تقية من أبي العباس، وقال: " لئن (1) أفطر يوما من شهر رمضان، أحب
إلي من أن يضرب عنقي " (2)، وقوله عليه السلام: " إفطاري يوما وقضاؤه أيسر علي
من أن يضرب عنقي " (3).
فالأقوى - إذا - (4) الافساد، بل وجوب القضاء، لعموم الصحيحة: " من
أفطر شيئا من رمضان في عذر، فإن قضاه متتابعا فحسن (5) وإن قضاه متفرقا
فحسن " (6)، فإنه يدل على وجوب أصل القضاء والتخيير في كيفيته على كل من
أفطر لعذر، مضافا إلى ثبوت الاجماع المركب كما ادعاه في الرياض (7) -.
سائر الأعذار المسوغة للافطار
ثم إن جميع الأعذار الشرعية - المسوغة لبعض المفطرات - حكمها
كالاكراه في الافساد ووجوب القضاء، وأما وجوب الاقتصار (8) على مقدار
الضرورة بعد الحكم بالافساد (9) فلعله للاتفاق على أن مع إفساد الصوم - سواء
كان مع الإذن فيه أو المنع عنه - لا يجوز معه التناول إلا إذا أذن الشارع في
أصل الافطار لا في خصوص ارتكاب ذلك الشئ.



(1) ليس في المصدر: لئن.
(2) الوسائل 7: 95 الباب 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4.
(3) الوسائل 7: 95 الباب 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 5.
(4) في " ف ": أيضا.
(5) في المصدر: " كان أفضل ".
(6) الإستبصار 2: 117، الحديث 381.
(7) رياض المسائل 1: 307 وفيه: " وإذا ثبت، ثبت وجوب القضاء لعدم قائل بالفرق بينهما ".
(8) في " ج " و " ع ": وجوب القضاء.
(9) في " ف ": بالاجبار.
86
ثم إن هذا كله في الأعذار الواقعية - أي الموجبة لرفع التكليف الواقعي
الأعذار الظاهرية
بالامساك - وأما الأعذار الشرعية الظاهرية: وهي الموجبة لنفي التكليف
بالامساك عن الشئ الخاص في مرحلة الظاهر (1) - كما إذا ظن بالاجتهاد أو
التقليد جواز الارتماس فارتمس - فإن لم ينكشف الخلاف فلا إشكال ولا خلاف،
وإن انكشف الخلاف في ذلك اليوم أو غيره فإن قطع بالفساد، فالظاهر: الافساد
ولزوم القضاء، لأن المفروض العلم بعدم (2) تحقق الصوم المطلوب للشارع، لأن
الحكم الاجتهادي حكم عذري، وليس حكما واقعيا، بل العمل بالظن من باب
العمل بالطريق الغالبي إلى الواقع، فليس المقصود منه شئ وراء إدراك
المصالح الواقعية التي وضع بإزائها الأحكام الواقعية، وليس تحقق الظن بخلاف
الواقع موجبا لتغير المصلحة، غايته معذورية صاحبه في التخطي عن الواقع
وإعطائه الثواب لامتثاله الطريق الظاهري وانخراطه في سلك المتعبدين
والمطيعين من غير حدوث مصلحة في هذا العمل المخالف للواقع بالخصوص أصلا
- كما قرر في الأصول - (3).
نعم، لو قلنا بهذه المقالة توجه القول بالصحة وعدم القضاء مع طرو
القطع بالفساد.
فإن قلت: مقتضى تنزيل المظنون (4) منزلة الواقع هو إجزاؤه على
الاطلاق وسقوط (5) الأمر مطلقا.



(1) ليس في " م " الظاهر.
(2) في " ف ": بعد.
(3) راجع فرائد الأصول: 43.
(4) في " م ": الظنون.
(5) في " ف ": وثبوت.
87
قلت إجزاؤه في الجملة مما لا ريب فيه، وإجزاؤه مع انكشاف مخالفته
للواقع لم يكن من أحكام الشئ الواقعي حتى يثبت للمظنون (1) بحكم عموم
التنزيل، بل الواقع إنما أجزاء لكونه واقعا، والمظنون إنما أجزأ قبل الانكشاف لا
لكونه مظنونا، بل لكونه واقعا بحسب المظنة، كيف والقول بإجزائه من جهة
كونه مظنونا خلاف ما فرضنا من أن حجيته من باب الطريق الاضطراري لا
من باب الحكم المجعول الثانوي.
وأما لو انكشف الخلاف على وجه الظن فلا يبعد عدم لزوم القضاء لأن
الظن بالفساد إنما يقتضي وجوب القضاء - في مرحلة الظاهر - إذا لم يقع الفعل
متصفا بالصحة وإسقاط القضاء في حق الفاعل، لأن المفروض أن (2) الصحة
المظنونة حين العمل - أيضا - بمنزلة الواقعية (للمجتهد الماضي في هذا
الحال) (3) فلا منافاة بين ظن المجتهد بأن الواجب عليه هي الصلاة مع السورة
في متن الواقع مع القطع بأنه لا يجب عليه الاتيان بها مع بقاء الوقت ظاهرا
- وإن كان الظن المزبور مفروض الحجية - لأن معنى حجيته: وجوب العمل به
بالنسبة إلى فعل (4) لم يحكم بصحته حين الوقوع، وهذا الشخص قد فعل صلاة
متصفة بالصحة حين العمل، لأن الظن بالصحة كالقطع بها، فالصلاة المزبورة
حين العمل متصفة بالصحة الظاهرية - التي هي بمنزلة الصحة الواقعية في جميع
الأحكام - فهو مع ظنه بفساد الصلاة من دون السورة، قطع بصحة تلك الصلاة
من دون السورة في حال وقوعها، نظير ما إذا ظن هو بفساد الصلاة بدون
السورة وظن مجتهد آخر بصحتها، فاستأجر هذا ذاك للعبادة، فإن فساد هذه



(1) في " ف ": حتى ثبت المظنون.
(2) في " م ": زيادة في الواقع.
(3) ما بين المعقوفتين من " م ".
(4) في " م ": أصل.
88
الصلاة عنده لا يوجب عدم جواز الأجرة عليه لمن يفعلها متصفة بالصحة في
حقه، وكذا الأكل من مال من ابتاع بالمعاطاة معتقدا للصحة مع اعتقاد الآكل
فسادها، فإن الظن بفساد المعاطاة لا ينافي القطع بجواز الأكل من حيث إنه
تصرف في المال بإباحة من حكم الشارع بثبوت الملكية (1) في حقه وتسلطه على
جميع التصرفات، أما لو قطع بفساد المعاطاة فليس له الأكل، إذ لا يجتمع القطع
بفسادها مع القطع بجواز الأكل إذ القطع بالفساد مستلزم للقطع ببقاء هذا تحت
ملك المالك الأول فلا يزاحمه القطع بصحة اجتهاد المشتري.
والحاصل: أن كل عمل وقع من المجتهد أو المقلد على وجه الصحة
بالنسبة إليه، فكلما يترتب من الآثار على صحته بالنسبة إليه يترتب عليه وإن
كان مع مخالفة الرأي من نفسه أو من الغير، كالأكل مما اشتري بالبيع المعاطاة (2)
وكعدم القضاء وسقوطه وسائر أحكام البراءة من صلاة الظهر، إذا تغير الرأي
واعتقد وجوب السورة، فإن الأكل مترتب على حكم الشارع على المشتري
بمالكيته، لا على ثبوت مالكية المشتري فلي متن الواقع حتى يقال: إن مالكية
المشتري إنما ثبت عند المشتري لا عند الآكل.
والفرق بين ما يترتب على حكم الشارع للمشتري بكونه مالكا، وبين ما
يترتب على حكم الشارع بمالكية المشتري واضح لا يخفى، إذ على الأول يكفي
في ترتيب الغير الأثر أن يثبت عنده أن الشارع حكم للمشتري بالملكية، ويكفي
في ذلك العلم باجتهاده أو تقليده الصحيح، وعلى الثاني لا بد أن يثبت عند الغير
حكم الشارع بمالكية المشتري لا مجرد (3) اعتقاد المشتري مالكيته بالاجتهاد أو
التقليد، فإن كان اجتهاد الغير مخالفا فلم يثبت عنده مالكية المشتري



(1) ليس في " ف ": بثبوت الملكية.
(2) كذا في النسخ والصحيح: المعاطاتي.
(3) في " م ": ومجرد.
89
بل ثبت (1) عدمها.
نعم، لا بد من التميز (2) والتفرقة بين الآثار حتى يعلم أن الأكل من قبيل
الأول، وكذا سائر ما يترتب على أملاك الناس إنما أريد به ما ثبت في حقهم
مالكيتهم له.



(1) في " ف ": يثبت.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: التمييز.
90
مسألة (1)
[3]
الكفارة في صوم رمضان
" وهي " أي: الكفارة " في " شهر " رمضان مخيرة بين العتق وإطعام
ستين مسكينا وصوم شهرين متتابعين " (2) على الأشهر، بل المشهور بل عن
الانتصار (3) والغنية (4) عليه الاجماع، للروايات المستفيضة كصحيحة ابن سنان
" في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر؟ قال: يعتق
نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا " (5).
ونحوها ما رواه الشيخ - في الصحيح - عن سماعة بن مهران في باب
الاعتكاف (7) وظاهر ذيل صحيحة جميل بن دراج في قصة الأعرابي الذي وقع



(1) من هنا يبدأ المؤلف. قدس سره بانتخاب بعض مسائل الإرشاد، وهذا المسألة في كتاب الإرشاد
1: 298، وكلمة: " مسألة " غير موجودة في " ف " و " م " وفي هامش " ج " و " ع ": ما يلي: أيضا في
شرح الإرشاد.
(2) وردت العبارة في الإرشاد هكذا: " وهي في رمضان مخيرة: بين عتق رقبة أو طعام ستين مسكينا
أو صيام شهرين متتابعين.. ".
(3) الإنتصار: 70.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(5) الوسائل 7: 28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول. وانظر تمامه في ص
190.
(6) كذا في " م "، وفي سائر النسخ: رواية.
(7) التهذيب 4: 292 الحديث 888.
91
على أهله (1).
ومؤول مضمرة سماعة - الآتية - (2) وفيها توسط (3) الاطعام.
(وما رواه عن أبي بصير في من أخر الغسل متعمدا إلى الفجر (4).
ورواية أخرى لأبي بصير - في الزيادات (5) - إلا أن فيها تقديم الصيام
على الاطعام (6)) (7).
ومما يؤيد التخيير: الاقتصار في كثير من الروايات على بعضها، ففي
صحيحة عبد الرحمان بن أبي عبد الله (8) - وفيها " أبان " - الاقتصار على
الاطعام، ونحوها موثقة سماعة (9) ورواية محمد بن النعمان (10) وفي رواية (11)
المروزي الاقتصار على الصيام (12) وفي رواية المشرقي (13) الاقتصار على
العتق (14) وفي مرسلة إبراهيم بن عبد الحميد (15) زيادة الاطعام. خلافا للمحكي



(1) الوسائل 7: 29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(2) الوسائل 7: 32 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 13.
(3) كذا في " م " وفي سائر النسخ: توسيط.
(4) رواه الشيخ في التهذيب 4: 212، الحديث 616، وفي الإستبصار 2: 87، الحديث 9.
(5) التهذيب 4: 320، الحديث 981.
(6) في " م ": ثم الاطعام.
(7) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(8) الوسائل 7: 31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 10.
(9) الوسائل 7: 32 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 12.
(10) الوسائل 7: 30 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 6.
(11) في " م ": روايتي.
(12) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(13) في " ف ": البرقي.
(14) الوسائل 7: 31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 11.
(15) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
92
عن العماني (1)، وأحد قولي السيد (2) فجعلها مرتبة لظاهر إطلاق رواية المشرقي
المتقدمة، والمروي في الفقيه في قصة الأعرابي (3) وصريح المحكي عن الوسائل،
عن كتاب علي بن جعفر، عن أخيه عليهما السلام " قال: سألته عن رجل نكح
أهله (4) وهو صائم في نهار رمضان؟ قال: عليه القضاء وعتق رقبة، فإن لم يجد
فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا، فإن لم يجد فليستغفر
الله " (5).
وهذه الرواية (6) وإن كانت صحيحة صريحة يمكن لأجلها حمل الأخبار المتقدمة على ما ينافي الترتيب مع مطابقتها للاحتياط اللازم في مثل المقام، إلا
أنها لمخالفتها للمشهور وموافقتها لأشقى الجمهور - على ما حكي (7) - قوي
طرحها أو حملها على الاستحباب.
الافطار بالمحرمات
ثم إن إطلاق الروايات يقتضي عدم الفرق بين أن يكون الافطار على
محرم أو محلل " و " ذهب جماعة - منهم المصنف هنا (8) - تبعا لابن بابويه (9) والشيخ



(1) نقله عنه، العلامة في المختلف: 225، هذا ووردت الكلمة في " ف ": النعماني وهو خطأ.
(2) نقله عنه، المحقق في المعتبر 2: 672.
(3) الفقيه 2: 115، الحديث 1885، وفيه " إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: هلكت
وأهلكت. فقال: وما أهلكت؟ قال: أتيت امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم. فقال النبي
صلى الله عليه وآله: أعتق رقبة. قال: لا أجد، قال: فصم شهرين متتابعين. قال: لا أطيق، قال:
تصدق على ستين مسكينا. قال: لا أجد.. الحديث ".
(4) في " ج " و " ع " و " م ": يلج أهله. وكتب ناسخ " ع " فوقه: نكح.
(5) الوسائل 7: 31 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 9، عن مسائل علي بن
جعفر: 166، الحديث 47 مع اختلاف يسير.
(6) كذا في " م "، وفي سائر النسخ: الروايات.
(7) حكاه العلامة في المنتهي 2: 574 والتذكرة 1: 260 وانظر الجواهر 16: 269.
(8) إرشاد الأذهان 1: 298.
(9) الفقيه 2: 118.
93
في التهذيب (1) وابن حمزة (2) إلى أنه " لو أفطر بالمحرم، وجب الجميع (3) " وتبعهم
ولد المصنف قدس سرهما في الإيضاح (4) متمسكا بالاحتياط، والشهيد أن في اللمعتين (5)
وجماعة من متأخري المتأخرين (6) استنادا إلى رواية عبد السلام بن صالح الهروي
- الموصوفة بالصحة في الروضة (7)، كما عن التحرير (8) - عن مولانا الرضا
عليه السلام " قال: قلت له: يا بن رسول الله قد روي عن آبائك عليهم السلام في من
جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات، وروي عنهم أيضا كفارة
واحدة، فبأي الحديثين نأخذ؟ قال: بهما جميعا، متى جامع الرجل حراما أو
أفطر على حرام في شهر رمضان، فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة وصيام شهرين
متتابعين وإطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم. وإن نكح حلالا أو أفطر على
حلال فعليه كفارة واحدة " (10)
وكأن المراد بالرواية الواردة بالجمع (11) - في كلام السائل - هي إطلاق
مضمرة سماعة " في من أتى أهله في رمضان متعمدا. فقال: عليه عتق رقبة وإطعام
ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين " (12)



(1) التهذيب 4: 209، الحديث 605.
(2) الوسيلة: 146.
(3) في " ف ": الجمع.
(4) إيضاح الفوائد 1: 233.
(5) الروضة البهية 2: 120.
(6) راجع الحدائق 13: 222. والمسالك 1: 56 والتنقيح 1: 365.
(7) الروضة البهية 2: 120
(8) تحرير الأحكام 2: 110.
(9) في " ف " و " ج " و " م ": آخذ.
(10) الوسائل 7: 35 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول مع اختلاف يسير
(11) في " ف ": الجمع، وفي " ج ": بالجميع.
(12) الوسائل 7: 36 الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
94
وعلى هذا فيحمل ما ورد من مطلقات الكفارة الواحدة على صورة
الافطار بالمحلل، كما هو الغالب الشائع.
وربما يؤيد بحمل فعل المسلم على الصحة.
وفيه نظر، إن أريد ما عدا الغلبة، فإن الحمل على الصحة لا يوجب ترك
الاستفصال بين الصحيح والفاسد في مقام يجب التفصيل فيه، مع أن مطلق
الافطار فاسد قطعا.
والخدشة في الرواية (1) سندا - بابن قتيبة، أو بعبد السلام - غير
مسموعة، لأن في الرواية آثار الصدق، مضافا إلى أنه يظهر من الصدوق في
الفقيه: أن مضمونها مما ورد عن محمد بن عثمان العمري (2) والظاهر - بل
المقطوع - أنه من صاحب الزمان روحي له الفداء وعجل الله فرجه فهذا القول قوي جدا.
الفرق بين المفطرات المحرمة
ثم إن إطلاق الرواية كصريح الروضة (3) يقتضي عدم الفرق بين
المفطرات المحرمة كالاستمناء باليد وإيصال الغبار وأكل البصاق - على بعض
الوجوه - ووطئ المرأة حال الحيض، بل وأكل ما يضر بالبدن (4)، إلا أن للتأمل
في بعضها مجالا، بل لو قيل باختصاصه بالجماع المحرم والافطار على المحرم ذاتا،
بمعنى أكله أو شربه - كما يظهر من فتوى الصدوق (5) - فليس ببعيد (6).



(1) أي الرواية الهروي المتقدمة في صفحة 94.
(2) الفقيه 2: 118 ذيل الحديث 1892.
(3) الروضة البهية 2: 120.
(4) في " ف ": البدن.
(5) الفقيه 2: 118.
(6) ليس في " ف " و " م ": فليس ببعيد. وفي هامش " ف " و " م " في هذا الموضع ما يلي: " هنا بياض بقدر
نصف صفحة " هذا وفي الإرشاد 1: 298 بعد قوله: " ولو أفطر بالمحرم وجب الجميع " ما يلي:
" ولو أكل عمدا لظنه الافطار بأكله سهوا أو طلع الفجر فابتلع باقي ما في فيه، كفر.
والمتفرد برؤية رمضان إذا أفطر كفر وإن ردت شهادته.
والمجامع مع علم ضيق الوقت عن إيقاعه والغسل يكفر، ولو ظن السعة مع المراعاة فلا
شئ وبدونها يقضي.
ويتكرر بتكرر الموجب في يومين مطلقا، وفي يوم مع الاختلاف ولو أفطر ثم سقط الفرض
باقي النهار فلا كفارة.
ويعزر المتعمد للافطار، فإن عاد عزر، فإن عاد ثالثا قتل.
والمكره لزوجته بالجماع يتحمل عنها الكفارة وصومها صحيح، ولو طاوعته فسد صومها أيضا
وكفرت، ويعزر الواطئ بخمسة وعشرين سوطا، وفي التحمل عن الأجنبية المكرهة قولان.
وتبرع الحي بالتكفير يبرئ الميت.
هذا، وقوله: " ويتكرر بتكرر الموجب.. إلى آخره " قد شرحه المؤلف رحمه الله عند شرحه
لكتاب القواعد في صفحة 178 - 180.
95
" خاتمة " (1)
نية الصوم
" يكفي في " صوم رمضان " المتعين " (2) فيه بأصل الشرع " نية الصوم
عدل متقربا إلى الله تعالى " على الأظهر الأشهر، بل بلا خلاف أجده كما في
الرياض (3) وغيره إلا عن نادر، وحكي عن الذخيرة نسبة الخلاف إليه (4) بل في
العنية (5) وعن التنقيح (6) الاجماع عليه، لحصول التعين المغني عن التعيين
المشترط في امتثال الأمر عقلا وشرعا
قصد الوجه في النية
وهل يجب مع ذلك قصد إيقاع الفعل " لوجوبه، أو ندبه " - كما في
الكتاب (7) وغيره - أم لا، كما في ظاهر الشرائع (8) وصريح غيره؟ قولان،



(1) ليس في " ف " و " م ": خاتمة.
(2) في " ج " و " ع ": المعين.
(3) رياض المسائل 1: 301.
(4) ذخيرة المعاد: 513، وفيه: اختلف الأصحاب في أنه هل يكفي في رمضان نية أنه يصوم غدا
متقربا من غير اعتبار نية التعيين.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(6) التنقيح الرائع 1: 348.
(7) إرشاد الأذهان 1: 299.
(8) شرائع الاسلام 1: 188.
97
أجودهما: الثاني، لما عرفت في نية الصلاة (1) من أن تعيين الوجه إنما يحتاج إليه
إذا توقف تعيين الفعل عليه، بأن يكون الفعل (2) مشتركا بين واجب ومندوب لم يعلم
اتحادهما في الحقيقة، فإذا تعين الفعل بدون ذلك فلا دليل على وجوب نية الوجه
على وجه التوصيف أو التعليل أو كلاهما (3).
التعيين في الصوم المعين
وهل يلحق بصوم شهر رمضان غيره من أفراد الصوم المعين بالنذر
وشبهه، كما عن السيد (4) والحلي (5) والمصنف - هنا - (6) وفي المنتهى (7) والشهيدين
في البيان (8) والروضة (9)، أم لا - كما عن الشيخ (10) وجماعة (11) وفي المسالك أنه
المشهور (12) (بناء على ما ذكروه في بحث النية) (13)؟ قولان:
من تعينه - ولو بالعارض - فصار كصوم شهر رمضان.
ومن صلاحية الزمان بالذات لغيره، فهو كالزمان المختص بصلاة الظهر
المؤداة، في أنه لا يغني (14) الصلاة من حيث كونها ظهرا وأداء (15)



(1) راجع كتاب الصلاة: 83 - 84.
(2) في " ف " زيادة: شخصيا.
(3) في النسخ - هنا - زيادة: أو أحدهما.
(4) نقله عنه الشهيد في البيان: 223.
(5) السرائر 1: 370.
(6) إرشاد الأذهان 1: 299.
(7) المنتهى 1: 557.
(8) البيان 223
(9) الروضة البهية 2: 108.
(10) الخلاف 2: 164 كتاب الصوم، المسألة 4.
(11) منهم العلامة في المختلف 1: 211 وفخر المحققين في الإيضاح 1: 220 والشهيد في الدروس:
70.
(12) مسالك الأفهام 1: 54.
(13) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
(14) في " ف ": تعين.
(15) في " ف ": أو أداء.
98
والسر في ذلك أن جنس الصوم له أنواع منها: صوم شهر رمضان، ومنها
صوم النذر، ومنها صوم الكفارة، ومنها صوم القضاء، ومنها غير ذلك، فالمكلف
بأحدها - وإن كان معينا عليه - ليس له الاكتفاء بجنس الصوم، بناء على ما
قرروه في باب نية الصلاة من وجوب قصد نوع الفريضة كالظهرية - مثلا - من
غير تقييد بما إذا كان عليه نوعان (1).
وحينئذ فمن نذر صوم الغد فلا يجوز له الاقتصار على قصد جنس الصوم
في الغد، بل لا بد من ضمن قيد كونه صوم النذر، ومجرد قصد كونه في الغد لا يوجب
قصد نوع صوم النذر، إذ الصوم الواقع في الغد بمفهومه جنس قابل الصوم النذر
وغيره، وإن كان الواجب أن لا يوقع في الغد غير النوع الخاص من هذا الجنس،
لكن مجرد استحضار صوم الغد ليس استحضارا لذلك النوع - كما في صلاة
الظهر المنذور فعلها في وقت خاص -.
وأما استحضار نوع صوم شهر رمضان فيحصل بمجرد قصد صوم الغد
الذي هو من أيام شهر رمضان، فإن صوم الغد يعني صوم يوم من أيام شهر
رمضان، فظرف " الغد " - هنا - مقوم للنوع، وفصل ينضم إلى جنس الصوم، وفي
النذر مجرد ظرف لجنس الصوم فلا بد من ضم منوع له. وهذا (2) بخلاف زمان
شهر رمضان فإنه داخل في حقيقة الصوم المعين، وبه يمتاز عن سائر حقائق
الصوم، ولأجله أختص عن غيره بأحكام، فمجرد استحضار صوم الغد
استحضار للمأمور به (3)، بل ليس لهذا الصوم مميز عن غيره (4).



(1) راجع كتاب الصلاة: 81.
(2) في " ج " كتب على هذه العبارة إلى قوله في صفحة 100: " فتلخص من ذلك ": زائد. والعبارة
غير موجودة في " ع ".
(3) في " م ": المأمور به.
(4) في " ف " و " م " هنا زيادة ما يلي: " ولا ما يناط به مغايرة (في " م ": مغايره] أحكامه لأحكام غيره
99
وما ذكرنا جار في مسألة الصلاة المختصة بوقت خاص (1) لأجل عدم
مشروعية غيره لضيق الوقت أو غيره، نعم لو استحضر المصلي أو الصائم - في
هذا الفرض - (2) ما هو الواجب عليه وفي ذمته كان ذلك تعيينا إجماليا لحقيقة
المأمور به.
فتلخص من ذلك: أن ظرف " الغد " - في شهر رمضان - فصل منوع
للصوم، وفي اليوم المنذور فيه ظرف لجنس الصوم.
والأصل في هذا الفرق هو أن الشارع جعل جنس الصوم المقيد بوقوعه
في شهر رمضان نوعه خاصا في مقابل سائر أنواع الصيام له حكم خاص مخالف
لأحكامها في الجملة، وأما جنس الصوم المقيد بوقوعه في الغد فليس نوعا خاصا،
نعم يجب إيقاع نوع خاص من الصوم فيه وهو صوم النذر، فالمنوع هنا هو كونه
صوم نذر لا كونه صوم الغد. نعم إذا لوحظ " الغد " بعنوان أنه منذور فيه فيكون
منوعا لجنس الصوم أيضا، لكن استحضار صوم الغد وقصده بهذا العنوان راجع
إلى استحضار كونه صوم نذر.
وحاصل ذلك: أنه فرق بين أن يقصد أصل الصوم في الغد، وليس في هذا
تعيين لنوع الصوم - إذا لم يكن الغد من أيام شهر رمضان - وبين أن يقصد
الصوم المختص بالغد، وفي هذا تعيين لنوع الصوم إجمالا - إذا لم يلتفت إلى
عنوان كون " الغد " نذر فيه الصوم - (3)، وتفصيلا - إذا التفت (4) إلى ذلك -
هذا كله إذا قلنا بأن نذر الصوم في اليوم المعين مخرج لذلك اليوم عن



(1) إلا كونه صوم هذا الزمان الخاص ".
(1) في " ف " و " ج " هنا زيادة: في هذا الفرض.
(2) ليس في " ج " هنا: في هذا الفرض.
(3) في " ف ": الصدقة.
(4) في " ف ": إذا لم يلتف.
100
قابلية ظرفيته لصوم آخر غير الصوم المنذور - حتى مع الذهول والغفلة عن
النذر -.
وأما لو قلنا بعدم كونه مخرجا للزمان عن القابلية لصوم آخر بل لو صام
فيه غير النذر مع نسيان النذر صح، فيصبر ما ذكرنا من عدم كون مجرد إضافة
الغد منوعا لجنس الصوم أوضح، لأن صوم الغد - حينئذ - قابل في نظر الشارع
لأن يقع في ضمن صوم النذر، وفي ضمن صوم يوم آخر - كالقضاء - وإن كان
المكلف ما دام ملتفتا إلى النذر لا يجوز له إلا (1) إيقاع صومه.
ولو قلنا بأنه مع الالتفات - أيضا - لو عصى وترك الصوم المنذور صح
فعل غيره أيضا - بناء على أن الواجب المضيق إذا ترك عصيانا صح أن يقع
مكانه عبادة أخرى - فيصير الأمر أوضح من الأول.
التعيين في الصوم غير المعين
ومما ذكرنا يظهر وجوب التعيين - أيضا - فيما لو كان الواجب غير معين،
كالنذر المطلق إذا نذر تعيينه في زمان وفيما إذا تضيق زمان قضاء صوم شهر
رمضان أو كان (2) موسعا ولم يكن في ذمته (3) واجب آخر وقلنا بعدم جواز الصوم
المندوب ممن في ذمته واجب.
لكن هذا كله بناء على تسليم وجوب قصد نوع الفعل وإن كان ما في ذمة
المكلف منحصرا، وأما إذا قلنا بعدم وجوب قصد النوع إلا مع الاشتراك الفعلي
وتعدد ما في ذمة المكلف، نظرا إلى أن قصد امتثال الأمر مع كون المفروض أنه
أمر واحد بنوع واحد يستلزم قصد ذلك النوع إجمالا وهو كاف في النية، فيكفي
في جميع ما إذا كان الواجب على المكلف صوما واحدا أن يقصد صوم الغد امتثالا
لأمر الله تعالى.



(1) ليس في " ف ": إلا.
(2) في " ف ": وكان.
(3) كذا في " ع " ومصححة " م "، وفي " ف " و " ج ": في وقته.
101
التعيين عند تعدد الواجب
نعم " لا بد في غيره " مما إذا كان على المكلف صوما أكثر من نوع واحد
وجوبا أو استحبابا " من نية التعيين " عند الأصحاب، كما يظهر من المعتبر (1) وعن
التحرير الاجماع عليه (2)، وقيل: وعن التنقيح نفي الخلاف فيه (3)، لما مر هنا وفي
نية الصلاة (4)، من أن امتثال الأمر الخاص موقوف على قصد ما هو مأمور به
بذلك الأمر.
هذا إذا اختلف الفردان في الحقيقة، وأما إذا اتفقا - بحيث لا مغايرة بينهما
إلا بحسب الوجود الخارجي - فلا تعيين هنا أيضا، كما إذا وجب عليه صوم يومين
بنذرين، فإنه لا يجب قصد خصوص كل من المنذورين (5) في كل واحد، بل هو
بمنزلة ما إذا نذر صوم يومين بنذر واحد.
ولو شك في اختلاف الحقيقة واتحادها بنى على وجوب التعيين، لعدم
القطع بتحقق الامتثال به بدونه، وليس هذا من الشك في مدخلية شئ في المأمور
به حتى ينفى بأصل البراءة، أو بإطلاقات الصوم، بل هو شك في تحقق عنوان
الإطاعة بالاتيان بالمأمور به (6) على هذا الوجه، وليس هنا إطلاق يرجع إليه.
المقصود من الصوم غير المعين
ثم إن المراد بغير المعين: ما يجوز (7) وقوع غيره في ذلك الزمان فيشمل
مثل اليوم الذي ندب (8) فيه الصوم بالخصوص - كأيام البيض - أو بالعموم



(1) في " ف ": عن المعتبر، انظر المعتبر 2: 644.
(2) تحرير الأحكام 1: 76.
(3) التنقيح الرائع 1: 349.
(4) مر في الصفحة السابقة وفي كتاب الصلاة صفحة 81.
(5) في " ج " و " ع " و " م ": النذرين.
(6) في " ف ": المأمور به.
(7) في " ف ": ما لا يجوز.
(8) في هامش " ع ": في نسخة: ثبت.
102
- كمطلق الأيام - إلا أن الشهيد - في البيان - ألحق المندوب بالخصوص بالصوم
المعين في عدم افتقاره إلى التعيين (1)، وحكى في الروضة - عن بعض تحقيقاته
إلحاق مطلق المندوب، واستحسنه (2)، ونفى البأس عن جميع ذلك في المدارك (3)
والرياض (4).
ولعل وجهه: أن قصد مطلق الصوم في الغد يرجع إلى الموظف فيه بأصل
الشرع، فكما أن صوم شهر رمضان حقيقة مغايرة لغيرها من أنواع الصيام
فكذلك صوم أول رجب - مثلا - حقيقة مغايرة لصوم القضاء عن يوم آخر أو
صوم النذر أو نحو ذلك، فيكون صوم المندوب بمنزلة صلاة النوافل غير ذوات
الأسباب، لا تحتاج إلى قصد ما عدا جنس الصوم، إذ ليس له مقوى سوى وقوعه
في الغد، نعم لو أراد إيقاع حقيقة أخرى فيه - كالقضاء أو الكفارة أو النذر -
لزم التعيين.
اشتراط ايقاع النية ليلا
" ويجب " في النية - وجوبا شرطيا - " إيقاعها ليلا " ولا يجوز تأخيرها عنه
لئلا يقع جزء من الكف في النهار خاليا عن حكم النية ولقوله: " لا صيام لمن لا
يبيت الصيام من الليل " (5) ولا فرق بين أن يقع " في أوله أو آخره " لعموم الرواية
وعدمت تيسر إيقاعها في الآخر الحقيقي، ليتحقق المقارنة لأول جزء من النهار،
وجميع ما تقدم على الآخر في مرتبة واحدة.



(1) البيان: 223.
(2) الروضة البهية 2: 108.
(3) مدارك الأحكام 6: 20.
(4) رياض المسائل 1: 301.
(5) عوالي اللآلي 3: 132، الحديث 5، وعنه مستدرك الوسائل 7: 316 الباب 2 من أبواب وجوب
النية، الحديث الأول، وفي العوالي: بالليل، والعبارة في " ف " و " ج " و " ع ": لمن لم يبيت.. الخ
وكذا في ما يلي من الموارد التي يستدل فيها المؤلف قدس سره بهذا الحديث.
103
وعن بعض العامة: وجوب كونها في النصف الثاني، وهو ضعيف.
وظاهر الأصحاب عدم جواز تقديمها على الليل، ولعله للاقتصار في
مخالفة الأصل - من وجوب المقارنة - على القدر المتيقن من جواز التقديم، مضافا
إلى امكان الاستدلال عليه بالرواية (1) وإن كان المتبادر منها: إرادة بيان عدم
جواز تأخيرها عن الليل.
الاخلال بالنية عمدا
ثم لو أخل بالنية في الليل عمدا بأن (2) عزم على العدم أو بقي مترددا إلى
الفجر، فلا إشكال في وجوب القضاء لفساد الصوم لفقد الشرط، وهل تجب
الكفارة؟ قيل: نعم، وحكاه في البيان عن بعض مشايخه (3) ولعله لصدق ترك
الصوم متعمدا، والكفارة وإن علقت في الأخبار على الافطار إلا أن الظاهر أن
المناط هو ترك الصوم، إذ لا واسطة بينهما ظاهرا، وإن كان المتبادر من الافطار:
فعل أحد المفطرات، إلا أنه تبادر بدوي لا يعتنى به، ولهذا وجبت الكفارة على
من بقي جنبا إلى الفجر مع أنه لم يفعل مفطرا، فليس إلا لعدم انعقاد صومه.
ودعوى: أن الافطار يصدق إذا أفسد الصوم بعد انعقاده فقبله لا يسمى
إفطارا، مكذبة بما شاع في الأخبار وكلام الفقهاء من أن المسافر يقصر ويفطر،
وقولهم ليوم العبد: إنه يوم الفطر.
لكن الانصاف: انصراف أدلة الكفارة - المعلقة على الافطار - إلى فعل
أحد المفطرات، بل ربما يدعى - وإن كاهن ضعيفا - اختصاص الافطار بحكم
الانصراف بالأكل والشرب.
امتداد وقت النية للناسي
" والناسي " للنية في الليل له أن " يجدد " النية - أي يوقعها - " إلى



(1) المتقدمة آنفا قوله عليه السلام: " لا صيام. الخ ".
(2) في " ف ": فإن.
(3) البيان وفيه: 225 - 226 وحكاه عن بعض مشايخه المعاصرين. وفي هامش البيان: المراد به
فخر الدين. هذا ولكن البحث في البيان عن ترك النية عمدا طول النهار. فراجع.
104
الزوال " بالاجماع، كما عن الغنية (1) وعن ظاهر المعتبر (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4)
لأن الاخلال بما هو شرط الامساك في جزء من الزمان ليس بأعظم من الاخلال
بنفس الامساك في ذلك الجزء، فإن الظاهر أن وجوب تقديم النية على مجموع
العمل لكون تأخيرها عن بعض أجزائه مستلزما لوقوع ذلك البعض بلا نية، لا
لكون نية كل جزء من العمل لازم التقديم (5) على مجموع العمل، فنسيان النية
في جملة من النهار ليس فيه إلا الاخلال بشرط الامساك في تلك الجملة، ولا يخل
بالامساك فيما بقي من النهار إذا جدد النية له، وهذا الأمر وإن كان يقتضي عدم
الفساد - وإن نسيها إلى الغروب - إلا أن الدليل قام على ركنيتها في الجملة،
فتأمل.
وكيف كان، فيكفي في الحكم - مضافا إلى ما مر من الاجماعات -
فحوى ما دل على صحة صوم المسافر إذا قدم قبل الزوال ونوى، والمريض إذا
برئ فتوى (6).
وما روي (7) من: " أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بعد ثبوت هلال رمضان
مناديا ينادي: من أكل فليمسك، ومن لم يأكل فليصم " (8).



(1) الغنية (الجوامع الفقهية): 508.
(2) المعتبر 2: 646.
(3) المنتهى 2: 558.
(4) التذكرة 1: 256.
(5) في " ف " و " م ": التقدم.
(6) الوسائل 7: 134 الباب 6 من أبواب من يصح منه الصوم.
(7) في " ف ": وما ورد.
(8) لم نجد هذا الحديث بهذا اللفظ في كتبنا الحديثية وروى أبو داود في السنن 2: 302، الحديث 2340
عن ابن عباس حديثا يتضمن شهادة الأعرابي الواحد وفي آخره قال صلى الله عليه وآله: يا بلال
أذن في الناس فليصوموا غدا. ومثله في السنن الكبرى للبيهقي 4: 211 - 212 نعم نقل هذا
الحديث في المعتبر 2: 646 والمنتهى 2: 558.
105
وعموم قوله صلى الله عليه وآله: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " (1) - بناء على
أن المراد رفع جميع آثار الفعل التي كان (2) تترتب عليه لولا النسيان " (1) - بناء على
أن المراد رفع جميع آثار الفعل التي كان (2) تترتب عليه لولا النسيان، لا خصوص
المؤاخذة - وهو حاكم على عموم قوله: " لا صيام لمن لا يبيت الصيام من
الليل " (3) وقوله: " لا عمل إلا بالنية " (4).
ولو سلم تعارضهما وأغمض عما ذكر من الاجماعات المنقولة المعتضدة
بالشهرة المحققة، حيث لم يخالف في الحكم إلا العماني - على ما حكي عنه (5) -
فيجب الرجوع إلى مقتضى أصالة البراءة عن القضاء.
ولك أن تقول: إن خبر التبييت (6) غير معلوم السند، وقوله: " لا عمل إلا
بالنية " (7) لا يشمل مثل الصوم الذي هو عبارة عن ترك المفطرات الغير
المشترطة بمصاحبة النية أو حكمها المستمر، كما إذا نام من أول الليل (بعد
النية) (8) إلى ليلة أخرى، والثابت من وجوب كونها في الليل في الصوم المعين
بالاجماع إنما هو للذاكر لا الناسي، كيف وقد خرج من قوله: " لا عمل "
الواجب الغير المعين اتفاقا - كما سنذكر - فلا مانع من أن يكون الناسي في
المعين كذلك، مع أن ظاهر النسيان هو عزمه على صوم الغد إلا أنه نسي
الأخطار.



(1) الخصال: 417 باب التسعة، الحديث 9، وكتاب التوحيد 353 الباب 56، الحديث 24.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: كانت.
(3) عوالي اللآلي 3: 132، الحديث 5، وعنه مستدرك الوسائل 7: 316 الباب 2 من أبواب وجوب
الصوم ونيته، الحديث الأول. وفيه: " لمن لا يبيت.. ".
(4) الوسائل 7: 7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 13.
(5) حكاه عنه العلامة في المختلف: 212.
(6) المتقدم في صفحة 103.
(7) الوسائل 7: 7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 13.
(8) ما بين المعقوفتين ليس في " م ".
106
وأما الجاهل فلا يضر جهله في عدم النية - أيضا - اتفاقا.
والحاصل: أن النية - على القول بالاخطار (1) - غير معتبرة في الصوم لا
في ابتدائه ولا في استمراره، مع أن ظاهر قوله: " لا عمل " اعتبار المصاحبة - لا
أقل (4) - لا (3) الاستدامة الحقيقية من النية.
واعلم أنه يجب المبادرة إلى النية عند التذكر، وإلا بطل الصوم للاخلال
به في أول انعقاده (4) عمدا.
الجاهل بوجوب الصوم
وفي حكم الناسي الجاهل بوجوب الصوم عليه، كما هو ظاهر إطلاق
معقد إجماع الغنية (5) وصريح ما روي من أمر النبي صلى الله عليه وآله المنادي
بالنداء بالصوم (6) وظاهر من تمسك بهذه الرواية لحكم النسيان كما في المعتبر (7)
وعن المنتهي (8) اتحاد حكم النسيان والجهل، فيشملهما الاجماع المستظهر من
كلامهما.
النية بعد الزوال
" فإن زالت " الشمس ولم ينو " فات وقتها و " يجب أن " يقضي (9) "
الصوم (10) لما سيجئ من أن النية بعد الزوال لا تجزئ في احتساب صوم تمام



(1) في " ف ": بالافطار.
(2) معنى هذه العبارة: على أقل التقادير.
(3) ليس في " ج " و " ع ": لا، والعبارة في " م " هكذا: للاستدامة.
(4) ليس في " ف ": في أول انعقاده.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): 508 وفي " ج " و " ع " هنا زيادة ما يلي: " بل واجماع المعتبر والمنتهى ".
(6) سنن أبي داود 2: 302، الحديث 2340 - 2341، سنن البيهقي 4: 211 باب الشهادة على
رؤية هلال رمضان وانظر صفحة 105 والهامش 8 هناك.
(7) المعتبر 2: 646.
(8) المنتهى 2: 558.
(9) في الإرشاد: قضى.
(10) ليس في " ف ": الصوم.
107
اليوم - الذي لا بد منه في صوم رمضان وغيره من الواجب - مضافا إلى المحكي
عن الانتصار من ظاهر الاجماع، حيث قال: صوم الفرض لا يجزي عندنا إلا
بنية (1) قبل الزوال (2)، مضافا إلى عموم النبوي " لا صيام.. إلى آخره " (3) خرج
ما خرج، فتأمل.
وقت النية في الواجب غير المعين
هذا كله في الواجب المعين بالأصالة أو بالعرض. وأما غير المعين، ففي
المدارك أن الأصحاب قطعوا بجواز تأخيرها إلى ما قبل الزوال عمدا (4). وبه
أخبار، مثل صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام " في
الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر
رمضان وإن لم يكن نوى ذلك من الليل؟ قال: نعم، ليصمه وليعتد به إذا لم يكن
أحدث شيئا " (5).
ورواية صالح بن عبد الله، عن أبي إبراهيم عليه السلام " رجل جعل لله عليه
صيام شهر، فيصبح وهو ينوي الصيام ثم يبدو له يفطر، ويصبح وهو لا ينوي
الصوم ثم يبدو له يصوم؟ فقال: هذا كله جائز " (6).
(وصحيحة محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام " قال: قال علي
عليه السلام: إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل أن يطعم



(1) في " ف " و " م ": بنيته.
(2) الإنتصار: 60.
(3) عوالي اللآلي 3: 132، الحديث 5.
(4) مدارك الأحكام 6: 22 وفيه: وقد قطع الأصحاب بأن وقت النية فيه يستمر من الليل إلى
الزوال إذا لم يفعل المنافي نهارا.
(5) الوسائل 7: 4 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 2.
(6) التهذيب 4: 187 الحديث 523 وفيه: عن صالح بن عبد الله، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:
قلت له رجل جعل لله عليه صيام شهر فيصبح وهو ينوي الصوم ثم يبدو له فيفطر، ويصبح
وهو لا ينوي الصوم فيبدو له فيصوم؟. فقال: هذا كله جائز.
108
طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر " (1)) (2).
ويظهر من المسالك (3) اختصاص الحكم بقضاء الواجب.
وصريح الرواية الثانية (4) وظاهر الأخيرة (5) - مع دعوى الاتفاق من
المدارك (6) وغيره - حجة عليه.
وأما تقييد ذلك بما قبل (7) الزوال فلرواية ابن بكير (8) الآتية منطوقا أو
فحوى، ولما روي عن هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام من أنه " إن هو نوى
الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه، وإن نواه بعد الزوال حسب له من
الوقت الذي نوى فيه " (9).
فإن ظاهر الخبر - وإن قلنا إنه في النافلة - يدل على أن النية بعد الزوال
لا تؤثر في صحة صوم مجموع اليوم حتى يصلح قضاء عن واجب أو أداء لواجب.
وأوضح منه موثقة عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يكون عليه
أيام من شهر رمضان يريد أن يقضيها، متى ينوي الصيام؟ قال: هو بالخيار إلى
زوال الشمس فإذا زالت الشمس، فإن كان نوى الصيام فليصم، وإن كان نوى
الافطار فليفطر.



(1) الوسائل 7: 5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 5.
(2) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(3) المسالك 1 54.
(4) ليس في " ف ": الثانية.
(5) أي: صحيحة محمد بن قيس، وهذه العبارة دالة على وجود السقط في نسخة " ف " وهو ما أشرنا
إليه في الهامش 1.
(6) مدارك الأحكام 6: 38 نقله عن المحقق والعلامة ولم يعلق عليه.
(7) في " ف ": بما بعد.
(8) الوسائل 7: 47 الباب 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(9) الوسائل 7: 6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 8.
109
سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت
الشمس؟ قال: لا " (1).
وعن ظاهر الإسكافي (2) والذخيرة (3) والمفاتيح (4) جواز النية إلى (ما)
بعد العصر أيضا لاطلاق ما تقدم.
وظاهر صحيحة أخرى لعبد الرحمان بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام
" عن الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما، وكان عليه يوم من شهر
رمضان، أله أن يصوم ذلك اليوم، وقد ذهب عامة النهار؟. قال: نعم له أن يصوم،
ويعتد بذلك اليوم من شهر رمضان " (5).
وصريح مرسلة البزنطي، عن أبي عبد الله عليه السلام " عن الرجل يكون
عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح، فلا يأكل إلى العصر، أيجوز أن يجعله
قضاء من شهر رمضان؟ قال: نعم " (6).
لكنهما مع قابليتهما للحمل لا تقاومان ما مر، حتى رواية عمار (7)،
لاعتضادها بالشهرة العظيمة، حتى أن في البيان (8) - كما عن المنتهى (9) - نسبة



(1) الوسائل 7: 6 - 7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 10 مع تفاوت، ويأتي
بتمامه في الصفحة 177.
(2) نقله عنه العلامة في المختلف 212، والشهيد في البيان: 226.
(3) ذخيرة المعاد: 514.
(4) المفاتيح 1: 244 وعبارته هكذا: وللإسكافي قول بامتداد وقتها إلى أن يبقى جزء من
النهار ولا يخلو من قوة.
(5) الوسائل 7: 5 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 6 باختلاف يسير،
(6) الوسائل 7: 6 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 9.
(7) المتقدمة في الصفحة السابقة.
(8) البيان: 226.
(9) المنتهى 2: 559.
110
ذلك (1) القول إلى الشذوذ، وتقدم (2) عن الانتصار " أن صوم الفرض لا يجزي
عندنا إلا بنية قبل الزوال " وهو ظاهر في دعوى الاجماع.
وقت نية صوم النافلة
وأما صوم النافلة فيمتد وقته إلى بعد الزوال - كما عن السيد (3)
والشيخ (4) والحلي (5) والشهيدين (7)، وعن المنتهى (8) نسبته إلى
الأكثر، بل عن الإنتصار (9) والغنية (10) والسرائر (11): الاجماع عليه (12) - لما تقدم
من رواية هشام (13) ولرواية أبي بصير " عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة؟
قال: هو بالخيار ما بينه وبين العصر، وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم
ولم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء (14) " (15).



