بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: الشهب الثواقب لرجم شياطين النواصب المؤلف: الشيخ محمد آل عبد الجبار الجزء: الوفاة: 350 المجموعة: من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية تحقيق: حلمي السنان الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1418 المطبعة: الهادي - قم الناشر: الهادي - قم ردمك: ملاحظات: الشهب الثواقب لرجم شياطين النواصب (بحث شيق في إثبات الإمامة بالأدلة النقلية والعقلية) تأليف العلامة العلم المقدس الشيخ محمد بن عبد علي آل عبد الجبار القطيفي (رحمه الله) المتوفى في حدود العقد الخامس من القرن الثالث عشر الهجري
1 إثبات الإمامة " الشهب الثواقب في رجم شياطين النواصب " المؤلف: العلامة العلم الحجة المقدس الشيخ محمد بن الشيخ عبد على آل عبد الجبار المحقق: حلمى السنان الناشر: الهادي الطبع: مطبعة الهادي الطبعة الأولى: 1000 نسخه رمضان 1418، زمستان 1376 شابك 0 - 008 - 400 - isbn 964 قم، انتهاى خيابان صفائيه، پلاك 759، كدپستى 37138، تليفون: 737001
2 إن النواصب ليس من نصب لنا أهل البيت، لأنك لا تجد أحدا يقول: أنا أبغض محمدا وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا وسائل الشيعة، م 6، كتاب الخمس، باب 2 مما يجب فيه الخمس
3 إهداء إلى سيد الموحدين.. ويعسوب الدين إلى أمير المؤمنين.. إلى رجل الإسلام الأول الذي بذل نفسه الشريفة في خدمة الدين إلى ميزان الحق القويم وإلى كل طالب سبيل الحق.. ومسترشد بهداه أهدي هذا الجهد المتواضع راجيا القبول
5 مقدمة التحقيق القسم الأول: الإمامة والانتماء القسم الثاني: المؤلف والمؤلف
7 القسم الأول الإمامة والانتماء
8 الحمد لله رب العالمين، الذي اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله دون العالمين، فأرسله بالهدى والدين المبين، وجعل لدينه أئمة يحفظونه عن التحريف، ويأخذون بأيدي أهليه إلى سبل الحق، فكان من ذلك أن اللازم لهم لاحق والمقصر في حقهم زاهق والمتقدم عليهم مارق. وبعد: فإن الملاحظ لأصناف العلاقات بين بني الإنسان يجد أن هناك نوعا من الإضافة تتمثل في نسبة أحد الطرفين للآخر وهذه العلائق تتمشى في طبيعة المجتمع مع بدايات تكونه وتستمر كوجود متميز، ومنه تنشأ ما يسمى بالانتماءات المختلفة من اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وغيرها. فالانتماء إذن: علاقة منطقية بين الفرد والصنف أيا كان، ومنه الحديث الوارد: " من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله "، ومن خلال هذه الفكرة السابقة وهذا الحديث ونظائره تتكون لدينا صورة واضحة عن مدى الحاجة للانتماء عند كل فرد. وتتمثل هذه الحاجة في عدة مظاهر، فقد ينتمي الفرد لمبدأ ما كالانتماء - الاعتقاد - المصور في القرآن بالنور وبالحق وبالهدى وعلى طرف آخر: بالشيطان وبالباطل وبالهوى.
9 وقد ينتمي الفرد باعتبار خصوصية فيه مرغوب فيها كما لو كانت فيه صفات قيادة الأمة أو المجتمع كالنبي أو الإمام أو المرجع في التقليد. بل قد يحصل من الفرد انتماء لمجتمع وهذا نتيجة النزعة الموجودة في الإنسان والتي هي طبيعة ثانية له وهي مفاد قولهم: " الإنسان مدني بطبعه ". وأما دوافع هذا الانتماء فكثيرة جدا فمنها ما هو ديني محض، ومنها ما هو اجتماعي ومنها السياسي ومنها النفسي ومنها الاقتصادي ومن أمثلة تلك الدوافع: تحقيق خلافة الإنسان في الأرض سواء الخاصة منها أو العامة (1)، أو تحقيق العدل الاجتماعي ورفع الآثار السلبية للطبقية الاجتماعية، أو تحقيق التقدير الاجتماعي كمطلوب نفسي لكل فرد في المجتمع. ولا يخفى أن العصبية سلاح ذو حدين فهي قد تكون دافعا وقد تكون معوقا عن تحقق الانتماء. كما أن من معوقاته الجهل فالانسان بطبعه عدو ما جهل، فإن الجاهل يركز اهتمامه على رفض احتواء تلك الدوافع فيعمل بلا هدف واضح، فيعيش حالة فقدان الوعي العبادي، وبالتالي فقد الوعي الاجتماعي. ونظرا لكون الحق واحدا غير متعدد في الواقع المراد لله عز وجل فيحتاج لمعرفة الحق من صور الانتماء تلك. فبعض يرى بأنه القبول الاجتماعي، فكلما يقبله المجتمع يكون حقا وهذا غير تام في حد ذاته كما لا يخفى. وبعض آخر يرى أنه القبول النفسي أو الحب والبغض فكلما كان مقبولا عندي محبوبا إلى نفسي فهو حق وغيره باطل وكذا العكس، وهذا المعنى فاسد قطعا بشهادة القرآن والسنة والوجدان.
(1) يراجع فيها كتب التفسير خصوصا الآية 30: البقرة، والآية: 39 / فاطر. 10 نعم، من المعايير الصحيحة النظر إلى ما يرضي الله عز وجل في كل الأعمال والاعتبارات، ومنها أيضا تحكيم العقل السليم في موارد تمييز الحق فإن " ما حكم به العقل حكم به الشرع ". ومن أهم المنطلقات الأساس في تأجيج روح الانتماء وجعلها فاعلة في الأجيال المختلفة نظرية الإمامة التي طرحها الإسلام كبديل جامع لكل ما كان من أدوار أو وظائف يقوم بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ولبيان حقيقة هذا المنطلق نقدم له بالقول بأنه: في خضم المواقف والأزمات المتلاحقة لمعطيات التيارات الفكرية في العالم الإسلامي تنكشف الكثير من الأبعاد والخطوط ذات التوجهات المرسومة من قبل أشخاص معينين، فترتفع أصوات وتعلو صيحات هنا وهناك كل يقول الحق معي، حتى أن الكلمة صارت تخرج من الأفواه مشوهة المعالم، والمفاهيم ترسم مبتورة أو مشلولة، وقد أصبحت الأمة الواحدة أمما، والبلد بلدانا والمجتمع الواحد تجمعات وتحزبات. وصار كل يدلي بدلوه ويطرح برهانه ليثبت صحة مدعاه ومن تلك الخطوط والأبعاد: البعد العقيدي وما يترتب عليه من أعمال في الساحة الإسلامية، إذ أنه التوجه المرسوم من قبل السماء وعلى أثره جاءت الرسل تبشر بما هو خير للبشرية وتنذر عما هو شر لها وضياع لهويتها. وكان من سنن الله عز وجل في خلقه أن يبعث نبيا كلما اقتضت المصلحة ذلك، فتوالى الأنبياء الواحد تلو الآخر أو في زمانه وكلهم بدعوة واحدة ألا وهي التوحيد لله عز وجل في العبادة دون غيره، مع اختلاف في الأسلوب بين نبي وآخر. إلى أن انتهت النبوة إلى نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) فكانت النبوة الخاتمة، وكانت الناسخة
11 للشرائع السابقة قال تعالى: * (إن الدين عند الله الإسلام) * (1). وقال في آية أخرى: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) * (2) فلا ديانة حق إلا ما يدين به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا لا ينافي مشروعية الديانات السابقة في زمانها. وقد قام (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبليغ رسالته على أكمل وجه وأتمه في فترة ثلاث وعشرين سنة - وهي فترة قصيرة نسبيا بالنسبة لنبوة جديدة هدفها التغيير الجذري لنفوس الناس آنذاك - سعى لغرس اللبنات الأولى للمجتمع الإسلامي المثالي الصحيح، ثم محاولة بلورة المفاهيم والأطروحات التي جاءت بها السماء لسعادة البشرية جمعاء إلى حياة عملية ملؤها العطاء والبذل لكل ما فيه صلاح مستقبل الأمة الإسلامية. ولكن بطبيعة الحال أن كل مجتمع إنساني لا بد وأن يكون فيه من يطيع وينصاع لقوانينه، وهناك من يعصي ويضل ويغوى، فهناك قوى الرحمان وجنوده، وهناك حبائل الشيطان وأبالسته. ولما كان من السنن الكونية التي كتبها الله على بني الإنسان أن لا يخلد إنسان أكثر من العمر المحدد له إلا فيما كان له مصلحة يراها الله عز وجل في ذلك، فقد قبض الله إليه نبيه باختياره بعد أن أعلم الناس بقرب رحيله، وحينما كانت النبوة تلفظ أنفاسها الأخيرة بدت الحيرة واضحة على الناس، ماذا يصنعون بعد رحيله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وكأنما نسوا أو تجاهلوا تلك النصوص الكثيرة التي صدرت عن
(1) آل عمران: 19. (2) آل عمران: 85. 12 النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خلال عمره الشريف! فكان لا بد من كلمة ينتظم بها أمر الناس إلى يوم القيامة فيما إذا التزموا بها، فيا ترى ما هي الكلمة وما هو الموقف؟ فكان يوم الغدير، وكان حديث الثقلين وغيرها... وغيرها من مجموعة الكلمات والموقف، فقبلها جماعة وردها آخرون، فحصل من جراء ذلك تخلخلات في البنية الفوقية لكيان المجتمع الإسلامي نتج عنه إبعاد من هو أهل عن منصبه الإلهي، ونتج عنه أيضا طمس الكثير من المفاهيم التي أجهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه الشريفة في غرسها ورعايتها حتى نمت واستوى عودها، وإذا بنا لا نجد لها أثرا أو ذكرا بعيد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) وكأن شيئا لم يكن. نعم نادى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم بصريح القرآن: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * (1) فباتفاق الفريقين نزلت في ذلك اليوم وفي علي (عليه السلام) خاصة، إلا أن العامة يتأولون حديث النبي فيها فيصرفون المراد إلى ما لا يقبله العقل ولا الذوق العربي المستقيم لأجل حرفها عن مسارها الذي رسمه لها الله عز وجل (2). وهكذا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد حدث ما نبأ به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بإخبار الوحي إياه من ضياع الأمة بعده وتشتتها لعدم انضوائها تحت راية من نصبه لهم، فلقد غدت الأمة كسفينة قد فتك ركابها بربانها فضلوا طريق الشاطئ، وعصفت بها الأمواج يمينا وشمالا ومزقت كل أشرعتها. فما الذي حدث بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ سوف نسرد الأحداث مجملة والتفصيل لا يطاوعه القلم فليطلب من كتب
(1) المائدة: 67. (2) راجع: تذكرة الخواص لابن الجوزي: ص 32 في حديثه عن لفظ المولى. 13 السير والتاريخ، فما علم القوم بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وكانوا خارج المدينة - حتى أقبلوا، وقد أنهي إليهم نبأ اجتماع الأنصار للبحث فيمن يخلف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فخافوا فوت الفرصة فهموا بأمر وأظهروه في تلك السقيفة، ولقد جادلوا جدال المستميت عن خلافتهم حتى قطع الجدال الثاني بأن صفق بيد الأول مبايعا له فتم لهم ما أرادوا ثم لم يفتأوا في إجبار الناس والزامهم على المبايعة حتى ديس سعد وهو بينهم، وطرد قوم من المدينة وقتل آخرون، بل تطاول بهم الأمر إلى أن هموا بإحراق دار فاطمة (عليها السلام) على من فيها لأنهم لم يبايعوا (1) واقتيد رجل الإسلام الأول علي بن أبي طالب قسرا لكي يبايع وهو (عليه السلام) يصف الموقف وصفا بليغا حيث يقول: " هذا ماء أجن ولقمة يغص بها آكلها ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه " (2). وأما الحالة العامة فيقول فيها: " أما والله لقد تقمصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه " (3). هذا الوصف الذي ذكره علي (عليه السلام) للوضع السياسي في ذلك الوقت وهو يعتبر أوائل عهد الإمامة والخلافة لا زالت في مهدها. ولكن الأمر لم يبق على ما هو عليه فقط بل مع تقادم العهد وعبث الأيدي المغرضة وتلاعبها بمضامين السنة كل
(1) الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري: ج 1 ص 17 - 19 وص 32. (2) نهج البلاغة: 5 / 52. (3) نهج البلاغة: 3 / 48. 14 ذلك قد كون مفاهيم جديدة حول مسألة الإمامة، وظهرت مدارس ونظريات مختلفة الأبعاد حولها مما يجدر بنا هنا أن نطرحها ولو مختصرا. لقد افترق الناس من صحابة وتابعين وتابعي التابعين بعد قضية السقيفة وما خلفته من آثار إلى ثلاث فرق (1): 1 - جماعة توقفوا في الأمر واعتزلوا كلا الطائفتين كسعد بن عبادة وجماعة من بني هاشم وغيرهم. وقالوا: ضاع الحق بين المسلمين. 2 - وجماعة أخرى تدافعوا للبيعة وتقليد زمام أمورهم من انتخب خليفة، وهم أكثر المهاجرين والأنصار متناسين النصوص النبوية. 3 - وجماعة ظلوا على عهدهم من رفض البيعة إلا لعلي (عليه السلام) فأوذوا في ذلك كثيرا، ومن تأخر منهم التزم بعدم أحقية المتقدمين على علي في الخلافة، متمسكين بالنص الجلي في إمامته (2). فأما الطائفة الأولى فقد كانوا شقين أيضا: فشق قد بايع بعدها للأول ومن بعده ولما وصلت الخلافة لعلي (عليه السلام) توقف في ذلك كأسامة وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، وشق آخر بقي على حاله حتى مات ولم تكن في رقبته بيعة لأحد. وأما الطائفة الثانية فهي التي انحدر منها ونسل جميع أتباع المدرسة التبريرية - إن صح التعبير - حيث دأبوا على تبرير كل ما صدر عمن تقدم عليا من الحكام من أعمال تخالف الحكم الشرعي ظاهرا أو العقيدة السليمة وذلك لأنهم
(1) راجع في هذا مقالات الإسلاميين: ج 1 ص 25، ج 2 ص 142 وما بعدها. (2) إن هذا الكتاب الذي بين يديك ملئ بالنصوص على ذلك من آيات وروايات. 15 افترضوا فيهم عدم الخطأ وإن لم يصرحوا بدعوى العصمة لهم. كما انحدر منهم جماعة التأويلية، وأول ذلك كان من معاوية وابن العاص حينما أولوا حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " عمار تقتله الفئة الباغية " فقالوا الفئة التي خرجت به للقتال هي التي قتلته، وقبلهم في ذلك - للأمانة التاريخية - وصف الأول لقتل خالد بن الوليد مالكا ودخوله بزوجته في ليلته بأن متأول، حيث قال: اجتهد فأخطأ (1). وهكذا تكثرت الآراء وتشعبت النظريات فصارت الفرقة الواحد فرقا، والحق قد مزقته الأهواء فصار كل يدعي أنه على الحق ويتأول من الحديث ما يصحح طريقته وعقيدته. ولأجل استيضاح الأمر أكثر مما مضى نعرض لمعنى الإمامة والأقوال فيها ومن تبنى مبادئها ومن لم يعتقد فيها: تعريفها: عرفت بعدة تعاريف: 1 - أنها رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا (2). 2 - أنها خلافة الرسول في إقامة الدين (3) ويجب على الأمة اتباعه. 3 - أنها خلافة الرسول في إقامة الدين وسياسة الدنيا (4). وقد اعتبر التعريف الأول تعريفا جامعا لما قد فرض للإمام من مسؤوليات. ونحن نضيف عليه كون الخليفة أعلم الناس ومعصوما عن الخطأ والنسيان.
(1) لاحظ: الإصابة في تمييز الصحابة: 3 / 357. (2) المواقف: 345. (3) المصدر السابق. (4) مقدمة ابن خلدون: ص 191. 16 وأما الأقوال فيها فهي: 1 - أنها من مسائل أصول الدين والعقيدة، وقد تبناه الإمامية. 2 - أنها من مسائل فروع الدين والأمور الجزئية حالها حال الصلاة وقد اختاره أكثر أتباع المذهب الأشعري. وأما حكمها فقد اتفق المسلمون على وجوبها (1) عقلا أي أن العقل يرشد للحاجة لرئيس وإن لم يصرح بعض علمائهم بذلك واختلفوا بعدها في أمور: 1 - هل هي واجبة شرعا أيضا أم لا؟ 2 - من الذي تكون له الخلافة، أي بم يتعين الخليفة؟ 3 - هل تجب عدالة الخليفة في كل الأمور والأحوال أم في حال دون حال؟ أما الخلاف الأول: فمنشأه هو الخلاف بينهم في أنه هل يجب على الرسول بأمر الله عز وجل أن ينصب خليفة أم لا؟ وإذا كان واجبا فهل لجماعة المسلمين رأي في ذلك أم لا؟ ذهب إلى كل قوم. فقال قوم بأن الإمامة منصب إلهي، والتنصيب بيد الرسول، ولكن يشاور الناس في ذلك، وبعد حياته يرجع لأهل الحل والعقد من الأمة. وقال آخرون إنها منصب إلهي والتنصيب من قبل الله عز وجل، وأما الرسول فهو مبلغ للناس عن ذلك فقط، وأنه لا يحق للناس إبداء الرأي في ذلك أبدا. اختار الثاني جماعة من الصحابة والتابعين ثم تبعهم جماعة كثيرة حتى تبلورت الفكرة تماما في عهد عثمان بن عفان حيث انحصرت في التسمية بشيعي
(1) مقالات الإسلاميين: ج 2 ص 149 رقم 179. 17 وعثماني (1) فالأول هم أتباع علي (عليه السلام) والآخرون أتباع عثمان ومن سبقه، لأنه قبل البيعة على سيرة الشيخين. وأما القول الأول فهو مذهب أكثر الأشاعرة في الإمامة. ومع اتفاقهم على أصل الإمامة واختلافهم في مصدر الوجوب أيضا اختلفوا في طريقة التنصيب والتعيين: فقال قوم بأن ملاك التعيين هو الإرث فالأقرب من الرجال هو العباس، وقال آخرون بأن الملاك هو الوصف فمن اجتمعت فيه صفات الإمام فهو الذي يريده الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذهب ثالث من المذاهب السياسية لكون الملاك هو رأي أهل الحل والعقد، وذهب رابع لكون أجلى ملاكاتها القهر والاستيلاء. فأما المذهب الثالث فهو مذهب أكثر العامة من كون الإمامة شورى بين خيار الأمة وفضلائها ويعقدونها لأصلحهم، بل قالوا إذا خيف افتراق الأمة ولم يجتمع كل من عليه المعول في ذلك فيكفي البعض ويكون رأيهم ماضيا وتثبت إمامة من انتخب. ولا يخفى أن هذا الرأي تبرير للذي وقع بداية خلافة الأول وأنه راجع لأجل تعريف الإمامة ما هي. وكذا الرابع فهو تبرير لفعل معاوية وغيره. وأما أهل المذهب الثاني فقد انشقوا إلى طائفتين: الأولى: تدعي أن الرسول لم يترك أو ينص على وصف معين يعرف به الخليفة بعده، فالأمة تتبع من الأوصاف ما تراه حسنا. الثانية: ترى بأن الرسول نص على أوصاف بعينها وقد عرفها من عرفها وجهلها من جهلها بجهله.
(1) مقالات الإسلاميين: ج 1 ص 65. 18 وأما بالنسبة لأولوية العباس من علي بالخلافة باعتبار أولويته منه بالإرث، فيرد عليه: 1 - إن الإمامة والخلافة ليستا مما يورث، بالاتفاق. 2 - وعلى فرض أنها كذلك فالوارث موجود وهو السيدة الزهراء (عليها السلام). 3 - كما أن الإجماع عندنا على خلافة علي بالنص وعندهم الإجماع على إمامة من سبقه باتفاق أهل الحل والعقد، فادعاء مناط ثالث لإثبات الأمر لغيرهم ساقط بالإجماع المركب. 4 - وعلاوة على كل ذلك فإن التاريخ لم يحدثنا بأن العباس ادعاها لنفسه، بل على العكس فقد كان ملازما لعلي في كل أموره. 5 - وعلى التسليم بكل ذلك فالمسألة في الأولوية تكون خلافية، فهم يرون أولوية العباس ونحن نرى أولوية علي لتقربه للنبي بالأب والأم. وذهبت الطائفة الإمامية إلى أن الموجب للتعيين هو النص والوصف، فقد نص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل وفاته في مواقف متكررة على الخليفة بعده اسما وصفة ويستدلون عليه بأحاديث من كتب الطائفة الأخرى لتكون أكثر إلزاما لهم (1). وبهذه المرحلة من النزاع الدائر في أمر الإمامة تبلورت الفرق الإسلامية أكثر فأكثر، حيث بدأت كل فرقة تربي أبناءها على ما تعتقده وتخلق لها المحيط الذي يناسب فهمها لطبيعة الإمامة كما أن كل فرقة قد اشتغلت في البحث عن الأدلة على إثبات مدعاها وابتكرت أدلة كما هذبت وشذبت أدلة قد طرحت سابقا. ومن الكتب المشهورة في ذلك ما كتبه القاضي عبد الجبار المعتزلي في الإمامة - وفقا لرأيهم من كون علي إماما وأفضل ممن تقدمه، لكن الله جوز تقديم المفضول على الفاضل - فكتب السيد المرتضى في رده " الشافي في الإمامة " ولخصه الشيخ الطوسي، وكتب أبو عثمان الجاحظ رسالته " العثمانية " وردها
(1) تجدها متناثرة في هذا الكتاب في مختلف فصوله من أوله وحتى آخره. 19 أحمد بن طاووس في رسالته " بناء المقالة الفاطمية في نقض العثمانية "، وأما العلامة الحلي من علماء الإمامية البارزين فقد كتب كتابه المشهور " الألفين " وسرد فيه كل ما يمكن كونه دليلا على إمامة علي (عليه السلام) من آيات وروايات، كما كتب كتابه الآخر " نهج الحق وكشف الصدق " فرده ابن تيمية في كتابه " منهاج السنة " واستمرت المسألة هكذا من جيل إلى جيل ومن قرن لآخر كل يدلي بدلوه فيها دفاعا عن حق أو ردا لباطل في كل عصر وزمان. وفي هذا الأمر أكبر الدلالة على أهمية مسألة الإمامة عقائديا وسياسيا وتاريخيا وأنه لا يمكن التنازل عنها أو غض الطرف لأنها أم المسائل حتى قال أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين: " وكان الاختلاف بعد الرسول صلى الله عليه وسلم في الإمامة ولم يحدث خلاف من غيره في حياة أبي بكر (رض) وأيام عمر (رض) إلى أن ولي عثمان... " (1). وقال قبل هذا " وأول ما حدث من الاختلاف بين المسلمين - بعد نبيهم صلى الله عليه (وآله) وسلم - اختلافهم في الإمامة " (2). وقال الشهرستاني: " وأعظم خلاف بين الأمة، خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان " (3). فهذا هو أمر الإمامة والأقوال فيها ومدى أهميتها حيث ذكرناه ختاما عودا على بدء حيث أن بيان الأهمية يعطينا صورة واضحة عن أثر نظرية الإمامة في تحديد الانتماء ومنه يتم تحديد الهوية الفكرية للإنسان المسلم بشكل عام وكلي. وبقي أمر لا بد من التعرض له وهو مسألة النصب لأهل البيت (عليهم السلام) نظرا لكون الكتاب قد وضعه مؤلفه للرد على النواصب فنقول:
(1) مقالات الإسلاميين: ص 47. (2) المصدر السابق: 39. (3) الملل والنحل: 1 / 24. 20 النصب في اللغة المعاداة، قال في المعجم الوسيط: ناصبه العداوة أو الحرب: أظهرها له وأقامها (1). وفي القاموس قريب منه. ثم قال في القاموس أيضا: والنواصب والناصبية: أهل النصب المتدينون ببغضة علي - رضي الله عنه - لأنهم نصبوا له أي عادوه (2). وقال في مجمع البحرين: والنصب: المعاداة، يقال نصبت لفلان نصبا: إذا عاديته ومنه " الناصب " وهو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت أو لمواليهم لأجل متابعتهم لهم.. (ثم نقل كلام القاموس المحيط المتقدم) (3). إذن فالمعنى اللغوي يفترق عن الاصطلاحي بالعموم والخصوص فقط حيث قال في الحدائق مبينا الاصطلاح فيه: الناصب يطلق على معان: - من نصب العداوة لأهل البيت (عليهم السلام). - من قدم الأول والثاني مطلقا. - من نصب العداوة للشيعة. ثم استدل على كل قول بروايات عن أهل البيت إضافة على ما ذكره أهل اللغة (4)، وسنأتي على ذكر الرويات. وأما كلام المتكلمين حول الناصب: فإنهم قد طرحوا عناوين متعددة وكلا بحثوا في حكمه ومنها الناصب، وهذه العناوين هي: الجاهل، المخالف، المرتد، الكافر، العارف المعاند. وتلاحظ أن الحكم فيها تابع لملاكه، وعندنا هنا ملاكان محتملان بل
(1) المعجم الوسيط: ج 2 ص 924. (2) القاموس المحيط 1 / 133. (3) مجمع البحرين: ج 2 ص 173. (4) الحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني: ج 5 ص 186 وما بعدها. 21 تداولهما علماء الكلام والفقهاء أيضا وهما: - البغض لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). - جحد النص على إمامة علي (عليه السلام) وبالتالي إنكار إمامته بعد الرسول بلا فصل، وكل منهما قد يرجع للنكث وهو إنكار الضروري، وبين الملاكين عموم وخصوص وجهي ولذا فلا نعدم تطبيقهما على الناصب في آن واحد وهذا لا يخفى. وأما العناوين السابقة: فالجاهل منهم تارة عن قصور وأخرى عن تقصير، والذي عن قصور يحسب من المستضعفين وأما من كان عن تقصير منه في البحث أو التعلم فإن استمر إلى آخر عمره حتى مات ولم يتدارك بالتوبة والرجوع عما كان عليه فله حكم سيأتي. وأما إذا تاب ورجع إلى القول بإمامته وأزال بغض علي (عليه السلام) إلى محبته وموالاته، فحكمه حكم المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم (1). وأما المرتد فهو الذي رجع عن دين الإسلام إلى إحدى الديانات الأخرى أو لا إلى دين أصلا فحكمه حكم الكافر، وأما الجاهل المقصر الذي مر ذكره فإن بعض علمائنا يلحقه بالمرتد، قال السيد المرتضى في اشتراط الولاية في مستحق الزكاة: والوجه في ذلك بعد الإجماع المتكرر ذكره أن الجاهل لولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وإمامته مرتد عند أهل الإمامة... " (2) وظاهر كلامه مطلق الجاهل إلا أننا نقطع بعدم إرادته لوجود الروايات على أن الجاهل عن قصور بحكم المستضعف، وإن كان كما قال السيد المرتضى في موطن آخر بأن أمر إمامة علي (عليه السلام) والأدلة على ذلك كثيرة غير خافية، وفي حكم القاصر من كان جامدا لا
(1) رسائل السيد المرتضى: مجموعة 1، ج 1 ص 225، ص 336 - 343. (2) رسائل السيد المرتضى: مجموعة 1، ج 1 ص 225، ص 336 - 343. 22 يحزنه ذم أحد ولا مدح آخر فهذا يؤخر حكمه إلى يوم القيامة. وأما العارف المعاند: فالمقصود به من كان من علمائهم والمطلعين على الدليل والحجة في إمامته (عليه السلام) ومع ذلك يقابلونها بالشبهة الواهية والحجج الوهمية رغبة عن اتباع الحق وأهله فهو جاحد للإمامة ومنكر في الواقع للنص، قال تعالى: * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) * (1) وفي حكمه أيضا من بغض الشيعة لذلك فعلى بعض الآراء - ومنها رأي المؤلف لهذا الكتاب - فهو ناصب ملعون مخلد في النار. وأما المخالف: فتارة في الأصول وأخرى في الفروع، فأما ما كانت مخالفته في الأصول فهم الأقسام السابقة الذكر وأما المخالف في الفروع فإنهم لا يحكم عليهم بالنصب، نعم ذهب السيد المرتضى وصاحب الحدائق لكون المخالف ناصبيا. وبناء على أن كل مخالف جاحد للنص وحكم الجاحد له حكم المرتد أو الكافر تكون ملازمة بين المخالف والناصب إذ أن الثاني لا ينفك اعتقاده عن جحود النص. وعلى هذا النمط من التفكير جرى مجموعة من العلماء (2). وأما المحارب لعلي فحكمه واضح بنص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " يا علي سلمك سلمي وحربك حربي " (3) ومراده أن أحكام حروبنا واحدة والمحارب لك هو محارب لي، ولا شك أن المحارب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) محارب لله عز وجل وهو أشد العناوين ظهورا في نصب العداء، ولذا يكون الخوارج على رأس تلك الفرق
(1) النحل: 83. (2) لاحظ مناقب ابن المغازلي: ص 45 رقم 68. وفيه: من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر. (3) المناقب لابن المغازلي: ص 50 رقم 73. 23 فالناكثين والقاسطين والمارقين حكمهم واحد إلا من تاب وآمن وعمل صالحا. إذن فالناصب لا يخلو عن أن يكون هو مطلق المخالف وهو ما لم يرتضه المؤلف ونسب القائل به للشذوذ والضعف دليلا ومدعى، أو ينطبق على المرتد أو الكافر بثبوت درجة من الكفر له أو هو العالم بالحق المعاند له أو الجاحد للنص. وقد يجمع كل تلك العناوين عنوان واحد ألا وهو " المنافق " ولا شك أن الآيات والروايات تشير لوجود المنافقين في عهد صاحب الرسالة وبعده، والذي يهمنا منها ما يشير لكون حب علي (عليه السلام) إيمانا وبغضه نفاقا وهي كثيرة (1) وقد تقصد الرسول محمد - روحي فداه - إلى تكرار ذلك في مواطن عديدة بل في كل مناسبة تقتضي ذلك. وأما حكم الناصب عند العامة فنظرا لكون الملاك الذي تحقق عندهم هو لمن كان مبغضا لعلي مظهرا لعداوته فلا شك في أن كل حكم يصدر في حق شخص ما أو فرقة كذلك هو الحكم في حق الناصب بما له من معنى، لأن أغلب العامة يدعون حب الآل ويمقتون المبغض لهم. والروايات التي تعرضت لبيان الملاك في النصب أو حكمه كثيرة في كتب الإمامية، ونحن نذكر بعضا منها هنا: 1 - عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): " الناصبي شر من اليهودي فقيل له: وكيف ذلك يا بن رسول الله؟ قال: إن الناصبي يمنع لطف الإمامة وهو عام واليهودي يمنع لطف النبوة وهو خاص " (2).
(1) فراجع على سبيل المثال: المناقب لابن المغازلي: ص 190 رقم 225، مسند الإمام أحمد: 6 / 292، سنن النسائي: 8 / 117، كتاب الإيمان: رقم 131. (2) الحدائق الناضرة: ج 5 ص 187. 24 2 - المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله (عليه السلام): " ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض محمد وآل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرئون من عدونا " (1). وكما تلاحظ - أخي القارئ - أن هاتين الروايتين ناظرتان لذات الناصب والملاك في ثبوت النصب. وأما بالنسبة للآثار التي يرتبها الفقهاء على ثبوت النصب فإنها تبحث من خلال مجموعة من الكتب الفقهية، ونحن نذكر بعض المسائل المتعلقة بها هنا: 1 - في باب عدد النجاسات يذكر: الغلاة والنواصب والخوارج. 2 - وفي باب الأسئار كذلك. 3 - في كتاب الخمس يذكر في ضمن مسألتين: - أنه يلحق بالمحارب (الحربي) في جواز أخذ أمواله أم لا؟ - أنه لا يجوز أن يعطى من الخمس وإن كان فقيرا. 4 - في باب الزكاة يذكر إلحاقا بالمخالف في عدم جواز الاعطاء من الزكاة لاشتراط الإيمان - بالمعنى الأخص - في المستحق. 5 - في كتاب الجهاد يذكر أن حكمه حكم المرتد أو المحارب أم لا؟ 6 - في كتاب النكاح يذكر عدم جواز تزويجه. ثم إن هذه الأحكام التي ذكرناها ليست كلها مورد اتفاق بين علماء الإمامية، نعم في بعضها يدعى الإجماع، وكذا في بعضها الآخر توجد روايات. فمثلا هناك من الفقهاء المعاصرين من يرى طهارة الناصب وأن النجاسة
(1) معاني الأخبار: ص 104. 25 المذكورة في الروايات المراد بها الخبث الباطني، وهناك من الفقهاء من يدعي هجران الأصحاب لروايات حلية مال الناصب مطلقا بل في حدود معينة (1). ومنهم من يرى جواز الإعطاء للمستحق من الزكاة مطلقا ولو كان ناصبيا وغيرها من الآراء. ونذكر ختاما للحديث بعض الروايات على تلك الأحكام: 1 - رواية ابن أبي يعفور: " لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمام، فإن فيها غسالة ولد الزنا وهو لا يطهر إلى سبعة آباء، وفيها غسالة الناصب " (2). 2 - وموثقته الأخرى: " إياك أن تغتسل من غسالة الحمام، ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت فهو شرهم، فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه " (3). 3 - عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله: " خذ مال الناصب حيث ما وجدته... " (4). 4 - عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له الفضيل: أزوج الناصب؟ قال: لا ولا كرامة... " (5).
(1) زبدة المقال في الخمس: تقرير بحث السيد البروجردي: ص 14. (2) وسائل الشيعة: باب 11 من أبواب الماء المضاف والمستعمل. (3) علل الشراع: 1 / 292، الوسائل: 1 / 220 باب 11 حديث 5. (4) الوسائل: 6 / 340 باب 2 مما يجب فيه الخمس حديث 6. (5) الوسائل: 14 / 423 طبعة دار إحياء التراث. 26 5 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لا يتزوج المؤمن الناصبة ولا يتزوج الناصب المؤمنة... " (1). 6 - عن الفضيل بن يسار قال: قال لي جعفر بن محمد (عليه السلام): " رضاع اليهودية والنصرانية خير من رضاع الناصبية " (2). 7 - مرفوعا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " من مثل مثالا أو اقتنى كلبا فقد خرج من الإسلام، فقلت له: هلك إذن كثير من الناس، فقال إنما عنيت بقولي " من مثل مثالا " من نصب دينا غير دين الله ودعا الناس إليه، وبقولي: " من اقتنى كلبا " مبغضا لأهل البيت اقتناه فأطعمه وسقاه، من فعل ذلك فقد خرج من الإسلام " (3). فهذه مجموعة من الروايات تبين بعض أحكام النواصب في الفقه الإمامي، وإنما اقتصرنا على هذا المقدار من البحث لأن بحوث الكتاب تدور كلها حول إثبات إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ولكن لكون مؤلفه قد عنونه بالرد على النواصب رأينا أنه من الضروري التعريف بموضوع عنوان الكتاب. فنرجوا أن نكون قد وفينا البحث حقه، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
(1) الوسائل: 4 / 424 طبعة دار إحياء التراث. (2) الوسائل: 15 / 187 باب 77 طبعة دار إحياء التراث. (3) الوسائل: 16 / 430، طبعة دار إحياء التراث. 27 القسم الثاني المؤلف والمؤلف
29 ا - من هو مؤلف الكتاب؟ مما لا شك فيه أن للعلماء الدور الكبير في تصعيد المستوى العلمي في المجالات الفكرية على اختلاف أنحائها، وكذا في القيم الأخلاقية سواء في مجال الكتابات الفردية أم في مجال الموسوعات الأصولية والفقهية والعقدية وغيرها. وعلى مستوى العالم الشيعي يكفي الرجوع لكتاب الذريعة لمعرفة ذلك الكم الهائل مما كتب من مؤلفات عبر أطوار الحركة الثقافية للفكر الشيعي الإمامي. وكفاك معرفة بعدد العلماء الذين سادوا التاريخ بعلومهم الجمة الرجوع لموسوعة طبقات أعلام الشيعة عبر القرون المختلفة، هذا كله بغض النظر عن عهود الأئمة (عليهم السلام) والأدوار التي أداها أصحابهم في بلورة الفكر الشيعي الإمامي. وممن حمل لواء العلم عاليا وجاهد بقلمه خير جهاد وأفاض في بيان الحق وإعلاء كلمته مما أفاض الله عليه من رشحات فيضه، العلامة العلم ذو المجد الأصيل والفضل الجليل الجامع بين المعقول والمنقول الحبر الفهامة الشيخ محمد بن العلامة المقدس الشيخ عبد علي آل عبد الجبار القطيفي. فقد ولد في ظل أبوين كريمين ورضع في حجر الولاية وتربى تربية علمية متميزة، فقد تولى تعليمه والده المقدس الشيخ عبد علي، كما أنه حضر عند
31 أفاضل عصره كالشيخ مبارك بن حميدان الجارودي وغيره، ويستظهر من تاريخ حياته أنه لما كان في كربلاء المقدسة كان عالما مبرزا ولم يذهب للدراسة والتحصيل، نعم كانت له استفادات ومباحثات مع أساتيذها وهذا مما لا شك فيه. وكذا ما يظهر من تحكيمه مع مجموعة أخرى كالشيخ أحمد آل عصفور وغيره في قضية السيد كاظم الرشتي مع علماء النجف من علو مرتبته في العلم واعتبار العلماء لمكانته السامية. وللأسف الشديد أن كتب التراجم لم تحدثنا عن تاريخ ولادته ولا وفاته إلا احتمالا كما ذكره في الذريعة بأنه توفي سنة 1245 ه وفي موطن آخر 1244 ه. لكن هذا الكتاب يثبت خلاف ذلك إذ أن الانتهاء من تأليفه سنة 1246 ه، ولقد بحث في ترجمته وكذا في هذا الأمر بخصوصه المحقق لكتاب (ثلاث رسائل) فليراجع. فمترجمنا قد اغترف من كل علم ما شاء الله له ذلك ونهل من كل فضل ما وسع الزمان له منه، فإنك لا تعدم أن تجد له رأيا في كل مسألة يكتبها فقد كان ذا جرأة علمية كبيرة ومؤلفاته تشهد على ذلك فمنها: ا - علم الفقه: 1 - تكليف الكفار بالفروع. 2 - الرسالة الرضاعية. 3 - رسالة في حلية الأربيان. 4 - رسالة في الجمع بين الشريفتين وأسماها مزيل المين. 5 - الرسالة الصومية. 6 - رسالة في وجوب الاخفات في الأخيرتين.
