أولاد الإمام محمد الباقر (ع) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أولاد الإمام محمد الباقر (ع) - نسخه متنی

حسين حسيني زرباطي

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: أولاد الإمام محمد الباقر (ع)
المؤلف: السيد حسين الزرباطي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1417
المطبعة: إسماعيليان - قم
الناشر: انتشارات دار التفسير ( إسماعيليان ) . قم
ردمك:
ملاحظات:
بغية الحائر
في
أحوال أولاد الإمام الباقر (ع)
تأليف
السيد حسين الحسيني الزرباطي
ناشر
انتشارات دار التفسير

1
بسم الله الرحمن الرحيم
هوية الكتاب
اسم الكتاب: بغية الحائر في أحوال أولاد الإمام الباقر (ع).
المؤلف: السيد حسين الحسيني الزرباطي.
النشر انتشارات دار التفسير (اسماعيليان)
تاريخ النشر 1417 ه‍. ق
المطبعة والتجليد اسماعيليان - قم
الطبعة الأولى للناشر
عدد المطبوع 100 جلد
القطع وعدد الصفحات وزيري - 240 صفحة

2
الإهداء...
إليك يا رسول الله (ص)...
أقدم هذا الجهد الضئيل...
ولئن كان قليلا فهو على قدري...
قصدت به التقرب إليك بإحياء ذكر أبنائك البررة...
فتقبله مني يا مولاي...

3
في أمالي الصدوق 1 عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام
قال عليه الصلاة والسلام:
النظر إلى ذريتنا عبادة قيل له: يا بن رسول الله النظر إلى الأئمة
منكم عبادة أم النظر إلى جميع ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فقال عليه السلام بل النظر إلى جميع ذرية النبي صلى الله عليه وآله
سلم عبادة.



1 - أمالي الصدوق ط بيروت 1980 ص 242 المجلس 49.
4
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء
والمرسلين محمد وآله الطاهرين.
وبعد: منذ سنوات طويلة وأنا أجول بين كتب النسب والتراجم
والتواريخ بحثا عن معالم واضحة لأبناء الإمام الباقر عليه السلام حيث
دفعني الوقوف على كثرة من أعقابهم نحو البحث عن الأصول التي
أسدل عليها التاريخ ستار النسيان والإهمال. وزادتني عزما على
مواصلة البحث - رغم العوائق الصعبة والظروف المتعبة - أمور:
منها: تصريحات جازمة وعبارات قاسية قرأتها في كتب
مشهورة في الفن عند ذكرها أولاد الإمام الباقر (ع) من قبيل (من
انتسب إلى الباقر (ع) من غير ولده الصادق فهو كذاب دعي) 1 أو (أن
العقب من جعفر وحده) 2 أو (درجوا كلهم إلا أولاد الصادق (ع)) 3
وأمثال هذه العبارات التي باتت عندي بعد مطالعة الكثير منها المادة



(1) سر السلسلة لأبي نصر البخاري طقم سنة 1413 ص 33
(2) المجدي للعمري ص 94، تهذيب الأنساب ص 147.
(3) المناقب لابن شهرآشوب ج 4 ص 210، لباب الأنساب ج 2 ص 447.
5
العلمية الأولى والسند الرسمي الذي لم أجد في حينه ما يدحضه. بينما
كانت قناعتي على خلاف ما اشتهر. وصرت بين ما قرأت وما اعتقد
في حيره تمنيت كثيرا رفعها.
ومنها: عدد كبير من السادة أعرفهم في إيران والعراق ينتسبون
إلى الإمام الباقر عليه السلام من غير ولده الصادق (ع) بخلاف ما
اشتهر عند النسابين ولا شك في صدقهم لكثرتهم وتباعدهم ومشجرات
قديمة يحتفظون بها منذ مئات السنين شهد بصحة انتساب أصحابها
علماء كبار وبعض النسابين.
هذا إضافة إلى الرغبة الملحة في الوقوف على أجوبة مقنعة
لتساؤلات تجيش في النفس حول المسألة: ترى هل الأمر كما زعمه
النسابون وأن هؤلاء الكثرة من السادة المعروفين بالحسينيين والذين
ينسبون أنفسهم إلى الإمام الباقر عليه السلام يدعون ما ليس فيهم، وأن
الخلف حمل وزر الانتحال بخطأ ارتكبه أحد الأجداد مثلا؟ لكن ما هذه
المشجرات التي توارثوها وهي مختومة من قبل مراجع عظام وبعض
المحققين ممن لهم مكانتهم بين رجال الفن؟ وإذا احتملنا الادعاء فلم لم
يقتصر ذلك على فخذ أو بطن بل يتعداه إلى الجذور عمقا فطائفة تنسب
نفسها إلى عبد الله ابن الإمام الباقر عليه السلام وطائفة إلى إبراهيم ابن
الإمام الباقر (ع) وثالثة إلى علي ابن الإمام الباقر (ع). ثم إذا كانت
المسألة صرف ادعاء كيف اتفق أن اختار كل فئة ابنا من أبناء الإمام
عليه السلام. ولم لم يختاروا في انتسابهم - والمسألة انتخاب
- المشهورين بالعقب من أبناء الأئمة وإنما نسبوا أنفسهم إلى من ينكر
عقبه النسابون علنا، أكان ذلك جهلا منهم بأن أولاد الإمام الباقر عليه

6
السلام درجوا ولم يكن لأحدهم نسل إلا الإمام الصادق عليه السلام؟ أم
أن الأمر بالعكس وأنهم شهود على خلاف ما استقر عليه المشهور.
هذه التساؤلات شوقتني أكثر فأكثر في متابعة الموضوع والسير
نحو الفحص والتنقيب. فالظن يدفع بالقناعة صوب الاستقرار والشواهد
تدفع بالظن إلى مرتبة أعلى منه.. إذ لو أنصفنا لوجدنا أن الإصرار
على الانتساب إلى مجهول الحال لا يتفق واحتمال الانتحال خاصة إذا
لم يكن في هذا الانتساب المر نفع يذكر لا بالنسبة إلى الأجداد ولا إلى
الأحفاد. وأن كثرة المنتسبين يبعد الشك في صدق الدعوى سيما مع
شهادة علماء بصحة الادعاء عبر قرون.. ولقد التقيت بأعداد منهم في
أماكن متفرقة أذكر منها، بغداد وواسط والبصرة والأهواز وإيلام و
دهلران وشيراز واصطهبانات وني ريز وجهرم وسروستان وطهران
وطالقان وأصفهان وغيرها. كل يدعي الانتساب إلى الإمام الباقر عليه
السلام من مختلف أولاده ولكثير منهم مشجرات فهل كل أولئك كذابون
أدعياء كما زعم البخاري..؟؟؟!
ثم بماذا أفسر انتساب الفقيه الكبير والمرجع الديني في النجف
الأشرف المرحوم آية الله العظمى السيد إبراهيم المعروف بالميرزا آقا
ألاصطهباناتي إلى السيد إبراهيم ابن الإمام محمد الباقر عليه السلام،
كما وقفت على مشجرته التي كانت ضمن أوراق ورسائل تركها في
مكتبته والذي أنهى نسبه فيها إلى السيد إبراهيم ابن الإمام محمد الباقر
(ع) المدفون في بشتكوه. فإذا كان يعلم وهو الفقيه المرجع أن أولاد
الإمام الباقر (ع) لم يعقبوا فلماذا انتسب إليهم؟ وقد ألفت نظري تعيينه -
رحمه الله - مكان دفن السيد إبراهيم في بشتكوه. وقد كنت أظن أن

7
المنتسبين إلى السيد إبراهيم المتواجدين في محافظة إيلام وما حولها
ينفردون بهذا الادعاء. إذ لم أظفر بمن يشير إلى موطن دفن السيد
إبراهيم غيرهم، فكيف تسنى له إثبات ذلك، وهو - رحمه الله - من
القاطنين في إقليم فارس منذ زمن بعيد، أقل ما عرفت من أمده أن من
أجداده المدفونين هناك السيد مير حسين المدفون في سفح جبل خرمنكوه.
ويعد السيد مير حسين هذا الجد العاشر للسادة الحسينيين في تلك
المناطق. أشار إلى سنة وفاته ودفنه صاحب كتاب فارسنامه وقبره
زار معروف هناك.
وعلى كل حال فلقد كانت العناصر الباعثة للتساؤلات والمحركة
صوب البحث بأمل الوصول إلى أجوبة مقنعة متوفرة في هذا الموضوع
الذي دار الأمر فيه بين مشهور ضعيف الأصل وادعاء ضعيف الدليل.
أن علماء النسب خاصة المهتمين منهم بالهاشميين يصرحون بأن
الغاية مما قرروه في ابتكارهم الفن هو خوف دخول الأغيار أو خروج
الأفراد. ومن الواضح أن سلامة أصل هذه القاعدة لا تعني السلامة في
حصر المصاديق خصوصا مع العلم بأن تطبيق هذه القاعدة عمليا لم يتم
إلا بعد ثلاثة قرون وفي ظرف يستحيل معه البت في ادعاء الإحصاء
التام وذلك لا يخفى على من له أدنى إلمام بحياة الطالبيين في ظل
الحكومتين الأموية والعباسية.. والاعتماد على هذا الأصل كأساس لحكم
الاحتياط الشديد عند جرد الأسماء يتطلب الحجة البالغة إثباتا ونفيا.
تلك الحجة التي فقدت مصداقيتها في موارد كثيرة ولأسباب معروفة
منذ بدء العملية... ثم إن طرفي المعادلة فيما أظهروه أعني خوف
دخول الأغيار وخوف خروج الأفراد ليسا متعادلين لو أردنا مراعاة

8
الاحتياط في التعامل مع فرد مشكوك يتأرجح بين الخوفين فإن إخراج
فرد على الظن وعدم الحجة أثقل في الميزان ذنبا وأخطر في الدنيا
أثرا من إدخال مدع من الأغيار شبهة وظنا. فالذي يدخل نفسه في
ربقة الهاشميين وهو يعلم أنه ليس منهم فقد أضر بآخرة نفسه لمكان
انتحال اسمهم وسرقته حقهم ظلما ومثل هذا ربح دنياه على كل حال
وخسر آخرته ولا يلحق ضرره الفاحش إلا بنفسه. أما إخراج الهاشمي
من دوحته وقطعه من شجرته فإنه يترتب عليه خسرانان أحدهما في
الدنيا بخسران شرف النسب الرفيع وما يترتب عليه من حقوق والثاني
في الآخرة. بإغرائه على الخروج من مسلكه وتعاطيه ما لا يجوز له و
أكله ما لا يحل عليه هذا مضافا إلى ما يتحمله من عذاب نفسي لا ينفك
عنه مدى الحياة. وإذا كان الأمر كذلك أوليس من الأجدر الإغماض عن
أهون الشرين كي لا نرتكب وزر عدم المودة للقربى بظلمهم من حيث
لا نشعر. ولا نشفق على من تقدم عالما عامدا على اقتراف المعصية
طمعا في الدنيا بردعه قهرا عن عمله بإنكار نسبه ونكون بحجة حماية
الهاشميين قد استخدمنا شفرة لا تفري إلا أوداج الهاشميين الكرام، فكلنا
يعلم أن من تجرأ على الله من العوام بادعاء السيادة لا يردعه هذا الإقدام
عن ارتكاب ما هو أشنع في زي العوام. فلم لم ندع العصاة المتعمدين
وما هم يقترفوه ونترك أمرهم إلى الله الذي يعلم خائنة الأعين وما
تخفي الصدور. ولا نرتكب بغرور أو جهل ما يصدع قلب الرسول
(ص) بإنكار فرع من شجرته الطيبة وطرده عن مقامه النسبي بجزم لا
مبنى له إلا الظن واحتمال خلافه قريب جدا. فإن كان الغرض من تلك
الكلمات اللا مسؤولة كما يزعمون هو حماية السادة من هدر حقوقهم

9
وانتحال شخصيتهم فلا أظن أن أحدا من السادة يتعامل مقابل احتمال
حفظ فرع من فروعهم وهم الأدرى بما يدور عليهم من دوائر ويرددون
قول الشاعر فيهم:
أرى فيأهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات
والعجب من الذين يتباكون على مزاحمة العلوي في الشرف
والمال حينما - يتظاهرون بتضلعهم في علم الأنساب ولا يجدون لجد
العلويين علي بن أبي طالب (ع) إذ يجلسون مجالس المتكلمين حقا
ضاع في وضح النهار في الصدر الأول رغم الحجج والأدلة التي لا
يتطرق إليها الشك.
والأعجب من ذلك أن يركن من يدعي الموالاة والمودة لذي
القربى إلى أولئك في إثباتهم فرعا أو نفيهم أصلا في حين يعتبر الرشد
في خلافهم في غيره من العلوم... وإلا أليس القول بأن انتحال غير
الهاشمي شخصية الهاشمي رغم حرمته الأكيدة أكثر نفعا من إخراج
الهاشمي من ثوبه، فلربما حال ثوب الادعاء بين مدعيه وبين إظهاره
المعاصي حياء أو خوفا بينما تترتب المفسدة كل المفسدة على الهاشمي
بإخراجه من معشره فلماذا لا نقدم الهاشمي على غيره في حمايته من
الإفساد؟ ثم أي حق لآل الرسول (ص) روعي على مر التاريخ يخشى
عليه من الضياع ليتوقف حفظ ذلك على التكذيب غالبا.. هل كل هذا
الجد والاجتهاد وكل هذا الإنكار والإثبات كان حقا من أجل ذلك النزر
العباسي اليسير الذي جادوا به بعد موقفهم القديم المعروف من الطالبيين
وهل كان ما كان من الجود العباسي لخير العلويين حقا أم أن لهم وراء
تلك العملية مكيدة جديدة؟.

10
كلنا نعلم أن موقف الطالبيين عموما والعلويين خصوصا كان من
التردي أبان العهدين السابقين درجة بات نفس العنوان وحده يحمل في
طياته الموت والتشريد وأن هذا الموقف كان مستمرا حتى قبيل خلق
النقابات. وإذا كان العلوي الأصيل ينكر نسبه أو يهرب إلى أقاصي
البلاد رجاء النجاة في تلك الأيام ترى أي دخيل جرئ يخاف منه تقمص
ثوبهم وهو يعلم أن صرف مصاحبة آل البيت ذنب غير مغفور... و
لعمري فقد كان الثوب العباسي هو الأكثر عرضة للتدنيس والتقمص
لما كان يدره هذا الثوب على لابسه من خيرات ولما كان يلبسه من
عافية وأمان فكان الأجدر أن يكون نصب عين الطامعين وكان الأولى
بالعباسيين إنشاء نقابات لهم لا للطالبيين. لكن الذي وقع هو العكس
. والذي يبدو أن السخاء العباسي في هذه المرحلة لم يكن محضا لله
فلقد كشفت لهم الأيام أن القضاء المبرم على العلويين بات أمرا مستحيلا
رغم شوكتهم وسطوتهم وتملكهم البلاد الإسلامية طولا وعرضا. وأن
القتل الذي أباحوه بحقهم لم يجتثهم كما تصوروه ورأوا أنهم كلما أثخنوا
العلويين بالجراح كلما كثر أنصار العلوية وزاد حبهم في نفوس
الآخرين، ففكروا وقدروا فقتلوا كيف قدروا... رأوا أن لا بأس في
كسبهم رضا بعض المعارضة بالمال حماية لسلطانهم فهم بذلك يشقون
وحدة العلويين لأنهم ينقسمون لا محالة في هذا الأمر إلى موافق لأخذ
العطاء ومخالف لا يهادن فيؤول الأمر إلى زعزعة الثقة بينهم وكما
قيل فرق تسد. هذا إضافة إلى كون فعلهم ذاك غطاء لما يغدقوه على
العباسي...!.

11
إذن المبررات لفكرة النقابات كثيرة ومن الخطأ تفسير ما قاموا به
بندمهم على ما ارتكبوه بحق العلويين واعتبار هذا الكرم استردادا لبعض
الحقوق وتعويضا لما فات... بل إنما كانت العملية سياسة جديدة
للالتفاف على الخصم والإجهاز عليه بسلاح جديد ليس إلا.. وتبدأ
الحملة بشراء الذمم وتشتد بانكفاء المسألة صوب بيوت النقباء،
وطبيعي أن يكون للولاء هنا دور كبير فليس من المعقول درج من لم
يثبت ولاءه في سجلاتهم وبذلك يتميز المسالم من المحارب. ولا يظن
غير هذا في السياسة الجديدة إذا أخذنا بنظر الاعتبار ماضي الأمة مع
القضية حيث لم نجد أثرا لمراعاة شرف التقدم في آل الرسول (ص)
الأقربين منذ وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكيف ومم
يخاف عليهم المزاحمة من دخول الأغيار وقد دفعوا عن حقهم بحد
السيف والتنكيل والتشريد إلى هذه الأيام التي راجت فيها فكرة النقابات.
لم أقل ما قلت طعنا في علم النسب أو تقليلا من شأنه لا سمح الله
لكنه احتجاج على الظلم واعتراض على من أغنى بالظن الآثم عن الحق
وأبى أن يقول لا أعلم استنكافا في مسألة أحيطت بظروف وملابسات
عكرت صفو جوها، وكان بين حكمهم والواقع طول الزمان ووعورة
المسلك وظلمات يتيه في سواد أمواجها الدليل الحاذق كما لا يخفى ذلك
على البصير المنصف. فكيف أذعن الفقيه بضياع الكثير من أخبار
الأحكام رغم كثرة حفاظها وناقليها والمهتمين بشؤونها بسبب الظروف
الخاصة التي مرت على رواية الحديث مع أهميتها والاحتياج الشديد
إليها في كل زمان. ولم يذعن النساب بضياع أخبار كثيرة عن أحوال
أبناء الأئمة الأطهار عليهم السلام وهو يعلم أكثر من غيره أن الكثيرين

12
من ذرية علي عليه السلام كانوا يتعمدون في إضاعة أنفسهم هربا من
بطش الجبارين في وقت لم تكن أخبار النسب بأهمية أخبار الفقه ولم
يتصد له من الرواة ما تصدى لأخبار الأحكام بل ربما لم يكن ذكر نسب
الطالبيين آنذاك شيئا مذكورا. فبدل أن يحيل بعضهم علم ما لا يعلم إلى
الله تعالى - يبت بالافتراء والتوهين وذاك الذي يحز في القلب - من كان
يعرف مصير عيسى المختفي لولا... وكم من أمثال عيسى ضاعوا و
ضاعت ذرياتهم في أرض الله الواسعة والعذر في ذلك واضح والشواهد
كثيرة ثم أي شئ اتفقوا عليه فيما كتبوه عن حياة الأئمة أنفسهم حتى
يتفقوا على أن " لا عقب للباقر (ع) إلا من الصادق " 1. وسنقف بعد قليل
عند هذه الحقيقة عند تعرضنا للاختلافات الفاحشة بين المؤرخين وأهل
السير في حياة شخص الإمام الباقر عليه السلام من سنة ولادته وكيفية
وفاته والخليفة الذي توفي في عهده إلى غير ذلك من المسائل التي
ينبغي ألا تكون مورد اختلاف ونقاش وجديرة بأن تذكر عندها عبارتهم "
واتفقوا على ذلك " هناك سنرى كم هم في شقاق.
فإذا كانت حياة الإمام ذلك العنوان البارز موردا للاختلاف
وأخبارهم فيها تدور بين الإفراط والتفريط فكيف بالأبناء وأبناء الأبناء
وقد كثرت الدواعي على ضياع أخبارهم فخلو السجلات النقابية من
أسماء الكثير منهم واختفائهم عن أنظار الباحثين عنهم في الطرقات
العامة والمدن الكبيرة مع صعوبة التنقل والتظاهر أيام سلطان الدوانيقي
والحجاج وإبراهيم بن هشام المخزومي وعبد الملك بن محمد بن عطية



(1) - الشجرة المباركة ص 75
13
وعيسى بن موسى ومن شاكلهم من المتعطشين بدماء أهل البيت و
المقلدين لطواغيتهم في فتوى " اقتلوهم على الظن والتهمة " إن نظرة
دقيقة في الأوضاع الأمنية والسياسية التي رافقت حياة
الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام تدل وبوضوح على العلل
الواقعية وراء غياب الكثير من أخبارهم وغموض مصير أبنائهم ومن
أجل ذلك ركزنا في فصل من الكتاب على هذا الجانب كأحد الأسباب
الرئيسية وراء ضياع أبناء الإمام الباقر عليه السلام. فقد بلغ الحال
درجة تعدي الخطر معها حدود أهل البيت إلى شيعتهم ومحبيهم حتى
أن رواة الحديث من الشيعة كانت تنقطع صلتهم بالبعض على أثر نشاط
خلفاء بني أمية العدائي ضد الأئمة من آل علي وشيعتهم. فضلا عن
الاتصال بالأئمة وأبنائهم.
ثم إن الحديث عن الأنساب في القرن الأول وكذا الثاني كان
مقتصرا على أنساب القبائل العربية فقط لأن فخر الناس آنذاك كان
عموما بفخر القبيلة وعظمة العشيرة، والانتساب إليها، فكان لا بد من
معرفة أنساب العرب، إما للانتساب أو لتشخيص انتساب الآخرين إضافة
إلى أن الإلمام بعلم الأنساب في حد ذاته كان عند العرب من السمات
المبرزة لشخصية الفرد في المجتمع. ومن ثم تحول الاتجاه في
الافتخار إلى الانتساب إلى شجرة النبوة فيما بعد النصف الثاني من
القرن الثاني. ولم يثبت اختصاص كتب النسب بالطالبيين على وجه
التفصيل إلا أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع. فقد صرح
كثير من الأعلام بأن كتاب نسب آل أبي طالب لمؤلفه يحيى النسابة بن

14
الحسن بن جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام المتوفى سنة 277 ه‍.
ق هو أول كتاب ألف اختصاصا في نسب الطالبيين وهذا يكفي
توجيها في غياب الكثير من أخبار أولاد (ع) الأئمة الذين عاصروا الأمويين
والشطر الأول من العصر العباسي، مع الأخذ بنظر الاعتبار طول
الفترة بينه وبين الإمام الباقر عليه السلام والفترة المظلمة من أيام الكر
والفر بين أمية والعلويين وفقدان الحجة في إثبات الحقائق ومحدودية
علم الرواة ممن سبق مع إذعانهم بالتنكيل والتشريد وصعوبة الانتقال و
التنقيب وعدم انقشاع غيوم الخوف عن العلويين حتى فترة تدوين
الأنساب إلا عن بعضهم ممن أظهر التعاطف مع الولاة العباسيين.
وأخيرا وتقريبا لاحتمال ضياع الأخبار وتقريبا لحقيقة وقوع
الهفوة مهما أحسنا الظن بحذاقة أهل الفن أقول: لو تأملنا في عملية
التعداد السكاني التي تجريها دول العالم في عصرنا الحاضر. هذا
العصر الغني عن الوصف من حيث الإمكانات وما تمتلكه الحكومات
من القدرات والوسائل نجد رغم كل الجهود المبذولة ورغم الرغبة
الشديدة للحكومات المقتدرة إفلات الكثير من الأسماء عن الإحصاء
لأسباب وأسباب ولم يتم لهم الجرد الكامل المتوخاة.
ولو سمعنا باشتعال فتيل فتنة بين حكومة وفئة من رعاياها
تعارضها كما هو الحال اليوم في أرجاء كثيرة من العالم وتتبعنا مجريات
الأحداث لرأينا كيف تكر الغارات على تلك الفئة بجيوش لا قبل لهم بها
غالبا لقمعهم وأنى يتسبب ذلك في تشتيت شمل الأسر وهرب الأفراد
شرقا وغربا للنجاة يلوذون بكل حجر ومدر وكم تضيع في الاستنفار من

15
نفوس وكم تذهل المراضع عما أرضعت ويفر المرء من صاحبته وبنيه
وما أكثر هذه المشاهد في زماننا. فذاك شعب فلسطين وذاك شعب
لبنان وهذا شعب العراق والبوسنة وشعوب وشعوب نكبت ببركة
السياسة والسياسيين وتفرق جمعها ووقعت الفرقة بين أفراد أسرها فكم
من أب لا يعلم مصير أولاده وكم من أخ قطع عن أخيه وهكذا. وقد
يطول زمان الفرقة وتستمر أسباب الابتعاد والافتراق وتنقطع الأخبار
رغم كثرة وسائل الاتصال والنقل حتى تحول الغربة بين القريب و
القريب تماما وعلى ذلك شواهد كثيرة في عصرنا.. ترى كيف بتلك
القرون الغابرة التي لا يشك أحد بما جرى فيها من القتل والتشريد بحق
أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم.. وإذا كان الضائعون في عصر
الذرة والمشردون عن ديارهم عاجزين عن إثبات وجودهم لأهليهم مع
توفر الإمكانات فلم نستبعد العجز على الغابرين مع فقدانهم كل وسيلة
في تعريف أنفسهم للقريب أو الغريب المتبطر؟.
وأخيرا فإن تصريح المشهور بالانكار وصمت غالب المصادر
عن الموضوع وصعوبة مسلك البحث كل ذلك لم يحل بيني وبين
المضي في المحاولة مهما كانت أولية. فالاطمئنان بالقضية والأمل في
العثور على القدر الكافي من الأدلة المثبتة شجعاني على ذلك. فإن
بلغت فهو المطلوب وإن حالت الظروف بيني وبين غاية المراد في
المسألة فما جمعته في هذه الأوراق لا يخلوا قطعا من فائدة كمادة أوليه
قد يستعين بها غيري ممن يحالفه التوفيق في تتبع هذه المسألة الخطيرة
مستقبلا.. فوالله إني ما رفعت ولا وضعت قدما في هذا الطريق

16
إلا رغبة في إحياء ذكر أهل البيت عليهم السلام الذين فرض الله مودتهم
على الأنام وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
حسين الحسيني الزرباطي
شيراز في 1 / 3 / 1416

17
منهج البحث
قبل الشروع في الموضوع لا بأس بالإشارة إلى المسلك الذي
اتبعته في هذا البحث تسهيلا للقارئ في تتبعه الخط العام الموصل لما
توخيناه من هدف فلقد حاولت في أول اصطدام مع المشهور أن أثبت
إمكان احتمال الخلاف إذ قد يقتنع الكثير بما يشتهر حدا ينكر معه وجود
المخالف، وقد يفرط آخرون في حسن الظن ببعض السلف ممن قد
كتب عن حياة الأئمة عليهم السلام فيجدون ما كتبه هو الحق الذي لا
ينبغي التجاوز عنه، فكان لا بد من التعرض إلى الظروف والأجواء
التي كانت سائدة في تلك الحقبة البعيدة حيث يمكن بالاطلاع ولو جزئيا
على المواقف والأحداث درك بعض الأسباب الموجهة لخفاء الأخبار و
الأشخاص كما ادعينا رغم إنكار أو سكوت بعض الأعلام، ومن هنا
جاء الحديث عن الوضع الأمني والسياسي في العصر الأموي ثم في
شطر من الحكم العباسي.
وإضافة إلى ما حملت تلك الأيام في طياتها من أمور فقد نلاحظ عوامل
أخرى ساعدت على حدة الأوضاع وساهمت في فاعلية الأسباب،
تعرضنا لبعض تلك العوامل في فصل خاص. ولما كنا قد ادعينا في
المقدمة أن أهل السير والمؤرخين قد اختلفوا في جوانب هامه من حياة
الإمام الباقر (ع) وعليه كان علينا إثبات مدعانا وكان ذلك في فصل
اختلاف الآراء. وبملاحظة هذا الفصل يبدو جليا أن ما ذكره بعضهم

18
في حق أبناء الإمام الباقر (ع) لم يكن عن ترو وتحقيق ولا أشك بعد
مطالعة هذه المقدمات في تشكيل صورة مرنة عن أرضية موضوع
بحثنا في ذهن القارئ العزيز. وأخيرا أشرع في ترجمة أبناء الإمام
الباقر عليه السلام ببضاعة أأمل أن تستحق شكر من يتفضل بالنظر فيها
معتذرا بدءا وختاما عن زلة القلم والقدم فإني كتبت هذا في ظرف
ارتديت فيه سربال التشرد وركبت فيه سفينة الأمل بالله إذ عصفت بي
الغربة وثقل العيال وضعف الحال في تيه التشويش.

19
الوضع الأمني والسياسي
في العصر الأموي
اكتنف الغموض جانبا وسيعا من حياة الهاشميين عموما وحياة
العلويين خصوصا طيلة فترة الحكم الأموي وشطر كبير من الحكم
العباسي، وهذا الغموض يتحسسه المتتبع بأدنى تأمل في تاريخ
العهدين، كما أنه يتفهمه بسهولة عندما يشرف على موقف الفئات
بعضها من بعض. فلا غرابة إذن في اختفاء الهاشميين عند تسلط
الأمويين كما لا عجب في طمس الأثر العلوي عند تمسك العباسي بعروة
القدرة. ولولا أن موضوع بحثنا يتوقف بشكل أساسي على توضيح
بعض المواقف وتسليط الضوء على قطع مظلمة مخيمة على الفترة التي
نبحث فيها عن ضالة لما تعرضت بقليل أو كثير لهذا الموضوع.
إن المسألة التي بلورها غبار الأيام البالية فبدت مرموزة مشكوكة
لا يلوح منها الأصل بوضوح بسبب بعدها عن مدى الرؤية، في الوقت
الذي لا اطمئنان بكون ما يرى منها سرابا، تلك المسألة تتمثل في
الجواب المقنع لسؤال واحد هو:
هل أعقب أولاد الإمام الباقر (عليه السلام) أم لا؟ فالبعض أجاب
بالنفي والبعض بالإيجاب. فالنافي لا دليل له سوى أنه لم ير في كتب
الأقدمين أثرا من أحفاد للإمام. ولن تجد في جعبته دليلا واحدا على أن

20
أولاد الإمام الباقر (عليه السلام) عدا الصادق (عليه السلام) ماتوا صغارا
أو درجوا كبارا. والمثبتون وهم جمع كثير من الذرية التي تنتسب إلى
الباقر (ع) يؤيدهم بعض النسابين، عاجزون عن إثبات أسماء الأجداد
في سجلات النقابات أو في كتب اعتمدت منذ توسع علم النسب. فهل
عدم الوجدان دليل على عدم الوجود؟ هذا هو الذي يسوقنا صوب
دراسة جوانب متعددة من تلك الفترة ومنها الأوضاع الأمنية والسياسية
حيث يساعد الوقوف على حقيقتها في التقرب من الحل المطلوب. وقد
ارتأينا أن نقدم مسائل محدودة لها صلة وثيقة بما نحن فيه نعرضها كما
يلي:
1 - موقف الدستور الأموي من أهل البيت (ع).
2 - موقف القوة التنفيذية.
3 - واقع الوضع العلوي بلسان العلويين.
4 - العوامل المساعدة على تزايد القمع.

21
أولا: موقف الدستور الأموي من أهل البيت (ع)
من أجل التعرف على موقف النظام الأموي من أهل البيت (عليهم
السلام) وشيعتهم نذكر بعض الأمور والأوامر التي صدرت من
مؤسس هذا النظام معاوية بن أبي سفيان منذ الأيام الأولى من حكومته،
فبعد الهدنة مع الحسن بن علي (ع) سار " حتى دخل الكوفة فأقام بها
أياما فلما استتمت البيعة له من أهلها صعد المنبر فخطب الناس و
ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فنال منه ونال من الحسن
(ع). وكان الحسن والحسين صلوات الله عليهما حاضرين، فقام
الحسين (ع) ليرد عليه فأخذ بيده الحسن (ع) فأجلسه ثم قام فقال: أيها
الذاكر عليا أنا الحسن وأبي علي وأنت معاوية وأبوك صخر وأمي
فاطمة وأمك هند وجدي رسول الله (ص) وجدك حرب وجدتي خديجة
وجدتك قتيله، فلعن الله أخملنا ذكرا وألأمنا حسبا وشرنا قدما وأقدمنا
كفرا ونفاقا، فقال طوائف من أهل المسجد آمين آمين. " 1.
هذه كانت البدعة الأولى التي سنها معاوية وهي سب علي (ع)
علنا ومن على منبر الإسلام. وبقيت هذه السنة السيئة جارية بين ولاة
بني أمية وأتباعهم حتى عهد عمر بن عبد العزيز حيث أمر برفع
السب رسما.
لم تكن مسألة السب هي الوحيدة التي أضيفت إلى فروع الدين
الأموي بل رافقتها أحكام جائرة أخرى، منها إباحة قتل من كان على
رأي علي (ع) فقد كتب زياد بن أبيه في حق الحضرميين أنهم على دين



1 - إرشاد المفيد ج 2 ص 15.
22
علي وعلى رأيه فكتب إليه معاوية: أقتل من كان على دين علي وعلى
رأيه فقتلهم ومثل بهم.
وإذا أردنا أن نقف على شطر أكبر من الموقف الرسمي لحكومة
أمية من أهل البيت عليهم السلام والعقوبات التي فرضت عليهم وعلى
أتباعهم فلا بد من عرض كتب معاوية الرسمية بهذا الشأن ومتابعة آثار
تلك الرسائل الدالة بوضوح على عمق العداء وحدود الاستعداد في
التنكيل. وإليك تلك الرسائل نقلا عن شرح نهج البلاغة لابن أبي
الحديد:
روى أبو الحسن علي بن محمد ابن أبي السيف المدائني في كتاب
الأحداث: قال
1 - كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن
برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته... فقامت
الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرأون منه
ويقعون فيه وفي أهل بيته.
وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة
علي عليه السلام. فاستعمل عليهم معاوية زياد بن سمية وضم إليه
البصرة، فكان يتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي
عليه السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل
وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطردهم وشردهم عن العراق
فلم يبق بها معروف منهم.



(2) - نوادر الأخبار ص 187 تحقيق مهدي الأنصاري
23
2 - كتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد
من شيعة علي وأهل بيته شهادة.
3 - وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه
وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم و
أكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه و
عشيرته. ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان
يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ويفيضه في
العرب منهم والموالي. فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل
والدنيا، فليس يجي أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاوية
فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه فلبثوا
بذلك حينا.
4 - ثم كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر وفشى في كل
مصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى
الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين. ولا تتركوا خبرا يرويه
أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض في الصحابة فإن
هذا أحب إلي وأقر لعيني لحجة أبي تراب وشيعته وأشد عليهم من
مناقب عثمان وفضله.
فقرأت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة
مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى
أشادوا بذكر ذلك على المنابر وألقي إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم
وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن
وحتى علموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله.

24
5 - ثم كتب معاوية إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان:
أنظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من
الديوان وأسقطوا عطائه ورزقه
6 - وشفع ذلك بنسخة أخرى: (من اتهمتموه بمولاة هؤلاء القوم
فنكلوا به واهدموا داره) 1.
هذا جانب من الموقف الرسمي المعلن لخلفاء وحكام بني أمية.
وبقي هذا الموقف على حاله حتى آخر العهد الأموي. وفيما يلي شواهد
أخرى على تطبيق هذه السنن:
روى ابن المغازلي في مناقبه بإسناده عن نصر بن منصور قال:
لما ورد على الأمراء ما أمروا به من لعن علي عليه السلام على
المنابر أحضر كثير بن عبد الرحمن يتكلم فيمن تكلم بمكة فأصعد منبرا
(كي يلعن عليا عليه السلام) فتعلق بأستار الكعبة وقال:
- طبت بيتا وطاب أهلك * أهلا أهل بيت النبي والإسلام
يأمن الظبي والحمام ولا * يأمن آل النبي عند المقام
لعن الله من يسب عليا * وبنيه من سوقة وإمام
أيسب المطهرون جدودا * والكرام الأخوال والأعمام
رحمة الله والسلام عليهم * كلما قام قائم بسلام
فأثخنوه ضربا بالأيدي والنعال 2.



(1) - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 11 ص 143
(1) - مناقب ابن المغازلي ط 1 ص 385 ح 436.
25
وجاء أيضا: لما ولي الحجاج " تقرب إليه أهل النسك والصلاح
والدين ببغض علي ومولاة أعدائه وموالاة من يدعي من الناس أنهم
أيضا أعداؤه فأكثروا الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا
من الغض من علي عليه السلام وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتى أن
انسانا وقف للحجاج - ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب -
فصاح به: أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس
وأنا إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج (وقال) للطف ما
توسلت به فقد وليتك موضع كذا 1.
ويروي ابن عرفة المعروف بنفطويه - وهو من أكابر المحدثين
وأعلامهم - إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت
في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني
هاشم 2.
وذكر ابن عبد ربه في الكتاب ال‍ (15) من العقد الفريد عن
المنصور العباسي أنه كتب إلى النفس الزكية محمد بن عبد الله بن
الحسن: " فكانت بنو أمية تلعن عليا كما يلعن أهل الكفر في الصلاة
المكتوبة " 3.
وينقل الطبري جانبا آخر من رسالة المنصور إلى النفس الزكية
ويقول: ثم - خرجتم على بني أمية فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل
وأحرقوكم بالنيران ونفوكم من البلدان حتى قتل يحيى بن زيد بخراسان



1 - شرح نهج البلاغة ج 11 ص 43.
2 - شرح النهج ج 11 ص 46.
3 - العقد الفريد ج 3 ص 374 ط 2 مصر.
26
وقتلوا رجالكم وأسروا الصبية والنساء وحملوهم بلا وطاء في المحامل
كالسبي 1.
هذه المقررات هي بعض الحقائق التاريخية وهي ليست من
مخترعات الشيعة كما يظن بعض أعداء أهل البيت (ع) ومنها يظهر
بوضوح المسلك الأموي في تعاملهم مع العلويين. وإذا علمنا أن هذه
السنة الظالمة بقيت نافذة المفعول حتى نهاية عهدهم أدركنا الخطر
المحدق بكل علوي عاش تلك الفترة وبالتالي اعذرنا من هرب منهم
إلى حيث لا يعلم خوفا من البطش وطمعا في النجاة. فاختفى وأخذ
معه ذكره وخبره.



