زواج المتعة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زواج المتعة - نسخه متنی

جعفر مرتضي عاملي

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: زواج المتعة
المؤلف: السيد جعفر مرتضى
الجزء: 2
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1422 - 2001م
المطبعة:
الناشر: دار السيرة - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: المركز الإسلامي للدراسات
زواج المتعة
تحقيق ودراسة

1
بحوث في التشريع الإسلامي
زواج المتعة

2
تحقيق و دراسة
الجزء الثاني
السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
توزيع: دار السيرة بيروت - لبنان
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1422 ه‍. ق _ _ 2001 م

3
بسم الله الرحمن الرحيم

4
القسم الثالث
زواج المتعة ثابت.. غير منسوخ
الفصل الأول: أقوال ومذاهب.
ملحق الفصل الأول: علي (ع) وابن عباس.
الفصل الثاني: روايات التشريع عند الشيعة.
الفصل الثالث: النصوص والآثار في مصادر أهل السنة.
الفصل الرابع: اشكالات واهية في روايات جابر، وابن الحصين، وابن مسعود
الفصل الخامس: محاذير لا تصح في روايات ابن عباس وعلي (ع) وابن عمر.. و..
الفصل السادس: في أجواء الروايات.

6
الفصل الأول

7
أقوال وروايات..

8
إجماع الصحابة والتابعين:
لقد رأينا البعض يحاول أن يدعي: أن جميع الصحابة، قد اتفقوا على تحريم المتعة، بعد أن كانت حلالا أول الأمر، باستثناء ابن عباس الذي كان يبيحها للضرورة فقط.. وحتى ابن عباس نفسه، فإنه قد رجع عن ذلك أيضا في آخر حياته (1) حسبما يدعون.
ونجد بعضا آخر يقول: " قلت: ومع هذه الضرورة التي نظر إليها ابن عباس، فقد انعقد إجماع التابعين على حرمة نكاح المتعة، ولو في حالة الاضطرار، وأجازوا الاستمناء، دفعا للضرر " (2)
ونحن أمام أولئك وهؤلاء لا نملك إلا أن نقول:
وليس في الكذاب حيلة
لي حيلة في من ينم



(1) تقدمت مصادر هذا القول حين الحديث عن دعوى النسخ بالإجماع.
(1) مجلة اليقظة الكويتية العدد 778 صفحة 33.
10
ل فحيلتي فيه قليلة
من كان يخلق ما يقو
فليس ثمة من إجماع من قبل الصحابة، باستثناء ابن عباس كما يزعمون، ولا إجماع للتابعين بعد ذلك كما يدعون، وكذلك لم يحلل التابعون الاستمناء دفعا للضرر حسبما يتخيلون..
ما نورده في هذا الفصل:
وكشاهد على ما نقول، نكتفي هنا، بإيراد أسماء طائفة من الصحابة، بل من أكابرهم، ثم نردف ذلك بأسماء عدد من كبار علماء التابعين وغيرهم، ممن ثبت، وأصر على تحليل المتعة - - الزواج المؤقت - - برغم تحريم السلطات لها، وأكثر من نذكرهم، ورد التصريح بأسمائهم أيضا فيما يأتي من روايات.
ولسوف نذكر أيضا: بعض ما يدل على أن

11
تحليلها كان مذهب أهل الحجاز واليمن جميعا، بل وبعض أئمة المذاهب الأربعة، هذا فضلا عن أن ذلك هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، وهو الأمر الذي يعترف به كثيرون، كما سنرى..
أما الأخبار الدالة على أن التحليل هو مذهب عامة الصحابة، فسيأتي في " فصل النصوص والآثار ".
وفيما يليه من فصول، بعض ما يرتبط بهذا الأمر أيضا. فنقول:
الصحابة والتشريع الجديد:
إننا نذكر هنا من الصحابة الذين استمروا على القول بحلية المتعة (الزواج المؤقت):
1 - - عمران ابن الحصين، الذي سيأتي حديثه الصريح في ذلك، كما أنه قد عد من القائلين بتحليل

12
زواج المتعة (1)
2 - - - جابر بن عبد الله الأنصاري عد منهم (2) وسيأتي حديثه.
3 - - - عبد الله بن مسعود عد منهم (3) وسيأتي



(1) المحبر لابن حبيب ص 289، وتفسير النيسابوري، بهامش تفسير الطبري ج 5 ص 17، والمتعة لتوفيق الفكيكي ص 64، والمسائل الصاغانية المطبوع ضمن عدة رسائل للمفيد ص 238، والغدير ج 6 ص 231 عنه، والجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 133، وأوجز المسالك ج 9 ص 404 عن الثعلبي.
(1) المحلى ج 9 ص 519، وأوجز المسالك ج 9 ص 403، والمنار في المختار ج 1 ص 462، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، وفتح الباري ج 9 ص 15، والسرائر ص 311، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225، والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 98، والجواهر ج 30 ص 150، والمتعة للفكيكي ص 44 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 485، والمسائل الصاغانية المطبوع ضمن عدة رسائل للمفيد ص 238 عن كتاب الأقضية لأبي علي الحسين بن علي بن زيد، وهامش المنتقى للفقي ج 2 ص 520، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47 والتمهيد ج 9 ص 112.
(1) زاد المعاد ج 4 و 2 ص 184، وفتح الباري ج 9 ص 102 و 150، والمسائل الصاغانية ضمن عدة رسائل للمفيد ص 238 عن كتاب الأقضية للحسين بن علي بن زيد، والمنتقى ج 2 هامش ص 520 و 518، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، وشرح اللمعة ج 5 ص 282، والغدير ج 6 ص 220 والمحلى ج 9 ص 519، والمتعة للفكيكي ص 64، والسرائر ص 311، وشرح النهج للمعتزلي ج 2 ص 254، والجواهر ج 30 ص 150، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، ومستدرك الوسائل ج 14 ص 485، وأوجز المسالك ج 9 ص 403، والمنار في المختار ج 1 ص 463، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225.
13
حديثه.
4 - - عبد الله بن عباس (1) قوله بحليتها أشهر



(1) المحبر ص 289، وتأويل مختلف الحديث ص 159، والمسائل الصاغانية ضمن رسائل المفيد ص 237 و 238 عنه، وعن الأقضية ولباب التأويل ج 1 ص 343 وأوجز المسالك ج 9 ص 404، والمنار في المختار ج 1 ص 463، والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 520، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 1 ص 474، والسيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 367، والبداية والنهاية ج 4 ص 93، والتمهيد ج 9 ص 111، والبناية ج 4 ص 98، ونفحات اللاهوت ص 99، والبحر الزخار ج 4 ص 22، وفتح الباري ج 9 ص 150 وغيرها من الصفحات، والسرائر ص 311، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، والغدير ج 6 ص 231، والمغني لابن قدامة ج 7 ص 571، والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 520، والبداية والنهاية ج 4 ص 194 و 318، وتفسير القرطبي ج 5 ص 133، وسنن البيهقي ج 7 ص 201 و 206، والمحلى ج 9 ص 519 ثم عاد في ص 520 فقال: إنه قد اختلف فيها عنه.
14
من أن يذكر، وسيأتي حديثه..
5 - - - أبو سعيد الخدري عد منهم (1) ويأتي حديثه.
6 - - - أنس بن مالك عد منهم (2) ويأتي حديثه.



(1) راجع شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 254، وعمدة القاري للعيني ج 8 ص 310، والسرائر ص 311، والتمهيد ج 9 ص 112، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 98، والجواهر ج 30 ص 150.
وراجع: والمتعة للفكيكي ص 64، والمحلى ج 9 ص 519، وفتح الباري ج 9 ص 150، والزيلعي في نصب الراية ج 2 ص 181 و 182، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، والمغنى لابن قدامة ج 7 ص 571، والبحر المحيط ج 3 ص 218، وهامش المنتقى للفقي ج 2 ص 520، وأوجز المسالك ج 9 ص 403 والمنار في المختار ج 1 ص 463.
(1) الصراط المستقيم ج 3 ص 275، والمسائل الصاغانية ضمن رسائل المفيد ص 238، وهما عن المحبر، وشرح اللمعة ص 282، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225.
15
7 - - معاوية بن أبي سفيان عده غير واحد من القائلين بحليتها (1) ويأتي حديثه.
8 - - عبد الله بن عمر عد منهم (2) ويأتي حديثه.
9 - - الإمام علي (ع)، وأمره في ذلك ظاهر ومشهور، وعد منهم (3)



(1) المسائل الصاغانية المطبوع مع رسائل الشيخ المفيد ص 238 عن كتاب الأقضية للحسين بن علي بن زيد،
وراجع أيضا: ومستدرك الوسائل ج 14 ص 485، وأوجز المسالك ج 9 ص 403، والغدير ج 6 ص 221، والمحلى ج 9 ص 519، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، وفتح الباري ج 9 ص 150،
وراجع: والمتعة للفكيكي ص 52، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، وهامش المنتقى للفقي ج 2 ص 520، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225.
(1) الغدير ج 6 ص 221، والجواهر ج 30 ص 150 عن كتاب الألفة، وعن مسلم.
(1) المسائل الصاغانية المطبوع ضمن رسائل المفيد ص 238 عن ابن حبيب، والصحيح ابن جبير، والسرائر ص 311،
وراجع أيضا: والصراط المستقيم ج 3 ص 375، ونسب في المحلى ج 9 ص 520 اليه (ع) التوقف.
16
10 - - الحسن بن علي (عليه السلام).
11 - - الحسين بن علي (عليه السلام).
12 - - أبو الهيثم بن التيهان.
13 - - أبو أيوب.
14 - - زيد بن أرقم.
15 - - أبو ذر الغفاري.
16 - - سلمان الفارسي.
17 - - عمار بن ياسر.
18 - - المقداد بن عمرو (1)
19 - - البراء بن عازب (2)



(1) التسعة المتقدم ذكرهم عدهم في جملة القائلين بحلية المتعة في الصراط المستقيم ج 3 ص 375.
(1) الجواهر ج 30 ص 150 عن كتاب الألفة، لأبي الحسن بن علي بن زيد، وعن مسلم والصراط المستقيم ج 3 ص 275.
17
20 - - سهل بن سعد الساعدي (1)
21 - - المغيرة بن شعبة، عد منهم (2)
22 - - سلمة بن الأكوع (3)
23 - - زيد بن ثابت (4)
24 - - خالد بن عبد الله الأنصاري (5) ولعله محرف: جابر.



(1) الجواهر ج 30 ص 150 عن كتاب الألفة، لأبي الحسن بن علي بن زيد، وعن مسلم، والصراط المستقيم ج 3 ص 275.
(1) السرائر ص 311، والجواهر ج 30 ص 150 وأصل الشيعة وأصولها ص 106، وكشف الحق.
(1) المحبر ص 289، وشرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 254، والمتعة للفكيكي ص 64، وشرح اللمعة ج 5 ص 282،
وراجع: والجواهر ج 30 ص 150، وتلخيص الشافي ج 4 ص 32، والسرائر ص 311، والصراط المستقيم ج 3 ص 275، والمسائل الصاغانية المطبوع ضمن رسائل المفيد ص 238.
(1) المحبر ص 289، والمتعة للفكيكي ص 64 عنه، والمسائل الصاغانية المطبوع مع رسائل المفيد ص 238.
(1) المصادر السابقة.
18
25 - - أسماء بنت أبي بكر، عدت منهم (1) وستأتي الرواية عنها.
26 - - أبي بن كعب عد منهم (2) وستأتي الرواية عنه.
27 - - الزبير بن العوام، وستأتي الرواية عنه (3)
28 - - معبد بن أمية، عد منهم (4) وستأتي



(1) المحلى ج 9 ص 519، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، والمتعة للفكيكي ص 52، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225.
(1) الصراط المستقيم ج 3 ص 275، والغدير للعلامة الأميني ج 6 ص 226، والجواهر ج 30 ص 150، وراجع جامع البيان للطبري ج 4 ص 9، محاسن التأويل للقاسمي ج 5 ص 99.
(1) ستأتي الرواية في فصل النصوص والآثار، والغدير للعلامة الأميني ج 6 ص 221.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 270، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، والجواهر ج 30 ص 150، والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 520، والمتعة للفكيكي ص 43 و 44، المحلى ج 9 ص 519، وفتح الباري ج 9 ص 150، وأوجز المسالك إلى موطأ مالك ج 9 ص 403، والمنار في المختار ج 1 ص 463
19
الرواية عنه.
29 - - سلمة بن أمية (1)
30 - - يعلى بن أمية، عد منهم (2)
31 - - ربيعة بن أمية، عده في الجواهر منهم، وستأتي الرواية عنه (3)



(1) نيل الأوطار ج 6 ص 270، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، والجواهر ج 30 ص 150، والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 520، والمتعة للفكيكي ص 43 و 44، المحلى ج 9 ص 519، وفتح الباري ج 9 ص 150، وأوجز المسالك إلى موطأ مالك ج 9 ص 403، والمنار في المختار ج 1 ص 463.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 270، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، والجواهر ج 30 ص 150، والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 520، والمتعة للفكيكي ص 43 و 44، المحلى ج 9 ص 519، وفتح الباري ج 9 ص 150، وأوجز المسالك إلى موطأ مالك ج 9 ص 403، والمنار في المختار ج 1 ص 463.
(1) الجواهر ج 30 ص 150، والمتعة للفكيكي ص 43 و 44.
20
32 - - صفوان بن أمية كذلك (1)
33 - - عمرو بن حريث كذلك أيضا (2).
34 - - عمرو - - أو عمر - - بن حوشب، ولعله هو السابق، أو لعله: شهر بن حوشب (3)
35 - - أبو سعيد بن أمية (4)
36 - - عمر بن الخطاب: قال ابن حزم: " وعن عمر بن الخطاب: أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد



(1) الصراط المستقيم ج 3 ص 275، وفيه: يعلى بن منبه، والجواهر ج 30 ص 150 عن كتاب الألفة لأبي الحسن بن علي بن زيد، مستدرك الوسائل ج 2 ص 595، والمسائل الصاغانية، المطبوع مع عدة رسائل للشيخ المفيد ص 238 عن كتاب الأقضية لابن علي الحسين بن علي بن زيد، وهامش المنتقى الفقي ج 2 ص 520، والمحلى ج 9 ص 519، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، وأوجز المسالك ج 9 ص 403، ونيل الأوطار ج 6 ص 270.
(1) راجع: المصادر السابقة.
(1) ستأتي الرواية عنه في المصنف لعبد الرزاق الصنعاني.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 270.
21
عليها عدلان فقط، وأباحها بشهادة عدلين " (1) وقال في مورد آخر: " اختلف فيها عن علي وعمر " (2)
37 - - عبد الله بن عمر، وسيأتي قوله: " ما كنا على عهد رسول الله (ص) زانين ولا مسافحين " (3)
38 - - ابن الزبير، اختلف في نقل ذلك عنه (4)
39 - - سميرة (5)
ومن التابعين وغيرهم نذكر:



(1) المحلى ج 9 ص 520، وفتح الباري ج 9 ص 150، والمتعة للفكيكي ص 44، والغدير ج 6 ص 222 كلاهما عنه، وهامش المنتقى للفقي ج 2 ص 520، والبيان لآية الله الخوئي ص 333، ونيل الأوطار ج 6 ص 270.
(1) المحلى ج 9 ص 520،
(1) ستأتي الرواية عنه مع مصادرها في فصل: النصوص والآثار.
(1) المحلى ج 9 ص 520.
(1) الإصابة ترجمة سميرة ج 2 ص 81.
22
1 - - سعيد بن جبير، المقتول سنة 95 ه‍. عد منهم (1) وستأتي الرواية عنه.
قال الأهدل بعد ذكر الرواية عن سعيد بن جبير: ".. وهو دليل قولي وفعلي على أن سعيد بن جبير كان من المبيحين لها. وإطلاق هذا النص يقتضي تجويزه لها بدون قيود تقيد بها الإباحة " (2).
2 - - مالك بن دينار (3)



(1) شرح النهج ج 12 ص 254، والمحلى ج 9 ص 520، وفتح الباري ج 9 ص 150، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225، ونفحات اللاهوت ص 99، وشرح الموطأ للزرقاني، والجواهر والمتعة للفكيكي ص 44، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، والتمهيد ج 9 ص 111، والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 98، والمسائل الصاغانية ص 238 عن كتاب الأقضية، وهامش المنتقى للفقي ج 2 ص 520، والبيان للخوئي ص 333، والغدير ج 6 ص 222، والسرائر ص 311، وأوجز المسالك ج 9 ص 404، والمنار في المختار ج 1 ص 463، ومحاسن التأويل للقاسمي ج 5 ص 99 ط دار الفكر بيروت وجامع البيان ج 4 ص 9 ط دار المعرفة - بيروت.
(1) نكاح المتعة للأهدل ص 270.
(1) الصراط المستقيم ج 3 ص 275.
23
3 - - مجاهد، عد منهم (1)
4 - - عطاء، المتوفى سنة 114 ه‍. عد منهم (2) وستأتي الرواية عنه.
وروى ابن حبيب رجوع عطاء عن الرخصة



(1) شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 254، والسرائر ص 311، تفسير ابن كثير ج 1 ص 474، وتلخيص الشافي ج 4 ص 42، والبحر المحيط ج 3 ص 218، وأصل الشيعة وأصولها ص 181 والجواهر ج 30 ص 150 والمتعة للفكيكي ص 64 ومحاسن التأويل ج 5 ص 99 وجامع البيان ج 4 ص 9.
(1) المغني لابن قدامة ج 7 ص 571، وهامش المنتقى للفقي ج 2 ص 520، والمحلى ج 9 ص 520، وفتح الباري ج 9 ص 150، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، والجواهر ج 30 ص 150، والسرائر ص 311، والغدير ج 6 ص 222، والمتعة للفكيكي ص 44، وأصل الشيعة وأصولها، وأوجز المسالك ج 9 ص 403 و 404، والمسائل الصاغانية ص 238 عن كتاب الأقضية، ونقله عن طاووس في الصراط المستقيم ج 3 ص 275، والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 98، والبيان للسيد الخوئي ص 333، والتمهيد ج 9 ص 111، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225، والمنار في المختار ج 1 ص 463.
24
فيها (1)
ولا نستبعد أن يكون الرجوع عن الرخصة - - إن صح النقل - - قد كان منه على سبيل التقية؛ بسبب ما كان المجوزون يواجهونه من حدة وشدة..
5 - - طاووس المتوفي سنة 106، عد منهم (2) وستأتي الرواية عنه.
6 - - زفر بن أوس المدني (3)
7 - - نافع (4)



(1) نكاح المتعة للأهدل ص 272 عن الباجي - المنتقى شرح الموطأ ج 3 ص 335.
(1) المصدر السابق.
(1) البحر الرائق لابن نجيم ج 3 ص 115، والغدير ج 6 ص 222 لكن في شرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47، أنه قال بصحة العقد وبطلان الشرط، وكذا في المحلى ج 9 ص 933، ومرقاة المفاتيح ج 3 ص 423، وقد فرق بين المتعة والنكاح المؤقت فصحح الثاني دون الأول. والأول بلفظ متعت والثاني بلفظ أنكحت.
(1) ذكره السيد حسن بحر العلوم في تعليقه على تلخيص الشافي ج 4 ص 32.
25
8 - - ابن جريج (1)
ونقل أبو عوانة في صحيحه أنه رجع عن ذلك (2) وذلك بعد أن حدثهم ثمانية عشر حديثا أنها لا بأس بها، وذلك يجعل رجوعه عنها أمرا مشكوكا فيه..
ويرجح - - - إن صح نقل رجوعه - - - أنه قد جاء على سبيل التقية لتشددهم المفرط في قبال من يقول بالجواز.



(1) المسائل الصاغانية ص 238 عن كتاب الأقضية، والمغني لابن قدامة ج 7 ص 571، والبحر الزخار ج 4 ص 22، وفتح الباري ج 9 ص 150، والسرائر ص 311، وتحفة الأحوذي ج 4 ص 269، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225، والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 98، وأوجز المسالك إلى موطأ مالك ج 9 ص 403 و 404 والاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص 176.
(1) أوجز المسالك ج 9 ص 404، والمنار في المختار ج 1 ص 462 ونكاح المتعة للأهدل ص 272 عن التلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني 2 / 1 / 160.
26
قال الذهبي عن ابن جريج: " مجمع على ثقته، مع كونه قد تزوج نحوا من سبعين امرأة نكاح المتعة، كان يرى الرخصة في ذلك، وكان فقيه أهل مكة في زمانه " (1)
قال الشافعي: " استمتع ابن جريج بسبعين امرأة " (2)
وعن الذهبي: أنه تزوج نحوا من تسعين، نكاح المتعة (3)
وربما لا يكون ثمة اختلاف بين الرقمين لتقارب شكل كلمتي: تسعين، وسبعين ولا سيما إذا لاحظنا: أنهم كانوا لا ينقطون الكلمات في العصور الأولى.
وقال الخطابي: يحكى عن ابن جريج



(1) ميزان الإعتدال ج 2 ص 659.
(1) تهذيب التهذيب ج 6 ص 406.
(1) الغدير ج 6 ص 222 عن تذكرة الحفاظ الذهبي.
27
جوازها (1)
وقال الشوكاني: ومن المشهورين بإباحتها ابن جريج، فقيه مكة (2)
وقال: " وممن حكى القول بجواز المتعة عن ابن جريج، الإمام المهدي في البحر (3)
9 - - السدي، عد منهم (4) وستأتي روايته.
10 - - الحكم بن عتيبة، وستأتي روايته (5)
11 - - جابر بن يزيد، عد منهم (6)



(1) فتح الباري ج 9 ص 150، والجواهر ج 30 ص 150 عن كتاب سير العباد.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 271.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 271.
(1) الجواهر ج 30 ص 150، والصراط المستقيم ج 3 ص 276، والبحر المحيط ج 3 ص 218، ونفحات اللاهوت ص 99 ومحاسن التأويل للقاسمي ج 5 ص 99 وجامع البيان ج 4 ص 9.
(1) راجع: جامع البيان ج 4 ص 9، ط دار المعرفة - بيروت وستأتي الرواية عنه في فصل النصوص والآثار.
(1) المسائل الصاغانية ص 238 عن كتاب الأقضية، ومستدرك الوسائل ج 2 ص 595.
28
12 - - حبيب بن أبي ثابت، عد منهم (1)
13 - - عمرو بن دينار (2)
14 - - سعيد بن المسيب (3)
15 - - الأعمش (4)
16 - - إبراهيم النخعي
17 - - الربيع بن ميسرة.
19 - - أبي الزهري، مطرف.



(1) الغدير ج 6 ص 230 عن أحكام القرآن للأندلسي ج 1 ص 162.
(1) المسائل الصاغانية ص 238، عن كتاب الأقضية، ومستدرك الوسائل ج 2 ص 595، والجواهر ج 30 ص 150 عن كتاب سير العباد.
(1) الصراط المستقيم ج 3 ص 276.
(1) الصراط المستقيم ج 3 ص 276.
29
20 - - ابن شبرمة.
21 - - عمر بن جويدة.
22 - - سعيد بن حبيب (1) ولعله سعيد بن جبير.
23 - - ابن جرير، عد منهم (2)
24 - - الإمام الباقر (عليه السلام)، عد منهم (3)
25 - - الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، عد منهم (4)



(1) نقل ذلك عن هؤلاء السبعة في كتاب جواهر الكلام ج 30 ص 150 عن كتاب سير العباد.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 272 عن عبد الرزاق.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 271، والبحر الزخار ج 4 ص 22، وعن الإمام الصادق (ع) راجع: روضة العقلاء، ونزهة الفضلاء ص 213.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 271، والبحر الزخار ج 4 ص 22، وعن الإمام الصادق (ع) راجع: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص 213.
30
26 - - ابن زياد، كما سيأتي (1)
27 - - مالك بن انس (2)
28 - - أبو حنيفة (3)
29 - - أحمد بن حنبل (4)
30 - - إسماعيل بن عبد الله الرعيني الأندلسي، المعاصر لابن حزم، فإنه كان يفتي بجواز المتعة (5)
31 - - الربيع بن حبيب (6)



(1) الجواهر ج 30 ص 150 عن كتاب سير العبادة والبحر الزخار ج 4 ص 22، والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 102، وقيده فيه: (فيما لو ذكر من الوقت ما لم يعلم أنهما يعيشان إليه كمئة سنة أو أكثر). وكذا في المبسوط للسرخسي 3 / 1 / 153.
(1) سيأتي ذكر المصادر لذلك إن شاء الله تعالى.
(1) سيأتي ذكر المصادر لذلك إن شاء الله تعالى.
(1) سيأتي ذكر المصادر لذلك إن شاء الله تعالى.
(1) لسان الميزان ج 1 ص 418.
(1) العقود الفضية في أصول الإباضية ص 156.
31
32 - - المأمون (1)
33 - - خالد بن مهاجر بن خالد المخزومي وقد يناقش في صحة نسبة ذلك إليه، ونحن نرجح عدم الصحة (2)
كانت تلك طائفة ممن جاهروا بالجواز، من الصحابة، والتابعين، وغيرهم، ممن وصلت إلينا أسماؤهم وآثارهم بالتفصيل.
أما من لم نطلع على آرائهم تفصيلا، فلا يمكن عدهم من القائلين بالتحريم، بل الصحيح هو عدهم



(1) وفيات الأعيان ط سنة 1310 ه‍ ج 2 ص 218، وكتاب بغداد ص 198 و 202، والسيرة الحلبية ج 3 ص 46، والنص والاجتهاد ص 193 وقاموس الرجال ج 9 ص 397.
(1) راجع: أسمى المناقب ص 159 وتعليقات المحمودي.
32
من القائلين بالحلية، والجواز، خصوصا إذا كانوا من الصحابة، والتابعين، لوجود عمومات تفيد: أن ذلك كان مذهب أكثر الصحابة، والتابعين، وأهل البيت (عليهم السلام) كما سنرى تحت العنوان التالي...
إذن فلا يصح القول بأن أكثر الصحابة على التحريم، وأنه لم يخالف في ذلك إلا ابن عباس، بل الأمر على الضد من ذلك كما هو ظاهر، وإليك المزيد.
ماذا يقول؛ الصحابة والتابعون وأهل البيت (ع):
سيأتي: أن ابن عباس يعدد رجالا من أهل المتعة، لكن طاووسا ينسى أسماءهم!.
وقال ابن قيم الجوزية: " ان المتعة أبيحت في أول الإسلام، وفعلها الصحابة، وافتى بها بعضهم بعد موت

33
النبي (ص) " (1)
وينقل الشوكاني القول بالحلية عن كل من: الإمام الباقر، والإمام الصادق (عليهما السلام)، وعن الإمامية، وابن جريج، وابن عباس " إن شرط مدة لا يعيشان إليها (2) كمئة سنة "، ونسبه البعض إلى أبي الحسن (3)
وينقلها ابن حبيب عن ستة من الصحابة وستة من التابعين (4)
وقال البعض: ".. ذهب إلى بقاء الرخصة جماعة



(1) اعلام الموقعين ج 3 ص 48.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 271 و 272، والبحر الزخار ج 4 ص 22.
(1) بلغة السالك ج 1 ص 393.
(1) الطرائف لابن طاووس ص 460، وعن الحسن بن علي بن زيد، ونفحات اللاهوت ص 101، وعن ابن حبيب أيضا، لكن الموجود في المحبر هو ستة من الصحابة فقط، فالظاهر أنه قد حرف.
34
من الصحابة، وروي رجوعهم وقولهم بالنسخ. ومن أولئك ابن عباس روي عنه بقاء الرخصة، ثم رجع عنه " (1)
وقال السيد سابق: " قد روي عن بعض الصحابة، وبعض التابعين: أن زواج المتعة حلال، واشتهر ذلك عن ابن عباس " (2)
وقال أمين محمود خطاب: " قد ثبت على تحليلها بعد رسول الله (ص) جماعة من السلف، منهم من الصحابة: أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو سعيد الخدري، وغيرهم. ومن التابعين طاووس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء



(1) سبل السلام شرح بلوغ المرام ج 3 ص 366 وعون المعبود ج 6 ص 282 وأوجز المسالك ج 9 ص 404.
(1) فقه السنة ج 2 ص 43.
35
مكة " (1)
وبعد أن نقل أبو حيان حديث إباحتها قال: " وعلى هذا جماعة من أهل البيت (ع)، والتابعين " (2)
وقال الثعلبي: " فلم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن حصين، وابن عباس، وبعض أهل البيت (ع) " (3)
وقال ابن كثير: " وقيل بل لم تحرم مطلقا، وهي على الإباحة، هذا هو المشهور عن ابن عباس وأصحابه، وطائفة من الصحابة " (4)
وقال أبو عمر: " أما الصحابة فإنهم اختلفوا في



(1) فتح الملك المعبود ج 3 ص 225، والمنار في المختار ج 1 ص 463.
(1) أوجز المسالك ج 9 ص 404.
(1) المصدر السابق.
(1) البداية والنهاية ج 4 ص 318.
36
نكاح المتعة، فذهب ابن عباس إلى إجازتها، فتحليلها لا خلاف عنه في ذلك، وعليه أكثر أصحابه، منهم: عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وطاووس. وروي تحليلها أيضا وإجازتها عن أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله " (1)
وقال ابن قدامة: ".. وحكي عن ابن عباس أنها جائزة.. وعليه أكثر أصحابه: عطاء، وطاووس، وفيه قال ابن جريج. وحكي ذلك عن أبي سعيد الخدري وجابر، وإليه ذهب الشيعة لأنه قد ثبت أن النبي (ص) أذن فيها " (2)
وقال القرطبي: قال أبو بكر الطرسوسي: " ولم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن حصين، وابن



(1) التمهيد ج 9 ص 111 و 112 والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 98.
(1) المغني لابن قدامة ج 7 ص 571.
37
عباس، وبعض الصحابة، وطائفة من أهل البيت (ع) " (1)
السواد من الأمة قائلون بالتحليل:
قال الرازي، وغيره حول آية المتعة: ".. اختلفوا في أنها هل نسخت أم لا؟ فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة. وقال السواد منهم: إنها بقيت مباحة كما كانت " (2)
وقال الترمذي: " أكثر أهل العلم على تحريم المتعة " (3) مما يعني أن الكثيرين من أهل العلم الذين هم في مقابل الأكثر، قائلون بحليتها.



(1) تفسير القرطبي ج 5 ص 133 والغدير ج 6 ص 231 عنه.
(1) تفسير الرازي ج 10 ص 49 ط سنة 357 وتفسير النيسابوري (مطبوع بهامش جامع البيان ج 5 ص 16 والقدير ج 6 ص 222.
(1) الجامع الصحيح ج 3 ص 430.
38
الأوائل يرخصون بالمتعة:
والشوكاني والعسقلاني يقولان: " اختلف السلف في نكاح المتعة. قال ابن المنذر: جاء عن الأوائل الرخصة فيها، ولا أعلم اليوم أحدا يجيزها إلا بعض الرافضة " (1)
مكة والمدينة واليمن والحجاز وأكثر الكوفيين:
وقال أبو عمر وقريب منه قال الزيلعي، وابن رشد وغيرهم: " أصحاب ابن عباس، من أهل مكة، واليمن، كلهم يرون المتعة حلالا، على مذهب ابن



(1) فتح الباري ج 9 ص 150، ونيل الأوطار ج 6 ص 271، وكلام ابن المنذر أيضا في أوجز المسالك ج 9 ص 404.
39
عباس " (1)
وعن الزهري: ينبغي للناس أن يدعوا من حديث أهل المدينة حديثين، ومن حديث أهل مكة حديثين، ومن حديث أهل العراق حديثين، ومن حديث أهل الشام حديثين.
فأما حديثا أهل المدينة، فالسماع والقيان.
وأما حديثا أهل مكة، فالصرف والمتعة الخ (2)
وقال الزمخشري: " وقيل: أربع في أهل المدينة: الغناء، والمتعة، والماء من الماء



(1) الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 133 والإستذكار ج 16 ص 295، ونيل الأوطار ج 6 ص 272، وبداية المجتهد ج 2 ص 57، وفتح الباري ج 9 ص 150 و 142، والغدير ج 6 ص 223 عن تبيان الحقائق للزيلعي، ولكنه قال: أكثر أصحاب الخ.. وراجع شرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 47 والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 520.
(1) تهذيب تاريخ دمشق ج 1 ص 80.
40
والوضوء مما مسته النار " (1)
وقال أبو عبد الله الحاكم: قال الأوزاعي: " يترك من قول أهل الحجاز خمس؛ فذكر منها متعة النساء من قول أهل مكة، واتيان النساء في أدبارهن من قول أهل المدينة " (2)
وقال أبو عمر أيضا: " وقد كان العلماء قديما وحديثا يحذرون الناس، من مذهب المكيين، أصحاب ابن عباس، ومن سلك سبيلهم في المتعة والصرف الخ.. " (3)
كما أن الشيخ المفيد (ره) بعد أن ذكر عن كتاب الأقضية لأبي علي الحسين بن علي بن زيد أسماء جماعة كبيرة من الصحابة وفقهاء التابعين



(1) ربيع الأبرار ج 2 ص 568.
(1) معرفة علوم الحديث ص 65.
(1) التمهيد ج 9 ص 116.
41
يقولون بحليتها قال: " وجماعة من أهل مكة والمدينة، وأهل اليمن، وأكثر أهل الكوفة " (1)
وقال ابن كثير بعد أن ذكر تحليل ابن عباس لها: " وقد تبعه على ذلك طائفة من أصحابه واتباعهم، ولم يزل ذلك مشهورا عن علماء الحجاز إلى زمن ابن جريج وبعده (2)
وسيأتي قول ابن حزم وغيره وهو يعدد القائلين بحلية المتعة: " ومن التابعين ابن طاووس وعطاء وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء مكة أعزها الله " (3)
وقال الأهدل: " بل هو المنقول عن سائر فقهاء مكة " (4).



(1) المسائل الصاغانية، المطبوع مع عدة رسائل للمفيد ص 238.
(1) البداية والنهاية ج 4 ص 194.
(1) المحلى ج 9 ص 520 وستأتي بقية مصادر هذا النص.
(1) نكاح المتعة ص 271 وارجع إلى المحلى ج 9 ص 633.
42
وقال القرطبي: " أهل مكة كانوا يستعملونها كثيرا " (1)
وقال ابن منظور: " المتعة: التمتع بالمرأة لا تريد إدامتها لنفسك، ومتعة التزويج بمكة منها " (2)
بل لقد بلغ الأمر بهم حدا دعا الأوزاعي إلى التحذير من أخذ ذلك عنهم، قال الشوكاني: " قال الأوزاعي فيما رواه الحاكم في علوم الحديث: يترك من قول أهل مكة خمس، فذكر منها متعة النساء، من قول أهل مكة.. " (3)
موقوفات في المدينة على نكاح المتعة:
وقال الأسنوي المتوفي سنة 772 ه‍:



(1) تفسير القرطبي ج 5 ص 132، لكنه زعم أن ذلك هو سبب تحريمها في حجة الوداع، والغدير ج 6 ص 222.
(1) لسان العرب ج 8 ص 329.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 271.
43
" أخبرني بعض من أثق به: أن قاضي المدينة أخبره أن بالمدينة مكانا موقوفا على نكاح المتعة، ومستحما موقوفا على الاغتسال من وطئها " (1)
جميع الصحابة قائلون بتحليل المتعة:
أما ابن حزم، فإنه بعد أن عد جملة من الصحابة القائلين بحليتها، قال: " وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله (ص) جماعة من السلف، منهم من الصحابة.. " ثم عد جملة منهم، ثم قال: " ورواه جابر بن عبد الله عن جميع الصحابة مدة رسول الله (ص)، ومدة أبي بكر، وعمر إلى قرب خلافة عمر ".
واختلف في إباحتها عن ابن الزبير، وعن علي فيها توقف، وعن عمر بن الخطاب: أنه إنما



(1) نهاية السؤل في شرح منهاج الأصول ج 3 ص 292.
44
أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، وإباحتها بشهادة عدلين.
ومن التابعين: ابن طاووس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء مكة أعزها الله.. " (1)
وقال العسقلاني معلقا على كلام ابن حزم هذا: ".. وأما ما ذكره عن التابعين فهو عند عبد الرزاق عنهم، بأسانيد صحيحة " (2)
أما بالنسبة لرواية جابر لذلك عن جميع الصحابة فلعل مراده أن جابرا رضوان الله عليه قال: " كنا نستمتع " و " استمتعنا ".



(1) المحلى ج 9 ص 519 و 520، وفتح الباري ج 9 ص 150 والمتعة لتوفيق الفكيكي ص 44، ونيل الأوطار ج 6 ص 270 و 271 وراجع ص 272، والغدير ج 6 ص 222 كلاهما عن المحلى، وهامش المنتقى للفقي ج 2 ص 520، والبيان للخوئي ص 333، وأوجز المسالك ج 9 ص 403 و 404.
(1) فتح الباري ج 9 ص 151.
45
تمحلات العسقلاني لا تجدي:
لكن قد احتمل العسقلاني أن ذلك يصدق عليه لو كان وحده (1)
ونقول: إن ذلك خلاف ظاهر كلام جابر، فإنه إنما يريد أن يقرر بقاء هذا التشريع في أذهان الناس، من دون وجود أية شبهة فيه حتى أعلن عمر بن الخطاب موقفه المعروف منه.
ونضيف إلى ما ذكر عن جابر قول ابن عمر: " ما كنا على عهد رسول الله (ص) زانين ولا مسافحين " وقول ابن مسعود: " ثم رخص لنا أن ننكح الخ.. " ثم استشهاده بالآية:} لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم {..
وقول عمران بن حصين: " تمتعنا مع رسول الله (ص).. " إلى أن قال: قال رجل برأيه ما شاء.. حيث



(1) فتح الباري ج 9 ص 151.
46
نسب الخلاف في ذلك إلى رجل واحد، وهو عمر بن الخطاب.. وغير ذلك مما دل على أن ذلك هو مذهب الصحابة وستأتي طائفة كبيرة من هذه النصوص في فصل: النصوص والآثار في مصادر أهل السنة.. فإلى هناك.
الساكتون من الصحابة والتابعين:
وقد ادعى علماء أهل السنة: أن أكثر الصحابة قائلون بتحريم المتعة، فقد قال أبو عمر " أما الصحابة، فإن الأكثر منهم على النهي عنها وتحريمها " وقريب منه قول ابن رشد (1)
وتقدم في تعابير بعضهم ما يشير إلى قلة القائلين بتحليل هذا الزواج من الصحابة، كقول البعض: إن ستة من الصحابة وستة من التابعين قائلون بحلية هذا الزواج.



(1) الإستذكار ج 16 ص 294 وبداية المجتهد ج 2 ص 57.
47
وكقول الثعلبي: لم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن الحصين وابن عباس، وبعض أهل البيت.. أضاف إلى ذلك القرطبي عبارة: وبعض الصحابة.
وكذا قولهم: روي عن بعض الصحابة وبعض التابعين أن زواج المتعة حلال.
إلى غير ذلك مما تقدم مما يفهم منه - - بطريقة أو بأخرى - - أن الأكثر من الصحابة والتابعين قائلون بالتحريم..
ونقول:
إننا نسجل هنا ملاحظات:
الأولى: إنه لا يمكن عد الساكتين من الصحابة

48
في جملة القائلين بالتحريم. ومن أين علم هؤلاء أن الساكت ليس على مذهب علي (عليه السلام)، وابن عباس، وجابر، وابن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وعمران بن الحصين، وغيرهم من كبار الصحابة، وكذلك الحال بالنسبة للساكتين من التابعين.
الثانية: إن جابرا قد روى التحليل عن جميع الصحابة، كما تقدمت الإشارة إليه (1) في مباحث الكتاب السابقة وحكى عمر أيضا أن هذا التشريع هو الذي جرى عليه أمر الناس في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم في عهد أبي بكر، ثم في شطر من خلافة عمر.
الثالثة: إن تهديدات عمر بن الخطاب القوية والصارمة كانت تمنع الكثيرين من الجهر بموقفهم



(1) وراجع: المحلى ج 9 ص 519 و 520.
49
الحقيقي من هذا التشريع. وإذا أردنا أن نحسن الظن بهم فذلك يقتضي نسبة التحليل إليهم اقتداء بالرسول (صلى الله عليه وآله) وعملا بالكتاب، لا التحريم خوفا من تهديدات عمر.
الرابعة: لو طلبنا من هؤلاء أن يعددوا لنا أسماء القائلين بالتحريم من الصحابة.. فكم يمكنهم أن يوردوا لنا من هذه الأسماء، رغم أن السلطة كانت إلى جانب هؤلاء في هذا الأمر وضد القائلين بخلافه، تلاحقهم وتعاقبهم وتنكل بهم؟!
الخامسة: كيف يمكن لهؤلاء دعوى أن ستة من التابعين فقط قائلون بتحليل هذا الزواج ونحن نجد: أن سائر فقهاء مكة، واليمن، والمدينة، وأكثر أهل الكوفة، وطائفة من أهل البيت (عليهم السلام) ولم يزل ذلك مشهورا عن أهل الحجاز إلى ما بعد زمن ابن جريج الذي تمتع بسبعين أو بتسعين امرأة؟!.

