مجلة تراثنا (الجزء 8) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مجلة تراثنا (الجزء 8) - نسخه متنی

موسسه آل البيت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: مجلة تراثنا
المؤلف: مؤسسة آل البيت
الجزء: 8
الوفاة: معاصر
المجموعة: من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: 1407
المطبعة:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم المشرفة
ردمك: ISSN:1016-4030
ملاحظات: العدد الثالث - السنة الثانية رمضان 1407
تراثنا
نشرة فصلية تصدرها مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث
* الإسهام في النشرة باب مفتوح لجميع العلماء والمحققين والمهتمين بشؤون تراث أهل
البيت عليهم السلام.
* الآراء المنشورة لا تعبر عن رأي النشرة بالضرورة.
* ترتيب المواضيع يخضع لاعتبارات فنية، وليس لأي اعتبار آخر.
* النشرة غير ملزمة بنشر كل ما يصل إليها.
المراسلات:
تعنون باسم: هيئة التحرير
بيروت - بئر العبد - مقابل البنك اللبناني / الفرنسي
تلفون 820843 ص. ب 34 / 24 - تلكس 40512
تراثنا
العددان الثاني والثالث - السنة الثانية - ربيع الثاني / رمضان 1407 ه‍. ق.
الإعداد والنشر: مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث.
الكمية: 1000 نسخة.

219
من التراث الأدبي المنسي في الأحساء
الشيخ محمد بن علي البغلي
الشيخ جعفر الهلالي
نعتذر لإخواننا القراء عن التأخير الذي عاقنا عن مواصلة الحديث حول الأدب
المنسي في الأحساء، وها أنا أقدم الحلقة الثانية.
لقد تحدثنا في الحلقة الأولى عن أحد أولئك الشعراء المنسيين في هذا القطر،
وحديثنا في هذه الحلقة يدور حول شاعر آخر هو الشيخ محمد بن علي البغلي، أحد
شعراء القرن الثالث عشر الذين نبغوا في الأحساء، وكان عالما فاضلا وأديبا شاعرا،
يأتي في الطبقة الأولى من شعراء قطره، كما أن له يدا في طب العقاقير، وكانت له به
شهرة أيضا.
ولادته: ولد شاعرنا المترجم له في مدينة الهفوف عاصمة الأحساء، ولم نقف
على تأريخ لولادته كما لم يؤرخ لوفاته، والمستفاد من شعره أنه كان حيا سنة 1245 ه‍،
فقد حملت بعض قصائده هذا التأريخ لسنة النظم كما هو مثبت في ديوانه المخطوط
الذي عثرنا عليه في الأحساء.
أما نشأته: فقد كانت في الأحساء - مسقط رأسه - وفيها أخذ أوائل تحصيله
العلمي والأدبي على يد علمائها وأدبائها آنذاك.
وقد سافر إلى النجف وكربلاء لزيارة العتبات المقدسة، كما وردت الإشارة إلى
ذلك في بعض قطعه الشعرية، قال وهو يشير إلى توجهه إلى زيارة الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام:
أمير المؤمنين إليك أشكو * وليس عليك يخفى ما عراني

220
أتيتك أقطع البيداء ركضا * وحاشى أن يخيب إليك عاني
فكن لي سيدي غوثا وعونا * وخذ بيدي من نوب الزمان
وله أبيات أخرى يشير بها تغربه عن وطنه وقصد زيارة الإمام عليه السلام،
قال:
لقد تغربت عن أهلي وعن وطني * إلى زيارة مولانا أبي حسن
لعله عند رب العرش يشفع لي * يوم الحساب وعند الموت يحضرني
هذا اعتقادي في سري وفي علني * وإن رجوت فشئ لست عنه وني
وله قصيدة يخاطب بها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ويذكر زيارته له، فمنها
قوله:
عبيدك المذنب جاء زائرا * ولائذا ومستجيرا بالنجف
فامنن عليه سيدي بعطفة * فأنت خير من عفا ومن عطف
كما صرح في بعض قصائده أنه نظمها وهو واقف على قبر الإمام الحسين
عليه السلام، جاء في أولها قوله:
قف المطي معي فهذي كربلا * وذهي محل الكرب ويحك والبلا
وصرح أيضا في قصيدة أخرى في رثاء العباس ابن أمير المؤمنين عليهما السلام أنه
نظمها في كربلاء، جاء في مستهلها قوله:
لمن الطلول خواشعا أعلامها * قفراء كالحة الوجوه إكامها
ويقول في آخرها:
وإليكها يا ابن الوصي خريدة * مثل الدراري لا يرام نظامها
جاءتك باسطة إليك يد الرجا * وعلى جنابك واجب إكرامها
ألبستها حلل الكمال ولم أقل * (أمن المعرف مكة فمقامها)
ونظمتها في كربلاء فأصبحت * أذكى من المسك الفتيق ختامها (1)
ويظهر أنه كان قد استوطن أحد العتبات المقدسة، كالنجف الأشرف على
الأخص، باعتبارها حاضرة العلم والأدب.



(1) ديوان الشاعر - مخطوط -، وقد جارى فيها قصيدة الشيخ محمد رضا الأزري فيه رثاء العباس ابن أمير المؤمنين
عليهما السلام.
221
ولا بد أنه نهل من معارفها - خلال إقامته هناك - ما أكسبه شهرة علمية
وأدبية، وكانت له علاقات ودية ومساجلات شعرية مع بعض العلماء والأدباء في
النجف، فقد وردت له في ديوانه قصيدة يقرظ بها أرجوزة الشيخ عبد الله الحويزي
المسماة ب‍ (الكوكب الدري) قال:
لقد جل هذا النظم عن صفة الشعر * ولكنه الحلو الحلال من السحر.
ويقول في آخرها:
فلا زال عبد الله شيخا مهذبا * وهمته تعلو على هامة النسر
ولا زال شمسا يستضاء بنوره * وبدر علا يجلى به حندس الكفر
ولا برحت أرض العراق بذكره * معطرة الآفاق باسمة الثغر
وهذه أبيات جاءت في ديوانه أيضا يمدح بها أحد شعراء النجف، وهو الشيخ
عبد الحسين الأعسم، بما يؤكد وجود علاقة ودية بينهما، قال:
ملكت قلوب أرباب الكمال * بتعريض من السحر الجلال
أتيت بكل بكر ذات حسن * على أعطافها شبه اللآلي
لأنت وإن جعلت الأرض مثوى * فشأنك في سماء المجد عالي
شهرته الأدبية:
لقد اكتسب شاعرنا البغلي شهرة أدبية واسعة، فبالرغم من منزلته العلمية فقد
كان الجانب الأدبي في حياته هو الأبرز ظهورا، ذكره جملة من العلماء والأدباء الذين
عاصروه وأطروا أدبه، منهم الشيخ علي آل الرمضان، المتولد سنة 1253 ه‍، والمتوفى
سنة 1327 ه‍، وكان أحد علماء الأحساء وشعرائها، له ديوان شعر لا يزال موجودا عند
بعض أحفاده في الأحساء، فقد كانت لشاعرنا البغلي معه علاقة ودية وأدبية، فهذه
أبيات للشيخ علي المذكور - كما في ديوانه - أرسلها إلى البغلي يذكر فيها ما بينه وبينه من
صلة ومودة:
وسلام جلا محض الوداد وأغربا * وبين صدق الاتحاد وأعربا
وفاح بساحات الصداقة عنبرا * ولاح بآفاق العلاقة كوكبا
محمد البغلي من شاع ذكره * بأقطار أرض الله شرقا ومغربا

222
كما ورد ذكره في غير موضع من ديوان الشيخ علي حيث قال: كان لمحمد بن
علي البغي مراث، فترك القراء قراءتها، فنظم أبياتا يشكو فيها وطلب مني نصرته
فقلت:
ويا من أتى من شعره بعزائم * سجدت لهن مفالق الشعراء
وتيقنوا أن لا سواك فوحدوا * لك مخلصين بغير شوب رياء
قسما بنظمك ذلك النظم الذي * ضاعت لديه كواكب الجوزاء (2)
وقد كانت لشاعرنا البغلي علاقة أدبية مع آخرين من شعراء قطره - الأحساء -
منهم الشيخ عبد الله بن محمد بن عثمان الأحسائي، وهما بدورهما كانت تربطهما علاقة
ودية مع شاعر آخر من أهل العراق في مدينة البصرة، وهو الأديب الشاعر السيد عبد
الجليل البصري، ولم نتأكد من أسباب هذه العلاقة التي ربطت بينهما وبين الشاعر
البصري، فهل راز هو بدوره الأحساء وتعرف على الشاعرين؟ أم أنه كان قد سكن
الأحساء؟ أم أنهما زارا الشاعر في مدينة البصرة فتعرفا عليه...؟
والسيد عبد الجليل البصري من مواليد سنة 1776 م، وتوفي سنة 1827 م،
وقد وردت في ديوان البصري قصيدة أرسلها إلى كل من الشيخ البغلي والشيخ عبد الله
الأحسائي جوابا عن رسائل شعرية وردت منهما إليه وهي تؤكد تلك الصلة بين هؤلاء
الشعراء الثلاثة، قال:
إلى طيب ملهى للعذارى وملعب يحن فؤاد المستهام المعذب
وقد امتدح كلا منهما وأشاد بمواهبهما، فبعد أن ذكر الشيخ عبد الله قال يذكر
الشيخ محمد البغلي:
ففاق بنظم لا يباديه شاعر * سوى ما أتى من نظم واف مهذب
كسمط من العقيان والدر فصلت * فرائده من كل غال مثقب
نظام فريد في القريض مبرز * فلم يرض من بكر المعاني بثيب
وهو هنا يشير إلى ما اشتهر به شاعرنا البغلي من امتهان الطب باستعمال
العقاقير، كما يشير إلى ظاهرة الولاء لأهل البيت عليهم السلام عند البغلي فيقول:



(2) ديوان الشيخ علي الرمضان.
223
ذكي به علم العقاقير نير * فأصبح جالينوس في جنبه غبي
هو ابن علي ذو الوفاء محمد * محب لآل المصطفى عترة النبي
غدا نظمه وشي الربيع وكافلا * بصدق وداد بالولاء مطنب
فقابله مني القبول مع الرضى * وأعددته للأنس ألطف مطرب
كما أرسل السيد عبد الجليل نثرا لكل من الشاعرين المذكورين،
فقال في جوابه للشيخ البغي:
إن ألطف ما اكتحلت به الأحداق، رسائل الأشواق، إذا تكفلت بما رق
وراق، مما تتحلى به الأوراق، كرسالة وردت إلينا آنفا، غدوت منها لأنوار الربيع
قاطفا، رسالة من نسجت البلاغة مطارف نظامه، تقاطرت شآبيب البراعة من شق
أقلامه، صاحبنا صادق الوعد الجلي، محمد بن علي، لا زال ربيع الآداب به آهلا عامرا،
يقتطف من أفنان فنونه ثمرات أفكار الأكابر... (3).
كما جاء ذكر شاعرنا البغلي في كل من كشكول (4) الصائع الأحسائي وكتاب
محمد (5) بن عبد المحسن الغريب، فقد وردت له في الكتابين أبيات قالها في القهوة
والغليون، قال في البن:
بزغت شموس البن ذات تشعشع * كدم الغزال تضئ في الأقداح
قتلت فأحيت ميت كل مسرة * بشميم طيب عرفها النفاح
جليت كما تجلى العروس لزوجها * ويديرها ذو عفة وسماح
وسعى بها كالبدر في غلس الدجى * والصبح مستغن عن المصباح
كتب الجمال بخده من حبرها * كالمسك خالا ماله من ماح
فاشرب كؤوس البن أني شئت * إن البن للشهوات كالمفتاح



(3) ديوان السيد عبد الجليل البصري: 228 ط دمشق (المكتب الاسلامي) الطبعة الثانية.
(4) مرت الإشارة في ترجمة الشيخ عبد الله الصائع - في الحلقة الأولى - إلى هذا الكشكول، وقد شاهدت ما بقي منه
في الأحساء وهو عدة أوراق مبعثرة، قد تلف أكثره.
(5) هو الشيخ محمد بن عبد المحسن بن محمد بن خلف الغريب الهمداني العاملي الأحسائي، كذا جاء اسمه في
الكتاب، والكتاب المذكور رأيته أيضا في الأحساء عند بعض عشاق الأدب والحريصين على جمعه هناك،
وهو كالكتاب السابق لم يبق منه إلا أوراق متفرقة امتدت إليه يد الخراب، ويظهر أنه كتاب تأريخي أدبي
مزين بكثير من الشواهد الأدبية، وتتخلله تراجم جماعة من العلماء والأدباء.
224
ومنها في الغليون:
وعليك بالتتن الندي فإنه * معها لعمرك راحة الأرواح
طرقتك بعد الكأس لامعة الطلا * كالزند تقدح في يد القداح
عجمية تركية عربية * خود خدلجة وأي رداح
مالت لنشوتها النفوس لأنها * حلت هناك محملة الأرواح (6)
آثاره العلمية التي تدل على منزلته ومنها:
1 - أبيات يجمع فيها أحكام المبتدأ والخبر، ويظهر أنها من أرجوزة له ضاعت،
قال:
مذهب سيبويه رفع المبتدا * مجردا يعمل فيه الابتدا
وبعضهم يرفعه مع الخبر * به وبعض للذي قال حضر
وبعضهم قال هما ترافعا * والأول المختار عند من دعا
وهذه أبيات أخرى في الطب، ويظهر أنها من أرجوزة له في هذا الفن، قال:
اجعل على الحزاز أنى أجهدك * حنا وصبرا يعجنان بالودك
والمر والترياق مع دهن البقر * للبطن والزحير والدم إن قطر
أما آثاره الأدبية: فهي ديوانه الذي عثر عليه مؤخرا، وأغلبه في أهل البيت
عليهم السلام، والباقي منه في مواضيع أخرى، ويبلغ عدد أبياته 1035 بيتا من الشعر
العمودي، والمربعات، والتخاميس، والرجز، ونرجو أن نوفق إلى طبعه مستقلا،
ووجدت في ديوانه ما يشبه البند قاله مستسقيا، وها أنا أعرض أما القارئ بعض
النماذج من قصائده، فهذه قصيدة قالها في الغزل، وتخلص فيها إلى مدح النبي صلى الله
عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام قال (7):
سكرنا بكأس الراح في روضة غنا * بها بلبل الأفراح والورق قد غنى
ومهما سرت بين الخمائل نسمة * وهزت غصون البان والآس هزتنا
وساق كمثل الظبي فينا يديرها * ويسعى به صرفا مشعشعة دكنا
سقانا وغنانا فهمنا بحبه * غراما وخلى القلب في يده رهنا



(6) الأرواح هنا جمع روح: وهو نسيم الريح.
(7) الشاعر هو أحد شعراء موسوعتنا (معجم شعراء الحسين عليه السلام).
225
فبت مع الأحباب ما بين بأنها * فأطربني المعنى وطاب لي المغنى
وأحور معسول المراشف لو رنا * بمقلته رضوى لذاق كما ذقنا
يسل علينا من لحاظ جفونه * سيوفا أماتتنا وإن شاء أحيتنا
وشاد لو أن الراسيات سمعنه * لخرت على الأذقان شوقا لما اشتقنا
يميل بنا في كل واد من الهوى * فيتركنا نشوى ولا غرو لو متنا
(10) ويتلو علينا والغرام يهزنا * أحاديث لهو أضحكتنا وأبكتنا
وينشد مهما إن رأى الركب منجدا * (قفوا قبل وشك البين يبعدكم عنا)
فيا حبذا لو نالنا فيهم الأذى * من الضد لو أنا شرقنا بما ذقنا
تعيرنا قوم يحب هداتنا * ولولا رسول الله والآل ما كنا
بني الوحي يا من بالقلوب لهم جوى * مدى الدهر باق لا يبيد ولا يفنى
يمينا بكم إنا نحب محبكم * ونبغض قاليكم وإن غبتم عنا
وإن ضلت الأقوام عن منهج الهدى * فإنا بكم والحمد لله أرشدنا
وإن عدلت عنكم أناس فإننا * على العهد كنا لا عدلنا ولا ملنا
وإن خاب من عاداكم يوم حشره * فنحن بكم دون البرية قد فزنا
وإن نكثوا أيمانهم بعد عهدهم * فنحن على العهد القديم كما كنا
(20) فقل لرسول الله والحق أبلج * وبرهانه أسنى من القمر الأسنى
محمد يا من جاء للناس رحمة * وعلمنا من دينه فتعلمنا
أغثني وأنجز سيدي ما وعدتني * وخذ بيدي يا ذا الكرامة والحسنى
رويدا ولو لوث الإزار لعلنا * نودعكم فالقلب من أجلكم مضنى
تراه إذا ما قام في القوم منشدا * يدير كؤوس اللفظ مملوءة معنى
وبتنا على فرش المسرة والهنا * إلى أن قطعنا من لييلتنا وهنا
وحوراء تصطاد القلوب بمقلة * هي السحر إلا أنها لم تزل وسنا
إذا أقبلت تمشي الهوينا تعطفت * كما الغصن من هنا تميل ومن هنا
أتت تسحب الأذيال والفجر ظاهر * فتمشي فرادى وهو من خلفها مثنى
بدت من خلال السجف (8) بيضاء طفلة * ومن لحظها سيفا ومن قدها لدنا



(8) السجف، جمعه سجوف وأسجاف: الستر.
226
مهاة أعارت ظبية البان جيدها * وعلمت الميل المثقف والغصنا (30)
تعلقها قلبي فخالط حبها * دمي فجرى دمعي عليها دما أقنى
فيا عاذلي لو ذقت بعض صبابتي * عذرت وما خلو الحشاشة كالمضنى
ولكنني أرجو الخلاص من الهوى * بمدح رسول الله شمس الهدى الأسنى
ومدح أمير المؤمنين وزيره * وأبنائهم أكرم بهم سادة أبنا
فيا سائق الوجناء تعنق في البرى * رويدا - رعاك الله - يا سائق الوجنا
على قبر خير الرسل قف بي لعلني * أعلل قلبا بالجوى والنوى معنى
وماذا على ريح الصبا لو تحملت * رسالة مشتاق إلى ذلك المغنى
لأكرم مبعوث إلى خير أمة * بخير كتاب واضح اللفظ والمعنى
إلى المرسل الهادي البشير محمد * أجل الوري شأنا وأثبتها ركنا
إلى خير خلق الله أحمدها ومن * دنا فتدلى قاب قوسين أو أدنى (40)
نبي الورى الأمي أفضل من مشى * وأشرف من لبى وطاف ومن... (9)
فتى جاء بالقرآن من عند ربه * إلينا فآمنا هناك وصدقنا
وعلمنا خير الورى أمر ديننا * وأدبنا حبا لنا فتأدبنا
ولما مضى عنا تخلف بعده * علينا علي وهو أولى بنا منا
علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين * والساقي على الكوثر الأهنى
إمام هدى تحيى القلوب بذكره * ويجلى العمى عنا بأسمائه الحسنى
فتى لم نزل من زهده وعفافه * سجيته في الله لينة خشنا
فتى لم يخف في الله لومة لائم * وجاهد حتى قاتل الإنس والجنا
يمينا به لولاه لم ندر ما الهدى * ولكن دعانا للرشاد فآمنا
فطرت على حب النبي وآله * فألفيته فرضا وألفيته حصنا (50)
جزى الله بالخيرات آباءنا على * محبتهم من حيث أوصت بها الأبنا
ومن أمهات طاهرات من الخنا * تؤدبنا في حبهم فتأدبنا
وإني لمشتاق لتقبيل تربة * حوت منك ذاك النور أو يدك اليمنى



(9) سقطت القافية، كذا في الأصل.
227
وقال يمدح أمير المؤمنين عليه السلام:
لله صب بات ساهر * والدمع من عينيه هامر
لعبت بمهجته الصبابة * والهوى الداء المخامر
ما جن في معشوقه * كجنونه مجنون عام
كم الغرام ودمعه * مبد لما تخفي السرائر
من لي بأغيد لؤلئي * الثغر مسكي الغدائر...
ومطرز الوجنات * بالنعمات مكحول النواظر
ذي غرة مثل النهار * وطرة كالليل عاكر
ومجرد من لحظه * ماضي المضارب وهو فاتر
قمر على غصن يميس * مهفهف الاعطاف ناضر
(10) ونحيل خضر يشتكي * من ردفه والردف وافر
رام النهوض فعاقه * والعجز بين الناس ظاهر
ظبي مراتعه مدي الأيام * أودية الخواطر...
ألف التوحش والنفور * ولا يزال الظبي نافر
وجفا فما هو مانحي * وصلا ولا أنا عنه صابر
أخذ الفؤاد وليته * أخذ البقية وهو قادر
يا قلب صادك جؤذر * يا حبذا صيد الجآذر
يا أيها الليث المدرع * لا تلاق الظبي حاسر...
سطواته لم تغن عنهن * الدروع ولا المغافر....
يا قاعة الوعساء ما * فعلت ظباؤك بالقساور
(20) تركتهم صرعى وما * لهم بحكم الحب ناصر
هذي سجية كل معشوق * ورب العشق صاغر...
جاروا علي ولم يزل * قاضي الهوى في الحكم جائر
قسما بكاظمة ورامة * والعذيب وبطن حاجر
ما مال قلبي عنهم * أبدا إلى باد وحاضر
إلا لحب أبي تراب * قطب دائرة المفاخر....

228
نور النبوة والإمامة * والهداية والبصائر....
ومنزه الأعراض والأمثال * عن شبه الجواهر
قل لابن مكة وابن زمزم * والصفا وابن المشاعر
وابن الهداة الأولياء * المصطفين من العشائر
وابن المصونات النقيات * التقيات الحرائر (30)
من آل عبد مناف أطهرهم * وأطيبهم عناصر
وأخي المساجد والمدارس * والمحابر والمنابر
وفتى الفضائل والمعاجز * والدلالات البواهر
زوج البتول أخو رسول * الله أصفاهم سرائر
التارك الأسد ابن ود * فاحصا في الترب عافر
ومقصر خطو النماردة * الفراعنة القياصر
ومكسر أيدي الغطارفة * الجبابرة الأكاسر
يا صاحب الأعراف * والأنفال والشورى وغافر
أنت السفينة والصراط * المستقيم لكل عابر
لولاك دارت في الوغى * بالمسلمين رحى الدوائر (40)
أيا أسد قريش جاءت * والعتاة من العشائر
حتى إذا بلغت قلوب * المسلمين إلى الحناجر....
وتقدمت أسد العريكة * بالأسنة والبواتر
وغدا الجبان مشمرا * نحو الهزيمة ذيل صاغر
وغدا النبي مناديا * والدمع من عينيه هامر
أين الفوارس والضراغم * من لدين الله ناصر
ودعا بمقداد وسلمان * وعمار بن ياسر....
قال أدركوني بالوصي * فجاء حيدرة مبادر
قال امض منصورا إلى * الميدان واقتل كل كافر
فمضى يهز حسامه * شغفا ونقع الحرب ثائر (50)
فتراه والهيجاء شب * لهيبها كالبحر زاخر

229
وكأنه أسد الفريسة * لم يزل دامي الأظافر
يلقى الأسنة باسما * طربا وناب الموت كاشر
أسد يمر به جواد من * جياد الخيل ضامن....
فكأنه من تحته * فلك من الأفلاك دائر
فهناك كم من دارع * من بأسه قد ظل حاسر
وكتيبة منكوسة الأعلام * كالبقر النوافر....
وأتى إلى نحو النبي * محمد بالفتح ظافر...
خذها أمير المؤمنين * هدية من كف شاعر
(60) وإذا قبلت فإن * حظ (محمد) لا شك وافر
صلى الإله عليك ما * سار الحجيح إلى المشاعر
ونورد هنا أيضا نموذجا آخر من أدب المترجم له، وهي قطعة قالها على طريقة
تشبه (البند) مستسقيا:
إلهي باسمك الأعلى، وما كنت له أهلا فيا ذا الجواد والنعما ويا ذا الآية
العظمى، بحق المصطفى الأمجد، شفيع الأنبيا أحمد، إلهي اسقنا الغيث، بحق المرتضى الليث،
إمام الجن والإنس علي بن أبي طالب، باب العلم والجود، زوج البضعة الزهراء،
أبي السبطين خير الخلق، بعد المصطفى المبعوث، مجلي الكرب عن وجه رسول الله في
الحرب، ولي الله والممدوح في عم وفي الطور، وفي النحل وفي الكهف، وفي الأنفال
والأعراف والرحمن والحشر، وحم، سبحان، وفي الحمد وفي النمل، وفي هود وفي
الرعد، وفي القرآن في الجملة، والتوراة والإنجيل والفرقان والصحف، وبالبضعة
وابنيها الإمامين الشهيدين، وبالسجاد والباقر، والصادق والكاظم، والمدفون في
طوس، وبالمدفون في بغداد، والهادي وابنيه، ولي الله، والحجة، القائم بالأمر، أبو الفتح،
أخو النصر، ولي الله مولانا.
بأهل البيت بالجملة، أهل الزهد والرشد، وأهل الفضل والمجد بني التنزيل
والوحي، وأهل الأمر والنهي، وبالقرآن والرسل، وجبريل وميكال، وبالحمزة

230
والعباس والأصحاب، سلمان وعمار، وبالمقداد والتمار، والمدفون في الربذة،
والطيار في الجنة، إلهي أرنا الرحمة، وانشر بيننا النعمة، واحرسنا من النقمة، يا منان،
يا حنان، يا ديان، يا رحمن، يا وهاب، يا تواب، يا ذا الطول والإنعام، والاحسان
والإكرام، اغفر لي وإخواني، وأرحامي وأصحابي، واحرسنا من الآفات ليلا ونهارا.
قم المقدسة جعفر الهلالي.

231
التحقيق في نفي التحريف
(2)
السيد علي الميلاني
الفصل الثالث
أحاديث التحريف في كتب الشيعة
قد ذكرنا في الفصل الأول شطرا من تصريحات كبار علماء الإمامية في القرون
المختلفة في أن القرآن الكريم الموجود بين أيدينا مصون من التحريف، وما لم نذكره أكثر
منه بكثير، وربما نقف على تصريحات أو أسماء لجماعة آخرين منهم في غضون البحث.
وعرفت في الفصل الثاني أدلة الإمامية على نفي التحريف وهي:
1 - آيات من القرآن العظيم.
2 - أحاديث عن النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام، وهي على أقسام.
3 - الإجماع.
4 - تواتر القرآن.
5 - صلاة الإمامية.
6 - كون القرآن مجموعا على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
7 - عناية النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام والمسلمين بالقرآن.
8 - قول عمر بن الخطاب: حسبنا كتاب الله.
هذا، ولم ينكر أحد من أولئك الأعلام وجود أحاديث في كتب الشيعة، تفيد
بظاهرها سقوط شئ من القرآن، بل نص بعضهم على كثرتها - كما توجد في كتبهم

232
روايات ظاهرة في الجبر والتفويض وفي التشبيه والتجسيم ونحو ذلك - لكنهم أعرضوا
عن ذلك الأحاديث ونفوا وقوع التحريف في القرآن، بل ذهب البعض منهم إلى فهم
إجماع الطائفة على ذلك، ومجرد إعراضهم عن حديث يوجب سقوطه عن درجة الاعتبار،
كما تقرر في أصول الفقه.
ونحن في هذا المقام نبحث حول سبب إعراضهم عن أخبار التحريف، وقبل
الخوض في البحث نقول:
هناك في كتب الإمامية روايات ظاهرة في تحريف القرآن، لكن دعوى
كثرتها لا تخلو من نظر، لأن الذي يمكن قبوله كثرة ما ذل على التحريف بالمعنى
الأعم (1) وقد جاء هذا في كلام الشيخ أبي جعفر الطوسي فإنه - بعد أن استظهر عدم
النقصان من الروايات - قال: (غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة
بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شي منه من موضع إلى موضع) وأما ما دل على
التحريف بالمعنى الأخص الذي نبحث عنه وهو (النقصان) فلا يوافق على دعوى
كثرته، ومن هنا وصفت تلك الروايات في كلمات بعض المحققين كالشيخ جعفر
كاشف الغطاء والشيخ محمد جواد البلاغي بالشذوذ والندرة.
وروايات الشيعة في هذا الباب يمكن تقسيمها إلى قسمين:
الأول: الروايات الضعيفة أو المرسلة أو المقطوعة. والظاهر أن هذا القسم هو
الغالب فيها، ويتضح ذلك بملاحظة أسانيدها، ويكفي للوقوف على حال أحاديث
الشيح الكليني فيها - ولعلها هي عمدتها - مراجعة كتاب (مرآة العقول) للشيخ محمد باقر



(1) يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدة معان على سبيل الاشتراك:
أ - نقل الشئ عن موضعه وتحويله إلى غيره.
ب - النقص أو الزيادة في الحروف أوفي الحركات مع حفظ القرآن وعدم ضياعه، وإن لم يكن متميزا في
الخارج عن غيره.
ج - النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفظ على نفس القرآن المنزل.
د - التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل.
ه‍ - التحريف بالزيادة، بمعنى أن بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل.
و - التحريف بالنقيصة، بمعنى أن المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن المنزل.
وموضوع بحثنا هو التحريف بالمعنى الأخير، ونعني بالمعنى الأعم ما يعم جميع المعاني المذكورة.
233
المجلسي، الذي هو أهم كتب الحديث لدى الإمامية، ومن أشهر شروح (الكافي)
وأهمها.
ومن الأعلام الذين دققوا النظر في أسانيد هذه الروايات ونصوا على عدم
اعتبارها: الشيخ البلاغي في (آلاء الرحمن) والسيد الخوئي في (البيان) والسيد
الطباطبائي في (الميزان). ومن المعلوم عدم جواز الاستناد إلى هكذا روايات في أي
مسألة من المسائل، فكيف بمثل هذه المسألة الأصولية الاعتقادية!؟
والثاني: الروايات الواردة عن رجال ثقات وبأسانيد لا مجال للخدش فيها.
وينقسم هذا القسم إلى طائفتين:
الأولى: ما يمكن حمله وتأويله فيها على بعض الوجوه، بحيث يرتفع التنافي
بينها وبين الروايات والأدلة الأخرى القائمة على عدم التحريف.
والثانية: ما لا يمكن حمله وتوجيهه.
وبهذا الترتيب يتضح لنا أن ما روي من جهة الشيعة بنقصان آي القرآن قليل
جدا، لأن المفروض خروج الضعيف سندا والمؤول دلالة عن دائرة البحث.
وأول ما في هذه الروايات أنها مصادمة للضرورة، ففي كلمات عدة من أئمة
الإمامية دعوى الضرورة على كون القرآن مجموعا على عهد النبوة، فقد قال السيد
المرتضى: (إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع
العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة... إن العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه
في صحة نقله كالعلم بجملته، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة) (2).
وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء: (لا عبرة بالنادر، وما ورد من أخبار
النقص تمنع البديهة من العمل بظاهرها) (3).
وقال السيد شرف الدين العاملي: (إن القرآن عندنا كان مجموعا على عهد
الوحي والنبوة، مؤلفا على ما هو عليه الآن... وهذا كله من الأمور الضرورية لدى



(2) المسائل الطرابلسيات، نقلا عن مجمع البيان للطبرسي 1: 15.
(3) كشف الغطاء في الفقه، ونقله عنه شرف الدين في أجوبة المسائل: 33.
234
المحققين من علماء الإمامية) (4).
وقال السيد الخوئي: (إن من يدعي التحريف يخالف بداهة العقل) (5).
فإن نوقش في هذا، فلا كلام في مخالفة روايات التحريف لظاهر الكتاب
حيث قال عز من قائل: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ليكون قدوة للأمة
وبرنامجا لأعمالها، ومستقى لأحكامها ومعارفها، ومعجزة خالدة. ومن المعلوم المتسالم
عليه: سقوط كل حديث خالف الكتاب وإن بلغ في الصحة وكثرة الأسانيد ما بلغ،
وبهذا صرحت النصوص عن النبي والأئمة عليهم السلام، ومن هنا أعرض علماء
الإمامية الفطاحل - الأصوليون والمحدثون - عن هذه الأحاديث... قال المحدث الكاشاني
في (الصافي): (إن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له فيجب رده) (6).
فإن نوقش في هذا أيضا فقيل بأنه استدلال مستلزم للدور، أو قيل بأن الضمير
في (له) عائد إلى النبي صلى الله عليه وآله، فإن هذه الروايات تطرح لما يلي:
أولا: إنها موافقة للعامة، فإن القول بالتحريف منقول عن الذين يقتدون بهم
من مشاهير الصحابة، وعن مشاهير أئمتهم وحفاظهم، وأحاديثه مخرجة في أهم كتبهم
وأوثق مصادرهم كما سيأتي في بابه، وهذا وجه آخر لسقوط أخبار التصريف عند فرض
التعارض بينها وبين روايات العدم، كما تقرر ذلك في علم أصول الفقه.
ثانيا: إنها شاذة ونادرة والروايات الدالة على عدم التحريف مشهورة أو
متواترة، كما في كلمات الأعلام كالشيخ كاشف الغطاء وغيره، وسيأتي الجواب عن
شبهة تواتر ما دل على التحريف، فلا تصلح لمعارضة تلك الروايات، بل مقتضى
القاعدة المقررة في علم الأصول لزوم الأخذ بالأشهر ورفع اليد به عن الشاذ النادر.
ثالثا: إنه بعد التنزل عن كل ما ذكر فلا ريب في أن روايات التحريف أخبار
آحاد، وقد ذهب جماعة من أعلام الإمامية على عدم حجية الآحاد مطلقا، ومن يقول
بحجيتها لا يعبأ بها في المسائل الاعتقادية، وهذا ما نص عليه جماعة.



(4) أجوبه مسائل جار الله: 30.
(5) البيان: 27
(6) تفسير الصافي 1: 46.
235
(من روايات التحريف)
لم ينكر أحد من علماء الشيعة أن عدة منهم ذهبوا إلى القول بنقصان القرآن
الموجود بين أيدينا، وأن قسما منه أسقط وحذف من قبل الذين تصدوا لجمعه
صدر الإسلام من الصحابة.
كما لم ينكر أحد وجود أحاديث في كتب الشيعة تفيد بظاهرها سقوط شئ
من القرآن، بل صرح بعض العلماء بكثرة تلك الأحاديث، وهي الأحاديث التي
تمسك بها أولئك القائلون بالتحريف، آخذين بظواهرها، معتقدين صحتها.
ولا بد أولا من عرض أهم تلك الأحاديث بنصوصها، ثم النظر في مدى
دلالتها على مطلوبهم ووجوه الجواب عنها ثانيا، ثم ذكر الرواة والقائلين بتحريف القرآن
بصراحة ثالثا.
وأهم الأحاديث التي يستند إليها القائلون بتحريف القرآن هي الأحاديث
التالية:
1 - عن جابر، قال:
(سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن
كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب
عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام) (7).
2 - عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:
(ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير
الأوصياء) (8).
3 - عن سالم بن سلمة، قال:
(قرأ رجل أبي عبد الله عليه السلام - وأنا استمع - حروفا من القرآن ليس
على ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
مه، كف عن هذه القراءة، إقرأ كما يقرأ الناس، حتى يقوم القائم فإذا



(7) الكافي 1: 178، ورواه الصفار في بصائر الدرجات: 13،
(8) الكافي 1: 178، بصائر الدرجات: 213.
236
قام القائم قرأ كتاب الله تعالى على حده، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام.
وقال: أخرجه علي إلى الناس حين فرغ منه وكتبه، فقال لهم: هذا كتاب الله
تعالى كما أنزله على محمد صلى الله عليه وآله، وقد جمعته بين اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا
مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه، فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا
أبدا، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه) (9).
4 - عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
(لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص عنه، ما خفي حقنا على ذي حجى، ولو قد
قام قائمنا فنطق صدقه القرآن) (10).
5 - عن الأصبغ بن نباتة، قال:
(سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نزل القرآن أثلاثا: ثلث فينا وفي
عدونا وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام) (11).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(إن القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال، وربع حرام، وربع سنن وأحكام،
وربع خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم، وفصل ما بينكم) (12).
وعن أبي جعفر عليه السلام، قال:
(نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال،
وربع فرائض وأحكام) (13).
6 - عن محمد بن سليمان، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن عليه السلام،
قال:
(قلت له: جعلت فداك، إنا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما
نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم؟



(9) الكافي 2: 462.
(10) تفسير العياشي 1: 13.
(11) الكافي 2: 459.
(12) الكافي 2: 459.
(13) الكافي 2: 459.
237
فقال: لا، إقرؤوا كما تعلمتم، فسيجيئكم من يعلمكم) (14).
7 - عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(إن في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال
فألقيت، إنما الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى، يعرف ذلك الوصاة) (15).
8 - عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(لو قد قرئ القرآن كما أنزل لألفينا في مسمين) (16).
9 - عن البزنطي، قال: (دفع إلي أبو الحسن عليه السلام مصحفا فقال
- وقال -: لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه (لم يكن الذين كفروا...) فوجدت فيه
- فيها - اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، قال: فبعث إلي ابعث
إلي بالمصحف) (17).
10 - عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال:
(نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا: وإن كنتم في
ريب مما نزلنا على عبدنا - في علي - فأتوا بسورة من مثله) (18).
11 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد
صلى الله عليه وآله وأزواجه، ثم قال: سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من
قريش وغيرهم، يا ابن سنان: إن سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب،
وكانت أطول من سورة البقرة، ولكن نقصوها وحرفوها) (19).
12 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(أنزل الله في القرآن سبعة بأسمائهم، فمحت قريش ستة وتركوا



(14) الكافي 2: 453.
(15) تفسير العياشي 1: 12.
(16) تفسير العياشي 1: 13.
(17) الكافي 2: 461، وانظر البحار 92: 54.
(18) الكافي 1: 345.
(19) ثواب الأعمال: 100، وعنه في البحار 92: 50.
238
أبا لهب) (20).
13 - عن ابن نباتة قال:
(سمعت عليا عليه السلام يقول: كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة
يعلمون الناس القرآن كم أنزل، قلت: يا أمير المؤمنين أوليس هو كم أنزل؟
فقال: لا، محي منه سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، وما ترك
أبو لهب إلا للإزراء على رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه عمه) (21).
14 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام (في قول الله عز وجل: من
يطع الله ورسوله - في ولاية علي والأئمة من بعده - فقد فاز فوزا عظيما. هكذا
نزلت) (22).
15 - عن منخل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال (نزل جبرئيل على محمد
صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا - في علي -
نورا مبينا) (23).
16 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله في قوله:
(ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات - في محمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين والأئمة من ذريتهم - فنسي...) (24).
فهذه طائفة من تلك الأحاديث، ولنلق الأضواء عليها واحدا واحدا، لنرى ما
قبل في الجواب عن كل واحد أو ما جاء فيه من تأويل.
الحديث الأول: رواه الشيخ الكليني والشيخ الصفار، كلاهما بسند فيه
(عمرو بن أبي المقدام) وقد اختلف علماء الرجال فيه على قولين، كما اعترف بذلك
بعضهم (25).



(20) رجال الكشي 247، وعنه في البحار 92: 54.
(21) الغيبة للنعماني: 318.
(22) الكافي 1: 342.
(23) الكافي 1: 345.
(24) الكافي 1: 344.
(25) تنقيح المقال 2: 323.
239
الحديث الثاني: رواه الشيخان الكليني والصفار أيضا بسند فيه (المنخل بن
جميل الأسدي) وقد ضعفه أكثر علماء الرجال، بل كلهم، وقالوا: إنه فاسد العقيدة،
وإنه يروي الأحاديث الدالة على الغلو في الأئمة عليهم السلام (26).
هذا، بالإضافة إلى أنه يمكن تفسير هذا الحديث وسابقه بمعنى آخر يساعد عليه
اللفظ فيهما.
ولذا فقد قال السيد الطباطبائي في الخبرين ما نصه:
(قوله عليه السلام: إن عنده القرآن كله... إلى آخره، الجملة وإن كانت
ظاهرة في لفظ القرآن ومشعرة بوقوع التحريف فيه، لكن تقييدها بقوله: (ظاهره
وباطنه) يفيد أن المراد هو العلم بجميع القرآن من حيث معانيه الظاهرة على الفهم
العادي ومعانيه المستبطئة على الفهم العادي.
وكذا قوله في الرواية السابقة (وما جمعه وحفظه... إلى آخره) حيث قيد الجمع
بالحفظ، فافهم) (27).
وقد أورد السيد علي بن معصوم المدني هذين الخبرين ضمن الأحاديث التي
استشهد بها على أن أمير المؤمنين عليه السلام والأوصياء من أبنائه علموا جميع ما في
القرآن علما قطعيا بتأييد إلهي وإلهام ورباني وتعليم نبوي، وذكر أن الأحاديث في ذلك
متواترة بن الفريقين، وعليه إجماع الفرقة الناجية، وأنه قد طابق العقل في ذلك
النقل (28).
وقد روى الشيخ الصفار القمي حديثا آخر في معنى الحديثين المذكورين هذا
نصه بسنده:
(جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد علي القريشي،
عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ما أحد من هذه
الأمة جمع القرآن إلا وصي محمد صلى الله عليه وآله وسلم) (29). ولكن في سنده



(26) تنقيح المقال 3: 247.
(27) حاشية الكافي 1: 228.
(28) شرح الصحيفة السجادية 401.
(29) بصائر الدرجات للصفار، وعنه في البحار 92: 48، وانظر مرآة العقول المجلد 2: 535.
240
(محمد بن علي القرشي) (30).
الحديث الثالث: فإن راويه هو (سالم بن سلمة) أو (سالم بن أبي سلمة)
ومراجعة واحدة لكتب الرجال تكفي للوقوف على رأيهم في هذا الرجل. فقد ضعفه ابن
الغضائري والنجاشي والعلامة الحلي والشيخ المجلسي وغيرهم (31). ويفيد الحديث
مخالفة القرآن الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السلام مع القرآن الموجود بين أيدينا، وسيأتي
الكلام على ذلك في فصل (الشبهات) كما يفيد أيضا مخالفة القرآن الكريم على عهد
سيدنا الإمام المهدي عليه السلام لهذا القرآن، وسيأتي الكلام على هذا أيضا في الفصل
المذكور.
الحديث الرابع: هو من روايات الشيخ العياشي في تفسيره (32)، وقد رواه عنه
الشيخ الحر العاملي على النحو التالي:
(وعن ميسر - أي وروى العياشي عن ميسر - عن أبي جعفر عليه السلام قال:
لولا أن كتاب الله نقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه
القرآن) (33).
ويبطل هذا الحديث إجماع المسلمين كافة على عدم وقوع الزيادة في القرآن،
وقد ادعى هذا الإجماع السيد المرتضى وشيخ الطائفة والشيخ الطبرسي رضي الله تعالى
عنهم.
وقال سيدنا الجد الميلاني (هذا... على أن أحدا لم يقل بالزيادة) وقال السيد
الخوئي في بيان معاني التحريف: (الخامس: التحريف بالزيادة، بمعنى أن بعض
المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل، والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع
المسلمين، بل هو مما علم بطلانه بالضرورة) (34).
الحديث الخامس: وقد صرح الشيخ المجلسي - رحمه الله - بأنه مجهول (35).



(30) تنقيح المقال 3: 151.
(31) نفس المصدر 2: 4.
(32) تفسير العياشي 1: 13.
(33) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 43.
(34) البيان: 218.
(35) مرآة العقول 12: 517.
241
وفي الأول من تالييه: إنه مرسل (36).
وفي الثاني منهما بأنه: موثق (37).
وظاهر هذه الأحاديث - وإن أنكر ذلك جماعة كالمجلسي والفيض وشارح
الكافي - منافاة بعضها للبعض، كما اعترف بذلك السيد عبد الله شبر (38) وأوضح ذلك
السيد هاشم معروف الحسني دراساته.
الحديث السادس: ضعفه الشيخ المجلسي (39)، وأوله المحدث الكاشاني في
الوافي: على أن المراد من تلك الآيات، ما كان مأخوذا من الوحي من قبيل التفسير
وتبيين المراد، لا من القرآن الكريم على حقيقته حتى يقال إنه يدل على نقصان
القرآن.
الحديث السابع: وهو من روايات الشيخ الصفار القمي والشيخ العياشي،
وسيأتي الكلام عن رواياتهما على أنهما روياه عن (إبراهيم بن عمر) وقد اختلفوا في
تضعيفه وتوثيقه على قولين (40).
ومن الممكن القول: بأن تلك الأسماء التي ألقيت إنما كانت مثبتة فيه على
وجه التفسير لألفاظ القرآن، وتبيين الغرض منها، لا أنها نزلت في أصل القرآن كذلك،
كما قيل في نظائره.
الحديث الثامن: رواه الشيخ العياشي مرسلا عن داود بن فرقد عمن أخبره،
عنه السلام. وقد يجاب عنه أيضا بمثل ما يجاب به عن الأحاديث الآتية.
الحديث التاسع:
رواه الشيخ الكليني عن البزنطي، وقد قال الشيخ المجلسي أنه مرسل (41).
واعترف شارح الكافي بكونه: مرفوعا.