(1) - تاريخ الطبري حوادث سنة 145 ج 6 ص 198.
27
ثانيا: موقف القوة التنفيذية.
أن التعرف على القوة التنفيذية المتكفلة بتطبيق القانون المار الذكر
يسهل الوقوف على سبب آخر من الأسباب الكامنة وراء غياب أخبار
أبناء الإمام الباقر عليه السلام. ولما كان البحث مختصا بحياتهم نكتفي
بذكر الحكام والولاة المسلطين على العباد والبلاد فترة حياة الإمام
الباقر (ع) وبنيه لنتعرف على سياستها وموقفها من أهل بيت النبي (ص)
على ضوء التعليمات الواردة في القانون الأموي وكذا موقف أهل البيت
من الأسرة الحاكمة. إذ منها نستكشف ما إذا كان هناك مبرر دعاهم
إلى الهرب طلبا للنجاة أم لا؟ فإذا ثبت ذلك عندها يمكن عزو عدم
ذكرهم إلى احتمال اختفائهم في أماكن لم يتسن لأصحاب السير الاطلاع
على أخبارهم ويهون بذلك الأمر.
وبما أن ولادة الإمام الباقر عليه السلام كانت سنة 57 ه‍ على
المشهور وولادة الصادق عليه السلام الابن الأكبر للإمام الباقر (ع)
كانت بين السنوات 80 و 83 ه‍. ق فلو أضفنا مدة ثمانين سنة منذ
ولادة الصادق (ع) وهي مدة احتمال حياة أولاد الإمام الباقر الصلبيين
لوافق ذلك السنوات 160 - 163 ه‍. ق وعليه فنحن نذكر من الخلفاء و
الولاة ما اتفق سلطانه الفترة الواقعة بين سنة 80 ه‍ إلى سنة 200 ه‍.
وهي النصف الثاني من الحكومة الأموية وبداية الحكم العباسي، لنقف
أيضا على ظروف الأحفاد الذين هم محور بحثنا وسنذكر هنا الأمويين
أولا وهم
الخليفة / مدة حكمه
1 - عبد الملك بن مروان. / من سنة 65 - سنة 86 ه‍

28
2 - الوليد بن عبد الملك. / من سنة 86 - سنة 96 ه‍
3 - سليمان بن عبد الملك. / من سنة 96 - سنة 99 ه‍
4 - عمر بن عبد العزيز. / من سنة 99 - سنة 101 ه‍
5 - يزيد بن عبد الملك. / من سنة 101 - سنة 105 ه‍
6 - هشام بن عبد الملك. / من سنة 105 - سنة 125 ه‍
7 - الوليد بن يزيد بن عبد الملك. / من سنة 125 - سنة 126 ه‍
8 - يزيد بن الوليد بن عبد الملك. / من سنة 126 - سنة 126 ه‍
9 - إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك. / أربعة أشهر من سنة 126 ه‍
10 - مروان بن محمد الملقب با لحمار. / من سنة 127 - سنة 132 ه‍
فلنتعرف باختصار على سير حياة هؤلاء وسيرتهم:

29
1 - عبد الملك بن مروان:
" هو حفيد طريد رسول الله، الحكم، وابن طريده مروان "
" قاتل طلحة بنشاب في حرب الجمل " 1.
" ابن أول من أخذ الخلافة بالسيف " 2
" وهو الذي أفضى إليه الأمر والمصحف في حجره فيطبقه
ويقول هذا آخر العهد بك " 3 " وأول من نهى عن الأمر بالمعروف " 4
" الذي قالت له أم الدرداء مرة: بلغني يا أمير المؤمنين إنك
ضربت الطلاء بعد النسك والعبادة فيقول!! أي والله والدماء شربتها " 5
" وهو الذي يخطب في المدينة المنورة عام 75 ه‍ فيقول: ألا
وإني لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم.. إلى
أن يقول: ألا وإن الجامعة التي جعلتها في عنق عمر بن سعيد عندي -
وقد قتله بالأمس القريب - والله لا يفعل أحد فعله إلا جعلتها في عنقه.
والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا وضربت عنقه " 6.
" وهو الذي يقول فيه الحسن البصري: ما أقول في رجل الحجاج
سيئة من سيئاته " 7.
"



1 - تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 205.
2 - البدء والتاريخ ج 6 ص 19.
3 - تاريخ الخلفاء ص 217، تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 205.
4 - نفس المصدر ص 218.
5 - تاريخ الخلفاء 215.
6 - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 216.
7 - تاريخ ابن الوردي ص 196.
30
وهو الذي يكتب إلى هشام بن إسماعيل واليه في المدينة أن
يدعو الناس إلى البيعة لابنيه الوليد وسليمان. فيأبى الصحابي الجليل
سعيد بن المسيب أن يبايع فيضربوه بالسياط. فلما يبلغ الخبر إلى عبد
الملك يقول قبح الله هشاما مثل سعيد - بن المسيب يضرب بالسياط. إنما
كان ينبغي له أن يدعوه إلى البيعة فإن أبى يضرب عنقه " 1.
وهو الذي يقول في وصيته لابنه الوليد " إذا أنا مت فضعني في
قبري ولا تعصر علي عينيك عصر الأمة ولكن شمر وائتزر والبس
للناس جلد النمر فمن قال برأسه كذا فقل بسيفك كذا... " 2.
وفي رواية: " ضع سيفك على عاتقك فمن أبدى ذات نفسه لك
فاضرب عنقه ومن سكت مات بدائه " 3.
فماذا نقول بعد هذا الذي ذكره عنه المقرون له بالخلافة على
المسلمين وماذا نتوقع أن يكون نصيب آل البيت عليهم السلام منه.
والكل يعلم رفض أهل البيت مد يد البيعة إلى أمثال هؤلاء. ترى هل
يسلمون من بطش عبد الملك الذي كان شعاره من لم يوال فمصيره
القتل. وقد ملأ البلاد بالجلادين من أمثال الحجاج الذي يأتي مدينة
رسول الله (ص) يستخف بأصحاب رسول الله (ص) يختم في أعناقهم
ليذلهم بذلك 4.
الحجاج الذي قتل أكثر من مئة وعشرين ألفا صبرا 5 غير الذي
قتل في حروبه. وهو الذي رمى بمنجنيقه الكعبة بكيزان النار حتى



1 - العقد الفريد مجلد 2 ص 257.
2 - نفس المصدر.
3 - تاريخ الخلفاء
ص 220 ومروج الذهب ج 3 ص 181.
4 - الطبري حوادث سنة 74.
5 - تاريخ ابن الوردي ص 196.
31
احترقت الستارات كلها فصارت رمادا وهو واقف ينظر في ذلك كيف
تحترق الستارات ويرتجز:
" أما تراها ساطعا غبارها * والله فيما يزعمون جارها " 1
ثم لننظر إلى الهمج الرعاع من الموالين لعبد الملك لنرى كيف
يظهرون حقدهم لآل أبي طالب. ذلك الحقد الذي أنبته معاوية في
قلوبهم إنباتا. فإنه لما - خبر ظفر الحجاج وحصاره ابن الزبير.
وبلغ الناس الخبر قالوا لا نرضى حتى يحمله إلينا مكبلا على رأسه
برنس على جمل يمر بنا في الأسواق هذا الترابي الملعون...؟؟ 2،
إذا ترى كم ذهب الحقد بهؤلاء على أبي تراب حتى ظنوا في ابن
الزبير أنه ترابي في حين كان ابن الزبير أشد كرها لآل أبي طالب من
اتباع عبد الملك. فهو الذي تحامل على بني هاشم تحاملا شديدا و
أظهر لهم العداوة والبغضاء حتى بلغ ذلك منه أيام تسلطه على المدينة
أن ترك الصلاة على محمد (ص) في خطبته فقيل
له لم تركت الصلاة
على النبي (ص) فقال: إن له أهل سوء يشرأبون لذكره ويرفعون
رؤسهم إذا سمعوا به... وأخذ بن الزبير محمد بن الحنفية وعبد الله بن
عباس وأربعة وعشرين رجلا من بني هاشم ليبايعوا له فامتنعوا فحبسهم
في حجرة زمزم وحلف بالله الذي لا إله إلا هو ليبايعن أو ليحرقن
بالنار 3. وكان ينال من علي بن أبي طالب 4.



(1) - فتوح أعثم ج 6 ص 276.
(2) - مروج الذهب ج 3 ص 128.
(3) - تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 8، والجوهرة في نسب الإمام علي (ع) ص 58.
(4) - تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 8.
32
وصل هذا هو عبد الملك وهذا هو عامله الحجاج الذي قال الخليفة عمر بن
عبد العزيز في حقه " لو جاءت كل أمة بمنافقيها وجئنا بالحجاج
لفضلناهم " 1.
وفي البحار عن أبي حمزة الثمالي: أن رجلا سمع عبد الملك
يخطب بمكة، فلما صار إلى موضع العظة من خطبته قام إليه وقال:
(مهلا، إنكم تأمرون ولا تأتمرون وتنهون ولا تنتهون و.. فتزحزحوا
عنها وأطلقوا أقفالها وخلوا سبيلها ينتدب لها التي شردتموهم في البلاد
ونقلتموهم عن مستقرهم إلى كل واد) 2 ترى من كان أولئك المشردون
الذين عناهم هذا الرجل؟
ومن ولاة عبد الملك في المدينة - موطن أهل البيت - هشام بن
إسماعيل - المخزومي الذي تولى المدينة من سنة 82 - 86 ه‍. ق فلنستمع
إلى أحد الهاشميين وهو يصف موقف هشام منهم قال " كان هشام بن
إسماعيل يسيئ جوارنا ويؤذينا. ولقي منه علي بن الحسين (ع) أذى
شديدا " 3. كان ظالما مبغضا لآل محمد (ص) أظهر لهم العداوة 4
يخطب على المنبر وينال من علي بن أبي طالب (ع). وهكذا كانت
سيرته حتى عزله الوليد بن عبد الملك سنة 87 ه‍. ق.



(1) - تاريخ ابن الوردي ص 180.
(2) - البحار ج 11 ص 97.
(3) - الطبري ج 5 ص 97.
(4) اليعقوبي ج 2 ص 280.
33
وينتهي دور عبد الملك بن مروان وما وجدنا فيما تفحصنا من
زوايا حكومته شيئا اسمه الأمن سيما بالنسبة لآل علي (ع). لقد وجدنا
السيوف والسياط وسمعنا ضجيج السجون وأنين المكبلين في العراق
ومصر والحجاز وليس أكثر ملاحقة وتشريدا من الهاشمي ومن تولاهم
وأظهر لهم الحب والولاء
2 - الوليد بن عبد الملك 86 - 96 ه‍. ق
ويأتي الوليد إلى المنبر بعد دفن أبيه ليتكلم للناس ومن جملة قوله "
أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة أيها الناس من أبدى لنا ذات
نفسه ضربنا الذي فيه عيناه ومن سكت مات بدائه " 1 وهو الذي يقول
فيه المؤرخون أنه " كان جبارا عنيدا " 2 لا يتوقف عند الغضب ولا
ينظر في عاقبه ولا يكلم عند سطوته تهون عليه الدماء " 3 كان أبواه
يترفانه فشب بلا أدب 4، ومن جرأته على الله قوله " لولا أن الله
ذكر آل لوط في القرآن ما ظننت أن أحدا يفعل هذا " 5. قال عمر بن
عبد العزيز - وكان الوليد بالشام والحجاج بالعراق وعثمان بن حبارة
في الحجاز ومرة بن شريك بمصر - امتلأت الأرض والله جورا " 6
كان من ولاته على المدينة سنة 93 ه‍. ق وما بعدها الجلاد عثمان بن
حيان الذي ما وصل المدينة حتى صعد المنبر ليقول " أيها الناس إنا
وجدناكم أهل غش لأمير المؤمنين في قديم الدهر وحديثه وقد ضوي



1 - الطبري ج 5 ص 214.
2 - نفس المصدر.
3 - التنبيه والأشراف ص 274.
4 - تاريخ الخلفاء ص 223.
5 - تاريخ الخلفاء ص 223.
6 - تاريخ الخلفاء ص 223.
34
إليكم من يزيدكم خبالا أهل العراق هم أهل الشقاق والنفاق هم والله
عش النفاق وبيضته التي تفلقت عنه. والله ما جربت عراقيا قط إلا
وجدت أفضلهم عند نفسه الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول وما هم
لهم بشيعة وأنهم لأعداء لهم ولغيرهم. ولكن لما يريد الله من سفك
دمائهم فإني والله لا أوتى بأحد آوى أحدا منهم أو إكراه منزلا ولا أنزله
إلا هدمت منزله وأنزلت به ما هو أهله. وهكذا يتهجم على العراقيين
إلى أن يقول: والله إني لأتقرب إلى الله بكل ما أفعل بهم لما عرفت
من رأيهم ومذاهبهم ثم يهدد أهل المدينة فيقول: يا أهل المدينة خبرة
من الخلاف، والله ما أنتم بأصحاب قتال، فكونوا من أحلاس - بيوتكم و
عضوا على النواجذ فإني قد بعثت في مجالسكم من يسمع فيبلغني عنكم
أنكم في فضول كلام غيره ألزم لكم فدعوا عيب الولاة " 1.
أنه لم يقل ما قال ولا فعل فعلته بأهل المدينة إلا لأن الشيعة من
أهل العراق الذين أس فيهم الحجاج قتلا لم يروا بدا من الهرب إلى
أنحاء البلاد فهرب قسم كبير منهم إلى مدينة الرسول (ص) ومكة
المكرمة حفظا لأرواحهم فلما أبلغ الحجاج الوليد بهرب الشيعة إلى
نواحي مكة والمدينة عزل الوليد عمر بن عبد العزيز وأبدله بعثمان هذا،
ليضيق عليهم ويلقي القبض على من تمكن منهم ثم يبعثهم إلى الحجاج
في العراق. وإذا كان ذلك التقتيل والتشريد مصير من هو على مذهب
علي (ع) ترى كيف يكون حال أبناء علي أنفسهم في ظل حكم هذا
الطاغوت؟



(1) - الطبري ج 5 ص 259.
35
لنترك عثمان والمدينة ولنذهب إلى مكة المكرمة لنستمع إلى والي
الخليفة الوليد على مكة المسمى ب‍ خالد بن عبد الله القسري.. فهو ما
أن ولي حتى ارتقى المنبر وكان من جملة ما قال " لو أني أعلم أن هذه
الوحوش التي تأمن في الحرم لو نطقت لم تقر بالطاعة لأخرجتها منه
فعليكم بالطاعة ولزوم الجماعة فإني والله لا أوتى بأحد يطعن على
إمامه إلا صلبته في الحرم " 1.
ثم يقصد الوليد عماد آل هاشم سيد الساجدين وزين العابدين فيدس
إليه السم سنة 95 ه‍. ق... وهكذا ينتهي حكم الوليد سنة 96.
3 - سليمان بن عبد الملك 96 - 99 ه‍. ق
الشديد العجب بشبابه وجماله الأكول النهم النكاح الذي فيه حسد
شديد 2 كان من الأكلة المذكورين أكل في مجلس واحد سبعين رمانة
وخروفا وست دجاجات ومكوك زبيب طائفي 3 لم تمهله الأيام طويلا
ليتفرغ كسابقيه لملاحقة الشيعة انشغل بجواريه إلا في حجة حجها أبرز
فيها تظاهره بالنسك من جهة وولعه بسفك الدماء من جهة فإنه لما كان
بالمدينة راجعا تلقوه بنحو من أربعمائة أسير من الروم فقعد سليمان
وأمر بضرب أعناقهم يدفعهم إلى الوجوه وإلى الناس ليقتلوهم 4 ولئن
انشغل بالقيان عن بني هاشم شخصيا إلا أن عماله لم يقصروا في
ترويعهم، وخطباءه لم ينقطعوا عن سب علي (ع) على المنابر والصلاة



(1) - الكامل لابن أثير ج 4 ص 118.
(2) - التنبيه والأشراف ص 275.
(3) - تاريخ الخلفاء ص 226.
(4) تاريخ الطبري ج 5 ص 305.
36
ولم يمض سليمان بريئا من دمائهم فلقد دس السم إلى عبد الله بن محمد
الحنفية فمات منه بالحميمة من أرض الشام بعد أن وفد إليه 1.
4 - عمر بن عبد العزيز 99 - 101 ه‍. ق
هو الذي أدرك ما جنته أيادي السلف من عشيرته وقومه بحق
الأبرياء وما غصبوه من حقوق وما انتهكوه من حرمات. وكلماته
المارة الذكر بحق الحجاج تدل على ذلك. لذا شمر عن ساعد الجد
لجبر ما كسره غيره فكتب إلى الولاة برفع السب عن علي (ع) وارجع
فدكا إلى بني فاطمة (ع) وأظهر الود لبني هاشم. فخاف بنو مروان أن
يخرج ما عندهم وفي أيديهم من الأموال وأن يخلع يزيد - المعهود إليه -
فدسوا من سقاه سما فلم يلبث إلا ثلاثا حتى مات 2.



(1) - مقاتل الطالبيين ص 124.
(2) - تاريخ الطبري 5 ص 311.
37
5 - يزيد بن عبد الملك 101 - 105 ه‍. ق
شديد الفخر ظاهر الكبر يحب اللهو ويستعمل الحجاب 1. قتل
يزيد بن المهلب وجميع آل المهلب ابن أبي صفرة وكانوا مشهورين
بالكرم والشجاعة 2. ولما استخلف قال سيروا سيرة عمر بن عبد
العزيز. فأتوه بأربعين شيخا شهدوا له أن الخلفاء لا حساب عليهم
ولا عذاب 3. فأقبل على الظلم وإتلاف المال والشرب والانهماك على
سماع الغناء والخلوة بالقيان وكان ممن استولى على عقله جارية يقال
لها حبابة وكانت تغنيه 4. وغنت له يوما قول الشاعر:
صفحنا عن بني ذهل وقلنا القوم إخوان... الخ
قال لحبابة غنيني بحياتي فقالت يا أمير المؤمنين هذا شعر
لا أعرف أحدا يغني به إلا الأحول المكي. فوجه يزيد إلى صاحب مكة
إذا أتاك كتابي هذا فابعث إلى فلان بن أبي لهب ألف دينار لنفقة
طريقه واحمله إلى علي ما شاء من دواب البريد... ففعل فلما قدم عليه
قال غني بشعر الفند الزماني فغناه فأجاد وأحسن وأطرب فقال أعد
فأعاده فأجاد وأطرب يزيد فقال له عمن أخذت هذا الغناء قال: أخذته
من أبي وأخذه أبي عن أبيه قال يزيد: لو لم ترث إلا هذا الصوت لكان
أبو لهب رضي الله عنه ورثكم خيرا كثيرا. فقال يا أمير المؤمنين إن
أبا لهب مات كافرا مؤذيا لرسول الله (ص) قال: قد أعلم ما تقول ولكني
داخلني عليه رقة إذ كان يجيد الغناء 5. ويقول عنه ابن الطقطقي: كان



(1) - التنبيه والأشراف ص 277
2 - تاريخ أبي الفداء ج 2 ص 212
3 - تاريخ الخلفاء ص 246.
4 - شذرات الذهب ج 1 ص 128.
5 - شذرات الذهب ج 1 ص 129
38
خليع بني أمية 1. وما ذكرت هذا المقطع من حياة يزيد بن عبد الملك
إلا للاطلاع فقط، لنرى هل يرجى ممن يترحم على أبي لهب - الذي
يقول الله فيه تبت يدا أبي لهب - الخير لأبناء الرسول
(ص). ولقد ولى على المدينة - عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس
الفهري السيئ السيرة والصيت، الذي عامل الناس بالظلم والتعسف،
وكان أكثر عداء للأنصار، واستمرت ولايته حتى سنة 104 ه‍
6 - هشام بن عبد الملك 105 - 125 ه‍. ق
وبتوليه الحكم تبدأ حقبة جديدة من التعسف العلني ضد بني هاشم،
ولئن تظاهر من سبقه من حكام بني أمية بتحاشي الصدام المعلن مع
الإمام زين العابدين (ع)، واكتفوا بصنيع ولاتهم في المدينة بإلحاق
الأذى به، والتضييق وتشديد الحصار عليه، حتى لزم منزله ولا يلتقي الناس ولا
يلاقوه إلى أن دسوا إليه السم، فإن هشاما فتح باب
الحرب مع أهل هذا البيت الطاهر واستهدف شخص الإمام الباقر (ع).
فهو إضافة إلى إمضائه الأمور على ما كانت عليها في الأيام الماضية -
سوى أيام عمر بن عبد العزيز - من مناحيها المتعددة، أضاف ما لم
يظهره من كان قبله. ولئن تزاور ذات اليمين وذات الشمال لحفظ
ظاهر الخلافة، فهو قد سلك سبيل النفاق في شفاء غليله من آل محمد
(ص)، وفي رفع شأن أجداده الذين وضعهم الله.. ولم لا يكون كذلك
وهو ابن الحمقاء عائشة بنت الوليد بن المغيرة، التي أمرها أهلها إلا



(1) - الفخري في الآداب السلطانية.
39
تكلم عبد الملك حتى تلد. وكانت تثني الوسائد وتركب الوسادة
وتزجرها كأنها دابة، وتشتري الكندر فتمضغه وتعمل منه تماثيل،
وتضع التماثيل على الوسائد وقد سمت كل تمثال باسم جارية، وتنادي
يا فلانة ويا فلانة. فطلقها عبد الملك لحمقها. وسار عبد الملك إلى
مصعب فقتله، فلما قتله بلغه مولد هشام، فسماه منصورا يتفاءل بذلك
وسمته أمه باسم أبيها هشام فلم ينكر ذلك عبد الملك 1، فلا غرابة إذن أن
يكون هشام شكس الأخلاق خشن الجانب قليل البذل للنوال كما وصفه
بعضهم 2، وإذا تصورنا الذين التفوا حوله من حثالات بني أمية وما
كانوا عليه من مذهب، لأدركنا سر السبعية التي أظهرها لآل أبي
طالب. فهذا هو هشام يعزم إلى مكة وقبل أن يدخل المدينة " لقيه سعيد
بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان وهشام يسير فنزل له فسلم
عليه ثم سار إلى جنبه فصاح هشام أبا الزناد - يقول أبو الزناد - فتقدمت
فسرت إلى جنبه الآخر فأسمع سعيدا يقول: يا أمير المؤمنين إن الله لم
يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين وينصر خليفته المظلوم ولم يزالوا
يلعنون في هذه المواطن الصالحة أبا تراب، فأمير المؤمنين ينبغي له
أن يلعنه في هذه المواطن الصالحة 3...، ويتظاهر هشام نفاقا أنه ما
قدم لشتم أحد ولا للعنه. وهو الذي يحمل الإمام أبي جعفر الباقر (ع)
إلى الشام، فلما يصل بابه يتآمر مع أصحابه للاستهزاء من الإمام.
فلما يدخل أبو جعفر (ع) " قال بيده السلام عليكم فعمهم بالسلام جميعا



(1) - الطبري ج 5 ص 377.
(2) - التنبيه والأشراف ص 279.
(3) الطبري ج 5 ص 384.
40
ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام بالخلافة وجلوسه من غير
إذنه فأمر به إلى الحبس " 1.
وهذا زيد بن علي يدخل عليه فيقول له هشام: ما فعل أخوك
البقرة؟ يعني الباقر عليه السلام فقال زيد: لشد ما خالفت رسول الله
(ص) سماه الباقر وسميته البقرة لتخالفنه يوم القيامة يدخل هو الجنة
وتدخل النار 2 وينتقص هشام من زيد ويرده زيد بالمثل " فوثب هشام
ووثب الشاميون ودعا قهرمانه وقال لا يبيتن هذا في عسكري الليلة '
فخرج أبو الحسين زيد وهو يقول: لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا.
فحملت كلمته إلى هشام فعرف أنه يخرج عليه ثم قال هشام: ألستم
تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا 3...؟
انظروا إلى ما كان يختلج في صدور بني أمية من أماني
ورؤى: فقول هشام - ألستم تزعمون... يدل بوضوح على ما نوته وتمنته
أمية خلفا بعد سلف، فما أن علم أن بقية ما زالت منهم باقية ازداد حنقا
وغيضا عليهم وزاد في سبهم ولعنهم على المنابر.. فهذا واليه -
إبراهيم بن هشام المخزومي - في المدينة وهو يجمع بني هاشم ثم
يصعد المنبر فينال من علي، وكذا واليه خالد بن عبد الملك وآخر
ولاته محمد بن هشام.
وكشف هشام عن خبث سريرته عندما دس السم



(1) - تمام الخبر في البحار ج 46 ص 264.
(2) - عمدة الطالب ص 194.
(3) - نفس المصدر ص 256
41
إلى أبي جعفر الباقر (ع) وقد كشر عن أنياب حقده على بني علي بعد
قيام زيد... ويكفي في معرفة ما عاناه أهل البيت عليهم السلام إلى آخر
عهد الإمام الباقر عليه السلام ما روي عن الإمام الباقر (ع) قال: ما ينقم
الناس منا؟! نحن أهل بيت الرحمة، وشجرة النبوة ومعدن الحكمة
وموضع الملائكة ومهبط الوحي 1.
أن زيدا لما وصل الكوفة اجتمع إليه أهلها فلم يزالوا به حتى
بايعوه على الحرب ثم نقضوا بيعته وأسلموه فقتل رحمة الله عليه. و
صلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحدهم ولا يغير بيد أو لسان 2. وكان أهل
التملق من الولاة يتسابقون في إظهار الإخلاص للتقرب من الخليفة. و
إذا ما حدث بين اثنين منهم أمر حاول الواحد منهم الإيقاع بالآخر
باتهامه بشئ يسوء الخليفة. ووقع مثل هذا الأمر بين يوسف بن
عمران والي هشام على العراق، وخالد بن عبد الله القسري الوالي السابق
أيام قيام زيد. إذ يبادر يوسف بالكتابة إلى هشام - كتب إليه " إن أهل هذا
البيت من بني هاشم قد كانوا هلكوا جوعا حتى كانت همة أحدهم قوت
عياله، فلما ولي خالد العراق أعطاهم الأموال فتقووا بها حتى تاقت
أنفسهم إلى طلب الخلافة وما خرج زيد إلا عن رأي خالد والدليل على
ذلك نزول خالد - بالقرية على مدرجة العراق يستنشئ أخبارهم 2 ويكذب
هشام الخبر ويقول مهما اتهمنا خالدا فلسنا نتهمه في طاعة...
نعم: إنها تهمة تكفي سببا للقتل ما دامت القلوب مليئة حقدا على



(1) - الإرشاد ج 2 ص 168، بصائر الدرجات ج 5 ص 77.
(2) - كشف الغمة ج 2 ص 337
(3) الطبري ج 5 ص 558.
42
هذا البيت الشريف وعلى من أظهر لهم الولاء. انظر إلى يوسف والي
هشام على العراق بعد قتله زيدا وهو يخطب في الكوفة ماذا يقول: يا
أهل المدرة الخبيثة... لا عطاء لكم عندنا ولا رزق ولقد هممت أن
أخرب بلادكم ودوركم وأحرمكم أموالكم أم والله ما علوت منبري إلا
أسمعتكم ما تكرهون عليه فإنكم أهل بغي وخلاف ما منكم إلا من
حارب الله ورسوله إلا حكيم بن شريك المحاربي. ولقد سألت
أمير المؤمنين أن يأذن لي فيكم ولو أذن لقتلت مقاتلتكم وسبيت ذراريكم 1
كل ذلك لأن أهل العراق أظهروا الولاء أكثر من غيرهم للإمام علي و
بنيه.
ويكتب هشام إلى يوسف بن عمر الثقفي بعد أن وصله رأس زيد
بن علي بن الحسين (ع) مهداة من يوسف: أن اصلبه عريانا فصلبه
يوسف كذلك، ففي ذلك يقول بعض شعراء بني أمية يخاطب آل أبي
طالب وشيعتهم:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ولم أر مهديا على الجذع يصلب 2
ويقال إن هشاما أرسل إلى يوسف أن احرق عجل العراق فحرقوه 3
وقيل إن الوليد كتب إليه: أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل
العراق فاحرقه وانسفه في اليم نسفا.. 4 وأيهما كان الكاتب فما أحدهما
بأقل من الآخر حقدا.
وهكذا أظهر هشام العداء لآل أبي طالب بشكل معلن بعد مقتل



(1) - الطبري ج 5 ص 558.
(2) - الطبري ج 5 ص 507.
(3) - مروج الذهب ج 2 ص 207.
(4) - البدء والتاريخ ج 6 ص 49.
(5) - مقاتل الطالبيين ص 139.
43
زيد وأمر عماله بالتضييق عليهم وأن تمحى أسماؤهم من ديوان العطاء
وملأ منهم السجون وكتب إلى عامله يوسف بن عمر الثقفي بقطع لسان
الكميت ويده لأنه رثى زيدا 1.
7 - الوليد بن يزيد بن عبد الملك 125 - 126 ه‍
ويقال له الخليع بن الفاسق وكان صاحب لهو ولعب ولما صار
الأمر إليه ولى عشور المدينة وسوقها ابن حرملة وهو مولى لعثمان بن
عفان فكان إذا تزوج رجل امرأة أخذ الزكاة من مهرها. وإن مات أحد
أخذ الزكاة من ميراثه، فقالوا فيه:
ولما وليت السوق أحدثت * سنة وحيدية يعتادها كل ظالم
وشاركت نسوانا لنا في مهورها * ومن مات منا من غني وعادم 2
جمع المغنين من سائر الأقطار وأنشد هو:
ليت حظي اليوم من كل معاش ومراد * قهوة أبذل فيها كل طرفي وبلادي
فيظل القلب فيها هايما في كل واد أن * في ذاك صلاحي وفلاحي ورشاد 3
قال عنه الديار بكري: الزنديق ابن يزيد... وكان فاسقا متهتكا
بويع بالخلافة بعد موت عمه هشام. 4 وأذن للصبح مرة وعنده جارية
يشرب الخمر معها... وحلف لا يصلي بالناس غيرها فخرجت وهي
سكرانة فلبست ثيابه وتنكرت وصلت بالناس 5. وفي رواية لامه بعض



(1) - الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 1 ص 38.
(2) - البدء والتاريخ ج 6 ص 49.
(3) - تاريخ الخلفاء المؤلف مجهول ص 135.
(4) - تاريخ الخميس ج 2 ص 357.
(5) - تاريخ الخميس ج 2 ص 357.
44
الأعيان على ذلك فخرج هو وصلى بهم صلاة الصبح ست عشرة ركعة
وفي أمالي السيد المرتضى: أما الوليد فكان مشهورا بالإلحاد
متظاهرا بالعناد غير محتشم في اطراح الدين أحدا ولا مراقب فيه بشرا
عزم على أن يبني فوق البيت الحرام قبة يشرب عليها الخمور ويشرف
على الطواف 1.
- وقال يزيد بن الوليد وهو الملقب بالناقص لما ولي نشدت الله
رجلا سمع شيئا من الوليد إلا أخبر به، فقام ثور بن يزيد فقال: أشهد
لسمعته وهو يقول:
اسقياني وابن حرب * واسترانا بإزار
واتركا من طلب الجنة * يسعى في خسار
سأسوس الناس حتى * يركبوا دين حمار 2
وقال ابن خلدون: لما ولي الوليد لم يقلع عما كان عليه من
الهوى والمجون حتى نسب إليه من ذلك كثير من الشنائع مثل رميه
المصحف بالسهام حين استفتح فوقع على قوله " وخاب كل جبار عنيد "
وينشد له في ذلك بيتين تركتهما لشناعة مغزاهما 3. وأنا أذكر
البيتين عن أمالي السيد المرتضى عسى أن يستحي بقراءتهما من أوجب
الطاعة لمثل هذا القائل والبيتان هما:
أتوعد كل جبار عنيد * فها أنا ذاك جبار عنيد



(1) - أمالي المرتضى ج 1 ص 89.
(2) - أمالي المرتضى ج 1 ص 89.
(3) - تاريخ بن خلدون ج 3 ص 220.
45
فإن لاقيت ربك يوم حشر * فقل يا رب خرقني الوليد
وهذا الخليع المغرم بالغناء والقيان والذي لم تدم سلطته الأسنة واحدة لم
يشغله لهوه عن ملاحقة آل النبي (ص) رغم قلة المدة وطول السكرة فقد
لاحقهم في البلاد وشرد الكثير منهم بكل واد وهو الذي قتل يحيى بن
زيد الشهيد (ع) في الجوزجان واحتزوا رأسه وصلب على باب المدينة
وبعث برأسه إلى الوليد بن يزيد ولم يزل مصلوبا حتى جاءت المسودة
فأنزلوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم دفنوه 1.
8 - يزيد بن الوليد بن عبد الملك 126 - 126 ه‍
- وهو ابن أم ولد اسمها شاه افريد بنت فيروز بن يزدجرد. وهو
القائل:
أنا ابن كسرى وأبي مروان * وقيصر جدي وجدي خاقان 2
ولم تدم أيام حكومته أكثر من ستة شهور وكان قدري 3 المذهب،
سبه مروان بن محمد فقال الناقص بن الوليد فسماه الناس بالناقص.
9 - إبراهيم بن الوليد
ولي الخلافة بعهد مفتعل 4 ومكث في الخلافة سبعين ليلة ثم خلع،



(1) - مقاتل الطالبيين ص 150.
(2) - الطبري حوادث سنة 126.
(3) - تاريخ الخلفاء للسيوطي 453 وتاريخ الفخري ص 182.
(5) - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 254.
46
خرج عليه مروان بن محمد وبويع فهرب إبراهيم ثم جاء وخلع نفسه
من الأمر وسلمه إلى مروان. وفي إبراهيم يقول بعض شعرائهم:
نبايع إبراهيم في كل جمعة إلا * أن أمرا أنت وإليه ضائع 1
10 - مروان الحمار
آخر خلفاء بني أمية. أول ما فعل أمر بنبش قبر يزيد الناقص فأخرجه
من قبره وصلبه لكونه قتل الوليد 2. وكان يغري بين القبائل ويغضب
بين العشائر 3 كانت أيامه كلها فتنا وحروبا. استولى الخوارج فيها سنة
129 ه‍ على مكة وجهز عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك عامل
مروان على مكة بعد هروبه إلى المدينة جيشا وخرجت الخوارج من
مكة فالتقوا بقديد في صفر سنة 130 ه‍ فقتل عبد العزيز بن عبد الله
بن عمر بن عثمان أمير جيش عبد الواحد في جمع كثير منهم من أهل
المدينة سبعمائة أكثرهم من قريش ولم ينج إلا الشريد ودخلت الخوارج
المدينة فغلبوا عليها ثلاثة أشهر 4 هؤلاء هم حكام أمية الذين عاصرهم
الإمام الباقر (ع) وأبناؤه والذين أتموا مدة الدولة ونفذوا أمر السلف
وأكملوا سننهم بخير وجه حتى كانت آخرها كأولها ظلاما وأولها كآخرها
عنجهية وعداء. ولقد أجاد المحدث الجليل الحجة السيد



(1) - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 254.
(2) - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 254.
(3) التنبيه والأشراف ص 283.
(4) التنبيه والأشراف ص 281 - 282.
47
حيدر بن علي الحسيني حين قال في كشكوله " ولم يزل السب واللعن
والطرد والعزل في علي وأولاده ورجاله ألف شهر نشأ فيها رجال
ومات فيها رجال وابيضت لهم لحاء واسودت لهم لحاء وولدت صبيان
وأولاد واستوسقت بلاد وعباد وساد بمراضي بني أمية من ساد و
انخذلوا أولاد علي ورجاله وأتباعه ومن يقتفي أثرهم في المدن والأقاليم
لا ناصر لهم ولا عون ولا مساعد " 1.



(1) الكشكول فيما جرى على آل الرسول ص 20.
48
3 - واقع الوضع العلوي في العهد الأموي
الإمام الباقر (ع) يشرح الظروف
روى ابن أبي الحديد في شرح المختار 203 من نهج البلاغة: "
إن أبا جعفر محمد بن علي الباقر (ع) قال لبعض أصحابه: يا
فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا. وما لقي شيعتنا
ومحبونا من الناس أن رسول الله (ص) قبض وقد أخبرنا إنا أولى
الناس. فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه واحتجت
على الأنصار بحقنا وحجتنا ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد حتى
رجعت إلينا، فنكث بيعتنا ونصب الحرب لنا ولم يزل صاحب الأمر في
صعود كئود حتى قتل فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غدر به وأسلم.
ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه ونهب عسكره و
عولجت خلاخيل أمهات أولاده، فوادع معاوية وحقن دمه ودم أهل بيته
وهم قليل حق قليل. ثم با يع الحسين (ع) من أهل العراق عشرون ألفا،
ثم غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم وقتلوه. ثم لم نزل أهل
البيت نستذل ونستظام ونقض ونهن ونحرم ونقتل ونخاف ولا نأمن على
دمائنا ودماء أوليائنا ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا
يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء في كل بلدة
فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ورووا عنا ما لم نقله ولم نفعله
ليبغضونا إلى الناس، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية، بعد موت
الحسن (ع). فقتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على
الظنة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت

49
داره ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل
الحسين (ع) ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتله وأخذهم بكل ظنة وتهمة
حتى أن الرجل ليقال له زنديق أو كافر، أحب إليه من أن يقال له شيعة
علي وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير - ولعله يكون ورعا صدوقا
- يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة،
ولم يخلق الله تعالى شيئا منها ولا كانت ولا وقعت وهو يحسب أنها
حق لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا بقلة ورع " 1
وعن المنهال بن عمرو قال: كنت جالسا مع محمد بن علي الباقر (ع)
إذ جاء رجل فسلم عليه فرد عليه السلام، قال الرجل: كيف أنتم؟
فقال له أوما آن لكم أن تعلموا كيف نحن؟ إنما مثلنا في هذه الأمة مثل
بني إسرائيل كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم ألا وإن هؤلاء يذبحون
أبناءنا ويستحيون نساءنا.... وفي ينابيع المودة عن الإمام الباقر (ع) 2
إن اليهود بحبهم لنبيهم آمنوا * بوائق حادث الأزمان
وذوي الصليب بحبهم لصليبهم * يمشون زهوا في قرى نجران
والمؤمنون بحب آل محمد * يرمون في الآفاق بالنيران
وروي عن أبي حنيفة:
حب اليهود لآل موسى ظاهر * وولاهم لبني أخيه باد
وإمامهم من نسل رسلهم الأولى * بهم اهتدوا ولكل قوم هاد
وأرى النصارى يكرمون مودة * لنبيهم نخرا من الأعواد



(1) - شرح نهج البلاغة ج 11 ص 43.
(2) - الباب 60 و 71 من ينابيع المودة ج 1 ص 154 و ج 2 ص 82.
50
وتمسكوا بولاء شمعون الصفا * وخلت قلوبهم من الأحقاد
وإذا تولى آل أحمد مسلم * وسموه بالتكفير والإلحاد
هذا هو الداء العياء بمثله * ضلت حلوم حواضر وبواد
وقال أبو ثميلة الأبار يرثي زيدا:
- والناس قد أمنوا وآل محمد * من بين مفتون وبين مشرد
نصب إذا ألقى الظلام ستوره * رقد الحمام وليلهم لم يرقد 1
وعن الصادق (ع) قال:
كان أبي في مجلس عام ذات يوم من الأيام إذ أطرق برأسه إلى
الأرض ثم رفعه فقال يا قوم كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم
مدينتكم هذه في أربعة آلاف يستعرضكم على السيف ثلاثة أيام متوالية
فيقتل مقاتلتكم وتلقون منه بلاء لا تقدرون عليه ولا على دفعه وذلك من
قابل فخذوا حذركم واعلموا أن الذي قلت لكم هو كائن لا بد منه. فلم
يلتفت أهل المدينة إلى كلامه وقالوا لا يكون هذا أبدا فلما كان من قابل
تحمل أبو جعفر من المدينة بعياله وهو وجماعة من بني هاشم وخرجوا
منها. فجاء ها نافع بن الأزرق فدخلها في أربعة آلاف واستباحها
ثلاثة أيام وقتل فيها خلقا كثيرا لا يحصون وكان الأمر على ما قاله عليه
السلام 2.