50
وستأتي حكاية ذلك عن ثلاثة من أئمة أهل المذاهب الأربعة أيضا.
أئمة المذاهب الأربعة وزواج المتعة:
ادعى البعض: أن زواج المتعة محرم في المذاهب الأربعة (1) وهي دعوى غير صحيحة جزما، فإن ثلاثة منهم يقولون بحليتها، أو نسب إليهم ذلك، وهم:
1 - - مالك بن أنس يبيح المتعة:
قالوا: إن " ابن الهمام نسب جواز هذه العلاقة إلى الإمام مالك، وهو خطأ " (2)



(1) راجع مجلة الهلال المصرية العدد 13 جمادى الأولى سنة 1397 ه‍ أول مايو سنة: 1977 م.
(1) نكاح المتعة للأهدل ص 276 عن فتح القدير ج 2 ص 384.
51
لكن كيف يكون خطأ وقد نقل ذلك عنه آخرون هم من كبار القوم، فقد قال السرخسي في المبسوط: " تفسير المتعة: أن يقول لامرأة: أتمتع بك كذا من المدة بكذا من المال، وهذا باطل عندنا جائز عند مالك بن أنس. وهو الظاهر من قول ابن عباس " (1)
ونقل البعض: أن نكاح المتعة قد صار منسوخا بإجماع الصحابة.. وقال: " فعلى هذا يلزم عدم ثبوت ما نقل من إباحته عن مالك " (2)
ونقول: إنه استدلال عجيب وغريب، ودعوى إجماع الصحابة على النسخ أغرب وأعجب، ولا نرى أننا بحاجة إلى التعليق فإن ما ذكرناه في هذا الكتاب وما سنذكره فيه غنى وكفاية لمن أراد الرشد



(1) الغدير ج 6 ص 222 والمبسوط للسرخسي ج 5 ص 152 ط دار المعرفة - بيروت، وعنه في نكاح المتعة حرام في الإسلام ص 20 تأليف محمد الحامد.
(1) مجمع الأنهر ج 1 ص 320.
52
والهداية.
وقال العلامة الأميني (قده): " وينسب جواز المتعة إلى مالك في فتاوى الفرغاني، تأليف القاضي فخر الدين حسن بن منصور الفرغاني، وفي خزانة الروايات في الفروع الحنفية تأليف القاضي جكن الحنفي، ونسب إليه أيضا في كتاب الكافي في الفروع الحنفية.. " (1)
وقال المرغيناني، والزيلعي عن نكاح المتعة: " قال مالك: هو جائز، لأنه كان مباحا، فيبقى إلى أن يظهر ناسخه " (2)



(1) الغدير ج 6 ص 222 و 223.
(1) الهداية في شرح البداية ط سنة 1356 ج 1 ص 195، وراجع مرقاة المفاتيح ج 3 ص 422، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ج 1 ص 270 وراجع ص 320، والبيان للسيد الخوئي ص 333، والغدير ج 6 ص 223، وتبيان الحقائق للزيلعي ج 2 ص 115 وراجع عون المعبود ج 6 ص 84.
53
ونسبة الجواز إلى مالك نقلت أيضا عن التفتازاني في شرح المقاصد، وعن الزرقاني في شرح مختصر أبي الضياء.. (1) فراجع.
وفي مقام الحديث عن رجم المتمتع بعد ادعاء انعقاد الإجماع على التحريم - - وقد عرفت ما فيه - - قال القرطبي: " وفي رواية أخرى عن مالك: لا يرجم، لأن نكاح المتعة ليس بحرام " (2)
وقال ابن دقيق العيد: " ما حكاه بعض الحنفية عن مالك من الجواز خطأ، فقد بالغ المالكية في منع النكاح المؤقت الخ.. " (3)
والاستدلال بمبالغة الحنفية بالمنع عنه لا



(1) ذكر ذلك البهبودي في هوامش كنز العرفان ج 2 ص 255.
(1) الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 133.
(1) فتح الباري ج 9 ص 150، ونيل الأوطار ج 6 ص 271 وأوجز المسالك ج 9 ص 403 وعون المعبود ج 6 ص 84.
54
يصلح شاهدا على منع مالك منه بعد وجود النقل عنه، فإن ذهابهم إلى المنع قد يكون له أسباب عديدة، لا سيما وأن عددا ممن نقل الجواز عن مالك هم من المالكية أنفسهم، فقد ذكر الزرقاني في شرحه للموطأ: أنه أحد قولي مالك (1)
وقال الجزيري: " إذا كان الأجل واسعا لا يعيشان إليه عادة ففيه خلاف، فقيل يصح، وقيل لا " (2)
الشروط لا تحتاج إلى التصريح:
قال الباجي المالكي في المنتقى: ".. ومن تزوج امرأة لا يريد إمساكها، وإنما يريد أن يستمتع بها مدة ثم يفارقها، فقد روى محمد عن مالك: أن ذلك جائز، وإن لم
يكن من الجميل، ولا من أخلاق



(1) الغدير ج 6 ص 223.
(1) الفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 92.
55
الناس.. " (1) زاد الزرقاني قوله: " وشذ الأوزاعي فقال: هو نكاح متعة، ولا خير فيه، قاله عياض " (2)
وعلق عليه الباقوري: بأن أهل المدينة، وأهل الحديث، لا فرق عندهم في الشروط بين القول، وبين التواطؤ والقصد، فالمتواطأ عليه كالملفوظ عندهم، والمالكية يقدمون في الإستدلال على الحكم عمل أهل المدينة على الحديث، لاحتمال نسخه (3)
ومعنى كلام الباقوري أن أهل الحديث وأهل المدينة - - إذا قالوا بصحة الزواج بنية المفارقة بعد مدة - فإنهم يكونون بذلك قائلين بحلية المتعة. وذلك يتأكد أيضا عندهم إذا كان علماء الحجاز - - حسبما أشار إليه



(1) مع القرآن ص 176، وراجع: شرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 49، وقال: أجمعوا على ذلك.
(1) شرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 49.
(1) شرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 49.
56
كثير فيما تقدم - - يفتون بالمتعة، وكان مشهورا عندهم حتى عملا.. فضلا عن شهرته عند أهل اليمن، ومعظم أهل الكوفة.
2 - أبو حنيفة يبيح المتعة لمدة طويلة:
وروى الحسن عن أبي حنيفة: " أن المدة التي عينت في العقد، إن كانت طويلة، بحيث أن الزوجين لا يعيشان إليها في الغالب، كأن يقول للمرأة: تزوجتك لمائة سنة مثلا، أو أكثر، صح العقد، لأنه في معنى المؤبد، وهو حسن " (1)
وعللوا ذلك: أن هذا في معنى التأبيد، فأجاب



(1) مجلة هدى الإسلام ج 19 عدد 2 ص 79، ونقله محمد زين الأبياني، مدرس الشريعة الإسلامية في مدرسة الحقوق الملكية في مصر، في كتابه: الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية ج 1 ص 28، والمتعة للفكيكي عنه، والبناية في شرح الهداية ج 4 ص 102، وأوجز المسالك ج 9 ص 403، ومجمع الأنهر ج 1 ص 320 عن النهاية. وبدائع الصنائع 3 / 1421.
57
البعض بقوله: " ليس هذا تأبيدا، بل توقيت لمدة طويلة " (1)
ومهما يكن من أمر، فإن هذا بالذات هو رأي ابن زياد أيضا (2) ونقله البعض عن أبي الحسن (3) فراجع.
3 - أحمد بن حنبل:
هذا، ومن الأمور المثيرة حقا أن يكون إمام الحنابلة الذين يتشددون جدا الآن في المنع عن هذا الزواج، ممن يروى عنه جواز نكاح المتعة في حال الضرورة.



(1) أوضح المسالك ج 9 ص 403.
(1) البحر الزخار ج 4 ص 22.
(1) بلغة السالك ج 1 ص 393.
58
قال محمد زكريا الكاندهلوي: " قال الموفق: هذا نكاح باطل نص عليه أحمد فقال: " نكاح المتعة حرام، وقال أبو بكر: فيه رواية أخرى: أنها مكروهة غير حرام، لأن ابن منصور سأل أحمد عنها فقال: يجتنبها أحب إلي قال: فظاهر هذا الكراهية دون التحريم الخ.. " (1)
ويقول ابن كثير الحنبلي: " قد روي عن ابن عباس، وطائفة من الصحابة إباحتها للضرورة، وهو رواية عن الإمام أحمد " (2)
وقال أيضا: " وقد حكي عن الإمام أحمد رواية كمذهب ابن عباس ".



(1) أوجز المسالك ج 9 ص 403، والمغني لابن قدامة ج 7 ص 571.
(1) السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 367، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 1 ص 474، راجع البداية والنهاية ج 4 ص 398 ومحاسن التأويل ج 5 ص 99.
59
وقال: " حاول بعض من صنف نقل رواية أخرى عن الإمام أحمد بمثل ذلك " (1)
وقال محمد مصطفى شلبي: " وفي رواية عن الإمام أحمد: أنه يكره ويصح " (2)
وقال المرداوي: " الصحيح من المذهب: أن نكاح المتعة لا يصح، وعليه الإمام أحمد رحمه الله، والأصحاب، وعنه: يكره، ويصح، ذكرها أبو بكر في الخلاف وأبو الخطاب، وابن عقيل، وقال: رجع عنها الإمام أحمد رحمه الله، وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: توقف الإمام أحمد رحمه الله عن لفظ



(1) البداية والنهاية ج 4 ص 194، والسيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 367.
(1) أحكام الأسرة في الإسلام ص 145 ط دار النهضة العربية - بيروت.
60
الحرام ولم ينفه " (1)
تذكير:
ولكن يبقى أن نشير: إلى أن ما ادعاه ابن كثير على طائفة من أنهم إنما أباحوها للضرورة، لا يصح، بل لا معنى له، كما سيأتي بيانه، ولسوف نشير إلى أن من أباحها للضرورة، فإنما قلد في ذلك الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وإلا فإن أكثر الصحابة قائلون بحليتها مطلقا، ولا يظهر منهم تخصيص بالضرورة ولا بغيرها..
أكثر المذاهب الأربعة تبيح المتعة:
فيتضح مما تقدم: أن قول البعض: إن زواج المتعة



(1) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد ج 8 ص 163.
61
محرم في المذاهب الأربعة (1) غير صحيح، وغير دقيق، فقد نقل القول بحليته ولو في حال الاضطرار عن ثلاثة من أئمة المذاهب الأربعة كما تقدم.
أهل البيت (ع) وشيعتهم الأبرار:
وبعد كل ما تقدم، فإن جواز نكاح المتعة هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، ومذهب شيعتهم الأبرار، المتمسكين بحبل ولايتهم ومودتهم، الذين يرون في أهل البيت (عليهم السلام) تصديق قول الرسول (صلى الله عليه وآله) فيهم (عليهم السلام): إنهم سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى، وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من تمسك بهما، وهم باب حطة، إلى غير ذلك من



(1) مجلة الهلال المصرية، العدد الصادر في 13 - 5 - 1397 ه‍. ق أول مايو سنة 1977 م.
62
النصوص الكثيرة المتواترة عنه في حق العترة الزاكية الطاهرة، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
من آراء الباحثين:
وإذا قد عرفنا شطرا من أقوال السلف، أو كثير منهم حول بقاء تشريع وحلية هذا الزواج، فإننا نجد في مقابل ذلك إصرارا متزايدا على دعوى نسخ هذا التشريع، وتحريم هذا الزواج، ورمي من يقول بحليته بأنه يحلل الزنا، نعوذ بالله مما يقوله الجاهلون والمبطلون، بل نجد بعضهم - - كما قدمنا - - يدعوا إلى تحليل الاستمناء عوضا عن زواج المتعة!!.
إلا أننا في الآونة الأخيرة نشهد من بعض

63
الباحثين إصرارا ودعوة أكيدة إلى هذا النوع من الزواج، واعتباره الحل الأمثل لمشكلة الجنس، وقد أثيرت في هذا الاتجاه مناقشات علمية تتسم بالموضوعية، وبالوعي، والمسؤولية، حيث وضعت علامات استفهام كبيرة حول نسبة تحريمه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك من قبل العديد من العلماء والباحثين، ومن أتباع المدرسة التي تتبنى التحريم بالذات، ممن يفترض فيهم أن يكونوا من الموافقين على دعوى النسخ لهذا الزواج.
بل لقد وجدنا بعض الحكومات، وعددا من العلماء، والمفكرين من غير المسلمين يتبنون هذا النوع من الزواج، ويعتبرونه الحل الأمثل لمشكلة الجنس.

64
شخصيات تدعو إلى زواج المتعة:
ومن الشخصيات المعاصرة التي تؤيد هذا الزواج أو أكدت على ضرورة اعتماده، نذكر ما يلي:
1 - - قال الدكتور مصطفى الرافعي: " إن هذا الزواج لا يزال باقيا على حاله، لم ينسخ. بل هو رخصة في حالة الضرورة، أو السفر، أو الغزو، أو الاضطرار " (1)
2 - - كما أن أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور قسطنطين زريق، لم ير بأسا في زواج كهذا، ورحب بالتحقيقات العلمية حوله، وأبدى إعجابه بالحقائق



(1) إسلامنا في التوفيق بين السنة والشيعة ص 52.
65
التي أدت إليها (1)
3 - - وقد ذكر الدكتور عمر رضا كحالة، أن بعض الباحثين المعاصرين قد دعا إلى هذا النوع من الزواج، ورحب بعضهم بزواج الرجل والمرأة لمدة أربع أو خمس سنوات، وبعدها يكون لهما الانفصال أو تجديده ثانية، ويكون لهما الحق في التناكح في مثل هذا النوع من الزواج المؤقت (2)
4 - - كما أن الكاتب المصري المعروف الأستاذ عباس محمود العقاد، يؤيد العودة إلى زواج المتعة، كحل ناجح لمشكلة الجنس، وقد نشر ذلك في مقال له في مجلة: " المصور " تحت عنوان: " الشباب



(1) المتعة للفكيكي ص 132 و 130.
(1) راجع الزواج المؤقت، ج 1 ص 180 عن مجلة الرسالة القاهرية العدد 219.
66
والجنس " (1)
5 - - وصلاح الدين المنجد أيضا يظهر منه: أنه لا يرى بهذا الزواج بأسا، وقال: إن آية المتعة في قوله تعالى: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن..} لم تنسخ ثانية (2)
6 - - كما أن الشيخ خطاب فصيح، وهو من علماء الأحناف في العراق قد رحب بالتحقيقات العلمية حول هذا النوع من الزواج، وأبدى إعجابه بالنتائج التي أدت إليها (3)
7 - - أما الشيخ أحمد حسن الباقوري، فإن فتواه بحلية هذا الزواج معروفة ومشهورة حيث قال: "..



(1) المتعة للفكيكي ص 124 عنه.
(1) الحياة الجنسية عند العرب ص 28 و 30، دار الكتاب الجديد، بيروت.
(1) المتعة للفكيكي ص 130 و 132.
67
وبهذا النظر تخيرنا القول بإباحة هذا النوع من الزواج، وارتأينا ما يراه فقهاء أهل البيت (ع) من مشروعيته الدائمة غير المنسوخة فإنهم في هذا رضي الله عنهم، كانوا من سعة الأفق، وبعد النظر، بحيث لا يملك المسلم المنصف إلا أن يسلك طريقهم، ويأخذ برأيهم إيثارا للحق، وابتغاء لصالح المسلمين " (1)
8 - - وجاء في مجلة: روز اليوسف: " إن الحالة الوحيدة التي تبرر هذا الزواج هي: تغرب شبابنا في بلاد أجنبية لطلب العلم حماية لأخلاقهم " (2)
9 - - وقال البعض: إنه لو ضرب في عقد



(1) مع القرآن ص 179 و 180.
(1) روز اليوسف عدد 1931 سنة 1965 م.
68
المتعة أجلا لا يبلغه عمرهما كمئة سنة لم ينفسخ العقد بغير طلاق (1) مما يعني: أنه لو ضرب أجلا أقل من ذلك لم يكن ثمة حاجة إلى الطلاق..
10 - - يقول الدكتور حسن الساعاتي أستاذ علم الاجتماع، وعميد كلية آداب عين شمس: " إن فكرة الزواج المؤقت خرجت من بلاد العرب منذ صدر الإسلام، لكن مفكري أوروبا لطشوها في بداية القرن العشرين، ونسبوها إلى أنفسهم، عندما خرج القاضي الأمريكي ليسن من دينفر في العشرينات الأولى من هذا القرن ينادي بالعودة إلى الزواج التجريبي بين الرجل والمرأة قبل الارتباط الرسمي، بشرط عدم إنجاب أطفال في فترة التجربة، فإما أن تنتهي العلاقة بالزواج الدائم في حالة نجاح التجربة، أو



(1) بلغة السالك ج 1 ص 393 نقله عن أبي الحسن.
69
بالإنفصال قبل التورط في العلاقة الزوجية الأبدية " (1)
لكن الفكرة انهارت بانهيار الأخلاق، وانتشار الإباحية الجنسية، فليس ثمة حافز لهم للتأكيد على زواج كهذا.
11 - - كما أن الشيخ قاسم الشماعي الرفاعي قال: " لو أن رجلا وقع في أمر من الأمور، وكاد أن يقع في الزنا، ولا يستطيع لشدة غلمته دفع هذا الشبق عن نفسه، ثم لا يجد طريقا للحل من طريق الزواج الدائم باعتبار وجود النفقة، وما يتبع ذلك، فقد نسميها حالة ضرورة، إلى أن قال: فحالات الضرورة هذه كما قال حبر هذه الأمة ابن عباس هي حالات موجودة إلى يوم القيامة.



(1) راجع: زواج المتعة حلال ص 182.
70
وأما بالنسبة للحل المطلق فلا حاجة له مع وجود الزواج الدائم.. الخ " (1)
فإن كان المراد ب‍ " المتعة " معناها اللغوي، وهو مجرد التلذذ فلا كلام لنا في ذلك، وأما إذا كان المراد هو زواج المتعة، فإن الأمر يكون طريفا ولافتا.
12 - - ويقول الدكتور إبراهيم عبد الحميد: " وفي الحق ان لهؤلاء المخالفين - - يعني الشيعة الإمامية - - وجهة نظر من حيث الدليل الشرعي لا تخلو من قيمة، ذلك أنه لا ينكر أحد من علماء الأمة أن نكاح المتعة أبيح في وقت ما على عهد رسول الله صلوات الله عليه، فهذا شيء متواتر يبلغ مبلغ اليقين، ومن زعم أنها حرمت بعد ذلك ونسخ



(1) زواج المتعة حلال ص 142.
71
حكم جوازها نسخا مستمرا، فعليه الدليل، هذا مع أن الله سبحانه يقول: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن} يعني بدل المتعة لأن وجوب الصداق في النكاح الذي ليس بمتعة قد سلف في قوله تعالى أول السورة {فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة. أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعولوا، وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} يؤيده أن أبي بن كعب وابن عباس كانا يقرأن} فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فأتوهن أجورهن {.. (1)
ونحن إذ ذهبنا نلتمس دليل النسخ لم نكد نجد شيئا صالحا لا مقال فيه، حتى اضطر بعضهم أن يقول: إن عمر بن الخطاب هو الذي حرمها ونسخ جوازها، قال على المنبر فيما ثبت عنه: " متعتان



(1) نيل الأوطار للشوكاني: ج 6 ص 275.
72
كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، متعة النكاح، ومتعة الحج " نظرا إلى أنا مأمورون باتباع سنة الخلفاء الراشدين، ولا شك أن هذا غلط بين، فما كان ليستطيع عمر أو غيره أن ينقض من أحكام الإسلام الثابتة شيئا كان فيه (1) إلى آخر كلامه ".
ولكن سيأتي أن عمر بن الخطاب هو الذي حرم هذا الزواج، وليست نسبة ذلك اليه غلطا، بل هي نسبة صحيحة لا شك فيها، وقد علل البعض ذلك بأنه قد أخذته الحمية، أو أنه اعتقد وجود مفسدة في إطلاق العنان للناس في هذا المجال، وسيأتي ذلك، وأيضا سيأتي أنه حتى هذه التبريرات لا تصح



(1) حياة أمير المؤمنين (ع) ص 343 و 344 عن كتاب: نظام الأسرة والتكافل الاجتماعي ص 55 للدكتور إبراهيم عبد الحميد الأستاذ في جامعة الأزهر.
73
فانتظر.
الزواج المؤقت عند غير المسلمين:
ونذكر هنا عينات تظهر لنا: أن بعض الحكومات غير الإسلامية، وبعض المفكرين من غير المسلمين قد بدأوا يتنبهون إلى هذا النوع من الزواج، ويعتمدونه، أو يدعون إلى اعتماده كحل لما يعانون منه من مشكلات حادة في هذا الاتجاه.. والعينات هي التالية:
1 - - إن حكومة الاتحاد السوفياتي قد سنت قانونا يبيح للرجل والمرأة أن يتزوجا على سبيل التجربة، بعقد يعقد بينهما لثلاث سنوات، فإذا رأى الزوجان بعد انقضاء هذه المدة أنهما اتفقا مشربا، وأخلاقا، جددا ميثاق الزواج على مدى الحياة.
أما إذا تبين لهما: أنهما غير متفقين، وأنه يتعذر عليهما أن يعيشا معا لسبب من الأسباب، طلبا

74
نقض العهد، فيجابان إلى طلبهما بلا صعوبة، ولا عذاب، وإذا رزقا أولادا خلال هذه الفترة، فالقانون الجديد ينص على أن يوقف الوالد ثلث دخله عليهم، سواء
بقيت زوجته معه، أو تخلت عنه (1)
2 - - ويشيع في اليابان زواج باسم " آشي ايرو " حيث إنهم من أجل معرفة إن كانت الزوجة موافقة للزوج، فإن الزوجة تنتقل إلى منزل الزوج



(1) الزواج تأليف كحالة ج 1 ص 180 و 181 عن مجلة: السيدات والرجال سنة 1931، وحقوق زن در إسلام (فارسي)، ص 30، والمتعة للفكيكي ص 124، والزواج المؤقت ص 15، والفلسفة القرآنية للعقاد ص 78، وزواج المتعة حلال ص 182.
(2) حقوق زن در إسلام ص 30.
(3) عيون الأنباء في طبقات الأطباء ص 330.
75
لمدة شهر واحد.. ويعيشان الحياة الزوجية بكل مضمونها وتكون هذه المدة بمثابة اختبار، إن توافقا فبها، وإن لم يحصل توافق بينهما وكان ثمة حمل، فإن الولد يلحق بالأب، وتعتد هي بستة أشهر، ثم يكون لها الخيار بالزواج ممن تشاء (2).
3 - كما أن الدكتور برتراند راسل، الفيلسوف الأوروبي المعاصر قد نحى إلى هذا النحو من الزواج في كتابه المشهور: الزواج والأخلاق، وإن كان لم يستطع أن يأتي بالتحديد الكافي والوافي للزواج الذي دعا إليه، والذي يشبه زواج المتعة إلى حد بعيد (3) بل دعا إلى ضرب من الزواج سماه - الزواج بغير أطفال - يكون عاصما من شيوع الفساد، ومن العبث بالنسل والصحة بين الشبان والشابات.
4 - وقد سبق راسل للدعوة إلى هذا النوع من الزواج، القاضي الشرعي الأمريكي " ليند زي ".

76
وإنما اعتمد راسل في ما دعا إليه على اقتراحات هذا القاضي المذكور ().
5 - وقد ذكر البعض: أن قسطا بن لوقا البعلبكي، وهو مسيحي النحلة وقد عاش في زمن المقتدر بالله، قد كانت له كتب كثيرة، منها كتاب في المتعة ().

77
ملحق الفصل الأول
علي (عليه السلام) وابن عباس

79
1 - - علي عليه السلام:
وبعد.. فإن عمدة ما استند إليه الذين نسبوا القول بنسخ تشريع زواج المتعة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، هو حديث النسخ يوم خيبر، وأنه قال لابن عباس: إنك أمرؤ تائه.. ثم أخبره بوقوع النسخ وتحريم الحمر الأهلية يوم خيبر.
وقد ظهر مما تقدم: أنه حديث لا يصح، ولا يمكن التعويل عليه.. وسيأتي المزيد مما يؤكد ذلك أيضا، في نفس هذا الملحق، وفيما يأتي من فصول..
ويكفي في ذلك الحديث المأثور والمشهور عن علي (عليه السلام): " لولا أن عمر نهى عن

80
المتعة ما زنى إلا شقي ".
أو: " لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة، ثم ما زنى إلا شقي ". أو " ما زنى فتيانكم هؤلاء " (1)
ومهما يكن من أمر، فإن تحليل المتعة معروف ومشهور من مذهب أهل البيت (عليهم السلام).. ولا نظن أن ثمة داع لحشد المزيد من النصوص لهذا الأمر..
روايات التحريم عن علي (ع) أصح:
وقد زعم بعضهم أن عليا (عليه السلام) لا يقول بحلية المتعة، واحتج لذلك بما رواه أهل السنة عن



(
(1) سيأتي هذا الحديث مع مصادره إن شاء الله تعالى.
81
موقفه من ابن عباس فيها. وبما روي من طرق الإسماعيلية، والزيدية وبما رواه أهل السنة عنه من تحريم المتعة يوم خيبر ولحوم الحمر الأهلية وبما رواه الشيخ بإسناده عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية، ونكاح المتعة (1)
فحديث علي في تحريم متعة النساء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد رواه كل أصحاب المذاهب فهو متفق عليه..
" بينما الحديث الذي أخرجه الثعلبي في تفسيره، والسيوطي في الدر المنثور بعدة طرق، والرازي، وأبو حيان. ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره بإسناد



(1) راجع: تحريم المتعة في الكتاب والسنة ص 151 - 153.
82
منقطع.. ضعيف.
ومن المعلوم: أن كتب التفسير تحوي الغث والسمين فإذا عرفت هذا فكيف يزعمون: أن الرواية عن ابن الحنفية عن أبيه (ع) موضوعة، وما هو دليلهم؟! " (1)
ونقول:
1 - - بالنسبة لما جاء في مصادر أهل السنة من أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد حرم المتعة يوم خيبر، فقد تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب أنه لا يمكن أن يصح.
2 - - قوله: إن كتب التفسير تحوي الغث والسمين.. لا يثبت أن هذا الحديث هو من الغث..



(1) راجع: تحريم المتعة في الكتاب والسنة ص 151 - 153.
83
3 - - إنه كما أن كتب التفسير تحوي الغث والسمين.. فإن كتب الحديث أيضا تحوي الغث والسمين.. وإلا فهل نقبل ما رواه البخاري - - مثلا - - وغيره من أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه. فتقول: قط، قط، وعزتك. ويزوي بعضها إلى بعض " (1) والبخاري هو أصح كتب الحديث عند هذا المستدل..
وأمثال هذه الروايات في هذا الكتاب وفي غيره كثير..
4 - - ما ذكر من موقف لعلي (عليه السلام) من

84
ابن عباس حين بلغه قوله في المتعة. وكذا ما روي من طرق الإسماعيلية والزيدية، وأهل السنة حول تحريم المتعة فقد عرفت في الجزء الأول من هذا الكتاب، وكذا في سائر أجزائه أنه غير صحيح لأسباب عديدة.. فلا حاجة إلى التكرار.
5 - - وأما ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن عمرو بن خالد (1) فليس رواية للشيعة الإمامية؛ لأن عمرو بن خالد هذا من العامة، أو من الزيدية (2) فلا معنى لنسبة الرواية إلى الشيعة الإمامية، ليكون الحديث متفقا عليه، كما زعم.
6 - - إن الحديث عن علي (عليه السلام) لا ينحصر بما رواه الطبري عنه بإسناد منقطع، فهناك ما

85
رواه الشيعة بطرق صحيحة عن أئمة أهل البيت عنه (عليهم السلام).. وكفى بها حجة بعد سقوط ما رواه أهل السنة وغيرهم عنه في خلاف ذلك عن الاعتبار.
وحين يروي القائلون بالتحريم بطرقهم عنه ما يدل على التحليل فإن ذلك يمثل اعترافا منهم بذلك..
7 - - على أن الدليل على تحليل هذا الزواج لا ينحصر بما روي عن علي (عليه السلام)، بل الرواية عنه تمثل مفردة من عشرات أمثالها من الروايات الصحيحة وغيرها مما إذا انضم بعضه إلى بعض يشكل تواترا عظيما لا يمكن تجاهله بأي حال.. هذا بالإضافة إلى الآية الشريفة.. وغير ذلك مما تضمنه هذا الكتاب..

86
2 - ابن عباس:
لقد اشتهر قول ابن عباس بتحليل زواج المتعة، وشاع وذاع، واتبعه طائفة كبيرة من الفقهاء في ذلك، وشاع أيضا عمل الناس بهذه الفتوى حتى سارت بفتواه الركبان، وحتى قال القائل وابن عباس حي:
يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
أقول للركب إذ طال الثواء بنا
تكون مثواك حتى مرجع الناس (1)
في بضة رخصة الأطراف ناعمة

87
فأحرج ذلك القائلين بنسخ هذا الزواج وأحبط مسعاهم... إلى ادعاء الإجماع - - ولو متأخرا - - على هذا النسخ، رغم تعذر ذلك عليهم، حسبما ظهر مما تقدم في هذا الكتاب.
فدفعهم ذلك إلى تلمس المخارج والتأويلات، بادعاء أنه إنما أحلها للضرورة تارة.. وادعاء رجوعه عن القول بالتحليل أخرى.. ونحن نجمل الحديث في ذلك على النحو التالي:
1 - - يروى أنه رجع عن ذلك عند موته، وقال: اللهم إني أتوب إليك من قولي بالمتعة، وقولي في

88
الصرف " (1)
وعن جابر بن زيد: " ما خرج ابن عباس (رض) من الدنيا حتى رجع عن قوله في الصرف والمتعة " (2)
2 - - وقالوا أيضا: " أفتى بحلها للضرورة، فلما توسع الناس فيها، ولم يقتصروا على موضع الضرورة أمسك عن فتياه ورجع عنها " (3)
وعن الزهري قال: " ما مات ابن عباس حتى رجع عن هذه الفتيا " (4)

89
3 - - وذكروا أيضا: " أن ابن عباس قد رجع عن قوله بالحلية حينما أخبره علي (عليه السلام) بالنسخ يوم خيبر " (1)
4 - - وقال محمد عزت دروزة: " عزي إلى ابن عباس أقوال فيها تناقض، وتضارب ليس منها شيء وارد في كتب الحديث المعتبرة " (2)
5 - - قد نقل أن سعيد بن جبير سأله عن المتعة، فنهاه عنها وكرهها (3)
6 - - قال المطيعي وغيره: " كان ابن عباس يفتي بجوازها قبل أن يبلغه حديث التحريم، فلما بلغه رجع،

90
وأفتى بالحرمة، عملا بالحديث " (1)
وقال الحازمي: ".. أما ما يحكى عن ابن عباس، فإنه كان يتأول في إباحته للمضطرين إليه بطول العزبة، وقلة اليسار والجدة، ثم توقف عنه وأمسك عن الفتوى به. ويوشك أن يكون سبب رجوعه عنه قول علي رضي الله عنه، وإنكاره عليه " (2).
ونقول:
إن ما ذكروه لا يمكن أن يصح وذلك لأمور كثيرة، ونذكر منها:

91
أولا: قد طعن الكثيرون في أحاديث رجوع ابن عباس، فقد قال ابن بطال: " روى أهل مكة واليمن عن ابن عباس إباحة المتعة.. وروي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة، وإجازة المتعة عنده أصح " (1)
وقال أبو عمر عما رووه من رجوع ابن عباس عن القول بتحليل المتعة: " وهي كلها آثار ضعيفة، لم ينقلها أحد يحتج به، والآثار عنه بإجازة المتعة أصح " (2)
بل لقد قال المقبلي: " لم يرو الرجوع عن جميع من أباحها، إنما روي عن ابن عباس، مع أن

92
الأظهر ثبوته عليها، وعدم رجوعه " (1)
ثانيا: إن العلماء لم يكترثوا بأحاديث رجوعه، فنسبوا إليه الفتوى بالإباحة بصورة قاطعة وجازمة، فقال عطاء: " ابن عباس يراها الآن حلالا " (2)
وجزم جماعة من الأئمة بتفرد ابن عباس بإباحتها (3)
وقال ابن قتيبة: " وله أقاويل في الفقه منبوذة، مرغوب عنها، كقوله في المتعة، وقوله في الصرف " (4)
وقال ابن كثير: " ومع هذا (أي مع أن عليا (عليه

93
السلام) نهاه عن القول بحلية المتعة) ما رجع ابن عباس عما كان يذهب إليه من إباحة الحمر، والمتعة، أما النهي عن الحمر، فتأوله بأنها كانت حمولتهم، وأما المتعة فإنما كان يبيحها عند الضرورة في الأسفار " (1)
ثالثا: قال كمال الدين محمد بن عبد الواحد: " ويدل على أنه لم يرجع ما في صحيح مسلم عن عروة بن الزبير (2)
هذا فضلا عما ورد في مسند أحمد والترمذي، والمصنف للصنعاني وغيره من الروايات عنه بالتحليل.
وبعد ما ذكرناه لا يبقى معنى لقول البعض:

94
إن روايات التحليل عنه لم ترد في الكتب المعتبرة.
رابعا: قد رويت مساجلته مع ابن الزبير في كثير من الكتب والمصادر وستأتي إن شاء الله مصادرها في فصل: النصوص والآثار.
وهي توضح عدم صحة قولهم: إنه قد رجع عن قوله بالتحليل حينما أخبره علي (عليه السلام) بالنسخ عام خيبر، لأن مساجلته مع أبناء الزبير قد كانت بعد وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) بحوالي ثلاثة عقود من الزمن.
وإن شئت قلت: إن رجوع ابن عباس إلى التحريم إن كان حين أخبره علي عليه السلام بتحريمها، فقد كان اللازم: أن يقول لابن الزبير: إني

95
قد رجعت عن فتواي هذه قبل حوالي ثلاثين سنة حين أخبرني علي (عليه السلام) بالنسخ.
وإن كان رجوعه في زمن ابن الزبير، فروايات رجوعه حين أخبره علي عليه السلام بالتحريم يوم خيبر تسقط عن الاعتبار..
خامسا: قولهم: إنه لما رأى عدم اقتصار الناس على موضع الضرورة أمسك عن فتياه، ورجع عنها.. معناه:
أن رجوعه كان اجتهادا منه، لا لأجل ظهور النسخ له.
سادسا: ما نسب إليه من أنه قال: إن آية الأزواج قد نسخت آية المتعة، قد تقدم أنه لا يصح، لا نقلا، ولا استدلالا، وكذا الحال بالنسبة لآية الميراث، والطلاق، والعدة وغير ذلك مما تقدم.
سابعا: قولهم: إنه إنما أحل المتعة في حالات

96
الضرورة وحسب، سيأتي بطلانه في فصل: تمحلات لا تجدي، وسنذكر هناك - - إن شاء الله - - وجوها عديدة تدل على عدم صحة هذا القول.
ونضيف هنا: أن هذا يعني: أن تشريع المتعة لم ينسخ كما يدعون. فهل القائلون: بالنسخ مستعدون للقبول بأنها حلال في حالات الضرورة والحاجة الشديدة؟!.
ثامنا: بالنسبة لما رواه سعيد بن جبير، من أن ابن عباس قد نهاه عن المتعة وكرهها نقول:
لو صح هذا النقل - - ولا نراه يصح بعد كل ما قدمناه وما سيأتي - - فلا بد أن يحمل على نهي الكراهة، كما ورد صريحا في النص المنقول.. لا على نهي التحريم.
هذا، مع العلم أن سعيد بن جبير نفسه كان يرى أن هذا الزواج أحل من شرب الماء. وقد مارسه

97
بنفسه حسبما تقدم في فصل: النصوص والآثار.
ملاحظة:
هناك تأويلات باردة، وتوجيهات واهية لقول ابن عباس: لولا نهي عمر عن المتعة ما زنى إلا شقي.. وإشكالات زائفة على ما جرى بينه وبين ابن الزبير يجدها القارئ - - إن شاء الله - - فيما يأتي من فصول.
الشيعة هم نسبوا الحلية إلى ابن عباس:
ومن غريب ما قرأناه في هذا المجال: أن البعض يريد أن يتهم الشيعة بأنهم هم وراء نسبة

98
القول بحلية زواج المتعة إلى ابن عباس (1)
ولكن قد بات واضحا من النصوص والمصادر التي قرأناها حول تفسير آية المتعة بكلمة (إلى أجل)، وكذا ما ذكرناه في فصل النصوص والآثار وفي سائر الفصول: أن ذلك ثابت ومقطوع به عنه وعن غيره من الصحابة من طرق غير الشيعة قبل أن يكون من طرق الشيعة.



(1) مجلة الهلال المصرية عدد 13 جمادى الأولى سنة 1397. أول مايو سنة 1977.
99
الفصل الثاني
روايات التشريع عند الشيعة

100
تجاهل العارف:
إن من غريب المفارقات في هذا الموضوع الذي نحن بصدده: أن نرى البعض يحاول أن يوهم: أنه لا توجد حتى عند الشيعة روايات عن أهل البيت (عليهم السلام) تدل على تحليل زواج المتعة، حيث نجده يقول:
" وتقول الشيعة: إن لديهم روايات عن آل البيت (ع)، قاطعة بإباحة المتعة، ولم نطلع على هذه

102
الروايات، وأسانيدها.. " (1)
ثم نسب التحريم إلى علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، هكذا على خلاف ما تواتر عنه، وعن أهل بيته الطاهرين.
ولا ندري لماذا لم يطلع على هذه الروايات وأسانيدها.. ونحن على يقين من أن هذا القائل لو اطلع - ونستبعد أن لا يكون مطلعا - - على أي كتاب حديثي، أو فقهي للشيعة، لرأى عشرات الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام)، ناطقة، وصريحة بتحليل هذا الزواج.
فليراجع مثلا كتاب وسائل الشيعة، أبواب نكاح المتعة، ومستدرك الوسائل ج 2، والبحار ج 100، والوافي والكافي، وأي كتاب حديثي آخر ليجد ما



(1) هو محمد رشيد رضا في كتاب المنار ج 5 ص 16.
103
شاء وأراد، وليراجع أيضا كتب أهل السنة، ومصادرهم، وهذا الكتاب حافل بجانب واف منها، ليجد كيف أنهم يذكرون قول علي (عليه السلام) حول: " لولا تحريم عمر للمتعة ما زنا إلا شقي، أو شفا "، وليراجع المصادر الكثيرة المتقدمة عن أهل السنة، حول: أن حلية المتعة، مذهب أكثر الصحابة والتابعين، وأهل البيت (عليهم السلام).
كما أننا لا نستطيع أن نرميه بجهل حقيقة أن الشيعة يأخذون أحكام الدين من كتاب الله سبحانه، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعن أهل بيته الطاهرين والمعصومين، وهم الأئمة الإثنا عشر الذين تحدثت عنهم الأحاديث الكثيرة في البخاري ومسلم وأبي داود، ومسند أحمد وغير ذلك مما لا يكاد يحصى. وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من

104
تمسك بهما، حسبما صرحت به الأحاديث الكثيرة الواردة بأسانيد صحيحة في كتب الحديث عند المسلمين كافة.
كما أننا لا يمكن أن نصدق أنه يجهل: أن أئمتنا (عليهم السلام) قد صرحوا بأنهم لا يأتون بشيء من عند أنفسهم بل حديث الإمام حديث أبيه وحديث أبيه حديث جده.. وهكذا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى لقد قال الشاعر:
روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
ووال أناسا قولهم وحديثهم
وإذا كنا لا نستطيع أن نصدق أنه يجهل ذلك كله، لأن تصديقنا ذلك لا يعدو كونه حسن ظن لا مبرر له، بعد أن كانت كتب الشيعة في متناول يد كل أحد، وكذلك سائر المصادر المشار إليها آنفا، ونسبة الجهل بذلك بالنسبة إليه تنطوي على إهانة فاضحة

105
لمكانته العلمية، نعم.. إذا كان الأمر كذلك فلا يسعنا إلا أن نقول:
" لأمر ما جدع قصير أنفه.. "
ونحن لأجل ذلك سوف نكتفي بإيراد نماذج مما ورد عن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، وقد اخترنا فقط ما يناهز الأربعين حديثا - - فقط - - بعضها صحيح السند.. على اعتبار أن ذلك وحده يكفي لإظهار: أن بعض الناس، إذا أعوزهم الدليل، فلا يتورعون عن التبرع، والقاء الكلام على عواهنه، مهما كان فاقدا لصفة التحقيق، والتثبت والموضوعية، والإنصاف، ومن ثم.. فاقدا للقيمة العلمية، لدى العلماء والباحثين، والمحققين.
فنقول:
روايات من طرق أهل البيت:

106
1 - - محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (ع) عن المتعة، فقال: نزلت في القرآن: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} (1)
2 - - وعن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: جاء عبد الله بن عمرة الليثي إلى أبي جعفر، فقال: ما تقول في متعة النساء: قال: أحلها في كتابه، وعلى لسان نبيه (ص)، فهي حلال إلى يوم القيامة.