(36) نفس المصدر 12: 517.
(37) نفس المصدر 12: 517.
(38) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار 1: 294.
(39) مرآة العقول.
(40) تنقيح المقال 1: 27.
(41) مرآة العقول 12: 521.
242
وروى نحوه الشيخ الكشي عنه أيضا. (42)، وسيأتي ما في رواياته.
هذا... ولقد قال المحدث الكاشاني بعده ما نصه:
(لعل المراد أنه وجد تلك الأسماء مكتوبة في ذلك المصحف تفسيرا للذين
كفروا وللمشركين، مأخوذة من الوحي، لا إنها كانت من أجزاء القرآن...
وكذلك كل ما ورد من هذا القبيل عنهم عليهم السلام (43)).
الحديث العاشر: ونظائره التي رواها الشيخان القمي والكليني وغيرهما، من
الأحاديث. الدالة على حذف اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام و (آل محمد) وكلمة
(الولاية) وأسماء (المنافقين)... وغير ذلك.
ويغنينا عن النظر في أسانيد هذه الأحاديث واحدا واحدا اعتراف المحدث
الكاشاني بعدم صحتها، وحملها على فرض الصحة على أنه بهذا المعنى نزلت وليس المراد
أنها كذلك نزلت في أصل القرآن فحذف ذلك.
ثم قال - رحمه الله تعالى -: (كذلك يخطر ببالي في تأويل تلك الأخبار إن
صحت...) (44).
وقال السيد الخوئي - دام ظله -:
(والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة: إنا قد أوضحنا فيما تقدم أن بعض
التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن، وليس من القرآن نفسه، فلا بد من حمل هذه
الروايات على أن ذكر أسماء الأئمة في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا
بد من طرح هذه الروايات، لمخالفتها للكتاب والسنة والأدلة المتقدمة على نفي التحريف.
وقد دلت الأخبار المتواترة على وجوب عرض الروايات على الكتاب والسنة
وإن ما خالف الكتاب منها يجب طرحه وضربه على الجدار).
وقال أيضا: (ومما يدل على أن اسم أمير المؤمنين عليه السلام لم يذكر صريحا في
القرآن: حديث الغدير، فإنه صريح في أن النبي صلى الله عليه وآله إنما نصف عليا
بأمر الله، وبعد أن ورد عليه التأكيد في ذلك، وبعد أن وعده الله بالعصمة من الناس،



(42) رجال الكشي: 492.
(43) الوافي: 2: 273.
(44) نفس المصدر 2: 274.
243
ولو كان اسم (علي) مذكورا في القرآن لم يحتج إلى ذلك النصف، ولا إلى تهيئة ذلك
الاجتماع الحافل بالمسلمين ولما خشي رسول الله صلى الله عليه وآله من إظهار ذلك،
ليحتاج إلى التأكيد في أمر التبليغ).
وقال بالنسبة إلى هذا الحديث بالذات:
(على أن الرواية الأخيرة المروية في الكافي مما لا يحتمل صدقه في نفسه، فإن
ذكر اسم علي عليه السلام في مقام إثبات النبوة والتحدسي على الإتيان بمثل القرآن
لا يناسب مقتضى الحال).
قال: (ويعارض جميع هذه الروايات صحيحة أبي بصير المروية في الكافي،
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم).
وقال فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام.
فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله؟
قال عليه السلام: فقولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه
الصلاة ولم يسم لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي
فسر لهم ذلك.
فتكون هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الروايات وموضحة للمراد
منها) (45) هذا، وقد تقدم عن الشيخ البهائي قوله:
(وما اشتهر بين الناس من إسقاط اسم المؤمنين عليه السلام منه في بعض
المواضع، مثل قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك - في علي -) وغير ذلك فهو
غير معتبر عند العلماء) (46).
الحديث الحادي عشر: فيجاب عنه - بعد غض النظر عن سنده - بأن الشيخ
الطبرسي - رحمه الله - وغيره رووه عن ابن سنان بدون زيادة (ثم قال...) (47).



(45) البيان 178 - 179.
(46) نقله عنه في آلاء الرحمن: 26.
(47) مجمع البيان المجلد 4: 334.
244
على أن نفس هذا الحديث، وكذا الحديثان الآخران (48) عن رسول الله صلى الله
عليه وآله دليل على أن سورة الأحزاب كانت مدونة على عهده صلى الله عليه وآله
وسلم.
كما يجاب عنه - إن صح - بما أجيب عن نظائره فيما تقدم.
ولنا أن نطالب - بعد ذلك كله - من يصحح هذا الحديث ويعتمد عليه أن
يثبت لنا أين ذهبت هذه الكثرة من الآيات؟ وأن يذكر كيفية سقوطها - أو إسقاطها -
من دون أن يعلم سائر المسلمين؟
أليس كانت الدواعي متوفرة على أخذ القرآن وتعلمه كلما نزل من السماء؟
أليس كانت السورة تنتشر بمجرد نزولها بأمر النبي (49) صلى الله عليه وآله بين المسلمين
وتتواجد في بيوتهم؟
الحديث الثاني عشر: من روايات الشيخ الكشي، وسيأتي الكلام عنها بصورة
عامة.
الحديث الثالث عشر: فإن سنده غير قوي كما يتضح ذلك لمن راجعه، ثم إن
الشيخ النعماني نفسه قد روى حديثين آخرين:
أحدهما: عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضا، قال: (كأني أنظر إلى شيعتنا
بمسجد الكوفة، وقد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن كما أنزل) (50).
والثاني منهما: عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: (كأني بشيعة
علي في أيديهم المثاني يعلمون القرآن) (51).
وهذان الحديثان يعارضان الحديث المذكور.
وأوضح من ذلك قول الإمام الباقر عليه السلام: (إذا قام القائم من آل محمد
ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن على ما أنزله الله عز وجل، فأصعب ما يكون على



(48) نفس المصدر، ورواه أهل السنة في كتبهم المعتبرة. أنظر منها الدر المنثور 5: 179 عن جملة من كتب
الحديث.
(49) ونقل هذا في بعض المصادر عن نهاية الأصول للعلامة الحلي.
(50) الغيبة للنعماني: 317.
(51) الغيبة للنعماني: 318.
245
من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف) (52).
وليتأمل في قوله عليه السلام: (لأنه يخالف فيه التأليف) فإنه يفيد فيما
سيأتي.
أما الأحاديث المتبقية - 14 / 15 / 16 - فقد ضعفها الشيخ المجلسي جميعها (53)،
بالإضافة إلى أنه يجاب عنها بما يجاب عن نظائرها.



(52) روضة الواعظين: 265.
(53) مرآة العقول 5: 14، 29، 29.
246
الفصل الرابع
شبهات حول القرآن
على ضوء أحاديث الإمامية
وهناك شبهات تعرض للناظر في أحاديث الشيعة الإمامية حول القرآن
الحكيم، فعلينا بالرغم من ثبوت بطلان تلك الأحاديث المتقدمة وأمثالها، وعدم
صلاحيتها للاستناد إليها بالأدلة المذكورة على عدم وقوع التحريف في القرآن،
وبالأجوبة السالفة عن كل منها، أن نتعرض لتلك الشبهات، ونبين وجه اندفاعها:
الشبهة الأولى: تواتر أحاديث تحريف القرآن.
لما رأى بعض محدثي الإمامية كثرة الأحاديث المفيد نقصان القرآن، ووجد
كثيرا منها في المجاميع الحديثية المعروفة، عرضت لهم شبهة تواتر تلك الأحاديث
- ولا سيما الأخباريون الظاهريون ممن يرى صحة كل حديث منسوب إلى أئمة الهدى
عليهم السلام من غير تحقيق -.
1 - ومن هؤلاء المحدث الجزائري، فإنه قال في وجوه رده على القول بتواتر
القراءات: (الثالث: إن تسليم تواترها عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به
الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع
التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعرابا) (54).
ولكن يرده تصريح جماعة من كبار العلماء المحققين - وفيهم الأخباريون
الفطاحل - بأن أحاديث التحريف أخبار آحاد لا يمكن الركون إليها والاعتماد عليها في
هذه المسألة الاعتقادية.
فقد قال شيخ الطائفة: (غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة
والعامة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شئ منه من موضع إلى موضع، طريقها
الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها).



(54) الأنوار النعمانية 2: 357.
247
وقال الشيخ المجلسي: (إن الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع
على الله تعالى بصحتها).
وكذا قال غيرهما من أعلام الطائفة.
على أن كلام هذا المحدث نفسه يدل على أن دعواه تلك بعيدة كل البعد عما
نحن بصدده، لأنه يدعي التواتر في أحاديث التحريف بمختلف معانيه كلاما ومادة
وإعرابا.
ومن المعلوم: إن طائفة من الأحاديث جاءت ظاهرة في أن المسلمين حرفوا
القرآن من جهة المعنى دون اللفظ، وحملوا آياته على خلاف مراد الله تعالى، وإن طائفة
أخرى من الأحاديث جاءت ظاهرة في وقوع التحريف في القرآن نتيجة اختلاف
القراءات، إلى غير ذلك من طوائف الأحاديث الراجعة إلى تحريف القرآن، وتبقى
الطائفة الدالة منها على التحريف بمعنى (نقصان القرآن) وهو موضوع بحثنا، وقد ذكرنا
نحن طائفة من أهم تلك الأحاديث ونبهنا على ما فيها.
2 - الشيخ المجلسي في كتابه (مرآة العقول) فإنه قال بعد حديث قال إنه
موثق: (ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن
وتغييره. وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع
الاعتماد على الأخبار رأسا، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا تقصر عن أخبار
الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر).
ويرده كلامه هو في (بحار الأنوار) وقد تقدم نصه، على أن قوله: (وكثير من الأخبار
الصحيحة صريحة في نقص القرآن) غريب، فإن السيد المرتضى قال: (نقلوا أخبارا
ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته).
كما أنكر صحتها الطوسي شيخ الطائفة والمحدث الكاشاني، بل هو نفسه حيث
قال: (إن الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها)
ومن قبلهم قال شيخ المحدثين ما نصه: (إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه
صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين وما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذاك... ومن

248
نسب إلينا إنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب).
ولو كانت أحاديث النقيصة صحيحة ومقبولة لما قال الصدوق ذلك كما
لا يخفى. وأما قوله: (وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد على الأخبار رأسا) ففيه أن
قبول جميعها أيضا يوجب رفع الاعتماد على الأحاديث رأسا، على أنه - رحمه الله - قد
حكم في أكثر الأحاديث المخرجة في (الكافي) والمفيدة نقص القرآن إما بالضعف وإما
بالإرسال، كما تقدم ذلك كله.
ومن العجيب قوله: (بل ظني...) إذا إثبات الإمامية ليس دليله منحصرا
بالأحاديث حتى يقال ذلك، وكيف أن تلك الأحاديث لا تقصر عن أحاديث
الإمامة؟ وهل يقصد الكثرة في الورود؟ أو القوة في الدلالة، أو الصحة في الأسانيد؟!
3 - المحدث الحر العاملي، فإنه قال بعد أن روى حديثين عن تفسير العياشي:
(أقول: هذه الأحاديث وأمثالها دالة على النص على الأئمة عليهم السلام وكذا التصريح
بأسمائهم، وقد تواترت الأخبار بأن القرآن نقص منه كثير وسقط منه آيات لما
تكتب)، ويكفي لدفع دعوى التواتر هذه نصوص العلماء، وما تقدم نقله عنه في
الفصل والأول.
ولعل قوله - رحمه الله - بعد ذلك: (وبعضهم يحمل تلك الأخبار على أن ما
نقص وسقط كان تأويلا نزل مع التنزيل، وبعضهم على أنه وحي لا قرآن) يدل على
أنه لا يعتقد بوقوع التحريف في القرآن الشريف.
وكأنه إنما يدعي التواتر في هذه الأحاديث للاحتجاج بها على وجود النصوص
العامة على إمامة الأئمة عليهم السلام ولذا فإنه قال: (وعلى كل حال فهو حجة في
النص، وتلك الأخبار متواترة من طريق العامة والخاصة) (55).
والخلاصة أنه لا مجال لدعوى التواتر في أحاديث تحريف القرآن بهذا المعنى
المتنازع فيه.
الشبهة الثانية: إختلاف مصحف علي عليه السلام مع المصحف الموجود.
وتفيد طائفة من أحاديث الشيعة أن عليا أمير المؤمنين عليه السلام اعتزل الناس



(55) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 43.
249
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ليجمع القرآن العظيم، وفي حديث رواه الشيخ
علي بن إبراهيم القمي - رحمه الله تعالى - في تفسيره: إن عمله ذاك كان بأمر من النبي
صلى الله عليه وآله، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، حتى روي أنه عليه السلام لم يرتد
رداءه إلا للصلاة إلى أن فرغ من هذه المهمة.
وأضافت تلك الأحاديث - ومنها الحديث الثالث من الأحاديث المتقدمة
وحديثان رواهما الشيخ أبو منصور الطبرسي في (الاحتجاج) - أنه عليه السلام حمل
ذلك المصحف الذي جمعه إلى الناس وأخبرهم بأنه الذي نزل من عند الله سبحانه على
النبي الكريم صلى الله عليه وآله، ولكن الناس ردوه وأعرضوا عنه زاعمين أنهم في
غنى عنه، فعند ذلك قال الإمام عليه السلام: إنكم لن تروه بعد اليوم.
والذي يستنتجه الناظر في هذه الأحاديث مخالفة ما جمعه الإمام عليه السلام مع
القرآن الموجود، ولو لم يكن بعض ما فيه مخالفا لبعض ذلك المصحف لما حمله إليهم، ولما
دعاهم إلى تلاوته والأخذ به وجعله القرآن المتبع لدى جميع المسلمين.
ومن هنا تأتي الشبهة في هذا المصحف الذي بين أيدينا، إذا لا يشك مسلم في
أعلمية الإمام عليه السلام بالكتاب ودرايته بحقائقه وأسراره ودقائقه.
ولكن هذه الشبهة تندفع - بعد التسليم بصحة هذه الأخبار - بما ذكره جماعة من
أن القرآن الكريم كان مجموعا على عهد النبي صلى الله عليه وآله على ما هو عليه الآن،
ولم يكن في عهده مبثوثا متفرقا هنا وهناك حتى يحتاج إلى جمع، ويؤيد ذلك أن غاية
ما تدل عليه هذه الأحاديث هو المخالفة بين المصحفين إجمالا، وهي كما يحتمل أن تكون
بالزيادة والنقصان في أصل الآيات والسور المنزلة، كذلك يحتمل أن تكون:
أولا: بالاختلاف في الترتيب والتأليف، كما يدل عليه حديث (روضة
الواعظين) وذهب إليه جماعة، فقد قال السيد الطباطبائي: (إن جمعه عليه السلام
القرآن وحمله إليهم وعرضه عليهم لا يدل على مخالفة ما جمعه لما جمعوه في شئ من الحقائق
الدينية الأصلية أو الفرعية، إلا أن يكون في شئ من ترتيب السور أو الآيات من السور
التي نزلت نجوما، بحيث لا يرجع إلى مخالفة في بعض الحقائق الدينية.
ولو كان كذلك لعارضهم بالاحتجاج ودافع فيه ولم يقنع بمجرد إعراضهم عما

250
جمعه واستغنائهم عنه، كما روي عنه عليه السلام في موارد شتى، ولم ينقل عنه
عليه السلام فيما روي من احتجاجاته أنه قرأ في أمر ولايته ولا غيرها آية أو سورة تدل على
ذلك، وجبههم على إسقاطها أو تحريفها) (56).
وثانيا: بالاختلاف بالزيادة والنقصان من جهة الأحاديث القدسية، بأن
يكون مصحف الإمام عليه السلام مشتملا عليها، ومصحفهم خاليا عنها، كم
ذهب إليه شيخ المحدثين الصدوق حيث قال: (وقد نزل من الوحي الذي ليس
بقرآن ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبع عشرة ألف آية، وذلك قول جبرئيل
عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى يقول لك: يا محمد دار خلقي،
ومثل قوله: عش ما شئت فإنك ميت، واحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما
شئت فإنك ملاقيه، وشرف المؤمن صلاته بالليل وعزه كف الأذى عن الناس).
قال: (ومثل هذا كثير، كله وحي وليس بقرآن، ولو كان قرآنا لكان مقرونا
به وموصولا إليه غير مفصول عنه، كما كان أمير المؤمنين عليه السلام جمعه، فلما جاء به
قال: هذا كتاب ربكم كما أنزل على نبيكم، لم يزد فيه حرف ولا ينقص منه حرف،
قالوا: لا حاجة لنا فيه، عندنا مثل الذي عندك، فانصرف وهو يقول: فنبذوه وراء
ظهورهم واشتروا به ثمانا قليلا، فبئس ما يشترون) (57).
وثالثا: بالاختلاف بالزيادة والنقصان من جهة التأويل والتفسير، بأن يكون
مصحفه عليه السلام مشتملا على تأويل الآيات وتفسيرها، والمصحف الموجود خال عن
ذلك كما ذهب، إلى ذلك جماعة.
قال الشيخ المفيد: (ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين
عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتا منزلا، وإن لم
يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآنا،
قال الله تعالى: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني
علما) فسمى تأويل القرآن قرآنا، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير إختلاف، وعندي



(56) الميزان 12: 116.
(57) الاعتقادات: 93.
251
أن هذا القول أشبه) (58).
وقال المحدث الكاشاني: (ولا يبعد أيضا أن يقال: إن بعض المحذوفات كان
من قبيل التفسير والبيان، ولم يكن من أجزاء القرآن، فيكون التبديل من حيث المعنى،
أي: حرفوه وغيروه في تفسيره وتأويله، أعني: حملوه على خلاف ما هو به، فمعنى قولهم
عليهم السلام: (كذا أنزلت) أن المراد به ذلك، لا أنها نزلت مع هذه الزيادة في
لفظها، فحذف منها ذلك اللفظ.
ومما يدل على هذا ما رواه في (الكافي) بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام
أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير: وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا
حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال بعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم
تركهم للرعاية... الحديث.
وما رواه العامة: أن عليا عليه السلام كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ.
ومعلوم أن الحكم بالنسخ لا يكون إلا من قبيل التفسير والبيان، ولا يكون جزاءا
من القرآن، فيحتمل أن يكون بعض المحذوفات أيضا كذلك) (59).
وإلى ذلك ذهب السيد الخوئي - دام ظله - (60).
وقال الزنجاني: (ويظهر من بعض الرويات أن عليا أمير المؤمنين عليه السلام
كتب القرآن وقدم المنسوخ على الناسخ. خرج ابن أشته في المصاحف عن ابن سيرين:
أن عليا عليه السلام كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ وأن ابن سيرين قال: تطلبت
ذلك وكتبت فيه إلى المدينة فلم أقدر عليه. وقال ابن حجر: قد ورد عن علي
عليه السلام أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي صلى الله عليه وآله
وخرجه ابن أبي داود.
وفي شرح الكافي عن كتاب سليم بن قيس الهلالي: أن عليا عليه السلام بعد
وفاة النبي صلى الله عليه وآله لزم بيته وأقبل على القرآن يجمعه ويؤلفه فلم يخرج من



(58) أوائل المقالات في المذاهب المختارات، وكذا قال في غيره كما سيأتي عن تاريخ القرآن.
(59) الصافي 1: 46، علم اليقين: 130.
(60) البيان: 197.
252
بيته حتى جمعه كله، وكتب على تنزيله الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه.
ذكر الشيخ الإمام محمد بن محمد بن النعمان المفيد في كتاب الارشاد والرسالة
السروية: أن عليا قدم في مصحفه المنسوخ على الناسخ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات
وتفسيرها بالتفصيل.
يقول الشهرستاني في مقدمة تفسيره: كان الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -
متفقين على أن علم القرآن مخصوص لأهل البيت عليهم السلام، إذ كانوا يسألون علي بن
أبي طالب هل خصصتم أهل البيت دوننا بشئ سوى القرآن؟ فاستثناء القرآن
بالتخصيص دليل على إجماعهم بأن القرآن وعلمه وتنزيله وتأويله مخصوص بهم) (61).
وقال بعض الأعلام من أهل السنة: إن قرآن علي كان يشتمل على علم
كثير (62)، بل عن الإمام عليه السلام نفسه أنه قال للزنديق: أنه أحضر الكتاب كملا
مشتملا على التنزيل والتأويل، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، لم يسقط منه
حرف) (63).
الشبهة الثالثة: القرآن في عهد الإمام المهدي عليه السلام.
ومن الأحاديث المتقدمة وغيرها ما يفيد أن القرآن الكريم على عهد الإمام
الحجة المهدي المنتظر عليه السلام يختلف عما هو عليه الآن، وهذا يقضي - بلا ريب - إلى
الشك في هذا القرآن الموجود.
ولكن هذه الشبهة أيضا مندفعة، لعلمنا بضعف تلك الأحاديث، ومخالفتها
للكتاب والسنة والاجماع.
على أن المستفاد من هذه الأحاديث اختلاف قراءة أهل البيت عليهم السلام
مع القراءات المشهورة، إلا إنهم كانوا يمنعون عن تلك القراءة، ويأمرون شيعتهم
بقراءة القرآن كما يقرأ الناس حتى يظهر المهدي عليه السلام (64).



(61) تاريخ القرآن: 25 - 26.
(62) التسهيل لعلوم التنزيل 1: 3.
(63) الصافي 1: 42.
(64) نص على ذلك فقهاؤنا - رضي الله تعالى عنهم - في موسوعاتهم الفقهية في مبحث القراءة من كتاب الصلاة،
ولهم هناك بحوث طويلة.
253
وبعد، فليس لأصحاب الشبهة إلا أن يزعموا أن القرآن على عهده عليه السلام
هو نفس ما جمعه الإمام أمير المؤمنين - كما هو ظاهر بعض الأحاديث - إذا القول بأنه غيره
باطل قطعا، فالشبهة هذه إذا مبتنية على الشبهة السابقة، وهي مندفعة باندفاعها.
فالصحيح أن القرآن في عهده لا يختلف عن هذا القرآن الموجود من حيث
الألفاظ، وعلى ذلك علماؤنا - رضي الله تعالى عنهم - بل قد صرح شارح
(الكافي) بأنه: (يظهر القرآن بهذا الترتيب عند ظهور الإمام الثاني عشر
ويشهر به) (65).
الشبهة الرابعة: كائن في هذه الأمة ما كان في الأمم السالفة
إن التحريف قد وقع في التوراة والإنجيل، وقد ورد في الأحاديث عن النبي
الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أنه: (كائن في أمته ما كان في الأمم السالفة) بل
قال المحدث العاملي - بعد أن روى طرفا من تلك الأحاديث عن أكابر المحدثين
كالصدوق والكليني -: (والأحاديث في ذلك كثيرة متواترة بين الشيعة
والسنة) (66).
وقال السيد الطباطبائي: (هي متضافرة أو متواترة) (67).
ومقتضى المماثلة المذكورة ينبئ عن وقوع التحريف في القرآن الكريم كما
وقع في العهدين، وهذا يوجب الشك في هذا القرآن الموجود بين المسلمين. وقد أجاب
السيد الخوئي - دام ظلة الشريف - (68) عن هذه الشبهة بوجوه نلخصها فيما يلي:
الأول: (إن هذه الأحاديث أخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا، ودعوى
التواتر فيها جزافية لا دليل عليها، ولم يذكر من هذه الروايات شئ في الكتب
الأربعة)، ولكن إنكار تواتر هذه الأحاديث لا يفيد في الشبهة.
وقوله: (لم يذكر...)



(65) الفصول المهمة للسيد شرف الدين: 166.
(66) الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: 111، أنظر من لا يحضره الفقيه ص: 54 الطبعة القديمة.
(67) الميزان 12: 120.
(68) البيان 220 - 221.
254
فيه: إن منها ما أخرجه الصدوق في (من لا يحضره الفقيه)، فقد قال المحدث
العاملي أنه رحمه الله: (قال في باب فرض الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وآله:
يكون في هذه الأمة كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذة
بالقذة) (69).
الثاني: لو سلم تواتر هذه الأحاديث في السند وصحتها في الدلالة لما ثبت بها
أن التحريف قد وقع فيما مضى من الزمن، فلعله يقع في المستقبل زيادة ونقيصة ولكن
تجويز وقوع ذلك سواء الماضي أو المستقبل، ينافي ما تقدم من الأدلة القويمة والشواهد
الرصينة على امتناعه، لا سيما وأن الله سبحانه قد وعد وضمن حفظ القرآن إلى يوم
القيامة.
الثالث: إن المراد بالمماثلة والمشابهة ليس من جميع الوجوه، وأنها المراد بها
المماثلة من بعض الوجوه.
وبهذا الجواب اكتفى السيد الطباطبائي (70) وهو الصحيح، فإن كثير من
القضايا التي وقعت في الأمم السالفة لم تقع في هذه الأمة، وبعضها لن يقع أصلا،
ومنها ما سيقع في المستقبل قطعا.



(69) الايقاظ: 99.
(70) الميزان 12: 121 - 122.
255
الفصل الخامس
الرواة لأحاديث التحريف من
الشيعة
لقد كان بحثنا حتى الآن يدور حول الأحاديث التي وردت في كتب الشيعة
الإمامية وهي تفيد - بظاهرها - تحريف القرآن، بمعنى نقصانه وضياع شئ مما نزل على
النبي صلى الله عليه وآله.
والآن يجدر بنا أن ننظر في الكتب التي أخرجت تلك الأحاديث فيها،
والعلماء الذين رووها، لنرى مدى صحة التمسك بهذه الأحاديث من هذه الجهة.
وقبل الخوض في البحث يجب أن ننبه على أمور:
أولا: إن رواية الخبر مطلقا أعم من قبوله والاعتقاد بمضمونه، فقد عني محدثوا
الشيعة منذ القرون الأولى بجمع الروايات الواصلة إليهم عن الأئمة، وتبويبها وتنظيمها،
صونا لها من الضياع والنسيان وما شابه ذلك، من غير نظر في متونها وأسانيدها ولذا
تجد في روايات الواحد منهم ما يعارض ما رواه الآخر، بل تجد ذلك في أخبار الكتابين
بل الكتاب الواحد للمؤلف الواحد، وترى المحدث يروي في كتابه الحديثي خبرا ينص
على عدم قبول مضمونه في كتابه الاعتقادي، لذلك، فالرواية أعم من القبول
والتصديق بالمضمون.
فلا يجوز نسبة مطلب إلى راو أو محدث بمجرد روايته أو نقله لخبر يدل على ذاك
المطلب، إلا إذا نص على الاعتقاد به أو أورده في كتب التزم بصحة أخباره، أو ذكره
في كتاب صنفه في بيان اعتقاداته.
وهل يوجد عند الشيعة كتاب التزم فيه مؤلفه بالصحة من أوله إلى آخره؟
الجواب: لا، وهذا هو الأمر الثاني.
ثانيا: إنه لا يوجد كتاب واحد من بين كتب الشيعة وصفت أحاديثه جميعها
بالصحة، وقوبلت بالتسليم والقبول لدى الفقهاء والمحدثين، ولذا نجد أن أحاديث الشيعة

256
- وحتى الواردة في الكتب الأربعة (71)، التي عليها المدار في استنباط الأحكام الشرعية
قد تعرضت لنقد علماء الرجال وأئمة الجرح والتعديل، فكل خبر اجتمعت فيه
شرائط الصحة، وتوفرت فيه مقتضيات القبول أخذ به، وكل خبر لم يكن بتلك المثابة رد
أيا كان مخرجه وراويه والكتاب الذي أخرج فيه (72).
ولنأخذ مثالا على ذلك كتاب (الكافي) (73)، الذي هو أهم الكتب الأربعة
وأوثقها لدى هذه الطائفة، وهو الذي أثنى عليه العلماء والمحدثون والفقهاء وتلقوه بيد
الاحترام والتعظيم، فإن العلماء وزعوا أحاديثه وهي (16199) حديثا على أساس
تصنيف الأحاديث إلى الأقسام الخمسة (74) على النحو التالي:
الصحيح منها: 5072 حديثا.
والحسن: 144 حديثا.
والموثق: 1118 حديثا.
والقوي: 302 حديثا.
والضعيف: 9485 حديثا (75).
فقد لوحظ أن أكثرها عددا الأحاديث الضعيفة، ويمكن الاطلاع على ذلك
بمراجعة كتاب (مرآة العقول في شرح الكافي) (76) للشيخ المجلسي، فإنه شرح الكتاب
المذكور على أساس النظر في أسانيده، فعين الصحيح منها والضعيف والموثق والمرسل
على ضوء القواعد المقررة لتمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها.



(71) هي: الكافي للكليني، من لا يحضره الفقيه للصدوق، التهذيب والاستبصار للطوسي.
(72) مقباس الهداية في علم الرواية.
(73) يقع في ثمانية أجزاء: اثنان منها في الأصول، وخمسة منها في الفروع والثامن الروضة.
(74) وهي علي أقسام، ويراجع للوقوف على تعريف كل قسم وأقسامه كتب الدراية لدى الشيعة ككتاب
الدراية للشيخ الشهيد الثاني، والوجيزة للشيخ البهائي وشروح الوجيزة، ومقياس الهداية لشيخنا الجد المامقاني
وغيرها.
(76) دراسات في الكافي والصحيح للحسني، عن المستدرك للمحدث النوري 3: 541.
(76) وكذا فعل المحدث الجزائري في شرح التهذيب، قال المحدث النوري: (والعجب من العلامة المجلسي
وتلميذه المحدث الجزائري مع عدم اعتمادهما بهذا النمط الجديد خصوصا الثاني، وشدة إنكاره على من أخذه
بينا في شرحيهما على التهذيب والأول في شرحه على الكافي أيضا على ذلك فصنعا بهما ما أشار إليه في
الرواشح، ولم أجد محملا صحيحا لما فعلا) المستدرك 3: 771.
257
وهذا كله دليل على أن أحاديث (الكتب الأربعة) غير قطعية الصدور عن
النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام عند الإمامية، إلا أنه يبدو أنه هناك
جماعة قليلة ذهبوا إلى القول بذلك، ولكنه قول مردود:
قال المحقق الشيخ الأنصاري: (ذهب شرذمة من متأخري الأخباريين فيما
نسب إليها إلى كونها قطعية الصدور).
قال: (وهذا قول لا فائدة في بيانه والجواب عنه إلا التحرز عن حصول هذا
الوهم لغيرهم كما حصل لهم، وإلا فمدعى القطع لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه، وقد
كتبنا في سالف الزمان في رد هذا القول رسالة تعرضنا فيها لجميع ما ذكروه وبيان
ضعفها بحسب ما أدى إليه فهمي القاصر) (77).
وقال شيخنا الجد المامقاني: (وما زعمه بعضهم من كون أخبارها - أي الكتب
الأربعة - كلها مقطوعة الصدور، استنادا إلى شهادات (78) سطرها في مقدمة الحدائق،
لا وجه له كما أوضحناه في محله) (79).
وتبعهما السيد الخوئي حيث قال: (ذهب جماعة من المحدثين إلى أن روايات
الكتب الأربعة قطعية الصدور وهذا القول باطل من أصله، إذا كيف يمكن دعوى
القطع لصدور رواية رواها واحد عن واحد ولا سيما أن في رواة الكتب الأربعة من هو
معروف بالكذب والوضع على ما ستقف عليه قريبا وفي موارده إنشاء الله تعالى) (80)
ومن قبلهم قال السيد المجاهد الطباطبائي بعد كلام طويل: (وبالجملة:
دعوى قطعية ما في الكتب الأربعة مما لا ريب في فسادها) (81). فهذه الكلمات
وغيرها صريحة في عدم قطعية صدور أحاديث الكتب الأربعة، وأما بالنسبة إلى تاريخ
تصنيف الأحاديث، فقد قال المحدث البحراني: (قيل: إن أول من نوع الأخبار هو
(العلامة) أو شيخه (ابن طاووس) - رحمهما الله - وأما المتقدمون فكانوا يأخذون بجميع



(77) الرسائل: 67.
(78) أجاب عنها السيد حسن الصدر في شرح الوجيزة في علم الدراية.
(79) مقباس الهداية الطبوع في آخر تنقيح المقال في علم الرجال.
(80) معجم رجال الحديث 1: 36.
(81) مفاتيح الأصول للسيد محمد الطباطبائي الحائري.
258
الأخبار المدونة في (الكتب الأربعة) وغيرها من (الأصول) معتقدين بصحتها أجمع.
وهذا مما دعا إلى الخلاف بين الأخباريين والمجتهدين) (82).
وتقدم عن المحدث النوري تعبيره عن هذا التنويع ب‍ (النمط الجديد) فهذان
المحدثان وغيرهما يزعمان أن هذا التنويع يختص بالمتأخرين المجتهدين وأن قدماء
الأصحاب كانوا يعتقدون بصحة أحاديث (الأصول الأربعمائة) التي منها ألفت
(الكتب الأربعة).
ولكن الظاهر أن هذه الدعوى لا أساس لها من الصحة، فقد أجاب عنها
شيخنا الجد - رحمه الله تعالى - بقوله: (وقد زعم القاصرون من الأخباريين اختصاص
هذا الاصطلاح بالمتأخرين الذين أولهم (العلامة) رحمه الله علي ما حكاه جمع منهم
الشيخ البهائي رحمه الله في (مشرق الشمسين) أو (ابن طاووس) كما حكاه بعضهم،
فأطالوا التشنيع عليهم بأنه اجتهاد منهم وبدعة.
ولكن الخبير المتدبر يرى أن ذلك جهل منهم وعناد، لوجود أصل الاصطلاح
عند القدماء ألا ترى إلى قولهم: لفلان كتاب صحيح، وقولهم: أجمعت العصابة على
تصحيح ما يصح عن فلان، وقول الصدوق رحمه الله: كلما صححه شيخي فهو عندي
صحيح، وقولهم: فلان ضعيف الحديث، ونحو ذلك.
فالصادر من المتأخرين تغيير الاصطلاح إلى ما هو أضبط وأنفع تسهيلا للضبط
وتمييزا لما هو المعتبر منها عن غيره) (83).
وأما قول المحدث البحراني: (فأما المتقدمون...) ففيه: إن الأمر ليس
كذلك، بل ربما طعن الشيخ المفيد والشيخ الصدوق في بعض أحاديث الشيخ
الكليني، وطعن الشيخ الطوسي في بعض أحاديث الصدوق والكليني (84).



(82) تلخيص مقدمات الحدائق للمؤلف.
(83) مقباس الهداية في علم الدراية.
(84) راجع: مفاتيح الأصول، وأوثق الوسائل، وقد بحث صاحب هذا الكتاب الموضع من جميع جوانبه من ص
122 إلى ص 136 فراجعه فإنه جدير بالملاحظة.
هذا وذهب السيد الخوئي في (رجاله) إلى أن أخبار الكتب الأربعة ليس قطعية الصدور، بل ليس كلها
صحيحا، وأثبت أن المتقدمين، من المحدثين أيضا كانوا يعتقدون نفس هذا الاعتقاد بالنسبة إلى (الأصول)
و (الكتب الأربعة)، واستنتج من جميع ذلك: أن أخبار هذا الكتاب لا بد من النظر في سند كل منها، فإن
توفرت فيه شروط لحجية أخذ به وإلا فلا، كما فعل الشيخ المجلسي والمحدث الجزائري بالنسبة إلى (الكافي)
و (التهذيب).
259
فإذا كان الأمر كذلك فيما بينهم - وهم أصحاب الكتب الأربعة - فكيف
بالمتأخرين منهم المجددين لفكرة تنويع الأحاديث، والنظر في الأسانيد الواردة في كافة
الكتب.
وهذا بحث واسع متشعب الأطراف نكتفي منه بهذا المقدار بمناسبة المقام فمن
أراد التوسع فيه فليراجع مظانه من كتب الدراية والرجال.
والخلاصة: إن المحققين من الإمامية على أن وجود أي حديث في أي كتاب
من كتب الشيعة لا يبرر بمجرده الأخذ به والاعتقاد بصحة مدلوله، إذ ليس عندهم
كتاب التزم فيه مؤلفه بالصحة أبدا، بحيث يستغني بذلك الباحث عن النظر في
أسانيد أحاديثه والفحصة عن رجاله وما قيل فيهم من الجرح والتعديل.
وهذا بخلاف أهل السنة فإن لهم كتبا سموها ب‍ (الصحاح) وأهمها عند
أكثرهم (صحيح البخاري) إعتقد جمهورهم بصحة ما أخرج فيها، وقالوا في كتبهم
الرجالية: من خرج له في الصحيح فقد جاز القنطرة، كما التزم أصحابها وبعض
أصحاب (المسانيد) في كتبهم بالصحة.
ثالثا: إنه على فرض وجود هكذا كتاب لدى الشيعة فإنه لا يجوز أن ينسب
معتقد مؤلفه إلى الطائفة كلها لأنه قد يكون قوله بصحة تلك الأخبار أو ذهابه إلى أحقية
ذاك المعتقد مبنيا على أسس غير صحيحة لدى غيره كالقول بقطعية صدور أخبار
الكتب الأربعة المذكورة سابقا والمنسوب إلى مجموعة من متأخري الأخباريين وهو
باطل كما عرفت وستعرف، فإنه يستلزم القول بالتحريف - لوجود ما يدل عليه فيها، بعد
عدم قبول حملها على بعض الوجوه - إذن لا يجوز إضافة معتقد لأحد العلماء وإن كان في
غاية الشهرة والجلالة إلا في حال موافقة جمهور علماء الطائفة معه فيه أو قولهم بصحة كل
ما ورد في ذلك الكتاب كما هو الحال عند أهل السنة بالنسبة إلى الصحاح الستة
والصحيحين بصورة خاصة.
رابعا: إن مما لا ريب فيه وجود أحاديث مزورة باطلة تسربت إلى الآثار

260
الإسلامية بصورة عامة، فقد تهاون الصحابة - إلا القليل منهم - في صدر الإسلام في
تدوين الأحاديث النبوية، بل قد امتنع بعضهم من ذلك وكرهه ومنع الآخرين
بالأساليب المختلفة، لأغراض مذكورة ليس هذا موضع إيرادها.
ثم لما أخذوا بالتدوين خبطوا خبط عشواء، وخلطوا الغث بالسمين، الصحيح
بالسقيم وأخذوا من أفواه أناس مشبوهين، وكتبوا عن أفراد كذابين، حتى كثرت
الأحاديث المدسوسة والموضوعة على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الأمر الذي
اضطر علماء الحديث من أهل السنة إلى وضع كتب تمكنوا فيها من جمع مقدار كبير من
تلك الموضوعات، ومن ناحية أخرى ألفوا كتبا أوردوا فيها الأحاديث الصحيحة
فحسب، وذلك بحسب اجتهاداتهم وآرائهم في الرجال وغير ذلك.
ولكن الواقع أن أولئك وهؤلاء لم يكونوا موفقين كل التوفيق في عملهم ذاك
ولم يكونوا معصومين من الخطأ، بل لم يكن بعضهم مخلصا في قيامه بتلك المهمة، إذا لم
تخل الكتب التي وضعوها لجمع (الموضوعات) من الأحاديث الصحيحة، كما لم
تسلم الكتب التي سموها ب‍ (الصحاح) من الأحاديث الموضوعة هذا حال الأحاديث
لدى أهل السنة باختصار.
وكذا الحال في أحاديث الإمامية، فما أكثر الأحاديث المدسوسة في كتبهم من
قبل المخالفين وأصحاب المذاهب والآراء الفاسدة، ولقد كان في زمن كل إمام من الأئمة
عليهم الصلاة والسلام من يضع الأحاديث على لسان وينسبها إليه وينشرها بين الشيعة
ويضعها في متناول أيدي روايتهم حتى تسربت إلى مجاميعهم الحديثية، فقد قال الإمام
الصادق عليه السلام: (إن لكل رجل منا رجل يكذب عليه) (85).
ولذا فإنهم عليهم السلام جعلوا الكتاب والسنة ميزانا لأحاديثهم يعرض
عليهما ما روي عنهم فما وافقهما أخذ به، وما خالفهما رد على صاحبه.
فالذي نريد أن نقوله هنا هو: أن احتمال الدس والتزوير يدفع حجية كل خبر
ويمنع من الاعتماد عليه ويفسد اعتباره (حتى ما كان منها صحيح الإسناد، فإن صحة
السند وعدالة رجال الطريق إنما يدفق تعمدهم الكذب دون دس غيرهم في أصولهم



(85) المعتبر في شرح المختصر للمحقق الحلي.
261
وجوامعهم ما لم يرووه) (86).
وإذ انتهينا مما مهدناه نقول: إن الذي أنتجه بحثنا الطويل وفحصنا الدقيق في
كتب الشيعة الإمامية هو: أن المعروف والمشهور بينهم هو القول بعدم تحريف الكتاب،
فإنه رأي حوالي 85 % من أعلام هذه الطائفة، منذ أكثر من ألف سنة حتى يومنا
الحاضر، بين مصرح بذلك ومؤلف فيه ومؤول لما ينافيه بظاهره، بل هو رأي من
كتب في الإمامة ولم يتعرض للتحريف.
وإن من أهم الكلمات في هذا الباب قولا وقائلا كلمة الشيخ محمد بن علي بن
بابويه المقلب بالصدوق المتوفى سنة (381 ه‍) المتقدمة في (الفصل الأول) (87)
وذلك:
أولا: لقرب عهده بزمن الأئمة عليهم السلام وأصحابهم، فلو كان الأئمة
وتلامذتهم قائلين بالتحريف لم قال ذلك.
وثانيا: لكون من علماء الحديث بل رئيس المحدثين، فلو كانت الأحاديث
الظاهرة في التحريف مقبولة لدى الطائفة لما قال ذلك.
وثالثا: لأنها كلمة صريحة وقاطعة جاءت في رسالة اعتقادية كتبها على ضوء
الأدلة المتينة من الكتاب والسنة في حال أنه بنفسه يروي بعض أخبار التحريف في
كتبه الحديثية مثل (ثواب الأعمال) و (عقاب الأعمال).
ورابعا: لموافقة الأعلام المتأخرين عنه إياه في هذا الاعتقاد، لا سيما الشيخ
المفيد الذي كتب شرحا علي عقائد الصدوق وخالفه في كثير من المسائل.
وكيف ينسب إلى الشيعة قول يتفق على خلافه:
أبو جعفر الصدوق (381).
والمفيد البغدادي (413).
والشريف المرتضى (436).
والشريف الرضي (406).



(86) الميزان في تفسير القرآن 12: 115.
(87) والكلمة هي (إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين، وهو ما في
أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك... ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب).
262
وأبو جعفر الطوسي (460).
وأبو علي الطبرسي (548).
وابن شهرآشوب (588).
وابن إدريس الحلي (598).
والعلامة الحلي (726).
والزين البياضي (877).
والمحقق الكركي (940).
والشيخ فتح الله الكاشاني (988).
والشيخ بهاء الدين العاملي (1030).
والعلامة التوني (1071).
والفاضل الجواد.
والسيد نور الله التستري (1019).
والفيض الكاشاني (1091).
والشيخ الحر العاملي (1104).
والشيخ محمد باقر المجلسي (1111).
والسيد علي خان المدني (1118).
والسيد الموسوي الخونساري (1157).
والسيد بحر العلوم (1212).
والشيخ كاشف الغطاء (1228).
السيد الأعرجي الكاظمي، شارح الوافية (1228).
والسيد محمد الطباطبائي (1242).
والكرباسي، صاحب الإشارات (1262).
والسيد حسين التبريزي (1299).
والسيد مهدي صاحب منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية (1300)؟
وإليه ذهب المتأخرون أمثال:

263
المحقق التبريزي صاحب (أوثق الوسائل في شرح الرسائل).
والسيد محمد باقر الطباطبائي صاحب (المنظومة في علم الكلام).
والسيد محمد حسين الشهرستاني صاحب (رسالة في حفظ الكتاب الشريف
عن شبهة القول بالتحريف).
والشيخ محمد النهاوندي الخراساني صاحب التفسير.
والشيخ محمد حسن الآشتياني صاحب حاشية الرسائل.
والشيخ محمود بن أبي القاسم صاحب (كشف الإرتياب في عدم تحريف
الكتاب).
والسيد محمد الشهشهاني صاحب (العروة الوثقى).
والشيخ محمد حسن المامقاني صاحب (بشرى الوصول).
والشيخ عبد الله المامقاني صاحب (تنقيح المقال).
والشيخ أبي الحسن الخنيزي صاحب (الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنة
والإمامية).
والشيخ محمد جواد البلاغي صاحب (آلاء الرحمن في تفسير القرآن).
والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء صاحب (أصل الشيعة وأصولها).
والشيخ عبد الحسين الرشتي النجفي صاحب (كشف الاشتباه في الرد على
موسى جار الله).
والسيد محسن الأمين العاملي صاحب (نقض الوشيعة في الرد على موسى
جار الله).
والسيد عبد الحسين شرف الدين صاحب (أجوبة مسائل جار الله).
والشيخ عبد الحسين الأميني صاحب (الغدير).
والشيخ آغا بزرك الطهراني صاحب (النقد اللطيف).
والسيد هبة الدين الشهرستاني صاحب (تنزيه التنزيل).
والسيد محمد هادي الميلاني جدنا الراحل في فتوى له.
والشيخ محمد علي الأوردبادي الغروي صاحب (بحوث في علوم القرآن).

264
والشيخ أبو الحسن الشعراني صاحب (الحاشية على الوافي).
والشيخ محمد رضا المظفر صاحب (عقائد الإمامية).
والسيد محمد حسين الطباطبائي صاحب (الميزان في تفسير القرآن).
والسيد أبو القاسم الخوئي - دام ظله - صاحب (البيان في تفسير القرآن).
نعم هناك في بعض الكلمات نسبته إلى (المحدثين) من علماء الشيعة، وقد
بذلنا الجهد في التحقيق حول مدى صحة هذه النسبة، وراجعنا ما توفر لدينا من الكتب
والكلمات بإمعان وإنصاف، فلم نجد دليلا على ذلك ولا وجها مبررا له، بل هو حدس وتخمين
أو ذهول عن الواقع إن لم يكن تعصب.
والتحقيق: إن (المحدثين) من الشيعة الإمامية الرواة لأخبار التحريف على
ثلاث طوائف:
فطائفة يروون من الأخبار الظاهرة في التحريف في كتبهم الحديثية
ولا يعتقدون بمضامينها، بل يؤولونها أو يجمعون بينها وبين ما يدل على النفي ببعض
الوجوه، ومنهم من ينص على اعتقاده بخلافها أو بما يستلزم هذا الاعتقاد، وعلى رأسهم
الشيخ الصدوق.
وطائفة يروونها ولا وجه لنسبة القول بالتحريف إليهم إلا أنهم يروونها وعلى
رأسهم الشيخ إن لم نقل بأنه من الطائفة الأولى الكليني.
وطائفة يروونها وينصون على اعتقادهم بمداليلها وإيمانهم بمضامينها، وعلى
رأسهم الشيخ علي بن إبراهيم القمي إن تمت النسبة إليه.
وبهذا يتبين أنه لا يجوز نسبة القول بالتحريف إلا إلى هذه الطائفة من
(المحدثين) من الإمامية، وقد وافقهم من شذ من (الأصوليين) على تفصيل وهو الشيخ
النراقي.
ومن الواضح أنه لا ينسب رأي عدة قليلة من أعلام الطائفة تقدر بحوالي
5 % إلى الطائفة كلها في مسألة من المسائل.
للبحث صلة...