(1) - مقاتل الطالبيين ص 144.
(2) - الفصول المهمة ص 218.
51
العصر العباسي
ومع استلام العباسيين السلطة عام 132 ه‍. ق بدأت مرحلة جديدة
من الإرهاب والقمع ضد العلويين. فبعد أن استتبت لهم الأمور
وتوطدت أركان مملكتهم قصدوهم بشكل علني وفي كل مكان.
وعاملوهم بإرهاب فاق الإرهاب الأموي بمراتب. فمن سلم من القتل
منهم لم يسلم من الحبس ومن سلم من الحبس لم يسلم من التشرد فكانت
هذه الفترة بالذات الموسم الواقعي لهجرة الطالبيين وتشتتهم في البلاد
والسبب في ذلك واضح. فالعباسيون لم يجدوا منافسا أقوى وأخطر من
العلويين الذين كانوا أصدق وأولى عند الناس من دعوى قرابة الرسول
(ص) وطلب الخلافة. في حين سبقهم العباسيون في الالتفاف على
الناس لكسب اللعبة باسم قرابة الرسول (ص). وفي ترك العلويين
وشأنهم خطر أكيد على مستقبل السلطة. إذن السياسة تحكم بالحزم في
التعامل مع الخصم وتجيز استئصاله كائنا من كان وبأية وسيلة. ومن
هنا نجد وجه الشبه بين الحكومتين الأموية والعباسية في التعامل مع
العلويين فأولئك أعماهم الحقد القبلي وهؤلاء غرهم حب السلطة....
ولنتعرف باختصار على رجال السلطة العباسية في الصدر الأول
من حكومتهم. لنرى موقفهم من آل علي (ع) وموقف العلويين الأمني
في ظل حكوماتهم ونكتفي بذكر:
1 - أبو العباس السفاح من سنة 132 - 136 ه‍.
2 - أبو جعفر المنصور من سنة 136 - 158 ه‍
3 - محمد المهدي بن المنصور من سنة 158 - 169 ه‍

52
4 - موسى الهادي بن محمد المهدي من سنة 169 - 170 ه‍.
5 - هارون الرشيد بن محمد المهدي من سنة 170 - 193 ه‍.
والاطلاع على حكومة هؤلاء كاف في معرفة الحالة الأمنية
للأبناء الصلبيين للإمام الباقر (ع) وأحفادهم.
1 - أبو العباس السفاح
هو أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس
بن عبد المطلب. أول خلفاء بني العباس، حكم أربع سنوات وثمانية
أشهر تقريبا. لم يظهر خشونة في موقفه الشخصي من أهل البيت حيث
انشغل بتنظيم الأمور وتثبيت أركان الدولة ومتابعة الأمويين، إضافة إلى
التمشدق بالقرابة من رسول الله (ص) وأنهم أولى بالحكم بل قد جاءوا
لاحقاق الحق وغيرها من الشعارات السياسية كل ذلك حال دون
المبادرة في تصفية من سلم من العلويين من بطش بني أمية.. وليس
معنى هذا أنهم كانوا في أمان من البطش باعتبارها فترة تحول وبداية
حكم جديد.. فإن نظرة واحدة إلى ما كان يجري في المدينة أيام حكم
السفاح كافية للدلالة على أن الحكومة الجديدة لم تكن بالتي تهمل من
تخشى مكانته وموقعه من الناس فهذا داود بن علي بن عبد الله بن
العباس عامله في المدينة ومكة سنة 132 - 133 ه‍ يدخل المدينة
فيخطب ويقول " أيها الناس غركم الإمهال حتى حسبتموه الإهمال
هيهات منكم وكيف بكم والسوط كفى والسيف مشهر " 1.



(1) - الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 1 ص 129.
53
وهو الذي دعى المعلى بن خنيس وسأله عن شيعة أبي عبد الله (ع) فكتمه،
فقال أتكتمني، أما إن كتمتني قتلتك، فقال المعلى: أبالقتل
تهددني والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم 1. وهو الذي
بعث جماعة إلى أبي عبد الله الصادق (ع) يحضره إلى داره ليقتله فلما
دخلوا عليه وغلظوا في الكلام له.. دعا - الله ثم قال لهم إن صاحبكم
مات فارتفعت الأصوات بالصياح وقيل مات داود بن علي 2.
وهذه لمحة بسيطة مع بداية الحكم الجديد فما ظنك بأيامهم لما
استتبت لهم الأمور وخضعت لهم الرقاب.
2 - أبو جعفر المنصور: 136 - 158 ه‍. ق
هو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن
عبد المطلب بويع له يوم توفي السفاح 3. وكانت فترة حكمه طويلة
من أشد الفترات عذابا بالنسبة إلى أولاد علي (ع). وهو الذي يصفه
المسعودي بقوله " يثب وثوب الأسد العادي لا يبالي أن يحرس ملكه
بهلاك غيره " 4. قتل أبا مسلم الخراساني الذي وطد لهم الملك
وأسرف بالعلويين كما سنبينه. وكان في عهده خروج النفس الزكية في
المدينة وأخيه إبراهيم في البصرة وفيما يلي نماذج من الحالة الأمنية
للعلويين في حكمه:
أ - في البحار " أنه لما بنى المنصور الأبنية في بغداد جعل يطلب العلوية



(1) - المناقب ج 4 ص 255.
(2) - ألقاب الرسول وعترته - المجموعة النفيسة ص 263 - 264.
(3) - التنبيه والأشراف ص 295.
(4) - التنبيه والأشراف ص 296.
54
طلبا شديدا ويجعل من ظفر به منهم في الأسطوانات المجوفة المبنية من
الجص والآجر " 1.
ب - وفي الفصول المهمة: قال المنصور للربيع ابعث إلى جعفر بن
محمد من يأتينا به سعيا قتلني الله إن لم أقتله. فلما رآه المنصور أغلظ
له بالقول فقال: يا عدو الله اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة
أموالهم تلحد في سلطنتي وتبتغ إلي الغوائل قتلني الله إن لم أقتلك. الخ 2
- وعن جعفر بن محمد (ع) قال: لما رفعت إلى أبي جعفر المنصور
بعد قتل محمد بن عبد الله بن الحسن نهرني وكلمني بكلام غليظ ثم قال
لي يا جعفر قد علمت بفعل محمد بن عبد الله الذي يسمونه النفس الزكية
وما نزل به وإنما أنتظر الآن أن يتحرك منكم أحد فألحق الصغير
بالكبير. 3. وينقل صاحب أعيان الشيعة الرواية كالآتي: "
عن أبي عبد الله (ع) قال لما قتل إبراهيم بن عبد الله المحض
وحشرنا من المدينة ولم يترك فيها منا محتلم حتى قدمنا الكوفة فمكثنا
فيها شهرا نتوقع فيه القتل، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال: أين
هؤلاء العلوية ادخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى
فدخلت إليه أنا والحسن بن زيد فقال لي أنت الذي تعلم الغيب قلت
لا يعلم الغيب إلا الله قال: أنت الذي يجبى إليك الخراج، قلت إليك
يجبى يا أمير المؤمنين الخراج، قال: أتدرون لم دعوتكم قلت لا، قال
أردت أن أهدم رباعكم، وأروع قلوبكم، واعقر نخلكم، وأترككم في



(1) - بحار الأنوار ج 47 ص 306.
(2) - الفصول المهمة ص 225.
(3) - الفصول المهمة ص 227.
55
السراة لا يقربكم أحد من أهل الحجاز وأهل العراق... 1
ج - وعن الفضل بن عمر قال: وجه المنصور إلى الحسن بن زيد
وهو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمد داره، فألقى
النار في دار أبي عبد الله (ع) فأخذ النار الباب والدهليز فخرج أبو
عبد الله عليه السلام يتخطى النار ويمشي فيها ويقول: أنا ابن أعراق
الثرى، أنا ابن إبراهيم الخليل (ع) 2.
د: وعن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر أن المنصور قد كان
هم بقتل أبي عبد الله (ع) غير مرة فكان إذا بعث إليه ودعاه ليقتله. فإذا
نظر إليه هابه ولم يقتله. غير أنه منع الناس عنه، ومنعه من القعود
للناس، واستقصى عليه أشد الاستقصاء حتى أنه كان لأحدهم مسألة في
دينه في نكاح أو طلاق أو غير ذلك - فلا يكون علم ذلك عندهم 3.
ه‍: لما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن (ع) هرب جعفر إلى
ماله بالفرع فلم يزل هناك مقيما حتى قتل محمد، فلما قتل واطمأن
الناس وأمنوا رجع إلى المدينة 4.
و: أن عيسى بن موسى لما قدم المدينة لمقاتلة النفس الزكية قال
جعفر بن محمد (ع): أهو هو؟ قيل من تعني يا أبا عبد الله؟ قال:
المتلعب بدمائنا 5.
ز: روى محمد بن عبد الله الإسكندري أنه قال: كنت من جملة ندماء
أمير المؤمنين المنصور وخواصه، وكنت صاحب سره من بين الجميع،



(1) - أعيان الشيعة مجلد 2 / ص 18،
(2) - المناقب ج 4 ص 236،
(3) - المناقب ج 4 ص 238
(4) - البحار ج 47 ص 5 والفصول المهمة ص 227.
(5) - مقاتل الطالبيين ص 240.
56
فدخلت عليه يوما فرأيته مغتما وهو يتنفس نفسا باردا، فقلت ما هذه
الفكرة يا أمير المؤمنين فقال لي: يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة
مقدار مائة وقد بقي سيدهم وإمامهم فقلت له من ذلك؟ قال جعفر بن
محمد الصادق. 1
وكشاهد على صدق الرواية المتقدمة نذكر هنا عددا من أولاد
فاطمة الذين قتلوا على يد هذا الجلاد المعترف والخبثاء من ولده فمنهم:
1 - عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن (ع) قتل في حبس الهاشمية.
2 - الحسن المثلث بن الحسن المثنى... قتل في حبس الهاشمية.
3 - إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى (ع)... قتل في حبس الهاشمية.
4 - أبو بكر بن الحسن المثنى... قتل في حبس الهاشمية.
5 - علي بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى (ع).
6 - عبد الله بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى قتله رياح أمير المدينة.
- 7 - علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى... قتل في حبس الهاشمية.
8 - العباس بن الحسن المثنى... قتل في حبس الهاشمية.
9 - إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى (ع).
10 - محمد بن إبراهيم بن الحسن المثنى. بني عليه جدار وهو حي.
11 - محمد النفس الزكية بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى قتل في المدينة.
12 - علي بن محمد النفس الزكية بن عبد الله المحض... قتل بمصر.
13 - عبد الله الأشتر بن محمد النفس بن عبد الله المحض قتل في السند



(1) - البحار ج 47 ص 201.
57
14 - إبراهيم بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى.. قتل في باخمرى.
15 - علي بن الحسن بن زيد بن الحسن المجتبى (ع)... قتل بالسياط في حبس الهاشمية.
16 - موسى الجون بن عبد الله المحض.. قتل بالسياط في حبس الهاشمية
17 - علي بن العباس بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى...
18 - الحسين ذو الدمعة بن زيد الشهيد...
19 - عبيد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين (ع) دس إليه أبو مسلم
السم فمات ودفن بمرو.
20 - عبد الله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين (ع) قتله جعفر بن
خالد البرمكي أيام هارون.
21 - إدريس بن عبد الله المحض... قتل بالسم في المغرب.
22 - يحيى بن عبد الله المحض... حبس ببغداد وقتل جوعا وعطشا.
23 - الحسن بن محمد النفس الزكية... مات بالحبس في اليمن.
24 - داود بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى (ع).
25 - الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى... قتل بفخ
هؤلاء ثلة من مشاهير بني علي بن أبي طالب (ع) الذين عرفوا
بالاسم جئنا على ذكرهم مثلا والله أعلم بعدة من لم نذكرهم ممن قتلهم
المنصور.
أما كيف تعامل المنصور مع العلويين فذاك ما نستطيع استظهاره
من تعامله مع عبد الله المحض بن الحسن المثنى ومن ألقى القبض عليه
معه من قول أبي الفرج الإصفهاني فعن سجنه يقول " حبسهم أبو

58
جعفر في محبس ستين ليله ما يدرون بالليل ولا بالنهار ولا يعرفون وقت
الصلاة إلا بتسبيح علي بن الحسن " 1، وعن كيفية أخذهم يقول: "
خرج رياح ببني حسن ومحمد بن عبد الله بن عمرو إلى الربذة فلما
صاروا بقصر نفيس على ثلاثة أميال من المدينة دعا بالحدادين والقيود
والأغلال فألقي كل رجل منهم في كبل وغل " 2. وجرد المنصور
بالربذة محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان - أخو عبد الله المحض لأمه -
فضربه ألف سوط وسأله عن ابني أخيه محمد وإبراهيم، فأنكر أن
يعرف مكانهما... وأوهن القوم بالجهد فحملوا على المحامل المكشوفة
فمر بهم المنصور في قبته على الحجازة فصاح به عبد الله بن الحسن:
يا أبا جعفر ما هكذا فعلنا بكم يوم بدر.. فصيرهم إلى الكوفة وحبسوا
في سرداب تحت الأرض لا يفرقون بين ضياء النهار وسواد الليل وخلى
منهم سليمان وعبد الله ابني داود بن الحسن المثنى وموسى بن عبد الله
بن الحسن، والحسن بن جعفر وحبس الآخرين حتى ماتوا. وذلك على
شاطئ الفرات بالقرب من قنطرة الكوفة... وكانوا يتوضؤون في
مواضعهم فاشتدت عليهم الرائحة فاحتال بعض مواليهم حتى أدخل إليهم
شيئا من الغالية فكانوا يدفعون بشمها تلك الروائح المنتنة. وكان الورم
يبدو في أقدامهم فلا يزال يرتفع حتى يبلغ الفؤاد فيموت صاحبه 3.
وذكران المنصور قال يوما لجلسائه بعد قتل محمد وإبراهيم: تالله



(1) - مقاتل الطالبيين ص 177.
(2) - مقاتل الطالبيين ص 178 - 179.
(3) - مروج الذهب ج 3 ص 329.
59
ما رأيت رجلا أنصح من الحجاج لبني مروان. فقام المسيب بن زهير
الضبي فقال: يا أمير المؤمنين ما سبقنا الحجاج بأمر تخلفنا عنه والله ما خلق الله
على جديد الأرض خلقا أعز علينا من نبينا (ص) وقد
أمرتنا بقتل أولاده فأطعناك وفعلنا ذلك فهل نصحنا أم لا؟ فقال له
المنصور: اجلس لا جلست 1.
وأما أمر المدينة وأهلها في عصر المنصور فقد كان نصيبهم منه
بعد قتل النفس الزكية أن أمر أبو جعفر بالبحر فأقفل على أهل المدينة
فلم يحمل إليهم من ناحية الجار شئ حتى كان المهدي فأمر بالبحر ففتح
لهم وأذن في الحمل 2. وقبض عيسى بن موسى أموال بني حسن كلها
فأجاز ذلك أبو جعفر 3. وقد وقع من الترويع في المدينة على يد جند
عيسى بن موسى بعد قتل محمد النفس الزكية ما لم تشهده المدينة قبلها
فقد كانوا يقتحمون البيوت ويقطعون الرؤوس ويأخذونها إلى عيسى.
وكان عيسى جالسا وعنده ابن أبي الكرام ومحمد بن لوط بن المغيرة بن
نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وأتي برأس أبي الشدائد فاسترجعا
وقالا: والله ما بقي من أهل المدينة أحد هذا رأس أبي الشدائد فالح بن
معمر رجل من بني فزارة مكفوف 4.
فإذا كان المكفوف لم يسلم فما بالك بغيره، وكيف نتصور وضع



(1) - مروج الذهب ج 3 ص 228.
(2) - الطبري ج 6 ص 225 حوادث سنة 145
(3) - الطبري ج 6 ص 225 حوادث سنة 145
(4) - الطبري ج 6 ص 222 حوادث سنة 145
60
العلويين مع هؤلاء القساة الغلاظ الشداد، الذين كشفوا بتصرفاتهم عن
وجه المنصور الحقيقي وحقده وغلظته، فلئن حز أميره عيسى بن موسى
رأس محمد بن عبد الله ومن تمكن منه من أهل المدينة فلقد كان
المنصور نفسه له طريقته الخاصة بالفتك بأولاد الزهراء (ع). فلنسمع ما
يقوله الطبري عن سيرة شخص المنصور، لما أتي - ببني الحسن إلى
سجن الهاشمية قال: أتى بهم أبو جعفر فنظر إلى محمد بن إبراهيم بن حسن
فقال: أنت الديباج الأصفر؟ قال نعم قال: أما والله لأقتلنك قتلة ما قتلتها
أحدا من أهل بيتك. ثم أمر بأسطوانة مبنية ففرغت ثم أدخل فيها فبني
عليه وهو حي 1. وهذا واليه رياح بن عثمان الذي قال له المنصور
حين ولاه المدينة ما وجدت لهم غيرك ولا أعلم لهم سواك فلما قدم رياح
المدينة قام على المنبر فخطب خطبة له مشهورة: يا أهل المدينة أنا
الأفعى ابن الأفعى ابن عثمان ابن حيان وابن عم مسلم بن عقبة المبيد
خضراكم المفني رجالكم والله لأدعها بلقعا لا ينبح فيها كلب 2.
هذا غيض من فيض وقطرة من بحر الإرهاب الذي أحاط بأهل بيت
النبوة من خيرة أبناء علي (ع) الذين لم يذعنوا لسلطان هؤلاء الفسقة
الفجرة ولم يسلم من بطشهم القائم منهم بالسيف وغير القائم. ذكرناه
شاهدا على معاناة العلوية من حكام عصرهم إذ ما زال كابوس طاغوت
عنهم إلا واستخلف طاغوت آخر يفوق من سبقه ظلما. وجدير بنا أن
نذكر شهادة لا شك في صدقها كتبت بعد فترة من هذه الأحداث



(1) - الطبري ج 6 ص 179 حوادث سنة 144.
(2) - تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 374 - 375.
61
تنبئ عن واقع ما عاناه أهل هذا البيت من الاضطهاد. والشهادة هذه
من سيد من سادات بني هاشم، وإمام من أئمتهم، وهو الإمام علي بن
موسى الرضا عليه السلام فإنه لما كتب المأمون العهد إليه (ع) بولاية
العهد كتب عليه السلام على ظهر العهد كلاما من جملته: " وأنا علي
بن موسى الرضا بن جعفر: إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد
ووفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قطعت وأمن
نفوسا فزعت بل أحياها وقد تلفت... 1.
وهذه كلمات تشير بوضوح إلى المعاناة والظلم خلال فترة حكم الخلفاء
-. الذين سبقوا المأمون. وهذا هو الأخير يؤكد ما بينه الإمام فقد ذكر
المفيد أنه " لما توفي محمد بن جعفر الصادق بخراسان ركب المأمون
ليشهده فلقيهم وقد خرجوا به فلما نظر إلى السرير نزل فترجل ومشى
حتى دخل بين العمودين فلم يزل بينهما حتى وضع فتقدم وصلى ثم
حمله حتى بلغ به القبر ثم دخل قبره فلم يزل فيه حتى بني عليه ثم
خرج فقام على القبر حتى دفن فقال له عبيد الله بن الحسين ودعا له: يا
أمير المؤمنين إنك قد تعبت فلو ركبت فقال المأمون إن هذه رحم قطعت
منذ مائتي سنة " 2. وهذه الكلمة تؤكد واقع الوضع العلوي طول الفترة
السابقة والذي ذكره الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.



(1) كشف الغمة ج 3 ص 124.
(2) - الإرشاد ج 2 ص 213.
62
3 - محمد المهدي بن المنصور 158 - 169 ه‍. ق
كان صاحب جواري وغناء وشرب وله:
رب تمم لي نعيمي بأبي حفص نديمي * إنما لذة عيشي في غناء وكروم
وجوار عطرات وسماع ونعيم 1
وكان يضع الحديث 2، كان في صيد فجاع ودخل خباء أعرابي فقال "
يا أعرابي هل عندك قرى فإني ضيفك؟ قال أراك طريرا جسيما عميما
فإن احتملت الموجود قربنا لك ما يحضرنا قال هات ما عندك فأخرج له
خبز مله فأكلها وقال طيب هات ما عندك، فأخرج إليه لبنا في كرش
فسقاه فشرب وقال طيب هات ما عندك فأخرج له فضلة نبيذ في ركوة
فشرب الأعرابي واحدا وسقاه، فلما شرب قال المهدي أتدري من أنا؟
قال لا والله. قال أنا من خدم الخاصة قال: بارك الله في موضعك
وحباك من كنت ثم شرب الأعرابي قدحا وسقاه فلما شرب قال له يا
أعرابي أتدري من أنا قال نعم ذكرت إنك من خدم الخاصة. قال لست
كذلك قال: أنا أحد قواد المهدي قال: رحبت دارك وطاب مزارك.
ثم شرب الأعرابي قدحا وسقاه فلما شرب الثالث قال: يا أعرابي أتدري
من أنا قال: نعم؟ قال: زعمت إنك أحد قواد المهدي قال: قلت كذلك
قال: فمن أنت؟ قال: أنا أمير المؤمنين بنفسه. فأخذ الأعرابي ركوته



(1) - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 276.
(2) - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 279.
63
فوكاها فقال له المهدي أسقنا قال: لا والله لا تشرب منها جرعة فوقها
قال ولم قال: سقيتك قدحا فزعمت أنك من خدم الخاصة فاحتملناها لك
ثم سقيناك آخر فزعمت أنك أحد قواد المهدي فاحتملناها لك ثم سقيناك
الثالث فزعمت أنك أمير المؤمنين ولا والله ما آمن أن أسقيك الرابع
فتقول إنك رسول الله فضحك المهدي... 1.
وهو الذي دس السم إلى علي بن العباس بن الحسن بن الحسن بن
علي عند إخراجه من الحبس فلم يزل ينتفض عليه في الأيام حتى قدم
المدينة فتفسخ لحمه وتباينت أعضاؤه فمات بعد دخول المدينة بثلاثة
أيام 2. وهو الذي طلب عيسى المختفي بن زيد الشهيد الذي توارى أيام
المنصور، وجد في طلبه فلم يقدر عليه... 3.
وهو الذي ظفر بحاظر صاحب عيسى فحبسه وقرره ورفق به
واشتد عليه ليعرفه موضع عيسى فلم يفعل فقتله 4. ولم يكن المهدي
مهديا كما صوره أشياعه وأتباعه من دعاة الخلافة بل هو ما أشرنا إليه
وأظن أن المنصور أباه لم يدع له ذكرا من آل محمد (ص) يتتبعه
أكثر من علي وعيسى.



(1) مروج الذهب ج 3 ص 243.
(2) - مقاتل الطالبيين ص 342.
(3) - نفس المصدر ص 355.
(4) - نفس المصدر ص 355.
64
4 - موسى الهادي بن المنصور 169 - 170 ه‍. ق
كان قاسي القلب شرس الأخلاق 1 يتناول المسكر ويلعب ويركب
حمارا فارها ولا يقيم أبهة للخلافة 2 وكان جبارا 3 كان أحد عماله في
المدينة واسمه عبد العزيز بن عبد الله يحمل على الطالبيين ويسيئ إليهم
ويفرط في التحامل عليهم ويطالبهم بالعرض كل يوم وكانوا يعرضون
في المقصورة. وأخذ كل واحد منهم بكفالة قرينه ونسيبه مما أدى إلى
قيام الحسين بن علي بن الحسن المثلث صاحب الفخ حيث استشهد في
فخ مع جملة من أهل بيتة منهم سليمان بن عبد الله بن الحسن المثنى و
الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى وعبد الله بن إسحاق بن
إبراهيم بن الحسن المثنى قتلهم موسى بن عيسى جلاده الذي يقول عن
الحسين صاحب الفخ وأتباعه " هم والله أكرم عند الله وأحق بما في
أيدينا منا ولكن الملك عقيم ولو أن صاحب القبر - يعني النبي (ص) -
نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف يا غلام اضرب بطبلك ثم سار
إليهم فوالله ما أنثني عن قتلهم " 4.
ولما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة وأمر الناس
بالوقيعة على آل أبي طالب، عمد عبد العزيز بن عبد الله العمري إلى
دار الحسين ودور أهله فحرقها، وقبض أموالهم ونخلهم فجعلها في الصوافي
المقبوضة 5.



(1) - مروج الذهب ج 3 ص 356.
(2) - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 379.
(3) - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 380.
(4) - مقاتل الطالبيين ص 380.
(5) - مقاتل الطالبيين ص 381 - 382.
65
5 - هارون الرشيد 170 - 193 ه‍. ق
هو الذي وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم 1. كما قال ابن
المبارك وأمر بإخراج من كان في مدينة السلام من الطالبيين إلى مدينة
الرسول (ص) 2 سنة 171 ه‍ وهو الذي قتل يحيى بن عبد الله بن الحسن
المثنى بن الحسن المجتبى وإدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى
وعبد الله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين ومحمد بن يحيى بن
عبد الله بن الحسن المثنى والحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله
بن جعفر والعباس بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين والإمام
موسى بن جعفر عليه السلام وإسحاق بن الحسن بن زيد بن الحسن
المجتبى عليهم السلام وغيرهم ممن لم يرد لهم ذكر. وكان الرشيد
مغرى بالمسألة عن أمر آل أبي طالب وعمن له ذكر ونباهة منهم 3.
ويدلنا على مدى حقده بالنسبة لولد فاطمة عليها السلام وتركيزه على
قمعهم وإبادتهم ما رواه العمري حيث ذكر أنه: قال يحيى بن عبد الله بن
محمد بن عمر الأطرف للرشيد حينما أراد قتله " يا أمير المؤمنين لست
رجلا من ولد فاطمة ولا يطاع مثلي وفي الأرض رجل من بني فاطمة
يصلح لهذا الأمر فاتق الله ولا ترق دمي " فلم ينفعه ذلك 4.
والرشيد هو مضرب المثل في إبادة أهل البيت عليهم السلام إلى
يومنا هذا. فلا موجب للإطالة فيه وفي عصره.



(1) - تاريخ الخلفاء للسيوطي 291.
(2) - الطبري ج 6 ص 445.
(3) - مقاتل الطالبيين ص 410
(3) - المجدي ص 282
66
هذه خلاصة الوضع العباسي خلال الفترة التي احتملنا فيها غياب
أولاد وأحفاد الإمام الباقر (ع) والتمسنا فيها العذر الموجه للاختفاء
والهرب. ومع القاء نظرة على هذا المقطع الزمني وما سبقته من
الفترة الأموية نكشف بوضوح الفقدان التام للأمن والطمأنينة بالنسبة
للعلويين فتقتيلهم فرض في السياستين وملاحقتهم والتضييق على
أبريائهم بالحبس وقطع الأرزاق وغيرها ضرورة في نظر حكام
المذهبين والجو مشحون بالخوف من بداية الفترة وحتى آخرها.
- 4 - العوامل المساعدة على تزايد القمع.
ذكرنا فيما مضى العوامل الرئيسية في انعدام الأمن والاستقرار
بالنسبة للعلويين وها نذكر العوامل التي أثرت بشكل أو بآخر في هذا
الميدان، فمنها:
1 - الحركات الثورية التي وقعت في العهدين مثل:
أ - قيام زيد بن علي في عهد هشام بن عبد الملك سنة 121 ه‍.
ب - قيام يحيى بن زيد سنة 125 ه‍.
ج - ظهور عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر سنة 128 ه‍.
د - دخول الخوارج إلى اليمن ومكة والمدينة سنة 129 ه‍.
ه‍ - قيام العباسيين.
و - ثورة محمد بن عبد الله زمن المنصور.
ز - ظهور الحسين صاحب فخ أيام الهادي.
وتسببت غالب هذه الحركات إن لم نقل جميعها في تشديد المعاناة

67
على العلويين والتضييق عليهم فأثر حركة زيد شدد الأمويون ضغطهم
على العلويين، وعقب ظهور النفس الزكية صب العباسيون جام
غضبهم عليهم. 2 - الخلاف بين العلويين أنفسهم: فقد انقسموا على أنفسهم بين
موافق للسلطات ومخالف قائم بالسيف ومستقل يعمل بالتقية. وهذا
الاختلاف إضافة إلى كونه سببا لتضعيفهم أمام أعدائهم، فقد تسبب في
أن يلحق بعضهم الضرر بالآخر سواء بالسعاية أو بالاضطهاد عندما
تسنح الفرص وتسمح القوة. ففي البحار: أنه لما دعا محمد بن عبد الله
لنفسه واستوثق الناس لبيعته شاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته، وكان
على شرطته فشاوره في البعثة إلى وجوه قومه فقال له عيسى بن
زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك أو تغلظ عليهم، فخلني وإياهم
فقال له محمد: امض إلى من أردت منهم فقال: ابعث إلى رئيسهم
وكبيرهم - يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) - فإنك إذا
غلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها
أبا عبد الله (ع). قال فوالله ما لبثنا أن أوتي بأبي عبد الله (ع) حتى
أوقف بين يديه فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم، فقال له أبو عبد الله
أحدثت نبوة بعد محمد (ص)؟ فقال له محمد: لا ولكن بايع تأمن على
نفسك ومالك وولدك ولا تكلفني حربا. فقال له أبو عبد الله ما في حرب
ولا قتال ولقد تقدمت إلى أبيك وحذرته الذي حاق به ولكن لا ينفع حذر
من قدر، يا بن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ. فقال له محمد:
ما أقرب ما بيني وبينك في السن.. إلى أن قال له: لا والله لا بد أن تبايع

68
فقال أبو عبد الله ما في يا بن أخي طلب ولا هرب وإني لأريد الخروج
إلى البادية... فيقول محمد: والله لتبايعن طائعا أو مكرها، فأبى
الإمام إباء شديدا. فأمر به إلى الحبس. فقال عيسى بن زيد: أما إن
طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق خفنا أن
يهرب منه.. فضحك أبو عبد الله (ع) ثم قال لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم، أو تراك تسجنني؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا (ص)
بالنبوة لأسجننك ولأشددن عليك. فقال عيسى بن زيد: احبسوه في
المخبأ وذلك دار ريطة اليوم. فقال له أبو عبد الله (ع): أما والله إني
سأقول ثم أصدق. فقال له عيسى بن زيد: لو تكلمت لكسرت فمك..
إلى أن يقول وقام إليه السراقي ابن سلح الحوت فدفع في ظهره حتى
أدخل السجن. واصطفي ما كان له من مال وما كان لقومه ممن لم
يخرج مع محمد 1.
وعن أبي الفرج: أنه خرج مع محمد، عيسى بن زيد وكان يقول: من
خالف بيعتك من آل أبي طالب فامكني من ضرب عنقه.. فأتي بعبد الله بن
الحسين بن علي بن الحسين (ع) فغمض عينيه قال إن علي يمينا إن
رأيته لأقتلنه. فقال له عيسى دعني أضرب عنقه، فكف عنه 2.
3 - السعاية إلى السلطان تقربا إلى الباطل أو طمعا في المال:
فعن الفضل بن الربيع قال: صار إلي عبد الله بن مصعب بن
ثابت بن عبد الله الزبيري فقال: إن موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى



(1) - بحار الأنوار ج 47 ص 283 - 286، ذكرنا منه موضع الحاجة.
(2) - مقاتل الطالبيين ص 260.
69
قد أرادني على البيعة له. فجمع الرشيد بينهما... الخ 1، وفي الطبري
هو بكار بن عبد الله وكان شديد البغض لآل أبي طالب، وكان يبلغ
هارون عنهم، ويسئ بأخبارهم، وكان الرشيد ولاه المدينة وأمره
بالتضييق عليهم 2 وفي الفصول المهمة: لما وشي بالصادق (ع) عند
المنصور قال المنصور يا أبا عبد الله إن فلانا الفلاني أخبرني عنك بما
قلت لك فقال عليه السلام: أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك،
فأحضر الرجل الذي سعى به إلى المنصور فقال له المنصور: أحقا ما
حكيت لي عن جعفر؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين... الخ 3. ولقد
كان البعض يتربص بهم ليسلمهم إلى السلطة مقابل مال كما فعل ذلك
بيحيى بن عبد الله بن الحسن المثنى. فإنه لما سار إلى الديلم مستجيرا
باعه صاحب الديلم من عامل الرشيد بمائة ألف درهم فقتل رحمه الله 4
فهذه العوامل كانت إما مزعزعة للاستقرار والأمن بحد ذاتها أو مساعدة
على ذلك، فلقد تعرضت المدينة المنورة لحملات عسكرية عدة مرات
خلال هذه الفترة، وكل حملة منها أدت إلى خروج أعداد من العلويين
من موطنهم. وكان بعض الأحداث التي وقعت لصالح الهاشميين سببا
آخر من أسباب الجلاء والهجرة من البلاد. فهذا عبد الله بن معاوية بن
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ينهض ثائرا ويغلب على مياه الكوفة
ومياه البصرة وهمدان وقم والري وقومس وأصبهان ويقيم بأصبهان 5



(1) - مروج الذهب ج 3 ص 373.
(2) - الطبري ج 6 ص 452 أحداث سنة 176.
(3) - الفصول المهمة ص 225.
(4) - مروج الذهب ج 3 ص 374.
(5) - مقاتل الطالبيين ص 156.
70
. والتحق به جمع من بني هاشم 1 فإنه حكم تلك النواحي حدود سنة.
فإذا علمنا بأن من جملة اللاجئين إلى تلك المناطق في تلك الفترة
الحرجة، أبو العباس السفاح والمنصور وعيسى بن علي 2 وأمثالهم فلا
نستبعد أن يكون أولاد الإمام الباقر (ع) أيضا من أولئك المهاجرين،
ويقال إن الحسن بن معاوية بن عبد الله كان حاكما من قبل أخيه عبد الله
بن معاوية على الجبال 3 وهذا يشوق كثيرا الهاشمي المضطهد في
الهجرة إلى تلك المناطق الوعرة الآمنة.
وبملاحظة الظروف التي رافقت حياة الإمام الباقر (ع) وأولاده من
جوانبها المختلفة نلمس بوضوح جو الإرهاب والخوف الذي عاشوه في
المدينة المنورة. فظلم الولاة ومتابعتهم لأهل البيت بالإيذاء والقتل
وقسوة القانون والهرج والمرج التي تعرضت له المدينة وصيرورتهم
غرضا لأهل الأحقاد والأطماع في تمرير مآربهم بالكذب والافتراء
عليهم والوشاية بهم كل ذلك يؤكد وخامة الأوضاع الأمنية وفقدانهم
الاستقرار ومقومات الظهور في الوسط الاجتماعي بل وتؤكد أيضا
حتمية الهجرة طلبا للأمن والنجاة.. وهذا هو التاريخ يذكر لنا خروج
الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام من المدينة لفترات محدودة
بسبب الفتن التي وقعت داخل المدينة فعن الصادق (ع) قال: كان أبي
في مجلس ذات يوم من الأيام إذ أطرق برأسه إلى الأرض ثم رفعه
فقال: يا قوم كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في



(1) - الفخري في الآداب السلطانية ص 185.
(2) - مقاتل الطالبيين ص 157.
(3) - تاريخ سرزمين إيلام ص 148.
71
أربعة آلاف يستعرضكم على السيف ثلاثة أيام متوالية فيقتل مقاتلتكم
وتلقون منه بلاء لا تقدرون عليه ولا على دفعه وذلك من قابل فخذوا
حذركم واعلموا أن الذي قلت لكم هو كائن لا بد منه فلم يلتفت أهل
المدينة إلى كلامه، وقالوا لا يكون هذا أبدا، فلما كان من قابل تحمل
أبو جعفر من المدينة بعياله، هو وجماعة من بني هاشم، وخرجوا منها
فجاءها نافع بن الأزرق فدخلها في أربعة آلاف واستباحها ثلاثة أيام
وقتل فيها خلقا كثيرا لا يحصون 1.
وفي البحار: لما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن هرب جعفر
إلى ماله بالفرع فلم يزل هناك مقيما حتى قتل محمد، واطمأن الناس
وأمنوا رجع إلى المدينة 2 وقد أشرنا فيما تقدم إلى ما لاقاه أهل هذا
البيت من ألوان العذاب وقلنا أن هذا البلاء عمهم رجالا ونساء ولم ينج
أصحابهم أيضا من هذا التنكيل وأخيرا نورد مثالين آخرين في هذا
المضمار للوقوف أكثر فأكثر على الوضع العلوي في تلك الأيام. ففي
تذكرة الخواص عن الواقدي: كان لجعفر بن محمد مولى يقال له معتب
يبعثه إلى مالك بن أنس يسأله عن مسائل فلما حج المنصور بلغه خبر
معتب فضربه ألف سوط حتى مات 3. وفي ترجمة السيدة أم كلثوم بنت
إسحاق الكوكبي بن الحسن بن زيد بن الحسن المجتبى ذكر: إنها دخلت
شيراز بعد قتل أعمامها وقصد بني العباس استئصالهم فأقامت بها



(1) - إحقاق الحق ج 2 ص 180، والفصول المهمة ص 218.
(2) - البحار ج 47 ص 5، تذكرة الخواص ص 347، الجوهرة ص 52.
(3) - تذكرة الخواص ص 347
72
متنكرة واشتغلت بعبادة الله. وقيل لما اطلعوا على حالها قصدها
بعض أعدائهم من دمشق فأرادوا أخذها فهربت منهم فسقطت في بئر
هناك فتوفيت 1.
فإذا كان الإمام الصادق (ع) ذلك العلم البارز والشخصية المعروفة لدى
رجال السلطة لا يأمن على نفسه في المدينة فيهرب إلى ماله بالفرع
فكيف ترى حال بقية إخوته. وأي دليل للمدعي درجهم على مدعاه؟
وأي دليل للمدعي بقائهم في المدينة - منذ عهد هشام بن عبد الملك وحتى
بعد قيام النفس الزكية -؟ وأية حجة في إنكار اختيارهم ترك الديار حين
كانوا هدفا لعمال أمية والعباس في المدينة المنورة. أولم يكن في قتل
عبد الله بن الإمام الباقر (ع) على يد والي المدينة بحجة الدعوة لأخيه
الصادق (ع) رادع لبقية إخوته في الابتعاد والاختفاء بعيدا عن الأنظار.
إن النظر بعين الإنصاف إلى تلك الظروف الصعبة والاضطهاد العلني
بالقتل والسجن والتعذيب الذي واجهها العلويون عموما وأبناء الإمام
الباقر (ع) خصوصا يسمح بيسر قبول نظرية الضياع والإضاعة بعد
الاطمئنان من توفر دواعيها في تلك الفترة، كما لا يعظم مخالفة ما
اشتهر بعد حين من الدهر لمكان حيلولة الأيام المظلمة الطويلة التي
وقعت بين التشرد والهجرة وبين الإحصاء والتدوين.