32 7 - رسالة في القبلة. 8 - رسالة في المواريث. 9 - رسالة في منجزات المريض. 10 - رسالة في تقليد الميت. ب - علم الأصول: 1 - رسالة في حجية الظنون الخارجة. 2 - رسالة في دليل الانسداد. 3 - سلم الوصول إلى علم الأصول كتاب في مجلد كبير. ج - علم العقائد والكلام: وأكثر كتاباته كانت من هذا الصنف ومنها: 1 - كتابه الأربعون حديثا. 2 - الخلسة الملكوتية في أحاديث الطينة. 3 - غاية المراد في تحقيق المعاد. 4 - شرح حديث التوحيد. 5 - الجواهر العلية في إثبات الشريعة المحمدية. 6 - التحفة القدسية لاختصار الجواهر العلية. 7 - أصول الدين. 8 - تفضيل نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على سائر الأنبياء. 9 - البارقة الحسينية. 10 - اللوامع السنية في الأصول الدينية. 11 - رسالة في نفع الصلوات.
33 12 - هدى العقول في شرح أحاديث الأصول في 15 مجلد حجري. 13 - مشكاة الأنوار في رجعة محمد وآله الأطهار. د - علم الهيئة والحساب: 1 - شرح تشريح الأفلاك للبهائي في الهيئة. 2 - خلاصة الحساب. ه - علم الكلام المقارن: 1 - الشهب الثواقب لرجم شياطين النواصب، وهو الكتاب الذي بين يديك وسيأتي الحديث عنه مفردا. 2 - مفتاح الخزائن ومصباح الدفائن وهو نفسه تحفة الأخوان للرد على سائر الأديان. 3 - الرد على النصارى، صغير في مجلد، وكبير في مجلدين (1). هذا هو الشيخ باعتبار الكم، وأما الشيخ باعتبار الكيف فإنه قد أبدع في كثير من البحوث التي طرحها، وبما أنه يتميز بفكر حر فقد مكنه من أن يناقش كل فكرة تطرح من أي مفكر أو عالم كان، ولم تأخذه حمية العصبية في شئ من ذلك، بل بمقتضى ما وهبه الله من قدرة علمية يناقش فيحل ويعقد، ويجيب نقضا وحلا ويلزم كل مفكر بما يراه من لوازم فكرته دون مواربة أو خوف من أحد إلا الله عز وجل. فقد ناقش من علمائنا المتقدمين الشيخ المفيد والسيد المرتضى والعلامة ومن المتأخرين أو المعاصرين له كالمجلسي وصدر الدين الشيرازي وصاحب القوانين والخوانساري وغيرهم.
(1) قد ترجم لكل هذه الكتب والمؤلفات في مقدمة كتاب (ثلاث رسائل). 34 وأنا أذكر بعض آراءه ومناقشاته في مطاوي مؤلفاته. 1 - من كتاب هدى العقول: ا - ج 6 ص 259: رأيه في المنزلة بين المنزلتين، بأن جعل الإرادة نفس الإيجاد، وأنها تنقسم إلى حتمية وجزمية وهما جاريتان في التكوين والأحكام، ثم يوضح أن هذا عدول عن رأي له سابق في بحث الصفات في بيان المنزلة. ب - ج 8 ص 78 - 79: ينفي قصة الجزيرة الخضراء، ويعبر عنها بأنها مما لا يقبلها العقل ولا النقل. د - ج 7 ص 122: قال بأن خطبة البيان لا توجد إلا في كتب الغلاة وأشباههم. ه - ج 6 ص 61 - 63: أقر بوجود الحركة الجوهرية في الممكن ولكن في الجملة فلم يسلم بها مطلقا. 2 - من رسالته الخلسة الملكوتية: ا - ص 120 وص 73 و 76 - 77: يثبت وجود عالم الذر ويؤكد على ثبوته وأنه فيه تكليف بحسبه، ويرد على المنكرين له كالسيد المرتضى والشيخ المفيد، وأن لزوم التكليف للزوم الوجود. ب - ص 123: يرد على القائلين بأن مبدأ السعادة والشقاوة هي العقول بمراتبها والمعبر عنها عند العرفاء بالأعيان الثابتة القديمة وبالمثل الأفلاطونية أو الصور الأسمائية عند الفلاسفة (1). 3 - أجوبة المسائل (مخطوط): ا - ص 128: يرى عدم وجوب تقليد الأفضل إلا بنحو الاستحباب وذكر أدلة عامة لإثبات ذلك.
(1) ينبغي الإشارة لعدم الدقة في استعمال هذا الاصطلاح مرادفا للمثل الأفلاطونية. 35 ب - ص 129: يرى عدم جواز تقليد الميت مطلقا في الابتداء والاستدامة. ج - ص 122: يرى إمكان اجتماع العلل الأربع في أهل البيت (عليهم السلام) بأمر الله وإرادته ويستدل بقوله (عليه السلام): " أما بعد فنحن صنايع الله والخلق بعد صنايع لنا ". 4 - غاية المراد في تحقيق المعاد، (طبعت ضمن ثلاث رسائل): ا - ص 30 - 33: يناقش الملا صدرا في تفريقه بين أجسام الدنيا وأجسام الآخرة. ب - ينكر الحركة الجوهرية للأشياء من ذاتها، ويقول بأن حركة الأشياء من خارج، ولاحظ رأيه في المسألة في هدى العقول، ج 6 ص 61 - 63 حجري. ج - ص 64 في أن باب التوبة يغلق تماما في فترة المهلة بين ارتفاع الأئمة والرسول وبين يوم القيامة. د - ص 107: يرى بأن الأعمال بنفسها توزن يوم القيامة لا بنحو المجاز ولا حال كونها أعراضا بل تتجسم فتوزن. ه - ص 159: يناقش تفريق الملأ بين نار الدنيا ونار الآخرة. و - يميز تميزا دقيقا بين تسرمد العذاب وتسرمد الخلود والذي يراه ابن عربي والفخر الرازي وغيرهم. وأن الأول هو الصحيح. ز - تضعيفه القول بأن كل مخالف ناصب ورميه القول بالشذوذ وعدم مساعدة الدليل العقلي والنقلي عليه، مع توضيح لطيف ودقيق للمراتب المحققة للنصب لهم (عليهم السلام). 6 - الرسالة الرضاعية: ا - ص 10: أن صحة إلحاق المحرمات الرضاعية بالمحرمات النسبية في الحكم إنما هو بخصوصياتها الأولية دون الثانوية، وإلا لما صح التنزيل.
36 ب - ص 28: انتصر للمحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي في القول بالحل وعدم التحريم في مسائل عدة كثر دورانها، ورد فيها على الشيخ إبراهيم القطيفي في قوله بالتحريم فيها. 7 - التحفة القدسية في اختصار الجواهر العلية (مخطوط): ا - ص 147: إطلاق العصمة عليهم ليس من باب المتواطئ ولا المشكك ولا الاشتراك التي تجمعها رتبة واحدة بل من قبيل الحقائق المترتبة كالموصوفية والصفة. ب - ص 154 - 156: في مقام الدليل النقلي على ثبوت نبوة النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) نقل عن فصول من الأناجيل، مما يدل على اطلاعه وإحاطته بها. ج - ص 160: يظهر منه إحاطته بالعلوم الغريبة كالجفر والرمل وغيرها. 8 - اللوامع السنية في الأصول الدينية (مخطوط) (1): ا - ص 3: في ذكره لأقسام العلوم نفى وجود نوع من الوجود العام الذي يشمل الواجب والممكن، بل يرى بأن الممكن من الصفات التي تلحق الموجود بما هو موجود لا بما هو وجود (بما له من الوجود). وقال في ص 4: " ومن أغاليطهم قولهم بدخول واجب الوجود في المفهوم الوجودي فهو يشمله وغيره، وقولهم: بأن مفهوم واجب الوجود كلي كالشمس... وقولهم: بأنه جزئي إضافي... وقول الملا وأتباعه تبعا لابن عربي بوحدة الوجود، وأن الوجود المطلق قديم مع القديم وحادث مع الحادث. وقولهم: بثبوت الأعيان القديمة... ".
(1) توجد نسختان منه في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي. 37 ب - ص 15: قال بأن وحدة الوجود عند القائلين بها يلزم منها أن الحق خلق بوجه والخلق حق بوجه وهو باطل. ج - ص 21: قسم المشيئة إلى فاعلية القيام بها قيام صدور، ومفعولية الأشياء تقوم بها قياما ركنيا أي أن المشيئة ركن أساس في قيام الأشياء. وبعد: فهذه مجموعة من الآراء والمناقشات التي استقرأتها من عدة كتب ورسائل من هنا وهناك، لأجل إعطاء صورة أكثر وضوحا عن آراء المؤلف فهو: 1 - ذو ثقافة موسوعية في مختلف العلوم. 2 - يتعمق في الفكرة التي يطرحها في أغور الأعماق دون كلل أو ملل. 3 - قد اختط له طريقا لاحبا وانتهج منهاجا واضحا، وهو روايات أهل البيت (عليهم السلام) فجعلها الميزان لما يدرسه من أفكار أو يرد عليه من تيارات فكرية أخرى. 4 - وبعد كل ذلك، فهو ذو جرأة أدبية كبيرة لا تضاهى، وعلى مستوى كبير من الشجاعة في الطرح والنقض أو الرد. 5 - ونتيجة كل هذا أن يكون قلمه الشريف قد أثرى المكتبة الإسلامية بتراث ضخم كما ونوعا. وأخيرا فهذه جولة سريعة في فكر المؤلف العلامة (قدس سره) وقلمه ذي العطاء الثر، قد تمثل لنا صورة واقعية عن شخصيته وما كان عليه من مزايا وصفات.
38 ب - وما هو الكتاب؟ إن الكتاب الذي بين يديك - أخي القارئ - يعرض لك لوحة فنية من تاريخ الفكر الإسلامي في واقعه، إذ أن الموضوع الذي يتطرق إليه المؤلف يمثل الحجر الأساس لأمهات المسائل الإسلامية، وهي مسألة الإمامة. فكل من ينادي بضرورة إلغاء التفكير في هذه المسألة يجهل كثيرا من الأبعاد والآثار التي أراد لها الإسلام أن تترتب عليها، وسواء أكانت هذه الدعوة من أهل السنة فإنها تعني تصحيح مسارهم السابق والحاضر واللاحق في حق السلطة والرئاسة الدينية والدنيوية، أم كانت من بعض الكتاب من الشيعة - رغبة منهم في الوحدة بين المسلمين - فإن الوحدة يمكن تحقيقها بأمور أخرى تشتمل على مصالح نوعية لكلا الطائفتين لكنها لا تكون على حساب التنازل عن مبدأ أساس من مبادئ العقيدة الإسلامية، فإن ذلك له آثارا سلبية سابقة ولاحقة لم تكن لتحمد عقباها. ولنا أن نتمثل في هذا ما قاله القرآن: * (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) * (1)، وجسدها الشاعر الولائي فقال:
(1) الجن: 16. 39 ولو قلدوا الموصى إليه أمورهم * لزمت بمأمون عن العثرات فكم وكم من عثرة قد وقعت، وبوقوعها تشوهت صورة من صور الإسلام المحمدي الناصع حيث جرى الناس - خوفا أو طمعا أو جهلا - على محاكاة تلك الصورة المشوهة، نسأل الله أن ترجع ناصعة في ظل دولة صاحب العصر والزمان (أرواحنا له الفداء). ونعود للقول بأن هذا الكتاب يرسم لنا صورة واضحة المعالم لتلك الصور التي قد شوهها الأوائل أو كتاب التاريخ، ويصيغها المؤلف بلسان أولئك الأشخاص الذين هم بين منصف وعنيد. فالحق أنطق منصفا وعنيدا لكي يكون أظهر في إلزامهم، وأقوى في الحجة عليهم، وبه يكون مفتاحا لقلب كل طالب للحق بمجرد قرائته. أما ترتيب الكتاب: فقد رتبه على مقدمة وشهب ثلاثة وخاتمة، فالشهاب الأول يشتمل على فنون، والفن الأول فيه عدة جمل، لكنه - للأسف الشديد - لم يسر في أثناء الكتاب على هذه المنهجية الأخيرة تماما، بل التزم بترتيب الشهب وفي كل شهاب عدة جمل فقط، ثم ختم الكتاب بخاتمة لطيفة في دفع الشبه والاشكالات التي ترد من العامة وبعض الخاصة حول وجود صاحب الزمان وطول عمره الشريف، مع حث شديد منه على التأمل والانصاف في مقام طلب الدليل والمناظرة. أما مضمون الشهاب الأول فقد جعله مشتملا على عدة جمل، وفي كل جملة يذكر صنفا من الأحاديث النبوية الواردة في حق علي (عليه السلام) والدالة على إمامته بعده بالمطابقة أو بالالتزام، حيث أنهى الشهاب إلى إحدى عشرة جملة،
40 وفي كل جملة مجموعة من الروايات، ثم ختم الشهاب بتعليقة شيقة على ذلك المجموع. كما أنه جعل الشهاب الثاني مشتملا على جملة الآيات النازلة في حق علي (عليه السلام) إمامة أو فضلا وتفضيلا، وله في هذا الشهاب تحقيقات كثيرة، وضمنه الكثير من المطالب العلمية في الحديث والتفسير ومن العلوم العرفانية والغريبة مما يدل على علو باعه وفضيلته في العلم. وقد أنهى هذا الشهاب إلى ذكر اثنتين وعشرين آية. وأما الشهاب الثالث فقد خصصه لذكر جملة الأدلة العقلية على إمامة الأئمة (عليهم السلام) ووجوب التمسك بهم بعد إثبات أصل الإمامة وانحصارها في علي (عليه السلام) دون غيره. وذكر في ضمن هذا الشهاب تنويرا: أشار فيه لعدة أمور واقعية تتعلق بتأييد الأدلة العقلية التي ساقها في هذا الشهاب، وآخرها ما تعرض فيه لبلدان العالم الإسلامي من حيث انتشار التشيع فيها، وكان ذلك الحديث منه سنة 1245 ه وخرج بنتيجة مفادها حقية المذهب الشيعي الإمامي كما وكيفا، وإن كانت الكثرة لا عبرة بها في ميزان الحق، إذ أن افتراق الناس عن أمير المؤمنين لم يضعف من موقفه في التزام الحق. وبعد فهذا تمام ترتيب الكتاب من حيث المحتوى، وأما ما اشتمل عليه من نقاط تستحق الإشارة فهي: 1 - ربطه الأكيد بين كتاب الله التدويني وكتابه التكويني في عدة مواضع من الكتاب تصريحا أو التزاما وتلميحا. ثم يركز بعدها على أن الكتاب التكويني هو أمير المؤمنين (عليه السلام) بدلالة الروايات. 2 - تركيزه بالاستفادة كثيرا من علم الجفر والرمل وحساب الجمل الصغير
41 والكبير في مقام استنطاق بعض الآيات القرآنية أو الأسماء الإلهية، وكذا أسماء المعصومين (عليهم السلام)، وهذه المنهجية في الاستدلال، وإن كان البعض أو كثير من أهل العلوم والاختصاصات يراها كمؤيدات فقط أو تحت إجراء الدليل لا أنها أدلة مستقلة على حدة، لكن لا يخفى أن هذا علم عال وله قواعده الخاصة به وله طالبوه وقد أفردنا له ملحقا خاصا في آخر الكتاب. 3 - تفسيره لكثير من الآيات بالروايات مع دقته في ذلك وضبطه لموارد الاستدلال أو الاستشهاد. 4 - إن الكتاب وإن كان قد تعنون بالرد على النواصب، لكنه في الواقع بحث في إثبات إمامة أمير المؤمنين والأئمة بعده (عليهم السلام). 5 - يلاحظ أن المؤلف - لدقة المطلب وتقوية الاستدلال - لم يذكر أي رواية عن مصدر من المصادر الإمامية بل جل أو كل مصادره من كتب العامة وعن رواتهم، وهذه نقطة تحسب للمؤلف في مقام المنهجية. وبعد هذا كله لا بد وأنك على أهبة الاستعداد للذهاب مع المؤلف في رحلة شيقة وممتعة توصلك لليقين أو تزيد فيه، وقد أمسكت بك يد عالم قدير وفقيه جهبذ ومتضلع في علم الكلام ليوصلك للحق الجلي وتحت راية سيد الموحدين وأمير المؤمنين علي (عليه السلام). وأرجو أن نكون قد أعطينا طابعا تفصيليا عن الكتاب والكاتب وعن أهمية الإمامة في تأصيل وتثبيت ظاهرة الانتماء في المجتمع الإسلامي. عملنا في الكتاب
42 أما بالنسبة لنسخ الكتاب فإنا لم نجد إلا هذه النسخة وهي تمثل مرحلة الاستنساخ الثالث للكتاب: فالأول سنة التأليف 1246 ه، والثاني على يد محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد النبي بن مال الله آل مستور الماحوزي سنة 1279 ه، والثالث الذي صورته بأيدينا - على يد زين بن حسين سنة 1379 ه، ولم نجد نسخة غير هذه ما عدا نسخة كانت بيد الشيخ عبد الزهراء العويناتي ولكنه تبين أنها صورة طبق الأصل عن التي بحوزتنا. والنسخة كاملة وقد كتبت بخط جيد نسبيا وواضح، مما لم يحدث مزيد عناء في قراءة كلماتها. وقد ترجم للكتاب الشيخ البلادي في كتابه أنوار البدرين ص 318 وذكر بأن عنده نسخة منه، ولعلها هذه النسخة وذلك لأن الناسخ الأخير لها وهو زين بن الحاج حسين الظاهر أنه قريب من مسكن الشيخ البلادي لتواجد هذه الأسرة الآن هناك. وعنه ترجم للكتاب صاحب الذريعة في الجزء الرابع عشر ص 251، ولم نعثر على من ذكر الكتاب غير هذين بالبحث عنه في فهارس المكتبات العامة المحتمل فيها. وأما بالنسبة لمنهجية العمل فقد قسمنا الكتاب لثلاث أقسام: الأول: مقدمة التحقيق وهي قسمان أيضا: الأول عن ضرورة تحديد الانتماء وأثر عدم الانتماء على المجتمع وعلى الفرد وأن الإمامة من أظهر دواعي الانتماء ثم تفصيل الأقوال في الإمامة وفي حكم الناصب. والثاني: عن العلامة مؤلف الكتاب وكذا الكتاب. الثاني: نص الكتاب.
43 الثالث: الملحقات وتوابع الكتاب وفهارسه. وبالنسبة لنص الكتاب فقد قمنا بتقطيع النص بحسب ما نراه مناسبا واللغة مع التركيب البياني المراد للمؤلف قدر الإمكان. كما أننا لم نترجم لأحد من الأعلام في ضمن حواشي النص بل جعلنا ذلك كله في ضمن الملاحق، وكذا بالنسبة للأحاديث النبوية المشتمل عليها الكتاب، فقد خرجنا مصدر الحديث الذي ليس متكثرا أو متواترا في ضمن حواشي الكتاب، وأما الأحاديث الشريفة التي ثبت تواترها أو استفاضتها وكثر رواتها فقد جعلناها ملاحق في آخر الكتاب لمن أراد المزيد من مصادرها. إذن فالقسم الثالث عبارة عن الملاحق المتعلقة بتخريجات بعض الأحاديث كحديث الثقلين، حديث الغدير، وغيرها، كما نشير في حاشية الكتاب لرقم الملحق. كما أنه قد اشتمل على تراجم بعض الرواة للحديث النبوي، وتراجم المؤلفين وأصحاب المجاميع الحديثية أيضا. ثم أدرجنا أخيرا الفهارس العامة للكتاب، ونظرا لكثرة الأقواس المحتاج لها في تفصيل النصوص فإنا نذكر هنا المراد منها: * () * أقواس الآيات القرآنية. " " الأحاديث النبوية، وكذا الكلمات المتقطعة. [] كلمة مصححة أو مضافة لاقتضاء تقويم النص. () كلمة غير متضحة المعنى، أو غير متناسبة وتركيب الجملة وكتبت كما هي.
44 كلمة شكر نتقدم بجزيل الشكر وبالغ التقدير لكل من ساهم معنا عبر جميع مراحل الكتاب لإخراجه إلى القراء الكرام والأخوة الباحثين ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنهم هذا العمل المتواضع وأن يجعلنا وإياهم من خدمة العلم وأهله إنه جواد كريم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
45 مقدمة المؤلف
47 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وصلى الله على محمد وآله الذين اصطفى وبعد فيقول راجي رضا الغفار السبحاني محمد بن عبد الجبار البحراني، إنه قد سألني الأخ الطالب للحق فيض الله بن جعفر التبريزي (1) وفقه الله للكمالات وإلى الارتقاء إلى أعلا الدرجات عن مسألة، وكنت بكربلاء مشتغلا بالسفر فأجبت بالمستطاع والمتيسر، فإن وافق قبولا فببركة من أنا بجواره ومن رشح فيضه، وإلا فمن قصوري وقصر باعي. فأقول: قال أيده الله بجوده وحرسه: ما الدليل على خلافة أمير المؤمنين بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل بحيث يلزم الخصم بجميع الطرق عقلا ونقلا؟ وما الدليل كذلك على أن أوصياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر لا تزيد ولا تنقص؟ الجواب: هو يشتمل على مسئلتين فنذكر كل واحدة على حدة ثم نختم بخاتمة. فنقول: لا خفاء في عموم رحمة الله تعالى ولطفه بخلقه، وأنه لم يتركهم سدى وهملا، وإلا لزم عبثية الخلق، وضاعت حكمته وعلمه وقدرته، فيبطل
(1) لم نعثر على ترجمة له فيما عندنا من كتب التراجم. 51 وجوده، بل نصب لهم الدلائل وأوضح لهم العلل وأزاح عنهم الموانع لتعلو حجته، وتتضح حجيته، فليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة وتكون لله الحجة البالغة، وكله عن اختيار بغير جبر واضطرار، إذ لا جبر في الوجود لا بحسب الفاعل ولا القابل ولا المفعول، وإلا رجع إليه تعالى الله. نعم قد يظن ظاهرا في نسبة المفاعيل لبعض، ولسنا بصدده هنا، ومن المتضح أن الشئ كلما كان أظهر تكون أدلته كذلك، لشدة الحاجة إليه وعموم البلوى، فيجب في أدلته ذلك لذلك، كما هو متضح الحجة والمنار ساطع البرهان. ولا شك أن محل الدلالة والاستدلال الذي دل عباده عليه وندبهم إليه كتابه التكويني، وكتابه القرآن والسنة النبوية، والميزان المقتبس منهم والمسترشد برشدهم، وما بعد ذلك إلا سبيل الضلال، وما بعد الحق إلا الباطل. ويجب في هذه الأدلة التطابق (1) عما منها صدرت من الواحد الحق الذي لا اختلاف فيه " ولكل حق حقيقة " (2) ويكون لها تنوع ظهوري في هذه الكتب وكتاب الله التدويني، أو قوله (عليه السلام) التشريعي طبق التكويني، وتفاصيله في الأقوال والأفعال، والتكويني بجميع أنواعه جمع في الإنسان، والله أرانا آياته ومحكم بيناته في الآفاق والأنفس ليتضح لنا الحق، ونعرفه بيانا كما قال الله تعالى (3) وطابقه الوجدان وساطع البرهان، فمتى قام الدليل للحكم بطريق منها ثبتت ووجب في الباقي وإن لم يظهر للناظر تقصيرا أو قصورا، [ونقول] في المسألة
(1) التطابق: أي مطابقة الكتاب التكويني للكتاب التشريعي. (2) هذه كلمة لأمير المؤمنين (عليه السلام): " وإن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه "، وسائل الشيعة، ج 18 ص 78، الكافي، ج 1، ص 69. (3) إشارة لقوله تعالى: * (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) *، فصلت: 53. 52 أدلتها طبقت ما بين السماء والأرض وكل مخلوق، لأنها الولاية العامة للكل، والمأخوذة عليه، فيعم دليلها الكل كل بحسبه، فلو كان البحر مدادا والأشجار أقلاما والخلق كتابا ما أحصوا فضائله بل واحدة منها كما رواه الفريقان (1). وهذا بحر لا قرار له، وبيان الجواب يعجز عن بيانه وسطره القلم الكلي والأقلام الجزئية فكيف قلمي، لكن نذكر بعض مختصر ذلك كالعنوان كما هو المناسب للوقت واشتغالي واستطاعتي وسؤال السائل، ومع هذا فقد أزدت على طلبته، ومع هذا أقول لا تنفع الأدلة وما هو في الوضوح كالشمس إلا في غير المحجوب أعمى البصر بالصدود والجحود، أما هو فلا ينتفع به ولا يؤثر فيه ولو نأتيه بجميع الآيات كما هو ظاهر من زمن آدم (عليه السلام) حتى يقع التمييز، ويحق الحق ويبطل الباطل، وينتهي أجلهم، عجل الله بالفرج. قال الله تعالى: * (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب) * (2) الآية وقال تعالى: * (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) * إلى * (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) * (3) أي خيرا ولا يشاؤه الله ولا يريده تعالى الله، وقال تعالى: * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) * (4) الآية * (وجحدوا بها) * عنادا بعد ظهور الحق والدليل، * (واستيقنتها أنفسهم) * (5) استيقان تصور لا اعتقاد بسبب وصول الدليل، ومقتضى فطرتهم الوجودية التي غيروها ظلما وعلوا فلا تناقض في الآية، * (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم
(1) راجع: المناقب لأخطب خوارزم، ص 2، باختلاف يسير. (2) العنكبوت: 53. (3) الأنعام: 111. (4) النمل: 83. (5) النمل: 14. 53 بالكتاب) * (1) ونحوها كثير آية ورواية ووجدانا مشاهد مستمرا، فأخاطب غير العاند وأقول له: أما دليل ذلك مما اختصت به الإمامية فلا أذكره أصلا لعدم إلزامهم، ولهم سبيل في إنكاره، بل أما برواية متفق عليها عندنا وعندهم، أو آية محكمة كذلك، أو برهان وجودي عليه فطر الوجود فتقوم الدلالة عليها بحسب الحال والمقال، وهي السبل ليس إلا، فإن لم تصدق بطل الوجود، وبطلت سائر الأدلة بها بطرق أولى، ولم تبلغ مسألة هذا المبلغ، وسميتها بالشهب الثواقب لرجم شياطين النواصب.
(1) آل عمران: 78. 54 الشهاب الأول ويشتمل على فنون:
55 الأول: في إثباتها بالنص المتفق عليه وقدمته رعاية لحال المخالف فإنه في إلزامه به أقرب وله أفهم. فأقول: حصر أحاديثهم الدالة تخرج عن العد إلا في مجلدات ولنذكر جملة منها كافية. [الجملة] الأولى: وبحذف السند في جميع الروايات الآتية اختصارا ومن أرادها فليراجع كتبها المعينة الآتية. روى إمامهم المقدم عندهم أحمد بن حنبل بسنده عن أنس قال: قلنا لسلمان: سل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من وصيه؟ فسأله سلمان، فقال: " يا سلمان من كان وصي موسى؟ " فقال: يوشع بن نون، فقال: " وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز وعدي علي بن أبي طالب " (1). ونحوه في فضائل ابن الجوزي. وفي مناقب الفقيه ابن المغازلي الشافعي الواسطي المشهور عندهم في تفسير قوله تعالى: * (والنجم إذا هوى) * (2) بحذفنا السند عن ابن عباس قال: كنت
(1) ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 1 / 90 - 130 عن أنس بن مالك وكذا في تذكرة الخواص لابن الجوزي عن أحمد في مسنده. (2) النجم: 1. 57 جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ انقض كوكب فقال رسول الله: " من انقض هذا الكوكب في منزله فهو الوصي من بعدي " فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكوكب قد انقض في منزل علي بن أبي طالب، فقالوا يا رسول الله: غويت في حب علي، فأنزل الله تعالى: * (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى) * (1) أي بالأفق الأعلى (2). وفي الكتاب المذكور بحذف السند عن جابر بن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إن الله تعالى أنزل قطعة من نور وأسكنها في صلب آدم (عليه السلام) فساقها حتى قسمها جزئين فجعل جزءا في صلب عبد الله وجزءا في صلب أبي طالب فأخرجني نبيا وأخرج عليا وصيا " (3). وفيه إلى أبي أيوب الأنصاري أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مرض فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) فقال: " إن الله اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيا، ثم اطلع ثانية، فاختار منها بعلك وجعله وصيا، وأوحى إلي فأنكحته إياك واتخذته وصيا إلى أن قال: نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك ووصينا أفضل الأوصياء وهو بعلك " (4). ومن كتاب ابن مردويه عن أم سلمة في حديث إلى أن قالت: قال
(1) النجم: 1 - 2. (2) المناقب لابن المغازلي الشافعي، تحت الرقم (353) ص 310، ومثله رقم (313)، وفي الكتاب هكذا: وما غوى إلى قوله: بالأفق الأعلى. (3) المناقب، لابن المغازلي، تحت الرقم (132) ص 89، وراجع: كفاية الطالب، الباب 87، لسان الميزان، ج 6 ص 377. (4) المناقب، لابن المغازلي، تحت الرقم (132) ص 89. 58 النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا أم سلمة، إن جبرئيل أتاني من الله بما هو كائن من بعدي، وأمرني أن أوصي به عليا من بعدي، وكان جبرئيل عن يميني وعلي عن يساري، وأمرني أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة، فاعذريني ولا تلوميني إن الله اختار لكل أمة نبيا، واختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذا الأمة وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي " (1) الحديث. وذكر الخوارزمي والخطيب في تاريخه عدة أحاديث تتضمن أن عليا وصيه بعده، وذكر جملة منها ابن أبي الحديد في شرح النهج. بيان: الحديث المتضمن لكونه أوصى لعلي (عليه السلام) وجعله وصيا بعده متكرر عندهم مما نقل بكثير، وهو صريح في المقصود لأن الوصاية هنا عامة، فالمراد بها الخلافة العامة في الدين والدنيا على الأمة، ولا يمكن أن يراد بها الوصاية الخاصة المتداولة أي الولاية على مال أو أطفال، لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا أطفال عنده. ومراعاة وصاية المال وإن اعتنى بها، لكنها توجب الاعتناء بالوصاية العامة بطريق أولى، بل يجب كما هو المناسب لحال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورحمته لأمته خصوصا، ومن بقائه بعد الهجرة زمانا قليلا جدا، وهو في مكة محصورا في الشعب، وليس معه إلا قليل حتى هاجر إلى الطائف مع علي [(عليه السلام)] ثلاثة وعشرين يوما فلم يجد ناصرا فرجع لمكة، ثم هاجر إلى المدينة، وعلي لحقه بعد أن فعل بمكة ما أمره به، ثم بعد وفاته هاجر علي (عليه السلام) إلى الكوفة، فهو ذو ثلاث (2) والمناسب لغاية بغيته ورعاية الله لخلقه مراعاة الوصية العامة بل يجب، وهذه
(1) المناقب، لابن مردويه: ص 89. (2) ثلاث: لعل المراد ثلاث هجر، أي إلى الطائف وإلى المدينة وإلى الكوفة. 59 الأحاديث تدل على أنها المرادة يقينا، وإلا لم يقع فيها النزاع الذي سمعت، ونزول النجم وغير ذلك. ولم تذكر وصية يوشع؟ ما ذاك إلا للإعلام بأنها عند الله [السنة] الجارية في خلقه فإنها مما يفتقر لها الوجود ولا تختلف الأوقات في حسنها والافتقار إليها، وكذا حديث جابر (1) والأخير يعين أنها المراد، وأنها عن اختيار الله. إلى غير هذه الوجوه [المتعددة] (2) من هذه الأحاديث المعينة على كونها الخلافة العامة، مع أن رئيس الضلال كذب على الله ورسوله، وقال إن الأنبياء [لا] تورث ومتروكاتهم صدقة، فلا وصية على شئ. ولم يكن مع علي (عليه السلام) ما يوفي الديون بزعمهم، ولفظ دين في الأحاديث السابقة تحتمل ديني وديني ولا منافاة كما هو ظاهر، والحجة عليهم قائمة على تقدير أي فرض، وهذه الأحاديث تبطل قولهم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يوص ولم يعين خليفة، بل ترك الناس واختيارهم هملا وغير ذلك من أباطيلهم. الجملة الثانية: فيما ورد عن طريقهم بلفظ الخلافة: فروى شيخهم المقدم أبو الحسن المغازلي بحذفنا السند عن سلمان قال سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله يسبح ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بألف عام فلما خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه فلم نزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الخلافة " (3).
(1) المتقدم ذكره في ص 58 عن كتاب المناقب لابن المغازلي. (2) في النسخة " المتعرجة ". (3) مناقب ابن المغازلي رقم 130 ص 287، والزيادة الأخيرة " حتى افترقنا... " عن الفردوس للديلمي. 60 بيان: ما تضمنه من فضله يضيق المقام بذكره، وظاهره حصر الخلافة فيه فإنه رئيس الأوصياء وأفضلهم فإنهم خرجوا من صلبه فأين غيره من هذا المنزلة. وفي كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الخلق بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم (عليه السلام) ركب ذلك النور في صلبه، فلم يزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الخلافة " (1). بيان: قل لي هل من يكون كذلك الوصي بعده بلا فصل وهو المنصوص عليه أو أجلاف تيم وعدي؟ وفي كتاب شواهد التنزيل للحسكاني عن ابن عباس في تأويل: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * (2) قال لما نزلت هذه الآية قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي " (3). بيان: وجهه ظاهر. وفي مناقب ابن المغازلي عن أنس، قال: أنقض كوكب على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " انظروا من انقض هذا الكوكب في داره فهو الخليفة بعدي فنظروا فإذا هو في منزل علي (عليه السلام) " فأنزل الله: * (والنجم إذا هوى) * إلى
(1) الفردوس لابن شيرويه الديلمي، عنه مناقب الخوارزمي: ص 88 باختلاف يسير. (2) الأنفال: 25. (3) شواهد التنزيل للحسكاني: ج 1 ص 271 حديث 269. 61 * (يوحى) * (1). بيان: لا خفاء في أن المراد بالبعدية بعدية الاتصال لا مطلقا وإلا بطلت. وفي حديث في مناقب ابن أحمد المكي الخوارزمي المعروف بأخطب خوارزم أنه لما أسري بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى سدرة المنتهى ووقف بين يدي الله وقال: " يا محمد، قال لبيك، قال: قد بلوت خلقي فأيهم رأيت أطوع لك. قال: قلت: علي. قال: صدقت يا محمد، فهل اخترت لنفسك خليفة يؤدي عنك ويعلم عبادك من كتابي ما لا يعلمون؟ قال قلت: اختر لي فإن خيرتك خيرتي. قال: قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا وهو أمير المؤمنين حقا. يا محمد علي راية الهدى، وإمام من أطاعني، ونور أوليائي، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك يا محمد " (2) وفيه نحو بعضه أيضا مما اشتمل على إمامته وخلافته، ونحوه عن الخطيب (3) عن أبي هريرة عنه. وعن حلية الأبرار وفي مناقب بن مردويه، قال سلمان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " عمن نأخذ بعدك، وبمن نثق؟ فسكت حتى سئل عشرا ثم قال: يا سلمان، إن وصيي وخليفتي وأخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب " (4) الحديث.