265
ما ينبغي نشره من التراث
(4)
(17)
الأسرار الخفية في العلوم العقلية
من الحكمية والكلامية والمنطقية
للعلامة الحلي جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، المتوفى
سنة 726 ه‍، تلميذ المحقق نصير الدين الطوسي.
قال شيخنا - رحمه الله - في الذريعة 2 / 45: (ألفه باسم هارون بن شمس
الدين الجويني، الذي توفي سنة 685، رأيت النسخة بخطه الشريف في الخزانة
الغروية).
أقول: وهي الآن في مكتبة آية الله الحكيم العامة، في النجف الأشرف، برقم
179.
2 - مخطوطة كتبت سنة 734 ه‍، في مكتبة السلطان أحمد الثالث في طوپ
قپوسراي، في إسلامبول، رقم 3254.
3 - مخطوطة كتبت سنة 744 ه‍، فيها من الطبيعيات إلى نهاية الكتاب، في
مكتبة فيض الله، في إسلامبول، رقم 2182.
4 - مخطوطة كتبت في النجف الأشرف سنة 773 ه‍، في مكتبة كوپرلي، في
إسلامبول، رقم 862، وفي نهايتها: (بلغ مقابلة وتصحيحا).
فهرس مكتبة كوپرلي 1 / 422.

266
(18)
الانصاف والانتصاف
لأهل الحق من الإسراف
تأليف بعض أعلام القرن الثامن رد به مخاريق ابن تيمية ومهاجماته الظالمة
على الطائفة وعناده للحق، فرغ من تأليفه سنة 757 ه‍.
1 - نسخة مكتوبة في حياة المؤلف، في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام، في
مشهد، رقم 5643.
2 - نسخة في دار الكتب الوطنية (كتابخانه ملي) في طهران، رقم 485 ع.
3 - نسخة في مكتبة كلية الحقوق في جامعة طهران، رقم 130 ج.

267
تفسير ابن فارس
(1)
الدكتور هادي حسن حمودي
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
لا نعرف كتابا، على مدار التاريخ، نال من الحظوة والعناية والتأثير، ما ناله
القرآن العزيز، حتى أنه يمكن القول: إن من وجوه إعجاز القرآن كثرة ما كتب فيه
وعنه، وعمق تأثيره في حياة الناس منذ أن ظهر وإلى أيامنا هذه، بل وإلى ما شاء الله
سبحانه وتعالى.
ولعل من نافلة القول أن نقرر أن جميع اللغات الحية في العالم تحتفل بتراث
غزير، كتبه أكابر العلماء في موضوع القرآن وعلومه وتأثيره.
وبدهي أن تكون عناية المسلمين بهذا الكتاب العظيم، عناية تناسب مكانته
في نفوسهم، ودوره الخطير في صياغة حياتهم، باعتباره دستورهم الذي لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه. وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن أردتم عيش
السعداء، وموت الشهداء، والنجاة يوم الحشر، والظل يوم الحرور، والهدى يوم
الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنه كلام الرحمن، وحرز من الشيطان، ورجحان في
الميزان) (1). ويصفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقول: (كتاب الله: تبصرون به،
وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على



(1) الأمالي للطوسي 4.
268
بعض...) (2). ويذكره الإمام الصادق عليه السلام ذكر التقديس والاجلال، داعيا
إلى مدارسته والتفكر فيه، قائلا: (إن هذا القرآن فيه منار الهدى، ومصابيح الدجى،
فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي
المستنير في الظلمات بالنور) (3)... إلى غير ذلك من أحاديث كثيرة تجدها مبسوطة في
مظانها، وكلها حث على تعلم القرآن، وتعليمه، والتمكث في أفيائه الظليلة. مما كان
له تأثير في نفوس أجله علماء التراث الاسلامي الباذخ، بحيث لا يخلو تراث أي عالم منهم
من جهود تصب في هذا التيار القرآني المتصاعد، كما ونوعا.
ولقد وجدنا في بيئة اللغويين توجها خاصا يتمثل في الاستفادة من آيات
القرآن العظيم في فهم المعاني اللغوية للألفاظ، على سبيل الاسترشاد والاستشهاد.
ومن هؤلاء العلماء أحمد بن فارس الذي وجدنا عنده نهجا خاصا في تفسير
القرآن العزيز، نهجا ينبني على نظر صاف إلى النص القرآني المقدس، في التبين
والاستبانة (4). ولقد عن لي - وأنا أتابع تراث هذا العالم الجليل - أن له في كتبه
المتبقية، ما يمكن أن يشكل رؤية تفسيرية ذات نفع لهذه الأمة الناهضة التي تروم
تجديد عهدها بكتابها الأول الذي تدور في كونه الرحيب سائر الكتب.
لذا عكفنا على ما تبقى من تراث ابن فارس، نستخرج منه تفسيره للقرآن
سواء ما كان معدودا في الجانب النظري، أم ما كان في الجانب التطبيقي العملي. حتى
استقام لنا هذا التفسير، الذي نأمل أن يكون ذا فائدة للقارئ الباحث الغيور على تراثه
الجليل.
وإني - في هذا التقديم - أصبو إلى أن تتقبل مؤسسة آل البيت عليهم السلام،
بالغ شكري وتقديري، على اهتمامها بهذا التفسير، سائلا المولى القدير أن يوفق الجميع
إلى ما يحب ويرضى.
د. هادي حسن حمودي



(2) نهج البلاغة، الخطبة رقم 133.
(3) الكافي 2 / 138.
(4) تنظر رسالتنا: AHMAD IBN FARS et sa me thode linguistique المقدمة إلى جامعة
السوربون - باريس [165. chap. 1.. par. 11. p]
269
المفسر (5)
هو أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب القزويني الرازي اللغوي. لم ينص
القدماء على سنة ولادته، غير أننا إذا ما افترضنا أنه توفي في سنة (395 ه‍) على ما هو
المتيقن، ونظرنا في أحداث حياته الحافلة، أيقنا أنه عمر عمرا مديدا ربما شمل القرن
الرابع للهجرة كله، منذ عقده الأول، يسعفنا في هذا أنه ذكر أخذه العلم عن أبي
الحسن علي بن إبراهيم القطان منذ سنة 332 ه‍، وأنه روى عنه كتاب العين، مما يدل
على أن ابن فارس كان آنذاك في ريعان شبابه واكتمال مداركه بحيث إنه كان يروي
عن عالم ثبت ثقة مستوعبا ما يرويه عنه. لذا فإن من الراجح أنه قد ولد في العقد الأول
من القرن الرابع. ولا نستطيع الجزم بالسنة التي ولد فيها، ونميل إلى ما ذهب إليه بعض
الأقدمين من ترجيح أن ولادته كانت ما بين سنتي (306 - 308 ه‍).
موطنه:
كان ابن فارس كثير الترحال، ما يستقر ببلدة إلا ليرتحل إلى أخرى طالبا
للعلم، أو شيخا لهذا وذاك من رجالات القرن الرابع، ولا تقدم لنا المصادر الموثقة
شيئا ذا بال عن تفاصيل نشأته، وأطوار حياته، ثم إنها اختلفت في تحديد موطنه، وقد
لخص القفطي ذلك، الاختلاف بقوله: (... واختلفوا في وطنه، فقيل: كان من
قزوين، ولا يصح ذلك، وإنما قالوه لأنه كان يتكلم بكلام القزاونه...) (6). ونص
ابن تغري بردي على أنه ولد في قزوين (7)، وكذا قرر السيوطي (8) والحافظ



(5) ينظر: نزهة الألباء 220، يتيمة الدهر 3 / 400، إنباه الرواة 1 / 94، معجم الأدباء 4 / 80، وفيات الأعيان
1 / 100، شذرات الذهب 3 / 132، البداية والنهاية 11 / 335، النجوم الزاهرة 4 / 212، الديباج المذهب
36، الفلاكة والمفلوكون 108، المختصر في أخبار البشر 4 / 28، أعيان الشيعة 216 / 217. تنقيح المقال في
علم الرجال 1 / 76، ومقدمتنا لكتاب مجمل اللغة 1 / 11 - 140.
(6) إنباه الرواة 1 / 96.
(7) النجوم الزاهرة 4 / 212.
(8) بغية الوعاة 153.
270
السلفي (9).
غير أن الاستقراء يهدينا إلى أن رأي القفطي هو الأرجح، فقد نقل الرواة أن
آتيا أتاه فسأله عن وطنه، فقال: كرسف، فتمثل الشيخ:
بلاد بها شدت علي تمائمي وأول أرض مس جلدي ترابها (10)
فهو - إذن - من قرية كرسف جياناباد، من رستاق الزهراء من همدان لا من
قزوين.
وفاته:
كما اختلف المؤرخون في ولادته وموطنه، اختلفوا في تحديد سنة وفاته، فمن قائل
إنه توفي في سنة 357 ه‍ (11)، وقائل إنه توفي في سنة 369 ه‍ (12)، إلى قائل إنه توفي في
سنة 390 ه‍ (13). ونجد أنفسنا إلى اطراح هذه الأقوال أميل، وذلك أن ابن فارس
كتب (الصاحبي) في المحمدية في الري سنة 382 ه‍ (14) ولأنه كتب (الفصيح)
بخط كفه - بحسب تعبير ياقوت - سنة 391 ه‍ (15)، وفي مخطوطة (الفصيح) أنه كتبه
سنة 393 ه‍ (16)، فإذا كان ابن فارس حيا سنة 391 ه‍ أو سنة 393 ه‍ حينما كتب
(الفصيح)، فنحن ملزمون بالأخذ بالرأي الذي أجمعت عليه معظم المصادر، القائل إنه
توفي في سنة 395 ه‍ (17).
كتبه وتآليفه:
عرف ابن فارس بحسن التأليف (18) وكثرة المؤلفات، على الرغم من ظروف



(9) ينظر: معجم الأدباء 4 / 82.
(10) ن. م 4 / 92.
(11) الديباج المذهب 33.
(12) الكامل 8 / 117، معجم الأدباء 4 / 80، المنتظم 7 / 103.
(13) المختصر 4 / 80، شذرات الذهب 3 / 132، البداية والنهاية 11 / 328.
(14) الصاحبي 17.
(15) معجم الأدباء 4 / 82.
(16) تمام فصيح الكلام 16.
(17) البداية والنهاية 11 / 335، إنباه الرواة 1 / 95، النجوم الزاهرة 4 / 212، طبقات المفسرين 4.
(18) ينظر نزهة الألباء 220، يتيمة الدهر 3 / 400، إنباه الرواة 1 / 92، وغيرها.
271
حياته، وكثرة رحلاته. لقد خلف ابن فارس سبعة وخمسين كتابا في معظم أبواب العلوم
التي كانت معروفة في عهده، وقد ضاع كثير من تلك الكتب، ولم يتبق إلا القليل،
وفي هذا القليل غناء، أي غناء!! ومنفعة أية منفعة!!
ومن أشهر ما تبقى له: مجمل اللغة. ومقاييس اللغة. ومتخير الألفاظ
والصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها. وشرح ديوان حماسة أبي تمام.
ورسائل أخرى طبعت في معظمها وشهرت.
ومن تراثه الضائع كتب تدخل في مضمار الدراسات القرآنية، ولعل من
أهمها: (جامع التأويل في تفسير القرآن) (19) أو (جامع التأويل في تفسير
التنزيل) (20). وذكرت المصادر القديمة أنه في أربعة مجلدات. وكتاب (الجوابات)
وقد أشار إليه في الصاحبي (21) وكتاب (غريب إعراب القرآن) (22)، وكتاب
(المسائل الخمس) وقد استشهد الزركشي بقطعة قصيرة منه. ولعل أتم ما بقي من تراثه
في هذا الصدد رسالة (الإفراد).
هذا التفسير وطريقة صنعته:
لقد حتمت علي ظروف دراستي العليا في جامعة السوربون، ومتابعتي لتراث
ابن فارس، أن أقرأ كتبه جميعا، كتابا كتابا، كلمة بكلمة، فوجدت نفسي أمام طود
شامخ من أعمدة التراث الاسلامي، منهجا ونتائج، يزينهما إيمان وورع وتقى. فتتبعت
أصول كتبه في مكتبات العالم المختلفة التي تعنى بالتراث الإسلامي ومخطوطاته، فلم أقع
له على أي أثر متبق في ميدان الدراسات القرآنية.
هنا، وجدت نفسي أمام مسؤولية تاريخية، هي أن أتلمس ملامح ذلك
التفسير فيما تبقى بين أيدينا من تراثه، فكانت فكرة هذا التفسير، عمدت إلى كتبه
أستخرج منها الآيات القرآنية الكريمة، وأردفها بما قاله فيها من تفسير أو تأويل، أو



(19) معجم الأدباء 4 / 84، طبقات المفسرين 4.
(20) هدية العارفين 1 / 68.
(21) الصاحبي 242، في سياق حديثه عن البيان القرآني.
(22) نزهة الألباء 220، طبقات المفسرين 4.
272
بيان. ثم نظمت تلك الآيات، لا بحسب طريقة استشهاده بها، ودراسته لها، وإنما
بحسب ورودها في القرآن كريم، فكنت أذكر الآية مسبوقة بعلامة (*) ثم أتبعها برقم
السورة فرقم الآية بين قوسين ()، فإذا ما تم لي نقل قول ابن فارس أو تعقيبه عليها،
وضعت بإزاء ذلك، رقما، ثم أحلت في الحاشية إلى مصدر القول أو التعقيب. ووضعت
قبل ذلك كله ما يتصل بالقرآن العزيز من حيث وجهة الدراسة النظرية.
فأما المرموز المستعملة في الحاشية فهي:
مق = مقاييس اللغة - تحقيق عبد السلام هارون - 6 أجزاء.
مج = مجمل اللغة - تحقيق هادي حسن حمودي - 5 أجزاء.
صا = الصاحبي - تحقيق مصطفى الشويمي - جزء واحد.
مت = متخير الألفاظ - تحقيق هلال ناجي - جزء واحد.
ثم ذكرت في الحواشي ما من شأنه زيادة إيضاح ما في المتن، أو تقريبه إلى
القارئ الحديث، من قبيل ترجمة الأعلام، وتخريج الأشعار، مع ملاحظة أننا بعدنا
جهد الإمكان عن ذكر الشواهد الشعرية استجابة لمتطلبات منهج ابن فارس في ذلك،
حيث أنه صرح بتحرجه في المجمع بين القرآن والشعر في كتاب، واحد، غير أنه اعتذر عن
الجمع بينهما أنه سار على نهج من كان قبله من العلماء، ثم دعا الله تعالى أن يغفر له
ولهم.
وبذلك يكون هذا العمل قد استقام لنا طريقا من شأنه أن يوصلنا، يوما ما،
بتكاتف الجهود وتضامها، إلى الكشف الدقيق عن منهج هذا العالم الجليل في تفسيره
للقرآن العظيم (23).
وإني إذ أنهي هذا الجهد، على هذه الصورة التي يراها القارئ الفاضل أسأله
سبحانه وتعالى، أن يتقبله بأحسن قبوله، فما قصدت إلا وجهه الكريم، له المنة
والفضل والنعم السابغات.



(23) نحيل إلى موضوع: (مفسر وتفسير) في مجلة البصائر - السنة الثانية - العدد الرابع.
273
باب
القول في اللغة التي نزل بها القرآن
وأنه ليس في كتاب الله - جل ثناؤه - شئ بغير لغة العرب
حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان (1) قال: حدثنا علي بن
عبد العزيز (2)، عن أبي عبيد (3)، عن شيخ له أنه سمع الكلبي (4) يحدث عن أبي
صالح (5)، عن ابن عباس (6)، قال: نزل القرآن على سبعة أحرف أو قال: سبع لغات،
منها خمس بلغة العجز من هوازن، وهم الذين يقال لهم عليا هوازن، وهي خمس قبائل،
أو أربع، منها: سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف.
قال أبو عبيد: وأحسب أفصح هؤلاء بني سعد بن بكر، وذلك لقول رسول الله
صلى الله عليه وآله: أنا أفصح العرب ميد أني من قريش، وأني نشأت في بني سعد بن



(1) علي بن إبراهيم بن سلمة القطان (254 - 345 ه‍) شيخ من شيوخ الفقه والعربية، تلمذ عليه ابن فارس
وأكثر في الرواية عنه في كتبه، كما قرأ عليه كتاب العين للخليل.
معجم الأدباء 4 / 82 - 12 / 218، نزهة الأدباء 219، بغية الوعاة 153، طبقات المفسرين 4، غاية
النهاية 1 / 516.
(2) أبو الحسن علي بن عبد العزيز المكي البغوي الجوهري، نزيل مكة صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، توفي
سنة 287 ه‍.
إنباه الرواة 2 / 292، نزهة الألباء 131.
(3) أبو عبيد القاسم بن سلام، اشتغل بالحديث والأدب والفقه، وشهر بتفسير غريب الحديث، توفي بمكة
وقيل بالمدينة بعد الفراغ من الحج سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين ومأتين، وقيل غير هذا مما يقاربه.
الفهرست 70، تاريخ بغداد 12 / 403، إنباه الرواة 3 / 12، معجم الأدباء، 16 / 254، وتنظر مقدمتنا
لمجمل اللغة 1 / 25.
(4) أبو النضر محمد بن السائب الكلبي، النسابة الكوفي، وصاحب التفسير، وكان إماما في هذين العلمين،
توفي سنة 146، ه‍ في الكوفة.
الفهرست 95، شذرات الذهب 309، وفيات الأعيان 4 / 309، المعارف 535.
(5) أحد من أخذ عنهم الكلبي علم الأنساب، ينظر المعارف 547...
(6) أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، ولد قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاث عشرة سنة،
وكان يلقب بالبحر لسعة علمه، وتوفي سنة ثمان وسبعين بالطائف.
تذكرة الحفاظ 40، غاية النهاية 1 / 425، وفيات الأعيان 8 / 62.
274
بكر، وكان مسترضعا فيهم، وهم الذين قال فيهم أبو عمرو بن العلاء (7): أفصح العرب
عليا هوازن، وسفلى تميم، وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يستحب أن يكون الذين
يكتبون المصاحف من مضر، وقال عمر: لا يملين في مصاحفنا إلا غلمان قريش
وثقيف، وقال عثمان: إجعلوا المملي من هذيل، والكاتب من ثقيف.
قال أبو عبيد: فهذا ما جاء في لغات مضر، وقد جاءت لغات لأهل اليمن في
القرآن معروفة، منها قوله جل ثناؤه: (متكئين فيها على الأرائك) (8).
وحدثنا أبو الحسن علي بن [إبراهيم القطان]، قال: حدثنا هشيم (9)، قال:
أخبرنا (.........) (10)، عن الحسن، قال: كنا لا ندري ما الأرائك، حتى لقينا
رجلا من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم: الحجلة فيها سرير.
قال أبو عبيد: وحدثنا الفزاري (11)، عن نعيم بن بسطام (12)، عن أبيه، عن
الضحاك بن مزاحم (13)، في قوله عز وجل: (ولو ألقى معاذيره) (14) قال: ستوره،
وأهل اليمن يسمون الستر: المعذار.
وزعم الكسائي (15)، عن القاسم بن معن (16) في قوله عز وجل: (أسكن
أنت وزوجك الجنة) (17) أنها لغة لأزد شنوءة وهم من اليمن.



(7) أبو عمرو زبان بن العلاء (154 ه‍) العلم المشهور في القراءة واللغة.
نزهة الأولياء 16، أخبار النحويين البصريين 22، طبقات القراء 1 / 288، معجم الأدباء 11 / 156.
(8) الكهف: 18.
(9) محدث، من طبقة الثوري وابن المبارك، ينظر الوفيات 2 / 54 و 5 / 398 - 399.
(10) النقص من الأصل.
(11) يبدو أن في النص تصحيفا، والأولى: القزاز، وهو من أخذ عنه أبو عبيد. ينظر غاية النهاية 2 / 276.
(12) لم نقع له على ترجمة وافية فيما بين أيدينا من مصادر.
(13) من المتقدمين في التفسير، أخذ عنه مقاتل بن سليمان بن بشير، والثوري وغيرهما. ينظر الوفيات 2 / 391 -
5 / 255 - 256.
(14) القيامة: 15.
(15) أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي (183 ه‍)) رأس الكوفة في العربية في عصره.
مراتب النحويين 74، طبقات القراء 1 / 535، الفهرست 65، إنباه الرواة 2 / 256.
(16) من علماء الكوفة بالعربية واللغة والفقه والحديث والشعر والأخبار، ومن الزهاد الثقات، توفي سنة
خمس وسبعين، وقيل: ثمان وثمانين، ومائة.
معجم الأدباء 17 / 5، بغية الوعاة 2 / 263، وفيات الأعيان 4 / 306.
(17) البقرة: 35.
275
ويروى، مرفوعا أن القرآن نزل على لغة الكعبين، كعب بن لؤي، وكعب بن
عمرو، وهو أبو خزاعة.
فأما قولنا: إنه ليس في كتاب الله تعالى شئ بغير لغة العرب فلقوله تعالى:
(إنا جعلناه قرآنا عربيا) (18)، وقال: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) (19)
وقال الله تعالى: (بلسان عربي مبين) (20).
قال ابن عباس: ما أرسل الله عز وجل من نبي إلا بلسان قومه، وبعث الله
محمد صلى الله عليه وآله بلسان العرب.
وادعى ناس أن في القرآن ما ليس بلغة العرب، حتى ذكروا لغة الروم
والقبط والنبط، فحدثني أبو الحسين بن هارون (21)، قال: أخبرنا علي بن
عبد العزيز، عن علي بن المغيرة الأثرم (22)، قال: قال أبو عبيدة (23): إنما أنزل القرآن
بلسان عربي مبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول، ومن زعم أن (كنا)
بالنبطية، فقد أكبر القول. قال: وقد يوافق اللفظ اللفظ، ويفارقه، ومعناهما واحد،
وأحدهما بالعربية، والآخر بالفارسية أو غيرها: قال: فمن ذلك الإستبرق، بالعربية،
وهو: الغيظ من الديباج، وهو إستبره بالفارسية قال: وأهل مكة يسمون المسح الذي
يجعل فيه أصحاب الطعام البر: البلاس، وهو بالفارسية بلاس، فأمالوها وأعربوها،
فقاربت الفارسية العربية في اللفظ والمعنى. ثم وذكر أبو عبيدة البالغاء، وهي:
الأكارع، وذكر القمنجر: الذي يصلح القسي، وذكر الدست والدشت، والخيم
والسخت، ثم قال: وذلك كله من لغات العرب، وإن وافقه في لفظه ومعناه شئ
من غير لغاتهم.



(18) الزخرف: 3،
(19) إبراهيم: 4.
(20) الشعراء: 195.
(21) من أئمة بغداد في التفسير واللغة. ينظر وفيات الأعيان 5 / 222.
(22) من طبقة أبي عبيد القاسم بن سلام، سمع أبا عبيدة والأصمعي، توفي سنة ثنتين وثلاثين ومائتين،
نزهة الألباء 65، وفيات 4 / 159، بغية الوعاة 2 / 206.
(23) أبو عبيدة معمر بن المثنى، التيمي ولاء، وكان من أعلم الناس باللغة وأخبار العرب وأنسابها، ولد في
سنة عشر ومائة، وتوفي في سنة سبع ومائتين، وقيل غير هذا مما هو قريب منه.
نزهة الألباء 64، وفيات 5 / 235، بغية الوعاة 2 / 294 - 296.
276
وهذا كما قاله أبو عبيدة، وقول سائر أهل اللغة: أنه دخل في كلام العرب ما
ليس من لغاتهم فعلى هذا التأويل الذي تأوله أبو عبيدة.
فأما أبو عبيد القاسم بن سلام، فأخبرنا علي بن إبراهيم (24)، عن علي بن
عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال: أما لغات العجم في القرآن فإن الناس اختلفوا فيها،
فروي عن ابن عباس وعن مجاهد (25) وابن جبير (26)، وعكرمة (27)، وعطاء (27)،
وغيرهم من أهل العلم أنهم قالوا في أحرف كثيرة أنها بلغات العجم، منها: طه.
والطور، والربانيون، فيقال: إنها بالسريانية، ومنها: الصراط والقسطاس،
والفردوس، يقال إنها بالرومية، ومنها قوله: كمشكاة، و (كفلين من رحمته) (29)،
يقال إنها بالحبشية، وقوله: (هيت لك) (30)، يقال: إنها بالحورانية، قال: فهذا قول
أهل العلم من الفقهاء، قال: وزعم أهل العربية أن القرآن ليس فيه من كلام العجم
شئ، وأنه كله بلسان عربي، يتأولون قوله جل ثناؤه: (إنا جعلناه قرآنا عربيا) (31)
وقوله: (بلسان عربي مبين)
(32).



(24) في الصاحبي: فأخبر نعمي بن إبراهيم، تصحيف، والصحيح ما أثبتناه، وهي سلسلة روايات ابن
فارس، ينظر مجمل اللغة 1 / 144 - 22، وغيرها كثير.
(25) قيل: مجاهد بن جبر، وقيل: ابن سعيد، وهو أبو الحجاج. المكي مولى بني مخزوم، من أجلة التابعين،
والأعلام في التفسير، اختلف في سنة وفاته ما بين (100 - 104 ه‍).
حلية الأولياء 3 / 279 - 310، معجم الأدباء 6 / 242، غاية النهاية 2 / 41.
(26) أبو عبد الله سعيد بن جبير بن هشام الكوفي، من كبار التابعين، وأئمتهم، شهر بالتفسير والحديث والفقه
والعبادة والورع، وقتله الحجاج بن يوسف الثقفي، وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مقتصر إلى علمه،
بحسب عبارة ابن حنبل.
وفيات الأعيان 2 / 371 - 374، حلية الأولياء 4 / 272، شذرات الذهب 1 / 108.
(27) أبو عبد الله عكرمة بن عبد الله المدني، مولى عبد الله بن عباس. من العارفين بالتفسير والمغازي، واختلف
في وفاته ما بين سنة 104 وسنة 115 ه‍.
وفيات الأعيان 3 / 265، شذرات الذهب 1 / 130 تهذيب الأسماء 1 / 340.
(28) هو عطاء بن أبي رباح، من أعلام التابعين، انتهت إليه الفتوى في مكة مع مجاهد. توفي في سنة 114،
وقيل 115.
وفيات الأعيان 3 / 261، كتاب الوفيات 112.
(29) الحديد: 28.
(30) يوسف: 23.
(31) الزخرف: 3.
(32) العشراء: 195.
277
قال أبو عبيد: والصواب من ذلك عندي، والله أعلم، مذهب فيه تصديق
القولين جميعا. وذلك إن هذه الحروف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء إلا أنها
سقطت إلى العرب فأعربتها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت
عربية. ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب. فمن قال: إنها عربية
فهو صادق، ومن قال: عجمية فهو صادق. قال: وإنما فسرنا هذا لئلا يقدم أحد على
الفقهاء فينسبهم إلى الجهل، ويتوهم عليهم أنهم أقدموا على كتاب الله جل ثناؤه بغير
ما أراد الله عز وجل، وهم كانوا أعلم بالتأويل وأشد تعظيما للقرآن.
قال أحمد بن فارس: وليس كل من خالف قائلا في مقالته فقد نسبه إلى
الجهل، وذلك أن الصدر الأول اختلفوا في تأويل آي من القرآن فخالف بعضهم
بعضا، ثم خلف من بعدهم من خلف، فأخذ بعضهم بقول، وأخذ بعض بقول، حسب
اجتهادهم، وما دلتهم الدلالة عليه، فالقول إذا ما قاله أبو عبيدة، وإن كان قوم من
الأوائل قد ذهبوا إلى غيره.
فإن قال قائل: فما تأويل قول أبي عبيدة: (فقد أعظم وأكبر)، قيل له: تأويله
أنه أتى بأمر عظيم وكبير، وذلك أن القرآن لو كان فيه من غير لغة العرب شئ لتوهم
متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها، وفي ذلك ما
فيه.
وإذا كان كذا فلا وجه لقول من يجيز قراءة القرآن في صلاته بالفارسية، لأن
الفارسية ترجمة غير معجزة، وإنما أمر الله جل ثناؤه بقراءة القرآن العربي المعجز، ولو
جازت القراءة بالترجمة الفارسية لكانت كتب التفسير والمصنفات في معاني القرآن
باللفظ العربي أولى بجواز الصلاة بها، وهذا لا يقوله أحد

278
باب القول على الحروف المفردة الدالة على المعنى
فأما الحروف التي في كتاب الله جل ثناؤه فواتح سور، فقال قوم: كل
حرف منها مأخوذ من اسم من أسماء الله: فالألف من اسمه: الله، واللام من: لطيف،
والميم من مجيد، فالألف من آلائه، واللام من لطفه، والميم من مجده. يروى ذا عن ابن
عباس، وهو وجه جيد وله في كلام العرب شاهد، وهو:
قلنا لها قفي فقالت: قاف (33)
كذا ينشد هذا الشطر، فعبر عن قولها وقفت، بقاف.
وقال آخرون، إن الله جل ثناؤه أقسم بهذه الحروف أن هذا الكتاب الذي
يقرؤه محمد صلى الله عليه وآله، هو الكتاب الذي أنزله الله جل ثناؤه، لا شك فيه.
وهذا وجه جيد، لأن الله عز وجل دل على جلالة قدر هذه الحروف إذ كانت مادة
البيان ومباني كتب الله عز وجل المنزلة باللغات المختلفة، وهي أصول كلام الأمم،
بها يتعارفون، وبها يذكرون الله جل ثناؤه. وقد أقسم الله جل ثناؤه، بالفجر والطور،
وغير ذلك، فكذلك شأن هذه الحروف في القسم بها.
وقال قوم: هذه الأحرف من التسعة وعشرين حرفا، دارت به الألسنة فليس
منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه عز وجل. وليس منها حرف إلا وهو في
آلائه وبلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم. فالألف سنة، واللام
ثلاثون سنة، والميم أربعون. رواه عبد الله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن الربيع
ابن أنس. وهو قول حسن لطيف، لأن الله جل ثناؤه، أنزل على نبيه محمد صلى الله
عليه وآله والفرقان فلم يدع نظما عجيبا، ولا علما نافعا إلا أودعه إياه، علم ذلك من
علمه، وجهله من جهله. فليس منكرا أن ينزل الله جل ثناؤه هذه الحروف مشتملة مع
إيجازها على ما قاله هؤلاء.
وقول آخر روي عن ابن عباس في (ألم): أنا الله أعلم. وفي (ألمص) أنا الله
أعلم وأفصل. وهذا وجه يقرب مما مضى ذكره من دلالة الحرف الواحد على الاسم



(33) الصاحبي: 122، وينظر لسان العرب (قوف).
279
التام، والصفة التامة.
وقال قوم: هي أسماء للسور ف‍ (ألم) اسم لهذه، و (حم) اسم لغيرها. وهذا
يؤثر عن جماعة من أهل العلم. وذلك أن الأسماء وضعت للتمييز، فكذلك هذه
الحروف في أوائل السور موضوعة لتمييز تلك السور من غيرها. فإن قال قائل: فقد رأينا
(ألم) افتتح بها غير سورة فأين التمييز؟ قلنا: قد يقع الوفاق بين اسمين لشخصين، ثم يميز
ما يجئ بعد ذلك من صفة ونعت، كما يقال: زيد وزيد، ثم يميز بأن يقال: زيد
الفقيه، وزيد العربي، فكذلك إذا قرأ القارئ: (ألم ذلك الكتاب) (34) فقد ميزها
عن التي أولها: (ألم الله لا إلا إلا هو) (35).
وقال آخرون: لكل كتاب سر: وسر القرآن فواتح السور، وأظن قائل هذا أراد
أن ذلك من السر الذي لا يعلمه إلا الخاص من أهل العلم والراسخون فيه.
وقال قوم: إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه، وقال بعضهم لبعض
(لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) (36)، فأنزل الله تبارك وتعالى هذا النظم
ليتعجبوا منه، ويكون تعجبهم منه سببا لاستماعهم، واستماعهم له سببا لاستماع ما
بعده، فترق حينئذ القلوب، وتلين الأفئدة.
وقول آخر: إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف
التي هي:، أ ب ت ث، فجاء بعضها مقطعا، وجاء تمامها مؤلفا، ليدل القوم الذين
نزل القرآن فيما بين ظهرانيهم أنه بالحروف التي يعقلونها، فيكون ذلك تعريفا لهم،
ودلالة على عجزهم عن أن يأتوا بمثله بعد أن أعلموا أنه منزل بالحروف التي يعرفونها،
ويبنون كلامهم منها.
وقال أحمد بن فارس: وأقرب القول في ذلك وأجمعه قول بعض علمائنا: إن
أولى الأمور أن تجعل هذه التأويلات كلها تأويلا واحدا، فيقال: إن الله عز وجل
افتتح السور بهذه الحروف إرادة منه الدلالة بكل حرف منها على معان كثيرة لا على
معنى واحد، فتكون هذه الحروف جامعة لأن تكون افتتاحا للسور، وأن يكون كل



(34) البقرة: 1.
(35) آل عمران: 1.
(36) فصلت: 26.
280
واحد منها مأخوذا من اسم من أسماء الله جل ثناؤه، وأن يكون الله جل ثناؤه قد
وضعها هذا الموضع قسما بها، وأن كل حرف منها في آجل قوم وأرزاق آخرين. وهي
مع ذلك مأخوذة من صفات الله عز وجل، في إنعامه وإفضاله ومجده، وأن الافتتاح
بها سبب لأن يستمع إلى القرآن من لم يكن يستمع، وأن فيها إعلاما للعرب أن القرآن
الدال على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله، هو بهذه الحروف، وأن عجزهم عن
الإتيان بمثله مع نزوله بالحروف المتعالمه بينهم دليل على كذبهم وعنادهم وجحودهم،
وأن كل عدد منها إذا وقع في أول سورة فهو اسم لتلك السورة.
وهذا هو القول الجامع للتأويلات كلها من غير اطراح لواحد منها. وإنما قلنا
هذا لأن المعنى فيها لا يمكن استخراجه عقلا من حيث يزول به العذر، ولأن المرجع إلى
أقاويل العلماء، ولن يجوز لأحد أن يتعرض عليهم بالطعن، وهم من العلم بالمكان الذي
هم به، ولهم مع ذلك فضيلة التقدم ومزية السبق.
والله أعلم بما أراد من ذلك.

281
نسخ القرآن
قال أبو الحسين أحمد بن فارس: جمع القرآن على ضربين:
أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبع الطوال، وتعقيبها بالمئين فهذا الضرب
هو الذي تولاه الصحابة.
والجمع الآخر: وهو جمع الآيات في السور، فهو توقيفي تولاه النبي صلى الله
عليه وآله وسلم.
ما تبقى من كتابه (المسائل الخمس)
نقلا عن
البرهان للزركشي 1 / 237 - 238
مقالة (كلا) وما جاء منها في
كتاب الله
قال أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب رحمه الله تعالى:
هذه - أكرمك الله وأيدك ووفقك - مقالة (كلا)، ومعنى ما جاء من هذا
الحرف في كتاب الله تعالى، واختلاف أهل العلم في موضوعه، وأين تقع نفيا، ومتى
تقع تحقيقا.
وقد فسرنا ما لاح من ذلك واتجه، ودللنا على الأصح من ذلك بشواهد من
غير إحالة، وبالله التوفيق.
قال بعض أهل العلم: إن (كلا) تجئ لمعنيين: للرد والاستئناف.
وقال قوم: تجئ كلا بمعنى التكذيب.
وقال آخرون: كلا: ردع وزجر.
وقال آخرون: كلا، تكون بمعنى حقا.
وقال قوم: كلا، رد وإبطال لما قبله من الخبر، كما أن (كذلك) تحقيق
وإثبات لم قبله من الخبر، قال: والكاف في قوله (كلا) كاف تشبيه، و (لا) نفي
وتبرئة.

282
وقال بعضهم: كلا، تنفي شيئا، وتوجب غيره.
فهذا ما قيل في (كلا).
وأقرب ما يقال في ذلك: أن (كلا) تقع في تصريف الكلام على أربعة
أوجه:
أولها: الرد، والثاني: الردع. والثالث: صلة اليمين وافتتاح الكلام بها كألا،
والوجه الرابع: التحقيق لما بعده من الأخبار.
وسأذكر ما جاء منها في كتاب الله عز وجل، على ترتيب هذه الوجوه الثلاث
حكاية لمقالة من زعم: أن (كلا) منحوتة من كلمتين وأن الكاف للتشبيه والرد على
قائل ذلك إن شاء الله تعالى.
زعم بعض المتأخرين أن (كلا) رد وإبطال لما قبله من الخبر، كما أن
(كذلك) تحقيق، وإثبات لم قبله من الخبر، والكاف في (كلا) كاف تشبيه، وزعم
أن أصل (كلا): التخفيف، إلا أنهم كانوا يكررون (لا) فيقولون: هذا الشئ
كلا ولا. ثم حذفوا إحداهما، وشددوا الباقي طلبا للتخفيف، قال: ومنه قول الشاعر:
قبيلي وأهلي لم ألاق مشوقهم * لوشك النوى إلا فواقا كلا ولا (37)
قال: وربما تركوه على خفته ولم يثقلوه، وذلك كقول ذي الرمة:
أصاب خصاصة فبدا كليلا * كلا وأنغل سائره انغلالا (38)
ومنه قول جرير:
يكون وقوف الركب فيها كلا ولا غشاشا، ولا يدنون رحلا إلى رحل (39)
وهذا كلام مدخول من جهتين:
إحداهما: أنه غير محفوظ عن القدماء من أهل العلم بالعربية.
والثانية: أنه مما لا يتأيد بدليل.



(37) لأبي تمام في ديوان 225، وابن فارس - هاهنا - يرويه لا مستشهدا به، وإنما حكاية عمن استشهد به من
المتأخرين.
(38) الخصاصة: فرجة. والكليل: الضعيف. وانفل: غاب ودخل. الديوان 3 / 1518.
(39) يريد أنهم لا يحطون عن إبلهم، إنما يخفق أحدهم خفقة ثم ينتبه مسرعا كقولك: لا ولا، تريد السرعة،
والغشاش: وصف للسرعة المقصودة في (لا ولا).
وهو برواية (يكون نزول الركب...) في الديوان 2 / 949.
283
والفرق ما بين (كلا)، مشددة و (كلا) مخففة بين جدا (40). وذلك أن
قول القائل: هذا شئ كلا، وإنما هو تشبيه الشئ، وحقارته، وقلته وأنه لا محصول
له ب‍ (لا)، وذلك أن (لا) كلمة نفي. وأما (كلا) فكلمة مشددة بعيدة التشبيه
بلا.
وباعتبار (41) ما قلناه: أنك لو حملت قوله تعالى (كلا والقمر) (42) على
معنى أنه: كلا ولا القمر، لكنت عند أهل العربية كلهم مخطئا. لأن (كلا ولا)
ليس بموافق لقوله: والقمر.
فإن قال قائل فما الأصل فيها؟ قلنا: أن (كلا) كلمة موضوعة للمعاني التي قد
ذكرناها مبنية هذا البناء، وهي مثل: أن ولعل وكيف، وكل واحدة من هذه مبني
بناء يدل على معنى، فكذا (كلا) كلمة مبنية بناء يدل على المعاني التي نذكرها.
وهذا قول لا استكراه فيه.
باب
الوجه الأول من (كلا) وهو باب الرد
إعلم أنك إذا أردت رد الكلام ب‍ (كلا) جاز لك الوقف عليها، لأن المعنى
قد تم عند الرد، وذلك أن تقول: كلا، لقائل: أكلت تمرا (43) أي: إني لم آكله.
فقولك: كلا، مبني على خبر قد ذكره غيرك، ونفيته أنت.
قال الله عز وجل في قصة من قال: (لأوتين مالا وولدا. أطلع الغيب أم
اتخذ عند الرحمن عهدا. كلا...) (44) أي: إنه لم يطلع الغيب، ولم يتخذ العهد،
وأصوب ما يقال في ذلك أن (كلا) رد للمعنيين جميعا وذلك أن الكافر ادعى (45)



(40) المطبوع في (مقالة كلا): والامرين وكلا مشددة، وكلا مخففة مبين جدا، تحريف. والصحيح ما
أثبتناه.
(41) في المطبوع: واعتبار.
(42) المدثر: 35.
(43) في المطبوع: أن تقول لقائل أكلت تمرا، فتقول كلا. وهي عبارة مضطربة، والصواب ما أثبتناه.
(44) مريم: 80 - 81.
(45) في الطبوع: أدي. والصواب ما أثبتناه.
284
أمرا فكذب فيه، ثم قيل: أتراه اتخذ عهد أم اطلع الغيب؟! كلا. أي: لا يكون ذا
ولا ذاك.
وأما قوله تعالى: (واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا...) (46).
فكلا: رد لما قبله، وإثبات لما بعده، لأنهم زعموا أن الآلهة تكون لهم عزا، وذلك
لقولهم: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) (47). فقيل لهم: كلا، أي: ليس
الأمر على ما تقولون، ثم جئ بعد بخبر، وأكد بكلا وهو قوله: (سيكفرون
بعبادتهم) [مريم 82].
وأما قوله في سورة المؤمنين: (لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا) (48) فلها
مواضع ثلاثة:
أولها: رد لقوله: إرجعون، فقيل له: كلا، أي لا يرد (49).
والثاني: قوله تعالى (أعمل صالحا) فقيل له: كلا، أي لست ممن يعمل
صالحا، وهو لقوله تعالى: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) (50).
والموضع الثالث: تحقيق لقوله: (إنها كلمة هو قائلها) (51).
وأما قوله في الشعراء: (ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون، قال كلا) (52)
فهو: رد في حالة، وردع في أخرى. فأما الردع (53) فقوله: (أخاف أن يقتلون) (54).
فقيل له (كلا)، أي: لا تخف، فذا ردع. وأما الرد، فقوله: (أن يقتلون) فقيل له:
لا يقتلونك، فنفى (أن يقتلون) (55) واعلم أنهم لا يصلون إلى ذلك.



(46) مريم: 81.
(47) الزمر: 3.
(48) المؤمنين: 102.
(49) في المطبوع: لا ترد، تصحيف.
(50) الأنعام: 28.
(51) لم يعدها آية في المطبوع. وهي من الآية 100 من سورة (المؤمنون).
(52) الشعراء: 13.
(53) في المطبوع فأما إمكان (مكان؟). وهذه زيادات لا وجه لها.
(54) الشعراء: 14.
(55) في المطبوع: (أن يقتلوه)، على توهم النصب، خارج إطار الآية.
285
وأما قوله في هذه السورة: (قال أصحاب موسى إنا لمدركون، قال كلا) (56)
فهو نفي لما قبله، وإثبات لما بعده.
وأما قوله في سورة سبأ: (قل: أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا) (57) فلها
ثلاثة مواضع:
أحدها أن تكون ردا على قوله: (أروني)، أي أنهم: لا يرون ذلك وكيف
يرون شيئا لا يكون؟!
والموضع الثاني: قوله: (ألحقتم به شركاء) فهو رد له، أي: لا شريك له.
والثالث: أنها تحقيق لقوله: (بل هو الله العزيز الحكيم).
وقال بعض أهل التأويل: إنما رد على قوله: (ألحقتم به شركاء) دون أن
يكون ردا على قوله (أروني). وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله، لما أمر بأن يقول
لهم: (أروني) قال لهم ذلك. فكأنهم قالوا: هذه هي الأصنام التي تضرنا وتنفعنا
فأروه إياها فرد عليهم ذلك بقوله: بل هو، أي: أن الذي يضركم وينفعكم ويرزقكم
ويمنعكم هو الله. ومعنى قوله: (أروني) هاهنا: أعلموني.
وأما قوله - عز وجل - في سورة سأل سائل: لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه،
وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه، ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه، كلا) (58) فرد
لقولهم (ثم ينجيه) أو رد لقوله (لو يفتدي).
وقال في هذه السورة: (أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم؟ كلا إنا
خلقناهم مما يعلمون) (59) من نطفة، كما خلقنا بني آدم كلهم، ومن حكمنا في بني
آدم أن لا يدخل أحد منهم الجنة إلا بالإيمان والعمل الصالح فلا (60) يطمع كل
امرئ منهم ليس بمؤمن ولا صالح أن يدخل الجنة ولا يدخلها، إلا مؤمن صالح العمل.
وأما قوله في سورة المدثر: (ثم يطمع أن أزيد؟ كلا) فهو رد (أن



(56) الشعراء: 61.
(57) سبأ: 26.
(58) المعارج: 11 - 15.
(59) المعارج: 38 - 39.
(60) في المطبوع: فلم. والصواب ما أثبتناه.
(61) المدثر: 15 - 16.
286
أزيد) (62) وذلك أن الوليد كان يقول: ما أعطيت ما أعطيته إلا من خير، ولا حرمه
غيري إلا من هوان. فإن كان ما يقوله محمد صلى الله عليه وآله، حقا فما أعطاه في
الآخرة أفضل، فقيل له: (ثم يطمع أن أزيد؟ كلا)، أي لا يكون ذلك.
وكذلك قوله: (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول: ربي
أكرمن... إلى قوله: أهانن، كلا) (63).
ومن الرد قوله: (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة، كلا) (64)
أي: لا مفر أكد ذلك بقوله: (لا وزر) تأكيدا لقوله كلا.
ومنه: (إذا تتلى عليه آياتنا قال: أساطير الأولين، كلا) (65) فهو رد، أي:
أنها ليست بأساطير الأولين.
ومن الرد قوله: (أيحسب أن ماله أخلده؟ كلا) (66) أي: ليس كما يظن،
فإن ماله لن يخلده.
فذا ما في القرآن من النفي والرد بكلا.
وما كان في أشعار العرب منه، وهو كثير، قول القائل:
فقالوا قد بكيت، فقلت: كلا * وهل يبكي من الطرب الجليد (67)
فنفى بذلك قولهم: قد بكيت، وقال ابن الدمينة:
أردت لكيما تجمعينا ثلاثة * أخي وابن عمي ضله من ظلالك
أردت بأن نرضى ويتفق الهوى * على الشرك، كلا، لا تظني كذلك (68)



(62) في المطبوع: أن لا يزيد (كذا!).
(63) الفجر: 15 - 17.
(64) المدثر: 52 - 53.
(65) المطففين: 13 - 14.
(66) الهمزة: 3 - 4.
(67) وبعده:
ولكني أصاب سواد عيني عويد قذى له طرف حديد
في الأمالي 1 / 50.
(68) الديوان: 46.
287
وقال آخر:
أليس قليلا نظرة إن نظرتها * إليك، وكلا، ليس منك قليل (69)
وصف النظرة بالقلة، ثم تدارك فنفى أن تكون نظرته إليها قليلة.
باب
(كلا) إذا كانت تحقيقا لما بعدها
وذلك قولك: كلا، لأضربنك، ومنه في كتاب الله: (كلا إنها
تذكرة) (70) إن: يكون تأكيدا، وكلا: زيادة تأكيد: ومثل: (كلا سيعلمون، ثم
كلا سيعلمون) (71). وكان بعض أهل التأويل يقول: هو رد شئ قد تقدم إلا إنه لم
يذكر ظاهرا، وذلك قوله (الذي هم فيه مختلفون) [النبأ: 3]. ثم قال: (كلا) فهو
رد على قوله: مختلفون، ومعناها: لا اختلاف فيه.
ومن التحقيق قوله: (كلا لما يقض ما أمره) (72)، أي: أنه لم يقض ما أمر
به، وكان بعضهم يقول: معناها (إن).
ومثله: (كلا إنه تذكرة) (73). ومنه: (كلا بل تكذبون بالدين) (74) وهو
تحقيق لما بعده ومنه: (كلا إن كتاب الفجار) (75). وكلا إن كتاب الأبرار) (76)
و: (كلا إن الإنسان ليطغى) (77) و: (كلا لئن لم ينته) (78).