(1) في " ف ": هذا.
(2) في صفحة 108 وانظر الهامش 2 هناك.
(3) الإنتصار: 60، ورسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة): 54.
(4) المبسوط 1: 278 وليس في " ع " والشيخ.
(5) السرائر 1: 373.
(6) تحرير الأحكام 1: 76.
(7) الشهيد الأول في الدروس: 70، والشهيد الثاني في الروضة 2: 107.
(8) المنتهى 2: 559.
(9) الإنتصار: 60.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): 508.
(11) السرائر 1: 373.
(12) ليس في " ج " و " ع " عليه.
(13) انظر صفحة 109.
(14) في " ج " و " ع ": إن شاء تعالى، وفي " ف " و " م ": إن شاء الله تعالى.
(15) الوسائل 7: 7 الباب 3 من أبواب وجوب الصوم، الحديث الأول، ومثله الكافي 4: 122 وانظر
الهامش 4 في الصفحة الآتية.
111
مضافا إلى إطلاقات أخر. خلافا لما عن الأكثر - كما في المدارك (1) - وفي
المسالك (2) عن المشهور، فجعلوها كالواجب في امتداد وقت نيتها إلى الزوال (3)،
ولعله لرواية ابن بكير - المروية في أواخر زيادات الصوم من التهذيب - عن أبي
عبد الله عليه السلام " عن رجل طلعت عليه الشمس وهو جنب ثم أراد الصيام بعد
ما اغتسل ومضى من النهار؟ قال: يصوم إن شاء (4)، وهو بالخيار إلى
نصف النهار " (5).
وصحيحة هشام المتقدمة (6) بناء على أن يكون المراد من حساب بقية
اليوم - لو نوى الصوم بعد الزوال - هو فساد الصوم، إذ من المعلوم عدم تبعض
الصوم.
وجوب النية في كل يوم من رمضان
" ولا بد في كل يوم من رمضان من نية على رأي " اختاره المصنف هنا - كما
عن جماعة من المتأخرين - بل ربما حكي عن بعض دعوى الشهرة عليه
بينهم، لعموم " لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل " (7) ولأن صوم كل يوم
عمل، فلا بد من مقارنته للنية، والثابت من الرخصة في تقديمها (8) هو إيقاعها
في الليل، فيقتصر عليه.
ويشهد لما ذكرنا - من اقتضاء الأصل - إجماع الكل - كما في



(1) مدارك الأحكام 6: 25 ووردت العبارة في " م " هكذا: خلافا كما في المدارك عن الأكثر.
(2) المسالك 1: 54.
(3) في " ف " و " م " زيادة ما يلي: " ونسبه في المدارك إلى الأكثر، وفي المسالك إلى المشهور ".
(4) في " ج " و " ع " زيادة: الله.
(5) التهذيب 4: 322، الحديث 989.
(6) في صفحة 109.
(7) انظر صفحة 103 الهامش 5.
(8) في " ف ": تقدمها.
112
الدروس - (1) على عدم جواز الاكتفاء بنية واحدة في غير صوم شهر رمضان من
نذر صوم شهر (2) معين أو صوم الكفارة أو نحوهما، بل تأملوا في جواز الاكتفاء
بنية واحدة للبعض الباقي من شهر رمضان.
وحينئذ فدعوى خروج شهر رمضان عن الأصل يحتاج إلى دلالة
مفقودة، عدا ربما يتخيل من أنها عبادة واحدة فيجزيها نية واحدة مقارنة لأولها.
وفيه: منع الوحدة، لعدم الشاهد على ذلك (3)، بل استقلال كل يوم بالثواب على
صومه والعقاب والقضاء والكفارة على إفطاره وغير ذلك يشهد بتعدده. ومع
الشك فيجب تعدد النية لعدم الخلاف في جوازه - كما عن المنتهى (4) - ويشهد به
كلام القائلين بكفاية الواحدة وغيرهم، وإن استشكله الشهيد الثاني (5) بناء على
عدم جواز تفريق النية على أجزاء العبادة الواحدة، لكنه ضعيف كما سيجئ.
وكيف كان، فلا إشكال في أن مقتضى الأصل التعدد، إلا أن يخرج عنه
بما عن السيد في المسائل الرسية، من إجماع الإمامية من (6) أن النية الواحدة في
ابتداء الشهر تغني عن تجديدها كل ليلة (7) ونحو ذلك عن الانتصار (8) والخلاف (9)



(1) الدروس: 70.
(2) ليس في " ع ": شهر.
(3) ليس في " ج ": على ذلك وفي هامش " ع ": عليها.
(4) المنتهى 2: 560.
(5) الروضة البهية 2: 107.
(6) كذا في النسخ.
(7) الموجود في المسائل الرسية (المجموعة الثانية من رسائل الشريف المرتضى): 355: النية
الواقعة، وما ورد في المتن هنا هو الأصح، فقد نقل العلامة رحمه الله ذلك أيضا عنه في المختلف:
213 والبحراني في الحدائق 13: 27، بل السيد نفسه في الإنتصار: 61 حيث قال: إن نية واحدة
في أول شهر رمضان تكفي للشهر كله.
(8) الإنتصار: 61 ووردت هذه الكلمة في " ف ": الإقتصاد، وعبارته هكذا: " ويكفي الشهر كله نية
واحدة " وليس فيه ما يدل على الاجماع، انظر الإقتصاد: 430.
(9) الخلاف 2: 164.
113
- كما في الغنية (1) - وعن المنتهى (2) نسبته إلى الأصحاب، ويكفي في الخروج عن
الأصل هذه الاجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة القديمة المظنونة من ذهاب
المشايخ الثلاثة (3) وأتباعهم إلى ذلك.
ثم على القول بذلك فالظاهر لزوم الاقتصار على مورد دعوى الاجماع.
فلو نوى في النصف الأخير نية واحدة لمجموعة فعن الشهيد (4) الاشكال فيه،
لأنه (5) إما عبادة واحدة أو ثلاثون عبادة، لكن الظاهر من استدلال مدعي
الاجماع ب‍ " أنه حرمة واحدة " هو جواز ذلك، مع أن كونه عبادة واحدة لا يستلزم
عدم جواز نية واحدة لباقيها.
نعم، لو نوى في الأول صوم نصفه ففي الاجزاء (6) إشكال.
وكذا لو علم أن في بعض الأيام لا يجب عليه الصوم، لسفر أو حيض،
ففي وجوب التجديد بعد زوال المانع، أو كفاية النية الواحدة لمجموع أيام الصوم
- المتخلل بينها أيام الافطار - إشكال.
النية المتقدمة على رمضان
" ولا تكفي " النية " المتقدمة عليه " أي على شهر رمضان بيوم أو يومين
" (للناسي) (7) على رأي " اختاره من عدا الشيخ من الأصحاب، لما مر من رواية
التبييت (8)، وأصالة عدم جواز التقديم إلا بقدر ما أجمع عليه. خلافا للشيخ في



(1) الغنية (الجوامع الفقهية): 509. وفي " ف ": كما عن الغنية.
(2) المنتهى 2: 560.
(3) أما الشيخ المفيد فقد ذكره في المقنعة:، 302 وأما الشيخ الطوسي فقد ذكره في الخلاف 2: 164
وأما الثالث فالسيد المرتضى في الإنتصار: 61.
(4) البيان 227.
(5) في " ج " و " ع " و " م ": لأنها.
(6) في " ف ": ففي الآخر.
(7) الزيادة من الإرشاد 1: 299.
(8) في صفحة 103.
114
النهاية (1) والخلاف (2) والمبسوط (3)، فجوز التقديم بالزمان المقارب كاليومين
والثلاثة، بل عن الخلاف (4) نسبته إلى أصحابنا، لكن (5) خصه في النهاية (6)
والمبسوط (7) بالناسي للنية في كل ليلة والنائم والمغمى عليه، وإن كان المحكي
عنه في الخلاف (8) - كدليله - مطلقا، وهو مضعف آخر لقوله، لأن النية المتقدمة
إن أثرت أغنت عن نية أخرى، وإلا لم يؤثر مع النسيان أيضا.
حكم صوم غير رمضان في رمضان
" و " اعلم أن المشهور أنه " لا يقع في رمضان " صوم " غيره " لأن صحة
غيره فيه لا يتصور إلا في المسافر، وسيجئ عدم جواز الصوم للمسافر مطلقا،
وأما لو جوزناه له مطلقا أو في بعض أفراده فلعموم (9) قول الصادق عليه السلام:
" الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر. (ثم قال) (10) إن رجلا
أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر؟
فقال: لا. فقال: يا رسول الله إنه علي يسير.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله تصدق على مرضى أمتي
ومسافريها بالافطار في شهر رمضان، أيجب أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد



(1) النهاية: 151.
(2) الخلاف 2: 166.
(3) المبسوط 1: 276.
(4) الخلاف 2: 166.
(5) في " ف ": لكنه.
(6) النهاية: 151.
(7) المبسوط 1: 276.
(8) الخلاف 2: 166.
(9) كذا في النسخ، والظاهر أن هذا تعليل لعدم جواز الصوم للمسافر في شهر رمضان حتى لو
جاز الصوم في السفر مطلقا أو على بعض الوجوه، فتأمل.
(10) الزيادة من الوسائل.
115
عليه؟ " (1).
فإن ظاهر الرواية - سيما ذيلها - كون أصل الافطار في شهر رمضان
للمسافر عزيمة.
وأوضح من ذلك دلالة (2) خصوص المرسلة المعللة لصوم مولانا الصادق



(1) كذا في " ج " و " ع ".
(2) الوسائل 7: 12 - 15 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم.
(3) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8.
(4) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 4، وفيه: وبما قد وسع على عباده.
(5) كذا في " ج " و " ع " و " م " والظاهر: من.
(6) الزيادة من المصدر.
(7) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8.
116
عليه السلام في شعبان في السفر، وافطاره في رمضان، معللا بأن شهر رمضان عزم من
الله فيه الافطار (1).
وقريب منها: مرسلة الحسن بن بسام الجمال (2).
وضعفهما منجبر بالشهرة إذا لم يحك الخلاف إلا عن الشيخ في صوم
التطوع وفي النذر المعين (3).
وهل يعذر الجاهل بالحكم - هنا - كما يعذر في صوم شهر رمضان؟
وجهان: من أصالة عدم المعذورية، وإطلاق صحيحة الحلبي (4) الحاكم بصحة الصوم
من جهل (5) تحريم الصوم في السفر، إلا أن يدعى انصرافه إلى صوم رمضان.
من نوى في رمضان صوما غيره
وعلى هذا " فلو نوى " في رمضان صوما آخر " غيره لم يجز عن أحدهما " أما
عن المنوي فإجماعا، لما مر، وأما عن رمضان فكذلك " على رأي " المصنف هنا



(1) الوسائل 7: 143 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 4.
(2) الوسائل 7: 145 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث 5.
(3) المبسوط 1: 277.
(4) الوسائل 7: 127 الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 3.
(5) ليس في " م ": الحاكم. والعبارة في " ف " هكذا: واطلاق صحيحة الحلبي وصحيحة صوم من جهل.
117
والمختلف (1) وجماعة كالصدوق (2) والحلي (3)، والفخر (4) والشهيدين في البيان (5)
والمسالك (6) وصاحب المدارك (7) (8) لأن (9) نية صوم آخر - المفروض حصولها -
وإن كانت لغوا من حيث عدم وقوع منويها، إلا أنها تنافي نية صوم رمضان،
ضرورة تضاد جزئيات الكلي، فلم تقع نية صوم رمضان لا بالخصوص ولا بإطلاق
المنصرف إليه.
ويؤيد ذلك قوله عليه السلام في رواية الزهري - بعد حكمه عليه السلام بكفاية
صوم يوم الشك بنية شعبان عن رمضان إذا ظهر كونه منه، وتعجب الرواي بقوله:
كيف يجزي صوم تطوع عن صوم فريضة؟ - قال عليه السلام: لو أن رجلا صام يوما
من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان، ثم علم بعد
ذلك أجزاء عنه، لأن الفرض إنما وقع على اليوم بعينه " (10).
دل بمفهومه على أن صوم يوم من شهر رمضان تطوعا - مع العلم بكونه



(1) المختلف: 214. ووردت الكلمة في " ج " و " ع ": المحقق. لكن قوله في الشرائع 1: 187 يخالفه.
(2) نقله عنه في المختلف: 214.
(3) السرائر 1: 372 وفي " ج " و " ع ": الحلبي بدل: الحلي.
(4) لم نقف على قوله في الإيضاح في باب الصوم، ولعله في حاشية الإرشاد المخطوط.
(5) البيان: 224.
(6) المسالك 1: 55.
(7) المدارك 6: 30.
(8) في " م " هنا زيادة ما يلي: " فلم تقع نيته، وهذا لا يخلو عن قوة بالنسبة إلى الجاهل، لعدم وقوع
صوم غير رمضان فيه لأن قصد التقرب وهو كذلك واقعا، ويؤيد ذلك اتفاقهم على الاجزاء
عن رمضان.. إلى آخر ما أوردناه في الهامش 2 صفحة 116، وعبارة: " فلم تقع نيته " موجودة
في " ج " هنا أيضا، ولكنها مشطوب عليها.
(9) في " ج " و " ع ": فإن، وفي هامش " ع ": في نسخة: لأن.
(10) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8 مع اختلاف في الألفاظ، ولعل
المؤلف قدس سره نقله بالمعنى.
118
شهر رمضان - لا يجزي عنه، مع أنه عليه السلام قرر الراوي في تعجبه عن إجزاء
صوم التطوع عن الفرض - مع أن الفرض غير منوي، والمنوي غير واقع، كما
ذكرنا في الاستدلال - وأجاب عليه السلام بالاجزاء مع الجهل، لكون الواجب معينا
غير قابل للتدارك إلا على وجه القضاء الذي هو مطلوب جديد، وليس (1) امتثالا
لصوم شهر رمضان، مع أن الوارد في بعض الأخبار: إن صوم يوم الشك إن كان
من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل الله تعالى وبما وسع على عباده ولولا ذلك
لهلك الناس (2).
دل على أن الحكم بالاجزاء مع الجهل تفضل من الله تعالى وتوسعة منه
لا من باب حصول الامتثال بصوم رمضان.
ومن هذا يعلم أن ما ذكر في الأخبار المستفيضة من أن يوم الشك إذا
صامه الانسان فظهر أنه من رمضان فهو يوم وفق له (3) لا يدل على أن امتثال
صوم شهر رمضان حصل به في متن الواقع - كما يتراءى منها ذلك في بادئ
النظر - بل المراد حصول التوفيق لأجل حكم الله تعالى بالاجزاء تفضلا، مع
عدم تحقق الافطار في أيام رمضان.
ومن جميع ما ذكرنا يظهر ضعف ما حكي عن الشيخ (4) وجماعة من الحكم
بالاجزاء في أصل المسألة، مستدلين بحصول قصد التقرب بصوم ذلك اليوم الذي
هو من أيام رمضان، وقد تقدم أن هذا المقدار من النية كاف في صوم شهر رمضان،
وضم نية الغير لغو لا يقدح.
وفيه: أن ضم نية الغير مانع عن حصول نية صوم شهر رمضان، لأن قصد



(1) في " م ": ليس - بدون الواو -.
(2) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 4 وفيه: وبما قد وسع.
(3) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم.
(4) الخلاف 2: 164 كتاب الصوم، المسألة 4.
119
صوم اليوم الذي هو من أيام رمضان إنما يكفي إذا لم ينضم إليه ما يصرفه إلى
حقيقة أخرى.
نعم، لو فرض أنه قصد حقيقة صوم شهر رمضان وقصد الغير - بأن
نوى صوم شهر رمضان على أن يكون قضاء عن رمضان الماضي أو كفارة أو
نحو ذلك - لم يبعد الصحة. إلا أن يقال: إن مجرد قصد صوم يوم هو من رمضان
يحصل به قصد حقيقة صوم رمضان وإن قيد الصوم بكونه قضاء أو كفارة (1) إذ
قصد الكفارة ليس إلا قصدا لسبب الصوم (2) ومع تحقق قصد (3) حقيقة صوم
شهر رمضان يكون قصد سبب آخر لغوا، وقصد القضاء ليس إلا قصدا لامتثال
أمر آخر غير الأمر المتوجه إليه، وهو غير مضر بعد كون المقصود الأصلي هو
التقرب، كما هو المفروض.
نعم، لو كان المكلف عالما بعدم وقوع صوم غير رمضان منه لم يتحقق منه
قصد صوم غير رمضان حقيقة مع قصد القربة - أيضا - حقيقة، بل يكون أحد
القصدين صوريا، والكلام فيما إذا كان القصدان حقيقيين، وهو مختص بالجاهل
بالحكم، فيكون حكم جاهل الحكم - على هذا - حكم جاهل الموضوع في
الاجزاء المتفق عليه فتوى ونصا (4).
لكن الانصاف أن ذلك محل تأمل، بل نظر ومنع، فالأقوى ما عليه
الأولون.
وضابط الحكم في هذا وأشباهه: أن كل يوم لا يصح (5) فيه صوم فإذا نوى



(1) في " م " زيادة: ممنوعة، والكلمة مشطوب عليها في " ج ".
(2) كلمة: " الصوم " ليست في " ف ".
(3) ليس في " ج ": قصد.
(4) انظر الوسائل 7: 12 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 2.
(5) كذا في النسخ، ولكن في " م " كتب فوق كلمة " يصح ": " يقع ".
120
ذلك الصوم فلا يجزي عنه، ولا عن صوم ذلك اليوم.
صوم يوم الشك بنية رمضان
" و " يتفرع عليه بعد معلوميته أنه " لا يجوز صوم يوم (1) الشك بنية
رمضان " لكونه تشريعا محرما عموما، وخصوصا بالأخبار الواردة في صوم يوم
الشك (2) أنه لو صامه بنية رمضان لم يجز عن شعبان لو كان منه ولا عن رمضان
لو كان منه. أما عن صوم شعبان فلعدم نيته، وأما عن صوم رمضان فلتحريم
قصده حين النية.
ولو جهل بعدم وقوع صوم شهر رمضان في يوم الشك وصامه، فاتفقت
المطابقة فيحتمل الاجزاء، لمصادفة اعتقاد المطلوبية الواقعية. والأقوى العدم،
لعدم تحقق الأمر بمجرد جهله المستند إلى تقصيره، والمطلوبية التي اعتقدها هي
مطلوبية صوم شهر رمضان في يوم الشك وهو غير مطابق للواقع.
" و " كذا " لا " يقع عن شئ من الواجب والمندوب لو أوقعه " بنية
الوجوب " أعني نية الصوم الواجب " على تقديره " أي على تقدير وجوبه واقعا أو
على تقدير رمضان " و " ونية " الندب " (3) أي قصد حقيقة الصوم المندوب " إن لم يكن "
من رمضان، لأن حقيقة صوم رمضان تغاير حقيقة الصوم المندوب - كما يكشف
عن ذلك اختلاف أحكامهما - فإذا لم يعين (4) حقيقة أحدهما في النية التي
حقيقتها " استحضار حقيقة الفعل (5) المأمور به " لم يقع عن أحدهما.
صوم يوم الشك بنية الندب
نعم " لو (6) نواه مندوبا أجزأ " بتفضل الله تعالى - كما في الرواية - (7) " عن



(1) ليس في الإرشاد: يوم.
(2) التهذيب 4: 162 و 182، والحديثان 457 و 507.
(3) في الإرشاد: والندب.
(4) في " ج " يتعين، وفي " ع " تتعين.
(5) في " ف ": حقيقية الصوم.
(6) في الإرشاد: ولو.
(7) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 4.
121
رمضان إذا ظهر أنه " أي اليوم " منه " أي من رمضان إجماعا نصا وفتوى، وبه
يخرج عن قاعدة عدم إجزاء المندوب عن الواجب، مع اختلاف حقيقتهما.
وهل يلحق برمضان غيره من الواجبات المعينة في تأديها بالنفل، وبالنفل
الفرض في تأدي رمضان وغيره به؟ مقتضى تعليله عليه السلام الاجزاء في رواية
الزهري بقوله: " لأن الفرض إنما وقع على اليوم بعينه " (1) نعم، وبه صرح في
الدروس (2).
وظاهرهم في مسألة " ما لو نوى في رمضان غيره " أن إجزاء غيره عنه مع
الجهل به اتفاقي - كما صرح به في المدارك (3) -.
" ولو ظهر " ذلك " في أثناء النهار جدد نية الوجوب ولو كان قبل
الغروب " لأنه بمنزلة العدول في وجوب تجديد النية للمعدول إليه.
من أصبح بنية الافطار فظهر أنه من رمضان
" ولو أصبح بنية الافطار فظهر أنه من الشهر ولم يكن تناول شيئا " (4) من
المفطرات " جدد نية الصوم وأجزأ " لما تقدم (5) من جواز تأخير النية عن أول النهار
للجاهل والناسي إلى أن تزول الشمس.
" و " أما " لو زالت الشمس " فقد مضى وقت النية و " أمسك واجبا " بقية
النهار " وقضى ".
أما وجوب القضاء فلفوات الصوم، وأما وجوب الامساك فهو المشهور،
بل عن الخلاف (6) الاجماع عليه، وعن المنتهى (7) والتذكرة (8) نسبة الخلاف إلى



(1) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8.
(2) الدروس: 70.
(3) مدارك الأحكام 6: 31.
(4) ليس في الإرشاد: شيئا.
(5) في صفحة 104 - 105
(6) الخلاف 2: 179 كتاب الصوم، المسألة 20.
(7) المنتهى 2: 561.
(8) التذكرة 1: 257.
122
عطاء وأحمد، وأنه لم يقل به غيرهما، ولم أجد عليه دليلا ظاهرا، والتمسك بقاعدة
الميسور لا يخفى ما فيه، وفي المسالك " أنه لو أفطر وجبت الكفارة، إذ لا منافاة
بين وجوبها وعدم صحة الصوم بمعنى إسقاط القضاء " (1) والظاهر أنه تعليل لعدم
المانع عن الكفارة، وجعل المقتضي لها من عموم أدلة ثبوتها بمجرد الافطار في
رمضان - مفروغا عنه، وفيه تأمل بل منع كما لا يخفى.
استمرار النية حكما
ولا بد من استمرار النية حكما " بمعنى وجوبه تكليفا، وفي شرح
الشهيد أنه لا نزاع فيه (2)، وهو مبني على وجوب العزم على الواجب أو حرمة
العزم على الحرام أو التردد فيه.
والمراد بالاستمرار حكما أن لا يحدث ما يخالف نية الصوم من نية
الخلاف أو التردد. وأما وجوبه شرطا فظاهر المصنف هنا (3) والمختلف (4) - تبعا
لأبي الصلاح (5) - ثبوته.
وحينئذ " فلو " عقد الصوم بنية صحيحة ثم " جدد في أثناء النهار نية
الافساد، بطل صومه على رأي " محكي عن السيد في بعض رسائله (6) وأبي
الصلاح (7) والمصنف (8) وولده (9) والشهيدين (10) والمحقق الثاني (11) قدس الله أرواحهم



(1) المسالك 1: 55 والعبارة فيه هكذا: " ولو أفطره وجب عليه الكفارة.. إلى آخر العبارة ".
(2) غاية المراد: 55.
(3) الإرشاد 1: 300.
(4) المختلف: 215.
(5) نقله عنه العلامة في المختلف 215.
(6) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثانية): 356.
(7) الكافي في الفقه: 182.
(8) الإرشاد 1: 300.
(9) إيضاح الفوائد 1: 223.
(10) الدروس: 70 والمسالك 1: 55.
(11) جامع المقاصد 3: 61.
123
لعموم قوله: " لا عمل إلا بنية " (1) الظاهر في وجوب تلبس مجموعه بها، ومقتضى
ذلك وجوب تلبس امساك (2) كل جزء من النهار بنية فعل الصوم امتثالا لأمر
الله، كما هو الشأن في الصلاة والطهارات ونحوها من العبادات المركبة.
إلا أن الدليل قام على أن إمساك جزء لو خلا عن تلك النية إما لعزوبها
أو لعدم القدرة على المفطر، أو غير ذلك - مما يقع معه الكف لا مستندا إلى قصد
الامتثال - لم يقدح في الصوم، خلافا للصلاة وأشباهها من الوجوديات المحضة.
أما لو تلبس بإمساك جزء من النهار بإضمار عدم كونه صائما في الحال
أو العزم على الافطار في الاستقبال - فالامساك في هذا الجزء غير متلبس بنية
الامتثال، ولم يدل دليل على عدم قدحه فيبقى تحت عموم: " لا عمل إلا بنية ".
ومما ذكرنا ظهر أن مستند البطلان في المسألة هو: تلبس امساك جزء من
النهار بقصد خلاف الصوم فيفسد، وبفساده يفسد الصوم، لأنه لا يتبعض،
لا مجرد (3) نية الافساد حتى يقال: إن المفطرات محصورة وليست منها نية الافطار.
وأضعف من ذلك التمسك باستصحاب صحة الصوم، لما عرفت - مرارا -
من أن الصحة في الأجزاء وإن ثبت على وجه القطع إلا أنه لا يجدي مع الشك
في فساد اللاحقة.
ومثله في الضعف: ما ذكره الشهيد - في بيان أقوى معتمد السيد وأتباعه
ممن قال بالصحة - " من أن هذا العزم ينافي النية، لا حكمها الثابت بالانعقاد،
الذي لا ينافيه النوم والغروب إجماعا، وهو أشد منافاة من نية المنافي، والنية
لا يجب تجديدها في كل أزمنة الصوم إجماعا فلا يتحقق المنافاة " (4).



(1) الوسائل 7: 7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 13.
(2) ليس في " ف ": امساك.
(3) في " م " لا إلى مجرد...
(4) غاية المراد: 55.
124
إذ فيه: أن منافاة هذا العزم لأصل النية كافية في البطلان بعد ثبوت
وجوب تلبس مجموع العمل بالنية بمقتضى عموم مثل قوله: " لا عمل إلا بنية " (1)
وخروج بعض الصور - مثل صورة النوم أو عدم القدرة على المفطر - لا يوجب
التعدي إلى غيرها.
إلا أن يقال: إن المراد بالنية - في قوله عليه السلام: " لا عمل إلا بنية "
ونحوه - إن كان هي الصورة المخطرة المقارنة في بعض العبادات والمتقدمة بزمان
خاص في بعضها الآخر كالصوم، فالمفروض حصولها فيما نحن فيه.
وإن كان المراد بها هي الداعية إلى العمل - ويكون مقتضى الرواية
وجوب تلبس مجموع العمل جزء فجزء بها - فنقول: إن الرواية ومثلها مختصة
بما إذا أمكن استناد مجموع العمل إلى النية (2) - كما في الوجوديات المحضة -
وأما في التروك المستمرة فاستناد مجموع أجزائها إلى الباعث الأول غير ممكن
مع تحقق أسباب عدم القدرة على الفعل والغفلة (3) في بعض الآنات.
فالحاصل: أن قوله: " لا عمل إلا بنية " إنما يدل على فساد العمل الخالي
عن النية لأجل خلوه عنها، وبعد تقييد ذلك بصورة الامكان فالعمل الذي
لا يمكن فيه ذلك لا فساد فيه، لأجل خلوه جزء فجزء عن النية، فيثبت صحته
بالاطلاقات.
ودعوى بدلية استمرار النية حكما عن النية الحقيقية - في وجوب تلبس
كل جزء به - محتاجة إلى البينة (4).
فالأقوى: ما ذهب إليه المشهور من عدم البطلان، لأصالة البراءة عن



(1) الوسائل 7: 7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 13.
(2) في " م " زيادة: أو التحقق.
(3) ليس في " ف " و " ج " و " ع ": والغفلة.
(4) في " ف ": التنبيه.
125
وجوب الاستمرار شرطا، وأصالة البراءة عن القضاء فضلا عن الكفارة التي قال
بها أبو الصلاح (1) كما عن الفخر في حاشية الكتاب (2). وقد تقدم: أن مجرد فساد
الصوم أو عدم انعقاده لا يوجب ثبوت الكفارة.
(وربما يؤيد ما ذكرنا بل يستدل عليه أنه لو حصل الافطار بمجرد قصده
لما حصل الافطار بشئ من تناول المفطرات - لوجوب مسبوقية التناول - (3).
لكن الانصاف أنه لا دخل له فيها نحن فيه نظرا إلى أن تلك المفطرات
منافيات لماهية الصوم مع قطع النظر عن تعلق النية بها إذ لا ريب أن النية
المشترطة ابتداء واستمرارا في الصوم وسائر العبادات أمر خارج عنها يتعلق بها
بعد تعلق الأمر بها.
فالكلام هنا في أن قصد المفطر ينافي التعبد بماهية الصوم أم لا.
نعم ولو يكن (4) هذه الأمور منافيات لماهية الصوم لم تناف بينها (5)
للإطاعة) (6).
واعلم أن الظاهر أن قصد الافطار - على القول بكونه مفسدا - إنما
يفسد من جهة منافاته لاستمرار النية الأولى فإذا لم يكن كذلك بل كان مبنيا
على اعتقاد زوال حكم تلك النية لأمر آخر أو على التردد في زواله وبقائه،
فالظاهر أنه غير قادح، كما لو نوى الافطار لحدوث اعتقاد أن اليوم من " شوال "
أو لحدوث اعتقاد فساد الصوم بسبب آخر، أو تردد في الافطار لأجل التردد في
صحة صومه من جهته (7) ثم تبين الخلاف في جميع ذلك فإنه لا يفسد صومه، وقد



(1) نقله عنه العلامة في المختلف: 215.
(2) مخطوط.
(3) ما بين الشارحتين مكتوب في هامش " م " وبعده ما يلي: اينجا در حاشية افتاده بود، لهذا سفيدي
گذاشتم تا مقابلة شود (انتهى) ومقدار البياض سطر واحد.
(4) (5) كذا في " م ".
(6) ما بين المعقوفتين من " م ".
(7) في " م ": من جهة.
126
مر نظير ذلك في نية الصلاة (1).
لزوم تجديد النية بعد نية الخلاف
ثم إن صريح كلام المصنف قدس سره في المنتهى (2) - على ما حكي عنه (3) -
تبعا للمحقق في الشرائع (4) توقف صحة الصوم بعد نية الخلاف على تجديد النية.
وقد يناقش في ذلك - تبعا لما في المدارك (5) - بأن نية الخلاف إذا لم تكن
مؤثرة في البطلان فلا حاجة إلى تجديدها.
ولعل منشأ المناقشة: أن الترك في كل جزء إذا لم يلزم مصاحبته لاستمرار
النية فلا فرق بين الجزء الأخير وما قبله.
ودعوى: أن الجزء الأخير لا يجوز فيه نية الافطار - وإن جازت في ما
قبله - يحتاج إلى دليل فارق.
هذا، ويمكن أن يقال: إن الإطاعة بالصوم إلى الليل وامتثال قوله تعالى:
(ثم أتموا الصيام إلى الليل) (6) لا يحصل عرفا إلا إذا تعقب قصد الافطار برجوع
واستمرار على النية الأولى إلى الليل.
واعلم أن قول المصنف: " ولو نوى الافساد ثم جدد نية الصوم قبل الزوال
لم يجزئه على رأي " يمكن أن يكون من تتمة المسألة الأولى، ويكون المقصود من
ذلك: إن تجديد النية بعد نية الافساد هل ينفع أم لا؟ فمن قال في المسألة الأولى
- يعني مع عدم التجديد - بالصحة فلا إشكال عنده في الصحة هنا، ومن قال
هناك بالافساد فله أن يقول هنا بالصحة.



(1) كتاب الصلاة: 87.
(2) المنتهى 2: 569.
(3) ليس في " ف " و " ج " و " م ": عنه.
(4) شرائع الاسلام 1: 188.
(5) مدارك الأحكام 6: 41.
(6) البقرة: 2 / 187.
127
. ويحتمل أن يكون المراد بهذه المسألة هو: أنه إذا نوى الافطار من أول
الأمر بحيث لم ينعقد له الصوم ثم جدد النية قبل الزوال، فيكون الفرق بين هذه
والسابقة كون نية الافساد في الأولى مسبوقة بنية الصوم - كما يظهر من قوله:
" جدد نية الافساد " - وفي الثانية غير مسبوقة بها، فيكون هذا الفرع هو ما
ذكره المحقق في الشرائع حيث قال: " لو نوى الافطار في يوم من (1) رمضان ثم
جدد النية (2) قبل الزوال، قيل: لا ينعقد (وعليه القضاء) (3) ولو قيل بالانعقاد
كان أشبه ".
ثم قال: " ولو عقد نية الصوم (4) ثم نوى الافطار ولم يفطر ثم جدد
(النية) (5) كان صحيحا " (6).
ومثله - في ذكر المسألتين - المصنف قدس سره في القواعد، حاكما في الأولى
بعدم الانعقاد - خلافا لشيخه المحقق - وفي الثانية بالانعقاد (7).
ثم إن هذا الاحتمال في عبارة الكتاب وإن كان أبعد من حيث اللفظ من
الاحتمال الأول، لأن المناسب للمسألة على هذا، التعبير ب‍ " نية الافطار " لا ب‍
" نية الافساد " لأن الافساد إنما يطلق عند سبق الانعقاد أن الاحتمال الأول
أبعد من حيث السياق - كما لا يخفى - لأن المناسب - حينئذ - تفريع مسألة
وجوب تجديد النية على القول بعدم الافساد (إن أراد بيان الخلاف) (8) في مسألتي
إفساد نية الافساد، واعتبار تجديد النية في الصحة - على القول بها - في نية



(1) ليس في المصدر: من.
(2) ليس في المصدر: النية.
(3) الزيادة من المصدر.
(4) العبارة في " م " هكذا: ولو عقد به الصوم.
(5) الزيادة من المصدر.
(6) شرائع الاسلام 1: 188.
(7) قواعد الأحكام 1: 63.
(8) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
128
الافساد، وإن أراد بيان الفتوى، كان المناسب الاقتصار على المسألة الثانية.
وكيف كان فما ذكره المحقق رحمه الله من القول بالانعقاد مع نية الافطار (1)
وعدم سبق انعقاد الصوم لا يظهر له وجد بعد البناء على اعتبار النية في الليل
أو في (2) جزئه الأخير، وأنه لا يعذر في ذلك إلا الناسي والجاهل بالشهر، فإنهما
يجددان إلى الزوال.
وابتناء ذلك على القول بكفاية نية واحدة للشهر - مع أنه لم يذهب إليه
المحقق - موجب لالغاء اعتبار التجديد قبل الزوال حينئذ، ولتقييد إطلاق كلامه
بغير اليوم الأول.
نعم يحتمل أن يقال: إن مراده ما إذا عزم على الافطار في الليل، ثم ذهل
عن النية وعن الصوم حتى النهار، فإنه يمكن أن يقال: إن هذا الشخص حيث.
لم يتعمد ترك النية في وقت تعينها - وهو الجزء الأخير المقارن للنهار - بل نسيها
وذهل عنها، يكون حكمه حكم الناسي للنية في الليل رأسا، والمتيقن من
العامد: من نوى الافطار في زمان تضيق النية، أو تردد في الصوم في ذلك الزمان.
وتأثير نية الافطار في استمرار حكمها إلى النهار - بحيث يقع أول جزء
من النهار مصاحبا لنية الافطار الحكمية - غير ثابت، وثبوت هذا التأثير لنية
الصوم للدليل الشرعي ولتعذر خلافه، فيكون ما سبق من المحقق في مسألة
" تعمد ترك النية " (3) هو: ما إذا تعمد تركه في زمان تعينها، والحكم بالصحة حينئذ
وإن كان محلا للتأمل إلا أن له وجها، ويمكن أن يكون مرادا للمحقق، إذ لم
يسبق في كلامه التصريح ببطلان صوم المتعمد حتى هذا الوجه، فتأمل.
والحمد لله (4).



(1) في " ف " مع عدم نية الافطار.
(2) في " ج ": وفي.
(3) في صفحة 128.
(4) في هامش " ف " ما يلي: إلى هنا وجد من خطه الشريف رحمه الله شرحا على الإرشاد.
129
شرح
قواعد الأحكام

131
المطلب الثاني
" في ما يوجب الافطار "
وهو فعل ما أوجبنا الامساك عنه عمدا اختيارا عدا الكذب على الله تعالى
ورسوله والأئمة عليهم السلام (1) والارتماس (2) على رأي فيهما، والغلط بعدم طلوع
الفجر مع القدرة على المراعاة (3) (4).
الافطار بتقليد الغير والظلمة الموهمة مع الاشتباه
" و " كذا يفسد الصوم بفعل المفطر مع الغلط " بالغروب للتقليد " (5) الغير
المجوز له " أو الظلمة الموهمة " (7).
أما الحكم بالفساد ووجوب القضاء - في الأول - فمشهور، بل عن



(1) أورد المؤلف قدس سره شرحا لمفاد هذه الفقرة عند شرحه لكتاب الإرشاد انظر صفحة 71.
(2) أورد المؤلف قدس سره بيانا لحكم الارتماس عند شرحه لكتاب الإرشاد في صفحة 71.
(3) أورد المؤلف قدس سره بيانا لحكم الغلط بعدم طلوع الفجر مع القدرة على المراعاة في شرح
الإرشاد، انظر صفحة 59.
(4) إلى هنا من قواعد الأحكام: 64.
(5) تقدم في شرح الإرشاد، صفحة 66 ما يتعلق بهذا الموضوع.
(6) في القواعد: أو للظلمة.
(7) تقدم في شرح الإرشاد صفحة 68 ما يتعلق بهذا الموضوع.
133
الخلاف (1) والغنية (2) الاجماع عليه - لكن مع الشك في دخول الليل -
ولو أريد
بالشك في كلامهما مطلق الاحتمال - كما هو المتعارف في الأخبار الواردة في
الشكوك الواقعة في الصلاة (3) بل وفتاوى القدماء، كما قيل - عم الاجماعان
المحكيان لصورة الظن.
مضافا إلى عموم التعليل في ذيل رواية سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام
" في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا
أنه الليل فأفطر بعضهم (ثم إن السحاب انجلى، فإذا الشمس) (4) فقال: على
الذي أفطر صيام ذلك اليوم، إن الله عز وجل يقول: (ثم أتموا الصيام إلى
الليل) (5) فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا " (6).
وضعفها منجبر بما عرفت (7).
وقد يمنع دلالتها على وجوب القضاء باحتمال إرادة وجوب الاتمام على
من أفطر والكف عن الطعام من قوله: " فعليه صيام ذلك اليوم " وهو بعيد، وما
ذكرنا من مدلول الرواية هو الذي فهمه منها جماعة.
وقد يستشهد على الاحتمال المذكور بقوله عليه السلام: " لأنه أكل متعمدا "
إذ لولا أن المراد وجوب الكف بعد ظهور الخطأ لم يصدق الأكل متعمدا، لأن
الأكل قبل ظهور الخطأ ليس متعمدا.
وهذا غريب، إذ لا شك في صدق الأكل متعمدا، نعم لا يصدق الافساد



(1) الخلاف 2: 175 كتاب الصوم، المسألة 14
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(3) فإنه أطلق فيها الوهم على مطلق الاحتمال، انظر الوسائل 5: 320 الباب 10 من أبواب الخلل.
(4) الزيادة من الوسائل.
(5) البقرة: 2 / 187.
(6) الوسائل 7: 87 الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(7) انظر صفحة 68.
134
والافطار متعمدا.
ويؤيد ما ذكرنا من الحكم فحوى ما تقدم من الأخبار (1) الدالة على
وجوب القضاء إذا فعل المفطر مخلدا إلى خبر الجارية (2)، فإنه إذا وجب القضاء
هناك مع وجود الاستصحاب المجوز للفعل، فوجوبه هنا مع وجود الاستصحاب
المانع عن فعل المفطر أولى.
فإن مقتضى استصحاب بقاء النهار وحرمة الافطار: تحريم الفعل، فقد
فعل المفطر من غير إذن الشارع مع مصادفته النهار، ولذا قوى في الروضة (3)
وجوب الكفارة - أيضا - وتبعه بعض مشايخنا (4)، وهو حسن لو لم نقل
بانصراف أخبارها إلى غير مثل هذا الشخص واختصاصها بمن فعل المفطر في
النهار متعمدا مع علمه بالنهار أو ظنه بالظن الذي تعارف الاعتماد عليه، وإلا
فالعدم أحسن، للأصل، ولذا لم نعتمد (5) في وجوب القضاء على الاطلاقات الدالة
على وجوب القضاء بفعل المفطر.
والعجب ممن عول في لزوم القضاء - هنا - إلى (6) الاطلاقات ونفى
الكفارة تمسكا بانصراف أدلتها إلى غير المقام.
واحترزنا بالقيد (7) عما لو كان التقليد جائزا له لعدم القدرة على المراعاة،
فإن الحكم بوجوب القضاء في هذه الصورة مشكل، لعدم ما تطمئن به النفس



(1) الوسائل 7: 84 الباب 46 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(2) قد مضى نص الخبر في صفحة 59.
(3) الروضة البهية 2: 97.
(4) مستند الشيعة 2: 114.
(5) في " ج " و " ع ": ولذا نعتمد.
(6) كذا في النسخ، والصحيح: على.
(7) وهو قوله في صفحة 133: " الغير المجوز له ".
135
- سيما إذا أفاد التقليد للظن - لعدم معلومية شمول الشك في عبارة الغنية (1)
والخلاف (2) للظن، ولا ذهاب المشهور إلى هذا الحكم.
فالرواية (3) ضعيفة خالية عن الجابر، والأولوية المتقدمة (4) غير
جارية هنا، وشبهة انصراف إطلاقات أخبار القضاء بفعل المفطر (5) واختصاصها
بمن فعله مع العلم بالنهار هنا أقوى.
لكن الاحتياط لا ينبغي تركه سيما في صورة الشك، بل الحكم بالوجوب
لا يخلو عن قوة، للتعليل في الرواية (6) المنجبرة بإطلاق الاجماعين المحكيين (7).
هذا كله لو قلنا بجواز التقليد لغير القادر على المراعاة وعدم وجوب
الصبر عليه إلى أن يتيقن الغروب، ومثله شهادة العدلين، وأما لو قلنا بعدم جوازه
- لعدم الدليل - ففي الحكم بلزوم القضاء تردد:
من صدق الأكل قبل دخول الليل، فيشمله التعليل - مضافا إلى
إطلاقات لزوم القضاء بفعل المفطر - بل لا يبعد دعوى شمول إطلاقات
الكفارة (8).
ومن الأصل وعدم الجابر للتعليل.
اللهم إلا أن يدعى ذهاب المشهور إلى وجوب القضاء في كل موضع



(1) الغنية (الجوامع الفقهية) 509. وتقدمت العبارة في صفحة 134.
(2) الخلاف 2: 175 كتاب الصوم، المسألة 14، وتقدمت العبارة في صفحة 134.
(3) كذا في " ف "، وفي " ج " و " ع ": فبقي الرواية الضعيفة وفي " م ": ففي الرواية الضعيفة.
(4) في صفحة 135.
(5) الوسائل 7: 84 الباب 46 و 47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(6) الوسائل 7: 87 الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(7) في صفحة 134 عن الغنية والخلاف.
(8) الوسائل 7: 28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
136
لا يجوز للشخص الاقدام على الافطار (فيه) (1) وإن لم يكن ذهاب المشهور في
هذه المسألة إلى عدم جواز الافطار لهذا العاجز عن المراعاة معلوما - فتأمل -
وعدم انصراف اطلاقات لزوم القضاء بفعل المفطر (2) لما (3) نحن فيه وكذلك
اطلاقات لزوم الكفارة.
ولكن وجوب القضاء في صورة الشك قوي، بل أولى من الصورة
السابقة (4) لما عرفت فيها.
وأما الحكم في الثاني - أعني الافطار مع الغلط للظلمة الموهمة - فهو
أيضا كذلك لو أريد بالوهم معناه المعروف، أعني الطرف المرجوح.
ويدل عليه إطلاقات لزوم القضاء بفعل المفطر، ولا يمكن هنا دعوى
الاختصاص بغير هذه الصورة - كما لا يخف -.
مضافا إلى فحوى (5) رواية سماعة - المتقدمة (6) المنجبرة بفحوى
الاجماعين المحكيين عن الغنية والخلاف (7) وفحوى الأخبار في مسألة الغلط بعدم
طلوع الفجر (8)، بل الحكم بوجوب الكفارة لا يخلو عن قوة، لاطلاقاتها
الشاملة لصورة الافطار مع الظن ببقاء النهار.
وأما لو أريد به الظن - كما هو الظاهر وفهمه (9) جماعة في هذا المقام من



(1) الزيادة اقتضاها السياق.
(2) الوسائل 7: 28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(3) كذا في النسخ.
(4) وهي صورة جواز التقليد.
(5) ليس في " ف ": فحوى.
(6) في صفحة 134.
(7) انظر صفحة 134.
(8) الوسائل 7: 84 الباب 47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(9) في " ج " و " ع " و " م " زيادة: منه.
137
هذا اللفظ - فلا يبعد أن يكون كذلك - أيضا - لرواية سماعة المتقدمة (1)
معتضدة بالعمومات الدالة على وجوب القضاء عند حصول أحد الأسباب.
لكن العمل بالرواية مشكل، لا (2) لما زعم من احتمال إرادة وجوب الاتمام
من قوله: " فعليه صيام ذلك اليوم " و " إن أكل بعد ظهور بقاء النهار فعليه
القضاء " (3) واستشهد عليه (4) بقوله: " لأنه أكل متعمدا " لأنه في غاية البعد من
مدلول اللفظ بل الظاهر - كما فهمه الجماعة - هو وجوب القضاء، ولا ينافيه
التعليل بقوله: " لأنه أكل متعمدا " لصدق تعمد الأكل مع (5) ظهور الخطأ.
نعم، لا يصدق الافطار متعمدا، وإن لم يبعد صدقه أيضا إذا قلنا بعدم
جواز التعويل على الظن ووجوب ترتيب آثار بقاء النهار بحكم الاستصحاب.
ولا لما زعم من معارضتها بما هو أخص منها - وهي الأخبار الدالة على
عدم وجوب القضاء مع الظن بدخول الليل - (6) حيث إن هذه الرواية تعم صورة
الظن وغيرها، لأن قوله في السؤال - " فرأوا أنه الليل " صريح في أن المراد:
الاعتقاد الراجح بدخول الليل. بل (7) لخلو الرواية (8) عن الجابر، ولا دليل على
وجوب العمل بها حينئذ على مذهبنا.



(1) في صفحة 134.
(2) ليس في " ف ": لا.
(3) العبارة هي معنى الحديث وانظر إلى لفظه في صفحة 134.
(4) ليس في " ف ": عليه.
(5) في غير " ف ": عدم ظهور الخطأ.
(6) في " ف ": مع الظن بالدخول، وأما الأخبار فهي في الوسائل 7: 87 الباب 51 من أبواب ما
يمسك عنه الصائم.
(7) هذه العبارة وما بعدها ترتبط بقوله: " لكن أيضا بالرواية مشكل، لا لما زعم " الخ.
(8) أي رواية سماعة المتقدمة في صفحة 134.
138
نعم، حكيت الشهرة العظيمة على مضمونها، بل قد يدعى شمول ما قد
سبق من الاجماعين المحكيين عن الخلاف والغنية - (1) لهما، بناء على إرادة (2)
مطلق الاحتمال من الشك في عبارتهما، لكن شئ من ذلك لم يصل (3) إلى حد
يوجب الركون إليه.
مضافا إلى معارضتها بالروايات الدالة على عدم وجوب القضاء مع الظن
بدخول الليل.
منها: رواية زرارة " قال: قال أبو جعفر عليه السلام: وقت المغرب إذا غاب
القرص، فإن رأيته بعد ذلك - وقد صليت - أعدت الصلاة، ومضى صومك " (4).
وقد يتأمل في دلالة مضي الصوم على نفي وجوب القضاء، لاحتمال إرادة
البطلان منه. وليس في محله.
ومنها: رواية أبي الصباح الكناني " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجل صام، ثم (ظن) (5) أن الشمس قد غابت - وفي السماء غيم (6) فأفطر، ثم
إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب؟ فقال: قد تم صومه ولا يقضيه " (7).
ومنها: رواية زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل صام ثم
ظن أن الليل قد دخل وأن الشمس قد غابت، وكان في السماء سحاب، فأفطر،
ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب، فقال: تم صومه ولا يقضيه " (8).