(1) المناقب لابن المغازلي، رقم 313 ص 266. (2) المناقب لأخطب خوارزم، ص 215، حلية الأولياء: ج 1 ص 66، تاريخ ابن عساكر: 2 / 188 رقم 180. (3) تاريخ بغداد، ج 8 ص 290. (4) مناقب الخوارزمي: ص 62، باختلاف يسير عن مناقب ابن مردويه. 62 وفيه عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " خليفتي ووزيري وخير من أترك بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب " (1) ونحوها كثير في كتبهم وفيما حصل كفاية كما هو المناسب لهذه العجالة. الجملة الثالثة: ما نقل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب " (2) وفي بعض " فمن أراد بابها فليأت عليا " رواه السيوطي في تاريخه وغيره وابن حجر [التأخر] (3) في شرح الهمزية، وفي توضيح الدلائل بطرق. وعن مناقب ابن المغازلي بطرق (4)، وفي بعضها: " أنا مدينة العلم وأنت الباب، كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلا من الباب " وفي بعضها: " أنا مدينة الحكمة وعلي بابها " إلى آخره، وفي بعضها: دار الحكمة. وفي الصواعق عن البزاز والطبراني في الأوسط وعن غيرهم ورواه ابن عبد الوفي في الإستيعاب والترمذي، وهو من جملة ما حكموا بصحته، وغيرهم من علمائهم، وهو موافق لباقي الأحاديث والكتاب كما ستعرفه، وردوا على من رماه بالوضع كما نقل عن ابن الجوزي والنووي كابن حجر وغيره، فهو عن عناد بغير دليل، بل يليه باقي الأحاديث، والقرآن يصححه وهو [يعين] خلافته ويبطل غيرها مطلقا إلا ما هو بدله كأبنائه المعصومين، وزاد ابن حجر في شرح الهمزية على ذلك القائل كثيرا وأنه صحيح وعبارته طويلة فلا يسمع قول النووي وابن
(1) المصدر السابق. (2) لاحظ الملحق رقم (1). حديث المدينة. (3) هكذا في المخطوطة. (4) لاحظ الملحق رقم (1). 63 الجوزي، وللعامة مضحكات هنا، أعرضنا عنها اختصارا. وروى السيوطي في تاريخه والأصفهاني والحافظ والمناقب لابن مردويه بعشر طرق ومحمد ابن العباس ابن مروان من عشرين طريقا والخوارزمي بطرق، وغيرهم جميعا: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " ما أنزل الله آية * (يا أيها الذين آمنوا) * إلا وعلي رأسها وأميرها " (1) ونحوه رواه أحمد بن حنبل، وكونه نصا في خلافته ظاهر، وغير المؤمنين خارجون لتركهم الإقرار به واعتقاد إمامته. الجملة الرابعة: ما ورد بطرق عديدة عندهم في الكتب المعتمدة المصححة حديث الثقلين وأنه قال: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (2) دخول علي لا مرية فيه نصا وإجماعا كخروج الثلاثة الباقين كذلك، وأفردنا الكلام عليه في مجلد ضخم، وطرقه متواترة ومتنه متفنن لفظا، ومشتركة في أمره (عليه السلام) بالتمسك بالثقلين - الكتاب والعترة - وأنهما قرينان، وفي بعضها بلفظ: الحبل الممدود من السماء إلى الأرض، كما قال الله: * (واعتصموا بحبل الله) * (3) و * (حبل من الناس) * (4)، * (ولا تفرقوا) * (5). الحديث رووه في جامع الأصول في الباب الأول منه والترمذي. وفي الجزء الثالث من أجزاء أربعة من صحيح أبي داود والسجستاني في كتاب السنن وصحيح الترمذي وصحيح مسلم ومسند أحمد بن حنبل بطريق
(1) المناقب للخوارزمي: 188، 198. (2) لاحظ لهذا ولما سيأتي من مصادر الحديث الملحق رقم (2). (3) آل عمران: 103. (4) آل عمران: 112. (5) آل عمران: 103. 64 وتفسير الثعلبي في قول الله: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * (1) ومناقب ابن المغازلي بطرق والزمخشري، وغيرهم كثير مما يعسر حصرهم، وهو صريح في حجية قول العترة، وأنهم لا يفارقون القرآن لأنهم حجة الله وكذا القرآن، ولا افتراق فيهما، وصريح في أنه لم يجمع القرآن ويحط به غيرهم، وفي عصمتهم (2) لأن من يكون كذلك معصوم، وفي وجود شخص منهم مدة وجود القرآن، وأن نورهم (عليهم السلام) متصل من السماء إلى الأرض لأنهم حبل الله ممدود من السماء إلى الأرض، إلى غيرها من المسائل المحققة عقلا ونقلا المبطلة لمذاهب العامة المجتثة التي لا ثبات لها ولا قرار ولا يسع المقام نشرها. الجملة الخامسة: ورد عندهم عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ما زال الدين قائما أو عزيزا أو صالحا على اختلاف الرواية. وهي متفقة معنى ما وليهم اثنا عشر من قريش (3) كما في صحيح مسلم بطرق، وكذا في صحيح البخاري وتفسير الثعلبي وغيرهم ولا خلاف فيه، ولكن وقع الاختلاف في تعيينهم، والذي يوافق ما سبق ويأتي هو ما تقوله الإمامية، وكذا من نظر للسيرة وما يختاره الله لعباده وهو الأصلح، وورد تفصيلهم بالخصوص كما تواتر عند الإمامية. ومن طرقهم ما رواه موفق بن أحمد المكي الخوارزمي في مناقبه قال: حدثنا نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين البغدادي ثم أخذ في السند إلى أبي سليمان راعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فقلت: والمؤمنون قال: صدقت يا محمد،
(1) آل عمران: 103. (2) معطوف على " حجية ". (3) لاحظ لمعرفة من ترجم للحديث الملحق رقم (3) ما وليهم اثنا عشر. 65 إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسما من أسمائي، فما أذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا، وشققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو علي، يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده (عليهم السلام) من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى يتقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم. يا محمد تحب أن تراهم قلت: نعم، قال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت وإذا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون وهو في وسطهم - يعني المهدي - كأنه كوكب دري وقال: يا محمد هؤلاء الحجج وهذا الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي أنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي (1). بيان: أي صراحة أعظم من هذا أو نص من الله ورسوله وآكد في المهدي زيادة لأسباب ظاهرة، ولا بعد في كون ولايتهم شرطا في قبول العمل كما في الشروط. وبهذا الإسناد عن ابن شاحان بسنده عن سلمان المحمدي قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا الحسين بن علي (عليه السلام) على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه
(1) بحار الأنوار، ج 27 ص 200 باب 7، عن مناقب الخوارزمي. 66 ويقول: " أنت سيد ابن سيد أبو السادة وأنت إمام ابن إمام أبو الأئمة أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم " (1). وبسند آخر نحوه يعني باسط. وعن علامتهم جار الله الزمخشري بإسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " فاطمة (عليها السلام) مهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمة من ولدها أمناء ربي وحبل ممدود بينه وبين خلقه من السماء إلى الأرض، من أعتصم بهم نجى، ومن تخلف عنهم هوى " (2). ومن حلية الأولياء لابن نعيم عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " من سره أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي فليوال عليا من بعدي، وليقتد بالأئمة من بعده، فإنهم من عترتي، خلقوا من طينتي ورزقوا فهما وعلما، فويل للمكذبين لهم من أمتي القاطعين منهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي " (3). وروى الخوارزمي في مناقبه عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أحب أن يحيى حياتي ويموت ميتتي فليوال علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده " (4) وهذا المضمون متواتر من طرقهم. وعن أسامة بن الربعي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) " أنا سيد النبيين وعلي سيد الأوصياء وأوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم
(1) ينابيع المودة القندوزي ج 3 ص 534، بحار الأنوار ج 36 ص 241 باب 41. (2) وفي المصدر بهجة بدل مهجة، بحار الأنوار: ج 23 ص 110 حديث 16 باب 7 عن جار الله الزمخشري. (3) حلية الأولياء لابن نعيم، ج 1 ص 86، وعن مناقب الخوارزمي: ص 34. (4) بحار الأنوار: ج 23 ص 110 حديث 17 باب 7، عن الشيخ مسعود السجستاني، مناقب الخوارزمي: ص 34، وفيه " من بعدي ". 67 علي وآخرهم القائم المهدي " (1). وفي بعض أحاديث تفسير السدي فيما أوحي إلى إبراهيم: " وجاعل نبيا عظيما ومظهره على الأديان، وجاعل من ذريته اثني عشر عظيما " (2). وفي كتاب خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى في أواخر الفصل الخامس من الباب الأول في فضل أهل البيت لابن المؤيد الحموي عن جابر قال: كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض حيطان المدينة، ويده في يد علي فمررنا بنخل فصاح النخل: هذا محمد سيد الأنبياء، وهذا علي سيد الأولياء أبو الأئمة الطاهرين، ثم مررنا بنخل فصاح النخل: هذا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا علي سيف الله، فالتفت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي (عليه السلام) فقال: (سمه الصيحاني) فسمي من ذلك اليوم (3). وبالجملة فأحاديثهم مصرحة بهم جملة وفرادى، بالوصف والإشارة، أعرضنا عن أكثرها اختصارا وكذا ستره غيرهم من خلفائهم الأمويين والعباسيين وغيرهم [و] ما نقلوه في سيرهم وأفعالهم ما يدل على تهتكهم وجهلهم ونقصهم من وجوه تبطل كونهم أهل خلافة الله العظمى، وما ورد فيهم وسبق ويأتي، دع ما من طرقنا أعرضنا عنه اختصارا، فإذا بطل من سواهم تعينوا بالوجوه المعينة [وهي] كثيرة متواترة لا يسع المقام ذكرها، وفيما حصل كفاية. الجملة السادسة: وما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " أهل بيتي كسفينة نوح من ركب
(1) بحار الأنوار: ج 26 ص 349 باب 8 حديث 23. (2) بحار الأنوار: ج 36 ص 214 باب 40 حديث 16، عن تفسير السدي. (3) خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى، نقله عن بحار الأنوار: 66 / 146 باب 3 حديث 70. 68 فيها نجى ومن تخلف عنها غرق " (1). رواه الحاكم في المستدرك وحكم بصحته في المصباح. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده. وروى ابن الأثير " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زج به في النار ". ورواه في الصواعق ومسلم، وفيه " من تخلف غرق " وفي أخرى هكذا رواه ابن المغازلي الشافعي، والسيوطي في جامعه الصغير، وكتاب الفردوس لابن شيرويه، وغيرها من سائر كتبهم، وهو مطابق لحديث " حذو هذه الأمة حذو تلك الأمم " (2) ومعلوم يقين الأهل منه (صلى الله عليه وآله وسلم) في رواية الكساء وغيرها، فهم المعصومون، وما يكون التخلف عنهم ضلال ومهلكة هم الخلفاء وراية الهدى وسبل الحق وولاة أمره. الجملة السابعة: ما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بلفظ " لا يؤدي عني إلا أنا أو علي " (3) وشبهه ولا ينافي رؤساء الجيوش والقضاة غيره فهم نواب عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمراد التأدية العامة والولاية المطلقة له. وفي ذلك الترمذي و [أبو] داود في صحيحهما في حديث طويل (4)، وفي
(1) لاحظ في هذا الحديث الملحق رقم (4). (2) ورواه عنهم في بحار الأنوار ج 13 ص 180 حديث 10، وفيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " والذي نفسي بيده لتركبن سنن من قبلكم حذو النعل بالنعل... ". (3) مناقب الخوارزمي: فصل 15 ص 100، وفيه: " إلا أنا أو رجل مني، إلا رجل مني من أهل بيتي ". (4) سنن الترمذي: ج 5 ص 300. 69 مسند أحمد بن حنبل في حجة الوداع وفيه " علي مني وأنا منه " في حديث طويل (1)، وفي تفسير براءة من تفسير الثعلبي (2)، وعن الحافظ أبي نعيم (3)، وابن الأثير في الكامل (4) ومناقب ابن المغازلي بعدة طرق (5) وفي تفسير الكشاف (6) ومطالب السؤال لابن طلحة الشافعي وعن تفسير السيوطي (7) وغيرها من كتبهم، ومن راجع تعين عنده إرادة الخلافة العامة لأنها عادة [عربية]، وحاشى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو لا ينطق عن الهوى، نعم أمر الأول بقراءة أول سورة براءة عن الله لتبين عدم كونه أهلا لها لئلا يقول بعض أخذته العادة ورجح ابن عمه، ثم عزله بعلي لذلك. كما أنه بين كونه خليفة قولا وفعلا في عدة مواضع، وكذا عكسها في غيره (8) فتفطن. وصراحة أحاديث الأصل في كونه الخليفة بعده بلا فصل ظاهرة، فهو منه أحق بها وأولى وهو المؤدي عنه فيما قل وجل، وغيره أبواب لبابه، ومعلوم أنه لا يخرج من المدينة شئ ولا يصل إليها، ولا يتوصل إلا من الباب، وهو بابها كما
(1) مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 5 ص 170 حديث 17051. (2) خصائص الوحي المبين: ص 141، عن تفسير الثعلبي. (3) حلية الأولياء لأبي نعيم، ج 1 ص 3، وفيه: " ما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي ". (4) الكامل في التاريخ لابن الأثير، ج 2 ص 205. (5) مناقب ابن المغازلي: ص 224. (6) تفسير الكشاف: ج 2 ص 172 - 173. (7) لم نعثر عليه في مظانه. (8) أي بين أن من عاداه لا يكون خليفة. 70 سبق. وهذا الحديث مطابق لقوله تعالى: * (ويتلوه شاهد منه) * (1). الجملة الثامنة: ما ورد عنه بلفظ " علي وليكم من بعدي " وما بمعناه لفظ صريح. ففي صحيح الترمذي عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيشا وأستعمل عليهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم رجعوا وأخبر أربعة بما صنع علي (عليه السلام) فغضب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: " ما تريدون من علي - ثلاثا - إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي " (2) وفي الصواعق مثله (3). وفي مسند أحمد بن حنبل (4) ومناقب بن المغازلي بطرق (5). وعن كتاب الفردوس للديلمي (6) من غير تخصيص بواقعة مع أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يخصص والعبرة بعموم الجواب. وفي نهاية العقول في الأصول للرازي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " علي ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي " وفي الإستيعاب والمشكاة والمستدرك (7) ومصابيح البغوي وشرح ابن أبي الحديد على النهج وغيرهم، ومعلوم عموم الولاية فتدخل الخلافة في موضع البيان إن لم نقل بأنها المرادة، فهي أعم وأجمع وأشمل فلو لم [تنازع] وجب استثناؤها وليس كذلك.
(1) هود: 17. (2) صحيح الترمذي، ج 5 ص 296 حديث 3796. (3) الصواعق، لابن حجر: ص 74 النسخة المصورة ط. مصر سنة 1312 ه. (4) مسند أحمد بن حنبل، ج 5 ص 606 حديث 19426. (5) مناقب ابن المغازلي: ص 224. (6) الفردوس للديلمي: ج 3 ص 88 رقم 3990. (7) المستدرك: ج 3 ص 111. 71 الجملة التاسعة: ما ورد عن طرقهم عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بلفظ " علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار " (1) وما بمعناه وهو كثير لا يختلفون فيه، فرواه رزين في [الجمع بين] الصحاح الستة في مناقب علي، وجامع الأصول لابن الأثير، وفضائل [السمغالي] (2)، وكتاب شرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصواعق ابن حجر عن الطبراني في الأوسط، وفي بعضها عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) " اللهم أدر الحق معه حيثما دار ". وفي تاريخ الخطيب، وكتاب صفوة التاريخ للقاضي أبي الحسن الجردابي وفيه " علي مع الحق والحق مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "، وعن مناقب ابن مردويه عن عائشة وغيرها بهذه الزيادة وبدونها، وذكر عدة روايات بذلك. وفي مناقب الخوارزمي إلى غيرهم من علمائهم ورواتهم، فقل لي أيها المعاند: حال تبعية الغير لا يكون إلا تبعية ضلال أو كفر وإلا بطل هذا المضمون المطابق لما سبق ويأتي آية ورواية وبرهانا. الجملة العاشرة: ما تكرر عندهم في الكتب المشار إليها وغيرها بل تواتر من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " (3) وأعظمها اشتهارا وانتشارا، بلغت حد التواتر، ما قاله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غدير خم بعد رجوعه من حجة الوداع عام وفاته، أراد (صلى الله عليه وآله وسلم) عموم أخذ العهد منه (صلى الله عليه وآله وسلم) له (عليه السلام) بجمع ولن يجتمع مثله، وليطابق به
(1) لاحظ لمعرفة من أسند الحديث الملحق رقم (5). (2) هكذا في النسخة ولعلها (السمعاني). (3) لاحظ الملحق رقم (6). 72 ما أخذ في عالم الذر على الكل، من ولايته (عليه السلام)، وإن كان نصبه له وتعيينه منكورا قبل وبعد سفرا و [حضرا]، ولزيادة إقامة الحجة والبرهان وإيضاح المحجة، وإن كان غدير خم معروفا إلى الآن بالجحفة، وكان أشد الأماكن حرارة ذلك الوقت. وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه: " ألست أولى بكم من أنفسكم - يكررها ثلاثا - فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو آخذ بضبع علي (عليه السلام) حتى بان بياض إبطيهما - من كنت مولاه فعلي مولاه ". وتسليم الأولين وغيرهم عليه بأمرة المؤمنين، وقولهم أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة، وما نشد فيه من الأشعار، فإنه لا شك في أن المراد به الأولوية العامة في الكل وهي الخلافة العامة ليطابق ولايتهم وما يناسب الوقت والقضية والاهتمام بها، وأما [ما] نزل فيها من الكتاب من طرقهم فمن طرق فيها الولي، والأولى أن غيرها فمع سقوطه ومنافاته لذلك لا يتم ولا يكمل إلا بإرجاعه لما نقول، وفيه إشارة تغني عن بسطه لعدم المناسبة، لكن نشير إلى بعض ذلك، ولا عبرة بمن قال منهم أنها آحاد عنادا منهم، وإلا لم يثبت متواتر عندهم كحديث أبي الطفيل. وفي مسند أحمد عن زيد بن أرقم وعن البراء بن عازب وغيرهم بطرق، وفي الصواعق: في الغدير وليس هو خاص بوقته، المتأخر عندهم وإلا لم يقع اختلاف ولم يعين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك في القضية، وفي الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي عن الترمذي وفيه بعد تكريره (صلى الله عليه وآله وسلم) له " فليبلغ الشاهد الغائب ". ورواه الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي والحافظ أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل بن خلف العجلي في الرجز، والسمهودي في جواهر العقدين،
73 والفقيه بن المغازلي عن أبي هريرة وفيه نزل (اليوم أكملت لكم دينكم) (1)، ونقل جملة تدل عليه تركناها اختصارا كغيرها، وفي مناقب الخوارزمي عن سعيد الخدري وغيره، ومن مناقب الحافظ ابن مردويه، وكتاب خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى، وفي الاستيعاب باختصار، ومناقب ابن المغازلي مفصلا، وغيرها [م] ما يطول نقله ويأباه المقام. وفي الفصول المهمة. روى الإمام الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول يرفعه إلى الخدري قال: نزلت * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * (2) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب (عليه السلام) (3)، وفي تفسير السيوطي المسمى بالدر المنثور (4) أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري أن قوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير في علي بن أبي طالب (عليه السلام). وأخرج ابن مردويه قلت: وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * أن عليا مولى المؤمنين * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) *، وفي كتاب توضيح الدلائل
(1) المائدة: 3. (2) المائدة: 67. (3) شواهد التنزيل: ج 1 ص 250، وعنه:: أسباب النزول: ص 150، ط 1، رواية أبي الجارود ذكرها الشيخ المحمودي في حاشيته على شواهد التنزيل ج 1 ص 253، نقلا عن كتاب الصنعاني، فصل مناقب علي (عليه السلام)، ج 7 رقم (896). (4) لقد ذكر السيوطي ذلك في تفسير قوله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم) *. 74 بالإسناد عن أبي الجارود أن هذه الآية نزلت في الولاية، قال: وفي رواية أبي بكر بن عابس وعاصم بن زر عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * أن عليا مولى المؤمنين * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) *. وفي تفسير الرازي الكبير: القول العاشر في نزول الآية: أنها في فضل علي (عليه السلام)، ولما نزلت قال (عليه السلام) ذلك وهناه علي بها، قال وهذا قول ابن عباس والبراء ابن عازب ومحمد الباقر (1). وفي تفسير الثعلبي (2) عنه إنه نزلت * (بلغ ما أنزل إليك) * في علي (عليه السلام)، وبسند آخر فيه أنها نزلت في علي، وكذا ابن مردويه وابن عساكر (3) وأنه يوم غدير خم بعد أن نادى (صلى الله عليه وآله وسلم) بالولاية هبط جبرئيل (عليه السلام)، وكذا في كتاب توضيح الدلائل وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال بعد نزولها: " الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي (عليه السلام) " رواه الإمام الصالحاني (4) وابن مردويه والخطيب وابن عساكر، ورووا نزولها فيه، وكذا ابن المغازلي والخوارزمي وابن مردويه في المناقب (5) وغيرهم، وكذا عن الخطيب في تاريخ بغداد (6)، وغيرهم مما يطول نقله.
(1) تفسير الفخر الرازي، ج 12 ص 49. (2) خصائص الوحي المبين: ص 53، عن تفسير الثعلبي. (3) تاريخ ابن عساكر: ج 2 ص 85 ط 2 الحديث (588). (4) خصائص الوحي المبين لابن البطريق الحلي: ص 61 عن توضيح الدلائل بسنده إليه. (5) لاحظ ذلك في ضمن الملحق رقم (6). (6) تاريخ بغداد: 8 / 290. 75 وأما تسليم أجلاء الصحابة والتابعين وتابعيهم فاشتهاره عند الكل غني عن الإشارة إليه. وعن محمد بن جرير صاحب التاريخ أن طرق خبر الغدير خمسة وسبعين، وأفرد له كتابا وسماه كتاب الولاية (1)، وعن ابن كثير الشامي الشافعي في تاريخه الكبير عند ذكر أحوال محمد ابن جرير: هذا إني رأيت له كتابا جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين قال: رأيت له كتابا جمع فيه طرق حديث طويل، [و] عن أبي المعالي أنه كان يتعجب ويقول شاهدت مجلدا ببغداد في يد صحاف مكتوبا عليه المجلدة الثامنة والعشرون من طرق " من كنت مولاه فعلي مولاه " ويتلوها المجلدة التاسعة والعشرون. وعن برهان الدين القزويني أنه قال: سمعته من بعض أصحاب أبي حنيفة. وعن الشيخ محمد الجزري [أنه] ألف رسالة سماها (أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام)) أثبت فيها تواتر الخبر من ثمانين طريقا، ونسب منكره إلى الجهل [والعصبية]، وصنف الرازي في رجاله كتابا على ترتيب حروف المعجم، ونقل تواتره الغزالي في (سر العالمين)، ونقلنا مثل هذا مما يطول ويخرج عن المقصود. بيان: لا خفاء في أن المنكر لذلك يكشف عن نفاق وحسد وتبعية مجردة. والدليل العقلي على نزول الولاية قائم، فإن السواد لا يكفي فلا يتم دينه الذي بلغه (صلى الله عليه وآله وسلم) ويكمل إلا بنصب لسان ناطق جامع مانع وليس إلا علي، فلو لم ينصبه لم يبلغ شيئا، ولم يكمل الدين، وضاعت الشريعة كما أخبر الله تعالى، لكنه
(1) بحار الأنوار: ج 37 ص 183. 76 بلغ ونصب عليا علما ظاهرا مشتهرا منتشرا، وأعلن بذلك سفرا وحضرا قولا وفعلا، وفي قصور غيره عن هذه الرتبة قولا وفعلا. وحينئذ صح قول الله تعالى: * (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) * (1) بخلافه لو لم ينصب عليا ومات وترك دينه هملا، وهذا ظاهر، وهذا من الله ورسوله صريح الدلالة على أن الإمامة من الأصول، بل من أعظمها، ويدل أيضا على عصمة الإمام، ووجوب استمراره، وأنه لا اختيار للأمة فيه، وغير ذلك من أصول الإمامية المحققة لها، والمبطلة لقواعد العامة المحدثة المجتثة التي لا قرار لها فتدبر، والعناد يؤدي إلى أعظم من هذا وكذا الحسد. الجملة الحادية عشرة: في أحاديث متفرقة تدل على المقصود، ففي كتاب الفردوس للديلمي مسندا عن أبي سعيد الخدري قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الصلاة الأولى ثم أقبل بوجهه علينا فقال: " معاشر أصحابي إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي الأئمة الراشدين " الحديث (2). وخبر سد الأبواب إلا باب علي (3) متواتر عندهم وفيه إشارة لحكم وخواص له (عليه السلام) ولبنيه المعصومين غيبا وشهادة فتدبر. وكذا حديث مؤاخاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي خاصة دون غيره من الأصحاب (4)، وحديث الطائر المشوي وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال عنده: " اللهم
(1) المائدة: 3. (2) لاحظ الملحق رقم (4). (3) سنن الترمذي: ج 5 ص 305، البداية والنهاية لابن كثير: ج 7 ص 325. (4) البداية والنهاية لابن كثير: ج 7 ص 318. 77 ائتني بأحب خلقك إليك " الحديث (1)، ولما لم يعين أمرا فيشمل جميع الأمور، خرج محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة بقي ما سواه وهو المناسب للمقام. وروى الخوارزمي في جمع الصحاح الستة لرزين العبدي، وفي مسند أحمد والبخاري، وتوضيح الدلائل، وابن المغازلي بطرق، وكمال الجوزي والفصول المهمة وغيره، من خبر مؤاخاته (صلى الله عليه وآله وسلم) له (عليه السلام) لما آخى بين الأصحاب، رووه في الجمع بين الصحاح الست والمناقب والاستيعاب وغيرهم، وستأتيك أحاديث كثيرة في الاستدلال بالكتاب تدل على المقصود من طرقه، وإن لزمنا الاختصار، وكل واحد كاف للدلالة على المقصود فضلا عن المجموع. وروى الحافظ أبو نعيم في كتابه دلائل النبوة عن عبد الله بن مسعود يحكي عن ليلة الجن إلى أن قال ثم شبك أصابعه في أصابعي وقال: " إني وعدت أن يؤمن بي الجن والإنس، الأنس آمنت والجن رأيت - وأظن أجلي قرب - قلت: يا رسول الله ألا استخلف أبا بكر فأعرض عني، فرأيت أنه لم يوافقه، قلت: يا رسول الله ألا استخلف عمر فأعرض عني، قلت: ألا استخلف عليا، قال: " ذاك والذي لا إله إلا هو لو بايعتموه وأطعتموه أدخلكم الجنة ". وفي الكتاب المذكور عن ابن مسعود أنه قال: " نعيت إلي نفسي، فقلت له: استخلف فقال: من؟ قلت: أبو بكر، فسكت ساعة وتنفس، فقلت: ما شأنك فقال: نعيت إلي نفسي، فقلت: استخلف، قال: من؟ قلت: عمر، فسكت ثم تنفس وقال: نحوه، قلت: استخلف عليا فقال: والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة
(1) سنن الترمذي: ج 5 ص 300. 78 أجمعين " (1). ورواه الخوارزمي في المناقب (2)، وروى نحوه بطريق آخر، ونحوه كثير في الأخبار دلالة إما صريحا أو التزاما، ويدل على إمامة علي (عليه السلام) وخلافته ولا تدل على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يستخلف عليا كما يتوهم من قول ابن مسعود، وبعد ما سمعت مع أنه لا عبرة بقوله: وفي جوابه (صلى الله عليه وآله وسلم) له إشارة إلى استخلافه (عليه السلام) بعبارة تنبئ عن ردتهم عليه ومخالفتهم لأمره وما يدخل الجنة أحق [بالمتابعة] بل متابعته ثابتة واجبة. ختم وتحقيق: لا خفاء في صراحة بعض كما سبق فضلا عن جميعه مع ما أعرضنا عنه في الدلالة على خلافة علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل وبنيه المعصومين، إلا أن يسلك الناظر العناد ويتجنب الرشاد وإلا لعارض والاحتمالات البعيدة، وإلا لما سلم دليل على حكم أصلا ولا ترى بالآحاد، وإلا لما ثبت متواتر، كيف؟ وستسمع زيادة ما يطابقها والآي والأدلة الحاكية وغيرها وحاشى مسألة أدلتها كذلك كلا وحاشى، ثم لا ترجع ويطرح بك الوهم الشيطاني وتقول: كيف تكون عندهم الأحاديث كما نقلت مروية ولا يعملون بها، وهل عاقل يرجح الضلال على الهدى والهلاك على النجاة؟ قلنا: أما ثبوتها من طرقهم فقد أوقفناك على محلها، وأما قولك كيف لا يعملون بها؟
(1) وفيه دلالة انحراف عبد الله بن مسعود عن خط الولاية لعلي (عليه السلام) مع كثرة التنصيص عليه (عليه السلام) من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). (2) مناقب الخوارزمي: ص 64. 79 فنقول: العناد لم يرتفع، وهو من زمن آدم (عليه السلام) جار إلى ظهور الصاحب، وكذلك الحسد قد صرح الكتاب به في عدة آيات سبق بعضها، وهو وجداني كثير الوقوع بين الناس، كالأخوين الخلص على دين واحد على أمر جزئي يسعى أحدهما في هلاك أخيه عليه، ومع علمه بأنه باطل وضلال فكيف ما كان مبنيا على نفاق، وهو كثير في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يمت أهله قبل موته، فظهر بحقهم بعد، وسكت علي لحكم، ولكن كما قال الله: * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) * (1) ومن تمامه ظهور الحجة على لسانهم وحجة الله بالغة، وجنده غالبون باللسان إذا استجمعت شروطه، وزالت موانعه، وبالبيان دائما، ودائما كلمة الذين كفروا السفلى، ومجتثة ما لها من قرار، وكلمة الذين آمنوا العليا طيبة، ثابت أصلها، وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ومجرد وقوع خلافته في الأرض مضادة للحق وأن تمحقه وتزيله منها لا يدل على رضى الله بها، وكذا سكوت الإمام عنا لعدم استجماع شروط الجهاد وزوال الموانع، وهي سنة الله الجارية من آدم إلى ظهور محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسنته أكثر زمن وجوده. وهذا إبليس لعنه الله وجنوده واتباعه منتشرون ومنتظرون إلى يوم الوقت المعلوم لا إلى البعث، نعم على الله قصد السبيل، وبيان الرشاد من الغي، ولا جبر في الوجود وما زال يحتاج شروطا خاصة، وزوال موانع، فقام العذر لهم (عليهم السلام) كل في وقته وجميع عملهم عن أمر الله، وهم (عليهم السلام) لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.
(1) الصف: 8. 80 وطالما تشكى (عليه السلام) وأظهر التظلم، هو والزهراء وباقيهم، وخرج بالجهاد في وقت دون آخر، وكذا الحسين (عليه السلام)، وبه تمت الحجة وعلمت وقوي دين جده وثبت وعلت حجته على الكل وتم به العذر لبنيه المعصومين التسعة، ومع ذلك لم يتركوا ولا تركوا إيصال الهداية وبيان الحق لطالبه، ومع هذا وردت الردة ووقعت بعد موت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كفرا ومعصية، ليس هنا موضع تفصيلها (1) ورجع بعض لعلي بعد فقبلهم، وبقي كثير عليها، وسعى في التحريف والتغيير جهده، وتبعه كثير من الغثاء، وممن هو تبع كل ناعق، ومن أشرب في قلبه حب العاجلة. قال الله تعالى: * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * (2) الآية وقال تعالى: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * إلى أن قال تعالى: * (ولو شاء ربك ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا) * أي جبرا لهم * (ولكن الله يفعل ما يريد) * (3) فأخبر عن وقوع الاختلاف والاقتتال بعد الأنبياء في قومهم بعد وضوح الحجة وبلوغهم البينة فآمن بعض وكفر بعض. فقل لي: ما وقع بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من القتل مع علي (عليه السلام)، والحسين (عليه السلام)، وما أرادوا مع الحسن من على الحق منهم؟ ومن الكافر ومن المؤمن؟ لا مناص لك من قولك بإيمان علي والحسن (عليهما السلام)، والمحارب لهم والمقاتل لهم كافر إلا أنه مجتهد معذور، فليس المقام مقام اجتهاد بل واضح المنار أجلى وأظهر من أن تحوم حوله شبهة، فدع الباطل، ولا تعارض الحق الظاهر بالتمويه والشبهة.
(1) لاحظ الملحق رقم (7). (2) آل عمران: 144. (3) البقرة: 253. 81 وحديث الرايات التي ترد على رسول الله - صلى الله عليه وآله - الحوض وطردهم عنه، وقول " أصحابي " والبيان للرسول متفق عليه بين الفريقين (1) وهو صحيح يوضح ما يقول ويعينه، وكذا حذو هذه الأمة حذو تلك الأمم متفق عليه كتابا وسنة (2). قال تعالى: * (فاستمتعتم بخلاقكم) * إلى * (كالذي خاضوا) * (3) يعني ما نقول فقد وقع نحوه، قيل وكذا خروج عائشة (4)، وأفردنا الكلام على هذا الحديث في رسالة على حدة وفقنا الله تعالى لإتمامها وسلامتها. ثم بعد ما أوضح لك السبيل، وأعلن لك بالحق والدليل لا سبيل لك إلى التعلق بتقليد الآباء، والتعلل بقول لعل وأشباه ذلك وترجع على عقبك. هذا ولا خفاء أن ما سبق لا يعارض بعض أحاديث مختصة بهذا، ولا يعارض أيضا بقول " أنه صحابي " وكم صحابي لم تنفع صحبته، وهم المنافقون نصا وإجماعا (5) وهم رؤساؤهم وزيادة، ولا بالإجماع فليس هو مقام اختيار بعد ما سمعت، ولا يخالف الله ورسوله، ولا خيرة للعباد من أمره وحكمه، على أن بيعة الأول أحيل عقدها من واحد مشهور تهتك بإجماع الكل " وقعت فلتة " كما قالوا (6).
(1) لاحظ الملحق رقم (7). (2) سنن الترمذي: 5 / 226، مشكاة المصابيح: 1 / 61. (3) التوبة: 69. (4) خروج عائشة على علي (عليه السلام) ونباح كلاب الحوأب في وجهها، ذكره الطبري: 3 / 485 والمستدرك: 3 / 120، مسند أحمد: 6 / 97. (5) لاحظ الملحق رقم (8). (6) شرح النهج: 2 / 22، عن الطبري في تاريخه. 82 وبيعة الثاني لوصاية منه فهل عاقل يرضى بكون خلافة الله القائمة مقام النبوة [هكذا؟] إنه لمن المحال، وما اختصوا به من طرقهم فلزمنا، مع تصريح ابن أبي الحديد في شرح النهج، وهو من عظمائكم بكثرة وضع الأحاديث من بني أمية خصوصا مع معاوية في فضائل خلفائكم، وإخفاء فضائل علي (عليه السلام) وعد جملة منها (1). وكذا ابن الجوزي والفيروزآبادي منهم عد جملة من الموضوعات في شيوخهم، فإذن لم يسلم لهم حديث في ذلك والدواعي متوفرة إلى الوضع فيهم، بخلافهم في علي (عليه السلام) وبنيه وكفونا مؤنتها وإن كانت لا تلزمنا، ولهذا لم تلزمهم بما هو من متفرداتها، ولم نذكر منها طرفا واحدا في هذه الرسالة ولا غيرها مما هو في معرض البحث معهم، فالحق أوسع من ذلك. نعم يسلكونها هم، ومع هذا كله فليس لشيوخهم من الفضل الذي رووه ما يزيدون به فضلا على سائر الأمة فضلا عن خواصهم أو خواص الخواص فضلا عن الأئمة (عليهم السلام). وكذا نفيهم عنهم العصمة، وما نقلوه عنهم من جهلهم، وما وقع منهم من إيذاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حياة وبعد موته (2) وإيذاء أهله وتهتكهم وغيرها، ذلك ويفهم منه
(1) شرح نهج البلاغة: ج 3 / 15. (2) كفانا في إثبات إيذائهم للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته حديث: " إئتوني بدواة وكتف " المتفق على روايته من الفريقين، وقول الثاني فيه: " إنه ليهجر " أو " قد غلبه الوجع كفانا كتاب الله وسنة نبينا ". راجع: عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه: 5 / 438 رقم 9757. وأما بعد موته فإيذاء بضعته الزهراء (عليها السلام) إيذاء له بنصه (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك وهذا ثابت صغرى وكبرى. راجع فيه: الإمامة والسياسة: 1 / 19، مروج الذهب: 2 / 301. 83 وصاية الرسول وأن خلافتهم عن اختيار بعض الأمة عن اجتماع أهل الرأي لاشتغالهم بتجهيز الرسول وغلبتهم، ثم انضاف إليها أهل النفاق والأتباع والغلبة فظهرت في بعض الأشياء، وأعرض عنها (1) علي (عليه السلام) لحكم وجودية، ووصية الرسول به، ويضيق المقام بذكرها، وكثير منها ظاهر للمطلع، ومن استنار قلبه واهتدى وعرف سيرة جميع الأنبياء وأوصيائهم في أمتهم. فإن كان الرسول أخذ بنات بعض فأخذ بنات غيرهم، وإن صحب بعضا في الغار فأي فخر له في هذه الصحبة ولم يستفد منه علما، ولا دفع عنه مكروها، والخوف معه والصاحب الخائف يقول له لا تخف، وهو لحق الرسول وقبض عليه، وأخرجه معه إلى المدينة لأسباب عديدة ظاهرة وباطنة، تدل على نقصه وخبثه، وكذا أمره له بالجهاد في خيبر وأحد، وتبليغ أول سورة براءة، ولقد أظهر ذلك قصوره وعدم استحقاقه لأقل من رتبة الخلافة العظمى كما لا يخفى، ولا يسعه المقام، وترك علي للجهاد، وتوفية ما عليه ولو بالدعوى، وإخراج الفاطميات جهارا والمبيت على فراشه فشتان بين وبين. وكذا صلاته بجماعة إن سلمنا فكم صحابي صلى بجماعة، وعندكم يجوز وراء البر والفاجر (2)، ونحوها من الجدليات الساقطة التي لا تعارض فضيلة
(1) أي عن الخلافة. (2) اشتراط العدالة في إمام الجماعة متفق عليه عند الإمامية وموضع إجماع منهم وأما عند العامة، فالمشهور من مذاهبهم عدم اشتراط العدالة ويروون أحاديث في ذلك منها: " صلوا خلف كل بر وفاجر " كنز العمال: 6 / 54، تاريخ بغداد: 6 / 403. ومن لطائف عباراتهم قول مفتي الديار الحجازية الشيخ عبد العزيز باز يقول: " لو بعث الحجاج وهو أفسق الناس وأفجرهم وصلى إماما لصليت وراءه "، ويستدل على ذلك بفعل ابن عمر في الصلاة خلف الحجاج، فأعجب من هذا دعوى ودليلا!! 84 واحدة مما ورد في علي بل تسقط دونها جميع الخلق، ولقد جمع فيها مجلدات مما رووه، إلى غير ذلك مما أعرضنا عنه اختصارا. فإذا عرفت ذلك وتحققته فلنقتصر على ما قد سمعت في هذه العجالة من روايتهم، وعليها اتفاقنا فقامت الحجة عليهم من جهة نصوصهم، وبه كفاية فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين المهتدين فما بعد الحق إلا الضلال.