(1) - شد الإزار ص 161.
73
اختلاف الآراء في جوانب من حياة الإمام (ع)
أشرنا في أول الكتاب إلى أن أهل السير والمؤرخين اختلفوا اختلافا
كبيرا في جوانب هامة من حياة الإمام الباقر (ع). وقد ذكرنا هذا الكلام
في معرض ردنا على من ادعى الإجماع على أن أولاد الإمام الباقر (ع)
لم يخلفوا نسلا عدا الصادق (ع). وواعدنا هناك بأننا سوف نتعرض
لهذه الاختلافات لنثبت أن الإجماع المذكور غير وارد أصلا وأن الذي
يعجز عن تحصيل الإجماع في العناوين، لجدير بأن يكون عن تحصيله
في الفروع أكثر عجزا. وها نفي بالوعد هنا فنقول: ليس من الغريب
اختلاف المعنيين بإثبات تواريخ المواليد والوفيات، أو غيرها من
التواريخ، لشخصيات في عمق التاريخ، ما دام الطريق إليهم وعر
المسلك في مقاطع تموجه، دامس في مسير لياليه، فربما يبلغ قوم
مناهم وقد يضل من تفرق به السبل. كما أن الهمم والمناهج تتفاوت بتفاوت
الأهداف والأشخاص في مراتب الاحتياج الإنساني إذ منها ما
هو ضروري جدا. ومنها ما دون ذلك وعلى هذا الأساس يتشكل هرم
الرجال في التاريخ ويوضع كل نجم منها في أفقه الواقعي. وعليه
ينبغي ترتيب الأولويات في البحث بحسب أهمية الطلب والمطلوب
والطالب وبناء على هذا نقول:
إن نجم الإمام الباقر عليه السلام في سماء علوم الدين والأحكام
التي لا غنى لأحد عنها من السطوع ما لا نحتاج معه إلى بيان والحاجة
إليه أعظم من أن توصف بلسان، فأي فقيه لا يعنيه الإمام الباقر (ع)،

74
وهو الأمين الحافظ لأحكام الله، وأي رجالي يستغني عن معرفة تاريخ
ولادته ووفاته (ع). وهو يفني عمره في سبيل الله من أجل معرفة
المعاصرين له من الرواة، وأي مفسر للقرآن يبتغي الوصول إلى آياته
وقد ورده كلام منه عليه السلام في ذلك على السنة الرواة لا يسعى في
معرفة صحة نسبة الكلام إليه، وأي كلامي منطيق يطلق عنان لسانه
في إثبات إمامته والنص عليه وهو يجهل من هو ومتى كان.. وأي
مؤرخ يسرد للناس سيرته وظروفه ومن عاصره من الملوك وكيفية
وفاته وهو لا يحتاج إلى معرفة تاريخ ولادته ووفاته... فالكل في أمس
الحاجة إلى تاريخه وإذا اعترفنا بأن الأيام حالت بيننا وبين مسائل من
الأهم فبالأولى القول بأنها حالت دون فروع من المهم.
إن الإشارة إلى موارد الاختلاف في جوانب من حياة الإمام الباقر
(ع) الناشي من صعوبة ظروف الأيام التي عاشها عليه السلام وقساوة
أعدائه معه ومع شيعته ونقلة آثاره وطول فترة البلاء وسعي الأعداء في
طمس آثارهم وضياع أخبارهم يوضح بجلاء ضياع الكثير من أخبار
أولاده وأولاد أولاده عند النسابين الذين يعترفون بتأخر تدوين كتب
النسب، ولا يخفى تأثير بعد الفترة تلك وقلة أهمية موضوع النسب
آنذاك وإبعاد أبناء الأئمة أنفسهم عن الأنظار بسبب ما كان ينتظرهم من
بطش الظالمين وأسباب أخرى، في تلبد الأجواء مسببة الغموض و
التحديد في الرؤية لجذور المسألة. وفيما يلي بعض تلك الموارد التي
أشرنا إليها:
1 - اختلافهم في تاريخ ولادة الإمام الباقر (ع).
2 - اختلافهم في تاريخ وفاة الإمام الباقر (ع).

75
3 - اختلافهم في الخليفة الذي توفي الإمام (ع) في أيام حكمه.
4 - اختلافهم في عدد أولاده (ع).
5 - اختلافهم في المعقب من ولده (ع) وغير المعقب.
6 - اختلافهم في عدد إخوته (ع).
1 - الاختلاف في تاريخ ولادته (ع):
اختلفوا في ذلك على أقوال:
1 - من قال إنه ولد سنة 41 ه‍.
قال ابن خلدون: توفي سنة 114 ه‍ وعمره 73 سنة 1. أي أن
ولادته كانت سنة 41 ه‍.
2 - من قال إنه ولد سنة 44 ه‍.
ابن سعد عن محمد بن عمر قال: " أما في روايتنا فإنه مات سنة
117 ه‍ وهو ابن ثلاث وسبعين سنة " 2 أي أن ولادته كانت سنة 44 ه‍.
3 - من قال إنه ولد سنة 55 ه‍.
ذكره صاحب كتاب تشريح ومحاكمه در تاريخ آل محمد (ص) 3
4 - من قال إنه ولد سنة 56 ه‍.
الذهبي 4، ابن عماد 5، والصفدي 6.
-



(1) - تاريخ بن خلدون ج 4 ص 217.
(2) - الطبقات الكبرى ج 5 ص 230.
(3) - تشريح ومحاكمه درآل محمد (ص) ص 128 فارسي
(4) - تذكرة الحفاظ ج 1 ص 124.
(5) - شذرات الذهب ج 1 ص 149.
(6) - الوافي بالوفيات ج 4 ص 102.
76
5 - من قال إنه ولد سنة 57 ه‍.
المفيد 1، الدياربكري 2، ابن شهرآشوب 3، ابن الوردي 4،
حسن القمي 5، غياث الدين 6، الأربلي 7، ابن طولون 8، أبو الفداء 9،
ابن خلكان 10.
6 - من قال إنه ولد سنة 58 ه‍.
الفاريابي نقله ابن أبي الثلج البغدادي في تاريخ الأئمة 11.
7 - من قال إنه ولد سنة 59 ه‍.
ابن عنبه 12، ابن كياء الكيلاني 13.
8 - من قال إنه ولد سنة 60 ه‍.
ابن حجر 14.
9 - من قال إنه ولد سنة 65 ه‍.
حمد الله المستوفي 15، وذكره صاحب ناسخ التواريخ 16 أيضا
وقيل إنه ولد سنة 77 ه‍ 17.



1 - الإرشاد ج 2 ص 185.
2 - تاريخ الخميس ج 2 ص 356.
3 - المناقب ج 4 ص 210.
4 - تاريخ ابن الوردي ج 1 ص 184.
5 - تاريخ قم ص 197.
6 - حبيب السير ج 2 ص 68.
7 - كشف الغمة ج 2 ص 112.
8 - الأئمة الاثني عشر ص 81.
9 - تاريخ أبو الفداء ج 1 ص 214.
10 - تاريخ ابن خلكان ج 2 ص 23.
11 - تاريخ الأئمة - ضمن المجموعة النفيسة - ج 1 ص 10
12 - عمدة الطالب ص 195.
13 - سراج الأنساب ص 70.
14 - تهذيب التهذيب ج 9 ص 351.
15 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 204
16 - ناسخ التواريخ ج 1 ص 4
17 - كتاب عن سيرة الأئمة - مخطوط -
77
2 - اختلافهم في تاريخ وفاته عليه السلام.
واختلفوا في ذلك على أقوال:
1 - من قال إنه توفي سنة 105 ه‍. ق 1.
2 - من قال إنه توفي سنة 112 ه‍. ق.
ابن العماد قال ولد سنة 56 ه‍. ق ومات عن 56 سنة 2.
3 - من قال إنه توفي سنة 113 ه‍.
ابن خلكان 3، وابن طولون 4.
4 - من قال إنه توفي سنة 114 ه‍.
الصفدي 5، المفيد 6، الديار بكري 7، ابن خلدون 8، ابن شهرآشوب
9، غياث الدين 10، الذهبي 11، ابن الوردي 12، حسن القمي 13،
ابن عنبه 14.
5 - من قال إنه توفي سنة 115 ه‍.
ابن حجر 15، ابن خلدون - على قول - 16، ابن كثير 17.



1 - دائرة المعارف (دانش بشر) ص 374.
2 - شذرات الذهب ج 1 ص 149.
3 - تاريخ ابن خلكان ج 2 ص 23.
4 - الأئمة الإثنى عشر ص 81.
5 - الوافي بالوفيات ج 4 ص 102.
6 - الإرشاد ج 2 ص 158.
7 - تاريخ الخميس ج 2 ص 359.
8 - تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 217.
9 - المناقب ج 4 ص 210.
10 - حبيب السير ج 2 ص 68.
11 - تذكرة الحفاظ ج 1 ص 124.
12 - تاريخ ابن الوردي ج 1 ص 184
13 - تاريخ قم ص 197.
14 - عمدة الطالب ص 159.
15 - تهذيب التهذيب ج 5 ص 350.
16 - تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 217
17 - البداية والنهاية ج 10 ص 309.
78
6 - من قال إنه توفي سنة 116 ه‍.
أبو الفداء 1، وابن حجر - على قول - 2.
7 - من قال إنه توفي سنة 117 ه‍.
حمد الله المستوفي 3، صاحب ناسخ التواريخ 4، الأربلي 5.
8 - من قال إنه توفي سنة 118 ه‍.
ابن سعد 6، الديار بكري 7، صاحب تشريح ومحاكمه 8.
9 - من قال إنه توفي سنة 135 ه‍.
قول في كتاب مخطوط في تاريخ الأئمة لمؤلف مجهول.
3 - اختلافهم في الخليفة الذي توفي الإمام (ع) في أيام حكمه
1 - قيل مات زمن عبد الملك بن مروان 9 وهو اغرب الأقوال.
2 - قيل مات زمن يزيد بن عبد الملك، قال صاحب المروج ومن
الناس من رأى أنه مات أيام يزيد بن عبد الملك 10.
3 - قيل توفي زمن هشام بن عبد الملك 11.
4 - قيل توفي زمن الوليد بن يزيد 12.



1 - تاريخ أبو الفداء ج 1 ص 214.
2 - تهذيب التهذيب ج 9 ص 350.
3 - تاريخ حمدا المستوفي ص 204.
4 - ناسخ التواريخ ج 1 ص 4.
5 - كشف الغمة ج 2 ص 318.
6 - الطبقات الكبرى ج 5 ص 320.
7 - تاريخ الخميس ج 2 ص 319.
8 - تشريح ومحاكمه تاريخ آل محمد ص 128.
9 - بحر الجواهر ص 418، وفي جلاء العيون ص 504 نسبه إلى القطب الراوندي.
10 - مروج الذهب ج 3 ص 244.
11 - هو القول المشهور.
12 - مروج الذهب ج 3 ص 243 واثار احمدي (فارسي) للاسترآبادي - خطي -.
79
5 - وقيل توفي في زمن إبراهيم بن الوليد 1.
6 - وقيل توفي في زمن السفاح 2.
4 - اختلافهم في عدد أولاده عليه السلام.
فقد اختلفوا في عدد أولاده أيضا نذكر هنا بعض أقوالهم:
1 - منهم من ذكر من عقبه اثنين من الذكور فقط، كابن قتيبة و
البلاذري، وهما جعفر وعبد الله 3.
2 - ومنهم من ذكر ثلاثة ذكور وبنت واحدة، كابن الخشاب وبابا
نيريزي، وهم جعفر وعبد الله وأم سلمة 4.
3 - ومنهم من ذكر أربعة من الذكور، كابن حزم، وهم عبد الله
وإبراهيم وعلي وجعفر 5.
4 - ومنهم من ذكر أربعة من الذكور، وبنتين كابن أبي الثلج،
وهم جعفر وعلي وعبد الله وإبراهيم وأم سليمان وزينب 6.
5 - ومنهم من ذكر أربعة من الذكور، وثلاث بنات وهم جعفر و



(1) - مجمل التواريخ ص 456 والفصول المهمة ص 233 ودلائل الأئمة ص 94 والمناقب
لابن شهرآشوب ج 2 ص 295.
(2) - كتاب مخطوط مجهول المؤلف في تاريخ الأئمة.
(3) - المعارف ص 215 وانساب الأشراف ج 3 ص 147.
(4) - تاريخ مواليد الأئمة - المجموعة النفيسة ص 184 وانساب الأئمة وسلاطين الأمة - خطي -
(5) - جمهرة أنساب العرب ص 59.
(6) - تاريخ الأئمة ضمن المجموعة النفيسة ص 19 والطبقات الكبرى ج 5 ص 320 وسر السلسلة العلوية ص 33.
80
عبد الله وإبراهيم وعبيد الله وأم سليمان وزينب وواحدة غير مشهورة 1
6 - ومنهم من ذكر خمسة من الذكور وبنتين هم جعفر وعبد الله
وإبراهيم وعلي وعبيد الله وأم سلمة وزينب 2.
7 - ومنهم من ذكر ستة ذكور وبنتين كحمد الله المستوفي وعد
خمسة من الذكور ولم يذكر السادس وهم جعفر وعلي وعبد الله
وإبراهيم وأحمد وأم سلمة وزينب 3.
8 - ومنهم من ذكر ستة ذكور وثلاث بنات كالعمري في المجدي
حيث قال ثلاث بنات وذكر منهن زينب وأم سلمة ولم يذكر الثالثة وستة
ذكور هم جعفر وعبد الله وعلي وزيد وعبيد الله وإبراهيم 4.
9 - وفي بناته قالوا: لم يكن له غير بنت واحدة هي أم سلمة
واسمها زينب.
هذه أهم الأقوال في المسألة والتي تدل بوضوح على الغموض
الذي اكتنف جوانب من أخبارهم وسيرهم ذلك الغموض الآبي لقبول
البت إثباتا ونفيا في الحكم فأنى لأحد الجزم بإنكار أولاده أو أنهم أعقبوا
أو لم يعقبوا وهو يعلم أن الحجة في كثير من ذلك مفقودة. فليس لأحد
نفي ما عدا الثابت كما فعل ذلك بعض النسابين غفر الله لهم. فكثرة
الاختلاف في مسألة تحول دون القطع فيها ولو خضنا بحر كتب الأنساب



(1) بحر الجواهر ص 418
(2) - كشف الغمة ج 2 ص 328 - 329، إعلام الورى ص 265، المناقب لابن شهرآشوب
ج 4 ص 210، الإرشاد ج 2 ص 172، أعيان الشيعة ج 4 ص 12، نسب قريش ص 63.
(2) - تاريخ حمد الله المستوفي ص 204، ورياض الأنساب ص 112 مع اختلاف في الأسماء.
(3) - المجدي ص 94
81
والسير أكثر لرأينا عيانا تلاطم أمواج القيل والقال ولا ريب في أن
سلوك مثل هذا الطريق
يحتم على سالكيه الحذر والاحتياط إذ ليس من
الشجاعة الجزم بمظنون ولا من الجبن إحالة علم ما لا يعلم إلى الله.
5 - اختلافهم فيمن أعقب من أولاده (ع).
أما بشأن المعقب منهم وغير المعقب فليس موضوعه بذي فضل
على ما سبق، ولعله أكثر منها جدلا وأعظم منها بلاء وأشد منها وقعا
وأمر منها ثمرة. فهم بين إفراط وتفريط في الإثبات والنفي. فمنهم من
قال إنه لم يعقب من أولاد الإمام الباقر (ع) عدا الإمام الصادق (ع)
ومنهم منصف اكتفى بذكر من وقف على اسمه دون الإشارة إلى المعقب
وغيره ومنهم ذكر من ثبت عنده عقبه وسكت عمن لم يثبت وإليك
بعض ما قالوا في أولاد الإمام الباقر (ع):
1 - قال أبو نصر البخاري في سر السلسلة العلوية " درجوا كلهم إلا أبا
عبد الله جعفر بن محمد الصادق إليه انتهى نسبه وعقبه فكل من
انتسب إلى الباقر من غير ولده الصادق فهو كذاب دعي " 1.
2 - وقال ابن عنبه " أعقب من أبي عبد الله الصادق وحده " 2.
3 - وقال ابن شهرآشوب " درجوا كلهم إلا أولاد الصادق " 3.
4 - قال ابن حزم " لا عقب لعبد الله ولا لإبراهيم ولا لعلي إلا أن عبد الله
كان له ابن اسمه حمزه مات عن ابنة فقط ولا عقب له ولا لابنته " 4.



(1) - سر السلسلة العلوية ص 33.
(2) - عمدة الطالب ص 195.
(3) - المناقب ج 4 ص 210.
(4) - جمهرة النساب العرب ص 95.
82
5 - قال المفيد والطبرسي والأربلي والزبيري " إبراهيم وعبد الله درجا " 1.
6 - قال ابن قتيبة: ولد محمد (ع)، جعفر، وعبد الله، أما
جعفر مات بالمدينة سنة 146 ه‍ وله عقب. وأما عبد الله بن محمد فهو
الملقب بدقدق ومات بالمدينة وله عقب 2.
7 - واكتفى ابن سعد في الطبقات وابن حجر في الصواعق بذكر
أولاد الإمام الباقر (ع) دون التعرض للمعقب منهم أو غيره 3.
8 - والعبيدلي في تهذيب الأنساب وابن كياء الكيلاني في سراج
الأنساب والفخر الرازي في الشجرة المباركة والعمري في المجدي
اتفاق على أنه لا عقب للباقر (ع) إلا من الصادق (ع) 4.
9 - ومن أهل السير من تعرض لذكر أبناء الإمام الباقر وسكت
عن ذكر المعقب وغير المعقب مثل ابن أبي الثلج ونصر ابن الخشاب
والدياربكري وغيرهم 5. هذا إضافة إلى كتب في الأنساب قد تعرضت لحياة أولاد الإمام



(1) 5 - الإرشاد ج 2 ص 172، إعلام الورى ص 265، كشف الغمة ج 2 ص 328 - 329،
نسب قريش 63.
(2) - المعارف ص 94.
(3) - الطبقات الكبرى ج 5 ص 320، والصواعق المحرقة ص
(4) - تهذيب الأنساب ص 147، وسراج الأنساب ص 70 والشجرة المباركة ص 75 والمجدي ص 94.
(5) - تاريخ الأئمة ضمن المجموعة النفيسة ص 19 وتاريخ ومواليد الأئمة ضمن
المجموعة ص 184 وتاريخ الخميس ج 2 ص 319 وكذا بحر الجواهر ص 418 وزينة
المجالس ص 130.
83
لباقر (ع) بالتفصيل وأثبتت لكل منهم عقبا طويلا أذكر بعضها هنا -
رغم إعراض الكثيرين عنها - لقرائن تثبت صحة جملة من مسائلها
ومن تلك القرائن إمضاء بعض النسابين المعروفين نسب أولاد الإمام
الباقر من غير الصادق عليه السلام منهم العلامة الحجة السيد جعفر بن
محمد الحسيني الأعرجي في كتابه شقائق النعمان في أنساب قحطان
وعدنان كما وجدت تصريحه بخطه وختمه في بعض مشجرات السادة
المنتسبين إلى إبراهيم ابن الإمام محمد الباقر عليه السلام نصه:
" بسم الله خير الأسماء نعم هم من السادة الحسينية من ولد
إبراهيم ابن الإمام الباقر عليه السلام ونسبهم مذكور في كتابنا شقائق
النعمان في أنساب قحطان وعدنان ".. وسوف نثبت صورة من خطه
عند تعرضنا لترجمة السيد إبراهيم إنشاء الله.
ومنهم آية الله العظمى فريد عصره السيد شهاب الدين النجفي
المرعشي الذي اعتبر علي بن محمد الباقر (ع) من المعقبين حيث يقول "
كان للسيد علي بن الإمام الباقر (ع) ولد واحد هو السيد أحمد بن علي
المدفون في أصفهان " 1.
ومنهم الميرزا محمد هاشم جهارسوقي في ميزان الأنساب 2. إذ أثبت
العقب لعلي بن محمد الباقر أيضا. وغيرهم من الأعلام الذين أيدوا
القول بأن أولاد الإمام الباقر (ع) أعقبوا خلافا لما ذهب إليه مشهور
القدماء، فمن تلك الكتب التي ذكرت الأعقاب المفصلة لأولاد الإمام
الباقر (ع): كنز الأنساب وبحر المصاب، وبحر الأنساب للميرزا



(1) - حضرت إمام زاده أحمد ص 4.
(2) - ميزان الأنساب ص 48 عن إمام زاده أحمد ص 5
84
محمد الشيرازي، وبحر الأنساب لمؤلف مجهول وكتاب في
تاريخ الأئمة مخطوط ومؤلفه مجهول ينقل عن جعفر الحجة غالبا،
موجود في مكتبة آية الله المرعشي العامة، وكتاب رياض الأنساب
وغيرها من الكتب التي أثبتت العقب لهم جميعا مع اختلاف في الأسماء
6 - اختلافهم في عدد إخوته عليه السلام.
كذلك اختلفوا في عدد إخوته عليه السلام على أقوال نذكر
بعضها بالأرقام فقد ذكر صاحب المجدي للإمام زين العابدين من الأولاد
عشرين ولدا 1.
وذكر البيهقي في لباب الأنساب ستة عشر ولدا 2.
وذكر المفيد خمسة عشر ولدا 3. والطبرسي تسعة 4. وابن أبي
الثلج ثمانية 5. ونكتفي بهذا القدر من الأقوال فهي كافية في إثبات
ادعاء وجود الاختلاف.
- وبعد أن انتهينا من عرض هذا القدر المتيسر من التضارب في
الآراء والاختلاف في مسائل هامة تتعلق بشخص الإمام الباقر (ع) ذلك
العلم الذي كان مورد عناية ذوي العلوم العالية منذ عصره. ومع الأخذ
بالاعتبار الجهود المظنية والسهر الدائب والعناية الشديدة لأولئك الأعلام
الذين ارتبطت علومهم بمعرفة دقائق أموره، والجوانب المتعددة



(1) - المجدي ص 93.
(2) - لباب الأنساب ج 2 ص 479 - 480.
(3) - الإرشاد ج 2 ص 155.
(4) - تاج المواليد ضمن المجموعة النفيسة ص 114.
(5) - تاريخ الأئمة ضمن المجموعة النفيسة ص 19.
85
لحياته، كرواة الأخبار والرجاليين والفقهاء وغيرهم ممن لا يستغنون عن
معرفة حقائق الأمور بسبب خطر علومهم وعرفنا مع ذلك كم غيب عنهم
طول الأيام وصعوبة الظروف وقائع وحقائق هم في حاجة إليها. فلو
أدركنا ذلك وعرفنا العذر فيه بالنسبة للعلوم الخطيرة لهان علينا الأمر
فيما نحن فيه ولما كان من المبالغة القول بأن ما غيبته الأيام عن
النسابين فيما يتعلق بأولاد الأئمة عليهم السلام وبتفاصيل أعقابهم هو
أكثر مما وصل إليهم منها، ولما عد القدح في البعض - ممن لم يتثبت
عند الحكم ويطلق عنان القلم ليخط بيمينه ما شاء من غث الكلام و
سمينه ثم يدعي الإجماع أو يرمي بالكذب من هو ليس بكاذب - طعنا
محرما. ولعلمنا أيضا أن كتب الأنساب على أهميتها ليست بالوحي
المنزل الذي لا رطب ولا يابس إلا فيه وإنما هي جهود متواضعة بذلت
لا لشئ أوجبها في بداية أمرها بل لسنة كانت جارية شفاها بين الناس ثم
أدركها فن التصنيف ورغبة ذوي الأقلام في تسطير ما سمعوه في
أسفارهم ولم تكن فائدة علم النسب في بداياته تتجاوز الانتساب إلى
القبيلة للافتخار أو تمييز أهل الفخر من غيرهم لذا نرى النسابين قبل فكرة
تدوين نسب الطالبيين لا يتحدثون إلا عن الانتماءات القبلية لكونها
الميزان في تقييم الأفراد.
نعم أصبح النسب مورد الحاجة بعد الأمر الإلهي بمودة قربى
الرسول (ص) ولما كانت الظروف التي حكمت المسلمين منذ وفات
الرسول (ص) إلى زمن تشكيل النقابات في العصر العباسي هي ظروف
مخالفة لأهل البيت بحيث أباح الحكام سفك دمائهم ودماء شيعتهم
ومحبيهم ولم يكن أحد ليتجرأ في التظاهر بالولاء ولا حتى أهل البيت

86
بتعريف أنفسهم لذلك فقد علم النسب مصداقيته كعلم ضروري طيلة
القرون الثلاثة الأولى ولما آن للعباسيين الأوان في احتواء العلويين
بخطة شيطانية جديدة، أمروا بتشكيل النقابات وفتحوا بذلك نافذة لأهل
القلم بتدوين أسماء الطالبيين.
أن التاريخ يخبرنا عن امتناع الكثير من العلويين إبراز أنفسهم
حتى في عصر الدواوين لما أدركوه من أسرار السياسة والساسة ثم إن
هذا العلم لم يكن بأهمية العلوم الأخرى لينفر من كل فرقة طائفة تتعب
نفسها في تعليم مسائلها وإنما كانت مقتصرة عفويا على أناس في
الفترات والأصقاع كما هو الشأن اليوم إذ نجد في كل قبيلة فردا يعدد
قدر علمه أسماء المنتمين وآبائهم وأبنائهم وربما خفي عليه الكثير
لأسباب متعددة وقد يأخذ الابن بعض ما عند الأب أو يأخذه غيره من
أفراد العشيرة لكن تطاول الزمان بين النساب وبين الماضين يوقع الخلط
ويسدل ستار النسيان أحيانا وهو أمر عادي بالنسبة لمن يعتمد على
الحفظ دون الكتابة ولا يختلف الأمر في هذا بين حفاظ النسب في زمان
ما قبل التدوين واليوم. ولو لاحظنا الفترة الزمنية الفاصلة بين أيام
الإمام الباقر (ع) وزمن التدوين لعلمنا بأن هذه الفترة كافية لضياع
الكثير منها، مهما بلغ شيوخ الحفظ ضبطا ونباهة مع اليقين بقلة
المتصدين لمثل هذا الموضوع في حق العلويين على أقل تقدير، وفي
تلك الفترة العصيبة التي لم يسلم فيها المتهم بحبهم فضلا عن المتقرب
إليهم المتتبع لإخبارهم.
إن ملاحقة السلطات لشيبهم وشبابهم دعت الكثير منهم إلى
التغرب عن الديار حيث لا رجعة، والاختفاء في مخابئ بعيدة لا

87
تنالها يد مخبر. وهذه القفار والجبال والغابات في أقصى بقعة حالفهم
الحظ في الوصول إليها تشهد لهم بما تضمنت من أجسادهم الطاهرة.
وهي مسألة ألفوها وعرفها القاصي والداني منذ عهد معاوية وحتى
عصر التأليف وما بعده فلماذا نستثني أولاد الإمام الباقر (ع) من هذه
القاعدة وهم أحوج إلى ركوبها من غيرهم بما أحاط بهم من
خطر الأعداء والأقرباء أيضا. وهذه مشاهدهم باقية رغم ظلم التاريخ
واعتذار المؤرخين وطول الفترة تدل على اختيارهم الابتعاد والانزواء
عن المدنية المسوسة من داء السياسة على اقتحام الشبهات بالتقرب من
سلطان، فذاك مشهد علي بن الباقر (ع) في أردهال كاشان وذاك ابنه
أحمد في أصفهان وتلك قبة إبراهيم بين طيات جبل بشتكوه الوعر
وحوله هنا وهناك قبور بعض أولاده وربما كشفت لنا الأيام مضاجع
الآخرين الذين سكت عنهم التاريخ أو ذكرهم ولكن ضاعوا مع ما ضاع
منه عبر القرون.

88
أولاد الإمام الباقر (ع)
بعد أن قدمنا التوضيحات المارة الذكر نعود إلى أصل الموضوع
الذي هو " أولاد الإمام الباقر (ع) " فنقول: لا مجال للقول بأن الإمام
الباقر (ع) لم يعقب إلا الإمام الصادق (ع) وحده. كذا لا يصح الاعتماد
في عددهم أو المعقب وغير المعقب على قول دون قول لكثرة القالة في
المسألة إلا بضميمة القرائن. ومن هذا المنطلق نبدأ أولا فنقول:
هناك قرائن تشير إلى كثرة أولاد الإمام الباقر (ع) لا بأس بذكرها
لترجيح القول بكثرة أولاده (ع) فمنها:
1 - عدد زوجاته عليه السلام:
المشهور بين أهل السير والأنساب أن الإمام الباقر (ع) كان عنده
من الزوجات الدائمة اثنتان هما أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي
بكر وهي أم الإمام الصادق (ع) وعبد الله 1. والثانية وهي أم حكيم
بنت أسيد بن المغيرة بن الأخنس بن شريف الثقفي 2. وهي أم إبراهيم
وعبيد الله 3. أما أمهات الأولاد فلا يعلم عددهن لكن المعروف منهن:
أم أولاده علي وزينب، وأم ابنته أم سلمة وهذه أربع نسوة
ولودات عرفن بأبنائهن المذكورين في جل الكتب.
2 - تأييد المشهور لكثرة الأولاد: فقد صرحوا بذلك، وذكروا ما



(1) - الإرشاد ج 2 ص 176، المناقب ج 4 ص 210، إعلام الورى ص 265.
(2) - نسب قريش ص 63.
(3) - المناقب ج 4 ص 210، الإرشاد ج 2 ص 176 كشف الغمة ج 2 ص 328 - 329.
89
بين سبعة أو تسعة من أولاده (ع).
3 - تصريحات بكثرة العيال: فمنها ما ذكره المفيد (ره) " وكان -
يعني الإمام الباقر (ع) - مع ما وصفناه به من الفضل في العلم والسؤدد
والرياسة والإمامة - ظاهر الجود في الخاصة والعامة، مشهور الكرم
في الكافة معروفا بالفضل والإحسان مع كثرة عياله وتوسط حاله 1.
ومنها ما ذكر الشبلنجي " عن سلمى مولاة أبي جعفر: أنه كان
يدخل عليه بعض إخوانه فلا يخرجهم حتى يطعمهم الطعام ويكسوهم في
بعض الأحيان ويعطيهم الدراهم فكنت أكلمه في ذلك لكثرة عياله وتوسط
حاله فيقول يا سلمى ما حسنة الدنيا إلا صلة الإخوان والمعارف 2
وفيما ذكرنا إشارة واضحة إلى كثرة أولاده عليه السلام.
القول في بقاء أولاده عليه السلام
أما بالنسبة إلى من بقي من أولاده (ع) ومن مات صغيرا أو درج
فإن آراءهم غير متفقة أيضا. فقد ذكرنا أن منهم من ادعى موت أولاد
الباقر (ع) - عدا الصادق - إما صغارا في حياة أبيهم أو درجوا بدون
عقب بعده ولبيان جانب من هذا الموضوع نقول:
1 - لا شك في موت بعضهم في حياة الإمام عليه السلام وأقل ما
يدل على ذلك الرواية التالية:
عن سفيان بن عيينة: إن ابنا لأبي جعفر محمد بن علي مرض
قال فخشينا عليه فلما توفي خرج فصار مع الناس فقال له قائل خشينا
عليك، فقال: إنا ندعوا الله فيما نحب، فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله



(1) - الإرشاد ج 2 ص 166.
(2) - نور الأبصار ص 159.
90
فيما أحب 1.
2 - ولا شك أيضا في بقاء أولاده بعد وفاته (عليه السلام) ويمكن
استظهار ذلك من كلماتهم التي منها:
أ - قولهم " كان الإمام الصادق جعفر بن محمد بن علي بن
الحسين عليه السلام من بين إخوته خليفة أبيه ووصيه والقائم بالإمامة
من بعده وبرز على جماعتهم بالفضل وكان أنبههم ذكرا وأعظمهم قدرا
وأجلهم في الخاصة والعامة " 2 ولا معنى لهذه العبارات إذا لم يكن
للإمام الصادق إخوة موجودون عند انتقال الإمامة إليه بعد وفات أبيه
عليه السلام.
ب - قول الإمام الباقر (ع) " جعفر هذا سيد أولادي وأبو الأئمة
صادق في قوله وفعله " 3.
ج - ما دل على أن عبد الله 4، وعلي 5، ابني الإمام الباقر أعقبا
د - ما في أمالي المرتضى من " أن دعاة خراسان صاروا إلى
أبي عبد الله الصادق (ع) فقالوا: أردنا ولد محمد بن علي فقال أولئك
بالسراة ولست بصاحبكم فقالوا لو أراد الله بنا خيرا لكنت صاحبنا..
فقال المنصور بعد ذلك لأبي عبد الله أردت الخروج علينا... الخبر 6.
ونقل عنه صاحب أعيان الشيعة الرواية نفسها باختلاف يسير في كلمة
(أردنا) حيث رواه في الأعيان (أرونا) ولد محمد بن علي 7.



(1) - تاريخ دمشق ص.
(2) - الإرشاد ج 2 ص 179 وسبائك الذهب ص 74.
(3) - إثبات الهداة ج 5 ص 362.
(4) - أنساب الأشراف ج 3 ص 147.
(5) - نسب قريش ص 64.
(6) - أمالي المرتضى ج 1 ص 204
(7) - أعيان الشيعة ج 1 ص 665.
91
ولا نظن أن يكون أنصار محمد بن علي بن عبد الله بن العباس -
دعاة خراسان - يسألون عن أبناء إمامهم من الإمام الصادق (ع) ويبدو
أنهم جاؤوا لكسب أولاد الإمام الباقر (ع) بمن فيهم الإمام الصادق (ع).
ولو كان الأمر كما نظن فالرواية صريحة في أن أبناء الإمام الباقر
عليهم السلام كانوا قد خرجوا من المدينة في ذلك الوقت.
ولوامعنا فيما نقله اليعقوبي في تاريخه لوجدنا أن ما ذهبنا إليه هو
الأقرب للواقع. قال: " قيل إن أبا سلمة إنما أخفى أبا العباس وأهل بيته
بها ودبران يصير الأمر إلى بني علي بن أبي طالب (ع) وكتب إلى جعفر
بن محمد كتابا مع رسول له. فأرسل إليه: " لست بصاحبكم. فإن
صاحبكم بأرض السراة " فأرسل إلى عبد الله بن الحسن يدعوه إلى ذلك 1
إذا كان المقصود ولد علي بن أبي طالب. وأن الوفد المذكور هو
الذي حمل معه رسالتين إحداهما إلى الإمام الصادق (ع) والأخرى إلى
عبد الله بن الحسن المثنى ومع تصحيح رواية السيد المرتضى لا يبقى
مجال للترديد في أن المراد بقولهم (ارونا) أو (أردنا) ولد محمد بن علي
هم أولاد الإمام الباقر (ع).
ولو أضفنا إلى ما ذكرنا ما قاله بن خلدون: " ومن مشاهير بني
هاشم الذين خرجوا مع محمد النفس الزكية حمزة بن عبد الله بن محمد بن
علي بن الحسين " 2. وكذا عد الرجاليين علي بن محمد الباقر (ع) 3
وإسماعيل 4 بن عبد الله بن الإمام الباقر (ع)
من رواة الإمام الصادق (ع)



(1) - تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 351.
(2) - تاريخ ابن خلدون مجلد 3 ص 416.
(3) - جامع الرواة ص 600.
(4) - جامع الرواة ص 99، تراجم الرجال للبرقعي ج 2 ص 254
92
لساعد ذلك أيضا على زعزعة الاعتقاد بأن أولاد الإمام محمد بن
علي الباقر (ع) قد أبادهم الدهر ولم يبق منهم إلا الصادق (ع).
ترجمة أولاده (ع)
قبل الدخول في هذا الموضوع ينبغي الإشارة بشكل موجز إلى
الغرض مما قدمناه من مباحث كمقدمات لطرح مسألة حياة أبناء الإمام
الباقر (ع) وأعقابهم. فقد أشرت سابقا إلى أن الغموض قد اكتنف
جوانب من حياتهم حتى أن البعض ادعى أنهم ماتوا صغارا دون أن
يقدم دليلا على مدعاه. ولما أردنا إثبات وجود أولاده أولا. ثم إثبات
أعقاب لهم ثانيا خلافا لما اشتهر بين الناس فقد احتجنا إلى القاء نظرة
دقيقة في الوضع الأمني الذي عاشوه في زمن الأمويين والعباسيين
وتطلب توضيح هذا الأمر دراسة موقف الخلفاء وولاتهم من أهل البيت
عموما وكيفية تعاملهم وما كانوا عليه من خصال. فإذا عرفنا من
التاريخ أن حكام عصرهم اتفقوا على حربهم والقضاء عليهم وأنهم فعلا
مارسوا كل سبيل لتحقيق ذلك. لحصلت القناعة بوجود دواعي الهرب
من محال إقامتهم وإذا قدمنا أمثلة حية من هذه الممارسات ونماذج من
التشتت والهروب إلى أكناف البلاد، لقرب جدا احتمال شمول قاعدة
التشرد أولاد الإمام الباقر (ع). وإذا تأكد لدينا أن من ادعى حب أهل
البيت أو تظاهر بالولاية لآل علي في العصرين الأموي والعباسي كان
مستوجبا للقتل وأدركنا الخطر الذي كان محدقا بأبناء وأحفاد الإمام
لتوجه القول بأنهم إضافة إلى إبعاد أنفسهم فقد حاولوا عدم الظهور
بالشكل الذي يشار إليهم باللسان أو القلم لعدة بطون نظرا لطول فترة

93
البلاء. ولهذا كله كانت المباحث الأولية التي درسنا فيها بشكل مختصر
الوضع الأمني في العهدين... وأما تعرضنا لاختلافات النسابين وأهل
السير فقد ذكرنا سببه هناك ونضيف هنا فنقول: إن الذي عجز عن
البت والقطع في حياة شخص الإمام الباقر (ع) ويعترف بذلك لكثرة
الاختلاف كيف أجاز لنفسه الجزم بأمور جزئيه كأولاد وأحفاد الإمام في
الوقت الذي اختار المؤرخون وأهل السير السكوت في مسألتهم لغموض
أخبارهم وخلو غالب كتب الأولين والآخرين عن أنبائهم. لذا قدمنا هذا
البحث أيضا لنقول أن عدم وجدان بعضهم أثرا لهم ليس بدليل على
عدم وجودهم. ولقد تتبعت فوجدت لهم آثارا غير قابلة للإنكار ولست
أنا وحدي الذي أدعي ثبوت أعقاب لبقية أولاد الإمام الباقر (ع) بل ادعى
ذلك قبلي آخرون. وهي مسألة ثابتة رغم طول الحجاب التاريخي.
والحقيقة كانت وما زالت مع الأيام تفرض نفسها وإن عجزت أقلام كثيرة
رؤية نورها لسبب من الأسباب. وبناء على ذلك نشرع في تراجم لمن
وقفنا على ترجمة له من أبناء الإمام الباقر (ع)، وسنذكر أيضا من
ثبتت عندنا ذريته قدر المستطاع. مع اعترافي بالتقصير في إعطاء
البحث حقه، ولكني عملت بالقول المشهور " مالا يدرك كله لا يترك كله "
فعسى أن يوفق الله من يهمه إحياء ذكر أهل البيت (ع) ويخرج
طرائف فروع هذه المسألة من زوايا التاريخ وبطون الأرض فإنا لعلى
ثقة بأن الكثير من الحسينيين الذين يجهلون نسبهم وكثير من المزارات
الغير المعروفة أو المنسوبة - بسبب فقد الحجة - إلى موسى بن
جعفر (ع) أو زين العابدين (ع) هم من أحفاد الإمام الباقر (ع). ولفقد
الدليل بقي السيد متحيرا في التنسيب. ودام المزار - باحترام الأجيال -

94
مقدسا لا مجال لإنكاره وإذا كان ولا بد من تنسيبه فليكن الإمام موسى بن
جعفر المعروف بالذرية. في حين أن الواقع غير ذلك. ولكي لا يكون
قولي بلا دليل أقول لو قدر لأحد أن يحصي المزارات الموجودة في
الأرض لوجد بينهم من الأبناء الصلبيين للإمام موسى بن جعفر (ع)
ما لا يحصى عددا خلافا للواقع. ولرأى بعينه في بقاع متعددة اسما واحدا
مكررا في حين أنها قبور متعددة ولا بد أن يكون كل قبر لشخص... و
تكاد المسألة هذه أن تكون من البديهيات فلا نطيل في ذلك ولنشرع في
الترجمة مبتدئين بسيد أولاد الباقر (ع) الإمام الهمام جعفر بن محمد
الصادق (ع).