(1) تقدم حكاية الاجماع عنهما في صفحة 134.
(2) في " ج ": على عدم إرادة انظر صفحة 134.
(3) في " ف ": لم يحصل.
(4) الوسائل 7: 87 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(5) الزيادة من المصدر.
(6) في " ج " و " ع " و " م ": علة.
(7) الوسائل 7: 88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3 باختلاف يسير.
(8) الوسائل 7: 88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4.
139
ومنها: رواية زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام " أنه قال لرجل (1) ظن أن
الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك، فقال: ليس عليه
قضاء " (2).
وقد يرجح هذه بمخالفتها لمذهب العامة، وموافقة (3) رواية سماعة (4)
- على ما حكي عن المنتهي (5) - له.
أقول: هذا المرجح المحكي، معارض بما يحكى من الشهرة العظيمة
والاجماعين المحكيين، على أحد الاحتمالين (6).
مضافا إلى إطلاقات وجوب القضاء، فتأمل.
وكيف كان، فالمسألة محل إشكال ولا ينبغي ترك الاحتياط.
الافطار بسبب الظن بالغروب
" ولو ظن " من غير جهة الظلمة الموهمة " لم يفطر " أي لم يفسد الصوم
إما لأجل إذن الشارع في العمل بالظن - بناء على ما قيل: من أن المرء متعبد
بظنه، بل ادعى في المدارك: ظهور عدم الخلاف في جواز التعويل على الظن
حيث لا طريق إلى العلم (8) - وحينئذ فلا يتعقبه قضاء، نظرا إلى أن الليل
- حينئذ - هو ما ظن أنه الليل، فقد أتى بالصوم الشرعي، ولازمه الاجزاء.
وأما وجوب إعادة الصلاة إذا فعلت قبل الوقت بظن دخول الوقت
فللدليل الخاص.



(1) في " ف ": رجل.
(2) الوسائل 7: 88 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(3) العبارة في " ج " و " ع " هكذا: وموافقته.
(4) المذكورة في صفحة 134.
(5) المنتهى 2: 578.
(6) انظر صفحة 139.
(7) انظر إلى بيان الشيخ لهذه المسألة عند شرح الإرشاد في صفحة 69.
(8) المدارك 6: 95.
140
مع عدم إمكان الإعادة هنا - والقضاء يحتاج إلى فرض جديد ولم
يثبت لاختصاص رواية سماعة (1) بالظلمة الموهمة، والكلام في الظن الحاصل من
غيرها.
والاطلاقات - الدالة على وجوب القضاء بوجود (2) الأسباب (3) -
منصرفة إلى ما إذا (4) لم يأذن الشارع فيها، والإذن حاصل هنا، بل مختصة بما إذا
حصل في النهار، والمفروض أن زمان الافطار في حكم الليل لهذا الشخص
- حيث أنه متعبد بظنه، وظنه بدل من الواقع بجعل الشارع -.
وإما لأجل خصوص (5) روايتي زرارة - المتقدمتين (6) -. ولكن في الأول نظر:
أما أولا: فلمنع تعبد المرء بظنه - وإن لم يكن له طريق إلى تحصيل العلم
في زمان الظن - لم لا يجب عليه الصبر إلى حصول اليقين بالغروب كما حكي
عن المفيد رحمه الله (7) لعدم الدليل عقلا ولا نقلا عدا روايتي زرارة على وجوب
العمل بالظن، سيما مع إمكان تحصيل العلم كما هو المطلوب (8) ومقتضى إطلاق
عبارة المصنف رضي الله عنه -.
وأما ثانيا: فلأن إذن الشارع في الافطار لا يدل على عدم وجوب القضاء،
غايته نفي الإثم، وليس فيما دل على جواز العمل بالظن دلالة على أزيد من ذلك،
بل يمكن أن يقال: إن القطع - أيضا - كذلك فإذا قطع بدخول الليل فانكشف



(1) المتقدمة في صفحة 134.
(2) في " ع ": لوجود.
(3) الوسائل 7: 28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(4) ليس في " ف ": إذا.
(5) ليس في " ج ": خصوص.
(6) في صفحة 139 و 140، وانظر الهوامش المعنية هناك.
(7) المقنعة: 358.
(8) كذا في النسخ.
141
كونه جهلا مركبا، فلا يبعد الحكم بوجوب القضاء إذ دل دليل.
نعم لا ضير في نفي القضاء من جهة ادعاء عدم الدليل - لا من جهة دلالة
تجويز العمل بالظن أو القطع على نفيه -.
فإقحام حديث " تعبد المرء بظنه " لا يجدي مع التشبث بذيل أصالة
البراءة وكون القضاء بأمر جديد، بعد ادعاء انصراف إطلاقات وجوب القضاء
إلى غير صورة الظن المجوز للعمل من جانب الشارع.
فالعمدة في الدليل على عدم وجوب القضاء - بعد دعوى الانصراف -
أصالة البراءة وروايتا زرارة (1).
والقدح في أولاهما بمخالفتها - بإطلاقها الشامل لصورتي الشك
والوهم - للشهرة العظيمة، بل الاجماع، فاسد، لأن الظاهر من قوله عليه السلام:
" فإن رأيته بعد ذلك " أي بعد ما غاب القرص في علمك أو في ظنك، لعدم جواز
إرادة " بعد ما غاب في الواقع " وبعد احتمال إرادة " بعد ما غاب بحسب
احتمالك " بل لا يصدق عند الرؤية بعد الشك أو الوهم أنه رآه بعد ما غاب، إذ
ليس المراد من قوله: " وقت المغرب إذا غاب القرص " غيبوبته عن البصر، بل
غيبوبته عن الأفق، إما واقعا أو بحسب اعتقاد المكلف - ولو ظنا -.
والقول بأن المراد: أن وقت المغرب إذا غاب القرص عن البصر مطلقا.
خرج منه ما إذا غاب عن البصر وقطع بوجوده فوق الأفق، لا تخفى بشاعته.
ولكن مع ذلك كله فالاحتياط مما لا ينبغي تركه، لحكاية الشهرة العظيمة
على وجوب القضاء، بل الاجماع عن الخلاف والغنية (2)، بناء على إرادة مطلق
الاحتمال من الشك في عبارتهما وإن كان غاية ذلك سقوط روايتي زرارة (3) عن



(1) الوسائل 7: 87 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1 أو 2.
(2) تقدمت حكاية الاجماع عن الخلاف والغنية في صفحة 134.
(3) الوسائل 7: 87 الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث 1 و 2.
142
العمل، لكن الأصل باق بحاله.
اللهم إلا أن يتشبث باطلاقات وجوب القضاء وإن كان للتأمل فيه مجال
- على فرض الثبوت - بناء على ما عرفت من دعوى الانصراف، فتأمل فإن
المسألة من المشكلات حيث إن كثيرا منهم من فرق بين الظلمة الموهمة وغيره
من أسباب الظن.
ومنهم من فرق بين مراتب الظن.
ومنهم من حمل الظلمة الموهمة على الموجبة للشك.
ومنهم من لا يفرق بين الأمرين، أما في الحكم بوجوب القضاء وإما في
الحكم بعدمه.
وبعضهم جعل الأشهر وجوب القضاء.
وليس يحضرني من كتب الأصحاب رحمهم الله (1) قدر كثير حتى أتتبع.
هدانا الله الصراط المستقيم، بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم
أجمعين، وعجل الله فرجهم لنكون في عافية وهداية، آمين رب العالمين.
التقليد في عدم الطلوع مع القدرة على المراعاة
" و " مما يوجب القضاء خاصة " التقليد في عدم الطلوع مع قدرة المراعاة
ويكون طالعا وقت تناوله " (2) على المشهور، بل الظاهر عدم الخلاف فيه.
ويدل عليه رواية معاوية بن عمار " آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم
لا؟ فنقول: لم يطلع، فآكل ثم أنظر فأجده قد طلع حين نظرت؟ قال: تتم
صومك وتقضيه (3) أما أنك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه " (4).



(1) في " ج " و " ع " و " م ": نور الله مراقدهم وشكر سعيهم.
(2) تقدم شرح نظير هذه المسألة، في شرح الإرشاد راجع صفحة 59.
(3) تقدم شرح نظير هذه المسألة، في شرح الإرشاد راجع صفحة 59.
(3) في " ف " و " م ": يتم صومه ويقضيه.
(4) في الكافي 4: 97، الحديث 3: " ثم أنظره فأجده قد طلع حين نظرت؟ قال: تتم يومك ثم تقضيه
.. الخ ". هذا وقد تقدم استدلال المؤلف قدس سره بهذه الرواية عند شرحه للارشاد، انظر صفحة
59 والهامش 4 هناك.
143
واحترز بالقيد عما لو لم يقدر على المراعاة، فإن عدم القضاء حينئذ (1)
قوي، للأصل وعدم الدليل لظهور اختصاص الرواية بصورة القدرة على
المراعاة، فلم يبق إلا الاطلاقات الدالة على وجوب القضاء بفعل المفطر، وقد
عرفت مرارا اختصاصها بغير مثل المقام.
ولا فرق في وجوب القضاء مع التقليد للقادر على المراعاة بين العادل
والفاسق، لترك الاستفصال في الرواية ولا بين الذكر والأنثى - وإن اختصت
الرواية بالأنثى - لظهور عدم القول بالفصل.
وهل المتعدد كالواحد؟ اختار جمع منهم الشهيدان (2) وثاني المحققين (3)
عدم الالحاق وعدم القضاء في تقليدهما إذا كانا عدلين، وهو جيد - لو ثبت
الدليل على حجية شهادة العدلين عموما - ولم أظفر به - كما أعترف به
جماعة - (4).
قيل: وعلى فرض وجوده فهو مخصص (5) بذيل رواية معاوية (6) الدالة على
حصر عدم (7) وجوب القضاء في صورة مراعاته بنفسه، فيفيد (8) وجوب القضاء
في غير هذه الصورة مطلقا ولو شهد عدلان بعدم الطلوع.
ويرد عليه، أولا: أن دلالة ذيل الرواية على عدم وجوب القضاء عند
مراعاته بنفسه ولو مع كشف الخطأ غير ظاهرة، لجواز إرادة: أنك لو كنت نظرت



(1) في " ف ": فيه، بدل: حينئذ.
(2) في " ف ": الشهيد. راجع الروضة البهية 2: 97 والدروس: 72.
(3) جامع المقاصد 3: 66.
(4) انظر ما ذكره المؤلف قدس سره في صفحة 60.
(5) في " ف ": يخصص، وليس فيه: فهو.
(6) المتقدمة في صفحة 143.
(7) ليس في " ف ": عدم.
(8) في " ج ": فتقيد.
144
لم تخطأ في عدم الطلوع حتى يقع عليك قضاؤه، لأنك أبصر منها في معرفة
الطلوع وعدمه.
وثانيا: لو سلمنا ذلك، لكن النسبة بينه وبين ما دل على حجية العدلين
- على فرض وجوده - عموم من وجه فلا بد من الرجوع إلى الأصل، وهو عدم
الوجوب.
وبمثل ذلك يجاب عن معارضة دليل قول (1) العدلين، لعموم التعليل (2)
المذكور في رواية سماعة بن مهران المتقدمة (3)، حيث قال عليه السلام: " لأنه بدأ
بالأكل قبل النظر فعليه الإعادة " (4).
لكن الذي يسهل الخطب ويهون الأمر كله عدم العثور على ما يدل على
حجية قول العدلين على الاطلاق، فيبقى عموم هذا التعليل المؤيد بذيل الرواية
السابقة سليما عن المعارض.
وبهذا يظهر الجواب عما جنح إليه بعض المتأخرين (5) - على ما حكي
عنه - من كفاية إخبار العدل الواحد في إسقاط القضاء، لعدم الدليل على وجوبه
حينئذ، لاختصاص الرواية بخبر الجارية (6).
توضيح الجواب: إن عموم التعليل مع ذيل الرواية كاف في الحكم بوجوب
القضاء.
عدم تصديق المخبر بالطلوع
" و " مثل تقليد المخبر بعدم الطلوع " ترك تقليد المخبر بالطلوع لظن كذبه



(1) كذا في " م ". وفي " ف ": بقول. وفي " ج " و " ع ": قبول.
(2) في " ف ": لعموم الدليل.
(3) تقدم الاستدلال بهذه الرواية في صفحة 54، وانظر الهامش 2 هناك.
(4) الوسائل 7: 82 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(5) كصاحب الحدائق 13: 96.
(6) سبق المؤلف قدس سره تحقيق في ذلك في صفحة 60.
145
حالة التناول " على المشهور (1) بل الظاهر عدم الخلاف فيه - على ما يظهر من
المدارك (2) - لما رواه الشيخ، عن العيص بن القاسم " قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت، فنظر إلى
الفجر، فناداهم (أنه قد طلع الفجر) (3) فكف بعضهم وظن بعضهم أنه يسخر
فأكل؟ قال عليه السلام: يتم صومه ويقضي " (4).
ومثلها الرضوي " ولو أن قوما مجتمعين سألوا أحدهم أن يخرج، ثم قال:
قد طلع الفجر، وظن أحدهم أنه مزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك
اليوم (5).
مضافا إلى فحوى ما دل على وجوب القضاء إذا قلد المخبر في عدم
الطلوع، بل فحوى ما دل على القضاء مع عدم المراعاة إذا لم يخبره مخبر بشئ،
فإن غاية الأمر كون إخبار المخبر كعدمه.
وبهذا يظهر أنه لا اختصاص للحكم بصورة ظن كذب المخبر وتخصيصها
في العبارة بالذكر - تبعا للرواية - للانتقال إلى حكم صورتي الشك والوهم،
فإن القضاء واجب فيهما بطريق أولى.
وهل يجب الكفارة مع القضاء؟ فيه أقوال:
ثالثها: نعم مع عدالة المخبر، بناء على وجوب التعويل عليه في دخول
الوقت.



(1) سبق للمؤلف قدس سره تحقيق حول هذه المسألة في شرحه للارشاد، انظر صفحة 61.
(2) المدارك 6: 94.
(3) الزيادة من المصدر.
(4) الوسائل 7: 85 الباب 47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، وقد سبق
الاستدلال بهذه الرواية في صفحة 61.
(5) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 208.
146
ورابعها: مع العدلين دون غيرهما، بناء على كونهما حجة شرعا.
والأول حسن - لو ثبت وجوب التعويل سيما مع ظن الكذب، بل
المزاح - وهكذا الثاني مع وجود الدليل على كونهما حجة.
مضافا إلى إمكان دعوى انصراف أدلة وجوب الكفارة إلى صورة تعمد
الافطار بحيث يعتقده (1) أنه افطار، وحينئذ فالعدم أحسن.
تعمد القئ
" و " كذا يفسد الصوم بحيث يوجب القضاء " تعمد القئ " على المشهور،
بل حكي عليه الاجماع.
ويدل عليه ما رواه الشيخ، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام: " قال:
إذا تقيا الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم، وإن ذرعه من غير أن يتقيأ، فليتم
صومه " (2).
(ورواية أخرى، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " إذا تقيأ الصائم
فقد أفطر (3) وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه " (4)) (5).
خلافا للمحكي عن ابن إدريس (6) حيث حرمه من غير قضاء ولا كفارة،
ولعله للأصل والرواية " ثلاثة لا يفطرن الصائم: القئ والاحتلام والحجامة " (7).
وفيه: أنها مطلقة محمولة على صورة عدم التعمد، لشهادة ما ذكرنا من
الأخبار.



(1) كذا في النسخ، والصحيح: يعتقد.
(2) التهذيب 4: 264، الحديث 790 باختلاف يسير.
(3) في " ع " زيادة: ذلك اليوم.
(4) التهذيب 4: 264، الحديث 791.
(5) ما بين المعقوفتين ليس في " ف "، وسيأتي من المؤلف ما يدل على صحة ما في نسخة " ج " و " ع "،
انظر الهامش 1 في الصفحة الآتية.
(6) السرائر 1: 387.
(7) الوسائل 7: 56 الباب 27 من أبواب ما يمس عنه الصائم، الحديث 11.
147
وما أبعد ما بينه وبين ما حكي من وجوب القضاء والكفارة كليهما؟! ولعله
للحكم بكونه مفطرا في الرواية السابقة (1) فيشمله ما دل على وجوب الكفارة
بفعل المفطر متعمدا.
وقد يجاب بأن المتبادر من الافطار الموجب للكفارة في أدلتها هو إفساد
الصوم بالأكل والشرب.
وفيه: بعد تسليم هذا التبادر أنه لا يضر، إذ غاية الأمر - حينئذ - ارتكاب
التجوز في قوله: " فقد أفطر " بإرادة كونه بمنزلة من أفطر في الأحكام الشرعية.
ولا ريب أن منها الإثم والقضاء والكفارة.
ودعوى تبادر الأولين فقط من التشبيه غير مسموعة.
وقد يجاب - أيضا - عنها بمعارضة الظهور الحاصل منها بظهور عدم
وجوب الكفارة من سكوت الإمام عليه السلام عن الكفارة في الرواية الأولى، مع
كون المقام مقام الحاجة. وفيه نظر.
والأسلم في الجواب أن يقال: إنها بعمومها الدال على لزوم الكفارة مخالفة
للشهرة العظيمة، بل القائل به غير معروف الاسم، فلا تعويل عليها في مخالفة
الأصل.
مضافا إلى عموم بعض الأخبار الدالة على حصر المفطرات فيما ليس
القئ منها (2). وضعفها في المقام منجبر بالشهرة والاجماعات المحكية.
سبق القئ بلا اختيار
ثم إن الحكم المذكور مختص بالتعمد (3). " فلو ذرعه " القئ، أي: سبقه
من غير اختيار " لم يفسد (4) " على المشهور، بل حكي عليه الاجماع، لما في روايتي



(1) وهي الرواية الأخرى عن الحلبي.
(2) كما تقدم في صفحة 22 من صحيحة محمد بن مسلم وغيرها.
(3) في " ف ": بالعمد.
(4) كذا في النسخ، وفي القواعد 2: 64: لم يفطر.
148
الحلبي (1) وغيرهما. خلافا للإسكافي فيكفر إذا كان عن محرم. (2) ولم نعثر على
مستنده.
الحقنة بالمائع ابتلاع ماء المضمضة
" و " كذا يوجب القضاء خاصة " الحقنة بالمائع " وقد سبق الكلام
فيها (3).
" ودخول ماء المضمضة - لتبرد - الحلق " سهوا أو بغير (4) اختيار على
المشهور، بل عن ظاهر المنتهى الاجماع (5).
ويدل عليه رواية سماعة " قال: سألته عن رجل عبث بالماء، يتمضمض
به من عطش، فدخل حلقه؟ قال: عليه القضاء، وإن كان في وضوء فلا بأس " (6).
وقريب منه رواية يونس " وإن تمضمض في وقت فريضة، فدخل الماء
حلقه فلا شئ عليه (وقد تم صومه) (7) وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل
الماء حلقه فعليه الإعادة " (8).
وضعفهما (9) منجبر بالشهرة.
مضافا إلى فحوى ما دل على وجوب القضاء إذا دخل الحلق ماء المضمضة
لوضوء النافلة.
وقد يعارض بما دل على عدم وجوب شئ بفعل المفطر سهوا، ولكن
التعارض من قبيل العموم من وجه، إذ الروايتان عامتان لصورة الدخول لاعن



(1) الوسائل 7: 60 الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(2) حكاه العلامة في المختلف: 222 وفيه: فيكون فيه إذا ذرعه القضاء، وإذا استكره (استكثر،
كما في الجواهر) القضاء والكفارة.
(3) في " ف ": فيهما، هذا ولم يتقدم ذلك فيما بأيدينا من النسخ.
(4) في " ف ": وبغير.
(5) المنتهى 2: 579.
(6) الوسائل 7: 50 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4، وفيه: فلا بأس به.
(7) الزيادة من الوسائل.
(8) الوسائل 7: 49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(9) في " ف " و " م ": وضعفها.
149
قصد وبغير اختيار، ولا يخفى أنهما معتضدتان بالشهرة والاجماع المحكي، فيكون
أولى بالتقديم " دون " ما إذا دخل الحلق ماء مضمضة وضوء " الصلاة ع " فإنه لا يجب
به قضاء.
وعليه يحمل إطلاق رواية الساباطي: " (قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام) (1) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء، وهو صائم؟ قال: ليس
عليه شئ إذا لم يتعمد ذلك " (2) حمل المطلق على المقيد، أعني: روايتي سماعة
ويونس المتقدمتين (3).
وهل الحكم كذلك في وضوء مطلق الصلاة " ولو كانت (4) نفلا " أم يختص
بالفريضة؟ لا يبعد القول بالثاني، لرواية الكليني (5) " في الصائم يتوضأ للصلاة
فيدخل الماء حلقه؟ قال: إن كان وضوؤه لصلاة فريضة (6)، فليس عليه قضاء،
وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء " (7).
وقريب منها رواية يونس المتقدمة، ولكن العمل بمضمونها موقوف على
صحتها أو ثبوت الجابر، ولم أعثر على الثاني، وقد وصف الأولى بالصحة جمع،
وليس يحضرني من كتب الرجال ما أتحقق به حالها، مع أنه حكي عن المنتهى (8)
والخلاف (9) ظهور الاجماع على عدم الافساد بما إذا كان ذلك من وضوء



(1) الزيادة من الوسائل.
(2) الوسائل 7: 50 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 5.
(3) في صفحة 149.
(4) في القواعد: وإن كانت.
(5) في " ج " و " ع " و " م ": رواية الحلبي.
(6) في " ف ": الفريضة.
(7) الكافي 4: 107 والوسائل 7: 49 الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(8) المنتهى 2: 580.
(9) الخلاف 2: 215.
150
مطلق الصلاة.
وهل يلحق بوضوء صلاة الفريضة إزالة النجاسة عن ظاهر الفم أو
التمضمض للتداوي إذا سبق شئ إلى الحلق؟ الظاهر نعم، لا لما قيل من ثبوت
الإذن فيه - بل للأمر به من الشارع - فلا يتعقبه شئ لمنع الاستلزام، بل للأصل
السالم عن الوارد عدا إطلاق ذيل رواية يونس (1) وهي مقطوعة غير مجبورة.
ومثل ذلك الاستنشاق إذا سبق شئ من الماء إلى الحلق فإنه لا يوجب
قضاء للأصل، خلافا لبعض، فألحقوه بالمضمضة. ودليله غير واضح، بل قيل
لعدم (2) الدليل على كون تعمد إدخال الماء من الأنف إلى الحلق مفسدا للصوم،
وهو جيد، لعدم انصراف الشرب إلى مثله إلا أن يكون إجماعيا (3).
معاودة الجنب للنوم ثانيا
" و " مما يوجب الافطار المستلزم لوجوب القضاء " معاودة الجنب للنوم (4)
ثانيا " (5) بأن يجنب ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام " حتى يطلع الفجر " فالنوم الذي
يقع فيه الاحتلام لا يعد نوما أولا - على الظاهر - وهذا الحكم مشهور، بل حكي
عليه الاجماع مستفيضا (6).
ويدل عليه رواية معاوية بن عمار " عن الرجل (7) يجنب أول الليل، ثم
ينام حتى يصبح في شهر رمضان؟ قال: ليس عليه شئ، قلت: فإنه استيقظ ثم



(1) المتقدمة في صفحة: 149.
(2) في " م ": بعدم.
(3) في " ف " و " م ": اجماعا.
(4) في القواعد: النوم.
(5) قد سبق من المؤلف قدس سره البحث مفصلا في معاودة الجنب النوم عند شرحه للارشاد صفحة
35 وما بعدها.
(6) راجع ما ذكره المؤلف قدس سره حول هذا الموضوع في صفحة 40.
(7) في الوسائل: قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل...
151
نام حتى أصبح؟ قال: فليقض ذلك اليوم عقوبة (1).
ومثلها: الرضوي - المنجبر ضعفه بما مر (2) " إذا أصابتك جنابة في أول
الليل، فلا بأس بأن تنام متعمدا وفي نيتك أن تقوم وتغتسل قبل الفجر، فإن
غلبك النوم حتى تصبح فليس عليك شئ، إلا أن تكون انتبهت في بعض الليل
ثم نمت، وتوانيت (ولم تغتسل) (3) وكسلت، فعليك صوم ذلك اليوم وإعادة يوم
آخر مكانه " (4).
وقد يستدل على ذلك برواية ابن أبي يعفور " الرجل يجنب في شهر
رمضان حتى يستيقظ ثم ينام حتى يصبح؟ قال: يتم صومه ويقضي يوما وإن لم
يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له " (5).
وفي بعض النسخ يدل " حتى " " ثم يستيقظ " (6).
وفيه نظر، لأن الظاهر من الرواية وجوب القضاء للنوم الأول، لأن المراد
من الاستيقاظ: الاستيقاظ عن النوم الذي وقع فيه الجنابة، وقد عرفت أنه لا يعد
من نوم الجنب (7)، فتأمل.



(1) الوسائل 7: 41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(2) في صفحة 151 من الشهرة والاجماع.
(3) الزيادة من المصدر.
(4) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 207، وقد تقدم الاستدلال به في صفحة 39 وانظر
الهامش 2 هناك.
(5) الوسائل 7: 41 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2، وفيه زيادة " ثم
يستيقظ ثم ينام " لكنها لم ترد في التهذيب 4: 211 الحديث 612.
(6) كذا في نسخة التهذيب 4: 211، الحديث 612 والاستبصار 2: 86.
(7) راجع صفحة 151، والهامش 5 هناك.
152
ثم مقتضى إطلاق الرواية والرضوي كفتاوى الأصحاب - على
ما حكي - عدم الفرق في وجوب القضاء بين أن يقع النوم الثاني " مع نية الغسل
وعدمها " (1) وليس كالنوم الأول في سقوط القضاء إذا وقع مع نية الغسل (بل قد
تجب الكفارة) (2) إذا عزم على ترك الاغتسال (3).
الامناء عقيب النظر إلى المحرمة
" وفي الافطار بالامناء عقيب النظر إلى المحرمة " إذا لم يقصده ولم يعتده
عقيبه " اشكال ".
قيل: منشاؤه، من حيث إنه فعل محرما فأنزل فأشبه ما لو استمنى بيده،
ومن أصالة صحة الصوم وعدم الدليل على شئ من القضاء والكفارة.
أقول: لا وجه للوجه الأول من وجهي الاشكال، والمعتمد هو الوجه
الثاني، لا لما ذكره من أصالة صحة الصوم - لما عرفت سابقا من عدم أصالة هذا
الأصل - بل لما ذكره أخيرا من عدم الدليل على وجوب القضاء ولا الكفارة.
ونعم، في بعض الروايات ما يومئ إلى كونه مفسدا كرواية الحلبي " عن
الرجل يمس من المرأة شيئا، أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال: إن ذلك ليكره
للرجل الشاب، مخافة أن يسبقه المني " (4).
ونحوها روايات أخر (5) فإن فيها إشعارا بل دلالة على أن كراهة المس
لخوف حصول الفساد بنزول المني.
وقريبة منها غيرها.



(1) تقدم تحقيق لهذه المسألة في شرح الإرشاد صفحة 39.
(2) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
(3) العبارة في " ف " و " م " هكذا: مع عدم نية الغسل إذا عزم على ترك الاغتسال.
(4) الوسائل 7: 68 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، وقد استدل به
المؤلف قدس سره عند شرحه للارشاد في صفحة 52.
(5) انظر الوسائل 7: 69 و 70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
153
ولكن التعويل على مثل (1) هذه الدلالة في الحكم بلزوم القضاء - المخالف
للأصل وعموم رواية محمد بن مسلم الحاصرة المتقدمة (2)، بل وغيرها مما (3) يشعر
بل يدل على الحصر فيما ليس هذا منه - مشكل.
ابتلاع بقايا الغذاء
" و " مما يوجب الافطار أيضا " ابتلاع بقايا الغذاء من بين الأسنان عمدا "
لصدق الأكل عليه.
وقد يتأمل في ذلك، أما لمنع الصدق وإما لخصوص ما رواه الشيخ عن
عبد الله بن سنان " قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل الصائم يقلس
فيخرج منه الشئ، أيفطره ذلك؟ قال لا، قلت: فإن ازدرده بعد أن صار على
لسانه؟ قال: لا يفطره ذلك " (4).
وليس في محله، لأن مع الصدق مكابرة.
ودعوى الانصراف إلى غير مثله، غير مسموعة، لأنها إن كانت بالنسبة
إلى المأكول جنسا أو قدرا فلا وجه لها، إذ لا فرق بين شئ من الخبز واللحم يبقى
بين الأسنان وبين وضع شئ منها في الفم في نهار رمضان.
نعم، قد يستحيل بين الأسنان بحيث لا يصدق عليه الغذاء، وحينئذ فلو
قلنا باختصاص الأكل المفطر بالمعتاد صحت المناقشة.
لكنك قد عرفت شموله لغيره أيضا وإن لم ينصرف إليه اللفظ (5).
وإن كانت بالنسبة إلى هيئة الأكل - حيث إنه يتبادر منه: وضع شئ في
الفم ثم ازدراده - فلا يخفى أن هذه البقية - أيضا - موضوعة في الفم. نعم في



(1) ليس في " ج " و " ع ": مثل.
(2) تقدمت في صفحة 22، وانظر الهامش 6 هناك.
(3) في " ف ": كما.
(4) التهذيب 4: 265، الحديث 796.
(5) راجع صفحة 21.
154
زمان جواز ازدرادها.
وليس الوضع جزء من ماهية الأكل حتى يقال: إنه لم يتحقق ماهية الأكل
بتمامها، أو مما ينصرف إليه الذهن من لفظه، ولذا لو وضع لقمة خبز في فمه في
الليل وأمسكه إلى طلوع الفجر، فسد صومه بازدرادها إجماعا.
وأما الرواية (1) فتارة يجاب عنها بالفرق بين ازدراد القلس وازدراد بقايا
الغذاء، فيصدق الأكل على الثاني دون الأول.
وفيه نظر.
وأخرى باحتمال كون " لا " في قوله: " لا يفطره " حرف جواب، أي:
" لا يزدرده، يفطره ذلك ". وهو بعيد.
وثالثة بإمكان الفرق بينهما في الحكم فلا يفسد الأول، للنص (2) دون
الثاني لأن إلحاقه به قياس.
والأسلم في الجواب - عنها - أن يقال: بطرحها عن الحجية لمخالفتها
للمشهور، بل لاطلاقات الاجماعات المدعاة على إفساد الأكل - ولو لم يكن
معتادا -.
نعم، لا بأس بالتوجيهات السابقة في مقام التأويل.
واحترز بقيد " التعمد " عما لو ابتلع شيئا منها سهوا، أو سبق إلى الحلق
بغير اختيار، فإنه لا يفطر (3)، لما دل على اختصاص الافساد بفعل المفطر عمدا،
ونفي الحكم عن غيره (4).
وقد قيل: بالافساد إذا قصر في التخليل (5) ولم أعثر على مستنده.



(1) (2) المتقدمتان في صفحة 154.
(3) كذا في النسخ، والصحيح: لا يفطره.
(4) العبارة في " ف " هكذا: لما دل على اختصاص الافطار لفعل المفطر عمدا وبقي الحكم من غيره.
(5) سيأتي نقل هذا القول من المؤلف قدس سره في صفحة 162.
155
ابتلاع الماء عند المضمضة عبثا
" وفي إلحاق العابث بالمضمضة
أو طرح الخرز وشبهه في الفم - مع ابتلاعه
من غير قصد - بالتبرد (1) إشكال ": من الأصل، ومن فحوى ما دل على الافساد
بالمضمضة لوضوء النافلة، بل إطلاق ذيل رواية يونس المتقدمة (2). لكن العمل
بالفحوى موقوف على ثبوت الحكم في الأصل أولا، وقد عرفت التأمل فيه، وعلى
حجية الأولوية ثانيا، ولا دليل عليها.
وأما رواية يونس، فقد عرفت كونها مقطوعة، ولا جابر لها في المقام. وأما
طرح الخرز وشبهه، فأولى بعدم الدليل، فعدم الالحاق أولى، وإن كان هو أحوط.
واحترز بالقيد عما لو ابتلعه عمدا، فإنه يوجب الافساد قطعا - بناء على
الافساد بمطلق الأكل وإن كان غير معتاد -.
وصول الدواء إلى الجوف
" و " كذا الكلام " في إلحاق وصول الدواء إلى الجوف من الإحليل بالحقنة
بالمائع (4) ".
فإن الأقوى عدم الالحاق للأصل، مضافا إلى رواية محمد بن مسلم (5)
الحاصرة للمضرات (6) فيما ليس (هذا) (7) منها.
خلافا للمحكي عن الشيخ في المبسوط (8) والمصنف في المختلف (9)



(1) في القواعد: بالمتبرد.
(2) في صفحة 149.
(3) انظر صفحة 151.
(4) في القواعد 1: 64 هنا زيادة نظر.
(5) المتقدمة في صفحة 22، وانظر الهامش 6 هناك.
(6) في " ف ": للمفطرات.
(7) الزيادة اقتضاها السياق.
(8) المبسوط 1: 273.
(9) المختلف: 221.
156
فيفسد - أيضا - مستدلا عليه بأنه قد أوصل إلى جوفه مفطرا بأحد المسلكين
- فإن المثانة تنفذ إلى الجوف - فكان موجبا للافطار.
وفي كلتا المقدمتين نظر:
أما في الصغرى: فلما حكاه في المدارك (1) عن المحقق (2) من أن قولهم:
" للمثانة منفذا إلى الجوف " قلنا: لا نسلم، بل ربما كان ما يرد إليها من الماء على
سبيل الرشح (3).
وأما في الكبرى: فلعدم الدليل على كون كل مفطر يصل إلى الجوف
بأحد المسلكين مفسدا للصوم، فإن مناط الافساد عنوانات خاصة، لا مطلق
إيصال الشئ إلى الجوف.
وأظهر منه " ما لو (5) وصل بغيره كالطعن بالرمح، فلا " يفسده (5).
السعوط بما يتعدى إلى الحلق
" و " هل " السعوط بما يتعدى إلى الحلق كالابتلاع؟ " الأظهر: لا،
للأصل، وعدم صدق شئ من عنوانات المفطر عليه، فإنه ليس أكلا ولا شربا.
مضافا إلى الرواية الحاصرة (6) والمعللة، لعدم إفساد بعض الأشياء بأنه
ليس بطعام يؤكل (7).
والاستدلال على الافساد بما سبق من أنه أوصل إلى جوفه قد عرفت
جوابه. ولا ينبغي ترك الاحتياط.



(1) المدارك 6: 105 - 106.
(2) المعتبر 2: 661.
(3) في " ف " و " م ": الترشح.
(4) العبارة في القواعد 1: 64 هكذا: أما لو وصل..
(5) في " ج " و " ع " و " م ": فلا يفسد.
(6) وهي رواية محمد بن مسلم وقد تقدمت في صفحة 22 وانظر الهامش 6 هناك.
(7) الوسائل 7: 52 - 53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 6.
157
السعوط بما يتعدى إلى الدماغ
" و " من هنا يعلم أنه " لا يبطل (1) بالوصول إلى الدماغ خاصة " من دون
الجوف. خلافا للمحكي عن المفيد (2) وسلار (3) فأوجبا به القضاء والكفارة،
واستدل لهما المصنف في المختلف - على ما حكي عنه - بأن الدماغ جوف (4).
ولا يخفى ضعفه.
(نعم، في بعض الروايات إشعار به كرواية الحلبي " عن الرجل يكتحل
وهو صائم؟ قال: لا، لأني أتخوف أن يدخل رأسه " (5). فلا ينبغي ترك
الاحتياط) (6).
حكم الاكتحال
" و " كذا " لا يفطر بالاكتحال، وإن وجد منه طعما في الحلق " والظاهر عدم
الخلاف فيه.
ويدل عليه الأخبار الكثيرة.
منها: المعللة بأنه ليس بطعام يؤكل (7). وما دل على ثبوت البأس بما له (8)
مسك (9) محمول على الكراهة (10)، مضافا إلى أن الحرمة لا توجب الافطار.



(1) في القواعد: ولا يفطر.
(2) المقنعة: 344.
(3) المراسم (الجوامع الفقهية): 576.
(4) المختلف: 222.
(5) الوسائل 7: 53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 9، وفيه: إني أتخوف،
وسيأتي الاستدلال به في صفحة 164.
(6) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(7) الوسائل 7: 52 - 53 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 6، وانظر الأخبار
الأخرى في نفس الباب.
(8) كذا في النسخ، والصحيح: بما فيه.
(9) الوسائل 7: 52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(10) كما سيأتي في صفحة 164.
158
التقطير في الأذن
" ولا بالتقطير في الأذن " لرواية ليث المرادي " قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن الصائم يصب في أذنه الذهن؟ قال: لا بأس إلا السعوط، فإنه
يكره (1).
وقيده جمع - منهم المصنف - بقوله: " ما لم يصل إلى الجوف " تعويلا على
الاستدلال السابق (2)، وقد عرفت ما فيه.
الفصد والحجامة
" ولا بالفصد والحجامة " وعن المنتهى الاجماع عليه (3)، للأصل والروايات
الحاصرة (4) وخصوص الأخبار الكثيرة (5) إلا أنها خالية عن ذكر الفصد.
" نعم يكرهان " للأخبار الكثيرة (6) وفي بعضها التعليل بحصول الغشيان
أو ثوران المرة (7)، ومقتضى ذلك أن الكراهة " للضعف بهما (8) " فلو أمنه لم يكره
كما صرح بذلك في بعضها (9).
دخول الذبابة في الحلق
" ولا بدخول الذبابة " الحلق " من غير قصد " لما ذكر ولخصوص الرواية
المعللة بأنه ليس بطعام (10)



(1) الوسائل 7: 28 الباب 7 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2، ومثله في 7: 50 الباب
24، الحديث 3.
(2) في صفحة 156 عند قوله: مستدلا عليه بأنه قد أوصل إلى جوفه.. الخ.
(3) المنتهى 2: 582.
(4) منها رواية محمد بن مسلم المتقدمة في صفحة 22.
(5) الوسائل 7: 54 - 56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(6) نفس المصدر.
(7) كما في الفقيه 2: 110 الحديث 1864 والوسائل 7: 54 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه
الصائم، الحديث الأول.
(8) في القواعد 1: 64 - هنا - زيادة ما يلي: ولا بتشرب الدماغ الدهن بالمسام حتى يصل إلى
الجوف.
(9) الوسائل 7: 54 و 56 الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2 و 10.
(10) الوسائل 7: 77 الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2، وتقدمت الإشارة إليها في صفحة 22، وانظر الهامش 9 هناك.
159
ابتلاع الريق
" ولا بابتلاع الريق وإن جمعه بالعلك وتغير طعمه في الفم، ما لم ينفصل
عنه (1) " لعدم صدق الأكل عليه، فتأمل. إلا أن يكون إجماعا.
وقد يستدل على الافساد - في صورة تغير طعمه بالعلك - بامتزاجه
بأجزاء العلك، فإن وجود الطعم في الريق دليل على تخلل شئ من أجزاء ذي
الطعم فيه، لاستحالة انتقال الأعراض فكان ابتلاعه مفطرا.
وفيه نظر، لمنع تخلل أجزاء ذي الطعم واحتمال حصول التغير بالمجاورة
- كما في المدارك (2) - وحكي عن المصنف في المنتهى أنه قال: " قد قيل: من لطخ
باطن قدميه بالحنظل وجد طعمه ولا يفطره إجماعا " (2).
ولو سلم فلا نسلم صدق الأكل بازدراد هذه الأجزاء الرقيقة، فإن هذه
ليست أعظم من الأجزاء الترابية المخلوطة بالهواء الواصل إلى الجوف، واحترز
بقيد " عدم الانفصال " عما لو انفصل عن الفم، فإن الظاهر أنه مفسد - حينئذ -
لصدق الأكل، فتأمل (4).
ابتلاع النخامة
بل (5) " و " كذا " النخامة إذا لم يحصل في حد الظاهر من الفم، لم يفطر
بابتلاعها " لعدم صدق الأكل والشرب، ولا إيصال شئ من الخارج إلى الجوف.
" وكذا لو أنصبت من الدماع إلى (6) الثقبة النافذة إلى أقصى الفم، ولم يقدر



(1) في القواعد 1: 64 هنا زيادة ما يلي: وكذا المجتمع على اللسان إذا أخرجه معه، ولو تفتت
العلك ووصل منه إلى الجوف أفطر.
(2) المدارك 6: 107.
(3) المنتهى 2: 568.
(4) ليس في " ف ": فتأمل.
(5) ليس في " ف " و " ج " و " ع ": بل.
(6) كذا في النسخ، وفي القواعد: في.
160
على مجها حتى نزلت " إلى " الجوف " لعين ما ذكر.
" ولو ابتلعها بعد حصولها في فضاء الفم اختيارا بطل صومه " ولعله لصدق
الأكل.
والفرق بينه وبين الريق: أن الريق يتولد في نفس الفضاء بخلاف
النخامة، فكان كدخول شئ من الخارج إليه، فيفسد ابتلاعه وإيصاله إلى
الجوف. ولكن عدم الافساد به لا يخلو عن قوة، للشك في صدق الأكل عليه
فيبقى تحت الأصل.
مضافا إلى رواية غياث " لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته " (1) إلا أن
مقتضى الاحتياط ظاهر.
ثم إن بعض القائلين بالبطلان به حكم بوجوب الكفارة (2) وتعدى بعض
هؤلاء فحكم بوجوب كفارة الجمع (3) استنادا إلى تحريم ازدرادها على غير
الصائم.
وفيهما نظر، لعدم الدليل على الكفارة - أولا - لعدم انصراف أدلتها إلا
إلى الأكل المتعارف الذي ليس هذا منه. ولولا الاجماعات المحكية والشهرة
العظيمة (4) والاحتياط اللازم، لم نقل بالتحريم في الأكل الغير المتعارف مطلقا.
ثم على تحريم ازدراد النخامة على غير الصائم. وسيأتي إن شاء الله تعالى (5).
" ولو قدر على قطعها من مجراها فتركها حتى نزلت، فالأقرب عدم الافطار "



(1) الوسائل 7: 77 الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول. وفيه: أن يزدرد.
(2) الجواهر 16: 300.
(3) المسالك 1: 57.
(4) ليس في " ف ": العظيمة.
(5) لم تقف على ذلك فيما بأيدينا من النسخ.
161
لأن سبب الحكم بعدم إفسادها ليس هو حصولها بغير اختيار المكلف وقصده،
فيكون من قبيل الأكل الغير المختار المقصود، بل السبب عدم صدق
الأكل عليه، فلا يفرق بين صورتي القدرة على الكف عنه وعدمها.
وعلى هذا، فلو علم بنزولها إلى الحلق عند رفع الرأس إلى العلو فلا يقدح
حينئذ - رفع الرأس، والحاصل: فعل ما يوجب النزول من الدماغ إلى أقصى
الحلق (1).
دخول الماء بالاستنشاق إلى الدماغ
" ولو استنشق فدخل الماء دماغه " بل حلقه - على ما عرفت - " لم يفطر "
إلا أنه لا ينبغي ترك الاحتياط حين الوصول إلى الحلق.
ابتلاع ما يتخلل في الأسنان
" ولو جرى الريق ببقية الطعام في خلل الأسنان " ولم يتعمد الابتلاع
" فإن قصر في التخليل، فالأقرب القضاء خاصة " ولعله لكونه كالمتعمد
لابتلاعها، بل هو هو، لأن الفعل الغير الاختياري الناشئ من فعل أو ترك
اختياري، اختياري (2) فتأمل.
" وإلا " أي: وإن لم يقصر في التخليل " فلا شئ ".
" ولو تعمد الابتلاع فالقضاء والكفارة " وقد سبق (3).
تقبيل النساء والملاعبة
" ويكره تقبيل النساء واللمس والملاعبة " إما مطلقا - كما ذهب إليه
جماعة (4) - للروايات المطلقة كرواية الأصبغ " أقبل وأنا صائم؟ فقال: عف
صومك " (5).



(1) في " ج " و " ع " و " م ": الفم.
(2) في " ج " و " ع " زيادة: وقد سبق، انظر صفحة 155 عند قوله: ولم أعثر على مستنده.
(3) سبق في صفحة 161.
(4) انظر الجواهر 16: 315.
(5) الوسائل 7: 70 - 71 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 15.
162
والمروي عن (1) قرب الإسناد " عن الرجل هل يصلح له (أن) (2) يقبل
أو يلمس وهو يقضي شهر رمضان؟ قال: لا " (3).
ومثله آخر (4)
أو مع عدم الأمن من سبق المني كما في رواية زرارة، عن أبي جعفر " أنه
سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان؟ فقال: إني أخاف عليه، فليتنزه
عن ذلك، إلا أن يثق ألا (5) يسبقه منيه " (6).
وقريب منه رواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " عن الرجل يمس
من المرأة شيئا، أيفسد ذل صومه أو ينقضه؟ فقال: إن ذلك ليكره للرجل
الشاب مخافة أن يسبقه المني " (7).
ورواية منصور بن حازم " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في
الصائم يقبل الجارية والمرأة؟ قال: أما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس، وأما
الشاب الشبق فلا، لأنه لا يؤمن، والقبلة إحدى الشهوتين.. الحديث " (8).
والمراد - والله أعلم - أنه لا يؤمن على سبق المني، بقرينة قوله عليه السلام:
" القبلة إحدى الشهوتين " أي: إحدى الموجبتين لسبق المني، والأخرى: المجامعة.
كراهة الاكتحال
" والاكتحال " خصوصا " بما فيه صبر أو مسك ".



(1) في " ج " و " ع " و " م ": في.
(2) الزيادة من الوسائل.
(3) الوسائل 7: 70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 11، عن قرب الإسناد.
(4) الوسائل 7: 71 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 20.
(5) في " ج " و " ع ": إلا أن يثق إلا أن يسبقه منيه، وفي " ف ": إلا أن يثق أن يسبقه منيه.
(6) الوسائل 7: 70 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 13.
(7) الوسائل 7: 68 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(8) الوسائل 7: 68 - 69 الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3 وانظر تمام
الحديث في صفحة 53.
163
ويدل على كراهة مطلق (1) الاكتحال رواية سعد بن سعد الأشعري، عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام " قال: سألته عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان هل
يذر (2) عينه بالنهار وهو صائم؟ قال: يذرها إذا أفطر، ولا يذرها وهو صائم " (3).
ورواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن الرجل يكتحل
وهو صائم؟ قال: لا، لأني أتخوف أن يدخل رأسه " (4).
ويدل على خصوص ما فيه صبر أو مسك رواية محمد بن مسلم، عن
أحدهما عليهما السلام " أنه سئل عن المرأة تكتحل وهي صائمة؟ فقال: إذا لم يكن
كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس " (5).
ورواية أخرى: " عن الكحل للصائم؟ فقال: إذا كان كحلا ليس فيه
مسك وليس له طعم في الحلق فلا بأس " (6).
اخراج الدم ودخول الحمام المضعفان
" وإخراج الدم ودخول الحمام المضعفان ".
أما ما يدل على كراهة الأول فقد مضى (7).
وأما ما يدل على كراهة الثاني، فرواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر
عليه السلام " أنه سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم؟ قال: لا بأس ما لم يخش
ضعفا " (8).