85 الشهاب الثاني في أدلة الكتاب القرآني على خلافة علي (عليه السلام)
87 ومنه تثبت ولاية بنيه المعصومين بالبدلية: فأقول: قد سمعت أنه قرين القرآن وهو معه لا يفارقه، والقرآن يهدي إليه ففيه الدلالة عليه، لا أقول في بعض الآيات، بل كل آية، ولا على تحويل على أنحاء حسب بطون القرآن وإشاراته ورموزه، وكذا على عدم خلافة غيرهم، ومعلوم أن الدلالة على الشئ كذلك أعلا وأجمع وأكمل من نحو واحد على خصوص لعمومها الوجوه، ودلالتها على الصفات وكماله ليكون إشارة إلى شروطه، وما يجب أن يكون عليها من الصور وشدة الحاجة إليه، وستعرفه من الآي الآتية إن شاء الله تعالى، هذا وإن لم أدع الإحاطة به، وإنما يطلع عليه ويبينه الحامل له والمحيط به محمد وآله، وتصدق هذه الدعوى، واستمع وأحضر قلبك وجميع حواسك لتنتفع به، ولا تكن كمثل من لا يسمع إلا دعاء ونداء، وكمن قال الله فيهم: * (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ولهم أعين لا يبصرون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل) * (1) الآية * (فإنها لا تعمى
(1) الأعراف: 179. 89 الأبصار) * (1) الآية ونحوها كثير، ومصدوقها شاهد فنقول: يدل على ذلك من القرآن كثير. الأولى: لا خفاء في ورود كثير من الآي بالأمر بإقامة الصلاة والإحسان والمعروف، وسائر الطاعات، والنهي عن البغي والزنا والشرك وسائر المعاصي (2)، ولا شك أنها جميعا صفات وأفعال، والصفة تدل على موصوفها، فلا يكفي معرفتها بدونه، وكذا العمل، وتتوقف على مبين. ولا مرية في أن كل حسن معدنه وأصله وفرعه وهو منشأه الأصلي ومنشأه إلا [كان] مادة وصورة، فإذا لا بد لكل جنس من أصل كلي، ولا بد له من مظهر وحينئذ متعين في عالم الدنيا ودار التكليف، والمزج في الجسد والوهم وأسفل النفس، أو قل النفس لا في مقام التمييز والعزل، وهما [جاريان] مدة جريان التكليف واستمرار هذه الأفعال. فأقول لك: من المتصف بالصفات الحسنة المشار لها؟ ومن المبين لها؟ ومن هو أولى وأحق بالعمل بها وأصلها؟ فلا بد وأن تقول محمدا. ولا أقول: من بعده؟ فلا بد وأن تقول: النائب عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وبدله؟ وهكذا وإذا غربلت الأمة، ووصف كل شخص بما فيه عموما وخصوصا مما اتفق عليه الكل، ونقل عمن صفته وعلمه وغير ذلك عند الكل متواتر السير إلا عليا وبنيه المعصومين.
(1) الحج: 46. (2) كما في قوله تعالى: * (فأقم وجهك للدين حنيفا) * الروم: 30، * (أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة) * العنكبوت: 45، * (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) * النحل: 90، * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * النساء: 48، * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) * آل عمران: 104. 90 فضد ذلك في أعدائهم تحصيلا للضدية، وصفة ضد الشئ صفة لضده، والواقع كذلك، وكذا نقل السيرة المستمرة والآثار المتواترة، والظاهر طبق الباطن، ولا يستدل على الباطن الخفي إلا بظاهر منه يدل عليه، فكل آية ظاهرها صلاة أو زكاة أو فعل خير مطلقا، فظاهرها معروف بحسب اعتقاده والعمل به، وباطنها مراد بها هم (عليهم السلام)، ولا يكفي بدون [معرفة الموصوف] والمبين لها المعرف فهو شرطها في العمل وغيره، وكل آية بخلاف ذلك، فالمراد بها باطنا الأضداد على نحو ذلك، ولا تترك الباطن وتحتجب بالظاهر ولا بالعكس فهو محال وضلال، أو كفر بلا عمل بهما، ولا يجتمع الحق في النقيضين، وهذا الدليل متنوع البسيط (1)، ويشتمل على أسرار، ويوافق كثير من الأسماء أسماءهم بطريق الزبر والبيان وغيرها (2)، وليس هنا موضع بسطه وهو دليل آخر وحجة ظاهرة على ذلك، وسيأتي بعضه عن قريب إن شاء الله تعالى. تنبيه بياني: عالم الأسماء عالم فسيح يشتمل على أسماء كونية ومعنوية ولفظية، والاسم غير المسمى بحسب لفظ الإضافة والمعنى، وهو يدل عليه، وما اتفق نقله عن علي (عليه السلام) أنه قال: (الاسم ما أنبنأ عن المسمى) (3) فلا يخص بالحرفي كما هو صريح الكتاب والسنة، وهنا أسماء حسنى لله تعالى يدعى بها، قال الله
(1) سمي الدليل متنوعا لتنوع الإلزامات فيه حيث أنه إما إلزام بعدم العمل بالجميع أو إلزام بالعمل بالجميع والأول كفر والثاني جمع للنقيضين، أو عمل بأحدهما مع عدم غنائه عن الآخر، وسمي بسيطا لكونه مبتن على البديهيات المنطقية، أو لعدم اشتماله على قياسات مضمرة. (2) راجع الملحق رقم (9). (3) البحار: ج 40 ص 163 حديث 54. 91 تعالى: * (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) * (1) وأسماء سوء بخلافها وضدها ويجري فيها ضد ما يجري في القسم الأول. والأسماء الحسنى التي تطلق عليه بعضها مشهورة وهي تسعة وتسعون، وبعضها غير مشهور، ويتوقف الإطلاق والتسمية على النص والأسماء اللفظية فرع المعنوية وما يدل عليه فعلا وتتفاوت في الرتبة أيضا، وهي أسماء الفاعل، والمشتقة من [المصدر] أول المفاعيل المشتق من الفعل على التحقيق، ومعلوم أن دلالة الفعل ومبدأ الاشتقاق أقوى من دلالة اللفظ. ومرادنا بالمعنوي: حقائق الربوبية الحادثة المجعولة في الموجودات الدالة على الربوبية القديمة " إذ لا مربوب " والأول بأقسامه تجمعها " الربوبية إذ مربوب " وهي دلالة الأثر من حيث هو بما ألقي فيه بحسب كينونيته، فظهرت منه أفعاله، وآثاره دالة عليه ومعلنة بحمده، وقول علي (عليه السلام) السابق (الاسم ما أنبنئ عن المسمى) أعم من كونه ذاتا أو صفة أو لفظا أو غيرها، ولا بد من رجوعها لواحد هو: الاسم الأعظم، الأعظم الأتم، فله الاستيلاء والغلبة على الكل، والولاية عليه، والأقرب إليه كذلك بالنسبة، وتترتب منزلة، وكل ذات كاملة تحكي جهة الكمال وتدل عليه، وبحسبها دلالة تعريف لا إحاطة، فهذا مجمل القول في [أسماءه الحسنى] والصفات. ونقول بالضد في أسماء السوء الذاتية المعنوية بأنها ذوات خبيثة ملعونة من كتاب سجين، صيغت من الإنكار، وتحكي ضد ما سبق، وترجع لحقيقة نجسة خبيثة ملعونة مجتثة، مبدء القبائح وأصلها ومعدنها ومأواها ومنتهاها، ولها شعب
(1) الأعراف: 180. 92 الضلال وأئمة جور اثنا عشر ضد ما سبق أصلهم الأول، وشيطانه وتفصيله الثاني، وهما تأويل فرعون وهامان وآخى بينهما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهما أبو الدواهي وأبو الشرور، وجميع الشرور والمعاصي ترجع لهما عكس ما سبق في الخير، ولا بد من ظهور النوعين والشخصين هنا فميز كل واحد بحسب الصفة والسيرة والفعل وشدة الملازمة مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والصحبة اللزومية غيبا وشهادة، وفي الدنيا لتعرف من ذلك صريحا: من تجب [له] الخلافة؟ ومن يكون أحق بالإنكار والعداوة والسعي في تحريف الدين وإخفاء نائرته جهده. وإبليس مظهر الجهل الكلي، وهو الجاهل العنادي، وهو أعظم أسماء السوء والإلحاد الجعلي فأبى واستكبر، وكلف وأبقي إتماما للحجة، وإعلاء للمحجة، " وإنما يعجل من يخاف الفوت " (1) فالأسماء الحسنى لها متعلقات مجعولات وألفاظ دالة، وحاملة لذلك بأمر الله، وجميع الشرور في جميع الوجود من آدم إلى القيامة أسماء لذلك الشرير الخبيث الملعون، وهو المسمي لها، والأصل للحقائق الظلمانية والمرجع إليه، وإن ما فيه نسبته إلى ذلك ضد ما عرفت في أسماء [ه] الحسنى وأصلها وفروعها وصفتها فتدبر! وتأمل ذلك لتعرف من الأحق بولاية الله العامة على الخلق طرا بحسب الذوات والصفات وسائر [الأطوار] في جميع المنشئات، بل نقول: لم يدع هذه غير محمد وعلي وبنيه المعصومين إجماعا ولا ادعاها أحد غيرهم باتفاق المخالف والمؤالف يتعين جعلها لهم، ولا ينازعون فيها. نعم ادعى من ادعى أن
(1) مفاتيح الجنان، ص 3 حجري عن المصباح للشيخ الطوسي، ضمن أدعية ليلة الجمعة وعرفة. 93 الخليفة منصوب من الناس على [جميع] (1) ما قدر عليه من المال، وبعض الرئاسة والتقدم الظاهري من الخطبة والتسمية ونحوها، وبقي كثير كثير ثم يدعه، ولا ادعي له بل كثير من العلوم الظاهرة يرجع فيها لغيره فميز هذا الاختصار واتبع الحق والهدى. الثانية: قال الله تعالى: * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * (2) الآية، وأشار له حسا لتحققه هنا، وليس إلا من الجهة القائمة به المبين، إذ من البديهي أنه ليس المراد به، وشخص قائم به ومبين له، وهو ما وصفه به في الفاتحة وغيرها، وليس إلا طريقة محمد وآله ولا بد من استمرارها، والقائم له والمبين، ويجب من ذلك كون سائر الطرق لغيرهم لاستحالة خلافه، وما أقرب قوله تعالى: * (وأن هذا صراطي مستقيما) * الآية من قوله " صراط علي مستقيما) ويصح إرادته من ظاهرها بنوع عناية فتفطن، وبسط الدليل يظهر للفطن المستنير قلبه المتدبر لقوله تعالى في الفاتحة: * (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * (3) فتأمل لنكتها وما اشتملت عليه. الثالثة: مما اتفق عليه الكل اشتمال القرآن على أحكام ونكت وإشارات وبطون فجمع الكل، وكل شئ فيه محصى، رطبا كان أو يابسا كما قال تعالى (4)،
(1) الظاهر أنها هكذا " جمع ". (2) الأنعام: 153. (3) الفاتحة (الحمد): 5 - 6. (4) إشارة لقوله تعالى: * (وعنده مفاتح الغيب... ولا رطب ولا يابس) * الأنعام: 59. 94 وقال تعالى: * (تبيانا لكل شئ) * (1)، وفيه تفصيل كل شئ، فيجب من ذلك [مطابقته] للكتاب التكويني ومفعولات الله وفعله من كل وجه، وقد عرفت من أحاديثهم السابقة سبق خلق محمد وآله وعبادتهم بأعوام، ورووا نحوه، فهم (عليهم السلام) يكونون سببا لغيرهم فيجب في القرآن ذلك بحسب افتتاحه. وورد: " ما نزل كتاب من السماء إلا أوله بسم الله الرحمن الرحيم " (2) واستحب الابتداء بها في كل شئ كتابة أو غيرها، وعليه عمل الكل خلفا عن سلف لا يختلفون فيه، وورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " كل أمر ذي بال لم يبدء فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر " (3) متفق عليه، وورد: " سر القرآن في الفاتحة وسر الفاتحة في البسملة وسرها في الباء " (4). ووجوب المطابقة عقلا ونقلا بين الكتابين يتفق عليه، لأنهما صنع الله وخلقه ويرتبط صفة، ولا تفاوت في خلقه، كما قال الله تعالى (5)، وكل يدل على الأرض، ووجب فيها الإشارة إلى أسمائهم (عليهم السلام) وتضمنها لها، فيكون هم الأصل [والآمر] للكاتبين، ويصح حينئذ ما ورد عن علي: " أنا النقطة تحت الباء " (6)، فالبسملة تحكي آثارهم (عليهم السلام) وصفاتهم وأحوالهم.
(1) النحل: 89. (2) بحار الأنوار: ج 92 ص 234 ح 17. (3) بحار الأنوار، 76: 305، كتاب الآداب، والسنن، باب الافتتاح بالتسمية. مسند أحمد: ج 2 ص 359. (4) وجدنا الكلمة هكذا " سر القرآن في الفاتحة وسر الفاتحة في مفتاحها وهي بسم الله وسر البسملة في الباء وسر الباء في النقطة " وهي موجودة في كتاب مشارق أنوار اليقين غير مسندة: ص 23. (5) * (ما ترى في خلق الله من تفاوت) * الملك: 3. (6) البحار، ج 4 ص 165 ح 54. 95 ويصح ما اتفق عليه عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن البسملة أقرب إلى الاسم الأعظم من سواد العين إلى بياضها " (1) وجامعية الاسم الأعظم لجميع الأسماء والصفات لا شك فيه، فيجب فيهم (عليهم السلام) نحوه بل يكون الاسم الأعظم في الكتاب التكويني، ويرجع في القرآني لهم، ومرجع الباء إلى النقطة وحصولها منها، فجميع الحروف ناشئة من الباء بحسب تفننها، وظهور آثارها في الحروف، وهي الألف المبسوطة كما هو ظاهر، فمرجع جميعها إلى النقطة التي هي أصل الباء وبها تميزت وظهرت، فوجب كون النقطة هي القطب والأصل الذي تدور هذه عليه ولا شك. ونقل رئيسهم في الضلال - في فتوحاته - ابن عربي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " أنا النقطة تحت الباء " (2)، ووجوب التطابق يدل عليه، ولها صورة ونقطة وحركة، ولها ظهور في الحروف. والرابع (3) إشارة إلى ظهوره (عليه السلام) في الكائنات بالسببية والولاية والهداية والرئاسة العامة فتفطن! ولها جهة إجمال هو مقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والألف المخفية والثلاثة الأول إشارة إلى العين واللام والياء اسم علي على الترتيب، ويكون السين إشارة إلى اسم محمد، وأشير له في يس وزبرها ونهايتها ثلاثة أحرف فيحصل منها سينان، والميم إشارة لمحمد، وبيناتها (4) - وهي صفتان - إشارة [لليلة] المباركة وبغرس شجرة الولاية وهو فاطمة، والميم أيضا ثلاثة أحرف وفيها
(1) مجمع البيان: 1 / 50. (2) لم نعثر عليه في الكتاب المذكور منسوبا للنبي بل منسوبا إلى آخر وهو الشبلي: ج 2 ص 134. (3) إشارة إلى رابع الأمور التي وصف بها الباء، وهو ظهورها في الحروف. (4) راجع الملحق رقم (9). 96 ميمان بينهما ياء، وبينات كل ميم طبق " ن " وهي قوس دائرة باجتماعها تحصل الدائرة. والنون الأولى إشارة لمحمد فإنه أول هاء ظهرت في القبضات العشر واستنطاقها نون، والنون الثانية علي لأنه مثله البدلي، والواو بينهما ستة، وهي الستة الأيام التي خلق بها السماوات والأرض وما بينهما، وباسم جامع للأصول الأربعة بالإشارة والرمز: فالألف المطوية لفظا وخطا الظاهرة في غيرها إشارة إلى كلمة التوحيد، والباء للرسالة، والسين الولاية، والميم مقام الكثرة، وتضرعها مقام الاستنارة [والسبعة] وكذا لفظ الجلالة يسير إلى الأربعة. وتفسير الحرف من (ألوان) باللفظة تكون إشارة لها، مروي عنهم في كتب ابن عربي وتفسير الكاشي المسمى بالعرايس (1) وغيرها، كما في الحروف المقطعة، وطريق الزبر والبينات والجفر كثير متسع، والقرآن جامع له كما سبق فلا تقابل أسراره بالإنكار إذا ظهر بعضها وبها يتم المقصود. ومن ذلك أنه عدد اسم منكر يطابق اسم الثاني وهو المعني في قوله تعالى: * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان [وإيتاء ذي القربى] وينهى عن الفحشاء والمنكر) * (2) الآية، ورووا أن هذه الآية عوضت بدل سب علي (عليه السلام) في الخطبة لما حذفوه (3) ويكون الفحشاء يطابق الأولى بنحو عين الظاهر، وقوله تعالى: * (إنا من المجرمين منتقمون) * (4) جملة عدد زبرها يطابق أسماء الثلاثة، ونفاق يطابق
(1) هو كتاب عرائس المجالس في قصص الأنبياء للثعلبي. (2) النحل: 90. (3) والذي قام بهذا العمل الحسن هو الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز. (4) السجدة: 22. 97 الاسم الأول، قال تعالى: * (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق) * (1)، وهؤلاء أشد نفاقا وخدعا، لكن الثاني أفحش لسانا، وأقبح بذاءة، ولهذا كان أشد لعنا، والسبب ظاهر وعدد ميزان يطابق باء الوزن والاستعانة وكذا " حق " يطابق اسم علي (عليه السلام) وهو الوازن: * (والوزن يومئذ الحق) * (2) ويد يطابق عددهم واسم وهاب وجواد، ويجوز النسبة ولو مجازا إلى السبب والوقت والمكان، ويكفي فيها أدنى علاقة وهو كثير في الكتاب والسنة واللغة والعرف، وعليه الإجماع الضروري، وإذا جمعت الحروف المقطعة أوائل سور القرآن وحذفت المكرر منها ركبت من الباقي صراط علي حق نمسكه. واسم الله يطابق اسم محمد وعلي وجامع لهما بنوع باطني. فتأمل في المقابلة والمناسبة وما يناسبها من الخصوصيات. وبينات ألف وهي - ثلاثون وثمانون - مائة وعشرة، وهي مطابق اسم علي مائة وعشرة وبقي منه اللامان والهاء وبيناتها تطابق اسم محمد، وعدده اثنان وتسعون وبينات اللامين اثنان وثمانون، والهاء على طريق المقاربة، وهي صفة متداولة معتبرة ترسم بالياء وتنطبق بها، وهي عشرة جملتها اثنان وتسعون يطابقها وهو ذو حروف أربعة تطابق أصل التربيع، والكلمات الأربع السابقة، وزبر الإسلام مائة واثنان وثلاثون يطابق بينات اسم محمد كذلك وهو ظاهر، وزبر إيمان يطابق بينات أسم علي (عليه السلام) وهو مائة واثنان. وانظر إلى هذه النكتة المشتملة على الحكم التي لا تعد، فإن الإيمان
(1) التوبة: 101. (2) الأعراف: 8. 98 بالولاية والإقرار بها، والرسول بعث بالرسالة والإيمان ولكن سار بمقتضى الرسالة، وحث على الولاية، وجعل بها كمال الدين قال الله تعالى: * (لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) * (1)، وقد عرفت مما سبق من بعض أحاديثهم كون علي ومحمد نورا واحدا، والأئمة في صلب علي، وفاطمة (عليها السلام) من صلب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فهم معينون مذكورون، فلا بد من اتحاد طبقتهم وهو كذلك، وجمع اسم لهم (عليهم السلام) وعرفت جمع اسم الله، ومعناه استولى على ما دق وجل. [و] الاسم محمد وعلي فهم باطن أسمائه الظاهرة، وهم أسماؤه، ودل على أن ولايتهم عامة للكل كما أقامهم الله فيه وعليه أيضا. والاسم ما دل على المسمى وهم (عليهم السلام) دلالتهم عليه تعالى أقوى الدلالات، وكل أثر يدل على مؤثره، وليس هنا موضع بيانه، وورد (2) في تفسير قوله تعالى: * (لله الأسماء الحسنى فادعوه بها) * (3) أن المراد بها هم (عليهم السلام)، فيجب كون أعدائهم أسماء سوء لا يدعى بها، بل هو إلحاد في أسمائه تحصيلا للضدية، فلكل شئ ضد إلا الله، وللقبضتين مظهران متضادان فهنا أسماء حسنى وأسماء سوء جزما وإجماعا، ونطق به الكتاب (4)، والأول جزما لله، وغيره للشيطان ومأواه. وكذلك اسم محمد وعلي وفاطمة، ويجتمعون في اسم " هو " وأصلها الهاء، وكانا (عليهما السلام) نورا واحدا فتشعب، ويستخرجون منه وإن تنوع، وهو أعظم الأسماء كما لا يخفى.
(1) الحجرات: 17. (2) تفسير العياشي محمد بن مسعود السمرقندي: ج 2 ص 42. (3) الأعراف: 180. (4) يوسف: 40، النجم: 23، القصص: 41. 99 وباقي الأئمة في صلب علي، ولعل (إنه) يستخرج الباقي بطريق من الطرق ولا يحضرني، فزبر " هو " أحد عشر وتنزيلها مرتبة واحد، فإنه خليفة محمد وبابه مائة وعشرة مطابق زبر علي كما عرفت، ومجموع زبر " هو " وبيناته تسعة عشر استنطاقها من الحروف والكلمات واحد، وله من الحروف الألف، وبتكريرها تظهر الباء، وتكريرها دال على الكمال التمام، والتربيع الساري في كل شئ مخلوق، قال تعالى: * (ومن كل شئ خلقنا زوجين) * (1)، وتكريرها جاء خمسا بقدر المراتب، والأسباب الفاعلية التامة والنشئات الكلية تبلغ ميم، ومجموع هذه الحروف الثلاثة " حمد " وتضيف لها " ألف " وهي المبنى الأول والأصل، حصل أحمد، وهو أحد أسمائه (صلى الله عليه وآله وسلم). وورد أن اسمه في السماء أحمد (2) وفي حم إذا نزلت الحاء خمسا آخر حصل ميم أخرى وهو اسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والميم المشددة سبب الإدغام تعد عن حرف واحد فنقول ميمان. وأما اسم فاطمة فإذا أخذ الواحد السابق، وهو بحسب [أهله] (3) مثلث، فكل مخلوق مثلث بحسب أصل خلقه، وسطحها تسعة يطابق الطاء، ولها من العدد كمال شعوري، وآخر ظهوري، وهما لكل حرف، وكمالها الشعوري " فا " وهما الحرفان السابقان على الطاء، والظهوري " مة " وهو الباقي، فحصل أسماء الثلاثة وهم الأصول، واجتمعوا (عليهم السلام) في عالم الأنوار والأصلاب وبحسب أصل خلقهم، وفي العالم الحرفي، ويستجمعون في الزمان في الرجعة كما أثبته الكتاب والعقل
(1) الذاريات: 49. (2) بحار الأنوار: ج 16 ص 96 ح 33. (3) الظاهر أن المراد هكذا " أصله ". 100 والنقل، وألزمنا به العامة وأفردناه في محل آخر (1). فقل لي: هل خليفة الرسول غير علي وبنيه المعصومين؟ إنه لمن المحال، وما يحيله الوجود والمشيئة تعالى علوا كبيرا. واسم كلب يطابق اسم طلحة، وزبر فرقة يطابق زبر شيعة، فإذا قلت: فرقة ناجية فالمراد شيعة ناجية، والشيعة وإن كانت في عد الفرق والاستعمال الأعم أعم من الاثني عشرية، لكن المراد في الاستعمال الخاص والمناسب للنجاة، والمعنى الخاص لا العام والمراد بها الاثني عشرية المعتقد إمامتهم كملا. ثم فإذا عرف تأصل خلقهم في عالم الأنوار، وأن الله اختارهم واصطفاهم كما سبق من بعض أحاديثهم ورووه في تفسير قوله تعالى: * (مثل نوره) * (2) وقوله: * (ربك يخلق ما يشاء ويختار) * (3) وكل من ذلك أن يظهر لهم في كل شئ آية حتى بحسب الأسماء الحرفية ولهذا يصح لك استخراج اسم علي من كل اسم من الموجودات الحسنة والقبيحة من غير تخصيص. بيان ذلك: أن تكرر الاسم ست مرات، وتجمع عددها، ثم تزيد على المجموع واحدا أبدا، ثم تضربه في عشرة، وتقسم حاصل الضرب على عشرين وتضرب [الخارج] في أحد عشر، فالحاصل اسم علي هكذا دائما، وهو سر غريب عجيب وليس السر في حصول الاسم الشريف بعد هذا العمل فإنه يحصل ويجري في كل اسم حسن أو قبيح، ولكن يحتاج إلى زيادة اثنين أو أربعة أو أكثر أو تنقص، بخلافه هنا، فإنك تزيد واحدا خاصة، وهو يطابق أصل التكوين والفطرة الأمرية
(1) وذلك في كتابه المسمى ب (مشكاة الأنوار في رجعة محمد وآله الأطهار). (2) النور: 35. (3) القصص: 68. 101 والواحد الكلي، ولا يجري هذا في اسم غيره أصلا فتدبر ذلك وميزه واطلع على أسراره فأي أولى بالخلافة بعد الرسول بلا فصل وأحق؟ وقد استخرج الطوسي أسماء الأربعة عشر كل واحد مع صفة من صفاته من قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (1) مفصلة ولا يحضرني الآن. الرابعة: قول الله تعالى مجيبا لدعوة إبراهيم (عليه السلام) حيث سأله جعل الخلافة منه: * (ومن ذريتي) * (2) [و] الآية في سورة الشعراء * (واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون) * (3) إلى قوله تعالى: * (رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق في الآخرين) * (4) فسأله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين، فمحمد وآله من نسله، بل إطلاق الآخر وعموم نفعه وعلو طلبته، فوجب كونه عاما مستمرا إلى آخر الأمم، وهو مطابق لباقي الآية وهو دعوة الأنبياء فأجابه الله تعالى تصديقا لدعوته، وأنه مراد له مقضي ممضي لقوله تعالى: * (وجعلنا له لسان صدق عليا) * (5) وعليا علم مفعول [ثان] إلى " جعل " فهذا ظاهر عربي جيد لا ينكره إلا كل معاند غبي، ولا موجب لإخراجه عنه إلا العناد. فهو (عليه السلام) تصديق الأنبياء، ومصدقهم علي (عليه السلام) [و] في قوله تعالى: * (لا ينال
(1) الأحزاب: 33. (2) البقرة: 124. (3) الشعراء: 69. (4) الشعراء: 83 - 84. (5) مريم: 50. 102 عهدي الظالمين) * (1) إبطال لخلافة العاصي والظالم من وجوه، والظالم كافر وفاسق بنص الكتاب (2) ويحتاج إلى بسط لا يسعه المقام. الخامسة: آية * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (3) الآية وسبق بيانه، وقوله تعالى: [اليوم يئس الذين كفروا من دينكم] (4) فتبصر والتقريب ظاهر مما سبق. السادسة: أقول: من أسماء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يس، قال الله تعالى: * (يس والقرآن الحكيم) * (5) الآية، وقال تعالى: * (سلام على إل يس) * (6) يعني آل محمد (عليهم السلام)، وقوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (7) في انحصار أهل البيت فيهم (عليهم السلام)، مسلم (الاعية) لغة، ورواياتهم مصرحة، فحصل الاتفاق من كل من صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما قال على ذلك (8)، ففي [صحيح] مسلم لما نقل القصة عن عائشة، وجمع الرسول للحسن والحسين وفاطمة وعلي تحت مرط مرحل ولفهم به قال (صلى الله عليه وآله وسلم): * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) * الآية وذكر في حديث المباهلة: " اللهم هؤلاء أهل بيتي ".
(1) البقرة: 124. (2) وذلك في الآية: * (فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) * البقرة: 258، و * (من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) * النور: 55، و * (والكافرون هم الظالمون) * البقرة: 254. (3) المائدة: 4. (4) المائدة: 3، والموجود في النسخة: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * مكررة كالأولى. (5) يس: 1 - 2. (6) الصافات: 130. (7) الأحزاب: 33. (8) لاحظ الملحق رقم (10). 103 ومرط بكسر الميم كساء، وجمعه مروط، والمرجل بالحاء المهملة المنقوش بصوف الإبل، وبالجيم عليه صور المرجل وهي القدور، وفيه: قلنا لزيد نساؤه من أهل بيته! قال: لا، إنه يطلقها فترجع إلى أهلها. وفي البخاري نحوه. وفي كتاب جامع الأصول: نزلت الآية في بيت أم سلمة، وإنها قالت له: ألست من أهل البيت؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنك إلى خير، وفيه بعد جمعه لهم خاصة: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ". وفي حديث ذكرهم (عليهم السلام) وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم ذلك، وطلب أم سلمة الدخول معهم ونفيها، وفي بعض أحاديثهم طلبته عائشة وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) تنحي (1) فتأمل. وفي [مسند] أحمد نحوه بطرق، وفي بعضها ذكر [الكساء] (2) الخيبري وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " هؤلاء أهل بيتي " الخبر، وفي بعض: " هؤلاء أهل محمد "، وفي تفسير الثعلبي وعن الحافظ نحو ذلك، وفي تفسير الوسيط، وفي مناقب الخوارزمي بطرق، وتفسير ابن كثير والبغوي، وقال شارح مسلم النووي نساؤه ليس من أهل بيته (3). إلى غير هذه الرويات. وبالجملة فرواياتهم متواترة، ومتفقة على قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " اللهم هؤلاء أهل بيتي " فيفيد التخصيص [فلا يرجع] (4) فيه إلى غيرهم ولا إلى الأعم بعد تعيينه (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم، وأن الآية نزلت فيهم فلا تشمل غيرهم، محمد وعلي وفاطمة
(1) الصواعق لابن حجر: ص 85 ط مصر سنة 1312. (2) في النسخة " الكسائي ". (3) شرح صحيح مسلم للنووي، ج 15 ص 180. (4) في النسخة: " فليرجع ". 104 والحسن والحسين (1) جزما إلا ما كان مثلهم وفي صلبهم فهم التسعة خاصة لا غير، وأيضا ترجع في تعيين المطهر هذا التطهير وليس إلا هم بالاتفاق، ولا يمكن اعتبار الأعم بوجه فانحصر فيهم (عليهم السلام). ولا ينافي الرجوع إلى النساء بعد، فالآية الواحدة تشتمل على الحكمين فكيف الآيتان، ولو وجب سوق الآية على حكم آية بطل القرآن، إن لم نقل بتغيير الترتيب اللفظي من أهل التغيير، ومعلوم إرادة الحصر والدلالة عليه من قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (2) وأنه طبق وإجابة لدعوة الرسول - ولا صارف لله، ولا مانع له عن إرادة الله، ما أراد الله تطهيرهم بأعظم الطرق مقام الإرادة - فيدخل فيه جميع مقاماتهم دونها فكلها مرادة، والمراد لا يتأخر عنها، فهي عصمة حقيقية في جميع مقامات وجوده عن جميع المنافيات، غيبا وشهادة، في الاعتقاد والأقوال والأفعال وسائر الأحوال، عمدا وسهوا وخطأ، بالنسبة لهم في الأمور الداخلة والخارجة عن اختيار، لا عن إكراه وإجبار، قال الله تعالى: * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * (3) ولذا أتى في التطهير بالجمع، وأكده بالمصدر الموجب لتفسيره هذه العصمة بهذا، وهو المناسب لمن هو قرين القرآن ولا يفارقه، ومن كان يعبد الله قبل خلق الخلق، وغيره مما وصفوا به فيما سبق من الأحاديث. وكذا ما سمعت " علي مع الحق والحق مع علي " (4) فإنه يوجب طهارته
(1) أسماء الخمسة أصحاب الكساء (عليهم السلام) هنا قد وقعت بدلا من الضمير في كلمة غيرهم. (2) الأحزاب: 33. (3) الأنعام: 124. (4) لاحظ الملحق رقم (5). 105 كذلك، فأين هذه وشيوخهم؟ بل هم على الضد من ذلك، وكذا ما قالوه في عصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقد أثبت الله بهذه الآية لهم من جميع الكمالات الممكنة [للممكن]، وطهارتهم من جميع النقائص والأرجاس، في جميع المقامات، في سرهم وبواطنهم وظواهرهم ما لا يمكن شرحه، وأعطاهم ولم يقطع مدده عنهم ولذا عبر ب " ليذهب " فتأمل! (والنجم) لا نهاية له، فإذا عرفت تفصيل هذا الاحتمال الذي يطول بسطه، لا يخفى عليك علوه على الكل في الكل، ويقصر دونهم الكل، فمن هو أولى بالخلافة وأحق بها، هم (عليهم السلام) أو الأبعدون لفظا ومعنى، والمضادون ذاتا وصفة وفعلا؟ لا أجدك تقول ليس إلا هم (عليهم السلام) إن كنت طالب الحق وسالما عن العناد وتنكب الرشاد، و [قد] كتبت رسالة مستقلة عجيبة في تفسير الآية. السابعة: قول الله تعالى في المباهلة وقصتها مشهورة وقال: * (ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) * (1). اتفق الكل على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما خرج بفاطمة (عليها السلام) والحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) وعلي (عليه السلام) خاصة، وأنه قال: هؤلاء أهل بيتي فيختص بهم (عليهم السلام)، والكل على أن المراد بالأبناء في الآية الحسن والحسين (عليهما السلام)، وبالنساء فاطمة، وبالأنفس علي (عليه السلام)، ولا نزاع فيه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنت نفسي التي بين جنبي " وهذا لشدة الاتصال والقرب والمشابهة، ولما سبق من بعض الأحاديث السابقة، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا من علي
(1) آل عمران: 61. 106 وعلي مني " (1) وقال تعالى: * (ذرية بعضها من بعض) * (2) ولا يتم الطرد والعكس إلا بكون طينتهم واحدة، ولم يشاركهم أحد في حقيقتها، نعم مشاركة نوعية في ظهورهم، فهي (أمنية) خاصة أقربية، وهو من بابهم والبدلية ومن الأبواب الظاهرة، ولكن على سبيل الفرعية كظهور الاستنارة في محالها من المستنير. قال الله تعالى: * (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي) * (3) الآية والتبعية تنقسم إلى ذاتية وبدلية، وإلى عرضية [و] مشابهية، ولكل مقام مميز بينهما واعرفه، ونحو هذا كثير في الكتاب والسنة، ومعلوم أن من يكون كذلك هو الأحق بالخلافة العامة والنيابة بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل، فإنه نفسه. وننقل الكلام بعده إلى الأقرب، ويدل على ذلك حديث أنه باب المدينة كما سبق (4)، وقال تعالى في شأن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): * (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) * (5) فبعدا وسحقا لمن رغب بها عن نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو علي مطابق آية المباهلة، وقال تعالى في شأن عيسى (عليه السلام): * (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) * (6) وهو علي (عليه السلام) فلا يعرفه عيسى إلا بوجه، وإضافتها له تعالى تعظيما وتشريفا وتنويها كما قال نبيي وروحي و [وليي] وهو ولي عز لا ولي ذل، قال تعالى: * (ولم يكن له ولي من الذل) (7)، وقال تعالى: * (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل) * (8) الآية
(1) راجع ص. (2) آل عمران: 34. (3) آل عمران: 68. (4) راجع الملحق رقم (1). (5) التوبة: 120. (6) المائدة: 116. (7) الإسراء: 111. (8) المائدة: 105. 107 فأوجب ملازمته (عليه السلام) وترك غيره، وأنه ضلال، وهو باب الهدى وستأتي زيادة، ولا يترك ظاهر الآفاق للقرآن بطون ووجوه، وكلها حقه، فعلي نسبته منه (صلى الله عليه وآله وسلم) والعالم نسبة النفس من الجسد، فهل يمكن [عدم] بقاءه ونفعها والانتفاع بها (1)، والنفس الآمرة بالسوء هي ضدها ومنتهى الضلال. ولقد جمع علي (عليه السلام) هذه الخاصة التي أنزل فيها قرآنا ونوه به بما لا ينكره أحد إلا المكذب له والراد عليه عدة خصال ومزايا لا تحصيها الخلق، بل بعضها ويحصيها الله تعالى الذي حاط بكل شئ، ولا تستعظم هذه وتستبعده ولولا الاختصار لأشرت إلى مجمل من ذلك هنا، ولكن هذا إشارة إلى مجمله، وتفصيله أكثره في مجلدات. ولنذكر لك بعضا من ذكر القصة وخروجه بعلي وفاطمة والحسنين وأنه لم ينتقص لئلا يكون إحالة على غائب فقد يعاند بعض ويكذب. فنقول (2): ذكر ذلك مسلم في صحيحه بطرق، والحميدي في الجمع بين الصحيحين، وجامع الأصول لابن الأثير، وفي المشكاة وتفسير الثعلبي عن مقاتل والكلبي، وفيه إن أسقف نجران قال: يا معاشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، وفي تفسير الرازي مثله. وروى في مناقب الخوارزمي (والأخرى) وفي كتاب توضيح الدلائل
(1) المراد من التشبيه هو لغوية حصول النفع المخصوص من النفس مع عدم الجسد وكذا العكس، فكذا حاجة العالم لعلي (عليه السلام). (2) لاحظ الملحق رقم (11). 108 ومطالب السؤل لابن طلحة الشافعي، وفي الصواعق، وفي الفصول المهمة في سبب نزول الآية، ورواه أبو داود والحاكم في مستدركه، والكامل لابن الأثير ومصابيح البغوي، إلى سائر كتب أحاديثهم وتفاسيرهم وسيرهم ما يطول نقله. ثم نرجع ونقول: إذا كان علي نفس محمد ورووا عنه: " أنت نفسي التي بين جنبي " وليس المراد حقيقة مطلقا لامتناعها بديهية، فيراعى الأقرب فهو الأقرب إليه من جميع من سواه، فهو كذلك. فهو بابه، وتفصيله علمه ودينه وخزانته، ولذا كان معه غيبا وشهادة ولم يفارقه حتى واراه في القبر، وذريته منه وتكون نسبته منه نسبة الكرسي من العرش والتفصيل من الإجمال، والإرادة من المشيئة، والباء من الألف، والنفس من العقل إلى غير ذلك، وكذا نسبة الثاني من الأول لكن على التضاد في قبضة السماء. وبهذا ظهر تفاصيل دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والاختلاف والتمييز والجهاد وغيرها بعلي، وكان أعظم آيات محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومحمد صاحب الحوض وعلي ساقيه، ومحمد صاحب اللواء وعلي حامله، ومالك مفاتيح الجنان والنيران ويدفعها لعلي، وهو القاسم بينهما، والقائد والذائد، ومحمد أبو القاسم، والمميز بين الخلق، وبه التمييز، وهو علي إلى غير ذلك مما يطول نقل إجماله. فقل لي: هل يستحق أحد الخلافة غير علي (عليه السلام) بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ إنه لمن المحال بل لا يمكن أن يكون في الكون غيره، ولو فرض لا يكون فيه غير، بل ليس إلا هو ثم بدله، وحكمهم واحد، فهم باب واحد ينفصل إلى أبواب ثلاثة عشر، وجميع من سواهم من شعاعهم. ولنقطع جري القلم، والمعاند لا يرجع ولو تأتيه بجميع الآيات، وستأتي زيادة في ذلك إن شاء الله تعالى. ولا خفاء في أن المراد بأبنائنا الحسن والحسين نصا وإجماعا، ونسبهما
109 إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) دليل ظاهر على أنهما من صلبه وهو كذلك، وإن انتسبا إليه من البنت فالنطفتان لهما دخل في [خلق] (1) نطفة الولد قال الله تعالى: * (من نطفة أمشاج) * (2) أي [مختلطة]: مني الرجل بمني المرأة، * (يخرج من بين الصلب والترائب) * (3). ونطفة الأب كالمادة والأم كالصورة قال الله تعالى: * (يصوركم في الأرحام كيف يشاء) * (4) ولهذا دخل عيسى (عليه السلام) في ذرية نوح وإبراهيم من جهة الأم، ولغيرها من الآيات والروايات في مقام المحاجة مع العامة وإلزامهم به، ومعلوم أنه ليس المراد [الأبناء] (5) المجازية، وإلا لم يكن محل بحث ونزاع، بل الحقيقة. والحاصل أن دخولهما (عليهما السلام) في صلب محمد، وخروجهما من صلبه مما لا شك فيه، ولا شبهة تعتريه، ولا يمكن كونه محل نزاع، إلا من مجتر معاند، وطينتهم واحدة، وذرية الرسول من صلب علي (عليه السلام)، ولا ينافي ذلك بيت الشعر المشهور الذي حول العرب يدور: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الأباعد (6) فلا عبرة به، وهو من جهل الأعراب أو مؤول على القريب، والظاهر أن الإمامية لا يختلفون في ذلك، وإن كان لهم اختلاف في أن ولد البنت أولاد الصلب
(1) في النسخة: " المخلق ". (2) الإنسان: 2. (3) الطارق: 7. (4) آل عمران: 6. (5) في النسخة: " أبناء ". (6) هذا البيت ينسب إلى الفرزدق وهو في الديوان، ص 217، وفي خزانة الأدب للبغدادي: 1 / 213. 110 حقيقة لأبيها أم مجازا، والظاهر من مرادهم بحسب العرف الاستعمالي، وما يلاحظ في دعواهم لآبائهم، فجعل دعوة الابن ودعاءه باسم الأم، وفيه أيضا سر جميل، وعليه الرواية المروية عن الصادق (عليه السلام) في منعه الخمس واعطائه الزكاة، واستدل بالآية. وكذا ما في الينبوع ومناقب ابن شهرآشوب، عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن لي خصالا شاركتني بها يا علي ولك مثلها، ولك خصال لم أشاركك بها، لك زوجة وليس لي مثلها، ولك صهر وليس لي مثله، ولك ابنان وليس لي ابنان مثلهما " (1)، فنفى بنوتهما (عليهما السلام)، عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بحسب الظاهر، وما ينسبون إليه بحسب الصلب، فيصح السلب بهذا القيد، ولا يمكن بحسب الأول ولا تنافي لاختلاف الموضوع، وليس هنا موضع البحث في هذه المسألة. واتفق الكل والنص أيضا على إرادة فاطمة من النساء، وعبر بالجمع عنها، وهو يدل على تفضيلها على جميع النساء، ورووا سيدة نساء العالمين، وأين مريم وغيرها من هذه المرتبة والتطهير، فهي الليلة المباركة، وأم الأئمة، ولم يكن لها كفؤ إلا علي (عليه السلام)، وردت الأصحاب دونه (عليه السلام) كما رووه في كتبهم (2)، وغير ذلك من الأدلة لا تحصى، بل نقول [هي] أفضل الخلق طرا غير أبيها وبعلها والأحد عشر المعصومين، ورواياتهم كثيرة مصرحة به كرواية أخذ العهد والاختبار وغيرها، ثم لا تعجب من هذا ولكن أعجب من ضلالهم! يقول بعض العامة: إن عائشة أفضل من فاطمة أو الأولين، إنه لمن الأكاذيب
(1) المناقب لابن شهرآشوب: ج 3 ص 262 باختلاف يسير. (2) في قصة خطبة بعض الصحابة لها (عليها السلام)، راجع: مناقب الخوارزمي: ص 243، 247، تذكرة الخواص: ص 306. 111 الظاهرة بتواتر الكتاب، وأحاديثهم (1) وأعلام الوجود ونقل سيرة كل [تكذب] ذلك وتبين أن قائله يكشف عن أمر في نفسه، ولولا الخروج عن المقصود لذكرت جملة من ذلك هنا، وإن احتاج إلى مجلدات مفردة، وفيما سبق ويأتي إشارات لذلك بل دليل صريح للفطن، فتدبر واسترشد إن كنت طالب رشد غير معاند ولا وجداني، تقول: أقول بهذا ولا أسمع غيره مطلقا. الثامنة: قال الله تعالى: * (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) * (2) فعين وبين أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) منذر بشريعة، ومقامه مقام إجمال وإن لكل قوم هاد، فلا يكون القرآن لتعدده، وخفاء أكثر الأحكام منه علينا، وتأويل كل له، فهو صامت يحتاج إلى ناطق، وهو المبين المعبر عنه، وعرفت من آية المباهلة أنه علي (عليه السلام) نفسه، وسبق باب المدينة، وغير ذلك مما يدل على أنه الأقرب له، وتفاصيل دينه وظهوره به، وهو مقام الهداية والاهتداء، فيجب كونه (عليه السلام) الهادي بعده. وهكذا بالبدلية مثله الأقرب، فكأنه قال: علي بعده الهادي، وهكذا إلى آخرهم (عليهم السلام)، وذكرهم بلفظ الهداية الواجب استمرارها إشارة إلى العلة الموجبة لها، وعدم إمكان الاستغناء عنها، والإشارة إلى مجمل صفاتها، وأن محل هداية الخلق طرا توجب الكون له الواسطة العامة والأقربية، وتنزيهه عن نقائص أمته وغير ذلك، فقد تضمنت هذه اللفظة الإشارة إليه [أنه] الغاية والعلة وما هو عليه، وهكذا كلام الله تعالى.