(69) ليزيد بن الطثرية في الديوان 53.
(70) عبس: 11.
(71) النبأ: 4 - 5.
(72) عبس: 23.
(73) المدثر 54.
(74) الانفطار: 9.
(75) المطففون: 7.
(76) المطففون 18.
(77) العلق: 6.
(78) العلق: 15.
288
باب الردع
وأما ما كان ردعا فقوله - جل ثناؤه - (ألهيكم التكاثر، حتى زرتم المقابر،
كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون. كلا لو...) (79) ردعهم عن التكاثر، ثم
أعاد أخرى فقال: كلا، أي أنكم افتخرتم وتكاثرتم، وظننتم أن هذا ينفع شيئا،
ثم أكد ذلك بقوله: كلا ثم كلا، إبلاغا في الموعظة.
ومنه قوله - عز وجل: (فأنت عنه تلهى، كلا) (80) أي: لا تفعل ذلك.
ومنه (كلا، لا تطعمه) (81).
باب صلة الإيمان
وأما ما كان من صلة اليمين فقوله: (كلا والقمر) (82) فهو صلة اليمين
وتأكيد لها ويقال: إن معناها ألا والقمر، أي: والقمر كذا كان أبو زكريا
الفراء (83) يقول.
هذا ما في القرآن.
فإن سأل سائل عن (كلا) فقل: هي في كتاب الله على أربعة أوجه يجمعها
وجهان: رد، وردع، وهما متقاربان، وتحقيق وصلة يمين، وهما متقاربان.
فالرد مثل: (ليكونوا لهم عزا، كلا) (84) وهو الذي يوقف عليه.
والردع: مثل قوله: (كلا سيعلمون) (85).
والتحقيق، مثل: (كلا، إن كتاب الأبرار لفي عليين) (86).



(79) التكاثر: 1 - 5.
(80) عبس: 10 - 11.
(81) العلق: 21.
(82) القمر: 35.
(83) أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، رأس مدرسة الكوفة في عصره (ت 207).
الفهرست 66، وفيات الأعيان 6 / 176، تاريخ بغداد 14 / 149.
(84) مريم: 81.
(85) النبأ: 4.
(86) المطففين: 18.
289
وصلة اليمين: مثل قوله: (كلا والقمر) (87).
واعلم أنه ليس في النصف الأول من كتاب الله، عز وجل، كلا. وما كان
منه في النصف الآخر فهو الذي أوضحنا معناه بحسب ما لاح واتجه.
والله ولي التوفيق، وله الحمد وصلى الله على
سيدنا محمد وعلى آله وسلم.
كتاب الإفراد
(... وقال ابن فارس في كتاب (الإفراد): كل ما في كتاب الله من ذكر
(الأسف) فمعناه: الحزن، كقوله تعالى في قصة يعقوب: (يا أسفا على يوسف)، إلا
قوله تعالى: (فلما آسفونا) فإن معنا: أغضبونا. وأما قوله في قصة موسى (غضبان
أسفا)، فقال ابن عباس، مغتاظا.
وكل ما في القرآن من ذكر (البروج) فإنها الكواكب، كقوله تعالى:
(وسماء ذات البروج) إلا التي في سورة النساء (ولو كنتم في بروج مشيدة) فإنها
القصور الطوال، المرتفعة في السماء، الحصينة.
وما في القرآن من ذكر (البر) و (البحر) فإنه يراد بالبحر: الماء وبالبر:
التراب اليابس، غير واحد في سورة الروم: (ظهر الفساد في البر والبحر) فإنه بمعنى
البرية والعمران. وقال بعض علمائنا: في البر قتل ابن آدم أخاه، وفي البحر أخذ
الملك كل سفينة غصبا.
و (البخس) في القرآن: النقص، مثل قوله تعالى: (فلا يخاف بخسا ولا
رهقا) إلا حرفا واحدا في سورة يوسف: (وشروه بثمن بخس)، فإن أهل التفسير قالوا:
بخس: حرام.
وما في القرآن من ذكر (البعل) فهو الزوج، كقوله تعالى: (وبعولتهن أحق
بردهن) إلا حرفا واحدا في سورة الصافات: (أتدعون بعلا) فإنه أراد صنما.
وما في القرآن من ذكر (البكم) فهو الخرس عن الكلام بالإيمان كقوله:
(صم بكم) إنما أراد بكم عن النطق بالتوحيد مع صحة ألسنتكم، إلا حرفين: أحدهما



(87) المدثر: 32.
290
في سورة بني إسرائيل (عميا وبكما وصما). والثاني في سورة النحل قوله عز وجل:
(أحدهما أبكم) فإنهما - في هذين الموضعين - اللذان لا يقدران على الكلام.
وكل شئ في القرآن (جثيا) فمعنا: جميعا، إلا التي في سورة الشريعة
(الجاثية): (وترى كل أمة جاثية) فإنه أراد: تجثو على ركبتيها.
وكل حرف في القرآن (حسبان) فهو من العدد، غير حرف في سورة الكهف
(حسبانا من السماء) فإنه بمعنى العذاب.
وكل ما في القرآن (حسرة) فهو الندامة، كقوله - عز وجل - (يا حسرة على
العباد). إلا التي في سورة آل عمران: (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) فإنه يعني به
حزنا.
وكل شئ في القرآن (الدحض) و (الداحض) فمعناه الباطل كقوله:
(حجتهم داحضة) إلا التي في سورة الصافات (فكان من المدحضين).
وكل حرف في القرآن من (رجز) فهو العذاب، كقوله تعالى في قصة بني
إسرائيل: (لئن كشف عنا الرجز) إلا التي في سورة المدثر (والرجز فاهجر) فإنه يعني
الصنم فاجتنبوا عبادته.
وكل شئ في القرآن من (ريب) فهو شك، غير حرف واحد، وهو قوله
تعالى: (نتربص به ريب المنون) فإنه يعني: حوادث الدهر.
وكل شئ في القرآن (نرجمنكم) أو (يرجمونكم) فهو القتل، غير التي في سورة
مريم (لأرجمنك) يعني لأشتمنك.
وكل شئ في القرآن من (زور) فهو الكذب، ويراد به الشرك، غير التي في
المجادلة (منكر من القول وزورا) فإنه كذب غير شرك.
وكل شئ في القرآن من (زكاة) فهو المال، غير التي في سورة مريم (وحنانا
من لدنا وزكاة) فإنه يعني تعطفا.
وكل شئ في القرآن من (زاغوا) و (لا تزغ) فإنه من (مالوا) و (لا تمل) غير
واحدة في سورة الأحزاب (وإذ زاغت الأبصار) بمعنى شخصت.
وكل شئ في القرآن من (يسخرون) وسخرنا) فإنه يراد فإنه يراد به الاستهزاء غير
التي في سورة الزخرف: (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) فإنه أراد: أعوانا وخدما.

291
وكل سكينة في القرآن: طمأنينة القلب، غير واحدة في سورة البقرة (فيه
سكينة من ربكم) فإنه يعني كرأس الهرة لها جناحان كانت في التابوت.
وكل شئ في القرآن من ذكر (السعير) فهو النار والوقود إلا قوله - عز وجل -:
(إن المجرمين في ضلال وسعر) فإنه العناد.
وكل شئ في القرآن من ذكر (شيطان) فإنه إبليس وجنوده وذريته، إلا
قوله تعالى في سورة البقرة: (وإذا خلو إلى شياطينهم) فإنه يريد كهنتهم مثل كعب بن
الأشرف وحيي بن أخطب، وأبي ياسر أخيه.
وكل شهيد في القرآن - غير القتلى في الغزو - فهم الذين يشهدون على أمور الناس
إلا التي في سورة البقرة قوله عز وجل: (وادعو شهداءكم) فإنه يريد شركاءكم
وكل ما في القرآن من (أصحاب النار) فهم أهل النار إلا قوله: (وما جعلنا
أصحاب النار إلا ملائكة) فإنه يرد خزنتها.
وكل (صلاة) في القرآن فهي عبادة ورحمة إلا قوله تعالى: (وصلوات
ومساجد) فإنه: يريد بيوت عبادتهم.
وكل (صمم) في القرآن فهو عن الاستماع للإيمان، غير واحد في بني إسرائيل،
قوله: - عز وجل -: (عميا وبكما وصما) معناه: لا يسمعون شيئا.
وكل (عذاب) في القرآن فهو التعذيب إلا قوله - عز وجل -: (وليشهد
عذابهما) فإنه يريد الضرب.
والقانتون: المطيعون، لكن قوله - عز وجل - في البقرة: (كل له قانتون) معناه:
مقرون يعني: مقرون بالعبودية.
وكل (كنز) في القرآن فهو المال إلا الذي في سورة الكهف: (وكان كنز لها)
فإنه أراد صحفا وعلما.
وكل (مصباح) في القرآن فهو الكوكب إلا الذي في سورة النور (المصباح في
زجاجة) فإنه السراج في نفسة
(النكاح) في القرآن: التزويج، إلا قوله - جل ثناؤه -: (حتى إذا بلغوا النكاح)
فإنه يعني الحلم.
و (النبأ) و (الأنبياء) في القرآن: الإخبار، إلا قوله تعالى: (فعميت عليهم

292
الأنباء) فإنه يعني الحج.
(الورود) في القرآن: الدخول إلا في القصص (ولما ورد ماء مدين) يعني هجم
عليه ولم يدخله.
وكل شئ في القرآن من (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) يعني عن
العمل إلا التي في سورة النساء (إلا ما آتاها) يعني النفقة.
وكل شئ في القرآن من (يأس) فهو القنوط، إلا التي في الرعد (أفلم ييأس
الذين آمنوا) أي: لم يعلموا: قال ابن فارس: أنشدني أبي فارس بن زكريا.
أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم
وكل شئ في القرآن من ذكر (الصبر) محمود إلا قوله عز وجل: (لولا أن
صبرنا عليها) و (اصبروا على آلهتكم).

293
الفاتحة
* الحمد الله رب العالمين (1 / 2).
قال قوم: سمي العالم لاجتماعه. والمراد بالآية: الخلائق أجمعون. وكل
جنس من الخلق في نفسه معلم، وعلم. جمعه: العالمون (88).
* مالك يوم الدين (1 / 4).
أي: يوم الحكم. وقال قوم: الحساب والجزاء. وأي ذلك كان فهو أمر ينقاد
له (89).
* إياك نعبد وإياك نستعين (1 / 5)
معناه: فأعنا على عبادتك (90).
* صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين (1 / 7).
وهو الاستثناء بغير، تقول العرب: عشرة غير واحد، ليس هو من العشرة (91).
و (لا) من حروف الزوائد لتتميم الكلام، والمعنى: إلغاؤها (92).
سورة البقرة
* ذلك الكتاب لا ريب فيه (2 / 2).
الريب: الشك (93).
* سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (2 / 6).
الهمزة للاستفهام، ومعناها: التسوية (94).
* في قلوبهم مرض (2 / 10).



(88) مق 4 / 110.
(89) مق 2 / 319 - 320.
(90) ص 180.
(91) مق 4 / 44.
(92) صا 166.
(93) مق 2 / 463.
(94) صا 182.
294
المرض: ما يخرج به الإنسان عن حد الصحة في أي شئ كان. والمراد
- هاهنا -: النفاق (95).
* وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم
هم المفسدون ولكن لا يشعرون (2 / 11 - 12).
ألا: افتتاح كلام، وقيل: إن الهمزة لتنبيه، و (لا) نفي لدعوى وهي - هاهنا
نفي للإصلاح عنهم (96).
* وإذا خلوا إلى شياطينهم (2 / 14)
يقال: خلا فلان إلى فلان: إذا اجتمعا في الخلوة (97).
* وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون الله
يستهزئ بهم (2 / 14 - 15).
هذا مما يترك حكم ظاهر لفظه، لأنه محمول على معناه، وإن كان جعله في
باب المحاذاة أحسن (98)، والمحاذاة: أن يجعل كلام بحذاء كلام فيؤتى به على وزنه
لفظا، وإن كانا مختلفين (99).
* فلما أضاءت ما حوله (2 / 17).
الضوء، والضوء، بمعنى. وهو: الضياء والنور. قال أبو عبيد: أضاءت النار،
وأضاءت غيرها (100).
* أو كصيب من السماء (2 / 19).
الصيب: السحاب ذو الصوب (101).
* يجعلون أصابعهم في آذانهم (2 / 19).
الأصابع: وأحدهما إصبع الإنسان. قالوا: الإصبع مؤنثة، وقالوا: قد يذكر.



(95) مق (5 / 311.
(96) صا 133.
(97) مق 2 / 258.
(98) صا 254.
(99) صا 230.
(100) مق 3 / 376.
(101) مق 3 / 318.
295
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال:
هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت (102).
هكذا على التأنيث (103). ويقولون: إن ولد قحطان يسمون الأصابع:
الشناتر (104).
* يكاد البرق يخطف أبصارهم (2 / 20).
الخطف: الاستلاب. تقول: خطفته أخطفه، وخطفته أخطفه، وبرق خاطف
الأبصار (105).
* كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم (2 / 28).
كيف: من التعجيب (106).
* أتجعل فيها من يفسد فيها (2 / 30).
إستخبار، والمعنى: استرشاد (107).
* وعلم آدم الأسماء كلها (2 / 31).
علمه الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارفها الناس من دابة وأرض
وسهل وجبل وجمل وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها (108).
* وعلم آدم الأسماء كلها (2 / 31).
كان ابن عباس يقول: علمه الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارفها
الناس من دابة، وأرض، وسهل، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم
وغيرها، وروى خصيف (109) عن مجاهد قال: علمه اسم كل شئ، وقال غيرهما:
إنما علمه أسماء الملائكة. وقال آخرون: علمه أسماء ذريته أجمعين. والذي نذهب إليه في
ذلك ما ذكرناه عن ابن عباس. فإن قال قائل: لو كان ذلك كما تذهب إليه لقال:



(102) مجمل اللغة 3 / 258، للسان (صبع).
(103) مق 3 / 331.
(104) صا 55.
(105) مقا 2 / 196.
(106) يريد أنها استفهام خرج إلى التعجب. صا 159.
(107) يريد أنه خبر يؤدي معنى الاسترشاد، أي: طلب الإرشاد. صا 182.
(108) صا 31.
(109) راوية من التابعين، أخذ عن مجاهد، وسعيد بن جبير ومن في طبقتهما، ينظر وفيات الأعيان 2 / 372.
296
(ثم عرضهن أو عرضها) فلما قال: عرضهم، علم أن ذلك الأعيان بني آدم أو الملائكة،
لأن موضوع الكناية في كلام العرب أن يقال لما يعقل: (عرضهم)، ولما لا يعقل عرضها
أو عرضهن، قيل له: إنما قال ذلك - والله أعلم - لأنه جمع ما يعقل وما لا يعقل، فغلب
ما يعقل، وهي سنة من سنن العرب، أعني باب التغليب، وذلك كقوله - جل ثناؤه -:
(والله خلق كل دابة من ماء، فمنهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رجلين،
ومنهم من يمشي على أربع، يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شئ قدير) (110)،
فقال: (منهم) تغليبا لمن يمشي على رجلين، وهم بنو آدم (111).
* أسكن أنت وزوجك الجنة (2 / 35).
زعم الكسائي عن القاسم بن معن أن (زوجك) لغة لأزد شنوءة، وهم من
اليمن (112) وزوجها: بعلها، وهو الفصيح (113).
* أوفوا بعهدي أوف بعهدكم (2 / 40).
بيان هذا العهد، قوله تعالى: لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم
برسلي) (114) فهذا عهده، جل ثناؤه، وعهدهم تمام الآية في قوله، جل ثناؤه: (لأكفرن
عنكم سيئاتكم) (115) فإذا وفوا بالعهد الأول أعطوا ما وعدوه (116).
* ولا تكونوا أول كافر به (2 / 41).
الكفر لا يجوز في حال من الأحوال. ومذهب العرب، أن العربي قد يذكر
الشئ بإحدى صفتيه فيؤثر ذلك، وقد يذكره فلا يؤثر، بل يكون الأمر في ذلك وفي
غيره سواء، ألا ترى القائل يقول:
من أناس ليس من أخلاقهم عاجل الفحش، ولا سوء الطمع (117)
فلو كان الأمر على ما يذهب إليه من يخالف مذهب العرب لاستجيز: آجل



(110) النور: 45.
(111) صا 32.
(112) صا 58 - 59.
(113) مق 3 / 35.
(114) المائدة: 12.
(115) المائدة: 12.
(116) صا 240 - 241.
(117) الصاحبي 195.
297
الفحش، إذ كان الشاعر إنما ذكر العاجل.
وحكى ناس عن أبي عبيد أنه كان يقول بالمذهب الأول، ويقول في قول النبي
صلى الله عليه وآله وسلم: (لي الواجد يحل عقوبته وعرضه) فدل أن غير الواجد
مخالف للواجد.
والذي نقوله في هذا الباب أن أبا عبيد إنما سلك فيما قاله من هذا مسلك
التأول، ذاهبا إلى مذهب من يقول بهذه المقالة، ولم يحك ما قاله عن العرب. فأما في
الذي تأوله فإنا نحن نخالفه فيه (118).
* وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة (2 / 43).
إذا جاء الخطاب بلفظ مذكر ولم ينص فيه على ذكر الرجال، فإن ذلك
الخطاب شامل للذكران والإناث (119).
* وأقيموا الصلاة (2 / 43).
فهذا مجمل غير مفصل حتى فسره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهو مما
يشكل لأنه لا يحد في نفس الخطاب، وقد فسره النبي (120). وهو بلفظ الأمر
(أفعل) (121).
* واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة (2 / 45).
أي: وإنهما، وهذا من باب نسبة الفعل إلى أحد اثنين، وهو لهما (122).
* يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئا (2 / 48).
أي: لا تقضي، وأهل المدينة يسمون المتقاضي: المتجازي (123).
* فتوبوا إلى بارئكم (2 / 54).
البارئ: الله، جل ثناؤه (124).



(118) صا 196.
(119) صا 188.
(120) صا 76.
(121) صا 184.
(122) صا 218.
(123) مق 1 / 456.
(124) مق 1 / 226.
298
* وقولوا حطة (2 / 58 - والأعراف 161).
قالوا: كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو قالوها لحطت أو زارهم (125)، وقالوا:
تفسيرها: اللهم حط عنا أوزارنا (126).
* كونوا قردة خاسئين (2 / 65).
اللفظ أمر، والمعنى تكوين. وهذا لا يجوز أن يكون إلا من الله، جل
ثناؤه (127).
* لا فارض ولا بكر (2 / 68).
الفارض: المسنة (128).
* فذبحوها وما كادوا يفعلون (2 / 71).
إذا قرنت (كاد) بجحد فقد وقع، إذا قلت: ما كاد يفعله، فقد فعله (129).
* وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها (2 / 72).
وينسب الفعل إلى الجماعة وهو لواحد منهم. وإنما كان القاتل واحدا (130).
* فقلنا: اضربوه ببعضها، كذلك (2 / 73).
وهذا من الاضمار، معناه: فضربوه فحي (131).
* كذلك يحيي الله الموتى (2 / 73).
وهو أيضا، من الاضمار (132).
* ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة (2 / 74).
القسوة: من غلظ القلب، وهي من قسوة الحجر (133) وقال بعضهم: بعضها



(125) مج 2 / 15.
(126) مق 2 / 13.
(127) صا 185.
(128) مج 4 / 89.
(129) مق 5 / 145.
(130) صا 217.
(131) صا 235.
(132) صا 235.
(133) مق 5 / 87.
299
كالحجارة، وبعضها أشد قسوة، أي: هي ضربان، ضرب كذا، وضرب كذا (134).
* لا يعلمون الكتاب إلا أماني (2 / 78).
تمنى الرجل الكتاب: إذا قرأه (135).
* وقالوا: قلوبنا غلف (2 / 88).
أي أوعية للعلم (136).
* فقليلا ما يؤمنون (2 / 88).
كان قطرب (137) يقول: إن العرب تدخل، لا، وما، توكيدا في الكلام (138).
* واشربوا في قلوبهم العجل (2 / 93).
أشرب فلان حب فلان: إذا خالط قلبه، وقال المفسرون: حب العجل (139).
* قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله (2 / 97).
هذا مما لا يعلم معناه إلا بمعرفة قصته (140).
* ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق (2 / 102).
فأثبت لهم علما، ثم قال: (ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا
يعلمون (102) لما كان علما يعلموا به، كانوا كأنهم لا يعلمون (141).
* فلم تقتلون أنبياء الله من قبل (2 / 91).
وهذا مما جاء بلفظ المستقبل وهو في المعنى ماض؟ وقوله - جل ثناؤه -:
* واتبعوا ما تتلوا الشياطين (2 / 102) أي: ما تلت (142).
* لا تقولوا راعنا (2 / 104).



(134) صا 129.
(135) مج 4 / 296.
(136) صا 242.
(137) محمد بن المستنير، المعروف بقطرب، صاحب المثلثات في اللغة والعشرات، وغيرها. فهرست ابن
النديم 52، طبقات النحويين 106، تأريخ بغداد 3 / 298. إنباه الرواة 3 / 219.
(138) صا 165.
(139) مق 3 / 268.
(140) صا 76.
(141) صا 259.
(142) صا 220.
300
راعنا: كلمة كانت اليهود تتساب بها، وهو من (الأرعن) ومن قرأها (راعنا)
منونة فتأويلها: لا تقولوا حمقا من القول، وهو الكلام الأرعن: أي: المضطرب الأهوج
(مق 3 / 408).
* من خير من ربكم (2 / 105).
من: صلة (143).
* أم تريدون أن تسألوا رسولكم (2 / 108).
كان أبو عبيدة يقول: أم تأتي بمعنى ألف الاستفهام، بمعنى: أتريدون؟ (144).
* قل هاتوا برهانكم (2 / 111).
هات: بمعنى: أعط. على لفظ رام وعاط. قال الفراء: ولم تسمع في الاثنين
إنما تقال للواحد والجميع (145).
* ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (2 / 177).
يقولون: فلان يبر ربه، أي: يطيعه، وهو الصدق (146).
* إني جاعلك للناس إماما (2 / 124).
جعل: صير (147).
* وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا (2 / 125).
المثابة: المكان يثوب إليه الناس. قال أهل التفسير: مثابة: يثوبون إليه لا
يقضون منه وطرا أبدا (148).
* رب اجعل هذا البلد آمنا (2 / 126).
آمنا: ذا أمن (149).
* لا نفرق بين أحد منهم (2 / 136).



(143) صا 173.
(144) صا 126.
(145) صا 175 - 176.
(146) مق 1 / 177.
(147) مج 1 / 441.
(148) مق 1 / 393.
(149) مق 1 / 135.
301
التفريق لا يكون إلا بين اثنين. وهذا من سنن العرب ذكر الواحد والمراد
الجميع (150) * وما جعلنا القبلة التي كنت عليها (2 / 143).
بمعنى: أنت عليها (151) * أمة وسطا (2 / 143).
أعدل الشئ أوسطه، ووسطه (152) والوسط من كل شئ: أعدله (153).
ولك وجهة (2 / 148).
الوجهة: كل موضع استقبلته (154).
* لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا (2 / 150).
أراد: إلا على الذين ظلموا، فإن عليهم الحجة (155).
* فولوا وجوهكم شطره (2 / 150).
شطر كل شئ: قصده وجهته (156).
* إن الصفا والمروة من شعائر الله (2 / 158).
الشعائر: واحدتها شعيرة، وهي: أعلام الحج وأعماله (157).
* فما أصبرهم على النار (2 / 175).
هذا من التعجب، وقد قيل إن معنى هذا: ما الذي صبرهم؟ وآخرون يقولون:
ما أصبرهم! ما أجرأهم! (158).
* وآتى المال على حبه (2 / 177).



(150) صا 211.
(151) صا 236.
(152) مق 6 / 108.
(153) مج 4 / 524.
(154) مق 6 / 89.
(155) صا 126.
(156) مج 3 / 158.
(157) مق 3 / 194.
(158) صا 188.
302
الحب في الظاهر مضاف إلى المال، وهو في الحقيقة لصاحب المال (159).
* فمن خاب من موص جنفا (2 / 182).
يقال جنف: إذا عدل وجار (160). والجنف: الميل (161).
* كتب عليهم الصيام (2 / 183). الكتاب: الفرض (مق 5 / 159).
* وإن تصوموا خير لكم (2 / 184).
بمعنى: الصوم خير لكم (162).
* أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (2 / 178).
الرفث: النكاح (163).
* حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر (2 / 187).
الخيط الأبيض: بياض النهار، والخبط الأسود: سواد الليل (164).
* وتدلوا بها إلى الحكام (2 / 188).
أدلى بماله إلى الحاكم: إذا دفعه إليه (165).
* لا عدوان إلا على الظالمين (2 / 193).
للعرب كلام بألفاظ تختص به معان لا يجوز نقلها إلى غيرها. وهذا مما لا
يقال في الخير (166).
* وأتموا الحج والعمرة لله (2 / 196).
الإتمام: القيام بالأمر، أي: قوموا بفرضها (167).
* فإن أحصرتم (2 / 196).



(159) صا 249.
(160) مق 1 / 486.
(161) مج 1 / 464.
(162) صا 131.
(163) مج 2 / 403. مق 2 / 421.
(164) مق 2 / 233.
(165) مق 2 / 293.
(166) صا 264.
(167) مج 1 / 320 (وحواشيه).
303
أحصره المرض: إذا منعه من سفر أو حاجة يريدها (168).
* فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي (2 / 196).
أي: فعليكم (169).
* فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة (2 / 196).
تقول العرب: عشرة وعشرة فتلك عشرون: وذلك زيادة في التأكيد. وإنما
قال، تبارك وتعالى، (ثلاثة أيام في الحج، وسبعة...) لنفي الاحتمال أن يكون
أحدهما واجبا: إما ثلاثة، وإما سبعة، فأكد وأزيل التوهم بأن جمع بينهما (170).
* ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس (2 / 199).
أفاض القوم من عرفة: إذا دفعوا، وذلك كجريان السيل (171).
* كان الناس أمة واحدة (2 / 213).
قيل: كانوا كفارا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. وقيل: كان جميع من
مع نوح (عليه السلام) في السفينة مؤمنا ثم تفرقوا (172).
* وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله
قريب (2 / 214).
قالوا: لما لم يصلح أن يقول الرسول: متى نصر الله؟ كان التأويل وزلزلوا
حتى قال المؤمنون: متى نصر الله؟ فقال الرسول: ألا إن نصر الله قريب، ورد الكلام
إلى من صلح أن يكون له (صا 245).
* عسى أن تكرهوا شيئا (2 / 216).
قال الكسائي: كل ما في القرآن على وجه الخبر فهو موحد، ووحد على: عسى
الأمر أن يكون كذا (173).
* نساؤكم حرث لكم (2 / 223).



(168) مج 2 / 76.
(169) صا 234.
(170) صا 271 - 272.
(171) مق 4 / 465.
(172) مق 1 / 27.
(173) صا 157.
304
المرأة حرث الزوج: لأنها مزدرع ولده (174). فهذا تشبيه (175).
* لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم (2 / 225).
أي: ما لم تعتقدوه بقلوبكم. والفقهاء يقولون: هو قول الرجل: لا والله، وبلى
والله. وقوم يقولون: هو قول الرجل لسواد مقبلا: والله إن هذا فلان، يظنه إياه، ثم لا
يكون كما ظن، قالوا: فيمينه لغو، لأنه لم يتعمد الكذب (176). واللغو ما لم يعقد عليه.
القلب من الإيمان واشتقاق ذلك من قولهم لما لم يعد من أولاد الإبل في الدية، أو
غيرها: لغو (177).
* والمطلقات يتربصن (2 / 228).
خبر يحتمل معنى الأمر (178).
* والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء (2 / 228).
هذا مما يختلف فيه الفقهاء، وهو مما يوكل إلى غير الاحتجاج بلغة
العرب (179).
* الطلاق مرتان (2 / 229).
المعنى: من طلق امرأته مرتين فليمسكها بعدهما بمعروف، أو يسرحها
بإحسان (180).
* فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله (2 / 230).
قوله (إن ظنا) شرط لإطلاق المراجعة، فلو كان محتوما مفروضا لما جاز لهما أن
يتراجعا إلا بعد الظن أن يقيما حدود الله، فالشرط، هاهنا كالمجاز غير المعزوم (181).
* فلا تعضلوهن (2 / 232).



(174) مج 2 / 53.
(175) مق 2 / 49.
(176) مق 5 / 255 - 256.
(177) مج 4 / 281 - 282.
(178) صا 179.
(179) صا 63.
(180) صا 180.
(181) صا 260.
305
هذا من المشكل لغرابة لفظه، وصنف فيه علماؤنا كتب غريب القرآن (182). * حتى يبلغ الكتاب أجله (2 / 232).
حتى: للغاية (183).
* والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن (2 / 234).
خبر عن الأزواج وترك الذين (184).
* لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء (2 / 235).
الخطبة في النكاح: الطلب أن يزوج (185).
* ولكن لا تواعدوهن سرا (2 / 235).
كناية عن النكاح (186).
* قوموا لله قانتين (2 / 238).
قيل: لطول القيام في الصلاة قنوت. وسمي السكوت في الصلاة والاقبال
عليها قنوتا (187).
* وزاده بسطة في العلم والجسم (2 / 247).
البسطة في كل شئ: السعة. وهو بسيط الجسم والباع والعلم (188).
* قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله (2 / 249).
ظننت ظنا، أي: أيقنت (189).
* إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه
مني (2 / 249).
الإطعام يقع في كل ما يطعم، حتى الماء (190).



(182) صا 74 - 75.
(183) صا 150.
(184) صا 217.
(185) مق 2 / 198.
(186) صا 26.
(187) مق 5 / 31.
(188) مق 1 / 47؟.
(189) مق 3 / 462).
(190) مج 3 / 322.
306
* ولا يؤوده حفظهما (2 / 255).
آدني الشئ، يؤودني، أودا: إذا أثقلك (191).
* فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها (2 / 256).
يقال: إن عروة الإسلام: بقيته، كقولهم: بأرض بني فلان عروة، أي: بقية من
كلا. وهذا عندي كلام فيه جفاء، لأن الإسلام والحمد لله باق أبدا، وإنما عرى
الإسلام: شرائعه التي يتمسك بها، كل شريعة عروة (192).
* يخرجونهم من النور إلى الظلمات (2 / 257).
وهم لم يكونوا في نور قط. وهذا من النظم الذي للعرب لا يقوله غيرهم (193).
* أنى يحيي هذه الله.. (2 / 259).
أنى: بمعنى: كيف (194).
* فصرهن إليك (2 / 260).
أي: قطعهن إليك، وشققهن، من: صار (195).
* فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت (2 / 226).
الإعصار: غبار العجاجة (196).
* يكفر عنكم من سيئاتكم (2 / 271).
من، هاهنا، صلة، ومثله (من خير من ربكم) (105) (197).
* إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس (2 / 276).
يقال لداء يشبه الجنون: الخباط، كأن الإنسان يتخبط (198).
* ومنهم من يلمزك في الصدقات (2 / 276).



(191) مج 1 / 215.
(192) مق 4 / 296.
(193) صا 266.
(194) صا 142.
(195) مج 3 / 249.
(196) مق 4 / 343.
(197) صا 172.
(198) مق 2 / 241.
307
اللمز: العيب، يقال لمز، يلمز لمزا (199).
* يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله (2 / 278).
إذا جاء الخطاب بلفظ المذكر، ولم ينص فيه على ذكر الرجال فإن ذلك
الخطاب شامل للذكران، والإناث (200).
* وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة (2 / 280)
الإقلال: عسرة، لأن الأمر ضيق عليه، شديد (201). ويقولون: كان الشئ
يكون كونا: إذا وقع وحضر (202).
سورة آل عمران
* وما يعلم تأويله إلا الله (3 / 7).
أي: لا يعلم الآجال والمدد إلا الله (203).
* شهد الله أنه لا إله إلا هو (3 / 18).
قال أهل العلم: معناه: أعلم الله عز وجل، بين الله، كما يقال: شهد فلان عند
القاضي: إذا بين وأعلم لمن الحق، وعلى من هو (204).
* ويحذركم الله نفسه (3 / 28).
أي: إياه (205).
* وكفلها زكريا (3 / 37).
الكافل: الذي يكفل إنسانا يعوله (206).
* من أنصاري إلى الله (3 / 52).



(199) مق 5 / 209.
(200) صا 188.
(201) مق 4 / 319.
(202) مق 5 / 148.
(203) صا 193.
(204) مج 3 / 181. مق 3 / 221.
(205) صا 252.
(206) مق 5 / 188.
308
قالوا: بمعنى: مع الله، وقال قوم: معناها من يضيف نصرته إلى نصرة الله،
عز وجل، لي، فيكون (إلى) بمعنى الانتهاء (207).
* ومكروا ومكر الله (3 / 54).
الجزاء عن الفعل بمثل لفظه، وهذا من المحاذاة (208).
* ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين (3 / 61).
الابتهال والتضرع في الدعاء. والمباهلة: يرجع إلى هذا، فإن المتباهلين يدعو
كل واحد منهما على صاحبه (209).
* ولكن كان حنيفا مسلما (3 / 67).
الحنيف: المائل إلى الدين المستقيم (210).
وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله (3 / 101).
كيف، هاهنا، للتوبيخ (211).
* ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير (3 / 104).
الأمة: جماعة العلماء (212).
* فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم (3 / 106).
معناه: فيقال لهم (213).
* كنتم خير أمة أخرجت للناس (3 / 110).
أي: أنتم (214).
* يولوكم الادبار ثم ينصرون (3 / 111).
ثم، هاهنا، على بابها، أي: لتراخي الثاني عن الأول (215).



(207) صا 132.
(208) صا 231.
(209) مق 1 / 311.
(210) مج 2 / 114.
(211) صا 160.
(212) مق 1 / 27 - 28.
(213) صا 219.
(214) صا 219.
(215) صا 148.
309
* قل موتوا بغيظكم (3 / 119).
اللفظ أمر، والمعنى تلهيف وتحسير، كقول القائل: مت بغيظك ومت
بدائك (216).
* ولله ما في السماوات (3 / 129).
قال بعض أهل العربية إن لام الإضافة، هاهنا، تصير المضاف للمضاف
إليه (217).
* والكاظمين الغيظ (3 / 134).
الكظم: إجتراع الغيظ والامساك عن إبدائه، وكأنه يجمعه الكاظم في
جوفه (218).
* إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله (3 / 140).
القرح: قرح الجلد يجرح. والقرح: ما يخرج به من قروح تؤلمه، يقال: قرحه:
إذا جرحه (219).
* وليمحص الله الذين آمنوا (3 / 141).
محص الله العبد من الذنب: طهره منه ونقاه ومحصه (220).
* أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (3 / 144).
تأويله: أفتنقلبون على أعقابكم إن مات (221).
* إذ تحسونهم بإذنه (3 / 152).
الحس: القتل (222).
* وطائفة قد أهمتهم (3 / 154).
الواو بمعنى إذ، يريد. إذ طائفة، وتقول: جئت وزيد راكب أي: إذ



(216) صا 186.
(217) صا 113.
(218) مق 5 / 184.
(219) مق 5 / 82.
(220) مق 5 / 300.
(221) صا 183.
(222) مج 2 / 10. مق 2 / 9.
310
زيد (223).
* لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم (3 / 154).
رد على ما حكاه من قولهم: (لو أطاعونا ما قتلوا - 3 / 168) وهذا مما يكون
بيانه منفصلا منه ويجئ في السورة معه (224).
* والله عليم بذات الصدور (3 / 154).
أراد: السرائر (225).
* ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك (3 / 159).
أي: تفرقوا. وانفض القوم: تفرقوا (226).
* الذين قال لهم الناس إن الناس... (3 / 173).
هذا من العام الذي يراد به الخاص. ف‍ (الناس) الأولى: نعيم بن مسعود.
و (الناس) الثانية: أبو سفيان وعيينة بن حصن (227).
* فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز (3 / 185).
زحزح عن النار، أي: بوعد (228).
وفاز يفوز: إذا نجا. ويقال لمن ظفر بخير وذهب به: فاز (229).
* فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب (3 / 188).
أي بحيث يفوزون (230). والمفازة: المنجاة. وقيل: هي من فوز: إذا
هلك (231).



(223) صا 119.
(224) صا 241.
(225) صا 154.
(226) مق 4 / 440).
(227) صا 210.
(228) مق 3 / 8.
(229) مق 4 / 459.
(230) صا 107 - 108.
(231) مق 4 / 459
311
سورة النساء
* ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم (4 / 2).
قامت (إلى) مقام اللام (232).
* وإنه كان حوبا كبيرا (4 / 2).
الحوب والحوب: الإثم (233).
* ذلك أدنى ألا تعولوا (4 / 3).
أي: لا يكثر من تعولون. والعرب تقول في كثيرة العيال: أعال الرجل فهو
معين (234).
* وآتوا النساء صدقاتهن نحلة (4 / 4).
الصداق: صداق المرأة، سمي بذلك لقوته وأنه حق يلزم، ويقال: صداق،
وصدقة وصدقة، وقرئت: (صدقاتهن) (235).
والنحلة: من نحلت المرأة مهرها نحلة، أي: عن طيب نفس من غير
مطالبة (236).
* فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا (4 / 4).
هذا من الشرط الواجب إعماله (237).
* فإن آنستم منهم رشدا (4 / 6).
يقال: آنست الشئ: إذا رأيته (238).
* فإن كان له إخوة فلأمه السدس (4 / 11).



(232) صا 132.
(233) مق 2 / 113. مج 2 / 115.
(234) صا 65.
(235) مق 3 / 339.
(236) مق 5 / 403.
(237) صا 259.
(238) مق 1 / 145.
312
إخوة: لا يكون إلا بأكثر من اثنين (239).
* فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيد (4 / 41).
فالأنبياء من الاشهاد الأربعة (240) والثلاثة الآخرون: الملائكة: (وجاءت
كل نفس معها سائق وشهيد (241). وأمة محمد صلى الله عليه وآله،: (وكذلك
جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) (242)، والأعضاء (يوم تشهد عليهم
ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعلمون) (243).
وهو توكيد لما تقدم من خبر، وتحقيق لما بعده على تأويل أن الله لا يظلم مثقال
ذرة في الدنيا فكيف في الآخرة!؟ (244).
* ولا يكتمون الله حديثا (4 / 42).
من: كتمت الحديث كتما وكتمانا: إذا أخفيته وسترته (245).
* أو جاء أحد منكم من الغائط (4 / 43).
الغائط: مطمئن من الأرض، وهذا من الكناية لتحسين اللفظ (246).
* أو لامستم النساء (4 / 43).
كل ماس لامس. وقال قوم: أريد به الجماع. وذهب ناس إلى أنه المس.
واللمس يكون بغير جماع، واحتج الشافعي (247) بقول القائل:
لمست بكفي كفه أبتغي الغنى * ولم أدر أن الجود من كفه يعدي (248).



(239) صا 190.
(240) صا 239.
(241) ق 21.
(242) البقرة 143.
(243) النور 24.
(244) صا 160.
(245) مق 5 / 157.
(246) صا 260.
(247) أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، أحد الأئمة الأربعة عند السنة، ولد في
فلسطين سنة 150 ه‍، وتوفي سنة 204 في مصر.
تاريخ بغداد 2 / 56. شذرات الذهب 2 / 9.
(248) لعبد الله بن سالم في الأغاني 18 / 94.
313
وهذا شعر لا يحتج به (249).
* فتيمموا صعيدا طيبا (4 / 43).
أي: تعمدوا. قال الخليل: لتيمم يجرى مجرى التوخي، يقال له: تيمم أمرا
حسنا. وتيمموا أطيب ما عندكم تصدقوا به والتيمم بالصعيد: من هذا المعنى، أي:
توخوا أطيبه وأنظفه وتعمدوه. فصار التيمم في أفواه العامة فعلا للتمسح بالصعيد،
حتى يقولوا: قد تيمم فلان بالتراب (250).
* يحرفون الكلم عن مواضعه (4 / 46) (وأيضا: المائدة 13).
وذلك تحريف الكلام، وهو: عدله عن جهته (251).
* فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم (4 / 65).
شجر بين القوم الأمر: إذا اختلف أو اختلفوا وتشاجروا فيه. وسميت مشاجره
لتداخل كلامهم بعضه في بعض. واشتجروا: تنازعوا (252).
* ولو كنتم في بروج مشيدة (4 / 78).
أصل البروج: الحصون والقصور (253).
* وكان الله على كل شئ مقيتا (4 / 85).
أي: حافظا له، شاهدا عليه، وقادرا على ما أراد (254).
* والله أركسهم بما كسبوا (4 / 88).
الركس: قلب الشئ على نفسه، ورد أوله على آخره. والمعنى: ردهم إلى
كفرهم (255).
* أو جاؤوكم حصرت صدورهم (4 / 90).
أي: قد حصرت (256)، بمعنى ضاقت، وذلك من قولهم: أحصره المرض: إذا



(249) مج 4 / 250. مق 5 / 210.
(250) مق 1 / 30.
(251) مق 2 / 43.
(252) مق 3 / 246.
(253) مق 1 / 238.
(254) مق 5 / 38.
(255). مج 2 / 417. مق 2 / 434.
(256) صا 234.
314
منعه من سفر أو حاجة يريدها. ومثله: قد حصره العدو، يحصرونه حصرا: إذا ضيقوا
عليه (257).
* ولو شاء الله لسلطهم عليكم (4 / 90).
فاللام التي في (لسلطهم) جواب لو، ثم قال: (فلقاتلوكم) فهذه حوذيت
بتلك اللام، وإلا فالمعنى: لسلطهم عليكم فقاتلوكم (258).
* واقتلوهم حيث ثقفتموهم (4 / 91 - وأيضا البقرة 191)
أي: أدركتموهم. وثقفت فلانا في الحرب: إذا أدركته (259).
* يجد في الأرض مراغما (4 / 100).
المراغم والمذهب والمهرب (260).
إذ يبيتون ما لا يرضى من القول (4 / 108).
بيت الرجل الأمر إذا دبره ليلا (261).
* ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا (4 / 109).
ها: تنبيه. والعرب إذا أرادت تعظيم شئ أكثرت فيه من التنبيه
والإشارة (262).
* فليبتكن آذان الأنعام (4 / 119).
بتكت الشئ: قطعته، أبتكه بتكا. وقال الخليل: البتك: قطع الأذن (263).
* ومن يعمل من الصالحات (4 / 173).
كان أبو عبيدة يقول: إن (من) صلة. قال أبو ذؤيب (264):



(257) مج 2 / 76.
(258) صا 230.
(259) مج 2 / 363.
(260) مج 2 / 397.
(261) مج 1 / 305.
(262) مج 4 / 443 - 444. مق 6 / 4.
(263) مق 1 / 195.
(264) خويلد بن خالد، جاهلي إسلامي، كان راوية لساعدة بن جؤية الهذلي. خرج في غزاة نحو المغرب فمات
هناك. ينظر وفيات الأعيان 6 / 155 - 156.
315
جزيتك ضعف الود لما أردته * وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي (265)
وقال غيره: لا تزاد في أمر واجب. يقال: ما عندي من شئ، وما عنده من
خير، وهل عندك من طعام؟ فإذا كان واجبا لم يحسن شئ من هذا، لا تقول: عندك
من خير (266).
* وترغبون أن تنكحوهن (4 / 127).
معناه: عن، وقوم يقولون: في أن تنكحوهن (267).
* وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين (4 / 139).
إن: بمعنى إذ. لأنه - عز وجل - لم يخبرهم بعلوهم إلا بعد ما كانوا
مؤمنين (268).
* إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار (4 / 145).
وهي منازلهم التي يدركونها، ويلحقون بها، نعوذ بالله منها! وذلك أن الجنة
درجات، والنار دركات (269).
* لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم (4 / 148).
قال قوم: إنما يريد المكره لأنه مظلوم، فذلك عنه موضوع وإن نطق
بالكفر (270).
* أرنا الله جهرة (4 / 153).
فالسؤال، هاهنا، طلب. والكناية مبتدأة (271).
* فبما نقضهم (4 / 155).
كان قطرب يقول: إن العرب تدخل، لا وما، توكيدا في الكلام (272).
* وما قتلوه يقينا (4 / 157).