(1) ليس في " م ": كراهة مطلق.
(2) الذر: مصدر ذررت، وهو أخذك الشئ بأطراف أصابعك تذره ذر المسحوق على الطعام.. وذر
عينه بالذرور يذرها ذرا كحلها. لسان العرب (ذرر).
(3) الوسائل 7: 52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(4) الوسائل 7: 52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(5) الوسائل 7: 52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 5.
(6) الوسائل 7: 52 الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(7) في صفحة 159.
(8) الوسائل 7: 57 الباب 27 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول، وفيه: ما لم يخش.
164
دلت بمفهومها على المطلوب.
السعوط بما لا يتعدى إلى الحلق
" والسعوط بما لا يتعدى إلى الحلق " لرواية غياث بن إبراهيم، عن جعفر
بن محمد، عن أبيه " قال: لا بأس بالكحل للصائم، وكره السعوط للصائم " (1).
ورواية ليث المرادي، عن أبي عبد الله " في الصائم يصب في أذنه
الدهن؟ قال: لا بأس إلا السعوط فإنه يكره " (2).
واحترز بالقيد عما يتعدى، حيث حكم فيه سابقا (3) بالافساد وعرفت
ضعفه.
شم الرياحين
" وشم الرياحين "
وعن المنتهى الاجماع عليه (4) لرواية الحسن بن راشد " قال: قلت لأبي
عبد الله: الصائم يشم الريحان؟ قال: لا " (5).
ومرسلة الفقيه، عن الصادق عليه السلام " أنه سئل عن المحرم يشم الريحان
؟ فقال: لا، قيل له: فالصائم؟. قال: لا " (6).
وما ورد في الأخبار من نفي البأس عنه (7) محمول على نفي التحريم.
" ويتأكد " الكراهة في " النرجس " لرواية الكليني، عن محمد بن العيص (8):
" قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام ينهى (9) عن النرجس للصائم " (10).



(1) الوسائل 7: 28 الباب 7 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(2) الوسائل 7: 28 الباب 7 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2.
(3) انظر عبارة المتن في صفحة 157.
(4) المنتهى 2: 583.
(5) الوسائل 7: 65 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 7.
(6) الفقيه 2: 114، الحديث 1879.
(7) الوسائل 7: 64 الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(8) كذا في النسخ، والصحيح: الفيض كما في الكافي 4: 112 والفقيه 2: 114.
(9) في " ف ": نهى.
(10) الكافي 4: 112، الحديث 2 والفقيه 2: 114، الحديث 1878.
165
ووجه تأكد الكراهة فيه تخصيصه بالذكر في الخبر.
الحقنة بالجامد
" والحقنة بالجامد " لرواية الشيخ، عن أحم بن محمد، عن علي بن الحسن (1)
عن أبيه " قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام ما تقول في اللطف يستدخله
الانسان وهو صائم؟ فكتب: لا بأس بالجامد " (2).
وحرمه بعض (3) استنادا إلى عموم إطلاق رواية البزنطي، عن أبي الحسن
عليه السلام " الصائم لا يجوز له أن يحتقن " (4) وقصور هذه الرواية (5) سندا عن تقييد
الاطلاق.
وفيه أنه لو سلم قصور المقيد، فالمطلق أقصر من حيث شموله للجامد،
لأن المتبادر عرفا من الاحتقان أن يكون بالمائع، فتأمل.
بل الثوب على الجسد
" وبل الثوب على الجسد " لرواية الحسن بن راشد، وفيها: " قلت: فالصائم
يستنقع في الماء؟ قال: نعم. قلت: فيبل ثوبا على جسده؟ قال: لا " (6).
ورواية الحسن الصيقل (7): " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم
يلبس الثوب المبلول؟ قال: لا " (8).
ورواية عبد الله بن سنان " قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا
يلزق ثوبك وهو رطب وأنت صائم " (9).



(1) في " ف ": علي بن أبي الحسن.
(2) التهذيب 4: 204، الحديث 590. وفيه: ما تقول في التلطف بالأشياف.
(3) انظر المعتبر 2: 659 و 679.
(4) الوسائل 7: 27 الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 4.
(5) التهذيب 4: 267، الحديث 807.
(6) أي رواية الشيخ المتقدمة أعلاه.
(7) في التهذيب: الحسن بن الصيقل.
(8) التهذيب 4: 276 الحديث 806 والوسائل 7: 23 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم،
الحديث 4 بلفظ قريب منه.
(9) الوسائل 7: 23 الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3 وفيه: لا تلزق
ثوبك إلى جسدك وهو رطب وأنت صائم.
166
وهذه الأخبار وإن كانت ظاهرة في الحرمة، إلا أن اللازم صرفها إلى
الكراهة، لقصور سندها ومخالفتها للشهرة.

167
" قاعدة "
كل موضع تمسكنا (2) في عدم إفساد الشئ للصوم بالأصل، فالمراد نفي
إيجابه القضاء أو الكفارة، لأصالة البراءة، وليس المراد جواز ارتكابه وصحة
الصوم معه، لأن الأصل في العبادات الفساد، والشغل اليقيني يستدعي البراءة
اليقينية.
فمقتضى هذا الأصل: وجوب الكف عن كل ما شك في مدخلية الكف
عنه في الصوم (وفساد الصوم بدون الكف لكن لا على وجه يوجب القضاء.
والحاصل: أنا إذا شككنا في كون شئ مفسدا للصوم أم لا؟ فيحكم
بوجوب الكف عنه، ولكن لو لم يكف عنه، ولكن لو لم يكف عنه فلا يجب قضاء ولا كفارة) (3).
أما وجوب الكف عنه: فلأن الشغل اليقيني يستدعي البراءة اليقينية.
وأما عدم وجوب شئ: لو لم يكف فلأصالة البراءة، فإن أصالة
الاحتياط (4) لا يوجب القضاء - كما قد يتوهم - بل القضاء بأمر جديد.



(1) في " ف ": تنبيه " بدل: " قاعدة ".
(2) في " ف ": شككنا.
(3) ما بين المعقوفتين ليس في " ع ".
(4) في " ف " و " م ": وجوب الاحتياط. وشطب على كلمة " وجوب " في " ج ".
168
فإن قلت: القضاء لازم فساد الصوم؟.
قلت: نعم، ولكن لم يثبت بالاحتياط إلا وجوب الاجتناب عن المشكوك
وهذا معنى الفساد المقتضى للأصل، لا الفساد بمعنى ترتب جميع أحكام
الفاسد، إلا أنه لو شككنا في شرطية شئ لصحة الصلاة أو جزئية شئ لها
يحكم (1) بفسادها بدونه للاحتياط، ومع ذلك فإذا لم يتمكن منه المكلف - بعد أن
كان متمكنا منه - يحكم بوجوب الاتيان بالصلاة بدون هذا المشكوك،
لاستصحاب بقاء التكليف مع أن مقتضى فساد العبادة بدونه هو عدم وجوبها
حين طرو العجز عن المشكوك، وما نحن فيه من هذا القبيل.



(1) في " ف ": لحكم، وفي " م ": نحكم.
169
المطلب الثالث
" في ما يجب بالافطار "
القضاء والكفارة في الأكل والشرب
" يجب القضاء والكفارة بالأكل والشرب المعتاد " إجماعا محققا ومحكيا
" وغيره " بناء على صدق الأكل والشرب - المحكوم عليهما بالافطار الموجب
للأمرين في الأخبار - عليه أيضا. لكنك قد عرفت - سابقا - (1) أنهما مختصان
- بحكم التبادر - بالمعتاد، ومجرد الصدق غير كاف في إفادة المطلق للعموم، فلا
دليل على كون غير المعتاد مفطرا حتى يدخل في الأخبار الدالة على وجوب
الأمرين بتناوله، مع أنه لو سلم شمول لفظ الأكل له وصدق الافطار عليه، لكن
لا نسلم شمول الافطار له، بل لا يبعد دعوى اختصاصه - بحكم التبادر -
بالأكل المعتاد.
وبالجملة، فالحكم موقوف على أمرين:
أحدهما: عدم اختصاص لفظي الأكل والشرب بالمعتاد.
والثاني: عدم اختصاص الافطار بالأكل والشرب المعتادين.
وشئ منهما لم يثبت.



(1) انظر صفحة 161.
170
نعم، قد عرفت أن مقتضى الاحتياط اللازم وجوب الكف عنه، لكن
ذلك غير كاف في صدق الافطار.
القضاء والكفارة في الجماع والوطئ
" و " كذا يجبان بحصول " الجماع " قبلا بالاجماع والأخبار الدالة على
كونه مفطرا، فيشمله ما دل على وجوب الأمرين به.
وكذا دبرا - سواء كان دبر المرأة أم دبر الغلام، على الأقوى - لما مضى
سابقا من الأدلة على كونه مفطرا (1).
وكذا وطئ البهيمة - إن قلنا بحصول الجنابة - بناء على ما ذهب إليه
المحقق (2) والمصنف (3) من كون مناط الافساد مطلق الوطي " الموجب للغسل ".
ولكن لم أعثر على مستند حصول الجنابة مطلقا (بوطي البهيمة ولا على مستند
إناطة الافساد والافطار بتعمد الجنابة) (4) في أثناء النهار.
نعم، يمكن أن يستدل على كون وطي البهيمة مطلقا - سواء قلنا
بحصول الجنابة به أم لا - بالأخبار السابقة الدالة على كون النكاح مفطرا (5)
لما مر من أن المراد به هنا مطلق الوطي قطعا، وإن قلنا بكونه حقيقة في العقد،
لتعذر إرادته (- هنا - لأنه أقرب مجازاته) (6) حتى أنه قال كثير: إنه المعنى
الحقيقي له.
اللهم إلا أن يقال باختصاصه بنكاح الآدمي - بحكم التبادر - فتأمل.



(1) راجع الأدلة في صفحة 23.
(2) المعتبر 2: 654.
(3) المختلف: 216.
(4) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
(5) الوسائل 7: 19 الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، وقد مر بعضها في صفحة 23 - 25.
(6) بدل ما بين المعقوفتين في " ج " و " ع " ما يلي: " فأقرب مجازاته متعين ".
171
مضافا إلى ضعف تلك الأخبار وعدم حصول (1) الانجبار لها في هذا
المضمار.
القضاء والكفارة في البقاء على الجنابة
" و " يجبان - أيضا - مع " تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر
و " منه
أو بمعناه (2) " النوم عقيبها حتى يطلع الفجر " (3) مع العزم على ترك الاغتسال
أو مع اعتياد عدم الانتباه، وألحق به النوم " من غير نية الغسل " وإن لم ينو عدمه
أيضا.
وقد عرفت سابقا (4) عدم الدليل على كونه مفسدا يوجب القضاء، فضلا
عن كونه مفطرا يوجب الكفارة.
وأما النوم مع نية الغسل فلا اشكال في عدم الافساد به إذا كان في
المرتبة (5) الأولى، وعرفت كونه مفسدا إذا وقع في المرتبة (6) الثانية، وسيأتي حكم
الثالثة.
القضاء والكفارة في الاستمناء وايصال الغبار
" و " كذا يجبان بارتكاب " الاستمناء وإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق
متعمدا " إجماعا في الأول، وعلى الأقوى في الثاني، لما مضى (7).
" و " قد يعد من المفطرات الموجبة للقضاء والكفارة " معاودة الجنب النوم



(1) في " ج " و " ع ": ومع حصول.
(2) ليس في " ع ": أو بمعناه، وقد شطب عليه في " ج ".
(3) سبق في صفحة 151 إن معاودة النوم للجنب موجب للقضاء، وانظر أيضا ما ذكره المؤلف
قدس سره في شرح عبارة الإرشاد: " وعن تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر وعن النوم
عليها من غير نية الغسل حتى يطلع " في صفحة 28 وما بعدها.
(4) انظر صفحة 152 - 151.
(5) (6) كذا في النسخ، والمقصود: المرة - في الموضعين -.
(7) ليس في " ج " و " ع ": لما مضى. وانظر صفحة 159 قوله: لعدم انصراف أدلتها (الكفارة) إلا إلى
الأكل المتعارف.
172
القضاء والكفارة في معاودة الجنب النوم ثالثا
ثالثا عقيب انتباهتين " بل عن الغنية (1) والخلاف (2) والوسيلة (3) وشرح القواعد
للمحقق الثاني (4) الاجماع عليه، ولعله لما رواه سليمان بن جعفر المروزي، عن
الفقيه عليه السلام " قال: إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل حتى
يصبح، فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم، ولا يدرك فضل يومه " (5).
ورواية إبراهيم بن عبد الحميد، عن بعض مواليه " قال: سألته عن
احتلام الصائم؟ (قال: فقال إذا احتلم) (6) نهارا في شهر رمضان، فلا ينام حتى
يغتسل. ومن (7) أجنب (ليلا) (8) في شهر رمضان (فلا ينام إلا ساعة حتى يغتسل،
فمن أجنب في شهر رمضان) (9) فنام حتى يصبح، فعليه عتق رقبة أو اطعام ستين
مسكينا وقضاء ذلك اليوم (ويتم صيامه) (10) ولكن لن يدركه أبدا " (11)
دلتا باطلاقهما على وجوب القضاء والكفارة على مطلق من لم يغتسل أو
نام حتى أصبح جنبا.
خرج منه ما دل الدليل على عدم إيجابه لشئ، كالنومة الأولى في الجملة،
أو إيجابه القضاء خاصة كالنومة الثانية كذلك، فبقي الباقي.
ولا يضر ضعف سندهما، لانجباره (12) بالاجماعات المحكية (بل بالشهرة



(1) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(2) الخلاف 2: 222 كتاب الصوم، المسألة 87.
(3) الوسيلة: 142.
(4) جامع المقاصد 3: 70.
(5) الوسائل 7: 43 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(6) ما بين المعقوفتين ليس في " ف " و " ج ".
(7) في الوسائل: وإن أجنب.
(8) (9) (10) الزيادات من الوسائل.
(11) الوسائل 7: 43 - 44 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم - الحديث 4.
(12) في " ج " و " ع ": لانجبارهما.
173
المحكية) (1) بل المحققة ظاهرا.
ولا اشتمال الثانية على ما لا يقال به من عدم جواز النوم مع الاحتلام
نهارا قبل الغسل - لأنه لا يسقط الباقي عن الحجية.
ولا معارضتهما باطلاق ما دل من الأخبار على عدم وجوب شئ بتأخير
الغسل متعمدا إلى طلوع الفجر أو النوم حتى يصبح.
حيث خرج منه بعض الصور التي دل الدليل على وجوب القضاء مع
الكفارة فيه أو القضاء خاصة وبقي الباقي، لترجيحهما عليها - لا (2) لموافقتها
للعامة ومخالفة (3) هاتين - كما قيل - لأن تلك الأخبار بعد تخصيصها (4) بما
خصصت به ليست موافقة للعامة. نعم، هي كذلك قبل التخصيص، ولهذا
طرحناها - من حيث الشمول لصورة (5) تعمد البقاء على الجنابة - في مقام
تعارضها (6) مع ما دل على الافطار بتعمد البقاء.
بل، لاعتضادهما بالاجماعات المحكية والشهرة الظاهرة، عكس تلك الأخبار.
ثم إن الروايتين (7) وإن كانتا مطلقتين من حيث التمكن من الغسل (8)
وعدمه، إلا أن اللازم في الأخبار الضعيفة الاقتصار على القدر المنجبر من
مدلولاتها، وليس في هذا المقام إلا وجوب الأمرين بالنوم الواقع بعد انتباهتين



(1) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
(2) ليس في " ج " و " ع ": لا.
(3) في " ف ": ومخالفته.
(4) في " ف " و " م ": تخصيصهما.
(5) في " ف ": بصورة.
(6) في " ف ": تعارضهما.
(7) المتقدمتين في صفحة 173.
(8) في " ف ": من الفعل.
174
" مع تمكنه من الغسل فيهما " فلو لم يتمكن منه لمانع فلا شئ عليه، وكذا لو تمكن
منه في الأولى ولم يتمكن منه في الثانية.
وهل يجب في الأخير - حينئذ - القضاء خاصة؟ وجهان: من الأصل، ومن
عدم الفرق في تفويت الغسل على نفسه بالنوم الثاني بين أن يصبح أو ينتبه في
وقت لا يتمكن (1) من الغسل فيفضي ذلك إي أن يصبح جنبا.
والأول أقوى لعدم الدليل، مضافا إلى رواية محمد بن مسلم، عن
أحدهما عليهما السلام " قال: سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثم ينام
قبل أن يغتسل؟ قال: يتم صومه ويقضي ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع
الفجر، فإن انتظر ماء يسخن له أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضي يومه " (2).
فإنها باطلاقها تشمل ما لو كان الاستيقاظ المستثنى فيها واقعا
بعد استيقاظ آخر عن النوم بعد الجنابة، ولو عكس فلم يتمكن في الأولى وتمكن
في الثانية فنام عنها فالظاهر وجوب القضاء عليه، لأن غاية الأمر كون الانتباهة
الأولى كعدمها فيكون النوم الثالث بمنزلة النوم الثاني يجب له القضاء.
وأما الكفارة فلا دليل على وجوبها إلا إطلاق الروايتين (3) لكنه موقوف
على وجود الاجماعات الجابرة لهما في هذا المقام وكذا الشهرة وإلا فعدم الوجوب
متعين، للأصل.
واعلم أن محل الخلاف في هذه المسألة ما إذا كان النوم الثالث " مع نية
الغسل " قبل الطلوع فيستمر " حتى يطلع " فلو كان مع نية عدم الغسل فلا
خلاف في وجوب الكفارة - حينئذ - بين كل من قال بوجوبها لتعمد البقاء على



(1) في " ف ": يمكن.
(2) الوسائل 7: 41 - 42 الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3، وفيه: ولا يقضي
صومه (يومه) وتقدم استدلال المؤلف قدس سره بهذا الحديث في صفحة 31.
(3) المتقدمتين في صفحة 173.
175
الجنابة.
وكذا مع عدم نية شئ من الغسل وعدمه عند جماعة منهم، ومنهم المصنف.
وكذا لو لم يستمر (1) النوم إلى طلوع " الفجر " بل استيقظ من النوم
الثالث واغتسل فلا شئ عليه، ولو لم يتمكن - حينئذ - من الاغتسال فالظاهر
عدم وجوب الكفارة عليه، للأصل ورواية محمد بن مسلم المتقدمة بالتقريب
المذكور (7) في صورة عدم التمكن من الغسل في الانتباهة الثانية، فتأمل.
" وما عداه " من المفسدات " يجب به القضاء خاصة ".
انحصار وجوب الكفارة في الصوم المعين
" وإنما يجب الكفارة " كائنة ما كانت بحصول أحد موجباتها المتقدمة " في
الصوم المتعين " (3) الواجب بأصل الشرع أو بالعرض " كرمضان " إجماعا محققا
ومحكيا (4) " وقضائه " إذا أفسده " بعد الزوال " على الأشهر الأظهر، لرواية بريد
العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر
رمضان، قال: إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا يوما مكان يوم،
وإن كان أتى أهله بعد الزوال فإن عليه أن يتصدق على عشرة مساكين، لكل
مسكين مد، فإن لم يقدر عليه، صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما
صنع " (5).
ورواية هشام بن سالم " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل وقع على
أهله وهو يقضي شهر رمضان؟ فقال: إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر



(1) في " ف ": وكذا لو استمر.
(2) في الصفحة المتقدمة.
(3) في " ج " و " ع " و " م ": المعين.
(4) المنتهى 2: 572 و 576.
(5) الوسائل 7: 253 - 254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول مع
اختلاف في الألفاظ.
176
فلا شئ عليه، يصوم يوما بدله، وإن فعل ذلك بعد العصر صام ذلك اليوم
وأطعم عشرة مساكين، فإن لم يمكنه (1) صام ثلاثة أيام كفارة لذلك " (2).
وضعف الأولى - لو كان - فلا يضر بعد الانجبار بالشهرة العظيمة،
كاشتمال الثانية على التحديد بصلاة العصر، مع امكان استفادة المطلب من ذيلها
أعني قوله: " وإن فعل ذلك بعد العصر.. إلى آخره " بضميمة الاجماع المركب،
فتأمل.
خلافا للمحكي عن العماني (3) فقال: بعدم الكفارة، محتجا برواية عمار
الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام " عن رجل يكون عليه أيام من شهر
رمضان ويريد أن يقضيها، متى يريد أن ينوي الصيام؟ قال: هو بالخيار إلى أن
تزول الشمس، فإذا زالت الشمس، فإن كان نوى الصوم فليصم، وإن كان نوى
الافطار فليفطر.
سئل: فإن كان نوى الافطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت
الشمس؟ قال: لا (4).
سئل: فإن نوى الصوم، ثم أفطر بعد ما زالت الشمس؟ قال: قد أساء
وليس عليه شئ إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه " (5).
وهذه الرواية وإن كانت أعم من الرواية السابقة فتخصيصها بها متعين
بمقتضى قاعدة الجمع بين العام والخاص، إلا أنها - لورودها في مقام البيان



(1) في " م ": يتمكنه.
(2) الوسائل 7: 254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 2 ويأتي الاستدلال
بهذه الرواية في صفحة 241.
(3) حكاه عنه العلامة في المختلف: 247.
(4) إلى هنا رواه الحر العاملي قدس سره في الوسائل 7: 6 - 7 الباب 2 الحديث 10، وقد مضى مثله
باختلاف يسير في صفحة 110.
(5) التهذيب 4: 280، الحديث 847.
177
والحاجة - كالنص في عدم وجوب الكفارة (1)، فالجمع (2) بحمل الأوليين على
الاستحباب أولى لولا مخالفة هذه الرواية للشهرة العظيمة التي هي من أعظم
الموهنات والمرجحات.
" و " كذا يجب الكفارة بإفطار الصوم الواجب بسبب " النذر المعين " على
الخلاف الآتي في مقدارها (3).
" واعتكاف الواجب " كما سيجئ عن قريب إن شاء الله - (4) " دون
ما عداه " من الصوم واجبا كان - " كالنذر المطلق " وقضاء غير رمضان وقضاء
رمضان قبل الزوال " و " صوم " الكفارة " - أو مندوبا.
" وإن فسد الصوم " فإن فساده لا يستلزم ثبوت الكفارة بل القضاء
أيضا لولا الفرض الجديد.
تكرر الكفارة بتكرر السبب
" ويتكرر الكفارة بتكرر " السبب " الموجب " لها " في يومين مطلقا " في
جميع أفراده اتحد جنسه أو اختلف تخلل التكفير أم لا، إجماعا محققا - على
الظاهر - ومحكيا (5).
" و " هل يتكرر بتكرره " في يوم " فيه أقوال:
ثالثها، نعم في الوطئ لا في غيره
رابعها: مع تخلل التكفير لا مع عدمه.
وخامسها: نعم في الوطئ مطلقا وفي غيره مع التخلل أو اختلاف الجنس.



(1) في " ف " و " م ": القضاء.
(2) في " ف ": فيخرج.
(3) لم نقف على ذلك فيما بأيدينا من النسخ.
(4) ليس في ما بأيدينا من النسخ ما يتعلق بالاعتكاف، ولعل المؤلف قدس سره عبر بهذا التعبير
لعزمه على شرح كتاب الاعتكاف أيضا.
(5) المنتهى 2: 580.
178
وسادسها: نعم (1) " مع التغاير أو مع تخلل التكفير ".
والأقوى: العدم - مطلقا - للأصل، وعدم دليل صالح (2) على شئ من
باقي الأقوال، عدا ما يزعم للأخير من اطلاقات الأخبار (3) بإيجاب الافطار
- بل خصوص الأسباب المفطرة كالجماع والاستمناء - الكفارة (4) بقول مطلق
فإذا جامع - مثلا - فيجب الكفارة بمقتضى ما دل على هذا الحكم، وهكذا (5) إذا
استمنى يجب عليه الكفارة - أيضا - بمقتضى إطلاق ما دل على هذا الحكم (6)..
وهكذا (7).
وأيضا فإذا جامع فكفر ثم جامع يصدق عليه أنه جامع في شهر رمضان
فتجب عليه - أيضا - بمقتضى الاطلاق. نعم لو لم يكفر وفعل مرارا لم تجب إلا
واحدة، لأن وجوب الكفارة منوط بحصول ماهية هذه الأفعال وهي تصدق مع
الاتحاد والتعدد، والأصل براءة الذمة.
وفيه نظر، حاصلة: أن ما دل على وجوب الكفارة بالافطار في شهر رمضان
لا يثبت الكفارة إلا لأول ما يرتكب من المفسدات، لأنه المفطر دون ما يقع بعده،
وإن وقع في زمان يجب الامساك فيه إلا أنه لا يسمى إفطارا.
وكذا ما دل على وجوب الكفارة لخصوص بعض الأسباب كالجماع
والاستمناء (8).



(1) في " ف ": وسادسها بها.
(2) في " ف ": صلح.
(3) الوسائل 7: 28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(4) في " ج " و " ع " و " م ": للكفارة.
(5) في " ف " و " م ": ثم " بدل " وهكذا "
(6) العبارة في " ف " هكذا: بمقتضى اطلاق هذا الحكم، وفي " ج ": بمقتضى ما دل على هذا الحكم.
(7) ليس في " ج " و " ع ": وهكذا.
(8) الوسائل 7: 24 الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
179
فإن الظاهر - المتبادر من السؤال عن وقوعها في شهر رمضان - وقوع
الافطار بها فلا يشمل المتكرر منها.
نعم، روي عن الرضا عليه السلام " أن الكفارة تتكرر بتكرر الوطئ " (1).
لكن الرواية غير معلومة السند ولا جابر لها.
عقوبة الافطار
مع العلم والتعمد
" يعزر " المفطر " مع العلم والتعمد " بما يراه الحاكم، " فإن تخلل التعزير
مرتين " فلم ينفعه وعاد " قتل في الثالثة " وفاقا للأكثر، بل هو المشهور - كما
حكي - (2) لرواية سماعة " عن رجل أخذ في شهر رمضان وقد أخذ (3) ثلاث
مرات، وقد رفع إلى الإمام عليه السلام (4) ثلاث مرات؟ قال: فليقتل في الثالثة " (5).
مضافا إلى عموم الرواية " أصحاب الكبائر إذا أقيم عليهم الحد مرتين
قتلوا في الثالثة " (6).
وقيل: يقتل في الرابعة، للرواية المرسلة الدالة على " أن أصحاب الكبائر
يقتلون فيها " (7).
وهي - على ضعفها وخلوها عن الجابر - مخصصة برواية سماعة
المتعضدة بالرواية العامة.
المكره زوجته على الجماع
" ولو أكره زوجته على الجماع فعليه كفارتان " لرواية المفضل بن عمر،
عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل أتى أهله وهو صائم وهي صائمة؟ فقال: إن



(1) الوسائل 7: 37 الباب 11 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
(2) انظر الجواهر 16: 307.
(3) في الوسائل: وقد أفطر.
(4) ليس في " ف " و " م ": عليه السلام.
(5) الوسائل 7: 179 الباب 2 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 2، وفيه: يقتل.
(6) الوسائل 18: 313 - 314 الباب 5 من أبواب مقدمات الحدود، الحديث الأول.
(7) لم نقف على هذه المرسلة في كتب الحديث، وذكرها البحراني في الحدائق 13: 240.
180
استكرهها فعليه كفارتان، وإن كانت مطاوعة فعليه كفارة وعليها كفارة، وإن كان
أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد، وإن كان طاوعته (1) ضرب خمسة
وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا " (2).
وضعفها منجبر بعمل العلماء على ما حكي عن المحقق أنه قال: إن
علمائنا ادعوا على ذلك إجماع الإمامية (3). خلافا للمحكي عن العماني (4)
فأوجب عليه (5) كفارة واحدة " و " هو ضعيف عديم المستند،
مع أن مقتضى ما
ذكر سابقا من معذورية المكره أن " لا يفسد صومها، ويفسد لو طاوعته " وهو
واضح.
ولا فرق بين المطاوعة ابتداء أو في الأثناء.
" ولا يحتمل الكفارة حينئذ " للأصل وعمومات أدلة وجوبها على المفسد.
وخصوص رواية المفضل المتقدمة.
" ويعزر كل واحد منهما " مع المطاوعة " بخمسة وعشرين سوطا " ومع
إكراهها يضرب الزوج خمسين سوطا كما في الرواية.
اكراه الأجنبية أو الأمة على الجماع
" والأقرب التحمل عن الأجنبية والأمة المكرهتين " لفحوى تحمله عن



(1) وفي الكافي 4: 104 والتهذيب 2: 215، الحديث 625: وإن كانت طاوعته - في الموضعين -.
(2) الوسائل 7: 37 - 38 الباب 12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول باختلاف
يسير.
(3) المعتبر 2: 681 وفيه " لكن ".
(4) حكاه عنه العلامة في المختلف: 223.
(5) في النسخ: عليها، وصححناه على ما في المختلف: 223، فقد ورد فيه: أما وجوب الكفارة عنها
على الزوج لو أكرهها فهو المشهور والظاهر أن ابن أبي عقيل لم يوجبه.
181
زوجته وصدق الأهل على الأمة.
وفيه: منع اعتبار الفحوى سيما مع قوة احتمال كون عظم الذنب مانعا
عن الكفارة - كما في إعادة الصيد للمحرم - وصدق الأهل على الأمة - لو
سلم - فانصرافه إلى غيرها واضح، فلا مخرج عن الأصل، ولكن لا ينبغي ترك
الاحتياط. ومثله الكلام فيما لو أكرهته، فإن مقتضى الأصل عدم تحملها الكفارة
عنه.
التبرع بالتكفير عن الميت
" ولو تبرع " متبرع " بالتكفير عن الميت أجزء عنه (1) ".



(1) كذا وردت العبارة في النسخ من دون شرح ولا تعليق. ولكن في هامش " م " ما يلي: محل بياض
بقدر نصف صفحة. وفي " ف " بياض بمقدار كلمتين، ولم يعلق عليه الناسخ كما هو دأبه في
نظائره.
182
" فروع "
من طلع عليه الفجر وفي فمه طعام
" الأول: لو طلع الفجر لفظ ما في فيه من الطعام، فإن ابتلعه كفر " ووجهه
قد مر (1).
حكم الجماع لمريد صوم الغد
" الثاني: يجوز " لمريد صوم الغد " الجماع " في الليل " إلى أن يبقى
لطلوع " الفجر " مقدار فعله والغسل " بناء على الأظهر الأشهر من حرمة البقاء
على الجنابة، "
فإن علم التضيق فواقع وجبت الكفارة " على ما مر " ولو ظن
السعة " ولو بالاستصحاب " فإن راعى " بنفسه فلم يعلم بالطلوع فجامع فتبين
وقوعه في النهار " فلا شئ " - من الإثم والقضاء والكفارة - عليه لما مر من ذيل
رواية معاوية بن عمار في أمر الجارية (2) فإنها وإن اختصت بالأكل والشرب إلا
أن الظاهر عدم القول بالفصل.
وفي حكم المراعاة إخبار من يجوز التعويل على خبره شرعا، وكذا إذا لم
يتمكن من المراعاة ففعل المفطر تعويلا على مجرد الاستصحاب، على الظاهر،



(1) راجع صفحة: 170.
(2) المتقدمة في صفحة 143 وانظر الهامش 4 هناك.
183
لما عرفت من عدم الدليل على القضاء في هذه الصورة " وإلا " أي: وإن لم يراع
مع التمكن ولا أخبره من يكون قوله حجة شرعا " ف " الواجب " القضاء
خاصة " لما مر من الروايات (1). ولا كفارة لعدم الدليل عليها.
افطار المنفرد برؤية هلال رمضان
" الثالث: لو أفطر المنفرد برؤية هلال رمضان " في يوم شك فيه غيره من
الناس أثم لتعبده بمقتضى علمه و " وجب القضاء والكفارة عليه " لأنه أفطر في
نهار رمضان متعمدا من غير عذر، وعدم علم غيره بكونه من رمضان أو علمه
بعدمه لا يجدي مع علمه، فإن كلا مكلف بعلمه (2) والظاهر عدم الخلاف فيه إلا
عن أبي حنيفة (3) فنفى الكفارة محتجا بوجهين سخيفين (4).
سقوط فرض الصوم بعد الافساد
" الرابع: لو سقط " عن المكلف " فرض الصوم بعد إفساده " بأن ظن
سلامته من موانع الصوم ووجد أنه لجميع شروطه ولم يصم أو أفسده في أثناء النهار
بعد قصده في أوله، ثم عرض له بعض مسقطات الصوم، فالمحكي عن الأكثر:
عدم سقوط الكفارة (5)، بل حكي عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع عليه (6)
وكأنه لمطلقات وجوب الكفارة بفعل المفطر مع وجوب الامساك عنه، وهذا صادق
بالنسبة إلى حال هذا الشخص.
وفيه: أنه إن أريد أنه يصدق على هذا الشخص أنه أفطر يوما من رمضان
من غير عذر فهو مسلم، إلا أن الظاهر منها - بحكم التبادر - اختصاصها باليوم



(1) الوسائل 7: 81 الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(2) العبارة في " ف " هكذا: " فإن كان مكلفا بعلمهم ".
(3) نقله عنه الشيخ الطوسي قدس سره في الخلاف 2: 205.
(4) المغني 3: 156 وقد ذكر فيه وجها واحدا، ولكن العلامة رحمه الله ذكر الوجهين في المنتهى 2:
588.
(5) الجواهر 16: 306.
(6) الخلاف 2: 219 المسألة 79.
184
الذي استجمع المكلف فيه الشرائط إلى آخره.
ولو لم يسلم الظهور في ذلك فلا أقل من كون اللفظ مجملا بالنسبة إلى
اليوم الذي فقد المكلف بعض الشرائط في أثنائه، فإن المطلقات المشككة على
قسمين:
قسم يتبادر منه الفرد الشائع، بحيث يعلم عدم إرادة القدر المشترك
الشامل للنادر.
وقسم منها ما يتردد (1) الأمر بين إرادة القدر المشترك لكونه هو الموضوع
له وبين إرادة خصوص الفرد الشائع بقرينة الشيوع (2) نظير المجاز المشهور بل
هو هو في الحقيقة.
فالأدلة الدالة على أن من أفطر يوما من رمضان متعمدا فعليه كذا وكذا،
لو لم نقل بكونها من قبيل الأول فغاية الأمر أن يكون (3) من قبيل الثاني.
وأيا ما كان، فلا يستفاد منها حكم اليوم الذي طرء المانع في أثنائه، فيرجع
في حكم الافطار فيه قبل طرو المانع إلى الأصل. وإن أريد أنه يصدق عليه أنه
فعل المفطر في زمان يجب الامساك عليه، فهو مسلم، لكن لا دليل على وجوب
الكفارة بالافطار في زمان يجب الامساك عليه، فهو مسلم، لكن لا دليل على وجوب
الكفارة بالافطار في زمان يجب الامساك، وإنما المستفاد منها: وجوبها على من
أفطر يوما من رمضان.
وقد عرفت أنها (لا تنصرف إلى المقام) (4).
وعلى هذا " فالأقرب سقوط الكفارة ".



(1) في " ج " و " ع ": وقسم منهما يتردد.
(2) في " ف " و " م ": الشياع.
(3) كذا في النسخ، والظاهر: تكون.
(4) بدل ما بين القوسين في " ف ": منصرف إلى غير مثل المقام.
185
ثم إن المصنف (1) وولده - فخر الاسلام - (2) وغيرهما بنوا وجوب الكفارة
في هذه المسألة على مسألة أصولية، وهي: جواز أمر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط
وعدمه.
فعلى الأول تجب الكفارة، لوجوب الصوم عليه.
وعلى الثاني لا تجب، لعدم وجوب الصوم عليه، لعلم الله سبحانه بانتفاء
شرط الصوم في هذا اليوم.
قال في المدارك: وعندي في هذا البناء نظر، إذ لا منافاة بين الحكم بامتناع
التكليف بالفعل مع علم الآمر بانتفاء الشرط - كما هو الظاهر - وبين الحكم
بثبوت الكفارة (هنا) (3) لتحقق الافطار في صوم واجب بحسب الظاهر - كما هو
واضح - (انتهى) (4).
أقول: وللتأمل في كل من البناء المذكور والنظر فيه مجال:
أما في البناء: فلأنه ليس في الأخبار الدالة (5) على وجوب الكفارة ما يدل
على إناطتها بوجوب الصوم على المكلف، مثلا قوله عليه السلام: " من أفطر يوما من
شهر رمضان، فعليه كذا " مطلق يشمل من كان واجدا لشروط الصوم في تمام
اليوم، ومن كان فاقدا لها أو لبعضها كذلك، ومن كان واجدا لها في بعض اليوم
فاقدا لها في البعض الآخر، سواء أفطر بعد حصول العذر أو قبله، عالما بأنه
سيطرأ العذر أو غير عالم به كما هو فرض مسألتنا.



(1) انظر المختلف: 227.
(2) إيضاح الفوائد 1: 230.
(3) الزيادة من المصدر.
(4) المدارك 6: 114 - 115.
(5) الوسائل 7: 28 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
186
ومع عدم الدليل على خروج بعض الأفراد لا بد من الحكم عليه (1)
بالبقاء تحت الاطلاق، والمتيقن خروج الفرد الثاني (2) ولا دليل على خروج غيره
ومنه الفرد الأخير، فلا بد من الحكم عليه بوجوب الكفارة عليه، سواء قلنا
بوجوب الصوم عليه أم قلنا بعدم وجوبه، وليس خروج ما خرج من ذل المطلق
لأجل عنوان عدم وجوب الصوم حتى يحصل الخروج في كل مورد صدق عدم
وجوب الصوم، فيتكلم في أن هذا الشخص هل يجب عليه الصوم أم لا؟ ويبتنى
على المسألة الأصولية.
هذا كله مع تسليم شمول المطلقات من حيث الانصراف لهذا الفرد (3).
وأما مع منعه - كما تقدم - (4) فلا فرق في عدم وجوب الكفارة بين القول
بوجوب الصوم عليه وبين القول بعدمه، فتدبر.
وأما في النظر: فلأن لهؤلاء أن يقولوا: إنا لا نقول بالتنافي بين عدم
التكليف ووجوب الكفارة لمخالفة الوجوب الظاهري، لكن نقول: القدر الثابت
من أدلة الكفارة هو وجوبها على من وجب عليه الصوم في الواقع، وأما من لم يجب
عليه واقعا فلم تدل تلك الأدلة على وجوب الكفارة، فيبقى تحت الأصل.
وبعبارة أخرى: الكفارة مختصة بذنب خاص، وهو ترك الصوم ومخالفة
أوامر الصوم، والشخص المذكور لم يخالفها، وإنما خالف الأدلة الدالة على
وجوب العمل بمقتضى الاعتقاد حيث أنه اعتقد في أول النهار أنه سالم عن
الأعذار إلى الغروب، فاعتقد وجوب الصوم عليه، وقد تقرر أنه يجب العمل
بمقتضى الاعتقاد في الأحكام الشرعية وموضوعاتها، فلا يعاقب هذا الشخص



(1) ليس في " ع " عليه والكلمة مشطوب عليها في " ج ".
(2) في " ف " خروج الفردين.
(3) في " ف ": بهذا الفرد.
(4) في " ف " و " م ": كما منعنا، هذا وقد تقدم منع شمول المطلقات لهذا الفرد في صفحة 184 - 185.
187
على ترك الصوم وإنما يعاقب على ترك العمل بمقتضى الاعتقاد الذي هو حكم
الله الظاهري، ومن هنا ظهر فساد التمسك على عدم السقوط بالاستصحاب.
حيث أن الشخص قبل طرو العذر لم (1) تسقط عنه، والأصل عدم حدوث
السقوط.
توضيح الفساد: أنك قد عرفت أنه لا دليل على كون الكفارة واجبة على
هذا الشخص. وبعبارة أخرى: كون هذا الافطار المتعقب بطرو العذر موجبا
للكفارة، نعم قبل طرو العذر لما ظن أنه سالم عن العذر اعتقد (2) أن عليه
الكفارة، فإذا تبين العذر وعلم (3) أنه في الزمان السابق كان ممن هو غير جامع
للشرائط إلى آخر اليوم، فقد قلنا: إن هذا الفرد لا دليل على وجوب الكفارة
(عليه) (4) فنشك أنه هل وجب عليه الكفارة من أول الأمر أم لا؟ وإنما كان
مظنونا له بواسطة ظن السلامة عن العذر.
ومن البين أن الاستصحاب إنما يجري إذا اختص الشك بالزمان اللاحق،
ولا يسري إلا السابق، بأن يكون في زمان الشك عالما بثبوت المستصحب في
السابق، وليس الأمر هنا كذلك، لأنه بعد طرو العذر لا يقطع بأن الكفارة وجبت
عليه سابقا في الواقع بل يشك فيه أيضا.
نعم يعلم أنها كانت واجبة عليه ظاهرا لكن الوجوب الظاهري لما كان
دائرا مدار الظن بالسلامة ومنوطا به، فبزواله يقطع بزواله، كما لو اعتقد كون
الشئ المائع خمرا أولا، ثم شك في خمريته فشك في حرمته، فحينئذ لا يجوز
استصحاب الحرمة الظاهرية - السابقة - حين اعتقاد الخمرية، وهو واضح غاية



(1) ليس في " ف ": لم.
(2) في " ج " و " ع ": ظن.
(3) في " ف ": علم.
(4) الزيادة اقتضاها السياق.
188
الوضوح.
ومن جميع ذلك علم أن مرادنا بسقوط الكفارة بطرو العذر: كشف العذر
عن كون الكفارة غير واجبة عليه من أول الأمر، لا الاسقاط الحقيقي بمعنى
استقرار الوجوب عليه ثم ارتفاعه وزواله بطرو العذر.
حكم الكفارة المأتي بها عند تبين فساد الصوم
" فلو " أفطرت المرأة الصائمة الظانة للسلامة من العذر، فبنت على
التكفير، و " أعتقت " رقبة كفارة لافطارها بمقتضى ظن السلامة " ثم حاضت،
فالأقرب بطلانه " إذا الحيض كاشف عن أنه لم يكن عليها كفارة من أول الأمر
كما لو شهد عدلان عند الحاكم بما يوجب اعتاق الشخص لعبده، فألزمه
بالاعتاق فأعتق، ثم تبين كذبهما، حيث حكم المصنف في مبحث العتق
ببطلانه (1).
فلو كانت الكفارة مستقرة عليها وكان طرو الحيض رافعا لها، لم يكن
معنى لبطلان العتق، إذ لو سلم رافعية العذر للوجوب المستقر فإنما هي قبل
الامتثال، وأما بعده فلا وجوب حتى يرفعه العذر، ومقتضى ذلك صحة العتق
لحصول الامتثال به.
من عجز عن صوم شهرين متتابعين
" الخامس: لو وجب شهران متتابعان " سواء كان بكفارة أو بنذر " فعجز،
صام ثمانية عشر يوما " لرواية أبي بصير وسماعة بن مهران " قالا: سألنا أبا
عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين، فلم يقدر على
الصيام (ولم يقدر على العتق) (2) ولم يقدر على الصدقة؟ قال: فليصم ثمانية عشر
يوما عن (3) كل عشرة أيام (4) ثلاثة أيام " (5).



(1) قواعد الأحكام 2: 99.
(2) ما بين المعقوفتين من التهذيب
(3) في النسخ: " من " وصححناه على ما في المصدر.
(4) في " م ": كل عشرة مساكين، وصححه الناسخ في الهامش ب‍ " أيام ". وانظر صفحة 191
والهامش 7 هناك.
(5) الإستبصار 2: 97، الحديث؟ 5
189
لكن الظاهر أن الرواية غير صحيحة، فالتعويل عليها مشكل.
اللهم إلا أن يكون الحكم مشهورا، وإلا فالحكم بوجوب الصدقة بما
تمكن (1) في كفارة شهر رمضان أحسن، وفاقا لصاحب المدارك (2) والمحكي عن
ابن الجنيد (3) والصدوق في المقنع (4)، لرواية عبد الله بن سنان - الموصوفة بالصحة
في كلام جمع - عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل أفطر في شهر رمضان يوما
واحدا متعمدا (5) من غير عذر؟ يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو
يطعم ستين مسكينا، فإن لم يقدر تصدق بما يطيق " (6).
وقريبة منه رواية أخرى (7).
والظاهر أن هذه أخص من السابقة فتقدم.
والمحكي عن الشهيدين: التخيير بين الأمرين (8) وهو حسن مع تكافؤ
الخبرين.
" فإن عجز " عن صوم ثمانية عشر أو التصدق أصلا - على الخلاف المتقدم -
" استغفر الله تعالى ".
والظاهر عدم الخلاف فيه، ويدل عليه رواية أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام " كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه (من) (9) صوم أو عتق أو



(1) في " ف " و " م ": بما يمكن.
(2) المدارك 6: 82.
(3) حكاه عنه العلامة في المختلف: 226.
(4) المقنع (الجوامع الفقهية): 16.
(5) في الوسائل: متعمدا يوما واحدا.
(6) الوسائل 7: 28 - 29 الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(7) الوسائل 7: 29 نفس الباب، الحديث 2.
(8) الدروس 74، المسالك 1: 58.
(9) الزيادة من الوسائل.
190
صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك مما تجب على صاحبه فيه الكفارة،
فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار " (1).
من قدر على أكثر أو أقل من
ثمانية عشر يوما
" ولو قدر على أكثر من ثمانية عشر يوما أو على الأقل، فالوجه عدم
الوجوب " للأصل، نعم لا يبعد وجوب الأقل عملا بالخبر المشهور بقوله عليه السلام:
" ما لا يدرك كله لا يترك كله " (2) " والميسور لا يسقط بالمعسور " (3) و " وإذا أمرتكم
بشئ فأتوا منه ما استطعتم " (4).
من قدر على العدد دون التوالي
" أما لو قدر على العدد دون الوصف " أعني: التوالي " فالوجه وجوب
المقدور " ولم أعرف هذا الوجه بعد دلالة الرواية على وجوب صوم ثمانية عشر مع
العجز عن صيام شهرين متتابعين (5). ورواية " ما لا يدرك كله لا يترك كله " (6)
واختاها، لا تجري في الأمور المقيدة والمركبات الذهنية - كما فيما نحن فيه - مع
أن الرواية أخص منها.
اللهم إلا أن يقال: إن مدلول الرواية حكم صورة العجز عن أصل
الصيام، فليتأمل.
من صام شهرا فعجز
" ولو صام شهرا فعجز، احتمل وجوب تسعة " لكون كل ثلاثة أيام من
الثمانية عشر بدلا من عشرة أيام من الشهرين، كما في الخبر (7) في إحدى
النسختين.