(1) أحاديث تفضيل فاطمة على كل النساء ومنهن عائشة راجع فيها: تذكرة الخواص: ص 309، والجامع الصحيح للترمذي: 5 / 701 رقم 3874 قريبة من هذا المعنى. (2) الرعد: 7. 112 وورد (1) تفسيرها عندهم بعلي (عليه السلام) وأنه لا يجوز على الصراط إلا [من] عنده براءة من علي (عليه السلام)، والأحاديث السالفة تتضمن هذه فراجعها بتأمل، والعقل إنما يبين ويهدي بالنفس وسمعت قول الله تعالى فيه: * (وأنفسنا وأنفسكم) * (2) وهو نفس محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو كناية عما عرفنا، وقال: " أنت نفسي " (3) الخ. فتأمل في قوله تعالى: * (ويحذركم الله نفسه) * (4) أي مخالفة علي بوجه وفيه من التوعيد على من خالفه ما لا يخفى على عاقل، وشابهها كل ما كان مثلها، ونسبتها لنفسه تعظيما لها وتنويها وتشريفا ونحوها كثير، ويصح إرادتها أيضا من قوله تعالى: * (واصطنعتك لنفسي) * (5) فهم مقدماته (6) ومن أخذ عليهم العهد بالإقرار به ونصرته، وسينصرونه في الرجعة عجل الله فرجهم، وهو أحد الوجوه في الحديث المتفق عليه عند الكل عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " من عرف نفسه فقد عرف ربه " (7) لأن الهادي بمعنى [إراءة] (8) الطريق له، والإيصال المطلوب يتوقف عليه الكل فتدخل المعرفة فهي به، ومنه التعريف ومعرفته شرطه لها أيضا كالتوحيد والرسالة، فصح الحديث بغير منافاة لباقي معانيه، وكلها حقه.
(1) راجع: شواهد التنزيل للحسكاني: 1 / 381 - 395، الرياض النضرة: 2 / 177. (2) آل عمران: 61. (3) لاحظ الملحق رقم (11)، وكذا شواهد التنزيل: 1 / 381. (4) آل عمران: 28. (5) طه: 41. (6) أي أن نبوة الأنبياء السابقين مقدمة معدة لمقامه بمقتضى آية العهد والميثاق والروايات الواردة في تفسيرها. (7) شرح مائة كلمة قصيرة لابن ميثم: الكلمة السادسة. (8) في النسخة هكذا: " إرادة ". 113 ولكلامه وجوه كالقرآن ولهم من جميعها المخرج، فيصح لك القول بأنه (عليه السلام) بهذا المعنى كما دل عليه الكتاب، وما نقل عن الرسول، وصرح به صافي الاعتبار. ولا شك في استمداد الهادي لشريعة نبي منه (عليه السلام). فقل لي: هل يمكن كون هذه المرتبة التي نص الله عليها ورسوله لغير علي (عليه السلام) حتى يكون هو الخليفة؟ نعم يكون رئيس الضلال، فضد الصفة لضد الموصوف ولا يمكن خلافه، وقال تعالى: * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع) * (1) الآية، والأحقية أحقية وجوب (2) ولا يجوز التقدم والحكم بغير حكم الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعيينه، كما هو الواجب على كل من أقر وزعم تبعيته كما حكم به محكم الكتاب والسنة والاعتبار والإجماع. التاسعة: قال الله تعالى: * (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) * (3) الآية وتشمل الآيات ما يدل عليه وعلى صفاته الذاتية والفعلية، وعموم لطفه ورحمته بخلقه، وحجته ودليلها، وترى الإنسان لا يستقيم بتدبير بدنه بحسب نفسه، وتنزله وتمدنه إلا بكمال عقله ونفسه، وهو الرئيس له فيما يرجع له، فكيف لم يضيع فردا واحدا ويضيع العالم كله من غير فرد نسبته كذلك زمن التكليف، بحيث لو فسد بطل تكليفه واختل نظامه، كما في الإنسان إنه لمن المحال، وهذا برهان عقلي وكم مثله تضمنه الكتاب والسنة. العاشرة: قال تعالى * (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس
(1) يونس: 35. (2) المراد أن صيغة افعل ليس المراد منها معنى التفضيل حتى يثبت وجود الحق عند غيره أو بعضه، بل المراد أنها من حق الموصوف وغيره لا حق له فيها أصلا. (3) فصلت: 53. 114 اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين) * (1)، وآل محمد داخلون حتما في آل إبراهيم وعينوا في آية التطهير الأعظم (2)، ونحوها كثير في القرآن، فنقول: قد رووا في غير حديث سبق بعضها (3) أن الله أول من اختار محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) لما اطلع إلى الأرض ثم علي في الثانية وهكذا، ولا شك أنه لا يقع اصطفاء الله إلا على الأكمل الأفضل إذ لا جهل فيه ولا مانع له باتفاق كل من أثبت الله، وهذا يوجب كونه الأقرب إليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه الخليفة بعده لاستحالة تحققها في غيره، بل لا يمكن. وفي مناقب الخوارزمي من طرق سبق بعضها أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة: " إن الله اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار أباك فبعثه نبيا ثم اطلع ثانية فاختار بعلك وأوحي لي أن أختاره وصيا " (4). عن الدارقطني مثله، ونحوه كثير منهم، وهو يدل كما سبق على أفضليته على جميع من سواه، فمن زعم خلافه من العامة العمياء فقد افترى زورا، وكذب الله ورسوله، ويدل عليه أيضا ما رووه من جمعات (5) فضائل الأنبياء السابقين. ولنذكر بعض ذلك لضيق المقام عن الاستقصاء والوقت: فعن الواقدي مرفوعا إلى أبي الحميرا قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أراد أن ينظر إلى آدم في
(1) الحج: 75. (2) الأحزاب: 33. (3) المناقب لابن المغازلي، برقم (132) ص 89، تذكرة الخواص: ص 307. (4) مناقب الخوارزمي، ص 63. (5) جمعات: جمع الشئ جماعه ومجموعه أي كل أفراده أو أصول الأفراد، معجم وسيط: ج 1 ص 135. 115 علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) " (1). أقول: وليس [على] الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد (2) وعن البيهقي مسندا أن رسول الله قال: " من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيئته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) " (3). وعن الصحائف وهداية السعداء وجواهر الأخبار عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أحب أن ينظر إلى إسرافيل في هيبته، وإلى ميكائيل في رتبته، وإلى جبرئيل في جلالته، وإلى آدم في علمه، وإلى نوح في خشيته، وإلى إبراهيم في خلته، وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى موسى في مناجاته، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى يونس في ورعه، وإلى عيسى في سنته، وإلى محمد في حسبه وخلقه، فلينظر لعلي بن أبي طالب، فإن فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء جمعها الله فيه، ولم تجتمع لأحد غيره " (4). وفي شرح ابن أبي الحديد على النهج نقلا عن مسند أحمد والبيهقي مرفوعا
(1) الرواية ذكرها الخوارزمي في مقتل الحسين (عليه السلام): ص 44 وهي عن أبي راشد عن أبي الحمراء، وذكرها ابن المغازلي في مناقبه: رقم 256 ص 212. (2) ينسب هذا البيت لأمير المؤمنين وسيد الموحدين علي بن أبي طالب (عليه السلام). (3) نقله عن ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عن تاريخه: 2 / 280 ط. بيروت عن سنن البيهقي. (4) الظاهر أن هذه الرواية ملفقة من عدة روايات، ومصادرها المذكورة غير متوفرة عندنا لنتأكد من ذلك. 116 عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه، وإلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى علي بن أبي طالب " (1). وفي كتاب الذهب [ظ: الذائب] للسيد أحمد والبيهقي وذكر مثله ومضمونها كثير عندهم، وما اشتملت عليه لا يسع بيانه. إلا أنها صريحة ظاهرا في أفضليته وجمعه لفضائلهم، وإن لم يسم رسولا بسبب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو وصيه، وكذا ما دل على توسل آدم به وآله، وقبول توبته بهم، كما في مناقب الخوارزمي والبخاري وابن المغازلي والدارقطني وغيرهم مما يطول عدده (2). ثم نرجع ونقول: * (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) * (3) ظاهر لا مرية فيه، ثم ترجع مع العامة إلى التعيين، فمن الملائكة جبرئيل وإسرافيل ونحوهم ممن جعلهم رسلا في وحي وغيره مما يريد أن يفعل بأهل الأرض، ولا شك في أنه بواسطة الرسل الذين من الناس لاستحالة نزولهم إلى غيرهم، ولا يجوز أن يكونوا غير من طهرهم الله واختصهم وجعلهم خاصته، وخاصة رسله، وجعل فيهم الحكم ومزايا العلم وغيره مما يتفرع منه، وأيدهم بالمعاجز كما سبق ويأتي، وإلا لزم الخلل في أفعاله وعدم انتظام الوجود فينتفي علمه وحكمته فيبطل هو، فلا يكون إلا محمدا وآله، وهو ما نقول، وإن كان الناس حسدوهم عليه، قال الله تعالى: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل
(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: 2 / 449. (2) مناقب ابن المغازلي: ص 63 رقم 89. (3) النجم: 75. 117 إبراهيم الكتاب والحكم وآتيناهم ملكا عظيما) * (1). وما في الآية وتفريعها يدل على أن حسدهم على النبوة والحكم، وليس إلا في محمد وآله (عليهم السلام)، فتكون هذه الآية أيضا نصا في خلافتهم وولايتهم العامة، ونصبهم خلاف ذلك افتراء على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وردا عليه وعلى رسوله، ثم تنبه إلى أن الاصطفاء وكذا الاختيار الآتي لا يدل على تساويهم مع غيرهم في الكون، وهم (عليهم السلام) أفضل وأسبق، وسبق تصريح بعض [رواياتهم] به، والمراد بالاصطفاء مطلق الاختيار والاشتراك بحسب الإمكان ورتبة المشيئة العامة، فلا تنافي بين الأحاديث، وهذه [آية] التطهير السابقة الدالة على سبق [رتبة] كونهم فتدبر. الحادية عشرة: قال الله تعالى * (وكونوا مع الصادقين) * (2) فأمر الله بالكون معهم، وهو للوجوب، وليس المراد إلا اتباعهم والتأسي بهم، ولا ناسخ لهذه الآية بل حكمها مستمر، فنرجع مع العامة إلى تعيينهم، والمتصف بهذه الصفة وهو الصدق أي المطابقة للواقع، فما خالفه ليس بصدق، وإن لم يكن عن عمد، بل وحتى ما وقع سهوا وغلطا يصدق عليه أنه غير مطابق للواقع، وإن لم يلزم فيه الإثم. فوجب كونهم منزهين حتى عن السهو والغلط، وهو المناسب لعموم أمره كلا بالكون معهم مطلقا الدال على العموم، وإلا شاركوهم في بعض نقائصهم، ونقول: هل هم محمد وآله (عليهم السلام). ويجب استمرار شخص منهم مدة وجود القرآن
(1) النساء: 54. (2) التوبة: 119. 118 والتكليف، أو الأول والثاني نظراؤهم؟ لا أجد نفسك تقول بالثاني إلا أن تعاند والحجة عليك حينئذ ظاهرة، فتترك افتراءك. ومعلوم أن المراد بهم الأشخاص لا الإجماع كما زعم إمامهم الرازي (1) على أنه بمعناه عندهم مستحيل، ولا يتصور عصم الأمة بغير معصوم، ووجود الصفة توجب وجود معصوم، وأكثرهم على أن الإجماع منقطع بعد زمن الصحابة، على أنه نادر في الأحكام فكيف يتحقق الكون معه، وأي معنى لم يصححه، ولا فرق في التعيين بين ذكر الشخص باسمه أو صفته، فهي من أحسن أسمائه المعينة أيضا وفيه زيادة إيضاح وبيان شرف له كما هو ظاهر كما سبق، فتأمل واهتد ودعهم وما يفترون. الثانية عشرة: قال الله تعالى: * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) * (2) * (إني جاعل في الأرض خليفة) * (3) الآيات، فجعل الاختيار في أمره إليه ولا شركة لهم فيه. وروى الحافظ الشيرازي في تاريخه المستخرج من التفاسير الاثني عشر بإسناده إلى أنس بن مالك قال: سألت رسول الله عن معنى قوله تعالى: * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) * قال: " إن الله خلق آدم من طين كيف شاء، وإن الله اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا، فجعلني الرسول وجعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال: * (ما كان لهم الخيرة) * وما جعلت العباد أن يختاروا، ولكن أختار من أشاء، فأنا وأهل بيتي صفوة الله وخيرته من
(1) راجع: التفسير الكبير للفخر الرازي، م 8 ج 16 ص 221 ط. دار إحياء التراث العربي. (2) القصص: 68. (3) البقرة: 83. 119 خلقه، ثم قال: * (سبحان الله وتعالى عما يشركون) * يعني تنزيه الله عما يشرك به كفار مكة، ثم قال: * (وربك) * يا محمد * (يعلم ما تكن صدورهم) * (1) من بعض المنافقين لك ولأهل بيتك " (2). أقول: بل صريح الآية أن نصب غير ما اختاره الله شرك بكل معنى وبسطه لا يناسب هنا، وكذا الخلافة في الأرض، ورد على الملائكة واختبرهم بما يوجب جهلهم، وبطلان اختيارهم، فكيف الأجلاف والمنافقين؟ وسيأتي الكلام على الآية الثانية منفردا (3). فنقول: هل يصح أن يختار الله غير من سبق؟ بل نقول: لا يمكن غيره لما سبق ويأتي، لا اختيار للعامة و [أما] منصوبهم فليس هو خليفة من الله ورسوله، ولا لله خلافة شرك وهم كذلك، وبين أنه المعطي الأسماء في الآية الثانية، وأين التيمي والعدوي وأضل بهم من هذه الرتبة والعطية، بل ما ادعيت فيهم والأدلة المبطلة لجريان الاختيار متواترة لا يناسب ذكرها، بل لا اختيار للمكلف في حكم مطلقا بل هو إلى الله بينه على لسان رسوله. الثالثة عشرة: قال الله تعالى: * (وما كنا عن الخلق غافلين) * (4) * (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) * (5) ونحوها، ومعلوم لزوم ذلك عليه تعالى لو قبض نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه ولم يقم خليفة بدله يسد مسده، بل تركهم واختيارهم وفوض إليهم
(1) القصص: 69. (2) بحار الأنوار: 36 / 167 حديث 152 باب 39 ط. بيروت. (3) سيأتي في ص 129. (4) المؤمنون: 68. (5) القيامة: 36. 120 تكاليفهم، فإنه نوع إهمال ويلزمه الرضا بجميع ما يفعلونه، وهو يبطل التكليف بربوبيته فتدبر. الرابعة عشرة: قوله تعالى: * (ولو أنهم ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * (1). وبيان الاستدلال: أن الله أمرني [با] الرجوع فيما يقع فيه التشاجر والاختلاف إما نقلا أو عقلا [لهم]، وهو أكثر من [أن يحصى] (2) إن لم نقل بعمومه فإنه واقع في الأصول وفي الفروع، ومجمل الاتفاق في بعض الكليات غير نافع ودافع، وفيها الأدلة منهم طافحة، ولا يصح أمره تعالى بالرد إليهم في ذلك، وهو كأحدهم [ظ: بل] بكثير عليهم في كل ما يحتاجون إليه لعدم كونه أهلا للرد بأن يكون بهذه الصفة، وغيره عاص قد حذر الله عنه وعن الركون إليه، وليس كذلك إلا محمد وآله (عليهم السلام)، فبالرد لهم يعرفه الذي يستنبطه منهم (عليهم السلام)، سواء فيه زمن الظهور والغيبة كهذا الزمن، وهو (عليه السلام) مبتدئهم وسيأتيك في الخاتمة. الخامسة عشرة: قال الله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر) * (3) لا جابر كونه الأمة وإلا فات الأمر، وعدم مصدوقه، ولا أمراء الجور السلاطين، بل حذر الله عنهم وعن سبيلهم، وعن الركون إليهم، وتوعد عليه، وينافيه إطلاق الطاعة في الآية الراجع للعموم هنا، وجعل الطاعة لله والرسول وأولي الأمر واحدة تدل على العصمة والافتقار إليهم، كما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وغير ذلك وجدت في بعض الآية لأنها طاعة الرسول فتعين كونهم نفسه، والموصوفون
(1) النساء: 83. (2) لعل هنا سقطا فأضفنا الكلمة لاستقامة العبارة. (3) النساء: 59. 121 بما سبق، وتتميم البيان ظاهر كما سبق للفطن. السادسة عشرة: قال الله تعالى: * (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) * (1) فجعل هدايتهم بأمره كما قال: * (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) * (2) في الأفعال والأقوال وعن وحي لقوله: * (وأوحينا إليهم) * في جميع أفعالهم، فهم طبق أمره ورضاه لا يخرجون عنه طرفة عين أبدا في حركة وسكون. وقال تعالى في أضدادهم: * (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) * (3) فهم لا عن أمره ورضاه، بل مخلون واختيارهم، ومرادون عرضا ويدعون إلى النار، وحالهم دنيا وآخرة كما ذكر. فقل لي: من الموصوفون بالصفات الأول والقائم بها، هل هو محمد وآله المعصومون أو الأولون وباقي الأمويين والعباسيين؟ ومن الموصوف بالثانية القائم بها القسم الثاني أو الأول؟ لا أجدك تقول إلا ما عليه الإجماع والنقل والكتاب والوجدان من أنه ليس الموصوف بالأول إلا محمد وآله، والباقي لأضدادهم، ولا يمكن خلافه من العكس، أو كون الكل كذلك على هدى أو ضلال فتدبر! وإن اكتفينا بالإشارة فيه وفي غيره بسبب الوقت وطلبة السائل وكثرة الشواغل وأزيدك وضوحا وأقول: قد عرفتهم بأسمائهم من طرقهم إجمالا كما في الصحاح وغيرها من كتبهم،
(1) الأنبياء: 73. (2) الأنبياء: 27. (3) القصص: 41 - 42. 122 بقولهم: " الأئمة من قريش اثنا عشر " أو " ما زال الدين قائما أو عزيزا ما وليهم اثنا عشر من قريش " (1) ونحوه مما تكرر في كتبهم ولا يصح قوة الدين وقوامه لغيرهم كما يدل عليه سيرتهم، وما حكى عنهم ثابت عند الكل لا يضر أئمتنا عدم خروجهم بالسيف دائما، وإلا ضر بالنبوة، ولا يكفي القرآن وهو صامت، وقرينه وعترته لن يفترقا، وهما اللذان خلفهما في أمته كما سبق فاكتف به. السابعة عشرة: قال الله تعالى: * (سنة الله التي قد خلت في عباده) * (2)، وقال تعالى: * (ولن تجد لسنة الله تبديلا) * (3) أو تحويلا (4) فأخبر أن لله تعالى سنة من قبل لا تتغير، ولا فيها النسخ، وهو ما يرجع حكمه إلى الأصول، [و] لدلالة منصبها عليه، وشدة الافتقار إليها كالنبوة، بل تضيع وتفسد لولاها كما سبق ويأتي، ولقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا " (5) كما رووه ونحوها القريبين من الفروع، والإمامة من الأصول، " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " (6). ومعلوم من السير والكتب السابقة أنه لم يمت نبي إلا استخلف بعده من أمته ما يكفيهم بدله مثله، وإلا وجب بقاؤه ولم يتركهم هملا واختيارهم، فكيف أكملهم وأفضلهم وأقربهم إليه تعالى؟ وكيف يتركهم حيارى ولم يقتف؟؟ سنة الله في أنبيائه
(1) لاحظ الملحق رقم (3). (2) غافر: 85. (3) الأحزاب: 62. (4) فاطر: 43. (5) راجع الملحق رقم (2). (6) مسند الإمام أحمد: ج 2 ص 83، 154 و ج 3 ص 446، وفيه: " من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ". 123 وما كان يدعى من الرسل؟ فلا تتوقف في رد أهل السقيفة للنص وتبع الحسد والبغض الكامن، ودفعهم له عن مرتبته، أو تقول إن الرسول ليس بكامل وناقص، ويرجع إلى جانب الله، وترد متواتر النص والقرآن والعقل، فاختر لنفسك ما يحلو، وأما جلوس علي وسكوته عنهم وقتا، فلعلل وأسباب كثيرة وجرى نحوه من الأنبياء والرسل، والدفع مشترك، بل هو فيه (عليه السلام) أحق وأولى، ولوجوه كثيرة عقلا ونقلا، وعندنا وعندهم لا يسع المقام ذكرها فلا تدل على رضاه بما وقع، كما لا يدل فعل الشيطان مع قدرة الله عليه على رضاه بفعله، فإن قالوا اكتفى بالبيان وأخر لعلل فكذا هنا فتدبر! الثامنة عشرة: الهاء [رتبتها] الخامسة من الحروف، وهي مقام الشيعة بعد التمام، وأصلها أعلا، وإذا استبقت ظهر هو، وهو الحجاب، وإذا نزلتها في الرتبة الأولى وهي العشرات حصل مائة وعشرة طبق اسم علي. فجمع للإشارة (1) إلى العلي العظيم، وورد أنه الاسم الأعظم، وقال الله تعالى: * (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) * (2) فاسمه بطريق الهاء كما أشرنا إليه، وهي تسع هنا لفظا، وعلي المراد به العلم فهو المعني في الأصل وفي الفاتحة أيضا، وهي المسماة بأم الكتاب لأنه أصله وسبق بيانه، فهل يمكن أن يكون الخليفة غيره؟ إنه لمن المحال. وفي الهاء سر آخر، وهو أن بتكريرها أربعا لإظهار سر التربيع الذي قام به كل شئ يحصل عشرون هي مطابق الكاف في " كن " وبتكريرها مرتان ينطق بالياء عشرة وتضربها فيها، يحصل خمسون مطابق النون في كن، مطابق المشيئة
(1) في النسخة هكذا: " إلى الإشارة ". (2) الزخرف: 4. 124 التي قام بها كل شئ وبها وجد، وإذا جمعت زبر " كن " حصلت العين أول اسم علي، ويشير لباقيه، وبإضافة الكاف عليها يحصل المطابق صاد، وجمعت في قوله تعالى: * (كهيعص) * ولا تستخف بأسرارهم وخواصهم، وإن خفي عليك إدراك واحد فبغيره كفاية وزيادة. التاسعة عشرة: قال الله تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (1)، وإنما للحصر الحقيقي باتفاق أهل البيان والعلماء، وبه نزل الكتاب والسنة، والاستعمال وإن استعمل لغيره فلقرينة وهي مفقودة هنا، بل هي أقوى أدوات الحصر إجماعا، فهي الآن كلمة واحدة تتضمن إثباتا ونفيا، وهما كانا قبل التركيب من " إن " و " ما " والحصر في قوله تعالى: * (إنما أنت منذر من يخشاها) * (2) في الإنذار النافع بالنسبة إلى القابل لا المعاند فلا منافاة، ونحوه: * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) * (3) الآية ولا منافاة، ولا رد بها، على أنه لا يبطل الحقيقة لقرينة ولو خارجة، وإلا بطلت جميع الحقائق ولا قائل به. وأما كون الآية نزلت في علي خاصة فلا تختلف فيه الإمامية، والعامة لهم خلاف فيه وأقوال شاذة عندهم بنزولها في غيره عموما أو خصوصا، لكن أكثرهم على ما نقول، وبه تتم الحجة لنا عليهم والبرهان، ولا عبرة [لغيرة] من طريقهم، كيف؟ وهو شاذ عندهم، وينافي جعل ولاية الله ورسوله للمؤمنين، والتشريك بينهم بالواو، فلا يمكن كونها بالأول، أو بعبد الله بن سلام، أو في قضية عبد الله بن
(1) المائدة: 55. (2) الأنفال: 2. (3) النازعات: 45. 125 أبي، أو أنها عامة للمؤمنين من الصحابة خاصة، فإنه يبطل الآية ويفسدها، فإنها ولاية الله العامة من كل وجه، والولاية المطلقة. فدع هذه الأباطيل واستمع نقلنا جملة منهم ممن صرح بنزولها في علي (عليه السلام) من الصحابة والتابعين والمفسرين (1) ف [قد] حكاه السيوطي في تفسيره عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وابن عباس، وأبي رافع، وعمار بن ياسر، وسلمة بن كهيل، وعن السدي، وابن أبي حكيم، ومجاهد، وذكر فيما رواه عن أمير المؤمنين أنه أخرجه أبو الشيخ، وابن مردويه، وابن عساكر، وفيما رواه عن ابن عباس أنه أخرجه عبد الرزاق الخطيب في المتفق عليه، وابن حميد، وابن جرير، وابن مردويه من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وفيما رواه عن أبي رافع أنه أخرجه الطبراني، وابن مردويه، وابن نعيم، وفيما رواه عن أم سلمة أنه أخرجه ابن أبي حاتم، وابن عساكر، وغيرهم، ولم يقدح في أسانيدها إلا واحد (2)، وزاد في رواية ابن مردويه أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال بعد نزولها: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ". ونقله الثعلبي في تفسيره عن السدي، وعتبة ابن أبي حكيم، وغالب بن عبيد الله، وهو المروي عن أبي ذر الغفاري، وهو المنقول عن أبي بكر الرازي في كتاب أحكام القرآن، وعن الواحدي عن محمد بن حسين المغربي، وابن جرير الطبري، والخوارزمي، والماوردي، والقشيري، والقزويني، والنيسابوري، والسمناني، وأبي بكر البيهقي، وسليمان بن أحمد في المعجم الأوسط، وغيرهم،
(1) راجع الملحق رقم (12). (2) لعله يقصد ابن تيمية فإنه الوحيد الذي قدح في أسانيد الحديث، وأما بناء على المفعول فالمقصود أن الأسانيد تامة كلها إلا سندا واحدا قد خدش فيه ولعله. 126 وكذا الحافظ أبو بكر الخطيب، واعترف القوشجي بالاتفاق عليه، إلى غيرهم مما يطول ولا يناسب نقله في هذه الرسالة. والروايات الواردة بتفصيل القصة، وأنها في علي من طرقهم مستفيضة، بل رادة عليها، وهي تكذب القول منهم بنسبتها لغيره (عليه السلام) كما سبق، ففي تفسير الثعلبي (1): ثم أخذ في السند وبعض الحديث عن ابن عباس إلى أن قال: قال أبو ذر الغفاري: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهاتين وإلا صمتا، ورايته بهاتين وإلا عميتا، يقول: علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، أما إني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد فرفع السائل يده إلى السماء فقال اللهم اشهد إني سألت في مسجد رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي (عليه السلام) راكعا فأومى إليه بخنصره اليمنى وكان متختما فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم موسى سألك فقال: * (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري) * (2) فأنزلت عليه قرآنا ناطقا: * (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) * (3) اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي، عليا أشدد به ظهري، قال أبو ذر: فما أتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلمته حتى نزل جبرئيل (عليه السلام)
(1) تفسير الثعلبي، ج 1 ص 74، خرجناه عن شواهد التنزيل: ج 1 ص 288. (2) طه: 25. (3) القصص: 35. 127 من عند الله تعالى فقال: يا محمد اقرأ: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) إلى * (راكعون) * (1). وروى الزرندي مثله (2)، وكذا في تفسير الرازي مثله (3)، إلى غيره في مناقب المغازلي وغيرها وإن اختلفت اختصارا وبسطا، وغير خفي أن الولاية المذكورة فيها جعلت له (عليه السلام)، هي بالرسول ولكن على سبيل البدلية [فتعينت] (4) فيما نريد، ولا ينافيه التعبير بالمؤمنين فهو أصلهم وجمع فضائلهم، فهو الأصل ومثله كثير في الكتاب واللغة والاستعمال، وجوز وقوعها من بنيه المعصومين وهو متفق عليه عندنا، ويشير إليه بعض أحاديثهم. وعلى كل فرض لا اعتراض يلزمنا من ذلك والقصة معينة، وكذا ما ورد وفهمه الأصحاب والخلف فلا [صاغ] لما اعترض به هنا على الآية، فهذا يكذبها، والزكاة تعم الواجبة والمستحبة، ويجوز وجوبها ولا نعلم به، وقوله: * (وهم راكعون) * حال فإعطاؤه حالة الركوع، والقصة المتفق على نقلها مصرحة به، ولا خفاء في مدح الله له به حتى نزل فيه ما سمعت، ومدحته الشعراء منهم ومنا بها وعدوها من فضائله، كالمغازلي، والخوارزمي، وابن طلحة في مطالب السؤال، وابن حنبل وغيرهم، وبما أوضحناه لك ولو بالإشارة يظهر سقوط جميع ما شكك فيه في هذا المقام بعض الناصبية المعاندين، فتدبر وأنصف واتبع الحق.
(1) المائدة: 55. (2) نظم درر السمطين للزرندي: ص 87. (3) تفسير الرازي، ج 4 ص 245 وفي طبعة أخرى 383، مناقب ابن المغازلي: ص 311 رقم 354 - 358. (4) في النسخة: " فتغبت ". 128 العشرون: قال الله تعالى: * (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * (1) وكون محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على بينة لا خلاف فيه، ولا شك وشبهة تعتريه، ومعلوم أن المراد بمن يتلوه أي يقع بعده، ويقوم بالأمر بدله، وليس هو نبي جزما بالضرورة، لأنه الخاتم لها فلا نبي بعده ولا شريعة بعد شريعته، فتعين كونه الخليفة، وهو نص عليه من الله ورسوله تبع لا يخالفه، وقد عينه بصفة معينة له على أكمل وجه وأعلا [ه] وأتمه منهم، وأطلقها فهو معه ومنه في عالم النور والظهور والنسب، وآخر من يفارقه عند الموت والدفن، ولا يفارق كتابه، وليس كذلك أحد من الصحابة غير علي، ويطابقها ما سمعت من الأحاديث السابقة كحديث: " أنت مني وأنا منك "، ولكونه نفسه في آية المباهلة وغيرها ولغير ذلك، فتعين (عليه السلام) للخلافة. ومن قوله [شاهد منه] الذي يتلوه شاهد، والمراد بها الشهادة في الآخرة على أمته (صلى الله عليه وآله وسلم)، [فيما] فعلوه، وفي إيجابها الإحاطة بأفعالهم، والمعاينة لما أقدر الله عليهم، فهو في الدنيا شاهد ومطلع عليهم، ولا ادعيت في غيره، ولا ادعاها غيره كما قال الله تعالى: * (لتكونوا شهداء على الناس) * أي الأئمة، كل إمام في وقته، ويكون شاهدا لهم وقت الحاجة والتبليغ، ويكون الرسول شهيدا عليكم فتفطن. الحادية والعشرون: قال الله تعالى: * (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم
(1) هود: 17. 129 عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني) إلى (تكتمون) (1) الآية، وقد عرف الله بذلك أن خلق الخليفة لا بد أن يسبق في الأرض لأجل التكليف، وعمارتها بخلقه، وإن الغاية خلق الخليفة، ولهذا قال أولا: إني جاعل في الأرض خليفة، وقالت الملائكة ذلك استكشافا أو قصورا لرجوعهم إلى تنبئهم، ولم يطلعوا على حقيقة الأمر، فقال لهم تعالى: * (إني أعلم ما لا تعلمون) * فلا دخل لهم في اختيار الخليفة وليس تفويضه لخلقه، فكيف اختيار أجلاف الأعراب وتيم وعدي، إنه لمن المحال. وعين من هو الأهل والمستحق لها بقوله تعالى: * (وعلم آدم الأسماء كلها) * (2) فهل يمكن لمخلوق أن يطلع على من هو كذلك غير الله، أو يمكن أن يكل تعيينه لخلقه، أو يعين الرسول غيره؟ كلا وحاشا ولا يمكن إلا أنه منهم، ووقع، وهو لعلي وبنيه. والخلافة تشمل حق الإمامة والخلافة بعد كل نبي، ولا يتغير اختيار الله، ويرجع إلى التفويض فإنه عجز وتكليف ما لا يطاق، فإنه لا يمكن ويصح إلا لمن يطلع على السرائر وفطرة الوجود ومن هو أهل الاستحقاق: النبوة وبدلها، وليس إلا الله ورسوله بتعليم الله لا غيره من الخلق طرا، وعرف من تعريف الله وجوده استمرار خليفة له في الأرض من قوله تعالى: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * (3) فالمقتضي من وجوه قائم، وحاجة القائم وافتقاره لها موجود مستمر، بل فيما بعد ابتداء العمارة أشد وأقوى من وجوه، فيجب استمرارها لعدم عجز الله وعموم
(1) البقرة: 30 - 33. (2) البقرة: 31. (3) البقرة: 30. 130 رحمته فتدبر! الثانية والعشرون: قوله تعالى: * (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) * (1)، يوم خلق السماوات والأرض على بطن التأويل والباطن، وللقرآن بطون. ثم اعلم يا أخي أني قد أوضحت لك الدلائل من الآي السابقة وإن اختصرت لما أبديت لك من العذر من وجوه، وفيها وجوه دلالة غير ما أشرت له، ولكن ما أهملت من الآي ولم أذكره - وهي حاضرة - أكثر مما ذكرت بكثير، لأنك قد عرفت أنهم قرين القرآن، وحملته حملا كليا، ومستودع علمه وأسراره، والدلالة على الشئ أعم من أن يكون باسم أو صفة، داخلة أو لازمة أو بمعرفة الضد وصفته، أو بنوع إشارة بطريق الزبر والبينات (2) أو بنحو من أنحاء الجفر (3) وغير ذلك، وهو باب متسع، وكذا ما أشرنا له بجمع جميع آي القرآن، ويدل على إمامته بنحو، وهذا يدل على صدق ما قلنا لك. قيل: إن كل آية تدل عليه وإن قصرنا عن تفصيله، بل نعرف بعضه والدليل الإجمالي والعقلي والنقلي عليه قائم، وسبق بعضه فأنصف! ودلالة الصفة على المقصود تشتمل على الدلالة على المسمى بصفة لازمة، ففيها زيادة تعيين فتدبر! ولا تقل لا يقين فيها وبها.