(275) برواية (لما شكيته) في ديوان الهذليين 1 / 35.
(266) صا 173.
(267) صا 334.
(268) صا 131.
(269) مق 2 / 269.
(270) صا 262.
(271) صا 262.
(272) صا 165 - 166.
316
هذا من قولهم: قتلت الشئ خبرا وعلما (273).
* وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به (4 / 159).
المعنى: إلا من، ومن مضمرة (274).
* إنما الله إله واحد (4 / 174)
سمعت علي بن إبراهيم القطان يقول: سمعت ثعلبا (275) يقول: سمعت
سلمة (276) يقول: سمعت الفراء يقول: إذا قلت إنما قمت، فقد نفيت عن نفسك كل
فعل إلا القيام، وإذا قلت: إنما قام إنا، فإنك نفيت القيام عن كل أحد وأثبته
لنفسك، وقال قوم: (إنما) معناه التحقير. تقول: إنما أنا بشر. محقرا لنفسك. وهذا
ليس بشئ. والذي قاله الفراء صحيح (277).
سورة المائدة
* أوفوا بالعقود (5 / 1).
عاقدته: مثل عاهدته، وهو العقد، والجمع: عقود (278).
* ولا آمين البيت الحرام (5 / 2).
جمع آم، يؤمون بيت الله، أي: يقصدونه (279).
* اليوم أكملت لكم دينكم (5 / 3)
يقال: كمل الشئ، وكمل، فهو كامل، أي: تام، وأكملته أنا (280).



(273) مق 5 / 56. مج 4 / 143.
(274) صا 173.
(275) أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، إمام الكوفيين في العربية، ثبت ثقة حجة في الحديث والرواية. ولد
سنة 200 ه‍، وتوفي في سنة 291 على أصح الأقوال.
إنباه الرواة 1 / 138. شذرات الذهب 2 / 207. معجم الأدباء 2 / 133.
وفيات الأعيان 1 / 102.
(276) أبو محمد سلمة بن عاصم النحوي، أخذ عن الفراء، وأخذ عنه ثعلب وكان ثقة عالما. نزهة الألباء 92،
وفيات الأعيان 4 / 206.
(277) صا 133 - 134.
(278) مق 4 / 86.
(279) مق 1 / 30.
(280) مق 5 / 139.
317
* وأن تستقسموا بالأزلام (5 / 3).
الأصل: الزلم والزلم قدح يستقسم به، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية وحرم
ذلك في الإسلام (281).
* يسألونك ماذا أحل لهم؟ قل؟ أحل لكم الطيبات (5 / 4).
هذا من الأمر المحتاج إلى بيان، وبيانه متصل به (282).
* إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا (5 / 6).
هذا ضرب يكون المأمور به قبل الفعل مع (إذا) (283).
* وإن كنتم جنبا (5 / 6).
العرب تصف الجميع بصفة الواحد، فقال: جنبا، وهم جماعة (284).
* وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم
يعذبكم؟ (5 / 18).
المعنى: فلم عذب آبائكم بالمسخ والقتل؟ لأن النبي - صلى الله عليه وآله - لم
يؤمر بأن يحتج عليهم بشئ لم يكن، لأن الجاحد يقول: (إني لم أعذب) لكن احتج
عليهم بما قد كان (285).
* يحرفون الكلم عن مواضعه (5 / 13، 41).
يجمعون الكلمة كلمات، وكلما (286).
وتحريف الكلام: عدله عن جهته (287).
* إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله... إلا الذين تابوا (5 / 33 - 34).
الاستثناء جائز في كل ذلك ولقد جاز رجعه - هاهنا - على جميع الكلام (288).



(281) مق 3 / 18.
(282) صا 240.
(283) صا 139.
(284) صا 213.
(285) صا 220.
(286) مق 5 / 131.
(287) مق 2 / 43.
(288) صا 137.
318
* وليحكم أهل الإنجيل (5 / 47).
هذا من الأمر الذي إن لم يفعله المأمور به سمي عاصيا (289) * وقد دخلوا بالكفر (5 / 61).
الباء - هاهنا - للمصاحبة (290).
* يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (5 / 67).
هذا خاص، يريد: هذا الأمر المجدد بله، فإن لم تفعل ولم تبلغ (فما بلغت
رسالته)، يريد: جميع ما أرسلت به (291).
* ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا
يأكلان الطعام (5 / 75).
كناية عما لا بد لآكل الطعام منه (292).
* ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان (5 / 89).
العقد: عقد اليمين (293).
* فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو
تحرير رقبة (5 / 89).
أو، هاهنا: للتخيير (294).
* لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم (5 / 101).
من الكناية المتصلة باسم، وهي لغيره. وقيل: إنها نزلت في ابن حذافة حين
قال للنبي (صلى الله عليه وآله): من أبي؟ فقال: حذافة، وكان يسب به، فساءه
ذلك، فنزلت الآية، وقيل: نزلت في الحج حين قال القائل: أفي كل عام مرة؟ ثم قال:
(وإن تسألوا عنها) يريد أن تسألوا عن أشياء أخر من أمر دينكم ودنياكم بكم إلى
علماها حاجة (تبد لكم) ثم قال: (قد سألها) فهذه - ال‍ (ها) من غير الكنايتين لأن



(289) صا 184.
(290) صا 105.
(291) صا 209.
(292) صا 260.
(293) مق 2 / 86.
(294) صا 127.
319
معناها: قد طلبها، والسؤال، هاهنا: طلب (295).
* وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة
(5 / 106).
الضرب في الأرض للتجارة، وغيرها من السفر (296).
* وإذ قال الله يا عيسى (5 / 116).
قال قوم: قال له ذلك لما رفعه إليه (297).
* أأنت قلت للناس (5 / 116).
هذا استخبار معناه: تبكيت. تبكيت للنصارى فيما ادعوه (298).
* تعلم ما في نفسي (5 / 116).
ذكر بعض الشئ، وهو يريده كله (299). وهذا من سنن العرب.
* لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا (5 / 148).
الشرعة: الدين، والشريعة. والشريعة، في الأصل: مورد الشاربة الماء (300).
سورة الأنعام
ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (6 / 1)
ثم، هاهنا: بمعنى التعجب (301).
* خلقكم من طين ثم قضى أجلا (6 / 2)
وقد كان قضى الأجل، فمعناه: أخبركم أني خلقته من طين، ثم أخبركم أني
قضيت الأجل، كما تقول: كلمتك اليوم، ثم قد كلمتك أمس، أي، أني أخبرك
بذلك، ثم أخبرك بهذا.
وهذا يكون في الجمل، فأما في عطف الاسم على الاسم، والفعل على الفعل،



(295) صا 262.
(296) مق 3 / 398.
(297) صا 140.
(298) صا 181 - 182.
(299) صا 252.
(300) مق 3 / 242.
(301) صا 148.
320
فلا يكون إلا مرتبا، أحدهما بعد الآخر (302).
* ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال.. (6 / 7).
لو، لا بدلها من جواب ظاهر، أو مضمر (303).
* وللبسنا عليهم ما يلبسون (6 / 9).
اللبس: اختلاط الأمر، لبست عليه الأمر ألبسه لبسا (304).
* قل لمن من في السماوات والأرض قل لله (6 / 12).
فها هنا فعل مضمر، كأنه لما سألهم عادوا بالسؤال عليه، فقيل له قل لله (305).
* قالوا والله ربنا ما كنا مشركين (6 / 32)
بيان للحلف المذكور في قوله تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له) (306).
* ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا (6 / 27).
فترى: مستقيل، وإذ: للماضي، وإنما كان كذا لأن الشئ كائن، وإن لم
يكن يعد، وذلك عند الله، جل ثناؤه، قد كان، لأن علمه به سابق، وقضاءه به نافذ،
فهو كائن لا محالة (307).
* يا ليتنا نرد (6 / 27)
هذا من نفي الشئ جملة من أجل عدمه كمال صفته، فهم قد نطقوا لكنهم نطقوا
بما لم ينفع فكأنهم لم ينطقوا (308) وقال - جل ثناؤه -: (لا ينطقون ولا يؤذن لهم
فيعتذرون) (309).
* فلو لا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا... (6 / 43)
لولا: بمعنى: هلا، أي: فهلا (310).



(302) صا 148 - 149.
(303) صا 163.
(304) مج 4 / 262.
(305) صا 235.
(306) المجادلة: 18.
(307) صا 140.
(308) صا 259.
(309) المرسلات: 35 - 34.
(310) صا 143.
321
* فإذا هم مبلسون (6 / 44)
الابلاس: اليأس (311).
* قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم ممن
إله غير الله يأتيكم به (6 / 46).
به: أراد، والله أعلم: بهذا الذي تقدم ذكره. وربما كنى العرب عن الجماعة
كناية الواحد (312).
* ولا تطرد الذين يدعون ربهم الغداة والعشي يريدون وجهه، ما عليك من
حسابهم من شئ، وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين
(6 / 52)
تأويله، والله أعلم: ولا تطرد الذين يدعون ربهم الغداة والعشي فتكون من
الظالمين، ما عليك من حسابهم من شئ، وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم،
وفي هذا جمع شيئين في الابتداء بهما، وجمع خبريهما ثم يرد إلى كل مبتدأ به
خبره (313).
* فتنا بعضهم ببعض ليقولوا (6 / 53)
هي لام العاقبة (314).
* أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا (6 / 70)
أبسلته: أسلمته للهلكة: وأبسلت ولدي: رهنته (315).
* هذا ربي (6 / 77).
حمله بعض المفسرين على حذف ألف الاستفهام، أي: أهذا ربي؟ (316).
* وما قدروا الله حق قدره (6 / 91).
قال المفسرون: ما عظموا الله حق عظمته أو تعظيمه (317). وهذا صحيح،



(311) مج 1 / 291.
(312) صا 246.
(313) صا 246.
(214) صا 115.
(315) مج 1 / 266. مق 1 / 248.
(316) صا 184.
(317) مج 4 / 148.
322
وتلخيصه: أنهم لم يصفوه بصفته التي تنبغي له تعالى (318).
* ولقد تقطع بينكم (6 / 94).
أي: ما بينكم (319).
* أني يكون له ولد (6 / 101)
أي: من أين؟ والأجود أن يقال: كيف؟ قال الكميت:
أنى؟ ومن أين؟ أبك الطرب من حيث لا صبوة ولا ريب (320).
* وما يشعركم أنها إذا جاءت (6 / 109)
أنها، بمعنى: لعلها، وحكى الخليل: إيت السوق أنك تشتري لنا شيئا (321)،
بمعنى لعلك (322).
* يجعل صدره ضيقا حرجا (6 / 125)
الحرج: الضيق (323).
* سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا (6 / 156)
صدف عن الشئ: إذا مال عنه، وولى ذاهبا (324).
سورة الأعراف
* قليلا ما تذكرون (7 / 3)
ما: صلة. المعنى: قليلا تذكرون. ولو كانت اسما لارتفع فقلت: (قليل ما
تتذكرون)، أي، قليل تذكرهم (325).
* وكم قرية أهلكناها (7 / 4)



(318) مق 5 / 63.
(319) صا 172.
(320) صا 142. (321) الكتاب 3 / 123.
(322) صا 130.
(323) مج 2 / 54. مق 2 / 50.
(324) مق 3 / 338.
(325) صا 171.
323
كم: إستخبار، والمعنى تكثير (326).
* ولقد خلقناكم ثم صورناكم (7 / 11)
ثم، هاهنا: بمعنى واو العطف. فقال قوم: معناها: وصورناكم، وقال
آخرون المعنى: ابتدأنا خلقكم، لأنه، جل ثناؤه، بدأ خلق آدم، عليه السلام، من
تراب، ثم صوره. وابتدأ خلق الإنسان من نطفة ثم صوره، قالوا: فتم على بابها، أي:
لتراخي الثاني عن الأول (327).
* ما منعك ألا تسجد (7 / 12)
أي: ما منعك أن تسجد، وكان قطرب يقول: إن العرب تدخل (لا) توكيدا
في الكلام. (328).
* أخرج منها مذءوما مدحورا (7 / 18)
الدحر: الطرد والابعاد (329).
* وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة (7 / 22)
يقولون: طفق يفعل كذا، كما يقال: ظل يفعل (330).
* قد أنزلنا عليكم لباسا (7 / 25)
وهو، جل ثناؤه، إنما أنزل الماء، لكن اللباس من القطن، والقطن لا يكون إلا
بالماء - وهذا من باب الأسماء التي تسمى بها الأشخاص على المجاورة والسبب (331).
* إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم (7 / 27)
لذلك سمي الجن جنا، لأنهم متسترون عن أعين الخلق (332).
* أتقولون على الله ما لا تعلمون (7 / 28)
هذا استخبار، والمعنى إنكار (333).



(326) صا 182.
(327) صا 148.
(328) صا 165 - 166.
(329) مق 2 / 331 - مج 2 / 318.
(330) مج 3 / 413.
(331) صا 94 - 95.
(332) مق 1 / 422.
(333) صا 182.
324
* حتى يلج الجمل في سم الخياط (7 / 40)
السم: الثقب في الشئ (334).
* (فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا نعم) (7 / 44).
معلوم إن الكلام إذا خرج جوابا فقد فهم إنه جواب عن سؤال (335).
* هل ينظرون إلا تأويله (7 / 53).
تأويل الكلام: عاقبته وما يؤول إليه، والمعنى: ما يؤول إليه في وقت بعثهم
ونشورهم (336).
* قالوا: معذرة إلى ربكم (7 / 64)
اعتذر، يعتذر، اعتذارا، وعذرة من ذنبه فعذرته. والمعذرة: الاسم. (337).
* أو أمن أهل القرى (7 / 98)
فليس ب‍ (أو)، وإنما هي واو عطف دخل عليها ألف الاستفهام. كأنه لما
قيل لهم: (إنكم مبعوثون وآباؤكم) استفهموا عنهم (338).
* حقيق علي (7 / 105)
قال بعض أهل العلم: واجب علي، ومن قرأها: (حقيق على) فمعناها
حريص على (339).
* فإذا هي تلقف ما يأفكون (7 / 117)
لقفت الشئ وتلقفته: إذا أخذته أو بلعته (340).
* ألا إنما طائرهم عند الله (7 / 131).
يراد: حظهم، وما يحصل لهم، والعرب تقول:
فإني لست منك، ولست مني إذا ما طار من مالي الثمين أي حصل (341).



(334) مق 3 / 62.
(335) صا 65.
(336) مق 1 / 162.
(337) مق 4 / 254.
(338) صا 119 - 120.
(339) مق 2 / 18. مج 2 / 19 وحواشيه.
(340) مج 4 / 288.
(341) صا 204 - 205.
325
* وقالوا مهما تأتنا به من آية (7 / 132)
مهما بمنزلة (ما) في الشرط (342).
* إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون (7 / 139)
يقال: تبر الله عمل الكافر: أي أهلكه وأبطله (مق 1 / 262)
* وأنا أول المؤمنين (7 / 143)
حكاية عن موسى، عليه السلام، ولم يرد كل المؤمنين، لأن الأنبياء قبله قد
كانوا مؤمنين. وهذا من العام الذي يراد به الخاص (343).
* أعجلتم أمر ربكم (7 / 150)
استعجلت فلانا: حثثته، وعجلته: سبقته (344).
* فلا تشمت بي الأعداء (7 / 150)
يقال: شمت به، يشمت شماتة، وأشمته الله، عز وجل، بعدوه (345).
* واختار موسى قومه (7 / 155)
أي: من قومه (346).
* فانبجست منه اثنتا عشرة عينا (7 / 160)
قال الخليل: البجس: انشقاق في قربة أو حجر، أو أرض ينبع منها ماء، فإن لم
ينبع فليس بانبجاس، والانبجاس عام، والنبوع: للعين خاصة (347).
* وقولوا: حطة، وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطاياكم (7 / 161).
تفسيره: اللهم حط عنا أوزارنا (348)، وقالوا: هي كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو
قالوها لحطت أوزارهم (349).
* إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا (7 / 163)
قيل في التفسير: إنها الرافعة رؤوسهما (350)
* فخلف من بعدهم خلف (7 / 169).
يقولون للجيد خلف، وللردي خلف، فيقولون: هو خلف صدق من أبيه،



(342) صا 174.
(343) صا 210.
(344) مق 4 / 237.
(345) مق 3 / 210.
(346) صا 233.
(347) مق 2 / 199.
(348) مق 2 / 13.
(349) مج 2 / 15.
(350) مق 3 / 263.
326
وخلف سوء من أبيه (351).
* وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه (7 / 169)
العرض، بفتح الراء: ما يصيبه الإنسان من حظه من الدنيا (352).
* وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة (7 / 171)
الظلة: أول سحابة تظل، والظلة: كهيئة الصفة (353).
* ألست بربكم؟ قالوا: بلي (7 / 172).
المعنى، والله أعلم: بل أنت ربنا، ف‍ (بلى): بل: رجوع عن جحد، والألف:
دلالة كلام (354).
والألف في (ألست) استخبار، والمعنى: تسوية (355).
* ولكنه أخلد إلى الأرض (17 / 176)
أخلد إلى الأرض: إذا لصق بها (356).
* لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها (7 / 179)
هذا من باب نفي الشئ جملة من أجل عدمه كمال صفته (357).
* يسألونك عن الساعة، قل: إنما علمها عند ربي (7 / 187)
استخبار محتاج إلى بيان، وبيانه متصل به (358).
* إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون
(7 / 201)
هذه صفة الأتقياء المؤمنين، ثم (وإخوانهم يمدونهم في الغي (7 / 20)
فهذا راجع على كفار مكة، أن كفار مكة، يمدهم إخوانهم من الشياطين في
الغي (359).
وتقرأ (طائف) أيضا، والطائف العاس، والطيف والطائف: ما أطاف
بالانسان من الجنان، يقال: وطاف وأطاف (360).



(351) مق 2 / 210.
(352) مق 4 / 276.
(353) مق 3 / 461.
(354) صا 145.
(355) صا 182.
(356) مق 2 / 208.
(357) صا 258 - 259.
(358) صا 240.
(359) صا 243.
(360) مق 3 / 432.
327
وثائق تاريخية
وصية العلامة الحلي لولده فخر المحققين
الموصي
هو آية الله على الإطلاق، والعلامة بالاستحقاق، جمال الدين الحسن بن يوسف
علي بن محمد بن المطهر الحلي (648 - 726 ه‍).
قرأ على والده سديد الدين يوسف - وكان من كبار علماء عصره - ثم على
خاله المحقق الحلي، وتعلم الفلسفة والرياضيات على الشيخ نصير الدين الطوسي.
يروي عن جمع من علماء المسلمين من الشيعة والسنة.
وقد بلغت أسماء تصانيفه عددا ضخما، قيل: ألف عنوان، وقيل: خمسمائة مجلد.
ومن متفرداته المدرسة السيارة، وهي مدرسة لها طلبتها - وخيامها وآلاتها -
يحلون ويرحلون مع شيخهم حسب ما تقتضيه الظروف.
رضي الله عنه في العلماء العاملين.
أنظر في ترجمة:
طبقات أعلام الشيعة - لأغا بزرك الطهراني - القرن الثامن، ص 52 فما
بعد.
الأعلام للزركلي 2 / 227 ومصادره.
معجم المؤلفين - لعمر رضا كحالة - 3 / 303 ومصادره.
الموصى
ولده فخر المحققين أبو طالب محمد (682 - 771 ه‍).

328
يروي عن والده العلامة، ويروي عنه جمع كثير.
من مؤلفاته: نهج المسترشد في أصول الدين، جامع الفوائد في الفقه، الكافي
الوافية في علم الكلام، وغيرها
مكانته العظمى - عند المسلمين جميعا - كانت نتيجة للخدمة التي قدمها
للأمة الإسلامية في عصر حالك من عصور انحطاطها، وتولي المتغلبين من مشركي
المغول عليها.
فهذا محمد بن يقوب الفيروزآبادي، صاحب (القاموس المحيط)، الشافعي
المذهب يروي عن مترجمنا (التكملة والذيل والصلة) للصغاني فيقول في بعض إجازاته
ما لفظه: (... عن شيخي ومولاي علامة الدنيا، بحر العلوم وطود العلى، فخر
المحققين، أبي طالب محمد بن الشيخ الامام الأعظم برهان علماء الأمم جمال الدين أبي
منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، بحق روايته عن والده، بحق روايته عن مؤلفه
الإمام الحجة... الحسن بن محمد الصغاني).
انظر في ترجمته:
طبقات أعلام الشيعة - لاغا بزرك الطهراني - القرن الثامن، ص 185 فما
بعد.
معجم المؤلفين - لعمر رضا كحالة - 9 / 228.
الوصية
قصيدة يؤكد العلامة فيها على العلم وأثره النافع في الدنيا والآخرة، ويحث
ولده على بذل الوسع في طلبه وتعليمه لمستحقيه.
وهي موجودة في مجموع مخطوط في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام بمشهد، رقم
(6196) وهي:

329
أيا ولدي دعوتك لو أجبتا * إلى ما فيه نفعك لو عقلتا
إلى علم تكون به إماما * مطاعا إن نهيت وإن أمرتا
ويجلو ماء عينك من غشاها * ويهديك السبيل، إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجا * ويكسوك الجمال إذا اغتربتا
ينالك نفعه ما دمت حيا * ويبقى نفعه لك إن ذهبتا
هو العضب المهند ليس يهفو * تصيب به مقاتل من ضربتا
وكنزا لا تخاف عليه لصا * خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الانفاق منه * وينقص إن به كفا شددتا
فلو أن ذقت من حلواه طعما * لآثرت التعلم واجتهدتا
ولم يشغلك عن هذا متاع * ولا دنيا بزخرفها فتنتا
ولا أنهاك عنه أنيق روض * ولا عدر حرييه كلفتا (1)
جعلت المال فوق العلم جهلا * لعمرك في القضية ما عدلتا
وبينهما بنص الوحي بين (2) * ستعلمه إذا (طه) قرأتا
فإن رفع الغني لواء مال * فأنت لواء علمك قد رفعتا
ومهما اقتض (3) أبكار الغواني * فكم بكر من الحكم اقتضضتا
وإن جلس الغني على الحشايا * فأنت على الكواكب قد جلستا
ولو ركب الجياد مسومات * فأنت مناهج التقوى ركبتا
وليس يضرك الاقتار شيئا * إذا ما كنت ربك قد عرفتا
فيا (4) من عنده لك من جميل * إذا بفناء ساحته أنختا
فقابل بالصحيح قبول قولي * وإن أعرضت عنه فقد خسرتا
وإن رابحته قولا وفعلا * وتاجرت الإله فقد ربحتا



(1) كذا، ولعل المناسب:
............. * ولا غدر بجريتها كلفتا
والغدر، جمع غدير
(2) البين: البعد.
(3) إقتض وافتض بمعنى.
(4) كذا، ولعل الصواب: فكم.
330
من ذخائر التراث
رسالة عدم مضايقة الفوائت
السيد محمد علي الطباطبائي المراغي
تقديم
المؤلف
هو رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن
محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني - قدس سره - من أجلاء الطائفة وثقاتها، جليل
القدر، عظيم المنزلة، كثير الحفظ، نقي الكلام، حالم في العلم والعبادة والفضل والزهد
والثقة والفقه والجلالة والورع أشهر من أن يذكر، وكان - أيضا - شاعرا، أديبا، منشئا،
بليغا، له مصنفات (1).
وقال العلامة المجلسي - قدس سره - في معرض سرد نسبت السيد ابن طاووس
- نقلا عن كتاب الإجازات لابن طاووس -: (قال ابن طاووس: يقول علي بن
موس بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد هو الطاووس بن
إسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود - صاحب عمل النصف من رجب - بن
الحسن المثنى بن السبط ابن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام... هذا



(1) راجع في تفصيل ترجمته - قدس سره - أمل الآمل 2: 205 رقم 622، عمدة الطالب: 190، جامع الرواة
1: 603، لؤلؤة البحرين: 235، ريحانة الأدب 8: 76، روضات الجنات 4: 325 / 405، بحار الأنوار
1: 12 و 143 و ج 107: 37، تنقيح المقال 2: 310، الذريعة 2: 343، مصفى المقال: 297، نقد
الرجال: 244، مستدرك الوسائل 3: 467، الكنى والألقاب 1: 329، معجم رجال الحديث 12: 188،
الأعلام - للزركلي - 5: 26 معجم المؤلفين 7: 248، وغيرها.
331
اسمه ونسبه نقلا من كتاب) (2).
وقال المحقق البحراني رحمه الله - صاحب (الحدائق الناضرة) -: (وأمهما [أي
السيد رضي الدين أبو القاسم علي، والسيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد] - على ما ذكره
بعض علمائنا - بنت الشيخ مسعود ورام بن أبي الفراس بن فراس بن حمدان، وأم أمهما
بنت الشيخ الطوسي، وأجاز لها ولأختها - أم الشيخ محمد بن إدريس - جميع مصنفاته
ومصنفات الأصحاب، ويؤيده تصريح السيد رضي الدين - رضي الله عنه - عند ذكر
الشيخ الطوسي بلفظ (جدي)، وكذا عند ذكر الشيخ ورام بلفظه) (3).
وقال المحدث النوري رحمه الله في خاتمة المستدرك - بعد إيراد ما تقدم عنهما -:
(ولا يخفى أن الذي يظهر من مؤلفات السيد أن أمه بنت الشيخ ورام الزاهد، وأنه
ينتهي نسبه من طرف الأب إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي - رحمه الله -، ولذا يعبر عنه
أيضا بالجد.
وأما كيفية الانتساب إليه، فقال السيد في الاقبال: فمن ذلك ما رويته عن
والدي - قدس الله روحه ونور ضريحه - فيما قرأته عليه من كتاب المقنعة، بروايته عن
شيخه الفقيه حسين بن رطبة، عن خال والدي أبي علي الحسن بن محمد، عن والده محمد
بن الحسن الطوسي - جد والدي من قبل أمه - عن الشيخ المفيد، إلى آخره.
فظهر أن انتساب السيد إلى الشيخ من طرف والده أبي إبراهيم موسى الذي أمه
بنت الشيخ، لا من طرف أمه بنت الشيخ ورام.
وما ذكروه من أن أم أم السيد - يعني زوجة ورام - بنت الشيخ فباطل من
وجوه.
أما أولا: فلأن وفاة ورام في سنة 606، ووفاة الشيخ سنة 460، فبين الوفاتين
مائة وستة وأربعين سنة، فكيف يتصور كونه صهرا للشيخ على بنته وإن فرضت ولادة
هذه البنت بعد وفاة الشيخ - مع أنهم ذكروا أن الشيخ أجازها -؟!
وأما ثانيا: فلأنه لو كان كذلك لأشار السيد في موضع من مؤلفاته لشدة
حرصه على ضبط هذه الأمور.



(2) بحار الأنوار 107: 37.
(3) لؤلؤة البحرين: 236، ونقله عنه صاحب (روضات الجنات) معتمدا عليه.
332
وأما ثالثا: فلعدم تعرض أحد من أرباب الإجازات وأصحاب التراجم
لذلك، فإن صهرية الشيخ من المفاخر التي يشيرون إليها كما تعرضوا في ترجمة ابن
شهريار الخازن وغيره.
ويتلو ما ذكروه هنا في الغرابة ما في اللؤلؤة وغيرها أن أم ابن إدريس بنت
شيخ الطائفة، فإنه في الغرابة بمكان يكاد يلحق بالمحال في العادة، فإن وفاة الشيخ في
سنة ستين بعد الأربعمائة وولادة ابن إدريس - كما ذكروه في سنة ثلاث وأربعين
بعد خمسمائة، فبين الوفاة والولادة ثلاثة وثمانون سنة ولو كانت أم ابن إدريس في
وقت إجازة والدها لها في حدود سبعة عشر سنة مثلا، كانت بنت الشيخ ولدت ابن
إدريس في سن مائة سنة تقريبا، وهذه من الخوارق التي لا بد أن تكون في الاشتهار
كالشمس في رابعة النهار.
والعجب من هؤلاء الأعلام كيف يدرجون في مؤلفاتهم هذه الأقوال
والحكايات بمجرد أن رأوها مكتوبة في موضع من غير تأمل ونظر!
ثم إن تعبيرهما عن الشيخ ورام بالمسعود الورام أو مسعود بن ورام اشتباه آخر
لعنا نشير إليه فيما بعد إن شاء الله تعالى، فإن المسعود الورام أو مسعود بن ورام غير الشيخ
ورام الزاهد صاحب تنبيه الخاطر فلا تغفل) (4).
مؤلفاته:
1 - الإجازات.
2 - أدعية الأسابيع.
3 - الأسرار ساعات الليل والنهار.
4 - إسعاد ثمرة الفؤاد على سعادة الدنيا والمعاد.
5 - الاصطفاء في تاريخ الملوك والخفاء.
6 - الاقبال بصالح الأعمال.
7 - الأمان من أخطار الأسفار والأزمان.
8 - أنوار أخبار أبي عمرو الزاهد.



(4) مستدرك الوسائل 3: 471 - الطبعة الحجرية -.
333
9 - البهجة لثمرة المهجة.
10 - التحصين في أسرار ما زاد على كتاب اليقين.
11 - التوفيق للوفاء بعد تصريف دار الفناء.
12 - جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.
13 - الدروع الواقية.
14 - ربيع الشيعة.
15 - ربيع الألباب.
16 - رسالة عدم مضايقة الفوائت.
17 - رسالة في الحلال والحرام من علم النجوم.
18 - روح الأسرار وروح الأسمار.
19 - سعد السعود.
الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف.
21 - طرف من الأنباء والمناقب في التصريح بالوصية والخلاقة لعلي بن أبي
طالب عليه السلام.
22 - غياث سلطان الورى لسكان الثرى - في قضاء الصلاة عن الأموات -.
23 - فتح الأبواب (5).
24 - فتح محجوب الجواب الباهر في شرح وجوب خلق الكافر.
25 - فرج المهموم.
26 - فرحة النظار وبهجة الخاطر.
27 - فلاح السائل ونجاح المسائل.
28 - القبس الواضح من كتاب الجليس الصالح.
29 - كشف المحجة لثمرة المهجة.
30 - المجتنى.
31 - محاسبة الملائكة الكرام.
32 - محاسبة النفس.



(5) تم التعرف به في (تراثنا)، العدد الثاني، السنة الأولى، ص 118.
334
33 - مسالك المحتاج إلى مناسك الحاج.
34 - مصباح الزائر وجناح المسافر.
35 - مضمار السبق.
36 - الملاحم والفتن.
37 - الملهوف على قتلى الطفوف.
38 - مهج الدعوات.
39 - مهمات صلاح المتعبد وتتمات مصباح المتهجد.
40 - اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين.
ثم قال في الإجازات: (وجمعت وصنفت مختصرات كثيرة ما هي الآن على
خاطري، ويمكن اتحاد بعض المذكورة مع بعضها).
وقال المحقق البحراني: (ونقل بعض أصحابنا أن السيد المذكور - مع كثرة
تصانيفه - لم يصنف في الفقه تورعا من الفتوى وخطرها وشدة ما ورد فيها) (6).
أقول: وصرح بذلك السيد في الإجازات (7).
مشايخة:
1 - الشيخ حسين بن محمد السوراوي.
2 - أبو الحسن علي بن يحيى الحناط أو الخياط.
3 - أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر الاصفهاني.
4 - الشيخ نجيب الدين بن نما.
5 - السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي.
6 - الشيخ تاج الدين الحسن بن الدربي.
7 - الشيخ صفي الدين محمد بن معد الموسوي.
8 - الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلي.
9 - السيد أبو حامد محيي الدين محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني.



(6) لؤلؤة البحرين: 241.
(7) بحار الأنوار 107 - 42.
335
10 - نجيب الدين محمد السوراوي كما في بعض الإجازات، ولكن في الرياض:
الشيخ يحيى بن محمد بن يحيى بن الفرج السوراوي، كذا أفاد في أمل الآمل، ذكرهم
جميعا في خاتمة المستدرك 3: 472.
تلاميذه ومن روى عنه:
1 - والد العلامة الحلي، الشيخ الجليل سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر
الحلي.
2 - يوسف بن حاتم الشامي.
3 - العلامة الحلي، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي.
4 - السيد غياث عبد الكريم بن أحمد بن طاووس.
5 - الشيخ تقي الدين الحسن بن داود الحلي.
6 - الشيخ محمد بن أحمد بن صالح القسيني.
7 - أبناء الشيخ القسيني المذكور، وهم: الشيخ إبراهيم.
8 - والشيخ جعفر بن محمد القسيني.
9 - والشيخ علي بن محمد القسيني.
10 - السيد أحمد بن محمد العلوي.
11 - السيد نجم الدين محمد بن الموسوي.
12 - الشيخ محمد بن بشير.
وكني السيد المترجم ب‍ (ابن طاووس) نسبة إلى جده الأعلى أبي عبد الله محمد
ابن إسحاق، فإن محمدا كان جميل الصورة بهي المنظر إلا أن قدميه لم يتناسبا مع جمال
هيئته فلقب ب‍ (الطاووس).
ومن أجداد السيد المترجم داود بن الحسن المثنى، كان رضيع الإمام الصادق
عليه السلام، حسبه المنصور وأراد قتله ففرج الله تعالى عنه بالدعاء الذي علمه الإمام
الصادق عليه السلام لأمه، ويعرف بدعاء أم داود في النصف من رجب، والدعاء
وكيفية العمل به مذكور في كتب الأدعية.

336
النسخة:
وقد اعتمدنا في تحقيق هذه الرسالة على نسختها المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله
المرعشي العامة في قم، رقم 4001، وهي نسخة حديثة الكتابة كتبت بخط النسخ،
وفي نهايتها عدة أوراق من كتاب (المحجة البيضاء) للفيض الكاشاني - رحمه الله -، تقع
المخطوطة في ثماني أوراق، بقياس 25؟ 19 اسم، وفي كل ورقة 20 سطرا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

337
رسالة عدم مضايقة الفوائت
للسيد الجليل ابن طاووس قدس سره
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلواته على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين.
يقول علي بن موسى بن جعفر بن الطاووس: إنني ذاكر في هذه الأوراق،
بعض ما رويته من الأحاديث، في تحقيق المضايقة في فوائت الصلوات، وما أتقلد
الحكم بأحد (1) القولين، بل تعين ذلك من كلف به من أهل النظر والأمانات.
فمن ذلك ما أرويه بإسنادي إلى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري،
رضوان الله عليه، وكان له مكاتبة إلى المهدي صلوات الله وسلامه عليه، وأجوبة تبرز بين
السطور إليه (2)، فذكر هذا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب (قرب



(1) في الأصل: (بأخذ).
(2) قال النجاشي - ص 251 -: محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحمير، أبو جعفر
القمي، كان ثقة وجها، كاتب صاحب الأمر عليه السلام، وسأله مسائل في أبواب الشريعة، قال لنا أحمد
بن الحسين: وقعت هذه المسائل إلى في أصلها والتوقيعات بين السطور، وكان له إخوة جعفر والحسين
وأحمد، كلهم كان له مكاتبة.
ولمحمد كتب، منها: كتاب الحقوق، كتاب الأوائل، كتاب السماء، كتاب الأرض، كتاب المساحة
والبلدان، كتاب إبليس وجنوده، كتاب الاحتجاج.
أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان القزويني، قال: حدثنا علي بن حاتم بن أبي حاتم، قال: قال محمد بن
عبد الله بن جعفر: كان السبب في تصنيفي هذه الكتب أني تفقدت فهرست كتب المساحة التي صنفها
أحمد بن أبي عبد الله البرقي ونسختها ورويتها عمن رواها عنه، وسقطت هذه الستة كتب عنى فلم أجد لها
نسخة، فسألت إخواننا بقم وبغداد والري فلم أجدها عند أحد منهم، فرجعت إلى الأصول والمصنفات
فأخرجتها وألزمت كل حديث منها كتابه وبابه الذي شاكله، الفهرست للشيخ: 156 / 693.
وقال العلامة في رجاله: 156 / 113 مثل ما تقدم عن النجاشي.
أقول: أورد مكاتبته مع مولانا صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف الطبرسي في احتجاجه
- ص 481 -، وخلاصة ترجمته أيضا موجودة في مقدمة كتاب (قرب الإسناد) لوالده، نقلا عن تعليقه السيد
البروجردي - أعلى الله مقامه - على كتاب (الكافي) في تنقيح أسانيد أخباره، وفيه: ولم أظفر إلى الآن على
تاريخ ولادته ولا وفاته، ولكن روايته عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، المتوفى في سنة اثنتين وستين
ومائتين، تدل على أن ولادته كانت في حدود أربعين ومائتين أو قبلها، ورواية أبي غالب الزراري - المتولد في
سنة خمس وثمانين ومائتين - عنه تدل على أنه كان حيا في سنة ثلاثمائة أو بعدها...، راجع جامع الرواة
2: 140.
338
الإسناد) وكان تاريخ النسخة التي نقلت منها شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين
وأربعمائة، وذكر ناسخها أنه نقلها من نسخة عليها خط مؤلفها تاريخه في صفر سنة أربع
وثلاثمائة.
بإسناده عن علي بن جعفر، قال: وسألته - يعني الكاظم عليه السلام - عن
رجل نسي المغرب حتى دخل وقت العشاء الآخرة؟ قال: (يصلي العشاء، ثم
المغرب) (3).
وسألته عن رجل نسي العشاء فذكر قبل طلوع الفجر، كيف يصنع؟ قال:
(يصلي العشاء، ثم الفجر) (4).
وسألته عن رجل نسي الفجر حتى حضرت الظهر؟ قال: (يبدأ بالظهر، ثم
يصلي الفجر كذلك، صلاة بعد صلاة) (5).
ومن ذلك ما رويته من كتاب الفاخر المختصر من كتاب تخيير الأحكام،



(3) قرب الإسناد: 91، وعنه في البحار 88: 322 / 1، وفي الوسائل 5: 349 / 7.
(4) قرب الإسناد: 91، وفيه: (بعد طلوع الفجر) بدل (قبل طلوع الفجر)، كذا عنه في الوسائل
5: 345 / 8، وصلاة الهمداني: 612 فما بعد، وكذا عنه في البحار 88: 322 / 1، والجواهر 13: 59، وفي
طبع النجف: (عند).
أقول: الظاهر، بل المتيقن أن قوله: (قبل طلوع الفجر) ليس بصحيح لعدم استقامة معنى الحديث حينئذ.
أولا: لإمكان عدم دخول وقت صلاة الصبح بعد إقامة صلاة العشاء، فلا يستقيم قوله: يصلي العشاء ثم
الفجر.
وثانيا: لم نجد في النسخ الموجودة من كتاب قرب الإسناد كلمة (قبل) بل الموجود، (بعد الطلوع الفجر) كما
في الطبعة الحجرية، أو كلمة (عند) كما في طبعة النجف، فعلى كلا النسختين يستقيم معنى الحديث.
وثالثا: كل من نقل هذا الحديث نقله بلفظ (بعد طلوع الفجر) وفيهم من لا يخفى شأنهم ودقة ضبطهم في
كتبهم على أحد كصاحب الجواهر والوسائل والمصباح والبحار وغيرهم.
ورابعا: لعدم الاعتماد بهذه الرسالة من قبل الناسخ لوجود غلط فاحش وسقط واضح في موارد فيها مع صغر
حجمها، والله العالم بحقائق الأمور.
(5) قرب الإسناد: 91، وفيه: كل (كذلك خ ل) صلاة بعدها صلاة، وعنه في الوسائل 5: 349 / 9 قضاء
الصلوات، وفي البحار 88: 322 / 1، وفيهما: كذلك كل صلاة بعدها صلاة، وكذا في قرب الإسناد طبعة
النجف.
339
تأليف أبي الفضل محمد بن أحمد بن سليم، رواية محمد بن عمر، الذي ذكر في خطبته (6)
أنه ما روى فيه إلا ما أجمع عليه، وصح - من قول الأئمة عليهم السلام - عنده، فقال
فيه ما هذا لفظه:
والصلوات الفائتات يقضين ما لم يدخل عليه وقت صلاة، فإذا دخل وقت
صلاة بدأ بالتي دخل وقتها، وقضى الفائتة متى أحب (7).
ومن ذلك ما رويته عن عبيد الله بن علي الحلبي (8)، فيما ذكره في كتاب
(أصله) رضوان الله عليه.
وقال جدي أبو جعفر الطوسي في الثناء عليه: عبيد الله الحلبي، له كتاب
مصنف، يعول عليه وقيل: إنه عرض على الصادق عليه السلام واستحسنه، وقال:
(ليس لهؤلاء - يعني المخالفين - مثله) (9).
أقول أنا: فقال فيه ما هذا لفظه: (ومن نام، أو نسي أن يصلي المغرب،
والعشاء الآخرة (فإن استيقظ قبل الفجر بمقدار ما يصليهما جميعا فليصلهما) (10) وإن
استيقظ بعد الفجر فليصل الفجر ثم يصلي المغرب ثم العشاء) (11).
وقال - أيضا - عبيد الله بن علي الحلبي في الكتاب المذكور ما هذا لفظه: (وخمس
صلوات يصلين على كل حال متى ذكر ومتى أحب: صلاة فريضة نسيها يقضيها مع



(6) في الأصل: (خطبة)، وما هنا هو الصحيح لعود الضمير على الكتاب.
(7) البحار 88: 328.
(8) قال النجاشي - 159 -: عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي، مولى بني تيم اللات بن ثعلبة، أبو علي،
كوفي، كان يتجر هو وأبوه وإخوته إلى حلب فغلب عليهم النسبة إلى حلب، وآل أبي شعبة بالكوفة بيت
مذكور من أصحابنا، وروى جدهم عن الحسن والحسين عليهم السلام، وكانوا جميعهم ثقات مرجوعا إلى
ما يقولون، وكان عبيد الله كبيرهم ووجههم، وصنف الكتاب المنسوب إليه وعرضه على أبي عبد الله
عليه السلام وصححه، قال عند قراءته: (أترى لهؤلاء مثل هذا...) ونقل عنه وعن عدة كتب أخرى في
معجم رجال الحديث 11: 77.
(9) الفهرست 106 / 455.
(10) في الأصل: (فإن استيقظ بعد الفجر فليصل الفجر، ثم قبل الفجر بمقدار ما يصليهما جميعا فليصلهما)،
وهي كما ترى مضطربة إذا لحظنا ما بعدها، وما أثبتناه - وهو الصحيح - من البحار، وكذا في المستدرك
1: 485، باب 1 حديث 5، وكذا في الجواهر 13: 53 عنه.
(11) البحار: 88: 299 / 6 و 328.
340
غروب الشمس وطلوعها، وصلاة ركعتي الإحرام، وركعتي الطوائف، الفريضة (12)،
وكسوف الشمس عند طلوعها، وغروبها) (13).
ومن ذلك ما أرويه بإسنادي إلى محمد بن علي بن محبوب، وهو حديث
غريب، من أصل بخط جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه، ورأيت في بعض
تصانيف أصحابنا (14) في الثناء عليه ما هذا لفظه: محمد بن علي بن محبوب الأشعري
القمي، أبو جعفر، شيخ القميين في زمانه، ثقة، عين، فقيه صحيح المذهب.
قال في كتابه (نوادر المصنف): عن علي بن حاله، عن أحمد بن الحسن
علي (15)، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن مصدق بن صدقة، عم عمار بن موسى
الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن الرجل ينام عم الفجر حتى
تطلع الشمس، وهو في سفر، كيف يصنع، أيجوز له أن يقضي بالنهار؟ قال: (لا يقضي
صلاة نافلة، ولا فريضة بالنهار، ولا يجوز له، ولا يثبت له، ولكن يؤخرها فيقضيها
بالليل) (16).
ومن ذلك ما أرويه عن الحسين بن سعيد الأهوازي رضوان الله عليه، مما
رواه في كتاب (الصلاة) وهذا الحسين بن سعيد ممن أثني جدي أبو جعفر الطوسي