(1) الوسائل 15: 554 الباب 6 من أبواب الكفارات، الحديث الأول.
(2) عوالي اللآلي 4: 58، الحديث 207.
(3) عوالي اللآلي 4: 58، الحديث 205 ولفظه: " لا يترك الميسور بالمعسور ".
(4) عوالي اللآلي 4: 58، الحديث 206 ولفظه: " إذا أمرتم بأمر فأتوا منه بما استطعتم ".
(5) تقدمت الرواية في صفحة 189، وانظر الهامش 5 هناك.
(6) ليس في " ف ": لا يدرك كله.
(7) المتقدم في صفحة 189، والنسخة الأخرى رواها الشيخ قدس سره في التهذيب 4: 312، الحديث
944 وفيه: عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام، وانظر الهامش 4 في صفحة 189.
191
" و " يحتمل وجوب مجموع " ثمانية عشر " إذ يصدق عليه أنه لا يقدر على
الصيام وأخويه فيدخل في الرواية، لأن عدم القدرة فيها أعم من أن يكون
ابتداء أو يحصل في الأثناء.
" و " يحتمل " السقوط " رأسا، لا لما قيل من أنه عجز وصام ثمانية عشر،
لأن بدلية صوم ثمانية عشر ليست إلا إذا وقعت حال العجز لا حال القدرة - كما
هو ظاهر من الرواية (1) - بل للأصل واختصاص مورد السؤال في الرواية بحكم
التبادر بمن لم يقدر ابتداء وعدم الدليل على بدلية كل ثلاثة عن عشرة.
تعذر الماء بعد التمكن من الغسل
" السادس: لو أجنب ليلا وتعذر الماء وتعذر الماء بعد تمكنه من الغسل حتى أصبح
فالقضاء على إشكال " منشأوه: الاطلاقات الدالة على وجوب القضاء بعدم
الاغتسال (2) مع أنه مفرط في التأخير.
ومن الأصل واختصاص الاطلاقات بصورة التمكن بحكم التبادر ومنع
التفريط لعدم وجوب الغسل فورا، وهذا أقوى وإن كان الأول أحوط.
نعم لو علم أو ظن عدم تمكنه بعد زمان التمكن وجب عليه في ذلك
الزمان، فإن أخر فالظاهر وجوب القضاء والكفارة، لأنه في معنى الباقي على
الجنابة متعمدا.



(1) المتقدمة في صفحة 189.
(2) الوسائل 7: 40 الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
192
المطلب الرابع
" في بقايا مباحث موجبات الافطار "
وجوب القضاء بالافطار
و " يجب بالافطار " في الجملة " أربعة " أشياء:
" الأول: القضاء وهو واجب على كل تارك " للصوم " عمدا بردة أو سفر "
مبيح للافطار " أو مرض " كذلك، " أو نوم أو حيض أو نفاس " حاصلين في جزء
من النهار، " أو بعير عذر - مع وجوبه عليه - ".
وجوب القضاء بالارتداد
أما وجوب القضاء بفوت الصوم بالارتداد فالظاهر عدم الخلاف فيه بين
الأصحاب - كما حكي عن الذخيرة - (1) واستدل عليه بعضهم بالعمومات
الدالة على وجوب قضاء ما فات من الصيام.
أقول: لم أظفر بعد على مثل هذه المطلقات أو العمومات، نعم قد أدعي
الاجماع على وجوب القضاء على كل من أفسد (1) صومه عدا ما استثني، وهو
حسن لو ثبت، (عدا ما يزعم من) (3) روايتي الحلبي وابن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام



(1) ذخيرة المعاد: 526.
(2) في " ف " و " م ": فسد.
(3) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
193
الأولى: " قال: إذا كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليقضه
في أي الشهور (1) شاء، أياما متتابعة " (2).
والثانية: " أنه قال: من أفطر من رمضان في عذر، فإن قضاه
متتابعا فهو أفضل وإن قضاء متفرقا فحسن " (3)
وليس فيهما دلالة على المطلب. أما في الأولى: فلأنه إنما تدل (4) على
التوسعة في القضاء لمن كان عليه القضاء، وليس الكلام إلا فيمن عليه، وليس
فيها بيان لمن عليه القضاء عموما أو خصوصا، بل المراد بيان الحكم بالتوسعة
لمن عليه قضاء، فإذا وقع الكلام في المرتد - مثلا - أو غيره أنه هل عليه قضاء
وهل عليه شئ من صوم رمضان أم لا؟ فلا تدل هذه الرواية على أن عليه قضاء.
نعم بعد ما ثبت أن عليه القضاء إذا وقع الكلام في أنه فوري أم لا؟ فهذه
الرواية تدل على التوسعة.
وكذا الرواية الثانية (لاختصاصها بذوي الأعذار فلا يشمل مثل المرتد
مثلا) (5) مضافا إلى إمكان أن يقال: إن الرواية واردة في مقام بيان الرخصة في
تفريق القضاء لمن عليه القضاء لا في مقام بيان وجوب القضاء فحكم هذه
الرواية بعد الفراغ عن وجوب القضاء على الشخص.
اللهم إلا أن يقال: إنها دالة على التوسعة في القضاء لكل من أفطر في
عذر، والتوسعة والتخيير بين التتابع والتفريق فرع وجوب أصل القضاء فيدل



(1) في " ف ": الشهر.
(2) الوسائل 7: 249 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 5 باختلاف يسير، وليس
في " ف ": أياما متتابعة.
(3) الوسائل 7: 249 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
(4) في " ف ": فلأنه لا يدل.
(5) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
194
عليه بالالتزام العرفي.
وكيف كان، فلم أعثر على إجماع أو دليل يدل باطلاقه أو عمومه على
وجوب قضاء الصوم على كل من لم يصم لعذر أو لغيره، لكن عليك بالتتبع لعلك
تجد ذلك، ولا اعتبار بعدم عثوري لقلة الكتب عندي، وليس عندي من كتب
الأخبار إلا الاستبصار.
ثم لا يتوهم أحد أن الاطلاقات الدالة على سقوط القضاء عن الكافر
إذا أسلم وقوله صلى الله عليه وآله: " الاسلام يجب ما قبله " (1) تدل على سقوط
القضاء عن المرتد، وذلك لأن المتبادر الكافر الأصلي دون غيره.
وجوب القضاء بالسفر والمرض والنوم
وأما وجوب القضاء إذا فات بالسفر أو المرض المبيحين، فهو أيضا موضع
وفاق. ويدل عليه - أيضا - الكتاب والسنة المستفيضة.
وأما وجوبه إذا فات بالنوم، والمراد به أن لا يسبق النية من الشخص
ويستمر نومه إلى زمان يخرج وقت تدارك النية وهو ما قبل الزوال أو أزيد منه
- على الخلاف - فهو مما لم أعثر على دليل عليه، ولا يشمله أيضا إطلاق رواية
ابن سنان المتقدمة (2) إذ لا يصدق على هذا الشخص أنه أفطر لعذر.
وجوب القضاء بالحيض والنفاس
وأما وجوب القضاء إذا فات بالحيض أو النفاس، فهو أيضا موضع وفاق
- على ظاهر - ويدل عليه - مضافا إلى ما سيأتي من الأخبار الدالة على
اشتراط وجوبه بالخلو عنهما، المشتملة على ذكر وجوب القضاء - روايتا زرارة
والحسن بن راشد في خصوص الحيض.
الأولى: عن أبي جعفر عليه السلام " قال: الحائض ليس عليها أن تقضي
الصلاة وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان " (3).



(1) عوالي اللآلي 2: 54، الحديث 145 كنز العمال 1: 66، الحديث 243.
(2) المتقدم في صفحة 194.
(3) الوسائل 2: 589 الباب 41 من أبواب الحيض، الحديث 2 وليس فيه: الحائض.
195
والثانية عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: قلت له: الحائض تقضي
الصلاة؟. قال: لا. قلت: تقضي الصوم؟ قال: نعم. قلت: من أين جاء هذا؟.
قال: أول من قاس إبليس.. الرواية " (1).
وجوب القضاء على تارك الأداء بغير عذر
وأما وجوبه على تارك الأداء بغير عذر، فإن كان تركه بأحد الأسباب
المفسدة - التي نص على وجوب القضاء فيها لصدق الافطار عليها كالأكل والشرب والجماع ونحوها، أو بالخصوص كالنوم الثاني للجنب وترك غسل
الحيض - فهو الدليل على وجوب القضاء. وأما إن كان تركه لشئ آخر مثل
ترك النية أو نية الافطار بناء على حصول الافساد به فيحتاج الحكم بوجوب
القضاء فيه إلى نص - خاص أو عام - ولم أعثر على واحد منهما ولا على
الاجماع المدعى سابقا.
" والمرتد عن فطرة وغيرها " أي: عن ملة " سواء " في الحكم بوجوب
القضاء.
فوت الصوم بالجنون والصغر والكفر والاغماء
" ولا يجب " القضاء " لو فات " الأداء " بجنون أو صغر أو كفر أصلي أو
اغماء " إجماعا في الأولين، وقد يحتج لهما بقوله صلى الله عليه وآله: " رفع القلم عن
ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى
يفيق " (2).
وفيه ما لا يخفى، لأنه إن أريد به رفع القلم عنهما بالنسبة إلى القضاء، فلا
ريب في أن الكلام في وجوبه عليهما بعد البلوغ والإفاقة، وإن أريد به نفي الأداء



(1) في الوسائل 2: 589 الباب 41 من أبواب الحيض، الحديث 3.
(2) روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة وبتقديم وتأخير، والمعنى في جميعها واحد، والمروي في الوسائل
1: 32 الباب 4 من أبواب مقدمات العبادات، الحديث 11 ما يلي: عن ابن ظبيان قال: أتي
عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال علي عليه السلام: أما علمت أن القلم يرفع عن
ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ.
196
عنهما المستلزم لنفي القضاء فالملازمة ممنوعة، فالعمدة هو الاجماع.
سقوط القضاء عن الكافر
وأما السقوط عن الكافر بعد ما أسلم، فيدل عليه - مضافا إلى عموم
قوله عليه السلام: " الاسلام يجب ما قبله " (1) - روايات:
منها: رواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن رجل أسلم
في النصف من شهر رمضان، ما عليه من صيامه؟ قال: ليس عليه إلا ما أسلم
فيه " (2).
ومنها: رواية العيص بن القاسم " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام، هل عليهم أن يقضوا (3) ما مضى
منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ قال: ليس عليهم قضاء ما مضى (4) ولا يومهم
الذي أسلموا فيه إلا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر (5).
وتقييد " الكفر " بالأصلي يحتمل أن يراد به إخراج المرتد فقط، ويحتمل
أن يراد به إخراجه وإخراج من انتحل الاسلام من الفرق المحكوم بكفرهم
كالخوارج والغلاة والنواصب.
حكم الفرق الضالة
أما المرتد فقد مضى من المصنف الحكم بوجوب القضاء (عليه) (6).
وأما من انتحل الاسلام فالظاهر من بعض عدم وجوب القضاء عليهم
إذا أوقعوا الأداء صحيحا بحسب اعتقادهم، ووجوبه إذا أوقعوه فاسدا كذلك،
وكذا حكم غيرهم من المخالفين إذا استبصروا.



(1) عوالي اللآلي 2: 54، الحديث 145 وكنز العمال 1: 66، الحديث 243.
(2) الوسائل 7: 239 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 2.
(3) في الوسائل: أن يصوموا.
(4) ليس في " ف " ولا الوسائل، ما مضى.
(5) الوسائل: 238 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول.
(6) الزيادة اقتضاها السياق، انظر صفحة 193.
197
واستند في الثاني إلى العمومات الدلة على وجوب القضاء - المتناولة لهم
أيضا -.
وفي الأول إلى رواية محمد بن مسلم وبريد والفضيل (1) وزرارة عنهما
عليهما السلام " في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء كالحرورية (2) والمرجئة (3)
والعثمانية (4) والقدرية (5) ثم يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه، يعيد (6) كل
صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج، أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك؟ قال:
ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة فإنه لا بد (7) من أن يؤديها، لأنه وضع
الزكاة في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية " (8).
ورواية بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: وسألته عن رجل
وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين، ثم من الله عليه فعرف
هذا الأمر، يقضي حجة الاسلام؟ فقال عليه السلام: يقضي أحب إلي، وقال: كل
عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله تعالى عليه وعرفه الولاية فإنه



(1) في " ف ": وبريد بن الفضيل.
(2) في " ج " و " ع " هنا زيادة ما يلي: وهم الخوارج. والحرورية: فرقة ممن كانوا مع علي عليه السلام
وخالفته بعد تحكيم الحكمين، وهم المارقون، وحاربهم علي عليه السلام بالنهروان، وسموا بالحرورية
لوقوع الحرب معهم في منطقة " حروراء " (قرية بظاهر الكوفة). انظر المقالات والفرق: 5،
ومعجم البلدان 2: 245.
(3) المرجئة: هم القائلون بارجاء صاحب الكبيرة إلى القيامة، وهم أصناف. انظر المقالات والفرق:
5 - 6 والملل والنحل 1: 125 والفرق بين الفرق 25، 202.
(4) العثمانية: هم المطالبون بدم عثمان بن عفان بعد قتله من أهل الشام والبصرة ومن أيدهم بعد
ذلك.
(5) القدرية: هم جاحدوا القدر وقال الأزهري: هم قوم ينسبون إلى التكذيب بما قدر الله من
الأشياء. تاج العروس 3: 482.
(6) في الوسائل: أيعيد.
(7) في الوسائل: ولا بد.
(8) الوسائل 6: 148 - 149 الباب 3 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 2.
198
يؤجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيد (1) لأنه وضعها في غير موضعها (2) (لأنها لأهل
الولاية) (3) وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه القضاء " (4).
سقوط القضاء بالاغماء
وأما سقوط القضاء بالاغماء فهو مذهب الشيخ في النهاية (5) والمبسوط (6)
وابن إدريس (7) - على ما حكي عنه - والمحقق (8) والمصنف (9) وحكي عن عامة
المتأخرين مطلقا. " ولو (10) لم ينو قبله " وزاد المصنف في التعميم بقوله: " أو عولج
بالمفطر " ومستندهم رواية أيوب (11) بن نوح قال: " كتبت إلى أبي الحسن الثالث
عليه السلام أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته أم لا؟ فكتب:
لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة " (12).
(ورواية علي بن مهزيار " قال: سألته عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل
يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب: لا يقضي الصوم ولا يقضي
الصلاة ") (13).



(1) في المصدر: يعيدها.
(2) في المصدر: مواضعها.
(3) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(4) الإستبصار 2: 145، الحديث الأول: وفيه: فليس عليه قضاء.
(5) النهاية: 165.
(6) المبسوط 1: 285.
(7) السرائر 1: 409.
(8) المعتبر 2: 696.
(9) قواعد الأحكام 1: 66.
(10) في القواعد: وإن لم ينو قبله.
(11) في " ج " و " ع ": يونس، وفي هامش " ع ": في نسخة: أيوب.
(12) الوسائل 7: 161 الباب 24 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث الأول.
(13) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ". والحديث مروي في الوسائل 7: 161 الباب 24
من أبواب من يصح منه الصوم الحديث الأول عن أيوب بن نوح باختلاف يسير، وأما
المروي عن علي بن مهزيار فهو الحديث 6، وفيه: عن علي بن مهزيار أنه سأله يعني
أبا الحسن الثالث عليه السلام - عن هذه المسألة يعني: مسألة المغمى عليه، فقال: لا يقضي
الصوم ولا الصلاة، وكلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر.
199
خلافا للمحكي عن المشايخ الثلاثة (1) فقالوا بوجوب القضاء
إن (2) لم يسبق منه النية، قال في المدارك: ولم أقف للقائلين بالوجوب على حجة
يعتد بها (3).
أقول: لو ثبت دليل دال (4) على وجوب القضاء بفوت الصوم كما ادعاه
هذا المحقق في مواضع (5) فلعله هو دليلهم (6) نظرا إلى فساد الصوم بعدم النية
- كما في النائم إذا لم يسبق منه النية - فكما لا يوجد في الاغماء دليل على وجوب
القضاء كذا في النوم، ولو دل العموم (7) المدعى (8) على وجوب القضاء في النوم
- كما استدل به عليه فيه - دل على القضاء في الاغماء.
والفرق بين النوم والاغماء - كما أدعوه - لم يتحقق، وسيجئ الكلام
(فيه) (9) اللهم إلا أن يفرق بالاجماع.



(1) نسبه الفاضلان إلى الشيخ كما في الجواهر 17: 13 والمبسوط 1: 285، وأما الشيخ المفيد فقد
ذكره في المقنعة: 352، وأما الثالث وهو السيد المرتضى في رسائل الشريف المرتضى (المجموعة
الثالثة): 57.
(2) في " ج " و " ع ": وإن.
(3) مدارك الأحكام 6: 194. وفيه: ولم نقف.
(4) في " ف ": الدال.
(5) منها ما في المدارك 6: 204 حيث قال: إنما وجب القضاء على المرتد بنوعيه لعموم الأدلة الدالة
على وجوب قضاء ما فات من الصيام المتناولة للمرتد وغيره السليمة من المعارض.
(6) في " ف ": دليل.
(7) كذا في " م " وفي سائر النسخ: عموم.
(8) انظر المدارك 6: 143.
(9) الزيادة اقتضاها السياق، ولم نقف على ذلك فيما بأيدينا من النسخ.
200
نعم يمكن الجواب عن هذا العموم - على فرض وجوده - بتخصيصه
بالروايتين (1) جمعا.
فالقول بالوجوب ضعيف كضعف ما احتج به لهم في المختلف - على
ما حكي عنه - من أن الاغماء مرض فيدخل في عموم ما دل على ثبوت القضاء
إذا فات الصوم بالمرض، ومن أنه يجب عليه قضاء الصلاة فكذا الصوم، لعدم
القول بالفرق (2).
أما الأول: فلعدم صدق المرض عليه أو عدم انصرافه إليه، وعلى فرض
تسليمهما فعمومات وجوب القضاء بسبب المرض مخصصة بالروايتين، لأنهما
خاصتان.
وأما الثاني: فلمنع الحكم في الصلاة - أولا - وما دل على وجوب قضائها
لعله محمول على الاستحباب بقرينة الروايتين المصرحتين بعدم وجوب قضائها.
ومنع عدم الفرق - ثانيا -.
وما أدعي من عدم القول بالفرق غايته أن يكون بالنسبة إلينا اجماعا
مركبا منقولا لا يعارض الروايتين مع اشتهار مضمونهما سيما بين المتأخرين.
و (3) تسليم تعارض ما ذكر من الدليل مع الروايتين وتساقطهما والرجوع
إلى الأصل - ثالثا -.
اللهم إلا على فرض وجود عموم دال على وجوب قضاء ما فات، فتأمل.
ثم إن ما ذكره المصنف من التعميم لصورة المعالجة بالمفطر كذلك،
ولا يتوهم وجوب القضاء حينئذ (4) للأدلة الدالة على كون هذا الشئ مفطرا
وموجبا للقضاء لأن مورد تلك الأدلة حال (5) التكليف، ولذا لا توجب شيئا على



(1) المتقدمتين في صفحة 199.
(2) المختلف: 228.
(3) ليس في " ف ": واو.
(4) ليس في " ج " و " ع ": حينئذ.
(5) في " ف ": حين.
201
الناسي وشبهه.
استحباب التتابع في القضاء
" ويستحب التتابع " في القضاء لما فيه من المسارعة إلى الخير ولرواية (1)
ابن سنان المتقدمة (2). وحكي عن ابن إدريس أنه حكى عن بعض الأصحاب:
أنه يستحب التفريق، وحكي عنه - أيضا - أنه حكى عن بعض: أنه يستحب
تتابع ستة تفريق البواقي (3).
وهما ضعيفان، ومستندهما ضعيف بالنسبة إلى أدلة استحباب التتابع، ولو
سلم التكافؤ فالمرجع بعد التساقط عمومات المسابقة إلى الخبر مضافا إلى
تأيده (4) بالاحتياط.
واعلم أن الظاهر عدم كون وجوب القضاء فوريا.
ويدل عليه - مضافا إلى إطلاقات وجوب القضاء - خصوص رواية
الحلبي المتقدمة (5) " فليقضه في أي الشهور شاء، أياما متتابعة " وكذا رواية ابن
سنان المتقدمة (6) حيث دلت على جواز التفريق المنافي لوجوب المبادرة (7).
ويدل عليه - أيضا - رواية حفص بن البختري عن أبي عبد الله
عليه السلام " قال: كن نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك
إلى شعبان كراهة أن يمنعن رسول الله صلى الله عليه وآله " (8).
خلافا للمحكي عن أبي الصلاح (9) وهو ضعيف غير واضح المستند (10).
واعلم أن المصنف رحمه الله اكتفى عن الحكم بعدم وجوب الفورية بالحكم
باستحباب التتابع.



(1) في: ولروايتي.
(2) في صفحة 194.
(3) السرائر 1: 405 - 406.
(4) في " ج " و " ع ": إلى ما يؤيده.
(5) في صفحة 194.
(6) في صفحة 194.
(7) في " ف ": العبادة.
(8) الوسائل 7: 360 الباب 28 من أبواب الصوم المندوب. الحديث 2.
(9) الكافي في الفقه: 184.
(10) في " ف ": السند.
202
مسائل متفرقة

203
(مسائل متفرقة) (1)
(1) العنوان زيادة منا، ولا بد أن نشير إلى أنا وجدنا 24 مسألة كتبها المؤلف قدس سره كملحق
لشرح ما ورد من مسائل الصوم في " الإرشاد " و " القواعد ". وقد لا حظنا خلال التحقيق النقاط التالية:
ألف: إن أكثر عناوين هذه المسائل قد ذكرها العلامة قدس سره في كتاب الإرشاد.
ب: اتحاد عناوين بعض هذه المسائل وتكرار البحث عنها ببيانين مختلفين كالمسألة 8 و 21
والمسألة 9 و 22.
ج: إن هذه المسائل وردت متتابعة - حسب ما أثبتناه هنا - في نسخة " ف " بينما ورد بعضها في
نسخ " ج " و " ع " و " م " بعد " شرح الإرشاد " وبعضها الآخر بعد " شرح القواعد ".
ولما كان ترتيب المسائل في " ف " أنسب بنظرنا فقد انتهجنا نهجها في ترتيب هذه المسائل وإليك
عناوين هذه المسائل.
المسألة الصفحة
علامات البلوغ 207
2 - ادعاء الصبي الاحتلام أو البلوغ 216
3 - بلوغ الصبي في نهار رمضان 217
4 - التطوع لمن عليه فريضة 223
5 - حكم من فاته الصيام العذر 227
6 - عدم وجوب الفور في القضاء 230
7 - من فاته شهر رمضان فمات 232
8 - جواز الافطار في قضاء رمضان قبل الزوال 241

205
9 - شرعية صوم الصبي المميز 244
10 - صوم المستحاضة 246
11 - حكم آفاق البلدان 253
12 - صوم المسافر 257
13 - الصوم في السفر 266
14 - حكم صوم المريض 271
15 - صوم الحامل المقرب 274
16 صيام الشيخ والشيخة 278
17 - من مرض في شهر رمضان فمات 284
18 - من استمر به المرض إلى رمضان القابل 286
19 - إذا برء المريض بعد خروج رمضان 290
20 - لو مات الرجل وعليه صيام 295
21 - هل يجوز الافطار قبل الزوال في القضاء؟ 298
22 - شرعية صوم الصبي 303
23 - صيام من استغرق نومه مجموع النهار 308
24 - حكم صوم الكافر 314

206
مسألة (1)
(1)
علائم البلوغ
يعلم البلوغ بالسن وخروج المني وانبات الشعر الخشن على العانة.
أما السن فهو في الذكر خمس عشرة سنة على المشهور كما عن جماعة
بل عن الخلاف (2) والغنية (3) الاجماع عليه - كما عن ظاهر السرائر (4) في باب
النوادر عن كتاب القضاء، وظاهر التذكرة في كتاب الحجر (5)، وظاهر كنز
العرفان (6) وآيات الأحكام (7) للأردبيلي، وظاهر مجمع البيان (8)، وكشف



(1) ورد في أول هذه المسألة في " ف " ما يلي: قد وجد من خطه الشريف قدس سره هكذا مكتوبا
بطريق الاستقلال، وفي " ج ": و " ع ": إلى هنا شرح الإرشاد ومن هنا شرح القواعد ومسائل
متفرقة مستقلة.
(2) الخلاف 3: 282 المسألة 2.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): 532.
(4) السرائر 2: 199.
(5) التذكرة 2: 75.
(6) كنز العرفان 2: 102.
(7) آيات الأحكام: 480.
(8) مجمع البيان 3: 9.
207
الرموز (1)، وعن المقتصر: أنه مذهب جمهور الأصحاب (2)، وعن المسالك: كاد
أن يكون اجماعا (3).
ويدل على هذا القول - مضافا إلى الأصول الكثيرة، وعموم ما دل من
الكتاب (4) والسنة (5) على عدم انقطاع الصبا إلى أن يحتلم، خرج من أكمل
الخمس عشرة، وبقي الباقي - صريح النبوي: " إذا استكمل المولود خمس
عشرة سنة، كتب ما له وما عليه، وأخذت منه الحدود " (6).
وعن مستطرفات السرائر. عن كتاب المشيخة لابن محبوب، عن حمزة بن
حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع، ولا
يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة (7) (أو يحتلم) (8) أو يشعر أو ينبت
قبل ذلك " (9).
وحسنة يزيد الكناسي " الغلام إذا زوجه أبوه ولم يدرك، كان له الخيار (10)
إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك " (11)
وما تقدم من الشهرة المحققة وحكاية الاجماع - مستفيضة - يجبر ما في



(1)
كشف الرموز 1: 552.
(2) المقتصر: 194.
(3) المسالك 1: 197.
(4) النور: 24 / 59.
(5) الوسائل 13: 430 الباب 44 من أبواب أحكام الوصايا، الحديث 9.
(6) تلخيص الحبير 3: 42، الحديث 1241.
(7) ليس في المصدر: سنة.
(8) الزيادة من المصدر.
(9) السرائر 3: 596 وانظر الوسائل 1: 30 الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 2.
(10) في الوسائل: كان بالخيار.
(11) الوسائل 14: 209 الباب 6 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد، الحديث 9.
208
هذه الروايات من ضعف - لو كان -
خلافا للمحكي عن الصدوق رحمه الله في باب انقطاع يتم اليتيم (1)، وعن
الكفاية (2) والمفاتيح (3): من أنه في الذكر اكمال الثالث عشر والدخول في الرابع
عشر، ويحكى نسبته إلى الشيخ في كتابي الأخبار (4) وابن الجنيد (5). وعن المقدس
الأردبيلي رحمه الله: تقويته (6)، لعموم ما دل على ثبوت التكاليف الشرعية على كل
مميز، خرج منه من دون الثلاث عشرة، وللروايات المستفيضة:
منها: رواية ابن سنان الموثقة - وعن بعض تصحيحها، وعن آخر
تحسينها - عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا بلغ الغلام أشده ثلاث عشرة سنة،
ودخل في الأربع عشرة، وجب عليه ما وجب على المحتلمين، احتلم أو لم يحتلم،
وكتبت عليه السيئات، وكتبت له الحسنات، وجاز أمره في كل شئ إلا أن يكون
ضعيفا أو سفيها " (7).
وقريب منها روايتان أخريان لعبد الله بن سنان - أيضا (8).
ومنها: خبر أبي حمزة الثمالي " قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك في
كم يجري الأحكام على الصبيان؟ قال: في ثلاث عشرة سنة وأربع عشرة سنة،
قلت: فإنه لم يحتلم؟ قال: وإن لم يحتلم فإن الأحكام تجري عليه " (9).



(1) الفقيه 4: 221، الحديث 5519.
(2) كفاية الأحكام: 112.
(3) مفاتيح الشرائع 1: 14.
(4) التهذيب 9: 183، الحديث 739 والاستبصار 1: 408، الحديث 1560.
(5) نقله عنه العلامة في المختلف: 423.
(6) مجمع الفائدة 8: 153 وفيه: وفي تحققه بالشروع في أربعة عشر وجه قوي.
(7) الوسائل 13، 431 الباب 44 من أحكام الوصايا، الحديث 11 مع اختلاف يسير.
(8) الوسائل 13: 430 الباب 44 من أحكام الوصايا، الحديثان 8 و 12.
(9) الوسائل 13: 432 الباب 45 من أحكام الوصايا، الحديث 3 مع اختلاف في التعبير.
209
ومنها: موثقة عمار " قال: سألت أبا عبد الله عن الغلام متى تجب عليه
الصلاة؟ قال: إذا أتى عليه ثلاث عشرة سنة، فإن احتلم قبل ذلك فقد وجبت
عليه (الصلاة، وجرى عليه القلم) (1) والجارية مثل ذلك إذا أتى لها ثلاث عشرة
سنة، أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة، وجرى عليها
القلم " (2).
والجواب، أما عن العمومات: فبتخصيصها بما دل بعمومه على اعتبار
الاحتلام في ثبوت القلم، مضافا إلى ما ذكر وما لم يذكر من الروايات الخاصة.
وأما عن روايات ابن سنان - التي هي بمنزلة رواية واحدة بطرق
متعددة - فأحكم ما يقال فيها وفي روايتي الثمالي والساباطي - المشتمل أولاهما
على الترديد بين الثلاث عشرة والأربع عشرة أو التخيير بينهما، والثانية على اتحاد
حكم الأنثى والذكر، ولم يقل بشئ من ذلك أحد - أنها لا تقاوم أدلة المشهور،
من جهة اعتضادها بالشهرة وحكاية الاجماع مستفيضة، مع أنها - على فرض
التكافؤ - لا بد من الرجوع إلى العمومات والأصول القطعية.
وقد يتوهم وجوب حمل أخبار المشهور على التقية، من جهة موافقتها
للمحكي عن الشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد بن الحسن والأوزاعي.
وفيه: أن من عدا الأوزاعي من هؤلاء متأخر عن زمان الباقر عليه السلام
الذي كان يفتي بمر الحق - كما عن ولده الصادق عليه السلام - (3) فلا تتحقق التقية،



(1) الزيادة من المصدر.
(2) الوسائل 1: 32 الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 12
(3) وهذا مضمون رواية وردت في الإستبصار 1: 285 باسناده عن أبي بصير: " قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام متى أصلي ركعتي الفجر؟ قال لي: بعد الطلوع الفجر، قلت له: إن أبا جعفر
عليه السلام أمرني أن أصليهما قبل طلوع الفجر؟! فقال: يا أبا محمد إن الشيعة أتوا أبي
مسترشدين فأفتاهم بمر الحق، وأتو بي شكاكا فأفتيهم بالتقية ". وبمعناه أيضا ما ورد في باب
القنوت من الإستبصار 1: 340 - 341.
ونقله في الوسائل 4: 897 في الباب الأول من أبواب القنوت، الحديث 10.
210
والأوزاعي كان بالشام - على ما حكي - وأغلب من يتقى عنه قضاة الحجاز
والعراق، مع أن مخالفة جمهور الإمامية لا تتدارك بمخالفة العامة - كما لا يخفى -
وكيف كان فالظاهر ضعف هذا القول. وأضعف منه ما يحكى عن
الإسكافي (1) أيضا من حصوله بإكمال الرابعة عشرة، ولم نجد ما يدل على مدعاه
إلا دعوى انصراف أدلة الخمس عشرة إل الطعن فيها بإكمال الأربع عشرة.
وربما يستدل له برواية الثمالي المتقدمة (2) - بناء على أن الترديد من
الرواي - فالمتيقن هو إكمال الأربع عشرة.
وفيه: ما لا يخفى.
وأضعف من هذين ما عن الكفاية (3) من نسبته إلى بعض القول بتحققه
بإكمال العاشر (4)، لما دل على جواز وصيته وغيرها، من الصدقة والوقف.
وفيه: ما لا يخفى، مضافا إلى ما ورد في الغلام الزاني بمحصنة " أنها لا
ترجم، لأن من نكحها ليس بمدرك " (5).
ونحوها ما ورد في طلاقه (6) وحجه (7).



(1) نقله عنه العلامة في المختلف: 423.
(2) في صفحة 209.
(3) كفاية الأحكام: 145.
(4) كفاية الأحكام: 112 وفيه: وقد روي أنه يحصل بعشر سنين.
(5) الوسائل 18: 362 الباب 9 من أبواب حد الزنا، الحديث الأول.
(6) الوسائل 15: 324 الباب 32 من أبواب مقدمات الطلاق، الحديث 2 و 6، لكن الروايتين
تدلان على صحة طلاقه إذا بلغ عشر سنين.
(7) الوسائل 8: 30 الباب 12 من أبواب وجوب الحج.
211
السن في الأنثى
وأما الأنثى فالأقرب أن بلوغها بالسن بإكمال التسع - كما هو المشهور -
بل عن الخلاف (1) والغنية (2) والسرائر (3) والتذكرة (4) والروضة (5). ويدل عليه
روايات، وما تقدم من رواية عمار لا قائل به (6) نعم عن ابن حمزة في باب
الخمس من (7) الوسيلة (8) وابن سعيد في صوم الجامع (9) والحجر منه (10) أنه
عشر سنين، وعن اللمعة (11) نسبته إلى المبسوط (12) وهذا القول مع احتمال إرادة
الدخول في العاشرة منه لم أجد له مستندا عدا رواية غياث بن إبراهيم، عن
الصادق عليه السلام " أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لا توطأ جارية لأقل من عشر
سنين " (13).



(1) الخلاف 3: 282 كتاب الصوم المسألة 2.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): 532.
(3) السرائر 1: 367.
(4) التذكرة 2: 75.
(5) الروضة البهية 2: 144. والظاهر سقوط كلمة " الاجماع " هنا كما يظهر من مراجعة الكتب
المذكورة، إلا أن في الروضة نسبه إلى المشهور، ونقل الاجماع عن ابن إدريس.
(6) جاءت العبارة في " ج " و " ع " هكذا: ويدل عليه الروايات ما تقدم من رواية عمار، ولا قائل به.
(7) في " ج " و " ع ": عن.
(8) الوسيلة: 137.
(9) الجامع للشرائع: 153.
(10) الجامع للشرائع: 360، وفيه: وبلوغ تسع سنين، وفي هامش الكتاب: في بعض النسخ زيادة:
إلى عشرة.
(11) اللمعة الدمشقية: 51 وانظر الروضة 2: 144.
(12) المبسوط 1: 266.
(13) الوسائل 14: 71 الباب 45 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 7.
212
طعن الذكر في الخامسة عشر
ثم الظاهر: أنه لا يكفي طعن (1) الذكر في الخامسة عشر، وعن التذكرة (2)
والمسالك (3) وجامع المقاصد أن عليه فتوى الأصحاب (4) وهو صريح النبوي
المتقدم (5) وصريح قوله عليه السلام - في الرواية -: " أن الجارية إذا (تزوجت و) (6)
دخل بها ولها تسع سنين.. " (7).
مع أن الظاهر من بلوغ خمس عشرة سنة: إكمالها لما (8) عن مصابيح
العلامة الطباطبائي رحمه الله (9) من الفرق بين بلوغ الخمس عشرة والبلوغ إلى
الخمس عشرة، وأن الثاني يحصل بالطعن، بخلاف الأول.
مضافا إلى الأصول والعمومات المتقدمة (10)
ومن هذه الأصول والعمومات يعلم وجوب إلحاق الخنثى بالذكر (11)
كيفية ثبوت السن
والسن إنما يثبت بالعلم وبشهادة العدلين، وفي ثبوته بقول الأبوين أو
أحدهما وجه قواه في الروضة (12) واستقرب خلافه السيد الأستاذ في المناهل (13) وهو
الأقرب.



(1) في هامش " ف " ما يلي: من ابتدأ الشئ أو دخله فقد طعن فيه (مجمع).
(2) التذكرة 2: 75.
(3) المسالك 1: 197.
(4) جامع المقاصد 5: 182.
(5) في صفحة 208.
(6) الزيادة من الوسائل.
(7) الوسائل 12: 268 الباب 14 عقد البيع وشروطه، الحديث الأول.
(8) كذا في النسخ، والظاهر: كما.
(9) لم نقف عليه.
(10) في صفحة 208 وما بعدها.
(11) في " م " زيادة: هنا.
(12) الروضة البهية 2: 145 لكنه قدس سره لم يقوه.
(13) المناهل: 85.
213
ثم إن التحديد بالسن لا يختلف في الأحكام المنوطة بالبلوغ بالاجماع
الظاهر المصرح به في المصابيح (1) - على ما حكي -.
خروج المني
الثاني مما يحكم معه بالبلوغ، خروج المني عن المخرج المعتاد للذكر،
بالكتاب والسنة والاجماع (المحقق والمحكي مستفيضا) (2) وكذلك الأنثى على
المشهور، بل عن مجمع الفائدة (3) والرياض (4): دعوى الاجماع على ذلك. وعن
التذكرة: أن عليه علماؤنا أجمع (5).
ويدل عليه: ما دل على أن انقطاع يتم اليتيم بالاحتلام - كما في رواية
هشام بن سالم - (6) وعلى رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم (7).
وتوهم إرادة خصوص الذكر - من الصبي - مدفوع بإرادة العموم من
أخويه - أعني: النائم والمجنون - بلا إشكال، سيما بملاحظة ما ورد من " أن
عمر هم برجم مجنونة زنت، فقال له علي عليه السلام: أما علمت أنه رفع القلم عن
الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ؟ (8) ".
ثم إن المناط العلم بكون الخارج منيا أو شهادة عدلين، ومع عدمهما
يرجع إلى الأوصاف المذكورة لوجوب الغسل على المنزل (9) إلا أن يدعى أن



(1) مخطوط.
(2) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(3) مجمع الفائدة 9: 185 وليس فيه دعوى الاجماع.
(4) رياض المسائل 1: 590.
(5) التذكرة 2: 74.
(6) الوسائل 13: 430 الباب 44 من أحكام الوصايا، الحديث 9،
(7) (8) الوسائل 1: 32 الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 11.
(9) في " م ": المنزل به.
214
الأسباب المنصوصة لوجوب الغسل لا تدل على ثبوت جميع أحكام المني حتى
البلوغ.
وفيه نظر ظاهر، مع أن ثبوت الوجوب يكفي لثبوت البلوغ إلا أن يراد (1)
مجرد السببية التي لا تنافي عدم البلوغ - كما في الصغير الواطئ أو الموطوء -.
وفي اعتبار خروجه من المخرج الطبيعي وجه قوي - كما عن الشرائع (2)،
والقواعد (3) وشرحه (4) - لوجوب حمل المطلق على المتعارف.
وفي اعتبار اقترانه بالشهوة - كما عن جامع المقاصد (5) - وجه،
للانصراف، والأقوى خلافه، بل الظاهر: ما يوجب الغسل.
ولو خرج من فرجي الخنثى فلا إشكال في بلوغها، وكذا لو خرج من
قضيبه مع بلوغه تسعا أو حيضه من الآخر.
ولو أمنى من أحدهما خاصة، فلو لم نعتبر الخروج من المخرج الطبيعي
فنحكم ببلوغه، كما عن العلامة في التذكرة (6) وعن الأردبيلي (7) الميل إليه بعد
الاعتراف بعدم معلومية كونه قولا لأحد. وإلا - كما هو المختار - فلا، وفاقا
للمحكي عن الفاضلين (8) والمحقق والشهيد الثانيين (9).
وفي اعتبار انفصال المني حسا أو كفاية تحركه عن موضعه إلى قريب
المخرج، وجهان.



(1) ليس في " ج " و " ع ": يراد.
(2) شرائع الاسلام 2: 99.
(3) قواعد الأحكام 1: 168.
(4) (5) جامع المقاصد 5: 181.
(6) التذكرة 2: 74 وفيها: إذا خرج المني من أحد فرجيه لم يحكم ببلوغه، فراجع.
(7) مجمع الفائدة 9: 192 - 193.
(8) المحقق في شرائع الاسلام 2: 100. والعلامة في القواعد 1: 168.
(9) المحقق قدس سره في جامع المقاصد 5: 181 والشهيد قدس سره في المسالك 1: 197.
215
مسألة
(2)
لو ادعى الصبي الاحتلام، فالمحكي عن المسالك (1) هو القبول بغير
ادعاء الصبي الاحتلام
بينة ولا يمين، وعن غاية المراد (2) حكاية ذلك عن الشيخ (3) والعلامة (4) واختاره
سيد مشايخنا في المناهل (5) - في باب القضاء - مدعيا ظهور الاتفاق عليه، ولعله
لأنه لا يعرف إلا من قبله ويتعسر إقامة البينة عليه، وقد علم من بعض
الأخبار (6) قبول قول المدعي فيما يتعذر أو يتعسر إقامة البينة عليه.
ادعاه الصبي البلوغ
وأما لو ادعى البلوغ بالسن، فالظاهر عدم القبول إلا بالبينة، ولو ادعى
الانبات فكذلك، لأن موضع الانبات ليس بعورة - على الأقوى - (7).



(1) المسالك 2: 301 وعده الشهيد في باب القضاء فيمن يقبل قوله بغير يمين، ولم يتعرض فيه
للبينة.
(2) غاية المراد: 303.
(3) لم نعثر على كلام الشيخ في مظانه.
(4) تحرير الأحكام 2: 191.
(5) المناهل: 753.
(6) انظر الوسائل 18: 213 الباب 23 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
(7) في " م " زيادة: تمت هذه. وبعده بياض بقدر سطر واحد وبعده " بسم الله الرحمن الرحيم " وبعده
بياض بمقدار كلمة، ثم يبدأ بالمسألة 3: إذا بلغ الصبي. الخ.
216
مسألة (3) (1)
بلوغ الصبي في نهار رمضان
إذا بلغ الصبي في أثناء النهار، فإن كان بعد الزوال فلا خلاف ظاهرا في
عدم وجوب الصوم ولا قضائه عليه، وكذلك إذا تناول شيئا - مطلقا -.
وإن كان قبله فالمشهور أنه كذلك، وعن الشيخ في الخلاف: أنه لو دخل
في الصوم بنية الندب ثم بلغ أمسك وجوبا (2). وعن ابن حمزة: وجوب الامساك
ولو لم يدخل فيه (3) وقواه المحقق في المعتبر (4) والمدارك (5) نظرا إلى أنه يتمكن من
نية الصوم بحيث تسري إلى أول النهار، فإن زمان النية باق إلى الزوال.
وتوضيحه: أن الأخبار الكثيرة (6) دلت على جواز تجديد نية الصوم الغير
المعين إلى الزوال مطلقا، وفي المعين للناسي ولا ريب في تحقق حقيقة الصوم مع



(1) وردت هذه المسألة في " ع " و " ج ": بعد المسألة الرابعة الآتية في صفحة 223.
(2) الخلاف 2: 203 كتاب الصوم، المسألة 57، وفيه: فإن كان الصبي نوى الصوم من أوله وجب
عليه الامساك.
(3) الوسيلة ع 147.
(4) المعتبر 2: 711.
(5) المدارك 6: 193.
(6) الوسائل 7: 4 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته.
217
ذلك، لا أنه في حكم الصائم، فيكشف ذلك عن أن الصوم يصدق حقيقة على
إمساك مجموع النهار مع النية قبل الزوال، وهذا المعنى يتأتى من الصبي إذا بلغ
في أثناء النهار ولم يتناول شيئا، فيمكن أن يكلف بالصوم وهو: الامساك
- المذكور مع النية قبل الزوال.
وجزء من الامساك وإن تحقق قبل البلوغ، إلا أن أدلة وجوب الصوم
تدل على وجوب جعله مع الامساك في باقي النهار صوما، بأن ينوي الصوم
ويمسك إلى الليل، ولا استبعاد في عدم اتصاف الجزء السابق بالوجوب - كما في
الصوم الموسع والمندوب - فحقيقة الصوم يوجد من الممسك أول النهار بأن يجدد
النية قبل الزوال، ولهذا يمتثل بذلك أوامر الصوم الايجابية والندبية.
وأوضح من ذلك لو قلنا بامتداد وقت النية في المندوب إلى الغروب.
ودعوى: أن ذلك في الواجب والمندوب في حكم الصوم، يدفعه إطلاقات
الأخبار بحصول الامتثال.
وبهذا يتضح عدم الفرق بين ما إذا دخل الصبي في الصوم على وجه
الندب - كما هو مورد كلام الشيخ (1) - أو لم يدخل - كما هو مقتضى استدلال
المحقق (2) وصاحب المدارك (3) - وما ذكر وإن كان يتوهم جريانه في مثل الحائض
إذا طهرت قبل الزوال، إلا أن ظاهر غير واحد من الأخبار (4) - الدالة على عدم
صحة الصوم منها إذا طهرت في أول النهار معللة بأن إفطارها من الدم - أن وجود
حدث الحيض بنفسه مفطر ومانع عن تحقق الصوم، فهو بمنزلة الأكل والشرب
في عدم انعقاد الصوم بعدهما.