(1) التوبة: 36. (2) لاحظ الملحق رقم (9). (3) علم الجفر من العلوم الغريبة والتي تعتمد على حسابات رياضية خاصة. 131 الشهاب الثالث في إثبات إمامة الأئمة (عليهم السلام) عقلا ووجوب التمسك بهم
133 وإن كان بعض ما سبق به كفاية في إثبات المقدمة الأولى فضلا عن جميعه. وحينئذ المقدمة الثانية بديهية ويدل عليه وجوه: الأول: لا مرية في لطف الله بخلقه ورحمته لهم مدة التكليف حتى ينفخ في الصور، ولا يجوز الإهمال عليه، ولا يتم ذلك إلا بنصب قيم يبين لهم ما يحتاجون إليه، كيف؟ والحاجة متجددة، و [هم] مفتقرون إليه في أحكام التكوين والتشريع، والله لا يعاين خلقه، وليس جامع وصالح غيرهم، فيجب ثبوتها لهم واستمرار شخص منهم (زمنة) (1) ولا يكفي السواد والبياض لكونه صامتا محتملا وجوها، وكل يؤوله، ولا العلماء بل هم في قصور ومتعلمون، ولا غيرهم سواهم، ووجوبه ولطفيته لا توجب رفع الاختلاف مطلقا، بل ما يتأيد به التكليف وتحصل البراءة، ولا عدم العاصي في الأرض فله شروط ستأتي، وإبليس وجنده وأتباعه من زمن آدم حتى يبلغ الكتاب أجله، و * (لكل أمة أجل) * (2).
(1) أي فترة من الزمان على حسب إرادة الله (2) الأعراف: 34. 135 الثاني: لا خلاف في شدة الحاجة إلى الإمام (عليه السلام)، وعدم الاستغناء عنها في كل زمان، كما هو ظاهر من مقامها، ونسبة الخلق لها كما قال الله تعالى ورسوله وعرفوه، لا كقول العامة إنها كرئيس القافلة، وأمير البلد، ومن أدعيت له، أو ادعاها غيرهم (عليهم السلام) لم يكن لهم حجة، ولم [تستجمع] (1) شروط الولاية التي عنها، وكفى أنها عن اختيار الأمة، فتبطل إمامة غيرهم، فتتعين إمامتهم (عليهم السلام) وهو المطلوب. الثالث: لا شك عند من أدرك محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسمع به أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) نبي كامل رحيم [بأمته] (2) شفيق لا يهمل أمته بعده، مع علمه بتعليم الله بما ينفع بعده، أو يقول إنه رجل كامل عاقل حكيم جامع، ولا أقام شرعا محكما بعقله وتدبيره، وإن لم يقر بنبوته فنقول: هل ينصب فيما بعده بهذا الأمر العظيم نصبا مشتهرا مشهورا أم لا؟ والثاني باطل، وإن لم يكن كما كان ووصف به، ويرجع النقص في جانب الله تعالى، فإنه خاتم الرسل والمبلغ لخلقه ولا نبي بعده وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) (3)، يأمر أمته بالوصية الجزئية في المال الجزئي فضلا عن العظيم، فكيف في هذا الأمر، الأمر الأعظم الذي تركه يبطل نبوته وشريعته، وتتخطفها الشياطين وتمزقها، وما كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر غيره ويفعل خلافه، بل ما هو أقبح بكثير، فوجب أنه لا بد من نصبه قيما جامعا مانعا كاف لما بعث به وندب إليه، قبل من قبل باختياره، وأبى بعض عن عناد وحسد
(1) في النسخة هكذا " نستجمع ". (2) في النسخة " بإمامته ". (3) في النسخة وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو (عليه السلام). 136 وجحود وتبعية. وقد وقع منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك مدة حياته منوعا فعلا وقولا، وبين نقص غيره وقصوره عن هذه المرتبة كذلك، وهذا لا تختلف فيه الإمامية، وأوقفناك على أكثر من مائة حديث من طرقهم في الشهابين الأولين متنوعة الدلالة، وأكثر من أربعين آية متنوعة، وما أهملناه من طرقهم أكثر [مما] ذكرناه وتلوناه عليك بكثير، فقامت الحجة عليهم من كل جهة، ثم ننقل الكلام بالنسبة إلى علي (عليه السلام) وهكذا حتى ينتهي الأمر إلى القائم (عليه السلام)، وسيأتي كلام فيه في الخاتمة إن شاء الله تعالى. الرابع: لا خفاء في أنه قد أشرنا لك (1) في العالم الحرفي من إثبات الإشارة إلى أسمائهم أول البسملة وغيرها، الدال على أن فطرة التكوين كذلك توجب المطابقة بين الكتاب القرآني والحرفي والتكويني، وكذا في الإنسان، والظاهر إمارة الباطن، والقرآن بطونه تهدي إلى الأنام. فيجب في الكون بحسب فطرة الوجود كذلك. وأيضا الظاهر ظهور الباطن ولا مخالفة بينهما، لأن الكل من الواحد تعالى الذي لا تخالف فيه لا بحسب الذات ولا الأفعال، بل الألف بين المتعاديات والمتضادات، ونرى دوران ظاهر العلم السفلي الفلكي وغيره، وتمامه بالاثني عشر، وكماله بالأربعة عشر، فساعات الليل اثنا عشر، وكذا ساعات النهار، والعرش له أربعة أركان، وكل ركن له سماء ومثلث، وقوى الإنسان خمس ظاهرة وخمس باطنة ونفس وعقل، والبروج اثنا عشر، ولما ضرب موسى الحجر بعصاه
(1) راجع ص 91 - 98 ولاحظ الملحق رقم (9). 137 انفجرت اثنتا عشرة عينا، وعدد الشهور عند الله اثنا عشر شهرا، وأوصياء كل نبي اثنا عشر، وكذا ما نقل عن محمد [(صلى الله عليه وآله وسلم)] كما سبق (1)، ومفاصل أصابع اليد الأربعة الإثنا عشر والإبهام منفصلا له اثنان. وكل مخلوق مفتقر إلى خلق ورزق وحياة وممات، والإنسان مركب من جبروت وملكوت وملك، بل لكل أثر وحادث لا يوجد إلا بفعل وانفعال، لإيجاب إيجاده وانوجاده ذلك (2)، ولا بد من ربط بينهما جزما ومناسبة جزما، ومبدء الحرارة من الفعل كما هو المناسب له، ومن الانفعال [البرودة] (3)، ومن النسبة بينهما الرطوبة، فهي كالبرزخ بين الشيئين فتوصف بينهما بحسب النسبة، ومن القبول وحفظه اليبوسة، وهذه الطبائع الأربع أمور محققة الوجود خارجا حتى في أصل الصدور، وإن لم يكن بينهما ترتيب خارج الوجود بل بحسب الرتبة وبحسب الكون دفعة. وهذه الأربع لكل واحد من الثلاثة (4)، والتعدد بحسب الاعتبار، فكانت فطرة أصل الخلق على الاثني عشر، وجرها سرها في العوالم، وإذا جمعت الأربعة مع الثلاثة حصل سبعة وهو العدد الكامل عند أهل الحساب، وإذا كررتها بحسب الغيب والشهادة حصل أربعة عشر، هو عددهم (عليهم السلام)، واثنا عشر هو أول عدد زائد،
(1) لعله إشارة لما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله: " لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش " مسند أحمد بن حنبل: 5 / 89. (2) الانوجاد: انفعال بنحو وجود الشئ عن موجد بلا اختيار للقابل في اتصافه بالوجود. وفي الفلسفة إذا نسبت الحركة إلى القابل فهي مقولة أن ينفعل. (3) في النسخة هكذا " المبرورة ". (4) لعل المقصود بالثلاثة: الجبروت والملكوت والملك. 138 وهو تكرير الستة، وهي أول الأعداد التامة، وهو على ما اتفق عليه أهل الحساب، ما ساوته أجزاؤه العادة والواحد منها (1)، ولا يكون في المرتبة إلا عدد واحد، وأولها الآحاد، وهو فيها ستة، ومن تكريرها غيبا وشهادة تحصل الإثنا عشر، والستة طبق [الأيام الستة] التي خلقت فيها السماوات والأرض والإنسان من النطفة إلى إنشائه خلقا آخر، ورتبة التكليف السابقة التي لا يكون في السماء والأرض إلا بها، كما دلت عليه النصوص المتواترة. ورتب الموجود: مشيئة وإرادة وتقدير وقضاء وإمضاء وأجل وكتاب، والخمسة الأول أركان، والأخيران داخلان في الإمضاء والتقدير، وبها يتم المفعول والمشاء، وضعفها أربعة عشر طبق عددهم المبارك، فهم (عليهم السلام) المثاني في الغيب والشهادة، وإذا استنطقت عدد حروف البسملة [فطا] (2) يخرج ثمانية عشر طبق اسم الحي، وهو الاسم الأعظم كما قال [مع] (3) جماعة وروي. واستنطاقها لفظا بإضافة واحد يخرج مخرج طبق واحد تسعة عشر وبإضافة الواحد لها يخرج اسم " الواسع " و " الودود " ولكن التنزيل إلى مرتبته، وإذا استنطقت كلماتها المفصلة نطقت بالسبع المثاني فيظهر وجه الله الباقي ويده، وتخرج اسم " الوهاب " و " الجواد "، وإذا استنطقت تربيع الكلمة الأولى منها مع ما فيها انفجرت لك العيون الاثنتا عشر، هي أركان الاسم الأعظم الأتم الذي منه تفرعت الأسماء.
(1) بمعنى أنك لو جزأت الستة بحسب العدد (2) لكانت ثلاثة أجزاء متساوية، وبحسب الثلاثة لكانت اثنان متساويان، وبحسب الواحد كذلك. (2) هكذا في النسخة. (3) هكذا في النسخة. 139 وإذا استنطقت حروفها بزبرها وهي أسماؤها وبيناتها وهي سمياتها يخرج: * (يس * والقرآن الحكيم) * (1)، وتقول أيضا أصل الواحد والمخلوق الأول أو أقل الأثر مثلث: بحسب نسبته لفاعله ولنفسه ولمن دونه. ولكل مقامات أربع أي جهات نسب أو طبائع وهي اثنا عشر، وكذا فيه ثلاثة: أثر ومؤثر وجهة تأثير وهو التثليث، ولما لزمه التربيع حصلت السبعة وضعفها عددهم (عليهم السلام) وهي العدد الكامل، وبتنزيلها يحصل سبعون وهي قدر النسبة بين السافل والعالي، فالشمس جزء من سبعين جزءا من الكرسي، وهو كذلك من العرش، وهو كذلك من نور الحجاب، وهو كذلك من نور الستر، وبوجه آخر العلة الفاعلية، وهي ظهور الذات بالفعل يثلث بها الظهور أي ظهور بالفاعل والفعل والمفعول [و] هو الخبر عن كون عدده سبعين، فيكون هو المفعول فيها نسب أربع وجهات، فحدث من الفاعل الحرارة، ومن المفعول البرودة، ومن الفاعل والفعل الرطوبة ومن الفعل والفاعل اليبوسة، فحصل التسبيع فجرى في كل ما جرى منه، وكل ذلك في مرتبة الفعل والحدوث لا الذات تعالى وتقدس. ورتبة العقل رتبة مفعول وتنزيل للسبعة يبلغ سبعين. ونقول بوجه آخر أول ما خلق الله تعالى أشرف الخلق وأكمله وأجمعه جزما لاستحالة تقديم الأخر، فيكون هو الملقى فيه المثال، فظهرت منه الأفعال الدالة فيكون مجردا عن نقايص من دونه، فهو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم الأتم الأكمل، ومعلوم وجوب أن يكون كل جزء أو جزئي من دونه بعض جهاته وشؤونه، فلا يجري على الكل ما يجري عليه فإنه بعض جهات ظهوره فهو منور خالص،
(1) يس: 1 - 2. 140 يجري بالنسبة لمن دونه ويكون منتهى الإمكان وإليه ترجع الممكنات بأمر الله تعالى، ومن باطنه استمداد الزيادة بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو مقام * (وقل رب زدني علما) * (1) * (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه) * (2) لله غايته، وأحواله مما يطول فلنعرض ونقول: يجب كونه كلمة وجودية تامة و " كن " في مقام الأسماء اللفظية تمام الوجود بها، ومعرفة الخالق المعبود جزما، ولا [بد] (3) من تركبه من أربعة أجزاء عرفتها طبق * (بسم الله الرحمن الرحيم) *، وأول البسملة بإضافة الألف المنوية، وطبق سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وتربيع الخلق والعرش والرزق والحياة والممات التي يفتقر لها كل مخلوق، أو قل: اسم " الله " " البديع " " الباعث " " الظاهر ". ولما كان عنصر الوجود وأصله وقوعه اشتمل على الوجود المطلق، وصبح الأزل، وفلك الولاية المطلقة، وغيرها من أسمائه لتعدد جهاته وصفاته، وعالم [الجبروت] (4) والملكوت والملك، عالم الأجسام في الأربعة حروف لذلك الاسم وأجزاء ومجموعها كلمة تامة لا تقديم فيها وتأخر بحسب الظهور الزماني، نعم بالذات والرتبة، فظهر منها ثلاثة والرابع الأول خفي فيها لعدم حاجة الخلق له ظاهرا، فحذف ثلاثة أسماء منه ولكل اسم منها أربعة أركان هي قوام كل أسم: خلق ورزق وحياة وممات، فهذه اثنا عشر ركنا فوجب في عددهم ذلك [طبقا] لفعل
(1) طه: 114. (2) البقرة: 255. (3) أضيفت لتقويم المتن. (4) في النسخة هكذا: " وعالم الجبر ". 141 الوجود، ووجب كون الأول الأقرب، ولا أقرب من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعده أول الاثني عشر علي، وعرفت الدلالة عليه من البسملة والأحاديث وغيرها. ولما كان أصل التكوين وتمامه في ست مراتب التي هي: عقل الكل ونفس الكل وطبيعته وشكله وجسمه، كانت الشرائع كلمته ست طبقات، أولهم آدم (عليه السلام)، ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) آخرهم ووجب الختم بهذه الشريعة لتمامها فهي الرتبة السادسة، ولم يبق إلا الصعود في مراتب الكمال لا إلى نهاية، وهو المناسب لمقام التسديس من خلق الإنسان. ويجب ختم الوصاية بأوصيائه، فظهر لك سر العدد من أصل الوجود وحروفه، أي جهاته، ومن ظاهر العالم ودوره على الملكوت وهو على الجبروت، ومن سر الحروف، ومن الروايات وسنة أنبيائه، ومنه تتعين الأسماء، وظهر الجواب عن السؤال الثاني الذي تضمنه السؤال كما هو ظاهر، ومن تأمل فيما سبق وحقق دراية الآيات والروايات التي ذكرناها، ظهر له السر الأعظم من ظهور أسرارهم في العالم وأنه [فلسر] (1) فضائل الولاية والإنكار ظهر لبعض ذلك، وبعض أقر من حيث لا يشعر، وبعض عاند وكفر بخلقه الثانوي، وهذا كما قال الله تعالى: * (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) * (2) ولا تقل إن هذه وجوه ليست بعلمية، ولا تدل على الفطرة الملكوتية فتستهزئ العلم إذا أسمعته وتهلك به، على أني قد أثبت لك فيها اقتضاء
(1) هكذا في النسخة، والظاهر زيادة الفاء. (2) الأعراف: 179. 142 فطرة الوجود لهم ولعدوهم. ونقول أيضا: فطرة الوجود وإفادته يحتاج إلى مبلغ فيه، وواسطة له، ومفصل ويجب كون المبلغ في التكوين والتشريع واحدا، وهو الأكمل، وما هو الأقوى، والأصل للفرع ولمقتضيات الأصل، فيكون أصلا للشرائع، والخاتمة شريعته. ويجب أن يكون لها مقدمات لاختلاف ظهور ذلك بحسب القابليات والأزمان فيكون جميع الشرائع السابقة مقدمات شريعته قبل ظهوره، وكالشرط لها، فيصح القول بأنهم (عليهم السلام) ناشروا الشرائع حال غيبهم وشهادتهم، ظاهرين أو مستترين، فتأمل ذلك وبسطه يحتاج إلى تطويل، وجرى بخلاف ما يعرف ولذا اكتفينا بالإشارة. الخامس: كل ما يلزم من رفعه [عدم] (1) مفاسد بحسب الذوات والصفات والأحوال لا يجوز رفعه لفساد الوجود، وهو محال وقبيح عليه تعالى، ومعلوم وقوع ذلك مع عدم الإمامة، ولا يجوز على الله ذلك فيجب وجودها واستمرارها. السادس: نقول لا خفاء في كون الوصاية مستمرة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتعيينها له عن الله أكمل وأتم، وكذا جعلها في العالم أتم وأكمل له من عدمها جزما، والقابلية موجودة ولا يعجز الله ولا يجهله شئ، فيجب وقوعها واستمرارها، وليس إلا علي وآله (عليهم السلام)، وهم الموصوفون بصفاتها والقائمون بشروطها، وذلك كما تقوله
(1) الظاهر سهو القلم بزيادة هذه الكلمة وإلا أنتج الاستدلال عكس المطلوب وهو باطل. 143 الإمامية، واتفق الفريقان على نقله، كما دل عليه آية التطهير (1)، والمباهلة (2)، وحديث القرآن (3)، والحق (4) والحكمة (5) وغيرهم مما سبق نقله عنهم، وغيره لا كما تقوله العامة، فإنهم أهملوها ورجعوا إلى اختيارهم، سلبوا شروطها لخلو منصوبهم عنه، أو فتحوا الاجتهاد والرأي ونحوهما من المحدثات المجتثة المبطلة لها وللدين فتدبر. السابع: كلما يثبت الحاجة إلى النبوة، وكذا ما يتممها قائم في الإمامة وما يتممها، لأنه بدلها لعدم استمرارها، وعدم الاستغناء عنها، فيجب قيم ساد كاف بعده، وإلا بطلت وليس كذلك. الثامن: وجوب وجود الإمكان الأثر (6)، ومظهر له في الوجود، مما اتفقت عليه كلمة الحكماء بلا مرية، ودل عليه النص، وقالوا هو واسطة النفود في إخراجها من القوة إلى الفعل، ويكون لطفا لها، فلا بد وأن يكون له مظهر مستمر وليس إلا ما تقوله الإمامية، وسيأتي الكلام على الإمام الثاني عشر في الخاتمة.
(1) إشارة لقوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب....) * آل عمران: 33. (2) إشارة لقوله تعالى: * (فقل تعالوا ندع....) * آل عمران: 61. (3) إشارة لحديث الثقلين المتفق عليه من الفريقين، راجع الملحق رقم (2). (4) إشارة لحديث " علي مع الحق والحق مع علي "، راجع الملحق رقم (5). (5) إشارة لحديث " أنا مدينة الحكمة (العلم) وعلي بابها "، راجع الملحق رقم (1). (6) مراده: أن علة الوجود في الممكن وهي الحاجة ومناطها هو الإمكان فترجع العلة للإمكان، وأثر هذه العلة هو اتصاف الممكن بأحد الوجوديين. 144 التاسع: من جهة وجود مظهر قبضة اليمين وقبضة الشمال، وهو العقل وجنوده وصفاته، والجهل كذلك، وبينهما مزج واشتراك بحسب الوقت والمكان والآلة والبيان والمبين وعقل التمييز والنفس الأمارة، ولكنه من غير غلبة ومحق للحق، بل يجري بقدر، فدل ذلك على وحدة الصانع وعلى برزخ مانع قائم بذلك مستمر بإذن كما قال الله تعالى: * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) * (1) واختصرته استعجالا فتفطن وإلا راجع فيه لأهله. تنوير حجة وإيضاح محجة: قد اتضح لك من طرقهم بلا منازع إلا من معاند، ومن الكتاب، والعقل، وفطرة الوجود، وجوب خلافة علي بعد الرسول، [وهكذا]، وبطلان ما تفردت العامة به مع عدم لزومنا العمل به وتصديقه، كما لا نلزمهم بمنفرداتنا، مع أنه مخالف لما أجمعت جميع الأمة، وهو ما أسمعناك وهو كثير، مع أنه بالنسبة إلى ما لم ننقله قليل من كثير، ومع تسليمها لا تدل على المقصود ولا تعارض بعض ما سبق والاختصار أوجب طيها وعدم بسطها هنا. وبقي إثبات الدليل على أن الشيعة وهم الاثنا عشرية، هم الذين تمسكوا بمحمد وآله وعملوا بدينه، وإن وقعت من بعض فإنه لا ينافي ذلك، ويدل عليه أدلة نذكر بعضا منها صريحة الدلالة على أن مذهب الإمامية هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
(1) البروج: 19 - 20. 145 الأول: من المقطوع به عند الكل أنه لا يعرف مذهب رئيس كل فرقة إلا من أتباعه وبالعكس، فكل يكشف بنسبته عن الآخر، والسنة ظاهرة بلا مرية وإنما يعرف قول كل إمام ورئيس من أتباعه، كالحنفي والحنفية والشافعي والشافعية، وهكذا، والأشاعرة بقول أبي الحسن الأشعري، والمعتزلة بمذهب أبي علي وأبي هاشم وعطاء وواصل. والمناقشة في ذلك مناقشة في البديهي، وكذا المناقشة في انتساب الإمامية إليهم (عليه السلام) حرفا حرفا، بل أكثر من سوانا يقصدنا بالأذية والبلاء والمحن لذلك كما هو ظاهر، ونقل غير واحد منهم انتسابهم إليه كابن خلكان في ترجمة عبد المجيد الملقب بالحافظ (1)، وفي مطالب السؤل لابن طلحة الشافعي، والثعلبي في شرح عقائد [العضدي]، وفي شرح العقائد النسفية للتفتازاني وغيرهم، وعليه الاتفاق الآن من الكل، مع أصالة عدم النقل، وبقاء ما كان عليه النقل خلفا عن سلف، ولصاحب الملل والنحل الشهرستاني وابن حزم وسائر تواريخهم. الثاني: النقل المتواتر خلفا عن سلف إلى الصدر الأول فالشك فيه شك في المتواتر، وقد شك فيه، بل ينكر الضروري لسبق شبهة، أو عادي الجسد، ويلحق الخلف السلف كما ينكر ما سبق من نصوصهم، بل نقله أشد وأكثر من نقل المذاهب الأربعة عن أهلها، فلم تكن أولا متواترة، خصوصا مذهب الحنبلي، بل حدوثها زمن جعفر الصادق (عليه السلام)، واشتهارها سنة نيف وثلاثين وثلاث مائة كما يعرفه من وقف على
(1) وفيات الأعيان لابن خلكان: ج 3 ص 235 رقم 407. 146 السير وتتبعها، فإنه وقت أيام خلافة الفاطميين، وسلاطين آل بويه، وملوك بني حمدان، ولا ريب في كثرة الشيعة، وانتشارهم كثير في ذلك الوقت. وعن السيوطي وغيره أن في تلك السنين علا الرفض في أقاليم المغرب والمشرق والعراق ومصر، وأجهر المؤذنون في مصر ودمشق بحي على خير العمل، ونودي بقطع صلاة التراويح، واستمر الخبر كذلك قريبا من ثلاث مائة سنة. ونقوله: الحنبلية والمالكية إلى يومنا هذا أقل من الشيعة، وحال الحنابلة في أوائل أمرهم أيام الراضي بالله، من خلفاء العباسيين، وما وقع بهم، والنداء في شوارع بغداد لا خفاء فيه (1)، وهكذا يتزايد مذهب الاثني عشرية، ويتكاثر في بلدان سلاطينهم، وبلدان سلاطين العامة كالعراق ومصر والشام وغيرها إلى الآن، وهو عام 1245 ه الخامس والأربعين والمائتين والألف، فلا مرية في تواتر نقله، وعدم التشكيك فيه، ومع هذا فيضاف له ما سبق ويأتي. فإن قيل: لم يبلغ التواتر بحسب مبدئه. قلنا: بل هو أكثر وأشهر بحسب البدءة، وأول انعقاد البيعة من مصافقة الثاني للأول بغير حضور أهل الرأي، بل كانت فلتة كما قال الثاني بنقل رئيسهم في صحيحه، والغزالي وغيرهم من علمائهم (2)، وهي من (فرد) لا عن [شهرة]، ولم يجتمع عليه أهل الحل والعقد، ثم قويت بالقهر والغلبة، وكثير من القائلين بإمامة علي متفرقون، ورجع كثير ممن قال بإمامة الأول أولا، ولا يلزم ألا يكون لعلي معين، [فإنه لم يجتمع له قوة عذر في المدينة يخرج بعد انتشاره منعت
(1) طبقات الحنابلة لابن رجب: 1 / 22. (2) شرح النهج: 2 / 19، كتاب الثقات لابن حبان: 2 / 156 الطبعة الأولى بمصر دار إحياء الكتب، النهاية في غريب الحديث والأثر: 2 / 326. 147 موانع] (1) وله موانع أخر كما لسائر الأنبياء في جلوسهم، وأكثرها منتف عليه، وليس هنا موضع بيانه. وكان في الصدر الأول جماعة يقولون بإمامة العباس وانقرضوا (2)، وجماعة يعتقدون إمامة علي (عليه السلام) كسلمان الفارسي، وأبي ذر، والمقداد، وحذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وسهل بن حنيف، وأبي أيوب الأنصاري، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، والعباس بن عبد المطلب وبنوه، وجماعة من بني هاشم، وسعد بن عبادة وابنه قيس، ومالك بن نويرة وطائفة متفرقة، وأبو سعيد الخدري وغيرهم، وإن بايع بعض بعد تقية وغلبة. الثالث: قد عرفت من طرقهم تواتر النص منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمره باتباع أهل بيته وسنتهم، واتباع آثارهم، وأنهم كسفينة نوح، إلى غيرها من رواياتهم الآمرة، والحاصرة للنجاة فيهم وفي اتباعهم، والهلاك والضلال في تركهم وتجنبهم. فنقول: قد بلغ الرسول ذلك أمته وأعلن به فإما أن تكون الأمة كلا تركوا ذلك ولم يعملوا به وهو محال، ولا يجتمعون كلا على ضلال وكفر والواقع بخلافه، أو يكون الكل عملوا بها وهو محال أيضا، فإنا نجد الفرق يكفر بعضهم بعضا، وهو في العقائد على طرفي النقيض، وكذا في أصول الفقه، وكثير من [الأحكام] الجزئية، بل الأكثر، لما تواتر عنه من اختلاف أمته فرقا والناجي منها واحدة،
(1) العبارة غير متناسقة التركيب ولعل فيها سقطا، وحق العبارة هو: " فإنه لم يجتمع له قوة فقد عذر في المدينة، ولم يخرج إلا بعد انتشاره حيث منعت موانع ". (2) لم نتعرف هذه الجماعة من هي، نعم في بدايات حكم الدولة العباسية ظهرت فرقة الراوندية وهي تقول بأحقية العباس بأرث النبي ومنه الخلافة، راجع مقدمة الكتاب. 148 فاستحال القسمان وتعين التفصيل وهو القسم الثالث. فإما أن يكون التابع والعامل الاثني عشرية والإمامية، أو غيرهم ليس إلا، ولا شك في صدق الأول وتعيينه، ويدل عليه مراجعة كتب الفريقين، فكتب كل مذهب تكشف عن صاحبه ومن ينتسبون إليه بديهة، ولا شك في عصر من ينقلون عنه في الأربعة عشر، بخلاف سائر المذاهب بل ما ينقلون عنهم إلا نزر قليل أقل ما ينقلونه عن سائر الصحابة، ومن راجع صحاحهم الست وغيرها ظهر له صدق ذلك، فأي أحق بالاتباع والنسبة لهم (عليهم السلام)، وأخذهم من باب مدينة العلم، ومن لا يفارق القرآن والحكمة وغيرها من [صدق] ما سبق، بل يدل ذلك صريحا منهم على أنهم بالصدق، (أنهم) لن يرجعوا في دينهم إلى معدن العلم وباب المدينة، ومن لا يفارق القرآن والحكمة وغير ذلك مما أنزل الله فيهم، وأعلا به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا بطلان لمذهبهم بأعظم من هذا وأشهر، بل أخذوه من سائر الصحابة والنساء وغيرهم وتجنبوهم (عليهم السلام). ولا خفاء في [ما] طرحته ظاهرا عن كشفه عن خبث باطني لأنه كان (عدم) النقل عنهم، والأحكام والعقائد دليل التبعية والاقتداء بهم، فضدها دليل عدم التبعية والاقتداء، وهذا من المحال ولا له رد مقال بل ما تضحك منه الثكلى. وأما ظهور نقلنا عنهم في جميع ما يحتاج إليه فهذه كتب أحاديثنا، وخطبهم، والزوائر، وصحف الدعاء، والكلمات الجوامع ملأت البلدان، واشتهرت، ومن العجب البين المنبئ عن سر إلهي أنا نحصر النقل فيهم مع شدة التقية والخوف، وهم من ينقلون عنه أكثر بكثير، وأحاديثهم أقل من أحاديثنا، ولا أدعية لهم ولا خطب ولا كلمات حكمة. إنه لمن العجيب الكاشف عن أمور كامنة في السرائر فليتأمل العاقل! ولو
149 أخذنا في نقل حال من أخذوا منه دينهم من النساء والرجال ومما صح عندهم - دع ما تفردنا به - وفيما خالفوا فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله (عليهم السلام)، لظهر لك بطلانه، وأنهم ليسوا بأهل للأخذ والمتابعة في أحقر الأشياء [بالدنيوية] (1) وليس هنا موضعه وله مواضع أخر [يطلب] منها. الرابع: إنك إذا تتبعت مذاهب الثلاثة والسبعين التي أخبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بافتراق أمته بعده، وأن الناجي منها ليس إلا واحدة، فإنك تجد عدم انفراد فرقة في جميع أصولها الدينية والفروعية بحيث لا يشارك غيرها إلا الاثني عشرية، بخلاف غيرهم فتجد المشاركة بين اثنتين أو أكثر في كثير من أصول الدين وأصول فروعه، وإن افترقوا من وجه، وهو كاف في التقسيم. فإن قلت بأنها الإثنا عشرية صدقت وصدق مضمون الحديث المتفق عليه، وإلا لزمك القول بنجاة أكثر من فرقة، وهو تكذيب لما تواتر نقله عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حذو هذه الأمة حذو تلك الأمم (2)، ولا يمكن القول بأن هذه الفرقة الناجية نوعية لا شخصية كما زعمه ابن تيمية الحنبلي، وفسرها بأنها كل مجتهد بذل الوسع سواء كان: سنيا أو يهوديا أو نصرانيا أو غيرهم، وثنيا أو ثنويا بنجاته، فإنه يكذب الحديث، وإذا نجى نجى مقلده من كل فرقة فتنجو أكثر الفرق [فتصل] إلى العمل بالرأي، وتجنب معدن العلم وأهله كيف وجب. ونقول: لا يمكن أن يكون يهوديا أو غيره ببذل الجهد في طلب الحق إلا
(1) الظاهر كون الباء زائدة. (2) ألفاظه مختلفة راجع: سنن الترمذي: 5 / 26، مشكاة المصابيح: 1 / 6. 150 ويرشد إليه ولا يمكن خلافه، ففرض غيره محال، وليس إلا التقصير. وإن فرض عقلا لا وقوعا؟ قلنا: هذا من يؤخر تكليفه إن كان عن جحود مع من يؤخر، وليس هنا موضع بيان هذه المسألة وإنما ذكرت استطرادا. الخامس: لا خفاء في ظهور مذهب الإمامية، واشتهاره في أكثر بلدان العامة من الشام والعراق ومصر وبلد السلطنة (1) وبلخ بخارى وغيرهم، ومعرفة سلاطين العامة، لهم ومع ما ينسبونه شهرته في بلدان العجم، ومع ذلك لا يتعدون عليهم زيادة، و [هو] باق مستمر في تزايد مع عدم سيف لهم قاهر، ما ذلك إلا عناية إلهية خاصة قاهرة، ومانعة غيرهم عن إهلاكهم، مع كونهم في النسبة عندهم مما هو ظاهر. السادس: نلزم العامة ونقول: إذا قلتم إن مذهب الاثني عشرية بحسب أول نشوءه ضعيف لا قوة معه، ونقول هو مع ذلك كلما تجدد الزمن ازدادوا، وليس (هو) سببه لتحصيل دنيا ولا سلطنة كما هو ظاهر، بل الأمر بخلافه، وهو منتشر في البلدان من أهل المعرفة وحسن النظر والمحاجة والإنصاف مع مناو وممن خالفهم لا أقول العامة بل مطلقا، ومع ذلك فلا يظهر لهم إلا حقية [هذا المذهب] وعلو كلمته وبرهانه على غيره كما هو ظاهر من كتب الإمامية في الرد على غيرهم، وهي في زيادة في كل وقت، ومعلوم أن ما يكون كذلك مستمرا في زيادة صريح الدلالة على حقيته وأنه عن عناية ربانية، وسر إلهي أودع فيه، وحفظ بحفظه ورعايته ورحمته، وهذا ظاهر لا خفاء فيه، وحق مضمون قوله تعالى: (وإن جندنا لهم
(1) المقصود بها: بلاد السلطنة العثمانية آنذاك وهي تركيا الآن. 151 الغالبون) * (1) * (إن تنصروا الله ينصركم) * (2)، وليس لمن سواهم عليه حق بالسلطنة الظاهرة تغلب سلطنة الاثني عشرية. السابع: لو رجعت إلى مذاهب العامة وجدتها خارجة عن الحق غير مطابقة لحكم الثقلين، ولا للأدلة الحكمية وغيرها، فهي في الأصول التي هي العمد والمعتمد، وهي تدور على التوحيد والنبوة والعدل، والإمامة، وهم جعلوها من الفروع (3)، ونصهم بخلافه، وأبطلوا به النبوة والعدل فيبطل التوحيد، وأقوالهم ترجع إلى الأشاعرة والمعتزلة. وأقوالهم في وجود الله وزيادة صفاته خارجا لازمة للذات مستقلة الوجود أو أحواله، واستدلالاتهم عليه من قياس الغائب على الشاهد بمشابهته ظاهر من كتبهم، وكذا أقوالهم في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصفاته ونفي عصمته [العصمة] الخاصة التي توجد في كثير من أمته، مع أنهم نفوها عن غيره مطلقا حتى عن الخلفاء وهو عجيب، فتأمل حينئذ في درجة خليفتهم ومقامه لكنهم قاسوا ذلك ونظروا إلى من نصبوه خليفة، وما فيه من النقائص العلمية والعملية والنسبية [وغيرها لم يشترطوه فيها]. ونقول: ما فيه من بعض الفضائل المنزرة (4) موجودة في أكثر الأمة وزيادة وكذا ما نقلوه عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) من سيرته، كما في هدى ابن القيم وغيره، وما قال
(1) الصافات: 173. (2) محمد: 7. (3) أي جعلوا الإمامة من فروع الدين. (4) المنزرة: أي التي تعد من اليسير، والنزر بمعنى القليل. 152 فيه (عليه السلام) جملة من كبار الصحابة حتى عند موته في تنفيذ الجيش (1)، وطلبه الدواة والكتف (2) وغيرها، ويسقطهم أيضا بذلك سقوطا لا يخفى، وكذا قولهم في الجبر والتفويض والحساب والقبر، وأقوالهم في المتشابه، وغير ذلك مما يطول نقل إجماله، وكذا في تفسير الكتاب كأولي الأمر والقربى وغيرها، ومعنى السنة والإجماع مع نفيهم معصوما شخصيا، وضم القياس والرأي والاستحسان وغير ذلك. وكذا من تتبع أقوال المذاهب الأربعة الحادثة، ومن [المتصور] (3) في الطهارة والعبادات وغيرها، نقل ذلك مما يطول، ومن راجع كتبهم (4)، وما نقلناه عنهم ظاهر لا خفاء فيه. فإذا ظهر ذلك، فلا خفاء في سقوطه، وعدم مطابقته للحكمة الوجودية والحسن والقبح الكمالي وغيره، وبسنة شرائع الله فيجب إطراحه وطلب غيره وليس إلا مذهب الإمامية والاثني عشرية، فإنه الجاري على نهج الكتاب وسنة نبيه وآله لا يعدونهم، وإن كان قد يقع الغلط من بعض في نظره، ومنه لا منهم، وهو سكوت عنه بعد استجماعه [لشرائط] الرد، وله علل وأسباب لا يسع المقام ذكر إجمالها، والفطن المتتبع لأصول مذهبنا ومذهبهم يظهر له مطابقة مذهبنا للحق وطريق الاستقامة، فنحن أصحاب اليمين وزبر يمين عدد علي (5)، وطريقهم بخلاف ذلك، فهم أصحاب الشمال جزما فتدبر.