(12) في البحار 88: 299 / 6: (والفريضة)، وكذا في المستدرك فهنا شئ، وهو مع زيادة الواو في الرواية
كما في الكتب المذكورة فيكون لفظ الفريضة مكررا في الحديث وبدونه يكونه العدد ناقصا، ويمكن صحة ما
في الأصل مع سقط إحدى الخمسة من الصلوات بقرينة حديث آخر في صلاة الجنازة كما في الوسائل
3: 175 / 4، وغيره.
(13) البحار 88: 299 / 6.
(14) وهو النجاشي رحمه الله في كتابه: 246.
(15) كذا في الأصل، ولكن في السند سقط وغلط من الناسخ، والصحيح كما في التهذيب والوسائل والمستدرك
والبحار، هكذا: عن علي بن خالد، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، إلى آخره.
(16) التهذيب 2: 272 / 1081 والاستبصار 1: 289 / 1057، وعنهما في الوسائل 5: 351 / 6، وفي
المستدرك 1: 285 باب 2 حديث 2 من أبواب قضاء الصلوات، وفي السرائر: 484، والبحار
88: 328 - 329، وقال الشيخ في التهذيبين - في ذيل الرواية المذكورة -: (فهذا خبر شاذ لا يعارض به
الأخبار التي قدمناها مع مطابقتها لظاهر القرآن)، وحمله في الوسائل على محامل أخرى أيضا، ولكن الشيخ
النوري في المستدرك لم يرض بهذه المحامل فلاحظ، وأما قول السيد في أول الرواية: (وهو حديث غريب)
فيمكن لشذوذها ومخالفتها لسائر الروايات كما عن جده في التهذيبين، والله العالم.
341
عليه (17).
فقال في كتاب (الصلاة) ما هذا لفظه: محمد بن سنان، عن ابن مسكان،
عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي
الأولى حتى صلى ركعتين من العصر، قال (فليجعلها الأولى، وليستأنف العصر).
قلت: فإنه نسي المغرب حتى صلى ركعتين من العشاء ثم ذكر، قال: (فليتم
صلاته، ثم ليقض بعد المغرب).
قال، قلت له: جعلت فداك متى نسي الظهر، ثم ذكر وهو في العصر، يجعلها
الأولى، ثم يستأنف، وقلت لهذا: يقضي صلاته بعد المغرب؟! فقال: (ليس هذا
مثل هذا، إن العصر ليس بعدها صلاة، والعشاء بعدها صلاة) (18).
ومن ذلك ما أرويه أيضا عن الحسين بن سعيد، المشار إليه رضوان الله عليه،
في كتاب (الصلاة) ما هذا لفظه: صفوان، عن عيص بن القاسم، قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن رجل نسي، أو نام عن الصلاة، حتى دخل وقت صلاة أخرى
فقال: (إن كانت صلاة الأولى فيبدأ بها، وإن كانت صلاة العصر فليصل العشاء ثم
يصلي العصر).
ومن ذلك ما أرويه أيضا عن الحسين بن سعيد، من كتاب (الصلاة) ما هذا
لفظه: حدثنا فضالة والنضر بن سويد، عن أبي (19) سنان، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (إن نام رجل، أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة، فإن



(17) قال في الفهرست: 58 / 220: (الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الأهوازي، من موالي
علي بن الحسين عليه السلام، ثقة، روى عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث عليهم السلام،
وأصله كوفي).
(18) التهذيب (2: 270 / 1075، وعنه في الوسائل 3: 213 / 5 وفي التهذيب والوسائل: (قلت: حين نسي
الظهر) بدل (متى نسي الظهر)، قال الحر العاملي رحمه الله بعد إيراد الرواية عن التهذيب: (هذا محمول
على تضيق وقت العشاء دون العصر).
(19) كذا في الأصل، وهو اشتباه واضح، كما أن في متن الحديث سقط، وسند الحديث في التهذيب:
عنه (الحسين بن سعيد)، عن فضالة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام.
وكذا في الاستبصار، إلا أن فيه ابن مسكان بدل ابن سنان.
وأورده في الوسائل بكلا السندين، وفي المستدرك كما في الأصل، إلا أن فيه ابن سنان بدل أبي سنان،
وأشار في الجواهر إلى اختلاف السند في التهذيبين.
342
استيقظ قبل الفجر [قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما، وإن خاف أن تفوته إحداهما
فليبدأ بالعشاء الآخرة، وإن استيقظ بعد الفجر فليدأ] (20). فليصل الصبح ثم المغرب
ثم العشاء قبل طلوع الشمس) (21).
ومن ذلك ما أرويه عن الحسين بن سعيد من كتاب (الصلاة) ما هذا
لفظه: حماد، عن شعيب عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إن نام
رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء الآخرة، أو نسي، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما
يصليهما كلتيهما، فليصلهما، وإن خشي أن تفوته إحداهما، فليبدأ بالعشاء الآخرة،
وإن استيقظ بعد الفجر، فليبدأ فليصل الفجر، ثم المغرب، ثم العشاء الآخرة قبل طلوع
الشمس، وإن خاف أن تطلع الشمس، فتفوته إحدى الصلاتين، فليصل المغرب،
ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس، ويذهب شعاعها، ثم ليصلها) (22).
ومن ذلك ما أرويه من كتاب (النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت
النبي صلى الله عليه وآله) إملاء أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله بن علي المعروف
بالواسطي، فقال ما هذا لفظه:
مسألة: من ذكر صلاة وهو في أخرى؟
قال أهل البيت عليهم السلام: يتمم التي هو فيها، ويقضي ما فاته.
وبه قال الشافعي.
ثم ذكر خلاف الفقهاء المخالفين لأهل البيت
ثم ذكر في أواخر مجلده مسألة أخرى، فقال ما هذا لفظه:
مسألة أخرى: من ذكر صلاة وهو في أخرى، إن سأل سائل فقال: أخبرونا
عمن ذكر صلاة وهو في أخرى ما الذي يجب عليه؟ قيل له: يتمم التي هو فيما،
ويقضي ما فاته.
وبه قال الشافعي.
ثم ذكر خلاف المخالفين وقال:



(20) لم ترد هذه الزيادة في الأصل، ووردت في التهذيبين، ولا يستقيم المعنى إلا بها.
(21) التهذيب 2: 270 / 1076، والاستبصار 1: 288 / 1053.
(22) التهذيب 2: 270 / 1077، والاستبصار 1: 288 / 1054.
343
دليلنا على ذلك: ما روي عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال:
(من كان في صلاة ثم ذكر أخرى فاتته، أتم التي هو فيها، ثم يقضي ما فاته).
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاووس: هذا آخر ما أردنا ذكره
من الروايات، أو ما رأينا، مما لم يكن مشهورا بين أهل الدرايات، وصلى الله على سيد
المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين وسلم.
ووحدت في أمالي السيد أبي طالب علي بن الحسين الحسيني (23) في
المواسعة ما هذا لفظه:
حدثنا منصور بن رامس (24)، حدثنا علي بن عمر الحافظ الدارقطني، حدثنا
أحمد بن نصر بن طالب (25) الحافظ، حدثنا أبو ذهل عبيد بن عبد الغفار العسقلاني (26)،
حدثنا أبو محمد سليمان الزاهد، حدثنا القاسم بن معن، حدثنا العلاء بن المسيب بن
رافع، حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، قال، قال رجل: يا رسول الله،
وكيف أقضي؟ قال: (صل مع كل صلاة مثلها) قال: يا رسول الله، قبل أم بعد؟
قال: (قبل).
أقول: وهذا حديث صريح، وهذه الأمالي عندنا في أواخر مجلدة (قالب
الطابين) أولها الجزء الأول من (المنتخب من كتاب زاد المسافر) وصابه المسافر (27)،
تأليف أبي العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني، وقد كتب في حياته، وكان
عظيم الشأن.
فصل: ورأيت في كفارة قضاء الصلوات حديثا غريبا، رواه حسين بن أبي
الحسن بن خلف الكاشغري، الملقب بالفضل، في كتاب (زاد العابدين) فقال ما
هذا لفظه:



(23) وردت ترجمته في رياض العلماء 3: 422، والذريعة 2: 213.
(24) في الأصل: (رأس) وما أثبتناه من رياض العلماء 3: 422 - 423.
(25) في الأصل: (أبي طالب)، وما أثبتناه من المصدر السابق.
(26) في الأصل: (الصقلاني)، وما أثبتناه من المصدر السابق.
(27) كذا
344
في كفارة الصلوات:
قال: حدثنا منصور بن بهرام، بغزنة أخبرنا أبو سهل محمد بن محمد بن
الأشعث الأنصاري، حدثنا أبو طلحة شريح بن عبد الكريم، وغيره، قالوا: حدثنا
أبو الفضل جعفر بن محمد - صاحب كتاب (العروس) -، حدثنا غندر، عن ابن أبي
عروبة (28)، عن قتادة، عن خلاس، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال:
(سمعت [رسول الله] (29) صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من ترك الصلاة في
جهالته، ثم ندم، لا يدري كم ترك، فليصل ليلة الاثنين خمسين ركعة بفاتحة الكتاب
مرة، وقل هو الله أحد مرة، فإذا فرغ من الصلاة استغفر مائة مرة، جعل الله ذلك كفارة
صلاته ولو ترك صلاة مائة سنة، لا يحاسب الله العبد الذي صلى هذه الصلاة، ثم إن
له عند الله بكل ركعة مدينة، وله بكل آية قرأها عبادة سنة، وبكل حرف نور على
الصراط، وأيم الله إنه لا يقدر على هذا إلا مؤمن من أهل الجنة، فمن فعل استغفرت له
الملائكة، وسمي في السماوات صديق الله في الأرض، وكان موته موت الشهداء،
وكان في الجنة رفيق خضر عليه السلام) (30).
ومن المنامات عن الصادقين - الذين لا يتشبه بهم شئ من الشياطين - في
المواسعة، وإن لم يكن ذلك مما يحتج به، لكنه مستطرف، ما وجدته بخط الخازن أبي
الحسن - رضوان الله عليه - وكان رجلا عدلا، متفقا عليه، وبلغني أن جدي



(28) في الأصل: (عن أبي عروية)، والصحيح ما أثبتناه نقلا عن ميزان الاعتدال 2: 152.
(29) لم ترد في الأصل ويقتضيها السياق.
(30) البحار 91: 384 / 15، والمستدرك 1: 387 باب 12 ح 1 من أبواب قضاء الصلوات، قال في البحار:
هذا الخبر مع ضعف سنده ظاهرة مخالف لسائر الأخبار، وأقوال الأصحاب، بل الإجماع، ويمكن حمله على
القضاء المظنون، أو على ما إذا أتى بالقدر المتيقن، أو على ما إذا أتى بما غلب على ظنه الوفاء، فتكون هذه
الصلاة لتلافي الاحتمال القوي، أو الضعيف على حسب ما مر من الوجوه.
وأما القضاء المعلوم فلا بد من الإتيان بها والخروج منها على ما مر، ولا يمكن التعويل على مثل هذا الخبر
وترك القضاء.
وقال في المستدرك: ويحتمل أن يكون هذا العمل كفارة لمعصية، فإن قضاء الصلاة المتروكة لا يستلزم حط
ذنب تركها، فالغرض منه جبر أصل المخالفة وأنه لا يعاقب بعده عليه، من غير نظر إلى تكليفه في جبر المتروك
بالقضاء حتى يتيقن أو قضاء المتيقن أو المظنون، والله العالم.
345
وراما (31) - رضوان الله عليه - صلى خلفه مؤتما به، ما هذا لفظه:
خط الخازن أبي الحسن المذكور.
رأيت في منامي، ليلة الأحد، سادس عشر جمادي الآخرة، وأمير المؤمنين والحجة
عليهما (32) السلام، وكان على أمير المؤمنين ثوب خشن، وعلى الحجة ثوب ألين منه،
فقلت لأمير المؤمنين: يا مولاي، ما تقول في المضايقة؟ فقال لي: (سل صاحب الأمر)،
ومضى أمير المؤمنين، وبقيت أنا والحجة، فجلسنا في موضع، فقلت له: ما تقول في
المضايقة؟ فقال قولا مجملا: (تصلي) فقلت له قولا هذا معناه واختلفت ألفاظه: في
الناس (33) من يعمل نهاره ويتعب، ولا يتهيأ له المضايقة، فقال: (يصلي قبل آخر
الوقت) فقلت له: ابن إدريس [يمنع من الصلاة قبل آخر الوقت ثم التفت فإذا ابن
إدريس] (34)، ناحية عنا، فناداه الحجة عليه السلام: (يا ابن إدريس، يا ابن
إدريس) فجاء ولم يسلم عليه، ولم يتقدم إليه، فقال له: (لم تمنع (35) الناس من
الصلاة قبل آخر الوقت، أسمعت هذا من الشارع؟!) فسكت ولم يعد جوابا، وانتبهت
في أثر ذلك وصلى الله على سيدنا محمد وآله.
ورأيت أيضا بخط الخازن أبي الحسن، ما هذا لفظه:



(31) قال الشيخ منتجب الدين الفهرست: 195 / 522: (الأمير الزاهد أبو الحسين ورام بن أبي فراس،
بالحلة، من أولاد مالك بن الحارث الأشتر النخعي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام).
وقال في المستدرك 3: 477: (الشيخ الأمير الزاهد أبو الحسين - ويقال أبو الحسن - ورام بن أبي فراس ورام
بن حمدان بن عيسى بن أبي نجم بن ورام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم من مالك بن الحارث الأشتر
النخعي، العالم الفقيه الجليل المحدث المعروف، صاحب كتاب (تنبيه الخاطر) الملقب بمجموعة ورام - إلى
أن قال: - توقي ثاني محرم سنة 605 على ما ضبطه ابن الأثير في الكامل - إلى أن قال: - وقال الشهيد
رحمه الله في شرح الإرشاد: ومن الناصرين للقول بالمضايقة الشيخ الزاهد أبو الحسن ورام بن أبي فراس
رضي الله عنه - فإنه صنف فيها مسألة حسنة الفوائد جيدة المقاصد).
وقال السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: (كان جدي ورام بن أبي فراس - قدس الله جل جلاله
روحه - ممن يقتدى بفعله، وقد أوصى أن يجعل في فمه بعد وفاته فص عقيق عليه أسماء أئمته صلوات الله
عليهم).
(32) في الأصل (عليهم) والكلام عن إمامين.
(33) في الأصل: (للناس)، وما أثبتناه أوفق للسياق، وكذا ورد في البحار.
(34) وما بين المعقوفين سقط من الأصل وأثبتناه من البحار.
(35) في الأصل: (يمنع) والصحيح ما أثبتناه بقرينة ما يعده.
346
بسم الله الرحمن الرحيم، رأيت الحجة عليه السلام، ليلة السبت، سادس
شوال، سنة تسعين وخمسمائة، كأنه في بعض دورنا بالمشهد على ساكنها السلام، قاعدا
على دكة، والدكة لها هيئة حسنة، لم أعهدها، وإلى جانبه وقدامه [عرجون] (36) يابس،
فيه شماريخ يابسة، وتحته قسيب، ثم إنه التقط منه، فدخلت عليه، فلما رآني قام،
وأخذ العرجون فصار فيه رطب مختلف اللون، فاعتقدته معجزا له، وقلت له: أنت إمامي
وأقبلت عليه، وأقبل علي، وقعدت بين يديه وأكملت من الرطب، وشكوت إليه
صعوبة الوقت علينا، فأجابني بشئ غاب عني بعد الانتباه حقيقته.
ثم قمنا من ذلك الموضع إلى غيره، فقلت له: يا مولاي إن وراما، وابن
إدريس، يمنعون الناس من الصلاة قبل آخر الوقت، فقال: (يصلون قبل آخر الوقت)
ثم قال: (هم يفرطون في الصلاة) فقلت له: يقولون لهم لا تصلوا قبل آخر الوقت،
فيقولون ما نقدر على ذلك، فأعاد القول: (يصلون قبل آخر الوقت).
ثم ذكر الفقهاء بكلام دل على أنه معتب عليهم، ثم أذن عليه السلام،
فمضيت ألتمس ما القضاء به وأصلي معه، فانتبهت في إثر ذلك، وصلى الله على محمد
وآله الطاهرين.
ورأيت بخط أبي الحسن الخازن، ما هذا لفظه: وكنت أستعمل ماء الكر في
الحمام مدة طويلة، فعن لي في بعض الأوقات أن أترك استعماله، فتركته أوقاتا فرأيت
الحجة عليه السلام في منامي، وهو على موضع عال له شرافات، وعلى رأسه شبه
الإكليل والتاج، فجرى حديث معنى الكر - غاب عني بعد الانتباه حقيقته - فالتفت
إلي وقال: (جبرئيل قال لك أن الكر نجس، أو قال لك جبرئيل لا تستعمله، إرجع
إلى الكر) وانتبهت في إثر ذلك وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
ومن المنامات عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، في المواسعة من بعض
الوجوه، ما حدثني به صديقي الوزير محمد بن أحمد بن العلقمي، ضاعف الله سعادته،
وشرف خاتمته، أيام كان أستاد الدار، فالتمست أن يكتبه بخطه فكتب ما يأتي بلفظه:
رأيت في المنام كأن مولانا زين العابدين عليه السلام نائم، وكأنه ميت،



(36) أثبتناه لضرورة السياق.
347
ومولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالس عند رأسه الشريف فعطس واستوى جالسا
فقلت له: يا مولاي، إيش حديث صلاة المضايقة؟ فأومى بوجهه إلى أمير المؤمنين
عليه السلام، من غير أن يتكلم. فقال أمير المؤمنين عليه السلام من غير أن أسأله: (إذا
كان على لانسان - أو قال: الشخص - صلاة قضاها في مدة، ثم صلى تلك المدة في
مدة، والمدة في مدة، تكون المدة الأخيرة مضايقة).
وانفهم (37) من ذلك أنه إذا كان على الشخص سنتان، ثم صلاها في سنة،
وصلى تلك السنة في شهر، يكون قضاء ذلك الشهر مضايقة.
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس: هذا آخر لفظ صديقي
الوزير محمد بن أحمد العلقمي، ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته.
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني: وتفضل الله،
ومولانا المهدي صلوات الله عليه، علي، وإلي، بآيات باهرة له صلوات الله وسلامه
عليه:
أقول ومنها:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلاته على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين، يقول
علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس: كنت توجهت أنا وأحي الصالح محمد بن
محمد بن محمد القاضي الآوي، ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته، من الحلة إلى
مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامة عليه، في يوم الثلاثاء، سابع عشر
جمادى الآخرة، سنة إحدى وأربعين وستمائة، فاختار الله لنا المبيت في مسجد بالقرية
التي تسمى درره (38) بناء سنجار، وبات أصحابنا ودوابنا في القرية، وتوجهنا منها
أوائل نهار يوم الأربعاء، ثامن عشر الشهر المذكور، فوصلنا إلى مشهد مولانا علي
صلوات الله وسلامه عليه قبل ظهر يوم الأربعاء المذكور، فزرنا وجاء الليل ليلة الخميس
تاسع عشر جمادي الآخرة المذكورة فوجدت من نفسي إقبالا على الله، وحضورا وخيرا
كثيرا، فشاهدت ما يدل على القبول، والعناية والرأفة، وبلوغ المأمول والضيافة.



(37) كذا في الأصل حكاية، والصحيح: ويفهم.
(38) كذا في الأصل، ولم نجد في معجم البلدان قرية بهذا الاسم.
348
فحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي - ضاعف الله سعادته -
أنه رأى في تلك الليلة في منامه، كأن في يدي لقمة، وأنا أقول له: هذه من فم مولانا
المهدي صلوات الله عليه، وقد أعطيته بعضها.
فلما كان سحر تلك الليلة، كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل، فلما
أصبحنا نهار الخميس المذكور، دخلت الحضرة - حضرة مولانا علي صلوات الله وسلامه
عليه - على عادتي، فورد علي من فضل الله، وإقباله، والمكاشفة ما كدت أن أسقط إلى
الأرض، ورجفت أعضائي وأقدامي، وارتعدت رعدة هائلة على عوائد فضله عندي،
وعنايته إلي، وما أراني من تبره لي، ورفدي، وأشرفت على القناد، مفارقة دار العناد،
والانتقال إلى دار البقاء، حتى حضر الجمال محمد بن كتيلة، وأنا في تلك الحال، فسلم
علي، فعجزت عن مشاهدته، وعن النظر إليه، وإلى غيره، وما تحققته بل سألت عنه
بعد ذلك فعرفوني به تحقيقا، وتجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة، وبشارات
جميلة.
وحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي - ضاعف الله سعادته - بعدة
بشارات رآها لي، منها: أنه رأى كأن شخصا يقص عليه في المنام مناما، ويقول له: قد
رأيت كأن فلانا - عني، وكأنني كنت حاضرا لما كان المنام يقص عليه - راكب فرسا،
وأنت، يعني أخي الصالح الآوي - وفارسان آخران، وقد صعدتم جميعا إلى السماء،
قال، فقلت له: أنت تدري أحد (39) الفارسين من هو؟ فقال صاحب المنام في حال
النوم: لا أدري. فقلت: أنت، يعني ذلك مولانا المهدي صلوات الله وسلامه عليه.
وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة، فوصلنا ليلة الجمعة سابع عشرين
جمادى الآخرة، بحسب الاستخارة، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكور، أن
شخصا في صلاح يقال له: عبد المحسن، من أهل السواد، قد حضر بالحلة، وذكر أنه قد
لقيه مولانا المهدي صلوات الله وسلامه عليه، ظاهرا في اليقظة، وقد أرسله إلى عندي
برسالة، فنفذت قاصدا، هو محفوظ بن فراء فحضرا ليلة السبت ثامن عشرين جمادى



(39) في الأصل: (إحدى) والصحيح ما أثبتناه.
349
الآخرة المقدم ذكرها، فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن، فعرفته، وهو رجل صالح،
لا تشك النفس في حديثه، ومستغن عنا، فسألته فذكر أن أصله (4) من حصن بشير،
وأنه انتقل إلى الدولاب، الذي بحذاء المحولة المعروفة بالمجاهدية، ويعرف الدولاب بابن
أبي الحسن، وأنه مقيم هناك، وليس له عمل بالدولاب، ولا زرع، ولكنه تاجر في شراء
غلات، وغيرها، وأنه كان قد ابتاع غلة من ديوان أبي السرايا، وجاء ليقبضها، وبات
عند المعيدية في الموضع المعروف بالمحر، فلما كان وقت السحر، كره استعمال ماء
المعيدية، فخرج يقصد النهر، والنهر في جهة المشرق، فما أحس بنفسه إلا وهو عند تل
السلام، في طريق مشهد الحسين عليه السلام، في جهة المغرب، وكان ذلك ليلة
الخميس تاسع عشر جمادي الآخرة من سنة إحدى وأربعين وستمائة - التي تقدم شرح
بعض ما تفضل الله علي فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه
عليه -.
قال: فجلست أريق ماء، وإذا بفارس عندي ما سمعت له حسا، ولا وجدت
لفرسه حركة ولا صوتا، وكان القمر طالعا، ولكن الضباب (41) كثيرا
فسألته عن الفارس وفرسه، فقال: كان لون فرسه صديا، وعليه ثياب بيض،
ومتحنك بعمامته، ومتقلد بسيفه.
فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن كيف وقت الناس؟
قال عبد المحسن: فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت، قال، فقلت: الدنيا عليها
ضباب وغبرة.
فقال: ما سألتك عن هذا، أنا أسألك عن حال الناس.
قال، فقلت: الناس طيبون، مرخصون، آمنون (42) في أوطانهم، وعلى أموالهم.
فقال تمضي إلى ابن طاووس، وتقول له: كذا وكذا، وذكر لي ما قال لي
صلوات الله وسلامه عليه.



(40) في الأصل: (بن)، والسياق يقتضي ما أثبتناه
(41) الضباب كسحاب جمع ضبابة، وهو ندى يغشى الأرض بالغدوات، وفي الصحاح: الضبابة سحابة تغشى
الأرض كالدخان (مجمع البحرين 2: 104).
(42) في الأصل: (طيبين مرخصين آمنين)، والصحيح ما أثبتناه.
350
ثم قال عنه عليه السلام: فالوقت قددنا، فالوقت قد دنا.
قال عبد المحسن: فوقع في قلبي، وعرفت نفسي، أنه مولانا صاحب الزمان،
فوقعت على وجهي، وبقيت كذلك مغشيا علي إلى أن طلع الصبح.
قلت له: فمن أين عرفت أنه قصد ابن طاووس عني؟
قال: ما أعرف من بني طاووس إلا أنت، وما وقع في قلبي إلا أنه قصد
بالرسالة إليك.
قلت: فأي شئ فهمت بقوله صلوات الله عليه (فالوقت قد دنا)، هل قصد
وفاتي قد دنت، أم قد دنا وقت ظهوره صلوات الله عليه؟
فقال: بل قد دنا وقت ظهور صلوات الله عليه.
قال: فتوجهت ذلك اليوم إلى مشهد الحسين عليه السلام، وعزمت أنني ألزم
بيتي مدة حياتي أ عبد الله تعالى، وندمت كيف ما سألته على السلام عن أشياء كنت
أشتهي أن أسأله عنها.
قلت له: هل عرفت بذلك أحدا؟
قال نعم، عرفت بعض من كان عرف بخروجي من عند المعيدية، وتوهموا
أني قد ضللت، وهلكت لتأخري عنهم، واشتغالي بالغشية التي [وجدتها، ولأنهم كانوا
يروني طول ذلك النهار - يوم الخميس - في أثر الغشية التي] (43) لقيتها من خوفي منه
عليه السلام، فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبدا.
وعرضت عليه شيئا، فقال: أنا مستغن عن الناس، وبخير كثير، فقمت أنا
وهو، فلما قام عني نفذت له غطاء، وبات عندنا في المجلس على باب الدور التي هي
مسكني الآن بالحلة.
فقمت وكنت أنا وهو في الروشن (44) في خلوة فنزلت لأنام فسألت الله زيادة
كشف في المنام تلك الليلة أراه أنا، فرأيت كأن مولانا الصادق عليه السلام قد جاءني
بهدية عظيمة، وهي عندي، وكأنني ما أعرف قدرها، فاستيقظت وحمدت الله،
وصعدت الروشن لصلاة نافلة الليل، في تلك الليلة، وهي ليلة السبت ثامن عشرين



(43) هذه الزيادة لم ترد في الأصل، ووردت في البحار والمستدرك.
(44) في الأصل (الروش)، والصحيح ما أثبتناه، وكذا ما سيأتي بعدها.
351
جمادى الآخرة، فأصعد فتح (45) الإبريق إلى عندي فمددت يدي ولزمت عروته لأفرغ
على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق، وأداره عني، ومنعني من استعمال الماء في
طهارة الصلاة، فقلت: لعل الماء نجس، فأراد الله أن يصونني عنه، فإن الله جل جلاله
علي عوائد كثيرة، أحدها مثل هذا، وأعرفها، فناديت: إلى فتح، فقلت: من أين
ملأت الإبريق؟ قال: من المسيبة، فقلت: هذا لعله نجس، فاقلبه واشطفه، واملأ من
الشط.
فمضى وقلبه، وأنا أسمع صوت الإبريق، وشطفه وملأه من الشط وجاء به،
فلزمت عروته، وشرعت أقلب منه على كفي، فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عني،
ومنعني منه، فعدت صبرت، ودعوت بدعوات، وعاودت الإبريق فجرى مثل ذلك،
فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل في تلك الليلة، قلت في خواطري: لعل الله يريد
أن يجري علي حكما وابتلاء غدا، ولا يريد أن أدعو الليلة في السلامة من ذلك،
وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك، فنمت وأنا جالس، وإذا برجل يقول لي: هذا يعني
عبد المحسن - الذي جاء بالرسالة كان ينبغي أن تمشي بين يديه.
فاستيقظت، ووقع في خواطري أن قد قصرت في احترامه وإكرامه، فتبت إلى
الله جل جلاله، واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، وشرعت في الطهارة فلم
يمسك أحد الإبريق، وتركت على عادتي، فتطهرت وصليت ركعتين، فطلع الفجر
فقضيت نافلة الليل، وفهمت أنني ما قمت بحق هذا الرسالة.
فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن، وتلقيته وأكرمته، وأخذت له من خاصتي ست
دنانير، ومن غير خاصتي خمسة عشر دينارا، مما كنت أحكم فيه كمالي، وخلوت به
في الروشن، وعرضت ذلك عليه فاعتذرت إليه، فامتنع قبول شئ أصلا، وقال: إن
معي نحو مائة دينار، وما آخذ شيئا، أعطه لمن هو فقير، وامتنع غاية الامتناع، فقلت له:
إن رسوله مثله عليه السلام (46)، يعطى لأجل الإكرام لمن أرسله عليه السلام، لا لأجل
فقره وغناه، فامتنع، فقلت: مبارك، أما الخمسة عشر دينارا فهي من غير خاصتي، فلا



(45) فتح: اسم غلامه [منه رحمه الله، كما في هامش البحار].
(46) في الأصل: (صلى الله عليه وآله) والكلام عن المهدي - عجل الله تعالى فرجه الشريف - فما أثبتناه أنسب
للمقام، وكذا ما بعده.
352
أكرهك على قبولها. وأما هذه الستة دنانير فهو من خاصتي (47)، ولا بد أن تقبلها
مني، وكاد أن يؤيسني من قبولها، فألزمته، فأخذها، وعاد تركها، فألزمته فأخذها،
وتغديت أنا وهو، ومشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلى ظاهر الدار، وأوصيته
بالكتمان، والحمد الله، وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين.
ومن عجيب زيادة بيان: أنني توجهت في ذلك الأسبوع، يوم الاثنين
الثلاثين من جمادي الآخرة، سنة إحدى وأربعين وستمائة، إلى مشهد الحسين
عليه السلام لزيارة أول رجب، أنا وأخي الصالح محمد بن محمد بن محمد - ضاعف الله
سعادته -، فحضر عندي سحر ليلة الثلاثاء أول رجب المبارك سنة إحدى وأربعين
وستمائة المقرئ محمد بن سويد في بغداد، وذكر ابتداء من نفسه أنه رأى ليلة السبت،
ثامن عشرين جمادى الآخرة المقدم ذكرها، وكأنني في دار وقد جاء رسول إليك وقالوا:
هو من عند الصاحب، قال محمد بن سويد: فظن بعض الجماعة أنه من عند أستاذ
الدار، قد جاء إليك برسالة، قال محمد بن سويد: وأنا عرفت أنه من عند
صاحب الزمان عليه السلام، قال: فغسل محمد بن سويد يديه وطهرهما، وقام إلى رسول
مولانا المهدي صلوات الله عليه، فوجده قد أحضر معه كتابا من مولانا المهدي
صلوات الله عليه إلى عندي، وعلى الكتاب المذكور ثلاثة ختوم، قال المقرء محمد بن
سويد: فتسلمت الكتاب من رسول مولانا (48)، المهدي صلوات الله عليه بيديه
المشطوفة، قال: وسلمته إليك - يعني عني -.
قال: فكان أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي - ضاعف الله سعادته -
حاضرا، فقال: ما هذا؟ فقلت: هو يقول لك.
يقول علي بن موسى بن طاووس: فتعجبت من أن هذا محمد سويد قد رأي
المنام في الليلة التي حضر عندي فيها الرسول المذكور، وما كان عنده خبر من هذه
الأمور، والحمد لله كما هو أهله، وسمعت ممن لا اسميه مواصله بينه وبين مولانا
صلوات الله عليه، لو تهيأ ذكرها كانت عدة كراريس، دالة على وجوده وحياته
ومعجزاته صلوات الله عليه، وصلى الله على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين.



(47) في الأصل: (من غير خاصتي)، وحذفنا (غير) للسياق.
(48) في الأصل: (مولا) وما أثبتناه هو الصحيح.
353
انتهى قراءة هذا الكتاب علي ليلة الأربعاء، ثامن عشر ربيع الآخر، سنة
إحدى وستين وستمائة، والقارئ له ولدي محمد حفظه الله، وعلى القراءة ولدي،
وأخوه علي، وأربع أخواته، وبنت خالي.

354
الفهارس
(1)
فهرست أسامي المعصومين عليهم السلام
محمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
338، 344 مرتان 346، 347 مرتان،
353 مرتان
علي بن أبي طالب أمير المؤمنين
عليه السلام: 345، 346، 347، 348 أربع
مرات 349، 350
الحسين عليه السلام: 350، 351 و 353
زين العابدين عليه السلام: 347
الصادقين عليهما السلام: 345
جعفر بن محمد الصادق
عليهما السلام = أبو عبد الله عليها السلام:
340، 342 ثلاث مرات، 341، 344،
343، 351
الإمام الكاظم عليه السلام: 339
المهدي = الصاحب = صاحب الزمان =
الحجة = صاحب الأمر = مولانا المهدي
- عجل الله تعالى فرجه الشريف: 338، 346
خمس مرات 347، 348، 349 ثلاث مرات
351، 353، خمس مرات.

355
(2)
أسماء الأعلام
ابن إدريس 346
أحمد بن الحسن بن علي 341
أحمد بن نصر بن أبي طالب الحافظ ابن أبي الحسن 344
ابن طاووس 350، 351
ابن مسكان 342
أبو بصير 343
أبو جعفر الطوسي 341، 341
أبو الحسن الخازن 346، 347 مرتان
أبو ذهل عبيد بن عبد الغفار الصقلاني = العسقلاني 344
أبو السرايا 350
أبو سنان = ابن سنان 342
أبو سهل محمد بن محمد الأشعث الأنصاري 345
أبو طالب علي بن الحسين الحسني 344
أبو طلحة شريح بن عبد الكريم 345
أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن علي، المعروف بالواسطي 343
أبو عروبة 345
أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني 344
أبو الفضل جعفر بن محمد 345
أبو الفضل محمد بن أحمد بن سليم 340
أبو محمد سليمان الزاهد 344
بني طاووس 351
جابر بن عبد الله 344
جبرئيل 347
جمال محمد بن كتيلة 349

356
حسن بن البقلي 349
الحسن بن زياد الصيقل 342
الحسين بن أبي الحسن بن خلف بن الكاشفري الملقب بالفضل 344
الحسين بن سعيد 342 مرتان 343
الحسين بن سعيد الأهوازي 341
حماد 343
الخازن أبو الحسن 346 مرتان
الخضر عليه السلام 345
خلاس 345
الشافعي 343 مرتان
شعيب 343
صفوان 342
عبد الله بن علي الحلبي = عبيد الله 340 مرتان
عبد الله حلبي 340
عبد المحسن 349، 350، 351، 352
عطاء بن أبي رباح 344
العلاء بن المسيب بن رابع 344
علي 354
علي بن جعفر 339
علي بن حاله 341
علي بن عمر الحافظ الدارقطني 344
علي بن موسى بن طاووس = علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسيني
338، 344، 348 3 مرات، 353
عمار بن موسى الساباطي 341
عمرو بن سعيد المدائني 341
عيص بن القاسم 342
غندر 345

357
فتح 352
فضالة 342
القاسم بن معن 344
قتادة 345
محفوظ بن فراء 349
محمد 353
محمد بن أحمد بن العلقمي 347
محمد بن أحمد العلقمي 348
محمد بن سنان 342
محمد بن سويد 353 ثلاث مرات
محمد بن سويد المقرئ 342
محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري 353
محمد بن علي بن محبوب 353
محمد بن علي بن محبوب الأشعري القمي 338
محمد بن عمر 341
محمد بن كتيلة = جمال 341
محمد بن محمد بن محمد 340
محمد بن محمد بن محمد الآوي 349
محمد بن محمد بن محمد القاضي الآوي 353
مصدق بن صدقة 353
منصور بن بهرام 348
منصور بن رامس 341
المقرئ = محمد بن سويد 345
النضر بن سويد 344

358
(3)
فهرست الكتب
الكتاب الصفحة
كتال الأصل للحلبي 340
كتاب الأمالي
كتاب الأمالي للسيد أبي طالب علي بن الحسين الحسيني 344
كتاب زاد العابدين 344
كتاب زاد المسافر 344
كتاب الصلاة 341 342 343
كتاب العروس 345
كتاب قرب الإسناد 338
كتاب المختصر من كتاب تخيير الأحكام 339
كتاب النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم 343
كتاب نوادر المصنف 341
(4)
فهرست الأمكنة والبقاع والبلدان وغيرها
الأمكنة الصفحة
بغداد 353
حصن بشير 350
الحلة 349 مرتان، 351
رجب 349، 353
رجب المبارك 353
الشط 352
المحر 350
المسيبة 352
المعيدية 350 - 351

359
من ذخائر التراث
مسائل الفاضل المقداد
وأجوبة الشهيد
الشيخ عباس الحسون
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الشهادة عين الحياة ومنبع الخلود، جعلها الباعث للحياة
في النفوس. فأينما كانت، كانت الحياة، وأينما حلت بعثت على الحركة والنمو، فيصير بها
الميت حيا والساكن متحركا، والثابت ناميا. فمثلها كمثل الروح إذا حلت في الجسد
جعلته حيا تبعثه على التحرك والنمو، وإذا تركته تركته ميتا. ويشهد بذلك قوله تعالى
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).
وكذلك العلم فإنه هو الآخر الباعث على الحياة، أينما يجذب تجذب معه
الحياة، وأينما يطرد تطرد معه الحياة، فأينما كان كان التحرك والنمو، وأينما لم يكن
لم يكن، فهو الآخر مثله كمثل الروح. ويشهد بذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام:
............... * الناس موتى وأهل العلم أحياء
فإذا تلاقح العلم مع الشهادة واجتمعا في واحد كان له روحان وحياتان
وباعثان على النمو والحركة، يمتاز عما سواه، ويسمو على ما حاذاه، ويشمخ على ما عالاه،
فالشهيد الأول هذا المقام السامي الذي جمع الروحين والباعثين على الحياة،
الذي كسب لقب: الشهيد، وجعله مختصا به لأنه شهيد عالم وعالم شهيد، وأسعده
علي ذلك استشهاده في السبيل المصبوغ بالمظلومية الحمراء: سبيل على والحسين
عليهما السلام. فحياته دروس ودروسه حياة، وبيانه البيان، وذكراه الذكرى.

360
ثم إن رسالتنا - التي هي أسئلة المقداد وأجوبة الشهيد، هي الحاصل من عمل
الروحين، نتجت من حياة علمية سامية - اتسمت بلون الشهادة لأنها أجوبة الشهيد
وتفصيله. ويضيفها حسنا أنها أجوبة لأسئلة علم آخر من أعلام الفقه والعلم: المقداد
السيوري، الذي دلت آثاره على وزنه وأعلمتنا قدر علمه، فهو الرائع في تنقيحه، والمبدع
في تنقيحه الرائع وباقي آثاره.
عنوان الرسالة:
وقع اختلاف في عنوان هذه الرسالة والظاهر عدم وجود عنوان مشخص لها
ولا اسم خاص تعرف به. فعبر عنها الشيخ الطهراني في الذريعة تارة ب‍ (جوابات
الفاضل المقداد) (1) وعبر عنها أخرى ب‍ (جوابات المسائل المقدادية) (2) وعبر
عنها الزركلي في الأعلام ب‍ (الأسئلة المقدادية) (3) وعبر عنها ثالث ب‍ (أجوبة المسائل
المقدادية) والذي يستفاد من مقدمتها عنوان آخر وهو (مسائل الفاضل المقداد وأجوبة
الشهيد) وهو الذي اخترته وجعلته عنوانا لها.
السائل والمسؤول:
السائل: هو الفقيه الفاضل والأصولي المحقق: جمال الدين أبو عبد الله المقداد بن
عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري المعروف: بالفاضل المقداد المتوفى في
النجف الأشرف سنة 826. وكان له مدرسة تعرف بمدرسة المقداد السيوري، وهي
إحدى مدراس النجف المشهورة في عصرها كما في كتاب ماضي النجف
وحاضرها (4). وله مؤلفات كثيرة منها التنقيح الرائع وكنز العرفان في الفقه. ومن
مشايخه الشهيد الأول الآتي ذكره، وفخر المحققين - ابن العلامة الحلي - محمد بن الحسن
ابن يوسف.



(1) الذريعة 5: 212.
(2) الذريعة 5: 234.
(3) الأعلام 7: 272.
(4) ماضي النجف وحاضرها 1: 125 لمؤلفه جعفر بن الشيخ باقر آل محبوبة.
361
المسؤول: هو الشهيد السعيد شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ جمال الدين
مكي بن شمس الدين محمد الدمشقي الجزيني، المولود 734 والمستشهد سنة 786
في دمشق.
كان الشهيد رحالا ودرس على أيدي الكثير من العلماء والأساطين، منهم
فخر المحققين ابن العلامة الحلي. ودرس الكثير، وهو أستاد كثير من العلماء منهم الفاضل
المقداد المار ذكره وابنا الشهيد وبنته الفقيهة الفاضلة فاطمة المدعوة بست المشائخ
وغيرهم.
وأما مؤلفاته فهي كثيرة منها: كتاب الذكرى والدروس والبيان واللمعة
الدمشقية في الفقه.
هذه الرسالة:
ذكر هذه الرسالة خير الدين الزركلي في الأعلام - كما مر - في ضمن التعرض
لحياة الفاضل المقداد. وذكرها الآغا بزرگ الطهراني في موضعين من الذريعة وقال في
أحد الموضعين: (جوابات المسائل المقدادية: سبع وعشرون مسألة، سألها الفاضل ابن
عبد الله السيوري من أستاذه الشهيد، فكتب هو جواباتها أوله: (الحمد لله المحمود على
أفضاله، والمشكور على نواله) ضمن مجموعة فيها بعض رسائل ابن فهد في الخزانة
الرضوية كما في فهرسها).
النسخ المعتمدة:
اعتمدنا في ضبط وتخليص هذه الرسالة على نسختين مخطوطتين في مكتبة
الإمام الرضا - عليه السلام - التابعة للروضة الرضوية المقدسة في مشهد.
النسخة الأولى: المرقمة 6537 الموجودة بضميمة كتاب اللوامع لابن فهد
الحلي، ذكر في آخرها أن سنة الفراغ من كتابتها هي: (1190)، النسخة جيدة لكنها
رديئة الخط ورمزنا لها ب‍ (ق).
النسخة الثانية: المرقمة 3632 الموجودة بضميمة بعض رسائل ابن فهد الحلي.
تاريخ الفراغ من كتابتها هو سنة (1292)، هي الأخرى نسخة جيدة وتمتاز عن

362
سابقتها بجودة الخط ورمزنا لها ب‍ (ن).
العمل في الرسالة:
نظرا إلى أنه لا ترجيح لإحدى النسختين اللتين اعتمدت عليهما على الأخرى،
اعتمدت أسلوب التلفيق، فآخذ الراجح من كل منهما وأجعله متنا وأشير إلى الآخر في
الهامش إذا كان يوجب تغييرا في المعنى، وأنتخب الصحيح من النسختين وأطرح
الخطأ. حتى بدون إشارة، وأضيف بعض الكلمات أو الجمل التي يحتاجها الكلام مع
وضعها بين معقوفتين والإشارة إليه وإلى وجه الإضافة في الهامش.
ومن ثم تزيين الهامش ببعض الإرجاعات والتوضيحات اللازمة، مضربا عن
الاطناب معتمدا الاختصار.
ومن ثم تقطيع المتن بالنقاط والفوارز وعلامات الاستفهام وتعيين رؤوس
الأسطر في الموارد المعقولة. متجنبا للإسراف والتقتير في ذلك كله.
ما في الرسالة:
الرسالة عبارة عن سبعة وعشرين مسألة في مواضيع مختلفة، منها ما يطلب فيها
السائل بيان الدليل بعد السؤال عن حكم المسألة، أو يبين فيها السائل آراء بعض العلماء
وأدلتها، فيكون الجواب هو بيان الحكم مقرونا بالدليل.
ومنها ما يطلب فيها السائل حكم المسألة فقط فيكون الجواب بيان الحكم فقط.
ثم المشاهد أن لسان هذه الرسالة هو اللسان المتداول في ذلك اليوم، لم يراع
فيها منطق العرب الأصيل.
فهرست المطالب
المسألة الأولى: في تعلق الخمس بما يتملك بعقد الهبة.
= الثانية: في النفقة على أموال المضاربة من بعضها.
= الثالثة: فيمن أخر بالطهارة حتى بقي مقدار الصلاة.
= الرابعة: في حكم الماء الساقط فيه دم يعفى عنه.

363
= الخامسة: في الجلد المأخوذ من المخالف.
= السادسة: فيما لو أخذ الظالم على أموال المضاربة.
= السابعة: في شخص بيده عين وذكر أنها وديعة.
= الثامنة: في المصبوغ أو الطعام المأخوذ من الكفار.
= التاسعة: في الفقاع.
= العاشرة: في طهارة الخف بالأرض لو كانت رطبة.
= الحادية عشر: في الحوض الصغير في غير الحمام له مادة.
= الثانية عشر: في اتخاذ الميل للكحل وغيره من الفضة.
= الثالثة عشر: في التاجر الكافر غير الكتابي.
= الرابعة عشر: في بيع الوكيل المفوض نسية.
المسألة الخامسة عشر: في الاستخارة.
= السادسة عشر: في الشراء ممن في ماله خمس أو زكاة.
= السابعة عشر: في قبلة وقبلة البصرة.
= الثامنة عشر: في الصلاة قبل دخول الوقت تقية.
= التاسعة عشر: في أخذ الأجرة على الأذان.
= العشرون: في تطهير الأرض الصقيلة.
= الحادية والعشرون: في حكم ولد الزنا.
= الثانية والعشرون: في طهارة آنية الخمر المنقلب خلا.
= الثالثة والعشرون: فيمن ملك في وقت لا يتمكن من قطع الطريق إلى
الحج.
= الرابعة والعشرون: في رد الوصي للوصية لو لم يعلم بها.
= الخامسة والعشرون: في إيراد المضارب المال عند الصراف.
= السادسة والعشرون = في الوديعة.
= السابعة والعشرون: فيما يخرجه الودعي والمضارب على العروض.
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.