(1) الوسائل، باب نكاح المتعة ج 21 ص 5، والاستبصار ج 3 ص 141، والتهذيب ج 7 ص 29، والكافي ج 5 ص 448، وعن نوادر احمد بن محمد بن عيسى ص 81.
107
فقال: يا أبا جعفر، مثلك يقول هذا، وقد حرمها عمر، ونهى عنها؟!.
فقال: وإن كان فعل؟!.
فقال: فإني أعيذك بالله من ذلك، أن تحل شيئا حرمه عمر!.
فقال له: أنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول الله (ص) فهلم ألاعنك: أن الحق ما قال رسول الله (ص)، وأن الباطل ما قال صاحبك.
فقال له عبد الله بن عمر: يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن، فأعرض عنه أبو جعفر، وعن مقالته، حين ذكر نساءه وبنات

108
عمه (1)
3 - - وقال المفيد: روى ابن بابويه بإسناده.. أن عليا (ع)، قد نكح في الكوفة، امرأة من بني نهشل، متعة (2)
4 - - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن الحسن رباط، عن حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله الصادق (ع) عن المتعة، فقال: عن أي المتعتين تسأل؟.
قال: سألتك عن متعة الحج، فأنبئني عن متعة



(1) راجع الوسائل، أبواب نكاح المتعة ج 21 ص 6، والكافي ج 5 ص 449، والبحار ج 100 ص 317، ومستدرك الوسائل ج 14 ص 449، والتهذيب ج 7 ص 25.
(1) الوسائل، أبواب المتعة ج 21 ص 10 عن رسالة المتعة للمفيد والمتعة للفكيكي ص 83 عن المفيد في رسالته، والبحار ج 100 ص 317 و 318 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 449.
109
النساء، أحق هي؟!.
قال: سبحان الله، أما تقرأ كتاب الله:} فما استمتعتم به منهن، فآتوهن أجورهن فريضة {؟!.
فقال أبو حنيفة: " والله، لكأنها آية لم أقرأها قط " (1)
5 - - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن المتعة، فقال: إلق عبد الملك بن جريج، فسله عنها، فإن عنده منها علما.
فلقيته، فأملى علي منها شيئا كثيرا، في استحلالها، فكان فيما روى لي ابن جريج..



(1) فروع الكافي ج 5 ص 449 و 450، والوسائل ج 21 ص 7.
110
إلى أن قال: فأتيت بالكتاب أبا عبد الله (ع)، فعرضت عليه، فقال: صدق، وأقر به الخ.. (1)
6 - - عن علي بن أسباط عن علي بن عزاقر، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن التمتع بالأبكار؟ قال: هل جعل ذلك إلا لهن، فليستترن وليستعففن (2)
7 - - عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن الرضا (عليه السلام) قال: البكر لا



(1) فروع الكافي ج 5 ص 451، والوسائل ج 21 ص 19 و 20 والبحار ج 100 ص 317 ط بيروت ومستدرك الوسائل ج 14 ص 465 و 453.
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 33 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 297.
111
تتزوج متعة إلا بإذن أبيها (1)
8 - - علي بن إبراهيم في تفسيره، عن احمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن مالك بن عبد الله بن اسلم، عن أبيه، عن رجل، عن أبي عبد الله (ع)، في قول الله عز وجل:} ما يفتح الله للناس من رحمة، فلا ممسك لها}، قال: والمتعة من ذلك (2)
9 - - وبأسانيد كثيرة إلى أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سألت أبا عبد الله (ع): هل نسخ آية المتعة شيء؟.
قال: لا، ولولا نهي عمر عنها ما زنى إلا



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 33 وقرب الإسناد ص 361 - 362 ط مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث سنة 1413 ه‍ بيروت وفي هامشه عن المجلسي في البحار ج 103 ص 313.
(1) تفسير القمي ج 2 ص 207 ووسائل الشيعة ج 21 ص 9 ط مؤسسة آل البيت وبحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 298. الوسائل ج 21 ص 11.
112
شقي (1)
10 - - عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن سليمان، قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: كان علي (ع) يقول: لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى إلا شقي (2)
11 - - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس عن الحسين (الحسن) بن زيد، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: " تحل الفروج بثلاث: نكاح الميراث، ونكاح بلا ميراث، ونكاح



(1) الوسائل ج 21 ص 440، وفي هامشه عن رسالة المتعة للمفيد..
(1) الوسائل ج 21 ص 5، والكافي ج 5 ص 448، والتهذيب ج 7 ص 250، والاستبصار ج 3 ص 141.
113
بملك يمين " (1)
12 - - وعن الإمام الرضا عليه السلام: أحل رسول الله (ص) المتعة ولم يحرمها حتى قبض (2)
13 - - وقال الشيخ المفيد في (رسالة المتعة): " روى الفضل الشيباني بإسناده إلى الباقر عليه السلام: أن عبد الله بن عطاء المكي سأله عن قوله تعالى: " وإذ أسر النبي " الآية..؟ فقال: إن رسول الله (ص) تزوج بالحرة متعة، فاطلع عليه بعض نسائه، فاتهمته بالفاحشة.. فقال: إنه لي



(1) الوسائل ج 21 ص 85 و 86 و 87، والكافي ج 5 ص 364، والفقيه ج 3 ص 382 و 297 و 241 والخصال ج 1 ص 119، والتهذيب ج 7 ص 240 و 241 وللحديث نصوص ومصادر أخرى فراجع الوسائل وهامشه، والبحار ط بيروت ج 100 ص 298 و 299 عن الخصال ج 1 ص 75 وعن تحف العقول ص 355.
(1) وسائل الشيعة ط مؤسسة أهل البيت ج 21 ص 8، ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292.
114
حلال، إنه نكاح بأجل فاكتميه، فأطلعت عليه بعض نسائه (1)
14 - - قال الصدوق: وقال الصادق (عليه السلام): إني لأكره للرجل أن يموت، وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (ص) لم يأتها.
فقلت: فهل تمتع رسول الله (ص)؟.
قال: نعم، وقرأ هذه الآية: " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا.. إلى قوله: ثيبات وأبكارا " (2)
15 - - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام - - في حديث - - قال: وله أن يتمتع إن شاء وله امرأة، وإن



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 10 ط مؤسسة آل البيت.
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 13 ط مؤسسة آل البيت. ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 297 والآية في سورة التحريم 3 - 5 وتفسير نور الثقلين ج 5 ص 369 والبرهان في تفسير القرآن ج 4 ص 353.
115
كان مقيما معها في مصره (1)
16 - - عن عمار الساباطي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد: قد حرمت عليكما المتعة من قبلي ما دمتما بالمدينة، لأنكما تكثران الدخول علي، وأخاف أن تؤخذا، فيقال: هؤلاء أصحاب جعفر (2)
ومثله عن الإمام الصادق (ع) أنه قال ذلك لإسماعيل الجعفي ولعمار الساباطي. وفي نص آخر أنه قال ذلك لأصحابه (3)
17 - - عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 23 ط مؤسسة آل البيت ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 296 ونوادر احمد بن محمد بن عيسى ص 83.
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 23 ط مؤسسة آل البيت. والكافي ج 5 ص 467 والبحار ط بيروت.
(1) بحار الأنوار ج 100 ص 311 ومستدرك وسائل الشيعة ج 14 ص 456.
116
(ع) في حديث في المتعة، قال: قلت: أرأيت إن حبلت؟!.
فقال: هو ولده (1)
18 - - عن ابن بزيع، قال: سأل رجل الرضا (ع) وأنا أسمع: عن الرجل يتزوج المرأة متعة، ويشترط عليها: أن لا يطلب ولدها، فتأتي بعد ذلك بولد، فينكر الولد.
فشدد في ذلك، وقال: يجحد!! إعظاما لذلك.
قال الرجل: فإن اتهمها؟!
قال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا مأمونة.. وفي نص آخر: لا ينبغي لك إلا أن تتزوج مؤمنة أو



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 69 ط مؤسسة آل البيت (ع) والتهذيب ج 7 ص 264 و 269 والاستبصار ج 3 ص 149 و 152.
117
مسلمة (1)
19 - - وروي: لا تمتع بلصة، ولا مشهورة بالفجور، وادع المرأة قبل المتعة إلى ما لا يحل، فإن أجابت فلا تمتع بها (2)
20 - - عن الإمام الصادق عليه السلام في الأمة: يتمتع بها بإذن أهلها (3)
21 - - محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 69 ط مؤسسة آل البيت والتهذيب ج 7 ص 269 والاستبصار ج 3 ص 153 و 152 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292 والكافي ج 5 ص 454 و 464 والبحار ج 100 ص 318 ط بيروت.
(1) مستدرك الوسائل ج 14 ص 458 وفقه الرضا ص 323 و 233 ط مؤسسة آل البيت والبحار ج 100 ص 300 ط بيروت.
(1) بحار الأنوار ج 100 ص 313 وراجع قرب الاسناد ط مؤسسة آل البيت (ع) ص 364.
118
الحسن عليه السلام: هل يجوز للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها وله امرأة حرة، قال: نعم، إذا رضيت الحرة الخ.. (1)
22 - - عن الحارث بن المغيرة: أنه سأل الإمام الصادق عليه السلام: هل يجزي في المتعة رجل وامرأتان؟! قال: نعم، ويجزئه رجل واحد. وإنما كان ذلك لمكان البراءة. ولئلا تقول في نفسها: هو فجور (2)
23 - - عن أبي عبد الله (ع): فإن اشترطا في الميراث فهما على شرطهما (3)



(1) بحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 319 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 472 - 473.
(1) مستدرك الوسائل ج 14 ص 469 عن الشيخ المفيد في رسالة المتعة وبحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 308.
(1) مستدرك الوسائل ج 14 ص 470 وكتاب عاصم الحناط ص 31.
119
24 - - عن سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: رجل (إلى أن قال): إنك لا تدخل فرجك في فرجي، وتلذذ بما شئت.
قال: ليس له منها إلا ما شرط (1)
25 - - عن عيسى بن يزيد قال: كتبت إلى أبي جعفر في رجل تكون في منزله امرأة تخدمه، فيكره النظر إليها، فيتمتع بها، والشرط أن لا يغتصبها؟.
فكتب: لا بأس بالشرط إذا كانت متعة (2)
26 - - علي، (3) عن أخيه (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل، هل يصلح له أن يتزوج المرأة



(1) بحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 310 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 472 و 473.
(1) بحار الأنوار ج 100 ص 310.
(1) أي: علي بن جعفر.
120
متعة بغير بينة؟
قال: إذا كانا مسلمين مأمونين فلا بأس (1)
27 - - كان جعفر عليه السلام يقول: نكاح بميراث، ونكاح بغير ميراث. إن اشترطت الميراث كان، وإن لم تشترط لم يكن (2)
28 - - عن عمر بن حنظلة: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شروط المتعة، فقال: يشارطها على ما يشاء من العطية وشرط الولد، إن أراد (3)
29 - - عن الإمام الرضا (عليه السلام)، قال:



(1) قرب الإسناد ص 251 ط مؤسسة آل البيت وبحار الأنوار ج 100 ص 312.
(1) قرب الإسناد ص 362 ط مؤسسة آل البيت وبحار الأنوار ج 100 ص 313.
(1) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 70 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 270 والاستبصار ج 3 ص 153 و ونوادر احمد بن محمد بن عيسى ص 65 والبحار ط بيروت ج 100 ص 317.
121
المتعة لا تحل إلا لمن عرفها، وهي حرام على من جهلها (1)
30 - - عن محمد بن الحسن بن شمون، قال: كتب أبو الحسن عليه السلام إلى بعض مواليه: لا تلحوا على المتعة إنما عليكم إقامة السنة، فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن، ويتبرين، ويدعين على الآمر بذلك، ويلعنونا " (2)
31 - - عن أبي مريم، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه سئل عن المتعة فقال: إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم، إنهن كن يومئذ يؤمن،



(1) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 80 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 459 طبعة جامعة المدرسين - قم.
(1) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 23 والكافي ج 5 ص 453 وبحار الأنوار ج 100 ص 310 ط بيروت ومستدرك الوسائل ج 14 ص 455.
122
واليوم لا يؤمن، فاسألوا عنهن (1)
32 - - عن أبي سارة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عنها (يعني المتعة) فقال لي: حلال، فلا تتزوج إلا عفيفة، إن الله عز وجل يقول: {والذين هم لفروجهم حافظون} (2) فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك (3)
33 - - عن الرضا (ع) - - في حديث - - قال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمأمونة أو مسلمة (4)



(1) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 23 و 24، والكافي ج 5 ص 453 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 251 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292.
(1) سورة المؤمنين، الآية رقم 5
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 24 ط مؤسسة آل البيت والكافي ج 5 ص 453 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 252، والاستبصار ج 3 ص 142.
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 25 و 24 و 27 ط مؤسسة آل البيت، والكافي ص 454، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص 66 و 87، ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292، والتهذيب ج 7 ص 269، والاستبصار ج 3 ص 153 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 457 و 471.
123
34 - - علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (ع)، قال: سألته عن المرأة ولا يدري ما حالها، أيتزوجها الرجل متعة؟!.
قال: يتعرض لها، فإن أجابته إلى الفجور فلا يفعل (1)
35 - - عن الحسن التفليسي قال: سألت الرضا (ع): أيتمتع من اليهودية والنصرانية؟!.
فقال: يتمتع من الحرة المؤمنة أحب إلي، وهي



(1) الكافي ج 5 ص 454 ووسائل الشيعة ج 21 ص 27 ط مؤسسة آل البيت.
124
أعظم حرمة منها (1)
36 - - عن محمد بن الفيض، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن المتعة، قال: نعم، إذا كانت عارفة - - إلى أن قال -: وإياكم والكواشف، والدواعي، والبغايا، وذوات الأزواج.
قلت: ما الكواشف؟.
قال: اللواتي يكاشفن وبيوتهن معلومة ويؤتين.
قلت: فالدواعي؟
قال: اللواتي يدعون إلى أنفسهن، وقد عرفن بالفساد.
قلت: فالبغايا؟



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 26 ط مؤسسة آل البيت، والتهذيب ج 7 ص 256 والاستبصار ج 3 ص 145 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 293.
125
قال: المعروفات بالزنا.
قلت: فذوات الأزواج؟.
قال: المطلقات على غير السنة (1)
37 - - عن أبي الحسن (عليه السلام) في المرأة الحسناء الفاجرة، هل يجوز للرجل أن يتمتع بها يوما أو أكثر؟.
قال: إذا كانت مشهورة بالزنا فلا يتمتع بها ولا



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 28 ط مؤسسة آل البيت، والكافي ج 5 ص 454 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 252 والاستبصار ج 3 ص 143 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292 ومعاني الأخبار ص 225 والبحار ج 100 ص 312.
126
ينكحها (1)
38 - - وفي آخر يقول: " وأما المتعة فإن رسول الله (ص) أحلها ولم يحرمها حتى قبض، فإذا أراد الرجل أن يتمتع بامرأة، فلتكن دينة مأمونة، فإنه لا يجوز التمتع بزانية، أو غير مأمونة الخ.. " (2)
39 - - عن أبي سعيد القماط، عمن رواه، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام جارية بكر بين أبويها، تدعوني إلى نفسها سرا من أبويها، فأفعل ذلك؟
قال: نعم، واتق موضع الفرج.
قال: قلت: فإن رضيت بذلك.



(1) البحار ط بيروت ج 100 ص 309 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 457 وراجع ص 458 ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص 71.
(1) بحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 320.
127
قال: وإن رضيت، فإنه عار على الأبكار (1)
40 - - وفي رواية مطولة يذكر المفضل فيها أن الإمام الصادق (عليه السلام) ذكر شرائط المتعة، فسأله الفضل عنها، فقال:
يا مولاي، فما شرائطها؟ قال: يا مفضل، سبعون شرطا، من خالف منها شرطا واحدا ظلم نفسه.
قال: فقلت: يا سيدي، فأعرض عليك ما علمته منكم فيها - - إلى أن قال - - فقل: " يا مفضل ".
قال: يا مولاي قد أمرتمونا: أن لا نتمتع ببغية، ولا مشهورة بفساد، ولا مجنونة، وأن ندعو المتمتع بها إلى الفاحشة، فإن أجابت فقد حرم الاستمتاع بها، وأن نسأل أفارغة هي أم مشغولة ببعل، أم بحمل، أم



(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 33 ط مؤسسة آل البيت وتهذيب الأحكام ج 7 ص 254.
128
بعدة؟ فإن شغلت بواحدة من الثلاث، فلا تحل له، وإن خلت فيقول لها: متعيني نفسك على كتاب الله وسنة نبيه (ص)، نكاحا غير سفاح، أجلا معلوما بأجرة معلومة، وهي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو شهران أو سنة، أو ما دون ذلك، أو أكثر.
والأجرة ما تراضيا عليه، من حلقة خاتم، أو شسع نعل، أو شق تمرة، إلى فوق ذلك من الدراهم، أو عرض ترضى به، فإن وهبت حل له كالصداق الموهوب من النساء المتزوجات، الذين قال الله تعالى فيهن:} فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا {(1)
ورجع القول إلى تمام الخطبة، ثم يقول لها: على أن لا ترثيني ولا أرثك، وعلى أن الماء لي



(1) سورة النساء / الآية رقم 4.
129
أضعه منك حيث أشاء، وعليك الاستبراء خمسة وأربعين يوما، أو محيضا واحدا ما كان من عدد الأيام.
فإذا قالت: نعم، أعدت القول ثانية وعقدت النكاح به، فإن أحببت وأحبت هي الاستزادة في الأجل زدتما.
وفيه ما رويناه عنكم من قولكم: " لئن أخرجنا فرجا من حرام إلى حلال، أحب إلينا من تركه على الحرام " ومن قولكم: " فإذا كانت تعقل قولها، فعليها ما تقول من الإخبار عن نفسها، ولا جناح عليك، وقول أمير المؤمنين (ع): فلولاه ما زنى إلا شقي أو شقية، لأنه كان للمسلمين غناء في المتعة عن الزنى ".
وروينا عنكم أنكم قلتم: " إن الفرق بين الزوجة والمتمتع بها أن المتمتع له أن يعزل عن المتعة، وليس للزوج أن يعزل عن الزوجة، لأن الله تعالى يقول: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه

130
وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها، ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد {(1)
وأتى في كتاب الكفارات عنكم: " أنه من عزل نطفة عن رحم مزوجة فدية النطفة عشرة دنانير كفارة، وأن من شرط المتعة أن الماء له يضعه حيث يشاء من المتمتع بها، فإن وضعه في الرحم فخلق منه ولد كان لاحقا بأبيه ".
إلى أن تقول الرواية:
قال المفضل: " يا مولاي.. وذكر قصة عبد الله بن العباس مع عبد الله بن الزبير، وساق إلى قوله لابن الزبير، وأنت أول مولود ولد في الإسلام من متعة، وقال النبي (ص): " ولد المتعة حرام ".



(1) سورة البقرة / الآية 204 و 205.
131
فقال الصادق: " والله يا مفضل، لقد صدق في قوله لعبد الله بن الزبير ".
قال المفضل: قلت: يا مولاي، وقد روى بعض شيعتكم أنكم قلتم،: " إن حدود المتعة أشهر من دابة البيطار "، وأنكم قلتم لأهل المدينة: " هبوا لنا التمتع في المدينة، وتمتعوا حيث شئتم، لأنا خفنا عليهم من شيعة ابن الخطاب أن يضربوا جنوبهم بالسياط ".
ختام:
تلك كانت طائفة من الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) حول تشريع زواج المتعة، واستمرار هذا التشريع وهي أربعون رواية، وما هي إلا غيض من فيض مما ورد في كتب الحديث والفقه، فراجع:
الوسائل، أبواب النكاح، ومستدرك الوسائل،

132
والبحار ج 103، ط إيران، والوافي والكافي، وغيرها من المجاميع الفقهية والحديثية..
أهل البيت (ع) يحرمون المتعة:
وقد ذكر بعضهم روايات اعتقد هو أنها تفيد النهي عن المتعة وتحريمها من قبل أئمة أهل البيت (عليهم السلام). وقال: إنها مروية في كتب الشيعة الإمامية وهي:
ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في المتعة: ما يفعله عندنا إلا الفواجر (1)
وسأل ابن سنان الإمام الصادق (عليه السلام) عن المتعة، فقال: لا تدنس بها نفسك (2)



(1) السرائر ص 483 وعن البحار ج 100 ص 318 وعن الوسائل ج 14 ص 456.
(1) عن الوسائل ج 14 ص 450.
133
وعن المفضل: أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال في المتعة: دعوها، أما يستحي أحدكم أن يرى في موضع العورة، فيحمل ذلك على صالحي اخوانه وأصحابه؟! (1)
وسأل علي بن يقطين الإمام الكاظم (عليه السلام) عنها فقال: ما أنت وذاك قد أغناك الله عنها (2)
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لعمار ولسليمان بن خالد: قد حرمت عليكما المتعة (3)
وعن ابن شمون أن أبا الحسن (عليه السلام) كتب إلى بعض مواليه: لا تلحوا علي في المتعة، إنما عليكم إقامة السنة، فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن، ويتبرين منا، ويدعين على الآمرين بذلك



(1) الكافي ج 5 ص 453 والبحار ج 100 ص 103 و 311 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 455 وعن الوسائل ج 14 ص 450.
(1) عن الوسائل ج 14 ص 449.
(1) راجع الوسائل.
134
ويلعنونا (1)
ولا مجال لحمل هذه الروايات على التقية، فقد قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): " ثلاث لا أتقي فيهن أحدا: متعة الحج، ومتعة النساء، والمسح على الخفين " (2)
ونقول:
إن الاستدلال بذلك كله لا يصح، وذلك لما يلي:
1 - - بالنسبة للرواية الأخيرة: ثلاث لا أتقي فيهن أحدا: متعة الحج، ومتعة النساء الخ.. نقول:
المراد: أنه لا يتقي في الإعلان بحلية ذلك، وجوازه

135
وتشريعه. لا أنه يتقي في المنع منه، وذلك بقرينة جعله إلى جانب المسح على الخفين ومتعة الحج. الذي هو جائز ومشرع.
ويشبه هذا موقفهم (عليهم السلام) من أمر الإمامة، فلم يكونوا يتقون أحدا في بيان أنهم هم الأحق بها، وأن غيرهم غاصب لهم وظالم.
ولكنهم كانوا يتقون في مسألة التدبير لإسقاط الحاكم، وجمع الناس والأموال للخروج عليه..
2 - - إن رواية ابن شمون إنما تدل على حلية المتعة، وأنه إنما ينهى بعض مواليه عن الالحاح فيها والإكثار منها إلى درجة أنها تشغلهم عن نسائهم بحيث يخلق ذلك لهن عقدة تؤدي بهن إلى الخروج عن دائرة

136
العدل والاتزان..
بل هو قد أمرهم بالاكتفاء من المتعة بإقامة السنة، وحفظ التشريع وعدم إبطاله بالإهمال له، والتحاشي عنه. وهذا ضد ما يريد المستدل إثباته.
3 - - إن تحريم المتعة على عمار، وسليمان بن خالد ليس لأجل حرمتها في ذاتها بل هو من موقع ولايته وحكومته عليهما، من حيث هو إمام وحاكم. ولأجل ذلك نسب فيها التحريم إلى نفسه، فقال: حرمت ولم يذكره على أنه حكم الله الثابت لموضوعه..
ولعله تحريم لسبب خاص اقتضى منع هذين الرجلين من ممارسة ما هو حلال لهما. وقد يكون هو انشغالها بها عن زوجاتهما. وقد يكون اتقاء للشنعة بهذا الأمر عليه (عليه السلام) وعلى شيعته، وإلحاق الأذى الاجتماعي وغيره بهم، كما هو حاصل في كل زمان، من قبل محرمي المتعة الذين يعتبرونها من قبيل الزنا.

137
4 - - بل، إن تقرير الفقهاء القائلين بتحريم زواج المتعة التعزير لفاعلها، واعتبارها زنا، لا بد من محاربته. ثم تشدد السلطة في المنع من ذلك، وأخذ فاعليه والتنكيل والتشهير بهم. - إن ذلك - يؤكد على لزوم ممارسة التقية في فعل المتعة. وإن كانوا يجهرون بحليتها، ويصرون على تشريعها في مناقشاتهم العلمية مع مخالفيهم..
5 - - أما بالنسبة لرواية ابن يقطين، فهي أيضا لا تدل على التحريم بل تدل على أن عليه أن لا يمارسها ما دام أنه ليس بحاجة إليها.. ولو أنه كان بحاجة إليها لأمكنه ممارستها، لأنها حلال.. لا سيما وان ابن يقطين كان وزيرا للرشيد، وكان يحتاج إلى المداراة في بعض الأمور، التي قد تسبب له مشكلة مع الرشيد في موقعه الذي هو فيه..
وكلنا جميعا نعرف قصة أمر الإمام (عليه السلام)

138
له بالوضوء وفق مذهب أهل السنة، حيث وشي به للرشيد أنه يعتقد بإمامة الكاظم (عليه السلام). فأراد الرشيد أن يستعلم حقيقة الأمر من خلال تجسسه عليه وهو يتوضأ، فرآه من خلف الستار يتوضأ وضوء أهل السنة، فكذب الوشاة، وتأكدت منزلة علي بن يقطين عنده (1)
6 - - أما رواية المفضل، ورواية ابن سنان - - لو صحتا - - فإنهما تشيران إلى أن هذا الأمر قد أصبح أمرا منبوذا، يشنعون به على فاعله، ويعيرونه به. ولعل ذلك بسبب الحملة الاعلامية المعادية من قبل القائلين بالتحريم الذين يعتبرونها من الزنا والفجور.
هذا.. ولا ندري لماذا نظر إلى خصوص هذه الروايات النادرة ولم ينظر إلى العشرات الأخرى التي

139
تقرر خلاف ما يسعى إلى تقريره وإثباته.
7 - - وأما رواية: ما يفعله عندنا إلا الفواجر. فإنها لا تدل على التحريم، بل تدل على انصراف الناس عن ممارسة هذا الأمر، وأن جماعة خاصة هي التي تستعمله، ولعل ذلك يعود لأسباب غير سليمة ولا شريفة.
ومن المعلوم أن سوء الاستفادة من التشريع لا تعني لزوم رفع اليد عنه، وإلا للزم رفع اليد عن وجوب الصلاة فضلا عما سواها حين يساء الاستفادة منها، وتستخدم وسيلة لخداع الناس.
الفهم المعكوس:
ويقول بعض من ذهب إلى تحريم زواج المتعة:
إن روايات أئمتهم تقول وتؤكد أن الله تعالى هو الذي حرم المتعة وليس عمر. وذلك حسب رواياتهم

140
الصادرة كما يزعمون عن أهل البيت، فإن أهل البيت أدرى بما فيه كما يزعمون، ونحن نلزمهم بروايات أهل البيت (عليهم السلام)!!
فروى صدوقهم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال: إن الله تبارك وتعالى حرم على شيعتنا المسكر من كل شراب وعوضهم من ذلك المتعة..
وروى ثقتهم الكليني في الروضة عن محمد بن مسلم، قال: عن أبي جعفر (ع) في حديث قال: إن الله رأف بكم فجعل المتعة عوضا لكم من الأشربة (1)
وروى صدوقهم: قيل لأبي عبد الله: لم جعل في الزنا أربعة من الشهود وفي القتل شاهدين؟ قال: إن الله أحل لكم المتعة وعلم أنها ستنكر عليكم فجعل الشهود

141
أربعة احتياطا عليكم (1)
وروى أيضا: قال الصادق (عليه السلام): " ليس منا من لم يؤمن بكرتنا، ويستحل متعتنا " (2)
ونقول:
إننا لم نقرأ أغرب ولا أعجب من هذا.. فكيف أصبح دليل الحلية دليلا على الحرمة، فإن مراده (عليه السلام) في الرواية الأولى هو: أن الله قد جعل المتعة لهم حلالا عوضا عن الخمر التي حرمها عليهم.
وكذلك الحال في الحديث الثاني..
والحديث الرابع صريح بحلية المتعة أيضا.
وكذا الحديث الثالث فإنه صريح بأن الله قد حلل

142
المتعة، وأن ثمة من ينكر حليتها على المعتقدين بهذه الحلية.. ولولا أن الله ألزم بأربعة شهود في ثبوت الزنا، لكان المجرمون الحاقدون يجعلون ذلك ذريعة للتنكيل بالمؤمنين، حيث يتهمون القائلين بالتحليل بأنهم يرتكبون الزنا، ويحكمون عليهم بالرجم فيها.. أو الجلد..
ولا نرى أية غضاضة إذا قلنا هنا: {إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي هي في الصدور}.

143
الفصل الثالث
النصوص والآثار
في
مصادر أهل السنة.

145
روايات التحريم دليل على التحليل:
وبعد.. فإن جميع النصوص التي تدعي نسخ تشريع زواج المتعة، فهي إنما تقرر أولا تشريعه، ثم تدعي نسخ هذا التشريع، وقد تقدم: أن دعوى النسخ لا يمكن أن تصح، فيبقى أصل التشريع ثابتا كما كان..
النصوص الصريحة:
ونحن نقدم في هذا الفصل طائفة كبيرة من النصوص والآثار الدالة على بقاء حلية الزواج المؤقت " المتعة " وقد أوردها أهل السنة المصرون على التحريم، في مختلف الكتب المعتبرة عندهم..
وهي بمجموعها تفوق حد التواتر إن لم نقل: إن

147
بعض آحادها كذلك أيضا. بل ليس من المجازفة القول: إنها لا تشكل تواترا واحدا وحسب، وإنما هي تواترات يشد بعضها أزر بعض..
هذا بالإضافة إلى أن عشرات منها قد وردت بطرق صحيحة ومعتبرة، وقسم منها ورد في كتب الصحاح بالذات..
ولا ندعي: أننا استقصينا جميع الروايات والنصوص الدالة على ذلك.. فإن ذلك يحتاج إلى توفر تام، وجهد كبير، لسنا قادرين على توفيرهما في الوقت الحاضر، وإنما نقول: هذا ما تيسر لنا، نقدمه إلى القارئ الكريم، على أمل أن يجد فيه ما يشفي الغليل، ويبل الصدى..
وقبل إيراد ما نريد إيراده نود التذكير بالحقيقة التالية:

148
قاعدة الإلزام:
إن البحث فيما تثبته الروايات أو تنفيه يتوقف على تحديد ضوابط الأخذ بالروايات أو المصادر، وما هو المعتمد منها وغير المعتمد، والمقبول، وغير المقبول، فلا بد من حسم وذلك بالإقرار بأن ما يروى عن طريق غير أهل البيت (عليهم السلام) معتمد ومقبول، ويصح الإحتجاج به على الذين لا يعتقدون بصحة تلك الروايات، وفقا لما ثبت عندهم من أن الحديث المقبول، إنما هو ما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهل بيته (عليهم السلام)، بالطرق المرضية، ووفقا لأصول التوثيق المعتمدة عندهم، والتي منها عرض الحديث على القرآن، وعدم القبول بسنة أحد من الصحابة إلا بسنة رسول الله (ص)، وغير ذلك مما هو معروف.
هذا بالإضافة إلى أن لا يكون من المتحاملين

149
على أهل البيت (عليهم السلام) جاهدا في إطفاء نور الله فيهم..
أما ما يرويه من لا يلتزمون خطهم، ولا يأخذون عنهم، ومن له مواقف سلبية منهم، فلا بد من دراسته بحذر وبموضوعية، وبأناة، لتمييز الزائف منه عن غيره..
وعلى هذا الأساس، فلا يصح الإحتجاج بروايات البخاري ومسلم وغيرهما من كتب يراها السنة صحاحا على من لا يرى لها هذه الدرجة من الصحة.
وإذا رأينا أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يستدلون على أهل السنة بتلك الصحاح، فإنما ذلك على قاعدة الإلزام: " ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم " مع التأكيد أن الموضوعية تقضي بأنه ليس لأهل السنة أن يحتجوا على أتباع أهل البيت (عليهم السلام) بتلك الصحاح لا من باب الإلزام، ولا من أي

150
باب آخر، إلا إذا قبل الطرف الآخر بصحة بعض منها، فيلزمونهم بما يعترفون بصحته دون سواه.
وعلى هذا الأساس فإننا إذا احتججنا على أهل السنة بما في البخاري ومسلم، فلا يصح احتجاج أهل السنة بها علينا ما دمنا لا نعتقد فيها ما يعتقده فيها أهل السنة.
أما إذا أراد البعض أن لا يلتزم حتى بما هو مروي وثابت عنده فتلك هي المهزلة الحقيقية، ومجانبة الحق، والابتعاد عن الموضوعية، ورفض السير على جادة الصواب والإنصاف..
تذكير لا بد منه:
1 - - يلاحظ القارئ الكريم لهذا الفصل: أننا قد أوردنا فيه ما يناهز المئة وعشر روايات، مروية عن اعداد وفيرة من الصحابة والتابعين.

151
2 - - سوف نجد: أن محاولات توجيه بعض الرويات وتأويلها قد فشلت، ولم تجد نفعا، وحتى لو صح ذلك في بعضها.. فإن الكثرة الساحقة لسوف تبقى غير قابلة للتوجيه ولا للتأويل.
3 - - أننا قد أوردنا لبعضهم نصوصا عديدة، كما هو الحال بالنسبة للروايات عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
والسبب في ذلك.. هو أن اختلاف النص، ووجود زيادات فيه، يشير إلى أن جابرا قد تحدث عن هذا الأمر أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة.. فكان يوجز تارة ويفصل أخرى.. ويتحدث عن قضية هنا، ثم يتحدث عن قضية غيرها هناك.. فلأجل ذلك وجدنا أنفسنا ملزمين بإيراد القضيتين، وذكر الروايتين على حد سواء.

152
النصوص والآثار:
هذه طائفة من النصوص التي وردت في المصادر المعتبرة لدى كل القائلين بالتحريم، وسوف نقتصر على المصادر التي تهيأ لنا الاطلاع عليها في هذه العجالة، فنقول:
إن المروي عن جابر بن عبد الله، قد اختلفت أسانيده ونصوصه، ونبدأ بهذه النصوص بالذات، فنقول:
1 - - حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا إسحق، حدثنا عبد الملك عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: " كنا نتمتع على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم، حتى نهانا عمر رضي الله

153
عنه أخيرا - - يعني النساء. " (1)
ورواه سعيد، عن هشيم عن عبد الملك، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: " كانوا يتمتعون في النساء حتى نهى عمر " (2) سنده صحيح.
2 - - حدثني محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: " قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا نستمتع بالقبضة من التمر، والدقيق، الأيام على عهد رسول الله (ص)، وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث ".
زاد أحمد: " وكنا نعتد من المستمتع بهن



(1) مسند أحمد ج 3 ص 304، وراجع الوسائل ج 14 ص 441، وفي هامشه عن رسالة المتعة للمفيد باختلاف يسير، وهي مروية عن أبي نضرة عن جابر.
(1) سنن سعيد بن منصور ج 1 ص 218، وكنز العمال ج 6 ص 20 عن الطبري.
154
بحيضة " (1) سنده صحيح.
3 - - حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن عبد السلام، قال: حدثنا محمد بن بشار قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار. قال: أخبرني من



(1) صحيح مسلم مشكول سنة 1234 ج 4 ص 131، والمنتقى ج 2 هامش ص 519، وتحريم نكاح المتعة ص 104 و 105، ونصب الراية ج 3 ص 181، والمصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 500، ومسند أحمد ج 1 ص 52 وج 6 ص 405، وكنز العمال ج 22 ص 96 ط الهند وج 16 ص 522 ط مؤسسة الرسالة وسنن البيهقي ج 7 ص 237 و 238، باب ما يجوز أن يكون مهرا، وتهذيب التهذيب ج 10 ص 371 ترجمة موسى بن مسلم، والطرائف لابن طاووس ص 458 عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين والجواهر ج 3 ص 145، ودلائل الصدق ج 3 ص 99، وفتح الباري ج 9 ص 149، وتيسير الوصول ط الهند ج 2 ص 329، وزاد المعاد ج 2 ص 184، والإيضاح ص 435، والغدير ج 6 ص 205 عن بعض من تقدم، وجامع الأصول لابن الأثير ج 12 ص 135، والمسند الجامع ج 4 ص 100، والتمهيد ج 9 ص 112، ونفحات اللاهوت ص 100 عن الجمع بين الصحيحين، ونيل الأوطار ج 6 ص 274.
155
سمع جابر بن عبد الله يقول: " تمتعنا إلى النصف من خلافة عمر يعني متعة النساء " (1)
4 - - عن جابر، وأبو سعيد الخدري: " تمتعنا إلى نصف خلافة عمر (رض) حتى نهى عمر الناس في شأن عمرو بن حريث " (2)
5 - - عبد الله عن أبيه، عن عبد الصمد، عن حماد، عن عاصم، عن أبي نضرة، عن جابر: " متعتان كانتا على عهد النبي (ص): فنهانا عنهما عمر، فانتهينا " (3)
6 - - عبد الله، حدثني أبي، حدثنا يونس، حدثنا حماد - - يعني ابن سلمة - - عن علي بن زيد، عن عاصم الأحول، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد



(1) التمهيد ج 9 ص 112.
(1) عمدة القاري ج 17 ص 346.
(1) مسند أحمد ج 3 ص 325
156
الله، قال: " تمتعنا متعتين على عهد النبي (ص): الحج والنساء، فنهانا عمر عنهما، فانتهينا " (1)
ورواه عبد الله قال: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد، أنبأنا علي بن زيد وعاصم الأحول، عن أبي نضرة عن جابر.
ورواه عبد الله عن أبيه عبد الصمد، عن حماد عن عاصم، بسند صحيح عن عاصم. سنده صحيح.
7 - - وعن أبي نضرة، عن جابر، أنه سئل عن المتعة، فقال: " فعلناها مع رسول الله (ص) " (2)
أي فهو يستدل لحليتها بأنهم فعلوها مع رسول



(1) مسند أحمد ج 3 ص 356 و 363، والغدير ج 6 ص 210، وكنز العمال ج 22 ص 94 و 93 ط الهند وج 16 ص 520 ط مؤسسة الرسالة عن الطبري، والسيوطي عن الطبري أيضا..
(1) فتح الباري ج 9 ص 149 عن مسلم، وأوجز المسالك ج 9 ص 404.
157
الله (ص).
8 - - عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: " استمتعنا أصحاب النبي (ص)، حتى نهى عمر في شأن عمرو بن حريث.
قال: وقال جابر: إذا انقضى الأجل، فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهرا آخر.
قال: وسأله بعضنا: كم تعتد؟
قال: حيضة واحدة كي تعتدونها للمستمتع منهم " (1) سنده صحيح.
9 - - قال ابن شبة: حدثنا أيوب عن محمد الرقي



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 499، وراجع الإيضاح ص 441، فتح الباري ج 9 ص 149، والغدير للأميني ج 6 ص 207 عنه.
158
قال: حدثنا بن عبد الرحمن الحراني، عن زمعة بن صالح، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " استمتعت من النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزمن أبي بكر، ثم زمن عمر حتى كان من شأن عمرو بن حريث الذي كان، فقال عمر رضي الله عنه: إنا كنا نستمتع ونفي، وإني أراكم تستمتعون ولا تفون، فانكحوا ولا تستمتعوا " (1)
10 - - وروى مسلم وغيره: قال مسلم: حدثنا الحسن الحلواني، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء، قدم جابر بن عبد الله معتمرا، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا



(1) تاريخ المدينة ج 2 ص 717، وراجع: الإستذكار ج 16 ص 294 و 295 وفيه عن ابن جريج وعمرو بن دينار عن عطاء عن جابر: تمتعنا على عهد رسول الله، وأبي بكر ونصف من خلافة عمر الخ..
159
المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص)، وأبي بكر وعمر. زاد في رواية: " حتى نهى عنه عمر " (1) سنده صحيح.
ونقول:
إذا كانت المتعة منسوخة من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلماذا لم ينه عنها أبو بكر ولا عمر ولا غيرهما في عهد أبي بكر وفي النصف من خلافة عمر؟!!.