(1) الخلاف 2: 203 كتاب الصوم، المسألة 57.
(2) المعتبر 2: 711.
(3) المدارك 6: 193.
(4) الوسائل 7: 162 الباب 25 من أبواب من يصح منه الصوم.
218
اسلام الكافر في نهار رمضان
وأما الكافر: فصحيحة العيص الدالة على أنه لا يجب عليه صوم يومهم
الذي أسلموا فيه إلا أن يسلموا قبل الفجر (1) تكشف عن أن الكفر (2) - أيضا -
مانع عن الصحة كالحيض، أو عن أن الاسلام يجب ما قبله (3) حتى (4) أنه لا يقبل
أن يقع الجزء السابق مع الامساك الذي حصل قبل الاسلام متصفا بأنه جزء
الواجب. لكن هذا الوجه ضعيف والمعتمد الأول.
ومما ذكرنا ظهر وجه وجوب الامساك على المريض إذا برء قبل الزوال،
كما هو المتفق عليه ظاهرا - كما حكي عن غير واحد -.
هذا، ولكن الأظهر أن يقال: بأن مقتضى القاعدة مع قطع النظر عما دل
على جواز تجديد النية قبل الزوال هو: عدم اتصاف صوم مجموع النهار
بالوجوب. إذ لا يعقل اتصاف الشئ بعد الوقوع والانقضاء (5) بصفة.
وأما تلك الأخبار، فإنما دلت على كون الامساك في أول النهر القابل
للاتصاف بالوجوب واجبا لسراية النية اللاحقة - والقابل للاستحباب
مستحبا، والامساك المتحقق من الصبي قبل البلوغ لا يقبل الاتصاف
بالوجوب، فلا يصير جزء واجب، فلا يتصف الباقي فقط بالوجوب، لأن الصوم
لا يتبعض.
والحاصل: أن النية اللاحقة إنما دل الدليل على تأثيرها في الامساك
السابق، بحيث تجعله جزء واجب إذا كان في نفسه متصفا بالوجوب، وجامعا
لشرائط الصحة. وكذا تجعل (6) ذلك الجزء جزء مستحب إذا كان في نفسه محكوما



(1) الوسائل 7: 238 الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول.
(2) في " ج " و " ع ": عن أن الفجر.
(3) عوالي اللآلي 2: 224 والقمي في تفسيره 2: 27.
(4) في " ج " و " ع " زيادة: بكشف عن.
(5) في " ف ": والانعقاد.
(6) في " ف " زيادة: فعل.
219
بالاستحباب، جامعا لشرائط الصحة.
والحاصل: أن الدليل دل على أن إتمام الامساك المتحقق فيما قبل الزوال
يعد صوما واجبا، ويخرج به عن عهدة الصوم الواجب إذا تحقق الوجوب حين
الامساك الخالي عن النية، فإن النية لا تجعل غير الواجب المتحقق سابقا متصفا
بالوجوب بعد تحققه، وإنما تجعل المتصف بالوجوب الخالي عن النية بمنزلة
المنوي، فنية الصبي لا تؤثر في إيجاد صفة الوجوب لما تحقق من الامساك، فهو
باق على عدم وجوبه، وتعلق الايجاب بالامساك الباقي ليس إيجابا للصوم، بل
هو تكليف آخر لا دليل عليه، لأن الصوم لا يتبعض.
هذا كله مع أن الأخبار في كفاية النية قبل الزوال مختصة بغير المعين.
ومسألة الصبي في رمضان الذي حكم بعدم كفاية تأخر نيته عن الليل إلا
للناسي والجاهل والصبي ليس واحدا منهما، فيدخل في عموم قوله: " لا عمل
إلا بنية " (1) الظاهر في التقارن، وصريح (2) قوله: " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من
الليل ".
وحاصل هذا الجواب يرجع إلى بطلان هذا العمل من جهة فوات النية،
كما أن حاصل الأول يرجع إلى عدم قابلية اتصاف المجموع بالوجوب لا بنفسه،
لعدم تعقله، ولا بتأثير النية، لعدم الدليل على تأثيرها في الايجاب.
اللهم إلا أن يجاب عن الوجه الثاني: باختصاص أدلة مقارنتها بمن
تلبس بأول الفعل بصفة الوجوب، فبعد تسليم صدق (4) الصوم مع تأخر النية



(1) الوسائل 7: 7 الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 13.
(2) في " ف " و " م ": كصريح 316، الحديث الأول.
(3) عوالي اللآلي 3: 132، الحديث 5، وعنه المستدرك 7: 316، الحديث الأول.
(4) في " م " زيادة: بمن سبق التكليف عليه وبعد تسليم صدق...
220
تشمله (1) أدلة الصوم، والنية إنما يشترط تقدمه (2) إذا كان العمل في أوله متصفا
بالوجوب.
برء المريض قبل الزوال
ومما ذكرنا يظهر أن حكم المريض إذا برء قبل الزوال هو وجوب
الامساك، لأن الصوم واجب عليه - إما في هذا اليوم أو قضاؤه في يوم آخر -
فالامساك المتحقق منه إنما تحقق منه في حال (3) اشتغال ذمته بالصوم أداء أو
قضاء، فإذا برء ونوى سرى نيته إلى الامساك السابق (4)، فتأمل.
دخول الصبي في الصوم المستحب
ومما ذكرنا يظهر: أنه إذا دخل الصبي في الصوم المستحب لم يجب عليه
اتمامه لعدم الدليل على ذلك، لأن أدلة وجوب الصوم إنما تدل على وجوب إمساك
مجموع النهار، وإمساك مجموع النهار لا يتصف في حقه بالوجوب، وسراية نية
الوجوب إلى الامساك السابق بحيث يخرجه عن الاستحباب إلى الوجوب غير
معلوم، فتعلق الوجوب عليه يحتاج إلى دليل يوجب عليه الامساك الباقي، أو
يجعل السابق جزء للواجب، والمفروض عدم ثبوت الأول، لأن المستدل إنما
استدل بالأخبار الدالة على الثاني.
اللهم إلا أن يدعى الأول، ويقال: إن الفعل مطلوب عنه (5)، ففي بعض
أجزائه يرضى الشارع بالترك، وفي بعضها لا يرضى.
ويقال بذلك في الصلاة وسائر عباداته الواجبة إذا دخل فيها مستحبا
فبلغ، فتأمل فإنه مشكل. وقول المشهور أقوى، بل عن الحلي (6) دعوى أن



(1) كذا صححناه، وفي " ف " و " م ": فيشمله، وفي " ج " و " ع ": فتشمله.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: تقدمها.
(3) في " ج " و " ع " و " م ": إنما تحقق في زمان.
(4) كذا صحح في هامش " ج " و " ع " والعبارة في النسخ: الامساك اللاحق.
(5) كذا في النسخ، والصحيح: منه.
(6) السرائر 1: 403.
221
ما ذكره الشيخ (1) خلاف إجماع الأصحاب (2).



(1) في الخلاف 2: 302 كتاب الصوم، المسألة 57.
(2) في هامش " م " ما يلي: محل بياض بقدر أسطر.
222
مسألة (4) (1)
التطوع ممن عليه فريضة
الأكثر على عدم جواز (2) التطوع في الصوم ممن عليه صوم واجب،
والأخبار الواردة في الباب (3) مختصة بقضاء رمضان، والتمسك بقوله: " لا تطوع
في وقت الفريضة " (4) توهم فاسد، ولذا ذهب السيد (5) وجماعة منهم العلامة رحمه الله
في القواعد (6) - على ما حكي - إلى الجواز.
ويمكن الاستدلال للمنع بأن الصوم حقيقة واحدة في الواجب والمندوب،



(1) وردت هذه المسألة في " ج " و " ع " و " م ": قبل المسألة 3 المتقدمة في صفحة 217 وفي " م " زيادة
" بسم الله الرحمن الرحيم ".
(2) ليس في " ج " و " ع ": جواز.
(3) انظر الوسائل 7: 252 الباب 28 من أبواب أحكام شهر رمضان.
(4) لم تجد العبارة بهذا اللفظ في كتب الحديث، نعم وردت روايات بمعناها، راجع الوسائل 3: 164
الباب 35 من أبواب المواقيت.
وفي الفقيه 2: 136: " وردت الأخبار والآثار عن الأئمة عليهم السلام أنه لا يجوز أن يتطوع
الرجل بالصيام وعليه شئ من الفرض، وممن روى ذلك الحلبي وأبو الصباح الكتاني عن أبي
عبد الله عليه السلام ".
(5) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثانية): 366.
(6) قواعد الأحكام 1: 68.
223
بمعنى أن ما صار موضوعا للأمر الوجوبي في يوم - مثلا - هو بعينه ما صار
موضوعا للأمر الندبي في يوم آخر، ليس بين الفرد الواجب والمندوب إلا اختلاف
الزمان.
نعم، قد يختلف حكم الواجب والمندوب بعد تحقق وصفي الوجوب
والندب، فيقال: حكم المندوب كذا وحكم الواجب كذا (1) فإذا طلب حقيقة في
يوم من الأيام - تخييرا - على وجه لا يرضى الطالب بتركه، فيستحيل أن يطلبه
في بعض هذه الأيام على وجه يرضى بتركه.
نعم م، لو اختلف حقيقة الواجب منه والمندوب - كما في الصلاة - جاز أن
يصير باعتبار اختلاف الحقيقة موضوعا لحكمين مختلفين، كنافلة الفجر مع قضاء
الفريضة، أما لو كان حقيقة واحدة، وتعلق أحد الحكمين به باعتبار وجوده في
الخارج وجودا مغايرا لوجود ما تعلق به الحكم الآخر، بأن يطلبه وجوبا ويطلب
فردا آخر منه ندبا، كما لو أوجب صوم يوم غير معين وندب صوم يوم آخر كذلك
فأيهما حصل متقدما حصل الواجب، وليس له أن ينوي بالأول الندب، لأن ما
يقع منه أولا لا يجوز تركه لا إلى بدل. ولا يمكن أن يقال: إن الثاني كذلك، لأن
المفروض عدم تغاير في حقيقتهما حتى يكون جواز الترك في أحدهما وعدمه في
الآخر مستندا إلى اختلاف الحقيقة، مع أنه لو فرض صحة الامتثال للمندوب
أولا لم يعقل بقاء الوجوب للثاني، لأن المطلوب وجوبا ماهية حصلت بالفرد
الأول المأتي به ندبا، لأن المفروض اتحاد الحقيقة، فطلب الفرد الثاني - وجوبا -
طلب للحاصل، بخلاف ما لو امتثل الوجوب أولا فإنه يتحقق امتثال الندب



(1) جاء في " ج " و " ع " و " م " في هذا الموضوع زيادة ما يلي: مع أن غالب أدلة الندب على وجه بيان
الثواب، ولا يفيد المطلوبية فاقهم وتأمل.
وهذه الزيادة جاءت في " ف " في آخر هذه المسألة انظر صفحة 226.
224
ثانيا وليس طلبا للحاصل، لأن المطلوب ندبا في الحقيقة ليس هي الماهية من
حيث هي، كيف وقد فرض اتصافها بالوجوب، فتعين أن يكون المطلوب ندبا (1)
الفرد الزائد على الفرد المحصل للواجب (2). وبعبارة أخرى: تكرار الفرد،
والمفروض عدم حصوله فيطلب، ولا يمكن أن يعكس الأمر، فيطلب ندبا الماهية،
ويطلب الزائد على الفرد المندوب وجوبا، لأنه غير معقول مع فرض اتحاد
الحقيقة.
فتعين (3) أن الاحتمالات المتصورة ثلاثة:
توجه الطلبين إلى ماهية من حيث هي، من غير ملاحظة تعدد الوجود
الخارجي، وهذا محال.
وتوجه الندب إلى الماهية والوجوب إلى الزيادة على ما يحصل به امتثال
الندب، وقد عرفت أنه غير معقول.
فتعين العكس، وهو المطلوب.
ثم إن ما ذكرنا في الصوم - من اتحاد حقيقة الواجب والمندوب منه - لو
لم يكن معلوما، كفى احتماله من جهة الشك في ثبوت الطلب الندبي حينئذ،
وعمومات الندب - لو كانت - لا تنافي الوجوب التخييري في حق هذا المكلف
الذي وجب عليه الصوم، فإن قوله: " صم أول خميس كل شهر " (4) لا يدل إلا
على مطلوبية إيقاع الماهية في هذا اليوم ندبا، ويمكن للمكلف بقضاء رمضان
إيقاع القضاء في هذا اليوم ليفوز بامتثال هذا المطلوب. فتصير تلك الأوامر
الندبية بالنسبة إليه راجع إلى أفضل الفردين من الواجب التخييري، وبالنسبة



(1) في " ف ": " فيها " بدل " ندبا ".
(2) في " ف ": للوجوب.
(3) كذا في النسخ، والصحيح: فتبين.
(4) الوسائل 7: 303 الباب 7 ممن أبواب الصوم المندوب.
225
إلى غيره مستحبا صرفا. وليس هذا استعمالا للفظ في معنيين - كما لا يخفي -.
(مع أن غالب أدلة الندب على وجه بيان الثواب ولا يفيد المطلوبية، فاقهم
وتأمل) (1).



(1) ما بين المعقوفتين جاء في " ج " و " ع " و " م " قبل قوله في صفحة 224: " فإذا طلب حقيقة.. " انظر
الهامش 1 هناك.
226
مسألة
(5) (1)
وجوب القضاء على من فاته الصيام
الظاهر أنه لا خلاف في أن من فاته صيام شهر رمضان لعذر، أو أفسده
أو تركه عمدا أو سهوا فعليه القضاء إلا ما خرج بالدليل.
ويمكن أن يستدل لهذا الأصل بوجوه:
الأول: قوله تعالى: (ولتكملوا العدة) دلت الآية على أن الله سبحانه
يريد إكمال العدة: أي: عدة أيام رمضان بالصيام.
الثاني: قوله عليه السلام: " إذا كان على الرجل شئ من (صوم) (3) شهر
رمضان فليقضه في أي الشهور شاء " (5) بناء على أنه يصدق على كل تارك أنه
عليه شئ.
ودعوى: ظهور ذلك مع ثبوت اشتغال الذمة - والكلام فيه - ممنوعة، من
جهة صدق ذلك عرفا وإن لم يجب القضاء ولذا شاع في الاطلاقات: أنه



(1) في " م ": بسم الله الرحمن الرحيم.
(2) البقرة: 2 / 185.
(3) الزيادة من الوسائل.
(4) الوسائل 7: 251 الباب 27 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول.
227
لا يقضى صوم كذا، لأن عدم القضاء إنما بصدق فيما من شأنه وجوب القضاء فيه.
مضافا إلى إطلاق الدين على الصوم في بعض موارد أسئلة الأخبار، كما
في قوله: " عن الرجل يموت وعليه دين: صلاة أو صيام.. " (1).
ومع ذلك كله، ففي الاستدلال بالرواية إشكال، من جهة ظهورها في
صورة الاشتغال الفعلي: فحاصلها: أن من اشتغل ذمته بالصوم فليقضه في أي
شهر شاء.
فالأولى الاستدلال بقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان: " من أفطر
شيئا من شهر رمضان في عذر، فإن قضاه متتابعا فهو أفضل، وإن قضاه متفرقا
فحسن " (2).
دل على تخيير كل من أفطر لعذر بين تفريق القضاء وتتابعه، فدل على
وجوب أصل القضاء على كل مفطر لعذر، ويلحقه المتعمد في الافطار بالاجماع
القطعي، وخصوص الأخبار التي مضت في وجوب الكفارة أيضا.
لكن الرواية (3) إنما تدل على صورة تحقق الافطار. وقد عرفت أن عنوان
الافطار غير عنوان الافساد، كما إذا نوى الافطار بناء على فساد الصوم به (4)
وكذا عنوان عدم الصوم أو تركه لأجل الاخلال بالنية (إلى ما بعد الزوال) (5)
نسيانا - وإن لم يتناول مفطرا -.
ومثله يرد على الاستدلال بمثل التعليل في رواية سماعة - المتقدمة في



(1) الوسائل 7: 241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 6 وفيه: " وعليه دين من
شهر رمضان.. " وانظر نص الحديث في صفحة 295.
(2) الوسائل 7: 249 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
(3) أي صحيحة ابن سنان المتقدمة آنفا.
(4) كذا في " م "، وليس في سائر النسخ. به.
(5) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
228
مسألة الافطار بظن دخول الليل - في قوله عليه السلام: أعلى الذي أفطر قضاء
ذلك اليوم، إن الله عز وجل يقول: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) (1) فمن أكل
قبل أن يدخل الليل فعليه القضاء لأنه أكل متعمدا " (2).
وقد يستدل - هنا - بقوله صلى الله عليه وآله: " من فاتته فريضة فليقضها كما
فاتته " (3). وفي شمول لفظ الفريضة للصوم نظر، بل الظاهر المتبادر - سيما
بملاحظة تقييد القضاء بقوله: " كما فاتته " - هي الصلاة لا غير، ولذا اشتهر
الاستدلال بها لوجوب مراعاة الترتيب بين الفوائت في الصلاة. وصرحوا في
الصوم بعدم وجوب الترتيب بل استشكل بعضهم في استحبابه ولم يلتفت أحد
منهم إلى ملاحظة هذه الرواية الظاهرة في وجوب الترتيب (4).



(1) البقرة: 2 / 187.
(2) الوسائل 7: 87 الباب 50 من أبواب وجوب القضاء، الحديث الأول مع اختلاف يسير.
(3) عوالي اللآلي 2: 54، الحديث 143.
(4) في هامش " م " ما يلي: محل بياض بقدر سطرين.
229
مسألة
(6)
عدم فورية القضاء
الظاهر عدم وجوب الفورية في قضاء رمضان، خلافا للمحكي عن ظاهر
كلام أبي الصلاح (1).
ويدل على جواز التأخير جميع ما دل على جواز التفريق في القضاء (2)
وما دل على جواز التأخير إلى ذي الحجة (3)، وعلى تأخير نساء النبي
صلى الله عليه وآله صيامهن إلى شعبان (4).
عدم اعتبار الترتيب في القضاء
وأما الترتيب فالظاهر عدم اعتباره أيضا، وفي كلام بعض المعاصرين: لم
أجد فيه خلافا (5).
ويدل على ذلك أصالة البراءة وعموم أدلة القضاء.
نعم، لو قلنا بالفورية توجه القول بالترتيب - بناء على أن كل يوم إنما



(1) الكافي في الفقه: 184.
(2) انظر الوسائل 7: 248 الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان.
(3) انظر الوسائل 7: 251 الباب 27 من أبواب أحكام شهر رمضان.
(4) وهي رواية حفص بن البختري المتقدمة في صفحة 203.
(5) جواهر الكلام 17: 20.
230
تشتغل الذمة بقضائه في أول يوم من أيام الامكان -.
ولو نوى الترتيب، فهل يؤثر أم لا؟.
وتظهر الثمرة: فيما إذا انكشف صحة صوم اليوم الذي قضاه، فهل يجوز
إفطاره بعد الزوال أم لا؟. الظاهر: تأثير النية، لعموم " لكل امرء ما نوى " (1)
ومنه يظهر أنه لا يجوز جعله ليوم أخر بعد الانكشاف.
ولو لم ينو (2) فصام أياما فاتفق بعضها مطابقا لليوم الذي ظهر صحته،
فيكون بدلا عن يوم آخر، فينطبق المقضي على ما في الذمة حتى على القول
بالترتيب، لا أنه يقع المطابق مندوبا أو لغوا (3).



(1) الوسائل 7: 7 الباب 2 من أبواب وجوب النية للصوم، الحديث 12.
(2) في " ج " و " ع ": ولو لم ينو قضاء.
(3) في هامش " م " ما يلي: محل بياض بقدر أسطر.
231
مسألة
(7)
من فاته رمضان لمرض أو دم فمات
من فاته شهر رمضان لمرض أو دم، فإن مات قبل البرء والطهر فلا قضاء
عنه إجماعا نصا وفتوى - كما في الحدائق (1) وعند (2) العلماء كافة. - (كما) (3) عن
المنتهى - (4) ويدل عليه الأخبار المستفيضة (5).
ولو مات بعد البرء والطهر لكن لم يتمكن لمانع آخر، فالظاهر إلحاقه بمن
مات في المرض أو الدم، وفي الحدائق: أنه لا خلاف في أن القضاء على الولي
مشروط بتمكن المكلف من القضاء واستقراره عليه (انتهى) (6).



(1) الحدائق 13: 299.
(2) في " ف ": وعن.
(3) الزيادة اقتضاها السياق.
(4) المنتهى 2: 603، وفيه: وهو قول العلماء.
(5) انظر الوسائل 7: 240 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان.
(6) قال في الحدائق 13: 329 " الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب رضوان الله عليهم في أن وجوب
القضاء على الولي في غير ما فات بالسفر مشروط بتمكن المكلف من القضاء وتفريطه حتى
استقر في ذمته ".
232
ويدل على المطلوب (1) رواية أبي بصير الموثقة - أو المصححة - عن أبي
عبد الله عليه السلام أقال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال
فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال: هل برئت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه. قال:
لا يقضى (2) عنها، فإن الله لم يجعله عليها. قلت: فإني أشتهي أن أقضي عنها وقد
أوصتني بذلك، قال: كيف تقضي ما لم يجعله الله عليها؟ فإن اشتهيت أن تصوم
لنفسك فصم " (3).
دلت بظاهرها على سقوط القضاء عن كل ميت لم يجعل القضاء عليه
حال حياته - سواء كان لاستمرار عذره الذي مات فيه أو لطرو غيره -.
استمرار المرض إلى رمضان المقبل
هذا إذا مات، وإن لم يمت، فإن استمر به المرض إلى رمضان المقبل
فالمشهور - كما في المسالك (4) والحدائق (5) - سقوط القضاء عنه وجوب الفدية
عليه، ويدل عليه الأخبار الكثيرة، كصحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام " في
الرجل يمرض ثم يدرك شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا يصح
حتى يدركه شهر رمضان آخر؟ قال: يتصدق عن الأول ويصوم الثاني، وإن كان
صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان أخر صامهما جميعا وتصدق عن
الأول " (6).
ونحوها حسنة محمد بن مسلم - بابن هاشم - الواردة في المقام " إن كان



(1) ليس في " ج " و " م ": و " يدل على المطلوب "، وفيهما بدل ذلك ما يلي: " واستقراره عليه لرواية.. ".
(2) في " م ": تقضي.
(3) الوسائل 7: 242 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 12 مع اختلاف في بعض
الألفاظ وسيأتي الاستدلال به في صفحة 338 (الهامش) و 285.
(4) المسالك 1: 60.
(5) الحدائق 13: 301.
(6) الوسائل 7: 245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 2.
233
قد برء ثم توانى قبل أن يدركه شهر رمضان آخر صام الذي أدركه وتصدق عن
كل يوم بمد من طعام على مسكين، وعليه صيامه، وإن كان لم يزل مريضا حتى
أدركه رمضان آخر صام الذي أدرك وتصدق عن الأول لكل يوم بمد من طعام
على مسكين، وليس عليه قضاء " (1).
ونحوهما غيرهما.
خلافا للمحكي عن ابن بابويه (2) وابن أبي عقيل (3) والحلي من وجوب
القضاء من غير فدية (4) وعن المنتهى (5) والتحرير (6) تقويته، لظاهر قوله
تعالى: (فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) (7) وهو ضعيف
لوجوب التخصيص - على تقدير صحة التمسك بالاطلاق وعدم دعوى وروده
مورد حكم آخر - فتدبر.
لو برء المريض وحدث عذر آخر
ثم لو برء من المرض وحدث (8) عذر آخر مانع عن القضاء، فلا يبعد
إلحاقه باستمرار المرض، ويدل عليه ما عن الصدوق في العلل والعيون - بسنده
الحسن - عن الفضل بن شاذان، عن مولانا الرضا عليه السلام " قال: إذا مرض
الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يفق من مرضه



(1) الوسائل 7: 244 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول: وفيه: " وليس
عليه قضاؤه ". والكافي 4: 119 باب من توالى عليه رمضانان، الحديث الأول مع اختلافات
يسيرة.
(2) حكاه عنه المحقق في المعتبر 2: 699.
(3) نقله عنه العلامة في المختلف: 241.
(4) السرائر 1: 395. وفي " ع " بدل " الحلي " " الحلبي ".
(5) المنتهى 2: 603.
(6) تحرير الأحكام 1: 83.
(7) البقرة 2 / 184.
(8) في " ج " و " ع " و " م ": حصل.
234
حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول وسقط القضاء، وإذا
أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء، لأن ذلك الصوم إنما
وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر، وأما الذي لم يفق فإنه لما مر عليه السنة
كلها وقد غلب الله عليه ولم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنه (وكذلك كلما
غلب الله عليه) (1) مثل المغمى عليه في يوم وليلة، فلا يجب عليه قضاء الصلاة كما
قال الصادق عليه السلام: كلما غلب الله على العبد فهو أعذر له.. الخبر " (2).
ومن هذه الرواية يستفاد حكم ما لو كان المسوغ للافطار غير المرض
كالسفر ونحوه.
والضابط: حصول موجب القضاء في شهر رمضان والعذر المسقط لقضائه
في السنة. والظاهر أن حكم الرمضان الثاني حكم الأول في سقوط القضاء إذا
استمر به المرض إلى الثالث، لا أنه يقضي بعد الثالث، خلافا للمحكي عن
المقنع (3) ومتن عبارة الفقه الرضوي (4).
لو برء بين الرمضانين وترك القضاء
ولو برء بين الرمضانين وتمكن من القضاء فتركه، فإن كان مع العزم على
الترك أو التردد فيه، فالمشهور وجوب القضاء والكفارة، لما تقدم من الأخبار،
خلافا للمحكي عن الحلي (5) فلم يوجب الكفارة لمرسلة سعد بن سعد (6) الضعيفة



(1) الزيادة من العلل والعيون.
(2) علل الشرائع: 271 الباب 182 الحديث 9 وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 117 الباب 34
الحديث الأول مع اختلاف يسير.
(3) المقنع (الجوامع الفقهية): 17.
(4) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 211.
(5) السرائر 1: 397.
(6) الوسائل 7: 246 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضا، الحديث 7 وفي " ف " و " ج " و " ع "
سعد بن سعيد.
235
سندا ودلالة باحتمال حملها على صورة العذر. والأخبار المتقدم بعضها ترده، ومن
هنا حكي عن المحقق قدس سره في المعتبر: أنه لا عبرة بهذا الخلاف. (1).
وإن عزم على الفعل واتفق المانع ففي وجوب الكفارة خلاف، فالمحكي
عن اطلاق كلام ابن بابويه (2) والعماني (3) وجوب القضاء - أيضا (4) حيث
قالوا: متى صح فيما بينهما ولم يقض وجب القضاء والصدقة.
ويدل عليه صدق التواني إذا صح ولم يصم - ولو اعتمادا على سعة
الوقت - ولا ينافيه تعليل وجوب الكفارة في صورة التواني في رواية أبي بصير
المحكية عن (5) تفسير العياشي بقوله: " من أجل أنه ضيع ذلك الصيام " (6) لأن
المراد من التضييع ما يشمل مثل اقتراح التأخير مع القدرة على التعجيل، كما
أطلق التضييع والتقصير والتفريط في تعليل وجوب القضاء على الحائض
للصلاة التي دخل وقتها ولم تصلها فأتفق الدم.
هذا كله مضافا إلى ظاهر روايتي لعلل والعيون (7) المعللتين لوجوب الجمع
بين القضاء والفداء بمجرد الترك.
ولو أبيت عن ذلك كله وجب الرجوع إلى اطلاق صحيحة زرارة المتقدمة
ونحوها. خلافا للمحكي في المسالك (8) عن المشهور من تفسير هم التواني بغير



(1) المعتبر 2: 699.
(2) (3) نقله عنهما العلامة في المختلف: 240.
(4) كذا في " ف "، وفي " ج " و " ع ": وجوبها أيضا والقضاء أيضا، وشطب في " ع " على " القضاء أيضا ".
والصحيح: وجوبها مع القضاء أيضا، انظر المختلف: 240.
(5) في بعض النسخ: في.
(6) تفسير العياشي 1: 79، الحديث 178.
(7) تقدمتا في صفحة 234.
(8) المسالك 1: 61.
236
العازم على القضاء الظاهر في أن العازم غير متهاون (1)



(1) هذه الصحيحة ستذكر في صفحة 295 بعنوان: رواية حفص بن البختري، وهي في الوسائل 7: 241 الباب 23 من أبواب
أحكام شهر رمضان، الحديث 5.
(2) الوسائل 7: 241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 6.
(3) سيأتي البحث حول هذا الموضوع في صفحة 295 - 297 أيضا.
(4) انظر الجواهر 17: 45، وفيه أقواه ذلك وفاقا لظاهر المعظم، وانظر أيضا المدارك 6: 228.
(5) في الوسائل: قال.
(6) الوسائل 7: 241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4.
(7) الوسائل 7: 243 الباب 23 من أبواب أحكام شهر، الحديث 16.
(8) المنتهى 2: 603.
237




(1) المدارك 6: 212.
(2) الوسائل 7: 242 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 12. وقد تقدمت في صفحة 233.
(3) في كتاب غياث الورى. " مخطوط " وطبع خلاصته بعنوان: " قبس من كتاب غياث سلطان الورى " مع كتاب " نزهة الناظر "
للحلواني.
(4) في الوسائل: دخل، وفي القبس و " ج " و " ع " و " م ": حصل.
(5) الوسائل 5: 368 الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات، الحديث 18، وانظر أيضا كتاب " قيس من كتاب غياث سلطان
الورى " المطبوع مع نزهة الناظر: 8، الحديث 15.
(6) أشير إلى بعضها في صفحة 228، وانظر الهامش 1 هناك.
(7) الوسائل 5: 366 الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات، الحديث 5 باختلاف يسير.
(8) في " ج " و " ع ": معنى السؤال.
(9) في " ف ": الآمر.
(10) الوسائل 7: 342 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 11.
238




(1) الفقيه 2: 98 الحديث 440.
(4) في هامش " م " ما يلي: محل بياض بقدر سطرين.
239
مسألة (1)
(8)
الافطار في القضاء قبل الزوال
الأقوى عدم تحريم إفطار قضاء رمضان قبل الزوال - كما عن
الأكثر - ويدل عليه الأخبار المستفيضة (2) ومقتضاها الجواز - وإن نوى
الصوم من الليل - خلافا للمحكي عن ظاهر العماني (3) لصحيحة ابن الحجاج
" عن الرجل يقضي رمضان أله أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا بدا له
قال: إن كان نوى ذلك من الليل، وكان من قضاء رمضان فلا يفطر، وليتم
صومه ".
ويمكن حملها على الكراهة، جمعا بينها وبين ما هو صريح في الجواز من
المستفيضة.
وعن ظاهر الحلبي التحريم مطلقا (5) ولعله لاطلاق موثقة زرارة، عن أبي



(1) سيأتي البحث في جواز الافطار في القضاء قبل الزوال في المسألة 21 في صفحة 298.
(2) راجع الوسائل 7: 8 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم ونيته.
(3) حكاه عنه العلامة في المختلف: 247.
(4) التهذيب 4: 186 الحديث 522، وانظر الوسائل 7: 9 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم
ونيته، الحديث 6.
(5) الكافي في الفقه: 184.
240
جعفر عليه السلام " في رجل يقضي رمضان يأتي النساء؟ قال: عليه من الكفارة مثل
ما على الذي أصاب في رمضان، لأن ذلك عند الله من أيامه " (1).
وهي محمولة على ما بعد الزوال، جمعا بينها وبين الأخبار الكثيرة، منها:
رواية بريد العجلي - في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان - " إن
كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا يوما مكان يوم، وإن كان أتى أهله
بعد الزوال فعليه أن يتصدق على عشرة مساكين " (2).
الافطار في القضاء بعد الزوال
ولا اشكال في تحريمه بعد الزوال، وفي المدارك: أنه مذهب الأصحاب (3).
ويجب فيه الكفارة، وهي - على الأشهر الأظهر - إطعام عشرة مساكين
- كما في الرواية المتقدمة - إذ المعهود من التصدق على المساكين - في
الكفارات - إطعامهم.
ويؤيده مصححة هشام بن سالم " في رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر
رمضان؟ فقال: إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شئ عليه (4) يصوم يوما بدل
يوم، وإن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين، فإن لم يمكنه (5)
صام ثلاثة أيام كفارة لذلك " (6).
والتقييد بما بعد صلاة العصر كناية عما بعد الزوال - لبعد المواقعة بين
الصلاتين - مع أن مورد الاستدلال هي الفقرة الثانية، فلا يقدح مخالفة ظاهر



(1) الوسائل 7: 254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 3. وفيه " من أيام
رمضان " وراجع صفحة 59.
(2) الوسائل 7: 254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول.
(3) المدارك 6: 230.
(4) في النسخ: عليها، وصححناه على ما في الوسائل.
(5) في " ج " و " ع " و " م ": يتمكنه.
(6) الوسائل 7: 254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 2. وتقدم الاستدلال
بهذه المصححة في صفحة 177.
241
الأولى للاجماع، سيما بعد جواز التقييد بما قبل الزوال.
ومنها يظهر مستند الأكثر في الحكم بأنه مع العجز عن الاطعام يصوم
ثلاثة أيام، مؤيدا بما مر (1) في بدلية صوم ثمانية عشر يوما (2) عن اطعام ستين
مسكينا، بقوله: " مكان عشرة مساكين ثلاثة أيام " (3). وعن القاضي أن هذه
الكفارة كفارة يمين (4). وعن الحلبي التخيير بين الصيام والاطعام (5). وعن
الصدوقين أنها كفارة إفطار شهر رمضان (6).
ولم يظهر للأولين مستند، ويشهد للثالث صحيحة زرارة - المتقدمة - (7)
الممكن حملها على الاستحباب، أو على الافطار متهاونا - كما عن الشيخ (8) -
وهو في غاية البعد.
الافطار في الواجب الموسع
ولا يحرم الافطار في صوم واجب موسع غير القضاء، للأصل وإطلاق
الأمر به. وعن ظاهر الحلبي تحريم إفطار كل صوم واجب (9)، ولعله لاطلاق
حرمة ابطال العمل.
وفيه نظر، لما مر في بحث الصلاة من أن التمسك بالآية (10) محل تأمل، إذ



(1) أشير إليه في صفحة 191 وانظر الهامش 7 هناك.
(2) في النسخ: أيام.
(3) راجع صفحة 189 والهامش 4 هناك وفيه: " عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام "
(4) المهذب 1: 203.
(5) الكافي في الفقه: 184.
(6) الصدوق في المقنع (الجوامع الفقهية): 17، ونقله عن والد الصدوق العلامة في المختلف:
246.
(7) في صفحة 240.
(8) الإستبصار 2: 121 ذيل الحديث 393.
(9) الكافي في الفقه: 186 و 187.
(10) لم نقف عليه في كتاب الصلاة، والآية من سورة محمد صلى الله عليه وآله: 47 / 33 قوله تعالى:
(ولا تبطلوا أعمالكم).
242
الظاهر إما ابطال الجميع، ولا يكون إلا بالكفر، لأنه المحبط للأعمال، وإما عدم
ايجاد العمل على وجه باطل كما في قولهم: " ضيق فم الركية " (1).



(1) في هامش " م " بعد هذه العبارة ما يلي: جايش معلوم نيست از كجا است.
243
مسألة (1)
(9)
شرعية صوم المستحاضة
صوم المميز شرعي - على الأظهر - وفاقا للمحكي عن الشيخ (2)
والمحقق (3) والمصنف في المنتهى (4) والتذكرة (5) والتحرير (6) والشهيد (7)، بل عن
بعض العبائر أنه المشهور (8). بل قيل: إن ظاهر المنتهى عدم الخلاف فيه إلا
من أبي حنيفة (9) حيث قال: ويؤخذ الصبي بالصوم إذا أطاقه. قال الشيخ:
وحده إذا بلغ تسع سنين، ويختلف حاله بحسب المكنة والطاقة، وهذا على جهة
الاستحباب دون الفرض والايجاب.. إلى أن قال: ولا خلاف بين أهل العلم في



(1) سيأتي بحث آخر عن شرعية صوم الصبي المميز في المسألة: 22 صفحة 303.
(2) المبسوط 1: 278.
(3) شرائع الاسلام 1: 188.
(4) المنتهى 2: 562.
(5) التذكرة 1: 266.
(6) تحرير الأحكام 1: 81.
(7) البيان: 227.
(8) الحدائق 13: 53.
(9) كذا في النسخ، وفي المصدر: وعن أحمد رواية أنه يجب عليه الصوم إذا أطاقه.
244
شرعية ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله أمر ولي الصبي يذلك. ومن طريق
الخاصة: ثم ذكر حسنة الحلبي.. إلى أن قال: إذا ثبت ذلك فإن صومه شرعي
ونيته صحيحة، وينوي الندب لأنه الوجه الذي يقع عليه فعله فلا ينوي غيره،
وقال أبو حنيفة: إنه ليس بشرعي وإنما هو امساك عن المفطرات للتأديب. وفيه
قوة (انتهى) (1).
أقول: الظاهر أن هذه النسبة من جهة عدم ذكر خلاف في المسألة إلا
عن أبي حنيفة، لكن يوهنه تقويته له أخيرا.
وأما استظهار ذلك من قوله: " ولا خلاف بين أهل العلم " فهو توهم، لأن
مراده من ذلك شرعية أصل الأخذ بالصوم وأمر الولي به لا شرعية فعل الصبي،
ولذا لم يستثن أبا حنيفة.
وكيف كان، فالأقوى اتصافه بالشرعية، سواء قصد به امتثال نفس
الأوامر العامة المتعلقة بذلك الفعل، أو قصد بذلك حصول الاعتياد عليه ليسهل
عليه بعد البلوغ (2).



(1) المنتهى 2: 584 - 585.
(2) في هامش " م " ما يلي: محل بياض بقدر صفحة ونصف.
245
مسألة (1)
(10)
صحة صوم المستحاضة
ويصح من المستحاضة بالاستحاضة القليلة مطلقا، لأنه حدث أصغر لا
يمنع عن الصوم، وبالاستحاضة المتوسطة والكثيرة إذا فعلت ما يجب عليها من
الغسل الواحد أو الأغسال، ولا يصح بدونها على المشهور، بل في المدارك (2) - كما
عن الذخيرة (3) أنه مذهب الأصحاب، وفي الروض (4) والمسالك (5) - كما عن
جامع المقاصد (6) والمسالك الجامعية لابن (أبي) (7) جمهور وبعض شروح



(1) ليس في " ف ": مسألة. ومكان الكلمة بياض، وكتب الناسخ في الهامش ما يلي: وجدت (ال‍)
عبارة في الإرشاد هكذا: ومن المستحاضة إذا فعلت الأغسال إن وجبت (والعبارة في الإرشاد
2: 303).
(2) المدارك 2: 38.
(3) ذخيرة المعاد: 76.
(4) روض الجنان: 76.
(5) المسالك 1: 59.
(6) جامع المقاصد 1: 73.
(7) كذا ورد اسم المؤلف في أول نسخة الكتاب المخطوطة، ولكن في " ف " و " م ": ابن جمهور وفي
" ج " و " ع ": ابن الجمهور، ولم نقف إلا على قسم الحج من الكتاب في م / المرعشي قدس سره
ضمن مجموعتين برقم 2261 و 4915.
246
الجعفرية - (1) الاجماع، وعن المصابيح للعلامة الطباطبائي: حكاية الاجماع
- أيضا - عن بعض حواشي التحرير ومنهج السداد والطالبية (2).
ويدل عليه مكاتبة ابن مهزيار المصححة إليه " قال: كتبت إليه: امرأة
طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يؤمن من شهر رمضان، ثم استحاضت
فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من
الغسل لكل صلاتين، فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب: تقضي صومها
ولا تقضي صلاتها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة عليها السلام
والمؤمنات (من نسائه) (3) بذلك " (4) وقصور سندها بالمكاتبة، وضعف دلالتها
بالاشتمال على عدم وجوب قضاء الصلاة ممنوعان، ومع التسليم فمجبوران
بالعمل.
خلافا لصريح المحقق (5) وظاهر المحكي عن المبسوط (6) وظاهر
المدارك (7) ومجمع الفائدة (8) وكشف اللثام (9) - كما عن البحار (10) والحدائق (11) -



(1) لم نقف عليه.
(2) مصابيح الأحكام 221 (مخطوط)، وانظر الجواهر 3: 364.
(3) الزيادة من الوسائل.
(4) الوسائل 7: 45 الباب 17 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث الأول.
(5) المعتبر 1: 248 حيث قال: " ولو لم تفعل ذلك كان حدثها باقيا ولم يجز أن تستبيح شيئا مما
يشترط فيه الطهارة، ولو صامت والحال هذه قال الشيخ في المبسوط: روى أصحابنا أن عليها
القضاء. وهذا ظاهر في التوقف، كما ترى لا صريح فيه.
(6) المبسوط 1: 68.
(7) المدارك 2: 39.
(8) مجمع الفائدة 1: 161.
(9) كشف اللثام 1: 102 و 103.
(10) البحار 81: 113.
(11) الحدائق الناضرة 3: 297.
247
فتوقفوا في ذلك، لضعف السند أو الدلالة، وقد عرفت منعهما ثم انجبارهما.
توقف الصوم على الأغسال الواجبة
ثم ظاهر النص والفتوى توقف الصوم على فعل الاغتسال التي لا بد
منها في الصلاة، لا أن (1) الغسل يجب مستقلا لأجل الصوم (2) كما يجب غسل
الجنابة لأجله.
وفيه: أن النص - وهي المكاتبة المتقدمة - لا يدل إلا على وجوب القضاء
على من لم تغتسل (3) لصلاتها - جهلا بوجوبه - (4) في كل يوم ثلاث مرات.
والظاهر أنها كانت تاركة للغسل رأسا، لا تاركة له لخصوص الصلوات،
آتية به للصوم (5) - كما لا يخفى - وحينئذ فلا يعلم أن القضاء مستند إلى ترك
غسل الصلوات من حيث إنها أغسال الصلاة (6) أو إلى ترك رفع حكم حدث
الاستحاضة للصوم بغسل مستقل، أو بغسل الصلوات.
وأما الفتاوى فهي مختلفة في هذا المعنى، فظاهر كثير من عباراتهم كالنص
في كونه لأجل الصوم، فعن (7) الكافي لأبي الصلاح أنه عد في الأمور التي (8)
بكراهيتها (9) يكون المكلف صائما التصبح على الجنابة والحيض والاستحاضة
والنفاس (10)



(1) في " ف " و " ع ": لأن.
(2) في " ف " لفعل الصوم.
(3) في " ف " لا يغتسل.
(4) ليس في " ف " لصلاتها جهلا بوجوبه.
(5) في " ف ": الصلاة آتية بالصوم.
(6) في " ف " و " م ": الصلوات.
(7) في " ف " و " م ": ففي.
(8) في " ج " التي حكم.
(9) في النسخ: بكراهتها وصححناه على المصدر.
(10) الكافي في الفقه: 179.
248
تقديم غسل الفجر على الفجر
وهو أيضا ظاهر من أوجب تقديم الغسل - كما في الذكرى (1) - وعن معالم
الدين (2) وصاحب المنهج (3). وكذا ظاهر كلام من جعل الصوم غاية مستقلة
لوجوب غسل الاستحاضة، كالمحقق في الشرائع (4) ونحوه.
نعم قال في الروض: وأعلم أن ظاهر (5) إطلاقهم الحكم بتوقف الصوم على
الأغسال المعهودة يشعر بعدم وجوب تقديم (6) غسل الفجر عليه (7) للصوم، لأن
المعتبر منه للصلاة (8) ما كان بعد الفجر، فليكن للصوم كذلك كجعلهم
الاخلال (9) به مبطلا للصوم، ولا يبعد ذلك - وإن كان دم الاستحاضة حدثا في
الجملة - لمغايرته لغيره من الأحداث على بعض الوجوه.
ويحتمل وجوب تقديمه على الفجر هنا، لأنه حدث مانع من الصوم،
فيجب تقديمه عليه (10) كالجنابة والحيض المنقطع، وجعل الصوم (11) غاية لوجوب
غسل الاستحاضة (مع الغمس) (12) يدل عليه، لأن ما كان غايته (منه) (13) الفعل



(1) الذكرى: 31.
(2) انظر الجواهر 3: 366.
(3) هو الشيخ أحمد بن علي مختار جرفادقاني (الگلپايگاني) المتوفى 1264 كما في فهرس مخطوطات
م / المرعشي 7: 60 و 290. وتقدم بعنوان " منهج السداد " في صفحة 247.
(4) شرائع الاسلام 1: 35 وفيه: وإذا أحلت بالأغسال لم يصح صومها.
(5) ليس في الروض: ظاهر.
(6) ليس في " ف ": تقديم.
(7) ليس في " ف ": عليه.
(8) في " ع ": في الصلاة.
(9) في " ف " الاختلال، وفي " الروض ": لجعلهم الاخلال.
(10) في الروض: فيجب تقديم غسله عليه.
(11) في الروض: ولأن جعل الصوم.
(12) الزيادة من المصدر.
(13) الزيادة من المصدر.
249
يقدم عليه (انتهى) (1).
وعن المصنف في النهاية (2) التوقف في وجوب تقديم الغسل - كما عن
المحقق الثاني - قال في وجه التردد: من كونه شرطا في الصوم فيقدم عليه كسائر
الشروط، ومن أن اشتراطه في الصلاة دائر مع الصلاة وجودا وعدما وتوسعا
وتضيقا (3) وليس كغيره من الشرائط، ولذا كان غسل الظهرين شرطا - كما
اعترفوا به - مع امتناع تقديمه، ولا ريب أن هذا هو الأوجه (انتهى) (4).
ثم (5) الأقوى في المسألة عدم وجوب التقديم، كما اختاره المحقق
والشهيد الثانيان (6) وتبعهما في المدارك (7) وغيره، إذ لم يثبت إلا توقف صوم
المستحاضة على ما يجب للصلاة من الأغسال، لا أن حدثها يمنع من الانعقاد
في الفجر ومن الاستمرار على الصحة في الظهرين.
ثم على وجوب التقديم، فهل يجب مراعاة إيقاعه في آخر الليل ليقع
متصلا بالصوم عرفا - كما يعتبر اتصاله بالصلاة؟ - وجهان: أحوطهما ذلك، بل
لا يخلو عن قوة، بناء على وجوب التقديم.
ثم إنه لا إشكال - ظاهرا - في عدم توقف الصوم بعد الغسل على فعل
ما عدا الوضوء، من تغيير القطنة والخرقة وغسل الفرج، وإن حكي عن ظاهر



(1) روض الجنان: 87.
(2) نهاية الإحكام 1: 129.
(3) في " ف " و " م ": ضيقا.
(4) انظر جامع المقاصد 1: 73.
(5) العبارة من هنا إلى قوله: " بناء على وجوب التقديم " جاءت في " م " بعد قوله: " وعن المدارك أنه
المشهور " الآتي في صفحة 251.
(6) انظر جامع المقاصد 1: 73 وروض الجنان: 87.
(7) المدارك 2: 40.
250
صوم النهاية (1) والسرائر (2) والمبسوط (3) فساد الصوم إذا أخلت بما عليها، لكن
الظاهر أن المراد بكلامهم: ما له دخل في رفع الحدث.
اشتراط الوضوء في صحة صوم المستحاضة
وهل يشترط الوضوء - كالغسل - في صحة الصوم؟ وجهان، مبنيان على
أن الحدث الأكبر في الاستحاضة يرفع بكليهما، أو بالغسل؟ ويظهر من
الروض (4) - في مسألة تخلل الحدث الأصغر في أثناء غسل الجنابة - الاجماع
على جواز الدخول بمجرد الغسل في الصوم، وجعله دليلا على عدم توقف رفع
الحدث الأكبر - الحاصل من الاستحاضة - على الوضوء، بل المتوقف هو رفع
الحدث الأصغر الحادث منه (5).
توقف الصوم على غسل الليلة المستقبلة
وهل يتوقف صوم اليوم على غسل الليلة المستقبلة؟
الذي قطع به غير واحد عدم التوقف، كما عن المصنف (6) والشهيد (7)
القطع به، وعن المدارك أنه المشهور (8) وقد احتمل التوقف أيضا، ولا ينافيه عدم
تأثير اللاحق في السابق، لاحتمال كونه مراعى.
لكن الأقوى: عدم التوقف، لأن ظاهر الرواية توقف الصوم على الغسل
لكل صلاتين، وظاهر التوقف كون الموقوف عليه مقدما على الموقوف، والحكم
بالمراعاة والكشف خلاف الظاهر.
نعم ظاهره توقفه على غسل الليلة الماضية، لأن من صام بدونه يصدق



(1) النهاية 165.
(2) السرائر 1: 407.
(3) المبسوط 1: 288.
(4) روض الجنان: 58.
(5) في " ج " و " ع ": عنه.
(6) المنتهى 2: 586.
(7) البيان: 21 نقله عنهما في المستند 1: 163.
(8) المدارك 2: 39، وفيه: وقطعوا بعدم توقف صوم اليوم على غسل الليلة المستقبلة. ونسبه في
6: 57 كتاب الصوم إلى المتأخرين.
251
عليه أنه صام ولم يعمل ما (1) تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين، ولأن
ظاهر الرواية (2) أن حدث الاستحاضة ينافي الوضوء، ولا يرتفع حكمه إلا
بالغسل، نعم لو قدم الغسل للفجر عليه كفى عن غسل العشائين لو تركه.
ولو طرء موجب الكثيرة بعد صلاة الظهرين فلا يشترط الغسل نهارا لأن
الغسل لا يجب حينئذ إلا للعشائين، وقد عرفت أن غسل المستقبل غير شرط.
عدم توقف الصوم على غسل المس
واعلم: أنه لا إشكال في عدم توقف الصوم على غسل المس للميت،
والظاهر عدم الخلاف فيه، للأصل والعمومات، وعن بعض نسخ رسالة علي بن
بابويه قدس سره القول بالتوقف مع اعتراف الحاكي بعدم وجدان من نسب الخلاف
إليه (2). وهو - على فرض التحقق - ضعيف، لعدم الدليل.