(1) شرح النهج، ج 2 ص 21، مصورة على ط. حجرية، و ج 6 ص 52، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، الملل والنحل للشهرستاني، ج 1 ص 23، ج 1 ص 20 بهامش الفصل. (2) لاحظ الملحق رقم (2). (3) في النسخة: ومن المنصور. (4) خبر الجملة مقدر: أي من راجع كتبهم وجد صحة كلامنا. (5) فكلمة " يمين " بحساب الجمل تكون (110) وكذا كلمة (علي) (عليه السلام) تكون (110). 153 الثامن: لا خفاء في أن معنى التبعية لغة وشرعا وعرفا وهي [المشايعة] والاقتفاء، وهي منتفية منهم (عليهم السلام) ومتحققة منا، والمراجعة للمذاهب شاهد عدل كما سبق، ونقول هنا أيضا: لا خفاء في أن من ينزههم عن النقائص ويثبت لهم الكمال هو المطابق لحالهم، وما وصفهم الله تعالى كما نقل عنهم متواترا وسمعت بعضه، وهو كالقطرة من البحر، هو بالتبعية والعلاقة أولى وأحق إلا من هو بعد ذلك فهو بالمنافاة لهم والعادات أولى وهو كذلك، ومن ذلك أنهم ينسبون إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه يهجر لما قال: " آتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " كما في صحاح مسلم وغيره (1)، والله يقول فيه: * (وما ينطق عن الهوى) * (2)، وعصاه من عصاه في تنفيذ جيش أسامة، وقالوا بعدم نفي السهو والغلط عنه بعد النبوة. واختلفوا في نفي الصغائر عنه عمدا بعدها، وجعلوا وقت النبوة والرسالة واحدا وهو عام الأربعين، وقبلها مدة أربعين سنة ليس نبي ولا رسول حكم أهل الجاهلية، وقالوا إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحمل عائشة على كتفه يريها اللغب في المسجد (3)، وإن المغنيات كن يغنين بحضرته (4)، وكان له قعب من عيدان تحت رأسه (5) يبول فيه في الليل كما حكاه ابن القيم في الهدى (6)، ومحمد بن حسين
(1) مسند أحمد: ج 1 ص 324، 336، والطبقات: ج 2 ص 37، لاحظ الملحق رقم (2). (2) النجم: 3. (3) مسند الإمام أحمد: ج 6 ص 84، صحيح الترمذي: ج 2 باب مناقب عمر وغيرهما. (4) صحيح الترمذي: ج 2 ص 293 باب مناقب عمر، مسند أحمد: 4 / 353. (5) القعب: إناء ضخم غليظ ويجمع على قعاب وأقعب، المعجم الوسيط، ج 2 ص 748. (6) الهدى إلى دين المصطفى لابن القيم. 154 البغدادي وغيره، وأزاد فيه: إنه [كان] تحت سريره كان فيه قعب. وكان يطارد مع بعض نسائه في موسم منى فلعلمه يعلمها لجهاد البصرة!! (1) ونطق الشيطان على لسانه وداخله في القراءة لما قرأ: * (والنجم إذا هوى) * (2) فلما قرأ: * (أفرأيتم اللات والعزى) * (3) الآية قال: " تلك الغرانيق [العلى]، وإن شفاعته لترجى " فسجد وسجد المشركون، وقالوا: صبا محمد لديننا، فأنزل الله: * (وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) * (4). وكان يوما في الصلاة ودقت عائشة الباب وانفلت وفتح الباب لها ورجع (5)، وصلى يوما وعليه غسل جنابة وذكر في أثنائها فانفلت واغتسل ورجع وأتم الصلاة بالجماعة (6)، وغلط في صلاة الجماعة (7)، إلى غير ذلك مما يضيق الطرس من كتبهم مما نقلوه في آيات الذم فيه، وما يدل على الجهل النائي لمراتب النبوة، وكذا ما قالوه في الإمام، وما سلبوه عنه من الصفات وأثبتوها فيه، وهو ينافي ما سمعت فيمن جعله الله الخليفة ورسوله، وما وصفه به في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(1) مسند أحمد: ج 2 ص 264. (2) النجم: 1. (3) النجم: 19. (4) الحج: 52. والرواية توجد في: الدر المنثور للسيوطي: 4 / 366 منشورات البلاغة. (5) سنن أبي داود: ج 1 ص 209 ح 922. (6) صحيح البخاري: ج 1 ص 316 باب 418. (7) صحيح البخاري: ج 2 ص 527 باب 779. 155 وكذا باقي أهله الطاهرين المطهرين، وما فعلوا بهم من القتل والأسر والسلب والنهب والصلب والغصب، ومما يفطر ذكره الصلد، وبكت له السماء والأرض عكس ما أمر الله فيهم، وحث عليه رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوالله لو أوصاهم بضد ما قاله فيهم لما فعلوا عشر معشار ما فعلوه فيهم، ولكن [ذلك] يكشف عن نفاق كامن انطوت عليه السرائر، وسرته الضمائر حتى انتهزوا الفرصة فأظهروا ما أسروا وحاولوا جهدهم في إطفاء نور الله بأفواههم * (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) * (1). فقل لي أيها المنصف المتتبع للحق أي أحق بالتبعية، وأن يكون من شيعتهم المشايع لهم حسب الإمكان في الأقوال والأفعال، وإن عصى قال: هو من نزغات الشيطان واستغفر وتاب، والله غفور رحيم، ولا يمكن عكس التبعية فيهم، ولا كونها في الجميع فتدبر! وبه الكفاية. ومن هذا يتضح لك مخالفة مذهبهم لفطرة العقول التي لا تخالف المنقول، ولا ما لا تقتضيه الحكمة كما سبق وهو من أوضح الأدلة على بطلانه وسقوطه فتدبر! التاسع: مما اتضح لك سبيله بلا نزاع " احتياط " (2) العقل فإنه مما ترغب في طلبه
(1) التوبة: 32. (2) إشارة للقضية العقلية الحاكمة بوجوب الاحتياط هنا وهي إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير توجب المصير للتعيين، والتعيين هو باتباع علي (عليه السلام). 156 العقلاء، وهو مطلوب لصاحب السلامة واليقين، وهو من الأدلة المتفق عليها وهو هنا حاصل لنا، فنقول: إذا كان الأمر وحصول النجاة فيما نقول وعرفته وهو كذلك بحق نجونا وهلكوا، وإن كان الأمر كما يقولون نجونا، وهم لا يضرنا ما يقولون، وبيان القضية الأولى ظاهر، وأما الثانية فظاهرة مما سبق ويأتي. العاشر: وله اتفاق مع بعض الأدلة السابقة من وجه، وهو لا ينافي قوله: الفريقان على أنه قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " افترقت أمة موسى (عليه السلام) إلى أحد وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة، وافترقت أمة عيسى إلى اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة، وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة، وفرقة ناجية " (1) ولم [تتعين]، نعرض عنها وإن رويت عندهم. فنقول: لا ريب في ادعاء كل فرقة ذلك فنرجع إلى مذهب كل فرقة والواقع لتقوم الحجة للمدعي ويكذب غيره، وما ينفرد به كل مذهب لا عبرة به، ولا يلزم الآخر، وإنما بالمتفق عليه كتابا وسنة، أو عقلا لا نزاع فيه، أو ما تفرد به الخصم فإنه يكون حجة لخصمه عليه، وسبق لك في الوجوه تعيين كونها في الشيعة الاثني عشرية. ونقول هنا زيادة: سمعت في المتفق عليه أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك فينا القرآن وقرينه العترة فتخصص بها، وأنها معه فوجب فيها العصمة، وليس غيرهم كذلك بالاتفاق، ومعلوم أن طريق التمسك بهم هو القول بإمامتهم والتبعية لهم والاستناد إليهم، وهذا في الإمامية ظاهر من كتبهم، وكتب غيرهم مطلقا بخلافه، ومجرد الاعتراف بأنهم
(1) المستدرك على الصحيحين، ج 1 ص 128. 157 أخيار وأجلاء لا يثبت التمسك، والتبعية لغير ذلك كما لا يخفى، كحال النبوة والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومعلوم أن غيرهم لا يحصر الإمامة فيهم، بل ينفيها عنهم، ولا يستند لهم في الاعتقاد والأقوال والأفعال، ورووا أيضا أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " (1)، ولا يمكن كونه القرآن فليس معرفته واجبة عينا حتى ظاهر القرآن، ولم يكتف به (صلى الله عليه وآله وسلم) في المتفق عليه، بل ضم العترة معه، فليس هو المراد وعلق النجاة عليهم، وكذا ما وصف به الأهل بأنهم سفينة النجاة، وغيره من الأحاديث السابقة تنفي كونه القرآن، بل من العترة بصفات معينة ومميزة، لا كل فرد فرد، وقوله: " الأئمة من قريش " (2)، ورووا: " كل قوم يدعو بإمامتهم " وفي آخر: " بإمامهم " إمام هدى وإمام ضلال، إلى غيرها مما هو متواتر ويبطل كونه القرآن، وكفى أنه صامت فتحتاج إلى ناطق مبين له جامع فهو الأحق بها. وروى الثعلبي وغيره من علمائهم في تفسير قوله تعالى: * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) * (3) مسندا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " كل قوم يدعون بإمام زمانهم، وكتاب ربهم، وسنة نبيهم " (4)، ومن هذه يبطل تفسيره بالسلطان الجائر ولا عدل فيهم مطلقا، وكيف يكون الإمام الذي يلزم من جهله ميتة الجاهلية جائر متهتك؟ بل يكون من الدعاة إلى النار، مع أنهم متعددون في كل وقت، والأدلة كثيرة لا تحصى ذكرنا بعضا مختصرا بما يناسب هذه الرسالة، وهذا الحديث
(1) مسند الإمام أحمد: ج 2 ص 83، 154 و ج 3 ص 446. (2) لاحظ الملحق رقم (3). (3) الإسراء: 71. (4) فردوس الأخبار للديلمي: 5 / 447 رقم 8441، الدر المنثور: 4 / 194. 158 صريح الدلالة في عدم نجاة جميع الصحابة (1)، وكذا مثل قوله تعالى: * (من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا) * (2) الآية، وغيرها كثير، وكذا حديث ورود قوم عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) الحوض ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد الأخذ بهم ذات الشمال فيقال له: " إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " (3)، وفي بعض الطرق: " لا يخلص منهم إلا همل [الغنم] (4) الإبل الضالة " وغيرها كثير، وما ورد فيه مدح الصحابة من طرقهم لا يدل على العموم ولسنا بصدده هنا. ثم أوصيك وأقول لك إياك أن تكون وجدانيا تبعا لمن قبل، والله قد جعل لك عقلا مميزا، وإدراكا لما يرد عليك، وأعلام الحق ظاهرة مستمرة معلنة، وقد أوقفناك على قليل من كثير من طرقهم، ومتفقا عليها، وميز صفات غيرهم بما اتفق عليه، وفكر بعقلك، واتبع الحق وسفينة النجاة والعروة الوثقى وعلم الهدى، وأخل نفسك من المعائب، فقد رفعت عنك الحجاب وفتحت الباب، وتميز الرشد من الغي، وإن كان باختصار فيه اتضح المنار ولاح الصباح.
(1) أي أن مسألة نجاة الصحابة نقبلها في الجملة. (2) البقرة: 253. (3) صحيح البخاري: ج 8 ص 489 و ج 9 ص 673 ح 1391. (4) وفي بعض الروايات النعم بدل الغنم. 159 خاتمة
161 ثم لا ترجع ويغلب عليك كالوهم (1) الشيطاني، وتتوقف في قبول الحق مع إثباته من مذهبكم، وعليه اتفاق الكل، فلا مناص لك إن أنصفت. وتقول: إذا كان أمر الإمام والحاجة إليه كما قلت، فما تقول في هذا الزمان من الغيبة بعد العسكري (عليه السلام) فلا إمام فيها يعرف ويرجع إليه، ولا هدى، ولا اهتدى به أكثر زمن [اللبثة] (2) فقد ضاع ما أصلت وأثبت في هذا الأزمنة المتطاولة، واختل ما بينت وشيدت. فنقول: سألت فاصغ وافهم وتفهم وأنصف، سؤالك هذا متنوع التعبير ويرجع لمضمون واحد. فنقول: أما ثبوت وجوده، وأنه محمد بن الحسن برز في الوجود، وعرف بين الكل، وكان مرجعا بعد فقد أبيه الحسن مدة تقرب من سبعين سنة من وفاة أبيه عام الستين بعد المائتين، فمما لا شك فيه ولا شبهة، وقد أفردت الإمامية ذلك في مجلدات ألزموا بها من خالف فيه وكذب، أو أثبته كغيره، ونقل ذلك هنا لا يسعه
(1) الظاهر أن الكاف زائدة أو مشبه به مع حذف المشبه والتقدير: شئ. (2) في النسخة هكذا: " اليبئة "، والمعنى زمان الفترة والانتظار. 163 المقام، ومن بعض أحاديثهم السابقة والآي والأدلة العقلية توجب ثبوته، وأنه كآبائه المعصومين (عليهم السلام) وليس إلا ما تقوله الإمامية، لا عيسى [ولا بطرسي] ولا زيدي ولا فاطمي غيره، والبسط موكول لغير هذا الموضع، وهو يبطل ما سوى ما تقوله الإمامية، وكذا ما دل على استمرار قائم بالحق، لا يفارق القرآن، وغير ذلك صريح الدلالة فيما نقول، فمن ادعى موته فهو افتراء، ولا دليل عليه، والأدلة تكذبه وكذا نافيه، ومنهم من أثبته كما تقوله الإمامية وإن لم [يقل] فيه بالعصمة والصفات كما هو عند الإمامية. وبقي لهم شبهة استبعادية منشأها الشيطان لا تعارض قدرة الله تعالى ولا إرادته التي لا صارف لها، ولا يعجزه شئ، وليس هو من مستحيل الكون، بل وقع مثلها في الأمم، فليس هو بنكرى (1)، ولا يدعي، بل ولو لم يقع مثله في الأمم لا منافاة فيه ولا استنكار، لكن ذلك أشد لظهور الحجة عليهم، وكونهم أهل جحود عنادي كقولهم: كيف يطول عمره زيادة على العمر الطبيعي؟ مع أن أهل الطب أكثرهم على عدم حصره بالطبيعي، وأنه قد يطول لبعض المقتضيات السماوية، أو بحسب الإرادة، وطوله منتشر في الأمم وفي هذه الأمة وإن كان قليلا، ومثله وقع في إبليس لعنه الله، وابن أم الدنيا، والدجال، وعيسى، والملائكة، والأرض والسماء، والحية، وغيرهم كثير، مع أنهم أنكروه قبل أن تمضي عليه مدة العمر الطبيعي ولا عينت المدة لهم أولا.
(1) نكرى: نسبة للنكرة من الأشياء وهي بالضم ثم السكون كسخرة أي الذي ينكر عليه ما تستنفر منه النفوس كثيرا. 164 وكقولهم: كيف يرى ولا يرى وهو بين الخلق؟ قلنا: كذا إبليس، ويوسف مع أخوته عرفهم وهم له منكرون، كما قال تعالى في إبليس: * (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) * (1)، ويستعمله بعض أهل العلوم الخفية فيمشي في الأسواق، ويرى الخلق ولا يرونه. وكيف يكون إماما كما تقولون وتصفونه به وهو صغير لم يبلغ العشر؟ قلنا: هو معجزة ولا تعجبوا من ذلك، ووقع في النبوة وهو أعظم في عيسى (عليه السلام) وهو طفل كما نطق به القرآن المجيد (2)، فإن قلتم " معجزة "، قلنا: كذا هنا وحديث حذو هذه الأمة حذو تلك الأمم كما سبق تحقيقه (3)، وليس حكمهم (عليهم السلام) في الطفولية كغيرهم، ولهذا نزل فيهم التطهير السابق، والحسنان معهم في الكساء وهم أطفال، وكذا بهم خرج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للمباهلة كذلك، وذكر إمامهم العسقلاني في شرح البخاري في كتاب الزكاة (4) إنه أتي للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بزكاة، فأخذ الحسين تمرة ووضعها في فيه، فقال له جده " كخ كخ " أما علمت يا بني أن الصدقة علينا حرام، وصور إشكالا: كيف يخاطبه بخطاب العالم وهو صبي، فأجاب بأن حكمهم في الطفولية ليس كغيرهم لأنهم ينظرون إلى اللوح المحفوظ، ويطلعون عليه، ونحوها من [الشبه] الواهية، وأعظمها عندهم دورانا، وقد تدور في الفرقة (5) شبهتان:
(1) الأعراف: 27. (2) مريم: 29، * (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا) *. (3) سنن الترمذي: 5 / 26. (4) صحيح البخاري: ج 2 ص 157، كتاب الزكاة، مسند أحمد: 2 / 409 - 444 كتاب الزكاة. (5) أي أن هاتين الشبهتين قد تدوران عن بعض أهل الفرقة المحقة. 165 الأولى: ما الحكمة في غيبته مع عموم الجور والظلم وظهوره؟ والثانية: ما وجه الانتفاع به والاهتداء مع أنه على زعمكم أنه لا غناء للعالم بغير معصوم لذلك؟ قلنا: أما عن الأولى فنقول: وقع نحوه في الأمم في غيبات الأنبياء، وخفائهم عن الخلق، والحكمة الموجبة لها هناك [جارية] هنا، بل في الأمة الأخيرة هنا أقوى وأشد من تلك الملل، لقيام الدواعي من [أبخرة] الحجب والموانع كلما قرب انقضاء دولة أهل النظرة، وظهور التمييز أشد منه فيما سبق، وهي في وقته أقوى وأشد من وقت آبائه (عليهم السلام)، لما ثبت عندهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من انقضاء دولتهم، وإبادتها على يده، وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، فلو ظهر قبل أن يأمر الله تعالى بحضور الوقت وزوال الموانع لزمه السكوت، أو يقتل ويختل النظام، ولا يمكنه الجهاد لعدم استجماع شروطه، وعدم زوال الموانع فوقع نحوه من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسائر الأنبياء، وآبائه (عليهم السلام) وقال تعالى: * (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) * (1). ونحوه وقع من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عام الصلح مع أهل مكة مع ما هو عليه من القوة والعدة، والإشكال والدفع مشتركان، وهذا السبب والموجب قائم بحسب الوقت والأناسي، ومجرد الشريعة المحمدية من استتمام حكم التنزيل الموجب، ومجئ التأويل، وكمال توفية النظرة لإبليس لعنه الله تتميما للحجة عليه، وإعلاء لها. وهذا الوجه كفاية لمن عقل وفهم، فمنه يستبين إيجاد الوجود لها مع ما فيها
(1) الفتح: 25. 166 من زيادة الصبر [والاختبار] (1) والغربال لعباده، وجميع تكاليفه مشتملة على الاختبار، ومن ميز العالم وأوقاته وجد فيه ذلك ظاهرا بلا خفاء، وبما ذكرناه كفاية في هذه العجالة، وبيان بسطه ونقل ما يدل عليه من الكتاب والسنة والعقل لا يسعه المقام مع ما أنا عليه من الاستعجال. وأما عن الثانية فالجواب عنها من وجهين: الأول: وهو كاف بالنسبة إلى العامة، والثاني لهم وللخاصة. أما الأول: فنقول ما من الله ومنه (عليه السلام) وقع، وبقي ثبات الأمر وما يرشد العباد به، وهذا يتوقف على قبولهم وادعائهم له، وهم قد أبوا ذلك وعارضوه، فعم ظلم الظالم، وظلامة الناجي، والمقاتل له فقاموا بإثم الجميع، ولا قبح فيه على الله ولا على رسوله وخلفائه، ولا يجبر الله أحدا وقال تعالى: * (ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم) * (2) * (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * (3) وما يرد هنا يرد نحوه في غيره غير حال غيبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الشعب وغيره من الأنبياء، والدفع مشترك. وأما الثاني: فنقول: الإمام الثاني عشر (عليه السلام) نسبته إلى العالم وما أقيم فيه نسبة أبيه ومن قبله من الأئمة المعصومين، لم يقصر في البيان وهداية العالم بل يجري فيه كما يجري به آباؤه من البيان بما يقتضيه المناسب من المكلف، وفاءا
(1) في النسخة " الاحتيار " فأبدلناها بالاختبار بقرينة السياق والعبارة اللاحقة لها. (2) الشورى: 14. (3) الأعراف: 34. 167 و [خلانا]، ويكون أبقى لهم وأصلح حتى يبلغ الكتاب أجله، فيظهر حكم التأويل، وهو من شريعة جده التي بعث بها، والله أطلعه على ذلك، وجعله شاهدا على الخلق وهاديا، وما ينزل ليلة القدر وغيرها لم ينقطع، ولم يقصر في التبليغ. والانتفاع حينئذ كالانتفاع بالشمس إذا جللها السحاب، وعدم رؤيتنا له لا يحجب ذلك عن القابل الواقف ببابه، ونسبة المستوضح حينئذ لتحصيل الحكم بالرد لهم نسبة القابل لا الفاعل، ويعرفه المستوضح بنوع إشارة، ويلقيه له في نفسه وقت نظره وطلبه منهم، ويعرف الحق من غيره كما يعرف خطرة الرحمن من الشيطان بالسكينة والوقار، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق ويوسوس، فكيف حجة الله وآيته الذي لم يرفع يده عنه وإعانته وإمداده، فكذا هو بالنسبة إلى ما جعله حجة وقوى ظاهرة لغيره وسائر رعيته. ومن قصر عن الاستيضاح بنفسه والمشافهة فليلتج (1) إلى ركن وثيق، فرفع المشافهة وعدم إمكانها بالنسبة إلى الطالب لا يرفع البيان والإيصال من جهته، فله طريقان ودفع الأول يوجب قوة الثاني كما هو ظاهر، وكذا تعطيل بعض الأحكام وسقوطها لتوقفها على شروط لم تحضر وعلى المشافهة، لا يوجبه في غيره. والقول بمنع جريانه التقويم زمن الغيبة قول ساقط [لا عبرة] به (2)، إلا أن يمنع تقريرهم مطلقا أو عدم اطلاعه (عليه السلام)، وعدم إخبار الله به، ومتواتر العقل والنقل يبطله، ويلزم العامة الإقرار به ووجود مظهر له في الكون، والكلام فيما لم يسقط التكليف، ومعلوم عدم كفاية السواد والبياض في ذلك، وكذا أفكار العلماء، وأين
(1) فليلتج: الالتجاء التحصن عن الشئ (الأذى " بحيث لا يصيبه ما يحذر. (2) مفاد هذا القول هو أن الأمة محتاجة لتقويمه إياها حال حضوره فقط، وأما حال الغيبة فلا يمكن حصول التقويم منه أصلا. وهو كما ذكر المؤلف غير تام. 168 هم وهذه المرتبة لولا التأييد والإمداد لهم، والله لا يغفل عن خلقه كما قال الله تعالى: * (وما كنا عن الخلق غافلين) * (1) * (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) * (2) فلو لم يكن الحكم بالنسبة له (عليه السلام) زمن الغيبة كذلك لزم حصول الغفلة بالنسبة له (عليه السلام)، وحصول القبح فيه تعالى وتقدس. واستمر حكم قول الله تعالى: * (ولكل قوم هاد) * (3) ولا ناسخ لها، بل قيامه في الزمن المتأخر في خاتم النبوة وأكثر زمن البعثة أحق وأولى واجب (4) بمقتضى الحكمة، ولا مانع له إلا من جهة القدرة لعمومها له وإحاطة علمه، ولا من جهة القابل بل هو به أتم وأكمل، بل لا غنى له عنه فيجب جريانه، ولولا القول فيه كذلك وهو المطابق للعقل والنقل لقبح غيبته، بل لم يجز وقوعها وليس الأمر كذلك. هذا وآثار ذلك ظاهرة لا ينكرها إلا المعاند الجاحد كالخطرات الخاصة للناظر الجامع، ولو قيل هذا بملك مؤيد له من الله، فما المانع من القول بأنه بواسطته (عليه السلام)، والملائكة من خدامهم (عليهم السلام) وتحت أمرهم، وذكرت العامة أنه كان بعض الطلبة إذا أشكلت عليهم المسألة جلسوا إلى قبر أستاذهم فيحصل لهم إشراق نفساني يظهر لنفوسهم جوابها. فكيف فيمن هو حي والعالم تحت يده، ويقلبه بأمر الله أشد من عزرائيل قابض الأرواح وما وكل به وهو خادم من خدامه، بل تصرفه وإحاطته وتدبيره أقوى منه بكثير، وكثير لا يدرك ولا يحيط به إلا الله تعالى وتقدس، وكذا دفع كثير
(1) المؤمنون: 17. (2) القيامة: 36. (3) الرعد: 7. (4) خبر المبتدأ " قيامه "، أو تكون كلمة أحق وأولى هي الخبر مضافة لكلمة واجب. 169 من الأعداء عن الفرقة الناجية مع ظهورهم وانتشارهم، ودفع كثير من المشكلات والضرورات الواقعة ببعض برجل لا يعرف وليس هو محله وأمثاله، فإن كان من السائحين في الأرض، والموكلين بالقفار والبحار فما المانع من إثبات الرئيس والقطب، ونحو ذلك كثير مما يوجب إثباته وظهور تدبيره، وكذا من جهة حجية الإجماع وكشفه، أما على مذهب الإمامية فظاهر لأنه من جهة حصول التقرير والرضى، ولا يتم القول بالكشف إلا بالانتهاء إلى ذلك، والقول كما أوضحناه في محله (1)، وأما على قول العامة فلقولهم بحجية الإجماع إذا حصل من الأمة، ولا بد من وجود شخص وإلا فلا زيادة في الأمة بعد حصول اجتماعهم يوجب عصمتهم بديهية، فدل على وجوده فيهم، وعليه تنزل الروايات الدالة على الحجية مثل: " لا تجتمع أمتي على الخطأ " و " يد الله على الجماعة " ونحوها مما رووه، فإنا نقول بمضمونها لكن لا يتم إلا على قولنا لا على قولهم، ويلزمهم الإقرار به وأنه كما نقول فتدبر وأنصف! وليس ظهور التقرير منه (عليه السلام) لآخر ولا الإلقاء لهم بنوع عناية يتوقف على ظهوره عيانا والمشافهة حسا، وإن جادل فيه بعض الطلبة، فهذه الملائكة تتصرف في الإنسان وغيره ولا يرون، وكذا الجن وإبليس وجنوده وغيرهم من خلقه، فكيف حجة الله البالغة الجامعة الذي ولاه الله تدبير خلقه، والواسطة لهم في كل ما يحتاجون إليه. ولو أخذنا في بسط ذلك من الكتاب والسنة لخرجنا عن موضع الرسالة، واحتاج إلى مجلدات، وفيما سبق كفاية الفطن المنصف غير المعاند، وإن أردت
(1) في رسالة له مفردة أسماها ب " الاجماعية " ترجم لها في الذريعة. 170 زيادة في ذلك فراجع شرحنا على أصول الكافي في كتاب الإمامة (1) ورسالة إبطال الظنون الخارجة (2) وسائر ما كتبناه في هذا المجرى، وما كتبته الإمامية، [والتأمل] في الكتاب والسنة المشهورة كاف للفطن المنصف. كذا آثار الوجود فإنهم (عليهم السلام) آياته الدالة عليه، وآثارها والدلالة عليها كثيرة منتشرة عامة فتأمل! وفيما حصل كفاية للمسترشد المنصف، ونسأل الله التوفيق وقبولها، وعليك بالتأمل [بما] اختصرت لك، وأوضحت لك برهانه، ووقع الفراغ من تسويدها عصر يوم العاشر من صفر أحد شهور السنة 1246 ه السادسة والأربعين والمائتين والألف من الهجرة بكربلاء على مشرفها ألف ألف سلام وتحية عدد ما في علم الله، وصلى الله على محمد وآله الميامين المطهرين. ووقع الفراغ من نسخ هذه الرسالة الشريفة على يد الفقير إلى الله محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد النبي بن مال الله آل مستور الماحوزي غفر الله لهم أجمعين، والمؤمنين والمؤمنات بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين، إنه غفور رحيم كريم بضحى يوم الثلاثاء ثاني عشر شهر ربيع الثاني سنة 1279 [ه] ونقلت هذه الرسالة على يد الأقل زين بن المرحوم الحاج حسين الزين عفى الله عنهما والمؤمنين والمؤمنات يوم التاسع من شهر شوال سنة 1370 ه وصلى الله على محمد وآله الطاهرين آمين رب العالمين.
(1) هو " هدى العقول في شرح أحاديث الأصول " ترجم له مفصلا في مقدمة " ثلاث رسائل "، ص 26، وأنوار البدريين ص 318، الأزهار الأرجية: 11 / 102. (2) لم نعثر على ترجمة وافية لهذه الرسالة أصلا، ولعلها نفس رسالته في دليل الانسداد. 171 كشاف الملاحق * أعلام الرواة * أعلام المؤلفين والكتاب * ملحق التخريجات
173 أعلام الرواة 1 - أبو أيوب الأنصاري: صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واسمه خالد بن ويد، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وروى عنه البراء بن عازب وغيره قال الواقدي: مات سنة اثنين وخمسين وقد شهد المواقع كلها. (تهذيب الكمال 8 / 66 برقم 1612). ورد في ص: 58 2 - أبو رافع: يقال اسمه إبراهيم أو أسلم، أو ثابت أو هرمز القبطي مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، موثق عند العامة، (انظر تهذيب الكمال: ج 33 ص 301 رقم 7354). ورد في ص: 126 3 - ابن عباس: عبد الله بن العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن عبد المطلب بن هاشم لصق بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتغذى بعلمه، صحب أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) وولاه البصرة، كثير الرواية ولقبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ب (حبر الأمة) توفي سنة 68 ه. (انظر تهذيب الكمال: ج 15 ص 154 رقم 3358). ورد في ص: 58، 61، 75، 126، 127 4 - أبو سعيد الخدري: سعيد بن مالك بن سنان بن عبيد صاحب رسول
175 الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وله الرواية عنه. (تهذيب الكمال: ج 10 ص 294 رقم 2224). ورد في ص: 76، 77، 148 5 - البراء بن عازب: بن الحارث بن عدي بن مجدعة، نزل الكوفة ومات بها زمن مصعب بن الزبير. (طبقات ابن سعد: 4 / 364، ثقات ابن حبان: 3 / 26، تهذيب الكمال: ج 4 ص 34 رقم 649). ورد في ص: 73، 75 6 - جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري: روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن كثير من الصحابة وروى عنه أكثر التابعين، شهد العقبة والمشاهد كلها إلا بدرا وأحدا. (انظر تهذيب الكمال: ج 4 ص 443 رقم 871). ورد في ص: 58، 60، 68، 116، 148 7 - حذيفة بن اليمان: صاحب سر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن علي (عليه السلام) وعمر بن الخطاب، وروى عنه كثير، عنده أخبار المنافقين. (انظر: تهذيب الكمال: ج 5 ص 495 رقم 1147). ورد في ص: 148 8 - خزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين): شهد بدرا وما بعدها من المشاهد وشهد الفتح، روى عن النبي وروى عنه بعض الصحابة والتابعين. (انظر تهذيب الكمال: ج 8 ص 243 رقم 1685، طبقات ابن سعد 4 / 378). ورد في ص: 148 9 - جماعة من بني هاشم: لقد راجعت الرواية التي ذكرها المؤلف في عدد من المصادر الحديثية فلم أجد من ذكر هؤلاء بأسماءهم أو حتى بعضا منهم. ورد في ص: 15، 58، 148
176 10 - سلمة بن كهيل: بن حصين الحضرمي الكوفي النخعي، روى عن إبراهيم النخعي وغيره، قال البخاري: له اثنتان وخمسون حديثا، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة. (انظر تهذيب الكمال: ج 11 ص 313 رقم 2467). ورد في ص: 126 11 - سعد بن عبادة: الخزرجي شيخ الخزرج ويقال أبو قيس المدني صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، شهد العقبة وغيرها من المشاهد، نقيب من الطبقة الأولى. تخلف عن بيعة الأول وخرج من المدينة إلى جوران حتى مات فيها سنة 15 ه. (تهذيب الكمال: 10 / 277 برقم 2214). ورد في ص: 14، 148 12 - سهل بن حنيف: بن أبي أمامة واسمه أسعد الأنصاري الأوسي، حديثه عند أهل مصر. (انظر تهذيب الكمال: 12 / 171، تهذيب التهذيب: 4 / 246، الجرح والتعديل: 4 / ترجمة 833). ورد في ص: 148 13 - السدي: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي، أبو محمد القرشي الكوفي الأعور، والمتوفى سنة 127 ه. (انظر تهذيب الكمال: ج 3 ص 132، رقم 462). ورد في ص: 68، 126 14 - عتبة بن أبي حكيم: الهمداني ثم الشعباني أبو العباس الشامي الأردني ثقة (عن يحيى بن معين)، وذكره ابن حبان في الثقات. (انظر تهذيب الكمال: 19 / 300، تهذيب التهذيب: 7 / 94، ثقات ابن حبان: 7 / 271). ورد في ص: 126
177 15 - العباس وبنوه: العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقال أسلم وبقي في مكة مخفيا ذلك والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يكرمه ويختصه بمنح وهدايا، وبنوه قثم والفضل وعبد الله وعبيد الله). ورد في ص: 18، 64، 148 16 - عمار بن ياسر: العنسي أبو اليقظان مولى بني مخزوم صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، غني عن التعريف فقد ترجم له كل من كتبه في الرجال والرواة. (طبقات ابن سعد: 3 / 246، 6 / 14، مسند أحمد: 4 / 262 - 319، تهذيب الكمال: ح 21 ص 215 رقم 4174). ورد في ص: 16، 126، 148 17 - غالب بن عبيد الله العقيلي: لم نجده اسمه في كتب التراجم إلا في كتاب الضعفاء الكبير لأبي جعفر العقيلي، وقد نقل عن ابن معين تضعيفه له. (الضعفاء الكبير: 3 / 431 رقم 1474). ورد في ص: 126 18 - قيس بن سعد بن عبادة: الخزرجي، وكان من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أبيه وروى عنه كثير، ذكر في الطبقة الثالثة، كان مثلا في الطول وفي الدهاء. (تهذيب الكمال: 24 / 40 رقم 4906). ورد في ص: 148 19 - مالك بن نويرة: بن حمزة بن شداد بن عبد بن ثعلبة بن يربوع التميمي، كان فارسا شجاعا وقد استعمله النبي على صدقات قومه أمسك عنها بعد وفاة النبي حتى يعلم من يكون خليفة حقا، قتله ابن الوليد وأملك بامرأته لليلته.
178 (الإصابة: ج 3 ص 357). ورد في ص: 148 20 - رزين العبدي: الموجود في كتب التراجم رزين الجهني الرماني. (تهذيب التهذيب: 3 / 238 رقم 521) ورزين الأحمري بعده. ورد في ص: 72 21 - زيد بن أرقم: بن زيد بن قيس الخزرجي الأنصاري، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن علي (عليه السلام) وعنه أنس بن مالك وأبو الطفيل، أنزل الله تصديقه في سورة المنافقين وشهد صفين مع علي (عليه السلام). مات سنة (66 ه) أو (68 ه). (تهذيب التهذيب: 3 / 340 رقم 727). ورد في ص: 72 22 - أبو الطفيل (عامر بن واثلة) الليثي: ولد عام أحد، روى عن أبي بكر وعمر وعلي (عليه السلام) وغيرهم. كان ثقة في الحديث. (تهذيب التهذيب: 5 / 71 رقم 135). ورد في ص: 73 23 - عاصم بن زر: سلمان أبو عبد الله الفارسي: حميم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإخلاص وصدق من أوائل الدعوة عالم واحد، قال فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " سلمان منا أهل البيت " ولي المدائن أيام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، مات سنة 36 ه (الإصابة: 2 / 62). ورد في ص: 57، 60، 62، 66، 75 24 - مجاهد: هو مجاهد بن جبر المكي المتوفى سنة 104 ه، أحد الرواة لقراءة ابن عباس. (تهذب الكمال: 27 / 288 رقم 5783).