(1) صحيح مسلم ج 4 ص 131، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 46، وتحريم نكاح المتعة ص 104، ومسند أحمد ج 3 ص 380، وزاد فيه: " حتى إذا كان في آخر خلافة عمر " وسنده صحيح أيضا، وفتح الباري ج 9 ص 149، ونصب الراية ج 3 ص 181، والسيرة الحلبية ج 3 ص 103، والجواهر ج 30 ص 145، والبحار ط قديم ج 8 ص 272 و 273، والغدير ج 6 ص 207، ونفحات اللاهوت ص 99 و 100، وأوجز المسالك ج 9 ص 404، ودلائل الصدق ج 3 ص 99 عن أحمد، ومسلم، وكنز العمال ج 22 ص 96، والتفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج 9 ص 54، والمرأة في القرآن والسنة لدروزة أيضا ص 182، وراجع: بجيرمي على الخطيب ج 3 ص 336، وراجع أيضا: المنار في المختار ج 1 ص 463.
160
11 - - عبد الرزاق، عن ابن جريج: قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: " قدم عمرو بن حريث الكوفة: فاستمتع بمولاة، فأتي بها عمر، وهي حبلى، فسألها، فقالت: استمتع بي عمرو بن حريث، فسأله، فأخبره بذلك، أمرا ظاهرا، قال: فهلا غيرها؟! فذلك حين نهى عنها " (1) سنده صحيح.
12 - - عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: " لأول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى، قال: أخبرني عن يعلى: أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف، فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 500، وراجع: فتح الباري ج 9 ص 149، والإيضاح ص 435 و 436.
161
عباس، فذكر له بعضنا ذلك، فقال له: نعم..
فلم يقر في نفسي حتى قدم جابر بن عبد الله، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا له المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر، وعمر حتى إذا كان في آخر خلافة عمر، استمتع عمرو بن حريث بامرأة - - سماها جابر فنسيتها - - فحملت المرأة، فبلغ ذلك عمر، فدعاها، فسألها، فقالت: نعم.
قال: من أشهد؟.
قال عطاء: لا أدري، قالت: أمي، أم وليها.
قال: فهلا غيرها؟.. خشي أن يكون دغلا الآخر.. وفي التمهيد " فهلا غيرهما، فنهى عن ذلك " (1)



(1) مصنف عبد الرزاق ج 7 ص 496 و 497، وراجع: فتح الباري ج 9 ص 151 وصحح سنده، والطرائف لابن طاووس ص 458 و 459 عن جماعة، عن عبد الرزاق، والتمهيد ج 9 ص 113 و 114، وفيه قال عطاء: " فلا أدري قالت: أمي وابنها أو أخاها وابنها " وراجع المنار في المختار ج 1 ص 463.
162
سنده صحيح.
قال العسقلاني: " وقد كان معاوية متبعا لعمر، مقتديا به، فلا يشك أنه عمل بقوله بعد النهي " (1)
13 - - أبو الزبير: وسمعت جابر بن عبد الله، يقول: " استمتع معاوية بن أبي سفيان.. مقدمه من الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرمي، يقال لها معانة.
قال جابر: ثم أدركت معانة خلافة معاوية حية فكان معاوية يرسل إليها بجائزة في كل عام حتى ماتت " (2)



(1) فتح الباري ج 9 ص 151.
(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 499، وفتح الباري ج 9 ص 151.
163
فإن كان كلام أبي الزبير متصلا بالذي قبله، وكان سندهما واحدا.. كما هو الظاهر، فتكون الرواية صحيحة، فإن السند هو عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني الخ.. وإن كان كلامه مقطوعا عما قبله، فالرواية مرسلة.
14 - - صالح بن عبد الرحمن قال: حدثنا سعيد، قال هشام: " أخبرنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، أنهم كانوا يتمتعون من النساء، حتى نهاهم عمر " (1)
15 - - عن عطاء، قال: " سمعت جابر بن عبد الله يقول: تمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر،



(1) شرح معاني الآثار ج 3 ص 26، وكنز العمال ج 22 ص 94 ط الهند و ج 16 ص 52 ط مؤسسة الرسالة، والغدير ج 6 ص 207 عنه، وعن الطبري.
164
ونصفا من خلافة عمر، ثم نهى عمر الناس " (1)
قال الزيلعي: " وهو يحكى عن أبي سعيد الخدري، وإليه ذهب الشيعة " (2)
16 - - عن أبي سعيد الخدري وجابر: قالا: " تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر رضي الله عنه حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث " (3)
17 - - حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار، قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال:



(1) بداية المجتهد ج 3 ص 58، وليراجع: مروج الذهب ج 3 ص 81 باختلاف يسير، والأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية ج 1 ص 27، والغدير ج 6 ص 223 و 207، والزيلعي في تبيان الحقائق في شرح كنز الدقائق ج 2 ص 115.
(1) تبيان الحقائق في شرح كنز الدقائق ج 2 ص 115.
(1) البناية في شرح الهداية ج 4 ص 98 وعمدة القاري ج 8 ص 310 والغدير ج 6 ص 208.
165
سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة، قال:
" كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها.
قال: ذكرت ذلك لجابر بن عبد الله.
فقال: على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول الله (ص) فلما قام عمر.
قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القرآن قد نزل منازله، فاتموا الحج والعمرة، كما أمركم الله، وأبتوا نكاح هذه النساء، فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل، إلا رجمته بالحجارة " (1) سنده



(1) صحيح مسلم ج 4 ص 38، وأحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 147، وسنن البيهقي ج 5 ص 21 و ج 7 ص 206، ومنحة المعبود ج 1 ص 309، ومسند الطيالسي ص 247 و 248، والطرائف ص 457، عن الجمع بين الصحيحين، وأشار إليه في السرائر ص 311، وتاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 719 و 720، والجواهر ج 30 ص 140 عن مسلم، ودلائل الصدق ج 3 ص 99 و 100، والبحار ط قديم ج 8 ص 273، والغدير ج 6 ص 210 عن بعض من تقدم، وكنز العمال ج 16 ص 521 و 522 ط مؤسسة الرسالة لبنان أو ج 22 ص 95 ط الهند، وكلمة عمر: فلن أوتى برجل.. الخ في تفسير الرازي ج 10 ص 51 ونفحات اللاهوت ص 100، وتحريم نكاح المتعة ص 51 و 52.
166
صحيح.
18 - -.. عبد الله، حدثني أبي، حدثنا بهز قال: وحدثنا عفان، قالا: حدثنا همام، حدثنا قتادة عن أبي نضرة، قال:
" قلت لجابر بن عبد الله: إن ابن الزبير رضي الله عنه ينهى عن المتعة، وإن ابن عباس يأمر بها قال: فقال لي: على يدي جرى الحديث، تمتعنا مع رسول الله (ص)، قال عفان: ومع أبي بكر، فلما ولي عمر رضي الله عنه خطب الناس. فقال: إن القرآن هو القرآن، وإن رسول الله (ص) هو الرسول،

167
وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله (ص) إحداهما متعة الحج، والأخرى متعة النساء " (1) سنده صحيح.
19 - - وفي نص آخر، عن عبد الله بن محمد بن موسى، عن محمد بن أيوب، عن موسى بن إسماعيل، عن همام، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر قال: " على يدي جرى الحديث، تمتعنا مع رسول الله (ص)، ومع أبي بكر رضي الله عنه، فلما ولي عمر، خطب الناس، فقال: إن رسول الله (ص) هذا الرسول، وإن هذا القرآن هذا القرآن، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله (ص)، وأنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما: إحداهما: متعة النساء، ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته



(1) مسند أحمد ج 1 ص 52 و ج 3 ص 325.
168
بالحجارة، والأخرى متعة الحج " (1)
20 - - وفي نص آخر: حدثنا عمار قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر رضي الله عنه قال: لما ولي عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال: إن القرآن هو القرآن، وإن الرسول هو الرسول، (وإنهما كانتا متعتين على عهد رسول الله (ص) إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء) (2) فافصلوا حجكم عن عمرتكم، فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم، والأخرى متعة النساء فلا أوتى برجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته في



(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 7 ص 206، وقال أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر، ومعاني الآثار ج 2 ص 144، والغدير ج 6 ص 210، ونقل أيضا عن الجمع بين الصحيحين.
(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 52، ومنتخب كنز العمال ج 6 ص 404، وتاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 721.
169
الحجارة " (1) سنده صحيح.
21 - - وعن أبي نضرة، قال: " سمعت عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، ذكروا المتعة في النساء والحج، فدخلت على جابر بن عبد الله، فذكرت له ذلك، فقال: أما إني قد فعلتها جميعا على عهد النبي (ص)، ثم نهانا عنها عمر بن الخطاب، فلم أعد " (2)
22 - - وفي نص آخر: " حدثنا احمد بن عمر البكراوي، حدثنا عبد الواحد، يعني: ابن زياد، عن عاصم: عن أبي نضرة قال: كنت عند جابر بن عبد الله، فأتاه آت، فقال: ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله



(1) تاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 721.
(1) كنز العمال ج 22 ص 95.
170
(ص)، ثم نهانا عنهما عمر، فلم نعد لهما " (1) سنده صحيح.
23 - - وعن إبراهيم، عن بندار، عن غندر، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي نضرة، قال: " فعلناهما مع رسول الله (ص) يعني متعة الحج، ومتعة النساء، فلما كان عمر نهى عنهما، فلم نفعله بعده " (2)
24 - - حدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، قال ابن شهاب: " أخبرني عروة بن الزبير: أن عبد الله بن الزبير قام بمكة: فقال: إن أناسا أعمى الله قلوبهم، كما أعمى أبصارهم، يفتون



(1) صحيح مسلم ج 4 ص 131، وسنن البيهقي ج 7 ص 206، والغدير ج 6 ص 209 عنهما، والجواهر ج 30 ص 145، والبحار ط قديم ج 8 ص 273 عن جامع الأصول لابن الأثير، وراجع كنز العمال، وكتاب مناسك الحج من معاني الآثار ج 2 ص 144، وكنز العمال ج 22 ص 95 ط الهند وج 16 ص 521 ط مؤسسة الرسالة، وتحريم نكاح المتعة ص 106.
(1) تحريم نكاح المتعة ص 105.
171
بالمتعة، يعرض برجل (هو ابن عباس).
فناداه، فقال: إنك لجلف جاف، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله (ص)).
فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك، فوالله، لأن فعلتها لأرجمنك بأحجارك.. " (1) سنده صحيح.
وقال البعض: " يفيد الحديث أن ابن عباس، ظل يقول بجواز المتعة إلى زمن إمامة عبد الله بن الزبير، وفي ذلك نقض لبعض ما روي عنه.
ويفيد الحديث أن ابن الزبير كان يعتقد



(1) صحيح مسلم ج 4 ص 133، ونصب الراية للزيلعي ج 3 ص 180، وسنن البيهقي ج 7 ص 205، وطرائف ابن طاووس ص 458 عن الجمع بين الصحيحين، ودلائل الصدق ج 3 ص 99، وجامع الأصول ج 12 ص 132 و 133، والتمهيد ج 9 ص 117 و 118، ونكاح المتعة حرام في الإسلام ص 41، والمرأة في القرآن والسنة ص 179، والتفسير الحديث ج 9 ص 55، وإرواء الغليل ج 6 ص 318، وتحريم نكاح المتعة ص 115.
172
بحرمتها " (1)
25 - - وقال يعقوب بن سفيان الفسوي (المتوفى سنة 277): حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن عثمان بن أبي سفيان بن جبير بن مطعم، عن نافع بن جبير، قال: سمعت ابن الزبير يخطب الناس بمكة، وهو يقول:
" إن ههنا رجلا أعمى الله عز وجل قلبه كما أعمى بصره، يفتي الناس بالمتعة، وأيم الله لا أوتى برجل عمل بها إلا رجمتهما بالحجارة.
فأشخص له ابن عباس صدره، فقال: إنك تخرف،



(1) المرأة في القرآن والسنة ص 179.
173
إنما أمركم بهذا الأمر ابن صفوان (1) لعلي بعمه الجعيد، حين جيء بامرأته، وبطنها إلى فيها وأنفها (2).
فسكت ابن الزبير.
قال نافع: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز، فقال: لعمرك إن كان ابن عباس لعربيا " (3).
26 - - وفي نص آخر: " خطب عبد الله بن الزبير، بعد موت الحسن والحسين، فقال: أيها الناس، إن فيكم رجلا قد أعمى الله قلبه، كما أعمى بصره، قاتل أم المؤمنين، وحواري رسول الله (ص)، وأفتى بجواز المتعة.
وعبد الله في المسجد، فقام وقال لعكرمة: أقم



(1) هو عبد الله بن صفوان بن أمية القرشي ثقة من الثالثة، كما في تقريب التهذيب.
(1) يعني بالجعيد ابن صفوان، عيره ابن عباس بعمه أنه استمتع.
(1) راجع: المعرفة والتاريخ. وعنه في نكاح المتعة للأهدل ص 215 / 216.
174
وجهي نحوه يا عكرمة، ثم قال:... إلى أن قال: وأما المتعة، فإني سمعت علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله (ص) رخص فيها، فأفتيت بها، ثم
سمعته ينهى عنها، وأول مجمر سطر في المتعة مجمر آل الزبير " (1)
ونحن نرى: أن ثمة تزويرا في هذه الإجابة، وقد جاءت الإجابة في رواية ابن أعثم هكذا:
" وأما ذكرك للمتعة، أني أحلها، فإني إنما كنت أفتيت فيها في خلافة عثمان، وقلت: إنما هي كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، لمن اضطر إليها.. " (2)



(1) العقد الفريد ج 4 ص 413 و 414 وراجع ص 14.
(1) الفتوح لابن اعثم ج 6 ص 251 و 252.
175
ولكن الصحيح هو: أنه يفتي بالمتعة مطلقا، كما سبق وبينا، وكما سيأتي..
فلا مورد إذن لمحاولة تسجيل نقطة إدانة لمن استدل بهذه الرواية، على أساس أن ذيلها يدل على التحريم لا على الحلية (1).
ويشهد لهذا التصرف والتزوير أيضا.. مناقضتها لما روي في الصحاح عن ابن عباس حول هذا الأمر، وذلك ظاهر.
27 - - وعير عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس، بتحليله المتعة، فقال له ابن عباس: سل أمك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك، فسألها: فقالت: والله ما ولدتك إلا في المتعة.
28 - - وفي نص آخر: أن ابن عباس قال له:



(1) نكاح المتعة للأهدل ص 225.
176
" سل أمك عن ثوبي عرفجة أو عوسجة " (1)
قال المعتزلي: " فلما عاد ابن الزبير إلى أمه، سألها عن بردي عوسجة، فقالت: ألم أنهك عن ابن عباس، وعن بني هاشم؟! فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا، فقال بلى، وعصيتك.
فقالت: يا بني احذر هذا الأعمى، الذي ما أطاقه الإنس والجن، واعلم: أن عنده فضائح قريش، ومخازيها بأسرها، فإياك وإياه، آخر الدهر..
فقال أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي:



(1) راجع محاضرات الراغب ج 2 ص 214، وشرح النهج للمعتزلي الحنفي ج 20 ص 130، والغدير ج 6 ص 208 و 209 عن الراغب، ومستدرك الوسائل ج 14 ص 450 و 451، ومروج الذهب ج 3 ص 81 ط دار الأندلس، وقاموس الرجال ج 5 ص 452، وهامش الاستغاثة ص 45 و 46 عن ابن شهر آشوب.
177
من البوائق فالطف لفظ محتال
يا ابن الزبير لقد لاقيت بائقة
في مغرسيه كريم العم والخال
لاقيته هاشميا طاب منبته
إلى أن قال:
وبالقتال، وقد عيرت بالمال
عيرته المتعة المتبوع سنتها
جرت عليك بسيف الحال والبال
لما رماك على رسل، بأسهمه
حزا وحيا بلا قيل ولا قال
فاحتز مقولك الأعلى بشفرته

178
عادت عليك مخاز ذات أذيال (1)
واعلم بأنك إن عاودت عيبته
29 - - وعن الشفاء ابنة عبد الله: " أن عمر بن الخطاب نهى عن المتعة، فأغلظ فيها القول، ثم قال: إنما كانت المتعة ضرورة " (2)
فهذا اجتهاد من عمر في ما يرتبط بطبيعة التشريع ولا اجتهاد في مقابل النص وتخصيصها بالضرورة يحتاج إلى دليل.
30 - - قال عروة لابن عباس: " أهلكت الناس، قال: تفتيهم في المتعتين، وقد علمت ان أبا بكر وعمر نهيا عنهما فقال: ألا للعجب، أحدثه عن رسول الله (ص)، ويحدثني عن أبي بكر وعمر،



(1) شرح النهج للمعتزلي الحنفي ج 20 ص 130 و 131.
(1) كنز العمال ج 22 ص 94 عن ابن جرير
179
فقال: هما كانا أعلم بسنة رسول الله (ص) واتبع لها منك ". (1)
وبعض الروايات تقول كما سيأتي: إن حوارا حول المتعتين جرى بين عروة ابن الزبير وابن عباس، وفيه يقول ابن عباس لعروة: سل أمك يا عرية.. كما ويتعجب ابن عباس من أنه يحدثه عن رسول الله (ص) الذي أحلها، ويحدثه عروة عن غيره..
31 - - ذكر عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن أيوب، قال:
" قال عروة لابن عباس: ألا تتقي الله ترخص في المتعة؟.
فقال ابن عباس: سل أمك يا عرية.



(1) كنز العمال ج 22 ص 93 عن ابن جرير.
180
فقال عروة: أما أبو بكر وعمر فلا يفعلان.
فقال ابن عباس: والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله، نحدثكم عن النبي (ص) وتحدثونا عن أبي بكر وعمر " (1) السند صحيح.
32 - - يونس بن حبيب، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن مسلم القرشي (القري) قال: " دخلنا على أسماء بنت أبي بكر، فسألناها عن متعة النساء، فقالت: فعلناها على عهد رسول الله (ص) " (2) سنده صحيح.



(1) جامع بيان العلم ج 2 ص 239 و منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 6 ص 404، وزاد المعاد ج 2 ص 213، والغدير ص 208 عنهما وعن مختصر جامع بيان العلم ص 226، وتذكرة الحفاظ ج 3 ص 53.
(1) مسند الطيالسي ص 227 حديث رقم 1637، ومنحة المعبود ج 1 ص 309، والوسائل ج 14 ص 441، وعن التلخيص الحبير 2 / 1 / 159.
181
33 - - حدثنا صالح بن عبد الرحمن، عن سعيد بن منصور، عن هشام، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال: " سمعت عبد الله بن الزبير يخطب، وهو يعرض بابن عباس، يعيب عليه قوله في المتعة، فقال ابن عباس، يسأل أمه إن كان صادقا.
فسألها، فقالت: صدق ابن عباس، قد كان ذلك.
فقال ابن عباس: لو شئت سميت رجالا من قريش ولدوا فيها " (1) يعني المتعة.
34 - - وقال البعض: " قد بلغني عن بعض المخالفين في نكاح المتعة، أنه احتج بما روي: أن عبد الله بن الزبير لما ذكر نكاح المتعة، قال له رجل وعرض له: إن أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين تزوجت متعة، وجعل ذلك دليلا



(1) شرح معاني الآثار للطحاوي، باب نكاح المتعة ج 3 ص 24.
182
لها " (1)
35 - - عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن خالد بن المهاجر بن خالد، قال:
" أرخص ابن عباس في المتعة.
فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري، ما هذا يا ابن عباس؟!
فقال ابن عباس: فعلت مع إمام المتقين.
فقال ابن أبي عمرة: اللهم غفرا، إنما كانت المتعة رخصة، كالضرورة إلى الميتة، والدم، ولحم الخنزير، ثم احكم الله تعالى الدين بعد " (2) سنده صحيح.
36 - - وعند مسلم وغيره: أخبرني خالد بن



(1) تحريم نكاح المتعة ص 118.
(1) راجع المصادر في الهامش التالي.
183
المهاجر بن سيف الله: أنه بينما هو جالس عند رجل، جاءه رجل فاستفتاه في المتعة، فأمره بها، فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري: مهلا، قال: ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين.
قال ابن أبي عمرة: إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها، كالميتة، والدم، ولحم الخنزير (1) ثم أحكم الله الدين ونهى عنها. سنده صحيح.
وهذا اجتهاد من ابن أبي عمرة، وليس للاجتهاد في مقابل النص الوارد في القرآن وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قيمة، غير أننا لم



(1) مصنف الحافظ عبد الرزاق ج 7 ص 502، صحيح مسلم ج 4 ص 134، ونصب الراية ج 3 ص 177، والسنن الكبرى ج 7 ص 205، وراجع: الوسائل ج 14 ص 441 وفي هامشه عن رسالة المتعة للمفيد، وفي هامش المصنف عن فتح الباري ج 9 ص 149، وجامع الأصول ج 12 ص 133، وارواء الغليل ج 6 ص 318، وتحريم نكاح المتعة ص 115.
184
نفهم لقوله: " ثم احكم الله الدين بعد " معنى محصلا، إلا إذا كان يقصد نهي عمر عن هذا الزواج في أيام خلافته!!.
37 - - قال أبو الزبير: وسمعت طاووسا يقول: قال ابن صفوان: يفتي ابن عباس بالزنا.
قال: فعدد ابن عباس رجالا كانوا من أهل المتعة.
قال: فلا اذكر ممن عدد غير معبد بن أمية (1)
والظاهر أن السند هو: عبد الرزاق، عن ابن جريج.. الخ فيكون السند صحيحا.
38 - - محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن أبي حمزة (جمرة) قال: " سمعت ابن عباس سئل



(1) مصنف عبد الرزاق ج 7 ص 499، والإيضاح لابن شاذان ص 435.
185
عن متعة النساء، فرخص.
فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة، أو نحوه فقال ابن عباس، نعم " (1) سنده صحيح.
39 - - وفي رواية ذكرها رزين: " سمعت ابن عباس يسأل عن المتعة، فرخص فيها، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة، أو نحوه، قال نعم " (2)
40 - - ورواه الطحاوي، عن ابن مرزوق، عن وهب، عن شعبة، عن أبي جمرة، قال: " سألت ابن عباس عن متعة النساء، فقال مولى له: إنما كان ذلك في الغزو (أو في الحال الشديد) والنساء قليل، فقال



(1) صحيح البخاري ج 3 ص 158 ونيل الأوطار ج 6 ص 134 ط دار الحديث القاهرة، والسنن الكبرى ج 7 ص 205.
(1) جامع الأصول ج 12 ص 132.
186
ابن عباس رضي الله عنه: صدقت (1) والسند صحيح.
41 - - وقال صفوان: " هذا ابن عباس، يفتي بالزنا.
فقال ابن عباس: إني لا أفتي بالزنا، أفنسي صفوان أم أراكة، فوالله ان ابنها لمن ذلك، أفزنا هو؟!
قال: واستمتع بها رجل من بني جمح " (2)
42 - - عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم: " قيل لابن عمر: إن ابن عباس يرخص في متعة النساء، فقال: ما أظن ابن عباس يقول هذا، فقالوا:



(1) شرح معاني الآثار ج 3 ص 26، والمنتقى ج 2 ص 518، وتحريم نكاح المتعة ص 62. وراجع السنن الكبرى ج 7 ص 204.
(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 498.
187
بلى والله، إنه ليقوله، قال: أما والله، ما كان ليقول هذا في زمن عمر، وإن كان عمر لينكلكم عن مثل هذا، وما أعلمه إلا السفاح " (1) سنده صحيح.
وفي نص آخر: قالوا: " بلى أنه يأمر به قال: وهل كان ابن عباس إلا غلاما صغيرا إذ كان رسول الله (ص)؟! ثم قال: نهانا عنها رسول الله (ص)، وما كنا مسافحين (2) والسند صحيح.
43 - - حدثنا عبيدة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: " سئل عن المتعة، فقال: حرام، فقال له ابن عباس يفتي فيها، فقال ابن عمر فهلا ترمرم - -



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 502، وفي هامشه عن البيهقي، والتمهيد ج 9 ص 122.
(1) المرأة في القرآن والسنة ص 181، والتفسير الحديث ج 9 ص 54، وإرواء الغليل ج 6 ص 318، ومجمع الزوايد ج 4 ص 265 عن الطبراني في الأوسط.
188
تزمزم - - بها في زمن عمر؟ الخ " (1) سنده صحيح.
44 - - عن ابن عباس: " ان آية المتعة محكمة وليست بمنسوخة " (2)
45 - - ربيع الجيزي، عن سعيد بن كثير بن عفير، عن يحي بن أيوب، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال:
" ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها هذه الأمة، ولولا نهي عمر بن الخطاب عنها ما زنى إلا شقي.



(1) المصنف لابن أبي شيبة ج 3 ص 390، وكنز العمال ج 22 ص 95، والدر المنثور ج 2 ص 141 عن ابن أبي شيبة، والغدير ج 6 ص 207 عنه، وعن جمع الجوامع، عن الطبري، والإستذكار ج 16 ص 299، وإراواء الغليل ج 6 ص 318 بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
(1) الكشاف ج 1 ص 519، وتفسير الخازن ج 1 ص 343، والبغوي بهامشه ج 1 ص 423 والغدير ج 6 ص 230، عنهما، وأصل الشيعة وأصولها ص 97 ط الأعلمي، بيروت 1983 - 1402 ه‍.
189
وفي نص آخر: إلا شفا.
قال عطاء: كأني أسمعها من ابن عباس: إلا شقي " (1)
46 - - وعن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن ابن عباس، أنه قال: " يرحم الله عمر



(1) راجع: شرح معاني الآثار ج 3 ص 26، وراجع: مصنف الصنعاني ج 7 ص 497، والدر المنثور ج 2 ص 141 عنه وعن ابن المنذر، ومسند أحمد ج 2 ص 349، وبداية المجتهد ج 2 ص 58، والتمهيد ج 9 ص 114، والإستذكار ج 16 ص 295 ولسان العرب ج 8 ص 330 أو ج 14 ص 66، وأحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 147، والأوائل للعسكري ج 1 ص 238، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، ونهاية ابن الأثير ج 2 ص 488، والطرائف ص 459، والسرائر ص 312، والإيضاح ص 438 و 439 والجواهر ج 30 ص 145، وأصل الشيعة وأصولها ص 109، ودلائل الصدق ج 3 ص 101، والجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 130، والفائق ج 2 ص 255، والغدير ج 6 ص 206، عن بعض من تقدم، وتاج العروس ج 10 ص 200، والغريبين للغروي، وراجع: الطبري، والثعلبي والنيسابوري والحاكم، والرازي، وابن حبان..
190
لولا أنه نهى عن المتعة ما زنى مسلم.
قال: يقال: إنه كان يرى وهو بمكة إباحة المتعة وجواز بيع الدينارين بالدينار نساء، فلما رجع عن البصرة رجع عن المتعة وأقام على الصرف " (1) سنده صحيح.
47 - - وقال ابن عباس: " المتعة حلال، فقال له جبير بن مطعم: كان عمر ينهى عنها، فقال له: يا عدو نفسه، من ها هنا ضللتم، أحدثكم عن رسول الله (ص) وتحدثني عن عمر؟! " (2)
وزاد في نص آخر: " قال عطاء: فهي التي في سورة النساء: فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من



(1) تحريم نكاح المتعة ص 112.
(1) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 20 ص 25.
191
الأجل على كذا وكذا شيئا مسمى: فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل، وإن تفرقا فهم، وليس بنكاح.
قال الأزهري: وهذا حديث صحيح وهو الذي يبين أن ابن عباس صح له نهي النبي (ص) عن المتعة الشرطية، وأنه رجع عن إحلالها إلى تحريمها.
ورواه أيضا عمرو بن دينار " (1)
48 - - وقد تقدمت قراءة ابن عباس، وأبي بن كعب وغيرهما للآية الكريمة حول زواج المتعة بإضافة: إلى أجل..
49 - - وقال أبو هلال العسكري: " وكان ابن عباس يرى المتعة، وقال الشاعر:
يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس " (2)



(1) راجع: بداية المجتهد ج 2 ص 58، وراجع: التمهيد ج 9 ص 114،
(1) الأوائل ج 1 ص و 239، 238
192
قال أبو عمر: " هما بيتان:
يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
قال المحدث لما طال مجلسه
تكون مثواك حتى مرجع الناس (1)
في بضعة رخصة الأطراف آنسة
50 - - وقال في نهج الحق وغيره:.. وفي صحيح الترمذي قال:
" سئل ابن عمر عن متعة النساء، فقال: هي حلال.
وكان السائل من أهل الشام، فقال له: إن أباك قد نهى عنها؟!.



(1) الإستذكار ج 16 ص 296، والتمهيد ج 9 ص 117، والجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 132، وراجع: محاضرات الأدباء ج 3 ص 214.
193
فقال ابن عمر: إن كان أبي قد نهى عنها، وصنعها رسول الله (ص)، نترك السنة، ونتبع قول أبي؟! " (1)
51 - - وقد روي عن ابن عمر أيضا: إباحتها، فقيل له: " إن أباك يحرمها؟! فقال: إنما ذلك رأي رآه " (2)
ذكر ذلك العلامة في نهج الحق، ولم يعترض عليه الفضل بن روزبهان بشيء أيضا.
52 - - أخرج أحمد، قال: حدثنا أبو الوليد، حدثنا



(1) راجع: دلائل الصدق ج 3 ص 97، والروضة البهية ج 5 ص 283 والبحار ج 8 ص 273 ط قديم عنهما، والصراط المستقيم ج 3 ص 269، والطرائف لابن طاووس ص 460، والجواهر ج 30 ص 145 كلهم عن الترمذي، وكذا في نفحات اللاهوت ص 101. ونقض الوشيعة ص 326 - 327 والحدائق الناضرة ج 24 ص 114 والفصول المهمة للسيد شرف الدين ص 80 ونهج الحق ص 282 و 283 وقلائد الدرر للجزائري ج 3 ص 68، ومسائل فقهية لشرف الدين ص 84.
(1) دلائل الصدق ج 3 ص 97
194
عبيد الله بن أياد بن لقيط حدثنا إياد، عن عبد الرحمن بن نعم - - أو نعيم - - الأعرج - - شك أبو الوليد - - قال: " سأل رجل عبد الله بن عمر، عن متعة النساء - - وأنا عنده - - فقال: والله ما كنا على عهد رسول الله (ص) زانين، ولا مسافحين..
ثم قال: والله لقد سمعت رسول الله (ص) يقول: ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال، وكذابون ثلاثون، أو أكثر..
ورواه سعيد بن منصور، عن عبيد الله بن إياد بن لقيط، عن إياد بن لقيط عن عبد الرحمن بن نعيم الأعرج " (1)



(1) مسند أحمد ج 2 ص 95 و 104، ومجمع الزوائد ج 7 ص 332 و 333 وليراجع الغدير ج 6 ص 221، وسنن سعيد بن منصور ج 1 ص 218 و 252 ومسند أبي يعلى ج 10 ص 69 والفتح الرباني للساعاتي ج 16 ص 191.
195
رجال سنده كلهم ثقات، أما عبد الرحمن بن نعيم.. فيبدو أن المراد به هو عبد الرحمن بن أبي نعيم، وذلك بشهادة الطبقة، وقد وصف بأنه: صدوق، ثقة، عابد.. فتكون الرواية صحيحة السند.
واستدلال ابن عمر على حلية المتعة هو نفس استدلال ابن عباس، وهو كونها كانت حلالا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومعنى قول ابن عمر: " ما كنا على عهد رسول الله (ص) زانين ولا مسافحين: أن المتعة مشروعة، ولا معنى للحد الذي قرره أبوه ".
53 - - " سئل الحكم بن عتيبة، عن آية المتعة، هل هي منسوخة، فقال: لا.. " (1) سنده صحيح.



(1) جامع البيان ج 5 ص 9 بسند صحيح، وأصل الشيعة وأصولها ص 97، وكنز العرفان ج 2 ص 148، والبحار ط قديم ج 8 ص 273، ومجمع البيان ج 3 ص 32، والجواهر ج 30 ص 145، ودلائل الصدق ج 3 ص 101، والمتعة للفكيكي ص 62 و 98، والغدير ج 6 ص 229 و 206، عن الطبري، وتفسير الرازي ج 10 ص 49 و 50، وتفسير الثعلبي، والنيسابوري في تفسير غرائب القرآن هامش كتاب جامع البيان للطبري ج 5 ص 17، والدر المنثور ج 2 ص 140 عن الطبراني، وعبد الرزاق، وأبي داود في ناسخه.
196
وهذا يدل على التسليم بأن آية المتعة لا يراد بها النكاح الدائم، بل خصوص المتعة، لأن النسخ فرع الدلالة.
54 - - عبد الرزاق، عن ابن جريج: قال: أخبرني عبد الله بن عثمان، ابن خثيم، قال: " كانت بمكة امرأة عراقية، تنسك، جميلة، لها ابن يقال له: أبو أمية.
وكان سعيد بن جبير يكثر الدخول عليها، قلت له: يا أبا عبد الله، ما أكثر ما تدخل على هذه المرأة؟!..

197
قال: إنا قد نكحناها ذلك النكاح.. للمتعة.. " (1) سنده صحيح.
55 - - قال: " وأخبرني: أن سعيدا، قال له: هي أحل من شرب الماء.. للمتعة.. " (2) سنده صحيح.
56 - -.. حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني، حدثنا أبي، ووكيع، وابن بشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال سمعت عبد الله، يقول: " كنا نغزو مع رسول الله (ص) ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟!.
فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا: أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل. ثم قرأ عبد الله: {يا أيها الذين أمنوا لا تحرموا



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 496، والإيضاح ص 436 و 437 و 471، والتمهيد ج 9 ص 114 و 115، ونكاح المتعة للأهدل ص 270 لكنه قال: إسناده حسن.
(1) المصادر السابقة.
198
طيبات ما أحل الله لكم، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} ".
ورواه الحازمي أيضا بسند قال عنه: " هذا طريق حسن صحيح " (1)
" وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن إسماعيل بن أبي خالد مثله " (2) والسند صحيح.



(1) الاعتبار ص 176.
(1) صحيح مسلم ج 4 ص 130 بعدة أسانيد، والناسخ والمنسوخ ص 176، وتحريم نكاح المتعة ص 100، والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج 9 ص 449 و 405 و 175، والتمهيد ج 9 ص 111، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225، والمنتقى ج 2 ص 518 و 519 في الهامش، والبخاري ج 3 ص 154، 82 لكن ليس فيه كلمة: (ابن مسعود) في السند، وكلمة: (إلى أجل) في المتن، لكن كل من نقل الرواية عن الصحيحين ذكرهما، ولذا استظهر المحقق الخوئي في البيان ص 546 و 547: أن يد التحريف نالت هذا الموضع من البخاري، لحاجة في النفس، وراجع فتح الباري ج 9 ص 102 و 147 و 151.
وعلى كل حال: فقد نقلت على الوجه الصحيح عن الصحيحين، وعن غيرهما في المصادر التالية:
سنن البيهقي ج 7 ص 79 و 200 و 201، ونصب الراية ج 3 ص 180، وزاد المعاد ج 2 ص 184، وج 4 ص 6، وتيسير الوصول ج 2 ص 329، والجواهر ج 30 ص 144، والجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 130، والدر المنثور ج 3 ص 140 و 307 عن البخاري ومسلم. وابن أبي شيبة، والنسائي، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وكنز العمال ج 22 ص 99 عن ابن جرير، والمصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 506، وتفسير ابن كثير ج 2 ص 87، وأحكام القرآن للجصاص ج 2 = = ص 151 و 154، ونيل الأوطار ج 6 ص 268، والمصنف لابن أبي شيبة ج 3 ص 391، ومسند أحمد ج 1 ص 432 و 420، وجامع الأصول ج 12 ص 131، والاعتبار للحازمي ص 176، ودلائل الصدق ج 3 ص 98، والإيضاح ص 437 و 438، وعد هذا الخبر في المشكاة من المتفق عليه، والبحار ج 8 ص 272 ط قديم عن جامع الأصول، ومسلم، والطرائف ص 459 عن الجمع بين الصحيحين للحميدي، وذكره الإسماعيلي في تفسير سورة المائدة، وذكره الإمام الخوئي في البيان عن الروضة الندية للقنوجي ج 2 ص 16 وجمع الفوائد ج 1 ص 589، وشرح معاني الآثار ج 3 ص 24 ط دار الكتب العلمية، والوسائل ج 14 ص 440 ط. أولى عن رسالة المتعة للمفيد.
199
وفي رواية ابن أبي شيبة: " كنا مع النبي (ص) ونحن شباب، قال: فقلنا.. الخ " (1)
وذكره مسلم في صحيحه بسند آخر، فراجع.
وزاد أبو عوانة في أحد النصوص التي ذكرها



(1) المصنف ج 3 ص 391.
200
قوله في آخره: " ففعلناها، ثم ترك ذلك " (1)
وذلك له مغزاه العميق الذي لا يخفى على ذي مسكة.
إشارة هامة: ويلاحظ: أن بعض المصادر قد ذكرت أن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي قرأ الآية الشريفة. فيكون ذلك منه قد جاء على سبيل الإلماح إلى ما سيجري بعده من تحريم لهذا الزواج..
وبعض النصوص الأخرى يصرح بأن ابن مسعود هو الذي قرأ الآية الشريفة، فيكون ذلك منه زجرا عن تحريم ما أحل الله، وذلك ظاهر.
57 - - أخبرني محمد بن القاسم بن مهرويه، عن



(1) فتح الباري ج 5 ص 151.
201
علي بن محمد بن سليمان بن عبيد الله بن الحارث، قال: حدثني عمي عبد الرحمان بن سليمان، قال:
" أتانا خالد بن طليق بن محمد بن عمران بن حصين، يعزينا على ميت لنا، وقد كف بصره، ومعه ابنه حصين، فأقبل يتحدث يقول:
حدثني أبي، عن جدي: أن عمر بن الخطاب قال وهو على منبر رسول الله (ص): متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) عمل بهما على عهد من بعده، أنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما.
فقام إليه عمران بن حصين فقال: إن أمرين كانا على عهد رسول الله (ص) عمل بها على عهده، ومن بعده لير امرؤ بعد ذلك برأيه ما شاء.
فقال له ابنه حصين: يا أبه لو أمسكت عن متعة النساء؟!.