(1) في " ف ": ما يعمله، وفي " ع ": بما يعمله.
(29 الوسائل 7: 45 الباب 18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك، الحديث الأول.
(3) حكاه العلامة الطباطبائي في مصابيحه (مخطوط) صفحة 209 - 210.
252
مسألة
(11)
حكم ثبوت الهلال للبلاد المتقاربة
إذا رئي (1) الهلال في بلد فلا إشكال في ثبوت حكمه لغيره من البلاد المتقاربة
- إذا ثبت عندهم رؤية أهل (2) ذلك البلد -.
ويدل عليه الأخبار الكثيرة (3) ولم يوجد على خلافه قائل منا (4) - كما
اعترف به في المناهل (5) - نعم حكي عن بعض العامة.
والمراد بالبلاد المتقاربة (6) - كما عن المسالك (7) والكفاية (9) -
ما لم تختلف مطالعها، كبغداد وكوفة ونحوهما.



(1) في النسخ: رأى.
(2) ليس في " ف ": أهل.
(3) انظر الوسائل 7: 211 الباب 12 من أبواب أحكام شهر رمضان.
(4) في " م ": هنا.
(5) المناهل مصابيح الفقه (مخطوط)، والعبارة فيه كما يلي: أما كون البلاد المتقاربة متحدة في الحكم
فلظهور الاتفاق عليه من أصحابنا إذ لم نجد لأحد منهم خلافا هنا لا عينا ولا أثرا.
(6) في " ف ": بالبلد المقارب.
(7) المسالك 1: 59.
(8) المدارك 6: 171.
(9) كفاية الأحكام: 52.
253
حكم ثبوت الهلال للبلاد المتباعدة
وهل يثبت للبلاد المتباعدة مطلقا - كما عن موضع (1) من المنتهى (2)
والتحرير (3) وعن التذكرة (4) حكايته عن بعض علمائنا - أو لا يثبت مطلقا
- كما عن المحقق في المعتبر (5) والشرائع (6) والمصنف - هنا (7) وفي القواعد - (8)
وعن الجامع (9) والمسالك (10) ومجمع الفائدة (11) وحكي عن الشيخ (12) وفي
المناهل: الظاهر أنه مذهب المعظم (13) - أو يثبت بشرط إمكان تحققه فيها وعدم
العلم بعدم وجدانه فيها، فإن علم (14) بعدم وجوده في الآفاق المتباعدة باعتبار
اختلاف المطالع وكروية الأرض فلا يعمهم حكم ثبوت الهلال، وهو المحكي عن
المصنف في المنتهى (15) والتحرير (16) بعد اختيار القول الأول، واستجوده في
المدارك (17) - كما حكي -.



(1) العبارة في " ع " هكذا: المتباعدة كما هو عن موضع.
(29 المنتهى 2: 592.
(3) تحرير الأحكام 1: 83.
(4) التذكرة 1: 269.
(5) المعتبر 2: 689.
(6) شرائع الاسلام 1: 200.
(7) إرشاد الأذهان 1: 303.
(8) قواعد الأحكام 1: 69.
(9) الجامع للشرائع: 154.
(10) المسالك 1: 59.
(11) مجمع الفائدة 5: 294.
(12) المبسوط 1: 268.
(13) المناهل (مصابيح الفقه) (مخطوط) وفيه: وبالجملة الظاهر أنه مذهب المعظم.
(14) في " م ": وإن حكم.
(15) المنتهى 2: 593.
(16) الظاهر أن وجود كلمة " التحرير " هنا من سهو القلم، انظر الجواهر 16: 361 والمدارك 6: 172.
(17) المدارك 6: 172.
254
وربما ينسب إلى المحقق رحمه الله أنه مع العلم بأنه متى رئي (1) في بلد يعلم
أنه مع ارتفاع الموانع يجب أن يرى في البلد الآخر، كانت الرؤية فيه رؤية لذلك
الآخر (2) وأما إذا تباعدت البلدان (3) تباعدا يزول معه هذا العلم (4) فإنه لا يجب
أن يحكم لها بحكم واحد في الأدلة، لأن تساوي عروضها لا يعلم إلا من أصحاب
الأرصاد وأرباب النجوم، وهو طريق غير معلوم.
والظاهر من التباعد - في هذا الكلام - هو من حيث المسافة ليجامع
تساوي العروض وعدمه، والمراد بالتباعد على التفسير (5) أن يحصل اختلاف
العروض الموجب لاختلاف المطالع.
للقول الأول: إطلاق ما دل من الأخبار على أنه إذا ثبت الرؤية في بلد
وجب على من لم يثبت الرؤية عندهم قضاء ذلك اليوم، مثل مصححة هشام - في
من صام تسعا وعشرين - " قال: إن كان له بينة عادلة على أهل مصر، أنهم
صاموا ثلاثين على رؤية (6) قضى يوما " (7).
ونحوها محسنة أبي بصير - في قضاء يوم الشك - " قال: لا تقضه إلا أن
يشهد شاهدان عدلان - من جميع المسلمين - أنه متى كان رأس الشهر، وقال:
لا تصم ذلك اليوم إلا أن يقضي أهل الأمصار، فإن فعلوا فصمه " (8).



(1) في النسخ: رأى.
(2) في " ف ": كان رؤيته فيه رؤية لذلك الآخر.
(3) في " ف ": البلدين.
(4) في " م ": هذا الحكم.
(5) كذا في " ج " وع " و " م ": والكلمة غير واضحة في " ف ".
(6) في الوسائل: رؤيته.
(7) الوسائل 7: 192 الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 13 مع بعض الاختلافات.
(8) الوسائل 7: 211 الباب 12 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول مع بعض
الاختلافات.
255
إلى غير ذلك من مثل هذه الأخبار.
وقد يضاف إلى ذلك أنه يصدق أنه أهل شهر رمضان فيجب الصوم.
وفيه نظر، لمنع الصدق بالنسبة إلى أهل هذا البلد - كما لو فرض طلوع
الفجر بالنسبة إلى بعض وعدم طلوعه بالنسبة إلى آخرين (1) - فإن شهادة
الرؤية في بلد إنما تنفع لأهل البلد الآخر (2) بعد مقدمة مفروغ عنها، وهي: أن
إهلال الهلال على الأولين إهلال له (3) على الآخرين، فكأن الشاهد شهد بإهلال
الهلال على أهل هذا البلد الآخر (4).
وأما الأخبار، فالظاهر منها - بحكم الغلبة - البلاد المتقاربة، مع أن
الظاهر أن الاطلاق في مقام بيان حكم انكشاف كون يوم الشك من رمضان، لا
في مقام (7) بيان الكاشف وأنه يحصل بمجرد الرؤية في بلد من البلاد ولو كان
في غاية البعد.
فكما لا دلالة في هذا الاطلاق على الشروط المعتبرة في البينة، فكذا لا
دلالة على الشروط المعتبرة في البلد - من القرب والبعد - بل المراد بيان حكم
الانكشاف بعد فرض ثبوت الكاشف.
وللقول الثاني: أن التباعد يوجب العلم بعد ثبوت الهلال للبلد الآخر
أو عدم العلم وهو كاف في عدم الخروج عن الأصل، وإطلاق الأخبار قد عرفت
أنها بعد الفراغ عن دلالة البينة على المدعى، وهو: إهلال الشهر على أهل البلد
اللازم (6) من إهلاله على بلد الرؤية (7).



(1) في " ف ": أخيرين.
(2) في " ف " بلد آخر.
(3) في " ج " اهلاله، وفي " ف " اهلال على الآخرين
(4) ليس في " ع ": الآخر.
(5) في " ف ": وفي مقام.
(6) في " ف ": الملازم.
(7) في هامش " م ": محل بياض بقدر نصف صفحة.
256
مسألة (1)
(12)
وجوب الافطار على المسافر
لا خلاف في وجوب الافطار على المسافر وعدم صحة الصوم منه ووجوب
القضاء عليه - ولو صام في السفر - في الجملة، وإنما الخلاف في مواضع:
شرط افطار المسافر
الأول: في أن الافطار هل هو مشروط بخروج المسافر قبل الزوال؟ فلو
خرج بعده أتم الصوم مطلقا؟
أو بالعزم على السفر من الليل، فإن بدا له في النهار لم يفطر، مطلقا (2).
أو مشروط بكلا الأمرين، ومع عدمهما - ولو بعدم أحدهما - يتم الصوم.
أو غير مشروط بشئ منهما أصلا، بل يفطر مطلقا - ولو خرج بعد
الزوال ولم يعزم عليه من الليل -؟



(1) جاءت هذه المسألة في " ف " بعد المسألة السابقة، ولكن في " ج " و " ع " وردت مطالب كثيرة
شرحا لكتاب القواعد زهاء عشرة صفحات من القطع الكبير وقد ورد في أوله ما يلي: من هنا
شرح القواعد: وكذا.. الخ. وجاء في آخره في الهامش ما يلي: إلى هنا في شرح القواعد، ومن
هنا مسائل متفرقة. ثم بدء بذكر هذه المسألة وما تليها من المسائل وفق نسخة " ف ".
(2) في " ف " هنا زيادة: ما يلي: " فلو خرج بعده أتم الصوم مطلقا، أو بالعزم على السفر من الليل
فإن بدا له في النهار لم يفطر ".
وهذه العبارات تكرار لما سبق كما ترى.
257
أقوال، أو سطحها أولها، وهو المشهور، للروايات المستفيضة:
منها رواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن الرجل يخرج
من بيته يريد السفر وهو صائم؟ فقال: إن خرج من قبل أن ينتصف النهار
فليفطر وليقض ذلك اليوم، وإن خرج بعد الزوال (1) فليتم يومه " (2).
ومنها رواية محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا سافر
الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار، فعليه صيام ذلك اليوم، ويعتد
به من شهر رمضان " (3).
دلت بمفهومها على عدم وجوب صيام اليوم وعدم الاعتداد به إذا خرج
قبل نصف النهار.
ومنها: رواية عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يسافر
في شهر رمضان يصوم أو يفطر؟ قال: إن خرج قبل الزوال فليفطر، وإن خرج
بعد الزوال فليصم " (4).
ومنها: رواية أخرى له - أيضا - عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا
خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال أتم الصيام، وإن خرج قبل الزوال
أفطر " (5).
وبها - لاستجماعها للمرجحات الداخلية كأخصيتها بالنسبة إلى
الأدلة (6) الآتية وصحة بعضها (7) وكثرتها، وللمرجحات الخارجية من اشتهار



(1) في " ف ": بعد النهار.
(2) (3) الوسائل 7: 131 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث الأول والثاني.
(4) الوسائل،: 132 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 3.
(5) الوسائل 7: 132 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 4 مع اختلاف يسير.
(6) في " ج " و " ع " و " م ": بعض الأدلة.
(7) في " ف ": وحجية بعضها.
258
مضمونها سيما بين القدماء، وموافقة الحكم (1) من حكميها وهو: الافطار
قبل الزوال لعموم الكتاب (3) والسنة (4) من وجوب الافطار على المسافر مطلقا
وموافقة الحكم (5) الثاني (6) منهما للاجماع المحكي عن الخلاف (7) - يرفع اليد عن كل
ما خالفها من المطلقات الدالة على وجوب الافطار مطلقا كتابا وسنة، والناصة
في جواز الافطار ولو خرج بقليل قبل الغروب - التي هي أدلة القول الأخير -
كرواية عبد الأعلى " في الرجل يريد السفر في شهر رمضان؟ قال: يفطر وإن
خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل " (8).
ومن الروايات الدالة على اشتراط العزم على السفر من الليل (9) - كما
هو مختار الشيخ في بعض كتبه (10) والمحقق (11) كرواية علي بن يقطين، عن أبي
الحسن عليه السلام " في الرجل يسافر في شهر رمضان، أيفطر في منزله؟ قال: إذا
حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر إذا خرج من منزله، وإن لم يحدث نفسه من
الليلة ثم بدا له في السفر من يومه، أتم صومه " (12).



(1) في " ف ": ومخالفة حكم.
(2) كذا في النسخ، والصحيح: الثاني.
(3) البقرة 2 / 185.
(4) الوسائل 7: 123 الباب 4 من أبواب من يصح منه الصوم.
(5) في " ف " ومخالفة الحكم.
(6) كذا في النسخ، والصحيح: الأول.
(7) الخلاف 2: 219 كتاب الصوم المسألة 80.
(8) الوسائل 7: 134 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 14.
(9) الوسائل 7: 133 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث 10 - 13.
(10) المبسوط 1: 284.
(11) شرائع الاسلام 1: 210.
(12) الوسائل 7: 133 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 10
259
ورواية أبي بصير " قال: إذا خرجت بعد طلوع الفجر ولم تنو السفر من
الليل فأتم الصوم، واعتد به من رمضان " (1).
وفي أخرى " إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل،
فإن خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر، وعليك قضاء ذلك اليوم " (2).
والرضوي " ولو أنه خرج من منزله يريد النهروان - ذاهبا أو جائيا -
لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا والافطار، فإن هو أصبح ولم ينو السفر قصر
ولم يفطر " (3).
مضافا إلى موافقتها لمذهب كثير من العامة، كالأوزاعي، وأبي ثور
والزهري والنخعي ومكحول كما عن المنتهى (4).
وأما القول الثالث - المحكي عن الشيخ في المبسوط - (5) فلم نقف له
على مستند، وقد استدل له بعض مشايخ مشايخنا (6) بأن فيه جمعا بين الأخبار الدالة على اشتراط الافطار بالخروج قبل الزوال، وبين الدالة على اشتراطه
بالعزم على السفر، بتخصيص ما دل على الافطار قبل الزوال بما إذا عزم على
السفر من الليل قال: لأن التعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه،
فيقيد عموم كل منهما بخصوص الآخر، فإن الظاهر يحمل على النص، ومثل هذا
الجمع لا يحتاج إلى شاهد، وهو أولى من الجمع بينهما بالاكتفاء بأحد الأمرين



(1) الوسائل 7: 331 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 12.
(2) الوسائل 7: 133 - 134 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 13.
(3) كذا صححناه على المصدر، وفي النسخ: وأفطر، انظر الوسائل 7: 133 الباب 5، الحديث 11.
(4) المنتهى 2: 599.
(5) المبسوط 1: 284، راجع 259 و 263.
(6) في " ج " و " ع " بعض مشايخنا.
260
- كما في الوسائل (1) - فإنه يحتاج إلى شاهد (انتهى كلامه) (2) وتبعه على
الاستدلال به للشيخ بعض مشايخنا (3).
أقول: هذا الاستدلال عجيب، لأن العامين من وجه إذا كانا متعارضين
فالجمع بينهما بتقييد عموم كل منهما بخصوص الآخر من المحالات العقلية، لأنه
جمع بين النقيضين، فإذا ورد " أكرم العلماء " وورد " لا تكرم الفساق (4) ".
(فمعنى تخصيص (5) عموم كل منهما بخصوص الآخر أن يقال: " أكرم
العلماء إلا الفساق منهم (6)) (7) ولا تكرم الفساق إلا العلماء منهم " (8) ومقتضى
ذلك: وجوب إكرام العلماء الفاسقين وحرمته. وهو المحال اللازم.
وإن لم يكونا (9) متعارضين فهما (10) يجتمعان، فلا يحتاج إلى تقييد عموم
واحد منهما بخصوص الآخر، لأن التقييد والتخصيص فرع التعارض والتنافي.
فنقول حينئذ: إن لوحظت الأدلة الدالة على وجوب الافطار إذا خرج
قبل الزوال مع الأدلة الدالة على وجوب (الافطار مع العزم من الليل، وكذلك
لو حظ الأدلة الدالة على وجوب) (11) إتمام الصوم إذا خرج بعد الزوال مع الأدلة
الدالة على وجوب الاتمام مع عدم العزم، فلا يحتاج شئ منهما إلى تقييد، بل يبقى



(1) الوسائل 7: 134 آخر الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم.
(2) رياض المسائل 1: 330.
(3) مستند الشيعة 2: 124.
(4) في " ج " و " ع " زيادة: منهم.
(5) في " م ": بتخصيص، بدل فمعنى تخصيص.
(6) ليس في " ج ": منهم.
(7) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
(8) ليس في " ف ": منهم.
(9) في " ف ": ولم يكونا.
(10) في " ع ": فيها.
(11) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
261
كل على عمومه، لعدم التنافي بين الحكمين ولا تعارض بينهما، وليس إلا من قبيل:
" أكرم العلماء وأكرم العدول ".
وإن لوحظ الأدلة الأولى مع الأدلة الرابعة، وكذا لوحظت الثانية مع
الثالثة، فيقع التعارض، لكن تخصيص عموم كل بخصوص الآخر وحمل ظاهر
كل على نص الآخر من المحالات، لأن معنى تخصيص عموم (1) الأدلة الأولى
بخصوص الرابعة أن يقال: إن من خرج قبل الزوال يجب عليه الافطار إلا (2)
إذا لم يعزم على الخروج من الليل، فإنه يجب عليه الاتمام حينئذ.
ومعنى العكس أن يقال: من لم يعزم على الخروج من الليل أتم صومه ولم
يفطر إلا إذا خرج قبل الزوال فإنه يفطر.
ومن البين: أن المعنيين متناقضان، وقس على ذلك حال الأدلة الثانية مع
الثالثة (3).
فالتحقيق: أن اللازم في تعارض العامين من وجه (4) حمل عموم أحدهما
وظهوره على خصوص الآخر ونصوصه (55) وإبقاء الآخر (6) وظهوره على حاله.
وبعبارة أخرى: ارتكاب التقييد في أحد المطلقين، ولذا لا بد من وجود
المرجح، لئلا يلزم الترجيح من غير مرجح.
إذا عرفت هذا فنقول: إن هنا تعارضين أحدهما بين الأدلة الأولى
والرابعة، والآخر بين الثانية والثالثة، فوجوه الجمع المتصورة - هنا - أربعة:



(1) ليس في " ف " عموم.
(2) ليس في " ف ": إلا.
(3) في " ج ": والثالثة.
(4) في " ف ": من وجهين.
(5) في " ف ": وخصوصه.
(6) في " ج " و " ع " و " م ": وإبقاء عموم الآخر.
262
أحدها: تخصيص الأولى بالرابعة وتخصيص الثانية بالثالثة، مع إبقاء
عموم (الرابعة والثالثة على حالهما.
ومقتضاه ما قاله الشيخ في المبسوط (1) من اشتراط اجتماع الأمرين في
الافطار.
والثاني: عكس الأول، أعني تخصيص الرابعة بالأولى، والثالثة بالثانية
مع إبقاء عموم) (2) الأولى والثانية على حالهما (3).
ومقتضاه ما حكي عن (4) الوسائل من اشتراط أحد الأمرين (5).
والثالث: الأول من الثاني والثاني من الأول.
ومقتضاه ما اخترناه من المذهب المشهور، وهو إناطة الافطار بالخروج
قبل الزوال وإن لم يعزم.
والرابع: عكس الثالث.
ومقتضاه القول الثاني المحكي عن الشيخ في غير المبسوط (6)
والمحقق (7): من إناطة الافطار بالعزم على السفر ليلا وإن خرج بعد الزوال.
ولا يخفى: أن تقديم (8) أحد هذه الوجوه على الباقي يحتاج إلى مرجح،
وقد عرفت أن المرجح مع الوجه الذي اخترناه.



(1) المبسوط 1: 284.
(2) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(3) في " ف ": حالها.
(4) في " ف ": في.
(5) الوسائل 7: 131 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم، وحكاه عنه صاحب الرياض 1:
330.
(6) النهاية: 161.
(7) شرائع الاسلام 1: 210.
(8) في " ف ": تقدم.
263
فظهر من هذا: أن قول الشيخ المحكي في (1) المبسوط (2) - الموافق لأحد
وجوه (3) الجمع الأربعة - ليس إلا كقول صاحب الوسائل (4) - الموافق لواحد
آخر منها - في الاحتياج إلى المرجح والشاهد، وأن ما قاله بعض مشايخ
مشايخنا (5) من أن الجمع الموافق لمذهب الشيخ لا يحتاج إلى الشاهد بخلاف
الجمع الذي قاله في الوسائل (6) لا يخلو عن تحكم.
بقي هنا شئ وهو: أن جل المرجحات الموجبة لترجيح أخبار إناطة
الافطار (7) بالخروج قبل الزوال من موافقة (8) الكتاب ومخالفة العامة، مختص
بأحد الحكمين المستفادين من تلك الأخبار، وهو: الافطار إذا خرج قبل الزوال
وإن لم يعزم السفر من الليل، بل وعزم الصوم.
وأما الحكم الآخر المستفاد منها، وهو: الصوم مع الخروج بعد الزوال فلا
مرجح لها بالنسبة إليه، لعدم جريان عمومات الافطار وعدم معلومية مذهب
العامة فيه.
اللهم إلا أن يكتفى فيه بالشهرة ونقل الاجماع عن الخلاف (9) مضافا إلى
ظهور الاجماع المركب، إذ كل من قال بوجوب الافطار بالخروج قبل الزوال



(1) كذا في النسخ، والظاهر: عن.
(2) انظر صفحة 259 والهامش 10 هناك.
(3) في " م " زيادة: هذا.
(4) الوسائل 7: 134 الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم.
(5) العبارة في " ج ": بعض مشايخنا. وفي " ع ": ما قال بعض مشايخنا من الجمع.
(6) انظر ما مر في صفحة 261.
(7) في " ف ": الاخبار بدل: الافطار.
(8) في " ف ": وموافقة.
(9) الخلاف 2: 219 كتاب الصوم، المسألة 80.
264
وإن لم يعزم السفر ليلا قال بالاتمام بالخروج بعد الزوال وإن عزم السفر ليلا،
فتدبر (1).



(1) ليس في " ف ": فتدبر.
265
مسألة
(13)
حكم الصوم الواجب في السفر
الظاهر عدم صحة الصوم الواجب في السفر إلا في المواضع المستثناة، بل
ادعي عليه الاجماع.
ويدل عليه الروايات المستفيضة، بل المتواترة كما قيل.
منها: رواية صفوان عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم - " قال:
ليس من البر الصيام في السفر " (1).
ومنها رواية محمد بن حكيم " لو أن رجلا مات صائما (2) في السفر، ما
صليت عليه " (3).
ومنها رواية سماعة - عن الصيام في السفر - " قال: لا صيام في السفر قد
صام أناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فسماهم: العصاة، فلا صيام في



(1) الوسائل 7: 125 الباب الأول من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 10، وفيه: الصوم.
(2) كذا في المصدر، وفي النسخ: صام في السفر.
(3) الوسائل 7: 125 الباب الأول من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 9.
266
السفر إلا الثلاثة (1) أيام - التي قال الله تعالى - (2) في الحج " (3).
ورواية عمار " عن الرجل، يقول: لله علي أن أصوم شهرا أو أكثر من
ذلك أو أقل، فعرض له أمر لا بد له (4) أن يسافر، أيصوم وهو مسافر؟ قال:
إذا سافر فليفطر، فإنه لا يحل له الصوم في السفر - فريضة كان أو غيرها -
والصوم في السفر معصية " (5).
ومنها: رواية البزنطي " عن الصيام بمكة والمدينة (6)؟ قال: فريضة؟ قلت:
لا، ولكنه تطوع كما يتطوع (7) بالصلاة. فقال: تقول اليوم وغدا؟ قلت: نعم. قال:
لا تصم " (8).
وفي رواية أخرى: " من سافر قصر وأفطر " (9).
وفي أخرى: " خيار أمتي الذين إذا سافروا قصروا وأفطروا " (10).
إلى غير ذلك من الأخبار.
حكم الصوم المندوب في السفر
وأما الصوم المندوب غير الثلاثة أيام عند قبر النبي صلى الله عليه وآله
فالأكثر من القدماء - أيضا - على عدم (11) الصحة، للاطلاقات المذكورة، بل لنص



(1) كذا في المصدر، وفي النسخ: ثلاثة.
(2) في قوله تعالى: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم..) البقرة: 2 / 196.
(3) الوسائل 7: 142 الباب 11 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث الأول، وباختلاف يسير.
(4) ليس في " ف ": له، وفي " م ": من بدل له.
(5) الوسائل 7: 141 الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 8 مع اختلاف يسير.
(6) في المصدر زيادة: ونحن في سفر.
(7) في " ج " و " ع " و " م ": نتطوع.
(8) الوسائل 7: 144 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 2 مع اختلاف يسير.
(9) الوسائل 5: 509 الباب 8 من أبواب صلاة المسافر، الحديث 3.
(10) الوسائل 7: 124 الباب الأول من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 6، وفيه: إذا سافروا
أفطروا وقصروا.
(11) ليس في " ج " و " ع ": عدم.
267
روايتي عمار والبزنطي عليها بقوله في الأول: " فريضة كانت أو غيرها " وكون
المورد خصوص التطوع في الثانية.
اللهم إلا أن يراد بالفريضة في (1) الأولى: خصوص صوم رمضان، فيشمل
" غيرها " الواجب (2) فيكون كسائر الاطلاقات. خلافا للمحكي عن جماعة من
المتأخرين (3) فذهبوا إلى الصحة إما مع الكراهة - كما عن بعض - أو مع عدم
الكراهة - كما عن آخرين (4) - لروايتي إسماعيل بن سهل والحسن بن بسام:
الأولى: خرج أبو عبد الله عليه السلام من المدينة في أيام بقين من شعبان،
وكان يصوم فدخل (5) شهر رمضان - وهو في السفر - فأفطر، فقيل: تصوم
شعبان (6) وتفطر شهر رمضان؟! فقال: شعبان إلي إن شئت صمت وإن شئت لا،
وشهر رمضان عزم من الله علي الافطار " (7).
والثانية: " عن رجل، قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة
والمدينة في شعبان وهو صائم، ثم رأينا هلال رمضان فأفطر. فقلت له: جعلت
فداك أمس كان من شعبان وأنت صائم، واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر؟!
فقال: إن ذلك تطوع ولنا أن نفعل ما شئنا، وهذا فرض وليس علينا أن نفعل
إلا ما أمرنا " (8).



(1) ليس في " ج " و " ع ": في.
(2) في " ج " و " م ": للواجب.
(3) راجع الجواهر 16: 338.
(4) راجع الوسيلة 149.
(5) في " ف " و " م ": ثم دخل، وانظر المصدر أدناه.
(6) في " ج " و " ع ": تصوم في شعبان، وفي " ف ": يصوم شعبان ويفطر..، وانظر المصدر أدناه.
(7) الوسائل 7: 144 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 4، مع اختلاف يسير.
(8) الوسائل 7: 145 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث؟ 5
268
ورواية الجعفري " قال: كان أبي عليه السلام يصوم عرفة في اليوم الحار في
الموقف.. إلى آخره " (1).
ورواية البزنطي المتقدمة (2) حيث استفصل المعصوم عليه السلام في (3) مورد
السؤال، فلولا الفرق (4) بين النافلة والفريضة لم تكن فائدة في الاستفصال،
فلا بد من حمل قوله: " لا تصم " على الكراهة، ليحصل الفرق.
والمسألة محل اشكال، إلا أن القول الأول لا يخلو عن قوة، لكثرة
الأخبار الدالة عليه، وعدم صحة الأخبار (الأخرى) (5) وعدم الجابر لها جبرا يعتد به.
مضافا إلى معارضتها بروايتي عمار والبزنطي (6) بناء على شمول الفريضة
في الأول لمطلق الواجب، فيكون (7) المراد ب‍ " غيرها " خصوص المندوب،
واحتمال كون الاستفصال في الثانية عن كون السؤال عن الفريضة أو النافلة
لغرض آخر غير اختصاص التحريم بالفريضة، فإن القدر المسلم الثابت
بالعقل والعرف: دلالة ترك الاستفصال على العموم، لا دلالة الاستفصال على
الخصوص.
نعم، قد يفهم منه في بعض الموارد أنه (8) لو كان الاستفصال لأجل
اختصاص الحرمة بالفريضة لم تكن فائدة في الاستفصال - في التطوع (9) - عن



(1) الوسائل 7: 144 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 3.
(2) المتقدمة في صفحة 267، وانظر الهامش 8 هناك.
(3) في " ف " و " م ": عن.
(4) في " ف ": فلولا التفرق. وفي " ع " و " ج ": ولولا الفرق.
(5) الزيادة اقتضاها السياق.
(6) المتقدمتان في صفحة 267.
(7) في " ج " و " م ": ليكون.
(8) في " ج " و " ع " و " م ": مع أنه.
(9) في " ف ": كالتطوع.
269
إقامة العشرة بقوله (1): " تقول اليوم وغدا؟ " إذ لا فرق بين النافلة والفريضة في
اختصاص الحكم فيهما بصورة عدم إقامة العشرة، فكان الواجب أولا
الاستفصال عن الإقامة والعدم، ثم عن كون المسؤول عنه فريضة أو تطوعا
فيكشف ذلك عن أن الاستفصال الأول ليس لغرض تخصيص الحكم، وإلا
لقدمه على الثاني.
ثم الواجب - بعد تعارض أخبار الجواز بالروايتين - ترجيحهما من حيث
السند والموافقة لشهرة القدماء، ومع التنزل فالتساقط والرجوع إلى العمومات
الناهية عن الصوم بقول مطلق في السفر.
وأما استثناء الثلاثة أيام عند قبر النبي صلى الله عليه وآله فهو مقتضى
رواية علي بن حكيم (2) - المتقدمة (3) - والمحكي عن المفيد إلحاق المشاهد المشرفة
به (4) ولم نعثر له على مستند.



(1) في رواية البزنطي، انظر صفحة 267.
(2) في " ف " و " م ": حكم.
(3) كذا في النسخ، ولكن المتقدمة في صفحة 266 هي رواية محمد بن حكيم ولا ربط لها بالمقام،
نعم تدل عليه رواية معاوية بن عمار المروية في الوسائل 7: 143 الباب 12 من أبواب من يصح
منه الصوم، الحديث الأول.
(4) المقنعة: 350.
270
مسألة
(14)
سقوط الصوم عن المريض
يسقط الصوم عن المريض الذي يتضرر به بلا خلاف - ظاهرا -.
ويدل عليه - مضافا إلى عمومات نفي الحرج والضرر - خصوص الآية
والأخبار، قال الله سبحانه: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام
أخر) (1).
ورواية حريز " كلما أضربه الصوم فالافطار له واجب " وفي صدر تلك
الرواية " الصائم إذا خاف على عينه من الرمد أفطر " (2).
ولا فرق بين التضرر بزيادة المرض أو بطؤه أو عسر علاجه لاطلاق
الأدلة.
وهل يلحق به حدوث المرض للصحيح؟ الظاهر: نعم، للعمومات



(1) البقرة: 2 / 184.
(2) الفقيه 2: 132 - 133 باب حد المرض الذي يفطر صاحبه، الحديث 1945 و 1946 ونقل
الحر العاملي صدر هذا الحديث في الوسائل 7: 155 الباب 19 من أبواب من يصح منه
الصوم، الحديث الأول.
271
وصدر الرواية (1) بضميمة عدم القول بالفصل بين الأمراض.
وقد يستدل لذلك بقوله: " كل ما أضربه.. إلى آخره ". وفيه نظر.
ثم لا شك في ثبوت الحكم مع العلم بالضرر، وكذا مع الظن به للاجماع
ولزوم الحرج لو لم يعتبر، لأن الاقدام على ما يظن معه الضرر حرج
عظيم.
ولانسداد باب العلم به، فلو وجب الصوم مع الظن لوقع المكلفون كثيرا
في الضرر، ولصدق المضر (3) (عليه عرفا، فيقال لما يظن (4) أن الصوم يضر به:
(الصوم مضر به) (5)، فيدخل في الخبر " كلما أضر به.. ".
والسر في ذلك: أنا وجدناهم يكتفون في الحكم بثبوت الأمور - التي لا
طريق للعلم إليها غالبا - بالظن بثبوته.
كل ذلك، مضافا إلى صدق خوف الضرر معه.
ولأجل ذلك تعدى بعضهم إلى الاحتمال المساوي، لجعل المناط في
الرواية خوف الرمد وهو يحصل مع احتماله احتمالا مساويا، وتم المطلب (6) في
غيره بعدم القول بالفصل. وهو جيد.
اللهم إلا أن يكون (7) الاجماع على اعتبار الرجحان في الاحتمال، وهو
أحوط (8).



(1) ليس في " م ": صدر:، والمراد بالرواية هي رواية حريز المشار إليها في صفحة 271.
(2) وهي رواية حريز.
(3) في " ف ": الضرر.
(4) في " ف ": انا نظن.
(5) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(6) في " ف "، وتم العمل.
(7) في " ف ": كون.
(8) في هامش " م " ما يلي: هنا محل بياض بقدر كلمة.
272
وإذا (1) برء المريض قبل الزوال ولم يفعل شيئا من المفطرات صام ذلك
اليوم واعتد به من رمضان (2).



(1) في " ف ": مسألة، إذا برء.. الخ.
(2) في هامش " ف " و " م " ما يلي: هنا محل بياض بقدر نصف صفحة.
273
مسألة
(15)
جواز الافطار للحامل المقرب
الحامل المقرب - وهي التي قرب زمان وضعها - والمرضعة القليلة اللبن
إذا خافتا على الولد أو النفس يجوز لهما الافطار بلا خلاف ظاهر، وعن المنتهى:
أن عليه إجماع فقهاء الاسلام (1).
ويدل عليه - مضافا إلى عمومات نفي العسر والحرج والضرر - رواية
محمد بن مسلم " قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام: الحامل المقرب والمرضعة
القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان، لأنهما لا تطيقان الصوم،
وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطران فيه بمد من طعام، وعليهما
قضاء كل يوم أفطرنا فيه تقضيانه بعد " (2).
وفي تفسير قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه) (3) قال عليه السلام: " المرأة
تخاف على ولدها " (4).



(1) المنتهى 2: 619.
(2) الوسائل 7: 153 الباب 17، من أبواب من يصح منه الصوم الحديث الأول والتهذيب
4: 239 240 - الحديث 701 مع اختلافات يسيرة وفي " م ": وتصدق وفي " ف " يقضيان.
(3) البقرة: 2 / 184.
(4) تفسير العياشي 1: 79، الحديث 180.
274
ومثله الرضوي " إذا لم يتهيأ للشيخ أو الشاب أو (1) المعلول أو الحامل أن
يصوم، من العطش أو الجوع أو تخاف المرأة أن يضر بولدها، فعليهم جميعا
الافطار ويتصدق (عن) (2) كل واحد (3) كل يوم بمد من طعام (4) وليس عليه
القضاء " (5).
ومقتضى إطلاق الرواية الأولى (6) وجوب التصدق بالمد مطلقا، وإن كان
الافطار للخوف (7) على النفس.
بل ظاهر قوله: " لأنهما لا يطيقان " اختصاصه به (8) وعلى هذا الاطلاق
حكي الاجماع عن الخلاف (9).
خلافا للمحكي عن العلامة (10) وولده (11) والمحقق (12) والشهيد
الثانيين (13) فخصوه (14) بصورة الخوف على الولد، بل حكي عن بعض: أنه



(1) ليس في " ف ": أو.
(2) في " ج " و " ع ": ويصدق وفي " م ": وتصدق والزيادة من المصدر.
(3) في " ج " و " ع " زيادة: منهم.
(4) في " ف ": الطعام.
(5) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 211، وعنه المستدرك 7: 387 الباب 12 من
أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 3 مع اختلاف في الألفاظ.
(6) المتقدمة في صفحة 274، عن محمد بن مسلم.
(7) في " ف " للتخوف.
(8) ليس في " ف " به.
(9) الخلاف 2: 197 كتاب الصوم، المسألة 47.
(10) قواعد الأحكام 1: 66.
(11) إيضاح الفوائد 1: 235.
(12) حكاه عنه البحراني في الحدائق 13: 427.
(13) الروضة البهية 2: 129.
(14) في " ج " و " ع " و " م ": فخصاه.
275
المشهور (1). ولعله لخلو الخبر المروي في مستطرفات السرائر (2) الخاص بالخوف
على النفس عن ذكر الصدقة مع الورود في مقام الحاجة، فيصير ظاهرا في عدم
وجوب الصدقة، فيجب تقديمه، لأنه أخص.
وانجبار الرواية المتقدمة بالاجماع المحكي معارض بانجبار هذا (3)
بالشهرة المحكية، وهو أخص من الاجماع المحكي، وغاية الأمر الرجوع إلى
الأصل بعد التعارض والتساقط. لكن الأظهر هو الأول، لصحة الرواية (4)
ظاهرا (5) وانجبارها بالاجماع - المحكي عن الخلاف - (6) المؤيد بعدم نقل المحقق
في المعتبر (7) - على ما حكي عنه - هذا التفصيل إلا (8) عن الشافعي، وبه يوهن
دعوى الشهرة، فلا تقوى لجبر الخبر المجهول السند.
مضافا إلى اعتضاد الرواية بإطلاق الخبر " قلت لأبي الحسن عليه السلام: إن
امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين، فوضعت ولدها وأدركها الحبل ولم تقو
على الصوم؟ قال عليه السلام: فلتتصدق عن كل يوم بمد على مسكين " (9).
ثم الأظهر أنه يجب عليهما القضاء - كما صرح به في الرواية (10) - وهو
المشهور، بل حكي الاجماع عليه. خلافا للمحكي عن سلار (11) وظاهر



(1) حكاه في الجواهر 17: 152.
(2) السرائر 3: 583.
(3) في " ف ": هذه.
(4) أي رواية محمد بن مسلم المتقدمة في صفحة 274.
(5) ليس في " ج " و " ع ": ظاهرا.
(6) الخلاف 2: 196 كتاب الصوم، المسألة 47.
(7) المعتبر 2: 719.
(8) ليس في " ف ": إلا.
(9) الوسائل 7: 154 الباب 17 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 2 مع اختلاف يسير.
(10) انظر صفحة 274.
(11) المراسم (الجوامع الفقهية): 576.
276
السيد (1) حيث لم يذكره.
ولا يظهر مستنده سوى الأصل والرضوي (2) وخلو الخبر الأخير مع
وروده في (3) مقام الحاجة، لكن في سنده ما فيه - كما قيل - فلا يقاوم الرواية
الصحيحة المعتضدة بالاجماع المنقول والشهرة ورواية السرائر حيث ذكر فيها
القضاء - على ما حكي - (4) ومنه يظهر الجواب عن الرضوي (5).
ثم الظاهر عدم الفرق في المرضعة بين الأم وغيرها كائنة من كانت.



(1) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة): 56.
(2) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 211.
(3) ليس في " ف " و " م ": في.
(4) السرائر 3: 583.
(5) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام: 211.
277
مسألة
(16)
جواز الافطار للشيخ والشيخة
لا خلاف ظاهرا في جواز الافطار للشيخ والشيخة، سواء عجزا عن
الصوم أصلا أو شق عليهما.
ويدل عليه - مضافا إلى العمومات - خصوص الرواية (1) الآتية
ولا خلاف أيضا - على الظاهر - في وجوب التصدق مع شق الصوم، وإنما الخلاف
في موضعين:
وجوب التصدق على من عجز عن الصوم
أحدهما: وجوب التصدق على العاجز عن الصوم (2) رأسا، فإن المحكي
عن المفيد (3) والمرتضى (4) وابن زهرة (5) والحلبي (6) والديلمي (7) والحلي (8) والعلامة



(1) في " م ": الروايات.
(2) في " ف " و " م " من الصوم.
(3) المقنعة: 351.
(4) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة): 56.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(6) الكافي في الفقه: 182.
(7) المراسم (الجوامع الفقهية): 576.
(8) السرائر 1: 400.
278
في المختلف (1) والمحقق والشهيد الثانيين (2) عدم وجوب التصدق في هذه الصورة
وعن الانتصار دعوى الاجماع عليه (3)، وعن الغنية نفي الخلاف عنه (4) وحكي
عن الأكثر، للأصل والخبر " رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه
الركوع والسجود، فقال: ليؤم (5) برأسه إيماء.. إلى أن قال: قلت له فالصيام (6)؟
فقال عليه السلام: إذا كان في ذلك الحد فقد وضع الله تعالى عنه، وإن كانت له
مقدرة (7) فصدقة مد من طعام (8) بدل كل يوم أحب إلي، وإن لم يكن له يسار فلا
شئ عليه " (9).
وضعفه مجبور بالاجماع وعدم الخلاف - المحكيين - فيخصص (10) إطلاق
روايات كأنه (11) دعى جماعة (12) من الأصحاب كالقديمين (13) والصدوقين (14)



(1) المختلف: 244.
(2) جامع المقاصد 3: 80. الروضة البهية 2: 128.
(3) الإنتصار: 68.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): 509.
(5) في " ف ": يؤم.
(6) في " ف ": فالصائم.
(7) في " ف ": معذرة.
(8) في " ف " و " ع ": مد من طعام.
(9) الوسائل 7: 151 الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 10 مع اختلاف يسير.
(10) في " ف ": فيخص.
(11) كذا في النسخ، والمعنى: كأن اطلاق روايات دعى جماعة.. إلى آخره.
(12) في " ف ": جماعات.
(13) حكاه عنهما العلامة قدس سره في المختلف: 244.
(14) في " ف ": والصدوق حكاه عنهما العلامة قدس سره في المختلف: 244 وفيه: " وهو اختيار ابن أبي
عقيل وابن الجنيد وابن بابويه في رسالته وولده أبو جعفر في المقنع "، وانظر المقنع (الجوامع
الفقهية): 16.
279
والشيخ (1) والقاضي (2) والفاضلين (3) وابن فهد (4) والشهيد (5) - على ما حكي
عنهم - إلى القول بوجوب الصدقة مطلقا.
منها (6): رواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر " (قال: سمعت أبا
جعفر) (7) عليه السلام يقول: الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن
يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد في كل يوم بمد ولا قضاء عليهما، وإن
لم يقدرا فلا شئ عليهما " (8).
ورواية عبد الملك بن عتبة الهاشمي " قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن
الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف (9) عن الصوم في شهر رمضان؟
فقال: تتصدق عن كل يوم بمد من الحنطة " (10)
ورواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: سألته عن رجل كبير
يضعف عن صوم شهر رمضان؟ فقال: يتصدق بما يجزي عنه طعام مسكين لكل
يوم ". (11)



(1) المبسوط 1: 285.
(2) المهذب 1: 196.
(3) شرائع الاسلام 1: 210 وقواعد الأحكام 1: 67.
(4) المقتصر: 121.
(5) الدروس: 78.
(6) متعلق بقوله في الصفحة المتقدمة: روايات.
(7) الزيادة من الوسائل.
(8) الوسائل 7: 149 - 150 الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث الأول مع
اختلاف يسير.
(9) في " ف ": تتضعف.
(10) الوسائل 7: 150 الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 4: والعبارة في " ج "
والمصدر: بمد حنطة وفي " م ": بمد من حنطة.
(11) الوسائل 7: 151 الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث 9، وليس في " ج ": يوم.
280
ونحوها أخبار أخر.
ولكن في صلاحية ذلك الخبر (1) لتقييد هذه تأمل، لعدم صراحته في
استحباب التصدق أولا وضعفه ثانيا.
وأما الاجماع وعدم الخلاف - المحكيان - فموهونان بمصير جماعة كثيرة
من أجلاء القدماء والمتأخرين على (2) الخلاف - كما عرفت -.
مضافا إلى معارضة الخبر بالخبر المحكي في تفسير قوله تعالى: (وعلى
الذين يطيقونه فدية..) (3) أنه الشيخ الكبير الذي لا يستطيع والمريض (4).
فتبقى العمومات على كثرتها سليمة عن المعارض، فالقول بالوجوب لعله
أقوى وأحوط، وإن كان للتأمل فيه - أيضا - مجال من جهة إمكان دعوى
ظهورها في من يشق عليه، مع التأمل في دلالة الجملة الخبرية على الوجوب.
ثم إن الأقوى: عدم وجوب القضاء وإن قدر عليه بعد ذلك، لعدم الدليل
لا خصوصا ولا عموما، مضافا إلى رواية محمد بن مسلم - المتقدمة - (5) وإن
أمكن أن يقال بورودها مورد الغالب وهو عدم تجدد القدرة لهما.
وأما قوله في الخبر: " وإن لم يكن له يسار فلا شئ عليه " (6) فهو ظاهر
في نفي وجوب الصدقة (7).
(ولكن الحق جواز التمسك بتلك الأخبار. ودعوى أن الغالب عدم تجدد



(1) أي الخبر المذكور في صفحة 279.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: إلى.
(3) البقرة 2 / 184.
(4) الوسائل 7: 151 الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 7.
(5) في صفحة 280 وانظر الهامش 8 هناك.
(6) الوسائل 7: 151 الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 10، ومضى نص الحديث
في صفحة 279.
(7) ما بين الشارحتين وردت في " ف " هكذا: في عدم وجوب الأداء.
281
القدرة لهما (1) ممنوعة، بل الغالب أنهما لا يقدران على الصيام في الصيف
ويقدران عليه في الشتاء) (2).
جواز الافطار لذي العطاش
وأما ذو العطاش - بضم العين - وهو داء لا يروى صاحبه من الماء،
فيجوز له الافطار - أيضا - بلا خلاف ظاهر، وحكي عليه الاجماع مستفيضا،
مضافا إلى عمومات جواز الافطار ونوافي العسر والحرج، وخصوص
رواية ابن مسلم المتقدمة (3).
وجوب التصدق على ذي العطاش
ولا كلام في وجوب التصدق عليه وعدم القضاء إذا لم يقدر عليه، وإنما
الكلام في وجوب القضاء عليه إذا برء، فذهب الأكثر إلى الوجوب - بل حكي
عليه عدم الخلاف -.
ويدل عليه العمومات الدالة على وجوب القضاء على المريض - إذا
برء - من الكتاب (4) والسنة (5).
اللهم إلا أن يعارض برواية (6) محمد بن مسلم - المتقدمة - (7) بالعموم من
وجه فيرجع إلى الأصل، لكنه فرع عدم المرجح لتلك العمومات، وهو موجود،
وكذا الكلام في وجوب الصدقة عليه، فإن مقتضى رواية ابن مسلم وجوبها عليه
مطلقا ولا مخصص لاطلاقها ولا معارض.
وقيل: باختصاص الصدقة بما لو استمر مرضه إلى رمضان القابل - حيث
لا يجب القضاء - وحمل الرواية عليه بالنسبة (إلى الصدقة أيضا، ولا وجه له،



(1) في " م ": لها.
(2) ما بين المعقوفتين من " م ".
(3) في صفحة 280 وانظر الهامش 8 هناك.
(4) البقرة: 2 / 185.
(5) الوسائل 7: 160 الباب 22 من أبواب من يصح منه الصوم.
(6) في " ف ": رواية.
(7) في صفحة 280، وانظر الهامش 8 هناك.
282
لأن تقييدها بالنسبة إلى نفي القضاء بتلك الصورة إنما كان لأجل المعارض
الأقوى، ولا يوجد مثله بالنسبة) (1) إلى دلالتها على إثبات الصدقة، والأقوى
وجوبها مطلقا وفاقا للشيخ (2) وجماعة.