364
[مسائل الفاضل المقداد وأجوبة الشهيد]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم سهل يا كريم
الحمد لله المحمود على أفضاله، والمشكور على نواله، والصلاة والسلام على خير
خلقه محمد وآله، وبعد فإن هذه المسائل الجليلة، والأجوبة الحسنة الجميلة، من مسائل
المولى الجليل العالم الفاضل المحقق المدقق فريد دهره ووحيد عصره الشيخ الأعظم
والمولى المعظم شرف الملة والحق والدين: أبو عبد الله المقداد بن السعيد المغفور
جلال الدين عبد الله بن محمد بن حسين السيوري، عن علامة العلماء ورئيس الفضلاء،
أنموذج المتقدمين، أفضل المتأخرين، وعلامة المجتهدين، السعيد الشهيد الشيخ شمس الملة
والحق والدين محمد بن السعيد المرحوم شرف الدين المكي قدس الله روحه، وبأرفع
الدرجات سره، ورفع في الملأ الأعلى ذكره، وحشره مع النبيين وفي زمرة الأئمة
المعصومين، وهي:
المسألة الأولى: ما قوله - دام ظله وفضله - فيما يتملك بعقد الهبة (1)، هل يجب
فيه الخمس كما هو رأي أبي الصلاح (2) أم لا؟
وعلى تقدير عدم الوجوب لو كان التاجر لا يتملك شيئا بعقد البيع بل بعقد الهبة (3)
في جميع أحواله، أو على المعاملات من غير عقد أصلا، هل يجب عليه الخمس
في الصورتين أم لا؟
وعلى تقدير تملكه بعقد البيع لو وهب في السنة أو ضيف أو أهدى مما فيه قصد
القربة أو لا، فهل يجب عليه الخمس فيما يهب أو يتصدق به أو يهدي أو يضيف مما يكون
زائدا على مؤنة السنة له ولعياله أم لا؟ وعلى تقدير عدم الوجوب لو وهب هذا التاجر المتملك بعقد البيع ما أفاده



(1) في ق: الشبهة.
(2) الكافي في الفقه: 170.
(3) في ق: الشبهة.
365
رأس ماله في السنة جميعه، هل يجب عليه الخمس أم لا؟ أفتنا مأجورا.
الجواب: قال دام ظله: يديم فواضل مولانا وفضائله، ويتقبل فرائضه ونوافله،
الأصحاب معرضون عن هذا القول مع قيام الدليل عل قوته، لدخوله في مسمى الغنيمة،
واتباعهم أولى، تمسكا بالأصل وما عليه المعظم.
والمراد بمحل النزاع: المملوك بهبة غير معتاض عنها، أما الهبة المعوض عنها فهي
كالبيع قطعا، ولو أن التاجر فعل ذلك لم يسقط عنه الخمس. والمعاملات هنا بحكم
البيع.
وأما هبة البيع في أثناء السنة والضيافة غير المعتادة وشبه ذلك فهو يخرج عن
العهدة، لأنه المعتبر في الانفاق: عدم الإسراف والإقتار، فالمسرف يحسب عليه والمقتر
يحسب له، وأما الضيافة المعتادة فهي تغتفر هنا.
المسألة الثانية: ما قوله - دام فضله - في شخص بيده مال على وجه المضاربة لعدة
أشخاص، وله عليه نفقة على الوجه المقرر شرعا وعرفا، لو أنفق من أحد الأموال المتعددة
على نية المحاسبة والمقاصة، أو من ماله بالنية المذكورة، هل له المحاسبة وتوزيع ذلك
المخرج في النفقة فيما بعد وأخذ القسط من كل مال على حدة أم لا؟
وهل لو كان بيد العامل مال آخر على سبيل البضاعة لشخص غير رب المضاربة
أوله، وشرط على العامل توزيع النفقة على مجموع ما بيده، هل يلزم الشرط وتكون النفقة
على الجميع ويلزم مال البضاعة قسط؟ أو يلزم الشرط ويكون قسطه على العامل؟ أو
لا يلزم الشرط وتكون النفقة مختصة بمال المضاربة؟.
ولو (4) لم يكن الشرط حاصلا هل يلزم مال البضاعة قسطه، أم على تقدير لزوم
قسطه (5) هل يكون على العامل أو في المال نفسه؟ أفتنا مأجورا.
الجواب: نعم له الإنفاق من ماله بنية الرجوع، وأما من بعض الأموال فلا يجوز
إلا مع تعذر الانفاق من المال الآخر، ولو تعذر فأنفق بنية البسط جاز، والمحكم (6) في



(4) في ق: لو.
(5) في ق: وقسطه.
(6) في ق، ن: الحكم.
366
وأما البضاعة فلاحظ لها من الانفاق إلا بإذن المالك، فإن أذن وزع وإلا
يقبلها على العامل تنزيلا لها منزلة ماله، فإنه لو كان له مال غير مال المضاربة بسط على
الجميع، ولا فرق بين اشتراط أرباب مال المضاربة التوزيع أو بين السكوت عن ذلك،
هذا في نفقة العامل (7).
وأما النفقة على المال، فالمأخوذ من البضاعة ما يخصها من النفقة عليها، شرط
على المالك ذلك أو لا، فمظنته للعرف.
المسألة الثالثة منها: ما قوله في شخص أخر الطهارة في أول الوقت متعمدا حتى
بقي من الوقت مقدار الصلاة لا غير، هل له استباحتها بالتيمم لو كان الطهور الاختياري
حاضرا، نظرا إلى ضيق الوقت، وقد ذكر شيخنا في التحرير ما يفيد هذا المعنى (8)، أم
ليس له أن يستبيحها إلا بالطهور المائي، نظرا إلى تعمده الإخلال، وحينئذ يجب عليه
القضاء؟.
وهل لو كان على بدنه نجاسة والحال هذه يباح له التيمم وتصح (9) صلاته
وتبرأ ذمته أم لا؟.
وهل لو كان في البدن فرح أو جرح لا يرقى أو رقى أو خيف من استعمال الماء
وعلى المكلف غسل، هل يجوز معه التيمم أم يستعمل الجبائر ويمسح عليهما؟
ولو (10) كان البدن كله نجسا وليس هناك ماء للتطهير، هل يباح التيمم مع
نجاسة أعضائه أم تسقط الصلاة أو (11) حصل ما يطهر البعض، بحيث يكفي لغسل
أعضاء الوضوء وللوضوء، أو يخفف به النجاسة عن باقي البدن ويستبيح بالتيمم؟
الجواب: إذا بقي من الوقت قدر الطهارة بالماء وركعة تطهر بالماء قطعا، وإن
قصر عن ذلك وبالتيمم يبقى ذلك تيمم وصلى، فإن كان ذلك التأخير بغير تفريط
فلا قضاء عليه، وإن فرط في ذلك، والذي اختاره الشيخ الأفضل في التذكرة (12) أنه



(7) في ق: الحامل.
(8) التحرير 1: 21.
(9) في ق، ن: تصح، وما أثبتناه أنسب.
(10) قي ق: أو.
(11) في ن: لو.
(12) التذكرة 1: 60.
367
يقضي، لأنه سبب ضياع الصلاة، وحكمه حكم من أراق الماء في الوقت وعلى بدنه
نجاسة وتعذر عليه التطهر بالماء وإزالتها، صح تيممه وصلاته.
وأما الجرح والقرح فإن أمكن غسل ما عداه والمسح عليه وجب، وإن تعذر
المسح عليه فالمروي في الجرح أنه يغسل ما عداه ويتركه (13)، ولو وضع عليه خرقة ومسح
كان حسنا.
ويجوز التيمم مع نجاسة البدن وتعذر الإزالة إذا كان العضو والتراب يابسين،
ولو كان أحدهما رطبا فهو فاقد للطهور، والأجود فيه القضاء.
وأما المتردد فيه بين الوضوء مع غسل أعضائه أو إزالة النجاسة عن معظم
البدن ثم التيمم، فالأقرب ترجح الأول إن تغير بالوضوء (14)، والنجاسة باقية في
الموضعين. أما لو كان يكفي غسل جميع النجاسة فإنه يقدمها قطعا على الوضوء.
المسألة الرابعة: ما قوله في قطرة الدم لو وضعت على سطح مستو صلب لم يبلغ
مقدار درهم، فوقعت في مائع وأصاب ذلك المائع البدن بمقدار نيف على سعة الدرهم،
هل يعفى عنه في الصلاة أم لا؟ سواء كان متغيرا بها أو لا؟
ولو كان الدم على البدن أو الثوب بحيث لا يبلغ الدرهم فحت (15) أو معك
بحيث زالت العين، هل تصح الصلاة والحال هذه أو يختص الحكم هنا بشخصه؟ [ولو
كان الدم في غير الثوب] (16) ككيس أو منديل، هل تصح الصلاة أم لا؟
الجواب: لا يعفى عن هذا لأنه صار نجسا وخرج عن اسم الدم سواء تغير أم لا
علي المذهب الأصح لم يخالف فيه إلا ابن أبي عقيل - رحمه الله - (17). وإباحة الدم
فلا تخرج عن العفو قطعا.
وحكم المحمول في العفو حكم الثوب بغير إشكال. أما لو زاد في المحمول عن
الدرهم فظاهر الرواية - وبه قطع المحقق صاحب المعتبر نور الله قبره ورفع في الملأ الأعلى



(13) الوسائل ب 39 من أبواب الوضوء.
(14) كذا في ق، وفي ن: أن يتغير بالوضوء، ولم اهتد إلى منشئها.
(15) في ق: فحكه به.
(16) ليس في ق، ن وأثبتناه لاستقامة المعنى.
(17) نقله عنه في المختلف: 2.
368
ذكره - أنه عفو (18)، وقطع الفاضل بأن العفو إنما هو عن الملابس (19)، والأول أحسن
لشمول الرواية.
المسألة الخامسة: ما قوله في الجلد المأخوذ من المخالف، هل يحكم بطهارته أم لا؟
مع أن فقهاء ناقد حكموا بنجاسة ما يؤخذ ممن يستحل جلد الميتة بالدباغ. والشافعية تقول
بطهارته إلا الكلب والخنزير، والحنفية إلا الخنزير، والمالكية بطهارته ظاهرا لا باطنا،
كما حكى ذلك شيخنا الطوسي في مسائل خلافه (20). والحنابلة وإن لم يحكموا
بطهارته لكنهم قد ذكروا أنهم مجتمعون (21)، وذلك يمنع من طهارة ما يذبحونه.
والطوائف من أهل السنة اليوم محصورون في هذه الأربعة، فما الوجه في الحكم بطهارته؟
أفتنا في ذلك مبينا للوجه على ما يظهر لمولاي، ذاكرا للحجية على ذلك.
الجواب: الذي ظهر للعبد الحكم بطهارة الجلد المأخوذ من المسلمين، ومن سوق
الإسلام وإن لم يعلم كون المأخوذ منه مسلما إذا لم يعلم أنه يستحل الميتة بالدبغ، عملا
بالظاهر الغالب من وقوع الذكاة، وبالأخذ باليسير ودفع الحرج المنفي، وينبه عليه
ما رواه الشيخ في التهذيب عن إسحاق بن عمار، عن العبد الصالح - عليه السلام -:
(قلت: فإن كان فيها غير أهل الإسلام، قال: إن كان الغالب عليهما المسلمين
فلا بأس) (22).
وروى الشيخ البزنطي في جامعه عن الرضا - عليه السلام - (قال: سألته عن
الخفاف نأتي السوق فنشري الخف لا ندري أذكي هو أم لا، ما يقول في الصلاة فيه
أيصلي فيه؟ قال: نعم، أنا اشتري الخف من السوق ويصح ما صلى فيه، وليس عليكم
المسألة) (23).
وعن، البزنطي (قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فرو لا يدري
أذكية أم لا؟، أيصلى فيها؟ قال: نعم، ليس عليكم المسألة، إن أبا جعفر عليه السلام



(18) المعتبر 1: 443.
(19) المنتهى 1: 184.
(20) الخلاف 1: 6.
(21) المغني لابن قدامة 1: 84، 87.
(22) التهذيب 2: 368 / 1532 الوسائل ب 50 من أبواب النجاسات ح 5.
(23) التهذيب 2: 371 / 1545، قرب الإسناد: 170، الوسائل ب 50 من أبواب النجاشي ح 6.
369
كان يقول: إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم لجهالتهم أن الدين أوسع عليهم من
ذلك) (24)، وقد بسطت المسألة في الذكرى (25) ومثله رواية الصدوق أبي جعفر بن
بابويه في كتابه الكبير (26) وهؤلاء أئمة المذهب.
وأما إذا علم أنه يستحل، فإن أخبر يكونه ميتة اجتنبت، وإن أخبر بالذكاة
فالأقرب القبول عملا بصحة إخبار المسلمين، فإن الأغلب الذكاة. وإن لم يخبر بشئ
فالظاهر أيضا الحمل على الذكاة عملا بالأغلب وبما تلوناه من الأخبار الشاملة لصورة
النزاع، وبإزائها أخبار لا تقاومها في الشهرة (27)، ويمكن تأويلها بالحمل على استحباب
الاجتناب إذا علم الاستحلال بالدبغ.
ولم نقف على من أفتى بالمنع من ذلك غير بعض متأخري الأصحاب (28). ويرد
عليه أن الأربعة مجمعون على استحلال ذبيحة أهل الكتاب، وأكثرهم لا يراعي شرائط
الذبيحة، مع أن أحدا منا لم يوجب الاجتناب لكان هذا الاحتمال، وهذا أقوى من
الاستحلال بالدبغ لأنه أكثر وجودا.
المسألة السادسة: ما قوله (29) - دام ظله - في رجل بيده عروض للتجارة مضارة
لأقوام متعددين، وطلب طالب منه مالا على سبيل القهر والمغالبة، فامتنع العامل من
تسليمه لعدمه في الحال، فطلب الظالم منه رهنا على ذلك وعين الرهن من نوع بعينه ولم
يوجد عنده، هل له استعارة الرهن المطلوب منه ويكون مضمونا من صلب تلك
الأموال، مع أن الأصلح ذلك، أم يكون مضمونا على العامل؟.
وهل لو عين الظالم رهنا وكان موجودا في بعض تلك العروض دون بعض، ولم
يقبل الظالم إلا بذلك الرهن عن الجميع وأخذه منه، هل يكون مضمونا على الجميع
أم لا؟
وهل لو طلب الظالم رهنا معينا، وبيد العامل من ذلك النوع عروض تتزايد



(24) التهذيب 2: 368 / 1529، الوسائل ب 50 من أبواب النجاسات ح 3.
(25) الذكرى: 16.
(26) الفقيه 1: 167 / 787، الوسائل ب 50 من أبواب النجاسات ح 3.
(27) الوسائل ب 50 من أبواب النجاسات.
(28) المنتهى: 226، التذكرة 1: 94، التحرير 1: 30.
(29) ليس في ق.
370
قيمة بعضها عن بعض، فإن اتفقت في النوعية فأخذ العامل الأدون قيمة فجعله رهنا
محافظة على المصلحة والأعلى (30)، قيمة هل يكون مضمونا على تلك العروض في أموال
أربابها أم لا؟.
الجواب: إذا كان العامل مفوضا وظن (31) المصلحة فكل ذلك جائز. وبعض
فكاكه أو قسمه على الأموال بالحصص، وكذا العدول إلى ما يراه أصلح لكونه أدون
قيمة، والضمان على أرباب الأموال إذا كانوا عالمين في ابتداء المضاربة بحدوث مثل
هذه الأمور.
وبالجملة مراعاة الأصلح في ذلك، ولا ضمان عليه إلا أن يكون أربابه
غير عالمين بالأحوال (32) ولم يفوضوا إليه نظر المصلحة، فهنا يجب مراجعة الحاكم عند
فجأة هذه المصلحة، ولو تعذر (33) وصانع عن الجميع بنية الرجوع فليس ببعيد جوازه،
لأنه من باب التعاون على البر.
المسألة السابعة: ما قوله - دام ظله - في شخص بيده عين وذكر أنها وديعة يبيعها
مالكها، أو مضاربة بيده للبيع وأنفق وكيل صاحبها في البيع، وعلم بشاهد الحال عدم
كذبه في الأخبار، هل يصح الشراء (34) منه وتملك العين ولم تكن مضمونة أم لا؟
وهل لو مسها شخص أو بعضها أو استند إليها والحال هذه يكون ضامنا لها
ويجب تسليمها إلى مالكها أم لا؟ وكذا العبد الذي يرى في السوق يبيع ويشتري ويعلم
بشاهد الحال أنه مأذون، هل يفتقر في معاملته إلى البينة أم يكفي شاهد الحال؟
الجواب: لا ضمان ظاهرا في أمثال ذلك ولا إثم فيه، ويقبل قول ذي اليد في
ذلك كله، ويكفي شاهد الحال والشياع في إذن السيد بعبده في التصرف، وتباح
معاملته بذلك ولا ضمان.
والمسألة الثامنة: ما قوله - دام ظله - فيما يوجد في يد كافر مما ليس بمائع، من ثوب
مما هو مصبوغ، أو الطعام مما هو مصنوع، يحكم بطهارته أم لا؟.



(30) في ق: الأعلى.
(31) في ق، ن: فظن.
(32) في ق، ن: بالأموال.
(33) يعني: مراجعة الحاكم.
(34) في ق: والتبرء.
371
وهل المراد بالآنية: الجديدة أم يحكم بطهارتها ولم كانت مستعملة - كما ذكره
الشيخ في القواعد - (35) لكن استعمالها لا ينفك عن المباشرة برطوبة غالبا فيكون
بقول (36) ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة، وهل الشرط العلم بعدم الملاقاة برطوبة
أو عدم العلم بالملاقاة؟
الجواب: كل ما يوجد في يد الكافر أو غيره هو طاهر إذا لم تعلم نجاسته، سواء
كان مائعا أو جامدا، وكذا المصبوغ وغيره إلا أن يعلم نجاسته، سواء كان (37) الكافر
صبغه (38) وكذا الطعام المصنوع، ولا فرق بين الإناء المستعمل وغيره، والمانع علم
الملاقاة، فيكفي في الاستعمال عدم العلم، ولا شرط المستعمل العلم (39) بالعدم.
المسألة التاسعة: ما قوله فيما أجمع عليه علماؤنا من تحريم الفقاع ونجاسته؟
ولا شك أن التصديق مسبوق بتصور المحكوم عليه، فما المراد بالفقاع المحكوم بتحريمه
ونجاسته، هل هو ما يسمى فقاعا فيما بين الناس؟ وحينئذ يلزم تحريم الأقسمة فقد ذكر
أن أجزاءها قريبة من أجزائه، لكنه قد نقل عنكم حلها، إذا لم يرد التحريم فتكون
مباحة أم هو مركب خاص له أجزاء خاصة، فينبغي أن يكون مضبوطا ليعلم حتى
يصح الحكم بحريمها ونجاستها؟
الجواب: الظاهر أن الفقاع كان قديما يتخذ من الشعير غالبا ويصنع حتى
تحصل له النشيش والغليان (40)، وكأنه الآن يتخذ من الزبيب أيضا، ويحصل فيه
هاتان الخاصيتان أيضا. والفرق بينه وبين المسمى بالأقسمة إنما هو بحسب الزمان، فإنه
في ابتدائه قبل حصول الخاصيتين يسمى قسما، فإن استفاد الخاصيتين بطول الزمان
يسمى فقاعا، والله أعلم.
المسألة العاشرة: ما قوله فيما اجتمع عليه من طهارة باطن الخف والقدم
بالأرض، أنه لو كانت الأرض رطبة هل تكون مطهرة أم لا؟ يحتمل التطهير للعموم.



(35) في ق: عدته. القواعد 1: 9.
(36) كذا في النسختين. وقد يراد به: بحكم.
(37) توجد في ق، ن: مائعا، وقد حذفناها.
(38) ليس في ق: أو غيره.
(39) في النسختين: عدم العلم، وما أثبتناه هو الصحيح.
(40) في ق، ن: الفقران، ولم أجد له معنا محصل.
372
ويحتمل العدم، لأنه في أول آنات ملاقاتها تنجس بالملاقي فلا يكون لها قوة التطهير
لغيرها.
وهل القبقاب حكمه حكم الخلف أم لا؟ وهل حافات النعل والخف التي لم
تلاقي الأرض بسطحاها مع زوال العين تكون نجسة أم لا؟
وهل المراد بالأرض: البسيط الصرف أم يكفي لو كانت مطبقة أو مجصصة أو
سقفا أو غير ذلك.
وهل ظهر (41) الحصير الغير (42) الملاقي للشمس، اليابس بها أو باطن الجدار
اليابس به طاهر أم لا؟.
وهل عرق الشارب ماءا نجسا طاهر أم لا؟
وهل لو اجتمع هواء صلب مع شمس ضعيفة غلب ظنا أو تيقن أن المنشف هو
الهواء يحكم بالطهارة أم لا؟
الجواب: لا ريب في تطهير الأرض الرطبة كاليابسة، والايراد مندفع لدفع
الحرج (43)، وللزوم مثله في الماء المصبوب على الإناء والثوب، مع أن الاتفاق على
طهارتهما.
والمسمى بالقبقاب نعل أيضا. وما لا تلاقيه الأرض من الجوانب لا يطهر بها.
ولا فرق بين الأرض والحجر والآجر والجص والنورة وغيره، ذلك إذا صارت
متحجرة.
وأما الحصير والبارية فالظاهر أنه لا يطهر إلا ما أشرقت عليه الشمس،
وسمعنا من شيخنا عميد الدين - رفع الله مكانه ومكانته - طهارة الظاهر والباطن لصدق
مسمى الحصير والبارية، وكذا الكلام في باطن الجدار ولا عبرة بانقهار الشمس بالريح
إذا علم أن الشمس صادفت رطوبة في آخر الأمر فجففتها.
المسألة الحادية عشرة: ما قوله في الحوض الصغير في غير الحمام لو كانت له مادة
من الجاري أو الكثير، هل يكون طاهرا مع ملاقاة النجاسة غير المغيرة أم الحكم مختص



(41) في ن، طهر.
(42) في ن، غير.
(43) في ق: الجرح.
373
بالحمال؟ ثم لو كانت المادة لاحقة به من أسفله هل يكفي ذلك أم لا؟
وهل بنفس ملاقاة المادة للحوض يحكم بطهارته أو تعتبر أغلبيتها فيه؟ وكذا
ماء الغيث المطهر، هل له حد أو أي قطرة وقعت كفت؟
الجواب: لا فرق بين الحمام وغيره هنا، وإنما يظهر الفرق لو قلنا بأن الحمام
لا يشترط في مادته الكرية، أما على القول بالاشتراط فلا فرق البتة. ولا فرق بين النابع
من أسلفه أو الجاري من أعلاه مع [كون] (44) المادة كرا. وأما الأغلبية فالأحوط
اعتبارها فيه وفي الغيث أيضا.
المسألة الثانية عشرة: ما قوله فيما يتخذ من الفضة ميلا للكحل، وغلافا للتعاويذ،
وحلقا للم شعر الرأس، وغير ذلك بما لا يسمى لباسا ولا آنية، هل هو حرام فتبطل
الصلاة مع لبسه أم لا؟
وهل يحرم بيع ما يستعمل من آلات الركوب كالسرج واللجام والركاب
مربكا (45) بالذهب أم لا؟
الجواب: كل ذلك جائز لا تحريم فيه لعدم مسمى الآنية، لما صح أن النبي
صلى الله عليه وآله كان في قصعته حلقة من فضة، واتخذ أيضا أنفا من فضة عرفجة بن
سعد واسر فاتخذ من ذهب بإذن النبي. وكان للكاظم عليه السلام مرآة عليها
فضة. (6) وقال الصادق عليه السلام: كان نعل سيف رسول الله فضة، وفيه حلق من
فضة. (47).
وأما المركب واللجام والمركب المحلى بالفضة فجائز. أما الذهب فالظاهر المنع،
وقد أوردت خبرين في تحلية السيف والمصاحب بالذهب وأنه جائز في كتاب
الذكرى (48).
المسألة الثالثة عشرة: ما قوله في غير الكتابي إذا وجدناه تاجرا في بلد إسلامي،
هل يحل ما له أم؟ وكذا الكتابي الذي لم يؤد جزية، كالفرنجي المعلوم أو المظنون



(44) ليس في النسختين وأضفناه لاستقامة العبارة.
(45) قال في الصحاح: ربكت الشئ أربكه ربكا: خلطته (الصحاح 4: 1586).
(46) الكافي 6: 267 / 2، التهذيب 9: 91 / 390، المحاسن: 582 الوسائل ب 65 من أبواب النجاسات ح 1.
(47) الكافي 6: 475 / 4 الوسائل ب 64 من أبواب أحكام الملابس ح 2.
(48) الكافي 6: 475 / 5، 7 الذكرى: 18، الوسائل ب 64 أبواب أحكام الملابس ح 1 و 3.
374
حربيته وتقلبه في غير بلد الإسلام، هل يحل ماله أم لا؟
وهل أخذ الجائر الجزية وأمانه ينزل منزلة العادل أم لا؟ ثم لو تجرأ متجرئ
على كافر معصوم المال أو من يعتقد ما يوجب الكفر آخره وهو مسلم الآن، وأخذ من
ماله شيئا، هل هو حق لله، هو الطالب به في الآخرة أو هو حق للمأخوذ منه فيوصل إليه
عوضه آخرة، أي ما إذا لم يصل إليه دنيا. الذي يظهر للعبد: الثاني (49)، لاستقرار
ملك المأخوذ منه، فهو من قبيل الآلام، فما عند مولاي فيه؟
الجواب: لا ريب في حرمة مال حربي دخل بأمان إلى بلد الإسلام وإن كان
المؤمن سلطانا متقلبا، لأنه شبهة، ويثبت في الذمة ماله (50) ومال الذمي وكل كافر
حرام المال، ويكون المطالب به يوم القيامة ذلك المأخوذ منه، وإن كان مستحقا للخلود
في النار، ولا يزال بذلك حق الله تعالى من تعدي الحدود.
المسألة الرابعة عشرة: ما قوله في وكيل مفوض في وكالته في جميع أموال الموكل
عموما، هل يملك البيع نسية أم لا؟ وكذا لو ابتاع كذلك أو أودع أو ضارب أو باع من
نفسه؟
الجواب: إن تحقق العموم فله فعل كل ما فيه صلاح.
المسألة الخامسة عشرة: ما قوله - دام فخره - في الاستخارة بالمصحف، هل رواية
الحروف عن جعفر بن محمد عليهما السلام ثابتة أم لا؟ وما كيفية روايتها؟ وهل وقف
مولاي على كيفية أخرى لاستخارة المصحف أم لا؟
الجواب لم يقف العبد على استنادها فيما أحسه، ولكنه مشهور في المصحف،
والكيفية أن يقرأ الحمد ثلاثا والاخلاص ويقول: - اللهم إني توكلت عليك وتفاءلت
بكتابك فأرني ما هو المكنون في سرك المكنون في غيبك ثلاثا. وليكن عاقبة ما
تستخير فيه خيرا، ويأخذ أول حرف من سابع سطر، ولا يفرح ولا يحزن، ثم ذكر
الحروف على ما هو مشهور (51).
وقد روى اليسع القمي: (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أريد الشئ



(49) يعني القول الثاني، أي أنه حق للمأخوذ منه.
(50) أي: مال الحربي.
(51) وجدت ما يقرب من هذا في المستدرك 1: 453.
375
فأستخير الله فيه فلا يوفق فيه الرأي أفعله أو أدعه، فقال: انظر إذا قمت إلى الصلاة فإن
الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلى الصلاة أي شئ وقع في قبلك فخذ به،
وافتح المصحف وانظر أول ورقة ما ترى وخذ به إن شاء الله تعالى) (52).
والظاهر أنهما صورتان، وهذا الحديث مسند وقد ضمنه (53) الشيخ الجليل
نجيب الدين يحيى بن سعيد - رضي الله عنه - في جامعه (54).
المسألة السادسة عشرة: ما قوله فيمن يقر أن في ماله خمسا أو زكاة ولم يخرجهما.
أو علم ذلك منه، هل يصرح الشراء منه والبيع منه، وأخذ الثمن من ذلك المال،
ويكون الحق الواجب مضمونا على ذلك الذي وجب عليه الخمس والزكاة، أم لا يصح
الشراء حتى يضمن؟ وكذا لو أضاف وأهدى، هل يصح قبوله، والأكل من طعامه
أم لا؟
وهل وجوب إخراج الخمس مضيق؟ الذي يظهر من كلام شيخنا في القواعد
عدمه (55)، أعني بذلك حق الإنسان (لا حقه) (56) - عليه السلام - فإن [كان] (57)
الحق ذلك، هل يصح البيع والشراء والأكل وقبول الهدية من مال من لم يخرج
الخمس، ولو لم (58) تضمنه بناء على أن يخرجه وهو موسع أم لا؟
وهل فرق في كل ذلك كله بين من لا يعتقد الوجوب وبين غيره أم لا؟
الجواب: أما الخمس فلا يمنع من مال من لم يخرج الخمس، سواء اعتقد وجوبه
أم لا. وقد نص الأصحاب أنه لا خمس فيما ينتقل إلى الإنسان ممن لا يخمس ماله.
وأما الزكاة فإن علم ببذل النصاب وصيرورتها في الذمة لا بأس بذلك أيضا.
وإن علم بقاء عين النصاب فاجتنابه أولى.
وأما توسعة إخراج الخمس فكما أفاده شيخنا - آجره الله تعالى - ونقله جماعة من



(52) التهذيب 3: 310 / 960، الوسائل ب 6 من أبواب صلاة الاستخارة ح 1.
(53) في ن: ضممه.
(54) الجامع للشرائع: 115.
(55) القواعد 1: 62.
(56) في ن: المحق.
(57) أضفناه ليستقيم المعنى.
(58) يحتمل: أن (لم) زائدة.
376
الأصحاب. والأولى تضيق مستحق الأصناف لا غير.
المسألة السابعة عشرة: ما قوله فيما ذكره الفقهاء من التعويل على قبلة البلد مع
عدم علم الخطأ. وقبلة البصرة غربية وجامعها أيضا كذلك، ولا شك أن البصرة من
العراق، ولكن قد ذكر أن عليا عليه السلام صلى في مسجدها، ولم ينقل إنكار منه في
ذلك، ولو أنكر لاشتهر ذلك ونقله النقلة. هذا إذا كان وضع المسجد في زمانه
عليه السلام على ما هو الآن، وإن لم يكن على وضعه الآن حتى غير إلى هذا الموضع لكان
قد اشتهر أيضا ذلك التغير، وما نقل، فأحد الأمرين لازم إما اشتهار التنكير أو اشتهار
تغيرها فما قوله في ذلك؟
وهل يعمل في هذه الصورة على قبلتها الآن أم على الأمارات العراقية؟.
الجواب: لا ريب أن قبلة البصرة تتيامن عن قبلة الكوفة لاختلافهما في العرض
اختلافا بينا. واسم العراق وإن شملها لكن هذه العلامات على سبيل التقريب
والتسهيل، وفيها إشارة إلى أن القبلة هي الجهة المتسعة جدا، فإن خراسان والكوفة
شديد تباعدهما وقد حكم باتحاد قبلتهما، فالمراد به أن امتداد الجهة لا في نفس الخط
الذي يقف عليه المصلي، وما أفاده - أدام الله فوائد وأسبغ عوائده - من السؤال (وأراد
إذا قيل بمساواتهما في الجهة قبلة الكوفة وفي نفس موقف المصلي والخط الخارج منه
إلى الكعبة فلا. وقد أحسن الجد السعيد لمولانا العلامة ركن الدين في شرح المختصر بيان
الجهة وكيفية توجه المصلي بيانا حسنا قدس الله لطيفه وزاد تشريفه) (59).
المسألة الثامنة عشرة: ما قوله في الواحد منا، هل تجوز له الصلاة قبل دخول
الوقت تقية كما في المغرب، ويكون ذلك مبرئا للذمة ولا تجب الإعادة أم لا؟
وهل تجوز التقية في شرب الفقاع أم لا؟ فالضابط فيما تجوز التقية فيه هل هو
ما عدا قتل المسلم غير المستحق، أم هناك شئ آخر لا تجوز التقية فيه؟
وهل لو صلى الجمعة معهم تقية تجزئه عن الظهر أم لا؟



(59) في النسختين هكذا: وأراد إذا بمساواتها في الجهة فلا وقد أحسن الجد السعيد لمولانا العلامة إلى قبلة الكوفة
وفي نفس موقف المصلي والخط الخارج منه إلى الكعبة. أما ما قيل بالمساواة في الجهة فلا، وقد.
أحسن...
377
الجواب: أما تقديم (60) الصلاة على وقتها تقية فلا أعلم به قائلا منا، مع أنهم
جوزوا الافطار قبل الوقت تقية.
وأما شرب الفقاع فجائز لها (61). وقد روي لا تقية في شرب المسكر، والمسح
علي الخفين (62).
وضابط التقية بحسب الإقدام والإحجام ما تظن فيه توجه الضرر إلا القتل.
وفي الجراح قولان. وأما إظهار كلام الكفر فيجوز تركها. ولا ريب في جواز اتخاذ صورة
الصلاة تقية بل وجوبها، ولا يلزم من ذلك الإجزاء.
المسألة التاسعة عشرة: ما قوله في أخذ الأجرة على الأذان في المشاهد المشرفة مع
تعيين الأخذ للأذان أو مع تعيينه؟
وهل يجوز إعطاؤه من النذر أم لا؟ وعلى تقدير جوازه، هل يجوز من غير إذن
حاكم الشرع أم لا؟ وكذا هل يجوز التناول من مال نذور المشاهد لمفت أو مدرس أو
محدث أو قارئ للقرآن بتلك المشاهد أم لا؟
وهل يجوز استعمال آلات المشاهد كحصر وبارية وقنديل في مدرسة أو رباط
قريب من المشهد لكنه خارج عن حدوده، وإن دخل في سور بلده أم لا؟ وكذا هل
تجوز عمارة ما يخرب من المدارس والربط بذاك، أو منضما من مال المشاهد؟ وكذا هل
تجوز إجازة أو إعارة آلاته للمقيمين ببلده أم لا؟ وكذا هل تجوز لناظر تلك البقعة مع
خوفه من ظالم متوقع من تلك الأموال شيئا مداراته (63)، وإعطاؤه مع غلبة ظنه
أو تيقنه لحصول ضرر ذلك الظالم أم لا؟
وهل جواز بذل تلك الأموال للزوار والواردين مختص بأوقات الزيارات أو
(كل وقت اتفق) (64).
(وهل ذلك جائز حال الورود أم) (65) في باقي أيام الإقامة، أيضا؟ فإن كان



(60) قي ق، ن: تقدم، وما أثبتناه أنسب.
(61) أي: للتقية.
(62) الكافي 3: 32 / 2، التهذيب 1: 362 / 1093، الاستبصار 1: 76 / 237، الفقيه 1: 30 / 95، الوسائل
ب 38 من أبواب الوضوء ح 1.
(63) فاعل تجوز.
(64) ليس في: ق.
(65) غير موجودة في: ق.
378
الثاني فيشرع أيضا للمجاورين، إذ لا تقدير للإقامة؟
وهل لو خرج المجاور ثم عاد بينة الزيارة يجوز له التناول أو لا؟
الجواب: نص الأصحاب على تحريم أخذ الأجرة على الأذان مطلقين ذلك،
سواء وجد غيره أم لا. نعم يجوز الرزق من بيت المال ومن أموال المشاهد مع عدم وجود
المتطوع. والحاكم فيه إنما هو الفقيه.
وأما قضية النذور فيتبع قصد الناذرين، فإن جهل القصد صرف في العمارة،
ثم الفرش والتنوير، ثم السدنة. أما الدفاع عنه فإنه مقدم كل شئ.
وأما رزق المدرس والمفتي والمحدث فليس ببعيد جواز أخذه من ذلك، وإنما
يقف على المشاهد لأنه من أهم المصالح لما فيه من إقامة الشعار الايماني.
وأما استعمال الآلات في غيرها فلا يجوز مع احتياجها إليها، ومع الغنى عنها
يجوز للواردين للزيارة وفقراء المجاورين وإن لم يكن في نفس المحدود بل جاء في جميع
المشهد.
أما من هو مقيم في المشهد الشريف الأولى الامتناع من ذلك إلا مع الحاجة،
إذا كانت اقامته للمجاورة والتعبد والزيارة، وإن طالت الإقامة. وكذا تجوز عمارة
الحياض من ذلك والمدارس المعروفة بالحضرة الشريفة.
المسألة العشرون: ما قوله في الأرض الصقيلة، كالمبلطة، والمغرة (66) الخالية
من الشقوق، هل تطهيرها هنا بإيراد القليل عليها أم لا؟
وما قوله فيما يزال به الخبث، هل هو طاهر مطلقا كما قال السيد (67)، أم نجس
مطلقا كرأي صاحب القواعد (68)؟ وقولهم [بعدم] (69) نجاسته الأبعد الانفصال عن
المحل، هل عن جملة المحل أم جزء منه؟ فإن كان الثاني فلا نحكم بطهارة الآنية بإضافة
الماء عليهما بالإبريق، إذ الماء كلما انتقل عن جزء نجس آخر. وإن كان الأول فلو صب



(66) الأمغر: الذي في وجهه حمرة مع بياض صاف (القاموس 2: 141). ويحتمل التصحيف عن محجرة.
(67) نسبه الكثير إليه ولكن في المسائل الناصرية المطبوعة ضمن الجوامع الفقهية: 179 فصل بين ورود الماء على
النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء، فقال بالطهارة في الأول.
(68) القواعد 1: 5.
(69) أضفناها.
379
في الآنية النجسة الضيقة الرأس كالإبريق مثلا شئ من الماء، ثم أدير ذلك فيه بحيث
عم جميعه ثم انفصل عنه، هل يحكم بالطهارة أم لا؟
وهل يجب تطهير اليد العاصرة (70) للثوب أم لا؟ فإن كان الأول لزم التحكم
في طهارة المعصور، وإن كان الثاني لزم التحكم في نجاسة المنفصل.
الجواب: نعم يطهر بذلك. ولو كان فيها حلول أو فطور إذا علم ورود الماء
وانفصاله عنها ثم وروده ثانيا.
والذي يظهر من فتاوى المعظم والرويات أن ماء الغسلة كمغسولها قبلها.
فحينئذ إن أو جبنا الثلاثة فماء الثالثة طاهر أيضا. وفي الولوغ ما يوجب السبع عند من
قال به، يطهر ما ورد بعده والاجماع على طهارة الآنية بالإدارة وإن كان الماء قليلا.
ولا يجب تطهير اليد إذا كان الماء قد خرج عليها حال الصب - المطهر بل تطهر
بطهارة الثوب، ولا يلزم منه طهارة المنفصل لأن المرجع في ذلك إلى الحكم الشرعي،
ولا امتناع في الحكم بنجاسة المنفصل وطهارة الباقي واليد لمكان الحرج.
المسألة الحادية والعشرون: ما قوله في ولد الزنا، ما الأصح عند مولاي فيه، وهل
هو طاهر السؤر والجسد أم لا؟ وهل يصح نكاحه وإنكاحه أم لا؟ وما المراد بقوله
صلى الله عليه وآله: (ولد الزنا لا يكون نجيبا) (71) وهل على القول بنجاسته يصح
نكاحه ويكون ولده ولد حلال أم يكون حكمه حكمه؟
وهل صحيح ما يقال: إنه ورد أنه وإن أظهر شعائر الدين واعتقد العقيدة
الصحيحة أنه لم يؤمن للنبات (72) على ذلك؟ (73).
وهل المراد بولد الزنا في ذلك من يكون كذلك في نفس الأمر وإن الحق
شرعا بمن ولد على فراشه. أو المراد من حكم عليه بذلك شرعا وإن كان في نفس الأمر
حاصلا من وطئ حلال؟
الجواب: الأصح عند الأصحاب أنه بحكم المؤمنين في الطهارة وصحة



(70) في ق: العامرة.
(71) وجدت ما يقرب من هذا في عوالي اللئالي 3: 534.
(72) في النسختين: للموفاة، ولا معنى له، وما أثبتناه أنسب وجاء في بعض الروايات ما بمضمونه.
(73) المحاسن: 108.
380
التناكح.
والمراد بالحديث الحمل على الأغلب، إذ المراد كامل إلحاقه، فإن الكمالية
منتفية قطعا، ومن روى الحديث لا يبحث، فمعناه لا يلد نجيبا عند بعضهم وإن سلم عند
الجناية على الإطلاق، فهي عدم صفة كمال لا يلزم نفي العلم الإيمان إذ ليست مسماه
ولا لازمته، والمرتضى - رحمه الله - ومن أخذه بالغ في الحكم بكفره وأنه إذا أظهر إيمانا
فإن باطنه يكون مخالفا له (74).
والمراد به من كان في نفس الأمر عن زنى. أما الأحكام الشرعية فإنها تتبع
الظاهر لا في نفس الأمر.
المسألة الثانية والعشرون: ما قوله - دام ظله - في آنية الخمر المنقلب خلا لو كانت
ناقصة، هل يطهر أعلاها الخالي من الملاقي مع أنه نجس بملاقاة الخمر له أم لا؟ فإن
كان الثاني تعذر الانتفاع بذلك، الخل، إذ يتعسر إخراجه إلا بعد ملاقاة ذلك المحيط
النجس.
الجواب: بل يطهر الإناء كله، ومن الناس من حكم بطهارة موضع الخل،
وجعل تناوله بثقب الآنية وشبهه، وليس بشئ، والله الموفق.
المسألة الثانية والعشرون: ما قوله في شخص ملك مالا في وقت لا يتمكن فيه
من قطع الطريق إلى الحج، كمن ملك في العراق في صغر (75)، مثلا ثم إنه عقد
نكاحا بمهر لا يفضل مما يملكه عن قدر ما يقطع به المسافة للحج في وقته، هل يكون الحج
مستقرا في ذمته والحال هذه أم لا؟.
وهل لو لم يكن عقد نكاحا، بل وهب ذلك المال قبل وقت الحج تصح الهبة ولم
يستقر الحج في ذمته أم لا؟.
وهل لو كان عليه كفارات أو نذور مقيدة أو مطلقة أو مستلزم بعهد أو يمين، هل
يجب صرف المال فيه أم في الحج، على تقدير أن لا يكفي للجميع.
وهل يعتبر الزاد والراحلة من مؤنة السنة في الخمس أم لا؟
وهل يصح الحج مع شغل الذمة بحق الله، كزكاة أو خمس أو حق آدمي،



(74) نقله عنه في المختلف: 12.
(75) في ق، ن: صعف.
381
كمغصوب أو مستدان مطالب به أولا يعلم به المستحق أم لا؟ فإن كان الثاني فما المراد
من قولهم: لو حج بمال حرام صح حجه سبق الوجوب بغيره؟.
الجواب: لا يستقر الحج على هذه الصورة، فالمراد بمنع الأصحاب من التزويج
لمن استطاع، وهو المنع في أيام سفر القافلة أو ما قاربه. وكذا الكلام في الهبة وغيرها.
والكفارات المختصة في المال والنذور كذلك معتبرة من جملة الديون التي
تمنع الاستطاعة إلا بعد إبقائها والخروج منها.
والخمس لا يتعلق بقدر الاستطاعة لأنها من المؤن. نعم، ولو كانت الاستطاعة
تدريجا في سنين متعددة فإن الخمس يتعلق بالسنين السالفة على كمال الاستطاعة.
والأصح صحة الحج لمن عليه حقوق وإن كانت مضيقة، لأنهما واجبان اجتمعا
فيخرج عن العهدة بفعل أيهما.
والاحتجاج بأن حق الآدمي مقدم على حق الله تعالى، والأمر بالشئ نهي
أو مستلزم للنهي عن ضده، وأن النهي مفسد للعبادة ممنوع مقدماته، لكن ثمار تحقيقه في
الأصول.
المسألة الرابعة والعشرون: ما قوله فيما قواه شيخنا في المختلف من أنه لو لم يعلم
الوصي بالوصية فله ردها بعد موت الموصي (76)، هل يعمل عليه سيدنا أم لا؟ فإن كان
فلو رد الوصي الوصية، هل يكون ضامنا لم يتلف من مال الموصي على تقدير أنه لو دخل
في الوصية يحفظه أم لا؟
الجواب: الذي دل عليه كلام أصحابنا والرواية (77) أنه لا يجوز الراد، فلو رد لما
يحفظ كان ضامنا لم يتلف بسبب إهمال الحفظ، لأن ذلك عين التفريط.
المسألة الخامسة والعشرون: ما قوله فيما يتداول التجار من أنهم يوردون أثمان
أمتعتهم عند الصراف مع غلبة ظنهم أنه أحفظ لها، لأنه لو كان بيد شخص وديعة أو
مضاربة أو هو وكيل حتى أورد عن ذلك عند الصراف من غير إشهاد عليه، هل يكون
مفرطا بمجرد ذلك أم لا؟.
وهل فرق بين ما لو كان الصراف مسلما أو كافرا، عدلا أو فاسقا أم لا؟



(76) المختلف: 499.
(77) الوسائل ب 23 من أبواب أحكام الوصايا.
382
وهل لو أورد ذلك عند الصراف ولم يعلمه أنه لغيره حتى أورد لنفسه شيئا
آخرا، يكون بمجرد ذلك قد مزجه في ماله أم لا؟
وهل يجب عليه والحال هذه أنه إذا أخذ من الصراف شيئا أن يقول: أعطني
من الوجه الفلاني الذي لي، أم يكفي قصده إليه من غير إعلام الصراف؟.
وما قوله أنه إذا قبل الحوالة بثمن الوديعة على الصراف من غير قبض يكون
ذلك بمنزلة القبض، ويصح تسليم العين حينئذ؟ ولو كان تسليم العين سابقا على الحوالة
أو على قبض الثمن كما قد جرت عادة التجار له يكون تفريطا أم لا؟
الجواب: إذا لم يكن مأذونا في الايداع بغير إشهاد ضمن بترك إلا شهاد سواء
كان الصير في عدلا أو لا. ولا فرق بين أن يجعله وديعة عند أو قرضا عليه. أما لو خلطه
فإن كان قد جعله وديعة وخلطه الصيرفي بماله ضمن المودع مع عدم سبق الإذن من
المالك، وله أيضا تضمين الصيرفي، ويرجع مع جهله على المودع.
وأما القبض، فإن كان مأذونا في الاقتراض ولم يعلم الصيرفي باشتراك المال
بينه وبين غيره، فالظاهر أن نية القابض كافية، وإن علم فلا بد من تعيين الصير في المدفوع.
والحوالة على الصيرفي وقبوله بمناسبة القبض فيجوز تسليم السلعة إلى المحيل،
ولو سلم العين قبل ذلك كان ضامنا. هذا كله إذا لم يكن العامل قد استأذن في هذا
كله.
المسألة السادسة والعشرون: ما قوله في شخص أودع شخصا آخر وديعة يسلمها
إلى آخر ولم يأمره بالاشهاد عليه بل على المودع، أو قال المستودع: إني لا أشهد عليه،
فرضي بذلك، ثم اتفق موت المودع قبل تسليم المستودع الوديعة ولم يعلم بموته، ثم سلمها
إلى ذلك المأمور بتسليمها إليه من غير إشهاد، ثم علم فيما بعد موت المودع، هل يكون
الودعي الأول ضامنا لها كتركة الميت لعدم إشهاده أو لعدم إذنهم في التسليم، أم لا
ويكون إذن الميت كافيا؟.
الجواب: تضمن ولو دفعها بإشهاد، لأن الإذن بموته انفسخت الوديعة وصارت
أمانة شرعية لا يجوز إيداعها عند الغير مع إمكان حفظها على حال إلا بإذن الوارث.
والجهل بانتقالها إلى الوارث ليس مزيلا للضمان، لتساوي الخطأ والعمد في إتلاف
الأموال. نعم يزيل الإثم ثم الدفع.