202
فقال: يا بني، لا أحدث إلا كما سمعت " (1)
58 - - حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن عمران (أبي بكر)، حدثنا أبو رجاء، عن عمران بن حصين قال: " نزلت آية المتعة في كتاب الله: ففعلناها مع رسول الله (ص)، ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات. قال رجل برأيه ما شاء (2) قال



(1) أخبار القضاة لوكيع ج 2 ص 124، وقد أشار المعلق في هامشه إلى أن حديث نهي عمر عن المتعة رواه ابن ماجة، والبيهقي، وابن المنذر.
(1) راجع صحيح البخاري ج 3 ص 69، وذكره بسند آخر أيضا ج 1 ص 180 كما سيأتي، ونفحات اللاهوت ص 100، والمنتقى ج 2 ص 517 و 518، وصحيح مسلم ج 4 ص 48، وسنن النسائي ج 5 ص 155، ومسند أحمد ج 4 ص 436 بسند صحيح، وفيه: فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي (ص) حتى مات، وفتح الباري ج 3 ص 344، وإرشاد الساري ج 4 ص 169، وسنن البيهقي ج 5 ص 20، وتفسير النيسابوري بهامش الطبري ج 5 ص 17، وتفسير الرازي ط سنة 1357 ه‍ ج 10 ص 49 و 50 و 53، والبحار ط قديم ج 8 ص 286 عنه، والطرائف ص 459 و 461 عن الجمع بين الصحيحين، وعن البخاري، وعن حلية الأولياء، ودلائل الصدق ج 3 ص 101 عن أحمد، والجواهر ج 30 ص 144، والبداية والنهاية ج 5 ص 126، والجامع لأحكام القرآن ج 2 ص 365، والغدير ج 6 ص 208 عن بعض من تقدم، وأوجز المسالك ج 9 ص 404 عن تفسير الثعلبي، والبحر المحيط ج 3 ص 218، وعن تفسير الثعلبي، وراجع أيضا شرح الموطأ للزرقاني ج 3 ص 70، والتفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج 9 ص 54، والمرأة في القرآن والسنة ص 182 لدروزة أيضا.
203
محمد: يقال: إنه عمر ". سنده صحيح.
وهكذا رواه البخاري في صحيحه.. وقد حذفت عبارة (قال محمد الخ...) من الطبعة المكتوب عليها يطلب من مكتبة الجمهورية العربية فراجع ج 6 ص 33.
ورواه أحمد، عن عبد الله، عن أبيه، عن يحيى، عن عمران القصير، عن أبي رجاء عن عمران، وليس فيه قوله: " قال رجل برأيه ما شاء " (1)
ورواه أيضا، عن بهز، عن عفان، عن همام، عن



(1) مسند أحمد ج 4 ص 436.
204
قتادة، عن مطرف، عن عمران.
وفي موضع آخر: رواه عن عفان عن حماد، عن حميد، عن الحسن، عن عمران.
وفي موضع آخر: عن مؤمل عن حماد (1)
وقال النيسابوري: " يريد أن عمر نهى عنها " (2)
وأشار إليه البخاري حسبما تقدم.
59 - - وعند مسلم: حدثنا محمد بن المثنى، حدثني عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن مطرف، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: " تمتعنا مع رسول الله (ص) ولم ينزل فيه القرآن، قال رجل برأيه ما شاء ". سنده صحيح.



(1) مسند أحمد ج 4 ص 429 و 439 و 438 على التوالي.
(1) تفسير النيسابوري، بهامش الطبري ج 5 ص 17.
205
ورواه البخاري عن موسى بن إسماعيل، عن همام، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران الخ.. (1)
60 - - أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا أبو هلال، حدثنا قتادة، عن مطرف، قال: " قال عمران بن حصين: إني محدثك بحديث لعل الله أن ينفع به بعد: إنه كان يسلم علي، وإن ابن زياد أمرني فاكتويت، فاحبس عني، حتى ذهب أثر المكاوي، واعلم أن المتعة حلال في كتاب الله لم ينه عنها نبي، ولم ينزل فيها كتاب، قال رجل برأيه ما بدا له " (2)
61 - - عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عثمان، حدثنا حماد، أنبأنا حميد، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قال: " تمتعنا على عهد النبي (ص) فلم



(1) راجع: صحيح مسلم ج 4 ص 49 وصحيح البخاري ط سنة 1309 ه‍ - ج 1 ص 180 والبداية والنهاية ج 5 ص 126.
(1) سنن الدارمي ج 2 ص 35 وقال البعض: رواه البخاري مختصرا، ومسلم، والنسائي، وأحمد، والبيهقي.
206
ينهنا عنها، ولم ينزل فيها نهي " (1)
ورواه أيضا بسند آخر عن مؤمل، عن حماد.
62 - - حدثنا أبو أحمد، عبد الله بن عدي الحافظ، حدثنا زرعة بن أحمد بن محمد بن هشام، أبو عاصم الآملي بجرجان، حدثنا الحسن بن علي بن زكريا، حدثنا أحمد بن الحسين اللهبي، أبو الفضل القرشي، حدثنا حسين بن زيد، عن ابن جريج، عن محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله، قال: " قال النبي (ص): أحل الله من النساء ثلاثا: نكاح موارثة، ونكاح بغير موارثة، وملك يمين " (2)
وواضح: أن النكاح بغير موارثة هو نكاح المتعة.



(1) مسند أحمد ج 4 ص 439.
(1) تاريخ جرجان ص 219، وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى بن زيد ص 12 و 13 ج 3.
207
63 - - قال ابن أبي ذئب، حدثني أياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، عن رسول الله (ص): " أيما رجل وامرأة توافقا: فعشرة ما بينهما ثلاث ليال، فإن أحبا أن يتزايدا، أو يتتاركا، تتاركا فما أدري، أشيء كان لنا خاصة، أم للناس عامة " (1) سنده صحيح.
64 - - وقال ابن عباس رضي الله عنه: " رحم الله عمر رضي الله عنه لولا نهى عن المتعة ما زنى أحد "
وقد روي في ربيعة بن أمية بن خلف غير هذا (2)



(1) صحيح البخاري ج 3 ص 158، وكنز العمال ج 22 ص 98، عن ابن جرير، والتمهيد ج 9 ص 110، وتحريم نكاح المتعة ص 50 وجامع الأصول ج 12 ص 131 و 132.
(1) تاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 720 والإيضاح لابن شاذان ص 438 و 439 ومستدرك وسائل الشيعة ج 14 ص 481 وراجع: نيل الأوطار ج 6 ص 135 وبداية المجتهد ج 2 ص 58 والدر المنثور ج 2 ص 141 وأحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 179 والجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 130 والدر المنثور ج 2 ص 141.
208
65 - - عن الحكم، وابن جريج، وغيرهما، قالوا:
" قال علي رضي الله عنه: لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة، ما زنى إلا شقي ". سنده صحيح.
وفي لفظ آخر:
66 - - " لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب، لأمرت بالمتعة ثم ما زنى إلا شقي، أو ما زنا فتيانكم هؤلاء.. " (1)



(1) جامع البيان ج 5 ص 9، بسند صحيح على الظاهر، وكذا المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 500، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 6 ص 405، والتفسير الكبير للرازي ط سنة 1357 ه‍ ج 10 ص 50، والدر المنثور ج 2 ص 140، وشرح النهج للمعتزلي ج 2 ص 25 وتفسير النيسابوري بهامش الطبري ج 5 ص 17، والبيان للخوئي ص 343 عن مسند أبي يعلى ودلائل الصدق ج 3 ص 101، وتلخيص الشافي ج 4 ص 32، والبحار ط قديم ج 8 ص 273، والوسائل، أبواب نكاح المتعة ط دار إحياء التراث ج 21 ص 5 و 11 و 44، وفي هامشه عن نوادر أحمد بن محمد بن = = عيسى ص 65 و 66 وعن رسالة المتعة للمفيد، ونفحات اللاهوت ص 99، والتهذيب ج 7 ص 250 والاستبصار 3 ص 141، ومستدرك وسائل الشيعة ج 14 ص 447 و 449 و 478 و 482 و 483 وكتاب عاصم بن حميد الحناط ص 24، والهداية للخصيبي حديث المفضل ص 109، وكنز العرفان ج 2 ص 148، والكافي ج 5 ص 448، والإيضاح ص 443، والجواهر ج 30 ص 144 عن: النهاية في اللغة، لابن الأثير، والطبري، والثعلبي، والسرائر ص 312، وتفسير العياشي ج 1 ص 233، والغدير ج 6 ص 206، وكنز العمال ج 16 ص 522 و 523 ط مؤسسة الرسالة وج 22 ص 96 طبعة الهند، وتفسير البحر المحيط ج 3 ص 218، وعن أبي داود في ناسخه عن بعض من تقدم، والاستبصار فيما اختلف من الأخبار ج 3 ص 141، والتفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج 9 ص 54 والمرأة في القرآن والسنة ص 182، والبحار ط بيروت ج 100 ص 305 و 314 و 315.
209
وعند عبد الرزاق عن ابن جريج: " أخبرني من أصدق ان عليا قال بالكوفة: لولا ما سبق الخ... والسند صحيح.
وكذا روي عن الإمام الصادق عليه السلام " (1)



(1) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 11.
210
67 - - عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: " لم يرع عمر، أمير المؤمنين، إلا أم أراكة، قد خرجت حبلى، فسألها عمر عن حملها، فقالت: استمتع بي سلمة بن أمية بن خلف.
فلما أنكر صفوان على ابن عباس بعض ما يقول في ذلك، قال:
فسل عمك هل استمتع؟ ".
قال العسقلاني: سنده صحيح (1)
وتقدم قول ابن عباس: " أفنسي صفوان أم أراكة، فوالله إن ابنها لمن ذلك أفزنا هو؟ قال: واستمتع بها



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 498 و 499، وفتح الباري ج 9 ص 151، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 159 و 160.
211
رجل من بني جمح (1) وسنده صحيح أيضا.
68 - - عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير قال: " إن خولة بنت حكيم، دخلت على عمر بن الخطاب، فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة (مولدة فولدت) فحملت منه، فخرج عمر بن الخطاب فزعا، يجر رداءه، فقال: هذه المتعة، ولو كنت تقدمت فيها لرجمت ".
ورواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب، عن عروة (2) سنده صحيح.



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 498.
(1) الموطأ (مطبوع مع تنوير الحوالك) باب نكاح المتعة ج 2 ص 74، وتاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 717، والأم ج 7 ص 219، وجامع الأصول ج 12 ص 135، وسنن البيهقي ج 7 ص 206، وتحريم نكاح المتعة ص 73، ومنتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج 6 ص 404 و 405، والدر المنثور ج 2 ص 141، وكنز العمال ج 22 ص 94 ط الهند وج 16 ص 20 ط مؤسسة الرسالة، ومسند الشافعي ص 132 و 225، وفي الإصابة ترجمة سلمة بن أمية ج 2 ص 63، والتمهيد ج 10 ص 112، = = والإستذكار ج 16 ص 304، وراجع المصنف للصنعاني ج 7 ص 501، والمرأة في القرآن والسنة ص 181، والتفسير الحديث ج 9 ص 55.
212
69 - - وفي نص آخر لهذه القضية: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: " أخبرني عروة بن الزبير: أن ربيعة بن أمية بن خلف، تزوج مولدة من مولدات المدينة بشهادة امرأتين، إحداهما: خولة بنت حكيم، وكانت امرأة صالحة، فلم يفجأهم إلا الوليدة قد حملت:
فذكرت ذلك خولة لعمر بن الخطاب، فقام يجر صفحة ردائه من الغضب، حتى صعد المنبر، فقال: إنه بلغني: أن ربيعة بن أمية تزوج مولدة من مولدات المدينة بشهادة امرأتين، وأني لو كنت

213
تقدمت في هذا لرجمت " (1) السند صحيح.
70 - - ورواه ابن شبة عن هارون بن معروف، عن عبد الله بن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن خولة بنت حكيم.. إلى أن قال:
" فلما حملت المولدة من ربيعة بن أمية، فزعت خولة، فأتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأخبرته الخبر، ففزع عمر رضي الله عنه، فقام يجر من العجلة صفة ردائه في الأرض، حتى جاء المنبر، فقام فأثنى الله بما هو أهله، ثم قال: بلغني أن ربيعة بن أمية تزوج امرأة سرا، فحملت منه، وإني والله لو تقدمت في هذا لرجمت فيه " (2)
ونقل الزرقاني في شرحه على الموطأ، عن ابن



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 503، والإصابة ترجمة ربيعة.
(1) تاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 717 و 718.
214
عبد البر: أن معنى الحديث: أنه لو كان تقدم بتحريمها، والإنذار برجم فاعلها لكان رجم، إذ كان هذا القول قبل نهيه عنها (1)
71 - - قال عمر بن شبة: " واستمتع سلمة بن أمية: من سلمى، مولاة حكيم بن أمية، ابن حارثة ابن الأوقص السلمي، فولدت له، فجحد ولدها " (قلت): " وذكر ذلك ابن الكلبي، وزاد: فبلغ ذلك عمر، فنهى عن المتعة. " (2)
72 - - وروي أيضا: ان سلمة استمتع بامرأة فبلغ ذلك عمر، فتوعده (3)
73 - - وعد العسكري وغيره تحريم المتعة، من



(1) شرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 48.
(1) تاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 719، والإصابة ج 2 ص 63 ترجمة سلمة بن أمية بن خلف، وترجمة سلمى غير منسوبة، والغدير ج 6 ص 209 عنه.
(1) الإصابة ج 2 ص 63، والغدير ج 6 ص 206 عنه.
215
أوليات عمر (1)
74 - - وقال ابن شهاب: وأخبرني عبيد الله: " أن ابن عباس كان يفتي بالمتعة، ويغمص ذلك عليه أهل العلم، فأبى ابن عباس أن ينتكل عن ذلك حتى طفق بعض الشعراء، يقول:..
يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس..
إلى أن قال: فازداد أهل العلم بها قذرا ولها بعدا حين قيل فيها الاشعار، قلت: وإسناده صحيح " (2)
75 - - وروى يزيد بن هارون، عن يحيى بن



(1) الأوائل ج 1 ص 238، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 137، والسيرة الحلبية ج 3 ص 45، والغدير ج 6 ص 213، عن السيوطي، وعن تاريخ القرماني هامش الكامل ج 1 ص 203، ومآثر الأنافة ج 3 ص 338، وراجع: بجيرمي على الخطيب ج 3 ص 336.
(1) راجع: إرواء الغليل ج 6 ص 318 و 319 عن البيهقي ج 7 ص 205.
216
سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: " قال عمر: لو تقدمت في متعة النساء لرجمت فيها.. "
وحسب نص شرح الموطأ: " لو تقدمت فيها لرجمت يعني المتعة " (1) سنده صحيح.
76 - - " قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة: بمن اقتديت في جواز المتعة؟!.
قال: بعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال: كيف! وعمر كان أشد الناس؟!.
قال: لأن الخبر الصحيح: أنه صعد المنبر، فقال: إن الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين، وإني



(1) الإيضاح ص 444، مستدرك الوسائل ج 14 ص 483 ط مؤسسة أهل البيت، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 48، والإستذكار ج 16 ص 306، والمصنف لابن أبي شيبة ج 3 ص 390.
217
محرمهما عليكم، أو أعاقب عليهما، فقبلنا شهادته، ولم نقبل تحريمه " (1)
77 - - وقال الطبري، والقوشجي، متكلم الأشاعرة: " إن عمر بن الخطاب خطب الناس، وقال: أيها الناس، ثلاث كن على عهد رسول الله (ص)، أنا أنهى عنهن، وأحرمهن، وأعاقب عليهن، وهي: متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل " (2)
78 - - عن ابن أبي خداش الموصلي، عن



(1) محاضرات الراغب ج 2 ص 214، والغدير ج 6 ص 212 عنه، والمسالك ج 1 ص 500، والجواهر ج 30 ص 148 و 149، وأصل الشيعة وأصولها ص 178، ومرآة العقول ج 3 ص 481، والمتعة للفكيكي ص 72.
(1) شرح التجريد مبحث الإمامة للقوشجي ص 484، وكنز العرفان ص 158 عن الطبري في المستنير، والصراط المستقيم ج 3 ص 277 عن الطبري، والغدير ج 6 ص 213 عن الطبري في المستبين عن عمر، وجواهر الأخبار، والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار ج 2 ص 192، عن التفتازاني في حاشيته على شرح العضد، ونفحات اللاهوت ص 98.
218
عيسى بن يونس، عن الأجلح، قال: " سمعت أبا الزبير، يقول: فيما يروى عن جابر بن عبد الله: تمتع عمرو بن حريث من امرأة بالمدينة، فحملت، فأتي بها عمر، فأراد أن يضربها؟ فقالت: يا أمير المؤمنين تمتع مني عمرو بن حريث، فقال: من شهد نكاحك؟ فقالت: أمي وأختي.. فقال عمر: بغير ولي ولا شهود!!.
فأرسل عمر إلى عمرو فقام (فقدم) عليه، فسأله، فقال: صدقت.
فقال عمر رضي الله عنه للناس: هذا نكاح فاسد، وقد دخل فيه ما ترون، فرأى عمر ان يحرمه..
فقال أبو الزبير: فقلت لجابر: هل بينهما

219
ميراث؟ قال: لا " (1)
79 - - عبد الله بن عبيدة بن حميد عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: " خطب عمر رضي الله عنه الناس، فقال: إن الله عز وجل رخص لنبيه (ص) ما شاء، وإن النبي قد مضى لسبيله، فاتموا الحج والعمرة، كما أمركم الله عز وجل، وحصنوا فروج هذه النساء " (2) سنده صحيح.
لكن أتباع عمر خالفوا عمر في متعة الحج، وحكموا بجوازها، وقبلوا منه تحريم زواج المتعة، مع أنه حرمهما في موقف واحد.



(1) تاريخ المدينة لابن شبة ج 2 ص 716 و 717، والأوائل ج 1 ص 238 ط سنة 1975.
(1) مسند احمد ج 1 ص 17، وراجع: تحريم نكاح المتعة ص 108.
220
80 - - وفي نص آخر: عن زاهر عن أبي لبيد، عن سويد، عن يحيى، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: " لما استخلف عمر رضي الله عنه قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا حصنوا فروج هذه النساء، وأتموا الحج والعمرة لله، فإنه قد انطلق برسول الله (ص) وكان الله عز وجل يرخص لرسوله ما شاء ".
قال نصر بن إبراهيم المقدسي: " هذا يدل على صحة ما قلناه من الإجماع على تحريمها.. الخ (1)
81 - - عن سليمان بن يسار عن أم عبد الله ابنة أبي خيثمة: " أن رجلا قدم من الشام فنزل عليها، فقال: إن العزبة قد اشتدت علي، فابغيني امرأة أتمتع معها.



(1) تحريم نكاح المتعة ص 76 و 77.
221
قالت: فدللته على امرأة، فشارطها، وأشهد على ذلك عدولا، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه خرج.
فأخبر عن ذلك عمر بن الخطاب، فأرسل إلي، فسألني: أحق ما أحدثت؟.
قلت: نعم.
قال: فإذا قدم فآذنيني به.
فلما قدم أخبرته، فأرسل إليه، فقال: ما حملك على الذي فعلته؟.
قال: فعلته مع رسول الله (ص)، ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله، ثم مع أبي بكر، فلم ينهنا عنه، حتى قبضه الله، ثم معك، فلم تحدث لنا فيه نهيا!!.
فقال عمر: أما والذي نفسي بيده، لو كنت تقدمت

222
في نهي لرجمتك، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح ". (1)
82 - - عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم: " أن محمد بن الأسود بن خلف أخبره: أن عمرو بن حوشب، استمتع بجارية بكر، من بني عامر بن لؤي، فذكر ذلك لعمر، فسألها فقالت: استمتع منها عمرو بن حوشب، فسأله، فاعترف فقال عمر: من أشهدت؟.
قال: لا أدري، أقال: أمها، أو أختها، أو أخاها، وأمها؟.
فقام عمر على المنبر، فقال: ما بال رجال



(1) منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج 6 ص 405 عن ابن جرير، ودلائل الصدق ج 3 ص 102، والغدير ج 6 ص 207، وكنز العمال ج 16 ص 522 ط مؤسسة الرسالة، وج 22 ص 95 ط الهند عن الطبري في تهذيب الآثار..
223
يعملون بالمتعة، ولا يشهدون عدولا، ولم يبينها إلا حددته [هكذا في المصنف والعبارة ناقصة، وعبارة كنز العمال، عن ابن عساكر وسعيد بن منصور، هكذا: ولا أجد رجلا من المسلمين متمتعا إلا جلدته مئة جلدة].
قال: وأخبرني هذا القول عن عمر، من كان تحت منبره، سمعه منه حين يقوله.
قال: فتلقاه الناس منه " (1) سنده صحيح.
83 - - وروى الطبري وغيره قصة طويلة عن: " أن عمر سأل عمران بن سواد عما ينقمه الناس منه، فأخبره: أن أمته عابت منه أربعا: وكان من جملة هذه



(1) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 500 و 501، وكنز العمال ج 22 ص 94 ط الهند و ج 16 ص 520 ط مؤسسة الرسالة. عن ابن عساكر وسعيد بن منصور وغير ذلك.
224
الأربعة: تحريم متعة النساء، وقد كانت رخصة فنستمتع بقبضة وتفارق عن ثلاث، فاعتذر عمر عن ذلك بأن رسول الله (ص) إنما أحلها في زمان ضرورة، وقد رجع الناس إلى السعة..
والقضية طويلة، وهي صريحة في أن تحريمها كان اجتهادا من عمر، لا أكثر ولا أقل ". (1)
84 - - وعن إبراهيم بن محمد عن أبيه، عن عيسى، عن عمر، عن خالد بن ميمون، عن قتادة بن دعامة، عن ابن المسيب قال: " بلغ عمر أن ناسا من الناس يتزوجون بالمتعة، فغضب غضبا شديدا، ثم أمر مناديا فنادى بالصلاة جامعة. فصعد المنبر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: " يا أيها الناس، متعتان كانتا



(1) تاريخ الطبري ط الإستقامة ج 3 ص 290، وشرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 121، والجواهر ج 30 ص 146، والغدير ج 6 ص 212.
225
على عهد رسول الله (ص) أنهى عنهما، وأعاقب عليهما: متعة الحج، فأتموا الحج والعمرة لله، كما أمركم الله تعالى في كتابه، ومتعة النساء، فوالذي يحلف به عمر: لا أدل على رجل تزوج امرأة إلى شرط إلا غيبتهما كلاهما في الحجارة، فأبتوا تزويج النساء " (1)
85 - - عن مالك بن انس عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال عمر: متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، متعة النساء، ومتعة
الحج " (2)
وعن سعيد بن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة قال:



(1) تحريم نكاح المتعة ص 72 و 73.
(1) التمهيد ج 10 ص 112 و 113، والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 519، وراجع: البيان والتبيين ج 2 ص 208 ط دار الفكر وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 16 ص 265.
226
" قال عمر بن الخطاب: متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما ".
زاد في نص آخر: رواه سعيد، عن هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة قوله: " متعة النساء، ومتعة الحج " (1)
زاد الجصاص وغيره قوله: " لو تقدمت لرجمت.. "
وهذا النص فضلا عن صحته فهو متواتر النقل عن عمر (2)



(1) سنن سعيد بن منصور القسم الأول من المجلد الثالث ص 219 و 219، والإستذكار ج 16 ص 294، عن مالك وغيره، عن نافع عن ابن عمر عن عمر، وتحريم نكاح المتعة ص 106.
(1) قد تقدم ذلك بطرق وألفاظ مختلفة، عن كثير من المصادر، وكتب الصحاح ونزيد هنا: شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 182، وج 12 ص 251، وج 16 ص 265، والأم ج 7 ص 219، وسنن البيهقي ج 7 ص 206، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 6 ص 404، والأوائل لأبي هلال العسكري ج 1 ص 238، وتفسير النيسابوري (بهامش الطبري) ج 5 ص 17، والبيان والتبيين ط سنة 1380 ه‍ ج 4 ص 278 و ط أخرى ج 2 ص 223، وزاد المعاد ج 2 ص 184 " وفيه ثبت عن عمر " والتفسير الكبير للرازي - مستدلا به - ج 10 ص 51، وراجع ص 52 ط سنة 1357 ه‍ وفي ط آخر: ج 2 ص 172 و ج 3 ص 201 و 202، ووفيات الأعيان حسبما ذكرناه في هذا الفصل عما جرى بين المأمون ويحيى بن أكثم، وصحيح مسلم، وتلخيص الشافي ج 3 ص 153، و ج 4 ص 29، ومجمع البيان ج 3 ص 32، وكنز العرفان ج 2 ص 156 و 158، والجواهر ج 30 ص 139 و 140، ونفحات اللاهوت ص 98، والإيضاح ص 443، ودلائل الصدق ج 3 ص 102 و 103، وأحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 152، وفي ط أخرى ج 1 ص 279، والجامع لأحكام القرآن ج 2 ص 270، وبداية المجتهد ج 1 ص 342، والمحلى ج 9 ص 107، والتمهيد للقرطبي ج 23 ص 364 و 365 رواه بسندين، والتفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج 9 ص 54، والمرأة في القرآن والسنة لدروزة أيضا ص 182، وعن: المغني لابن قدامة ج 7 ص 527 ط دار الكتاب العربي، وعن شرح معاني الآثار باب مناسك الحج ص 374، والغدير ج 6 ص 211 عن بعض من تقدم، والمبسوط للسرخسي ج 5 ص 152 باب القرآن من كتاب الحج، وصححه، وكنز العمال ج 16 ص 519 ط مؤسسة الرسالة ج 22 ص 94 ط الهند عن أبي صالح، والطحاوي، و عن الطبري في تهذيب الآثار، وابن عساكر، وعن ضوء الشمس ج 2 ص 94.
227
86 - - وعن سعيد بن منصور قال: أنبأنا هشيم قال: حدثنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: " كانوا يتمتعون في النساء، حتى نهى عمر " (1) سنده صحيح.
87 - - وعن زاهر، عن أبي لبيد عن سويد، عن يحيى عن داود، عن سعيد بن المسيب قال: " نهى عمر على هذا المنبر عن متعة النساء، ومتعة الحج " (2)
88 - - وأخرج الحافظ ابن أبي شيبة، عن سعيد بن المسيب، قال: " نهى عمر عن المتعتين: متعة النساء ومتعة الحج " (3)



(1) سنن سعيد بن منصور ج 1 ص 218.
(1) تحريم نكاح المتعة ص 76.
(1) الدر المنثور ج 2 ص 141، وكنز العمال ج 16 ص 520 ط مؤسسة الرسالة ج 22 ص 94 ط الهند عن ابن جرير، عن مسدد، وعن مشكل الآثار للطحاوي وراجع: الإيضاح ص 443، والغدير ج 6 ص 211 عنه، وعن كنز العمال، وراجع: سنن سعيد بن منصور ج 1 ص 219.
229
ورواه سعيد بن منصور، عن هشيم، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب.
89 - - وأخرج الطبري، عن سعيد بن المسيب، قال: " استمتع عمرو بن حريث، وابن فلان، كلاهما: وولد له من المتعة، زمان أبي بكر وعمر " (1)
90 - -.. وقد روى ابن جريج وحده ثمانية عشر حديثا في حلية المتعة (2) هذا فضلا عما رواه غيره..
والظاهر أن أكثر هذه الروايات لم تصل إلينا، كما يتضح من ملاحظة ما وصل إلينا من نصوص عن أبي جريج، وقد أوردنا معظمها في هذا الفصل.



(1) منتخب كنز العمال، بهامش مسند أحمد ج 6 ص 404، والغدير ج 6 ص 221، وكنز العمال ج 16 ص 518 ط مؤسسة الرسالة و ج 22 ص 93 ط الهند.
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 271، وفتح الباري ج 9 ص 150 عن أبي عوانة في صحيحه، والمنار في المختار ج 1 ص 462.
230
وقال العسقلاني: " إن روايات عبد الرزاق عن تمتع التابعين، وبعض الصحابة صحيحة السند " (1)
91 - - قال المحقق الكركي: قرأت على العلامة كمال الدين أبي شريف الشافعي ببيت المقدس نيفا وأربعين حديثا أخرجها الحافظ ابن حجر العسقلاني المراغي، ساكن الطيبة المشرقة، بإسناده هكذا:
" متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص)، وبقيتا على عهد أبي بكر، حتى جاء رجل منكم فحكم برأيه ما حكم " (2)
92 - - عن ابن أبي مليكة قال: " قال عروة بن الزبير لابن عباس: أهلكت الناس، قال: وما ذاك؟



(1) فتح الباري ج 9 ص 151.
(1) راجع: نفحات اللاهوت ص 101.
231
قال: تفتيهم في المتعتين، وقد علمت أن أبا بكر وعمر نهيا عنه!!.
فقال: ألا للعجب!! أني أحدثه عن رسول الله (ص)، ويحدثني عن أبي بكر وعمر.
فقال: هما كانا أعلم بسنة رسول الله (ص) وأتبع لها منك، فسكت " (1)
93 - - ويذكر ابن أعثم مساجلة عير فيها ابن الزبير ابن عباس بأمور منها قوله بالمتعة، فقال له ابن عباس في جملة ما قال:
" وأما ذكرك للمتعة، أني أحلها، فإني إنما كنت



(1) منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 6 ص 404 عن ابن جرير، وراجع: زاد المعاد لابن القيم ج 1 ص 213، وجامع بيان العلم ج 2 ص 239، والغدير ج 6 ص 208 عنهما، وعن: مختصر جامع بيان العلم ص 226، وعن تذكرة الحفاظ للذهبي.. وراجع: مسند أحمد ج 1 ص 337، وكنز العمال ج 22 ص 93، و ط الهند، وط مؤسسة الرسالة بيروت ج 16 ص 519.
232
أفتيت في خلافة عثمان، وقلت إنما هي كالميتة، والدم، ولحم الخنزير لمن اضطر إليها، حتى نهاني عنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقال: إني سمعت رسول الله (ص) حين رخص فيها على حد الضرورة، وسمعته حين حرمها ونهى عنها بعد ذلك، وإن الله تبارك وتعالى قد حرمها، ونهى أن يرخص فيها فما رخصت فيها لأحد بعد ذلك إلى يومي هذا. فإنه قد كان يجب عليك ألا تذكر المتعة، فإنك ولدت من متعة، فإذا نزلت عن منبرك هذا فصر إلى أمك فسلها عن بردي عوسجة قال: فقال له ابن الزبير: أخرج عني، لا تجاورني، فقال: نعم، والله لأخرجن.. الخ " (1)



(1) الفتوح لابن أعثم ج 6 ص 251 وراجع ص 252.
233
94 - - روى الليث بن سعد، عن بكير بن الأشج، عن عمار مولى الشريد، قال: " سألت ابن عباس عن المتعة، أسفاح هي أم نكاح؟.
قال: لا سفاح ولا نكاح.
قلت: ما هي؟.
قال: المتعة، كما قال الله تعالى.
قلت: هل عليها عدة؟.
قال: نعم، حيضة.
قلت: يتوارثان؟!.
قال: لا " (1)



(1) الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 132، والتفسير الكبير ج 10 ص 49، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 223 و 224، والإستذكار ج 16 ص 296، ولباب التأويل ج 1 ص 343، ونيل الأوطار ج 6 ص 270، والمرأة في القرآن والسنة ص 179، وراجع: التفسير الحديث ج 9 ص 53، وعن فتح الباري ج 9 باب 31.
234
95 - - عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: " سألت عطاء: أيستمتع الرجل بأكثر من أربع جميعا؟ وهل الاستمتاع إحصان؟ وهل يحل استمتاع المرأة لزوجها إن كان بتها؟.
فقال: ما سمعت فيهن شيء، وما راجعت فيهن أصحابي " (1) سنده صحيح.
96 - - " وسئل ابن عباس عن متعة النساء، فقال: أما تقرأ سورة النساء، قال السائل، بلى.
قال: فما تقرأ فيها:} فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى {؟.
قلت: لا، لو قرأتها هكذا ما سألتك، قال: فإنها



(1) المصنف ج 7 ص 500، والتمهيد ج 9 ص 114.
235
كذا " (1)
97 - - قال ابن طاووس: ".. ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسيره عن حبيب بن أبي ثابت، قال: أعطاني عبد الله بن عباس مصحفا، فقال: هذا قراءة أبي بن كعب، فرأيت في المصحف: {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى}.
ورواه الثعلبي أيضا في تفسيره عن سعيد بن جبير، وأبي نضرة " (2)
98 - - ونقل عن ابن تيمية قال: " قد كان بعض



(1) الدر المنثور ج 2 ص 140 عن عبد بن حميد وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف، والحاكم وصححه من طرق عدة، والإيضاح ص 442.
(1) الطرائف ص 460، ونفحات اللاهوت ص 99، والدر المنثور ج 2 ص 140، وجامع البيان ج 5 ص 9، ومستدرك الحاكم ج 2 ص 305، وأحكام القرآن لابن عربي ج 1 ص 389، وعن تفسير الثعلبي، وتفسير البغوي.
236
الناس يناظر ابن عباس في المتعة، فقال له: قال أبو بكر، قال عمر.
فقال ابن عباس، يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء! أقول: قال رسول الله (ص)، وتقولون: قال أبو بكر، قال عمر؟! " (1)
99 - - وقال أبو عمر ابن عبد البر: " قرأت على عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب، قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن فضيل بن عمر، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: تمتع رسول الله (ص)، فقال عروة: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة..
فقال ابن عباس: ما تقول يا عرية؟!



(1) النصائح الكافية ص 179 عن جلاء العينين للآلوسي.
237
قال: نقول: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة. فقال: أراهم سيهلكون: أقول: قال رسول الله (ص)، ويقولون: قال أبو بكر وعمر " (1)
100 - - وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: " لا أوتي برجل تمتع وهو محصن إلا رجمته، ولا أوتي برجل تمتع وهو غير محصن إلا جلدته " (2)
101 - - وحسب نص ابن أبي شيبة، " لو أتيت برجل تمتع بامرأة لرجمته إن كان أحصن، فإن لم يكن أحصن ضربته " (3)
102 - - وقد أمر المأمون بأن ينادى بتحليل المتعة فدخل عليه محمد بن منصور وأبو العيناء، فوجداه يستاك، ويقول وهو متغيظ:



(1) جامع بيان العلم ج 2 ص 239
(1) التمهيد ج 9 ص 122.
(1) المصنف ج 3 ص 390.
238
" متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وعهد أبي بكر، وأنا أنهى عنهما، قال ومن أنت يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله (ص) وأبو بكر؟!
فأراد محمد بن منصور أن يكلمه فأومأ إليه أبو العيناء، وقال: رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن؟ فلم يكلماه.
قال: ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به، وخوفه من الفتنة الخ.. " (1)
وحسب نص ابن شاكر الكتبي: " نادى مناديه بإباحة متعة النساء، فلم يزل به يحيى بن أكثم، وروى له حديث الزهري، عن ابني الحنفية، عن



(1) وفيات الأعيان ج 6 ص 149 و 150، والسيرة الحلبية ج 3 ص 46، وتاريخ بغداد ج 14 ص 159 و 200. والنص والاجتهاد للإمام شرف الدين ص 193، وقاموس الرجال ج 9 ص 397، وبغداد ص 198 و 202.
239
أبيهما محمد عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) نهى عن متعة النساء، يوم خيبر، فلما صحح له الحديث رجع إلى الحق وأبطلها " (1)
103 - - قال عمر بن شبة: " يقال إن عمرو بن حريث استمتع من امرأة من بني سعد ابن بكر فولدت فجحد ولدها ".
104 - - ثم ذكر استمتاع سلمة بن أمية بن خلف من سلمى مولاة حكيم بن أمية بن حارثة وجحده ولدها، ثم قال:
105 - - واستمتع سعد بن أبي سعد بن أبي طلحة من بني عبد الدار من عميرة مولاة لكندة، فولدت عبد الله بن سعد.
106 - - ثم استمتع منها فضالة بن جعفر بن أمية

240
بن عابد المخزومي: فولدت له أمية بن فضالة.
107 - - واستمتع عبد الله بن أبي عوف بن جبيرة السهمي من بنت أبي لبيبة مولاة هشام بن الوليد بن المغيرة - - وكانت تبيع الشراب ويغشى بيتها، فولدت له يوسف - - لا عقب له - - فقال له عمر رضي الله عنه: أتعترف بهذا الغلام؟ قال: لا، قال: لو قلت نعم لرجمتك بأحجارك. وكان عمر رضي الله عنه يعرف هذه المرأة بالسوء فحرم المتعة " (1)
108 - - روي أن عبد الله بن معمر الليثي قال لأبي جعفر (أي الباقر (عليه السلام)): " بلغني أنك تفتي في المتعة؟!.
فقال: أحلها الله في كتابه، وسنها رسول الله

241
(ص)، وعمل بها أصحابه.
فقال عبد الله: فقد نهى عمر عنها؟.
قال: فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول صاحبي رسول الله (ص).
قال عبد الله: فيسرك أن نساءك فعلن ذلك؟!.
قال أبو جعفر: وما ذكر النساء ها هنا يا أنوك (1) إن الذي أحلها في كتابه، وأباحها لعباده أغير منك وممن نهى عنها تكلفا، بل يسرك أن بعض حرمك تحت حاكة يثرب نكاحا؟.
قال: لا.
قال: فلم تحرم ما أحل الله لك؟.
قال: لا أحرم، ولكن الحائك ما هو لي بكفؤ.

242
قال: فإن الله ارتضى عمله، ورغب فيه، وزوجه حورا، أفترغب عمن يرغب الله فيه، وتستنكف ممن هو كفؤ، لحور الجنان كبرا وعتوا؟.
قال: فضحك عبد الله، وقال: ما أحسب صدوركم، إلا منابت أشجار العلم، فصار لكم ثمره وللناس ورقه " (1)
109 - - وروى سالم بن عبد الله بن عمر: " ان عمر بن الخطاب صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام ينكحون هذه المتعة، وقد نهى رسول الله (ص) عنها، لا أجد رجلا نكحها إلا رجمته بالحجارة " (2)

243
110 - - ويقول البعض: " إن بعض العرب - - على قول ابن الكلبي - - استمتعوا بنساء، فولدن لهم أولادا فجحدوا الأولاد " (1)
ولعله قد اعتمد على ما لم نعثر عليه من النصوص، كروايات ابن جريج الثمانية عشرة التي لم تصلنا بالتفصيل.
111 - - حدثنا سعيد بن منصور وابن أبي عمر جميعا، عن الفزاري، قال سعيد: حدثنا مروان بن معاوية، أخبرنا سليمان التيمي، عن غنيم بن قيس قال: " سألت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن المتعة فقال: فعلناها وهذا يومئذ كافر بالعرش، يعني بيوت مكة ".

244
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سليمان التيمي بهذا الإسناد، وقال في روايته: (يعني معاوية) (1) سنده صحيح.
لكن عبارته هكذا: " فسألت سعدا عن المتعة وعن الجمع بينهما " وهذه العبارة تشير إلى متعة الحج كما هو ظاهر.
ولكن سيأتي في الفصل التالي: أن المراد هو خصوص متعة النساء، فانتظر.
ختامه مسك: أبو حنيفة وعطاء:

245
وقبل أن نغادر هذا الفصل نلفت النظر إلى الأمور التالية:
1 - - أن عطاء الذي كان من أعيان التابعين يصر على الإفتاء بالمتعة، فقد روي: أنه قيل لأبي حنيفة: " ما لك لا تروي عن عطاء؟!.
قال: لأني رأيته يفتي بالمتعة " (1)
والسؤال هو: كيف يقول أبو حنيفة هذا، وهو نفسه يفتي بالمتعة حسبما تقدم.

246
ونقول:
إن المروي عن أبي حنيفة هو تجويز زواج المتعة، إلا أن يكون أبو حنيفة قد مر بمرحلتين، مرحلة التقليد والاتباع للآخرين، وذلك في بدء أمره حينما كان يروي عن هذا وذاك، ومرحلة الإجتهاد والفتوى، فاكتشف عدم صحة تلك الروايات فرفضها كما رفض غيرها، وأفتى بما انتهى إليه علمه من بقاء حكم الحلية لهذا الزواج.
وتقدم نقل ذلك عن مالك، وأحمد بن حنبل أيضا.
ابن شهاب وأهل مكة:
يقول أبو عمر صاحب الإستيعاب: ".. وهذا ابن شهاب قد أطلق على أهل مكة في زمانه: انهم ينقضون عرى الإيمان ما استثنى منهم أحدا، وفيهم من جلة العلماء، من لا خفاء بجلالته في الدين.

247
وأظن ذلك والله أعلم لما روي عنهم في الصرف، ومتعة النساء " (1)
الإصرار على المنع، والإصرار على التحليل:
وتقدم أن أهل مكة واليمن، وأكثر أهل الكوفة، وجماعة من أهل البيت وشيعتهم، وطائفة من التابعين وغيرهم، يقولون بحلية زواج المتعة، وأن أهل الحجاز، كانوا يستعملون هذا الزواج كثيرا.. بل تقدم: أن ظاهر كلام جابر هو إجماع الصحابة على بقاء التحليل.
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة التي ذكرناها في فصل: أقوال.. ومذاهب، وفي الفصل الذي يليه وسواهما، فراجع.