95
أولا: الإمام الصادق (ع)
أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام. ألقابه الصادق
والصابر والفاضل والطاهر 1. أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن
أبي بكر، ولد بالمدينة سنة 83 ه‍ وقيل سنة 80 ه‍ عاش خمس
وستين سنة أو ثماني وستين وكان مقامه مع جده علي بن الحسين (ع)
اثنتي عشرة أو خمس عشرة سنة على اختلاف الروايتين. ولقب
بالصادق بما روي عن أبي خالد الكابلي أنه قال: دخلت على زين
العابدين (ع) فقلت أخبرني بالذين فرض الله طاعتهم والاقتداء بهم بعد
رسول الله (ص) قال: يا كنكر أمير المؤمنين (ع) ثم الحسن ثم الحسين
ثم إنتهى الأمر إلينا ثم سكت فقلت يا سيدي روي عن أمير المؤمنين أن
الأرض لا تخلوا من حجة لله على عباده فمن الحجة والإمام بعدك فقال
ابني محمد واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقرا ومن بعده ابنه
جعفر واسمه عند أهل السماء الصادق قلت وكيف صار اسمه الصادق
وكلكم صادقون فقال حدثني أبي عن أبيه أن رسول الله (ص) قال إذا
ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين فسموه الصادق فإن
الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعي الإمامة افتراء على الله فهو
عند الله جعفر الكاذب.. " 2.
فضله:
كان من بين إخوته خليفة أبيه ووصيه والقائم بالإمامة بعده وبرز



(1) - تاريخ مواليد الأئمة لابن الخشاب البغدادي ص 187.
(2) - ألقاب الرسول وعترته من المجموعة النفيسة ص 262.
96
على جماعتهم بالفضل، وكان أنبههم ذكرا، وأعظمهم قدرا، وأجلهم
في الخاصة والعامة. ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان
وانتشر ذكره في البلدان ولم ينقل - عن أحد من أهل بيته العلماء
ما نقل عنه ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ولا نقلوا عنهم كما
نقلوه عن أبي عبد الله عليه السلام. فإن أصحاب الحديث قد جمعوا
أسماء الرواة عنه من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا
أربعة آلاف رجل 1. وصى إليه أبوه أبو جعفر (ع) وصية ظاهرة
ونص عليه بالإمامة نصا جليا.
طرف من أخباره:
من ذلك: حدث عبد الله بن الفضل بن الربيع عن أبيه قال: لما حج
المنصور سنة سبع وأربعين ومائة قدم المدينة فقال للربيع ابعث إلى
جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا قتلني الله إن لم أقتله. فتغافل الربيع
عنه وتناساه فأعاد عليه في اليوم الثاني وأغلظ في القول فأرسل إليه
الربيع فلما حضر قال له الربيع يا أبا عبد الله أذكرك الله تعالى فإنه قد
أرسل لك من لا يدفع شره إلا الله وإني أتخوف عليك فقال جعفر لا
حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم إن الربيع دخل به على المنصور
فلما رآه المنصور أغلظ له في القول وقال يا عدو الله اتخذك أهل
العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتتبع لي
الغوائل قتلني الله إن لم أقتلك فقال جعفر يا أمير المؤمنين إن سليمان
أعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر وإن يوسف ظلم فغفر وهؤلاء



(1) - المستجاد من كتاب الإرشاد للعلامة الحلي ص 465 من المجموعة.
97
أنبياء الله وإليهم يرجع حسبك ولك فيهم أسوة حسنة فقال المنصور أجل
يا أبا عبد الله، ارتفع إلى هنا عندي. ثم قال: يا أبا عبد الله إن فلانا
أخبرني عنك بما قلت لك فقال أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك
فأحضر الرجل الذي سعى به إلى المنصور فقال المنصور أحقا ما قلت
لي عن جعفر؟ فقال نعم يا أمير المؤمنين فقال جعفر استحلفه فبادر
الرجل وقال والله العظيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الواحد
الأحد وأخذ يعدد في صفات الله تعالى. فقال جعفر يا أمير المؤمنين
يحلف بما استحلفه فقال حلفه بما تختار فقال جعفر قل برئت من حول
الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل جعفر كذا وكذا فامتنع
الرجل فنظر إليه المنصور نظرة منكرة فحلف بها فما كان بأسرع من
أن ضرب برجله الأرض وخر ميتا مكانه فقال المنصور جروا برجله
وأخرجوه ثم قال: لا عليك يا أبا عبد الله أنت البرئ الساحة والسليم
الناحية المأمون الغائلة... 1.
وعن الصادق (ع): لما رفعت إلى المنصور بعد قتل محمد بن
عبد الله بن الحسن نهرني وكلمني بكلام غليظ ثم قال يا جعفر قد علمت
بفعل محمد بن عبد الله الذي تسمونه النفس الزكية وما نزل به وإنما
أنتظر الآن أن يتحرك منكم أحد فألحق الصغير بالكبير قال قلت يا أمير
المؤمنين حدثني محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب رضي الله عنهم أن رسول الله قال " إن الرجل ليصل رحمه
وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيصله الله تعالى إلى ثلاث وثلاثين سنة



(1) - نور الأبصار للشبلنجي ص 161.
98
وأن الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فينزلها
الله إلى ثلاث سنين. فقال الله سمعت هذا من أبيك فقلت والله لقد
سمعتها منه فرددها علي ثلاثا ثم قال انصرف. وقد كان عليه السلام
يتقي السلطان فعن أبي حازم قال كنت عند جعفر الصادق (ع) إذ جاء
الآذن وقال إن سفيان الثوري في الباب فقال ائذن له فدخل فقال له
جعفر يا سفيان إنك رجل يطلبك السلطان في بعض الأوقات وتحضر
عنده وأنا أتقي السلطان فاخرج عني غير مطرود فقال سفيان حدثني
بحديث أسمعه منك وأقوم 1..
وفاته: توفي عليه السلام سنة ثمان وأربعين ومائه في شوال وقيل -
مات بالسم في أيام المنصور ودفن بالبقيع.
أولاده: 1 - موسى بن جعفر (ع) العبد الصالح وهو ثالث أولاده من
حيث الترتيب في الولادة كان الإمام بعد أبيه (ع) لاجتماع الفضل فيه
والكمال ونص أبيه بالإمامة عليه وإشارته بها إليه 2. كان مولده بالأبواء
وهي قرية من أعمال الفرع من المدينة سنة ثمان وعشرين ومائة.
وقبض عليه السلام ببغداد في حبس السندي بن شاهك سنة ثلاث
وثمانين ومائة وله خمس وخمسون سنة مات مسموما بأمر هارون
الرشيد. أمه أم ولد يقال لها حميدة البربرية. كان أسود اللون عظيم
الفضل رابط الجاش واسع العطاء لقب بالكاظم لكظمه الغيظ وحلمه،
كان يخرج في الليل وفي كمه صرر من الدراهم فيعطي من لقيه ومن
أراد بره وكان يضرب المثل بصرة موسى 3 قيل كان له عليه السلام



(1) الفصول المهمة ص 223.
(2) - الإرشاد ج 2 ص 215.
(3) - عمدة الطالب ص 196
99
سبع وثلاثون ولدا ذكرا وأنثى 1 وقيل ولد ستين ولدا 2 بين ذكر وأنثى.
ونحن نذكر من وقفنا عليه من أولاده مع ذكر المصادر التي
ذكرت الاسم ومن الله التوفيق:
أولاده الذكور منهم: علي بن موسى الرضا 3، إبراهيم الأكبر 4
الذي ظهر في اليمن أيام أبي السرايا يقال إنه مدفون في مقابر قريش
ببغداد 5 وإبراهيم الأصغر 6 والعباس 7 وإسماعيل 8، وعمر 9،
ومحمد العابد 10، وجعفر الأكبر 11، وجعفر الأصغر 12، و



1 - الإرشاد ج 2 ص 244. 2 - عمدة الطالب ص 196.
3 - وهو الإمام بعد أبيه (ع) وقبره في طوس.
4 - الشجرة المباركة ص 77، لباب الأنساب ص 394، عمدة الطالب ص 197، مروج الذهب ج 4 ص 32، الطبري ج 7 ص 123.
5 - مشاهد العترة ص 16.
6 - الشجرة المباركة ص 77، لباب الأنساب ص 394، سر السلسلة ص 37، عمدة الطالب ص 197.
- 7 - تهذيب الأنساب ص 147،
عمدة الطالب ص 197، الفخري ص 15، المجدي ص 107، الشجرة المباركة ص 77،
الإرشاد ج 2 ص 244، منتقلة الطالبية ص 353. 8 - رجال الطوسي ص 501،
الأنساب للسمعاني ج 1 ص 194، منتقلة الطالبية ص 94، الإرشاد ص 244، جمهرة
أنساب العرب ص 61، عمدة الطالب ص 197. 9 - ذكره ابن خشاب في
مواليد الأئمة ووفياتهم ص 190 من المجموعة النفيسة. 10 - لباب الأنساب ص 394،
تهذيب الأنساب ص 147، عمدة الطالب ص 197، الفخري ص 16، المجدي
ص 107، جمهرة أنساب العرب ص 61، الإرشاد ج 2 ص 244. 11 - تاريخ اليعقوبي
ج 2 ص 415، سر السلسلة ص 37، الشجرة المباركة ص 77، سراج الأنساب ص 72،
منتقلة الطالبية ص 311، الإرشاد ج 2 ص 244، المجدي ص 107. 12 - تاريخ
حمد الله المستوفي ص 206، مواليد الأئمة ووفياتهم لابن خشاب ص 190 من المجموعة
النفيسة.
100
عبد الله 1، وعبيد الله 2، وحمزة 3، وزيد النار 4، وهارون 5،
وإسحاق 6، والحسن 7، يقال إنه مدفون في مهران من توابع إيلام.
ومحسن قال حمد الله المستوفي أنه مدفون في فراهان ويعرف ب‍ زاهد
محسن 8.



1 - رجال الطوسي ص 353، رجال النجاشي ص 19، لباب الأنساب ص 394،
تهذيب الأنساب ص 147، عمدة الطالب ص 197، جمهرة أنساب العرب ص 61، مقاتل
الطالبيين ص 540.
2 - رجال الطوسي ص 460، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415، مشاهد العترة ص 245،
الفخري ص 16، سر السلسلة ص 37، المجدي ص 107، الشجرة المباركة ص 77،
جمهرة أنساب العرب ص 61.
3 - لباب الأنساب ص 394، تهذيب الأنساب ص 147، عمدة الطالب ص 197، الفخري
ص 20، سر السلسلة ص 37، المجدي ص 107، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415.
4 - تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415، مروج الذهب ج 4 ص 32، الطبري ج 7 ص 123،
المجدي ص 107، الفخري ص 21، عمدة الطالب ص 197، الشجرة المباركة ص 77،
جمهرة أنساب العرب ص 61.
5 - عمدة الطالب ص 197، تهذيب الأنساب ص 147، جمهرة أنساب العرب ص 61،
الإرشاد ج 2 ص 244، منتقلة الطالبية ص 165، لباب الأنساب ص 394، مشاهد العترة
ص 221، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415.
6 - رجال الطوسي ص 369، رجال النجاشي ص 21، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415
مقاتل الطالبيين ص 530، منتقلة الطالبية ص 152، الإرشاد ج 2 ص 244، جمهرة
أنساب العرب ص 61، عمدة الطالب ص 197.
7 - الطبري ج 8 ص 50، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415، تهذيب الأنساب ص 147،
عمدة الطالب ص 197، الفخري ص 18، المجدي ص 107، منتقلة الطالبية ص 325،
مقاتل الطالبيين ص 561.
8 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206
101
والحسين 1 قيل مدفون في شيراز وقيل في الكوفة وقيل في طبس. 1 ومحمود 2، وعبد الرحمان 3، ومحمد 4، وعقيل 5، وشمس 6،
والقاسم 7، ويحيى 8، وداود 9، وسليمان 10



1 - تهذيب الأنساب ص 147، الشجرة المباركة ص 77، الإرشاد ج 2 ص 244، المجدي
ص 107، مشاهد العترة ص 147، عمدة الطالب ص 197، منتقلة الطالبية ص 297.
2 - تاريخ قم ص 199.
3 - عمدة الطالب ص 197، المجدي ص 107، الشجرة المباركة ص 77، تاريخ حمد
الله المستوفي ص 206، مواليد الأئمة لابن خشاب ص 190، تاريخ الأئمة لابن ثلج
ص 20 من المجموعة النفيسة.
4 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن ثلج ص 20، تاج المواليد
للطبرسي ص 123 من المجموعة.
5 - عمد الطالب ص 197، المجدي ص 107، تاريخ الأئمة لابن ثلج ص 20 مواليد
الأئمة لابن خشاب ص 19 ضمن المجموعة.
6 - سراج الأنساب ص 90.
7 - عمدة الطالب ص 197، المجدي ص 107، الشجرة المباركة ص 77، الإرشاد ج 2
ص 244، لباب الأنساب ص 394، مشاهد العترة ص 151، تاريخ اليعقوبي ج 2
ص 415.
8 - عمدة الطالب ص 197، المجدي ص 107، الشجرة المباركة ص 77، تاريخ أحمد
الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن ثلج ص 20 من المجموعة، مواليد الأئمة لابن
خشاب ص 190 من المجموعة.
9 - عمدة الطالب ص 197، المجدي ص 107، الشجرة المباركة ص 77.
10 - تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415، مشاهد العترة ص 29، لباب الأنساب ص 394،
الإرشاد ج 2 ص 244، الشجرة المباركة ص 77، عمدة الطالب ص 197.
102
والفضل 1، وأحمد 2، وطاهر ومطهر ذكرهما حمد الله المستوفي وقال
أنهما مدفونان في فيروزكوه 3.
وأما البنات فهن:
فاطمة المدفونة بقم 4، وفاطمة الكبرى 5، وفاطمة الصغرى 6،
وخديجة 7 وزينب 8، وخديجة الكبرى 9،



1 - تاج المواليد للطبرسي ص 123 من المجموعة، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415، لباب
الأنساب ص 394، الإرشاد ج 2 ص 244، الشجرة المباركة ص 77، عمدة الطالب
ص 197، المجدي ص 107.
2 - عمدة الطالب ص 197، المجدي ص 107، الشجرة المباركة ص 77، الإرشاد ج 2
ص 244، لباب الأنساب ص 441، مشاهد العترة ص 160 تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415،
تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20 من المجموعة، تاريخ حمد الله المستوفي ص 206
3 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206.
4 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20،
تاج المواليد للطبرسي ص 123، مواليد الأئمة لابن خشاب ص 191، المجدي ص 106، لباب
الأنساب ج 1 ص 394.
5 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاج المواليد للطبرسي ص 123، مواليد الأئمة
لابن خشاب ص 191 من المجموعة
6 - تاريخ المستوفي ص 206، تاج المواليد ص 123، مواليد الأئمة لابن خشاب ص 191،
لباب الأنساب ج 1 ص 394.
7 - تاريخ المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، تاج المواليد
ص 124، مواليد الأئمة ص 191، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
8 - تاريخ المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، تاج المواليد ص 124،
مواليد الأئمة ص 191، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
9 - المجدي ص 107.
103
وزينب الصغرى 1، وحليمة 2، وأسماء 3، وأسماء الصغرى 4،
ومحمودة 5، وأمامة 6، وميمونة 7، وأم إسماعيل 8، وأم كلثوم
الكبرى 9، وأم كلثوم الوسطى 10، وأم كلثوم الصغرى 11، وأم
عبد الله 12 وأم فروة 13،



1 - مواليد الأئمة لابن خشاب ص 191، المجدي ص 106.
2 - تاريخ المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، المجدي ص 106.
3 - تاريخ المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، المجدي ص 106،
تاريخ قم ص 199، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
4 - مواليد الأئمة لابن خشاب ص 191، المجدي ص 106.
5 - تاريخ المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، مواليد الأئمة لابن
خشاب ص 191، المجدي ص 106، تاريخ قم ص 199.
6 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، مواليد
الأئمة لابن خشاب ص 191، المجدي ص 106، تاريخ قم ص 199.
7 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، تاج المواليد
ص 124، مواليد الأئمة ص 191، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394
8 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206.
9 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، تاج المواليد
ص 124، مواليد الأئمة ص 191، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
10 - المجدي ص 106.
11 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، مواليد الأئمة ص 191، المجدي ص 106.
12 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، مواليد
الأئمة لابن خشاب ص 191، المجدي ص 106.
13 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، مواليد
الأئمة لابن خشاب ص 191، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394، تاريخ قم
ص 199.
104
وأم القاسم 1، وأم سلمة 2، وعلية 3، وآمنة 4، ورقية الكبرى 5،
ورقية الصغرى 6، وحكيمة 7، ورملة 8، وأم أبيها 9، وأم جعفر 10،
ولبابة 11، وحسنة 12، وبريهة 13، وعايشة 14، وكلثم (كلثوم)
15، وعباسة 16، وعطفة 17، وقسيمة 18، وأمينة الصغرى 19،
وأمينة الكبرى 20



1 - تاريخ حمد الله المستوفي ص 206 تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، مواليد الأئمة
لابن خشاب ص 191، المجدي ص 106، تاريخ قم ص 199.
2 - تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، تاج المواليد ص 124، المجدي ص 106،
لباب الأنساب ج 1 ص 394.
3 - تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394،
مواليد الأئمة لابن خشاب ص 191، تاريخ قم ص 199.
14 - تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 20، تاج المواليد ص 124، مواليد الأئمة لابن
خشاب ص 191، تاريخ قم ص 199.
5 - تاج المواليد ص 124، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
6 - تاج المواليد ص 124، المجدي ص 106، مواليد الأئمة لابن خشاب ص 191.
7 - تاج المواليد ص 124، لباب الأنساب ج 1 ص 394، تاريخ قم ص 199.
8 - المجدي ص 106.
9 - تاج المواليد للطبرسي ص 124، المجدي ص 106، تاريخ قم ص 199.
10 - تاج المواليد للطبرسي ص 124، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
11 - تاج المواليد للطبرسي ص 124، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
12 - تاج المواليد للطبرسي ص 124، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
13 - تاج المواليد للطبرسي ص 124، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
14 - تاج المواليد للطبرسي ص 124، المجدي ص 106، لباب الأنساب ج 1 ص 394.
15 - تاج المواليد للطبرسي ص 124، المجدي ص 106.
16 - المجدي ص 107.
17 - نفس المصدر.
18 - نفس المصدر.
19 - نفس المصدر.
20 - نفس المصدر
105
2 - إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) 1:
كان أكبر إخوته، وأبوه عليه السلام شديد المحبة له، أمه فاطمة
بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و
قد ظن قوم أنه الإمام بعد أبيه إذ أنه أكبر إخوته ولميل أبيه الشديد إليه.
فمات في حياة أبيه بالعريض سنة 138 ه‍ وقيل سنة 142 ه‍ كما في
المجدي وحمل إلى المدينة ودفن في البقيع. أمر أبوه بوضع سريره
على الأرض قبل دفنه مرارا وكان يكشف عن وجه يريد بذلك إزالة
الشبهة عن الظانين خلافته. وبعد وفات الإمام الصادق (ع) بقي فريق
على القول بإمامته وهم الإسماعيلية لكنهم انقسموا إلى فريقين فريق
ثبت على إمامة إسماعيل وأنه حي وفريق منهم رجعوا عن حياة
إسماعيل وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل. قبره بالبقيع، وأعقب
إسماعيل من الأولاد: محمد 2، أحمد 3، وعلي 4.



1 - الإرشاد ج 2 ص 209، منتقلة الطالبية ص 84، عمدة الطالب ص 195، تهذيب
الأنساب ص 147، رجال الطوسي ص 146، النسب للسمعاني ج 1 ص 156، تاريخ
اليعقوبي ج 2 ص 383، مقاتل الطالبيين ص 555، جمهرة أنساب العرب ص 59، لباب
الأنساب ص 391
2 - رجال الطوسي ص 280، الأنساب للسمعاني ج 1 ص 156،
مشاهد العترة ص 67، المجدي ص 99، عمدة الطالب ص 233، منتقلة الطالبية ص 213.
3 - لباب الأنساب ص 455، مشاهد العترة ص 244.
4 - جمهرة أنساب العرب ص 60، منتقلة الطالبية ص 84، تهذيب الأنساب ص 172،
الشجرة المباركة ص 101، المجدي ص 99، مقاتل الطالبيين ص 555.
106
3 - عبد الله الأفطح بن جعفر الصادق (ع) 1:
هو الابن الثاني للإمام الصادق (ع) بعد إسماعيل أمه فاطمة بنت
الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. يقال
أنه كان مخالفا لأبيه وادعى الإمامة بعد وفاته عليه السلام.
وفي رجال الكشي ص 20 الحديث 472 روي عن أبي عبد الله
(ع) أنه قال لموسى (ع) يا بني إن أخاك سيجلس مجلسي ويدعي الإمامة
بعدي فلا تنازعه بكلمة فإنه أول أهلي لحوقا بي. وذكر أنه اتبعه على
قوله جماعة من أصحاب الصادق (ع) ثم رجع أكثرهم إلى القول بإمامة
أخيه موسى الكاظم (ع) لما تبينوا ضعف دعواه وبقي نفر قليل على
ادعاء إمامته وهم الفطحية. قيل قبره في دمشق وقيل في بسطام أعقب
ولدا اسمه محمد 2.
4 - إسحاق بن جعفر الصادق (ع) 3:
أمه حميدة البربرية وهو شقيق الإمام الكاظم (ع). ولد بالعريض
وكان من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد يلقب بالمؤتمن



1 - تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 383، المجدي 95، سر السلسلة ص 34، تهذيب الأنساب
ص 147 الإرشاد ج 2 ص 209، رجال الطوسي ص 353، لباب الأنساب ص 394،
جمهرة أنساب العرب ص 59، الشجرة المباركة ص 76.
2 - مشاهد العترة ص 47.
3 - منتقلة الطالبية ص 89، تهذيب الأنساب ص 147، الفخري ص 126، المجدي
ص 98، الإرشاد ج 2 ص 209، رجال الحلي ص 10 رجال الطوسي ص 149، رجال
النجاشي ص 21، عمدة الطالب ص 195، الشجرة المباركة ص 76، جمهرة أنساب
العرب ص 59.
107
مرض وزمن يقال إن زوجته الست نفيسة. وإليه نسب بني زهرة في
حلب. وأعقب: الحسين 1، والقاسم 2، والحسن 3، وجعفر 4،
- ومحمد 5.
5 - العباس بن جعفر الصادق (ع) 6:
كان فاضلا نبيلا لم أقف على أثر لأعقابه.
6 - محمد الديباج بن جعفر الصادق (ع) 7:
وكان شجاعا سخيا يصوم يوما ويفطر يوما. روي عن زوجته خديجة
بنت عبد الله بن الحسين أنها قالت ما خرج من عندنا محمد يوما قط في
ثوب فرجع حتى يكسوه، وكان يذبح في كل يوم كبشا لأضيافه.



1 - تهذيب الأنساب ص 183، عمدة الطالب ص 249، الفخري ص 26، المجدي ص 99،
الشجرة المباركة ص 108، جمهرة أنساب العرب ص 60، منتقلة الطالبية ص 89.
2 - جمهرة أنساب العرب ص 60، لباب الأنساب ص 465.
3 - تهذيب الأنساب ص 183، عمدة الطالب ص 249، الفخري ص 26، المجدي ص 99،
الشجرة المباركة ص 108، منتقلة الطالبية ص 412، سراج الأنساب ص 87.
4 - جمهرة أنساب العرب ص 60.
5 - رجال الطوسي ص 367، رجال النجاشي ص 21، رجال الحلي ص 10، لباب
الأنساب ص 392 منتقلة الطالبية ص 97، جمهرة أنساب العرب ص 60، عمدة الطالب
ص 249.
6 - المجدي ص 95، الشجرة المباركة ص 76، الإرشاد ج 2 ص 209،
لباب الأنساب ص 446، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 383، المنتخب ص 137، تاريخ قم
ص 198.
7 - تهذيب الأنساب ص 147، عمدة الطالب ص 195، منتقلة الطالبية
ص 95، الفخري ص 27، المجدي ص 96، الشجرة المباركة ص 76، الإرشاد ج 2
ص 209، مقاتل الطالبيين ص 438، رجال الطوسي ص 279، رجال النجاشي
ص 259، مروج الذهب ج 3 ص 313، المنتخب ص 137.
108
خرج على المأمون سنة 199 ه‍ فأرسل إليه المأمون عيسى الجلودي
ففرق جمعه وأرسله إلى المأمون فلما وصل إليه أكرمه المأمون وأدنى
مجلسه وتوفي سنة 203 ه‍ بخراسان ويقال إنه مدفون بكركان وأعقب
من الأولاد:
علي الخارص 1، موسى 2، ويحيى 3، وإسماعيل 4، والقاسم 5،
والحسن 6،
وجعفر 7، وعبد الله 8، وعبيد الله 9، وإسحاق 10،
والحسين 11.
7 - عبيد الله بن جعفر الصادق (ع) 12.
8 - الحسن بن جعفر الصادق (ع) 13.



1 - مروج الذهب ج 4 ص 31، تهذيب الأنساب ص 181، عمدة الطالب ص 246،
الفخري ص 26، الشجرة المباركة ص 105، تاريخ الطبري ج 7 ص 125.
2 - لباب الأنساب ص 465.
3 - المجدي ص 96، الإرشاد ج 2 ص 213، لباب الأنساب ص 465.
4 - المجدي ص 96، الإرشاد ج 2 ص 213، لباب الأنساب ص 465.
5 - المجدي ص 97، تهذيب الأنساب ص 181، لباب الأنساب ص 567، تاريخ اليعقوبي
ج 2 ص 415، تاريخ الطبري ج 7 ص 125، جمهرة أنساب العرب ص 60، الشجرة
المباركة ص 105، الفخري ص 26، عمدة الطالب ص 246.
6 - المجدي ص 96.
7 - المجدي ص 96، لباب الأنساب ص 684.
8 - المجدي ص 96، لباب الأنساب ص 465.
9 - المجدي ص 96
10 - المجدي ص 96، لباب الأنساب ص 684.
11 - تهذيب الأنساب ص 181 عمدة الطالب ص 246، الفخري ص 26 المجدي
ص 96، الشجرة المباركة ص 105، منتقلة الطالبية ص 96.
12 - المجدي ص 95، الشجرة المباركة ص 76.
13 - المجدي ص 95، الشجرة المباركة ص 76، لباب الأنساب ص 447
109
1 - يحيى بن جعفر الصادق (ع) 1.
10 - علي العريضي بن جعفر الصادق (ع) 2:
أمه أم ولد يكنى أبا الحسن وهو أصغر ولد أبيه خرج مع أخيه محمد بن
جعفر بمكة كان راوية للحديث سديد الطريقة شديد الورع كثير الفضل
لزم أخاه موسى (ع) وروى عنه شيئا. وروى الكليني في أصول الكافي
باب النص على إمامة محمد الجواد (ع) عن الحسن بن عمار قال:
كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالسا بالمدينة وكنت أقمت عنده
سنتين أكتب عنه ما يسمع من أخيه - يعني أبا الحسن (ع) - إذ دخل عليه
أبو جعفر محمد بن علي الرضا (ع) المسجد - مسجد رسول الله (ص) -
فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه فقال له أبو
جعفر (ع) يا عم اجلس رحمك الله. فقال يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم
فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون:
أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال: اسكتوا إذا كان الله
عز وجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى
ووضعه حيث وضعه أنكر فضله؟ نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد
توفي في زمن الإمام علي النقي (ع)، وقيل سنة 234 ه‍، وقيل 253 ه‍
وفي محل دفنه خلاف، والمشهور أنه في قم. ومن أولاده:



1 - المجدي ص 95، الشجرة المباركة ص 76، لباب الأنساب ص 447، المنتخب ص 137
2 - رجال الكشي ص 364، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 383، رجال النجاشي ص 21،
رجال الحلي ص 10، رجال الطوسي ص 241، لباب الأنساب ص 391، مقاتل
الطالبيين ص 553، منتقلة الطالبية ص 76، الإرشاد ج 2 ص 209 جمهرة أنساب
العرب ص 59، الشجرة المباركة ص 76، الفخري ص 29، عمدة الطالب ص 195. "
110
الحسن 1، والحسين 2، وعيسى 3، وجعفر الأصغر 4، وأحمد
الأصغر 5 ومحمد الأكبر 6، وعلي 7، وعبد الله 8، والقاسم 9،
ومحمد الأصغر 10، وأحمد 11.



1 - تهذيب الأنساب ص 179، عمدة الطالب ص 242، الفخري ص 28، الشجرة
المباركة ص 110، جمهرة أنساب العرب ص 60، المجدي ص 136، منتقلة الطالبية
ص 303 مقاتل الطالبيين ص 553.
2 - الشجرة المباركة ص 110، المجدي ص 136، منتقلة الطالبية ص 223، لباب الأنساب
ص 466
3 - الشجرة المباركة ص 111، المجدي ص 136، منتقلة الطالبية ص 95.
4 - تهذيب الأنساب ص 179، عمدة الطالب ص 242، الشجرة المباركة ص 111،
جمهرة أنساب العرب ص 60، سراج الأنساب 84، المجدي ص 136، منتقلة
الطالبية ص 303، لباب الأنساب ص 577.
5 - الشجرة المباركة ص 111.
6 - منتقلة الطالبية ص 303، تهذيب الأنساب ص 179، عمدة الطالب ص 242،
الفخري ص 28، رجال الطوسي ص 387، لباب الأنساب ص 577، مقاتل الطالبيين
ص 562، جمهرة أنساب العرب ص 60، المجدي ص 136، سراج الأنساب ص 84،
الشجرة المباركة ص 110.
7 - الشجرة المباركة ص 111، منتقلة الطالبية ص 30 3.
8 - الشجرة المباركة ص 111، المجدي ص 136.
9 - الشجرة المباركة ص 111، منتقلة الطالبية ص 303.
10 - منتقلة الطالبية ص 303، تهذيب الأنساب ص 179، عمدة الطالب ص 242،
الفخري ص 28، الشجرة المباركة ص 110، جمهرة أنساب العرب ص 60، سراج
الأنساب ص 84، المجدي ص 136، لباب الأنساب ص 577.
111
11 - محسن بن جعفر الصادق (ع) 1.
12 - جعفر بن جعفر الصادق (ع) 2.
له ولد اسمه عبد الله 3.
13 - فاطمة بنت جعفر الصادق (ع) 4.
14 - أم فروة: وهي التي زوجها من ابن عمه الخارج مع زيد 5
15 - أسماء بنت جعفر الصادق (ع) 6.
كانت زوجة حمزة بن عبد الله بن محمد الباقر (ع) 7.
16 - رقية بنت جعفر الصادق (ع) 8.
17 - بريهة بنت جعفر الصادق (ع) 9.
18 - أم كلثوم بنت جعفر الصادق (ع) 10.



1 - المجدي ص 95، الشجرة المباركة ص 76، لباب الأنساب ص 447.
2 - المجدي ص 95، لباب الأنساب ص 237.
3 - لباب الأنساب ص 237.
4 - تاريخ قم ص 198، تاج المواليد للطبرسي ص 121، المجدي ص 95، الشجرة
المباركة ص 76، الإرشاد ج 2 ص 209.
5 - تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج ص 19، تاج المواليد للطبرسي ص 121، مواليد الأئمة
لابن خشاب ص 187، الفصول المهمة ص 230، الشجرة المباركة ص 76، الإرشاد
ج 2 ص 209
6 - تاج المواليد ص 121، الشجرة المباركة ص 76، الإرشاد ج 2 ص 209، تاريخ قم
ص 198.
7 - الشجرة المباركة ص 76.
9 - المجدي ص 95، الشجرة المباركة ص 76، تاريخ قم ص 198.
10 - المجدي ص 95، تاريخ قم ص 198.
112
19 - قريبة بنت جعفر الصادق (ع) 1
20 - فاطمة الصغرى بنت جعفر الصادق (ع) 2.
21 - كريمة بنت جعفر الصادق (ع) 3



1 - المجدي ص 95.
2 - تاريخ قم ص 198.
3 - تاريخ قم ص 198.
113
ثانيا: عبد الله ابن الإمام محمد الباقر (ع).
هو كريم الطرفين 1 عبد الله بن محمد بن علي
بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. شقيق الإمام الصادق (ع)، أمهما أم فروة
بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. وهو أكبر إخوته بعد الإمام الصادق
(ع). وكان يشار إليه بالفضل والصلاح 2. وكان راويا للحديث،
روى عنه عيسى بن زيد الشهيد 3 وعده الرجاليون من رواة الإمام
الصادق (ع) ذكره الشيخ الطوسي في رجاله باب العين تسلسل 6
ص 223.
ولادته:
المتوقع في تاريخ ولادته هو كونها في سنة 81 أو 82 ه‍. على
القول بأن ولادة الصادق (ع) كانت في سنة 80 ه‍. وفي سنة 84 ه
أو 85 ه‍ على القول بأن ولادة الصادق (ع) كانت سنة 83 ه‍ على ما
هو المشهور. والذي يقرب هذا التوقع إلى الواقع بشكل ملحوظ ما يلي:
أن ملاحظة تاريخ وفاة الإمام الباقر (ع) الذي هو سنة 114 ه‍ 4.
وما دل على أن عبد الله قتل بعيد أبيه بقليل، وكان ابن ثلاثين عاما
يوم قتل 5 وأن الذي قتله رجل من بني أمية 6، أو أحد ولاتهم في
المدينة 7، وأن سبب قتله هو أنه دعا إلى أخيه الصادق (ع) 8 المشعر
بوقوع ذلك بعد وفاة الإمام، الباقر (ع) بقليل حيث انتقلت الإمامة إلى



1 - لباب الأنساب ج 1 ص 256.
2 - إرشاد المفيد ج 2 ص 176.
3 - مقاتل الطالبيين ص 345
4 - كما هو مشهور.
5 - لباب الأنساب ج 1 ص 405.
6 - مقاتل الطالبيين ص 151.
7 - لباب الأنساب ص 405.
8 - لباب الأنساب ص 405
114
الإمام الصادق (ع) وكون الدعوة لأحد يتم عادة في بداية تنصيبه. كل
ذلك يدل بوضوح على أن وفاته كان حدود سنة 115 ه‍. ق أي بعد سنة
من وفاة أبيه على وجه التقريب. ثم لو أخذنا تاريخ ولادة الإمام
الصادق (ع) الذي هو سنة 83 للهجرة على ما هو المشهور، بنظر
الاعتبار لقوى ذلك ما توقعناه من كون ولادته في سنة 84 أو 85
للهجرة أي أنه ولد بعد سنة أو سنتين من ولادة أخيه الإمام الصادق
(ع) وربما استقر هذا الظن أكثر إذا علمنا أن أمهما واحدة هي أم فروة
بنت القاسم أولى زوجات الإمام الباقر (ع).
ألقابه:
1 - دقدق: قال ابن قتيبة في معارفه: " أما عبد الله بن محمد فهو
الملقب بدقدق ومات بالمدينة وله عقب " 1.
2 - دورق: قال البلاذري في أنساب الأشراف " أما عبد الله بن
محمد فكان يلقب دورقا، مات بالمدينة وله عقب " 2.
3 - الأفطح: ذكره ابن شهرآشوب في مناقبه فعند ذكره أولاد
الإمام الباقر (ع) قال: وعبد الله الأفطح 3 وليس كذلك إذ الأفطح هو
عبد الله بن الإمام جعفر الصادق (ع) كما سنبين ذلك قريبا وقد اشتبه
الأمر على بعض في ذلك فنسبوا لعبد الله بن الإمام الباقر (ع) كثيرا من
الأقوال والأفعال والصفات التي هي للأفطح بن الصادق (ع).
4 - الأكبر: ذكر في كتاب المعصومين 4 - المعصوم السابع -



1 - المعارف ص 215 - وكذا في لباب الأنساب ج 1 ص 256.
2 - أنساب الأشراف ط 1 ج 3 ص 147.
3 - المناقب ج 4 ص 210.
4 - كتاب معصومين - معصوم هفتم - 86.
115
عبد الله الأكبر في مقابل عبد الله الأصغر، ويبدو أن هذا أيضا التباس
منشأه أن للإمام الباقر (ع) ولد آخر اسمه عبيد الله ذكره بعضهم باسم
عبد الله سيما وأن صاحب الكتاب لم يشر إلى عبيد الله. والمذكور في
كتب النسب هو عبيد الله في
مقابل عبد الله هذا بحسب المشهور وربما
كان كما قال والله أعلم.
شأنه ومذهبه وتضارب الآراء فيه.
من خلال تصريحات ثلاث ضمن كلماتهم نستطيع أن نحيط ولو
إجمالا بحدود مذهبه وسيرته فالتصريح الأول من لباب الأنساب ومقاتل
الطالبيين والبحار والمجدي وغيرها. إن واحدا من ولاة بني أمية قتله
وهذا يعني أنه لم يكن مواليا لبني أمية ولا من المتقربين إلى الولاة سيما
وقوله لما أراد الأموي قتله: " لا تقتلني فأكون لله عليك عونا واستبقني
أكن لك على الله عونا " 1 يدل على أنه كان يرى نفسه ممن يشفع
ويعزز صحة مذهبه إنكار الأموي لذلك حيث يقول له: " لست هناك "
ومع الالتفات إلى ما ذكروه في سبب قتله من " أنه دعا إلى أخيه
الصادق (ع) " 2 يمكن الاستدلال على صحة مذهبه والاقرار بالإمام
الحق في زمانه وهذا ركن من أركان الإيمان. أما ما جاء في بعض
الكتب من خلافه مع الإمام الصادق (ع) وادعائه الإمامة. فسنذكر بعد
قليل منشأ الالتباس، هذا وأنهم خلطوا بين عبد الله الأفطح وعبد الله بن



1 - الإرشاد ج 2 ص 176، كشف الغمة ج 2 ص 329، مقاتل الطالبيين ص 151.
2 - لباب الأنساب ج 1 ص 405.
116
الإمام الباقر (ع).
وأما التصريح الثالث: فقولهم " كان رضي الله عنه يشار إليه
بالفضل والصلاح " 3 وهي عبارة واضحة الدلالة على المقصود.
وأما الذين ذهبوا إلى غير هذا فقد سبقت الإشارة منا إلى أن منشأ
اختلافهم التباس قد حصل وقد آن أن نبينه:
قال ابن شهرآشوب في المناقب عند عده أولاد الإمام الباقر عليه السلام "
وعبد الله الأفطح " 2، وقد ذكرنا ذلك في ألقابه ولم يكن ابن شهرآشوب
هو المخترع لهذا اللقب بل لا شك في أن هذا اللقب قد جرى على لسان
بعض ممن سبق ابن شهرآشوب. ولما كان عبد الله بن جعفر
الصادق (ع) هو الأفطح سرى بمناسبة وحدة الاسم هذا اللقب إلى ابن
الباقر (ع) غفلة أو تغريرا. لذلك نرى أنهم ينسبون كثيرا من الأفعال
التي هي من أفعال عبد الله بن جعفر إلى عبد الله بن الباقر (ع) ففي
مناقب ابن شهرآشوب عن أبي بصير قال: قال جعفر الصادق (ع)
فيما أوصاني به أبي أن قال: يا بني إذا أنا مت فلا يغسلني أحد غيرك
فإن الإمام لا يغسله إلا الإمام واعلم أن عبد الله أخاك سيدعوا الناس إلى
نفسه فدعه فإن عمره قصير فلما أن مضى أبي غسلته كما أمرني
وادعى عبد الله الإمامة مكانه فكان كما قال أبي وما لبث عبد الله يسيرا
إلا مات " ينقله عنه صاحب أعيان الشيعة 3. بينما نجد في البحار يذكر
الرواية بنفس السند عن الإمام الباقر (ع): وأن الذي أوصى هو الإمام