383
المسألة السابعة والعشرون: ما قوله فيما يخرجه الودعي والمضارب والوكيل على
العروض مما لم يستحق شرعا كالتمغاوات ووزن الأعراب ومداراتهم، هل يكون لازما
مع عدم إذن المودع والموكل والمضارب أم لا؟
وهل بمجرد طلب الظالم لذلك يباح التسليم، أم يتوقف على توعده بالإيذاء ولو
بالشتم مثلا، أو كلام لا يحتمل مثله؟.
وهل يجوز للودعي والعامل والوكيل استنابة أحد في الإخراجات المذكورة أم
تجب المباشرة بنفوسهم؟.
وهل لو كان بيده حمول متعددة لأشخاص متعددين وكل حمل على حدته متميز
وله دراهم معينة للاخراج عليه، فاتفق أن أخرج أحد الأموال على جميع الحمول على
مظلمة معينة، وقسط صاحب المال منها جزء معلوم، ثم أخرج مال الآخر في مظلمة
أخرى على الوجه المذكور، هل (78) له فيما بعد لو دفع ذلك المخرج على الحمول وحساب
كل حمل بقسطه مما فضل لصاحب الفاضل من مال الآخر وهكذا، أم ليس له ذلك،
بل يجب إخراج كل مال على حدته في وجه المداراة عن صاحبه بقسط منه؟
فإن كان الثاني، فلو فرض انتزاع مال صاحب الحمل ثم جاءت مظلمة
أخرى وليس له مال وليس هناك من يباع عليه جزء من الحمل ويخرج ثمنه عنه، هل
للذي بيده المال استدانة مال للاخراج ويكون لازما لصاحب الحمل أم لا؟.
ولو فرض أن هناك مشتريا لكن بالبخس الأوكس، هل يكون مخيرا أم يراعي
الأصلح، لو كان الدين بفائدة أيضا، أم يتحتم البيع؟
وما قوله فيمن يستأجر لحمل مع شخص ويشترط المستأجر على المؤجر ضمان
جميع المظالم والوزن المتعلقة به ويزيده على أجرة المثل زيادة تقارب تلك المظالم، هل
يصح الشرط ويلزم الضمان أم لا؟.
وهل لو فضل عن أجرة المثل وعن ما دفع في وجه المظالم شئ عن الذي عقد
به يستحقه المؤجر أم لا؟ وكذا لو أعوز هل يجب على المستأجر الدفع إلى المؤجر ما أعوز
أم لا؟



(78) في ن، ق:، وحذفنا الواو لأن ما قبلها وما بعدها سؤال واحد.
384
الجواب: إذا كان الموكل والمودع والقارض يعلم بالحال، وقد صار هذا مشهورا
فلا ضمان فيه ولا إثم، ولا يتوقف تسليمه على أمر آخر بل يكفي الطلب الذي يغلب
معه الظن بالإضرار عليه وعدم المكنة من دفعه.
وإذا كان لجماعة متعددة أعطى من مال كل عن ماله، ولو اقتضت المصلحة
المهاباة في الأموال على ما جرت به العادات كان جائزا ولا ضمان.
وتجوز الاستنابة تبعا للعادة ممن عادته المباشرة أو الاستنابة، والظاهر أن العادة
جارية في هذه الضرائب إلى الأعراب أن يتولاها من العاقلة بعضهم، فاتباع هذا جائز.
وله الاستدانة على صاحب الحمل إذا كان أصلح من البيع تبعا للعرف.
والاستئجار المذكور فيه شرط المظالم باطل، للجهالة بوجودها ثم بقدرها، فلو
دفع شيئا بإذنه وكان قد دفع إليه أجرة تقاصا (79) ورجع صاحب الفضل.
ومولانا أدام الله تعالى إفادته هو صاحب الفضل والفضائل ومن العلماء
الأماثل، اطلع الله شمس علومه في الآفاق، وحال بينه وبين ما يمنع من استكمال
النفس، ونفعنا ببركات دعواته وأنفاسه وادا نظرها بمحادي عن أنفاسه بحق الحق وأهله
وصلى الله على محمد وآله.



(79) في ن، ق: وتقاصا، وما أثبتناه هو المناسب.
385
من أنباء التراث
كتب ترى النور لأول مرة
* بداية الهداية ولب الوسائل
يتألف الكتاب - في الواقع - من كتابين، هما.
1 - بداية الهداية، للشيخ محمد بن الحسن الحر
العاملي - قدس سره - المتوفى سنة (1104) ه‍.
2 - لب الوسائل إلى تحصيل المسائل، للشيخ
عباس القمي - قدس سره - المتوفى سنة 1359
ويعتبر استدراكا للكتاب الأول.
ويمتاز الكتابان أحدهما عن الآخر
بالعناوين، فعنوان كتاب (بداية الهداية) هو
كلمة (فصل)، وعنوان كتاب (لب الوسائل)
هو كلمة (وصل).
قام بتحقيقه الشيخ محمد علي الأنصاري
على نسخة مصورة من أصل بخط المحدث الكبير
الشيخ القمي - قدس سره -.
صدر الكتاب في جزءين ضمن منشورات
مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث،
في قم.
* مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد
الأذهان، ج 5
تأليف: الفقيه المحقق الورع المولى أحمد
المقدس الأردبيلي، المتوفى في النجف الأشرف
سنة 993 ه‍.
تصحيح وتعليق: الشيخ مجتبى العراقي،
والشيخ علي پناه الاشتهاردي، والشيخ حسين
اليزدي الاصفهاني.
نشر: جماعة المدرسين في الحوزة العلمية - قم.
وقد شرح فيه المؤلف كتاب (إرشاد
الأذهان إلى أحكام الإيمان) - في الفقه - للعلامة
الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر، المتوفى سنة
726 ه‍، وهو من أحسن شروحه وأجمعها فوائد،
على كثرة الشروح المدونة على (إرشاد
الأذهان)، راجع الذريعة 1: 510 - 512، و
13: 73 - 80، و 20: 35 - 36، وقد صدر منه
خمسة أجزاء حتى الآن وأنجز تحقيق الجزء

386
السادس وهو في سبيله إلى المطبعة، ويقدر أن
يكون في 14 جزءا.
* المواهب والمنن في بعض مناقب سيدنا
الإمام الحسن
وقرة كل عين في بعض مناقب سيدنا الإمام
الحسين
تأليف: السيد محمد الجعفري، المتوفى سنة
1186 ه‍.
تحقيق: محمد سعيد الطريحي.
نشر: مؤسسة الوفاء في بيروت، في مجلد
واحد.
* الدرة اليتيمة في بعض فضائل السيدة
العظيمة
في مناقب البضعة البتول فاطمة الزهراء
عليهما السلام.
تأليف: أبي السيادة عبد الله بن إبراهيم بن
حسن ميرغني الحنفي المكي، المتوفى سنة
1193 ه‍.
تحقيق: محمد سعيد الطريحي.
نشر: مؤسسة الوفاء في بيروت، سنة
1405 ه‍.
* ملاذ الأخيار
تأليف: المحدث الكبير شيخ الإسلام العلامة
محمد باقر بن محمد تقي المجلس الاصفهاني،
المتوفى سنة 1111 ه‍، صاحب الموسوعة
الحديثة الكبرى (بحار الأنوار).
شرح فيه كتاب (تهذيب الأحكام) لشيخ
الطائفة الشيخ الطوسي، المتوفى سنة 460 ه‍.
إعداد: السيد مهدي الرجائي.
نشر: مكتبة آية الله المرعشي العامة - قم.
وقد تبنت المكتبة المذكورة طبعه على نسخة
الأصل بخط المؤلف، الموجودة أجزاؤه فيها، وقد
تم طبع خمسة أجزاء منه، وستطبع أجزاؤه تباعا،
وربما يقع في أكثر من عشرين جزءا.
* رسائل الشريف المرتضى
وهي 52 رسالة قيمة ونادرة من رسائل
الشريف المرتضى (355 - 436 ه‍)، تعالج فنونا
شتى، في ثلاثة أجزاء، طبعت بأمر آية الله
العظمى السيد الكلبايكاني - مد ظله الوارف -.
إعداد: السيد مهدي الرجائي.
إشراف: السيد أحمد الحسيني.
نشر: دار القرآن الكريم - قم.
والرسائل التي تضمنتها الأجزاء الثلاثة
هي:
1 - إبطال العمل بأخبار الآحاد 3: 308،
2 - أجوبة مسائل متفرقة 3: 121،
3 - أجوبة المسائل القرآنية 3: 83،
4 - أحكام أهل الآخرة 2: 133،
5 - الاعتراض على من يثبت حدود الأجسام
3: 329،
6 - أقاويل العرب في الجاهلية 3: 221،
7 - إنقاذ البشر من الجبر والقدر 2: 178،
8 - تفسير الآيات المتشابهات 3: 285،

387
9 - تفضيل الأنبياء على الملائكة 2: 155
10 - جمل العلم والعمل 3: 9،
11 - الجواب عن الشبهات في خبر الغدير
3: 249،
12 - جواب المسائل الرازية 1: 99،
13 - جواب المسائل التبانيات 1: 5،
14 - جوابات المسائل الطرابلسيات الثالثة
1: 359،
15 - جوابات المسائل الطرابلسيات الثانية
1: 309،
16 - جوابات المسائل الميافارفينيات
1: 271،
17 - جوابات المسائل الموصليات الثالثة
1: 201،
18 - جوابات المسائل الموصليات الثانية
1: 169،
19 - جوابات المسائل الطبرية 1: 135،
20 - جوابات المسائل الرسية الثانية
2: 383،
21 - جوابات المسائل الرسية الأولى
2: 316،
22 - الحدود والحقائق 2: 261،
23 - حكم الباء في آية: وامسحوا برؤوسكم
2: 67،
24 - الرد على أصحاب العدد 2: 18،
25 - الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة
2: 251،
26 - شرح الخطبة الشقشقية 2: 107،
27 - عدم تخطئة العامل بخبر الواحد
3: 267،
28 - علة امتناع علي عن محاربة الغاصبين
3: 315،
29 - علة خذلان أهل البيت 3: 207،
30 - علة مبايعة علي عليه السلام 3: 241،
31 - عدم وجوب غسل الرجلين في الطهارة
3: 159،
32 - غيبة الحجة (رسالة في...) 2: 293،
33 - قول النبي: نية المؤمن خير من عمله
3: 233،
34 - مسألة في الإجماع 3: 199.
35 - مسألة في إرث الأولاد 3: 255،
36 - مسألة في الاستثناء 2: 79،
37 - مسألة في استلام الحجر 3: 273،
38 - مسألة في توارد الأدلة 2: 147،
39 - مسألة في الحسن وقبح العقليين
3: 175،
40 - مسألة في خلق الأعمال 3: 187،
41 - مسألة في الرد على المنجمين 2: 302،
42 - مسألة في العصمة 3: 323،
43 - مسألة في العمل مع السلطان 2: 89،
44 - مسألة في المسح على الخفين 3: 181،
45 - مسألة في المنامات 2: 9،
46 - مسألة في من يتولى غسل الإمام
3: 153،
47 - مسألة في نفي الرؤية 3: 279،
48 - مناظرة الخصوم وكيفية الاستدلال
عليهم 2: 117،
49 - المنع من تفضيل الملائكة على أنبياء

388
2: 169،
50 - نفي الحكم لعدم الدليل عليه
2: 101،
51 - وجه العلم بتناول الوعيد كافة الكفار
2: 85،
52 - وجه التكرار في الآيتين 2: 75.
كتب صدرت محققة
* العدة في أصول الفقه
تأليف: شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن
الحسن الطوسي، المتوفى سنة 460 ه‍.
تحقيق: الشيخ محمد مهدي نجف.
وقد صدر من مجلداته الثلاثة المجلد الأول
فقط.
نشر مؤسسة آل البيت - عليهم السلام -
لإحياء التراث، في قم.
* الدرة الباهرة من الأصداف الطاهرة
تأليف: الشهيد الأول: أبي عبد الله محمد بن
مكي العاملي النبطي الجزيني، المستشهد
سنة 786 ه‍.
والكتاب عبارة عن مجموعة أحاديث وردت
عن الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، وكانت
المكتبة الحيدرية قد طبعت الكتاب في النجف
الأشرف سنة 1388 ه‍ على الحروف من غير
تحقيق، وقد ترجم بعدها إلى اللغة الفارسية.
تحقيق: داود الصابري.
نشر: مؤسسة النشر التابعة للروضة الرضوية
المقدسة - مشهد.
* العمدة في عيون صحاح الأخبار في مناقب
إمام الأبرار
تأليف: ابن البطريق، الشيخ شمس الدين
أبي الحسين يحيى بن الحسن بن الحسين الأسدي
الحلي، المتوفى سنة 600 ه‍.
تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري والشيخ
مالك المحمودي.
نشر: مؤسسة النشر الاسلامي التابعة
لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية - قم.
* المبدأ والمعاد
تأليف: ابن سينا علي بن عبد الله، المتوفى
سنة 427 ه‍.
تحقيق: الشيخ عبد الله النوراني.
نشر: معهد الدراسات الإسلامية بجامعة
مك جيل في كندا - فرع طهران.
* صحيفة الرضا عليه السلام
تحقيق: الشيخ محمد مهدي نجف.
نشر: المؤتمر العالمي للإمام الرضا
عليه السلام - مشهد.
والصحيفة مجموعة أحاديث مروية عن الإمام
الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
رواها عن آبائه، عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم.
ورواه عنه غير واحد، وهذه رواية أحمد بن

389
عامر بن سليمان الطائي البصري عنه
عليه السلام، وتعرف ب‍ (الرضويات) و
(مسند الرضا) ونحو ذلك، واعتمدها أعلام
المحدثين من الفريقين، ورواها فريق عن فريق،
وطبقة عن طبقة، راجع في ذلك - على
سبيل المثال - كتاب (التدوين) للرافعي.
وكان الكتاب قد طبع غير مرة دون تحقيق
فحققه الشيخ نجف وطبعته لجنة المؤتمر، ثم أعاد
المحقق النظر فيه وقابله مع عدة نسخ قديمة
وأضاف إليه تخريجات وجهود جديدة فأعادت
لجنة المؤتمر طبعه في مشهد سنة 1406 ه‍.
* مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان
في مقتل سيد الشهداء الإمام الحسين
عليه السلام.
تأليف: الشيخ نجم الدين جعفر بن
نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله
ابن نما الحلي، المتوفى سنة 645 ه‍.
تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهدي
- عليه السلام - في قم.
وكان الكتاب قد طبع في إيران والنجف
الأشرف، وطبع منضما إلى المجلد العاشر من
كتاب (بحار الأنوار).
* المعتبر في الفقه
تأليف: المحقق الحلي، وهو نجم الدين
أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد
الهذلي الحلي، المتوفى سنة 676 ه‍، مؤلف
كتاب (شرائع الإسلام) وكتاب (المختصر
النافع.
تحقيق: مدرسة الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام - قم.
نشر: مؤسسة سيد الشهداء عليه السلام - قم،
في مجلدين.
والمؤلف - قدس سره - من أشهر فقهاء
الشيعة، كما أن كتابيه (شرائع الإسلام)
و (المختصر النافع) من أشهر الكتب الفقهية
لطائفة الإمامية.
وكان (المعتبر) قد طبع على الحجر سنة
1318 ه‍، وقد سبق التعريف به في (تراثنا)،
العدد الثاني، ص 35.
* شرح الكافية لابن الحاجب
في النحو، المشتهر ب‍ (شرح الرضي).
تأليف: نجم الأئمة رضي الدين محمد بن
الحسن الأسترآبادي النجفي، المتوفى سنة 686 ه‍
تحقيق: يوسف حسن عمر.
نشر: جامعة قاريونس في ليبيا، في أربعة
مجلدات، ومجلد خامس للفهارس.
وكان المؤلف قد فرغ منه في الحضرة الغروية
في النجف الأشرف سنة 683 ه‍، وله أيضا
(شرح الشافية) مطبوع بمصر في أربعة مجلدات.
وترجم له السيوطي في بغية الوعاة
1: 567، وقال: صاحب شرح الكافية لابن
الحاجب، الذي لم يؤلف عليهما، بل ولا في غالب
كتب النحو مثلها جمعا وتحقيقا وحسن تعليل،
وقد أكب الناس عليه وتداولوه، واعتمده شيوخ

390
هذا العصر فمن قبلهم في مصنفاتهم ودروسهم،
وله فيه أبحاث كثيرة مع النحاة واختيارات
جمة...
* تتميم أمل الآمل
تأليف: الشيخ عبد النبي بن محمد تقي
القزويني.
يتضمن الكتاب تراجم أعلام القرن الثاني
عشر، من شيوخ المؤلف ومعاصريه، بدأ بتأليفه
سنة 1191 ه‍ كذيل لكتاب (أمل الآمل)
للشيخ الحر العاملي، الذي ألفه سنة 1097 ه‍،
وتوفي سنة 1104 ه‍.
قام بتحقيقه السيد أحمد الحسيني، وقد
صدر عن مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم.
* اللمعة الدمشقية
تأليف: الشهيد الأول، شمس الدين أبي
عبد الله محمد بن مكي، المستشهد سنة 786 ه‍.
من المتون الفقهية المتداولة كثيرا، وله شروح
كثيرة، وشرح الشهيد الثاني المسمى ب‍
(الروضة البهية) من الكتب الدراسية في
الحوزات العلمية حتى الآن.
وقد طبع المتن مع شروحه كثيرا، كما طبع
لوحده غير مرة، وقد طبع هذا العام من قبل
مؤسسة الثورة الإسلامية (بنياد انقلاب
إسلامي) في طهران، بتحقيق الشيخ علي أصغر
مرواريد - أمين المؤسسة - والشيخ محمد تقي مرواريد.
صدر حديثا
* المهدي المنتظر
تأليف: عبد الله بن محمد بن الصديق
الحسيني الإدريسي المغربي.
نشر: عالم الكتب في بيروت، سنة
1405 ه‍.
* هشام بن الحكم
رائد الحركة الكلامية في الإسلام وأستاذ
القرن الثاني في الكلام والمناظرة.
تأليف: الشيخ عبد الله نعمة - رئيس المحكمة
الشرعية الجعفرية في لبنان -.
نشر: دار الفكر في بيروت، سنة 1405 ه‍.
* لولا السنتان
تأليف: الشيخ محمد رضا الحكيمي،
الخطيب.
تناول فيه حياة الإمام الصادق عليه السلام
بجوانبه، ثم دراسة عن بعض أهل عصره ثم
تلامذته - عليه السلام - وخريجي مدرسته
ودورهم في الدعوة إلى الإسلام وبث تعاليمه.
نشرة المؤلف في بيروت سنة 1405 ه‍.
* بهاء الدين العاملي، أديبا شاعرا عالما
تأليف: الدكتور محمد التونجي، أستاذ كلية
الآداب بجامعة حلب.
درس فيه حياة الشيخ بهاء الدين محمد بن

391
عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني
الجبعي العاملي، المشتهر بالشيخ البهائي،
المنتهي نسبه إلى الحارث الأعور
(953 - 1030 ه‍)، وهو العالم الموسوعي صاحب
المؤلفات المنوعة في شتى المجالات.
وقد أقامت المستشارية الثقافية الإيرانية في
سوريا مهرجانا لتكريمه في مكتبة الأسد العامة في
دمشق، اشترك فيه لفيف من الأساتذة
والباحثين من عرب وإيرانيين، وذلك لمدة أربعة
أيام ابتداءا من اليوم السادس من شوال عام
1406 ه‍، ونشرت البحوث والمحاضرات التي
ألقيت في العدد الخامس من مجلتها (الثقافة
الإسلامية) وهو عدد خاص بالشيخ البهائي،
كما قامت بطبع هذا الكتاب عن حياته رحمه الله.
* أين دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
تأليف: الشيخ محمد علي برو.
نشر: جماعة المدرسين في الحوزة العلمية - قم.
* الفهرس الموضوعي للقرآن الكريم
تأليف: كامران فاني وبهاء الدين خرم
شاهي. نشر: دار المثقف الماصر (فرهنگ
معاصر) - طهران
حاول المؤلفان فيه أن يتداركا نواقص
المعاجم والفهارس الأخرى، كما أضافا إليه
تذييلات استفيدت من التفاسير وكتب آيات
الأحكام وأسباب النزول، وأوردا أيضا الألفاظ
الفارسية المرادفة للكلمات العربية ليستفيد منها
القارئ الإيراني.
* الربا فقهيا واقتصاديا
تأليف: الشيخ حسن محمد تقي الجواهري.
دراسة عن الربا في الفقه الاسلامي عند
العامة والإمامية، وفي القوانين الوضعية
غير الإسلامية، وكيفية معالجته.
صدر في قم سنة 1405 ه‍.
طبعات جديدة لمطبوعات سابقة
* مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة
تأليف: المحقق آية الله السيد محمد جواد
الحسيني العاملي، المتوفى حدود سنة 1226 ه‍.
الكتاب الفخم الضخم، الذي هو من أعظم
الموسوعات الفقهية الشيعية، الجامع لأقوال
المذهب مع ذكر مداركها وترجيح الراجح منها.
ألفه السيد - رحمه الله - بأمر شيخه الأستاذ
الأعظم آية الله الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء،
فأجاد وأفاد وأتى بفوق ما هو المراد.
وقد طارت شهرة الكتاب من أول أيامه
قطبقت الحوزات العلمية وأجمع كبار العلماء على
عظمته وجمعه وإحاطته ودقة استنباطه وغور نظر
مؤلفه أحله الله دار الكرامة.
بناه مؤلفه - رحمه الله - على شرح كتاب
القواعد للعلامة الحلي فشرحه على الطريقة
المعروفة: قوله... قوله... فيذكر قول العلامة

392
- رحمه الله - ثم يشرحه شرحا وافيا شافيا.
وقد قرظه كثير من العلماء والشعراء بمقاطيع
شعرية تنبئ عن عظمته، ومما قال فيه آية الله
السيد محسن الأمين العاملي - رحمه الله -:
شرح به تنحل كل عويصة
في حلها قد أعيت الشراحا
جمع المقاصد كاشفا للثامها
ولكل مشكلة غدا إيضاحا
كنز الفرائد والفوائد وهو في
ظلم الجهالة قد بدا مصباحا
بحر تدفق من يراع محمد
تلقى البحور بجنبه ضحضاحا
لله آية معجز ظهرت له
فغدت لكل كرامة مفتاحا
وقد حملت قيمة الكتاب العلمية العالية
السيد محسن الأمين العاملي على طبعه طبعا
حروفيا في مصر بالمطبعة الرضوية سنة 1324 ه‍
فجاء في عشر مجلدات بالحجم الرحلي بخط
واضح يفوق الطبع الحجري جودة ووضوحا.
وهذه هي طبعته الوحيدة، ولبعد زمنها وقلة
نسخ الكتاب بل فقدانه من الأسواق، ولحاجة
الحوزات العلمية إليه قامت مؤسسة آل البيت
- عليهم السلام - لإحياء التراث، في قم، بطبعه
على طريقة الأفست - ضمن المرحلة الأولى
لجهودها العلمية التي سبقت العمل التحقيقي -
لتيسيره لطالبيه بعد أن كانت نسخته يضيق
بثمنها المورد المالي لطالب العلم على فرض
وجودها.
* رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل
تأليف: العلامة المحقق آية الله السيد علي
الطباطبائي، المتوفى سنة 1231 ه‍.
يعتبر الكتاب من خيرة الكتب الفقهية،
وكان - حتى عهد قريب - من الكتب التي تدرس
في الحوزات العلمية لقوة استدلالاته، وسهولة
عباراته.
قامت مؤسسة آل البيت - عليهم السلام -
لإحياء التراث بإعادة طبعه بالأفست - أيضا -
ضمن المرحة الأولى لجهودها العلمية التي
سبقت العمل التحقيقي - الرامية إلى توفير أهم
ما تحتاجه الحوزات العلمية من الكتب الفقهية
والأصولية بعد تصحيحها وفهرستها وطباعتها
طباعة جيدة.
يقع الكتاب في مجلدين من القطع الرحلي
وبحدود 1200 صفحة.
* معجم رجال الحديث
تأليف: الفقيه المحقق، آية الله العظمى،
السيد أبي القاسم الخوئي - دام ظله الوارف -.
كتاب حافل بتراجم الرواة ورجال الإسناد
من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
وأصحاب الأئمة الطاهرين من عترته
عليهم السلام، ومن روى عنهم ووقع في إسناد
رواية أحاديثهم في الكتب الأربعة - الكافي ومن
لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار - وبعض
المتون الأخرى ككتابي كامل الزيارات وتفسير

393
القمي، فأورد في كل ترجمة نصوص الأصول
الرجالية وهي فهرستي النجاشي والطوسي
ورجاله ورجال الكشي، ثم عدد شيوخه ثم
الراوين عنه ومواضع رواياتهم عنه في الكتب
الأربعة إن كانت عشرة أو أقل، وإن كانت
تزيد على العشرة ذكر دون الشعرة منها وأرجأ
الباقي إلى ما يأتي في نهاية كل مجلد من طبقات
الرواة، فهناك فهرس كامل لكل رواياته المروية
في الكتب الأربعة.
ويعين طبقة صاحب الترجمة، وإن كان فيها
بين الكتب الأربعة خلاف في ما يتعلق بصاحب
الترجمة، فيذكر الخلافات ويعالجها علاجا علميا
دقيقا مستدلا بشواهد وأدلة تدعمه.
وإن كان ما بين نسخ كتاب واحد منها
خلاف، فيذكره تحت عنوان اختلاف النسخ،
فيرجح جانبا بأدلة يوردها.
كما يذكر من لم يترجم في الأصول الرجالية
ممن وقع في إسناد الكتب الأربعة أو في إسناد
كامل الزيارات أو تفسير القمي، ولا يذكر ما
عدا ذلك.
وكان الكتاب قد طبع في النجف الأشرف
في 23 جزءا، واستغرق طبعه أكثر من عشر
سنين، ونفدت الأجزاء الأول، وتجددت فيها
تعديلات فبدئ بطبعه ثانية وصدر أجزاءا.
ثم أعيد طبعه من جديد في بيروت من
منشورات دار الزهراء في بيروت ومدينة العلم في
قم.
* أعيان الشيعة
تأليف: السيد محسن الأمين العاملي، زعيم
الطائفة ومرجعها في البلاد الشامية - سوريا
ولبنان -، صاحب المؤلفات الكثيرة المنوعة،
المتوفى سنة 1371 ه‍.
وكتابه هذا موسوعة رجالية شاملة لتراجم
علماء الإمامية ورجالاتها البارزين عبر القرون،
صدر في 56 جزءا وما إن ظهر في الأوساط
العلمية إلا وأكب عليه أعلام العصر وعجبوا به
ونهلوا منه، وأصبح مرجعا لمن تأخر ومصدرا
رئيسيا لمن ألف بعده كالزركلي في (الأعلام)
وكحالة في (معجم المؤلفين) وغيرهما.
قال يوسف أسعد داغر عن المؤلف: (كان
ذا صبر وجلد على البحث العلمي، فقد طاف
زوايا خزائن الكتب الخاصة والعامة في الشام
والعراق وفارس وخراسان يجمع مادة التاريخ
الأصيلة في ترجمة من ترجم في كتابه أعيان
الشيعة الذي أنفق في سبيل تحقيقه المال الكثير
والوقت الوفير والعناء المرير، فإذا بهذا الكتاب
موسوعة لا مثيل لها في رجال الإمامية قديما
وحديثا).
هذا وقد طبع الكتاب بأجزائه الستة
والخمسين غير مرة، ثم طبعته دار التعارف في
بيروت عام 1403 ه‍ بإضافات واستدراكات
نجل المؤلف السيد حسن الأمين، وصدر في
عشرة مجلدات بالحجم الكبير وفي عمودين ومجلد
آخر لفهرس المترجمين.
ثم أعيد طبعه عام 1406 ه‍ تعديلات

394
جرت عليه، ويعد للطبع ثالثة مع إضافات حصل
عليها نجل المؤلف أيضا.
كما شكلت لجنة لوضع الفارس الفنية
للكتاب ليحصل المراجع على بغيته بسهولة.
* النص والاجتهاد
تأليف: السيد عبد الحسين شرف الدين
العاملي (1290 - 1377 ه‍).
والكتاب دراسة قيمة عن موارد كثيرة قد
نص فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على
شئ معين وخالفه الصحابة بما فيهم الخلفاء!
واجتهدوا فيها برأيهم!
وقد طبع الكتاب عدة مرات في حياة
المؤلف - رحمه الله - وبعده، كما ترجم إلى الفارسية
وغيرها.
كما طبع الكتاب في إيران سنة 1404 ه‍
بتحقيق أو مجتبى، وأعادت الدار الإسلامية في
بيروت طبعه بالأفست على هذه الطبعة المحققة.
* سر الإيمان
تأليف: السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم،
المتوفى سنة 1391 ه‍ في النجف الأشرف.
وللمؤلف - رحمه الله - مؤلفات قيمة وقد
طبعت أكثرها عدة مرات، ومن أشهرها:
(مقتل الحسين - عليه السلام -) و
(زيد الشهيد) و (الإمام زين العابدين
- عليه السلام).
وكتابه هذا دراسة فقهية قيمة حول الشهادة
الثالثة في الأذان.
وقد طبع لأول مرة في النجف الأشرف سنة
1374 ه‍، ثم أعادت دار الفردوس في بيروت
طبعه سنة 1406 ه‍.
* الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية
تأليف: المحدث الثقة الورع الشيخ عباس
القمي، المتوفى سنة 1359 ه‍.
وله مؤلفات كثيرة ممتعة متداولة، وكتابه
هذا في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
والأئمة الاثني عشر من عترته الطاهرة
عليهم السلام.
وقد طبع الأول مره سنة 1344 ه‍، ثم أعيد
طبعه عدة مرات بعد ذلك، ثم أعادت طبعه
بشكل جديد دار الأضواء في بيروت سنة
1404 ه‍.
* الفصول المختارة من العيون والمحاسن
تأليف: الشريف المرتضى علم الهدى أبي
القاسم علي بن الحسين الموسوي البغدادي، المتوفى
سنة 438 ه‍.
وهي مختارات قيمة انتزعها من كتاب
(العيون والمحاسن) لشيخه المفيد محمد بن
محمد بن النعمان الحارثي البغدادي - المتوفى سنة
413 ه‍ -، أو تسجيل لما أملاه شيخه المفيد
- رحمه الله - في مجالسه العامرة بالعلم في حاضرة
بغداد، ومناظراته - رحمه الله - مع أئمة سائر
المذاهب، فقد كانت أنديته حافلة بالمطارحات
والمناظرات بحيث أذعنوا بإمامته وتقدمه في العلم
ولقبوه بالمفيد ومعلم الأمة، وانتشر مذهب أهل

395
البيت - عليهم السلام - في بغداد وغيرها بمناظراته
ودروسه وكتبه.
وكان الكتاب قد طبع في النجف الأشرف،
ثم أعيد طبعه بالأفست في إيران - ثم أعادت
طبعه دار الأضواء في بيروت سنة 1405 ه‍.
وهو بعد بحاجة إلى طبعة محققة تحقيقا يتلائم
وشأن الكتاب وشأن العلمين الجليلين - رفع الله
في الجنان درجتهما -.
* فضائل الخمسة من الصحاح الستة
تأليف: السيد المرتضى الفيروزآبادي
النجفي،
والكتاب يعرض فضائل أهل البيت
- عليهم السلام - من صحاح أهل السنة الستة
وسائر الكتاب المعتمدة عندهم، فلاقى إقبالا
كبيرا لحسن أسلوبه وكثرة فوائده وسهولة
مراجعته.
وقد طبع الكتاب في العراق وإيران عدة
مرات في ثلاثة مجلدات، ثم أعادت طبعه مؤسسة
الأعلمي في بيروت في ثلاثة مجلدات أيضا.
* نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار
تأليف: الشبلنجي، مؤمن بن حسن، المتوفى
بعد سنة 1308 ه‍، من أهل شبلنجة - قرية
بمصر -.
طبع الكتاب في بولاق سنة 1290 ه‍ - وهي
سنة تأليفه - وفي القاهرة عدة مرات.
كما أعادت طبعه في بيروت الدار العالمية
للطباعة والنشر سنة 1405 ه‍.
* أوائل المقالات في المذاهب المختارات
تأليف: الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن
محمد بن النعمان الحارثي العكبري البغدادي،
المتوفى سنة 413 ه‍، شيخ الإمامية ومتكلمها،
الملقب بعلم الأمة والمفيد، وهو من أحسن
الكتب الكلامية العقائدية الإسلامية.
هذا، وقد ألف مارتن مكدرموت مؤخرا
كتابا في آراء الشيخ المفيد الكلامية باللغة
الإنجليزية، وهو رسالته لنيل الدكتوراه من جامعة
شيكاغو.
وترجمة أحمد أرام إلى الفارسية، ونشره معهد
الدراسات الإسلامية في جامعة مك جيل في
كندا فرع طهران.
و (أوائل المقالات) مطبوع في إيران غير
مرة، وصدر مؤخرا في بيروت عن دار الكتاب
الاسلامي، وهو بعد بحاجة إلى طبعة المحققة تلائم
منزلة المؤلف والمؤلف.
* الكشكول
تأليف: الشيخ البهائي، بهاء الدين محمد بن
عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني
العاملي الجبعي - المتوفى سنة 1030 ه‍ - المشارك
في العلوم النقلية والعقلية وخاصة في العلوم
الرياضية.
وكتابه هذا طبع طبعات كثيرة في إيران في
مجلد، وفي مصر في مجلدين - مع حذف ما كان
باللغة الفارسية منه! -.
كما طبع في النجف الأشرف وإيران في

396
ثلاثة مجلدات، وطبعته مؤسسة الأعلمي في
بيروت في ثلاثة مجلدات أيضا، ونشرته
دار الزهراء في بيروت في أربعة مجلدات، كما صدر
عن دار الكتاب اللبناني والدار الإفريقية العربية
ومكتبة المدرسة ودار الكتب الإسلامية
بالاشتراك - في بيروت - في مجلد واحد بالحجم
الكبير.
* ثواب الأعمال وعقاب الأعمال
تأليف: الشيخ الصدوق رئيس المحدثين أبي
جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي،
المتوفى سنة 381 ه‍.
كان قد طبع في إيران على الحجر غير مرة،
كما طبع فيها أيضا على الحروف بتصحيح
علي أكبر الغفاري عدة مرات، ثم أعادت طبعه
مؤسسة الأعلمي في بيروت سنة 1403 ه‍.
كتب تحت الطبع
* وسائل الشيعة
تأليف: المحدث الجليل الشيخ محمد بن
الحسن الحر العاملي، المتوفى سنة 1104 ه‍.
الكتاب الذي جمع عشرات الألوف من
أحاديث أهل بيت العصمة والطهارة والذي عليه
مدار الاستنباط في أحكام الشرعية.
قامت بتحقيقه مؤسسة آل البيت
- عليهم السلام - لإحياء التراث، في قم المقدسة،
على نسخة بخط المؤلف قدس سره، وقد تبين في
أثناء العمل في الكتاب أن النسخ المطبوعة سابقة
من الكتاب كثيرة الأخطاء والتصحيف
والتحريف، والسبب في ذلك أن النسخ
المطبوعة سابقا طبعت على نسخ تنتهي بوسائط
متعددة إلى نسخة المؤلف، فأثر تتابع النسخ وكثرة
الوسائط في وقوع الأخطاء، أو السقوطات. وقد
صوبت هذا الأخطاء حسب نسخة خط المؤلف.
من هذه التحريفات على سبيل المثال، ما
جاء في الجزء 15 الصفحة 438 السطر الأول من
المطبوعة الأخيرة الشائعة ذات العشرين جزءا،
[المطلقة تسوق لزوجها] وصواب العبارة كما في
(الكافي) وفي النسخة المخطوطة [المطلقة
تشوف لزوجها] والتشوف: التزين كما في لسان
العرب (شوف) 9 / 185.
هذا الكتاب القيم انتهى العمل في تحقيقه
وهو الآن تحت الطبع وسيصدر في الأيام القادمة
إن شاء الله تعالى.
* مستدرك الوسائل
تأليف: خاتمة المحدثين الشيخ الميرزا حسين
النوري الطبرسي، المتوفى في النجف الأشرف
سنة 1320 ه‍.
هذا الكتاب الفخم الذي هو أحد المجاميع
الحديثة الكبرى في العصور المتأخرة، دبجته
يراعة البحاثة المتتبع الشيخ النوري - قدس سره -.
وهو موسوعة حديثية جامعة يأتي تلوا للوسائل
ومكملا لما جمعه الشيخ الحر العاملي رحمه الله،
فكان ما جمعه النوري يساوي في الحجم ما جمعه
الحر، وبلغت أحاديث المستدرك الثلاثين ألف
حديث.
وقد قامت مؤسسة آل البيت - عليهم السلام -
لإحياء التراث، في قم المقدسة بتحقيق هذا

397
الكتاب القيم على نسخة مخطوطة بخط المؤلف،
وستصدر أجزاؤه تباعا في الأيام القليلة القادمة
إن شاء الله تعالى، وقد بلغت مجلدات قسم
الأحاديث فقط 18 مجلدا عدا الخاتمة التي هي
كتاب رجالي تاريخي ضخم، وعدا الفهارس
الفنية التي ستكون مقربة لمطالب الكتاب
ومفتاحا لخزائنه الثمينة.
* الأمان من أخطار الأسفار والأزمان
تأليف: السيد الجليل ابن طاووس،
رضي الدين علي بن موسى بن جعفر العلوي
الحسيني، المتوفى سنة 664 ه‍.
كان قد طبع في النجف الأشرف على
الحروف لأول مرة، ثم أعيد طبعه بالأفست في
إيران على الطبعة المذكورة.
قامت بتحقيقه مؤسسة آل البيت
- عليهم السلام - لإحياء التراث، في قم، على
مخطوطتين قيمتين هما:
1 - نسخة كتبت في عصر المؤلف - قدس
سره -، كتبها حسين بن عمار البصري، وفرغ منها
يوم الأربعاء 24 ربيع الأول سنة 632 ه‍،
محفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران، وهي
أهم النسختين وأثمنهما.
2 - نسخة أخرى بخط جيد واضح محفوظة في
مكتبة السيد المرعشي العامة، في قم.
والكتاب تحت الطبع وسيصدر قريبا
إنشاء الله ضمن سلسة مصادر بحار الأنوار.
* الاجتهاد والتقليد
تأليف: الفقيه المحقق الشيخ محمد حسين
الغروي الاصفهاني، المتوفى سنة 1361 ه‍.
كان قد طبع في النجف الأشرف لأول مرة،
وهو الآن تحت الطبع من قبل جماعة المدرسين
في الحوزة العلمية في قم.
* فهرس مكتبة ملك الأهلية العامة، ج 7
وهي فرع مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في
طهران.
تأليف: الأستاذ محمد تقي دانش پژوه.
* فهرس مكتبة مجلس الشورى، ج 22
وهي مكتبة البرلمان الإيراني (المجلس
النيابي) السابق في طهران.
تأليف الأستاذ عبد الحسين الحائري.
* عوالم العلوم
تأليف: الشيخ عبد الله بن نور الله البحراني،
من أعلام القرن الحادي عشر.
من الموسوعات الحديثية الكبيرة، وربما يقع
في 100 جزء أو أكثر، وقد صدر منه ثلاثة
أجزاء - كما ذكرنا في العدد الأول من (تراثنا)
ص 91 -، ويطبع الآن ما يخص حياة الإمام
الحسين ومقتله عليه السلام وسيصدر في مجلدين،
ومجلد آخر فيما يخص حياة الإمام السجاد
عليه السلام.
تحقيق: مدرسة الإمام المهدي - عليه السلام -

398
في قم.
* أسرار البلاغة
المنسوب: للشيخ البهائي، بهاء الدين محمد بن
عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي
الهمداني الجبعي، المتوفى سنة 1030 ه‍.
حققه الدكتور محمد التونجي، الأستاذ بكلية
الآداب في جامعة حلب، والكتاب تحت الطبع
في بيروت.
كتب قيد التحقيق
* مسائل الخلاف في الفقه مع الكل
تأليف: شيخ الطائفة، أبي جعفر محمد بن
الحسن الطوسي، المتوفى سنة 460 ه‍.
والكتاب من أقدم الموسوعات في الفقه
المقارن، وكان قد طبع غير مرة دون تحقيق.
تقوم بتحقيقه لجنة مشكلة من السيد علي
الخراساني والسيد جواد الشهرستاني والشيخ
محمد مهدي نجف، في مؤسسة آل البيت
- عليهم السلام - لإحياء التراث، في قم.
* الرسالة العزيزة في شرح الوجيزة
تأليف: المحدث الثقة الشيخ عباس القمي،
المتوفى سنة 1359 ه‍.
شرح فيه المؤلف - رحمه الله - كتاب (الوجيزة
في علم الدراية) للشيخ بهاء الدين العاملي
محمد بن الحسين الجبعي الحارثي، المتوفى سنة
1030 ه‍.
قام بتحقيقه: الشيخ علي أكبر الإلهي
الخراساني النيسابوري.
وكان الكتاب كرسالة ماجستير في كلية
الإلهيات في جامعة الفردوسي في مشهد وسوف
يقدمه للطبع إن شاء الله.
* تمهيد القواعد
تأليف: الشهيد الثاني، زين الدين علي بن
أحمد العاملي، المستشهد سنة 965 ه‍.
عمد المؤلف - قدس سره - إلى كتاب
(القواعد) للشهيد الأول وهذبه ونقحه
وأضاف إليه فوائد كثيرة وأجرى عليه تعديلات
مهمة ورتبه أحسن ترتيب وسماه (تمهيد
القواعد).
وكان الكتاب قد طبع في إيران مع سقط
ونقص وأخطاء كثيرة
يقوم بتحقيقه على عدة مخطوطات قيمة منه
الشيخ محمد مهدي نجف
* مقباس الهداية في علم الدراية
تأليف: الفقيه الرجالي الشيخ عبد الله
المامقاني - صاحب الكتاب المعروف (تنقيح
المقال في علم الرجال) - المتوفى سنة 1354 ه‍.
والمقباس هو أحسن ما كتب في الدراية عند
الشيعة وأجمعها فوائد وأغزرها مادة مع سلاسة في
اللفظ وجزالة في التعبير وحسن التنظيم وجودة
العرض.
وكان قد طبع على الحجر ملحقا بتنقيح

399
المقال، كما طبع مستقلا أيضا إلا أنه نفد منذ
عشرات السنين.
يقوم بتحقيقه: الشيخ محمد رضا المامقاني
- حفيد المؤلف -.
* قصص الأنبياء
تأليف: القطب الراوندي، قطب الدين أبي
الحسين سعيد بن هبة الله الكاشاني الراوندي،
المتوفى سنة 573 ه‍.
يقوم بتحقيقه: الشيخ غلام رضا عرفانيان.
* نهج البيان عن كشف معاني القرآن
تفسير شيعي أدبي حديثي موجز
قيم، ألف في القرن السابع لخزانة المستنصر
العباسي، وقد سبق التعريف به في (تراثنا)،
العدد الأول، السنة الثانية، ص 183، في حقل
(ما ينبغي نشره من التراث).
يقوم بتحقيقه: الأستاذ حسين درگاهي.
* الدروس الشرعية في فقه الإمامية
تأليف: الشهيد الأول، الشيخ شمس الدين
أبي عبد الله محمد مكي العاملي الجزيني،
المقتول في دمشق ظلما وعدوانا سنة 786 ه‍.
يقوم بتحقيقه الشيخ جواد المحمودي، وقد
أنجز الجزء الأول منه وهو قيد الطبع الآن.
كما تقوم بتحقيقه مع تتمته - لتلميذ المؤلف
جعفر بن الملحوس - لجنة في مجمع البحوث
الإسلامية التابع للروضة الرضوية المقدسة في
مشهد.
* كتاب المزار
تأليف: ابن المشهدي، محمد بن جعفر بن علي بن
جعفر، المولود حدود سنة 510 ه‍.
تقوم بتحقيقه: مدرسة الإمام المهدي
- عليهما السلام - في قم.
* كتاب المزار
تأليف: الشهيد الأول، شمس الدين أبي
عبد الله محمد بن مكي العاملي، المستشهد سنة
786 ه‍.
تقوم بتحقيقه: مدرسة الإمام المهدي
- عليه السلام - في قم.
* التعليق العراقي
وهو كتاب (المرشد إلى التوحيد والمنقذ
من التقليد) في علم الكلام.
تأليف: الشيخ سديد الدين محمود بن
علي بن الحسن الحمصي الرازي، من أعلام
المتكلمين في القرن السادس.
من خيرة الكتب الكلامية، أملاه في العراق
في مدينة الحلة بطلب من علمائها فسمي
بالتعليق العراقي، وأنهى إملاءه وانتهى منه
في التاسع من جمادى الأولى سنة 581 ه‍.
يقوم بتحقيقه: الشيخ عبد الله النوراني
النيشابوري، أستاذ كلية الإلهيات بجامعة
طهران، وسوف يطبع ضمن منشورات جماعة
المدرسين في الحوزة العلمية في قم.

400
/ 1