248
الفصل الرابع
إشكالات واهية في روايات
جابر.. و ابن الحصين.. و ابن مسعود

250
مع ما تقدم:
كانت تلك طائفة من الأخبار، التي تؤكد تشريع المتعة في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه، لم ينسخها، بل بقيت حلالا في زمانه، وفي زمان أبي بكر، وفي شطر، بل وإلى آخر خلافة عمر..
وقد اتضح: أن التحريم أو المنع إنما كان من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، لا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن طائفة من الصحابة، والتابعين لم يستجيبوا لرأي عمر في شأنها، فاستمروا على القول بحليتها، وعلى ممارسة هذا الزواج، غير آبهين بما كان من عمر في شأنه..
وقد رأينا: أن ما يزيد على نصف الروايات المتقدمة، قد وردت بطرق صحيحة السند، ومعتبرة، وهي موجودة في أصح الكتب والمسانيد عند القائلين

252
بالتحريم أنفسهم، ولو أغمضنا النظر عن تواتر بعض آحادها.. فإنه لا ريب في أن مجموعها فوق حد التواتر.. هذا مع سلامتها عن التعارض والتنافر الموجود في غيرها..
ونود أن نذكر هنا: بأننا قد تركنا طائفة من تلك الروايات التي اجتهد فيها الرواة ففسروا - - من عند أنفسهم - - كلمة " المتعة " الواردة بمتعة الحج.. رغم أن حملها على متعة النساء، لا سيما ما ورد منها عن ابن عباس وعمران بن الحصين، وأضرابهما، من القائلين، والمصرين على حلية المتعة.. هو الأجدر والأولى..
وما نريده من عقد هذا الفصل:
ونريد في هذا الفصل أن نذكر تعليقات أو ملاحظات قيلت، أو يمكن أن تقال، من قبل من

253
يلتزمون بتحريم زواج المتعة، فيما يرتبط بعدد من الروايات التي ذكرناها في الفصل السابق.
وسنرى أنها مجرد محاولات عقيمة ومقولات غير سديدة، لا تصلح للاعتماد عليها في شئ، ولعل منشأها هو: إما حسن الظن، أو عدم التدبر في النص، أو عدم الاطلاع على سائر النصوص، أو غير ذلك..
فإلى ما يلي من مطالب..
الخلافات الحزبية هي سبب إختلاف الروايات:
وقد قال البعض ردا على الرواية التي عن علي (عليه السلام): لولا أن عمر نهى عن المتعة لما زنى إلا شقي، حيث يفهم منها أن عمر نهى عنها اجتهادا.
وردا على رواية عمران بن الحصين: إن آية المتعة نزلت في كتاب الله، ولم تنزل بعدها آية تنسخها الخ..

254
وردا على ما روي عن جابر: نعم، استمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأبي بكر، وعمر.
وردا على قول عمر: متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حلالا، وأنا أنهى عنهما الخ.. قال ما يلي:
" يتراءى لنا من خلال هذه الروايات أصابع الخلافات الحزبية في صدر الإسلام، إذ لا يعقل أن يصدر عن عمر هذا القول الأخير الذي عزي إليه، ولا يعقل أن يسكت أصحاب رسول الله (ص) وفيهم علي (ع)، ويرضوا عن إعلان تحريم ما كان في عهد رسول الله (ص) حلالا " (1)
ونقول:



(1) التفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج 9 ص 54، والمرأة في القرآن والسنة ص 182.
255
إننا نسجل ما يلي:
أولا: إن هذا الرجل يعترف أن هذه الروايات تشير إلى أصابع الخلافات الحزبية في صدر الإسلام، إذن فأصحاب النبي (ص) هم المختلفون في هذا الأمر.. وذلك يعني أن القضية لم تكن بهذا الوضوح عندهم.
ثانيا: إن تبرئة الخليفة الثاني بهذه الطريقة ليست كافية للحكم ببراءته، لأننا رأيناه، يتدخل في كثير من الأحيان في أمور من هذا القبيل، ويستعمل هيبته وسلطته لفرض ما يريد على الآخرين.
ثالثا: وأما سكوت علي (عليه السلام) عن أمر كهذا، فقد عرفنا أنه سكت على ما هو أعظم من ذلك ألا وهو ضرب زوجته، وإسقاط جنينها، وغصب الخلافة، وغير ذلك.
وللسكوت أسباب قد لا نستطيع أن نلم بها.. فكيف

256
إذا صاحب هذا السكوت إصرار من الخليفة يصل إلى درجة التهديد، حيث لا يبقى أي احتمال لتأثير الاعتراضات في أجواء كهذه.
جابر لم يبلغه التحريم:
وأما بالنسبة لما روي عن جابر من أن المتعة كانت حلالا في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعهد أبي بكر، وصدر من خلافة عمر.
نجد أنهم قد ادعوا: أنه يجب حمل حديث جابر على أن الذي استمتع، أو أخبر بفعلها، لم يبلغه التحريم، ولم يكن قد اشتهر في زمن عمر، فلما وقع فيها النزاع ظهر التحريم واشتهر، وعلم

257
النسخ.. فرجع جابر إلى قول عمر، وامتنع (1)
ونقول:
1 - - لقد اتضح مما تقدم: أن عمر بن الخطاب هو أول من منع من زواج المتعة، وأن الصحابة كانوا في زمان عمر يمارسون هذا الزواج بحرية تامة، وبشكل طبيعي، وعادي، بل لقد استمروا على ممارسة هذا الزواج على نطاق واسع، حتى بعد نهي الخليفة الثاني أيضا..
2 - - لست أدري بماذا يمكن لمدعي النسخ أن يجيب على الأسئلة التالية:
لو كان هذا الزواج قد نسخ بالقرآن أو بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عام خيبر، أو عام الفتح،



(1) المنتقى ج 2 ص 520، وتحريم نكاح المتعة ص 105، وزاد المعاد ج 2 ص 184، وفتح الباري ج 9 ص 149، وشرح صحيح مسلم للنووي 5 / 1 / 173، وشرح الموطأ للزرقاني ج 3 ص 154 وراجع: نكاح المتعة للأهدل ص 191 و 307.
258
أو غيرهما، فلماذا لم ينه عنه أبو بكر طيلة أيام خلافته؟!.
ولماذا لم ينه عنه عمر في الشطر الأول من خلافته أيضا؟!.
وكيف لم يقبل الناس هذا النهي من عمر؟ بل استمروا على ممارسة هذا الزواج بحرية، وعلى نطاق واسع، رغم تهديداته القوية لمن يفعل ذلك؟!.
وكيف لم يحتج المانعون من زواج المتعة على الممارسين له بهذا النسخ المزعوم؟! حينما رأوهم بنهي الخليفة لا ينتهون، وعن ممارسة هذا الزواج لا يرتدعون؟!.
وإذا كانوا قد احتجوا عليهم بالنسخ، فلماذا لم

259
يقبلوا منهم ذلك ولا صدقوهم في روايتهم المزعومة؟! حتى صار أهل مكة واليمن يستعملونها كثيرا، وكذلك أهل الكوفة؟!.
وكيف لم يبلغ النسخ أمثال جابر بن عبد الله الأنصاري، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، وابن مسعود، وابن عباس، وعمران بن الحصين، وابن أم أراكة، وغيرهم ممن وردت أسماؤهم في هذا الكتاب وغيره.
إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة، والكبيرة، والخطيرة..
3 - - إن النسخ لا يثبت بخبر الواحد، فكيف ثبت لجابر بإخبار عمر به..
4 - - ثم من قال إن منع عمر كان يتخذ صفة الإخبار بالتحريم، فقد ذكرنا في أكثر من مورد: أن الظاهر هو أنه كان منعا سلطويا، وجبريا.

260
ولأجل ذلك لم يخضع له كثيرون، واستمروا على ممارسة هذا الزواج، وعلى القول به، حتى إن ابن جريج - - كما روي - - قد تمتع بسبعين امرأة، وكان أهل مكة يستعملونها كثيرا، وأهل اليمن. وأفتى ثلاثة من الأئمة - - حسبما نقل عنهم - - بحلية هذا الزواج عند الضرورة أو بدونها، إلى غير ذلك مما عرفناه في مطاوي هذا الكتاب.
5 - - إن عمر قد نسب النهي إلى نفسه، لا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما أن جابرا قد نسب النهي إلى عمر، ونسب التحليل إلى زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وزمان أبي بكر..
6 - - إن هذا الأمر وهو النسخ إن كان قد خفي على جابر، فإنه لا يخفى على غيره من كبار الصحابة، مثل ابن مسعود، وابن عباس، وغيرهم..

261
وخصوصا على علي (عليه السلام) الذي كان ملازما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفره وحضره..
7 - - ولماذا لا تعكس القضية، فيقال: إن عدم قبول كبار الصحابة وغيرهم من عمر، يدل على أن عمر هو الذي كان يجهل باستقرار الحلية، وبقائها، أو على الأقل كانوا يرونه مخطئا فيما ينقله لهم.
8 - - والأهم من ذلك كله: أن حديث جابر قد صرح بأنه إنما قال: استمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأبي بكر وعمر، حين بلغه اختلاف ابن عباس وابن الزبير في المتعتين. وسياق كلامه يدل على أنه بصدد تأييد ابن عباس الذاهب إلى حلية زواج المتعة فراجع.
9 - - ولعل هذا هو الذي دعى الشوكاني للقول: " قولهم: إن جابرا لم يبلغه النسخ لا يخلو من تعسف

262
" (1)
وذلك يعني: أن عدم بلوغ النسخ لعلي (عليه السلام)، وابن مسعود، وابن عباس، وغيرهم ممن تقدمت أسماء العشرات منهم، أكثر تعسفا، لأنهم أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من جابر.
إن ذلك وسواه يوضح لنا: أن القول بنسخ هذا التشريع ما هو إلا تعسف بغيض، وتجن على الحقيقة، واستهانة بعقول الناس.
أبو بكر وزواج المتعة:
وادعى بعضهم: أن حديث جابر يدل على أن أبا بكر يرى حل المتعة، وأن الظاهر هو أن موقف أبي بكر - - وهو الملازم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في جميع



(1) نيل الأوطار ج 6 ص 274.
263
غزواته، وأغلب حالاته - - من زواج المتعة هو التحريم.
وقالوا: " إن جابرا حين تحدث عن استمتاعهم في عهد أبي بكر لم يذكر اطلاع أبي بكر على فاعلها، والرضا به، وأعتقد أنه لو اطلع الصديق على فاعلها في خلافته لوقف منها موقف الفاروق.
وهذا الفاروق فعلت في عهده ولم يطلع عليها، كما يدل عليه حديث جابر الثاني، ثم اطلع بعد، فنهى عنها، وقال فيها أشد القول.
ولعل السبب في عدم اطلاع الصديق عليها كونها نكاح سر، حيث لم يشترط فيها الإشهاد كما أسلفنا.
ولما كانت خالية عن الإعلان، حق لها أن تخفى على القريب، فضلا عن المضطلع بأعباء الخلافة

264
إلخ.. " (1)
والمقصود من الحديث الثاني لجابر قوله: " استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر " (2).
ونقول:
أولا: إن حديث جابر إنما يدل على استمرار فعل الصحابة هذه المدة الطويلة، وهذا كاف في إثبات حلية ذلك، لأنه يدل على عدم وجود منع من رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم). ولا تأثير لمخالفة أو موافقة أبي بكر في ذلك فإن المهم هو ثبوت رضا الله ورسوله.
ثانيا: إن فعل الصحابة إذا كان مستمرا، وكان

265
استمراره ينتهي عند نهي عمر، الذي أصدره في أواسط، أو أواخر خلافته كما في بعض النصوص. وإذا كان هذا الاستمرار قد صاحبه ولادة رجال من المتعة عرفهم الناس بذلك - - وربما ولدت نساء منها أيضا.. ومن البعيد جدا أن يحصل ذلك ولا يطلع عليه أبو بكر ولا عمر، طيلة هذه السنين، وكان ذلك بمرأى من الناس ومسمع.. وقد كان يمكن أن ينهى عنه الخليفة، وكان الناس سوف يطيعونه، إذا هددهم بالرجم عليه كما هددهم عمر.. فلماذا لم ينههم إذن؟! أو لماذا لم يظهر لهم نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان مطلعا عليه دونهم كما يدعون؟!.
ولا ندري لماذا سكت الصحابة كلهم، أو قسم منهم، ولم يعترضوا على ممارسة هذا الزواج طيلة

266
هذه السنين فإن كانوا قد علموا وسكتوا فما هذه المداهنة في دين الله، وإن لم يعرفوا فكيف عرفه عمر وحده دون سائر الصحابة. وإن عرفه هو وأبو بكر ولم ينه عنه طيلة ما يقرب من عقد من الزمن.. فالسؤال هو: لماذا لم ينههم وقد كانت كل الظروف مهيأة لذلك، والناس كانوا يمارسون هذا الزواج كما كان الحال في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله).
ثالثا: إذا كان أبو بكر ملازما لرسول الله في جميع غزواته فغيره أيضا من الصحابة مثله في ذلك وهم كثيرون. ومن الذي قال لهم: إن ابن مسعود وابن عباس، وجابرا وابن الحصين وغيرهم كانوا أقل من أبي بكر ملازمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأما ملازمته له في أغلب حالاته فغير مقبول ولا مسلم.
ولو سلمنا ذلك.. فإن عليا (عليه السلام) كان أشد

267
ملازمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأقرب إليه وهو باب مدينة علمه، وهو مع الحق والحق معه، يدور معه حيث دار، وهو قائل ببقاء حلية هذا الزواج منكر لما صنعه عمر.. كما أشرنا إليه أكثر من مرة، وأشرنا أيضا إلى عدم صحة نقلهم خلاف ذلك عنه وسيأتي المزيد.
رابعا: إننا نجد هؤلاء الذين تدعى لهم الأقربية من الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يطلعوا على كثير من الأحكام التي هي أبسط من هذا الحكم، فراجع كتاب الغدير، الجزء السادس، فصل نوادر الأثر في علم عمر.. وراجع نفس ذلك الكتاب الجزء الخامس وغيره، مما تعرض لعلوم أبي بكر، بالإضافة إلى كتاب النص والاجتهاد، وكتاب دلائل الصدق وغير ذلك.
خامسا: من أين صح لهم القول الجازم بأن عمر لم

268
يكن قد علم باستمتاع الناس في عهده وعهد صاحبه أبي بكر، طيلة ما يقرب من عقد من الزمن. فهل هذا إلا رجم بالغيب؟ وتخرص غير مبرر ولا مقبول؟ فضلا عن أن يستظهر عدم معرفة أبي بكر بذلك.
سادسا: إن هذا القائل لم يستطع أن يجد ما يثبت أن أبا بكر يقول بتحريم المتعة، فلجأ إلى استظهار حاله فقال: الظاهر أن موقفه التحريم لها، وأنه لو اطلع على فاعلها لوقف منها موقف عمر، فلماذا لا يكون موقفه هو موقف علي (عليه السلام) وابن مسعود وجابر وابن عباس وغيرهم فيكون قائلا بالتحليل، لا سيما مع فعل الصحابة لها في زمنه، وبمرأى ومسمع منه، كما ظهر من رواية عمران بن الحصين وابن مسعود، خصوصا إذا انضمت إلى روايات جابر رحمهم الله تعالى..
سابعا: قوله: السبب في عدم اطلاع عمر عليها

269
كونها نكاح سر لا إشهاد فيه. غير صحيح.. لأن الموارد التي أغاظت عمر بن الخطاب فبادر بسببها إلى تحريم هذا الزواج قد كان فيها إشهاد.. لأنهم كانوا يشهدون على نكاح المتعة أيضا. فراجع فصل: النصوص والآثار عند أهل السنة الروايات رقم 68 و 77 و 79 و 81 و 12.
ثامنا: إن عدم اشتراط الإشهاد وعدم الإشهاد أيضا في النكاح لا يجعل هذا النكاح نكاح سر، وأهل البيت وشيعتهم لا يشترطون الإشهاد في النكاح الدائم، فهل أصبح نكاح سر أيضا؟! فإن الناس يطلعون على أمور كثيرة ولا يتستر عليها فاعلوها ولا يطلبون الشهادة عليها من أحد..
تاسعا: إن الإشهاد لا يجعل النكاح علنيا، فيمكن إشهاد الأصدقاء والكاتمين للسر، ويتحقق النكاح بشرائطه الشرعية جميعها، - - لو كان شرطا حقا - - فما

270
معنى الخلط بين الإعلان والإشهاد.
عاشرا: إن القرآن لم يشترط الإشهاد في النكاح، واشترطه في الطلاق.. لكن هؤلاء ألغوا الاشتراط في الطلاق، وأثبتوا ذلك في النكاح، تماما على عكس ما جاء في القرآن.
يكاد يفسق الصحابة!!
ويقول بعضهم:
إن قول جابر: استمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر الخ.. ليس معناه أنهم استمتعوا بعلم من النبي أو أن النبي وافقهم وأقرهم. أو أن أبا بكر أقرهم، أو أن عمر أقرهم قبل بيانه لتحريم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
" وليس معنى هذا أن ممارستها دليل على حلها كما يظن بعض الجهال، لأن أشياء كثيرة يمنعها القانون

271
سواء الإسلامي أو الوضعي، وتمارس من غير علم الحاكم، وإذا بلغ ذلك للحاكم وقف منها الموقف الذي يجب وقفه " (1)
ونقول:
1 - - إن هذا الكلام قد يستبطن الحكم على الصحابة بالفسق والفجور، حيث إنهم يمارسون أمرا ممنوعا شرعا على مدى سنين طويلة، من دون علم الحاكم، فلما علم الحاكم - - وهو عمر بن الخطاب حسب الفرض - - منعهم من ذلك..
2 - - ولو سلمنا أن المقصود هو ممارستهم لما اعتقدوا أنه حلال لعدم سماعهم للناسخ.. فإننا نقول:
إن هذا الاحتمال يرد في قول جابر لأن جابرا إنما

272
قال ذلك لتأييد ما ذهب إليه ابن عباس من حلية هذا الزواج، ورفض ما ذهب إليه ابن الزبير من التحريم.
3 - - لو سلمنا أن ذلك محتمل في كلام جابر أيضا.. لكنه غير محتمل في كلام غيره من الصحابة كابن مسعود، وعمران بن الحصين وابن عباس، وغيرهم.. فراجع فصل: النصوص والآثار في كتب أهل السنة.
رجوع جابر عن حلية المتعة:
ويقول بعضهم أيضا حول حديث مسلم: إن جابرا آتاه آت، فقال: ابن عباس، وابن الزبير اختلفا في المتعتين. فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم نهانا عنهما عمر، فلم نعد لهما. راجع الفصل السابق الحديث رقم 22 وغيره - - - يقول بعضهم:

273
" هذا الحديث يدل على امتناع جابر عنها لما اطلع على نهي رسول الله (ص) عن طريق عمر، وتصريحه بعدم العودة إليها دليل على رجوعه عن القول بحلها " (1)
وقال عن الصحابة: " كل من بلغه نهي رسول الله (ص) عن المتعة، فذلك موقفه منها، وكل من لم يبلغه النهي في عصر النبوة، ثم بلغه بعد ذلك، فإنه التزمه، وقال به إلا ابن عباس " (2)
ونقول:
1 - - كلام جابر يدل فقط على أنه لم يعد إلى ممارسة زواج المتعة.. أما سبب عدم عودته إليها فقد يكون هو الخوف من عمر، الذي تهدد فاعلها بالرجم،

274
والنكال. ولا يليق بصحابي جليل أن يعرض نفسه لمثل هذا الخطر العظيم.. ولا دليل على أن امتناعه عنها كان لأجل عدوله عن القول بالحل.
2 - - إن جابرا قد قال كلامه المعروف عنه حين بلغه اختلاف ابن الزبير وابن عباس في المتعة.. فظاهر كلامه أنه أراد الانتصار لابن عباس مستدلا بأن الصحابة قد عملوا بهذه السنة في زمان الرسول، وزمان أبي بكر وشطر كبير من خلافة عمر، ثم كان عمر هو الذي نهى عنها..
ولو أنه أراد الانتصار لابن الزبير لكان احتج بنهي رسول الله الثابت بقول عمر..
وكلام ابن مسعود، وابن الحصين وغيرهما قرينة على مراد جابر، فإنهم جميعا يقولون نحن نلتزم بما قاله الرسول (صلى الله عليه وآله) ولا يهمنا ولا نلتفت إلى كلام غيره.

275
3 - - إن اقتصاره في الاستثناء على ابن عباس في غير محله.. فقد ذكرنا عشرات من الصحابة قد أصروا على التزام هذا الاتجاه. ولم يرجعوا عن قولهم بالحلية وقد ذكرنا أسماء هؤلاء في فصل مستقل تقدم في هذا الكتاب.
4 - - ليس في حديث جابر إشارة إلى نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المتعة، ولا إلى أنه هو يعتقد: أن نهي عمر يمثل نقلا عن الرسول (صلى الله عليه
وآله)، وأنه قد اقتنع بذلك والتزم به لأنه كذلك.
عمران بن حصين وآية المتعة:
بالنسبة لرواية عمران بن الحصين المتقدمة برقم 57 و 58 و 59 و 60 نقول:
قال ابن حزم:.. المراد بالمتعة في حديث عمران متعة الحج، لا متعة النكاح، كما وقع صريحا

276
في حديث مسلم..
والمراد بآية المتعة قوله تعالى: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " (1)
ولعله لأجل ذلك نجد بعض المؤلفين، قد أورد هذه الرواية في كتاب الحج، كما فعل مسلم وغيره.
ويمكن تأييد ذلك برواية النسائي بسنده عن مطرف بن عبد الله قال: " قال لي عمران بن حصين: تمتعنا مع رسول الله (ص) " (2)
وحسب نص مسلم: " إن رسول الله قد تمتع وتمتعنا معه، زاد النسائي: قال فيها قائل برأيه " (3)
وقد لخص البعض هذه الإشكالات بما يلي:

277
أولا: إن الحديث قد أخرجه البخاري في كتاب الحج لا في كتاب النكاح.
ثانيا: إن غير البخاري روى الحديث، وصرح فيه عمران بأنه يقصد متعة الحج. فراجع: صحيح مسلم، ومسند أحمد، وابن ماجة، والنسائي، وطبقات ابن سعد، ومسند الطيالسي، وسنن الدارمي.
ثالثا: إن شراح البخاري كالعسقلاني والعيني والقسطلاني. وشراح مسلم كالنووي والمازري وغيرهم، قد فسروا المتعة في حديث عمران بمتعة الحج (1)
ونقول:
أولا: قد عد كثير من العلماء والمفسرين عمران بن

278
حصين في جملة القائلين بحلية نكاح المتعة، استنادا إلى هذه الرواية بالذات.
وقد ذكرنا مصادر ذلك فيما تقدم.
كما أن كثيرين قد ذكروا الرواية في دائرة متعة النساء، فراجع ما أورده النيسابوري، والرازي، وأبو حيان، والثعلبي، وغيرهم..
فإن كان البخاري وغيره قد فهموا أن المراد هو متعة الحج، فأوردوا الرواية في بابه؛ فهؤلاء قد فهموها في متعة النساء، فلماذا يرجح فهم أولئك على فهم هؤلاء.
وكلمة متعة الحج في بعض نصوصها إنما هي من تفسيرات الراوي وتوضيحاته التي ترمي إلى تأييد اتجاه معين.
إذ لو كانت في أصل الرواية لم يختلف هؤلاء

279
وأولئك في فهمها..
ثانيا: إن هذا الإصرار من عمران بن حصين إنما يناسب متعة النساء، فإن متعة الحج لم تكن موردا للتحدي..
ويؤكد ذلك قولهم إن عمر حين منع عن عمرة التمتع " لم يرد إبطال التمتع، بل ترجيح الإفراد عليه " (1)
ثالثا: إن ظاهر رواية مسلم هو أن الراوي هو الذي فسر المتعة بمتعة الحج.. فإنه قد ذكر الرواية بطريقين فقال:
" حدثنا محمد بن المثنى، حدثني عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا قتادة عن مطرف، عن عمران بن

280
حصين رضي الله عنه قال: تمتعنا مع رسول الله (ص)، ولم ينزل فيه القرآن قال رجال ما شاء " (1)
وذكر نصا آخر: " عن حامد بن عمر البكراوي، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، عن بشر بن المفضل، عن عمران بن مسلم، عن أبي رجاء، قال: قال عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله (يعني متعة الحج) وأمرنا بها رسول الله (ص) ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله (ص) حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء " (2)
فنجد أن الراوي في الرواية الثانية قد فسر فيها في البداية مراد عمران، ثم أقحمت في الرواية عبارة أفسدت السياق، فلاحظ قوله: ثم لم تنزل آية

281
تنسخ آية المتعة في كتاب الله الخ..
وهكذا الحال في غير ما ورد في صحيح مسلم..
رابعا: قولهم في رواية النسائي وغيرها: " ان رسول الله قد تمتع وتمتعنا معه " يدل على أن المراد هو متعة الحج، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يمارس متعة النساء.
لا يصح، وذلك لما يلي:
1 - - قد وردت نصوص دلت على أنه (صلى الله عليه وآله) قد تزوج متعة أيضا (1)
2 - - وحتى لو لم يثبت ذلك، فلا دليل على أنه

282
(صلى الله عليه وآله) لم يمارس هذا الزواج المؤقت.. بل تكون هذه الرواية نفسها دليلا وشاهدا على حصول ذلك منه.
3 - - قوله: " فعلناها مع رسول الله " لا يدل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد فعل ذلك معهم بل يدل على أنهم قد فعلوها حين كانوا مع الرسول وفي عهده، وبمرأى ومسمع منه..
خامسا: قد صرحت الرواية رقم 57، عن عمران بن الحصين بأنه يتحدث عن متعة النساء، فإطلاق الكلام في رواية أخرى للبخاري ومسلم والنسائي لا بد أن يحمل على ما صرحت به تلك الرواية..
والتقييد الوارد في رواية أخرى، يصبح غير ذي قيمة مع وجود التصريح بخلافه، ومع احتمال أن يكون

283
ذلك من توضيحات الراوي.
سادسا: ولو سلمنا التصريح بمتعة الحج، فإننا نقول: إنه لا مانع من أن يكون عمران قد تحدث مرة عن متعة النساء، وأخرى عن متعة الحج، وأشار إلى نزول القرآن بتشريع هذه وتلك، مستعملا نفس الأسلوب، ما دام أن ثمة توافقا في إطلاق كلمة " المتعة "، وفي نزول آية قرآنية في هذه وفي تلك.. وفي تحريمهما من قبل الخليفة الثاني في مقام واحد.
سابعا: قولهم: إن قول عمران " فعلناها مع رسول الله " يقتضي التعميم. وهذا ما حدث في حجة الوداع حين أمر (صلى الله عليه وآله) أصحابه الذين لم يسوقوا هديا أن يحلوا من إحرامهم بعمل عمرة..

284
غير كاف في إثبات ما يرمون إلى إثباته. وذلك لما يلي:
1 - - إنه يكفي في صحة قوله فعلناها. هو فعل طائفة من الصحابة لأمر ما بمرأى ومسمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ليدل ذلك على جوازه. ولا يلزم أن يفعله الجميع..
2 - - إنه إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أمرهم بذلك في حجة الوداع ففعلوا العمرة بمحضره، فإنه أيضا قد رخص لهم سنوات طويلة بممارسة زواج المتعة. فهذا التعميم ليس بأولى من ذاك.
ثامنا: قولهم: إن قول عمران " ولم ينه عنها حتى مات " لم يحصل إلا بشأن متعة الحج أما المتعة فقد نهى عنها رسول الله (ص)..

285
عجيب وغريب، فإنه مصادرة على المطلوب، واستدلال بما هو محل النزاع، وبما هو غير ثابت، بل الثابت خلافه.. وأن عمر هو الذي نهى عنه كما نهى عن متعة الحج..
لم ينهنا أي: ما بلغنا:
وثمة من يحاول الهروب من غائلة القول باستمرار حلية زواج المتعة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيفسر قول عمران بن الحصين، " قال رجل برأيه ما شاء ".. كما ويفسر قولهم: " لم ينهنا عنها "، بأن المراد: ما بلغنا أنه نهى عنها.
ونقول:
إن من الواضح: أن هذا تأويل بارد ورأي فاسد، لا ينسجم مع ظهور الكلام، الذي ينفي صدور النهي

286
من الأساس من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإلا، فقد كان بإمكانه أن يقول: ما بلغنا أنه نهى عنها، فإنه عربي صميم، يعرف كيف يعبر عن مقاصده.
ولو فتح باب التأويلات من هذا الطراز لم يبق حجر على حجر، ولأمكن قلب الحقائق، ولظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي المؤولين..
مع رواية ابن مسعود حول المتعة:
ذكرنا في فصل النصوص والآثار، رواية لابن مسعود حول المتعة، قرر فيها حليتها، مستشهدا لذلك بآية: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم، ولا تعتدوا.
قال البيهقي: قال الشافعي: " ذكر ابن مسعود الإرخاص في نكاح المتعة، ولم يوقت شيئا يدل، أهو قبل خيبر؟ أو بعدها. وأشبه حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في نهي النبي (ص) عن

287
المتعة أن يكون - - والله أعلم - - ناسخا له ".
ثم أشار البيهقي إلى رواية أخرى، لابن مسعود، تذكر: " أن المتعة إنما حللت لهم وهم شباب، مع أن ابن مسعود كان له من العمر يوم خيبر أربعون سنة، أو قريبا منها، والشباب كان قبل ذلك، فتحليل المتعة لا بد أن يكون قبل خيبر " (1)
ونقول:
أولا: إذا كان ابن مسعود هو الذي تلا هذه الآية: {لا تحرموا ما أحل الله لكم..} كما هو صريح رواية البيهقي ومسلم، وكثير ممن نقلوها عن البخاري.. فإن هذا يكون اعتراضا من ابن مسعود على عمر في تحريمه لزواج المتعة، ويكون ابن مسعود من القائلين باستمرار حليتها.

288
وهذا ما لا بد من استظهاره من كل من جعل الآية من تلاوة ابن مسعود، وهو أيضا ما اعترف به النووي، والقرطبي، وابن القيم، وغيرهم.. (1)
وأما إذا كانت كلمة عبد الله قد حذفت من قوله: " قال عبد الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم..}.
فكما يحتمل أن تكون الآية من تلاوة ابن مسعود، كذلك يحتمل أن تكون من تلاوة النبي (ص) - - كما فهم المظفر والجصاص.. (2)
ومعنى ذلك هو: أن النبي (صلى الله عليه وآله) يتنبأ بأن البعض سوف يقدم على تحريم هذا الزواج

289
بعد وفاته (صلى الله عليه وآله).
فيكون ذلك منه (صلى الله عليه وآله) بمثابة تحذير، وزجر لمن يريد أن يفعل ذلك، وإدانة لما يقدم عليه، لما فيه من تحريم ما أحله الله سبحانه..
وقد رأينا منه (صلى الله عليه وآله) العديد من التنبؤات التي من هذا القبيل، وقد ظهر صدقها فيما بعد، كتنبؤه بمن يجلس على أريكته، ويأتيه حديث رسول الله (ص) فيرده، ويقول: " لا أدري ما وجدت في كتاب الله اتبعته " أو نحو ذلك (1)

290
ومهما يكن من أمر فقد قال ابن قيم الجوزية: " ظاهر كلام ابن مسعود إباحتها " (1)
وثانيا: قول البيهقي: " إن وصف الشباب لا يصدق على من له من العمر أربعون سنة "، لا يصح، بل ان سن الأربعين هو عنفوان الشباب، كما هو معلوم.
الزيادة في رواية ابن مسعود:
وقد زعم العسقلاني: ان رواية ابن مسعود المتقدمة في الفصل السابق برقم: 56، لا تدل على حلية زواج المتعة فقد ذكر أن ظاهر استشهاد ابن مسعود بالآية هنا: يشعر بأنه كان يرى جواز المتعة، فقال القرطبي: لعله لم يكن حينئذ بلغه

291
الناسخ ثم بلغه فرجع بعد.
فعقب عليه العسقلاني بقوله:
" قلت: يؤيد ما ذكره الإسماعيلي: أنه وقع في رواية أبي معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد: (ففعله ثم ترك ذلك) قال: وفي رواية لابن عيينة، عن إسماعيل، ثم جاء تحريمها بعد، وفي رواية معمر عن إسماعيل (ثم نسخت) " (1)
ونقول:
1 - - لو كان لهذه الزيادات المزعومة أي اعتبار لذكرها البخاري، ومسلم في صحيحهما..
2 - - إن هذه الزيادات مختلفة في المعنى، فقوله: " ففعله ثم ترك بعد ذلك " ظاهر في ان الفقرة ليست من كلام ابن مسعود، بل هي من كلام غيره

292
عنه حكاية لحال ابن مسعود، ولعلها من اجتهادات الرواة، لكن الفقرتين الأخريين كما يمكن أن تكونا من ابن مسعود، كذلك يمكن أن تكونا من كلام الراوي.
كما أن قوله: " ثم جاء تحريمها بعد لا يدل على أن التحريم جاء من قبل النبي (ص) بالخصوص، وعلى هذا، فلا يمكن الاعتماد على زيادة هذه حالها ".
3 - - إن هذه الزيادة تتناقض مع الاستشهاد بالآية، لأن هذا الاستشهاد يفيد الإنكار على من حرم، ومنع، وهذا الاستشهاد يفيد صوابية هذا التحريم والمنع، وهذا ظاهر.
زيادة في رواية ابن مسعود:
قال بعضهم معترضا:

293
أما حديث ابن مسعود (رض) فهو موضع اتفاق عليه، ولكن أخرج عبد الرزاق في مصنفه زيادة فيه، تحدد زمن التحريم، ولفظها: ثم حرمها بخيبر، وما كنا مسافحين (1).
ونحن لا ننكر الترخيص فيها قبل خيبر، ثم تحريمها كما سبق.
وأما قوله: " إن استشهاد الرسول يتضمن إنكاره لقول من يقول بالتحريم ".
فالجواب: إن الآية الكريمة، صرح مسلم: أن ابن مسعود هو المدلل بها على ما ذكر، ولفظه: " ثم قرأ علينا عبد الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}،

294
وليس الرسول (ص) (1).
ولا دليل على ما ذكره المخالف، إذ أن المتعة في زمن الترخيص فيها من الرسول (ص) كانت من الطيبات، ثم لما وقع الحظر منه (ص) صارت محرمة (2). انتهى كلام هذا المعترض.
ونقول:
قد اعترف هذا المستدل بأن ابن مسعود هو الذي استشهد ودلل بالآية الكريمة على مقصوده، وليس هو الرسول..
ومن الواضح: أن ذلك أشد إحراجا للمستدل، لأنه يدلل على استنكار ابن مسعود على من يحرم المتعة، ويقول له: كيف تحريم طيبات أحلها الله لك؟!

295
بل لو أن الآية كانت من كلام الرسول لصح القول: إن الرسول إنما يرد على من استنكف عن المتعة، ولم يرض بها حين حللها الله ورسوله.. ولا يدل على استمرار الحلية إلى ما بعد وفاته.
ومهما يكن من أمر، فإنه لما كان ابن مسعود هو الذي يستنكر على من حرمها. ويقول له: لا تحرم طيبات أحلها الله لك، فإن ذلك أدل على بقاء حلية زواج المتعة إلى ما بعد وفاة الرسول..
وذلك يتناقض مع عبارة " ثم حرمها بخيبر " ويدل على أنه كلام غريب قد دس في كلام ابن مسعود بصورة عشوائية، لحاجة في النفس، وقد أوجب إدراجه فيه اختلالا وتناقضا واضحا في السياق وفي المعنى كما هو ظاهر، فلاحظ.

296
ألا نستخصي.. ودلالاتها:
وبالنسبة لرواية عبد الله ابن مسعود التي مرت في الفصل السابق برقم 56 وفيها أنهم كانوا في الغزو فقالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): " ألا نستخصي، فنهاهم ثم رخص لهم بالمتعة ".
نقول:
قال أبو حاتم: " الدليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الاستمتاع قولهم للنبي (ص): ألا نستخصي عند عدم النساء، ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم عن هذا معنى " (1)
ونقول: لعل ابن مسعود لم يكن يعلم لا بحظرها، ولا بإباحتها، ففهم من توجيه النبي (صلى

297
الله عليه وآله) لهم أنها ترخيص ابتدائي منه بعد الحظر مع وجود احتمالين أحدهما: أن يكون قد شرع لهم ذلك حينئذ، والثاني أن يكون قد شرعها قبل ذلك لكن ابن مسعود لم يطلع على ذلك.
وقال البيهقي تعليقا على قول ابن مسعود: " كنا - - ونحن شباب - - فقلنا: يا رسول الله، ألا نستخصي، قال: لا، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل " ما
يلي:
" وفي هذه الرواية ما دل على كون ذلك قبل فتح خيبر أو قبل فتح مكة، فإن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة، وكان يوم مات ابن بضع وستين سنة. وكان فتح خيبر في سنة سبع من الهجرة، وفتح مكة سنة ثمان فعبد الله سنة الفتح كان ابن أربعين سنة أو قريبا منها. والشباب قبل ذلك (وقد نهى) رسول الله (ص)

298
عن متعة النساء زمن خيبر " (1)
ونظن أننا لسنا بحاجة إلى التعليق على هذا القول، فهل كان ابن مسعود شابا سنة سبع ثم أصبح شيخا في سنة ثمان أو تسع؟!.
ابن مسعود يسمي المتعة سفاحا:
وقد ذكر البعض: أن ثمة روايات صحيحة سندا، تقول: إن ابن مسعود سمى المتعة سفاحا، ويقرب من المستحيل أن يفتي بإباحتها بعد أن يعلن أنها بمنزلة السفاح (2).
ونقول:
أولا: إن روايات تحليل ابن مسعود للمتعة صحيحة السند، وقد رويت في كتب الصحاح فإذا كان من



(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 7 ص 201.
(1) نكاح المتعة للأهدل ص 307.
299
المستحيل أن يفتي بإباحتها بعد أن اعتبرها بمنزلة السفاح، فإن من المستحيل أيضا: أن يعتبرها بمنزلة السفاح بعد أن أفتى بإباحتها.
ثانيا: إذا كان الله ورسوله قد حرما هذا الزواج فإنه يكون سفاحا بالفعل لا بمنزلة السفاح..
ثالثا: إن لنا أن نحتمل أن تكون روايات التحريم عنه قد كانت قبل وفاة عمر، وذلك مجاراة له بسبب خوفه منه وذلك لتهديده برجم فاعلها، ولكنه لم يصرح بالتحريم بل اعتبرها - - بمنزلة - - السفاح. فلما مات عمر وارتفع المانع عاد فجهر بحقيقة الأمر، وهي حلية هذا الزواج الثابتة عن الله ورسوله، واستدل بآية قرآنية..
إلا أن يدعي هؤلاء: ان ابن مسعود أيضا قد علم بالتحريم من قبل عمر بن الخطاب أيضا حينما أعلن أنه هو الذي حرم ما كان حلالا على عهد رسول الله

300
(صلى الله عليه وآله)، وعهد أبي بكر.
فإذا كان الأمر كذلك؛ فلا بد أن نسأل عن السبب في انحصار المعرفة بالتحريم المؤبد بهذا الرجل الذي أظهرت الروايات أنه لم يكن على اطلاع على كثير من الأحكام. وقد أورد في كتاب الغدير، وفي كتاب النص والاجتهاد، وفي كتاب دلائل الصدق وغير ذلك الكثير من الموارد والشواهد على هذا الأمر..

301
الفصل الخامس
محاذير لا تصح في روايات
ابن عباس، وعلي (ع)، وابن عمر.. و..