1 - الإرشاد ج 2 ص 176، كشف الغمة ج 2 ص 329.
2 - المناقب ج 4 ص 210.
3 - أعيان الشيعة ق 2 من ج 4 ص 84.
117
زين العابدين (ع) مع اختلاف يسير في العبارة ففي البحار عن الباقر (ع).
فيما أوصاني به أبي أن قال يا بني " إن عبد الله أخاك سيدعوا الناس
إلى نفسه فامنعه فإن أبى فإن عمره قصير " 1.
فحسب رواية البحار أن الذي ادعى الإمامة هو عبد الله بن علي
بن الحسين عليهم السلام أخو الإمام الباقر (ع). وفي نفس المناقب أيضا
رواية: عن أبي بصير قال: قال موسى بن جعفر (ع): فيما أوصاني به
أبي أن قال يا بني... الخ 3، ولا شك أن اختلاف الروايات تلك في
الموصي والمتهم، كان المنشأ في نسبة القيل إلى كل عبد الله شمله حديث
كعبد الله بن علي بن الحسين (عليهم السلام) وعبد الله بن محمد الباقر (ع)
وعبد الله بن جعفر الصادق (ع) وهكذا. ومن القطع واليقين أن الواقع
هو شئ واحد فقط لا أشياء متعددة. وأن الموصي لم يكن إلا واحدا
من الأئمة عليهم السلام. بقي أن نثبت أي عبد الله منهم ادعى الإمامة
حقا فهل هو ابن الباقر أم ابن الصادق عليهما السلام؟
عند مراجعة كتب السير والأنساب نجد أن الأفطح هو عبد الله بن
جعفر الصادق (ع) 3. وأنه هو الذي دعى لنفسه 4، وزاحم أخاه
موسى بن جعفر (ع) في ذلك. وهو الذي توفي بعد وفاة الصادق (ع)
بسبعين يوما فقط 5. وهو الذي مات وانقرض 6. فقد نقل العمري عن



1 - البحار ج 46 ص 166.
2 - الإرشاد ج 2 ص 211، رجال الكشي ص 164
3 - المناقب ج 4 ص 224، جمهرة أنساب العرب ص 59.
4 - الإرشاد ج 2 ص 211.
5 - بحار الأنوار ج 47 ص 261.
6 - تهذيب الأنساب ص 147، المجدي ص 96.
118
أبي الحسن الأشناني أنه: ادعت الشيعة فيه الإمامة، ويقال لأصحابه
الفطحية، وكان مع محمد بن عبد الله المثنى، فأولد ولدا ماتوا
وانقرضوا وانقرض الأفطح. وقبل ذلك يقول العمري: عبد الله الأفطح
قال بعض الرواة أنه أكبر ولد أبيه وكان يرمى بأشياء مقبحة 1. وقال
المفيد: كان عبد الله بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل... وكان متهما
على أبيه في الاعتقاد. ويقال إنه كان يخالط الحشوية ويميل إلى
مذاهب المرجئة وادعى بعد أبيه الإمامة واحتج بأنه أكبر إخوته الباقين
فاتبعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبد الله (ع) ثم رجع أكثرهم
بعد ذلك إلى القول بإمامة أخيه موسى (ع) 2.
ونجد الالتباس واضحا عند ابن حزم في جمهرة أنساب العرب و
إليك ما قاله: ولد محمد بن علي، عبد الله وإبراهيم وعلي وجعفر ولا
عقب لعبد الله ولا لإبراهيم ولا لعلي إلا أن عبد الله كان له ابن اسمه
حمزة مات عن ابنة فقط ولا عقب له ولا لابنته، وعبد الله هذا هو
الملقب بالأفطح، كان أفطح الرأس وكانت له شيعة تدعي إمامته 3.
ثم يقول: " إلا أن بني عبيد ولاة مصر الآن قد ادعوا في أول
أمرهم إلى عبد الله بن جعفر ابن محمد هذا فلما صح عندهم أن عبد الله
هذا لم يعقب إلا ابنة واحدة تركوه وانتموا إلى إسماعيل بن جعفر بن
محمد " 4.
فترى بجلاء وهو يتحدث عن عبد الله بن الإمام الباقر في أول



1 - المجدي ص 95 - 96.
2 - الإرشاد ج 2 ص 270 - 271.
3 - جمهرة ص 59
4 - جمهرة أنساب العرب ص 59.
119
كلامه ثم عند تعرضه لادعاء بني عبيد ولاة مصر يقول: قد ادعوا
أول أمرهم إلى عبد الله بن جعفر بن محمد هذا ولما صح عندهم أن
... الخ. ومن المعلوم أن الأفطح هو عبد الله بن جعفر الصادق (ع) وأنه
هو الذي ادعى الإمامة وهو الذي لم يعقب.
وهكذا وقع الكثيرون منهم في هذا الخلط، ولم يميزوا بين هذا و
ذاك، فاستفاضت كلمة لم يعقب وسرت إلى عبد الله ابن الباقر (ع).
ومن المحتمل جدا أن يكون سبب انتشار هذه الكلمة هو عبد الله بن
الصادق (ع) إذ بادعائه الإمامة ودعوة الناس إلى نفسه واتباعه جمع
من الشيعة وقع في لسان القاصي والداني، ومثله إذا مات فلا ريب
في اشتهار جوانب من حياته بين الناس كعقبه مثلا. ولما علموا أنه لم
يعقب شاعت هذه العبارة أن عبد الله لم يعقب. ولما كان عبد الله بن
الإمام الباقر (ع) بعيدا عن الأضواء وجرى على لسان البعض أطلاق
لقب الأفطح عليه اشتباها. لذا شمله ما هو منسوب إلى ابن الصادق
(ع) فمن تلك الشائعات ادعائه الإمامة وأنه لم يعقب.
وأخيرا إليك قول الشيخ المفيد الصريح في أن أحدا من أبناء
الإمام الباقر (ع) - غير الصادق (ع) - لم يدع الإمامة ولم يعتقد في أحد
منهم الإمامة لإثبات مدعانا أن عبد الله ابن الباقر (ع) لم يدع الإمامة.
قال المفيد: ولم يعتقد في أحد من ولد أبي جعفر (ع) الإمامة إلا في
أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) خاصة 1.



1 - الإرشاد ج 2 ص 176.
120
الكلام في عقبه:
اختلفوا في عقب عبد الله بين ناف ومثبت ونحن نذكر بعض ما
وقفنا عليه من أقوالهم:
أقوال النافين:
1 - لباب الأنساب: "
عبد الله بن محمد الباقر (ع) له ولد ولولده
ولد، ثم انقرض ولم يبق على وجه الأرض لهم عقب " 1.
2 - المجدي للعمري: " وعبد الله أولد وانقرض " 2.
3 - جمهرة أنساب العرب: " إلا أن عبد الله كان له ابن اسمه
حمزة مات عن ابنة فقط، ولا عقب له ولا لابنته " 3.
4 - أنساب قريش: " وولد عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين
بن علي بن أبي طالب عليهم السلام حمزة لا بقية له " 4.
5 - مشهور النسابين الذين قالوا أن لا عقب للإمام الباقر (ع) إلا
من الصادق (ع) 5.
أقوال المثبتين:
1 - معارف بن قتيبة: " له عقب " 6.
2 - أنساب الأشراف البلاذري: " مات بالمدينة وله عقب " 7.
3 - بحر الأنساب ميرزا محمد شيرازي 8: أثبت له أعقاب كثيرة
-



1 - لباب الأنساب ج 1 ص 256.
2 - المجدي ص 94.
3 - جمهرة أنساب العرب ص 59.
4 - أنساب قريش ص 64.
5 - ذكرناهم عند ذكرنا الاختلافات في المعقب وغير المعقب.
6 - المعارف ص 215.
7 - أنساب الأشراف ص 147 ط 1 ج 3.
8 - بحر الأنساب ص 112 - 117.
121
4 - كنز الأنساب وبحر المصاب 1: كذلك.
5 - كتب الرجال وبعض كتب الأنساب التي ذكرت من أولاد
عبد الله ما يقوي الظن بإدامة أعقابهم، فتكون في الميزان مرجحة لكفة
من أثبت له عقب.
6 - ما ذكره صاحب كتاب أنوار السادات من أن للسيد سلطان علي
بن الإمام الباقر (ع) إخوة منهم عبيد الله وعبد الله وآخرون وأن ذرية
عبد الله منتشرون في الهند (بهار - كالبي) ومناطق أخرى من العالم
نقل عنه ذلك كتاب حضرت أمام زاده أحمد ص 20 وقال إن الكتاب
صنف بلغة الأردو
. هذه جملة من الأقوال في عقب عبد الله بن الإمام الباقر (ع) ولا
بأس بالوقوف هنا لإلقاء مزيد من الضوء عليها ليتبين ما هو الأقرب
إلى الصواب منها. ولو رجعنا إلى الأقوال التي ذكرناها في موضوع
الاختلاف في المعقب من أبناء الإمام الباقر (ع) لرأينا أن النافين
طائفتان إحداهما تنفي بالمرة أن يكون قد خلف نسلا وقد عبروا عن
ذلك حين تعرضهم لا عقاب الإمام الباقر (ع) بقولهم درجوا إلا الإمام
الصادق (ع) 2. أو ماتوا صغارا في حياة أبيهم حسب تعبير آخرين.
والطائفة الأخرى لا تنفي عن عبد الله العقب وهؤلاء أيضا يدعون أنه
أخلف ولكنه انقرض نسله بعد واسطة أو واسطتين 3.
والمنصف يرى بعد اطلاعه على الأقوال المختلفة والآراء



1 - كنز الأنساب ص.
2 - سر السلسلة ص 33، عمدة الطالب ص 195، وغيرهما.
3 - جمهرة أنساب العرب ص 59، المجدي ص 94، لباب الأنساب ج 1 ص 256.
122
المتضاربة أن الذين ادعوا الدرج قد ركبوا المركب الصعب. فلنتعرض
لقول أولئك الذين صرحوا بأن عبد الله قد أعقب سواء المدعي
الانقراض أو المرجح بقاء نسله بعد أن أشرنا إلى الذين نفوا بالمرة أن
يكون عبد الله قد أعقب ذرية.
قال ابن حزم: كان لعبد الله ابن اسمه حمزة مات عن ابنة فقط 1.
وقال العمري: " وعبد الله أولد وانقرض " 2.
وقال ابن فندق: " له ولد ولولده ولد ثم انقرض " 3.
وقال صاحب أنساب قريش: " وولد عبد الله بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن
أبي طالب، حمزة لا بقية له وأم الحسين وأم عبد الله " 4
وقال الفخر الرازي: عند ذكر أولاد عبد الله بن محمد بن عمر
الأطرف: أمهم فاطمة بنت عبد الله ابن محمد الباقر (ع) 5.
وفي أعيان الشيعة إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب
الصادق (ع) 6.
وذكر ذلك آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي في معجم
رجال الحديث 7.
وذكره المحدث الكبير الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال 8



1 - جمهرة أنساب العرب ص 59، ابن خلدون ج 3 ص 411.
2 - المجدي ص 94.
3 - لباب الأنساب ج 1 ص 256.
4 - أنساب قريش ص 64.
5 - الشجرة المباركة ص 190، الفخري ص 173
6 - أعيان الشيعة م 3 ص 383.
7 - معجم رجال الحديث ج 3 ص 152.
8 - منتهى الآمال ج 2 ص 80.
123
وذكره غيرهم أيضا. وهذا يؤكد بطلان نظرية القائلين بالدرج في حق
عبد الله ابن الباقر (ع). وذكر النسابة أحمد بن محمد بن عبد الرحمن
كياء نسب الشريف مرشد الآفاق سيد نعمت الله وأوصله إلى محمد بن
إسماعيل بن عبد الله بن محمد الباقر (ع) 1 وفي كتاب بحر الأنساب
لميرزا محمد الشيرازي يذكر لعبد الله أربعة أولاد محمود وإسماعيل
ومحمد وأسود 2. وقال صاحب كنز الأنساب أما عبد الله بن محمد الباقر
(ع) فله أربعة أولاد مالك ومحمود وأسود وأيوب 3.
ولو أضفنا إلى هذه الأقوال إطلاق قول ابن قتيبة في المعارف 4
والبلاذري في أنساب الأشراف 5 " له عقب " لأبعدت هذه الأقوال
بمجموعها شبهة انقراض نسل عبد الله ولا أقل من ترجيح مصطلح في
صح على عقبه دون النفي والجزم بالانكار لما في ارتكابه من خلاف
للاحتياط.
أسماء أولاده:
يمكن جرد أسماء أولاد عبد الله ابن الإمام الباقر من خلال ما
وقفنا عليها من الكتب في ما يلي:
1 - إسماعيل بن عبد الله.
2 - حمزة بن عبد الله.
3 - محمد بن عبد الله.
4 - محمود بن عبد الله.
5 - أسود بن عبد الله.
6 - فاطمة بنت عبد الله.



1 - سراج الأنساب ص 88.
2 - بحر الأنساب ص 112 - 117.
3 - كنز الأنساب ص.
4 - المعارف لابن قتيبة ص 215.
5 - أنساب الأشراف ج 3 ص 147.
124
7 - أم الحسن بنت عبد الله 3.
ولو التفتنا إلى مدة عمر عبد الله البالغ ثلاثين سنة حين قتله لكان
احتمال هذا العدد من الأولاد منه احتمالا مقبولا، وما ورد في المجدي
ص 4 من خطبة عبد الله بن محمد بن عمر بن أمير المؤمنين علي عليه
السلام إلى الإمام الباقر (ع) بنت ابنه عبد الله المدعوة بأم الحسين
فيزوجه إياها الدال على أن عبد الله ابن الإمام الباقر كان له ابنة بسن
الزواج في حياة أبيه شاهد آخر على المدعى.
طرف من أخبار أولاده:
ذكرنا أن عبد الله ابن الإمام الباقر عليه السلام كان من المعقبين
وقد أشرنا إلى أسماء أولاده ولا بأس أن نتعرض ولو باختصار بمقدار
الوسع إلى أخبارهم فنقول:
1 - إسماعيل بن عبد الله: كان من أصحاب الإمام الصادق (ع)
وروى عنه الحديث ذكر له صاحب سراج الأنساب في ص 88 ابنا



1 - يقول محقق كتاب رجال الطوسي في حاشيته ص 341 عند ذكر أم الحسن: في بعض
النسخ أم الخير بدل أم الحسن وعلى كل فقد ذكر بعض أرباب المعاجم الرجالية أن ذلك
يشكل الأمر بتصريح صاحب عمدة الطالب وغيره من النسابين بأن الإمام الباقر (ع)
أعقب من أبي عبد الله الصادق (ع) وحده، فإن ظاهره نفي وجود ولد للباقر (ع) اسمه
عبد الله فلاحظ " فلنلاحظ نحن أيضا كيف انخرط هذا المحقق في سلك النافين لأولاد الباقر
(ع) دون أن يأخذ بنظر الاعتبار أقوال الرجاليين والمؤرخين الذين أثبتوا ما أنكره أولئك
رغم أن علماء الرجال والتاريخ أكثر ضبطا من علماء النسب في هذه المسألة.
2 معجم رجال الحديث ج 3 ص 152، منتهى الآمال ج 2 ص 8، أعيان الشيعة ج 3
ص 383، رجال الشيخ الطوسي ص 146، جامع الرواة ص 99، تراجم الرجال ج 1
ص 254.
125
اسمه محمد بن إسماعيل.
2 - حمزة بن عبد الله: كان من جملة من خرج مع محمد بن
عبد الله - النفس الزكية - وعد من مشاهير بني هاشم 1. اسم زوجته
أسماء ولدت له أم فروة وأم عبد الله 2. وقال الفخر الرازي: كانت
أسماء بنت جعفر الصادق (ع) زوجة حمزة بن عبد الله بن الباقر عليه
السلام 3.
3 - محمد بن عبد الله: ذكره الشيخ الطوسي في رجاله من رواة
الإمام الصادق (ع) باب الميم تسلسل 6 ص 280 وكذا ذكره ميرزا
محمد الشيرازي في بحر الأنساب ص 112 - 117.
4 - فاطمة بنت عبد الله: قال العمري " خطب عبد الله بن محمد
بن عمر الأطرف إلى الباقر (ع) ابنة عبد الله المدعوة بأم الحسين فزوجه
إياها فأولدها بعض ولده منهم أم عبد الله بنت عبد الله بن محمد ابن عمر
ويحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر 4. ويؤيد العمري الفخر الرازي
في الشجرة المباركة حيث قال عند ذكره عبد الله بن محمد بن عمر " له
من المعقبين أربعة يحيى أبو محمد الصالح الصوفي وعيسى الأكبر
المبارك المحدث النسابة الشاعر وأحمد ومحمد أبو عمر الأكبر أمهم
جميعا أم الحسين فاطمة بنت عبد الله بن محمد الباقر (ع). 5



1 - مقاتل الطالبيين ص 245، تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 411، تاريخ الطبري ج 6
ص 223، نسب قريش ص 64، جمهرة أنساب العرب ص 59.
2 - نسب قريش ص 63.
3 - الشجرة المباركة ص 76.
4 - المجدي ص 4، الطبري ج 6 ص 223.
5 - الشجرة المباركة ص 190، الفخري ص 173
126
5 - أم الخير بنت عبد الله: ذكرها المحدث الكبير الشيخ عباس
القمي في منتهى الآمال قال: أعقبت وذريتها في المدينة المنورة.
والمكنون بأم الخيرية هناك ينتسبون إليها.
6 - أم الحسن بنت عبد الله: ذكرها الشيخ الطوسي في رجاله من
رواة الإمام الصادق باب النساء 1. لكن ابن فندق عند ذكره عبد الله بن
محمد بن عمر الأطرف قال: " زوجته أم الحسن بنت عبد الله فأولدت
له يحيى... " 2. وهذا يعني أن أم الحسن هي نفسها أم الحسين والمسماة
فاطمة. وذكر الزبيري له بنتا أخرى كنيتها أم عبد الله من أم ولد 3.
هذا ما سمحت به الظروف في الوقوف عليه من أخبارهم في
الوقت الحاضر والحق أن الحديث عنهم صعب صعب وأن أغلب كتب
السير خلت حتى من الإشارة إليهم وعلماء النسب كما ذكرنا اتفقوا على
إغلاق ملفاتهم.!!!
وفاته ومدفنه:
أشار إلى وفاته الأربلي 4، وأبو الفرج الأصفهاني 5، والشيخ
المفيد 6. ونحن ننقل ما ذكره الشيخ المفيد في الإرشاد قال: " روي أنه
دخل - عبد الله - على بعض بني أمية فأراد قتله فقال له عبد الله رضي
الله عنه: لا تقتلني فأكون لله عليك عونا واستبقني أكن لك على الله
عونا. يريد بذلك أنه ممن يشفع إلى الله فيشفعه فقال الأموي لست



1 - رجال الطوسي ص 341.
2 - لباب الأنساب ص 360.
3 - نسب قريش ص 64.
4 - كشف الغمة ج 2 ص 329.
5 - مقاتل الطالبين ص 151.
6 - الإرشاد ج 2 ص 176.
127
هناك وسقاه السم فقتله " ونقله المجلسي في البحار 1. وقال ابن فندق
في لباب الأنساب " قتل بالسم بالمدينة قتله واحد من ولاة المدينة. دفن
في البقيع وصلى عليه سعيد بن المسيب 2 أمام دار الهجرة وهو ابن
ثلاثين سنة يوم قتل وفي سبب قتله قيل إنه دعى إلى أخيه الصادق (ع)
فقتل " 3. ولقد بحثنا عمن كان يتولى المدينة في التاريخ الذي توقعنا فيه
مقتل عبد الله أي سنة 115 ه‍. رأينا أن الذي كان يحكم المدينة خلال
الفترة من 114 - 118 ه‍. هو خالد بن عبد الملك بن الحرث بن الحكم
الذي كان يحمل على علي أمير المؤمنين (ع) ويتكلم على منبر رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بانتقاصه.



1 - بحار الأنوار ج 46 ص 365.
2 - قال ابن الوردي في تاريخه ج 1 ص 183 توفي سعيد بن المسيب سنة 91 أو 94 أو
95 ه‍ وقال الطبري أنه توفي سنة 94 أيام حكم الوليد بن عبد الملك. وقال الذهبي في
تاريخ الإسلام حوادث سنة 101 - 120 ه‍ ص 96 توفي سنة 105 ه‍ قال هي رواية
عن ابن معين ومال إليه الحاكم وعليه كونه صلى على عبد الله أمر بعيد، وهكذا جعل
موت عبد الله قبل موت سعيد أمر أبعد ولعله اشتباه من ابن فندق.
3 - لباب الأنساب ج 1 ص 405.
128
ثالثا: إبراهيم بن الإمام محمد الباقر (ع).
كاد أن يكون ذكره من جملة أبناء الإمام الباقر عليه السلام مورد
اتفاق النسابين وأصحاب السير، وإن أحجم الجميع عن التعرض إلى
ترجمته بسبب الغموض الذي اكتنف حياته جراء الظروف الأمنية
الصعبة التي حالت دون ظهوره في الوسط الاجتماعي بعد أن باتت
النجاة في عهده رهينة التستر والاختفاء كما هو واضح لمن تدبر في
مجريات الأحداث وتنبه إلى قصد سلاطين العصر في اجتثاث جذور
العلويين. فلقد ابتعد عن الساحة هو وإخوته خوفا من الفتك وهربا من
بطش الظلم حتى كأنهم لم يكونوا ويبدو ذلك جليا عند مراجعة كتب
السير والأنساب حيث ادعى البعض بسبب اختفاء آثارهم أنهم درجوا
صغارا في حياة أبيهم أو أنهم لم يعقبوا والمنصف منهم لم يستعجل
الحكم فاكتفى بذكرهم دون التعرض لمزيد من تفاصيل حياتهم وأعقابهم
وقليل ممن تجرأ على اتفاق النسابين وادعى أنهم أعقبوا ولم يكن نصيب
إبراهيم من أقلام ذوي الأقلام بأكبر من نصيب إخوته من حيث
اختلافهم فيه، ويمكن تقسيم الأقوال فيه كالآتي:
1 - منهم من لم يذكره أصلا في أولاد الباقر (ع) وهم قليل كابن
قتيبة.
2 - منهم من ذكره وادعى أنه مات صغيرا مثل أبو نصر البخاري و
القمي في منتهى الآمال والدشتي في معارف ومعاريف.
3 - منهم من ذكره مطلقا وادعى أنه لم يعقب كابن حزم في الجمهرة
4 - منهم من ذكره وسكت عن عقبة كابن سعد في الطبقات وابن
حجر في الصواعق واليعقوبي.

129
5 - ومنهم من ذكره وذكر له عقب. بعض كتب الأنساب، وبعض
النسابين منهم السيد جعفر بن محمد الحسيني في شقائق النعمان وميرزا
محمد الشيرازي في بحر الأنساب وغيرهما.
ولنزارة ما كتب عنه فقد بذلت جهدي في جمع ما تمكنت رغم
العوائق من شتات القول من كلماتهم لعلي بما أجمع أكون قد وفقت
لتقديم ترجمة فقيرة عن هذا السيد المظلوم وعسى أن يكون ذلك سببا
لتصدي المعنيين من الأعلام في الغور أكثر للبحث عن جوانب حياته و
كذا حياة بقية أبناء الإمام الباقر عليهم السلام حيث ظلموا جملة وكم في
هذا الطريق من عنت إذ أن المشهورات من الكتب المطبوعة والمعروفة
لا تساعد كثيرا على مواصلة البحث بعد سكوتها عن الموضوع وإنكار
بعضها له ولا يخفى ما في طريق الوصول إلى المخطوطات والنوادر
من الكتب من عوائق. وعملا بالقول المشهور " لا يترك الميسور
بالمعسر " لم أر بأسا في تقديم ما تيسر لي من أخباره فأقول:
اسمه ونسبه:
هو إبراهيم ابن الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
أمه: أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة بن الأخنس بن شريف
الثقفي 1.
وأم أم حكيم أم زيد بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب 2،
وهي أم إبراهيم وأخيه عبيد الله والزوجة الدائمة الثانية للإمام الباقر



1 - نسب قريش ص 63.
2 - الشجرة المباركة ص 75.
130
بعد أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر أم الإمام الصادق
وعبد الله عليهم السلام.
ولد في المدينة بحكم إقامة والده الإمام الباقر عليه السلام هناك أما
بالنسبة إلى تاريخ ولادته، فلم أجد من أشار إليه من المعنيين بالسير و
الأنساب، وهكذا بالنسبة إلى حياته مع أبيه، سوى ما يستنتج من كلماتهم
عن وجوده ضمن مجموع أبناء الإمام الباقر عليه السلام ولم أجد من
قدح فيهم أو ذكر سيرتهم بشين غير ما ورد التباسا في عبد الله بن
الإمام (ع) كما بيناه في ترجمة عبد الله وما نقله الفضل بن روزبهان
خطأ في إبراهيم بن الإمام (ع) وإليك ما ذكره في كتابه وسيلة الخادم
إلى المخدوم ص 178 مترجما: "
وكان له - الإمام الباقر (ع) - ابن أكبر من جعفر اسمه إبراهيم
وكان يدعي الإمامة بعد أبيه عليه السلام كما سنذكر احتجاجه مع الإمام
الصادق (ع) " وفي ص 183 " أن أخا الإمام الصادق الأكبر ادعى
الإمامة بعد أبيه الباقر عليه السلام يدعوا الناس إلى نفسه. وفي يوم
أجج الإمام الصادق نارا في داره ثم أرسل شخصا إلى أخيه يطلبه فلما
وصل أخوه - إبراهيم - وكان هو عليه السلام يتحدث وعنده أكابر
الشيعة أجلس الصادق عليه السلام أخاه وقام هو ودخل النار وجلس
فيها ساعة يتحدث وينصح ولم تؤثر النار فيه ولم تحرق ملابسه بعد
ذلك خرج وقال لأخيه: قم وافعل ما فعلت لو كنت صادقا. فلما رأى
أخوه ما صدر منه قام وخرج وترك دعوى الإمامة وظهر إمامة
الصادق (ع) للجميع ".

131
هذه رواية فضل الله بن روزبهان بن فضل الله الأمين أبو الخير
ابن القاضي بأصفهان أمين الدين الخنجي الأصل الشيرازي الشافعي
الصوفي المشهور بخواجه ملا من العلماء الباحثين في القرن التاسع
والعاشر الهجري 1.
ولا يخفى على أهل العلم ما فيها من إيرادات لكن الذي يوقفنا
من الرواية ذكرها لإبراهيم بن الإمام الباقر (ع) الذي أنكره البعض
وادعى البعض الآخر موته صغيرا فأخذه مع ما ذكره آخرون يمكن أن
ينتج أن إبراهيم ابن الإمام لم يمت - صغيرا وإنما كبر بل وعاش بعد
وفاة أبيه عليه السلام ومن باب المثال نذكر بعض تلك الأقوال:
1 - كلمات اليعقوبي عند ذكره أولاد الإمام الباقر (ع): كان له -
للباقر (ع) - من الولد خمسة ذكور جعفر، وعبد الله، إبراهيم
وعبيد الله درج صغيرا وعلي درج " 2 فخص عبيد الله وعلي بالدرج
دون إبراهيم.
2 - المشهور على ألسنتهم عن الإمام الصادق (ع): " كان من
بين إخوته خليفة أبيه ووصيه والقائم بالإمامة من بعده وبرز على
جماعتهم بالفضل وكان أنبههم ذكرا وأعظمهم قدرا وأجلهم في الخاصة
والعامة " 3 وهي عبارات كما ترى لا تدل على أن الإمام الصادق (ع)



1 - وسيلة الخادم إلى المخدوم ص 7 مقدمة المصحح.
2 - اليعقوبي ج 2 ص 320 ط بيروت.
3 - الإرشاد ج 2 ص 179، سبائك الذهب ص 74، وغيرها.
132
كان وحيد أبيه بعد موته سلام الله عليه بل تدل على أن له إخوة -
بالجمع - فيبرزه على جماعتهم وبعيد أن يراد أنه عليه السلام برز على
جماعتهم أيام صغرهم.
3 - قولهم: " لم يعتقد في أحد من ولد أبي جعفر الإمامة إلا في
أبي عبد الله الصادق عليه السلام " 1. والاعتقاد هذا يتصور بعد وفاة
الإمام أو قبيل وفاته على أقل تقدير.
4 - جواب الإمام الباقر لمن يسأله بعد أن نعى نفسه. إن كان من
كائن قال (ع): جعفر هذا سيد أولادي وأبو الأئمة " 2. فلو لم يكن
للإمام الباقر عليه السلام أواخر أيام حياته ولد غير الصادق (ع) كما
ادعى البعض فما معنى قوله (ع): هذا سيد أولادي.
5 - ما جاء في أمالي المرتضى من أمر دعاة خراسان وسؤالهم
عن ولد محمد بن علي وجوابه عليه السلام.
6 - قول المفيد في الإرشاد: " ثم الذي قدمناه - من دلائل العقول
على أن الإمام لا يكون إلا الأفضل - يدل على إمامته عليه السلام
لظهور فضله في العلم والزهد والعمل على كافة إخوته وبني عمه
وسائر الناس من أهل عصره. " 3، ولا معنى لكلامه - على كافة
إخوته - إذ لم يكن له أخ بل في قوله دلالة على وجود إخوته حين توليه
الإمامة.
هذه العبارات وغيرها تنبئ عن بقاء أولاد الإمام الباقر (ع) ومنهم



1 - الإرشاد ج 2 ص 176.
2 - إثبات الهداة ج 5 ص 328.
3 - الإرشاد ج 2 ص 182.
133
إبراهيم إلى ما بعد وفاة الإمام الباقر عليه السلام ولو استعرضنا الكتب
المثبتة والأدلة الأخرى الدالة على أن إبراهيم كان من المعقبين وأخذنا
بنظر الاعتبار عموم تلك الأقوال كانت بمجموعها من القرائن المطمئنة
بصدق دعوى الانتساب. ومما يقوي ذلك عدم الدليل لمدعي موتهم
صغارا فبمقدار ما سنحت لي الفرصة في البحث عن أخبار أبناء الإمام
الباقر عليه السلام لم أجد في ما قرأت من كتب دليلا على وفاة أولاد
الإمام (ع) في حياته سوى ما أشار إلى وفاة ابن واحد من أبنائه لم يسم
كما في رواية سفيان الثوري. وما عداه ادعاء ادعاه من سبق ثم تبعه
من جاء بعده ولم أجد عليه دليلا، بل تشير الأدلة إلى غير ذلك.
ولو رجعنا إلى دراسة الظروف الأمنية التي أحاطت بأبناء الإمام
الباقر (ع) لرأينا أن الظن الأقرب من العلم يميل إلى القول باختفائهم
وأن هذا الاختفاء كان السبب في انمحاء آثارهم وضياع أخبارهم عمن
كتب عنهم بعد قرنين من الزمن.
المؤشرات على ثبوت العقب له:
1 - ذهاب جمع من علماء النسب إلى أن السيد إبراهيم ابن الإمام
محمد الباقر (ع) قد أعقب ومنهم السيد جعفر بن محمد الحسيني
الأعرجي الذي قال عنه آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي
النجفي في ترجمة له " كان نسابة جليلا آية من آيات الباري في هذا
العلم الشريف " 1.
رأيت شهادته بصحة مشجرة بعض السادة الكرام من



(1) كشف الارتياب في ترجمة صاحب لباب الألباب / مقدمة اللباب ص 140.
134
ذرية إبراهيم عليه الرحمة بخطه الشريف وخاتمه وإليك نصها
وصورتها:
" بسم الله خير الأسماء: نعم هم من السادة الحسينية من ولد
إبراهيم بن الإمام الباقر عليه السلام ونسبهم مذكور في كتابنا شقائق
النعمان في أنساب قحطان وعدنان "
جعفر بن محمد الحسيني

135
2 - مشجرات عديدة مشهود بصحة انتساب ذويها إلى السيد
إبراهيم من قبل كبار العلماء أمثال الشيخ محمد حسين الكاظميني
والشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري والسيد أبو الحسن الاصفهاني
والشيخ زين العابدين المازندراني والشيخ مهدي كاشف الغطاء النجفي
والسيد علي الطباطبائي صاحب البرهان القاطع وغيرهم كثير..
وكانت تواريخ بعضها كالآتي:
1 - مشجرة قديمة تاريخها 1150 ه‍. ق موقعة في النجف الأشرف
من علماء ذلك العصر.
2 - مشجرة تاريخها 1204 ه‍. ق.
3 - مشجرة تاريخها 1250 ه‍. ق.
4 - مشجرة تاريخها 1304 ه‍. ق.
وفي الجميع شهادات بصحة انتساب أصحابها إلى السيد إبراهيم
عليه الرحمة
3 - وجود عدد غفير من السادة الحسينيين الكرام في مناطق
شتى من العراق وإيران كلهم ينسبون أنفسهم إلى السيد إبراهيم بن
الإمام الباقر (ع) وهم في بقاع متفرقة ولغات مختلفة مما يمتنع معها
التواطؤ على الانتحال لا سيما وأن كل فئة منهم ينسب نفسه إلى ابن من
أبناء السيد إبراهيم الذين سنذكرهم لاحقا.
4 - مشجرة آية الله العظمى السيد ميرزا آقا الاصطهباناتي (قدس
سره) الذي يوصل فيها نسبه إلى إبراهيم عليه السلام.
5 - كتب في الأنساب غير معتمدة عند أهل الفن، لاضطراب في
كلماتها ولكن بمعونة القرائن يمكن الوثوق ببعض مطالبها ومنها:

136
أ - بحر الأنساب لميرزا محمد الشيرازي.
ب - كنز الأنساب وبحر المصاب.
ج - بحر الأنساب منسوب إلى الإمام الصادق (ع).
د - بحر الأنساب في تاريخ الأئمة - مخطوط -.
وهذه الكتب أثبتت العقب للسيد إبراهيم عليه الرحمة وتكفي هذه
المؤشرات مرجحات لكفة القول بتعقيبه بعد اليقين باعتماد أغلب الآراء
النافية على أخبار آحاد ضعيفة مبتناة على الظن وسبب وهنها طول
الفترة وهوان الموضوع آنذاك وعدم ضبطها في مدونات بل كان
الحديث في الأنساب حديث سمر لا إثم في تأرجحه زيادة ونقيصة بعد
سماعهم الحديث المشهور " ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من
علمه " ويهون الخطب في ذلك إذا علمنا أن الفترة بين زمن إبراهيم ابن
الباقر (ع) وتدوين علم الأنساب كافية لضياع الكثير نسيانا مع كثرة
الوسائط وربما لم يحتج المتتبع لكلماتهم في شأن أولاد الإمام الباقر (ع)
تأملا طويلا في استشمام ريح الإيجاب وهو يرى اضطرابها بين التوقف
والنفي والإثبات والإحراج في بيان التفصيل.
وفاته ومدفنه:
لم أجد من أصحاب التراجم من أشار إلى وفاته وموضع دفنه إلا
أن صاحب كتاب - اختران تابناك - ذكر " أن في قرية سليم آباد التابعة
لمدينة قم المقدسة قبر يقال إنه قبر إبراهيم ابن الإمام محمد الباقر (ع) " 1.



1 - اختران تابناك ج 1 ص 564.
137
وفي كتاب [آثار باستاني كاشان ونطنز]. في الجهة الغربية من
مسجد القاضي - آران - مقبرة واسعة وصندوق خشبي كبير لطيف،
كتب على لوح برونزي على الضريح: هنا مدفن أولاد أئمة بأسماء
شاهزاده علي وإبراهيم وزينب خاتون وأم سلمة من أولاد الإمام الباقر
عليهم السلام تاريخ 1280 " وعلى لوح آخر حجري منصوب على
جدار البقعة عبارة منحوتة كالآتي: خمسة من أولاد الأئمة منسوبين
إلى الإمام الباقر في جنب مسجد جامع آران رممت بسعي جمع من
المؤمنين في سنة 1050 ه‍ 1.
ولكنه لا ذاك القبر الذي في قم ولا هذا الذي في آران مما يدل عليه دليل
واضح على أن يكون قبر السيد إبراهيم بن الإمام محمد الباقر (ع)
واقعا. والحق أن قبره هو ذاك المزار المعروف له منذ القدم الواقع في
جبال بشتكوه في شرق مدينة زرين آباد من توابع محافظة إيلام بست
أو سبع كيلو مترات وزرين آباد هي إحدى النواحي العشر التابعة
لمدينة إيلام تقع جنوب جبل كبيركوه وتشكل الناحية عشرون قرية
كبيرة وصغيرة تضم حوالي خمسة آلاف نسمة، ومركز الناحية (بهله)
ومن قراها المهمة (ميمه - كولاب - وبهرام آباد) 2. وللقبر قبة
هرمية مضلعة ضخمة نسبيا وله صحن واسع ويرى إلى جانبه في نفس
الصحن قبة أخرى مضلعة يقال إنه قبر أحد بنيه وحوله مقبرة قديمة
تضم قبور كثير من السادة من ذريته. وقبره مزار معروف في
المنطقة ولا يشك أحد من السادة المنتسبين إليه سواء في المنطقة أو



1 - آثار باستاني شهرستانهاي كاشان ونطنز ص 333.
2 - لغت نامه دهخدا (ز - ص 369).
138
المناطق المجاورة وحتى من التقيت منهم في العراق بكون هذا المزار
مرقد السيد إبراهيم ابن الإمام الباقر (ع) كما رأيت مشجرة بنسب السيد
إبراهيم يعود تاريخه إلى سنة 1150 ه‍. موقعة من علماء من النجف
الأشرف مكتوبة باللغة الفارسية كانت أساسا في مقبرته حتى أخرجت
منها أخيرا، ترجمته:
" هذه مشجرة السيد إبراهيم بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين
العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام "
ولدى مراجعتي دائرة الأوقاف في إيلام للسؤال عن هذا القبر وما يمكن
أن يكون لديهم من معلومات قدم لي السيد مدير الأوقاف ملزمة تضم
تعريفا بمزارات - المنطقة وما ثبت منها في سجلات الأوقاف فكان بينها
مزار السيد إبراهيم هذا وها أنا أترجم ما ثبت في ملزمة مدير الأوقاف: "
خلاصة من مشجرة وموقع مزار السيد إبراهيم عليه السلام:
يقع قبر السيد إبراهيم (ع) في قرية - بردي - من توابع ناحية زرين
آباد التابعة لقضاء دهلران في الجنوب الشرقي من محافظة إيلام
وحسب المشجرة الموجودة فإن هذا السيد الواجب التعظيم من الأولاد
الصلبيين للإمام محمد الباقر عليه السلام الإمام الخامس للشيعة وعلى
قبر هذا السيد الجليل بناء يعود إلى زمن - هولاكو خان المغول - وله
قبة خاصة مثلثة الشكل - هرمي - وإلى جنب هذا السيد مرقد لأحد
أولاده المدفونين هناك وقبر أخته السيدة أيضا داخل إحدى الغرف
المجاورة لضريح السيد إبراهيم وفي جوار المرقد قبور الشهداء والسادة
وأهالي المنطقة. وفي الوقت الحاضر وبسبب قدم البناء وطول الزمان
آل البناء إلى التصدع وبحاجة ماسة إلى الترميم " وللتأكد من بعض

139
معلومات هذه الملزمة كان لي مرور على مديرية آثار محافظة إيلام
فأريتهم صورة فوتوغرافية لمبنى المقبرة وسألتهم عن تقدير تاريخ
بنائه فأكدوا أن البناء يعود إلى القرن السادس أو السابع الهجري وأنهم
أوعزوا إلى مديرية أوقاف أيلام بأهمية البناء من الناحية الأثرية و
ينبغي استشارة مديرية الآثار في ما لو أقدموا على ترميم بناء القبر.
وفي زيارتي الأخيرة إلى مشهد السيد إبراهيم رأيت جهد المديريتين
المذكورتين في ترميم مبنى المقبرة والقبة الهرمية وسنثبت في هذا
الكتاب صورتين للمقبرة قبل وبعد الترميم.