179 ورد في ص: 126 25 - أبو ذر الغفاري: جندب بن جنادة بن سكن الغفاري، من السابقين إلى الإسلام، زاهد مشهور صادق اللهجة توفي بالربذة سنة 31 ه. (الإصابة: 4 / 62). ورد في ص: 126، 127، 148
180 أعلام بعض المؤلفين الذين ذكرهم المؤلف 1 - الأصفهاني: أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الحافظ المعروف له كتاب حلية الأولياء وتاريخ أصبهان، ولد سنة 336 ه وتوفي في سنة 430 ه. (انظر وفيات الأعيان: 1 / 91، ميزان الاعتدال: 1 / 52). ورد في ص: 64 2 - أبو المعالي: إمام الحرمين عبد الملك بن أبي محمد عبد الله بن يوسف الحويني الفقيه الشافعي الملقب بضياء الدين، وقد أجمعوا على غزارة علمه وتفننه في العلوم. ولد سنة 419 ه وتوفي سنة 478 ه. (وفيات الأعيان: 3 / 167). ورد في ص: 76 3 - الخطيب البغدادي: أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت بن مهدي، صاحب تاريخ بغداد، صنف حدود مائة كتاب، ولد سنة 392 ه وتوفي سنة 463 ه. (الوفيات: 1 / 92، معجم الأدباء: 4 / 13). ورد في ص: 59، 62، 72، 75، 126، 127 4 - الثعلبي: أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري المفسر المشهور، وله كتاب قصص الأنبياء المعروف بعرائس المجالس، والثعلبي لقب وليس بنسب. توفي سنة 427 ه. (وفيات: 1 / 79). ورد في ص: 65، 70، 75، 104، 108، 126، 127، 146، 158 5 - ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن تقي الدين أبو العباس الحراني الحنبلي. ولد سنة 661 ه، وقد توارثت أسرته حمل
181 لواء المذهب الحنبلي المتشدد لقرن من الزمان، توفي سنة 728 ه. (شذرات الذهب: 6 / 80) ورد في ص: 20، 150 6 - البغدادي: محمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر بن زعلان العامري الحافظ ثقة صدوق، وعن ابن أبي عاصم: ثبت، كان من أهل العلم والأمانة. (ثقات ابن حبان 9 / 124، تهذيب الكمال: 25 / 79 - 81) ورد في ص: 65، 154 7 - أحمد بن حنبل: أبو عبد الله بن محمد بن حنبل بن هلال، ولد سنة 164 ه. وتلمذ على الشافعي، وكان إمام الحديث عند العامة. أخذ عنه مسلم بن الحجاج والبخاري، توفي سنة 241 ه ببغداد، (وفيات الأعيان: 1 / 63) ورد في ص: 57، 64، 69، 70، 71، 128 8 - البيهقي: أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخسروجردي الشافعي من أصحاب الحاكم صاحب المستدرك. حفظ الحديث ودونه ورحل في طلبه. له السنن الكبير والصغير ودلائل النبوة. ولد سنة 384 ه وتوفي سنة 458 ه. (وفيات الأعيان 1 / 75) ورد في ص: 116، 126 9 - الكلبي: هشام بن محمد بن السائب أبو المنذر النسابة الكوفي وأبوه كذلك، له مؤلفات كثيرة. ترجم له في تاريخ بغداد: 14 / 45. (ميزان الاعتدال: 4 / 304). ورد في ص: 108، 126 11 - الماوردي: أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري فقيه شافعي
182 أخذه عن الأسفراييني والصيمري، له كتاب " الحاوي " في الفقه والأحكام السلطانية. توفي سنة 450 ه. (وفيات الأعيان: 3 / 282). ورد في ص: 126 12 - الخوارزمي: موفق بن أحمد الحنفي المعروف بأخطب خوارزم، تولد سنة 484 ه وتوفي سنة 568 ه، كان فقيها غزير العلم حافظا محدثا كثير الطرق. (وفيات الأعيان: 5 / 6، إنباه الرواة: 3 / 332، هدية العارفين: 2 / 482، مقدمة كتاب المناقب) ورد في ص: 59، 62، 64، 65، 67، 72، 74، 75، 78، 79، 104، 108، 115، 117، 126، 128 13 - الحسكاني: الحافظ القاضي أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد ابن حسكان القرشي النيسابوري، شيخ متفق ذو عناية تامة بعلم الحديث عمر وعلا أسناده، وصنف وجمع. (تذكرة الحفاظ: 4 / 390 برقم 1032، مقدمة شواهده). ورد في ص: 126 14 - شهردار بن شيرويه الديلمي: أبو منصور الهمداني، يروي عنه الخوارزمي في مناقبه وله صفة الإجازة والمكاتبة ويعبر عنه بسيد الحفاظ. له كتاب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). ورد في ص: 61، 69 15 - الطبري: محمد بن جرير بن يزيد بن خالد، صاحب التفسير الكبير والتاريخ. ولد سنة 224 ه بآمل من طبرستان، وتوفي ببغداد سنة 310 ه. (تاريخ بغداد: 2 / 162، وفيات الأعيان: 4 / 191).
183 ورد في ص: 76، 126 16 - الدارقطني: أبو الحسن بن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الحافظ كان عالما فقيها على المذهب الشافعي. صنف كتاب " السنن " و " المختلف والمؤتلف " ولد سنة 306 ه وتوفي سنة 385 ه. (وفيات الأعيان: 3 / 297). ورد في ص: 115، 117 17 - القشيري: مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ النيسابوري رحل للعراق والحجاز والشام ومصر في طلب الحديث. ثم كتب الصحيح، أخذ عن أحمد ابن حنبل والبخاري وأخذ عنه الترمذي. توفي سنة 262 ه. (وفيات الأعيان 5 / 194). ورد في ص: 126 18 - القشيري: أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن فقيه شافعي علامة في الحديث والتفسير جمع بين الشريعة والطريقة والحقيقة. توفي سنة 465 ه (وفيات الأعيان 3 / 205). ورد في ص: 126 19 - البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن الأحنف يزذبه الجعفي ولاء، الحافظ وصاحب الجامع الصحيح. رحل في طلب الحديث لكل بلدان العالم الإسلامي وقد جمع صحيحه في 20 سنة. فهو غني عن التعريف. ورد في ص: 65، 78، 104، 117، 119 20 - النيسابوري: الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن محمدويه المعروف بالحاكم. إمام الحديث في عصره، ألف كثيرا من الكتب أشهرها: " المستدرك على الصحيحين " و " العلل ". ولد سنة 321 ه وتوفي سنة
184 405 ه. (وفيات الأعيان: 4 / 280). ورد في ص: 69، 109 21 - الواقدي: محمد بن عمر بن واقد المدني، كان علامة في التاريخ له كتاب " الردة " و " المغازي " ولد سنة 130 ه وتوفي سنة 207 ه وكان متوليا لقضاء الرشيد. (وفيات الأعيان: 4 / 348، تاريخ بغداد: 3 / 3). ورد في ص: 115 22 - الزمخشري: أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي إمام في الأدب والتفسير والحديث. له مصنفات في فنون شتى. ولد سنة 467 ه وتوفي سنة 538 ه ليلة عرفة. (وفيات الأعيان: 5 / 168). ورد في ص: 65، 67 23 - ابن المغازلي: أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الواسطي الجلابي الشافعي توفي ببغداد سنة 483 ه، كان شافعيا فروعا أشعريا أصولا. كان فاضلا عارفا وكان حريصا على سماع الحديث وطلبه. (راجع مقدمة كتاب المناقب لآية الله المرعشي النجفي). ورد في ص: 57، 60، 61، 63، 65، 69، 70، 71، 74، 75، 78، 117، 128 24 - الزرندي: الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن الحنفي الزرندي ثم المدني. المتوفى سنة (750 ه). له كتاب " نظم درر السمطين في فضائل علي والزهراء والسبطين ". (راجع مقدمة مناقب ابن المغازلي) ورد في ص: 128 25 - البزاز الواسطي: أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز
185 الشافعي قد روى عنه ابن المغازلي حديث الطائر المشوي وحديث المنزلة وحديث النظر إلى علي عبادة. (راجع مقدمة مناقب ابن المغازلي). ورد في ص: 63 26 - ابن الجوزي: شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزاغلي - أبي الجوري - بن عبد الله التركي الحنفي، سبط أبي الفرج ابن الجوزي. انتهت له الرئاسة في الوعظ ومعرفة التاريخ والرجال. توفي سنة 654 ه. (سير أعلام النبلاء: 23 / 296 رقم 203) ورد في ص: 57، 63، 78، 83 27 - الجويني: إبراهيم بن محمد بن المؤيد (644 - 730 ه) له فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين. ورد في ص: 68
186 وبعض الأعلام الذين وردت أسماؤهم في الكتاب ضمنا ابن الصباغ المالكي: ص 73 أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل: ص 73 السمهودي: ص 73 الشيخ محمد الجزري: ص 76 أبي الحسن الأشعري: ص 20، 146 أبو هاشم وأبو علي الجبائيان: انظر وفيات الأعيان ترجمة رقم 579، ولأبي هاشم : 3 / 398. ص 146 واصل بن عطاء: له ترجمة في وفيات الأعيان: 5 / 60 ورد في ص 146 عبد المجيد الملقب بالحافظ: له ترجمة في الوفيات ص 146 عمران بن حصين: ص 71 ابن طلحة الشافعي: ص 70، 109، 128، 146 سلمان المحمدي: ص 66 أبو ذر الغفاري: ص 126، 127 ابن شاحان: ص 66 محمد بن العباس بن مروان: ص 64 زيد: ص 73 القوشجي: ص 127 سليمان بن أحمد الطبراني: ص 126
187 السيوطي جلال الدين: ص 63، 64، 69، 70، 74، 126، 147 الطبراني: ص 63، 72، 126 نصير الدين الطوسي: ص 19، 102 برهان الدين القزويني: ص 76، 126 ابن كثير الشامي: ص 76 ابن عساكر: ص 57، 62، 74، 75، 116، 126 ابن حميد: ص 126 أبو الشيخ: ص 126 الحافظ الشيرازي: ص 119 الفيروزآبادي: ص 83 ابن العربي: ص 36، 37، 96، 97 أبو داود: ص 64، 69، 109، 154 ابن حجر العسقلاني: ص 63، 71، 72، 104، 165 البغوي: ص 71، 104، 109 النووي: ص 63، 104 البزاز: ص 63 الإمام الصالحاني: ص 75 العضدي: ص 146 رزين العبدي: ص 72، 78 فيض الله بن جعفر التبريزي: ص 51 محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد النبي بن مال الله آل مستور الماحوزي: ص 43،
188 171، زين بن حسين الزين: ص 43، 171 ابن مردويه: ص 58، 59، 62، 64، 72، 74، 75، 126 ابن شهرآشوب: ص 111 أبي صالح: ص 126 أبي سليمان راعي رسول الله: ص 65 أسامة بن الربعي: ص 67
189 ملحق التخريجات
190 الملحق رقم (1) حديث المدينة ألفاظه: " أنا مدينة العلم وعلي الباب لها ". " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت من الباب ". " أنا مدينة الحكمة وعلي بابها " " أنا مدينة دار الحكمة وعلي بابها " " أنا مدينة الجنة وعلي بابها وأنا دار الحكمة ". المناقب لابن المغازلي ص 80 - 86. مصادره: روى الحديث بتلك الألفاظ المتعددة الكثير من الحفاظ وأصحاب السنن، وقد ألف الحافظ أحمد بن محمد المغربي كتابا في هذا الحديث وذكر فيه كل أسانيده، وأثبت صحة صدوره، واسمه كتاب: " فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي " وقد طبع بمصر. ومن الذين ذكروه في كتبهم: المستدرك على الصحيحين: 3 / 126 - 127. جامع الأصول: 9 / 473 برقم 6489. أسد الغابة: 4 / 22، البداية والنهاية: 7 / 372.
192 الملحق رقم (2) حديث الثقلين ألفاظه: قد ورد الحديث بعدة ألفاظ، ولا يبعد تعدد المناسبات التي قيل فيها الحديث فإنه غرض مطلوب للنبي (ص) فمنها: " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (مستدرك الحاكم: 3 / 148) وقال إنه صحيح على شرط الشيخين. " وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (مصابيح السنة: 4 / 190 برقم 4816). " وإني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله، وأهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض جميعا " (مسند أحمد: 5 / 182، 189) "... إني سألت ذلك لهما، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم " (زيادة من الطبراني رواها في مجمع الزوائد: 9 / 164 - 164 وهناك ألفاظ أخرى مقاربة لهذه).
193 مصادره: صحيح مسلم: 4 / 1873 - 1874 بعدة طرق. سنن الترمذي: 5 / 662 برقم 3786 باب 32. مسند أحمد: 3 / 14 - 17، 4 / 366 - 367 - 371، 5 / 663 برقم 3788. سنن الدارمي: 2 / 432، مصابيح السنة: 4 / 185 برقم 4800). فضائل الصحابة: 2 / 603 برقم 1035، الخصائص للنسائي: ص 21. السيرة الحلبية: 3 / 336، تاريخ اليعقوبي: 2 / 112. سلسلة الأحاديث الصحيحة: 4 / 356 - 357، صحيح الجامع الصغير: 1 / 482 برقم 2458. تفسير الفخر الرازي: 8 / 163، تفسير ابن كثير: 4 / 122. العقد الفريد: 4 / 126 مع اختلاف يسير. ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر: 2 / 36 برقم 536. الخصائص الكبرى للسيوطي: 2 / 466. الدر المنثور: 2 / 285، عند الآية 203 آل عمران. الصواعق المحرقة: باب 11 فصل 1 / 150 وذكر أن طرق الحديث وردت عن نيف وعشرين صحابيا، مجمع الزوائد: 9 / 162. مناقب ابن المغازلي: ص 234 برقم 281 - 284. حلية الأولياء: 1 / 355، 9 / 64. الطبقات لابن سعد: 2 / 194 ط. مصر، حلية الأولياء: 1 / 355. سنن البيهقي: 2 / 148، كنز العمال: 1 / 45 - 172. مشكل الآثار: 4 / 368، أسد الغابة: 2 / 12.
194 " والحديث متواتر مجمع عليه، ومما حفظ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال ذلك في حجة الوداع في أربعة مواطن: يوم عرفة على ناقته القصوى، مسجد الخيف بمنى، خطبة الغدير، في المدينة في بعض أيام مرضه " ذيل المناقب لابن المغازلي ص 237 عن ذيل إحقاق الحق ج 9 ص 309 - 377. وقال ابن حجر في صواعقه ص 90: تنبيه: سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن وعترته ثقلين لأن الثقل كل نفيس خطير الصون، وقيل سميا الثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما... ".
195 الملحق رقم (3) ما وليهم اثنا عشر خليفة ألفاظه: " يكون اثنا عشر أميرا، فقال كلمة لم اسمعها، فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش " صحيح البخاري: 9 / 101 باب رقم 51. " إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة، قال: ثم تكلم بكلام خفي علي. قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش. " لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر خليفة... ". " لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش " صحيح مسلم: 3 / 1452 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش. " لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشرة خليفة " مجمع الزوائد: 5 / 190. مصادره: مسند الإمام أحمد: 1 / 398، 5 / 86 - 90، 92 - 101، 106، 108. المستدرك على الصحيحين: 3 / 617، 618. مسند أبي داود الطيالسي: ص 180. شرح السنة: 15 / 30، 31. تاريخ الخلفاء: ص 8، فتح الباري: 13 / 181.
196 المطالب العالية: 2 / 197. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 8 / 226. تاريخ بغداد: 2 / 126. حلية الأولياء: 4 / 333، مسند أبي عوانة: 4 / 396 - 399. دلائل النبوة: 6 / 519 - 523. صحيح الجامع الصغير: 2 / 1274. سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1 / 651 رقم 376، 2 / 690 رقم 964. سنن أبي داود: 4 / 106. سنن الترمذي: 4 / 501، كتاب الفتن: باب 46 رقم 2223. كنز العمال: 6 / 201.
197 الملحق رقم (4) حديث السفينة ألفاظه: " أبو ذر بباب الكعبة ينادي: أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ومن أنكرني فأنا أبو ذر، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق " المستدرك: 2 / 343 " إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا " الصواعق المحرقة: باب 11 فصل 1 الآية السابعة: ص 152. " إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق " تاريخ بغداد: 12 / 19. " إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة " الدر المنثور: في تفسير قوله تعالى: * (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) * البقرة: 58. " مثل عترتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا " كنوز الحقائق للمناوي ص 132. مصادره: المستدرك للحاكم: 2 / 343، 3 / 151. الجامع الصغير: 2 / 533 حديث 8162 ص 480 ط مصر)، عيون الأخبار: 1 / 211.
199 الملحق رقم (5) علي مع الحق والحق مع علي ألفاظه: قد ورد هذا الحديث بعدة ألفاظ صريحا أو التزاما، وفي عدة مواطن ذكر النبي (ص) ذلك تنويها بفضل علي ووجوب اتباعه. "... قال: ومر علي بن أبي طالب فقال: الحق مع ذا، الحق مع ذا " مجمع الزوائد: 7 / 234 - 235. " عن حذيقة بن اليمان، قال: انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر علي فالزموها، فإنها على الهدى " مجمع الزوائد 7 / 236. " اللهم أدر الحق معه حيث دار " مستدرك الحاكم: 3 / 124 - 125. " يا علي من فارقني فارق الله، ومن فارقك يا علي فارقني " مجمع الزوائد: 9 / 135. " علي مع الحق والحق مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة " تاريخ بغداد 14 / 321. " تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحق - يعني عليا - " وعلى نفس الوزن: " علي مع القرآن والقرآن مع علي... " المستدرك 3 / 124، كنز العمال: 6 / 157
200 مصادره: المناقب للخوارزمي: ص 56، سنن الترمذي 5 / 633 در السحابة: ص 238، ص 226 وطبعة أخرى: 5 / 297 حديث 3798. المستدرك على الصحيحين: ص 119 ج 3. در بحر المناقب (مخطوط): ص 99 (للشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الموصلي الحنفي المعروف بحسنويه المتوفى (680) وفيه شهادة أبي ذر والمقداد وسلمان بصحة صدور الحديث عن النبي (ص). ذكره الطبري في كتابه المسترشد في الإمامة: ص 229. الإمامة والسياسة: 1 / 73، ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق: 3 / 119 حديث 1162. شرح نهج البلاغة: 10 / 270، كنز العمال 11 / 603 رقم 32912. الملل والنحل: 1 / 103. وقال الفخر الرازي: ج 1 ص 205 ومن اقتدى بعلي ابن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قوله (ص): اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.
201 الملحق رقم (6) من كنت مولاه فعلي مولاه ألفاظه: هو حديث الولاية أو الغدير المشهور المتواتر سندا مطلقا ومتنا في الجملة والذي سارت به الوديان والركبان، وإن كانت الألفاظ قد تكررت في مواطن أخرى وقد ذكر المؤلف أن محمد بن جرير الطبري قد أوصل طرق الحديث إلى خمسة وسبعين طريقا، بل أفرد له كتابا أسماه كتاب الولاية، فمن ألفاظه: " من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليه فهذا وليه " مناقب ابن المغازلي ص 16 رقم 23. " من كنت وليه فعلي وليه أو مولاه ". وفي بعضها: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه... " مناقب ابن المغازلي: ص 19 - 23. " إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي " سنن الترمذي: 5 / 632. مصادره: قد استقصى العلامة الأميني في كتاب القيم " الغدير في الكتاب والسنة " ج 1 ص 41 - 61 كل من روى الحديث وهم (120) صحابيا، ومن التابعين (84) تابعيا، وأما من المؤلفين والحفاظ فهم (360)، كما أن العلامة ناصر الدين
202 الألباني قد ذكر الحديث بتسعة طرق وصححه وناقش كل من طعن في سنده فراجعه (ج 4 ص 343 من كتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة). ونحن نذكر بعض مصادره هنا: سنن الترمذي: 5 / 633 باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). المستدرك للحاكم: 3 / 109، 110. مسند أحمد: 1 / 84 - 118 - 119 - 152 - 321، 4 / 281 - 368 - 370 - 372، 5 / 347 - 366 - 419. حلية الأولياء: 4 / 23، 5 / 27 - 364. سنن ابن ماجة: 1 / 43 رقم 116 / مجمع الزوائد: 9 / 103 - 108. كتاب السنة: ص 590 - 596. وعده السيوطي في " قطف الأزهار المتناثرة ": ص 277 من الأحاديث المتواترة وكذا الكتاني في " نظم المتناثر " ص 206، والزبيدي في " لقط اللئالي المتناثرة " ص 205. أسنى المطالب: ص 5، سلسلة الأحاديث الصحيحة: 4 / 343. تاريخ الإسلام: 2 / 629، مرقاة المفاتيح: 10 / 464. الصواعق المحرقة: ص 149. الإستيعاب: 3 / 36. وبخصوص اللفظ الأخير: صحيح الجامع الصغير: 2 / 1112، خصائص أمير المؤمنين: ص 164. الإحسان بترتيب صحيح ابن جبان: 9 / 42. مسند أحمد: 4 / 437 - 438، 5 / 356. سلسلة الأحاديث الصحيحة: 5 / 261.
203 وقال المناوي: قال الحراني: والمولى هو الولي اللازم الولاية القائم بها الدائم عليها لمن تولاه بإسناد أمره إليه فيما هو ليس بمستطيع له " فيض القدير 4 / 358. كنز العمال: 11 / 332 حديث 31662، 1 / 48، 6 / 390، 397، 145 وما بعدها تاريخ اليعقوبي: 2 / 111 - 112، السيرة الحلبية: 3 / 336. المناقب للخوارزمي: ص 80. البداية والنهاية: 5 / 183 - 189، أشهر فصول السنة العاشرة، وأخرج مناشدة علي للناس في الرحبة من الكوفة عن ستة وثلاثين طريقا. تاريخ بغداد: 8 / 290، 7 / 377، أسد الغابة: ج 5 ص 383. ثم بالرجوع لتاريخ بغداد وفي المصدر المذكور حيث ذكر قولة عمر بن الخطاب لعلي (ع): بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ". الرياض النضرة: ج 2 ص 169 وقال أخرجه البغوي في معجمه، وقال في ص 170 عن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول الله (ص) مولاه.. الصواعق المحرقة: ص 25. أسباب النزول للواحدي: ص 150 عند الآية " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك... ". تفسير الفخر الرازي: في تفسير الآية السابقة. الدر المنثور للسيوطي: عند قوله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم...) *. نور الأبصار للشبلنجي: ص 71، ذكر نزول العذاب على الحارث بن النعمان. لما أنكر تنصيب النبي (ص) عليا (ع) يوم غدير خم. وذكر الحادثة المناوي في فيض القدير: ج 6 ص 217.
204 الملحق رقم (7) أحاديث الردة حديث ردة الناس بعد موت النبي (ص) قد حكاه القرآن فقال تعالى: * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا) * آل عمران: 144. وقال تعالى: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم) * محمد: 25. وكذا حكته السنة النبوية فمنها: في خطبة حجة الوداع قال (ص): " ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " صحيح البخاري، كتاب الفتن: 9 / 90 / 26 - 29. ومنها: حديث الحوض المشهور: " أنا فرطكم على الحوض، ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي! فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك " صحيح البخاري 9: 83 / 2 كتاب الفتن. وفي أخرى " ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم " المصدر السابق. وفي آخر: "... فإذا جئت قام رجال فقال هذا: يا رسول الله إنني فلان، وقال هذا: يا رسول الله، أنا فلان، وقال هذا يا رسول الله أنا فلان. فأقول: قد عرفتكم
205 ولكنكم أحدثتم بعدي ورجعتم القهقرى ". وأحاديث أخرى كثيرة في هذا المضمون. تنبيه وإيقاظ: لقد شاع عند بعض المؤرخين - عن علم وتعمد أو عن جهل - بأن ردة الناس بعد الرسول (ص) ليست إلا من قبل أولئك الذين قاتلهم الخليفة الأول، وهذا إبهام - في الواقع - لجنية من جنيات التاريخ إذ أن الذين قاتلهم على فئتين: إحداهما: التي ارتدت واقعا وأثبت التأريخ كذلك لها ذلك، كما في بعض القبائل أتباع مسيلمة الكذاب وسجاح. والثانية: هم أقوام منعوا الزكاة إلا لأهلها - وهو علي (ع) - أو منعوا الزكاة مطلقا، وبإجماع المسلمين أن مانع الزكاة مع اعتقاد وجوبها مسلم لم يخرج عن حكم الإسلام وصيانته وحرمته، وقد طوى المؤرخون الثانية تحت عنوان الأولى لأغراض سياسية وغيرها، فأي جناية في حق تاريخ الإسلام والمسلمين قد اقترفوا؟، وما عليك لتعرف صحة هذه الدعوى من عدمها إلا تتبع قضية مالك بن نويرة وما جرى عليه من مبعوث الخليفة!! فراجع الكامل في التاريخ: 2 / 359، البداية والنهاية: 4 / 314، 6 / 320. الإصابة في تمييز الصحابة: 3 / 357. نعم هي تنطبق على من رجع عن بيعته لعلي (ع) والتي كانت في عرض تبليغ الرسالة بنص القرآن الكريم، وقد وردت الروايات المفسرة للآيات بذلك المعنى. مصادره: صحيح البخاري: كتاب الفتن 9: 90 / 26 - 29. صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب معنى قول النبي " لا ترجعوا بعدي
206 كفارا " 1: 81 / 118 - 120. مسند أحمد من أربعة عشر طريقا منها: ج 5: 37، 44، 49، 333. سنن الترمذي: 4: 486 / 2193. سنن أبي داود: 4: 221 / 4686. سنن الدارمي: 2 / 69 باب حرمة المسلم. وصحيح مسلم لخصوص حديث الحوض: 4: 1796 / 32 (2297). المستدرك على الصحيحين: 4 / 74 - 75 وقال: حديث صحيح الإسناد. سنن ابن ماجة: باب ذكر الحوض: 2: 1439 / 4309. مصابيح السنة: 3: 537 / 4315. الموطأ: 2: 462 / 32 كتاب الجهاد، باب الشهداء في سبيل الله لخصوص قول النبي (ص) " بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي ".
207 الملحق رقم (8) عدم توثيق المنافق ولو ادعيت له الصحبة إن المجتمع الذي بدأ النبي ببث دعوته الإلهية فيه وكذا الذي استمرت الدعوة معه كبقية المجتمعات التي كانت تسودها آراء الجاهلية، وتهيمن على نفوسهم الأطماع الدنيوية المختلفة، ولذا فمن الطبيعي أن يكون فيه أناس صلحاء أتقياء يفدون الرسالة بأنفسهم وبكل غال وثمين، وأيضا لا يخلو من شرذمة ممن لم يتمكن الإسلام فضلا عن الإيمان من قلوبهم، وهؤلاء هم الذين كانوا وقودا للفتن التي جرت على المسلمين وويلاتها عبر تاريخ الإسلام. والقرآن يصنف هؤلاء إلى صنفين: الأول: وهم المستضعفون من الرجال والنساء والأطفال، قال تعالى: * (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) * النساء: 98، ومما لا شك فيه أن جهل هؤلاء قد أعان على قوة شوكة المنافقين وأعداء الإسلام. الثاني: المنافقون: وهم صنف قد أثبت القرآن وجوده في زمن النبي (ص)،
208 وأثبت التاريخ الكثير من مكائدهم للإسلام وللمسلمين. قال تعالى: * (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) * التوبة: 101. وقال تعالى: * (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه) * التوبة: 77. وقال تعالى: * (الأعراب أشد كفرا ونفاقا) * التوبة: 97. ومما حكاه القرآن من بغضهم للإسلام ما حدث من رئيس المنافقين في المدينة حين قال تعالى على لسانهم: * (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) * المنافقون: 8. فالنفاق والمنافق كحقيقة واقعية أثبتها القرآن في عدة مواضع. وأما السنة فكفانا أن نقرأ ترجمة حذيفة بن اليمان وأنه قد أودعه الرسول (ص) أخبار المنافقين وأسماءهم، بل يروى أنه وقت نزول سورة التوبة كان البعض يسألونه فيما إذا ذكرت أسماؤهم في ضمن المنافقين أم لا؟ وأما مسألة توثيق كل من كان صحابيا ولو كان منافقا فهذا ما لا يقبله العقل السليم ولا الفكر المستقيم، ولا يرتضيه كثير من علماء الرجال والمترجمون لهم، بل عملهم قائم على البحث في التوثيق والتضعيف، حتى أنه قد ألف الشيخ الألباني - من علمائهم - كتاب " سلسلة الأحاديث الضعيفة " وقد آثر عن أبي ذر الغفاري قوله: " كنا نعرف المؤمن من المنافق على عهد رسول الله (ص) بحب علي وبغضه " وكذا رويت عن ابن عباس وهذا الوليد بن عقبة يحسب من الصحابة وهو فاسق بنص القرآن بنص آية النبأ، وقد ألف الأستاذ محمود أبو رية كتابا في ترجمة أبي هريرة ومروياته عن النبي (ص) وكيف أن الثاني قد ضربه بالدرة لسرقته أموال البحرين ولكثرة مفترياته على النبي (ص). والخلاصة أن الصحبة لا تكون عاصمة
209 لصاحبها عن الخطأ. فراجع للاستزادة: أضواء على السنة المحمدية للأستاذ محمود أبو رية. الجزء الأول من معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري. مقدمة ميزان الاعتدال للذهبي. ابن تيمية: حياته عقائده للأستاذ صائب عبد الحميد.
210 الملحق رقم (9) علم الحروف وحساب الجمل يعد علم دلالات الحروف من العلوم الغريبة لقلة أنس الناس بها أو لعدم اعتقاد بعض منهم في مدى مصداقيته، وفيه ثلاث نظرات مختلفة: الأولى: أن دلالات الحروف ذاتية لها فمع ضبط قواعد هذا العلم فإنه قطعا يكون صادقا ويؤثر أثره ويكشف عن المعنى المستتر فيه. الثانية: أنه ليس إلا بنحو الاقتضاء سواء في الكشف أم في ترتب الأثر. والوجدان يكذب دعوى العلية التامة إذ لا شك في وجود أسباب وعوامل أخرى مساعدة في الوجود أو في التأثير، وهذا مذهب الأكثر. الثالثة: إن هذا العلم لا واقع له ولا مصداقية، وإنما هو أمر اعتباري محض، وضبط قواعده أو العمل على طبقها لا يضر ولا ينفع ولا يكشف شيئا فضلا عن التأثير. التعريف به: يقول أرباب هذا العلم بأن: " العدد روح والحروف جسد فهو سار في جميع الأسماء " وقد عرف علم الحروف: " بأنه استنطاق الحروف أو الكلمات ضمن أعدادها وفق هيئات مخصوصة وقواعد مضبوطة ".
211 وعد منه علم الجفر وعلم الرمل وحساب الجمل والأوفاق وهو ما يسمى بتزويجات الأعداد أو علم الأعداد. ونخص بالتوضيح منها هنا حساب الجمل لتعرض المؤلف له في الكتاب، وهم يقسمونه إلى قسمين: 1 - حساب الجمل الصغير. 2 - حساب الجمل الكبير. فحساب الجمل مطلقا هو: حساب الأحرف الهجائية المجموعة في ترتيب الأبجدي والمراد بأبجد أول الكلمات التي رتبت فيها الأحرف الثمانية والعشرون وهي: أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت، ثخذ، ضظغ. ثم وضعوا في مقابل كل حرف عددا لها هكذا: أ ب ج د ه و ز ح ط 1 2 3 4 5 6 7 8 9 ي ك ل م ن س ع ف ص 10 20 30 40 50 60 70 80 90 ق رش ت ث خ د ض ظ غ 100 200 300 400 500 600 700 800 900 1000 وهناك تركيب آخر يسمى التركيب الأبتثي أي بترتيب: ا، ب، ت، ث،...، وكذا التركيب الأهطعي، أو الأيقغي والأخير يعتمد على تركيب جمل أربع على ترتيب العناصر الأربعة: النارية والهوائية والترابية والمائية. والسبب الأساس في الاعتماد عليه عندهم هو ربطهم لمخارج الحروف وهيئاتها بمنازل القمر الثمانية والعشرين مع ألفاظ الأسماء والصفات لإحداث
212 تأثير معين. ونرجع للقول بأن القسم الأول وهو حساب الجمل الصغير يعني حساب الأعداد بما يقابل مقطعات الحروف مفردة: فحرف الميم من كلمة " محمد " يحسب " 40 " وحرف الحاء يحسب " 8 " وهكذا. وأما القسم الثاني وهو حساب الجمل الكبير فهو بحساب كل ما ينطق من اللفظ المكون للحرف فكلمة " محمد " مكونة من الميم والحاء والميم والدال، وحين الحساب يحسبون كلمة " ميم " كاملة وهي ثلاثة حروف لا حرفا واحدا. وأما الزبر والبينات: فزبر الحروف أو الكلمات عبارة عن الحرف الأول من اسم كل حرف أو كلمة، وبينتها عبارة عما بعد الحرف الأول من اسم كل حرف، فمثلا " سين " الحرف الأول (الزبر) هو " س " وبينته هو " ين " وهذا مطرد في كل اسم أو لفظ. مصادر الملحق: شرح دعاء الصباح للمولى هادي السبزواري. دعاء الجوشن للمولى هادي السبزواري.
213 الملحق رقم (10) آية التطهير قال تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطيرا) * الأحزاب: 33. مصادرها: قد نزلت هذه الآية في خمسة وهم: " محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام))، وقد ذكر معظم المفسرين ذلك فمنهم: الدر المنثور للسيوطي: 5 / 198 - 199، و 6 / 603 ط دار الفكر. تفسير القرطبي: 14 / 182 ط 1. تفسير ابن كثير: 3 / 483 - 485 ط 2. التفسير المنير لمعالم التنزيل: 2 / 183. تفسير الخازن: 5 / 213، تفسير الكشاف: 1 / 369 - 370. أسباب النزول للواحدي: ص 203. شواهد التنزيل للحسكاني: 2 / 26 - 27 وفي مواطن أخرى كثيرة. تفسير الطبري: 22 / 5، 6، 7 وغيرها من التفاسير.
214 وأما مدونات المحدثين ومؤلفاتهم فكثيرة جدا فمنها: مشكل الآثار: 1 / 322 - 339، مسند أحمد: 4 / 107. صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضل أهل البيت ج 2 ص 368 ط عيسى الحلبي، و ج 4: 1883 / 2424 ط دار الفكر 2. سنن الترمذي: 5 / 30 حديث 3258 و 5 / 328 حديث 3875 دار الفكر. المستدرك على الصحيحين: 3 / 133 - 746 - 147 - 158، ج 2 ص 416. خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ص 4. ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر: 1 / 185 حديث 250 و 272 و 320 و 321 و 322، أسد الغابة: 2 / 12 و 20. ذخائر العقبى: ص 21 - 23 - 24. أحكام القرآن للجصاص: 5 / 230، المناقب لابن المغازلي: ص 301 / ح 345 - 348 - 349 - 350 - 351. تاريخ بغداد: 10 / 278. مطالب السؤول: 1 / 19 - 20، مشكاة المصابيح: 3 / 254 / 1731. مصابيح السنة: 2 / 278، أحكام القرآن لابن عربي: 2 / 166. الفصول المهمة لابن الصباغ: ص 8، الإصابة لابن حجر: 2 / 502. الإتقان في علوم القرآن: 4 / 240. منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد: 5 / 96. سنن الترمذي: 5 / 351، وكتاب المناقب: 5: 663 / 3787. فتح القدير للشوكاني: 4 / 279. ينابيع المودة للقندوزي: ص 107 - 108 - 227 - 228.
215 الرياض النضرة للسيوطي: 2 / 248 ط 2. وغيرها من كتب القوم مما لا يحصى عددا. وأما حديث خروج النبي وعليه مرط مرجل أو مرحل المروي عن عائشة فراجع فيه خصوص صحيح مسلم طبعة دار الفكر. وأما مرور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على بيت فاطمة (عليها السلام) ولمدة ستة أشهر وقت الصلاة وتلاوته الآية وقوله الصلاة يا أهل البيت، فراجع فيه خصوص سنن الترمذي: 5 / 225، كتاب التفسير، حديث 2999.
216 الملحق رقم (11) آية المباهلة قال تعالى: * (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) * آل عمران: 61. وسبب نزول الآية هو طلب النبي من نصارى نجران المباهلة في دينه، فأمره الله في الاستعانة بهم بالدعاء في تلك المباهلة فخرج مع علي (نفسه) والحسنين (الأبناء) وفاطمة خلفهم (النساء) ولم يخرج بأحد غيرهم باتفاق الكل فعلم اختصاص الآية بهم. مصادره: قد ذكر جل المفسرين هذا المعنى وأثبتوه لهم وكذا غيرهم من نقلة الحديث ونحن نثبت بعضا ممن ذكر ذلك: تفسير الطبري: 3 / 299، تفسير الفخر الرازي: 8 / 85. تفسير القرطبي: 3 / 104، تفسير الكشاف: 1 / 368. تفسير ابن كثير: 1 / 370، أحكام القرآن: 2 / 295. أسباب النزول: ص 67، شواهد التنزيل: 1 / 120 - 129 ج 168.
217 الدر المنثور: 2 / 38 - 39، تفسير البيضاوي: 2 / 22. جامع الأصول: 9 / 470، تفسير الخازن: 1 / 302. ومعالم التنزيل بهامش تفسير الخازن، الفصول المهمة: ص 110. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16 / 291 بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. تفسير الجلالين للسيوطي: 1 / 33، تذكرة الخواص: ص 17. الرياض النضرة للطبري: 2 / 248، فتح القدير الشوكاني: 1 / 347. مصابيح السنة للبغوي: 4: 183 / 4795. الكامل في التاريخ: 2 / 293. سنن الترمذي: 5: 225 / 2999 وفي طبعة أخرى: 4 / 293 حديث 3085. تفسير الآلوسي (روح المعاني): 3 / 188 - 189. تفسير أبي السعود: 2 / 46 وبهامش تفسير الرازي: 2 / 143. تفسير النسفي: 1 / 221. صحيح مسلم: 4 / 1871، أحكام القرآن لابن عربي: 1 / 275. مطالب السؤول: 1 / 18. فرائد السمطين: 1 / 378. ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر: 1 / 21. المستدرك على الصحيحين: 3 / 150. التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي: 1 / 109. فتح البيان في مقاصد القرآن: 2 / 72. زاد المسير لابن الجوزي: 1 / 399.
218 الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 72. فضائل الخمسة: 1 / 244. وفي قصة المباهلة ألف العلامة الشيخ منصور البيات كتاب " النظرة الرشيدة في المباهلة السعيدة " طبع دار الزهراء - بيروت، وكذلك كتب الشيخ عبد الله السبتي كتاب " مباهلة النبي (ص) ". ويعد السيد ابن طاووس أول من جمع روايات المباهلة ولقد تأسف السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي على ضياعها من أيدينا.
219 الملحق رقم (12) آية التصدق بالخاتم قال تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * المائدة: 55 - 56. نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين تصدق وهو راكع في الصلاة. مصادر ذلك: تفسير الطبري: 6 / 288 - 289. الكشاف للزمخشري: 649 وص 624 ط مصطفى محمد - مصر. تفسير القرطبي: 6 / 219 - 220. تفسير الفخر الرازي: 12 / 26، تفسير ابن كثير: 2 / 71. تفسير النسفي: 1 / 289، أسباب النزول: ص 148. الدر المنثور للسيوطي: 2 / 293، التفسير المنير لمعالم التنزيل: 1 / 210. أحكام القرآن: 4 / 102، فتح القدير: 2 / 53. الفصول المهمة: ص 108 - 123، شرح نهج البلاغة: 13 / 277.
220 شواهد التنزيل: ج 1 ص 161 حديث 216 - 241. ذخائر العقبى: ص 88 - 102، المناقب للخوارزمي: ص 187. مجمع الزوائد: 7 / 17، تذكرة الخواص: ص 18 - 208. الرياض النضرة للسيوطي: 2 / 273، جامع الأصول: 9 / 478. نظم درر السمطين للزرندي: ص 86 - 88. كنز العمال: 15 / 146 حديث 416 وص 95 حديث 269. التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي: 1 / 181. فرائد السمطين: 1 / 11 و 190 حديث 150 - 151 - 153 ط 1. لباب التأويل للسيوطي بهامش تفسير الجلالين: ص 213. ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر: 2 / 409 حديث 908 - 909. ينابيع المودة للقندوزي: ج 1 ص 114 ط العرفان.