303
سل أمك:
قد ورد في فصل النصوص والآثار (حديث 27 و 28): أن ابن عباس قال لابن الزبير: سل أمك.. الخ، فسألها، فأقرت بأنها ما ولدته إلا في المتعة.
وثمة أحاديث كثيرة أخرى ذكرناها في ذلك الفصل تدخل في هذا السياق فراجع.
وقد ناقش البعض في هذه الرواية، باستبعاد أن يكون المراد هو متعة النساء، فقال ما ملخصه:.. قلت: وهذا أضعف ناصر، وأوهى دليل، وأدل على ضعف المستدل به، وقلة علمه بأحكام الشريعة،

305
وأخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسيرة أصحابه، حين ترك الظواهر الصحاح من ذلك، وعدل إلى ما لا نفع له فيه..
وذلك أن أصحاب السيرة والتاريخ نقلوا أن الزبير تزوج أسماء بكرا، ثم مات عنها، ولم تتزوج غيره..
وما ذكره المخالف لا أصل له، ولم يعرف في كتاب أحد من أئمة الحديث، وأصحاب التصانيف، وحافظي الصحاح.
والذي يدل على صحة ذلك: أن الحجاج لما حصر عبد الله بن الزبير بمكة كان أصحابه يعيرون عبد الله فيقولون: يا ابن ذات النطاقين، فذكر ذلك لأمه أسماء فقالت: وتلك شكاة زائل عنك عارها، وأخبرته أنها سميت بذات النطاقين لأنهم لما صفوا سفرة رسول الله (ص) حين هاجر هو وأبو بكر لم

306
يحضرهم ما يشدون به السفرة، فأمرها أبو بكر أن تشق نطاقها اثنتين، وربطت بأحدهما السفرة، والسقاء بالآخر.
فلو كان هذا الذي ادعاه المخالف صحيحا، لم يجد الحجاج وأصحابه مع مخالفتهم في جواز المتعة واعتقادهم لبطلانها عيبا لعبد الله بن الزبير مثل أن يعيروه بأن أمه تزوجت متعة، وذلك لا يجوز عندنا وعندك، فهذا عيب فيك..
وكان ذلك أبلغ من ذكر النطاقين الذي هو مدح له، وهم يعرفون ذلك، فلما لم يذكروا ذلك دل على أنه لا أصل له..
وعلى أنه لو أورده المخالف في كتاب وإسناد - - ولا يقدر عليه صحيحا أبدا - - فإنا ننظر في إسناده، ونبين بطلانه - - إن قدر عليه - - بضعف ناقليه،

307
وفساد طرقه الخ.. (1)
ويقول المسعودي: ".. الزبير قد تزوج أسماء بكرا في الإسلام، وزوجه أبو بكر معلنا، فكيف تكون متعة النساء؟! " (2)
أي فلا بد أن يكون المراد: أنها ولدته في متعة الحج..
وقالوا أيضا ما يلي:
ألف: لو كانت أسماء ولدت ابن الزبير في المتعة لكان على الزبير أن يخلي أسماء ويفارقها عندما قال النبي (صلى الله عليه وآله): فمن كان عنده شيء فليخل سبيلها.
ب: إن رواية الراغب في محاضرات الأدباء ليس



(1) تحريم نكاح المتعة ص 118 و 120.
(1) مروج الذهب ج 3 ص 82.
308
لها سند فلا تعارض الروايات المسندة.
ج: إن ابن عباس يصف ابن الزبير بأنه عفيف في الإسلام، قارئ القرآن، أبوه حواري رسول الله، أمه بنت الصديق إلخ..
فلا يعقل إذن أن يقوله في وجهه، وفي امارته، وعلى ملأ من الناس: " سل أمك أسماء إذا نزلت عن بردي عوسجة.. " الخ.
د: إن حديث سطوع المجامر أخرجه أحمد في مسنده ج 6 ص 344 و 345 وذكر أن سطوع المجامر إنما كان في حج التمتع لا في متعة النساء.
ولكن هذه المناقشة غير واردة وذلك لما يلي:
أولا: إن كان المقصود أنها إنما ولدته في متعة الحج فإن ابن الزبير قد ولد في أوائل الهجرة، ولم تكن أسماء ولا الزبير قد أحرما للحج، ولا أرادا مكة.

309
وحتى لو فرض أنها كانت قد حملت به في مكة في موسم الحج فإنه ليس على المقيم في مكة حج تمتع.
كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن قد تحدث عن هذا الأمر.
ولا كانت آية متعة الحج قد نزلت بعد..
وثانيا: إن زواج المتعة لا ينافي الإعلان، ولا البكارة، إذ أن ذلك - - فيما يظهر - - كان أول الإسلام لا مانع منه، إذ يظهر من النصوص أنهم كانوا آنئذ يعلنون زواج المتعة، فراجع فصل النصوص، والآثار لتجد: أن بعض النساء قد شهدت أمها، وأختها على تمتعها، وبعضهن شهد وليهن على ذلك، وفي بعض ثالث: شهد على ذلك العدول، وشهد في بعض المواضع أيضا الأخ والأم.. وهكذا..
وعليه.. فلم يكن ثمة مانع من الإعلان، ولا من

310
إذن الأب لابنته في التزوج متعة، فضلا عن عدم مانعية البكارة من ذلك، فإنه يجوز التمتع بالبكر كما يجوز بالثيب، تماما كما هو الحال في النكاح الدائم.
وثالثا: قد صرحت بعض نصوص هذه القضية بأن الحديث بين ابن عباس وابن الزبير قد كان عن خصوص متعة النساء حيث يذكر ابن عبد ربه مثلا: " إن ابن الزبير عيره بقتال أم المؤمنين، وبأنه يفتي بزواج المتعة.. ".
فكان من جواب ابن عباس له قوله: ".. وأول مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير " (1)
ورابعا: قد ذكرنا في ذلك الفصل حديث مسلم القرى قال: دخلنا على أسماء بنت أبي بكر، فسألناها عن متعة النساء فقالت: فعلناها على عهد رسول الله



(1) العقد الفريد ج 4 ص 414 ط دار الكتاب العربي.
311
(ص) (1) وهي رواية صحيحة السند.
وخامسا: إن مدة المتعة قد تطول إلى عشرين، وثلاثين سنة، أو أكثر، ولو لم تطل، فإن ذلك لا يمنع من التمتع لمدة، فيولد لهن من المتعة أولاد - - كما حصل ذلك في زمن عمر، بالنسبة لابن أم أراكة، وغيره.. وقد يدعوهم ذلك إلى تجديد عقد زواج دائم، إما لحفظ المولود الجديد، أو لتحقق القناعة والانسجام بين الزوجين، أو لغير ذلك من أسباب.
وسادسا: قوله: إن تعييره بأنه ولد في المتعة، أبلغ من تعييره بأنه ابن ذات النطاقين " الذي هو مدح له، وهم يعرفون ذلك ".
عجيب، إذ كيف يعيرونه بما يعرفون أنه مدح له.

312
أضف إلى ذلك: أن ولادته من المتعة في أول الإسلام ليس فيها ما يوجب التعيير، لأنه ولد من نكاح شرعي صحيح.
وسابعا: قوله: إن ابن الزبير سأل عن أمر النطاقين، فأخبرته بشقها لنطاقها حين الهجرة لأجل زاد رسول الله (ص) وأبي بكر.. يفيد: أن ابن الزبير لم يكن إلى ذلك الوقت على علم بأعظم فضيلة تنسب إلى أمه، ويناله شرفها، وفضلها رغم مرور عشرات السنين قد تصل إلى ما يقارب السبعة عقود من الزمن.. فهل يعقل أن يعرف الناس لهم هذه الفضيلة، ثم لا يعرف بها من تعنيه أكثر من أي إنسان آخر على وجه الأرض؟!.
وثامنا: إن قضية النطاقين يشك في صحتها من

313
الأساس، وقد تحدثنا عن ذلك في كتاب الصحيح في سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث ذكرنا هناك.
1 - - إن رواياته متناقضة (1)
2 - - يقول المقدسي: " ويقال: لما نزلت آية الخمار ضربت يدها إلى نطاقها، فشقته نصفين، واختمرت بنصفه " (2)
3 - - يقال: إنها قالت للحجاج: " كان لي نطاق أغطي به طعام رسول الله (ص) من النحل، ونطاق لا بد للنساء منه " (3)
فأي ذلك هو الصحيح يا ترى؟.

314
وتاسعا: قولهم: إنه لو كان الزبير قد تزوج أسماء متعة لكان عليه تخلية سبيلها كما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله).
لا يصح، وذلك لما يلي:
ألف: إنه قد يكون تزوجها متعة لفترة سنة أو أكثر فولدت له، ثم تزوجها زواجا دائما بعد ذلك..
ب: إن الأمر بتخلية سبيل المتمتع بهن لم يثبت صحته.. وهو محل النزاع، فكيف يصح استدلالهم بما هو مورد النزاع؟!.
ج: لو صح أنه (صلى الله عليه وآله) قد أمر بذلك، فإنما يكون قد أمر الذين تمتعوا في الغزو وأرادوا الرجوع إلى بلادهم، حيث لا معنى لإبقاء العلقة بينهم وبين أزواج قد لا يرونهم ولا يتيسر لهم اللقاء بهم بعد

315
ذلك.
عاشرا: بالنسبة لسند رواية الراغب نقول: إننا لم نستدل بها وحدها بل هي تمثل مفردة تضاف إلى عشرات أمثالها ليشكل المجموع تواترا على بقاء هذا التشريع.
على أن هذه الرواية لا تختص بما أورده الراغب، فهناك ما أورده الطحاوي أيضا وغيره، فراجع فصل النصوص والآثار في مصادر أهل السنة.
حادي عشر: وحول وصف ابن عباس لابن الزبير هو الآخر لا يصح، كيف، وقد حاربه في الجمل.. وأراد ابن الزبير أن يحرق بني هاشم في مكة.. وقد قطع الصلاة على النبي أربعين جمعة بغضا ببني هاشم.. وقال عن ابن عباس: إنه أعمى الله قلبه كما

316
أعمى بصره كما في الصحاح.
وأما عن اعتراض ابن عباس على الزبير في إمارته، فذلك مروي بطرق مختلفة ومتنوعة في كتب الصحاح: مسلم وغيره، كما يظهر بالمراجعة إلى فصل النصوص المتقدم.
وأما حديث سطوع المجامر فإننا نقول:
ألف: لماذا لا يقال بتكرر القصة في متعة النساء تارة ومتعة الحج أخرى.
ب: إن الحساسية إنما كانت شديدة في قضية متعة النساء.. وهي التي كان ابن الزبير يتهدد ويتوعد فاعلها بالرجم.
ج: من الذي قال: إن القضية لم تحرف من متعة النساء إلى متعة الحج لوجود دواع قوية لهذا التحريف.
المتعة قبل الهجرة حلال أم حرام؟!

317
ولكن يبقى أن نشير: إلى أن تشريع المتعة إذا كان في المدينة، فهذه الرواية أعني زواج الزبير بأسماء متعة إنما تصح على قول الواقدي، وغيره من أن ولادة ابن الزبير، قد كانت في السنة الثانية للهجرة (1) بحيث يكون التشريع قد حصل قبل ذلك في أوائل الهجرة، وإذا كان التشريع قد حصل في مكة فلا يبقى إشكال..
ويقول العلامة الطباطبائي رحمه الله:
" من المعلوم بالضرورة: أن التمتع كان معمولا به في مكة قبل الهجرة في الجملة، وكذا في المدينة بعد الهجرة في الجملة.. " (2)
ولعل ملاحظة أقوال القائلين بالتحريم تؤيد هذا

318
المعنى.. لا سيما رواية ابن مسعود القائلة:
" إن تشريع المتعة إنما كان في أول الإسلام ".
ولا مانع من صحة ذلك، فإن التشريع لا ينحصر بنزول الآيات، بل قد يكون على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولا، ثم تنزل الآية بعد ذلك - - ولو بسنوات - - لوجود ما يقتضي هذا النزول..
استدلال باطل:
وبذلك يتضح عدم صحة قول بعضهم: إن المتعة كانت محرمة قبل الهجرة بدليل: أن أول حديث جاء بشأنها قبل خيبر ورد بلفظ رخص. ورخص فعل يؤذن بالإباحة قبل الحظر، فقد ورد في حديث ابن مسعود: " ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل.. ثم رفعت هذه الرخصة بنهي الرسول وتحريمه لها بخيبر، ثم رخص فيها ثلاثة أيام عام الفتح، ثم

319
حرمت إلى يوم القيامة " (1)
ونقول:
أولا: إن رواية ابن أبي شيبة وأحمد وغيرها تقول: إن ابن مسعود قال: " كنا مع النبي (ص) ونحن شباب، قال: فقلنا:.. الخ.. "
فكيف عرف هذا المستدل أن ذلك قد كان أيام خيبر، وكيف صح له أن يجزم بذلك، فقد يكون ذلك في أول البعثة..
ثانيا: إن كلمة رخص تفيد أن هذا كان تشريعا جديدا ولم يكن من تشريعات الجاهلية كما يدل عليه تفصيل أنكحة الجاهلية الذي روته عائشة وغيرها كما أشرنا إليه في بعض فصول هذا الكتاب..
فالترخيص يفيد أن بدء تشريع هذا الزواج كان في

320
هذه المناسبة.. ولم يكن من أنكحة الجاهلية زواج إلى أمد معين ثم يتم الانفصال من دون طلاق؟! ليأتي الإسلام فيمنع منه، ثم يرخص به، ثم يمنع عنه ثم يرخص به.. وهكذا..
ثالثا: إن الترخيص والمنع في أيام خيبر أو بعد ذلك ما هو إلا أخبار آحاد فيها الكثير من المشاكل التي تسقطها عن الصلاحية للاستدلال بها على شيء، وتوجب إثارة الشبهات حولها.. وحتى لو صحت فإن خبر الواحد لا ينسخ التشريع الثابت بالأدلة القطعية..
هل هذا تفسير أم تزوير؟.
جاء في صحيح مسلم قوله: حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا شعبة، عن مسلم القرى، قال: " سألت ابن عباس رضي الله عنه عن متعة الحج، فرخص فيها، وكان ابن الزبير ينهى

321
عنها، فقال: هذه أم ابن الزبير تحدث: إن رسول الله (ص) رخص فيها، فأدخلوا عليها فاسألوها فدخلنا عليها، فإذا امرأة ضخمة عمياء، فقالت: قد رخص رسول الله (ص) فيها (1)
ونقول:
أولا: إن الظاهر هو أن كلمة: " متعة الحج " إنما هي من تصرف الراوي، اجتهادا منه، ومما يشير إلى ذلك: أن مسلما، بعد أن ذكر لهذه الرواية طريقين قال: " فأما عبد الرحمن ففي حديثه " المتعة ولم يقل: متعة الحج، وأما ابن جعفر، فقال: قال شعبة، قال مسلم، لا أدري متعة الحج أو متعة النساء " انتهى (2)

322
وما ذكرناه في الفصل السابق تحت رقم 32 عن الطيالسي عن شعبة، عن مسلم القرى: دخلنا على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء، فقالت: فعلناها على عهد رسول الله (ص)، شاهد على أنه كان يريد متعة النساء وهو ما يعضده الاعتبار أيضا.. إذ لا معنى للرجوع إلى امرأة في متعة الحج، مع وجود كبار الصحابة
ووجوههم، إلا إن كان المراد إفحام ابن الزبير بشهادة أمه: أنها قد مارست مع زوجها فيما بين عمرة التمتع والحج ما تمارسه المرأة والرجل..
ولكن يبعد هذا الاحتمال: أن عبارتها هي: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد رخص في متعة الحج حسب نقل مسلم، إلا أن ترديده يشير إلى أن من الممكن أن يكون هذا من توضيحات الراوي.
ثانيا: إن سائر الروايات - - وقد قدمناها في

323
الفصل السابق - - قد تحدثت عن أن النزاع بين ابن عباس وابن الزبير إنما كان في متعة النساء وقد أرجع ابن عباس ابن الزبير إلى أمه ليسألها عن ثوبي عوسجة، وأنها أخبرته أنها ولدته في المتعة، فراجع الفصل السابق.
وأن ابن عباس قال في هذه المناسبة: لو شئت سميت رجالا من قريش ولدوا فيها.
ثالثا: لنفترض أن الحديث كان في هذا المورد عن متعة الحج، فإن ذلك لا يدفع أن يكون قد جرى حوار ونزاع آخر حول متعة النساء فيما بين ابن عباس وابني الزبير: عروة، وعبد الله.. وتكون هذه الرواية شاهدا على ذلك.
اجتهاد ابن أبي عمرة لا يرد النص:
وبالنسبة للرواية التي زعم فيها ابن أبي

324
عمرة، في مقام رده على ابن عباس: أن إحلال المتعة قد كان للضرورة، كتحليل الميتة، ولحم الخنزير..
فأولا: هو اجتهاد من ابن أبي عمرة وقد تكلمنا، ولسوف نتكلم أيضا، عن هذا الإجتهاد و أنه لا يصح، ولا معنى له في مقابل النص القاطع، عن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي مقابل النص القرآني أيضا.
ثانيا: ان تشريع حكم لأجل الضرورة، لا ينسخه عروض السعة بل يرتفع موضوعه حينئذ، فإذا عادت الضرورة كان الحكم ثابتا في موردها.
ثالثا: قول ابن أبي عمرة أخيرا: ".. ثم أحكم الله الدين بعد.. " لم نفهم له معنى محصلا، فهل إن تشريع حكم لأجل الضرورة، يمنع من إحكام الدين، أو يجعل الدين غير محكم؟ أم أن ابن أبي عمرة يقصد أن

325
النهي الذي صدر عن عمر بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) بسنين عديدة، هو الذي أوجب إحكام الدين؟!.
ومهما يكن من أمر، فإننا نكتفي بهذا المقدار حيث إننا سنذكر - - إن شاء الله - - كلاما كافيا وشافيا حول قولهم: إن تشريع المتعة كان للضرورة. فانتظر..
إقحام في رواية ابن أبي عمرة:
وبالنسبة للرواية التي وردت في فصل النصوص والآثار على لسان ابن أبي عمرة والتي تقول: إن أبا بكر وعمر قد نهيا عن المتعتين، نقول: لم يدع أحد - - فيما أعلم - - أن أبا بكر تعرض للمتعة أصلا، بل الروايات الكثيرة صريحة بأن عمر هو الذي حرمها، وبأنه قد نسب التحريم إلى نفسه، وأنها كانت تفعل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأبي بكر، ولم ينهيا عنها..

326
والظاهر هو: أن كلمة: " أبي بكر " مقحمة في الرواية من قبل الراوي، ولعل ذلك لحاجة في نفسه قضاها..
ابن جريج يدلس ويرسل:
لقد حاول بعضهم أن يرد حديث ابن عباس المتقدم في الفصل السابق برقم 45: لولا نهيه (أي عمر) عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شفا، بادعاء ضعف سند الحديث، لأن ابن جريج " مع كونه ثقة فقيها إلا أنه كان يدلس ويرسل ".
وقال:
" ولم نجده فيما اطلعنا عليه أنه صرح بالسماع، فنتوقف عن الجزم بصحة هذه الرواية عن ابن عباس ".
لكن السيوطي ذكر أن ابن المنذر قد روى هذا

327
الأثر عن عطاء.. ولا ندري إن كان قد رواه من طريق ابن جريج أم لا، وهل صرح بالسماع أم لا؟!
وأما رواية عبد الرزاق: قال ابن جريج: وأخبرني من أصدق: أن عليا قال بالكوفة: لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب. أو قال: من رأي ابن الخطاب لأمرت بالمتعة، ثم ما زنا إلا شقي ".
فلا تصح لأن في سنده مبهما، وتعديل ابن جريج له لا يكفي لأنه لا يلزم من تعديله له أن يكون عدلا عند غيره.
وقد صح عن علي (عليه السلام) قوله لابن عباس (رض) وبسند آل البيت (عليهم السلام) أنفسهم نهيه عن نكاح المتعة، حتى قال لابن عباس لما بلغه ترخيصه: إنك امرؤ تائه " فلما عارض هذا الحديث

328
الصحيح تحققنا بطلانه، ولزم رده " (1)
ونقول:
إن هذا الكلام غير صحيح، وذلك لما يلي:
أولا: بالنسبة لتدليس ابن جريج، وأنه لم يصرح بالسماع نقول:
إن هذا المدلس قد صرح بالسماع من عطاء، قال أبو بكر بن أبي خيثمة: حدثنا إبراهيم بن عرعرة عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال:
" إذا قلت: قال عطاء، فأنا سمعته منه، وإن لم أقل: سمعت " (2).
ثانيا: إن الاستدلال على حلية زواج المتعة ليس بهذه الرواية بخصوصها، ولا يتوقف ثبوت هذا الزواج

329
على صحة سندها إلى ابن عباس أو إلى علي (عليه السلام)، لكي ترد بحجة ضعف سندها. بل هذه الرواية إذا جمعت مع عشرات أمثالها وفيها عشرات الروايات الصحيحة أيضا، فإنها بمجموعها توجب اليقين ببقاء تشريع هذا الزواج.. فهي إذن جزء من تواتر لأصل التشريع يكون هو الحجة. وليس المطلوب أكثر من ذلك..
ثالثا: إن الإشكالات التي ترد على رواية قول علي (عليه السلام) لابن عباس: إنك امرؤ تائه قوية وأساسية، اضطرت أعلام القائلين بتحريم زواج المتعة إلى البخوع والتسليم لها. واللجوء إلى القول بالتحريم عام الفتح أو غيره، وقد ذكرناها في ثنايا هذا الكتاب في أكثر من مورد.. وها نحن نجده لا يزال يصر على صحة هذه الرواية، بل هو يجعلها معيارا وسببا لرد ما سواها.

330
رابعا: إننا نطالب هذا المستدل بنفس ما صنعه هنا، فإن عليه أن يرد رواية " إنك امرؤ تائه " لمعارضتها بروايات صحيحة تعد بالعشرات تدل على بقاء هذا التشريع، وعدم نسخه.. وهذه الرواية تدعي أن تحريم المتعة كان عام خيبر. بل هي معارضة بروايات التحريم عام الفتح أو في حجة الوداع، أو أوطاس أو غير ذلك مما تقدم.
خامسا: إن نفس هذا المستدل يقول: إن التحريم يوم خيبر كان موقتا ولم يكن نهي تأبيد (1) فما معنى استدلاله به على التحريم، وجعله معارضا لما نقل عن علي (عليه السلام) من الاعتراض على عمر..
سادسا: إن مجرد وجود المبهم في السند أو المدلس - - لا يعني كذب الرواية، بل لا بد من التوقف عن

331
الحكم بذلك والتماس ما يشهد لها أو عليها.. وكفى بما يزيد على أكثر من مئة رواية تدل على بقاء التشريع شاهدا ومرجحا لصحتها. خصوصا مع تصريح الراوي الثقة بوثاقة ذلك المبهم الذي يروي عنه ومع تصريحه بأنه لا يدلس عن شخص بعينه. وإلا للزم أن لا يكون ثقة كما يدعون..
وأما سائر روايات التحريم فلا تصلح لتأييدها لأنها تختلف معها من جهة، ولأنها تعاني من أكثر من بلاء من جهة أخرى.
سابعا: إنه قد ذكر أن ابن المنذر قد روى حديث ابن جريج عن ابن عباس من طريق عطاء، وأنه لم يطلع على هذا الطريق ليعرف هل رواه ابن جريج أم غيره، مصرحا بالسماع أم لا..
فكيف حكم على الحديث بالضعف إذن مع وجود طريق يحتمل أن يصرح فيه بالسماع، فيرفعه إلى

332
درجة الصحة، ويحتمل أن يكون من غير طريق ابن جريج، فيرفعه إلى درجة الحسن، لأن الضعيف - كما يقول هو - _ يرتقي إلى درجة الحسن إذا روي من طريق آخر مثله أو أقوى منه، إذا كان سبب ضعف الحديث سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده (1) فكيف إذا كان فيه مبهم صرح الثقة بوثاقته؟.
ثامنا: هناك رواية أخرى صحيحة السند عن ابن عباس وهي الرواية المتقدمة برقم 45، والمروية عن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد عن قتادة عن ابن عباس، أنه قال: يرحم الله عمر لولا أنه نهى عن المتعة ما زنى مسلم.
فإذا كان انضمام الحديث الضعيف إلى الضعيف يرفعه إلى درجة الحسن فكيف وهذا الحديث صحيح

333
ينضم إلى حديث لم يطلع عليه ذلك المستدل، وإلى حديث آخر زعم أنه مبهم، ولا يكفي فيه توثيق راويه، وإلى حديث متصل يصرح راويه أنه لم يدلس فيه؟!
سند رواية صفوان عن ابن عباس:
قد تقدم في الفصل السابق حديث رقم 41 وفيه:
قال صفوان: هذا ابن عباس، يفتي بالزنا، فقال ابن عباس: إني لا أفتي بالزنا، أفنسي صفوان أم أراكة، فوالله إن ابنها لمن ذلك أفزنا هو؟! قال: واستمتع بها رجل من بني جمح.
أقول:
أ - - يبدو أن السند هو ما تقدم: أي عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، الخ، فيكون صحيحا.
ب - - الصحيح: " ابن صفوان " لأن صفوان قد توفي في مكة، وسوي عليه التراب: فورد نعي

334
عثمان.. إلا أن يقال: إن ما جرى بين صفوان وابن عباس قد كان في خلافة عثمان..
ج - - ومن الواضح: أن مساجلات ابن الزبير، وابن عباس، قد كانت بعد ذلك بعشرات السنين، أي بعد وفاة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) حسبما تقدم في بعض الروايات، وبالذات أيام خلافة ابن الزبير، كما ربما يظهر من توعده لابن عباس بالرجم الدال على أنه إنما يتكلم من موقع القدرة والسلطان..
رواية الحكم بن عتيبة:
وقالوا: يرد على رواية الحكم بن عتيبة؛ التي تقدمت برقم (65 و 66):
1 - - هو ضعيف من طريق أهل السنة، لأن الحكم كان يدلس، كما قال ابن حبان..

335
2 - - لم يصرح بالسماع من علي (عليه السلام)؛ فالسند غير متصل، وهو دليل الضعف إلا أن يصرح بسماعه.
3 - - إن الحكم لم يدرك عليا، لأنه ولد سنة خمسين، وقيل سنة سبعة وأربعين، وعلي (عليه السلام) إنما استشهد سنة أربعين، فالسند منقطع جزما لا تقوم به حجة (1)
4 - - إن هذا الحديث معارض بما ثبت عن علي (عليه السلام) من التشديد في المتعة، حتى روى مسلم في صحيحه أنه قال لابن عباس، حين بلغه أنه يرخص في المتعة: إنك امرؤ تائه.
أو قال له: مهلا يا ابن عباس، فإن رسول

336
الله (صلى الله عليه وآله) نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية (1)
5 - - أما عند الشيعة، فالحكم بن عتيبة غير ثقة ومطعون فيه فقد وصفه الطوسي وأبو داود بأنه زيدي بتري (2)
وقال الحلي: مذموم عند فقهاء العامة (3)
وقال الأردبيلي روى الكشي في ذمه روايات

337
كثيرة (1)
ونقول:
إن ذلك كله لا يصح، وذلك للأمور التالية:
أولا: بالنسبة لضعف الحكم بن عتيبة من طرق أهل السنة نقول:
إن الحكم بن عتيبة قد روى له البخاري، وهم يقولون: من روى له البخاري فقد جاز القنطرة (2) وهو أيضا من رجال الصحاح، وقد أثنى عليه أئمة الجرح والتعديل بما لا مزيد عليه.. ولا نجد مبررا لتضعيفه من قبل هؤلاء، ونحن نذكر هنا بعض ما قاله فيه العسقلاني في تهذيب التهذيب، ونحيل في الهامش إلى

338
طائفة من المصادر، التي ذكرت ثناءهم العظيم على هذا الرجل.
قال العسقلاني: عن يحيى بن أبي كثير، وعبدة بن أبي لبابة: ما بين لابتيها أفقه من الحكم. وقال مجاهد بن رومي: علماء الناس عيال عليه. وقال عباس الدوري: كان صاحب عبادة وفضل. وقال مغيرة: كان الحكم إذا قدم المدينة أخلوا له سارية النبي (ص) يصلي إليها. وقال ابن عيينة: ما كان بالكوفة بعد إبراهيم والشعبي مثل الحكم وحماد.
وقال ابن مهدي: ثقة ثبت، ولكن يختلف معنى حديثه. وقال أحمد: أثبت الناس في إبراهيم الحكم ثم منصور. وقال ابن معين، وأبو حاتم والنسائي: ثقة. زاد النسائي ثبت. وكذا قال العجلي. وزاد: وكان من فقهاء أصحاب إبراهيم، وكان صاحب سنة واتباع. وكان فيه تشيع إلا أن ذلك لم يظهر منه.

339
وقال ابن سعد: كان ثقة فقيها عالما رفيعا. وقال يعقوب بن سفيان: كان فقيها ثقة. وقال ابن حبان في الثقات، كان يدلس (1)
ثانيا: إن تدليس هذا الرجل لا يضر في ما نريد إثباته، لأن هذا القول الذي نستدل به هو قول له، وليس من نقولاته عن غيره. فإنه هو الذي قال: إن آية المتعة غير منسوخة وهو من كبار علمائهم، فيصح الاستدلال بقوله، إلزاما للطرف الآخر بما ألزم به نفسه.
ثالثا: قد ظهر مما تقدم أن تضعيف علماء الشيعة للحكم بن عتيبة لا يضر، فإن المقصود هو إلزام الطرف الآخر بما ألزم به نفسه.
رابعا: إن وصفه بالزيدي البتري، لا يعني أنه غير ثقة، فإن علماء الشيعة يأخذون برواية الثقة من غير

340
الإمامية سواء أكان زيديا بتريا، أو سنيا ويسمون رواية أمثال هؤلاء موثقة..
يضاف إلى ما تقدم: أنه ليس جميع علماء الشيعة يضعفون الحكم هذا، إذ إن الشيخ النوري قد حكم بوثاقته في النقل، لرواية الأجلة عنه..
وأما قول الحلي: مذموم عند علماء العامة، فلا يدل على تضعيفه عند الشيعة، فلعل العامة يضعفونه، ويوثقه غيرهم.
خامسا: ليس في الرواية: أنه ينسب هذا القول إلى علي (عليه السلام) ليقال: إنه لم يصرح بالسماع منه. أو ليكون السند متصلا أو منقطعا.. أو إنه ولد بعد وفاة علي بسبع أو بعشر سنوات. بل هو نفسه يقرر أن آية المتعة محكمة غير منسوخة، ولعله ينقل ذلك عن الصحابة الآخرين الذين التقى بهم، مثل أبي جحيفة، وعبد الله بن أبي أوفى، وزيد بن أرقم.. وقيل: لم يسمع

341
من هذا الأخير..
سادسا: قولهم: إنه معارض بما روي عن علي (عليه السلام) من التشديد في المتعة، وقوله لابن عباس: إنك امرؤ تائه. وإن المتعة حرمت يوم خيبر.. قد عرفت جوابه أكثر من مرة في هذا الكتاب.. وأن تحريم المتعة يوم خيبر لا يصح فلا حاجة إلى الإعادة..
على أننا نقول: إن رواية النسخ يوم خيبر، ورواية علي (عليه السلام) وابن عباس لا تقوى على معارضة أكثر من مئة رواية ذكرناها في فصل: النصوص والآثار.
قول علي: ما زنى إلا شقي:
وقالوا: إن الحديث المروي عن عبد الله بن سليمان عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن علي (عليه

342
السلام): لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى إلا شقي (1) ضعيف،
وقد قال المجلسي عنه: إنه مجهول (2)
وحديث المفضل بن عمر المروي في البحار (3) ضعيف بالمفضل بن عمر نفسه (4)
ونقول:
أولا: إنه مع غض النظر عن أن المجلسي الأول، وهو الشيخ محمد تقي قد قال عن سند حديث عبد الله بن سليمان عن الإمام الباقر (عليه السلام): إنه صحيح (5)
وعن أن الحديث الثاني المروي عن المفضل بن

343
عمر.. لم يضعفه سائر علماء الشيعة لأن السيد الخوئي (رحمه الله) يقبل رواية المفضل هذا، فراجع. ونقل عن المفيد (رحمه الله) في الإرشاد توثيقه، واستظهر ذلك من كلام الشيخ الطوسي (رحمه الله). ووثقه أيضا ابن شهرآشوب وغيرهم فراجع (1) فلا يصح إرسال القول بأن علماء الإمامية قد ضعفوا هذا الرجل.. كما لا يصح إيراد الروايات القادحة وترك المادحة، وبيان ما قاله العلماء في قيمة روايات القدح..
نعم، إننا مع غض النظر عن ذلك نقول:
إن علماء الشيعة إنما يستدلون بهذه الرواية من حيث إن أهل السنة قد رووها وأوردوها أيضا.. فهم يلزمونهم بما ألزموا به أنفسهم.. فلماذا أهمل المستشكل ذكر ذلك.. خصوصا.. وأنه مروي عندهم بسند صحيح، فراجع..

344
ثانيا: إنه حتى لو كانت هذه الرواية ضعيفة السند، فإن ذلك لا يضر، لأنها إنما يؤخذ بها على أن تنضم إلى غيرها ليشكل الجميع تواترا مفيدا للقطع، ولا يشترط في
التواتر صحة أسانيد الروايات.
لماذا لم يعترض علي (ع):
قال البعض تعليقا على ما روي عن علي (عليه السلام) وقد تقدم في الفصل السابق برقم (65 و 66):
" لولا ما سبقني إليه ابن الخطاب ما زنا إلا شفا، - - - أي إلا قليل - - أو إلا شقي ".
إنه أبو الحسن (ع) القادر على حل المشكلات، وأفقه الفقهاء، فكيف سكت عن عمر، ولم يعارضه، وهل هو أضعف أو أقل شأنا من المرأة التي عارضت عمر في المهر علنا، وخضع لرأيها؟.
ولو كان السكوت تقية، فلماذا لم يعلن رأيه بعد

345
أن آل الأمر إليه، أو يبين خطأ عمر فيما ذهب إليه؟..
بل إن ما روي عن علي (ع) في تحريم المتعة يدل على أن معنى قوله هذا: إن ما سبقني إليه عمر من إعلام الناس بحرمة المتعة - - وكان من الجائز أن أسبقه إليه، وأنادي به - - لولا هذا لادعى كل زان أنه يستمتع، فلا يعد زانيا، ويتخلص بذلك من إقامة الحد عليه.
أي لولا ما فعله عمر لانتشر الزنا بين الناس باسم المتعة، وما وقع تحت طائلة العقوبة إلا قليل..
فيكون علي (عليه السلام) موافقا لعمر لا مخالفا له..
ونقول:
قد تقدمت الإشارة إلى موضوع اعتراض علي (عليه السلام)، وغيره من الصحابة على عمر بن

346
الخطاب حين حرم المتعة، ونعود، فنذكر هنا الأمور التالية:
أولا: إن عدم نقل إنكار علي (عليه السلام) على عمر لا يدل على أنه لم ينكر، فإن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، مع توفر الدواعي لإخفاء ذلك، لا سيما إذا كان صادرا عن علي (عليه السلام) الذي يؤثر كلامه وموقفه على من يخالفه، ولا سيما فيما يرتبط بنقل أمور الدين وأحكامه.
ثانيا: إن غاية الإنكار على عمر هو أن يقول له: إن رسول الله قد أحلها فكيف تحرمها، وعمر هنا قد أوضح أنه عالم بتحليل النبي (صلى الله عليه وآله) لها، وبتشريعها، وبأنه يأتي ما يأتيه عن سابق إرادة وتصميم على مخالفة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا فائدة في الإنكار عليه، بل لا مجال ولا مورد لهذا الإنكار..
بخلاف ما جرى بينه وبين المرأة في أمر

347
الزيادة في مهور النساء، فإنه يزعم أن ما يقوله هو الموافق لحكم الشريعة والقرآن، فحين أخبرته المرأة بخطأه في ذلك مستشهدة بالآية الكريمة لم يكن له مجال للإنكار..
ثالثا: قد قلنا فيما سبق: إن هذا النقل (لولا ما سبقني إليه ابن الخطاب ما زنى إلا شفا، أو إلا شقي).. لا يصح عن علي (عليه السلام).. وإنما الصحيح: (لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي)، أو لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة، (ثم ما زنى إلا شقي، أو ما زنى فتيانكم هؤلاء) فراجع فصل النصوص والآثار الحديث رقم (65 و 66).
رابعا: ولو سلمنا أن العبارة التي قالها علي (عليه السلام) هي: " لولا ما سبقني إليه ابن الخطاب ما زنا الإ شفا، أو شقي " فإن معناها ليس هو ما ذكره

348
هذا المستدل، من أن عمر قد سبق عليا إلى التحريم، ولولا سبقه لكان علي (عليه السلام) قد بادر إلى تحريم المتعة أيضا..
بل المعنى أن عمر قد سبق عليا (عليه السلام)، وأصدر أمرا بتحريمها، فقطع بذلك الطريق على علي (عليه السلام)، ولو أن الأمر بقي على حاله، فإنه (عليه السلام) كان سيأمر بها، والشاهد على ذلك هو تلك النصوص الأخرى المنقولة عن علي (عليه السلام)، لهذا الحديث بالذات، حسبما أشرنا إليه آنفا.
خامسا: إن كون علي (عليه السلام) ممن يقول بحلية المتعة مشهور عنه، وإن نفس الكلمة التي هي مورد الحديث، تدل على تخطئته لعمر بن الخطاب، في تحريمه للمتعة.
سادسا: قوله: إن إقرار علي (عليه السلام): أنه لولا منع عمر من المتعة لأمكن لكل زان أن يدعي

349
أنه يستمتع ويتخلص من الزنا، ومن عقوبته.
غير صحيح، لأن قوله: " ما زنى إلا شقي " معناه ليس أنه ما زنى في زعمه واعتقاده، بل المراد: ما زنى في الواقع إلا شقي، فإن إجراء الكلام يقتضي حمله على الحقيقة والواقع، لا على التخيل، والافتراض..
أنترك السنة ونتبع قول أبي:
وبالنسبة لما ذكر في الفصل السابق الحديث (رقم 50) نقلا عن الترمذي من أن ابن عمر أحل المتعة، وقال: نترك السنة ونتبع قول أبي، نقول:
قد راجعنا المطبوع من صحيح الترمذي فلم نجد هذه الرواية في متعة النساء، ولكن في المطبوع من سنن الترمذي و في مسند أحمد بن حنبل أيضا، في مسند عبد الله بن عمر، نفس هذه

350
الرواية، لكنها في متعة الحج، التي منع منها عمر هي ومتعة النساء بلفظ واحد، وفي مقام واحد..
ولكن ذلك لا يعني: أن نقل هؤلاء، ولا سيما العلامة في نهج الحق عن صحيح الترمذي كان خطأ..
إذ لو كان ذلك لم يسكت الفضل بن روزبهان عن الإيراد عليه، ولكان صال وجال، وشهر به ما استطاع، ولكان أتهمه أنه غير أمين فيما ينقله.
وقد تحدث ابن عمر عن حلية المتعة في موارد أخرى، وقد تقدمت الروايات.
الأغلب صار إجماعا:
وقد قال البعض عن الرواية المتقدمة في الفصل السابق (برقم 50) حول إنكار ابن عمر على أبيه متعة النساء بأن " هذا القول الذي نقله أغلب علماء الشيعة بالإجماع من أعظم الكذب. وقد رجعت إلى جامع

351
الترمذي ومسند أحمد، فلم أجد ما نسبته كتب الشيعة ".
ثم ذكر: أن الشيعة قد بدلوا حديث ابن عمر في متعة الحج، وجعلوه في متعة النساء (1)
ونقول:
إننا نسجل هنا ما يلي:
1 - - كيف أصبح الأغلب إجماعا.. حيث قال: نقله أغلب علماء الشيعة بالإجماع، فإن كان الناقلون هم الأغلب، فلا يوجد إجماع، وإن كان الناقلون هم الجميع، فكيف صار الجميع هم الأغلب.
وإن كان مراده: أنه كذب بالإجماع، فكيف يتحقق الاجماع مع مخالفة الناقلين له وسكوت كثيرين من غيرهم عن إعطاء الرأي في ذلك.
2 - - إن هذا النقل إنما هو عن ابن طاووس

352
والعلامة في نهج الحق. وتبعهم آخرون من بعدهم.. فأين هم علماء الشيعة الذين سبقوا العلامة. وأين الأغلب، فضلا عن الاجماع بعد عصر العلامة إلى يومنا هذا..
مع أن الذين ذكر هذا المعترض أنهم ذكروا هذا النص لا يزيدون على عشرة أشخاص، نصفهم من أهل هذا العصر.. فكيف صار العشرة والعشرون هم أغلب علماء الشيعة بالإجماع؟
3 - - قد ذكرنا‍: أنه لو كان هذا النقل غير صحيح لاعترض ابن روزبهان على العلامة، واتهمه بالكذب.. ولكنه لم يفعل ذلك..
4 - - لنفرض أن ابن روزبهان لم يلتفت، أو لم يراجع ليكتشف الحقيقة، لسبب أو لآخر، ولنفترض أيضا: أن الصحيح هو أن ابن عمر تحدث عن متعة الحج، لا عن متعة النساء، فإننا نقول:

353
إذا كان عمر قد حرمهما بلفظ واحد، وفي مقام واحد، وفرض صحة الاعتراض عليه في متعة الحج، فإنه - - بنفس الملاك ولعين السبب يصح الاعتراض عليه في متعة النساء.. لا سيما وأن ابن عمر قد علل ذلك بقوله: نترك السنة ونتبع قول أبي؟ ‍، أو ما بمعناه.. والعلة معممة ومخصصة
‍‍‍ 5 - - على أن المعترض قد زعم أن الشيعة قد بدلوا كلمة متعة الحج بكلمة متعة النساء.. ثم استشهد بنصوص ذكرت في مصادر أهل السنة تؤكد على أن الحديث كان عن متعة الحج..
ونقول له: لماذا لا تحتمل أن يكون بعض أهل السنة قد أسقطوا رواية متعة النساء من كتبهم، ليتخلصوا من غائلة نقض الشيعة عليهم بها.
ويشهد لذلك: أن النصوص التي استشهد بها هذا المعترض تختلف في نصوصها عن النص المنقول في

354
كتب الشيعة عن ابن عمر في متعة النساء. فراجع الأحاديث حول متعة الحج في نفس كتاب تحريم المتعة ص 164 و 165 وقارن بينها وبين نصوص الشيعة في نفس ذلك الكتاب أيضا ص 162 و 163 (1)
المتعة نكاح بلا ميراث:
قد تقدم في الحديث (رقم 62) في الفصل السابق: أحل الله من النساء ثلاثا نكاح موارثة، ونكاح بغير موارثة، وملك يمين.
نقول:
وتفسير النكاح بلا ميراث بنكاح المرأة اليهودية والنصرانية، فإن نكاحها حلال ولا يرثان، أو نكاح أمة



(1) قد روى نصوص متعة الحج عن النص والاجتهاد ص 190 ومسند أحمد ج 2 ص 95 والمغني لابن قدامة ج 3 ص 281 وغير ذلك.
355
الغير (1) ليس بأولى من تفسير ذلك بنكاح المتعة بل هذا التفسير هو الأولى، وذلك لأن التعبير هو " نكاح بغير موارثة "، فاعتبر عدم الإرث من آثار النكاح نفسه، ولم يعتبره ناشئا من خصوصية المرأة ككونها نصرانية أو أمة.
فعلناها ومعاوية كافر بالعرش:
وقد جعل المحدثون رواية سعد بن أبي وقاص حول المتعة، والتي تقدمت في السابق (برقم 111) وأمثالها جعلوها في أبواب حج التمتع، كما فعله مسلم في صحيحه، اعتقادا منهم بأن المقصود بها هو ذلك.
ونقول:



(1) العلوم لأحمد بن عيسى بن زيد ج 3 ص 13.
356
إن تفسيرها بذلك لا يصح، لأن معاوية حسبما يقولون قد أسلم بعد الحديبية، وكان في عمرة القضاء مسلما.
ويؤيد ذلك بل يدل عليه ما روي من أنه قال: إنه قصر من رأس رسول الله (ص) عند المروة (1) وذلك إنما كان في عمرة القضاء - - لأنه في حجة الوداع قد حلق في منى.. وذكر المروة يدل على أنه كان معتمرا.
لنا خاصة أم للناس عامة؟:
وقد ذكرت الرواية عن سلمة بن الأكوع المتقدمة في الفصل السابق (برقم: 63) أن تحليل المتعة قد جاء على لسان رسول الله (صلى الله عليه



(1) صحيح مسلم ج 4 ص 47، وسنن النسائي ج 5 ص 54، ومسند أحمد ج 1 ص 181.
357
وآله)، لكن قد جاء في آخرها قوله، حسب نص البخاري:
فما أدري، أشيء كان لنا خاصة، أم للناس عامة: " قال أبو عبد الله (يعني البخاري): وبينه علي (ع) عن النبي (ص) أنه منسوخ ".
ونقول:
1 - - إن جميع الروايات التي ذكرها البخاري في صحيحه في باب نكاح المتعة لا تقوى على إثبات التحريم، ولأجل ذلك أصدر حكمه بأن عليا (عليه السلام) قد بين أن هذا الزواج منسوخ، دون أن يلتفت إلى ما في الرواية عنه (عليه السلام) من إشكالات توهن أمر الإستدلال بها.
وذلك يعني أن البخاري ملتفت إلى أنه لم

358
يورد في باب نكاح المتعة ما يوجب الحكم بنسخه وتحريمه، فالتجأ إلى الإحالة على غائب.
2 - - إن البخاري قد سكت ولم يعلق على رواية سلمة بن الأكوع المشار إليها آنفا إذ كيف يمكن لنا أن نتصور من هو في مقام سلمة بن الأكوع ولا يدري إن كان هذا التشريع خاصا بالصحابة، أم هو للناس جميعا، فإذا كان مثله لا يدري ذلك، فهل يمكن لغيره أن يدري؟ وما هو المبرر لهذا الإبهام الآتي من الله ورسوله.
3 - - كيف يتوهم سلمة ان هذا التشريع خاص بالصحابة.
فإن كانت لحربهم ولخوفهم، كما في بعض النصوص، فالحرب والخوف باقيان على مر

359
الدهور، والأزمان.
وإن كانت لأسفارهم البعيدة، والشاقة، ولأجل الغربة، واشتداد العزبة عليهم كما زعموا، فالسفر البعيد والغربة، والعزبة، لم تزل ولا تزال.
وإن كانت لأجل الشبق، واشتداد الشهوة الجنسية، فذلك أيضا لا يختص بالصحابة.
وإن كانت لأجل الاضطرار، كالإضطرار إلى الميتة، ولحم الخنزير، فذلك أيضا لا ينتهي بانتهاء زمن الصحابة..
إذن، فما معنى أن لا يدري: أشيء كان لنا خاصة أم للناس عامة؟!!.