140
والمنطقة التي يوجد فيها القبر صعبة العبور محاطة بجبال وعرة
بعيدة عن الطرق الرئيسية ويصعب الوصول إليها حتى في زماننا هذا
وقد تكاد تكون المنطقة الأكثر أمانا لمن رام الاختفاء والابتعاد عن
العيون. ولو رجعنا إلى ظروف الإرهاب التي مرت أيام الإمامين
الباقر والصادق عليهما السلام وما آل إليه مصير بني علي عليهم
السلام من جراء ظلم السلاطين وملاحقتهم حتى ألجأوهم إلى الهرب و
الاختفاء لرأينا أن مثل هذه المناطق هي مظان تواجدهم مع العلم أن
المنطقة المشار إليها هي ضمن الجبال المتاخمة للصحراء العراقية حيث
تكون المحطة الآمنة الأولى للقادم من تلك الجهات ويؤيد هذا الظن ما
قرأت منذ سنوات طويلة عن حياة السيد إبراهيم ابن الإمام محمد الباقر
(ع) في كتاب قديم لم اظفر به أيام كتابتي لهذه الترجمة وهي " أنه
هاجر من المدينة المنورة صوب العراق وتوجه إلى الجبال عن طريق
واسط ".
وبجوار ضريح السيد إبراهيم وفي رواقه دهليز ضيق يؤدي
إلى غرفة صغيرة فيها قبر مستقل يقال إنه قبر السيدة زينب بنت الإمام
الباقر (ع) كانت قد هاجرت مع أخيها السيد إبراهيم. ولقد قرأت لمحة
عن قصة هجرتها مع أخيها في بعض كتب الأنساب القديمة لم
يحضرني الآن اسمه وقد أردت بهذه الإشارة أن أنبه على أن ادعاء
وجود قبر لزينب بنت الإمام الباقر (ع) إلى جوار قبر أخيها السيد
إبراهيم ليس هو صرف ادعاء بل ربما كان له أساس. وربما يظهر
الأمر غريبا لأول وهلة لمن راجع كتب النسب والتراجم فإنهم يذكرون
أن زينب بنت الإمام الباقر (ع) كانت عند عبيد الله بن الحسين بن علي

146
بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، ثم خلف عليها عبيد الله
بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). ولكننا سنذكر
عند تعرضنا لترجمة بنات الإمام الباقر (ع) أن للإمام عليه السلام
بنتين باسم زينب، إحداهما زينب الكبرى والأخرى زينب الصغرى ولا
يبعد جدا أن تكون هذه زينب الكبرى لأن التي تزوجت من عبيد الله بن
محمد هي الصغرى كما ذكره العمري في المجدي 1. وربما كانت هي
التي ماتت من دون ذرية والمكناة بأم جعفر 2، والثالثة التي لم يعرف
شئ عنها، الغير مشهورة 3.
في أولاد السيد إبراهيم:
كان للسيد إبراهيم ابن الإمام الباقر (ع) عدة من الأولاد،
والذين وقفت على أثرهم ثلاثة من الذكور المعقبين ورابع لم أجد لذريته
أثرا وهم:
1 - يعقوب.
2 - رجب.
3 - مطلب.
4 - محمد.
وهذا الأخير هو المدفون جوار أبيه حسب ما هو المشهور بين
ذرية السيد إبراهيم القاطنين في المنطقة على مر الزمان، وقد أشير إليه
في إحدى المشجرات. ويقال إنه مات من غير عقب. ولم أسمع من



1 - المجدي ص 94.
2 - الشجرة المباركة للفخر الرازي ص 95.
3 - بحر الجواهر لمحمد باقر بن السيد محمد ص 418 وبستان السياحة.
147
ادعى النسبة إليه. ولدى زياراتي المكررة للمرقد، رأيت قبري محمد
وزينب مجددين فحاولت أن أعرف ما لو كانوا قد وجدوا على القبر
حين البناء حجرا أو أي أثر يدل على صاحب القبر. فأخبرني بعض
المسنين الساكنين منذ القدم في جوار السيد إبراهيم أنه تم قبل حوالي
ثلاثين سنة ترميم قبر السيد محمد والسيدة زينب. وقد وجدوا على
القبرين حجرين مستطيلين متآكلين تغير لونهما بعد أن وضعوهما في
الشمس وتكسرا ولم يكن القائمون بالترميم ممن يعرف قيمة هذه
الأحجار فرموها بعيدا.
أما يعقوب ورجب:
فالمنتسبون إليهما نسل كثير ولهم مشجرات عديدة شهد بصحتها
عدد كبير من أعاظم العلماء والنسابين والمحققين وقد ختمت بخواتيمهم
الشريفة ونثبت هنا صورا لبعض تلك المشجرات. وقد رأيت من
ذريتهما في أيلام ودره شهر ودهلران والأهواز وخرمشهر وغيرها
من المدن الإيرانية كما رأيت عدة منهم في بغداد وواسط والبصرة منهم
السيد سلطان ابن السيد كرم الحسيني أحد أئمة الجماعات في مدينة
الثورة ببغداد. وأن تواريخ المشجرات التي اطلعت عليها كانت تعود
إلى السنوات 1150 و 1250 و 1254 و 1304 هجري قمري.

148
وأدناه قائمة بأسماء بعض العلماء الأعلام الذين شهدوا بصحة انتساب
أصحاب المشجرات إلى السيد إبراهيم بن الإمام محمد الباقر (ع).
1 - آية الله الشيخ محمد حسين الكاظميني.
2 - آية الله الشيخ محمد حسن ابن الشيخ محمد باقر.
3 - آية الله الشيخ الأعظم الأنصاري.
4 - آية الله السيد أبو الحسن الاصفهاني.
5 - آية الله السيد علي الطباطبائي آل بحر العلوم.
6 - الشيخ زين العابدين المازندراني.
7 - الشيخ حسين بن الشيخ جواد.
8 - السيد جعفر بن محمد الحسيني الأعرجي.
9 - السيد محمد باقر الموسوي.
10 - السيد جعفر الموسوي النجفي.
11 - محمد حسين الفارسي الحائري.
12 - أبو القاسم الطباطبائي.
13 - ميرزا الطالقاني.
14 - محمد علي بن السيد أبو الحسن الموسوي.
15 - السيد محمد الحسيني النجفي.
16 - السيد جعفر الصادق.
17 - الشيخ مرتضى النجفي.
18 - السيد حسين النجفي المهردشتي.
19 - السيد صادق الموسوي.
20 - السيد علي الحسيني.
21 - الشيخ محمد حسين بن الشيخ هاشم.

156
22 - الشيخ مهدي بن الشيخ جعفر نوح الجعفري.
23 - السيد محمد علي الحسيني.
وهناك أسماء أخرى لأعلام كثيرين عبر قرون مختلفة لم أتمكن
من درجها ضمن هذه القائمة وذلك لوجود المشجرات المنمق عليها
تلك الأسماء بعيدة عن متناول اليد حاليا والبعض الآخر في حوزة من
امتنع حتى عن أخذ صورة لمشجرته. وعلى كل حال فبما ذكرنا من
أسمائهم المباركة الكفاية في حصول الاطمئنان المطلوب بشأن صحة
انتساب هؤلاء السادة الكرام إلى جدهم الإمام الباقر عليه السلام.
وأما مطلب بن إبراهيم:
فنسله في فارس يوجد منهم الآن عدد في شيراز واصطهبانات ونيريز
وسروستان وفسا وجهرم وغيرها منتشرون، رأيت أغلبهم يجهلون
نسبهم ولم أر منهم من يحمل مشجرة. الجد الحادي عشر لأغلب هؤلاء
السادة السيد مير حسين المدفون في سفح جبل خرمنكوه قرب قرية
حسين آباد 1 وهو المعروف بالحياة غيبي حسب ما وجدت ذلك بخط أحد
أحفاده على نسخة من الصحيفة السجادية يذكر نسبه هكذا: معز الدين
ابن المرحوم علي أكبر ابن أسد الله ابن محمد صالح ابن محمد مسيح
العسكري الحسيني الحسين آبادي الشهير بحياة غيبي. ومحمد المسيح
هذا هو ابن السيد مير حسين المذكور باتفاق المنتسبين إليه، وكذا
مشجرة آية الله العظمى السيد ميرزا آقا الاصطهباناتي.



1 - قال عنه صاحب كتاب (تاريخ فارس نامه ناصري) توفي مير حسين في
حدود سنة 1120 ه‍ في قرية حسين آباد مموئي فسا، الواقعة في سفح جبل خرمنكوه
وقد بنيت قبة على قبره وقبره الآن مزار مشهور.
157
وكان للسيد مير حسين أولاد آخرون هجروا قرية حسين آباد أيام فتنة
الأفغان منهم السيد مير محمد مسيح الذي توجه إلى اصطهبانات وسكن
فيها. وبعضهم يعرفون أنهم ينتسبون إلى الإمام الباقر (ع) لكنهم لم
يدروا من أي أبنائه، فنسبوا أنفسهم إلى عبد الله ابن الإمام الباقر (ع).
أما آية الله العظمى الميرزا آقا الاصطهباناتي فقد أنهى في مشجرته
نسب السيد (مير حسين الحياة غيببي) إلى مطلب بن إبراهيم ابن الإمام
الباقر (ع). وقد ذكر الميرزا محمد الشيرازي في كتابه بحر الأنساب
السيد مطلب بن إبراهيم عليه الرحمة بقوله: [خرج مطلب من بغداد
وتوجه إلى شيراز واستوطن هناك وخلف نسلا كثيرا يعرفون
بالحسينين].
ومن ولد السيد مير حسين الحياة غيبي الذين أعقبوا ذرية كثيرة
في هذه المناطق وهم منتشرون في مدن مختلفة من أقليم فارس:
1 - السيد مير محمد مسيح العسكري: الذي توجه إلى
اصطهبانات بعد فتنة الأفغان وهرب أهالي قرية حسين آباد وتوطن
هناك وخلف من بعده خلف صالح كثر فيه أهل العلم والصلاح منهم
المرجع الكبير آية الله العظمى السيد إبراهيم الاصطهباناتي المشهور
بالميرزا آغا وبقيته الصالحة ولا سيما ولده حجة الإسلام والمسلمين
السيد محمد علي الاصطهباناتي ومنهم العلامة الحجة السيد أبو القاسم
شرافت، ومنهم الحجج السادة العلامة محمد الفقيه والعلامة علي الفقيه
الساكنين في نيريز وغيرهم ممن لم أوفق في التعرف عليه.
2 - السيد ميرزا شاه: كان يسكن سروستان وله إلى الآن ذرية
هناك، منهم السادة القرشية والسادة الكريمية والبديهية وغيرهم

158
المتواجدين حاليا في سروستان وقد راسلني واحد منهم هو السيد نظام
الدين جلالي ووافاني بمعلومات قيمة عن هذا الفخذ من أولاد السيد مير
حسين. ويقال إن السيد ميرزا شاه كان يسكن خفر.
وهناك عدد من هؤلاء السادة في جهرم وخفر وفسا، قسم منهم
يلقبون بالحسينين، وقسم آخر بالضيغميين، وطائفة بالهاشميين ما
تمكنت من الوصول إليهم أو التعرف على أحدهم.
سادة حياة الغيب
المشهور أن السادة الملقبين بحياة الغيب، هم من نسل أبي القاسم
محمد بن أحمد بن رضي الدين الملقب بحيات الغيب، والمدفون في
قرية (قالبي) على بعد خمسين كيلو مترا في الجنوب الغربي من خرم
آباد، وعلى الساحل الغربي من نهر كشكان على تل حجري في امتداد
جبل (كيره)... وخلال العرض والتتبع رأيت اختلاف النسابين في
أمره. ففي الوقت الذي ينسبه صاحب كتاب تحفة الأزهار إلى الإمام
موسى الكاظم (ع) وجدت غيره وقد نسبه إلى عبد الله بن زين العابدين
(ع)، وثالث إلى عبد الله ابن الإمام الباقر (ع)، لكن قرب مزاره من
مزار السيد إبراهيم ابن الإمام الباقر (ع) وتواجد عدد من المنتسبين إلى
حياة الغيب في محافظة إيلام وضواحيها مركز تواجد ذرية السيد
إبراهيم عليه الرحمة. ومشجرة آية الله السيد الاصطهباناتي الذي نسب
مير حسين الحياة غيبي إلى السيد مطلب ابن إبراهيم إضافة إلى انقطاع
سلسلة النسب بين رضي الدين جد السيد محمد الملقب بحياة الغيب
والمعصوم في كتب النسب، كلها ظواهر تقوي الظن بانتساب الحياة

159
غيبية إلى الإمام الباقر (ع) بخلاف المشهور. فالظاهر أن انتشار نبأ
انقراض أبناء الإمام الباقر (ع) في كتب والسنة النسابين هو السبب في
خلق الحرج وبالتالي اضطرار البعض لإيجاد المخرج ثم أخذ ذلك الحل
طريقه إلى الرسوخ والاشتهار. لكن الشك بقي هو الحاكم جيلا بعد جيل
في أعقاب منتشرة تتضارب بينها في الانتساب. ولقد رأيت الكثير منهم
رغم ما اشتهر عن انتسابهم بين متردد فيما يسمع أو معتقد بالانتساب
إلى الإمام الباقر (ع) أو الإمام زين العابدين (ع) من ولده عبد الله.
ولقرائن عديدة ولما وقفت عليه من مشجرات وتأييد شطر من هذه
الذرية، تستقر القناعة بانتسابهم إلى الإمام الباقر (ع). وعليه فهم
حسينيون لا موسويون كما اشتهر. ويؤيد ذلك أن الحياة غيبية
الموجودين في فارس كلهم حسينيون ولم أجد منهم من يلقب نفسه
بالموسوي. إضافة إلى ما أشرنا إليه من تصريح أحد أحفاد السيد مير
حسين بخطه بلقب الحسيني. وكذا الموجودون من هؤلاء السادة في
إيلام يحملون نفس اللقب ومنذ القدم. وإذا علمنا بأنه لا علاقة ولا
اتصال بالمرة عبر قرون بين الفئتين تزرع ظن التوطئة واكتساب
إحداهما لقبها من الأخرى لزاد بذلك الاطمئنان بأن هذا اللقب - أعني
الحسيني - كان ساريا في هذه الذرية ومشهورا بينهم منذ القدم حتى أن
كل فئة في أية بقعة كانت بقيت محافظة على لقبها. والمعروف أن لقب
الحسيني يطلق عادة على من انتمى إلى أولاد الحسين (ع) حتى أولاد
الإمام جعفر الصادق (ع). أما المنتسبون إلى الإمام موسى الكاظم (ع)
فقد عرفوا بالموسويين. فلو أرجعنا سادة حياة الغيب إلى أبي القاسم
محمد المعروف بحياة الغيب وقلنا بأن هذا الأخير من ولد الإمام موسى

160
الكاظم (ع) فلماذا لم نجد في ذريته المعروفين في هذه الأيام وما قبلها
من القرون من لقب نفسه بالموسوي؟ أليس هذا يعني أن نسبة جدهم
الأعلى (حياة الغيب) إلى الإمام موسى ابن جعفر (ع) فيه نوع من
الترديد؟ وإذا أضفنا إلى ذلك تضارب أقوال النسابين في هذه النسبة
وأخذنا بنظر الاعتبار اشتهار هؤلاء السادة بلقب الحسيني لقرب إلى
القبول ما قلناه في نسبهم.
ويبدو والله العالم أن التشابه الاسمي بين أبي القاسم محمد بن
أحمد بن رضي الدين المعروف بحياة الغيب وبين محمد بن أحمد بن
تاج الدين هو السبب في نسبة الحياة الغيبي إلى الإمام موسى بن جعفر
(ع) سيما وأن كليهما مدفونان في [لرستان إيران] والحق أن الثاني
هو المعروف انتسابه إلى الإمام الكاظم (ع) إذ جاء نسبه كالآتي: محمد
بن أبي جعفر أحمد بن تاج الدين إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن
موسى الكاظم (ع). وأن السيد مير حسين الحيات غيبي المدفون في
[قرية حسين آباد مموئي فسا] هو من ذرية أبي القاسم محمد بن أحمد
بن رضي الدين المعروف بحياة الغيب والمدفون في [قرية قالبي في
لرستان] أما نسبة نفس السيد مطلب وكونه من أولاد إبراهيم ابن الإمام
محمد الباقر (ع)، إضافة إلى المشجرات فقد ذكرتها الكتب التالية:
رياض الأنساب، وكنز الأنساب، وبحر الأنساب لمؤلف مجهول،
وبحر الأنساب المنسوب إلى الإمام الصادق (ع)، وبحر الأنساب
لميرزا محمد الشيرازي.

161
ومن أحفاد السيد إبراهيم الذين ورد ذكرهم في المشجرات العديدة
ومدافنهم متفرقة في المناطق المجاورة لمدفن جدهم السيد إبراهيم:
1 - السيد ناصر الدين (الصغير) بن محمد بن علي بن هادي بن
غلام بن عيسى بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد الباقر (ع).
2 - السيد صالح الدين بن ناصر الدين الصغير بن مهدي بن علي بن
هادي بن غلام بن عيسى بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد الباقر (ع)
المدفون في مدينة آبدانان، التابعة لمحافظة إيلام واسمه مذكور ضمن
مرقد السيد صلاح الدين بن ناصر الدين الصغير بن مهدي بن علي بن
هادي بن غلام بن عيسى بن يعقوب بن إبراهيم بن الإمام
محمد الباقر (ع).

162
صورة نسخة خطية من الصحيفة السجادية بخط معز الدين بن
علي أكبر يذكر فيها انتسابه إلى السيد مير حسين الحيات غيبي.

163
مستمسكات مديرية أوقاف محافظة إيلام حيث جاء فيها: " يقع مرقد
السيد صالح الدين في مدينة آبدانان وبناء الضريح وقبته فريد في نوعه
حيث يرجع تاريخ بنائه إلى القرنين الخامس أو السادس الهجري. وهذا
السيد الجليل من أحفاد الإمام الخامس للشيعة الإمام محمد الباقر عليه
السلام وهو مزار مشهور يقصده الناس من المدن والمحافظات
المجاورة " 1
3 - السيد حاجي بن شكر الدين بن رجب بن إبراهيم بن الإمام
محمد الباقر (ع).
4 - السيد أبو الوفاء بن السيد حاجي المتقدم ذكره. ويحتمل جدا
أن يكون هو المدفون غرب مدينة خرم آباد [مركز محافظة لرستان
في إيران] والمشهور بأنه من أولاد الإمام موسى الكاظم (ع).



1 - كراس لمديرية أوقاف محافظة إيلام حول المزارات الموجودة في المحافظة.
164
رابعا: علي بن الإمام محمد الباقر (ع).
هو علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)
أمه أم ولد 1. قال عنه صاحب رياض العلماء في ترجمته: " السيد
الأجل السيد علي بن مولانا الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام و
كان من أعاظم أولاد مولانا الإمام الباقر عليه السلام وأكابرهم ولغاية
عظم شأنه لا يحتاج إلى التطويل في البيان. وقبره بحوالي بلدة كاشان و
مقبرته معروفة إلى الآن بمشهد باركرس وله قبة رفيعة عظيمة " وقد
ذكر جماعة من علمائنا في شأنه فضائل جمة وأوردوا في كراماته و
كرامات مشهده حكايات غزيره منهم الشيخ الجليل القزويني الشيعي
الفاضل المشهور المتقدم في كتاب مناقضات العامة وفضائحهم بالفارسية
واعلم أن السيد الجليل السيد أحمد المعروف بإمام زاده أحمد
المقبور في محلة باغات بأصبهان قد كان ولد هذا السيد الجليل. ثم
لا يخفى أن ترجمة هذا السيد غير مذكورة في كتب رجال أصحابنا
أصلا بأن لم يتعرضوا له بمدح ولا قدح إلا أن المذكور في كتاب
الرجال للشيخ 2 كان علي بن محمد بن علي بن الحسين (ع) وكان من
أصحاب الصادق (ع).
وفي بعض نسخ كتاب الرجال للشيخ الطوسي قد وقع بعنوان علي
بن محمد بن علي بن الحسين بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين



1 - الإرشاد ج 2 ص 176، المناقب ج 1 ص 210، إعلام الورى ص 265، كشف
الغمة ج 2 ص 328 - 329، الطبقات الكبرى ج 5 ص 320، أنساب قريش ص 63.
2 - رجال الطوسي ص 241.
165
بن علي بن أبي طالب (ع) والظاهر أنه سهو من الناسخ والحق هو
الأول لأنه على هذه النسخة يكون السيد سبط سبط الصادق (ع) فكيف
يمكن أن يدرك زمن الصادق (ع) فضلا عن أن يكون من أصحابه.
وبالجملة لم أبعد أن يكون الأول هو بعينه السيد علي بن مولانا
الباقر المعروف بإمام زاده مشهد باركرس 1 ". وينقل عنه صاحب كتاب
روضات الجنات 2 أيضا إذ قال وكذلك قبر السيد علي بن الإمام محمد
الباقر (ع) الواقع في حوالي بلدة كاشان.
ويقول صاحب كتاب [اختران تابناك] إني رأيت رسالة من
ثمان وخمسين صفحة مطبوعة في سنة 1394 لمؤلفه ملا عبد الرسول
المدني الكاشاني تحت اسم (تذكرة جناب سلطانعلي). يذكر فيها عن
تذكرة الخواص لابن الجوزي عن سلطانعلي هذا يقول: أمه المسماة
زينب كانت أم ولد. ويذكر صاحب كتاب اختران أدلة في إثبات صحة
دعوى كون مشهد قالي شوران قبر السيد علي بن الإمام الباقر (ع) من
جملة أدلته ما ينقله عن رسالة عبد الرسول المدني قوله:
صرح العالم المتبحر فضل الله الراوندي الكاشاني في عدة
مواضع من ديوانه بأن هذا المرقد هو مرقد السلطان علي بن الإمام
الباقر ثم يشرح واقعة هجوم الجيش السلجوقي وفي قصيدته التي قالها
في (مجد الدين) باني روضة علي بن الباقر (ع):
توسلت فيها بالفتى ابن الفتى الذي * توطن هذا المشهد الطاهر الطهرا
عنيت ابن بنت المصطفى ووصيه * أخا الصادق بن الباقر السيد الحبرا



1 - رياض العلماء ج 4 ص 216 - 217.
2 - روضات الجنات ج 4 ص 212.
166
لعمري لقد أوتيته ونصرته * وعرفته من بعد تضييعه دهرا
فمن قبة علوية علوية تطيف * بمبناها ملائكة تترى
وسور كسور الردم أو نقت صنعه * فجصصته بطنا وطينته ظهرا
ونهر كأن الله فجر فيضه من * الجنة الزهراء أطيب به نهرا
وحمام صدق حاز وصف جهنم * وجنة عدن إذ حوى الطيب والحرا
نعم ورباط كلما رفقة غدت * لترحل عن حافاته نزلت أخرى
وحائط بستان كقطعة جنة هوت * فثوت تحكي الجنان لنا جهرا
قصدناه زوارا فكاد بطيبه عن * الأهل والأولاد يصدفنا قهرا
وأيضا في قصيدة أخرى تبين الآثار الخيرية لمجد الدين يقول:
ومشهد صدق أودع الله بطنه * وديعة سر من كرام أخائر
أبا الحسن ابن الباقر السيد * الذي غدا لعلوم الدين أبقر باقر 1
وأدلته الأخرى يذكرها من كتب النقض للشيخ عبد الجليل الرازي
وكتاب روضات الجنات وشرح ديوان السيد أبو الرضا ورياض
العلماء للميرزا عبد الله المعروف بأفندي ومنتهى الآمال وبحر الأنساب
وعن وصوله إلى تلك النواحي ينقل عن [تذكرة جناب سلطانعلي] أن
أهالي تلك الديار أرسلوا وفدا إلى الإمام الباقر (ع) يريدون منه (ع) أن
يبعث إليهم من يعلمهم أحكام دينهم وأمور شرعهم فبعث الباقر عليه
السلام ابنه عليا وبعد سنة من إقامته في [فين كاشان] وصله خبر وفاة
أبيه الإمام الباقر عليه السلام وبعد سنتين من ذلك دعاه عدة من الموالين
لزيارة أردهال كاشان، ويكتب والي أردهال إلى أمير قزوين يخبره



1 - اختران تابناك ص 363 - 365، وآثار باستاني شهرهاي كاشان ونطنز ص 431.
167
باجتماع الناس على علي بن الباقر (ع)، ويرسل والي قزوين بعد
اطلاعه على الخبر جيشا نحو كاشان وفي قتال بين اتباع علي بن الإمام
الباقر (ع) وبين الجيش القادم يقتل السيد علي بسهم من العدو، ويدفن
هناك 1.
وفي موقع قبره يقول مير سيد عزيز امامت: مزار هذا السيد
يبعد تقريبا سبعة فراسخ من كاشان المحل الذي يسمى بمشهد أردهال أو
مشهد باركرس أو باركرز أو باركرسف أو باركرسب 2.
ويذكره أيضا صاحب (دائرة معارف دانش بشر) 3. امامزاده
سلطان علي بن محمد الباقر (ع) في مشهد اردهال وقال المصطفوي
بقعة مجللة على تل قريب من الطريق الممتد من كاشان إلى دليجان
وأصل بناء القبر يعود إلى زمن السلاجقة ثم تم توسيعها وتكميلها في
فترات المغول والصفوية والقاجارية واسم المدفون فيه سلطان علي بن
الإمام محمد الباقر عليه السلام 4.
وقال حسن نراقي: وجد على حجر منقوش كان فوق القبر:
علي بن الإمام محمد الباقر من دون ذكر تاريخ 5.
وذكر عبد الجليل القزويني أن أهالي كاشان يزورون علي بن
محمد الباقر المدفون في باركرسب 6.



1 - اختران تابناك ص 363 - 365.
2 - إمام زادكان معتبر ص 30.
3 - دايره معارف دانش بشر ص 399.
4 - آثار تاريخي تهران ج 1 ص 432
3 - اثار تاريخي شهرهاي كاشان ونطنز ص 63.
4 - النقض ص 588.
168
أولاده:
شأنهم شأن بقية أحفاد الإمام الباقر (ع) من الاهمال ونسيان
التاريخ والمؤرخين. ولكن رغم ذلك ومن ثنايا كلماتهم وشتات أقوالهم
ثبت بما لا شك فيه أنهم أعقبوا، وأن أنباء أولادهم وإن خفيت لأسباب
وأسباب إلا أنهم موجودون ولا شبهة.. وهنا نذكر من عرفناه من أبناء
علي بن الإمام الباقر من خلال كتبهم:
1 - أحمد بن علي: ذكره عبد الله أفندي وقال إنه مدفون في
أصفهان 1. وقال الشيخ القمي عن أحمد بن علي ابن الإمام الباقر (ع)
أنه وجد حجرا مكتوب عليه بالخط الكوفي " بسم الله الرحمن الرحيم
كل نفس بما كسبت رهينة هذا قبر أحمد بن علي بن محمد الباقر (ع) و
تجاوز عن سيآته وألحقه بالصالحين 2.
وعن السيد أشرف الدين كيائي 3: أنه ذكر أحمد بن علي الباقر (ع)
كل من الميرزا محمد هاشم جهار سوقي في ميزان الأنساب ص 48،
وصاحب تاريخ أصفهان ص 251. وعن كتاب [فهرست بناهاي
تاريخي وأماكن باستاني إيران] ط 1 ص 19: إن البناء القديم لقبر السيد
أحمد المنسوب إلى الإمام الباقر يعود إلى الدورة السلجوقية كما وينقل
عن آية الله العظمى النسابة الشهير شهاب الدين المرعشي النجفي أنه
قال: كان للسيد علي ابن الإمام الباقر (ع) ولد واحد هو أحمد بن علي
ابن الإمام محمد الباقر (ع) المدفون في أصفهان 4. وكان للسيد أحمد



1 - رياض العلماء ج 4 ص 216 - 217.
2 - منتهى الآمال.
3 - إمام زاده أحمد ص 5 - 6.
4 - إمام زاده أحمد ص 4.
169
أولاد منهم السيد ناصر الدين المدفون في الجهة الغربية من شارع الخيام
في طهران عليه بناء قديم يرجع إلى ما قبل الحكومة الصفوية 1. وإلى
السيد أحمد هذا يرجع نسب الكثير من السادة الطالقانية. قال الشيخ
محمد شريف الرازي في كتابه (اختران فروزان) أن العلماء والسادة
الطالقانيين في طهران وطالقان وقم من نسل هذا السيد ومنهم آية الله
السيد أبو الحسن الطالقاني. وآية الله السيد
أحمد الطالقاني. وآية الله السيد محمد تقي الطالقاني. وآية الله
السيد محمد رضا الطالقاني. وآية الله السيد محمود الطالقاني. وآية الله
السيد محي الدين الطالقاني وآية الله السيد نور الدين الطالقاني. وجد السيد ناصر الدين والسادة المذكورين
جناب السيد الشهيد المظلوم علي بن محمد الباقر عليه السلام.
2 - فاطمة بنت علي: قال الزبيري وولد علي بن محمد بن علي
بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فاطمة لأم ولد تزوجها موسى بن
جعفر 2. ونقل ذلك الشيخ القمي 3 أيضا عن تاج الدين بن زهره الحسيني
وكتاب غاية الاختصار في البيوتات العلوية، وقال العمري 4 وعلي كان
له بنت وهناك في ري وطهران والمناطق المجاورة قبور متناثرة
ينسب المدفونون فيها إلى أحمد بن علي بن الإمام الباقر (ع) منهم السيد
معصوم والسيد علي أصغر في ساوة، والسيد قاسم في قرية بيمند في
[مازندران إيران] وغيرها من المزارات كتب السيد أشرف الدين كيايئ
كراسات مختصرة باللغة الفارسية في تراجم بعض أولئك السادة الكرام



1 - تاريخ طهران ص 13، اثار تاريخي تهران ج 1 ص 64، امام زاده سيد ناصر الدين
ص 10 - 11.
2 - نسب قريش ص 64.
3 - منتهى الآمال ج 2 ص 80.
4 - المجدي ص 94.
170
بقية أولاد الإمام الباقر (ع)
من الأبناء المذكورين في أغلب كتب النسب عبيد الله بن الإمام
الباقر (ع) وهو شقيق إبراهيم أمهما أم حكيمة بنت أسيد بن المغيرة
الثقفية 1 ولم أقف على ترجمة له في كتاب كما لم أسمع بأحد ادعى
الانتساب إليه وما وجدت فيما راجعت من كتب سوى اسمه فقط. ولعله
كان هو الذي مات صغيرا في حياة أبيه والله أعلم.
وأما غير هؤلاء الذين ذكرناهم من الذكور الواردة أسماؤهم في
أغلب الكتب هناك مزارات تنسب إلى أولاد صلبيين للإمام الباقر (ع) و
هناك مشجرات تذكر أسماء لم ترد إلا نادرا في بعض الكتب ادعي أنهم
من أولاد الإمام (ع). ففي كتاب [آثار باستاني شهرهاي كاشان و
نطنز] ص 355 يذكر أنه في قرية علوي الواقعة في مفترق طريق
كاشان مشهد اردهال يوجد ضريح السيد السلطان محمود بن الإمام
محمد الباقر (ع). وله ضريح وقبة مضلعة يعود تاريخ بنائها إلى عهد
الصفوية. وقد كتب على المصراع الأيسر للباب: وقف مرقد السيد
السلطان محمود بن الإمام محمد الباقر (ع) واقف هذا الباب ميرزا
إسماعيل بن مير فتحي الحسيني المشهدي بتاريخ ربيع الأول 1077 ق
وفي صفحة 356 يذكر: يوجد داخل الضريح صندوق خشبي كتب
عليه قد توفق بوضع هذا الصندوق وبناء العمارة تقربا إلى الله وهو
كهف الوزراء وعون الفضلاء الموالي خواجة شهاب الدين علي في
شهور سنة 952. فإن لم يكن السيد محمود هذا ابنا صلبيا للإمام فلا



1 - الإرشاد ج 2 ص 176
174
شك أنه من أحفاد الإمام عليه السلام. وربما كان السيد محمود هذا هو
محمود ابن عبد الله بن محمد الباقر (ع)، الذي ذكره الميرزا محمد
الشيرازي، في كتابه بحر الأنساب وذكره أيضا كتاب كنز الأنساب و
كتاب بحر الأنساب المنسوب إلى الإمام الصادق (ع) وكتاب رياض
الأنساب والله أعلم.
وهناك بعض الكتب والمشجرات ذكرت محمد ابن محمد الباقر
(ع) مثل كتاب سراج الأنساب ص 88 - 89 عند ذكره نسب الشريف
نعمت الله ابن نظام الدين محمود والذي أنهاه إلى أحمد ابن محمد بن
محمد الباقر (ع) وقد ذكر محمد هذا في كتاب مخطوط عن تاريخ
الأئمة لمؤلف مجهول باسم محمد المثنى ابن الإمام محمد الباقر (ع).
ومن أولاد الإمام الباقر (ع) الذين لم يذكرهم المشهور بل اكتفى بعض
الكتب بدرج اسمهم زيد ابن الإمام محمد الباقر (ع)، فقد ذكره العمري
في المجدي ص 94، وكتاب كنز الأنساب وكتاب بحر الأنساب
المنسوب إلى الإمام الصادق (ع) والكتاب المخطوط في تاريخ الأئمة
الموجود في مكتبة آية الله المرعشي العامة.
إن قلة المعلومات عن هؤلاء السادة، وسكوت الكتب المشهورة
عن ذكرهم يحولان دون البت في أمرهم. ولكن شبهة الانتساب
وشهرته عبر القرون يجلبان الاطمئنان بكونهم من أبناء الأبناء والله
أعلم بحقائق الأمور.

175
بنات الإمام الباقر (ع)
اختلفت كلماتهم في عدد بنات الإمام الباقر (ع) كما اختلفت
كلماتهم في عدد أولاده، فمن قائل بأنه (ع) أعقب ابنة واحدة كابن
خشاب حيث قال: كان له ابنة واحدة 1. كما نسب هذا إلى القيل
الأربلي في كشف الغمة والطبرسي في إعلام الورى وابن شهرآشوب
في المناقب وقائل بأنه أعقب ابنتين كالمفيد وابن شهرآشوب وابن سعد
وغيرهم 2. وثالث بأنه خلف ثلاث بنات كالعمري إذ قال: أعقب ثلاث
بنات، لكنه ذكر منهن اثنتين أم سلمة وزينب الصغرى 3. ولم يذكر
الثالثة. وقال الرازي: وللباقر (ع) من البنات ثلاث 4 وذكر أم سلمة
وزينب وأم جعفر ولا عقب لها وقال محمد باقر بن السيد محمد: كان
له ثلاث بنات زينب وأم سلمة وثالثة غير مشهورة 5. ولا بأس
بالتعرض لترجمتهن باختصار كما هو الدأب في هذا الكتاب.
أولا: أم سلمة بنت الإمام محمد الباقر (ع).
أمها أم ولد على ما هو المشهور. وأحتمل بعضهم فيها أن تكون هي
البنت الوحيدة للإمام الباقر (ع)، وأن تكون هي زينب، وكنيتها أم



1 - تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم لابن خشاب ص 186 من المجموعة النفيسة.
2 - الإرشاد ج 2 ص 172، المناقب ج 4 ص 210، إعلام الورى بأعلام الهدى ص 265،
كشف الغمة ج 2 ص 328 - 329، نسب قريش ص 63، الطبقات الكبرى ج 5 ص 320
3 - المجدي ص 94.
4 - الشجرة المباركة ص 75.
5 - بحر الجواهر ص 418.
176
سلمة كما أشار إلى هذا القول الطبرسي في كتابه تاج المواليد ص 118
حيث قال: قيل إن لأبي جعفر (ع) لم يكن من الإناث إلا أم سلمة وأن
زينب كان اسمها.
قال الزبيري: كانت عند محمد الذي يقال له الأرقط بن عبد الله
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فولدت له إسماعيل بن
محمد 1. وذكر ذلك أيضا العمري 2 والمروزي 3 والفخر الرازي 4.
وهي أم العباس ابن الأرقط أيضا، المقدام اللسن الذي مات في حبس
الرشيد. قالوا أن الرشيد قتله بيده 5. وقيل قتل ببغداد في محافل
قريش بني عليه جدار وهو حي، ذكر ذلك في اللباب ص 414.
ثانيا: زينب بنت الإمام محمد الباقر (ع).
أمها وأم أخيها علي ابن محمد الباقر (ع) أم ولد 6. وقيل إن أم
زينب أم ولد أخرى 7 خرجت إلى عبيد الله بن محمد بن عمر الأطرف
بن علي بن أبي طالب (ع) 8 وهي الصغرى 9.
وقال الزبيري: إن زينب كانت عند عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب (ع)، ثم خلف عليها عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن



1 - نسب قريش ص 63.
2 - المجدي ص 94.
3 - الفخري في أنساب الطالبيين ص 34.
4 - الشجرة المباركة ص 75.
5 - المجدي ص 144.
6 - المناقب ج 4 ص 210، إعلام الورى
ص 265، نسب قريش ص 63، الإرشاد ج 2 ص 172، الطبقات الكبرى ج 5 ص 320
7 - المناقب ج 4 ص 210.
8 - المجدي ص 94، لباب الأنساب ج 1 ص 360.
9 - المجدي ص 94.
177
محمد بن عمر بن علي أبي طالب (ع) فولدت له محمدا والعباس
ومحمدا الأصغر وخديجة وفاطمة وأم حسن بني عبيد الله ابن محمد 1.
وكان عبيد الله ابن محمد زوجها صاحب مقابر النذور في بغداد 2.
كان قد تزوج بعمة أبي جعفر المنصور أيضا. وأم عبيد الله ابن محمد
هي خديجة بنت زين العابدين (ع) 3.
بنات غير معروفات:
ذكرنا اختلافهم في عدد بنات الباقر (ع)، وقد استقر المشهور
على من ذكرنا منهن، وهي أم سلمة وزينب. إلا أنه ورد في كتب
أخرى معتبرة أسماء لأخريات لا ينبغي لنا عدم ذكرهن، إذ لا نستبعد
إطلاقا صحة نسبتهن رغم إعراض المشهور. فالموضوع لا يحتمل
التقييد بالشهرة كما هو واضح. ومن تلك الأسماء:
ثالثا: خديجة بنت محمد الباقر (ع).
فقد ذكرها الشيخ الطوسي في رجاله باب النساء من أصحاب
الباقر (ع) 4 كما أن العمري قال في كتابه عند ذكر يحيى بن الحسين
ذي الدمعة بن زيد الشهيد: سألنا شيخنا أبا الحسن من كانت أمه فقال:
خديجة بنت الباقر (ع) 5 ولو تمعنا في نقل السيد العمري وعد الشيخ
إياها من الرواة لكان إنكارها أحوج إلى الدليل من إثباتها.