(1) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(2) المبسوط 1: 285.
283
مسألة
(17)
حكم القضاء عن الذي مرض في رمضان فمات
من فاته شهر رمضان أو بعضه فمات في ذلك المرض، لم يجب عنه القضاء،
للروايات المستفيضة وفيها الصحاح - ظاهرا - وغيرها.
منها: رواية منصور بن حازم " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
المريض في شهر رمضان فلا يصح حتى يموت؟ قال: لا يقضى عنه. والحائض (1)
تموت في شهر رمضان؟ قال: لا يقضى عنها " (2).
ونحوها غيرها.
وهل يستحب القضاء؟ حكي عن المنتهى: أنه مذهب العلماء، ثم استدل
عليه: بأنه طاعة فعلت (3) عن الميت، فوصل إليه ثوابها (4).
وضعفه بعض (5) بأن الكلام ليس في جواز التطوع بالصوم، وإهداء ثوابه



(1) في " ج ": وعن الحائض.
(2) الوسائل 7: 242 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 9.
(3) في المصدر: قبلت.
(4) المنتهى 2: 603.
(5) انظر المدارك 6: 212.
284
إليه، بل في (1) قضاء الفائت عنه، والحكم بشرعيته يحتاج إلى دليل والأصل عدمه.
مضافا إلى الخبر السابق " لا يقضى عنها " (2) فإنه ظاهر في عدم
المشروعية (3).
ونحوه غيره.
وأصرح من ذلك دلالة على عدم المشروعية ما رواه الكليني، عن أبي
بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان
وماتت في شوال، فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال: هل برئت من مرضها؟ قلت:
لا، ماتت فيه، قال: لا يقضى عنها فإن الله تعالى لم يجعله عليها. قلت: فإني
أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني. قال: كيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها؟
فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم " (4).
وما ذكرة جيد.



(1) ليس في " ج " و " ع ": في.
(2) في النسخ: عنه، وتقدم آنفا.
(3) في " ج ": مشروعيته.
(4) الوسائل 7: 242 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 12 مع اختلاف يسير،
تقدم الاستدلال به في صفحة 233 و 238 (الهامش).
285
مسألة
(18)
حكم من استمر مرضه إلى رمضان القابل
إذا استمر بالمريض مرضه إلى رمضان القابل، فالأكثر على سقوط
القضاء عنه ووجوب التصدق عما فاته من الأيام.
ويدل عليه الروايات المستفيضة، بل قيل: المتواترة.
منها: رواية زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام " في الرجل يمرض، فيدركه
شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض، فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر؟
قال: يتصدق عن الأول ويصوم الثاني، وإن كان صح فيها بينهما ولم يصم حتى
أدركه شهر رمضان صامهما جميعا ويتصدق (1) عن الأول " (2).
ورواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام " قال:
سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر؟ فقالا: إن كان
قد برء ثم توانى قبل أن يدركه رمضان آخر صام الذي أدركه وتصدق (3) عن كل



(1) في " ج " و " ع " و " م ": وتصدق.
(2) الوسائل 7: 245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 2.
(3) في " ف ": ويتصدق وفي " م " يصدق ظاهرا.
286
يوم بمد من طعام على مسكين، وعليه صيامه وإن كان لم يزل مريضا حتى أدركه
رمضان آخر صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكل يوم مد من طعام على
مسكين وليس (1) عليه قضاؤه " (2).
وفي معناهما روايات أخر، كرواية أبي الصباح الكناني (3) ورواية علي بن
جعفر، عن أخيه عليهما السلام (4) وبهذه يقيد إطلاق الأدلة الدالة على وجوب القضاء
على المريض من الكتاب (5) والسنة (6) ويطرح ما دل على خلافها، لأنه موافق
للعامة مخالف لعمل الجماعة. خلافا للمحكي عن ابن بابويه (7) من وجوب
القضاء دون التكفير متمسكا بعموم الآية (فعدة من أيام أخر) (8) وهي مقيدة
بما مر، وللمحكي (9) عن ابن الجنيد (10) فأوجب الأمرين، عملا بالاحتياط
ورواية سماعة " عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان قبل ذلك لم
يصمه؟ فقال: يتصدق بدل كل يوم من رمضان عليه بمد من طعام، وليصم هذا
الذي أدرك فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه، فإني كنت مريضا فمر
علي ثلاث رمضانات لم أصح (11) فيهن ثم أدركت رمضان فتصدقت بدل كل يوم



(1) ليس في " ف ": وليس.
(2) الوسائل 7: 244 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول مع اختلاف يسير.
(3) الوسائل 7: 245 نفس الباب. الحديث 3.
(4) الوسائل 7: 247 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول.
(5) البقرة: 2 / 184.
(6) الوسائل 7: 160 الباب 22 من أبواب من يصح منه الصوم.
(7) حكاه عنه المحقق في المعتبر 2: 699.
(8) البقرة: 2 / 184.
(9) في " ج " و " ع ": والمحكي.
(10) نقله عنه الشهيد في الدروس: 77.
(11) في " ف ": لما أصم، وفي " ج " و " م ": لم أصم.
287
مما مضى بمد من طعام ثم عافاني الله تعالى وصمتهن " (1).
وهو ضعيف بما مر - لو أراد به الوجوب الاصطلاحي الحادث - وحسن
لو أراد به الاستحباب.
كما يدل عليه صريحا رواية عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام
" قال: من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثم أدركه رمضان آخر وهو مريض،
فليتصدق بمد لكل يوم، وأما أنا فإني صمت وتصدفت " (2).
ثم إن الظاهر عدم الفرق بين استمرار نفس ذلك المرض أو الانتقال منه
إلى مرض آخر كما يستفاد من الأخبار.
حكم الافطار لعذر آخر غير المرض
وهل يلحق بالافطار أداء أو قضاء - للمرض الافطار - فيهما أو في
أحدهما - لعذر آخر؟ (فلو أفطر الأداء لعذر آخر) (3) ثم استمر ذلك العذر أو
مرض بعد خروج الشهر واستمر إلى القابل، أو أفطر الأداء للمرض ثم حصل
عذر آخر واستمر، أو انتقل إلى عذر آخر إلى رمضان القابل، فهل يسقط القضاء
ويتبدل (4) بالتصدق أم يتعين القضاء؟
الظاهر: الثاني، عملا بالدليل الدال على وجوب القضاء مطلقا السالم
عن المخصص.
نعم قد يزعم دلالة رواية ابن سنان - المتقدمة - على إلحاق الصورة
الثانية من الصور المذكورة، وليس كذلك، لأن الظاهر من العذر بقرينة قوله
" وهو مريض " المرض، غاية الأمر حصول الاجمال من جهة اقتران اللفظ بما



(1) الوسائل 7: 245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 5.
(2) الوسائل 7: 245 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4. وفيه: فأما أنا.
(3) ما بين المعقوفتين ليس في " ع ".
(4) في " ج ": أو يتبدل.
288
يصلح أن يكون قرينة صارفة له (1) عن معناه الحقيقي، فلا يدل على المطلوب (2).



(1) ليس في " ج " و " ع ": له.
(2) في " ف ": على الظ (أي: على الظاهر).
289
مسألة
(19)
حكم من برء ولم يقض إلى رمضان القابل
إذا برء المريض المفطر بعد خروج رمضان، فإن قضى ما فات عنه
فلا كلام ولا يجب عليه شئ غيره، وإن لم يقضه حتى أدركه شهر رمضان آخر، فإن
كان الترك تهاونا فالأقوى وجوب القضاء - إذا فرغ من الشهر المقبل -
والتصدق، للروايات المتقدمة (1) خلافا للمحكي (2) عن الحلي (3) فلم يوجب
التصدق، ولعله لكون الدليل على وجوبه من طريق الآحاد، وهو لا يعمل بها.
وأما لو كان الترك لا للتهاون، بل كان عازما على القضاء وأخره اعتمادا
على سعة الوقت فلما ضاق حصل العذر، فالأقوى - أيضا - وجوب الأمرين،
لاطلاق ما مر. خلافا لكثير، بل للأكثر - على ما حكي - فلا يجب التصدق،
لاشتراطه منضما إلى القضاء في الأخبار بما إذا ترك توانيا كما في رواية محمد بن



(1) انظر صفحة 233 و 286 وما بعدهما وأيضا: الوسائل 7: 244 الباب 25 من أبواب أحكام
شهر رمضان.
(2) المدارك 6: 219.
(3) السرائر 1: 396 - 397.
290
مسلم المتقدمة (1) أو تهاونا كما في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال:
إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ثم صح، فإنما عليه لكل يوم أفطر فيه
فدية طعام - وهو مد لكل مسكين - قال: وكذلك - أيضا - في كفارة اليمين
والظهار مدا مدا، وإن (2) صح فيما بين رمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام، فإن
تهاون به - وقد صح - فعليه الصدقة والصيام جميعا " (3).
أقول: أما رواية محمد بن مسلم - المقيد فيها وجوب الجمع بالتواني -
فلا يدل على مطلوبهم، إذ مع العزم على القضاء والتأخير اعتمادا على سعة الوقت
يصدق التواني، فيجب عليه الكفارة.
والحاصل: أن المراد بالتواني: مجرد الترك لا لعذر - عزم عليه أم لا -
ويشهد بذلك مقابلته بقوله: " وإن كان لم يزل مريضا ".
وما يقال: من أنه غير (4) مفرط فيبعد التكفير (لأنه لستر الذنب غالبا.
لا يجدي شيئا، إذ لعل التكفير) (5) للتضييع، فإن في التأخير آفات.
ومنه يظهر: الجواب عن الرواية المحكية عن تفسير العياشي المعللة
لوجوب التكفير (6) زيادة على القضاء: بأنه قد ضيع ذلك الصيام (7).
وجه الجواب: أن التضييع صادق على التأخير بملاحظة " أن في التأخير
آفات " وعدم الاعتداد بالسلامة عن الأعذار.



(1) في صفحة 286.
(2) في النسخ: فإن صح، وصححناه على المصدر.
(3) الوسائل 7: 246 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 6، مع اختلاف يسير.
(4) ليس في " ف ": غير.
(5) ما بين المعقوفتين ليس في " ج ".
(6) في " ج " و " ع ": الكفارة.
(7) تفسير العياشي 1: 79 وعنه الوسائل 7: 247 الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان،
الحديث 11.
291
والحاصل: أن من أخر قضاء يوم واحد فات من رمضان إلى يوم آخر
شعبان (7) من السنة القابلة - اعتمادا على سعة (2) الوقت - ثم مرض في ذلك
اليوم، يعد مضيعا للصيام - وإن كان عازما على فعله في ذلك -.
ثم لو سلمنا أن التواني لا يجامع العزم على القضاء لكن نقول: إن دلالة
الرواية على اشتراط الجمع بالتواني فرع وجود المفهوم في الرواية (3) وهو ممنوع،
لأن مفهومها: هو الذي نطق به في الذيل بقوله: " وإن كان لم يزل مريضا "
فليس لها مفهوم حتى يدل على أنه إذا برء ولم يتوان فليس عليه الجمع حتى
يكون مقيدا للمطلقات (4) كرواية زرارة المتقدمة (5) ونحوها.
وبمثل هذين الجوابين يجاب عن رواية أبي بصير (6) لصدق التهاون مع
التأخير - وإن عزم على الفعل - سيما في آخر الوقت.
ولو سلم فلا مفهوم لها، بقرينة مقابلة قوله: " وإن صح " فالمراد - والله
أعلم - أن الشخص إذا صح بين الرمضانين يجب عليه القضاء، وإن لم يقض
وجب عليه الكفارة والقضاء - إذا فرغ من صيام المقبل -.
اللهم إلا أن يدعى أن الغرض من قوله: " فإن صح.. إلى آخره " بيان
حكم من لم يصم مع الصحة حتى أدركه القابل، والمراد: أنه يجب على هذا



(1) في " ج " و " ع ": آخر من شعبان.
(2) في " ف " و " ج " و " م ": ضيق، وتقدم مفاده في صفحة 290.
(3) أي رواية محمد بن مسلم المتقدمة في صفحة 286.
(4) في " ف ": مقيد المطلقات.
(5) في صفحة 286، وانظر الهامش 3 هناك.
(6) المتقدمة في صفحة 291، وانظر الهامش 3 هناك.
292
الشخص القضاء فقط بعد خروج المقبل.
وليس الغرض منه إنشاء حكم لمن صح بعد خروج رمضان الفائت
(بأنه (1) يجب عليه أن يقضيه ونفي الكفارة لفوات الأداء) (2) بل المراد: بيان حكم
الشخص الذي لم يصم ما فاته من رمضان الماضي حتى أدركه (3) المقبل، وأنه إن
كان مريضا بين الشهرين فليس عليه إلا التصدق، وإن كان صحيحا فليس
عليه إلا القضاء إذا فرغ من المقبل، وإن تهاون فعليه الأمران.
فالمراد حينئذ بقوله: " إن كان صحيحا " إن كان صحيحا ولم يتهاون في
الترك، بقرينة قوله: " وإن تهاون.. إلى آخره ".
لكن الانصاف: أن ما ذكرنا من المعنى أقرب من هذا، لأن قوله: " وإن
صح.. إلى آخره " مقابل (4) لقوله: " إذا مرض بين رمضان... (5) إلى آخره "
بمعنى: أن المريض إذا استمر مرضه فيجب عليه الصدقة، وإن صح في الأثناء
فيجب (6) عليه أن يقضي الفائت قبل مجئ شهر رمضان ولا يقوم التصدق مقامه،
فإن تهاون هذا الصحيح - ولم يفعل ما ذكر أنه واجب عليه - حتى دخل القابل،
يجب عليه القضاء إذا فرغ من القابل والتصدق.



(1) في " ف " و " ع " بان وفي " ج ": فإنه.
(2) وردت العبارة في " ف " ولم نفهم المقصود من العبارة ولذا جعلناها بين المعقوفتين، واحتمال الخلط
والتصحيف فيها غير بعيد، وفي " ج " و " ع ": أن يقضيه وبقي الكفارة لفوت الأداء.
(3) في " ج ": أدرك.
(4) في " ف ": يقابل.
(5) والعبارة حسب المصدر: " إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان. إلى آخره " انظر صفحة
291.
(6) في " ف ": يجب.
293
وحينئذ ليس لقوله: " وإن تهاون " مفهوم يدل على نفي الجمع عمن ترك
من غير تهاون، فيكون مقيدا للمطلقات الدالة على وجوب الجمع بمجرد الترك
مع الصحة فيما بين الشهرين، فافهم.

294
مسألة (1)
(20)
وجوب القضاء على أولى الناس بالميراث
لو مات الرجل وعليه شئ من الصيام فالمروي في روايات وجوب
القضاء عنه على أولى الناس به.
منها: رواية حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل
يموت وعليه صلاة أو صيام؟ قال: يقضي عنه أولى الناس بميراثه. قلت: فإن
كان أولى الناس به امرأة؟ قال: لا، إلا الرجال " (2).
ورواية حماد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: سألته عن
الرجل يموت وعليه (دين) (3) من شهر رمضان، من يقضيه (4)؟ قال: أولى الناس
به. قلت: فإن (5) كان أولى الناس به امرأة؟ قال: لا، إلا الرجال " (6).



(1) في هامش " ف " ما يلي: حكم ما على الميت من الصوم.
(2) الوسائل 7: 241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 5.
(3) الزيادة من الوسائل.
(4) في الوسائل: من يقضي عنه.
(5) في " ج " و " ع ": وإن، فيكون الاستفهام انكاريا وهو أنسب بما يجيبه الإمام عليه السلام به.
(6) الوسائل 7: 241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 6، وقد سبقت الإشارة
إليها في هامش صفحة 237.
295
ورواية محمد بن الحسن الصفار " إنه كتب إلى أبي محمد الحسن بن
علي (1) عليهما السلام رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة (أيام) (2) وله وليان،
هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا: خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الآخر؟
فوقع عليه السلام: يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء الله تعالى " (3).
وحكي على هذا الحكم الاجماع في الجملة (4).
حكم قضاء ما فات الميت لغير عذر
ومقتضى إطلاق هذه عدم الفرق بين ما فات لعذر أو غيره، وبه أفتى
بعض الأصحاب (5)، إلا أن جماعة اقتصروا على ما فاته لعذر، لأن الروايات
تحمل على الغالب من الترك، وهو إنما يكون على هذا الوجه.
وفي أصل الغلبة ثم في صلاحيتها للقرينية على إرادة الغالب من المطلقات
تأمل.
وكيف كان، فينبغي القطع باشتراط الحكم بالوجوب على الولي بكون
الميت متمكنا حال الحياة عن فعل الفائت، لأن غير ذلك لا يكون عليه حتى
يدخل في موارد السؤال في الروايات.
واستثنى بعضهم عن ذلك ما فات عنه لسفر، فإنه يقضى عنه - وإن لم
يتمكن من فعله حال الحياة لاستمرار السفر - تمسكا بروايات:
منها: رواية أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام " قال: سألته عن امرأة
مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان.



(1) في الوسائل: كتبت إلى الأخير عليه السلام. وليس في " ف ": ابن.
(2) الزيادة من الوسائل.
(3) الوسائل 7: 240 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان. الحديث 3. والفقيه 2: 153
الحديث 2010.
(4) حكاه في المستند 2: 138.
(5) منهم صاحب المستند ونسبه إلى ظاهر فتوى الأكثر، ومنهم صاحب الجواهر انظر المستند 2:
139 والجواهر 17: 36.
296
هل يقضى عنها؟ قال: أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر فنعم " (1).
ومثلها رواية أخرى عن ابن مسلم (2)، ورواية منصور بن حازم (3) عن أبي
عبد الله عليه السلام " في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت؟ قال: يقضى عنه ".
وهذه الروايات - مضافا إلى ما في سندها - مخالف (4) لعمل المشهور، حتى
قيل: إنه لا عامل بها عدا الشيخ في التهذيب (5) مع أن الروايتين الأوليين ليستا
صريحتين في الوجوب (6)، إذ يحتمل أن يكون عن جواز القضاء عن المرأة إذا
ماتت غير متمكنة عن القضاء فأجاب عليه السلام بعدم الجواز في المرض والطمث
وبالجواز في السفر.
قضاء الصوم عن المرأة
وهل يقضى عن المرأة وجوبا ما فاتتها (7) وتمكنت عن تداركه؟ وجهان:
من اختصاص الأخبار المتقدمة بالرجل، ومن غلبة اشتراكها معه في الأحكام،
لكن الاعتماد عليه هذه الغلبة مشكل، فعدم الوجوب لا يخلو عن قوة، للأصل.
وقد يستدل على الوجوب بروايتي أبي حمزة ومحمد بن مسلم المتقدمتين (8)
وليستا صريحتين فيه بل ولا ظاهرتين، لاحتمال كون السؤال عن جواز القضاء
مع عدم تمكن المرأة من القضاء، فلا يفيد الجواب إلا الجواز إذا كان سبب الفوت
هو السفر، مع أن فيهما ما عرفت من عدم القائل بمضمونهما (9) عدا الشيخ (10).



(1) الوسائل 7: 241 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
(2) الوسائل 7: 243 الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 16، وقد تقدم وصفها
بالموثقة في هامش صفحة 237.
(3) الوسائل 7: 243 نفس الباب، الحديث 15.
(4) كذا في النسخ، والظاهر: مخالفة.
(5) التهذيب 4: 249.
(6) ليس في " ف ": في الوجوب.
(7) في النسخ: فاتته، هذا وقد تقدم البحث حول هذه المسألة في هامش صفحة 237 فراجع.
(8) أعلاه، وقد تقدم الاستدلال بهما في هامش صفحة 237 أيضا.
(9) في " ف ": بمضمونها.
(10) التهذيب 4: 249.
297
مسألة (1)
(21)
جواز الافطار في القضاء إلى الزوال
قاضي شهر رمضان بالخيار إلى زوال الشمس على الأشهر الأقوى (2)،
للروايات المستفيضة:
منها: رواية عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: صوم النافلة
لك أن تفطر ما بينك وبين الليل، وصوم الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس،
فإن زالت فليس لك أن تفطر " (3).
وقريب منه أخرى - في إطلاق الحكم لكل صوم واجب - (4).
ورواية إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: الذي يقضي
شهر رمضان هو بالخيار في الافطار ما بينه وبين (5) أن تزول الشمس، وفي التطوع
ما بينه وبين أن تغيب الشمس " (6).



(1) سبق من المؤلف البحث حول هذا الموضوع في المسألة رقم 8 في صفحة 240.
(2) في " ج " و " ع " و " م ": الأشهر الأظهر.
(3) الوسائل 7: 10 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 9.
(4) نفس المصدر، الحديث 8 باختلاف يسير.
(5) في " ف ": وما بين.
(6) نفس المصدر، الحديث 10.
298
ونحوه أخرى - في الاختصاص بقضاء شهر رمضان - (1).
وبها يقيد عموم النهي عن إبطال العمل على تقدير وجوده.
وكذا إطلاق رواية زرارة " قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل
يقضي من رمضان فأتى النساء؟ قال: عليه من الكفارة مثل ما (على الذي) (2)
أصاب في رمضان، لأن ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان (3) " (4).
إما بتقييدها بما بعد الزوال - لاختصاص الجواز في الأخبار بما بعده -
أو بتقييدها بما إذا تضيق الوقت بعد تخصيص الجواز في تلك الأخبار بصورة
السعة بالاجماع، فتصير أخص من الرواية وإن كانت قبل هذا التخصيص
مساوية لها في العموم لصورتي الضيق والسعة.
وبهذا الأخير يجاب عن رواية عبد الرحمان بن الحجاج " قال: سألته عن
الرجل يقضي رمضان، أله أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا بدا له؟ قال:
إذا كان نوى ذلك من الليل وكان من قضاء رمضان فلا يفطر وليتم صومه " (5).
خلافا للعماني (6) فحرما الافطار مطلقا، ولعله لما ذكر. وفيه ما
ذكر.



(1) الوسائل 7: 10 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 4.
(2) الزيادة من المصدر.
(3) كذا في المصادر، وفي " ف " و " ج " و " ع ": لأن ذلك اليوم عد من أيام رمضان، وفي " م ": عنده من
أيام رمضان.
(4) التهذيب 4: 279، الحديث 846، والاستبصار 2: 121، الحديث 393 والوسائل 7: 254
الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 3.
(5) الوسائل 7: 9 الباب 4 من أبواب وجوب الصوم ونيته، الحديث 6، وفيه: ويتم صومه.
(6) حكاه عنه العلامة في المختلف: 247.
(7) الكافي في الفقه: 184.
299
الافطار قبل الزوال في الصوم الواجب
ثم إن مقتضى إطلاق (1) رواية عبد الله بن سنان (2) طرد الحكم في مطلق
الصوم الواجب - كالنذر المطلق والكفارة ونحوهما -
إلا أن يدعى انصراف صوم الفريضة إلى قضاء رمضان، ولعله لذا اقتصر
بعضهم على قضاء رمضان وجوز الافطار في غيره بعد الزوال - أيضا - تمسكا
بالأصل - كما في كلام بعضهم - (3) أو حرمه قبل الزوال أيضا - كما في كلام
آخرين - (4) تمسكا بعموم حرمة إبطال العمل السالم عن المخصص، إما لعدم
انصراف الأخبار إلى غير قضاء رمضان، أو لضعف المخصص وعدم الجابر له في
غير قضاء رمضان.
لكن في كون ذلك الانصراف بحيث يرفع اليد عن الاطلاق لأجله تأمل.
فطرد الحكم في غير قضاء رمضان لا يخلو عن قوة مع أنه أحوط.
وأحوط منه ما عليه آخر - وحكي أيضا عن الحلبي (6) من (7) وجوب
المضي (8) في كل صوم واجب شرع فيه، لعموم النهي عن إبطال العمل، وفي دلالة
الآية (9) عليها تأمل.
كفارة الافطار بعد الزوال في القضاء
نعم، فرق بين قضاء رمضان وغيره وهو عدم وجوب الكفارة في غيره



(1) ليس في " ج " و " ع ": اطلاق.
(2) المتقدمة في صفحة: 298.
(3) وهو العلامة قدس سره في المختلف: 248.
(4) انظر الجواهر 17: 57.
(5) في " ف " و " م ": فطرو الحكم.
(6) الكافي في الفقه: 148.
(7) ليس في " ف ": من.
(8) ليس في " ف ": المضي.
(9) والآية هي قوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم). سورة محمد صلى الله عليه وآله: 47 / 32.
300
- بلا خلاف ظاهر - ووجوبها فيه.
واختلفوا في أنها مثل كفارة شهر رمضان - كما عن الصدوقين (1) - أو
كفارة يمين - كما عن القاضي (2) - أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام عشرة مساكين
- كما عن الحلبي (3) - (أو إطعام عشرة مساكين) (4) ومع العجز فصيام ثلاثة أيام
- كما عن الأكثر -؟
وهو الأظهر، لرواية بريد العجلي - المنجبر ضعفها بالعمل - عن أبي جعفر
عليه السلام " وإن أتى أهله بعد الزوال فعليه أن يتصدق على عشرة مساكين لكل
مسكين مد فإن لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم، وصام ثلاثة أيام كفارة لما
صنع " (5).
وقريب منه أخرى بتقريب لا يخلو عن تكلف (6). ولا تكافؤها - لاشتهار
مضمونها - رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام وفيها: " فإن نوى
الصوم ثم أفطر بعد ما زالت الشمس؟ قال: قد أساء وليس عليه شئ إلا قضاء
ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه " (7).
ولا رواية زرارة - المتقدمة (8) - التي هي مستند القول الأول.
فتحمل على الاستحباب.



(1) الصدوق في المقنع (الجوامع الفقهية): 17، ونقله العلامة عن والد الصدوق في المختلف: 246.
(2) المهذب 1: 203.
(3) الكافي في الفقه: 184.
(4) ما بين المعقوفتين ليس في " ف ".
(5) الوسائل 7: 253 - 254 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث الأول. مع
اختلاف يسير.
(6) الوسائل 7: 254 نفس الباب، الحديث 2، وراجع تقريب الشيخ لهذه الرواية في الإستبصار
2: 121.
(7) الوسائل 7: 254 - 255 الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
(8) في صفحة 299.
301
وحملهما (1) الشيخ على من أفطر تهاونا (2)، وهو بعيد.
وأما القولان الآخران، فلم نقف لهما على مستند.



(1) في " ف " و " م ": وحملها.
(2) التهذيب 4: 279 و 280 والاستبصار 2: 121.
302
مسألة (1)
(22)
شرعية صوم الصبي المميز
اختلفوا في شرعية صوم الصبي المميز - بمعنى استناده إلى أمر
الشارع - وتمرينيته.
فقيل: بالأول (2)، لاطلاق الأمر، ولأن بالأمر أمر، بمعنى أن
الظاهر من حال الآمر كونه مريدا لذلك الفعل ممن أمر بأمره.
وقيل: ليس شرعيا (3)، لعدم صلاحيته لتعلق الأمر به وتوجهه إليه،
لحديث رفع القلم (4).
مضافا إلى رواية الزهري، الدالة على كون صومه صوم تأديب مقابل
الصوم (5) المندوب والواجب والمحرم (6) كإمساك الحائض بقية النهار إذا طهرت،



(1) في هامش " ف " ما يلي: حكم صوم الصبي من الشرعية والتمرينية. وبعده: قد مر عنوان هذه
المسألة بعبارة أخرى وإن كانت ناقصة (لمحرره) (انتهى) وقد سبق من المؤلف قدس سره البحث
في هذه المسألة برقم (9) فراجع صفحة 244.
(2) المبسوط 1: 278 والشرائع 1: 188.
(3) المختلف: 216.
(4) الوسائل 1: 32 الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 11.
(5) في " ف " و " م ": للصوم.
(6) الوسائل 7: 168 الباب 29 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 4، وانظر تمام الرواية
في هامش الوسائل 7: 267 - 270 عن عدة مصادر.
303
والمسافر إذا قدم، والمريض إذا برء في أثناء النهار.
شرعية العبادات المستحبة للصبي
أقول: الظاهر شرعية عبادته بمعنى استحبابه الشرعي، لشمول (1)
الأوامر المتعلقة بالمستحبات له، ولا يضر عدم العموم في بعض الأوامر، لعدم
القول بالفصل.
وأما حديث رفع القلم فلا يصلح مخصصا، لاحتمال إرادة رفع التكليف أو
رفع المؤاخذة، ولا تصير المطلقات والعمومات بذلك (2) من قبيل العام - أو
المطلق - المخصص - أو المقيد - بالمجمل، لوجوب الأخذ بما تيقن إخراجه،
والرجوع في غيره إلى أصالة العموم فيما كان من هذا القبيل.
مع أنه لو قلنا بالاجمال فإنما هو في العالم الواحد الذي ورد دليل على
تخصيص بعض أفراده المردد (3) بين الأقل والأكثر، لا في العمومات المتعددة التي
ورد دليل على تخصيص بعضها المتردد بين الكل والبعض كما في ما نحن فيه.
فإن حديث رفع القلم (4) مخصص للعمومات الدالة على وجوب الأفعال
أو تحريمها قطعا، والشك في تطرق التخصيص بسببه في غيرها، فيبقى على
عمومه.
وقد يستدل على ذلك بأن الأمر أمر، فإذا وجدت القرينة على نفي
الوجوب (5) حمل على الاستحباب، وبلزوم الظلم على الله تعالى لو خلى عمله



(1) في " ف ": كشمول.
(2) ليس في " ف ": بذلك.
(3) في " ج " و " ع " و " م ": المتردد.
(4) الوسائل 1: 32 الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 11.
(5) في " ف ": الواجب
304
وفيهما نظر: أما في الأول: فلأن الأمر بالأمر (1) إنما يدل على أن الآمر
مريد لوقوع الفعل عن المأمور الثالث لا على طلبه منه وخطابه به الذي هو
معنى الاستحباب، ولذا لو أمر أحد صاحب الكلب - المعلم - بأمر الكلب بأخذ
الصيد، لا يقال: إن أخذ الصيد مستحب للكلب (2) (فتأمل) (3).
وأما في الثاني: فلأن الثواب عبارة عما يترتب على الإطاعة فهو فرعها،
وهي فرع تحقق الأمر، وهو أول الكلام.
وإن أريد من الثواب المصلحة المترتبة على نفس الفعل مع قطع النظر
عن تعلق (4) الأمر به فلا نضايق من ترتبه على فعل الواجب - أيضا - إذا فعله
الصبي، فضلا عن المندوب.
مع قوة احتمال أن يقال: إن المصلحة لعلها مختصة بالفعل الصادر عن
البالغ - لا مطلق الفعل - كما أن - في الخارج - من الأشياء ما ينفع الصغير دون
الكبير ويضره، ومنها ما هو بالعكس، ومنها ما يختص بالانسان نفعا أو ضررا.
مضافا إلى احتمال اختصاص المصلحة بصورة وقوع الفعل في مقام
الإطاعة - لا مطلقا - فتأمل حتى (5) لا تخلط (6) بين الاحتمالين.
هذا كله في المستحبات، ويلحق بها المكروهات على الظاهر،
للاشتراك في الدليل.
شرعية الواجبات والمحرمات للصبي
وأما الواجبات والمحرمات فالحق أن فعلها كما لا تجب ولا تحرم على



(1) ليس في " ف ": بالأمر.
(2) في " ع ": مستحب من الكلب فتأمل.
(3) ليس في " ف " و " م ": فتأمل.
(4) في " م ": كتب فوقه تحقق وليس في " ج " و " ع ": تعلق.
(5) ليس في " ف ": حتى.
(6) في " ج ": لا يختلط وفي " ع " و " م ": لا تختلط.
305
الصبي كذلك لا تستحب ولا تكره، لعدم الدليل، فإن ما دل على الوجوب
والتحريم مختص بالبالغين إجماعا، ولحديث رفع القلم (1) فيخرج الصبي عن
عمومه، فثبوت استحباب ذلك الفعل بالنسبة إليه يحتاج (2) إلى دليل آخر، فإتيان
الصبي بالواجب لا يتصف بالاستحباب كما لا يتصف بالوجوب.
اللهم إلا فيما أمر الولي (3) بأمره به - لو قلنا بأن المراد بالاستحباب:
مجرد إرادة وقوع الفعل في الخارج من الشخص وإن لم يطلب - فإن الأمر
بالأمر ليس طلبا للمأمور عن الثالث وخطابا له به (4) - على الأقوى - وإن كان
يفهم منه عرفا إرادته لايقاعه منه، فتأمل.
إذا عرفت هذا فنقول: الصوم المستحب من الصبي، مستحب أيضا، وأما
الصوم الواجب كصوم شهر رمضان: فإن أريد من شرعيته: موافقته (5) للأمر،
فلا أمر إلا الأمر بالأمر، وقد عرفت أنه ليس أمرا. إلا أن يقال: إن عمومات
محبوبية الصوم كقوله تعالى (6): " الصوم لي وأنا أجزي عليه " (7) ونحوه، يستفاد
منه الطلب ومطلق الرجحان (8).
وإن أريد كونه محبوبا عند الشارع ومجزيا به: فالحق (9) هو الشرعية،



(1) الوسائل 1: 32 الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 11.
(2) في " ج ": لا يحتاج.
(3) في " ج ": المولى.
(4) ليس في " ف " به.
(5) في " ج ": وموافقته.
(6) في " ف ": كقوله عليه السلام وورد الحديث في الوسائل هكذا: عن أبي جعفر، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: قال الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به.
(7) الوسائل 7: 292 الباب الأول من أبواب الصوم المندوب، الحديث 15.
(8) في " ج " و " ع ": الوجهان.
(9) في " ف ": فيلحق.
306
للعمومات المذكورة وإن لم يستفد منها الطلب.
وأما الاستدلال على عدم الشرعية (1) برواية الزهري (2) فهو فاسد، لأن
كون صومه للتأديب (3) لا ينافي ترتب الأجر على الامساك، بل (4) وإن لم يسم
صوما - كما في نظرائه من المسافر والحائض والمريض - وجعله مقابلا للمندوب،
لأنه ليس مطلوبا في نفسه بل لأجل التعود أو التشبه بالصائمين.



(1) في " ج " و " ع " و " م ": المشروعية.
(2) المشار إليها في صفحة 303، وانظر الهامش 6 هناك.
(3) في " ج ": كونه صوم التأديب.
(4) ليس في " ج " و " ع ": بل.
307
مسألة
(23)
صوم النائم إذا سبقت منه النية
ادعى غير واحد الاتفاق على صحة صوم النائم إذا سبقت منه النية
وإن استمر نومه في مجموع النهار (1).
واستدل عليه - أيضا - بالروايات الدالة على رجحان النوم
للصائم (3).
صوم المغمى عليه
وأما المغمى عليه فقد ذهب الأكثر إلى عدم صحة صومه وإن عرض
الاغماء لحظة.
واستدل عليه (4) تارة بأن التكليف فرع العقل، وهو مفقود في المغمى
عليه.



(1) منهم صاحب المدارك 6: 141 والحدائق 13: 173 والجواهر 16: 330.
(2) ليس في " ج ": عليه.
(3) الوسائل 7: 98 الباب 2 من أبواب آداب الصائم.
(4) انظر المعتبر 3: 696 والمنتهى 2: 585 والتذكرة 1: 267.
308
وتارة بسقوط القضاء عنه للأخبار (1) الدالة عليه، فيسقط الأداء أيضا.
وثالثة برواية ابن سنان " كلما غلب الله عليه فليس على صاحبه فيه
شئ " (2).
ويرد على الأول: أن اشتراط التكليف بالعقل مسلم (3) لكن نقول: إنه
إذا كلف الشارع بفعل له استمرار وامتداد فلا دليل على اشتراط اتصاف
المكلف بأهلية التكليف مطلقا - أو بخصوص ذلك الشئ - في جميع آنات هذا
الفعل المستمر الممتد، لا من العقل ولا من النقل.
أما من العقل: فواضح، إذ لا ريب في أنه إذا أمر المولى عبده بالكون في
المسجد طول النهار، أو بالامساك عن الغذاء الفلاني في مدة أو غير ذلك،
واشتغل المكلف بالامتثال، فعرض له في الأثناء حالة لا يحسن فيها تكليفه بشئ
أصلا - أو بخصوص هذا الذي كلف به، من نسيان أو اغماء أو نوم أو جنون -
ثم ارتفعت، فإنه يعد ممتثلا مطيعا في عرف العقلاء، ولم يدل (4) دليل على أنه يعتبر
في الصوم الذي هو أحد التكاليف أمر زائد على الامساك عن المفطرات مع
صدق الإطاعة والامتثال على هذا الامساك وكون الممسك مطيعا عرفا.
وهذا هو السر في عدم الاعتناء بحصول السهو والغفلة والنوم في أثناء
النهار، مع كون كل منها من موانع التكليف، لأنه مشروط بالشعور كما أنه
مشروط بالعقل، بل لا اعتناء بفعل المفطر في هذه الحالات.
ودعوى: أن مقتضى القاعدة قدح عروض أحد هذه في الصوم ولو اتفق
لحظة، وأن الشخص إذا غفل لحظة من لحظات النهار عن كونه مكلفا بالامساك



(1) الوسائل 7: 161 الباب 24 من أبواب من يصح منه الصوم.
(2) الوسائل 7: 161 الباب 24 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 3.
(3) العبارة في " ف " هكذا: المكلف مسلم بالعقل، وليس في " ج ": مسلم.
(4) في " م ": وإن لم يدل.
309
عن الأمور المخصوصة (1) وعن نفس تلك الأمور فالأصل يقتضي أن يكون
صومه غير صحيح إلا أن الاجماع انعقد على الصحة، لا يخفى تعسفها على أحد.
بل السر ما ذكرنا من عدم قدح عروض أمثالها في صدق الإطاعة والامتثال
الذي لا دليل على اشتراط أزيد منه في جميع التكاليف، ومنها الصوم.
مع أن الاجماع المدعى، إن كان على عدم قدح عروض أحد هذه في
التكليف (2) بالامساك المذكور في كل جزء جزء من أجزاء النهار حتى في الجزء
الذي عرض العارض، فهو فاسد، إذا العقل حاكم بقبح التكليف بالامساك في
هذا الجزء لأنه غافل، ولهذا لا يعاقب لو لم يمسك فيه والدليل العقلي غير قابل
للتخصيص ولا يرتفع مقتضاه بالاجماع.
وإن سلم أنه ليس مكلفا في جميع الأجزاء حتى هذا الجزء، إلا أن الاجماع
انعقد على كفاية الامساك، مع أهلية التكليف به في بعض أجزاء النهار، بل على
كفاية مجرد سبق النية، وإن لم يلتفت (3) إلى الصوم في شئ من أجزاء النهار، فهذا
يستلزم (4) أن لا يمتثل أحد لأمر الله سبحانه بالصوم الحقيقي - الذي هو عبارة
عن الامساك في مجموع اليوم - حتى الأنبياء والأوصياء عليهم السلام - غالبا -، إذ
قلما يتفق لأحد الالتفات في كل جزء جزء إلى التكليف (5) والمكلف به.
ولا يخفى بشاعة التزامه.
فانكشف من جميع ذلك. أنه لا يعتبر في هذا المقام أزيد من كون المكلف
حال التلبس بالمكلف به بحيث لو التفت إلى التكليف يكون قاصدا لاتيانه



(1) في " ف ": المنصوصة.
(2) في " ف ": هذه التكاليف.
(3) في " ج " و " ع ": وإن يلتفت.
(4) في " ف ": لا يستلزم.
(5) في " ج ": المكلف.
310
مطيعا، بل اعتبار هذا القدر (1) محل الكلام، لحكم كثير منهم بعدم قدح نية الافطار
إذا لم يفطر وجدد النية بعدها.
ولعل مما ذكرنا يظهر الجواب عما يقال: من أن التكليف بالأمر المركب
يستدعي كون كل جزء منه مقدورا، فما لم يقدر على بعض أجزائه لم يحسن
التكليف بهذا المركب، لأن مقتضى عدم القدرة على هذا البعض عدم كون تركه
الموجب لترك المركب سببا للعقاب، ومقتضى التكليف بالمركب استحقاق
العقاب على تركه.
وإذا عرض الاغماء في الأثناء زال قدرته على الامساك في هذا الجزء،
فلا يحس تكليفه بالصوم - الذي هو عبارة عن الامساك في مجموع النهار -.
فمن علم الله سبحانه بأنه يغمى (عليه) (2) في أثناء النهار، فليس مكلفا
بالصوم في متن الواقع - بناء على قبح الأمر مع علم الآمر بانتفاء الشرط - وإن
وجب عليه في الظاهر - قبل حصول الاغماء - الامساك عن المفطرات، إلا أن
عروضه كاشف عن عدم وجوبه.
توضيح الجواب (3) - على وجه لا يبقى مع شك وارتياب - أن قوله تعالى:
(ثم أتموا الصيام إلى الليل) (4) خطاب عام، ومعناه:، أنه يجب عليكم أيها
البالغون العاقلون الملتفتون إلى توجه الخطاب أن تمسكوا عن الأمور
المخصوصة طول اليوم، فإذا عرضنا هذا التكليف على العقل - الذي هو الحاكم
بوجوب إطاعة الله سبحانه - وجدناه حاكما بأنه يجب عليكم أن لا ترتكبوا
عمدا شيئا مما وجب امساكه عليكم فإذا فعلتم ذلك فقد أطعتم الله وامتثلتم



(1) في " ع ": المقدار.
(2) الزيادة اقتضاها السياق.
(3) في " ج ": توجيه الجواب.
(4) البقرة 2 / 186.
311
أوامره، ولا يقدح في ذلك ارتكاب شئ منها في حال عدم الالتفات - فضلا عن
مجرد عروض الحالة مع عدم الارتكاب -.
هذا كله حال العقل. وأما الشرع فليس فيه ما يدل على أنه يقدح في
التكليف - بالفعل - أن يعرض للمكلف في حال تلبسه به حالة يمتنع فيها
تكليفه بشئ مطلقا، أو بذلك الشئ، حتى يجعل ذلك أصلا وقاعدة ويحكم بلزوم
مراعاتها إلا فيما دل الدليل على الخلاف، مثل صورة عروض النوم والسهو في
الأثناء، بل وقوع المفطر فيهما فيحكم بالصحة على خلاف القاعدة - لأجل
الدليل، فتأمل وتدبر.
ويرد على الثاني: منع استلزام سقوط القضاء لعدم وجوب الأداء، إذ ليس
الملازمة بينة ولا جلية (1).
وعلى الثالث: أن مقتضى الرواية سقوط التكليف عن المعذور من قبل
الله سبحانه، ونحن نقول بموجبه وأن المغمى عليه في حال الاغماء ليس عليه
شئ،.
لكن قد عرفت: أن مجرد عروض مثل هذه الحالة في أثناء تلبس المكلف
(بالمكلف) (2) به، لا يوجب رفع التكليف بالمركب رأسا.
وبالجملة: مضمون هذه الرواية (3) ليس شيئا زائدا على ما يحكم به العقل
من سقوط التكليف حال الاغماء.
ونحن نقول: إن الاغماء ليس إلا مثل السهو والنوم لا يقدح عروضه في
صدق الإطاعة والامتثال، ولا تدل الرواية على أنه إذا وقع العذر في لحظة فيسقط



(1) في " ج " و " ع ": ولا مبينه.
(2) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".
(3) رواية ابن سنان المتقدمة في صفحة 309، وانظر الهامش 2 هناك.
312
التكليف طول اليوم، ولا يجب الصوم والامساك في مجموع اليوم.
فإن قلت: إذا فرضنا استيعاب الاغماء لمجموع النهار فلا يصدق عرفا
إطاعة أمر الشارع بالصوم، فإذا ثبت اشتراط الصوم بعدم استيعاب الاغماء
لمجموع النهار، ثبت اشتراطه بعدم العروض في لحظة منه، بناء على ما ادعاه
العلامة (1) من أنه كل ما أفسد الصوم إذا وجد في جميع النهار، أفسده إذا وجد
في بعضه كالحيض والجنون.
قلت: لا أقول: يصدق إطاعة أوامر الصوم - حينئذ - لكن أقول: إنه
مثل ما إذا استوعب النوم لمجموع النهار.
فلو قيل: إنه انعقد الاجماع على صحة الصوم مع استيعاب النوم إذا
سبقت منه النية
قلنا: انعقاد الاجماع على وجوب الصوم عليه - بحيث يعاقب على
الترك - فباطل، لأنه قبيح عقلا فلا يحسنه الاجماع.
وإن أريد أنه مثاب على نفس الصوم، فكذلك.
وإن أريد أنه مثاب على مجرد القصد والنية، فنقول بمثله في الاغماء
المستوعب إذا سبقت منه النية.
وإن أريد عدم وجوب قضائه، فكذلك.
وقد يفرق بين النوم والاغماء، بأن العقل مع الأول باق بخلاف الثاني،
وفيه ما لا يخفى، إذ لا ريب أن العقل لا يفرق بين حالتي النوم والاغماء
في قبح التكليف فيهما، فلا ينفع الفرق من (2) جهة أخرى لو سلم وجوده، فعلى
هذا فالقول المحكي عن المفيد (3) والشيخ (4) لا يخلو عن قوة.



(1) تحرير الأحكام 1: 81 والمنتهى 2: 585.
(2) في " ف ": في.
(3) المقنعة: 352.
(4) الخلاف 2: 198 كتاب الصوم، المسألة 51.
313
مسألة
(24)
عدم صحة صوم الكافر والمخالف
لا يصح الصوم من الكافر بأقسامه، بلا خلاف فيه (1) على الظاهر - كما
في جملة من العبائر - ولا من المخالف.
ومعنى عدم الصحة منهما: عدم الامتثال واستحقاق العقاب ووجوب
قضائه بمعنى: استحقاق العقاب على ترك القضاء كترك الأداء، نعم لو أسلم
سقط عنه تفضلا.
وقد يقال: إنه لا معنى لتكليفه بالقضاء، لأنه لا يصح منه حال الكفر
ويسقط عنه حال الاسلام، فلا يقدر عليه.
وفيه نظر.
ويدل على عدم الصحة - مضافا إلى الاجماع - الخبر المروي في العلل
" إنما يتقبل الله من العباد العمل بالفرائض التي افترضها الله على حدودها، مع
معرفة من دعا إليه.
قال: وإن صلى وزكى وحج واعتمر وفعل ذلك كله بغير معرفة من



(1) ليس في " ف ": فيه.
314
أفترض الله عليه طاعته، فلم يفعل شيئا من ذلك، لم يصل ولم يصل ولم يصم ولم يزك ولم
يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة، ولم يتطهر ولم يحرم لله حراما ولم يحل له حلالا،
وليس له صلاة - وإن ركع وإن سجد - ولا له زكاة ولا حج، وإنما ذلك كله
(يكون) (1) بمعرفة رجل من (2) الله عليه خلقه بطاعته وأمر بالأخذ عنه، فمن
عرفه وأخذ عنه أطاع الله تعالى " (3).
وفي معناها - بل آكد منها وأصرح دلالة - أخبار أخر (4).



(1) الزيادة من المصدر.
(2) كذا في المصدر، وفي النسخ: أمر الله على خلقه طاعته.
(3) وللحديث تتمة راجع علل الشرائع: 250، والوسائل 1: 95 الباب 29 من أبواب مقدمة
العبادات، الحديث 18 باختلاف يسير.
(4) جاء في " م " - هنا - ما يلي: هذا آخر ما وجد من مسائل الصوم من مؤلفاته تغمده الله بغفرانه
وأسكنه بحبوحة جنانه وزاد عليه باكرامه واحسانه.
قد قابلت هذا الكتاب المستطاب بعد الاستكتاب مع فضلاء الأصحاب مع كمال الدقة بقدر
الوسع والطاقة من نسخة الأصل الذي كتبه قدس سره.
وجاء في " ج " ما يلي: إلى هنا جف قلمه الشريف في باب الصوم.
وجاء في " ف " ما يلي: والحمد لله أولا وآخرا تمت، وقد وجد أوراق في الصوم شرحا على قواعد
العلامة بخطه الشريف قدس سره بطريق المزج من أوائل المطلب الثاني من الفصل الثاني
315
/ 1