360
الفصل السادس
في أجواء الروايات..

361
في الأجواء والمناخات:
إننا نلاحظ: أن ابن عمر، وابن عباس، وعمران بن الحصين، وغيرهم، يصرون على بقاء هذا التشريع واستمراره، ويحتجون لذلك بأن المتعة كانت حلالا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنه مات ولم ينه عنها.

363
ويصرح بعضهم بأن الآية التي نزلت بهذا الشأن لم تنسخ، قال رجل برأيه ما شاء.
وذلك يؤكد على أن عمر، لم يدع أن النسخ كان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، إذ من البعيد أن يدعي ذلك، ثم يكذبه كل هؤلاء حتى ابنه.
بل إنه لو كان ينسب النهي والنسخ إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لما تجرأ أحد على تكذيبه، لأن في ذلك إحراجا لهم وله..
وقد تقدم: أن عمر نفسه يعترف بعدم النهي من النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا من أبي بكر، فراجع رواية عمران بن سواد التي مرت (برقم 83) والرواية التي قبلها (برقم 81) والرواية التي روتها أم عبد الله ابنة أبي خيثمة، وقد مرت (برقم 81) بل هو ظاهر كثير من الروايات التي تقدمت في فصل: النصوص والآثار ولذا فلا معنى لاعتبار

364
المتعة في تلك الرواية من قبيل السفاح، إلا إذا كان ذلك من قول الراوي، أي قول بنت أبي خيثمة..
كما أن من البعيد أن لا يبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) نسخ هذا التشريع إلا لعمر، دون سائر الصحابة، ولذلك نجد بعض الصحابة يواجهونه - - كما في بعض الروايات - - بأن هذا التشريع لم ينه عنه النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا أبو بكر، ولا في شطر من خلافة عمر نفسه.
ولأجل ذلك كله، ولأن الناس لم يقبلوا من عمر هذا الذي جاء به نجد: أن عمر ينهى، والناس يفعلون، والعدول يشهدون، وإلى تهديداته لا يلتفتون، وعن ممارسة هذا الزواج لا ينتهون.
الشامي يستمتع وعمر يعترض:
وبالنسبة للحديث المتقدم في الفصل السابق (برقم 81): وفيه: أن شاميا استمتع، فعلم عمر بأمره،

365
فاعترض عليه.. فأخبره الشامي: أن النبي (ص)، وأبا بكر، وعمر في شطر من خلافته لم ينهوا عن المتعة.. وقول عمر له: لو تقدمت في نهي لرجمتك.
نعم إننا بالنسبة لهذه الرواية نقول:
قد تضمنت هذه الرواية:
أولا: شهادة الصحابي: أن المتعة لم تكن حراما في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر وشطر من خلافة عمر، إلى أن حرمها عمر.
ثانيا: شهادة العدول على المتعة، وعدم نهيهم عنها، مما يدل على أنها كانت جائزة عندهم.
ثالثا: إن عمر لم يعترض على قول الشامي: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم ينه عن المتعة.
رابعا: إن عمر يعترف بأنه لم يتقدم بالنهي عن المتعة قبل هذه الحادثة..

366
لا يصح الاعتماد على قول عمر وحده:
تقدم أن الفخر الرازي يقول: إن الصحابة إن كانوا عالمين بحرمة المتعة وسكتوا فهو المطلوب.
وإن كانوا عالمين بإباحتها وسكتوا مداهنة فهو تكفير لهم.
وإن كانوا جاهلين بحرمتها وحليتها فهو لا يصح، لأنها إن كانت حلالا تكون كالنكاح، واحتياج الناس إلى معرفة الحال في كل واحد منها عام في حق الكل، ومثل هذا يمنع أن يبقى مخفيا بل يجب أن يشتهر العلم به، فكما أن الكل كانوا عارفين بأن النكاح مباح، وأن إباحته غير منسوخة وجب أن يكون الحال

367
في المتعة كذلك (1)
نقول:
أولا: إن نكاح المتعة مثل النكاح الدائم هو من الأمور التي تعم بها البلوى، فلا يصح القول بأن الصحابة قد جهلوا حكمه.. فكما أن حكم النكاح الدائم كان واضحا لكل أحد.. كذلك لا بد وأن يكون نكاح المتعة من هذا القبيل.
ولذلك نجد الرازي يستدل على مقولته بأن الصحابة كانوا يعرفون أن المتعة حرام بأن المتعة مما تعم بها البلوى.
مع أن الإستدلال بذلك على ضد ذلك أولى، فإن عموم البلوى بهذا الزواج واستمرار الصحابة على ممارسته يكشف عن أنهم كانوا يرونه حلالا..



(1) التفسير الكبير ج 10 ص 50.
368
والغريب في الأمر: أننا نجده بعد صفحات يذكر استدلال الشيعة بأن ناسخ المتعة، إما الخبر المتواتر، وهو غير موجود، وإما الخبر الواحد، وهو بالإضافة إلى أنه معارض بغيره لا يصح النسخ به.
ثم يجيب عنه بقوله: " قلنا: لعل بعضهم سمعه ثم نسيه، ثم إن عمر رضي الله عنه لما ذكر ذلك في الجمع العظيم تذكروه، وعرفوا صدقه فيه، فسلموا الأمر له " (1)
فإن هذا الكلام يستبطن حالة من التناقض بين الكلامين، فيما يظهر.
فهو تارة يقول: إن نكاح المتعة مما تعم به البلوى، فيجب أن يشتهر العلم به.



(1) التفسير الكبير ج 10 ص 53.
369
وتارة يقول: لعل بعضهم نسيه، ثم تذكر حين أطلق عمر بالتحريم.
ثانيا: لو سلمنا ذلك فإننا نقول:
سيأتي عدم صحة قوله: إن سكوت الصحابة يستلزم الكفر.
ثالثا: من قال للرازي: إن عمر قد أعلن تحريمه في الجمع العظيم!!.
رابعا: إذا كان أمر المتعة لا بد أن يكون على حد أمر النكاح الدائم من حيث إنه لا بد أن يشتهر، وأن يكون الكل عالمين بأنه منسوخ، فكيف ينساه الناس، ولا يتذكرونه حتى يذكرهم به عمر..
خامسا: إن دليله إنما يصح - - لو كان الكل قد نسيه، ثم تذكروه بتذكير عمر، فلماذا اقتصر على البعض.

370
سادسا: إن كانوا قد تذكروه فلماذا أصروا على العمل والفتوى به في حياة عمر وبعد وفاته.
تقلبات ابن عمر:
وقد لاحظنا: أن الروايات قد اختلفت عن ابن عمر، فتارة تقول: إنه يعتبرها سفاحا، وأخرى تقول: إنه يعتبرها مشروعة.
ونقول:
لعل هذا الرجل قد تقلب في رأيه، وتبدل فيه من فترة لأخرى.
وقد يشهد لذلك استبعاده أن يكون ابن عباس يفتي بحلية المتعة، مما يشير إلى أن ذلك قد كان قبل شيوع هذه الفتوى عن ابن عباس، فلعله عاد فبدل رأيه، بعد أن كان في بادئ الأمر متأثرا برأي أبيه وبمنعه الصارم، ثم ظهر له الصواب في قول ابن

371
عباس، فرجع إليه.
تهديدات ابن الزبير لابن عباس:
ونعلق على رواية مسلم - - وغيره - - لما جرى بين ابن الزبير، وابن عباس، وقول ابن عباس له: لعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين.
وقول ابن الزبير: فجرب بنفسك، فوالله، لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك - - نعلق - - على ذلك، فنقول:
إن لنا هنا ملاحظات عديدة، نذكر منها:
1 - - أنها تدل على أن ابن عباس قد ثبت على القول بحلية المتعة إلى عهد ابن الزبير، وأنه لم يرجع عنها حين أخبره علي (عليه السلام) بتحريمها، كما يحاول البعض أن يدعيه.
2 - - إن المتعة كانت موجودة إلى عصر ابن الزبير، وإن نهي عمر وتهديداته لم تفلح في منع

372
الناس من ممارسة هذا الزواج، وقد كان أهل مكة يستعملونها كثيرا، بل أفتى بحلية ذلك عشرات الفقهاء من التابعين ومن جاء بعدهم.
3 - - إن ابن الزبير يهدد ابن عباس، ولا يحتج عليه لا بآية ولا رواية، رغم استدلال ابن عباس بأنها كانت تفعل في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
4 - - إن هذه الرواية تنسف كل الروايات التي استدلوا بها للقول بالنسخ، ولا أقل من أن هذه الروايات لم تقبل من قبل كثير من أهل العلم والفقه، والفتوى.
5 - - إن من الواضح: أن حكم من يتزوج متعة ليس هو الرجم، فما معنى قول ابن الزبير: لأرجمنك بأحجارك..

373
ودعوى القوي كدعوى السباع:
قد أوردنا في فصل النصوص والآثار، أن ما جرى بين ابن الزبير وابن عباس من نقاش حول المتعة، وتهديد ابن الزبير له بأنه إن فعلها ليرجمنه بأحجاره يدل دلالة واضحة على أن ابن عباس بقي مستمرا على القول بحليتها، حتى بعد موت عمر بحوالي أربعين سنة.
ولكن ابن الزبير الذي كان ملكه قد زاده غرورا وغطرسة قد وجد في هذا الأمر متنفسا لحقده على بني هاشم، الذين هم بهم الهموم، وأراد بهم العظيم.
وقد كان دليل ابن عباس على ذلك أنها كانت تفعل على عهد النبي (صلى الله عليه وآله)، ولم يستطع ابن الزبير ان يجيب على احتجاجه هذا بغير التهديد والوعيد، حتى اضطر ابن عباس إلى السكوت، بملاحظة: ان ابن الزبير كان حاكما

374
متسلطا، وحاقدا على الهاشميين مبغضا لهم، وقد حصرهم في الشعب، وأراد إحراقهم، (1) وقطع الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) في خطبته أربعين جمعة حتى لا يشمخ بنو هاشم بأنوفهم (2)
وبذلك يتضح: أنه لا دليل على ما زعمه البعض من أن شبهة ابن عباس كانت ضعيفة عند ابن الزبير توجب رفع الحد " (3)
ويذكرنا موقف ابن الزبير، وتهديداته هنا بقول الشاعر:
من الناب والظفر برهانها
ودعوى القوي كدعوى السباع
ثم هو يذكرنا بقول ابن عمر حين ذكر له فتوى



(1) مروج الذهب ج 3 ص 77.
(1) مروج الذهب ج 3 ص 79 وقاموس الرجال ج 5 ص 449.
(1) الفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 93.
375
ابن عباس بالمتعة: فهلا ترمرم بها في زمن عمر "؟!.
كما أن تهديدات عمر القمعية لا تدع مجالا للشك في أن السياسة كانت تتجه نحو فرض الرأي بالقوة، مهما كانت النتائج..
شدة التقية في عهد عمر:
تقدم في فصل النصوص والآثار الحديث الذي يقول: إن ابن عمر يصرح بأن ابن عباس ما كان ليجرؤ في زمن عمر على أن يقول ما يقول حول حلية زواج المتعة، وعبارته قد جاءت كما يلي:
" فهلا ترمرم - - تزمزم - - بها في زمن عمر "؟.
وذلك يدل أولا:
إن ابن عباس كان يرى تشريع هذا الزواج منذ ذلك الزمان، ولكنه بعد وفاة عمر جهر برأيه،

376
وأعلنه، ولم يلتفت إلى تحريم الخليفة له.
ثانيا: إن ابن عباس قد اتبع سبيل التقية في هذا الأمر، فلما مضى عمر إلى ربه.. وجد - - كغيره من الصحابة - - الفرصة لإظهار ما يعرفون، والجهر بما يعتقدون. الأمر الذي يلقي ظلالا من الشك حول مدى حرية الرأي، والاعتقاد في زمن الخليفة الثاني، حتى بالنسبة لكبار الصحابة وعلمائهم.. بالإضافة إلى الشك في سلامة، وصحة نسبة كثير من الأمور التي كانت تطرح في تلك الفترة، من قبل هؤلاء الحكام بالذات إلى رسول الله.. وقد أظهرت التحقيقات والوقائع: أنهم كانوا يعطون أنفسهم حق التشريع، ويمارسونه بصورة فعلية.. كما أثبتناه في كتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام) ولأجل ذلك كثرت المخالفات للتشريع النبوي، بل وللنص القرآني، في كثير من المفردات، والوقائع التاريخية ما

377
يصلح شاهدا لذلك (1)
ثالثا: إن هذا النص يشير إلى أن الشخص الذي كان مهتما بالمنع من هذا الزواج هو خصوص الخليفة الثاني، حتى إذا مضى إلى ربه، وجد ابن عباس وغيره من الصحابة الفرصة لإظهار ما يعرفون، والجهر بما يعتقدون وإن كان ابن الزبير قد بذل محاولة لإعادة التأكيد على ما أراده عمر. فواجه الرد القوي والحاسم من ابن عباس.
نهي علي (ع) لابن عباس لا يصح:
ويقولون: إن عليا (ع) قد قال لابن عباس: إنك امرؤ تائه، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد



(1) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 1 ص 55 - 70 ط بيروت وكذلك كتاب الغدير ج 6، بحث نوادر الأثر في علم عمر..
378
نهى يوم خيبر عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية..
ونقول:
1 - - إنهم يقولون: إن ابن عباس قد استمر على القول بحلية هذا الزواج إلى زمان ابن الزبير على الأقل.. فأي ذلك هو الصحيح؟!.
2 - - ثم هم يقولون أيضا رغم اعترافهم بضعف سنده، وبأن متنه يوحي بضعفه: إن ابن عباس قد جمعهم قبل موته بأربعين يوما، وأخبرهم برجوعه عن القول بالمتعة وبأن جميع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد رأوا تقويمه..
فأي ذلك هو الصحيح أيضا؟! (1)



(1) راجع: نكاح المتعة للأهدل ص 260 و 261 عن تحريم نكاح المتعة لأبي الفتح المقدسي ص 147 / 148.
وقد ذكرنا الرواية في مورد آخر من هذا الكتاب. وسند الرواية ضعيف ومتنها يوحي بوضعها، راجع: الأهدل في نكاح المتعة ص 262.
379
وهل من المعقول أن يكون جميع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد نقدوه في رخصته في المتعة؟ ولم نطلع على قول عشرة أو خمسة، أو أربعة، منهم على الأقل؟! وكيف يعقل استمراره على القول بالتحليل بعد تقويم الجميع له؟! (1).
3 - - لنفترض أن ما تقدم صحيح، ومع علمنا بمعرفة ابن عباس بمقام علي (عليه السلام)، وأخذه عنه، واعتبار نفسه أحد تلامذته، ومعرفته بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه: إن الحق يدور معه كيفما دار، فلماذا لا يقبل منه ما أخبره به، واستمر على القول بالتحليل، حتى واجه ابن الزبير بما هو معروف، ثم لم يرجع عن قوله إلى أن مات، أو



(1) راجع: نكاح المتعة للأهدل ص 262.
380
إلى ما قبل موته بأربعين يوما كما يزعمون.
فإذا لم يقتد ابن عباس بعلي، فبمن يقتدي إذن؟!.
4 - - إن اضطراب رواياتهم عن ابن عباس: أنه بقي على إباحتها، أو أنه رجع حين أخبره أمير المؤمنين بنسخها يوم خيبر.. أم أنه استمر على القول بحليتها للمضطر.
أو أنه استمر إلى ما قبل موته بأربعين يوما.
إن هذا الاضطراب يسقط رواياتهم عن الاعتبار.
5 - - كيف نوفق بين موقف ابن عباس هذا وبين قول علي (عليه السلام) له: إنك امرؤ تائه.. وبين ما زعموه من دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) له بقوله: اللهم علمه القرآن، وكونه حبر هذه الأمة (1)



(1) راجع ترجمة ابن عباس في أي كتاب شئت.. ونحن نشك كثيرا في صحة أمثال هذه الروايات، فإن ابن عباس كان حين وفاة النبي (ص) صبيا لا يتجاوز عمره عشر سنوات، وعلى أبعد الروايات كان عمره ثلاثة عشر سنة. كما أن لقب الحبر لقب يهودي.. يطلقه اليهود على علمائهم. وقد عبر به القرآن الكريم في سياق حديثه عن اليهود. فما معنى إطلاق هذا اللقب - بالخصوص - على ابن عباس؟!!
381
فهل لم يستجب الله سبحانه دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) فيه، فلم يهتد إلى حكم المتعة؟.
وإن كان ابن عباس امرءا تائها، كما تذكره تلك الرواية، فكيف يكون من النجوم التي بأيها اقتدينا اهتدينا..
مع أن لنا تحفظا على صحة حديث " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم "، ليس هنا موضع ذكره..
الخلط بين التحليل، والمتعة:
ومن الغريب قول بعضهم:

382
" يدل على رجوعه عن إباحتها: ما روى عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث: أن بكير بن الأشج حدثه: أن أبا إسحاق - - مولى بني هاشم - - حدثه: أن رجلا سأل ابن عباس: فقال: كنت في سفر، ومعي جارية لي، ولي أصحاب، فأحللت جاريتي لأصحابي يستمتعون منها، فقال: ذاك السفاح (1). إسناده حسن.
نعم لقائل أن يقول: إن ابن عباس يرى: أن على المتمتع بها العدة. أما كون المتمتع بها يأتيها الثلاثة والأربعة، بدون اعتداد بحيضة بين الأول والثاني، فهذا هو السفاح، فتحريمه لها إذن إنما هو لعدم استيفائها قواعدها " (2).
ونقول:



(1) أحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 148.
(1) نكاح المتعة للأهدل ص 262.
383
إنه ليس في هذه الرواية ما يدل على الاستمتاع بمعنى عقد نكاح المتعة، بل هي تتحدث عن تحليل الرجل جاريته لأصحابه ليستمتعوا منها، أي بالمعنى اللغوي لا بمعنى إجراء عقد زواج المتعة عليها.. وذلك سفاح بلا ريب.
ابن عباس يحلل ويحرم برأيه:
ويلفت نظرنا رواية أحمد بن عمر عن ليث بن عبد الله، عن الحكم بن عبدة، عن ابان بن أبي عياش، عن أبي الجوزاء: أن ابن عباس جمعهم قبل موته بأربعين يوما، ثم قال: إني كنت أقول لكم في المتعة ما قد علمتم، وإن جميع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأوا تقويمي، وإني رأيت رأيا، وقد رجعت عن ذلك الرأي.
قال: نصر بن إبراهيم المقدسي: " هذا يدل على

384
أنه رأي رآه، واجتهاد اجتهد فيه، والرأي يخطئ ويصيب، فلما تبين له الخطأ فيه رجع عنه، كما يفعل سائر المجتهدين، إذا تغير اجتهادهم بالنص المخالف له " (1)
ونقول:
1 - - إن ابن عباس قد تلقى التحليل من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن الآية القرآنية: التي كان هو وأبي بن كعب، وغيرهما، يقرؤونها بإضافة كلمة: {إلى أجل} مما يعني أنهم قد أخذوا هذه القراءة التفسيرية من رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولم يكن ذلك من عند أنفسهم.. فما معنى أن يقول ابن عباس: إن ذلك رأي رآه، ثم عدل عنه؟!.
2 - - قوله: إن جميع أصحاب رسول الله (صلى



(1) تحريم نكاح المتعة ص 118.
385
الله عليه وآله) قد رأوا تقويمه، ليس صحيحا، فإن طائفة كبيرة من الصحابة لم يلتزموا بالتحريم، بل بقي الكثيرون منهم يفتون بالتحليل ولم يعرف عنهم العدول عنه إلى غيره، مثل جابر، وابن مسعود، وعمران بن الحصين، وغيرهم..
ما زنى إلا شقي دليل تحريم المتعة:
وبالنسبة إلى الحديث (رقم: 63)، نقول: إن الأزهري اعتبر كلام ابن عباس دالا على ذهاب ابن عباس إلى تحريم هذا الزواج، وإليك كلام الأزهري بتمامه:
" قال الأزهري: وهذا حديث صحيح وهو الذي يبين أن ابن عباس صح له نهي النبي (ص)، عن المتعة الشرطية، وأنه رجع عن إحلالها إلى

386
تحريمها.
وقوله إلا شفى أي إلا أن يشفي أي يشرف على الزنا ولا يوافقه، أقام الاسم وهو الشفى مقام المصدر الحقيقي، وهو الإشفاء على الشيء، وحرف كل شيء شفاه، ومنه قوله تعالى: على شفى جرف هار، وأشفى على الهلاك إذا أشرف عليه.
وإنما بينت هذا البيان لئلا يغر بعض الرافضة غرا من المسلمين، فيحل له ما حرمه الله عز وجل على لسان رسوله (ص)، فإن النهي عن المتعة الشرطية صح من جهات، لو لم يكن فيه غير ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ونهيه ابن عباس عنها لكان كافيا.
وهي المتعة كانت ينتفع بها إلى أمد معلوم، وقد كان مباحا في أول الإسلام ثم حرم، وهو الآن

387
جائز عند الشيعة " (1)
ونقول:
1 - - كيف يكون ابن عباس قد رجع عن إحلال المتعة في حديث عطاء، وهو يقول في نفس هذا الحديث: " ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد (ص) " فهل أمة محمد هم خصوص أولئك الأفراد القلائل الذين أباحها لهم ثلاثة أيام حين فتح مكة كما يزعمون؟
ولماذا لم تنل هذه الرحمة سائر الناس من هذه الأمة؟!.
وهل إحلالها لفريق يصير رحمة لفريق آخر لم تزل محرمة عليه بزعمهم؟!.
وإذا كان تحليلها رحمة، فتحريمها لا بد أن



(1) لسان العرب ج 8 ص 330.
388
يكون نقمة على الأمة.
2 - - ثم يقول هو في نفس تلك الرواية: " لولا نهيه ما احتاج إلى الزنا أحد إلا شفى " فمن الذي قال: إن كلمة شفى بمعنى يشفي على الزنا أي يشرف عليه؟ فلعلها - - وهذا هو الأظهر والأقرب - - بمعنى قليل أي ما احتاج إلى الزنا إلا قليل.
بل من قال: إن كلمة شفى ليست تصحيف شقي.. كما ورد في نصوص أخرى عن ابن عباس نفسه، و عن علي (عليه السلام).
3 - - لو تنزلنا عن ذلك، فمن الذي قال: ان الضمير في قوله: " لولا نهيه " يرجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، بل الظاهر الذي يكاد يكون قطعيا أنه يرجع إلى عمر بن الخطاب. كما صرحت به روايات أخرى عنه وعن علي (عليه السلام) أيضا، وردت بنفس السياق وبنفس المضمون.

389
4 - - على أن قوله: إلا شفى قد وقع بعد كلمة لولا التي هي حرف امتناع: أي فيصير المعنى أن احتياجهم إلى الزنا حين الإشراف على الزنا كان بسبب النهي عن المتعة. فهل يعقل: أن يكون الاحتياج إلى الزنا قد حصل بسبب نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن المتعة؟!. ولماذا لم يترك لهم المتعة حلالا حتى لا يحتاجوا إلى الزنا؟.
5 - - قوله: إنه قد صح: أن أمير المؤمنين قد نهى ابن عباس عن المتعة، قد عرفت أنه لا يصح، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يزل قائلا بحليتها.
6 - - لو أغمضنا النظر عن ذلك، فإنه لا يعدو أن يكون خبر واحد لا يصح أن تنسخ به الآية القرآنية، مع اعتراف الرواية نفسها، على لسان عطاء: بأن آية: فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من الأجل الخ.. ناظرة

390
إلى هذا الزواج بالذات..
شيوع المتعة في مكة:
ومن الأمور المثيرة للعجب أن نجد أهل مكة يتعلقون بزواج المتعة، ويصرون عليه. وذلك على خلاف رغبة وسياسة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وتمردا منهم على ما أصدره من أحكام، وما اتخذه من مواقف.
مع أن من الثابت: أن أهل مكة كانوا مشهورين بالولاء لعمر معروفين بحبه.
بل كانوا معروفين بالانحراف عن أهل البيت (عليهم السلام)، وقد روي عن الإمام السجاد (عليه السلام) قوله: " ما بمكة والمدينة ثلاثون رجلا

391
يحبنا " (1)
وعن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، أنه قال لدعاته:
" وأما مكة والمدينة فغلب عليهما أبو بكر وعمر " (2)
وقريب منه مروي عن الأصمعي أيضا (3)
اجتهاد ابن حزم في مراد عمر:
ويلفت نظرنا ما قاله ابن حزم الظاهري، من أن



(1) البحار ج 46 ص 143 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 4 ص 104.
(1) البلدان للهمداني ص 315، وأحسن التقاسيم ص 293 و 294، وعيون الأخبار لابن قتيبة ج 1 ص 204 وراجع: السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات ص 93.
(1) روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار ص 67، والعقد الفريد ج 6 ص 248 ط دار الكتاب العربي.
392
عمر بن الخطاب إنما حرم المتعة إذا كانت بغير إشهاد، أما مع الإشهاد فلا يراها حراما (1)
وقد نجد بعض الشواهد لهذا القول في الروايات التي قدمناها في فصل النصوص والآثار، مثل رواية تمتع الشامي بإحدى نساء المدينة حسبما تقدم بيانه.
وهذا يعني: أن عمر بن الخطاب دخل في جملة المجوزين لنكاح المتعة، غير أن كلامه في تحريم المتعتين، وكذلك ظاهر كلام عمران بن الحصين، وجابر، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وغيرهم لا يساعد على هذا الرأي، الأمر الذي ربما يشير إلى نوع من التدرج في النواهي الصادرة عن الخليفة الثاني حتى أعلن أخيرا



(1) راجع: المحلى ج 9 ص 519.
393
تحريمه البات والقاطع لهذا الزواج الذي شرعه الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله)..
الأمة عابت عمر في تحريمه للمتعة:
ويلفت نظرنا الرواية التي وردت في فصل النصوص والآثار (برقم 83)، حيث قال عمران بن سوادة لعمر بن الخطاب.
" عابتك أمتك أربعا.. " فذكر له من جملتها: أنه حرم متعة النساء.. وقد اعتذر عمر عن ذلك بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما أحلها في زمان ضرورة، وقد عاد الناس إلى السعة..
فإن هذه الرواية صريحة في أن الأمة الإسلامية بأسرها قد اخذت على عمر تحريمه لهذا الزواج وعابته عليه..
وذلك يشير إلى إجماع الأمة على خلافه.. ويدل

394
على أن عدم جهرهم له بهذا الأمر، قد كان بسبب الخوف، أو لغير ذلك من أسباب.
أثمرت نواهي عمر بعد غلبة التقليد:
ومهما يكن من أمر، فإن ملاحظة ما تقدم من نصوص أوردناها في الفصل السابق، وفي غيره من الفصول تعطينا:
أنه رغم الإصرار الشديد والقوي والحازم من الخليفة عمر بن الخطاب على تحريم هذا الزواج، فإنه لم يستطع أن يمنع الناس، حتى في عصره من ممارسته، بعد أن ثبتت لهم حليته من القرآن الكريم، وعلى لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله).. ولذا فقد تعددت الوقائع التي واجه فيها الخليفة الثاني مخالفة الناس لنواهيه الصارمة، وزواجره القاطعة والحازمة..
ولعل من السهل جدا ملاحظة كيف أن نهي

395
الخليفة عن متعة النساء، قد اقترن بالإصرار الشديد، والتهديد والوعيد أكثر من مرة، ولذا نلاحظ: أن نهيه عن متعة النساء، قد كان أبعد أثرا، من نهيه عن متعة الحج، الذي لم يترك إلا أثرا محدودا جدا، انتهى وتلاشى بعد برهة من الزمان، على الرغم من أنه قد قرن النهي عنهما في كلام واحد في بعض الموارد، كما رأينا.
لكن الأثر الأكبر لنواهي عمر عن المتعة رغم شدتها، واقترانها بالتهديد، والوعيد، قد جاء بعد عشرات بل مئات من السنين، وبالذات بعد غلبة التقليد على الناس، حيث قبلوا ذلك منه حينئذ، متجاهلين ومؤولين النص القرآني، وكل السنن الصحيحة والصريحة الواردة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعن صحابته الأخيار رضوان الله تعالى عليهم..

396
وربما كان للعامل السياسي، الذي حرص.. ابتداء من زمن معاوية على الرغبة عن مذهب علي (عليه السلام) وآرائه - - لربما كان له - - أثر كبير في ترسيخ قواعد هذا النهي، واتخاذه شعارا، في مقابل ما عرف عن علي وأهل بيته (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، وشيعته.. وإن كان أصل النهي عن المتعة لم يكن منطلقا من هذا المبدأ، وإنما من اعتبارات سنشير إليها إن شاء الله تعالى..
خاتمة هذا الفصل:
ونختم هذا الفصل بإيراد نماذج من الروايات قد فسروا المراد منها بطريقة تبرعية ليس لها ما يؤيدها.. بل ربما نجد ما يؤيد الاحتمالات الأخرى فيها، فنقول:

397
تفسيرات تبرعية من قبل الرواة:
ويلاحظ: أن الرواة يجتهدون من عند أنفسهم في بيان المراد من بعض الروايات، رغم وجود قرائن ظاهرة الدلالة على خلاف اجتهاداتهم تلك.
وكشاهد على ذلك نذكر الأمثلة التالية:
1 - - روى أحمد، عن أبي شيخ الهنائي قصة مناشدة معاوية لملأ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حول نهي النبي عن جلود النمور أن يركب عليها، وعن لبس الذهب، والفضة، وعن الشرب في آنية الفضة والذهب، فأقروا في الجميع بقولهم اللهم نعم.
فلما قال لهم: " وتعلمون أنه نهى عن المتعة - - يعني متعة الحج - - قالوا: اللهم لا ".
ثم ناقش ابن كثير الراوي بأن المقصود هو متعة النساء، إذ لم يكن عند الصحابة نهي عن متعة

398
الحج (1)
2 - - عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لا تحل المتعة إلا للمضطر. يعني أن هذا ليس في متعة النساء، إنما هو في متعة الحج، الذي فسخ إلى العمرة (2)
ونقول:
إنه ليس ثمة ما يدل على إرادة متعة الحج، بل إن مشهورية تحليل ابن عباس لمتعة النساء، ثم ما ينسبونه إليه من تخصيصه للحلية بصورة الاضطرار؛ ليخرجوه عن
دائرة القائلين بالحلية - - نعم، إن ذلك - - يقرب لنا القول بأنه إنما يتحدث عن متعة النساء، لا عن متعة الحج.

399
3 - - عن عبد الرحمان بن مهدي، عن سفيان عن عياش العامري، عن إبراهيم التيمي، عن أبي ذر: قال: " كانت لنا خاصة، يعني: متعة الحج " (1)
ونقول:
قد تقدم عن صحيح مسلم: أن أبا ذر قد تحدث عن متعتي النساء والحج معا، فلا يقبل هذا التفسير من الراوي، ولا سيما مع إطلاق كلمة المتعة في كلامه.
4 - - وعن محمد بن علي بن الحسن بن شفيق، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن مطرف، عن سلمة بن كهيل، عن طاووس، عن ابن عباس قال: " سمعت عمر يقول: والله إني لأنهاكم عن المتعة، وإنها لفي كتاب الله، ولقد فعلها رسول الله. يعني: العمرة

400
في الحج " (1)
وتفسير المتعة بأنها العمرة في الحج محض اجتهاد من الراوي، ولعل ظاهر إطلاق كلمة " المتعة " من دون تقييد، يؤيد كون المراد متعة النساء.
على أن الأمر الذي كان يحتاج عمر إلى مواصلة التذكير بالمنع عنه هو متعة النساء، لأنها هي التي كان يواجه استمرار الإصرار عليها والعمل بها.
5 - - عن إسماعيل بن محمد بن الفضل، عن ابن شكرويه، عن ابن مردويه، عن أبي بكر الشافعي، عن معاذ بن المثنى، عن مسدد، عن يحيى، عن

401
شعبة، عن قتادة، عن جري بن كليب، قال: رأيت عليا يأمر بالمتعة، قال ورأيت عثمان بن عفان ينهى عنها، فقلت لعلي إن بينكما لشرا، فقال: ما بيننا إلا خيرا، ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدين (1)
قد فهم البعض: أن المراد هو متعة النساء، فأورده في كتابه في أبواب الحج، على هذا الأساس وهذا ليس هو الراجح كما سيتضح من التعليق الآتي.
6 - - حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن قتادة، قال عبد الله شقيق:

402
" كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان علي يأمر بها، فقال عثمان لعلي كلمة، ثم قال علي (ع): لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله (ص).
فقال: أجل، ولكن كنا خائفين.
وحدثنيه يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد، يعني ابن الحارث، أخبرنا شعبة بهذا الإسناد مثله " (1)
عبد الله، حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا شعبة الخ.. وفيه: قال شعبة: " فقلت لقتادة: ما كان خوفهم؟ قال: لا أدري " (2)
ونقول:

403
قد أورد مسلم وغيره هذه الرواية في أبواب حج التمتع، وحملها على ذلك مجرد اجتهاد منهم وهي إلى متعة النساء أقرب منها إلى متعة الحج، لأن تعليل عثمان للنهي عن المتعة بقوله: (ولكن كنا خائفين)، ليس له ما يبرره لأنهم لم يحجوا قبل فتح مكة أبدا، وإنما اعتمروا عمرة القضاء، ولأجل ذلك تحيروا في توجيه هذا التعليل، فذهبوا فيه يمينا وشمالا، فراجع شروح صحيح البخاري، وصحيح مسلم.
وربما يرجح ذلك أنهم يزعمون أن متعة النساء إنما أحلت للمضطر، أي أن تحليلها كان بسبب الحرب التي يواجهها المسلمون، ولا يقدرون على النساء في تلك الحال.
ولكننا قد ذكرنا وسنذكر إن شاء الله أن المتعة كانت حلالا مطلقا، للمضطر ولغيره. فلا مجال للتمسك

404
بأمر كهذا.
وأما الروايات الأخرى التي قالوا إنها تتحدث عن متعة الحج فما هي إلا اجتهادات من بعض رواة الحديث، أو من الذين تداولوه.
7 - - عن ابن عباس: " إن آية المتعة ليست بمنسوخة " (1)
يحتمل أن يكون هذا الحديث ناظرا إلى آية: {فما استمتعتم به منهن، فآتوهن أجورهن} لأن متعة النساء هي التي كانت موضع جدل وأخذ ورد بين ابن عباس وبين غيره.. كابن الزبير..
ويحتمل أن يكون المقصود بها آية فمن تمتع

405
بالعمرة إلى الحج. والاحتمال الأول هو الأقرب، وذلك لما ذكرناه..

406
/ 1