1 - نسب قريش ص 63.
2 - المجدي ص 251، عمدة الطالب ص 364.
3 - عمدة الطالب ص 362.
4 - رجال الطوسي ص 142.
5 - المجدي ص 166.
178
رابعا: أم جعفر بنت محمد الباقر (ع).
قال الفخر الرازي: وللباقر من البنات ثلاث: أم سلمة وزوجها
محمد الأرقط بن عبد الله الباهر وله منها إسماعيل. والثانية زينب.
والثالثة أم جعفر ولا عقب لها 1 ولم أجد من ذكرها غيره ولكن إذا
رجعنا إلى تصريحات بعضهم لتوصلنا إلى حل محتمل لوجود البنت
الثالثة:
قال في المجدي عند ذكر بنات الإمام الباقر (ع) أنه أعقب ثلاث
بنات وذكر منهن أم سلمة وزينب الصغرى ولم يذكر الثالثة. ومن
ذكر زينب الصغرى يحصل الظن أو الاحتمال بأن تكون الثالثة المنسية
هي زينب الكبرى ومع الرجوع إلى قول صاحب بحر الجواهر بعد ذكره
زينب وأم سلمة " وثالثة غير مشهورة ". ثم نضيف ما ذكره الفخري
الرازي في الشجرة والثالثة أم جعفر لا عقب لها، لكان بمجموعها
عاضدة لاحتمال أن تكون تلك أيضا زينب الكبرى لتكون الابنة الرابعة
ومما يساعد على قبول هذا الرأي هو مرقد السيدة زينب بنت محمد
الباقر (ع) المدفونة بجوار أخيها السيد إبراهيم (ع) في مشهد إبراهيم
في بشتكوه: فبعيد جدا أن تكون زينب هذه المدفونة جوار السيد إبراهيم
هي تلك التي كانت زوجة عبيد الله ابن محمد صاحب مقبرة النذور
ببغداد فمع ظهور زينبين للإمام الباقر (ع) وتصريح المجدي باسم زينب
الصغرى وعدها التي كانت زوجة عبيد الله بن محمد تبقى زينب هذه
الأخرى المدفونة في إيران والمعروف عنها أنها ماتت بلا ذرية فلا



1 - الشجرة المباركة ص 75.
179
استبعد جدا أن تكون هي التي ذكرت باسم أم جعفر التي لا عقب لها
وهي التي قيل عنها غير معروفة قد هربت مع أخيها إبراهيم إلى منطقة
الجبل كما أشار إلى ذلك بعض كتب بحار الأنساب وتوفيت هناك.
خامسا: آمنة بنت الإمام الباقر (ع)
ذكرها صاحب معجم البلدان وقال: بين مصر والقاهرة قبر آمنة
بنت محمد الباقر. نقل هذا في أعيان الشيعة ج 2 ص 104 ولم أسمع
أحدا ذكر ابنة للإمام الباقر (ع) اسمها آمنة قبل هذا.

180
أسباب
استمرار الأحفاد على الاختفاء
1 - استمرار الظلم:
بعد أن انتهينا من بيان أصل الموضوع والذي اقتصر على ترجمة
أولاد الإمام الباقر (ع) وقلنا فيما مضى من الحديث أن الإمام الباقر قد
أعقب عددا كبيرا من الأولاد وذكرنا أن أولاده (ع) كانوا من المعقبين
بخلاف ما ذهب إليه المشهور من أنهم درجوا جميعا إلا الإمام الصادق
(ع). وقدمنا هناك دراسة مختصرة عن الظروف الأمنية التي حكمت
تلك الفترة الزمنية كتمهيد للقول بأن سبب ضياع أخبار أولاد الإمام (ع)
هي علل مختلفة حملتها الأيام. أحببت أن أعود إلى تذكرة تلك العلل
لإلقاء نظرة أخرى عليها تأكيدا لوجودها وتقريبا لكيفية تأثيرها،
واستمرار ذلك التأثير لأجيال عديدة إذ ربما يقال: إنه إذا كان أولاد
الإمام الصلبيون معذورين في تعريف أنفسهم فلماذا اقتفى الأحفاد أثر
الأجداد في ذلك ولم يظهروا أنفسهم في الوسط الاجتماعي لتشملهم لفتة
قلم واحد على الأقل إحياء لذكرهم؟ أقول:
إن تتبع موقف السلطات من العلويين منذ بداية الحكم الأموي
وحتى نهاية الحكم العباسي يدل بوضوح على استمرار العداء الموروث
في الخلفاء ضد هذا البيت الطاهر والسبب في ذلك واضح، فالمسلمون
كما هو معلوم منقسمون على أنفسهم مذاهب وفرق. وجمع كبير من
هؤلاء المسلمين هم المعروفون بالشيعة الذين يرون أن الخلافة كانت
بنص من النبي (ص). وأنه (ص) نص على خلافة الإمام علي بن

181
أبي طالب (ع)، فشايعوا عليا (ع) وسموا الشيعة. هذه الطائفة الكبيرة
من المسلمين يرون الخلافة والحكومة حق مسلم للإمام علي (ع)
وأولاده المنصوص عليهم بالخلافة الإلهية ولذلك رفضوا ومنذ يوم
السقيفة خلافة غيرهم. فلما جاء الأمويون ومن بعدهم العباسيون لم
يتغير موقف الشيعة من الحكومتين فكانت الشيعة هي جبهة
المعارضة الرئيسية للقوى الحاكمة لذلك شمرت القوتان عن ساعد الجد
وجاهدتا هذه الطائفة جهادا عظيما هذا من جهة ومن جهة أخرى
ترى الشيعة وبحكم قوله تعالى {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في
القربى} إن مودة أهل البيت واجب ديني كالصوم والصلاة ففرضت
على نفسها هذه المودة ولما كان ولد فاطمة الزهراء عليها السلام هم
المصداق البارز ولهم المقام الأول باعتبار أولادها أولاد الرسول (ص)
فقد أخذوا السبق على غيرهم من أقرباء الرسول (ص). ولهذا السبب
توجهت عناية الشيعة إلى أبناء الإمام علي (ع) يلتفون حولهم أينما كانوا
ويقدمونهم على أنفسهم في كل موقف وكان بعض أولاد الإمام علي (ع)
يستغلون أحيانا الفرص للمبادرة إلى إصلاح اعوجاج أحدثه السلطان
بعد أن اطمأنوا أن القوة التفت حولهم. فثاروا، وسرعان ما قصدهم
خليفة فاستأصلهم. لهذا السبب بات الخلفاء يحذرون أبناء الإمام علي
(ع) من دون تمييز للثائر منهم وغير الثائر. ولربما كانوا في ضيق و
حرج من صرف وجودهم أحياء. ولذا نرى حمق بعض الخلفاء
بتخطيطه لإبادتهم سواء في العصر الأموي أو العباسي. وكانت هذه
المسألة بالنسبة للسلطات الحاكمة هي (القصة التي لا تنتهي) ولهذا
قلنا أن نصيب الأحفاد من الأمن في ظل الحكام لم يكن بأقل من نصيب

182
الأجداد. ولم تغرر الهفوات الزمنية التي كانت تتخلل فترات الحكم،
تلك الهفوات التي كانت تبدو هادئة، لم تشوق الكثير من العلويين الذين
استقروا في أماكن بعيدة عن متناول يد السلطان على الخروج من
مأمنهم لدركهم زوال الصحوة هذه وما نسمعه من وجود فترات
استقرار خلال سني انتقال السلطات لا سيما الفترة بين مروان الحمار
والمنصور هي في الواقع محدودة وقتا ونوعا وإذا كانت حقا فترات
أمن فهي فترات أمن للهرب براحة واختيار المخبأ المناسب دون
عجلة ليس إلا وإلا فالسفاح الذي يصفه أنصاره بأنه لم يرق دما
هاشميا على أقل تقدير. لم يغفل لحظة عن العلويين وكان كثيرا ما
يسأل عن شخصياتهم. ولولا تسترهم بشعار القرابة من رسول الله
(ص) لاستأصلوا ما سوى الفرع العباسي من الهاشميين ممن كانوا
مورد عناية المسلمين. ولذا نرى العلويين هم الذين حكم عليهم بالإبادة
منذ أول لحظة استلم المنصور فيها قيادة الحكم العباسي.
هذا هو السبب الواقعي وراء مطاردة الحكومات لأبناء الإمام علي
عليه السلام جيلا بعد جيل وهو السبب في ابتعاد بعض العلويين عن
الأضواء ليكونوا بالتالي هم وأبناؤهم وأحفادهم طعما للإهمال والنسيان
وقد اختاروا أن يكونوا طعما للنسيان بدل أن يكونوا طعما للسلطان.
فاستقروا في أماكن اختفائهم هم وذرياتهم ولأجيال طويلة، ومن هنا
نعرف أن العذر الذي منع الأجداد من الظهور هو نفسه الذي منع
الأحفاد من الظهور أيضا ولو قدرنا فترة المحنة التي مرت على
العلويين منذ عهد الإمام الباقر (ع) وإلى أواخر العهد العباسي لدل طول
الفترة على أن القرون الثلاث أو الأربع التي عاشوها كافية لإنزال

183
طبقات الأحفاد إلى أكثر من اثني عشر بطنا وهو رقم يكفي أن يكون
علة من علل النسيان.
2 - الانقطاع عن الناس:
ومن العلل الواقعية وراء ضياعهم وعدم ظهورهم في الوسط
الاجتماعي وبالتالي إهمال الأقلام لهم بالمرة في الذكر. انقطاعهم عن
المجتمع. فلقد عاشوا في أماكن بعيدة عن المدن ومراكز الثقافة ابتعادا
عن أعين الوشاة والمتقربين إلى السلطان بالأخبار عن تواجد العلويين
طمعا في كسب شئ من الحطام. ولم يعرف أكثرهم في أماكن تواجدهم
أنفسهم للذين جاوروهم من أهل القرى فعاشوا بينهم غرباء وماتوا
غرباء.
وإذا علمنا بأن أبناءهم وأبناء أبنائهم وهكذا إلى آخر بطن قضى في
تستر، عاشوا حياة ريف بسيطة لا خبر فيها عن القلم ولا عن العلم،
لعلمنا أن الأمية هي الأخرى لعبت دورا كبيرا في ضياع آثارهم ثم إن
وعورة الأماكن تلك وبعدها عن المدن والطرق العامة حالت دون
وصول ذوي الأقلام من الذين كانوا يبذلون الوسع في الإحصاء. فكانت
تنقلاتهم تنحصر غالبا على المدن الكبيرة وما حولها من المناطق التي
يمكن الوصول إليها. أما منطقة كمنطقة الجبل مثلا مكان إقامة السيد
إبراهيم ابن الإمام الباقر (ع) والتي تسمى اليوم ب‍ (زرين آباد) التي
لا يمكن الوصول إليها إلا بشق الأنفس حتى في عصرنا الحاضر.
لا يمكن أن يكون في بال مؤرخ أو كاتب سير أو أنساب أن يصل إليها.
هذا إضافة إلى ذراري السادة هم أنفسهم كانوا يتحاشون التقرب من

184
مناطق الخطر التي تشمل المدن وما حولها مما لها طرق كثيرة المارة
والنظارة. لعدم ثقتهم بوعود السلاطين أو لرفضهم الاستسلام أو لعلمهم
بما ينتظرهم فيما لو خرجوا إلى الوسط الاجتماعي فآثروا الحياة في
ستر. لذا نجد أهل كل منطقة يعرفون خلفا عن سلف السادة الذين نشأوا
بين ظهرانيهم وما منع اتفاق النسابين أحيانا على الإنكار من شهرة
سيادة السيد في الوسط الذي عاش فيه.
3 - النقابات وتأثيرها في علم النسب.
قد يبدو لأول وهلة عدم ارتباط هذا العنوان بما نحن فيه من ترجمة
أولاد الإمام الباقر (ع) وبالتالي يطرح هذا السؤال نفسه: ما هي ثمرة
مسألة النقابات هنا؟؟.
وجوابا على هذا السؤال المحتمل نقول: لا شك أن ارتباطا وثيقا
يوجد بين الموضوعين وقد المحنا إلى ذلك في بداية الكتاب ولربما كان
لدواوين النقابات الدور الكبير إيجابا وسلبا على مسائل كثيرة في علم
النسب ومنها مسألتنا. ولأجل هذا عدت إلى ذكرها لإلقاء المزيد من
الضوء عليها، ولنتعرف أكثر على مدى تأثيرها والوقوف على دورها
الاحتمالي في مسألتنا.
النقيب هو صاحب الفضل والمنقبة والكفيل للسادة الأمين على
حفظ أنسابهم حتى لا يخرج منهم من كان منهم ولا يدخل فيهم من ليس
منهم 1 والنقابة عبارة عن دائرة حكومية خاصة بالطالبيين وظيفتها



1 - لباب الأنساب ج 2 ص 718.
185
إحصاء النفوس وتأييد الانتساب، وينتخب النقيب من وجوه السادة و
رؤسائهم وله سجل (ديوان) يحصي فيه أسماءهم كما عليه دوائر
الأحوال المدنية اليوم.
ويقال إن النقابة في بداية تشكيلها كانت عامة للأشراف من بني
هاشم تشمل العباسي والعلوي ثم بعد فترة أصبح لكل منهم نقيب خاص
وهو قول لا يخلوا من نقاش رغم إشاعته والتظاهر به أبان تشكيل
النقابات لا سيما إذا كانت النظرة إلى واقع المسألة بالمنظار السياسي.
ذكر أن أول من سن النقابة وعين نقيبا ومقدما لأولاد رسول الله
(ص) المعتضد بالله الذي تولى الخلافة من سنة 279 إلى سنة 289.
وذكر أنه فعل ذلك بسبب رؤيا رآها، ولقد بحثت عن رؤى المعتضد
فوجدت أن الطبري قد ذكرها في تاريخه بوجه وذكرها المسعودي
بوجه آخر: نقل الطبري عن أبي عبد الله الحسين: أن المعتضد قال
لبدر رأيت في النوم كأني خارج من بغداد أريد ناحية النهروان في
جيشي وقد تشوف الناس إلي إذ مررت برجل واقف على تل يصلي
لا يلتفت إلي فعجبت منه ومن قلة اكتراثه بعسكري مع تشوف الناس إلى
العسكر فأقبلت إليه حتى وقفت بين يديه فلما فرغ من صلاته قال لي
أقبل فأقبلت إليه فقال: أتعرفني؟ قلت لا قال أنا علي بن أبي طالب خذ
هذه المسحاة واضرب بها الأرض - لمسحاة بين يديه - فأخذتها فضربت
بها ضربات فقال لي: إنه سيلي من ولدك هذا الأمر بقدر ما ضربت
بها فأوصهم بولدي خيرا... 1.



1 - الطبري ج 8 ص 172.
186
وعن المسعودي أنه رأى وهو في سجن أبيه كأن شيخا جالسا
على دجلة يمد يده إلى ماء دجلة فيصير في يده وتجف دجلة ثم يردها
من يده فتعود دجلة كما كانت. قال: فسألت عنه فقيل لي هذا علي بن
أبي طالب (عليه السلام) قال فقمت إليه وسلمت عليه فقال يا أحمد إن
هذا الأمر صائر إليك فلا تتعرض لولدي ولا تؤذهم. فقلت السمع
والطاعة يا أمير المؤمنين 1.
هذه حكاية الأحلام التي وجهوا بها قصة إقبال المعتضد على
العلويين ليحوكوا بذلك فضلا لخليفة المسلمين المعتض بالله. ولو قرأنا
إلى جانب هذه الأحلام ما نقل من خوفه وحذره من آل علي (عليه
السلام) لأبعدنا رؤية الخير عنه بالمرة أو أطلقنا عنان الشك على أقل
تقدير في كل خير تضاهر به بالنسبة للعلويين. فقد ذكر الطبري
والسيوطي واللفظ للسيوطي أنه عزم على لعن معاوية على المنابر،
فخوفه عبيد الله الوزير اضطراب العامة فلم يلتفت وكتب كتابا في ذلك
ذكر فيه كثيرا من مناقب على ومثالب معاوية فقال له القاضي يوسف:
يا أمير المؤمنين أخاف الفتنة عند سماعه. فقال إن تحركت العامة
وضعت السيف فيها قال فما تصنع بالعلويين الذين هم في كل ناحية قد
خرجوا عليك؟ وإذا سمع الناس هذا في فضائل أهل البيت كانوا إليهم
أميل. فأمسك المعتضد من ذلك 2.
وهو الذي يؤتي بمحمد بن الحسن بن سهل ابن أخي ذي
الرياستين، الفضل بن سهل الملقب بشميله، بعد أن أقر عليه جماعة



1 - مروج الذهب ج 4 ص 288.
2 - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 371.
187
وأصيبت له جرائد فيها أسماء رجال قد أخذت عليهم البيعة لرجل من
آل أبي طالب.. فأدخلوه على المعتضد. ثم أراد المعتضد بمحمد بن
الحسن بجميع الجهات أن يدله على الطالبي الذي أخذ له العهد على
الرجال فأبى وجرى بينه وبين المعتضد خطب طويل. وكان في
مخاطبته للمعتضد أن قال: لو شويتني على النار ما زدتك على ما
سمعت مني ولم أقر على من دعوت الناس إلى طاعته وأقررت بإمامته
فاصنع ما أنت له صانع فقال المعتضد: لسنا نعذبك إلا بما ذكرت.
فذكر أنه جعل في حديدة طويلة أدخلت في دبره وأخرجت من فمه
وأمسك بأطرافها على نار عظيمة حتى مات بحضرة المعتضد 1. فهل
نصدق بأن من كتم إذاعة فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام
وتربص لأبنائه بكل مرصاد ولم يطع لعلي في اليقظة أمرا هو نفسه
الذي يشرح صدره ويفتح ذراعيه ليحضن أبناء علي امتثالا لما تعهد به
في أضغاث أحلامه.. هيهات أن يكون ما فعله بحسن نية تجاه أولاد
علي (ع).
وعلى كل حال فقد شكلت نقابات للطالبيين يشرف عليها في كل
بلد نقيب ويشرف على النقباء نقيب يعينه السلطان يسمى نقيب النقباء
مهمتهم جميعا جرد الطالبيين كافة في سجلاتهم بحجة تمييزهم عن
غيرهم. ولما حانت فرصة تدوين الأنساب كانت هذه الدواوين المرجع
لمن أراد الاطلاع على نسب الطالبيين، ولأجل توجيه ضربة معنوية
قاضية إلى كل من سولت له نفسه من الطالبيين بالابتعاد عن هذه



1 - مروج الذهب ج 4 ص 258، 259.
188
النقابات وعدم الاكتراث بها وعدم ثبت اسمه فيها فقد قررت الدولة أن
يعتبر سيدا كل من درج اسمه ضمن قوائم النقابات فقط.
أما من لم يدرج منهم فمحكوم بعدم كونه هاشميا. وهنا تسكب العبرات...
فلقد كانت السلطة تعلم أن الكثير من العلويين ليسوا على استعداد للمداهنة و
قد انتشروا في البلاد كما قرأنا في خبر السيوطي قبل قليل. ولا ينبغي
أن يقف الخليفة في مثل هذا الحال مكتوف اليد فلا بد أن يلحق الأذى
بالمعارض المنشق وهذه ضربة واحدة من ضربات كثيرة تلقاها ولد
علي (ع) من السلطات وهكذا خلت أكثر كتب الأقدمين من أسماء لم
تكن مدرجة على صفحات سجلات النقباء.
وهكذا ضاع الكثير من أبناء رسول الله (ص) من الذين التجأوا
إلى الجبال والغابات هربا من البطش مبتعدين عن النقابات والسلطات
حتى إذا جاء دور تدوين أسمائهم في كتب النسب ابتلوا بالبخاري
وأمثاله الذي يقول عشرات المرات في كتابه الصغير سر السلسلة هذا
دعي. وهذا كذاب. وقدموا بذلك - بقصد أو بغير قصد - خدمة جليلة
للسلاطين العباسيين الذين أغدقوا عليهم بالعطاء. وأية خدمة أفضل عند
العباسيين من طمس معالم العلويين وإيذائهم. فإذا مدت السياسة يدا في
يوم من أيام التاريخ لظلم علني تحت أي ستار كان فهل كان ينبغي
السكوت والتأييد يدا ولسانا ممن يبرأ ساحة نفسه من شين الحكام وأهل
الدنيا. وهذا الذي كان مع الأسف في تلك الأيام وقد سرت المسألة على
علاتها مع الفن. وكانت السبب في ضياع فروع وتحير جموع. ولم
يسلم أولاد الإمام الباقر عليه السلام من هذا الفخ وإن أماكن مدافنهم
تدل على ابتعادهم عن مراكز القوة ودواوين النقابات الكائنة عادة في

189
مراكز المدن المهمة.
إن الذي أردته مما ذكرت هو إلفات النظر إلى علة أخرى من
علل طمس معالم العلويين بالذات كي لا نستبعد القول بأن أولاد الإمام
الباقر (ع) أعقبوا جميعا وأن نسلهم منتشر في الأرض وانتسابهم إلى
جدهم الأعلى صحيح وإن أنكر ذلك بعض كتب النسب.
4 - كتب وآراء النسابين.
ومن الأسباب التي ساعدت بشكل أساسي على ضياع آثار أعداد
من أبناء الأئمة عليهم السلام هي كتب النسب نفسها التي وضعت بهدف
حفظهم من الضياع فما لا شك فيه أن المؤلفات الأولية التي صنفت في
نسب الطالبيين خاصة لم تكن جامعة مانعة كما قد يتصوره البعض
فالكتابة بعد ثلاثة أو أربعة قرون واعتمادا على نقل سماعي لا يمكن
أن تكون أساسا للقطع بأن ما حوتها هي مجموع المطلوب خصوصا إذا
لاحظنا الجانب الغير مستقر من حياة أولاد الأئمة حيث دفعهم الظلم إلى
التنقل والتشرد والهجرة كما أن الاعتماد على الكتب التي نقلت ما حوته
سجلات النقابات من أسماء الطالبيين هي الأخرى لا يمكن البت فيها
بأنها حصرت كل الطالبيين حصرا. وقد أشرنا إلى هذا الموضوع قبل
قليل. ولما كانت هذه الكتب هي المطروحة في ميدان العلم فلا إشكال
في أنها باتت هي أساس ما اشتهر من آراء في علم النسب. وربما
كانت هناك كتب أخرى أكثر تفصيلا وشمولا لم تكتب لها الحياة
فضاعت كما ضاع الكثير من الثروات العلمية فالمهم أن بعض كتب
الأنساب باتت الأساس في هذا العلم الشريف ولما شاع العلم وكثر

190
أنصاره كانت تلك الكتب هي المرجع وهي أصل المشهور، والشهرة
كما هو المعروف تمنع كثيرا من الرأي وقلما تجد من العلماء من خالف
الشهرة في غالب العلوم النقلية. وهكذا كثرت الكتب وتوسع ظل بعض
تلك المشهورات التي فيها أن أبناء الإمام الباقر (ع) لم يعقبوا. وهذا لا
يعني أن الظاهر هذا هو كل الحقيقة. فضياع الكتب المخطوطة وتلفها
ذلك الأمر العادي الذي لا ينكره أحد يجعل الباب مفتوحا أمام الاحتمال
وليس من الإنصاف مع هذا الاحتمال البت باليقين اعتمادا على
المعروف والمشهور ومع الأسف الشديد فإن آراء بعض المتسرعين من
أهل الفن كادعاء موتهم، أو درجهم أو إنكارهم كان وراء الكثير من هذه
المسائل. وما نحن فيه خير دليل على ذلك فلولا المشجرات المتعددة
وتصريح بعض النسابين لكان القول بخلاف المشهور فيهم أمرا مشكلا
فماذا يقول أولئك السادة الذين اضطر أجدادهم إلى ارتداء زي العوام
وتعريف أنفسهم كذلك بإنكارهم نسبهم لئلا يعرفوا واستمروا على ذلك
حتى ضاعوا بين العوام وضاعت ذرياتهم. وكم لنا في التاريخ أمثلة
تشهد على اختفاء الكثير منهم واحتجابهم حتى عن أقربائهم وسنتعرض
في الموضوع اللاحق لعدد من الذرية الطاهرة الذين عاشوا في خفاء
ممن ظهر أمره فيما بعد ومن لم يظهر منه خبر بالمرة.

191
أخبار المتوارين من الطالبيين
1 - عيسى بن زيد.
ممن توارى من الطالبيين ومات متواريا عيسى بن زيد بن علي
بن الحسين - ابن عم أبناء الإمام الباقر (ع) - وكادت أخباره أن تخفى
على التاريخ لولا دلالة أخيه الحسين بن زيد عليه وإليك القصة كما
نقلها أبو الفرج الإصفهاني.
قال: قال يحيى بن الحسين بن زيد: قلت لأبي: يا أبي إني أشتهي أن
أرى عمي عيسى بن زيد فإنه يقبح بمثلي أن لا يلقى مثله من أشياخه،
فدافعني عن ذلك مدة وقال: إن هذا أمر يثقل عليه، وأخشى أن ينتقل
عن منزله كراهية للقائك إياه فتزعجه، فلم أزل أداريه والطف به حتى
طابت نفسه لي بذلك، فجهزني إلى الكوفة وقال لي: إذا صرت إليه
فاسأل عن دور بني حي، فإذا دللت عليها فاقصدها في السكة الفلانية،
وسترى في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا وكذا فاعرفه واجلس
بعيدا منها في أول السكة، فإنه سيقبل عليك أول المغرب كهل طويل
مسنون الوجه، قد أثر السجود في جبهته، عليه جبة صوف، يستقي
الماء على جمل، (وقد انصرف يسوق الجمل) لا يضع قدما ولا
يرفعها إلا ذكر الله - عز وجل - ودموعه تنحدر، فقم وسلم عليه
وعانقه، فإنه سيذعر منك كما يذعر الوحش، فعرفه نفسك وانتسب له
فإنه يسكن إليك ويحدثك طويلا، ويسألك عنا جميعا ويخبرك بشأنه
ولا يضجر بجلوسك معه، ولا تطل عليه وودعه، فإنه سوف يستعفيك
من العودة إليه، فافعل ما يأمرك به من ذلك، فإنك إن عدت إليه

192
توارى عنك، واستوحش منك وانتقل عن موضعه، وعليه في ذلك
مشقة. فقلت: أفعل كما أمرتني. ثم جهزني إلى الكوفة وودعته
وخرجت، فلما وردت الكوفة قصدت سكة بني حي بعد العصر،
فجلست خارجها بعد أن تعرفت الباب الذي نعته لي، فلما غربت
الشمس إذا أنا به قد أقبل يسوق الجمل، وهو كما وصف لي أبي، لا
يرفع قدما ولا بضعها إلا حرك شفتيه بذكر الله، ودموعه ترقرق في
عينيه وتذرف أحيانا، فقمت فعانقته فذعر مني كما يذعر الوحش من
الإنس، فقلت يا عم أنا يحيى بن الحسين بن زيد بن أخيك، فضمني
إليه وبكى حتى قلت قد جاءت نفسه، ثم أناخ جمله، وجلس معي
فجعل يسألني عن أهله رجلا رجلا، وامرأة امرأة، وصبيا صبيا، وأنا
اشرح له أخباره وهو يبكي، ثم قال: يا بني، أنا أستقي على هذا
الجمل الماء، فأصرف ما أكتسب، يعني من أجرة الجمل. إلى
صاحبه، وأتقوت باقيه، وربما عاقني عائق عن استقاء الماء فأخرج
إلى البرية، يعني ظهر الكوفة، فألتقط ما يرمي الناس من البقول
فأتقوته. وقد تزوجت إلى هذا الرجل ابنته، وهو لا يعلم من أنا إلى
وقتي هذا، فولدت مني بنتا فنشأت وبلغت، وهي أيضا لا تعرفني،
ولا تدري من أنا، فقالت لي أمها: زوج ابنتك بابن فلان السقاء -
لرجل من جيراننا يسقي الماء - فإنه أيسر منا وقد خطبها، والحت علي
فلم أقدر على أخبارها بأن ذلك غير جائز، ولا هو بكفء لها فيشيع
خبري، فجعلت تلح علي فلم أزل أستكفي الله أمرها حتى ماتت بعد
أيام، فما أجدني آسي على شئ من الدنيا أساي على أنها ماتت ولم
تعلم بموضعي من رسول الله (ص). قال: ثم أقسم علي أن أنصرف

193
ولا أعود إليه وودعني. فلما كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي
انتظرته فيه لأراه فلم أره. وكان آخر عهدي به 1.
2 - يحيى بن عبد الله بن الحسن المثنى.
كان مع الحسين صاحب فخ فلما قتل أصحاب فخ استتر مدة
وأخذ يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه. فمضى متنكرا حتى
ورد الديلم. ورغم هذا الجهد والمسير الطويل فقد بلغ الرشيد خبره
فولى الفضل بن يحيى نواحي المشرق وأمره بالخروج إلى يحيى. ثم
يؤمنه الرشيد. وبعد أمانه يتحايل عليه بشتى الحيل حتى يدخله السجن
ويقتله فمن قائل إنه بنى عليه أسطوانة وهو حي ومن قال إنه دس إليه
في الليل من خنقه حتى تلف. ومن قائل إنه سمه وهكذا اختلفت الأقوال
في كيفية قتله!.
وقد نرى حرص الخليفة على تتبع المتواري منهم وتطوع الوشاة
في الأخبار عنهم أينما وجدوا فاسمع ما ينقله أبو الفرج الاصفهاني عن
علي بن إبراهيم العلوي عن الوشاة الذين أخبروا الرشيد بخبر يحيى
قال: عرض رجل للرشيد فقال: يا أمير المؤمنين نصيحة: فقال
لهرثمة اسمع ما يقول. قال: إنها من أسرار الخلافة، فأمره ألا يبرح
فلما كان وقت الظهيرة دعا به فقال: اخلني فالتفت الرشيد إلى ابنيه
فقال انصرفا فانصرفا، وبقي خاقان والحسن على رأسه فنظر الرجل
إليهما، فقال الرشيد: تنحيا عني، ففعلا ثم أقبل على الرجل فقال:



1 - مقاتل الطالبيين ص 346 - 347.
194
هات ما عندك. قال على أن تؤمنني من الأسود والأحمر. قال: نعم
وأحسن إليك. قال: كنت في خان من خانات حلوان فإذا أنا بيحيى بن
عبد الله في دراعة صوف غليظة وكساء صوف أحمر غليظ، ومعه
جماعة ينزلون إذا نزل ويرحلون إذا رحل ويكونون معه في ناحية و
يوهمون من رآهم أنهم لا يعرفونه وهم أعوانه. مع كل واحد منهم
منشور بياض يؤمن به إن عرض له. قال: أوتعرف يحيى؟.
قال: قديما وذاك الذي حقق معرفتي بالأمس له.
قال: فصفه لي.
قال: مربوع، أسمر، حلو السمرة، أجلح، حسن العينين،
عظيم البطن. قال هو ذاك. فما سمعته يقول؟. قال ما سمعته يقول
شيئا غير أني رأيته ورأيت غلاما له أعرفه لما حضرت وقت صلاته
فأتاه بثوب غسيل فألقاه في عنقه ونزع جبته الصوف ليغسلها. فلما كان
بعد الزوال صلى صلاة ظننتها العصر. أطال في الأوليتين وحذف
الأخيرتين. فقال له الرشيد لله أبوك لجاد ما حفظت 1 فانظر إلى
العيون المتطوعة كيف لا تغفل عن صغيرة ولا كبيرة. فإذا علمنا أن
أغلب العلويين الذين لم يوافقوا السلطان كان هذا مصيرهم أدركنا بعض
أسباب اندراس آثارهم.
3 - أحمد بن عيسى بن زيد الشهيد.
وممن توارى ومات في حال تواريه أحمد بن عيسى بن زيد بن



1 - مقاتل الطالبيين ص 390 - 391.
195
علي بن الحسين (ع). وكان فاضلا عالما مقدما في أهله معروفا
فضله توفي بعد تواريه بمدة طويلة في أيام المتوكل. وكان قد هرب
من الحبس فخرج متلثما متنكرا حتى وصل المدائن. وفيها ركب زورقا
وانحدر إلى البصرة وتوارى فيها، لكن الوشاة نقلوا خبره إلى الرشيد
فأمر بالقبض عليه فتحايل بعض أعوان السلطة عليه وأظهر له الولاء
فلما وقعت الثقة بينهما قال لأحمد: هذا بلد ضيق ولا خير فيه فهلم
معي إلى مصر وإفريقية. قال له فكيف تأخذني. قال أجلسك في الماء
إلى واسط ثم آخذ بك على طريق الكوفة ثم على الفرات إلى الشام
فأجابه ومضوا. لكن أحمد علم بالمكيدة في الطريق. فطلب من
الملاحين التوقف ليخرجوا من الشط للصلاة. فلما خرجوا تفرقوا في
النخل وانتهز أحمد الفرصة فهرب وبعد عنهم فلما طال انتظار الموكلين
به خرجوا يطلبونه فلم يجدوه فعادوا خائبين إلى واسط. ورجع أحمد
إلى البصرة ولم يزل هناك مقيما حتى مات فيها. وقد ذكر قصته
مفصلا أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين.
4 - عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى.
توارى أيام المأمون. وكتب إليه المأمون بعد وفاة الرضا (ع) يعطيه
الأمان ويدعوه إلى الظهور ليجعله مكانه. فأجابه عبد الله برسالة طويلة
يقول فيها: فبأي شئ تغر في؟ ما فعلته بأبي الحسن - صلوات الله
عليه - بالعنب الذي أطعمته إياه فقتلته. والله ما يقعدني ذلك خوف من
الموت ولا كراهة له ولكن لا أجد لي فسحة في تسليطك على نفسي
ولولا ذلك لأتيتك حتى تريحني من هذه الدنيا الكدرة. هبني لا ثأر لي

196
عندك وعند آبائك المستحلين لدمائنا. الآخذين حقنا. الذين جاهروا في
أمرنا فحذرناهم، وكنت الطف حيلة منهم بما استعملته من الرضا بنا
والتستر لمحننا تختل واحدا فواحدا منا... إلى آخر الرسالة.
ورويت رسالة عبد الله إلى المأمون بطريق آخر نذكر قسما منها: "
وصل كتابك وفهمته. تختلني فيه عن نفسي ختل القانص وتحتال
علي حيلة المغتال القاصد لسفك دمي وعجبت من بذلك العهد وولايته
لي بعدك كأنك تظن أنه لم يبلغني ما فعلته بالرضا. ففي أي شئ
ظننت إني أرغب من ذلك؟ أفي الملك الذي غرتك نضرته وحلاوته؟
فوالله لئن اقذف وأنا حي في نار تتأجج أحب إلي من أن ألي أمر
المسلمين. أو أشرب شربة من غير حلها مع عطش شديد قاتل. أم في
العنب الذي قتلت به الرضا؟. أم ظننت أن الاستتار قد أملني وضاق
به صدري فوالله إني لذلك. فلقد مللت الحياة وأبغضت الدنيا ولو
وسعني في ديني أن أضع يدي في يدك حتى تبلغ من قبلي مرادك
لفعلت ذلك. ولكن الله قد حظر علي المخاطرة بدمي. وليتك قدرت
علي من غير أن أبذل نفسي لك فقتلتني. ولقيت الله عز وجل بدمي
ولقيته قتيلا مظلوما فاسترحت من هذه الدنيا... " 1 ولم يزل عبد الله
متواريا إلى أن مات أيام المتوكل.
5 - القاسم بن العباس بن موسى الكاظم (ع).
كان يخفي نسبه خوفا من بني العباس ويعمل لإمرار معاشه ولم



1 - مقاتل الطالبيين ص 500.
197
يعرفه أحد وقد رزق بنتا. وكان له صديق قد عزم على السفر إلى
الحج فلما جاء لوداع القاسم قال له القاسم بن العباس: لي إليك حاجة؟
وهي أن تأخذ ابنتي هذه إلى المدينة المنورة فإذا وصلت هناك فاسأل
عن بيت فلان وسلمهم البنت 1.
ويأخذ الرجل البنت إلى المدينة ثم يسمع خبر وفاة القاسم في المدينة
وعند ذلك يعرف أن القاسم هو حفيد الإمام موسى الكاظم (ع). وهكذا
يقضي القاسم حياته متنكرا حتى يوم وفاته وكم من أمثال هذه القصص
قد تكررت عبر التاريخ بسبب ظلم الحكام وقصدهم إلحاق الأذى بل
إبادة أبناء علي عليه السلام لا لشئ سوى أنهم يتمسكون بالحق ولا
يخضعون للباطل. إذن لم نستبعد مثل هذه القصة عن أبناء الإمام الباقر
عليه السلام. ولم لا نعزو ضياعهم وعدم ذكرهم في التاريخ إلى
التواري والابتعاد طلبا للنجاة.
6 - علي بن عبد الله المحض.
هرب خوفا من المنصور إلى الطائف ومات هناك 2.
7 - القاسم بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين ع
كان مختفيا في بغداد مدة ثم ألقى الرشيد القبض عليه وحبسه و
بقي مدة في الحبس 3.
وقد أجاد أبو الفرج إذ قال " وكان كل من خالف
هذا السبيل وقتل على ضده منهم يستتر خبره ويخفى أمره. ويدرس
ذكره " 4.



1 - منتخب التواريخ ص 467 - 468.
2 - مشاهد العترة الطاهرة ص 174.
3 - سراج الأنساب ص 111.
4 - مقاتل الطالبيين ص 565.
198
وكان قد أشار في بداية كتابه إلى هذه الجهة بقوله: على إنا لا ننتفي
من أن يكون الشئ من أخبار المتأخرين منهم فاتنا ولم يقع إلينا لتفرقهم
في أقاصي المشرق والمغرب وحلولهم في نائي الأطراف وشاسع
المحال التي يتعذر علينا استعلام أخبارهم فيها. 1
هذا آخر ما سمحت به ظروفي من كلام عن هذا الموضوع في
الوقت الحاضر ولقد تمنيت أن يكون أكثر تفصيلا وعمقا ولكن ما كل
ما يتمنى المرء يدركه. وقد وقع الفراغ من كتابته أيام المولد النبوي
الشريف عام 1416 للهجرة في مدينة شيراز على يد المحتاج إلى عفو
ربه حسين الحسيني الزرباطي



1 - المصدر السابق ص 25
199
/ 1